الكتاب: رياض الصالحين المؤلف: أبو زكريا محيي الدين يحيى بن شرف النووي (المتوفى: 676هـ) تعليق وتحقيق: الدكتور ماهر ياسين الفحل رئيس قسم الحديث - كلية العلوم الإسلامية - جامعة الأنبار (وقد جعل تحقيقه للكتاب مجانا فجزاه الله خيرا) الناشر: دار ابن كثير للطباعة والنشر والتوزيع، دمشق - بيروت الطبعة: الأولى، 1428 هـ - 2007 م عدد الأجزاء: 1   أعده للشاملة/ واسم كان الإندونيسي   [ترقيم الكتاب موافق للمطبوع وهو مذيل بالحواشي]   الكتاب مرتبط بـ 5 نسخ مصورة   1 - الموافق للمطبوع (ت فحل)   2 - تحقيق الألباني (المكتب الإسلامي)   3 - تحقيق شعيب الأرنؤوط (دار المأمون)   4 - تحقيق عصام هادي (ط قطر)   5 - تحقيق علي الحلبي (دار ابن الجوزي) ---------- رياض الصالحين ت الفحل النووي الكتاب: رياض الصالحين المؤلف: أبو زكريا محيي الدين يحيى بن شرف النووي (المتوفى: 676هـ) تعليق وتحقيق: الدكتور ماهر ياسين الفحل رئيس قسم الحديث - كلية العلوم الإسلامية - جامعة الأنبار (وقد جعل تحقيقه للكتاب مجانا فجزاه الله خيرا) الناشر: دار ابن كثير للطباعة والنشر والتوزيع، دمشق - بيروت الطبعة: الأولى، 1428 هـ - 2007 م عدد الأجزاء: 1   أعده للشاملة/ واسم كان الإندونيسي   [ترقيم الكتاب موافق للمطبوع وهو مذيل بالحواشي]   الكتاب مرتبط بـ 5 نسخ مصورة   1 - الموافق للمطبوع (ت فحل)   2 - تحقيق الألباني (المكتب الإسلامي)   3 - تحقيق شعيب الأرنؤوط (دار المأمون)   4 - تحقيق عصام هادي (ط قطر)   5 - تحقيق علي الحلبي (دار ابن الجوزي) ـ[رياض الصالحين]ـ المؤلف: أبو زكريا محيي الدين يحيى بن شرف النووي (المتوفى: 676هـ) تعليق وتحقيق: الدكتور ماهر ياسين الفحل رئيس قسم الحديث - كلية العلوم الإسلامية - جامعة الأنبار (وقد جعل تحقيقه للكتاب مجانا فجزاه الله خيرا) الناشر: دار ابن كثير للطباعة والنشر والتوزيع، دمشق - بيروت الطبعة: الأولى، 1428 هـ - 2007 م عدد الأجزاء: 1 أعده للشاملة/ واسم كان الإندونيسي [ترقيم الكتاب موافق للمطبوع وهو مذيل بالحواشي]   الكتاب مرتبط بـ 5 نسخ مصورة 1 - الموافق للمطبوع (ت فحل) 2 - تحقيق الألباني (المكتب الإسلامي) 3 - تحقيق شعيب الأرنؤوط (دار المأمون) 4 - تحقيق عصام هادي (ط قطر) 5 - تحقيق علي الحلبي (دار ابن الجوزي) بسم الله الرحمن الرحيم إنَّ الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له. «وأشهد أنَّ محمدًا عبده ورسوله، وأمينه على وحيه، وخيرته من خلقه، وسفيره بينه وبين عباده، المبعوث بالدين القويم، والمنهج المستقيم، أرسله الله رحمة للعالمين، وإمامًا للمتقين، وحجةً على الخلائق أجمعين» (1) {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ} [آل عمران: 102]. {يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللهَ الَّذِي تَسَاءلُونَ بِهِ وَالأرْحَامَ إِنَّ اللهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا} [النساء: 1] {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا} [الأحزاب: 70 - 71]. أما بعد: فإني أحمد الله أولًا وآخرًا وظاهرًا وباطنًا على إنهاء العمل بهذا الكتاب العظيم " رياض الصالحين "، ذلك الكتاب الذي كان من أول كتب العلم قراءةً لي، وكنت دائمًا أرجع إلى هذا الكتاب وأحفظ من أحاديثه وأنصح الناس في العناية به؛ لأنَّه كتاب كله نور، كيف لا وقد ضمّ بين دفّتيه أهم ما يحتاجه المسلم في حياته وعباداته؛ لذلك انعقدت النية على العناية به عنايةً متميزةً مع التأكيد في التعليق على اتباع منهج السلف الصالح. والكتاب قد طبع طبعاتٍ عديدة واعتنى به عدد من الأفاضل من المختصين بهذا الشأن فأردت أَنْ أُشرك نفسي معهم في طبعةٍ متميزةٍ راجيًا من الله أَنْ ينفعني بها يوم الدين يوم لا ينفع مالٌ ولا بنون إلا من أتى الله بقلبٍ سليم.   (1) من مقدمة زاد المعاد للعلامة ابن القيم 1/ 34. وقد كلفت الأخ الفاضل الدكتور سليمان بن عبد الله الميمان بالحصول على نسخ خطية للكتاب تعود إلى عصر المؤلف، وقد تأخر الأمر عليَّ أكثر من عامٍ ونصف فاجتهدت في ضبط النص على النسخ المطبوعة مع الرجوع إلى موارد المصنف من كتب السنة المشرفة. أما التخريج فجعلته مختصرًا على ما يذكره المصنف خشية تضخم حواشي الكتاب. وفيما يتعلق بالصحيحين فقد أحلت إلى صحيح البخاري بالجزء والصفحة على الطبعة الأميرية ثم أردفته برقم الحديث من فتح الباري ترقيم محمد فؤاد عبد الباقي، وأحلت إلى صحيح مسلم بالجزء والصفحة للطبعة الإستانبولية ثم أردفته برقم الحديث في طبعة محمد فؤاد عبد الباقي؛ وذلك لانتشار هذه الطبعات وتداولها. وأما التعليق على الأحاديث فقد شرحت بعض الغريب الذي لم يذكره المصنف وعلّقت على بعض الأشياء مما يحتاجه المسلم في حياته وعبادته، وكان جُلُّ ذلك بالاعتماد على كتب أهل العلم لا سيما كتاب شرح النووي على صحيح مسلم، وفتح الباري، وشرح رياض الصالحين للعلامة ابن عثيمين رحم الله الجميع. وأنا أنصح كل مسلم بالاهتمام بهذا الكتاب العظيم كتاب " رياض الصالحين "، وأنصح بمداومة قراءته مرة بعد مرة، والاهتمام بحفظ أحاديثه، وعلى صاحب العائلة أَنْ يفقّه عائلته بهذا الكتاب. وكذا أنصح كل مسلم بالاهتمام بتوحيد الله «فَإنَّ التَّوحيدَ حقيقتُهُ: أَنْ تَرى الأُمورَ كُلَّها مِنَ اللهِ تَعالى رؤيةً تقطعُ الالتفاتَ عن الأسبابِ والوسائطِ، فلا ترى الخيرَ والشَّرَّ إلاَّ منه تعالى. وهذا المقامُ يُثمرُ التوكُّلَ، وتركَ شِكايةِ الخلقِ، وتركَ لومِهِم، والرِّضا عن اللهِ تعالى، والتّسليمَ لحكمِه. وإِذا عرفتَ ذلكَ؛ فاعلمْ أَنَّ الرُّبوبيَّةَ منه تعالى لعبادِهِ، والتَّألُّه من عبادِه له سبحانه، كما أَنَّ الرحمةَ هي الوصلةُ بينهم وبينَهُ - عز وجل. واعلَم أَنَّ أَنْفسَ الأَعمالِ، وأَجلَّها قدرًا: توحيدُ اللهِ تعالى غَير أَنَّ التوحيدَ له قِشران: الأوَّل: أَنْ تقولَ بِلِسَانِك: «لا إله إلاَّ اللهُ» ويُسمَّى هذا القولُ: توحيدًا، وهو مناقضُ التَّثْليثِ الذي تعتقدُه النَّصارى. وهذا التوحيدُ يصدُرُ - أَيضًا - من المنافقِ الَّذي يُخالفُ سرُّه جهرَه. والقِشْرُ الثَّاني: أَنْ لا تكونَ في القلبِ مخالفةٌ، ولا إِنكارٌ لمفهومِ هذا القولِ، بل يشتملُ القلبُ على اعتقادِ ذلك، والتصديق به، وهذا هو توحيدُ عامةِ النَّاسِ. ولُبابُ التَّوحيد: أَنْ يَرى الأُمورَ كُلَّها من اللهِ تعالى، ثم يقطعُ الالتفاتَ عن الوسائطِ، وأَنْ يعبدَه سبحانه عبادةً يفردُه بها ولا يعبد غيرَه». (1) أخي قارئ هذا الكتاب، يقول الله تعالى في كتابه العزيز: {أَلَمْ يَأْنِ لِلَّذِينَ آمَنُوا أَنْ تَخْشَعَ قُلُوبُهُمْ لِذِكْرِ اللهِ وَمَا نَزَلَ مِنَ الْحَقِّ وَلا يَكُونُوا كَالَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلُ فَطَالَ عَلَيْهِمُ الأَمَدُ فَقَسَتْ قُلُوبُهُمْ وَكَثِيرٌ مِنْهُمْ فَاسِقُونَ} [الحديد: 16] فأنت أيها المسلم الغيور تتميز عن غيرك من الناس بسمات الشرف والكرامة والغيرةِ على نفسك وعلى إخوتك المسلمين، فاحرص كل الحرص على أَنْ لا تفوتك فرصة كسب الثواب من الله بنشر ما يرضيه سبحانه، واعلم أخي الكريم: {إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولَئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْؤُولًا} [الإسراء: 36]. أخي الكريم: إنَّ رحمة الله لا تنال بالأماني ولا بالأنساب ولا بالوظائف ولا بالأموال، إنما تنال بطاعة الله ورسوله واتباع شريعته وذلك يكون بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، فلنحذر جميعًا كل ما يغضب الله ولنمض إلى الله قدمًا بلا تردد بتوبة صادقة قبل فوات الأوان {فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ}] النور: 63 [، واعلم أنَّ الله خلق لكل إنسان أنفاسًا معدودة وساعات محدودة، عند انقضائها تقف دقات قلبه، ويطوى سجله، ويحال بينه وبين هذه الدار، إما إلى دار أنس وبهجة، وإما إلى دار شقاء ووحشة، فمن زرع كلمات طيبة وأعمالًا صالحة أدخله الله الجنة ونعّمه بالنعيم المقيم، ومن زرع أعمالًا سيئة وكلمات قبيحة دخل النار، قال تعالى: {وَإِنْ يَسْتَغِيثُوا يُغَاثُوا بِمَاءٍ كَالْمُهْلِ يَشْوِي الْوُجُوهَ بِئْسَ الشَّرَابُ وَسَاءتْ مُرْتَفَقًا} [الكهف: 29] وتذكّر قوله تعالى: {فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ} [الزلزلة: 7 - 8] فكل ما تعمله في هذه الدنيا الفانية تنال جزاءه إن خيرًا فخير وإن شرًا فشرٌ، وتذكّر دائمًا أنَّ الحياة نفس يذهب ولا يرجع، ولا ينفع الندم بعدها فاعمل لنفسك ولا تقدّم ما يفنى على ما يبقى. أخي الكريم: إنَّ أجمل سعادة وأعظم لذة يجدها الإنسان في هذه الحياة الفانية هي طاعة الله ومحبته والقرب إليه وكثرة الدعاء وقد صرّح تائبون كثيرون بأنّهم وجدوا أعظم متعة تمتعوها هي القرب إلى الله تعالى وحسن الظن به وكثرة مراقبته، وأكثِرْ من الدعاء والذكر والاستغفار فلك في   (1) انظر: تجريد التوحيد المفيد للعلامة أحمد بن علي المقريزي المتوفى (845): 38 - 39. كل تسبيحة عشر حسنات، حاولْ أَنْ لا تجعل وقتك يذهب سدى، أكثرْ من قراءة القرآن فلك في كل حرف عشر حسنات، اقرأْ كتب العلم والأحاديث النبوية، فَقِّه نفسك بأمور دينك، عليك بكثرة التطوع والإكثار من صلاة النافلة، وقد قال النبي - صلى الله عليه وسلم: «إنك لن تسجد لله سجدة إلا رفعك بها درجة وحط عنك بها خطيئة» (1). كُنْ داعيًا إلى الله تعالى، كُنْ آمرًا للناس بالمعروف وناهيًا لهم عن المنكر، قال تعالى: {وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلًا مِمَّنْ دَعَا إِلَى اللَّهِ وَعَمِلَ صَالِحًا وَقَالَ إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ} [فصلت: 33]، إياك وأعراض الناس لا تذكر أحدًا بسوء، ولا تغتب أحدًا، ولا تؤذي أحدًا، وقد قال النَّبيُّ - صلى الله عليه وسلم: «المسلم من سلم المسلمون من لسانه ويده» (2)، وقال أيضًا: «كل المسلم على المسلم حرام دمه وعرضه وماله» (3)، وهذا نبينا الكريم قد حذرنا من احتقار المسلمين فقال: «بحسب امرئ من الشر أَنْ يحقر أخاه المسلم» (4) فإذا كان استحقاره عظيمًا عند الله فكيف بإنزال الضُّرِّ به. كُنْ رقيبًا على نفسك ولسانك فكل كلام تنطقه تحاسب عليه إنْ كان خيرًا فخيرٌ وإنْ كان شرًا فشرٌ، وقد قال النَّبيُّ - صلى الله عليه وسلم: «إنَّك لم تزل سالمًا ما سكت، فإذا تكلمت كتب لك أو عليك» (5)، وقال أيضًا: «رحم الله عبدًا قال خيرًا فغنم أو سكت عن شر فسلم» (6) حافِظْ على نظرك فلا تنظر إلى محرّم، وحافظ على سمعك فلا تسمع محرّمًا، قال تعالى: {إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولَئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْؤُولًا} [الإسراء: 36]. حافظ على جوارحك فلا تفعل محرّمًا. ولا تنظر إلى صغر المعصية وتحسب الأمر هينًا، ولكن انظر إلى من تعصي.   (1) جزء من حديث رواه مسلم من حديث ثوبان مولى رسول الله، وهو مخرج في هذا الكتاب برقم (107). (2) جزء من حديث رواه البخاري ومسلم من حديث عبد الله بن عمرو بن العاص، وهو مخرج في هذا الكتاب برقم (1565). (3) أخرجه: مسلم من حديث أبي هريرة، وهو مخرج في هذا الكتاب برقم (1527). (4) جزء من حديث أخرجه مسلم من حديث أبي هريرة، وهو مخرج في هذا الكتاب برقم (235). (5) المعجم الكبير للطبراني 20/ 73 (137) من حديث عبد الرحمان بن غنم، قال الهيثمي في المجمع 10/ 300: «رواه الطبراني بإسنادين رجال أحدهما ثقات». (6) سلسلة الأحاديث الصحيحة (855)، وقال الشيخ الألباني رحمه الله: «الحديث عندي حسن بمجموع هذه الطرق». الزم هذا الدعاء: «اللهم أحسن عاقبتنا في الأمور كلها وأجرنا من خزي الدنيا وعذاب الآخرة». هذا وبالله التوفيق وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم. وكتب ماهر بن ياسين بن فحل الدكتور العراق - الأنبار - الرمادي دار الحديث 26/ 2/1426هـ‍ الحديث: 26 مقدمة المؤَلف الإمَام النوَوي بسم الله الرحمن الرحيم الحمْدُ للهِ الواحدِ القَهَّارِ، العَزيزِ الغَفَّارِ، مُكَوِّرِ (1) اللَّيْلِ على النَّهَارِ، تَذْكِرَةً لأُولي القُلُوبِ والأَبصَارِ، وتَبْصرَةً لِذَوي الأَلبَابِ واَلاعتِبَارِ، الَّذي أَيقَظَ مِنْ خَلْقهِ مَنِ اصطَفاهُ فَزَهَّدَهُمْ في هذهِ الدَّارِ، وشَغَلهُمْ بمُراقبَتِهِ وَإِدَامَةِ الأَفكارِ، ومُلازَمَةِ الاتِّعَاظِ والادِّكَارِ، ووَفَّقَهُمْ للدَّأْبِ في طاعَتِهِ، والتّأهُّبِ لِدَارِ القَرارِ، والْحَذَرِ مِمّا يُسْخِطُهُ ويُوجِبُ دَارَ البَوَارِ، والمُحافَظَةِ على ذلِكَ مَعَ تَغَايُرِ الأَحْوَالِ والأَطْوَارِ، أَحْمَدُهُ أَبلَغَ حمْدٍ وأَزكَاهُ، وَأَشمَلَهُ وأَنْمَاهُ، وأَشْهَدُ أَنْ لا إِلَهَ إِلا اللهُ البَرُّ الكَرِيمُ، الرؤُوفُ الرَّحيمُ، وأشهَدُ أَنَّ سَيَّدَنا مُحمّدًا عَبدُهُ ورَسُولُهُ، وحبِيبُهُ وخلِيلُهُ، الهَادِي إلى صِرَاطٍ مُسْتَقيمٍ، والدَّاعِي إِلَى دِينٍ قَويمٍ، صَلَوَاتُ اللهِ وسَلامُهُ عَليهِ، وَعَلَى سَائِرِ النَّبيِّينَ، وَآلِ كُلٍّ، وسَائِرِ الصَّالِحينَ. أَما بعد، فقد قال اللهُ تعالى: {وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالإنْسَ إِلاَّ لِيَعْبُدُونِ مَا أُرِيدُ مِنْهُمْ مِنْ رِزْقٍ وَمَا أُرِيدُ أَنْ يُطْعِمُونِ} [الذاريات: 56 - 57] وَهَذا تَصْريحٌ بِأَنَّهُمْ خُلِقوا لِلعِبَادَةِ، فَحَقَّ عَلَيْهِمُ الاعْتِنَاءُ بِمَا خُلِقُوا لَهُ وَالإعْرَاضُ عَنْ حُظُوظِ الدُّنْيَا بالزَّهَادَةِ، فَإِنَّهَا دَارُ نَفَادٍ لاَ مَحَلُّ إخْلاَدٍ، وَمَرْكَبُ عُبُورٍ لاَ مَنْزِلُ حُبُورٍ، ومَشْرَعُ انْفصَامٍ لاَ مَوْطِنُ دَوَامٍ، فلِهذا كَانَ الأَيْقَاظُ مِنْ أَهْلِهَا هُمُ الْعُبَّادُ، وَأعْقَلُ النَّاسِ فيهَا هُمُ الزُّهّادُ. قالَ اللهُ تعالى: {إِنَّمَا مَثَلُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا كَمَاءٍ أَنْزَلْنَاهُ مِنَ السَّمَاءِ فَاخْتَلَطَ بِهِ نَبَاتُ الأَرْضِ مِمَّا يَأْكُلُ النَّاسُ وَالأَنْعَامُ حَتَّى إِذَا أَخَذَتِ الأَرْضُ زُخْرُفَهَا وَازَّيَّنَتْ وَظَنَّ أَهْلُهَا أَنَّهُمْ قَادِرُونَ عَلَيْهَا أَتَاهَا أَمْرُنَا لَيْلًا أَوْ نَهَارًا فَجَعَلْنَاهَا حَصِيدًا كَأَنْ لَمْ تَغْنَ بِالأَمْسِ كَذَلِكَ نُفَصِّلُ الآياتِ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ} [يونس: 24]. والآيات في هذا المعنى كثيرةٌ.   (1) أي مُلحق ومدخل وفي التنْزيل العزيز: {يُكَوِّرُ اللَّيْلَ عَلَى النَّهَارِ وَيُكَوِّرُ النَّهَارَ عَلَى اللَّيْلِ} [الزمر: 39]. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 5 ولقد أَحْسَنَ القَائِلُ (1): إِنَّ للهِ عِبَادًا فُطَنَا ... طَلَّقُوا الدُّنْيَا وخَافُوا الفِتَنَا نَظَروا فيهَا فَلَمَّا عَلِمُوا ... أَنَّهَا لَيْسَتْ لِحَيٍّ وَطَنَا جَعَلُوها لُجَّةً واتَّخَذُوا ... صَالِحَ الأَعمالِ فيها سُفُنا فإذا كَانَ حالُها ما وصَفْتُهُ، وحالُنَا وَمَا خُلِقْنَا لَهُ مَا قَدَّمْتُهُ؛ فَحَقٌّ عَلَى الْمُكلَّفِ أَنْ يَذْهَبَ بنفسِهِ مَذْهَبَ الأَخْيارِ، وَيَسلُكَ مَسْلَكَ أُولي النُّهَى وَالأَبْصَارِ، وَيَتَأهَّبَ لِمَا أشَرْتُ إليهِ، وَيَهْتَمَّ لِمَا نَبَّهتُ عليهِ. وأَصْوَبُ طريقٍ لهُ في ذَلِكَ، وَأَرشَدُ مَا يَسْلُكُهُ مِنَ المسَالِكِ، التَّأَدُّبُ بمَا صَحَّ عَنْ نَبِيِّنَا سَيِّدِ الأَوَّلينَ والآخرينَ، وَأَكْرَمِ السَّابقينَ والَّلاحِقينَ، صَلَواتُ اللهِ وسَلامُهُ عَلَيهِ وَعَلى سَائِرِ النَّبيِّينَ. وقدْ قالَ اللهُ تعالى: {وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى} [المائدة:2] وقد صَحَّ عَنْ رسولِ الله - صلى الله عليه وسلم - أَنَّهُ قالَ: «واللهُ في عَوْنِ العَبْدِ مَا كَانَ العَبْدُ في عَوْنِ أَخِيهِ» (2)، وَأَنَّهُ قالَ: «مَنْ دَلَّ عَلَى خَيْرٍ فَلَهُ مِثْلُ أجْرِ فَاعِلِهِ» (3) وأَنَّهُ قالَ: «مَنْ دَعَا إِلى هُدىً كَانَ لَهُ مِنَ الأَجرِ مِثْلُ أُجُورِ مَنْ تَبِعَهُ لاَ يَنْقُصُ ذلِكَ مِنْ أُجُورِهِمْ شَيئًا» (4) وأَنَّهُ قالَ لِعَليٍّ - رضي الله عنه: «فَوَاللهِ لأَنْ يَهْدِي اللهُ بِكَ رَجُلًا وَاحِدًا خَيْرٌ لَكَ مِنْ حُمْرِ (5) النَّعَمِ» (6) فَرَأَيتُ أَنْ أَجْمَعَ مُخْتَصَرًا منَ الأحاديثِ الصَّحيحَةِ، مشْتَمِلًا عَلَى مَا يكُونُ طَرِيقًا لِصَاحبهِ إِلى الآخِرَةِ، ومُحَصِّلًا لآدَابِهِ البَاطِنَةِ وَالظَاهِرَةِ. جَامِعًا للترغيب والترهيب وسائر أنواع آداب السالكين: من أحاديث الزهد ورياضات النُّفُوسِ، وتَهْذِيبِ الأَخْلاقِ، وطَهَارَاتِ القُلوبِ وَعِلاجِهَا، وصِيانَةِ الجَوَارحِ وَإِزَالَةِ   (1) القائل هو الإمام الشافعي، والأبيات على بحر الرمل. وقد ضمّنها الأمير الصنعاني وهو من شعراء العصر العثماني في قصيدة له وقبلها قوله: فاستمع ما قاله من قبلنا ... يصف الصوفي وصفًا بينا (2) أخرجه: مسلم 8/ 71 (2699) (38) من حديث أبي هريرة. (3) أخرجه: مسلم 6/ 41 (1893) من حديث عقبة بن عمرو أبي مسعود الأنصاري. (4) أخرجه: مسلم 8/ 62 (2674) من حديث أبي هريرة. (5) قال النووي في " شرح صحيح مسلم " 8/ 158 (2406): «هي الإبل الحمر، وهي أنفس أموال العرب». (6) أخرجه: البخاري 4/ 57 (2942)، ومسلم 7/ 121 (2406) (34) من حديث سهل بن سعد. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 6 اعْوِجَاجِهَا، وغَيرِ ذلِكَ مِنْ مَقَاصِدِ الْعارفِينَ. وَأَلتَزِمُ فيهِ أَنْ لا أَذْكُرَ إلاّ حَدِيثًا صَحِيحًا مِنَ الْوَاضِحَاتِ، مُضَافًا إِلى الْكُتُبِ الصَّحِيحَةِ الْمَشْهُوراتِ. وأُصَدِّر الأَبْوَابَ مِنَ الْقُرْآنِ الْعَزِيزِ بِآياتٍ كَرِيماتٍ، وَأَوشِّحَ مَا يَحْتَاجُ إِلى ضَبْطٍ أَوْ شَرْحِ مَعْنىً خَفِيٍّ بِنَفَائِسَ مِنَ التَّنْبِيهاتِ. وإِذا قُلْتُ في آخِرِ حَدِيث: مُتَّفَقٌ عَلَيهِ فمعناه: رواه البخاريُّ ومسلمٌ. وَأَرجُو إنْ تَمَّ هذَا الْكِتَابُ أَنْ يَكُونَ سَائِقًا للمُعْتَنِي بِهِ إِلى الْخَيْرَاتِ حَاجزًا لَهُ عَنْ أنْواعِ الْقَبَائِحِ والْمُهْلِكَاتِ. وأَنَا سَائِلٌ أخًا انْتَفعَ بِشيءٍ مِنْهُ أَنْ يَدْعُوَ لِي (1)، وَلِوَالِدَيَّ، وَمَشَايخي، وَسَائِرِ أَحْبَابِنَا، وَالمُسْلِمِينَ أجْمَعِينَ. وعَلَى اللهِ الكَريمِ اعْتِمادي، وَإِلَيْهِ تَفْويضي وَاسْتِنَادي، وَحَسبِيَ اللهُ وَنِعْمَ الوَكِيلُ، وَلاَ حَوْلَ وَلاَ قُوَّةَ إِلاَّ بِاللهِ الْعَزِيزِ الْحَكِيمِ.   (1) اللهم ارحم المصنف ومن ذكر عدد انتفاع الخلق بتصنيفه. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 7 بسم الله الرحمن الرحيم 1 - باب الإخلاص وإحضار النية في جميع الأعمال والأقوال والأحوال البارزة والخفية قَالَ اللهُ تَعَالَى: {وَمَا أُمِرُوا إِلاَّ لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاءَ وَيُقِيمُوا الصَّلاةَ وَيُؤْتُوا الزَّكَاةَ وَذَلِكَ دِينُ الْقَيِّمَةِ} [البينة: 5]، وَقالَ تَعَالَى: {لَنْ يَنَالَ اللَّهَ لُحُومُهَا وَلاَ دِمَاؤُهَا وَلَكِنْ يَنَالُهُ التَّقْوَى مِنْكُمْ} [الحج: 37]، وَقالَ تَعَالَى: {قُلْ إِنْ تُخْفُوا مَا فِي صُدُورِكُمْ أَوْ تُبْدُوهُ يَعْلَمْهُ اللَّهُ} [آل عمران: 29]. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 9 1 - وعن أمير المؤمِنين أبي حَفْصٍ عمرَ بنِ الخطابِ بنِ نُفَيْلِ بنِ عبدِ العُزّى بن رياحِ بنِ عبدِ اللهِ بن قُرْطِ بن رَزاحِ بنِ عدِي بنِ كعب (1) بنِ لُؤَيِّ بنِ غالبٍ القُرشِيِّ العَدويِّ - رضي الله عنه - قالَ: سَمِعتُ رَسُولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - يقُولُ: «إنّمَا الأَعْمَالُ بالنِّيّاتِ، وَإِنَّمَا لِكُلِّ امرِىءٍ مَا نَوَى، فَمَنْ كَانَتْ هجرته إلى الله ورسوله، فهجرته إلى الله ورسوله، ومن كانت هِجْرَتُهُ لِدُنْيَا يُصيبُهَا، أَوْ امْرَأَةٍ يَنْكَحُهَا، فَهِجْرَتُهُ إِلى مَا هَاجَرَ إِلَيْه». مُتَّفَقٌ عَلَى صِحَّتِهِ. رَوَاهُ إمَامَا الْمُحَدّثِينَ، أبُو عَبْدِ الله مُحَمَّدُ بْنُ إسْمَاعيلَ بْن إبراهِيمَ بْن المُغيرَةِ بنِ بَرْدِزْبهْ الجُعْفِيُّ البُخَارِيُّ، وَأَبُو الحُسَيْنِ مُسْلمُ بْنُ الحَجَّاجِ بْنِ مُسْلمٍ الْقُشَيريُّ النَّيْسَابُورِيُّ رضي اللهُ عنهما فِي صحيحيهما اللَّذَيْنِ هما أَصَحُّ الكُتبِ المصنفةِ. (2)   (1) هنا يلتقي مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم. (2) أخرجه: البخاري 1/ 2 (1)، ومسلم 6/ 48 (1907). الحديث: 1 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 9 2 - وعن أمِّ المؤمِنينَ أمِّ عبدِ اللهِ عائشةَ رضي الله عنها، قالت: قالَ رسول الله - صلى الله عليه وسلم: «يغْزُو جَيْشٌ الْكَعْبَةَ فإِذَا كَانُوا بِبَيْدَاءَ مِنَ الأَرضِ يُخْسَفُ بِأَوَّلِهِمْ وآخِرِهِمْ». قَالَتْ: قلتُ: يَا [ص: 10] رَسُولَ اللهِ، كَيْفَ يُخْسَفُ بأوَّلِهِمْ وَآخِرِهِمْ وَفِيهمْ أسْوَاقُهُمْ (1) وَمَنْ لَيْسَ مِنْهُمْ؟! قَالَ: «يُخْسَفُ بِأَوَّلِهِمْ وَآخِرِهِمْ ثُمَّ يُبْعَثُونَ عَلَى نِيّاتِهمْ». مُتَّفَقٌ عَلَيهِ. (2) هذَا لَفْظُ الْبُخَارِيِّ.   (1) السوقة من الناس: الرعية ومن دون الملك ومن لم يكن ذا سلطان، والذكر والأنثى فيه سواء. اللسان 6/ 437 (سوق). (2) أخرجه: البخاري 3/ 86 (2118)، ومسلم 8/ 168 (2884). الألفاظ مختلفة والمعنى واحد. الحديث: 2 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 9 3 - وعن عائِشةَ رضيَ اللهُ عنها، قَالَتْ: قَالَ النبي - صلى الله عليه وسلم: «لا هِجْرَةَ بَعْدَ الفَتْحِ، وَلَكِنْ جِهَادٌ وَنِيَّةٌ، وَإِذَا اسْتُنْفِرْتُمْ (1) فانْفِرُوا». مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ. (2) وَمَعناهُ: لا هِجْرَةَ مِنْ مَكّةَ لأَنَّهَا صَارَتْ دَارَ إسلاَمٍ.   (1) الاستنفار: الاستنجاد والاستنصار: أي إذا طلب منكم النصرة فأجيبوا وانفروا خارجين إلى الإعانة. النهاية 5/ 95. (2) أخرجه: البخاري 5/ 72 (3900)، ومسلم 6/ 28 (1864). الحديث: 3 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 10 4 - وعن أبي عبدِ اللهِ جابر بن عبدِ اللهِ الأنصاريِّ رَضي اللهُ عنهما، قَالَ: كُنَّا مَعَ النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم - في غَزَاةٍ، فَقالَ: «إِنَّ بالمدِينَةِ لَرِجَالًا ما سِرْتُمْ مَسِيرًا، وَلاَ قَطَعْتُمْ وَادِيًا، إلاَّ كَانُوا مَعَكمْ حَبَسَهُمُ الْمَرَضُ». وَفي روَايَة: «إلاَّ شَرَكُوكُمْ في الأجْرِ». رواهُ مسلمٌ. (1) ورواهُ البخاريُّ عن أنسٍ - رضي الله عنه - قَالَ: رَجَعْنَا مِنْ غَزْوَةِ تَبُوكَ مَعَ النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم - فقال: «إنَّ أقْوامًا خَلْفَنَا بالْمَدِينَةِ مَا سَلَكْنَا شِعْبًا (2) وَلاَ وَاديًا، إلاّ وَهُمْ مَعَنَا؛ حَبَسَهُمُ العُذْرُ».   (1) أخرجه: مسلم 6/ 49 (1911) من حديث جابر بن عبد الله. وأخرجه: البخاري 4/ 31 (2838) من حديث أنس. (2) الشِّعب: ما انفرج بين جبلين. اللسان 7/ 126 (شعب). الحديث: 4 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 10 5 - وعن أبي يَزيدَ مَعْنِ بنِ يَزيدَ بنِ الأخنسِ - رضي الله عنهم - وهو وأبوه وَجَدُّه صحابيُّون، قَالَ: كَانَ أبي يَزيدُ أخْرَجَ دَنَانِيرَ يَتَصَدَّقُ بِهَا، فَوَضعَهَا عِنْدَ رَجُلٍ في الْمَسْجِدِ، فَجِئْتُ فأَخذْتُها فَأَتَيْتُهُ بِهَا. فقالَ: واللهِ، مَا إيَّاكَ أرَدْتُ، فَخَاصَمْتُهُ إِلى رسولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - فقَالَ: «لكَ مَا نَوَيْتَ يَا يزيدُ، ولَكَ ما أخَذْتَ يَا مَعْنُ». رواهُ البخاريُّ. (1)   (1) أخرجه: البخاري 2/ 138 (1422). الحديث: 5 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 10 6 - وعن أبي إسحاقَ سَعدِ بنِ أبي وَقَّاصٍ مالِكِ بنِ أُهَيْب بنِ عبدِ منافِ بنِ زُهرَةَ بنِ كلابِ (1) بنِ مُرَّةَ بنِ كعبِ بنِ لُؤيٍّ القُرشِيِّ الزُّهريِّ - رضي الله عنه - أَحَدِ العَشَرَةِ (2) المشهودِ لهم بالجنةِ - رضي الله عنهم - قَالَ: جاءنِي رسولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - يَعُودُنِي عَامَ حَجَّةِ الوَدَاعِ مِنْ وَجَعٍ اشْتَدَّ بي، فقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ، إنِّي قَدْ بَلَغَ بي مِنَ الوَجَعِ مَا تَرَى، وَأَنَا ذُو مالٍ وَلا يَرِثُني إلا ابْنَةٌ لي، أفأَتَصَدَّقُ بِثُلُثَيْ مَالِي؟ قَالَ: «لا»، قُلْتُ: فالشَّطْرُ يَا رَسُولَ اللهِ؟ فقَالَ: «لا»، قُلْتُ: فالثُّلُثُ يَا رَسُولَ اللهِ؟ قَالَ: «الثُّلُثُ والثُّلُثُ كَثيرٌ - أَوْ كبيرٌ - إنَّكَ إنْ تَذَرْ وَرَثَتَكَ أغنِيَاءَ خيرٌ مِنْ أَنْ تَذَرَهُمْ عَالَةً (3) يتكفَّفُونَ النَّاسَ، وَإنَّكَ لَنْ تُنفِقَ نَفَقَةً تَبْتَغي بِهَا وَجهَ اللهِ إلاَّ أُجِرْتَ عَلَيْهَا حَتَّى مَا تَجْعَلُ في فِيِّ امْرَأَتِكَ»، قَالَ: فَقُلتُ: يَا رسولَ اللهِ، أُخلَّفُ (4) بعدَ أصْحَابي؟ قَالَ: «إِنَّكَ لَنْ تُخَلَّفَ فَتَعملَ عَمَلًا تَبتَغي بِهِ وَجْهَ اللهِ إلاَّ ازْدَدتَ بِهِ دَرَجةً ورِفعَةً، وَلَعلَّكَ أَنْ تُخَلَّفَ حَتّى يَنتَفِعَ بِكَ أقْوَامٌ وَيُضَرَّ بِكَ آخرونَ. اللَّهُمَّ أَمْضِ لأصْحَابي هِجْرَتَهُمْ ولاَ تَرُدَّهُمْ عَلَى أعقَابهمْ، لكنِ البَائِسُ سَعدُ بْنُ خَوْلَةَ» يَرْثي لَهُ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - أَنْ ماتَ بمَكَّة. مُتَّفَقٌ عليهِ. (5)   (1) هنا يلتقي في نسبه مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم. (2) وهم كما رتبهم الشاعر: سعد سعيد زبير طلحة وأبو ... عبيدة وابن عوف قبله الخلفا (3) جمع عائل، وهو الفقير. النهاية 3/ 323. (4) التخلف: التأخر. النهاية 2/ 67. (5) أخرجه: البخاري 1/ 22 (56)، ومسلم 5/ 71 (1628) (5). الحديث: 6 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 11 7 - وعنْ أبي هريرةَ عبدِ الرحمانِ بنِ صخرٍ - رضي الله عنه - قَالَ: قَالَ رَسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم: «إنَّ الله لا ينْظُرُ إِلى أجْسَامِكُمْ، ولا إِلى صُوَرِكمْ، وَلَكن ينْظُرُ إلى قُلُوبِكمْ وأعمالكم». رواه مسلم. (1)   (1) أخرجه: مسلم 8/ 11 (2564) (34). الحديث: 7 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 11 8 - وعن أبي موسى عبدِ اللهِ بنِ قيسٍ الأشعريِّ - رضي الله عنه - قَالَ: سُئِلَ رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - عَنِ الرَّجُلِ يُقاتلُ شَجَاعَةً، ويُقَاتِلُ حَمِيَّةً، ويُقَاتِلُ رِيَاءً، أَيُّ ذلِكَ في سبيلِ الله؟ فقال رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم: «مَنْ قَاتَلَ لِتَكونَ كَلِمَةُ اللهِ هي العُلْيَا، فَهوَ في سبيلِ اللهِ». مُتَّفَقٌ عَلَيهِ. (1)   (1) أخرجه: البخاري 1/ 42 (123)، ومسلم 6/ 46 (1904) (149) و (150). الحديث: 8 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 11 9 - وعن أبي بَكرَةَ نُفيع بنِ الحارثِ الثقفيِّ - رضي الله عنه: أَنَّ النَّبيَّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: «إِذَا التَقَى المُسلِمَان بسَيْفَيهِمَا فالقَاتِلُ وَالمَقْتُولُ في النّارِ». قُلتُ: يا رَسُولَ اللهِ، هذا القَاتِلُ فَمَا بَالُ المقْتُولِ؟ قَالَ: «إنَّهُ كَانَ حَريصًا عَلَى قتلِ صَاحِبهِ». مُتَّفَقٌ عليهِ. (1)   (1) أخرجه: البخاري 1/ 14 (31)، ومسلم 8/ 169 (2888) (14) و (15). الحديث: 9 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 11 10 - وعن أبي هريرةَ - رضي الله عنه - قَالَ: قالَ رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم: «صَلاةُ الرَّجلِ في جمَاعَةٍ تَزيدُ عَلَى صَلاتهِ في سُوقِهِ وبيتهِ بضْعًا (1) وعِشرِينَ دَرَجَةً، وَذَلِكَ أنَّ أَحدَهُمْ إِذَا تَوَضَّأَ فَأَحْسَنَ الوُضوءَ، ثُمَّ أَتَى المَسْجِدَ لا يُرِيدُ إلاَّ الصَّلاةَ، لاَ يَنْهَزُهُ إِلاَّ الصَلاةُ: لَمْ يَخْطُ خُطْوَةً إِلاَّ رُفِعَ لَهُ بِهَا دَرجَةٌ، وَحُطَّ عَنْهُ بها خَطِيئَةٌ حَتَّى يَدْخُلَ المَسْجِدَ، فإِذا دَخَلَ المَسْجِدَ كَانَ في الصَّلاةِ مَا كَانَتِ الصَّلاةُ هِي تَحْبِسُهُ، وَالمَلائِكَةُ يُصَلُّونَ عَلَى أَحَدِكُمْ مَا دَامَ في مَجْلِسِهِ الَّذِي صَلَّى فِيهِ، يَقُولُونَ: اللَّهُمَّ ارْحَمْهُ، اللَّهُمَّ اغْفِرْ لَهُ، اللَّهُمَّ تُبْ عَلَيهِ، مَا لَم يُؤْذِ فيه، مَا لَمْ يُحْدِثْ فِيهِ». مُتَّفَقٌ عليه، (2) وهذا لفظ مسلم. وقوله - صلى الله عليه وسلم: «يَنْهَزُهُ» هُوَ بِفَتْحِ اليَاءِ والْهَاءِ وبالزَّايِ: أَيْ يُخْرِجُهُ ويُنْهضُهُ.   (1) البضع: في العدد بالكسر وقد يفتح ما بين الثلاث إلى التسع. وقيل: ما بين الواحد إلى العشرة، لأنه قطعة من العدد. النهاية 1/ 132. (2) أخرجه: البخاري 1/ 129 (477)، ومسلم 2/ 128 (649) (272) و (273). الحديث: 10 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 12 11 - وعن أبي العبَّاسِ عبدِ اللهِ بنِ عباسِ بنِ عبد المطلب رضِيَ اللهُ عنهما، عن رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم - فيما يروي عن ربهِ، تباركَ وتعالى، قَالَ: «إنَّ اللهَ كَتَبَ الحَسَنَاتِ والسَّيِّئَاتِ ثُمَّ بَيَّنَ ذلِكَ، فَمَنْ هَمَّ (1) بحَسَنَةٍ فَلَمْ يَعْمَلْهَا كَتَبَها اللهُ تَبَارَكَ وتَعَالى عِنْدَهُ حَسَنَةً كامِلَةً، وَإنْ هَمَّ بهَا فَعَمِلَهَا كَتَبَهَا اللهُ عَشْرَ حَسَناتٍ إِلى سَبْعمئةِ ضِعْفٍ إِلى أَضعَافٍ كَثيرةٍ، وإنْ هَمَّ بِسَيِّئَةٍ فَلَمْ يَعْمَلْهَا كَتَبَهَا اللهُ تَعَالَى عِنْدَهُ حَسَنَةً كَامِلةً، وَإنْ هَمَّ بِهَا فَعَمِلَهَا كَتَبَهَا اللهُ سَيِّئَةً وَاحِدَةً». مُتَّفَقٌ عليهِ. (2)   (1) همّ بالأمر يهمّ، إذا عزم عليه. النهاية 5/ 274. (2) أخرجه: البخاري 8/ 128 (6491)، ومسلم 1/ 83 (131) (207) و (208). الحديث: 11 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 12 12 - وعن أبي عبد الرحمان عبدِ الله بنِ عمرَ بن الخطابِ رضيَ اللهُ عنهما، قَالَ: سمعتُ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: «انطَلَقَ ثَلاثَةُ نَفَرٍ (1) مِمَّنْ كَانَ قَبْلَكُمْ حَتَّى آوَاهُمُ المَبيتُ إِلى غَارٍ فَدَخلُوهُ، فانْحَدرَتْ صَخْرَةٌ مِنَ الجَبَلِ فَسَدَّتْ عَلَيْهِمُ الغَارَ، فَقالُوا: إِنَّهُ لاَ يُنْجِيكُمْ مِنْ هذِهِ الصَّخْرَةِ إِلاَّ أَنْ تَدْعُوا اللهَ بصَالِحِ أعْمَالِكُمْ.   (1) نفر: هو اسم جمع، يقع على جماعة الرجال خاصة ما بين الثلاثة إلى العشرة، ولا واحد له من لفظه. النهاية 5/ 93. الحديث: 12 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 12 قَالَ رجلٌ مِنْهُمْ: اللَّهُمَّ كَانَ لِي أَبَوانِ شَيْخَانِ كبيرانِ، وكُنْتُ لا أغْبِقُ (1) قَبْلَهُمَا أهْلًا ولاَ مالًا، فَنَأَى (2) بِي طَلَب الشَّجَرِ يَوْمًا فلم أَرِحْ عَلَيْهمَا حَتَّى نَامَا، فَحَلَبْتُ لَهُمَا غَبُوقَهُمَا فَوَجَدْتُهُما نَائِمَينِ، فَكَرِهْتُ أَنْ أُوقِظَهُمَا وَأَنْ أغْبِقَ قَبْلَهُمَا أهْلًا أو مالًا، فَلَبَثْتُ - والْقَدَحُ عَلَى يَدِي - أنتَظِرُ اسْتِيقَاظَهُما حَتَّى بَرِقَ الفَجْرُ والصِّبْيَةُ يَتَضَاغَوْنَ (3) عِنْدَ قَدَميَّ، فاسْتَيْقَظَا فَشَرِبا غَبُوقَهُما. اللَّهُمَّ إنْ كُنْتُ فَعَلْتُ ذلِكَ ابِتِغَاء وَجْهِكَ فَفَرِّجْ عَنّا مَا نَحْنُ فِيهِ مِنْ هذِهِ الصَّخْرَةِ، فانْفَرَجَتْ شَيْئًا لا يَسْتَطيعُونَ الخُروجَ مِنْهُ. قَالَ الآخر: اللَّهُمَّ إنَّهُ كانَتْ لِيَ ابْنَةُ عَمّ، كَانَتْ أَحَبَّ النّاسِ إليَّ - وفي رواية: كُنْتُ أُحِبُّها كأَشَدِّ مَا يُحِبُّ الرِّجَالُ النساءَ - فأَرَدْتُهَا عَلَى نَفْسِهَا (4) فامْتَنَعَتْ منِّي حَتَّى أَلَمَّتْ بها سَنَةٌ مِنَ السِّنِينَ فَجَاءتْنِي فَأَعْطَيْتُهَا عِشْرِينَ وَمئةَ دينَارٍ عَلَى أَنْ تُخَلِّيَ بَيْني وَبَيْنَ نَفْسِهَا فَفعَلَتْ، حَتَّى إِذَا قَدَرْتُ عَلَيْهَا - وفي رواية: فَلَمَّا قَعَدْتُ بَينَ رِجْلَيْهَا، قالتْ: اتَّقِ اللهَ وَلاَ تَفُضَّ الخَاتَمَ إلاّ بِحَقِّهِ (5)، فَانصَرَفْتُ عَنْهَا وَهيَ أَحَبُّ النَّاسِ إليَّ وَتَرَكْتُ الذَّهَبَ الَّذِي أعْطَيتُها. اللَّهُمَّ إنْ كُنْتُ فَعَلْتُ ذلِكَ ابْتِغاءَ وَجْهِكَ فافْرُجْ عَنَّا مَا نَحْنُ فيهِ، فانْفَرَجَتِ الصَّخْرَةُ، غَيْرَ أَنَّهُمْ لا يَسْتَطِيعُونَ الخُرُوجَ مِنْهَا. وَقَالَ الثَّالِثُ: اللَّهُمَّ اسْتَأْجَرْتُ أُجَرَاءَ وأَعْطَيْتُهُمْ أجْرَهُمْ غيرَ رَجُل واحدٍ تَرَكَ الَّذِي لَهُ وَذَهبَ، فَثمَّرْتُ أجْرَهُ حَتَّى كَثُرَتْ مِنهُ الأمْوَالُ، فَجَاءنِي بَعدَ حِينٍ، فَقالَ: يَا عبدَ اللهِ، أَدِّ إِلَيَّ أجْرِي، فَقُلْتُ: كُلُّ مَا تَرَى مِنْ أجْرِكَ: مِنَ الإبلِ وَالبَقَرِ والْغَنَمِ والرَّقيقِ، فقالَ: يَا عبدَ اللهِ، لاَ تَسْتَهْزِىءْ بي! فَقُلْتُ: لاَ أسْتَهْزِئ بِكَ، فَأَخَذَهُ كُلَّهُ فاسْتَاقَهُ فَلَمْ يتْرُكْ مِنهُ شَيئًا. الَّلهُمَّ إنْ كُنتُ فَعَلْتُ ذلِكَ ابِتِغَاءَ وَجْهِكَ فافْرُجْ عَنَّا مَا نَحنُ فِيهِ، فانْفَرَجَتِ الصَّخْرَةُ فَخَرَجُوا يَمْشُونَ». (6) مُتَّفَقٌ عليهِ. (7)   (1) لا أغبق: أي ما كنت أقدم عليهما أحدًا في شرب نصيبهما من اللبن الذي يشربانه. والغبوق شرب آخر النهار مقابل الصبوح. النهاية 3/ 341. (2) نأى: بَعُد. (3) أي: يتصايحون ويبكون. (4) كناية عن الجماع. (5) الفض: الكسر والفتح، والخاتم كناية عن الفرج وعذرة البكارة، وحقه التزويج المشروع. دليل الفالحين 1/ 84. (6) في الحديث: استحباب الدعاء حال الكرب والتوسل بصالح العمل، وفيه فضيلة بر الوالدين وفضل خدمتهما وإيثارهما على من سواهما، وفيه فضل العفاف، وفيه فضل حسن العهد وأداء الأمانة والسماحة في المعاملة وإثبات كرامات الأولياء وهو مذهب أهل الحق. انظر: دليل الفالحين 1/ 86. (7) أخرجه: البخاري 3/ 104 (2215)، ومسلم 8/ 89 (2743) (100). الجزء: 1 ¦ الصفحة: 13 2 - باب التوبة قَالَ العلماءُ: التَّوْبَةُ وَاجبَةٌ مِنْ كُلِّ ذَنْب، فإنْ كَانتِ المَعْصِيَةُ بَيْنَ العَبْدِ وبَيْنَ اللهِ تَعَالَى لاَ تَتَعلَّقُ بحقّ آدَمِيٍّ فَلَهَا ثَلاثَةُ شُرُوط: أحَدُها: أَنْ يُقلِعَ عَنِ المَعصِيَةِ. والثَّانِي: أَنْ يَنْدَمَ عَلَى فِعْلِهَا. والثَّالثُ: أَنْ يَعْزِمَ أَنْ لا يعُودَ إِلَيْهَا أَبَدًا. فَإِنْ فُقِدَ أَحَدُ الثَّلاثَةِ لَمْ تَصِحَّ تَوبَتُهُ. وإنْ كَانَتِ المَعْصِيةُ تَتَعَلقُ بآدَمِيٍّ فَشُرُوطُهَا أرْبَعَةٌ: هذِهِ الثَّلاثَةُ، وأَنْ يَبْرَأَ مِنْ حَقّ صَاحِبِها، فَإِنْ كَانَتْ مالًا أَوْ نَحْوَهُ رَدَّهُ إِلَيْه، وإنْ كَانَت حَدَّ قَذْفٍ ونَحْوَهُ مَكَّنَهُ مِنْهُ أَوْ طَلَبَ عَفْوَهُ، وإنْ كَانْت غِيبَةً استَحَلَّهُ مِنْهَا. ويجِبُ أَنْ يَتُوبَ مِنْ جميعِ الذُّنُوبِ، فَإِنْ تَابَ مِنْ بَعْضِها صَحَّتْ تَوْبَتُهُ عِنْدَ أهْلِ الحَقِّ مِنْ ذلِكَ الذَّنْبِ وبَقِيَ عَلَيهِ البَاقي. وَقَدْ تَظَاهَرَتْ دَلائِلُ الكتَابِ والسُّنَّةِ، وإجْمَاعِ الأُمَّةِ عَلَى وُجوبِ التَّوبةِ. قَالَ الله تَعَالَى: {وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعًا أَيُّهَ الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ} [النور: 31]، وَقالَ تَعَالَى: {وَأَنِ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ} [هود: 3]، وَقالَ تَعَالَى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا تُوبُوا إِلَى اللَّهِ تَوْبَةً نَصُوحا} [التحريم: 8]. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 14 13 - وعن أبي هريرةَ - رضي الله عنه - قَالَ: سمعْتُ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: «واللهِ إِنِّي لأَسْتَغْفِرُ اللهَ وأَتُوبُ إِلَيْه فِي اليَوْمِ أَكْثَرَ مِنْ سَبْعِينَ مَرَّةً». رواه البخاري. (1)   (1) أخرجه: البخاري 8/ 83 (6307). الحديث: 13 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 14 14 - وعن الأَغَرِّ بنِ يسار المزنِيِّ - رضي الله عنه - قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم: «يَا أَيُّهَا النَّاسُ، تُوبُوا إِلى اللهِ وَاسْتَغْفِرُوهُ، فَإنِّي أتُوبُ فِي اليَوْمِ مِائةَ مَرَّةٍ». رواه مسلم. (1)   (1) أخرجه: مسلم 8/ 72 (2702) (41) و (42). الحديث: 14 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 14 15 - وعن أبي حمزةَ أَنسِ بنِ مالكٍ الأنصاريِّ - خادِمِ رسولِ الله - صلى الله عليه وسلم - رضي الله عنه - قَالَ: قَالَ رَسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم: «للهُ أفْرَحُ بِتَوْبَةِ عَبْدِهِ مِنْ أَحَدِكُمْ سَقَطَ عَلَى بَعِيرهِ وقد أضلَّهُ في أرضٍ فَلاةٍ (1)». مُتَّفَقٌ عليه. (2) [ص: 15] وفي رواية لمُسْلمٍ: «للهُ أَشَدُّ فَرَحًا بِتَوبَةِ عَبْدِهِ حِينَ يتوبُ إِلَيْهِ مِنْ أَحَدِكُمْ كَانَ عَلَى رَاحِلَتهِ بأرضٍ فَلاةٍ، فَانْفَلَتَتْ مِنْهُ، وَعَلَيْهَا طَعَامُهُ وَشَرَابهُ فأَيِسَ مِنْهَا، فَأَتى شَجَرَةً فاضطَجَعَ في ظِلِّهَا وقد أيِسَ مِنْ رَاحلَتهِ، فَبَينَما هُوَ كَذَلِكَ إِذْ هُوَ بِها قائِمَةً عِندَهُ، فَأَخَذَ بِخِطامِهَا (3)، ثُمَّ قَالَ مِنْ شِدَّةِ الفَرَحِ: اللَّهُمَّ أَنْتَ عَبدِي وأنا رَبُّكَ! أَخْطَأَ مِنْ شِدَّةِ الفَرَحِ».   (1) الفلاة: الصحراء الواسعة. اللسان 10/ 330 (فلا). (2) أخرجه: البخاري 8/ 84 (6309)، ومسلم 8/ 93 (2747) (7) و (8). (3) الخطام: الحبل الذي يقاد به البعير. اللسان 4/ 145 (خطم). الحديث: 15 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 14 16 - وعن أبي موسَى عبدِ اللهِ بنِ قَيسٍ الأشْعريِّ - رضي الله عنه - عن النَّبيّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: «إنَّ الله تَعَالَى يَبْسُطُ يَدَهُ بالليلِ لِيَتُوبَ مُسِيءُ النَّهَارِ، ويَبْسُطُ يَدَهُ بالنَّهَارِ لِيَتُوبَ مُسِيءُ اللَّيلِ، حَتَّى تَطْلُعَ الشَّمْسُ مِنْ مَغْرِبِها». رواه مسلم. (1)   (1) أخرجه: مسلم 8/ 99 - 100 (2759). الحديث: 16 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 15 17 - وعن أبي هُريرةَ - رضي الله عنه - قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم: «مَنْ تَابَ قَبْلَ أَنْ تَطْلُعَ الشَّمْسُ مِنْ مَغْرِبِها تَابَ اللهُ عَلَيهِ». رواه مسلم. (1)   (1) أخرجه: مسلم 8/ 73 (2703). الحديث: 17 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 15 18 - وعن أبي عبد الرحمان عبد الله بنِ عمَرَ بنِ الخطابِ رضيَ اللهُ عنهما، عن النَّبي - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: «إِنَّ الله - عز وجل - يَقْبَلُ تَوبَةَ العَبْدِ مَا لَمْ يُغَرْغِرْ (1)». رواه الترمذي، (2) وَقالَ: «حديث حسن».   (1) أي ما لم تبلغ روحه حلقومه. النهاية 3/ 360. (2) أخرجه: ابن ماجه (4253)، والترمذي (3537). الحديث: 18 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 15 19 - وعن زِرِّ بن حُبَيْشٍ، قَالَ: أَتَيْتُ صَفْوَانَ بْنَ عَسَّالٍ - رضي الله عنه - أسْألُهُ عَن الْمَسْحِ عَلَى الخُفَّيْنِ، فَقالَ: ما جاءَ بكَ يَا زِرُّ؟ فقُلْتُ: ابتِغَاء العِلْمِ، فقالَ: إنَّ المَلائكَةَ تَضَعُ أجْنِحَتَهَا لطَالبِ العِلْمِ رِضىً بِمَا يطْلُبُ. فقلتُ: إنَّهُ قَدْ حَكَّ في صَدْري المَسْحُ عَلَى الخُفَّينِ بَعْدَ الغَائِطِ والبَولِ، وكُنْتَ امْرَءًا مِنْ أَصْحَابِ النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم - فَجئتُ أَسْأَلُكَ هَلْ سَمِعْتَهُ يَذكُرُ في ذلِكَ شَيئًا؟ قَالَ: نَعَمْ، كَانَ يَأْمُرُنا إِذَا كُنَّا سَفرًا - أَوْ مُسَافِرينَ - أَنْ لا نَنْزعَ خِفَافَنَا ثَلاثَةَ أَيَّامٍ وَلَيالِيهنَّ إلاَّ مِنْ جَنَابَةٍ، لكنْ مِنْ غَائطٍ وَبَولٍ ونَوْمٍ. فقُلْتُ: هَلْ سَمِعْتَهُ [ص: 16] يَذْكرُ في الهَوَى شَيئًا؟ قَالَ: نَعَمْ، كُنّا مَعَ رسولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - في سَفَرٍ، فبَيْنَا نَحْنُ عِندَهُ إِذْ نَادَاه أَعرابيٌّ بصَوْتٍ لَهُ جَهْوَرِيٍّ (1): يَا مُحَمَّدُ، فأجابهُ رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - نَحْوًا مِنْ صَوْتِه: «هَاؤُمْ (2)» فقُلْتُ لَهُ: وَيْحَكَ (3)! اغْضُضْ مِنْ صَوتِكَ فَإِنَّكَ عِنْدَ النَّبي - صلى الله عليه وسلم - وَقَدْ نُهِيتَ عَنْ هذَا! فقالَ: والله لاَ أغْضُضُ. قَالَ الأعرَابيُّ: المَرْءُ يُحِبُّ القَوْمَ وَلَمَّا يلْحَقْ بِهِمْ؟ قَالَ النَّبيُّ - صلى الله عليه وسلم: «المَرْءُ مَعَ مَنْ أَحَبَّ يَومَ القِيَامَةِ». فَمَا زَالَ يُحَدِّثُنَا حَتَّى ذَكَرَ بَابًا مِنَ المَغْرِبِ مَسيرَةُ عَرْضِهِ أَوْ يَسِيرُ الرَّاكبُ في عَرْضِهِ أرْبَعينَ أَوْ سَبعينَ عامًا - قَالَ سُفْيانُ أَحدُ الرُّواةِ: قِبَلَ الشَّامِ - خَلَقَهُ الله تَعَالَى يَوْمَ خَلَقَ السَّمَاواتِ والأَرْضَ مَفْتوحًا للتَّوْبَةِ لا يُغْلَقُ حَتَّى تَطْلُعَ الشَّمْسُ مِنْهُ. رواه الترمذي وغيره، (4) وَقالَ: «حديث حسن صحيح».   (1) أي عالي شديد. النهاية 1/ 321. (2) بمعنى تعال وبمعنى خذ، ويقال للجماعة. وإنما رفع صوته عليه الصلاة والسلام من طريق الشفقة عليه، لئلا يحبط عمله من قوله تعالى: {لا تَرْفَعُوا أَصْوَاتَكُمْ فَوْقَ صَوْتِ النَّبِيّ} [الحجرات: 2] فعذره لجهله، ورفع النبي - صلى الله عليه وسلم - صوته حتى كان مثل صوته أو فوقه، لفرط رأفته به. النهاية 5/ 284. (3) ويح: كلمة ترحم وتوجع، تقال لمن وقع في هلكة لا يستحقها، وقد يقال بمعنى المدح والتعجب. النهاية 5/ 235. (4) أخرجه: ابن ماجه (226)، والترمذي (3535)، والنسائي 1/ 83 و98. الروايات مطولة ومختصرة. الحديث: 19 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 15 20 - وعن أبي سَعيد سَعْدِ بنِ مالكِ بنِ سِنَانٍ الخدريِّ - رضي الله عنه: أنّ نَبِيَّ الله - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: «كَانَ فِيمَنْ كَانَ قَبْلَكمْ رَجُلٌ قَتَلَ تِسْعَةً وتِسْعينَ نَفْسًا، فَسَأَلَ عَنْ أعْلَمِ أَهْلِ الأرضِ، فَدُلَّ عَلَى رَاهِبٍ، فَأَتَاهُ. فقال: إنَّهُ قَتَلَ تِسعَةً وتِسْعِينَ نَفْسًا فَهَلْ لَهُ مِنْ تَوبَةٍ؟ فقالَ: لا، فَقَتَلهُ فَكَمَّلَ بهِ مئَةً، ثُمَّ سَأَلَ عَنْ أَعْلَمِ أَهْلِ الأَرضِ، فَدُلَّ عَلَى رَجُلٍ عَالِمٍ. فقَالَ: إِنَّهُ قَتَلَ مِائَةَ نَفْسٍ فَهَلْ لَهُ مِنْ تَوْبَةٍ؟ فقالَ: نَعَمْ، ومَنْ يَحُولُ بَيْنَهُ وبَيْنَ التَّوْبَةِ؟ انْطَلِقْ إِلى أرضِ كَذَا وكَذَا فإِنَّ بِهَا أُناسًا يَعْبُدُونَ الله تَعَالَى فاعْبُدِ الله مَعَهُمْ، ولاَ تَرْجِعْ إِلى أَرْضِكَ فَإِنَّهَا أرضُ سُوءٍ، فانْطَلَقَ حَتَّى إِذَا نَصَفَ الطَّرِيقَ أَتَاهُ الْمَوْتُ، فاخْتَصَمَتْ فِيهِ مَلائِكَةُ الرَّحْمَةِ ومَلائِكَةُ العَذَابِ. فَقَالتْ مَلائِكَةُ الرَّحْمَةِ: جَاءَ تَائِبًا، مُقْبِلًا بِقَلبِهِ إِلى اللهِ تَعَالَى، وقالتْ مَلائِكَةُ العَذَابِ: إنَّهُ لمْ يَعْمَلْ خَيرًا قَطُّ، فَأَتَاهُمْ مَلَكٌ في صورَةِ آدَمِيٍّ فَجَعَلُوهُ بَيْنَهُمْ - أيْ حَكَمًا - فقالَ: قِيسُوا ما بينَ الأرضَينِ فَإلَى أيّتهما كَانَ أدنَى فَهُوَ لَهُ. فَقَاسُوا فَوَجَدُوهُ أدْنى إِلى الأرْضِ التي أرَادَ، فَقَبَضَتْهُ مَلائِكَةُ الرَّحمةِ». مُتَّفَقٌ عليه. (1) [ص: 17] وفي رواية في الصحيح: «فَكَانَ إلى القَريَةِ الصَّالِحَةِ أقْرَبَ بِشِبْرٍ فَجُعِلَ مِنْ أهلِهَا». وفي رواية في الصحيح: «فَأَوحَى الله تَعَالَى إِلى هذِهِ أَنْ تَبَاعَدِي، وإِلَى هذِهِ أَنْ تَقَرَّبِي، وقَالَ: قِيسُوا مَا بيْنَهُما، فَوَجَدُوهُ إِلى هذِهِ أَقْرَبَ بِشِبْرٍ فَغُفِرَ لَهُ». وفي رواية: «فَنَأى بصَدْرِهِ نَحْوَهَا».   (1) أخرجه: البخاري 4/ 211 (3470)، ومسلم 8/ 103 (2766) (46) و (47) و (48). الحديث: 20 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 16 21 - وعن عبدِ الله بن كعبِ بنِ مالكٍ، وكان قائِدَ كعبٍ - رضي الله عنه - مِنْ بَنِيهِ حِينَ عمِيَ، قَالَ: سَمِعتُ كَعْبَ بنَ مالكٍ - رضي الله عنه - يُحَدِّثُ بحَديثهِ حينَ تَخلَّفَ عن رسولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - في غَزْوَةِ تَبُوكَ. قَالَ كعبٌ: لَمْ أتَخَلَّفْ عَنْ رسولِ الله - صلى الله عليه وسلم - في غَزْوَةٍ غزاها قط إلا في غزوة تَبُوكَ، غَيْرَ أنّي قَدْ تَخَلَّفْتُ في غَزْوَةِ بَدْرٍ، ولَمْ يُعَاتَبْ أَحَدٌ تَخَلَّفَ عَنْهُ؛ إِنَّمَا خَرَجَ رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - والمُسْلِمُونَ يُريدُونَ عِيرَ (1) قُرَيْشٍ حَتَّى جَمَعَ الله تَعَالَى بَيْنَهُمْ وبَيْنَ عَدُوِّهمْ عَلَى غَيْر ميعادٍ. ولَقَدْ شَهِدْتُ مَعَ رسولِ الله - صلى الله عليه وسلم - لَيلَةَ العَقَبَةِ حينَ تَوَاثَقْنَا عَلَى الإِسْلامِ، وما أُحِبُّ أنَّ لي بِهَا مَشْهَدَ بَدْرٍ، وإنْ كَانَتْ بدرٌ أذْكَرَ في النَّاسِ مِنْهَا. وكانَ مِنْ خَبَري حينَ تَخَلَّفْتُ عَنْ رسولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - في غَزْوَةِ تَبُوكَ أنِّي لم أكُنْ قَطُّ أَقْوى ولا أَيْسَرَ مِنِّي حِينَ تَخَلَّفْتُ عنْهُ في تِلكَ الغَزْوَةِ، وَالله ما جَمَعْتُ قَبْلَهَا رَاحِلَتَيْنِ قَطُّ حَتَّى جَمَعْتُهُمَا في تِلْكَ الغَزْوَةِ وَلَمْ يَكُنْ رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - يُريدُ غَزْوَةً إلاَّ وَرَّى (2) بِغَيرِها حَتَّى كَانَتْ تلْكَ الغَزْوَةُ، فَغَزَاها رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - في حَرٍّ شَديدٍ، واسْتَقْبَلَ سَفَرًا بَعِيدًا وَمَفَازًا، وَاستَقْبَلَ عَدَدًا كَثِيرًا، فَجَلَّى للْمُسْلِمينَ أمْرَهُمْ ليتَأهَّبُوا أُهْبَةَ غَزْوِهمْ فأَخْبرَهُمْ بوَجْهِهِمُ الَّذِي يُريدُ، والمُسلِمونَ مَعَ رسولِ الله كثيرٌ وَلاَ يَجْمَعُهُمْ كِتَابٌ حَافِظٌ «يُريدُ بذلِكَ الدّيوَانَ» (3) قَالَ كَعْبٌ: فَقَلَّ رَجُلٌ يُريدُ أَنْ يَتَغَيَّبَ إلاَّ ظَنَّ أنَّ ذلِكَ سيخْفَى بِهِ ما لَمْ يَنْزِلْ فِيهِ وَحْيٌ مِنَ الله، وَغَزا رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم - تِلْكَ الغَزوَةَ حِينَ طَابَت الثِّمَارُ وَالظِّلالُ، فَأنَا إلَيْهَا أصْعَرُ (4)، فَتَجَهَّزَ رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - وَالمُسْلِمُونَ مَعَهُ وطَفِقْتُ أغْدُو لكَيْ أتَجَهَّزَ مَعَهُ،   (1) العِير: الإبل بأحمالها. النهاية 3/ 329. (2) أي ستره وكنى عنه، وأوهم أنه يريد غيره. النهاية 5/ 177. (3) الديوان: هو الدفتر الذي يكتب فيه أسماء الجيش وأهل العطاء، وأول من دوّن الدواوين عمر - رضي الله عنه. (النهاية 2/ 150). (4) أي أميل. (النهاية 3/ 31). الحديث: 21 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 17 فأرْجِعُ وَلَمْ أقْضِ شَيْئًا، وأقُولُ في نفسي: أنَا قَادرٌ عَلَى ذلِكَ إِذَا أَرَدْتُ، فَلَمْ يَزَلْ يَتَمادى بي حَتَّى اسْتَمَرَّ بالنَّاسِ الْجِدُّ، فأصْبَحَ رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - غَاديًا والمُسْلِمُونَ مَعَهُ وَلَمْ أقْضِ مِنْ جِهَازي شَيْئًا، ثُمَّ غَدَوْتُ فَرَجَعْتُ وَلَمْ أقْضِ شَيئًا، فَلَمْ يَزَلْ يَتَمَادَى بي حَتَّى أسْرَعُوا وتَفَارَطَ الغَزْوُ، فَهَمَمْتُ أَنْ أرْتَحِلَ فَأُدْرِكَهُمْ، فَيَا لَيْتَني فَعَلْتُ، ثُمَّ لم يُقَدَّرْ ذلِكَ لي، فَطَفِقْتُ إذَا خَرَجْتُ في النَّاسِ بَعْدَ خُرُوجِ رَسُولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - يَحْزُنُنِي أنِّي لا أرَى لي أُسْوَةً، إلاّ رَجُلًا مَغْمُوصًا (1) عَلَيْهِ في النِّفَاقِ، أوْ رَجُلًا مِمَّنْ عَذَرَ اللهُ تَعَالَى مِنَ الضُّعَفَاءِ، وَلَمْ يَذْكُرْنِي رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - حَتَّى بَلَغَ تَبُوكَ، فَقَالَ وَهُوَ جَالِسٌ في القَوْمِ بِتَبُوكَ: «ما فَعَلَ كَعْبُ بْنُ مَالِكٍ؟» فَقَالَ رَجُلٌ مِنْ بَنِي سَلِمَةَ: يا رَسُولَ اللهِ، حَبَسَهُ بُرْدَاهُ والنَّظَرُ في عِطْفَيْهِ (2). فَقَالَ لَهُ مُعَاذُ بْنُ جَبَلٍ - رضي الله عنه: بِئْسَ مَا قُلْتَ! واللهِ يا رَسُولَ اللهِ مَا عَلِمْنَا عَلَيْهِ إلاَّ خَيْرًا، فَسَكَتَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم. فَبَيْنَا هُوَ عَلى ذَلِكَ رَأى رَجُلًا مُبْيِضًا يَزُولُ بِهِ السَّرَابُ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم: «كُنْ أَبَا خَيْثَمَةَ»، فَإذَا هُوَ أبُو خَيْثَمَةَ الأنْصَارِيُّ وَهُوَ الَّذِي تَصَدَّقَ بِصَاعِ التَّمْرِ حِيْنَ لَمَزَهُ المُنَافِقُونَ. قَالَ كَعْبٌ: فَلَمَّا بَلَغَنِي أنَّ رَسُولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - قَدْ تَوَجَّهَ قَافِلًا مِنْ تَبُوكَ حَضَرَنِي بَثِّي، فَطَفِقْتُ أتَذَكَّرُ الكَذِبَ وأقُولُ: بِمَ أخْرُجُ مِنْ سَخَطِهِ غَدًا؟ وأسْتَعِيْنُ عَلى ذَلِكَ بِكُلِّ ذِي رأْيٍ مِنْ أهْلِي، فَلَمَّا قِيْلَ: إنَّ رَسُولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - قّدْ أظَلَّ قَادِمًا، زَاحَ عَنّي البَاطِلُ حَتَّى عَرَفْتُ أَنِّي لَنْ أَنْجُوَ مِنْهُ بِشَيءٍ أَبَدًا، فَأجْمَعْتُ صدْقَهُ وأَصْبَحَ رَسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم - قَادِمًا، وَكَانَ إِذَا قَدِمَ مِنْ سَفَرٍ بَدَأَ بِالمَسْجِدِ فَرَكَعَ فِيهِ رَكْعَتَيْنِ ثُمَّ جَلَسَ لِلنَّاسِ، فَلَمَّا فَعَلَ ذلِكَ جَاءهُ المُخَلَّفُونَ يَعْتَذِرونَ إِلَيْه ويَحْلِفُونَ لَهُ، وَكَانُوا بِضْعًا وَثَمانينَ رَجُلًا، فَقَبِلَ مِنْهُمْ عَلانِيَتَهُمْ وَبَايَعَهُمْ واسْتَغْفَرَ لَهُمْ وَوَكَلَ سَرَائِرَهُمْ إِلى الله تَعَالَى، حَتَّى جِئْتُ، فَلَمَّا سَلَّمْتُ تَبَسَّمَ تَبَسُّمَ المُغْضَبِ. ثُمَّ قَالَ: «تَعَالَ»، فَجِئْتُ أمْشي حَتَّى جَلَسْتُ بَيْنَ يَدَيْهِ، فقالَ لي: «مَا خَلَّفَكَ؟ ألَمْ تَكُنْ قَدِ ابْتَعْتَ ظَهْرَكَ؟» قَالَ: قُلْتُ: يَا رسولَ الله، إنّي والله لَوْ جَلَسْتُ عِنْدَ غَيْرِكَ مِنْ أهْلِ الدُّنْيَا لَرَأيتُ أنِّي سَأخْرُجُ مِنْ سَخَطِهِ بِعُذْرٍ؛ لقَدْ أُعْطِيتُ جَدَلًا، ولَكِنِّي والله لَقَدْ عَلِمْتُ لَئِنْ حَدَّثْتُكَ اليوم حَدِيثَ كَذبٍ تَرْضَى به عنِّي   (1) أي مطعونًا في دينه متهمًا بالنفاق. (النهاية 3/ 386). (2) البرود ثياب من اليمن فيها خطوط. وعطفاه جانباه وهي كناية عن العجب. انظر: دليل الفالحين 1/ 125. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 18 لَيُوشِكَنَّ الله أن يُسْخِطَكَ عَلَيَّ، وإنْ حَدَّثْتُكَ حَدِيثَ صِدقٍ تَجِدُ عَلَيَّ فِيهِ إنّي لأَرْجُو فِيهِ عُقْبَى الله - عز وجل - والله ما كَانَ لي مِنْ عُذْرٍ، واللهِ مَا كُنْتُ قَطُّ أَقْوَى وَلاَ أَيْسَرَ مِنِّي حِينَ تَخَلَّفْتُ عَنْكَ. قَالَ: فقالَ رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم: «أمَّا هَذَا فقَدْ صَدَقَ، فَقُمْ حَتَّى يَقْضِيَ اللهُ فيكَ». وَسَارَ رِجَالٌ مِنْ بَنِي سَلِمَة فاتَّبَعُوني فَقالُوا لِي: واللهِ مَا عَلِمْنَاكَ أذْنَبْتَ ذَنْبًا قَبْلَ هذَا لَقَدْ عَجَزْتَ في أَنْ لا تَكونَ اعتَذَرْتَ إِلَى رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم - بما اعْتَذَرَ إليهِ المُخَلَّفُونَ، فَقَدْ كَانَ كَافِيكَ ذَنْبَكَ اسْتِغْفَارُ رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم - لَكَ. قَالَ: فَوالله ما زَالُوا يُؤَنِّبُونَنِي حَتَّى أَرَدْتُّ أَنْ أرْجعَ إِلَى رسولِ الله - صلى الله عليه وسلم - فأُكَذِّبَ نَفْسِي، ثُمَّ قُلْتُ لَهُمْ: هَلْ لَقِيَ هذَا مَعِيَ مِنْ أَحَدٍ؟ قَالُوا: نَعَمْ، لَقِيَهُ مَعَكَ رَجُلانِ قَالاَ مِثْلَ مَا قُلْتَ، وَقيلَ لَهُمَا مِثْلَ مَا قيلَ لَكَ، قَالَ: قُلْتُ: مَنْ هُما؟ قَالُوا: مُرَارَةُ بْنُ الرَّبيع الْعَمْرِيُّ، وهِلاَلُ ابنُ أُمَيَّةَ الوَاقِفِيُّ؟ قَالَ: فَذَكَرُوا لِي رَجُلَينِ صَالِحَينِ قَدْ شَهِدَا بَدْرًا فيهِما أُسْوَةٌ، قَالَ: فَمَضَيْتُ حِينَ ذَكَرُوهُما لِي. ونَهَى رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم - عَنْ كَلامِنا أيُّهَا الثَّلاثَةُ مِنْ بَيْنِ مَنْ تَخَلَّفَ عَنْهُ، فاجْتَنَبَنَا النَّاسُ - أوْ قَالَ: تَغَيَّرُوا لَنَا - حَتَّى تَنَكَّرَتْ لي في نَفْسي الأَرْض، فَمَا هِيَ بالأرْضِ الَّتي أعْرِفُ، فَلَبِثْنَا عَلَى ذلِكَ خَمْسِينَ لَيْلَةً. فَأمّا صَاحِبَايَ فَاسْتَكَانا وقَعَدَا في بُيُوتِهِمَا يَبْكيَان. وأمَّا أنَا فَكُنْتُ أشَبَّ الْقَومِ وأجْلَدَهُمْ فَكُنْتُ أخْرُجُ فَأشْهَدُ الصَّلاَةَ مَعَ المُسْلِمِينَ، وأطُوفُ في الأَسْوَاقِ وَلا يُكَلِّمُنِي أَحَدٌ، وَآتِي رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - فأُسَلِّمُ عَلَيْهِ وَهُوَ في مَجْلِسِهِ بَعْدَ الصَّلاةِ، فَأَقُولُ في نَفسِي: هَلْ حَرَّكَ شَفَتَيْه برَدِّ السَّلام أَمْ لاَ؟ ثُمَّ أُصَلِّي قَريبًا مِنْهُ وَأُسَارِقُهُ النَّظَرَ، فَإِذَا أقْبَلْتُ عَلَى صَلاتِي نَظَرَ إلَيَّ وَإِذَا الْتَفَتُّ نَحْوَهُ أعْرَضَ عَنِّي، حَتَّى إِذَا طَال ذلِكَ عَلَيَّ مِنْ جَفْوَةِ المُسْلِمينَ مَشَيْتُ حَتَّى تَسَوَّرْتُ جِدارَ حائِط أبي قَتَادَةَ وَهُوَ ابْنُ عَمِّي وأَحَبُّ النَّاس إِلَيَّ، فَسَلَّمْتُ عَلَيهِ فَوَاللهِ مَا رَدَّ عَليَّ السَّلامَ، فَقُلْتُ لَهُ: يَا أَبَا قَتَادَةَ، أنْشُدُكَ بالله هَلْ تَعْلَمُنِي أُحِبُّ الله وَرَسُولَهُ - صلى الله عليه وسلم -؟ فَسَكَتَ، فَعُدْتُ فَنَاشَدْتُهُ فَسَكَتَ، فَعُدْتُ فَنَاشَدْتُهُ، فَقَالَ: اللهُ ورَسُولُهُ أَعْلَمُ. فَفَاضَتْ عَيْنَايَ، وَتَوَلَّيْتُ حَتَّى تَسَوَّرْتُ الجِدَارَ، فَبَيْنَا أَنَا أمْشِي في سُوقِ الْمَدِينة إِذَا نَبَطِيٌّ مِنْ نَبَطِ (1) أهْلِ الشَّام مِمّنْ قَدِمَ بالطَّعَامِ يَبيعُهُ بِالمَدِينَةِ يَقُولُ: مَنْ يَدُلُّ عَلَى كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ؟ فَطَفِقَ النَّاسُ يُشِيرُونَ لَهُ إلَيَّ حَتَّى جَاءنِي فَدَفَعَ إِلَيَّ كِتَابًا مِنْ مَلِكِ غَسَّانَ، وَكُنْتُ كَاتبًا.   (1) النبط: جيل ينْزلون سواد العراق وهم الأنباط، والنسب إليهم نبطي. اللسان 14/ 22 (نبط). الجزء: 1 ¦ الصفحة: 19 فَقَرَأْتُهُ فإِذَا فِيهِ: أَمَّا بَعْدُ، فإِنَّهُ قَدْ بَلَغَنا أنَّ صَاحِبَكَ قَدْ جَفَاكَ وَلَمْ يَجْعَلْكَ اللهُ بدَارِ هَوانٍ وَلاَ مَضْيَعَةٍ (1)، فَالْحَقْ بنَا نُوَاسِكَ، فَقُلْتُ حِينَ قَرَأْتُهَا: وَهَذِهِ أَيضًا مِنَ البَلاءِ، فَتَيَمَّمْتُ بهَا التَّنُّورَ فَسَجَرْتُهَا، حَتَّى إِذَا مَضَتْ أَرْبَعُونَ مِنَ الْخَمْسينَ وَاسْتَلْبَثَ الْوَحْيُ إِذَا رسولُ رسولِ الله - صلى الله عليه وسلم - يَأتِيني، فَقالَ: إنَّ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - يَأمُرُكَ أَنْ تَعْتَزِلَ امْرَأتَكَ، فَقُلْتُ: أُطَلِّقُهَا أمْ مَاذَا أفْعَلُ؟ فَقالَ: لاَ، بَلِ اعْتَزِلْهَا فَلاَ تَقْرَبَنَّهَا، وَأَرْسَلَ إِلَى صَاحِبَيَّ بِمِثْلِ ذلِكَ. فَقُلْتُ لامْرَأتِي: الْحَقِي بِأهْلِكِ (2) فَكُوني عِنْدَهُمْ حَتَّى يَقْضِيَ اللهُ في هَذَا الأمْرِ. فَجَاءتِ امْرَأةُ هِلاَلِ بْنِ أُمَيَّةَ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَتْ لَهُ: يَا رَسُولَ الله، إنَّ هِلاَلَ بْنَ أمَيَّةَ شَيْخٌ ضَائِعٌ لَيْسَ لَهُ خَادِمٌ، فَهَلْ تَكْرَهُ أَنْ أخْدُمَهُ؟ قَالَ: «لاَ، وَلَكِنْ لاَ يَقْرَبَنَّكِ» فَقَالَتْ: إِنَّهُ واللهِ ما بِهِ مِنْ حَرَكَةٍ إِلَى شَيْءٍ، وَوَالله مَا زَالَ يَبْكِي مُنْذُ كَانَ مِنْ أمْرِهِ مَا كَانَ إِلَى يَومِهِ هَذَا. فَقَالَ لي بَعْضُ أهْلِي: لَو اسْتَأْذَنْتَ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - في امْرَأَتِكَ فَقَدْ أَذِن لاِمْرَأةِ هلاَل بْنِ أمَيَّةَ أَنْ تَخْدُمَهُ؟ فَقُلْتُ: لاَ أسْتَأذِنُ فيها رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - وَمَا يُدْرِيني مَاذَا يقُول رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - إِذَا اسْتَأْذَنْتُهُ، وَأَنَا رَجُلٌ شَابٌ! فَلَبِثْتُ بِذَلِكَ عَشْرَ لَيَالٍ فَكَمُلَ (3) لَنا خَمْسُونَ لَيْلَةً مِنْ حِينَ نُهِيَ عَنْ كَلاَمِنا، ثُمَّ صَلَّيْتُ صَلاَةَ الْفَجْرِ صَبَاحَ خَمْسِينَ لَيْلَةً عَلَى ظَهْرِ بَيْتٍ مِنْ بُيُوتِنَا، فَبَيْنَا أَنَا جَالِسٌ عَلَى الْحالِ الَّتي ذَكَرَ الله تَعَالَى مِنَّا، قَدْ ضَاقَتْ عَلَيَّ نَفْسي وَضَاقَتْ عَلَيَّ الأرْضُ بِمَا رَحُبَتْ، سَمِعْتُ صَوْتَ صَارِخٍ أوفَى عَلَى سَلْعٍ (4) يَقُولُ بِأعْلَى صَوتِهِ: يَا كَعْبَ بْنَ مَالِكٍ أبْشِرْ، فَخَرَرْتُ سَاجِدًا (5)، وَعَرَفْتُ أنَّهُ قَدْ جَاءَ فَرَجٌ. فآذَنَ رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - النَّاسَ بِتَوْبَةِ الله - عز وجل - عَلَيْنَا حِينَ صَلَّى صَلاةَ الفَجْر فَذَهَبَ النَّاسُ يُبَشِّرُونَنَا، فَذَهَبَ قِبَلَ صَاحِبَيَّ مُبَشِّرونَ وَرَكَضَ رَجُلٌ إِلَيَّ فَرَسًا وَسَعَى سَاعٍ مِنْ أسْلَمَ قِبَلِي، وَأَوْفَى عَلَى الْجَبَلِ، فَكانَ الصَّوْتُ أسْرَعَ مِنَ الفَرَسِ، فَلَمَّا جَاءني الَّذِي   (1) فيها لغتان: كسر الضاد وإسكان الياء، وإسكان الضاد وفتح الياء. صحيح مسلم بشرح النووي 9/ 84 (2769). (2) هذا دليل على أن هذا اللفظ ليس صريحًا في الطلاق، وإنما هو كناية، ولم ينو به الطلاق فلم يقع. صحيح مسلم بشرح النووي 9/ 84 (2769). (3) كمل: بفتح الميم وضمّها وكسرها. شرح النووي 9/ 84. (4) جبل بالمدينة معروف. (5) فيه دليل للشافعي وموافقيه في استحباب سجود الشكر بكل نعمة ظاهرة حصلت أو نقمة ظاهرة اندفعت. شرح النووي 9/ 85 (2769). الجزء: 1 ¦ الصفحة: 20 سَمِعْتُ صَوْتَهُ يُبَشِّرُني نَزَعْتُ لَهُ ثَوْبَيَّ فَكَسَوْتُهُمَا إيَّاهُ بِبشارته، وَاللهِ مَا أمْلِكُ غَيْرَهُمَا يَوْمَئِذٍ، وَاسْتَعَرْتُ ثَوْبَيْنِ فَلَبسْتُهُما، وَانْطَلَقْتُ أتَأمَّمُ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - يَتَلَقَّاني النَّاسُ فَوْجًا فَوْجًا يُهنِّئونَني بالتَّوْبَةِ وَيَقُولُونَ لِي: لِتَهْنِكَ تَوْبَةُ الله عَلَيْكَ. حَتَّى دَخَلْتُ الْمَسْجِدَ فَإِذَا رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - جَالِسٌ حَوْلَه النَّاسُ، فَقَامَ (1) طَلْحَةُ بْنُ عُبَيْدِ اللهِ - رضي الله عنه - يُهَرْوِلُ حَتَّى صَافَحَني وَهَنَّأَنِي، والله مَا قَامَ رَجُلٌ مِنَ المُهَاجِرينَ غَيرُهُ - فَكَانَ كَعْبٌ لاَ يَنْسَاهَا لِطَلْحَةَ. قَالَ كَعْبٌ: فَلَمَّا سَلَّمْتُ عَلَى رَسُولِ الله - صلى الله عليه وسلم - قَالَ وَهُوَ يَبْرُقُ وَجْهُهُ مِنَ السُّرُور: «أبْشِرْ بِخَيْرِ يَومٍ مَرَّ عَلَيْكَ مُذْ وَلَدَتْكَ أُمُّكَ» فَقُلْتُ: أمِنْ عِنْدِكَ يَا رَسُول الله أَمْ مِنْ عِندِ الله؟ قَالَ: «لاَ، بَلْ مِنْ عِنْدِ الله - عز وجل -»، وَكَانَ رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - إِذَا سُرَّ اسْتَنَارَ وَجْهُهُ حَتَّى كَأَنَّ وَجْهَهُ قِطْعَةُ قَمَرٍ وَكُنَّا نَعْرِفُ ذلِكَ مِنْهُ، فَلَمَّا جَلَسْتُ بَيْنَ يَدَيْهِ قُلْتُ: يَا رسولَ الله، إنَّ مِنْ تَوْبَتِي أَنْ أنْخَلِعَ مِنْ مَالِي صَدَقَةً إِلَى اللهِ وَإِلَى رَسُولهِ. فَقَالَ رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم: «أمْسِكَ عَلَيْكَ بَعْضَ مَالِكَ فَهُوَ خَيْرٌ لَكَ». فقلتُ: إِنِّي أُمْسِكُ سَهْمِي الَّذِي بِخَيبَر. وَقُلْتُ: يَا رسولَ الله، إنَّ الله تَعَالَى إِنَّمَا أنْجَانِي بالصِّدْقِ، وإنَّ مِنْ تَوْبَتِي أَنْ لا أُحَدِّثَ إلاَّ صِدْقًا مَا بَقِيتُ، فوَالله مَا عَلِمْتُ أَحَدًا مِنَ المُسْلِمينَ أبْلاهُ الله تَعَالَى في صِدْقِ الحَدِيثِ مُنْذُ ذَكَرْتُ ذلِكَ لِرسولِ الله - صلى الله عليه وسلم - أحْسَنَ مِمَّا أبْلانِي الله تَعَالَى، واللهِ مَا تَعَمَّدْتُ كِذْبَةً مُنْذُ قُلْتُ ذلِكَ لِرسولِ الله - صلى الله عليه وسلم - إِلَى يَومِيَ هَذَا، وإنِّي لأرْجُو أَنْ يَحْفَظَنِي الله تَعَالَى فيما بَقِيَ، قَالَ: فأَنْزَلَ الله تَعَالَى: {لَقَدْ تَابَ اللهُ عَلَى النَّبِيِّ وَالْمُهَاجِرِينَ وَالأَنْصَارِ الَّذِينَ اتَّبَعُوهُ فِي سَاعَةِ الْعُسْرَةِ} حَتَّى بَلَغَ: {إِنَّهُ بِهِمْ رَؤُوفٌ رَحِيم وَعَلَى الثَّلاثَةِ الَّذِينَ خُلِّفُوا حَتَّى إِذَا ضَاقَتْ عَلَيْهِمُ الأَرْضُ بِمَا رَحُبَتْ} حَتَّى بَلَغَ: {اتَّقُوا اللهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ} [التوبة: 117 - 119] قَالَ كَعْبٌ: واللهِ ما أنْعَمَ الله عَليَّ مِنْ نعمةٍ   (1) قال أهل العلم: القيام على ثلاثة أقسام: قيام إلى الرجل، وقيام للرجل، وقيام على الرجل. فالأول: كما في قول النبي - صلى الله عليه وسلم: «قوموا إلى سيدكم» أي سعد بن معاذ وهذا لا بأس به. والثاني: وهو القيام للداخل إذا اعتاد الناس ذلك، وصار الداخل إذا لم تقم له يعد ذلك امتهانًا له فلا بأس به والأولى تركه. والثالث: كأن يكون جالسًا ويقوم واحد على رأسه تعظيمًا له فهذا منهي عنه. أما القيام على الرجل لحفظه أو لإغاضة العدو فلا بأس به. انظر: شرح رياض الصالحين لابن عثيمين 1/ 148 - 149. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 21 قَطُّ بَعْدَ إذْ هَدَاني اللهُ للإِسْلامِ أَعْظَمَ في نَفْسِي مِنْ صِدقِي رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - أَنْ لا أكونَ كَذَبْتُهُ، فَأَهْلِكَ كما هَلَكَ الَّذينَ كَذَبُوا؛ إنَّ الله تَعَالَى قَالَ للَّذِينَ كَذَبُوا حِينَ أنْزَلَ الوَحْيَ شَرَّ مَا قَالَ لأَحَدٍ، فقال الله تَعَالَى: {سَيَحْلِفُونَ بِاللهِ لَكُمْ إِذَا انْقَلَبْتُمْ إِلَيْهِمْ لِتُعْرِضُوا عَنْهُمْ فَأَعْرِضُوا عَنْهُمْ إِنَّهُمْ رِجْسٌ وَمَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ يَحْلِفُونَ لَكُمْ لِتَرْضَوْا عَنْهُمْ فَإِنْ تَرْضَوْا عَنْهُمْ فَإِنَّ اللهَ لا يَرْضَى عَنِ الْقَوْمِ الْفَاسِقِينَ} [التوبة: 95 - 96] قَالَ كَعْبٌ: كُنّا خُلّفْنَا أيُّهَا الثَّلاَثَةُ عَنْ أمْرِ أُولئكَ الذينَ قَبِلَ مِنْهُمْ رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - حِينَ حَلَفُوا لَهُ فَبَايَعَهُمْ وَاسْتَغْفَرَ لَهُمْ وأرجَأَ رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - أمْرَنَا حَتَّى قَضَى الله تَعَالَى فِيهِ بذِلكَ. قَالَ الله تَعَالَى: {وَعَلَى الثَّلاثَةِ الَّذِينَ خُلِّفُوا} وَليْسَ الَّذِي ذَكَرَ مِمَّا خُلِّفْنَا تَخلُّفُنَا عن الغَزْو، وإنَّمَا هُوَ تَخْلِيفُهُ إيّانا وإرْجَاؤُهُ أمْرَنَا عَمَّنْ حَلَفَ لَهُ واعْتَذَرَ إِلَيْهِ فقبِلَ مِنْهُ (1). مُتَّفَقٌ عليه. (2) وفي رواية: أنَّ النَّبيّ - صلى الله عليه وسلم - خَرَجَ في غَزْوَةِ تَبْوكَ يَومَ الخَميسِ وكانَ يُحِبُّ أَنْ يخْرُجَ يومَ الخمِيس. وفي رواية: وكانَ لاَ يقْدمُ مِنْ سَفَرٍ إلاَّ نَهَارًا في الضُّحَى، فإِذَا قَدِمَ بَدَأَ بالمَسْجِدِ فَصَلَّى فِيهِ رَكْعَتَيْنِ ثُمَّ جَلَسَ فِيهِ.   (1) في هذا الحديث فوائد كثيرة منها: إباحة الغنيمة لهذه الأمة وأنه ينبغي لأمير الجيش إذا أراد غزوة أن يوري بغيرها، لئلا يسبقه الجواسيس ونحوهم بالتحذير، وفيه جواز التأسف على ما فات من الخير وفيه رد غيبة المسلم، وفضيلة الصدق وملازمته وإن كان فيه مشقة، واستحباب صلاة القادم من سفر ركعتين في مسجد محلته أول قدومه، واستحباب هجران أهل البدع والمعاصي الظاهرة، وترك السلام عليهم ومقاطعتهم تحقيرًا لهم وزجرًا، واستحباب بكائه على نفسه إذا وقعت منه معصية، ومسارقة النظر في الصلاة والالتفات لا يبطلها، ووجوب إيثار طاعة الله ورسوله - صلى الله عليه وسلم - على مودة الصديق والقريب وغيرهما. وجواز إحراق ورقة فيها ذكر الله تعالى لمصلحة، وفيها: لم يجعلك الله بدار هوان، واستحباب الكنايات في ألفاظ الاستمتاع بالنساء ونحوها، واستحباب التبشير بالخير وتهنئة من رزقه الله خيرًا ظاهرًا، واستحباب إكرام المبشر، وجواز استعارة الثياب للّبس، واستحباب القيام للوارد إكرامًا له إذا كان من أهل الفضل، واستحباب المصافحة عند التلاقي وهي سنّة بلا خلاف. وقد عدّ النووي - رحمه الله - سبعًا وثلاثين فائدة لهذا الحديث. انظر: شرح صحيح مسلم للنووي 9/ 88 (2769). (2) أخرجه: البخاري 6/ 3 (4418)، ومسلم 8/ 105 (2769) (53) و (54) و (55). الجزء: 1 ¦ الصفحة: 22 22 - وَعَنْ أبي نُجَيد - بضَمِّ النُّونِ وفتحِ الجيم - عِمْرَانَ بنِ الحُصَيْنِ الخُزَاعِيِّ رضي الله عنهما: أنَّ امْرَأةً مِنْ جُهَيْنَةَ أتَتْ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - وَهِيَ حُبْلَى مِنَ الزِّنَى، فقالتْ: يَا رسولَ الله، أصَبْتُ حَدًّا فَأَقِمْهُ عَلَيَّ، فَدَعَا نَبيُّ الله - صلى الله عليه وسلم - وَليَّها، فقالَ: «أَحْسِنْ (1) إِلَيْهَا، فإذا وَضَعَتْ فَأْتِني» فَفَعَلَ فَأَمَرَ بهَا نبيُّ الله - صلى الله عليه وسلم - فَشُدَّتْ عَلَيْهَا ثِيَابُهَا، ثُمَّ أَمَرَ بِهَا فَرُجِمَتْ، ثُمَّ صَلَّى عَلَيْهَا. فقالَ لَهُ عُمَرُ: تُصَلِّي عَلَيْهَا يَا رَسُول الله وَقَدْ زَنَتْ؟ قَالَ: «لَقَدْ تَابَتْ تَوْبَةً لَوْ قُسِمَتْ بَيْنَ سَبْعِينَ مِنْ أهْلِ المَدِينَةِ لَوَسِعَتْهُمْ، وَهَلْ وَجَدْتَ أَفضَلَ مِنْ أَنْ جَادَتْ بنفْسِها لله - عز وجل؟!». رواه مسلم. (2)   (1) قال النووي: «هذا الإحسان له سببان: أحدهما: الخوف عليها من أقاربها أن تحملهم الغيرة ولحوق العار بهم أن يؤذوها، فأوصى بالإحسان إليها تحذيرًا لهم من ذلك. والثاني: أمر به رحمةً لها، إذ قد تابت، وحرض على الإحسان إليها لما في نفوس الناس من النفرة من مثلها، وإسماعها الكلام المؤذي ونحو ذلك فنهى عن هذا كله». شرح صحيح مسلم 6/ 182 (1696). (2) أخرجه: مسلم 5/ 120 (1696). الحديث: 22 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 23 23 - وعن ابنِ عباسٍ - رضي الله عنهما - أنَّ رَسُولَ الله - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: «لَوْ أنَّ لابنِ آدَمَ وَادِيًا مِنْ ذَهَبٍ أحَبَّ أَنْ يكُونَ لَهُ وَادِيانِ، وَلَنْ يَمْلأَ فَاهُ إلاَّ التُّرَابُ، وَيَتُوبُ اللهُ عَلَى مَنْ تَابَ». مُتَّفَقٌ عليه. (1)   (1) أخرجه: البخاري 8/ 115 (6436)، ومسلم 3/ 100 (1049). وفي هذا الحديث: ذم الحرص على الدنيا وحب المكاثرة بها والرغبة فيها، ولا يزال حريصًا حتى يموت، ويمتلئ جوفه من تراب قبره. انظر: شرح صحيح مسلم 4/ 141 (1049). الحديث: 23 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 23 24 - وعن أبي هريرة - رضي الله عنه - أنَّ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: «يَضْحَكُ اللهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى إِلَى رَجُلَيْنِ يَقْتلُ أَحَدهُمَا الآخَرَ يَدْخُلانِ الجَنَّةَ، يُقَاتِلُ هَذَا في سَبيلِ اللهِ فَيُقْتَلُ، ثُمَّ يتُوبُ اللهُ عَلَى القَاتلِ فَيُسْلِم فَيُسْتَشْهَدُ». مُتَّفَقٌ عليه. (1)   (1) أخرجه: البخاري 4/ 28 (2826)، ومسلم 6/ 40 (128) و (129). الحديث: 24 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 23 3 - باب الصبر قَالَ الله تَعَالَى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اصْبِرُوا وَصَابِرُوا} [آل عمران: 200]، وقال تعالى: {وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِنَ الْخَوْفِ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِنَ الأَمْوَالِ وَالأَنْفُسِ وَالثَّمَرَاتِ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ} [ص: 24] [البقرة: 155]، وَقالَ تَعَالَى: {إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُمْ بِغَيْرِ حِسَاب} [الزمر:10]، وَقالَ تَعَالَى: {وَلَمَنْ صَبَرَ وَغَفَرَ إِنَّ ذَلِكَ لَمِنْ عَزْمِ الأُمُورِ} [الشورى: 43]، وَقالَ تَعَالَى: {اسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلاةِ إِنَّ اللهَ مَعَ الصَّابِرِينَ} [البقرة: 153]، وَقالَ تَعَالَى: {وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ حَتَّى نَعْلَمَ الْمُجَاهِدِينَ مِنْكُمْ وَالصَّابِرِينَ} [محمد: 31]، وَالآياتُ في الأمر بالصَّبْر وَبَيانِ فَضْلهِ كَثيرةٌ مَعْرُوفةٌ. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 23 25 - وعن أبي مالكٍ الحارث بن عاصم الأشعريِّ - رضي الله عنه - قَالَ: قَالَ رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم: «الطُّهُورُ شَطْرُ الإِيمان، والحَمدُ لله تَمْلأُ الميزَانَ، وَسُبْحَانَ الله والحَمدُ لله تَملآن - أَوْ تَمْلأُ - مَا بَينَ السَّماوَاتِ وَالأَرْضِ، والصَّلاةُ نُورٌ، والصَّدقةُ بُرهَانٌ، والصَّبْرُ ضِياءٌ، والقُرْآنُ حُجةٌ لَكَ أَوْ عَلَيْكَ (1). كُلُّ النَّاسِ يَغْدُو فَبَائعٌ نَفسَهُ فَمُعْتِقُهَا أَوْ مُوبِقُها». رواه مسلم. (2)   (1) حجة لك إذا امتثلت أوامره واجتنبت نواهيه، وحجة عليك إن لم تمتثل أوامره ولم تجتنب نواهيه. دليل الفالحين 1/ 171، وهذا ليس خاصًا بالقرآن بل يشمل كل العلوم الشرعية فما علمناه إما أن يكون حجة لنا وإما أن يكون حجة علينا، فإن عملنا به فهو حجة لنا وإن لم نعمل به فهو علينا وهو وبال أي إثم وعقوبة. انظر: فتح ذي الجلال والإكرام 1/ 41. (2) أخرجه: مسلم 1/ 140 (223). الحديث: 25 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 24 26 - وعن أبي سَعيد سعدِ بن مالكِ بنِ سنانٍ الخدري رضي الله عنهما: أَنَّ نَاسًا مِنَ الأَنْصَارِ سَألوا رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - فَأعْطَاهُمْ، ثُمَّ سَألوهُ فَأعْطَاهُمْ، حَتَّى نَفِدَ مَا عِندَهُ، فَقَالَ لَهُمْ حِينَ أنْفْقَ كُلَّ شَيءٍ بِيَدِهِ: «مَا يَكُنْ عِنْدي مِنْ خَيْر فَلَنْ أدَّخِرَهُ عَنْكُمْ، وَمَنْ يَسْتَعْفِفْ يُعِفهُ اللهُ، وَمَنْ يَسْتَغْنِ يُغْنِهِ اللهُ، وَمَنْ يَتَصَبَّرْ يُصَبِّرْهُ اللهُ. وَمَا أُعْطِيَ أَحَدٌ عَطَاءً خَيْرًا وَأوْسَعَ مِنَ الصَّبْر (1)». مُتَّفَقٌ عليه. (2)   (1) في الحديث: الحث على التعفف والقناعة، والصبر على ضيق العيش وغيره من مكاره الدنيا. شرح صحيح مسلم للنووي 4/ 145 (1053). (2) أخرجه: البخاري 2/ 151 (1469)، ومسلم 3/ 102 (1053) (124). الحديث: 26 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 24 27 - وعن أبي يحيى صهيب بن سنانٍ - رضي الله عنه - قَالَ: قَالَ رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم: «عَجَبًا لأمْرِ المُؤمنِ إنَّ أمْرَهُ كُلَّهُ لَهُ خيرٌ، ولَيسَ ذلِكَ لأَحَدٍ إلاَّ للمُؤْمِن: إنْ أَصَابَتْهُ سَرَّاءُ شَكَرَ فَكانَ خَيرًا لَهُ، وإنْ أصَابَتْهُ ضرَاءُ صَبَرَ فَكانَ خَيْرًا لَهُ». رواه مسلم. (1)   (1) أخرجه: مسلم 8/ 227 (2999). الحديث: 27 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 24 28 - وعن أنَسٍ - رضي الله عنه - قَالَ: لَمَّا ثَقُلَ (1) النَّبيُّ - صلى الله عليه وسلم - جَعلَ يَتَغَشَّاهُ الكَرْبُ، فَقَالَتْ فَاطِمَةُ رضي الله عنها: وَاكَربَ أَبَتَاهُ. فقَالَ: «لَيْسَ عَلَى أَبيكِ كَرْبٌ بَعْدَ اليَوْمِ». فَلَمَّا مَاتَ، قَالَتْ: يَا أَبَتَاهُ، أَجَابَ رَبًّا دَعَاهُ! يَا أَبتَاهُ، جَنَّةُ الفِردَوسِ مَأْوَاهُ! يَا أَبَتَاهُ، إِلَى جبْريلَ نَنْعَاهُ! فَلَمَّا دُفِنَ قَالَتْ فَاطِمَةُ رَضي الله عنها: أَطَابَتْ أنْفُسُكُمْ أَنْ تَحْثُوا عَلَى رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم - التُّرَابَ؟! رواه البخاري. (2)   (1) ثقل: من شدة المرض. وفي الحديث: جواز التوجع للميت عند احتضاره، أما قولها بعد أن قبض، فيؤخذ منه أن تلك الألفاظ إذا كان الميت متصفًا بها لا يمنع ذكره بها بعد موته، بخلاف ما إذا كانت فيه ظاهرًا وهو في الباطن بخلاف ذلك أو لا يتحقق اتصافه بها فيدخل المنع. دليل الفالحين 1/ 180. (2) أخرجه: البخاري 6/ 18 (4462). الحديث: 28 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 25 29 - وعن أبي زَيدٍ أُسَامَةَ بنِ زيدِ بنِ حارثةَ مَوْلَى رسولِ الله - صلى الله عليه وسلم - وحِبِّه وابنِ حبِّه رضي اللهُ عنهما، قَالَ: أرْسَلَتْ بنْتُ النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم - إنَّ ابْني قَد احْتُضِرَ فَاشْهَدنَا، فَأَرْسَلَ يُقْرىءُ السَّلامَ، ويقُولُ: «إنَّ لله مَا أخَذَ وَلَهُ مَا أعطَى، وَكُلُّ شَيءٍ عِندَهُ بِأجَلٍ مُسَمًّى فَلتَصْبِرْ وَلْتَحْتَسِبْ». فَأَرسَلَتْ إِلَيْهِ تُقْسِمُ عَلَيهِ لَيَأتِينَّهَا. فقامَ وَمَعَهُ سَعْدُ بْنُ عُبَادَةَ، وَمُعَاذُ بْنُ جَبَلٍ، وَأُبَيُّ بْنُ كَعْبٍ، وَزَيْدُ بْنُ ثَابتٍ، وَرجَالٌ - رضي الله عنهم - فَرُفعَ إِلَى رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم - الصَّبيُّ، فَأقْعَدَهُ في حِجْرِهِ وَنَفْسُهُ تَقَعْقَعُ، فَفَاضَتْ عَينَاهُ فَقالَ سَعدٌ: يَا رسولَ الله، مَا هَذَا؟ فَقالَ: «هذِهِ [ص: 26] رَحمَةٌ جَعَلَها اللهُ تَعَالَى في قُلُوبِ عِبَادِهِ» وفي رواية: «فِي قُلُوبِ مَنْ شَاءَ مِنْ عِبَادِهِ، وَإِنَّما يَرْحَمُ اللهُ مِنْ عِبادِهِ الرُّحَماءَ». مُتَّفَقٌ عَلَيهِ. (1) وَمَعنَى «تَقَعْقَعُ»: تَتَحرَّكُ وتَضْطَربُ.   (1) أخرجه: البخاري 2/ 100 (1284)، ومسلم 3/ 39 (923). وفي الحديث: أن سعدًا ظن أن جميع أنواع البكاء حرام، وأن دمع العين حرام، وظن أن النبي - صلى الله عليه وسلم - نسي فذكره، فأعلمه النبي - صلى الله عليه وسلم - أن مجرد البكاء ودمع بعينٍ ليس بحرام ولا مكروه بل هو رحمة وفضيلة، وإنما المحرم النوح والندب والبكاء المقرون بهما أو بأحدهما. انظر: شرح صحيح مسلم للنووي 4/ 9 (923) ... وفيه دليل على وجوب الصبر لأن الرسول - صلى الله عليه وسلم - قال: «مُرها فلتصبر ولتحتسب» وفيه دليل على أن هذه الصيغة من العزاء أفضل صيغة. وأفضل من قول بعض الناس: «أعظم الله أجرك، وأحسن عزاءك وغفر لميتك» هذه صيغة اختارها بعض العلماء لكن الصيغة التي اختارها الرسول - صلى الله عليه وسلم - أفضل، لأن المصاب إذا سمعها اقتنع أكثر. والتعزية في الحقيقة ليست تهنئة كما ظنها بعض العوام! يحتفل بها ويوضع لها الكراسي وتوقد لها الشموع ويحضر لها القراء والأطعمة!! لا. التعزية تسلية وتقوية للمصاب أن يصبر. شرح رياض الصالحين 1/ 91 - 92. الحديث: 29 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 25 30 - وعن صهيب - رضي الله عنه: أنَّ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: «كَانَ مَلِكٌ فيمَنْ كَانَ قَبلَكمْ وَكَانَ لَهُ سَاحِرٌ فَلَمَّا كَبِرَ قَالَ للمَلِكِ: إنِّي قَدْ كَبِرْتُ فَابْعَثْ إلَيَّ غُلامًا أُعَلِّمْهُ السِّحْرَ؛ فَبَعثَ إِلَيْهِ غُلامًا يُعَلِّمُهُ، وَكانَ في طرِيقِهِ إِذَا سَلَكَ رَاهِبٌ، فَقَعدَ إِلَيْه وسَمِعَ كَلامَهُ فَأعْجَبَهُ، وَكانَ إِذَا أتَى السَّاحِرَ، مَرَّ بالرَّاهبِ وَقَعَدَ إِلَيْه، فَإذَا أَتَى السَّاحِرَ ضَرَبَهُ، فَشَكَا ذلِكَ إِلَى الرَّاهِب، فَقَالَ: إِذَا خَشيتَ السَّاحِرَ، فَقُلْ: حَبَسَنِي أَهْلِي، وَإذَا خَشِيتَ أهلَكَ، فَقُلْ: حَبَسَنِي السَّاحِرُ (1). فَبَيْنَما هُوَ عَلَى ذلِكَ إِذْ أَتَى عَلَى دَابَّةٍ عَظِيمَةٍ قَدْ حَبَسَتِ النَّاسَ، فَقَالَ: اليَوْمَ أعْلَمُ السَّاحرُ أفْضَلُ أم الرَّاهبُ أفْضَلُ؟ فَأخَذَ حَجَرًا، فَقَالَ: اللَّهُمَّ إنْ كَانَ أمْرُ الرَّاهِبِ أَحَبَّ إِلَيْكَ مِنْ أمْرِ السَّاحِرِ فَاقْتُلْ هذِهِ الدّابَّةَ حَتَّى يَمضِي النَّاسُ، فَرَمَاهَا فَقَتَلَها ومَضَى النَّاسُ، فَأتَى الرَّاهبَ فَأَخبَرَهُ. فَقَالَ لَهُ الرَّاهبُ: أَيْ بُنَيَّ أَنْتَ اليَومَ أفْضَل منِّي قَدْ بَلَغَ مِنْ أَمْرِكَ مَا أَرَى، وَإنَّكَ سَتُبْتَلَى، فَإن ابْتُلِيتَ فَلاَ تَدُلَّ عَلَيَّ؛ وَكانَ الغُلامُ يُبْرىءُ الأكْمَهَ وَالأَبْرصَ، ويداوي النَّاسَ مِنْ سَائِرِ الأَدْوَاء. فَسَمِعَ جَليسٌ لِلملِكِ كَانَ قَدْ عَمِيَ، فأتاه بَهَدَايا كَثيرَةٍ، فَقَالَ: مَا ها هُنَا لَكَ أَجْمعُ إنْ أنتَ شَفَيتَنِي، فَقَالَ: إنّي لا أشْفِي أحَدًا إِنَّمَا يَشفِي اللهُ تَعَالَى، فَإنْ آمَنْتَ بالله تَعَالَى دَعَوتُ اللهَ فَشفَاكَ، فَآمَنَ بالله تَعَالَى فَشفَاهُ اللهُ تَعَالَى، فَأَتَى المَلِكَ فَجَلسَ إِلَيْهِ كَما كَانَ يَجلِسُ، فَقَالَ لَهُ المَلِكُ: مَنْ رَدّ عَلَيْكَ بَصَرَكَ؟ قَالَ: رَبِّي، قَالَ: وَلَكَ رَبٌّ غَيري؟ قَالَ: رَبِّي وَرَبُّكَ اللهُ، فَأَخَذَهُ فَلَمْ يَزَلْ يُعَذِّبُهُ حَتَّى دَلَّ عَلَى الغُلامِ، فَجيء بالغُلاَمِ، فَقَالَ لَهُ المَلِكُ: أيْ بُنَيَّ، قَدْ بَلَغَ مِنْ سِحْرِكَ مَا تُبْرىء الأَكْمَهَ وَالأَبْرَصَ (2)   (1) جُوزَ ذلك إن قيل بإسلامه واستقامته لأنه رأى أن مصلحة تخلفه عنده تزيد على مفسدة تلك الكذبة، فهو نظير الكذب لإصلاح الخصمين، أو أنه من باب الكذب لإنقاذ المحترم من التعدي عليه بالضرب. دليل الفالحين 1/ 187. (2) الأكمه: الذي يولد أعمى. النهاية 4/ 201. والبرص: داء معروف، نسأل الله العافية منه ومن كل داء، وهو بياض يقع في الجسد. اللسان 1/ 377 (برص). الحديث: 30 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 26 وتَفْعَلُ وتَفْعَلُ! فَقَالَ: إنِّي لا أَشْفي أحَدًا، إِنَّمَا يَشفِي الله تَعَالَى. فَأَخَذَهُ فَلَمْ يَزَلْ يُعَذِّبُهُ حَتَّى دَلَّ عَلَى الرَّاهبِ؛ فَجِيء بالرَّاهبِ فَقيلَ لَهُ: ارجِعْ عَنْ دِينكَ، فَأَبَى، فَدَعَا بِالمِنْشَارِ (1) فَوُضِعَ المِنْشَارُ في مَفْرق رَأسِهِ، فَشَقَّهُ حَتَّى وَقَعَ شِقَّاهُ، ثُمَّ جِيءَ بِجَليسِ المَلِكِ فقيل لَهُ: ارْجِعْ عَنْ دِينِكَ، فَأَبَى، فَوضِعَ المِنْشَارُ في مَفْرِق رَأسِهِ، فَشَقَّهُ بِهِ حَتَّى وَقَعَ شِقَّاهُ، ثُمَّ جِيءَ بالغُلاَمِ فقيلَ لَهُ: ارْجِعْ عَنْ دِينكَ، فَأَبَى، فَدَفَعَهُ إِلَى نَفَرٍ مِنْ أصْحَابهِ، فَقَالَ: اذْهَبُوا بِهِ إِلَى جَبَلِ كَذَا وَكَذَا فَاصْعَدُوا بِهِ الجَبَل، فَإِذَا بَلَغْتُمْ ذِرْوَتَهُ فَإِنْ رَجَعَ عَنْ دِينِهِ وَإلاَّ فَاطْرَحُوهُ. فَذَهَبُوا بِهِ فَصَعِدُوا بِهِ الجَبَلَ، فَقَالَ: اللَّهُمَّ أكْفنيهمْ بِمَا شِئْتَ، فَرَجَفَ بهِمُ الجَبلُ فَسَقَطُوا (2)، وَجاءَ يَمشي إِلَى المَلِكِ، فَقَالَ لَهُ المَلِكُ: مَا فَعَلَ أصْحَابُكَ؟ فَقَالَ: كَفَانِيهمُ الله تَعَالَى، فَدَفَعَهُ إِلَى نَفَرٍ مِنْ أَصْحَابِهِ فَقَالَ: اذْهَبُوا بِهِ فاحْمِلُوهُ في قُرْقُورٍ وتَوَسَّطُوا بِهِ البَحْرَ، فَإنْ رَجعَ عَنْ دِينِهِ وإِلاَّ فَاقْذِفُوهُ. فَذَهَبُوا بِهِ، فَقَالَ: اللَّهُمَّ أكْفِنيهمْ بمَا شِئْتَ، فانْكَفَأَتْ بِهمُ السَّفينةُ فَغَرِقُوا، وَجَاء يَمْشي إِلَى المَلِكِ. فَقَالَ لَهُ المَلِكُ: مَا فعلَ أصْحَابُكَ؟ فَقَالَ: كَفَانيهمُ الله تَعَالَى. فَقَالَ لِلمَلِكِ: إنَّكَ لَسْتَ بقَاتلي حَتَّى تَفْعَلَ مَا آمُرُكَ بِهِ. قَالَ: مَا هُوَ؟ قَالَ: تَجْمَعُ النَّاسَ في صَعيدٍ وَاحدٍ وتَصْلُبُني عَلَى جِذْعٍ، ثُمَّ خُذْ سَهْمًا مِنْ كِنَانَتي، ثُمَّ ضَعِ السَّهْمَ في كَبدِ القَوْسِ ثُمَّ قُلْ: بسْم الله ربِّ الغُلاَمِ (3)، ثُمَّ ارْمِني، فَإنَّكَ إِذَا فَعَلْتَ ذلِكَ قَتَلتَني، فَجَمَعَ النَّاسَ في صَعيد واحدٍ، وَصَلَبَهُ عَلَى جِذْعٍ، ثُمَّ أَخَذَ سَهْمًا مِنْ كِنَانَتِهِ، ثُمَّ وَضَعَ السَّهْمَ في كَبِدِ القَوْسِ، ثُمَّ قَالَ: بِسمِ اللهِ ربِّ الغُلامِ، ثُمَّ رَمَاهُ فَوقَعَ في صُدْغِهِ (4)، فَوَضَعَ يَدَهُ في صُدْغِهِ فَمَاتَ، فَقَالَ النَّاسُ: آمَنَّا بِرَبِّ الغُلامِ، فَأُتِيَ المَلِكُ فقيلَ لَهُ: أَرَأَيْتَ مَا كُنْتَ تَحْذَرُ قَدْ والله نَزَلَ بكَ حَذَرُكَ. قَدْ آمَنَ النَّاسُ. فَأَمَرَ بِالأُخْدُودِ بأفْواهِ السِّكَكِ فَخُدَّتْ (5) [ص: 28] وأُضْرِمَ فيهَا النِّيرانُ وَقَالَ: مَنْ لَمْ يَرْجعْ عَنْ دِينهِ فَأقْحموهُ فيهَا، أَوْ قيلَ لَهُ: اقتَحِمْ فَفَعَلُوا حَتَّى جَاءت امْرَأةٌ وَمَعَهَا صَبيٌّ لَهَا، فَتَقَاعَسَتْ أَنْ تَقَعَ فيهَا، فَقَالَ لَهَا الغُلامُ: يَا أُمهْ اصْبِري فَإِنَّكِ عَلَى الحَقِّ!». رواه مسلم. (6) «ذِروَةُ الجَبَلِ»: أعْلاهُ، وَهيَ - بكَسْر الذَّال المُعْجَمَة وَضَمِّهَا - و «القُرْقُورُ»: بضَمِّ القَافَينِ نَوعٌ مِنَ السُّفُن وَ «الصَّعيدُ» هُنَا: الأَرضُ البَارِزَةُ وَ «الأُخْدُودُ» الشُّقُوقُ في الأَرضِ كَالنَّهْرِ الصَّغير، وَ «أُضْرِمَ»: أوْقدَ، وَ «انْكَفَأتْ» أَي: انْقَلَبَتْ، وَ «تَقَاعَسَتْ»: تَوَقفت وجبنت.   (1) وفيه لغة صحيحة أخرى هي بالهمزة وهي الأفصح (المئشار). (2) فيه نصر من توكل على الله سبحانه وانتصر به وفرج عن حول نفسه وقواها، وما أحوجنا إلى التوكل الخالص على الله مع التوحيد التام والرجوع والالتجاء إلى الله في هذه الأيام الشديدة نسأل الله العافية. (3) قصد الغلام من هذا الكلام إفشاء توحيد الله تعالى بين الناس وإظهار أن لا مؤثر في شيءٍ سواه، ولم يفطن الملك لذلك؛ لفرط غباوته. (4) الصدغ: ما بين العين إلى شحمة الأذن. ووضع يده لتألمه من السهم. (5) أي شقت الأخاديد في الطرق وأشعلت فيها النار. انظر في هذا كله دليل الفالحين 1/ 192 - 197. (6) أخرجه: مسلم 8/ 229 (3005). الجزء: 1 ¦ الصفحة: 27 31 - وعن أنس - رضي الله عنه - قَالَ: مَرَّ النَّبيُّ - صلى الله عليه وسلم - بامرأةٍ تَبكي عِنْدَ قَبْرٍ، فَقَالَ: «اتّقِي اللهَ وَاصْبِري» فَقَالَتْ: إِليْكَ عَنِّي؛ فإِنَّكَ لم تُصَبْ بمُصِيبَتي وَلَمْ تَعرِفْهُ، فَقيلَ لَهَا: إنَّه النَّبيُّ - صلى الله عليه وسلم - فَأَتَتْ بَابَ النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم - فَلَمْ تَجِدْ عِنْدَهُ بَوَّابينَ، فقالتْ: لَمْ أعْرِفكَ، فَقَالَ: «إنَّمَا الصَّبْرُ عِنْدَ الصَّدْمَةِ الأُولى (1)». مُتَّفَقٌ عَلَيهِ. (2) وفي رواية لمسلم: «تبكي عَلَى صَبيٍّ لَهَا».   (1) قال النووي: «في الحديث الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر مع كل أحد، والاعتذار إلى أهل الفضل إذا أساء الإنسان أدبه معهم، وفيه ما كان عليه النبي - صلى الله عليه وسلم - من التواضع، وأنه ينبغي للإمام والقاضي إذا لم يحتج إلى بوّاب أن لا يتخذه». شرح صحيح مسلم 4/ 11 (926). (2) أخرجه: البخاري 2/ 99 (1283)، ومسلم 3/ 40 (926) (15). الحديث: 31 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 28 32 - وعن أبي هريرة - رضي الله عنه: أنَّ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: «يَقُولُ اللهُ تَعَالَى: مَا لعَبدِي المُؤْمِنِ عِنْدِي جَزَاءٌ إِذَا قَبَضْتُ صَفِيَّهُ (1) مِنْ أهْلِ الدُّنْيَا ثُمَّ احْتَسَبَهُ إلاَّ الجَنَّةَ». رواه البخاري (2).   (1) يسمي العلماء هذا القسم من الحديث، الحديث القدسي؛ لأن الرسول - صلى الله عليه وسلم - رواه عن الله. والصفيّ: من يصطفيه الإنسان ويختاره من ولد، أو أخ، أو عم، أو أب، أو أم، أو صديق، المهم أن ما يصطفيه الإنسان ويختاره ويرى أنه ذو صلة منه قوية. إذا أخذه الله - عز وجل - ثم احتسبه الإنسان، فليس له جزاء إلا الجنة. شرح رياض الصالحين لابن عثيمين 1/ 101. (2) أخرجه: البخاري 8/ 112 (6424). الحديث: 32 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 28 33 - وعن عائشةَ - رضيَ الله عنها: أَنَّهَا سَألَتْ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - عَنِ الطّاعُونِ (1)، فَأَخْبَرَهَا أنَّهُ كَانَ عَذَابًا يَبْعَثُهُ اللهُ تَعَالَى عَلَى مَنْ يشَاءُ، فَجَعَلَهُ اللهُ تعالى رَحْمَةً للْمُؤْمِنينَ، فَلَيْسَ مِنْ عَبْدٍ يَقَعُ في الطَّاعُونِ فيمكثُ في بلدِهِ صَابرًا مُحْتَسِبًا يَعْلَمُ أنَّهُ لا يصيبُهُ إلاَّ مَا كَتَبَ اللهُ لَهُ إلاَّ كَانَ لَهُ مِثْلُ أجْرِ الشّهيدِ. رواه البخاري. (2)   (1) الطاعون: قيل: إنه وباء معين. وقيل: إنه كل وباء عام يحل بالأرض فيصيب أهلها ويموت الناس منه مثل الكوليرا. شرح رياض الصالحين لابن عثيمين 1/ 103. (2) أخرجه: البخاري 4/ 213 (3474). الحديث: 33 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 29 34 - وعن أنس - رضي الله عنه - قَالَ: سمعتُ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: «إنَّ الله - عز وجل - قَالَ: إِذَا ابْتَلَيْتُ عبدي بحَبيبتَيه فَصَبرَ عَوَّضتُهُ مِنْهُمَا الجَنَّةَ» يريد عينيه، رواه البخاري. (1)   (1) أخرجه: البخاري 7/ 151 (5653). الحديث: 34 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 29 35 - وعن عطَاء بن أبي رَباحٍ، قَالَ: قَالَ لي ابنُ عَباسٍ رضي اللهُ عنهما: ألاَ أُريكَ امْرَأةً مِنْ أَهْلِ الجَنَّة؟ فَقُلْتُ: بَلَى، قَالَ: هذِهِ المَرْأةُ السَّوداءُ أتتِ النَّبيَّ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَتْ: إنّي أُصْرَعُ (1)، وإِنِّي أتَكَشَّفُ، فادْعُ الله تَعَالَى لي. قَالَ: «إنْ شئْتِ صَبَرتِ وَلَكِ الجَنَّةُ، وَإنْ شئْتِ دَعَوتُ الله تَعَالَى أَنْ يُعَافِيكِ» فَقَالَتْ: أَصْبِرُ، فَقَالَتْ: إنِّي أتَكَشَّفُ فَادعُ الله أَنْ لا أَتَكَشَّف، فَدَعَا لَهَا. مُتَّفَقٌ عَلَيهِ. (2)   (1) من الصرع وهو مرض معروف نسأل الله العافية. (2) أخرجه: البخاري 7/ 150 و151 (5652)، ومسلم 8/ 16 (2576). الحديث: 35 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 29 36 - وعن أبي عبد الرحمانِ عبدِ الله بنِ مسعودٍ - رضي الله عنه - قَالَ: كَأَنِّي أنْظُرُ إِلَى رسولِ الله - صلى الله عليه وسلم - يَحْكِي نَبِيًّا مِنَ الأَنْبِياءِ، صَلَواتُ الله وَسَلامُهُ عَلَيْهمْ، ضَرَبه قَوْمُهُ فَأدْمَوهُ، وَهُوَ يَمْسَحُ الدَّمَ عَنْ وَجْهِهِ، يَقُولُ: «اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِقَومي، فَإِنَّهُمْ لا يَعْلَمونَ». مُتَّفَقٌ علَيهِ. (1)   (1) أخرجه: البخاري 4/ 213 (3477)، ومسلم 5/ 179 (1792). الحديث: 36 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 29 37 - وعن أبي سعيدٍ وأبي هريرةَ رضيَ الله عنهما، عن النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: «مَا يُصِيبُ المُسْلِمَ مِنْ نَصَبٍ، وَلاَ وَصَبٍ، وَلاَ هَمٍّ، وَلاَ حَزَنٍ، وَلاَ أذًى، وَلاَ غَمٍّ، حَتَّى الشَّوكَةُ يُشَاكُهَا إلاَّ كَفَّرَ اللهُ بِهَا مِنْ خَطَاياهُ (1)». مُتَّفَقٌ عَلَيهِ. (2) و «الوَصَبُ»: المرض.   (1) المصائب تكون على وجهين: 1 - تارة إذا أُصيب الإنسان تذكّر الأجر واحتسب هذه المصيبة على الله فيكون فيها فائدتان: تكفير الذنوب، وزيادة الحسنات. 2 - وتارة يغفل عن هذا فيضيق صدره، ويغفل عن نية الاحتساب، والأجر على الله فيكون في ذلك تكفير لسيئاته، إذًا هو رابح على كل حال في هذه المصائب التي تأتيه. فإما أن يربح تكفير السيئات، وحط الذنوب بدون أن يحصل له أجر لأنه لم ينو شيئًا ولم يصبر ولم يحتسب الأجر، وإما أن يربح شيئين كما تقدم. ولهذا ينبغي للإنسان إذا أصيب ولو بشوكة، فليتذكر الاحتساب من الله على هذه المصيبة. شرح رياض الصالحين 1/ 109. (2) أخرجه: البخاري 7/ 148 (5641)، ومسلم 8/ 16 (2573) (52). الحديث: 37 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 29 38 - وعن ابنِ مسعودٍ - رضي الله عنه - قَالَ: دخلتُ عَلَى النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم - وهو يُوعَكُ، فقلت: يَا رسُولَ الله، إنَّكَ تُوْعَكُ وَعْكًا شَدِيدًا، قَالَ: «أجَلْ، إنِّي أوعَكُ كمَا يُوعَكُ رَجُلانِ مِنكُمْ» قلْتُ: ذلِكَ أن لَكَ أجْرينِ؟ قَالَ: «أَجَلْ، ذلِكَ كَذلِكَ، مَا مِنْ مُسْلِمٍ يُصِيبُهُ أذًى، شَوْكَةٌ فَمَا فَوقَهَا إلاَّ كَفَّرَ اللهُ بِهَا سَيِّئَاتِهِ، وَحُطَّتْ عَنْهُ ذُنُوبُهُ كَمَا تَحُطُّ الشَّجَرَةُ وَرَقَهَا». مُتَّفَقٌ عَلَيهِ. (1) وَ «الوَعْكُ»: مَغْثُ الحُمَّى، وَقيلَ: الحُمَّى.   (1) أخرجه: البخاري 7/ 149 (5648)، ومسلم 8/ 14 (2571) (45). الحديث: 38 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 30 39 - وعن أبي هريرة - رضي الله عنه - قَالَ: قَالَ رَسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم: «مَنْ يُرِدِ اللهُ بِهِ خَيْرًا يُصِبْ مِنْهُ». رواه البخاري. (1) وَضَبَطُوا «يُصِبْ» بفَتْح الصَّاد وكَسْرها (2).   (1) أخرجه: البخاري 7/ 149 (5645). (2) قُرئت على وجهين وكلاهما صحيح، فمعناها بالكسر: أن الله يقدر عليه المصائب حتى يبتليه بها أيصبر أم يضجر؟ ومعناها بالفتح: أعم أي يصاب من الله ومن غيره. شرح رياض الصالحين لابن عثيمين 1/ 110. الحديث: 39 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 30 40 - وعن أنس - رضي الله عنه - قَالَ: قَالَ رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم: «لاَ يَتَمَنَّيَنَّ أَحَدُكُمُ المَوتَ لضُرٍّ أَصَابَهُ، فَإِنْ كَانَ لاَ بُدَّ فَاعِلًا، فَليَقُلْ: اللَّهُمَّ أَحْيِني مَا كَانَتِ الحَيَاةُ خَيرًا لِي، وَتَوفَّنِي إِذَا كَانَتِ الوَفَاةُ خَيرًا لي». مُتَّفَقٌ عَلَيهِ. (1)   (1) أخرجه: البخاري 7/ 156 (5671)، ومسلم 8/ 64 (2680) (10). الحديث: 40 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 30 41 - وعن أبي عبد الله خَبَّاب بنِ الأَرتِّ - رضي الله عنه - قَالَ: شَكَوْنَا إِلَى رسولِ الله - صلى الله عليه وسلم - وَهُوَ متَوَسِّدٌ بُرْدَةً (1) لَهُ في ظلِّ الكَعْبَةِ، فقُلْنَا: أَلاَ تَسْتَنْصِرُ لَنَا ألاَ تَدْعُو لَنا؟ فَقَالَ: «قَدْ [ص: 31] كَانَ مَنْ قَبْلَكُمْ يُؤْخَذُ الرَّجُلُ فَيُحْفَرُ لَهُ في الأرضِ فَيُجْعَلُ فِيهَا، ثُمَّ يُؤْتَى بِالمِنْشَارِ فَيُوضَعُ عَلَى رَأسِهِ فَيُجْعَلُ نصفَينِ، وَيُمْشَطُ بأمْشَاطِ الحَديدِ مَا دُونَ لَحْمِه وَعَظْمِهِ، مَا يَصُدُّهُ ذلِكَ عَنْ دِينِهِ، وَاللهِ لَيُتِمَّنَّ الله هَذَا الأَمْر حَتَّى يَسيرَ الرَّاكبُ مِنْ صَنْعَاءَ إِلَى حَضْرَموتَ لاَ يَخَافُ إلاَّ اللهَ والذِّئْب عَلَى غَنَمِهِ، ولكنكم تَسْتَعجِلُونَ». رواه البخاري. (2) وفي رواية: «وَهُوَ مُتَوَسِّدٌ بُرْدَةً وَقَدْ لَقِينا مِنَ المُشْرِكِينَ شدَّةً».   (1) نوع من الثياب معروف. النهاية 1/ 116. (2) أخرجه: البخاري 4/ 244 (3612) و5/ 56 (3852). الحديث: 41 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 30 42 - وعن ابن مسعودٍ - رضي الله عنه - قَالَ: لَمَّا كَانَ يَومُ حُنَينٍ آثَرَ رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - نَاسًا في القسْمَةِ، فَأعْطَى الأقْرَعَ بْنَ حَابسٍ مئَةً مِنَ الإِبِلِ، وَأَعْطَى عُيَيْنَة بْنَ حصن مِثْلَ ذلِكَ، وَأَعطَى نَاسًا مِنْ أشْرافِ العَرَبِ وآثَرَهُمْ يَوْمَئِذٍ في القسْمَةِ. فَقَالَ رَجُلٌ: واللهِ إنَّ هذِهِ قِسْمَةٌ مَا عُدِلَ فِيهَا، وَمَا أُريدَ فيهَا وَجْهُ اللهِ، فَقُلْتُ: وَاللهِ لأُخْبِرَنَّ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - فَأَتَيْتُهُ فَأخْبَرتُهُ بمَا قَالَ، فَتَغَيَّرَ وَجْهُهُ حَتَّى كَانَ كالصِّرْفِ. ثُمَّ قَالَ: «فَمَنْ يَعْدِلُ إِذَا لم يَعْدِلِ اللهُ وَرسولُهُ؟» ثُمَّ قَالَ: «يَرْحَمُ اللهُ مُوسَى قَدْ أُوذِيَ بأكْثَرَ مِنْ هَذَا فَصَبر». فَقُلْتُ: لاَ جَرَمَ لاَ أرْفَعُ إِلَيْه بَعدَهَا حَدِيثًا (1). مُتَّفَقٌ عَلَيهِ. (2) وَقَوْلُهُ: «كالصِّرْفِ» هُوَ بِكَسْرِ الصَّادِ المُهْمَلَةِ: وَهُوَ صِبْغٌ أحْمَر.   (1) في الحديث: دليل على أن للإمام أن يعطي من يرى في عطيته المصلحة ولو أكثر من غيره، إذا كان في هذا مصلحة للإسلام، ليست مصلحة شخصية يحابي من يحب ويمنع من لا يحب، لا، إذا رأى في هذا مصلحة للإسلام وزاد في العطاء؛ فإن هذا إليه وهو مسؤول أمام الله، ولا يحل لأحد أن يعترض عليه فإن اعترض عليه فقد ظلم نفسه. شرح رياض الصالحين لابن عثيمين 1/ 116. (2) أخرجه: البخاري 4/ 115 (3150)، ومسلم 3/ 109 (1062) (140). الحديث: 42 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 31 43 - وعن أنسٍ - رضي الله عنه - قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم: «إِذَا أَرَادَ الله بعبدِهِ الخَيرَ عَجَّلَ لَهُ العُقُوبَةَ في الدُّنْيا، وَإِذَا أَرَادَ اللهُ بِعَبدِهِ الشَّرَّ أمْسَكَ عَنْهُ بذَنْبِهِ حَتَّى يُوَافِيَ بِهِ يومَ القِيَامَةِ». وَقالَ النَّبيُّ - صلى الله عليه وسلم: «إنَّ عِظَمَ الجَزَاءِ مَعَ عِظَمِ البَلاَءِ، وَإنَّ اللهَ تَعَالَى إِذَا أَحَبَّ قَوْمًا ابْتَلاَهُمْ، فَمَنْ رَضِيَ فَلَهُ الرِّضَا، وَمَنْ سَخِطَ فَلَهُ السُّخْطُ». رواه الترمذي، (1) وَقالَ: «حديث حسن».   (1) أخرجه: الترمذي (2396) بهذا اللفظ. وأخرجه: ابن ماجه (4031) باللفظ الثاني فقط. وقال الترمذي: «هذا حديث حسن غريب». الحديث: 43 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 31 44 - وعن أنسٍ - رضي الله عنه - قَالَ: كَانَ ابنٌ لأبي طَلْحَةَ - رضي الله عنه - يَشتَكِي، فَخَرَجَ أبُو طَلْحَةَ، فَقُبِضَ الصَّبيُّ، فَلَمَّا رَجَعَ أَبُو طَلْحَةَ، قَالَ: مَا فَعَلَ ابْنِي؟ قَالَتْ أمُّ سُلَيم وَهِيَ أمُّ الصَّبيِّ: هُوَ أَسْكَنُ مَا كَانَ، فَقَرَّبَتْ إليه العَشَاءَ فَتَعَشَّى، ثُمَّ أَصَابَ منْهَا، فَلَمَّا فَرَغَ، قَالَتْ: وَارُوا الصَّبيَّ فَلَمَّا أَصْبحَ أَبُو طَلْحَةَ أَتَى رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - فَأخْبَرَهُ، فَقَالَ: «أعَرَّسْتُمُ اللَّيلَةَ؟» قَالَ: نَعَمْ، قَالَ: «اللَّهُمَّ بَارِكْ لَهُمَا»، فَوَلَدَتْ غُلامًا، فَقَالَ لي أَبُو طَلْحَةَ: احْمِلْهُ حَتَّى تَأْتِيَ بِهِ النَّبيَّ - صلى الله عليه وسلم - وَبَعَثَ مَعَهُ بِتَمَراتٍ، فَقَالَ: «أَمَعَهُ شَيءٌ؟» قَالَ: نَعَمْ، تَمَراتٌ، فَأخَذَهَا النَّبيُّ - صلى الله عليه وسلم - فَمَضَغَهَا، ثُمَّ أَخَذَهَا مِنْ فِيهِ فَجَعَلَهَا في فِيِّ الصَّبيِّ، ثُمَّ حَنَّكَهُ وَسَمَّاهُ عَبدَ الله. مُتَّفَقٌ عَلَيهِ. (1) وفي رواية للبُخَارِيِّ: قَالَ ابنُ عُيَيْنَةَ: فَقَالَ رَجُلٌ مِنَ الأَنْصارِ: فَرَأيْتُ تِسعَةَ أوْلادٍ كُلُّهُمْ قَدْ قَرَؤُوا القُرْآنَ، يَعْنِي: مِنْ أوْلادِ عَبدِ الله المَولُودِ. وَفي رواية لمسلمٍ: مَاتَ ابنٌ لأبي طَلْحَةَ مِنْ أمِّ سُلَيمٍ، فَقَالَتْ لأَهْلِهَا: لاَ تُحَدِّثُوا أَبَا طَلْحَةَ بابْنِهِ حَتَّى أَكُونَ أَنَا أُحَدِّثُهُ، فَجَاءَ فَقَرَّبَتْ إِلَيْه عَشَاءً فَأَكَلَ وَشَرِبَ، ثُمَّ تَصَنَّعَتْ لَهُ أَحْسَنَ مَا كَانَتْ تَصَنَّعُ قَبْلَ ذلِكَ، فَوَقَعَ بِهَا. فَلَمَّا أَنْ رَأَتْ أَنَّهُ قَدْ شَبِعَ وأَصَابَ مِنْهَا، قَالَتْ: يَا أَبَا طَلْحَةَ، أَرَأَيتَ لو أنَّ قَومًا أعارُوا عَارِيَتَهُمْ أَهْلَ بَيتٍ فَطَلَبُوا عَارِيَتَهُمْ، أَلَهُمْ أن يَمْنَعُوهُمْ؟ قَالَ: لا، فَقَالَتْ: فَاحْتَسِبْ ابْنَكَ، قَالَ: فَغَضِبَ، ثُمَّ قَالَ: تَرَكْتِني حَتَّى إِذَا تَلطَّخْتُ، ثُمَّ أخْبَرتني بِابْنِي؟! فانْطَلَقَ حَتَّى أَتَى رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - فَأخْبَرَهُ بِمَا كَانَ فَقَالَ رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم: «بَارَكَ اللهُ في لَيْلَتِكُمَا»، قَالَ: فَحَمَلَتْ. قَالَ: وَكانَ رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - في سَفَرٍ وَهيَ مَعَهُ، وَكَانَ رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - إِذَا أَتَى المَدِينَةَ مِنْ سَفَرٍ لاَ يَطْرُقُهَا طُرُوقًا فَدَنَوا مِنَ المَدِينَة، فَضَرَبَهَا المَخَاضُ، فَاحْتَبَسَ عَلَيْهَا أَبُو طَلْحَةَ، وانْطَلَقَ رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم. قَالَ: يَقُولَ أَبُو طَلْحَةَ: إنَّكَ لَتَعْلَمُ يَا رَبِّ أَنَّهُ يُعْجِبُنِي أَنْ أخْرُجَ مَعَ رسولِ الله - صلى الله عليه وسلم - إِذَا خَرَجَ وَأَدْخُلَ مَعَهُ إِذَا دَخَلَ وَقَدِ احْتَبَسْتُ بِمَا تَرَى، تَقُولُ أُمُّ سُلَيْمٍ: يَا أَبَا طَلْحَةَ، مَا أَجِدُ الَّذِي كُنْتُ أجدُ، انْطَلِقْ، فَانْطَلَقْنَا وَضَرَبَهَا المَخَاضُ حِينَ قَدِمَا، فَوَلدَت غُلامًا. فَقَالَتْ لِي أمِّي: يَا أنَسُ، لا يُرْضِعْهُ أحَدٌ حَتَّى تَغْدُو بِهِ عَلَى رسولِ الله - صلى الله عليه وسلم. فَلَمَّا أصْبَحَ [ص: 33] احْتَمَلْتُهُ فَانْطَلَقْتُ بِهِ إِلَى رسولِ الله - صلى الله عليه وسلم ... وَذَكَرَ تَمَامَ الحَدِيثِ.   (1) أخرجه: البخاري 7/ 109 (5470)، ومسلم 6/ 174 (2144) (23). وفي الحديث فوائد منها: دليل على قوة صبر أم سُليم رضي الله عنها، وفيه جواز التورية: أي أن يتكلم الإنسان بكلام تخالف نيته ما في ظاهر هذا الكلام، وفيه أنه يستحب التسمية بعبد الله. شرح رياض الصالحين لابن عثيمين 1/ 121. الحديث: 44 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 32 45 - وعن أبي هريرةَ - رضي الله عنه - أنّ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: «لَيْسَ الشَّدِيدُ بالصُّرَعَةِ، إنَّمَا الشَدِيدُ الَّذِي يَملكُ نَفْسَهُ عِنْدَ الغَضَبِ» (1) مُتَّفَقٌ عَلَيهِ. (2) «وَالصُّرَعَةُ»: بضَمِّ الصَّادِ وَفَتْحِ الرَّاءِ وأَصْلُهُ عِنْدَ العَرَبِ مَنْ يَصْرَعُ النَّاسَ كَثيرًا.   (1) بيّن النبي - صلى الله عليه وسلم - أن القوي الشديد ليس بالصرعة، بل القوي في الحقيقة هو الذي يصرع نفسه إذا صارعته وغضب، ملكها وتحكم فيها؛ لأن هذه هي القوة الحقيقية. ففي الحديث الحث على أن يملك الإنسان نفسه عند الغضب، فإذا غضب، عليه أن يستعيذ بالله من الشيطان الرجيم وإن كان قائمًا فليقعد وإن كان قاعدًا فليضطجع وإن خاف خرج من المكان الذي هو فيه حتى لا ينفذ غضبه فيندم. انظر: شرح رياض الصالحين لابن عثيمين 1/ 124 - 125. (2) أخرجه: البخاري 8/ 34 (6114)، ومسلم 8/ 30 (2609) (107). الحديث: 45 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 33 46 - وعن سُلَيْمَانَ بن صُرَدٍ - رضي الله عنه - قَالَ: كُنْتُ جالِسًا مَعَ النَّبيّ - صلى الله عليه وسلم - وَرَجُلانِ يَسْتَبَّانِ، وَأَحَدُهُمَا قدِ احْمَرَّ وَجْهُهُ، وانْتَفَخَتْ أوْدَاجُهُ (1)، فَقَالَ رَسُول اللهِ - صلى الله عليه وسلم: «إنِّي لأَعْلَمُ كَلِمَةً لَوْ قَالَهَا لَذَهَبَ عَنْهُ مَا يَجِدُ، لَوْ قَالَ: أعُوذ باللهِ منَ الشَّيطَانِ الرَّجِيمِ، ذَهَبَ منْهُ مَا يَجِدُ». فَقَالُوا لَهُ: إنَّ النَّبيَّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: «تَعَوّذْ باللهِ مِنَ الشَّيطَانِ الرَّجِيمِ». مُتَّفَقٌ عَلَيهِ. (2)   (1) هي ما أحاط بالعنق من العروق التي يقطعها الذابح. النهاية 5/ 165. (2) أخرجه: البخاري 4/ 150 (3282)، ومسلم 8/ 30 (2610) (109). الحديث: 46 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 33 47 - وعن معاذِ بنِ أَنسٍ - رضي الله عنه: أنَّ النَّبيَّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: «مَنْ كَظَمَ غَيظًا (1)، وَهُوَ قَادِرٌ عَلَى أَنْ يُنْفِذَهُ، دَعَاهُ اللهُ سُبحَانَهُ وَتَعَالى عَلَى رُؤُوسِ الخَلائِقِ يَومَ القِيامَةِ حَتَّى يُخَيِّرَهُ مِنَ الحُورِ العِينِ مَا شَاءَ». رواه أَبو داود والترمذي، (2) وَقالَ: «حديث حسن».   (1) الغيظ: هو الغضب الشديد، والإنسان الغاضب هو الذي يتصور نفسه أنه قادر على أن ينفذ، لأن من لا يستطيع لا يغضب لكنه يحزن، ولهذا يوصف الله بالغضب. شرح رياض الصالحين لابن عثيمين 1/ 125. (2) أخرجه: أبو داود (4777)، وابن ماجه (4186)، والترمذي (2021) وقال: حديث حسن غريب. الحديث: 47 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 33 48 - وعن أبي هريرةَ - رضي الله عنه: أنَّ رَجُلًا قَالَ للنبي - صلى الله عليه وسلم: أوصِني. قَالَ: «لا تَغْضَبْ» فَرَدَّدَ مِرارًا، قَالَ: «لاَ تَغْضَبْ». رواه البخاري. (1)   (1) أخرجه: البخاري 8/ 35 (6116). الحديث: 48 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 33 49 - وعن أبي هريرة - رضي الله عنه - قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم: «مَا يَزَالُ البَلاَءُ بِالمُؤمِنِ وَالمُؤْمِنَةِ فِي نَفسِهِ ووَلَدِهِ وَمَالِهِ حَتَّى يَلْقَى اللهَ تَعَالَى وَمَا عَلَيهِ خَطِيئَةٌ». رواه الترمذي، (1) وَقالَ: «حديث حسن صحيح».   (1) أخرجه: الترمذي (2399). الحديث: 49 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 34 50 - وعن ابْنِ عباسٍ رضي الله عنهما، قَالَ: قَدِمَ عُيَيْنَةُ بْنُ حِصْنٍ، فَنَزَلَ عَلَى ابْنِ أخِيهِ الحُرِّ بنِ قَيسٍ، وَكَانَ مِنَ النَّفَرِ الَّذِينَ يُدْنِيهِمْ عُمرُ - رضي الله عنه - وَكَانَ القُرَّاءُ (1) أصْحَابَ مَجْلِس عُمَرَ - رضي الله عنه - وَمُشاوَرَتِهِ كُهُولًا (2) كانُوا أَوْ شُبَّانًا، فَقَالَ عُيَيْنَةُ لابْنِ أخيهِ: يَا ابْنَ أخِي، لَكَ وَجْهٌ عِنْدَ هَذَا الأمِيرِ فَاسْتَأذِنْ لِي عَلَيهِ، فاسْتَأذَن فَأذِنَ لَهُ عُمَرُ. فَلَمَّا دَخَلَ قَالَ: هِي (3) يَا ابنَ الخَطَّابِ، فَواللهِ مَا تُعْطِينَا الْجَزْلَ (4) وَلا تَحْكُمُ فِينَا بالعَدْلِ. فَغَضِبَ عُمَرُ - رضي الله عنه - حَتَّى هَمَّ أَنْ يُوقِعَ بِهِ. فَقَالَ لَهُ الحُرُّ: يَا أميرَ المُؤْمِنينَ، إنَّ الله تَعَالَى قَالَ لِنَبيِّهِ - صلى الله عليه وسلم: {خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ الْجَاهِلِينَ} [الأعراف: 198] (5) وَإنَّ هَذَا مِنَ الجَاهِلِينَ، واللهِ مَا جَاوَزَهاَ عُمَرُ حِينَ تَلاَهَا، وكَانَ وَقَّافًا عِنْدَ كِتَابِ اللهِ تَعَالَى. رواه البخاري. (6)   (1) القراء: جمع قارئ، القارئ للقرآن المتفهم لمعانيه. دليل الفالحين 1/ 239. (2) الكهل من الرجال من زاد على ثلاثين سنة إلى الأربعين، وقيل: من ثلاث وثلاثين إلى تمام الخمسين، وقيل: أراد بالكهل الحليم العاقل. النهاية 4/ 213. (3) بكسر الهاء وسكون التحتية كلمة تهديد. دليل الفالحين 1/ 240. (4) أي ما تعطينا العطاء الكثير. دليل الفالحين 1/ 241. (5) قال جعفر الصادق رحمه الله: «ليس في القرآن آية أجمع لمكارم الأخلاق من هذه». دليل الفالحين 1/ 241. (6) أخرجه: البخاري 6/ 76 (4642). الحديث: 50 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 34 51 - وعن ابن مسعود - رضي الله عنه: أن رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: «إنَّهَا سَتَكونُ بَعْدِي أثَرَةٌ وأُمُورٌ تُنْكِرُونَها!» قَالُوا: يَا رَسُول الله، فَمَّا تَأْمُرُنا؟ قَالَ: «تُؤَدُّونَ الْحَقَّ الَّذِي عَلَيْكُمْ، وَتَسأَلُونَ الله الَّذِي لَكُمْ (1)». مُتَّفَقٌ عَلَيهِ (2). «وَالأَثَرَةُ»: الانْفِرادُ بالشَّيءِ عَمنَ لَهُ فِيهِ حَقٌّ.   (1) أي أنه يستولي على المسلمين ولاة يستأثرون بأموال المسلمين يصرفونها كما شاءوا ويمنعون المسلمين حقهم فيها. والواجب على المسلمين في ذلك السمع والطاعة وعدم الإثارة وعدم التشويش عليهم واسألوا الحق الذي لكم من الله. شرح رياض الصالحين لابن عثيمين 1/ 127. (2) أخرجه: البخاري 4/ 241 (3603)، ومسلم 6/ 71 (1843). الحديث: 51 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 34 52 - وعن أبي يحيى أُسَيْد بن حُضَير - رضي الله عنه: أنَّ رَجُلًا مِنَ الأنْصارِ، قَالَ: يَا رسولَ الله، ألاَ تَسْتَعْمِلُني كَمَا اسْتَعْمَلْتَ فُلانًا، فَقَالَ: «إنكُمْ سَتَلْقَونَ بَعْدِي أَثَرَةً فَاصْبِرُوا حَتَّى تَلْقَوني عَلَى الحَوْضِ (1)». مُتَّفَقٌ عَلَيهِ. (2) «وَأُسَيْدٌ»: بضم الهمزة. «وحُضيْرٌ»: بحاءٍ مهملة مضمومة وضاد معجمة مفتوحة، والله أعلم.   (1) هذا الحوض الذي يكون في يوم القيامة في مكان وزمان أحوج ما يكون الناس إليه؛ لأنه يحصل على الناس من الهم والغم والكرب والعرق والحر ما يجعلهم في أشد الضرورة إلى الماء، فيردون حوض الرسول - صلى الله عليه وسلم - حوض عظيم طوله شهر وعرضه شهر، يصب عليه ميزابان من الكوثر وهو نهر في الجنة أعطيه النبي - صلى الله عليه وسلم. ماؤه أشد بياضًا من اللبن وأحلى من العسل وأطيب من رائحة المسك، وفيه أواني كنجوم السماء في اللمعان والحسن والكثرة، من شرب منه شربة واحدة لم يظمأ بعدها أبدًا. اللهم اجعلنا ممن يشرب منه. شرح رياض الصالحين لابن عثيمين 1/ 128. (2) أخرجه: البخاري 5/ 41 (3792)، ومسلم 6/ 19 (1845). الحديث: 52 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 35 53 - وعن أبي إبراهيم عبدِ الله بن أبي أوفى رضي الله عنهما: أنَّ رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم - في بعْضِ أيامِهِ التي لَقِيَ فِيهَا العَدُوَّ، انْتَظَرَ حَتَّى إِذَا مالَتِ الشَّمْسُ قَامَ فيهمْ، فَقَالَ: «يَا أيُّهَا النَّاسُ، لا تَتَمَنَّوا لِقَاءَ العَدُوِّ، وَاسْأَلُوا الله العَافِيَةَ، فَإِذَا لقيتُمُوهُمْ فَاصْبرُوا (1)، وَاعْلَمُوا أنّ الجَنَّةَ تَحْتَ ظِلالِ السُّيوفِ». ثُمَّ قَالَ النَّبيُّ - صلى الله عليه وسلم: «اللَّهُمَّ مُنْزِلَ الكِتَابِ، وَمُجْرِيَ السَّحَابِ، وَهَازِمَ الأحْزَابِ، اهْزِمْهُمْ وَانصُرْنَا عَلَيْهمْ». مُتَّفَقٌ عَلَيهِ، (2) وبالله التوفيق.   (1) في الحديث: أن لا يتمنى الإنسان لقاء العدو، وهذا غير تمني الشهادة، تمني الشهادة جائز بل قد يكون مأمورًا به. وفيه أن يسأل الله العافية والسلامة، وإذا لقيت العدو فاصبر، وينبغي لأمير الجيش أن يرفق بهم ويختار الوقت المناسب من الناحية اليومية والفصلية، وفيه الدعاء على الأعداء بالهزيمة. شرح رياض الصالحين لابن عثيمين 1/ 131. (2) أخرجه: البخاري 4/ 62 (2966)، ومسلم 5/ 143 (1742). الحديث: 53 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 35 4 - باب الصدق قَالَ الله تَعَالَى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ} [التوبة: 119]، وَقالَ تَعَالَى: {وَالصَّادِقِينَ وَالصَّادِقَاتِ} [الأحزاب: 35]، وَقالَ تَعَالَى: {فَلَوْ صَدَقُوا اللهَ لَكَانَ خَيْرًا لَهُمْ} [محمد:21]. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 35 وأما الأحاديث: 54 - فالأول: عن ابن مسعود - رضي الله عنه - عن النَّبيّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: «إنَّ الصِّدقَ يَهْدِي إِلَى البرِّ، وإنَّ البر يَهدِي إِلَى الجَنَّةِ، وإنَّ الرَّجُلَ لَيَصدُقُ حَتَّى يُكْتَبَ عِنْدَ اللهِ صِدِّيقًا. وَإِنَّ الكَذِبَ يَهْدِي إِلَى الفُجُورِ، وَإِنَّ الفُجُورَ يَهدِي إِلَى النَّارِ، وَإِنَّ الرَّجُلَ لَيَكْذِبُ حَتَّى يُكتَبَ عِنْدَ الله كَذَّابًا». مُتَّفَقٌ عَلَيهِ. (1)   (1) أخرجه: البخاري 8/ 30 (6094)، ومسلم 8/ 29 (2607) (103). الحديث: 54 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 36 55 - الثاني: عن أبي محمد الحسن بنِ عليِّ بن أبي طالب رضي الله عنهما، قَالَ: حَفِظْتُ مِنْ رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم: «دَعْ مَا يَرِيبُكَ إِلَى مَا لاَ يَرِيبُكَ؛ فإنَّ الصِّدْقَ طُمَأنِينَةٌ، وَالكَذِبَ رِيبَةٌ». رواه الترمذي، (1) وَقالَ: «حديث صحيح». قوله: «يَريبُكَ» هُوَ بفتح الياء وضمها: ومعناه اتركْ مَا تَشُكُّ في حِلِّهِ وَاعْدِلْ إِلَى مَا لا تَشُكُّ فِيهِ.   (1) أخرجه: الترمذي (2518)، والنسائي 8/ 327 وفي «الكبرى»، له (5220). الحديث: 55 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 36 56 - الثالث: عن أبي سفيانَ صَخرِ بنِ حربٍ - رضي الله عنه - في حديثه الطويلِ في قصةِ هِرَقْلَ (1)، قَالَ هِرقلُ: فَمَاذَا يَأَمُرُكُمْ - يعني: النَّبيّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ أبو سفيانَ: قُلْتُ: يقولُ: «اعْبُدُوا اللهَ وَحدَهُ لا تُشْرِكوُا بِهِ شَيئًا، وَاتْرُكُوا مَا يَقُولُ آبَاؤُكُمْ، ويَأْمُرُنَا بالصَلاةِ، وَالصِّدْقِ، والعَفَافِ، وَالصِّلَةِ» (2) مُتَّفَقٌ عَلَيهِ. (3)   (1) اسم ملك الروم. النهاية 5/ 260. (2) العفاف: الكف عن المحارم وخوارم المروءة. والصلة: صلة الأرحام. دليل الفالحين 1/ 257. (3) أخرجه: البخاري 1/ 5 (7)، ومسلم 5/ 163 - 166 (1773). الحديث: 56 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 36 57 - الرابع: عن أبي ثابت، وقيل: أبي سعيد، وقيل: أبي الوليد، سهل ابن حُنَيْفٍ وَهُوَ بدريٌّ (1) رضي الله عنه: أنَّ النَّبيّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: «مَنْ سَأَلَ اللهَ تَعَالَى الشَّهَادَةَ بِصِدْقٍ بَلَّغَهُ مَنَازِلَ الشُّهَدَاءِ وَإِنْ مَاتَ عَلَى فِرَاشِهِ». (2) رواه مسلم. (3)   (1) شهد بدرًا، والمشاهد كلها مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم. (2) في الحديث: أن صدق القلب سبب لبلوغ الأرب، وأن من نوى شيئًا من عمل البر أثيب عليه وإن لم يتفق له عمله. دليل الفالحين 1/ 258. (3) أخرجه: مسلم 6/ 48 (1909). الحديث: 57 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 36 58 - الخامس: عن أبي هريرةَ - رضي الله عنه - قَالَ: قَالَ رَسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم: «غَزَا نبيٌّ مِنَ الأنْبِياءِ - صَلَوَاتُ اللهِ وَسَلاَمُهُ عَلَيْهمْ - فَقَالَ لِقَومهِ: لا يَتْبَعَنِّي رَجُلٌ مَلَكَ بُضْعَ (1) امْرَأةٍ وَهُوَ يُريدُ أَنْ يَبْنِي بِهَا وَلَمَّا يَبْنِ بِهَا، وَلا أحَدٌ بَنَى بُيُوتًا لَمْ يَرْفَعْ سُقُوفَهَا، وَلا أحَدٌ اشْتَرَى غَنَمًا أَوْ خَلِفَاتٍ وَهُوَ يَنْتَظِرُ أَوْلادَها (2). فَغَزا فَدَنَا مِنَ القَرْيَةِ صَلاةَ العَصْرِ أَوْ قَريبًا مِنْ ذلِكَ، فَقَالَ لِلشَّمْسِ: إِنَّكِ مَأمُورَةٌ وَأنَا مَأمُورٌ، اللَّهُمَّ احْبِسْهَا عَلَيْنَا، فَحُبِسَتْ (3) حَتَّى فَتَحَ اللهُ عَلَيهِ، فَجَمَعَ الغَنَائِمَ فَجَاءتْ - يعني النَّارَ - لِتَأكُلَهَا (4) فَلَمْ تَطعَمْها، فَقَالَ: إنَّ فِيكُمْ غُلُولًا (5)، فَلْيُبايعْنِي مِنْ كُلِّ قَبِيلَةٍ رَجُلٌ، فَلَزِقَتْ (6) يَدَ رَجُلٍ بِيَدِهِ فَقَالَ: فِيكُمُ الغُلُولُ فَلتُبَايِعْنِي قَبِيلتَكَ، فَلَزقَت يَدُ رَجُلَين أو ثَلاَثة بيده، فقال: فيكم الغُلُولَ، فَجَاؤُوا بِرَأْس مثلِ رَأسِ بَقَرَةٍ مِنَ الذَّهَبِ، فَوَضَعَهَا فَجَاءَت النَّارُ فَأكَلَتْها. فَلَمْ تَحلَّ الغَنَائِمُ لأحَدٍ قَبْلَنَا، ثُمَّ أحَلَّ الله لَنَا الغَنَائِمَ لَمَّا رَأَى ضَعْفَنا وَعَجْزَنَا فَأحَلَّهَا لَنَا». مُتَّفَقٌ عَلَيهِ. (7) «الخَلِفَاتُ» بفتحِ الخَاءِ المعجمة وكسر اللامِ: جمع خِلفة وهي الناقة الحامِل.   (1) فرج المرأة. (2) نهى النبيُّ قومه عن اتباعه على أحد هذه الأحوال لأن أصحابها يكونون متعلقي النفوس بهذه الأسباب فتضعف عزائمهم وتفتر رغباتهم في الجهاد والشهادة وربما يفرط ذلك التعلق فيفضي إلى كراهة الجهاد وأعمال الخير. (3) هذا من معجزات النبوة. (4) كانت عادة الأنبياء صلى الله عليهم وسلم في الغنائم أن يجمعوها فتجئ نار من السماء فتأكلها، فيكون ذلك علامة قبولها وعدم الغلول فيها، فلما جاءت هذه النار فلم تأكلها علم أن فيها غلولًا. (5) الخيانة في المغنم. (6) كانت علامة الغلول عندهم التصاق يد الغال بيد النبي. انظر في هذا كله دليل الفالحين 1/ 259 - 260. (7) أخرجه: البخاري 4/ 104 (3124)، ومسلم 5/ 145 (1747). الحديث: 58 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 37 59 - السادس: عن أبي خالد حَكيمِ بنِ حزامٍ - رضي الله عنه - قَالَ: قَالَ رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم: «البَيِّعَانِ بالخِيَار (1) مَا لَمْ يَتَفَرَّقَا، فَإنْ صَدَقا وَبيَّنَا بُوركَ لَهُمَا في بيعِهمَا، وإنْ كَتَمَا وَكَذَبَا مُحِقَتْ بركَةُ بَيعِهِما». مُتَّفَقٌ عَلَيهِ. (2)   (1) البيعان: البائع والمشتري. بالخيار: كل منهما يختار ما يريد ماداما في مكان العقد. شرح رياض الصالحين لابن عثيمين 1/ 167. (2) أخرجه: البخاري 3/ 76 (2079)، ومسلم 5/ 10 (1532) (47). الحديث: 59 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 37 5 - باب المراقبة قَالَ الله تَعَالَى: {الَّذِي يَرَاكَ حِينَ تَقُومُ وَتَقَلُّبَكَ فِي السَّاجِدِينَ} [الشعراء: 219 - 220]، وَقالَ تَعَالَى: {وَهُوَ مَعَكُمْ أَيْنَ مَا كُنْتُم} (3) [الحديد:4]، وَقالَ تَعَالَى: {إِنَّ اللهَ لا يَخْفَى عَلَيْهِ شَيْءٌ فِي الأَرْضِ وَلا فِي السَّمَاءِ} [آل عمران: 6]، وَقالَ تَعَالَى: {إِنَّ رَبَّكَ لَبِالْمِرْصَادِ} [الفجر: 14]، وَقالَ تَعَالَى: {يَعْلَمُ خَائِنَةَ الأَعْيُنِ وَمَا تُخْفِي الصُّدُورُ} [غافر: 19] وَالآيات في البابِ كثيرة معلومة.   (3) قال الطبري في تفسيره 22/ 387: «وهو شاهد لكم أيها الناس أينما كنتم يعلمكم، ويعلم أعمالكم ومتقلبكم ومثواكم، وهو على عرشه فوق سماواته السبع». الجزء: 1 ¦ الصفحة: 38 60 - وأما الأحاديث، فالأول: عن عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - قَالَ: بَيْنَما نَحْنُ جُلُوسٌ عِنْدَ رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم - ذَاتَ يَومٍ، إذْ طَلَعَ عَلَينا رَجُلٌ شَديدُ بَياضِ الثِّيابِ، شَديدُ سَوَادِ الشَّعْرِ، لا يُرَى عَلَيهِ أثَرُ السَّفَرِ، وَلا يَعْرِفُهُ مِنَّا أحَدٌ، حَتَّى جَلَسَ إِلَى النَّبيّ - صلى الله عليه وسلم - فَأَسْنَدَ رُكْبَتَيهِ إِلَى رُكْبتَيهِ، وَوَضعَ كَفَّيهِ عَلَى فَخِذَيهِ (1)، وَقالَ: يَا مُحَمَّدُ، أخْبرني عَنِ الإسلامِ، فَقَالَ رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم: «الإسلامُ: أَنْ تَشْهدَ أَنْ لا إلهَ إلاَّ الله (2) وأنَّ مُحمَّدًا رسولُ الله، وتُقيمَ الصَّلاةَ، وَتُؤتِيَ الزَّكَاةَ، وَتَصومَ رَمَضَانَ، وَتَحُجَّ البَيتَ إن اسْتَطَعْتَ إِلَيْهِ سَبيلًا». قَالَ: صَدَقْتَ. فَعَجِبْنَا لَهُ يَسْأَلُهُ وَيُصَدِّقهُ! قَالَ: فَأَخْبرنِي عَنِ الإِيمَانِ. قَالَ: «أنْ تُؤمِنَ باللهِ، وَمَلائِكَتِهِ، وَكُتُبهِ، وَرُسُلِهِ، وَاليَوْمِ الآخِر، وتُؤْمِنَ بالقَدَرِ خَيرِهِ وَشَرِّهِ». قَالَ: صَدقت. قَالَ: فأَخْبرني عَنِ الإحْسَانِ. قَالَ: «أَنْ تَعْبُدَ اللهَ كَأنَّكَ تَرَاهُ، فإِنْ لَمْ تَكُنْ تَرَاهُ فإنَّهُ يَرَاكَ». قَالَ: فَأَخْبِرنِي عَنِ السَّاعَةِ. قَالَ: «مَا المَسْؤُولُ عَنْهَا بأَعْلَمَ مِنَ السَّائِلِ». قَالَ: فأخبِرني عَنْ أَمَاراتِهَا. قَالَ: «أنْ تَلِدَ الأَمَةُ رَبَّتَهَا، وأنْ تَرَى [ص: 39] الحُفَاةَ العُرَاةَ العَالَةَ رِعَاءَ الشَّاءِ يَتَطَاوَلُونَ في البُنْيَانِ». ثُمَّ انْطَلقَ فَلَبِثْتُ مَلِيًّا، ثُمَّ قَالَ: «يَا عُمَرُ، أَتَدْرِي مَنِ السَّائِلُ؟» قُلْتُ: اللهُ ورسُولُهُ أعْلَمُ. قَالَ: «فإِنَّهُ جِبْريلُ أَتَاكُمْ يُعَلِّمُكُمْ أَمْرَ دِينكُمْ» (3). رواه مسلم. (4) ومعنى «تَلِدُ الأَمَةُ رَبَّتَهَا» أيْ سَيِّدَتَهَا؛ ومعناهُ: أَنْ تَكْثُرَ السَّراري حَتَّى تَلِدَ الأَمَةُ السُّرِّيَّةُ بِنْتًا لِسَيِّدِهَا وبنْتُ السَّيِّدِ في مَعنَى السَّيِّدِ وَقيلَ غَيْرُ ذلِكَ. وَ «العَالَةُ»: الفُقَراءُ. وقولُهُ: «مَلِيًّا» أَيْ زَمَنًا طَويلًا وَكانَ ذلِكَ ثَلاثًا.   (1) قال العلماء: وضع كفيه على فخذي نفسه لا على فخذي النبي - صلى الله عليه وسلم - وذلك من كمال الأدب في جلسة المتعلم أمام المعلم، بأن يجلس بأدب، واستعداد لما يسمع مما يقال من الحديث. شرح رياض الصالحين لابن عثيمين 1/ 182. (2) أي: لا معبود بحق إلا الله. (3) فيه أنه ينبغي للعالم والمفتي وغيرهما إذا سئل عما لا يعلم أن يقول: لا أعلم. وليس فيه دليل على إباحة بيع أمهات الأولاد، ولا منع بيعهن، وفيه أن أهل الحاجة والفقر تبسط لهم الدنيا حتى يتباهون في البنيان، وفيه أن الإيمان والإسلام والإحسان تسمى كلها دينًا. وأن هذا الحديث يجمع أنواعًا من العلوم والمعارف والآداب واللطائف بل هو أصل الإسلام. شرح صحيح مسلم للنووي 1/ 148. (4) أخرجه: مسلم 1/ 28 (8) (1). الحديث: 60 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 38 61 - الثاني: عن أبي ذر جُنْدُب بنِ جُنادَةَ وأبي عبدِ الرحمانِ معاذِ بنِ جبلٍ رضي الله عنهما، عن رسولِ الله - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: «اتَّقِ الله حَيْثُمَا كُنْتَ وَأتْبعِ السَّيِّئَةَ الحَسَنَةَ تَمْحُهَا، وَخَالِقِ النَّاسَ بِخُلُقٍ حَسَنٍ». رواه الترمذي، (1) وَقالَ: «حديث حسن».   (1) أخرجه: الترمذي (1987) عن أبي ذر ومعاذ. وقال: «حديث حسن صحيح». الحديث: 61 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 39 62 - الثالث: عن ابنِ عباسٍ رضي الله عنهما، قَالَ: كنت خلف النَّبيّ - صلى الله عليه وسلم - يومًا، فَقَالَ: «يَا غُلامُ، إنِّي أعلّمُكَ كَلِمَاتٍ: احْفَظِ اللهَ يَحْفَظْكَ (1)، احْفَظِ اللهَ تَجِدْهُ تُجَاهَكَ، إِذَا سَألْتَ فَاسْأَلِ اللهَ، وإِذَا اسْتَعَنْتَ فَاسْتَعِنْ بِاللهِ، وَاعْلَمْ: أَنَّ الأُمَّةَ لَوْ اجْتَمَعَتْ عَلَى أَنْ يَنْفَعُوكَ بِشَيءٍ لَمْ يَنْفَعُوكَ إلاَّ بِشَيءٍ قَدْ كَتَبهُ اللهُ لَكَ، وَإِن اجتَمَعُوا عَلَى أَنْ يَضُرُّوكَ بِشَيءٍ لَمْ يَضُرُّوكَ إلاَّ بِشَيءٍ قَدْ كَتَبَهُ اللهُ عَلَيْكَ، رُفِعَتِ الأَقْلاَمُ وَجَفَّتِ الصُّحفُ (2)». رواه الترمذي، (3) وَقالَ: «حديث حسن صحيح». وفي رواية غيرِ الترمذي: «احْفَظِ الله تَجِدْهُ أَمَامَكَ، تَعرَّفْ إِلَى اللهِ [ص: 31] في الرَّخَاءِ يَعْرِفكَ في الشِّدَّةِ، وَاعْلَمْ: أنَّ مَا أَخْطَأكَ لَمْ يَكُنْ لِيُصِيبكَ، وَمَا أَصَابَكَ لَمْ يَكُنْ لِيُخْطِئَكَ، وَاعْلَمْ: أنَّ النَّصْرَ مَعَ الصَّبْرِ، وَأَنَّ الفَرَجَ مَعَ الكَرْبِ، وَأَنَّ مَعَ العُسْرِ يُسْرًا».   (1) أي: امتثال أوامره واجتناب نواهيه. شرح رياض الصالحين لابن عثيمين 1/ 258. (2) أي فرغ من الأمر وجفّت كتابته، كناية عن تقدم كتابة المقادير كلها والفراغ منها من أمد بعيد. دليل الفالحين 1/ 288. (3) أخرجه: الترمذي (2516). وأخرج اللفظ الثاني: أحمد 1/ 307. الحديث: 62 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 39 63 - الرابع: عن أنسٍ - رضي الله عنه - قَالَ: إِنَّكُمْ لَتعمَلُونَ أعْمَالًا هي أدَقُّ في أعيُنِكُمْ مِنَ الشَّعْرِ، كُنَّا نَعُدُّهَا عَلَى عَهْدِ رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم - مِنَ المُوبِقاتِ. رواه البخاري. (1) وَقالَ: «المُوبقاتُ»: المُهلِكَاتُ.   (1) أخرجه: البخاري 8/ 128 (6492). الحديث: 63 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 40 64 - الخامس: عن أبي هريرةَ - رضي الله عنه - عن النَّبيّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: «إنَّ الله تَعَالَى يَغَارُ، وَغَيرَةُ الله تَعَالَى، أَنْ يَأتِيَ المَرْءُ مَا حَرَّمَ الله عَلَيهِ (1)» متفق عَلَيهِ. (2) و «الغَيْرةُ»: بفتحِ الغين، وَأَصْلُهَا الأَنَفَةُ.   (1) في الحديث إثبات الغيرة لله تعالى، وسبيل أهل السنة والجماعة فيه، وفي غيره من أحاديث الصفات وآيات الصفات أنهم يثبتونها لله سبحانه على الوجه اللائق به، يقولون: إن الله يغار لكن ليست كغيرة المخلوق، وإن الله يفرح ولكن ليس كفرح المخلوق، وإن الله له من الصفات الكاملة ما يليق به، ولا تشبه صفات المخلوقين. شرح رياض الصالحين لابن عثيمين 1/ 262. (2) أخرجه: البخاري 7/ 45 (5223)، ومسلم 8/ 101 (2761). الحديث: 64 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 40 65 - السادس: عن أبي هريرةَ - رضي الله عنه: أنَّه سَمِعَ النَّبيَّ - صلى الله عليه وسلم - يقُولُ: «إنَّ ثَلاثَةً مِنْ بَني إِسْرَائِيلَ: أبْرَصَ، وَأَقْرَعَ، وَأَعْمَى، أَرَادَ اللهُ أَنْ يَبْتَليَهُمْ فَبَعَثَ إِليْهمْ مَلَكًا، فَأَتَى الأَبْرَصَ، فَقَالَ: أَيُّ شَيءٍ أَحَبُّ إلَيْكَ؟ قَالَ: لَوْنٌ حَسَنٌ، وَجِلدٌ حَسَنٌ، وَيَذْهبُ عَنِّي الَّذِي قَدْ قَذِرَنِي النَّاسُ؛ فَمَسَحَهُ فَذَهَبَ عَنْهُ قَذَرُهُ وَأُعْطِيَ لَونًا حَسنًا. فَقَالَ: فَأيُّ المَالِ أَحَبُّ إِليكَ؟ قَالَ: الإِبلُ - أَوْ قالَ: البَقَرُ شكَّ الرَّاوي - فَأُعطِيَ نَاقَةً عُشَرَاءَ، فَقَالَ: بَاركَ الله لَكَ فِيهَا. فَأَتَى الأَقْرَعَ، فَقَالَ: أَيُّ شَيءٍ أَحَبُّ إلَيْكَ؟ قَالَ: شَعْرٌ حَسَنٌ، وَيَذْهَبُ عَنِّي هَذَا الَّذِي قَذِرَني النَّاسُ؛ فَمَسَحَهُ فَذَهبَ عَنْهُ وأُعْطِيَ شَعرًا حَسَنًا. قالَ: فَأَيُّ المَالِ أَحَبُّ إِليْكَ؟ قَالَ: البَقَرُ، فَأُعْطِيَ بَقَرَةً حَامِلًا، وَقالَ: بَارَكَ الله لَكَ فِيهَا. فَأَتَى الأَعْمَى، فَقَالَ: أَيُّ شَيءٍ أَحَبُّ إِلَيْكَ؟ قَالَ: أَنْ يَرُدَّ اللهُ إِلَيَّ بَصَرِي (1) فَأُبْصِرُ النَّاسَ؛ فَمَسَحَهُ فَرَدَّ اللهُ إِلَيْهِ بَصَرهُ. قَالَ: فَأَيُّ المَالِ أَحَبُّ إِليْكَ؟ قَالَ: الغَنَمُ، فَأُعْطِيَ   (1) تأمل قول الأعمى هذا فإنه لم يسأل إلا بصرًا يبصر به الناس فقط، أما الأبرص والأقرع فإن كل واحد منهما تمنى شيئًا أكبر من الحاجة؛ لأن الأبرص قال: جلدًا حسنًا ولونًا حسنًا، وذاك قال: شعرًا حسنًا. فليس مجرد جلد أو شعر أو لون، بل تمنيا شيئًا أكبر، أما هذا فإن عنده زهدًا، لذا لم يسأل إلا بصرًا يبصر به فقط. الحديث: 65 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 40 شَاةً والدًا، فَأَنْتَجَ هذَانِ وَوَلَّدَ هَذَا، فَكانَ لِهذَا وَادٍ مِنَ الإِبلِ، وَلِهذَا وَادٍ مِنَ البَقَرِ، وَلِهَذَا وَادٍ مِنَ الغَنَمِ. ثُمَّ إنَّهُ أَتَى الأَبْرَصَ في صُورَتِهِ وَهَيئَتِهِ، فَقَالَ: رَجلٌ مِسْكينٌ قَدِ انقَطَعَتْ بِيَ الحِبَالُ في سَفَري فَلا بَلاغَ لِيَ اليَومَ إلاَّ باللهِ ثُمَّ بِكَ، أَسْأَلُكَ بِالَّذي أَعْطَاكَ اللَّونَ الحَسَنَ، والجِلْدَ الحَسَنَ، وَالمَالَ، بَعِيرًا أَتَبَلَّغُ بِهِ في سَفَري، فَقَالَ: الحُقُوقُ كثِيرةٌ. فَقَالَ: كأنِّي أَعْرِفُكَ، أَلَمْ تَكُنْ أَبْرَصَ يَقْذَرُكَ النَّاسُ فقيرًا فأعْطَاكَ اللهُ!؟ فَقَالَ: إِنَّمَا وَرِثْتُ هَذَا المالَ كَابِرًا عَنْ كَابِرٍ، فَقَالَ: إنْ كُنْتَ كَاذِبًا فَصَيَّرَكَ اللهُ إِلَى مَا كُنْتَ. وَأَتَى الأَقْرَعَ في صُورَتِهِ وَهَيْئَتِهِ، فَقَالَ لَهُ مِثْلَ مَا قَالَ لِهَذا، وَرَدَّ عَلَيهِ مِثْلَ مَا رَدَّ هَذَا، فَقَالَ: إنْ كُنْتَ كَاذِبًا فَصَيَّرَكَ اللهُ إِلَى مَا كُنْتَ. وَأَتَى الأَعْمَى في صُورَتِهِ وَهَيْئَتِهِ، فَقَالَ: رَجُلٌ مِسْكينٌ وابنُ سَبيلٍ انْقَطَعتْ بِيَ الحِبَالُ في سَفَرِي، فَلا بَلاَغَ لِيَ اليَومَ إلاَّ بِاللهِ ثُمَّ بِكَ، أَسأَلُكَ بالَّذِي رَدَّ عَلَيْكَ بَصَركَ شَاةً أَتَبَلَّغُ بِهَا في سَفري؟ فَقَالَ: قَدْ كُنْتُ أعمَى فَرَدَّ اللهُ إِلَيَّ بَصَرِي، فَخُذْ مَا شِئْتَ وَدَعْ مَا شِئْتَ، فَوَاللهِ ما أجْهَدُكَ اليَومَ بِشَيءٍ أخَذْتَهُ للهِ - عز وجل. فَقَالَ: أَمْسِكْ مالَكَ فِإنَّمَا ابْتُلِيتُمْ. فَقَدْ رضي الله عنك، وَسَخِطَ عَلَى صَاحِبَيكَ» (1) مُتَّفَقٌ عَلَيهِ. (2) و «النَّاقةُ العُشَرَاءُ» بضم العين وفتح الشين وبالمد: هي الحامِل. قوله: «أنْتَجَ» وفي رواية: «فَنتَجَ» معناه: تولَّى نِتاجها، والناتج لِلناقةِ كالقابِلةِ للمرأةِ. وقوله: «وَلَّدَ هَذَا» هُوَ بتشديد اللام: أي تولى ولادتها، وَهُوَ بمعنى أنتج في الناقة، فالمولّد، والناتج، والقابلة بمعنى؛ لكن هَذَا لِلحيوان وذاك لِغيرهِ. وقوله: «انْقَطَعَتْ بي الحِبَالُ» هُوَ بالحاءِ المهملةِ والباءِ الموحدة: أي الأسباب. وقوله: «لا أجْهَدُكَ» معناه: لا أشق عليك في رد شيء تأخذه أَوْ تطلبه من مالي. وفي رواية البخاري: «لا أحمَدُكَ» بالحاءِ المهملة والميمِ ومعناه: لا أحمدك بترك شيء تحتاج إِلَيْه، كما قالوا: لَيْسَ عَلَى طولِ الحياة ندم: أي عَلَى فواتِ طولِها.   (1) في الحديث: أن شكر النعمة من أسباب بقائها وزيادتها، وفيه آيات من آيات الله كإثبات الملائكة وأنهم قد يكونون على صورة بني آدم، وفيه أنه يجوز الاختبار للإنسان كما جاء الملك، وفيه إثبات الرضا والسخط لله. شرح رياض الصالحين لابن عثيمين 1/ 266 و267. (2) أخرجه: البخاري 4/ 208 (3464)، ومسلم 8/ 213 (2964). الجزء: 1 ¦ الصفحة: 41 66 - السابع: عن أبي يعلى شداد بن أوس - رضي الله عنه - عن النَّبيّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: «الكَيِّسُ مَنْ دَانَ نَفْسَهُ، وَعَمِلَ لِمَا بعدَ المَوتِ، والعَاجِزُ مَنْ أتْبَعَ نَفْسَهُ هَواهَا وَتَمنَّى عَلَى اللهِ». رواه الترمذي، وَقالَ: «حديث حسن». (1) قَالَ الترمذي وغيره من العلماء: معنى «دَانَ نَفْسَهُ»: حاسبها.   (1) أخرجه: ابن ماجه (4260)، والترمذي (2459)، وإسناد الحديث ضعيف لضعف أبي بكر بن أبي مريم. ومعنى الحديث: أن العاقل من حاسب نفسه وعمل للآخرة، والعاجز من اهتم بالدنيا وفرط بالأوامر والنواهي، وتمنى على الله، فيقول: الله غفورٌ رحيم، وسوف أتوب ... شرح رياض الصالحين لابن عثيمين 1/ 268. الحديث: 66 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 42 67 - الثامن: عن أبي هريرة - رضي الله عنه - قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم: «مِنْ حُسْنِ إسْلامِ المَرْءِ تَرْكُهُ مَا لاَ يَعْنِيهِ». حديث حسن رواه الترمذي وغيرُه. (1)   (1) أخرجه: ابن ماجه (3976)، والترمذي (2317). وقال: «حديث غريب». الحديث: 67 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 42 68 - التاسع: عن عُمَرَ - رضي الله عنه - عَنِ النَّبيّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: «لاَ يُسْأَلُ الرَّجُلُ فِيمَ ضَرَبَ امْرَأَتَهُ». رواه أبو داود وغيره. (1)   (1) أخرجه: أبو داود (2147)، وابن ماجه (1986)، وإسناده ضعيف لجهالة عبد الرحمان المُسلي. الحديث: 68 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 42 6 - باب في التقوى قَالَ الله تَعَالَى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللهَ حَقَّ تُقَاتِهِ} [آل عمران: 102]، وَقالَ تَعَالَى: {فَاتَّقُوا الله مَا اسْتَطَعْتُمْ} [التغابن: 16]. وهذه الآية مبينة للمراد مِنَ الأُولى. وَقالَ تَعَالَى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا} [الأحزاب: 70]، وَالآيات في الأمر بالتقوى كثيرةٌ معلومةٌ، وَقالَ تَعَالَى: {وَمَنْ يَتَّقِ اللهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لاَ يَحْتَسِبُ} [الطلاق: 2 - 3]، وَقالَ تَعَالَى: {إِنْ تَتَّقُوا اللهَ يَجْعَلْ لَكُمْ فُرْقَانًا وَيُكَفِّرْ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ وَاللهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ} [الأنفال:29] والآيات في البابِ كثيرةٌ معلومةٌ. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 42 وأما الأحاديث: 69 - فالأول: عن أبي هريرةَ - رضي الله عنه - قَالَ: قِيلَ: يَا رسولَ الله، مَنْ أكرمُ النَّاس؟ قَالَ: «أَتْقَاهُمْ (1)». فقالوا: لَيْسَ عن هَذَا نسألُكَ، قَالَ: «فَيُوسُفُ نَبِيُّ اللهِ [ص: 43] ابنُ نَبِيِّ اللهِ ابنِ نَبيِّ اللهِ ابنِ خليلِ اللهِ» (2) قالوا: لَيْسَ عن هَذَا نسألُكَ، قَالَ: «فَعَنْ مَعَادِنِ العَرَبِ (3) تَسْأَلوني؟ خِيَارُهُمْ في الجَاهِليَّةِ خِيَارُهُمْ في الإِسْلامِ إِذَا فقُهُوا». مُتَّفَقٌ عَلَيهِ. (4) و «فَقُهُوا» بِضم القافِ عَلَى المشهورِ وَحُكِيَ كَسْرُها: أيْ عَلِمُوا أحْكَامَ الشَّرْعِ.   (1) لقوله تعالى: {إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ} [الحجرات: 13]. (2) هو يوسف بن يعقوب بن إسحاق بن إبراهيم. عليهم الصلاة والسلام. (3) يعني أصولهم وأنسابهم. شرح رياض الصالحين لابن عثيمين 1/ 275. (4) أخرجه: البخاري 4/ 170 (3353)، ومسلم 7/ 103 (2378). الحديث: 69 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 42 70 - الثَّاني: عن أبي سعيد الخدري - رضي الله عنه - عن النَّبيّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: «إنَّ الدُّنْيَا حُلْوَةٌ خَضِرةٌ، وإنَّ اللهَ مُسْتَخْلِفُكُمْ فِيهَا فَيَنْظُرَ كَيفَ تَعْمَلُونَ، فَاتَّقُوا الدُّنْيَا وَاتَّقُوا النِّسَاءَ؛ فإنَّ أَوَّلَ فِتْنَةِ بَنِي إسرائيلَ كَانَتْ في النِّسَاءِ». رواه مسلم. (1)   (1) أخرجه: مسلم 8/ 89 (2742). الحديث: 70 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 43 71 - الثالث: عن ابن مسعودٍ - رضي الله عنه: أنَّ النَّبيّ - صلى الله عليه وسلم - كَانَ يقول: «اللَّهُمَّ إنِّي أَسألُكَ الهُدَى، وَالتُّقَى، وَالعَفَافَ، وَالغِنَى (1)». رواه مسلم. (2)   (1) في الحديث دليل على أن النبي - صلى الله عليه وسلم - لا يملك لنفسه نفعًا ولا ضرًا، وفيه دليل على إبطال من تعلقوا بالأولياء والصالحين في جلب المنافع ودفع المضار. شرح رياض الصالحين 1/ 279. (2) أخرجه: مسلم 8/ 81 (2721). الحديث: 71 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 43 72 - الرابع: عن أبي طريفٍ عدِيِّ بن حاتمٍ الطائيِّ - رضي الله عنه - قَالَ: سمعتُ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: «مَنْ حَلَفَ عَلَى يَمِينٍ ثُمَّ رَأَى أتْقَى للهِ مِنْهَا فَليَأْتِ التَّقْوَى». رواه مسلم. (1)   (1) أخرجه: مسلم 5/ 85 (1651) (15). الحديث: 72 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 43 73 - الخامس: عن أبي أُمَامَةَ صُدَيّ بنِ عجلانَ الباهِلِيِّ - رضي الله عنه - قَالَ: سَمِعتُ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - يَخْطُبُ في حجةِ الوداعِ، فَقَالَ: «اتَّقُوا اللهَ وَصَلُّوا خَمْسَكُمْ، وَصُومُوا شَهْرَكُمْ، وَأَدُّوا زَكَاةَ أَمْوَالِكُمْ، وَأَطِيعُوا أُمَرَاءَكُمْ تَدْخُلُوا جَنَّةَ رَبِّكُمْ». رواه الترمذي، (1) في آخر كتابِ الصلاةِ، وَقالَ: «حديث حسن صحيح».   (1) أخرجه: أبو داود (1955)، والترمذي (616). الحديث: 73 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 43 7 - باب في اليقين والتوكل (1) قَالَ الله تَعَالَى: {وَلَمَّا رَأى الْمُؤْمِنُونَ الأَحْزَابَ قَالُوا هَذَا مَا وَعَدَنَا اللهُ وَرَسُولُهُ وَصَدَقَ اللهُ [ص: 44] وَرَسُولُهُ وَمَا زَادَهُمْ إِلاَّ إِيمَانًا وَتَسْلِيمًا} [الأحزاب: 22]، وَقالَ تَعَالَى: {الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إِيمَانًا وَقَالُوا حَسْبُنَا اللهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ، فَانْقَلَبُوا بِنِعْمَةٍ مِنَ اللهِ وَفَضْلٍ لَمْ يَمْسَسْهُمْ سُوءٌ وَاتَّبَعُوا رِضْوَانَ اللهِ وَاللهُ ذُو فَضْلٍ عَظِيمٍ} [آل عمران:173 - 174]، وَقالَ تَعَالَى: {وَتَوَكَّلْ عَلَى الْحَيِّ الَّذِي لاَ يَمُوتُ} [الفرقان:58]، وَقالَ تَعَالَى: {وَعَلَى اللهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ} [إبراهيم: 11]، وَقالَ تَعَالَى: {فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى الله} [آل عمران: 159]، والآيات في الأمرِ بالتَّوكُّلِ كثيرةٌ معلومةٌ. وَقالَ تَعَالَى: {وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللهِ فَهُوَ حَسْبُهُ} [الطلاق: 3]: أي كافِيهِ. وَقالَ تَعَالَى: {إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ وَإِذَا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آيَاتُهُ زَادَتْهُمْ إِيمَانًا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ} [الأنفال: 2]، والآيات في فضل التوكل كثيرةٌ معروفةٌ.   (1) اليقين: هو قوة الإيمان والثبات حتى كأن الإنسان يرى بعينه ما أخبر الله به ورسوله من شدة يقينه. والتوكل: هو اعتماد الإنسان على ربه - عز وجل - في ظاهره وباطنه في جلب المنافع ودفع المضار. شرح رياض الصالحين 1/ 283. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 43 وأما الأحاديث: 74 - فالأول: عن ابن عباس رضي الله عنهما، قَالَ: قَالَ رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم: «عُرِضَتْ عَلَيَّ الأُمَمُ، فَرَأيْتُ النَّبيَّ ومَعَهُ الرُّهَيطُ، والنبِيَّ وَمَعَهُ الرَّجُلُ وَالرَّجُلانِ، والنبيَّ لَيْسَ مَعَهُ أَحَدٌ، إِذْ رُفِعَ لي سَوَادٌ عَظيمٌ، فَظَنَنْتُ أَنَّهُمْ أُمَّتِي، فقيلَ لِي: هَذَا مُوسَى وَقَومُهُ، ولكنِ انْظُرْ إِلَى الأُفُقِ، فَنَظَرتُ فَإِذا سَوادٌ عَظِيمٌ، فقيلَ لي: انْظُرْ إِلَى الأفُقِ الآخَرِ، فَإِذَا سَوَادٌ عَظيمٌ، فقيلَ لِي: هذِهِ أُمَّتُكَ، وَمَعَهُمْ سَبْعُونَ (1) ألفًا يَدْخُلُونَ الجَنَّةَ بِغَيرِ حِسَابٍ ولا عَذَابٍ»، ثُمَّ نَهَضَ فَدخَلَ مَنْزِلَهُ فَخَاضَ النَّاسُ في أُولئكَ الَّذِينَ يَدْخُلُونَ الجَنَّةَ بِغَيْرِ حِسَابٍ ولا عَذَابٍ، فَقَالَ بَعْضُهُمْ: فَلَعَلَّهُمْ الَّذينَ صَحِبوا رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - وَقالَ بعْضُهُمْ: فَلَعَلَّهُمْ الَّذِينَ وُلِدُوا في الإِسْلامِ فَلَمْ يُشْرِكُوا بِالله شَيئًا - وذَكَرُوا أشيَاءَ - فَخَرجَ عَلَيْهِمْ رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ: «مَا الَّذِي تَخُوضُونَ فِيهِ؟» فَأَخْبَرُوهُ، فقالَ: «هُمُ الَّذِينَ لاَ يَرْقُونَ (2)، [ص: 45] وَلا يَسْتَرقُونَ (3)، وَلا يَتَطَيَّرُونَ (4)؛ وعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوكَّلُون» فقامَ عُكَّاشَةُ ابنُ محصنٍ، فَقَالَ: ادْعُ اللهَ أَنْ يَجْعَلني مِنْهُمْ، فَقَالَ: «أنْتَ مِنْهُمْ» ثُمَّ قَامَ رَجُلٌ آخَرُ، فَقَالَ: ادْعُ اللهَ أَنْ يَجْعَلنِي مِنْهُمْ، فَقَالَ: «سَبَقَكَ بِهَا عُكَّاشَةُ». مُتَّفَقٌ عَلَيهِ. (5) «الرُّهَيْطُ» بضم الراء تصغير رهط: وهم دون عشرة أنفس، وَ «الأُفقُ» الناحية والجانب. و «عُكَّاشَةُ» بضم العين وتشديد الكاف وبتخفيفها، والتشديد أفصح.   (1) وقد ورد أن مع كل واحد من السبعين الألف سبعين ألفًا أيضًا، فتكون النتيجة بعد الضرب (70000 × 70000 = 4900.000000 مليون) هؤلاء الذين يدخلون الجنة بغير حساب ولا عذاب. اللهم اجعلنا منهم. شرح رياض الصالحين 1/ 290. (2) قال ابن عثيمين: «والمؤلف رحمه الله قال: إنه متفق عليه، وكان ينبغي أن يبين أن هذا اللفظ لفظ مسلم دون رواية البخاري، وذلك أن قوله: «لا يرقون»، كلمة غير صحيحة، ولا تصح عن النبي - صلى الله عليه وسلم -؛ لأن معنى «لا يرقون» أي: لا يقرؤون على المرضى، وهذا باطل، فإن الرسول - صلى الله عليه وسلم - كان يرقي المرضى». شرح رياض الصالحين 1/ 290. (3) أي لا يطلبون من أحد أن يقرأ عليهم إذا أصابهم شيء. (4) أي لا يتشاءمون ويعتمدون على الله وحده. شرح رياض الصالحين 1/ 290. (5) أخرجه: البخاري 7/ 163 (5705)، ومسلم 1/ 137 (220) (374). الحديث: 74 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 44 75 - الثاني: عن ابن عباس رضي الله عنهما أيضًا: أنَّ رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم - كَانَ يقول: «اللَّهُمَّ لَكَ أَسْلَمْتُ، وَبِكَ آمَنْتُ، وَعَليْك تَوَكَّلْتُ، وَإِلَيْكَ أنَبْتُ، وَبِكَ خَاصَمْتُ. اللَّهُمَّ أعُوذُ بعزَّتِكَ؛ لاَ إلهَ إلاَّ أَنْتَ أَنْ تُضِلَّني، أَنْتَ الحَيُّ الَّذِي لاَ تَمُوتُ، وَالجِنُّ والإنْسُ يَمُوتُونَ». مُتَّفَقٌ عَلَيهِ، (1) وهذا لفظ مسلم واختصره البخاري.   (1) أخرجه: البخاري 9/ 143 (7383)، ومسلم 8/ 80 (2717) (68). الحديث: 75 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 45 76 - الثالث: عن ابن عباس رضي الله عنهما أيضًا، قَالَ: حَسْبُنَا اللهُ وَنِعْمَ الوَكِيلُ، قَالَهَا إِبرَاهيمُ - صلى الله عليه وسلم - حِينَ أُلقِيَ في النَّارِ، وَقَالَها مُحَمَّدٌ - صلى الله عليه وسلم - حِينَ قَالُوا: إنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعوا لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إيْمانًا وَقَالُوا: حَسْبُنَا الله وَنِعْمَ الوَكيلُ. رواه البخاري. (1) وفي رواية لَهُ عن ابن عَبَّاسٍ رضي الله عنهما، قَالَ: كَانَ آخر قَول إبْرَاهِيمَ - صلى الله عليه وسلم - حِينَ أُلْقِيَ في النَّارِ: حَسْبِي الله ونِعْمَ الوَكِيلُ.   (1) أخرجه: البخاري 6/ 48 (4563) و (4564). الحديث: 76 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 45 77 - الرابع: عن أبي هريرةَ - رضي الله عنه - عن النَّبيّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: «يَدْخُلُ الجَنَّةَ أَقْوامٌ أفْئِدَتُهُمْ مِثلُ أفْئِدَةِ الطَّيرِ». رواه مسلم. (1) قيل: معناه متوكلون، وقيل: قلوبهم رَقيقَةٌ.   (1) أخرجه: مسلم 8/ 149 (2840) (27). الحديث: 77 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 45 78 - الخامس: عن جابر - رضي الله عنه: أَنَّهُ غَزَا مَعَ النبي - صلى الله عليه وسلم - قِبلَ نَجْدٍ، فَلَمَّا قَفَلَ رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم - قَفَلَ معَهُمْ، فَأَدْرَكَتْهُمُ القَائِلَةُ (1) في وَادٍ كثير العِضَاه، فَنَزَلَ رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم - وَتَفَرَّقَ النَّاسُ يَسْتَظِلُّونَ بالشَّجَرِ، وَنَزَلَ رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم [ص: 46] تَحتَ سَمُرَة فَعَلَّقَ بِهَا سَيفَهُ وَنِمْنَا نَوْمَةً، فَإِذَا رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - يَدْعونَا وَإِذَا عِنْدَهُ أعْرَابِيٌّ، فَقَالَ: «إنَّ هَذَا اخْتَرَطَ عَلَيَّ سَيفِي وَأنَا نَائمٌ فَاسْتَيقَظْتُ وَهُوَ في يَدِهِ صَلتًا، قَالَ: مَنْ يَمْنَعُكَ مِنِّي؟ قُلْتُ: اللهُ - ثلاثًا» وَلَمْ يُعاقِبْهُ وَجَلَسَ. مُتَّفَقٌ عَلَيهِ. (2) وفي رواية قَالَ جَابرٌ: كُنَّا مَعَ رَسُولِ الله - صلى الله عليه وسلم - بذَاتِ الرِّقَاعِ، فَإِذَا أَتَيْنَا عَلَى شَجَرَةٍ ظَلِيلَةٍ تَرَكْنَاهَا لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - فجاء رَجُلٌ مِنَ المُشْركينَ وَسَيفُ رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم - معَلَّقٌ بالشَّجَرَةِ فَاخْتَرطَهُ، فَقَالَ: تَخَافُنِي؟ قَالَ: «لاَ» فَقَالَ: فَمَنْ يَمْنَعُكَ مِنِّي؟ قَالَ: «الله». وفي رواية أبي بكر الإسماعيلي في «صحيحه»، قَالَ: مَنْ يَمْنَعُكَ مِنِّي؟ قَالَ: «اللهُ». قَالَ: فَسَقَطَ السيفُ مِنْ يَدهِ، فَأخَذَ رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - السَّيْفَ، فَقَالَ: «مَنْ يَمْنَعُكَ مني؟». فَقَالَ: كُنْ خَيرَ آخِذٍ. فَقَالَ: «تَشْهَدُ أَنْ لا إلهَ إلاَّ الله وَأَنِّي رَسُول الله؟» قَالَ: لاَ، وَلَكنِّي أُعَاهِدُكَ أَنْ لا أُقَاتِلَكَ، وَلاَ أَكُونَ مَعَ قَومٍ يُقَاتِلُونَكَ، فَخَلَّى سَبيلَهُ، فَأَتَى أصْحَابَهُ، فَقَالَ: جئتُكُمْ مِنْ عنْد خَيْرِ النَّاسِ. قَولُهُ: «قَفَلَ» أي رجع، وَ «الْعِضَاهُ» الشجر الَّذِي لَهُ شوك، و «السَّمُرَةُ» بفتح السين وضم الميم: الشَّجَرَةُ مِنَ الطَّلْح، وهيَ العِظَامُ مِنْ شَجَرِ العِضَاهِ، وَ «اخْتَرَطَ السَّيْف» أي سلّه وَهُوَ في يدهِ. «صَلْتًا» أي مسلولًا، وَهُوَ بفتحِ الصادِ وضَمِّها.   (1) القائلة: أي الظهيرة. دليل الفالحين 2/ 17. (2) أخرجه: البخاري 4/ 47 (2910) و5/ 147 (4136)، ومسلم2/ 214 (843) (311) و7/ 62 (843) (13) و (14). الحديث: 78 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 45 79 - السادس: عن عُمَر - رضي الله عنه - قَالَ: سمعتُ رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: «لَوْ أَنَّكُمْ تَتَوَكَّلُونَ عَلَى اللهِ حَقَّ تَوَكُّلِهِ لَرَزَقَكُمْ كَمَا يَرْزُقُ الطَّيْرَ، تَغْدُو خِمَاصًا وَتَرُوحُ بِطَانًا». رواه الترمذي، (1) وَقالَ: «حديث حسن». معناه: تَذْهبُ أَوَّلَ النَّهَارِ خِمَاصًا: أي ضَامِرَةَ البُطُونِ مِنَ الجُوعِ، وَتَرجعُ آخِرَ النَّهَارِ بِطَانًا. أَي مُمْتَلِئَةَ البُطُونِ.   (1) أخرجه: ابن ماجه (4164)، والترمذي (2344)، وقال: «حديث حسن صحيح». الحديث: 79 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 46 80 - السابع: عن أبي عُمَارة البراءِ بن عازب رضي الله عنهما، قَالَ: قَالَ رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم: «يَا فُلانُ، إِذَا أَوَيْتَ إِلَى فراشِكَ، فَقُل: اللَّهُمَّ أسْلَمتُ نَفْسي إلَيْكَ، وَوَجَّهتُ وَجْهِي إلَيْكَ، [ص: 47] وَفَوَّضتُ أَمْري إلَيْكَ، وَأَلجأْتُ ظَهري إلَيْكَ رَغبَةً وَرَهبَةً إلَيْكَ، لا مَلْجَأ وَلاَ مَنْجَا مِنْكَ إلاَّ إلَيْكَ، آمنْتُ بِكِتَابِكَ الَّذِي أنْزَلْتَ؛ وَنَبِيِّكَ الَّذِي أَرْسَلْتَ. فَإِنَّكَ إِنْ مِتَّ مِنْ لَيلَتِكَ مِتَّ عَلَى الفِطْرَةِ، وَإِنْ أصْبَحْتَ أَصَبْتَ خَيرًا» (1) مُتَّفَقٌ عَلَيهِ. (2) وفي رواية في الصحيحين، عن البراءِ، قَالَ: قَالَ لي رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم: «إِذَا أَتَيْتَ مَضْجِعَكَ فَتَوَضَّأْ وُضُوءكَ للصَّلاةِ، ثُمَّ اضْطَجعْ عَلَى شِقِّكَ الأَيمَنِ، وَقُلْ ... وذَكَرَ نَحْوَهُ ثُمَّ قَالَ: وَاجْعَلْهُنَّ آخِرَ مَا تَقُولُ».   (1) في الحديث ثلاث سنن مهمة مستحبة، ليست بواجبة: الوضوء عند إرادة النوم، والنوم على الشق الأيمن، وذكر الله تعالى؛ ليكون خاتمة عمله. شرح صحيح مسلم 9/ 31 (2710). (2) أخرجه: البخاري 1/ 71 (247) و9/ 174 (7488)، ومسلم 8/ 78 (2710) (57) و (58). الحديث: 80 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 46 81 - الثامِنُ: عن أبي بكرٍ الصِّديق - رضي الله عنه - عبدِ اللهِ بنِ عثمان بنِ عامرِ بنِ عمر ابنِ كعب بنِ سعدِ بن تَيْم بنِ مرة (1) بن كعبِ بن لُؤَيِّ بن غالب القرشي التيمي - رضي الله عنه - وَهُوَ وَأَبُوهُ وَأُمُّهُ صَحَابَةٌ - رضي الله عنهم - قَالَ: نَظَرتُ إِلَى أَقْدَامِ المُشْرِكينَ وَنَحنُ في الغَارِ وَهُمْ عَلَى رُؤُوسِنا، فقلتُ: يَا رسولَ الله، لَوْ أَنَّ أَحَدَهُمْ نَظَرَ تَحْتَ قَدَمَيهِ لأَبْصَرَنَا. فَقَالَ: «مَا ظَنُّكَ يَا أَبا بَكرٍ باثنَيْنِ الله ثَالِثُهُمَا». مُتَّفَقٌ عَلَيهِ. (2)   (1) هنا يلتقي مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم. (2) أخرجه: البخاري 5/ 4 (3653)، ومسلم 7/ 108 (2381) (1). الحديث: 81 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 47 82 - التاسع: عن أم المُؤمنينَ أمِّ سَلَمَةَ وَاسمها هِنْدُ بنتُ أَبي أميةَ حذيفةَ المخزومية رضي الله عنها: أنَّ النَّبيّ - صلى الله عليه وسلم - كَانَ إِذَا خَرَجَ مِنْ بَيتِهِ، قَالَ: «بِسْمِ اللهِ تَوَكَّلتُ عَلَى اللهِ، اللَّهُمَّ إِنِّي أعُوذُ بِكَ أَنْ أضِلَّ أَوْ أُضَلَّ، أَوْ أَزِلَّ أَوْ أُزَلَّ، أَوْ أظْلِمَ أَوْ أُظْلَمَ، أَوْ أجْهَلَ أَوْ يُجْهَلَ عَلَيَّ» حديثٌ صحيح، رواه أبو داود والترمذي وغيرهما بأسانيد صحيحةٍ. (1) قَالَ الترمذي: «حديث حسن صحيح» وهذا لفظ أبي داود.   (1) أخرجه: أبو داود (5094)، وابن ماجه (3884)، والترمذي (3427)، والنسائي 8/ 268 و285، وسند الحديث منقطع. الحديث: 82 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 47 83 - العاشر: عن أنس - رضي الله عنه - قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم: «مَنْ قَالَ - يَعْني: إِذَا خَرَجَ مِنْ بَيتِهِ: بِسمِ اللهِ تَوَكَّلْتُ عَلَى اللهِ، وَلا حَولَ وَلا قُوَّةَ إلاَّ باللهِ، يُقالُ لَهُ: هُدِيتَ [ص: 48] وَكُفِيتَ وَوُقِيتَ، وَتَنَحَّى (1) عَنْهُ الشَّيطَانُ». رواه أبو داود والترمذي والنسائي (2) وغيرهم. وَقالَ الترمذي: «حديث حسن»، زاد أبو داود: «فيقول - يعني: الشيطان - لِشيطان آخر: كَيفَ لَكَ بِرجلٍ قَدْ هُدِيَ وَكُفِيَ وَوُقِيَ؟».   (1) تنحى: أي مال عن جهته وطريقه. دليل الفالحين 2/ 32. (2) أخرجه: أبو داود (5095)، والترمذي (3426)، والنسائي في «الكبرى» (9917). وقال الترمذي: «حديث حسن غريب». الحديث: 83 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 47 84 - وعن أنس - رضي الله عنه - قَالَ: كَانَ أَخَوانِ عَلَى عهد النَّبيّ - صلى الله عليه وسلم - وَكَانَ أحَدُهُمَا يَأتِي النَّبيَّ - صلى الله عليه وسلم - وَالآخَرُ يَحْتَرِفُ، فَشَكَا المُحْتَرِفُ أخَاهُ للنبي - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ: «لَعَلَّكَ تُرْزَقُ بِهِ». رواه الترمذي بإسناد صحيحٍ عَلَى شرطِ مسلم. (1) «يحترِف»: يكتسب ويتسبب.   (1) أخرجه: الترمذي (2345). وقال: «هذا حديث حسن صحيح». الحديث: 84 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 48 8 - باب في الاستقامة (1) قَالَ الله تَعَالَى: {فَاسْتَقِمْ كَمَا أُمِرْتَ} [هود: 112]، وَقالَ تَعَالَى: {إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلائِكَةُ أَلاَّ تَخَافُوا وَلا تَحْزَنُوا وَأَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ الَّتِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ نَحْنُ أَوْلِيَاؤُكُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الآخِرَةِ وَلَكُمْ فِيهَا مَا تَشْتَهِي أَنْفُسُكُمْ وَلَكُمْ فِيهَا مَا تَدَّعُونَ نُزُلًا مِنْ غَفُورٍ رَحِيمٍ} [فصلت: 30 - 32]، وَقالَ تَعَالَى: {إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا فَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ أُولَئِكَ أَصْحَابُ الْجَنَّةِ خَالِدِينَ فِيهَا جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ} [الأحقاف: 13 - 14].   (1) الاستقامة: هي أن يثبت الإنسان على شريعة الله سبحانه وتعالى، كما أمر الله ويتقدمها الإخلاص. شرح رياض الصالحين 1/ 302. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 48 85 - وعن أبي عمرو، وقيل: أبي عَمرة سفيان بن عبد الله - رضي الله عنه - قَالَ: قُلْتُ: يَا رَسُول الله، قُلْ لي في الإسْلامِ قَولًا لاَ أَسْأَلُ عَنْهُ أَحَدًا غَيْرَكَ. قَالَ: «قُلْ: آمَنْتُ بِاللهِ، ثُمَّ اسْتَقِمْ». رواه مسلم. (1)   (1) أخرجه: مسلم 1/ 47 (38). أي الإيمان بوجود الله عز وجل وبربوبيته وبأسمائه وصفاته وأحكامه وأخباره، واستقم على شريعة الله. شرح رياض الصالحين 1/ 304. الحديث: 85 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 48 86 - وعن أبي هريرةَ - رضي الله عنه - قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم: «قَارِبُوا وَسَدِّدُوا، وَاعْلَمُوا [ص: 49] أَنَّهُ لَنْ يَنْجُوَ أَحَدٌ مِنْكُمْ بعَمَلِهِ» قالُوا: وَلاَ أَنْتَ يَا رَسُول الله؟ قَالَ: «وَلاَ أنَا إلاَّ أَنْ يَتَغَمَّدَني اللهُ برَحمَةٍ مِنهُ وَفَضْلٍ» (1) رواه مسلم. (2) وَ «المُقَاربَةُ»: القَصدُ الَّذِي لا غُلُوَّ فِيهِ وَلاَ تَقْصيرَ، وَ «السَّدادُ»: الاستقامة والإصابة. وَ «يتَغَمَّدني»: يلبسني ويسترني. قَالَ العلماءُ: مَعنَى الاِسْتِقَامَةِ لُزُومُ طَاعَةِ اللهِ تَعَالَى، قالوا: وهِيَ مِنْ جَوَامِعِ الكَلِم، وَهِيَ نِظَامُ الأُمُورِ؛ وبِاللهِ التَّوفِيقُ.   (1) في الحديث: أن الإنسان لا يعجب بعمله مهما كان، وفيه الإكثار من ذكر الله وسؤال الرحمة، وفيه حرص الصحابة على العلم. شرح رياض الصالحين 1/ 306. (2) أخرجه: البخاري 7/ 157 (5673)، ومسلم 8/ 141 (2816) (76). الحديث: 86 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 48 9 - باب في التفكر (1) في عظيم مخلوقات الله تَعَالَى وفناء الدنيا وأهوال الآخرة وسائر أمورهما وتقصير النفس وتهذيبها وحملها عَلَى الاستقامة قَالَ الله تَعَالَى: {إِنَّمَا أَعِظُكُمْ بِوَاحِدَةٍ أَنْ تَقُومُوا للهِ مَثْنَى وَفُرَادَى ثُمَّ تَتَفَكَّرُوا} [سبأ: 46]، وَقالَ تَعَالَى: {إِنَّ في خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَاخْتِلافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ لآياتٍ لأُولِي الأَلْبَابِ الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللهَ قِيَامًا وَقُعُودًا وَعَلَى جُنُوبِهِمْ وَيَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ رَبَّنَا مَا خَلَقْتَ هَذَا بَاطِلًا سُبْحَانَكَ} الآيات [آل عمران: 190 - 191]، وَقالَ تَعَالَى: {أَفَلا يَنْظُرُونَ إِلَى الإِبِلِ كَيْفَ خُلِقَتْ وَإِلَى السَّمَاءِ كَيْفَ رُفِعَتْ وَإِلَى الْجِبَالِ كَيْفَ نُصِبَتْ وَإِلَى الأَرْضِ كَيْفَ سُطِحَتْ فَذَكِّرْ إِنَّمَا أَنْتَ مُذَكِّرٌ} [الغاشية: 17 - 21]، وَقالَ تَعَالَى: {أَفَلَمْ يَسِيرُوا فِي الأَرْضِ فَيَنْظُرُوا} الآية [القتال: 10]. والآيات في الباب كثيرة. ومن الأحاديث الحديث السابق: «الكَيِّسُ مَنْ دَانَ نَفْسَهُ» (2).   (1) التفكر: هو أن الإنسان يعمل فكره في الأمر حتى يصل فيه إلى نتيجة، وقد أمر الله به. شرح رياض الصالحين 1/ 307. (2) انظر الحديث (66). الجزء: 1 ¦ الصفحة: 49 10 - باب في المبادرة إلى الخيرات وحثِّ من توجه لخير على الإقبال عليه بالجد من غير تردد قَالَ الله تَعَالَى: {فَاسْتَبِقُوا الْخَيْرَات} [البقرة: 148]، وَقالَ تَعَالَى: {وَسَارِعُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَاوَاتُ وَالأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ} [آل عمران: 133]. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 49 وأما الأحاديث: 87 - فالأولُ: عن أبي هريرة - رضي الله عنه: أن رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: «بَادِرُوا بِالأعْمَال فتنًا كقطَعِ اللَّيْلِ المُظْلِمِ، يُصْبحُ الرَّجُلُ مُؤْمِنًا وَيُمْسِي كَافِرًا، وَيُمْسِي مُؤمِنًا ويُصْبِحُ كَافِرًا، يَبيعُ دِينَهُ بعَرَضٍ مِنَ الدُّنيا». رواه مسلم. (1)   (1) أخرجه: مسلم 1/ 76 (118). وفي الحديث: الحث على المبادرة إلى الأعمال الصالحة. الحديث: 87 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 50 88 - الثَّاني: عن أبي سِروْعَة - بكسر السين المهملة وفتحها - عُقبةَ بن الحارث - رضي الله عنه - قَالَ: صَلَّيتُ وَرَاءَ النَّبيّ - صلى الله عليه وسلم - بالمَدِينَةِ العَصْرَ، فَسَلَّمَ ثُمَّ قَامَ مُسْرِعًا، فَتَخَطَّى رِقَابَ النَّاسِ إِلَى بعْضِ حُجَرِ نِسَائِهِ، فَفَزِعَ النَّاسُ مِنْ سُرْعَتِهِ، فَخَرَجَ عَلَيهمْ، فَرأى أنَّهُمْ قَدْ عَجبُوا مِنْ سُرعَتهِ، قَالَ: «ذَكَرتُ شَيئًا مِنْ تِبرٍ عِندَنَا فَكَرِهتُ أَنْ يَحْبِسَنِي فَأمَرتُ بِقِسْمَتِهِ» (1) رواه البخاري. (2) وفي رواية لَهُ: «كُنتُ خَلَّفتُ في البَيْتِ تِبرًا مِنَ الصَّدَقةِ فَكَرِهتُ أَنْ أُبَيِّتَهُ». «التِّبْرُ»: قِطَعُ ذَهَبٍ أَوْ فِضَّةٍ.   (1) في الحديث: جواز تخطي الرقاب بعد السلام من الصلاة ولا سيما إذا كانت لحاجة، بخلاف تخطي الرقاب قبل، فإن ذلك منهي عنه، لأنه إيذاء للناس، وفيه أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كغيره من البشر يلحقه النسيان، وفيه المبادرة إلى أداء الأمانة. شرح رياض الصالحين 1/ 323. (2) أخرجه: البخاري 1/ 215 (851) و20/ 140 (1430). الحديث: 88 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 50 89 - الثالث: عن جابر - رضي الله عنه - قَالَ: قَالَ رجلٌ للنبي - صلى الله عليه وسلم - يَومَ أُحُد: أَرَأيتَ إنْ قُتِلتُ فَأَيْنَ أَنَا؟ قَالَ: «فِي الجَنَّةِ» فَأَلْقَى تَمَرَاتٍ كُنَّ في يَدِهِ، ثُمَّ قَاتَلَ حَتَّى قُتِلَ. مُتَّفَقٌ عَلَيهِ. (1)   (1) أخرجه: البخاري 5/ 121 (4044)، ومسلم 6/ 43 (1899) (143). وفي الحديث: ثبوت الجنة للشهيد. الحديث: 89 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 50 90 - الرابع: عن أبي هريرة - رضي الله عنه - قَالَ: جاءَ رَجُلٌ إِلَى النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ: يَا رسولَ الله، أيُّ الصَّدَقَةِ أعْظَمُ أَجْرًا؟ قَالَ: «أنْ تَصَدَّقَ وَأَنتَ صَحيحٌ شَحيحٌ، تَخشَى الفَقرَ وتَأمُلُ الغِنَى، وَلاَ تُمهِلْ (1) حَتَّى إِذَا بَلَغتِ الحُلقُومَ قُلْتَ لِفُلان كذا ولِفُلانٍ كَذا، وقَدْ كَانَ لِفُلانٍ». مُتَّفَقٌ عَلَيهِ. (2) «الحُلقُومُ»: مَجرَى النَّفَسِ. وَ «المَرِيءُ»: مجرى الطعامِ والشرابِ.   (1) أي لا تترك الصدقة. (2) أخرجه: البخاري 2/ 137 (1419)، ومسلم 3/ 93 (1032). الحديث: 90 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 50 91 - الخامس: عن أنس - رضي الله عنه: أنَّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أخذ سيفًا يَومَ أُحُدٍ، فَقَالَ: «مَنْ يَأخُذُ مِنِّي هَذَا؟» فَبَسطُوا أَيدِيَهُمْ كُلُّ إنسَانٍ مِنْهُمْ يقُولُ: أَنَا أَنَا. قَالَ: «فَمَنْ يَأخُذُهُ بحَقِّه؟» فَأَحْجَمَ القَومُ فَقَالَ أَبُو دُجَانَةَ - رضي الله عنه: أنا آخُذُهُ بِحَقِّهِ، فأخذه فَفَلقَ بِهِ هَامَ المُشْرِكِينَ. رواه مسلم. (1) اسم أبي دجانةَ: سماك بن خَرَشة. قوله: «أحجَمَ القَومُ»: أي توقفوا. وَ «فَلَقَ بِهِ»: أي شق. «هَامَ المُشرِكينَ»: أي رُؤُوسَهم.   (1) أخرجه: مسلم 7/ 151 (2470) (128). الحديث: 91 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 51 92 - السادس: عن الزبير بن عدي، قَالَ: أتينا أنسَ بن مالك - رضي الله عنه - فشكونا إِلَيْه مَا نلقى مِنَ الحَجَّاجِ. فَقَالَ: «اصْبرُوا؛ فَإنَّهُ لاَ يَأتِي زَمَانٌ إِلاَّ والَّذِي بَعدَهُ شَرٌّ مِنهُ حَتَّى تَلقَوا رَبَّكُمْ» سَمِعتُهُ مِنْ نَبِيِّكُمْ - صلى الله عليه وسلم. رواه البخاري. (1)   (1) أخرجه: البخاري 9/ 61 (7068). الحديث: 92 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 51 93 - السابع: عن أبي هريرة - رضي الله عنه: أن رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: «بادِرُوا بِالأَعْمَالِ سَبْعًا، هَلْ تَنْتَظِرُونَ إلاَّ فَقرًا مُنسيًا (1)، أَوْ غِنىً مُطغِيًا، أَوْ مَرَضًا مُفسِدًا، أَوْ هَرَمًا مُفْندًا، أَوْ مَوتًا مُجْهزًا، أَوْ الدَّجَّالَ فَشَرُّ غَائِبٍ يُنْتَظَرُ، أَوْ السَّاعَةَ فالسَّاعَةُ أدهَى وَأَمَرُّ» رواه الترمذي، (2) وَقالَ: «حديث حسن».   (1) الفقر المنسي: ينسي طاعة الله وذكره، والغنى المطغي: يتجاوز به الحد حتى يشغله عن الدين، والمرض المفسد للبدن، والهرم المفند: حتى لا يمكن معه الحركة. والموت المجهز: الذي يقضي على العبد بالفناء. عارضة الأحوذي (2306). (2) أخرجه: الترمذي (2306). وقال: «حديث حسن غريب»، على أنَّ إسناد الحديث ضعيف جدًا، فيه محرر بن هارون متروك. الحديث: 93 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 51 94 - الثامن: عَنْهُ: أن رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم - قَالَ يَومَ خيبر: «لأُعْطِيَنَّ هذِهِ الرَّايَةَ رَجُلًا يُحِبُّ اللهَ وَرَسُولَهُ يَفتَحُ اللهُ عَلَى يَدَيهِ» قَالَ عُمَرُ - رضي الله عنه: مَا أحبَبْتُ الإِمَارَة إلاَّ يَومَئِذٍ، فَتَسَاوَرتُ لَهَا رَجَاءَ أَنْ أُدْعَى لَهَا، فَدَعا رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - عليّ بن أبي طالب - رضي الله عنه - فَأعْطَاهُ إيَّاهَا، وَقالَ: «امْشِ وَلَا تَلتَفِتْ حَتَّى يَفْتَح اللهُ عَلَيكَ» فَسَارَ عليٌّ شيئًا ثُمَّ وَقَفَ ولم [ص: 52] يلتفت فصرخ: يَا رَسُول الله، عَلَى ماذا أُقَاتِلُ النّاسَ؟ قَالَ: «قاتِلْهُمْ حَتَّى يَشْهَدُوا أَنْ لا إلهَ إلاَّ اللهُ، وَأنَّ مُحَمدًا رسولُ الله، فَإِذَا فَعَلُوا فقَدْ مَنَعوا مِنْكَ دِمَاءهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ إلاَّ بحَقِّهَا، وحسَابُهُمْ عَلَى الله». رواه مسلم. (1) «فَتَسَاوَرْتُ» هُوَ بالسين المهملة: أي وثبت متطلعًا.   (1) أخرجه: مسلم 7/ 121 (2405). الحديث: 94 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 51 11 - باب في المجاهدة قَالَ الله تَعَالَى: {وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِينَّهُمْ سُبُلَنَا وَإِنَّ اللهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ} [العنكبوت: 69]، وَقالَ تَعَالَى: {وَاعْبُدْ رَبَّكَ حَتَّى يَأْتِيَكَ الْيَقِينُ} [الحجر: 99]، وَقالَ تَعَالَى: {وَاذْكُرِ اسْمَ رَبِّكَ وَتَبَتَّلْ إِلَيْهِ تَبْتِيلًا} [المزمل: 8]: أي انْقَطِعْ إِلَيْه، وَقالَ تَعَالَى: {فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ} [الزلزلة: 7]، وَقالَ تَعَالَى: {وَمَا تُقَدِّمُوا لأَنْفُسِكُمْ مِنْ خَيْرٍ تَجِدُوهُ عِنْدَ اللهِ هُوَ خَيْرًا وَأَعْظَمَ أَجْرًا} [المزمل: 20]، وَقالَ تَعَالَى: {وَمَا تُنْفِقُوا مِنْ خَيْرٍ فَإِنَّ اللهَ بِهِ عَلِيمٌ} [البقرة: 273] والآيات في الباب كثيرة معلومة. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 52 95 - وأما الأحاديث: فالأول: عن أبي هريرة - رضي الله عنه - قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم: «إنَّ الله تَعَالَى قَالَ: مَنْ عادى لي وَلِيًّا فَقَدْ آذَنْتُهُ بالحَرْبِ، وَمَا تَقَرَّبَ إِلَيَّ عَبْدي بشَيءٍ أَحَبَّ إلَيَّ مِمَّا افْتَرَضْتُ عَلَيهِ، وَمَا يَزَالُ عَبْدِي يَتَقرَّبُ إلَيَّ بالنَّوافِلِ حَتَّى أحِبَّهُ، فَإذَا أَحبَبتُهُ كُنْتُ سَمعَهُ الَّذِي يَسْمَعُ بِهِ، وَبَصَرَهُ الَّذِي يُبْصِرُ بِهِ، ويَدَهُ الَّتي يَبْطِشُ بِهَا، وَرِجْلَهُ الَّتِي يَمْشي بِهَا، وَإنْ سَأَلَني أعْطَيْتُهُ، وَلَئِنِ اسْتَعَاذَنِي لأُعِيذَنَّهُ». رواه البخاري. (1) «آذَنتُهُ»: أعلمته بأني محارِب لَهُ. «اسْتَعَاذَني» روي بالنون وبالباءِ.   (1) أخرجه: البخاري 8/ 131 (6502). الحديث: 95 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 52 96 - الثاني: عن أنس - رضي الله عنه - عن النَّبيّ - صلى الله عليه وسلم - فيما يرويه عن ربّه - عز وجل - قَالَ: «إِذَا تَقَربَ العَبْدُ إلَيَّ شِبْرًا تَقَربْتُ إِلَيْه ذِرَاعًا، وَإِذَا تَقَرَّبَ إلَيَّ ذِرَاعًا تَقَربْتُ مِنهُ بَاعًا، وِإذَا أتَانِي يَمشي أتَيْتُهُ هَرْوَلَةً» (1) رواه البخاري. (2)   (1) قال الحافظ ابن حجر في الفتح 13/ 628 (7536): «معناه التقرب إليه بطاعته وأداء مفترضاته ونوافله، وتقربه سبحانه من عبده إثابته». (2) أخرجه: البخاري 9/ 191 (7536). الحديث: 96 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 52 97 - الثالث: عن ابن عباس رضي الله عنهما، قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم: «نِعْمَتَانِ مَغبونٌ فيهما كَثيرٌ مِنَ النَّاسِ: الصِّحَّةُ، وَالفَرَاغُ». رواه البخاري. (1)   (1) أخرجه: البخاري 8/ 109 (6412). الحديث: 97 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 53 98 - الرابع: عن عائشة رَضي الله عنها: أنَّ النَّبيّ - صلى الله عليه وسلم - كَانَ يقُومُ مِنَ اللَّيلِ حَتَّى تَتَفَطَّرَ (1) قَدَمَاهُ فَقُلْتُ لَهُ: لِمَ تَصنَعُ هَذَا يَا رسولَ الله، وَقدْ غَفَرَ الله لَكَ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِكَ وَمَا تَأَخَّرَ؟ قَالَ: «أَفَلا أُحِبُّ أَنْ أكُونَ عَبْدًا شَكُورًا». مُتَّفَقٌ عَلَيهِ، (2) هَذَا لفظ البخاري. ونحوه في الصحيحين من رواية المغيرة بن شعبة.   (1) أي تشققت. (2) أخرجه: البخاري 6/ 169 (4837)، ومسلم 8/ 141 (2820) (81). وأخرجه: البخاري 6/ 169 (4836)، ومسلم 8/ 141 (2819) (79) و (80) من حديث المغيرة. الحديث: 98 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 53 99 - الخامس: عن عائشة رضي الله عنها، أنَّها قَالَتْ: كَانَ رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم - إِذَا دَخَلَ العَشْرُ أَحْيَا اللَّيلَ، وَأَيْقَظَ أَهْلَهُ، وَجَدَّ وَشَدَّ المِئْزَر. مُتَّفَقٌ عَلَيهِ. (1) والمراد: العشر الأواخر مِنْ شهر رمضان. و «المِئْزَرُ»: الإزار، وَهُوَ كناية عن اعتزالِ النساءِ. وقيلَ: المُرادُ تَشْمِيرُهُ للِعِبَادةِ، يُقالُ: شَدَدْتُ لِهَذَا الأمْرِ مِئْزَري: أي تَشَمَّرْتُ وَتَفَرَّغْتُ لَهُ.   (1) أخرجه: البخاري 3/ 61 (2024)، ومسلم 3/ 175 (1174) (7). الحديث: 99 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 53 100 - السادس: عن أبي هريرة - رضي الله عنه - قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم: «المُؤْمِنُ القَوِيُّ خَيرٌ وَأَحَبُّ إِلَى اللهِ مِنَ المُؤْمِنِ الضَّعيفِ وَفي كُلٍّ خَيرٌ (1). احْرِصْ عَلَى مَا يَنْفَعُكَ، واسْتَعِنْ بِاللهِ وَلاَ تَعْجَزْ. وَإنْ أَصَابَكَ شَيءٌ فَلاَ تَقُلْ لَوْ أنّي فَعَلْتُ كَانَ كَذَا وَكَذَا، وَلَكِنْ قُلْ: قَدرُ (2) اللهِ، وَمَا شَاءَ فَعلَ؛ فإنَّ لَوْ تَفْتَحُ عَمَلَ الشَّيطَانِ». رواه مسلم. (3)   (1) قال النووي في شرح صحيح مسلم 8/ 382 (2664): «معناه في كل من القوي والضعيف خير، لاشتراكهما في الإيمان». (2) قال الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله: «قدَرُ الله وما شاء فعل، وبعضهم ضبطها (قدَّرَ الله وما شاء فعل) أي قدّر الشيء الواقع، والمعنى الأول أظهر، أي: أن هذا الواقع هو قدر الله أي مقدور الله، وما شاء الله فعل». شرح كتاب التوحيد: 250. (3) أخرجه: مسلم 8/ 56 (2664) (34). الحديث: 100 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 53 101 - السابع: عَنْهُ: أنَّ رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: «حُجِبَتِ النَّارُ بالشَّهَواتِ، وَحُجِبَتِ الجَنَّةُ بِالمَكَارِهِ». مُتَّفَقٌ عَلَيهِ. (1) وفي رواية لمسلم: «حُفَّتْ» بدل «حُجِبَتْ» وَهُوَ بمعناه: أي بينه وبينها هَذَا الحجاب فإذا فعله دخلها.   (1) أخرجه: البخاري 8/ 127 (6487)، ومسلم 8/ 143 (2823). الحديث: 101 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 54 102 - الثامن: عن أبي عبد الله حُذَيفَةَ بنِ اليمانِ رضي الله عنهما، قَالَ: صَلَّيْتُ مَعَ النَّبيّ - صلى الله عليه وسلم - ذَاتَ لَيلَةٍ فَافْتَتَحَ البقَرَةَ، فَقُلْتُ: يَرْكَعُ عِنْدَ المئَةِ، ثُمَّ مَضَى. فَقُلْتُ: يُصَلِّي بِهَا في ركعَة فَمَضَى، فقُلْتُ: يَرْكَعُ (1) بِهَا، ثُمَّ افْتَتَحَ النِّسَاءَ فَقَرَأَهَا، ثُمَّ افْتَتَحَ آلَ عِمْرَانَ فَقَرَأَهَا، يَقرَأُ مُتَرَسِّلًا: إِذَا مَرَّ بآية فِيهَا تَسبيحٌ سَبَّحَ، وَإذَا مَرَّ بسُؤَالٍ سَأَلَ، وَإذَا مَرَّ بتَعَوُّذٍ تَعَوَّذَ، ثُمَّ رَكَعَ، فَجَعَلَ يَقُولُ: «سُبْحَانَ رَبِّيَ العَظِيمِ» فَكَانَ رُكُوعُهُ نَحوًا مِنْ قِيَامِهِ، ثُمَّ قَالَ: «سَمِعَ اللهُ لِمَنْ حَمِدَهُ، رَبَّنَا لَكَ الحَمْدُ» ثُمَّ قَامَ طَويلًا قَريبًا مِمَّا رَكَعَ، ثُمَّ سَجَدَ، فَقَالَ: «سُبْحَانَ رَبِّيَ الأَعْلَى» فَكَانَ سُجُودُهُ قَريبًا مِنْ قِيَامِهِ. رواه مسلم. (2)   (1) قال النووي في شرح صحيح مسلم 3/ 255 (772): «معناه: ظننت أنه يسلّم بها فيقسمها على ركعتين، وأراد بالركعة الصلاة بكمالها وهي ركعتان، ولا بد من هذا التأويل فينتظم الكلام بعده. وعلى هذا فقوله: ثم مضى، معناه: قرأ معظمها بحيث غلب على ظني أنه لا يركع الركعة الأولى إلا في آخر البقرة، فحينئذٍ قلت: يركع الركعة الأولى بها. فجاوز وافتتح النساء». (2) أخرجه: مسلم 2/ 186 (772) (203). الحديث: 102 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 54 103 - التاسع: عن ابن مسعود - رضي الله عنه - قَالَ: صَلَّيْتُ مَعَ النَّبيّ - صلى الله عليه وسلم - لَيلَةً، فَأَطَالَ القِيامَ حَتَّى هَمَمْتُ بأمْرِ سُوءٍ! قيل: وَمَا هَمَمْتَ بِهِ؟ قَالَ: هَمَمْتُ أَنْ أجْلِسَ وَأَدَعَهُ. مُتَّفَقٌ عَلَيهِ. (1)   (1) أخرجه: البخاري 2/ 64 (1135)، ومسلم 2/ 186 (773) (204). الحديث: 103 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 54 104 - العاشر: عن أنس - رضي الله عنه - عن رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: «يَتْبَعُ المَيتَ ثَلاَثَةٌ: أهْلُهُ وَمَالُهُ وَعَملُهُ، فَيَرجِعُ اثنَانِ وَيَبْقَى وَاحِدٌ: يَرجِعُ أهْلُهُ وَمَالُهُ، وَيَبقَى عَملُهُ». مُتَّفَقٌ عَلَيهِ. (1)   (1) أخرجه: البخاري 8/ 134 (6514)، ومسلم 8/ 211 (2960) (5). الحديث: 104 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 54 105 - الحادي عشر: عن ابن مسعود - رضي الله عنه - قَالَ: قَالَ النَّبيّ - صلى الله عليه وسلم: «الجَنَّةُ أَقْرَبُ إِلَى أَحَدِكُمْ مِنْ شِرَاكِ نَعْلِهِ (1)، وَالنَّارُ مِثلُ ذلِكَ». رواه البخاري. (2)   (1) الشراك: أحد سيور النعل. دليل الفالحين 2/ 79. (2) أخرجه: البخاري 8/ 127 (6488). الحديث: 105 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 54 106 - الثاني عشر: عن أبي فِراسٍ ربيعةَ بنِ كعبٍ الأسلميِّ خادِمِ رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم - ومن أهلِ الصُّفَّةِ (1) رضي الله عنه - قَالَ: كُنْتُ أبِيتُ مَعَ رسولِ الله - صلى الله عليه وسلم - فآتِيهِ بِوَضُوئِهِ وَحَاجَتِهِ، فَقَالَ: «سَلْنِي» فقُلْتُ: اسْأَلُكَ مُرَافَقَتَكَ في الجَنَّةِ. فَقَالَ: «أَوَ غَيرَ ذلِكَ»؟ قُلْتُ: هُوَ ذَاكَ، قَالَ: «فأَعِنِّي عَلَى نَفْسِكَ بِكَثْرَةِ السُّجُودِ». رواه مسلم. (2)   (1) أهل الصفة: هم فقراء المهاجرين، ومن لم يكن له منْزل يسكنه، فكانوا يأوون إلى موضع مظلل في مسجد المدينة. النهاية 3/ 37. (2) أخرجه: مسلم 2/ 52 (489) (226). الحديث: 106 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 55 107 - الثالث عشر: عن أبي عبد الله، ويقال: أَبُو عبد الرحمان ثوبان - مولى رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم - رضي الله عنه - قَالَ: سَمِعْتُ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ: «عَلَيْكَ بِكَثْرَةِ السُّجُودِ؛ فَإِنَّكَ لَنْ تَسْجُدَ للهِ سَجْدَةً إلاَّ رَفَعَكَ اللهُ بِهَا دَرجَةً، وَحَطَّ عَنكَ بِهَا خَطِيئةً». رواه مسلم. (1)   (1) أخرجه: مسلم 2/ 51 (488) (225). الحديث: 107 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 55 108 - الرابع عشر: عن أَبي صَفوان عبد الله بنِ بُسْرٍ الأسلمي - رضي الله عنه - قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم: «خَيرُ النَّاسِ مَنْ طَالَ عُمُرهُ، وَحَسُنَ عَمَلُهُ». رواه الترمذي، وَقالَ: «حديث حسن». (1) «بُسْر» بضم الباء وبالسين المهملة.   (1) أخرجه: الترمذي (2329) وقال: «حديث حسن غريب». الحديث: 108 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 55 109 - الخامس عشر: عن أنس - رضي الله عنه - قَالَ: غَابَ عَمِّي أَنَسُ بْنُ النَّضْرِ - رضي الله عنه - عن قِتالِ بدرٍ، فَقَالَ: يَا رسولَ الله، غِبْتُ عَنْ أوّل قِتال قَاتَلْتَ المُشْرِكِينَ، لَئِن اللهُ أشْهَدَنِي قِتَالَ المُشركِينَ لَيُرِيَنَّ اللهُ مَا أصْنَعُ. فَلَمَّا كَانَ يَومُ أُحُدٍ انْكَشَفَ المُسْلِمونَ، فَقَالَ: اللَّهُمَّ أعْتَذِرُ إلَيْكَ مِمَّا صَنَعَ هؤُلاءِ - يعني: أصْحَابهُ - وأبْرَأُ إلَيْكَ مِمَّا صَنَعَ هؤُلاءِ - يَعني: المُشركِينَ - ثُمَّ تَقَدَّمَ فَاسْتَقْبَلهُ سَعدُ بْنُ مُعاذٍ، فَقَالَ: يَا سعدَ بنَ معاذٍ، الجَنَّةُ وربِّ الكعْبَةِ إنِّي أجِدُ ريحَهَا (1) منْ دُونِ أُحُدٍ. قَالَ سعدٌ: فَمَا اسْتَطَعتُ يَا رسولَ الله مَا صَنَعَ! قَالَ أنسٌ: فَوَجَدْنَا بِهِ بِضْعًا وَثَمانينَ ضَربَةً بالسَّيفِ، أَوْ طَعْنةً بِرمْحٍ، أَوْ رَمْيَةً [ص: 56] بسَهْمٍ، وَوَجَدْنَاهُ قَدْ قُتِلَ وَمَثَّلَ بِهِ المُشْرِكونَ فما عَرَفهُ أَحَدٌ إلاَّ أُخْتُهُ بِبَنَانِهِ. قَالَ أنس: كُنَّا نَرَى أَوْ نَظُنُّ أن هذِهِ الآية نزلت فِيهِ وفي أشباهه: {مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللهَ عَلَيْهِ} [الأحزاب: 23] إِلَى آخِرها. مُتَّفَقٌ عَلَيهِ. (2) قوله: «لَيُرِيَنَّ اللهُ» روي بضم الياء وكسر الراء: أي لَيُظْهِرَنَّ اللهُ ذلِكَ للنَّاس، وَرُويَ بفتحهما ومعناه ظاهر، والله أعلم.   (1) قال النووي في شرح صحيح مسلم 7/ 44 (1903): «وقد ثبتت الأحاديث أن ريحها توجد من مسيرة خمسمئة عام». (2) أخرجه: البخاري 4/ 23 (2805)، ومسلم 6/ 45 (1903) (148). الحديث: 109 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 55 110 - السادس عشر: عن أبي مسعود عقبة بن عمرو الأنصاري البدري - رضي الله عنه - قَالَ: لَمَّا نَزَلَتْ آيةُ الصَّدَقَةِ كُنَّا نُحَامِلُ عَلَى ظُهُورِنَا، فَجَاءَ رَجُلٌ فَتَصَدَّقَ بِشَيءٍ كَثيرٍ، فقالوا: مُراءٍ، وَجَاءَ رَجُلٌ آخَرُ فَتَصَدَّقَ بِصَاعٍ، فقالُوا: إنَّ اللهَ لَغَنيٌّ عَنْ صَاعِ هَذَا! فَنَزَلَتْ: {الَّذِينَ يَلْمِزُونَ الْمُطَّوِّعِينَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ فِي الصَّدَقَاتِ وَالَّذِينَ لا يَجِدُونَ إِلاَّ جُهْدَهُمْ} [التوبة: 79]. مُتَّفَقٌ عَلَيهِ، هذا لفظ البخاري (1). وَ «نُحَامِلُ» بضم النون وبالحاء المهملة: أي يحمل أحدنا عَلَى ظهره بالأجرة ويتصدق بِهَا.   (1) أخرجه: البخاري 2/ 136 (1415)، ومسلم 3/ 88 (1018) (72). الحديث: 110 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 56 111 - السابع عشر: عن سعيد بن عبد العزيز، عن ربيعة بن يزيد، عن أَبي إدريس الخولاني، عن أبي ذر جندب بن جُنادة - رضي الله عنه - عن النَّبيّ - صلى الله عليه وسلم - فيما يروي، عن اللهِ تَبَاركَ وتعالى، أنَّهُ قَالَ: «يَا عِبَادي، إنِّي حَرَّمْتُ الظُلْمَ عَلَى نَفْسي وَجَعَلْتُهُ بيْنَكم مُحَرَّمًا فَلا تَظَالَمُوا. يَا عِبَادي، كُلُّكُمْ ضَالّ إلاَّ مَنْ هَدَيْتُهُ فَاستَهدُوني أهْدِكُمْ. يَا عِبَادي، كُلُّكُمْ جَائِعٌ إلاَّ مَنْ أطْعَمْتُهُ فَاستَطعِمُوني أُطْعِمْكُمْ. يَا عِبَادي، كُلُّكُمْ عَارٍ إلاَّ مَنْ كَسَوْتُهُ فاسْتَكْسُونِي أكْسُكُمْ. يَا عِبَادي، إنَّكُمْ تُخْطِئُونَ باللَّيلِ وَالنَّهارِ وَأَنَا أغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا فَاسْتَغْفِرُوني أغْفِرْ لَكُمْ. يَا عِبَادي، إنَّكُمْ لَنْ تَبْلُغوا ضُرِّي فَتَضُرُّوني، وَلَنْ تَبْلُغُوا نَفعِي فَتَنْفَعُوني. يَا عِبَادي، لَوْ أنَّ أوَّلَكُمْ وَآخِرَكُمْ وَإِنْسَكُمْ وَجنَّكُمْ كَانُوا عَلَى أتْقَى قَلْبِ رَجُلٍ وَاحِدٍ مِنْكُمْ مَا زَادَ ذلِكَ في مُلكي شيئًا. يَا عِبَادي، لَوْ أنَّ أوَّلَكُمْ وَآخِرَكُمْ وَإِنْسَكُمْ وَجنَّكُمْ كَانُوا عَلَى أفْجَرِ قَلْبِ رَجُلٍ وَاحِدٍ مِنْكُمْ مَا نَقَصَ ذلِكَ من مُلكي شيئًا. يَا عِبَادي، لَوْ أنَّ أوَّلَكُمْ وَآخِرَكُمْ وَإِنْسَكُمْ وَجنَّكُمْ قَامُوا في صَعِيدٍ وَاحِدٍ فَسَألُوني فَأعْطَيتُ [ص: 57] كُلَّ إنْسَانٍ مَسْألَتَهُ مَا نَقَصَ ذلِكَ مِمَّا عِنْدِي إلاَّ كما يَنْقصُ المِخْيَطُ (1) إِذَا أُدْخِلَ البَحْرَ. يَا عِبَادي، إِنَّمَا هِيَ أعْمَالُكُمْ أُحْصِيهَا لَكُمْ ثُمَّ أوَفِّيكُمْ إِيَّاهَا، فَمَنْ وَجَدَ خَيرًا فَلْيَحْمَدِ الله وَمَنْ وَجَدَ غَيْرَ ذلِكَ فَلا يَلُومَنَّ إلاَّ نَفْسَهُ». قَالَ سعيد: كَانَ أَبُو إدريس إِذَا حَدَّثَ بهذا الحديث جَثا (2) عَلَى رُكبتيه. رواه مسلم. (3) وروينا عن الإمام أحمد بن حنبل رحمه الله، قَالَ: لَيْسَ لأهل الشام حديث أشرف من هَذَا الحديث (4).   (1) قال النووي في شرح صحيح مسلم 8/ 310 (2577): «قال العلماء: هذا تقريب إلى الأفهام، ومعناه لا ينقص شيئًا أصلًا. والمخيط: الإبرة». (2) أي جلس على ركبتيه. النهاية 1/ 239. (3) أخرجه: مسلم 8/ 17 (2577) (55). (4) انظر تعليق المصنف في كتابه " الأذكار " (1127). الحديث: 111 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 56 12 - باب الحث عَلَى الازدياد من الخير في أواخر العمر قَالَ الله تَعَالَى: {أَوَلَمْ نُعَمِّرْكُمْ مَا يَتَذَكَّرُ فِيهِ مَنْ تَذَكَّرَ وَجَاءكُمُ النَّذِيرُ} [فاطر: 37] قَالَ ابن عباس والمُحَقِّقُونَ: معناه أَو لَمْ نُعَمِّرْكُمْ سِتِّينَ سَنَةً؟ وَيُؤَيِّدُهُ الحديث الَّذِي سنذْكُرُهُ إنْ شاء الله تَعَالَى، وقيل: معناه ثماني عَشْرَة سَنَةً، وقيل: أرْبَعينَ سَنَةً، قاله الحسن والكلبي ومسروق ونُقِلَ عن ابن عباس أيضًا. وَنَقَلُوا أنَّ أَهْلَ المدينَةِ كانوا إِذَا بَلَغَ أَحَدُهُمْ أربْعينَ سَنَةً تَفَرَّغَ للعِبادَةِ، وقيل: هُوَ البُلُوغُ. وقوله تَعَالَى: {وجَاءكُمُ النَّذِيرُ} قَالَ ابن عباس والجمهور: هُوَ النَّبيّ - صلى الله عليه وسلم - وقيل: الشَّيبُ، قاله عِكْرِمَةُ وابن عُيَيْنَة وغيرهما. والله أعلم. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 57 وأما الأحاديث 112 - فالأول: عن أبي هريرةَ - رضي الله عنه - عن النَّبيّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: «أعْذَرَ الله إِلَى امْرِئٍ أَخَّرَ أجَلَهُ حَتَّى بَلَغَ سِتِّينَ سَنَةً». رواه البخاري. (1) قَالَ العلماء: معناه لَمْ يَتْرُكْ لَهُ عُذرًا إِذْ أمْهَلَهُ هذِهِ المُدَّةَ. يقال: أعْذَرَ الرجُلُ إِذَا بَلَغَ الغايَةَ في العُذْرِ.   (1) أخرجه: البخاري 8/ 111 (6419). الحديث: 112 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 57 113 - الثاني: عن ابن عباس رضي الله عنهما، قَالَ: كَانَ عمر - رضي الله عنه - يُدْخِلُنِي مَعَ أشْيَاخِ بَدرٍ فكأنَّ بَعْضَهُمْ وَجَدَ في نفسِهِ، فَقَالَ: لِمَ يَدْخُلُ هَذَا معنا ولَنَا أبْنَاءٌ مِثلُهُ؟! فَقَالَ عُمَرُ: [ص: 58] إنَّهُ منْ حَيثُ عَلِمْتُمْ! فَدعانِي ذاتَ يَومٍ فَأدْخَلَنِي مَعَهُمْ فما رَأيتُ أَنَّهُ دعاني يَومَئذٍ إلاَّ لِيُرِيَهُمْ، قَالَ: مَا تقُولُون في قولِ الله: {إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللهِ وَالْفَتْحُ}؟ [الفتح: 1] فَقَالَ بعضهم: أُمِرْنَا نَحْمَدُ اللهَ وَنَسْتَغْفِرُهُ إِذَا نَصَرنَا وَفَتحَ عَلَيْنَا، وَسَكتَ بَعْضُهُمْ فَلَمْ يَقُلْ شَيئًا. فَقَالَ لي: أَكَذلِكَ تقُول يَا ابنَ عباسٍ؟ فقلت: لا. قَالَ: فما تقول؟ قُلْتُ: هُوَ أجَلُ رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم - أعلَمَهُ لَهُ، قَالَ: {إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللهِ وَالْفَتْحُ} وذلك علامةُ أجَلِكَ {فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَاسْتَغْفِرْهُ إِنَّهُ كَانَ تَوَّابًا} فَقَالَ عمر - رضي الله عنه: مَا أعلم مِنْهَا إلاَّ مَا تقول. رواه البخاري. (1)   (1) أخرجه: البخاري 5/ 189 (4294). الحديث: 113 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 57 114 - الثالث: عن عائشة رضي الله عنها، قَالَتْ: مَا صلّى رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم - صلاةً بَعْدَ أَنْ نَزَلتْ عَلَيهِ: {إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللهِ وَالْفَتْحُ} إلاَّ يقول فِيهَا: «سُبحَانَكَ رَبَّنَا وَبِحَمْدِكَ، اللَّهُمَّ اغْفِرْ لي». مُتَّفَقٌ عَلَيهِ. (1) وفي رواية في الصحيحين عنها: كَانَ رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم - يُكْثِرُ أَنْ يقُولَ في ركُوعِه وسُجُودهِ: «سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ رَبَّنَا وَبِحَمدِكَ، اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِي»، يَتَأوَّلُ القُرآنَ. معنى: «يَتَأَوَّلُ القُرآنَ» أي يعمل مَا أُمِرَ بِهِ في القرآن في قوله تَعَالَى: {فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَاسْتَغْفِرْهُ}. وفي رواية لمسلم: كَانَ رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم - يُكثِرُ أَنْ يَقُولَ قَبلَ أَنْ يَمُوتَ: «سُبحَانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَ‍مدِكَ أسْتَغْفِرُكَ وَأتُوبُ إلَيْكَ». قَالَتْ عائشة: قُلْتُ: يَا رَسُول الله، مَا هذِهِ الكَلِماتُ الَّتي أرَاكَ أحْدَثْتَها تَقُولُهَا؟ قَالَ: «جُعِلَتْ لي عَلامَةٌ في أُمَّتِي إِذَا رَأيْتُها قُلتُها {إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللهِ وَالْفَتْحُ} ... إِلَى آخِرِ السورة». وفي رواية لَهُ: كَانَ رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - يُكثِرُ مِنْ قَولِ: «سبْحَانَ اللهِ وَبِحَمدِهِ أسْتَغفِرُ اللهَ وأتُوبُ إِلَيْهِ». قَالَتْ: قُلْتُ: يَا رسولَ اللهِ، أَراكَ تُكثِرُ مِنْ قَولِ سُبحَانَ اللهِ وَبِحَمدهِ أسْتَغْفِرُ اللهَ وأتُوبُ إِلَيْه؟ فَقَالَ: «أخبَرَني رَبِّي أنِّي سَأرَى عَلامَةً في أُمَّتي فإذا رَأيْتُها أكْثَرْتُ مِنْ قَولِ: سُبْحَانَ اللهِ وبِحَمدهِ أسْتَغْفرُ اللهَ وَأَتُوبُ إِلَيْه فَقَدْ رَأَيْتُهَا: {إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللهِ وَالْفَتْحُ} فتح مكّة، {وَرَأَيْتَ النَّاسَ يَدْخُلُونَ فِي دِينِ اللهِ أَفْوَاجًا، فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَاسْتَغْفِرْهُ إِنَّهُ كَانَ تَوَّابًا}».   (1) أخرجه: البخاري 6/ 220 (4967) و (4968)، ومسلم 2/ 50 (484) (217) و (218) و (219) و (220). الحديث: 114 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 58 115 - الرابع: عن أنس - رضي الله عنه - قَالَ: إنَّ اللهَ - عز وجل - تَابَعَ الوَحيَ عَلَى رسولِ الله - صلى الله عليه وسلم - قَبلَ وَفَاتهِ حَتَّى تُوُفِّيَ أكْثَرَ مَا كَانَ الوَحْيَ. مُتَّفَقٌ عَلَيهِ. (1)   (1) أخرجه: البخاري 6/ 224 (4982)، ومسلم 8/ 238 (3016). الحديث: 115 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 59 116 - الخامس: عن جابر - رضي الله عنه - قَالَ: قَالَ رسول الله - صلى الله عليه وسلم: «يُبْعَثُ كُلُّ عَبْدٍ عَلَى مَا مَاتَ عَلَيهِ». رواه مسلم. (1)   (1) أخرجه: مسلم 8/ 165 (2878). الحديث: 116 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 59 13 - باب في بيان كثرة طرق الخير قَالَ الله تَعَالَى: {وَمَا تَفْعَلُوا مِنْ خَيْرٍ فَإِنَّ اللهَ بِهِ عَلِيمٌ} [البقرة: 215]، وَقالَ تَعَالَى: {وَمَا تَفْعَلُوا مِنْ خَيْرٍ يَعْلَمْهُ الله} [البقرة: 197]، وَقالَ تَعَالَى: {فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ} [الزلزلة: 7]، وَقالَ تَعَالَى: {مَنْ عَمِلَ صَالِحًا فَلِنَفْسِهِ} [الجاثية: 15] والآيات في الباب كثيرة. وأما الأحاديث فكثيرة جدًا، وهي غيرُ منحصرةٍ فنذكُرُ طرفًا مِنْهَا: الجزء: 1 ¦ الصفحة: 59 117 - الأول: عن أبي ذر جُنْدبِ بنِ جُنَادَةَ - رضي الله عنه - قَالَ: قُلْتُ: يَا رسولَ الله، أيُّ الأعمالِ أَفْضَلُ؟ قَالَ: «الإِيمَانُ باللهِ وَالجِهادُ فِي سَبيلِهِ». قُلْتُ: أيُّ الرِّقَابِ أَفْضَلُ؟ قَالَ: «أنْفَسُهَا (1) عِنْدَ أَهلِهَا وَأَكثَرهَا ثَمَنًا». قُلْتُ: فإنْ لَمْ أفْعَلْ؟ قَالَ: «تُعِينُ صَانِعًا أَوْ تَصْنَعُ لأَخْرَقَ». قُلْتُ: يَا رَسُول الله، أرأيْتَ إنْ ضَعُفْتُ عَنْ بَعْضِ العَمَلِ؟ قَالَ: «تَكُفُّ شَرَّكَ عَنِ النَّاسِ؛ فإنَّهَا صَدَقَةٌ مِنْكَ عَلَى نَفْسِكَ». مُتَّفَقٌ عليه. (2) «الصَّانِعُ» بالصاد المهملة هَذَا هُوَ المشهور، وروي «ضائعًا» بالمعجمة: أي ذا ضِياع مِنْ فقرٍ أَوْ عيالٍ ونحوَ ذلِكَ، «وَالأَخْرَقُ»: الَّذِي لا يُتقِنُ مَا يُحَاوِل فِعلهُ.   (1) أي: أرفعها وأجودها. شرح صحيح مسلم 1/ 280 (84). (2) أخرجه: البخاري 3/ 188 (2518)، ومسلم 1/ 62 (84). الحديث: 117 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 59 118 - الثاني: عن أبي ذر أيضًا - رضي الله عنه: أنَّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: «يُصْبحُ عَلَى كُلِّ سُلاَمَى مِنْ أَحَدِكُمْ صَدَقةٌ: فَكُلُّ تَسبيحَةٍ صَدَقَةٌ، وَكُلُّ تَحمِيدَةٍ صَدَقَة، وَكُلُّ تَهْلِيلَةٍ صَدَقَةٌ، وَكُلُّ تَكبيرَةٍ صَدَقَةٌ، وَأَمْرٌ بِالمَعرُوفِ صَدَقةٌ، ونَهيٌ عَنِ المُنْكَرِ صَدَقةٌ، وَيُجزِىءُ مِنْ ذلِكَ رَكْعَتَانِ يَركَعُهُما مِنَ الضُّحَى». رواه مسلم. (1) [ص: 60] «السُّلامَى» بضم السين المهملة وتخفيف اللام وفتح الميم: المفصل.   (1) أخرجه: مسلم 2/ 158 (720). الحديث: 118 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 59 119 - الثالث: عَنْهُ، قَالَ: قَالَ النَّبيُّ - صلى الله عليه وسلم: «عُرِضَتْ عَلَيَّ أَعْمَالُ أُمَّتِي، حَسَنُهَا وَسَيِّئُهَا فَوَجَدْتُ في مَحَاسِنِ أَعْمَالِهَا الأذَى يُمَاطُ (1) عَنِ الطَّريقِ، وَوَجَدْتُ في مَسَاوِىءِ (2) أعمَالِهَا النُّخَاعَةُ تَكُونُ في المَسْجِدِ لاَ تُدْفَنُ». رواه مسلم. (3)   (1) يُزال ويُنحى. النهاية 4/ 380. (2) قال النووي في شرح صحيح مسلم 3/ 37 (553): «هذا القبح والذم لا يختص بصاحب النخاعة، بل يدخل فيه هو وكل من رآها ولا يزيلها بدفن أو حك ونحوه». (3) أخرجه: مسلم 2/ 77 (553). الحديث: 119 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 60 120 - الرابع: عَنْهُ: أنَّ ناسًا قالوا: يَا رَسُولَ الله، ذَهَبَ أهلُ الدُّثُور بالأُجُورِ، يُصَلُّونَ كَمَا نُصَلِّي، وَيَصُومُونَ كَمَا نَصُومُ، وَيَتَصَدَّقُونَ بِفُضُولِ أَمْوَالِهِمْ، قَالَ: «أَوَلَيسَ قَدْ جَعَلَ اللهُ لَكُمْ مَا تَصَدَّقُونَ بِهِ: إنَّ بِكُلِّ تَسْبِيحَةٍ صَدَقةً، وَكُلِّ تَكبيرَةٍ صَدَقَةً، وَكُلِّ تَحمِيدَةٍ صَدَقَةً، وَكُلِّ تَهْلِيلَةٍ صَدَقَةً، وَأمْرٌ بالمَعْرُوفِ صَدَقَةٌ، وَنَهْيٌ عَنِ المُنْكَرِ صَدَقَةٌ، وفي بُضْعِ (1) أَحَدِكُمْ صَدَقَةٌ» قالوا: يَا رسولَ اللهِ، أيَأتِي أَحَدُنَا شَهْوَتَهُ وَيَكُونُ لَهُ فِيهَا أَجْرٌ؟ قَالَ: «أَرَأَيتُمْ لَوْ وَضَعَهَا في حَرامٍ أَكَانَ عَلَيهِ وِزرٌ؟ فكذَلِكَ إِذَا وَضَعَهَا في الحَلالِ كَانَ لَهُ أَجْرٌ». رواه مسلم. (2) «الدُّثُورُ» بالثاء المثلثة: الأموال وَاحِدُهَا: دثْر.   (1) قال النووي في شرح صحيح مسلم 4/ 100 (1006): «فالجماع يكون عبادة إذا نوى به قضاء حق الزوجة ومعاشرتها بالمعروف». (2) أخرجه: مسلم 3/ 82 (1006). الحديث: 120 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 60 121 - الخامس: عَنْهُ، قَالَ: قَالَ لي النَّبيّ - صلى الله عليه وسلم: «لاَ تَحْقِرنَّ مِنَ المَعرُوفِ شَيئًا وَلَوْ أَنْ تَلقَى أَخَاكَ بِوَجْهٍ طَلِيقٍ». رواه مسلم. (1)   (1) أخرجه: مسلم 8/ 37 (2626). الحديث: 121 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 60 122 - السادس: عن أبي هريرةَ - رضي الله عنه - قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم: «كُلُّ سُلاَمَى مِنَ النَّاسِ عَلَيهِ صَدَقَةٌ، كُلَّ يَومٍ تَطلُعُ فِيهِ الشَّمْسُ: تَعْدِلُ بَينَ الاثْنَينِ صَدَقةٌ، وتُعِينُ الرَّجُلَ فِي دَابَّتِهِ، فَتَحْمِلُهُ عَلَيْهَا أَوْ تَرفَعُ لَهُ عَلَيْهَا مَتَاعَهُ صَدَقَةٌ، وَالكَلِمَةُ الطَيِّبَةُ صَدَقَةٌ، وبكلِّ خَطْوَةٍ تَمشِيهَا إِلَى الصَّلاةِ صَدَقَةٌ، وتُمِيطُ الأذَى عَنِ الطَّريقِ صَدَقَةٌ». مُتَّفَقٌ عَلَيهِ. (1) [ص: 61] ورواه مسلم أيضًا من رواية عائشة رَضي الله عنها، قَالَتْ: قَالَ رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم: «إنَّهُ خُلِقَ كُلُّ إنْسانٍ مِنْ بَنِي آدَمَ عَلَى سِتِّينَ وثلاثمِائَة مَفْصَل، فَمَنْ كَبَّرَ اللهَ، وحَمِدَ الله، وَهَلَّلَ اللهَ، وَسَبَّحَ الله، وَاسْتَغْفَرَ الله، وَعَزَلَ حَجَرًا عَنْ طَريقِ النَّاسِ، أَوْ شَوْكَةً، أَوْ عَظمًا عَن طَريقِ النَّاسِ، أَوْ أمَرَ بمَعْرُوف، أَوْ نَهَى عَنْ مُنكَر، عَدَدَ السِّتِّينَ والثَّلاثِمِائَة فَإنَّهُ يُمْسِي يَومَئِذٍ وقَدْ زَحْزَحَ نَفسَهُ عَنِ النَّارِ».   (1) أخرجه: البخاري 4/ 68 (2989)، ومسلم 3/ 83 (1009). وأخرجه: مسلم 3/ 82 (1007) عن عائشة. الحديث: 122 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 60 123 - السابع: عَنْهُ، عن النَّبيّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: «مَنْ غَدَا إِلَى المَسْجِد أَوْ رَاحَ، أَعَدَّ اللهُ لَهُ في الجَنَّةِ نُزُلًا كُلَّمَا غَدَا أَوْ رَاحَ». مُتَّفَقٌ عَلَيهِ. (1) «النُّزُلُ»: القوت والرزق وما يُهيأُ للضيف.   (1) أخرجه: البخاري 1/ 168 (662)، ومسلم 2/ 132 (669). الحديث: 123 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 61 124 - الثامن: عَنْهُ، قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم: «يَا نِسَاءَ المُسْلِمَاتِ، لاَ تَحْقِرنَّ جَارَةٌ لِجَارَتِهَا وَلَوْ فِرْسِنَ شَاةٍ» (1) مُتَّفَقٌ عَلَيهِ. (2) قَالَ الجوهري: الفرسِن منَ البَعيرِ كالحَافِرِ مِنَ الدَّابَةِ قَالَ: وَرُبَّمَا اسْتُعِيرَ في الشَّاةِ.   (1) قال النووي في شرح صحيح مسلم 4/ 123 (1030): «معناه لا تمتنع جارة من الصدقة والهدية لجارتها لاستقلالها واحتقارها الموجود عندها، بل تجود بما تيسّر وإن كان قليلًا كفرسن شاة، وهو خير من العدم». (2) أخرجه: البخاري 3/ 201 (2566)، ومسلم 3/ 93 (1030). الحديث: 124 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 61 125 - التاسع: عَنْهُ، عن النَّبيّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: «الإيمانُ بِضْعٌ وَسَبعُونَ أَوْ بِضعٌ وسِتُونَ شُعْبَةً: فَأفْضَلُهَا قَولُ: لاَ إلهَ إلاَّ اللهُ، وَأَدْنَاهَا إمَاطَةُ الأذَى عَنِ الطَّريقِ، والحَياءُ شُعبَةٌ مِنَ الإيمان». مُتَّفَقٌ عَلَيهِ. (1) «البِضْعُ» من ثلاثة إِلَى تسعة بكسر الباء وقد تفتح. وَ «الشُّعْبَةُ»: القطعة.   (1) أخرجه: البخاري 1/ 9 (9)، ومسلم 1/ 46 (35) (58). الحديث: 125 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 61 126 - العاشر: عَنْهُ: أنَّ رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: «بَينَما رَجُلٌ يَمشي بِطَريقٍ اشْتَدَّ عَلَيهِ العَطَشُ، فَوَجَدَ بِئرًا فَنَزَلَ فِيهَا فَشربَ، ثُمَّ خَرَجَ فإذَا كَلْبٌ يَلْهَثُ يأكُلُ الثَّرَى (1) مِنَ [ص: 62] العَطَشِ، فَقَالَ الرَّجُلُ: لَقَدْ بَلَغَ هَذَا الكَلْبُ مِنَ العَطَشِ مِثلُ الَّذِي كَانَ قَدْ بَلَغَ مِنِّي، فَنَزَلَ البِئْرَ، فَمَلأَ خُفَّهُ مَاءً ثُمَّ أمْسَكَهُ بفيهِ حَتَّى رَقِيَ، فَسَقَى الكَلْبَ، فَشَكَرَ اللهَ لَهُ، فَغَفَرَ لَهُ» قالوا: يَا رَسُول اللهِ، إنَّ لَنَا في البَهَائِمِ أَجْرًا؟ فقَالَ: «في كُلِّ كَبِدٍ رَطْبَةٍ أجْرٌ». (2) مُتَّفَقٌ عَلَيهِ. (3) وفي رواية للبخاري: «فَشَكَرَ اللهُ لَهُ، فَغَفَرَ لَهُ، فأدْخَلَهُ الجَنَّةَ» وفي رواية لهما: «بَيْنَما كَلْبٌ يُطِيفُ بِرَكِيَّةٍ قَدْ كَادَ يقتلُهُ العَطَشُ إِذْ رَأَتْهُ بَغِيٌّ (4) مِنْ بَغَايَا بَنِي إسْرَائِيل، فَنَزَعَتْ مُوقَها فَاسْتَقَتْ لَهُ بِهِ فَسَقَتْهُ فَغُفِرَ لَهَا بِهِ». «المُوقُ»: الخف. وَ «يُطِيفُ»: يدور حول «رَكِيَّةٍ»: وَهِي البئر.   (1) الثرى: التراب. النهاية 1/ 211. (2) قال النووي في شرح صحيح مسلم 7/ 408 (2244): «فيه الحث على الإحسان إلى الحيوان المحترم، وهو ما لا يؤمر بقتله». (3) أخرجه: البخاري 1/ 54 (173) و3/ 147 (2363) و4/ 211 (2467)، ومسلم 7/ 44 (2244) (153) و (155). (4) بغي: فاجرة زانية. النهاية 1/ 144. الحديث: 126 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 61 127 - الحادي عشر: عَنْهُ، عن النَّبيّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: «لَقدْ رَأيْتُ رَجُلًا يَتَقَلَّبُ في الجَنَّةِ في شَجَرَةٍ قَطَعَهَا مِنْ ظَهْرِ الطَرِيقِ كَانَتْ تُؤذِي المُسْلِمِينَ». رواه مسلم. (1) وفي رواية: «مَرَّ رَجُلٌ بِغُصْنِ شَجَرَةٍ عَلَى ظَهرِ طَرِيقٍ، فَقَالَ: وَاللهِ لأُنْحِيَنَّ هَذَا عَنِ المُسْلِمينَ لا يُؤذِيهِمْ، فَأُدخِلَ الجَنَّةَ». وفي رواية لهما: «بَيْنَمَا رَجُلٌ يَمْشي بِطَريقٍ وَجَدَ غُصْنَ شَوكٍ عَلَى الطريقِ فأخَّرَه فَشَكَرَ اللهُ لَهُ، فَغَفَرَ لَهُ».   (1) أخرجه: البخاري 1/ 167 (652)، ومسلم 6/ 51 (1914) و8/ 34 (1914) (127) و (128) و (129). الحديث: 127 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 62 128 - الثاني عشر: عَنْهُ، قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم: «مَنْ تَوَضَّأَ فَأَحْسَنَ الوُضُوءَ، ثُمَّ أَتَى الجُمعَةَ فَاسْتَمَعَ وَأَنْصَتَ غُفِرَ لَهُ مَا بَيْنَهُ وَبَيْن الجُمُعَةِ وَزِيادَةُ ثَلاثَةِ أيَّامٍ، وَمَنْ مَسَّ الحَصَا فَقَدْ لَغَا» (1) رواه مسلم. (2)   (1) قال النووي في شرح صحيح مسلم 3/ 328 (857): «في الحديث: استحباب وتحسين الوضوء، وإحسانه الإتيان به ثلاثًا ثلاثًا، ودلك الأعضاء وإطالة الغرة والتحجيل، وتقديم الميامن، والإتيان بسننه المشهورة، وفيه أن التنفل قبل خروج الإمام يوم الجمعة مستحب، وفيه النهي عن مس الحصا وغيره من أنواع العبث في حالة الخطبة». (2) أخرجه: مسلم 3/ 8 (857) (27). الحديث: 128 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 62 129 - الثالث عشر: عَنْهُ: أنَّ رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: «إِذَا تَوَضَّأ العَبْدُ المُسْلِمُ، أَو المُؤمِنُ فَغَسَلَ وَجْهَهُ خَرَجَ مِنْ وَجْهِهِ كُلُّ خَطِيئَةٍ نَظَرَ إِلَيْهَا بِعَينيهِ مَعَ المَاءِ، أَوْ مَعَ آخِرِ قَطْرِ المَاءِ، فَإِذا غَسَلَ يَدَيْهِ خَرَجَ مِنْ يَدَيهِ كُلُّ خَطِيئَة كَانَ بَطَشَتْهَا يَدَاهُ مَعَ المَاءِ، أَوْ مَعَ آخِرِ قَطْرِ المَاءِ، فَإِذَا غَسَلَ رِجْلَيهِ خَرَجَتْ كُلُّ خَطِيئَةٍ مشتها رِجْلاَهُ مَعَ المَاء أَوْ مَعَ آخِرِ قَطْرِ المَاءِ حَتَّى يَخْرُجَ نَقِيًّا مِنَ الذُّنُوبِ». رواه مسلم. (1)   (1) أخرجه: مسلم 1/ 148 (244) (32). الحديث: 129 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 63 130 - الرابع عشر: عَنْهُ، عن رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: «الصَّلَوَاتُ الخَمْسُ، وَالجُمُعَةُ إِلَى الجُمُعَةِ، وَرَمَضَانُ إِلَى رَمَضَانَ مُكَفِّراتٌ لِمَا بَيْنَهُنَّ إِذَا اجْتُنِبَتِ الكَبَائِرُ». رواه مسلم. (1)   (1) أخرجه: مسلم 1/ 144 (233) (16). الحديث: 130 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 63 131 - الخامس عشر: عَنْهُ، قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم: «ألا أَدُلُّكُمْ عَلَى مَا يَمْحُو اللهُ بِهِ الخَطَايَا وَيَرْفَعُ بِهِ الدَّرَجَاتِ؟» قَالُوا: بَلَى، يَا رسولَ اللهِ، قَالَ: «إِسْبَاغُ الوُضُوءِ عَلَى المَكَارِهِ (1)، وَكَثْرَةُ الخُطَا إِلَى المَسَاجِدِ، وَانْتِظَارُ الصَّلاةِ بَعْدَ الصَّلاةِ فَذلِكُمُ الرِّبَاطُ». رواه مسلم. (2)   (1) قال النووي 2/ 122 (251): «إسباغ الوضوء تمامه، والمكاره تكون بشدة البرد وألم الجسم ... ». (2) أخرجه: مسلم 1/ 151 (251). الحديث: 131 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 63 132 - السادس عشر: عن أبي موسى الأشعرِيِّ - رضي الله عنه - قَالَ: قَالَ رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم: «مَنْ صَلَّى البَرْدَيْنِ دَخَلَ الجَنَّةَ». مُتَّفَقٌ عَلَيهِ. (1) «البَرْدَانِ»: الصبح والعصر.   (1) أخرجه: البخاري 1/ 150 (574)، ومسلم 2/ 114 (635). الحديث: 132 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 63 133 - السابع عشر: عَنْهُ، قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم: «إِذَا مَرِضَ العَبْدُ أَوْ سَافَرَ كُتِبَ لَهُ مِثْلُ مَا كَانَ يَعْمَلُ مُقِيمًا صَحِيحًا». رواه البخاري. (1)   (1) أخرجه: البخاري 4/ 70 (2996). الحديث: 133 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 63 134 - الثامن عشر: عن جَابرٍ - رضي الله عنه - قَالَ: قَالَ رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم: «كُلُّ مَعْرُوفٍ صَدَقَةٌ». رواه البخاري، ورواه مسلم مِنْ رواية حُذَيفة - رضي الله عنه. (1)   (1) أخرجه: البخاري 8/ 13 (6021) عن جابر. وأخرجه: مسلم 3/ 82 (1005) عن حذيفة. الحديث: 134 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 63 135 - التاسع عشر: عَنْهُ، قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم: «مَا مِنْ مُسْلِمٍ يَغْرِسُ غَرْسًا إلاَّ كَانَ مَا أُكِلَ مِنْهُ لَهُ صَدَقَةً، وَمَا سُرِقَ مِنهُ لَهُ صَدَقَةً، وَلاَ يَرْزَؤُهُ أَحَدٌ إلاَّ كَانَ لَهُ صَدَقَةً». رواه مسلم. (1) وفي رواية لَهُ: «فَلاَ يَغْرِسُ المُسْلِمُ غَرْسًا فَيَأْكُلَ مِنْهُ إنْسَانٌ وَلاَ دَابَّةٌ وَلاَ طَيْرٌ إلاَّ كَانَ لَهُ صَدَقة إِلَى يَومِ القِيَامةِ». وفي رواية لَهُ: «لاَ يَغرِسُ مُسْلِمٌ غَرسًا، وَلاَ يَزرَعُ زَرعًا، فَيَأكُلَ مِنهُ إنْسَانٌ وَلاَ دَابَةٌ وَلاَ شَيءٌ، إلاَّ كَانَتْ لَهُ صَدَقَةً». وروياه جميعًا من رواية أنس - رضي الله عنه. قوله: «يَرْزَؤُهُ» أي ينقصه.   (1) أخرجه: مسلم 5/ 27 (1552) (7) و (8) و (10) من حديث جابر. وأخرجه: البخاري 3/ 135 (2320)، ومسلم 5/ 28 (1553) (12) و (13) من حديث أنس. الحديث: 135 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 64 136 - العشرون: عَنْهُ، قَالَ: أراد بنو سَلِمَةَ أَن يَنتقِلوا قرب المسجِدِ فبلغ ذلِكَ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ لهم: «إنَّهُ قَدْ بَلَغَني أنَّكُمْ تُرِيدُونَ أَنْ تَنتَقِلُوا قُربَ المَسجِد؟» فقالُوا: نَعَمْ، يَا رَسُول اللهِ قَدْ أَرَدْنَا ذلِكَ. فَقَالَ: «بَنِي سَلِمَةَ، دِيَارَكُمْ، تُكْتَبْ آثَارُكُمْ، ديَارَكُمْ تُكْتَبْ آثَارُكُمْ». رواه مسلم. (1) وفي روايةٍ: «إنَّ بِكُلِّ خَطوَةٍ دَرَجَةً». رواه مسلم. رواه البخاري أيضًا بِمَعناه مِنْ رواية أنس - رضي الله عنه. وَ «بَنُو سَلِمَةَ» بكسر اللام: قبيلة معروفة مِنَ الأنصار - رضي الله عنهم - وَ «آثَارُهُمْ»: خطاهُم.   (1) أخرجه: مسلم 2/ 131 (664) (279) و (665) (280) من حديث جابر. وأخرجه: البخاري 3/ 29 (1887) من حديث أنس. الحديث: 136 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 64 137 - الحادي والعشرون: عن أبي المنذِر أُبيِّ بنِ كَعْب - رضي الله عنه - قَالَ: كَانَ رَجُلٌ لا أعْلَمُ رَجلًا أبْعَدَ مِنَ المَسْجِدِ مِنْهُ، وَكَانَ لاَ تُخْطِئُهُ صَلاةٌ، فَقيلَ لَهُ أَوْ فَقُلْتُ لَهُ: لَوِ اشْتَرَيْتَ حِمَارًا تَرْكَبُهُ في الظَلْمَاء وفي الرَّمْضَاء؟ فَقَالَ: مَا يَسُرُّنِي أنَّ مَنْزِلي إِلَى جَنْبِ المَسْجِدِ إنِّي أريدُ أَنْ يُكْتَبَ لِي مَمشَايَ إِلَى المَسْجِدِ وَرُجُوعِي إِذَا رَجَعْتُ إِلَى أهْلِي، فَقَالَ رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم: «قَدْ جَمَعَ اللهُ لَكَ ذلِكَ كُلَّهُ» (1) رواه مسلم. (2) [ص: 65] وفي رواية: «إنَّ لَكَ مَا احْتَسَبْتَ». «الرَّمْضَاءُ»: الأرْضُ التي أصابها الحر الشديد.   (1) قال النووي في شرح صحيح مسلم 3/ 146 (663): «فيه إثبات الثواب في الخطا في الرجوع من الصلاة كما يثبت في الذهاب». (2) أخرجه: مسلم 2/ 130 (663). الحديث: 137 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 64 138 - الثاني والعشرون: عن أبي محمد عبدِ اللهِ بنِ عمرو بن العاصِ - رَضي الله عنهما، قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم: «أرْبَعُونَ خَصْلَةً: أعْلاَهَا مَنيحَةُ العَنْزِ، مَا مِنْ عَامِلٍ يَعْمَلُ بِخَصْلَة مِنْهَا؛ رَجَاءَ ثَوَابِهَا وتَصْدِيقَ مَوْعُودِهَا، إلاَّ أدْخَلَهُ اللهُ بِهَا الجَنَّةَ». رواه البخاري. (1) «المَنيحَةُ»: أَنْ يُعْطِيَهُ إِيَّاهَا لِيَأكُلَ لَبَنَهَا ثُمَّ يَرُدَّهَا إِلَيْهِ.   (1) أخرجه: البخاري 3/ 217 (2631). الحديث: 138 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 65 139 - الثالث والعشرون: عن عَدِي بنِ حَاتمٍ - رضي الله عنه - قَالَ: سمعت النَّبيّ - صلى الله عليه وسلم - يقول: «اتَّقُوا النَّارَ وَلَوْ بشقِّ (1) تَمْرَةٍ». مُتَّفَقٌ عَلَيهِ. (2) وفي رواية لهما عَنْهُ، قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم: «مَا مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ إلاَّ سَيُكَلِّمُهُ رَبُّهُ لَيْسَ بَينَهُ وَبَيْنَهُ تَرْجُمَانٌ، فَيَنْظُرُ أَيْمَنَ مِنْهُ فَلاَ يَرَى إلاَّ مَا قَدَّمَ، وَيَنْظُرُ أَشْأَمَ مِنْهُ فَلاَ يَرى إلاَّ مَا قَدَّمَ، وَيَنظُرُ بَيْنَ يَدَيهِ فَلاَ يَرَى إلاَّ النَّار تِلقَاءَ وَجْهِهِ، فَاتَّقُوا النَّارَ وَلَو بِشِقِّ تَمْرَةٍ، فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَبِكَلِمَةٍ طَيِّبَةٍ».   (1) قال النووي في شرح صحيح مسلم 4/ 109 (1016): «شق التمرة - بكسر الشين - نصفها وجانبها، وفيه الحث على الصدقة، وأن قليلها سبب للنجاة من النار. والترجمان: هو المعبر عن لسان بلسان وفيه أن الكلمة الطيبة سبب للنجاة من النار». (2) أخرجه: البخاري 2/ 136 (1417) و9/ 181 (7512)، ومسلم 3/ 86 (1016) (67) و (68). الحديث: 139 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 65 140 - الرابع والعشرون: عن أنس - رضي الله عنه - قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم: «إنَّ اللهَ لَيَرْضَى عَنِ العَبْدِ أَنْ يَأكُلَ الأَكْلَةَ، فَيَحمَدَهُ عَلَيْهَا، أَوْ يَشْرَبَ الشَّرْبَةَ، فَيَحْمَدَهُ عَلَيْهَا». (1) رواه مسلم. (2) وَ «الأَكْلَةُ» بفتح الهمزة: وَهيَ الغَدْوَةُ أَو العَشْوَةُ.   (1) قال النووي في شرح صحيح مسلم 9/ 45 (2734): «الأكلة: المرة الواحدة من الأكل كالغداء والعشاء، وفيه استحباب حمد الله تعالى عقب الأكل والشرب، ولو اقتصر على الحمد لله حصّل أصل السنة». (2) أخرجه: مسلم 8/ 87 (2734). الحديث: 140 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 65 141 - الخامس والعشرون: عن أَبي موسى - رضي الله عنه - عن النَّبيّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: «عَلَى كُلِّ [ص: 66] مُسْلِمٍ صَدَقَةٌ» قَالَ: أرأيتَ إنْ لَمْ يَجِدْ؟ قَالَ: «يَعْمَلُ بِيَدَيْهِ فَيَنْفَعُ نَفْسَهُ وَيَتَصَدَّقُ» قَالَ: أرأيتَ إن لَمْ يَسْتَطِعْ؟ قَالَ: «يُعِينُ ذَا الحَاجَةِ المَلْهُوفَ (1)» قَالَ: أرأيتَ إنْ لَمْ يَسْتَطِعْ، قَالَ: «يَأمُرُ بِالمَعْرُوفِ أوِ الخَيْرِ». قَالَ: أرَأيْتَ إنْ لَمْ يَفْعَلْ؟ قَالَ: «يُمْسِكُ عَنِ الشَّرِّ، فَإِنَّهَا صَدَقَةٌ». مُتَّفَقٌ عَلَيهِ. (2)   (1) قال النووي في شرح صحيح مسلم 4/ 101 (1008): «الملهوف يطلق على المتحسر والمضطر والمظلوم». (2) أخرجه: البخاري 8/ 13 (6022)، ومسلم 3/ 83 (1008). الحديث: 141 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 65 14 - باب في الاقتصاد في العبادة قَالَ الله تَعَالَى: {طه مَا أَنْزَلْنَا عَلَيْكَ الْقُرْآنَ لِتَشْقَى} [طه: 1]، وَقالَ تَعَالَى: {يُرِيدُ اللهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ} [البقرة: 185]. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 66 142 - وعن عائشة رضي الله عنها: أنَّ النَّبيّ - صلى الله عليه وسلم - دخل عَلَيْهَا وعِندها امرأةٌ، قَالَ: «مَنْ هذِهِ؟» قَالَتْ: هذِهِ فُلاَنَةٌ تَذْكُرُ مِنْ صَلاتِهَا. قَالَ: «مَهْ، عَلَيْكُمْ بِمَا تُطِيقُونَ، فَواللهِ لاَ يَمَلُّ اللهُ حَتَّى تَمَلُّوا» وكَانَ أَحَبُّ الدِّينِ إِلَيْهِ مَا دَاوَمَ صَاحِبُهُ عَلَيهِ. مُتَّفَقٌ عَلَيهِ. (1) وَ «مهْ»: كَلِمَةُ نَهْي وَزَجْر. ومَعْنَى «لاَ يَمَلُّ اللهُ»: لاَ يَقْطَعُ ثَوَابَهُ عَنْكُمْ وَجَزَاء أَعْمَالِكُمْ ويُعَامِلُكُمْ مُعَامَلةَ المَالِّ حَتَّى تَمَلُّوا فَتَتْرُكُوا، فَيَنْبَغِي لَكُمْ أَنْ تَأخُذُوا مَا تُطِيقُونَ الدَّوَامَ عَلَيهِ لَيدُومَ ثَوابُهُ لَكُمْ وَفَضْلُهُ عَلَيْكُمْ.   (1) أخرجه: البخاري 1/ 17 (43)، ومسلم 2/ 189 (785) (221). الحديث: 142 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 66 143 - وعن أنس - رضي الله عنه - قَالَ: جَاءَ ثَلاثَةُ رَهْطٍ إِلَى بُيُوتِ أزْوَاجِ النَّبيّ - صلى الله عليه وسلم - يَسْأَلُونَ عَنْ عِبَادَةِ النَّبيّ - صلى الله عليه وسلم - فَلَمَّا أُخْبِروا كَأَنَّهُمْ تَقَالُّوهَا وَقَالُوا: أَيْنَ نَحْنُ مِنَ النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم - وَقدْ غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ وَمَا تَأخَّرَ. قَالَ أحدُهُم: أمَّا أنا فَأُصَلِّي اللَّيلَ أبدًا. وَقالَ الآخَرُ: وَأَنَا أصُومُ الدَّهْرَ أَبَدًا وَلا أُفْطِرُ. وَقالَ الآخر: وَأَنا أعْتَزِلُ النِّسَاءَ فَلاَ أتَزَوَّجُ أبَدًا. فجاء رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - إليهم، فَقَالَ: «أنْتُمُ الَّذِينَ قُلْتُمْ كَذَا وَكَذَا؟ أَمَا واللهِ إنِّي لأخْشَاكُمْ للهِ، وَأَتْقَاكُمْ لَهُ، لَكِنِّي أصُومُ وَأُفْطِرُ، وأُصَلِّي وَأَرْقُدُ، وَأَتَزَوَّجُ النِّساءَ، فَمَنْ رَغِبَ (1) عَنْ سُنَّتِي فَلَيْسَ مِنِّي». مُتَّفَقٌ عَلَيهِ. (2)   (1) قال النووي في شرح صحيح مسلم 5/ 147 (1401): «معناه من رغب عنها إعراضًا عنها غير معتقد لها على ما هي عليه». (2) أخرجه: البخاري 7/ 2 (5063)، ومسلم 4/ 129 (1401) (5). الحديث: 143 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 66 144 - وعن ابن مسعود - رضي الله عنه: أنّ النَّبيّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: «هَلَكَ المُتَنَطِّعُونَ» قالها ثَلاثًا. رواه مسلم. (1) «المُتَنَطِّعونَ»: المتعمقون المشددون في غير موضِعِ التشديدِ.   (1) أخرجه: مسلم 8/ 58 (2670) (7). الحديث: 144 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 67 145 - عن أَبي هريرةَ - رضي الله عنه - عن النَّبيّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: «إنَّ الدِّينَ يُسْرٌ، وَلَنْ يُشَادَّ الدِّيْنُ إلاَّ غَلَبَهُ، فَسَدِّدُوا وَقَارِبُوا وَأبْشِرُوا، وَاسْتَعِينُوا بِالغَدْوَةِ وَالرَّوْحَةِ وَشَيءٍ مِنَ الدُّلْجَةِ». رواه البخاري. (1) وفي رواية لَهُ: «سَدِّدُوا وَقَارِبُوا، وَاغْدُوا وَرُوحُوا، وَشَيءٌ مِنَ الدُّلْجَةِ، القَصْدَ القَصْدَ تَبْلُغُوا». قوله: «الدِّينُ»: هُوَ مرفوع عَلَى مَا لَمْ يسم فاعله. وروي منصوبًا وروي «لن يشادَّ الدينَ أحدٌ». وقوله - صلى الله عليه وسلم: «إلا غَلَبَهُ»: أي غَلَبَهُ الدِّينُ وَعَجَزَ ذلِكَ المُشَادُّ عَنْ مُقَاوَمَةِ الدِّينِ لِكَثْرَةِ طُرُقِهِ. وَ «الغَدْوَةُ»: سير أولِ النهارِ. وَ «الرَّوْحَةُ»: آخِرُ النهارِ. وَ «الدُّلْجَةُ»: آخِرُ اللَّيلِ. وهذا استعارة وتمثيل، ومعناه: اسْتَعِينُوا عَلَى طَاعَةِ اللهِ - عز وجل - بِالأَعْمَالِ في وَقْتِ نَشَاطِكُمْ وَفَرَاغِ قُلُوبِكُمْ بِحَيثُ تَسْتَلِذُّونَ العِبَادَةَ ولا تَسْأَمُونَ وتبلُغُونَ مَقْصُودَكُمْ، كَمَا أنَّ المُسَافِرَ الحَاذِقَ يَسيرُ في هذِهِ الأوْقَاتِ ويستريح هُوَ وَدَابَّتُهُ في غَيرِهَا فَيَصِلُ المَقْصُودَ بِغَيْرِ تَعَب، واللهُ أعلم.   (1) أخرجه: البخاري 1/ 16 (39) و8/ 122 (6463). الحديث: 145 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 67 146 - وعن أنس - رضي الله عنه - قَالَ: دَخَلَ النَّبيُّ - صلى الله عليه وسلم - المَسْجِدَ فَإِذَا حَبْلٌ مَمْدُودٌ بَيْنَ السَّارِيَتَيْنِ، فَقَالَ: «مَا هَذَا الحَبْلُ؟» قالُوا: هَذَا حَبْلٌ لِزَيْنَبَ، فَإِذَا فَتَرَتْ (1) تَعَلَّقَتْ بِهِ. فَقَالَ النَّبيُّ - صلى الله عليه وسلم: «حُلُّوهُ، لِيُصلِّ أَحَدُكُمْ نَشَاطَهُ فَإِذَا فَتَرَ فَلْيَرْقُدْ». مُتَّفَقٌ عَلَيهِ. (2)   (1) فترت: أي كسلت عن القيام في الصلاة. دليل الفالحين 2/ 168. (2) أخرجه: البخاري 2/ 67 (1150)، ومسلم 2/ 189 (784) (219). الحديث: 146 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 67 147 - وعن عائشة رضي الله عنها: أنَّ رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: «إِذَا نَعَسَ أَحَدُكُمْ وَهُوَ يُصَلِّي فَلْيَرْقُدْ حَتَّى يَذْهَبَ عَنْهُ النَّومُ، فإِنَّ أحَدَكُم إِذَا صَلَّى وَهُوَ نَاعِسٌ لا يَدْرِي لَعَلَّهُ يَذْهَبُ يَسْتَغْفِرُ فَيَسُبُّ نَفْسَهُ». مُتَّفَقٌ عَلَيهِ. (1)   (1) أخرجه: البخاري 1/ 63 (212)، ومسلم 2/ 190 (786) (222). الحديث: 147 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 68 148 - وعن أَبي عبد الله جابر بن سمرة رضي الله عنهما، قَالَ: كُنْتُ أصَلِّي مَعَ النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم - الصَّلَوَاتِ، فَكَانتْ صَلاتُهُ قَصْدًا وَخُطْبَتُهُ قَصْدًا. رواه مسلم. (1) قوله: «قَصْدًا»: أي بين الطولِ والقِصرِ.   (1) أخرجه: مسلم 3/ 11 (866) (42). الحديث: 148 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 68 149 - وعن أبي جُحَيْفَة وَهْب بنِ عبد اللهِ - رضي الله عنه - قَالَ: آخَى النَّبيُّ - صلى الله عليه وسلم - بَيْنَ سَلْمَانَ وَأَبي الدَّرْداءِ، فَزارَ سَلْمَانُ أَبَا الدَّرداءِ فَرَأى أُمَّ الدَّرداءِ مُتَبَذِّلَةً (1)، فَقَالَ: مَا شَأنُكِ؟ قَالَتْ: أخُوكَ أَبُو الدَّردَاءِ لَيْسَ لَهُ حَاجَةٌ في الدُّنْيَا، فَجاءَ أَبُو الدَّرْدَاءِ فَصَنَعَ لَهُ طَعَامًا، فَقَالَ لَهُ: كُلْ فَإِنِّي صَائِمٌ، قَالَ: مَا أنا بِآكِلٍ حَتَّى تَأكُلَ فأكل، فَلَمَّا كَانَ اللَّيلُ ذَهَبَ أَبُو الدَّردَاءِ يَقُومُ فَقَالَ لَهُ: نَمْ، فنام، ثُمَّ ذَهَبَ يَقُومُ فَقَالَ لَهُ: نَمْ. فَلَمَّا كَانَ من آخِر اللَّيلِ قَالَ سَلْمَانُ: قُم الآن، فَصَلَّيَا جَمِيعًا فَقَالَ لَهُ سَلْمَانُ: إنَّ لِرَبِّكَ عَلَيْكَ حَقًّا، وَإِنَّ لِنَفْسِكَ عَلَيكَ حَقًّا، وَلأَهْلِكَ عَلَيكَ حَقًّا، فَأعْطِ كُلَّ ذِي حَقٍّ حَقَّهُ، فَأَتَى النَّبيَّ - صلى الله عليه وسلم - فَذَكَرَ ذلِكَ لَهُ فَقَالَ النَّبيُّ - صلى الله عليه وسلم: «صَدَقَ سَلْمَانُ». رواه البخاري. (2)   (1) متبذلة: أي لابسة ثياب المهنة تاركة ثياب الزينة. دليل الفالحين 2/ 171. (2) أخرجه: البخاري 8/ 40 (6139). الحديث: 149 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 68 150 - وعن أَبي محمد عبدِ اللهِ بنِ عَمْرو بن العاصِ رضي الله عنهما، قَالَ: أُخْبرَ النَّبيُّ - صلى الله عليه وسلم - أنِّي أقُولُ: وَاللهِ لأَصُومَنَّ النَّهَارَ، وَلأَقُومَنَّ اللَّيلَ مَا عِشْتُ. فَقَالَ رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم: «أنتَ الَّذِي تَقُولُ ذلِكَ؟» فَقُلْتُ لَهُ: قَدْ قُلْتُهُ بأبي أنْتَ وأمِّي يَا رسولَ الله. قَالَ: «فَإِنَّكَ لاَ تَسْتَطِيعُ ذلِكَ فَصُمْ وَأَفْطِرْ، وَنَمْ وَقُمْ، وَصُمْ مِنَ الشَّهْرِ ثَلاثةَ أيَّامٍ، فإنَّ الحَسَنَةَ بِعَشْرِ أمْثَالِهَا وَذَلكَ مِثلُ صِيامِ الدَّهْرِ»، قُلْتُ: فَإِنِّي أُطيقُ أَفْضَلَ مِنْ ذلِكَ، قَالَ: «فَصُمْ يَومًا الحديث: 150 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 68 [ص: 69] وَأَفْطِرْ يَوْمَيْنِ»، قُلْتُ: فَإنِّي أُطِيقُ أفضَلَ مِنْ ذلِكَ، قَالَ: «فَصُمْ يَومًا وَأفْطِرْ يَومًا فَذلِكَ صِيَامُ دَاوُد - صلى الله عليه وسلم - وَهُوَ أعْدَلُ الصيامِ». وفي رواية: «هُوَ أفْضَلُ الصِّيامِ» فَقُلْتُ: فَإِنِّي أُطيقُ أفْضَلَ مِنْ ذلِكَ، فَقَالَ رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم: «لا أفضَلَ مِنْ ذلِكَ»، وَلأنْ أكُونَ قَبِلْتُ الثَّلاثَةَ الأَيّامِ الَّتي قَالَ رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم - أحَبُّ إليَّ مِنْ أهْلي وَمَالي. وفي رواية: «أَلَمْ أُخْبَرْ أنَّكَ تَصُومُ النَّهَارَ وتَقُومُ اللَّيلَ؟» قُلْتُ: بَلَى، يَا رَسُول الله، قَالَ: «فَلاَ تَفْعَلْ: صُمْ وَأَفْطِرْ، وَنَمْ وَقُمْ؛ فإنَّ لِجَسَدِكَ عَلَيْكَ حَقًّا، وَإِنَّ لِعَيْنَيكَ عَلَيْكَ حَقًّا، وَإِنَّ لِزَوْجِكَ عَلَيْكَ حَقًّا، وَإِنَّ لِزَوْرِكَ (1) عَلَيْكَ حَقًّا، وَإنَّ بِحَسْبِكَ أَنْ تَصُومَ في كُلِّ شَهْرٍ ثَلاثَةَ أيَّامٍ، فإنَّ لَكَ بِكُلِّ حَسَنَةٍ عَشْرَ أمْثَالِهَا، فَإِنَّ ذلِكَ صِيَامُ الدَّهْر» فَشَدَّدْتُ فَشُدِّدَ عَلَيَّ، قُلْتُ: يَا رَسُول الله، إنِّي أجِدُ قُوَّةً، قَالَ: «صُمْ صِيَامَ نَبيِّ الله دَاوُد وَلاَ تَزد عَلَيهِ» قُلْتُ: وَمَا كَانَ صِيَامُ دَاوُد؟ قَالَ: «نِصْفُ الدَّهْرِ» فَكَانَ عَبدُ الله يقول بَعدَمَا كَبِرَ: يَا لَيتَنِي قَبِلْتُ رُخْصَة رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم. وفي رواية: «أَلَمْ أُخْبَرْ أَنَّكَ تَصُومُ الدَّهرَ، وَتَقْرَأُ القُرآنَ كُلَّ لَيْلَة؟» فقلت: بَلَى، يَا رَسُول الله، وَلَمْ أُرِدْ بذلِكَ إلاَّ الخَيرَ، قَالَ: «فَصُمْ صَومَ نَبيِّ اللهِ دَاوُد، فَإنَّهُ كَانَ أعْبَدَ النَّاسِ، وَاقْرَأ القُرْآنَ في كُلِّ شَهْر»، قُلْتُ: يَا نَبيَّ اللهِ، إنِّي أُطِيقُ أَفْضَلَ مِنْ ذلِكَ؟ قَالَ: «فاقرأه في كل عشرين» قُلْتُ: يَا نبي الله، إني أطيق أفضل من ذلِكَ؟ قَالَ: «فَاقْرَأهُ في كُلِّ عَشْر» قُلْتُ: يَا نبي اللهِ، إنِّي أُطيقُ أَفْضَلَ مِنْ ذلِكَ؟ قَالَ: «فاقْرَأهُ في كُلِّ سَبْعٍ وَلاَ تَزِدْ عَلَى ذلِكَ» فشدَّدْتُ فَشُدِّدَ عَلَيَّ وَقالَ لي النَّبيّ - صلى الله عليه وسلم: «إنَّكَ لا تَدرِي لَعَلَّكَ يَطُولُ بِكَ عُمُرٌ» قَالَ: فَصِرْتُ إِلَى الَّذِي قَالَ لي النَّبيُّ - صلى الله عليه وسلم. فَلَمَّا كَبِرْتُ وَدِدْتُ أنِّي كُنْتُ قَبِلتُ رُخْصَةَ نَبيِّ الله - صلى الله عليه وسلم. وفي رواية: «وَإِنَّ لِوَلَدِكَ عَلَيْكَ حَقًّا». وفي رواية: «لاَ صَامَ مَنْ صَامَ الأَبَدَ» ثلاثًا. وفي رواية: «أَحَبُّ الصِيَامِ إِلَى اللهِ تَعَالَى صِيَامُ دَاوُد، وَأَحَبُّ الصَّلاةِ إِلَى اللهِ تَعَالَى صَلاةُ دَاوُدَ: كَانَ ينام نصف الليل، ويقوم ثلثه، وينام سدسه، وكان يصوم يومًا ويفطر يومًا، وَلاَ يَفِرُّ إِذَا لاقَى».   (1) الزور: أي الزائر. النهاية 2/ 318. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 69 وفي رواية قال: «أنْكَحَني أَبي امرَأةً ذَاتَ حَسَبٍ وَكَانَ يَتَعَاهَدُ كنَّتَهُ - أي: امْرَأَةَ وَلَدِهِ - فَيَسْأَلُهَا عَنْ بَعْلِهَا. فَتقُولُ لَهُ: نِعْمَ الرَّجُلُ مِنْ رَجُلٍ لَمْ يَطَأْ لَنَا فِرَاشًا، وَلَمْ يُفَتِّشْ لَنَا كَنَفًا (1) مُنْذُ أتَيْنَاهُ. فَلَمَّا طَالَ ذلِكَ عَلَيهِ ذَكَرَ ذلك للنَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ: «القِنِي بِهِ» فَلَقيتُهُ بَعد ذلك، فَقَالَ: «كَيْفَ تَصُومُ؟» قُلْتُ: كُلَّ يَومٍ، قَالَ: «وَكَيْفَ تَخْتِمُ؟» قُلْتُ: كُلَّ لَيْلَةٍ، وَذَكَرَ نَحْوَ مَا سَبَقَ، وَكَانَ يَقْرَأُ عَلَى بَعْضِ أهْلِهِ السُّبُعَ الَّذِي يَقْرَؤُهُ، يَعْرِضُهُ مِنَ النَّهَارِ ليَكُونَ أخفّ عَلَيهِ باللَّيلِ، وَإِذَا أَرَادَ أَنْ يَتَقَوَّى أفْطَرَ أيَّامًا وَأحْصَى وَصَامَ مِثْلَهُنَّ كرَاهِيَةَ أَنْ يَترُكَ شَيئًا فَارَقَ عَلَيهِ النَّبيَّ - صلى الله عليه وسلم. كل هذِهِ الرواياتِ صحيحةٌ، مُعظمُها في الصحيحين، وقليل مِنْهَا في أحدِهِما. (2)   (1) كنفًا: أي لم يدخل يده معها كما يدخل الرجل يده مع زوجته في دواخل أمرها وتعني لم يقربها. النهاية 4/ 204. (2) أخرجه: البخاري 2/ 63 (1131) و3/ 51 (1975) و (1976) و (1977) و (1979) و4/ 195 (3418) و6/ 242 (5052) و (5054)، ومسلم 3/ 162 (1159) (181) و (182) و (183) و (186) و (187) و (189). الجزء: 1 ¦ الصفحة: 70 151 - وعن أبي رِبعِي حنظلة بنِ الربيعِ الأُسَيِّدِيِّ الكاتب أحدِ كتّاب رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: لَقِيَنِي أَبُو بَكر - رضي الله عنه - فَقَالَ: كَيْفَ أنْتَ يَا حنْظَلَةُ؟ قُلْتُ: نَافَقَ حَنْظَلَةُ! قَالَ: سُبْحَانَ الله مَا تَقُولُ؟! قُلْتُ: نَكُونُ عِنْدَ رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم - يُذَكِّرُنَا بالجَنَّةِ وَالنَّارِ كأنَّا رَأيَ عَيْنٍ (1) فإِذَا خَرَجْنَا مِنْ عِنْدِ رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم - عَافَسْنَا الأَزْواجَ وَالأَوْلاَدَ وَالضَّيْعَاتِ نَسينَا كَثِيرًا، قَالَ أَبُو بكر - رضي الله عنه: فَوَالله إنَّا لَنَلْقَى مِثْلَ هَذَا، فانْطَلَقْتُ أَنَا وأبُو بَكْر حَتَّى دَخَلْنَا عَلَى رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم. فقُلْتُ: نَافَقَ حَنْظَلَةُ يَا رَسُول اللهِ! فَقَالَ رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم: «وَمَا ذَاكَ؟» قُلْتُ: يَا رَسُول اللهِ، نَكُونُ عِنْدَكَ تُذَكِّرُنَا بِالنَّارِ والجَنَّةِ كأنَّا رَأيَ العَيْن فإِذَا خَرَجْنَا مِنْ عِنْدِكَ عَافَسْنَا الأَزْواجَ وَالأَوْلاَدَ وَالضَّيْعَاتِ نَسينَا كَثِيرًا. فَقَالَ رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم: «وَالَّذِي نَفْسي بِيَدِهِ، لَوْ تَدُومُونَ عَلَى مَا تَكُونونَ عِنْدِي، وَفي الذِّكْر، لصَافَحَتْكُمُ الملائِكَةُ عَلَى فُرُشِكُمْ وَفي طُرُقِكُمْ، لَكِنْ يَا حَنْظَلَةُ سَاعَةً وسَاعَةً» ثَلاَثَ مَرَات. رواه مسلم. (2) قولُهُ: «رِبْعِيٌّ» بِكسر الراء. وَ «الأُسَيِّدِي» بضم الهمزة وفتح السين وبعدها ياء مكسورة مشددة. وقوله: «عَافَسْنَا» هُوَ بِالعينِ والسينِ المهملتين أي: عالجنا ولاعبنا. وَ «الضَّيْعاتُ»: المعايش.   (1) قال النووي في شرح صحيح مسلم 9/ 59 (2750): «أي نراها رأي عين». (2) أخرجه: مسلم 8/ 94 (2750) (12). الحديث: 151 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 70 152 - وعنِ ابن عباس رضي الله عنهما، قَالَ: بينما النَّبيُّ - صلى الله عليه وسلم - يخطب إِذَا هُوَ برجلٍ قائم فسأل عَنْهُ، فقالوا: أَبُو إسْرَائيلَ نَذَرَ أَنْ يَقُومَ في الشَّمْسِ وَلاَ يَقْعُدَ، وَلاَ يَسْتَظِل، وَلاَ يَتَكَلَّمَ، وَيَصُومَ، فَقَالَ النَّبيّ - صلى الله عليه وسلم: «مُرُوهُ، فَلْيَتَكَلَّمْ، وَلْيَسْتَظِلَّ، وَلْيَقْعُدْ، وَلْيُتِمَّ صَوْمَهُ». رواه البخاري. (1)   (1) أخرجه: البخاري 8/ 178 (6704). الحديث: 152 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 71 15 - باب في المحافظة عَلَى الأعمال قَالَ الله تَعَالَى: {أَلَمْ يَأْنِ لِلَّذِينَ آمَنُوا أَنْ تَخْشَعَ قُلُوبُهُمْ لِذِكْرِ اللهِ وَمَا نَزَلَ مِنَ الْحَقِّ وَلا يَكُونُوا كَالَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلُ فَطَالَ عَلَيْهِمُ الأَمَدُ فَقَسَتْ قُلُوبُهُمْ} [الحديد: 16]، وَقالَ تَعَالَى: {وَقَفَّيْنَا بِعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ وَآتَيْنَاهُ الأِنْجِيلَ وَجَعَلْنَا فِي قُلُوبِ الَّذِينَ اتَّبَعُوهُ رَأْفَةً وَرَحْمَةً وَرَهْبَانِيَّةً ابْتَدَعُوهَا مَا كَتَبْنَاهَا عَلَيْهِمْ إِلاَّ ابْتِغَاءَ رِضْوَانِ اللهِ فَمَا رَعَوْهَا حَقَّ رِعَايَتِهَا} [الحديد: 27]، وَقالَ تَعَالَى: {وَلا تَكُونُوا كَالَّتِي نَقَضَتْ غَزْلَهَا مِنْ بَعْدِ قُوَّةٍ أَنْكَاثًا} [النحل: 92]، وَقالَ تَعَالَى: {وَاعْبُدْ رَبَّكَ حَتَّى يَأْتِيَكَ الْيَقِينُ} [الحجر: 99]. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 71 وَأَمَّا الأَحاديث فمنها: حديث عائشة: وَكَانَ أَحَبُّ الدِّين إِلَيْهِ مَا دَاوَمَ صَاحِبُهُ عَلَيهِ. وَقَدْ سَبَقَ في البَاب قَبْلَهُ (1). 153 - وعن عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم: «مَنْ نَامَ عَنْ حِزْبهِ (2) مِنَ اللَّيلِ، أَوْ عَنْ شَيءٍ مِنْهُ، فَقَرَأَهُ مَا بَيْنَ صَلاةِ الفَجْرِ وَصَلاةِ الظُّهْرِ، كُتِبَ لَهُ كَأَنَّمَا قَرَأَهُ مِنَ اللَّيلِ». رواه مسلم. (3)   (1) انظر الحديث (142). (2) الحزب: ما يجعله الرجل على نفسه من قراءة أو صلاة. النهاية 1/ 376. (3) أخرجه: مسلم 2/ 171 (747) (142). قال النووي في شرح صحيح مسلم 3/ 226 (747): «وفي الحديث استحباب المحافظة على الأوراد، وأنها إذا فاتت تقضى». الحديث: 153 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 71 154 - وعن عبد الله بن عَمْرو بن العاص رَضِيَ الله عنهما، قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم: «يَا عبدَ اللهِ، لاَ تَكُنْ مِثْلَ فُلان، كَانَ يَقُومُ اللَّيلَ فَتَرَكَ قِيَامَ اللَّيلِ». مُتَّفَقٌ عَلَيهِ. (1)   (1) أخرجه: البخاري 2/ 68 (1152)، ومسلم 3/ 164 (1159) (185). الحديث: 154 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 71 155 - وعن عائشة رضي الله عنها، قَالَتْ: كَانَ رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم - إِذَا فَاتَتْهُ الصَّلاةُ مِنَ اللَّيلِ مِنْ وَجَعٍ أَوْ غَيرِهِ، صَلَّى مِنَ النَّهارِ ثنْتَيْ عَشرَةَ رَكْعَةً. رواه مسلم. (1)   (1) أخرجه: مسلم 2/ 171 (746) (140). الحديث: 155 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 72 16 - باب في الأمر بالمحافظة عَلَى السنة وآدابها قَالَ الله تَعَالَى: {وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا} [الحشر: 7]، وَقالَ تَعَالَى: {وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى إِنْ هُوَ إِلا وَحْيٌ يُوحَى} [النجم:3 - 4]، وَقالَ تَعَالَى: {قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ} [آل عمران: 31]، وَقالَ تَعَالَى: {لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللهَ وَالْيَوْمَ الآخِر} [الأحزاب:21]، وَقالَ تَعَالَى: {فَلا وَرَبِّكَ لا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا} [النساء: 65]، وَقالَ تَعَالَى: {فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللهِ وَالرَّسُولِ} [النساء: 59] قَالَ العلماء: معناه إِلَى الكتاب والسُنّة، وَقالَ تَعَالَى: {مَنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ الله} [النساء:80]، وَقالَ تَعَالَى: {وَإِنَّكَ لَتَهْدِي إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ صِراطِ اللهِ} [الشورى: 52 - 53]، وَقالَ تَعَالَى: {فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ} [النور: 63]، وَقالَ تَعَالَى: {وَاذْكُرْنَ مَا يُتْلَى فِي بُيُوتِكُنَّ مِنْ آيَاتِ اللهِ وَالْحِكْمَةِ} [الأحزاب: 34]، والآيات في الباب كثيرة. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 72 وَأَما الأحاديث: 156 - فالأول: عن أبي هريرةَ - رضي الله عنه - عن النَّبيّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: «دَعُونِي مَا تَرَكْتُكُمْ، إِنَّمَا أهْلَكَ مَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ كَثْرَةُ سُؤَالِهِمْ واخْتِلافُهُمْ عَلَى أَنْبيَائِهِمْ، فَإِذَا نَهَيْتُكُمْ عَنْ شَيْء فَاجْتَنِبُوهُ، وَإِذَا أمَرْتُكُمْ بِأمْرٍ فَأْتُوا مِنْهُ مَا اسْتَطَعْتُمْ». مُتَّفَقٌ عَلَيهِ. (1)   (1) أخرجه: البخاري 9/ 116 (7288)، ومسلم 7/ 91 (1337) (131). الحديث: 156 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 72 157 - الثاني: عن أَبي نَجيحٍ العِرباضِ بنِ سَارية - رضي الله عنه - قَالَ: وَعَظَنَا رسولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - مَوعظةً بَليغَةً وَجِلَتْ مِنْهَا القُلُوبُ، وَذَرَفَتْ مِنْهَا العُيُونُ، فَقُلْنَا: يَا رسولَ اللهِ، كَأَنَّهَا مَوْعِظَةُ مُوَدِّعٍ فَأوْصِنَا، قَالَ: «أُوصِيكُمْ بِتَقْوَى اللهِ، وَالسَّمْعِ وَالطَّاعَةِ، وَإنْ تَأَمَّر عَلَيْكُمْ عَبْدٌ حَبَشِيٌّ، وَإِنَّهُ مَنْ يَعِشْ مِنْكُمْ فَسَيَرَى اختِلافًا كَثيرًا، فَعَليْكُمْ بسُنَّتِي وسُنَّةِ الخُلَفاءِ الرَّاشِدِينَ المَهْدِيِيِّنَ، عَضُّوا عَلَيْهَا بالنَّواجِذِ، وَإِيَّاكُمْ وَمُحْدَثَاتِ الأُمُورِ؛ فإنَّ كلَّ بِدعَةٍ ضَلاَلَة». رواه أَبُو داود والترمذي، وَقالَ: «حديث حسن صحيح» (1). [ص: 73] «النَّواجذُ» بالذال المعجمةِ: الأنيَابُ، وَقِيلَ: الأضْراسُ.   (1) أخرجه: أبو داود (4607)، وابن ماجه (43)، والترمذي (2676). الحديث: 157 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 72 158 - الثَّالثُ: عَنْ أَبي هريرةَ - رضي الله عنه: أنَّ رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: «كُلُّ أُمَّتِي يَدخُلُونَ الجَنَّةَ إلاَّ مَنْ أبَى (1)». قيلَ: وَمَنْ يَأبَى يَا رَسُول الله؟ قَالَ: «مَنْ أَطَاعَنِي دَخَلَ الجَنَّةَ، وَمَنْ عَصَانِي فَقَدْ أبَى». رواه البخاري. (2)   (1) أي امتنع. (2) أخرجه: البخاري 9/ 114 (7280). الحديث: 158 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 73 159 - الرابع: عن أَبي مسلم، وقيل: أَبي إياس سَلمة بنِ عمرو بنِ الأكوع - رضي الله عنه: أنَّ رَجُلًا أَكَلَ عِنْدَ رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم - بِشِمَالِهِ، فَقَالَ: «كُلْ بِيَمِينكَ» قَالَ: لا أسْتَطيعُ. قَالَ: «لاَ استَطَعْتَ» مَا مَنَعَهُ إلاَّ الكِبْرُ فمَا رَفَعَهَا إِلَى فِيهِ. رواه مسلم. (1)   (1) أخرجه: مسلم 6/ 109 (2021) (107). الحديث: 159 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 73 160 - الخامس: عن أَبي عبدِ الله النعمان بن بشير رَضيَ الله عنهما، قَالَ: سمعت رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: «لَتُسَوُّنَّ صُفُوفَكُمْ، أَوْ لَيُخَالِفَنَّ اللهُ بَيْنَ وُجُوهِكُمْ». مُتَّفَقٌ عَلَيهِ. (1) وفي رواية لمسلم: كَانَ رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم - يُسَوِّي صُفُوفَنَا حَتَّى كَأنَّما يُسَوِّي بِهَا القِدَاحَ (2) حَتَّى إِذَا رَأَى أَنَّا قَدْ عَقَلْنَا عَنْهُ. ثُمَّ خَرَجَ يَومًا فقامَ حَتَّى كَادَ أَنْ يُكَبِّرَ فرأَى رَجلًا بَاديًا صَدْرُهُ، فَقَالَ: «عِبَادَ الله، لَتُسَوُّنَّ صُفُوفَكُمْ أَوْ لَيُخَالِفَنَّ اللهُ بَيْنَ وُجُوهِكُمْ».   (1) أخرجه: البخاري 1/ 184 (717)، ومسلم 2/ 31 (436) (127) و (128). قال النووي في شرح صحيح مسلم 2/ 334 (436): «في الحديث الحث على تسوية الصفوف». (2) القداح: وهو خشب السهام. دليل الفالحين 2/ 210. الحديث: 160 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 73 161 - السادس: عن أَبي موسى - رضي الله عنه - قَالَ: احْتَرقَ بَيْتٌ بالمَدِينَةِ عَلَى أهْلِهِ مِنَ اللَّيلِ، فَلَمَّا حُدِّثَ رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - بشَأنِهِمْ، قَالَ: «إنَّ هذِهِ النَّارَ عَدُوٌّ لَكُمْ، فَإِذَا نِمْتُمْ، فَأَطْفِئُوهَا عَنْكُمْ». مُتَّفَقٌ عَلَيهِ. (1)   (1) أخرجه: البخاري 8/ 81 (6294)، ومسلم 6/ 107 (2016) (101). الحديث: 161 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 73 162 - السابع: عَنْهُ، قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم: «إنَّ مَثَلَ مَا بَعَثَنِي الله بِهِ مِنَ الهُدَى والعِلْم كَمَثَلِ غَيثٍ أَصَابَ أرْضًا فَكَانَتْ مِنْهَا طَائِفةٌ طَيِّبَةٌ، قَبِلَتِ المَاءَ فَأَنْبَتَتِ الكَلأَ [ص: 74] والعُشْبَ الكَثِيرَ، وَكَانَ مِنْهَا أَجَادِبُ (1) أمسَكَتِ المَاء فَنَفَعَ اللهُ بِهَا النَّاسَ، فَشَربُوا مِنْهَا وَسَقُوا وَزَرَعُوا، وَأَصَابَ طَائفةً مِنْهَا أخْرَى إنَّمَا هِيَ قيعَانٌ لا تُمْسِكُ مَاءً وَلاَ تُنْبِتُ كَلأً، فَذَلِكَ مَثَلُ مَنْ فَقُهَ في دِينِ اللهِ وَنَفَعَهُ بمَا بَعَثَنِي الله بِهِ فَعَلِمَ وَعَلَّمَ، وَمَثَلُ مَنْ لَمْ يَرْفَعْ بِذَلِكَ رَأسًا وَلَمْ يَقْبَلْ هُدَى اللهِ الَّذِي أُرْسِلْتُ بِهِ». مُتَّفَقٌ عَلَيهِ. (2) «فَقُهَ» بضم القافِ عَلَى المشهور وقيل بكسرِها: أي صار فقيهًا.   (1) الأجادب: أي صلاب الأرض التي تمسك الماء فلا تشربه سريعًا. النهاية 1/ 242. (2) أخرجه: البخاري 1/ 30 (79)، ومسلم 7/ 63 (2282) (15). الحديث: 162 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 73 163 - الثامن: عن جابر - رضي الله عنه - قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم: «مَثَلِي وَمَثَلُكُمْ كَمَثَلِ رَجُلٍ أَوْقَدَ نَارًا فَجَعَلَ الجَنَادِبُ وَالفَرَاشُ يَقَعْنَ فِيهَا، وَهُوَ يَذُبُّهُنَّ عَنْهَا، وَأَنَا آخذٌ بحُجَزكُمْ عَنِ النَّارِ، وَأنْتُمْ تَفَلَّتونَ مِنْ يَدَيَّ (1)». رواه مسلم. (2) «الجَنَادِبُ»: نَحوُ الجرادِ وَالفَرَاشِ، هَذَا هُوَ المَعْرُوف الَّذِي يَقَعُ في النَّارِ. وَ «الحُجَزُ»: جَمْعُ حُجْزَة وَهِيَ مَعْقدُ الإزَار وَالسَّراويل.   (1) قال النووي في شرح صحيح مسلم 8/ 44 (2285): «شبه - صلى الله عليه وسلم - الجاهلين والمخالفين بمعاصيهم وشهواتهم في نار الآخرة، وحرصهم على الوقوع فيها، مع منعه إياهم، بتساقط الفراش في نار الدنيا، لهواه وضعف تمييزه». (2) أخرجه: مسلم 7/ 64 (2285) (19). الحديث: 163 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 74 164 - التاسع: عَنْهُ: أنَّ رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم - أَمَرَ بِلَعْقِ (1) الأَصَابِعِ وَالصَّحْفَةِ (2)، وَقَالَ: «إنَّكُمْ لا تَدْرونَ في أَيِّها البَرَكَةُ». رواه مسلم. (3) وفي رواية لَهُ: «إِذَا وَقَعَتْ لُقْمَةُ أَحَدِكُمْ فَلْيَأخُذْهَا، فَليُمِطْ مَا كَانَ بِهَا مِنْ أذىً، وَلْيَأكُلْهَا وَلاَ يَدَعْهَا لِلشَّيطَانِ، وَلا يَمْسَحْ يَدَهُ بالمنْدِيلِ حَتَّى يَلْعَقَ أصَابعَهُ فَإِنَّهُ لاَ يَدْرِي في أيِّ طَعَامِهِ البَرَكَةُ». وفي رواية لَهُ: «إنَّ الشَّيطَانَ يَحْضُرُ أَحَدَكُمْ عِنْدَ كُلِّ شَيءٍ مِنْ شَأنِهِ، حَتَّى يَحْضُرَهُ عِنْدَ طَعَامِهِ، فَإذَا سَقَطَتْ مِنْ أَحَدِكُمْ اللُّقْمَةُ فَليُمِطْ مَا كَانَ بِهَا مِنْ أذَىً، فَلْيَأكُلْهَا وَلاَ يَدَعْهَا لِلشَّيطَانِ».   (1) لعق: أي لطع ما عليها من طعام. النهاية 4/ 254. (2) الصحفة: إناء كالقصعة المبسوطة ونحوها. النهاية 3/ 13. (3) أخرجه: مسلم 6/ 114 (2033) (133) و (134) و (135). الحديث: 164 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 74 165 - العاشر: عن ابن عباس رضي الله عنهما، قَالَ: قَامَ فِينَا رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم - بِمَوعِظَةٍ، فَقَالَ: «يَا أيُّهَا النَّاسُ، إنَّكُمْ مَحْشُورونَ إِلَى الله تَعَالَى حُفَاةً عُرَاةً غُرْلًا {كَمَا بَدَأْنَا أَوَّلَ خَلْقٍ نُعِيدُهُ وَعْدًا عَلَيْنَا إِنَّا كُنَّا فَاعِلِينَ} [الأنبياء: 103] ألا وَإنَّ أَوَّلَ الخَلائِقِ يُكْسَى يَومَ القِيَامَةِ إبراهيمُ - صلى الله عليه وسلم - ألا وَإِنَّهُ سَيُجَاءُ بِرجالٍ مِنْ أُمَّتي فَيُؤخَذُ بِهِمْ ذَاتَ الشَّمالِ، فَأَقُولُ: يَا رَبِّ أصْحَابِي. فَيُقَالُ: إنَّكَ لاَ تَدْرِي مَا أحْدَثُوا بَعْدَكَ. فَأقُولُ كَما قَالَ العَبدُ الصَّالِحُ: {وَكُنْتُ عَلَيْهِمْ شَهِيدًا مَا دُمْتُ فِيهِمْ} إِلَى قولِهِ: {العَزِيزُ الحَكِيمُ} [المائدة: 117 - 118] (1) فَيُقَالُ لِي: إنَّهُمْ لَمْ يَزَالُوا مُرْتَدِّينَ عَلَى أعْقَابِهِمْ مُنْذُ فَارَقْتَهُمْ (2)». مُتَّفَقٌ عَلَيهِ. (3) «غُرْلًا»: أي غَيرَ مَخْتُونِينَ.   (1) {وَكُنْتُ عَلَيْهِمْ شَهِيدًا مَا دُمْتُ فِيهِمْ فَلَمَّا تَوَفَّيْتَنِي كُنْتَ أَنْتَ الرَّقِيبَ عَلَيْهِمْ وَأَنْتَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ * إِنْ تُعَذِّبْهُمْ فَإِنَّهُمْ عِبَادُكَ وَإِنْ تَغْفِرْ لَهُمْ فَإِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ} [المائدة: 117 - 118] (2) قال النووي في شرح صحيح مسلم 9/ 166 (2860): «المقصود أنهم يحشرون كما خُلقوا لا شيء معهم، ولا يفقد منهم شيء». (3) أخرجه: البخاري 4/ 169 (3349)، ومسلم 8/ 157 (2860) (58). الحديث: 165 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 75 166 - الحادي عشر: عن أَبي سعيد عبد الله بن مُغَفَّلٍ - رضي الله عنه - قَالَ: نَهَى رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم - عَنِ الخَذْفِ (1)، وقالَ: «إنَّهُ لاَ يَقْتُلُ الصَّيْدَ، وَلاَ يَنْكَأُ (2) العَدُوَّ، وإنَّهُ يَفْقَأُ (3) العَيْنَ، وَيَكْسِرُ السِّنَّ». مُتَّفَقٌ عَلَيهِ. (4) وفي رواية: أنَّ قَريبًا لابْنِ مُغَفَّل خَذَفَ فَنَهَاهُ، وَقالَ: إنَّ رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم - نَهَى عَن الخَذْفِ، وَقَالَ: «إنَّهَا لاَ تَصِيدُ صَيدًا» ثُمَّ عادَ، فَقَالَ: أُحَدِّثُكَ أنَّ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - نَهَى عَنْهُ، ثُمَّ عُدْتَ تَخذفُ!؟ لا أُكَلِّمُكَ أَبَدًا (5).   (1) الخذف: هو أخذ حصاة أو نواة بين السبابتين ويرمى بها. النهاية 2/ 16. (2) ينكأ: أي لا يقتل. دليل الفالحين 2/ 221. (3) أي يشقها. النهاية 3/ 461. (4) أخرجه: البخاري 8/ 60 (6220)، ومسلم 6/ 72 (1954) (56). (5) قال النووي في شرح صحيح مسلم 7/ 94 (1954): «فيه هجران أهل البدع والفسوق ومنابذي السنة مع العلم». الحديث: 166 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 75 167 - وعَن عابس بن رَبيعة، قَالَ: رَأيْتُ عُمَرَ بن الخطاب - رضي الله عنه - يُقَبِّلُ الحَجَرَ [ص: 76] يَعْنِي: الأسْوَدَ - وَيَقُولُ: إني أَعْلَمُ أنَّكَ حَجَرٌ مَا تَنْفَعُ وَلاَ تَضُرُّ، وَلَولا أنِّي رَأيْتُ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - يُقَبِّلُكَ مَا قَبَّلْتُكَ (1). مُتَّفَقٌ عَلَيهِ. (2)   (1) قال الحافظ ابن حجر في الفتح 3/ 584 (1597): «في الحديث التسليم للشارع في أمور الدين، وحسن الاتباع فيما لم يكشف عن معانيها». (2) أخرجه: البخاري 2/ 183 (1597)، ومسلم 4/ 67 (1270) (251). الحديث: 167 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 75 17 - باب في وجوب الانقياد لحكم الله وما يقوله من دُعِيَ إِلَى ذلِكَ وأُمِرَ بمعروف أَوْ نُهِيَ عن منكر قَالَ الله تَعَالَى: {فَلا وَرَبِّكَ لا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا} [النساء: 65]، وَقالَ تَعَالَى: {إِنَّمَا كَانَ قَوْلَ الْمُؤْمِنِينَ إِذَا دُعُوا إِلَى اللهِ وَرَسُولِهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ أَنْ يَقُولُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ} [النور: 51]. وفيه من الأحاديث: حديث أَبي هريرة المذكور (1) في أول الباب قبله وغيره من الأحاديث فِيهِ.   (1) انظر الحديث (156). الجزء: 1 ¦ الصفحة: 76 168 - عن أَبي هريرة - رضي الله عنه - قَالَ: لَمَّا نَزَلَتْ عَلَى رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم: {للهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ وَإِنْ تُبْدُوا مَا فِي أَنْفُسِكُمْ أَو تُخْفُوهُ يُحَاسِبْكُمْ بِهِ اللهُ} الآية [البقرة: 283] اشْتَدَّ ذلِكَ عَلَى أصْحَابِ رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم - فَأتَوا رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم - ثُمَّ بَرَكُوا عَلَى الرُّكَبِ، فَقَالُوا: أيْ (1) رسولَ الله، كُلِّفْنَا مِنَ الأَعمَالِ مَا نُطِيقُ: الصَّلاةَ والجِهَادَ والصِّيامَ والصَّدَقَةَ، وَقَدْ أُنْزِلَتْ عَلَيْكَ هذِهِ الآيَةُ وَلا نُطيقُها. قَالَ رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم: «أتُرِيدُونَ أَنْ تَقُولُوا كَمَا قَالَ أَهْلُ الكتَابَينِ (2) مِنْ قَبْلِكُمْ: سَمِعْنَا وَعَصَيْنَا؟ بَلْ قُولُوا: سَمِعنَا وَأَطَعْنَا غُفْرَانَكَ رَبَّنَا وَإِلَيْكَ المَصِيرُ» فَلَمَّا اقْتَرَأَهَا (3) القومُ، وَذَلَّتْ بِهَا ألْسنَتُهُمْ أنْزَلَ اللهُ تَعَالَى في إثرِهَا: {آمَنَ الرَّسُولُ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْهِ مِنْ رَبِّهِ وَالْمُؤْمِنُونَ كُلٌّ آمَنَ بِاللهِ وَمَلائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ لا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْ رُسُلِهِ وَقَالُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا غُفْرَانَكَ رَبَّنَا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ} [البقرة: 285]. [ص: 77] فَلَمَّا فَعَلُوا ذلِكَ نَسَخَهَا اللهُ تَعَالَى، فَأنزَلَ الله - عز وجل: {لا يُكَلِّفُ اللهُ نَفْسًا إِلاَّ وُسْعَهَا لَهَا مَا كَسَبَتْ وَعَلَيْهَا مَا اكْتَسَبَتْ رَبَّنَا لا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا} [البقرة: 286] قَالَ: نَعَمْ {رَبَّنَا وَلا تَحْمِلْ عَلَيْنَا إِصْرًا كَمَا حَمَلْتَهُ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِنَا} قَالَ: نَعَمْ {رَبَّنَا وَلا تُحَمِّلْنَا مَا لا طَاقَةَ لَنَا بِه} قَالَ: نَعَمْ {وَاعْفُ عَنَّا وَاغْفِرْ لَنَا وَارْحَمْنَا أَنْتَ مَوْلانَا فَانْصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ} قَالَ: نَعَمْ. رواه مسلم. (4)   (1) حرف لنداء القريب. (2) اليهود والنصارى. (3) أي قرأها. انظر في هذا كله دليل الفالحين 1/ 229. (4) أخرجه مسلم 1/ 80 (125) (199). الحديث: 168 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 76 18 - باب في النهي عن البدع ومحدثات الأمور قَالَ الله تَعَالَى: {فَمَاذَا بَعْدَ الْحَقِّ إِلاَّ الضَّلال} [يونس: 32]، وَقالَ تَعَالَى: {مَا فَرَّطْنَا فِي الْكِتَابِ مِنْ شَيْء} [الأنعام: 38]، وَقالَ تَعَالَى: {فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللهِ وَالرَّسُولِ} [النساء: 59] أيِ الكِتَابِ وَالسُّنَّةِ. وَقالَ تَعَالَى: {وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ وَلا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ} [الأنعام: 153]، وَقالَ تَعَالَى: {قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ} [آل عمران:31] وَالآياتُ في البَابِ كَثيرةٌ مَعلُومَةٌ. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 77 وَأَمَّا اَلأحادِيثُ فَكَثيرَةٌ جدًا، وَهيَ مَشْهُورَةٌ فَنَقْتَصِرُ عَلَى طَرَفٍ مِنْهَا: 169 - عن عائشة رَضِي الله عنها، قَالَتْ: قَالَ رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم: «مَنْ أحْدَثَ في أمْرِنَا هَذَا مَا لَيْسَ مِنْهُ فَهُوَ رَدٌّ (1)». مُتَّفَقٌ عَلَيهِ. وفي رواية لمسلم: «مَنْ عَمِلَ عَمَلًا لَيْسَ عَلَيهِ أمرُنا فَهُوَ رَدٌّ (2)». (3)   (1) أي مردود عليه. النهاية 2/ 213. (2) قال المصنف في شرح صحيح مسلم 6/ 213 (1718): «هذا الحديث قاعدة عظيمة من قواعد الإسلام، وهو من جوامع كلمه - صلى الله عليه وسلم - فإنه صريح في رد كل البدع والمخترعات». (3) أخرجه: البخاري 3/ 241 (2697)، ومسلم 5/ 132 (1718) (17) و (18). الحديث: 169 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 77 170 - وعن جابر - رضي الله عنه - قَالَ: كَانَ رَسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم - إِذَا خَطَبَ احْمَرَّتْ عَينَاهُ، وَعَلا صَوتُهُ، وَاشْتَدَّ غَضَبُهُ، حَتَّى كَأنَّهُ مُنْذِرُ جَيشٍ، يَقُولُ: «صَبَّحَكُمْ وَمَسَّاكُمْ» وَيَقُولُ: «بُعِثتُ أنَا والسَّاعَةُ كَهَاتَينِ» وَيَقْرِنُ بَيْنَ أُصبُعَيهِ السَّبَّابَةِ وَالوُسْطَى، وَيَقُولُ: «أمَّا بَعْدُ، فَإنَّ خَيْرَ الحَديثِ كِتَابُ الله، وَخَيرَ الهَدْيِ هَدْيُ مُحَمَّدٍ - صلى الله عليه وسلم - وَشَرَّ الأُمُورِ مُحْدَثَاتُهَا، [ص: 78] وَكُلَّ بِدْعَة ضَلالَةٌ» ثُمَّ يَقُولُ: «أنَا أوْلَى بِكُلِّ مُؤمِنٍ مِنْ نَفسِهِ، مَنْ تَرَكَ مَالًا فَلأَهْلِهِ، وَمَنْ تَرَكَ دَيْنًا أَوْ ضَيَاعًا (1) فَإلَيَّ وَعَلَيَّ» (2) رواه مسلم. (3) وعن العرباض بن سَارية - رضي الله عنه - حدِيثه السابق (4) في بابِ المحافظةِ عَلَى السنةِ.   (1) الضياع: العيال. النهاية 3/ 107. (2) قال المصنف في شرح صحيح مسلم 3/ 339 (867): «فيه أنه يستحب للخطيب أن يفخم أمر الخطبة، ويرفع صوته، واستحباب قول: «أما بعد» في خطب الوعظ والجمعة والعيد، وكذا في خطب الكتب المصنفة». (3) أخرجه: مسلم 3/ 11 (867) (43). (4) انظر الحديث (157). الحديث: 170 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 77 19 - باب فيمن سن سنة حسنة أَوْ سيئة قَالَ الله تَعَالَى: {وَالَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا هَبْ لَنَا مِنْ أَزْوَاجِنَا وَذُرِّيَّاتِنَا قُرَّةَ أَعْيُنٍ وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَامًا} [الفرقان: 74]، وَقالَ تَعَالَى: {وَجَعَلْنَاهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا} [الأنبياء: 73]. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 78 171 - عن أَبي عمرو جرير بن عبد الله - رضي الله عنه - قَالَ: كنا في صَدْرِ النَّهَارِ عِنْدَ رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم - فَجَاءهُ قَومٌ عُرَاةٌ مُجْتَابي النِّمَار أَوْ العَبَاء، مُتَقَلِّدِي السُّيُوف، عَامَّتُهُمْ من مُضر بَلْ كُلُّهُمْ مِنْ مُضَرَ، فَتَمَعَّرَ رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم - لما رَأَى بِهِمْ مِنَ الفَاقَة (1)، فَدَخَلَ ثُمَّ خَرَجَ، فَأَمَرَ بِلالًا فَأَذَّنَ وَأَقَامَ، فصَلَّى ثُمَّ خَطَبَ، فَقَالَ: «{يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ} إِلَى آخر الآية: {إِنَّ اللهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا} [النساء: 1]، والآية الأُخْرَى التي في آخر الحَشْرِ: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللهَ وَلْتَنْظُرْ نَفْسٌ مَا قَدَّمَتْ لِغَدٍ} [الحشر: 18] تَصَدَّقَ رَجُلٌ مِنْ دِينَارِهِ، مِنْ دِرهمِهِ، مِنْ ثَوبِهِ، مِنْ صَاعِ بُرِّهِ، مِنْ صَاعِ تَمْرِهِ - حَتَّى قَالَ - وَلَوْ بِشقِّ تَمرَةٍ» فَجَاءَ رَجُلٌ مِنَ الأَنْصَارِ بِصُرَّةٍ كَادَتْ كَفُّهُ تَعجَزُ عَنهَا، بَلْ قَدْ عَجَزَتْ، ثُمَّ تَتَابَعَ النَّاسُ حَتَّى رَأيْتُ كَومَيْنِ مِنْ طَعَامٍ وَثِيَابٍ، حَتَّى رَأيْتُ وَجْهَ رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم - يَتَهَلَّلُ كَأنَّهُ مُذْهَبَةٌ. فَقَالَ رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم: «مَنْ سَنَّ في الإسلامِ سنَّةً حَسَنَةً فَلَهُ أجْرُهَا، وَأجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا بَعْدَهُ، مِنْ غَيرِ أَنْ يَنْقُصَ مِنْ أُجُورهمْ شَيءٌ، وَمَنْ سَنَّ في الإسْلامِ سُنَّةً سَيِّئَةً كَانَ عَلَيهِ وِزْرُهَا، وَوِزْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا مِنْ بَعْدِهِ، مِنْ غَيرِ أَنْ يَنْقُصَ مِنْ أوْزَارِهمْ شَيءٌ» (2) رواه مسلم. (3) [ص: 79] قَولُهُ: «مُجْتَابِي النِّمَارِ» هُوَ بالجيم وبعد الألِف باءٌ مُوَحَّدَةٌ، والنِّمَارِ جَمْعُ نَمِرَةٍ وَهِيَ كِسَاءٌ مِنْ صُوفٍ مُخَطَّطٌ. وَمَعْنَى «مُجْتَابِيهَا»، أي: لاَبِسيهَا قَدْ خَرَقُوهَا في رُؤوسِهِم. وَ «الجَوْبُ» القَطْعُ، ومِنْهُ قَولُهُ تعالى: {وَثَمُودَ الَّذِينَ جَابُوا الصَّخْرَ بِالْوَادِ} [الفجر: 9] أي نَحتُوهُ وَقَطَعُوهُ. وَقَولُهُ: «تَمَعَّرَ» هُوَ بالعين المهملة: أيْ تَغَيَّرَ. وَقَولُهُ: «رَأَيْتُ كَوْمَينِ» بفتح الكافِ وَضَمِّهَا: أي صُبْرَتَيْنِ. وَقَولُهُ: «كَأَنَّهُ مُذْهَبَةٌ» هُوَ بالذال المُعْجَمَةِ وفتح الهاءِ والباءِ الموحَّدةِ قالَهُ القاضي عِيَاضٌ وَغَيرُهُ وَصَحَّفَهُ بَعْضُهُمْ، فَقَالَ: «مُدْهُنَةٌ» بدَال مهملة وَضَمِّ الهاءِ وبالنونِ وكذا ضبطه الحميدي (4). والصحيح المشهور هُوَ الأول. والمراد بهِ عَلَى الوجهين: الصفاءُ والاستنارة.   (1) أي شدة الاحتياج. دليل الفالحين 2/ 237. (2) قال النووي في شرح صحيح مسلم 4/ 110 (1017): «فيه الحث على الابتداء بالخيرات وسن السنن الحسنات، والتحذير من اختراع الأباطيل والمستقبحات». (3) أخرجه: مسلم 3/ 86 (1017) (69). (4) الجمع بين الصحيحين 1/ 327 (506). الحديث: 171 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 78 172 - وعن ابنِ مسعود - رضي الله عنه: أن النَّبيّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: «لَيْسَ مِنْ نَفْس تُقْتَلُ ظُلْمًا إلاَّ كَانَ عَلَى ابْنِ آدَمَ الأوْلِ كِفْلٌ (1) مِنْ دَمِهَا، لأَنَّهُ كَانَ أوَّلَ مَنْ سَنَّ القَتلَ». مُتَّفَقٌ عَلَيهِ. (2)   (1) أي نصيب. لسان العرب 12/ 128 (كفل). (2) أخرجه: البخاري 9/ 127 (7321)، ومسلم 5/ 106 (1677) (27). الحديث: 172 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 79 20 - باب في الدلالة عَلَى خير والدعاء إِلَى هدى أَوْ ضلالة قَالَ تَعَالَى: {وَادْعُ إِلَى رَبِّكَ} [القصص: 87]، وَقالَ تَعَالَى: {ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَة} [النحل: 125]، وَقالَ تَعَالَى: {وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى} [المائدة:2]، وَقالَ تَعَالَى: {وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ} [آل عمران:104]. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 79 173 - وعن أَبي مسعود عُقبةَ بنِ عمرو الأنصاري البدري - رضي الله عنه - قَالَ: قَالَ رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم: «مَنْ دَلَّ عَلَى خَيْرٍ فَلَهُ مِثْلُ أجْرِ فَاعِلِهِ». رواه مسلم. (1)   (1) أخرجه: مسلم 6/ 41 (1893) (133). الحديث: 173 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 79 174 - وعن أَبي هريرة - رضي الله عنه: أنَّ رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: «مَنْ دَعَا إِلَى هُدَىً، كَانَ لَهُ مِنَ الأَجْرِ مِثْلُ أجُورِ مَنْ تَبِعَه، لاَ يَنْقُصُ ذلِكَ مِنْ أجُورِهمْ شَيئًا، وَمَنْ دَعَا إِلَى ضَلاَلَةٍ، كَانَ عَلَيهِ مِنَ الإثْمِ مِثْلُ آثَامِ مَنْ تَبِعَهُ، لاَ يَنْقُصُ ذلِكَ مِنْ آثَامِهِمْ شَيئًا». رواه مسلم. (1)   (1) أخرجه: مسلم 8/ 62 (2674) (16). الحديث: 174 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 79 175 - وعن أَبي العباس سهل بن سعد الساعدي - رضي الله عنه: أنَّ رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم - قَالَ يوم خَيبَر: «لأُعْطِيَنَّ الرَّايَةَ غَدًا رجلًا يَفْتَحُ الله عَلَى يَدَيهِ، يُحبُّ اللهَ وَرَسولَهُ، ويُحِبُّهُ اللهُ وَرَسُولُهُ»، فَبَاتَ النَّاسُ يَدُوكُونَ لَيْلَتَهُمْ أيُّهُمْ يُعْطَاهَا. فَلَمَّا أَصْبَحَ النَّاسُ غَدَوْا عَلَى رسولِ الله - صلى الله عليه وسلم - كُلُّهُمْ يَرْجُو أَنْ يُعْطَاهَا. فَقَالَ: «أينَ عَلِيُّ ابنُ أَبي طالب؟» فقيلَ: يَا رسولَ الله، هُوَ يَشْتَكي عَيْنَيهِ. قَالَ: «فَأَرْسِلُوا إِلَيْه» فَأُتِيَ بِهِ فَبَصَقَ رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - في عَيْنَيْهِ، وَدَعَا لَهُ فَبَرِىءَ حَتَّى كَأَنْ لَمْ يكُن بِهِ وَجَعٌ، فأَعْطاهُ الرَّايَةَ. فقَالَ عَليٌّ - رضي الله عنه: يَا رَسُول اللهِ، أُقاتِلُهمْ حَتَّى يَكُونُوا مِثْلَنَا؟ فَقَالَ: «انْفُذْ عَلَى رِسْلِكَ حَتَّى تَنْزِلَ بسَاحَتهِمْ، ثُمَّ ادْعُهُمْ إِلَى الإسْلاَمِ، وَأَخْبِرْهُمْ بِمَا يَجِبُ عَلَيْهِمْ مِنْ حَقِّ اللهِ تَعَالَى فِيهِ، فَوَالله لأَنْ يَهْدِيَ اللهُ بِكَ رَجُلًا وَاحِدًا خَيرٌ لَكَ مِنْ حُمْرِ النَّعَم». مُتَّفَقٌ عَلَيهِ. (1) قوله: «يَدُوكُونَ»: أي يَخُوضُونَ وَيَتَحَدَّثُونَ. وقوله: «رِسْلِكَ» بكسر الراءِ وبفتحها لغتانِ، والكسر أفصح.   (1) أخرجه: البخاري 5/ 171 (4210)، ومسلم 7/ 121 (2406) (34). الحديث: 175 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 80 176 - وعن أنس - رضي الله عنه: أن فتىً مِنْ أسلم، قَالَ: يَا رَسُول الله، إنِّي أُرِيدُ الغَزْوَ وَلَيْسَ معِي مَا أتَجَهَّز بِهِ، قَالَ: «ائتِ فُلاَنًا فإنَّهُ قَدْ كَانَ تَجَهَّزَ فَمَرِضَ» فَأتَاهُ، فَقَالَ: إنَّ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - يُقْرِئُكَ السَّلامَ، وَيَقُولُ: أعْطني الَّذِي تَجَهَّزْتَ بِهِ، فَقَالَ: يَا فُلاَنَةُ، أعْطِيهِ الَّذِي تَجَهَّزْتُ بِهِ، وَلا تَحْبِسي مِنْهُ شَيئًا، فَواللهِ لاَ تَحْبِسِين مِنْهُ شَيئًا فَيُبَاركَ لَكِ فِيهِ. رواه مسلم. (1)   (1) أخرجه: مسلم 6/ 41 (1894) (134). الحديث: 176 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 80 21 - باب في التعاون على البر والتقوى قَالَ الله تَعَالَى: {وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى} [المائدة: 2]، وَقالَ تَعَالَى: {وَالْعَصْرِ إِنَّ الإنْسَانَ لَفِي خُسْرٍ إِلاَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ} [العصر: 1 - 2] قَالَ الإمام الشافعي - رَحِمَهُ الله - كلامًا معناه: إنَّ النَّاسَ أَوْ أكثرَهم في غفلة عن تدبر هذِهِ السورة (1).   (1) ذكر ذلك ابن كثير. انظر مختصر تفسيره 3/ 643. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 80 177 - وعن أَبي عبد الرحمان زيد بن خالد الجهني - رضي الله عنه - قَالَ: قَالَ رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم: «مَنْ جَهَّزَ غَازِيًا في سَبيلِ اللهِ فَقَدْ غَزَا، وَمَنْ خَلَفَ غَازيًا في أهْلِهِ بِخَيرٍ فَقَدْ غَزَا». مُتَّفَقٌ عَلَيهِ. (1)   (1) أخرجه: البخاري 4/ 32 (2843)، ومسلم 6/ 41 (1895) (135). الحديث: 177 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 80 178 - وعن أَبي سعيد الخدري - رضي الله عنه: أن رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم - بعث بعثًا إِلَى بني لِحْيَان مِنْ هُذَيْلٍ، فَقَالَ: «لِيَنْبَعِثْ مِنْ كُلِّ رَجُلَيْنِ أَحَدُهُمَا وَالأجْرُ بَيْنَهُمَا». رواه مسلم. (1)   (1) أخرجه: مسلم 6/ 42 (1896) (137). الحديث: 178 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 81 179 - وعن ابن عباس رضي الله عنهما: أنَّ رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم - لَقِيَ رَكْبًا بالرَّوْحَاءِ (1)، فَقَالَ: «مَنِ القَوْمُ؟» قالوا: المسلمون، فقالوا: من أنتَ؟ قَالَ: «رَسُول الله»، فرفعت إِلَيْه امرأةٌ صبيًا، فَقَالَتْ: ألِهَذَا حَجٌّ؟ قَالَ: «نَعَمْ، وَلَكِ أجْرٌ». رواه مسلم. (2)   (1) موضع على نحو أربعين ميلًا من المدينة. مراصد الاطلاع 2/ 637. (2) أخرجه: مسلم 4/ 101 (1336) (409). الحديث: 179 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 81 180 - وعن أَبي موسى الأشعري - رضي الله عنه - عن النَّبيّ - صلى الله عليه وسلم - أنَّه قَالَ: «الخَازِنُ المُسْلِمُ الأمِينُ الَّذِي يُنفِذُ مَا أُمِرَ بِهِ فيُعْطيهِ كَامِلًا مُوَفَّرًا طَيِّبَةً بِهِ نَفْسُهُ فَيَدْفَعُهُ إِلَى الَّذِي أُمِرَ لَهُ بِهِ، أحَدُ المُتَصَدِّقين». مُتَّفَقٌ عَلَيهِ. (1) وفي رواية: «الَّذِي يُعْطِي مَا أُمِرَ بِهِ» وضبطوا «المُتَصَدِّقَينِ» بفتح القاف مَعَ كسر النون عَلَى التثنية، وعكسه عَلَى الجمعِ وكلاهما صحيح.   (1) أخرجه: البخاري 2/ 142 (1438)، ومسلم 3/ 90 (1023) (79). الحديث: 180 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 81 22 - باب في النصيحة قَالَ تَعَالَى: {إِنَّمَا المُؤْمِنُونَ إخْوَةٌ} [الحجرات: 10]، وَقالَ تَعَالَى: إخبارًا عن نوحٍ - صلى الله عليه وسلم: {وَأنْصَحُ لَكُمْ} [الأعراف: 62]، وعن هود - صلى الله عليه وسلم: {وَأنَا لَكُمْ نَاصِحٌ أمِينٌ} [الأعراف: 68]. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 81 وأما الأحاديث: 181 - فالأول: عن أَبي رُقَيَّةَ تَمِيم بن أوس الداريِّ - رضي الله عنه: أنَّ النَّبيّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: «الدِّينُ النَّصِيحةُ» قلنا: لِمَنْ؟ قَالَ: «لِلهِ وَلِكِتَابِهِ وَلِرَسُولِهِ وَلأئِمَّةِ المُسْلِمِينَ وَعَامَّتِهِمْ (1)». رواه مسلم. (2)   (1) قال المصنف في شرح صحيح مسلم 1/ 248 - 250 (55): «النصيحة لله تعالى: معناها منصرف إلى الإيمان به، ونفي الشريك عنه وترك الإلحاد في صفاته ووصفه بصفات الكمال، وأما النصيحة لكتابه سبحانه: فالإيمان بأنه كلام الله تعالى .. ، وأما النصيحة لرسوله - صلى الله عليه وسلم: فتصديقه على الرسالة والإيمان بجميع ما جاء به ... وأما النصيحة لأئمة المسلمين: فمعاونتهم على الحق وطاعتهم فيه .. وأما نصيحة عامة المسلمين: فإرشادهم لمصالحهم في آخرتهم ودنياهم .. والنصيحة لازمة على قدر الطاقة». (2) أخرجه: مسلم 1/ 53 (55) (95). الحديث: 181 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 81 182 - الثاني: عن جرير بن عبد الله - رضي الله عنه - قَالَ: بَايَعْتُ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - عَلَى إقَامِ الصَّلاةِ، وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ، والنُّصْحِ لِكُلِّ مُسْلِمٍ. مُتَّفَقٌ عَلَيهِ. (1)   (1) أخرجه: البخاري 1/ 139 (524)، ومسلم 1/ 54 (56) (97). الحديث: 182 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 82 183 - الثالث: عن أنس - رضي الله عنه - عن النَّبيّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: «لا يُؤمِنُ أحَدُكُمْ حَتَّى يُحِبَّ لأَخِيهِ مَا يُحبُّ لِنَفْسِهِ» (1) مُتَّفَقٌ عَلَيهِ. (2)   (1) قال المصنف في شرح صحيح مسلم 1/ 230 (45): «معناه لا يؤمن الإيمان التام». (2) أخرجه: البخاري 1/ 10 (13)، ومسلم 1/ 49 (45) (71). الحديث: 183 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 82 23 - باب في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر قَالَ الله تَعَالَى: {وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ} [آل عمران: 104]، وَقالَ تَعَالَى: {كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَر} [آل عمران: 110]، وَقالَ تَعَالَى: {خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ الْجَاهِلِينَ} [الأعراف: 199]، وَقالَ تَعَالَى: {وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ} [التوبة:71]، وَقالَ تَعَالَى: {لُعِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ بَنِي إِسْرائيلَ عَلَى لِسَانِ دَاوُدَ وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ ذَلِكَ بِمَا عَصَوْا وَكَانُوا يَعْتَدُونَ كَانُوا لا يَتَنَاهَوْنَ عَنْ مُنْكَرٍ فَعَلُوهُ لَبِئْسَ مَا كَانُوا يَفْعَلُونَ} [المائدة: 78]، وَقالَ تَعَالَى: {وَقُلِ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكُمْ فَمَنْ شَاءَ فَلْيُؤْمِنْ وَمَنْ شَاءَ فَلْيَكْفُرْ} [الكهف:29]، وَقالَ تَعَالَى: {فَاصْدَعْ بِمَا تُؤْمَر} [الحجر:94]، وَقالَ تَعَالَى: {فأَنْجَيْنَا الَّذِينَ يَنْهَوْنَ عَنِ السُّوءِ وَأَخَذْنَا الَّذِينَ ظَلَمُوا بِعَذَابٍ بَئِيسٍ بِمَا كَانُوا يَفْسُقُونَ} [الأعراف: 165] وَالآيات في الباب كثيرة معلومة. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 82 (1) - وأما الأحاديث: 184 - فالأول: عن أبي سعيد الخدري - رضي الله عنه - قَالَ: سَمِعت رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: «مَنْ رَأَى مِنْكُمْ مُنْكَرًا فَلْيُغَيِّرْهُ بِيَدِهِ، فَإنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَبِلِسَانِهِ، فَإنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَبِقَلْبِهِ، وَذَلِكَ أضْعَفُ (1) الإيمَانِ». رواه مسلم. (2)   (1) قال المصنف في شرح صحيح مسلم 1/ 238 (49): «معناه والله أعلم أقله ثمرة». (2) أخرجه: مسلم 1/ 50 (49) (78). الحديث: 184 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 82 185 - الثاني: عن ابن مسعود - رضي الله عنه: أن رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: «مَا مِنْ نَبيٍّ بَعَثَهُ اللهُ [ص: 83] في أمَّة قَبْلِي إلاَّ كَانَ لَهُ مِنْ أُمَّتِهِ حَوَارِيُّونَ (1) وَأصْحَابٌ يَأخُذُونَ بِسنَّتِهِ وَيَقْتَدُونَ بِأَمْرِهِ، ثُمَّ إِنَّهَا تَخْلُفُ مِنْ بَعْدِهِمْ خُلُوفٌ (2) يَقُولُونَ مَا لاَ يَفْعَلُونَ، وَيَفْعَلُونَ مَا لاَ يُؤْمَرونَ، فَمَنْ جَاهَدَهُمْ بِيَدِهِ فَهُوَ مُؤْمِنٌ، وَمَنْ جَاهَدَهُمْ بِقَلبِهِ فَهُوَ مُؤمِنٌ، وَمَنْ جَاهَدَهُمْ بِلسَانِهِ فَهُوَ مُؤمِنٌ، وَلَيسَ وَرَاءَ ذلِكَ مِنَ الإيمَانِ حَبَّةُ خَرْدَل». رواه مسلم. (3)   (1) الحواريون: خلصاؤه وأنصاره. النهاية 1/ 458. (2) الخلف: كل من يجيء بعد من مضى. النهاية 2/ 66. (3) أخرجه: مسلم 1/ 50 (50) (80). الحديث: 185 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 82 186 - الثالث: عن أبي الوليدِ عبادة بن الصامِت - رضي الله عنه - قَالَ: بَايَعْنَا رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم - عَلَى السَّمْعِ والطَّاعَةِ في العُسْرِ واليُسْرِ، والمَنْشَطِ وَالمَكْرَهِ، وَعَلَى أثَرَةٍ عَلَيْنَا، وَعَلَى أَنْ لاَ نُنَازِعَ الأمْرَ أهْلَهُ إلاَّ أَنْ تَرَوْا كُفْرًا بَوَاحًا عِنْدَكُمْ مِنَ اللهِ تَعَالَى فِيهِ بُرْهَانٌ، وَعَلَى أَنْ نَقُولَ بالحَقِّ أيْنَمَا كُنَّا، لاَ نَخَافُ في اللهِ لَوْمَةَ لاَئِمٍ. مُتَّفَقٌ عَلَيهِ. (1) «المَنْشَطُ وَالمَكْرَهُ» بفتح ميمَيْهِما: أي في السهل والصعب. وَ «الأثَرَةُ»: الاختِصاص بالمشترَكِ وقد سبق بيانها. «بَوَاحًا» بفتح الباءِ الموحدة بعدها واو ثُمَّ ألف ثُمَّ حاءٌ مهملة: أي ظاهِرًا لا يحتمل تأويلًا.   (1) أخرجه: البخاري 9/ 59 (7055) و96 (7199)، ومسلم 6/ 16 (1709) (41). الحديث: 186 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 83 187 - الرابع: عن النعمان بن بشير رضي الله عنهما، عن النَّبيّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: «مَثَلُ القَائِمِ في حُدُودِ اللهِ وَالوَاقعِ فِيهَا، كَمَثَلِ قَومٍ اسْتَهَمُوا عَلَى سَفِينَةٍ فَصَارَ بَعْضُهُمْ أعْلاهَا وَبَعْضُهُمْ أَسْفَلَهَا، وَكَانَ الَّذِينَ في أَسْفَلِهَا إِذَا اسْتَقَوا مِنَ المَاءِ مَرُّوا عَلَى مَنْ فَوْقهُمْ، فَقَالُوا: لَوْ أنَّا خَرَقْنَا في نَصِيبِنَا خَرْقًا وَلَمْ نُؤذِ مَنْ فَوقَنَا، فَإِنْ تَرَكُوهُمْ وَمَا أرَادُوا هَلَكُوا جَميعًا، وَإنْ أخَذُوا عَلَى أَيدِيهِمْ نَجَوا وَنَجَوْا جَميعًا». رواه البخاري. (1) «القَائِمُ في حُدُودِ اللهِ تَعَالَى» معناه: المنكر لَهَا، القائم في دفعِها وإزالتِها، وَالمُرادُ بالحُدُودِ: مَا نَهَى الله عَنْهُ. «اسْتَهَمُوا»: اقْتَرَعُوا.   (1) أخرجه: البخاري 3/ 182 (2493). الحديث: 187 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 83 188 - الخامس: عن أُمِّ المؤمنين أم سلمة هند بنت أَبي أمية حذيفة رضي الله عنها، عن النَّبيّ - صلى الله عليه وسلم - أنه قَالَ: «إنَّهُ يُسْتَعْمَلُ عَلَيْكُمْ أُمَرَاءُ فَتَعرِفُونَ وتُنْكِرُونَ، فَمَنْ كَرِهَ فَقَدْ بَرِئَ، وَمَنْ أنْكَرَ فَقَدْ سَلِمَ، وَلَكِنْ مَنْ رَضِيَ وَتَابَعَ» قَالوا: يَا رَسُول اللهِ، ألا نُقَاتِلهم؟ قَالَ: «لا، مَا أَقَامُوا فِيكُمُ الصَّلاَةَ». رواه مسلم. (1) [ص: 84] معناه: مَنْ كَرِهَ بِقَلْبهِ وَلَمْ يَسْتَطِعْ إنْكَارًا بِيَدٍ وَلا لِسَانٍ فقَدْ بَرِىءَ مِنَ الإِثْمِ، وَأَدَّى وَظيفَتَهُ، وَمَنْ أَنْكَرَ بحَسَبِ طَاقَتِهِ فَقَدْ سَلِمَ مِنْ هذِهِ المَعْصِيَةِ وَمَنْ رَضِيَ بِفِعْلِهِمْ وَتَابَعَهُمْ فَهُوَ العَاصِي.   (1) أخرجه: مسلم 6/ 23 (1854) (63). الحديث: 188 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 83 189 - السادس: عن أم المؤمنين أم الحكم زينب بنتِ جحش رَضِي الله عنها: أن النَّبيّ - صلى الله عليه وسلم - دخل عَلَيْهَا فَزِعًا، يقول: «لا إلهَ إلاّ الله، وَيلٌ للْعَرَبِ مِنْ شَرٍّ قَدِ اقْتَرَبَ، فُتِحَ اليَوْمَ مِنْ رَدْمِ يَأجُوجَ وَمَأجُوجَ مِثلَ هذِهِ»، وحلّق بأُصبُعيهِ الإبهامِ والتي تليها، فقلتُ: يَا رَسُول الله، أنَهْلِكُ وَفِينَا الصَّالِحُونَ؟ قَالَ: «نَعَمْ، إِذَا كَثُرَ الخَبَثُ (1)». مُتَّفَقٌ عَلَيهِ. (2)   (1) الخبث: الفسق والفجور. النهاية 2/ 6. (2) أخرجه: البخاري 4/ 168 (3346)، ومسلم 8/ 166 (2880) (2). الحديث: 189 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 84 190 - السابع: عن أَبي سعيد الخُدري - رضي الله عنه - عن النَّبيّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: «إيَّاكُمْ وَالجُلُوسَ في الطُّرُقَاتِ!» فقالوا: يَا رَسُول الله، مَا لنا مِنْ مجالِسِنا بُدٌّ، نتحدث فِيهَا. فَقَالَ رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم: «فَإذَا أبَيْتُمْ إلاَّ المَجْلِسَ، فَأَعْطُوا الطَّريقَ حَقَّهُ». قالوا: وما حَقُّ الطَّريقِ يَا رسولَ الله؟ قَالَ: «غَضُّ البَصَرِ، وَكَفُّ الأَذَى، وَرَدُّ السَّلامِ، وَالأمْرُ بِالمَعْرُوفِ، والنَّهيُ عن المُنْكَرِ». مُتَّفَقٌ عَلَيهِ. (1)   (1) أخرجه: البخاري 8/ 63 (6229)، ومسلم 6/ 165 (2121) (114). الحديث: 190 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 84 191 - الثامن: عن ابن عباس رضي الله عنهما: أن رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم - رأى خاتَمًا مِنْ ذهبٍ في يدِ رجلٍ فنَزعه فطرحه، وَقالَ: «يَعْمدُ أحَدُكُمْ إِلَى جَمْرَةٍ مِنْ نَارٍ فَيَجْعَلُهَا في يَدِهِ!».‍‍‍‍‍‍ فقِيلَ لِلرَّجُلِ بَعْدَمَا ذهب رَسُول اللهِ - صلى الله عليه وسلم: خُذْ خَاتَمَكَ انْتَفِعْ بِهِ. قَالَ: لاَ واللهِ لا آخُذُهُ أبَدًا وَقَدْ طَرَحَهُ رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم. رواه مسلم. (1)   (1) أخرجه: مسلم 6/ 149 (2090) (52). الحديث: 191 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 84 192 - التاسع: عن أَبي سعيد الحسن البصري: أن عائِذَ بن عمرو - رضي الله عنه - دخل عَلَى عُبَيْدِ اللهِ بنِ زياد، فَقَالَ: أي بُنَيَّ، إني سمعت رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: «إنَّ شَرَّ الرِّعَاءِ الحُطَمَةُ (1)» فَإِيَّاكَ أَنْ تَكُونَ مِنْهُمْ، فَقَالَ لَهُ: اجلِسْ فَإِنَّمَا أنْتَ مِنْ نُخَالَةِ أصْحَابِ مُحَمَّد - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ: وهل كَانَتْ لَهُم نُخَالَةٌ إِنَّمَا كَانَتِ النُّخَالَةُ بَعْدَهُمْ وَفي غَيْرِهِمْ. رواه مسلم. (2)   (1) أي العنيف برعاية الإبل. النهاية 1/ 402. (2) أخرجه: مسلم 6/ 9 (1830) (23). الحديث: 192 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 84 193 - العاشر: عن حذيفة - رضي الله عنه - عن النَّبيّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: «وَالَّذِي نَفْسي بِيَدِهِ، لَتَأْمُرُنَّ بِالمَعْرُوفِ، وَلَتَنْهَوُنَّ عَنْ المُنْكَرِ أَوْ لَيُوشِكَنَّ اللهُ أَنْ يَبْعَثَ عَلَيْكُمْ عِقَابًا مِنْهُ ثُمَّ تَدْعُوْنَهُ فَلا يُسْتَجَابُ لَكُمْ». رواه الترمذي، (1) وَقالَ: «حديث حسن».   (1) أخرجه: الترمذي (2169). الحديث: 193 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 85 194 - الحادي عشر: عن أَبي سعيد الخدري - رضي الله عنه - عن النَّبيّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: «أفْضَلُ الجِهَادِ كَلِمَةُ عَدْلٍ عِنْدَ سُلْطَانٍ جَائرٍ». رواه أَبُو داود والترمذي، وَقالَ: «حديث حسن». (1)   (1) أخرجه: أبو داود (4344)، وابن ماجه (4011)، والترمذي (2174) وقال: «هذا حديث حسن غريب». الحديث: 194 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 85 195 - الثاني عشر: عن أَبي عبدِ الله طارِقِ بن شِهاب البَجَليِّ الأَحْمَسِيّ - رضي الله عنه: أنَّ رجلًا سأل النَّبيّ - صلى الله عليه وسلم - وقد وضع رِجله في الغَرْزِ: أيُّ الجِهادِ أَفضلُ؟ قَالَ: «كَلِمَةُ حَقٍّ عِنْدَ سُلْطَانٍ جَائرٍ». رواه النسائي بإسناد صحيح. (1) «الغرز» بغين معجمة مفتوحة ثُمَّ راء ساكنة ثُمَّ زاي: وَهُوَ ركاب كَوْرِ الجملِ إِذَا كَانَ من جلد أَوْ خشب وقيل: لا يختص بجلد وخشب.   (1) أخرجه: النسائي 7/ 161. الحديث: 195 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 85 196 - الثالث عشر: عن ابن مسعود - رضي الله عنه - قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم: «إنَّ أوَّلَ مَا دَخَلَ النَّقْصُ عَلَى بَنِي إسْرَائِيلَ أنَّهُ كَانَ الرَّجُلُ يَلْقَى الرَّجُلَ، فَيَقُولُ: يَا هَذَا، اتَّقِ الله ودَعْ مَا تَصْنَعُ فَإِنَّهُ لاَ يَحِلُّ لَكَ، ثُمَّ يَلْقَاهُ مِنَ الغَدِ وَهُوَ عَلَى حَالِهِ، فَلا يَمْنَعُهُ ذلِكَ أَنْ يَكُونَ أكِيلَهُ وَشَريبَهُ وَقَعيدَهُ، فَلَمَّا فَعَلُوا ذلِكَ ضَرَبَ اللهُ قُلُوبَ بَعْضِهِمْ بِبَعْضٍ» ثُمَّ قَالَ: {لُعِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ بَنِي إِسْرائيلَ عَلَى لِسَانِ دَاوُدَ وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ ذَلِكَ بِمَا عَصَوْا وَكَانُوا يَعْتَدُونَ كَانُوا لا يَتَنَاهَوْنَ عَنْ مُنْكَرٍ فَعَلُوهُ لَبِئْسَ مَا كَانُوا يَفْعَلُونَ تَرَى كَثِيرًا مِنْهُمْ يَتَوَلَّوْنَ الَّذِينَ كَفَرُوا لَبِئْسَ مَا قَدَّمَتْ لَهُمْ أَنْفُسُهُمْ} - إِلَى قوله - {فاسِقُونَ} [المائدة: 78 - 81] ثُمَّ قَالَ: «كَلاَّ، وَاللهِ لَتَأمُرُنَّ بالمَعْرُوفِ، وَلَتَنْهَوُنَّ عَنِ المُنْكَرِ، وَلَتَأخُذُنَّ عَلَى يَدِ الظَّالِمِ، وَلَتَأطِرُنَّهُ عَلَى الحَقِّ أطْرًا، وَلَتَقْصُرُنَّه عَلَى الحَقِّ قَصْرًا، أَوْ لَيَضْرِبَنَّ اللهُ بقُلُوبِ بَعْضِكُمْ عَلَى بَعْضٍ، ثُمَّ ليَلْعَننكُمْ كَمَا لَعَنَهُمْ». رواه أَبُو داود والترمذي، وَقالَ: «حديث حسن». (1) [ص: 86] هَذَا لفظ أَبي داود، ولفظ الترمذي، قَالَ رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم: «لَمَّا وَقَعَتْ بَنُو إسْرَائِيلَ في المَعَاصي نَهَتْهُمْ عُلَمَاؤهُمْ فَلَمْ يَنْتَهُوا، فَجَالَسُوهُمْ في مَجَالِسِهمْ، وَوَاكَلُوهُمْ وَشَارَبُوهُمْ، فَضَربَ اللهُ قُلُوبَ بَعضِهِمْ بِبعْضٍ، وَلَعَنَهُمْ عَلَى لِسانِ دَاوُد وعِيسَى ابنِ مَرْيَمَ ذلِكَ بما عَصَوا وَكَانُوا يَعتَدُونَ» فَجَلَسَ رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم - وكان مُتَّكِئًا، فَقَالَ: «لا، والَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ حَتَّى تَأطِرُوهُمْ عَلَى الحَقِّ أطْرًا». قوله: «تَأطِرُوهم»: أي تعطفوهم. «ولتقْصُرُنَّهُ»: أي لتحبِسُنَّه.   (1) أخرجه: أبو داود (4336)، وابن ماجه (4006) (م)، والترمذي (3047). وقال: «حديث حسن غريب» على أنَّ سند الحديث منقطع. الحديث: 196 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 85 197 - الرابع عشر: عن أَبي بكر الصديق - رضي الله عنه - قَالَ: يَا أيّها النَّاس، إنّكم لتَقرؤُون هذِهِ الآية: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا عَلَيْكُمْ أَنْفُسَكُمْ لا يَضُرُّكُمْ مَنْ ضَلَّ إِذَا اهْتَدَيْتُمْ} [المائدة: 105] وإني سمعت رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: «إنَّ النَّاسَ إِذَا رَأَوُا الظَّالِمَ فَلَمْ يأخُذُوا عَلَى يَدَيْهِ أوشَكَ أَنْ يَعُمَّهُمُ اللهُ بِعِقَابٍ مِنْهُ». رواه أَبُو داود والترمذي والنسائي بأسانيد صحيحة. (1)   (1) أخرجه: أبو داود (4338)، وابن ماجه (4005)، والترمذي (3057)، والنسائي في «الكبرى» (11157). الحديث: 197 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 86 24 - باب تغليظ عقوبة من أمر بمعروف أَوْ نهى عن منكر وخالف قوله فعله قَالَ الله تَعَالَى: {أَتَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبِرِّ وَتَنْسَوْنَ أَنْفُسَكُمْ وَأَنْتُمْ تَتْلُونَ الْكِتَابَ أَفَلا تَعْقِلُونَ} [البقرة: 44]، وَقالَ تَعَالَى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لِمَ تَقُولُونَ مَا لا تَفْعَلُونَ كَبُرَ مَقْتًا عِنْدَ اللهِ أَنْ تَقُولُوا مَا لا تَفْعَلُونَ} [الصف: 2 - 3]، وَقالَ تَعَالَى إخبارًا عن شعيب - صلى الله عليه وسلم: {وَمَا أُرِيدُ أَنْ أُخَالِفَكُمْ إِلَى مَا أَنْهَاكُمْ عَنْهُ} [هود:88]. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 86 198 - وعن أَبي زيد أسامة بن حارثة رضي الله عنهما، قَالَ: سمعت رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: «يُؤْتَى بالرَّجُلِ يَوْمَ القيَامَةِ فَيُلْقَى في النَّارِ، فَتَنْدَلِقُ أقْتَابُ بَطْنِهِ فَيدُورُ بِهَا كَمَا يَدُورُ الحِمَارُ في الرَّحَى، فَيَجْتَمِعُ إِلَيْه أهْلُ النَّارِ، فَيَقُولُونَ: يَا فُلانُ، مَا لَكَ؟ أَلَمْ تَكُ تَأمُرُ بالمعْرُوفِ وَتنهَى عَنِ المُنْكَرِ؟ فَيقُولُ: بَلَى، كُنْتُ آمُرُ بِالمَعْرُوفِ وَلا آتِيهِ، وأنْهَى عَنِ المُنْكَرِ وَآتِيهِ». مُتَّفَقٌ عَلَيهِ. (1) قوله: «تَنْدلِقُ» هُوَ بالدالِ المهملةِ، ومعناه تَخرُجُ. وَ «الأَقْتَابُ»: الأمعاءُ، واحدها قِتْبٌ.   (1) أخرجه: البخاري 4/ 147 (3267)، ومسلم 8/ 224 (2989) (51). الحديث: 198 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 86 25 - باب الأمر بأداء الأمانة قَالَ الله تَعَالَى: {إِنَّ اللهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا} [النساء: 58]، وَقالَ تَعَالَى: {إِنَّا عَرَضْنَا الأَمَانَةَ عَلَى السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَالْجِبَالِ فَأَبَيْنَ أَنْ يَحْمِلْنَهَا وَأَشْفَقْنَ مِنْهَا وَحَمَلَهَا الإنْسَانُ إِنَّهُ كَانَ ظَلُومًا جَهُولًا} [الأحزاب: 72]. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 87 199 - وعن أَبي هريرة - رضي الله عنه: أن رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: «آيةُ (1) المُنافقِ ثلاثٌ: إِذَا حَدَّثَ كَذَبَ، وَإِذَا وَعدَ أخْلَفَ (2)، وَإِذَا اؤْتُمِنَ خَانَ». مُتَّفَقٌ عَلَيهِ. (3) وفي رواية (4): «وَإِنْ صَامَ وَصَلَّى وَزَعَمَ أنَّهُ مُسْلِمٌ».   (1) أي علامته. (2) أي جعل الوعد خلافًا بأن لا يفي به، لكن لو كان عازمًا على الوفاء فعرض مانع فلا إثم عليه. فيض القدير 1/ 83. (3) أخرجه: البخاري 1/ 15 (33)، ومسلم 1/ 56 (59) (107) و (109). (4) عند مسلم. الحديث: 199 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 87 200 - وعن حذيفة بن اليمان - رضي الله عنه - قَالَ: حدثنا رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم - حدِيثَينِ قَدْ رأيْتُ أحَدَهُمَا وأنا أنتظرُ الآخر: حدثنا أن الأمانة نَزلت في جَذرِ قلوبِ الرجال، ثُمَّ نزل القرآن فعلموا مِنَ القرآن، وعلِموا من السنةِ، ثُمَّ حدّثنا عن رفع الأمانة، فَقَالَ: «يَنَامُ الرَّجُلُ النَّوْمَةَ فَتُقْبَضُ الأَمَانَةُ مِنْ قَلْبهِ، فَيَظَلُّ أثَرُهَا مِثلَ الوَكْتِ، ثُمَّ يَنَامُ النَّومَةَ فَتُقْبَضُ الأَمَانَةُ مِنْ قَلْبهِ، فَيَظَلُّ أثَرُهَا مِثلَ أَثَرِ المَجْلِ، كَجَمْرٍ دَحْرَجْتَهُ عَلَى رِجْلِكَ فَنَفِطَ، فَتَرَاهُ مُنْتَبرًا وَلَيسَ فِيهِ شَيءٌ». ثُمَّ أخَذَ حَصَاةً فَدَحْرَجَهُ عَلَى رِجْلِهِ «فَيُصْبحُ النَّاسُ يَتَبَايعُونَ، فَلا يَكَادُ أحدٌ يُؤَدّي الأَمَانَةَ حَتَّى يُقَالَ: إنَّ في بَني فُلان رَجُلًا أمينًا، حَتَّى يُقَالَ لِلرَّجُلِ: مَا أجْلَدَهُ! مَا أَظْرَفَهُ! مَا أعْقَلَهُ! وَمَا في قَلْبِهِ مِثْقَالُ حَبَّة مِن خَرْدَل مِنْ إيمَان». وَلَقدْ أتَى عَلَيَّ زَمَانٌ وَمَا أُبَالِي أيُّكُمْ بَايَعْتُ: لَئن كَانَ مُسْلِمًا لَيَرُدَّنَّهُ عليَّ دِينهُ، وَإنْ كَانَ نَصْرانِيًّا أَوْ يَهُودِيًا لَيَرُدَّنَّهُ عَلَيَّ سَاعِيهِ، وَأَمَّا اليَوْمَ فَمَا كُنْتُ أُبَايعُ مِنْكُمْ إلاَّ فُلانًا وَفُلانًا (1)». مُتَّفَقٌ عَلَيهِ. (2) [ص: 88] قوله: «جَذْرُ» بفتح الجيم وإسكان الذال المعجمة: وَهُوَ أصل الشيء وَ «الوكت» بالتاء المثناة من فوق: الأثر اليسير. وَ «المَجْلُ» بفتح الميم وإسكان الجيم: وَهُوَ تَنَفُّطٌ في اليدِ ونحوها من أثرِ عمل وغيرِهِ. قوله: «مُنْتَبرًا»: مرتفِعًا. قوله: «ساعِيهِ»: الوالي عَلَيهِ.   (1) قال النووي في شرح صحيح مسلم 1/ 362 (143): «معنى الحديث أن الأمانة تزول عن القلوب شيئًا فشيئًا، فإذا زال أول جزء منها زال نورها وخلفته ظلمة كالوكت وهو اعتراض ... لون مخالف للون الذي قبله، فإذا زال شيء آخر صار كالمجل وهو أثر محكم لا يكاد يزول إلا بعد مدة، وهذه الظلمة فوق التي قبلها، ثم شبه زوال ذلك النور بعد وقوعه في القلب وخروجه بعد استقراره فيه، واعتقاب الظلمة إياه بجمر يدحرجه على رجله حتى يؤثر فيها ثم يزول الجمر ويبقى التنفط. والمبايعة هنا البيع والشراء، فإذا كان مسلمًا فدينه وأمانته تمنعه من الخيانة وتحمله على أداء الأمانة، وإن كان كافرًا فساعيه وهو الوالي عليه كان أيضًا يقوم بالأمانة في ولايته فيستخرج حقي منه». (2) أخرجه: البخاري 8/ 129 (6497)، ومسلم 1/ 88 (143) (230). الحديث: 200 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 87 201 - وعن حُذَيفَة وأبي هريرة رضي الله عنهما، قالا: قَالَ رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم: «يَجمَعُ اللهُ تبَارَكَ وَتَعَالَى النَّاسَ فَيَقُومُ المُؤمِنُونَ حَتَّى تُزْلَفَ (1) لَهُمُ الجَنَّةُ، فَيَأتُونَ آدَمَ صَلَواتُ اللهِ عَلَيهِ، فَيقُولُونَ: يَا أَبَانَا اسْتَفْتِحْ لَنَا الجَنَّةَ، فَيقُولُ: وَهَلْ أَخْرَجَكُمْ مِنَ الجَنَّةِ إلاَّ خَطيئَةُ أبيكُمْ! لَسْتُ بِصَاحِبِ ذلِكَ، اذْهَبُوا إِلَى ابْنِي إِبْراهيمَ خَلِيل اللهِ. قَالَ: فَيَأتُونَ إبرَاهِيمَ فَيَقُولُ إبراهيم: لَسْتُ بِصَاحِبِ ذلِكَ إِنَّمَا كُنْتُ خَليلًا مِنْ وَرَاءَ وَرَاءَ، اعْمَدُوا إِلَى مُوسَى الَّذِي كَلَّمَهُ الله تَكليمًا. فَيَأتُونَ مُوسَى، فَيَقُولُ: لستُ بِصَاحِبِ ذلِكَ، اذْهَبُوا إِلَى عِيسى كلمةِ اللهِ ورُوحه، فيقول عيسى: لستُ بصَاحبِ ذلِكَ، فَيَأتُونَ مُحَمَّدًا - صلى الله عليه وسلم - فَيَقُومُ فَيُؤذَنُ لَهُ، وتُرْسَلُ الأَمَانَةُ وَالرَّحِمُ (2) فَيَقُومانِ جَنْبَتَي الصِّرَاطِ يَمِينًا وَشِمَالًا فَيَمُرُّ أوَّلُكُمْ كَالبَرْقِ» قُلْتُ: بأبي وَأمِّي، أيُّ شَيءٍ كَمَرِّ البَرقِ؟ قَالَ: «ألَمْ تَرَوا كَيْفَ يمُرُّ وَيَرْجِعُ في طَرْفَةِ عَيْن، ثُمَّ كَمَرّ الرِّيحِ، ثُمَّ كَمَرِّ الطَّيْرِ، وَشَدِّ (3) الرِّجَال تَجْري بهمْ أعْمَالُهُمْ، وَنَبيُّكُمْ قَائِمٌ عَلَى الصِّراطِ، يَقُولُ: رَبِّ سَلِّمْ سَلِّمْ، حَتَّى تَعْجِزَ أعْمَالُ العِبَادِ، حَتَّى يَجِيء الرَّجُلُ لا يَسْتَطِيعُ السَّيْرَ إلاَّ زَحْفًا، وَفي حَافَتي الصِّراطِ كَلاَلِيبُ معَلَّقَةٌ مَأمُورَةٌ بِأخْذِ مَنْ أُمِرَتْ بِهِ، فَمَخْدُوشٌ نَاجٍ، وَمُكَرْدَسٌ (4) في النَّارِ» وَالَّذِي نَفْسُ أَبي هُرَيْرَةَ بِيَدِهِ، إنَّ قَعْرَ جَهَنَّمَ لَسَبْعُونَ خَرِيفًا (5). رواه مسلم. (6) [ص: 89] قوله: «وراء وراء» هُوَ بالفتح فيهما. وقيل: بالضم بلا تنوين ومعناه: لست بتلك الدرجة الرفيعة، وهي كلمة تذكر عَلَى سبيل التواضع. وقد بسطت معناها في شرح صحيح مسلم (7)، والله أعلم.   (1) تقرب. (2) قال المصنف في شرح صحيح مسلم 2/ 60 (195): «لعظم أمرها وكبر موقعها فتصوران مشخصتين على الصفة التي يريدها الله تعالى». (3) قال المصنف في شرح صحيح مسلم 2/ 61: «أي عدوها البالغ وجريها. وتجري بهم أعمالهم، معناه أنهم يكونون في سرعة المرور على حسب مراتبهم وأعمالهم». (4) المكردس: الذي جُمعت يداه ورجلاه وأُلقي إلى موضع. النهاية 4/ 162. (5) الخريف: السنة. (6) أخرجه: مسلم 1/ 129 (195) (329). (7) شرح صحيح مسلم 2/ 61. الحديث: 201 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 88 202 - وعن أَبي خُبيب - بضم الخاء المعجمة - عبد الله بن الزبير رضي الله عنهما، قَالَ: لَمَّا وَقفَ الزُّبَيْرُ يَوْمَ الجَمَل (1) دَعَانِي فَقُمْتُ إِلَى جَنْبه، فَقَالَ: يَا بُنَيَّ، إنَّهُ لاَ يُقْتَلُ اليَومَ إلاَّ ظَالِمٌ أَوْ مَظْلُومٌ، وَإنِّي لاَ أراني إلاَّ سَأُقْتَلُ اليومَ مظلومًا، وإنَّ مِنْ أكبرَ هَمِّي لَدَيْنِي، أفَتَرَى دَيْننا يُبقي من مالِنا شَيئًا؟ ثُمَّ قَالَ: يَا بُنَيَّ، بِعْ مَا لَنَا وَاقْضِ دَيْنِي، وَأَوْصَى بِالثُّلُثِ وَثُلُثِهِ لِبَنِيهِ، يعني لبني عبد الله بن الزبير ثُلُثُ الثُّلُث. قَالَ: فَإنْ فَضَلَ مِنْ مَالِنَا بَعْدَ قَضَاءِ الدَّينِ شَيء فَثُلُثُه لِبَنِيكَ. قَالَ هِشَام: وَكَانَ بَعْضُ وَلَدِ عَبْدِ اللهِ قَدْ وَازى (2) بَعْضَ بَنِي الزُّبَيْرِ خُبيبٍ وَعَبَّادٍ، وَلهُ يَوْمَئذٍ تِسْعَةُ بَنينَ وَتِسْعُ بَنَات. قَالَ عَبدُ الله: فَجَعلَ يُوصينِي بدَيْنِهِ وَيَقُولُ: يَا بُنَيَّ، إنْ عَجَزْتَ عَن شَيْءٍ مِنْهُ فَاسْتَعِنْ عَلَيهِ بِمَوْلاَيَ. قَالَ: فَوَاللهِ مَا دَرَيْتُ مَا أرَادَ حَتَّى قُلْتُ: يَا أبَتِ مَنْ مَوْلاَكَ؟ قَالَ: الله. قَالَ: فَوَاللهِ مَا وَقَعْتُ في كُرْبةٍ مِنْ دَيْنِهِ إلاَّ قُلْتُ: يَا مَوْلَى الزُّبَيْرِ اقْضِ عَنْهُ دَيْنَهُ فَيَقْضِيَهُ. قَالَ: فَقُتِلَ الزُّبَيْرُ وَلَم يَدَعْ دِينَارًا وَلاَ دِرْهمًا إلاَّ أرَضِينَ، مِنْهَا الغَابَةُ (3) وإحْدَى عَشْرَةَ دَارًا بالمَدِينَةِ، وَدَارَيْنِ بالبَصْرَةِ، ودَارًا بالكُوفَةِ، ودَارًا بمِصْرَ. قَالَ: وَإِنَّمَا كَانَ دَيْنُهُ الَّذِي كَانَ عَلَيهِ أنَّ الرَّجُلَ كَانَ يَأتِيهِ بالمال، فَيَسْتَودِعُهُ إيَّاهُ، فَيَقُولُ الزُّبَيْرُ: لا، وَلَكِنْ هُوَ سَلَفٌ إنِّي أخْشَى عَلَيهِ الضَّيْعَةَ (4). وَمَا وَليَ إمَارَةً قَطُّ وَلا جِبَايَةً (5) ولا خراجًا (6) وَلاَ شَيئًا إلاَّ أَنْ يَكُونَ في   (1) يوم الجمل: هي الوقعة المشهورة بين علي بن أبي طالب ومن معه وبين عائشة ومن معها، وسميت بهذا الاسم لأن عائشة كانت راكبة على جمل عظيم والناس يقاتلون حول الجمل حتى عقر الجمل. دليل الفالحين 1/ 318. (2) الموازاة: المقابلة والمواجهة. النهاية 5/ 182. (3) الغابة: موضع قرب المدينة من ناحية الشام. مراصد الاطلاع 2/ 980. (4) الضيعة: أن يضيع ويتلف. النهاية 3/ 108. (5) الجباية: استخراج الأموال من مظانها. النهاية 1/ 238. (6) الخراج: هو شيء يخرجه القوم في السنة من مالهم بقدر معلوم. اللسان 4/ 54 (خرج). الحديث: 202 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 89 [ص: 90] غَزْوٍ مَعَ رسولِ الله - صلى الله عليه وسلم - أَوْ مَعَ أَبي بَكْرٍ وَعُمَرَ وَعُثْمَانَ - رضي الله عنهم - قَالَ عَبدُ الله: فَحَسَبْتُ مَا كَانَ عَلَيهِ مِن الدَّيْنِ فَوَجَدْتُهُ ألْفيْ ألْفٍ وَمئَتَي ألْف! فَلَقِيَ حَكِيمُ بنُ حِزَام عَبْدَ الله بْنَ الزُّبَيْرِ، فَقَالَ: يَا ابْنَ أخِي، كَمْ عَلَى أخي مِنَ الدَّيْنِ؟ فَكَتَمْتُهُ وَقُلْتُ: مِائَةُ ألْف. فَقَالَ حَكيمٌ: واللهِ مَا أرَى أمْوَالَكُمْ تَسَعُ هذِهِ. فَقَالَ عَبْدُ اللهِ: أرَأيْتُكَ إنْ كَانَتْ ألْفَي ألف وَمئَتَيْ ألْف؟ قَالَ: مَا أرَاكُمْ تُطيقُونَ هَذَا، فَإنْ عَجَزْتُمْ عَنْ شَيءٍ مِنْهُ فَاسْتَعِينُوا بي، قَالَ: وَكَانَ الزُّبَيرُ قَد اشْتَرَى الغَابَةَ بِسَبْعِينَ ومئة ألف، فَبَاعَهَا عَبدُ اللهِ بِألْفِ ألْف وَسِتّمِئَةِ ألْف، ثُمَّ قَامَ فَقَالَ: مَنْ كَانَ لَهُ عَلَى الزُّبَيرِ شَيْء فَلْيُوافِنَا بِالغَابَةِ، فَأتَاهُ عَبدُ اللهِ بنُ جَعفَر، وَكَانَ لَهُ عَلَى الزُّبَيرِ أرْبَعمئةِ ألْف، فَقَالَ لعَبدِ الله: إنْ شِئْتُمْ تَرَكْتُهَا لَكمْ؟ قَالَ عَبدُ الله: لا، قَالَ: فَإنْ شِئتُمْ جَعَلْتُمُوهَا فِيمَا تُؤَخِّرُونَ إنْ إخَّرْتُمْ، فَقَالَ عَبدُ الله: لا، قَالَ: فَاقْطَعُوا لِي قطْعَةً، قَالَ عَبدُ الله: لَكَ مِنْ هاهُنَا إِلَى هَاهُنَا. فَبَاعَ عَبدُ اللهِ مِنهَا فَقَضَى عَنْهُ دَينَه وَأوْفَاهُ، وَبَقِيَ مِنْهَا أرْبَعَةُ أسْهُم وَنِصْفٌ، فَقَدِمَ عَلَى مُعَاوِيَة وَعنْدَهُ عَمْرُو بْنُ عُثْمَانَ، وَالمُنْذِرُ بْنُ الزُّبَيْرِ، وَابْنُ زَمْعَةَ، فَقَالَ لَهُ مُعَاويَةُ: كَمْ قُوِّمَتِ الغَابَةُ؟ قَالَ: كُلُّ سَهْم بمئَة ألف، قَالَ: كَمْ بَقِيَ مِنْهَا؟ قَالَ: أرْبَعَةُ أسْهُم وَنصْفٌ، فَقَالَ المُنْذِرُ بْنُ الزُّبَيرِ: قَدْ أخَذْتُ مِنْهَا سَهمًا بِمئَةِ ألف، قَالَ عَمْرُو بْنُ عُثْمَانَ: قَدْ أخَذْتُ مِنْهَا سَهْمًا بمئَةِ ألْف. وَقالَ ابْنُ زَمْعَةَ: قَدْ أخَذْتُ سَهْمًا بِمئَةِ ألْف، فَقَالَ مُعَاويَةُ: كَمْ بَقِيَ مِنْهَا؟ قَالَ: سَهْمٌ ونصْفُ سَهْم، قَالَ: قَدْ أخَذْتُهُ بخَمْسِينَ وَمئَةِ ألْف. قَالَ: وَبَاعَ عَبدُ الله بْنُ جَعفَر نَصيبهُ مِنْ مَعَاوِيَةَ بستِّمِئَةِ ألْف، فَلَمَّا فَرَغَ ابْنُ الزُّبَيرِ مِنْ قَضَاءِ دَيْنِهِ، قَالَ بَنُو الزُّبَيرِ: اقسمْ بَينَنَا ميراثَنا، قَالَ: وَاللهِ لا أقْسِمُ بَيْنَكُمْ حَتَّى أنَادِي بالمَوْسم أرْبَعَ سنينَ: ألا مَنْ كَانَ لَهُ عَلَى الزُّبَيرِ دَيْنٌ فَلْيَأتِنَا فَلْنَقْضِهِ. فَجَعَلَ كُلّ سَنَةٍ يُنَادِي في المَوْسِمِ، فَلَمَّا مَضَى أرْبَعُ سنينَ قَسَمَ بيْنَهُمْ وَدَفَعَ الثُّلُثَ. وَكَانَ للزُّبَيْرِ أرْبَعُ نِسْوَةٍ، فَأصَابَ كُلَّ امرَأةٍ ألْفُ ألف وَمِئَتَا ألْف، فَجَميعُ مَالِه خَمْسُونَ ألف ألْف وَمِئَتَا ألْف. رواه البخاري. (1)   (1) أخرجه: البخاري 4/ 106 (3129). الجزء: 1 ¦ الصفحة: 90 26 - باب تحريم الظلم والأمر بردِّ المظالم قَالَ الله تَعَالَى: {مَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ حَمِيمٍ وَلا شَفِيعٍ يُطَاعُ} [غافر:18]، وَقالَ تَعَالَى: {وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ نَصِيرٍ} [الحج:71]. وأمّا الأحاديث فمنها: حديث أبي ذر - رضي الله عنه - المتقدم (1) في آخر باب المجاهدة.   (1) انظر الحديث (111). الجزء: 1 ¦ الصفحة: 90 203 - وعن جابر - رضي الله عنه: أن رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: «اتَّقُوا الظُّلْمَ؛ فَإنَّ الظُّلْمَ ظُلُمَاتٌ يَوْمَ القِيَامَةِ. وَاتَّقُوا الشُّحَّ؛ فَإِنَّ الشُّحَّ أهْلَكَ مَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ. حَمَلَهُمْ عَلَى أَنْ سَفَكُوا دِمَاءهُمْ، وَاسْتَحَلُّوا مَحَارِمَهُمْ». رواه مسلم. (1)   (1) أخرجه: مسلم 8/ 18 (2578). الحديث: 203 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 91 204 - وعن أَبي هريرة - رضي الله عنه: أن رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: «لَتُؤَدُّنَّ الحُقُوقَ إِلَى أهْلِهَا يَومَ القِيَامَةِ، حَتَّى يُقَادَ للشَّاةِ الجَلْحَاءِ (1) مِنَ الشَّاةِ القَرْنَاءِ». رواه مسلم. (2)   (1) الجلحاء: التي لا قرن لها. النهاية 1/ 284. (2) أخرجه: مسلم 8/ 18 (2582). الحديث: 204 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 91 205 - وعن ابن عمر رضي الله عنهما، قال: كُنَّا نَتَحَدَّثُ عَنْ حَجَّةِ الوَدَاعِ، والنَّبيُّ - صلى الله عليه وسلم - بَيْنَ أظْهُرِنَا، وَلا نَدْرِي مَا حَجَّةُ الوَدَاعِ حَتَّى حَمِدَ اللهَ رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم - وَأَثْنَى عَلَيهِ، ثُمَّ ذَكَرَ المَسْيحَ الدَّجَّال، فَأطْنَبَ في ذِكْرِهِ، وَقَالَ: «مَا بَعَثَ اللهُ مِنْ نَبيٍّ إلاَّ أنْذَرَهُ أُمَّتَهُ، أنْذَرَهُ نُوحٌ وَالنَّبِيُّونَ مِنْ بَعْدِهِ، وَإِنَّهُ إنْ يَخْرُجْ فِيكُمْ فَما خَفِيَ عَليْكُمْ مِنْ شَأنِه فَلَيْسَ يَخْفَى عَليْكُم، إنَّ رَبَّكُمْ لَيْسَ بِأَعْوَرَ، وإنَّهُ أعْوَرُ عَيْنِ اليُمْنَى، كَأنَّ عَيْنَهُ عِنَبَةٌ طَافِيَةٌ. ألاَ إنَّ اللهَ حَرَّمَ عَلَيْكُمْ دِمَاءكُمْ وَأمْوَالَكُمْ كحُرْمَةِ يَوْمِكُمْ هَذَا، في بلدكم هذا، في شَهْرِكُمْ هَذَا، ألا هَلْ بَلَّغْتُ؟» قالُوا: نَعَمْ، قَالَ: «اللَّهُمَّ اشْهَدْ» ثلاثًا «وَيْلَكُمْ - أَوْ وَيْحَكُمْ -، انْظُروا: لا تَرْجعُوا بَعْدِي كُفّارًا يَضْرِبُ بَعْضُكُمْ رِقَابَ بَعْضٍ». رواه البخاري، وروى مسلم بعضه. (1)   (1) أخرجه: البخاري 5/ 223 (4402)، ومسلم 1/ 58 (66) (119) و (120). الحديث: 205 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 91 206 - وعن عائشة رضي الله عنها: أن رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: «مَنْ ظَلَمَ قيدَ شِبْرٍ مِنَ الأرْضِ، طُوِّقَهُ مِنْ سبْعِ أرَضينَ». مُتَّفَقٌ عَلَيهِ. (1)   (1) أخرجه: البخاري 3/ 170 (2453)، ومسلم 5/ 59 (1612). قال المصنف في شرح صحيح مسلم: «فيه تحريم الظلم، وتحريم الغصب وتغليظ عقوبته». الحديث: 206 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 91 207 - وعن أَبي موسى - رضي الله عنه - قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم: «إنَّ الله لَيُمْلِي لِلظَّالِمِ، فَإِذَا أخَذَهُ لَمْ يُفْلِتْهُ»، ثُمَّ قَرَأَ: {وكَذَلِكَ أَخْذُ رَبِّكَ إِذَا أَخَذَ الْقُرَى وَهِيَ ظَالِمَةٌ إِنَّ أَخْذَهُ أَلِيمٌ شَدِيدٌ} [هود: 102] مُتَّفَقٌ عَلَيهِ. (1)   (1) أخرجه: البخاري 6/ 93 (4686)، ومسلم 8/ 19 (2583). الحديث: 207 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 91 208 - وعن معاذ - رضي الله عنه - قَالَ: بَعَثَنِي رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ: «إنَّكَ تَأتِي قَوْمًا مِنْ [ص: 92] أهلِ الكِتَابِ فَادْعُهُمْ إِلَى شَهَادَةِ أَنْ لا إلَهَ إلاَّ الله، وَأنِّي رسولُ الله، فَإنْ هُمْ أَطَاعُوا لِذلِكَ، فَأعْلِمْهُمْ أنَّ اللهَ قَدِ افْتَرضَ عَلَيْهِمْ خَمْسَ صَلَواتٍ في كُلِّ يَوْمٍ وَلَيلَةٍ، فَإِنْ هُمْ أطَاعُوا لِذَلِكَ، فَأعْلِمْهُمْ أنَّ اللهَ قَدِ افْتَرَضَ عَلَيْهِمْ صَدَقَةً تُؤخَذُ مِنْ أغْنِيَائِهِمْ فَتُرَدُّ عَلَى فُقَرَائِهِمْ، فَإنْ هُمْ أطَاعُوا لِذَلِكَ، فَإِيَّاكَ وَكَرَائِمَ (1) أمْوَالِهِمْ، وَاتَّقِ دَعْوَةَ المَظْلُومِ؛ فإِنَّهُ لَيْسَ بَيْنَها وَبَيْنَ اللهِ حِجَابٌ (2)». مُتَّفَقٌ عَلَيهِ. (3)   (1) كرائم أموالهم: أي نفائسها التي تتعلق بها نفس مالكها ويختصها لها. النهاية 4/ 167. (2) قال المصنف في شرح صحيح مسلم 1/ 177 (29): «أي أنها مسموعة لا ترد». (3) أخرجه: البخاري 2/ 158 (1496). عن ابن عباس أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال لمعاذ: ... وأخرجه: مسلم 1/ 37 (29) (19). الحديث: 208 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 91 209 - وعن أبي حُمَيدٍ عبد الرحمان بن سعد السَّاعِدِي - رضي الله عنه - قَالَ: اسْتَعْمَلَ النَّبيُّ - صلى الله عليه وسلم - رَجُلًا مِنَ الأزْدِ (1) يُقَالُ لَهُ: ابْنُ اللُّتْبِيَّةِ عَلَى الصَّدَقَةِ، فَلَمَّا قَدِمَ، قَالَ: هَذَا لَكُمْ، وَهَذَا أُهْدِيَ إِلَيَّ، فَقَامَ رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - عَلَى المِنْبَرِ فَحَمِدَ الله وَأثْنَى عَلَيهِ، ثُمَّ قَالَ: «أمَّا بَعدُ، فَإِنِّي أسْتَعْمِلُ الرَّجُلَ منْكُمْ عَلَى العَمَلِ مِمَّا وَلاَّنِي اللهُ، فَيَأتِي فَيَقُولُ: هَذَا لَكُمْ وَهَذَا هَدِيَّةٌ أُهْدِيَتْ إلَيَّ، أفَلاَ جَلَسَ في بيتِ أبِيهِ أَوْ أُمِّهِ حَتَّى تَأتِيَهُ هَدِيَّتُهُ إنْ كَانَ صَادِقًا، واللهِ لاَ يَأخُذُ أحَدٌ مِنْكُمْ شَيئًا بِغَيرِ حَقِّهِ إلاَّ لَقِيَ اللهَ تَعَالَى، يَحْمِلُهُ يَوْمَ القِيَامَةِ، فَلا أَعْرِفَنَّ أحَدًا مِنْكُمْ لَقِيَ اللهَ يَحْمِلُ بَعيرًا لَهُ رُغَاءٌ (2)، أَوْ بَقَرَةً لَهَا خُوَارٌ، أَوْ شَاةً تَيْعَرُ» ثُمَّ رفع يديهِ حَتَّى رُؤِيَ بَيَاضُ إبْطَيْهِ، فَقَالَ: «اللَّهُمَّ هَلْ بَلَّغْتُ». ثلاثًا مُتَّفَقٌ عَلَيهِ. (3)   (1) الأزد: تجمع قبائل وعمائر كثيرة في اليمن. اللسان 1/ 130 (أزد). (2) الرغاء: صوت الإبل. والخوار: صوت البقر. وتيعر: تصيح وصوتها اليعار. النهاية 2/ 87 و240 و297. (3) أخرجه: البخاري 3/ 209 (2597)، ومسلم 6/ 11 (1832) (26). الحديث: 209 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 92 210 - وعن أَبي هريرة - رضي الله عنه - عن النَّبيّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: «مَنْ كَانَتْ عِنْدَهُ مَظْلمَةٌ لأَخِيهِ، مِنْ عِرضِهِ أَوْ مِنْ شَيْءٍ، فَلْيَتَحَلَّلْهُ مِنْهُ اليَوْمَ قبْلَ أَنْ لاَ يَكُونَ دِينَارٌ وَلاَ دِرْهَمٌ؛ إنْ كَانَ لَهُ عَمَلٌ صَالِحٌ أُخِذَ مِنْهُ بِقَدْرِ مَظْلمَتِهِ، وَإنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ حَسَنَاتٌ أُخِذَ مِنْ سَيِّئَاتِ صَاحِبِهِ فَحُمِلَ عَلَيهِ». رواه البخاري. (1)   (1) أخرجه: البخاري 3/ 170 (2449). الحديث: 210 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 92 211 - وعن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما، عن النَّبيّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: «المُسْلِمُ منْ سَلِمَ المُسْلِمُونَ مِنْ لِسَانِهِ وَيَدِهِ، وَالمُهَاجِرُ مَنْ هَجَرَ مَا نَهَى اللهُ عَنْهُ». مُتَّفَقٌ عَلَيهِ. (1)   (1) أخرجه: البخاري 1/ 9 (10)، وأخرجه: مسلم 1/ 47 (64) (40) بالشطر الأول فقط. الحديث: 211 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 92 212 - وعنه - رضي الله عنه - قَالَ: كَانَ عَلَى ثَقَل النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم - رَجُلٌ يُقَالُ لَهُ كِرْكِرَةُ، فَمَاتَ، فَقَالَ رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم: «هُوَ في النَّارِ». فَذَهَبُوا يَنْظُرُونَ إِلَيْه، فَوَجَدُوا عَبَاءَةً قَدْ غَلَّهَا. رواه البخاري. (1)   (1) أخرجه: البخاري 4/ 91 (3074). الحديث: 212 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 93 213 - وعن أَبي بكْرة نُفَيْع بن الحارث - رضي الله عنه - عن النَّبيّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: «إنَّ الزَّمَانَ قَدِ اسْتَدَارَ كَهَيْئَته يَوْمَ خَلَقَ اللهُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرضَ: السَّنَةُ اثْنَا عَشَرَ شَهْرًا، مِنْهَا أرْبَعَةٌ حُرُمٌ: ثَلاثٌ مُتَوالِياتٌ: ذُو القَعْدَة، وذُو الحِجَّةِ، وَالمُحَرَّمُ، وَرَجَبُ مُضَرَ (1) الَّذِي بَيْنَ جُمَادَى وَشعْبَانَ، أيُّ شَهْرٍ هَذَا؟» قُلْنَا: اللهُ وَرَسُولُهُ أعْلَمُ، فَسَكَتَ حَتَّى ظَننَّا أنَّهُ سَيُسَمِّيهِ بِغَيْرِ اسْمِهِ، قَالَ: «ألَيْسَ ذَا الحِجَّةِ؟» قُلْنَا: بَلَى. قَالَ: «فَأيُّ بَلَد هَذَا؟» قُلْنَا: اللهُ ورَسُولُهُ أعْلَمُ، فَسَكَتَ حَتَّى ظَنَنَّا أنَّهُ سَيُسَمِّيهِ بِغَيرِ اسْمِهِ. قَالَ: «ألَيْسَ البَلْدَةَ؟» قُلْنَا: بَلَى. قَالَ: «فَأيُّ يَوْمٍ هَذَا؟» قُلْنَا: اللهُ ورَسُولُهُ أعْلَمُ، فَسَكَتَ حَتَّى ظَنَنَّا أنَّهُ سَيُسَمِّيهِ بغَيرِ اسْمِهِ. قَالَ: «ألَيْسَ يَوْمَ النَّحْرِ؟» قُلْنَا: بَلَى. قَالَ: «فَإنَّ دِمَاءكُمْ وَأَمْوَالَكُمْ وَأَعْرَاضَكُمْ عَلَيكُمْ حَرَامٌ، كَحُرْمَةِ يَوْمِكُمْ هَذَا في بَلَدِكُمْ هَذَا في شَهْرِكُمْ هَذَا، وَسَتَلْقُونَ رَبَّكُمْ فَيَسْألُكُمْ عَنْ أَعْمَالِكُمْ، ألاَ فَلا تَرْجعوا بعدي كُفّارًا يَضْرِبُ بَعْضُكُمْ رِقَابَ بَعْض، ألا لَيُبَلِّغ الشَّاهِدُ الغَائِبَ، فَلَعَلَّ بَعْضَ مَنْ يَبْلُغُهُ أَنْ يَكُونَ أوْعَى لَهُ مِنْ بَعْض مَنْ سَمِعَهُ»، ثُمَّ قَالَ: «إلاَّ هَلْ بَلَّغْتُ، ألاَ هَلْ بَلَّغْتُ؟» قُلْنَا: نَعَمْ. قَالَ: «اللَّهُمَّ اشْهَدْ». مُتَّفَقٌ عَلَيهِ. (2)   (1) قال النووي في شرح صحيح مسلم 6/ 151 (1679): «أضافه النبي - صلى الله عليه وسلم - إلى مضر لأنهم كانوا يعظمونه أكثر من غيرهم». (2) أخرجه: البخاري 5/ 224 (4406)، ومسلم 5/ 108 (1679) (29). الحديث: 213 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 93 214 - وعن أَبي أمامة إياس بن ثعلبة الحارثي - رضي الله عنه: أنَّ رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: «مَن اقْتَطَعَ حَقَّ امْرِئٍ مُسْلِم بيَمِينه، فَقَدْ أَوْجَبَ اللهُ لَهُ النَّارَ، وَحَرَّمَ عَلَيهِ الجَنَّةَ» فَقَالَ رَجُلٌ: وَإنْ كَانَ شَيْئًا يَسِيرًا يَا رَسُول الله؟ فَقَالَ: «وإنْ قَضِيبًا مِنْ أَرَاك». رواه مسلم. (1)   (1) أخرجه: مسلم 1/ 85 (137) (218). الحديث: 214 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 93 215 - وعن عَدِيّ بن عَميْرَةَ - رضي الله عنه - قَالَ: سمعت رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: «مَنِ اسْتَعْمَلْنَاهُ مِنْكُمْ عَلَى عَمَلٍ، فَكَتَمَنَا مِخْيَطًا فَمَا فَوْقَهُ، كَانَ غُلُولًا يَأتِي بهِ يَومَ القِيَامَةِ». فَقَامَ [ص: 94] إليه رَجُلٌ أسْوَدُ مِنَ الأنْصَارِ، كَأنِّي أنْظُرُ إِلَيْهِ، فَقَالَ: يَا رَسُول الله، اقْبَلْ عَنِّي عَمَلَكَ، قَالَ: «وَمَا لَكَ؟» قَالَ: سَمِعْتُكَ تَقُولُ كَذَا وكَذَا، قَالَ: «وَأَنَا أقُولُه الآنَ: مَنِ اسْتَعْمَلْنَاهُ عَلَى عَمَلٍ فَلْيَجِيءْ بقَلِيلِه وَكَثيره، فَمَا أُوتِيَ مِنْهُ أخَذَ، وَمَا نُهِيَ عَنْهُ انْتَهَى». رواه مسلم. (1)   (1) أخرجه: مسلم 6/ 12 (1833) (30). الحديث: 215 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 93 216 - وعن عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - قَالَ: لَمَّا كَانَ يَوْمُ خَيبَر أقْبَلَ نَفَرٌ مِنْ أصْحَابِ النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم - فقَالُوا: فُلاَنٌ شَهِيدٌ، وفُلانٌ شَهِيدٌ، حَتَّى مَرُّوا عَلَى رَجُلٍ، فقالوا: فُلانٌ شَهِيدٌ. فَقَالَ النَّبيُّ - صلى الله عليه وسلم: «كَلاَّ، إنِّي رَأيْتُهُ في النَّار في بُرْدَةٍ غَلَّهَا (1) أَوْ عَبَاءة». رواه مسلم. (2)   (1) البردة: نوع من الثياب، والغلول: السرقة من الغنيمة. النهاية 1/ 116 و3/ 380. (2) أخرجه: مسلم 1/ 75 (114) (182). الحديث: 216 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 94 217 - وعن أَبي قتادة الحارث بن ربعي - رضي الله عنه - عن رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم: أَنَّهُ قَامَ فيهم، فَذَكَرَ لَهُمْ أنَّ الجِهَادَ في سبيلِ الله، وَالإِيمَانَ بالله أفْضَلُ الأعْمَالِ، فَقَامَ رَجُلٌ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ الله، أرَأيْتَ إنْ قُتِلْتُ في سبيلِ الله، تُكَفَّرُ عَنّي خَطَايَايَ؟ فَقَالَ لَهُ رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم: «نَعَمْ، إنْ قُتِلْتَ في سبيلِ اللهِ، وَأنْتَ صَابرٌ مُحْتَسِبٌ، مُقْبِلٌ غَيرُ مُدْبر». ثُمَّ قَالَ رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم: «كَيْفَ قُلْتَ؟» قَالَ: أرَأيْتَ إنْ قُتِلْتُ في سبيلِ الله، أتُكَفَّرُ عَنّي خَطَايَايَ؟ فَقَالَ لَهُ رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم: «نَعمْ، وَأنْتَ صَابرٌ مُحْتَسِبٌ، مُقْبِلٌ غَيرُ مُدْبِرٍ، إلاَّ الدَّيْنَ؛ فإنَّ جِبريلَ - عليه السلام - قَالَ لِي ذلِكَ (1)» رواه مسلم. (2)   (1) قال المصنف في شرح صحيح مسلم 7/ 27 (1885): «المحتسب: هو المخلص لله تعالى. وفي الحديث تنبيه على جميع حقوق الآدميين، وأن الجهاد والشهادة وغيرهما من أعمال البر لا يكفر حقوق الآدميين، وإنما يكفر حقوق الله تعالى». (2) أخرجه: مسلم 6/ 37 (1885) (117). الحديث: 217 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 94 218 - وعن أبي هُريرةَ - رضي الله عنه: أنَّ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: «أتدرونَ مَنِ المُفْلِسُ؟» قالوا: المفْلسُ فِينَا مَنْ لا دِرهَمَ لَهُ ولا مَتَاع، فَقَالَ: «إنَّ المُفْلسَ مِنْ أُمَّتي مَنْ يأتي يَومَ القيامَةِ بِصَلاَةٍ وصِيامٍ وَزَكاةٍ، ويأتي وقَدْ شَتَمَ هَذَا، وقَذَفَ (1) هَذَا، وَأَكَلَ مالَ هَذَا، وسَفَكَ دَمَ هَذَا، وَضَرَبَ هَذَا، فيُعْطَى هَذَا مِنْ حَسَنَاتِهِ، وهَذَا مِنْ حَسناتهِ، فإنْ فَنِيَتْ حَسَناتُه قَبْل أَنْ يُقضى مَا عَلَيهِ، أُخِذَ منْ خَطَاياهُم فَطُرِحَتْ عَلَيهِ، ثُمَّ طُرِحَ في النَّارِ». رواه مُسلم. (2)   (1) القذف: رمي المرأة بالزنا أو ما كان في معناه. النهاية 4/ 29. (2) أخرجه: مسلم 8/ 18 (2581) (59). الحديث: 218 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 94 219 - وعن أم سلمة رضي الله عنها: أنَّ رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: «إنَّمَا أنا بَشَرٌ، وَإنَّكُمْ تَخْتَصِمُونَ إلَيَّ، وَلَعَلَّ بَعْضَكُمْ أَنْ يَكُونَ ألْحَنَ بِحُجّتِهِ مِنْ بَعْضٍ، فأَقْضِيَ لَهُ بِنَحْوِ مَا أسْمعُ، فَمَنْ قَضَيتُ لَهُ بِحَقِّ أخِيهِ فَإِنَّما أقطَعُ لَهُ قِطعةً مِنَ النَّارِ». مُتَّفَقٌ عَلَيهِ. (1) «ألْحَن» أي: أعلم.   (1) أخرجه: البخاري 9/ 86 (7169)، ومسلم 5/ 128 (1713) (4). الحديث: 219 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 95 220 - وعن ابن عمر رضي الله عنهما، قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم: «لَنْ يَزَالَ المُؤْمِنُ في فُسْحَةٍ (1) مِنْ دِينهِ مَا لَمْ يُصِبْ دَمًا حَرَامًا». رواه البخاري. (2)   (1) فسحة: سعة. النهاية 3/ 445. (2) أخرجه: البخاري 9/ 2 (6862). الحديث: 220 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 95 221 - وعن خولة بنتِ عامر الأنصارية، وهي امرأة حمزة - رضي الله عنه - وعنها، قَالَتْ: سمعت رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: «إنَّ رِجَالًا يَتَخَوَّضُونَ (1) في مَالِ الله بغَيرِ حَقٍّ، فَلَهُمُ النَّارُ يَومَ القِيَامَةِ». رواه البخاري. (2)   (1) قال الحافظ ابن حجر في فتح الباري 6/ 263 (3118): «أي يتصرفون في مال المسلمين بالباطل». (2) أخرجه: البخاري 4/ 104 (3118). الحديث: 221 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 95 27 - باب تعظيم حرمات المسلمين وبيان حقوقهم والشفقة عليهم ورحمتهم قَالَ الله تَعَالَى: {وَمَنْ يُعَظِّمْ حُرُمَاتِ اللهِ فَهُوَ خَيْرٌ لَهُ عِنْدَ رَبِّه} [الحج: 30]، وَقالَ تَعَالَى: {وَمَنْ يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللهِ فَإِنَّهَا مِنْ تَقْوَى الْقُلُوبِ} [الحج: 32]، وَقالَ تَعَالَى: {وَاخْفِضْ جَنَاحَكَ لِلْمُؤْمِنِينَ} [الحجر: 88]، وَقالَ تَعَالَى: {مَنْ قَتَلَ نَفْسًا بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي الأَرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعًا وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعًا} [المائدة: 32]. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 95 222 - وعن أَبي موسى - رضي الله عنه - قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم: «المُؤْمِنُ للْمُؤْمِنِ كَالبُنْيَانِ يَشُدُّ بَعْضُهُ بَعْضًا» وشبَّكَ بَيْنَ أصَابِعِهِ. مُتَّفَقٌ عَلَيهِ. (1)   (1) أخرجه: البخاري 3/ 169 (2446)، ومسلم 8/ 20 (2585) (65). الحديث: 222 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 95 223 - وعنه، قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم: «مَنْ مَرَّ في شَيْءٍ مِنْ مَسَاجِدِنا، أَوْ [ص: 96] أَسْوَاقِنَا، وَمَعَهُ نَبْلٌ فَلْيُمْسِكْ، أَوْ لِيَقْبِضْ عَلَى نِصَالِهَا (1) بكَفّه؛ أَنْ يُصِيبَ أحَدًا مِنَ المُسْلِمِينَ مِنْهَا بِشَيْء». مُتَّفَقٌ عَلَيهِ. (2)   (1) أي حديدة السهم. اللسان 14/ 167 (نصل). (2) أخرجه: البخاري 9/ 62 (7075)، ومسلم 8/ 33 (2615) (124). الحديث: 223 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 95 224 - وعن النعمان بن بشير رضي الله عنهما، قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم: «مَثَلُ المُؤْمِنينَ في تَوَادِّهِمْ وتَرَاحُمهمْ وَتَعَاطُفِهمْ، مَثَلُ الجَسَدِ إِذَا اشْتَكَى مِنْهُ عُضْوٌ تَدَاعَى لَهُ سَائِرُ الجَسَدِ بِالسَّهَرِ والحُمَّى». مُتَّفَقٌ عَلَيهِ. (1)   (1) أخرجه: البخاري 8/ 11 (6011)، ومسلم 8/ 20 (2586) (66). الحديث: 224 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 96 225 - وعن أَبي هريرة - رضي الله عنه - قَالَ: قَبَّلَ النَّبيُّ - صلى الله عليه وسلم - الحَسَنَ بْنَ عَليٍّ رضي الله عنهما، وَعِنْدَهُ الأَقْرَعُ بْنُ حَابِس، فَقَالَ الأقْرَعُ: إن لِي عَشرَةً مِنَ الوَلَدِ مَا قَبَّلْتُ مِنْهُمْ أحَدًا. فَنَظَرَ إِلَيْهِ رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ: «مَنْ لا يَرْحَمْ لاَ يُرْحَمْ!». مُتَّفَقٌ عَلَيهِ. (1)   (1) أخرجه: البخاري 8/ 8 (6011)، ومسلم 7/ 77 (2318) (65). الحديث: 225 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 96 226 - وعن عائشة رضي الله عنها، قَالَتْ: قَدِمَ نَاسٌ مِنَ الأعْرَابِ عَلَى رسولِ الله - صلى الله عليه وسلم فقالوا: أتُقَبِّلُونَ صِبْيَانَكُمْ؟ فَقَالَ: «نَعَمْ» قالوا: لَكِنَّا والله مَا نُقَبِّلُ! فَقَالَ رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم: «أَوَ أَمْلِك إنْ كَانَ اللهُ نَزَعَ مِنْ قُلُوبِكُم الرَّحْمَةَ!». مُتَّفَقٌ عَلَيهِ. (1)   (1) أخرجه: البخاري 8/ 9 (5998)، ومسلم 7/ 77 (2317) (64). الحديث: 226 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 96 227 - وعن جرير بن عبد الله - رضي الله عنه - قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم: «مَنْ لاَ يَرْحَم النَّاسَ لاَ يَرْحَمْهُ الله». مُتَّفَقٌ عَلَيهِ. (1)   (1) أخرجه: البخاري 9/ 141 (7376)، ومسلم 7/ 77 (2319) (66). الحديث: 227 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 96 228 - وعن أَبي هريرة - رضي الله عنه: أنّ رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: «إِذَا صَلَّى أحَدُكُمْ للنَّاسِ فَلْيُخَفِّفْ، فَإنَّ فيهِم الضَّعِيفَ وَالسَّقِيمَ وَالكَبيرَ، وَإِذَا صَلَّى أحَدُكُمْ لِنَفْسِهِ فَلْيُطَوِّل مَا شَاءَ». مُتَّفَقٌ عَلَيهِ. (1) وفي رواية: «وذَا الحَاجَةِ».   (1) أخرجه: البخاري 1/ 180 (703)، ومسلم 2/ 43 (467) (185). الحديث: 228 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 96 229 - وعن عائشة رضي الله عنها، قَالَتْ: إنْ كَانَ رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم - لَيَدَعُ العَمَلَ، وَهُوَ يُحبُّ أَنْ يَعْمَلَ بِهِ؛ خَشْيَةَ أَنْ يَعمَلَ بِهِ النَّاسُ فَيُفْرَضَ علَيْهِمْ. مُتَّفَقٌ عَلَيهِ. (1)   (1) أخرجه: البخاري 2/ 62 (1128)، ومسلم 2/ 156 (718) (77). الحديث: 229 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 96 230 - وَعَنْهَا رضي الله عنها، قَالَتْ: نَهَاهُمُ النَّبيُّ - صلى الله عليه وسلم - عنِ الوِصَال (1) رَحمَةً لَهُمْ، فَقَالُوا: إنَّكَ تُوَاصِلُ؟ قَالَ: «إنّي لَسْتُ كَهَيْئَتِكُمْ، إنِّي أبيتُ يُطْعمُني رَبِّي وَيَسقِيني». مُتَّفَقٌ عَلَيهِ. (2) مَعنَاهُ: يَجْعَلُ فِيَّ قُوَّةَ مَنْ أَكَلَ وَشَرِبَ.   (1) أي لا يفطر يومين أو أيامًا. النهاية 5/ 193. (2) أخرجه: البخاري 3/ 48 (1964)، ومسلم 3/ 134 (1150) (61). الحديث: 230 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 97 231 - وعن أَبي قَتادةَ الحارثِ بن رِبعِي - رضي الله عنه - قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم: «إنِّي لأَقُومُ إِلَى الصَّلاة، وَأُرِيدُ أَنْ أُطَوِّلَ فِيهَا، فَأَسْمَع بُكَاءَ الصَّبيِّ فَأَتَجَوَّزَ في صَلاتي كَرَاهية أَنْ أشُقَّ عَلَى أُمِّهِ». رواه البخاري. (1)   (1) أخرجه: البخاري 1/ 181 (707). أتجوز: أخففها وأقللها. أشق: أي أثقل عليهم، من المشقة. النهاية 1/ 315 و2/ 491. الحديث: 231 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 97 232 - وعن جندب بن عبد الله - رضي الله عنه - قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم: «مَنْ صَلَّى صَلاةَ الصُّبْحِ فَهُوَ في ذِمَّةِ (1) الله فَلاَ يَطْلُبَنَّكُمُ الله مِنْ ذِمَّته بشَيءٍ، فَإنَّهُ مَنْ يَطْلُبْهُ منْ ذمَّته بشَيءٍ يُدْركْهُ، ثُمَّ يَكُبُّهُ عَلَى وَجْهِهِ في نَارِ جَهَنَّمَ». رواه مسلم. (2)   (1) قال المصنف في شرح صحيح مسلم 3/ 137 (657): «الذمة: هنا الضمان. وقيل: الأمان». (2) أخرجه: مسلم 2/ 125 (657) (262). الحديث: 232 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 97 233 - وعن ابن عمر رضي الله عنهما: أنَّ رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: «المُسْلِمُ أَخُو المُسْلِم، لا يَظْلِمهُ، وَلاَ يُسْلمُهُ. مَنْ كَانَ في حَاجَة أخيه، كَانَ اللهُ في حَاجَته، وَمَنْ فَرَّجَ عَنْ مُسْلِم كُرْبَةً، فَرَّجَ اللهُ عَنْهُ بها كُرْبَةً مِنْ كُرَبِ يَومِ القِيَامَةِ، وَمَنْ سَتَرَ مُسْلِمًا سَتَرَهُ اللهُ يَومَ القِيامَةِ». مُتَّفَقٌ عَلَيهِ. (1)   (1) أخرجه: البخاري 3/ 168 (2442)، ومسلم 8/ 18 (2580) (58). الحديث: 233 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 97 234 - وعن أَبي هريرة - رضي الله عنه - قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم: «المُسْلِمُ أخُو المُسْلِمُ، لاَ يَخُونُهُ، وَلاَ يَكْذِبُهُ، وَلاَ يَخْذُلُهُ، كُلُّ المُسْلِمِ عَلَى المُسْلِم حَرَامٌ عِرْضُهُ وَمَالهُ وَدَمُهُ، التَّقْوى هاهُنَا، بحَسْب امْرىءٍ مِنَ الشَّرِّ أَنْ يَحْقِرَ أخَاهُ المُسْلِم». رواه الترمذي، (1) وَقالَ: «حديث حسن».   (1) أخرجه: أبو داود (4882)، وابن ماجه (3933)، والترمذي (1927) وقال: «حديث حسن غريب». الحديث: 234 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 97 235 - وعنه، قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم: «لا تَحَاسَدُوا، وَلاَ تَنَاجَشُوا، وَلاَ تَبَاغَضُوا، وَلاَ تَدَابَرُوا، وَلاَ يَبعْ بَعْضُكُمْ عَلَى بَيْع بَعْض، وَكُونُوا عِبَادَ الله إخْوَانًا، المُسْلِمُ أخُو المُسْلم: لاَ يَظْلِمُهُ، وَلا يَحْقِرُهُ، وَلاَ يَخْذُلُهُ، التَّقْوَى هاهُنَا - ويشير إِلَى صدره ثلاث مرات -- بحَسْب امْرىءٍ مِنَ الشَّرِّ أَنْ يَحقِرَ أخَاهُ المُسْلِمَ، كُلُّ المُسْلم عَلَى المُسْلم حَرَامٌ، دَمُهُ ومَالُهُ وعرْضُهُ». رواه مسلم. (1) «النَّجْشُ»: أَنْ يزيدَ في ثَمَنِ سلْعَة يُنَادَى عَلَيْهَا في السُّوقِ وَنَحْوه، وَلاَ رَغْبَةَ لَهُ في شرَائهَا بَلْ يَقْصدُ أَنْ يَغُرَّ غَيْرَهُ، وهَذَا حَرَامٌ. وَ «التَّدَابُرُ»: أَنْ يُعْرضَ عَنِ الإنْسَان ويَهْجُرَهُ وَيَجْعَلهُ كَالشَيءِ الَّذِي وَرَاء الظَّهْر وَالدُّبُر.   (1) أخرجه: مسلم 8/ 10 (2564) (32). الحديث: 235 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 98 236 - وعن أنس - رضي الله عنه - عن النَّبيّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: «لاَ يُؤمِنُ أحَدُكُمْ حَتَّى يُحِبَّ لأخِيهِ مَا يُحِبُّ لنَفْسِهِ». مُتَّفَقٌ عَلَيهِ. (1)   (1) انظر الحديث (183). الحديث: 236 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 98 237 - وعنه، قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم: «انْصُرْ أخَاكَ ظَالمًا أَوْ مَظْلُومًا» فَقَالَ رجل: يَا رَسُول اللهِ، أنْصُرُهُ إِذَا كَانَ مَظْلُومًا، أرَأيْتَ إنْ كَانَ ظَالِمًا كَيْفَ أنْصُرُهُ؟ قَالَ: «تحْجُزُهُ - أَوْ تمْنَعُهُ - مِنَ الظُلْمِ فَإِنَّ ذلِكَ نَصرُهُ». رواه البخاري. (1)   (1) أخرجه: البخاري 9/ 28 (6952). الحديث: 237 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 98 238 - وعن أَبي هريرة - رضي الله عنه: أنَّ رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: «حَقُّ المُسْلِم عَلَى المُسْلِم خَمْسٌ: رَدُّ السَّلامِ، وَعِيَادَةُ المَريض، وَاتِّبَاعُ الجَنَائِزِ، وَإجَابَةُ الدَّعْوَة، وتَشْميتُ (1) العَاطِسِ». مُتَّفَقٌ عَلَيهِ. (2) وفي رواية لمسلم: «حَقُّ المُسْلِم عَلَى المُسْلِم سِتٌّ: إِذَا لَقيتَهُ فَسَلِّمْ عَلَيهِ، وَإِذَا دَعَاكَ فَأَجِبْهُ، وإِذَا اسْتَنْصَحَكَ فَانْصَحْ لَهُ، وإِذَا عَطَسَ فَحَمِدَ اللهَ فَشَمِّتْهُ، وَإِذَا مَرِضَ فَعُدْهُ، وَإِذَا مَاتَ فَاتَّبِعْهُ».   (1) أي الدعاء بالخير والبركة. النهاية 2/ 499. (2) أخرجه: البخاري 2/ 90 (1240)، ومسلم 7/ 3 (2162) (4) و (5). الحديث: 238 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 98 239 - وعن أَبي عُمَارة البراءِ بن عازب رضي الله عنهما، قَالَ: أمرنا رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم - بسبع، ونهانا عن سبع: أمَرَنَا بعيَادَة المَرِيض، وَاتِّبَاعِ الجَنَازَةِ، وتَشْمِيتِ العَاطسِ، وَإبْرار المُقْسِم، ونَصْرِ المَظْلُوم، وَإجَابَةِ الدَّاعِي، وَإِفْشَاءِ السَّلامِ، ونَهَانَا عَنْ خَواتِيمٍ أَوْ تَخَتُّمٍ بالذَّهَبِ، وَعَنْ شُرْبٍ بالفِضَّةِ، وَعَن الميَاثِرِ الحُمْرِ، وَعَن القَسِّيِّ، وَعَنْ لُبْسِ الحَريرِ والإسْتبْرَقِ وَالدِّيبَاجِ. مُتَّفَقٌ عَلَيهِ (1). وفي رواية: وَإنْشَادِ الضَّالَّةِ في السَّبْعِ الأُوَل. «المَيَاثِرُ» بياء مثَنَّاة قبل الألفِ، وثاء مُثَلَّثَة بعدها: وهي جَمْعُ ميثَرة، وهي شيء يُتَّخَذُ مِنْ حرير وَيُحْشَى قطنًا أَوْ غيره، وَيُجْعَلُ في السَّرْجِ وَكُور البَعير يجلس عَلَيهِ الراكب. «القَسِّيُّ» بفتح القاف وكسر السين المهملة المشددة: وهي ثياب تنسج مِنْ حرير وَكتَّانٍ مختلِطينِ. «وَإنْشَادُ الضَّالَّةِ»: تعريفها.   (1) أخرجه: البخاري 2/ 90 (1239)، ومسلم 6/ 135 (2066) (3). الحديث: 239 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 99 28 - باب ستر عورات المسلمين والنهي عن إشاعتها لغير ضرورة قَالَ الله تَعَالَى: {إِنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَنْ تَشِيعَ الْفَاحِشَةُ فِي الَّذِينَ آمَنُوا لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَة} [النور: 19]. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 99 240 - وعن أَبي هريرة - رضي الله عنه - عن النَّبيّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: «لاَ يَسْتُرُ عَبْدٌ عَبْدًا في الدُّنْيَا إلاَّ سَتَرَهُ اللهُ يَوْمَ القِيَامَةِ». رواه مسلم. (1)   (1) أخرجه: مسلم 8/ 21 (2590) (72). الحديث: 240 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 99 241 - وعنه، قَالَ: سمعت رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: «كُلُّ أُمَّتِي مُعَافَى إلاَّ المُجَاهِرِينَ (1)، وَإنَّ مِنَ المُجَاهَرَةِ أَنْ يَعْمَلَ الرَّجُلُ بِاللَّيلِ عَمَلًا، ثُمَّ يُصْبحُ وَقَدْ سَتَرَهُ اللهُ عَلَيهِ، فَيقُولُ: يَا فُلانُ، عَمِلتُ البَارِحَةَ كَذَا وَكَذَا، وَقَدْ بَاتَ يَسْتُرُهُ رَبُّهُ، وَيُصبحُ يَكْشِفُ ستْرَ اللهِ عَنْه». مُتَّفَقٌ عَلَيهِ. (2)   (1) قال النووي في شرح صحيح مسلم 9/ 272 (2990): «هم الذين جاهروا بمعاصيهم وأظهروها، وكشفوا ما ستر الله تعالى عليهم، فيتحدثون بها لغير ضرورة أو حاجة». (2) أخرجه: البخاري 8/ 24 (6069)، ومسلم 8/ 224 (2990) (52). الحديث: 241 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 99 242 - وعنه، عن النَّبيّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: «إِذَا زَنَتِ الأَمَةُ فَتَبيَّنَ زِنَاهَا فَلْيَجْلِدْهَا الحَدَّ، وَلاَ يُثَرِّبْ عَلَيْهَا، ثُمَّ إنْ زَنَتِ الثَّانِيَةَ فَلْيَجْلِدْهَا الحَدَّ، وَلا يُثَرِّبْ عَلَيْهَا، ثُمَّ إنْ زَنَتِ الثَّالِثَةَ فَلْيَبِعْهَا وَلَوْ بِحَبْل مِنْ شَعَر». مُتَّفَقٌ عَلَيهِ. (1) «التثريب»: التوبيخ.   (1) أخرجه: البخاري 3/ 93 (2152)، ومسلم 5/ 123 (1703) (30). الحديث: 242 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 100 243 - وعنه، قَالَ: أُتِيَ النَّبيّ - صلى الله عليه وسلم - برجل قَدْ شَرِبَ خَمْرًا، قَالَ: «اضْربُوهُ» قَالَ أَبُو هريرة: فَمِنَّا الضَّارِبُ بِيَدِهِ، والضَّارِبُ بِنَعْلِهِ، وَالضَّارِبُ بِثَوبِهِ. فَلَمَّا انْصَرَفَ، قَالَ بَعضُ القَومِ: أخْزَاكَ الله، قَالَ: «لا تَقُولُوا هكَذَا، لاَ تُعِينُوا عَلَيهِ الشَّيْطَانَ». رواه البخاري. (1)   (1) أخرجه: البخاري 8/ 196 (6777). الحديث: 243 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 100 29 - باب قضاء حوائج المسلمين قَالَ الله تَعَالَى: {وَافْعَلُوا الْخَيْرَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ} [الحج: 77]. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 100 244 - وعن ابن عمر رضي الله عنهما: أنَّ رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: «المُسْلِمُ أخُو المُسْلِمِ، لاَ يَظْلِمُهُ، وَلاَ يُسْلِمُهُ. مَنْ كَانَ في حَاجَةِ أخِيه، كَانَ اللهُ فِي حَاجَتِهِ، وَمَنْ فَرَّجَ عَنْ مُسْلِمٍ كُرْبَةً، فَرَّجَ اللهُ عَنْهُ بِهَا كُرْبَةً مِنْ كرَبِ يَومِ القِيَامَةِ، وَمَنْ سَتَرَ مُسْلِمًا سَتَرَهُ اللهُ يَومَ القِيَامَةِ». مُتَّفَقٌ عَلَيهِ. (1)   (1) انظر الحديث (233). الحديث: 244 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 100 245 - وعن أَبي هريرة - رضي الله عنه - عن النَّبيّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: «مَنْ نَفَّسَ عَنْ مُؤْمِنٍ كُرْبَةً مِنْ كُرَبِ الدُّنيَا، نَفَّسَ اللهُ عَنْهُ كُربَةً مِنْ كُرَبِ يَوْمِ القِيَامَةِ، وَمَنْ يَسَّر عَلَى مُعْسِرٍ يَسَّرَ الله عَلَيهِ في الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ، وَمَنْ سَتَرَ مُسْلِمًا سَتَرَهُ الله في الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ، واللهُ في عَونِ العَبْدِ مَا كَانَ العَبْدُ في عَونِ أَخِيهِ، وَمَنْ سَلَكَ طَريقًا يَلْتَمِسُ فِيهِ عِلْمًا سَهَّلَ اللهُ لَهُ طَريقًا إِلَى الجَنَّةِ. وَمَا اجْتَمَعَ قَوْمٌ في بَيت مِنْ بُيُوتِ اللهِ تَعَالَى، يَتْلُونَ كِتَابَ اللهِ، وَيَتَدَارَسُونَهُ بَيْنَهُمْ إلاَّ نَزَلَتْ عَلَيْهِمُ السَّكِينَةُ، وَغَشِيتْهُمُ الرَّحْمَةُ، وَحَفَّتْهُمُ المَلاَئِكَةُ، وَذَكَرَهُمُ الله فِيمَنْ عِندَهُ. وَمَنْ بَطَّأ بِهِ عَمَلُهُ لَمْ يُسْرِع بِهِ نَسَبُهُ (1)». رواه مسلم (2).   (1) قال النووي في شرح صحيح مسلم 9/ 20 (2699): «نفّس الكربة: أزالها. وفي الحديث: فضل قضاء حوائج المسلمين، ونفعهم بما تيسّر من علم أو مال أو معاونة أو إشارة بمصلحة أو نصيحة وغير ذلك، وفضل الستر على المسلمين، وفضل إنظار المعسر، وفضل المشي في طلب العلم، وفيه أن من كان عمله ناقصًا، لم يلحقه بمرتبة أصحاب الأعمال، فينبغي ألا يتكل على شرف النسب وفضيلة الآباء، ويقصّر في العمل». (2) أخرجه: مسلم 8/ 71 (2699) (38). الحديث: 245 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 100 30 - باب الشفاعة قَالَ الله تَعَالَى: {مَنْ يَشْفَعْ شَفَاعَةً حَسَنَةً يَكُنْ لَهُ نَصِيبٌ مِنْهَا} [النساء: 85]. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 101 246 - وعن أَبي موسى الأشعري - رضي الله عنه - قَالَ: كَانَ النَّبيّ - صلى الله عليه وسلم - إِذَا أتاهُ طَالِبُ حَاجَةٍ أقبَلَ عَلَى جُلَسَائِهِ، فَقَالَ: «اشْفَعُوا تُؤْجَرُوا، وَيَقْضِي الله عَلَى لِسَانِ نَبِيِّهِ مَا أحَبَّ». مُتَّفَقٌ عَلَيهِ. (1) وفي رواية: «مَا شَاءَ».   (1) أخرجه: البخاري 9/ 171 (7476)، ومسلم 8/ 37 (2627) (145). الحديث: 246 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 101 247 - وعن ابن عباس رضي الله عنهما في قِصَّةِ برِيرَةَ وَزَوْجِهَا، قَالَ: قَالَ لَهَا النَّبيُّ - صلى الله عليه وسلم: «لَوْ رَاجَعْتِهِ؟» قَالَتْ: يَا رَسُولَ اللهِ تَأمُرُنِي؟ قَالَ: «إنَّمَا أَشْفَع» قَالَتْ: لاَ حَاجَةَ لِي فِيهِ. رواه البخاري. (1)   (1) أخرجه: البخاري 7/ 62 (5283). الحديث: 247 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 101 31 - باب الإصلاح بَيْنَ الناس قَالَ الله تَعَالَى: {لا خَيْرَ فِي كَثِيرٍ مِنْ نَجْوَاهُمْ إِلاَّ مَنْ أَمَرَ بِصَدَقَةٍ أَوْ مَعْرُوفٍ أَوْ إِصْلاحٍ بَيْنَ النَّاسِ} [النساء: 114]، وَقالَ تَعَالَى: {وَالصُّلْحُ خَيْرٌ} [النساء: 128]، وَقالَ تَعَالَى: {فَاتَّقُوا اللهَ وَأَصْلِحُوا ذَاتَ بَيْنِكُمْ} [الأنفال: 1]، وَقالَ تَعَالَى: {إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ فَأَصْلِحُوا بَيْنَ أَخَوَيْكُمْ} [الحجرات: 10]. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 101 248 - وعن أَبي هريرة - رضي الله عنه - قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم: «كُلُّ سُلاَمَى مِنَ النَّاسِ عَلَيهِ صَدَقَةٌ، كُلَّ يَوْمٍ تَطْلُعُ فِيهِ الشَّمْسُ: تَعْدِلُ بَيْنَ الاثْنَينِ صَدَقَةٌ، وَتُعينُ الرَّجُلَ في دَابَّتِهِ فَتَحْمِلُهُ عَلَيْهَا، أَوْ تَرْفَعُ لَهُ عَلَيْهَا مَتَاعَهُ صَدَقَةٌ، وَالكَلِمَةُ الطَّيِّبَةُ صَدَقةٌ، وَبِكُلِّ خَطْوَةٍ تَمشِيهَا إِلَى الصَّلاةِ صَدَقَةٌ، وَتُميطُ الأَذى عَنِ الطَّريقِ صَدَقَةٌ». مُتَّفَقٌ عَلَيهِ. (1) ومعنى «تَعدِلُ بينهما»: تُصْلِحُ بينهما بالعدل.   (1) انظر الحديث (122). الحديث: 248 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 101 249 - وعن أمِّ كُلْثُوم بنت عُقْبَة بن أَبي مُعَيط رضي الله عنها، قَالَتْ: سمِعتُ رسول الله - صلى الله عليه وسلم [ص: 102] يَقُولُ: «لَيْسَ الكَذَّابُ الَّذِي يُصْلِحُ بَيْنَ النَّاسِ فَيَنْمِي خَيرًا، أَوْ يقُولُ خَيْرًا». مُتَّفَقٌ عَلَيهِ. (1) وفي رواية مسلم زيادة، قَالَتْ: وَلَمْ أَسْمَعْهُ يُرَخِّصُ في شَيْءٍ مِمَّا يَقُولُهُ النَّاسُ إلاَّ في ثَلاثٍ، تَعْنِي: الحَرْبَ، وَالإِصْلاَحَ بَيْنَ النَّاسِ، وَحَدِيثَ الرَّجُلِ امْرَأَتَهُ، وَحَدِيثَ المَرْأةِ زَوْجَهَا. (2)   (1) أخرجه: البخاري 3/ 240 (2692)، ومسلم 8/ 28 (2605) (101). (2) قال المصنف في شرح صحيح مسلم 8/ 331 (5605): «معناه ليس الكذاب المذموم الذي يصلح بين الناس، بل هذا محسن، ولا خلاف في جواز الكذب في هذه الصور». الحديث: 249 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 101 250 - وعن عائشة رضي الله عنها، قَالَتْ: سَمِعَ رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - صَوْتَ خُصُومٍ بِالبَابِ عَاليةً أصْوَاتُهُمَا، وَإِذَا أَحَدُهُمَا يَسْتَوْضِعُ الآخَر وَيَسْتَرْفِقُهُ في شَيءٍ، وَهُوَ يَقُولُ: واللهِ لاَ أفْعَلُ، فَخَرجَ عَلَيْهِمَا رسولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ: «أيْنَ المُتَأَلِّي عَلَى اللهِ لاَ يَفْعَلُ المَعْرُوفَ؟»، فَقَالَ: أَنَا يَا رسولَ اللهِ، فَلَهُ أيُّ ذلِكَ أحَبَّ. مُتَّفَقٌ عَلَيهِ. (1) معنى «يَسْتَوضِعُهُ»: يَسْأَلهُ أَنْ يَضَعَ عَنْهُ بَعضَ دَيْنِهِ. «وَيَسْتَرفِقُهُ»: يَسأَلُهُ الرِّفْقَ. «وَالمُتَأَلِّي»: الحَالِفُ.   (1) أخرجه: البخاري 3/ 244 (2705)، ومسلم 5/ 30 (1557) (19). الحديث: 250 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 102 251 - وعن أَبي العباس سهل بن سَعد الساعِدِيّ - رضي الله عنه: أنَّ رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم - بَلَغَهُ أنَّ بَني عَمرو بن عَوْفٍ كَانَ بَيْنَهُمْ شَرٌّ، فَخَرَجَ رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - يُصْلِحُ بَينَهُمْ في أُنَاس مَعَهُ، فَحُبِسَ رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم - وَحَانَتِ الصَّلاة، فَجَاءَ بِلالٌ إِلَى أَبي بكر رضي الله عنهما، فَقَالَ: يَا أَبا بَكْر، إنَّ رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم - قَدْ حُبِسَ وَحَانَتِ الصَّلاةُ فَهَلْ لَكَ أَنْ تَؤُمَّ النَّاس؟ قَالَ: نَعَمْ، إنْ شِئْتَ، فَأقَامَ بِلالٌ الصَّلاةَ، وتَقَدَّمَ أَبُو بَكْرٍ فَكَبَّرَ وَكَبَّرَ النَّاسُ، وَجَاءَ رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم - يَمشي في الصُّفُوفِ حَتَّى قَامَ في الصَّفِّ، فَأَخَذَ النَّاسُ في التَّصْفيقِ، وَكَانَ أَبُو بكرٍ - رضي الله عنه - لاَ يَلْتَفِتُ في الصَّلاةِ، فَلَمَّا أكْثَرَ النَّاسُ في التَّصْفيقِ الْتَفَتَ، فإِذَا رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم - فَأَشَارَ إِلَيْه رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - فَرَفَعَ أَبُو بَكْر - رضي الله عنه - يَدَهُ فَحَمِدَ اللهَ، وَرَجَعَ القَهْقَرَى (1) وَرَاءهُ حَتَّى قَامَ في الصَّفِّ، فَتَقَدَّمَ رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم - فَصَلَّى للنَّاسِ، فَلَمَّا فَرَغَ أقْبَلَ عَلَى النَّاسِ، فَقَالَ: «أيُّهَا النَّاسُ، مَا لَكُمْ حِينَ نَابَكُمْ شَيْءٌ في الصَّلاةِ أخَذْتُمْ في التَّصفيق؟! إِنَّمَا التَّصفيق [ص: 103] للنِّساء. مَنْ نَابَهُ شَيْءٌ في صَلاتِهِ فَلْيَقُلْ: سُبْحَانَ الله، فَإِنَّهُ لاَ يَسْمَعُهُ أحدٌ حِينَ يقُولُ: سُبْحَانَ الله، إلاَّ الْتَفَتَ. يَا أَبَا بَكْر: مَا مَنَعَكَ أَنْ تُصَلِّي بالنَّاسِ حِينَ أشَرْتُ إلَيْكَ؟»، فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: مَا كَانَ يَنْبَغي لابْنِ أَبي قُحَافَةَ أَنْ يُصَلِّي بالنَّاسِ بَيْنَ يَدَيْ رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم. مُتَّفَقٌ عَلَيهِ. (2) معنى «حُبِسَ»: أمْسَكُوهُ لِيُضِيفُوهُ.   (1) أي يمشي إلى خلفه. دليل الفالحين 3/ 64. (2) أخرجه: البخاري 2/ 88 (1234)، ومسلم 2/ 25 (421) (102). الحديث: 251 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 102 32 - باب فضل ضعفة المسلمين والفقراء والخاملين قَالَ الله تَعَالَى: {وَاصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ وَلا تَعْدُ عَيْنَاكَ عَنْهُمْ} [الكهف: 28]. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 103 252 - وعن حارثة بن وهْبٍ - رضي الله عنه - قَالَ: سمعت رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم - يقولُ: «ألاَ أُخْبِرُكُمْ بِأهْلِ الجَنَّةِ؟ كُلُّ ضَعِيف مُتَضَعَّف (1)، لَوْ أقْسَمَ عَلَى اللهِ لأَبَرَّهُ، أَلاَ أُخْبِرُكُمْ بِأهْلِ النَّارِ؟ كُلُّ عُتُلٍّ جَوّاظٍ مُسْتَكْبِرٍ». مُتَّفَقٌ عَلَيهِ. (2) «العُتُلُّ»: الغَلِيظُ الجَافِي. «وَالجَوَّاظُ»: بفتح الجيم وتشديد الواو وبالظاء المعجمة: وَهُوَ الجَمُوعُ المَنُوعُ، وَقِيلَ: الضَّخْمُ المُخْتَالُ في مِشْيَتِهِ، وَقِيلَ: القَصِيرُ البَطِينُ.   (1) قال النووي في شرح صحيح مسلم 9/ 161 (2853): «ضبطوا قوله: (متضعف) بفتح العين وكسرها المشهور الفتح، ومعناه يستضعفه الناس ويحتقرونه ويتجبرون عليه لضعف حاله في الدنيا، وأما رواية الكسر فمعناها: متواضع متذلل خامل واضع من نفسه، وليس المراد الاستيعاب في الطرفين». (2) أخرجه: البخاري 6/ 198 (4918)، ومسلم 8/ 154 (2853) (46). الحديث: 252 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 103 253 - وعن أَبي عباس سهل بن سعد الساعِدِيِّ - رضي الله عنه - قَالَ: مَرَّ رَجُلٌ عَلَى النَّبيّ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ لرَجُلٍ عِنْدَهُ جَالِسٌ: «مَا رَأيُكَ في هَذَا؟»، فَقَالَ: رَجُلٌ مِنْ أشْرَافِ النَّاسِ، هَذَا واللهِ حَرِيٌّ إنْ خَطَبَ أَنْ يُنْكَحَ، وَإنْ شَفَعَ أَنْ يُشَفَّعَ. فَسَكَتَ رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - ثُمَّ مَرَّ رَجُلٌ آخَرُ، فَقَالَ لَهُ رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم: «مَا رَأيُكَ في هَذَا؟» فَقَالَ: يَا رَسُولَ الله، هَذَا رَجُلٌ مِنْ فُقَراءِ المُسْلِمِينَ، هَذَا حَرِيٌّ إنْ خَطَبَ أَنْ لا يُنْكَحَ، وَإنْ شَفَعَ أَنْ لا يُشَفَّعَ، وَإنْ قَالَ أَنْ لاَ يُسْمَعَ لِقَولِهِ. فَقَالَ رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم: «هَذَا خَيْرٌ مِنْ مِلءِ الأرْضِ مِثْلَ هَذَا». مُتَّفَقٌ عَلَيهِ. (1) [ص: 104] قوله: «حَرِيٌّ» هُوَ بفتح الحاءِ وكسر الراء وتشديد الياءِ: أي حَقيقٌ. وقوله: «شَفَعَ» بفتح الفاءِ.   (1) أخرجه: البخاري 8/ 118 (6447)، ولم أقف على رواية مسلم، وانظر: تحفة الأشراف 3/ 649 (4720) مع التعليق عليه. الحديث: 253 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 103 254 - وعن أَبي سعيد الخدري - رضي الله عنه - عن النَّبيّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: «احْتَجَّتِ الجَنَّةُ والنَّارُ، فقالتِ النَّارُ: فِيَّ الجَبَّارُونَ وَالمُتَكَبِّرُونَ. وَقَالتِ الجَنَّةُ: فِيَّ ضُعَفَاءُ النَّاسِ وَمَسَاكِينُهُمْ، فَقَضَى اللهُ بَيْنَهُمَا: إنَّكِ الجَنَّةُ رَحْمَتِي أرْحَمُ بِكِ مَنْ أشَاءُ، وَإنَّكِ النَّارُ عَذَابِي أُعَذِّبُ بِكِ مَنْ أشَاءُ، وَلِكلَيْكُمَا عَلَيَّ مِلْؤُهَا». رواه مسلم. (1)   (1) أخرجه: مسلم 8/ 151 (2847). الحديث: 254 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 104 255 - وعن أَبي هريرة - رضي الله عنه - عن رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: «إنَّهُ لَيَأتِي الرَّجُلُ السَّمِينُ العَظِيمُ يَوْمَ القِيَامَةِ لاَ يَزِنُ عِنْدَ اللهِ جَناحَ بَعُوضَةٍ». مُتَّفَقٌ عَلَيهِ. (1)   (1) أخرجه: البخاري 6/ 117 (4729)، ومسلم 8/ 125 (2785) (18). الحديث: 255 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 104 256 - وعنه: أنَّ امْرَأَةً سَوْدَاءَ كَانَتْ تَقُمُّ المَسْجِدَ، أَوْ شَابًّا، فَفَقَدَهَا، أَوْ فَقَدَهُ رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - فَسَأَلَ عَنْهَا، أو عنه، فقالوا: مَاتَ. قَالَ: «أَفَلا كُنْتُمْ آذَنْتُمُونِي» فَكَأنَّهُمْ صَغَّرُوا أمْرَهَا، أَوْ أمْرهُ، فَقَالَ: «دُلُّونِي عَلَى قَبْرِهِ» فَدَلُّوهُ فَصَلَّى عَلَيْهَا، ثُمَّ قَالَ: «إنَّ هذِهِ القُبُورَ مَمْلُوءةٌ ظُلْمَةً عَلَى أهْلِهَا، وَإنَّ اللهَ تعالى. يُنَوِّرُهَا لَهُمْ بِصَلاتِي عَلَيْهِمْ». مُتَّفَقٌ عَلَيهِ. (1) قوله: «تَقُمُّ» هُوَ بفتح التاءِ وضم القاف: أي تَكْنُسُ. «وَالقُمَامَةُ»: الكُنَاسَةُ، «وَآذَنْتُمُونِي» بِمد الهمزة: أيْ: أعْلَمْتُمُونِي.   (1) أخرجه: البخاري 1/ 124 (458)، ومسلم 3/ 56 (956) (71). الحديث: 256 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 104 257 - وعنه، قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم: «رُبَّ أشْعَثَ أغبرَ مَدْفُوعٍ بِالأبْوابِ لَوْ أقْسَمَ عَلَى اللهِ لأَبَرَّهُ». رواه مسلم. (1)   (1) أخرجه: مسلم 8/ 154 (2854) (48). الحديث: 257 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 104 258 - وعن أسامة - رضي الله عنه - عن النَّبيّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: «قُمْتُ عَلَى بَابِ الجَنَّةِ، فَإِذَا عَامَّةُ مَنْ دَخَلَهَا المَسَاكِينُ، وَأصْحَابُ الجَدِّ مَحْبُوسُونَ، غَيْرَ أنَّ أصْحَابَ النَّارِ قَدْ أُمِرَ بِهِمْ إِلَى النَّارِ. وَقُمْتُ عَلَى بَابِ النَّارِ فَإِذَا عَامَّةُ مَنْ دَخَلَهَا النِّسَاءُ». مُتَّفَقٌ عَلَيهِ. (1) «وَالْجَدُّ»: بفتح الجيم: الحَظُّ وَالغِنَى. وَقوله: «مَحْبُوسُونَ» أيْ: لَمْ يُؤْذَنْ لَهُمْ بَعْدُ في دُخُولِ الجَنَّةِ.   (1) أخرجه: البخاري 7/ 39 (5196)، ومسلم 8/ 87 (2736) (93). الحديث: 258 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 104 259 - وعن أَبي هريرة - رضي الله عنه - عن النَّبيّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: «لَمْ يَتَكَلَّمْ في المَهْدِ إلاَّ ثَلاثَةٌ: عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ، وَصَاحِبُ جُرَيْجٍ، وَكَانَ جُرَيْجٌ رَجُلًا عَابِدًا، فَاتَّخَذَ صَوْمَعَةً فَكَانَ فِيهَا، فَأَتَتْهُ أُمُّهُ وَهُوَ يُصَلِّي، فَقَالَتْ: يَا جُرَيْجُ، فَقَالَ: يَا رَبِّ أُمِّي وَصَلاتِي فَأَقْبَلَ عَلَى صَلاتِهِ فَانْصَرَفَتْ. فَلَمَّا كَانَ مِنَ الغَدِ أتَتْهُ وَهُوَ يُصَلِّي، فَقَالَتْ: يَا جُرَيْجُ، فَقَالَ: أيْ رَبِّ أمِّي وَصَلاتِي، فَأقْبَلَ عَلَى صَلاتِهِ، فَلَمَّا كَانَ مِنْ الغَدِ أتَتْهُ وَهُوَ يُصَلِّي، فَقَالَتْ: يَا جُرَيْجُ، فَقَالَ: أيْ رَبِّ أمِّي وَصَلاتِي، فَأقْبَلَ عَلَى صَلاَتِهِ، فَقَالَتْ: اللَّهُمَّ لاَ تُمِتْهُ حَتَّى يَنْظُرَ إِلَى وُجُوهِ المُومِسَاتِ. فَتَذَاكَرَ بَنُو إسْرائِيل جُرَيْجًا وَعِبَادَتَهُ، وَكَانَتِ امْرَأةٌ بَغِيٌّ يُتَمَثَّلُ بحُسْنِهَا، فَقَالَتْ: إنْ شِئْتُمْ لأَفْتِنَنَّهُ، فَتَعَرَّضَتْ لَهُ، فَلَمْ يَلْتَفِتْ إِلَيْهَا، فَأتَتْ رَاعِيًا كَانَ يَأوِي إِلَى صَوْمَعَتِهِ، فَأَمْكَنَتْهُ مِنْ نَفْسِهَا فَوقَعَ عَلَيْهَا، فَحَمَلَتْ، فَلَمَّا وَلَدَتْ، قَالَتْ: هُوَ مِنْ جُريج، فَأتَوْهُ فَاسْتَنْزَلُوهُ وَهَدَمُوا صَوْمَعَتَهُ، وَجَعَلُوا يَضْرِبُونَهُ، فَقَالَ: مَا شَأنُكُمْ؟ قَالُوا: زَنَيْتَ بهذِهِ البَغِيِّ فَوَلَدَتْ مِنْكَ. قَالَ: أيْنَ الصَّبيُّ؟ فَجَاؤُوا بِهِ فَقَالَ: دَعُوني حَتَّى أصَلِّي، فَصَلَّى فَلَمَّا انْصَرفَ أتَى الصَّبيَّ فَطَعنَ في بَطْنِهِ، وَقالَ: يَا غُلامُ مَنْ أبُوكَ؟ قَالَ: فُلانٌ الرَّاعِي، فَأَقْبَلُوا عَلَى جُرَيْجٍ يُقَبِّلُونَهُ وَيَتَمَسَّحُونَ بِهِ، وَقَالُوا: نَبْنِي لَكَ صَوْمَعَتَكَ مِنْ ذَهَب. قَالَ: لاَ، أعِيدُوهَا مِنْ طِينٍ كَمَا كَانَتْ، فَفَعلُوا. وبَينَا صَبِيٌّ يَرْضَعُ منْ أُمِّهِ فَمَرَّ رَجُلٌ رَاكِبٌ عَلَى دَابَّةٍ فَارِهَةٍ وَشَارَةٍ حَسَنَةٍ، فَقَالَتْ أُمُّهُ: اللَّهُمَّ اجْعَل ابْنِي مِثْلَ هَذَا، فَتَرَكَ الثَّدْيَ وَأقْبَلَ إِلَيْهِ فَنَظَرَ إِلَيْهِ، فَقَالَ: اللَّهُمَّ لاَ تَجْعَلْنِي مِثْلَهُ، ثُمَّ أقْبَلَ عَلَى ثَدْيه فَجَعَلَ يَرتَضِعُ»، فَكَأنِّي أنْظُرُ إِلَى رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم - وَهُوَ يَحْكِي ارْتضَاعَهُ بِأصْبَعِهِ السَّبَّابَةِ في فِيه، فَجَعَلَ يَمُصُّهَا، قَالَ: «وَمَرُّوا بِجَارِيَةٍ وَهُم يَضْرِبُونَهَا، ويَقُولُونَ: زَنَيْتِ سَرَقْتِ، وَهِيَ تَقُولُ: حَسْبِيَ اللهُ ونِعْمَ الوَكِيلُ. فَقَالَتْ أمُّهُ: اللَّهُمَّ لاَ تَجْعَل ابْنِي مِثْلَهَا، فَتَركَ الرَّضَاعَ ونَظَرَ إِلَيْهَا، فَقَالَ: اللَّهُمَّ اجْعَلْنِي مثْلَهَا، فَهُنَالِكَ تَرَاجَعَا الحَديثَ، فَقَالَتْ: مَرَّ رَجُلٌ حَسَنُ الهَيْئَةِ، فَقُلْتُ: اللَّهُمَّ اجْعَلْ ابْنِي مِثْلَهُ، فَقُلْتَ: اللَّهُمَّ لاَ تَجْعَلْنِي مِثْلَهُ، وَمَرُّوا بهذِهِ الأمَةِ وَهُمْ يَضْرِبُونَهَا وَيَقُولُونَ: زَنَيْتِ سَرَقْتِ، فقلتُ: اللَّهُمَّ لاَ تَجْعَلِ ابْنِي مِثْلَهَا، فَقُلْتَ: اللَّهُمَّ اجْعَلْنِي مِثْلَهَا؟! قَالَ: إنَّ ذلك الرَّجُل كَانَ جَبَّارًا، فَقُلْتُ: اللَّهُمَّ لا تَجْعَلْنِي مِثْلَهُ، وَإنَّ هذِهِ يَقُولُونَ: زَنَيْتِ، وَلَمْ تَزْنِ وَسَرقْتِ، وَلَمْ تَسْرِقْ، فَقُلْتُ: اللَّهُمَّ اجْعَلْنِي مِثْلَهَا» (1) مُتَّفَقٌ عَلَيهِ. (2) [ص: 106] «المُومسَاتُ» بِضَمِّ الميمِ الأُولَى، وَإسكان الواو وكسر الميم الثانية وبالسين المهملة؛ وهُنَّ الزَّواني. وَالمُومِسَةُ: الزَّانِيَةُ. وقوله: «دَابَّةٌ فَارِهَةٌ» بِالفَاءِ: أي حَاذِقَةٌ نَفيسةٌ. «وَالشَّارَةُ» بالشين المعجمة وتخفيف الرَّاءِ: وَهيَ الجَمَالُ الظَّاهِرُ في الهَيْئَةِ والمَلبَسِ. ومعنى «تَراجَعَا الحَديث» أي: حَدَّثت الصبي وحَدَّثها، والله أعلم.   (1) قال النووي في شرح صحيح مسلم 8/ 286 (2550): «في حديث جريج فوائد منها: عظم بر الوالدين، وتأكد حق الأم، وأن دعاءها مجاب، وأنه إذا تعارضت الأمور بدئ بأهمها». (2) أخرجه: البخاري 4/ 201 (3436)، ومسلم 8/ 4 (2550) (8). الحديث: 259 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 105 33 - باب ملاطفة اليتيم والبنات وسائر الضعفة والمساكين والمنكسرين والإحسان إليهم والشفقة عليهم والتواضع معهم وخفض الجناح لهم قَالَ الله تَعَالَى: {وَاخْفِضْ جَنَاحَكَ لِلْمُؤْمِنِينَ} [الحجر: 88]، وَقالَ تَعَالَى: {وَاصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ وَلا تَعْدُ عَيْنَاكَ عَنْهُمْ تُرِيدُ زِينَةَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا} [الكهف: 28]، وَقالَ تَعَالَى: {فَأَمَّا الْيَتِيمَ فَلا تَقْهَرْ وَأَمَّا السَّائِلَ فَلا تَنْهَرْ} [الضحى: 9 - 10]، وَقالَ تَعَالَى: {أَرَأَيْتَ الَّذِي يُكَذِّبُ بِالدِّينِ فَذَلِكَ الَّذِي يَدُعُّ الْيَتِيمَ وَلا يَحُضُّ عَلَى طَعَامِ الْمِسْكِينِ} [الماعون: 6]. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 106 260 - وعن سعد بن أَبي وَقَّاص - رضي الله عنه - قَالَ: كُنَّا مَعَ النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم - سِتَّةَ نَفَرٍ، فَقَالَ المُشْرِكُونَ للنَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم: اطْرُدْ هؤلاء لا يَجْتَرِئُونَ عَلَيْنَا، وَكُنْتُ أنَا وَابْنُ مَسْعُودٍ. وَرَجُلٌ مِنْ هُذَيْلٍ وَبِلالٌ وَرَجُلاَنِ لَسْتُ أُسَمِّيهِمَا، فَوَقَعَ في نفس رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم - مَا شَاءَ اللهُ أَنْ يَقَعَ فَحَدَّثَ نَفسَهُ، فَأنْزَلَ اللهُ تعالى: {وَلا تَطْرُدِ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ} [الأنعام: 52] رواه مسلم. (1)   (1) أخرجه: مسلم 7/ 127 (2413) (46). الحديث: 260 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 106 261 - وعن أَبي هُبَيرَة عائِذ بن عمرو المزنِي وَهُوَ مِنْ أهْل بيعة الرضوان - رضي الله عنه: أنَّ أبا سُفْيَانَ أتَى (1) عَلَى سَلْمَانَ وَصُهَيْبٍ وَبلاَلٍ في نَفَرٍ، فقالوا: مَا أخَذَتْ سُيُوفُ اللهِ مِنْ عَدُوِّ الله [ص: 107] مَأْخَذَهَا، فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ - رضي الله عنه: أتَقُولُون هَذَا لِشَيْخِ قُرَيْشٍ وَسَيدِهِمْ؟ فَأتَى النَّبيَّ - صلى الله عليه وسلم - فَأخْبَرهُ، فَقَالَ: «يَا أَبَا بَكْرٍ، لَعلَّكَ أغْضَبتَهُمْ؟ لَئِنْ كُنْتَ أغْضَبْتَهُمْ لَقَدْ أغْضَبتَ رَبَّكَ» فَأَتَاهُمْ فَقَالَ: يَا إخْوَتَاهُ، أغْضَبْتُكُمْ؟ قالوا: لاَ، يَغْفِرُ اللهُ لَكَ يَا أُخَيَّ. رواه مسلم. (2) قولُهُ: «مَأْخَذَهَا» أيْ: لَمْ تَسْتَوفِ حقها مِنْهُ. وقوله: «يَا أُخَيَّ»: رُوِي بفتحِ الهمزةِ وكسرِ الخاءِ وتخفيف الياءِ، وَرُوِيَ بضم الهمزة وفتح الخاء وتشديد الياءِ.   (1) قال النووي في شرح صحيح مسلم 8/ 250 (2504): «هذا الإتيان لأبي سفيان كان وهو كافر في الهدنة بعد صلح الحديبية. قوله: «لا، يغفر الله لك ... ». قال: روي عن أبي بكر أنه نهى عن مثل هذه الصيغة، أي لا تقل قبل الدعاء (لا) فتصير صورته صورة نفي الدعاء. قال بعضهم: قل: لا ... ويغفر لك الله». (2) أخرجه: مسلم 7/ 173 (2504) (170). الحديث: 261 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 106 262 - وعن سهل بن سعد - رضي الله عنه - قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم: «أَنَا وَكَافلُ اليَتِيمِ في الجَنَّةِ هَكَذا» وَأَشارَ بالسَّبَّابَةِ وَالوُسْطَى، وَفَرَّجَ بَيْنَهُمَا. رواه البخاري. (1) و «كَافلُ اليَتيم»: القَ‍ائِمُ بِأمُوره.   (1) أخرجه: البخاري 7/ 68 (5304). الحديث: 262 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 107 263 - وعن أَبي هريرة - رضي الله عنه - قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم: «كَافلُ اليَتيِم لَهُ أَوْ لِغَيْرِهِ أَنَا وَهُوَ كَهَاتَيْنِ في الجَنَّةِ» وَأَشَارَ الرَّاوِي وَهُوَ مَالِكُ بْنُ أنَس بالسَّبَّابَةِ وَالوُسْطَى. رواه مسلم. (1) وقوله - صلى الله عليه وسلم: «اليَتِيمُ لَهُ أَوْ لِغَيرِهِ» مَعْنَاهُ: قَريبُهُ، أَو الأجْنَبيُّ مِنْهُ، فالقَريبُ مِثلُ أَنْ تَكْفَلهُ أمُّهُ أَوْ جَدُّهُ أَوْ أخُوهُ أَوْ غَيرُهُمْ مِنْ قَرَابَتِهِ، والله أعْلَمُ.   (1) أخرجه: مسلم 8/ 221 (2983) (42). الحديث: 263 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 107 264 - وعنه، قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم: «لَيْسَ المِسْكينُ الَّذِي تَرُدُّهُ التَّمْرَةُ وَالتَّمْرَتَانِ، وَلا اللُّقْمَةُ وَاللُّقْمَتَانِ، إِنَّمَا المِسْكِينُ الَّذِي يَتَعَفَّفُ». مُتَّفَقٌ عَلَيهِ. (1) وفي رواية في الصحيحين: «لَيْسَ المِسكِينُ الَّذِي يَطُوفُ عَلَى النَّاسِ تَرُدُّهُ اللُّقْمَةُ واللُّقْمَتانِ، وَالتَّمْرَةُ والتَّمْرَتَانِ، وَلَكِنَّ المِسْكِينَ الَّذِي لاَ يَجِدُ غِنىً يُغْنِيه، وَلاَ يُفْطَنُ بِهِ فَيُتَصَدَّقَ عَلَيهِ، وَلاَ يَقُومُ فَيَسْأَلُ النَّاسَ».   (1) أخرجه: البخاري 2/ 154 (1479) و6/ 39 (4539)، ومسلم 3/ 95 (1039) (101) و (102). الحديث: 264 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 107 265 - وعنه، عن النَّبيّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: «السَّاعِي عَلَى الأَرْمَلَةِ وَالمِسْكِينِ، كَالمُجَاهِدِ في سَبيلِ اللهِ». وَأَحسَبُهُ قَالَ: «وَكَالقَائِمِ الَّذِي لاَ يَفْتُرُ، وَكَالصَّائِمِ الَّذِي لاَ يُفْطِرُ». مُتَّفَقٌ عَلَيهِ. (1)   (1) أخرجه: البخاري 8/ 11 (6007)، ومسلم 8/ 221 (2982) (41). الحديث: 265 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 107 266 - وعنه، عن النَّبيّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: «شَرُّ الطَّعَامِ طَعَامُ الوَلِيمَةِ، يُمْنَعُهَا مَنْ يَأتِيهَا، وَيُدْعَى إِلَيْهَا مَنْ يَأْبَاهَا، وَمَنْ لَمْ يُجِبِ الدَّعْوَةَ فَقَدْ عَصَى اللهَ وَرَسُولَهُ». رواه مسلم. (1) [ص: 108] وفي رواية في الصحيحين، عن أَبي هريرة من قوله: «بئْسَ الطَّعَامُ طَعَامُ الوَلِيمَةِ يُدْعَى إِلَيْهَا الأغْنِيَاءُ ويُتْرَكُ الفُقَراءُ».   (1) أخرجه: البخاري 7/ 32 (5177)، ومسلم 4/ 154 (1432) (107) و (110). الحديث: 266 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 107 267 - وعن أنس - رضي الله عنه - عن النَّبيّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: «مَنْ عَالَ (1) جَارِيَتَيْن حَتَّى تَبْلُغَا جَاءَ يَوْمَ القِيَامَةِ أنَا وَهُوَ كَهَاتَيْنِ» وضَمَّ أصَابِعَهُ. رواه مسلم. (2) «جَارِيَتَيْنِ» أيْ: بنتين.   (1) قال النووي في شرح صحيح مسلم 8/ 351 (2631): «أي قام عليها بالمؤنة والتربية». (2) أخرجه: مسلم 8/ 38 (2631) (149). الحديث: 267 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 108 268 - وعن عائشة رضي الله عنها، قَالَتْ: دَخَلَتْ عَلَيَّ امْرَأةٌ وَمَعَهَا ابنتانِ لَهَا، تَسْأَلُ فَلَمْ تَجِدْ عِنْدِي شَيئًا غَيْرَ تَمْرَةٍ وَاحدَةٍ، فَأعْطَيْتُهَا إيَّاهَا فَقَسَمَتْهَا بَيْنَ ابْنَتَيْها ولَمْ تَأكُلْ مِنْهَا، ثُمَّ قَامَتْ فَخَرجَتْ، فَدَخَلَ النَّبيُّ - صلى الله عليه وسلم - عَلَينَا، فَأخْبَرْتُهُ فَقَالَ: «مَنِ ابْتُليَ مِنْ هذِهِ البَنَاتِ بِشَيءٍ فَأحْسَنَ إلَيْهِنَّ، كُنَّ لَهُ سِترًا مِنَ النَّارِ». مُتَّفَقٌ عَلَيهِ. (1)   (1) أخرجه: البخاري 2/ 136 (1418)، ومسلم 8/ 38 (2629) (147). الحديث: 268 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 108 269 - وعن عائشة رضي الله عنها، قَالَتْ: جَاءتني مِسْكينةٌ تَحْمِلُ ابْنَتَيْنِ لَهَا، فَأطْعَمْتُها ثَلاثَ تَمرَات، فَأعْطَتْ كُلَّ وَاحِدَة مِنْهُمَا تَمْرَةً وَرَفَعتْ إِلَى فِيها تَمْرَةً لِتَأكُلها، فَاسْتَطعَمَتهَا ابْنَتَاهَا، فَشَقَّتِ التَّمْرَةَ الَّتي كَانَتْ تُريدُ أَنْ تَأكُلَهَا بَيْنَهُما، فَأعجَبَنِي شَأنُهَا، فَذَكَرْتُ الَّذِي صَنَعَتْ لرسولِ الله - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ: «إنَّ الله قَدْ أوْجَبَ لَهَا بها الجَنَّةَ، أَوْ أعتَقَهَا بِهَا مِنَ النَّارِ». رواه مسلم. (1)   (1) أخرجه: مسلم 8/ 38 (2630) (148). الحديث: 269 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 108 270 - وعن أَبي شُرَيحٍ خُوَيْلِدِ بن عمرو الخزاعِيِّ - رضي الله عنه - قَالَ: قَالَ النَّبيّ - صلى الله عليه وسلم: «اللَّهُمَّ إنِّي أُحَرِّجُ حَقَّ الضَّعِيفَينِ: اليَتِيم وَالمَرْأةِ» حديث حسن رواه النسائي بإسناد جيد. (1) ومعنى «أُحَرِّجُ»: أُلْحِقُ الحَرَجَ وَهُوَ الإثْمُ بِمَنْ ضَيَّعَ حَقَّهُمَا، وَأُحَذِّرُ مِنْ ذلِكَ تَحْذِيرًا بَليغًا، وَأزْجُرُ عَنْهُ زجرًا أكيدًا.   (1) أخرجه: النسائي في «الكبرى» (9150). الحديث: 270 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 108 271 - وعن مصعب بن سعد بن أَبي وقَّاص رضي الله عنهما، قَالَ: رَأى سعد أنَّ لَهُ فَضْلًا عَلَى مَنْ دُونَهُ، فَقَالَ النَّبيّ - صلى الله عليه وسلم: «هَلْ تُنْصرُونَ وتُرْزَقُونَ إلاَّ بِضُعَفَائِكُمْ». (1) رواه البخاري هكذا [ص: 109] مُرسلًا، فإن مصعب بن سعد تابعيٌّ، ورواه الحافظ أَبُو بكر البرقاني في صحيحه متصلًا عن مصعب، عن أبيه - رضي الله عنه.   (1) أخرجه: البخاري 4/ 44 (2896). الحديث: 271 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 108 272 - وعن أَبي الدَّرداءِ عُويمر - رضي الله عنه - قَالَ: سمعتُ رَسُولَ الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: «ابْغُوني الضُّعَفَاء، فَإنَّمَا تُنْصَرُونَ وتُرْزَقُونَ، بِضُعَفَائِكُمْ». رواه أَبُو داود بإسناد جيد (1).   (1) أخرجه: أبو داود (2594)، والترمذي (1702)، والنسائي 6/ 45 - 46. الحديث: 272 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 109 34 - باب الوصية بالنساء قَالَ الله تَعَالَى: {وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوف} [النساء:19]، وَقالَ تَعَالَى: {وَلَنْ تَسْتَطِيعُوا أَنْ تَعْدِلُوا بَيْنَ النِّسَاءِ وَلَوْ حَرَصْتُمْ فَلا تَمِيلُوا كُلَّ الْمَيْلِ فَتَذَرُوهَا كَالْمُعَلَّقَةِ وَإِنْ تُصْلِحُوا وَتَتَّقُوا فَإِنَّ اللهَ كَانَ غَفُورًا رَحِيمًا} [النساء: 129]. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 109 273 - وعن أَبي هريرة - رضي الله عنه - قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم: «اسْتَوْصُوا بالنِّساءِ خَيْرًا؛ فَإِنَّ المَرْأَةَ خُلِقَتْ مِنْ ضِلعٍ، وَإنَّ أعْوَجَ مَا في الضِّلَعِ أعْلاهُ، فَإنْ ذَهَبتَ تُقيمُهُ كَسَرْتَهُ، وَإنْ تَرَكْتَهُ، لَمْ يَزَلْ أعْوجَ، فَاسْتَوصُوا بالنِّساءِ». مُتَّفَقٌ عَلَيهِ. (1) وفي رواية في الصحيحين: «المَرأةُ كالضِّلَعِ إنْ أقَمْتَهَا كَسَرْتَهَا، وَإن اسْتَمتَعْتَ بِهَا، اسْتَمتَعْتَ وفِيهَا عوَجٌ». وفي رواية لمسلم: «إنَّ المَرأةَ خُلِقَت مِنْ ضِلَع، لَنْ تَسْتَقِيمَ لَكَ عَلَى طَريقة، فإن اسْتَمْتَعْتَ بِهَا اسْتَمْتَعْتَ بِهَا وَفيهَا عوَجٌ، وإنْ ذَهَبْتَ تُقِيمُهَا كَسَرْتَها، وَكَسْرُهَا طَلاَقُهَا». قوله: «عَوَجٌ» هُوَ بفتح العينِ والواوِ.   (1) أخرجه: البخاري 4/ 161 (3331) و7/ 33 (5184)، ومسلم 4/ 178 (1468) (59) و (60) و (65). الحديث: 273 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 109 274 - وعن عبد الله بن زَمْعَةَ - رضي الله عنه: أنَّهُ سَمِعَ النَّبيّ - صلى الله عليه وسلم - يَخْطُبُ، وَذَكَرَ النَّاقَةَ وَالَّذِي عَقَرَهَا، فَقَالَ رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم: «{إِذ انْبَعَثَ أشْقَاهَا} انْبَعَثَ لَهَا رَجُلٌ عَزيزٌ، عَارِمٌ مَنيعٌ في رَهْطِهِ»، ثُمَّ ذَكَرَ النِّسَاءَ، فَوعَظَ فِيهنَّ، فَقَالَ: «يَعْمِدُ أحَدُكُمْ فَيَجْلِدُ امْرَأتَهُ جَلْدَ العَبْدِ فَلَعَلَّهُ يُضَاجِعُهَا مِنْ آخِرِ يَومِهِ» ثُمَّ وَعَظَهُمْ في ضَحِكِهمْ مِنَ الضَّرْطَةِ، وَقالَ: «لِمَ يَضْحَكُ أَحَدُكُمْ مِمَّا يَفْعَلُ؟! (1)». مُتَّفَقٌ عَلَيهِ. (2) [ص: 110] «وَالعَارِمُ» بالعين المهملة والراء: هُوَ الشِّرِّيرُ المفسِدُ، وقوله: «انْبَعَثَ»، أيْ: قَامَ بسرعة.   (1) قال النووي في شرح صحيح مسلم 9/ 162 (2855): «في الحديث النهي عن ضرب النساء لغير ضرورة التأديب، وفيه النهي عن الضحك من الضرطة يسمعها من غيره». (2) أخرجه: البخاري 6/ 210 (4942)، ومسلم 8/ 154 (2855) (49). الحديث: 274 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 109 275 - وعن أَبي هريرة - رضي الله عنه - قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم: «لاَ يَفْرَكْ مُؤْمِنٌ مُؤْمِنَةً إنْ كَرِهَ مِنْهَا خُلُقًا رَضِيَ مِنْهَا آخَرَ»، أَوْ قَالَ: «غَيْرَهُ». رواه مسلم. (1) وقولُهُ: «يَفْرَكْ» هُوَ بفتح الياءِ وإسكان الفاء وفتح الراءِ معناه: يُبْغِضُ، يقالُ: فَرِكَتِ المَرأةُ زَوْجَهَا، وَفَرِكَهَا زَوْجُهَا، بكسر الراء يفْرَكُهَا بفتحها: أيْ أبْغَضَهَا، والله أعلم.   (1) أخرجه: مسلم 4/ 178 (1469) (61). الحديث: 275 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 110 276 - وعن عمرو بن الأحوصِ الجُشَمي - رضي الله عنه: أنَّهُ سَمِعَ النَّبيّ - صلى الله عليه وسلم - في حَجَّةِ الوَدَاعِ يَقُولُ بَعْدَ أَنْ حَمِدَ الله تَعَالَى، وَأثْنَى عَلَيهِ وَذَكَّرَ وَوَعظَ، ثُمَّ قَالَ: «ألا وَاسْتَوصُوا بالنِّساءِ خَيْرًا، فَإِنَّمَا هُنَّ عَوَانٍ عِنْدَكُمْ لَيْسَ تَمْلِكُونَ مِنْهُنَّ شَيْئًا غَيْرَ ذلِكَ إلاَّ أَنْ يَأتِينَ بِفَاحِشَةٍ (1) مُبَيِّنَةٍ، فَإنْ فَعَلْنَ فَاهْجُرُوهُنَّ في المَضَاجِع، وَاضْرِبُوهُنَّ ضَربًا غَيْرَ مُبَرِّحٍ، فإنْ أطَعْنَكُمْ فَلا تَبْغُوا عَلَيهنَّ سَبيلًا؛ ألاَ إنَّ لَكُمْ عَلَى نِسَائِكُمْ حَقًّا، وَلِنِسَائِكُمْ عَلَيْكُمْ حَقًّا؛ فَحَقُّكُمْ عَلَيهِنَّ أَنْ لا يُوطِئْنَ فُرُشَكُمْ مَنْ تَكْرَهُونَ، وَلا يَأْذَنَّ في بُيُوتِكُمْ لِمَنْ تَكْرَهُونَ؛ ألاَ وَحَقُّهُنَّ عَلَيْكُمْ أَنْ تُحْسِنُوا إِلَيْهِنَّ في كِسْوَتِهنَّ وَطَعَامِهنَّ». رواه الترمذي، (2) وَقالَ: «حديث حسن صحيح». قوله - صلى الله عليه وسلم: «عَوان» أيْ: أسِيرَاتٌ جَمْع عَانِيَة، بالعَيْنِ المُهْمَلَةِ، وَهِيَ الأسِيرَةُ، والعاني: الأسير. شَبَّهَ رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - المرأةَ في دخولِها تَحْتَ حُكْمِ الزَّوْجِ بالأَسيرِ «وَالضَّرْبُ المبَرِّحُ»: هُوَ الشَّاقُ الشَّدِيد وقوله - صلى الله عليه وسلم: «فَلاَ تَبْغُوا عَلَيهنَّ سَبِيلًا» أيْ: لاَ تَطْلُبُوا طَريقًا تَحْتَجُّونَ بِهِ عَلَيهِنَّ وَتُؤْذُونَهُنَّ بِهِ، والله أعلم.   (1) قال ابن العربي في عارضة الأحوذي 3/ 88 (1163): «يريد بمعصية ظاهرة لا تحل ولا تجد منها مخرجًا ولا تتبين فيها عذرًا، فحينئذٍ يملك الزوج عليها الأدب والهجران في المضجع». (2) أخرجه: ابن ماجه (1851)، والترمذي (1163)، والنسائي في «الكبرى» (9169). الحديث: 276 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 110 277 - وعن معاوية بن حيدة - رضي الله عنه - قَالَ: قُلْتُ: يَا رَسُول الله، مَا حق زَوجَةِ أَحَدِنَا عَلَيهِ؟ قَالَ: «أنْ تُطْعِمَهَا إِذَا طعِمْتَ، وَتَكْسُوهَا إِذَا اكْتَسَيْتَ، وَلاَ تَضْرِبِ الوَجْهَ، [ص: 111] وَلا تُقَبِّحْ، وَلا تَهْجُرْ إلاَّ في البَيْتِ» حديثٌ حسنٌ رواه أَبُو داود (1) وَقالَ: معنى «لا تُقَبِّحْ» أي: لا تقل: قبحكِ الله.   (1) أخرجه: أبو داود (2142)، وابن ماجه (1850)، والنسائي في «الكبرى» (9171). وأخرج ابن ماجه روايته عن معاوية أن رجلًا سأل النبي - صلى الله عليه وسلم. الحديث: 277 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 110 278 - وعن أَبي هريرة - رضي الله عنه - قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم: «أكْمَلُ المُؤمِنِينَ إيمَانًا أحْسَنُهُمْ خُلُقًا، وخِيَارُكُمْ خياركم لِنِسَائِهِمْ». رواه الترمذي، (1) وَقالَ: «حديث حسن صحيح».   (1) أخرجه: أبو داود (4682)، والترمذي (1162)، ورواية أبي داود اقتصرت على الجزء الأول من الحديث. الحديث: 278 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 111 279 - وعن إياس بن عبد الله بن أَبي ذباب - رضي الله عنه - قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم: «لاَ تَضْرِبُوا إمَاء الله» فجاء عُمَرُ - رضي الله عنه - إِلَى رسولِ الله - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ: ذَئِرْنَ النِّسَاءُ عَلَى أزْوَاجِهِنَّ، فَرَخَّصَ في ضَرْبِهِنَّ، فَأطَافَ بآلِ رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم - نِسَاءٌ كَثيرٌ يَشْكُونَ أزْواجَهُنَّ، فَقَالَ رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم: «لَقَدْ أطَافَ بِآلِ بَيتِ مُحَمَّدٍ نِسَاءٌ كثيرٌ يَشْكُونَ أزْوَاجَهُنَّ لَيْسَ أولَئكَ بخيَارِكُمْ». رواه أَبُو داود بإسناد صحيح. (1) قوله: «ذَئِرنَ» هُوَ بذَال مُعْجَمَة مفْتوحَة، ثُمَّ هَمْزة مَكْسُورَة، ثُمَّ راءٍ سَاكِنَة، ثُمَّ نُون، أي: اجْتَرَأْنَ، قوله: «أطَافَ» أيْ: أحَاطَ.   (1) أخرجه: أبو داود (2146)، وابن ماجه (1985)، والنسائي في «الكبرى» (9167). الحديث: 279 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 111 280 - وعن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما: أنَّ رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: «الدُّنْيَا مَتَاعٌ، وَخَيرُ مَتَاعِهَا المَرْأَةُ الصَّالِحَةُ». رواه مسلم. (1)   (1) أخرجه: مسلم 4/ 178 (1467) (64). الحديث: 280 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 111 35 - باب حق الزوج عَلَى المرأة قَالَ الله تَعَالَى: {الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ بِمَا فَضَّلَ اللهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ وَبِمَا أَنْفَقُوا مِنْ أَمْوَالِهِمْ فَالصَّالِحَاتُ قَانِتَاتٌ حَافِظَاتٌ لِلْغَيْبِ بِمَا حَفِظَ الله} [النساء: 34]. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 111 وأما الأحاديث فمنها حديث عمرو بن الأحوص السابق في الباب قبله (1). 281 - وعن أَبي هريرة - رضي الله عنه - قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم: «إِذَا دَعَا الرَّجُلُ امرَأتَهُ إِلَى فرَاشِهِ فَلَمْ تَأتِهِ، فَبَاتَ غَضْبَانَ عَلَيْهَا، لَعَنَتْهَا المَلائِكَةُ حَتَّى تُصْبحَ». مُتَّفَقٌ عَلَيهِ. (2) [ص: 112] وفي رواية لهما: «إِذَا بَاتَت المَرأةُ هَاجِرَةً فِرَاشَ زَوْجِهَا لَعَنَتْهَا المَلاَئِكَةُ حَتَّى تُصْبحَ». وفي رواية قَالَ رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم: «والَّذِي نَفْسِي بيَدِهِ مَا مِنْ رَجُلٍ يَدْعُو امْرَأتَهُ إِلَى فِرَاشهِ فَتَأبَى عَلَيهِ إلاَّ كَانَ الَّذِي في السَّمَاء سَاخطًا عَلَيْهَا حَتَّى يَرْضَى عَنها».   (1) انظر الحديث (276). (2) أخرجه: البخاري 7/ 39 (5193) و (5194)، ومسلم 4/ 156 (1436) (120) و157 (1436) (121) و (122). الحديث: 281 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 111 282 - وعن أَبي هريرة - رضي الله عنه - أيضًا: أنَّ رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: «لاَ يَحِلُّ لامْرَأةٍ أَنْ تَصُومَ وزَوْجُهَا شَاهدٌ إلاَّ بإذْنِهِ، وَلاَ تَأذَنَ في بَيْتِهِ إلاَّ بِإذنِهِ». مُتَّفَقٌ عَلَيهِ (1) وهذا لفظ البخاري.   (1) أخرجه: البخاري 7/ 39 (5195)، ومسلم 3/ 91 (1026) (84). الحديث: 282 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 112 283 - وعن ابن عمر رضي الله عنهما، عن النَّبيّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: «كلكم رَاعٍ، وَكُلُّكُمْ مَسْؤُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ: وَالأمِيرُ رَاعٍ، والرَّجُلُ رَاعٍ عَلَى أهْلِ بَيتِهِ، وَالمَرْأةُ رَاعِيةٌ عَلَى بَيْتِ زَوْجها وَوَلَدهِ، فَكُلُّكُمْ رَاعٍ، وَكُلُّكُمْ مَسْؤُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ». مُتَّفَقٌ عَلَيهِ. (1)   (1) أخرجه: البخاري 7/ 41 (5200)، ومسلم 6/ 7 (1829) (20). الحديث: 283 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 112 284 - وعن أَبي علي طَلْق بن علي - رضي الله عنه: أنَّ رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: «إِذَا دَعَا الرَّجُلُ زَوْجَتهُ لحَاجَتِهِ فَلْتَأتِهِ وَإنْ كَانَتْ عَلَى التَّنُور (1)». رواه الترمذي والنسائي، (2) وَقالَ الترمذي: «حديث حسن صحيح».   (1) التنور: الذي يخبز فيه. النهاية 1/ 199. (2) أخرجه: الترمذي (1160)، والنسائي في «الكبرى» (8971). وقال الترمذي: «حديث حسن غريب». الحديث: 284 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 112 285 - وعن أَبي هريرة - رضي الله عنه - عن النَّبيّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: «لَوْ كُنْتُ آمِرًا أحَدًا أَنْ يَسْجُدَ لأحَدٍ لأمَرْتُ المَرأةَ أَنْ تَسْجُدَ لزَوجِهَا». رواه الترمذي، (1) وَقالَ: «حديث حسن صحيح».   (1) أخرجه: الترمذي (1159) وقال: «حديث حسن غريب». الحديث: 285 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 112 286 - وعن أم سَلَمَة رضي الله عنها، قَالَتْ: قَالَ رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم: «أيُّمَا امْرَأةٍ مَاتَتْ، وَزَوْجُهَا عَنْهَا رَاضٍ دَخَلَتِ الجَنَّةَ». رواه الترمذي، (1) وَقالَ: «حديث حسن».   (1) أخرجه: ابن ماجه (1854)، والترمذي (1161) وقال: «حديث حسن غريب» على أنَّ إسناد الحديث ضعيف لجهالة مساور الحميري وأمه. الحديث: 286 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 112 287 - وعن معاذ بن جبل - رضي الله عنه - عن النَّبيّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: «لاَ تُؤْذِي امْرَأةٌ زَوْجَهَا [ص: 113] في الدُّنْيَا إلاَّ قَالَتْ زَوْجَتُهُ مِنَ الحُورِ العِينِ لاَ تُؤذِيهِ قَاتَلكِ اللهُ! فَإِنَّمَا هُوَ عِنْدَكِ دَخِيلٌ (1) يُوشِكُ أَنْ يُفَارِقَكِ إِلَيْنَا». رواه الترمذي، (2) وَقالَ: «حديث حسن».   (1) الدخيل: الضيف والنزيل. النهاية 2/ 108. (2) أخرجه: ابن ماجه (2014)، والترمذي (1174) وقال: «حديث حسن غريب». الحديث: 287 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 112 288 - وعن أسامة بن زيد رضي الله عنهما، عن النَّبيّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: «مَا تَرَكْتُ بَعْدِي فِتْنَةً هِيَ أضَرُّ عَلَى الرِّجَالِ مِنَ النِّساء». مُتَّفَقٌ عَلَيهِ. (1)   (1) أخرجه: البخاري 7/ 11 (5096)، ومسلم 8/ 89 (2740) (97). الحديث: 288 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 113 36 - باب النفقة عَلَى العيال قَالَ الله تَعَالَى: {وَعَلَى الْمَوْلُودِ لَهُ رِزْقُهُنَّ وَكِسْوَتُهُنَّ بِالْمَعْرُوف} [البقرة: 233]، وَقالَ تَعَالَى: {لِيُنْفِقْ ذُو سَعَةٍ مِنْ سَعَتِهِ وَمَنْ قُدِرَ عَلَيْهِ رِزْقُهُ فَلْيُنْفِقْ مِمَّا آتَاهُ اللهُ لا يُكَلِّفُ اللهُ نَفْسًا إِلاَّ مَا آتَاهَا} [الطلاق: 7]، وَقالَ تَعَالَى: {وَمَا أَنْفَقْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَهُوَ يُخْلِفُه} [سبأ: 39]. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 113 289 - وعن أَبي هريرة - رضي الله عنه - قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم: «دِينَارٌ أنْفَقْتَهُ في سَبيلِ اللهِ، وَدِينار أنْفَقْتَهُ في رَقَبَةٍ، وَدِينارٌ تَصَدَّقْتَ بِهِ عَلَى مِسْكِينٍ، وَدِينَارٌ أنْفَقْتَهُ عَلَى أهْلِكَ، أعْظَمُهَا أجْرًا الَّذِي أنْفَقْتَهُ عَلَى أهْلِكَ». رواه مسلم. (1)   (1) أخرجه: مسلم 3/ 78 (995) (39). الحديث: 289 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 113 290 - وعن أَبي عبد الله، ويُقالُ لَهُ: أَبو عبد الرحمان ثَوبَان بن بُجْدُد مَوْلَى رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم: «أفْضَلُ دِينَارٍ يُنْفقُهُ الرَّجُلُ: دِينَارٌ يُنْفِقُهُ عَلَى عِيَالِهِ، وَدينَارٌ يُنْفقُهُ عَلَى دَابَّتِهِ في سَبيلِ الله، وَدِينارٌ يُنْفقُهُ عَلَى أصْحَابهِ في سَبيلِ اللهِ». رواه مسلم. (1)   (1) أخرجه: مسلم 3/ 78 (994) (38). الحديث: 290 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 113 291 - وعن أمِّ سَلمَة رَضي الله عنها، قَالَتْ: قُلْتُ: يَا رَسُول الله، هَلْ لِي أجرٌ فِي بَنِي أَبي سَلَمَة أَنْ أُنْفِقَ عَلَيْهِمْ، وَلَسْتُ بِتَارِكتهمْ هكَذَا وَهكَذَا إنَّمَا هُمْ بَنِيّ؟ فَقَالَ: «نَعَمْ، لَكِ أجْرُ مَا أنْفَقْتِ عَلَيْهِمْ». مُتَّفَقٌ عَلَيهِ. (1)   (1) أخرجه: البخاري 7/ 86 (5369)، ومسلم 3/ 80 (1001) (47). الحديث: 291 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 113 292 - وعن سعد بن أَبي وقاص - رضي الله عنه - في حديثه الطويل الَّذِي قدمناه في أول الكتاب [ص: 114] في باب النِّيَةِ: أنَّ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - قَالَ لَهُ: «وإنَّكَ لَنْ تُنْفِقَ نَفَقَةً تَبْتَغِي بِهَا وَجْهَ اللهِ إلاَّ أُجِرْتَ بِهَا حَتَّى مَا تَجْعَلُ في فيِّ امرأتِك». مُتَّفَقٌ عَلَيهِ. (1)   (1) انظر الحديث (6). الحديث: 292 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 113 293 - وعن أَبي مسعود البدري - رضي الله عنه - عن النَّبيّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: «إِذَا أنْفَقَ الرَّجُلُ عَلَى أَهْلِهِ نَفَقَةً يَحْتَسِبُهَا فَهِيَ لَهُ صَدَقَةٌ». مُتَّفَقٌ عَلَيهِ. (1)   (1) أخرجه: البخاري 1/ 21 (55)، ومسلم 3/ 81 (1002) (48). الحديث: 293 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 114 294 - وعن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما، قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم: «كَفَى بِالمَرْءِ إثْمًا أَنْ يُضَيِّعَ مَنْ يَقُوتُ» حديث صحيح رواه أَبُو داود وغيره. ورواه مسلم في صحيحه بمعناه، قَالَ: «كَفَى بِالمَرْءِ إثْمًا أَنْ يحْبِسَ عَمَّنْ يَمْلِكُ قُوتَهُ». (1)   (1) أخرجه: أبو داود (1692)، والنسائي في «الكبرى» (9176)، وأخرج مسلم الحديث الثاني 3/ 78 (996) (40). الحديث: 294 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 114 295 - وعن أَبي هريرة - رضي الله عنه: أن النَّبيّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: «مَا مِنْ يَوْمٍ يُصْبِحُ العِبَادُ فِيهِ إلاَّ مَلَكانِ يَنْزلاَنِ، فَيقُولُ أحَدُهُمَا: اللَّهُمَّ أعْطِ مُنْفقًا خَلَفًا، وَيَقُولُ الآخَرُ: اللَّهُمَّ أعْطِ مُمْسِكًا تلَفًا». مُتَّفَقٌ عَلَيهِ. (1)   (1) أخرجه: البخاري 2/ 142 (1442)، ومسلم 3/ 83 (1010) (57). الحديث: 295 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 114 296 - وعنه، عن النَّبيّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: «اليَدُ العُلْيَا خَيْرٌ مِنَ اليَدِ السُّفْلَى، وَابْدَأ بِمَنْ تَعُولُ، وَخَيْرُ الصَّدَقَةِ مَا كَانَ عَنْ ظَهْرِ غِنىً، وَمَنْ يَسْتَعْفِفْ يُعِفَّهُ اللهُ، وَمَنْ يَسْتَغْنِ يُغْنِهِ اللهُ». رواه البخاري. (1)   (1) أخرجه: البخاري 2/ 139 (1428). الحديث: 296 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 114 37 - باب الإنفاق مِمَّا يحبُّ ومن الجيِّد قَالَ الله تَعَالَى: {لَنْ تَنَالُوا الْبِرَّ حَتَّى تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ} [آل عمران: 92] وَقالَ تَعَالَى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَنْفِقُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا كَسَبْتُمْ وَمِمَّا أَخْرَجْنَا لَكُمْ مِنَ الأَرْضِ وَلا تَيَمَّمُوا الْخَبِيثَ مِنْهُ تُنْفِقُونَ} [البقرة: 267]. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 114 297 - عن أنس - رضي الله عنه - قَالَ: كَانَ أَبُو طَلْحَةَ - رضي الله عنه - أكْثَرَ الأنْصَار بالمَدِينَةِ مَالًا مِنْ نَخْل، وَكَانَ أَحَبُّ أمْوالِهِ إِلَيْه بَيْرَحَاء، وَكَانتْ مُسْتَقْبلَةَ المَسْجِدِ وَكَانَ رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم [ص: 115] يَدْخُلُهَا وَيَشْرَبُ مِنْ مَاءٍ فِيهَا طَيِّب. قَالَ أنَسٌ: فَلَمَّا نَزَلَتْ هذِهِ الآيةُ: {لَنْ تَنَالُوا الْبِرَّ حَتَّى تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ} قام أَبُو طَلْحَةَ إِلَى رسولِ الله - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ: يَا رَسُول الله، إنَّ الله تَعَالَى أنْزَلَ عَلَيْكَ: {لَنْ تَنَالُوا الْبِرَّ حَتَّى تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ} وَإنَّ أَحَبَّ مَالِي إِلَيَّ بَيْرَحَاءُ، وَإنَّهَا صَدَقَةٌ للهِ تَعَالَى، أرْجُو بِرَّهَا، وَذُخْرَهَا عِنْدَ الله تَعَالَى، فَضَعْهَا يَا رَسُول الله حَيْثُ أرَاكَ الله، فَقَالَ رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم: «بَخ (1)! ذلِكَ مَالٌ رَابحٌ، ذلِكَ مَالٌ رَابحٌ، وقَدْ سَمِعْتُ مَا قُلْتَ، وَإنِّي أرَى أَنْ تَجْعَلَهَا في الأقْرَبينَ»، فَقَالَ أَبُو طَلْحَةَ: أفْعَلُ يَا رَسُول الله، فَقَسَّمَهَا أَبُو طَلْحَةَ في أقَارِبِهِ، وبَنِي عَمِّهِ. مُتَّفَقٌ عَلَيهِ. (2) قوله - صلى الله عليه وسلم: «مالٌ رابحٌ»، رُوِيَ في الصحيحين «رابحٌ» و «رايحٌ» بالباء الموحدة وبالياءِ المثناةِ، أي: رايح عَلَيْكَ نفعه، وَ «بَيرَحَاءُ»: حديقة نخلٍ، وروي بكسرِ الباءِ وَفتحِها.   (1) بخ: كلمة تقال عند المدح والرضا بالشيء، وتكرر للمبالغة. النهاية 1/ 101. (2) أخرجه: البخاري 2/ 148 (1461)، ومسلم 3/ 79 (998) (42). الحديث: 297 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 114 38 - باب وجوب أمره أهله وأولاده المميزين وسائر من في رعيته بطاعة الله تعالى ونهيهم عن المخالفة وتأديبهم ومنعهم من ارتكاب مَنْهِيٍّ عَنْهُ قَالَ الله تَعَالَى: {وَأْمُرْ أَهْلَكَ بِالصَّلاةِ وَاصْطَبِرْ عَلَيْهَا} [طه: 132]، وَقالَ تَعَالَى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا} [التحريم: 6]. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 115 298 - عن أَبي هريرة - رضي الله عنه - قَالَ: أخذ الحسن بن علي رضي الله عنهما تَمْرَةً مِنْ تَمْر الصَّدَقَةِ فَجَعَلَهَا في فِيهِ، فَقَالَ رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم: «كَخْ كَخْ إرْمِ بِهَا، أمَا عَلِمْتَ أنَّا لا نَأكُلُ الصَّدَقَةَ!؟». مُتَّفَقٌ عَلَيهِ. (1) وفي رواية: «أنَّا لا تَحِلُّ لَنَا الصَّدَقَةُ». وقوله: «كَخْ كَخْ» يقال: بإسكان الخاء، ويقال: بكسرها مَعَ التنوين وهي كلمة زجر للصبي عن المستقذراتِ، وكان الحسن - رضي الله عنه - صبِيًّا.   (1) أخرجه: البخاري 2/ 157 (1491)، ومسلم 3/ 117 (1069) (161). الحديث: 298 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 115 299 - وعن أَبي حفص عمر بن أَبي سلمة عبد الله بن عبد الأسدِ ربيبِ رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: كُنْتُ غلاَمًا في حجر رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم - وَكَانَتْ يَدي تَطِيشُ في الصَّحْفَةِ، [ص: 116] فَقَالَ لي رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم: «يَا غُلامُ، سَمِّ الله تَعَالَى، وَكُلْ بيَمِينكَ، وَكُلْ مِمَّا يَلِيكَ» فَمَا زَالَتْ تِلْكَ طِعْمَتي بَعْدُ. مُتَّفَقٌ عَلَيهِ. (1) «وَتَطِيشُ»: تدور في نواحِي الصحفة.   (1) أخرجه: البخاري 7/ 88 (5376)، ومسلم 6/ 109 (2022) (108). الحديث: 299 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 115 300 - وعن ابن عمر رضي الله عنهما، قَالَ: سمعت رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: «كُلُّكُمْ رَاعٍ، وَكُلُّكُمْ مسْؤُولٌ عَنْ رَعِيَّتهِ: الإمَامُ رَاعٍ وَمَسْؤولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ، والرَّجُلُ رَاعٍ في أهْلِهِ وَمَسْؤُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ، وَالمَرْأةُ رَاعِيَةٌ في بيْتِ زَوْجِهَا وَمَسْؤُولَةٌ عَنْ رَعِيَّتِهَا، وَالخَادِمُ رَاعٍ في مَالِ سَيِّدِهِ وَمَسؤُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ، فَكُلُّكُمْ رَاعٍ وَمَسْؤُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ». مُتَّفَقٌ عَلَيهِ. (1)   (1) انظر الحديث (283). الحديث: 300 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 116 301 - وعن عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جدهِ - رضي الله عنه - قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم: «مُرُوا أَوْلادَكُمْ بِالصَّلاةِ وَهُمْ أبْنَاءُ سَبْعِ سِنينَ، وَاضْرِبُوهُمْ عَلَيْهَا، وَهُمْ أَبْنَاءُ عَشْرٍ، وَفَرِّقُوا بَيْنَهُمْ في المضَاجِعِ». حديث حسن رواه أَبُو داود بإسناد حسن. (1)   (1) أخرجه: أبو داود (495). الحديث: 301 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 116 302 - وعن أَبي ثُرَيَّةَ سَبْرَةَ بن معبدٍ الجُهَنِيِّ - رضي الله عنه - قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم: «عَلِّمُوا الصَّبِيَّ الصَّلاةَ لِسَبْعِ سِنِينَ، وَاضْرِبُوهُ عَلَيْهَا ابْنَ عَشْرِ سِنِينَ» حديث حسن رواه أَبُو داود والترمذي، وَقالَ: «حديث حسن». (1) ولفظ أَبي داود: «مُرُوا الصَّبِيَّ بِالصَّلاةِ إِذَا بَلَغَ سَبْعَ سِنِينَ».   (1) أخرجه: أبو داود (494)، والترمذي (407). الحديث: 302 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 116 39 - باب حق الجار والوصية بِهِ قَالَ الله تَعَالَى: {وَاعْبُدُوا اللهَ وَلا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا وَبِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَالْجَارِ ذِي الْقُرْبَى وَالْجَارِ الْجُنُبِ وَالصَّاحِبِ بِالْجَنْبِ وَابْنِ السَّبِيلِ وَمَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ} [النساء: 36]. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 116 303 - وعن ابن عمر وعائشة رضي الله عنهما، قالا: قَالَ رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم: «مَا زَالَ جِبْريلُ يُوصِيني بِالجَارِ حَتَّى ظَنَنْتُ أنَّهُ سَيُورِّثُهُ». مُتَّفَقٌ عَلَيهِ. (1)   (1) أخرجه: البخاري 8/ 12 (6014) و (6015)، ومسلم 8/ 36 (2624) (140) و8/ 37 (2625) (141). الحديث: 303 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 116 304 - وعن أَبي ذر - رضي الله عنه - قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم: «يَا أَبَا ذَرٍّ، إِذَا طَبَخْتَ مَرَقَةً، فَأكثِرْ مَاءَهَا، وَتَعَاهَدْ جِيرَانَكَ». رواه مسلم. (1) وفي رواية لَهُ عن أَبي ذر، قَالَ: إنّ خليلي - صلى الله عليه وسلم - أوْصَاني: «إِذَا طَبَخْتَ مَرَقًا فَأكْثِرْ مَاءها، ثُمَّ انْظُرْ أَهْلَ بَيْتٍ مِنْ جِيرَانِكَ، فَأَصِبْهُمْ مِنْهَا بِمعرُوفٍ».   (1) أخرجه: مسلم 8/ 37 (2625 م) (142) و (143). الحديث: 304 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 117 305 - وعن أَبي هريرة - رضي الله عنه: أن النَّبيّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: «واللهِ لاَ يُؤْمِنُ، وَاللهِ لاَ يُؤْمِنُ، وَاللهِ لاَ يُؤْمِنُ!» قِيلَ: مَنْ يَا رَسُول الله؟ قَالَ: «الَّذِي لاَ يَأْمَنُ جَارُهُ بَوَائِقَهُ!». مُتَّفَقٌ عَلَيهِ. (1) وفي رواية لمسلم: «لا يَدْخُلُ الجَنَّةَ مَنْ لاَ يَأمَنُ جَارُهُ بَوَائِقَهُ». «البَوَائِقُ»: الغَوَائِلُ والشُّرُورُ.   (1) أخرجه: البخاري 8/ 12 عقيب (6016)، ومسلم 1/ 49 (46) (73). الحديث: 305 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 117 306 - وعنه، قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم: «يَا نِسَاء المُسْلِمَاتِ، لاَ تَحْقِرَنَّ جَارةٌ لِجَارَتِهَا وَلَوْ فِرْسِنَ شَاة». مُتَّفَقٌ عَلَيهِ. (1)   (1) انظر الحديث (124). الحديث: 306 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 117 307 - وعنه: أن رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: «لاَ يَمْنَعْ جَارٌ جَارَهُ أَنْ يَغْرِزَ خَشَبَةً في جِدَارِهِ»، ثُمَّ يقُولُ أَبُو هريرة: مَا لِي أرَاكُمْ عَنْهَا مُعْرِضينَ! وَاللهِ لأرْمِيَنَّ بِهَا بَيْنَ أكْتَافِكُمْ. مُتَّفَقٌ عَلَيهِ. (1) رُوِيَ «خَشَبَهُ» بالإضَافَة وَالجمع. وَرُويَ «خَشَبَةً» بالتنوين عَلَى الإفرادِ. وقوله: مَا لي أراكم عَنْهَا مُعْرِضينَ: يَعْني عَنْ هذِهِ السُّنَّة.   (1) أخرجه: البخاري 3/ 173 (2463)، ومسلم 5/ 57 (1609) (136). الحديث: 307 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 117 308 - وعنه: أن رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: «مَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بالله وَاليَومِ الآخرِ، فَلاَ يُؤْذِ جَارَهُ، وَمَنْ كَانَ يُؤْمِنُ باللهِ وَاليَومِ الآخِرِ، فَلْيُكْرِمْ ضَيْفَهُ، وَمَنْ كَانَ يُؤْمِنُ باللهِ وَاليَومِ الآخِرِ، فَلْيَقُلْ خَيْرًا أَوْ لِيَسْكُتْ». مُتَّفَقٌ عَلَيهِ. (1)   (1) أخرجه: البخاري 8/ 39 (6136)، ومسلم 1/ 49 (47) (75). الحديث: 308 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 117 309 - وعن أَبي شُرَيْح الخُزَاعيِّ - رضي الله عنه: أن النَّبيّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: «مَنْ كَانَ يُؤمِنُ بِاللهِ وَاليَومِ الآخِرِ، فَلْيُحْسِنْ إِلَى جَارِهِ، وَمَنْ كَانَ يُؤْمِنُ باللهِ وَاليَومِ الآخِرِ، فَلْيُكْرِمْ ضَيْفَهُ، [ص: 118] وَمَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاللهِ وَاليَومِ الآخِرِ، فَلْيَقُلْ خَيْرًا أَوْ لِيَسْكُتْ». رواه مسلم بهذا اللفظ، وروى البخاري بعضه. (1)   (1) أخرجه: البخاري 8/ 13 (6019)، ومسلم 1/ 50 (48) (77). الحديث: 309 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 117 310 - وعن عائشة رضي الله عنها، قَالَت: قُلْتُ: يَا رَسُول الله، إنَّ لِي جارَيْنِ، فإلى أيِّهِمَا أُهْدِي؟ قَالَ: «إِلَى أَقْرَبِهِمَا مِنكِ بَابًا». رواه البخاري. (1)   (1) أخرجه: البخاري 3/ 115 (2259). الحديث: 310 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 118 311 - وعن عبدِ الله بن عمر رضي الله عنهما، قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم: «خَيْرُ الأَصْحَابِ عِنْدَ الله تَعَالَى خَيْرُهُمْ لِصَاحِبِهِ، وَخَيرُ الجِيرَانِ عِنْدَ الله تَعَالَى خَيْرُهُمْ لِجَارِهِ». رواه الترمذي، (1) وَقالَ: «حديث حسن».   (1) أخرجه: الترمذي (1944) وقال: «حديث حسن غريب». الحديث: 311 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 118 40 - باب بر الوالدين وصلة الأرحام قَالَ الله تَعَالَى: {وَاعْبُدُوا اللهَ وَلا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا وَبِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَالْجَارِ ذِي الْقُرْبَى وَالْجَارِ الْجُنُبِ وَالصَّاحِبِ بِالْجَنْبِ (1) وَابْنِ السَّبِيلِ وَمَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ} [النساء: 36]، وَقالَ تَعَالَى: {وَاتَّقُوا اللهَ الَّذِي تَسَاءلُونَ بِهِ وَالأَرْحَام} [النساء: 1]، وَقالَ تَعَالَى: {وَالَّذِينَ يَصِلُونَ مَا أَمَرَ اللهُ بِهِ أَنْ يُوصَلَ} [الرعد: 21]، وَقالَ تَعَالَى: {وَوَصَّيْنَا الأِنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ حُسْنًا} [العنكبوت: 8]، وَقالَ تَعَالَى: {وَقَضَى رَبُّكَ أَلاَّ تَعْبُدُوا إِلاَّ إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِنْدَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلاهُمَا فَلا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ وَلا تَنْهَرْهُمَا وَقُلْ لَهُمَا قَوْلًا كَرِيمًا وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ وَقُلْ رَبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا} [الإسراء: 23 - 24]، وَقالَ تَعَالَى: {وَوَصَّيْنَا الأِنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ حَمَلَتْهُ أُمُّهُ وَهْنًا عَلَى وَهْنٍ وَفِصَالُهُ فِي عَامَيْنِ أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْك} [لقمان: 14].   (1) الجار ذو القربى: الجار الذي بينك وبينه قرابة. والجار الجنب: الجار الغريب الذي ليس بينك وبينه قرابة. والصاحب بالجنب: الزوجة. قاله ابن الجوزي من بين أقوال أخرى. زاد المسير 2/ 79. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 118 312 - وعن أَبي عبد الرحمان عبد الله بن مسعود - رضي الله عنه - قَالَ: سألت النبي - صلى الله عليه وسلم: أيُّ العَمَلِ أحَبُّ إِلَى اللهِ تَعَالَى؟ قَالَ: «الصَّلاةُ عَلَى وَقْتِهَا»، قُلْتُ: ثُمَّ أي؟ قَالَ: «بِرُّ الوَالِدَيْنِ»، قُلْتُ: ثُمَّ أيٌّ؟ قَالَ: «الجِهَادُ في سبيلِ الله». مُتَّفَقٌ عَلَيهِ. (1)   (1) أخرجه: البخاري 4/ 17 (2782)، ومسلم 1/ 62 (85) (137). الحديث: 312 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 118 313 - وعن أَبي هريرة - رضي الله عنه - قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم: «لاَ يَجْزِي وَلَدٌ وَالِدًا إِلاَّ أَنْ يَجِدَهُ مَمْلُوكًا، فَيَشْتَرِيهُ فَيُعْتِقَهُ». رواه مسلم. (1)   (1) أخرجه: مسلم 4/ 218 (1510) (25). الحديث: 313 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 119 314 - وعنه أيضًا - رضي الله عنه: أن رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: «مَنْ كَانَ يُؤْمِنُ باللهِ وَاليَومِ الآخِرِ، فَلْيُكْرِمْ ضَيْفَهُ، وَمَنْ كَانَ يُؤْمِنُ باللهِ وَاليَومِ الآخِرِ، فَلْيَصِلْ رَحِمَهُ، وَمَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاللهِ وَاليَومِ الآخِرِ، فَلْيَقُلْ خَيْرًا أَوْ لِيَصْمُتْ». مُتَّفَقٌ عَلَيهِ. (1)   (1) أخرجه: البخاري 8/ 39 (6138)، ومسلم 1/ 49 (47) (74). الحديث: 314 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 119 315 - وعنه، قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم: «إنَّ اللهَ تَعَالَى خَلَقَ الخَلْقَ حَتَّى إِذَا فَرَغَ مِنْهُمْ قَامَتِ الرَّحِمُ، فَقَالَتْ: هَذَا مُقَامُ العَائِذِ بِكَ مِنَ القَطِيعةِ، قَالَ: نَعَمْ، أمَا تَرْضَيْنَ أَنْ أصِلَ مَنْ وَصَلَكِ، وَأقْطَعَ مَنْ قَطَعَكِ؟ قَالَتْ: بَلَى، قَالَ: فَذَلِكَ لَكِ، ثُمَّ قَالَ رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم: «اقْرَؤُوا إنْ شِئْتمْ: {فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ تَوَلَّيْتُمْ أَنْ تُفْسِدُوا فِي الأَرْضِ وَتُقَطِّعُوا أَرْحَامَكُمْ أُولَئِكَ الَّذِينَ لَعَنَهُمُ اللهُ فَأَصَمَّهُمْ وَأَعْمَى أَبْصَارَهُمْ} [محمد: 22 - 23] مُتَّفَقٌ عَلَيهِ. (1) وفي رواية للبخاري: فَقَالَ الله تَعَالَى: «مَنْ وَصَلَكِ، وَصَلْتُهُ، وَمَنْ قَطَعَكِ، قَطَعْتُهُ».   (1) أخرجه: البخاري 8/ 6 (5987) و8/ 7 (5988)، ومسلم 8/ 7 (2554) (16). الحديث: 315 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 119 316 - وعنه - رضي الله عنه - قَالَ: جاء رجل إِلَى رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ: يَا رَسُول الله، مَنْ أحَقُّ النَّاسِ بِحُسْنِ صَحَابَتِي؟ قَالَ: «أُمُّكَ» قَالَ: ثُمَّ مَنْ؟ قَالَ: «أُمُّكَ»، قَالَ: ثُمَّ مَنْ؟ قَالَ: «أُمُّكَ»، قَالَ: ثُمَّ مَنْ؟ قَالَ: «أبُوكَ». مُتَّفَقٌ عَلَيهِ. (1) وفي رواية: يَا رَسُول الله، مَنْ أَحَقُّ بحُسْنِ الصُّحْبَةِ؟ قَالَ: «أُمُّكَ، ثُمَّ أُمُّكَ، ثُمَّ أُمُّكَ، ثُمَّ أَبَاكَ، ثُمَّ أَدْنَاكَ أَدْنَاكَ». «وَالصَّحَابَةُ» بمعنى: الصحبةِ. وقوله: «ثُمَّ أباك» هكذا هُوَ منصوب بفعلٍ محذوفٍ، [ص: 107] أي: ثُمَّ بُرَّ أبَاكَ. وفي رواية: «ثُمَّ أبوك»، وهذا واضح.   (1) أخرجه: البخاري 8/ 2 (5971)، ومسلم 8/ 2 (2548) (1) و (2). الحديث: 316 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 119 317 - وعنه، عن النَّبيّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: «رغِم أنفُ، ثُمَّ رَغِمَ أنْفُ، ثُمَّ رَغِمَ أنْفُ مَنْ أدْرَكَ أبَويهِ عِنْدَ الكِبَرِ، أَحَدهُما أَوْ كِليهمَا فَلَمْ يَدْخُلِ الجَنَّةَ». رواه مسلم. (1)   (1) أخرجه: مسلم 8/ 5 (2551) (9). الحديث: 317 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 119 318 - وعنه - رضي الله عنه: أن رجلًا قَالَ: يَا رَسُول الله، إنّ لِي قَرابةً أصِلُهُمْ وَيَقْطَعُوني، وَأُحْسِنُ إلَيْهِمْ وَيُسِيئُونَ إلَيَّ، وَأحْلَمُ عَنْهُمْ وَيَجْهَلُونَ عَلَيَّ، فَقَالَ: «لَئِنْ كُنْتَ كَمَا قُلْتَ، فَكأنَّمَا تُسِفُّهُمْ الْمَلَّ، وَلاَ يَزَالُ مَعَكَ مِنَ اللهِ ظَهِيرٌ عَلَيْهِمْ مَا دُمْتَ عَلَى ذلِكَ». رواه مسلم. (1) «وَتُسِفُّهُمْ» بضم التاء وكسرِ السين المهملة وتشديد الفاءِ، «وَالمَلُّ» بفتح الميم، وتشديد اللام وَهُوَ الرَّمادُ الحَارُّ: أيْ كَأنَّمَا تُطْعِمُهُمُ الرَّمَادَ الحَارَّ، وَهُوَ تَشبِيهٌ لِمَا يَلْحَقَهُمْ من الإثم بما يلحَقُ آكِلَ الرَّمَادِ الحَارِّ مِنَ الأَلمِ، وَلاَ شَيءَ عَلَى هَذَا المُحْسِنِ إلَيهمْ، لكِنْ يَنَالُهُمْ إثمٌ عَظيمٌ بتَقْصيرِهم في حَقِّهِ، وَإدْخَالِهِمُ الأَذَى عَلَيهِ، وَاللهُ أعلم.   (1) أخرجه: مسلم 8/ 8 (2558) (22). الحديث: 318 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 120 319 - وعن أنسٍ - رضي الله عنه: أن رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: «من أَحَبَّ أَنْ يُبْسَطَ لَهُ في رِزْقِهِ، ويُنْسأَ لَهُ في أثَرِهِ، فَلْيَصِلْ رَحِمَهُ». مُتَّفَقٌ عَلَيهِ. (1) ومعنى «ينسأ لَهُ في أثرِهِ»، أي: يؤخر لَهُ في أجلِهِ وعمرِهِ.   (1) أخرجه: البخاري 3/ 73 (2067)، ومسلم 8/ 8 (2557) (21). الحديث: 319 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 120 320 - وعنه، قَالَ: كَانَ أَبُو طَلْحَةَ أكْثَرَ الأنْصَارِ بالمَدينَةِ مَالًا مِنْ نَخل، وَكَانَ أحَبُّ أمْوَاله إِلَيْهِ بَيْرَحاء، وَكَانَتْ مسْتَقْبَلَةَ المَسْجِدِ، وَكَانَ رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم - يَدْخُلُهَا، وَيَشْرَبُ مِنْ مَاءٍ فِيهَا طَيِّب، فَلَمَّا نَزَلَتْ هذِهِ الآيةُ: {لَنْ تَنَالُوا الْبِرَّ حَتَّى تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ} [آل عمران: 92] قَامَ أَبُو طَلْحَةَ إِلَى رسولِ الله - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ: يَا رَسُول الله، إنَّ الله تبارك وتَعَالَى، يقول: {لَنْ تَنَالُوا الْبِرَّ حَتَّى تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ} وَإنَّ أَحَبَّ مَالِي إِلَيَّ بَيْرَحَاءُ، وَإنَّهَا صَدَقَةٌ للهِ تَعَالَى، أرْجُو بِرَّهَا وَذُخْرَهَا عِنْدَ الله تَعَالَى، فَضَعْهَا يَا رَسُول الله، حَيْثُ أرَاكَ الله. فَقَالَ رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم: «بَخ! ذلِكَ مَالٌ رَابحٌ، ذلِكَ مَالٌ رَابحٌ! وقَدْ سَمِعْتُ مَا قُلْتَ، وَإنِّي أرَى أَنْ تَجْعَلَهَا في الأقْرَبينَ»، فَقَالَ أَبُو طَلْحَةَ: أفْعَلُ يَا رَسُول الله، فَقَسَّمَهَا أَبُو طَلْحَةَ في أقَارِبِهِ وبَنِي عَمِّهِ. مُتَّفَقٌ عَلَيهِ. (1) وسبق بيان ألفاظِهِ في باب الإنْفَاقِ مِمَّا يحب.   (1) انظر الحديث (297). الحديث: 320 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 120 321 - وعن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما، قَالَ: أقبلَ رَجُلٌ إِلَى نَبيِّ الله - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ: أُبَايِعُكَ عَلَى الهِجْرَةِ وَالجِهَادِ أَبْتَغي الأجْرَ مِنَ الله تَعَالَى. قَالَ: «فَهَلْ لَكَ مِنْ [ص: 121] وَالِدَيْكَ أحَدٌ حَيٌّ؟» قَالَ: نَعَمْ، بَلْ كِلاهُمَا. قَالَ: «فَتَبْتَغي الأجْرَ مِنَ الله تَعَالَى؟» قَالَ: نَعَمْ. قَالَ: «فارْجِعْ إِلَى وَالِدَيْكَ، فَأحْسِنْ صُحْبَتَهُمَا». مُتَّفَقٌ عَلَيهِ، وهذا لَفْظُ مسلِم. (1) وفي رواية لَهُمَا: جَاءَ رَجُلٌ فَاسْتَأذَنَهُ في الجِهَادِ، فقَالَ: «أحَيٌّ وَالِداكَ؟» قَالَ: نَعَمْ، قَالَ: «فَفيهِمَا فَجَاهِدْ».   (1) أخرجه: البخاري 4/ 71 (3004)، ومسلم 8/ 3 (2549) (5) و (6). الحديث: 321 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 120 322 - وعنه، عن النَّبيّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: «لَيْسَ الوَاصِلُ بِالمُكَافِىءِ، وَلكِنَّ الوَاصِلَ الَّذِي إِذَا قَطَعَتْ رَحِمُهُ وَصَلَهَا». رواه البخاري. (1) وَ «قَطَعَتْ» بِفَتح القَاف وَالطَّاء. وَ «رَحِمُهُ» مرفُوعٌ.   (1) أخرجه: البخاري 8/ 7 (5991). الحديث: 322 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 121 323 - وعن عائشة، قَالَتْ: قَالَ رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم: «الرَّحِمُ مُعَلَّقَةٌ بِالعَرْشِ تَقُولُ: مَنْ وَصَلَنِي، وَصَلَهُ اللهُ، وَمَنْ قَطَعَنِي، قَطَعَهُ اللهُ». مُتَّفَقٌ عَلَيهِ. (1)   (1) أخرجه: البخاري 8/ 7 (5989)، ومسلم 8/ 7 (2555) (17). الحديث: 323 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 121 324 - وعن أم المؤمنين ميمونة بنتِ الحارث رضي الله عنها: أنَّهَا أعْتَقَتْ وَليدَةً وَلَمْ تَستَأذِنِ النَّبيَّ - صلى الله عليه وسلم - فَلَمَّا كَانَ يَوْمُهَا الَّذِي يَدُورُ عَلَيْهَا فِيهِ، قَالَتْ: أشَعَرْتَ يَا رَسُول الله، أنِّي أعْتَقْتُ وَليدَتِي؟ قَالَ: «أَوَ فَعَلْتِ؟» قَالَتْ: نَعَمْ. قَالَ: «أما إنَّكِ لَوْ أعْطَيْتِهَا أخْوَالَكِ كَانَ أعْظَمَ لأَجْرِكِ». مُتَّفَقٌ عَلَيهِ. (1)   (1) أخرجه: البخاري 3/ 207 (2592)، ومسلم 3/ 79 (999) (44). الحديث: 324 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 121 325 - وعن أسماءَ بنتِ أَبي بكر الصديق رضي الله عنهما، قَالَتْ: قَدِمَتْ عَلَيَّ أُمِّي وَهِيَ مُشركةٌ في عَهْدِ رسولِ الله - صلى الله عليه وسلم - فاسْتَفْتَيْتُ رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم - قُلْتُ: قَدِمَتْ عَلَيَّ أُمِّي وَهِيَ رَاغِبَةٌ، أفَأصِلُ أُمِّي؟ قَالَ: «نَعَمْ، صِلِي أُمَّكِ». مُتَّفَقٌ عَلَيهِ. (1) وَقَولُهَا: «رَاغِبَةٌ» أيْ: طَامِعَةٌ عِنْدِي تَسْألُني شَيْئًا؛ قِيلَ: كَانَتْ أُمُّهَا مِن النَّسَبِ، وَقيل: مِن الرَّضَاعَةِ، وَالصحيحُ الأول.   (1) أخرجه: البخاري 3/ 215 (2620)، ومسلم 3/ 81 (1003) (50). الحديث: 325 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 121 326 - وعن زينب الثقفيةِ امرأةِ عبدِ الله بن مسعود رضي الله عَنْهُ وعنها، قَالَتْ: قَالَ رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم: «تَصَدَّقْنَ يَا مَعْشَرَ النِّسَاءِ وَلَوْ مِنْ حُلِيِّكُنَّ»، قَالَتْ: فَرَجَعْتُ إِلَى عبد الله بنِ مسعود، فقلتُ لَهُ: إنَّكَ رَجُلٌ خَفِيفُ ذَاتِ اليَدِ، وَإنَّ رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم - قَدْ أمَرَنَا بِالصَّدَقَةِ [ص: 122] فَأْتِهِ، فَاسْأَلْهُ، فإِنْ كَانَ ذلِكَ يُجْزِىءُ عَنِّي، وَإلاَّ صَرَفْتُهَا إِلَى غَيْرِكُمْ. فَقَالَ عبدُ اللهِ: بَلِ ائْتِيهِ أَنتِ، فانْطَلَقتُ، فَإذا امْرأةٌ مِنَ الأنْصارِ بِبَابِ رسولِ الله - صلى الله عليه وسلم - حَاجَتي حَاجَتُها، وَكَانَ رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم - قَدْ أُلْقِيَتْ عَلَيهِ المَهَابَةُ، فَخَرجَ عَلَيْنَا بِلاَلٌ، فَقُلْنَا لَهُ: ائْتِ رَسُولَ الله - صلى الله عليه وسلم - فَأَخْبرْهُ أنَّ امْرَأتَيْنِ بالبَابِ تَسألانِكَ: أُتُجْزِيءُ الصَّدَقَةُ عَنْهُمَا عَلَى أَزْواجِهمَا وَعَلَى أَيْتَامٍ في حُجُورِهِما؟، وَلاَ تُخْبِرْهُ مَنْ نَحْنُ، فَدَخلَ بِلاَلٌ عَلَى رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم - فسأله، فَقَالَ لَهُ رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم: «مَنْ هُمَا؟» قَالَ: امْرَأةٌ مِنَ الأنْصَارِ وَزَيْنَبُ. فَقَالَ رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم: «أيُّ الزَّيَانِبِ هِيَ؟»، قَالَ: امْرَأةُ عبدِ الله، فَقَالَ رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم: «لَهُمَا أَجْرَانِ: أَجْرُ القَرَابَةِ، وَأَجْرُ الصَّدَقَةِ». مُتَّفَقٌ عَلَيهِ. (1)   (1) أخرجه: البخاري 2/ 150 (1466)، ومسلم 3/ 80 (1000) (45). الحديث: 326 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 121 327 - وعن أَبي سفيان صخر بنِ حرب - رضي الله عنه - في حديثِهِ الطويل في قِصَّةِ هِرَقْلَ: أنَّ هرقْلَ قَالَ لأبي سُفْيَانَ: فَمَاذَا يَأمُرُكُمْ بِهِ؟ يَعْنِي النَّبيّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: قُلْتُ: يقول: «اعْبُدُوا اللهَ وَحْدَهُ، وَلاَ تُشْرِكُوا بِهِ شَيئًا، واتْرُكُوا مَا يَقُولُ آبَاؤُكُمْ، وَيَأمُرُنَا بِالصَّلاَةِ، وَالصِّدْقِ، والعَفَافِ، والصِّلَةِ». مُتَّفَقٌ عَلَيهِ. (1)   (1) انظر الحديث (56). الحديث: 327 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 122 328 - وعن أَبي ذرّ - رضي الله عنه - قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم: «إنَّكُمْ سَتَفْتَحُونَ أرْضًا يُذْكَرُ فِيهَا القِيرَاطُ (1)». وفي رواية: «سَتَفْتَحونَ مِصْرَ، وَهِيَ أَرْضٌ يُسَمَّى فِيهَا القِيراطُ، فَاسْتَوْصُوا بأهْلِهَا خَيْرًا؛ فَإنَّ لَهُمْ ذِمَّةً وَرَحِمًا» وفي رواية: «فإذا افتتحتموها، فأحسنوا إلى أهلها؛ فإن لهم ذمة ورحمًا»، أَوْ قَالَ: «ذِمَّةً وصِهْرًا». رواه مسلم. (2) قَالَ العلماء: «الرَّحِمُ»: الَّتي لَهُمْ كَوْنُ هَاجَرَ أُمِّ إسْمَاعِيلَ - صلى الله عليه وسلم - مِنْهُمْ، «وَالصِّهْرُ»: كَوْن مَارية أمِّ إبْراهيمَ ابن رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم - مِنْهُمْ.   (1) القيراط: جزء من أجزاء الدينار. لسان العرب 11/ 115 (قرط). (2) أخرجه: مسلم 7/ 190 (2543) (226) و (227). الحديث: 328 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 122 329 - وعن أَبي هريرة - رضي الله عنه - قَالَ: لما نزلت هذِهِ الآية: {وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الأَقْرَبِينَ} [الشعراء: 214] دَعَا رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم - قُرَيْشًا، فَاجْتَمَعُوا فَعَمَّ وَخَصَّ، وَقالَ: «يَا بَنِي عَبْدِ شَمْسٍ، يا بَنِي كَعْبِ بْنِ لُؤيٍّ، أَنقِذُوا أَنْفُسَكُمْ مِنَ النَّارِ، يَا بَنِي مُرَّةَ بن كَعْبٍ، أَنْقِذُوا [ص: 123] أَنْفُسَكُمْ مِنَ النَّارِ، يَا بَنِي عَبْدِ مَنَاف، أَنْقِذُوا أَنْفُسَكُمْ مِنَ النَّارِ، يَا بَنِي هاشم، أَنْقِذُوا أَنْفُسَكُمْ مِنَ النَّارِ، يَا بني عبد المطلب، أَنْقِذُوا أَنْفُسَكُمْ مِنَ النَّارِ، يَا فَاطِمَةُ، أَنْقِذِي نَفْسَكِ مِنَ النَّارِ. فَإِنِّي لاَ أَمْلِكُ لَكُمْ مِنَ اللهِ شَيئًا، غَيْرَ أَنَّ لَكُمْ رَحِمًا سَأبُلُّهَا بِبِلالِهَا». رواه مسلم. (1) قوله - صلى الله عليه وسلم: «بِبِلالِهَا» هُوَ بفتح الباء الثانيةِ وكسرِها، «وَالبِلاَلُ»: الماءُ. ومعنى الحديث: سَأصِلُهَا، شَبّه قَطِيعَتَهَا بالحَرارَةِ تُطْفَأُ بِالماءِ، وهذِهِ تُبَرَّدُ بالصِّلَةِ.   (1) أخرجه: مسلم 1/ 133 (204) (348). الحديث: 329 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 122 330 - وعن أَبي عبد الله عمرو بن العاص رضي الله عنهما، قَالَ: سمعت رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم - جِهَارًا غَيْرَ سِرٍّ، يَقُولُ: «إنَّ آل بَني فُلاَن لَيْسُوا بِأولِيَائِي، إِنَّمَا وَلِيِّيَ اللهُ وَصَالِحُ المُؤْمِنينَ، وَلَكِنْ لَهُمْ رَحِمٌ أبُلُّهَا بِبلاَلِهَا». مُتَّفَقٌ عَلَيهِ، (1) واللفظ للبخاري.   (1) أخرجه: البخاري 8/ 7 (5990)، ومسلم 1/ 136 (215) (366). الحديث: 330 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 123 331 - وعن أَبي أيوب خالد بن زيد الأنصاري - رضي الله عنه: أنَّ رجلًا قَالَ: يَا رَسُول الله، أخْبِرْني بِعَمَلٍ يُدْخِلُني الجَنَّةَ، وَيُبَاعِدُني مِنَ النَّارِ. فَقَالَ النَّبيُّ - صلى الله عليه وسلم: «تَعْبُدُ اللهَ، وَلاَ تُشْرِكُ بِهِ شَيْئًا، وَتُقِيمُ الصَّلاةَ، وتُؤتِي الزَّكَاةَ، وتَصِلُ الرَّحمَ». مُتَّفَقٌ عَلَيهِ. (1)   (1) أخرجه: البخاري 2/ 130 (1396)، ومسلم 1/ 33 (13) (14). الحديث: 331 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 123 332 - وعن سلمان بن عامر - رضي الله عنه - عن النَّبيّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: «إِذَا أَفْطَرَ أَحَدُكُمْ، فَلْيُفْطرْ عَلَى تَمْرٍ؛ فَإنَّهُ بَرَكةٌ، فَإنْ لَمْ يَجِدْ تَمْرًا، فالمَاءُ؛ فَإنَّهُ طَهُورٌ»، وَقالَ: «الصَّدَقَةُ عَلَى المِسكينِ صَدَقةٌ، وعَلَى ذِي الرَّحِمِ ثِنْتَانِ: صَدَقَةٌ وَصِلَةٌ». رواه الترمذي، (1) وَقالَ: «حديث حسن».   (1) أخرجه: أبو داود (2355)، وابن ماجه (1699) و (1844)، والترمذي (658)، والنسائي في «الكبرى» (3320). الحديث: 332 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 123 333 - وعن ابن عمر رضي الله عنهما، قَالَ: كَانَتْ تَحْتِي امْرَأةٌ، وَكُنْتُ أحِبُّهَا، وَكَانَ عُمَرُ يَكْرَهُهَا، فَقَالَ لي: طَلِّقْهَا، فَأبَيْتُ، فَأتَى عُمَرُ - رضي الله عنه - النَّبيّ - صلى الله عليه وسلم - فَذَكَرَ ذلِكَ لَهُ، فَقَالَ النَّبيّ - صلى الله عليه وسلم: «طَلِّقْهَا». رواه أَبُو داود والترمذي، وَقالَ: «حديث حسن صحيح». (1)   (1) أخرجه: أبو داود (5138)، وابن ماجه (2088)، والترمذي (1189). الحديث: 333 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 123 334 - وعن أَبي الدرداءِ - رضي الله عنه: أن رجلًا أتاه، قَالَ: إنّ لي امرأةً، وإنّ أُمِّي تَأمُرُنِي بِطَلاقِهَا؟ فَقَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: «الوَالِدُ أَوْسَطُ أَبْوَابِ الجَنَّةِ، فَإنْ شِئْتَ، فَأَضِعْ ذلِكَ البَابَ، أَو احْفَظْهُ». رواه الترمذي، (1) وَقالَ: «حديث حسن صحيح».   (1) أخرجه: ابن ماجه (2098)، والترمذي (1900) وقال: «حديث صحيح». الحديث: 334 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 123 335 - وعن البراءِ بن عازب رضي اللهُ عنهما، عن النَّبيّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: «الخَالةُ بِمَنْزِلَةِ الأُمِّ». رواه الترمذي، (1) وَقالَ: «حديث حسن صحيح». وفي الباب أحاديث كثيرة في الصحيح مشهورة؛ مِنْهَا حديث أصحاب الغار (2)، وحديث جُرَيْجٍ (3) وقد سبقا، وأحاديث مشهورة في الصحيح حذفتها اختِصَارًا، وَمِنْ أهَمِّهَا حديث عَمْرو بن عَبسَة - رضي الله عنه - الطَّويلُ المُشْتَمِلُ عَلَى جُمَلٍ كَثيرةٍ مِنْ قَواعِدِ الإسْلامِ وآدابِهِ، وَسَأذْكُرُهُ بتَمَامِهِ إنْ شَاءَ اللهُ تَعَالَى في باب الرَّجَاءِ (4)، قَالَ فِيهِ: دَخَلْتُ عَلَى النَّبيّ - صلى الله عليه وسلم - بمَكَّةَ - يَعْني: في أوَّلِ النُّبُوَّةِ - فقلتُ لَهُ: مَا أَنْتَ؟ قَالَ: «نَبيٌّ»، فَقُلْتُ: وَمَا نَبِيٌّ؟ قَالَ: «أرْسَلنِي اللهُ تَعَالَى»، فقلت: بأيِّ شَيءٍ أرْسَلَكَ؟ قَالَ: «أرْسَلَنِي بِصِلَةِ الأَرْحَامِ، وَكَسْرِ الأَوثَانِ، وَأَنْ يُوَحَّدَ اللهُ لاَ يُشْرَكَ بِهِ شَيء ... » وَذَكَرَ تَمَامَ الحَدِيث. والله أعلم.   (1) أخرجه: البخاري 3/ 241 (2699)، والترمذي (1904) وقال: «حديث صحيح». (2) انظر الحديث (12). (3) انظر الحديث (259). (4) انظر الحديث (438). الحديث: 335 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 124 41 - باب تحريم العقوق وقطيعة الرحم قَالَ الله تَعَالَى: {فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ تَوَلَّيْتُمْ أَنْ تُفْسِدُوا فِي الأَرْضِ وَتُقَطِّعُوا أَرْحَامَكُمْ أُولَئِكَ الَّذِينَ لَعَنَهُمُ اللهُ فَأَصَمَّهُمْ وَأَعْمَى أَبْصَارَهُمْ} [محمد: 22 - 23]، وَقالَ تَعَالَى: {وَالَّذِينَ يَنْقُضُونَ عَهْدَ اللهِ مِنْ بَعْدِ مِيثَاقِهِ وَيَقْطَعُونَ مَا أَمَرَ اللهُ بِهِ أَنْ يُوصَلَ وَيُفْسِدُونَ فِي الأَرْضِ أُولَئِكَ لَهُمُ اللَّعْنَةُ وَلَهُمْ سُوءُ الدَّارِ} [الرعد: 25]، وَقالَ تَعَالَى: {وَقَضَى رَبُّكَ أَلاَّ تَعْبُدُوا إِلاَّ إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِنْدَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلاهُمَا فَلا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ وَلا تَنْهَرْهُمَا وَقُلْ لَهُمَا قَوْلًا كَرِيمًا وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ وَقُلْ رَبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا} [الإسراء: 23 - 24]. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 124 336 - وعن أَبي بكرة نُفَيع بن الحارث - رضي الله عنه - قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم: «ألا أُنَبِّئُكُمْ بأكْبَرِ الكَبَائِرِ؟» - ثلاثًا - قُلْنَا: بَلَى، يَا رَسُول الله، قَالَ: «الإشْرَاكُ بالله، وَعُقُوقُ [ص: 125] الوَالِدَيْنِ»، وكان مُتَّكِئًا فَجَلَسَ، فَقَالَ: «ألاَ وَقَوْلُ الزُّورِ وَشَهَادَةُ الزُّورِ» فَمَا زَالَ يُكَرِّرُهَا حَتَّى قُلْنَا: لَيْتَهُ سَكَتَ. مُتَّفَقٌ عَلَيهِ. (1)   (1) أخرجه: البخاري 3/ 225 (2654)، ومسلم 1/ 64 (87) (143). الحديث: 336 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 124 337 - وعن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما، عن النَّبيّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: «الكَبَائِرُ: الإشْرَاكُ بالله، وَعُقُوقُ الوَالِدَيْنِ، وَقَتْلُ النَّفْس، وَاليَمِينُ الغَمُوسُ». رواه البخاري. (1) «اليمين الغموس»: التي يحلفها كاذبًا عامدًا، سميت غموسًا؛ لأنها تغمس الحالِفَ في الإثم.   (1) أخرجه: البخاري 8/ 171 (6675). الحديث: 337 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 125 338 - وعنه أن رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: «مِنَ الكَبَائِر شَتْمُ الرَّجُل وَالِدَيهِ!»، قالوا: يَا رَسُولَ الله، وَهَلْ يَشْتُمُ الرَّجُلُ وَالِدَيْهِ؟! قَالَ: «نَعَمْ، يَسُبُّ أَبَا الرَّجُلِ، فَيَسُبُّ أبَاه، وَيَسُبُّ أُمَّهُ، فَيَسُبُّ أُمَّهُ». مُتَّفَقٌ عَلَيهِ. (1) وفي رواية: «إنَّ مِنْ أَكْبَرِ الكَبَائِرِ أَنْ يَلْعَنَ الرَّجُلُ وَالِدَيْهِ!»، قِيلَ: يَا رَسُول الله، كَيْفَ يَلْعَنُ الرَّجُلُ وَالِدَيهِ؟! قَالَ: «يَسُبُّ أَبَا الرَّجُلِ، فَيَسُبُّ أَبَاهُ، وَيَسُبُّ أُمَّهُ، فَيَسُبُّ أُمَّهُ».   (1) أخرجه: البخاري 8/ 3 (5973)، ومسلم 1/ 64 (90) (146). الحديث: 338 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 125 339 - وعن أَبي محمد جبيرِ بن مطعم - رضي الله عنه: أن رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: «لاَ يَدْخُلُ الجَنَّةَ قَاطِعٌ» قَالَ سفيان في روايته: يَعْنِي: قَاطِع رَحِم. مُتَّفَقٌ عَلَيهِ. (1)   (1) أخرجه: البخاري 8/ 6 (5984)، ومسلم 8/ 7 (2556) (18). الحديث: 339 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 125 340 - وعن أَبي عيسى المغيرة بن شعبة - رضي الله عنه - عن النَّبيّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: «إنَّ اللهَ تَعَالَى حَرَّمَ عَلَيْكُمْ: عُقُوقَ الأُمَّهَاتِ، وَمَنْعًا وَهَاتِ، وَوَأْدَ البَنَاتِ، وكَرِهَ لَكُمْ: قِيلَ وَقالَ، وَكَثْرَةَ السُّؤَالِ، وَإضَاعَةَ المَالِ». مُتَّفَقٌ عَلَيهِ (1). قوله: «مَنْعًا» مَعنَاهُ: مَنْعُ مَا وَجَب عَلَيهِ، وَ «هَاتِ»: طَلَبُ مَا لَيْسَ لَهُ. وَ «وَأْد البَنَاتِ» مَعنَاهُ: دَفنُهُنَّ في الحَيَاةِ، وَ «قيلَ وَقالَ» مَعْنَاهُ: الحَديث بكُلّ مَا يَسمَعهُ، فيَقُولُ: قِيلَ كَذَا، وقَالَ فُلانٌ كَذَا مِمَّا لا يَعْلَمُ صِحَّتَهُ، وَلا يَظُنُّهَا، وَكَفَى بالمَرْءِ كذِبًا [ص: 126] أَنْ يُحَدّثَ بكُلِّ مَا سَمِعَ. وَ «إضَاعَةُ المَال»: تَبذِيرُهُ وَصَرفُهُ في غَيْرِ الوُجُوهِ المأذُونِ فِيهَا مِنْ مَقَاصِدِ الآخِرةِ وَالدُّنْيَا، وتَرْكُ حِفظِهِ مَعَ إمكَانِ الحِفظِ. وَ «كَثْرَةُ السُّؤَال»: الإلحَاحُ فيما لاَ حَاجَة إِلَيْهِ. وفي الباب أحاديث سبقت في الباب قبله كحديث: «وأَقْطَعُ مَنْ قَطَعَك»، وحديث: «مَنْ قَطَعني قَطَعهُ الله» (2).   (1) أخرجه: البخاري 8/ 4 (5975)، ومسلم 5/ 130 (593) (12). (2) انظر الحديثين (315) و (323). الحديث: 340 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 125 42 - باب فضل بر أصدقاء الأب والأم والأقارب والزوجة وسائر من يندب إكرامه 341 - عن ابن عمر رضي الله عنهما: أن النَّبيّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: «إنّ أَبَرَّ البرِّ أَنْ يَصِلَ الرَّجُلُ وُدَّ أَبيهِ». (1)   (1) أخرجه: مسلم 8/ 6 (2552) (12). الحديث: 341 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 126 342 - وعن عبد الله بن دينار، عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما: أنَّ رَجُلًا مِنَ الأعْرَابِ لَقِيَهُ بطَريق مَكَّةَ، فَسَلَّمَ عَلَيهِ عبدُ الله بْنُ عُمَرَ، وَحَمَلَهُ عَلَى حِمَارٍ كَانَ يَرْكَبُهُ، وَأَعْطَاهُ عِمَامَةً كَانَتْ عَلَى رَأسِهِ، قَالَ ابنُ دِينَار: فَقُلْنَا لَهُ: أَصْلَحَكَ اللهُ، إنَّهُمُ الأَعرَابُ وَهُمْ يَرْضَوْنَ باليَسِير، فَقَالَ عبد الله بن عمر: إنَّ أَبَا هَذَا كَانَ وُدًّا لِعُمَرَ بنِ الخطاب - رضي الله عنه - وإنِّي سَمِعتُ رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: «إنَّ أبرَّ البِرِّ صِلَةُ الرَّجُلِ أَهْلَ وُدِّ أَبِيهِ». (1) وفي رواية عن ابن دينار، عن ابن عمر: أنَّهُ كَانَ إِذَا خَرَجَ إِلَى مَكّةَ كَانَ لَهُ حِمَارٌ يَتَرَوَّحُ عَلَيهِ إِذَا مَلَّ رُكُوبَ الرَّاحِلةِ، وَعِمَامَةٌ يَشُدُّ بِهَا رَأسَهُ، فَبيْنَا هُوَ يَومًا عَلَى ذلِكَ الحِمَارِ إِذْ مَرَّ بِهِ أعْرابيٌّ، فَقَالَ: ألَسْتَ فُلاَنَ بْنَ فُلاَن؟ قَالَ: بَلَى. فَأَعْطَاهُ الحِمَارَ، فَقَالَ: ارْكَبْ هَذَا، وَأَعْطَاهُ العِمَامَةَ وَقالَ: اشْدُدْ بِهَا رَأسَكَ، فَقَالَ لَهُ بعضُ أصْحَابِهِ: غَفَرَ الله لَكَ أعْطَيْتَ هَذَا الأعْرَابيَّ حِمَارًا كُنْتَ تَرَوَّحُ عَلَيهِ، وعِمَامةً كُنْتَ تَشُدُّ بِهَا رَأسَكَ؟ فَقَالَ: إنِّي سَمِعتُ رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ: «إنَّ مِنْ أَبَرِّ البِرِّ أَنْ يَصِلَ الرَّجُلُ أهْلَ وُدِّ أبيهِ بَعْدَ أَنْ يُولِّيَ» وَإنَّ أبَاهُ كَانَ صَديقًا لعُمَرَ - رضي الله عنه. رَوَى هذِهِ الرواياتِ كُلَّهَا مسلم.   (1) أخرجه: مسلم 8/ 6 (2552) (11) و (13). الحديث: 342 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 126 343 - وعن أَبي أُسَيد - بضم الهمزة وفتح السين - مالك بن ربيعة الساعدي - رضي الله عنه - قَالَ: بَيْنَا نَحْنُ جُلُوسٌ عِنْدَ رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم - إذ جَاءهُ رَجُلٌ مِنْ بَنِي سَلَمَةَ، فَقَالَ: يَا رسولَ اللهِ، هَلْ بَقِيَ مِنْ برِّ أَبَوَيَّ شَيءٌ أَبِرُّهُما بِهِ بَعْدَ مَوتِهمَا؟ فَقَالَ: «نَعَمْ، الصَّلاةُ (1) عَلَيْهِمَا، والاِسْتغْفَارُ لَهُمَا، وَإنْفَاذُ عَهْدِهِمَا مِنْ بَعْدِهِما، وَصِلَةُ الرَّحِمِ الَّتي لا تُوصَلُ إلاَّ بِهِمَا، وَإكرامُ صَدِيقهمَا». رواه أَبُو داود. (2)   (1) أي الدعاء لهما. النهاية 3/ 50. (2) أخرجه: أبو داود (5142)، وابن ماجه (3664)، وإسناده ضعيف لجهالة أحد رواته. الحديث: 343 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 127 344 - وعن عائشة رضي الله عنها، قَالَتْ: مَا غِرْتُ عَلَى أحَدٍ مِنْ نِسَاءِ النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم - مَا غِرْتُ عَلَى خَدِيجَة رضي الله عنها، وَمَا رَأيْتُهَا قَطُّ، وَلَكِنْ كَانَ يُكْثِرُ ذِكْرَهَا، وَرُبَّمَا ذَبَحَ الشَّاةَ، ثُمَّ يقَطِّعُهَا أعْضَاء، ثُمَّ يَبْعثُهَا في صَدَائِقِ خَديجَةَ، فَرُبَّمَا قُلْتُ لَهُ: كَأَنْ لَمْ يَكُنْ في الدُّنْيَا إلاَّ خَديجَةَ! فَيَقُولُ: «إنَّهَا كَانَتْ وَكَانَتْ وَكَانَ لي مِنْهَا وَلَدٌ». مُتَّفَقٌ عَلَيهِ. (1) وفي رواية: وإنْ كَانَ لَيَذْبَحُ الشَّاءَ، فَيُهْدِي في خَلاَئِلِهَا (2) مِنْهَا مَا يَسَعُهُنَّ. وفي رواية: كَانَ إِذَا ذبح الشاة، يقولُ: «أَرْسِلُوا بِهَا إِلَى أَصْدِقَاءِ خَديجَةَ». وفي رواية: قَالَت: اسْتَأذَنَتْ هَالَةُ بِنْتُ خُوَيْلِد أُخْتُ خَدِيجَةَ عَلَى رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم - فَعرَفَ اسْتِئذَانَ خَديجَةَ، فَارتَاحَ لِذَلِكَ، فَقَالَ: «اللَّهُمَّ هَالةُ بِنْتُ خُوَيْلِدٍ». قولُهَا: «فَارتَاحَ» هُوَ بالحاء، وفي الجمعِ بَيْنَ الصحيحين للحُميدِي (3): «فارتاع» بالعينِ ومعناه: اهتم بهِ.   (1) أخرجه: البخاري 5/ 48 (3818) و (3821)، ومسلم 7/ 134 (2435) (74) و (75) و (2437) (78). (2) أي صدائقها. دليل الفالحين 3/ 252. (3) الحديث (3223). الحديث: 344 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 127 345 - وعن أنس بن مالك - رضي الله عنه - قَالَ: خرجت مَعَ جرير بن عبد الله البَجَليّ - رضي الله عنه - في سَفَرٍ، فَكَانَ يَخْدُمُني، فَقُلْتُ لَهُ: لاَ تَفْعَل، فَقَالَ: إِنِّي قَدْ رَأيْتُ الأنْصَارَ تَصْنَعُ برسول الله - صلى الله عليه وسلم - شيئًا آلَيْتُ عَلَى نَفسِي أَنْ لا أصْحَبَ أحَدًا مِنْهُمْ إلاَّ خَدَمْتُهُ. مُتَّفَقٌ عَلَيهِ. (1)   (1) أخرجه: البخاري 4/ 42 (2888)، ومسلم 7/ 176 (2513) (181). الحديث: 345 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 127 43 - باب إكرام أهل بيت رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم - وبيان فضلهم قَالَ الله تَعَالَى: {إِنَّمَا يُرِيدُ اللهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا} [الأحزاب: 33]، وَقالَ تَعَالَى: {وَمَنْ يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللهِ فَإِنَّهَا مِنْ تَقْوَى الْقُلُوبِ} [الحج: 32]. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 128 346 - وعن يزيد بن حَيَّانَ، قَالَ: انْطَلَقْتُ أنَا وحُصَيْنُ بْنُ سَبْرَة، وَعَمْرُو ابن مُسْلِم إِلَى زَيْد بْنِ أرقَمَ - رضي الله عنهم - فَلَمَّا جَلَسْنَا إِلَيْهِ قَالَ لَهُ حُصَيْن: لَقَدْ لقِيتَ يَا زَيْدُ خَيْرًا كَثِيرًا، رَأيْتَ رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم - وسمعتَ حديثَهُ، وغَزوْتَ مَعَهُ، وَصَلَّيْتَ خَلْفَهُ: لَقَدْ لَقِيتَ يَا زَيْدُ خَيْرًا كَثيرًا، حَدِّثْنَا يَا زَيْدُ مَا سَمِعْتَ مِنْ رسولِ الله - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: يَا ابْنَ أخِي، وَاللهِ لقد كَبِرَتْ سِنِّي، وَقَدُمَ عَهدِي، وَنَسيتُ بَعْضَ الَّذِي كُنْتُ أَعِي مِنْ رسولِ الله - صلى الله عليه وسلم - فما حَدَّثْتُكُمْ، فَاقْبَلُوا، ومَا لاَ فَلاَ تُكَلِّفُونيهِ. ثُمَّ قَالَ: قام رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم - يَومًا فينا خَطِيبًا بمَاءٍ يُدْعَى خُمًّا بَيْنَ مَكَّةَ وَالمَدِينَةِ، فَحَمِدَ الله، وَأثْنَى عَلَيهِ، وَوَعَظَ وَذَكَّرَ، ثُمَّ قَالَ: «أمَّا بَعدُ، ألاَ أَيُّهَا النَّاسُ، فَإنَّمَا أنَا بَشَرٌ يُوشِكَ أَنْ يَأتِي رسولُ ربِّي فَأُجِيبَ، وَأنَا تاركٌ فيكم ثَقَلَيْنِ: أوَّلُهُمَا كِتَابُ اللهِ، فِيهِ الهُدَى وَالنُّورُ، فَخُذُوا بِكتابِ الله، وَاسْتَمْسِكُوا بِهِ»، فَحَثَّ عَلَى كِتَابِ الله، وَرَغَّبَ فِيهِ، ثُمَّ قَالَ: «وَأَهْلُ بَيْتِي أُذكِّرُكُمُ اللهُ في أهلِ بَيْتي، أذكرُكُمُ الله في أهل بيتي» فَقَالَ لَهُ حُصَيْنٌ: وَمَنْ أهْلُ بَيتهِ يَا زَيْدُ، أَلَيْسَ نِسَاؤُهُ مِنْ أهْلِ بَيْتِهِ؟ قَالَ: نِسَاؤُهُ مِنْ أهْلِ بَيتهِ، وَلكِنْ أهْلُ بَيتِهِ مَنْ حُرِمَ الصَّدَقَةَ بَعدَهُ، قَالَ: وَمَنْ هُمْ؟ قَالَ: هُمْ آلُ عَلِيٍّ، وَآلُ عقيل، وَآلُ جَعفَرَ، وآلُ عَبَّاسٍ. قَالَ: كُلُّ هؤلاء حُرِمَ الصَّدَقَةَ؟ قَالَ: نَعَمْ. رواه مسلم. (1) وفي رواية: «ألاَ وَإنّي تَارِكٌ فِيكُمْ ثَقَليْنِ: أحَدُهُما كِتَابُ الله وَهُوَ حَبْلُ الله، مَنِ اتَّبَعَهُ كَانَ عَلَى الهُدَى، وَمَنْ تَرَكَهُ كَانَ عَلَى ضَلاَلَة».   (1) أخرجه: مسلم 7/ 122 (2408) (36) و (37). الحديث: 346 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 128 347 - وعن ابن عمر رضي الله عنهما، عن أَبي بكر الصديق - رضي الله عنه - مَوقُوفًا عَلَيهِ - أنَّهُ قَالَ: ارْقَبُوا مُحَمدًا - صلى الله عليه وسلم - في أهْلِ بَيْتِهِ. رواه البخاري. (1) معنى «ارقبوه»: راعوه واحترموه وأكرموه، والله أعلم.   (1) أخرجه: البخاري 5/ 26 (3713). الحديث: 347 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 128 44 - باب توقير العلماء والكبار وأهل الفضل وتقديمهم عَلَى غيرهم ورفع مجالسهم وإظهار مرتبتهم قَالَ الله تَعَالَى: {قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لا يَعْلَمُونَ إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُولُو الأَلْبَابِ} [الزمر: 9]. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 129 348 - وعن أَبي مسعودٍ عقبةَ بن عمرو البدري الأنصاري - رضي الله عنه - قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم: «يَؤُمُّ القَوْمَ أَقْرَؤُهُمْ لِكِتَابِ الله، فَإنْ كَانُوا في القِراءةِ سَوَاءً، فأَعْلَمُهُمْ بِالسُّنَّةِ، فَإنْ كَانُوا في السُّنَّةِ سَوَاءً، فَأَقْدَمُهُمْ هِجْرَةً، فَإنْ كَانُوا في الهِجْرَةِ سَوَاءً، فَأقْدَمُهُمْ سِنًّا، وَلاَ يُؤمّنَّ الرَّجُلُ الرَّجُلَ في سُلْطَانِهِ، وَلاَ يَقْعُدْ في بَيْتِهِ عَلَى تَكْرِمَتِهِ إلاَّ بِإذْنهِ». رواه مسلم. (1) وفي رواية لَهُ: «فَأقْدَمُهُمْ سِلْمًا» بَدَلَ «سِنًّا»: أيْ إسْلامًا. وفي رواية: «يَؤُمُّ القَومَ أقْرَؤُهُمْ لِكِتَابِ اللهِ، وَأقْدَمُهُمْ قِراءةً، فَإنْ كَانَتْ قِرَاءتُهُمْ سَوَاءً فَيَؤُمُّهُمْ أقْدَمُهُمْ هِجْرَةً، فَإنْ كَانُوا في الهِجْرَةِ سَواء، فَليَؤُمُّهُمْ أكْبَرُهُمْ سِنًّا». والمراد «بِسلطانهِ»: محل ولايتهِ، أَو الموضعِ الَّذِي يختص بِهِ «وتَكرِمتُهُ» بفتح التاءِ وكسر الراءِ: وهي مَا ينفرد بِهِ من فِراشٍ وسَريرٍ ونحوهِما.   (1) أخرجه: مسلم 2/ 133 (673) (290) و (291). الحديث: 348 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 129 349 - وعنه، قَالَ: كَانَ رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم - يَمْسَحُ مَنَاكِبَنَا في الصَّلاةِ، ويَقُولُ: «اسْتَوُوا وَلاَ تَخْتَلِفُوا، فَتَخْتَلِفَ قُلُوبُكُمْ، لِيَلِني مِنْكُمْ أُولُوا الأحْلاَمِ وَالنُّهَى، ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُمْ، ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُمْ». رواه مسلم. (1) وقوله - صلى الله عليه وسلم: «لِيَلِني» هُوَ بتخفيف النون وليس قبلها ياءٌ، وَرُوِيَ بتشديد النُّون مَعَ يَاءٍ قَبْلَهَا. «وَالنُّهَى»: العُقُولُ. «وَأُولُوا الأحْلام»: هُم البَالِغُونَ، وقَيلَ: أهْلُ الحِلْمِ وَالفَضْلِ.   (1) أخرجه: مسلم 2/ 30 (432) (122). الحديث: 349 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 129 350 - وعن عبد الله بن مسعود - رضي الله عنه - قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم: «لِيَلِني مِنْكُمْ أُولُوا الأحْلام وَالنُّهَى، ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُمْ» ثَلاثًا «وَإيَّاكُمْ وَهَيْشَاتِ (1) الأسْوَاق». رواه مسلم. (2)   (1) قال النووي في شرح صحيح مسلم 2/ 333 (342): «أي اختلاطها والمنازعة والخصومات وارتفاع الأصوات واللغط والفتن التي فيها». (2) أخرجه: مسلم 2/ 30 (432 م) (123). الحديث: 350 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 129 351 - وعن أَبي يَحيَى، وقيل: أَبي محمد سهلِ بن أَبي حَثْمة - بفتح الحاءِ المهملة وإسكان الثاءِ المثلثةِ - الأنصاري - رضي الله عنه - قَالَ: انطَلَقَ عَبدُ اللهِ بنُ سهْلٍ وَمُحَيِّصَة بن مَسْعُود إِلَى خَيْبَرَ وَهِيَ يَومَئذٍ صُلْحٌ، فَتَفَرَّقَا، فَأتَى مُحَيِّصَةُ إِلَى عبدِ اللهِ ابنِ سهل وَهُوَ يَتشَحَّطُ (1) في دَمِهِ قَتِيلًا، فَدَفَنَهُ، ثُمَّ قَدِمَ المَدِينَةَ فَانْطَلَقَ عَبدُ الرحمان ابنُ سهل وَمُحَيِّصَةُ وحوَيِّصَةُ ابْنَا مَسْعُودٍ إِلَى النَّبيّ - صلى الله عليه وسلم - فَذَهَبَ عَبدُ الرحمن يَتَكَلَّمُ، فَقَالَ: «كَبِّرْ كَبِّرْ» وَهُوَ أحْدَثُ القَوم، فَسَكَتَ، فَتَكَلَّمَا، فَقَالَ: «أتَحْلِفُونَ وتَسْتَحِقُّونَ قَاتِلَكُمْ؟ ... » وذكر تمام الحديث. مُتَّفَقٌ عَلَيهِ. (2) وقوله - صلى الله عليه وسلم: «كَبِّرْ كَبِّرْ» معناه: يتكلم الأكبر.   (1) أي يتخبط فيه ويضطرب ويتمرغ. النهاية 2/ 449. (2) أخرجه: البخاري 4/ 123 (3173)، ومسلم 5/ 98 (1669) (1). الحديث: 351 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 130 352 - وعن جابر - رضي الله عنه: أن النَّبيّ - صلى الله عليه وسلم - كَانَ يَجْمَعُ بَيْنَ الرَّجُلَيْنِ مِنْ قَتْلَى أُحُد يَعْنِي في القَبْرِ، ثُمَّ يَقُولُ: «أيُّهُما أكْثَرُ أخذًا للقُرآنِ؟» فَإذَا أُشيرَ لَهُ إِلَى أحَدِهِمَا قَدَّمَهُ في اللَّحْدِ. رواه البخاري. (1)   (1) أخرجه: البخاري 2/ 114 (1343). الحديث: 352 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 130 353 - وعن ابن عمر رضي الله عنهما: أن النَّبيّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: «أرَانِي فِي المَنَامِ أتَسَوَّكُ بِسِوَاكٍ، فَجَاءنِي رَجُلانِ، أحَدُهُما أكبر مِنَ الآخرِ، فَنَاوَلْتُ السِّوَاكَ الأصْغَرَ، فَقِيلَ لِي: كَبِّرْ، فَدَفَعْتهُ إِلَى الأكْبَرِ مِنْهُمَا». رواه مسلم مسندًا والبخاري تعليقًا. (1)   (1) أخرجه: مسلم 7/ 57 (2271) (19)، وعلّقه البخاري 1/ 70 (246). الحديث: 353 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 130 354 - وعن أَبي موسى - رضي الله عنه - قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم: «إنَّ مِنْ إجْلالِ اللهِ تَعَالَى: إكْرَامَ ذِي الشَّيْبَةِ (1) المُسْلِمِ، وَحَامِلِ القُرآنِ غَيْرِ الغَالِي (2) فِيهِ، وَالجَافِي عَنْهُ، وَإكْرَامَ ذِي السُّلْطَانِ المُقْسِط (3)» حديث حسن رواه أَبُو داود. (4)   (1) أي المسلم الذي شاب شعره. دليل الفالحين 3/ 278. (2) أي المتجاوز الحد في التشدد والعمل. دليل الفالحين 3/ 278. (3) أي العادل. النهاية 4/ 60. (4) أخرجه: أبو داود (4843). الحديث: 354 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 130 355 - وعن عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده - رضي الله عنهم - قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم: «لَيْسَ مِنَّا مَنْ لَمْ يَرْحَمْ صَغِيرنَا، وَيَعْرِفْ شَرَفَ كَبيرِنَا». حديث صحيح رواه أَبُو داود والترمذي، وَقالَ الترمذي: «حديث حسن صحيح». (1) وفي رواية أبي داود: «حَقَّ كَبيرِنَا».   (1) أخرجه: أبو داود (4943)، والترمذي (1920). الحديث: 355 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 131 356 - وعن ميمون بن أَبي شَبيب رحمه الله: أنَّ عائشة رَضي الله عنها مَرَّ بِهَا سَائِلٌ، فَأعْطَتْهُ كِسْرَةً، وَمَرَّ بِهَا رَجُلٌ عَلَيهِ ثِيَابٌ وَهَيْئَةٌ، فَأقْعَدَتهُ، فَأكَلَ، فقِيلَ لَهَا في ذلِكَ؟ فقَالتْ: قَالَ رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم: «أنْزِلُوا النَّاسَ مَنَازِلَهُمْ». رواه أبو داود (1). لكن قال: ميمون لم يدرك عائشة. وقد ذكره مسلم في أول صحيحه تعليقًا فقال: وذكر عن عائشة رضي الله عنها قالت: أمرنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن ننزل الناس منازلهم، وَذَكَرَهُ الحَاكِمُ أَبُو عبد الله في كتابه «مَعرِفَة عُلُومِ الحَديث» وَقالَ: «هُوَ حديث صحيح».   (1) أخرجه: أبو داود (4842)، وذكره مسلم في مقدمة صحيحه 1/ 5، والحاكم في معرفة علوم الحديث: 217، وهو ضعيف غير صحيح، وانظر تعليقي على معرفة أنواع علم الحديث: 410 - 411، وشرح التبصرة والتذكرة 2/ 173. الحديث: 356 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 131 357 - وعن ابن عباس رضي الله عنهما، قَالَ: قَدِمَ عُيَيْنَةُ بنُ حِصْن، فَنَزَلَ عَلَى ابْنِ أخِيهِ الحُرِّ بنِ قَيسٍ، وَكَانَ مِنَ النَّفَرِ الَّذِينَ يُدْنِيهِمْ عُمرُ - رضي الله عنه - وَكَانَ القُرَّاءُ أصْحَاب مَجْلِس عُمَرَ وَمُشاوَرَتِهِ، كُهُولًا كاَنُوا أَوْ شُبَّانًا، فَقَالَ عُيَيْنَةُ لابْنِ أخيهِ: يَا ابْنَ أخِي، لَكَ وَجْهٌ عِنْدَ هَذَا الأمِيرِ، فَاسْتَأذِنْ لِي عَلَيهِ، فاسْتَأذَن له، فَأَذِنَ لَهُ عُمَرُ - رضي الله عنه - فَلَمَّا دَخَلَ قَالَ: هِي يَا ابنَ الخَطَّابِ، فَواللهِ مَا تُعْطِينَا الْجَزْلَ، وَلا تَحْكُمُ فِينَا بالعَدْلِ، فَغَضِبَ عُمَرُ - رضي الله عنه - حَتَّى هَمَّ أَنْ يُوقِعَ بِهِ، فَقَالَ لَهُ الحُرُّ: يَا أَمِيرَ المُؤْمِنِينَ، إنَّ الله تَعَالَى قَالَ لِنَبيِّهِ - صلى الله عليه وسلم: {خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ الْجَاهِلِينَ} [الأعراف: 199]، وَإنَّ هَذَا مِنَ الجَاهِلِينَ. واللهِ مَا جَاوَزَهاَ عُمَرُ حِينَ تَلاَهَا عليه، وكَانَ وَقَّافًا عِنْدَ كِتَابِ اللهِ تَعَالَى. رواه البخاري. (1)   (1) انظر الحديث (50). الحديث: 357 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 131 358 - وعن أَبي سعيد سَمُرة بنِ جُندب - رضي الله عنه - قَالَ: لقد كنتُ عَلَى عَهْدِ رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم - غُلاَمًا، فَكُنْتُ أَحْفَظُ عَنْهُ، فَمَا يَمْنَعُنِي مِنَ القَوْلِ إلاَّ أنَّ هَاهُنَا رِجَالًا هُمْ أسَنُّ مِنِّي. مُتَّفَقٌ عَلَيهِ. (1)   (1) أخرجه: البخاري 2/ 111 (1331)، ومسلم 3/ 60 (964) (88). ورواية البخاري مختصرة. الحديث: 358 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 131 359 - وعن أنس - رضي الله عنه - قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم: «مَا أَكْرَمَ شَابٌّ شَيْخًا لِسِنِّهِ إلاَّ قَيَّضَ (1) اللهُ لَهُ مَنْ يُكْرِمُهُ عِنْدَ سِنِّه». رواه الترمذي، (2) وَقالَ: «حديث غريب».   (1) أي سبّبَ وقدّر. النهاية 4/ 132. (2) أخرجه: الترمذي (2022)، وقوله: «غريب» أي ضعيف وضعفه بسبب ضعف يزيد بن بيان وشيخه أبي الرحال الأنصاري. الحديث: 359 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 132 45 - باب زيارة أهل الخير ومجالستهم وصحبتهم ومحبتهم وطلب زيارتهم والدعاء منهم وزيارة المواضع الفاضلة قَالَ الله تَعَالَى: {وَإِذْ قَالَ مُوسَى لِفَتَاهُ لا أَبْرَحُ حَتَّى أَبْلُغَ مَجْمَعَ الْبَحْرَيْنِ أَوْ أَمْضِيَ حُقُبًا} إِلَى قوله تَعَالَى: {قَالَ لَهُ مُوسَى هَلْ أَتَّبِعُكَ عَلَى أَنْ تُعَلِّمَنِ مِمَّا عُلِّمْتَ رُشْدًا} [الكهف: 60 - 66]، وَقالَ تَعَالَى: {وَاصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ} [الكهف: 28]. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 132 360 - وعن أنس - رضي الله عنه - قَالَ: قَالَ أَبُو بكر لِعُمَرَ رضي الله عنهما بَعْدَ وَفَاةِ رسولِ الله - صلى الله عليه وسلم: انْطَلِقْ بِنَا إِلَى أُمِّ أَيْمَنَ - رضي الله عنها - نَزُورُهَا كَمَا كَانَ رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم - يَزُورُهَا، فَلَمَّا انْتَهَيَا إِلَيْهَا، بَكَتْ، فَقَالاَ لَهَا: مَا يُبْكِيكِ؟ أمَا تَعْلَمِينَ أَنَّ مَا عِنْدَ اللهِ خَيْرٌ لرَسُولِ الله - صلى الله عليه وسلم؟ فَقَالَتْ: مَا أبْكِي أَنْ لاَ أَكُونَ أَعْلَم أنَّ مَا عِنْدَ الله تَعَالَى خَيْرٌ لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - ولَكِنْ أَبكي أَنَّ الوَحْيَ قدِ انْقَطَعَ مِنَ السَّماءِ، فَهَيَّجَتْهُمَا عَلَى البُكَاءِ، فَجَعَلاَ يَبْكِيَانِ مَعَهَا. رواه مسلم. (1)   (1) أخرجه: مسلم 7/ 144 (2454) (103). الحديث: 360 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 132 361 - وعن أَبي هريرة - رضي الله عنه - عن النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم: «أَنَّ رَجُلًا زَارَ أَخًا لَهُ في قَريَة أُخْرَى، فَأَرْصَدَ الله تَعَالَى عَلَى مَدْرَجَتِهِ مَلَكًا، فَلَمَّا أتَى عَلَيهِ، قَالَ: أيْنَ تُريدُ؟ قَالَ: أُريدُ أخًا لي في هذِهِ القَريَةِ. قَالَ: هَلْ لَكَ عَلَيهِ مِنْ نِعْمَةٍ تَرُبُّهَا عَلَيهِ؟ قَالَ: لا، غَيْرَ أنِّي أحْبَبْتُهُ في الله تَعَالَى، قَالَ: فإنِّي رَسُول الله إلَيْكَ بِأَنَّ اللهَ قَدْ أَحَبَّكَ كَمَا أحْبَبْتَهُ فِيهِ». رواه مسلم. (1) يقال: «أرْصَدَهُ» لِكَذَا: إِذَا وَكَّلَهُ بِحِفْظِهِ، وَ «المَدْرَجَةُ» بِفْتْحِ الميمِ والرَّاءِ: الطَّرِيقُ، ومعنى «تَرُبُّهَا»: تَقُومُ بِهَا، وَتَسْعَى في صَلاحِهَا.   (1) أخرجه: مسلم 8/ 12 (2567) (38). الحديث: 361 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 132 362 - وعنه، قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم: «مَنْ عَادَ مَرِيضًا أَوْ زَارَ أَخًا لَهُ في الله، نَادَاهُ مُنَادٍ: بِأَنْ طِبْتَ، وَطَابَ مَمْشَاكَ، وَتَبَوَّأْتَ مِنَ الجَنَّةِ مَنْزِلًا». رواه الترمذي، (1) وَقالَ: «حديث حسن»، وفي بعض النسخ: «غريب».   (1) أخرجه: ابن ماجه (1443)، والترمذي (2008) وقال: «حديث غريب»، وذلك لضعف أبي سنان عيسى بن سنان. الحديث: 362 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 133 363 - وعن أَبي موسى الأشعري - رضي الله عنه - أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: «إِنَّمَا مَثلُ الجَلِيسِ الصَّالِحِ وَجَلِيسِ السُّوءِ، كَحَامِلِ المِسْكِ، وَنَافِخِ الْكِيرِ، فَحَامِلُ الْمِسْكِ: إمَّا أَنْ يُحْذِيَكَ، وَإمَّا أَنْ تَبْتَاعَ مِنْهُ، وَإمَّا أَنْ تَجِدَ مِنْهُ ريحًا طَيِّبَةً، وَنَافِخُ الكِيرِ: إمَّا أَنْ يُحْرِقَ ثِيَابَكَ، وَإمَّا أَنْ تَجِدَ مِنْهُ رِيحًا مُنْتِنَةً». مُتَّفَقٌ عَلَيهِ. (1) (يُحْذِيكَ): يُعْطِيكَ.   (1) أخرجه: البخاري 7/ 125 (5534)، ومسلم 8/ 37 (2628) (146). الحديث: 363 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 133 364 - وعن أَبي هريرة - رضي الله عنه - عن النَّبيّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: «تُنْكَحُ المَرْأَةُ لأَرْبَعٍ: لِمَالِهَا، وَلِحَسَبِهَا، وَلِجَمَالِهَا، وَلِدِينِهَا، فَاظْفَرْ بِذَاتِ الدِّينِ تَرِبَتْ يَدَاك». مُتَّفَقٌ عَلَيهِ. (1) ومعناه: أنَّ النَّاسَ يَقْصدونَ في العَادَة مِنَ المَرْأةِ هذِهِ الخِصَالَ الأرْبَعَ، فَاحْرَصْ أنتَ عَلَى ذَاتِ الدِّينِ، وَاظْفَرْ بِهَا، وَاحْرِصْ عَلَى صُحْبَتِها.   (1) أخرجه: البخاري 7/ 9 (5090)، ومسلم 4/ 175 (1466) (53). الحديث: 364 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 133 365 - وعن ابن عباس رضي الله عنهما، قَالَ: قَالَ النَّبيّ - صلى الله عليه وسلم - لِجبريل: «مَا يَمْنَعُكَ أَنْ تَزُورنَا أكثَر مِمَّا تَزُورَنَا؟» فَنَزَلَتْ: {وَمَا نَتَنَزَّلُ إِلاَّ بِأَمْرِ رَبِّكَ لَهُ مَا بَيْنَ أَيْدِينَا وَمَا خَلْفَنَا وَمَا بَيْنَ ذَلِكَ} [مريم: 64]. رواه البخاري. (1)   (1) أخرجه: البخاري 4/ 137 (3218). الحديث: 365 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 133 366 - وعن أَبي سعيد الخدري - رضي الله عنه - عن النَّبيّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: «لا تُصَاحِبْ إلاَّ مُؤْمِنًا، وَلاَ يَأْكُلْ طَعَامَكَ إلاَّ تَقِيٌّ». رواه أَبُو داود والترمذي بإسناد لا بأس بِهِ. (1)   (1) أخرجه: أبو داود (4832)، والترمذي (2395) وقال: «حديث حسن». الحديث: 366 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 133 367 - وعن أَبي هريرة - رضي الله عنه: أن النَّبيّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: «الرَّجُلُ عَلَى دِينِ خَلِيلِهِ، فَليَنْظُرْ أَحَدُكُمْ مَنْ يُخَالِلُ». رواه أَبُو داود والترمذي بإسناد صحيح، (1) وَقالَ الترمذي: «حديث حسن».   (1) أخرجه: أبو داود (4833)، والترمذي (2378) وقال: «حديث حسن غريب». الحديث: 367 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 133 368 - وعن أَبي موسى الأشعري - رضي الله عنه: أن النَّبيّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: «المَرْءُ مَعَ مَنْ أَحَبَّ». مُتَّفَقٌ عَلَيهِ. (1) وفي رواية: قيل للنبي - صلى الله عليه وسلم: الرَّجُلُ يُحبُّ القَومَ وَلَمَّا يَلْحَقْ بِهِمْ؟ قَالَ: «المَرْءُ مَعَ مَنْ أَحَبَّ».   (1) أخرجه: البخاري 8/ 49 (6170)، ومسلم 8/ 43 (2641). الحديث: 368 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 134 369 - وعن أنس - رضي الله عنه: أنَّ أعرابيًا قَالَ لرسول الله - صلى الله عليه وسلم: مَتَى السَّاعَةُ؟ قَالَ رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم: «مَا أعْدَدْتَ لَهَا؟» قَالَ: حُبَّ الله ورسولهِ، قَالَ: «أَنْتَ مَعَ مَنْ أَحْبَبْتَ». مُتَّفَقٌ عَلَيهِ (1)، وهذا لفظ مسلم. وفي رواية لهما: مَا أعْدَدْتُ لَهَا مِنْ كَثيرِ صَوْمٍ، وَلاَ صَلاَةٍ، وَلاَ صَدَقَةٍ، وَلَكِنِّي أُحِبُّ الله وَرَسُولَهُ.   (1) أخرجه: البخاري 5/ 14 (3688) و8/ 49 (6171)، ومسلم 8/ 42 (2639) (161) و (164). الحديث: 369 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 134 370 - وعن ابن مسعود - رضي الله عنه - قَالَ: جاء رجلٌ إلى رَسُولِ الله - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ: يَا رَسُول الله، كَيْفَ تَقُولُ في رَجُلٍ أَحَبَّ قَوْمًا وَلَمْ يَلْحَقْ بِهِمْ؟ فَقَالَ رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم: «المَرْءُ مَعَ مَنْ أحَبَّ». مُتَّفَقٌ عَلَيهِ. (1)   (1) أخرجه: البخاري 8/ 49 (6169)، ومسلم 8/ 43 (2640) (165). الحديث: 370 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 134 371 - وعن أَبي هريرة - رضي الله عنه - عن النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: «النَّاسُ مَعَادِنٌ كَمَعَادِنِ الذَّهَبِ وَالفِضَّةِ، خِيَارُهُمْ في الجَاهِلِيَّةِ خِيَارُهُمْ في الإسْلاَمِ إِذَا فَقهُوا، وَالأرْوَاحُ جُنُودٌ مُجَنَّدَةٌ، فَمَا تَعَارَفَ مِنْهَا ائْتَلَفَ، ومَا تَنَاكَرَ مِنْهَا اخْتَلَفَ». رواه مسلم. (1) وروى البخاري قوله: «الأَرْوَاحُ ... » إلخ مِنْ رواية عائشة رضي الله عنها.   (1) أخرجه: مسلم 8/ 41 (2638) (160). وأخرج: البخاري 4/ 162 (3336) اللفظة الثانية من رواية عائشة «رضي الله عنها» معلقًا. الحديث: 371 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 134 372 - وعن أُسَيْر بن عمرو، ويقال: ابن جابر وَهُوَ - بضم الهمزة وفتح السين المهملة - قَالَ: كَانَ عُمَرُ بْنُ الخَطَّابِ - رضي الله عنه - إِذَا أتَى عَلَيهِ أَمْدَادُ أهْلِ اليَمَنِ سَألَهُمْ: [ص: 135] أفِيكُمْ أُوَيْسُ بْنُ عَامِرٍ؟ حَتَّى أتَى عَلَى أُوَيْسٍ - رضي الله عنه - فَقَالَ لَهُ: أَنْتَ أُوَيْسُ ابْنُ عَامِر؟ قَالَ: نَعَمْ، قَالَ: مِنْ مُرَادٍ ثُمَّ مِنْ قَرَنٍ؟ قَالَ: نَعَمْ. قَالَ: فَكَانَ بِكَ بَرَصٌ، فَبَرَأْتَ مِنْهُ إلاَّ مَوْضِعَ دِرْهَمٍ؟ قَالَ: نَعَمْ. قَالَ: لَكَ وَالِدةٌ؟ قَالَ: نَعَمْ. قَالَ: سَمِعْتُ رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: «يَأتِي عَلَيْكُمْ أُويْسُ بْنُ عَامِرٍ مَعَ أَمْدَادِ أَهْلِ اليَمَنِ مِنْ مُرَادٍ، ثُمَّ مِنْ قَرَنٍ كَانَ بِهِ بَرَصٌ، فَبَرَأَ مِنْهُ إلاَّ مَوْضِعَ دِرْهَمٍ، لَهُ وَالدةٌ هُوَ بِهَا بَرٌّ، لَوْ أَقْسَمَ عَلَى الله لأَبَرَّهُ، فإنِ اسْتَطَعْتَ أَنْ يَسْتَغْفِرَ لَكَ فَافْعَل» فَاسْتَغْفِرْ لي فَاسْتَغْفَرَ لَهُ، فَقَالَ لَهُ عُمَرُ: أَيْنَ تُريدُ؟ قَالَ: الكُوفَةَ، قَالَ: ألاَ أَكْتُبُ لَكَ إِلَى عَامِلِهَا؟ قَالَ: أكُونُ في غَبْرَاءِ النَّاسِ أَحَبُّ إِلَيَّ، فَلَمَّا كَانَ مِنَ العَامِ المُقْبِلِ حَجَّ رَجُلٌ مِنْ أَشْرَافِهِمْ، فَوافَقَ عُمَرَ، فَسَألَهُ عَنْ أُوَيْسٍ، فَقَالَ: تَرَكْتُهُ رَثَّ (1) البَيْتِ قَليلَ المَتَاع، قَالَ: سَمِعْتُ رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم - يقولُ: «يَأتِي عَلَيْكُمْ أُوَيْسُ بْنُ عَامِرٍ مَعَ أمْدَادٍ مِنْ أَهْلِ اليَمَنِ مِنْ مُرَادٍ، ثُمَّ مِنْ قَرَنٍ، كَانَ بِهِ بَرَصٌ فَبَرَأَ مِنْهُ إلاَّ مَوضِعَ دِرْهَمٍ، لَهُ وَالِدَةٌ هُوَ بِهَا بَرٌّ لَوْ أقْسَمَ عَلَى اللهِ لأَبَرَّهُ، فَإنِ اسْتَطْعتَ أَنْ يَسْتَغْفِرَ لَكَ، فَافْعَلْ» فَأتَى أُوَيْسًا، فَقَالَ: اسْتَغْفِرْ لِي. قَالَ: أَنْتَ أحْدَثُ عَهْدًا بسَفَرٍ صَالِحٍ، فَاسْتَغْفِرْ لي. قَالَ: لَقِيتَ عُمَرَ؟ قَالَ: نَعَمْ، فاسْتَغْفَرَ لَهُ، فَفَطِنَ لَهُ النَّاسُ، فَانْطَلَقَ عَلَى وَجْهِهِ. رواه مسلم. (2) وفي رواية لمسلم أيضًا عن أُسَيْر بن جابر - رضي الله عنه: أنَّ أهْلَ الكُوفَةِ وَفَدُوا عَلَى عُمَرَ - رضي الله عنه - وَفِيهمْ رَجُلٌ مِمَّنْ كَانَ يَسْخَرُ بِأُوَيْسٍ، فَقَالَ عُمَرُ: هَلْ هاهُنَا أَحَدٌ مِنَ القَرَنِيِّينَ؟ فَجَاءَ ذلِكَ الرَّجُلُ، فَقَالَ عمرُ: إنَّ رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم - قَدْ قَالَ: «إنَّ رَجُلًا يَأتِيكُمْ مِنَ اليَمَنِ يُقَالُ لَهُ: أُوَيْسٌ، لاَ يَدَعُ باليَمَنِ غَيْرَ أُمٍّ لَهُ، قَدْ كَانَ بِهِ بَيَاضٌ فَدَعَا الله تَعَالَى، فَأذْهَبَهُ إلاَّ مَوضِعَ الدِّينَارِ أَو الدِّرْهَمِ، فَمَنْ لَقِيَهُ مِنْكُمْ، فَلْيَسْتَغْفِرْ لَكُمْ». وفي رواية لَهُ: عن عمر - رضي الله عنه - قَالَ: إنِّي سَمِعْتُ رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: «إنَّ خَيْرَ التَّابِعِينَ رَجُلٌ يُقَالُ لَهُ: أُوَيْسٌ، وَلَهُ وَالِدَةٌ وَكَانَ بِهِ بَيَاضٌ، فَمُرُوهُ، فَلْيَسْتَغْفِرْ لَكُمْ». قوله: «غَبْرَاءِ النَّاسِ» بفتح الغين المعجمة، وإسكان الباءِ وبالمد: وهم فُقَرَاؤُهُمْ وَصَعَالِيكُهُمْ وَمَنْ لا يُعْرَفُ عَيْنُهُ مِنْ أخلاطِهِمْ «وَالأَمْدَادُ» جَمْعُ مَدَدٍ: وَهُمُ الأَعْوَانُ وَالنَّاصِرُونَ الَّذِينَ كَانُوا يُمدُّونَ المُسْلِمِينَ في الجهَاد.   (1) قال النووي في شرح صحيح مسلم 8/ 275 (2542): «أي حقارة المتاع وضيق العيش». (2) أخرجه: مسلم 7/ 188 (2542) (223) و189 (2542) (224) و (225). الحديث: 372 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 135 373 - وعن عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - قَالَ: اسْتَأذَنْتُ النَّبيَّ - صلى الله عليه وسلم - في العُمْرَةِ، فَأذِنَ لِي، وَقالَ: «لاَ تَنْسَنا يَا أُخَيَّ مِنْ دُعَائِكَ» فَقَالَ كَلِمَةً مَا يَسُرُّنِي أنَّ لِي بِهَا الدُّنْيَا. وفي رواية: وَقالَ: «أشْرِكْنَا يَا أُخَيَّ في دُعَائِكَ». حديث صحيح رواه أَبُو داود والترمذي، وَقالَ: «حديث حسن صحيح». (1)   (1) أخرجه: أبو داود (1498)، وابن ماجه (2894)، والترمذي (3562)، وفي الإسناد عاصم بن عبيد الله ضعيف. الحديث: 373 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 136 374 - وعن ابن عمر رضي الله عنهما، قَالَ: كَانَ النَّبيُّ - صلى الله عليه وسلم - يزور قُبَاءَ رَاكِبًا وَمَاشِيًا، فَيُصَلِّي فِيهِ رَكْعَتَيْنِ. مُتَّفَقٌ عَلَيهِ. (1) وفي رواية: كَانَ النَّبيُّ - صلى الله عليه وسلم - يَأتي مَسْجِد قُبَاءَ كُلَّ سَبْتٍ رَاكبًا، وَمَاشِيًا وَكَانَ ابْنُ عُمَرَ يَفْعَلُهُ.   (1) أخرجه: البخاري 2/ 77 (1193) و (1194)، ومسلم 4/ 127 (1399) (516) و (521). الحديث: 374 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 136 46 - باب فضل الحب في الله والحث عَلَيهِ وإعلام الرجل من يحبه، أنه يحبه، وماذا يقول لَهُ إِذَا أعلمه قَالَ الله تَعَالَى: {مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ} [الفتح: 29] إِلَى آخر السورة، وَقالَ تَعَالَى: {وَالَّذِينَ تَبَوَّأُوا الدَّارَ وَالإِيمَانَ مِنْ قَبْلِهِمْ يُحِبُّونَ مَنْ هَاجَرَ إِلَيْهِمْ} [الحشر: 9]. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 136 375 - وعن أنسٍ - رضي الله عنه - عن النَّبيّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: «ثَلاثٌ مَنْ كُنَّ فِيهِ وَجَدَ بِهِنَّ حَلاوَةَ الإيمانِ: أَنْ يَكُونَ اللهُ وَرَسُولُهُ أحَبَّ إِلَيْهِ مِمَّا سَوَاهُمَا، وَأنْ يُحِبَّ المَرْءَ لاَ يُحِبُّهُ إلاَّ للهِ، وَأَنْ يَكْرَهَ أَنْ يَعُودَ في الكُفْرِ بَعْدَ أَنْ أَنْقَذَهُ الله مِنْهُ، كَمَا يَكْرَهُ أَنْ يُقْذَفَ في النَّارِ». مُتَّفَقٌ عَلَيهِ. (1)   (1) أخرجه: البخاري 1/ 10 (16)، ومسلم 1/ 48 (43) (67). الحديث: 375 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 136 376 - وعن أَبي هريرة - رضي الله عنه - عن النَّبيّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: «سَبْعَةٌ يُظِلُّهُمُ اللهُ في ظِلِّهِ يَوْمَ لاَ ظِلَّ إلاَّ ظِلُّهُ: إمَامٌ عَادِلٌ، وَشَابٌّ نَشَأ في عِبَادَةِ الله - عز وجل - وَرَجُلٌ قَلْبُهُ مُعَلَّقٌ بِالمَسَاجِدِ، وَرَجُلاَنِ تَحَابّا في اللهِ اجْتَمَعَا عَلَيهِ وتَفَرَّقَا عَلَيهِ، وَرَجُلٌ دَعَتْهُ امْرَأةٌ ذَاتُ حُسْنٍ وَجَمَالٍ، [ص: 137] فَقَالَ: إنِّي أخَافُ الله، وَرَجُلٌ تَصَدَّقَ بِصَدَقَةٍ، فَأخْفَاهَا حَتَّى لاَ تَعْلَمَ شِمَالُهُ مَا تُنْفِقُ يَمِينُهُ، وَرَجُلٌ ذَكَرَ الله خَالِيًا فَفَاضَتْ عَيْنَاهُ». مُتَّفَقٌ عَلَيهِ. (1)   (1) أخرجه: البخاري 2/ 138 (1423)، ومسلم 3/ 93 (1031) (91). الحديث: 376 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 136 377 - وعنه، قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم: «إنّ الله تَعَالَى يَقُول يَوْمَ القِيَامَةِ: أيْنَ المُتَحَابُّونَ بِجَلالِي؟ اليَوْمَ أُظِلُّهُمْ فِي ظِلِّي يَوْمَ لاَ ظِلَّ إلاَّ ظِلِّي». رواه مسلم. (1)   (1) أخرجه: مسلم 8/ 12 (2566) (37). الحديث: 377 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 137 378 - وعنه، قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم: «والَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ، لا تَدْخُلُوا الجَنَّةَ حَتَّى تُؤْمِنُوا، وَلا تُؤْمِنُوا حَتَّى تَحَابُّوا، أوَلاَ أدُلُّكُمْ عَلَى شَيْءٍ إِذَا فَعَلْتُمُوهُ تَحَابَبْتُمْ؟ أَفْشُوا السَّلامَ بينكم». رواه مسلم. (1)   (1) أخرجه: مسلم 1/ 53 (54) (94). الحديث: 378 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 137 379 - وعنه، عن النَّبيّ - صلى الله عليه وسلم: «أنَّ رَجُلًا زَارَ أخًا لَهُ في قَرْيَةٍ أخْرَى، فَأرصَدَ اللهُ لَهُ عَلَى مَدْرَجَتِهِ مَلَكًا ... » وذكر الحديث إِلَى قوله: «إنَّ الله قَدْ أحبَّكَ كَمَا أحْبَبْتَهُ فِيهِ». رواه مسلم، وقد سبق بالباب قبله. (1)   (1) انظر الحديث (361). الحديث: 379 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 137 380 - وعن البرَاءِ بن عازب رضي الله عنهما، عن النَّبيّ - صلى الله عليه وسلم - أنَّهُ قَالَ في الأنصار: «لاَ يُحِبُّهُمْ إلاَّ مُؤمِنٌ، وَلاَ يُبْغِضُهُمْ إلاَّ مُنَافِقٌ، مَنْ أَحَبَّهُمْ أَحَبَّهُ اللهُ، وَمَنْ أَبْغَضَهُمْ أَبْغَضَهُ الله». مُتَّفَقٌ عَلَيهِ. (1)   (1) أخرجه: البخاري 5/ 39 (3783)، ومسلم 1/ 60 (75) (129). الحديث: 380 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 137 381 - وعن معاذ - رضي الله عنه - قَالَ: سَمِعْتُ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: «قَالَ الله - عز وجل: المُتَحَابُّونَ فِي جَلالِي، لَهُمْ مَنَابِرُ مِنْ نُورٍ يَغْبِطُهُمُ (1) النَّبِيُّونَ وَالشُّهَدَاءُ». رواه الترمذي، (2) وَقالَ: «حديث حسن صحيح».   (1) أي تمني مثل ما للغير من الخير من غير زواله عن صاحبه. دليل الفالحين 3/ 335. (2) أخرجه: الترمذي (2390). الحديث: 381 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 137 382 - وعن أَبي إدريس الخولاني رحمه الله، قَالَ: دخَلْتُ مَسْجِدَ دِمَشْقَ، فَإذَا فَتًى بَرَّاق الثَّنَايَا (1) وَإِذَا النَّاسُ مَعَهُ، فَإِذَا اخْتَلَفُوا في شَيْءٍ، أَسْنَدُوهُ إِلَيْه، وَصَدَرُوا عَنْ رَأيِهِ، [ص: 138] فَسَأَلْتُ عَنْهُ، فَقيلَ: هَذَا مُعَاذُ بْنُ جَبَل - رضي الله عنه. فَلَمَّا كَانَ مِنَ الغَدِ، هَجَّرْتُ، فَوَجَدْتُهُ قَدْ سَبَقَنِي بالتَّهْجِيرِ، ووَجَدْتُهُ يُصَلِّي، فانْتَظَرتُهُ حَتَّى قَضَى صَلاتَهُ، ثُمَّ جِئْتُهُ مِنْ قِبَلِ وَجْهِهِ، فَسَلَّمْتُ عَلَيهِ، ثُمَّ قُلْتُ: وَاللهِ إنّي لأَحِبُّكَ لِله، فَقَالَ: آلله؟ فَقُلْتُ: اللهِ، فَقَالَ: آللهِ؟ فَقُلْتُ: اللهِ، فَأَخَذَنِي بِحَبْوَةِ رِدَائِي، فجبذني إِلَيْهِ، فَقَالَ: أَبْشِرْ! فإنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: «قَالَ الله تَعَالَى: وَجَبَتْ مَحَبَّتي لِلْمُتَحابِّين فِيَّ، وَالمُتَجَالِسينَ فيَّ، وَالمُتَزَاوِرِينَ فيَّ، وَالمُتَبَاذِلِينَ (2) فِيَّ». حديث صحيح رواه مالك في الموطأ بإسناده الصحيح. (3) قوله: «هَجَّرْتُ» أيْ بَكَّرْتُ، وَهُوَ بتشديد الجيم قوله: «آلله فَقُلْت: الله» الأول بهمزة ممدودة للاستفهام، والثاني بلا مد.   (1) أي وصف ثناياه بالحسن والصفاء وأنها تلمع إذا تبسّم كالبرق وأراد صفة وجهه بالبشر والطلاقة. النهاية 1/ 120. (2) أي الذين يبذلون أنفسهم في مرضاتي. دليل الفالحين 3/ 338. (3) أخرجه: مالك في «الموطأ» (2744) برواية الليثي. الحديث: 382 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 137 383 - وعن أَبي كَرِيمَةَ المقداد (1) بن معد يكرب - رضي الله عنه - عن النَّبيّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: «إِذَا أَحَبَّ الرَّجُلُ أَخَاهُ، فَليُخْبِرْهُ أَنَّهُ يُحِبُّهُ». رواه أَبُو داود والترمذي، (2) وَقالَ: «حديث صحيح».   (1) الصواب: «المقدام» كما في مصادر التخريج وتحفة الأشراف 8/ 212 (11552)، وتهذيب الكمال 7/ 215 (6759)، وكما سيأتي في الحديث (515) و (542). (2) - أخرجه: أبو داود (5124)، والترمذي (2392)، والنسائي في «الكبرى» (10034)، وقال الترمذي: «حديث حسن صحيح غريب». الحديث: 383 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 138 384 - وعن معاذ - رضي الله عنه: أن رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم - أخذ بيدهِ، وَقالَ: «يَا مُعَاذُ، وَاللهِ، إنِّي لأُحِبُّكَ، ثُمَّ أُوصِيكَ يَا مُعَاذُ، لاَ تَدَعَنَّ في دُبُرِ كُلِّ صَلاَةٍ تَقُولُ: اللَّهُمَّ أَعِنِّي عَلَى ذِكْرِكَ، وَشُكْرِكَ، وَحُسْنِ عِبَادَتِكَ». حديث صحيح، رواه أَبُو داود والنسائي بإسناد صحيح. (1)   (1) أخرجه: أبو داود (1522)، والنسائي 3/ 53. الحديث: 384 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 138 385 - وعن أنس - رضي الله عنه: أنَّ رَجُلًا كَانَ عِنْدَ النَّبيِّ، - صلى الله عليه وسلم - فَمَرَّ رَجُلٌ بِهِ، فَقَالَ: يَا رَسُول الله، أنِّي لأُحِبُّ هَذَا، فَقَالَ لَهُ النَّبيّ - صلى الله عليه وسلم: «أأعْلَمْتَهُ؟» قَالَ: لاَ. قَالَ: «أَعْلِمْهُ»، فَلَحِقَهُ، فَقَالَ: إنِّي أُحِبُّكَ في الله، فَقَالَ: أَحَبَّكَ الَّذِي أَحْبَبْتَنِي لَهُ. رواه أَبُو داود بإسناد صحيح. (1)   (1) أخرجه: أبو داود (5125)، والنسائي في «الكبرى» (10010). الحديث: 385 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 138 47 - باب علامات حُبِّ الله تَعَالَى للعبد والحث عَلَى التخلق بِهَا والسعي في تحصيلها قَالَ الله تَعَالَى: {قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَاللهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ} [آل عمران: 31]، وَقالَ تَعَالَى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا مَنْ يَرْتَدَّ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ فَسَوْفَ يَأْتِي اللهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى الْكَافِرِينَ يُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللهِ وَلا يَخَافُونَ لَوْمَةَ لائِمٍ ذَلِكَ فَضْلُ اللهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ وَاللهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ} [المائدة: 54]. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 139 386 - وعن أَبي هريرة - رضي الله عنه - قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم: «إنَّ الله تَعَالَى قَالَ: مَنْ عَادَى لِي وَلِيًّا، فَقَدْ آذَنْتُهُ بِالْحَرْبِ، وَمَا تَقَرَّبَ إِلَيَّ عَبْدِي بِشَيءٍ أَحَبَّ إِلَيَّ مِمَّا افْتَرَضْتُ عَلَيهِ، وَمَا يَزَالُ عَبْدِي يَتَقَرَّبُ إِلَيَّ بِالنَّوَافِلِ حَتَّى أُحِبَّهُ، فَإِذَا أَحْبَبْتُهُ، كُنْتُ سَمْعَهُ الَّذِي يَسْمَعُ بِهِ، وَبَصَرَهُ الَّذِي يُبْصِرُ بِهِ، ويَدَهُ الَّتي يَبْطِشُ (1) بِهَا، وَرجْلَهُ الَّتِي يَمْشِي بِهَا، وَإنْ سَألَنِي أعْطَيْتُهُ، وَلَئِن اسْتَعَاذَنِي لأعِيذَنَّهُ». رواه البخاري. (2) معنى «آذنته»: أعلمته بأني محارِب لَهُ. وقوله: «استعاذني» روي بالباءِ وروي بالنون.   (1) أي الأخذ القوي الشديد. النهاية 1/ 135. (2) انظر الحديث (95). الحديث: 386 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 139 387 - وعنه، عن النَّبيّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: «إِذَا أَحَبَّ اللهُ تَعَالَى العَبْدَ، نَادَى جِبْريلَ: إنَّ الله تَعَالَى يُحِبُّ فُلانًا، فَأَحْبِبْهُ، فَيُحِبُّهُ جِبريلُ، فَيُنَادِي في أَهْلِ السَّمَاءِ: إنَّ اللهَ يُحِبُّ فُلانًا، فَأَحِبُّوهُ، فَيُحِبُّهُ أَهْلُ السَّمَاءِ، ثُمَّ يُوضَعُ لَهُ القَبُولُ في الأرْضِ». متفق عليه. (1) وفي رواية لمسلم: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم: «إنَّ الله تعالى إذا أحَبَّ عبدًا دَعَا جِبريلَ، فقال: إِنّي أُحِبُّ فُلانًا فأَحببهُ، فيُحبُّهُ جبريلُ، ثمَّ يُنادي في السماءِ، فيقول: إنَّ اللهَ يحبُّ فلانًا فأَحبُّوهُ، فيحبُّهُ أهلُ السماءِ، ثُمَّ يُوضعُ لَهُ القَبولُ في الأرضِ، وَإِذَا أَبْغَضَ عَبْدًا دَعَا جِبْريلَ، فَيَقُولُ: إنّي أُبْغِضُ فُلانًا فَأَبْغِضْهُ. فَيُبغِضُهُ جِبريلُ، ثُمَّ يُنَادِي في أَهْلِ السَّمَاءِ: إنَّ الله يُبْغِضُ فُلانًا فَأَبْغِضُوهُ، ثُمَّ تُوضَعُ لَهُ البَغْضَاءُ في الأَرْضِ».   (1) أخرجه: البخاري 4/ 135 (3209)، ومسلم 8/ 40 (2637) (157). الحديث: 387 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 139 388 - وعن عائشة رضي الله عنها: أنَّ رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم - بعثَ رجلًا عَلَى سَريَّةٍ، فَكَانَ يَقْرَأُ لأَصْحَابِهِ في صَلاَتِهِمْ فَيَخْتِمُ بـ {قُل هُوَ اللهُ أَحَدٌ}، فَلَمَّا رَجَعُوا ذَكَرُوا ذلِكَ لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ: «سَلُوهُ، لأَيِّ شَيْءٍ يَصْنَعُ ذلِكَ؟»، فَسَألُوهُ، فَقَالَ: لأَنَّهَا صِفَةُ الرَّحْمنِ، فَأَنَا أُحِبُّ أَنْ أَقْرَأ بِهَا. فَقَالَ رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم: «أَخْبِرُوهُ أنَّ اللهَ تَعَالَى يُحِبُّهُ». مُتَّفَقٌ عَلَيهِ. (1)   (1) أخرجه: البخاري 9/ 140 (7375)، ومسلم 2/ 200 (813) (263). الحديث: 388 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 140 48 - باب التحذير من إيذاء الصالحين والضعفة والمساكين قَالَ الله تَعَالَى: {وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ بِغَيْرِ مَا اكْتَسَبُوا فَقَدِ احْتَمَلُوا بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُبِينًا} [الأحزاب: 58]، وَقالَ تَعَالَى: {فَأَمَّا الْيَتِيمَ فَلا تَقْهَرْ وَأَمَّا السَّائِلَ فَلا تَنْهَرْ} [الضحى: 9 - 10]. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 140 وأما الأحاديث، فكثيرة مِنْهَا: حديث (1) أَبي هريرة - رضي الله عنه - في الباب قبل هَذَا: «مَنْ عَادَى لِي وَليًّا فَقَدْ آذَنْتُهُ بِالحَرْبِ». ومنها حديث (2) سعد بن أَبي وقاص - رضي الله عنه - السابق في باب ملاطفة اليتيم، وقوله (3) صلى الله عليه وسلم: «يَا أَبَا بَكْرٍ، لَئِنْ كُنْتَ أَغْضَبْتَهُمْ لَقَدْ أَغْضَبْتَ رَبَّكَ».   (1) انظر الحديث (386). (2) انظر الحديث (260). (3) انظر الحديث (261). الجزء: 1 ¦ الصفحة: 140 389 - وعن جندب بن عبد الله - رضي الله عنه - قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم: «مَنْ صَلَّى صَلاةَ الصُّبْحِ، فَهُوَ في ذِمَّةِ اللهِ، فَلاَ يَطْلُبَنَّكُمُ اللهُ مِنْ ذِمَّتِهِ بِشَيْءٍ، فَإنَّهُ مَنْ يَطْلُبُهُ مِنْ ذِمَّتِهِ بِشَيْءٍ يُدْرِكْهُ، ثُمَّ يَكُبُّهُ عَلَى وَجْهِهِ في نَارِ جَهَنَّمَ». رواه مسلم. (1)   (1) انظر الحديث (232). الحديث: 389 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 140 49 - باب إجراء أحكام الناس عَلَى الظاهر وسرائرهم إِلَى الله تَعَالَى قَالَ الله تَعَالَى: {فَإِنْ تَابُوا وَأَقَامُوا الصَّلاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ فَخَلُّوا سَبِيلَهُم} [التوبة: 5]. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 140 390 - وعن ابن عمر رضي الله عنهما: أنَّ رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: «أُمِرْتُ أَنْ أُقَاتِلَ النَّاسَ حَتَّى يَشْهَدُوا أَنْ لاَ إلهَ إلاَّ الله، وَأنَّ مُحَمَّدًا رَسُول الله، وَيُقيمُوا الصَّلاةَ، وَيُؤتُوا الزَّكَاةَ، فَإِذَا فَعَلُوا ذلِكَ عَصَمُوا مِنِّي دِمَاءهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ إلاَّ بحَقِّ الإسْلاَمِ، وَحِسَابُهُمْ عَلَى الله تَعَالَى». مُتَّفَقٌ عَلَيهِ. (1)   (1) أخرجه: البخاري 1/ 12 (25)، ومسلم 1/ 39 (22) (36). الحديث: 390 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 141 391 - وعن أَبي عبدِ الله طارِق بن أشَيْم - رضي الله عنه - قَالَ: سَمِعْتُ رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: «مَنْ قالَ لاَ إلهَ إلاَّ الله، وَكَفَرَ بمَا يُعْبَدُ مِنْ دُونِ اللهِ، حَرُمَ مَالُهُ وَدَمُهُ، وَحِسَابُهُ عَلَى الله تَعَالَى». رواه مسلم. (1)   (1) أخرجه: مسلم 1/ 39 (23) (37). الحديث: 391 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 141 392 - وعن أَبي معبد المقداد بن الأسْود - رضي الله عنه - قَالَ: قُلْتُ لرسول الله - صلى الله عليه وسلم: أرَأيْتَ إنْ لَقِيتُ رَجُلًا مِنَ الكُفَّارِ، فَاقْتتَلْنَا، فَضَرَبَ إحْدَى يَدَيَّ بِالسَّيْفِ، فَقَطَعَها، ثُمَّ لاَذَ مِنِّي بِشَجَرَةٍ، فَقَالَ: أَسْلَمْتُ لِلهِ، أَأَقْتُلُهُ يَا رَسُول الله بَعْدَ أَنْ قَالَهَا؟ فَقَالَ: «لاَ تَقْتُلهُ» فَقُلْتُ: يَا رَسُول الله، قَطَعَ إحْدَى يَدَيَّ، ثُمَّ قَالَ ذلِكَ بَعْدَ مَا قَطَعَهَا؟! فَقَالَ: «لَا تَقتُلْهُ، فَإِنْ قَتَلْتَهُ فَإنَّهُ بِمَنْزِلَتِكَ قَبْلَ أَنْ تَقْتُلَهُ، وَإنَّكَ بِمَنْزِلَتِهِ قَبْلَ أَنْ يَقُولَ كَلِمَتَهُ التي قَالَ». مُتَّفَقٌ عَلَيهِ. (1) ومعنى «أنه بمنزلتك» أي: معصوم الدم محكوم بإسلامه. ومعنى «أنك بمنزلته» أي: مباح الدمِ بالقصاص لورثتهِ لا أنه بمنزلته في الكفر، والله أعلم.   (1) أخرجه: البخاري 5/ 109 (4019)، ومسلم 1/ 66 (95) (155). الحديث: 392 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 141 393 - وعن أُسَامة بن زيدٍ رضي الله عنهما، قَالَ: بعثنا رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم - إِلَى الْحُرَقَةِ مِنْ جُهَيْنَةَ فَصَبَّحْنَا القَوْمَ عَلَى مِيَاهِهِمْ، وَلَحقْتُ أنَا وَرَجُلٌ مِنَ الأَنْصَارِ رَجُلًا مِنْهُمْ، فَلَمَّا غَشَيْنَاهُ، قَالَ: لاَ إلهَ إلاَّ الله، فَكفَّ عَنْهُ الأَنْصَاري، وطَعَنْتُهُ برُمْحِي حَتَّى قَتَلْتُهُ، فَلَمَّا قَدِمْنَا المَدِينَةَ، بَلَغَ ذلِكَ النَّبيَّ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ لِي: «يَا أُسَامَة، أقَتَلْتَهُ بَعْدَ مَا قَالَ: لا إلهَ إلاَّ اللهُ؟!» قُلْتُ: يَا رَسُول الله، إِنَّمَا كَانَ متعوِّذًا، فَقَالَ: «أقَتَلْتَهُ بَعْدَ مَا قَالَ: لاَ إلهَ إلاَّ اللهُ؟!» فما زَالَ يُكَرِّرُهَا عَلَيَّ حَتَّى تَمَنَّيْتُ أَنِّي لَمْ أَكُنْ أَسْلَمْتُ قَبْلَ ذلِكَ اليَوْمِ. مُتَّفَقٌ عَلَيهِ. (1) [ص: 142] وفي رواية: فَقَالَ رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم: «أَقَالَ: لاَ إلهَ إلاَّ اللهُ وقَتَلْتَهُ؟!» قُلْتُ: يَا رَسُول الله، إِنَّمَا قَالَهَا خَوْفًا مِن السِّلاحِ، قَالَ: «أَفَلاَ شَقَقْتَ عَنْ قَلْبِهِ حَتَّى تَعْلَمَ أَقَالَهَا أمْ لاَ؟!» فمَا زَالَ يُكَرِّرُهَا حَتَّى تَمَنَّيْتُ أنِّي أسْلَمْتُ يَوْمَئذٍ. «الحُرَقَةُ» بضم الحاءِ المهملة وفتح الراءِ: بَطْنٌ مِنْ جُهَيْنَةَ: القَبِيلةُ المَعْرُوفَةُ. وقوله: «مُتَعَوِّذًا»: أيْ مُعْتَصِمًا بِهَا مِنَ القَتْلِ لاَ معْتَقِدًا لَهَا.   (1) أخرجه: البخاري 9/ 4 (6872)، ومسلم 1/ 67 (96) (158) و68 (96) (159). الحديث: 393 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 141 394 - وعن جندب بن عبد الله - رضي الله عنه: أنَّ رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم - بَعَثَ بَعْثًا مِنَ المُسْلِمينَ إِلَى قَومٍ مِنَ المُشرِكينَ، وَأنَّهُمْ التَقَوْا، فَكَانَ رَجُلٌ مِنَ المُشْركينَ إِذَا شَاءَ أَنْ يَقْصِدَ إِلَى رَجُل مِنَ المُسْلِمينَ قَصَدَ لَهُ فَقَتَلَهُ، وَأنَّ رَجُلًا مِنَ المُسْلِمِينَ قَصَدَ غَفْلَتَهُ. وَكُنَّا نتحَدَّثُ أنَّهُ أُسَامَةُ بْنُ زَيْدٍ، فَلَمَّا رَفَعَ عَلَيهِ السَّيفَ، قَالَ: لاَ إلهَ إلاَّ اللهُ، فَقَتَلهُ، فَجَاءَ البَشيرُ إِلَى رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم - فَسَألَهُ وَأخبَرَهُ، حَتَّى أخْبَرَهُ خَبَرَ الرَّجُلِ كَيْفَ صَنَعَ، فَدَعَاهُ فَسَألَهُ، فَقَالَ: «لِمَ قَتَلْتَهُ؟» فَقَالَ: يَا رَسُول اللهِ، أوْجَعَ في المُسلِمِينَ، وَقَتَلَ فُلانًا وفلانًا، وسمى لَهُ نَفرًا، وَإنِّي حَمَلْتُ عَلَيهِ، فَلَمَّا رَأى السَّيفَ، قَالَ: لاَ إلهَ إلاَّ اللهُ. قَالَ رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم: «أَقَتَلْتَهُ؟» قَالَ: نَعَمْ. قَالَ: «فَكَيفَ تَصْنَعُ بلاَ إلهَ إلاَّ اللهُ، إِذَا جَاءَتْ يَوْمَ القِيَامَةِ؟» قَالَ: يَا رَسُول الله، اسْتَغْفِرْ لِي. قَالَ: «وكَيفَ تَصْنَعُ بِلا إلهَ إلاَّ الله إِذَا جَاءتْ يَوْمَ القِيَامَةِ؟» فَجَعَلَ لاَ يَزِيدُ عَلَى أَنْ يَقُولَ: «كَيفَ تَصْنَعُ بِلاَ إلهَ إلاَّ الله إِذَا جَاءَتْ يَوْمَ القِيَامَةِ». رواه مسلم. (1)   (1) أخرجه: مسلم 1/ 68 (97) (160). الحديث: 394 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 142 395 - وعن عبد الله بن عتبة بن مسعود، قَالَ: سَمِعْتُ عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - يقولُ: إنَّ نَاسًا كَانُوا يُؤْخَذُونَ بِالوَحْيِ في عَهْدِ رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم - وَإنَّ الوَحْيَ قَدِ انْقَطَعَ، وإِنَّمَا نَأخُذُكُمُ الآن بما ظَهَرَ لَنَا مِنْ أعمَالِكُمْ، فَمَنْ أظْهَرَ لَنَا خَيْرًا أَمَّنَّاهُ وَقَرَّبْنَاهُ، وَلَيْسَ لَنَا مِنْ سَرِيرَتِهِ شَيْءٌ، اللهُ يُحَاسِبُهُ فِي سَرِيرَتِهِ، وَمَنْ أَظْهَرَ لَنَا سُوءًا لَمْ نَأْمَنْهُ وَلَمْ نُصَدِّقْهُ وَإنْ قَالَ: إنَّ سَرِيرَتَهُ حَسَنَةٌ. رواه البخاري. (1)   (1) أخرجه: البخاري 3/ 221 (2641). الحديث: 395 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 142 50 - باب الخوف قَالَ الله تَعَالَى: {وَإِيَّايَ فَارْهَبُونِ} [البقرة: 40]، وَقالَ تَعَالَى: {إِنَّ بَطْشَ رَبِّكَ لَشَدِيدٌ} [البروج: 12]، وَقالَ تَعَالَى: {وَكَذَلِكَ أَخْذُ رَبِّكَ إِذَا أَخَذَ الْقُرَى وَهِيَ ظَالِمَةٌ إِنَّ أَخْذَهُ أَلِيمٌ شَدِيدٌ إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَةً لِمَنْ خَافَ عَذَابَ الآخِرَةِ ذَلِكَ يَوْمٌ مَجْمُوعٌ لَهُ النَّاسُ وَذَلِكَ يَوْمٌ [ص: 143] مَشْهُودٌ وَمَا نُؤَخِّرُهُ إِلاَّ لأَجَلٍ مَعْدُودٍ يَوْمَ يَأْتِ لا تَكَلَّمُ نَفْسٌ إِلاَّ بِإِذْنِهِ فَمِنْهُمْ شَقِيٌّ وَسَعِيدٌ فَأَمَّا الَّذِينَ شَقُوا فَفِي النَّارِ لَهُمْ فِيهَا زَفِيرٌ وَشَهِيقٌ} [هود: 102 - 106]، وَقالَ تَعَالَى: {وَيُحَذِّرُكُمُ اللهُ نَفْسَهُ} [آل عمران: 28]، وَقالَ تَعَالَى: {يَوْمَ يَفِرُّ الْمَرْءُ مِنْ أَخِيهِ وَأُمِّهِ وَأَبِيهِ وَصَاحِبَتِهِ وَبَنِيهِ لِكُلِّ امْرِئٍ مِنْهُمْ يَوْمَئِذٍ شَأْنٌ يُغْنِيهِ} [عبس: 34 - 37]، وَقالَ تَعَالَى: {يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ إِنَّ زَلْزَلَةَ السَّاعَةِ شَيْءٌ عَظِيمٌ يَوْمَ تَرَوْنَهَا تَذْهَلُ كُلُّ مُرْضِعَةٍ عَمَّا أَرْضَعَتْ وَتَضَعُ كُلُّ ذَاتِ حَمْلٍ حَمْلَهَا وَتَرَى النَّاسَ سُكَارَى وَمَا هُمْ بِسُكَارَى وَلَكِنَّ عَذَابَ اللهِ شَدِيدٌ} [الحج: 1 - 2]، وَقالَ تَعَالَى: {وَلِمَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ جَنَّتَانِ} [الرحمان: 46]، وَقالَ تَعَالَى: {وَأَقْبَلَ بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ يَتَسَاءلُونَ قَالُوا إِنَّا كُنَّا قَبْلُ فِي أَهْلِنَا مُشْفِقِينَ، فَمَنَّ اللهُ عَلَيْنَا وَوَقَانَا عَذَابَ السَّمُومِ إِنَّا كُنَّا مِنْ قَبْلُ نَدْعُوهُ إِنَّهُ هُوَ الْبَرُّ الرَّحِيمُ} [الطور: 25 - 28] وَالآيات في الباب كثيرة جدًا معلومات، والغرض الإشارة إِلَى بعضها وقد حصل: الجزء: 1 ¦ الصفحة: 142 وأما الأحاديث فكثيرة جدًا فنذكر مِنْهَا طرفًا وبالله التوفيق: 396 - عن ابن مسعود - رضي الله عنه - قَالَ: حدثنا رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم - وَهُوَ الصادق المصدوق: «إنَّ أحَدَكُمْ يُجْمَعُ خَلْقُهُ في بَطْنِ أُمِّهِ أربَعِينَ يَومًا نُطْفَةً، ثُمَّ يَكُونُ عَلَقَةً مِثْلَ ذلِكَ، ثُمَّ يَكُونُ مُضْغَةً مِثْلَ ذلِكَ، ثُمَّ يُرْسَلُ المَلَكُ، فَيَنْفُخُ فِيهِ الرُّوحَ، وَيُؤْمَرُ بِأرْبَعِ كَلِمَاتٍ: بِكَتْبِ رِزْقِهِ وَأجَلِهِ وَعَمَلِهِ وَشَقِيٌّ أَوْ سَعِيدٌ. فَوَالَّذِي لاَ إلهَ غَيْرُهُ إنَّ أحَدَكُمْ لَيَعْمَلُ بِعَمَلِ أهْلِ الجَنَّةِ حَتَّى مَا يَكُونُ بَيْنَهُ وبيْنَهَا إلاَّ ذِرَاعٌ فَيَسْبِقُ عَلَيهِ الكِتَابُ، فَيَعْمَلُ بِعَمَلِ أهْلِ النَّارِ فَيدْخُلُهَا، وَإنَّ أَحَدَكُمْ لَيَعْمَلُ بِعَمَلِ أهْلِ النَّارِ حَتَّى مَا يَكُونُ بَيْنَهُ وَبَيْنَهَا إلاَّ ذراعٌ، فَيَسْبِقُ عَلَيهِ الكِتَابُ فَيعْمَلُ بِعَمَلِ أهْلِ الجَنَّةِ فَيَدْخُلُهَا». مُتَّفَقٌ عَلَيهِ. (1)   (1) أخرجه: البخاري 9/ 165 (7454)، ومسلم 8/ 44 (2643) (1). الحديث: 396 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 143 397 - وعنه، قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم: «يُؤتَى بِجَهَنَّمَ يَومَئذٍ لَهَا سَبْعُونَ أَلفَ زِمَامٍ، مَعَ كُلِّ زِمَامٍ سَبعُونَ أَلْفَ مَلَكٍ يَجُرُّونَهَا». رواه مسلم. (1)   (1) أخرجه: مسلم 8/ 149 (2842) (29). الحديث: 397 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 143 398 - وعن النعمان بن بشير رضي الله عنهما، قَالَ: سَمِعْتُ رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: «إنَّ أَهْوَنَ [ص: 144] أَهْلِ النَّارِ عَذَابًا يَوْمَ القِيَامَةِ لَرَجُلٌ يُوضعُ في أَخْمَصِ قَدَمَيْهِ جَمْرَتَانِ يَغْلِي مِنْهُمَا دِمَاغُهُ. مَا يَرَى أنَّ أَحَدًا أشَدُّ مِنْهُ عَذَابًا، وَأنَّهُ لأَهْوَنُهُمْ عَذَابًا». مُتَّفَقٌ عَلَيهِ. (1)   (1) أخرجه: البخاري 8/ 144 (6562)، ومسلم 1/ 135 (213) (363) و (364). الحديث: 398 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 143 399 - وعن سمرة بن جندب - رضي الله عنه: أنَّ نبيَّ الله - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: «مِنْهُمْ مَنْ تَأخُذُهُ النَّارُ إِلَى كَعْبَيهِ، وَمنْهُمْ مَنْ تَأخُذُهُ إِلَى رُكْبَتَيهِ، وَمنْهُمْ مَنْ تَأخُذُهُ إِلَى حُجزَتِهِ، وَمِنْهُمْ مَنْ تَأخُذُهُ إِلَى تَرْقُوَتِهِ». رواه مسلم. (1) «الحُجْزَةُ»: مَعْقِدُ الإزار تَحْتَ السُّرَّةِ، وَ «التَّرْقُوَةُ» بفتح التاءِ وضم القاف: هي العَظمُ الَّذِي عِنْدَ ثَغْرَةِ النَّحْرِ، وَللإنْسَانِ تَرْقُوتَانِ في جَانبَي النَّحْرِ.   (1) أخرجه: مسلم 8/ 150 (2845) (33). الحديث: 399 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 144 400 - وعن ابن عمر رضي الله عنهما: أنَّ رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: «يَقُومُ النَّاسُ لِرَبِّ العَالَمينَ حَتَّى يَغِيبَ أَحَدُهُمْ في رَشْحِهِ إِلَى أَنْصَافِ أُذُنَيهِ». مُتَّفَقٌ عَلَيهِ. (1) وَ «الرَّشْحُ»: العَرَقُ.   (1) أخرجه: البخاري 6/ 207 (4938)، ومسلم 8/ 157 (2862) (60). الحديث: 400 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 144 401 - وعن أنس - رضي الله عنه - قَالَ: خطبنَا رَسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم - خطبة مَا سَمِعْتُ مِثلها قَطّ، فَقَالَ: «لَوْ تَعْلَمُونَ مَا أَعْلَمُ، لَضحِكْتُمْ قَلِيلًا وَلَبَكَيتُمْ كَثِيرًا». فَغَطَّى أصْحَابُ رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم - وَجُوهَهُمْ، وَلَهُمْ خَنِينٌ. مُتَّفَقٌ عَلَيهِ. (1) وفي رواية: بَلَغَ رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم - عَنْ أَصْحَابِهِ شَيْءٌ فَخَطَبَ، فَقَالَ: «عُرِضَتْ عَلَيَّ الجَنَّةُ وَالنَّارُ، فَلَمْ أرَ كَاليَومِ في الخَيرِ وَالشَّرِّ، وَلَوْ تَعْلَمونَ مَا أَعلَمُ لَضَحِكْتُمْ قَلِيلًا وَلَبَكَيْتُمْ كَثِيرًا». فَمَا أَتَى عَلَى أَصْحَابِ رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم - يَوْمٌ أَشَدُّ مِنْهُ، غَطَّوْا رُؤُسَهُمْ وَلَهُمْ خَنِينٌ. «الخَنِينُ» بالخاءِ المعجمة: هُوَ البُكَاءُ مَعَ غُنَّة وانتِشَاقِ الصَّوْتِ مِنَ الأنْفِ.   (1) أخرجه: البخاري 6/ 68 (4621)، ومسلم 7/ 92 (2359) (134). الحديث: 401 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 144 402 - وعن المقداد - رضي الله عنه - قَالَ: سمِعْتُ رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: «تُدْنَى الشَّمْسُ يَوْمَ القِيَامَةِ مِنَ الخَلْقِ حَتَّى تَكُونَ مِنْهُمْ كَمِقْدَارِ مِيلٍ». قَالَ سُلَيْم بنُ عامِر الراوي عن المقداد: فَوَاللهِ مَا أَدْرِي مَا يَعني بِالمِيلِ، أمَسَافَةَ الأرضِ أَمِ المِيلَ الَّذِي تُكْتَحَلُ بِهِ [ص: 145] العَيْنُ؟ قَالَ: «فَيكُونُ النَّاسُ عَلَى قَدْرِ أَعْمَالِهِمْ في العَرَقِ، فَمِنْهُمْ مَنْ يَكُونُ إِلَى كَعْبَيْهِ، ومنهم مَن يكُون إِلَى رُكبتَيه، ومنهم مَنْ يَكُونُ إِلَى حِقْوَيْهِ (1)، وَمِنْهُمْ مَنْ يُلْجِمُهُ العَرَقُ إلْجَامًا». قَالَ: وَأَشَارَ رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم - بيدهِ إِلَى فِيهِ. رواه مسلم. (2)   (1) أي مَعقِد الإزار. النهاية 1/ 417. (2) أخرجه: مسلم 8/ 158 (2864) (62). الحديث: 402 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 144 403 - وعن أَبي هريرة - رضي الله عنه: أن رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: «يَعْرَقُ النَّاسُ يَومَ القِيَامَةِ حَتَّى يَذْهَبَ عَرَقُهُمْ في الأَرضِ سَبْعِينَ ذِراعًا، وَيُلْجِمُهُمْ حَتَّى يَبْلُغَ آذَانَهُمْ». مُتَّفَقٌ عَلَيهِ. (1) ومعنى «يَذْهَبُ في الأَرضِ»: ينزل ويغوص.   (1) أخرجه: البخاري 8/ 138 (6532)، ومسلم 8/ 158 (2863) (61). الحديث: 403 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 145 404 - وعنه، قَالَ: كُنَّا مَعَ رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم - إذْ سمع وجبة (1)، فَقَالَ: «هَلْ تَدْرُونَ مَا هَذَا؟» قُلْنَا: الله وَرَسُولُهُ أعْلَمُ. قَالَ: «هذَا حَجَرٌ رُمِيَ بِهِ في النَّارِ مُنْذُ سَبْعينَ خَريفًا، فَهُوَ يَهْوِي في النَّارِ الآنَ حَتَّى انْتَهَى إِلَى قَعْرِها فَسَمِعْتُمْ وَجْبَتَهَا». رواه مسلم. (2)   (1) قال النووي في شرح صحيح مسلم 9/ 154 عقيب (2845): «معناها السّقطة». (2) أخرجه: مسلم 8/ 150 (2844). الحديث: 404 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 145 405 - وعن عدي بن حاتم - رضي الله عنه - قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم: «مَا مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ إلاَّ سَيُكَلِّمُهُ رَبُّهُ لَيْسَ بَيْنَهُ وبَيْنَهُ تَرْجُمَانٌ، فَيَنْظُرُ أَيْمَنَ مِنْهُ فَلاَ يَرَى إلاَّ مَا قَدَّمَ، وَيَنْظُرُ أشْأَمَ مِنْهُ فَلاَ يَرَى إلاَّ مَا قَدَّمَ، وَيَنْظُرُ بَيْنَ يَدَيْهِ فَلاَ يَرَى إلاَّ النَّارَ تِلْقَاءَ وَجْهِهِ، فَاتَّقُوا النَّارَ وَلَوْ بِشِقِّ تَمْرَةٍ». مُتَّفَقٌ عَلَيهِ. (1)   (1) انظر الحديث (139). الحديث: 405 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 145 406 - وعن أَبي ذر - رضي الله عنه - قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم: «إنِّي أَرَى مَا لاَ تَرَوْنَ، أطَّتِ السَّمَاءُ وَحُقَّ لَهَا أَنْ تَئِطَّ، مَا فِيهَا مَوضِعُ أرْبَع أصَابعَ إلاَّ وَمَلَكٌ وَاضِعٌ جَبْهَتَهُ سَاجِدًا للهِ تَعَالَى. والله لَوْ تَعْلَمُونَ مَا أَعْلَمُ، لَضَحِكْتُمْ قَلِيلًا وَلَبَكَيْتُمْ كَثِيرًا، وَمَا تَلَذَّذْتُمْ بالنِّساءِ عَلَى الفُرُشِ، وَلَخَرَجْتُمْ إِلَى الصُّعُدَاتِ تَجْأرُونَ إِلَى اللهِ تَعَالَى». رواه الترمذي (1)، وَقالَ: «حديث حسن». وَ «أطَّت» بفتح الهمزة وتشديد الطاءِ و «تئط» بفتح التاءِ وبعدها همزة مكسورة، وَالأطيط: صوتُ الرَّحْلِ وَالقَتَبِ وَشِبْهِهِمَا، ومعناه: أنَّ كَثرَةَ مَنْ في السَّماءِ [ص: 146] مِنَ المَلائِكَةِ العَابِدِينَ قَدْ أثْقَلَتْهَا حَتَّى أطّتْ. وَ «الصُّعُدات» بضم الصاد والعين: الطُّرُقات: ومعنى: «تَجأَرُون»: تَستَغيثُونَ.   (1) أخرجه: ابن ماجه (4190)، والترمذي (2312) وقال: «حديث حسن غريب». الحديث: 406 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 145 407 - وعن أَبي برزة - براء ثُمَّ زاي - نَضْلَة بن عبيد الأسلمي - رضي الله عنه - قَالَ: قَالَ رَسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم: «لاَ تَزُولُ قَدَمَا عَبْدٍ يَومَ القِيَامَةِ حَتَّى يُسْأَلَ عَنْ عُمُرِهِ فِيمَ أفنَاهُ؟ وَعَنْ عِلمِهِ فِيمَ فَعَلَ فِيهِ؟ وَعَنْ مَالِهِ مِنْ أَيْنَ اكْتَسَبَهُ؟ وَفِيمَ أنْفَقَهُ؟ وَعَنْ جِسْمِهِ فِيمَ أَبلاهُ؟». رواه الترمذي، (1) وَقالَ: «حديث حسن صحيح».   (1) أخرجه: الترمذي (2417). الحديث: 407 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 146 408 - وعن أَبي هريرة - رضي الله عنه - قَالَ: قرأ رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم: {يَوْمَئِذٍ تُحَدِّثُ أَخْبَارَهَا} [الزلزلة: 4] ثُمَّ قَالَ: «أَتَدْرونَ مَا أخْبَارهَا»؟ قالوا: الله وَرَسُولُهُ أعْلَمُ. قَالَ: «فإنَّ أَخْبَارَهَا أَنْ تَشْهَدَ عَلَى كُلّ عَبْدٍ أَوْ أَمَةٍ بما عَمِلَ عَلَى ظَهْرِهَا، تَقُولُ: عَمِلْتَ كَذَا وكَذَا في يَومِ كَذَا وكَذَا، فَهذِهِ أَخْبَارُهَا». رواه الترمذي، (1) وَقالَ: «حديث حسن صحيح».   (1) أخرجه: الترمذي (2429)، والنسائي في «الكبرى» (11693) وقال الترمذي عنه: «حديث حسن غريب صحيح» على أنَّ سند الحديث ضعيف. الحديث: 408 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 146 409 - وعن أَبي سعيد الخدري - رضي الله عنه - قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم: «كَيْفَ أَنْعَمُ! وَصَاحِبُ القَرْنِ قَدِ التَقَمَ القَرْنَ، وَاسْتَمَعَ الإذْنَ مَتَى يُؤمَرُ بالنَّفْخِ فَيَنْفُخُ»، فَكَأنَّ ذلِكَ ثَقُلَ عَلَى أصْحَابِ رسولِ الله - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ لَهُمْ: «قُولُوا: حَسْبُنَا الله وَنِعْمَ الوَكِيلُ». رواه الترمذي، (1) وَقالَ: «حديث حسنٌ». «القَرْنُ»: هُوَ الصُّورُ الَّذِي قَالَ الله تَعَالَى: {وَنُفِخَ في الصُّورِ} [الكهف: 99]، كذا فسَّره رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم.   (1) أخرجه: الترمذي (2431). الحديث: 409 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 146 410 - وعن أَبي هريرة - رضي الله عنه - قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم: «مَنْ خَافَ أَدْلَجَ، وَمَنْ أَدْلَجَ بَلَغَ المَنْزِلَ. ألاَ إنَّ سِلْعَةَ اللهِ غَالِيَةٌ، أَلاَ إِنَّ سِلْعَةَ الله الجَنَّةُ». رواه الترمذي، (1) وَقالَ: «حديث حسن». وَ «أدْلَجَ»: بإسكان الدال ومعناه سَار من أول الليلِ. والمراد التشمير في الطاعة، والله أعلم.   (1) أخرجه: الترمذي (2450) وقال: «حديث حسن غريب». الحديث: 410 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 146 411 - وعن عائشة رضي الله عنها، قَالَتْ: سَمِعْتُ رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: «يُحْشَرُ النَّاسُ يَوْمَ القِيَامَةِ حُفَاةً عُرَاةً غُرْلًا». قُلْتُ: يَا رَسُول الله، الرِّجَالُ وَالنِّساءُ جَمِيعًا يَنْظُرُ بَعضُهُمْ إِلَى بَعْض؟! قَالَ: «يَا عائِشَةُ، الأمرُ أَشَدُّ مِنْ أَنْ يُهِمَّهُمْ ذلِكَ». وفي رواية: «الأَمْرُ أَهمُّ مِنْ أَنْ يَنْظُرَ بَعضُهُمْ إِلَى بَعضٍ». مُتَّفَقٌ عَلَيهِ. (1) «غُرلًا» بِضَمِّ الغَينِ المعجمة، أيْ: غَيرَ مَختُونينَ.   (1) أخرجه: البخاري 8/ 136 (6527)، ومسلم 8/ 156 (2859) (56). الحديث: 411 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 147 51 - باب الرجاء قَالَ الله تَعَالَى: {قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللهِ إِنَّ اللهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ} [الزمر: 53]، وَقالَ تَعَالَى: {وَهَلْ نُجَازِي إِلاَّ الْكَفُور} [سبأ: 17]، وَقالَ تَعَالَى: {إِنَّا قَدْ أُوحِيَ إِلَيْنَا أَنَّ الْعَذَابَ عَلَى مَنْ كَذَّبَ وَتَوَلَّى} [طه: 48]، وَقالَ تَعَالَى: {وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ} [الأعراف: 156]. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 147 412 - وعن عبادة بن الصامتِ - رضي الله عنه - قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم: «مَنْ شَهِدَ أنَّ لاَ إلهَ إلاَّ اللهُ وَحْدَهُ لا شَرِيكَ لَهُ، وَأَنَّ مُحَمدًا عَبْدهُ ورَسُولُهُ، وَأنَّ عِيسى عَبْدُ اللهِ وَرَسُولُهُ وَكَلِمَتُهُ ألْقَاهَا إِلَى مَرْيَمَ ورُوحٌ مِنْهُ، وَأنَّ الجَنَّةَ حَقٌّ، وَالنَّارَ حَقٌّ، أدْخَلَهُ اللهُ الجَنَّةَ عَلَى مَا كَانَ مِنَ العَمَلِ». مُتَّفَقٌ عَلَيهِ. (1) وفي رواية لمسلم: «مَنْ شَهِدَ أَنْ لا إلَهَ إلاَّ اللهُ وَأنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللهِ، حَرَّمَ اللهُ عَلَيهِ النَّارَ».   (1) أخرجه: البخاري 4/ 201 (3435)، ومسلم 1/ 42 (28) (46) و (29) (47). الحديث: 412 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 147 413 - وعن أَبي ذر - رضي الله عنه - قَالَ: قَالَ النَّبيّ - صلى الله عليه وسلم: «يقول الله - عز وجل: مَنْ جَاء بالحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أمْثَالِهَا أَوْ أزْيَد، وَمَنْ جَاءَ بالسَيِّئَةِ فَجَزاءُ سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِثْلُهَا أَوْ أغْفِرُ. وَمَنْ تَقَرَّبَ مِنِّي شِبْرًا تَقَرَّبْتُ مِنْهُ ذِرَاعًا، وَمَنْ تَقَرَّبَ مِنِّي ذِرَاعًا تَقَرَّبْتُ مِنْهُ بَاعًا، وَمَنْ أتَانِي يَمْشِي أتَيْتُهُ هَرْوَلَةً، وَمَنْ لَقِيني بِقُرَابِ الأرْض خَطِيئةً لا يُشْرِكُ بِي شَيئًا، لَقِيتُهُ بِمِثْلِهَا مَغفِرَةً». رواه مسلم. (1) [ص: 148] معنى الحديث: «مَنْ تَقَرَّبَ» إلَيَّ بطَاعَتِي «تَقَرَّبْتُ» إِلَيْهِ بِرَحْمَتِي وَإنْ زَادَ زِدْتُ «فَإنْ أتَاني يَمْشِي» وَأسرَعَ في طَاعَتي «أتَيْتُهُ هَرْوَلَةً» أيْ: صَبَبْتُ عَلَيهِ الرَّحْمَةَ وَسَبَقْتُهُ بِهَا وَلَمْ أحْوِجْهُ إِلَى المَشْيِ الكَثِيرِ في الوُصُولِ إِلَى المَقْصُودِ «وقُرَابُ الأَرضِ» بضم القافِ، ويقال: بكسرها والضم أصح وأشهر ومعناه: مَا يُقَارِبُ مِلأَهَا، والله أعلم.   (1) أخرجه: مسلم 8/ 67 (2687) (22). الحديث: 413 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 147 414 - وعن جابر - رضي الله عنه - قَالَ: جاء أعرابي إِلَى النَّبيّ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ: يَا رَسُول الله، مَا الموجِبَتَانِ (1)؟ قَالَ: «مَنْ مَاتَ لاَ يُشْرِكُ بالله شَيئًا دَخَلَ الجَنَّةَ، وَمَنْ مَاتَ يُشْرِكُ بِهِ شَيْئًا دَخَلَ النَّار». رواه مسلم. (2)   (1) قال النووي في شرح صحيح مسلم 1/ 299 عقيب (94): «معناه الخصلة الموجبة للجنة، والخصلة الموجبة للنار». (2) أخرجه: مسلم 1/ 65 (93) (151). الحديث: 414 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 148 415 - وعن أنس - رضي الله عنه: أن النَّبيّ - صلى الله عليه وسلم - ومعاذ رديفه عَلَى الرَّحْل، قَالَ: «يَا مُعَاذُ» قَالَ: لَبِّيْكَ يَا رَسُول الله وَسَعْدَيْكَ، قَالَ: «يَا مُعَاذُ» قَالَ: لَبَّيْكَ يَا رَسُول الله وَسَعْدَيْكَ، قَالَ: «يَا مُعَاذُ» قَالَ: لَبِّيْكَ يَا رَسُول الله وسَعْدَيْكَ، ثَلاثًا، قَالَ: «مَا مِنْ عَبْدٍ يَشْهَدُ أن لا إلهَ إلاَّ الله، وَأنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ صِدْقًا مِنْ قَلْبِهِ إلاَّ حَرَّمَهُ الله عَلَى النَّار» قَالَ: يَا رَسُول الله، أفَلاَ أخْبِرُ بِهَا النَّاس فَيَسْتَبْشِروا؟ قَالَ: «إِذًا يَتَّكِلُوا» فأخبر بِهَا مُعاذٌ عِنْدَ موتِه تَأثُّمًا. مُتَّفَقٌ عَلَيهِ. (1) وقوله: «تأثُّمًا» أي خوفًا مِنْ الإثم في كَتْم هَذَا العلم.   (1) أخرجه: البخاري 1/ 44 (128)، ومسلم 1/ 45 (32) (53). الحديث: 415 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 148 416 - وعن أَبي هريرة - أَوْ أَبي سعيد الخدري - رضي الله عنهما - شك الراوي - ولا يَضُرُّ الشَّكُّ في عَين الصَّحَابيّ؛ لأنَّهُمْ كُلُّهُمْ عُدُولٌ - قَالَ: لَمَّا كَانَ غَزوَةُ تَبُوكَ، أصَابَ النَّاسَ مَجَاعَةٌ، فقالوا: يَا رَسُول الله، لَوْ أَذِنْتَ لَنَا فَنَحرْنَا نَواضِحَنَا (1) فَأكَلْنَا وَادَّهَنَّا (2)؟ فَقَالَ رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم: «افْعَلُوا» فَجاء عُمَرُ - رضي الله عنه - فَقَالَ: يَا رَسُول الله، إنْ فَعَلْتَ قَلَّ الظَّهْرُ، [ص: 149] وَلَكِن ادعُهُمْ بفَضلِ أزْوَادِهِمْ، ثُمَّ ادعُ الله لَهُمْ عَلَيْهَا بِالبَرَكَةِ، لَعَلَّ الله أَنْ يَجْعَلَ في ذلِكَ البَرَكَةَ. فَقَالَ رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم: «نَعَمْ» فَدَعَا بِنَطْع فَبَسَطَهُ، ثُمَّ دَعَا بِفضلِ أزْوَادِهِمْ، فَجَعَلَ الرَّجُلُ يَجيءُ بكَفّ ذُرَة وَيَجيءُ بِكَفّ تمر وَيجيءُ الآخرُ بِكِسرَة حَتَّى اجْتَمَعَ عَلَى النّطعِ مِنْ ذلِكَ شَيء يَسيرٌ، فَدَعَا رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم - بِالبَرَكَةِ، ثُمَّ قَالَ: «خُذُوا في أوعِيَتِكُمْ» فَأَخَذُوا في أَوْعِيَتهم حَتَّى مَا تَرَكُوا في العَسْكَرِ وِعَاء إلاَّ مَلأوهُ وَأَكَلُوا حَتَّى شَبعُوا وَفَضَلَ فَضْلَةٌ فَقَالَ رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم: «أشْهَدُ أَنْ لا إلهَ إلاَّ اللهُ وَأنّي رَسُولُ الله، لا يَلْقَى الله بِهِما عَبْدٌ غَيْرَ شَاكٍّ فَيُحْجَبَ عَنِ الجَنَّةِ». رواه مسلم. (3)   (1) قال النووي في شرح صحيح مسلم 1/ 204 (33): «أي الإبل التي يسقى عليها». (2) قال النووي في شرح صحيح مسلم 1/ 204 (33): «ليس مقصوده ما هو معروف من الأدهان وإنما معناه: اتخذنا دهنًا من شحومها». (3) أخرجه: مسلم 1/ 42 (27) (45). الحديث: 416 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 148 417 - وعن عِتْبَانَ بن مالك - رضي الله عنه - وَهُوَ مِمَّن شَهِدَ بَدرًا، قَالَ: كنت أُصَلِّي لِقَوْمِي بَني سَالِم، وَكَانَ يَحُولُ بَيْنِي وبَيْنَهُمْ وَادٍ إِذَا جَاءتِ الأَمْطَار، فَيَشُقُّ عَلَيَّ اجْتِيَازُهُ قِبَلَ مَسْجِدِهم، فَجِئتُ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - فقلت لَهُ: إنّي أَنْكَرْتُ بَصَرِي وَإنَّ الوَادِي الَّذِي بَيْنِي وبَيْنَ قَومِي يَسيلُ إِذَا جَاءتِ الأمْطَارُ فَيَشُقُّ عَلَيَّ اجْتِيَازُهُ فَوَدِدْتُ أنَّكَ تَأتِي فَتُصَلِّي في بَيْتِي مَكَانًا أتَّخِذُهُ مُصَلّى، فَقَالَ رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم: «سَأفْعَلُ» فَغَدَا رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - وَأَبُو بكر - رضي الله عنه - بَعْدَ مَا اشْتَدَّ النَّهَارُ، وَاسْتَأذَنَ رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم - فَأذِنْتُ لَهُ، فَلَمْ يَجْلِسْ حَتَّى قَالَ: «أيْنَ تُحِبُّ أَنْ أُصَلِّيَ مِنْ بَيْتِكَ؟» فَأشَرْتُ لَهُ إِلَى المَكَانِ الَّذِي أُحبُّ أَنْ يُصَلِّيَ فِيهِ، فَقَامَ رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم - فَكَبَّرَ وَصَفَفْنَا وَرَاءَهُ فَصَلَّى رَكعَتَينِ ثُمَّ سَلَّمَ وَسَلَّمْنَا حِينَ سَلَّمَ فَحَبَسْتُهُ عَلَى خَزيرَةٍ تُصْنَعُ لَهُ، فَسَمِعَ أهلُ الدَّارِ أنَّ رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم - في بَيْتِي فَثَابَ رِجالٌ مِنْهُمْ حَتَّى كَثُرَ الرِّجَالُ في البَيْتِ، فَقَالَ رَجُلٌ: مَا فَعَلَ مَالِكٌ لا أرَاهُ! فَقَالَ رَجُلٌ: ذلِكَ مُنَافِقٌ لا يُحِبُّ الله ورسولَهُ، فَقَالَ رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم: «لا تَقُلْ ذلِكَ، ألاَ تَرَاهُ قَالَ: لا إلهَ إلاَّ الله يَبْتَغي بذَلِكَ وَجهَ الله تَعَالَى» فَقَالَ: اللهُ ورسُولُهُ أعْلَمُ أمَّا نَحْنُ فَوَاللهِ مَا نَرَى وُدَّهُ وَلاَ حَدِيثَهُ إلاَّ إِلَى المُنَافِقينَ! فَقَالَ رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم: «فإنَّ الله قَدْ حَرَّمَ عَلَى النَّارِ مَنْ قَالَ: لا إلهَ إلاَّ الله يَبْتَغِي بذَلِكَ وَجْهَ الله». مُتَّفَقٌ عَلَيهِ. (1) وَ «عِتْبَان»: بكسر العين المهملة وإسكان التاءِ المثناةِ فَوق وبعدها باءٌ موحدة. وَ «الخَزِيرَةُ» بالخاءِ المعجمةِ والزاي: هِيَ دَقيقٌ يُطْبَخُ بِشَحم. وقوله: «ثَابَ رِجَالٌ» بِالثاءِ المثلثةِ: أيْ جَاؤُوا وَاجْتَمَعُوا.   (1) أخرجه: البخاري 1/ 115 (425)، ومسلم 2/ 126 (33) (263). الحديث: 417 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 149 418 - وعن عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - قَالَ: قدِم رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم - بسَبْيٍ فَإِذَا امْرَأةٌ مِنَ السَّبْيِ تَسْعَى، إِذْ وَجَدَتْ صَبيًا في السَّبْيِ أخَذَتْهُ فَألْزَقَتهُ بِبَطْنِهَا فَأَرضَعَتْهُ، فَقَالَ رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم: «أتَرَوْنَ هذِهِ المَرْأةَ طَارِحَةً وَلَدَها في النَّارِ؟» قُلْنَا: لاَ وَاللهِ. فَقَالَ: «للهُ أرْحَمُ بِعِبَادِهِ مِنْ هذِهِ بِوَلَدِهَا». مُتَّفَقٌ عَلَيهِ. (1)   (1) أخرجه: البخاري 8/ 9 (5999)، ومسلم 8/ 97 (2754) (22). الحديث: 418 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 150 419 - وعن أَبي هريرة - رضي الله عنه - قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم: «لَمَّا خَلَقَ الله الخَلْقَ كَتَبَ في كِتَابٍ، فَهُوَ عِنْدَهُ فَوقَ العَرْشِ: إنَّ رَحْمَتِي تَغْلِبُ غَضَبي». وفي رواية: «غَلَبَتْ غَضَبي» وفي رواية: «سَبَقَتْ غَضَبي». مُتَّفَقٌ عَلَيهِ. (1)   (1) أخرجه: البخاري 4/ 129 (3194) و9/ 147 (7404) و9/ 153 (7422)، ومسلم 8/ 95 (2751) (14) و (15). الحديث: 419 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 150 420 - وعنه، قَالَ: سَمِعْتُ رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: «جَعَلَ الله الرَّحْمَةَ مِائَةَ جُزْءٍ، فَأمْسَكَ عِنْدَهُ تِسْعَةً وَتِسْعِينَ، وَأنْزَلَ في الأرْضِ جُزْءًا وَاحِدًا، فَمِنْ ذلِكَ الجُزءِ يَتَرَاحَمُ الخَلائِقُ، حَتَّى تَرْفَعَ الدَّابّةُ حَافِرهَا عَنْ وَلَدِهَا خَشْيَةَ أَنْ تُصِيبَهُ». وفي رواية: «إنّ للهِ تَعَالَى مئَةَ رَحمَةٍ، أنْزَلَ مِنْهَا رَحْمَةً وَاحِدَةً بَيْنَ الجنِّ وَالإنس وَالبهائِمِ وَالهَوامّ، فبها يَتَعاطَفُونَ، وبِهَا يَتَرَاحَمُونَ، وبِهَا تَعْطِفُ الوَحْشُ عَلَى وَلَدِهَا، وَأخَّرَ اللهُ تَعَالَى تِسْعًا وَتِسْعينَ رَحْمَةً يرْحَمُ بِهَا عِبَادَهُ يَوْمَ القِيَامَة». مُتَّفَقٌ عَلَيهِ. (1) ورواه مسلم أيضًا مِنْ رواية سَلْمَانَ الفارِسيِّ - رضي الله عنه - قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم: «إنَّ للهِ تَعَالَى مِئَة رَحْمَةٍ فَمِنْهَا رَحْمَةٌ يَتَرَاحمُ بِهَا الخَلْقُ بَيْنَهُمْ، وَتِسْعٌ وَتِسعُونَ لِيَومِ القِيَامَةِ». وفي رواية: «إنَّ الله تَعَالَى خَلَقَ يَوْمَ خَلَقَ السَّمَاواتِ وَالأَرْضَ مَئَةَ رَحْمَةٍ كُلُّ رَحْمَةٍ طِبَاقُ مَا بَيْنَ السَّماءِ إِلَى الأرْضِ، فَجَعَلَ مِنْهَا في الأرضِ رَحْمَةً فَبِهَا تَعْطفُ الوَالِدَةُ عَلَى وَلَدِهَا، وَالوَحْشُ وَالطَّيْرُ بَعْضُهَا عَلَى بَعْض، فَإذا كَانَ يَوْمُ القِيَامَةِ أكملَهَا بِهذِهِ الرَّحمَةِ».   (1) أخرجه: البخاري 8/ 9 (6000)، ومسلم 8/ 96 (2752) (17) و (19) و (2753) (20) و (21) الحديث: 420 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 150 421 - وعنه، عن النَّبيّ - صلى الله عليه وسلم - فيما يحكِي عن ربهِ تبارك وتعالى، قَالَ: «أذْنَبَ عَبْدٌ ذَنْبًا، فَقَالَ: اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِي ذَنْبِي، فَقَالَ الله تَبَاركَ وَتَعَالَى: أذنَبَ عبدي ذَنبًا، فَعَلِمَ [ص: 151] أنَّ لَهُ رَبًّا يَغْفِرُ الذَّنْبَ، وَيَأْخُذُ بالذَّنْبِ، ثُمَّ عَادَ فَأذْنَبَ، فَقَالَ: أيْ رَبِّ اغْفِرْ لِي ذَنْبي، فَقَالَ تبارك وتعالى: أذنَبَ عَبدِي ذَنبًا، فَعَلِمَ أنَّ لَهُ رَبًّا، يَغْفِرُ الذَّنْبَ، وَيَأْخُذُ بالذَّنْبِ، قَدْ غَفَرْتُ لِعَبْدِي فَلْيَفْعَلْ مَا شَاءَ». مُتَّفَقٌ عَلَيهِ. (1) وقوله تَعَالَى: «فَلْيَفْعَلْ مَا شَاءَ» أيْ: مَا دَامَ يَفْعَلُ هكذا، يُذْنِبُ وَيَتُوبُ أغفِرُ لَهُ، فَإنَّ التَّوْبَةَ تَهْدِمُ مَا قَبْلَهَا.   (1) أخرجه: البخاري 9/ 178 (7507)، ومسلم 8/ 99 (2758) (29). الحديث: 421 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 150 422 - وعنه، قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم: «والَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ، لَوْ لَمْ تُذْنِبُوا، لَذَهَبَ الله بِكُمْ، وَجَاءَ بِقَومٍ يُذْنِبُونَ، فَيَسْتَغْفِرُونَ الله تَعَالَى، فَيَغْفِرُ لَهُمْ». رواه مسلم. (1)   (1) أخرجه: مسلم 8/ 94 (2749) (11). الحديث: 422 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 151 423 - وعن أَبي أيوب خالد بن زيد - رضي الله عنه - قَالَ: سَمِعْتُ رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: «لَوْلاَ أنَّكُمْ تُذْنِبُونَ، لَخَلَقَ الله خَلْقًا يُذْنِبُونَ، فَيَسْتَغْفِرونَ، فَيَغْفِرُ لَهُمْ». رواه مسلم. (1)   (1) أخرجه: مسلم 8/ 94 (2748) (9). الحديث: 423 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 151 424 - وعن أَبي هريرة - رضي الله عنه - قَالَ: كُنَّا قُعُودًا مَعَ رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم - مَعَنَا أَبُو بَكْرٍ وَعُمْرُ رضي الله عنهما، في نَفَرٍ فَقَامَ رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم - مِنْ بَيْنِ أظْهُرِنَا، فَأبْطَأَ عَلَيْنَا فَخَشِينَا أَنْ يُقتطَعَ دُونَنَا، فَفَزِعْنَا فَقُمْنَا فَكُنْتُ أوَّلَ مَنْ فَزِعَ فَخَرَجْتُ أبْتَغِي رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - حَتَّى أتَيْتُ حَائِطًا لِلأَنْصَارِ ... وَذَكَرَ الحَدِيثَ بِطُولِهِ إِلَى قوله: فَقَالَ رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم: «اذهَبْ فَمَن لَقِيتَ وَرَاءَ هَذَا الحَائِطِ يَشْهَدُ أَنْ لا إله إلاَّ الله، مُسْتَيقِنًا بِهَا قَلبُهُ فَبَشِّرْهُ بِالجَنَّةِ». رواه مسلم. (1)   (1) أخرجه: مسلم 1/ 44 (31) (52). الحديث: 424 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 151 425 - وعن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما: أنَّ النَّبيّ - صلى الله عليه وسلم - تَلاَ قَولَ الله - عز وجل - في إبراهيم - صلى الله عليه وسلم: {رَبِّ إِنَّهُنَّ أَضْلَلْنَ كَثِيرًا مِنَ النَّاسِ فَمَنْ تَبِعَنِي فَإِنَّهُ مِنِّي} [إبراهيم: 36] الآية، وقَولَ عِيسَى - صلى الله عليه وسلم: {إِنْ تُعَذِّبْهُمْ فَإِنَّهُمْ عِبَادُكَ وَإِنْ تَغْفِرْ لَهُمْ فَإِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ} [المائدة: 118] فَرَفَعَ يَدَيهِ وَقالَ: «اللَّهُمَّ أُمّتي أُمّتي» وبَكَى، فَقَالَ الله - عز وجل: «يَا جِبْريلُ، اذْهَبْ إِلَى مُحَمَّدٍ -وَرَبُّكَ أعْلَمُ - فَسَلْهُ مَا يُبْكِيهِ؟» فَأتَاهُ جبريلُ، فَأخْبَرَهُ رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - بِمَا قَالَ - وَهُوَ أعْلَمُ - فَقَالَ اللهُ تَعَالَى: «يَا جِبريلُ، اذْهَبْ إِلَى مُحَمّدٍ، فَقُلْ: إنَّا سَنُرْضِيكَ في أُمّتِكَ وَلاَ نَسُوءكَ». رواه مسلم. (1)   (1) أخرجه: مسلم 1/ 132 (202) (346). الحديث: 425 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 151 426 - وعن معاذ بن جبل - رضي الله عنه - قَالَ: كُنْتُ رِدْفَ النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم - عَلَى حِمَارٍ، فَقَالَ: «يَا مُعَاذُ، هَلْ تَدْرِي مَا حَقُّ الله عَلَى عِبَادِهِ؟ وَمَا حَقُّ العِبَادِ عَلَى الله؟» قُلْتُ: اللهُ وَرَسُولُهُ أعْلَمُ. قَالَ: «فإنَّ حَقَّ اللهِ عَلَى العِبَادِ أَنْ يَعْبُدُوهُ، وَلاَ يُشْرِكُوا بِهِ شَيئًا، وَحَقَّ العِبَادِ عَلَى اللهِ أَنْ لاَ يُعَذِّبَ مَنْ لا يُشْرِكُ بِهِ شَيئًا» فقلتُ: يَا رَسُول الله، أفَلا أُبَشِّرُ النَّاسَ؟ قَالَ: «لاَ تُبَشِّرْهُمْ فَيَتَّكِلُوا». مُتَّفَقٌ عَلَيهِ. (1)   (1) أخرجه: البخاري 4/ 35 (2856)، ومسلم 1/ 43 (30) (49). الحديث: 426 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 152 427 - وعن البراءِ بن عازب رضي الله عنهما، عن النَّبيّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: «المُسْلِمُ إِذَا سُئِلَ في القَبْرِ يَشْهَدُ أَنْ لاَ إلَهَ إلاَّ الله، وَأنّ مُحَمّدًا رَسُول الله، فذلك قوله تَعَالَى: {يُثَبِّتُ اللهُ الَّذِينَ آمَنُوا بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الآخِرَة} [إبراهيم: 27]». مُتَّفَقٌ عَلَيهِ. (1)   (1) أخرجه: البخاري 6/ 100 (4699)، ومسلم 8/ 162 (2871) (73). الحديث: 427 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 152 428 - وعن أنس - رضي الله عنه - عن رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: «إنّ الكَافِرَ إِذَا عَمِلَ حَسَنَةً، أُطعِمَ بِهَا طُعْمَةً مِنَ الدُّنْيَا، وَأَمَّا المُؤْمِنُ فَإنَّ الله تَعَالَى يَدَّخِرُ لَهُ حَسَنَاتِهِ في الآخِرَةِ، وَيُعْقِبُهُ رِزْقًا في الدُّنْيَا عَلَى طَاعَتِهِ». وفي رواية: «إنَّ الله لاَ يَظْلِمُ مُؤْمِنًا حَسنَةً يُعْطَى بِهَا في الدُّنْيَا، وَيُجْزَى بِهَا في الآخِرَةِ. وَأَمَّا الكَافِرُ فَيُطْعَمُ بِحَسَنَاتِ مَا عَمِلَ للهِ تَعَالَى في الدُّنْيَا، حَتَّى إِذَا أفْضَى إِلَى الآخرَةِ، لَمْ يَكُنْ لَهُ حَسَنَةٌ يُجْزَى بِهَا». رواه مسلم. (1)   (1) أخرجه: مسلم 8/ 135 (2808) (56) و (57). الحديث: 428 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 152 429 - وعن جابر - رضي الله عنه - قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم: «مَثَلُ الصَّلَوَاتِ الخَمْسِ كَمَثَلِ نَهْرٍ جَارٍ غَمْرٍ عَلَى بَابِ أحَدِكُمْ يَغْتَسِلُ مِنْهُ كُلَّ يَوْم خَمْسَ مَرَّات». رواه مسلم. (1) «الغَمْرُ»: الكَثِيرُ.   (1) أخرجه: مسلم 2/ 132 (668) (284). الحديث: 429 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 152 430 - وعن ابن عباس رضي الله عنهما، قَالَ: سَمِعْتُ رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: «مَا مِنْ رَجُلٍ مُسْلِمٍ يَمُوتُ، فَيقُومُ عَلَى جَنَازَتهِ أرْبَعونَ رَجُلًا لاَ يُشْرِكُونَ بِاللهِ شَيئًا، إلاَّ شَفَّعَهُمُ اللهُ فِيهِ». رواه مسلم. (1)   (1) أخرجه: مسلم 3/ 53 (948) (59). الحديث: 430 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 152 431 - وعن ابن مسعود - رضي الله عنه - قَالَ: كُنَّا مَعَ رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم - في قُبَّة (1) نَحْوًا مِنْ أربَعِينَ، فَقَالَ: «أَتَرْضَونَ أَنْ تَكُونُوا رُبُعَ أَهْلِ الجَنَّةِ؟» قُلْنَا: نَعَمْ. قَالَ: «أتَرْضَوْنَ أَنْ تَكُونُوا ثُلُثَ أهلِ الجَنَّةِ؟» قُلْنَا: نَعَمْ، قَالَ: «وَالَّذِي نَفْسُ مُحَمّدٍ بيَدِهِ، إنِّي لأَرْجُو أَنْ تَكُونُوا نِصْفَ أهْلِ الجَنَّةِ وذلك أنَّ الجنَّةَ لاَ يَدْخُلُهَا إلاَّ نَفْسٌ مُسْلِمَةٌ، ومَا أنْتُم في أهْلِ الشِّركِ إلاَّ كَالشَّعْرَةِ البَيْضَاءِ في جلدِ الثَّورِ الأَسْوَدِ، أَوْ كَالشَّعْرَةِ السَّودَاءِ في جلدِ الثَّورِ الأحْمَر». مُتَّفَقٌ عَلَيهِ. (2)   (1) أي بيت صغير مستدير وهو من بيوت العرب. النهاية 4/ 3. (2) أخرجه: البخاري 8/ 136 (6528)، ومسلم 1/ 138 (221) (377). الحديث: 431 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 153 432 - وعن أَبي موسى الأشعري - رضي الله عنه - قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم: «إِذَا كَانَ يَوْمُ القِيَامَةِ دَفَعَ اللهُ إِلَى كُلِّ مُسْلِم يَهُوديًا أَوْ نَصْرانِيًا، فَيَقُولُ: هَذَا فِكَاكُكَ مِنَ النَّارِ». وفي رواية عَنْهُ، عن النَّبيّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: «يَجِيءُ يَوْمَ القِيَامَةِ نَاسٌ مِنَ المُسْلِمينَ بِذُنُوبٍ أَمْثَال الجِبَالِ يَغْفِرُهَا الله لَهُمْ». رواه مسلم (1). قوله: «دَفَعَ إِلَى كُلِّ مُسْلِم يَهُوديًّا أَوْ نَصْرَانِيًّا، فَيَقُولُ: هَذَا فِكَاكُكَ مِن النَّارِ» مَعنَاهُ مَا جَاءَ في حديث أَبي هريرة - رضي الله عنه: «لِكُلِّ أَحَدٍ مَنْزلٌ في الجَنَّةِ، وَمَنْزِلٌ في النَّارِ، فَالمُؤْمِنُ إِذَا دَخَلَ الجَنَّةَ خَلَفَهُ الكَافِرُ في النَّارِ؛ لأنَّهُ مُسْتَحِقٌّ لِذَلِكَ بِكفْرِهِ» ومعنى «فِكَاكُكَ»: أنَّكَ كُنْتَ معْرَّضًا لِدُخُولِ النَّارِ، وَهَذَا فِكَاكُكَ؛ لأنَّ الله تَعَالَى، قَدَّرَ للنَّارِ عَدَدًا يَمْلَؤُهَا، فَإذَا دَخَلَهَا الكُفَّارُ بِذُنُوبِهِمْ وَكُفْرِهِمْ، صَارُوا في مَعنَى الفِكَاك للمُسْلِمِينَ، والله أعلم.   (1) أخرجه: مسلم 8/ 104 (2767) (49) و (51). الحديث: 432 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 153 433 - وعن ابن عمر رضي الله عنهما، قَالَ: سَمِعْتُ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: «يُدْنَى المُؤْمِنُ يَوْمَ القِيَامَة مِنْ رَبِّهِ حَتَّى يَضَعَ كَنَفَهُ عَلَيهِ، فَيُقَرِّرُهُ بذُنُوبِهِ، فيقولُ: أتعرِفُ ذَنْبَ كَذَا؟ أَتَعرفُ ذَنْبَ كَذَا؟ فيقول: رَبِّ أَعْرِفُ، قَالَ: فَإِنِّي قَدْ سَتَرْتُهَا عَلَيْكَ في الدُّنْيا، وَأَنَا أَغْفِرُهَا لَكَ اليَومَ، فَيُعْطَى صَحيفَةَ حَسَنَاتِهِ». مُتَّفَقٌ عَلَيهِ. (1) «كَنَفَهُ»: سَتْرُهُ وَرَحْمَتُهُ.   (1) أخرجه: البخاري 6/ 93 (4685)، ومسلم 8/ 105 (2768) (52). الحديث: 433 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 153 434 - وعن ابن مسعود - رضي الله عنه: أنَّ رَجُلًا أصَابَ مِن امْرَأة قُبْلَةً، فَأتَى النَّبيَّ - صلى الله عليه وسلم - فَأخْبَرَهُ، فَأنْزَلَ الله تَعَالَى: {وَأَقِمِ الصَّلاةَ طَرَفَيِ النَّهَارِ وَزُلَفًا مِنَ اللَّيْلِ إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَات} [هود: 114] فَقَالَ الرجل: أَليَ هَذَا يَا رَسُول الله؟ قَالَ: «لجميعِ أُمَّتِي كُلِّهِمْ». مُتَّفَقٌ عَلَيهِ. (1)   (1) أخرجه: البخاري 1/ 140 (526)، ومسلم 8/ 101 (2763) (39). الحديث: 434 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 154 435 - وعن أنس - رضي الله عنه - قَالَ: جاء رجل إِلَى النَّبيّ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ: يَا رَسُول الله، أَصَبْتُ حَدًّا، فَأَقِمْهُ عَلَيَّ، وَحَضَرَتِ الصَّلاةُ، فَصَلَّى مَعَ رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم - فَلَمَّا قَضَى الصَّلاةَ، قَالَ: يَا رَسُول الله، إنِّي أصَبْتُ حَدًّا فَأقِمْ فيَّ كِتَابَ الله. قَالَ: «هَلْ حَضَرْتَ مَعَنَا الصَّلاةَ»؟ قَالَ: نَعَمْ. قَالَ: «قَدْ غُفِرَ لَكَ». مُتَّفَقٌ عَلَيهِ. (1) وقوله: «أصَبْتُ حَدًّا» مَعنَاهُ: مَعْصِيَةً تُوجِبُ التَّعْزيرَ، وَلَيْسَ المُرَادُ الحدّ الشَّرعيَّ الحَقِيقيَّ كَحَدِّ الزِّنَا وَالخمر وَغَيرِهِمَا، فإنَّ هذِهِ الحُدودَ لا تَسْقُطُ بالصَّلاةِ، وَلاَ يَجُوزُ للإمَامِ تَرْكُهَا.   (1) أخرجه: البخاري 8/ 206 (6823)، ومسلم 8/ 102 (2764) (44). الحديث: 435 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 154 436 - وعنه، قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم: «إنَّ اللهَ لَيرْضَى عَنِ العَبْدِ أَنْ يَأْكُلَ الأَكْلَةَ، فَيَحْمَدُهُ عَلَيْهَا، أَوْ يَشْرَبَ الشَّرْبَةَ، فَيَحْمَدُهُ عَلَيْهَا». رواه مسلم. (1) «الأَكْلَة»: بفتح الهمزة وهي المرةُ الواحدةُ مِنَ الأكلِ كَالغَدوَةِ وَالعَشْوَةِ، والله أعلم.   (1) انظر الحديث (140). الحديث: 436 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 154 437 - وعن أَبي موسى - رضي الله عنه - عن النَّبيّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: «إنَّ اللهَ تَعَالَى يَبْسُطُ يَدَهُ بِاللَّيلِ ليَتُوبَ مُسِيءُ النَّهَارِ، وَيَبْسُطُ يَدَهُ بالنَّهَارِ لِيَتُوبَ مُسِيءُ اللَّيلِ، حَتَّى تَطلُعَ الشَّمْسُ مِنْ مَغْرِبِهَا». رواه مسلم. (1)   (1) انظر الحديث (16). الحديث: 437 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 154 438 - وعن أَبي نجيح عمرو بن عَبَسَة - بفتح العين والباءِ - السُّلَمِيِّ - رضي الله عنه - قَالَ: كُنْتُ وَأَنَا في الجاهِلِيَّةِ أَظُنُّ أَنَّ النَّاسَ عَلَى ضَلاَلَةٍ، وَأَنَّهُمْ لَيْسُوا عَلَى شَيْءٍ، وَهُمْ يَعْبُدُونَ الأَوْثَانَ، فَسَمِعْتُ بِرَجُلٍ بِمَكَّةَ يُخْبِرُ أَخْبَارًا، فَقَعَدْتُ عَلَى رَاحِلَتِي، فَقَدِمْتُ عَلَيهِ، فإِذَا رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - مُسْتَخْفِيًا، جُرَآءُ عَلَيهِ قَومُهُ، فَتَلَطَّفْتُ حَتَّى دَخَلْتُ عَلَيهِ الحديث: 438 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 154 بِمَكَّةَ، فَقُلْتُ لَهُ: مَا أَنْتَ؟ قَالَ: «أَنَا نَبيٌّ» قُلْتُ: وَمَا نَبِيٌّ؟ قَالَ: «أَرْسَلَنِي اللهُ» قُلْتُ: وَبِأَيِّ شَيْء أَرْسَلَكَ؟ قَالَ: «أَرْسَلَنِي بِصِلَةِ الأَرْحَامِ، وَكَسْرِ الأَوْثَانِ، وَأَنْ يُوَحَّدَ اللهُ لاَ يُشْرَكُ بِهِ شَيْءٌ»، قُلْتُ: فَمَنْ مَعَكَ عَلَى هَذَا؟ قَالَ: «حُرٌّ وَعَبْدٌ»، ومعه يَوْمَئذٍ أَبُو بكرٍ وبلالٌ - رضي الله عنهما، قُلْتُ: إِنّي مُتَّبِعُكَ، قَالَ: «إنَّكَ لَنْ تَسْتَطيعَ ذلِكَ يَومَكَ هَذَا، أَلاَ تَرَى حَالي وحالَ النَّاسِ؟ وَلَكِنِ ارْجعْ إِلَى أَهْلِكَ، فَإِذَا سَمِعْتَ بِي قَدْ ظَهرْتُ فَأْتِنِي». قَالَ: فَذَهَبْتُ إِلَى أَهْلِي، وقَدِمَ رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم - المَدِينَةَ حَتَّى قَدِمَ نَفَرٌ مِنْ أَهْلِي المَدِينَةَ، فقُلتُ: مَا فَعَلَ هَذَا الرَّجُلُ الَّذِي قَدِمَ المَدِينَةَ؟ فقالوا: النَّاسُ إِلَيهِ سِرَاعٌ، وَقَدْ أَرادَ قَومُهُ قَتْلَهُ، فَلَمْ يَسْتَطِيعُوا ذلِكَ، فقَدِمْتُ المدينَةَ، فَدَخَلْتُ عَلَيهِ، فقُلتُ: يَا رَسُول الله أَتَعْرِفُني؟ قَالَ: «نَعَمْ، أَنْتَ الَّذِي لَقَيْتَنِي بمكَّةَ» قَالَ: فقلتُ: يَا رَسُول الله، أَخْبِرنِي عَمَّا عَلَّمَكَ اللهُ وأَجْهَلُهُ، أَخْبِرْنِي عَنِ الصَّلاَةِ؟ قَالَ: «صَلِّ صَلاَةَ الصُّبْحِ، ثُمَّ اقْصُرْ عَنِ الصَّلاَةِ حَتَّى تَرْتَفِعَ الشَّمْسُ قِيدَ رُمْحٍ، فَإنَّهَا تَطْلُعُ حِينَ تَطلُعُ بَيْنَ قَرْنَيْ شَيطَان، وَحينَئذٍ يَسجُدُ لَهَا الكُفَّارُ، ثُمَّ صَلِّ فَإِنَّ الصَلاَةَ مَشْهُودَةٌ (1) مَحْضُورةٌ حَتَّى يَسْتَقِلَّ الظِّلُّ بالرُّمْحِ، ثُمَّ اقْصُرْ عَنِ الصَّلاةِ، فَإنَّهُ حينئذ تُسْجَرُ (2) جَهَنَّمُ، فإذَا أَقْبَلَ الفَيْءُ فَصَلِّ، فَإِنَّ الصَّلاةَ مَشْهُودَةٌ مَحضُورَةٌ حَتَّى تُصَلِّي العصرَ، ثُمَّ اقْصرْ عَنِ الصَّلاةِ حَتَّى تَغْرُبَ الشَّمْسُ، فإِنَّهَا تَغْرُبُ بينَ قَرْنَيْ شَيطانٍ، وَحِينَئذٍ يَسْجُدُ لَهَا الكُفّارُ» قَالَ: فقلتُ: يَا نَبيَّ الله، فالوضوءُ حدثني عَنْهُ؟ فَقَالَ: «مَا مِنْكُمْ رَجُلٌ يُقَرِّبُ وَضُوءهُ، فَيَتَمَضْمَضُ وَيسْتَنْشِقُ فَيَسْتَنْثِرُ، إلاَّ خَرَّتْ خَطَايَا وَجْهِهِ مِنْ أَطْرَافِ لِحْيَتِهِ مَعَ المَاءِ، ثُمَّ يَغْسِلُ يَدَيهِ إِلَى المِرفَقَيْن، إِلاَّ خَرَّتْ خَطَايَا يَدَيْهِ مِنْ أَنَامِلِهِ مَعَ الماءِ، ثُمَّ يَمْسَحُ رَأْسَهُ، إِلاَّ خَرَّتْ خَطَايَا رَأْسِهِ مِنْ أَطْرَافِ شَعْرِهِ مَعَ الماءِ، ثُمَّ يغسل قدميه إِلَى الكَعْبَيْنِ، إلاَّ خَرَّتْ خَطَايَا رِجلَيْهِ مِنْ أَنَاملِهِ مَعَ الماءِ، فَإنْ هُوَ قَامَ فَصَلَّى، فَحَمِدَ اللهَ تَعَالَى، وأَثنى عَلَيهِ ومَجَّدَهُ بالَّذي هُوَ لَهُ أَهْلٌ، وَفَرَّغَ قلبه للهِ تَعَالَى، إلاَّ انْصَرفَ مِنْ خَطِيئَتِهِ كهيئته يَومَ وَلَدتهُ أُمُّهُ». فحدث عَمرُو بن عَبسَة بهذا الحديث أَبَا أُمَامَة صاحِب رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ لَهُ أَبُو أُمَامَة: يَا عَمْرُو بنُ عَبسَة، انْظُر مَا تقولُ! في مقامٍ واحدٍ يُعْطَى هَذَا الرَّجُلُ؟ فَقَالَ عَمْرٌو: يَا أَبَا أُمَامَة، لقد كَبرَتْ سِنّي، وَرَقَّ عَظمِي، وَاقْتَرَبَ أَجَلِي، وَمَا بِي حَاجَةٌ أَنْ   (1) أي تشهدها الملائكة. النهاية 2/ 513. (2) قال النووي في شرح صحيح مسلم 3/ 302 (832): «معناه: توقد عليها إيقادًا بليغًا». الجزء: 1 ¦ الصفحة: 155 أَكْذِبَ عَلَى اللهِ تَعَالَى، وَلاَ عَلَى رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم - لَوْ لَمْ أَسمعه مِنْ رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم - إلاَّ مَرَّةً أَوْ مَرَّتَينِ أَوْ ثَلاثًا - حَتَّى عَدَّ سَبْعَ مَرَّات - مَا حَدَّثْتُ أَبدًا بِهِ، وَلكنِّي سمعتُهُ أكثَر من ذلِكَ. رواه مسلم. (1) قوله: «جُرَآءُ عَلَيهِ قَومُه» هُوَ بجيم مضمومة وبالمد عَلَى وزنِ عُلماءَ، أيْ: جَاسِرونَ مُستَطِيلُونَ غيرُ هائِبينَ، هذِهِ الرواية المشهورةُ، ورواه الحُمَيْدِيُّ (2) وغيرُهُ «حِرَاءٌ» بكسر الحاء المهملة، وَقالَ: معناه غِضَابٌ ذَوُو غَمّ وهَمّ، قَدْ عِيلَ صَبرُهُمْ بِهِ، حَتَّى أثَّرَ في أجسامهم، من قولِهِم: حَرَى جسمهُ يَحْرَى، إِذَا نَقَصَ مِنْ ألمٍ أَوْ غَمٍّ ونحوهِ، والصَّحيحُ أنَّهُ بالجيمِ. قوله - صلى الله عليه وسلم: «بَيْنَ قَرنَيْ شيطان» أيْ ناحيتي رأسِهِ والمرادُ التَّمْثيلُ، وَمعْنَاهُ: أنه حينئذٍ يَتَحرَّكُ الشَّيطَانُ وَشيعَتُهُ، وَيتَسَلَّطُونَ. وقوله: «يُقَرِّبُ وَضوءهُ» معناه يُحضِرُ الماءَ الَّذِي يَتَوضّأ بِهِ، وقوله: «إلاَّ خَرَّت خطايا» هُوَ بالخاءِ المعجمة: أيْ سقطت، ورواه بعضُهم «جَرَت» بالجيم، والصحيح بالخاءِ وَهُوَ رواية الجمهور. وقوله: «فينْتَثرُ» أيْ يَستخرجُ مَا في أنفهِ مِنْ أذىً والنَّثْرَةُ: طَرَفُ الأنْفِ.   (1) أخرجه: مسلم 2/ 208 (832) (294). (2) الإمام المحدِّث محمد بن فتوح (ت 488 هـ‍) في كتابه "الجمع بين الصحيحين" (3075). الجزء: 1 ¦ الصفحة: 156 439 - وعن أَبي موسى الأشعري - رضي الله عنه - عن النَّبيّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: «إِذَا أَرادَ اللهُ تَعَالَى رَحمةَ أُمَّةٍ، قَبَضَ نَبيَّهَا قَبْلَها، فَجعلهُ لَهَا فَرطًا وَسَلَفًا بَيْنَ يَديْهَا، وإذَا أَرادَ هَلَكَةَ أُمَّةٍ، عَذَّبَهَا وَنَبِيُّهَا حَيٌّ، فَأَهْلكَها وَهُوَ حيٌّ يَنظُرُ، فَأَقرّ عَينَهُ بهلاَكِها حِينَ كَذَّبُوهُ وَعَصَوا أَمْرَهُ». رواه مسلم (1).   (1) أخرجه: مسلم 7/ 65 (2288) (24). الحديث: 439 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 156 52 - باب فضل الرجاء قَالَ الله تَعَالَى إخبارًا عن العبدِ الصالِحِ: {وَأُفَوِّضُ أَمْرِي إِلَى اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ بَصِيرٌ بِالْعِبَادِ * فَوَقَاهُ اللَّهُ سَيِّئَاتِ مَا مَكَرُوا} [غافر: 44، 45] الجزء: 1 ¦ الصفحة: 156 440 - وعن أَبي هريرة - رضي الله عنه - عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أَنَّهُ قَالَ: «قَالَ الله - عز وجل: أَنَا عِنْدَ ظَنِّ عَبْدِي بِي، وَأَنا معه حَيْثُ يَذْكُرنِي، وَاللهِ، للهُ أَفْرَحُ بِتَوبَةِ عَبْدِهِ مِنْ أحَدِكُمْ [ص: 157] يَجِدُ ضَالَّتَهُ (1) بِالفَلاَةِ، وَمَنْ تَقَرَّبَ إلَيَّ شِبْرًا، تَقَرَّبْتُ إِلَيْهِ ذِرَاعًا، وَمَنْ تَقَرَّبَ إِلَيَّ ذِرَاعًا، تَقَرَّبْتُ إِلَيْهِ بَاعًا، وَإِذَا أَقْبَلَ إِلَيَّ يَمْشِي أَقْبَلْتُ إِلَيْهِ أُهَرْوِلُ». متفقٌ عليه، (2) وهذا لفظ إحدى روايات مسلم. وتقدم شرحه في الباب قبله. (3) ورُوِيَ في الصحيحين: «وأنا معه حين يذكرني» بالنون، وفي هذه الرواية «حيث» بالثاء وكلاهما صحيح.   (1) أي الضائعة من كل ما يُقتنى من الحيوان وغيره. النهاية 3/ 98. (2) أخرجه: البخاري 9/ 147 (7405)، ومسلم 8/ 91 (2675) (1). (3) انظر الحديث (413) عن أبي ذر. الحديث: 440 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 156 441 - وعن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما: أنه سمع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قبلَ مَوْتِه بثَلاثَةِ أَيّام، يقولُ: «لاَ يَمُوتَنَّ أَحَدُكُمْ إِلاَّ وَهُوَ يُحْسِنُ الظَّنَّ بالله - عز وجل». رواه مسلم. (1)   (1) أخرجه: مسلم 8/ 165 (2877) (82). الحديث: 441 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 157 442 - وعن أنس - رضي الله عنه - قَالَ: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: «قَالَ الله تَعَالَى: يَا ابْنَ آدَمَ، إنَّكَ مَا دَعَوْتَنِي وَرَجَوْتَنِي غَفَرْتُ لَكَ عَلَى مَا كَانَ مِنْكَ وَلاَ أُبَالِي. يَا ابْنَ آدَمَ، لَوْ بَلَغَت ذُنُوبُك عَنَانَ السَّماءِ، ثُمَّ اسْتَغْفَرْتَنِي غَفَرْتُ لَكَ وَلاَ أُبَالِي. يَا ابْنَ آدَمَ، إِنَّكَ لَوْ أَتَيْتَنِي بِقُرَابِ الأَرْضِ خَطَايَا، ثُمَّ لَقَيْتَنِي لاَ تُشْرِكُ بِي شَيْئًا، لأَتَيْتُكَ بقُرَابِها مَغْفِرَةً». رواه الترمذي، (1) وقال: «حديث حسن». «عَنَانُ السَّماءِ» بفتح العين، قيل: هو مَا عَنَّ لَكَ مِنْهَا، أيْ: ظَهَرَ إِذَا رَفَعْتَ رَأَسَكَ، وقيل: هو السَّحَابُ. وَ «قُرابُ الأَرض» بضم القاف، وقيل: بكسرها، والضم أصح وأشهر، وَهُوَ: مَا يقارب مِلأَهَا، والله أعلم.   (1) أخرجه: الترمذي (3540) وقال: «حديث حسن غريب». الحديث: 442 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 157 53 - باب الجمع بين الخوف والرجاء اعْلَمْ أَنَّ المُخْتَارَ لِلْعَبْدِ في حَالِ صِحَّتِهِ أَنْ يَكُونَ خَائفًا رَاجِيًا، وَيَكُونَ خَوْفُهُ وَرَجَاؤُهُ سَواءً، وفي حَالِ المَرَضِ يُمحَّضُ الرَّجاءُ، وقواعِدُ الشَّرْع مِنْ نصُوصِ الكِتَابِ والسُّنَةِ وغَيْرِ ذَلِكَ مُتظاهِرَةٌ عَلَى ذلك. قَالَ الله تَعَالَى: {فَلاَ يَأمَنُ مَكْرَ الله إِلاَّ القَوْمُ الخَاسِرونَ} [الأعراف: 99]، وقال تَعَالَى: {إِنَّهُ لاَ يَيْأَسُ مِنْ رَوْحِ اللهِ إِلاَّ القَوْمُ الكافِرُونَ} [يوسف: 87]، وقال تَعَالَى: {يَوْمَ تَبْيَضُّ وَجُوهٌ وَتَسْوَدُّ وُجُوهٌ} [آل عمران: 106]، وقال تَعَالَى: {إنَّ رَبَكَ لَسَرِيعُ العِقَابِ [ص: 158] وَإِنَّهُ لَغَفُورٌ رَحِيمٌ} [الأعراف: 166]، وقال تَعَالَى: {إنَّ الأَبْرَارَ لَفِي نَعِيمٍ وَإِنَّ الفُجَّارَ لَفِي جَحِيمٍ} [الانفطار: 13 - 14]، وقال تَعَالَى: {فَأمَّا مَنْ ثَقُلَتْ مَوَازِينُهُ فَهُوَ فِي عِيشَةٍ رَاضِيَةٍ وَأمَّا مَنْ خَفَّتْ مَوَازِينُهُ فَأمُّهُ هَاوِيَةٌ} [القارعة: 6 - 9] والآيات في هذا المعنى كثيرةٌ. فَيَجْتَمعُ الخَوفُ والرجاءُ في آيَتَيْنِ مُقْتَرِنَتَيْنِ أَو آيات أَو آية. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 157 443 - وعن أَبي هريرة - رضي الله عنه: أنَّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: «لَوْ يَعْلَمُ الْمُؤمِنُ مَا عِنْدَ الله مِنَ العُقُوبَةِ، مَا طَمِعَ بِجَنَّتِهِ أَحَدٌ، وَلَوْ يَعْلَمُ الكَافِرُ مَا عِنْدَ الله مِنَ الرَّحْمَةِ، مَا قَنَطَ مِنْ جَنَّتِهِ أحَدٌ». رواه مسلم. (1)   (1) أخرجه: مسلم 8/ 97 (2755) (23). الحديث: 443 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 158 444 - وعن أَبي سعيد الخدرِيِّ - رضي الله عنه: أنَّ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: «إِذَا وُضِعَتِ الجنازةُ واحْتَمَلَهَا النَّاسُ أَوِ الرِّجَالُ عَلَى أَعناقِهِمْ، فَإنْ كَانَتْ صَالِحَةً، قَالَتْ: قَدِّمُونِي قَدِّمُونِي، وَإنْ كَانَتْ غَيْرَ صَالِحَةٍ، قالتْ: يَا وَيْلَهَا! أَيْنَ تَذْهَبُونَ بِهَا؟ يَسْمَعُ صَوْتَها كُلُّ شَيْءٍ إِلاَّ الإنْسانُ، وَلَوْ سَمِعَهُ صَعِقَ». رواه البخاري. (1)   (1) أخرجه: البخاري 2/ 124 (1380). الحديث: 444 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 158 445 - وعن ابن مسعود - رضي الله عنه - قَالَ: قَالَ رسول الله - صلى الله عليه وسلم: «الجَنَّةُ أقْرَبُ إِلَى أَحَدِكُمْ مِنْ شِرَاكِ نَعْلِهِ، وَالنَّارُ مِثْلُ ذلك». رواه البخاري. (1)   (1) انظر الحديث (105). الحديث: 445 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 158 54 - باب فضل البكاء من خشية الله تَعَالَى وشوقًا إِليه قَالَ الله تَعَالَى: {وَيَخِرُّونَ لِلأَذْقَانِ يَبْكُونَ وَيَزيدُهُمْ خُشُوعًا} [الإسراء: 109]، وقال تَعَالَى: {أَفَمِنْ هذَا الْحَدِيثِ تَعْجَبُونَ وَتَضْحَكُونَ وَلا تَبْكُونَ} [النجم: 59]. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 158 446 - وعن ابن مسعود - رضي الله عنه - قَالَ: قَالَ لِي النَّبيُّ - صلى الله عليه وسلم: «اقْرَأْ عليَّ القُرْآنَ» قلت: يَا رسول اللهِ، أقرأُ عَلَيْكَ، وَعَلَيْكَ أُنْزِلَ؟! قَالَ: «إِنِّي أُحِبُّ أَنْ أسْمَعَهُ مِنْ غَيرِي» فَقَرَأْتُ عَلَيْهِ سورةَ النِّسَاءِ، حَتَّى جِئْتُ إِلى هذِهِ الآية: {فَكَيْفَ إِذَا جِئْنَا مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ بِشَهيدٍ وَجِئْنَا بِكَ عَلَى هؤُلاءِ شَهيدًا} [النساء: 41] قَالَ: «حَسْبُكَ الآنَ» فَالَتَفَتُّ إِلَيْهِ فإذا عَيْنَاهُ تَذْرِفَان. متفقٌ عَلَيْهِ. (1)   (1) أخرجه: البخاري 6/ 241 (5050)، ومسلم 2/ 195 (800) (247). الحديث: 446 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 158 447 - وعن أنس - رضي الله عنه - قَالَ: خطب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - خُطْبَةً مَا سَمِعْتُ مِثْلَهَا قَطُّ، فقال: «لَوْ تَعْلَمُونَ مَا أعْلَمُ، لَضَحِكْتُمْ قَليلًا وَلَبَكَيْتُمْ كَثِيرًا» قَالَ: فَغَطَّى أصْحَابُ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وُجُوهَهُمْ، وَلَهُمْ خَنِينٌ. متفقٌ عَلَيْهِ. (1) وَسَبقَ بَيَانُهُ في بَابِ الخَوْفِ.   (1) انظر الحديث (401). الحديث: 447 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 159 448 - وعن أَبي هريرة - رضي الله عنه - قَالَ: قَالَ رسول الله - صلى الله عليه وسلم: «لا يَلِجُ النَّارَ رَجُلٌ بَكَى مِنْ خَشْيَةِ اللهِ حَتَّى يَعُودَ اللَّبَنُ في الضَّرْعِ، وَلاَ يَجْتَمِعُ غُبَارٌ في سبيلِ اللهِ وَدُخَانُ جَهَنَّمَ». رواه الترمذي، (1) وقال: «حديثٌ حَسنٌ صحيحٌ».   (1) أخرجه: ابن ماجه (2774)، والترمذي (1633). ورواية ابن ماجه اقتصرت على اللفظة الثانية من الحديث. الحديث: 448 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 159 449 - وعنه، قَالَ: قَالَ رسول الله - صلى الله عليه وسلم: «سَبْعَةٌ يُظِلُّهُمُ اللهُ في ظِلِّهِ يَوْمَ لا ظِلَّ إِلاَّ ظِلُّهُ: إمَامٌ عَادِلٌ، وَشَابٌ نَشَأَ فِي عِبَادَةِ اللهِ تَعَالَى، وَرَجُلٌ قَلْبُهُ مُعَلَّقٌ بِالمَسَاجِدِ، وَرَجُلاَنِ تَحَابّا في الله اجْتَمَعَا عَلَيْهِ وتَفَرَّقَا عَلَيْهِ، وَرَجُلٌ دَعَتْهُ امْرَأَةٌ ذَاتُ مَنْصِبٍ وَجَمَالٍ، فَقال: إنِّي أَخَافُ الله، وَرَجُلٌ تَصَدَّقَ بِصَدَقَةٍ فَأخْفَاهَا حَتَّى لاَ تَعْلَمَ شِمَالُه مَا تُنْفِقُ يَمِينُهُ، وَرَجُلٌ ذَكَرَ الله خَالِيًا ففاضت عَيْنَاهُ». متفقٌ عَلَيْهِ. (1)   (1) انظر الحديث (376). الحديث: 449 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 159 450 - وعن عبد الله بن الشِّخِّير - رضي الله عنه - قَالَ: أتيتُ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم وَهُوَ يُصَلِّي ولِجَوْفِهِ أَزِيزٌ (1) كَأَزِيزِ المِرْجَلِ (2) مِنَ البُكَاءِ. حديث صحيح رواه أَبو داود والترمذي في الشمائل بإسناد صحيح. (3)   (1) أي: صوت البكاء وهو أن يجيش جوفه ويغلي بالبكاء. النهاية 1/ 45. (2) أي: الإناء الذي يغلى فيه الماء. النهاية 4/ 315. (3) أخرجه: أبو داود (904)، والترمذي في " الشمائل " (322) بتحقيقي، والنسائي في «الكبرى» (545). الحديث: 450 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 159 451 - وعن أنس - رضي الله عنه - قَالَ: قَالَ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لأُبَي بن كعب - رضي الله عنه: «إنَّ الله - عز وجل - أَمَرَنِي أَنْ أقْرَأَ عَلَيْكَ: {لَمْ يَكُنِ الَّذِينَ كَفَروا ... } قَالَ: وَسَمَّانِي؟ قَالَ: «نَعَمْ» فَبَكَى أُبَيٌّ. متفقٌ عَلَيْهِ. (1) وفي رواية: فَجَعَلَ أُبَيٌّ يَبْكِي.   (1) أخرجه: البخاري 5/ 45 (3809)، ومسلم 2/ 195 (799) (245) و (246). الحديث: 451 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 159 452 - وعنه، قَالَ: قَالَ أَبو بكر لِعُمَرَ، رَضِيَ اللهُ عنهما، بعد وفاة رسول الله - صلى الله عليه وسلم: انْطَلِقْ بِنَا إِلى أُمِّ أيْمَنَ رضي الله عنها نَزورُهَا، كَمَا كَانَ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يَزُورُها، فَلَمَّا انْتَهَيَا إِلَيْهَا بَكَتْ، فقالا لها: مَا يُبْكِيكِ؟ أمَا تَعْلَمِينَ أنَّ مَا عِنْدَ الله تَعَالَى خَيرٌ لرسولِ الله - صلى الله عليه وسلم! قالت: مَا أبْكِي أَنْ لاَ أَكُونَ أَعْلَمُ أنَّ مَا عِنْدَ اللهِ خَيْرٌ لرسولِ الله - صلى الله عليه وسلم - وَلكِنِّي أبكِي أَنَّ الْوَحْيَ قَد انْقَطَعَ مِنَ السَّمَاءِ؛ فَهَيَّجَتْهُما عَلَى البُكَاءِ، فَجَعَلا يَبْكِيَانِ مَعَهَا. رواه مسلم، وقد سبق في بابِ زِيارَةِ أهلِ الخَيْرِ. (1)   (1) انظر الحديث (360). الحديث: 452 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 160 453 - وعن ابن عمر رضي الله عنهما، قَالَ: لَمَّا اشْتَدَّ برسول الله - صلى الله عليه وسلم - وَجَعُهُ، قِيلَ له في الصَّلاَةِ، فقال: «مُرُوا أَبَا بَكْرٍ فَلْيُصَلِّ بِالنَّاسِ» فقالت عائشة رضي الله عنها: إنَّ أَبَا بَكْرٍ رَجُلٌ رَقِيقٌ، إِذَا قَرَأَ القُرْآنَ غَلَبَهُ البُكَاءُ، فقال: «مُرُوهُ فَليُصَلِّ». وفي رواية عن عائشة، رضي الله عنها، قالت: قلت: إنَّ أَبَا بَكْرٍ إِذَا قَامَ مَقَامَكَ لَمْ يُسْمِعِ النَّاسَ مِنَ البُكَاءِ. متفقٌ عَلَيْهِ. (1)   (1) أخرجه: البخاري 1/ 173 (682) عن ابن عمر. وأخرجه: البخاري 1/ 173 (679)، ومسلم 2/ 22 (418) (94) عن عائشة. الحديث: 453 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 160 454 - وعن إبراهيم بن عبد الرحمان بن عوف: أنَّ عبد الرحمان بن عوف - رضي الله عنه - أُتِيَ بطعام وكان صائِمًا، فقال: قُتِلَ مُصْعَبُ بن عُمَيْر - رضي الله عنه - وَهُوَ خَيْرٌ مِنِّي، فَلَمْ يوجَدْ له مَا يُكَفَّنُ فيهِ إِلاَّ بُرْدَةٌ (1) إنْ غُطِّيَ بِهَا رَأْسُهُ بَدَتْ رِجْلاهُ؛ وَإنْ غُطِّيَ بِهَا رِجْلاَهُ بَدَا رَأْسُهُ، ثُمَّ بُسِطَ لَنَا مِنَ الدُّنْيَا مَا بُسِطَ - أَو قَالَ: أُعْطِينَا مِنَ الدُّنْيَا مَا أُعْطِينَا - قَدْ خَشِينا أَنْ تَكُونَ حَسَنَاتُنَا عُجِّلَتْ لَنَا، ثُمَّ جَعَلَ يَبكِي حَتَّى تَرَكَ الطعَام. رواه البخاري. (2)   (1) أي: الشملة المخططة، وقيل: كساء أسود مربع فيه صور، تلبسه الأعراب. النهاية 1/ 116. (2) أخرجه: البخاري 2/ 98 (1275). الحديث: 454 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 160 455 - وعن أَبي أُمَامَة صُدَيِّ بن عجلان الباهلي - رضي الله عنه - عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: «لَيْسَ شَيْءٌ أحَبَّ إِلى اللهِ تَعَالَى مِنْ قطْرَتَيْنِ وَأثَرَيْنِ: قَطَرَةُ دُمُوع مِنْ خَشْيَةِ اللهِ، وَقَطَرَةُ دَمٍ [ص: 161] تُهَرَاقُ في سَبيلِ اللهِ. وَأَمَّا الأَثَرَانِ: فَأَثَرٌ في سَبيلِ اللهِ تَعَالَى، وَأَثَرٌ في فَريضةٍ مِنْ فَرائِضِ الله تَعَالَى». رواه الترمذي، (1) وقال: «حديثٌ حسنٌ». وفي الباب أحاديث كثيرة منها: حديث العرباض بن سارية - رضي الله عنه - قَالَ: وعظنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مَوعظةً وَجلَتْ منها القُلُوبُ، وذرِفت منها الْعُيُونُ. وقد سبق في باب النهي عن البدع (2).   (1) أخرجه: الترمذي (1669) وقال: «حديث حسن غريب». (2) انظر الحديث (157) باب المحافظة على السنة. (في بعض النسخ هذا رقم 456) الحديث: 455 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 160 55 - باب فضل الزهد في الدنيا والحث عَلَى التقلل منها وفضل الفقر قَالَ الله تَعَالَى: {إِنَّمَا مَثَلُ الحَيَاةِ الدُّنْيَا كَمَاءٍ أَنْزَلْنَاهُ مِنَ السَّمَاءِ فَاخْتَلَطَ بِهِ نَبَاتُ الأَرْضِ مِمَّا يَأْكُلُ النَّاسُ والأَنْعَامُ حَتَّى إِذَا أَخَذَتِ الأَرْضُ زُخْرُفَهَا وَازَّيَّنَتْ وَظَنَّ أَهْلُهَا أَنَّهُمْ قَادِرُونَ عَلَيهَا أتَاهَا أمْرُنَا لَيْلًا أَوْ نَهَارًا فَجَعَلْنَاهَا حَصِيدًا كَأنْ لَمْ تَغْنَ بِالأَمْسِ كَذلِكَ نُفَصِّلُ الآياتِ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ} [يونس: 24]، وقال تَعَالَى: {وَاضْرِبْ لَهُمْ مَثَلَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا كَمَاءٍ أَنْزَلْنَاهُ مِنَ السَّمَاءِ فَاخْتَلَطَ بهِ نَبَاتُ الأَرْضِ فَأصْبَحَ هَشِيمًا تَذْرُوهُ الرِّيَاحُ وَكَانَ اللهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ مُقْتَدِرًا المَالُ وَالْبَنُونَ زِينَةُ الحَياةِ الْدُّنْيَا وَالبَاقِيَاتُ الصَّالِحَاتُ خَيْرٌ عِنْدَ رَبِّكَ ثَوَابًا وَخَيْرٌ أَمَلًا} [الكهف: 45 - 46]، وقال تَعَالَى: {اعْلَمُوا أَنَّمَا الحَياةُ الدُّنْيَا لَعِبٌ وَلَهوٌ وَزِينَةٌ وَتَفَاخُرٌ بَيْنَكُمْ وَتَكَاثُرٌ في الأَمْوَالِ وَالأَوْلاَدِ كَمَثَلِ غَيْثٍ أعْجَبَ الْكُفّارَ نَبَاتُهُ ثُمَّ يَهِيجُ فَتَرَاهُ مُصْفَرًّا ثُمَّ يَكُونُ حُطَامًا وَفِي الآخِرَةِ عَذابٌ شَديدٌ وَمَغْفِرَةٌ مِنَ الله ورِضْوَانٌ وَمَا الحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلاَّ مَتَاعُ الغُرُورِ} [الحديد: 20]، وقال تَعَالَى: {زُيِّنَ لِلْنَّاسِ حُبُّ الشَّهَوَاتِ مِنَ النِّسَاءِ وَالبَنِينَ وَالقَنَاطِيرِ المُقَنْطَرَةِ مِنَ الذَّهَبِ وَالفِضَّةِ وَالْخَيْلِ المُسَوَّمَةِ وَالأَنْعَامِ وَالْحَرْثِ ذَلِكَ مَتَاعُ الحَياةِ الْدُّنْيَا وَاللهُ عِنْدَهُ حُسْنُ المآبِ} [آل عمران: 14]، وقال تَعَالَى: {يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّ وَعْدَ اللهِ حَقٌّ فَلاَ تَغُرَّنَّكُمُ الحَياةُ الْدُّنْيَا وَلاَ يَغُرَّنَّكُمْ بِاللهِ الغَرُورُ} [فاطر: 5]، وقال تَعَالَى: {ألْهَاكُمُ التَّكَاثُرُ حَتَّى زُرْتُمُ المَقَابِرَ كَلاَّ سَوْفَ تَعْلَمُونَ ثُمَّ كَلاَّ سَوْفَ تَعْلَمُونَ كَلاَّ لَوْ تَعْلَمُونَ عِلْمَ الْيَقِينِ} [التكاثر: 1 - 5]، وقال تَعَالَى: {وَمَا هذِهِ الحَياةُ الدُّنْيَا إِلاَّ لَهْوٌ وَلَعِبٌ وَإِنَّ الدَّارَ الآخِرَةَ لَهِيَ الْحَيَوَانُ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ} [العنكبوت: 64] والآيات في الباب كثيرة مشهورة. وأما الأحاديث فأكثر مِنْ أن تحصر فننبِّهُ بطرف منها عَلَى مَا سواه. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 161 456 - عن عمرو بن عوف الأنصاري - رضي الله عنه: أنَّ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - بَعَثَ أَبَا عبيدة بنَ الجَرَّاح - رضي الله عنه - إِلَى الْبَحْرَيْنِ يَأتِي بِجِزْيَتِهَا، فَقَدِمَ بمَالٍ مِنَ الْبَحْرَيْنِ، فَسَمِعَتِ الأَنْصَارُ بقُدُومِ أَبي عُبيْدَةَ، فَوَافَوْا صَلاَةَ الفَجْرِ مَعَ رسولِ الله - صلى الله عليه وسلم - فَلَمَّا صَلَّى رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - انْصَرفَ، فَتَعَرَّضُوا لَهُ، فَتَبَسَّمَ رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - حِيْنَ رَآهُمْ، ثُمَّ قَالَ: «أَظُنُّكُمْ سَمِعْتُمْ أنَّ أَبَا عُبَيْدَةَ قَدِمَ بِشَيْءٍ مِنَ الْبَحْرَيْنِ؟» فقالوا: أجل، يَا رسول الله، فقال: «أبْشِرُوا وَأَمِّلْوا مَا يَسُرُّكُمْ، فَوالله مَا الفَقْرَ أَخْشَى عَلَيْكُمْ، وَلكِنِّي أخْشَى أَنْ تُبْسَط الدُّنْيَا عَلَيْكُمْ كَمَا بُسِطَتْ عَلَى مَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ، فَتَنَافَسُوهَا كَمَا تَنَافَسُوهَا، فَتُهْلِكَكُمْ كَمَا أهْلَكَتْهُمْ». متفقٌ عَلَيْهِ. (1)   (1) أخرجه: البخاري 4/ 117 (3158)، ومسلم 8/ 212 (2961) (6). الحديث: 456 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 162 457 - وعن أَبي سعيد الخدري - رضي الله عنه - قَالَ: جلس رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - عَلَى الْمِنْبَرِ، وَجَلَسْنَا حَوْلَهُ، فقال: «إنَّ ممَّا أَخَافُ عَلَيْكُمْ مِنْ بَعْدِي مَا يُفْتَحُ عَلَيْكُمْ مِنْ زَهْرَةِ الدُّنْيَا وَزِينَتِهَا». متفقٌ عَلَيْهِ. (1)   (1) أخرجه: البخاري 2/ 149 (1465)، ومسلم 3/ 101 (1052) (123). الحديث: 457 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 162 458 - وعنه: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: «إنَّ الدُّنْيَا حُلْوَةٌ خَضِرَةٌ وَإنَّ الله تَعَالَى مُسْتَخْلِفُكُمْ فِيهَا، فَيَنْظُرُ كَيْفَ تَعْمَلُونَ، فَاتَّقُوا الدُّنْيَا وَاتَّقُوا النِّسَاءَ». رواه مسلم. (1)   (1) انظر الحديث (70). الحديث: 458 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 162 459 - وعن أنس - رضي الله عنه: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: «اللَّهُمَّ لاَ عَيْشَ إِلاَّ عَيْشَ الآخِرَةِ». متفقٌ عَلَيْهِ. (1)   (1) أخرجه: البخاري 8/ 109 (6413)، ومسلم 5/ 188 (1805) (127). الحديث: 459 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 162 460 - وعنه، عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: «يَتْبَعُ الْمَيِّتَ ثَلاَثَةٌ: أهْلُهُ وَمَالُهُ وَعَمَلُهُ: فَيَرْجِعُ اثْنَانِ، وَيَبْقَى وَاحِدٌ: يَرْجِعُ أهْلُهُ وَمَالُهُ وَيبْقَى عَمَلُهُ». متفقٌ عَلَيْهِ. (1)   (1) انظر الحديث (104). الحديث: 460 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 162 461 - وعنه، قَالَ: قَالَ رسول الله - صلى الله عليه وسلم: «يُؤْتَى بِأَنْعَمِ أَهْلِ الدُّنْيَا مِنْ أَهْلِ النَّارِ يَوْمَ القِيَامَةِ، فَيُصْبَغُ في النَّارِ صَبْغَةً (1)، ثُمَّ يُقَالُ: يَا ابْنَ آدَمَ، هَلْ رَأيْتَ خَيْرًا قَطُّ؟ هَلْ مَرَّ [ص: 163] بِكَ نَعِيمٌ قَطُّ؟ فَيَقُولُ: لاَ وَاللهِ يَا رَبِّ، وَيُؤْتَى بِأشَدِّ النَّاسِ بُؤسًا في الدُّنْيَا مِنْ أهْلِ الجَنَّةِ، فَيُصْبَغُ صَبْغَةً في الجَنَّةِ، فَيُقَالُ لَهُ: يَا ابْنَ آدَمَ، هَلْ رَأيْتَ بُؤسًا قَطُّ؟ هَلْ مَرَّ بِكَ شِدَّةٌ قَطُّ؟ فيَقُولُ: لاَ وَاللهِ، مَا مَرَّ بِي بُؤْسٌ قَطُّ، وَلاَ رَأيْتُ شِدَّةً قَطُّ». رواه مسلم. (2)   (1) أي: يغمس كما يغمس الثوب في الصبغ. النهاية 3/ 10. (2) أخرجه: مسلم 8/ 135 (2807) (55). الحديث: 461 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 162 462 - وعن المُسْتَوْرِد بن شَدَّاد - رضي الله عنه - قَالَ: قَالَ رسول الله - صلى الله عليه وسلم: «مَا الدُّنْيَا فِي الآخِرَةِ إِلاَّ مِثْلُ مَا يَجْعَلُ أَحَدُكُمْ أُصْبُعَهُ في اليَمِّ (1)، فَلْيَنْظُرْ بِمَ يَرْجِعُ!». رواه مسلم. (2)   (1) أي: البحر. النهاية 5/ 300. (2) أخرجه: مسلم 8/ 56 (2858) (55). الحديث: 462 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 163 463 - وعن جابر - رضي الله عنه: أنَّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مَرَّ بالسُّوقِ وَالنَّاسُ كَنَفَتَيْهِ، فَمَرَّ بِجَدْيٍ أَسَكَّ مَيِّتٍ، فَتَنَاوَلَهُ فَأَخَذَ بِأُذُنِهِ، ثُمَّ قَالَ: «أَيُّكُم يُحِبُّ أَنْ يَكُونَ هَذَا لَهُ بِدرْهَم؟» فقالوا: مَا نُحِبُّ أنَّهُ لَنَا بِشَيْءٍ وَمَا نَصْنَعُ بِهِ؟ ثُمَّ قَالَ: «أَتُحِبُّونَ أَنَّهُ لَكُمْ؟» قَالُوا: وَاللهِ لَوْ كَانَ حَيًّا كَانَ عَيْبًا، إنَّهُ أسَكُّ فَكَيْفَ وَهُوَ ميِّتٌ! فقال: «فوَاللهِ للدُّنْيَا أهْوَنُ عَلَى اللهِ مِنْ هَذَا عَلَيْكُمْ». رواه مسلم. (1) قوله: «كَنَفَتَيْهِ» أيْ: عن جانبيه. وَ «الأَسَكُّ»: الصغير الأذُن.   (1) أخرجه: مسلم 8/ 210 (2957) (2). الحديث: 463 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 163 464 - وعن أَبي ذر - رضي الله عنه - قَالَ: كُنْتُ أَمْشِي مَعَ النَّبي - صلى الله عليه وسلم - في حَرَّةٍ (1) بِالمَدِينَةِ، فَاسْتَقْبَلَنَا أُحُدٌ، فقال: «يَا أَبَا ذَرٍّ» قلت: لَبَّيْكَ يَا رسولَ الله. فقال: «مَا يَسُرُّنِي أنَّ عِنْدِي مِثْلَ أُحُدٍ هَذَا ذَهَبًا تَمْضي عَلَيَّ ثَلاَثَةُ أيّامٍ وَعِنْدِي مِنْهُ دِينَارٌ، إِلاَّ شَيْءٌ أرْصُدُهُ لِدَيْنٍ، إِلاَّ أَنْ أقُولَ بِهِ في عِبَادِ الله هكذا وَهَكَذَا وَهكَذَا» عن يَمِينِهِ وعن شِمَالِهِ وَمِنْ خَلْفِهِ، ثُمَّ سَارَ، فقال: «إنَّ الأَكْثَرينَ هُمُ الأَقَلُّونَ يَوْمَ القِيَامَةِ إِلاَّ مَنْ قَالَ بالمَالِ هكَذَا وَهكَذَا وَهكَذَا» عن يمينِهِ وعن شِمَالِهِ وِمنْ خَلْفِهِ «وَقَلِيلٌ مَاهُمُ». ثُمَّ قَالَ لي: «مَكَانَكَ لاَ تَبْرَحْ حَتَّى آتِيكَ» ثُمَّ انْطَلَقَ في سَوادِ اللَّيْلِ حَتَّى تَوَارَى، فَسَمِعْتُ صَوتًا، قَدِ ارْتَفَع، فَتَخَوَّفْتُ أَنْ يَكُونَ أحَدٌ عَرَضَ للنَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم - فَأرَدْتُ أَنْ آتِيهِ فَذَكَرتُ قَوْله: «لا تَبْرَحْ حَتَّى آتِيَكَ» فلم أبْرَحْ حَتَّى أتَاني، فَقُلْتُ: لَقَدْ سَمِعْتُ صَوتًا تَخَوَّفْتُ مِنْهُ، فَذَكَرْتُ لَهُ، فقال: [ص: 164] «وَهَلْ سَمِعْتَهُ؟» قلت: نَعَمْ، قَالَ: «ذَاكَ جِبريلُ أتَانِي. فقال: مَنْ مَاتَ مِنْ أُمَّتِكَ لاَ يُشْرِكُ بِاللهِ شَيْئًا دَخَلَ الْجَنَّةَ»، قلت: وَإنْ زَنَى وَإنْ سَرَقَ؟ قَالَ: «وَإنْ زَنَى وَإنْ سَرَقَ». متفقٌ عَلَيْهِ (2)، وهذا لفظ البخاري.   (1) الحرّة: كل أرض ذات حجارة سود. مراصد الاطلاع 1/ 394. (2) أخرجه: البخاري 8/ 74 (6268)، ومسلم 3/ 75 (94) (32). الحديث: 464 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 163 465 - وعن أَبي هريرة - رضي الله عنه - عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: «لَوْ كَانَ لِي مِثْلُ أُحُدٍ ذَهَبًا، لَسَرَّنِي أَنْ لاَ تَمُرَّ عَلَيَّ ثَلاَثُ لَيالٍ وَعِنْدِي مِنْهُ شَيْءٌ إِلاَّ شَيْءٌ أرْصُدُهُ لِدَيْنٍ». متفقٌ عَلَيْهِ. (1)   (1) أخرجه: البخاري 8/ 118 (6445)، ومسلم 3/ 74 (991) (31). الحديث: 465 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 164 466 - وعنه، قَالَ: قَالَ رسول الله - صلى الله عليه وسلم: «انْظُرُوا إِلَى مَنْ هُوَ أسْفَلَ مِنْكُمْ وَلاَ تَنْظُرُوا إِلَى مَنْ هُوَ فَوْقَكُمْ؛ فَهُوَ أجْدَرُ أَنْ لاَ تَزْدَرُوا نِعْمَةَ الله عَلَيْكُمْ». متفقٌ عَلَيْهِ، (1) وهذا لفظ مسلم. وفي رواية البخاري: «إِذَا نَظَرَ أَحَدُكُمْ إِلَى مَنْ فُضِّلَ عَلَيْهِ في المَالِ وَالخَلْقِ، فَلْيَنْظُرْ إِلَى مَنْ هُوَ أسْفَل مِنْهُ».   (1) أخرجه: البخاري 8/ 128 (6490)، ومسلم 8/ 213 (2963) (8) و (9). الحديث: 466 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 164 467 - وعنه، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: «تَعِسَ عَبْدُ الدِّينَارِ، وَالدِّرْهَمِ، وَالقَطِيفَةِ (1)، وَالخَمِيصَةِ، إنْ أُعْطِيَ رَضِيَ، وَإنْ لَمْ يُعْطَ لَمْ يَرْضَ». رواه البخاري. (2)   (1) القطيفة: كساء له خمل، والخميصة: ثوب خز أو صوف مُعلَم. النهاية 2/ 81 و4/ 84. (2) أخرجه: البخاري 8/ 114 (6435). الحديث: 467 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 164 468 - وعنه - رضي الله عنه - قَالَ: لَقَدْ رَأيْتُ سَبعِينَ مِنْ أهْلِ الصُّفَّةِ، مَا منهُمْ رَجُلٌ عَلَيْهِ رِدَاءٌ: إمَّا إزارٌ، وَإمَّا كِسَاءٌ، قَدْ رَبَطُوا في أعنَاقِهِمْ، فَمِنْهَا مَا يَبْلُغُ نِصْفَ السَّاقَيْن، وَمِنْهَا مَا يَبْلُغُ الكَعْبَيْنِ، فَيَجْمَعُهُ بِيَدِهِ كَراهِيَةَ أَنْ تُرَى عَوْرَتُهُ. رواه البخاري. (1)   (1) أخرجه: البخاري 1/ 120 (442). الحديث: 468 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 164 469 - وعنه، قَالَ: قَالَ رسول الله - صلى الله عليه وسلم: «الدُّنْيَا سِجْنُ الْمُؤْمِنِ، وَجَنَّةُ الكَافِرِ». رواه مسلم. (1)   (1) أخرجه: مسلم 8/ 210 (2956) (1). الحديث: 469 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 164 470 - وعن ابن عمر رضي الله عنهما، قَالَ: أخذ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بِمَنْكِبَيَّ، فقال: «كُنْ في الدُّنْيَا كَأنَّكَ غَرِيبٌ، أَو عَابِرُ سَبيلٍ». [ص: 165] وَكَانَ ابن عُمَرَ رضي الله عنهما، يقول: إِذَا أمْسَيتَ فَلاَ تَنْتَظِرِ الصَّبَاحَ، وَإِذَا أَصْبَحْتَ فَلاَ تَنْتَظِرِ المَسَاءَ، وَخُذْ مِنْ صِحَّتِكَ لِمَرَضِكَ، وَمِنْ حَيَاتِكَ لِمَوْتِكَ. رواه البخاري. (1) قالوا في شَرْحِ هَذَا الحديث معناه: لاَ تَرْكَنْ إِلَى الدُّنْيَا وَلاَ تَتَّخِذْهَا وَطَنًا، وَلاَ تُحَدِّثْ نَفْسَكَ بِطُولِ البَقَاءِ فِيهَا، وَلاَ بِالاعْتِنَاءِ بِهَا، وَلاَ تَتَعَلَّقْ مِنْهَا إِلاَّ بِمَا يَتَعَلَّقُ بِهِ الْغَريبُ في غَيْرِ وَطَنِهِ، وَلاَ تَشْتَغِلْ فِيهَا بِمَا لاَ يَشْتَغِلُ بِهِ الغَرِيبُ الَّذِي يُريدُ الذَّهَابَ إِلَى أهْلِهِ، وَبِاللهِ التَّوْفِيقُ.   (1) أخرجه: البخاري 8/ 110 (6416). الحديث: 470 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 164 471 - وعن أَبي العباس سهل بن سعد الساعدي - رضي الله عنه - قَالَ: جَاءَ رَجُلٌ إِلَى النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال: يَا رسولَ الله، دُلَّنِي عَلَى عَمَلٍ إِذَا عَمِلْتُهُ أحَبَّنِي اللهُ وَأحَبَّنِي النَّاسُ، فقال: «ازْهَدْ في الدُّنْيَا يُحِبّك اللهُ، وَازْهَدْ فِيمَا عِنْدَ النَّاسِ يُحِبّك النَّاسُ». حديث حسن رواه ابن ماجه وغيره بأسانيد حسنة. (1)   (1) أخرجه: ابن ماجه (4102)، والحاكم 4/ 313. الحديث: 471 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 165 472 - وعن النعمان بن بشير رضي الله عنهما، قَالَ: ذَكَرَ عُمَرُ بْنُ الخَطَّابِ - رضي الله عنه - مَا أَصَابَ النَّاسُ مِنَ الدُّنْيَا، فَقَالَ: لَقَدْ رَأيْتُ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يَظَلُّ الْيَوْمَ يَلْتَوِي مَا يَجِدُ مِنَ الدَّقَلِ مَا يَمْلأ بِهِ بَطْنَهُ. رواه مسلم. (1) «الدَّقَلُ» بفتح الدَّال المهملة والقاف: رديءُ التمرِ.   (1) أخرجه: مسلم 8/ 220 (2978) (36). الحديث: 472 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 165 473 - وعن عائشة رضي الله عنها، قالت: تُوفي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وَمَا في بَيْتِي مِنْ شَيْءٍ يَأكُلُهُ ذُو كَبِدٍ إِلاَّ شَطْرُ شَعِيرٍ في رَفٍّ لِي، فَأكَلْتُ مِنْهُ حَتَّى طَالَ عَلَيَّ، فَكِلْتُهُ فَفَنِيَ. متفقٌ عَلَيْهِ. (1) قولها: «شَطْرُ شَعير» أيْ: شَيْءٌ مِنْ شَعير،، كَذَا فَسَّرَهُ التُرْمذيُّ. (2)   (1) أخرجه: البخاري 8/ 119 (6451)، ومسلم 8/ 218 (2973) (27). (2) في «جامعه» (2467). الحديث: 473 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 165 474 - وعن عمرو بن الحارث أخي جُوَيْرِيّة بنتِ الحارِث أُمِّ المُؤْمِنِينَ، رضي الله عنهما، قَالَ: مَا تَرَكَ رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - عِنْدَ مَوْتِهِ دِينارًا، وَلاَ دِرْهَمًا، وَلاَ عَبْدًا، وَلاَ أَمَةً، وَلاَ شَيْئًا إِلاَّ [ص: 166] بَغْلَتَهُ الْبَيضَاءَ الَّتي كَانَ يَرْكَبُهَا، وَسِلاَحَهُ، وَأرْضًا جَعَلَهَا لاِبْنِ السَّبِيلِ صَدَقَةً. رواه البخاري. (1)   (1) أخرجه: البخاري 4/ 2 (2739). الحديث: 474 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 165 475 - وعن خَبابِ بن الأَرَتِّ - رضي الله عنه - قَالَ: هَاجَرْنَا مَعَ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - نَلْتَمِسُ وَجْهَ اللهِ تَعَالَى، فَوَقَعَ أجْرُنَا عَلَى اللهِ، فَمِنَّا مَنْ مَاتَ وَلَمْ يَأكُل منْ أَجْرِهِ شَيْئًا، مِنْهُمْ: مُصْعَبُ بن عُمَيْرٍ - رضي الله عنه - قُتِلَ يَوْمَ أُحُد، وَتَرَكَ نَمِرَةً، فَكُنَّا إِذَا غَطَّيْنَا بِهَا رَأْسَهُ، بَدَتْ رِجْلاَهُ، وَإِذَا غَطَّيْنَا بِهَا رِجْلَيْهِ، بَدَا رَأسُهُ، فَأمَرَنَا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أَنْ نُغَطِّي رَأسَهُ، وَنَجْعَل عَلَى رِجْلَيْهِ شَيْئًا مِنَ الإذْخِرِ (1)، وَمِنَّا مَنْ أيْنَعَتْ لَهُ ثَمَرَتُهُ، فَهُوَ يَهْدِبُهَا. متفقٌ عَلَيْهِ. (2) «النَّمِرَةُ»: كِساءٌ مُلَوَّنٌ مِنْ صوف. وَقَوْلُه: «أيْنَعَتْ» أيْ: نَضِجَتْ وَأَدْرَكَتْ. وَقَوْلُه: «يَهْدِبها» هُوَ بفتح الياءِ وضم الدال وكسرها لغتان: أيْ: يَقْطُفهَا وَيَجْتَنِيهَا، وهذه استعارة لما فتح الله تَعَالَى عليهم من الدنيا وتمكنوا فِيهَا.   (1) قال النووي في شرح صحيح مسلم 4/ 25 (941): «وهو حشيش معروف طيب الرائحة». (2) أخرجه: البخاري 8/ 71 (3897)، ومسلم 3/ 48 (940) (44). الحديث: 475 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 166 476 - وعن سهلِ بن سعد الساعدي - رضي الله عنه - قَالَ: قَالَ رسول الله - صلى الله عليه وسلم: «لَوْ كَانَت الدُّنْيَا تَعْدِلُ عِنْدَ الله جَنَاحَ بَعُوضَةٍ، مَا سَقَى كَافِرًا مِنْهَا شَرْبَةَ مَاءٍ». رواه الترمذي، (1) وقال: «حديث حسن صحيح».   (1) أخرجه: ابن ماجه (4110)، والترمذي (2320)، وقال: «حديث صحيح غريب». الحديث: 476 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 166 477 - وعن أَبي هريرة - رضي الله عنه - قَالَ: سَمِعْتُ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: «أَلاَ إنَّ الدُّنْيَا مَلْعُونَةٌ، مَلْعُونٌ مَا فِيهَا، إِلاَّ ذِكْرَ اللهِ تَعَالَى، وَمَا وَالاهُ، وَعالِمًا وَمُتَعَلِّمًا». رواه الترمذي، (1) وقال: «حديث حسنٌ».   (1) أخرجه: ابن ماجه (4112)، والترمذي (2322) وقال: «حديث حسن غريب». الحديث: 477 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 166 478 - وعن عبد الله بن مسعود - رضي الله عنه - قَالَ: قَالَ رسول الله - صلى الله عليه وسلم: «لاَ تَتَّخِذُوا الضَّيْعَةَ (1) فَتَرْغَبُوا في الدُّنْيَا». رواه الترمذي، (2) وقال: «حديثٌ حسنٌ».   (1) أي: الصنعة والتجارة والزراعة وغير ذلك. النهاية 3/ 108. (2) أخرجه: الترمذي (2328). الحديث: 478 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 166 479 - وعن عبدِ الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما، قَالَ: مَرَّ عَلَيْنَا رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - وَنَحْنُ نعالِجُ خُصًّا (1) لَنَا، فَقَالَ: «مَا هَذَا؟» فَقُلْنَا: قَدْ وَهَى، فَنَحَنُ نُصْلِحُهُ، فَقَالَ: «مَا أرَى الأَمْرَ إِلاَّ أعْجَلَ مِنْ ذَلِكَ». رواه أَبو داود والترمذي بإسناد البخاري ومسلم، وقال الترمذي: «حديثٌ حسنٌ صحيحٌ». (2)   (1) أي: بيتًا يُعمل من الخشب والقصب. النهاية 2/ 37. (2) أخرجه: أبو داود (5236)، وابن ماجه (4160)، والترمذي (2335). الحديث: 479 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 167 480 - وعن كعب بن عياض - رضي الله عنه - قَالَ: سَمِعْتُ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: «إنَّ لِكُلِّ أُمَّةٍ فِتْنَةً، وفِتْنَةُ أُمَّتِي: المَالُ». رواه الترمذي، (1) وقال: «حديثٌ حسنٌ صحيحٌ».   (1) أخرجه: الترمذي (2336) وقال: «حديث حسن صحيح غريب». الحديث: 480 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 167 481 - وعن أَبي عمرو، ويقالُ: أَبو عبدِ الله، ويقالُ: أَبو ليلى عثمان بن عفان - رضي الله عنه: أنَّ النبي - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: «لَيْسَ لاِبْنِ آدَمَ حَقٌّ في سِوَى هذِهِ الخِصَالِ: بَيْتٌ يَسْكُنُهُ، وَثَوْبٌ يُوارِي عَوْرَتَهُ، وَجِلْفُ الخُبز وَالماء». رواه الترمذي، (1) وقال: «حديث صحيح». قَالَ الترمذي: سَمِعْتُ أَبَا دَاوُد سُلَيْمَانَ بنَ سَالمٍ البَلْخيَّ، يقولُ: سَمِعْتُ النَّضْرَ بْن شُمَيْل، يقولُ: الجِلْفُ: الخُبْز لَيْسَ مَعَهُ إدَامٌ، وقال غَيْرُهُ: هُوَ غَليظُ الخُبُزِ. وقَالَ الهَرَوِيُّ: المُرادُ بِهِ هنَا وِعَاءُ الخُبزِ، كَالجَوَالِقِ (2) وَالخُرْجِ، والله أعلم.   (1) أخرجه: الترمذي (2341)، وهو حديث لا يصح بيانه في «الجامع في العلل». (2) الجوالق: بفتح اللام وكسرها، وعاء من الأوعية (معرب). الذيل على النهاية: 84. الحديث: 481 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 167 482 - وعن عبدِ الله بن الشِّخِّيرِ - بكسر الشينِ والخاء المعجمتين - رضي الله عنه - أنه قَالَ: أتَيْتُ النَّبيَّ - صلى الله عليه وسلم - وَهُوَ يَقْرَأُ: {أَلْهَاكُمُ التَّكَاثُرُ} قَالَ: «يَقُولُ ابْنُ آدَمَ: مَالِي، مالي، وَهَلْ لَكَ يَا ابْنَ آدَمَ مِنْ مَالِكَ إِلاَّ مَا أكَلْتَ فَأفْنَيْتَ، أَو لَبِسْتَ فَأَبْلَيْتَ، أَوْ تَصَدَّقْتَ فَأَمْضَيْتَ؟!». رواه مسلم. (1)   (1) أخرجه: مسلم 8/ 211 (2958) (3). الحديث: 482 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 167 483 - وعن عبدِ الله بن مُغَفَّل - رضي الله عنه - قَالَ: قَالَ رجل للنبي - صلى الله عليه وسلم: يَا رسولَ الله، وَاللهِ إنِّي لأُحِبُّكَ، فَقَالَ: «انْظُرْ مَاذَا تَقُولُ؟» قَالَ: وَاللهِ إنِّي لأُحِبُّكَ، ثَلاَثَ مَرَّات، فَقَالَ: [ص: 168] «إنْ كُنْتَ تُحِبُّنِي فَأَعِدَّ لِلْفَقْرِ تِجْفَافًا، فإنَّ الفَقْرَ أسْرَعُ إِلَى مَنْ يُحِبُّني مِنَ السَّيْلِ إِلَى مُنْتَهَاهُ». رواه الترمذي، (1) وقال: «حديث حسن». «التجفافُ» بكسرِ التاءِ المثناةِ فوقُ وَإسكانِ الجيمِ وبالفاءِ المكررة: وَهُوَ شَيْءٌ يُلْبَسُهُ الفَرَسُ، لِيُتَّقَى بِهِ الأَذَى، وَقَدْ يَلْبَسُهُ الإنْسَانُ.   (1) أخرجه: الترمذي (2350) وقال: «حديث حسن غريب». الحديث: 483 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 167 484 - وعن كعب بن مالك - رضي الله عنه - قَالَ: قَالَ رسول الله - صلى الله عليه وسلم: «مَا ذِئْبَانِ جَائِعَانِ أُرْسِلا في غَنَمٍ بِأفْسَدَ لَهَا مِنْ حِرْصِ المَرْءِ عَلَى المَالِ وَالشَّرَفِ لِدِينهِ». رواه الترمذي، (1) وقال: «حديث حسن صحيح».   (1) أخرجه: الترمذي (2376)، والنسائي كما في «تحفة الأشراف» (11136). الحديث: 484 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 168 485 - وعن عبد الله بن مسعود - رضي الله عنه - قَالَ: نَامَ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عَلَى حَصيرٍ، فَقَامَ وَقَدْ أثَّرَ في جَنْبِهِ، قُلْنَا: يَا رَسُولَ اللهِ، لَوْ اتَّخَذْنَا لَكَ وِطَاءً. فَقَالَ: «مَا لِي وَلِلدُّنْيَا؟ مَا أَنَا في الدُّنْيَا إِلاَّ كَرَاكِبٍ اسْتَظَلَّ تَحْتَ شَجَرَةٍ ثُمَّ رَاحَ وَتَرَكَهَا». رواه الترمذي، (1) وقال: «حديث حسن صحيح».   (1) أخرجه: ابن ماجه (4109)، والترمذي (2377). الحديث: 485 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 168 486 - وعن أَبي هريرة - رضي الله عنه - قَالَ: قَالَ رسول الله - صلى الله عليه وسلم: «يدْخُلُ الفُقَرَاءُ الْجَنَّةَ قَبْلَ الأَغْنِيَاءِ بِخَمْسِمائَةِ عَامٍ». رواه الترمذي، (1) وقال: «حديث صحيح».   (1) أخرجه: ابن ماجه (4122)، والترمذي (2353)، والنسائي في «الكبرى» (11348) وقال الترمذي: «حديث حسن صحيح». الحديث: 486 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 168 487 - وعن ابن عباس وعِمْرَانَ بن الحُصَيْنِ - رضي الله عنهم - عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: «اطَّلَعْتُ في الجَنَّةِ فَرَأيْتُ أكْثَرَ أهْلِهَا الفُقَرَاءَ، وَاطَّلَعْتُ في النَّارِ فَرَأيْتُ أكْثَرَ أهْلِهَا النِّسَاءَ». متفقٌ عَلَيْهِ من رواية ابن عباس، ورواه البخاري أيضًا من رواية عِمْرَان بن الحُصَيْن. (1)   (1) أخرجه: البخاري 4/ 142 (3241) عن عمران بن حصين. وأخرجه: مسلم 8/ 88 (2737) (94) عن ابن عباس. ورواه البخاري 8/ 119 عقيب (6449) عن ابن عباس معلقًا. الحديث: 487 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 168 488 - وعن أسامة بن زيد رضي الله عنهما، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: «قُمْتُ عَلَى بَابِ الجَنَّةِ، فَكَانَ عَامَّةُ مَنْ دَخَلَهَا المَسَاكِينُ، وَأصْحَابُ الجَدِّ مَحبُوسُونَ، غَيْرَ أنَّ أصْحَابِ النَّارِ قَدْ أُمِرَ بِهِم إِلَى النَّارِ». متفقٌ عَلَيْهِ. (1) وَ «الجَدُّ»: الحَظُّ والغِنَى. وقد سبق بيان هَذَا الحديث في باب فَضْلِ الضَّعفَة.   (1) انظر الحديث (258). الحديث: 488 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 168 489 - وعن أَبي هريرة - رضي الله عنه - عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: «أصْدَقُ كَلِمَةٍ قَالَهَا شَاعِرٌ كَلِمَةُ لَبِيدٍ (1): ألاَ كُلُّ شَيْءٍ مَا خَلاَ اللهَ بَاطِلُ». متفقٌ عَلَيْهِ. (2)   (1) هو لبيد بن ربيعة العامري، وتمام البيت: وكل نعيم لا محالة زائل. (2) أخرجه: البخاري 5/ 53 (3841)، ومسلم 7/ 49 (2256) (3). الحديث: 489 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 169 56 - باب فضل الجوع وخشونة العيش والاقتصار عَلَى القليل من المأكول والمشروب والملبوس وغيرها من حظوظ النفس وترك الشهوات قَالَ الله تَعَالَى: {فَخَلَفَ منْ بَعْدِهِمْ خَلْفٌ أَضَاعُوا الصَّلاةَ وَاتَّبَعُوا الشَّهَوَاتِ فَسَوْفَ يَلْقَوْنَ غَيًّا إِلاَّ مَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا فَأُولَئِكَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ وَلاَ يُظْلَمُونَ شَيْئًا} [مريم: 59 - 60]، وقال تَعَالَى: {فَخَرَجَ عَلَى قَوْمِهِ في زِينَتِهِ قَالَ الَّذِينَ يُريدُونَ الحَيَاةَ الدُّنْيَا يَا لَيْتَ لَنَا مِثْلَ مَا أُوتِيَ قَارُونُ إنَّهُ لَذُو حَظٍّ عَظِيمٍ وَقَالَ الَّذِينَ أُوتُوا العِلْمَ وَيْلَكُمْ ثَواب اللهِ خَيْرٌ لِمَنْ آمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا} [القصص: 79 - 80]، وقال تَعَالَى: {ثُمَّ لًتُسْأَلُنَّ يَوْمَئِذٍ عَنِ النَّعِيمِ} [التكاثر: 8]، وقال تَعَالَى: {مَنْ كَانَ يُريدُ العَاجِلَةَ عَجَّلْنَا لَهُ فِيهَا مَا نَشَاءُ لِمَنْ نُريدُ ثُمَّ جَعَلْنَا لَهُ جَهَنَّمَ يَصْلاَهَا مَذْمُومًا مَدْحُورًا} [الإسراء: 18]. والآيات في الباب كثيرةٌ معلومةٌ. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 169 490 - وعن عائشة رضي الله عنها، قالت: مَا شَبعَ آلُ مُحَمّد - صلى الله عليه وسلم - مِنْ خُبْزِ شَعِيرٍ يَوْمَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ حَتَّى قُبِضَ. متفقٌ عَلَيْهِ. (1) وفي رواية: مَا شَبعَ آلُ محَمّد - صلى الله عليه وسلم - مُنْذُ قَدِمَ المَدِينَةَ مِنْ طَعَامِ البُرِّ ثَلاثَ لَيَالٍ تِبَاعًا حَتَّى قُبِضَ.   (1) أخرجه: البخاري 7/ 97 (5416)، ومسلم 8/ 217 (2970) (20) و (22). الحديث: 490 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 169 491 - وعن عروة، عن عائشة رضي الله عنها، أنّها كَانَتْ تقول: وَاللهِ، يَا ابْنَ أُخْتِي، إنْ كُنَّا نَنْظُرُ إِلَى الهِلاَلِ، ثُمَّ الهِلالِ: ثَلاَثَةُ أهلَّةٍ في شَهْرَيْنِ، وَمَا أُوقِدَ في أبْيَاتِ رسول الله [ص: 170] صلى الله عليه وسلم - نَارٌ. قُلْتُ: يَا خَالَةُ، فَمَا كَانَ يُعِيشُكُمْ؟ قالت: الأَسْوَدَانِ التَّمْرُ وَالمَاءُ، إِلاَّ أنَّهُ قَدْ كَانَ لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - جِيرَانٌ مِنَ الأَنْصَارِ، وكَانَتْ لَهُمْ مَنَائِحُ (1) وَكَانُوا يُرْسِلُونَ إِلَى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مِنْ ألْبَانِهَا فَيَسْقِينَا. متفقٌ عَلَيْهِ. (2)   (1) المنحة والمنيحة: أن يعطيه ناقة أو شاة، ينتفع بلبنها ويعيدها. النهاية 4/ 364. (2) أخرجه: البخاري 3/ 201 (2567)، ومسلم 8/ 218 (2972) (28). الحديث: 491 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 169 492 - وعن أَبي سعيد المقبُريِّ، عن أَبي هريرة - رضي الله عنه: أَنَّهُ مَرَّ بِقَومٍ بَيْنَ أيدِيهمْ شَاةٌ مَصْلِيَّةٌ، فَدَعَوْهُ فَأبَى أَنْ يأْكُلَ. وقال: خرج رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مِنَ الدُّنْيَا وَلَمْ يَشْبَعْ مِنْ خُبْزِ الشَّعيرِ. رواه البخاري. (1) «مَصْلِيَّةٌ» بفتح الميم: أيْ مَشْوِيَّةٌ.   (1) أخرجه: البخاري 7/ 97 (5414). الحديث: 492 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 170 493 - وعن أنس - رضي الله عنه - قَالَ: لَمْ يَأكُلِ النَّبيُّ - صلى الله عليه وسلم - عَلَى خِوَانٍ (1) حَتَّى مَاتَ، وَمَا أكَلَ خُبْزًا مُرَقَّقًا حَتَّى مَاتَ. رواه البخاري. (2) وفي رواية لَهُ: وَلاَ رَأى شَاةً سَمِيطًا بعَيْنِهِ قَطُّ.   (1) الخوان: ما يوضع عليه الطعام عند الأكل. النهاية 2/ 89. (2) أخرجه: البخاري 7/ 98 (5421) و8/ 119 (6450). الحديث: 493 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 170 494 - وعن النعمان بن بشير رضي الله عنهما، قَالَ: لَقَدْ رَأيْتُ نَبيَّكُمْ - صلى الله عليه وسلم - وَمَا يَجِدُ مِنَ الدَّقَلِ مَا يَمْلأُ بِهِ بَطْنَهُ. رواه مسلم. (1) «الدَّقَلُ»: تَمْرٌ رَدِيءٌ.   (1) انظر الحديث (472). الحديث: 494 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 170 495 - وعن سهلِ بن سعد - رضي الله عنه - قَالَ: مَا رَأى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - النَّقِيَّ مِنْ حِين ابْتَعَثَهُ الله تَعَالَى حَتَّى قَبضَهُ الله تَعَالَى. فقِيلَ لَهُ: هَلْ كَانَ لَكُمْ في عَهدِ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مَنَاخِلُ؟ قَالَ: مَا رَأى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مُنْخُلًا مِنْ حِينَ ابْتَعَثَهُ اللهُ تَعَالَى حَتَّى قَبَضَهُ اللهُ تَعَالَى، فَقِيلَ لَهُ: كَيْفَ كُنْتُمْ تَأكُلُونَ الشَّعِيرَ غَيْرَ مَنْخُولٍ؟ قَالَ: كُنَّا نَطحَنُهُ وَنَنْفُخُهُ، فيَطيرُ مَا طَارَ، وَمَا بَقِيَ ثَرَّيْنَاهُ. رواه البخاري. (1) [ص: 171] قَوْله: «النَّقِيّ» هُوَ بفتح النون وكسر القاف وتشديد الياءِ: وَهُوَ الخُبْزُ الحُوَّارَى، وَهُوَ: الدَّرْمَكُ. قَوْله: «ثَرَّيْنَاهُ» هُوَ بثاء مثلثة، ثُمَّ راء مشددة، ثُمَّ يَاءٍ مُثَنَّاة من تَحْت ثُمَّ نون، أيْ: بَللْنَاهُ وَعَجَنَّاهُ.   (1) أخرجه: البخاري 7/ 96 (5413). الحديث: 495 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 170 496 - وعن أَبي هريرة - رضي الله عنه - قَالَ: خرجَ رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - ذَاتَ يَوْمٍ أَوْ لَيْلَةٍ، فَإذَا هُوَ بأَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ رضي الله عنهما، فَقَالَ: «مَا أَخْرَجَكُمَا مِنْ بُيُوتِكُما هذِهِ السَّاعَةَ؟» قَالا: الجُوعُ يَا رسول الله. قَالَ: «وَأنَا، وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ، لأخْرَجَنِي الَّذِي أخْرَجَكُما، قُوما» فقَامَا مَعَهُ، فَأتَى رَجُلًا مِنَ الأَنْصَارِ، فَإذَا هُوَ لَيْسَ في بيْتِهِ، فَلَمَّا رَأَتْهُ المَرْأَةُ، قالت: مَرْحَبًا وَأهلًا. فقال لَهَا رسول الله - صلى الله عليه وسلم: «أيْنَ فُلانُ؟» قالت: ذَهَبَ يَسْتَعْذِبُ لنَا المَاءَ. إِذْ جَاءَ الأَنْصَارِيُّ، فَنَظَرَ إِلَى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وَصَاحِبَيْهِ، ثُمَّ قَالَ: الحَمْدُ للهِ، مَا أَحَدٌ الْيَوْمَ أكْرَمَ أضْيَافًا مِنِّي، فَانْطَلَقَ فَجَاءهُمْ بِعِذْقٍ فِيهِ بُسْرٌ وَتَمْرٌ وَرُطَبٌ، فَقَالَ: كُلُوا، وَأَخَذَ الْمُدْيَةَ، فَقَالَ لَهُ رسول الله - صلى الله عليه وسلم: «إيَّاكَ وَالْحَلُوبَ» فَذَبَحَ لَهُمْ، فَأكَلُوا مِنَ الشَّاةِ وَمِنْ ذَلِكَ العِذْقِ وَشَرِبُوا. فَلَمَّا أَنْ شَبِعُوا وَرَوُوا قَالَ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لأَبي بَكْر وَعُمَرَ رضي الله عنهما: «وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ، لَتُسْأَلُنَّ عَنْ هَذَا النَّعِيمِ يَوْمَ القِيَامَةِ، أَخْرَجَكُمْ مِنْ بُيُوتِكُمُ الْجُوعُ، ثُمَّ لَمْ تَرْجِعُوا حَتَّى أصَابَكُمْ هَذَا النَّعيمُ». رواه مسلم. (1) قولُهَا: «يَسْتَعْذِبُ» أيْ: يَطْلُبُ المَاءَ العَذْبَ، وَهُوَ الطَّيِّبُ. وَ «العِذْقُ» بكسر العين وإسكان الذال المعجمة: وَهُوَ الكِباسَةُ، وَهِيَ الغُصْنُ. وَ «المُدْيَةُ» بضم الميم وكسرها: هي السِّكِّينُ. وَ «الْحَلُوبُ»: ذاتُ اللَّبَن. وَالسُّؤالُ عَنْ هَذَا النَّعِيمِ سُؤَالُ تَعْدِيد النِّعَم لا سُؤَالُ تَوْبيخٍ وتَعْذِيبٍ، والله أعلَمُ. وَهَذَا الأَنْصَارِيُّ الَّذِي أَتَوْهُ هُوَ، أَبُو الْهَيْثَم بْنُ التَّيِّهَانِ، كَذَا جَاءَ مُبَيَّنًا في رواية الترمذي (2) وغيره.   (1) أخرجه: مسلم 6/ 116 (2038) (140). (2) في «جامعه» (2369)، والحاكم في «المستدرك» 4/ 131، والبيهقي في «شعب الإيمان» (4602) عن أبي هريرة. الحديث: 496 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 171 497 - وعن خالد بن عُمَيْر العَدَوِيِّ، قَالَ: خَطَبَنَا عُتْبَةُ بنُ غَزْوَانَ، وَكَانَ أمِيرًا عَلَى البَصْرَةِ، فَحَمِدَ الله وَأَثْنَى عَلَيْهِ، ثُمَّ قَالَ: أَمَّا بَعْدُ، فَإِنَّ الدُّنْيَا قَدْ آذَنَتْ بِصُرْمٍ، وَوَلَّتْ حَذَّاءَ، وَلَمْ يَبْقَ مِنْهَا إِلاَّ صُبَابَةٌ كَصُبَابَةِ الإنَاءِ يَتَصَابُّهَا صَاحِبُهَا، وَإِنَّكُمْ مُنْتَقِلُونَ مِنْهَا إِلَى دَارٍ لاَ زَوَالَ لَهَا، فَانْتَقِلُوا بِخَيرِ مَا بِحَضْرَتِكُمْ، فَإِنَّهُ قَدْ ذُكِرَ لَنَا أنَّ الحَجَرَ يُلْقَى مِنْ شَفِيرِ جَهَنَّمَ فَيَهْوِي فِيهَا سَبْعِينَ عَامًا، لاَ يُدْرِكُ لَهَا قَعْرًا، وَاللهِ لَتُمْلأَنَّ أَفَعَجِبْتُمْ؟! وَلَقدْ ذُكِرَ لَنَا أنَّ مَا بَيْنَ مِصْرَاعَيْنِ مِنْ مَصَارِيعِ الْجَنَّةِ مَسيرَةُ أرْبَعِينَ عَامًا، وَليَأتِيَنَّ عَلَيْهَا يَوْمٌ وَهُوَ كَظِيظٌ مِنَ الزِّحَامِ، وَلَقَدْ رَأيْتُنِي سَابعَ سَبْعَةٍ مَعَ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مَا لَنَا طَعَامٌ إِلاَّ وَرَقُ الشَّجَرِ، حَتَّى قَرِحَتْ أشْدَاقُنَا، فَالتَقَطْتُ بُرْدَةً فَشَقَقْتُهَا بَيْنِي وَبَيْنَ سَعْدِ بْنِ مَالِكٍ، فاتَّزَرْتُ بِنِصْفِهَا، وَاتَّزَرَ سَعْدٌ بِنِصْفِهَا، فَمَا أصْبَحَ اليَوْمَ مِنَّا أحَدٌ إِلاَّ أَصْبَحَ أمِيرًا عَلَى مِصرٍ مِنَ الأَمْصَارِ، وَإنِّي أعُوذُ بِاللهِ أَنْ أكُونَ فِي نَفْسِي عَظِيمًا، وَعِنْدَ اللهِ صَغِيرًا. رواه مسلم. (1) قَوْله: «آذَنَتْ» هُوَ بِمَدّ الألف، أيْ: أعْلَمَتْ. وَقَوْلُه: «بِصُرْم» هُوَ بضم الصاد، أيْ: بِانْقِطَاعِهَا وَفَنَائِهَا. وَقوله: «ووَلَّتْ حَذَّاءَ» هُوَ بحاءٍ مهملة مفتوحة، ثُمَّ ذال معجمة مشدّدة، ثُمَّ ألف ممدودة، أيْ: سريعة. وَ «الصُّبَابَةُ» بضم الصاد المهملة وهي: البَقِيَّةُ اليَسِيرَةُ. وَقَوْلُهُ: «يَتَصَابُّهَا» هُوَ بتشديد الباء قبل الهاء، أيْ: يجمعها. وَ «الْكَظِيظُ»: الكثير الممتلىءُ. وَقَوْلُه: «قَرِحَتْ» هُوَ بفتح القاف وكسر الراء، أيْ صارت فِيهَا قُروح.   (1) أخرجه: مسلم 8/ 215 (2967) (14). الحديث: 497 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 172 498 - وعن أَبي موسى الأشعري - رضي الله عنه - قَالَ: أخْرَجَتْ لَنَا عَائِشَةُ رضي الله عنها كِسَاءً وَإزارًا غَلِيظًا، قالَتْ: قُبِضَ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في هَذَيْنِ. متفقٌ عَلَيْهِ. (1)   (1) أخرجه: البخاري 7/ 190 (5818)، ومسلم 6/ 145 (2080) (35) عن أبي بردة بن أبي موسى الأشعري، وليس عن أبيه. الحديث: 498 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 172 499 - وعن سعد بن أَبي وقاص - رضي الله عنه - قَالَ: إنِّي لأَوَّلُ الْعَرَبِ رَمَى بِسَهْمٍ في سَبِيلِ الله، وَلَقَدْ كُنَّا نَغْزُو مَعَ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مَا لَنَا طَعَامٌ إِلاَّ وَرَقُ الْحُبْلَةِ، وَهذَا السَّمُرُ، حَتَّى إنْ كَانَ أحَدُنَا لَيَضَعُ كَمَا تَضَعُ الشَّاةُ مَا لَهُ خَلْطٌ. متفقٌ عَلَيْهِ. (1) [ص: 173] «الحُبْلَة» بضم الحاء المهملة وإسكان الباءِ الموحدةِ: وَهِيَ وَالسَّمُرُ، نَوْعَانِ مَعْرُوفَانِ مِنْ شَجَرِ الْبَادِيَةِ.   (1) أخرجه: البخاري 8/ 121 (6453)، ومسلم 8/ 215 (2966) (12). الحديث: 499 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 172 500 - وعن أَبي هريرة - رضي الله عنه - قَالَ: قَالَ رسول الله - صلى الله عليه وسلم: «اللَّهُمَّ اجْعَلْ رِزْقَ آلِ مُحَمّدٍ قُوتًا». متفقٌ عَلَيْهِ. (1) قَالَ أهْلُ اللُّغَةِ وَالغَرِيبِ: مَعْنَى «قُوتًا» أيْ: مَا يَسُدُّ الرَّمَقَ.   (1) أخرجه: البخاري 8/ 122 (6460)، ومسلم 3/ 102 (1055) (126). الحديث: 500 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 173 501 - وعن أَبي هريرة - رضي الله عنه - قَالَ: وَاللهِ الَّذِي لاَ إِلهَ إِلاَّ هُوَ، إنْ كُنْتُ لأَعْتَمِدُ بِكَبِدِي عَلَى الأَرْضِ مِنَ الجُوعِ، وَإنْ كُنْتُ لأَشُدُّ الحَجَرَ عَلَى بَطنِي مِنَ الْجُوعِ. وَلَقَدْ قَعَدْتُ يَومًا عَلَى طَرِيقِهِمُ الَّذِي يَخْرُجُونَ مِنْهُ، فَمَرَّ بِي النبي - صلى الله عليه وسلم - فَتَبَسَّمَ حِيْنَ رَآنِي، وَعَرَفَ مَا فِي وَجْهِي وَمَا فِي نَفْسِي، ثُمَّ قَالَ: «أَبَا هِرٍّ» قُلْتُ: لَبَّيْكَ يَا رسول الله، قَالَ: «الْحَقْ» وَمَضَى فَاتَّبَعْتُهُ، فَدَخَلَ فَاسْتَأذَنَ، فَأَذِنَ لِي فَدَخَلْتُ، فَوَجَدَ لَبَنًا في قَدَحٍ، فَقَالَ: «مِنْ أَيْنَ هَذَا اللَّبَنُ؟» قَالُوا: أهْدَاهُ لَكَ فُلانٌ - أَو فُلانَةٌ - قَالَ: «أَبَا هِرٍّ» قلتُ: لَبَّيْكَ يَا رسول اللهِ، قَالَ: «الْحَقْ إِلَى أهْلِ الصُّفَّةِ فَادْعُهُمْ لِي» قَالَ: وَأهْلُ الصُّفَّة أضْيَافُ الإِسْلاَمِ، لاَ يَأوُونَ علَى أهْلٍ وَلاَ مَالٍ وَلاَ عَلَى أحَدٍ، وَكَانَ إِذَا أتَتْهُ صَدَقَةٌ بَعَثَ بِهَا إلَيْهِمْ، وَلَمْ يَتَنَاوَلْ مِنْهَا شَيْئًا، وَإِذَا أتَتْهُ هَدِيَّةٌ أرْسَلَ إلَيْهِمْ، وَأصَابَ مِنْهَا، وأشْرَكَهُمْ فِيهَا. فَسَاءنِي ذَلِكَ، فَقُلْتُ: وَمَا هَذَا اللَّبَنُ في أهْلِ الصُّفَّةِ! كُنْتُ أحَقُّ أَنْ أُصِيبَ مِنْ هَذَا اللَّبَنِ شَرْبَةً أتَقَوَّى بِهَا، فَإذَا جَاءُوا وَأمَرَنِي فَكُنْتُ أنَا أُعْطِيهِمْ؛ وَمَا عَسَى أَنْ يَبْلُغَنِي مِنْ هَذَا اللَّبَنِ. وَلَمْ يَكُنْ مِنْ طَاعَةِ اللهِ وَطَاعَةِ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بُدٌّ، فَأَتَيْتُهُمْ فَدَعَوْتُهُمْ، فَأقْبَلُوا وَاسْتَأذَنُوا، فَأَذِنَ لَهُمْ وَأخَذُوا مَجَالِسَهُمْ مِنَ الْبَيْتِ، قَالَ: «يَا أَبَا هِرٍّ» قُلْتُ: لَبَّيْكَ يَا رسول الله، قَالَ: «خُذْ فَأعْطِهِمْ» قَالَ: فَأخَذْتُ القَدَحَ، فَجَعَلْتُ أُعْطِيهِ الرَّجُل فَيَشْرَبُ حَتَّى يَرْوَى، ثُمَّ يَرُدُّ عَلَيَّ الْقَدَحَ، فَأُعْطِيهِ الرَّجُلَ فَيَشْرَبُ حَتَّى يَرْوَى، ثُمَّ يَرُدُّ عَلَيَّ الْقَدَحَ، فَأُعْطِيهِ الرَّجُلَ فَيَشْرَبُ حَتَّى يَرْوَى، ثُمَّ يَرُدُّ عَلَيَّ الْقَدَحَ حَتَّى انْتَهَيْتُ إِلَى النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم - وَقَدْ رَوِيَ الْقَوْمُ كُلُّهُمْ، فَأخَذَ الْقَدَحَ فَوضَعَهُ عَلَى يَدِهِ، فَنَظَرَ إليَّ فَتَبَسَّمَ، فَقَالَ: «أَبَا هِرٍّ» قُلْتُ: لَبَّيْكَ يَا رسول الله، قَالَ: «بَقيتُ أنَا وَأنْتَ» قُلْتُ: صَدَقْتَ يَا رسول الله، قَالَ: «اقْعُدْ فَاشْرَبْ» فَقَعَدْتُ فَشَرِبْتُ، فَقَالَ «اشْرَبْ» فَشَرِبْتُ، فَمَا زَالَ [ص: 174] يَقُولُ: «اشْرَبْ» حَتَّى قُلْتُ: لا، وَالَّذِي بَعَثَكَ بِالحَقِّ لاَ أجِدُ لَهُ مَسْلكًا! قَالَ: «فَأرِنِي» فَأعْطَيْتُهُ الْقَدَحَ، فَحَمِدَ الله تَعَالَى، وَسَمَّى وَشَرِبَ الفَضْلَةَ. رواه البخاري. (1)   (1) أخرجه: البخاري 8/ 119 (6452). الحديث: 501 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 173 502 - وعن محمد بن سيرين، عن أَبي هريرة - رضي الله عنه - قَالَ: لَقَدْ رَأيْتُنِي وَإنِّي لأَخِرُّ فِيمَا بَيْنَ مِنْبَرِ رسولِ الله - صلى الله عليه وسلم - إِلَى حُجْرَةِ عائِشَةَ رضي الله عنها مَغْشِيًّا عَلَيَّ، فَيَجِيءُ الجَائِي، فَيَضَعُ رِجْلَهُ عَلَى عُنُقِي، وَيَرَى أنِّي مَجْنُونٌ وَمَا بِي مِنْ جُنُونٍ، مَا بِي إِلاَّ الْجُوعُ. رواه البخاري. (1)   (1) أخرجه: البخاري 9/ 128 (7324). الحديث: 502 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 174 503 - وعن عائشة رضي الله عنها، قالت: تُوُفِّي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وَدِرْعُهُ مَرْهُونَةٌ عِنْدَ يَهُودِي في ثَلاثِينَ صَاعًا مِنْ شَعِير. متفق عَلَيْهِ. (1)   (1) أخرجه: البخاري 4/ 49 (2916)، ومسلم 5/ 55 (1603) (125). الحديث: 503 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 174 504 - وعن أنسٍ - رضي الله عنه - قَالَ: رَهَنَ النَّبيُّ - صلى الله عليه وسلم - دِرْعَهُ بِشَعِيرٍ، وَمَشَيْتُ إِلَى النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم - بخُبْزِ شَعِيرٍ وَإهَالَة سَنِخَةٍ، وَلَقَدْ سَمِعْتُهُ يَقُولُ: «مَا أصْبَحَ لآلِ مُحَمّدٍ صَاعٌ (1) وَلاَ أمْسَى» وَإنَّهُمْ لَتِسْعَةُ أبيَات. رواه البخاري. (2) «الإهالَةُ» بكسر الهمزة: الشَّحْمُ الذَّائِبُ. وَ «السَّنِخَةُ» بالنون والخاء المعجمة: وَهِيَ المُتَغَيِّرَةُ.   (1) الصاع: مكيال يسع أربعة أمداد. النهاية 3/ 60. (2) أخرجه: البخاري 3/ 186 (2508). الحديث: 504 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 174 505 - وعن أَبي هريرة - رضي الله عنه - قَالَ: لَقَدْ رَأَيْتُ سَبْعِينَ مِنْ أَهْلِ الصُّفَّةِ، مَا مِنْهُمْ رَجُلٌ عَلَيْهِ ردَاءٌ، إمَّا إزَارٌ وَإمَّا كِسَاءٌ، قَدْ رَبَطُوا في أعْنَاقِهِم مِنْهَا مَا يَبْلُغُ نِصْفَ السَّاقَيْن، وَمِنْهَا مَا يَبْلُغُ الكَعْبَيْنِ فَيَجْمَعُهُ بِيَدِهِ كَرَاهِيَةَ أَنْ تُرَى عَوْرَتُهُ. رواه البخاري. (1)   (1) انظر الحديث (468). الحديث: 505 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 174 506 - وعن عائشة رضي الله عنها، قالت: كَانَ فِرَاشُ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مِنْ أُدْمٍ (1) حَشْوُهُ لِيفٌ. رواه البخاري. (2)   (1) الأدم: الجلد المدبوغ. عون المعبود 11/ 203. (2) أخرجه: البخاري 8/ 121 (6456). الحديث: 506 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 174 507 - وعن ابن عمر رضي الله عنهما، قَالَ: كُنَّا جُلُوسًا مَعَ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إِذْ جَاءَ رَجُلٌ مِنَ الأنْصَارِ، فَسَلَّمَ عَلَيْهِ، ثُمَّ أدْبَرَ الأَنْصَاريُّ، فَقَالَ رسول الله - صلى الله عليه وسلم: «يَا أخَا الأنْصَارِ، كَيْفَ أخِي سَعْدُ بْنُ عُبَادَةَ؟» فَقَالَ: صَالِحٌ، فَقَالَ رسول الله - صلى الله عليه وسلم: «مَنْ يَعُودُهُ مِنْكُمْ؟» فَقَامَ وَقُمْنَا مَعَهُ، وَنَحْنُ بضْعَةَ عَشَرَ، مَا عَلَيْنَا نِعَالٌ، وَلاَ خِفَافٌ، وَلاَ قَلاَنِسُ (1)، وَلاَ قُمُصٌ، نَمْشِي في تِلك السِّبَاخِ، حَتَّى جِئْنَاهُ، فَاسْتَأْخَرَ قَوْمُهُ مِنْ حَوْله حَتَّى دَنَا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وَأصْحَابُهُ الَّذِينَ مَعَهُ. رواه مسلم. (2)   (1) القلانس: من ملابس الرؤوس. اللسان 11/ 279 (قلس). (2) أخرجه: مسلم 3/ 40 (925) (13). الحديث: 507 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 175 508 - وعن عِمْرَان بنِ الحُصَيْنِ رضي الله عنهما، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنّه قَالَ: «خَيْرُكُمْ قَرْنِي، ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُمْ، ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُمْ» قَالَ عِمْرَانُ: فَمَا أدْري قَالَ النبي - صلى الله عليه وسلم - مَرَّتَيْنِ أَو ثَلاَثًا «ثُمَّ يَكُونُ بَعْدَهُمْ قَوْمٌ يَشْهَدُونَ وَلاَ يُسْتَشْهَدُونَ، وَيَخُونُونَ وَلاَ يُؤْتَمَنُونَ، وَيَنْذِرُونَ وَلاَ يُوفُونَ، وَيَظْهَرُ فِيهمُ السَّمَنُ». متفقٌ عَلَيْهِ. (1)   (1) أخرجه: البخاري 3/ 224 (2651)، ومسلم 7/ 185 (2535) (214). الحديث: 508 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 175 509 - وعن أَبي أُمَامَة - رضي الله عنه - قَالَ: قَالَ رسول الله - صلى الله عليه وسلم: «يَا ابْنَ آدَمَ، إنَّكَ أَنْ تَبْذُلَ الفَضْلَ خَيرٌ لَكَ، وَأنْ تُمسِكَهُ شَرٌ لَكَ، ولاَ تُلاَمُ عَلَى كَفَافٍ، وَابْدأ بِمَنْ تَعُولُ». رواه الترمذي، (1) وقال: «حديث حسن صحيح».   (1) أخرجه: مسلم 3/ 94 (1036) (97)، والترمذي (2343). الحديث: 509 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 175 510 - وعن عُبيْدِ الله بنِ محْصن الأَنصَارِيِّ الخطميِّ - رضي الله عنه - قَالَ: قَالَ رسول الله - صلى الله عليه وسلم: «مَنْ أصْبَحَ مِنْكُمْ آمِنًا في سربِهِ، مُعَافَىً في جَسَدِهِ، عِنْدَهُ قُوتُ يَوْمِهِ، فَكَأنَّمَا حِيزَتْ لَهُ الدُّنْيَا بِحَذَافِيرِهَا (1)». رواه الترمذي، (2) وقال: «حديث حسن». «سِربه»: بكسر السين المهملة: أي نَفْسه، وَقِيلَ: قَومه.   (1) واحدها حذفار، وقيل: حذفور: أي فكأنما أُعطي الدنيا بأسرها. النهاية 1/ 356. (2) أخرجه: ابن ماجه (4141)، والترمذي (2346) وقال: «حديث حسن غريب». الحديث: 510 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 175 511 - وعن عبد الله بن عَمْرو بنِ العاص رضي الله عنهما: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: «قَدْ أفْلَحَ مَنْ أسْلَمَ، وَكَانَ رِزْقُهُ كَفَافًا، وَقَنَّعَهُ اللهُ بِمَا آتَاهُ». رواه مسلم. (1)   (1) أخرجه: مسلم 3/ 102 (1054) (125). الحديث: 511 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 175 512 - وعن أَبي محمدٍ فضَالَة بن عبيدٍ الأنصاريِّ - رضي الله عنه: أنه سمع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: «طُوبَى لِمَنْ هُدِيَ لِلإسْلاَمِ، وَكَانَ عَيْشُهُ كَفَافًا وَقَنِعَ». رواه الترمذي، (1) وقال: «حديث حسن صحيح».   (1) أخرجه: الترمذي (2349)، والنسائي كما في «تحفة الأشراف» 7/ 495 (11033). الحديث: 512 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 176 513 - وعن ابن عباس رضي الله عنهما، قَالَ: كَانَ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يَبيتُ اللَّيَالِيَ الْمُتَتَابِعَةَ طَاوِيًا، وَأهْلُهُ لاَ يَجِدُونَ عَشَاءً، وَكَانَ أكْثَرُ خُبْزِهِمْ خُبزَ الشَّعيرِ. رواه الترمذي، (1) وقال: «حديث حسن صحيح».   (1) أخرجه: ابن ماجه (3347)، والترمذي (2360). الحديث: 513 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 176 514 - وعن فُضَالَةَ بن عبيدٍ - رضي الله عنه: أنَّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كَانَ إِذَا صَلَّى بِالنَّاسِ، يَخِرُّ رِجَالٌ مِنْ قَامَتِهِمْ في الصَّلاةِ مِنَ الخَصَاصَةِ - وَهُمْ أصْحَابُ الصُّفَّةِ - حَتَّى يَقُولَ الأعْرَابُ: هؤُلاء مَجَانِينٌ. فَإذَا صلَّى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - انْصَرَفَ إلَيْهِمْ، فَقَالَ: «لَوْ تَعْلَمُونَ مَا لَكُمْ عِنْدَ اللهِ تَعَالَى، لأَحْبَبْتُمْ أَنْ تَزْدَادُوا فَاقَةً وَحَاجَةً». رواه الترمذي، (1) وقال: «حديث صحيح». «الخَصَاصَةُ»: الفَاقَةُ وَالجُوعُ الشَّدِيدُ.   (1) أخرجه: الترمذي (2368) وقال: «حديث حسن صحيح». الحديث: 514 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 176 515 - وعن أَبي كريمة المقدام بن معد يكرِبَ - رضي الله عنه - قَالَ: سَمِعْتُ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: «مَا مَلأَ آدَمِيٌّ وِعَاء شَرًّا مِنْ بَطْنٍ، بِحَسْبِ ابنِ آدَمَ أُكُلاَتٌ يُقِمْنَ صُلْبَهُ، فإنْ كانَ لا مَحالةَ فثُلُثٌ لِطَعَامِهِ، وَثُلُثٌ لِشَرابِهِ، وَثُلُثٌ لِنَفَسه». رواه الترمذي، (1) وقال: «حديث حسن». «أكُلاَتٌ» أيْ: لُقَمٌ.   (1) أخرجه: ابن ماجه (3349)، والترمذي (2380)، والنسائي في «الكبرى» (6770)، وقال الترمذي: «حديث حسن صحيح». الحديث: 515 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 176 516 - وعن أَبي أُمَامَة إياسِ بن ثعلبةَ الأَنْصَارِيِّ الحارثي - رضي الله عنه - قَالَ: ذَكَرَ أصْحَابُ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يَومًا عِنْدَهُ الدُّنْيَا، فَقَالَ رسول الله - صلى الله عليه وسلم: «ألاَ تَسْمَعُونَ؟ ألاَ تَسْمَعُونَ؟ إنَّ البَذَاذَةَ مِنَ الإِيمَانِ، إنَّ البَذَاذَةَ مِنَ الإِيمَانِ» يَعْنِي: التَّقَحُّلَ. رواهُ أَبو داود. (1) «البَذَاذَةُ» - بالباءِ الموحدةِ والذالين المعجمتين - وَهِيَ رَثَاثَةُ الهَيْئَةِ وَتَرْكُ فَاخِرِ اللِّبَاسِ. وَأَمَّا «التَّقَحُّلُ» فبالقافِ والحاء: قَالَ أهْلُ اللُّغَةِ: المُتَقَحِّلُ هُوَ الرَّجُلُ اليَابِسُ الجِلْدِ مِنْ خُشُونَةِ العَيْشِ وَتَرْكِ التَّرَفُّهِ.   (1) أخرجه: أبو داود (4161)، وابن ماجه (4118). الحديث: 516 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 176 517 - وعن أَبي عبد الله جابر بن عبد الله رضي الله عنهما، قَالَ: بَعَثَنَا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وَأمَّرَ عَلَيْنَا أَبَا عُبَيْدَةَ - رضي الله عنه - نَتَلَقَّى عِيرًا لِقُرَيْشٍ، وَزَوَّدَنَا جِرَابًا مِنْ تَمْرٍ لَمْ يَجِدْ لَنَا غَيْرَهُ، فَكَانَ أَبو عُبيدَةَ يُعْطِينَا تَمْرَةً تَمْرَةً، فَقيلَ: كَيْفَ كُنْتُمْ تَصْنَعُونَ بِهَا؟ قَالَ: نَمَصُّهَا كَمَا يَمَصُّ الصَّبي، ثُمَّ نَشْرَبُ عَلَيْهَا مِنَ الْمَاءِ، فَتَكْفِينَا يَوْمَنَا إِلَى اللَّيْلِ، وَكُنَّا نَضْرِبُ بِعِصيِّنَا الخَبَطَ، ثُمَّ نَبُلُّهُ بِالماءِ فَنَأكُلُهُ. قَالَ: وَانْطَلَقْنَا عَلَى سَاحِلِ الْبَحْرِ، فَرُفِعَ لَنَا عَلَى سَاحِلِ الْبَحْرِ كَهَيْئَةِ الكَثِيبِ الضَّخْمِ، فَأَتَيْنَاهُ فَإذَا هِيَ دَابَّةٌ تُدْعَى الْعَنْبَرَ (1)، فَقَالَ أَبو عُبَيْدَةَ: مَيْتَةٌ، ثُمَّ قَالَ: لا، بَلْ نَحْنُ رُسُلُ رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم - وفي سبيل الله وَقَدِ اضْطُرِرْتُمْ فَكُلُوا، فَأقَمْنَا عَلَيْهِ شَهْرًا، وَنَحْنُ ثَلاَثُمِئَةٍ حَتَّى سَمِنَّا، وَلَقَدْ رَأيْتُنَا نَغْتَرِفُ مِن وَقْبِ عَيْنِهِ بِالقِلاَلِ الدُّهْنَ وَنَقْطَعُ مِنْهُ الفِدَرَ كالثَّوْرِ أَوْ كَقَدْرِ الثَّوْرِ، وَلَقَدْ أَخَذَ مِنَّا أَبو عُبَيْدَةَ ثَلاثَةَ عَشَرَ رَجُلًا فَأقْعَدَهُمْ في وَقْبِ عَيْنِهِ وَأخَذَ ضِلْعًا مِنْ أضْلاَعِهِ فَأقَامَهَا ثُمَّ رَحَلَ أعْظَمَ بَعِيرٍ مَعَنَا فَمَرَّ مِنْ تَحْتهَا وَتَزَوَّدْنَا مِنْ لَحْمِهِ وَشَائِقَ، فَلَمَّا قَدِمْنَا المَدِينَةَ أَتَيْنَا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فَذَكَرْنَا ذَلِكَ لَهُ، فَقَالَ: «هُوَ رِزْقٌ أخْرَجَهُ اللهُ لَكُمْ، فَهَلْ مَعَكُمْ مِنْ لَحْمِهِ شَيْءٌ فَتُطْعِمُونَا؟» فَأرْسَلْنَا إِلَى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مِنْهُ فَأكَلَهُ. رواه مسلم. (2) «الجِرَابُ»: وِعَاءٌ مِنْ جِلْدٍ مَعْرُوفٌ، وَهُوَ بِكَسرِ الجيم وفتحها والكسر أفْصَحُ. قَوْلُهُ: «نَمَصُّهَا» بفتح الميم، وَ «الخَبَطُ»: وَرَقُ شَجَرٍ مَعْرُوفٍ تَأكُلُهُ الإبِلُ. وَ «الكَثِيبُ»: التَّلُّ مِنَ الرَّمْلِ، وَ «الوَقْبُ»: بفتح الواو وَإسكان القافِ وبعدها بَاءٌ موحدةٌ وَهُوَ نُقْرَةُ العَيْنِ. وَ «القِلاَلُ»: الجِرار. وَ «الفِدَرُ» بكسرِ الفاءِ وفتح الدال: القِطَعُ. «رَحَلَ البَعِيرَ» بتخفيف الحاءِ: أيْ جَعَلَ عَلَيْهِ الرَّحْلِ. «الوَشَائِقُ» بالشينِ المعجمةِ والقاف: اللَّحْمُ الَّذِي اقْتُطِعَ لِيُقَدَّدَ مِنْهُ، والله أعلم.   (1) العنبر: سمكة بحرية كبيرة، يتخذ من جلدها الترس. النهاية 3/ 306. (2) أخرجه: مسلم 6/ 61 (1935) (17). الحديث: 517 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 177 518 - وعن أسماء بنتِ يزيد رضي الله عنها، قالت: كَانَ كُمُّ قَمِيصِ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إِلَى الرُّصْغِ. رواه أَبو داود والترمذي، (1) وقال: «حديث حسن». [ص: 178] «الرُّصْغُ» بالصاد وَالرُّسْغُ بالسينِ أيضًا: هُوَ المَفْصِلُ بَيْنَ الكفِّ والسَّاعِدِ.   (1) أخرجه: أبو داود (4027)، والترمذي (1765)، والنسائي في «الكبرى» (9666) وقال الترمذي: «حديث حسن غريب». الحديث: 518 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 177 519 - وعن جابر - رضي الله عنه - قَالَ: إنَّا كُنَّا يَوْمَ الْخَنْدَقِ نَحْفِرُ، فَعَرَضَتْ كُدْيَةٌ شَدِيدَةٌ، فَجَاؤُوا إِلَى النبي - صلى الله عليه وسلم - فقالوا: هذِهِ كُدْيَةٌ عَرَضَتْ في الخَنْدَقِ. فَقَالَ: «أنَا نَازِلٌ» ثُمَّ قَامَ، وَبَطْنُهُ مَعْصُوبٌ بِحَجَرٍ، وَلَبِثْنَا ثَلاَثَة أيّامٍ لاَ نَذُوقُ ذَوَاقًا، فَأخَذَ النبي - صلى الله عليه وسلم - المِعْوَلَ، فَضَرَبَ فَعَادَ كَثيبًا أهْيَلَ أَو أهْيَمَ، فقلت: يَا رسول الله، ائْذَنْ لي إِلَى البَيْتِ، فقلتُ لامْرَأتِي: رَأيْتُ بالنَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم - شَيئًا مَا في ذَلِكَ صَبْرٌ فَعِنْدَكِ شَيْءٌ؟ فقالت: عِنْدي شَعِيرٌ وَعَنَاقٌ (1)، فَذَبَحْتُ العَنَاقَ وَطَحَنْتُ الشَّعِيرَ حَتَّى جَعَلْنَا اللَّحْمَ في البُرْمَةِ، ثُمَّ جِئْتُ النبي - صلى الله عليه وسلم - وَالعَجِينُ قَدِ انْكَسَرَ، وَالبُرْمَةُ بَيْنَ الأثَافِيِّ قَدْ كَادَتْ تَنْضِجُ، فقلتُ: طُعَيْمٌ لي، فَقُمْ أنْتَ يَا رسول اللهِ وَرَجُلٌ أَوْ رَجُلانِ، قَالَ: «كَمْ هُوَ»؟ فَذَكَرْتُ لَهُ، فَقَالَ: «كثيرٌ طَيِّبٌ قُل لَهَا لاَ تَنْزَع البُرْمَةَ، وَلاَ الخبْزَ مِنَ التَّنُّورِحتى آتِي» فَقَالَ: «قُومُوا»، فقام المُهَاجِرُونَ وَالأنْصَارُ، فَدَخَلْتُ عَلَيْهَا فقلتُ: وَيْحَكِ قَدْ جَاءَ النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - وَالمُهَاجِرُونَ وَالأنْصَارُ ومن مَعَهُمْ! قالت: هَلْ سَألَكَ؟ قُلْتُ: نَعَمْ، قَالَ: «ادْخُلُوا وَلاَ تَضَاغَطُوا» فَجَعَلَ يَكْسرُ الخُبْزَ، وَيَجْعَلُ عَلَيْهِ اللَّحْمَ، وَيُخَمِّرُ البُرْمَةَ (2) وَالتَّنُّور إِذَا أخَذَ مِنْهُ، وَيُقَرِّبُ إِلَى أصْحَابِهِ ثُمَّ يَنْزعُ، فَلَمْ يَزَلْ يِكْسِرُ وَيَغْرِفُ حَتَّى شَبِعُوا، وَبَقِيَ مِنْهُ، فَقَالَ: «كُلِي هَذَا وَأهِدي، فَإنَّ النَّاسَ أصَابَتْهُمْ مَجَاعَةٌ». متفقٌ عَلَيْهِ. (3) وفي رواية قَالَ جابر: لَمَّا حُفِرَ الخَنْدَقُ رَأيْتُ بالنبيِّ - صلى الله عليه وسلم - خَمَصًا، فَانْكَفَأْتُ إِلَى امْرَأتِي، فقلت: هَلْ عِنْدَكِ شَيْءٌ؟ فَإنّي رَأيْتُ برسول الله - صلى الله عليه وسلم - خَمَصًا شَديدًا، فَأخْرَجَتْ إلَيَّ جِرَابًا فِيه صَاعٌ مِنْ شَعِيرٍ، وَلَنَا بَهِيمَةٌ دَاجِنٌ فَذَبَحْتُهَا، وَطَحَنتِ الشَّعِيرَ، فَفَرَغَتْ إِلَى فَرَاغي، وَقَطَعْتُهَا في بُرْمَتها، ثُمَّ وَلَّيْتُ إِلَى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقالت: لاَ تَفْضَحْنِي برسول الله - صلى الله عليه وسلم - وَمَنْ مَعَهُ، فَجئتهُ فَسَارَرْتُهُ، فَقُلْتُ: يَا رسول الله، ذَبَحْنَا بهيمَة لَنَا، وَطَحَنْتُ صَاعًا مِنْ شَعِيرٍ، فَتَعَالَ أنْتَ وَنَفَرٌ مَعَكَ، فَصَاحَ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ: «يَا أهلَ الخَنْدَقِ: إنَّ جَابِرًا قَدْ صَنَعَ سُؤْرًا فَحَيَّهَلا بِكُمْ» فَقَالَ النبي - صلى الله عليه وسلم: «لاَ تُنْزِلُنَّ بُرْمَتَكُمْ وَلاَ تَخْبزنَّ عَجِينَكُمْ حَتَّى أجِيءَ» فَجِئْتُ، وَجَاءَ النبي - صلى الله عليه وسلم - يَقْدُمُ النَّاسَ، حَتَّى جِئْتُ امْرَأتِي،   (1) العناق: هي الأنثى من أولاد المعز ما لم يَتِمّ له سَنَة. النهاية 3/ 311. (2) البُرْمَة: القِدر مطلقًا، وجمعها بِرَام. النهاية 1/ 121. (3) أخرجه: البخاري 5/ 139 (4102)، ومسلم 6/ 117 (2039) (141). الحديث: 519 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 178 فقالَتْ: بِكَ وَبِكَ! فقُلْتُ: قَدْ فَعَلْتُ الَّذِي قُلْتِ. فَأخْرَجَتْ عَجِينًا، فَبسَقَ فِيهِ وَبَاركَ، ثُمَّ عَمَدَ إِلَى بُرْمَتِنا فَبصَقَ وَبَارَكَ، ثُمَّ قَالَ: «ادْعِي خَابزَةً فَلْتَخْبِزْ مَعَكِ، وَاقْدَحِي مِنْ بُرْمَتِكُمْ، وَلاَ تُنْزِلُوها» وَهُم ألْفٌ، فَأُقْسِمُ بِالله لأَكَلُوا حَتَّى تَرَكُوهُ وَانْحَرَفُوا، وَإنَّ بُرْمَتَنَا لَتَغِطّ كَمَا هِيَ، وَإنَّ عَجِينَنَا لَيُخْبَزُ كَمَا هُوَ. قَوْله: «عَرَضَتْ كُدْيَةٌ» بضم الكاف وإسكان الدال وبالياء المثناة تَحْتَ، وَهِيَ قِطْعَةٌ غَلِيظَةٌ صُلْبَةٌ مِنَ الأرضِ لاَ يَعْمَلُ فِيهَا الفَأسُ، وَ «الكَثيبُ» أصْلُهُ تَلُّ الرَّمْل، وَالمُرَادُ هُنا: صَارَتْ تُرابًا نَاعِمًا، وَهُوَ مَعْنَى «أهْيَلَ». وَ «الأَثَافِيُّ»: الأحجَارُ الَّتي يكُونُ عَلَيْهَا القِدْرُ، وَ «تَضَاغَطُوا»: تَزَاحَمُوا. وَ «المَجَاعَةُ»: الجُوعُ، وَهُوَ بفتح الميم. وَ «الخَمَصُ»: بفتح الخاء المعجمة والميم: الجُوعُ، وَ «انْكَفَأتُ»: انْقَلَبْتُ وَرَجَعْتُ. و «البُهَيْمَةُ» بضم الباء، تصغير بَهْمَة وَهيَ، العَنَاقُ، بفتح العين. وَ «الدَّاجِنُ»: هِيَ الَّتي ألِفَتِ البَيْتَ: وَ «السُّؤْرُ» الطَّعَامُ الَّذِي يُدْعَى النَّاسُ إِلَيْهِ؛ وَهُوَ بالفَارِسيَّة. وَ «حَيَّهَلا» أيْ تَعَالُوا. وَقَوْلُهَا «بك وَبكَ» أيْ خَاصَمَتْهُ وَسَبَّتْهُ، لأَنَّهَا اعْتَقَدَتْ أنَّ الَّذِي عِنْدَهَا لاَ يَكْفِيهمْ، فَاسْتَحْيَتْ وَخَفِيَ عَلَيْهَا مَا أكْرَمَ الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى بِهِ نَبِيَّهُ - صلى الله عليه وسلم - مِنْ هذِهِ المُعْجِزَةِ الظَّاهِرَةِ وَالآية البَاهِرَةِ. «بَسَقَ» أيْ: بَصَقَ؛ وَيُقَالُ أيْضًا: بَزَقَ، ثَلاث لُغاتٍ. وَ «عَمَدَ» بفتح الميم، أيْ: قَصَدَ. وَ «اقْدَحي» أيْ: اغْرِفِي؛ وَالمِقْدَحَةُ: المِغْرَفَةُ. وَ «تَغِطُّ» أيْ: لِغَلَيَانِهَا صَوْتٌ، والله أعلم. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 179 520 - وعن أنسٍ - رضي الله عنه - قَالَ: قَالَ أَبو طَلْحَةَ لأُمِّ سُلَيمٍ: قَدْ سَمِعْتُ صَوْتَ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ضَعيفًا أعْرِفُ فيه الجُوعَ، فَهَلْ عِنْدَكِ مِنْ شَيْءٍ؟ فَقَالَتْ: نَعَمْ، فَأخْرَجَتْ أقْرَاصًا مِنْ شَعِيرٍ، ثُمَّ أخَذَتْ خِمَارًا لَهَا، فَلَفَّتِ الخُبْزَ بِبَعْضِهِ، ثُمَّ دَسَّتْهُ تَحْتَ ثَوْبِي وَرَدَّتْنِي بِبَعْضِهِ، ثُمَّ أرْسَلَتْني إِلَى رسولِ الله - صلى الله عليه وسلم - فَذَهَبتُ بِهِ، فَوَجَدْتُ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - جَالِسًا في المَسْجِدِ، وَمَعَهُ النَّاسُ، فَقُمْتُ عَلَيْهمْ، فَقَالَ لي رسول الله - صلى الله عليه وسلم: «أرْسَلَكَ أَبو طَلْحَةَ؟» فقلت: نَعَمْ، فَقَالَ: «ألِطَعَامٍ؟» فقلت: نَعَمْ، فَقَالَ رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم: «قُومُوا» فَانْطَلَقُوا وَانْطَلَقْتُ بَيْنَ أيْدِيهِمْ حَتَّى جِئْتُ أَبَا طَلْحَةَ فَأخْبَرْتُهُ، فَقَالَ أَبو طَلْحَةَ: يَا أُمَّ سُلَيْمٍ، قَدْ جَاءَ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بالنَّاسِ وَلَيْسَ عِنْدَنَا مَا نُطْعِمُهُمْ؟ فَقَالَتْ: الله وَرَسُولُهُ أعْلَمُ. الحديث: 520 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 179 فَانْطَلَقَ أَبو طَلْحَةَ حَتَّى لَقِيَ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - فَأقْبَلَ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مَعَهُ حَتَّى دَخَلاَ، فَقَالَ رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم: «هَلُمِّي مَا عِنْدَكِ يَا أُمَّ سُلَيْمٍ» فَأتَتْ بِذلِكَ الخُبْزِ، فَأمَرَ بِهِ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فَفُتَّ، وَعَصَرَتْ عَلَيْهِ أمُّ سُلَيْمٍ عُكّةً فَآدَمَتْهُ، ثُمَّ قَالَ فِيهِ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مَا شَاءَ اللهُ أَنْ يَقُولَ، ثُمَّ قَالَ: «ائْذَنْ لِعَشْرَةٍ» فأذنَ لَهُمْ فَأكَلُوا حتى شَبِعُوا ثُمَّ خَرَجُوا، ثُمَّ قَالَ: «ائْذَنْ لِعَشْرَةٍ» فأذِنَ لهم حَتَّى أكَلَ الْقَوْمُ كُلُّهُمْ وَشَبِعُوا وَالقَوْمُ سَبْعُونَ رَجُلًا أَو ثَمَانُونَ. متفقٌ عَلَيْهِ. (1) وفي رواية: فَمَا زَالَ يَدْخُلُ عَشرَة، وَيخرجُ عشرةٌ حَتَّى لَمْ يَبْقَ مِنْهُمْ أحَدٌ إِلاَّ دَخَلَ، فَأكَلَ حَتَّى شَبعَ، ثُمَّ هَيَّأهَا فَإذَا هِيَ مِثْلُهَا حِيْنَ أكَلُوا مِنْهَا. وفي رواية: فَأَكَلُوا عَشرَةً عَشرةً، حَتَّى فَعَلَ ذَلِكَ بِثَمَانِينَ رَجُلًا، ثُمَّ أكَلَ النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - بَعْدَ ذَلِكَ وَأهْلُ البَيْتِ، وَتَرَكُوا سُؤْرًا. وفي رواية: ثُمَّ أفْضَلُوا مَا بَلَغُوا جيرانَهُمْ. وفي رواية عن أنس، قَالَ: جِئتُ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - يومًا، فَوَجَدْتُهُ جَالِسًا مَعَ أصْحَابِه، وَقَدْ عَصَبَ بَطْنَهُ، بِعِصَابَةٍ، فقلتُ لِبَعْضِ أصْحَابِهِ: لِمَ عَصَبَ رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - بَطْنَهُ؟ فقالوا: مِنَ الجوعِ، فَذَهَبْتُ إِلَى أَبي طَلْحَةَ، وَهُوَ زَوْجُ أُمِّ سُلَيْمٍ بِنْت مِلْحَانَ، فقلتُ: يَا أبتَاهُ، قَدْ رَأيْتُ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عَصَبَ بَطْنَهُ بِعِصَابَةٍ، فَسَألْتُ بَعْضَ أصْحَابِهِ، فقالوا: من الجُوعِ. فَدَخَلَ أَبو طَلْحَةَ عَلَى أُمِّي، فَقَالَ: هَلْ مِنْ شَيءٍ؟ قالت: نَعَمْ، عِنْدِي كِسَرٌ مِنْ خُبْزٍ وَتَمَرَاتٌ، فَإنْ جَاءنَا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وَحْدَهُ أشْبَعْنَاهُ، وَإنْ جَاءَ آخَرُ مَعَهُ قَلَّ عَنْهُمْ ... وَذَكَرَ تَمَامَ الْحَدِيثِ.   (1) أخرجه: البخاري 8/ 174 (6688)، ومسلم 6/ 118 (2040) (142) و119 (2040) (143) و120 (2040) (143). الجزء: 1 ¦ الصفحة: 180 57 - باب القناعة والعَفاف والاقتصاد في المعيشة والإنفاق وذم السؤال من غير ضرورة قَالَ الله تَعَالَى: {وَمَا مِنْ دَابَّةٍ في الأرْضِ إِلاَّ عَلَى اللهِ رِزْقُهَا} [هود: 6]، وقال تَعَالَى: {لِلْفُقَرَاءِ الَّذِينَ أُحْصِرُوا في سَبِيلِ اللهِ لاَ يَسْتَطِيعُونَ ضَرْبًا فِي الأَرْضِ يَحْسَبُهُمُ الْجَاهِلُ أَغْنِيَاءَ مِنَ التَّعَفُّفِ تَعْرِفُهُمْ بِسِيمَاهُمْ لاَ يَسْأَلُونَ النَّاسَ إلْحَافًا} [البقرة: 273]، وقال تَعَالَى: {وَالَّذِينَ إِذَا أَنْفَقُوا لَمْ يُسْرِفُوا وَلَمْ يَقْتُرُوا وَكَانَ بَيْنَ ذَلِكَ قَوَامًا} [الفرقان: 67]، وقال تَعَالَى: {وَمَا خَلَقْتُ الجِنَّ وَالإِنْسَ إِلاَّ لِيَعْبُدُونِ مَا أُرِيدُ مِنْهُمْ [ص: 181] مِنْ رِزْقٍ وَمَا أُرِيدُ أَنْ يُطْعِمُونِ} [الذاريات: 56 - 57]. وَأَمَّا الأحاديث، فتقدم معظمها في البابينِ السابقينِ، ومما لَمْ يتقدم: الجزء: 1 ¦ الصفحة: 180 521 - عن أَبي هريرة - رضي الله عنه - عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: «لَيْسَ الغِنَى عَن كَثرَةِ العَرَض، وَلكِنَّ الغِنَى غِنَى النَّفْسِ». متفقٌ عَلَيْهِ. (1) «العَرَضُ» بفتح العين والراءِ: هُوَ المَالُ.   (1) أخرجه: البخاري 8/ 118 (6446)، ومسلم 3/ 100 (1051) (120). الحديث: 521 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 181 522 - وعن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما: أنَّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: «قَدْ أفْلَحَ مَنْ أَسْلَمَ، وَرُزِقَ كَفَافًا، وقَنَّعَهُ اللهُ بِمَا آتَاهُ». رواه مسلم. (1)   (1) انظر الحديث (511). الحديث: 522 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 181 523 - وعن حكيم بن حزام - رضي الله عنه - قَالَ: سألتُ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فَأعْطَانِي، ثُمَّ سَألْتُهُ فَأَعْطَانِي، ثُمَّ سَألْتُهُ فَأعْطَانِي، ثُمَّ قَالَ: «يَا حَكِيم، إنَّ هَذَا المَالَ خَضِرٌ حُلْوٌ، فَمَنْ أخَذَهُ بِسَخَاوَةِ نَفسٍ بُورِكَ لَهُ فِيهِ، وَمَنْ أخَذَهُ بإشرافِ نَفسٍ لَمْ يُبَارَكْ لَهُ فِيهِ، وَكَانَ كَالَّذِي يَأكُلُ وَلاَ يَشْبَعُ، وَاليَدُ الْعُلْيَا خَيْرٌ مِنَ اليَدِ السُّفْلَى» قَالَ حكيم: فقلتُ: يَا رسول الله، وَالَّذِي بَعَثَكَ بِالحَقِّ لاَ أرْزَأُ أحَدًا بَعْدَكَ شَيْئًا حَتَّى أُفَارِقَ الدُّنْيَا، فَكَانَ أَبُو بَكْرٍ - رضي الله عنه - يَدْعُو حَكيمًا لِيُعْطِيَه العَطَاء، فَيَأبَى أَنْ يَقْبَلَ مِنْهُ شَيْئًا، ثُمَّ إنَّ عُمَرَ - رضي الله عنه - دَعَاهُ لِيُعْطِيَه فَأَبَى أَنْ يَقْبَلَهُ. فقالَ: يَا مَعْشَرَ المُسْلِمِينَ، أُشْهِدُكُمْ عَلَى حَكيمٍ أنّي أعْرِضُ عَلَيْهِ حَقَّهُ الَّذِي قَسَمَهُ اللهُ لَهُ في هَذَا الفَيء فَيَأبَى أَنْ يَأخُذَهُ. فَلَمْ يَرْزَأْ حَكيمٌ أحَدًا مِنَ النَّاسِ بَعْدَ النبي - صلى الله عليه وسلم - حَتَّى تُوُفِّي. متفقٌ عَلَيْهِ. (1) «يَرْزَأُ» بِراءٍ ثُمَّ زايٍ ثُمَّ همزة؛ أيْ: لَمْ يَأخُذْ مِنْ أحَدٍ شَيْئًا، وَأصْلُ الرُّزءِ: النُّقْصَان، أيْ: لَمْ يَنقُص أحَدًا شَيْئًا بالأخذِ مِنْهُ، وَ «إشْرَافُ النَّفْسِ»: تَطَلُّعُهَا وَطَمَعُهَا بالشَّيْء. وَ «سَخَاوَةُ النَّفْسِ»: هِيَ عَدَمُ الإشرَاف إِلَى الشَيء، وَالطَّمَع فِيهِ، وَالمُبَالاَةِ بِهِ وَالشَّرَهِ.   (1) أخرجه: البخاري 2/ 152 (1472)، ومسلم 3/ 94 (1035) (96). الحديث: 523 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 181 524 - وعن أَبي بردة، عن أَبي موسى الأشعري - رضي الله عنه - قَالَ: خَرَجْنَا مَعَ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في غَزاةٍ وَنَحْنُ سِتَّةُ نَفَرٍ بَيْنَنَا بَعِيرٌ نَعْتَقِبُهُ، فَنقِبَت (1) أقدَامُنَا وَنَقِبَت قَدَمِي، وسَقَطت [ص: 182] أظْفَاري، فَكُنَّا نَلُفُّ عَلَى أرْجُلِنا الخِرَقَ، فَسُمِّيَت غَزْوَةَ ذَاتِ الرِّقَاعِ لِمَا كُنَّا نَعْصِبُ عَلَى أرْجُلِنَا مِنَ الخِرَقِ، قَالَ أَبُو بُردَة: فَحَدَّثَ أَبُو مُوسَى بِهَذَا الحَدِيثِ، ثُمَّ كَرِه ذَلِكَ، وقال: مَا كُنْتُ أصْنَعُ بِأنْ أذْكُرَهُ! قَالَ: كأنَّهُ كَرِهَ أَنْ يَكُونَ شَيْئًا مِنْ عَمَلِهِ أفْشَاهُ. متفقٌ عَلَيْهِ. (2)   (1) قال المصنف في شرح صحيح مسلم 6/ 368: «فنقبت أقدامنا: هو بفتح النون وكسر القاف، أي قرحت من الحفاء». (2) أخرجه: البخاري 5/ 145 (4128)، ومسلم 5/ 200 (1816) (149). الحديث: 524 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 181 525 - وعن عمرو بن تَغْلِبَ - بفتح التاء المثناة فوق وإسكان الغين المعجمة وكسر اللام - رضي الله عنه: أنَّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أُتِي بِمالٍ أَوْ سَبْيٍ فَقَسَّمَهُ، فَأعْطَى رِجَالًا، وَتَرَكَ رِجَالًا، فَبَلغَهُ أنَّ الَّذِينَ تَرَكَ عَتَبُوا، فَحَمِدَ اللهَ، ثُمَّ أثْنَى عَلَيْهِ، ثُمَّ قَالَ: «أمَّا بَعْدُ، فَواللهِ إنِّي لأُعْطِي الرَّجُلَ وَأدَعُ الرَّجُلَ، وَالَّذِي أدَعُ أحَبُّ إلَيَّ مِنَ الَّذِي أُعْطِي، وَلَكِنِّي إنَّمَا أُعْطِي أقْوَامًا لِمَا أرَى في قُلُوبِهِمْ مِنَ الجَزَعِ وَالهَلَعِ، وَأَكِلُ أقْوَامًا إِلَى مَا جَعَلَ اللهُ في قُلُوبِهم مِنَ الغِنَى وَالخَيْرِ، مِنْهُمْ عَمْرُو بنُ تَغْلِبَ» قَالَ عَمْرُو بنُ تَغْلِبَ: فَوَاللهِ مَا أُحِبُّ أنَّ لِي بِكَلِمَةِ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حُمْرَ النَّعَم. رواه البخاري. (1) «الهَلَعُ»: هُوَ أشَدُّ الجَزَعِ، وقيل: الضَّجَرُ.   (1) أخرجه: البخاري 2/ 13 (923). الحديث: 525 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 182 526 - وعن حكيم بن حزام - رضي الله عنه: أنَّ النَّبيَّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: «اليَدُ العُلْيَا خَيْرٌ مِنَ اليَدِ السُّفْلَى، وَابْدَأْ بِمَنْ تَعُولُ، وَخَيْرُ الصَّدَقَةِ مَا كَانَ عَنْ ظَهْرِ غِنىً، وَمَنْ يَسْتَعْفِفْ يُعِفُّهُ الله، وَمَنْ يَسْتَغْنِ يُغنهِ الله». متفقٌ عَلَيْهِ. (1) وهذا لفظ البخاري، ولفظ مسلم أخصر.   (1) أخرجه: البخاري 2/ 139 (1427)، ومسلم 3/ 94 (1034) (95). الحديث: 526 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 182 527 - وعن أَبي عبد الرحمان معاوية بن أبي سفيان - رضي الله عنه - قَالَ: قَالَ رسول الله - صلى الله عليه وسلم: «لاَ تُلْحِفُوا في الْمَسْأَلَةِ، فَوَاللهِ لاَ يَسْأَلُنِي أَحَدٌ مِنْكُمْ شَيْئًا، فَتُخْرِجَ لَهُ مَسْأَلَتُهُ مِنِّي شَيْئًا وَأنَا لَهُ كَارهٌ، فَيُبَارَكَ لَهُ فِيمَا أعْطَيْتُهُ». رواه مسلم. (1)   (1) أخرجه: مسلم 3/ 95 (1038) (99). الحديث: 527 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 182 528 - وعن أَبي عبدِ الرحمان عوف بن مالِك الأَشْجَعِيِّ - رضي الله عنه - قَالَ: كُنَّا عِنْدَ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - تِسْعَةً أَوْ ثَمَانِيَةً أَوْ سَبْعَةً، فَقَالَ: «ألاَ تُبَايِعُونَ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم» وَكُنَّا حَديثِي عَهْدٍ ببَيْعَةٍ، فَقُلْنَا: قَدْ بَايَعْنَاكَ يَا رسولَ اللهِ، ثمَّ قالَ: «ألا تُبَايِعُونَ رسولَ اللهِ» فَبَسَطْنا أيْدينا، وقلنا: قدْ بايعناكَ فَعَلامَ نُبَايِعُكَ؟ قَالَ: «عَلَى أَنْ تَعْبُدُوا اللهَ وَلاَ تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا، [ص: 183] وَالصَّلَوَاتِ الخَمْسِ وَتُطِيعُوا الله» وأَسَرَّ كَلِمَةً خَفِيفَةً «وَلاَ تَسْألُوا النَّاسَ شَيْئًا» فَلَقَدْ رَأيْتُ بَعْضَ أُولئِكَ النَّفَرِ يَسْقُطُ سَوطُ أحَدِهِمْ فَمَا يَسأَلُ أحَدًا يُنَاوِلُهُ إيّاهُ. رواه مسلم. (1)   (1) أخرجه: مسلم 3/ 97 (1043) (108). الحديث: 528 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 182 529 - وعن ابن عمر رضي الله عنهما: أنَّ النَّبيَّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: «لاَ تَزَالُ الْمَسْأَلةُ بأَحَدِكُمْ حَتَّى يَلْقَى الله تَعَالَى وَلَيْسَ في وَجْهِهِ مُزْعَةُ لَحْمٍ». متفقٌ عَلَيْهِ. (1) «المُزْعَةُ» بضم الميم وإسكان الزايِ وبالعينِ المهملة: القِطْعَةُ.   (1) أخرجه: البخاري 2/ 153 (1474)، ومسلم 3/ 96 (1040) (103). الحديث: 529 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 183 530 - وعنه: أنَّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قَالَ وَهُوَ عَلَى المِنْبَرِ، وَذَكَرَ الصَّدَقَةَ وَالتَّعَفُّفَ عَنِ الْمَسْأَلَةِ: «اليَدُ العُلْيَا خَيْرٌ مِنَ اليَدِ السُّفْلَى، وَاليَدُ العُلْيَا هِيَ المُنْفِقَةُ، وَالسُّفْلَى هِيَ السَّائِلَةُ». متفقٌ عَلَيْهِ. (1)   (1) أخرجه: البخاري 2/ 139 - 140 (1429)، ومسلم 3/ 94 (1033) (94). الحديث: 530 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 183 531 - وعن أَبي هريرة - رضي الله عنه - قَالَ: قَالَ رسول الله - صلى الله عليه وسلم: «مَنْ سَألَ النَّاسَ تَكَثُّرًا فإنَّمَا يَسْألُ جَمْرًا؛ فَلْيَسْتَقِلَّ أَوْ لِيَسْتَكْثِرْ». رواه مسلم. (1)   (1) أخرجه: مسلم 3/ 96 (1041) (105). الحديث: 531 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 183 532 - وعن سَمُرَةَ بنِ جُنْدبٍ - رضي الله عنه - قَالَ: قَالَ رسول الله - صلى الله عليه وسلم: «إنَّ المَسْأَلَةَ كَدٌّ يَكُدُّ بِهَا الرَّجُلُ وَجْهَهُ، إِلاَّ أَنْ يَسْأَلَ الرَّجُلُ سُلْطَانًا أَوْ في أمْرٍ لاَ بُدَّ مِنْهُ». رواه الترمذي، (1) وقال: «حديث حسن صحيح». «الكد»: الْخَدْشُ وَنَحْوُهُ.   (1) أخرجه: أبو داود (1639)، والترمذي (681)، والنسائي 5/ 100. الحديث: 532 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 183 533 - وعن ابن مسعود - رضي الله عنه - قَالَ: قَالَ رسول الله - صلى الله عليه وسلم: «مَنْ أصَابَتْهُ فَاقَةٌ فَأنْزَلَهَا بالنَّاسِ لَمْ تُسَدَّ فَاقَتُهُ، وَمَنْ أَنْزَلَهَا باللهِ، فَيُوشِكُ اللهُ لَهُ بِرِزْقٍ عَاجِلٍ أَوْ آجِلٍ». رواه أَبُو داود والترمذي، (1) وقال: «حديث حسن». «يُوشِكُ» بكسر الشين: أيْ يُسْرعُ.   (1) أخرجه: أبو داود (1645)، والترمذي (2326) وقال: «حديث حسن صحيح غريب». الحديث: 533 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 183 534 - وعن ثوبان - رضي الله عنه - قَالَ: قَالَ رسول الله - صلى الله عليه وسلم: «مَنْ تَكَفَّلَ لِي أَنْ لاَ يَسْأَلَ النَّاسَ شَيْئًا، وَأَتَكَفَّلُ لَهُ بِالْجَنَّةِ؟» فقلتُ: أنَا، فَكَانَ لاَ يَسْأَلُ أحَدًا شَيْئًا. رواه أَبُو داود بإسناد صحيح. (1)   (1) أخرجه: أبو داود (1643). الحديث: 534 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 183 535 - وعن أَبي بِشْرٍ قَبيصَةَ بنِ المُخَارِقِ - رضي الله عنه - قَالَ: تَحَمَّلْتُ حَمَالَةً فَأتَيْتُ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - أسْأَلُهُ فِيهَا، فَقَالَ: «أقِمْ حَتَّى تَأتِيَنَا الصَّدَقَةُ فَنَأمُرَ لَكَ بِهَا» ثُمَّ قَالَ: «يَا قَبيصةُ، إنَّ المَسْأَلَةَ لاَ تَحِلُّ إِلاَّ لأَحَدِ ثلاثَةٍ: رَجُلٌ تحمَّلَ حَمَالَةً، فَحَلَّتْ لَهُ المَسْأَلَةُ حَتَّى يُصِيبَها، ثُمَّ يُمْسِكُ، وَرَجُلٌ أصَابَتْهُ جَائِحَةٌ اجْتَاحَتْ مَالَهُ، فَحَلَّتْ لَهُ الْمَسْأَلَةُ حَتَّى يُصِيبَ قوامًا مِنْ عَيش - أَوْ قَالَ: سِدَادًا مِنْ عَيْشٍ - وَرَجُلٌ أصَابَتْهُ فَاقَةٌ، حَتَّى يَقُولَ ثَلاَثَةٌ مِنْ ذَوِي الحِجَى مِنْ قَوْمِه: لَقَدْ أصَابَتْ فُلانًا فَاقَةٌ. فَحلَّتْ لَهُ الْمَسْأَلَةُ حَتَّى يصيب قوامًا من عيش، أَوْ قَالَ: سدادًا من عيشِ، فما سِوَاهُنَّ مِنَ المسألَةِ يَا قَبِيصَةُ سُحْتٌ، يَأكُلُهَا صَاحِبُهَا سُحْتًا». رواه مسلم. (1) «الحَمَالَةُ» بفتح الحاءِ: أَنْ يَقَعَ قِتَالٌ وَنَحْوُهُ بَيْنَ فَرِيقَيْنِ، فَيُصْلِحُ إنْسَانٌ بَيْنَهُمْ عَلَى مَالٍ يَتَحَمَّلُهُ وَيَلْتَزِمُهُ عَلَى نَفْسِهِ. وَ «الجَائحةُ» الآفَةُ تُصيبُ مَالَ الإنْسَانِ. وَ «القَوَامُ» بكسر القاف وفتحهَا: هُوَ مَا يَقُومُ بِهِ أمْرُ الإنسَان مِنْ مَال ونحوِهِ. وَ «السِّدَادُ» بكسر السين: مَا يَسُدُّ حَاجَةَ الْمَعْوِزِ وَيَكْفِيهِ، وَ «الفَاقَةُ»: الفَقْرُ. وَ «الحِجَى»: العَقْلُ.   (1) أخرجه: مسلم 3/ 98 (1044) (109). الحديث: 535 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 184 536 - وعن أَبي هريرة - رضي الله عنه: أنَّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: «لَيْسَ المسكينُ الَّذِي يَطُوفُ عَلَى النَّاسِ تَرُدُّهُ اللُّقْمَةُ وَاللُّقْمَتَانِ، وَالتَّمْرَةُ وَالتَّمْرَتَانِ، وَلكِنَّ المِسكينَ الَّذِي لاَ يَجِدُ غِنىً يُغْنِيهِ، وَلاَ يُفْطَنُ لَهُ فَيُتَصَدَّقُ عَلَيْهِ، وَلاَ يَقُومُ فَيَسْألَ النَّاسَ». متفقٌ عَلَيْهِ. (1)   (1) انظر الحديث (264). الحديث: 536 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 184 58 - باب جواز الأخذ من غير مسألة وَلاَ تطلع إليه 537 - عن سالم بن عبد الله بن عمر، عن أبيه عبد الله بن عمر، عن عمر - رضي الله عنهم - قَالَ: كَانَ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يُعْطيني العَطَاءَ، فَأقُولُ: أعطِهِ مَنْ هُوَ أفْقَرُ إِلَيْهِ مِنّي. فَقَالَ: «خُذْهُ، إِذَا جَاءكَ مِنْ هَذَا المَال شَيْءٌ وَأنْتَ غَيْرُ مُشْرِفٍ وَلاَ سَائِلٍ، فَخُذْهُ فَتَمَوَّلْهُ (1)، فَإنْ شِئْتَ كُلْهُ، وَإنْ شِئْتَ تَصَدَّقْ بِهِ، وَمَا لا، فَلاَ تُتبعهُ نَفْسَكَ» قَالَ سَالِمٌ: فَكَانَ عَبدُ الله لاَ يَسألُ أحَدًا شَيْئًا، وَلاَ يَرُدُّ شَيْئًا أُعْطِيَه. متفقٌ عَلَيْهِ. (2) (مُشرف): بالشين المعجمة: أيْ متطلع إِلَيْهِ.   (1) أي اجعله لك مالًا. النهاية 3/ 373. (2) أخرجه: البخاري 9/ 84 - 85 (7163)، ومسلم 3/ 98 (1045) (110). الحديث: 537 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 184 59 - باب الحث عَلَى الأكل من عمل يده والتعفف به عن السؤال والتعرض للإعطاء قَالَ الله تَعَالَى: {فَإِذَا قُضِيَتِ الصَّلاةُ فَانْتَشِرُوا في الأَرْضِ وَابْتَغُوا مِنْ فَضْلِ الله} [الجمعة: 10]. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 185 538 - وعن أَبي عبد الله الزبير بن العَوَّام - رضي الله عنه - قَالَ: قَالَ رسول الله - صلى الله عليه وسلم: «لأَنْ يَأخُذَ أحَدُكُمْ أُحبُلَهُ ثُمَّ يَأتِيَ الجَبَلَ، فَيَأْتِيَ بحُزمَةٍ مِنْ حَطَب عَلَى ظَهْرِهِ فَيَبِيعَهَا، فَيكُفّ اللهُ بِهَا وَجْهَهُ، خَيْرٌ لَهُ مِنْ أَنْ يَسْألَ النَّاسَ، أعْطَوْهُ أَوْ مَنَعُوهُ». رواه البخاري. (1)   (1) أخرجه: البخاري 2/ 152 (1471). الحديث: 538 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 185 539 - وعن أَبي هريرة - رضي الله عنه - قَالَ: قَالَ رسول الله - صلى الله عليه وسلم: «لأَنْ يَحْتَطِبَ أحَدُكُمْ حُزْمَةً عَلَى ظَهْرِهِ، خَيْرٌ لَهُ مِنْ أَنْ يَسْألَ أحدًا، فَيُعْطِيَهُ أَوْ يَمْنَعَهُ». متفقٌ عَلَيْهِ. (1)   (1) أخرجه: البخاري 2/ 152 (1470)، ومسلم 3/ 97 (1042) (107). الحديث: 539 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 185 540 - وعنه، عن النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: «كَانَ دَاوُدُ - عليه السلام - لاَ يَأكُلُ إِلاَّ مِنْ عَمَلِ يَدِهِ». رواه البخاري. (1)   (1) أخرجه: البخاري 3/ 74 - 75 (2073). الحديث: 540 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 185 541 - وعنه: أنَّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: «كَانَ زَكرِيّا - عليه السلام - نَجَّارًا». رواه مسلم. (1)   (1) أخرجه: مسلم 7/ 103 (2379) (169). الحديث: 541 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 185 542 - وعن المقدام بنِ مَعْدِ يكرِبَ - رضي الله عنه - عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: «مَا أكَلَ أَحَدٌ طَعَامًا قَطُّ خَيْرًا مِنْ أَنْ يَأكُلَ مِنْ عَمَلِ يَدِه، وَإنَّ نَبيَّ الله دَاوُدَ - صلى الله عليه وسلم - كَانَ يَأكُلُ مِنْ عَمَلِ يَدِهِ». رواه البخاري. (1)   (1) أخرجه: البخاري 3/ 74 (2072). الحديث: 542 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 185 60 - باب الكرم والجود والإنفاق في وجوه الخير ثقةً بالله تعالى قَالَ الله تَعَالَى: {وَمَا أنْفَقْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَهُوَ يُخْلِفُهُ} [سبأ: 39]، وقال تَعَالَى: {وَمَا تُنْفِقُوا مِنْ خَيْرٍ فَلأنْفُسِكُمْ وَمَا تُنْفِقُونَ إِلاَّ ابْتِغَاءَ وَجْهِ اللهِ وَمَا تُنْفِقُوا مِنْ خَيْرٍ يُوَفَّ إِلَيْكُمْ وَأنْتُمْ لاَ تُظْلَمُونَ} [البقرة: 272]، وقال تَعَالَى: {وَمَا تُنْفِقُوا مِنْ خَيْرٍ فإنَّ اللهَ بِهِ عَلِيمٌ} [البقرة: 273]. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 185 543 - وعن ابن مسعود - رضي الله عنه - عن النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: «لا حَسَدَ إِلاَّ في اثْنَتَيْنِ: رَجُلٌ آتَاهُ اللهُ مَالًا، فَسَلَّطَهُ عَلَى هَلَكَتِهِ في الحَقّ، وَرَجُلٌ آتَاهُ اللهُ حِكْمَةً، فَهُوَ يَقْضِي بِهَا ويُعَلِّمُهَا». متفقٌ عَلَيْهِ. (1) ومعناه: يَنْبَغي أَنْ لاَ يُغبَطَ أحَدٌ إِلاَّ عَلَى إحْدَى هَاتَيْنِ الخَصْلَتَيْنِ.   (1) أخرجه: البخاري 1/ 28 (73)، ومسلم 2/ 201 (816) (268). الحديث: 543 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 186 544 - وعنه، قَالَ: قَالَ رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم: «أيُّكُم مَالُ وَارِثِهِ أَحبُّ إِلَيْهِ مِنْ مَالِهِ؟» قالوا: يَا رسول اللهِ، مَا مِنَّا أحَدٌ إِلاَّ مَالُهُ أحَبُّ إِلَيْهِ. قَالَ: «فإنَّ مَالَهُ مَا قَدَّمَ وَمَالَ وَارِثِهِ مَا أخَّرَ». رواه البخاري. (1)   (1) أخرجه: البخاري 8/ 116 (6442). الحديث: 544 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 186 545 - وعن عَدِيِّ بن حَاتِمٍ - رضي الله عنه: أنَّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: «اتَّقُوا النَّارَ وَلَوْ بِشِقِّ تَمْرَةٍ». متفقٌ عَلَيْهِ. (1)   (1) انظر الحديث (139). الحديث: 545 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 186 546 - وعن جابرٍ - رضي الله عنه - قَالَ: مَا سُئِلَ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - شَيْئًا قَطُّ، فقالَ: لاَ. متفقٌ عَلَيْهِ. (1)   (1) أخرجه: البخاري 8/ 16 (6034)، ومسلم 7/ 74 (2311) (56). الحديث: 546 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 186 547 - وعن أَبي هريرة - رضي الله عنه - قَالَ: قَالَ رسول الله - صلى الله عليه وسلم: «مَا مِنْ يَوْمٍ يُصبحُ العِبَادُ فِيهِ إِلاَّ مَلَكَانِ يَنْزلانِ، فَيَقُولُ أحَدُهُمَا: اللَّهُمَّ أَعْطِ مُنْفِقًا خَلَفًا، وَيَقُولُ الآخَرُ: اللَّهُمَّ أَعْطِ مُمْسِكًا تَلَفًا». متفقٌ عَلَيْهِ. (1)   (1) انظر الحديث (295). الحديث: 547 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 186 548 - وعنه: أنَّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: «قَالَ الله تَعَالَى: أنفِق يَا ابْنَ آدَمَ يُنْفَقْ عَلَيْكَ». متفقٌ عَلَيْهِ. (1)   (1) أخرجه: البخاري 6/ 92 (4684)، ومسلم 3/ 77 (993) (36). الحديث: 548 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 186 549 - وعن عبد اللهِ بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما: أنَّ رَجُلًا سَألَ رسول الله - صلى الله عليه وسلم: أيُّ الإسلامِ خَيْرٌ؟ قَالَ: «تُطْعِمُ الطَّعَامَ، وَتَقْرَأُ السَّلاَمَ عَلَى مَنْ عَرَفْتَ وَمَنْ لَمْ تَعْرِفْ». متفقٌ عَلَيْهِ. (1)   (1) أخرجه: البخاري 1/ 10 (12)، ومسلم 1/ 47 (39) (63). الحديث: 549 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 186 550 - وعنه، قَالَ: قَالَ رسول الله - صلى الله عليه وسلم: «أرْبَعُونَ خَصْلَةً: أعْلاهَا مَنِيحةُ العَنْزِ، مَا مِنْ عَامِلٍ يَعْمَلُ بخَصْلَةٍ مِنْهَا؛ رَجَاءَ ثَوَابهَا وَتَصْدِيقَ مَوْعُودِهَا، إِلاَّ أدْخَلَهُ الله تَعَالَى بِهَا الجَنَّةَ». رواه البخاري. (1) وقد سبق بيان هَذَا الحديث في باب بَيَانِ كَثْرَةِ طُرُقِ الخَيْرِ.   (1) انظر الحديث (138). الحديث: 550 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 187 551 - وعن أَبي أُمَامَة صُدّيِّ بن عَجْلانَ - رضي الله عنه - قَالَ: قَالَ رسول الله - صلى الله عليه وسلم: «يَا ابْنَ آدَمَ، إنَّكَ أن تَبْذُلَ الفَضْلَ خَيْرٌ لَكَ، وَأَن تُمْسِكَه شَرٌّ لَكَ، وَلاَ تُلاَمُ عَلَى كَفَافٍ، وَابْدَأْ بِمَنْ تَعُولُ، وَاليَدُ الْعُلْيَا خَيْرٌ مِنَ الْيَدِ السُّفْلَى». رواه مسلم. (1)   (1) انظر الحديث (509). الحديث: 551 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 187 552 - وعن أنسٍ - رضي الله عنه - قَالَ: مَا سُئِلَ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عَلَى الإسْلاَمِ شَيْئًا إِلاَّ أعْطَاهُ، وَلَقَدْ جَاءهُ رَجُلٌ، فَأعْطَاهُ غَنَمًا بَيْنَ جَبَلَيْنِ، فَرجَعَ إِلَى قَوْمِهِ، فَقَالَ: يَا قَوْمِ، أسْلِمُوا فإِنَّ مُحَمَّدًا يُعطِي عَطَاءَ مَن لاَ يَخْشَى الفَقْرَ، وَإنْ كَانَ الرَّجُلُ لَيُسْلِمُ مَا يُريدُ إِلاَّ الدُّنْيَا، فَمَا يَلْبَثُ إِلاَّ يَسِيرًا حَتَّى يَكُونَ الإسْلاَمُ أحَبَّ إِلَيْهِ مِنَ الدُّنْيَا وَمَا عَلَيْهَا. رواه مسلم. (1)   (1) أخرجه: مسلم 7/ 74 (2312) (57). الحديث: 552 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 187 553 - وعن عمر - رضي الله عنه - قَالَ: قسم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قَسْمًا، فَقُلْتُ: يَا رسولَ الله، لَغَيْرُ هؤلاَءِ كَانُوا أحَقَّ بِهِ مِنْهُمْ؟ فَقَالَ: «إنَّهُمْ خَيرُونِي أنْ يَسألُوني بالفُحْشِ، أَوْ يُبَخِّلُونِي، وَلَسْتُ بِبَاخِلٍ». رواه مسلم. (1)   (1) أخرجه: مسلم 3/ 103 (1056) (127). الحديث: 553 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 187 554 - وعن جبير بن مطعم - رضي الله عنه - قَالَ: بَيْنَمَا هُوَ يَسِيرُ مَعَ النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم - مَقْفَلَهُ مِنْ حُنَيْن، فَعَلِقَهُ الأعْرَابُ يَسْألُونَهُ، حَتَّى اضْطَرُّوهُ إِلَى سَمُرَة، فَخَطِفَت رِدَاءهُ، فَوَقَفَ النَّبيُّ - صلى الله عليه وسلم - فقال: «أعْطُوني رِدَائي، فَلَوْ كَانَ لِي عَدَدُ هذِهِ العِضَاهِ نَعَمًا، لَقَسَمْتُهُ بَينَكُمْ، ثُمَّ لا تَجِدُونِي بَخِيلًا وَلاَ كَذّابًا وَلاَ جَبَانًا». رواه البخاري. (1) «مَقْفَلَهُ» أيْ: حَال رُجُوعِه. وَ «السَّمُرَةُ»: شَجَرَةٌ. وَ «العِضَاهُ»: شَجَرٌ لَهُ شَوْكٌ.   (1) أخرجه: البخاري 4/ 27 (2821). الحديث: 554 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 187 555 - وعن أَبي هريرة - رضي الله عنه: أنَّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: «مَا نَقَصَتْ صَدَقَةٌ مِنْ مَال، وَمَا زَادَ اللهُ عَبْدًا بِعَفْوٍ إِلاَّ عِزًّا، وَمَا تَواضَعَ أحَدٌ لله إِلاَّ رَفَعَهُ اللهُ - عز وجل». رواه مسلم. (1)   (1) أخرجه: مسلم 8/ 21 (2588) (69). الحديث: 555 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 187 556 - وعن أَبي كبشة عمرو بن سعد الأنماري - رضي الله عنه: أنّه سمع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: «ثَلاَثَةٌ أُقْسِمُ عَلَيْهِنَّ، وَأُحَدِّثُكُمْ حَدِيثًا فَاحْفَظُوهُ: مَا نَقَصَ مَالُ عَبْدٍ مِنْ صَدَقَةٍ، وَلاَ ظُلِمَ عَبْدٌ مَظْلَمَةً صَبَرَ عَلَيْهَا إِلاَّ زَادَهُ اللهُ عِزًّا، وَلاَ فَتَحَ عَبْدٌ بَابَ مَسألَةٍ إِلاَّ فَتَحَ اللهُ عَلَيْهِ بَابَ فَقرٍ - أَوْ كَلِمَةً نَحْوَهَا - وَأُحَدِّثُكُمْ حَديثًا فَاحْفَظُوهُ»، قَالَ: «إنَّمَا الدُّنْيَا لأرْبَعَةِ نَفَرٍ: عَبْدٍ رَزَقَهُ اللهُ مَالًا وَعِلمًا، فَهُوَ يَتَّقِي فِيهِ رَبَّهُ، وَيَصِلُ فِيهِ رَحِمَهُ، وَيَعْلَمُ للهِ فِيهِ حَقًّا، فَهذا بأفضَلِ المَنَازِلِ. وَعَبْدٍ رَزَقهُ اللهُ عِلْمًا، وَلَمْ يَرْزُقْهُ مَالًا، فَهُوَ صَادِقُ النِّيَّةِ، يَقُولُ: لَوْ أنَّ لِي مَالًا لَعَمِلتُ بِعَمَلِ فُلانٍ، فَهُوَ بنيَّتِهِ، فأجْرُهُمَا سَوَاءٌ. وَعَبْدٍ رَزَقَهُ الله مَالًا، وَلَمَ يَرْزُقْهُ عِلْمًا، فَهُوَ يَخبطُ في مَالِهِ بغَيرِ عِلْمٍ، لاَ يَتَّقِي فِيهِ رَبَّهُ، وَلاَ يَصِلُ فِيهِ رَحِمَهُ، وَلاَ يَعْلَمُ للهِ فِيهِ حَقًّا، فَهذَا بأَخْبَثِ المَنَازِلِ. وَعَبْدٍ لَمْ يَرْزُقْهُ اللهُ مَالًا وَلاَ عِلْمًا، فَهُوَ يَقُولُ: لَوْ أنَّ لِي مَالًا لَعَمِلْتُ فِيهِ بعَمَلِ فُلاَنٍ، فَهُوَ بنِيَّتِهِ، فَوِزْرُهُمَا سَوَاءٌ». رواه الترمذي، (1) وقال: «حديث حسن صحيح».   (1) أخرجه: الترمذي (2325). الحديث: 556 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 188 557 - وعن عائشة رضي الله عنها: أنَّهُمْ ذَبَحُوا شَاةً، فَقَالَ النبيُّ - صلى الله عليه وسلم: «مَا بَقِيَ مِنْهَا؟» قالت: مَا بَقِيَ مِنْهَا إِلاَّ كَتِفُها. قَالَ: «بَقِيَ كُلُّهَا غَيْرُ كَتِفِهَا». رواه الترمذي، (1) وقال: «حديث صحيح». ومعناه: تَصَدَّقُوا بِهَا إِلاَّ كَتِفَها. فَقَالَ: بَقِيَتْ لَنَا في الآخِرَةِ إِلاَّ كَتِفَهَا.   (1) أخرجه: الترمذي (2470). الحديث: 557 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 188 558 - وعن أسماء بنت أَبي بكرٍ الصديق رضي الله عنهما، قالت: قَالَ لي رسول الله - صلى الله عليه وسلم: «لاَ تُوكِي فَيُوكى عَلَيْكِ (1)». وفي رواية: «أنفقي أَوِ انْفَحِي، أَوْ انْضَحِي، وَلاَ تُحصي فَيُحْصِي اللهُ عَلَيْكِ، وَلاَ تُوعي فَيُوعي اللهُ عَلَيْكِ». متفقٌ عَلَيْهِ. (2) وَ «انْفَحِي» بالحاء المهملة، وَهُوَ بمعنى «أنفقي» وكذلك «انْضحي».   (1) أي لا تدخري وتشدي ما عندك وتمنعي ما في يدك فتنقطع مادة الرزق عنك. لسان العرب 15/ 390 (وكي). (2) أخرجه: البخاري 2/ 140 (1433)، ومسلم 3/ 92 (1029) (88). الحديث: 558 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 188 559 - وعن أَبي هريرة - رضي الله عنه: أنَّه سمع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يَقولُ: «مَثَل البَخِيل وَالمُنْفِقِ، كَمَثَلِ رَجُلَيْنِ عَلَيْهِمَا جُنَّتَانِ (1) مِنْ حَديدٍ مِنْ ثُدِيِّهِمَا إِلَى تَرَاقِيهِمَا، فَأَمَّا المُنْفِقُ فَلاَ يُنْفِقُ إِلاَّ سَبَغَتْ - أَوْ وَفَرَتْ - عَلَى جِلْدِهِ حَتَّى تُخْفِيَ بَنَانَهُ، وَتَعْفُو أثرَهُ، وأمَّا البَخِيلُ، فَلاَ يُريدُ أَنْ يُنْفِقَ شَيْئًا إِلاَّ لَزِقَتْ كُلُّ حَلْقَةٍ مَكَانَهَا، فَهُوَ يُوسِّعُهَا فَلاَ تَتَّسِعُ». متفقٌ عَلَيْهِ. (2) وَ «الجُنَّةُ»: الدِّرْعُ؛ وَمَعنَاهُ أنَّ المُنْفِقَ كُلَّمَا أَنْفَقَ سَبَغَتْ، وَطَالَتْ حَتَّى تَجُرَّ وَرَاءهُ، وَتُخْفِيَ رِجْلَيْهِ وَأثَرَ مَشْيِهِ وَخطُوَاتِهِ.   (1) في رواية البخاري: «جبتان». قال الحافظ ابن حجر في فتح الباري 3/ 386: «كذا في هذه الرواية بضم الجيم بعدها موحدة، ومن رواه فيها بالنون فقد صحف، والجنة في الأصل الحصن، وسميت بها الدرع لأنها تجن صاحبها أي تحصنه، والجبة بالموحدة ثوب مخصوص، ولا مانع من إطلاقه على الدرع». (2) أخرجه: البخاري 2/ 142 - 143 (1443)، ومسلم 3/ 88 (1021) (75). الحديث: 559 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 189 560 - وعنه، قَالَ: قَالَ رسول الله - صلى الله عليه وسلم: «مَنْ تَصَدَّقَ بعَدلِ تَمْرَةٍ مِنْ كَسْبٍ طَيِّبٍ، وَلاَ يَقْبَلُ اللهُ إِلاَّ الطَّيبَ، فَإنَّ اللهَ يَقْبَلُهَا بِيَمِينِهِ، ثُمَّ يُرَبِّيهَا لِصَاحِبِهَا كَمَا يُرَبِّي أحَدُكُمْ فَلُوَّهُ حَتَّى تَكُونَ مِثْلَ الجَبَلِ». متفقٌ عَلَيْهِ. (1) «الفَلُوُّ» بفتح الفاء وضم اللام وتشديد الواو، ويقال أيضًا: بكسر الفاء وإسكان اللام وتخفيف الواو: وَهُوَ المُهْرُ.   (1) أخرجه: البخاري 2/ 134 (1410)، ومسلم 3/ 85 (1014) (64). الحديث: 560 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 189 561 - وعنه، عن النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: «بَيْنَمَا رَجُلٌ يَمْشِي بِفَلاَةٍ مِنَ الأَرْضِ، فَسَمِعَ صَوْتًا في سَحَابَةٍ، اسقِ حَدِيقَةَ فُلانٍ، فَتَنَحَّى ذَلِكَ السَّحَابُ فَأَفْرَغَ مَاءَهُ فِي حَرَّةٍ، فإِذَا شَرْجَةٌ مِنْ تِلْكَ الشِّرَاجِ قَدِ اسْتَوْعَبَت ذَلِكَ الماءَ كُلَّهُ، فَتَتَبَّعَ المَاءَ، فإذَا رَجُلٌ قَائمٌ في حَدِيقَتِهِ يُحَوِّلُ الماءَ بِمسَحَاتِهِ، فَقَالَ لَهُ: يَا عَبْدَ اللهِ، ما اسمُكَ؟ قال: فُلانٌ للاسم الذي سَمِعَ في السَّحابةِ، فقال له: يا عبدَ الله، لِمَ تَسْألُنِي عَنِ اسْمِي؟ فَقَالَ: إنِّي سَمِعْتُ صَوْتًا في السَّحابِ الَّذِي هَذَا مَاؤُهُ، يقولُ: اسْقِ حَدِيقَةَ فُلاَنٍ لاسمِكَ، فَمَا تَصْنَعُ فِيهَا، فَقَالَ: أمَا إذ قلتَ هَذَا، فَإنِّي أَنْظُرُ إِلَى مَا يَخْرُجُ مِنْهَا، فَأَتَصَدَّقُ بِثُلُثِهِ، وَآكُلُ أنَا وَعِيَالِي ثُلُثًا، وَأَردُّ فِيهَا ثُلُثَهُ». رواه مسلم. (1) [ص: 190] «الحَرَّةُ» الأَرْضُ المُلَبَّسَةُ حِجَارَةً سَوْدَاءَ. وَ «الشَّرْجَةُ» بفتح الشين المعجمة وإسكان الراءِ وبالجيم: هي مَسِيلُ الماءِ.   (1) أخرجه: مسلم 8/ 222 (2984) (45). الحديث: 561 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 189 61 - باب النهي عن البخل والشح قَالَ الله تَعَالَى: {وَأَمَا مَنْ بَخِلَ وَاسْتَغْنَى وَكَذَّبَ بِالحُسْنَى فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْعُسْرَى وَمَا يُغْنِي عَنْهُ مَالُهُ إِذَا تَرَدَّى} [الليل: 8 - 11]، وقال تَعَالَى: {وَمَنْ يُوقَ شُحَّ نَفسِهِ فَأولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ} [التغابن: 16]. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 190 وأما الأحاديث فتقدمت جملة مِنْهَا في الباب السابق. 562 - وعن جابر - رضي الله عنه: أنَّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: «اتَّقُوا الظُّلْمَ؛ فَإِنَّ الظُّلْمَ ظُلُمَاتٌ يَوْمَ القِيَامَةِ. وَاتَّقُوا الشُّحَّ؛ فَإنَّ الشُّحَّ أهْلَكَ مَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ، حَمَلَهُمْ عَلَى أَنْ سَفَكُوا دِمَاءهُمْ وَاسْتَحَلُّوا مَحَارِمَهُمْ». رواه مسلم. (1)   (1) انظر الحديث (203). الحديث: 562 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 190 62 - باب الإيثار والمواساة قَالَ الله تَعَالَى: {وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أنْفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ} [الحشر: 9]، وقال تَعَالَى: {وَيُطْعِمُونَ الطَّعَامَ عَلَى حُبِّهِ مِسْكِينًا وَيَتِيمًا وَأَسِيرًا} [الدهر: 8]. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 190 563 - وعن أَبي هريرة - رضي الله عنه - قَالَ: جَاءَ رَجُلٌ إِلَى النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ: إنِّي مَجْهُودٌ (1)، فَأرسَلَ إِلَى بَعْضِ نِسَائِهِ، فَقالت: وَالَّذي بَعَثَكَ بِالحَقِّ مَا عِنْدِي إِلاَّ مَاءٌ، ثُمَّ أرْسَلَ إِلَى أُخْرَى، فَقَالَتْ مِثلَ ذَلِكَ، حَتَّى قُلْنَ كُلُّهُنَّ مِثلَ ذَلِكَ: لا وَالَّذِي بَعَثَكَ بالحَقِّ مَا عِنْدِي إِلاَّ مَاءٌ. فَقَالَ النبي - صلى الله عليه وسلم: «مَنْ يُضيفُ هَذَا اللَّيْلَةَ؟» فَقَالَ رَجُلٌ مِنَ الأنْصَارِ: أنَا يَا رسولَ الله، فَانْطَلَقَ بِهِ إِلَى رَحْلِهِ، فَقَالَ لامْرَأَتِهِ: أكرِمِي ضَيْفَ رسول الله - صلى الله عليه وسلم. وفي روايةٍ قَالَ لامْرَأَتِهِ: هَلْ عِنْدَكِ شَيْءٌ؟ فقَالَتْ: لاَ، إِلاَّ قُوتَ صِبيَانِي. قَالَ: فَعَلِّليهم بِشَيْءٍ وَإذَا أرَادُوا العَشَاءَ فَنَوِّمِيهمْ، وَإِذَا دَخَلَ ضَيْفُنَا فَأطْفِئي السِّرَاجَ، وَأريهِ أنَّا نَأكُلُ. فَقَعَدُوا وَأكَلَ الضَّيْفُ وَبَاتَا طَاوِيَيْنِ، فَلَمَّا أصْبَحَ غَدَا عَلَى النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ: «لَقَدْ عَجبَ الله مِنْ صَنِيعِكُمَا بِضَيْفِكُمَا اللَّيْلَةَ». متفقٌ عَلَيْهِ. (2)   (1) أي وجد مشقة من الحاجة والجوع. النهاية 1/ 320. (2) أخرجه: البخاري 5/ 42 - 43 (3798)، ومسلم 6/ 127 (2054) (172). الحديث: 563 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 190 564 - وعنه، قَالَ: قَالَ رسول الله - صلى الله عليه وسلم: «طَعَامُ الاثْنَيْنِ كَافِي الثَّلاَثَةِ، وَطَعَامُ الثَّلاَثَةِ كَافِي الأربَعَةِ». متفقٌ عَلَيْهِ. (1) وفي رواية لمسلمٍ عن جابر - رضي الله عنه - عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: «طَعَامُ الوَاحِدِ يَكْفِي الاثْنَيْنِ، وَطَعَامُ الاثْنَيْنِ يَكْفِي الأَرْبَعَةَ، وَطَعَامُ الأَرْبَعَة يَكْفِي الثَّمَانِية».   (1) أخرجه: البخاري 7/ 92 (5392)، ومسلم 6/ 132 (2058) (178) و (2059) (179). الحديث: 564 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 191 565 - وعن أَبي سعيد الخدري - رضي الله عنه - قَالَ: بَيْنَمَا نَحْنُ فِي سَفَرٍ مَعَ النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم - إذْ جَاءَ رَجُلٌ عَلَى رَاحِلَةٍ لَهُ، فَجَعَلَ يَصرِفُ بَصَرَهُ يَمينًا وَشِمَالًا، فَقَالَ رسول الله - صلى الله عليه وسلم: «مَنْ كَانَ مَعَهُ فَضْلُ ظَهْرٍ فَليَعُدْ بِهِ عَلَى مَنْ لاَ ظَهرَ لَهُ، وَمَنْ كَانَ لَهُ فَضْلٌ مِنْ زَادٍ، فَلْيَعُدْ بِهِ عَلَى مَنْ لاَ زَادَ لَهُ»، فَذَكَرَ مِنْ أصْنَافِ المالِ مَا ذكر حَتَّى رَأيْنَا أنَّهُ لاَ حَقَّ لأحَدٍ مِنَّا في فَضْلٍ. رواه مسلم. (1)   (1) أخرجه: مسلم 5/ 138 (1728) (18). الحديث: 565 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 191 566 - وعن سهل بن سعدٍ - رضي الله عنه: أنَّ أمْرَأةً جَاءَتْ إِلَى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بِبُرْدَةٍ مَنْسُوجَةٍ، فَقَالَتْ: نَسَجْتُها بِيَدَيَّ لأَكْسُوكَهَا، فَأَخَذَهَا النَّبيُّ - صلى الله عليه وسلم - مُحْتَاجًا إِلَيْهَا، فَخَرَجَ إِلَيْنَا وَإنَّهَا إزَارُهُ، فَقَالَ فُلانٌ: اكْسُنِيهَا مَا أحْسَنَهَا! فَقَالَ: «نَعَمْ» فَجَلَسَ النَّبيُّ - صلى الله عليه وسلم - في المَجْلِسُ، ثُمَّ رَجَعَ فَطَواهَا، ثُمَّ أرْسَلَ بِهَا إِلَيْهِ: فَقَالَ لَهُ الْقَومُ: مَا أحْسَنْتَ! لَبِسَهَا النَّبيُّ - صلى الله عليه وسلم - مُحتَاجًا إِلَيْهَا، ثُمَّ سَألْتَهُ وَعَلِمْتَ أنَّهُ لا يَرُدُّ سَائِلًا، فَقَالَ: إنّي وَاللهِ مَا سَألْتُهُ لألْبِسَهَا، إنَّمَا سَألْتُهُ لِتَكُونَ كَفنِي. قَالَ سَهْلٌ: فَكَانَتْ كَفَنَهُ. رواه البخاري. (1)   (1) أخرجه: البخاري 8/ 16 (6036). الحديث: 566 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 191 567 - وعن أَبي موسى - رضي الله عنه - قَالَ: قَالَ رسول الله - صلى الله عليه وسلم: «إنَّ الأشْعَرِيِّينَ إِذَا أرْمَلُوا في الغَزْوِ، أَوْ قَلَّ طَعَامُ عِيَالِهِمْ بالمَديِنَةِ، جَمَعُوا مَا كَانَ عِنْدَهُمْ في ثَوْبٍ وَاحِدٍ، ثُمَّ اقْتَسَمُوهُ بَيْنَهُمْ في إنَاءٍ وَاحدٍ بالسَّوِيَّةِ، فَهُمْ مِنِّي وَأنَا مِنْهُمْ». متفقٌ عَلَيْهِ. (1) «أرْمَلُوا»: فَرَغَ زَادُهُمْ أَوْ قَارَبَ الفَرَاغَ.   (1) أخرجه: البخاري 3/ 181 (2486)، ومسلم 7/ 171 (2500) (167). الحديث: 567 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 191 63 - باب التنافس في أمور الآخرة والاستكثار مما يتبرك بِهِ قَالَ الله تَعَالَى: {وَفِي ذَلِكَ فَلْيَتَنَافَسِ الْمُتَنَافِسُونَ} [المطففين: 26]. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 191 568 - وعن سَهْلِ بن سَعدٍ - رضي الله عنه: أنَّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أُتِيَ بِشَرابٍ، فَشَرِبَ مِنْهُ وَعَنْ يَمِينِهِ غُلاَمٌ، وَعَنْ يَسَارِهِ الأشْيَاخُ، فَقَالَ لِلغُلاَمِ: «أتَأَذَنُ لِي أَنْ أُعْطِيَ هؤُلاء؟» فَقَالَ الغُلامُ: لاَ وَاللهِ يَا رسولَ الله، لاَ أُوْثِرُ بِنَصِيبي مِنْكَ أحَدًا. فَتَلَّهُ رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - في يَدِهِ. متفقٌ عَلَيْهِ (1). «تَلَّهُ» بالتاءِ المثناة فوق: أيْ وَضَعَهُ. وَهذَا الغُلامُ هُوَ ابنُ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما.   (1) أخرجه: البخاري 3/ 144 (2351)، ومسلم 6/ 113 (2030) (127). الحديث: 568 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 192 569 - وعن أَبي هريرة - رضي الله عنه - عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: «بَيْنَا أيُّوبُ - عليه السلام - يَغْتَسِلُ عُرْيَانًا، فَخَرَّ عَلَيْهِ جَرَادٌ مِنْ ذَهَبٍ، فَجَعَلَ أيُّوبُ يَحْثِي في ثَوْبِهِ، فَنَادَاهُ رَبُّهُ - عز وجل: يَا أيُّوبُ، ألَمْ أكُنْ أَغْنَيتُكَ عَمَّا تَرَى؟! قَالَ: بَلَى وَعِزَّتِكَ وَلَكِنْ لاَ غِنى بِي عن بَرَكَتِكَ». رواه البخاري. (1)   (1) أخرجه: البخاري 1/ 78 (279). الحديث: 569 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 192 64 - باب فضل الغَنِيّ الشاكر وهو من أخذ المال من وجهه وصرفه في وجوهه المأمور بِهَا قَالَ الله تَعَالَى: {فَأَمَّا مَنْ أعْطَى وَاتَّقَى وَصَدَّقَ بِالحُسْنَى فَسَنُيَسِّرُهُ لِليُسْرَى} [الليل: 5 - 7]، وقال تَعَالَى: {وَسَيُجَنَّبُهَا الأَتْقَى الَّذِي يُؤْتِي مَالَهُ يَتَزَكَّى وَمَا لأَحَدٍ عِنْدَهُ مِنْ نِعْمَةٍ تُجْزَى إِلاَّ ابْتِغَاءَ وَجْهِ رَبِّهِ الأَعْلَى وَلَسَوْفَ يَرْضَى} [الليل: 17 - 21]، وقال تَعَالَى: {إنْ تُبْدُوا الصَّدَقَاتِ فَنِعِمَّا هِي وَإنْ تُخْفُوهَا وَتُؤْتُوهَا الفُقراءَ فَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَيُكَفِّرُ عَنْكُمْ مِنْ سَيِّئَاتِكُمْ وَاللهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ} [البقرة: 271]، وقال تَعَالَى: {لَنْ تَنَالُوا الْبِرَّ حَتَّى تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ وَمَا تُنْفِقُوا مِنْ شَيْءٍ فَإِنَّ اللهَ بِهِ عَلِيمٌ} [آل عمران: 92] والآيات في فضلِ الإنفاقِ في الطاعاتِ كثيرة معلومة. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 192 570 - وعن عبدِ الله بن مسعود - رضي الله عنه - قَالَ: قَالَ رسول الله - صلى الله عليه وسلم: «لاَ حَسَدَ إِلاَّ في اثْنَتَيْنِ: رَجُلٌ آتَاهُ اللهُ مَالًا، فَسَلَّطَهُ عَلَى هَلَكَتِهِ فِي الحَقِّ، وَرَجُلٌ آتَاهُ اللهُ حِكْمَةً فَهُوَ يَقضِي بِهَا وَيُعَلِّمُهَا». متفقٌ عَلَيْهِ. (1) وتقدم شرحه قريبًا.   (1) انظر الحديث (543). الحديث: 570 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 192 571 - وعن ابن عمر رضي الله عنهما، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: «لاَ حَسَدَ إِلاَّ في اثْنَتَيْنِ: رَجُلٌ آتَاهُ اللهُ القُرْآنَ، فَهُوَ يَقُومُ بِهِ آنَاءَ اللَّيْلِ وَآنَاءَ النَّهَارِ، وَرَجُلٌ آتَاهُ اللهُ مَالًا، فَهُوَ يُنْفِقُهُ آنَاءَ اللَّيْلِ وَآنَاءَ النَّهَارِ». متفقٌ عَلَيْهِ. (1) «الآناء»: السَّاعاتُ.   (1) أخرجه: البخاري 6/ 236 (5025)، ومسلم 2/ 201 (815) (266). الحديث: 571 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 192 572 - وعن أَبي هريرة - رضي الله عنه: أنَّ فُقَراءَ المُهَاجِرينَ أتَوْا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فَقَالُوا: ذَهَبَ أهْلُ الدُّثُورِ بِالدَّرَجَاتِ العُلَى، وَالنَّعِيم المُقيم، فَقَالَ: «وَمَا ذَاك؟» فَقَالوا: يُصَلُّونَ كَمَا نُصَلِّي، وَيَصُومُونَ كَمَا نَصُومُ، وَيَتَصَدَّقُونَ وَلاَ نَتَصَدَّقُ، وَيَعْتِقُونَ وَلاَ نَعْتِقُ، فَقَالَ رسول الله - صلى الله عليه وسلم: «أفَلا أُعَلِّمُكُمْ شَيْئًا تُدْرِكُونَ بِهِ مَنْ سَبَقَكُمْ، وَتَسْبِقُونَ بِهِ مَنْ بَعْدَكُمْ، وَلاَ يَكُونُ أحَدٌ أفْضَلَ مِنْكُمْ إِلاَّ مَنْ صَنَعَ مِثْلَ مَا صَنَعْتُمْ؟» قالوا: بَلَى يَا رسول الله، قَالَ: «تُسَبِّحُونَ وَتُكَبِّرُونَ وَتَحْمِدُونَ، دُبُرَ كُلِّ صَلاَةٍ ثَلاثًا وَثَلاثِينَ مَرَّةً» فَرَجَعَ فُقَرَاء المُهَاجِرِينَ إِلَى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقالوا: سَمِعَ إخْوَانُنَا أهلُ الأمْوالِ بِمَا فَعَلْنَا، فَفَعَلُوا مِثلَهُ؟ فَقَالَ رسول الله - صلى الله عليه وسلم: «ذَلِكَ فَضْلُ اللهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ». متفقٌ عَلَيْهِ، وَهَذا لفظ رواية مسلم. (1) «الدُّثُور»: الأمْوَالُ الكَثِيرَةُ، وَالله أعلم.   (1) أخرجه: البخاري 1/ 213 - 214 (843)، ومسلم 2/ 97 (595) (142). الحديث: 572 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 193 65 - باب ذكر الموت وقصر الأمل قَالَ الله تَعَالَى: {كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ وَإِنَّمَا تُوَفَّوْنَ أُجُورَكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَمَنْ زُحْزِحَ عَنِ النَّارِ وَأُدْخِلَ الْجَنَّةَ فَقَدْ فَازَ وَمَا الحَياةُ الدُّنْيَا إِلاَّ مَتَاعُ الْغُرُورِ} [آل عمران: 185]، وقال تَعَالَى: {وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ مَاذَا تَكْسِبُ غَدًا وَمَا تَدْري نَفْسٌ بأيِّ أرْضٍ تَمُوتُ} [لقمان: 34]، وقال تَعَالَى: {فَإذَا جَاءَ أجَلُهُمْ لاَ يَسْتَأْخِرُونَ سَاعَةً وَلاَ يَسْتَقْدِمُونَ} [النحل: 61]، وقال تَعَالَى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لاَ تُلْهِكُمْ أمْوَالُكُمْ وَلاَ أوْلاَدُكُمْ عَنْ ذِكْرِ الله وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ فَأُولئِكَ هم الْخَاسِرُونَ وَأنْفِقُوا مِمَّا رَزَقْنَاكُمْ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأتِيَ أَحَدَكُمُ المَوْتُ فَيَقُولَ رَبِّ لَوْلاَ أخَّرْتَنِي إِلَى أَجَلٍ قَريبٍ فَأصَّدَّقَ وأَكُنْ مِنَ الصَّالِحِينَ وَلَنْ يُؤَخِّرَ اللهُ نَفْسًا إِذَا جَاءَ أَجَلُهَا وَاللهُ خَبيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ} [المنافقون: 9 - 11]، وقال تَعَالَى: {حَتَّى إِذَا جَاءَ أَحَدَهُمُ المَوْتُ قَالَ رَبِّ ارْجِعُونِ لَعَلّي أعْمَلُ صَالِحًا فِيمَا تَرَكْتُ كَلاَّ إِنَّهَا كَلِمَةٌ هُوَ قَائِلُهَا وَمِنْ وَرَائِهِمْ بَرْزَخٌ إِلَى يَوْمِ يبْعَثُونَ فَإذَا نُفِخَ فِي الصُّورِ فَلاَ أنْسَابَ بَيْنَهُمْ يَومَئِذٍ وَلاَ يَتَسَاءلُونَ فَمَنْ ثَقُلَتْ مَوَازِينُهُ فَأُولئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ وَمَنْ خَفَّتْ مَوَازِينُهُ فَأولئِكَ الَّذِينَ خَسرُوا أَنْفُسَهُمْ فِي جَهَنَّمَ خَالِدُونَ تَلْفَحُ وَجَوهَهُمُ النَّارُ وَهُمْ فِيهَا كَالِحُونَ أَلَمْ تَكُنْ آيَاتِي [ص: 194] تُتْلَى عَلَيْكُمْ فَكُنْتُمْ بِهَا تُكَذِّبُونَ} إِلَى قَوْله تَعَالَى: { ... كَمْ لَبِثْتُمْ فِي الأَرْضِ عَدَدَ سِنِينَ قَالُوا لَبِثْنَا يَوْمًا أَوْ بَعْضَ يَوْمٍ فَاسْئَلِ العَادِّينَ قَالَ إنْ لَبِثْتُمْ إِلاَّ قَلِيلًا لَوْ أَنَّكُمْ كُنْتُم تَعْلَمُونَ أَفَحَسِبْتُمْ أَنَّمَا خَلَقْنَاكُمْ عَبَثًا وَأَنَّكُمْ إِلَيْنَا لاَ تُرْجَعُونَ} [المؤمنون: 99 - 115]، وقال تَعَالَى: {أَلَمْ يَأْنِ لِلَّذِينَ آمَنُوا أَنْ تَخْشَعَ قُلُوبُهُمْ لِذِكْرِ اللهِ وَمَا نَزَلَ مِنَ الْحَقِّ وَلاَ يَكُونُوا كَالَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلُ فَطَالَ عَلَيْهِم الأَمَدُ فَقَسَتْ قُلُوبُهُمْ وَكَثِيرٌ مِنْهُمْ فَاسِقُونَ} [الحديد: 16]، وَالآيات في الباب كَثيرةٌ معلومة. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 193 573 - وعن ابن عمر رضي الله عنهما، قَالَ: أخذ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بِمِنْكَبي، فَقَالَ: «كُنْ في الدُّنْيَا كَأَنَّكَ غَرِيبٌ أَوْ عَابِرُ سَبِيلٍ». وَكَانَ ابْنُ عُمَرَ رضي الله عنهما، يقول: إِذَا أمْسَيْتَ فَلاَ تَنْتَظِرِ الصَّبَاحَ، وَإِذَا أصْبَحتَ فَلاَ تَنْتَظِرِ المَسَاءَ، وَخُذْ مِنْ صِحَّتِكَ لِمَرَضِكَ، وَمِنْ حَيَاتِكَ لِمَوْتِكَ. رواه البخاري. (1)   (1) انظر الحديث (470). الحديث: 573 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 194 574 - وعنه: أنَّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: «مَا حَقُّ امْرِئٍ مُسْلِمٍ، لَهُ شَيْءٌ يُوصِي فِيهِ، يَبيتُ لَيْلَتَيْنِ إِلاَّ وَوَصِيَّتُهُ مَكْتُوبَةٌ عِنْدَهُ». متفقٌ عَلَيْهِ، هَذَا لفظ البخاري. (1) وفي روايةٍ لمسلمٍ: «يَبِيتُ ثَلاَثَ لَيَالٍ» قَالَ ابن عمر: مَا مَرَّتْ عَلَيَّ لَيْلَةٌ مُنْذُ سَمِعْتُ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - قَالَ ذَلِكَ إِلاَّ وَعِنْدِي وَصِيَّتِي.   (1) أخرجه: البخاري 4/ 2 (2738)، ومسلم 5/ 70 (1627) (1) و (4). الحديث: 574 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 194 575 - وعن أنس - رضي الله عنه - قَالَ: خَطَّ النَّبيُّ - صلى الله عليه وسلم - خُطُوطًا، فَقَالَ: «هَذَا الإنْسَانُ، وَهَذَا أجَلُهُ، فَبَيْنَمَا هُوَ كَذَلِكَ إذْ جَاءَ الخَطُّ الأَقْرَبُ». رواه البخاري. (1)   (1) أخرجه: البخاري 8/ 111 (6418). الحديث: 575 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 194 576 - وعن ابن مسعود - رضي الله عنه - قَالَ: خَطَّ النَّبيُّ - صلى الله عليه وسلم - خَطًّا مُرَبَّعًا، وَخَطَّ خَطًّا في الوَسَطِ خَارِجًا مِنْهُ، وَخَطَّ خُطَطًا صِغَارًا إِلَى هَذَا الَّذِي في الْوَسَطِ مِنْ جَانِبهِ الَّذِي في الوَسَط، فَقَالَ: «هَذَا الإنْسَانُ، وَهذَا أجَلُهُ مُحيطًا بِهِ - أَوْ قَدْ أحَاطَ بِهِ - وَهذَا الَّذِي هُوَ خَارِجٌ أمَلُهُ، وَهذِهِ الْخُطَطُ الصِّغَارُ الأَعْرَاضُ، فَإنْ أخْطَأَهُ هَذَا، نَهَشَهُ هَذَا، وَإنْ أخْطَأَهُ هَذَا، نَهَشَهُ هَذَا». رواه البخاري (1). وَهذِهِ صُورَتُهُ: [ص: 195] ............ الأجل ... الأعراض   (1) أخرجه: البخاري 8/ 110 - 111 (6417). الحديث: 576 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 194 577 - وعن أَبي هريرة - رضي الله عنه: أنَّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: «بَادِرُوا بِالأعْمَالِ سَبْعًا، هَلْ تَنْتَظِرُونَ إِلاَّ فَقْرًا مُنْسِيًا، أَوْ غِنَىً مُطْغِيًا، أَوْ مَرَضًا مُفْسدًا، أَوْ هَرَمًا مُفَنِّدًا، أَوْ مَوْتًا مُجْهِزًا، أَوْ الدَّجّالَ، فَشَرُّ غَائِبٍ يُنْتَظَرُ، أَوْ السَّاعَةَ وَالسَّاعَةُ أدْهَى وَأمَرُّ؟!». رواه الترمذي، (1) وقال: «حديث حسن».   (1) انظر الحديث (93). الحديث: 577 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 195 578 - وعنه، قَالَ: قَالَ رسول الله - صلى الله عليه وسلم: «أكْثِرُوا ذِكْرَ هَاذِمِ اللَّذَّاتِ» يَعْنِي: المَوْتَ. رواه الترمذي، (1) وقال: «حديث حسن».   (1) أخرجه: ابن ماجه (4258)، والترمذي (2307)، والنسائي 4/ 4 وفي «الكبرى»، له (1950)، وقال الترمذي: «حديث حسن غريب». الحديث: 578 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 195 579 - وعن أُبَيِّ بن كعبٍ - رضي الله عنه: كَانَ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إِذَا ذَهَبَ ثُلُثُ اللَّيْلِ قَامَ، فَقَالَ: «يَا أَيُّهَا النَّاسُ، اذْكُرُوا اللهَ، جَاءتِ الرَّاجِفَةُ، تَتْبَعُهَا الرَّادِفَةُ، جَاءَ المَوْتُ بِمَا فِيهِ، جَاءَ المَوْتُ بِمَا فِيهِ» قُلْتُ: يَا رسول الله، إنِّي أُكْثِرُ الصَّلاَةَ عَلَيْكَ، فَكَمْ أجْعَلُ لَكَ مِنْ صَلاَتِي؟ فَقَالَ: «مَا شِئْتَ» قُلْتُ: الرُّبُع، قَالَ: «مَا شِئْتَ، فَإنْ زِدْتَ فَهُوَ خَيْرٌ لَكَ» قُلْتُ: فَالنِّصْف؟ قَالَ: «مَا شِئْتَ، فَإنْ زِدْتَ فَهُوَ خَيْرٌ لَكَ» قُلْتُ: فالثُّلُثَيْنِ؟ قَالَ: «مَا شِئْتَ، فَإنْ زِدْتَ فَهُوَ خَيْرٌ لَكَ» قُلْتُ: أجعَلُ لَكَ صَلاَتِي كُلَّهَا؟ قَالَ: «إذًا تُكْفى هَمَّكَ، وَيُغْفَر لَكَ ذَنْبكَ». رواه الترمذي، (1) وقال: «حديث حسن».   (1) أخرجه: الترمذي (2457). الحديث: 579 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 195 66 - باب استحباب زيارة القبور للرجال وما يقوله الزائر 580 - عن بُرَيْدَة - رضي الله عنه - قَالَ: قَالَ رسول الله - صلى الله عليه وسلم: «كُنْتُ نَهَيْتُكُمْ عن زِيَارَةِ القُبُورِ فَزُوروها». رواه مسلم. (1) وفي رواية: «فَمَنْ أرَادَ أَنْ يَزُورَ القُبُورَ فَلْيَزُرْ؛ فإنَّهَا تُذَكِّرُنَا الآخِرَةَ».   (1) أخرجه: مسلم 3/ 65 (977) (106). الحديث: 580 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 196 581 - وعن عائشة رضي الله عنها، قالت: كَانَ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كلَّما كَانَ لَيْلَتُهَا مِنْ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يَخْرُجُ مِنْ آخِرِ اللَّيْلِ إِلَى البَقِيعِ، فَيقولُ: «السَّلاَمُ عَلَيْكُمْ دَارَ قَوْمٍ مُؤْمِنِينَ، وَأَتَاكُمْ مَا تُوعَدُونَ، غَدًا مُؤَجَّلُونَ، وَإنَّا إنْ شَاءَ اللهُ بِكُمْ لاَحِقُونَ، اللَّهُمَّ اغْفِرْ لأهْلِ بَقِيعِ الغَرْقَدِ (1)». رواه مسلم. (2)   (1) موضع بظاهر المدينة فيه قبور أهلها. النهاية 1/ 146. (2) أخرجه: مسلم 3/ 63 (974) (102). الحديث: 581 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 196 582 - وعن بريدة - رضي الله عنه - قَالَ: كَانَ النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - يُعَلِّمُهُمْ إِذَا خَرَجُوا إِلَى المَقَابِرِ أَنْ يَقُولَ قَائِلُهُمْ: «السَّلاَمُ عَلَيْكُمْ أهلَ الدِّيَارِ مِنَ المُؤْمِنينَ وَالمُسلمينَ، وَإنَّا إنْ شَاءَ اللهُ بِكُمْ للاَحِقونَ، أَسْأَلُ اللهَ لَنَا وَلَكُمُ العَافِيَةَ». رواه مسلم. (1)   (1) أخرجه: مسلم 3/ 64 (975) (104). الحديث: 582 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 196 583 - وعن ابن عباسٍ رضي الله عنهما، قَالَ: مرَّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بِقُبورٍ بالمدِينَةِ فَأقْبَلَ عَلَيْهِمْ بِوَجْهِهِ، فَقَالَ: «السَّلامُ عَلَيْكُمْ يَا أهْلَ القُبُورِ، يَغْفِرُ اللهُ لَنَا وَلَكُمْ، أنْتُمْ سَلَفُنَا وَنَحنُ بالأثَرِ». رواه الترمذي، (1) وقال: «حديث حسن».   (1) أخرجه: الترمذي (1053) وقال: «حديث غريب»، وسنده ضعيف. الحديث: 583 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 196 67 - بابُ كراهة تمنّي الموت بسبب ضُرّ نزل بِهِ وَلاَ بأس بِهِ لخوف الفتنة في الدين 584 - عن أَبي هريرة - رضي الله عنه: أنَّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: «لا يَتَمَنَّ (1) أحَدُكُمُ المَوْتَ، إمَّا مُحْسِنًا فَلَعَلَّهُ يَزْدَادُ، وَإمَّا مُسِيئًا فَلَعَلَّهُ يَسْتَعْتِبُ». متفقٌ عَلَيْهِ، (2) وهذا لفظ البخاري. [ص: 197] وفي رواية لمسلم عن أَبي هريرة - رضي الله عنه - عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: «لاَ يَتَمَنَّ أَحَدُكُمُ المَوْتَ، وَلاَ يَدْعُ بِهِ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأتِيَهُ؛ إنَّهُ إِذَا مَاتَ انْقَطَعَ عَمَلُهُ، وَإنَّهُ لاَ يَزِيدُ المُؤْمِنَ عُمُرُهُ إِلاَّ خَيْرًا».   (1) انظر: فتح الباري 13/ 272 عقيب (7235). (2) أخرجه: البخاري 9/ 104 (7235)، ومسلم 8/ 65 (2682) (13). الحديث: 584 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 196 585 - وعن أنسٍ - رضي الله عنه - قَالَ: قَالَ رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم: «لاَ يَتَمَنَّيَنَّ أحَدُكُمُ المَوْتَ لِضُرٍّ أصَابَهُ، فَإنْ كَانَ لاَ بُدَّ فَاعِلًا، فَلْيَقُلْ: اللَّهُمَّ أَحْيِني مَا كَانَتِ الحَيَاةُ خَيْرًا لي، وَتَوَفَّنِي إِذَا كَانَت الوَفَاةُ خَيرًا لي». متفقٌ عَلَيْهِ. (1)   (1) انظر الحديث (40). الحديث: 585 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 197 586 - وعن قيسِ بن أَبي حازم، قَالَ: دَخَلْنَا عَلَى خَبَّاب بن الأرَتِّ - رضي الله عنه - نَعُودُهُ وَقَدِ اكْتَوَى سَبْعَ كَيَّاتٍ، فَقَالَ: إنَّ أَصْحَابَنَا الَّذِينَ سَلَفُوا مَضَوْا، وَلَمْ تَنْقُصْهُمُ الدُّنْيَا، وَإنَّا أَصَبْنَا مَا لاَ نَجِدُ لَهُ مَوْضِعًا إِلاَّ التُّرَابَ وَلولا أنَّ النبي - صلى الله عليه وسلم - نَهَانَا أَنْ نَدْعُوَ بِالمَوْتِ لَدَعَوْتُ بِهِ. ثُمَّ أتَيْنَاهُ مَرَّةً أُخْرَى وَهُوَ يَبْنِي حَائِطًا لَهُ، فَقَالَ: إنَّ المُسْلِمَ لَيُؤْجَرُ فِي كُلِّ شَيْءٍ يُنْفِقُهُ إِلاَّ فِي شَيْءٍ يَجْعَلُهُ في هَذَا التُّرَابِ. متفقٌ عَلَيْهِ، وهذا لفظ رواية البخاري. (1)   (1) أخرجه: البخاري 7/ 156 (5672)، ومسلم 8/ 64 (2681) (12). الحديث: 586 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 197 68 - باب الورع وترك الشبهات قَالَ اللهُ تَعَالَى: {وَتَحْسَبُونَهُ هَيِّنًا وَهُوَ عِنْدَ اللهِ عَظِيمٌ} [النور: 15]، وقال تَعَالَى: {إنَّ رَبَّكَ لَبِالْمِرْصَادِ} [الفجر: 14]. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 197 587 - وعن النعمان بن بشيرٍ رضي الله عنهما، قَالَ: سَمِعْتُ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: «إنَّ الحَلاَلَ بَيِّنٌ، وَإنَّ الحَرامَ بَيِّنٌ، وَبَيْنَهُمَا مُشْتَبَهَاتٌ لاَ يَعْلَمُهُنَّ كَثيرٌ مِنَ النَّاسِ، فَمَنِ اتَّقَى الشُّبُهَاتِ، اسْتَبْرَأَ لِدِينهِ وَعِرْضِهِ، وَمَنْ وَقَعَ فِي الشُّبُهَاتِ وَقَعَ في الحَرَامِ، كَالرَّاعِي يَرْعَى حَوْلَ الحِمَى يُوشِكُ أَنْ يَرْتَعَ فِيهِ، ألاَ وَإنَّ لكُلّ مَلِكٍ حِمَىً، ألاَ وَإنَّ حِمَى اللهِ مَحَارِمُهُ، ألاَ وَإنَّ فِي الجَسَدِ مُضْغَةً إِذَا صَلَحَت صَلَحَ الْجَسَدُ كُلُّهُ، وَإِذَا فَسَدَتْ فَسَدَ الْجَسَدُ كُلُّهُ، ألاَ وَهِيَ القَلْبُ». متفقٌ عَلَيْهِ، (1) وروياه مِنْ طرقٍ بِألفَاظٍ متقاربةٍ.   (1) أخرجه: البخاري 1/ 20 (52)، ومسلم 5/ 50 (1599) (107). الحديث: 587 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 197 588 - وعن أنسٍ - رضي الله عنه: أنَّ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - وَجَدَ تَمْرَةً فِي الطَّرِيقِ، فَقَالَ: «لَوْلاَ أنِّي أخَافُ أَنْ تَكُونَ مِنَ الصَّدَقَة لأَكَلْتُهَا». متفقٌ عَلَيْهِ. (1)   (1) أخرجه: البخاري 3/ 71 (2055)، ومسلم 3/ 118 (1071) (165). الحديث: 588 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 197 589 - وعن النَّواسِ بن سمعان - رضي الله عنه - عن النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: «البِرُّ: حُسْنُ الخُلُقِ، وَالإِثْمُ: مَا حَاكَ فِي نَفْسِكَ، وَكَرِهْتَ أَنْ يَطَّلِعَ عَلَيْهِ النَّاسُ». رواه مسلم. (1) «حَاكَ» بِالحاءِ المهملةِ والكافِ: أيْ تَرَدَّدَ فِيهِ.   (1) أخرجه: مسلم 8/ 7 (2553) (15). الحديث: 589 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 198 590 - وعن وَابِصَةَ بن مَعبدٍ - رضي الله عنه - قَالَ: أتَيْتُ رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ: «جئتَ تَسْألُ عَنِ البِرِّ؟» قُلْتُ: نَعَمْ، فَقَالَ: «اسْتَفْتِ قَلْبَكَ، البرُّ: مَا اطْمَأنَّت إِلَيْهِ النَّفسُ، وَاطْمأنَّ إِلَيْهِ القَلْبُ، وَالإثْمُ: مَا حَاكَ في النَّفْسِ، وَتَرَدَّدَ فِي الصَّدْرِ، وَإنْ أفْتَاكَ النَّاسُ وَأفْتُوكَ» حديث حسن، رواه أحمد والدَّارمِيُّ في مُسْنَدَيْهِمَا. (1)   (1) أخرجه: أحمد 4/ 228، والدارمي (2536). الحديث: 590 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 198 591 - وعن أَبي سِرْوَعَةَ - بكسر السين المهملة وفتحها - عُقبَةَ بنِ الحارِثِ - رضي الله عنه: أنَّهُ تَزَوَّجَ ابنَةً لأبي إهَابِ بن عزيزٍ، فَأتَتْهُ امْرَأةٌ، فَقَالَتْ: إنّي قَدْ أرضَعْتُ عُقْبَةَ وَالَّتِي قَدْ تَزَوَّجَ بِهَا. فَقَالَ لَهَا عُقْبَةُ: مَا أَعْلَمُ أنَّك أرضَعْتِنِي وَلاَ أخْبَرْتِني، فَرَكِبَ إِلَى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ِ بِالمَدِينَةِ، فَسَأَلَهُ: فَقَالَ رسول الله - صلى الله عليه وسلم: «كَيْفَ وَقَد قِيلَ؟» فَفَارَقَهَا عُقْبَةُ وَنَكَحَتْ زَوْجًا غَيْرَهُ. رواه البخاري. (1) «إهَابٌ» بكسر الهمزة وَ «عَزيزٌ» بفتح العين وبزاي مكررة.   (1) أخرجه: البخاري 1/ 33 (88). الحديث: 591 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 198 592 - وعن الحسن بن علي رضي الله عنهما، قَالَ: حَفِظتُ من رسول الله - صلى الله عليه وسلم: «دَعْ مَا يَريبُكَ إِلَى مَا لاَ يَرِيبُكَ». رواه الترمذي، (1) وقال: «حديث حسن صحيح». معناه: اتْرُكْ مَا تَشُكُّ فِيهِ، وَخُذْ مَا لاَ تَشُكُّ فِيهِ.   (1) انظر الحديث (55). الحديث: 592 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 198 593 - وعن عائشة رضي الله عنها، قالت: كَانَ لأبي بَكر الصديق - رضي الله عنه - غُلاَمٌ يُخْرِجُ لَهُ الخَرَاجَ، وَكَانَ أَبُو بَكْرٍ يَأكُلُ مِنْ خَرَاجِهِ، فَجَاءَ يَوْمًا بِشَيءٍ، فَأكَلَ مِنْهُ أَبُو بَكْرٍ، فَقَالَ لَهُ الغُلامُ: تَدْرِي مَا هَذَا؟ فَقَالَ أَبُو بكر: وَمَا هُوَ؟ قَالَ: كُنْتُ تَكَهَّنْتُ (1) لإنْسَانٍ [ص: 199] في الجَاهِلِيَّةِ وَمَا أُحْسِنُ الكَهَانَةَ، إِلاَّ أَنّي خَدَعْتُهُ، فَلَقِيَنِي، فَأعْطَانِي لِذلِكَ، هَذَا الَّذِي أَكَلْتَ مِنْهُ، فَأدْخَلَ أَبُو بَكْرٍ يَدَهُ فَقَاءَ كُلَّ شَيْءٍ فِي بَطْنِهِ. رواه البخاري. (2) «الخَرَاجُ»: شَيْءٌ يَجْعَلُهُ السَّيِّدُ عَلَى عَبْدِهِ يُؤدِّيهِ كُلَّ يَومٍ، وَبَاقِي كَسْبِهِ يَكُونُ لِلْعَبْدِ.   (1) الكاهن: الذي يتعاطى الخبر عن الكائنات في مستقبل الزمان ويدعي معرفة الأسرار. النهاية 4/ 214. (2) أخرجه: البخاري 5/ 53 (3842). الحديث: 593 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 198 594 - وعن نافِع: أن عُمَرَ بن الخَطّاب - رضي الله عنه - كَانَ فَرَضَ لِلمُهَاجِرينَ الأَوَّلِينَ أَرْبَعَةَ الآفٍ وَفَرَضَ لابْنِهِ ثَلاَثَة آلافٍ وَخَمْسَمئَةٍ، فَقيلَ لَهُ: هُوَ مِنَ المُهَاجِرينَ فَلِمَ نَقَصْتَهُ؟ فَقَالَ: إنَّمَا هَاجَرَ بِهِ أبُوهُ. يقول: لَيْسَ هُوَ كَمَنْ هَاجَرَ بِنَفْسِهِ. رواه البخاري. (1)   (1) أخرجه: البخاري 5/ 80 (3912). الحديث: 594 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 199 595 - وعن عَطِيَّةَ بن عُروة السَّعْدِيِّ الصحابيِّ - رضي الله عنه - قَالَ: قَالَ رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم: «لاَ يَبْلُغُ الْعَبدُ أَنْ يَكُونَ مِنَ المُتَّقِينَ حَتَّى يَدَعَ مَا لاَ بَأسَ بِهِ، حَذَرًا مِمَّا بِهِ بَأسٌ» رواه الترمذي، (1) وقال: «حديث حسن».   (1) أخرجه: ابن ماجه (4215)، والترمذي (2451) وقال: «حديث حسن غريب»، على أنَّ في إسناده عبد الله بن يزيد الدمشقي ضعيف. الحديث: 595 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 199 69 - باب استحباب العزلة عند فساد الناس والزمان أَو الخوف من فتنة في الدين ووقوع في حرام وشبهات ونحوها قَالَ الله تَعَالَى: {فَفِرُّوا إِلَى اللهِ إنِّي لَكُمْ مِنْهُ نَذِيرٌ مبِينٌ} [الذاريات: 50]. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 199 596 - وعن سعد بن أَبي وقاص - رضي الله عنه - قَالَ: سَمِعْتُ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: «إنَّ الله يُحِبُّ الْعَبْدَ التَّقِيَّ الغَنِيَّ الْخَفِيَّ». رواه مسلم. (1) والمُرَادُ بـ «الغَنِيّ» غَنِيُّ النَّفْسِ، كَمَا سَبَقَ في الحديث الصحيح.   (1) أخرجه: مسلم 8/ 214 (2965) (11). الحديث: 596 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 199 597 - وعن أَبي سعيد الخدري - رضي الله عنه - قَالَ: قَالَ رَجُلٌ: أيُّ النَّاسِ أفْضَلُ يَا رسولَ الله؟ قَالَ: «مُؤْمِنٌ مُجَاهِدٌ بِنَفْسِهِ وَمَالِهِ في سَبيلِ اللهِ» قَالَ: ثُمَّ مَنْ؟ قَالَ: «ثُمَّ رَجُلٌ مُعْتَزِلٌ فِي شِعْبٍ مِنَ الشِّعَابِ يَعْبُدُ رَبَّهُ». وفي رواية: «يَتَّقِي اللهَ، وَيَدَعُ النَّاسَ مِنْ شَرِّهِ». متفقٌ عَلَيْهِ. (1)   (1) أخرجه: البخاري 4/ 18 (2786)، ومسلم 6/ 39 (1888) (123). الحديث: 597 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 199 598 - وعنه، قَالَ: قَالَ رسول الله - صلى الله عليه وسلم: «يُوشِكُ أَنْ يَكُونَ خَيْرَ مَالِ المُسْلِمِ غَنَمٌ يَتَّبعُ بِهَا شَعَفَ الجِبَالِ، وَمَواقعَ الْقَطْر يَفِرُّ بِدِينِهِ مِنَ الفِتَنِ». رواه البخاري. (1) و «شَعَفُ الجِبَالِ»: أعْلاَهَا.   (1) أخرجه: البخاري 1/ 11 (19). الحديث: 598 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 200 599 - وعن أَبي هريرة - رضي الله عنه - عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: «مَا بَعَثَ اللهُ نَبِيًّا إِلاَّ رَعَى الْغَنَمَ» فَقَالَ أصْحَابُهُ: وأنْتَ؟ قَالَ: «نَعَمْ، كُنْتُ أرْعَاهَا عَلَى قَرَارِيطَ (1) لأَهْلِ مَكَّةَ». رواه البخاري. (2)   (1) مفردها قيراط: وهو جزء من أجزاء الدينار. النهاية 4/ 42. (2) أخرجه: البخاري 3/ 115 (2262). الحديث: 599 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 200 600 - وعنه، عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنَّه قَالَ: «مِنْ خَيْرِ مَعَاشِ النَّاسِ لهم رَجُلٌ مُمْسِكٌ عِنَانَ فَرَسِهِ في سَبيلِ الله، يَطيرُ عَلَى مَتْنِهِ كُلَّمَا سَمِعَ هَيْعَةً أَوْ فَزعَةً، طَارَ عَلَيْهِ يَبْتَغِي القَتْلَ، أَوْ المَوْتَ مَظَانَّه، أَوْ رَجُلٌ فِي غُنَيمَةٍ في رَأسِ شَعَفَةٍ مِنْ هذِهِ الشَّعَفِ، أَوْ بَطنِ وَادٍ مِنْ هذِهِ الأَوْدِيَةِ، يُقِيمُ الصَّلاَةَ، وَيُؤتِي الزَّكَاةَ، وَيَعْبُدُ رَبَّهُ حَتَّى يأتِيَهُ اليَقِينُ، لَيْسَ مِنَ النَّاسِ إِلاَّ فِي خَيْرٍ». رواه مسلم. (1) «يَطِيرُ»: أيْ يُسْرعُ. وَ «مَتْنُهُ»: ظَهْرُهُ. وَ «الهَيْعَةُ»: الصوتُ للحربِ. وَ «الفَزعَةُ»: نحوه. وَ «مَظَانُّ الشَيْءِ»: المواضعُ الَّتي يُظَنُّ وجودُهُ فِيهَا. وَ «الغُنَيْمَة» بضم الغين: تصغير الغنم. وَ «الشَّعَفَةُ» بفتح الشين والعين: هي أعلى الجَبَل.   (1) أخرجه: مسلم 6/ 39 (1889) (125). الحديث: 600 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 200 70 - باب فضل الاختلاط بالناس وحضور جُمَعِهم وجماعاتهم، ومشاهد الخير، ومجالس الذكر معهم، وعيادة مريضهم، وحضور جنائزهم، ومواساة محتاجهم، وإرشاد جاهلهم، وغير ذلك من مصالحهم لمن قدر عَلَى الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وقمع نفسه عن الإيذاء وصبر عَلَى ال أذى اعْلم أنَّ الاختلاط بالنَّاسِ عَلَى الوجهِ الَّذِي ذَكَرْتُهُ هُوَ المختارُ الَّذِي كَانَ عَلَيْهِ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وسائر الأنبياء صلواتُ اللهِ وسلامه عَلَيْهِمْ، وكذلك الخُلفاءُ الرَّاشدون، [ص: 201] ومن بعدَهُم مِنَ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ، ومن بَعدَهُم من عُلَماءِ المُسلمين وأَخْيَارِهم، وَهُوَ مَذْهَبُ أكثَرِ التَّابِعينَ وَمَنْ بَعدَهُمْ، وبه قَالَ الشافعيُّ وأحمدُ وأكثَرُ الفقهاءِ (1) رضي اللهُ عنهم أجمعين. قَالَ اللهُ تَعَالَى: {وَتَعَاوَنُوا عَلَى البِرِّ وَالتَّقْوَى} [المائدة: 20] والآيات في معنى مَا ذكرته كثيرة معلومة.   (1) انظر: إحياء علوم الدين 2/ 359. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 200 71 - باب التواضع وخفض الجناح للمؤمنين قَالَ الله تَعَالَى: {وَاخْفِضْ جَنَاحَكَ لِمَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ المُؤْمِنِينَ} [الشعراء: 215]، وقال تَعَالَى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا مَنْ يَرْتَدَّ مِنْكُمْ عَنْ دِينهِ فَسَوْفَ يَأتِي اللهُ بِقَومٍ يُحِبُّهُم وَيُحِبُّونَهُ أَذِلَّةٍ عَلَى المُؤْمِنينَ أَعِزَّةٍ عَلَى الكَافِرِينَ} [المائدة: 54]، وقال تَعَالَى: {يَا أَيُّهَا النَّاسُ إنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللهِ أَتْقَاكُمْ} [الحجرات: 12]، وقال تَعَالَى: {فَلاَ تُزَكُّوا أَنْفُسَكُمْ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنِ اتَّقَى} [النجم: 32]، وقال تَعَالَى: {وَنَادَى أَصْحَابُ الأَعْرَافِ رِجَالًا يَعْرِفُونَهُمْ بِسِيمَاهُمْ قَالُوا مَا أَغْنَى عنكم جَمْعُكُمْ وَمَا كُنْتُمْ تَسْتَكْبِرُونَ أَهؤُلاَءِ الَّذِينَ أَقْسَمْتُمْ لا يَنَالُهُمُ اللهُ بِرَحْمَةٍ ادْخُلُوا الجَنَّةَ لاَ خَوْفٌ عَلَيْكُمْ وَلاَ أَنْتُمْ تَحْزَنُونَ} [الأعراف: 48 - 49]. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 201 601 - وعن عِيَاضِ بنِ حمارٍ - رضي الله عنه - قَالَ: قَالَ رسول الله - صلى الله عليه وسلم: «إنَّ اللهَ أوْحَى إِلَيَّ أَنْ تَوَاضَعُوا حَتَّى لاَ يَفْخَرَ أحَدٌ عَلَى أحَدٍ، وَلاَ يَبْغِي أحَدٌ عَلَى أحَدٍ». رواه مسلم. (1)   (1) أخرجه: مسلم 8/ 160 (2865) (64). الحديث: 601 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 201 602 - وعن أَبي هريرة - رضي الله عنه: أنَّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: «مَا نَقَصَتْ صَدَقَةٌ مِنْ مَالٍ، وَمَا زادَ اللهُ عَبْدًا بعَفْوٍ إِلاَّ عِزًّا، وَمَا تَوَاضَعَ أحَدٌ للهِ إِلاَّ رَفَعَهُ اللهُ». رواه مسلم. (1)   (1) انظر الحديث (555). الحديث: 602 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 201 603 - وعن أنس - رضي الله عنه: أنَّهُ مَرَّ عَلَى صبيَانٍ، فَسَلَّمَ عَلَيْهِمْ، وقال: كَانَ النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - يفعله. متفقٌ عَلَيْهِ. (1)   (1) أخرجه: البخاري 8/ 68 (6247)، ومسلم7/ 6 (2168) (15). الحديث: 603 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 201 604 - وعنه، قَالَ: إن كَانَتِ الأَمَةُ مِنْ إمَاءِ المَدينَةِ لَتَأْخُذُ بِيَدِ النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم - فَتَنْطَلِقُ بِهِ حَيْثُ شَاءتْ. رواه البخاري. (1)   (1) رواه البخاري 8/ 24 (6072) معلّقًا. الحديث: 604 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 201 605 - وعن الأَسْوَدِ بن يَزيدَ، قَالَ: سُئِلَتْ عائشةُ رضي الله عنها مَا كَانَ النَّبيُّ - صلى الله عليه وسلم - يَصْنَعُ فِي بَيْتِهِ؟ قالت: كَانَ يَكُون في مِهْنَةِ أهْلِهِ - يعني: خِدمَة أهلِه - فإذا حَضَرَتِ الصَّلاَةُ، خَرَجَ إِلَى الصَّلاَةِ. رواه البخاري. (1)   (1) أخرجه: البخاري 1/ 172 (676). الحديث: 605 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 202 606 - وعن أَبي رِفَاعَةَ تَميم بن أُسَيْدٍ - رضي الله عنه - قَالَ: انْتَهَيْتُ إِلَى رَسولِ الله - صلى الله عليه وسلم - وَهُوَ يخطب، فقلت: يَا رسول الله، رَجُلٌ غَريبٌ جَاءَ يَسْألُ عن دِينهِ لا يَدْرِي مَا دِينُهُ؟ فَأقْبَلَ عَليَّ رسولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - وتَرَكَ خُطْبَتَهُ حَتَّى انْتَهَى إلَيَّ، فَأُتِيَ بِكُرْسيٍّ، فَقَعَدَ عَلَيْهِ، وَجَعَلَ يُعَلِّمُنِي مِمَّا عَلَّمَهُ اللهُ، ثُمَّ أَتَى خُطْبَتَهُ فَأتَمَّ آخِرَهَا. رواه مسلم. (1)   (1) أخرجه: مسلم 3/ 15 (876) (60). الحديث: 606 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 202 607 - وعن أنس - رضي الله عنه: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كَانَ إِذَا أكَلَ طَعَامًا، لَعِقَ أصَابِعَهُ الثَّلاَثَ. قَالَ: وقال: «إِذَا سَقَطَتْ لُقْمَةُ أَحَدِكُمْ فَلْيُمِط عنها الأَذى، وليَأكُلْها وَلاَ يَدَعْها لِلشَّيْطان» وأمرَ أن تُسلَتَ القَصْعَةُ (1)، قَالَ: «فإنَّكُمْ لاَ تَدْرُونَ فِي أَيِّ طَعَامِكُمُ البَرَكَة». رواه مسلم. (2)   (1) تسلت القصعة: نتتبع ما بقي فيها من طعام، ونمسحها بالأصبع ونحوها. النهاية 2/ 387. (2) أخرجه: مسلم 6/ 115 (2034) (136). الحديث: 607 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 202 608 - وعن أَبي هريرة - رضي الله عنه - عن النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: «مَا بَعَثَ الله نَبِيًّا إِلاَّ رَعَى الغَنَمَ» قَالَ أصْحَابُهُ: وَأنْتَ؟ فَقَالَ: «نَعَمْ، كُنْتُ أرْعَاهَا عَلَى قَرَارِيطَ لأَهْلِ مَكَّةَ». رواه البخاري. (1)   (1) انظر الحديث (599). الحديث: 608 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 202 609 - وعنه، عن النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: «لَوْ دُعِيتُ إِلَى كُراعٍ أَوْ ذِرَاعٍ لأَجَبْتُ، ولو أُهْدِيَ إِلَيَّ ذراعٌ أَوْ كُراعٌ لَقَبِلْتُ». رواه البخاري. (1)   (1) أخرجه: البخاري 3/ 201 (2568). الحديث: 609 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 202 610 - وعن أنس - رضي الله عنه - قَالَ: كَانَتْ ناقةُ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - العضْبَاءُ لاَ تُسْبَقُ، أَوْ لاَ تَكَادُ تُسْبَقُ، فَجَاءَ أعْرَابيٌّ عَلَى قَعودٍ لَهُ، فَسَبَقَهَا، فَشَقَّ ذَلِكَ عَلَى الْمُسْلِمِينَ حَتَّى عَرَفَهُ، فَقَالَ: «حَقٌّ عَلَى اللهِ أَنْ لاَ يَرْتَفِعَ شَيْءٌ مِنَ الدُّنْيَا إِلاَّ وَضَعَهُ». رواه البخاري. (1)   (1) أخرجه: البخاري 8/ 131 (6501). الحديث: 610 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 202 72 - باب تحريم الكبر والإعجاب قَالَ الله تَعَالَى: {تِلْكَ الدَّارُ الآخِرَةُ نَجْعَلُهَا لِلَّذِينَ لاَ يُرِيدُونَ عُلُوًا فِي الأَرْضِ وَلاَ فَسَادًا وَالعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ} [القصص: 83]، وقال تعالى: {وَلا تَمْشِ فِي الأَرْضِ مَرَحا} [الإسراء: 37]، وقال تَعَالَى: {وَلاَ تُصَعِّرْ خَدَّكَ لِلنَّاسِ وَلاَ تَمْشِ فِي الأَرْضِ مَرَحًا إنَّ اللهَ لاَ يُحِبُّ كُلَّ مُخْتَالٍ فَخُورٍ} [لقمان: 18]. ومعنى «تُصَعِّر خَدَّكَ لِلنَّاسِ»: أيْ تُمِيلُهُ وتُعرِضُ بِهِ عَنِ النَّاسِ تَكَبُّرًا عَلَيْهِمْ. وَ «المَرَحُ»: التَّبَخْتُرُ. وقال تَعَالَى: {إنَّ قَارُونَ كَانَ مِنْ قَوْمِ مُوسَى فَبَغَى عَلَيْهِمْ وَآتَيْنَاهُ مِنَ الكُنُوزِ مَا إنَّ مَفَاتِحَهُ لتَنُوءُ بِالعُصْبَةِ أُولِي القُوَّةِ إِذْ قَالَ لَهُ قَوْمُهُ لاَ تَفْرَحْ إنَّ اللهَ لاَ يُحِبُّ الفَرِحِينَ} [القصص: 76]، إِلَى قَوْله تَعَالَى: {فَخَسَفْنَا بِهِ وَبِدَارِهِ الأَرْضَ} الآيات. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 203 611 - وعن عبد الله بن مسعود - رضي الله عنه - عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: «لاَ يَدْخُلُ الجَنَّةَ مَنْ كَانَ في قَلْبِهِ مِثْقَالُ ذَرَّة مِنْ كِبْرٍ!» فَقَالَ رَجُلٌ: إنَّ الرَّجُلَ يُحِبُّ أَنْ يَكُونَ ثَوْبُهُ حَسَنًا، ونَعْلُهُ حَسَنَةً؟ قَالَ: «إنَّ اللهَ جَمِيلٌ يُحِبُّ الجَمَالَ، الكِبْرُ: بَطَرُ الحَقِّ وَغَمْطُ النَّاسِ». رواه مسلم. (1) «بَطَرُ الحَقِّ»: دَفْعُهُ وَرَدُّهُ عَلَى قَائِلِهِ، وَ «غَمْطُ النَّاسِ»: احْتِقَارُهُمْ.   (1) أخرجه: مسلم 1/ 65 (91) (147). الحديث: 611 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 203 612 - وعن سلمة بن الأكوع - رضي الله عنه: أنّ رَجُلًا أكَلَ عِنْدَ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بشمالِهِ، فَقَالَ: «كُلْ بيَمِينِكَ» قَالَ: لاَ أسْتَطِيعُ! قَالَ: «لاَ اسْتَطَعْتَ» مَا مَنَعَهُ إِلاَّ الكِبْرُ. قَالَ: فما رفَعها إِلَى فِيهِ. رواه مسلم. (1)   (1) انظر الحديث (159). الحديث: 612 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 203 613 - وعن حارثة بن وهْبٍ - رضي الله عنه - قَالَ: سَمِعْتُ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: «ألا أُخْبِرُكُمْ بأهْلِ النَّار: كلُّ عُتُلٍ جَوّاظٍ مُسْتَكْبرٍ». متفقٌ عَلَيْهِ، (1) وتقدم شرحه في بابِ ضعفةِ المسلمين.   (1) انظر الحديث (252). الحديث: 613 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 203 614 - وعن أَبي سعيد الخدري - رضي الله عنه - عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: «احْتَجّتِ الجَنَّةُ وَالنَّارُ، فَقَالَت النَّارُ: فيَّ الْجَبَّارُونَ والمُتَكَبِّرُونَ. وقالتِ الجَنَّةُ: فيَّ ضُعفاءُ الناس ومساكينُهُم، [ص: 204] فقضى اللهُ بَينهُما: إنكِ الجنّةُ رَحْمَتِي أرْحَمُ بِك مَنْ أشَاءُ، وَإنَّكِ النَّارُ عَذَابِي أُعَذِّبُ بِكِ مَنْ أشَاءُ، وَلِكِلَيْكُمَا عَلَيَّ مِلْؤُهَا». رواه مسلم. (1)   (1) انظر الحديث (254). الحديث: 614 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 203 615 - وعن أَبي هريرة - رضي الله عنه: أنَّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: «لاَ يَنْظُرُ اللهُ يَوْمَ القِيَامَةِ إِلَى مَنْ جَرَّ إزَارَهُ بَطَرًا». متفقٌ عَلَيْهِ. (1)   (1) أخرجه: البخاري 7/ 183 (5788)، ومسلم 6/ 148 (2087) (48). الحديث: 615 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 204 616 - وعنه، قَالَ: قَالَ رسول الله - صلى الله عليه وسلم: «ثَلاَثَةٌ لاَ يُكَلِّمُهُمُ اللهُ يَوْمَ القِيَامَة، وَلاَ يُزَكِّيهِمْ، وَلاَ يَنْظُرُ إلَيْهِمْ، وَلَهُمْ عَذَابٌ ألِيمٌ: شَيْخٌ زَانٍ، وَمَلِكٌ كَذَّابٌ، وَعَائِلٌ مُسْتَكْبِرٌ». رواه مسلم. (1) «العَائِلُ»: الفَقِيرُ.   (1) أخرجه: مسلم 1/ 72 (107) (172). الحديث: 616 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 204 617 - وعنه، قَالَ: قَالَ رسول الله - صلى الله عليه وسلم: «قَالَ الله - عز وجل: العِزُّ إزَاري، والكبرياءُ رِدائي، فَمَنْ يُنَازِعُنِي في وَاحِدٍ منهما فَقَد عَذَّبْتُهُ». رواه مسلم. (1)   (1) أخرجه: مسلم 8/ 35 (2620) (136). الحديث: 617 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 204 618 - وعنه: أنَّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: «بَيْنَمَا رَجُلٌ يَمشِي في حُلَّةٍ تُعْجِبُهُ نَفْسُهُ، مُرَجِّلٌ رَأسَهُ، يَخْتَالُ فِي مَشْيَتهِ، إِذْ خَسَفَ اللهُ بِهِ، فَهُوَ يَتَجَلْجَلُ في الأَرضِ إِلَى يَوْمِ القِيَامَةِ». متفقٌ عَلَيْهِ. (1) «مُرَجِّلٌ رَأسَهُ»: أيْ مُمَشِّطُهُ، «يَتَجَلْجَلُ» بالجيمين: أيْ يَغُوصُ وَيَنْزِلُ.   (1) أخرجه: البخاري 7/ 183 (5789)، ومسلم 6/ 148 (2088) (49). الحديث: 618 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 204 619 - وعن سَلَمةَ بنِ الأكْوَعِ - رضي الله عنه - قَالَ: قَالَ رسول الله - صلى الله عليه وسلم: «لاَ يَزَالُ الرَّجُلُ يَذْهَبُ بِنَفْسِهِ حَتَّى يُكْتَبَ في الجبَّارِين، فَيُصيبَهُ مَا أصَابَهُمْ». رواه الترمذي، (1) وقال: «حديث حسن». «يَذْهَبُ بِنَفْسِهِ» أيْ: يَرْتَفِعُ وَيَتَكبَّرُ.   (1) أخرجه: الترمذي (2000) وقال: «حديث حسن غريب» على أنَّ في إسناده عمر بن راشد اليمامي ضعيف. الحديث: 619 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 204 73 - باب حسن الخلق قَالَ الله تَعَالَى: {وَإنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ} [ن: 4]، وقال تَعَالَى: {وَالكَاظِمِينَ الغَيْظَ وَالعَافِينَ عَنِ النَّاسِ} [آل عمران: 134] الآية. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 204 620 - وعن أنس - رضي الله عنه - قال: كَانَ رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - أحْسَنَ النَّاس خُلُقًا. متفقٌ عَلَيْهِ. (1)   (1) أخرجه: البخاري 8/ 55 (6203)، ومسلم 7/ 74 (2310) (55). الحديث: 620 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 205 621 - وعنه، قَالَ: مَا مَسِسْتُ دِيبَاجًا وَلاَ حَرِيرًا أَلْيَنَ مِنْ كَفِّ رسولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - وَلاَ شَمَمْتُ رَائِحَةً قَطُّ أطْيَبَ مِنْ رَائِحَةِ رسولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - وَلَقَدْ خَدمتُ رسول اللهِ - صلى الله عليه وسلم - عَشْرَ سنين، فما قَالَ لي قَطُّ: أُفٍّ، وَلاَ قَالَ لِشَيءٍ فَعَلْتُهُ: لِمَ فَعَلْتَه؟ وَلاَ لشَيءٍ لَمْ أفعله: ألاَ فَعَلْتَ كَذا؟ متفقٌ عَلَيْهِ. (1)   (1) أخرجه: البخاري 4/ 230 (3561)، ومسلم 7/ 81 (2329) (82). الحديث: 621 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 205 622 - وعن الصعب بن جَثَّامَةَ - رضي الله عنه - قَالَ: أهديتُ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - حِمَارًا وَحْشِيًّا، فَرَدَّهُ عَلَيَّ، فَلَمَّا رأى مَا في وجهي، قَالَ: «إنَّا لَمْ نَرُدَّهُ عَلَيْكَ إِلاَّ لأَنَّا حُرُمٌ (1)». متفقٌ عَلَيْهِ. (2)   (1) أي محرمون للحج. (2) أخرجه: البخاري 3/ 16 (1825)، ومسلم 4/ 13 (1193) (50). الحديث: 622 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 205 623 - وعن النَّوَاس بنِ سمعان - رضي الله عنه - قَالَ: سألتُ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - عن البِرِّ وَالإثم، فَقَالَ: «البِرُّ: حُسْنُ الخُلُقِ، والإثمُ: مَا حَاك في صدرِك، وكَرِهْتَ أن يَطَّلِعَ عَلَيْهِ النَّاسُ». رواه مسلم. (1)   (1) انظر الحديث (589). الحديث: 623 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 205 624 - عن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما، قَالَ: لَمْ يكن رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - فَاحِشًا وَلاَ مُتَفَحِّشًا، وكان يَقُولُ: «إنَّ مِنْ خِيَارِكُمْ أحْسَنَكُمْ أخْلاَقًا». متفقٌ عَلَيْهِ. (1)   (1) أخرجه: البخاري 4/ 230 (3559)، ومسلم 7/ 78 (2321) (68). الحديث: 624 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 205 625 - وعن أَبي الدرداءِ - رضي الله عنه: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: «مَا مِنْ شَيْءٍ أثْقَلُ في مِيزَانِ العبدِ المُؤْمِنِ يَوْمَ القِيَامَةِ مِنْ حُسْنِ الخُلُقِ، وَإنَّ الله يُبْغِضُ الفَاحِشَ البَذِيَّ». رواه الترمذي، وقال: «حديث حسن صحيح» (1). «البَذِيُّ»: هُوَ الَّذِي يتكلَّمُ بِالفُحْشِ ورديء الكلامِ.   (1) أخرجه: أبو داود (4799)، والترمذي (2002). الحديث: 625 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 205 626 - وعن أَبي هريرة - رضي الله عنه - قَالَ: سُئِلَ رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - عَنْ أكثرِ مَا يُدْخِلُ النَّاسَ الْجَنَّةَ؟ قَالَ: «تَقْوَى اللهِ وَحُسنُ الخُلُقِ»، وَسُئِلَ عَنْ أكْثَرِ مَا يُدْخِلُ النَّاسَ النَّارَ، فَقَالَ: «الفَمُ وَالفَرْجُ». رواه الترمذي، (1) وقال: «حديث حسن صحيح».   (1) أخرجه: ابن ماجه (4246)، والترمذي (2004) وقال: «حديث صحيح غريب». الحديث: 626 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 205 627 - وعنه، قال: قَالَ رسول الله - صلى الله عليه وسلم: «أكْمَلُ المُؤمنينَ إيمَانًا أحسَنُهُمْ خُلُقًا، وَخِيَارُكُمْ خِيَارُكُمْ لِنِسَائِهِمْ». رواه الترمذي، (1) وقال: «حديث حسن صحيح».   (1) انظر الحديث (278). الحديث: 627 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 206 628 - وعن عائشة رضي الله عنها، قالت: سَمِعْتُ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: «إنَّ المُؤْمِنَ لَيُدْرِكُ بحُسْنِ خُلُقِه دَرَجَةَ الصَّائِمِ القَائِمِ» (1) رواه أَبُو داود. (2)   (1) قال ابن قيم الجوزية: «من يحسن خلقه مع الناس مع تباين طبائعهم وأخلاقهم فكأنه يجاهد نفوسًا كثيرة فأدرك ما أدركه الصائم القائم فاستويا في الدرجة بل ربما زاد». عون المعبود 13/ 154. (2) أخرجه: أبو داود (4798). الحديث: 628 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 206 629 - وعن أَبي أُمَامَة الباهِليِّ - رضي الله عنه - قَالَ: قَالَ رسول الله - صلى الله عليه وسلم: «أنَا زَعِيمٌ ببَيتٍ في ربَض الجَنَّةِ (1) لِمَنْ تَرَكَ المِرَاءَ، وَإنْ كَانَ مُحِقًّا، وَبِبَيْتٍ في وَسَطِ الجَنَّةِ لِمَنْ تَرَكَ الكَذِبَ، وَإنْ كَانَ مَازِحًا، وَبِبَيْتٍ في أَعلَى الجَنَّةِ لِمَنْ حَسُنَ خُلُقُهُ». حديث صحيح، رواه أَبُو داود بإسناد صحيح. (2) «الزَّعِيمُ»: الضَّامِنُ.   (1) ربض الجنة: ما حولها خارجًا عنها. النهاية 2/ 185. (2) أخرجه: أبو داود (4800). الحديث: 629 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 206 630 - وعن جابر - رضي الله عنه: أنَّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: «إنَّ مِنْ أحَبِّكُمْ إليَّ، وَأقْرَبِكُمْ مِنِّي مَجْلِسًا يَوْمَ القِيَامَةِ، أحَاسِنَكُم أَخْلاَقًا، وَإنَّ أَبْغَضَكُمْ إلَيَّ وَأَبْعَدَكُمْ مِنِّي يَوْمَ القِيَامَةِ، الثَّرْثَارُونَ وَالمُتَشَدِّقُونَ وَالمُتَفَيْهقُونَ» قالوا: يَا رسول الله، قَدْ عَلِمْنَا «الثَّرْثَارُونَ وَالمُتَشَدِّقُونَ»، فمَا المُتَفَيْهقُونَ؟ قَالَ: «المُتَكَبِّرُونَ». رواه الترمذي، (1) وقال: «حديث حسن». «الثَّرْثَارُ»: هُوَ كَثِيرُ الكَلاَمِ تَكَلُّفًا. وَ «المُتَشَدِّقُ»: المُتَطَاوِلُ عَلَى النَّاسِ بِكَلاَمِهِ، وَيَتَكَلَّمُ بِمَلءِ فِيهِ تَفَاصُحًا وَتَعْظِيمًا لِكَلامِهِ، وَ «المُتَفَيْهِقُ»: أصلُهُ مِنَ الفَهْقِ وَهُوَ الامْتِلاَءُ، وَهُوَ الَّذِي يَمْلأُ فَمَهُ بِالكَلاَمِ وَيَتَوَسَّعُ فِيهِ، ويُغْرِبُ بِهِ تَكَبُّرًا وَارْتِفَاعًا، وَإظْهَارًا للفَضيلَةِ عَلَى غَيْرِهِ. [ص: 207] وروى الترمذي (2) عن عبد الله بن المباركِ رحِمه الله في تفسير حُسْنِ الخُلُقِ، قَالَ: «هُوَ طَلاَقَةُ الوَجه، وَبَذْلُ المَعروف، وَكَفُّ الأذَى».   (1) أخرجه: الترمذي (2018) وقال: «حديث حسن غريب». (2) في جامعه (2005)، وعند الترمذي: «بسط الوجه». الحديث: 630 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 206 74 - باب الحلم والأناة والرفق قَالَ الله تَعَالَى: {وَالكَاظِمِينَ الغَيْظَ وَالعَافِينَ عَنِ النَّاسِ وَاللهُ يُحِبُّ المُحْسِنينَ} [آل عمران: 134]، وقال تَعَالَى: {خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ الجَاهِلينَ} [الأعراف: 199]، وقال تَعَالَى: {وَلاَ تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَلاَ السَّيِّئَةُ ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أحْسَنُ فَإذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ وَمَا يُلَقَّاهَا إِلاَّ الَّذِينَ صَبَرُوا وَمَا يُلَقَّاهَا إِلاَّ ذُو حَظٍّ عَظِيمٍ} [فصلت: 34 - 35]، وقال تَعَالَى: {وَلَمنْ صَبَرَ وَغَفَرَ إنَّ ذَلِكَ لَمِنْ عَزْمِ الأُمُورِ} [الشورى: 43]. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 207 631 - وعن ابن عباس رضي الله عنهما، قَالَ: قَالَ رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - لأَشَجِّ عَبْدِ القَيْسِ: «إنَّ فيكَ خَصْلَتَيْنِ يُحِبُّهُمَا اللهُ: الْحِلْمُ وَالأنَاةُ». رواه مسلم. (1)   (1) أخرجه: مسلم 1/ 36 (17) (25). الحديث: 631 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 207 632 - وعن عائشة رضي الله عنها، قالت: قَالَ رسول الله - صلى الله عليه وسلم: «إنَّ اللهَ رفيقٌ يُحِبُّ الرِّفْقَ فِي الأَمْرِ كُلِّه». متفقٌ عَلَيْهِ. (1)   (1) أخرجه: البخاري 9/ 20 (6927)، ومسلم 7/ 4 (2165) (10). الحديث: 632 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 207 633 - وعنها: أنَّ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: «إنَّ اللهَ رَفِيقٌ يُحِبُّ الرِّفقَ، وَيُعْطي عَلَى الرِّفق، مَا لاَ يُعْطِي عَلَى العُنْفِ، وَمَا لاَ يُعْطِي عَلَى مَا سِوَاهُ». رواه مسلم. (1)   (1) أخرجه: مسلم 8/ 22 (2593) (77). الحديث: 633 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 207 634 - وعنها: أنَّ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: «إنَّ الرِّفْقَ لاَ يَكُونُ في شَيْءٍ إِلاَّ زَانَهُ، وَلاَ يُنْزَعُ مِنْ شَيْءٍ إِلاَّ شَانَهُ». رواه مسلم. (1)   (1) أخرجه: مسلم 8/ 22 (2594) (78). الحديث: 634 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 207 635 - وعن أَبي هريرة - رضي الله عنه - قَالَ: بَال أعْرَابيٌّ في المسجدِ، فَقَامَ النَّاسُ إِلَيْهِ لِيَقَعُوا فِيهِ، فَقَالَ النبيُّ - صلى الله عليه وسلم: «دَعُوهُ وَأَرِيقُوا عَلَى بَوْلِهِ سَجْلًا مِنْ مَاءٍ، أَوْ ذَنُوبًا مِنْ مَاءٍ، فَإنَّمَا بُعِثْتُمْ مُيَسِّرِينَ وَلَم تُبْعَثُوا مُعَسِّرِينَ». رواه البخاري. (1) [ص: 208] «السَّجْلُ» بفتح السين المهملة وإسكان الجيم: وَهِيَ الدَّلو الْمُمْتَلِئَةُ مَاءً، وَكَذلِكَ الذَّنُوبُ.   (1) أخرجه: البخاري 1/ 65 (220). الحديث: 635 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 207 636 - وعن أنس - رضي الله عنه - عن النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: «يَسِّرُوا وَلاَ تُعَسِّرُوا، وَبَشِّرُوا وَلاَ تُنَفِّرُوا». متفقٌ عَلَيْهِ. (1)   (1) أخرجه: البخاري 1/ 27 (69)، ومسلم 5/ 141 (1734) (8). الحديث: 636 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 208 637 - وعن جريرِ بنِ عبدِ اللهِ - رضي الله عنه - قَالَ: سَمِعْتُ رسولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - يقولُ: «مَنْ يُحْرَمِ الرِفْقَ، يُحْرَمِ الخَيْرَ كلَّهُ». رواه مسلم. (1)   (1) أخرجه: مسلم 8/ 22 (2592) (75). الحديث: 637 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 208 638 - وعن أَبي هريرة - رضي الله عنه: أنَّ رَجُلًا قَالَ للنبيِّ - صلى الله عليه وسلم: أوْصِني. قَالَ: «لاَ تَغْضَبْ»، فَرَدَّدَ مِرَارًا، قَالَ: «لاَ تَغْضَبْ». رواه البخاري. (1)   (1) انظر الحديث (48). الحديث: 638 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 208 639 - وعن أَبي يعلى شَدَّاد بن أوسٍ - رضي الله عنه - عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: «إنَّ الله كَتَبَ الإحْسَانَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ فَإذَا قَتَلْتُم فَأحْسِنُوا القِتْلَة، وَإِذَا ذَبَحْتُمْ فَأحْسِنُوا الذِّبْحَةَ، وَليُحِدَّ أَحَدُكُمْ شَفْرَتَه، وَلْيُرِح ذَبِيحَتَهُ». رواه مسلم. (1)   (1) أخرجه: مسلم 6/ 72 (1955) (57). الحديث: 639 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 208 640 - وعن عائشة رضي الله عنها، قالت: مَا خُيِّرَ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بَيْنَ أمْرَيْنِ قَطُّ إِلاَّ أَخَذَ أيْسَرَهُمَا، مَا لَمْ يَكُنْ إثمًا، فَإنْ كَانَ إثمًا، كَانَ أبْعَدَ النَّاسِ مِنْهُ. وَمَا انْتَقَمَ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لِنَفْسِهِ في شَيْءٍ قَطُّ، إِلاَّ أن تُنْتَهَكَ حُرْمَةُ الله، فَيَنْتَقِمَ للهِ تَعَالَى. متفقٌ عَلَيْهِ. (1)   (1) أخرجه: البخاري 4/ 230 (3560)، ومسلم 7/ 80 (2327) (77). الحديث: 640 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 208 641 - وعن ابن مسعود - رضي الله عنه - قَالَ: قَالَ رسول الله - صلى الله عليه وسلم: «ألاَ أخْبِرُكُمْ بِمَنْ يَحْرُمُ عَلَى النَّار؟ أَوْ بِمَنْ تَحْرُمُ عَلَيْهِ النَّار؟ تَحْرُمُ عَلَى كُلِّ قَرِيبٍ، هَيّنٍ، لَيِّنٍ، سَهْلٍ». رواه الترمذي، (1) وقال: «حديث حسن».   (1) أخرجه: الترمذي (2488) وقال: «حديث حسن غريب». الحديث: 641 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 208 75 - باب العفو والإعراض عن الجاهلين قَالَ الله تَعَالَى: {خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ الْجَاهِلينَ} [الأعراف: 199]، وقال تَعَالَى: {فَاصْفَحِ الصَّفْحَ الْجَمِيلَ} [الحجر: 85]، وقال تَعَالَى: {وَلْيَعْفُوا وَلْيَصْفَحُوا ألاَ [ص: 209] تُحِبُّونَ أَنْ يَغْفِرَ اللهُ لَكُمْ} [النور: 22]، وقال تَعَالَى: {وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ وَاللهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنينَ} [آل عمران: 134]، وقال تَعَالَى: {وَلَمَنْ صَبَرَ وَغَفَرَ إنَّ ذَلِكَ لَمِنْ عَزْمِ الأُمُورِ} [الشورى: 43] والآيات في الباب كثيرة معلومة. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 208 642 - وعن عائشة رضي الله عنها: أنها قالت للنبي - صلى الله عليه وسلم: هَلْ أتَى عَلَيْكَ يَوْمٌ كَانَ أشَدَّ مِنْ يَوْمِ أُحُدٍ؟ قَالَ: «لَقَدْ لَقِيتُ مِنْ قَوْمِكِ، وَكَانَ أشَدُّ مَا لَقيتُ مِنْهُمْ يَوْمَ الْعَقَبَةِ، إذْ عَرَضْتُ نَفْسِي عَلَى ابْنِ عَبْدِ يَالِيْلَ بْنِ عَبْدِ كُلاَلٍ، فَلَمْ يُجِبْني إِلَى مَا أرَدْتُ، فَانْطَلَقْتُ وَأنا مَهْمُومٌ عَلَى وَجْهِي، فَلَمْ أسْتَفِقْ إِلاَّ وأنَا بِقَرْنِ الثَّعَالِبِ (1)، فَرَفَعْتُ رَأْسِي، وَإِذَا أنَا بِسَحَابَةٍ قَدْ أظَلَّتْنِي، فَنَظَرْتُ فَإذَا فِيهَا جِبريلُ - عليه السلام - فَنَادَاني، فَقَالَ: إنَّ الله تَعَالَى قَدْ سَمِعَ قَوْلَ قَوْمِكَ لَكَ، وَمَا رَدُّوا عَلَيْكَ، وَقَد بَعَثَ إلَيْكَ مَلَكَ الجِبَالِ لِتَأْمُرَهُ بمَا شِئْتَ فِيهِمْ. فَنَادَانِي مَلَكُ الجِبَالِ، فَسَلَّمَ عَلَيَّ، ثُمَّ قَالَ: يَا مُحَمَّدُ إنَّ اللهَ قَدْ سَمِع قَوْلَ قَوْمِكَ لَكَ، وَأنا مَلَكُ الجِبال، وَقَدْ بَعَثَنِي رَبِّي إلَيْكَ لِتَأْمُرَنِي بِأَمْرِكَ، فَمَا شِئْتَ، إنْ شئْتَ أطْبَقْتُ عَلَيْهِمُ الأَخْشَبَيْنِ». فَقَالَ النبي - صلى الله عليه وسلم: «بَلْ أرْجُو أَنْ يُخْرِجَ اللهُ مِنْ أصْلاَبِهِمْ مَنْ يَعْبُدُ اللهَ وَحْدَهُ لاَ يُشْرِكُ بِهِ شَيْئًا». متفقٌ عَلَيْهِ. (2) «الأخْشَبَان»: الجَبَلان المُحيطان بمكَّة. وَالأخشبُ: هُوَ الجبل الغليظ.   (1) قال المصنف في شرح صحيح مسلم 6/ 334: «قرن الثعالب: هو قرن المنازل وهو ميقات أهل نجد، على مرحلتين من مكة». (2) أخرجه: البخاري 4/ 139 (3231)، ومسلم 5/ 181 (1795) (111). الحديث: 642 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 209 643 - وعنها، قالت: مَا ضَرَبَ رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - شَيْئًا قَطُّ بِيَدِهِ، وَلاَ امْرَأةً وَلاَ خَادِمًا، إِلاَّ أَنْ يُجَاهِدَ فِي سَبيلِ اللهِ، وَمَا نِيلَ مِنْهُ شَيْءٌ قَطُّ فَيَنْتَقِمَ مِنْ صَاحِبِهِ، إِلاَّ أن يُنْتَهَكَ شَيْءٌ مِنْ مَحَارِمِ اللهِ تَعَالَى، فَيَنْتَقِمُ للهِ تَعَالَى. رواه مسلم. (1)   (1) أخرجه: مسلم 7/ 80 (2328) (79). الحديث: 643 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 209 644 - وعن أنس - رضي الله عنه - قَالَ: كُنْتُ أمشي مَعَ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وَعَلَيْهِ بُرْدٌ نَجْرَانيٌّ غَلِيظُ الحَاشِيَةِ، فأدْرَكَهُ أعْرَابِيٌّ فَجَبذَهُ بِرِدَائِهِ جَبْذَةً شَديدةً، فَنَظَرْتُ إِلَى صَفْحَةِ عَاتِقِ النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم - وَقَدْ أثَّرَتْ بِهَا حَاشِيَةُ الرِّدَاءِ مِنْ شِدَّةِ جَبْذَتِهِ، ثُمَّ قَالَ: يَا مُحَمَّدُ، مُر لِي مِنْ مَالِ اللهِ الَّذِي عِنْدَكَ. فَالتَفَتَ إِلَيْهِ، فَضَحِكَ ثُمَّ أَمَرَ لَهُ بِعَطَاءٍ. متفقٌ عَلَيْهِ. (1)   (1) أخرجه: البخاري 7/ 188 (5809)، ومسلم 3/ 103 (1057) (128). الحديث: 644 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 209 645 - وعن ابن مسعود - رضي الله عنه - قَالَ: كأني أنظر إِلَى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يَحْكِي نَبِيًّا مِنَ الأنبياءِ، صَلَوَاتُ اللهِ وَسَلامُه عَلَيْهِمْ، ضَرَبَهُ قَوْمُهُ فَأدْمَوْهُ، وَهُوَ يَمْسَحُ الدَّمَ عَنْ وَجْهِهِ، ويقول: «اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِقَوْمِي؛ فَإنَّهُمْ لاَ يَعْلَمُونَ». متفقٌ عَلَيْهِ. (1)   (1) انظر الحديث (36). الحديث: 645 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 210 646 - وعن أَبي هريرة - رضي الله عنه: أنَّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: «لَيْسَ الشَّديدُ بِالصُّرَعَةِ، إنَّمَا الشَّدِيدُ الَّذِي يَمْلِكُ نَفْسَهُ عِنْدَ الْغَضَبِ». متفقٌ عَلَيْهِ. (1)   (1) انظر الحديث (45). الحديث: 646 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 210 76 - باب احتمال الأذى قَالَ الله تَعَالَى: {وَالْكَاظِمِينَ الغَيْظَ والْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ واللهُ يُحِبُّ المُحْسِنِينَ} [آل عمران: 134]، وقال تَعَالَى: {وَلَمَن صَبَرَ وَغَفَرَ إنَّ ذَلِكَ لَمِنْ عَزْمِ الأُمُورِ} [الشورى: 43] وفي الباب: الأحاديث السابقة في الباب قبله. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 210 647 - وعن أَبي هريرة رضي الله تَعَالَى عنه: أنَّ رَجُلًا، قَالَ: يَا رسول الله، إنّ لي قَرَابةً أصِلُهم وَيَقْطَعُونِي، وَأُحْسِنُ إلَيْهِمْ وَيُسِيئُونَ إلَيَّ، وَأحْلُمُ عَنهم وَيَجْهَلُونَ عَلَيَّ! فَقَالَ: «لَئِنْ كُنْتَ كَمَا قُلْتَ، فَكأنَّمَا تُسِفُّهُمُ الْمَلَّ، وَلاَ يَزَالُ مَعَكَ مِنَ اللهِ تَعَالَى ظَهيرٌ عَلَيْهِمْ مَا دُمْتَ عَلَى ذَلِكَ». رواه مسلم. (1) وقد سَبَقَ شَرْحُهُ في بَابِ صلة الأرحام.   (1) انظر الحديث (318). الحديث: 647 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 210 77 - باب الغضب إِذَا انتهكت حرمات الشّرع والانتصار لدين الله تعالى قَالَ الله تَعَالَى: {وَمَنْ يُعَظِّمْ حُرُمَاتِ الله فَهُوَ خَيْرٌ لَهُ عِنْدَ رَبِّهِ} [الحج: 30]، وقال تَعَالَى: {إنْ تَنْصُرُوْا اللهَ يَنْصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ} [محمد: 7]. وفي الباب حديث عائشة السابق في باب العفو (1).   (1) انظر الحديث (643). الجزء: 1 ¦ الصفحة: 210 648 - وعن أَبي مسعود عقبة بن عمرو البدري - رضي الله عنه - قَالَ: جَاءَ رَجُلٌ إِلَى النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ: إنِّي لأَتَأخَّرُ عَن صَلاةِ الصُّبْحِ مِنْ أَجْلِ فلانٍ مِمَّا يُطِيلُ بِنَا! فَمَا رَأيْتُ النَّبيَّ - صلى الله عليه وسلم - غَضِبَ في مَوْعِظَةٍ قَطُّ أشَدَّ مِمَّا غَضِبَ يَوْمَئذٍ؛ فَقَالَ: «يَا أَيُّهَا النَّاسُ، إنَّ مِنْكُمْ مُنَفِّرِينَ، فَأيُّكُمْ أَمَّ النَّاسَ فَلْيُوجِزْ؛ فَإنَّ مِنْ وَرَائِهِ الكَبِيرَ وَالصَّغِيرَ وَذَا الحَاجَةِ». متفقٌ عَلَيْهِ. (1)   (1) أخرجه: البخاري 1/ 180 (704)، ومسلم 2/ 42 (466) (182). الحديث: 648 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 211 649 - وعن عائشة رضي الله عنها، قالت: قَدِمَ رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - مِنْ سَفرٍ، وَقَدْ سَتَرْتُ سَهْوَةً لِي بِقِرَامٍ فِيهِ تَمَاثيلُ، فَلَمَّا رَآهُ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - هتكَهُ وَتَلَوَّنَ وَجهُهُ، وقال: «يَا عائِشَةُ، أشَدُّ النَّاسِ عَذَابًا عِنْدَ اللهِ يَوْمَ القيَامَةِ الَّذِينَ يُضَاهُونَ بخَلْقِ اللهِ!». متفقٌ عَلَيْهِ. (1) «السَّهْوَةُ»: كَالصُّفَّةِ تَكُونُ بَيْنَ يدي البيت. وَ «القِرام» بكسر القاف: سِتر رقيق، وَ «هَتَكَه»: أفْسَدَ الصُّورَةَ الَّتي فِيهِ.   (1) أخرجه: البخاري 7/ 215 (5954)، ومسلم 6/ 159 (2107) (92). الحديث: 649 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 211 650 - وعنها: أن قرَيشًا أهَمَّهُمْ شَأنُ المَرأَةِ المخزومِيَّةِ الَّتي سَرَقَتْ، فقالوا: مَنْ يُكَلِّمُ فِيهَا رسول الله - صلى الله عليه وسلم؟ فقالوا: مَنْ يَجْتَرِئُ عَلَيْهِ إِلاَّ أُسَامَةُ بنُ زَيْدٍ حِبُّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم؟ فَكَلَّمَهُ أُسَامَةُ، فَقَالَ رسول الله - صلى الله عليه وسلم: «أَتَشْفَعُ في حَدٍّ مِنْ حُدُودِ الله تَعَالَى؟!» ثُمَّ قامَ فَاخْتَطَبَ، ثُمَّ قَالَ: «إنَّمَا أَهْلَك مَنْ قَبْلَكُمْ أَنَّهُمْ كَانُوا إِذَا سَرَقَ فِيهِمُ الشَّرِيفُ تَرَكُوهُ، وَإِذَا سَرَقَ فِيهِمُ الضَّعِيفُ أقامُوا عَلَيْهِ الحَدَّ، وَايْمُ الله، لَوْ أَنَّ فَاطمَةَ بِنْتَ مُحمّدٍ سَرَقَتْ لَقَطَعتُ يَدَهَا». متفقٌ عَلَيْهِ. (1)   (1) أخرجه: البخاري 4/ 213 (3475)، ومسلم 5/ 114 (1688) (8). الحديث: 650 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 211 651 - وعن أنس - رضي الله عنه: أنَّ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - رَأى نُخَامَةً في القبلَةِ، فَشَقَّ ذَلِكَ عَلَيْهِ حَتَّى رُؤِيَ في وَجْهِهِ؛ فَقَامَ فَحَكَّهُ بِيَدِهِ، فَقَالَ: «إن َأحدَكُمْ إِذَا قَامَ فِي صَلاَتِهِ فَإنَّهُ يُنَاجِي رَبَّهُ، وَإنَّ رَبَّهُ بَيْنَهُ وَبيْنَ القِبلْةِ، فَلاَ يَبْزُقَنَّ أحَدُكُمْ قِبَلَ الْقِبْلَةِ، وَلَكِنْ عَنْ يَسَارِهِ، أَوْ تَحْتَ قَدَمِهِ» ثُمَّ أخَذَ طَرَفَ رِدَائِهِ فَبَصَقَ فِيهِ، ثُمَّ رَدَّ بَعْضَهُ عَلَى بَعْضٍ، فَقَالَ: «أَوْ يَفْعَلُ هكذا». متفقٌ عَلَيْهِ. (1) وَالأمرُ بالبُصَاقِ عَنْ يَسَارِهِ أَوْ تَحْتَ قَدَمِهِ هُوَ فِيما إِذَا كَانَ في غَيْرِ المسجِدِ، فَأمَّا فِي المَسجدِ فَلاَ يَبصُقُ إِلاَّ في ثَوْبِهِ.   (1) أخرجه: البخاري 1/ 113 (417)، ومسلم 2/ 76 (551) (54). الحديث: 651 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 211 78 - باب أمر وُلاة الأمور بالرفق برعاياهم ونصيحتهم والشفقة عليهم والنهي عن غشهم والتشديد عليهم وإهمال مصالحهم والغفلة عنهم وعن حوائجهم قَالَ الله تَعَالَى: {وَاخْفِضْ جَنَاحَكَ لِمَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ} [الشعراء: 215]، وقال تَعَالَى: {إنَّ اللهَ يَأمُرُ بِالْعَدْلِ وَالإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ يَعظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ} [النحل: 90]. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 212 652 - وعن ابن عمر رضي الله عنهما، قَالَ: سَمِعْتُ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: «كُلُّكُمْ رَاعٍ، وَكُلُّكُمْ مَسْؤُولٌ عَنْ رَعِيَّتهِ: الإمَامُ رَاعٍ وَمَسؤُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ، وَالرَّجُلُ رَاعٍ في أهلِهِ وَمَسؤُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ، وَالمَرْأَةُ رَاعِيَةٌ في بَيْتِ زَوْجِهَا وَمَسْؤُولَةٌ عَنْ رَعِيَّتِهَا، وَالخَادِمُ رَاعٍ في مال سيِّدِهِ وَمَسْؤُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ، وَكُلُّكُمْ رَاعٍ وَمَسْؤُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ». متفقٌ عَلَيْهِ. (1)   (1) انظر الحديث (283). الحديث: 652 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 212 653 - وعن أَبي يعلى مَعْقِل بن يَسارٍ - رضي الله عنه - قَالَ: سَمِعْتُ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: «مَا مِنْ عَبْدٍ يَستَرْعِيهِ اللهُ رَعِيَّةً، يَمُوتُ يَوْمَ يَمُوتُ وَهُوَ غَاشٌّ لِرَعِيَّتِهِ، إِلاَّ حَرَّمَ اللهُ عَلَيْهِ الجَنَّة». متفقٌ عليه. (1) وفي رواية: «فَلَمْ يَحُطْهَا بِنُصْحِهِ لَمْ يَجِدْ رَائِحَةَ الجَنَّة». وفي رواية لمسلم: «مَا مِنْ أميرٍ يلي أمور المُسْلِمينَ، ثُمَّ لا يَجْهَدُ لَهُمْ وَيَنْصَحُ لَهُمْ، إِلاَّ لَمْ يَدْخُلْ مَعَهُمُ الْجَنَّةَ».   (1) أخرجه: البخاري 9/ 80 (7151)، ومسلم 1/ 87 (142) (227) و88 (142) (229). الحديث: 653 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 212 654 - وعن عائشة رضي الله عنها، قالت: سَمِعْتُ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول في بيتي هَذَا: «اللَّهُمَّ مَنْ وَلِيَ مِنْ أَمْرِ أُمَّتِي شَيْئًا فَشَقَّ عَلَيْهِمْ، فَاشْقُقْ عَلَيْهِ، وَمَنْ وَلِيَ مِنْ أَمْرِ أُمَّتِي شَيْئًا فَرَفَقَ بِهِمْ، فَارْفُقْ بِهِ». رواه مسلم. (1)   (1) أخرجه: مسلم 6/ 7 (1828) (19). الحديث: 654 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 212 655 - وعن أَبي هريرة - رضي الله عنه - قَالَ: قَالَ رسول الله - صلى الله عليه وسلم: «كَانَتْ بَنُو إسرَائِيلَ تَسُوسُهُم الأَنبِيَاء، كُلَّمَا هَلَكَ نَبِيٌّ خَلَفَهُ نَبيٌّ، وَإنَّهُ لاَ نَبِيَّ بَعْدِي، وَسَيكُونُ بَعْدِي خُلفَاءُ [ص: 213] فَيَكثرُونَ»، قالوا: يَا رسول الله، فَمَا تَأْمُرُنَا؟ قَالَ: «أَوْفُوا بِبَيْعَةِ الأَوَّل فَالأَوَّل، ثُمَّ أعْطُوهُمْ حَقَّهُمْ، وَاسْأَلُوا الله الَّذِي لَكُمْ، فَإنَّ اللهَ سَائِلُهُمْ عَمَّا اسْتَرْعَاهُمْ». متفقٌ عليه. (1)   (1) أخرجه: البخاري 4/ 206 (3455)، ومسلم 6/ 17 (1842) (44). الحديث: 655 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 212 656 - وعن عائِذ بن عمرو - رضي الله عنه: أَنَّهُ دَخَلَ عَلَى عُبَيْد اللهِ بن زيادٍ، فَقَالَ لَهُ: أيْ بُنَيَّ، إنِّي سَمِعْتُ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: «إنَّ شَرَّ الرِّعَاءِ الحُطَمَةُ»، فإيَاكَ أن تَكُونَ مِنْهُمْ. متفقٌ عَلَيْهِ. (1)   (1) انظر الحديث (192) وهو عند مسلم فقط. الحديث: 656 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 213 657 - وعن أَبي مريم الأزدِيِّ - رضي الله عنه: أنّه قَالَ لِمعاوية - رضي الله عنه: سَمِعْتُ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: «مَنْ وَلاَّهُ اللهُ شَيْئًا مِنْ أُمُورِ المُسْلِمِينَ، فَاحْتَجَبَ دُونَ حَاجَتِهِمْ وَخَلَّتِهِمْ وَفَقْرِهِمْ، احْتَجَبَ اللهُ دُونَ حَاجَتِهِ وَخَلَّتِهِ وَفَقْرِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ» فجعل معاوية رجلًا عَلَى حوائج النَّاسِ. رواه أَبُو داود والترمذي. (1)   (1) أخرجه: أبو داود (2948)، والترمذي (1332). الحديث: 657 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 213 79 - باب الوالي العادل قَالَ الله تَعَالَى: {إنَّ اللهَ يَأمُرُ بِالعَدْلِ وَالإِحْسَانِ} [النحل: 90] الآية، وقال تَعَالَى: {وَأَقْسِطُوا إنَّ اللهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ} [الحجرات: 9]. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 213 658 - وعن أَبي هريرة - رضي الله عنه - عن النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: «سَبْعَةٌ يُظِلُّهُمُ الله في ظِلِّهِ يَوْمَ لاَ ظِلَّ إِلاَّ ظِلُّهُ: إِمَامٌ عادِلٌ، وَشَابٌ نَشَأ في عِبادة الله تَعَالَى، وَرَجُلٌ قَلْبُهُ مُعَلَّقٌ في المَسَاجِدِ، وَرَجُلانِ تَحَابَّا في اللهِ اجتَمَعَا عَلَيْهِ، وَتَفَرَّقَا عَلَيْهِ، وَرَجُلٌ دَعَتْهُ امْرَأةٌ ذاتُ مَنْصِبٍ وجَمالٍ، فَقَالَ: إنّي أخافُ اللهَ، وَرَجُلٌ تَصَدَّقَ بِصَدَقَةٍ فَأخْفَاهَا حَتَّى لاَ تَعْلَمَ شِمَالُهُ مَا تُنْفِقُ يَمِينُهُ، وَرَجُلٌ ذَكَرَ الله خَالِيًا فَفَاضَتْ عَيْنَاهُ». متفقٌ عَلَيْهِ. (1)   (1) انظر الحديث (376). الحديث: 658 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 213 659 - وعن عبدِ اللهِ بن عَمرو بن العاص رضي الله عنهما، قَالَ: قَالَ رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم: «إنَّ المُقْسِطِينَ عِنْدَ اللهِ عَلَى مَنَابِرَ مِنْ نُورٍ: الَّذِينَ يَعْدِلُونَ في حُكْمِهِمْ وأَهْلِيْهِم وَمَا وَلُوْا». رواه مسلم. (1)   (1) أخرجه: مسلم 6/ 8 (1827) (18). الحديث: 659 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 213 660 - وعن عوفِ بن مَالِكٍ - رضي الله عنه - قَالَ: سَمِعْتُ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: «خِيَارُ أئِمَّتِكُمُ الَّذِينَ تُحِبُّونَهُمْ وَيُحِبُّونَكُمْ، وَتُصَلُّونَ عَلَيْهِمْ وَيُصَلُّونَ عَلَيْكُمْ. وشِرَارُ أئِمَّتِكُم [ص: 214] الَّذِينَ تُبْغِضُونَهُمْ وَيُبْغِضُونَكُمْ، وَتَلعَنُونَهُمْ وَيَلْعَنُونَكُمْ!»، قَالَ: قُلْنَا: يَا رسول اللهِ، أفَلاَ نُنَابِذُهُم؟ قَالَ: «لاَ، مَا أقَامُوا فِيْكُمُ الصَّلاَةَ. لاَ، مَا أقَامُوا فِيكُمُ الصَّلاَةَ». رواه مسلم. (1) قَوْله: «تصلّون عَلَيْهِمْ»: تدعون لَهُمْ.   (1) أخرجه: مسلم 6/ 24 (1855) (65). الحديث: 660 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 213 661 - وعن عِياضِ بن حِمارٍ - رضي الله عنه - قَالَ: سَمِعْتُ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: «أهلُ الجَنَّةِ ثَلاَثَةٌ: ذُو سُلطانٍ مُقْسِطٌ مُوَفَّقٌ، وَرَجُلٌ رَحيمٌ رَقِيقُ القَلْبِ لكُلِّ ذي قُرْبَى ومُسْلِمٍ، وعَفِيفٌ مُتَعَفِّفٌ ذو عِيالٍ». رواه مسلم. (1)   (1) أخرجه: مسلم 8/ 159 (2865) (63). الحديث: 661 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 214 80 - باب وجوب طاعة ولاة الأمر في غير معصية وتحريم طاعتهم في المعصية قَالَ الله تَعَالَى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الأَمْرِ مِنْكُمْ} [النساء: 59]. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 214 662 - وعن ابن عمر رضي الله عنهما، عن النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: «عَلَى المَرْءِ الْمُسْلِمِ السَّمْعُ والطَّاعَةُ فِيمَا أَحَبَّ وكَرِهَ، إِلاَّ أَنْ يُؤْمَرَ بِمَعْصِيةٍ، فَإذَا أُمِرَ بِمَعْصِيةٍ فَلاَ سَمْعَ وَلاَ طَاعَةَ». متفقٌ عَلَيْهِ. (1)   (1) أخرجه: البخاري 9/ 78 (7144)، ومسلم 6/ 15 (1839) (38). الحديث: 662 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 214 663 - وعنه، قَالَ: كُنَّا إِذَا بَايَعْنَا رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - عَلَى السَّمعِ والطَّاعَةِ، يَقُولُ لَنَا: «فِيمَا اسْتَطَعْتُمْ». متفقٌ عَلَيْهِ. (1)   (1) أخرجه: البخاري 9/ 96 (7202)، ومسلم 6/ 29 (1867) (90). الحديث: 663 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 214 664 - وعنه، قَالَ: سَمِعْتُ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: «مَنْ خَلَعَ يَدًا مِنْ طَاعَةٍ لَقِيَ اللهَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَلاَ حُجَّةَ لَهُ، وَمَنْ مَاتَ وَلَيْسَ في عُنُقِهِ بَيْعَةٌ، مَاتَ مِيتَةً جَاهِلِيَّةً». رواه مسلم. (1) وفي رواية لَهُ: «وَمَنْ مَاتَ وَهُوَ مُفَارِقٌ لِلجَمَاعَةِ، فَإنَّهُ يَمُوتُ مِيتَةً جَاهِلِيَّةً». «المِيتَةُ» بكسر الميم.   (1) أخرجه: مسلم 6/ 22 (1851) (58) عن ابن عمر. والرواية الثانية 6/ 20 (1848) (53) عن أبي هريرة. الحديث: 664 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 214 665 - وعن أنسٍ - رضي الله عنه - قَالَ: قَالَ رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم: «اسْمَعُوا وأطِيعُوا، وَإنِ استُعْمِلَ عَلَيْكُمْ عَبْدٌ حَبَشيٌّ، كأنَّ رأْسَهُ زَبيبةٌ». رواه البخاري. (1)   (1) أخرجه: البخاري 9/ 78 (7142). الحديث: 665 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 214 666 - وعن أَبي هريرة - رضي الله عنه - قَالَ: قَالَ رسول الله - صلى الله عليه وسلم: «عَلَيْكَ السَّمْعُ وَالطَّاعَةُ في عُسْرِكَ وَيُسْرِكَ، وَمَنْشَطِكَ وَمَكْرَهِكَ، وَأثَرَةٍ عَلَيْكَ». رواه مسلم. (1)   (1) أخرجه: مسلم 6/ 14 (1836) (35). الحديث: 666 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 215 667 - وعن عبدِ اللهِ بن عمرو رضي الله عنهما، قَالَ: كنا مَعَ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في سَفَرٍ، فَنَزَلْنَا مَنْزِلًا، فَمِنَّا مَنْ يُصْلِحُ خِبَاءهُ، وَمِنّا مَنْ يَنْتَضِلُ، وَمِنَّا مَنْ هُوَ فِي جَشَرِهِ، إذْ نَادَى مُنَادِي رسولِ الله - صلى الله عليه وسلم: الصَّلاةَ جَامِعَةً (1). فَاجْتَمَعْنَا إِلَى رسولِ الله - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ: «إنَّهُ لَمْ يَكُنْ نَبيٌّ قَبْلِي إِلاَّ كَانَ حَقًّا عَلَيْهِ أَنْ يَدُلَّ أُمَّتَهُ عَلَى خَيْرِ مَا يَعْلَمُهُ لَهُمْ، وَيُنْذِرَهُم شَرَّ مَا يَعْلَمُهُ لَهُمْ. وَإنَّ أُمَّتَكُمْ هذِهِ جُعِلَ عَافِيَتُهَا في أوَّلِهَا، وَسَيُصيبُ آخِرَهَا بَلاَءٌ وَأمُورٌ تُنْكِرُونَهَا، وَتَجِيءُ فِتنَةٌ يُرَقِّقُ بَعْضُهَا بَعْضًا، وَتَجِيءُ الفتنَةُ فَيقُولُ المُؤْمِنُ: هذه مُهلكتي، ثُمَّ تنكشفُ، وتجيء الفتنةُ فيقولُ المؤمنُ: هذِهِ هذِهِ. فَمَنْ أحَبَّ أَنْ يُزَحْزَحَ عَنِ النَّارِ، ويُدْخَلَ الجَنَّةَ، فَلْتَأتِهِ منيَّتُهُ وَهُوَ يُؤْمِنَ باللهِ واليَوْمِ الآخِرِ، وَلْيَأتِ إِلَى النَّاسِ الَّذِي يُحِبُّ أَنْ يُؤتَى إِلَيْهِ. وَمَنْ بَايَعَ إمَامًا فَأعْطَاهُ صَفْقَةَ يَدِهِ، وَثَمَرَةَ قَلْبِهِ، فَلْيُطِعْهُ إن استَطَاعَ، فإنْ جَاءَ آخَرُ يُنَازِعُهُ فَاضْرِبُوا عُنْقَ الآخَرِ». رواه مسلم. (2) قَوْله: «يَنْتَضِلُ» أيْ: يُسَابِقُ بالرَّمْي بالنَّبل والنُّشَّاب. وَ «الجَشَرُ»: بفتح الجيم والشين المعجمة وبالراء، وهي: الدَّوابُّ الَّتي تَرْعَى وَتَبِيتُ مَكَانَهَا. وَقَوْلُه: «يُرَقِّقُ بَعْضُهَا بَعْضًا» أيْ: يُصَيِّرُ بَعْضُهَا بَعْضًا رقيقًا: أيْ خَفِيفًا لِعِظَمِ مَا بَعْدَهُ، فالثَّانِي يُرَقّقُ الأَوَّلَ. وقيل مَعنَاهُ يُشَوِّقُ بَعْضُهَا إِلَى بَعْضٍ بتحسينهَا وَتَسويلِهَا، وقيل: يُشبِهُ بَعْضُها بَعضًا.   (1) قال النووي في شرح صحيح مسلم 6/ 399 عقيب (1844): «هو بنصب الصلاة على الإغراء، وجامعة على الحال». (2) أخرجه: مسلم 6/ 18 (1844) (46). الحديث: 667 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 215 668 - وعن أَبي هُنَيْدَةَ وَائِلِ بن حُجرٍ - رضي الله عنه - قَالَ: سَألَ سَلَمَةُ بن يَزيدَ الجُعفِيُّ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ: يَا نَبِيَّ الله، أرأيتَ إنْ قامَت عَلَيْنَا أُمَرَاءُ يَسألُونَا حَقَّهُم، وَيمْنَعُونَا حَقَّنَا، فَمَا تَأْمُرُنَا؟ فَأَعْرَضَ عنه، ثُمَّ سَألَهُ، فَقَالَ رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم: «اسْمَعْوا وَأَطِيعُوا، فإنَّمَا عَلَيْهِمْ مَا حُمِّلُوا، وَعَلَيْكُمْ مَا حملْتُمْ». رواه مسلم. (1)   (1) أخرجه: مسلم 6/ 19 (1846) (49). الحديث: 668 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 215 669 - وعن عبد الله بن مسعود - رضي الله عنه - قَالَ: قَالَ رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم: «إنَّهَا سَتَكُونُ بَعْدِي أثَرَةٌ (1) وَأُمُورٌ تُنْكِرُونَهَا!» قالوا: يَا رسول الله، كَيْفَ تَأمُرُ مَنْ أدْرَكَ مِنَّا ذَلِكَ؟ قَالَ: «تُؤَدُّونَ الحَقَّ الَّذِي عَلَيْكُمْ، وَتَسْأَلُونَ اللهَ الَّذِي لَكُمْ». متفقٌ عَلَيْهِ. (2)   (1) أي استئثار الأمراء بأموال بيت المال. شرح صحيح مسلم للنووي 6/ 398. (2) انظر الحديث (51). الحديث: 669 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 216 670 - وعن أَبي هريرة - رضي الله عنه - قَالَ: قَالَ رسول الله - صلى الله عليه وسلم: «مَنْ أطَاعَنِي فَقَدْ أطَاعَ اللهَ، وَمَنْ عَصَانِي فَقَدْ عَصَى اللهَ، وَمَنْ يُطِعِ الأَمِيرَ فَقَدْ أطَاعَنِي، وَمَنْ يَعصِ الأميرَ فَقَدْ عَصَانِي». متفقٌ عَلَيْهِ. (1)   (1) أخرجه: البخاري 9/ 77 (7137)، ومسلم 6/ 13 (1835) (32). الحديث: 670 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 216 671 - وعن ابن عباسٍ رضي الله عنهما: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: «مَنْ كَره مِنْ أمِيرِهِ شَيْئًا فَلْيَصْبِرْ، فَإنَّهُ مَنْ خَرَجَ مِنَ السُّلطَانِ شِبْرًا مَاتَ مِيتَةً جَاهِلِيَّةً». متفقٌ عَلَيْهِ. (1)   (1) أخرجه: البخاري 9/ 59 (7053)، ومسلم 6/ 21 (1849) (55). الحديث: 671 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 216 672 - وعن أَبي بكرة - رضي الله عنه - قَالَ: سَمِعْتُ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: «مَنْ أهانَ السُّلطَانَ أَهَانَهُ الله». رواه الترمذي، (1) وقال: «حديث حسن». وفي الباب أحاديث كثيرة في الصحيح. وَقَدْ سبق بعضها في أبواب.   (1) أخرجه: الترمذي (2224). وقال: «حديث حسن غريب» على أنَّ الحديث ضعيف. الحديث: 672 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 216 81 - باب النهي عن سؤال الإمارة واختيار ترك الولايات إذا لَمْ يتعين عليه أَوْ تَدْعُ حاجة إِلَيْهِ قَالَ الله تَعَالَى: {تِلْكَ الدَّارُ الآخِرَةُ نَجْعَلُهَا لِلَّذِينَ لا يُريدُونَ عُلوًّا في الأَرْضِ وَلاَ فَسَادًا وَالعَاقِبَةُ للمُتَّقِينَ} [القصص: 83]. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 216 673 - وعن أَبي سعيدٍ عبدِ الرحمانِ بن سَمُرَة - رضي الله عنه - قَالَ: قَالَ لي رسول الله - صلى الله عليه وسلم: «يَا عَبْدَ الرَّحْمن بن سَمُرَةَ، لاَ تَسْأَلِ الإمَارَةَ؛ فَإِنَّكَ إِنْ أُعْطِيتَهَا عَنْ غَيْرِ مَسْألَةٍ أُعِنْتَ عَلَيْهَا، وَإنْ أُعْطِيتَهَا عَنْ مَسْألَةٍ وُكِلْتَ إِلَيْهَا، وَإِذَا حَلَفْتَ عَلَى يَمِينٍ، فَرَأيْتَ غَيْرَهَا خَيْرًا مِنْهَا، فَأْتِ الَّذِي هُوَ خَيْرٌ وَكَفِّرْ عَنْ يَمِينكَ». متفقٌ عَلَيْهِ. (1)   (1) أخرجه: البخاري 9/ 79 (7146)، ومسلم 5/ 86 (1652) (19). الحديث: 673 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 216 674 - وعن أَبي ذرٍّ - رضي الله عنه - قَالَ: قَالَ رسول الله - صلى الله عليه وسلم: «يَا أَبَا ذَرٍّ، إنِّي أَرَاكَ ضَعِيفًا، وَإنِّي أُحِبُّ لَكَ مَا أُحِبُّ لِنَفْسِي. لاَ تَأَمَّرَنَّ عَلَى اثْنَيْنِ، وَلاَ تَوَلَّيَنَّ مَالَ يَتِيمٍ». رواه مسلم (1).   (1) أخرجه: مسلم 6/ 7 (1826) (17). الحديث: 674 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 217 675 - وعنه، قَالَ: قُلْتُ: يَا رسول الله، ألا تَسْتَعْمِلُني؟ فَضَرَبَ بِيَدِهِ عَلَى مَنْكِبي، ثُمَّ قَالَ: «يَا أَبَا ذَرٍّ، إنَّكَ ضَعِيفٌ، وَإِنَّها أَمَانَةٌ، وَإنَّهَا يَوْمَ الْقِيَامَةِ خِزْيٌ وَنَدَامَةٌ، إِلاَّ مَنْ أَخَذَهَا بِحَقِّهَا، وَأَدَّى الَّذِي عَلَيْهِ فِيهَا». رواه مسلم. (1)   (1) أخرجه: مسلم 6/ 6 (1825) (16). الحديث: 675 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 217 676 - وعن أَبي هريرة - رضي الله عنه: أنَّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: «إنَّكُمْ سَتَحْرِصُونَ عَلَى الإمَارَةِ، وَسَتَكونُ نَدَامَةً يَوْمَ القِيَامَةِ». رواه البخاري. (1)   (1) أخرجه: البخاري 9/ 79 (7148). الحديث: 676 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 217 82 - باب حث السلطان والقاضي وغيرهما من ولاة الأمور عَلَى اتخاذ وزير صالح وتحذيرهم من قرناء السوء والقبول منهم قَالَ الله تَعَالَى: {الأَخِلاَّءُ يَوْمَئذٍ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ إِلاَّ المُتَّقِينَ} [الزخرف: 67]. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 217 677 - وعن أَبي سعيدٍ وأبي هريرة رضي الله عنهما: أنَّ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: «مَا بَعَثَ اللهُ مِنْ نَبِيٍّ، وَلاَ اسْتَخْلَفَ مِنْ خَليفَةٍ إِلاَّ كَانَتْ لَهُ بِطَانَتَانِ: بِطَانَةٌ تَأمُرُهُ بالمَعْرُوفِ وتَحُضُّهُ عَلَيْهِ، وَبِطَانَةٌ تَأمُرُهُ بالشَّرِّ وَتَحُضُّهُ عَلَيْهِ، وَالمَعْصُومُ مَنْ عَصَمَ اللهُ». رواه البخاري. (1)   (1) أخرجه: البخاري 9/ 95 (7198). الحديث: 677 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 217 678 - وعن عائشة رضي الله عنها، قالت: قَالَ رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم: «إِذَا أرَادَ اللهُ بِالأَمِيرِ خَيْرًا، جَعَلَ لَهُ وَزِيرَ صدقٍ، إنْ نَسِيَ ذَكَّرَهُ، وَإنْ ذَكَرَ أَعَانَهُ، وَإِذَا أَرَادَ بِهِ غَيْرَ ذَلِكَ جَعَلَ لَهُ وَزِيرَ سُوءٍ، إنْ نَسِيَ لَمْ يُذَكِّرْهُ، وَإنْ ذَكَرَ لَمْ يُعِنْهُ». رواه أَبُو داود (1) بإسنادٍ جيدٍ عَلَى شرط مسلم.   (1) أخرجه: أبو داود (2932)، والنسائي في «الكبرى» (8752). الحديث: 678 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 217 83 - باب النهي عن تولية الإمارة والقضاء وغيرهما من الولايات لمن سألها أَوْ حرص عليها فعرَّض بها 679 - عن أَبي موسى الأشعريِّ - رضي الله عنه - قَالَ: دَخَلْتُ عَلَى النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم - أنَا وَرَجُلانِ مِنْ بَنِي عَمِّي، فَقَالَ أحَدُهُمَا: يَا رسول الله، أمِّرْنَا عَلَى بَعْض مَا ولاَّكَ اللهُ - عز وجل - وقال الآخَرُ مِثلَ ذَلِكَ، فَقَالَ: «إنَّا وَاللهِ لاَ نُوَلِّي هَذَا العَمَلَ أَحَدًا سَألَهُ، أَوْ أحَدًا حَرَصَ عَلَيْهِ». متفقٌ عَلَيْهِ. (1)   (1) أخرجه: البخاري 9/ 80 (7149)، ومسلم 6/ 6 (1733) (14). الحديث: 679 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 218 (1) - كتَاب الأدَب 84 - باب الحياء وفضله والحث على التخلق به 680 - عن ابن عمر رضي الله عنهما: أنَّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مَرَّ عَلَى رَجُلٍ مِنَ الأنْصَار وَهُوَ يَعِظُ أخَاهُ في الحَيَاءِ، فَقَالَ رسولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم: «دَعْهُ، فَإنَّ الْحَيَاءَ مِنَ الإيمَانِ». متفقٌ عَلَيْهِ. (1)   (1) أخرجه: البخاري 1/ 12 (24)، ومسلم 1/ 46 (36) (59). الحديث: 680 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 219 681 - وعن عمران بن حصينٍ رضي الله عنهما، قَالَ: قَالَ رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم: «الْحَيَاءُ لاَ يَأْتِي إِلاَّ بِخَيْرٍ». متفقٌ عَلَيْهِ. (1) وفي رواية لمسلمٍ: «الحياءُ خَيْرٌ كُلُّهُ» أَوْ قَالَ: «الْحَيَاءُ كُلُّهُ خَيْرٌ».   (1) أخرجه: البخاري 8/ 35 (6117)، ومسلم 1/ 46 (37) (60). الحديث: 681 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 219 682 - وعن أَبي هريرة - رضي الله عنه: أنَّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: «الإيمَانُ بِضْعٌ وَسَبْعُونَ أَوْ بِضْعٌ وَسِتُّونَ شُعْبَةً: فَأفْضَلُهَا قَوْلُ: لاَ إلهَ إِلاَّ الله، وَأدْنَاهَا إمَاطَةُ الأَذَى عَنِ الطَّرِيقِ، وَالحَيَاءُ شُعْبَةٌ مِنَ الإيمَانِ». متفقٌ عَلَيْهِ. (1) «البِضْعُ» بكسر الباءِ ويجوز فتحها: وَهُوَ مِنَ الثَّلاَثَةِ إِلَى الْعَشَرَةِ. وَ «الشُّعْبَةُ»: القِطْعَةُ وَالْخَصْلَةُ. وَ «الإمَاطَةُ»: الإزَالَةُ. وَ «الأَذَى»: مَا يُؤْذِي كَحَجَرٍ وشوك وَطِينٍ ورماد وَقَذَرٍ وَنَحْو ذَلِكَ.   (1) انظر الحديث (125). الحديث: 682 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 219 683 - وعن أَبي سعيدٍ الخدري - رضي الله عنه - قَالَ: كَانَ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أشَدَّ حَيَاءً مِنَ العَذْرَاءِ في خِدْرِهَا، فَإذَا رَأَى شَيْئًا يَكْرَهُهُ عَرَفْنَاهُ في وَجْهِه. متفقٌ عَلَيْهِ. (1) [ص: 220] قَالَ العلماءُ: حَقِيقَةُ الحَيَاءِ خُلُقٌ يَبْعَثُ عَلَى تَرْكِ القَبِيحِ، وَيَمْنَعُ مِنَ التَّقْصِيرِ في حَقِّ ذِي الحَقِّ. وَرَوَيْنَا عَنْ أَبي القاسم الْجُنَيْدِ رَحِمَهُ اللهُ، قَالَ: الحَيَاءُ: رُؤيَةُ الآلاءِ - أيْ النِّعَمِ - ورُؤْيَةُ التَّقْصِيرِ، فَيَتَوَلَّدُ بَيْنَهُمَا حَالَةٌ تُسَمَّى حَيَاءً (2). وَالله أعلم.   (1) أخرجه: البخاري 8/ 35 (6119)، ومسلم 7/ 77 (2320) (67). (2) انظر: شرح صحيح مسلم للمصنف 1/ 221، وتحفة الأحوذي 6/ 126. الحديث: 683 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 219 85 - بابُ حفظ السِّر قَالَ الله تَعَالَى: {وَأَوْفُوا بِالْعَهْدِ إنَّ الْعَهْدَ كَانَ مَسْؤُولًا} [الإسراء: 34]. 684 - وعن أَبي سعيد الخدري - رضي الله عنه - قَالَ: قَالَ رسول الله - صلى الله عليه وسلم: «إنَّ مِنْ أَشَرِّ النَّاسِ عِنْدَ اللهِ مَنْزِلَةً يَوْمَ القِيَامَةِ الرَّجُلَ يُفْضِي إِلَى الْمَرْأةِ وتُفْضِي إِلَيْهِ، ثُمَّ يَنْشُرُ سِرَّهَا». رواه مسلم. (1)   (1) أخرجه: مسلم 4/ 157 (1437) (123). الحديث: 684 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 220 685 - وعن عبدِ الله بن عمر رضي الله عنهما: أنَّ عمرَ - رضي الله عنه - حِيْنَ تأيَّمَتْ بِنْتُهُ حَفْصَةُ، قَالَ: لَقِيتُ عُثْمَانَ بْنَ عَفّانَ - رضي الله عنه - فَعَرَضْتُ عَلَيْهِ حَفْصَةَ، فَقُلْتُ: إنْ شِئْتَ أَنْكَحْتُكَ حَفْصَةَ بِنْتَ عُمَرَ؟ قَالَ: سأَنْظُرُ فِي أمْرِي. فَلَبِثْتُ لَيَالِيَ ثُمَّ لَقِيَنِي، فَقَالَ: قَدْ بَدَا لِي أَنْ لاَ أتَزَوَّجَ يَوْمِي هَذَا. فَلَقِيتُ أَبَا بَكْرٍ - رضي الله عنه - فقلتُ: إنْ شِئْتَ أَنْكَحْتُكَ حَفْصَةَ بنْتَ عُمَرَ، فَصَمتَ أَبُو بَكْرٍ - رضي الله عنه - فَلَمْ يَرْجِعْ إلَيَّ شَيْئًا! فَكُنْتُ عَلَيْهِ أَوْجَدَ مِنِّي عَلَى عُثْمَانَ، فَلَبِثَ لَيَالِيَ ثُمَّ خَطَبَهَا النَّبيُّ - صلى الله عليه وسلم - فَأنْكَحْتُهَا إيَّاهُ. فَلَقِيَنِي أَبُو بَكْرٍ، فَقَالَ: لَعَلَّكَ وَجَدْتَ عَلَيَّ حِيْنَ عَرَضْتَ عَلَيَّ حَفْصَةَ فَلَمْ أرْجِعْ إِلَيْكَ شَيْئًا؟ فقلتُ: نَعَمْ، قَالَ: فَإنَّهُ لَمْ يَمْنَعْنِي أَنْ أرْجِعَ إِلَيْك فِيمَا عَرَضْتَ عَلَيَّ إِلاَّ أنِّي كُنْتُ عَلِمْتُ أنَّ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - ذَكَرَهَا، فَلَمْ أكُنْ لأُفْشِيَ سِرَّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وَلَوْ تَرَكَهَا النَّبيُّ - صلى الله عليه وسلم - لَقَبِلْتُهَا. رواه البخاري. (1) «تَأَيَّمَتْ» أيْ: صَارَتْ بِلاَ زَوْجٍ، وَكَانَ زَوْجُهَا تُوُفِّيَ - رضي الله عنه. «وَجَدْتَ»: غَضِبْتَ.   (1) أخرجه: البخاري 5/ 106 - 107 (4005). الحديث: 685 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 220 686 - وعن عائشة رضي الله عنها، قالت: كُنَّ أزْوَاجُ النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم - عِنْدَهُ، فَأقْبَلَتْ فَاطِمَةُ رضي الله عنها تَمْشِي، مَا تُخْطِئُ مِشيتُها مِنْ مشْيَةِ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - شَيْئًا، فَلَمَّا رَآهَا رَحَّبَ بِهَا، وقال: [ص: 221] «مَرْحَبًا بِابْنَتِي»، ثُمَّ أجْلَسَهَا عَنْ يَمِينِهِ أَوْ عَنْ شِمَالِهِ، ثُمَّ سَارَّهَا فَبَكتْ بُكَاءً شَديدًا، فَلَمَّا رَأى جَزَعَهَا، سَارَّهَا الثَّانِيَةَ فَضَحِكَتْ، فقلتُ لَهَا: خَصَّكِ رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - مِنْ بَيْنِ نِسَائِهِ بالسِّرَارِ، ثُمَّ أنْتِ تَبْكِينَ! فَلَمَّا قَامَ رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - سَألْتُهَا: مَا قَالَ لَكِ رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم -؟ قالت: مَا كُنْتُ لأُفْشِي عَلَى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - سِرَّهُ، فَلَمَّا تُوُفِّيَ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قُلْتُ: عَزَمْتُ عَلَيْكِ بِمَا لِي عَلَيْكِ مِنَ الحَقِّ، لَمَا حَدَّثْتِنِي مَا قَالَ لَكِ رسول الله - صلى الله عليه وسلم؟ فقالَتْ: أمَّا الآن فَنَعَمْ، أمَّا حِيْنَ سَارَّنِي في المَرَّةِ الأُولَى فأخْبَرَنِي أنّ جِبْريلَ كَانَ يُعَارِضُهُ القُرآنَ في كُلِّ سَنَةٍ مَرَّةً أَوْ مَرَّتَيْنِ، وَأنَّهُ عَارَضَهُ الآنَ مَرَّتَيْنِ، وَإنِّي لا أُرَى الأجَلَ إِلاَّ قَدِ اقْتَرَبَ، فَاتَّقِي اللهَ وَاصْبِرِي، فَإنَّهُ نِعْمَ السَّلَفُ أنَا لَكِ، فَبَكَيْتُ بُكَائِي الَّذِي رَأيْتِ، فَلَمَّا رَأى جَزَعِي سَارَّنِي الثَّانِيَةَ، فَقَالَ: «يَا فَاطِمَةُ، أمَا تَرْضَيْنَ أَنْ تَكُونِي سَيِّدَةَ نِسَاءِ المُؤُمِنِينَ، أَوْ سَيَّدَةَ نِساءِ هذِهِ الأُمَّةِ؟» فَضَحِكتُ ضَحِكِي الَّذِي رَأيْتِ. متفقٌ عَلَيْهِ، وهذا لفظ مسلم. (1)   (1) أخرجه: البخاري 8/ 79 (6285) و (6586)، ومسلم 7/ 142 (2450) (98). الحديث: 686 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 220 687 - وعن ثَابِتٍ، عن أنس - رضي الله عنه - قَالَ: أتَى عَلَيَّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وَأنَا ألْعَبُ مَعَ الغِلْمَانِ، فَسَلمَ عَلَيْنَا، فَبَعَثَني إِلَى حاجَةٍ، فَأبْطَأتُ عَلَى أُمِّي. فَلَمَّا جِئْتُ، قالت: مَا حَبَسَكَ؟ فقلتُ: بَعَثَني رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - لِحَاجَةٍ، قالت: مَا حَاجَتُهُ؟ قُلْتُ: إنَّهاَ سرٌّ. قالت: لا تُخْبِرَنَّ بِسرِّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أحَدًا، قَالَ أنَسٌ: وَاللهِ لَوْ حَدَّثْتُ بِهِ أحَدًا لَحَدَّثْتُكَ بِهِ يَا ثَابِتُ. رواه مسلم وروى البخاري بعضه مختصرًا. (1)   (1) أخرجه: البخاري 8/ 80 (6289)، ومسلم 7/ 160 (2482) (145). الحديث: 687 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 221 86 - باب الوفاء بالعهد وَإنجاز الوَعد قَالَ الله تَعَالَى: {وَأوْفُوا بِالعَهْدِ إنَّ العَهْدَ كَانَ مَسْئُولًا} [الإسراء: 34]، وقال تَعَالَى: {وَأوْفُوا بِعَهْدِ اللهِ إِذَا عَاهَدْتُمْ} [النحل: 91]، وقال تَعَالَى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أوْفُوا بِالْعُقُودِ} [المائدة: 1]، وقال تَعَالَى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لِمَ تَقُولُونَ مَا لاَ تَفْعَلُونَ كَبُرَ مَقْتًا عِنْدَ اللهِ أَنْ تَقُولُوا مَا لاَ تَفْعَلُونَ} [الصف: 2 - 3]. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 221 688 - وعن أَبي هريرة - رضي الله عنه: أنَّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: «آيَةُ المُنَافِقِ ثَلاَثٌ: إِذَا حَدَّثَ كَذَبَ، وَإِذَا وَعَدَ أَخْلَفَ، وَإِذَا اؤْتُمِنَ خَانَ». متفقٌ عَلَيْهِ. (1) زَادَ في روايةٍ لمسلم: «وإنْ صَامَ وَصَلَّى وَزَعَمَ أنَّهُ مُسْلِمٌ».   (1) انظر الحديث (199). الحديث: 688 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 221 689 - وعن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما: أنَّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: «أرْبَعٌ مَنْ كُنَّ فِيهِ كَانَ مُنَافِقًا خَالِصًا، وَمَنْ كَانَتْ فِيهِ خَصْلَةٌ مِنْهُنَّ كَانَتْ فِيهِ خَصْلَةٌ مِنَ النِّفَاقِ حَتَّى يَدَعَهَا: إِذَا اؤْتُمِنَ خَانَ، وَإِذَا حَدَّثَ كَذَبَ، وَإِذَا عَاهَدَ غَدَرَ، وَإِذَا خَاصَمَ فَجَرَ». متفقٌ عَلَيْهِ. (1)   (1) أخرجه: البخاري 1/ 15 (34)، ومسلم 1/ 56 (58) (106). الحديث: 689 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 222 690 - وعن جابر - رضي الله عنه - قَالَ: قَالَ لي النبيُّ - صلى الله عليه وسلم: «لَوْ قَدْ جَاءَ مَالُ الْبَحْرَيْنِ أعْطَيْتُكَ هكَذَا وَهَكَذَا وَهكَذَا» فَلَمْ يَجِئْ مَالُ الْبَحْرَينِ حَتَّى قُبِضَ النَّبيُّ - صلى الله عليه وسلم - فَلَمَّا جَاءَ مَالُ الْبَحْرَيْنِ أمَرَ أَبُو بَكْرٍ - رضي الله عنه - فَنَادَى: مَنْ كَانَ لَهُ عِنْدَ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عِدَةٌ أَوْ دَيْنٌ فَلْيَأتِنَا، فَأتَيْتُهُ وَقُلْتُ لَهُ: إنَّ النَّبيَّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ لي كَذَا وَكَذَا، فَحَثَى لي حَثْيَةً فَعَدَدْتُهَا، فَإذَا هِيَ خَمْسُمِئَةٍ، فَقَالَ لِي: خُذْ مِثْلَيْهَا. متفقٌ عَلَيْهِ. (1)   (1) أخرجه: البخاري 3/ 126 (2296)، ومسلم 7/ 75 (2314) (60). الحديث: 690 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 222 87 - باب المحافظة عَلَى مَا اعتاده من الخير قَالَ الله تَعَالَى: {إنَّ اللهَ لاَ يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأنْفُسِهِمْ} [الرعد: 11]، وقال تَعَالَى: {وَلاَ تَكُونُوا كَالَّتِي نقضت غَزْلَهَا مِنْ بَعْدِ قُوَّةٍ أنْكَاثًا} [النحل: 92]. وَ «الأنْكَاثُ»: جَمْعُ نِكْثٍ، وَهُوَ الْغَزْلُ المَنْقُوضُ. وقال تَعَالَى: {وَلاَ يَكُونُوا كَالَّذِينَ أُوتُوا الكِتَابَ مِنْ قَبْلُ فَطَالَ عَلَيْهِمُ الأَمَدُ فَقَسَتْ قُلُوبُهُمْ} [الحديد: 16]، وقال تَعَالَى: {فَمَا رَعَوْهَا حَقَّ رِعَايَتِهَا} [الحديد: 27]. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 222 691 - وعن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما، قَالَ: قَالَ لي رسول الله - صلى الله عليه وسلم: «يَا عبْدَ الله، لاَ تَكُنْ مِثْلَ فُلانٍ، كَانَ يَقُومُ اللَّيْلَ فَتَرَكَ قِيَامَ اللَّيْلِ». متفقٌ عَلَيْهِ. (1)   (1) انظر الحديث (154). الحديث: 691 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 222 88 - باب استحباب طيب الكلام وطلاقة الوَجه عند اللقاء قَالَ الله تَعَالَى: {وَاخْفِضْ جَنَاحَكَ لِلْمُؤْمِنينَ} [الحجر: 88]، وقال تَعَالَى: {وَلَوْ كُنْتَ فَظًّا غَلِيظَ القَلْبِ لاَنْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ} [آل عمران: 159]. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 222 692 - وعن عدي بن حاتمٍ - رضي الله عنه - قَالَ: قَالَ رسول الله - صلى الله عليه وسلم: «اتَّقُوا النَّارَ وَلَوْ بِشِقِّ تَمْرَةٍ، فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَبِكَلِمَةٍ طَيِّبَةٍ». متفقٌ عَلَيْهِ. (1)   (1) انظر الحديث (139). الحديث: 692 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 222 693 - وعن أَبي هريرة - رضي الله عنه: أنَّ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: «وَالكَلِمَةُ الطَّيِّبَةُ صَدَقَةٌ». متفقٌ عَلَيْهِ، (1) وَهُوَ بعض حديث تقدم بطولِه.   (1) انظر الحديث (122). الحديث: 693 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 223 694 - وعن أَبي ذَرٍّ - رضي الله عنه - قَالَ: قَالَ لي رسول الله - صلى الله عليه وسلم: «لاَ تَحْقِرَنَّ مِنَ الْمَعْرُوفِ شَيْئًا، وَلَوْ أَنْ تَلْقَى أخَاكَ بوَجْهٍ طَلْقٍ». رواه مسلم (1).   (1) انظر الحديث (121). الحديث: 694 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 223 89 - باب استحباب بيان الكلام وإيضاحه للمخاطب وتكريره ليفهم إذا لَمْ يفهم إِلا بذلك 695 - عن أنسٍ - رضي الله عنه: أنَّ النَّبيَّ - صلى الله عليه وسلم - كَانَ إِذَا تَكَلَّمَ بِكَلِمَةً أعَادَهَا ثَلاَثًا حَتَّى تُفْهَمَ عَنْهُ، وَإِذَا أتَى عَلَى قَوْمٍ فَسَلَّمَ عَلَيْهِمْ سَلَّمَ عَلَيْهِمْ ثَلاثًا. رواه البخاري. (1)   (1) أخرجه: البخاري 1/ 35 (95). الحديث: 695 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 223 696 - وعن عائشة رضي الله عنها، قالت: كَانَ كَلاَمُ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كَلامًا فَصْلًا يَفْهَمُهُ كُلُّ مَنْ يَسْمَعُهُ. رواه أَبُو داود. (1)   (1) أخرجه: أبو داود (4839). الحديث: 696 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 223 90 - باب إصغاء الجليس لحديث جليسه الذي ليس بحرام واستنصات العالم والواعظ حاضري مجلسه 697 - عن جرير بن عبدِ اللهِ - رضي الله عنه - قَالَ: قَالَ لي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في حَجَّةِ الْوَدَاعِ: «اسْتَنْصِتِ النَّاسَ» ثُمَّ قَالَ: «لاَ تَرْجِعُوا بَعْدِي كُفّارًا يَضْرِبُ بَعْضُكُمْ رِقَابَ بَعْضٍ». متفقٌ عَلَيْهِ. (1)   (1) أخرجه: البخاري 1/ 41 (121)، ومسلم 1/ 58 (65) (118). الحديث: 697 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 223 91 - بابُ الوَعظ والاقتصاد فِيهِ قَالَ الله تَعَالَى: {ادْعُ إِلَى سَبيلِ رَبِّكَ بالحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ} [النحل: 125]. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 223 698 - وعن أَبي وائلٍ شقيقِ بن سَلَمَةَ، قَالَ: كَانَ ابنُ مَسْعُودٍ - رضي الله عنه - يُذَكِّرُنَا في كُلِّ خَمِيسٍ، فَقَالَ لَهُ رَجُلٌ: يَا أَبَا عَبْدِ الرَّحْمنِ، لَوَدِدْتُ أنَّكَ ذَكَّرْتَنَا كُلَّ يَوْمٍ، فَقَالَ: أمَا إنَّهُ يَمْنَعُنِي مِنْ ذَلِكَ أنَّي أكْرَهُ أَنْ أُمِلَّكُمْ، وَإنِّي أتَخَوَّلُكُمْ بِالْمَوْعِظَةِ، كَمَا كَانَ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يَتَخَوَّلُنَا بِهَا مَخَافَةَ السَّآمَةِ عَلَيْنَا. متفقٌ عَلَيْهِ. (1) «يَتَخَوَّلُنَا»: يَتَعَهَّدُنَا.   (1) أخرجه: البخاري 1/ 27 (70)، ومسلم 8/ 142 (2821) (83). الحديث: 698 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 223 699 - وعن أَبي اليقظان عمار بن ياسر رضي الله عنهما، قَالَ: سَمِعْتُ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: «إنَّ طُولَ صَلاَةِ الرَّجُلِ، وَقِصَرَ خُطْبَتِهِ، مَئِنَّةٌ مِنْ فِقههِ، فأطِيلُوا الصَّلاَةَ وَأقْصِرُوا الْخُطْبَةَ». رواه مسلم. (1) «مَئِنَّةٌ» بميم مفتوحة ثُمَّ همزة مكسورة ثُمَّ نون مشددة، أيْ: عَلاَمَةٌ دَالَّةٌ عَلَى فِقْهِهِ.   (1) أخرجه: مسلم 3/ 12 (869) (47). الحديث: 699 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 224 700 - وعن مُعاوِيَة بن الحكم السُّلَمي - رضي الله عنه - قَالَ: بَيْنَا أنَا أُصَلّي مَعَ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذْ عَطَسَ رَجُلٌ مِنَ القَوْمِ، فَقُلْتُ: يَرْحَمُكَ اللهُ، فَرَمَانِي القَوْمُ بِأبْصَارِهِمْ! فَقُلْتُ: وَاثُكْلَ أُمِّيَاهُ، مَا شَأنُكُمْ تَنْظُرُونَ إلَيَّ؟! فَجَعَلُوا يَضْرِبُونَ بأيديهم عَلَى أفْخَاذِهِمْ! فَلَمَّا رَأيْتُهُمْ يُصَمِّتُونَنِي لكِنّي سَكَتُّ، فَلَمَّا صَلّى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فَبِأبِي هُوَ وَأُمِّي، مَا رَأيْتُ مُعَلِّمًا قَبْلَهُ وَلاَ بَعْدَهُ أحْسَنَ تَعْلِيمًا مِنْهُ، فَوَاللهِ مَا كَهَرَني، وَلاَ ضَرَبَنِي، وَلاَ شَتَمَنِي. قَالَ: «إنَّ هذِهِ الصَّلاَةَ لاَ يَصْلُحُ فِيهَا شَيْءٌ مِنْ كَلامِ النَّاسِ، إنَّمَا هِيَ التَّسْبِيحُ وَالتَّكْبِيرُ، وَقِراءةُ القُرْآنِ»، أَوْ كَمَا قَالَ رسول الله - صلى الله عليه وسلم. قلتُ: يَا رسول الله، إنّي حَدِيثُ عَهْدٍ بِجَاهِلِيَّةٍ، وَقَدْ جَاءَ اللهُ بِالإسْلاَمِ، وَإنَّ مِنّا رِجَالًا يَأتُونَ الْكُهّانَ؟ قَالَ: «فَلاَ تَأتِهِمْ» قُلْتُ: وَمِنّا رِجَالٌ يَتَطَيَّرُونَ؟ قَالَ: «ذَاكَ شَيْء يَجِدُونَهُ في صُدُورِهِمْ فَلاَ يَصُدَّنَّهُمْ». رواه مسلم. (1) «الثُكْلُ» بضم الثاءِ المُثلثة: المُصيبَةُ وَالفَجِيعَةُ. «مَا كَهَرَنِي» أيْ: مَا نَهَرَنِي.   (1) أخرجه: مسلم 2/ 70 (537) (33). الحديث: 700 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 224 701 - وعن العِرْباض بن ساريَةَ - رضي الله عنه - قَالَ: وَعَظَنَا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مَوْعِظَةً وَجِلَتْ مِنْهَا القُلُوبُ، وَذَرَفَتْ مِنْهَا العُيُونُ ... وَذَكَرَ الحَدِيثَ وَقَدْ سَبَقَ بِكَمَالِهِ في باب الأمْر بِالمُحَافَظَةِ عَلَى السُّنَّة، وَذَكَرْنَا أنَّ التَّرْمِذِيَّ، قَالَ: «إنّه حديث حسن صحيح». (1)   (1) انظر الحديث (157). الحديث: 701 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 224 92 - باب الوقار والسكينة قَالَ الله تَعَالَى: {وَعِبَادُ الرَّحْمانِ الَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَى الأرْضِ هَوْنًا وَإِذَا خَاطَبَهُمُ الْجَاهِلُونَ قَالُوا سَلاَمًا} [الفرقان: 63]. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 224 702 - وعن عائشة رضي الله عنها، قالت: مَا رَأيْتُ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مُسْتَجْمِعًا قَطُّ ضَاحِكًا حَتَّى تُرَى مِنهُ لَهَوَاتُهُ، إنَّمَا كَانَ يَتَبَسَّمُ. متفقٌ عَلَيْهِ. (1) «اللَّهْوَاتُ» جَمْعُ لَهَاةٍ: وَهِيَ اللَّحْمَةُ الَّتي في أقْصى سَقْفِ الْفَمِ.   (1) أخرجه: البخاري 6/ 167 (4828)، ومسلم 3/ 26 (899) (16). الحديث: 702 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 225 93 - باب الندب إِلَى إتيان الصلاة والعلم ونحوهما من العبادات بالسكينة والوقار قَالَ الله تَعَالَى: {وَمَنْ يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللهِ فَإنَّهَا مِنْ تَقْوَى القُلُوبِ} [الحج: 32]. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 225 703 - وعن أَبي هريرة - رضي الله عنه - قَالَ: سَمِعْتُ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: «إِذَا أُقِيمَتِ الصَّلاَةُ، فَلاَ تَأتُوهَا وَأَنْتُمْ تَسْعَونَ، وَأتُوهَا وَأَنْتُمْ تَمْشُونَ، وَعَلَيْكُمُ السَّكِينَةُ، فَمَا أدْرَكْتُم فَصَلُّوا، وَمَا فَاتكُمْ فَأَتِمُّوا». متفقٌ عَلَيْهِ. (1) زاد مسلِمٌ في روايةٍ لَهُ: «فَإنَّ أحَدَكُمْ إِذَا كَانَ يَعْمِدُ إِلَى الصَّلاَةِ فَهُوَ في صَلاَةٍ».   (1) أخرجه: البخاري 2/ 9 (908)، ومسلم 2/ 99 (602) (151) و (152). الحديث: 703 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 225 704 - وعن ابن عباس رضي الله عنهما: أنَّهُ دَفَعَ مَعَ النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم - يَوْمَ عَرَفَةَ فَسَمِعَ النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - وَرَاءهُ زَجْرًا شَديدًا وَضَرْبًا وَصَوْتًا للإِبْلِ، فَأشَارَ بِسَوْطِهِ إلَيْهِمْ، وقال: «يَا أيُّهَا النَّاسُ، عَلَيْكُمْ بالسَّكِينَةِ، فَإنَّ الْبِرَّ لَيْسَ بالإيضَاعِ». رواه البخاري، وروى مسلم بعضه. (1) «الْبِرُّ»: الطَّاعَةُ. وَ «الإيضَاعُ» بِضادٍ معجمةٍ قبلها ياءٌ وهمزةٌ مكسورةٌ، وَهُوَ: الإسْرَاعُ.   (1) أخرجه: البخاري 2/ 201 (1671)، ومسلم 4/ 70 (1282) (268). الحديث: 704 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 225 94 - باب إكرام الضيف قَالَ الله تَعَالَى: {هَلْ أتَاكَ حَدِيثُ ضَيْفِ إبْرَاهِيمَ الْمُكْرَمِينَ إذْ دَخَلُوا عَلَيْهِ فَقَالُوا سَلاَمًا قَالَ سَلاَمٌ قَوْمٌ مُنْكَرُونَ فَرَاغَ إِلَى أهْلِهِ فَجَاءَ بِعِجْلٍ سَمِينٍ فَقَرَّبَهُ إلَيْهِمْ قَالَ ألاَ تَأكُلُونَ} [الذاريات: 24 - 27]، وقال تَعَالَى: {وَجَاءهُ قَوْمُهُ يُهْرَعُونَ إِلَيْهِ وَمِنْ قَبْلُ كَانُوا يَعْمَلُونَ السَّيِّئَاتِ قَالَ يَا قَوْمِ هَؤُلاَءِ بَنَاتِي هُنَّ أَطْهَرُ لَكُمْ فَاتَّقُوا اللهَ وَلاَ تُخْزُونِ في ضَيْفِي أَلَيْسَ مِنْكُمْ رَجُلٌ رَشِيدٌ} [هود: 78]. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 225 705 - وعن أَبي هريرة - رضي الله عنه: أنَّ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: «مَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاللهِ وَاليَوْمِ الآخِرِ فَلْيُكْرِمْ ضَيْفَهُ، وَمَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاللهِ وَاليَومِ الآخِرِ، فَلْيَصِلْ رَحِمَهُ، وَمَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاللهِ وَاليَومِ الآخِرِ، فَلْيَقُلْ خَيْرًا أَوْ لِيَصْمُتْ». متفقٌ عَلَيْهِ. (1)   (1) انظر الحديث (314). الحديث: 705 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 226 706 - وعن أَبي شُرَيْح خُوَيْلِدِ بن عَمرو الخُزَاعِيِّ - رضي الله عنه - قَالَ: سَمِعْتُ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: «مَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاللهِ وَاليَوْمِ الآخِرِ فَلْيُكْرِمْ ضَيْفَهُ جَائِزَتَهُ» قالوا: وَمَا جَائِزَتُهُ؟ يَا رسول الله، قَالَ: «يَوْمُهُ وَلَيْلَتُهُ، وَالضِّيَافَةُ ثَلاَثَةُ أيَّامٍ، فَمَا كَانَ وَرَاءَ ذَلِكَ فَهُوَ صَدَقَةٌ عَلَيْهِ». متفقٌ عَلَيْهِ. (1) وفي رواية لِمسلمٍ: «لاَ يَحِلُّ لِمُسْلِمٍ أَنْ يُقِيمَ عِنْدَ أخِيهِ حَتَّى يُؤْثِمَهُ» قالوا: يَا رسول الله، وَكيْفَ يُؤْثِمُهُ؟ قَالَ: «يُقِيمُ عِنْدَهُ وَلاَ شَيْءَ لَهُ يُقْرِيه بِهِ».   (1) أخرجه: البخاري 8/ 13 (6019)، ومسلم 5/ 138 (48) (14) و (15). الحديث: 706 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 226 95 - باب استحباب التبشير والتهنئة بالخير قَالَ الله تَعَالَى: {فَبَشَّرْ عبادِ الذينَ يَسْتَمِعُونَ القَوْلَ فيتَّبِعُونَ أَحْسَنهُ} [الزمر: 17 - 18]، وقال تَعَالَى: {يُبَشِّرُهُمْ رَبُّهُمْ بِرَحْمَةٍ مِنْهُ وَرِضْوانٍ وَجَنَّاتٍ لَهُمْ فِيهَا نَعِيمٌ مُقِيمٌ} [التوبة: 21]، وقال تَعَالَى: {وَأَبْشِرُوا بِالجَنَّةِ الَّتي كُنْتُم تُوعَدُونَ} [فصلت: 30]، وقال تَعَالَى: {فَبَشَّرْنَاهُ بِغُلاَمٍ حَلِيمٍ} [الصافات: 101]، وقال تَعَالَى: {وَلَقدْ جَاءتْ رُسُلُنَا إبْراهِيمَ بِالبُشْرَى} [هود: 69]، وقال تَعَالَى: {وَامْرَأَتُهُ قَائِمَةٌ فَضَحِكَتْ فَبَشَّرْنَاهَا بِإِسْحَاقَ وَمِنْ وَرَاءِ إسْحَاقَ يَعْقُوبَ} [هود: 71]، وقال تَعَالَى: {فَنَادَتْهُ المَلاَئِكَةُ وَهُوَ قَائِمٌ يُصَلِّي في المِحْرَابِ أَنَّ اللهَ يُبَشِّرُكَ بِيَحْيَى} [آل عمران: 39]، وقال تَعَالَى: {إِذْ قَالَتِ الْمَلاَئِكَةُ يَا مَرْيَمُ إنَّ اللهَ يُبَشِّرُكِ بِكَلِمَةٍ مِنْهُ اسْمُهُ الْمسِيحُ} [آل عمران: 45] الآية، والآيات في الباب كثيرة معلومة. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 226 وأما الأحاديث فكثيرةٌ جِدًّا وهي مشهورة في الصحيح، مِنْهَا: 707 - عن أَبي إبراهيم، ويقال: أَبُو محمد، ويقال: أَبُو معاوية عبد اللهِ بن أَبي أوفى رضي الله عنهما: أنّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بَشَّرَ خَدِيجَةَ رضي اللهُ عنها ببَيْتٍ في الجَنَّةِ مِنْ قَصَبٍ، لاَ صَخَبَ فِيهِ، وَلاَ نَصَبَ. متفقٌ عَلَيْهِ. (1) [ص: 227] «القَصَبُ»: هُنَا اللُّؤْلُؤُ الْمُجَوَّفُ. وَ «الصَّخَبُ»: الصِّياحُ وَاللَّغَطُ. وَ «النَّصَبُ»: التَّعَبُ.   (1) أخرجه: البخاري 5/ 48 (3819)، ومسلم 7/ 133 (2433) (72). الحديث: 707 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 226 708 - وعن أَبي موسى الأشعري - رضي الله عنه: أَنَّهُ تَوَضَّأ في بَيْتِهِ، ثُمَّ خَرَجَ، فَقَالَ: لأَلْزَمَنَّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وَلأَكُونَنَّ مَعَهُ يَوْمِي هَذَا، فَجَاءَ الْمَسْجِدَ، فَسَألَ عَنِ النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالُوا وجَّهَ هاهُنَا، قَالَ: فَخَرَجْتُ عَلَى أثَرِهِ أسْألُ عَنْهُ، حَتَّى دَخَلَ بِئْرَ أريسٍ، فَجَلَسْتُ عِندَ البَابِ حتَّى قضى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حاجتهُ وتوضأ، فقمتُ إليهِ، فإذا هو قد جلسَ على بئرِ أريسٍ وتوَسَّطَ قُفَّهَا، وكشَفَ عنْ ساقيهِ ودلاّهُما في البئرِ، فسلمتُ عَليهِ ثمَّ انصَرَفتُ، فجلستُ عِندَ البابِ، فَقُلْتُ: لأَكُونَنَّ بَوَّابَ رسولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - الْيَوْمَ، فَجَاءَ أَبُو بَكْرٍ - رضي الله عنه - فَدَفَعَ الْبَابَ، فقلتُ: مَنْ هَذَا؟ فَقَالَ: أَبُو بَكْرٍ، فقُلتُ: عَلَى رِسْلِكَ، ثُمَّ ذَهبْتُ، فقلتُ: يَا رسول الله، هَذَا أَبُو بَكْرٍ يَستَأْذِنُ، فَقَالَ: «ائْذَنْ لَهُ وَبَشِّرْهُ بِالْجَنَّةِ» فَأقْبَلْتُ حَتَّى قُلْتُ لأَبي بَكْرٍ: ادْخُلْ وَرسول الله - صلى الله عليه وسلم - يُبَشِّرُكَ بِالجَنَّةِ، فَدَخَلَ أَبُو بَكرٍ حَتَّى جَلَسَ عَنْ يَمينِ النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم - مَعَهُ في القُفِّ، وَدَلَّى رِجْلَيْهِ في البِئْرِ كَمَا صَنَعَ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وَكَشَفَ عَنْ سَاقَيْهِ، ثُمَّ رَجَعْتُ وَجَلَسْتُ، وَقَدْ تَرَكْتُ أخِي يَتَوَضَّأ وَيَلْحَقُنِي، فقلتُ: إنْ يُرِدِ الله بِفُلانٍ - يُريدُ أخَاهُ - خَيْرًا يَأتِ بِهِ. فَإذَا إنْسَانٌ يُحَرِّكُ الْبَاب، فقلتُ: مَنْ هَذَا؟ فَقَالَ: عُمَرُ بن الخَطّابِ، فقلتُ: عَلَى رِسْلِكَ، ثُمَّ جِئْتُ إِلَى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فَسَلَّمْتُ عَلَيْهِ وَقُلْتُ: هَذَا عُمَرُ يَسْتَأذِنُ؟ فَقَالَ: «ائْذَنْ لَهُ وَبَشِّرْهُ بالجَنَّةِ» فَجِئْتُ عُمَرَ، فقلتُ: أَذِنَ وَيُبَشِّرُكَ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بِالجَنَّةِ، فَدَخَلَ فَجَلَسَ مَعَ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في القُفِّ عَنْ يَسَارِهِ وَدَلَّى رِجْلَيْهِ في البِئرِ، ثُمَّ رَجَعْتُ فَجَلَسْتُ، فَقُلتُ: إنْ يُرِدِ اللهُ بِفُلاَنٍ خَيْرًا - يَعْنِي أخَاهُ - يَأْتِ بِهِ، فَجَاءَ إنْسَانٌ فَحَرَّكَ الْبَابَ. فَقُلتُ: مَنْ هَذَا؟ فَقَالَ: عُثْمَانُ بن عَفَّانَ. فقلتُ: عَلَى رِسْلِكَ، وجِئْتُ النَّبيَّ - صلى الله عليه وسلم - فأخْبَرْتُهُ، فقالَ: «ائْذَنْ لَهُ وَبَشِّرْهُ بِالجَنَّةِ مَعَ بَلْوَى تُصِيبُهُ» فَجِئْتُ، فقلتُ: ادْخُلْ وَيُبَشِّرُكَ رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - بِالجَنَّةِ مَعَ بَلْوَى تُصيبُكَ، فَدَخَلَ فَوجَدَ الْقُفَّ قَدْ مُلِئَ، فجلس وِجَاهَهُمْ مِنَ الشِّقِّ الآخرِ. قَالَ سَعيدُ بْنُ الْمُسَيَّبِ: فَأوَّلْتُهَا قُبُورَهُمْ. متفقٌ عَلَيْهِ. (1) وزاد في رواية: وأمرني رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - بحفظِ الباب. وَفيها: أنَّ عُثْمانَ حِيْنَ بَشَّرَهُ حَمِدَ اللهَ تَعَالَى، ثُمَّ قَالَ: اللهُ المُسْتَعانُ. [ص: 228] وَقَوْلُه: «وَجَّهَ» بفتحِ الواوِ وتشديد الجيمِ. أيْ: تَوَجَّهَ. وَقَوْلُه: «بِئْر أَرِيْسٍ» هُوَ بفتح الهمزة وكسرِ الراءِ وبعدها ياءٌ مثناة من تحت ساكِنة ثُمَّ سِين مهملة وَهُوَ مصروف ومنهم من منع صرفه، وَ «القُفُّ» بضم القاف وتشديد الفاءِ: وَهُوَ المبنيُّ حول البئر. وَقَوْلُه: «عَلَى رِسْلِك» بكسر الراء عَلَى المشهور، وقيل: بفتحِهَا، أيْ: ارفق.   (1) أخرجه: البخاري 5/ 10 - 11 (3674)، ومسلم 7/ 118 - 119 (2403) (28) و (29). الحديث: 708 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 227 709 - وعن أَبي هريرة - رضي الله عنه - قَالَ: كُنَّا قُعُودًا حَوْلَ رسولِ الله - صلى الله عليه وسلم - وَمَعَنَا أَبُو بَكرٍ وَعُمَرُ رضي الله عنهما في نَفَرٍ، فَقَامَ رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - مِنْ بَيْنِ أظْهُرِنَا فَأبْطَأ عَلَيْنَا، وَخَشِينَا أَنْ يُقْتَطَعَ دُونَنَا وَفَزِعْنَا فَقُمْنَا، فَكُنْتُ أَوَّلَ مَنْ فَزِعَ، فَخَرَجْتُ أبْتَغِي رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - حَتَّى أتَيْتُ حَائِطًا للأنصَارِ لِبَني النَّجَارِ، فَدُرْتُ بِهِ هَلْ أجِدُ لَهُ بَابًا؟ فَلَمْ أجِدْ! فَإذَا رَبيعٌ يَدْخُلُ في جَوْفِ حَائِطٍ مِنْ بِئْرٍ خَارِجَهُ - وَالرَّبِيعُ: الجَدْوَلُ الصَّغِيرُ - فَاحْتَفَرْتُ، فَدَخَلْتُ عَلَى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ: «أَبُو هُرَيْرَةَ؟» فقلتُ: نَعَمْ، يَا رسول اللهِ، قَالَ: «مَا شأنُكَ؟» قُلْتُ: كُنْتَ بَيْنَ أظْهُرِنَا فَقُمْتَ فَأبْطَأتَ عَلَيْنَا، فَخَشِينَا أَنْ تُقْتَطَعَ دُونَنَا، ففزعنا، فَكُنْتُ أوّلَ مَنْ فَزِعَ، فَأتَيْتُ هَذَا الحَائِطَ، فَاحْتَفَرْتُ كَمَا يَحْتَفِرُ الثَّعْلَبُ، وهؤلاء النَّاسُ وَرَائِي. فَقَالَ: «يَا أَبَا هُرَيرَةَ» وَأعْطَانِي نَعْلَيْهِ، فَقَالَ: «اذْهَبْ بِنَعْلَيَّ هَاتَيْنِ، فَمَنْ لَقِيتَ مِنْ وَرَاءِ هَذَا الحَائِطِ يَشْهَدُ أَنْ لا إله إِلاَّ الله مُسْتَيْقِنًا بِهَا قَلْبُهُ، فَبَشِّرْهُ بِالجَنَّةِ ... » وَذَكَرَ الحديثَ بطوله، رواه مسلم. (1) «الرَّبِيعُ»: النَّهْرُ الصَّغَيرُ، وَهُوَ الجَدْوَلُ - بفتح الجيمِ - كَمَا فَسَّرَهُ في الحديث. وَقَوْلُه: «احْتَفَرْتُ» روِي بالراء وبالزاي، ومعناه بالزاي: تَضَامَمْتُ وتَصَاغَرْتُ حَتَّى أمْكَنَنِي الدُّخُولُ.   (1) أخرجه: مسلم 1/ 44 (31) (52). الحديث: 709 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 228 710 - وعن ابن شِمَاسَة، قَالَ: حَضَرْنَا عَمْرَو بنَ العَاصِ - رضي الله عنه - وَهُوَ في سِيَاقَةِ الْمَوْتِ، فَبَكَى طَوِيلًا، وَحَوَّلَ وَجْهَهُ إِلَى الجِدَارِ، فَجَعَلَ ابْنُهُ، يَقُولُ: يَا أبَتَاهُ، أمَا بَشَّرَكَ رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - بكَذَا؟ أمَا بَشَّرَكَ رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - بِكَذَا؟ فَأقْبَلَ بِوَجْهِهِ، فَقَالَ: إنَّ أفْضَلَ مَا نُعِدُّ شَهَادَةُ أَنْ لا إلهَ إِلاَّ الله، وَأنَّ مُحَمَّدًا رسول اللهِ، إنِّي قَدْ كُنْتُ عَلَى أطْبَاقٍ ثَلاَثٍ: لَقَدْ رَأيْتُنِي وَمَا أحَدٌ أشَدُّ بُغضًا لرسولِ الله - صلى الله عليه وسلم - مِنِّي، وَلاَ أحَبَّ إليَّ مِنْ أَنْ أكُونَ قدِ اسْتَمكنتُ مِنْهُ فَقَتَلْتُه، فَلَوْ مُتُّ عَلَى تلكَ الحَالِ لَكُنْتُ مِنْ أهْلِ النَّارِ، فَلَمَّا جَعَلَ اللهُ [ص: 229] الإسلامَ في قَلْبِي أتَيْتُ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - فقُلْتُ: ابسُطْ يَمِينَكَ فَلأُبَايِعُك، فَبَسَطَ يَمِينَهُ فَقَبَضْتُ يَدِي، فَقَالَ: «مَا لَكَ يَا عَمْرُو؟» قلتُ: أردتُ أَنْ أشْتَرِطَ، قَالَ: «تَشْتَرِط مَاذا؟» قُلْتُ: أَنْ يُغْفَرَ لِي، قَالَ: «أمَا عَلِمْتَ أن الإسلامَ يَهْدِمُ مَا كَانَ قَبْلَهُ، وَأن الهِجْرَةَ تَهْدِمُ مَا كَانَ قَبلَهَا، وَأنَّ الحَجَّ يَهْدِمُ مَا كَانَ قَبْلَهُ؟» وَمَا كَانَ أحدٌ أحَبَّ إليَّ مِنْ رَسُولِ الله - صلى الله عليه وسلم - وَلاَ أجَلَّ في عَيني مِنْهُ وَمَا كُنْتُ أُطيقُ أن أملأ عَيني مِنْهُ؛ إجلالًا لَهُ، ولو سئلت أن أصفه مَا أطقت، لأني لَمْ أكن أملأ عيني مِنْهُ، ولو مُتُّ عَلَى تِلْكَ الحالِ لَرجَوْتُ أن أكُونَ مِنْ أهْلِ الجَنَّةِ، ثُمَّ وَلِينَا أشْيَاءَ مَا أدْرِي مَا حَالِي فِيهَا؟ فَإذَا أنَا مُتُّ فَلاَ تَصحَبَنِّي نَائِحَةٌ وَلاَ نَارٌ، فَإذا دَفَنْتُمُونِي، فَشُنُّوا عَليَّ التُّرابَ شَنًّا، ثُمَّ أقِيمُوا حَوْلَ قَبْرِي قَدْرَ مَا تُنْحَرُ جَزورٌ، وَيُقْسَمُ لَحْمُهَا، حَتَّى أَسْتَأنِسَ بِكُمْ، وَأنْظُرَ مَا أُرَاجعُ بِهِ رسُلَ رَبّي. رواه مسلم. (1) قَوْله: «شُنُّوا» رُوِي بالشّين المعجمة والمهملةِ، أيْ: صُبُّوه قَليلًا قَليلًا، والله سبحانه أعلم.   (1) أخرجه: مسلم 1/ 78 (121) (192). الحديث: 710 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 228 96 - باب وداع الصاحب ووصيته عند فراقه للسفر وغيره والدعاء لَهُ وطلب الدعاء مِنْهُ قَالَ الله تَعَالَى: {وَوَصَّى بِهَا إبْرَاهِيمُ بَنِيهِ وَيَعْقُوبُ يَا بَنِيَّ إنَّ اللهَ اصْطَفَى لَكُمُ الدّينَ فَلاَ تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ أَمْ كُنْتُمْ شُهَدَاءَ إذْ حَضَرَ يَعْقُوبَ المَوْتُ إذْ قَالَ لِبَنيهِ مَا تَعْبُدُونَ مِنْ بَعْدِي قَالُوا نَعْبُدُ إلهَكَ وَإلهَ آبَائِكَ إبْراهِيمَ وَإسْمَاعِيلَ وَإسْحاقَ إلهًا وَاحِدًا وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ} [البقرة: 132 - 133]. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 229 وأما الأحاديث فمنها: 711 - حديث زيد بن أرقم - رضي الله عنه - الَّذِي سبق في بَابِ إكرام أهْلِ بَيْتِ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: قَامَ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فِينَا خَطِيبًا، فَحَمِدَ الله، وَأثْنَى عَلَيْهِ، وَوَعَظَ وَذَكَّرَ، ثُمَّ قَالَ: «أمَّا بَعْدُ، ألاَ أيُّهَا النَّاسُ، إنَّمَا أنَا بَشَرٌ يُوشِكُ أَنْ يَأتِيَ رَسُولُ رَبِّي فَأُجِيبَ، وَأنَا تَارِكٌ فِيكُمْ ثَقَلَيْنِ، أوَّلَهُمَا: كِتَابُ اللهِ، فِيهِ الْهُدَى وَالنُّورُ، فَخُذُوا بِكِتَابِ اللهِ وَاسْتَمْسِكُوا بِهِ»، فَحَثَّ عَلَى كِتَابِ اللهِ، وَرَغَّبَ فِيهِ، ثُمَّ قَالَ: «وَأَهْلُ بَيْتِي، أذَكِّرُكُمُ اللهَ في أهْلِ بَيْتِي». رواه مسلم، (1) وَقَدْ سَبَقَ بِطُولِهِ.   (1) انظر الحديث (346). الحديث: 711 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 229 712 - وعن أَبي سليمان مالِك بن الحُوَيْرِثِ - رضي الله عنه - قَالَ: أَتَيْنَا رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - وَنَحْنُ شَبَبَةٌ مُتَقَارِبُونَ، فَأقَمْنَا عِنْدَهُ عِشْرِينَ لَيْلَةً، وَكَانَ رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - رَحِيمًا رَفيقًا، فَظَنَّ أنّا قد اشْتَقْنَا أهْلَنَا، فَسَألَنَا عَمَّنْ تَرَكْنَا مِنْ أهْلِنَا، فَأخْبَرْنَاهُ، فَقَالَ: «ارْجِعُوا إِلَى أهْلِيكُمْ، فَأقِيمُوا فِيهمْ، وَعَلِّمُوهُم وَمُرُوهُمْ، وَصَلُّوا صَلاَةَ كَذَا فِي حِيْنِ كَذَا، وَصَلُّوا كَذَا في حِيْنِ كَذَا، فَإذَا حَضَرَتِ الصَّلاَةُ فَلْيُؤَذِّنْ لَكُمْ أحَدُكُمْ وَلْيَؤُمَّكُمْ أكْبَرُكُمْ». متفقٌ عَلَيْهِ. (1) زاد البخاري في رواية لَهُ: «وَصَلُّوا كَمَا رَأيْتُمُونِي أُصَلِّي». وَقَوْلُه: «رحِيمًا رَفِيقًا» رُوِيَ بِفاءٍ وقافٍ، وَرُوِيَ بقافينِ.   (1) أخرجه: البخاري 1/ 162 (628) (631)، ومسلم 2/ 134 (674) (292). الحديث: 712 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 230 713 - وعن عمرَ بن الخطاب - رضي الله عنه - قَالَ: اسْتأذَنْتُ النَّبيَّ - صلى الله عليه وسلم - في العُمْرَةِ، فَأذِنَ، وقال: «لاَ تَنْسَانَا يَا أُخَيَّ مِنْ دُعَائِكَ» فقالَ كَلِمَةً ما يَسُرُّنِي أنَّ لِي بِهَا الدُّنْيَا. وفي رواية قَالَ: «أشْرِكْنَا يَا أُخَيَّ في دُعَائِكَ». رواه أَبُو داود والترمذي، وقال: «حديث حسن صحيح». (1)   (1) انظر الحديث (373). الحديث: 713 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 230 714 - وعن سالم بنِ عبدِ الله بنِ عمر: أنَّ عبدَ اللهِ بن عُمَرَ رضي الله عنهما، كَانَ يَقُولُ للرَّجُلِ إِذَا أرَادَ سَفَرًا: ادْنُ مِنِّي حَتَّى أُوَدِّعَكَ كَمَا كَانَ رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - يُوَدِّعُنَا، فَيَقُولُ: «أَسْتَوْدِعُ اللهَ دِينَكَ، وَأمَانَتَكَ، وَخَواتِيمَ عَمَلِكَ». رواه الترمذي، (1) وقال: «حديث حسن صحيح».   (1) أخرجه: الترمذي (3443)، والنسائي في «الكبرى» (8805) وقال الترمذي: «حديث حسن صحيح غريب». الحديث: 714 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 230 715 - وعن عبدِ الله بن يزيدَ الخطْمِيِّ الصحابيِّ - رضي الله عنه - قَالَ: كَانَ رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - إِذَا أرَادَ أَنْ يُوَدِّعَ الجَيشَ، قَالَ: «أسْتَوْدِعُ اللهَ دِينَكُمْ، وَأمَانَتَكُمْ، وَخَواتِيمَ أعْمَالِكُمْ» حديث صحيح، رواه أَبُو داود وغيره بإسناد صحيح. (1)   (1) أخرجه: أبو داود (2601)، والنسائي في «الكبرى» (10341). الحديث: 715 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 230 716 - وعن أنسٍ - رضي الله عنه - قَالَ: جَاءَ رَجُلٌ إِلَى النبي - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ: يَا رسولَ الله، إنّي أُرِيدُ سَفَرًا، فَزَوِّدْنِي، فَقَالَ: «زَوَّدَكَ الله التَّقْوَى» قَالَ: زِدْنِي قَالَ: «وَغَفَرَ ذَنْبَكَ» قَالَ: زِدْنِي، قَالَ: «وَيَسَّرَ لَكَ الْخَيْرَ حَيْثُمَا كُنْتَ». رواه الترمذي (1)، وقال: «حديث حسن».   (1) أخرجه: الترمذي (3444) وقال: «حديث حسن غريب». الحديث: 716 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 230 97 - باب الاستِخارة والمشاورة قَالَ الله تَعَالَى: {وَشَاوِرْهُمْ فِي الأَمْرِ} [آل عمران: 159]، وقال الله تَعَالَى: {وَأَمْرُهُمْ شُورَى بَيْنَهُمْ} [الشورى: 38] أيْ: يَتَشَاوَرُونَ بَيْنَهُمْ فِيهِ. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 231 717 - وعن جابر - رضي الله عنه - قَالَ: كَانَ رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - يُعَلِّمُنَا الاسْتِخَارَةَ في الأمُورِ كُلِّهَا كَالسُّورَةِ مِنَ القُرْآنِ، يَقُولُ: «إِذَا هَمَّ أحَدُكُمْ بِالأمْرِ، فَلْيَركعْ ركْعَتَيْنِ مِنْ غَيْرِ الفَرِيضَةِ، ثُمَّ ليقل: اللَّهُمَّ إنِّي أسْتَخِيرُكَ بِعِلْمِكَ، وَأسْتَقْدِرُكَ بِقُدْرَتِكَ، وأسْألُكَ مِنْ فَضْلِكَ العَظِيْمِ، فَإنَّكَ تَقْدِرُ وَلاَ أقْدِرُ، وَتَعْلَمُ وَلاَ أعْلَمُ، وَأنْتَ عَلاَّمُ الْغُيُوبِ. اللَّهُمَّ إنْ كُنْتَ تَعْلَمُ أنَّ هَذَا الأمْرَ خَيْرٌ لِي في دِينِي وَمَعَاشِي وَعَاقِبَةِ أمْرِي» أَوْ قَالَ: «عَاجِلِ أمْرِي وَآجِلِهِ، فاقْدُرْهُ لي وَيَسِّرْهُ لِي، ثُمَّ بَارِكْ لِي فِيهِ. وَإنْ كُنْتَ تَعْلَمُ أنَّ هَذَا الأَمْرَ شَرٌّ لِي في دِينِي وَمَعَاشِي وَعَاقِبَةِ أَمْرِي» أَوْ قَالَ: «عَاجِلِ أمْرِي وَآجِلِهِ؛ فَاصْرِفْهُ عَنِّي، وَاصْرِفْنِي عَنْهُ، وَاقْدُرْ لِيَ الخَيْرَ حَيْثُ كَانَ، ثُمَّ أرْضِنِي بِهِ» قَالَ: «وَيُسَمِّيْ حَاجَتَهُ». رواه البخاري. (1)   (1) أخرجه: البخاري 2/ 70 (1162). الحديث: 717 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 231 98 - باب استحباب الذهاب إِلَى العيد وعيادة المريض والحج والغزو والجنازة ونحوها من طريق، والرجوع من طريق آخر لتكثير مواضع العبادة 718 - عن جابر - رضي الله عنه - قَالَ: كَانَ النبي - صلى الله عليه وسلم - إِذَا كَانَ يومُ عيدٍ خَالَفَ الطَّريقَ. رواه البخاري. (1) قَوْله: «خَالَفَ الطَّريقَ» يعني: ذَهَبَ في طريقٍ، وَرَجَعَ في طريقٍ آخَرَ.   (1) أخرجه: البخاري 2/ 29 (986). الحديث: 718 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 231 719 - وعن ابن عُمَرَ رضي الله عنهما: أنَّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كَانَ يَخْرُجُ مِنْ طَريق الشَّجَرَةِ، وَيَدْخُلُ مِنْ طَريقِ الْمُعَرَّسِ (1)، وَإِذَا دَخَلَ مَكَّةَ، دَخَلَ مِن الثَّنِيَّةِ (2) الْعُلْيَا، وَيَخْرُجُ مِنَ الثَّنِيَّةِ السُّفْلَى. متفقٌ عَلَيْهِ. (3)   (1) المعرس: مسجد ذي الحليفة على ستة أميال من المدينة. مراصد الاطلاع 3/ 1288، وانظر: فتح الباري عقيب (1533). (2) الثنية في الأصل كل عقبة في جبل مسلوكة. مراصد الاطلاع 1/ 300. (3) أخرجه: البخاري 2/ 166 - 167 (1533)، ومسلم 4/ 62 (1257) (223). الحديث: 719 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 231 99 - باب استحباب تقديم اليمين في كل مَا هو من باب التكريم كالوضوءِ وَالغُسْلِ وَالتَّيَمُّمِ، وَلُبْسِ الثَّوْبِ وَالنَّعْلِ وَالخُفِّ وَالسَّرَاوِيلِ وَدُخولِ الْمَسْجِدِ، وَالسِّوَاكِ، وَالاكْتِحَالِ، وَتقليم الأظْفار، وَقَصِّ الشَّارِبِ، وَنَتْفِ الإبْطِ، وَحلقِ الرَّأسِ، وَالسّلامِ مِنَ الصَّلاَةِ، وَالأكْلِ، والشُّربِ، وَالمُصافحَةِ، وَاسْتِلاَمِ الحَجَرِ الأَسْوَدِ، والخروجِ منَ الخلاءِ، والأخذ والعطاء وغيرِ ذَلِكَ مِمَّا هُوَ في معناه. ويُسْتَحَبُّ تَقديمُ اليسارِ في ضدِ ذَلِكَ، كالامْتِخَاطِ وَالبُصَاقِ عن اليسار، ودخولِ الخَلاءِ، والخروج من المَسْجِدِ، وخَلْعِ الخُفِّ والنَّعْلِ والسراويلِ والثوبِ، والاسْتِنْجَاءِ وفِعلِ المُسْتَقْذرَاتِ وأشْبَاه ذَلِكَ. قَالَ الله تَعَالَى: {فَأَمَّا مَنْ أوتِيَ كِتَابَهُ بيَمينِهِ فَيْقُولُ هَاؤُمُ اقْرَأوا كِتَابِيْه} [الحاقة: 19] الآيات، وقَالَ تَعَالَى: {فَأصْحَابُ الْمَيْمَنَةِ مَا أصْحَابُ المَيْمَنَةِ وَأَصْحابُ المَشْئَمَةِ مَا أصْحَابُ المَشْئَمَةِ} [الواقعة: 8 - 9]. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 232 720 - وعن عائشة رضي الله عنها، قالت: كَانَ رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - يُعْجِبُهُ التَّيَمُّنُ في شَأنِهِ كُلِّهِ: في طُهُورِهِ، وَتَرَجُّلِهِ، وَتَنَعُّلِهِ. متفقٌ عَلَيْهِ. (1)   (1) أخرجه: البخاري 1/ 53 (168)، ومسلم 1/ 155 (268) (66). الحديث: 720 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 232 721 - وعنها، قالت: كَانَتْ يَدُ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - اليُمْنَى لِطُهُورِهِ وَطَعَامِهِ، وَكَانَتِ الْيُسْرَى لِخَلائِهِ وَمَا كَانَ مِنْ أذَىً. حديث صحيح، رواه أَبُو داود وغيره بإسنادٍ صحيحٍ. (1)   (1) أخرجه: أبو داود (33)، والبيهقي 1/ 113. الحديث: 721 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 232 722 - وعن أم عطية رضي الله عنها: أنَّ النَّبيَّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ لهن في غَسْلِ ابْنَتِهِ زَيْنَبَ رضي الله عنها: «ابْدَأنَ بِمَيَامِنِهَا، وَمَوَاضِعِ الوُضُوءِ مِنْهَا». متفقٌ عَلَيْهِ. (1)   (1) أخرجه: البخاري 1/ 53 (167)، ومسلم 3/ 48 (939) (42). الحديث: 722 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 232 723 - وعن أَبي هريرة - رضي الله عنه: أنَّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: «إِذَا انْتَعَلَ أحَدُكُمْ فَلْيَبْدَأْ بِالْيُمْنَى، وَإِذَا نَزَعَ فَلْيَبْدأْ بِالشِّمَالِ. لِتَكُنْ اليُمْنَى أوَّلَهُمَا تُنْعَلُ، وَآخِرُهُمَا تُنْزَعُ». متفقٌ عَلَيْهِ. (1)   (1) أخرجه: البخاري 7/ 199 (5855)، ومسلم 6/ 153 (2097) (67). الحديث: 723 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 232 724 - وعن حفصة رضي الله عنها: أنَّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كَانَ يجعل يَمينَهُ لطَعَامِهِ وَشَرَابِهِ وَثِيَابِهِ، وَيَجْعَلُ يَسَارَهُ لِمَا سِوَى ذَلِكَ. رواه أَبُو داود والترمذي وغيره. (1)   (1) أخرجه: أبو داود (32)، والبيهقي 1/ 112 ولم يذكره الترمذي. الحديث: 724 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 233 725 - وعن أَبي هُريرة - رضي الله عنه: أنَّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: «إِذَا لَبِسْتُمْ، وَإِذَا تَوَضَّأتُمْ، فَابْدَأوا بأيَامِنِكُمْ» حديث صحيح، رواه أَبُو داود والترمذي بإسناد صحيح. (1)   (1) أخرجه: أبو داود (4141)، والترمذي (1766) الألفاظ مختلفة والمعنى واحد. الحديث: 725 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 233 726 - وعن أنس - رضي الله عنه: أنَّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أتى مِنىً، فَأتَى الْجَمْرَةَ فَرَمَاهَا، ثُمَّ أتَى مَنْزِلَهُ بِمِنَىً ونحر، ثُمَّ قَالَ لِلحَلاَّقِ: «خُذْ» وأشَارَ إِلَى جَانِبهِ الأَيْمَنِ، ثُمَّ الأَيْسَرِ، ثُمَّ جَعَلَ يُعْطِيهِ النَّاسَ. متفقٌ عَلَيْهِ. (1) وفي رواية: لما رمَى الجَمْرَةَ، وَنَحَرَ نُسُكَهُ وَحَلَقَ، نَاوَلَ الحَلاَّقَ شِقَّهُ الأَيْمَنَ فَحَلَقَهُ، ثُمَّ دَعَا أَبَا طَلْحَةَ الأنْصَارِيَّ - رضي الله عنه - فَأعْطَاهُ إيَّاهُ، ثُمَّ نَاوَلَهُ الشِّقَّ الأَيْسَرَ، فَقَالَ: «احْلِقْ»، فَحَلَقَهُ فَأعْطَاهُ أَبَا طَلْحَةَ، فَقَالَ: «اقْسِمْهُ بَيْنَ النَّاسِ».   (1) أخرجه: مسلم 4/ 82 (1305) (323) و (326). ولم يذكره البخاري. الحديث: 726 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 233 (2) - كتاب أدب الطعام 100 - باب التسمية في أوله والحمد في آخره 727 - وعن عُمَرَ بنِ أبي سَلمة رضي الله عنهما، قَالَ: قَالَ لي رسول الله - صلى الله عليه وسلم: «سَمِّ اللهَ، وَكُلْ بِيَمِينكَ، وكُلْ مِمَّا يَليكَ». متفقٌ عَلَيْهِ. (1)   (1) انظر الحديث (299). الحديث: 727 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 235 728 - وعن عائشة رضي الله عنها، قالت: قَالَ رسول الله - صلى الله عليه وسلم: «إِذَا أكَلَ أحَدُكُمْ فَلْيَذْكُرِ اسْمَ اللهِ تَعَالَى، فإنْ نَسِيَ أَنْ يَذْكُرَ اسْمَ اللهِ تَعَالَى في أوَّلِهِ، فَلْيَقُلْ: بِسم اللهِ أوَّلَهُ وَآخِرَهُ». رواه أَبُو داود والترمذي، وقال: «حديث حسن صحيح». (1)   (1) أخرجه: أبو داود (3767)، وابن ماجه (3264)، والترمذي (1858). الحديث: 728 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 235 729 - وعن جابرٍ - رضي الله عنه - قَالَ: سَمِعْتُ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقولُ: «إِذَا دَخَلَ الرَّجُلُ بَيْتَهُ، فَذَكَرَ اللهَ تَعَالَى عِنْدَ دُخُولِهِ، وَعِنْدَ طَعَامِهِ، قَالَ الشَّيْطَانُ لأَصْحَابِهِ: لاَ مَبِيتَ لَكُمْ وَلاَ عَشَاءَ، وَإِذَا دَخَلَ فَلَمْ يَذْكُرِ اللهَ تَعَالَى عِنْدَ دُخُولِهِ، قَالَ الشَّيْطَانُ: أدْرَكْتُمُ المَبِيتَ؛ وَإِذَا لَمْ يَذْكُرِ اللهَ تَعَالَى عِنْدَ طَعَامِهِ، قَالَ: أدْرَكْتُم المَبيتَ وَالعَشَاءَ». رواه مسلم. (1)   (1) أخرجه: مسلم 6/ 108 (2018) (103). الحديث: 729 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 235 730 - وعن حُذَيْفَةَ - رضي الله عنه - قَالَ: كُنَّا إِذَا حَضَرْنَا مَعَ رَسُولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - طَعَامًا، لَمْ نَضَعْ أيدِينَا حَتَّى يَبْدَأَ رَسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم - فَيَضَعَ يَدَهُ، وَإنَّا حَضَرْنَا مَعَهُ مَرَّةً طَعَامًا، فَجَاءَتْ جَارِيَةٌ كَأنَّهَا تُدْفَعُ، فَذَهَبَتْ لِتَضَعَ يَدَهَا في الطَّعَامِ، فَأَخَذَ رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - بِيَدِهَا، [ص: 236] ثُمَّ جَاءَ أَعْرَابِيّ كأنَّمَا يُدْفَعُ، فَأخَذَ بِيَدهِ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم: «إنَّ الشَّيْطَانَ يَسْتَحِلُّ الطَّعَامَ أَنْ لا يُذْكَرَ اسمُ اللهِ تَعَالَى عَلَيْهِ، وَإنَّهُ جَاءَ بهذِهِ الجارية لِيَسْتَحِلَّ بِهَا، فأَخَذْتُ بِيَدِهَا، فَجَاءَ بهذا الأعرَابيّ لِيَسْتَحِلَّ بِهِ، فَأخذْتُ بِيَدِهِ، والَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ، إنَّ يَدَهُ في يَدِي مَعَ يَدَيْهِمَا» ثُمَّ ذَكَرَ اسْمَ اللهِ تَعَالَى وَأكَلَ. رواه مسلم. (1)   (1) أخرجه: مسلم 6/ 107 - 108 (2017) (102). الحديث: 730 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 235 731 - وعن أُمَيَّةَ بن مَخْشِيٍّ الصحابيِّ - رضي الله عنه - قَالَ: كَانَ رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - جَالِسًا، وَرَجُلٌ يَأكُلُ، فَلَمْ يُسَمِّ اللهَ حَتَّى لَمْ يَبْقَ مِنْ طَعَامِهِ إِلاَّ لُقْمَةٌ، فَلَمَّا رَفَعَهَا إِلَى فِيهِ، قَالَ: بِسْمِ اللهِ أوَّلَهُ وَآخِرَهُ، فَضَحِكَ النَّبيّ - صلى الله عليه وسلم - ثُمَّ قَالَ: «مَا زَالَ الشَّيْطَانُ يَأكُلُ مَعَهُ، فَلَمَّا ذَكَرَ اسمَ اللهِ اسْتَقَاءَ مَا فِي بَطْنِهِ». رواه أَبُو داود والنسائي. (1)   (1) أخرجه: أبو داود (3768)، والنسائي في «الكبرى» (10113). الحديث: 731 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 236 732 - وعن عائشة رضي الله عنها، قالت: كَانَ رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - يَأكُلُ طَعَامًا في سِتَّةٍ مِنْ أَصْحَابِهِ، فَجَاءَ أعْرَابِيٌّ، فَأكَلَهُ بلُقْمَتَيْنِ. فَقَالَ رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم: «أما إنَّهُ لَوْ سَمَّى لَكَفَاكُمْ». رواه الترمذي، وقال: «حديث حسن صحيح». (1)   (1) أخرجه: ابن ماجه (3264)، والترمذي (1858 م). الحديث: 732 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 236 733 - وعن أَبي أُمَامَة - رضي الله عنه: أنَّ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - كَانَ إِذَا رَفَعَ مَائِدَتَهُ، قَالَ: «الْحَمْدُ للهِ حَمدًا كَثِيرًا طَيِّبًا مُبَاركًا فِيهِ، غَيْرَ مَكْفِيٍّ، وَلاَ مُوَدَّعٍ، وَلاَ مُسْتَغْنًى عَنْهُ رَبَّنَا». رواه البخاري. (1)   (1) أخرجه: البخاري 7/ 106 (5458). الحديث: 733 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 236 734 - وعن معاذِ بن أنسٍ - رضي الله عنه - قَالَ: قَالَ رسولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم: «مَنْ أكَلَ طَعَامًا، فَقال: الحَمْدُ للهِ الَّذِي أَطْعَمَنِي هَذَا، وَرَزَقنِيهِ مِنْ غَيْرِ حَوْلٍ مِنِّي وَلاَ قُوَّةٍ، غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ». رواه أَبُو داود والترمذي، وقال: «حديث حسن». (1)   (1) أخرجه: أبو داود (4023)، وابن ماجه (3285)، والترمذي (3458)، وقال: «حديث حسن غريب». الحديث: 734 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 236 101 - باب لا يَعيبُ الطّعام واستحباب مَدحه 735 - وعن أَبي هُريرة - رضي الله عنه - قَالَ: مَا عَابَ رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - طَعَامًا قَطُّ، إن اشْتَهَاهُ أكَلَهُ، وَإنْ كَرِهَهُ تَرَكَهُ. متفقٌ عَلَيْهِ. (1)   (1) أخرجه: البخاري 7/ 96 (5409)، ومسلم 6/ 134 (2064) (187) و (188). الحديث: 735 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 236 736 - وعن جابر - رضي الله عنه: أنَّ النَّبيَّ - صلى الله عليه وسلم - سَأَلَ أهْلَهُ الأُدْمَ، فقالوا: مَا عِنْدَنَا إِلاَّ خَلٌّ، فَدَعَا بِهِ، فَجَعَلَ يَأكُلُ، ويقول: «نِعْمَ الأُدْمُ الخَلُّ، نِعْمَ الأُدْمُ الخَلُّ». رواه مسلم (1).   (1) أخرجه: مسلم 6/ 125 (2052) (166). الحديث: 736 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 237 102 - باب مَا يقوله من حضر الطعام وهو صائم إِذَا لَمْ يفطر 737 - وعن أَبي هريرة - رضي الله عنه - قَالَ: قَالَ رسول الله - صلى الله عليه وسلم: «إِذَا دُعِيَ أحَدُكُمْ فَلْيُجِبْ، فَإنْ كَانَ صَائِمًا فَلْيُصَلِّ، وَإنْ كَانَ مُفْطِرًا فَلْيَطْعَمْ». رواه مسلم. (1) قَالَ العلماءُ: معنى «فَلْيُصَلِّ»: فَلْيَدْعُ، ومعنى «فَلْيطْعَمْ»: فَلْيَأْكُلْ.   (1) أخرجه: مسلم 4/ 153 (1431) (106). الحديث: 737 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 237 103 - باب مَا يقوله من دُعي إِلَى طعام فتبعه غيره 738 - عن أَبي مسعود البَدْريِّ - رضي الله عنه - قَالَ: دعا رَجُلٌ النَّبِيَّ - صلى الله عليه وسلم - لِطَعَامٍ صَنعَهُ لَهُ خَامِسَ خَمْسَةٍ، فَتَبِعَهُمْ رَجُلٌ، فَلَمَّا بَلَغَ البَابَ، قَالَ النَّبيّ - صلى الله عليه وسلم: «إنَّ هَذَا تَبِعَنَا، فَإنْ شِئْتَ أَنْ تَأْذَنَ لَهُ، وَإنْ شِئْتَ رَجَعَ» قَالَ: بل آذَنُ لَهُ يَا رَسُولَ الله. متفقٌ عَلَيْهِ (1).   (1) أخرجه: البخاري 3/ 76 (2081)، ومسلم 6/ 115 (2036) (138). الحديث: 738 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 237 104 - باب الأكل مِمَّا يليه ووعظه وتأديبه من يسيء أكله 739 - عن عمر بن أَبي سَلمَة رضي الله عنهما، قَالَ: كُنْتُ غُلامًا في حِجْرِ رسولِ الله - صلى الله عليه وسلم - وَكَانَتْ يَدِي تَطِيشُ في الصَّحْفَةِ، فَقَالَ لي رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم: «يَا غُلامُ، سَمِّ اللهَ تَعَالَى، وَكُلْ بِيَمينِكَ، وَكُلْ مِمَّا يَلِيكَ». متفقٌ عَلَيْهِ. (1) قَوْله: «تَطِيشُ» بكسرِ الطاء وبعدها ياءٌ مثناة من تَحْت، معناه: تتحرك وتمتد إِلَى نَوَاحِي الصَّحْفَةِ.   (1) انظر الحديث (299). الحديث: 739 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 237 740 - وعن سلمةَ بن الأَكْوَع - رضي الله عنه: أنَّ رَجُلًا أَكَلَ عِنْدَ رَسُولِ الله - صلى الله عليه وسلم - بِشِمَالِهِ، فَقَالَ: «كُلْ بِيَمِينِكَ» قَالَ: لا أسْتَطِيعُ. قَالَ: «لاَ اسْتَطَعْتَ»! مَا مَنَعَهُ إِلاَّ الكِبْرُ! فَمَا رَفَعَهَا إِلَى فِيهِ. رواه مسلم. (1)   (1) انظر الحديث (159). الحديث: 740 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 237 105 - باب النّهي عن القِرَانِ بين تمرتين ونحوهما إِذَا أكل جماعة إِلاَّ بإذن رفقته 741 - عن جَبَلَة بن سُحَيْم، قَالَ: أصَابَنَا عَامُ سَنَةٍ مَعَ ابن الزُّبَيْرِ؛ فَرُزِقْنَا تَمْرًا، وَكَانَ عبدُ الله بن عمر رضي الله عنهما يَمُرُّ بنا ونحن نَأكُلُ، فَيقُولُ: لاَ تُقَارِنُوا، فإنَّ النَّبِيَّ - صلى الله عليه وسلم - نَهَى عنِ القِرَانِ، ثُمَّ يَقُولُ: إِلاَّ أَنْ يَسْتَأذِنَ الرَّجُلُ أخَاهُ. متفقٌ عَلَيْهِ. (1)   (1) أخرجه: البخاري 7/ 104 (5446)، ومسلم 6/ 122 (2045) (150). قال ابن الأثير: «وهو أن يقرن بين التمرتين في الأكل، وإنما نهى عنه؛ لأن فيه شَرهًا، وذلك يزري بصاحبه؛ أو لأن فيه غبنًا برفيقه ... » النهاية 4/ 52. الحديث: 741 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 238 106 - باب مَا يقوله ويفعله من يأكل وَلاَ يشبع 742 - عن وَحْشِيِّ بن حرب - رضي الله عنه: أنَّ أصحابَ رسولِ الله - صلى الله عليه وسلم - قالوا: يَا رسولَ اللهِ، إنَّا نَأكُلُ وَلاَ نَشْبَعُ؟ قَالَ: «فَلَعَلَّكُمْ تَفْتَرِقُونَ» قالوا: نَعَمْ. قَالَ: «فَاجْتَمِعُوا عَلَى طَعَامِكُمْ، وَاذْكُرُوا اسْمَ اللهِ، يُبَارَكْ لَكُمْ فِيهِ». رواه أَبُو داود. (1)   (1) أخرجه: أبو داود (3764)، وابن ماجه (3286). الحديث: 742 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 238 107 - باب الأمر بالأكل من جانب القصعة والنهي عن الأكل من وسطها فِيهِ: قَوْله - صلى الله عليه وسلم: «وَكُلْ مِمَّا يَلِيكَ» (1) متفق عَلَيْهِ كما سبق. 743 - وعن ابن عباس رضي الله عنهما، عن النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: «البَرَكَةُ تَنْزِلُ وَسَطَ الطعَامِ؛ فَكُلُوا مِنْ حَافَتَيْهِ، وَلاَ تَأكُلُوا مِنْ وَسَطِهِ». رواه أَبُو داود والترمذي، وقال: «حديث حسن صحيح». (2)   (1) انظر الحديث (299). (2) أخرجه: أبو داود (3772)، وابن ماجه (3277)، والترمذي (1805)، والنسائي في «الكبرى» (6762). الحديث: 743 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 238 744 - وعن عبد الله بن بُسْرٍ - رضي الله عنه - قَالَ: كَانَ للنَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - قَصْعَةٌ يُقَالُ لَهَا: الغَرَّاءُ يَحْمِلُهَا أرْبَعَةُ رجالٍ؛ فَلَمَّا أَضْحَوْا وَسَجَدُوا الضُّحَى أُتِيَ بِتِلْكَ الْقَصْعَةِ؛ يعني وَقَدْ ثُردَ [ص: 239] فِيهَا، فَالتَفُّوا عَلَيْهَا، فَلَمَّا كَثُرُوا جَثَا رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم. فَقَالَ أعرابيٌّ: مَا هذِهِ الجِلْسَةُ؟ فَقَالَ رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم: «إنَّ اللهَ جَعَلَنِي عَبْدًا كَريمًا، وَلَمْ يَجْعَلْنِي جَبَّارًا عَنِيدًا»، ثُمَّ قَالَ رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم: «كُلُوا مِنْ حَوَالَيْهَا، وَدَعُوا ذِرْوَتَها يُبَارَكْ فِيهَا». رواه أَبُو داود بإسنادٍ جيد. (1) «ذِرْوَتها»: أعْلاَهَا بكسر الذال وضمها.   (1) أخرجه: أبو داود (3773)، وابن ماجه (3263). الحديث: 744 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 238 108 - باب كراهية الأكل متكئًا 745 - عن أَبي جُحَيْفَةَ وَهْبِ بن عبد الله - رضي الله عنه - قَالَ: قَالَ رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم: «لاَ آكُلُ مُتَّكِئًا». رواه البخاري. (1) قَالَ الخَطَّابِيُّ: المُتَّكئُ هاهُنَا: هُوَ الجالِسُ مُعْتَمِدًا عَلَى وِطَاءٍ تحته، قَالَ: وأرادَ أنَّهُ لا يَقْعُدُ عَلَى الوِطَاءِ وَالوَسَائِدِ كَفِعْل مَنْ يُريدُ الإكْثَارَ مِنَ الطَّعَام، بل يَقْعُدُ مُسْتَوفِزًا لاَ مُسْتَوطِئًا، وَيَأكُلُ بُلْغَةً. هَذَا كلامُ الخَطَّابيِّ (2)، وأشارَ غَيْرُهُ إِلَى أنَّ الْمُتَّكِئَ هُوَ المائِلُ عَلَى جَنْبِه، والله أعلم.   (1) أخرجه: البخاري 7/ 93 (5398). (2) انظر: معالم السنن 4/ 225. الحديث: 745 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 239 746 - وعن أنس - رضي الله عنه - قَالَ: رَأَيْتُ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - جَالِسًا مُقْعِيًا يَأكُلُ تَمْرًا. رواه مسلم. (1) «المُقْعِي»: هُوَ الَّذِي يُلْصِقُ أَلْيَتَيْهِ بالأرض، وَيَنْصِبُ سَاقَيْهِ.   (1) أخرجه: مسلم 6/ 122 (2044) (148). الحديث: 746 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 239 109 - باب استحباب الأكل بثلاث أصابع، واستحباب لعق الأصابع، وكراهة مسحها قبل لعقها واستحباب لعق القصعة وأخذ اللقمة الَّتي تسقط منه وأكلها، ومسحها بعد اللعق بالساعد والقدم وغيرها 747 - عن ابن عباس رضي الله عنهما، قَالَ: قَالَ رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم: «إِذَا أكَلَ أَحَدُكُمْ طَعَامًا، فَلاَ يَمْسَحْ أَصَابِعَهُ حَتَّى يَلْعَقَهَا أَوْ يُلْعِقَها». متفقٌ عَلَيْهِ. (1)   (1) أخرجه: البخاري 7/ 106 (5456)، ومسلم 6/ 113 (2031) (129) و (130). الحديث: 747 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 239 748 - وعن كعب بن مالك - رضي الله عنه - قَالَ: رأيتُ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - يَأكُلُ بثَلاَثِ أصابعَ، فإذا فَرَغَ لَعِقَهَا. رواه مسلم. (1)   (1) أخرجه: مسلم 6/ 114 (2032) (132). الحديث: 748 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 240 749 - وعن جابر - رضي الله عنه: أنَّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أمر بلعق الأصابع والصحفة، وقال: «إنَّكُمْ لاَ تَدْرُونَ في أيِّ طَعَامِكُمُ البَرَكَةُ». رواه مسلم. (1)   (1) أخرجه: مسلم 6/ 114 (2033) (133). الحديث: 749 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 240 750 - وعنه: أنَّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: «إِذَا وَقَعَتْ لُقْمَةُ أحَدِكُمْ، فَلْيأخُذْهَا فَلْيُمِطْ مَا كَانَ بِهَا مِنْ أذىً، وَلْيَأْكُلْهَا، وَلاَ يَدَعْهَا لِلشَّيْطَان، وَلاَ يَمْسَحْ يَدَهُ بالمِنْدِيل حَتَّى يَلْعَقَ أصَابِعَهُ، فَإنَّهُ لاَ يَدْري في أيِّ طَعَامِهِ البَرَكَةُ». رواه مسلم. (1)   (1) أخرجه: مسلم 6/ 114 (2033) (134). الحديث: 750 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 240 751 - وعنه: أنَّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: «إنَّ الشَّيْطَانَ يَحْضُرُ أحَدَكُمْ عِنْدَ كُلِّ شَيْءٍ مِنْ شَأنِهِ، حَتَّى يَحْضُرَهُ عِنْدَ طَعَامِهِ، فإذَا سَقَطَتْ لُقْمَةُ أحَدِكُمْ فَلْيَأخُذْهَا فَليُمِطْ مَا كَانَ بِهَا مِنْ أذىً، ثُمَّ لِيَأْكُلْهَا وَلاَ يَدَعْهَا للشَّيْطَانِ، فإذا فَرَغَ فَلْيَلْعَقْ أصابِعَهُ، فإنَّهُ لا يَدْري في أيِّ طعامِهِ البَرَكَةُ». رواه مسلم. (1)   (1) انظر الحديث (164). الحديث: 751 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 240 752 - وعن أنسٍ - رضي الله عنه - قَالَ: كَانَ رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - إِذَا أكَلَ طَعَامًا، لَعِقَ أصَابِعَهُ الثَّلاَثَ، وقال: «إِذَا سقَطَتْ لُقْمَةُ أحَدِكُمْ فَلْيَأخُذْهَا، ولْيُمِطْ عنها الأذى، وَليَأكُلْهَا، وَلاَ يَدَعْها لِلْشَّيْطَان» وأمَرَنا أن نَسْلُتَ القَصْعَةَ، وقال: «إنَّكُمْ لا تَدْرُونَ في أيِّ طَعَامِكُمُ البَرَكَةُ». رواه مسلم. (1)   (1) انظر الحديث (607). الحديث: 752 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 240 753 - وعن سعيد بنِ الحارث: أنّه سأل جابرًا - رضي الله عنه - عنِ الوُضُوءِ مِمَّا مَسَّتِ النَّارُ، فَقَالَ: لا، قَدْ كُنَّا زَمَنَ النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - لا نَجِدُ مِثْلَ ذَلِكَ الطَّعامِ إِلاَّ قليلًا، فإذا نَحْنُ وجَدْنَاهُ، لَمْ يَكُنْ لنا مَنَادِيلُ إِلاَّ أكُفَّنا، وسَواعِدَنَا، وأقْدامَنَا، ثُمَّ نُصَلِّي وَلاَ نَتَوَضَّأُ. رواه البخاري. (1)   (1) أخرجه: البخاري 7/ 106 (5457). الحديث: 753 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 240 110 - باب تكثير الأيدي عَلَى الطعام 754 - عن أَبي هريرة - رضي الله عنه - قَالَ: قَالَ رسول الله - صلى الله عليه وسلم: «طَعَامُ الاثنينِ كافِي الثلاثةِ، وطَعَامُ الثَّلاَثَةِ كافي الأربعة» متفق عَلَيْهِ. (1)   (1) انظر الحديث (564). الحديث: 754 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 240 755 - وعن جابر - رضي الله عنه - قَالَ: سَمِعْتُ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: «طَعَامُ الوَاحِدِ يَكْفِي الاثْنَيْنِ، وَطَعَامُ الاثْنَيْنِ يَكْفِي الأَرْبَعَةَ، وَطَعَامُ الأرْبَعَةِ يَكْفِي الثَّمَانِيَةَ». رواه مسلم. (1)   (1) انظر الحديث (564). الحديث: 755 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 241 111 - باب أدب الشرب واستحباب التنفس ثلاثًا خارج الإناء وكراهة التَّنَفُّس في الإناء واستحباب إدارة الإناء عَلَى الأيمن فالأيمن بعد المبتدئ 756 - عن أنس - رضي الله عنه: أنَّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كَانَ يَتَنَفَّسُ في الشَّرابِ ثَلاثًا. متفق عَلَيْهِ. (1) يعني: يتنفس خارجَ الإناءِ.   (1) أخرجه: البخاري 7/ 146 (5631)، ومسلم 6/ 111 (2028) (123). الحديث: 756 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 241 757 - وعن ابن عباس رضي الله عنهما، قَالَ: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم: «لاَ تَشْرَبُوا وَاحِدًا كَشُرْبِ البَعِيرِ، وَلَكِنِ اشْرَبُوا مَثْنَى وَثُلاَثَ، وَسَمُّوا إِذَا أنْتُمْ شَرِبْتُمْ، وَاحْمَدُوا إِذَا أنْتُمْ رَفَعْتُمْ». رواه الترمذي، (1) وقال: «حديث حسن».   (1) أخرجه: الترمذي (1885) وقال: «حديث غريب»، وهو حديث ضعيف. الحديث: 757 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 241 758 - وعن أَبي قَتَادَة - رضي الله عنه: أنَّ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - نَهَى أَنْ يُتَنَفَّسَ في الإناءِ. متفق عَلَيْهِ. (1) يعني: يتنفس في نفس الإناءِ.   (1) أخرجه: البخاري 7/ 146 (5630)، ومسلم 1/ 155 (267) (65). الحديث: 758 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 241 759 - وعن أنس - رضي الله عنه: أنَّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أُتِيَ بِلَبَنٍ قَدْ شِيبَ بماءٍ، وَعَنْ يَمِينهِ أعْرَابيٌّ، وَعَنْ يَسَارِهِ أَبُو بَكْر - رضي الله عنه - فَشَرِبَ، ثُمَّ أعْطَى الأعْرابيَّ، وقال: «الأيْمَنَ فالأيْمَنَ» متفق عَلَيْهِ. (1) قَوْله: «شِيب» أيْ: خُلِطَ.   (1) أخرجه: البخاري 3/ 144 (2352)، ومسلم 6/ 112 (2029) (124). الحديث: 759 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 241 760 - وعن سهلِ بن سعدٍ - رضي الله عنه: أنَّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أُتِيَ بِشرابٍ، فَشَرِبَ مِنْهُ وَعَنْ يَمِينِهِ غُلامٌ، وَعَنْ يَسَارِهِ أشْيَاخٌ، فَقَالَ للغُلامِ: «أتَأْذَنُ لِي أَنْ أُعْطِيَ هؤُلاَءِ؟» فَقَالَ الغُلامُ: لاَ واللهِ، لاَ أُوثِرُ بنَصيبي مِنْكَ أَحَدًا. فَتَلَّهُ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في يَدِهِ. متفقٌ عَلَيْهِ. (1) قَوْله: «تَلَّهُ» أيْ وَضَعَهُ. وهذا الغلامُ هُوَ ابْنُ عباس رضي الله عنهما.   (1) انظر الحديث (568). الحديث: 760 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 241 112 - باب كراهة الشرب من فم القربة ونحوها وبيان أنه كراهة تنزيه لا تحريم 761 - عن أَبي سعيدٍ الْخُدْريِّ - رضي الله عنه - قَالَ: نَهَى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن اخْتِنَاثِ الأَسْقِيَةِ. يعني: أن تُكْسَرَ أفْواهُها، وَيُشْرَبَ مِنْهَا. متفق عَلَيْهِ. (1)   (1) أخرجه: البخاري 7/ 145 (2625)، ومسلم 6/ 110 (2023) (111). الحديث: 761 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 242 762 - وعن أَبي هريرة - رضي الله عنه - قَالَ: نَهَى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن يُشْرَبَ مِنْ فِيِّ السِّقَاءِ أَوْ القِرْبَةِ. متفق عَلَيْهِ. (1)   (1) أخرجه: البخاري 7/ 145 (5627). الحديث: 762 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 242 763 - وعن أم ثابتٍ كَبْشَةَ بنتِ ثابتٍ أُختِ حَسَّانَ بن ثابتٍ رضي الله عنهما، قالت: دخل عَلَيَّ رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - فَشَرِبَ مِنْ فيِّ قِرْبَةٍ مُعَلَّقَةٍ قَائِمًا، فَقُمْتُ إِلَى فِيهَا فَقَطَعْتُهُ. رواه الترمذي، (1) وقال: «حديث حسن صحيح». وإنّما قَطَعَتْهَا: لِتَحْفَظَ مَوْضِع فَمِ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وَتَتَبَرَّكَ بِهِ، وتَصُونَهُ عَن الابْتِذَال. وهذا الحديث محمولٌ عَلَى بيان الجواز، والحديثان السابقان لبيان الأفضل والأكمل، والله أعلم.   (1) أخرجه: ابن ماجه (3423)، والترمذي (1892) وقال: «حديث حسن صحيح غريب». الحديث: 763 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 242 113 - باب كراهة النفخ في الشراب 764 - عن أَبي سعيد الخدري - رضي الله عنه: أنَّ النَّبيَّ - صلى الله عليه وسلم - نَهَى عَن النَّفْخ في الشَّرَاب، فَقَالَ رَجُلٌ: القَذَاةُ (1) أراها في الإناءِ؟ فَقَالَ: «أهرقها». قَالَ: إنِّي لا أرْوَى مِنْ نَفَسٍ وَاحدٍ؟ قَالَ: «فَأَبِنِ القَدَحَ إِذًا عَنْ فِيكَ». رواه الترمذي، (2) وقال: «حديث حسن صحيح».   (1) أي: تراب أو تبن أو وسخ. النهاية 4/ 30. (2) أخرجه: الترمذي (1887). الحديث: 764 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 242 765 - وعن ابن عباس رضي الله عنهما: أنَّ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - نهى أن يُتَنَفَّسَ في الإناءِ أَوْ يُنْفَخَ فِيهِ. رواه الترمذي، (1) وقال: «حديث حسن صحيح».   (1) أخرجه: أبو داود (3728)، وابن ماجه (3428) و (3429)، والترمذي (1888). الحديث: 765 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 242 114 - باب بيان جواز الشرب قائمًا وبيان أنَّ الأكمل والأفضل الشرب قاعدًا فِيهِ حديث كبشة السابق (1). 766 - وعن ابن عباس رضي الله عنهما، قَالَ: سَقَيْتُ النَّبيَّ - صلى الله عليه وسلم - مِنْ زَمْزَمَ، فَشَربَ وَهُوَ قَائِمٌ. متفق عَلَيْهِ (2).   (1) انظر الحديث (763). (2) أخرجه: البخاري 2/ 191 (1637)، ومسلم 6/ 111 (2027) (117). الحديث: 766 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 243 767 - وعن النَّزَّالِ بن سَبْرَةَ - رضي الله عنه - قَالَ: أَتَى عَلِيٌّ - رضي الله عنه - بَابَ الرَّحْبَةِ، فَشَربَ قائِمًا، وقال: إنِّي رَأَيْتُ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - فَعَلَ كما رَأَيْتُمُوني فَعَلْتُ. رواه البخاري. (1)   (1) أخرجه: البخاري 7/ 143 (5615). الحديث: 767 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 243 768 - وعن ابن عمر رضي الله عنهما، قَالَ: كُنَّا عَلَى عهدِ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - نَأكُلُ وَنَحْنُ نَمْشِي، وَنَشْرَبُ ونَحْنُ قِيامٌ. رواه الترمذي (1)، وقال: «حديث حسن صحيح».   (1) أخرجه: ابن ماجه (3301)، والترمذي (1880). وقال: «حديث حسن صحيح غريب». الحديث: 768 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 243 769 - وعن عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جَدِّهِ - رضي الله عنه - قَالَ: رأيتُ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يَشْرَبُ قَائِمًا وقَاعِدًا. رواه الترمذي، وقال: «حديث حسن صحيح». (1)   (1) أخرجه: الترمذي (1883) وقال: «حديث حسن». الحديث: 769 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 243 770 - وعن أنس - رضي الله عنه - عن النبيِّ - صلى الله عليه وسلم: أنه نَهى أن يَشْرَبَ الرَّجُلُ قَائِمًا. قَالَ قتادة: فَقُلْنَا لأَنَسٍ: فالأَكْلُ؟ قَالَ: ذَلِكَ أَشَرُّ - أَوْ أخْبَثُ. رواه مسلم. (1) وفي رواية لَهُ: أنَّ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - زَجَرَ عَن الشُّرْب قائِمًا.   (1) أخرجه: مسلم 6/ 110 (2024) (112) و (113). الحديث: 770 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 243 771 - وعن أَبي هريرة - رضي الله عنه - قَالَ: قَالَ رسول الله - صلى الله عليه وسلم: «لاَ يَشْرَبَنَّ أحَدٌ مِنْكُمْ قَائِمًا، فَمَنْ نَسِيَ فَلْيَسْتَقِيء». رواه مسلم. (1)   (1) أخرجه: مسلم 6/ 110 (2026) (116). الحديث: 771 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 243 115 - باب استحباب كون ساقي القوم آخرهم شربًا 772 - عن أَبي قتادة - رضي الله عنه - عن النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: «سَاقِي القَومِ آخِرُهُمْ شُرْبًا». رواه الترمذي، (1) وقال: «حديث حسن صحيح».   (1) أخرجه: مسلم 2/ 140 (681) (311) مطولًا، وابن ماجه (3434)، والترمذي (1894)، والنسائي في «الكبرى» (6867). الحديث: 772 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 244 116 - باب جواز الشرب من جميع الأواني الطاهرة غير الذهب والفضة وجواز الكرع - وَهُوَ الشرب بالفم من النهر وغيره بغير إناء ولا يد - وتحريم استعمال إناء الذهب والفضة في الشرب والأكل والطهارة وسائر وجوه الاستعمال 773 - وعن أنس - رضي الله عنه - قَالَ: حَضَرَتِ الصَّلاَةُ فقامَ مَن كَانَ قَريبَ الدَّارِ إِلَى أهْلِهِ، وبَقِيَ قَوْمٌ، فأُتِيَ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بِمَخْضَبٍ مِنْ حِجَارَةٍ، فَصَغُرَ المخْضَبُ أَنْ يَبْسُطَ فِيهِ كَفَّهُ، فَتَوَضَّأَ القَوْمُ كُلُّهُمْ. قالوا: كَمْ كُنْتُمْ؟ قَالَ: ثَمَانِينَ وزيادة. متفق عَلَيْهِ، (1) هذه رواية البخاري. وفي رواية لَهُ ولمسلم: أنَّ النَّبيَّ - صلى الله عليه وسلم - دَعَا بإناءٍ مِنْ ماءٍ، فَأُتِيَ بقَدَحٍ رَحْرَاحٍ (2) فِيهِ شَيْءٌ مِنْ ماءٍ، فَوَضَعَ أصابعَهُ فِيهِ. قَالَ أنسٌ: فَجَعلْتُ أنْظُرُ إِلَى الماءِ يَنْبُعُ مِنْ بَيْن أصَابِعِهِ، فَحَزَرْتُ مَنْ تَوضَّأ مَا بَيْنَ السَّبْعِينَ إِلَى الثَّمَانينَ.   (1) أخرجه: البخاري 1/ 60 (195) و61 (200)، ومسلم 7/ 59 (2279) (4). (2) الرحراح: القريب القعر مع سَعَة فيه. النهاية 2/ 208. الحديث: 773 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 244 774 - وعن عبد الله بن زيد - رضي الله عنه - قَالَ: أتَانَا النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - فَأَخْرَجْنَا لَهُ مَاءً في تَوْرٍ مِنْ صُفْر فَتَوَضَّأَ. رواه البخاري. (1) «الصُّفْر»: بضم الصاد، ويجوز كسرها، وَهُوَ النُّحاس، و «التَّوْر»: كالقدح، وَهُوَ بالتاء المثناة من فوق.   (1) أخرجه: البخاري 1/ 60 (197). الحديث: 774 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 244 775 - وعن جابر - رضي الله عنه: أنَّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - دَخَلَ عَلَى رَجُلٍ مِن الأَنْصَارِ، وَمَعَهُ صَاحِبٌ لَهُ، فَقَالَ رسول الله - صلى الله عليه وسلم: «إنْ كَانَ عِنْدَكَ مَاءٌ بَاتَ هذِهِ اللَّيْلَةَ في شَنَّةٍ وَإلاَّ كَرَعْنَا (1)». رواه البخاري. (2) «الشنّ»: القِربة.   (1) أي: تناول الماء بفيه من غير أن يشرب بكفه ولا بإناء. النهاية 4/ 164. (2) أخرجه: البخاري 7/ 142 (5613). الحديث: 775 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 245 776 - وعن حذيفة - رضي الله عنه - قَالَ: إنَّ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - نَهَانَا عَن الحَرِير، وَالدِّيباجِ، والشُّربِ في آنِيَة الذَّهَب والفِضَّةِ، وقال: «هي لَهُمْ في الدُّنْيَا، وهِيَ لَكُمْ في الآخِرَةِ». متفقٌ عَلَيْهِ. (1)   (1) أخرجه: البخاري 7/ 193 (5832)، ومسلم 6/ 136 (2067) (4). الحديث: 776 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 245 777 - وعن أُمِّ سلمة رضي الله عنها: أنَّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: «الَّذِي يَشْرَبُ في آنِيَةِ الفِضَّةِ، إنَّمَا يُجَرْجِرُ في بَطْنِهِ نَارَ جَهَنَّمَ». متفقٌ عَلَيْهِ. (1) وفي رواية لمسلم: «إنَّ الَّذِي يَأكُلُ أَوْ يَشْرَبُ في آنِيَةِ الفِضَّةِ وَالذَّهَبِ». وفي رواية لَهُ: «مَنْ شَرِبَ في إناءٍ مِنْ ذَهَبٍ أَوْ فِضَّةٍ، فَإنَّمَا يُجَرْجِرُ في بَطْنِهِ نَارًا مِنْ جَهَنَّم».   (1) أخرجه: البخاري 7/ 146 (5634)، ومسلم 6/ 134 (2065) (1) و (2). الحديث: 777 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 245 (3) - كتَاب اللّبَاس 117 - باب استحباب الثوب الأبيض، وجواز الأحمر والأخضر والأصفر والأسود، وجوازه من قطن وكتان وشعر وصوف وغيرها إِلاَّ الحرير قَالَ الله تَعَالَى: {يَا بَنِي آدَمَ قَدْ أنْزَلْنَا عَلَيْكُمْ لِبَاسًا يُوَاري سَوْآتِكُمْ وَرِيشًا وَلِبَاسُ التَّقْوَى ذَلِكَ خَيْرٌ} [الأعراف: 26]، وقال تَعَالَى: {وَجَعَلَ لَكُمْ سَرَابِيلَ تَقِيكُمُ الحَرَّ وَسَرَابِيلَ تَقِيكُمْ بَأسَكُمْ} [النحل: 81]. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 247 778 - وعن ابن عباس رضي الله عنهما: أنَّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: «الْبَسُوا مِنْ ثِيَابِكُمْ البَيَاضَ؛ فَإنَّهَا مِنْ خَيْرِ ثِيَابِكُمْ، وَكَفِّنُوا فِيهَا مَوْتَاكُمْ». رواه أَبُو داود والترمذي، (1) وقال: «حديث حسن صحيح».   (1) أخرجه: أبو داود (3878)، والترمذي (994). الحديث: 778 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 247 779 - وعن سَمُرَة - رضي الله عنه - قَالَ: قَالَ رسول الله - صلى الله عليه وسلم: «الْبَسُوا البَيَاضَ؛ فَإنَّهَا أَطْهَرُ وَأَطْيَبُ، وَكَفِّنُوا فِيهَا مَوْتَاكُمْ». رواه النسائي والحاكم، (1) وقال: «حديث صحيح».   (1) أخرجه: الترمذي (2810)، والنسائي في «الكبرى» (9642)، والحاكم1/ 354 - 355. الحديث: 779 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 247 780 - وعن البراءِ - رضي الله عنه - قَالَ: كَانَ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مَرْبُوعًا (1)، وَلَقَدْ رَأيْتُهُ في حُلَّةٍ حَمْرَاءَ مَا رَأيْتُ شَيْئًا قَطُّ أَحْسَنَ مِنْهُ. متفقٌ عَلَيْهِ. (2)   (1) مربوع: بين الطويل والقصير. النهاية 2/ 190. (2) أخرجه: البخاري 7/ 197 (5848)، ومسلم 7/ 83 (2337) (91). الحديث: 780 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 247 781 - وعن أَبي جُحَيفَةَ وَهْب بن عبد الله - رضي الله عنه - قَالَ: رَأيتُ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - بِمكّةَ وَهُوَ بالأبْطَحِ في قُبَّةٍ لَهُ حَمْرَاءَ مِنْ أَدمِ، فَخَرَجَ بِلاَلٌ بِوَضُوئِهِ، فَمِنْ نَاضِحٍ وَنَائِلٍ، فَخَرَجَ النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - وعليه حُلَّةٌ حَمْرَاءُ، كَأنِّي أنْظُرُ إِلَى بَيَاضِ سَاقَيْهِ، فَتَوَضّأ وَأذَّنَ بِلاَلٌ، فَجَعَلْتُ أتَتَبَّعُ فَاهُ هاهُنَا وَهَاهُنَا، يقولُ يَمِينًا وَشِمَالًا: حَيَّ عَلَى الصَّلاَةِ، حَيَّ عَلَى الفَلاَحِ، ثُمَّ رُكِزَتْ لَهُ عَنَزَةٌ، فَتَقَدَّمَ فَصَلَّى يَمُرُّ بَيْنَ يَدَيْهِ الْكَلْبُ وَالْحِمَارُ لاَ يُمْنَعُ. متفقٌ عَلَيْهِ. (1) «العنَزة» بفتح النون: نحو العُكازَة.   (1) أخرجه: البخاري 1/ 163 (633)، ومسلم 2/ 56 (503) (249) لفظ البخاري مختصر. الحديث: 781 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 248 782 - وعن أَبي رمْثَة رفَاعَةَ التَّيْمِيِّ - رضي الله عنه - قَالَ: رأيتُ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - وعليه ثوبانِ أخْضَرَان. رواه أَبُو داود والترمذي بإسناد صحيح. (1)   (1) أخرجه: أبو داود (4065)، والترمذي (2812) وقال: «حديث حسن غريب». الحديث: 782 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 248 783 - وعن جابر - رضي الله عنه: أنَّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - دَخَلَ يَوْمَ فَتْحِ مَكَّةَ وَعَلَيْهِ عِمَامَةٌ سَوْدَاء. رواه مسلم. (1)   (1) أخرجه: مسلم 4/ 112 (1358) (451). الحديث: 783 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 248 784 - وعن أَبي سعيد عمرو بن حُرَيْثٍ - رضي الله عنه - قَالَ: كأنّي أنْظُرُ إِلَى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وعليه عِمَامَةٌ سَوْدَاءُ، قَدْ أرْخَى طَرَفَيْهَا بَيْنَ كَتِفَيْهِ. رواه مسلم. (1) وفي روايةٍ لَهُ: أنَّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - خَطَبَ النَّاسَ، وَعَلَيْهِ عِمَامَةٌ سَوْدَاءُ.   (1) أخرجه: مسلم 4/ 112 (1359) (452) و (453). الحديث: 784 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 248 785 - وعن عائشة رضي الله عنها، قالت: كُفِّنَ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في ثلاثةِ أثْوَاب بيضٍ سَحُولِيَّةٍ مِنْ كُرْسُفٍ، لَيْسَ فِيهَا قَمِيصٌ وَلاَ عِمَامَةٌ. متفقٌ عَلَيْهِ. (1) «السَّحُولِيَّة» بفتح السين وضمها وضم الحاء المهملتين: ثيابٌ تُنْسَبُ إِلَى سَحُول: قَرْيَة باليَمنِ «وَالكُرْسُف»: القُطْنُ.   (1) أخرجه: البخاري 2/ 95 (1264)، ومسلم 3/ 49 (941) (45). الحديث: 785 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 248 786 - وعنها، قالت: خرج رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ذات غَدَاةٍ، وَعَلَيْهِ مِرْطٌ مرَحَّلٌ مِنْ شَعرٍ أسْوَد. رواه مسلم. (1) [ص: 249] «المِرْط» بكسر الميم: وَهُوَ كساءٌ وَ «المُرَحَّلُ» بالحاء المهملة: هُوَ الَّذِي فِيهِ صورةُ رحال الإبل، وهِيَ الأَكْوَارُ.   (1) أخرجه: مسلم 6/ 145 (2081) (36) و7/ 130 (2424) (61). الحديث: 786 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 248 787 - وعن المغيرة بن شُعْبَةَ - رضي الله عنه - قَالَ: كُنْتُ مَعَ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ذاتَ لَيْلَةٍ في مسير، فَقَالَ لي: «أمَعَكَ مَاءٌ؟» قلتُ: نَعَمْ، فَنَزَلَ عَنْ رَاحِلَتِهِ فَمَشَى حَتَّى تَوَارَى في سَوَادِ اللَّيْلِ، ثُمَّ جَاءَ فَأفْرَغْتُ عَلَيْهِ مِنَ الإدَاوَةِ، فَغَسَلَ وَجْهَهُ وَعَلَيْهِ جُبَّةٌ مِنْ صُوفٍ، فَلَمْ يَسْتَطِعْ أَنْ يُخْرِجَ ذِرَاعَيْهِ مِنْهَا حَتَّى أخْرَجَهُمَا مِنْ أسْفَلِ الْجُبَّةِ، فَغَسَلَ ذِرَاعَيْهِ وَمَسَحَ بِرَأسِهِ، ثُمَّ أهْوَيْتُ لأَنْزَعَ خُفَّيْهِ، فَقَالَ: «دَعْهُمَا فَإنِّي أَدْخَلْتُهُمَا طَاهِرَتَيْنِ» وَمَسحَ عَلَيْهِمَا. متفقٌ عَلَيْهِ. (1) وفي رواية: وَعَلَيْهِ جُبَّةٌ شَامِيَّةٌ ضَيِّقَةُ الكُمَّيْنِ. وفي رواية: أنَّ هذِهِ القَضِيَّةَ كَانَتْ في غَزْوَةِ تَبُوكَ.   (1) أخرجه: البخاري 7/ 186 (5799)، ومسلم 1/ 158 (274) (79). الحديث: 787 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 249 118 - باب استحباب القميص 788 - عن أُمِّ سَلَمَة رضي الله عنها، قالت: كَانَ أحَبُّ الثِّيَابِ إِلَى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الْقَمِيص. رواه أَبُو داود والترمذي (1)، وقال: «حديث حسن».   (1) أخرجه: أبو داود (4025)، والترمذي (1762). الحديث: 788 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 249 119 - باب صفة طول القميص والكُم (1) والإزار وطرف العمامة وتحريم إسبال شيء من ذلك على سبيل الخيلاء وكراهته من غير خيلاء 789 - عن أسماءَ بنتِ يزيد الأنصاريَّةِ رَضِيَ الله عنها، قالت: كَانَ كُمُّ قَمِيص رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إِلَى الرُّسْغِ. رواه أَبُو داود والترمذي، (2) وقال: «حديث حسن».   (1) الكمّ: رُدن القميص. النهاية 4/ 200. (2) انظر الحديث (518). الحديث: 789 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 249 790 - وعن ابن عمر رضي الله عنهما: أنَّ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: «مَنْ جَرَّ ثَوْبَهُ خُيَلاءَ لَمْ يَنْظُرِ اللهُ إِلَيْهِ يَوْمَ القِيَامَةِ» فَقَالَ أَبُو بكر: يَا رسول الله، إنَّ إزاري يَسْتَرْخِي إِلاَّ أَنْ أَتَعَاهَدَهُ، فَقَالَ لَهُ رسول الله - صلى الله عليه وسلم: «إنَّكَ لَسْتَ مِمَّنْ يَفْعَلُهُ خُيَلاءَ». رواه البخاري وروى مسلم بعضه. (1)   (1) أخرجه: البخاري 5/ 7 (3665)، ومسلم 6/ 147 (2085) (44). الحديث: 790 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 249 791 - وعن أَبي هريرة - رضي الله عنه: أنَّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: «لا يَنْظُرُ اللهُ يَوْمَ القِيَامَةِ إِلَى مَنْ جَرَّ إزارَه بَطَرًا». متفقٌ عَلَيْهِ. (1)   (1) انظر الحديث (615). الحديث: 791 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 250 792 - وعنه، عن النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: «مَا أَسْفَل مِنَ الكَعْبَيْنِ مِنَ الإزْارِ فَفِي النار». رواه البخاري. (1)   (1) أخرجه: البخاري 7/ 183 (5787). الحديث: 792 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 250 793 - وعن أَبي ذر - رضي الله عنه - عن النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: «ثلاثةٌ لاَ يُكَلِّمُهُمُ اللهُ يَوْمَ القِيَامَةِ، وَلاَ يَنْظُرُ إلَيْهِمْ، وَلاَ يُزَكِّيهِمْ، وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ» قَالَ: فقَرأها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ثلاثَ مِرار، قَالَ أَبُو ذرٍّ: خَابُوا وَخَسِرُوا! مَنْ هُمْ يَا رسول الله؟ قَالَ: «المُسْبِلُ (1)، وَالمنَّانُ (2)، وَالمُنْفِقُ سِلْعَتَهُ بِالحَلِفِ الكاذِبِ». رواه مسلم. (3) وفي رواية لَهُ: «المُسْبِلُ إزَارَهُ».   (1) الذي يطوّل ثوبه ويرسله إلى الأرض إذا مشى، وإنما يفعل ذلك كبرًا واختيالًا. النهاية 2/ 339. (2) المنان: الذي لا يعطي شيئًا إلا مَنّه، وهو مذموم. النهاية 4/ 366. (3) أخرجه: مسلم 1/ 71 (106) (171). الحديث: 793 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 250 794 - وعن ابن عمر رضي الله عنهما، عن النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: «الإسْبَالُ في الإزار، وَالقَمِيصِ، وَالعِمَامةِ، مَنْ جَرَّ شَيْئًا خُيَلاءَ لَمْ ينْظُرِ الله إِلَيْهِ يَوْمَ القِيَامَةِ». رواه أَبُو داود والنسائي بإسناد صحيح. (1)   (1) أخرجه: أبو داود (4094)، وابن ماجه (3576)، والنسائي 8/ 208 وفي «الكبرى»، له (9720). الحديث: 794 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 250 795 - وعن أَبي جُرَيٍّ جابر بن سُلَيْم - رضي الله عنه - قَالَ: رَأَيْتُ رَجُلًا يَصْدُرُ النَّاسُ عَنْ رَأْيهِ، لا يَقُولُ شَيْئًا إِلاَّ صَدَرُوا عَنْهُ، قُلْتُ: مَنْ هَذَا؟ قالوا: رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم. قُلْتُ: عَلَيْكَ السَّلامُ يَا رسول الله - مرّتين - قَالَ: «لاَ تَقُلْ: عَلَيْكَ السَّلامُ، عَلَيْكَ السَّلامُ تَحِيَّةُ المَوْتَى، قُلْ: السَّلامُ عَلَيْكَ» قَالَ: قُلْتُ: أنْتَ رسول اللهِ؟ قَالَ: «أنَا رسول الله الَّذِي إِذَا أصَابَكَ ضُرٌّ فَدَعَوْتَهُ كَشَفَهُ عَنْكَ، وَإِذَا أصَابَكَ عَامُ سَنَةٍ (1) فَدَعَوْتَهُ أَنْبَتَهَا لَكَ، وَإِذَا [ص: 251] كُنْتَ بِأَرْضٍ قَفْرٍ أَوْ فَلاَةٍ فَضَلَّتْ رَاحِلَتُكَ، فَدَعَوْتَهُ رَدَّهَا عَلَيْكَ» قَالَ: قُلْتُ: اعْهَدْ إِلَيَّ. قَالَ: «لاَ تَسُبَّنَ أحَدًا» قَالَ: فَمَا سَبَبْتُ بَعْدَهُ حُرًّا، وَلاَ عَبْدًا، وَلاَ بَعِيرًا، وَلاَ شَاةً، «ولاَ تَحْقِرَنَّ مِنَ المَعْرُوفِ شَيْئًا، وأَنْ تُكَلِّمَ أخَاكَ وَأَنْتَ مُنْبَسِطٌ إِلَيْهِ وَجْهُكَ، إنَّ ذَلِكَ مِنَ المَعْرُوفِ، وَارْفَعْ إزَارَكَ إِلَى نِصْفِ السَّاقِ، فَإنْ أبَيْتَ فَإلَى الكَعْبَينِ، وَإيَّاكَ وَإسْبَالَ الإزَار، فَإنَّهَا مِنَ المَخِيلَةِ. وَإنَّ اللهَ لاَ يُحِبُّ المَخِيلَةَ؛ وَإن امْرُؤٌ شَتَمَكَ وعَيَّرَكَ بِمَا يَعْلَمُ فِيكَ فَلاَ تُعَيِّرْهُ بِمَا تَعْلَمُ فِيهِ، فَإنَّمَا وَبَالُ ذَلِكَ عَلَيْهِ». رواه أَبُو داود والترمذي بإسناد صحيح، (2) وقال الترمذي: «حديث حسن صحيح».   (1) عام سنة: عام جدب. النهاية 2/ 414. (2) أخرجه: أبو داود (4087)، والترمذي (2722). الحديث: 795 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 250 796 - وعن أَبي هريرة - رضي الله عنه - قَالَ: بينما رَجُلٌ يُصَلَّي مسبلٌ إزَارَهُ، قَالَ لَهُ رسول الله - صلى الله عليه وسلم: «اذْهَبْ فَتَوَضَّأ» فَذَهَبَ فَتَوَضّأَ، ثُمَّ جَاءَ، فَقَالَ: «اذْهَبْ فَتَوَضّأ» فَقَالَ لَهُ رجُلٌ: يَا رسولَ اللهِ، مَا لَكَ أمَرْتَهُ أَنْ يَتَوَضّأَ ثُمَّ سَكَتَّ عَنْهُ؟ قَالَ: «إنّهُ كَانَ يُصَلِّي وَهُوَ مُسْبِلٌ إزَارَهُ، وَإنَّ اللهَ لاَ يَقْبَلُ صَلاَةَ رَجُلٍ مُسْبلٍ». رواه أَبُو داود بإسناد صحيح عَلَى شرط مسلم. (1)   (1) أخرجه: أبو داود (638) على أنَّ إسناده ضعيف لا كما قال النووي. الحديث: 796 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 251 797 - وعن قيس بن بشر التَّغْلِبيِّ، قَالَ: أخْبَرَني أَبي - وكان جَلِيسًا لأَبِي الدرداء - قَالَ: كَانَ بِدمَشْق رَجُلٌ مِنْ أصْحَابِ النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم - يقال لَهُ سهل بن الْحَنْظَلِيَّةِ، وَكَانَ رَجُلًا مُتَوَحِّدًا قَلَّمَا يُجَالِسُ النَّاسَ، إنَّمَا هُوَ صَلاَةٌ، فإذا فَرَغَ فَإنَّمَا هُوَ تَسْبِيحٌ وَتَكْبيرٌ حَتَّى يَأتي أهْلَهُ، فَمَرَّ بنا وَنَحْنُ عِنْدَ أَبي الدَّرداء، فَقَالَ لَهُ أَبُو الدرداءِ: كَلِمَةً تَنْفَعُنَا وَلاَ تَضُرُّكَ. قَالَ: بَعَثَ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - سَرِيَّةً فَقَدِمَتْ، فَجَاءَ رَجُلٌ مِنْهُمْ فَجَلَسَ في المَجْلِسِ الَّذِي يَجْلِسُ فِيهِ رسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ لِرَجُلٍ إِلَى جَنْبِهِ: لَوْ رَأيْتَنَا حِيْنَ التَقَيْنَا نَحْنُ وَالعَدُوُّ، فَحَمَلَ فُلانٌ وَطَعَنَ، فَقَالَ: خُذْهَا مِنِّي، وَأنَا الغُلاَمُ الغِفَاريُّ، كَيْفَ تَرَى في قَوْلِهِ؟ قَالَ: مَا أرَاهُ إِلاَّ قَدْ بَطَلَ أجْرُهُ. فَسَمِعَ بِذلِكَ آخَرُ، فَقَالَ: مَا أرَى بِذلِكَ بَأسًا، فَتَنَازَعَا حَتَّى سَمِعَ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ: «سُبْحَانَ الله؟ لاَ بَأسَ أَنْ يُؤجَرَ وَيُحْمَدَ» فَرَأَيْتُ أَبَا الدَّرْدَاء سُرَّ بِذلِكَ، وَجَعَلَ يَرْفَعُ رَأسَهُ إِلَيْهِ، وَيَقُولُ: أأنْتَ سَمِعْتَ ذَلِكَ مِنْ رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم؟ فيقول: نَعَمْ، فما زال يُعِيدُ عَلَيْهِ حَتَّى إنّي لأَقُولُ لَيَبْرُكَنَّ عَلَى رُكْبَتَيْهِ، قَالَ: فَمَرَّ بِنَا يَوْمًا آخَرَ، فَقَالَ لَهُ أَبُو الدَّرْداء: كَلِمَةً تَنْفَعُنَا وَلاَ تَضُرُّكَ، قَالَ: قَالَ لنا رسول الله [ص: 252] صلى الله عليه وسلم: «المُنْفِقُ عَلَى الخَيْلِ، كَالبَاسِطِ يَدَهُ بالصَّدَقَةِ لاَ يَقْبضُهَا»، ثُمَّ مَرَّ بِنَا يَومًا آخَرَ، فَقَالَ لَهُ أَبُو الدَّرْداء: كَلِمَةً تَنْفَعنَا وَلاَ تَضُرُّكَ، قَالَ: قَالَ رسول الله - صلى الله عليه وسلم: «نِعْمَ الرَّجُلُ خُرَيمٌ الأسَديُّ! لولا طُولُ جُمَّتِهِ وَإسْبَالُ إزَارِهِ!» فَبَلَغَ ذَلِكَ خُرَيْمًا فَعَجَّلَ، فَأَخَذَ شَفْرَةً فَقَطَعَ بِهَا جُمَّتَهُ إِلَى أُذُنَيْهِ، وَرَفَعَ إزارَهُ إِلَى أنْصَافِ سَاقَيْهِ. ثُمَّ مَرَّ بِنَا يَوْمًا آخَرَ فَقَالَ لَهُ أَبُو الدَّرْداء: كَلِمَةً تَنْفَعُنَا وَلاَ تَضُرُّكَ، قَالَ: سَمِعْتُ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: «إنَّكُمْ قَادِمُونَ عَلَى إخْوانِكُمْ، فَأصْلِحُوا رِحَالكُمْ، وَأصْلِحُوا لِبَاسَكُمْ حَتَّى تَكُونُوا كَأنَّكُمْ شَامَةٌ في النَّاسِ؛ فإِنَّ الله لاَ يُحِبُّ الفُحْشَ وَلاَ التَّفَحُّش». رواه أَبُو داود بإسنادٍ حسنٍ، (1) إِلاَّ قيس بن بشر فاختلفوا في توثِيقِهِ وَتَضْعِيفِهِ (2)، وَقَدْ روى لَهُ مسلم (3).   (1) أخرجه: أبو داود (4089)، وسنده ضعيف. (2) قال البخاري: قيس بن بشر عن أبيه لا يعرفان، وقال أبو حاتم: ما أرى بحديثه بأسًا، وذكره ابن حبان في الثقات. انظر: الجرح والتعديل 7/ 125، وميزان الاعتدال 3/ 392 (6906)، وتهذيب التهذيب 8/ 234. (3) لم يذكر أحد أن مسلمًا روى له. ورمز له ابن حجر (د) فقط. انظر التقريب (5562). الحديث: 797 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 251 798 - وعن أَبي سعيد الخدريِّ - رضي الله عنه - قَالَ: قَالَ رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم: «إزْرَةُ المُسْلِمِ إِلَى نِصْفِ السَّاقِ، وَلاَ حَرَجَ - أَوْ لاَ جُنَاحَ - فِيمَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ الكَعْبَيْنِ، فمَا كَانَ أسْفَلَ مِنَ الكَعْبَيْنِ فَهُوَ في النَّارِ، وَمَنْ جَرَّ إزَارَهُ بَطَرًا لَمْ يَنْظُرِ اللهُ إِلَيْهِ». رواه أَبُو داود بإسنادٍ صحيحٍ. (1)   (1) أخرجه: أبو داود (4093)، وابن ماجه (3573)، والنسائي في «الكبرى» (9714). الحديث: 798 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 252 799 - وعن ابن عمر رضي الله عنهما، قَالَ: مررتُ عَلَى رسولِ الله - صلى الله عليه وسلم - وفي إزَارِي استرخاءٌ، فَقَالَ: «يَا عَبدَ اللهِ، ارْفَعْ إزَارَكَ» فَرَفَعْتُهُ ثُمَّ قَالَ: «زِدْ» فَزِدْتُ، فَمَا زِلْتُ أتَحَرَّاهَا بَعْدُ. فَقَالَ بَعْضُ القَوْم: إِلَى أينَ؟ فَقَالَ: إِلَى أنْصَافِ السَّاقَيْنِ. رواه مسلم. (1)   (1) أخرجه: مسلم 6/ 148 (2086) (47). الحديث: 799 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 252 800 - وعنه، قَالَ: قَالَ رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم: «مَنْ جَرَّ ثَوْبَهُ خُيَلاءَ لَمْ يَنْظُرِ اللهُ إِلَيْهِ يَوْمَ القِيَامَةِ» فَقَالَتْ أُمُّ سَلَمَةَ: فَكَيْفَ تَصْنَعُ النِّسَاءُ بذُيُولِهِنَّ؟ قَالَ: «يُرْخِينَ شِبْرًا» قالت: إِذًا تَنْكَشِفُ أقْدَامُهُنَّ. قَالَ: «فَيرخِينَهُ ذِرَاعًا لاَ يَزِدْنَ». رواه أَبُو داود والترمذي، (1) وقال: «حديث حسن صحيح».   (1) أخرجه: أبو داود (4085) بشطره الأول، والترمذي (1731). الحديث: 800 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 252 120 - باب استحباب ترك الترفع في اللباس تواضعًا قَدْ سَبَقَ في بَابِ فَضْل الجُوعِ وَخشُونَةِ العَيْشِ جُمَلٌ تَتَعَلَّقُ بهذا الباب. 801 - وعن معاذ بن أنسٍ - رضي الله عنه: أنَّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: «مَنْ تَرَكَ اللِّبَاس تَوَاضُعًا للهِ، وَهُوَ يَقْدِرُ عَلَيْهِ، دَعَاهُ اللهُ يَومَ القِيَامَةِ عَلَى رُؤوسِ الخَلائِقِ حَتَّى يُخَيِّرَهُ مِنْ أيِّ حُلَلِ الإيمَانِ شَاءَ يَلْبَسُهَا». رواه الترمذي، (1) وقال: «حديث حسن».   (1) أخرجه: الترمذي (2481) قال: «ومعنى حلل الإيمان: يعني ما يُعطى أهل الإيمان من حلل الجنة». الحديث: 801 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 253 121 - باب استحباب التوسط في اللباس وَلاَ يقتصر عَلَى مَا يزري بِهِ لغير حاجة وَلاَ مقصود شرعي 802 - عن عمرو بن شعيب، عن أبيهِ، عن جَدِّهِ - رضي الله عنه - قَالَ: قَالَ رسول الله - صلى الله عليه وسلم: «إنَّ اللهَ يُحِبُّ أَنْ يُرَى أثَرُ نِعْمَتِهِ عَلَى عَبْدِهِ». رواه الترمذي، (1) وقال: «حديث حسن».   (1) أخرجه: الترمذي (2819). الحديث: 802 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 253 122 - باب تحريم لباس الحرير عَلَى الرجال، وتحريم جلوسهم عَلَيْهِ واستنادهم إِلَيْهِ وجواز لبسه للنساء 803 - عن عمر بن الخَطَّابِ - رضي الله عنه - قَالَ: قَالَ رسول الله - صلى الله عليه وسلم: «لاَ تَلْبَسُوا الحَرِيرَ؛ فَإنَّ مَنْ لَبِسَهُ في الدُّنْيَا لَمْ يَلْبَسْهُ في الآخِرَةِ». متفقٌ عَلَيْهِ. (1)   (1) أخرجه: البخاري 7/ 194 (5834)، ومسلم 6/ 139 (2069) (11). الحديث: 803 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 253 804 - وعنه، قَالَ: سَمِعْتُ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: «إنَّمَا يَلْبَسُ الحَرِيرَ مَنْ لاَ خَلاَقَ لَهُ». متفقٌ عَلَيْهِ. (1) وفي رواية للبخاري: «مَنْ لاَ خَلاَقَ لَهُ في الآخِرَةِ». قَوْله: «مَنْ لاَ خَلاقَ لَهُ» أيْ: لاَ نَصِيبَ لَهُ.   (1) أخرجه: البخاري 2/ 20 (948) و7/ 194 (5835)، ومسلم 6/ 139 (2069) (10). الحديث: 804 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 253 805 - وعن أنس - رضي الله عنه - قَالَ: قَالَ رسول الله - صلى الله عليه وسلم: «مَنْ لَبِسَ الحَرِيرَ في الدُّنْيَا لَمْ يَلْبَسْهُ في الآخِرَةِ». متفقٌ عَلَيْهِ. (1)   (1) أخرجه: البخاري 7/ 193 (5832)، ومسلم 6/ 142 (2073) (21). الحديث: 805 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 253 806 - وعن علي - رضي الله عنه - قَالَ: رأيتُ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - أخَذَ حَريرًا، فَجَعَلَهُ في يَمِينهِ، وَذَهَبًا فَجَعَلَهُ في شِمَالِهِ، ثُمَّ قَالَ: «إنَّ هذَيْنِ حَرَامٌ عَلَى ذُكُورِ أُمّتي». رواه أَبُو داود بإسنادٍ صحيحٍ. (1)   (1) أخرجه: أبو داود (4057)، وابن ماجه (3595)، والنسائي 8/ 160 وفي «الكبرى»، له (9445) و (9446) و (9447). الحديث: 806 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 254 807 - وعن أَبي موسى الأشْعَري - رضي الله عنه: أنَّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: «حُرِّمَ لِبَاسُ الحَرِير وَالذَّهَبِ عَلَى ذُكُورِ أُمَّتِي، وَأُحِلَّ لإِنَاثِهِمْ». رواه الترمذي، (1) وقال: «حديث حسن صحيح».   (1) أخرجه: الترمذي (1720)، والنسائي 8/ 161 و190 وفي «الكبرى»، له (9449) و (9450). الحديث: 807 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 254 808 - وعن حُذَيْفَةَ - رضي الله عنه - قَالَ: نَهَانَا النَّبيُّ - صلى الله عليه وسلم - أَنْ نَشْرَبَ في آنِيَةِ الذَّهَبِ وَالفِضَّةِ، وأنْ نَأْكُلَ فِيهَا، وعَنْ لُبْس الحَريرِ وَالدِّيبَاج، وأنْ نَجْلِسَ عَلَيْهِ. رواه البخاري. (1)   (1) أخرجه: البخاري 7/ 194 (5837). الحديث: 808 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 254 123 - باب جواز لبس الحرير لمن بِهِ حكة 809 - عن أنسٍ - رضي الله عنه - قَالَ: رَخَّصَ رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - لِلزُّبَيْرِ وعَبْدِ الرَّحْمان بن عَوْفٍ رضي الله عنهما في لُبْس الحَريرِ لِحَكَّةٍ كَانَتْ بِهِما. متفقٌ عَلَيْهِ. (1)   (1) أخرجه: البخاري 7/ 195 (5839)، ومسلم 6/ 143 (2076) (25). الحديث: 809 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 254 124 - باب النهي عن افتراش جلود النمور والركوب عَلَيْهَا 810 - عن معاوية - رضي الله عنه - قَالَ: قَالَ رسول الله - صلى الله عليه وسلم: «لاَ تَرْكَبُوا الخَزَّ (1) وَلاَ النِّمَارَ (2)» حديث حسن، رواه أَبُو داود وغيره بإسناد حسن. (3)   (1) الخز: ثياب تنسج من صوف وإبريسم، والنهي عنها لأجل التشبه بالعجم، وإن أُريد بالخز النوع الآخر وهو المعروف الآن فهو حرام لأن جميعه معمول من الإبريسم. النهاية 2/ 28. (2) النمار: جلود النمور. النهاية 5/ 117. (3) أخرجه: أحمد 4/ 93، وأبو داود (4129)، والبيهقي 1/ 22. الحديث: 810 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 254 811 - وعن أَبي المليح، عن أبيه - رضي الله عنه: أنَّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - نَهَى عَنْ جُلُودِ السِّبَاعِ. رواه أَبُو داود والترمذيُّ والنسائيُّ بأسانِيد صِحَاحٍ. (1) وفي رواية للترمذي: نَهَى عَنْ جُلُودِ السِّبَاعِ أَنْ تُفْتَرَشَ.   (1) أخرجه: أبو داود (4132)، والترمذي (1770 م 2 وم 3)، والنسائي 7/ 176 وفي «الكبرى»، له (4579). الحديث: 811 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 254 125 - باب مَا يقول إِذَا لبس ثوبًا جديدًا أَوْ نعلًا أَوْ نحوه 812 - عن أَبي سعيد الخدْريِّ - رضي الله عنه - قَالَ: كَانَ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إِذَا اسْتَجَدَّ ثَوبًا سَمَّاهُ باسْمِهِ - عِمَامَةً، أَوْ قَميصًا، أَوْ رِدَاءً - يقول ُ: «اللَّهُمَّ لَكَ الْحَمْدُ أَنْتَ كَسَوْتَنِيهِ، أَسْأَلكَ خَيْرَهُ وَخَيْرَ مَا صُنِعَ لَهُ، وَأَعُوذُ بِكَ مِنْ شَرِّهِ وَشَرِّ مَا صُنِعَ لَهُ». رواه أَبُو داود والترمذي، (1) وقال: «حديث حسن».   (1) أخرجه: أبو داود (4020)، والترمذي (1767). الحديث: 812 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 255 126 - باب استحباب الابتداء باليمين في اللباس هَذَا الباب قَدْ تقدم مقصوده وذكرنا الأحاديث الصحيحة فِيهِ (1).   (1) انظر الأحاديث (720 - 726). الجزء: 1 ¦ الصفحة: 255 (4) - كتَاب آداب النَوم والاضْطِجَاع وَالقعُود والمَجلِس وَالجليس وَالرّؤيَا 127 - باب مَا يقوله عِنْدَ النوم 813 - عن البَراءِ بن عازِبٍ رضي الله عنهما، قَالَ: كَانَ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إِذَا أوَى إِلَى فِرَاشِهِ نَامَ عَلَى شِقِّهِ الأَيْمَن، ثُمَّ قَالَ: «ا للَّهُمَّ أسْلَمْتُ نفسي إلَيْكَ، وَوَجَّهْتُ وَجْهِي إلَيْكَ، وَفَوَّضْتُ أَمْرِي إلَيْكَ، وَألْجَأتُ ظَهْرِي إلَيْك، رَغْبَةً وَرَهْبَةً إلَيْكَ، لاَ مَلْجَأ وَلاَ مَنْجا مِنْكَ إِلاَّ إلَيكَ، آمَنْتُ بكِتَابِكَ الَّذِي أنْزَلْتَ، وَنَبِيِّكَ الَّذِ ي أرْسَلْتَ». رواه البخاري (1) بهذا اللفظ في كتاب الأدب من صحيحه.   (1) أخرجه: البخاري 8/ 85 (6315). الحديث: 813 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 257 814 - وعنه، قَالَ: قَالَ لي رسول الله - صلى الله عليه وسلم: «إِذَا أتَيْتَ مَضْجَعَكَ فَتَوَضَّأ وُضُوءكَ لِلْصَّلاَةِ، ثُمَّ اضْطَجِعْ عَلَى شِقِّكَ الأَيْمَن، وَقُلْ ... » وذَكَرَ نَحْوَهُ، وفيه: «وَاجْعَلْهُنَّ آخِرَ مَا تَقُولُ». متفقٌ عَلَيْهِ. (1)   (1) أخرجه: البخاري 1/ 71 (247)، ومسلم 8/ 77 (2710) (56). الحديث: 814 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 257 815 - وعن عائشة رضي الله عنها، قالت: كَانَ النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - يُصَلِّي مِنَ اللَّيْلِ إحْدَى عَشرَةَ رَكْعَةً، فَإذا طَلَعَ الفَجْرُ صَلَّى رَكْعَتَيْنِ خَفِيفَتَيْنِ، ثُمَّ اضْطَجَعَ عَلَى شِقِّهِ الأَيْمَن حَتَّى يَجيءَ الْمُؤَذِّنُ فَيُؤْذِنَهُ. متفقٌ عَلَيْهِ. (1)   (1) أخرجه: البخاري 8/ 84 (6310)، ومسلم 2/ 165 (736) (121). الحديث: 815 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 257 816 - وعن حُذَيْفَةَ - رضي الله عنه - قَالَ: كَانَ النَّبيُّ - صلى الله عليه وسلم - إِذَا أخَذَ مَضْجَعَهُ مِنَ اللَّيْلِ وَضَعَ يَدَهُ تَحْتَ خَدِّهِ، ثُمَّ يَقُول ُ: «اللَّهُمَّ بِاسْمِكَ أمُوتُ وَأحْيَا» وَإِذَا اسْتَيْقَظ قَال َ: «الْحَمْدُ للهِ الَّذِي أحْيَانَا بَعْدَمَا أمَاتَنَا وَإِلَيْهِ النُشُورُ». رواه البخاري. (1)   (1) أخرجه: البخاري 8/ 85 (6314). الحديث: 816 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 257 817 - وعن يَعيشَ بن طِخْفَةَ الغِفَارِيِّ رضي الله عنهما، قَالَ: قَالَ أَبي: بينما أَنَا مُضْطَجِعٌ في الْمَسْجِدِ عَلَى بَطْنِي إِذَا رَجُلٌ يُحَرِّكُنِي برجلِهِ، فَقَالَ: «إنَّ هذِهِ ضجْعَةٌ يُبْغِضُهَا اللهُ»، قَالَ: فَنظَرْتُ، فَإذَا رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم. رواه أَبُو داود بإسنادٍ صحيح. (1)   (1) أخرجه: أبو داود (5040). الحديث: 817 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 258 818 - وعن أَبي هريرة - رضي الله عنه - عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: «مَنْ قَعَدَ مَقْعَدًا لَمْ يَذْكُرِ الله تَعَالَى فِيهِ، كَانَتْ عَلَيْهِ مِنَ اللهِ تَعَالَى تِرَةٌ، وَمَنِ اضْطَجَعَ مَضجَعًا لاَ يَذْكُرُ اللهَ تَعَالَى فِيهِ، كَانَتْ عَلَيْهِ مِنَ اللهِ تِرَةٌ». رواه أَبُو داود بإسنادٍ حسن. (1) «التِّرَةُ»: بكسر التاء المثناة من فوق، وَهِيَ: النقص، وقِيلَ: التَّبعَةُ.   (1) أخرجه: أبو داود (4856)، والنسائي في «الكبرى» (10237). الحديث: 818 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 258 128 - باب جواز الاستلقاء عَلَى القفا، ووضع إحدى الرِّجلين عَلَى الأخرى إِذَا لم يخف انكشاف العورة، وجواز القعود متربعًا ومحتبيًا 819 - عن عبدِ اللهِ بن زيد رضي الله عنهما: أنَّه رأى رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - مُسْتَلْقِيًا في الْمَسْجِدِ، وَاضِعًا إحْدَى رِجْلَيْهِ عَلَى الأُخْرَى. متفقٌ عَلَيْهِ. (1)   (1) أخرجه: البخاري 1/ 128 (475)، ومسلم 6/ 154 (2100) (75). الحديث: 819 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 258 820 - وعن جابر بن سَمُرَة - رضي الله عنه - قَالَ: كَانَ النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - إِذَا صَلَّى الفَجْرَ تَرَبَّعَ في مَجْلِسِهِ حَتَّى تَطْلُعَ الشَّمْسُ حَسْنَاءَ. حديث صحيح، رواه أَبُو داود وغيره بأسانيد صحيحة. (1)   (1) أخرجه: مسلم 2/ 132 (670) (287)، وأبو داود (4850). الحديث: 820 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 258 821 - وعن ابن عمر رضي الله عنهما، قَالَ: رأيتُ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بفناءِ الكَعْبَةِ مُحْتَبِيًا بِيَدَيْهِ هكَذا، وَوَصَفَ بِيَدَيْهِ الاحْتِبَاءَ، وَهُوَ القُرْفُصَاءُ (1). رواه البخاري. (2)   (1) القرفصاء: هي جلسة المحتبي بيديه. النهاية 4/ 47. (2) أخرجه: البخاري 8/ 76 (6272). الحديث: 821 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 258 822 - وعن قَيْلَةَ بنْتِ مَخْرَمَةَ رضي الله عنها، قالت: رأيتُ النَّبيَّ - صلى الله عليه وسلم - وَهُوَ قَاعِدٌ القُرْفُصَاءَ، فَلَمَّا رَأَيْتُ رسولَ الله المُتَخَشِّعَ في الجِلْسَةِ أُرْعِدْتُ مِنَ الفَرَقِ (1). رواه أَبُو داود والترمذي. (2)   (1) الفَرَق: الخوف والفزع. النهاية 3/ 438. (2) أخرجه: أبو داود (4847)، والترمذي (2814). الحديث: 822 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 258 823 - وعن الشَّريدِ بن سُوَيْدٍ - رضي الله عنه - قَالَ: مَرَّ بي رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - وَأَنَا جَالِسٌ هكَذَا، وَقَدْ وَضَعْتُ يَدِيَ اليُسْرَى خَلْفَ ظَهْرِي، وَاتَّكَأْتُ عَلَى أَليَةِ يَدي، فَقَالَ: «أَتَقْعُدُ قِعْدَةَ المَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ؟!». رواه أَبُو داود بإسنادٍ صحيح. (1)   (1) أخرجه: أبو داود (4848). الحديث: 823 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 259 129 - باب في آداب المجلس والجليس 824 - عن ابن عمر رضي الله عنهما، قَالَ: قَالَ رسول الله - صلى الله عليه وسلم: «لا يُقِيمَنَّ أحَدُكُمْ رَجُلًا مِنْ مَجْلِسِهِ ثُمَّ يَجْلِسُ فِيهِ، وَلكِنْ تَوَسَّعُوا وَتَفَسَّحُوا» وكَانَ ابْنُ عُمَرَ إِذَا قَامَ لَهُ رَجُلٌ مِنْ مَجْلِسِهِ لَمْ يَجْلِسْ فِيهِ. متفقٌ عَلَيْهِ. (1)   (1) أخرجه: البخاري 8/ 75 (6270)، ومسلم 7/ 9 (2177) (27). الحديث: 824 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 259 825 - وعن أَبي هريرة - رضي الله عنه: أنَّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: «إِذَا قَامَ أَحَدُكُمْ مِنْ مَجْلِسٍ، ثُمَّ رَجَعَ إِلَيْهِ، فَهُوَ أَحَقُّ بِهِ». رواه مسلم. (1)   (1) أخرجه: مسلم 7/ 10 (2179) (31). الحديث: 825 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 259 826 - وعن جابر بن سَمُرَة رضي الله عنهما، قَالَ: كُنَّا إِذَا أَتَيْنَا النَّبيَّ - صلى الله عليه وسلم - جلَسَ أحَدُنَا حَيْثُ يَنْتَهِي. رواه أَبُو داود والترمذي، (1) وقال: «حديث حسن».   (1) أخرجه: أبو داود (4825)، والترمذي (2725)، والنسائي في «الكبرى» (5899) وقال الترمذي: «حديث حسن غريب». الحديث: 826 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 259 827 - وعن أَبي عبد الله سَلْمَان الفارسي - رضي الله عنه - قَالَ: قَالَ رسول الله - صلى الله عليه وسلم: «لاَ يَغْتَسِلُ رَجُلٌ يَوْمَ الْجُمُعَةِ، وَيَتَطهَّرُ مَا اسْتَطَاعَ مِنْ طُهْرٍ، وَيَدَّهِنُ مِنْ دُهْنِهِ، أَوْ يَمَسُّ مِنْ طِيب بَيْتِهِ، ثُمَّ يَخْرُجُ فَلاَ يُفَرِّقُ بَيْنَ اثْنَينِ، ثُمَّ يُصَلِّي مَا كُتِبَ لَهُ، ثُمَّ يُنْصِتُ إِذَا تَكَلَّمَ الإمَامُ، إِلاَّ غُفِرَ لَهُ مَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ الجُمُعَةِ الأُخْرَى». رواه البخاري. (1)   (1) أخرجه: البخاري 2/ 4 (883). الحديث: 827 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 259 828 - وعن عمرو بن شُعَيْب، عن أبيهِ، عن جَدِّهِ - رضي الله عنه: أنَّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: «لاَ يَحِلُّ لِرَجُلٍ أَنْ يُفَرِّقَ بَيْنَ اثْنَيْنِ إِلاَّ بإذْنِهِمَا». رواه أَبُو داود والترمذي، (1) وقال: «حديث حسن». وفي رواية لأبي داود: «لاَ يُجْلسُ بَيْنَ رَجُلَيْنِ إِلاَّ بِإذْنِهِمَا».   (1) أخرجه: أبو داود (4844) و (4845)، والترمذي (2752). الحديث: 828 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 259 829 - وعن حذيفة بن اليمان - رضي الله عنه: أنَّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لَعَنَ مَنْ جَلَسَ وَسَطَ الحَلْقَةِ. رواه أَبُو داود بإسنادٍ حسن. (1) وروى الترمذي عن أبي مِجْلَزٍ: أنَّ رَجُلًا قَعَدَ وَسَطَ حَلْقَةٍ، فَقَالَ حُذَيْفَةُ: مَلْعُونٌ عَلَى لِسَانِ مُحَمَّدٍ - صلى الله عليه وسلم - أَوْ لَعَنَ اللهُ عَلَى لِسَانِ مُحَمَّدٍ - صلى الله عليه وسلم - مَنْ جَلَسَ وَسَطَ الحَلْقَةِ. قَالَ الترمذي: «حديث حسن صحيح».   (1) أخرجه: أبو داود (4826)، والترمذي (2753) وقال: «أبو مجلز اسمه: لاحق بن حميد». الحديث: 829 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 260 830 - وعن أَبي سعيدٍ الخدريِّ - رضي الله عنه - قَالَ: سَمِعْتُ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: «خَيْرُ المَجَالِسِ أوْسَعُهَا». رواه أَبُو داود بإسنادٍ صحيح عَلَى شرط البخاري. (1)   (1) أخرجه: أبو داود (4820). الحديث: 830 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 260 831 - وعن أَبي هريرة - رضي الله عنه - قَالَ: قَالَ رسول الله - صلى الله عليه وسلم: «مَنْ جَلَسَ في مَجْلِسٍ، فَكَثُرَ فِيهِ لَغَطُهُ فَقَالَ قَبْلَ أَنْ يَقُومَ مِنْ مَجْلِسِهِ ذَلِك َ: سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِكَ، أشْهَدُ أَنْ لاَّ إِلهَ إِلاَّ أَنْتَ، أَسْتَغْفِرُكَ وَأَتُوبُ إلَيْكَ، إِلاَّ غُفِرَ لَهُ مَا كَانَ في مَجْلِسِهِ ذَلِكَ». رواه الترمذي، (1) وقال: «حديث حسن صحيح».   (1) أخرجه: الترمذي (3433) وقال: «حديث حسن صحيح غريب». الحديث: 831 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 260 832 - وعن أَبي بَرْزَة - رضي الله عنه - قَالَ: كَانَ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقولُ بأَخَرَةٍ إِذَا أرَادَ أَنْ يَقُومَ مِنَ الْمَجْلِس ِ: «سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وبِحَمْدِكَ، أشْهَدُ أَنْ لا إلهَ إِلاَّ أنتَ أسْتَغْفِرُكَ وَأَتُوبُ إليكَ» فَقَالَ رَجُلٌ: يَا رسولَ الله، إنَّكَ لَتَقُولُ قَوْلًا مَا كُنْتَ تَقُولُهُ فِيمَا مَضَى؟ قَالَ: «ذَلِكَ كَفَّارَةٌ لِمَا يَكُونُ في المَجْلِسِ». رواه أَبُو داود، ورواه الحاكم أَبُو عبد الله في «المستدرك» من رواية عائشة رضي الله عنها وقال: «صحيح الإسناد» (1).   (1) أخرجه: أبو داود (4859) عن أبي برزة. وأخرجه: الحاكم 1/ 496 - 497 عن عائشة. الحديث: 832 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 260 833 - وعن ابن عمر رضي الله عنهما، قَالَ: قَلَّمَا كَانَ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يَقُومُ مِنْ مَجْلِسٍ حَتَّى يَدْعُوَ بِهؤلاء الدَّعَواتِ: «اللَّهُمَّ اقْسِمْ لَنَا مِنْ خَشْيَتِكَ مَا تَحُولُ بِهِ بَيْنَنَا وَبَيْنَ مَعَاصِيكَ، وَمِنْ طَاعَتِكَ مَا تُبَلِّغُنَا بِهِ جَنَّتَكَ، وَمِنَ الْيَقِينِ مَا تُهَوِّنُ عَلَيْنَا مَصَائِبَ الدُّنْيَا، اللَّهُمَّ مَتِّعْنَا [ص: 261] بأسْمَاعِنا، وَأَبْصَارِنَا، وقُوَّتِنَا مَا أحْيَيْتَنَا، وَاجْعَلْهُ الوارثَ مِنَّا، وَاجْعَلْ ثَأرَنَا عَلَى مَنْ ظَلَمَنَا، وَانْصُرْنَا عَلَى مَنْ عَادَانَا، وَلاَ تَجْعَلْ مُصيبَتَنَا فِي دِينِنَا، وَلاَ تَجْعَلِ الدُّنْيَا أَكْبَرَ هَمِّنَا، وَلاَ مَبْلَغَ عِلْمِنَا، وَلاَ تُسَلِّطْ عَلَيْنَا مَنْ لاَ يَرْحَمُنَا». رواه الترمذي، (1) وقال: «حديث حسن».   (1) أخرجه: الترمذي (3502) وقال: «حديث حسن غريب». الحديث: 833 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 260 834 - وعن أَبي هريرة - رضي الله عنه - قَالَ: قَالَ رسول الله - صلى الله عليه وسلم: «مَا مِنْ قَوْمٍ يَقُومُونَ مِنْ مَجْلِسٍ لاَ يَذْكُرُونَ الله تَعَالَى فِيهِ، إِلاَّ قَامُوا عَنْ مِثْل جِيفَةِ حِمَارٍ، وَكَانَ لَهُمْ حَسْرَةٌ». رواه أَبُو داود بإسنادٍ صحيح. (1)   (1) أخرجه: أبو داود (4855). الحديث: 834 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 261 835 - وعنه، عن النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: «مَا جَلَسَ قَوْمٌ مَجْلِسًا لَمْ يَذْكُرُوا الله تَعَالَى فِيهِ، وَلَمْ يُصَلُّوا عَلَى نَبِيِّهِمْ فِيهِ، إِلاَّ كَانَ عَلَيْهِمْ تِرَةٌ؛ فَإنْ شَاءَ عَذَّبَهُمْ، وَإنْ شَاءَ غَفَرَ لَهُمْ». رواه الترمذي، (1) وقال: «حديث حسن».   (1) أخرجه: الترمذي (3380). الحديث: 835 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 261 836 - وعنه، عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: «مَنْ قَعَدَ مَقْعَدًا لَمْ يَذْكُر الله تَعَالَى فِيهِ كَانَتْ عَلَيْهِ مِنَ اللهِ تِرَةٌ، وَمَنْ اضْطَجَعَ مَضْجَعًا لاَ يَذْكُرُ الله تَعَالَى فِيهِ كَانَتْ عَلَيْهِ مِنَ اللهِ تِرَةٌ». رواه أَبُو داود. (1) وَقَدْ سبق قريبًا، وشَرَحْنَا «التِّرَة» فِيهِ.   (1) انظر الحديث (818). الحديث: 836 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 261 130 - باب الرؤيا وَمَا يتعلق بها قَالَ الله تَعَالَى: {وَمِنْ آيَاتِهِ مَنَامُكُمْ بِاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ} [الروم: 23]. 837 - وعن أَبي هريرة - رضي الله عنه - قَالَ: سَمِعْتُ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: «لَمْ يَبْقَ مِنَ النُّبوَّةِ إِلاَّ المُبَشِّرَاتِ» قالوا: وَمَا المُبَشِّرَاتُ؟ قَالَ: «الرُّؤْيَا الصَّالِحَةُ». رواه البخاري (1).   (1) أخرجه: البخاري 9/ 40 (6990). الحديث: 837 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 261 838 - وعنه: أنَّ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: «إِذَا اقْتَرَبَ الزَّمَانُ لَمْ تَكَدْ رُؤيَا المُؤْمِنِ تَكْذِبُ، وَرُؤْيَا الْمُؤْمِنِ جُزْءٌ مِنْ سِتَّةٍ وَأَرْبَعِينَ جُزْءًا مِنَ النُّبُوَّةِ». متفقٌ عَلَيْهِ. (1) وفي رواية: «أصْدَقُكُمْ رُؤْيَا، أصْدَقُكُمْ حَدِيثًا».   (1) أخرجه: البخاري 9/ 47 (7017)، ومسلم 7/ 52 (2263) (6). الحديث: 838 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 261 839 - وعنه، قَالَ: قَالَ رسول الله - صلى الله عليه وسلم: «مَنْ رَآنِي في المَنَامِ فَسَيَرَانِي في اليَقَظَةِ - أَوْ كَأنَّما رَآنِي في اليَقَظَةِ - لاَ يَتَمَثَّلُ الشَّيْطَانُ بِي (1)». متفقٌ عَلَيْهِ. (2)   (1) قال المصنف في شرح صحيح مسلم 8/ 23 (2266): «معناه أنَّ رؤياه صحيحة ليست بأضغاث، ولا من تشبيهات الشيطان». (2) أخرجه: البخاري 9/ 42 (6993)، ومسلم 7/ 54 (2266) (11). الحديث: 839 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 262 840 - وعن أَبي سعيدٍ الخدرِيِّ - رضي الله عنه: أنَّه سَمِعَ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - يقول: «إِذَا رَأى أحَدُكُمْ رُؤيَا يُحِبُّهَا، فَإنَّمَا هِيَ مِنَ اللهِ تَعَالَى، فَلْيَحْمَدِ اللهَ عَلَيْهَا، وَلْيُحَدِّثْ بِهَا - وفي رواية: فَلاَ يُحَدِّثْ بِهَا إِلاَّ مَنْ يُحِبُّ - وَإِذَا رَأَى غَيْرَ ذَلِكَ مِمَّا يَكْرَهُ، فإنَّمَا هِيَ مِنَ الشَّيْطَانِ، فَلْيَسْتَعِذْ مِنْ شَرِّهَا، وَلاَ يَذْكُرْهَا لأَحَدٍ؛ فَإنَّهَا لا تَضُرُّهُ». متفقٌ عَلَيْهِ. (1)   (1) أخرجه: البخاري 9/ 39 (6985) ولم يروه مسلم عن أبي سعيد الخدري. الحديث: 840 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 262 841 - وعن أَبي قَتَادَة - رضي الله عنه - قَالَ: قَالَ النبيُّ - صلى الله عليه وسلم: «الرُّؤْيَا الصَّالِحَةُ - وفي رواية: الرُّؤْيَا الحَسَنَةُ - مِنَ اللهِ، وَالحُلُمُ مِنَ الشَّيْطَانِ، فَمَنْ رَأَى شَيْئًا يَكْرَهُهُ فَلْيَنْفُثْ عَن شِمَالِهِ ثَلاَثًا، وَلْيَتَعَوَّذْ مِنَ الشَّيْطَانِ؛ فإنَّهَا لا تَضُرُّهُ». متفقٌ عَلَيْهِ. (1) «النَّفْثُ»: نَفْخٌ لَطِيفٌ لا رِيقَ مَعَهُ.   (1) أخرجه: البخاري 4/ 192 (3292)، ومسلم 7/ 51 (2261) (2) و (3). الحديث: 841 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 262 842 - وعن جابر - رضي الله عنه - عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: «إِذَا رَأى أحَدُكُمْ الرُّؤْيَا يَكْرَهُهَا، فَلْيَبْصُقْ عَنْ يَسَارِهِ ثَلاثًا، وَلْيَسْتَعِذْ بِاللهِ مِنَ الشَّيْطَانِ ثَلاَثًا، وَلْيَتَحَوَّل عَنْ جَنْبِهِ الَّذِي كَانَ عَلَيْهِ». رواه مسلم. (1)   (1) أخرجه: مسلم 7/ 52 (2262) (5). الحديث: 842 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 262 843 - وعن أَبي الأسقع واثِلةَ بن الأسقعِ - رضي الله عنه - قَالَ: قَالَ رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم: «إنَّ مِنْ أَعْظَمِ الفِرَى أَنْ يَدَّعِيَ الرَّجُلُ إِلَى غَيرِ أبِيهِ، أَوْ يُرِي عَيْنَهُ مَا لَمْ تَرَ (1)، أَوْ يَقُولَ عَلَى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مَا لَمْ يَقُلْ». رواه البخاري. (2)   (1) قال ابن حجر: «أي يدّعي أنَّ عينيه رأتا في المنام شيئًا ما رأتاه». فتح الباري 6/ 662 عقيب (3511). (2) أخرجه: البخاري 4/ 219 (3509). الحديث: 843 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 262 (5) - كتَاب السَّلاَم 131 - باب فضل السلام والأمر بإفشائه قَالَ الله تَعَالَى: {يَا أيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لاَ تَدْخُلُوا بُيُوتًا غَيْرَ بُيُوتِكُمْ حَتَّى تَسْتَأْنِسُوا وَتُسَلِّمُوا عَلَى أهْلِهَا} [النور: 27]، وقال تَعَالَى: {فَإذَا دَخَلْتُمْ بُيُوتًا فَسَلِّمُوا عَلَى أنْفُسِكُمْ تَحِيَّةً مِنْ عِنْدِ اللهِ مُبَارَكَةً طَيِّبَةً} [النور: 61]، وقال تَعَالَى: {وَإِذَا حُيِّيتُمْ بِتَحِيَّةٍ فَحَيُّوا بِأَحْسَنَ مِنْهَا أَوْ رُدُّوهَا} [النساء: 86]، وقال تَعَالَى: {هَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ ضَيْفِ إبْرَاهِيمَ الْمُكرَمِينَ إِذْ دَخَلُوا عَلَيْهِ فَقَالُوا سَلاَمًا قَالَ سَلاَمٌ} [الذاريات: 24 - 25]. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 263 844 - وعن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما: أنَّ رجلًا سأل رسول الله - صلى الله عليه وسلم: أيُّ الإسْلاَمِ خَيْرٌ؟ قَالَ: «تُطْعِمُ الطَّعَامَ، وَتَقْرَأُ السَّلاَمَ عَلَى مَنْ عَرَفْتَ وَمَنْ لَمْ تَعْرِفْ». متفقٌ عَلَيْهِ. (1)   (1) أخرجه: البخاري 1/ 10 (12)، ومسلم 1/ 47 (39) (63). الحديث: 844 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 263 845 - وعن أَبي هريرة - رضي الله عنه - عن النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: «لَمَّا خَلَقَ اللهُ آدَمَ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: اذْهَبْ فَسَلِّمْ عَلَى أُولئِكَ - نَفَرٍ مِنَ المَلاَئِكَةِ جُلُوس - فَاسْتَمِعْ مَا يُحَيُّونَكَ؛ فَإنَّهَا تَحِيَّتُكَ وَتَحِيَّةُ ذُرِّيتِكَ. فَقَالَ: السَّلاَمُ عَلَيْكُمْ، فقالوا: السَّلاَمُ عَلَيْكَ وَرَحْمَةُ اللهِ، فَزَادُوهُ: وَرَحْمَةُ اللهِ». متفقٌ عَلَيْهِ. (1)   (1) أخرجه: البخاري 4/ 159 (3326)، ومسلم 8/ 149 (2841) (28). الحديث: 845 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 263 846 - وعن أَبي عُمَارة البراءِ بن عازِبٍ رضي الله عنهما، قَالَ: أمرنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بِسَبْعٍ: بِعِيَادَةِ المَرِيضِ، وَاتِّبَاعِ الجَنَائِزِ، وَتَشْمِيتِ العَاطِسِ، وَنَصْرِ الضَّعيفِ، وَعَوْنِ المَظْلُومِ، وَإفْشَاءِ السَّلاَمِ، وَإبْرَارِ المُقسِمِ. متفقٌ عَلَيْهِ، (1) هَذَا لفظ إحدى روايات البخاري.   (1) أخرجه: البخاري 8/ 64 (6235)، ومسلم 6/ 135 (2066) (3)، وانظر الحديث (239). الحديث: 846 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 263 847 - وعن أَبي هريرة - رضي الله عنه - قَالَ: قَالَ رسول الله - صلى الله عليه وسلم: «لاَ تَدْخُلُوا الجَنَّةَ حَتَّى تُؤمِنُوا، وَلاَ تُؤْمِنُوا حَتَّى تَحَابُّوا، أوَلاَ أدُلُّكُمْ عَلَى شَيْءٍ إِذَا فَعَلْتُمُوهُ تَحَابَبْتُمْ؟ أفْشُوا السَّلاَمَ بَيْنَكُمْ». رواه مسلم. (1)   (1) أخرجه: مسلم 1/ 53 (54) (93). الحديث: 847 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 264 848 - وعن أَبي يوسف عبد الله بن سلام - رضي الله عنه - قَالَ: سَمِعْتُ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: «يَا أيُّهَا النَّاسُ، أفْشُوا السَّلاَمَ، وَأطْعِمُوا الطَّعَامَ، وَصِلُوا الأرْحَامَ، وَصَلُّوا والنَّاسُ نِيَامٌ، تَدْخُلُوا الجَنَّةَ بِسَلاَم». رواه الترمذي، (1) وقال: «حديث حسن صحيح».   (1) أخرجه: ابن ماجه (1334)، والترمذي (2485) وقال: «حديث صحيح». الحديث: 848 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 264 849 - وعن الطُّفَيْل بن أُبَيِّ بن كعبٍ: أنَّه كَانَ يأتي عبد الله بن عمر، فيغدو مَعَهُ إِلَى السُّوقِ، قَالَ: فإذَا غَدَوْنَا إِلَى السُّوقِ، لَمْ يَمُرَّ عَبدُ الله عَلَى سَقَّاطٍ (1) وَلاَ صَاحِبِ بَيْعَةٍ، وَلاَ مِسْكِينٍ، وَلاَ أحَدٍ إِلاَّ سَلَّمَ عَلَيْهِ، قَالَ الطُّفَيْلُ: فَجِئْتُ عبد الله بنَ عُمَرَ يَوْمًا، فَاسْتَتْبَعَنِي إِلَى السُّوقِ، فَقُلْتُ لَهُ: مَا تَصْنَعُ بالسُّوقِ، وَأنْتَ لا تَقِفُ عَلَى البَيْعِ، وَلاَ تَسْأَلُ عَنِ السِّلَعِ، وَلاَ تَسُومُ بِهَا، وَلاَ تَجْلِسُ في مَجَالِسِ السُّوقِ؟ وَأقُولُ: اجْلِسْ بِنَا هاهُنَا نَتَحَدَّث، فَقَالَ: يَا أَبَا بَطْنٍ - وَكَانَ الطفَيْلُ ذَا بَطْنٍ - إنَّمَا نَغْدُو مِنْ أجْلِ السَّلاَمِ، فنُسَلِّمُ عَلَى مَنْ لَقيْنَاهُ. رواه مالك في المُوطَّأ بإسنادٍ صحيح. (2)   (1) السقّاط: هو الذي يبيع سَقط المتاع وهو رديئه وحقيره. النهاية 2/ 379. (2) أخرجه: مالك في «الموطأ» (2763) برواية الليثي. الحديث: 849 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 264 132 - باب كيفية السلام يُسْتَحَبُّ أَنْ يَقُولَ المُبْتَدِئُ بالسَّلاَمِ: السَّلاَمُ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَةُ اللهِ وَبَرَكَاتُهُ. فَيَأتِ بِضَميرِ الجَمْعِ، وَإنْ كَانَ المُسَلَّمُ عَلَيْهِ وَاحِدًا، وَيقُولُ المُجيبُ: وَعَلَيْكُمْ السَّلاَمُ وَرَحْمَةُ الله وَبَرَكَاتُهُ، فَيَأتِي بِوَاوِ العَطْفِ في قَوْله: وَعَلَيْكُمْ. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 264 850 - عن عِمْرَان بن الحصين رضي الله عنهما، قَالَ: جَاءَ رَجُلٌ إِلَى النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: السَّلاَمُ عَلَيْكُمْ، فَرَدَّ عَلَيْهِ ثُمَّ جَلَسَ، فَقَالَ النبيُّ - صلى الله عليه وسلم: «عَشْرٌ» ثُمَّ جَاءَ آخَرُ، فَقَالَ: السَّلاَمُ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَةُ اللهِ، فَرَدَّ عَلَيْهِ فَجَلَسَ، فَقَالَ: «عِشْرُونَ» ثُمَّ جَاءَ آخَرُ، فَقَالَ: السَّلاَمُ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَةُ الله وَبَركَاتُهُ، فَرَدَّ عَلَيْهِ فَجَلَسَ، فَقَالَ: «ثَلاثُونَ». رواه أَبُو داود والترمذي، وقال: «حديث حسن». (1)   (1) أخرجه: أبو داود (5195)، والترمذي (2689) وقال: «حديث حسن غريب». الحديث: 850 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 264 851 - وعن عائشةَ رضي الله عنها، قالت: قَالَ لي رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم: «هَذَا جِبريلُ يَقْرَأُ عَلَيْكِ السَّلاَمَ» قالت: قُلْتُ: وَعَلَيْهِ السَّلاَمُ وَرَحْمَةُ اللهِ وَبَرَكَاتُهُ. متفقٌ عَلَيْهِ. (1) وهكذا وقع في بعض رواياتِ الصحيحين: «وَبَرَكاتُهُ» وفي بعضها بحذفِها، وزِيادةُ الثقةِ مقبولة (2).   (1) أخرجه: البخاري 4/ 136 (3217)، ومسلم 7/ 138 (2447) (90). (2) هذا ليس على إطلاقه، وانظر بلا بد كتابي: أثر اختلاف الأسانيد والمتون في اختلاف الفقهاء: 363 - 402. الحديث: 851 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 265 852 - وعن أنسٍ - رضي الله عنه: أنَّ النَّبيَّ - صلى الله عليه وسلم - كَانَ إِذَا تكلم بِكَلِمَةٍ أعَادَهَا ثَلاثًا حَتَّى تُفهَمَ عَنْهُ، وَإِذَا أتَى عَلَى قَوْمٍ فَسَلَّمَ عَلَيْهِمْ سلم عَلَيْهِمْ ثَلاَثًا. رواه البخاري. (1) وهذا مَحْمُولٌ عَلَى مَا إِذَا كَانَ الجَمْعُ كَثِيرًا.   (1) انظر الحديث (695). الحديث: 852 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 265 853 - وعن المِقْدَادِ - رضي الله عنه - في حدِيثهِ الطويل، قَالَ: كُنَّا نَرْفَعُ للنَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم - نَصِيبَهُ مِنَ اللَّبَنِ، فَيَجِيءُ مِنَ اللَّيْلِ، فَيُسَلِّمُ تَسْلِيمًا لاَ يُوقِظُ نَائِمًا، وَيُسْمِعُ اليَقْظَانَ، فَجَاءَ النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم - فَسَلَّمَ كَمَا كَانَ يُسَلِّمُ. رواه مسلم. (1)   (1) أخرجه: مسلم 6/ 128 (2055) (174). الحديث: 853 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 265 854 - وعن أسماء بنتِ يزيد رضي الله عنها: أنَّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مَرَّ في المَسْجدِ يَوْمًا، وَعُصْبَةٌ مِنَ النِّسَاءِ قُعُودٌ، فَألْوَى بِيَدِهِ بالتسْلِيمِ. رواه الترمذي، (1) وقال: «حديث حسن». وهذا محمول عَلَى أنَّه - صلى الله عليه وسلم - جَمَعَ بَيْنَ اللَّفْظِ وَالإشَارَةِ، وَيُؤَيِّدُهُ أنَّ في رِوَايةِ أَبي داود: فَسَلَّمَ عَلَيْنَا.   (1) أخرجه: أبو داود (5204)، وابن ماجه (3701)، والترمذي (2697). الحديث: 854 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 265 855 - وعن أَبي أُمَامَة - رضي الله عنه - قَالَ: قَالَ رسول الله - صلى الله عليه وسلم: «إنَّ أوْلى النَّاسِ باللهِ مَنْ بَدَأَهُمْ بالسَّلاَمِ». رواه أَبُو داود بإسنادٍ جيدٍ، ورواه الترمذي (1) بنحوه وقال: «حديثٌ حسن». وَقَدْ ذُكر بعده (2).   (1) أخرجه: أبو داود (5197)، والترمذي (2694). (2) انظر الحديث (858). الحديث: 855 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 265 856 - وعن أَبي جُرَيٍّ الهُجَيْمِيِّ - رضي الله عنه - قَالَ: أتيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم فقلتُ: عَلَيْكَ السَّلامُ يَا رسول الله. قَالَ: «لاَ تَقُلْ عَلَيْكَ السَّلامُ؛ فإنَّ عَلَيْكَ السَّلاَمُ تَحِيَّةُ المَوتَى». رواه أَبُو داود والترمذي، (1) وقال: «حديث حسن صحيح»، وَقَدْ سبق بِطُولِهِ.   (1) انظر الحديث (795). الحديث: 856 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 266 133 - باب آداب السلام 857 - عن أَبي هريرة - رضي الله عنه: أنَّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: «يُسَلِّمُ الرَّاكِبُ عَلَى المَاشِي، وَالمَاشِي عَلَى القَاعِدِ، وَالقَليلُ عَلَى الكَثِيرِ». متفقٌ عَلَيْهِ. (1) وفي رواية للبخاري: «والصغيرُ عَلَى الكَبيرِ».   (1) أخرجه: البخاري 8/ 64 (6232)، ومسلم 7/ 2 (2160) (1). الحديث: 857 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 266 858 - وعن أَبي أُمَامَة صُدَيِّ بن عجلان الباهِلي - رضي الله عنه - قَالَ: قَالَ رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم: «إنَّ أَوْلى النَّاسِ بِاللهِ مَنْ بَدَأهُمْ بِالسَّلامِ». رواه أَبُو داود بإسنادٍ جيدٍ. (1) ورواه الترمذي عن أَبي أُمَامَةَ - رضي الله عنه - قِيلَ: يَا رسول الله، الرَّجُلانِ يَلْتَقِيَانِ أَيُّهُمَا يَبْدَأُ بِالسَّلاَمِ؟، قَالَ: «أَوْلاَهُمَا بِاللهِ تَعَالَى» قَالَ الترمذي: «هَذَا حديث حسن».   (1) انظر الحديث (855). الحديث: 858 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 266 134 - باب استحباب إعادة السلام عَلَى من تكرر لقاؤه عَلَى قرب بأن دخل ثم خرج ثُمَّ دخل في الحال، أَو حال بينهما شجرة ونحوهما 859 - عن أَبي هريرة - رضي الله عنه - في حديثِ المسِيءِ صلاته: أنّه جَاءَ فَصَلَّى، ثُمَّ جَاءَ إِلَى النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم - فَسَلَّمَ عَلَيْهِ، فَرَدَّ عَلَيْهِ السَّلاَمَ، فَقَالَ: «ارْجِعْ فَصَلِّ فَإنَّكَ لَمْ تُصَلِّ» فَرَجَعَ فَصَلَّى، ثُمَّ جَاءَ فَسَلَّمَ عَلَى النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم - حَتَّى فَعَلَ ذَلِكَ ثَلاثَ مَرَّاتٍ. متفقٌ عَلَيْهِ. (1)   (1) أخرجه: البخاري 1/ 192 (757)، ومسلم 2/ 10 (397) (45). الحديث: 859 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 266 860 - وعنه، عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: «إِذَا لَقِيَ أَحَدُكُمْ أخَاهُ فَلْيُسَلِّمْ عَلَيْهِ، فَإنْ حَالَتْ بَيْنَهُمَا شَجَرَةٌ، أَوْ جِدَارٌ، أَوْ حَجَرٌ، ثُمَّ لَقِيَهُ، فَلْيُسَلِّمْ عَلَيْهِ». رواه أَبُو داود. (1)   (1) أخرجه: أبو داود (5200). الحديث: 860 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 266 135 - باب استحباب السلام إِذَا دخل بيته قَالَ الله تَعَالَى: {فَإذَا دَخَلْتُمْ بُيُوتًا فَسَلِّمُوا عَلَى أَنْفُسِكُمْ تَحِيَّةً مِنْ عِنْدِ اللهِ مُبَارَكَةً طَيِّبَةً} [النور: 61]. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 267 861 - وعن أنسٍ - رضي الله عنه - قَالَ: قَالَ لي رسول الله - صلى الله عليه وسلم: «يَا بُنَيَّ، إِذَا دَخَلْتَ عَلَى أهْلِكَ، فَسَلِّمْ، يَكُنْ بَرَكَةً عَلَيْكَ، وعلى أهْلِ بَيْتِكَ». رواه الترمذي، (1) وقال: «حديث حسن صحيح».   (1) أخرجه: الترمذي (2698) وقال: «حديث حسن غريب». الحديث: 861 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 267 136 - باب السلام عَلَى الصبيان 862 - عن أنس - رضي الله عنه: أنَّهُ مَرَّ عَلَى صِبْيَانٍ، فَسَلَّمَ عَلَيْهِمْ، وقال: كَانَ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يَفْعَلُهُ. متفقٌ عَلَيْهِ. (1)   (1) انظر الحديث (603). الحديث: 862 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 267 137 - باب سلام الرجل على زوجته والمرأة من محارمه، وعلى أجنبية وأجنبيات لا يخاف الفتنة بهن وسلامهن بهذا الشرط 863 - عن سهل بن سعدٍ - رضي الله عنه - قال: كَانَتْ فِينَا امْرَأةٌ - وفي رواية: كَانَتْ لَنَا عَجُوزٌ - تَأخُذُ مِنْ أصُولِ السِّلْقِ فَتَطْرَحُهُ فِي القِدْرِ، وَتُكَرْكِرُ حَبَّاتٍ مِنْ شَعِيرٍ، فَإذَا صَلَّيْنَا الْجُمُعَةَ، وَانْصَرَفْنَا، نُسَلِّمُ عَلَيْهَا، فَتُقَدِّمُهُ إلَيْنَا. رواه البخاري. (1) قَوْله: «تُكَرْكِرُ» أيْ: تَطْحَنُ.   (1) أخرجه: البخاري 8/ 68 (6248). الحديث: 863 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 267 864 - وعن أُم هَانِىءٍ فاخِتَةَ بنتِ أَبي طالب رضي الله عنها، قالت: أتيت النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - يَوْمَ الفَتْحِ وَهُوَ يَغْتَسِلُ، وَفَاطِمَةُ تَسْتُرُهُ بِثَوْبٍ، فَسَلَّمْتُ ... وَذَكَرَتِ الحديث. رواه مسلم. (1)   (1) أخرجه: البخاري 1/ 100 (357)، ومسلم 2/ 158 (336) (82). الحديث: 864 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 267 865 - وعن أسماءَ بنتِ يزيدَ رضي الله عنها، قالت: مَرّ عَلَيْنَا النّبيُّ - صلى الله عليه وسلم - فِي نِسوَةٍ فَسَلَّمَ عَلَيْنَا. رواه أَبُو داود والترمذي، (1) وقال: «حديث حسن»، وهذا لفظ أَبي داود. ولفظ الترمذي: أنَّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مَرَّ في المَسْجِدِ يَوْمًا، وَعُصْبَةٌ مِنَ النِّسَاءِ قُعُودٌ، فَأَلْوَى بِيَدِهِ بالتَّسْلِيمِ.   (1) انظر الحديث (854). الحديث: 865 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 267 138 - باب تحريم ابتدائنا الكافر بالسلام وكيفية الرد عليهم واستحباب السلام عَلَى أهل مجلسٍ فيهم مسلمون وكفار 866 - وعن أَبي هريرة - رضي الله عنه: أنَّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: «لاَ تَبْدَأُوا اليَهُودَ وَلاَ النَّصَارَى بالسَّلامِ، فَإِذَا لَقِيتُمْ أَحَدَهُمْ في طَرِيق فَاضطَرُّوهُ إِلَى أَضْيَقِهِ (1)». رواه مسلم. (2)   (1) قال المصنف في شرح صحيح مسلم 7/ 327: «أي لا يترك للذمي صدر الطريق». (2) أخرجه: مسلم 7/ 5 (2167) (13). الحديث: 866 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 268 867 - وعن أنسٍ - رضي الله عنه - قَالَ: قَالَ رسول الله - صلى الله عليه وسلم: «إِذَا سَلَّمَ عَلَيْكُمْ أهْلُ الكِتَابِ فَقُولُوا: وَعَلَيْكُمْ». متفقٌ عَلَيْهِ. (1)   (1) أخرجه: البخاري 8/ 71 (6258)، ومسلم 7/ 3 (2163) (6). الحديث: 867 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 268 868 - وعن أُسَامَة - رضي الله عنه: أنَّ النَّبيَّ - صلى الله عليه وسلم - مَرَّ عَلَى مَجْلِسٍ فِيهِ أخْلاَطٌ مِنَ المُسْلِمِينَ وَالمُشْرِكينَ - عَبَدَة الأَوْثَانِ - واليَهُودِ فَسَلَّمَ عَلَيْهِم النبيُّ - صلى الله عليه وسلم. متفقٌ عَلَيْهِ. (1)   (1) أخرجه: البخاري 7/ 153 (5663)، ومسلم 5/ 182 (1798) (116). الحديث: 868 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 268 139 - باب استحباب السلام إِذَا قام من المجلس وفارق جلساءه أَوْ جليسه 869 - وعن أَبي هريرة - رضي الله عنه - قَالَ: قَالَ رسول الله - صلى الله عليه وسلم: «إِذَا انْتَهى أَحَدُكُمْ إِلَى المَجْلِسِ فَلْيُسَلِّمْ، فَإذَا أَرَادَ أَنْ يَقُومَ فَلْيُسَلِّمْ، فَلَيْسَتِ الأُولَى بِأحَقّ مِنَ الآخِرَةِ». رواه أَبُو داود والترمذي، (1) وقال: «حديث حسن».   (1) أخرجه: أبو داود (5208)، والترمذي (2706)، والنسائي في «الكبرى» (10201). الحديث: 869 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 268 140 - باب الاستئذان وآدابه قَالَ الله تَعَالَى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لاَ تَدْخُلُوا بُيُوتًا غَيْرَ بُيُوتِكُمْ حَتَّى تَسْتَأنِسُوا وَتُسَلِّمُوا عَلَى أَهْلِهَا} [النور: 27]، وقال تَعَالَى: {وَإِذَا بَلَغَ الأَطْفَالُ مِنْكُم الحُلُمَ فَلْيَسْتَأذِنُوا كَمَا اسْتَأْذَنَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ} [النور: 59]. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 268 870 - عن أَبي موسى الأشعري - رضي الله عنه - قَالَ: قَالَ رسول الله - صلى الله عليه وسلم: «الاسْتِئْذَانُ ثَلاثٌ، فَإنْ أُذِنَ لَكَ وَإِلاَّ فَارْجِعْ». متفقٌ عَلَيْهِ. (1)   (1) أخرجه: البخاري 8/ 67 (6245)، ومسلم 6/ 177 (2153) (34). الحديث: 870 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 268 871 - وعن سهلِ بنِ سعدٍ - رضي الله عنه - قَالَ: قَالَ رسول الله - صلى الله عليه وسلم: «إنَّمَا جُعِلَ الاسْتِئذَانُ مِنْ أَجْلِ البَصَرِ». متفقٌ عَلَيْهِ. (1)   (1) أخرجه: البخاري 8/ 66 (6241)، ومسلم 6/ 180 (2156) (40). الحديث: 871 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 269 872 - وعن رِبْعِيِّ بن حِرَاشٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا رَجُلٌ مِنْ بَنِي عَامِرٍ أنَّهُ اسْتَأذَنَ عَلَى النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم - وَهُوَ في بيتٍ، فَقَالَ: أألِج؟ فَقَالَ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لِخَادِمِهِ: «أُخْرُجْ إِلَى هَذَا فَعَلِّمهُ الاسْتِئذَانَ، فَقُلْ لَهُ: قُلِ: السَّلاَمُ عَلَيْكُمْ، أأدْخُل؟» فَسَمِعَهُ الرَّجُلُ، فَقَالَ: السَّلامُ عَلَيْكُمْ، أَأَدْخُل؟ فَأذِنَ لَهُ النَّبيُّ - صلى الله عليه وسلم - فدخلَ. رواه أَبُو داود بإسناد صحيح. (1)   (1) أخرجه: أبو داود (5177)، والنسائي في «الكبرى» (10148). الحديث: 872 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 269 873 - عن كِلْدَةَ بن الحَنْبل - رضي الله عنه - قَالَ: أتَيْتُ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - فَدَخَلْتُ عَلَيْهِ وَلَمْ أُسَلِّمْ، فَقَالَ النَّبيُّ - صلى الله عليه وسلم: «ارْجِعْ فَقُلْ: السَّلاَمُ عَلَيْكُمْ، أَأَدْخُل؟». رواه أَبُو داود والترمذي، (1) وقال: «حديث حسن».   (1) أخرجه: أبو داود (5176)، والترمذي (2710)، والنسائي في «الكبرى» (6735). الحديث: 873 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 269 141 - باب بيان أنَّ السنة إِذَا قيل للمستأذن: من أنت؟ أن يقول: فلان، فيسمي نفسه بما يعرف به من اسم أَوْ كنية وكراهة قوله: «أنا» ونحوها 874 - وعن أنس - رضي الله عنه - في حديثه المشهور في الإسراءِ، قَالَ: قَالَ رسول الله - صلى الله عليه وسلم: «ثُمَّ صَعَدَ بي جِبْريلُ إِلَى السَّمَاءِ الدُّنْيَا فَاسْتَفْتَحَ، فقِيلَ: مَنْ هذَا؟ قَالَ: جِبْريلُ، قِيلَ: وَمَنْ مَعَكَ؟ قَالَ: مُحَمَّدٌ، ثُمَّ صَعَدَ إِلَى السَّمَاءِ الثَّانِيَةِ فاسْتَفْتَحَ، قِيلَ: مَنْ هَذَا؟ قَالَ: جِبْريل، قِيلَ: وَمَنْ مَعَكَ؟ قَالَ: مُحَمَّدٌ وَالثَّالِثَةِ وَالرَّابِعَةِ وَسَائِرِهنَّ وَيُقَالُ فِي بَابِ كُلِّ سَمَاءٍ: مَنْ هَذَا؟ فَيَقُولُ: جِبْريلُ». متفقٌ عَلَيْهِ. (1)   (1) أخرجه: البخاري 4/ 133 (3207)، ومسلم 1/ 99 (162) (259). الحديث: 874 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 269 875 - وعن أَبي ذرٍّ - رضي الله عنه - قَالَ: خَرَجْتُ لَيْلَةً مِنَ اللَّيَالِي، فَإذَا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يَمْشِي وَحْدَهُ، فَجَعَلْتُ أمْشِي فِي ظلِّ القمَرِ، فَالْتَفَتَ فَرَآنِي، فَقَالَ: «مَنْ هَذَا؟» فقلتُ: أَبُو ذَرٍّ. متفقٌ عَلَيْهِ. (1)   (1) أخرجه: البخاري 8/ 116 (6443)، ومسلم 3/ 76 (994) (33). الحديث: 875 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 269 876 - وعن أُمِّ هانىءٍ رضي الله عنها، قالت: أتيتُ النَّبيَّ - صلى الله عليه وسلم - وَهُوَ يَغْتَسِلُ وَفَاطِمَةُ تَسْتُرُهُ، فَقَالَ: «مَنْ هذِهِ؟» فقلتُ: أنا أُمُّ هَانِىءٍ. متفقٌ عَلَيْهِ. (1)   (1) انظر الحديث (864). الحديث: 876 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 270 877 - وعن جابر - رضي الله عنه - قَالَ: أتَيْتُ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - فَدَقَقْتُ البَابَ، فَقَالَ: «مَنْ هَذَا؟» فَقُلتُ: أَنَا، فَقَالَ: «أنَا، أنَا!» كَأنَّهُ كَرِهَهَا (1). متفقٌ عَلَيْهِ. (2)   (1) قال العلماء: «إذا استأذن فقيل له: من أنت؟ أو من هذا؟ كره أن يقول: أنا؛ لهذا الحديث؛ ولأنه لم يحصل بقوله: «أنا» فائدة، ولا زيادة، بل الإبهام باقٍ، بل ينبغي أن يقول: فلان، باسمه، أو أنا فلان، أو أنا أبو فلان، أو القاضي فلان، أو الشيخ فلان، إذا لم يحصل التعريف بالاسم لخفائه .. ». شرح صحيح مسلم 7/ 316. (2) أخرجه: البخاري 8/ 68 (6250)، ومسلم 6/ 180 (2155) (38). الحديث: 877 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 270 142 - باب استحباب تشميت العاطس إِذَا حمد الله تَعَالَى وكراهة تشميته إذا لَمْ يحمد الله تَعَالَى وبيان آداب التشميت والعطاس والتثاؤب 878 - عن أَبي هريرة - رضي الله عنه: أنَّ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: «إنَّ الله يُحِبُّ العُطَاسَ، وَيَكْرَهُ التَّثَاؤُبَ، فَإذَا عَطَسَ أَحَدُكُمْ وَحَمِدَ الله تَعَالَى كَانَ حَقًّا عَلَى كُلِّ مُسْلِمٍ سَمِعَهُ أَنْ يَقُولَ لَهُ: يَرْحَمُكَ اللهُ، وَأَمَّا التَّثَاؤُبُ فَإنَّمَا هُوَ مِنَ الشَّيْطَانِ، فَإذَا تَثَاءبَ أحَدُكُمْ فَلْيَرُدَّهُ مَا اسْتَطَاعَ، فَإنَّ أحَدَكُمْ إِذَا تَثَاءبَ ضَحِكَ مِنْهُ الشَّيْطَانُ». رواه البخاري. (1)   (1) أخرجه: البخاري 8/ 61 (6226). الحديث: 878 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 270 879 - وعنه، عن النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: «إِذَا عَطَسَ أحَدُكُمْ فَلْيَقُلْ: الحَمْدُ للهِ، وَلْيَقُلْ لَهُ أخُوهُ أَوْ صَاحِبُهُ: يَرْحَمُكَ الله. فإذَا قَالَ لَهُ: يَرْحَمُكَ اللهُ، فَليَقُلْ: يَهْدِيكُمُ اللهُ وَيُصْلِحُ بَالَكُمْ». رواه البخاري. (1)   (1) أخرجه: البخاري 8/ 61 (6224). الحديث: 879 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 270 880 - وعن أَبي موسى - رضي الله عنه - قَالَ: سَمِعْتُ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقولُ: «إِذَا عَطَسَ أحَدُكُمْ فَحَمِدَ اللهَ فَشَمِّتُوهُ (1)، فَإنْ لَمْ يَحْمَدِ الله فَلاَ تُشَمِّتُوهُ». رواه مسلم. (2)   (1) التشميت: الدعاء بالخير والبركة. النهاية 2/ 499. (2) أخرجه: مسلم 8/ 225 (2992) (54). الحديث: 880 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 270 881 - وعن أنس - رضي الله عنه - قَالَ: عَطَسَ رَجُلانِ عِنْدَ النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - فَشَمَّتَ أَحَدَهُمَا وَلَمْ يُشَمِّتِ الآخَرَ، فَقَالَ الَّذِي لَمْ يُشَمِّتْهُ: عَطَسَ فُلانٌ فَشَمَّتَّهُ، وَعَطَسْتُ فَلَمْ تُشَمِّتْنِي؟ فَقَالَ: «هَذَا حَمِدَ الله، وَإنَّكَ لَمْ تَحْمَدِ الله». متفقٌ عَلَيْهِ. (1)   (1) أخرجه: البخاري 8/ 61 (6225)، ومسلم 8/ 225 (2991) (53). الحديث: 881 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 271 882 - وعن أَبي هريرة - رضي الله عنه - قَالَ: كَانَ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إِذَا عَطَسَ وَضَعَ يَدَهُ أَوْ ثَوْبَهُ عَلَى فِيهِ، وَخَفَضَ - أَوْ غَضَّ - بِهَا صَوْتَهُ. شك الراوي. رواه أَبُو داود والترمذي، (1) وقال: «حديث حسن صحيح».   (1) أخرجه: أبو داود (5029)، والترمذي (2745). الحديث: 882 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 271 883 - وعن أَبي موسى - رضي الله عنه - قَالَ: كَانَ اليَهُودُ يَتَعَاطَسُونَ عِنْدَ رسول اللهِ - صلى الله عليه وسلم - يَرْجُونَ أَنْ يَقُولَ لَهُمْ: يَرْحَمُكُم الله، فَيَقُولُ: «يَهْدِيكُم اللهُ وَيُصْلِحُ بَالَكُمْ». رواه أَبُو داود والترمذي، (1) وقال: «حديث حسن صحيح».   (1) أخرجه: أبو داود (5038)، والترمذي (2739)، والنسائي في «الكبرى» (10061). الحديث: 883 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 271 884 - وعن أَبي سعيد الخدري - رضي الله عنه - قَالَ: قَالَ رسول الله - صلى الله عليه وسلم: «إِذَا تَثَاءبَ أحَدُكُمْ فَلْيُمْسِكْ بِيَدِهِ عَلَى فِيهِ؛ فَإنَّ الشَّيْطَانَ يَدْخُلُ». رواه مسلم. (1)   (1) أخرجه: مسلم 8/ 226 (2995) (57). الحديث: 884 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 271 143 - باب استحباب المصافحة عِنْدَ اللقاء وبشاشة الوجه وتقبيل يد الرجل الصالح وتقبيل ولده شفقة ومعانقة القادم من سفر وكراهية الانحناء 885 - عن أَبي الخطاب قتادة، قَالَ: قُلْتُ لأَنَسٍ: أكَانَتِ المُصَافَحَةُ في أصْحَابِ رسولِ الله - صلى الله عليه وسلم؟ قَالَ: نَعَمْ. رواه البخاري. (1)   (1) أخرجه: البخاري 8/ 73 (6263). الحديث: 885 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 271 886 - وعن أنس - رضي الله عنه - قَالَ: لَمَّا جَاءَ أهْلُ اليَمَنِ، قَالَ رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم: «قَدْ جَاءكُمْ أهْلُ اليَمَنِ» وَهُمْ أوَّلُ مَنْ جَاءَ بِالمُصَافَحَةِ (1). رواه أَبُو داود بإسناد صحيح. (2)   (1) هذا قول أنس كما عند أحمد 3/ 251. (2) أخرجه: أبو داود (5213). الحديث: 886 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 271 887 - وعن البراءِ - رضي الله عنه - قَالَ: قَالَ رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم: «مَا مِنْ مُسْلِمَينِ يَلْتَقِيَانِ فَيَتَصَافَحَانِ إِلاَّ غُفِرَ لَهُمَا قَبْلَ أَنْ يَفْتَرِقَا». رواه أَبُو داود. (1)   (1) أخرجه: أبو داود (5212)، وابن ماجه (3703)، والترمذي (2727). الحديث: 887 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 272 888 - وعن أنس - رضي الله عنه - قَالَ: قَالَ رَجُلٌ: يَا رسولَ اللهِ، الرَّجُلُ مِنَّا يَلْقَى أخَاهُ، أَوْ صَدِيقَهُ، أينحَنِي لَهُ؟ قَالَ: «لاَ». قَالَ: أفَيَلْتَزِمُهُ وَيُقَبِّلُهُ؟ قَالَ: «لاَ» قَالَ: فَيَأخُذُ بِيَدِهِ وَيُصَافِحُهُ؟ قَالَ: «نَعَمْ». رواه الترمذي، (1) وقال: «حديث حسن».   (1) أخرجه: ابن ماجه (3702)، والترمذي (2728). الحديث: 888 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 272 889 - وعن صَفْوَانَ بن عَسَّالٍ - رضي الله عنه - قَالَ: قَالَ يَهُودِيٌّ لِصَاحِبِهِ: اذْهَبْ بِنَا إِلَى هَذَا النَّبيِّ، فَأتَيَا رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - فَسَألاهُ عَنْ تِسْعِ آياتٍ بَيِّنَاتٍ ... فَذَكَرَ الْحَدِيث إِلَى قَوْلهِ: فقَبَّلا يَدَهُ وَرِجْلَهُ، وقالا: نَشْهَدُ أنَّكَ نَبِيٌّ. رواه الترمذي وغيره بأسانيد صحيحةٍ. (1)   (1) أخرجه: ابن ماجه (3705)، والترمذي (2733)، والنسائي في «الكبرى» (3541)، وسند الحديث ضعيف. الحديث: 889 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 272 890 - وعن ابن عمر رضي الله عنهما قِصَّة، قَالَ فِيهَا: فَدَنَوْنَا مِنَ النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم - فَقَبَّلْنَا يَدَه. رواه أَبُو داود. (1)   (1) أخرجه: أبو داود (5223)، وابن ماجه (3704)، وسنده ضعيف. الحديث: 890 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 272 891 - وعن عائشة رضي الله عنها، قالت: قَدِمَ زَيْدُ بْنُ حَارِثَةَ المَدِينَةَ وَرسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - في بَيتِي، فَأتَاهُ فَقَرَعَ البَابَ، فَقَامَ إِلَيْهِ النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - يَجُرُّ ثَوْبَهُ، فَاعْتَنَقَهُ وَقَبَّلَهُ. رواه الترمذي، (1) وقال: «حديث حسن».   (1) أخرجه: الترمذي (2732) وقال: «حديث حسن غريب»، وسنده ضعيف. الحديث: 891 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 272 892 - وعن أَبي ذَرٍّ - رضي الله عنه - قَالَ: قَالَ لي رسول الله - صلى الله عليه وسلم: «لا تَحقِرَنَّ منَ الْمَعرُوف شَيْئًا، وَلَوْ أَنْ تَلْقَى أخَاكَ بِوَجْهٍ طَلْقٍ (1)». رواه مسلم. (2)   (1) قال النووي: «معناه سهل منبسط». شرح مسلم 8/ 349. (2) انظر الحديث (121). الحديث: 892 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 272 893 - وعن أَبي هريرة - رضي الله عنه - قَالَ: قَبَّلَ النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - الحَسَنَ بنَ عَلِيٍّ رضي الله عنهما، فَقَالَ الأقْرَعُ بن حَابِسٍ: إنَّ لِي عَشْرَةً مِنَ الْوَلَدِ مَا قَبَّلْتُ مِنْهُمْ أحَدًا. فَقَالَ رسول الله - صلى الله عليه وسلم: «مَنْ لاَ يَرْحَمْ لاَ يُرْحَمْ!». متفقٌ عَلَيْهِ. (1)   (1) انظر الحديث (225). الحديث: 893 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 272 (6) - كتاب عيَادة المريض وَتشييع المَيّت والصّلاة عليه وَحضور دَفنهِ وَالمكث عِنْدَ قبرهِ بَعدَ دَفنه 144 - باب عيادة المريض 894 - عن البَرَاءِ بن عازِبٍ رضي الله عنهما، قَالَ: أمَرَنَا رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - بعِيَادَةِ الْمَريضِ، وَاتِّبَاعِ الجَنَازَةِ، وَتَشْمِيتِ العَاطِسِ، وَإبْرَارِ الْمُقْسِمِ، وَنَصْرِ المَظْلُومِ، وَإجَابَةِ الدَّاعِي، وَإفْشَاءِ السَّلاَمِ. متفقٌ عَلَيْهِ. (1)   (1) انظر الحديث (239). الحديث: 894 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 273 895 - وعن أَبي هريرة - رضي الله عنه: أنَّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: «حَقُّ المُسْلِمِ عَلَى المُسْلِمِ خَمْسٌ: رَدُّ السَّلاَمِ، وَعِيَادَةُ المَرِيضِ، وَاتِّبَاعُ الجَنَائِزِ، وَإجَابَةُ الدَّعْوَةِ، وَتَشْمِيتُ العَاطِسِ». متفقٌ عَلَيْهِ. (1)   (1) انظر الحديث (238). الحديث: 895 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 273 896 - وعنه، قَالَ: قَالَ رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم: «إنَّ اللهَ - عز وجل - يَقُولُ يَومَ القِيَامَةِ: يَا ابْنَ آدَمَ، مَرِضْتُ فَلَمْ تَعُدنِي! قَالَ: يَا رَبِّ، كَيْفَ أعُودُكَ وَأَنْتَ رَبُّ العَالَمِينَ؟! قَالَ: أمَا عَلِمْتَ أنَّ عَبْدِي فُلاَنًا مَرِضَ فَلَمْ تَعُدْهُ! أمَا عَلِمْتَ أنَّكَ لَوْ عُدْتَهُ لَوَجَدْتَني عِنْدَهُ! يَا ابْنَ آدَمَ، اسْتَطْعَمْتُكَ فَلَمْ تُطْعِمنِي! قَالَ: يَا رَبِّ، كَيْفَ أطْعِمُكَ وَأنْتَ رَبُّ العَالَمِينَ؟! قَالَ: أمَا عَلِمْتَ أنَّهُ اسْتَطْعَمَكَ عَبْدِي فُلانٌ فَلَمْ تُطْعِمْهُ! أمَا عَلِمْتَ أنَّكَ لَوْ أطْعَمْتَهُ لَوَجَدْتَ ذَلِكَ عِنْدِي! يَا ابْنَ آدَمَ، اسْتَسْقَيْتُكَ فَلَمْ تَسْقِنِي! قَالَ: يَا رَبِّ، كَيْفَ أسْقِيكَ وَأنْتَ رَبُّ العَالَمينَ؟! قَالَ: اسْتَسْقَاكَ عَبْدِي فُلاَنٌ فَلَمْ تَسْقِهِ! أمَا عَلِمْتَ أنَّكَ لَوْ سَقَيْتَهُ لَوَجَدْتَ ذَلِكَ عِنْدِي!». رواه مسلم. (1)   (1) أخرجه: مسلم 8/ 13 (2569) (43). الحديث: 896 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 273 897 - وعن أَبي موسى - رضي الله عنه - قَالَ: قَالَ رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم: «عُودُوا المَريضَ، وَأطْعِمُوا الجَائِعَ، وَفُكُّوا العَانِي». رواه البخاري. (1) «العاَنِي»: الأسيرُ.   (1) أخرجه: البخاري 7/ 150 (5649). الحديث: 897 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 274 898 - وعن ثوبان - رضي الله عنه - عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: «إنَّ المُسْلِمَ إِذَا عَادَ أخَاهُ المُسْلِمَ، لَمْ يَزَلْ في خُرْفَةِ الْجَنَّةِ حَتَّى يَرْجِعَ» قِيلَ: يَا رَسولَ الله، وَمَا خُرْفَةُ الجَنَّةِ؟ قَالَ: «جَنَاهَا». رواه مسلم. (1)   (1) أخرجه: مسلم 8/ 13 (2568) (42). الحديث: 898 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 274 899 - وعن عليّ - رضي الله عنه - قَالَ: سَمِعْتُ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ: «مَا مِنْ مُسْلِم يَعُودُ مُسْلِمًا غُدْوةً إِلاَّ صَلَّى عَلَيْهِ سَبْعُونَ ألْفَ مَلَكٍ حَتَّى يُمْسِيَ، وَإنْ عَادَهُ عَشِيَّةً إِلاَّ صَلَّى عَلَيْهِ سَبْعُونَ أَلْفَ مَلَكٍ حَتَّى يُصْبحَ، وَكَانَ لَهُ خَرِيفٌ في الْجَنَّةِ». رواه الترمذي (1)، وقال: «حديث حسن». «الخَريفُ»: الثَّمرُ الْمَخْرُوفُ، أيْ: الْمُجْتَنَى.   (1) أخرجه: أبو داود (3098)، وابن ماجه (1442)، والترمذي (969) وقال: «حديث حسن غريب». الحديث: 899 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 274 900 - وعن أنسٍ - رضي الله عنه - قَالَ: كَانَ غُلاَمٌ يَهُودِيٌّ يَخْدُمُ النَّبيَّ - صلى الله عليه وسلم - فَمَرِضَ، فَأتَاهُ النَّبيُّ - صلى الله عليه وسلم - يَعُودُهُ، فَقَعَدَ عِنْدَ رَأسِهِ، فَقَالَ لَهُ: «أسْلِمْ» فَنَظَرَ إِلَى أبِيهِ وَهُوَ عِنْدَهُ؟ فَقَالَ: أَطِعْ أَبَا القَاسِمِ، فَأسْلَمَ، فَخَرَجَ النَّبيُّ - صلى الله عليه وسلم - وَهُوَ يَقُولُ: «الحَمْدُ للهِ الَّذِي أنْقَذَهُ منَ النَّارِ». رواه البخاري. (1)   (1) أخرجه: البخاري 2/ 118 (1356). الحديث: 900 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 274 145 - باب مَا يُدعى به للمريض 901 - عن عائشة رضي الله عنها: أنَّ النَّبيَّ - صلى الله عليه وسلم - كَانَ إِذَا اشْتَكى الإنْسَانُ الشَّيْءَ مِنْهُ، أَوْ كَانَتْ بِهِ قَرْحَةٌ أَوْ جُرْحٌ، قَالَ النَّبيُّ - صلى الله عليه وسلم - بِأُصْبُعِهِ هكَذا - وَوَضَعَ سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَة الرَّاوي سَبَّابَتَهُ بِالأَرْضِ ثُمَّ رَفَعَها - وقال: «بِسمِ اللهِ، تُرْبَةُ أرْضِنَا، بِرِيقَةِ بَعْضِنَا، يُشْفَى بِهِ سَقِيمُنَا، بإذْنِ رَبِّنَا (1)». متفقٌ عَلَيْهِ. (2)   (1) قال النووي 7/ 358 (2195): «معنى الحديث أنَّه يأخذ من ريق نفسه على أصبعه السبابة ثم يضعها على التراب فيعلق بها منه شيء، فيمسح به على الموضع العليل أو الجريح قائلًا الكلام». (2) أخرجه: البخاري 7/ 172 (5745)، ومسلم 7/ 17 (2194) (54). الحديث: 901 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 274 902 - وعنها: أنَّ النَّبيَّ - صلى الله عليه وسلم - كَانَ يَعُودُ بَعْضَ أهْلِهِ يَمْسَحُ بِيدِهِ اليُمْنَى، ويقولُ: «اللَّهُمَّ رَبَّ النَّاسِ، أَذْهِب البَأْسَ، اشْفِ أنْتَ الشَّافِي، لاَ شِفَاءَ إِلاَّ شِفاؤكَ، شِفَاءً لاَ يُغَادِرُ سَقمًا». متفقٌ عَلَيْهِ. (1)   (1) أخرجه: البخاري 7/ 172 (5743)، ومسلم 7/ 15 (2191) (46). الحديث: 902 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 275 903 - وعن أنسٍ - رضي الله عنه - أنه قَالَ لِثابِتٍ رحمه اللهُ: ألاَ أرْقِيكَ بِرُقْيَةِ رسول الله - صلى الله عليه وسلم؟ قَالَ: بَلَى، قَالَ: «اللَّهُمَّ رَبَّ النَّاسِ، مُذْهِبَ البَأسِ، اشْفِ أَنْتَ الشَّافِي، لاَ شَافِيَ إِلاَّ أَنْتَ، شِفَاءً لاَ يُغَادِرُ سَقمًا». رواه البخاري. (1)   (1) أخرجه: البخاري 7/ 171 (5742). الحديث: 903 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 275 904 - وعن سعدِ بن أَبي وقاصٍ - رضي الله عنه - قَالَ: عَادَنِي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ: «اللَّهُمَّ اشْفِ سَعْدًا، اللَّهُمَّ اشْفِ سَعْدًا، اللَّهُمَّ اشْفِ سَعْدًا». رواه مسلم. (1)   (1) أخرجه: مسلم 5/ 71 (1628) (8). الحديث: 904 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 275 905 - وعن أَبي عبدِ الله عثمان بنِ أَبي العاصِ - رضي الله عنه: أنّه شَكَا إِلَى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وَجَعًا، يَجِدُهُ في جَسَدِهِ، فَقَالَ لَهُ رسول الله - صلى الله عليه وسلم: «ضَعْ يَدَكَ عَلَى الَّذِي يَألَم مِنْ جَسَدِكَ وَقُلْ: بسم اللهِ ثَلاثًا، وَقُلْ سَبْعَ مَرَّاتٍ: أعُوذُ بِعِزَّةِ الله وَقُدْرَتِهِ مِنْ شَرِّ مَا أجِدُ وَأُحَاذِرُ». رواه مسلم. (1)   (1) أخرجه: مسلم 7/ 20 (2202) (67). الحديث: 905 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 275 906 - وعن ابن عباسٍ رضي الله عنهما، عن النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: «مَنْ عَادَ مَرِيضًا لَمْ يَحْضُرْهُ أجَلُهُ، فقالَ عِنْدَهُ سَبْعَ مَرَّاتٍ: أسْأَلُ اللهَ العَظيمَ، رَبَّ العَرْشِ العَظيمِ، أَنْ يَشْفِيَكَ، إِلاَّ عَافَاهُ اللهُ مِنْ ذَلِكَ المَرَضِ». رواه أَبُو داود والترمذي، (1) وقال: «حديث حسن»، وقال الحاكم: «حديث صحيح عَلَى شرط البخاري».   (1) أخرجه: أبو داود (3106)، والترمذي (2083)، والحاكم 1/ 342. وقال الترمذي: «حديث حسن غريب». الحديث: 906 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 275 907 - وعنه: أنَّ النبي - صلى الله عليه وسلم - دَخَلَ عَلَى أعْرَابِيٍّ يَعُودُهُ، وَكَانَ إِذَا دَخَلَ عَلَى مَنْ يَعُودُهُ، قَالَ: «لاَ بَأسَ؛ طَهُورٌ إنْ شَاءَ اللهُ». رواه البخاري. (1)   (1) أخرجه: البخاري 7/ 152 (5656). الحديث: 907 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 275 908 - وعن أَبي سعيد الخدري - رضي الله عنه: أن جِبريلَ أتَى النَّبيَّ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ: يَا مُحَمَّدُ، اشْتَكَيْتَ؟ قَالَ: «نَعَمْ» قَالَ: بِسْمِ الله أرْقِيكَ، مِنْ كُلِّ شَيْءٍ يُؤْذِيكَ، مِنْ شَرِّ كُلِّ نَفْسٍ أَوْ عَيْنِ حَاسِدٍ، اللهُ يَشْفِيكَ، بِسمِ اللهِ أُرقِيكَ. رواه مسلم. (1)   (1) أخرجه: مسلم 7/ 13 (2186) (40). الحديث: 908 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 275 909 - وعن أَبي سعيد الخدري وأبي هريرة رضي الله عنهما: أنَّهُمَا شَهِدَا عَلَى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنّه قَالَ: «مَنْ قَالَ: لاَ إلهَ إِلاَّ اللهُ وَاللهُ أكْبَرُ، صَدَّقَهُ رَبُّهُ، فَقَالَ: لاَ إلهَ إِلاَّ أنَا وأنَا أكْبَرُ. وَإِذَا قَالَ: لاَ إلهَ إِلاَّ اللهُ وَحدَهُ لاَ شَرِيكَ لَهُ، قَالَ: يقول: لاَ إلهَ إلاَّ أنَا وَحْدِي لا شَريكَ لِي. وَإِذَا قَالَ: لاَ إلهَ إِلاَّ اللهُ لَهُ المُلْكُ وَلَهُ الحَمْدُ، قَالَ: لاَ إلهَ إِلاَّ أنَا لِيَ المُلْكُ وَلِيَ الحَمْدُ. وَإِذَا قَالَ: لاَ إله إِلاَّ اللهُ وَلاَ حَوْلَ وَلاَ قُوَّةَ إِلاَّ باللهِ، قَالَ: لاَ إلهَ إِلاَّ أنَا وَلاَ حَوْلَ وَلاَ قُوَّةَ إِلاَّ بي» وَكَانَ يقُولُ: «مَنْ قَالَهَا في مَرَضِهِ ثُمَّ مَاتَ لَمْ تَطْعَمْهُ النَّارُ». رواه الترمذي، (1) وقال: «حديث حسن».   (1) أخرجه: ابن ماجه (3794)، والترمذي (3430). الحديث: 909 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 276 146 - باب استحباب سؤال أهل المريض عن حاله 910 - عن ابن عباسٍ رضي الله عنهما: أنَّ عليَّ بْنَ أَبي طالب - رضي الله عنه - خَرَجَ مِنْ عِنْدِ رسولِ الله - صلى الله عليه وسلم - في وَجَعِهِ الَّذِي تُوُفِّيَ فِيهِ، فقالَ النَّاسُ: يَا أَبَا الحَسَنِ، كَيْفَ أصْبَحَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم؟ قَالَ: أصْبَحَ بِحَمْدِ اللهِ بَارئًا. رواه البخاري. (1)   (1) أخرجه: البخاري 6/ 14 - 15 (4447). الحديث: 910 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 276 147 - باب مَا يقوله مَن أيس من حياته 911 - عن عائشة رضي الله عنها، قالت: سَمِعْتُ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - وَهُوَ مُسْتَنِدٌ إلَيَّ، يَقُولُ: «اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِي وارْحَمْنِي، وأَلْحِقْنِي بالرَّفِيقِ الأَعْلَى». متفقٌ عَلَيْهِ. (1)   (1) أخرجه: البخاري 6/ 13 (4440)، ومسلم 7/ 137 (2444) (85). الحديث: 911 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 276 912 - وعنها، قالت: رَأيتُ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - وَهُوَ بِالْمَوْتِ، عِنْدَهُ قَدَحٌ فِيهِ مَاءٌ، وَهُوَ يُدْخِلُ يَدَهُ في القَدَحِ، ثُمَّ يَمْسَحُ وَجْهَهُ بالماءِ، ثُمَّ يَقُولُ: «اللَّهُمَّ أعِنِّي عَلَى غَمَرَاتِ المَوْتِ أَوْ سَكَرَاتِ المَوْتِ». رواه الترمذي. (1)   (1) أخرجه: ابن ماجه (1623)، والترمذي (978)، وهو حديث ضعيف. الحديث: 912 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 276 148 - باب استحباب وصية أهل المريض ومن يخدمه بالإحسان إليه واحتماله والصبر عَلَى مَا يشق من أمره وكذا الوصية بمن قرب سبب موته بحد أَوْ قصاص ونحوهما 913 - عن عِمْران بن الحُصَيْنِ رضي الله عنهما: أنَّ أمْرَأَةً مِنْ جُهَيْنَةَ أتَت النَّبِيَّ - صلى الله عليه وسلم - وَهِيَ حُبْلَى مِنَ الزِّنَا، فَقَالَتْ: يَا رسول الله، أصَبْتُ حَدًّا فَأقِمْهُ عَلَيَّ، فَدَعَا رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - وَلِيَّهَا، [ص: 277] فَقَالَ: «أحْسِنْ إِلَيْهَا، فَإذَا وَضَعَتْ فَأتِنِي بِهَا» فَفَعَلَ، فَأمَرَ بِهَا النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم - فَشُدَّتْ عَلَيْهَا ثِيَابُهَا، ثُمَّ أمَرَ بِهَا فَرُجِمَت، ثُمَّ صَلَّى عَلَيْهَا. رواه مسلم. (1)   (1) انظر الحديث (22). الحديث: 913 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 276 149 - باب جواز قول المريض: أنَا وجع، أَوْ شديد الوجع أَوْ مَوْعُوكٌ أَوْ وارأساه ونحو ذلك. وبيان أنَّه لا كراهة في ذلك إِذَا لَمْ يكن عَلَى سبيل التسخط وإظهار الجزع 914 - عن ابن مسعود - رضي الله عنه - قَالَ: دَخَلْتُ عَلَى النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم - وَهُوَ يُوعَكُ، فَمَسَسْتُهُ، فَقلتُ: إنَّكَ لَتُوعَكُ وَعَكًا شَديدًا، فَقَالَ: «أجَلْ، إنِّي أُوعَكُ كَمَا يُوعَكُ رَجُلانِ مِنْكُمْ». متفقٌ عَلَيْهِ (1).   (1) أخرجه: البخاري 7/ 155 (5667)، ومسلم 8/ 14 (2571) (45). الحديث: 914 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 277 915 - وعن سعدِ بن أَبي وقاصٍ - رضي الله عنه - قَالَ: جَاءني رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - يَعُودُنِي مِنْ وَجَعٍ اشْتَدَّ بِي، فقلتُ: بَلَغَ بِي مَا تَرَى، وَأنَا ذُو مَالٍ، وَلاَ يَرِثُنِي إِلاَّ ابْنَتِي .. وذَكر الحديث. متفقٌ عَلَيْهِ. (1)   (1) انظر الحديث (6). الحديث: 915 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 277 916 - وعن القاسم بن محمد، قَالَ: قالت عائشةُ رضي الله عنها: وَارَأسَاهُ! فَقَالَ النَّبيُّ - صلى الله عليه وسلم: «بَلْ أنَا، وَارَأسَاهُ!» ... وذكر الحديث. رواه البخاري. (1)   (1) أخرجه: البخاري 7/ 155 (5666). الحديث: 916 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 277 150 - باب تلقين المحتضر: لا إله إِلاَّ اللهُ 917 - عن معاذ - رضي الله عنه - قَالَ: قَالَ رسول الله - صلى الله عليه وسلم: «مَنْ كَانَ آخِرَ كَلامِهِ لاَ إلهَ إِلاَّ اللهُ دَخَلَ الجَنَّةَ». رواه أَبُو داود والحاكم، وقال: «صحيح الإسناد». (1)   (1) أخرجه: أبو داود (3118)، والحاكم 1/ 351. الحديث: 917 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 277 918 - وعن أَبي سعيد الخدري - رضي الله عنه - قَالَ: قَالَ رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم: «لَقِّنُوا مَوْتَاكُمْ لاَ إلهَ إِلاَّ اللهُ». رواه مسلم. (1)   (1) أخرجه: مسلم 3/ 37 (916) (1). الحديث: 918 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 277 151 - باب مَا يقوله بعد تغميض الميت 919 - عن أُم سلمة رضي الله عنها، قالت: دَخَلَ رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - عَلَى أَبي سَلَمة وَقَدْ شَقَّ [ص: 278] بَصَرُهُ، فَأغْمَضَهُ، ثُمَّ قَالَ: «إنَّ الرُّوحَ إِذَا قُبِضَ، تَبِعَهُ البَصَرُ» فَضَجَّ نَاسٌ مِنْ أهْلِهِ، فَقَالَ: «لاَ تَدْعُوا عَلَى أنْفُسِكُمْ إِلاَّ بِخَيْرٍ، فَإنَّ المَلاَئِكَةَ يَؤمِّنُونَ عَلَى مَا تَقُولُونَ» ثُمَّ قَالَ: «اللَّهُمَّ اغْفِرْ لأَبِي سَلَمَة، وَارْفَعْ دَرَجَتْهُ في المَهْدِيِّينَ، وَاخْلُفْهُ في عَقِبهِ في الغَابِرِينَ، وَاغْفِرْ لَنَا وَلَهُ يَا رَبَّ العَالَمِينَ، وَافْسَحْ لَهُ في قَبْرِهِ، وَنَوِّرْ لَهُ فِيهِ». رواه مسلم. (1)   (1) أخرجه: مسلم 3/ 38 (920) (7). الحديث: 919 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 277 152 - باب ما يقال عند الميت وَمَا يقوله من مات له ميت 920 - عن أُم سَلَمة رضي اللهُ عنها، قالت: قَالَ رسول الله - صلى الله عليه وسلم: «إِذَا حَضَرتُمُ المَرِيضَ أَو المَيِّتَ، فَقُولُوا خَيْرًا، فَإنَّ المَلائِكَةَ يُؤَمِّنُونَ عَلَى مَا تَقُولُونَ»، قالت: فَلَمَّا مَاتَ أَبُو سلَمة، أتَيْتُ النَّبيَّ - صلى الله عليه وسلم - فقلت: يَا رسولَ الله، إنَّ أَبَا سَلَمَة قَدْ مَاتَ، قَالَ: «قُولِي: اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِي وَلَهُ، وَأَعْقِبْنِي مِنْهُ عُقْبَى حَسَنَةً» فقلتُ، فَأعْقَبنِي اللهُ مَنْ هُوَ خَيْرٌ لِي مِنْهُ: مُحَمَّدًا - صلى الله عليه وسلم. رواه مسلم هكَذا: «إِذَا حَضَرتُمُ المَريضَ، أَو المَيِّتَ»، عَلَى الشَّكِّ، ورواه أَبُو داود وغيره: «الميت» بلا شَكّ. (1)   (1) أخرجه: مسلم 3/ 38 (919) (6)، وأبو داود (3115)، وابن ماجه (1447)، والترمذي (977)، والنسائي 4/ 4 - 5. الحديث: 920 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 278 921 - وعنها، قالت: سَمِعْتُ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: «مَا مِنْ عَبْدٍ تُصيبُهُ مُصِيبَةٌ، فَيَقُولُ: إنّا للهِ وَإنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ، اللَّهُمَّ أُجِرْنِي في مُصِيبَتي وَاخْلُفْ لِي خَيرًا مِنْهَا، إِلاَّ أَجَرَهُ اللهُ تَعَالَى في مُصِيبَتِهِ وَأخْلَفَ لَهُ خَيْرًا مِنْهَا» قالت: فَلَمَّا تُوُفِّيَ أَبُو سَلَمَة قلتُ كَمَا أمَرَني رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - فَأخْلَفَ اللهُ لِي خَيْرًا مِنْهُ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم. رواه مسلم. (1)   (1) أخرجه: مسلم 3/ 37 (918) (4). الحديث: 921 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 278 922 - وعن أَبي موسى - رضي الله عنه: أنَّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: «إِذَا مَاتَ وَلَدُ العَبْدِ، قَالَ اللهُ تَعَالَى لِمَلائِكَتِهِ: قَبَضْتُمْ وَلَدَ عَبْدِي؟ فيقولونَ: نَعَمْ. فيقولُ: قَبَضْتُمْ ثَمَرَة فُؤَادِهِ؟ فيقولونَ: نَعَمْ. فيقولُ: مَاذَا قَالَ عَبْدِي؟ فيقولونَ: حَمدَكَ وَاسْتَرْجَعَ. فيقول اللهُ تَعَالَى: ابْنُوا لِعَبْدِي بَيْتًا في الجَنَّةِ، وَسَمُّوهُ بَيْتَ الحَمْدِ». رواه الترمذي، وقال: «حديث حسن». (1)   (1) أخرجه: الترمذي (1021) وقال: «حديث حسن غريب». الحديث: 922 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 278 923 - وعن أَبي هريرة - رضي الله عنه - أنَّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: «يقولُ اللهُ تَعَالَى: مَا لِعَبْدِي المُؤمِن عِنْدِي جَزَاءٌ إِذَا قَبَضْتُ صَفِيَّهُ مِنْ أهْل الدُّنْيَا، ثُمَّ احْتَسَبَهُ إِلاَّ الجَنَّةَ». رواه البخاري. (1)   (1) انظر الحديث (32). الحديث: 923 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 278 924 - وعن أسَامَة بن زَيدٍ رضي اللهُ عنهما، قَالَ: أرْسَلَتْ إحْدى بَنَاتِ النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم - إِلَيْهِ تَدْعُوهُ وَتُخْبِرُهُ أنَّ صَبِيًّا لَهَا - أَوْ ابْنًا - في المَوْتِ فَقَالَ للرسول: «ارْجِعْ إِلَيْهَا، فَأخْبِرْهَا أنَّ للهِ تَعَالَى مَا أخَذَ وَلَهُ مَا أَعْطَى، وَكُلُّ شَيْءٍ عِنْدَهُ بِأجَلٍ مُسَمّى، فَمُرْهَا، فَلْتَصْبِرْ وَلْتَحْتَسِبْ» ... وذكر تمام الحديث. متفقٌ عَلَيْهِ. (1)   (1) انظر الحديث (29). الحديث: 924 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 279 153 - باب جواز البكاء عَلَى الميت بغير ندب وَلاَ نياحة أمَّا النِّيَاحَةُ فَحَرَامٌ، وَسَيَأتِي فِيهَا بَابٌ فِي كِتابِ النَّهْيِ، إنْ شَاءَ اللهُ تَعَالَى. وَأمَّا البُكَاءُ فَجَاءتْ أحَادِيثُ بِالنَّهْيِ عَنْهُ، وَأنَّ المَيِّتَ يُعَذَّبُ بِبُكَاءِ أهْلِهِ، وَهِيَ مُتَأَوَّلَةٌ ومَحْمُولَةٌ عَلَى مَنْ أوْصَى بِهِ، وَالنَّهْيُ إنَّمَا هُوَ عَن البُكَاءِ الَّذِي فِيهِ نَدْبٌ، أَوْ نِيَاحَةٌ، والدَّليلُ عَلَى جَوَازِ البُكَاءِ بِغَيْرِ نَدْبٍ وَلاَ نِياحَةٍ أحَادِيثُ كَثِيرَةٌ، مِنْهَا: 925 - عن ابن عمر رضي الله عنهما: أنَّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عاد سَعْدَ بْنَ عُبَادَةَ، وَمَعَهُ عَبدُ الرَّحْمانِ بْنُ عَوفٍ، وَسَعدُ بْنُ أَبي وَقَّاصٍ، وَعَبْدُ اللهِ بْنُ مَسْعُودٍ - رضي الله عنهم - فَبَكَى رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - فَلَمَّا رَأى القَوْمُ بُكَاءَ رسولِ الله - صلى الله عليه وسلم - بَكَوْا، فَقَالَ: «ألاَ تَسْمَعُونَ؟ إنَّ الله لاَ يُعَذِّبُ بِدَمْعِ العَينِ، وَلاَ بِحُزنِ القَلبِ، وَلَكِنْ يُعَذِّبُ بِهذَا أَوْ يَرْحَمُ» وَأشَارَ إِلَى لِسَانِهِ. متفقٌ عَلَيْهِ. (1)   (1) أخرجه: البخاري 2/ 105 - 106 (1304)، ومسلم 3/ 40 (924) (12). الحديث: 925 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 279 926 - وعن أُسَامَة بن زَيدٍ رضي اللهُ عنهما: أنَّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - رُفِعَ إِلَيْهِ ابنُ ابْنَتِهِ وَهُوَ فِي المَوتِ، فَفَاضَتْ عَيْنَا رسولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ لَهُ سَعدٌ: مَا هَذَا يَا رسولَ الله؟! قَالَ: «هذِهِ رَحْمَةٌ جَعَلَهَا اللهُ تَعَالَى في قُلُوبِ عِبَادِهِ، وَإنَّمَا يَرْحَمُ اللهُ مِنْ عِبَادِهِ الرُّحَمَاءَ». متفقٌ عَلَيْهِ. (1)   (1) انظر الحديث (29). الحديث: 926 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 279 927 - وعن أنسٍ - رضي الله عنه: أنَّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - دَخَلَ عَلَى ابْنِهِ إبْرَاهيمَ - رضي الله عنه - وَهُوَ يَجُودُ بِنَفسِهِ، فَجَعَلَتْ عَيْنَا رسولِ الله - صلى الله عليه وسلم - تَذْرِفَان. فَقَالَ لَهُ عبدُ الرحمانِ بن عَوف: وأنت يَا رسولَ الله؟! فَقَالَ: «يَا ابْنَ عَوْفٍ إنَّهَا رَحْمَةٌ» ثُمَّ أتْبَعَهَا بأُخْرَى، فَقَالَ: «إنَّ العَيْنَ تَدْمَعُ والقَلب يَحْزنُ، وَلاَ نَقُولُ إِلاَّ مَا يُرْضِي رَبَّنَا، وَإنَّا لِفِرَاقِكَ يَا إبرَاهِيمُ لَمَحزُونُونَ». رواه البخاري، وروى مسلم بعضه. (1) والأحاديث في الباب كثيرة في الصحيح مشهورة، والله أعلم.   (1) أخرجه: البخاري 2/ 105 (1303)، ومسلم 7/ 76 (2315) (62). الحديث: 927 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 279 154 - باب الكف عن مَا يرى من الميت من مكروه 928 - وعن أَبي رافع أسلم مولى رسول الله - صلى الله عليه وسلم: أنَّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: «مَنْ غَسَّلَ مَيتًا فَكَتَمَ عَلَيْهِ، غَفَرَ اللهُ لَهُ أربَعِينَ مَرَّة». رواه الحاكم، (1) وقال: صحيح عَلَى شرط مسلم.   (1) أخرجه: الطبراني في «الكبير» (929)، والحاكم 1/ 354، والبيهقي 3/ 395. الحديث: 928 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 280 155 - باب الصلاة عَلَى الميت وتشييعه وحضور دفنه، وكراهة اتباع النساء الجنائز، وَقَدْ سَبَقَ فَضْلُ التَّشْييعِ. 929 - عن أَبي هريرة - رضي الله عنه - قَالَ: قَالَ رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم: «مَنْ شَهِدَ الجَنَازَةَ حَتَّى يُصَلَّى عَلَيْهَا، فَلَهُ قِيراطٌ، وَمَنْ شَهِدَهَا حَتَّى تُدْفَنَ، فَلَهُ قِيرَاطَانِ» قِيلَ: وَمَا القِيرَاطانِ؟ قَالَ: «مِثْلُ الجَبَلَيْنِ العَظِيمَيْنِ». متفقٌ عَلَيْهِ. (1)   (1) أخرجه: البخاري 2/ 110 (1325)، ومسلم 3/ 51 (945) (52). الحديث: 929 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 280 930 - وعنه: أنَّ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: «مَنِ اتَّبَعَ جَنَازَةَ مُسْلِمٍ إيمانًا وَاحْتِسَابًا، وَكَانَ مَعَهُ حَتَّى يُصَلَّى عَلَيْهَا وَيُفرَغَ مِنْ دَفْنِهَا، فَإنَّهُ يَرْجعُ مِنَ الأَجْرِ بِقيراطَيْنِ كُلُّ قِيرَاطٍ مِثْلُ أُحُدٍ، وَمَنْ صَلَّى عَلَيْهَا، ثُمَّ رَجَعَ قَبْلَ أَنْ تُدْفَنَ، فَإنَّهُ يَرْجِعُ بِقيرَاطٍ». رواه البخاري. (1)   (1) أخرجه: البخاري 1/ 18 - 19 (47). الحديث: 930 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 280 931 - وعن أم عطية رضي الله عنها، قالت: نُهِينَا عَنِ اتِّبَاعِ الجَنَائِزِ، وَلَمْ يُعْزَمْ عَلَيْنَا. متفقٌ عَلَيْهِ. (1) ومعناه: وَلَمْ يُشَدَّدْ في النَّهْيِ كَمَا يُشَدَّدُ في المُحَرَّمَاتِ.   (1) أخرجه: البخاري 2/ 99 (1278)، ومسلم 3/ 46 (938) (34). الحديث: 931 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 280 156 - باب استحباب تكثير المصلين عَلَى الجنازة وجعل صفوفهم ثلاثة فأكثر 932 - عن عائشة رضي الله عنها، قالت: قَالَ رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم: «مَا مِنْ مَيتٍ يُصَلِّي عَلَيْهِ أُمَّةٌ مِنَ المُسْلِمِينَ يَبْلُغُونَ مِئَةً كُلُّهُمْ يَشْفَعُونَ لَهُ إِلاَّ شُفِّعُوا فِيهِ». رواه مسلم. (1)   (1) أخرجه: مسلم 3/ 52 (947) (58). الحديث: 932 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 280 933 - وعن ابن عباسٍ رضي الله عنهما، قَالَ: سَمِعْتُ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: «مَا مِنْ رَجُلٍ مُسْلِمٍ يَمُوتُ، فَيقومُ عَلَى جَنَازَتِهِ أرْبَعُونَ رَجُلًا لاَ يُشْرِكُونَ بِاللهِ شَيْئًا، إِلاَّ شَفَّعَهُمُ اللهُ فِيهِ». رواه مسلم. (1)   (1) انظر الحديث (430). الحديث: 933 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 280 934 - وعن مرثدِ بن عبدِ الله اليَزَنِيِّ، قَالَ: كَانَ مَالِكُ بن هُبَيْرَة - رضي الله عنه - إِذَا صَلَّى عَلَى الجَنَازَةِ، فَتَقَالَّ النَّاس عَلَيْهَا، جَزَّأَهُمْ عَلَيْهَا ثَلاَثَةَ أجْزَاءٍ، ثُمَّ قَالَ: قَالَ رسول الله - صلى الله عليه وسلم: «مَنْ صَلَّى عَلَيْهِ ثَلاَثَةُ صُفُوفٍ فَقَدْ أوْجَبَ». رواه أَبُو داود والترمذي، (1) وقال: «حديث حسن».   (1) أخرجه: أبو داود (3166)، وابن ماجه (1490)، والترمذي (1028). الحديث: 934 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 281 157 - باب مَا يقرأ في صلاة الجنازة يُكَبِّرُ أرْبَعَ تَكبِيرَاتٍ، يَتَعوَّذُ بَعْدَ الأُولَى، ثُمَّ يَقْرَأُ فَاتِحَةَ الكِتَابِ، ثُمَّ يُكَبِّرُ الثَّانِيَةَ، ثُمَّ يُصَلِّي عَلَى النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم - فيقول: اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ، وَعَلَى آلِ مُحَمَّدٍ. وَالأفْضَلُ أَنْ يُتَمِّمَهُ بقوله: كَمَا صَلَّيتَ عَلَى إبرَاهِيمَ - إِلَى قَوْله - إنَّكَ حَمِيدٌ مَجِيدٌ. وَلاَ يَقُولُ مَا يَفْعَلهُ كَثيرٌ مِنَ العَوامِّ مِنْ قراءتِهِمْ: {إنَّ اللهَ وَمَلائِكَته يُصَلُّونَ عَلَى النَّبيِّ} [الأحزاب: 56] الآية، فَإنَّهُ لاَ تَصحُّ صَلاَتُهُ إِذَا اقْتَصَرَ عَلَيْهِ، ثُمَّ يُكَبِّرُ الثَّالِثَةَ، وَيَدعُو للمَيِّتِ وَللمُسْلِمِينَ بِمَا سَنَذكُرُهُ مِنَ الأحاديث إنْ شَاءَ اللهُ تَعَالَى، ثُمَّ يُكَبِّرُ الرَّابِعَةَ وَيَدْعُو. وَمِنْ أحْسَنِهِ: «اللَّهُمَّ لاَ تَحْرِمْنَا أجْرَهُ، وَلاَ تَفْتِنَّا بَعدَهُ، وَاغْفِرْ لَنَا وَلَهُ». وَالمُخْتَارُ أنه يُطَوِّلُ الدُّعاء في الرَّابِعَة خلافَ مَا يَعْتَادُهُ أكْثَرُ النَّاس، لحديث ابن أَبي أَوْفى الذي سَنَذْكُرُهُ إنْ شَاء اللهُ تَعَالَى. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 281 وَأمَّا الأَدْعِيَةُ المَأثُورَةُ بَعْدَ التَّكبِيرَةِ الثالثة، فمنها: 935 - عن أَبي عبد الرحمان عوف بن مالك - رضي الله عنه - قَالَ: صَلَّى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عَلَى جَنازَةٍ، فَحَفِظْتُ مِنْ دُعَائِهِ، وَهُوَ يقُولُ: «اللَّهُمَّ اغْفِرْ لَهُ وَارْحَمْهُ، وَعَافِهِ وَاعْفُ عَنْهُ، وَأكْرِمْ نُزُلَهُ، وَوَسِّعْ مُدْخَلَهُ، وَاغْسِلْهُ بِالْمَاءِ وَالثَّلْجِ وَالبَرَدِ، وَنَقِّهِ مِنَ الخَطَايَا كَمَا نَقَّيْتَ الثَّوْبَ الأَبْيَضَ مِنَ الدَّنَس، وَأَبْدِلْهُ دَارًا خَيْرًا مِنْ دَارِهِ، وَأَهْلًا خَيرًا مِنْ أَهْلِهِ، وَزَوْجًا خَيْرًا مِنْ زَوْجِهِ، وَأَدْخِلْهُ الجَنَّةَ، وَأَعِذْهُ مِنْ عَذَابِ القَبْرِ، وَمِنْ عَذَابِ النَّارِ» حَتَّى تَمَنَّيتُ أن أكُون أنَا ذَلِكَ الْمَيِّت. رواه مسلم. (1)   (1) أخرجه: مسلم 3/ 59 (963) (85). الحديث: 935 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 281 936 - وعن أَبي هريرة وأبي قتادة وَأبي إبراهيم الأشهلي، عن أبيه - وأبوه صَحَابيٌّ - رضي الله عنهم [ص: 282] عن النبيِّ - صلى الله عليه وسلم: أنَّهُ صَلَّى عَلَى جَنَازَةٍ، فَقَالَ: «اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِحَيِّنَا وَمَيِّتِنَا، وَصَغِيرنَا وَكَبيرنَا، وَذَكَرِنَا وَأُنْثَانَا، وشَاهِدِنَا وَغَائِبِنَا، اللَّهُمَّ مَنْ أَحْيَيْتَهُ مِنَّا فَأَحْيِهِ عَلَى الإسْلاَمِ، وَمَنْ تَوَفَّيْتَهُ مِنَّا فَتَوفَّهُ عَلَى الإيمَان، اللَّهُمَّ لاَ تَحْرِمْنَا أَجْرَهُ، وَلاَ تَفْتِنَّا بَعدَهُ». رواه الترمذي من رواية أَبي هريرة والأشهلي. ورواه أَبُو داود من رواية أَبي هريرة وأبي قتادة. قَالَ الحاكم: «حديث أَبي هريرة صحيح عَلَى شرط البخاري ومسلم»، قَالَ الترمذي: «قَالَ البخاري: أصَحُّ رواياتِ هَذَا الحديث رواية الأشْهَلِيِّ، قَالَ البخاري: وأصح شيء في هَذَا الباب حديث عَوْفِ ابن مَالِكٍ». (1)   (1) حديث أبي هريرة أخرجه: أبو داود (3201)، وابن ماجه (1498)، والترمذي عقب (1024)، والنسائي في «الكبرى» (10923)، والحاكم 1/ 358. حديث أبي قتادة أخرجه: أحمد 5/ 299 و308. حديث أبي إبراهيم الأشهلي، عن أبيه أخرجه: الترمذي (1024)، والنسائي في «الكبرى» (2113). الحديث: 936 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 282 937 - وعن أَبي هريرة - رضي الله عنه - قَالَ: سَمِعْتُ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: «إِذَا صَلَّيْتُمْ عَلَى المَيِّتِ، فَأَخْلِصُوا لَهُ الدُّعاء». رواه أَبُو داود. (1)   (1) أخرجه: أبو داود (3199)، وابن ماجه (1497). الحديث: 937 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 282 938 - وعنه، عن النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - في الصَّلاَةِ عَلَى الجَنَازَةِ: «اللَّهُمَّ أَنْتَ رَبُّهَا، وَأَنْتَ خَلَقْتَهَا، وَأَنتَ هَدَيْتَهَا للإسْلاَمِ، وَأَنتَ قَبَضْتَ رُوحَهَا، وَأَنْتَ أَعْلَمُ بِسرِّهَا وَعَلاَنِيَتِهَا، وَقَدْ جِئنَاكَ شُفَعَاءَ لَهُ، فَاغْفِرْ لَهُ». رواه أَبُو داود. (1)   (1) أخرجه: أبو داود (3200)، والنسائي في «الكبرى» (10917). الحديث: 938 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 282 939 - وعن وَاثِلَة بنِ الأَسْقَعِ - رضي الله عنه - قَالَ: صَلَّى بِنَا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عَلَى رَجُلٍ مِنَ المُسْلِمِينَ، فَسَمِعْتُهُ يَقُولُ: «اللَّهُمَّ إنَّ فُلانَ ابْنَ فُلانٍ في ذِمَتِّكَ وَحَبْلِ جِوَارِكَ، فَقِهِ فِتْنَةَ القَبْرِ، وَعذَابَ النَّار، وَأَنْتَ أهْلُ الوَفَاءِ وَالحَمْدِ؛ اللَّهُمَّ فَاغْفِرْ لَهُ وَارْحَمْهُ، إنَّكَ أنْتَ الغَفُورُ الرَّحيمُ». رواه أَبُو داود. (1)   (1) أخرجه: أبو داود (3202)، وابن ماجه (1499). الحديث: 939 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 282 940 - وعن عبدِ الله بنِ أبي أَوْفى رضي الله عنهما: أنَّهُ كَبَّرَ عَلَى جَنَازَةِ ابْنَةٍ لَهُ أرْبَعَ تَكْبِيرَاتٍ، فَقَامَ بَعْدَ الرَّابِعَةِ كَقَدْرِ مَا بَيْنَ التَّكْبِيرَتَيْنِ يَسْتَغْفِرُ لَهَا وَيَدْعُو، ثُمَّ قَالَ: كَانَ رسول اللهِ - صلى الله عليه وسلم - يَصْنَعُ هكَذَا. وفي رواية: كَبَّرَ أرْبَعًا فَمَكَثَ سَاعَةً حَتَّى ظَنَنْتُ أنَّهُ سَيُكَبِّرُ خَمْسًا، ثُمَّ سَلَّمَ عَنْ يَمينِهِ وَعَنْ شِمَالِهِ. فَلَمَّا انْصَرَفَ قُلْنَا لَهُ: مَا هَذَا؟ فَقَالَ: إنِّي لاَ أزيدُكُمْ عَلَى مَا رأيْتُ رسولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - يَصْنَعُ، أَوْ: هكَذَا صَنَعَ رسول الله - صلى الله عليه وسلم. رواه الحاكم، (1) وقال: «حديث صحيح».   (1) أخرجه: ابن ماجه (1503)، والحاكم 1/ 360. الحديث: 940 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 282 158 - باب الإسراع بالجنازة 941 - عن أَبي هريرة - رضي الله عنه - عن النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: «أسْرِعُوا بالجَنَازَةِ، فَإنْ تَكُ صَالِحَةً، فَخَيرٌ تُقَدِّمُونَهَا إِلَيْهِ، وَإنْ تَكُ سِوَى ذَلِكَ، فَشَرٌّ تَضَعُونَهُ عَنْ رِقَابِكُمْ». متفقٌ عَلَيْهِ. (1) وفي روايةٍ لمسلمٍ: «فَخَيْرٌ تُقَدِّمُونَهَا عَلَيْهِ».   (1) أخرجه: البخاري 2/ 108 (1315)، ومسلم 3/ 50 (944) (50). الحديث: 941 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 283 942 - وعن أَبي سعيد الخدري - رضي الله عنه - قَالَ: كَانَ النبي - صلى الله عليه وسلم - يقُولُ: «إِذَا وُضِعَت الجَنَازَةُ، فَاحْتَمَلَهَا الرِّجَالُ عَلَى أعنَاقِهمْ، فَإنْ كَانَتْ صَالِحَةً، قالتْ: قَدِّمُونِي، وَإنْ كَانَتْ غَيْرَ صَالِحَةٍ، قَالَتْ لأَهْلِهَا: يَا وَيْلَهَا أَيْنَ تَذْهَبُونَ بِهَا؟ يَسْمَعُ صَوْتَهَا كُلُّ شَيْءٍ إِلاَّ الإنْسَانَ، وَلَوْ سَمِعَ الإنسَانُ لَصَعِقَ». رواه البخاري. (1)   (1) انظر الحديث (444). الحديث: 942 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 283 159 - باب تعجيل قضاء الدَّين عن الميت والمبادرة إِلَى تجهيزه إلا أن يموت فجأة فيترك حَتَّى يُتَيَقَّنَ مَوْتُه 943 - عن أَبي هريرة - رضي الله عنه - عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: «نَفْسُ المُؤْمِنِ مُعَلَّقَةٌ بِدَيْنِهِ حَتَّى يُقْضى عَنْهُ». رواه الترمذي، (1) وقال: «حديث حسن».   (1) أخرجه: ابن ماجه (2413)، والترمذي (1078) و (1079). الحديث: 943 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 283 944 - وعن حُصَيْنِ بن وَحْوَحٍ - رضي الله عنه: أنَّ طَلْحَةَ بْنَ البَرَاءِ بن عَازِبٍ رضي الله عنهما مَرِضَ، فَأتَاهُ النَّبيُّ - صلى الله عليه وسلم - يَعُودُهُ، فَقَالَ: «إنِّي لاَ أرى طَلْحَةَ إِلاَّ قَدْ حَدَثَ فِيهِ المَوْتُ، فآذِنُوني بِهِ وَعَجِّلُوا بِهِ، فَإنَّهُ لاَ يَنْبَغِي لجِيفَةِ مُسْلِمٍ أَنْ تُحْبَسَ بَيْنَ ظَهْرَانِيْ أهْلِهِ». رواه أَبُو داود. (1)   (1) أخرجه: أبو داود (3159)، وهو حديث ضعيف الإسناد. الحديث: 944 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 283 160 - باب الموعظة عند القبر 945 - عن عَلِيٍّ - رضي الله عنه - قَالَ: كُنَّا فِي جَنَازَةٍ في بَقيعِ الغَرْقَدِ، فَأتَانَا رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - فَقَعَدَ، وَقَعَدْنَا حَوْلَهُ وَمَعَهُ مِخْصَرَةٌ (1) فَنَكَّسَ وَجَعَلَ يَنْكُتُ بِمِخْصَرَتِهِ، ثُمَّ قَالَ: «مَا مِنْكُمْ [ص: 284] مِنْ أحَدٍ إِلاَّ وَقَدْ كُتِبَ مَقْعَدُهُ مِنَ النَّارِ وَمَقْعَدُهُ مِنَ الجَنَّةِ» فقالوا: يَا رسولَ الله، أفَلا نَتَّكِلُ عَلَى كِتَابنَا؟ فَقَالَ: «اعْمَلُوا؛ فكلٌّ مُيَسَّرٌ لِمَا خُلِقَ لَهُ ... » وذكَر تَمَامَ الحديث. متفقٌ عَلَيْهِ. (2)   (1) المِخصرة: ما يختصره الإنسان بيده فيمسكه من عصًا، أو عكازة ... النهاية 2/ 36. (2) أخرجه: البخاري 6/ 212 (4949)، ومسلم 8/ 47 (2647) (6). الحديث: 945 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 283 161 - باب الدعاء للميت بعد دفنه والقعود عند قبره ساعة للدعاء لَهُ والاستغفار والقراءة 946 - وعن أَبي عمرو - وقيل: أَبُو عبد الله، وقيل: أَبُو ليلى - عثمان بن عفان رضي الله عنه - قَالَ: كَانَ النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - إِذَا فُرِغَ مِن دَفْنِ المَيِّتِ وَقَفَ عَلَيْهِ، وقال: «اسْتَغْفِرُوا لأَخِيكُمْ وَسَلُوا لَهُ التَّثْبِيتَ، فَإنَّهُ الآنَ يُسألُ». رواه أَبُو داود. (1)   (1) - أخرجه: أبو داود (3221). الحديث: 946 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 284 947 - وعن عمرو بن العاص - رضي الله عنه - قَالَ: إِذَا دَفَنْتُمُونِي، فَأقِيمُوا حَوْلَ قَبْرِي قَدْرَ مَا تُنْحَرُ جَزُورٌ، وَيُقَسَّمُ لَحمُهَا حَتَّى أَسْتَأنِسَ بِكُمْ، وَأعْلَمَ مَاذَا أُرَاجِعُ بِهِ رُسُلَ رَبِّي. رواه مسلم. (1) وَقَدْ سبق بطوله. قَالَ الشَّافِعِيُّ رَحِمَهُ اللهُ: وَيُسْتَحَبُّ أَنْ يُقْرَأَ عِنْدَهُ شَيْءٌ مِنَ القُرآنِ، وَإنْ خَتَمُوا القُرآنَ عِنْدَهُ كَانَ حَسَنًا (2).   (1) انظر الحديث (710). [ص 220 من هذا الكتاب] (2) هذا الكلام ليس للشافعي، بل لأصحابه. انظر: المجموع 5/ 185. الحديث: 947 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 284 162 - باب الصدقة عن الميت والدعاء لَهُ قَالَ الله تَعَالَى: {وَالَّذِينَ جَاءوا مِنْ بَعْدِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلإخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالإيمَانِ} [الحشر: 10]. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 284 948 - وعن عائشة رضي الله عنها: أنَّ رجلًا قَالَ للنبيِّ - صلى الله عليه وسلم: إنَّ أُمِّي افْتُلِتَتْ نَفْسُهَا وَأُرَاهَا لَوْ تَكَلَّمَتْ تَصَدَّقَتْ، فَهَلْ لَهَا أَجْرٌ إنْ تَصَدَّقْتُ عَنْهَا؟ قَالَ: «نَعَمْ». متفقٌ عَلَيْهِ. (1)   (1) أخرجه: البخاري 2/ 127 (1388)، ومسلم 3/ 81 (1004) (51). الحديث: 948 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 284 949 - وعن أَبي هريرة - رضي الله عنه: أنَّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: «إِذَا مَاتَ الإنْسَانُ انْقَطَعَ عَمَلُهُ إِلاَّ مِنْ ثَلاثٍ: صَدَقةٍ جَاريَةٍ، أَوْ عِلْمٍ يُنْتَفَعُ بِهِ، أَوْ وَلَدٍ صَالِحٍ يَدْعُو لَهُ». رواه مسلم. (1)   (1) أخرجه: مسلم 5/ 73 / (1631) (14). الحديث: 949 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 284 163 - باب ثناء الناس عَلَى الميت 950 - عن أنسٍ - رضي الله عنه - قَالَ: مَرُّوا بِجَنَازَةٍ، فَأَثْنَوْا عَلَيْهَا خَيْرًا، فَقَالَ النبيُّ - صلى الله عليه وسلم: «وَجَبَتْ» ثُمَّ مَرُّوا بِأُخْرَى، فَأثْنَوْا عَلَيْهَا شَرًّا، فَقَالَ النبي - صلى الله عليه وسلم: «وَجَبَتْ»، فَقَالَ عمر بن الخطاب - رضي الله عنه: مَا وَجَبَت؟ فَقَالَ: «هَذَا أثْنَيْتُمْ عَلَيْهِ خَيْرًا، فَوَجَبتْ لَهُ الجَنَّةُ، وهَذَا أثْنَيْتُمْ عَلَيْهِ شَرًّا، فَوَجَبَتْ لَهُ النَّار، أنْتُمْ شُهَدَاءُ اللهِ في الأَرضِ». متفقٌ عَلَيْهِ. (1)   (1) أخرجه: البخاري 2/ 121 (1367)، ومسلم 3/ 53 (949) (60). الحديث: 950 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 285 951 - وعن أَبي الأسْوَدِ، قَالَ: قَدِمْتُ المَدِينَةَ، فَجَلَسْتُ إِلَى عُمَرَ بنِ الخَطَّاب - رضي الله عنه - فَمَرَّتْ بِهمْ جَنَازَةٌ، فَأُثْنِيَ عَلَى صَاحِبِهَا خَيْرًا، فَقَالَ عُمَرُ: وَجَبَتْ، ثُمَّ مُرَّ بَأُخْرَى فَأُثْنِيَ عَلَى صَاحِبِهَا خَيْرًا، فَقَالَ عُمرُ: وَجَبَتْ، ثُمَّ مُرَّ بِالثَّالِثَةِ، فَأُثْنِيَ عَلَى صَاحِبِهَا شَرًّا، فَقَالَ عُمر: وَجَبَتْ، قَالَ أَبُو الأسودِ: فقلتُ: وَمَا وَجَبَتْ يَا أمْيرَ المُؤمِنينَ؟ قَالَ: قُلْتُ كما قَالَ النبي - صلى الله عليه وسلم: «أيُّمَا مُسْلِمٍ شَهِدَ لَهُ أرْبَعَةٌ بِخَيرٍ، أدْخَلَهُ اللهُ الجَنَّةَ» فقُلْنَا: وَثَلاثَةٌ؟ قَالَ: «وَثَلاثَةٌ» فقلنا: وَاثْنَانِ؟ قَالَ: «وَاثْنَانِ» ثُمَّ لَمْ نَسْأَلْهُ عَن الواحِدِ. رواه البخاري. (1)   (1) أخرجه: البخاري 2/ 121 - 122 (1368). الحديث: 951 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 285 164 - باب فضل من مات لَهُ أولاد صغار 952 - وعن أنسٍ - رضي الله عنه - قَالَ: قَالَ رسول الله - صلى الله عليه وسلم: «مَا مِنْ مُسْلِمٍ يَمُوتُ لَهُ ثَلاَثَةٌ لَمْ يَبْلُغوا الحِنْثَ إِلاَّ أدْخَلَهُ اللهُ الجَنَّةَ بِفَضْلِ رَحْمَتِهِ إيَّاهُمْ». متفقٌ عَلَيْهِ. (1)   (1) أخرجه: البخاري 2/ 125 (1381) ولم يخرجه مسلم عن أنس. الحديث: 952 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 285 953 - وعن أَبي هريرة - رضي الله عنه - قَالَ: قَالَ رسول الله - صلى الله عليه وسلم: «لاَ يَمُوتُ لأَحَدٍ مِنَ المُسْلِمينَ ثَلاَثَةٌ مِنَ الوَلَدِ لاَ تَمسُّهُ النَّارُ إِلاَّ تَحِلَّةَ القَسَمِ». متفقٌ عَلَيْهِ. (1) وَ «تَحِلَّةُ القَسَمِ» قول الله تَعَالَى: {وَإنْ مِنْكُمْ إِلاَّ وَارِدُهَا} وَالوُرُودُ: هُوَ العُبُورُ عَلَى الصِّرَاطِ، وَهُوَ جِسْرٌ مَنْصُوبٌ عَلَى ظَهْرِ جَهَنَّمَ، عَافَانَا اللهُ مِنْهَا.   (1) أخرجه: البخاري 2/ 93 (1251)، ومسلم 8/ 39 (2632) (150). الحديث: 953 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 285 954 - وعن أَبي سعيد الخدري - رضي الله عنه - قَالَ: جَاءتِ امْرأةٌ إِلَى رسولِ الله - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَتْ: يَا رسولَ الله، ذَهبَ الرِّجَالُ بِحَدِيثكَ، فَاجْعَلْ لَنَا مِنْ نَفْسِكَ يَوْمًا نَأتِيكَ فِيهِ تُعَلِّمُنَا مِمَّا عَلَّمَكَ اللهُ، قَالَ: «اجْتَمِعْنَ يَوْمَ كَذَا وَكَذَا» فَاجْتَمَعْنَ، فَأَتَاهُنَّ النبيُّ - صلى الله عليه وسلم [ص: 286] فَعَلَّمَهُنَّ مِمَّا عَلَّمَهُ اللهُ، ثُمَّ قَالَ: «مَا مِنْكُنَّ مِنِ امْرَأةٍ تُقَدِّمُ ثَلاَثَةً مِنَ الوَلَدِ إِلاَّ كَانُوا لَهَا حِجَابًا مِنَ النَّارِ» فقالتِ امْرَأةٌ: وَاثْنَينِ؟ فَقَالَ رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم: «وَاثْنَيْنِ». متفقٌ عَلَيْهِ. (1)   (1) أخرجه: البخاري 1/ 36 (101)، ومسلم 8/ 39 (2633) (152). الحديث: 954 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 285 165 - باب البكاء والخوف عِنْدَ المرور بقبور الظالمين ومصارعهم وإظهار الافتقار إِلَى الله تَعَالَى والتحذير من الغفلة عن ذلك 955 - عن ابن عمرَ رضي الله عنهما: أنَّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قَالَ لأصْحَابِهِ - يعْني لَمَّا وَصَلُوا الحِجْرَ - دِيَارَ ثَمُودَ -: «لاَ تَدْخُلُوا عَلَى هَؤُلاَءِ المُعَذَّبِينَ إِلاَّ أَنْ تَكُونُوا بَاكِينَ، فَإنْ لَمْ تَكُونُوا بَاكِينَ، فَلاَ تَدْخُلُوا عَلَيْهِمْ، لاَ يُصِيبُكُمْ مَا أصَابَهُمْ». متفقٌ عَلَيْهِ. (1) وفي روايةٍ قَالَ: لَمَّا مَرَّ رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - بِالحِجْرِ، قَالَ: «لاَ تَدْخُلُوا مَسَاكِنَ الَّذِينَ ظَلَمُوا أنْفُسَهُمْ، أَنْ يُصِيبَكُمْ مَا أصَابَهُمْ، إِلاَّ أَنْ تَكُونُوا بَاكِينَ» ثُمَّ قَنَّع رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - رَأسَهُ وأسْرَعَ السَّيْرَ حَتَّى أجَازَ الوَادِي.   (1) أخرجه: البخاري 6/ 9 (4419) و (4420)، ومسلم 8/ 220 (2980) (38) و (39). الحديث: 955 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 286 (7) - كتَاب آداب السَّفَر 166 - باب استحباب الخروج يوم الخميس، واستحبابه أول النهار 956 - عن كعب بن مالك - رضي الله عنه: أنَّ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - خَرَجَ في غَزْوَةِ تَبُوكَ يَوْمَ الخَمِيس، وَكَانَ يُحِبُّ أَنْ يَخْرُجَ يَوْمَ الْخَميسِ. متفقٌ عَلَيْهِ. (1) وفي رواية في الصحيحين: لقَلَّمَا كَانَ رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - يَخْرُجُ إِلاَّ في يَوْمِ الخَمِيسِ.   (1) أخرجه: البخاري 4/ 59 (2949) و (2950)، ولم نجده عند مسلم وكذا لم يعزه لمسلم المزي في تحفة الأشراف 7/ 566 (11147). الحديث: 956 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 287 957 - وعن صخر بن وَداعَةَ الغامِدِيِّ الصحابيِّ - رضي الله عنه: أنَّ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: «اللَّهُمَّ بَارِكْ لأُمَّتِي في بُكُورِهَا (1)» وَكَانَ إِذَا بَعَثَ سَرِيَّةً أَوْ جَيْشًا بَعَثَهُمْ مِنْ أوَّلِ النَّهَارِ. وَكَانَ صَخْرٌ تَاجِرًا، وَكَانَ يَبْعَثُ تِجَارَتَهُ أوَّلَ النَّهَار، فَأَثْرَى وَكَثُرَ مَالُهُ. رواه أَبُو داود والترمذي، (2) وقال: «حديث حسن».   (1) البكرة: الغدوة، والخروج في ذلك الوقت. اللسان 1/ 469. (2) أخرجه: أبو داود (2606)، وابن ماجه (2236)، والترمذي (1212)، والنسائي في «الكبرى» (8833). الحديث: 957 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 287 167 - باب استحباب طلب الرفقة وتأميرهم عَلَى أنفسهم واحدًا يطيعونه 958 - عن ابن عمرَ رضي اللهُ عنهما، قَالَ: قَالَ رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم: «لَوْ أنَّ النَّاسَ يَعْلَمُونَ مِنَ الوَحدَةِ مَا أَعْلَمُ، مَا سَارَ رَاكبٌ بِلَيْلٍ وَحْدَهُ!». رواه البخاري. (1)   (1) أخرجه: البخاري 4/ 70 (2998). الحديث: 958 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 287 959 - وعن عمرِو بن شُعَيْبٍ، عن أبيه، عن جَدهِ - رضي الله عنه - قَالَ: قَالَ رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم: «الرَّاكِبُ شَيْطَانٌ، وَالرَّاكِبَانِ شَيْطَانَانِ، وَالثَّلاَثَةُ رَكْبٌ». رواه أَبُو داود والترمذي والنسائي بأسانيد صحيحةٍ، وقال الترمذي: «حديث حسن» (1).   (1) أخرجه: أبو داود (2607)، والترمذي (1674)، والنسائي في «الكبرى» (8849). الحديث: 959 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 288 960 - وعن أَبي سعيد وأبي هُريرة رضي اللهُ تَعَالَى عنهما، قالا: قَالَ رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم: «إِذَا خَرَجَ ثَلاَثَةٌ في سَفَرٍ فَليُؤَمِّرُوا أَحَدَهُمْ» حديث حسن، رواه أَبُو داود بإسنادٍ حسن. (1)   (1) أخرجه: أبو داود (2608). الحديث: 960 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 288 961 - وعن ابن عبّاسٍ رضي الله عنهما، عن النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: «خَيْرُ الصَّحَابَةِ (1) أرْبَعَةٌ، وَخَيْرُ السَّرَايَا (2) أرْبَعُمِائَةٍ، وَخَيْرُ الجُيُوشِ أرْبَعَةُ آلاَفٍ، وَلَنْ يُغْلَبَ اثْنَا عَشَرَ ألْفًا مِنْ قِلةٍ». رواه أَبُو داود والترمذي، (3) وقال: «حديث حسن».   (1) الصحابة: جمع صاحب، الأصحاب. النهاية 3/ 12. (2) السرية: هي طائفة من الجيش. النهاية 2/ 363. (3) أخرجه: أبو داود (2611)، والترمذي (1555) وقال: «حديث حسن غريب»، وهو حديث معلول بيانه في كتابي «الجامع في العلل». الحديث: 961 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 288 168 - باب آداب السير والنزول والمبيت والنوم في السفر واستحباب السُّرَى والرفق بالدواب ومراعاة مصلحتها وأمر من قصّر في حقها بالقيام بحقها وجواز الإرداف عَلَى الدابة إِذَا كانت تطيق ذلك 962 - عن أَبي هُريرةَ - رضي الله عنه - قَالَ: قَالَ رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم: «إِذَا سَافَرْتُمْ فِي الخِصْبِ، فَأعْطُوا الإبلَ حَظَّهَا مِنَ الأَرْضِ، وَإِذَا سَافَرْتُمْ في الجدْبِ، فَأسْرِعُوا عَلَيْهَا السَّيْرَ، وَبَادِرُوا بِهَا نِقْيَهَا، وَإِذَا عَرَّسْتُمْ، فَاجْتَنِبُوا الطَّرِيقَ؛ فَإنَّهَا طُرُقُ الدَّوَابِّ، وَمَأوَى الهَوَامِّ بِاللَّيْلِ». رواه مسلم. (1) مَعنَى «أعْطُوا الإبِلَ حَظَّهَا مِنَ الأرْضِ» أيْ: ارْفُقُوا بِهَا في السَّيْرِ لِتَرْعَى في حَالِ سَيرِهَا، وَقوله: «نِقْيَهَا» هُوَ بكسر النون وإسكان القاف وبالياءِ المثناة من تَحْت وَهُوَ: [ص: 289] المُخُّ، معناه: أسْرِعُوا بِهَا حَتَّى تَصِلُوا المَقصِدَ قَبْلَ أَنْ يَذْهَبَ مُخُّهَا مِنْ ضَنْك السَّيْرِ. وَ «التَّعْرِيسُ»: النُزولُ في اللَّيلِ.   (1) أخرجه: مسلم 6/ 54 (1926) (178). الحديث: 962 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 288 963 - وعن أَبي قتادة - رضي الله عنه - قَالَ: كَانَ رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - إِذَا كَانَ فِي سَفَرٍ، فَعَرَّسَ بِلَيْلٍ اضْطَجَعَ عَلَى يَمِينهِ، وَإِذَا عَرَّسَ قُبَيلَ الصُّبْحِ نَصَبَ ذِرَاعَهُ، وَوَضَعَ رَأسَهُ عَلَى كَفِّهِ. رواه مسلم. (1) قَالَ العلماءُ: إنَّمَا نَصَبَ ذِرَاعَهُ لِئَلاَّ يَسْتَغْرِقَ في النَّومِ، فَتَفُوتَ صَلاَةُ الصُّبْحِ عَنْ وَقْتِهَا أَوْ عَنْ أوَّلِ وَقْتِهَا.   (1) أخرجه: مسلم 2/ 142 (683) (313). الحديث: 963 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 289 964 - وعن أنس - رضي الله عنه - قَالَ: قَالَ رسول الله - صلى الله عليه وسلم: «عَلَيْكُمْ بِالدُّلْجَةِ، فَإنَّ الأرْضَ تُطْوَى بِاللَّيْلِ». رواه أَبُو داود بإسناد حسن. (1) «الدُّلْجَةُ»: السَّيْرُ في اللَّيْلِ.   (1) أخرجه: أبو داود (2571). الحديث: 964 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 289 965 - وعن أَبي ثَعْلَبَةَ الخُشَنِيِّ - رضي الله عنه - قَالَ: كَانَ النَّاسُ إِذَا نَزَلُوا مَنْزِلًا تَفَرَّقُوا في الشِّعَابِ وَالأوْدِيَةِ. فَقَالَ رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم: «إنَّ تَفَرُّقكُمْ فِي هذِهِ الشِّعَابِ وَالأوْدِيَةِ إنَّمَا ذلِكُمْ مِنَ الشَّيْطَانِ!» فَلَمْ يَنْزِلُوا بَعْدَ ذَلِكَ مَنْزِلًا إِلاَّ انْضَمَّ بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ. رواه أَبُو داود بإسناد حسن. (1)   (1) أخرجه: أبو داود (2628)، والنسائي في «الكبرى» (8856). الحديث: 965 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 289 966 - وعن سهل بن عمرو - وقيل: سهل بن الربيع بن عمرو الأنصاري المعروف بابن الحنظلِيَّة، وَهُوَ من أهل بيعة الرِّضْوَانِ - رضي الله عنه - قَالَ: مَرَّ رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - بِبَعِيرٍ قَدْ لَحِقَ ظَهْرُهُ بِبَطْنِهِ، فَقَالَ: «اتَّقُوا الله في هذِهِ البَهَائِمِ المُعجَمَةِ، فَارْكَبُوهَا صَالِحَةً، وَكُلُوهَا صَالِحَةً». رواه أَبُو داود بإسناد صحيح. (1)   (1) أخرجه: أبو داود (2548). الحديث: 966 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 289 967 - وعن أَبي جعفر عبد الله بن جعفر رضي الله عنهما، قَالَ: أردفني رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - ذَاتَ يَوْمٍ خَلْفَهُ، وَأسَرَّ إليَّ حَدِيثًا لا أُحَدِّثُ بِهِ أحَدًا مِنَ النَّاسِ، وَكَانَ أحَبَّ مَا اسْتَتَرَ بِهِ رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - لِحاجَتِهِ هَدَفٌ أَوْ حَائِشُ نَخْلٍ. يَعنِي: حَائِطَ نَخْلٍ. رواه مسلم هكَذَا مُختصرًا. (1) [ص: 290] وزادَ فِيهِ البَرْقاني بإسناد مسلم - بعد قَوْله: حَائِشُ نَخْلٍ - فَدَخَلَ حَائِطًا لِرَجُلٍ مِنَ الأنْصَارِ، فَإذا فِيهِ جَمَلٌ، فَلَمَّا رَأى رَسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - جَرْجَرَ وذَرَفَتْ عَيْنَاهُ، فَأتَاهُ النَّبيُّ - صلى الله عليه وسلم - فَمَسَحَ سَرَاتَهُ - أيْ: سِنَامَهُ - وَذِفْرَاهُ فَسَكَنَ، فَقَالَ: «مَنْ رَبُّ هَذَا الجَمَلِ؟ لِمَنْ هَذَا الجَمَلُ؟» فَجَاءَ فَتَىً مِنَ الأنْصَارِ، فَقَالَ: هَذَا لِي يَا رسولَ الله. قَالَ: «أفَلاَ تَتَّقِي اللهَ في هذِهِ البَهِيمَةِ الَّتي مَلَّكَكَ اللهُ إيَّاهَا؟ فَإنَّهُ يَشْكُو إلَيَّ أنَّكَ تُجِيعُهُ وتُدْئِبُهُ». رواه أَبُو داود كرواية البرقاني. قَوْله «ذِفْرَاهُ»: هُوَ بكسر الذال المعجمة وإسكان الفاءِ، وَهُوَ لفظ مفرد مؤنث. قَالَ أهل اللغة: الذِّفْرى: الموضع الَّذِي يَعْرَقُ مِن البَعِيرِ خَلف الأُذُنِ، وَقوله: «تُدْئِبهُ» أيْ: تتعِبه.   (1) أخرجه: مسلم 1/ 184 (342) (79)، وأبو داود (2549). الحديث: 967 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 289 968 - وعن أنس - رضي الله عنه - قَالَ: كُنَّا إِذَا نَزَلْنَا مَنْزِلًا، لاَ نُسَبِّحُ حَتَّى نَحُلَّ الرِّحَال. رواه أَبُو داود بإسناد عَلَى شرط مسلم. (1) وَقَوْلُه: «لا نُسَبِّحُ»: أيْ لاَ نُصَلِّي النَّافِلَةَ، ومعناه: أنَّا - مَعَ حِرْصِنَا عَلَى الصَّلاَةِ - لا نُقَدِّمُهَا عَلَى حَطِّ الرِّحَالِ وَإرَاحَةِ الدَّوَابِّ.   (1) أخرجه: أبو داود (2551). الحديث: 968 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 290 169 - باب إعانة الرفيق في الباب أحاديث كثيرة تقدمت كحديث: «وَاللهُ في عَوْنِ العَبْدِ مَا كَانَ العَبْدُ في عَوْنِ أخِيهِ» (1). وحديث: «كُلُّ مَعْرُوفٍ صَدَقَة» (2) وَأشْبَاهِهِما.   (1) انظر الحديث (245) عن أبي هريرة. (2) انظر الحديث (134) عن جابر وحذيفة. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 290 969 - وعن أَبي سعيد الخدري - رضي الله عنه - قَالَ: بَيْنَمَا نَحْنُ في سَفَرٍ إذْ جَاءَ رَجُلٌ عَلَى رَاحِلَةٍ لَهُ، فَجَعَلَ يَصْرِفُ بَصَرَهُ يَمِينًا وَشِمَالًا، فَقَالَ رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم: «مَنْ كَانَ مَعَهُ فَضْلُ ظَهْرٍ فَلْيَعُدْ بِهِ عَلَى مَنْ لاَ ظَهْرَ لَهُ، وَمَنْ كَانَ لَهُ فَضْلُ زَادٍ فَلْيَعُدْ بِهِ عَلَى مَنْ لاَ زَادَ لَهُ»، فَذَكَرَ مِنْ أصْنَافِ المَالِ مَا ذَكَرَهُ، حَتَّى رَأيْنَا، أنَّهُ لاَ حَقَّ لأَحَدٍ مِنَّا فِي فَضْلٍ. رواه مسلم. (1)   (1) انظر الحديث (565). الحديث: 969 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 290 970 - وعن جابر - رضي الله عنه - عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم: أنَّهُ أرَادَ أَنْ يَغْزُوَ، فَقَالَ: «يَا مَعْشَرَ المُهَاجِرِينَ وَالأَنْصَارِ، إنَّ مِنْ إخْوَانِكُمْ قَوْمًا لَيْسَ لَهُمْ مَالٌ، وَلاَ عَشِيرةٌ، فَلْيَضُمَّ أحَدُكُمْ إِلَيْهِ الرَّجُلَيْنِ أَو الثَّلاَثَةَ، فَمَا لأَحَدِنَا مِنْ ظَهْرٍ يَحْمِلُهُ إِلاَّ عُقْبةٌ كَعُقْبَةٍ» يَعْني أحَدهِمْ، قَالَ: فَضَمَمْتُ إلَيَّ اثْنَيْنِ أَوْ ثَلاَثَةً مَا لِي إِلاَّ عُقْبَةٌ كَعقبة أحَدِهِمْ مِنْ جَمَلِي. رواه أَبُو داود. (1)   (1) أخرجه: أبو داود (2534). الحديث: 970 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 291 971 - وعنه، قَالَ: كَانَ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يَتَخَلَّفُ في المَسير، فَيُزْجِي (1) الضَّعِيف، وَيُرْدِفُ وَيَدْعُو لَهُ. رواه أَبُو داود بإسناد حسن. (2)   (1) قال الخطابي في معالم السنن 2/ 233: «قوله: يزجي، أي يسوق بهم، يقال: أزجيت المطية إذا حثثتها في السوق». (2) أخرجه: أبو داود (2639). الحديث: 971 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 291 170 - باب مَا يقول إذا ركب دَابَّة للسفر قَالَ الله تَعَالَى: {وَجَعَلَ لَكُمْ مِنَ الفُلْكِ وَالأنْعَامِ مَا تَرْكَبُونَ لِتَسْتَوُوا عَلَى ظُهُورِهِ ثُمَّ تَذْكُرُوا نِعْمَةَ رَبِّكُمْ إِذَا اسْتَوَيْتُمْ عَلَيْهِ وَتَقُولُوا سُبْحَانَ الَّذِي سَخَّرَ لَنَا هَذَا وَمَا كُنَّا لَهُ مُقْرِنِينَ وَإنَّا إِلَى رَبِّنَا لَمُنْقَلِبُونَ} [الزخرف: 12 - 13]. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 291 972 - وعن ابن عمر رضي الله عنهما: أنَّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كَانَ إِذَا اسْتَوَى عَلَى بَعِيرِهِ خَارِجًا إِلَى سَفَرٍ، كَبَّرَ ثَلاثًا، ثُمَّ قَال َ: «سُبْحَانَ الَّذِي سَخَّرَ لَنَا هَذَا وَمَا كُنَّا لَهُ مُقْرِنِينَ وَإِنَّا إِلَى رَبِّنَا لَمُنْقَلِبُونَ. اللَّهُمَّ إِنَّا نَسْأَلُكَ فِي سَفَرِنَا هَذَا الْبِرَّ وَالتَّقْوَى، وَمِنَ الْعَمَلِ مَا تَرْضَى، اللَّهُمَّ هَوِّنْ عَلَيْنَا سَفَرَنَا هَذَا وَاطْوِ عَنَّا بُعْدَهُ. اللَّهُمَّ أَنْتَ الصَّاحِبُ فِي السَّفَرِ، وَالْخَلِيفَةُ فِي الأَهْلِ. اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنْ وَعْثَاءِ السَّفَرِ وَكَآبَةِ الْمَنْظَرِ وَسُوءِ الْمُنْقَلَبِ فِي الْمَالِ وَالأَهْلِ وَالوَلَدِ». وَإِذَا رَجَعَ قَالَهُنَّ. وَزَادَ فِيهِنَّ «آيِبُونَ تَائِبُونَ عَابِدُونَ لِرَبِّنَا حَامِدُونَ». رواه مسلم. (1) مَعْنَى «مُقْرِنِينَ»: مُطِيقِينَ. وَ «الوَعْثَاءُ» بفتحِ الواوِ وَإسكان العين المهملة وبالثاء المثلثة وبالمد وَهِيَ: الشِّدَّةُ. وَ «الكَآبَةُ» بِالمَدِّ، وَهِيَ: تَغَيُّرُ النَّفْسِ مِنْ حُزْنٍ وَنَحْوهِ. وَ «المُنْقَلَبُ»: المَرْجِعُ.   (1) أخرجه: مسلم 4/ 104 (1342) (425). الحديث: 972 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 291 973 - وعن عبد الله بن سَرجِسَ - رضي الله عنه - قَالَ: كَانَ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إِذَا سَافَرَ يَتَعَوَّذُ مِنْ وَعْثَاءِ السَّفَرِ، وَكَآبَةِ المُنْقَلَبِ، وَالْحَوْرِ بَعْدَ الكَوْنِ، وَدَعْوَةِ المَظْلُومِ، وَسُوءِ المَنْظَرِ في الأَهْلِ وَالمَالِ. رواه مسلم. (1) هكذا هُوَ في صحيح مسلم: «الحَوْر بَعْدَ الكَوْنِ» بالنون، وكذا رواه الترمذي والنسائي، قَالَ الترمذي: وَيُرْوَى «الكوْرُ» بالراءِ، وَكِلاهما لَهُ وجه. قَالَ العلماءُ: ومعناه بالنون والراءِ جَميعًا: الرُّجُوعُ مِنَ الاسْتِقَامَةِ أَوِ الزِّيَادَةِ إِلَى النَّقْصِ. قالوا: ورِوايةُ الرَّاءِ مَأخُوذَةٌ مِنْ تَكْوِيرِ العِمَامَة وَهُوَ لَفُّهَا وَجَمْعُهَا. ورواية النون، مِنَ الكَوْنِ، مَصْدَرُ كَانَ يَكُونُ كَونًا: إِذَا وُجِدَ وَاسْتَقَرَّ.   (1) أخرجه: مسلم 4/ 104 (1343) (426)، وابن ماجه (3888)، والترمذي (3439)، والنسائي 8/ 372 و373. الحديث: 973 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 292 974 - وعن عَلِي بن ربيعة، قَالَ: شهدت عليَّ بن أَبي طالب - رضي الله عنه - أُتِيَ بِدَابَّةٍ لِيَرْكَبَهَا، فَلَمَّا وَضَعَ رِجْلَهُ في الرِّكَابِ، قَالَ: بِسْمِ اللهِ، فَلَمَّا اسْتَوَى عَلَى ظَهْرِهَا، قَال َ: الحَمْدُ للهِ الَّذِي سَخَّرَ لَنَا هَذَا وَمَا كُنَّا لَهُ مُقْرِنينَ، وَإنَّا إِلَى رَبِّنَا لَمُنْقَلِبُونَ، ثُمَّ قَالَ: الحمْدُ للهِ، ثَلاثَ مَرَّاتٍ، ثُمَّ قَالَ: اللهُ أكْبَرُ، ثَلاثَ مَرَّاتٍ، ثُمَّ قَالَ: سُبْحَانَكَ إنّي ظَلَمْتُ نَفْسِي فَاغْفِرْ لِي إنَّهُ لاَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلاَّ أنْتَ، ثُمَّ ضَحِكَ، فَقيلَ: يَا أمِيرَ المُؤمِنِينَ، مِنْ أيِّ شَيْءٍ ضَحِكْتَ؟ قَالَ: رَأيتُ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - فَعَلَ كَمَا فَعَلْتُ ثُمَّ ضَحِكَ، فقُلْتُ: يَا رسول اللهِ، مِنْ أيِّ شَيْءٍ ضَحِكْتَ؟ قَالَ: «إنَّ رَبَّكَ تَعَالَى يَعْجَبُ مِنْ عَبدِهِ إِذَا قَالَ: اغْفِرْ لِي ذُنُوبِي، يَعْلَمُ أنَّهُ لاَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ غَيْرِي». رواه أَبُو داود والترمذي، وقال: «حديث حسن»، وفي بعض النسخ: «حسن صحيح». وهذا لفظ أَبي داود. (1)   (1) أخرجه: أبو داود (2602)، والترمذي (3446)، والنسائي في «الكبرى» (8800). الحديث: 974 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 292 171 - باب تكبير المسافر إِذَا صعد الثنايا وشبهها، وتسبيحه إِذَا هبط الأودية ونحوها، والنهي عن المبالغة برفع الصوتِ بالتكبير ونحوه 975 - عن جابر - رضي الله عنه - قَالَ: كُنَّا إِذَا صَعِدْنَا كَبَّرْنَا، وَإِذَا نَزَلْنَا سَبَّحْنَا. رواه البخاري. (1)   (1) أخرجه: البخاري 4/ 69 (2993). الحديث: 975 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 292 976 - وعن ابن عمرَ رضي اللهُ عنهما، قَالَ: كَانَ النَّبيُّ - صلى الله عليه وسلم - وجيُوشُهُ إِذَا عَلَوا الثَّنَايَا كَبَّرُوا، وَإِذَا هَبَطُوا سَبَّحُوا. رواه أَبُو داود بإسناد صحيح. (1)   (1) أخرجه: أبو داود (2599). الحديث: 976 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 293 977 - وعنه، قَالَ: كَانَ النَّبي - صلى الله عليه وسلم - إِذَا قَفَلَ مِنَ الحَجِّ أَوْ العُمْرَةِ، كُلَّمَا أوْفَى عَلَى ثَنِيَّةٍ أَوْ فَدْفَدٍ كَبَّرَ ثَلاثًا، ثُمَّ قَالَ: «لاَ إلهَ إِلاَّ اللهُ وَحْدَهُ لاَ شَرِيكَ لَهُ، لَهُ المُلْكُ وَلَهُ الحَمْدُ، وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ. آيِبُونَ، تَائِبُونَ، عَابِدُونَ، سَاجِدُونَ، لِرَبِّنَا حَامِدُونَ، صَدَقَ اللهُ وَعْدَهُ، وَنَصَرَ عَبْدَهُ، وَهَزَمَ الأحْزَابَ وَحْدَهُ». متفقٌ عَلَيْهِ. (1) وفي رواية لمسلم: إِذَا قَفَلَ مِنَ الجيُوشِ أَو السَّرَايَا أَو الحَجِّ أَو العُمْرَةِ. قَوْلهُ: «أوْفَى» أيْ: ارْتَفَعَ، وَقَوْلُه: «فَدْفَدٍ» هُوَ بفتح الفائَينِ بينهما دال مهملة ساكِنة، وَآخِره دال أخرى وَهُوَ: «الغَليظُ المُرْتَفِعُ مِنَ الأرضِ».   (1) أخرجه: البخاري 8/ 102 (6385)، ومسلم 4/ 105 (1344) (428). الحديث: 977 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 293 978 - وعن أَبي هريرة - رضي الله عنه: أنَّ رجلًا قَالَ: يَا رسول الله، إنّي أُريدُ أَنْ أُسَافِرَ فَأوْصِني، قَالَ: «عَلَيْكَ بِتَقْوَى اللهِ، وَالتَّكْبِيرِ عَلَى كلِّ شَرَفٍ» فَلَمَّا وَلَّى الرَّجُلُ، قَالَ: «اللَّهُمَّ اطْوِ لَهُ البُعْدَ، وَهَوِّنْ عَلَيْهِ السَّفَرَ». رواه الترمذي، (1) وقال: «حديث حسن».   (1) أخرجه: ابن ماجه (2771)، والترمذي (3445). الحديث: 978 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 293 979 - وعن أَبي موسى الأشعريِّ - رضي الله عنه - قَالَ: كنّا مَعَ النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - في سَفَرٍ، فَكُنَّا إِذَا أشْرَفْنَا عَلَى وَادٍ هَلَّلْنَا وَكَبَّرْنَا وَارتَفَعَتْ أصْوَاتُنَا، فَقَالَ النبيُّ - صلى الله عليه وسلم: «يَا أيُّهَا النَّاسُ، ارْبَعُوا عَلَى أنْفُسِكُمْ، فَإنَّكُمْ لاَ تَدْعُونَ أصَمَّ وَلاَ غَائِبًا، إنَّهُ مَعَكُمْ، إنَّهُ سَمِيعٌ قَرِيبٌ». متفقٌ عَلَيْهِ. (1) «ارْبَعُوا» بفتحِ الباءِ الموحدةِ أيْ: ارْفُقُوا بِأَنْفُسِكُمْ.   (1) أخرجه: البخاري 8/ 101 - 102 (6384)، ومسلم 8/ 73 (2704) (44). الحديث: 979 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 293 172 - باب استحباب الدعاء في السفر 980 - وعن أَبي هريرة - رضي الله عنه - قَالَ: قَالَ رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم: «ثلاثُ دَعَوَاتٍ مُسْتَجَابَات لاَ شَكَّ فِيهِنَّ: دَعْوَةُ المَظْلُومِ، وَدَعْوَةُ المُسَافِرِ، وَدَعْوَةُ الوَالِدِ عَلَى وَلَدِهِ». رواه أَبُو داود والترمذي، (1) وقال: «حديث حسن». وليس في رواية أَبي داود: «عَلَى وَلَدِهِ».   (1) أخرجه: أبو داود (1536)، وابن ماجه (3862)، والترمذي (1905) و (3448). الحديث: 980 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 293 173 - باب مَا يدعو بِهِ إِذَا خاف ناسًا أَوْ غيرهم 981 - عن أَبي موسى الأشعريِّ - رضي الله عنه: أنَّ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - كَانَ إِذَا خَافَ قَوْمًا، قَالَ: «اللَّهُمَّ إنَّا نَجْعَلُكَ في نُحُورِهِمْ، وَنَعُوذُ بِكَ مِنْ شُرُورِهِمْ». رواه أَبُو داود والنسائي بإسنادٍ صحيحٍ. (1)   (1) أخرجه: أبو داود (1537)، والنسائي في «الكبرى» (8631) و (10437). الحديث: 981 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 294 174 - باب مَا يقول إِذَا نزل منْزلًا 982 - عن خولة بنتِ حَكِيمٍ رضي الله عنها، قالت: سَمِعْتُ رسولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ: «مَنْ نَزَلَ مَنْزِلًا ثُمَّ قَالَ: أَعُوذُ بِكَلِمَاتِ اللهِ التَّامَّاتِ مِنْ شَرِّ مَا خَلَقَ، لَمْ يَضُرَّهُ شَيْءٌ حَتَّى يَرْتَحِلَ مِنْ مَنْزِلِهِ ذَلِكَ». رواه مسلم. (1)   (1) أخرجه: مسلم 8/ 76 (2708) (54). الحديث: 982 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 294 983 - وعن ابن عمر رضي الله عنهما، قَالَ: كَانَ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إِذَا سَافَرَ فَأقْبَلَ اللَّيْلُ، قَالَ: «يَا أرْضُ، رَبِّي وَرَبُّكِ اللهُ، أعُوذُ بِاللهِ مِنْ شَرِّكِ وَشَرِّ مَا فِيكِ، وَشَرِّ مَا خُلِقَ فِيكِ، وَشَرِّ مَا يَدِبُّ عَلَيْكِ، وَأعُوذُ بِكَ مِنْ شَرِّ أسَدٍ وَأسْوَدٍ، وَمِنَ الحَيَّةِ وَالعَقْرَبِ، وَمِنْ سَاكِنِ البَلَدِ، وَمِنْ وَالِدٍ وَمَا وَلَدَ». رواه أَبُو داود. (1) وَ «الأَسْوَدُ»: الشَّخْصُ، قَالَ الخَطَّابِيُّ: وَ «سَاكِنُ البَلَدِ»: هُمُ الجِنُّ الَّذِينَ هُمْ سُكَّانُ الأرْضِ. قَالَ: وَالبَلَد مِنَ الأرْضِ: مَا كَانَ مَأْوَى الحَيَوانِ، وَإنْ لَمْ يَكُنْ فِيهِ بِنَاءٌ وَمَنَازلُ. قَالَ: وَيَحْتَمِلُ أنَّ المُرَادَ: «بِالوَالِدِ» إبليسُ: «وَمَا وَلَدَ»: الشَّيَاطِينُ (2).   (1) أخرجه: أبو داود (2603). (2) انظر: معالم السنن 2/ 224. الحديث: 983 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 294 175 - باب استحباب تعجيل المسافر الرجوع إِلَى أهله إِذَا قضى حاجته 984 - عن أَبي هريرة - رضي الله عنه: أنَّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: «السَّفَرُ قِطْعَةٌ مِنَ العَذَابِ، يَمْنَعُ أحَدَكُمْ طَعَامَهُ وَشَرابَهُ وَنَوْمَهُ، فَإذَا قَضَى أحَدُكُمْ نَهْمَتَهُ مِنْ سَفَرِهِ، فَلْيُعَجِّلْ إِلَى أهْلِهِ». متفقٌ عَلَيْهِ. (1) «نَهْمَتهُ»: مَقْصُودهُ.   (1) أخرجه: البخاري 4/ 71 (3001)، ومسلم 6/ 55 (1927) (179). الحديث: 984 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 294 176 - باب استحباب القدوم عَلَى أهله نهارًا وكراهته في الليل لغير حاجة 985 - عن جابر - رضي الله عنه: أنَّ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: «إِذَا أطال أحَدُكُمُ الغَيْبَةَ فَلاَ يَطْرُقَنَّ أهْلَهُ لَيْلًا». وفي روايةٍ: أنَّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - نَهَى أَنْ يَطْرُقَ الرَّجُلُ أهْلَهُ لَيْلًا. متفقٌ عَلَيْهِ. (1)   (1) أخرجه: البخاري 7/ 50 (5243) و (5244)، ومسلم 6/ 55 (715) (183) و (184). الحديث: 985 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 295 986 - وعن أنسٍ - رضي الله عنه - قَالَ: كَانَ رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - لا يَطْرُقُ أهْلَهُ لَيْلًا، وَكَانَ يَأتِيهمْ غُدْوَةً أَوْ عَشِيَّةً. متفقٌ عَلَيْهِ. (1) «الطُّرُوقُ»: المَجيءُ فِي اللَّيْلِ.   (1) أخرجه: البخاري 3/ 9 (1800)، ومسلم 6/ 55 (1928) (180). الحديث: 986 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 295 177 - باب مَا يقول إِذَا رجع وإذا رأى بلدته فِيهِ حَدِيثُ ابنِ عمرَ (1) السَّابِقُ في باب تكبيرِ المسافِر إِذَا صَعِدَ الثَّنَايَا. 987 - وعن أنس - رضي الله عنه - قَالَ: أقْبَلْنَا مَعَ النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم - حَتَّى إِذَا كُنَّا بِظَهْرِ الْمَدِينَةِ، قَالَ: «آيِبُونَ، تَائِبُونَ، عَابِدُونَ، لِرَبِّنَا حَامِدُونَ» فَلَمْ يَزَلْ يَقُولُ ذَلِكَ حَتَّى قَدِمْنَا المَدِينَةَ. رواه مسلم. (2)   (1) انظر الحديث (976). (2) أخرجه: مسلم 4/ 105 (1345) (429). الحديث: 987 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 295 178 - باب استحباب ابتداء القادم بالمسجد الذي في جواره وصلاته فيه ركعتين 988 - عن كعب بن مالِك - رضي الله عنه: أنَّ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - كَانَ إِذَا قَدِمَ مِنْ سَفَرٍ، بَدَأ بِالْمَسْجِدِ فَرَكَعَ فِيهِ رَكْعَتَيْنِ. متفقٌ عَلَيْهِ. (1)   (1) أخرجه: البخاري 4/ 94 (3088)، ومسلم 2/ 156 (716) (74). الحديث: 988 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 295 179 - باب تحريم سفر المرأة وحدها 989 - عن أَبي هريرة - رضي الله عنه - قَالَ: قَالَ رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم: «لاَ يَحِلُّ لامْرَأَةٍ تُؤْمِنُ بِاللهِ وَالْيَومِ الآخِرِ تُسَافِرُ مَسِيرَةَ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ إِلاَّ مَعَ ذِي مَحْرَمٍ عَلَيْهَا». متفقٌ عَلَيْهِ. (1)   (1) أخرجه: البخاري 2/ 54 (1088)، ومسلم 4/ 103 (1339) (419). الحديث: 989 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 295 990 - وعن ابن عباس رضي الله عنهما: أنَّهُ سَمِعَ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - يقول: «لاَ يَخْلُوَنَّ رَجُلٌ بِامْرَأَةٍ إِلاَّ وَمَعَهَا ذُو مَحْرَمٍ، وَلاَ تُسَافِرُ المَرْأةُ إِلاَّ مَعَ ذِي مَحْرَمٍ» فَقَالَ لَهُ رَجُلٌ: يَا رسولَ الله، إنَّ امْرَأتِي خَرَجَتْ حَاجَّةً، وَإنِّي اكْتُتِبْتُ في غَزْوَةِ كَذَا وَكَذَا؟ قَالَ: «انْطَلِقْ فَحُجَّ مَعَ امْرَأَتِكَ». متفقٌ عَلَيْهِ. (1)   (1) أخرجه: البخاري 4/ 72 (3006)، ومسلم 4/ 104 (1341) (424). الحديث: 990 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 296 (8) - كتَاب الفَضَائِل 180 - باب فضل قراءة القرآن 991 - عن أَبي أُمَامَةَ - رضي الله عنه - قَالَ: سَمِعْتُ رسولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - يقول: «اقْرَؤُوا القُرْآنَ؛ فَإنَّهُ يَأْتِي يَوْمَ القِيَامَةِ شَفِيعًا لأَصْحَابِهِ». رواه مسلم. (1)   (1) أخرجه: مسلم 2/ 197 (804) (252). الحديث: 991 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 297 992 - وعن النَّوَّاسِ بنِ سَمْعَانَ - رضي الله عنه - قَالَ: سَمِعْتُ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - يقولُ: «يُؤْتَى يَوْمَ القِيَامَةِ بِالقُرْآنِ وَأهْلِهِ الذينَ كَانُوا يَعْمَلُونَ بِهِ في الدُّنْيَا، تَقْدُمُه سورَةُ البَقَرَةِ وَآلِ عِمْرَانَ، تُحَاجَّانِ عَنْ صَاحِبِهِمَا». رواه مسلم. (1)   (1) أخرجه: مسلم 2/ 197 (805) (253). الحديث: 992 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 297 993 - وعن عثمان بن عفان - رضي الله عنه - قَالَ: قَالَ رسول الله - صلى الله عليه وسلم: «خَيْرُكُمْ مَنْ تَعَلَّمَ الْقُرْآنَ وَعَلَّمَهُ». رواه البخاري. (1)   (1) أخرجه: البخاري 6/ 236 (5027). الحديث: 993 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 297 994 - وعن عائشة رضي الله عنها، قالت: قَالَ رسول الله - صلى الله عليه وسلم: «الَّذِي يَقْرَأُ القُرْآنَ وَهُوَ مَاهِرٌ (1) بِهِ مَعَ السَّفَرَةِ الكِرَامِ البَرَرَةِ، وَالَّذِي يَقْرَأُ الْقُرْآنَ وَيَتَتَعْتَعُ (2) فِيهِ وَهُوَ عَلَيْهِ شَاقٌّ لَهُ أجْرَانِ». متفقٌ عَلَيْهِ. (3)   (1) الماهر: الحاذق بالقراءة، والسّفرة: الملائكة. النهاية 4/ 374. (2) أي يتردد في قراءته ويتبلد فيها لسانه. النهاية 1/ 190. (3) أخرجه: البخاري 6/ 206 (4937)، ومسلم 2/ 195 (798) (244). الحديث: 994 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 297 995 - وعن أَبي موسى الأشعري - رضي الله عنه - قَالَ: قَالَ رسول الله - صلى الله عليه وسلم: «مَثَلُ الْمُؤْمِنِ الَّذِي يَقْرَأُ القُرْآنَ مَثَلُ الأُتْرُجَّةِ: رِيحُهَا طَيِّبٌ وَطَعْمُهَا طَيِّبٌ، وَمَثَلُ الْمُؤْمِنِ الَّذِي لاَ يَقْرَأُ القُرْآنَ كَمَثَلِ التَّمْرَةِ: لاَ رِيحَ لَهَا وَطَعْمُهَا حُلْوٌ، وَمَثلُ المُنَافِقِ الَّذِي يقرأ القرآنَ كَمَثلِ الرَّيحانَةِ: ريحُهَا طَيِّبٌ وَطَعْمُهَا مُرٌّ، وَمَثَلُ المُنَافِقِ الَّذِي لاَ يَقْرَأُ القُرْآنَ كَمَثلِ الحَنْظَلَةِ: لَيْسَ لَهَا رِيحٌ وَطَعْمُهَا مُرٌّ». متفقٌ عَلَيْهِ. (1)   (1) أخرجه: البخاري 7/ 99 - 100 (5427)، ومسلم 2/ 194 (797) و (243). الحديث: 995 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 298 996 - وعن عمر بن الخطاب - رضي الله عنه: أنَّ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: «إنَّ اللهَ يَرْفَعُ بِهَذَا الكِتَابِ أقْوَامًا وَيَضَعُ بِهِ آخرِينَ». رواه مسلم. (1)   (1) أخرجه: مسلم 2/ 200 (817) (269). الحديث: 996 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 298 997 - وعن ابن عمر رضي اللهُ عنهما، عن النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: «لاَ حَسَدَ إِلاَّ في اثْنَتَيْنِ: رَجُلٌ آتَاهُ اللهُ القُرْآنَ، فَهُوَ يَقُومُ بِهِ آنَاء اللَّيْلِ وَآنَاءَ النَّهَارِ، وَرَجُلٌ آتَاهُ اللهُ مَالًا، فَهُوَ يُنْفِقُهُ آنَاءَ اللَّيْلِ وَآنَاءَ النَّهَارِ». متفقٌ عَلَيْهِ. (1) «والآنَاءُ»: السَّاعَاتُ.   (1) انظر الحديث (571). الحديث: 997 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 298 998 - وعن البراءِ بن عازِبٍ رضي اللهُ عنهما، قَالَ: كَانَ رَجُلٌ يَقْرَأُ سُورَةَ الْكَهْفِ، وَعِنْدَهُ فَرَسٌ مَرْبُوطٌ بِشَطَنَيْنِ، فَتَغَشَّتْهُ سَحَابَةٌ فَجَعَلَتْ تَدْنُو، وَجَعَلَ فَرَسُه يَنْفِرُ مِنْهَا، فَلَمَّا أصْبَحَ أتَى النَّبيَّ - صلى الله عليه وسلم - فَذَكَرَ ذَلِكَ لَهُ، فَقَالَ: «تِلْكَ السَّكِينَةُ تَنَزَّلَتْ لِلقُرْآنِ». متفقٌ عَلَيْهِ. (1) «الشَّطَنُ» بفتحِ الشينِ المعجمة والطاءِ المهملة: الحَبْلُ.   (1) أخرجه: البخاري 6/ 232 (5011)، ومسلم 2/ 193 (795) (240). الحديث: 998 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 298 999 - وعن ابن مسعودٍ - رضي الله عنه - قَالَ: قَالَ رسولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم: «مَنْ قَرَأ حَرْفًا مِنْ كِتَابِ اللهِ فَلَهُ حَسَنَةٌ، وَالحَسَنَةُ بِعَشْرِ أمْثَالِهَا، لاَ أقول: ألم (1) حَرفٌ، وَلكِنْ: ألِفٌ حَرْفٌ، وَلاَمٌ حَرْفٌ، وَمِيمٌ حَرْفٌ». رواه الترمذي، (2) وقال: «حديث حسن صحيح».   (1) ألف، لام، ميم. (2) أخرجه: الترمذي (2910) وقال: «حديث حسن صحيح غريب». الحديث: 999 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 298 1000 - وعن ابن عباسٍ رضي الله عنهما، قَالَ: قَالَ رسول الله - صلى الله عليه وسلم: «إنَّ الَّذِي لَيْسَ في جَوْفِهِ شَيْءٌ مِنَ القُرْآنِ كَالبَيْتِ الخَرِبِ». رواه الترمذي، (1) وقال: «حديث حسن صحيح».   (1) أخرجه: الترمذي (2913)، وفي سنده قابوس بن أبي ظبيان ضعيف. الحديث: 1000 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 298 1001 - وعن عبد اللهِ بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما، عن النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: «يُقَالُ لِصَاحِبِ الْقُرْآنِ: اقْرَأْ وَارْتَقِ وَرَتِّلْ كَمَا كُنْتَ تُرَتِّلُ في الدُّنْيَا، فَإنَّ مَنْزِلَتَكَ عِنْدَ آخِرِ آية تَقْرَؤُهَا». رواه أَبُو داود والترمذي، (1) وقال: «حديث حسن صحيح».   (1) أخرجه: أبو داود (1464)، والترمذي (2914). الحديث: 1001 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 299 181 - باب الأمر بتعهد القرآن والتحذير عن تعريضه للنسيان 1002 - عن أَبي موسى - رضي الله عنه - عن النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: «تعاهدوا هَذَا القُرْآنَ، فَوَالَّذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ لَهُوَ أشَدُّ تَفَلُّتًا مِنَ الإبلِ فِي عُقُلِهَا». متفقٌ عَلَيْهِ. (1)   (1) أخرجه: البخاري 6/ 238 (5033)، ومسلم 2/ 192 (791) (231). الحديث: 1002 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 299 1003 - وعن ابن عمر رضي الله عنهما: أنَّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: «إنَّمَا مَثَلُ صَاحبِ الْقُرْآنِ كَمَثَلِ الإِبِلِ المُعَقَّلَةِ، إنْ عَاهَدَ عَلَيْهَا أمْسَكَهَا، وَإنْ أطْلَقَهَا ذَهَبَتْ». متفقٌ عَلَيْهِ. (1)   (1) أخرجه: البخاري 6/ 237 - 238 (5031)، ومسلم 2/ 190 (789) (226). الحديث: 1003 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 299 182 - باب استحباب تحسين الصوت بالقرآن وطلب القراءة من حسن الصوت والاستماع لها 1004 - وعن أَبي هريرة - رضي الله عنه - قَالَ: سَمِعْتُ رسولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - يقول: «مَا أَذِنَ اللهُ لِشَيءٍ مَا أَذِنَ لِنَبِيٍّ حَسَنِ الصَّوْتِ يَتَغَنَّى بِالقُرْآنِ يَجْهَرُ بِهِ». متفقٌ عَلَيْهِ. (1) مَعْنَى «أَذِنَ الله»: أي اسْتَمَعَ، وَهُوَ إشَارَةٌ إِلَى الرِّضَا والقَبولِ.   (1) أخرجه: البخاري 9/ 193 (7544)، ومسلم 2/ 192 (792) (233). الحديث: 1004 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 299 1005 - وعن أَبي موسى الأَشعري - رضي الله عنه: أنَّ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - قَالَ لَهُ: «لَقدْ أُوتِيتَ مِزْمَارًا (1) مِنْ مَزَامِيرِ آلِ دَاوُدَ». متفقٌ عَلَيْهِ. (2) وفي رواية لمسلمٍ: أنَّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قَالَ لَهُ: «لَوْ رَأيْتَنِي وَأنَا أسْتَمِعُ لِقِراءتِكَ الْبَارِحَةَ».   (1) المزمار: الآلة التي يزمّر بها. النهاية 2/ 312. (2) أخرجه: البخاري 6/ 241 (5048)، ومسلم 2/ 192 (793) (235) و (236). الحديث: 1005 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 299 1006 - وعن البَراءِ بنِ عازِبٍ رضي اللهُ عنهما، قَالَ: سَمِعْتُ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - قَرَأَ فِي الْعِشَاءِ بالتِّينِ وَالزَّيْتُونِ، فَمَا سَمِعْتُ أحَدًا أحْسَنَ صَوْتًا مِنْهُ. متفقٌ عَلَيْهِ. (1)   (1) أخرجه: البخاري 9/ 194 (7546)، ومسلم 2/ 41 (464) (177). الحديث: 1006 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 299 1007 - وعن أَبي لُبَابَةَ بشير بن عبد المنذر - رضي الله عنه: أنَّ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: «مَنْ لَمْ يَتَغَنَّ بِالقُرْآنِ فَلَيْسَ مِنَّا». رواه أَبُو داود بإسنادٍ جيدٍ. (1) معنى «يَتَغَنَّى»: يُحَسِّنُ صَوْتَهُ بِالقُرْآنِ.   (1) أخرجه: أبو داود (1471). الحديث: 1007 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 300 1008 - وعن ابن مسعودٍ - رضي الله عنه - قَالَ: قَالَ لِي النَّبيُّ - صلى الله عليه وسلم: «اقْرَأْ عَلَيَّ القُرْآنَ»، فقلتُ: يَا رسولَ الله، أَقْرَأُ عَلَيْكَ، وَعَلَيْكَ أُنْزِلَ؟! قَالَ: «إنِّي أُحِبُّ أَنْ أسْمَعَهُ مِنْ غَيْرِي» فَقَرَأْتُ عَلَيْهِ سُورَةَ النِّسَاءِ، حَتَّى جِئْتُ إِلَى هذِهِ الآية: {فَكَيْفَ إِذَا جِئْنَا مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ بِشَهِيدٍ وَجِئْنَا بِكَ عَلَى هَؤُلاَءِ شَهِيدًا} قَالَ: «حَسْبُكَ الآنَ» فَالْتَفَتُّ إِلَيْهِ، فَإذَا عَيْنَاهُ تَذْرِفَانِ. متفقٌ عَلَيْهِ. (1)   (1) انظر الحديث (446). الحديث: 1008 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 300 183 - باب الحث عَلَى سور وآيات مخصوصة 1009 - عن أَبي سَعِيدٍ رَافِعِ بن الْمُعَلَّى - رضي الله عنه - قَالَ: قَالَ لي رسولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم: «أَلاَ أُعَلِّمُكَ أَعْظَمَ سُورَةٍ في القُرْآن قَبْلَ أَنْ تَخْرُجَ مِنَ الْمَسْجِدِ؟» فَأخَذَ بِيَدِي، فَلَمَّا أرَدْنَا أَنْ نَخْرُجَ، قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ، إنَّكَ قُلْتَ: لأُعَلِّمَنَّكَ أعْظَمَ سُورَةٍ في القُرْآنِ؟ قَالَ: «الحَمْدُ للهِ رَبِّ العَالَمِينَ، هِيَ السَّبْعُ المَثَانِي وَالقُرْآنُ العَظِيمُ الَّذِي أُوتِيتُهُ». رواه البخاري. (1)   (1) أخرجه: البخاري 6/ 77 (4647). الحديث: 1009 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 300 1010 - وعن أَبي سعيد الخدري - رضي الله عنه: أنَّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قَالَ في: {قُلْ هُوَ اللهُ أَحَدٌ}: «وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ إنَّهَا لَتَعْدِلُ ثُلُثَ القُرْآنِ». وفي روايةٍ: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قَالَ لأَصْحَابِهِ: «أَيَعْجِزُ أحَدُكُمْ أَنْ يَقْرَأَ بِثُلُثِ القُرْآنِ فِي لَيْلَةٍ» فَشَقَّ ذَلِكَ عَلَيْهِمْ، وَقَالُوا: أيُّنَا يُطِيقُ ذَلِكَ يَا رسولَ الله؟ فَقَالَ: «{قُلْ هُوَ اللهُ أَحَدٌ اللهُ الصَّمَدُ}: ثُلُثُ الْقُرْآنِ». رواه البخاري. (1)   (1) أخرجه: البخاري 6/ 233 (5013) و (5015). الحديث: 1010 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 300 1011 - وعنه: أنَّ رَجُلًا سَمِعَ رَجُلًا يَقْرَأُ: «قُلْ هُوَ اللهُ أَحَدٌ» يُرَدِّدُهَا فَلَمَّا أصْبَحَ جَاءَ إِلَى رَسُولِ الله - صلى الله عليه وسلم - فَذَكَرَ ذَلِكَ لَهُ وَكَانَ الرَّجُلُ يَتَقَالُّهَا (1)، فَقَالَ رسول الله - صلى الله عليه وسلم: «وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ، إنَّهَا لَتَعْدِلُ ثُلُثَ القُرْآنِ». رواه البخاري. (2)   (1) قال ابن حجر في فتح الباري 9/ 75: «يتقالّها بتشديد اللام وأصله يتقاللها أي يعتقد أنها قليلة». (2) انظر الحديث السابق. الحديث: 1011 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 300 1012 - وعن أَبي هُرَيْرَةَ - رضي الله عنه: أَنَّ رسولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ في: {قُلْ هُوَ اللهُ أَحَدٌ} «إنَّهَا تَعْدِلُ ثُلُثَ الْقُرْآنِ». رواه مسلم. (1)   (1) أخرجه: مسلم 2/ 200 (812) (262). الحديث: 1012 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 301 1013 - وعن أنس - رضي الله عنه: أنَّ رَجُلًا قَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ، إني أُحِبُّ هذِهِ السُّورَةَ: {قُلْ هُوَ اللهُ أحَدٌ} قَالَ: «إنَّ حُبَّهَا أدْخَلَكَ الجَنَّةَ». رواه الترمذي، وقال: «حديث حسن». ورواه البخاري في صَحِيحِهِ تعليقًا. (1)   (1) أخرجه: الترمذي (2910)، ورواه البخاري 2/ 196 (774) معلقًا. وقال الترمذي: «حديث حسن غريب». الحديث: 1013 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 301 1014 - وعن عقبة بن عامِر - رضي الله عنه: أنَّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: «ألَمْ تَرَ آيَاتٍ أُنْزِلَتْ هذِهِ اللَّيْلَةَ لَمْ يُرَ مِثْلُهُنَّ قَطُّ؟ {قُلْ أَعْوذُ بِرَبِّ الفَلَقِ} وَ {قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ}». رواه مسلم. (1)   (1) أخرجه: مسلم 2/ 200 (814) (264). الحديث: 1014 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 301 1015 - وعن أَبي سَعِيدٍ الخُدريِّ - رضي الله عنه - قَالَ: كَانَ رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - يَتَعَوَّذُ مِنَ الجَانِّ، وَعَيْنِ الإنْسَانِ، حَتَّى نَزَلَتْ المُعَوِّذَتَانِ، فَلَمَّا نَزَلَتَا، أخَذَ بِهِمَا وَتَرَكَ مَا سِوَاهُمَا. رواه الترمذي، (1) وقال: «حديث حسن».   (1) أخرجه: ابن ماجه (3511)، والترمذي (2058)، والنسائي 8/ 271 وفي «الكبرى»، له (7930) وقال الترمذي: «حديث حسن غريب». الحديث: 1015 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 301 1016 - وعن أَبي هريرة - رضي الله عنه: أنَّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: «مِنَ القُرْآنِ سُورَةٌ ثَلاثُونَ آيَةً شَفَعَتْ لِرَجُلٍ حَتَّى غُفِرَ لَهُ، وَهِيَ: {تَبَارَكَ الَّذِي بِيَدِهِ المُلْكُ}». رواه أَبُو داود والترمذي، (1) وقال: «حديث حسن». وفي رواية أَبي داود: «تَشْفَعُ».   (1) أخرجه: أبو داود (1400)، وابن ماجه (3786)، والترمذي (2891) والنسائي في «الكبرى» (11612). الحديث: 1016 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 301 1017 - وعن أَبي مسعودٍ البَدْرِيِّ - رضي الله عنه - عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: «مَنْ قَرَأَ بِالآيَتَيْنِ مِنْ آخِرِ سُورَةِ البَقَرَةِ في لَيْلَةٍ كَفَتَاهُ». متفقٌ عَلَيْهِ. (1) قِيلَ: كَفَتَاهُ الْمَكْرُوهَ تِلْكَ اللَّيْلَةَ، وَقِيلَ: كَفَتَاهُ مِنْ قِيامِ اللَّيْلِ.   (1) أخرجه: البخاري 5/ 107 (4008)، ومسلم 2/ 198 (808) (256). الحديث: 1017 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 301 1018 - وعن أَبي هريرة - رضي الله عنه: أنَّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: «لاَ تَجْعَلُوا بُيُوتَكُمْ مَقَابِرَ، إنَّ الشَّيْطَانَ يَنْفِرُ مِنَ البَيْتِ الَّذِي تُقْرَأُ فِيهِ سُورَةُ البَقرَةِ». رواه مسلم. (1)   (1) أخرجه: مسلم 2/ 188 (780) (212). الحديث: 1018 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 302 1019 - وعن أُبَيِّ بنِ كَعبٍ - رضي الله عنه - قَالَ: قَالَ رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم: «يَا أَبَا الْمُنْذِرِ، أَتَدْري أيُّ آيَةٍ مِنْ كِتَابِ الله مَعَكَ أعْظَمُ؟» قُلْتُ: {اللهُ لاَ إلَهَ إِلاَّ هُوَ الحَيُّ القَيُّومُ} فَضَرَبَ فِي صَدْرِي، وقال: «لِيَهْنِكَ العِلْمُ أَبَا الْمُنْذِرِ». رواه مسلم. (1)   (1) أخرجه: مسلم 2/ 199 (810) (258). الحديث: 1019 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 302 1020 - وعن أَبي هريرة - رضي الله عنه - قَالَ: وَكَّلَنِي رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - بِحِفْظِ زَكَاةِ رَمَضَانَ، فَأتَانِي آتٍ فَجَعَلَ يَحْثُو مِنَ الطَّعَام، فَأخَذْتُهُ فقُلتُ: لأَرْفَعَنَّكَ إِلَى رسولِ الله - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: إنِّي مُحْتَاجٌ، وَعَليَّ عِيَالٌ، وَبِي حَاجَةٌ شَدِيدَةٌ، فَخَلَّيْتُ عَنْهُ، فَأصْبَحْتُ، فَقَالَ رسول الله - صلى الله عليه وسلم: «يَا أَبَا هُريرة، مَا فَعَلَ أَسِيرُكَ البَارِحَةَ؟» قُلْتُ: يَا رسول الله، شَكَا حَاجَةً وَعِيَالًا، فَرحِمْتُهُ فَخَلَّيْتُ سَبيلَهُ. فَقَالَ: «أمَا إنَّهُ قَدْ كَذَبَكَ وَسَيَعُودُ» فَعَرَفْتُ أنَّهُ سَيَعُودُ، لقولِ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فَرَصَدْتُهُ، فَجاء يَحْثُو مِنَ الطَّعَامِ، فَقُلتُ: لأَرْفَعَنَّكَ إِلَى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: دَعْنِي فَإنِّي مُحْتَاجٌ، وَعَلَيَّ عِيَالٌ لاَ أعُودُ، فَرحِمْتُهُ فَخَلَّيْتُ سَبيلَهُ، فَأصْبَحْتُ فَقَالَ لي رسول الله - صلى الله عليه وسلم: «يَا أَبَا هُريرة، مَا فَعَلَ أَسِيرُكَ البَارِحَةَ؟» قُلْتُ: يَا رسول الله، شَكَا حَاجَةً وَعِيَالًا، فَرحِمْتُهُ فَخَلَّيْتُ سَبيلَهُ. فَقَالَ: «إنَّهُ قَدْ كَذَبَكَ وَسَيَعُودُ» فَرَصَدْتُهُ الثَّالثَة، فَجاء يَحْثُو مِنَ الطَّعَامِ فَأخَذْتُهُ، فَقُلتُ: لأَرْفَعَنَّكَ إِلَى رسولِ الله - صلى الله عليه وسلم - وهذا آخِرُ ثلاثِ مَرَّاتٍ أنَّكَ تَزْعُمُ أنَّكَ لاَ تَعُودُ! فَقَالَ: دَعْنِي فَإنِّي أُعَلِّمُكَ كَلِمَاتٍ يَنْفَعُكَ اللهُ بِهَا، قُلْتُ: مَا هُنَّ؟ قَالَ: إِذَا أَوَيْتَ إِلَى فِرَاشِكَ فَاقْرَأْ آيَةَ الكُرْسِيِّ، فَإنَّهُ لَنْ يَزَالَ عَلَيْكَ مِنَ الله حَافِظٌ، وَلاَ يَقْرَبُكَ شَيْطَانٌ حَتَّى تُصْبِحَ، فَخَلَّيْتُ سَبِيلَهُ، فَأصْبَحْتُ، فَقَالَ لي رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم: «مَا فَعَلَ أسِيرُكَ البَارِحَةَ؟» قُلْتُ: يَا رسول الله، زَعَمَ أنَّهُ يُعَلِّمُنِي كَلِمَاتٍ يَنْفَعُنِي اللهُ بِهَا، فَخَلَّيْتُ سَبيلَهُ، قَالَ: «مَا هِيَ؟» قُلْتُ: قَالَ لي: إِذَا أَوَيْتَ إِلَى فِرَاشِكَ فَاقْرَأْ آيَة الكُرْسِيِّ مِنْ أوَّلِهَا حَتَّى تَخْتِمَ الآية: {اللهُ لاَ إلَهَ إِلاَّ هُوَ الحَيُّ القَيُّومُ} وقال لِي: لاَ يَزَالُ عَلَيْكَ مِنَ اللهِ حَافِظٌ، وَلَنْ يَقْرَبَكَ شَيْطَانٌ حَتَّى تُصْبِحَ. فَقَالَ النبيُّ - صلى الله عليه وسلم: «أمَا إنَّهُ قَدْ صَدَقَكَ وَهُوَ كَذُوبٌ، تَعْلَمُ مَنْ تُخَاطِبُ مُنْذُ ثَلاَثٍ يَا أَبَا هُرَيْرَةَ؟» قُلْتُ: لاَ. قَالَ: «ذَاكَ شَيْطَانٌ». رواه البخاري. (1)   (1) أخرجه: البخاري 3/ 132 - 133 (2311). الحديث: 1020 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 302 1021 - وعن أَبي الدرداءِ - رضي الله عنه: أنَّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: «مَنْ حَفِظَ عَشْرَ آيَاتٍ مِنْ أَوَّلِ سُورَةِ الكَهْفِ، عُصِمَ مِنَ الدَّجَّالِ». وفي رواية: «مِنْ آخِرِ سُورَةِ الكَهْفِ». رواهما مسلم. (1)   (1) أخرجه: مسلم 2/ 199 (809) (257). الحديث: 1021 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 303 1022 - وعن ابنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما: بَيْنَمَا جِبْريلُ - عليه السلام - قَاعِدٌ عِنْدَ النبي - صلى الله عليه وسلم - سَمِعَ نَقيضًا مِنْ فَوقِهِ، فَرَفَعَ رَأسَهُ، فَقَالَ: هَذَا بَابٌ مِنَ السَّمَاءِ فُتِحَ اليَوْمَ وَلَمْ يُفْتَحْ قَطٌّ إِلاَّ اليَوْمَ، فنَزلَ منهُ مَلكٌ، فقالَ: هذا مَلكٌ نَزلَ إلى الأرضِ لم ينْزلْ قطّ إلاّ اليومَ فَسَلَّمَ وقال: أبْشِرْ بِنُورَيْنِ أُوتِيتَهُمَا لَمْ يُؤتَهُمَا نَبيٌّ قَبْلَكَ: فَاتِحَةُ الكِتَابِ، وَخَواتِيمُ سُورَةِ البَقَرَةِ، لَنْ تَقْرَأَ بِحَرْفٍ مِنْهَا إِلاَّ أُعْطِيتَه. رواه مسلم. (1) «النَّقِيضُ»: الصَّوْتُ.   (1) أخرجه: مسلم 2/ 198 (806) (254). الحديث: 1022 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 303 184 - باب استحباب الاجتماع عَلَى القراءة 1023 - وعن أَبي هريرة - رضي الله عنه - قَالَ: قَالَ رسول الله - صلى الله عليه وسلم: «وَمَا اجْتَمَعَ قَوْمٌ فِي بَيْتٍ مِنْ بُيُوتِ اللهِ يَتلُونَ كِتَابَ اللهِ، وَيَتَدَارَسُونَهُ بينهم، إِلاَّ نَزَلَتْ عَلَيْهِمُ السَّكِينَةُ وَغَشِيتْهُمُ الرَّحْمَةُ، وَحَفَّتْهُمُ المَلاَئِكَةُ، وَذَكَرَهُمُ اللهُ فِيمَنْ عِنْدَهُ». رواه مسلم. (1)   (1) أخرجه: مسلم 8/ 71 (2699) (38). الحديث: 1023 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 303 185 - باب فضل الوضوء قَالَ الله تَعَالَى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاَةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ} إِلَى قَوْله تَعَالَى: {مَا يُريدُ اللهُ لِيَجْعَلَ عَلَيْكُمْ مِنْ حَرَجٍ وَلكِنْ يُريدُ لِيُطَهِّرَكُمْ وَلِيُتِمَّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكُمْ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ} [المائدة: 6]. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 303 1024 - وعن أَبي هريرة - رضي الله عنه - قَالَ: سَمِعْتُ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: «إنَّ أُمَّتِي يُدْعَوْنَ يَوْمَ القِيَامَةِ غُرًّا (1) مُحَجَّلينَ (2) مِنْ آثَارِ الوُضُوءِ، فَمَنِ اسْتَطَاعَ مِنْكُمْ أَنْ يُطِيلَ غُرَّتَهُ فَلْيَفْعَلْ». متفقٌ عَلَيْهِ. (3)   (1) الغر: جمع الأغر: من الغرة: بياض الوجه، يريد بياض وجوههم بنور الوضوء يوم القيامة. النهاية 3/ 354. (2) أي بيض مواضع الوضوء من الأيدي والوجه والأقدام. النهاية 1/ 346. (3) أخرجه: البخاري 1/ 46 (136)، ومسلم 1/ 149 (246) (34). الحديث: 1024 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 303 1025 - وعنه، قَالَ: سَمِعْتُ خليلي - صلى الله عليه وسلم - يقول: «تَبْلُغُ الحِلْيَةُ مِنَ المُؤمِنِ حَيْثُ يَبْلُغُ الوُضُوءُ». رواه مسلم. (1)   (1) أخرجه: مسلم 1/ 151 (250) (40). الحديث: 1025 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 304 1026 - وعن عثمان بن عفان - رضي الله عنه - قَالَ: قَالَ رسول الله - صلى الله عليه وسلم: «من تَوَضَّأ فَأَحْسَنَ الوُضُوءَ، خَرَجَتْ خَطَايَاهُ مِنْ جَسَدِهِ حَتَّى تَخْرُج مِنْ تَحْتِ أَظْفَارِهِ». رواه مسلم. (1)   (1) أخرجه: مسلم 1/ 149 (245) (33). الحديث: 1026 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 304 1027 - وعنه، قَالَ: رَأيتُ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - تَوَضَّأَ مِثْلَ وُضُوئِي هَذَا، ثُمَّ قَالَ: «مَنْ تَوَضَّأ هكَذَا، غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ، وَكَانَتْ صَلاَتُهُ وَمَشْيُهُ إِلَى المَسْجدِ نَافِلَةً». رواه مسلم. (1)   (1) أخرجه: مسلم 1/ 142 (229) (8). الحديث: 1027 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 304 1028 - وعن أَبي هريرة - رضي الله عنه: أنَّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: «إِذَا تَوَضَّأ العَبْدُ المُسْلِمُ - أَو المُؤْمِنُ - فَغَسَلَ وَجْهَهُ، خَرَجَ مِنْ وَجْهِهِ كُلُّ خَطِيئَةٍ نَظَرَ إِلَيْهَا بِعَيْنَيْهِ مَعَ المَاءِ، أَوْ مَعَ آخِرِ قَطْرِ المَاءِ، فَإذَا غَسَلَ يَدَيْهِ، خَرَجَ مِنْ يَدَيْهِ كُلُّ خَطِيئَةٍ كَانَ بَطَشَتْهَا يَدَاهُ مَعَ المَاءِ، أَو مَعَ آخِرِ قَطْرِ المَاءِ، فَإذَا غَسَلَ رِجْلَيْهِ، خَرَجَتْ كُلُّ خَطِيئَةٍ مَشَتْهَا رِجْلاَهُ مَعَ المَاءِ، أَو مَعَ آخِرِ قَطْرِ المَاءِ، حَتَّى يَخْرُجَ نَقِيًّا مِنَ الذُّنُوبِ». رواه مسلم. (1)   (1) انظر الحديث (129). الحديث: 1028 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 304 1029 - وعنه: أنَّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أتى المقبرة، فَقَالَ: «السَّلاَمُ عَلَيْكُمْ دَارَ قَومٍ مُؤْمِنِينَ، وَإنَّا إنْ شَاءَ اللهُ بِكُمْ لاَحِقُونَ، وَدِدْتُ أنَّا قَدْ رَأَيْنَا إخْوانَنَا» قالوا: أوَلَسْنَا إخْوَانَكَ يَا رسول الله؟ قَالَ: «أنْتُمْ أصْحَابِي، وَإخْوَانُنَا الَّذِينَ لَمْ يَأتُوا بَعْدُ» قالوا: كَيْفَ تَعْرِفُ مَنْ لَمْ يَأتِ بَعْدُ مِنْ أُمَّتِكَ يَا رَسولَ الله؟ فَقَالَ: «أرَأيْتَ لَوْ أنَّ رَجُلًا لَهُ خَيلٌ غُرٌّ مُحَجَّلَةٌ بَيْنَ ظَهْرَيْ خَيْلٍ دُهْمٍ (1) بُهْمٍ (2)، ألا يَعْرِفُ خَيْلَهُ؟» قالوا: بَلَى يَا رسول الله، قَالَ: «فإنَّهُمْ يَأتُونَ غُرًّا مُحَجَّلينَ مِنَ الوُضُوءِ، وأنَا فَرَطُهُمْ عَلَى الحَوْضِ». رواه مسلم. (3)   (1) دهم: الدهمة، السواد. اللسان 4/ 430 (دهم). (2) بهم: جمع بهيم: وهو الذي لا يخالط لونه لون سواه. النهاية 1/ 167. (3) أخرجه: مسلم 1/ 150 (249) (39). الحديث: 1029 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 304 1030 - وعنه: أنَّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: «ألاَ أَدُّلُكُمْ عَلَى مَا يَمْحُو اللهُ بِهِ الخَطَايَا، وَيَرْفَعُ بِهِ الدَّرَجَاتِ؟» قالوا: بَلَى يَا رسول الله، قَالَ: «إسْبَاغُ الوُضُوءِ عَلَى المَكَارِهِ، وَكَثْرَةُ الخُطَا إِلَى المَسَاجِدِ، وَانْتِظَارُ الصَّلاَةِ بَعْدَ الصَّلاَةِ؛ فَذلِكُمُ الرِّبَاطُ؛ فَذَلِكُمُ الرِّبَاطُ». رواه مسلم. (1)   (1) انظر الحديث (131). الحديث: 1030 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 305 1031 - وعن أَبي مالك الأشعري - رضي الله عنه - قَالَ: قَالَ رسول الله - صلى الله عليه وسلم: «الطُّهُورُ شَطْرُ الإيمَانِ». رواه مسلم. (1) وَقَدْ سبق بطوله في باب الصبر، وفي البابِ حديث عمرو بن عَبَسَة - رضي الله عنه - السابق (2) في آخر باب الرَّجَاءِ، وَهُوَ حديث عظيم؛ مشتمل عَلَى جمل من الخيرات.   (1) انظر الحديث (25). (2) انظر الحديث (438). الحديث: 1031 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 305 1032 - وعن عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - عن النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: «مَا مِنْكُمْ مِنْ أحَدٍ يَتَوَضَّأُ فَيُبْلغُ - أَوْ فَيُسْبِغُ - الوُضُوءَ، ثُمَّ يقول: أشهَدُ أَنْ لا إلهَ إِلاَّ اللهُ وَحْدَهُ لاَ شَرِيكَ لَهُ، وَأشْهَدُ أنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ؛ إِلاَّ فُتِحَتْ لَهُ أَبْوَابُ الجَنَّةِ الثَّمَانِيَةُ يَدْخُلُ مِنْ أَيِّهَا شَاءَ». رواه مسلم. (1) وزاد الترمذي: «اللَّهُمَّ اجْعَلْنِي مِنَ التَّوَّابِينَ، وَاجْعَلْنِي مِنَ المُتَطَهِّرِينَ».   (1) أخرجه: مسلم 1/ 144 (234) (17)، والترمذي (55). الحديث: 1032 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 305 186 - باب فضل الأذان 1033 - عن أَبي هريرة - رضي الله عنه: أنَّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: «لَوْ يَعْلَمُ النَّاسُ مَا في النِّدَاءِ والصَّفِ الأَوَّلِ، ثُمَّ لَمْ يَجِدُوا إِلاَّ أَنْ يَسْتَهِمُوا عَلَيْهِ لاسْتَهَمُوا عَلَيْهِ، ولو يَعْلَمُونَ مَا فِي التَّهْجِيرِ لاَسْتَبَقُوا إِلَيْهِ، وَلَوْ يَعْلَمُونَ مَا فِي العَتَمَةِ (1) وَالصُّبْحِ لأَتَوْهُمَا وَلَوْ حَبْوًا». متفقٌ عَلَيْهِ. (2) «الاسْتِهَامُ»: الاقْتِرَاعُ، وَ «التَّهْجِيرُ»: التَّبْكِيرُ إِلَى الصَّلاةِ.   (1) العتمة: وقت صلاة العشاء الأخيرة. لسان العرب 9/ 41 (عتم). (2) أخرجه: البخاري 1/ 159 - 160 (615)، ومسلم 2/ 31 (437) و (129). الحديث: 1033 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 305 1034 - وعن معاوية - رضي الله عنه - قَالَ: سَمِعْتُ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقولُ: «المُؤَذِّنُونَ أطْوَلُ النَّاسِ أعْناقًا يَوْمَ القِيَامَةِ». رواه مسلم. (1)   (1) أخرجه: مسلم 2/ 5 (387) (14). الحديث: 1034 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 306 1035 - وعن عبدِ الله بن عبدِ الرَّحْمانِ بن أَبي صَعصعة: أنَّ أَبَا سَعيد الخدريَّ - رضي الله عنه - قَالَ لَهُ: «إنِّي أرَاكَ تُحبُّ الغَنَمَ وَالبَادِيَةَ فَإذَا كُنْتَ في غَنَمِك - أَوْ بَادِيتِكَ - فَأذَّنْتَ للصَّلاَةِ، فَارْفَعْ صَوْتَكَ بِالنِّدَاءِ، فَإنَّهُ لا يَسْمَعُ مَدَى صَوْتِ المُؤذِّنِ جِنٌّ، وَلاَ إنْسٌ، وَلاَ شَيْءٌ، إِلاَّ شَهِدَ لَهُ يَومَ القِيَامَةِ» قَالَ أَبُو سَعيدٍ: سمعتُهُ مِنْ رَسولِ الله - صلى الله عليه وسلم. رواه البخاري. (1)   (1) أخرجه: البخاري 1/ 158 (609). الحديث: 1035 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 306 1036 - وعن أَبي هريرة - رضي الله عنه - قَالَ: قَالَ رسول الله - صلى الله عليه وسلم: «إِذَا نُودِيَ بالصَّلاَةِ، أدْبَرَ الشَّيْطَانُ، وَلَهُ ضُرَاطٌ حَتَّى لاَ يَسْمَعَ التَّأذِينَ، فَإذَا قُضِيَ النِّدَاءُ أقْبَلَ، حَتَّى إِذَا ثُوِّبَ للصَّلاةِ أدْبَرَ، حَتَّى إِذَا قُضِيَ التَّثْوِيبُ أقْبَلَ، حَتَّى يَخْطِرَ بَيْنَ المَرْءِ وَنَفْسِهِ، يَقُولُ: اذْكُرْ كَذَا واذكر كَذَا - لِمَا لَمْ يَذْكُر مِنْ قَبْلُ - حَتَّى يَظَلَّ الرَّجُلُ مَا يَدْرِي كَمْ صَلَّى». متفقٌ عَلَيْهِ. (1) «التَّثْوِيبُ»: الإقَامَةُ.   (1) أخرجه: البخاري 1/ 158 (608)، ومسلم 2/ 6 (389) (19). الحديث: 1036 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 306 1037 - وعن عبدِ الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما: أنّه سمع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: «إِذَا سَمِعْتُمُ النداء فَقُولُوا مِثْلَ مَا يَقُولُ، ثُمَّ صَلُّوا عَلَيَّ؛ فَإنَّه مَنْ صَلَّى عَلَيَّ صَلاَةً صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ بِهَا عَشْرًا، ثُمَّ سَلُوا اللهَ لِيَ الوَسِيلَةَ؛ فَإنَّهَا مَنْزِلَةٌ في الجَنَّةِ لاَ تَنْبَغِي إِلاَّ لِعَبْدٍ مِنْ عِبَادِ اللهِ وَأرْجُو أَنْ أكونَ أنَا هُوَ، فَمَنْ سَألَ لِيَ الوَسِيلَةَ حَلَّتْ لَهُ الشَّفَاعَةُ». رواه مسلم. (1)   (1) أخرجه: مسلم 2/ 4 (384) (11). الحديث: 1037 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 306 1038 - وعن أَبي سعيد الخدري - رضي الله عنه: أنَّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: «إِذَا سَمِعْتُمُ النِّدَاءَ، فَقُولُوا كَمَا يَقُولُ المُؤذِّنُ». متفقٌ عَلَيْهِ. (1)   (1) أخرجه: البخاري 1/ 159 (611)، ومسلم 2/ 4 (383) (10). الحديث: 1038 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 306 1039 - وعن جابر - رضي الله عنه: أنَّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: «مَنْ قَالَ حِيْنَ يَسْمَعُ النِّدَاءَ: اللَّهُمَّ رَبَّ هذِهِ الدَّعْوَةِ التَّامَّةِ، وَالصَّلاَةِ القَائِمَةِ، آتِ مُحَمَّدًا الوَسِيلَةَ، وَالفَضِيلَةَ، وَابْعَثْهُ مَقَامًا مَحْمُودًا الَّذِي وَعَدْتَهُ، حَلَّتْ لَهُ شَفَاعَتي يَوْمَ القِيَامَةِ». رواه البخاري. (1)   (1) أخرجه: البخاري 1/ 159 (614). الحديث: 1039 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 306 1040 - وعن سعدِ بن أَبي وقَّاصٍ - رضي الله عنه - عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنَّه قَالَ: «مَنْ قَالَ حِيْنَ يَسْمَعُ المُؤَذِّنَ: أشْهَدُ أَنْ لاَ إلَه إِلاَّ اللهُ وَحْدَهُ لاَ شَرِيكَ لَهُ، وَأنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، رَضِيتُ بِاللهِ رَبًّا، وَبِمُحَمَّدٍ رَسُولًا، وَبِالإسْلامِ دِينًا، غُفِرَ لَهُ ذَنْبُهُ». رواه مسلم. (1)   (1) أخرجه: مسلم 2/ 4 (386) (13). الحديث: 1040 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 307 1041 - وعن أنس - رضي الله عنه - قَالَ: قَالَ رسول الله - صلى الله عليه وسلم: «الدُّعَاءُ لاَ يُرَدُّ بَيْنَ الأَذَانِ وَالإقَامَةِ». رواه أَبُو داود والترمذي، (1) وقال: «حديث حسن».   (1) أخرجه: أبو داود (521)، والترمذي (212). الحديث: 1041 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 307 187 - باب فضل الصلوات قَالَ الله تَعَالَى: {إنَّ الصَّلاَةَ تَنْهَى عَنِ الفَحْشَاءِ وَالمُنْكَرِ} [العنكبوت: 45]. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 307 1042 - وعن أَبي هريرة - رضي الله عنه - قَالَ: سَمِعْتُ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: «أرَأيْتُمْ لَوْ أنَّ نَهْرًا بِبَابِ أَحَدِكُمْ يَغْتَسِلُ مِنْهُ كُلَّ يَوْمٍ خَمْسَ مَرَّاتٍ، هَلْ يَبْقَى مِنْ دَرنهِ (1) شَيْءٌ؟» قالوا: لا يَبْقَى مِنْ دَرنهِ شَيْءٌ، قَالَ: «فَذلِكَ مَثَلُ الصَّلَوَاتِ الخَمْسِ يَمْحُو اللهُ بِهِنَّ الخَطَايَا». متفقٌ عَلَيْهِ. (2)   (1) الدرن: الوسخ. النهاية 2/ 115. (2) أخرجه: البخاري 1/ 141 (528)، ومسلم 2/ 131 (667) (283). الحديث: 1042 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 307 1043 - وعن جابرٍ - رضي الله عنه - قَالَ: قَالَ رسول الله - صلى الله عليه وسلم: «مَثَلُ الصَّلَواتِ الخَمْسِ كَمَثَلِ نَهْرٍ جَارٍ غَمْرٍ عَلَى بَابِ أحَدِكُمْ يَغْتَسِلُ مِنْهُ كُلَّ يَومٍ خَمْسَ مَرَّاتٍ». رواه مسلم. (1) «الغَمْرُ» بفتح الغين المعجمة: الكثير.   (1) أخرجه: مسلم 2/ 132 (668) (284). الحديث: 1043 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 307 1044 - وعن ابن مسعود - رضي الله عنه: أنَّ رَجُلًا أصَابَ مِن امْرَأَةٍ قُبْلَةً، فَأتَى النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - فَأخْبَرَهُ فَأنْزَلَ اللهُ تَعَالَى: {أَقِمِ الصَّلاَةَ طَرَفَيِ النَّهَارِ وَزُلَفًا مِنَ اللَّيْلِ، إنَّ الحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ} [هود: 114] فَقَالَ الرَّجُلُ أَلِيَ هَذَا؟ قَالَ: «لِجَمِيعِ أُمَّتِي كُلِّهِمْ». متفقٌ عَلَيْهِ. (1)   (1) انظر الحديث (434). الحديث: 1044 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 307 1045 - وعن أَبي هريرة - رضي الله عنه: أنَّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: «الصَّلَوَاتُ الخَمْسُ، وَالجُمُعَةُ إِلَى الجُمُعَةِ، كَفَّارَةٌ لِمَا بَيْنَهُنَّ، مَا لَمْ تُغشَ الكَبَائِرُ». رواه مسلم. (1)   (1) أخرجه: مسلم 1/ 144 (233) (14). الحديث: 1045 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 307 1046 - وعن عثمان بن عفان - رضي الله عنه - قَالَ: سَمِعْتُ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: «مَا مِنْ امْرِئٍ مُسْلِمٍ تَحْضُرُهُ صَلاَةٌ مَكْتُوبَةٌ فَيُحْسِنُ وُضُوءَها؛ وَخُشُوعَهَا، وَرُكُوعَهَا، إِلاَّ كَانَتْ كَفَّارَةً لِمَا قَبْلَهَا مِنَ الذُّنُوب مَا لَمْ تُؤتَ كَبِيرةٌ، وَذلِكَ الدَّهْرَ كُلَّهُ». رواه مسلم. (1)   (1) أخرجه: مسلم 1/ 142 (228) (7). الحديث: 1046 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 308 188 - باب فضل صلاة الصبح والعصر 1047 - عن أَبي موسى - رضي الله عنه: أنَّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: «مَنْ صَلَّى البَرْدَيْنِ دَخَلَ الجَنَّةَ». متفقٌ عَلَيْهِ. (1) «البَرْدَانِ»: الصُّبْحُ والعَصْرُ.   (1) انظر الحديث (132). الحديث: 1047 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 308 1048 - وعن أَبي زهير عُمارة بن رُؤَيْبَةَ - رضي الله عنه - قَالَ: سَمِعْتُ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: «لَنْ يَلِجَ النَّارَ أحَدٌ صَلَّى قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَقَبْلَ غُرُوبِهَا» يعني: الفَجْرَ والعَصْرَ. رواه مسلم. (1)   (1) أخرجه: مسلم 5/ 114 (634) (213). الحديث: 1048 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 308 1049 - وعن جُنْدُبِ بن سفيان - رضي الله عنه - قَالَ: قَالَ رسول الله - صلى الله عليه وسلم: «مَنْ صَلَّى الصُّبْحَ فَهُوَ في ذِمَّةِ اللهِ، فَانْظُرْ يَا ابْنَ آدَمَ، لاَ يَطْلُبَنَّكَ اللهُ مِنْ ذِمَّتِهِ بِشَيءٍ». رواه مسلم. (1)   (1) أخرجه: مسلم 2/ 125 (657) (261). الحديث: 1049 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 308 1050 - وعن أَبي هريرة - رضي الله عنه - قَالَ: قَالَ رسول الله - صلى الله عليه وسلم: «يَتَعَاقَبُونَ فِيكُمْ مَلاَئِكَةٌ بِاللَّيْلِ، وَمَلاَئِكَةٌ بِالنَّهَارِ، وَيجْتَمِعُونَ في صَلاَةِ الصُّبْحِ وَصَلاَةِ العَصْرِ، ثُمَّ يَعْرُجُ الَّذِينَ بَاتُوا فِيكُمْ، فَيَسْأَلُهُمُ اللهُ - وَهُوَ أعْلَمُ بِهِمْ - كَيْفَ تَرَكْتُمْ عِبَادي؟ فَيقُولُونَ: تَرَكْنَاهُمْ وَهُمْ يُصَلُّونَ، وَأتَيْنَاهُمْ وَهُمْ يُصَلُّونَ». متفقٌ عَلَيْهِ. (1)   (1) أخرجه: البخاري 1/ 145 - 146 (555)، ومسلم 2/ 113 (632) (210). الحديث: 1050 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 308 1051 - وعن جرير بن عبد الله البَجَليِّ - رضي الله عنه - قَالَ: كُنَّا عِنْدَ النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - فَنَظَرَ إِلَى القَمَرِ لَيْلَةَ البَدْرِ، فَقَالَ: «إنَّكُمْ سَتَرَونَ رَبَّكُمْ كَمَا تَرَوْنَ هَذَا القَمَرَ، لاَ تُضَامُونَ في رُؤْيَتهِ، فَإنِ اسْتَطَعْتُمْ أَنْ لاَ تُغْلَبُوا عَلَى صَلاَةٍ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَقَبْلَ غُرُوبِهَا، فَافْعَلُوا». متفقٌ عَلَيْهِ. (1) وفي رواية: «فَنَظَرَ إِلَى القَمَرِ لَيْلَةَ أرْبَعَ عَشْرَةَ».   (1) أخرجه: البخاري 1/ 145 (554)، ومسلم 2/ 113 (633) (211). الحديث: 1051 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 308 1052 - وعن بُرَيْدَة - رضي الله عنه - قَالَ: قَالَ رسول الله - صلى الله عليه وسلم: «مَنْ تَرَكَ صَلاَةَ العَصْرِ فَقَدْ حَبِطَ عَمَلُهُ». رواه البخاري. (1)   (1) أخرجه: البخاري 1/ 145 (553). الحديث: 1052 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 309 189 - باب فضل المشي إلى المساجد 1053 - عن أبي هريرة - رضي الله عنه: أنَّ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: «مَنْ غَدَا إلى المَسْجِدِ أَوْ رَاحَ، أعَدَّ اللَّهُ لَهُ فِي الجَنَّةِ نُزُلًا كُلَّمَا غَدَا أوْ رَاحَ». متفقٌ عَلَيْهِ. (1)   (1) انظر الحديث (123). الحديث: 1053 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 309 1054 - وعنه: أنَّ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: «مَنْ تَطَهَّرَ في بَيْتِهِ، ثُمَّ مَضَى إلى بَيْتٍ مِنْ بُيُوتِ اللَّهِ، لِيَقْضِي فَرِيضَةً مِنْ فَرَائِضِ اللَّهِ، كَانَتْ خُطُواتُهُ، إحْدَاهَا تَحُطُّ خَطِيئَةً، وَالأُخْرَى تَرْفَعُ دَرَجَةً». رواه مسلم. (1)   (1) أخرجه: مسلم 2/ 131 (666) (282). الحديث: 1054 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 309 1055 - وعن أُبيّ بن كعبٍ - رضي الله عنه - قَالَ: كَانَ رَجُلٌ مِنَ الأنْصَارِ لاَ أَعْلمُ أَحَدًا أبْعَدَ مِنَ المَسْجِدِ مِنْهُ، وَكَانَتْ لا تُخْطِئُهُ صَلاَةٌ، فَقيلَ لَهُ: لَوْ اشْتَرَيْتَ حِمَارًا لِتَرْكَبَهُ في الظَّلْمَاءِ وَفِي الرَّمْضَاءِ (1)، قَالَ: مَا يَسُرُّنِي أنَّ مَنْزِلِي إلى جَنْبِ المَسْجِدِ، إنِّي أُرِيدُ أَنْ يُكْتَبَ لِي مَمْشَايَ إلى المَسْجِدِ، وَرُجُوعِي إذَا رَجَعْتُ إلى أهْلِي. فَقَالَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم: «قَدْ جَمَعَ اللَّهُ لكَ ذَلِكَ كُلَّه». رواه مُسلِم. (2)   (1) الرمضاء: شِدّةُ الحَرّ. لسان العرب 5/ 315 (رمض). (2) انظر الحديث (137). الحديث: 1055 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 309 1056 - وعن جابر - رضي الله عنه - قَالَ: خَلَت البِقاعُ حولَ المَسْجِدِ، فَأَرَادَ بَنُو سَلمَةَ أَنْ يَنْتَقِلُوا قُرْبَ المَسْجِدِ، فَبَلَغَ ذَلِكَ النبي - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ لَهُمْ: «بَلَغَنِي أنَّكُم تُريدُونَ أَنْ تَنْتَقِلُوا قُرْبَ المَسْجِدِ؟» قالوا: نعم، يا رَسُول اللَّهِ، قَدْ أرَدْنَا ذَلِكَ. فَقَالَ: «بَنِي سَلِمَةَ دِيَارَكُم تُكْتَبْ آثارُكُمْ، دِيَارَكُمْ تُكْتَبْ آثارُكُمْ (1)» فقالوا: مَا يَسُرُّنَا أنَّا كُنَّا تَحَوَّلْنَا. رواه مسلم، وروى البخاري معناه من رواية أنس. (2)   (1) قال النووي في شرح صحيح مسلم 3/ 146 عقيب (665): «بني سلمة دياركم تكتب آثاركم معناه: الزموا دياركم فإنكم إذا لزمتموها كتبت آثاركم وخطاكم الكثيرة إلى المسجد». (2) انظر الحديث (136). الحديث: 1056 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 309 1057 - وعن أبي موسى - رضي الله عنه - قَالَ: قال رَسُول اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم: «إنَّ أَعْظَمَ النَّاسِ أجْرًا في الصَّلاةِ أبْعَدُهُمْ إلَيْهَا مَمْشىً، فَأَبْعَدُهُمْ، وَالَّذِي يَنْتَظِرُ الصَّلاَةَ حَتَّى يُصَلِّيَهَا مَعَ الإمَامِ أعظَمُ أجْرًا مِنَ الَّذِي يُصَلِّيهَا ثُمَّ يَنَامُ». متفقٌ عَلَيْهِ. (1)   (1) أخرجه: البخاري 1/ 166 (651)، ومسلم 2/ 130 (662) (277). الحديث: 1057 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 310 1058 - وعن بُريدَة - رضي الله عنه - عن النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: «بَشِّرُوا المَشَّائِينَ في الظُّلَمِ إلى المَسَاجِدِ بِالنُّورِ التَّامِّ يَوْمَ القِيَامَةِ». رواه أبُو دَاوُدَ وَالتِّرمِذِيُّ. (1)   (1) أخرجه: أبو داود (561)، والترمذي (223). الحديث: 1058 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 310 1059 - وعن أبي هريرة - رضي الله عنه: أنَّ رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: «ألا أدُلُّكُمْ عَلَى مَا يَمْحُو اللهُ بِهِ الخَطَايَا، وَيَرْفَعُ بِهِ الدَّرَجَاتِ؟» قَالُوا: بَلَى يا رَسُول اللهِ؟ قَالَ: «إسْبَاغُ الوُضُوءِ عَلَى المَكَارِهِ، وَكَثْرَةُ الخُطَا إلَى المَسَاجِدِ، وَانْتِظَارُ الصَّلاَةِ بَعْدَ الصَّلاَةِ، فَذَلِكُمُ الرِّبَاطُ، فذَلِكُمُ الرِّبَاطُ». رواه مسلِم. (1)   (1) انظر الحديث (131). الحديث: 1059 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 310 1060 - وعن أبي سعيد الخدري - رضي الله عنه - عن النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: «إذا رَأَيْتُمُ الرَّجُلَ يَعْتَادُ المَسَاجِدَ فَاشْهَدُوا لَهُ بالإيمَانِ، قال اللهُ - عز وجل: {إِنَّمَا يَعْمُرُ مَسَاجِدَ اللهِ مَنْ آمَنَ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ} الآية». رواه الترمذي، وقال: «حديث حسن». (1)   (1) أخرجه: ابن ماجه (802)، والترمذي (3093) وقال: «حديث حسن غريب» على أن سند الحديث ضعيف فهو من رواية دراج عن أبي السمح، وهي ضعيفة. الحديث: 1060 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 310 190 - باب فضل انتظار الصلاة 1061 - وعن أبي هريرة - رضي الله عنه: أنَّ رَسُول اللهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: «لا يَزَالُ أحَدُكُمْ في صَلاَةٍ مَا دَامَتِ الصَّلاَةُ تَحْبِسُهُ، لا يَمنَعُهُ أَنْ يَنقَلِبَ إلى أهلِهِ إلاَّ الصَّلاةُ». متفقٌ عَلَيْهِ. (1)   (1) أخرجه: البخاري 1/ 168 (659)، ومسلم 2/ 129 (649) (275). الحديث: 1061 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 310 1062 - وعنه - رضي الله عنه: أنَّ رَسُول اللهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: «الْمَلائِكَةُ تُصَلِّي عَلَى أَحَدِكُمْ مَا دَامَ فِي مُصَلاَّهُ الَّذِي صَلَّى فِيهِ، مَا لَمْ يُحْدِثْ، تَقُولُ: اللَّهُمَّ اغْفِرْ لَهُ، اللَّهُمَّ ارْحَمْهُ». رواه البُخَارِيُّ. (1)   (1) أخرجه: البخاري 1/ 121 (445). الحديث: 1062 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 310 1063 - وعن أنس - رضي الله عنه: أنَّ رَسُولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - أَخَّرَ لَيْلَةً صَلاَةَ العِشَاءِ إِلَى شَطْرِ اللَّيْلِ ثُمَّ أقْبَلَ عَلَيْنَا بِوَجْهِهِ بَعْدَمَا صَلَّى، فَقَالَ: «صَلَّى النَّاسُ وَرَقَدُوا، وَلَمْ تَزَالُوا في صَلاَةٍ مُنْذُ انْتَظَرْتُمُوهَا». رواه البُخَارِيُّ. (1)   (1) أخرجه: البخاري 1/ 168 (661). الحديث: 1063 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 311 191 - باب فضل صلاة الجماعة 1064 - عن ابن عمر رضي الله عنهما: أنَّ رَسُول اللهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: «صَلاَةُ الْجَمَاعَة أفْضَلُ مِنْ صَلاَةِ الْفَذِّ بِسَبْعٍ وَعِشْرِينَ دَرَجَةً». متفقٌ عَلَيْهِ. (1)   (1) أخرجه: البخاري 1/ 165 (645)، ومسلم 2/ 122 (650) (249). الحديث: 1064 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 311 1065 - وعن أبي هريرة - رضي الله عنه - قَالَ: قال رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم: «صَلاةُ الرَّجُلِ في جَمَاعةٍ تُضَعَّفُ عَلَى صَلاتِهِ فِي بَيْتهِ وفي سُوقِهِ خَمْسًا وَعِشْرِينَ ضِعْفًا، وَذلِكَ أَنَّهُ إذَا تَوَضَّأ فَأحْسَنَ الوُضُوءَ، ثُمَّ خَرَجَ إلى المَسْجِدِ، لا يُخرِجُهُ إلاَّ الصَّلاةُ، لَمْ يَخْطُ خَطْوَةً إلاَّ رُفِعَتْ لَهُ بِهَا دَرَجَةٌ، وَحُطَّتْ عَنهُ بِهَا خَطِيئَةٌ، فَإذَا صَلَّى لَمْ تَزَلِ المَلائِكَةُ تُصَلِّي عَلَيْهِ مَا دَامَ في مُصَلاَّهُ، مَا لَمْ يُحْدِث، تقولُ: اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَيهِ، اللَّهُمَّ ارْحَمْهُ، وَلاَ يَزَالُ في صَلاةٍ مَا انْتَظَرَ الصَّلاَةَ». متفقٌ عَلَيهِ، وهذا لفظ البخاري. (1)   (1) أخرجه: البخاري 1/ 166 (647)، ومسلم 2/ 121 (649) (245). الحديث: 1065 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 311 1066 - وعنه، قَالَ: أَتَى النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - رَجُلٌ أعْمَى، فقَالَ: يا رَسُولَ اللهِ، لَيسَ لِي قَائِدٌ يَقُودُنِي إلى الْمَسْجِدِ، فَسَأَلَ رَسُولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - أَنْ يُرَخِّصَ لَهُ فَيُصَلِّي فِي بَيْتِهِ، فَرَخَّصَ لَهُ، فَلَّمَا وَلَّى دَعَاهُ، فَقَالَ لَهُ: «هَلْ تَسْمَعُ النِّدَاءَ بِالصَّلاَةِ؟» قَالَ: نَعَمْ. قَالَ: «فَأجِبْ». رواه مُسلِم. (1)   (1) أخرجه: مسلم 2/ 124 (653) (255). الحديث: 1066 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 311 1067 - وعن عبدِ الله - وقيل: عَمْرو بن قَيسٍ - المعروف بابن أُمّ مكتوم المؤذن - رضي الله عنه - أنَّه قَالَ: يا رَسُول اللهِ، إنَّ المَدينَةَ كَثيرةُ الهَوَامِّ وَالسِّبَاعِ. فَقَالَ رَسُول اللهِ - صلى الله عليه وسلم: «تَسْمَعُ حَيَّ عَلَى الصَّلاةِ حَيَّ عَلَى الفَلاحِ، فَحَيَّهلًا» رَوَاهُ أبُو دَاوُدَ بإسناد حسن. (1) ومعنى «حَيَّهَلًا (2)»: تعال.   (1) أخرجه: أبو داود (553)، والنسائي 2/ 110. (2) حيّ هلا: أي ابدأ بها واعجل، وهما كلمتان جعلتا كلمة واحدة. وفيها لغات. وهلًا: حثّ واستعجال. النهاية 5/ 472. الحديث: 1067 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 311 1068 - وعن أبي هريرة - رضي الله عنه: أنَّ رَسُول اللهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: «وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ، لَقَدْ هَمَمْتُ أَنْ آمُرَ بحَطَبٍ فَيُحْتَطَبَ، ثُمَّ آمُرَ بِالصَّلاَةِ فَيُؤذَّنَ لهَا، ثُمَّ آمُرَ رَجُلًا فَيَؤُمَّ النَّاسَ، ثُمَّ أُخَالِفَ إلى رِجَالٍ فَأُحَرِّقَ عَلَيْهِمْ بُيُوتَهمْ». متفقٌ عَلَيهِ. (1)   (1) أخرجه: البخاري 1/ 165 (644)، ومسلم 2/ 123 (651) (251). الحديث: 1068 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 312 1069 - وعن ابن مسعود - رضي الله عنه - قَالَ: مَنْ سَرَّهُ أَنْ يَلْقَى اللهَ تَعَالَى غدًا مُسْلِمًا، فَلْيُحَافِظْ عَلَى هؤُلاَءِ الصَّلَوَاتِ حَيْثُ يُنَادَى بِهِنَّ، فَإنَّ اللهَ شَرَعَ لِنَبِيِّكم - صلى الله عليه وسلم - سُنَنَ الهُدَى، وَإنَّهُنَّ مِنْ سُنَنِ الهُدَى، وَلَوْ أنَّكُمْ صَلَّيْتُمْ في بُيُوتِكم كَمَا يُصَلِّي هذا المُتَخَلِّفُ فِي بَيْتِهِ لَتَرَكْتُمْ سُنَّةَ نَبِيِّكُمْ، وَلَوْ تَرَكْتُمْ سُنَّة نَبِيِّكُم لَضَلَلْتُمْ، وَلَقَدْ رَأيْتُنَا وَمَا يَتَخَلَّفُ عَنْهَا إلاَّ مُنَافِقٌ مَعْلُومُ النِّفَاقِ، وَلَقَدْ كَانَ الرَّجُلُ يُؤتَى بهِ، يُهَادَى (1) بَيْنَ الرَّجُلَيْنِ حَتَّى يُقَامَ في الصَّفِّ. رَوَاهُ مُسلِم. (2) وفي رواية لَهُ قَالَ: إنّ رَسُول اللهِ - صلى الله عليه وسلم - عَلَّمَنَا سُنَنَ الهُدَى؛ وإنَّ مِنْ سُنَنِ الهُدَى الصَّلاَةَ في المَسْجِدِ الَّذِي يُؤَذَّنُ فِيهِ.   (1) قال النووي في شرح صحيح مسلم 3/ 135 عقيب (655): «معنى يهادى، أن يمسكه رجلان من جانبيه بعضديه يعتمد عليهما». (2) أخرجه: مسلم 2/ 124 (654) (256) و (257). الحديث: 1069 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 312 1070 - وعن أبي الدرداء - رضي الله عنه - قال: سمعت رَسُول اللهِ - صلى الله عليه وسلم - يقول: «مَا مِنْ ثَلاثَةٍ فِي قَرْيةٍ، وَلاَ بَدْوٍ، لاَ تُقَامُ فِيهِمُ الصَّلاَةُ إلاَّ قَد اسْتَحْوَذَ عَلَيْهِم الشَّيْطَانُ. فَعَلَيْكُمْ بِالجَمَاعَةِ، فَإنَّمَا يَأْكُلُ الذِّئْبُ مِنَ الغَنَمِ القَاصِيَة (1)» رَوَاهُ أبُو دَاوُدَ بإسناد حسن (2).   (1) القاصية: المنفردة عن القطيع البعيدة عنه. النهاية 4/ 75. (2) أخرجه: أبو داود (547)، والنسائي 2/ 106 - 107. الحديث: 1070 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 312 192 - باب الحث عَلَى حضور الجماعة في الصبح والعشاء 1071 - عن عثمان بن عفان - رضي الله عنه - قَالَ: سَمِعْتُ رَسُول اللهِ - صلى الله عليه وسلم - يقول: «مَنْ صَلَّى العِشَاءَ فِي جَمَاعَةٍ، فَكَأنَّمَا قَامَ نِصْفَ اللَّيْلِ، وَمَنْ صَلَّى الصُّبْحَ في جَمَاعَةٍ، فَكَأنَّمَا صَلَّى اللَّيْلَ كُلَّهُ». رواه مُسلِم. (1) [ص: 313] وفي رواية الترمذي عن عثمان بن عفان - رضي الله عنه - قَالَ: قال رَسُول اللهِ - صلى الله عليه وسلم: «مَنْ شَهِدَ العِشَاءَ فِي جَمَاعَةٍ كَانَ لَهُ قِيَامُ نِصْفَ لَيلَةٍ، وَمَنْ صَلَّى العِشَاءَ وَالفَجْرَ فِي جَمَاعَةٍ، كَانَ لَهُ كَقِيَامِ لَيْلَةٍ» قَالَ الترمذي: «حديث حسن صحيح».   (1) أخرجه: مسلم 2/ 125 (656) (260)، والترمذي (221). الحديث: 1071 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 312 1072 - وعن أبي هريرة - رضي الله عنه: أنَّ رَسُول اللهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: «وَلَوْ يَعْلَمُونَ مَا في العَتَمَةِ وَالصُّبْحِ لأَتَوْهُمَا وَلَوْ حَبْوًا». متفقٌ عَلَيهِ. (1) وقد سبق بِطولِهِ.   (1) انظر الحديث (1033). الحديث: 1072 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 313 1073 - وعنه، قَالَ: قال رَسُول اللهِ - صلى الله عليه وسلم: «لَيْسَ صَلاَةٌ أثْقَلَ عَلَى المُنَافِقِينَ مِنْ صَلاَةِ الفَجْرِ وَالعِشَاءِ، وَلَوْ يَعْلَمُونَ مَا فِيهِمَا لأَتَوْهُمَا وَلَوْ حَبْوًا». متفقٌ عَلَيهِ. (1)   (1) أخرجه: البخاري 1/ 167 (657)، ومسلم 2/ 123 (651) (252). الحديث: 1073 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 313 193 - باب الأمر بالمحافظة عَلَى الصلوات المكتوبات والنهي الأكيد والوعيد الشديد في تركهنّ قال الله تَعَالَى: {حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلاَةِ الْوُسْطَى} [البقرة: 238]، وقال تعالى: {فَإِنْ تَابُوا وَأَقَامُوا الصَّلاةَ وَآتَوا الزَّكَاةَ فَخَلُّوا سَبِيلَهُمْ} [التوبة: 5]. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 313 1074 - وعن ابن مسعود - رضي الله عنه - قال: سألت رَسُول اللهِ - صلى الله عليه وسلم - أيُّ الأعْمَالِ أفْضَلُ؟ قَالَ: «الصَّلاَةُ عَلَى وَقْتِهَا» قلتُ: ثُمَّ أيٌّ؟ قَالَ: «بِرُّ الوَالِدَيْنِ» قلتُ: ثُمَّ أيٌّ؟ قَالَ: «الجِهَادُ في سَبِيلِ اللهِ». متفقٌ عَلَيهِ. (1)   (1) انظر الحديث (312). الحديث: 1074 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 313 1075 - وعن ابن عمر رضي الله عنهما، قَالَ: قال رَسُول اللهِ - صلى الله عليه وسلم: «بُنِيَ الإسْلامُ عَلَى خَمْسٍ: شَهَادَةِ أَنْ لاَ إلهَ إلاَّ اللهُ، وَأنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللهِ، وَإِقَامِ الصَّلاَةِ، وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ، وَحَجِّ البَيْتِ، وَصَوْمِ رَمَضَانَ». متفقٌ عَلَيهِ. (1)   (1) أخرجه: البخاري 1/ 9 (8)، ومسلم 1/ 34 (16) (21). الحديث: 1075 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 313 1076 - وعنه، قَالَ: قال رَسُول اللهِ - صلى الله عليه وسلم: «أُمِرْتُ أَنْ أُقَاتِلَ النَّاسَ حَتَّى يَشْهَدُوا أَنْ لاَ إلهَ إلاَّ اللهُ، وأنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللهِ، وَيُقِيمُوا الصَّلاَةَ، وَيُؤْتُوا الزَّكَاةَ، فَإذَا فَعَلُوا ذَلِكَ، عَصَمُوا مِنِّي دِمَاءهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ، إلاَّ بِحَقِّ الإسْلاَمِ، وَحِسَابُهُمْ عَلَى اللهِ». متفقٌ عَلَيهِ. (1)   (1) انظر الحديث (390). الحديث: 1076 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 313 1077 - وعن معاذٍ - رضي الله عنه - قَالَ: بَعثنِي رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - إلى اليَمَنِ، فَقَالَ: «إنَّكَ تَأْتِي قَوْمًا مِنْ أَهْل الكِتَابِ، فَادْعُهُمْ إلى شَهَادَةِ أَنْ لاَ إلهَ إلاَّ اللهُ، وأنِّي رَسُولُ اللهِ، فَإنْ هُمْ أطاعُوا لِذلِكَ، فَأعْلِمْهُمْ أنَّ اللهَ تَعَالَى افْتَرَضَ عَلَيْهِمْ خَمْسَ صلَوَاتٍ فِي كُلِّ يَومٍ وَلَيلَةٍ، فَإنْ هُمْ أطَاعُوا لِذَلِكَ، فَأعْلِمْهُمْ أنَّ اللهَ تَعَالَى افْتَرَضَ عَلَيْهِمْ صَدَقَةً تُؤخَذُ مِنْ أغْنِيَائِهِمْ فَتُرَدُّ عَلَى فُقَرَائِهِمْ، فَإنْ هُمْ أطَاعُوا لِذلِكَ، فَإيَّاكَ وَكَرَائِمَ أمْوَالهِمْ، واتَّقِ دَعْوَةَ المَظْلُومِ، فَإنَّهُ لَيْسَ بَينَهَا وبَيْنَ اللهِ حِجَابٌ». متفقٌ عَلَيهِ. (1)   (1) انظر الحديث (208). الحديث: 1077 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 314 1078 - وعن جابرٍ - رضي الله عنه - قال: سمعت رَسُول اللهِ - صلى الله عليه وسلم - يقول: «إنَّ بَيْنَ الرَّجُلِ وَبَيْنَ الشِّرْكِ والكُفْرِ، تَرْكَ الصَّلاَةِ». رواه مُسلِم. (1)   (1) أخرجه: مسلم 1/ 61 - 62 (82) (134). الحديث: 1078 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 314 1079 - وعن بُرَيْدَة - رضي الله عنه - عن النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: «العَهْدُ الَّذِي بَيْنَنَا وَبَيْنَهُمْ الصَّلاَةُ، فَمَنْ تَرَكَهَا فَقَدْ كَفَرَ». رواه التِّرمِذِيُّ، (1) وَقَالَ: «حَدِيثٌ حَسَنٌ صحيح».   (1) أخرجه: ابن ماجه (1079)، والترمذي (261)، والنسائي 1/ 231 وفي «الكبرى»، له (325) وقال الترمذي: «حديث حسن صحيح غريب». الحديث: 1079 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 314 1080 - وعن شقِيق (1) بن عبدِ الله التَّابِعيِّ المتفق عَلَى جَلاَلَتِهِ رَحِمهُ اللهُ، قَالَ: كَانَ أصْحَابُ محَمَّدٍ - صلى الله عليه وسلم - لا يَرَوْنَ شَيْئًا مِنَ الأعْمَالِ تَرْكُهُ كُفْرٌ غَيْرَ الصَّلاَةِ. رَوَاهُ التِّرمِذِيُّ في كِتابِ الإيمان بإسنادٍ صحيحٍ. (2)   (1) في جامع الترمذي وتحفة الأشراف (15610)، وتهذيب الكمال 2/ 162 (3321): «عبد الله بن شقيق». (2) أخرجه: الترمذي (2622). الحديث: 1080 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 314 1081 - وعن أبي هريرة - رضي الله عنه - قَالَ: قال رَسُول اللهِ - صلى الله عليه وسلم: «إنَّ أوَّلَ مَا يُحَاسَبُ بِهِ العَبْدُ يَوْمَ القِيَامَةِ مِنْ عَمَلِهِ صَلاَتُهُ، فَإنْ صَلَحَتْ، فَقَدْ أفْلَحَ وأَنْجَحَ، وَإنْ فَسَدَتْ، فَقَدْ خَابَ وَخَسِرَ، فَإنْ انْتَقَصَ مِنْ فَرِيضَتِهِ شَيْءٌ، قَالَ الرَّبُ - عز وجل: انْظُرُوا هَلْ لِعَبدي من تَطَوُّعٍ، فَيُكَمَّلُ مِنْهَا مَا انْتَقَصَ مِنَ الفَرِيضَةِ؟ ثُمَّ تَكُونُ سَائِرُ أعْمَالِهِ عَلَى هَذَا». رواه التِّرمِذِيُّ، (1) وَقَالَ: «حَدِيثٌ حَسَنٌ».   (1) أخرجه: الترمذي (413)، والنسائي 1/ 232 وفي «الكبرى»، له (325). قال الترمذي: «حديث حسن غريب». الحديث: 1081 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 314 194 - باب فضل الصف الأول والأمر بإتمام الصفوف الأُوَل وتسويتها والتراصّ فِيهَا 1082 - عن جابر بن سَمُرَة رضي الله عنهما، قَالَ: خَرَجَ عَلَيْنَا رَسُول اللهِ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ: «ألاَ تَصُفُّونَ كَمَا تَصُفُّ المَلائِكَةُ عِندَ رَبِّهَا؟» فَقُلنَا: يَا رَسُول اللهِ، وَكَيفَ تُصَفُّ المَلائِكَةُ عِندَ رَبِّهَا؟ قَالَ: «يُتِمُّونَ الصُّفُوفَ الأُوَلَ، وَيَتَرَاصُّونَ في الصَّفِّ». رواه مُسلِم. (1)   (1) أخرجه: مسلم 2/ 29 (430) (119). الحديث: 1082 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 315 1083 - وعن أبي هريرة - رضي الله عنه: أنَّ رَسُولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: «لَوْ يَعْلَمُ النَّاسُ مَا فِي النِّدَاءِ وَالصَّفِّ الأَوَّلِ، ثُمَّ لَمْ يَجِدُوا إلاَّ أَنْ يَسْتَهِمُوا (1) عَلَيْهِ لاسْتَهَمُوا». متفقٌ عَلَيهِ. (2)   (1) يستهموا: أي يقترعوا. النهاية 2/ 429. (2) انظر الحديث (1033). الحديث: 1083 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 315 1084 - وعنه، قَالَ: قال رَسُول اللهِ - صلى الله عليه وسلم: «خَيْرُ صُفُوفِ الرِّجَالِ أَوَّلُهَا، وَشَرُّهَا آخِرُهَا، وَخَيْرُ صُفُوفِ النِّسَاءِ آخِرُهَا، وَشَرُّهَا أوَّلُهَا». رواه مُسلِم. (1)   (1) أخرجه: مسلم 2/ 32 (440) (132). الحديث: 1084 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 315 1085 - وعن أبي سعيد الخدرِيِّ - رضي الله عنه: أنَّ رَسُول اللهِ - صلى الله عليه وسلم - رأى في أصْحَابِهِ تَأَخُّرًا، فَقَالَ لَهُمْ: «تَقَدَّمُوا فَأتَمُّوا بِي، وَلْيَأتَمَّ بِكُمْ مَنْ بَعْدَكُمْ، لاَ يَزَالُ قَوْمٌ يَتَأَخَّرُونَ حَتَّى يُؤَخِّرَهُمُ الله». رواه مُسلِم. (1)   (1) أخرجه: مسلم 2/ 31 (438) (130). الحديث: 1085 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 315 1086 - وعن أبي مسعود - رضي الله عنه - قال: كَانَ رَسُول اللهِ - صلى الله عليه وسلم - يَمْسَحُ مَنَاكِبَنَا في الصَّلاَةِ، وَيَقُولُ: «اسْتَووا ولاَ تَخْتَلِفُوا فَتَخْتَلِفَ قُلُوبُكُمْ، لِيَلِيَنِي مِنْكُمْ أُولُو الأحْلاَمِ وَالنُّهَى (1)، ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُمْ، ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُمْ» رَوَاهُ مُسلِم. (2)   (1) أصحاب العقول والألباب. النهاية 5/ 139. (2) انظر الحديث (349). الحديث: 1086 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 315 1087 - وعن أنس - رضي الله عنه - قَالَ: قال رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم: «سَوُّوا صُفُوفَكُمْ؛ فَإنَّ تَسْوِيَةَ الصَّفِّ مِنْ تَمَامِ الصَّلاَةِ». متفقٌ عَلَيهِ. (1) وفي رواية للبخاري: «فَإنَّ تَسْوِيَةَ الصُّفُوفِ مِنْ إقَامَةِ الصَّلاَةِ».   (1) أخرجه: البخاري 1/ 184 (723)، ومسلم 2/ 30 (433) (124). الحديث: 1087 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 315 1088 - وعنه، قَالَ: أُقِيمَتِ الصَّلاَةُ فَأقْبَلَ عَلَيْنَا رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - بِوَجْهِهِ، فَقَالَ: «أقِيمُوا صُفُوفَكُمْ وَتَرَاصُّوا؛ فَإنِّي أرَاكُمْ مِنْ وَرَاءِ ظَهْرِي». رواه البُخَارِيُّ بلفظه، (1) ومسلم بمعناه. وفي رواية للبخاري: وَكَانَ أَحَدُنَا يُلْزِقُ مَنْكِبَهُ بِمَنْكِبِ صَاحِبِهِ وَقَدَمَهُ بِقَدَمِهِ.   (1) أخرجه: البخاري 1/ 184 (719) و (725)، ومسلم 2/ 30 (434) (125). الحديث: 1088 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 316 1089 - وعن النعمان بن بشير رضي الله عنهما، قَالَ: سمعت رَسُول اللهِ - صلى الله عليه وسلم - يقول: «لَتُسَوُّنَّ صُفُوفَكُمْ، أوْ لَيُخَالِفَنَّ اللَّهُ بَيْنَ وُجُوهِكُمْ». متفقٌ عَلَيهِ. (1) وفي رواية لمسلم: أنَّ رَسُول اللهِ - صلى الله عليه وسلم - كَانَ يُسَوِّي صُفُوفَنَا، حَتَّى كَأنَّمَا يُسَوِّي بِهَا القِدَاحَ (2) حَتَّى رَأى أنَّا قَدْ عَقَلْنَا عَنْهُ، ثُمَّ خَرَجَ يَومًا فَقَامَ حَتَّى كَادَ يُكَبِّرُ، فَرَأى رَجُلًا بَادِيًا صَدْرُهُ مِنَ الصَّفِّ، فَقَالَ: «عِبَادَ اللهِ، لتُسَوُّنَّ صُفُوفَكُمْ، أو لَيُخَالِفَنَّ اللهُ بَيْنَ وُجُوهِكُمْ».   (1) انظر الحديث (160). (2) أي يجعلنا مثل السهم أو سطر الكتابة. النهاية 4/ 20. الحديث: 1089 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 316 1090 - وعن البراءِ بن عازِبٍ رضي الله عنهما، قَالَ: كَانَ رَسُول اللهِ - صلى الله عليه وسلم - يَتَخَلَّلُ الصَّفَّ مِنْ نَاحِيَةٍ إلى نَاحِيَةٍ، يَمْسَحُ صُدُورَنَا وَمَنَاكِبَنَا، وَيَقُولُ: «لا تَخْتَلِفُوا فَتَخْتَلِفَ قُلُوبُكُمْ» وكانَ يَقُولُ: «إنَّ اللهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى الصُّفُوفِ الأُوَلِ». رواه أبُو دَاوُدَ بإسناد حسن. (1)   (1) أخرجه: أبو داود (664). الحديث: 1090 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 316 1091 - وعن ابن عمر رَضِيَ اللهُ عَنهُما: أنَّ رَسُولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: «أقيمُوا الصُّفُوفَ، وَحَاذُوا بَيْنَ المَنَاكِبِ، وَسُدُّوا الخَلَلَ، وَلِينوا بِأيْدِي إخْوانِكُمْ، ولاَ تَذَرُوا فُرُجَاتٍ للشَّيْطَانِ، وَمَنْ وَصَلَ صَفًّا وَصَلَهُ اللهُ، وَمَنْ قَطَعَ صَفًّا قَطَعَهُ اللهُ». رواه أبُو دَاوُدَ بإسناد صحيح. (1)   (1) أخرجه: أبو داود (666) وقال عقبه: «ومعنى ولينوا بأيدي إخوانكم. إذا جاء رجل إلى الصف فذهب يدخل فيه فينبغي أن يليّن له كل رجل منكبيه حتى يدخل في الصف». الحديث: 1091 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 316 1092 - وعن أنس - رضي الله عنه: أنَّ رَسُولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: «رُصُّوا صُفُوفَكُمْ، وَقَارِبُوا بَيْنَهَا، وَحَاذُوا بِالأعْنَاقِ (1)؛ فَوَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ إنِّي لأَرَى الشَّيْطَانَ يَدْخُلُ مِنْ خَلَلِ الصَّفِّ، كَأَنَّهَا الحَذَفُ» حديث صحيح رَوَاهُ أبُو دَاوُدَ بإسنادٍ عَلَى شرط مسلم. (2) [ص: 317] «الحَذَفُ» بحاء مهملةٍ وذالٍ معجمة مفتوحتين ثُمَّ فاء وهي: غَنَمٌ سُودٌ صِغَارٌ تَكُونُ بِاليَمَنِ.   (1) أن يكون عنق كل منكم على سمت عنق الآخر، يقال: حذوت النعل بالنعل إذا حاذيته به، وحذاء الشيء إزاؤه يعني لا يرتفع بعضكم على بعض ولا عبرة بالأعناق أنفسها إذ ليس على الطويل ولا له أن ينحني حتى يحاذي عنقه عنق القصير الذي بجنبه. فيض القدير4/ 7 (4375). (2) أخرجه: أبو داود (667)، والنسائي 2/ 92 وفي «الكبرى»، له (889). الحديث: 1092 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 316 1093 - وعنه: أنَّ رَسُول اللهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: «أتِمُّوا الصَّفَّ المُقَدَّمَ، ثُمَّ الَّذِي يَلِيهِ، فَمَا كَانَ مِنْ نَقْصٍ فَلْيَكُنْ في الصَّفِّ المُؤَخَّرِ». رواه أبُو دَاوُدَ بإسناد حسن. (1)   (1) أخرجه: أبو داود (671)، والنسائي 2/ 93 وفي «الكبرى»، له (892). الحديث: 1093 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 317 1094 - وعن عائشة رَضِيَ اللهُ عَنها، قالت: قال رَسُول اللهِ - صلى الله عليه وسلم: «إنَّ اللهَ وَمَلاَئِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى مَيَامِنِ الصُّفُوفِ». رواه أبُو دَاوُدَ بإسنادٍ عَلَى شرط مسلم، وفيه رجل مُخْتَلَفٌ في تَوثِيقِهِ. (1)   (1) أخرجه: أبو داود (676)، وابن ماجه (1005). الحديث: 1094 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 317 1095 - وعن البراء - رضي الله عنه - قَالَ: كُنَّا إذَا صَلَّيْنَا خَلْفَ رَسُول اللهِ - صلى الله عليه وسلم - أحْبَبْنَا أَنْ نَكُونَ عَنْ يَمِينهِ، يُقْبِلُ عَلَيْنَا بِوَجْهِهِ، فَسَمِعْتُهُ يَقُولُ: «رَبِّ قِني عَذَابَكَ يَوْمَ تَبْعَثُ - أو تَجْمَعُ - عِبَادَكَ». رواه مُسلِمٌ. (1)   (1) أخرجه: مسلم 2/ 153 (709) (62). الحديث: 1095 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 317 1096 - وعن أبي هريرة - رضي الله عنه - قَالَ: قال رَسُول اللهِ - صلى الله عليه وسلم: «وَسِّطُوا الإمَامَ، وَسُدُّوا الخَلَلَ». رواه أبُو دَاوُد. (1)   (1) أخرجه: أبو داود (681). الحديث: 1096 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 317 195 - باب فضل السنن الراتبة مع الفرائض وبيان أقلها وأكملها وما بينهما 1097 - وعن أُمِّ المُؤْمِنِينَ أُمِّ حَبِيبَةَ رملة بِنْتِ أبي سُفْيَانَ رَضِيَ اللهُ عَنهما، قالت: سمعت رَسُولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - يقول: «مَا مِنْ عَبْدٍ مُسْلِمٍ يُصَلِّي للهِ تَعَالى كُلَّ يَوْمٍ ثِنْتَيْ عَشرَةَ رَكْعَةً تَطَوُّعًا غَيرَ الفَرِيضَةِ، إلاَّ بَنَى الله لَهُ بَيْتًا في الجَنَّةِ، أو إلاَّ بُنِيَ لَهُ بَيْتٌ فِي الجَنَّةِ». رواه مُسلِمٌ. (1)   (1) أخرجه: مسلم 2/ 162 (728) (103). الحديث: 1097 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 317 1098 - وعن ابن عمر رَضِيَ اللهُ عَنهُما، قَالَ: صَلَّيْتُ مَعَ رَسُولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - رَكْعَتَيْنِ قَبْلَ الظُّهْرِ، وَرَكْعَتْينِ بَعْدَهَا، وَرَكْعَتَيْنِ بَعْدَ الجُمُعَةِ، وَرَكْعَتَينِ بَعدَ المَغْرِبِ، وَرَكْعَتَينِ بَعدَ العِشَاءِ. متفقٌ عَلَيهِ. (1)   (1) أخرجه: البخاري 2/ 72 (1172)، ومسلم 2/ 162 (729) (104). الحديث: 1098 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 318 1099 - وعن عبد الله بن مُغَفَّلٍ - رضي الله عنه - قَالَ: قال رَسُول اللهِ - صلى الله عليه وسلم: «بَيْنَ كُلِّ أذَانَيْنِ صَلاَةٌ، بَيْنَ كُلِّ أذَانَيْنِ صَلاَةٌ، بَيْنَ كُلِّ أذَانَيْنِ صَلاَةٌ» قال في الثَّالِثةِ: «لِمَنْ شَاءَ». متفقٌ عَلَيهِ. (1) المُرَادُ بِالأَذَانيْنِ: الأذَانُ وَالإقَامَةُ.   (1) أخرجه: البخاري 1/ 161 (627)، ومسلم 2/ 212 (838) (304). الحديث: 1099 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 318 196 - باب تأكيد ركعتي سنّةِ الصبح 1100 - عن عائشة رَضِيَ اللهُ عَنها: أنَّ النَّبيَّ - صلى الله عليه وسلم - كَانَ لا يَدَعُ أرْبَعًا قَبْلَ الظُّهْرِ، وَرَكْعَتَيْنِ قَبْلَ الغَدَاةِ. رَوَاهُ البُخَارِيُّ. (1)   (1) أخرجه: البخاري 2/ 74 (1182). الحديث: 1100 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 318 1101 - وعنها، قالت: لَمْ يَكُنِ النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم - عَلَى شَيْءٍ مِنَ النَّوَافِلِ أشَدَّ تَعَاهُدًا مِنهُ عَلَى رَكْعَتَي الفَجْرِ. متفقٌ عَلَيهِ. (1)   (1) أخرجه: البخاري 2/ 71 (1169)، ومسلم 2/ 160 (724) (94). الحديث: 1101 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 318 1102 - وعنها، عن النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: «رَكْعَتَا الفَجْرِ خَيْرٌ مِنَ الدنْيَا وَمَا فِيهَا». رواه مُسلِمٌ. (1) وفي رواية: «لَهُمَا أحَبُّ إليَّ مِنَ الدُّنْيَا جَمِيعًا».   (1) أخرجه: مسلم 2/ 160 (725) (96) و (97). الحديث: 1102 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 318 1103 - وعن أبي عبد الله بلالِ بن رَبَاح - رضي الله عنه - مُؤَذِّن رَسُولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم: أنَّهُ أتَى رَسُول اللهِ - صلى الله عليه وسلم - لِيُؤْذِنَه بِصَلاةِ الغَدَاةِ، فَشَغَلَتْ عَائِشَةُ بِلالًا بِأَمْرٍ سَأَلَتْهُ عَنْهُ، حَتَّى أصْبَحَ جِدًّا، فَقَامَ بِلالٌ فَآذَنَهُ بِالصَّلاَةِ، وَتَابَعَ أذَانَهُ، فَلَمْ يَخْرُجْ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - فَلَمَّا خَرَجَ صَلَّى بِالنَّاسِ، فَأخْبَرَهُ أنَّ عَائِشَةَ شَغَلَتْهُ بِأمْرٍ سَأَلَتْهُ عَنْهُ حَتَّى أصْبَحَ جِدًّا، وَأنَّهُ أبْطَأَ عَلَيْهِ بِالخُرُوجِ، فَقَالَ - يَعْنِي النَّبيَّ - صلى الله عليه وسلم: «إنِّي كُنْتُ رَكَعْتُ رَكْعْتَي الفَجْرِ» فقالَ: يَا رَسُولَ اللهِ، إنَّكَ أصْبَحْتَ جِدًّا؟ فقَالَ: «لَوْ أصْبَحْتُ أكْثَرَ مِمَّا أصْبَحْتُ، لَرَكَعْتُهُمَا، وَأحْسَنْتُهُمَا وَأجْمَلْتُهُمَا». رواه أبُو دَاوُدَ بإسناد حسن. (1)   (1) أخرجه: أبو داود (1257). الحديث: 1103 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 318 197 - باب تخفيف ركعتي الفجر وبيان مَا يقرأ فيهما وبيان وقتهما 1104 - عن عائشة رَضِيَ اللهُ عَنها: أنَّ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - كَانَ يُصَلّي رَكْعَتَيْنِ خَفِيفَتَيْنِ بَيْنَ النِّدَاءِ وَالإقَامَةِ مِنْ صَلاَةِ الصُّبْحِ. متفقٌ عَلَيهِ. (1) وفي روايَةٍ لَهُمَا: يُصَلِّي رَكْعَتَي الفَجْرِ، فَيُخَفِّفُهُمَا حَتَّى أقُولَ: هَلْ قَرَأَ فِيهما بِأُمِّ القُرْآنِ. وفي رواية لمسلم: كَانَ يُصلِّي رَكْعَتَي الفَجْرِ إذَا سَمِعَ الأذَانَ وَيُخَفِّفُهُمَا. وفي رواية: إذَا طَلَعَ الفَجْرُ.   (1) أخرجه: البخاري 1/ 160 (619)، ومسلم 2/ 160 (724) (91) و (92) و (93). الحديث: 1104 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 319 1105 - وعن حفصة رَضِيَ اللهُ عَنها: أنَّ رَسُولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - كَانَ إذَا أذَّنَ المُؤَذِّنُ لِلْصُّبْحِ وَبَدَا الصُّبْحُ، صَلَّى رَكْعَتَيْنِ خَفِيفَتَيْنِ. متفقٌ عَلَيهِ. (1) وفي رواية لمسلم: كَانَ رَسُول اللهِ - صلى الله عليه وسلم - إذَا طَلَعَ الفَجْرُ لا يُصَلِّي إلاَّ رَكْعَتَيْنِ خَفِيفَتَيْنِ.   (1) أخرجه: البخاري 1/ 160 (618)، ومسلم 2/ 159 (723) (87) و (88). الحديث: 1105 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 319 1106 - وعن ابن عمر رَضِيَ اللهُ عَنهُما، قَالَ: كَانَ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يُصَلِّي مِنَ اللَّيْلِ مَثْنَى مَثْنَى، وَيُوتِرُ بِرَكْعَةٍ مِنْ آخِرِ اللَّيْلِ، وَيُصَلِّي الرَّكْعَتَيْنِ قَبْلَ صلاةِ الغَدَاةِ، وَكَأنَّ الأَذَانَ بِأُذُنَيْهِ. متفقٌ عَلَيهِ. (1)   (1) أخرجه: البخاري 2/ 31 (995)، ومسلم 2/ 174 (749) (157). الحديث: 1106 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 319 1107 - وعن ابن عباسٍ رضي الله عنهما: أنَّ رَسُولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - كَانَ يَقْرَأُ في رَكْعَتَي الفَجْرِ في الأُولَى مِنْهُمَا: {قُولُوا آَمَنَّا بِاللَّهِ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْنَا} [البقرة: 136] الآية الَّتي في البقرة، وفي الآخِرَةِ مِنْهُمَا: {آَمَنَّا بِاللَّهِ وَاشْهَدْ بِأَنَّا مُسْلِمُونَ} [آل عمران: 52]. وفي رواية: وفي الآخِرَةِ الَّتي في آل عِمْران: {تَعَالَوْا إِلَى كَلِمَةٍ سَوَاءٍ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ} [آل عمران: 64]. رواه مسلم. (1)   (1) أخرجه: مسلم 2/ 161 (727) (99) و (100). الحديث: 1107 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 319 1108 - وعن أبي هريرة - رضي الله عنه: أنَّ رَسُولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - قرأ في رَكْعَتَي الفَجْرِ: {قُلْ يَا أَيُّهَا الكَافِرُونَ} وَ {قُلْ هُوَ اللهُ أَحَدٌ}. رَوَاهُ مُسلِمٌ. (1)   (1) أخرجه: مسلم 2/ 161 (726) (98). الحديث: 1108 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 320 1109 - وعن ابن عمر رضي الله عنهما، قَالَ: رَمَقْتُ النَّبيَّ - صلى الله عليه وسلم - شَهْرًا فَكَانَ يَقْرَأُ في الرَّكْعَتَيْنِ قَبْلَ الفَجْرِ: {قُلْ يَا أيُّهَا الْكَافِرُونَ} وَ {قُلْ هُوَ اللهُ أَحَدٌ} رَوَاهُ التِّرمِذِيُّ، (1) وَقَالَ: «حَدِيثٌ حَسَنٌ».   (1) أخرجه: ابن ماجه (1149)، والترمذي (417)، والنسائي 2/ 170 وفي «الكبرى»، له (1064). الحديث: 1109 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 320 198 - باب استحباب الاضطجاع بعد ركعتي الفجر عَلَى جنبه الأيمن والحث عليه سواءٌ كَانَ تَهَجَّدَ بِاللَّيْلِ أمْ لا 1110 - عن عائشة رَضِيَ اللهُ عَنها، قالت: كَانَ النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - إذَا صَلَّى ركعتي الفجر، اضْطَجَعَ عَلَى شِقِّهِ الأَيْمَن. رَوَاهُ البُخَارِي. (1)   (1) أخرجه: البخاري 2/ 69 (1160). الحديث: 1110 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 320 1111 - وعنها، قالت: كَانَ النَّبيُّ - صلى الله عليه وسلم - يُصَلِّي فِيمَا بَيْنَ أَنْ يَفْرُغَ مِنْ صَلاَةِ العِشَاءِ إلَى الفَجْرِ إحْدَى عَشرَةَ رَكْعَةً، يُسَلِّمُ بَيْنَ كُلِّ رَكْعَتَيْنِ، وَيُوتِرُ بِوَاحِدَةٍ، فَإذَا سَكَتَ المُؤَذِّنُ مِنْ صَلاَةِ الفَجْرِ، وَتَبَيَّنَ لَهُ الفَجْرُ، وَجَاءهُ المُؤَذِّنُ، قَامَ فَرَكَعَ رَكْعَتَيْنِ خَفِيفَتَينِ، ثُمَّ اضْطَجَعَ عَلَى شِقِّهِ الأَيْمَنِ، هكَذَا حَتَّى يأْتِيَهُ المُؤَذِّنُ لِلإِقَامَةِ. رَوَاهُ مُسلِم. (1) قَوْلُهَا: «يُسَلِّمُ بَيْنَ كُلِّ رَكْعَتَيْنِ» هكَذَا هو في مسلمٍ ومعناه: بَعْدَ كُلِّ رَكْعَتَيْن.   (1) أخرجه: مسلم 2/ 165 (736) (122). الحديث: 1111 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 320 1112 - وعن أبي هريرة - رضي الله عنه - قَالَ: قال رَسُول اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم: «إذا صَلَّى أحَدُكُمْ رَكْعَتَي الفَجْرِ، فَلْيَضْطَجِعْ عَلَى يَمِينِهِ». رواه أبُو دَاوُدَ وَالتِّرمِذِيُّ بأسانيد صحيحة، (1) قال الترمذي: «حديث حسن صحيح».   (1) أخرجه: أبو داود (1261)، والترمذي (420) وقال: «حديث حسن صحيح غريب»، وقد أخطأ المصنف حينما قال: «بأسانيد صحيحة»، ومن قبله الترمذي، وابن خزيمة، وابن حبان، وابن حزم؛ إذ إنَّ هذا اللفظ معلول أخطأ فيه عبد الواحد بن زياد، وغيره من الثقات جعلوه من فعل النبي - صلى الله عليه وسلم - وهو المحفوظ، وقد بينت ذلك بإسهاب في تعليقي على مختصر المختصر (1120). الحديث: 1112 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 320 199 - باب سنة الظهر 1113 - عن ابن عمر رَضِيَ اللهُ عَنهُما، قَالَ: صَلَّيْتُ مَعَ رَسُولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - رَكْعَتَيْنِ قَبْلَ الظُّهْرِ وَرَكْعَتَيْنِ بَعْدَهَا. متفقٌ عَلَيهِ. (1)   (1) أخرجه: البخاري 2/ 72 (1172)، ومسلم 2/ 162 (729) (104). الحديث: 1113 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 321 1114 - وعن عائشة رَضِيَ اللهُ عَنها: أنَّ النَّبيَّ - صلى الله عليه وسلم - كَانَ لا يَدَعُ أرْبَعًا قَبْلَ الظُّهْرِ. رَوَاهُ البُخَارِيُّ. (1)   (1) أخرجه: البخاري 2/ 74 (1182). الحديث: 1114 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 321 1115 - وعنها، قالت: كَانَ النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم - يُصَلِّي في بَيْتِي قَبْلَ الظُّهْرِ أرْبَعًا، ثُمَّ يَخْرُجُ، فَيُصَلِّي بِالنَّاسِ، ثُمَّ يَدْخُلُ فَيُصَلِّي رَكْعَتَيْنِ. وَكَانَ يُصَلِّي بِالنَّاسِ المَغْرِبَ، ثُمَّ يَدْخُلُ فَيُصَلِّي رَكْعَتَيْنِ، وَيُصَلِّي بِالنَّاسِ العِشَاءِ، وَيَدْخُلُ بَيتِي فَيُصَلِّي رَكْعَتَيْنِ. رَوَاهُ مُسلِم. (1)   (1) أخرجه: مسلم 2/ 162 (730) (105). الحديث: 1115 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 321 1116 - وعن أُمّ حَبِيبَةَ رَضِيَ اللهُ عَنها، قالت: قال رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم: «مَنْ حَافَظَ عَلَى أرْبَعِ رَكَعَاتٍ قَبْلَ الظُّهْرِ، وَأرْبَعٍ بَعْدَهَا، حَرَّمَهُ اللَّهُ عَلَى النَّارِ». رواه أبُو دَاوُدَ وَالتِّرمِذِيُّ، (1) وَقَالَ: «حَدِيثٌ حَسَنٌ صحيح».   (1) أخرجه: أبو داود (1269)، وابن ماجه (1160)، والترمذي (427) وقال: «حديث حسن غريب». الحديث: 1116 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 321 1117 - وعن عبد الله بن السائب - رضي الله عنه: أنَّ رَسُولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - كَانَ يُصَلِّي أرْبَعًا بَعْدَ أَنْ تَزُولَ الشَّمْسُ قَبْلَ الظُّهْرِ، وقَالَ: «إنَّهَا سَاعَةٌ تُفْتَحُ فِيها أبْوَابُ السَّمَاءِ، فَأُحِبُّ أَنْ يَصْعَدَ لِي فيهَا عَمَلٌ صَالِحٌ». رواه التِّرمِذِيُّ، (1) وَقَالَ: «حَدِيثٌ حَسَنٌ».   (1) أخرجه: الترمذي (478)، والنسائي في «الكبرى» (331)، وقال: «حديث حسن غريب». الحديث: 1117 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 321 1118 - وعن عائشة رَضِيَ اللهُ عَنها: أنَّ النَّبيَّ - صلى الله عليه وسلم - كَانَ إذا لَمْ يُصَلِّ أربَعًا قَبلَ الظُّهْرِ، صَلاَّهُنَّ بَعْدَهَا. رَوَاهُ التِّرمِذِيُّ، (1) وَقَالَ: «حَدِيثٌ حَسَنٌ».   (1) أخرجه: ابن ماجه (1158)، والترمذي (426) وقال: «حديث حسن غريب». الحديث: 1118 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 321 200 - باب سنة العصر 1119 - عن علي بن أبي طالب - رضي الله عنه - قَالَ: كَانَ النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - يُصَلِّي قَبْلَ العَصْرِ أرْبَعَ رَكَعَاتٍ، يَفْصلُ بَيْنَهُنَّ بِالتَّسْلِيمِ عَلَى المَلائِكَةِ المُقَرَّبِينَ، وَمَنْ تَبِعَهُمْ مِنَ المُسْلِمِينَ وَالمُؤْمِنِينَ. رَوَاهُ التِّرمِذِيُّ، (1) وَقَالَ: «حَدِيثٌ حَسَنٌ».   (1) أخرجه: الترمذي (429). الحديث: 1119 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 321 1120 - عن ابن عمر رَضِيَ اللَّهُ عَنهُما، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: «رَحِمَ اللَّهُ امْرءًا صَلَّى قَبْلَ العَصْرِ أرْبَعًا». رواه أبُو دَاوُدَ وَالتِّرمِذِيُّ، (1) وَقَالَ: «حَدِيثٌ حَسَنٌ».   (1) أخرجه: أبو داود (1271)، والترمذي (430) وقال: «حديث حسن غريب». الحديث: 1120 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 322 1121 - وعن علي بن أبي طالب - رضي الله عنه: أنَّ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - كَانَ يُصَلِّي قَبلَ العَصْرِ رَكْعَتَيْنِ. رَوَاهُ أبُو دَاوُدَ بإسناد صحيح. (1)   (1) أخرجه: أبو داود (1272). الحديث: 1121 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 322 201 - باب سنة المغرب بعدها وقبلها تقدم في هذه الأبواب حديثُ ابن عمر وحديث عائشة (1)، وهما صحيحان: أنَّ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - كَانَ يُصَلِّي بَعدَ المَغْرِبِ رَكْعَتَيْنِ. 1122 - وعن عبد الله بن مُغَفَّل - رضي الله عنه - عن النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: «صَلُّوا قَبْلَ المَغْرِبِ» قال في الثَّالِثَةِ: «لِمَنْ شَاءَ». رواه البُخَارِيُّ. (2)   (1) انظر الحديثين (1098) و (1115). (2) أخرجه: البخاري 2/ 74 (1183). الحديث: 1122 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 322 1123 - وعن أنس - رضي الله عنه - قَالَ: لَقَدْ رَأيْتُ كِبَارَ أصْحَابِ رَسُولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - يَبْتَدِرُونَ السَّوَارِيَ (1) عِندَ المَغْرِبِ. رَوَاهُ البُخَارِيُّ. (2)   (1) قال ابن حجر في فتح الباري 2/ 141: «يبتدرون أي يستبقون، والسواري جمع سارية، كأن غرضهم بالاستباق إليها الاستتار بها ممن يمر بين أيديهم لكونهم يصلون فُرادى». (2) أخرجه: البخاري 1/ 134 (503). الحديث: 1123 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 322 1124 - وعنه، قَالَ: كُنَّا نصلِّي عَلَى عهدِ رسولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - رَكْعَتَيْنِ بَعْدَ غُرُوبِ الشَّمْسِ قَبْلَ المَغْرِبِ، فَقِيلَ: أكَانَ رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - صَلاَّهما؟ قَالَ: كَانَ يَرَانَا نُصَلِّيهِمَا فَلَمْ يَأمُرْنَا وَلَمْ يَنْهَنَا. رواه مسلم. (1)   (1) أخرجه: مسلم 2/ 211 (836) (302). الحديث: 1124 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 322 1125 - وعنه، قَالَ: كُنَّا بِالمَدِينَةِ فَإذَا أذَّنَ المُؤَذِّنُ لِصَلاَةِ المَغْرِبِ، ابْتَدَرُوا السَّوَارِيَ، فَرَكَعُوا رَكْعَتَيْنِ، حَتَّى إنَّ الرَّجُلَ الغَريبَ لَيَدْخُلُ المَسْجِدَ فَيَحْسَبُ أنَّ الصَّلاَةَ قَدْ صُلِّيَتْ مِنْ كَثْرَةِ مَنْ يُصَلِّيهِمَا. رواه مسلم. (1)   (1) أخرجه: مسلم 2/ 212 (837) (303). الحديث: 1125 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 322 202 - باب سنة العشاء بعدها وقبلها فِيهِ حديث ابن عمر السابق: صَلَّيْتُ مَعَ النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم - رَكْعَتَيْنِ بَعْدَ العِشَاءِ، وحديث عبد الله بن مُغَفَّلٍ: «بَيْنَ كُلِّ أذَانَيْنِ صَلاةٌ» متفق عَلَيْهِ. كما سبق (1).   (1) انظر الحديثين (1098) و (1099). الجزء: 1 ¦ الصفحة: 323 203 - باب سنة الجمعة فِيهِ حَديث ابن عمر السابق (1) أنَّه صَلَّى مَعَ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - رَكْعَتَيْنِ بَعْدَ الجُمعَةِ. متفقٌ عَلَيْهِ. 1126 - عن أَبي هريرة - رضي الله عنه - قَالَ: قَالَ رسول الله - صلى الله عليه وسلم: «إِذَا صَلَّى أَحَدُكُم الجُمُعَةَ، فَلْيُصَلِّ بَعْدَهَا أرْبعًا». رواه مسلم. (2)   (1) انظر الحديث (1098). (2) أخرجه: مسلم 3/ 16 (881) (67). الحديث: 1126 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 323 1127 - وعن ابن عمر رضي الله عنهما: أنَّ النَّبيَّ - صلى الله عليه وسلم - كَانَ لاَ يُصَلِّي بَعْدَ الجُمُعَةِ حَتَّى يَنْصَرِفَ، فَيُصَلِّي رَكْعَتَيْنِ في بَيْتِهِ. رواه مسلم. (1)   (1) أخرجه: مسلم 3/ 17 (882) (71). الحديث: 1127 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 323 204 - باب استحباب جعل النوافل في البيت سواء الراتبة وغيرها والأمر بالتحول للنافلة من موضع الفريضة أَو الفصل بينهما بكلام 1128 - عن زيد بن ثابت - رضي الله عنه: أنَّ النَّبيَّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: «صَلُّوا أَيُّهَا النَّاسُ فِي بُيُوتِكُمْ، فَإنَّ أفْضَلَ الصَّلاَةِ صَلاَةُ المَرْءِ في بَيْتِهِ إِلاَّ المَكْتُوبَةَ». متفقٌ عَلَيْهِ. (1)   (1) أخرجه: البخاري 1/ 186 (731)، ومسلم 2/ 188 (781) (213). الحديث: 1128 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 323 1129 - وعن ابن عمر رضي الله عنهما، عن النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: «اجْعَلُوا مِنْ صَلاَتِكُمْ فِي بُيُوتِكُمْ (1)، وَلاَ تَتَّخِذُوهَا قُبُورًا». متفقٌ عَلَيْهِ. (2)   (1) المراد بها صلاة النافلة. انظر شرح النووي لصحيح مسلم 3/ 260. (2) أخرجه: البخاري 1/ 118 (432)، ومسلم 2/ 187 (777) (208). الحديث: 1129 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 323 1130 - وعن جابر - رضي الله عنه - قَالَ: قَالَ رسول الله - صلى الله عليه وسلم: «إِذَا قَضَى أحَدُكُمْ صَلاَتَهُ في مَسْجِدِهِ فَلْيَجْعَلْ لِبَيْتِهِ نَصِيبًا مِنْ صَلاَتِهِ؛ فَإنَّ اللهَ جَاعِلٌ في بَيْتِهِ مِنْ صَلاَتِهِ خَيْرًا». رواه مسلم. (1)   (1) أخرجه: مسلم 2/ 187 (778) (210). الحديث: 1130 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 324 1131 - وعن عمر بن عطاءٍ: أنَّ نَافِعَ بْنَ جُبَيْرٍ أرْسَلَهُ إِلَى السَّائِبِ ابن أُخْتِ نَمِرٍ يَسأَلُهُ عَنْ شَيْءٍ رَآهُ مِنْهُ مُعَاوِيَةُ في الصَّلاَةِ، فَقَالَ: نَعَمْ، صَلَّيْتُ مَعَهُ الجُمُعَةَ في المَقْصُورَةِ، فَلَمَّا سَلَّمَ الإمَامُ، قُمْتُ في مَقَامِي، فَصَلَّيْتُ، فَلَمَّا دَخَلَ أَرْسَلَ إلَيَّ، فَقَالَ: لاَ تَعُدْ لِمَا فَعَلْتَ. إِذَا صَلَّيْتَ الجُمُعَةَ فَلاَ تَصِلْهَا بِصَلاةٍ حَتَّى تَتَكَلَّمَ أَوْ تَخْرُجَ؛ فَإنَّ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - أمَرَنَا بِذلِكَ، أن لاَ نُوصِلَ صَلاَةً بِصَلاَةٍ حَتَّى نَتَكَلَّمَ أَوْ نَخْرُجَ. رواه مسلم. (1)   (1) أخرجه: مسلم 3/ 17 (883) (73). الحديث: 1131 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 324 205 - باب الحث عَلَى صلاة الوتر وبيان أنه سنة مؤكدة وبيان وقته 1132 - عن عليٍّ - رضي الله عنه - قَالَ: الوِتْرُ لَيْسَ بِحَتْمٍ كَصَلاَةِ المَكْتُوبَةِ، وَلَكِنْ سَنَّ رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: «إنَّ اللهَ وِتْرٌ يُحِبُّ الوِتْرَ، فَأَوْتِرُوا يَا أهْلَ القُرْآنِ». رواه أَبُو داود والترمذي، (1) وقال: «حديث حسن».   (1) أخرجه: أبو داود (1416)، وابن ماجه (1169)، والترمذي (453)، والنسائي 3/ 228 و229. الحديث: 1132 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 324 1133 - وعن عائشة رضي الله عنها، قالت: مِنْ كُلِّ اللَّيْلِ قَدْ أَوْتَرَ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مِنْ أَوَّلِ اللَّيْلِ، وَمِنْ أوْسَطِهِ، وَمِنْ آخِرِهِ، وَانْتَهَى وِتْرُهُ إِلَى السَّحَرِ. متفقٌ عَلَيْهِ. (1)   (1) أخرجه: البخاري 2/ 31 (996)، ومسلم 2/ 168 (745) (137). الحديث: 1133 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 324 1134 - وعن ابن عمر رضي الله عنهما، عن النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: «اجْعَلُوا آخِرَ صَلاَتِكُمْ بِاللَّيْلِ وِتْرًا». متفقٌ عَلَيْهِ. (1)   (1) أخرجه: البخاري 2/ 31 (998)، ومسلم 2/ 173 (751) (151). الحديث: 1134 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 324 1135 - وعن أَبي سعيد الخدري - رضي الله عنه: أنَّ النَّبيَّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: «أوْتِرُوا قَبْلَ أَنْ تُصْبِحُوا». رواه مسلم. (1)   (1) أخرجه: مسلم 2/ 174 (754) (160). الحديث: 1135 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 324 1136 - وعن عائشة رضي الله عنها: أنَّ النَّبيَّ - صلى الله عليه وسلم - كَانَ يُصَلِّي صَلاَتَهُ باللَّيْلِ، وَهِيَ مُعْتَرِضَةٌ بَيْنَ يَدَيْهِ، فَإذَا بَقِيَ الوِتْرُ، أيْقَظَهَا فَأوْتَرتْ. رواه مسلم. (1) وفي روايةٍ لَهُ: فَإذَا بَقِيَ الوِتْرُ، قَالَ: «قُومِي فَأوتِري يَا عائِشَةُ».   (1) أخرجه: مسلم 2/ 168 (744) (134) و (135). الحديث: 1136 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 325 1137 - وعن ابن عمرَ رضي الله عنهما: أنَّ النَّبيَّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: «بَادِرُوا الصُّبْحَ بِالوِتْرِ». رواه أَبُو داود والترمذي، وقال: «حديث حسن صحيح» (1).   (1) أخرجه: مسلم 2/ 173 (750) (149)، وأبو داود (1436)، والترمذي (467). الحديث: 1137 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 325 1138 - وعن جابر - رضي الله عنه - قَالَ: قَالَ رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم: «مَنْ خَافَ أَنْ لاَ يَقُومَ مِنْ آخِرِ اللَّيْلِ، فَلْيُوتِرْ أوَّلَهُ، وَمَنْ طَمِعَ أَنْ يَقُومَ آخِرَهُ فَلْيُوتِرْ آخِرَ اللَّيلِ، فَإنَّ صَلاَةَ آخِرِ اللَّيْلِ مَشْهُودَةٌ، (1) وذَلِكَ أفْضَلُ». رواه مسلم. (2)   (1) قال النووي في شرح صحيح مسلم 3/ 232 عقيب (755): «وذلك أفضل أن يشهدها ملائكة الرحمة، وفيه دليلان صريحان على تفضيل صلاة الوتر وغيرها آخر الليل». (2) أخرجه: مسلم 2/ 174 (755) (162). الحديث: 1138 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 325 206 - باب فضل صلاة الضحى وبيان أقلها وأكثرها وأوسطها، والحث عَلَى المحافظة عَلَيْهَا 1139 - عن أَبي هريرة - رضي الله عنه - قَالَ: أوْصَانِي خَلِيلي - صلى الله عليه وسلم - بِصِيَامِ ثَلاَثَةِ أيَّامٍ مِنْ كُلِّ شَهْرٍ، وَرَكْعَتَي الضُّحَى، وَأنْ أُوتِرَ قَبْلَ أَنْ أرْقُدَ. متفقٌ عَلَيْهِ. (1) وَالإيتَارُ قَبْلَ النَّوْمِ إنَّمَا يُسْتَحَبُّ لِمَنْ لاَ يَثِقُ بِالاسْتِيقَاظِ آخِرَ اللَّيْلِ فَإنْ وَثِقَ، فَآخِرُ اللَّيْلِ أفْضَلُ.   (1) أخرجه: البخاري 3/ 53 (1981)، ومسلم 2/ 158 (721) (85). الحديث: 1139 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 325 1140 - وعن أَبي ذَرٍّ - رضي الله عنه - عن النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: «يُصْبحُ عَلَى كُلِّ سُلاَمَى (1) مِنْ أَحَدكُمْ صَدَقَةٌ: فَكُلُّ تَسْبِيحَةٍ صَدَقَةٌ، وَكُلُّ تَحْمِيدَةٍ صَدَقَةٌ، وَكُلُّ تَهْلِيلَةٍ صَدَقَةٌ، وَكُلُّ [ص: 326] تَكْبِيرَةٍ صَدَقَةٌ، وَأَمْرٌ بِالمَعْرُوفِ صَدَقَةٌ، وَنَهْيٌ عَنِ المُنْكَرِ صَدَقَةٌ، وَيُجْزِئ (2) مِنْ ذَلِكَ رَكْعَتَانِ يَرْكَعُهُمَا مِنَ الضُّحَى». رواه مسلم. (3)   (1) قال النووي في شرح صحيح مسلم 3/ 202 عقيب (722): «هو بضم السين وتخفيف اللام وأصله عظام الأصابع وسائر الكف، ثم استعمل في جميع عظام البدن ومفاصله». (2) قال النووي في شرح صحيح مسلم 3/ 202 - 203 عقيب (722): [ضبطناه «ويجزي» بفتح أوله وضمه، فالضم من الأجزاء والفتح من جزى يجزي أي كفى، ومنه قوله تعالى: «لا تَجْزِي نَفْسٌ» وفي الحديث: «لا يجزي عن أحد بعدك» وفيه دليل على عظم فضل الضحى وكبير موقعها، وأنها تصح ركعتين]. (3) انظر الحديث (118). الحديث: 1140 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 325 1141 - وعن عائشة رضي الله عنها، قالت: كَانَ رسولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - يُصَلِّي الضُّحَى أرْبَعًا، وَيَزِيدُ مَا شَاءَ الله. رواه مسلم. (1)   (1) أخرجه: مسلم 2/ 157 (719) (79). الحديث: 1141 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 326 1142 - وعن أُمِّ هَانِىءٍ فاختة بنت أَبي طالب رضي الله عنها، قالت: ذَهَبْتُ إِلَى رَسولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - عَامَ الفَتْحِ فَوَجَدْتُهُ يَغْتَسِلُ، فَلَمَّا فَرَغَ مِنْ غُسْلِهِ، صَلَّى ثَمَانِيَ رَكَعَاتٍ، وَذَلِكَ ضُحىً. متفقٌ عَلَيْهِ. وهذا مختصرُ لفظِ إحدى روايات مسلم. (1)   (1) أخرجه: البخاري 1/ 100 (357)، ومسلم 1/ 182 - 183 (336) (71). الحديث: 1142 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 326 207 - باب تجويز صلاة الضحى من ارتفاع الشمس إِلَى زوالها والأفضل أن تُصلَّى عِنْدَ اشتداد الحر وارتفاع الضحى 1143 - عن زيد بن أَرْقَم - رضي الله عنه: أنَّهُ رَأَى قَوْمًا يُصَلُّونَ مِنَ الضُّحَى، فَقَالَ: أمَا لَقَدْ عَلِمُوا أنَّ الصَّلاَةَ في غَيْرِ هذِهِ السَّاعَةِ أفْضَلُ، إنَّ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: «صَلاَةُ الأَوَّابِينَ (1) حِيْنَ تَرْمَضُ الفِصَالُ». رواه مسلم. (2) «تَرْمَضُ» بفتح التاء والميم وبالضاد المعجمة، يعني: شدة الحر. وَ «الفِصَالُ» جَمْعُ فَصِيلٍ وَهُوَ: الصَّغيرُ مِنَ الإبِلِ.   (1) قال النووي في شرح صحيح مسلم 3/ 227 عقيب (748): «الأواب: المطيع، وقيل: الراجع إلى الطاعة». (2) أخرجه: مسلم 2/ 171 (748) (143). الحديث: 1143 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 326 208 - باب الحث عَلَى صلاة تحية المسجد بركعتين وكراهة الجلوس قبل أن يصلي ركعتين في أي وقت دخل وسواء صلَّى ركعتين بنية التَّحِيَّةِ أَوْ صلاة فريضة أَوْ سنة راتبة أَوْ غيرها 1144 - عن أَبي قتادة - رضي الله عنه - قَالَ: قَالَ رسول الله - صلى الله عليه وسلم: «إِذَا دَخَلَ أحَدُكُمُ المَسْجِدَ، فَلاَ يَجْلِسْ حَتَّى يُصَلِّي رَكْعَتَيْنِ». متفقٌ عَلَيْهِ. (1)   (1) أخرجه: البخاري 1/ 120 (444)، ومسلم 2/ 155 (714) (70). الحديث: 1144 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 327 1145 - وعن جابرٍ - رضي الله عنه - قَالَ: أَتَيْتُ النَّبيَّ - صلى الله عليه وسلم - وَهُوَ في المَسْجِدِ، فَقَالَ: «صَلِّ رَكْعَتَيْنِ». متفقٌ عَلَيْهِ. (1)   (1) أخرجه: البخاري 1/ 120 (443)، ومسلم 2/ 155 - 156 (715) (71). الحديث: 1145 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 327 209 - باب استحباب ركعتين بعد الوضوء 1146 - عن أَبي هريرة - رضي الله عنه: أنَّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قَالَ لِبِلاَلٍ: «يَا بِلاَلُ، حَدِّثْنِي بِأَرْجَى عَمَلٍ عَمِلْتَهُ فِي الإسْلاَمِ، فَإنِّي سَمِعْتُ دَفَّ نَعْلَيْكَ بَيْنَ يَدَيَّ في الجَنَّةِ» قَالَ: مَا عَمِلْتُ عَمَلًا أرْجَى عِنْدي مِنْ أَنِّي لَمْ أتَطَهَّرْ طُهُورًا فِي سَاعَةٍ مِنْ لَيْلٍ أَوْ نَهَارٍ إِلاَّ صَلَّيْتُ بِذَلِكَ الطُّهُورِ مَا كُتِبَ لِي أَنْ أُصَلِّي (1). متفقٌ عَلَيْهِ، (2) وهذا لفظ البخاري. «الدَّفُّ» بالفاءِ: صَوْتُ النَّعْلِ وَحَرَكَتُهُ عَلَى الأَرْضِ، واللهُ أعْلَم.   (1) قال النووي في شرح صحيح مسلم 8/ 205 عقيب (2458): «في الحديث: فضيلة الصلاة عقب الوضوء، وأنها سنة، وأنها تُباح في أوقات النهي عند طلوع الشمس واستوائها وغروبها، وبعد صلاة الصبح والعصر؛ لأنها ذات سبب وهذا مذهبنا». (2) أخرجه: البخاري 2/ 67 (1149)، ومسلم 7/ 146 (2458) (108). الحديث: 1146 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 327 210 - باب فضل يوم الجمعة ووجوبها والاغتسال لَهَا والطّيب والتبكير إِلَيْهَا والدعاء يوم الجمعة والصلاة عَلَى النبي - صلى الله عليه وسلم - وفِيهِ بيان ساعة الإجابة واستحباب إكثار ذكر الله تعالى بعد الجمعة قَالَ الله تَعَالَى: {فَإذَا قُضِيَتِ الصَّلاَةُ فَانْتَشِرُوا فِي الأرْضِ، وَابْتَغُوا مِنْ فَضْلِ اللهِ، وَاذْكُرُوا اللهَ كَثِيرًا لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ} [الجمعة: 10]. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 327 1147 - وعن أَبي هريرة - رضي الله عنه - قَالَ: قَالَ رسول الله - صلى الله عليه وسلم: «خَيْرُ يَومٍ طَلَعَتْ عَلَيْهِ الشَّمْسُ يَوْمُ الجُمُعَةِ: فِيهِ خُلِقَ آدَمُ، وَفِيهِ أُدْخِلَ الجَنَّةَ، وَفِيهِ أُخْرِجَ مِنْهَا». رواه مسلم. (1)   (1) أخرجه: مسلم 3/ 6 (854) (17). الحديث: 1147 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 328 1148 - وعنه، قَالَ: قَالَ رسول الله - صلى الله عليه وسلم: «مَنْ تَوَضَّأ فَأَحْسَنَ الوُضُوءَ ثُمَّ أتَى الجُمُعَةَ، فَاسْتَمَعَ وأنْصَتَ، غُفِرَ لَهُ مَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ الجُمُعَةِ وَزِيادَةُ ثَلاَثَةِ أيَّامٍ، وَمَنْ مَسَّ الحَصَى، فَقَدْ لَغَا». رواه مسلم. (1)   (1) أخرجه: مسلم 3/ 8 (857) (27). الحديث: 1148 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 328 1149 - وعنه، عن النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: «الصَّلَوَاتُ الخَمْسُ، وَالجُمُعَةُ إِلَى الجُمُعَةِ، وَرَمَضَانُ إِلَى رَمَضَانَ، مُكَفِّراتٌ مَا بَيْنَهُنَّ إِذَا اجْتُنِبَتِ الكَبَائِرُ». رواه مسلم. (1)   (1) أخرجه: مسلم 1/ 144 (233) (16). الحديث: 1149 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 328 1150 - وعنه، وعن ابن عمر - رضي الله عنهم: أنهما سَمعَا رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - يقولُ عَلَى أعْوَادِ مِنْبَرِهِ: «لَيَنْتَهِيَنَّ أقْوَامٌ عَنْ وَدْعِهِمُ (1) الجُمُعَاتِ أَوْ لَيَخْتِمَنَّ اللهُ عَلَى قُلُوبِهِمْ ثُمَّ لَيَكُونَنَّ مِنَ الغَافِلِينَ». رواه مسلم. (2)   (1) قال النووي في شرح صحيح مسلم 3/ 334 عقيب (865): «ودعهم أي تركهم، ومعنى الختم الطبع والتغطية قالوا في قول الله تعالى: {خَتَمَ اللهُ عَلَى قُلُوبِهِمْ} أي طبع». (2) أخرجه: مسلم 3/ 10 (865) (40). الحديث: 1150 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 328 1151 - وعن ابن عمر رضي الله عنهما: أنَّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: «إِذَا جَاءَ أَحَدُكُمُ الجُمُعَةَ فَلْيَغْتَسِلْ». متفقٌ عَلَيْهِ. (1)   (1) أخرجه: البخاري 2/ 2 (877)، ومسلم 3/ 2 (844) (2). الحديث: 1151 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 328 1152 - وعن أَبي سعيد الخدري - رضي الله عنه: أنَّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: «غُسْلُ يَوْمِ الجُمُعَةِ وَاجِبٌ عَلَى كُلِّ مُحْتَلِمٍ». متفقٌ عَلَيْهِ. (1) المراد بِالمُحْتَلِمِ: البَالِغُ. وَالمُرادُ بِالوَاجِبِ: وُجُوبُ اخْتِيارٍ، كَقولِ الرَّجُلِ لِصَاحِبهِ: حَقُّكَ وَاجِبٌ عَلَيَّ. واللهُ أعلم.   (1) أخرجه: البخاري 2/ 3 (879)، ومسلم 3/ 3 (846) (5). الحديث: 1152 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 328 1153 - وعن سَمُرَةَ - رضي الله عنه - قَالَ: قَالَ رسول الله - صلى الله عليه وسلم: «مَنْ تَوَضَّأَ يَوْمَ الجُمُعَةِ فبِها وَنِعْمَتْ (1) وَمَن اغْتَسَلَ فَالغُسْلُ أفْضَلُ». رواه أَبُو داود والترمذي، (2) وقال: «حديث حسن».   (1) قال الخطابي في معالم السنن 1/ 95: «قوله: فبها، قال الأصمعي: معناه فبالسنة أخذ، وقوله: ونعمت، يريد ونعمت الخصلة ونعمت الفعلة أو نحو ذلك، وإنما ظهرت التاء التي هي علامة التأنيث لإظهار السنة أو الخصلة أو الفعلة، وفيه البيان الواضح أن الوضوء كاف للجمعة وأن الغسل لها فضيلة لا فريضة». (2) أخرجه: أبو داود (354)، والترمذي (497)، والنسائي 3/ 94. الحديث: 1153 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 329 1154 - وعن سَلمَان - رضي الله عنه - قَالَ: قَالَ رسول اللهِ - صلى الله عليه وسلم: «لاَ يَغْتَسِلُ رَجُلٌ يَومَ الجُمُعَةِ، وَيَتَطَهَّرُ مَا اسْتَطَاعَ مِن طُهْرٍ، وَيَدَّهِنُ مِنْ دُهْنِهِ، أَوْ يَمَسُّ مِنْ طِيبِ بَيْتِهِ، ثُمَّ يَخْرُجُ فَلاَ يُفَرِّقُ بَيْنَ اثنَيْنِ، ثُمَّ يُصَلِّي مَا كُتِبَ لَهُ، ثُمَّ يُنْصِتُ إِذَا تَكَلَّمَ الإمَامُ، إِلاَّ غُفِرَ لَهُ مَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ الجُمُعَةِ الأُخْرَى». رواه البخاري. (1)   (1) انظر الحديث (827). الحديث: 1154 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 329 1155 - وعن أَبي هريرة - رضي الله عنه: أنَّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: «مَن اغْتَسَلَ يَومَ الجُمُعَةِ غُسْلَ الجَنَابَةِ، ثُمَّ رَاحَ فِي السَّاعَةِ الأولى فَكَأنَّمَا قَرَّبَ بَدَنَةً (1)، وَمَنْ رَاحَ في السَّاعَةِ الثَّانِيَةِ، فَكَأَنَّمَا قَرَّبَ بَقَرَةً، وَمَنْ رَاحَ في الساعة الثَّالِثَةِ، فَكَأنَّمَا قَرَّبَ كَبْشًا أقْرَنَ، وَمَنْ رَاحَ في السَّاعَةِ الرَّابِعَةِ، فَكَأنَّمَا قَرَّبَ دَجَاجَةً، وَمَنْ رَاحَ في السَّاعَةِ الخَامِسَةِ، فَكَأنَّمَا قَرَّبَ بَيْضَةً، فَإذَا خَرَجَ الإمَامُ، حَضَرَتِ المَلاَئِكَةُ يَسْتَمِعُونَ الذِّكْرَ». متفقٌ عَلَيْهِ. (2) قَوْله: «غُسْلُ الجَنَابَةِ» أيْ غُسلًا كغُسْلِ الجَنَابَةِ في الصِّفَةِ.   (1) قال النووي في شرح صحيح مسلم 3/ 319 عقيب (850): «وأما البدنة فقال جمهور أهل اللغة وجماعة من الفقهاء: يقع على الواحدة من الإبل والبقر والغنم، سميت بذلك لعظم بدنها، وخصها جماعة بالإبل، والمراد هنا الإبل بالاتفاق، لتصريح الأحاديث بذلك. والبدنة والبقرة يقعان على الذكر والأنثى باتفاقهم، والهاء فيها للواحدة كقمحة وشعيرة ونحوهما من أفراد الجنس». (2) أخرجه: البخاري 2/ 3 (881)، ومسلم 3/ 4 (850) (10). الحديث: 1155 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 329 1156 - وعنه أنَّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ذَكَرَ يَوْمَ الجُمُعَةِ، فَقَالَ: «فِيهَا سَاعَةٌ لا يُوافِقُهَا عَبْدٌ مُسْلِمٌ، وَهُوَ قَائِمٌ يُصَلِّي يَسْألُ اللهَ شَيْئًا، إِلاَّ أعْطَاهُ إيّاهُ» وَأشَارَ بيَدِهِ يُقَلِّلُهَا (1). متفقٌ عَلَيْهِ. (2)   (1) قال ابن حجر في فتح الباري 2/ 535 عقيب (935): «قال الزين بن المنير: الإشارة لتقليلها، هو الترغيب فيها والحض عليها؛ ليسارة وقتها وغزارة فضلها». (2) أخرجه البخاري 2/ 16 (935)، ومسلم 3/ 5 (852) (13). الحديث: 1156 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 329 1157 - وعن أَبي بُرْدَةَ بن أَبي موسى الأشعريِّ - رضي الله عنه - قَالَ: قَالَ عبد الله بن عمر رضي الله عنهما: أسَمِعْتَ أبَاكَ يُحَدِّثُ عَنْ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في شأنِ سَاعَةِ الجُمُعَةِ؟ قَالَ: قُلْتُ: نَعَمْ، سَمِعْتُهُ يَقُولُ: سَمِعْتُ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: «هِيَ مَا بَيْنَ أَنْ يَجْلِسَ الإمَامُ إِلَى أَنْ تُقْضَى الصَّلاةُ». رواه مسلم. (1)   (1) أخرجه: مسلم 3/ 6 (853) (16). الحديث: 1157 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 330 1158 - وعن أوس بن أوسٍ - رضي الله عنه - قَالَ: قَالَ رسول الله - صلى الله عليه وسلم: «إنَّ مِنْ أفْضَلِ أيَّامِكُمْ يَوْمَ الجُمُعَةِ، فَأكْثِرُوا عَلَيَّ مِنَ الصَّلاَةِ فِيهِ؛ فَإنَّ صَلاَتَكُمْ مَعْرُوضَةٌ عَلَيَّ». رواه أَبُو داود بإسناد صحيح. (1)   (1) أخرجه: أبو داود (1531)، وابن ماجه (1636)، والنسائي 3/ 91 وفي «الكبرى»، له (1666). الحديث: 1158 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 330 211 - باب استحباب سجود الشكر عِنْدَ حصول نعمة ظاهرة أَو اندفاع بلية ظاهرة 1159 - عن سعد بن أَبي وقاص - رضي الله عنه - قَالَ: خَرَجْنَا مَعَ رسولِ الله - صلى الله عليه وسلم - مِنْ مَكّةَ نُريدُ المَدِينَةَ، فَلَمَّا كُنَّا قَرِيبًا مِنْ عَزْوَرَاءَ (1) نَزَلَ ثُمَّ رَفَعَ يَدَيْهِ فَدَعَا الله سَاعَةً، ثُمَّ خَرَّ سَاجِدًا، فَمَكَثَ طَويلًا، ثُمَّ قَامَ فَرَفَعَ يَدَيْهِ سَاعَةً، ثُمَّ خَرَّ سَاجِدًا - فَعَلَهُ ثَلاثًا - وقال: «إنِّي سَألتُ رَبِّي، وَشَفَعْتُ لأُمَّتِي، فَأعْطَانِي ثُلُثَ أُمَّتِي، فَخَرَرْتُ سَاجِدًا لِرَبِّي شُكْرًا، ثُمَّ رَفَعْتُ رَأسِي، فَسَألْتُ رَبِّي لأُمَّتِي، فَأعْطَانِي ثُلُثَ أُمَّتِي، فَخَرَرْتُ سَاجِدًا لِرَبِّي شُكْرًا، ثُمَّ رَفَعْتُ رَأسِي، فَسَألْتُ رَبِّي لأُمَّتِي، فَأعْطَانِي الثُّلثَ الآخَرَ، فَخَرَرْتُ سَاجِدًا لِرَبِّي». رواه أَبُو داود. (2)   (1) قال ياقوت الحموي في معجم البلدان 6/ 325: «عزورُ ثنية الجحفة عليها الطريق بين مكة والمدينة». (2) أخرجه: أبو داود (2775)، وسند الحديث ضعيف. الحديث: 1159 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 330 212 - باب فضل قيام الليل قَالَ الله تَعَالَى: {وَمِنَ اللَّيْلِ فَتَهَجَّدْ بِهِ نَافِلَةً لَكَ عَسَى أَنْ يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقَامًا مَحْمُودًا} [الإسراء: 79]، وقال تَعَالَى: {تَتَجَافَى جُنُوبُهُمْ عَنِ المَضَاجِعِ} [السجدة: 16] الآية، وقال تَعَالَى: {كَانُوا قَلِيلًا مِنَ اللَّيْلِ مَا يَهْجَعُونَ} [الذاريات: 17]. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 330 1160 - وعن عائشة رضي الله عنها، قالت: كَانَ النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - يَقومُ مِنَ اللَّيْلِ حَتَّى تَتَفطَّرَ قَدَمَاهُ، فَقُلْتُ لَهُ: لِمَ تَصْنَعُ هَذَا، يَا رَسُولَ الله، وَقَدْ غُفِرَ لَكَ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِكَ وَمَا تَأخَّرَ؟ قَالَ: «أفَلاَ أكُونُ عَبْدًا شَكُورًا!». متفقٌ عَلَيْهِ. (1) وَعَن المُغِيرَةِ بن شُعبة نَحْوهُ متفقٌ عَلَيْهِ.   (1) أخرجه: البخاري 6/ 169 (4837)، ومسلم 8/ 141 - 142 (2820) (81) عن عائشة. وأخرجه: البخاري 6/ 169 (4836)، ومسلم 8/ 141 (2819) (79) (80) عن المغيرة. الحديث: 1160 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 331 1161 - وعن علي - رضي الله عنه: أنَّ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - طَرَقَهُ وَفَاطِمَةَ لَيْلًا، فَقَالَ: «أَلاَ تُصَلِّيَانِ؟». متفقٌ عَلَيْهِ. (1) «طَرَقَهُ»: أتَاهُ لَيْلًا.   (1) أخرجه: البخاري 2/ 62 (1127)، ومسلم 2/ 187 (775) (206). الحديث: 1161 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 331 1162 - وعن سالم بن عبدِ الله بن عمر بن الخطاب - رضي الله عنهم - عن أبيِهِ: أنَّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: «نِعْمَ الرَّجُلُ عَبْدُ اللهِ، لَوْ كَانَ يُصَلِّي مِنَ اللَّيلِ» قَالَ سالِم: فَكَانَ عَبدُ اللهِ بَعْدَ ذَلِكَ لاَ يَنامُ مِنَ اللَّيلِ إِلاَّ قَلِيلًا. متفقٌ عَلَيْهِ. (1)   (1) أخرجه: البخاري 2/ 61 (1122)، ومسلم 7/ 158 - 159 (2479) (140). الحديث: 1162 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 331 1163 - وعن عبد الله بن عَمرو بن العاصِ رضي الله عنهما، قَالَ: قَالَ رسول الله - صلى الله عليه وسلم: «يَا عَبدَ اللهِ، لاَ تَكُنْ مِثْلَ فُلانٍ؛ كَانَ يَقُومُ اللَّيلَ فَتَرَكَ قِيَامَ اللَّيلِ». متفقٌ عَلَيْهِ. (1)   (1) انظر الحديث (154). الحديث: 1163 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 331 1164 - وعن ابن مسعودٍ - رضي الله عنه - قَالَ: ذُكِرَ عِنْدَ النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم - رَجُلٌ نَامَ لَيْلَةً حَتَّى أصْبَحَ، قَالَ: «ذَاكَ رَجُلٌ بَالَ الشَّيطَانُ في أُذُنَيْهِ - أَوْ قَالَ: في أُذُنِهِ». متفقٌ عَلَيْهِ. (1)   (1) أخرجه: البخاري 2/ 66 (1144)، ومسلم 2/ 187 (774) (205). الحديث: 1164 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 331 1165 - وعن أَبي هريرة - رضي الله عنه: أنَّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: «يَعْقِدُ الشَّيطَانُ عَلَى قَافِيَةِ رَأسِ أحَدِكُمْ، إِذَا هُوَ نَامَ، ثَلاَثَ عُقَدٍ، يَضْرِبُ عَلَى كُلِّ عُقْدَةٍ: عَلَيْكَ لَيْلٌ طَويلٌ فَارْقُدْ، فَإن اسْتَيقَظَ، فَذَكَرَ اللهَ تَعَالَى انحَلَّتْ عُقْدَةٌ، فَإنْ تَوَضّأ، انْحَلّتْ عُقدَةٌ، فَإنْ صَلَّى، انْحَلَّتْ عُقَدُهُ كُلُّهَا، فَأصْبَحَ نَشِيطًا طَيِّبَ النَّفْسِ، وَإلاَّ أصْبحَ خَبيثَ النَّفْسِ كَسْلاَنَ». متفقٌ عَلَيْهِ. (1) «قافية الرَّأس»: آخِرُهُ.   (1) أخرجه: البخاري 2/ 65 (1142)، ومسلم 2/ 187 (776) (207). الحديث: 1165 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 331 1166 - وعن عبد الله بن سلام - رضي الله عنه: أنَّ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: «أيُّهَا النَّاسُ: أفْشُوا السَّلامَ، وَأطْعِمُوا الطَّعَامَ، وَصَلُّوا بِاللَّيْلِ وَالنَّاسُ نِيَامٌ، تَدْخُلُوا الجَنَّةَ بِسَلاَمٍ». رواه الترمذي، (1) وقال: «حديث حسن صحيح».   (1) أخرجه: ابن ماجه (1334)، والترمذي (2485)، وقال الترمذي: «هذا حديث صحيح». الحديث: 1166 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 332 1167 - وعن أَبي هريرة - رضي الله عنه - قَالَ: قَالَ رسولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم: «أفْضَلُ الصِّيَامِ بَعْدَ رَمَضَانَ: شَهْرُ اللهِ المُحَرَّمُ، وَأفْضَلُ الصَّلاَةِ بَعْدَ الفَرِيضَةِ: صَلاَةُ اللَّيْلِ». رواه مسلم. (1)   (1) أخرجه: مسلم 3/ 169 (1163) (202). الحديث: 1167 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 332 1168 - وعن ابن عمر رضي الله عنهما: أنَّ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: «صَلاةُ اللَّيْلِ مَثْنَى مَثْنَى، فَإذَا خِفْتَ الصُّبْحَ فَأوْتِرْ بِوَاحِدَةٍ». متفقٌ عَلَيْهِ. (1)   (1) أخرجه: البخاري 2/ 64 (1137)، ومسلم 2/ 172 (749) (147). الحديث: 1168 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 332 1169 - وعنه، قَالَ: كَانَ النَّبيُّ - صلى الله عليه وسلم - يُصَلِّي مِنَ اللَّيْلِ مَثْنَى مَثْنَى، وَيُوتِرُ بِرَكْعَةٍ. متفقٌ عَلَيْهِ. (1)   (1) انظر الحديث (1106). الحديث: 1169 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 332 1170 - وعن أنس - رضي الله عنه - قَالَ: كَانَ رسولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - يُفْطِرُ مِنَ الشَّهْرِ حَتَّى نَظُنَّ أَنْ لاَ يَصُومَ مِنْهُ، وَيَصُومُ حَتَّى نَظُنَّ أَنْ لاَ يُفْطِرَ مِنْهُ شَيْئًا، وَكَانَ لاَ تَشَاءُ أَنْ تَرَاهُ مِنَ اللَّيلِ مُصَلِّيًا إِلاَّ رَأيْتَهُ، وَلاَ نَائِمًا إِلاَّ رَأيْتَهُ. رواه البخاري. (1)   (1) أخرجه: البخاري 2/ 65 (1141). الحديث: 1170 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 332 1171 - وعن عائشة رضي الله عنها: أنَّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كَانَ يُصَلِّي إحْدَى عَشْرَةَ رَكْعَةً - تَعْنِي في اللَّيلِ - يَسْجُدُ السَّجْدَةَ مِنْ ذَلِكَ قَدْرَ مَا يَقْرَأُ أحَدُكُمْ خَمْسِينَ آيَةً قَبْلَ أَنْ يَرْفَعَ رَأسَهُ، وَيَرْكَعُ رَكْعَتَيْنِ قَبْلَ صَلاَةِ الفَجْرِ، ثُمَّ يَضْطَجِعُ عَلَى شِقِّهِ الأيْمَنِ حَتَّى يَأتِيَهُ المُنَادِي للصَلاَةِ. رواه البخاري. (1)   (1) أخرجه: البخاري 2/ 61 (1123). الحديث: 1171 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 332 1172 - وعنها، قالت: مَا كَانَ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يَزيدُ - في رَمَضَانَ وَلاَ في غَيْرِهِ - عَلَى إحْدَى عَشْرَةَ رَكْعَةً: يُصَلِّي أرْبَعًا فَلاَ تَسْألْ عَنْ حُسْنِهِنَّ وَطُولِهِنَّ، ثُمَّ يُصَلِّي أرْبَعًا فَلاَ [ص: 333] تَسْألْ عَنْ حُسْنِهِنَّ وطُولِهِنَّ، ثُمَّ يُصَلِّي ثَلاثًا. فَقُلتُ: يَا رسولَ اللهِ، أتَنَامُ قَبْلَ أَنْ تُوتِرَ؟ فَقَالَ: «يَا عَائِشَة، إنَّ عَيْنَيَّ تَنَامَانِ وَلاَ يَنَامُ قَلْبِي (1)». متفقٌ عَلَيْهِ. (2)   (1) قال النووي في شرح صحيح مسلم 3/ 221 عقيب (745): «هذا من خصائص الأنبياء صلوات الله وسلامه عليهم». (2) أخرجه: البخاري 2/ 66 (1147)، ومسلم 2/ 166 (738) (125). الحديث: 1172 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 332 1173 - وعنها: أنَّ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - كَانَ يَنَامُ أوّلَ اللَّيلِ، وَيَقُومُ آخِرَهُ فَيُصَلِّي. متفقٌ عَلَيْهِ. (1)   (1) أخرجه: البخاري 2/ 66 (1146)، ومسلم 2/ 167 (739) (129). الحديث: 1173 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 333 1174 - وعن ابن مسعود - رضي الله عنه - قَالَ: صَلَّيْتُ مَعَ النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم - لَيْلَةً، فَلَمْ يَزَلْ قائِمًا حَتَّى هَمَمْتُ بِأَمْر سوءٍ! قيلَ: مَا هَمَمْتَ؟ قَالَ: هَمَمْتُ أَنْ أجِلْسَ وَأدَعَهُ. متفقٌ عَلَيْهِ. (1)   (1) انظر الحديث (103). الحديث: 1174 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 333 1175 - وعن حذيفة - رضي الله عنه - قَالَ: صَلَّيْتُ مَعَ النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم - ذَاتَ لَيْلَةٍ فَافْتَتَحَ البَقرَةَ، فَقُلْتُ: يَرْكَعُ عِنْدَ المائَةِ، ثُمَّ مَضَى، فقلتُ: يُصَلِّي بِهَا في رَكْعَةٍ فَمَضَى، فقلتُ: يَرْكَعُ بِهَا، ثُمَّ افْتَتَحَ النِّسَاءَ فَقَرَأَهَا، ثُمَّ افْتَتَحَ آلَ عِمْرَانَ فَقَرَأَهَا، يَقرَأُ مُتَرَسِّلًا: إِذَا مَرَّ بآيةٍ فِيهَا تَسبيحٌ سَبَّحَ، وَإذَا مَرَّ بسُؤَالٍ سَأَلَ، وَإذَا مَرَّ بتَعَوُّذٍ تَعَوَّذَ، ثُمَّ رَكَعَ، فَجَعَلَ يَقُولُ: «سُبْحَانَ رَبِّيَ العَظِيمِ» فَكَانَ رُكُوعُهُ نَحوًا مِنْ قِيَامِهِ، ثُمَّ قَالَ: «سَمِعَ اللهُ لِمَنْ حَمِدَهُ، رَبَّنَا لَكَ الحَمْدُ» ثُمَّ قَامَ طَويلًا قَريبًا مِمَّا رَكَعَ، ثُمَّ سَجَدَ، فَقَالَ: «سُبْحَانَ رَبِّيَ الأَعْلَى» فَكَانَ سجُودُهُ قَريبًا مِنْ قِيَامِهِ. رواه مسلم. (1)   (1) انظر الحديث (102). الحديث: 1175 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 333 1176 - وعن جابر - رضي الله عنه - قَالَ: سُئِلَ رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - أيُّ الصَّلاَةِ أفْضَلُ؟ قَالَ: «طُولُ القُنُوتِ». رواه مسلم. (1) المراد بـ «القنوتِ»: القِيام.   (1) أخرجه: مسلم 2/ 175 (756) (165). الحديث: 1176 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 333 1177 - وعن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما: أنَّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: «أحَبُّ الصَّلاةِ إِلَى اللهِ صَلاةُ دَاوُدَ، وَأحَبُّ الصِّيَامِ إِلَى اللهِ صِيَامُ دَاوُدَ، كَانَ يَنَامُ نِصْفَ اللَّيلِ وَيَقُومُ ثُلُثَهُ وَيَنَامُ سُدُسَهُ وَيَصُومُ يَومًا وَيُفْطِرُ يَوْمًا». متفقٌ عَلَيْهِ. (1)   (1) أخرجه: البخاري 4/ 195 (3420)، ومسلم 3/ 165 (1195) (189). الحديث: 1177 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 333 1178 - وعن جابر - رضي الله عنه - قَالَ: سَمِعْتُ رسولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - يقول: «إنَّ في اللَّيْلِ لَسَاعَةً، لاَ يُوَافِقُهَا رَجُلٌ مُسْلِمٌ يَسْألُ الله تَعَالَى خَيْرًا مِنْ أمْرِ الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ، إِلاَّ أعْطَاهُ إيَّاهُ، وَذَلِكَ كُلَّ لَيْلَةٍ». رواه مسلم. (1)   (1) أخرجه: مسلم 2/ 175 (757) (166). الحديث: 1178 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 334 1179 - وعن أَبي هريرة - رضي الله عنه: أنَّ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: «إِذَا قَامَ أحَدُكُمْ مِنَ اللَّيْلِ فَلْيَفْتَتِحِ الصَّلاَةَ بركْعَتَيْنِ خَفِيفَتَيْنِ». رواه مسلم. (1)   (1) أخرجه: مسلم 2/ 184 (768) (198). الحديث: 1179 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 334 1180 - وعن عائشة رضي الله عنها، قالت: كَانَ رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - إِذَا قَامَ مِنَ اللَّيْلِ افْتَتَحَ صَلاَتَهُ بِرَكْعَتَيْنِ خَفِيفَتَيْنِ. رواه مسلم. (1)   (1) أخرجه: مسلم 2/ 184 (767) (197). الحديث: 1180 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 334 1181 - وعنها رضي الله عنها، قالت: كَانَ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إِذَا فَاتَتْهُ الصَّلاةُ مِن اللَّيْلِ مِنْ وَجَعٍ أَوْ غَيْرِهِ، صَلَّى مِنَ النَّهَارِ ثِنْتَيْ عَشرَةَ ركْعَةً. رواه مسلم. (1)   (1) انظر الحديث (155). الحديث: 1181 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 334 1182 - وعن عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - قَالَ: قَالَ رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم: «مَنْ نَامَ عَنْ حِزْبِهِ، أَوْ عَنْ شَيْءٍ مِنْهُ، فَقَرَأَهُ فيما بَيْنَ صَلاَةِ الفَجْرِ وصلاة الظُّهْرِ، كُتِبَ لَهُ كَأنَّمَا قَرَأهُ مِنَ اللَّيْلِ». رواه مسلم. (1)   (1) انظر الحديث (153). الحديث: 1182 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 334 1183 - وعن أَبي هريرة - رضي الله عنه - قَالَ: قَالَ رسول الله - صلى الله عليه وسلم: «رَحِمَ اللهُ رَجُلًا قَامَ مِنَ اللَّيْلِ، فَصَلَّى وَأيْقَظَ امْرَأَتَهُ، فَإنْ أبَتْ نَضَحَ في وَجْهِهَا المَاءَ، رَحِمَ اللهُ امْرَأَةً قَامَتْ مِنَ اللَّيْلِ، فَصَلَّتْ وَأيْقَظَتْ زَوْجَهَا، فَإن أبَى نَضَحَتْ فِي وَجْهِهِ المَاءَ». رواه أَبُو داود بإسناد صحيح. (1)   (1) أخرجه: أبو داود (1308) و (1450)، وابن ماجه (1336)، والنسائي 3/ 205. الحديث: 1183 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 334 1184 - وعنه وعن أَبي سعيدٍ رضي الله عنهما، قالا: قَالَ رسولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم: «إِذَا أَيْقَظَ الرَّجُلُ أهْلَهُ مِنَ اللَّيْلِ فَصَلَّيَا - أَوْ صَلَّى رَكْعَتَيْنِ جَمِيعًا، كُتِبَا في الذَّاكِرِينَ وَالذَّاكِرَاتِ». رواه أَبُو داود بإسناد صحيح (1).   (1) أخرجه: أبو داود (1309). الحديث: 1184 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 334 1185 - وعن عائشة رضي الله عنها: أنَّ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: «إِذَا نَعَسَ أحَدُكُمْ في الصَّلاَةِ، فَلْيَرْقُدْ حَتَّى يَذْهَبَ عَنْهُ النَّوْمُ، فَإنَّ أحَدَكُمْ إِذَا صَلَّى وَهُوَ نَاعِسٌ، لَعَلَّهُ يَذْهَبُ يَسْتَغْفِرُ (1) فَيَسُبَّ نَفْسَهُ». متفقٌ عَلَيْهِ. (2)   (1) قال النووي في شرح صحيح مسلم 3/ 265 عقيب (787): «قال القاضي: معنى يستغفر هنا: يدعو». (2) انظر الحديث (147). الحديث: 1185 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 335 1186 - وعن أَبي هريرة - رضي الله عنه - قَالَ: قَالَ رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم: «إِذَا قَامَ أحَدُكُمْ مِنَ اللَّيْلِ، فَاسْتَعْجَمَ (1) القُرْآنَ عَلَى لِسَانِهِ، فَلَمْ يَدْرِ مَا يَقُولُ، فَلْيَضْطَجِع». رواه مسلم. (2)   (1) قال النووي في شرح صحيح مسلم 3/ 266 عقيب (787): «أي استغلق ولم ينطلق به لسانه لغلبة النعاس». (2) أخرجه: مسلم 2/ 190 (787) (223). الحديث: 1186 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 335 213 - باب استحباب قيام رمضان وَهُوَ التراويح 1187 - عن أَبي هريرة - رضي الله عنه - أنَّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: «مَنْ قَامَ رَمَضَانَ إيمانًا وَاحْتِسَابًا (1) غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ». متفقٌ عَلَيْهِ. (2)   (1) قال النووي في شرح صحيح مسلم 3/ 237 عقيب (762): «ومعنى احتسابًا: أَنْ يريد الله تعالى وحده لا يقصد رؤية الناس، ولا غير ذلك مما يخالف الإخلاص». (2) أخرجه: البخاري 1/ 16 (37)، ومسلم 2/ 176 (759) (173). الحديث: 1187 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 335 1188 - وعنه - رضي الله عنه - قَالَ: كَانَ رسولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - يُرَغِّبُ في قِيَامِ رَمَضَانَ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَأمُرَهُمْ فِيهِ بِعَزِيمَةٍ (1)، فيقولُ: «مَنْ قَامَ رَمَضَانَ إيمَانًا وَاحْتِسَابًا غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ». رواه مسلم. (2)   (1) قال النووي في شرح صحيح مسلم 3/ 238 عقيب (762): «معناه: لا يأمرهم أمر إيجاب وتحتيم، بل أمر ندب وترغيب». (2) أخرجه: مسلم 2/ 177 (759) (174). الحديث: 1188 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 335 214 - باب فضل قيام ليلة القدر وبيان أرجى لياليها قَالَ الله تَعَالَى: {إنَّا أنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ القَدْرِ} [القدر: 1] إِلَى آخرِ السورة، وقال تَعَالَى: {إنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةٍ مُبَارَكَةٍ} [الدخان: 3] الآياتِ. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 335 1189 - وعن أَبي هريرة - رضي الله عنه - عن النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: «مَنْ قَامَ لَيْلَةَ القَدْرِ إيمَانًا وَاحْتِسَابًا غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ». متفقٌ عَلَيْهِ. (1)   (1) أخرجه البخاري 3/ 33 (1901)، ومسلم 2/ 177 (760) (175). الحديث: 1189 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 336 1190 - وعن ابن عمر رضي الله عنهما: أنَّ رِجالًا مِنْ أصْحَابِ النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - أُرُوا لَيْلَةَ القَدْرِ في المَنَامِ في السَّبْعِ الأَوَاخِرِ، فَقَالَ رسول الله - صلى الله عليه وسلم: «أرَى رُؤْيَاكُمْ قَدْ تَوَاطَأتْ (1) في السَّبْعِ الأوَاخِرِ، فَمَنْ كَانَ مُتَحَرِّيهَا فَلْيَتَحَرَّهَا في السَّبْعِ الأَوَاخِرِ». متفقٌ عَلَيْهِ. (2)   (1) قال النووي في شرح صحيح مسلم 4/ 275 عقيب (1170): «أي: توافقت». (2) أخرجه البخاري 3/ 59 (2015)، ومسلم 3/ 170 (1165) (205). الحديث: 1190 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 336 1191 - وعن عائشة رضي الله عنها، قالت: كَانَ رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - يُجَاوِرُ في العَشْرِ الأَوَاخِرِ مِنْ رَمَضَانَ، ويقول: «تَحَرَّوا لَيْلَةَ القَدْرِ في العَشْرِ الأوَاخِرِ مِنْ رَمَضانَ». متفقٌ عَلَيْهِ. (1)   (1) أخرجه: البخاري 3/ 61 (2020)، ومسلم 3/ 173 (1169) (219). الحديث: 1191 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 336 1192 - وعنها رضي الله عنها: أنَّ رسولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: «تَحَرَّوْا لَيْلَةَ القَدْرِ في الوَتْرِ مِنَ العَشْرِ الأوَاخِرِ مِنْ رَمَضَانَ». رواه البخاري. (1)   (1) أخرجه: البخاري 3/ 60 (2017). الحديث: 1192 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 336 1193 - وعنها، رضي الله عنها، قالت: كَانَ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إِذَا دَخَلَ العَشْرُ الأَوَاخِرُ مِنْ رَمَضَانَ، أحْيَا اللَّيْلَ، وَأيْقَظَ أهْلَهُ، وَجَدَّ وَشَدَّ المِئزَرَ (1). متفقٌ عَلَيْهِ. (2)   (1) قال النووي في شرح صحيح مسلم 4/ 282 عقيب (1175): «اختلف العلماء في معنى (شد المئزر) فقيل: هو الاجتهاد في العبادات زيادة على عادته - صلى الله عليه وسلم - في غيره، وقيل: معناه: التشمير في العبادات، يقال: شددت لهذا الأمر مئزري، أي: تشمرت له وتفرغت، وقيل: هو كناية عن اعتزال النساء للاشتغال بالعبادات». (2) انظر الحديث (99). الحديث: 1193 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 336 1194 - وعنها، قالت: كَانَ رسولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - يَجْتَهِدُ في رَمَضَانَ مَا لاَ يَجْتَهِدُ في غَيْرِهِ، وَفِي العَشْرِ الأوَاخِرِ مِنْهُ مَا لا يَجْتَهِدُ في غَيْرِهِ. رواه مسلم. (1)   (1) أخرجه: مسلم 3/ 176 (1175) (8). الحديث: 1194 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 336 1195 - وعنها، قالت: قُلْتُ: يَا رسول الله، أرَأيْتَ إنْ عَلِمْتُ أيُّ لَيلَةٍ لَيْلَةُ القَدْرِ مَا أقُولُ فِيهَا؟ قَالَ: «قُولِي: اللَّهُمَّ إنَّكَ عَفُوٌ تُحِبُّ العَفْوَ فَاعْفُ عَنّي». رواه الترمذي، (1) وقال: «حديث حسن صحيح».   (1) أخرجه: ابن ماجه (3850)، والترمذي (3513). الحديث: 1195 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 337 215 - باب فضل السواك وخصال الفطرة 1196 - عن أَبي هريرة - رضي الله عنه: أنَّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: «لَوْلاَ أَنْ أشُقَّ عَلَى أُمَّتِي - أَوْ عَلَى النَّاسِ - لأَمَرْتُهُمْ بِالسِّوَاكِ مَعَ كُلِّ صَلاَةٍ». متفقٌ عَلَيْهِ. (1)   (1) أخرجه: البخاري 2/ 5 (887)، ومسلم 1/ 151 (252) (42). الحديث: 1196 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 337 1197 - وعن حُذَيْفَةَ - رضي الله عنه - قَالَ: كَانَ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إِذَا قَامَ مِن النَّومِ يَشُوصُ فَاهُ بِالسِّوَاكِ. متفقٌ عَلَيْهِ. (1) «الشَّوْصُ»: الدَّلْكُ.   (1) أخرجه: البخاري 1/ 70 (245)، ومسلم 1/ 151 (255) (46) و (47). الحديث: 1197 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 337 1198 - وعن عائشة رضي الله عنها، قالت: كُنَّا نُعِدُّ لِرسولِ الله - صلى الله عليه وسلم - سِوَاكَهُ وَطَهُورَهُ، فَيَبْعَثُهُ اللهُ مَا شَاءَ أَنْ يَبْعَثَهُ مِنَ اللَّيْلِ، فَيَتَسَوَّكُ، وَيَتَوضَّأُ وَيُصَلِّي. رواه مسلم. (1)   (1) أخرجه: مسلم 2/ 169 - 170 (746) (139). الحديث: 1198 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 337 1199 - وعن أنس - رضي الله عنه - قَالَ: قَالَ رسول الله - صلى الله عليه وسلم: «أكْثَرْتُ عَلَيْكُمْ في السِّوَاكِ». رواه البخاري. (1)   (1) أخرجه: البخاري 2/ 5 (888). الحديث: 1199 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 337 1200 - وعن شريح بن هانىءٍ، قَالَ: قلت لعائشة رضي اللهُ عنها: بأَيِّ شَيْءٍ كَانَ يَبْدَأُ النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم - إِذَا دَخَلَ بَيْتَهُ؟ قالت: بِالسِّوَاكِ. رواه مسلم. (1)   (1) أخرجه: مسلم 1/ 152 (253) (43). الحديث: 1200 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 337 1201 - وعن أَبي موسى الأشعري - رضي الله عنه - قَالَ: دَخلتُ عَلَى النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم - وَطَرَفُ السِّوَاكِ عَلَى لِسَانِهِ. متفقٌ عَلَيْهِ، وهذا لفظ مسلمٍ. (1)   (1) أخرجه: البخاري 1/ 70 (244)، ومسلم 1/ 152 (254) (45). الحديث: 1201 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 337 1202 - وعن عائشة رضي الله عنها: أنَّ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: «السِّوَاكُ مَطْهَرَةٌ لِلْفَمِ مَرْضَاةٌ للرَّبِّ». رواه النسائي وابنُ خُزَيْمَةَ في صحيحهِ بأسانيدَ صحيحةٍ. (1)   (1) أخرجه: النسائي 1/ 10 وفي «الكبرى»، له (4)، وابن خزيمة (135). الحديث: 1202 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 337 1203 - وعن أَبي هريرة - رضي الله عنه - عن النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: «الفِطْرَةُ خَمْسٌ، أَوْ خَمْسٌ مِنَ الفِطْرَةِ (1): الخِتَانُ، وَالاسْتِحْدَادُ، وَتَقْلِيمُ الأظْفَارِ، وَنَتْفُ الإبطِ، وَقَصُّ الشَّارِبِ». متفقٌ عَلَيْهِ. (2) «الاستحْدَادُ»: حَلقُ العَانَةِ، وَهُوَ حَلْقُ الشَّعْرِ الَّذِي حَولَ الفَرْجِ.   (1) الفطرة: أي من السنة، يعني سنن الأنبياء عليهم السلام التي أُمرنا أن نقتدي بهم فيها. النهاية 3/ 457. (2) أخرجه: البخاري 7/ 206 (5889)، ومسلم 1/ 152 - 153 (257) (49). الحديث: 1203 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 338 1204 - وعن عائشة رضي الله عنها، قالت: قَالَ رسول الله - صلى الله عليه وسلم: «عَشْرٌ مِنَ الفِطْرَةِ: قَصُّ الشَّارِبِ، وَإعْفَاءُ اللِّحْيَةِ، وَالسِّوَاكُ، وَاسْتِنْشَاقُ المَاءِ، وَقَصُّ الأظْفَارِ، وَغَسْلُ البَرَاجِمِ، وَنَتف الإبْطِ، وَحَلْقُ العَانَةِ، وَانْتِقَاصُ المَاءِ» قَالَ الرَّاوِي: وَنَسِيْتُ العَاشِرَةَ إِلاَّ أَنْ تَكُونَ المَضمَضَةُ. قَالَ وَكِيعٌ - وَهُوَ أحَدُ رُواتِهِ - انْتِقَاصُ المَاءِ: يَعْنِي الاسْتِنْجَاءِ. رواه مسلم. (1) «البَرَاجِم» بالباء الموحدةِ والجِيم: وهي عُقَدُ الأَصَابِعِ، وَ «إعْفَاءُ اللِّحْيَةِ» مَعْنَاهُ: لاَ يَقُصُّ مِنْهَا شَيْئًا.   (1) أخرجه: مسلم 1/ 153 - 154 (261) (56). الحديث: 1204 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 338 1205 - وعن ابن عمر رضي الله عنهما، عن النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: «أحْفُوا (1) الشَّوَارِبَ وَأعْفُوا اللِّحَى». متفقٌ عَلَيْهِ. (2)   (1) أي: يبالغ في قصِّها. النهاية 1/ 410. (2) أخرجه: البخاري 7/ 206 (5893)، ومسلم 1/ 153 (259) (52). الحديث: 1205 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 338 216 - باب تأكيد وجوب الزكاة وبيان فضلها وَمَا يتعلق بِهَا قَالَ الله تَعَالَى: {وَأقِيمُوا الصَّلاَةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ} [البقرة: 43]، وقال تَعَالَى: {وَمَا أُمِرُوا إِلاَّ لِيَعْبُدُوا الله مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنفَاءَ وَيُقِيمُوا الصَّلاَةَ وَيُؤتُوا الزَّكَاةَ وَذَلِكَ دِينُ القَيِّمَةِ} [البينة:5]، وقال تَعَالَى: {خُذْ مِنْ أمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِهَا} [التوبة: 103]. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 338 1206 - وعن ابن عمر رضي الله عنهما: أنَّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: «بُنِيَ الإسْلاَمُ عَلَى خَمْسٍ: شَهَادَةِ أَنْ لاَ إلهَ إِلاَّ اللهُ، وَأنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، وَإقَامِ الصَّلاَةِ، وَإيتَاءِ الزَّكَاةِ، وَحَجِّ البَيْتِ، وَصَوْمِ رَمَضَانَ». متفقٌ عَلَيْهِ. (1)   (1) انظر الحديث (1075). الحديث: 1206 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 338 1207 - وعن طَلْحَةَ بن عبيد الله - رضي الله عنه - قَالَ: جَاءَ رَجُلٌ إِلَى رسولِ الله - صلى الله عليه وسلم - مِنْ أَهْلِ نَجْدٍ ثَائِرُ الرَّأسِ (1) نَسْمَعُ دَوِيَّ صَوْتِهِ (2)، وَلاَ نَفْقَهُ مَا يَقُولُ، حَتَّى دَنَا مِنْ رسولِ الله - صلى الله عليه وسلم - فَإذا هُوَ يَسألُ عَنِ الإسْلاَم، فَقَالَ رسول الله - صلى الله عليه وسلم: «خَمْسُ صَلَواتٍ فِي اليَوْمِ وَاللَّيْلَةِ» قَالَ: هَلْ عَلَيَّ غَيْرُهُنَّ؟ قَالَ: «لاَ، إِلاَّ أَنْ تَطَّوَّعَ» فَقَالَ رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم: «وَصِيامُ شَهْرِ رَمَضَانَ» قَالَ: هَلْ عَلَيَّ غَيْرُهُ؟ قَالَ: «لاَ، إِلاَّ أَنْ تَطَّوَّعَ» قَالَ: وَذَكَرَ لَهُ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الزَّكَاةَ، فَقَالَ: هَلْ عَلَيَّ غَيْرُهَا؟ قَالَ: «لاَ، إِلاَّ أَنْ تَطَّوَّعَ» فَأدْبَرَ الرَّجُلُ وَهُوَ يَقُولُ: وَاللهِ لاَ أُزِيدُ عَلَى هَذَا وَلاَ أنْقُصُ مِنْهُ، فَقَالَ رسول الله - صلى الله عليه وسلم: «أفْلَحَ إنْ صَدَقَ». متفقٌ عَلَيْهِ. (3)   (1) قال النووي في شرح صحيح مسلم 1/ 152 عقيب (11): «معنى ثائر الرأس قائم شعره منتفشه». (2) قال النووي في شرح صحيح مسلم 1/ 152 عقيب (11): «بعده في الهواء ومعناه شدة صوتٍ لا يفهم». (3) أخرجه: البخاري 1/ 18 (46)، ومسلم 1/ 31 (11) (8). الحديث: 1207 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 339 1208 - وعن ابن عباس - رضي الله عنه: أنَّ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - بعث مُعاذًا - رضي الله عنه - إِلَى اليَمَنِ، فَقَالَ: «ادْعُهُمْ إِلَى شَهَادَةِ أَنْ لاَ إلهَ إِلاَّ اللهُ وَأنِّي رسول اللهِ، فإنْ هُمْ أطَاعُوا لِذلِكَ، فَأعْلِمْهُمْ أن اللهَ تَعَالَى، افْتَرَضَ عَلَيْهِمْ خَمْسَ صَلَواتٍ في كُلِّ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ، فَإنْ هُمْ أطَاعُوا لِذلِكَ، فَأعْلِمْهُمْ أنَّ اللهَ افْتَرَضَ عَلَيْهِمْ صَدَقَةً تُؤخَذُ مِنْ أغْنِيَائِهِمْ، وتُرَدُّ عَلَى فُقَرَائِهِمْ». متفقٌ عَلَيْهِ. (1)   (1) أخرجه: البخاري 2/ 130 (1395)، ومسلم 1/ 37 - 38 (19) (30). الحديث: 1208 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 339 1209 - وعن ابن عمر رضي الله عنهما، قَالَ: قَالَ رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم: «أُمِرْتُ أَنْ أُقَاتِلَ النَّاسَ حَتَّى يَشْهَدُوا أَنْ لاَ إلهَ إِلاَّ اللهُ، وَأنَّ مُحَمَّدًا رسول الله، وَيُقِيمُوا الصَّلاةَ، وَيُؤتُوا الزَّكَاةَ، فَإذَا فَعَلُوا ذَلِكَ عَصَمُوا مِني دِمَاءهُمْ وَأمْوَالَهُمْ، إِلاَّ بِحَقِّ الإسْلاَمِ، وَحِسَابُهُم عَلَى الله». متفقٌ عَلَيْهِ. (1)   (1) أخرجه: البخاري 1/ 12 (25)، ومسلم 1/ 39 (22) (36). الحديث: 1209 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 339 1210 - وعن أَبي هريرة - رضي الله عنه - قَالَ: لَمَّا تُوُفِّيَ رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - وَكَانَ أَبُو بَكْرٍ - رضي الله عنه - وَكَفَرَ مَنْ كَفَرَ مِنَ العَرَبِ، فَقال عُمَرُ - رضي الله عنه: كَيْفَ تُقَاتِلُ النَّاسَ وَقَدْ قَالَ رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم: «أُمِرْتُ أَنْ أُقَاتِلَ النَّاسَ حَتَّى يَقُولوُا لاَ إلهَ إِلاَّ اللهُ، فَمَنْ قَالَهَا فَقَدْ عَصَمَ مِنِّي مَالَهُ وَنَفْسَهُ [ص: 340] إِلاَّ بِحَقِّهِ، وَحِسَابُهُ عَلَى الله» الحديث: 1210 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 339 فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: وَاللهِ لأُقَاتِلَنَّ مَنْ فَرَّقَ بين الصَّلاَةِ وَالزَّكَاةِ، فَإنَّ الزَّكَاةَ حَقُّ المَالِ. وَاللهِ لَوْ مَنَعُونِي عِقَالًا كَانُوا يُؤدُّونَهُ إِلَى رسولِ الله - صلى الله عليه وسلم - لَقَاتَلْتُهُمْ عَلَى مَنْعِهِ. قَالَ عُمَرُ - رضي الله عنه: فَوَاللهِ مَا هُوَ إِلاَّ أَنْ رَأيْتُ اللهَ قَدْ شَرَحَ صَدْرَ أَبي بَكْرٍ لِلقِتَالِ، فَعَرَفْتُ أنَّهُ الحَقُّ. متفقٌ عَلَيْهِ. (1)   (1) أخرجه: البخاري 2/ 131 (1399) و (1400)، ومسلم 1/ 38 (20) (32). الجزء: 1 ¦ الصفحة: 340 1211 - وعن أَبي أيُّوب - رضي الله عنه: أنّ رَجُلًا قَالَ للنبيِّ - صلى الله عليه وسلم: أخْبِرْنِي بعمل يُدْخِلُنِي الجَنَّة، قَالَ: «تَعْبُدُ اللهَ، وَلاَ تُشْرِكُ بِهِ شَيْئًا، وَتُقِيمُ الصَّلاَةَ، وَتُؤْتِي الزَّكَاةَ، وَتَصِلُ الرَّحِمَ». متفقٌ عَلَيْهِ. (1)   (1) انظر الحديث (331). الحديث: 1211 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 340 1212 - وعن أَبي هريرة - رضي الله عنه: أنَّ أعْرَابيًا أتَى النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ: يَا رسولَ اللهِ، دُلَّنِي عَلَى عَمَلٍ إِذَا عَمِلْتُهُ، دَخَلْتُ الجَنَّةَ. قَالَ: «تَعْبُدُ اللهَ لاَ تُشْرِكُ بِهِ شَيْئًا، وتُقِيمُ الصَّلاَةَ، وتُؤتِي الزَّكَاةَ المَفْرُوضَةَ، وَتَصُومُ رَمَضَانَ» قَالَ: وَالذي نَفْسِي بِيَدِهِ، لا أزيدُ عَلَى هَذَا، فَلَمَّا وَلَّى، قَالَ النبيُّ - صلى الله عليه وسلم: «مَنْ سَرَّهُ أَنْ يَنْظُرَ إِلَى رَجُلٍ مِنْ أهْلِ الجَنَّةِ فَلْيَنْظُرْ إِلَى هَذَا». متفقٌ عَلَيْهِ. (1)   (1) أخرجه: البخاري 2/ 130 (1397)، ومسلم 1/ 33 (14) (15). الحديث: 1212 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 340 1213 - وعن جرير بن عبد الله - رضي الله عنه - قَالَ: بايَعْتُ النبيَ - صلى الله عليه وسلم - عَلَى إقَامِ الصَّلاَةِ، وَإيتَاءِ الزَّكَاةِ، وَالنُّصْحِ لِكُلِّ مُسْلِمٍ. متفقٌ عَلَيْهِ. (1)   (1) أخرجه: البخاري 1/ 22 (57)، ومسلم 1/ 54 (56) (97). الحديث: 1213 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 340 1214 - وعن أَبي هريرة - رضي الله عنه - قَالَ: قَالَ رسول الله - صلى الله عليه وسلم: «مَا مِنْ صَاحِبِ ذَهَبٍ، وَلاَ فِضَّةٍ، لا يُؤَدِّي مِنْهَا حَقَّهَا إِلاَّ إِذَا كَانَ يَومُ القِيَامَةِ صُفِّحَتْ لَهُ صَفَائِحُ مِنْ نَارٍ، فَأُحْمِيَ عَلَيْهَا في نَارِ جَهَنَّمَ، فَيُكْوَى بِهَا جَنْبُهُ، وَجَبِينُهُ، وَظَهْرُهُ، كُلَّمَا بَرَدَتْ أُعِيدَتْ لَهُ في يَومٍ كَانَ مِقْدَارُهُ خَمْسِينَ ألْفَ سَنَةٍ، حَتَّى يُقْضَى بَيْنَ العِبَادِ فَيَرَى سَبيلَهُ، إمَّا إِلَى الجَنَّةِ، وَإمَّا إِلَى النَّارِ» قيل: يَا رسولَ الله، فالإبلُ؟ قَالَ: «وَلاَ صَاحِبِ إبلٍ لا يُؤَدِّي مِنْهَا حَقَّهَا، وَمِنْ حَقِّهَا حَلْبُهَا يَومَ وِرْدِهَا، إِلاَّ إِذَا كَانَ يَومُ القِيَامَةِ بُطِحَ لَهَا بِقَاعٍ قَرْقَرٍ (1)   (1) القاع القرقر: المكان المستوي الواسع. النهاية 4/ 48 و132. الحديث: 1214 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 340 أوْفَرَ مَا كَانَتْ، لاَ يَفْقِدُ مِنْهَا فَصيلًا وَاحِدًا، تَطَؤُهُ بِأخْفَافِهَا، وَتَعَضُّهُ بِأفْوَاهِهَا، كُلَّمَا مَرَّ عَلَيْهِ أُولاَهَا، رُدَّ عَلَيْهِ أُخْرَاهَا، في يَوْمٍ كَانَ مِقْدَارُهُ خَمْسِينَ ألْفَ سَنَةٍ، حَتَّى يُقْضَى بَيْنَ العِبَادِ، فَيَرَى سَبِيلَهُ، إمَّا إِلَى الجَنَّةِ، وَإمَّا إِلَى النَّارِ» قِيلَ: يَا رَسولَ اللهِ، فَالبَقَرُ وَالغَنَمُ؟ قَالَ: «وَلاَ صَاحِبِ بَقَرٍ وَلاَ غَنَمٍ لاَ يُؤَدِّي مِنْهَا حَقَّهَا، إِلاَّ إِذَا كَانَ يَوْمُ القِيَامَةِ، بُطِحَ لَهَا بقَاعٍ قَرْقَرٍ، لاَ يَفْقِدُ مِنْهَا شَيْئًا، لَيْسَ فِيهَا عَقْصَاءُ (1)، وَلاَ جَلْحَاءُ، وَلاَ عَضْبَاءُ، تَنْطَحُهُ بقُرُونها، وَتَطَؤُهُ بِأظْلاَفِهَا (2)، كُلَّمَا مَرَّ عَلَيْهِ أُولاَهَا، رُدَّ عَلَيْهِ أُخْرَاهَا، في يَومٍ كَانَ مِقْدَارُهُ خَمْسِينَ ألْفَ سَنَة حَتَّى يُقْضى بَيْنَ العِبَادِ، فَيَرَى سَبيِلَهُ، إمَّا إِلَى الجَنَّةِ، وَإمَّا إِلَى النَّارِ». قيل: يَا رسول الله فالخَيْلُ؟ قَالَ: «الخَيلُ ثَلاَثَةٌ: هِيَ لِرَجُلٍ وِزْرٌ، وَهِيَ لِرَجُلٍ سِتْرٌ، وَهِيَ لِرَجُلٍ أجْرٌ. فَأمَّا الَّتي هي لَهُ وِزْرٌ فَرَجُلٌ ربَطَهَا رِيَاءً وَفَخْرًا وَنِوَاءً (3) عَلَى أهْلِ الإسْلاَمِ، فَهِيَ لَهُ وِزْرٌ، وَأمَّا الَّتي هي لَهُ سِتْرٌ، فَرَجُلٌ رَبَطَهَا (4) في سَبيلِ الله، ثُمَّ لَمْ يَنْسَ حَقَّ اللهِ في ظُهُورِهَا، وَلاَ رِقَابِهَا، فَهِيَ لَهُ سِتْرٌ، وَأمَّا الَّتي هي لَهُ أجْرٌ، فَرَجُلٌ رَبَطَهَا في سَبيلِ الله لأهْلِ الإسْلاَمِ في مَرْجٍ، أَوْ رَوْضَةٍ فَمَا أكَلَتْ مِنْ ذَلِكَ المَرْجِ أَوْ الرَّوْضَةِ مِنْ شَيْءٍ إِلاَّ كُتِبَ لَهُ عَدَدَ مَا أَكَلَتْ حَسَنَات وكُتِبَ لَهُ عَدَدَ أرْوَاثِهَا وَأبْوَالِهَا حَسَنَات، وَلاَ تَقْطَعُ طِوَلَهَا (5) فَاسْتَنَّتْ (6) شَرَفًا (7) أَوْ شَرَفَيْنِ إِلاَّ كَتَبَ اللهُ لَهُ عَدَدَ آثَارِهَا، وَأرْوَاثِهَا حَسَنَاتٍ، وَلاَ مَرَّ بِهَا صَاحِبُهَا عَلَى نَهْرٍ، فَشَرِبَتْ مِنْهُ، وَلاَ يُرِيدُ أَنْ يَسْقِيهَا إِلاَّ كَتَبَ اللهُ لَهُ عَدَدَ مَا شَرِبَتْ حَسَنَاتٍ» قِيلَ: يَا رسولَ اللهِ فالحُمُرُ؟ قَالَ: «مَا أُنْزِلَ عَلَيَّ [ص: 342] في الحُمُرِ شَيْءٌ إِلاَّ هذِهِ الآية الفَاذَّةُ الجَامِعَةُ: {فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ} [الزلزلة: 7 - 8]». متفقٌ عَلَيْهِ، وهذا لفظ مسلم. (8)   (1) قال النووي في شرح صحيح مسلم 4/ 79 (988): «العقصاء: ملتوية القرن. والجلحاء: التي لا قرن لها. والعضباء التي انكسر قرنها الداخل». (2) قال النووي في شرح صحيح مسلم 4/ 80 عقيب (988): «الظلف للبقر والغنم والظباء، وهو المنشق من القوائم، والخف للبعير، والقدم للآدمي، والحافر للفرس والبغل والحمار». (3) نواء: هو بكسر النون وبالمد، أي مناوأةً ومعاداةً. (4) ربطها: أي أعدها للجهاد، وأصله من الربط، ومنه الرباط، وهو حبس الرجل نفسه في الثغر وإعداده الأهبة لذلك. (5) طولها: هو بكسر الطاء وفتح الواو، ويقال: (طيلها) بالياء، كذا جاء في الموطأ، والطول والطيل: الحبل الذي تربط فيه. (6) استنت: أي جرت. (7) الشرف: الشرف بفتح الشين المعجمة والراء وهو العالي من الأرض، وقيل: المراد هنا طلقًا أو طلقين. (8) أخرجه: البخاري 2/ 132 (1402)، ومسلم 3/ 70 - 71 (987) (24). الجزء: 1 ¦ الصفحة: 341 217 - باب وجوب صوم رمضان وبيان فضل الصيام وَمَا يتعلق بِهِ قَالَ الله تَعَالَى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُم الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ} إِلَى قَوْله تَعَالَى: {شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ القُرْآنُ هُدَىً لِلنَّاسِ وَبَيّنَاتٍ مِنَ الهُدَى وَالفُرْقانِ فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُم الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ وَمَنْ كَانَ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أيَّامٍ أُخَر} [البقرة: 183 - 185]. وَأما الأحاديث فقد تقدمت في الباب الَّذِي قبله. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 342 1215 - وعن أَبي هريرة - رضي الله عنه - قَالَ: قَالَ رسول الله - صلى الله عليه وسلم: «قَالَ اللهُ - عز وجل: كُلُّ عَمَلِ ابْنِ آدَمَ لَهُ إِلاَّ الصِّيَام، فَإنَّهُ لِي وَأنَا أجْزِي بِهِ، وَالصِّيَامُ جُنَّةٌ (1)، فَإذَا كَانَ يَومُ صَوْمِ أحَدِكُمْ فَلاَ يَرْفُثْ (2) وَلاَ يَصْخَبْ (3) فإنْ سَابَّهُ أحَدٌ أَوْ قَاتَلَهُ فَلْيَقُلْ: إنِّي صَائِمٌ. وَالذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ لَخُلُوفُ (4) فَمِ الصَّائِمِ أطْيَبُ عِنْدَ اللهِ مِنْ رِيحِ المِسْكِ. لِلصَّائِمِ فَرْحَتَانِ يَفْرَحُهُمَا: إِذَا أفْطَرَ فَرِحَ بفطره، وَإذَا لَقِيَ رَبَّهُ فَرِحَ بِصَوْمِهِ». متفقٌ عَلَيْهِ، وهذا لفظ روايةِ البُخَارِي. (5) وفي روايةٍ لَهُ: «يَتْرُكُ طَعَامَهُ، وَشَرَابَهُ، وَشَهْوَتَهُ مِنْ أجْلِي، الصِّيَامُ لي وَأنَا أجْزِي بِهِ، وَالحَسَنَةُ بِعَشْرِ أمْثَالِهَا». وفي رواية لمسلم: «كُلُّ عَمَلِ ابْنِ آدَمَ يضاعَفُ، الحسنةُ بِعَشْرِ أمْثَالِهَا إِلَى سَبْعِمِئَةِ ضِعْفٍ. قَالَ الله تَعَالَى: إِلاَّ الصَّوْمَ فَإنَّهُ لِي وَأنَا أجْزِي بِهِ؛ يَدَعُ شَهْوَتَهُ وَطَعَامَهُ [ص: 343] مِنْ أجْلِي. للصَّائِمِ فَرْحَتَانِ: فَرْحَةٌ عِنْدَ فِطْرِهِ، وَفَرْحَةٌ عِنْدَ لِقَاءِ رَبِّهِ. وَلَخُلُوفُ فِيهِ أطْيَبُ عِنْدَ اللهِ مِنْ رِيحِ المِسْكِ».   (1) أي يقي صاحبه ما يؤذيه من الشهوات، والجنة: الوقاية. النهاية 1/ 308. (2) الرفث: كلمة جامعة لكل ما يريده الرجل من المرأة. النهاية 2/ 241. (3) الصخب والسخب: الضجة، واضطراب الأصوات للخصام. وفعول وفعَّال للمبالغة. النهاية 3/ 140. (4) تغير رائحة الفم. النهاية 2/ 67. (5) أخرجه: البخاري 3/ 31 (1894) و34 (1904)، ومسلم3/ 157 - 158 (1151) (163) و (164). الحديث: 1215 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 342 1216 - وعنه: أنَّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: «مَنْ أنْفَقَ زَوْجَيْنِ (1) في سَبِيلِ اللهِ نُودِيَ مِنْ أبْوَابِ الجَنَّةِ، يَا عَبْدَ اللهِ هَذَا خَيرٌ، فَمَنْ كَانَ مِنْ أهْلِ الصَّلاَةِ دُعِيَ مِنْ بَابِ الصَّلاَةِ، وَمَنْ كَانَ مِنْ أهْلِ الجِهَادِ دُعِيَ مِنْ بَابِ الجِهَادِ، وَمَنْ كَانَ مِنْ أهْلِ الصِّيَامِ دُعِيَ مِنْ بَابِ الرَّيَّانِ، وَمَنْ كَانَ مِنْ أهْلِ الصَّدَقَةِ دُعِيَ مِنْ بَابِ الصَّدَقَةِ» قَالَ أَبُو بَكْرٍ - رضي الله عنه: بِأبي أنْتَ وَأُمِّي يَا رسولَ اللهِ! مَا عَلَى مَنْ دُعِيَ مِنْ تِلْكَ الأَبْوَابِ مِنْ ضَرورةٍ، فهل يُدْعى أحَدٌ مِنْ تِلْكَ الأبوَابِ كُلِّهَا؟ فَقَالَ: «نَعَمْ، وَأرْجُو أَنْ تَكُونَ مِنْهُمْ». متفقٌ عَلَيْهِ. (2)   (1) قال النووي في شرح صحيح مسلم 4/ 121 عقيب (1028): «في تفسير هذا الحديث: «قيل: وما زوجان؟ قال: فرسان أو عبدان أو بعيران. وقال ابن عرفة: كل شئ قرن بصاحبه فهو زوج، يقال: زوجت بين الإبل إذا قرنت بعيرًا ببعير، وقيل: درهم ودينار، أو درهم وثوب. قال: والزوج يقع على الاثنين ويقع على الواحد، وقيل: إنما يقع على الواحد إذا كان معه آخر، ويقع الزوج أيضًا على الصنف، وفسر بقوله تعالى: {وَكُنْتُمْ أَزْوَاجًا ثَلاثَةً}، وقيل: يحتمل أَنْ يكون هذا الحديث في جميع أعمال البر من صلاتين أو صيام يومين، والمطلوب تشفيع صدقة بأخرى، والتنبيه على فضل الصدقة والنفقة في الطاعة والاستكثار منها». (2) أخرجه: البخاري 3/ 32 (1897)، ومسلم 3/ 91 (1027) (85). الحديث: 1216 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 343 1217 - وعن سهل بن سعد - رضي الله عنه - عن النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: «إنَّ في الجَنَّةِ بَابًا يُقَالُ لَهُ: الرَّيَّانُ، يَدْخُلُ مِنْهُ الصَّائِمُونَ يَومَ القِيَامَةِ، لاَ يَدْخُلُ مِنْهُ أحدٌ غَيْرُهُمْ، يقال: أيْنَ الصَّائِمُونَ؟ فَيَقُومُونَ لاَ يَدخُلُ مِنْهُ أَحَدٌ غَيْرُهُمْ، فَإذَا دَخَلُوا أُغْلِقَ فَلَمْ يَدْخُلْ مِنْهُ أَحَدٌ». متفقٌ عَلَيْهِ. (1)   (1) أخرجه: البخاري 3/ 32 (1896)، ومسلم 3/ 158 - 159 (1152) (166). الحديث: 1217 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 343 1218 - وعن أَبي سعيد الخدري - رضي الله عنه - قَالَ: قَالَ رسول الله - صلى الله عليه وسلم: «مَا مِنْ عَبْدٍ يَصُومُ يَوْمًا في سَبِيلِ اللهِ إِلاَّ بَاعَدَ اللهُ بِذَلِكَ اليَوْمِ وَجْهَهُ عَنِ النَّارِ سَبْعِينَ خَرِيفًا (1)». متفقٌ عَلَيْهِ. (2)   (1) قال النووي في شرح صحيح مسلم 4/ 251 عقيب (1153): «الخريف: السنة. والمراد: سبعين سنة». (2) أخرجه: البخاري 4/ 31 (2840)، ومسلم 3/ 159 (1153) (167). الحديث: 1218 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 343 1219 - وعن أَبي هريرة - رضي الله عنه - عن النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: «مَنْ صَامَ رَمَضَانَ إيمَانًا وَاحْتِسَابًا، غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ». متفقٌ عَلَيْهِ. (1)   (1) أخرجه: البخاري 1/ 16 (38)، ومسلم 2/ 177 (175). الحديث: 1219 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 344 1220 - وعنه - رضي الله عنه: أنَّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: «إِذَا جَاءَ رَمَضَانُ، فُتِحَتْ أبْوَاب الجَنَّةِ، وَغُلِّقَتْ أبْوَابُ النَّارِ، وَصفِّدَتِ (1) الشَّيَاطِينُ». متفقٌ عَلَيْهِ. (2)   (1) قال النووي في شرح صحيح مسلم 4/ 181 عقيب (1079): «معنى صفدت: غللت. والصفد: بفتح الفاء (الغل) بضم الغين». (2) أخرجه: البخاري 3/ 32 (1899)، ومسلم 3/ 121 (1079) (1). الحديث: 1220 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 344 1221 - وعنه: أنَّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: «صُومُوا لِرُؤْيَتِهِ، وَأفْطِرُوا لِرُؤيَتِهِ، فَإنْ غَبِيَ عَلَيْكُمْ، فَأكمِلُوا عِدَّةَ شَعْبَانَ ثَلاَثِينَ». متفقٌ عَلَيْهِ، (1) وهذا لفظ البخاري. وفي رواية لمسلم: «فَإنْ غُمَّ عَلَيْكُمْ فَصُومُوا ثَلاَثِينَ يَوْمًا».   (1) أخرجه: البخاري 3/ 34 (1909)، ومسلم 3/ 124 (1081) (17). الحديث: 1221 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 344 218 - باب الجود وفعل المعروف والإكثار من الخير في شهر رمضان والزيادة من ذَلِكَ في العشر الأواخر منه 1222 - وعن ابن عباس رضي الله عنهما، قَالَ: كَانَ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أجْوَدَ النَّاسِ، وَكَانَ أجْوَدَ مَا يَكُونُ في رَمَضَانَ حِيْنَ يَلْقَاهُ جِبْريلُ، وَكَانَ جِبْريلُ يَلْقَاهُ في كُلِّ لَيْلَةٍ مِنْ رَمَضَانَ فَيُدَارِسُهُ القُرْآنَ، فَلَرَسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم - حِيْنَ يَلْقَاهُ جِبرِيلُ أجْوَدُ بالخَيْرِ مِن الرِّيحِ المُرْسَلَةِ (1). متفقٌ عَلَيْهِ. (2)   (1) قال النووي في شرح صحيح مسلم 8/ 62 عقيب (2308): «بفتح السين، والمراد كالريح في إسراعها وعمومها. وفي هذا الحديث فوائد: منها: بيان عظم جوده - صلى الله عليه وسلم - واستحباب إكثار الجود في رمضان، وزيادة الجود والخير عند ملاقاة الصالحين وعقب فراقهم للتأثر بلقائهم واستحباب مدارسة القرآن». (2) أخرجه: البخاري 1/ 4 (6)، ومسلم 7/ 73 (2308) (50). الحديث: 1222 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 344 1223 - وعن عائشة رضي الله عنها، قالت: كَانَ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إِذَا دَخَلَ العَشْر أحْيَا اللَّيْلَ، وَأيْقَظَ أهْلَهُ، وَشَدَّ المِئْزَرَ. متفقٌ عَلَيْهِ. (1)   (1) انظر الحديث (99). الحديث: 1223 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 344 219 - باب النهي عن تقدم رمضان بصوم بعد نصف شعبان إِلاَّ لمن وصله بما قبله أَوْ وافق عادة لَهُ بأن كَانَ عادته صوم الإثنين والخميس فوافقه 1224 - عن أَبي هريرة - رضي الله عنه - عن النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: «لاَ يَتَقَدَّمَنَّ أَحَدُكُم رَمَضَانَ بِصَوْمِ يَوْمٍ أَوْ يَوْمَيْنِ، إِلاَّ أَنْ يَكُونَ رَجُلٌ كَانَ يَصُومُ صَومَهُ، فَليَصُمْ ذَلِكَ اليَوْمَ». متفقٌ عَلَيْهِ. (1)   (1) أخرجه: البخاري 3/ 35 (1914)، ومسلم 3/ 125 (1082) (21). الحديث: 1224 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 345 1225 - وعن ابن عباس رضي الله عنهما، قَالَ: قَالَ رسول الله - صلى الله عليه وسلم: «لاَ تَصُومُوا قَبْلَ رَمضَانَ، صُومُوا لِرُؤيَتِهِ، وَأفْطِرُوا لِرُؤيَتِهِ، فَإنْ حَالَتْ دُونَهُ غَيَايَةٌ فَأكْمِلُوا ثَلاثِينَ يَوْمًا». رواه الترمذي، (1) وقال: «حديث حسنٌ صحيح». «الغَيايَةُ» بالغين المعجمة وبالياءِ المثناةِ من تَحْت المكررةِ، وهي: السحابة.   (1) أخرجه: أبو داود (2327)، والترمذي (688). الحديث: 1225 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 345 1226 - وعن أَبي هريرة - رضي الله عنه - قَالَ: قَالَ رسول الله - صلى الله عليه وسلم: «إِذَا بَقِيَ نِصْفٌ مِنْ شَعْبَانَ فَلاَ تَصُومُوا». رواه الترمذي، (1) وقال: «حديث حسن صحيح».   (1) أخرجه: أبو داود (2337)، وابن ماجه (1651)، والترمذي (738)، وهذا الحديث باطل لا يصح ومن صححه فقد جانب الصواب، وقد بينت ذلك مفصلًا في كتابي «أثر اختلاف الأسانيد والمتون في اختلاف الفقهاء»: 107 - 110. الحديث: 1226 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 345 1227 - وعن أَبي اليقظان عمارِ بن يَاسِرٍ رضي الله عنهما، قَالَ: مَنْ صَامَ اليَوْمَ الَّذِي يُشَكُّ فِيهِ، فَقَدْ عَصَى أَبَا القَاسِمِ - صلى الله عليه وسلم. رواه أَبُو داود والترمذي، (1) وقال: «حديث حسن صحيح».   (1) أخرجه: أبو داود (2334)، وابن ماجه (1645)،والترمذي (686). الحديث: 1227 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 345 220 - باب مَا يقال عند رؤية الهلال 1228 - عن طلحة بن عبيدِ اللهِ - رضي الله عنه: أنَّ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - كَانَ إِذَا رَأى الهلاَلَ، قَالَ: «اللَّهُمَّ أهِلَّهُ عَلَيْنَا بِالأمْنِ وَالإيمانِ، وَالسَّلاَمَةِ وَالإسْلاَمِ، رَبِّي وَرَبُّكَ اللهُ، هِلالُ رُشْدٍ وخَيْرٍ». رواه الترمذي، وقال: «حديث حسن» (1).   (1) أخرجه: الترمذي (3451) وقال: «حديث حسن غريب». الحديث: 1228 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 345 221 - باب فضل السحور وتأخيره مَا لَمْ يخش طلوع الفجر 1229 - عن أنس - رضي الله عنه - قَالَ: قَالَ رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم: «تَسَحَّرُوا؛ فَإنَّ في السُّحُورِ بَرَكَةً». متفقٌ عَلَيْهِ. (1)   (1) أخرجه: البخاري 3/ 37 (1923)، ومسلم 3/ 130 (1095) (45). الحديث: 1229 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 346 1230 - وعن زيدِ بن ثابتٍ - رضي الله عنه - قَالَ: تَسَحَّرْنَا مَعَ رسولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - ثُمَّ قُمْنَا إِلَى الصَّلاَةِ. قِيلَ: كَمْ كَانَ بَينَهُمَا؟ قَالَ: قَدْرُ خَمْسِين آيةً. متفقٌ عَلَيْهِ. (1)   (1) أخرجه: البخاري 1/ 151 (575)، ومسلم 3/ 131 (1097) (47). الحديث: 1230 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 346 1231 - وعن ابن عمر رضي الله عنهما، قَالَ: كَانَ لرسولِ الله - صلى الله عليه وسلم - مُؤَذِّنَانِ: بِلاَلٌ وَابْنُ أُمِّ مَكْتُومٍ، فَقَالَ رسول الله - صلى الله عليه وسلم: «إنْ بِلالًا يُؤَذِّنُ بِلَيْلٍ، فَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يُؤَذِّنَ ابْنُ أُمِّ مَكْتُومٍ». قَالَ: وَلَمْ يَكُنْ بَيْنَهُمَا إِلاَّ أَنْ يَنْزِلَ هَذَا وَيَرْقَى هَذَا (1). متفقٌ عَلَيْهِ. (2)   (1) قال النووي في شرح صحيح مسلم 4/ 196 عقيب (1094): «قوله: «ولم يكن بينهما إلا أن يَنْزل هذا ويرقى هذا» قال العلماء: معناه أن بلالًا كان يؤذن قبل الفجر، ويتربص بعد أذانه للدعاء ونحوه، ثم يرقب الفجر فإذا قارب طلوعه نزل فأخبر ابن أم مكتوم فيتأهب ابن أم مكتوم بالطهارة وغيرها، ثم يرقى ويشرع في الأذان مع أول طلوع الفجر. والله أعلم». (2) أخرجه: البخاري 1/ 160 (617)، ومسلم 3/ 129 (1092) (38). الحديث: 1231 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 346 1232 - وعن عمرو بن العاص - رضي الله عنه: أنَّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: «فَصْلُ مَا بَيْنَ صِيَامِنَا وصِيَامِ أهْلِ الكِتَابِ، أكْلَةُ السَّحَرِ (1)». رواه مسلم. (2)   (1) قال النووي في شرح صحيح مسلم 4/ 198 عقيب (1099): «معناه: الفارق والمميز بين صيامنا وصيامهم السحور؛ فإنهم لا يتسحرون ونحن يستحب لنا السحور، وأكلة السحر هي السحور، وهي بفتح الهمزة، هكذا ضبطناه، وهكذا ضبطه الجمهور، وهو المشهور في روايات بلادنا، وهي عبارة عن المرة الواحدة من الأكل كالغدوة والعشوة، وإن كثر المأكول فيها. وأما «الأُكلة» بالضم فهي اللقمة». (2) أخرجه: مسلم 3/ 130 - 131 (1096) (46). الحديث: 1232 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 346 222 - باب فضل تعجيل الفطر وَمَا يفطر عَلَيْهِ، وَمَا يقوله بعد الإفطار 1233 - عن سهل بن سعد - رضي الله عنه: أنَّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: «لاَ يَزَالُ النَّاسُ بِخَيْرٍ مَا عَجَّلُوا الفِطْرَ». متفقٌ عَلَيْهِ. (1)   (1) أخرجه: البخاري 3/ 47 (1957)، ومسلم 3/ 131 (1098) (48). الحديث: 1233 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 346 1234 - وعن أَبي عطِيَّة، قَالَ: دَخَلْتُ أنَا وَمَسْرُوقٌ عَلَى عائشة رضي الله عنها، فَقَالَ لَهَا مَسْرُوق: رَجُلاَنِ مِنْ أصْحَابِ محَمَّدٍ - صلى الله عليه وسلم - كِلاَهُمَا لا يَألُو عَنِ الخَيْرِ؛ أحَدُهُمَا يُعَجِّلُ المَغْرِبَ وَالإفْطَارَ، وَالآخَرُ يُؤَخِّرُ المَغْرِبَ وَالإفْطَارَ؟ فَقَالَتْ: مَنْ يُعَجِّلُ المَغْرِبَ وَالإفْطَارَ؟ قَالَ: عَبْدُ اللهِ - يعني: ابن مسعود - فَقَالَتْ: هكَذَا كَانَ رسولُ اللهِ يَصْنَعُ. رواه مسلم. (1) قَوْله: «لا يَألُو» أيْ: لاَ يُقَصِّرُ في الخَيْرِ.   (1) أخرجه: مسلم 3/ 131 - 132 (1099) (50). الحديث: 1234 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 347 1235 - وعن أَبي هريرة - رضي الله عنه - قَالَ: قَالَ رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم: «قَالَ اللهُ - عز وجل: أحَبُّ عِبَادِي إلَيَّ أعْجَلُهُمْ فِطْرًا». رواه الترمذي، (1) وقال: «حديث حسن».   (1) أخرجه: الترمذي (700) قال الترمذي: «هذا حديث حسن غريب» على أنَّ سند الحديث ضعيف. الحديث: 1235 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 347 1236 - وعن عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - قَالَ: قَالَ رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم: «إِذَا أقْبَلَ اللَّيْلُ مِنْ هاهُنَا، وَأدْبَرَ النهارُ مِنْ هَاهُنَا، وَغَرَبَتِ الشَّمْسُ، فَقَدْ أفْطَر الصَّائِمُ». متفقٌ عَلَيْهِ. (1)   (1) أخرجه: البخاري 3/ 46 (1954)، ومسلم 3/ 132 (1100) (51). الحديث: 1236 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 347 1237 - وعن أَبي إبراهيم عبدِ الله بنِ أَبي أوفى رضي الله عنهما، قَالَ: سِرْنَا مَعَ رسولِ الله - صلى الله عليه وسلم - وَهُوَ صَائِمٌ، فَلَمَّا غَرَبَتِ الشَّمْسُ، قَالَ لِبَعْضِ القَوْمِ: «يَا فُلاَنُ انْزِلْ فَاجْدَحْ لَنَا»، فَقَالَ: يَا رسول الله، لَوْ أمْسَيْتَ؟ قَالَ: «انْزِلْ فَاجْدَحْ لَنَا» قَالَ: إنَّ عَلَيْكَ نَهَارًا (1)، قَالَ: «انْزِلْ فَاجْدَحْ لَنَا» قَالَ: فَنَزَلَ فَجَدَحَ لَهُمْ فَشَرِبَ رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - ثُمَّ قَالَ: «إِذَا رَأَيْتُمُ اللَّيْلَ قَدْ أقْبَلَ مِنْ هاهُنَا، فَقَدْ أفْطَرَ الصَّائِمُ» وَأشَارَ بِيَدِهِ قِبَلَ المَشْرِقِ. متفقٌ عَلَيْهِ. (2) قَوْله: «اجْدَحْ» بِجيم ثُمَّ دال ثُمَّ حاءٍ مهملتين، أيْ: اخْلِطِ السَّويقَ بِالمَاءِ.   (1) قال النووي في شرح صحيح مسلم 4/ 200 عقيب (1101): «قوله: «إن عليك نهارًا» لتوهمه أنَّ ذلك الضوء من النهار الذي يجب صومه». (2) أخرجه: البخاري 3/ 43 (1941)، ومسلم 3/ 132 (1101) (53). الحديث: 1237 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 347 1238 - وعن سلمان بن عامر الضَّبِّيِّ الصحابي - رضي الله عنه - عن النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: «إِذَا أفْطَرَ أحَدُكُمْ، فَلْيُفْطِرْ عَلَى تَمْرٍ، فَإنْ لَمْ يَجِدْ، فَلْيُفْطِرْ عَلَى مَاءٍ؛ فإنَّهُ طَهُورٌ». رواه أَبُو داود والترمذي، (1) وقال: «حديث حسن صحيح».   (1) انظر الحديث (332). الحديث: 1238 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 347 1239 - وعن أنس - رضي الله عنه - قَالَ: كَانَ رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - يُفْطِرُ قَبْلَ أَنْ يُصَلِّي عَلَى رُطَبَاتٍ، فَإنْ لَمْ تَكُنْ رُطَبَاتٌ فَتُمَيْرَاتٌ، فَإنْ لَمْ تَكُنْ تُمَيْرَاتٌ حَسَا حَسَوَاتٍ مِنْ مَاءٍ. رواه أَبُو داود والترمذي، (1) وقال: «حديث حسن».   (1) أخرجه: أبو داود (2356)، والترمذي (696)، وقال الترمذي: «هذا حديث حسن غريب». الحديث: 1239 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 348 223 - باب أمر الصائم بحفظ لسانه وجوارحه عن المخالفات والمشاتمة ونحوها 1240 - عن أَبي هريرة - رضي الله عنه - قَالَ: قَالَ رسولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم: «إِذَا كَانَ يَوْمُ صَوْمِ أَحَدِكُمْ، فَلاَ يَرْفُثْ وَلاَ يَصْخَبْ، فَإنْ سَابَّهُ أحَدٌ أَوْ قَاتَلَهُ، فَلْيَقُلْ: إنِّي صَائِمٌ». متفقٌ عَلَيْهِ. (1)   (1) انظر الحديث (1215). الحديث: 1240 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 348 1241 - وعنه، قَالَ: قَالَ النبيُّ - صلى الله عليه وسلم: «مَنْ لَمْ يَدَعْ قَوْلَ الزُّورِ وَالعَمَلَ بِهِ فَلَيْسَ للهِ حَاجَةٌ فِي أَنْ يَدَعَ طَعَامَهُ وَشَرَابَهُ». رواه البخاري. (1)   (1) أخرجه: البخاري 3/ 33 (1903). الحديث: 1241 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 348 224 - باب في مسائل من الصوم 1242 - عن أَبي هريرة - رضي الله عنه - عن النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: «إِذَا نَسِيَ أَحَدُكُمْ، فَأكَلَ، أَوْ شَرِبَ، فَلْيُتِمَّ صَوْمَهُ، فَإنَّمَا أطْعَمَهُ اللهُ وَسَقَاهُ». متفقٌ عَلَيْهِ. (1)   (1) أخرجه: البخاري 3/ 40 (1933)،ومسلم 3/ 160 (1155) (171). الحديث: 1242 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 348 1243 - وعن لَقِيط بن صَبِرَةَ - رضي الله عنه - قَالَ: قُلْتُ: يَا رسول الله، أخْبِرْني عَنِ الوُضُوءِ؟ قَالَ: «أسْبغِ الوُضُوءَ، وَخَلِّلْ بَيْنَ الأَصَابِعِ، وَبَالِغْ في الاسْتِنْشَاقِ، إِلاَّ أَنْ تَكُونَ صَائِمًا». رواه أَبُو داود والترمذي، (1) وقال: «حديث حسن صحيح».   (1) أخرجه: أبو داود (142)، والترمذي (788). الحديث: 1243 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 348 1244 - وعن عائشة رَضِيَ اللهُ عنها، قالت: كَانَ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يُدْرِكُهُ الفَجْرُ وَهُوَ جُنُبٌ مِنْ أهْلِهِ، ثُمَّ يَغْتَسِلُ وَيَصُومُ. متفقٌ عَلَيْهِ. (1)   (1) أخرجه: البخاري 3/ 38 (1925) و (1926)، ومسلم 3/ 137 (1109) (76). الحديث: 1244 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 348 1245 - وعن عائشة وأم سلمة رضي الله عنهما، قالتا: كَانَ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يُصْبحُ جُنُبًا مِنْ غَيْرِ حُلُمٍ، ثُمَّ يَصُومُ. متفقٌ عَلَيْهِ. (1)   (1) أخرجه: البخاري 3/ 40 (1931) و (1932)، ومسلم 3/ 138 (1109) (78). الحديث: 1245 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 348 225 - باب فضل صوم المحرم (1) وشعبان والأشهر الحرم 1246 - وعن أَبي هريرة - رضي الله عنه - قَالَ: قَالَ رسول الله - صلى الله عليه وسلم: «أفْضَلُ الصِّيَامِ بَعْدَ رَمَضَانَ: شَهْرُ الله المُحَرَّمُ، وَأفْضَلُ الصَّلاَةِ بَعدَ الفَرِيضَةِ: صَلاَةُ اللَّيْلِ». رواه مسلم. (2)   (1) المحرم: شهر الله، سمته العرب بهذا الاسم؛ لأنهم كانوا لا يستحلون فيه القتال، وأضيف إلى الله تعالى إعظامًا له كما قيل للكعبة بيت الله. اللسان 3/ 138 (حرم). شعبان: اسم للشهر، سمي بذلك لتشعبهم فيه أي تفرقهم في طلب المياه، وقيل في الغارات. اللسان 7/ 129 (شعب). الأشهر الحرم أربعة: ثلاثة سرد أي متتابعة وواحد فرد، فالسرد ذو القعدة وذو الحجة والمحرم، والفرد رجب. اللسان 3/ 137 (حرم) (2) انظر الحديث (1167). الحديث: 1246 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 349 1247 - عن عائشة رَضِيَ اللهُ عنها، قالت: لَمْ يكن النبي - صلى الله عليه وسلم - يَصُومُ مِنْ شَهْرٍ أكْثَرَ مِنْ شَعْبَانَ، فَإنَّهُ كَانَ يَصُومُ شَعْبَانَ كُلَّهُ. وفي رواية: كَانَ يَصُومُ شَعْبَانَ إِلاَّ قَلِيلًا. متفقٌ عَلَيْهِ. (1)   (1) أخرجه: البخاري 3/ 50 (1970)، ومسلم 3/ 161 (1156) (176). الحديث: 1247 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 349 1248 - وعن مُجِيبَةَ البَاهِليَّةِ، عن أبيها أَوْ عمها: أنه أتَى رسولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - ثُمَّ انطَلَقَ فَأَتَاهُ بَعْدَ سَنَةٍ - وَقَدْ تَغَيَّرَتْ حَالُهُ وَهيئَتُهُ - فَقَالَ: يَا رسولَ الله، أمَا تَعْرِفُنِي؟ قَالَ: «وَمَنْ أنْتَ»؟ قَالَ: أَنَا الباهِليُّ الَّذِي جِئْتُك عام الأَوَّلِ. قَالَ: «فَمَا غَيَّرَكَ، وَقَدْ كُنْتَ حَسَنَ الهَيْئَةِ!» قَالَ: مَا أكَلْتُ طَعَامًا مُنْذُ فَارقتُكَ إِلاَّ بِلَيْلٍ. فَقَالَ رسولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم: «عَذَّبْتَ نَفْسَكَ!» ثُمَّ قَالَ: «صُمْ شَهْرَ الصَّبْرِ، وَيَومًا مِنْ كُلِّ شَهْرٍ» قَالَ: زِدْنِي، فَإنَّ بِي قُوَّةً، قَالَ: «صُمْ يَوْمَيْن» قَالَ: زِدْنِي، قَالَ: «صُمْ ثَلاثَةَ أيَّامٍ» قَالَ: زِدْنِي، قَالَ: «صُمْ مِنَ الحُرُم وَاتركْ، صُمْ مِنَ الحُرُمِ وَاتركْ، صُمْ مِنَ الحُرُمِ وَاتركْ» وقال بأصابِعه الثَّلاثِ فَضَمَّها، ثُمَّ أرْسَلَهَا. رواه أَبُو داود. (1) وَ «شَهْر الصَّبر»: رَمَضَان (2).   (1) أخرجه: أبو داود (2428)، وابن ماجه (1741)، والنسائي في «الكبرى» (2743)، وسند الحديث ضعيف. (2) شهر رمضان مأخوذ من رمض الصائم يرمض إذا حر جوفه من شدة العطش. اللسان 5/ 316 (رمض). الحديث: 1248 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 349 226 - باب فضل الصوم وغيره في العشر الأول (1) من ذي الحجة (2) 1249 - وعن ابن عباس رضي الله عنهما، قَالَ: قَالَ رسول الله - صلى الله عليه وسلم: «مَا مِنْ أيَّامٍ، العَمَلُ الصَّالِحُ فِيهَا أحَبُّ إِلَى اللهِ مِنْ هذِهِ الأَيَّام» يعني أيام العشر. قالوا: يَا رسولَ اللهِ، وَلاَ الجِهَادُ في سَبيلِ اللهِ؟ قَالَ: «وَلاَ الجِهَادُ فِي سَبِيلِ اللهِ، إِلاَّ رَجُلٌ خَرَجَ بِنَفْسِهِ وَمَالِهِ، فَلَمْ يَرْجِعْ مِنْ ذَلِكَ بِشَيءٍ». رواه البخاري. (3)   (1) وفيها قوله تعالى: {وَالْفَجْرِ وَلَيَالٍ عَشْرٍ} [الفجر: 1 و2]. انظر: تفسير الطبري 15/ 211، وزاد المسير 9/ 103. (2) ذو الحجة: شهر الحج، سمي بذلك للحج فيه، والجمع ذوات الحجة. اللسان 3/ 53 (حجج). (3) أخرجه: البخاري 2/ 24 (969). الحديث: 1249 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 350 227 - باب فضل صوم يوم عرفة (1) وعاشوراء وتاسوعاء 1250 - وعن أَبي قتادة - رضي الله عنه - قَالَ: سُئِلَ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن صَومِ يَوْمِ عَرَفَةَ، قَالَ: «يُكَفِّرُ السَّنَةَ المَاضِيَةَ وَالبَاقِيَةَ». رواه مسلم. (2)   (1) عرفة: موضع بمكة، سمي عرفة لأن الناس يتعارفون به. اللسان 9/ 157 (عرف). (2) أخرجه: مسلم 3/ 167 (1162) (197). الحديث: 1250 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 350 1251 - وعن ابن عباس رضي الله عنهما: أنَّ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - صَامَ يَومَ عاشوراءَ وَأمَرَ بِصِيامِهِ. متفقٌ عَلَيْهِ. (1)   (1) أخرجه: البخاري 3/ 57 (2004)، ومسلم 3/ 150 (1130) (128). الحديث: 1251 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 350 1252 - وعن أَبي قتادة - رضي الله عنه: أنَّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - سُئِلَ عَنْ صِيامِ يَوْمِ عَاشُوراءَ، فَقَالَ: «يُكَفِّرُ السَّنَةَ المَاضِيَةَ». رواه مسلم. (1)   (1) أخرجه: مسلم 3/ 167 (1162) (197). الحديث: 1252 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 350 1253 - وعن ابن عباس رضي الله عنهما، قَالَ: قَالَ رسول الله - صلى الله عليه وسلم: «لَئِنْ بَقِيتُ إِلَى قَابلٍ لأَصُومَنَّ التَّاسِعَ». رواه مسلم. (1)   (1) أخرجه: مسلم 3/ 151 (1134) (134). الحديث: 1253 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 350 228 - باب استحباب صوم ستة أيام من شوال (1) 1254 - عن أَبي أيوب - رضي الله عنه: أنَّ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: «مَنْ صَامَ رَمَضَانَ ثُمَّ أتْبَعَهُ سِتًّا مِنْ شَوَّالٍ، كَانَ كَصِيَامِ الدَّهْرِ». رواه مسلم. (2)   (1) شوال: اسم الشهر الذي يلي شهر رمضان، وهو أول أشهر الحج، قيل سمي بتشويل لبن الإبل وهو توليه وإدباره، وكذلك حال الإبل في اشتداد الحر وانقطاع الرطب. اللسان 7/ 243 (شول). (2) أخرجه: مسلم 3/ 169 (1164) (204). الحديث: 1254 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 351 229 - باب استحباب صوم الإثنين والخميس 1255 - عن أَبي قتادة - رضي الله عنه: أنَّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - سُئِلَ عَنْ صَومِ يَوْمِ الإثْنَيْنِ، فَقَالَ: «ذَلِكَ يَومٌ وُلِدْتُ فِيهِ، وَيَومٌ بُعِثْتُ، أَوْ أُنْزِلَ عَلَيَّ فِيهِ». رواه مسلم. (1)   (1) أخرجه: مسلم 3/ 167 (1162) (197). الحديث: 1255 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 351 1256 - وعن أَبي هريرة - رضي الله عنه - عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: «تُعْرَضُ الأَعْمَالُ يَومَ الإثْنَيْنِ وَالخَمِيسِ، فَأُحِبُّ أَنْ يُعْرَضَ عَمَلِي وَأنَا صَائِمٌ». رواه الترمذي، (1) وقال: «حديث حسن»، ورواه مسلم بغير ذِكر الصوم.   (1) أخرجه: مسلم 8/ 11 (2565) (36)، والترمذي (747) وقال: «حديث حسن غريب». الحديث: 1256 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 351 1257 - وعن عائشة رَضِيَ اللهُ عنها، قالت: كَانَ رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - يَتَحَرَّى صَومَ الإثْنَيْنِ وَالخَمِيس. رواه الترمذي، (1) وقال: «حديث حسن».   (1) أخرجه: ابن ماجه (1739)، والترمذي (745)، والنسائي في «الكبرى» (2497) وقال الترمذي: «حديث حسن غريب». الحديث: 1257 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 351 230 - باب استحباب صوم ثلاثة أيام من كل شهر والأفضل صومُها في الأيام البيض (1) وهي الثالثَ عشر والرابعَ عشر والخامسَ عشر، وقِيل: الثاني عشر، والثالِثَ عشر، والرابعَ عشر، والصحيح المشهور هُوَ الأول.   (1) هذا على حذف المضاف يريد أيام الليالي البيض، وسميت لياليها بيضًا؛ لأن القمر يطلع فيها من أولها إلى آخرها، وأكثر ما تجيء الرواية الأيام البيض، والصواب أن يقال أيام البيض بالإضافة؛ لأن البيض من صفة الليالي. النهاية 1/ 173. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 351 1258 - وعن أَبي هريرة - رضي الله عنه - قَالَ: أوْصاني خَلِيلي - صلى الله عليه وسلم - بِثَلاثٍ: صِيَامِ ثَلاَثَةِ أيَّامٍ مِنْ كُلِّ شَهْرٍ، وَرَكْعَتَي الضُّحَى، وَأنْ أُوتِرَ قَبْلَ أَنْ أنَامَ. متفقٌ عَلَيْهِ. (1)   (1) أخرجه: البخاري 3/ 53 (1981)، ومسلم 2/ 158 (721) (85). الحديث: 1258 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 352 1259 - وعن أَبي الدرداءِ - رضي الله عنه - قَالَ: أوصاني حَبِيبي - صلى الله عليه وسلم - بِثَلاثٍ لَنْ أدَعَهُنَّ مَا عِشتُ: بِصِيَامِ ثَلاثَةِ أيَّامٍ مِنْ كُلِّ شَهْرٍ، وَصَلاَةِ الضُّحَى، وبِأنْ لاَ أنَامَ حَتَّى أُوتِرَ. رواه مسلم. (1)   (1) أخرجه: مسلم 2/ 159 (722) (86). الحديث: 1259 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 352 1260 - وعن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما، قَالَ: قَالَ رسول الله - صلى الله عليه وسلم: «صَوْمُ ثَلاَثَةِ أيَّامٍ مِنْ كُلِّ شَهْرٍ صَوْمُ الدَّهْرِ كُلِّهِ». متفقٌ عَلَيْهِ. (1)   (1) أخرجه: البخاري 3/ 52 (1979)، ومسلم 3/ 164 (1159) (187). الحديث: 1260 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 352 1261 - وعن مُعاذة العدوية: أنها سألت عائشةَ رَضِيَ اللهُ عنها: أكَانَ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يَصُومُ مِنْ كُلِّ شَهْرٍ ثَلاَثة أيَّامٍ؟ قالت: نَعَمْ. فقلتُ: مِنْ أيِّ الشَّهْرِ كَانَ يَصُومُ؟ قالت: لَمْ يَكُنْ يُبَالِي مِنْ أيِّ الشَّهْرِ يَصُومُ. رواه مسلم. (1)   (1) أخرجه: مسلم 3/ 166 (1160) (194). الحديث: 1261 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 352 1262 - وعن أَبي ذر - رضي الله عنه - قَالَ: قَالَ رسول الله - صلى الله عليه وسلم: «إِذَا صُمْتَ مِنَ الشَّهْرِ ثَلاَثًا، فَصُمْ ثَلاَثَ عَشْرَةَ، وَأرْبَعَ عَشْرَةَ، وَخَمْسَ عَشْرَةَ». رواه الترمذي، (1) وقال: «حديث حسن».   (1) أخرجه: الترمذي (761). الحديث: 1262 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 352 1263 - وعن قتادة بن مِلْحَان - رضي الله عنه - قَالَ: كَانَ رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - يَأمُرُنَا بِصِيَامِ أيَّامِ البِيضِ: ثَلاثَ عَشْرَةَ، وَأرْبَعَ عَشْرَةَ، وَخَمْسَ عَشْرَةَ. رواه أَبُو داود. (1)   (1) أخرجه: أبو داود (2449)، وابن ماجه (1707م). الحديث: 1263 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 352 1264 - وعن ابن عباس رضي الله عنهما، قَالَ: كَانَ رسولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - لاَ يُفْطِرُ أيَّامَ البِيضِ في حَضَرٍ وَلاَ سَفَرٍ. رواه النسائي بإسنادٍ حسن (1).   (1) أخرجه: النسائي في «الكبرى» (2654). الحديث: 1264 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 352 231 - باب فضل من فطَّر صائمًا وفضل الصائم الذي يؤكل عنده ودعاء الآكل للمأكول عنده 1265 - عن زيد بن خالد الجُهَنِيِّ - رضي الله عنه - عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: «مَنْ فَطَّرَ صَائِمًا، كَانَ لَهُ مِثْلُ أجْرِهِ، غَيْرَ أنَّهُ لاَ يُنْقَصُ مِنْ أجْرِ الصَّائِمِ شَيْءٌ». رواه الترمذي، (1) وقال: «حديث حسن صحيح».   (1) أخرجه: ابن ماجه (1746)، والترمذي (807)، والنسائي في «الكبرى» (3331). الحديث: 1265 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 352 1266 - وعن أُمِّ عُمَارَةَ الأنصارِيَّةِ رَضِيَ اللهُ عنها: أنَّ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - دَخَلَ عَلَيْهَا، فَقَدَّمَتْ إِلَيْهِ طَعَامًا، فَقَالَ: «كُلِي» فَقَالَتْ: إنِّي صَائِمَةٌ، فَقَالَ رسول الله - صلى الله عليه وسلم: «إنَّ الصَائِمَ تُصَلِّي عَلَيْهِ المَلاَئِكَةُ إِذَا أُكِلَ عِنْدَهُ حَتَّى يَفْرغُوا» وَرُبَّمَا قَالَ: «حَتَّى يَشْبَعُوا». رواه الترمذي، (1) وقال: «حديث حسن».   (1) أخرجه: ابن ماجه (1748)، والترمذي (785)، والنسائي في «الكبرى» (3267) وقال الترمذي: «حديث حسن صحيح» على أنَّ سند الحديث ضعيف. الحديث: 1266 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 353 1267 - وعن أنسٍ - رضي الله عنه: أنَّ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - جَاءَ إِلَى سعد بن عبادة - رضي الله عنه - فَجَاءَ بِخُبْزٍ وَزَيْتٍ، فَأكَلَ، ثُمَّ قَالَ النبي - صلى الله عليه وسلم: «أفْطَرَ عِنْدَكُمُ الصَّائِمُونَ؛ وَأكَلَ طَعَامَكُمُ الأَبرَارُ، وَصَلَّتْ عَلَيْكُمُ المَلاَئِكَةُ». رواه أَبُو داود (1) بإسناد صحيح.   (1) أخرجه: أبو داود (3854). الحديث: 1267 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 353 (9) - كتَاب الاعْتِكَاف 232 - باب الاعتكاف (1) في رمضان 1268 - عن ابن عمر رضي الله عنهما، قَالَ: كَانَ رسولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - يَعْتَكِفُ العَشْرَ الأوَاخِرَ مِنْ رَمَضَانَ. متفقٌ عَلَيْهِ. (2)   (1) الاعتكاف: هو الإقامة على الشيء وبالمكان ولزومهما، ومنه قيل لمن لازم المسجد وأقام على العبادة فيه: عاكف ومعتكف. النهاية 3/ 284. (2) أخرجه: البخاري 3/ 62 (2025)، ومسلم 3/ 174 (1171) (1). الحديث: 1268 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 355 1269 - وعن عائشة رَضِيَ اللهُ عنها: أنَّ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - كَانَ يَعْتَكِفُ العَشْرَ الأوَاخِرَ مِنْ رَمَضَانَ، حَتَّى تَوَفَّاهُ اللهُ تَعَالَى، ثُمَّ اعْتَكَفَ أزْوَاجُهُ مِنْ بَعْدِهِ. متفقٌ عَلَيْهِ. (1)   (1) أخرجه: البخاري 3/ 62 (2026)، ومسلم 3/ 175 (1172) (5). الحديث: 1269 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 355 1270 - وعن أَبي هريرة - رضي الله عنه - قَالَ: كَانَ النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - يَعْتَكِفُ في كُلِّ رَمَضَانَ عَشْرَةَ أيَّامٍ، فَلَمَّا كَانَ العَامُ الَّذِي قُبِضَ فِيهِ اعْتَكَفَ عِشْرِينَ يَوْمًا. رواه البخاري. (1)   (1) أخرجه: البخاري 3/ 67 (2044). الحديث: 1270 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 355 (10) - كتَاب الحَجّ 233 - باب وجوب الحج وفضله قَالَ الله تَعَالَى: {وَللهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ البَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا وَمَنْ كَفَرَ فإنَّ اللهَ غَنِيٌّ عَنِ العَالَمِينَ} [آل عمران: 97]. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 357 1271 - وعن ابن عمر رضي الله عنهما: أنَّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: «بُنِي الإسْلاَمُ عَلَى خَمْسٍ: شَهَادَةِ أَنْ لاَ إلهَ إِلاَّ اللهُ، وَأنَّ مُحَمَّدًا رسولُ اللهِ، وَإقَامِ الصَّلاَةِ، وَإيتَاءِ الزَّكَاةِ، وَحَجِّ البَيْتِ، وَصَوْمِ رَمَضَانَ». متفقٌ عَلَيْهِ. (1)   (1) انظر الحديث (1075). الحديث: 1271 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 357 1272 - وعن أَبي هريرة - رضي الله عنه - قَالَ: خَطَبَنَا رسولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ: «أيُّهَا النَّاسُ، قَدْ فَرَضَ اللهُ عَلَيْكُم الحَجَّ فَحُجُّوا» فَقَالَ رَجُلٌ: أكُلَّ عَامٍ يَا رَسولَ اللهِ؟ فَسَكَتَ، حَتَّى قَالَهَا ثَلاثًا. فَقَالَ رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم: «لَوْ قُلْتُ نَعَمْ لَوَجَبَتْ، وَلَمَا اسْتَطَعْتُمْ» ثُمَّ قَالَ: «ذَرُوني مَا تَرَكْتُكُمْ؛ فَإنَّمَا هَلَكَ مَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ بِكَثْرَةِ سُؤالِهِمْ، وَاخْتِلاَفِهِمْ عَلَى أنْبِيَائِهِمْ، فَإذَا أمَرْتُكُمْ بِشَيءٍ فَأتُوا مِنْهُ مَا اسْتَطَعْتُمْ، وَإِذَا نَهَيْتُكُمْ عَن شَيْءٍ فَدَعُوهُ». رواه مسلم. (1)   (1) أخرجه: مسلم 7/ 91 (1337) (131). الحديث: 1272 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 357 1273 - وعنه، قَالَ: سُئِلَ النَّبيُّ - صلى الله عليه وسلم - أيُّ العَمَلِ أفْضَلُ؟ قَالَ: «إيمَانٌ بِاللهِ وَرسولِهِ» قيل: ثُمَّ ماذا؟ قَالَ: «الجِهَادُ فِي سَبِيلِ اللهِ» قِيلَ: ثُمَّ مَاذَا؟ قَالَ: «حَجٌّ مَبرُورٌ». متفقٌ عَلَيْهِ. (1) «المبرور» هُوَ: الَّذِي لا يرتكِبُ صاحِبُهُ فِيهِ معصيةً.   (1) أخرجه: البخاري 1/ 13 (26)، ومسلم 1/ 62 (83) (135). الحديث: 1273 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 357 1274 - وعنه، قَالَ: سَمِعْتُ رسولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - يقول: «مَنْ حَجَّ، فَلَمْ يَرْفُثْ (1)، وَلَمْ يَفْسُقْ، رَجَعَ كَيَوْمِ وَلَدَتْهُ أمُّهُ». متفقٌ عَلَيْهِ. (2)   (1) الرفث: كلمة جامعة لكل ما يريده الرجل من المرأة. النهاية 2/ 241. (2) أخرجه: البخاري 2/ 164 (1521)، ومسلم 4/ 107 (1350) (438). الحديث: 1274 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 358 1275 - وعنه: أنَّ رسول اللهِ - صلى الله عليه وسلم - قال: «العُمْرَةُ إِلَى العُمْرَةِ كَفَّارَةٌ لِمَا بَينَهُمَا، وَالحَجُّ المَبْرُورُ لَيْسَ لَهُ جَزَاءٌ إِلاَّ الجَنَّةَ». متفقٌ عَلَيْهِ. (1)   (1) أخرجه: البخاري 3/ 2 (1773)، ومسلم 4/ 107 (1349) (437). الحديث: 1275 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 358 1276 - وعن عائشة رَضِيَ اللهُ عنها، قَالَت: قُلْتُ: يَا رسول الله، نَرَى الجِهَادَ أفْضَلَ العَمَلِ، أفَلاَ نُجَاهِدُ؟ فَقَالَ: «لَكُنَّ أفْضَلُ الجِهَادِ: حَجٌّ مَبْرُورٌ». رواه البخاري. (1)   (1) أخرجه: البخاري 2/ 164 (1520). الحديث: 1276 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 358 1277 - وعنها: أنَّ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: «مَا مِنْ يَوْمٍ أكْثَرَ مِنْ أَن يَعْتِقَ اللهُ فِيهِ عَبْدًا مِنَ النَّارِ مِنْ يَوْمِ عَرَفَةَ». رواه مسلم. (1)   (1) أخرجه: مسلم 4/ 107 (1348) (436). الحديث: 1277 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 358 1278 - وعن ابن عباس رضي الله عنهما: أنَّ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: «عُمْرَةٌ في رَمَضَانَ تَعْدِلُ حَجَّةً - أَوْ حَجَّةً مَعِي». متفقٌ عَلَيْهِ. (1)   (1) أخرجه: البخاري 3/ 24 (1863)، ومسلم 4/ 61 (1256) (222). الحديث: 1278 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 358 1279 - وعنه: أنَّ امرأة قالت: يَا رسول الله، إنَّ فَرِيضَةَ اللهِ عَلَى عِبَادِهِ في الحَجِّ، أدْرَكَتْ أَبي شَيْخًا كَبِيرًا، لاَ يَثْبُتُ عَلَى الرَّاحِلَةِ أفَأحُجُّ عَنْهُ؟ قَالَ: «نَعَمْ». متفقٌ عَلَيْهِ. (1)   (1) أخرجه: البخاري 2/ 163 (1513)، ومسلم 4/ 101 (1334) (407). الحديث: 1279 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 358 1280 - وعن لقيط بن عامر - رضي الله عنه: أنَّه أتى النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ: إنَّ أَبِي شَيْخٌ كَبِيرٌ، لاَ يَسْتَطِيعُ الحَجَّ، وَلاَ العُمْرَةَ، وَلاَ الظَّعَنَ؟ قَالَ: «حُجَّ عَنْ أبِيكَ وَاعْتَمِرْ». رواه أَبُو داود والترمذي، (1) وقال: «حديث حسن صحيح».   (1) أخرجه: أبو داود (1810)، والترمذي (930). الحديث: 1280 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 358 1281 - وعن السائب بن يزيد - رضي الله عنه - قَالَ: حُجَّ بي مَعَ رسولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - في حَجةِ الوَدَاعِ، وَأنَا ابنُ سَبعِ سِنينَ. رواه البخاري. (1)   (1) أخرجه: البخاري 3/ 24 (1858). الحديث: 1281 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 358 1282 - وعن ابن عباس رضي الله عنهما: أنَّ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - لَقِيَ رَكْبًا بالرَّوْحَاءِ، فَقَالَ: «مَنِ القَوْمُ؟» قالوا: المسلِمُونَ. قالوا: مَنْ أَنْتَ؟ قَالَ: «رسولُ اللهِ». فَرَفَعَتِ امْرَأةٌ صَبيًّا، فَقَالَتْ: ألِهَذَا حَجٌّ؟ قَالَ: «نَعَمْ، وَلَكِ أجْرٌ». رواه مسلم. (1)   (1) انظر الحديث (179). الحديث: 1282 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 359 1283 - عن أنسٍ - رضي الله عنه: أنَّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حَجَّ عَلَى رَحْلٍ وَكانت زَامِلَتهُ (1). رواه البخاري. (2)   (1) الزاملة: البعير الذي يحمل عليه الطعام والمتاع، من الزمل وهو الحمل، والمراد أنه لم تكن معه زاملة تحمل طعامه ومتاعه بل كان ذلك محمولًا معه على راحلته وكانت هي الراحلة والزاملة. فتح الباري 3/ 480. (2) أخرجه: البخاري 2/ 163 (1517). الحديث: 1283 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 359 1284 - وعن ابن عباسٍ رضي الله عنهما، قَالَ: كَانَتْ عُكَاظُ، وَمَجِنَّةُ، وَذُو المَجَازِ أسْوَاقًا في الجَاهِلِيَّةِ، فَتَأثَّمُوا أن يَتَّجِرُوا في المَوَاسِمِ، فَنَزَلَتْ: {لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَبْتَغُوا فَضْلًا مِنْ رَبِّكُمْ} [البقرة: 198] في مَوَاسِمِ الحَجِّ. رواه البخاري. (1)   (1) أخرجه: البخاري 6/ 34 (4519). الحديث: 1284 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 359 (11) - كتَاب الجِهَاد 234 - باب وجوب الجهاد وفضل الغدوة والروحة قَالَ الله تَعَالَى: {وَقَاتِلُوا المُشْرِكِينَ كَافَّةً كَمَا يُقَاتِلُونَكُمْ كَافَّةً وَاعْلَمُوا أنَّ اللهَ مَعَ المُتَّقِينَ} [التوبة: 36]، وقال تَعَالَى: {كُتِبَ عَلَيْكُمُ القِتَالُ وَهُوَ كُرْهٌ لَكُمْ وَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَعَسَى أَنْ تُحِبُّوا شَيْئًا وَهُوَ شَرٌّ لَكُمْ وَاللهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لاَ تَعْلَمُونَ} [البقرة: 216]، وقال تَعَالَى: {انْفِرُوا خِفَافًا وَثِقَالًا وَجَاهِدُوا بأَمْوَالِكُمْ وَأنْفُسِكُمْ في سَبِيلِ اللهِ} [التوبة: 41]، وقال تَعَالَى: {إنَّ اللهَ اشْتَرَى مِنَ المُؤْمِنِينَ أنْفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ بِأَنَّ لَهُمُ الجَنَّةَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللهِ فَيَقْتُلُونَ وَيُقْتَلُونَ وَعْدًا عَلَيْهِ حَقًّا فِي التَّوْرَاةِ وَالإنْجِيلِ وَالقُرْآنِ وَمَنْ أَوْفَى بِعَهْدِهِ مِنَ اللهِ فَاسْتَبْشِرُوا بِبَيْعِكُمُ الَّذِي بَايَعْتُمْ بِهِ وَذَلِكَ هُوَ الفَوْزُ العَظِيمُ} [التوبة: 111]، وقال الله تَعَالَى: {لاَ يَسْتَوِي القَاعِدُونَ مِنَ المُؤْمِنِينَ غَيْرُ أُولِي الضَّرَرِ وَالمُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللهِ بِأَمْوَالِهِمْ وَأنْفُسِهِمْ فَضَّلَ اللهُ المُجَاهِدِينَ بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ عَلَى القَاعِدِينَ دَرَجَةً وَكُلًا وَعَدَ اللهُ الحُسْنَى وَفَضَّلَ اللهُ المُجَاهِدِينَ عَلَى القَاعِدِينَ أجْرًا عَظِيمًا دَرَجَاتٍ مِنْهُ وَمَغْفِرَةً وَرَحْمَةً وَكَانَ اللهُ غَفُورًا رَحِيمًا} [النساء: 95 - 96]، وقال تَعَالَى: {يَا أيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا هَلْ أدُلُّكُمْ عَلَى تِجَارَةٍ تُنْجِيكُمْ مِنْ عَذَابٍ ألِيمٍ تُؤْمِنُونَ بِاللهِ وَرَسُولِهِ وَتُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللهِ بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنْفُسِكُمْ ذلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ يَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَيُدْخِلْكُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الأنْهَارُ وَمَسَاكِنَ طَيِّبَةً في جَنَّاتِ عَدْنٍ ذَلِكَ الفَوْزُ العَظِيمُ وَأُخْرَى تُحِبُّونَهَا نَصْرٌ مِن اللهِ وَفَتْحٌ قَرِيبٌ وَبَشِّرِ المُؤمِنينَ} [الصف: 10 - 13]. والآيات في الباب كثيرةٌ مشهورةٌ. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 361 وأما الأحاديث في فضل الجهاد فأكثر من أَنْ تحصر، فمن ذلك: 1285 - عن أَبي هريرة - رضي الله عنه - قَالَ: سُئِلَ رسول الله - صلى الله عليه وسلم: أيُّ العَمل أَفْضَلُ؟ قَالَ: [ص: 362] «إيمَانٌ بِاللهِ وَرَسُولِهِ» قيلَ: ثُمَّ مَاذَا؟ قَالَ: «الجهادُ في سَبيلِ اللهِ» قِيلَ: ثُمَّ مَاذَا؟ قَالَ: «حَجٌّ مَبْرُورٌ». متفقٌ عَلَيْهِ. (1)   (1) انظر الحديث (1273). الحديث: 1285 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 361 1286 - وعن ابن مسعود - رضي الله عنه - قَالَ: قُلْتُ: يَا رسولَ الله، أيُّ العَمَلِ أَحَبُّ إِلَى اللهِ تَعَالَى؟ قَالَ: «الصَّلاَةُ عَلَى وَقْتِهَا» قُلْتُ: ثُمَّ أيُّ؟ قَالَ: «بِرُّ الوَالِدَيْنِ» قلتُ: ثُمَّ أيُّ؟ قَالَ: «الجِهَادُ في سَبيلِ اللهِ». متفقٌ عَلَيْهِ. (1)   (1) انظر الحديث (312). الحديث: 1286 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 362 1287 - وعن أَبي ذرّ - رضي الله عنه - قَالَ: قُلْتُ: يَا رسول الله، أيُّ العَمَلِ أفْضلُ؟ قَالَ: «الإيمَانُ بِاللهِ، وَالجِهَادُ في سَبِيلهِ». متفقٌ عَلَيْهِ. (1)   (1) انظر الحديث (117). الحديث: 1287 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 362 1288 - وعن أنس - رضي الله عنه: أنَّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: «لَغَدْوَةٌ في سَبيلِ اللهِ، أَوْ رَوْحَةٌ، خَيْرٌ مِنَ الدُّنْيَا وَمَا فِيهَا». متفقٌ عَلَيْهِ. (1)   (1) أخرجه: البخاري 4/ 20 (2792)، ومسلم 6/ 35 (1880) (112). الحديث: 1288 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 362 1289 - وعن أَبي سعيدٍ الخدريِّ - رضي الله عنه - قَالَ: أَتَى رَجُلٌ رسولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ: أيُّ النَّاسِ أفْضَلُ؟ قَالَ: «مُؤْمنٌ يُجَاهِدُ بِنَفْسِهِ وَمَالِهِ في سَبيلِ اللهِ» قَالَ: ثُمَّ مَنْ؟ قَالَ: «مُؤْمِنٌ في شِعَبٍ مِنَ الشِّعَابِ يَعْبُدُ اللهَ، وَيَدَعُ النَّاسَ مِنْ شَرِّهِ». متفقٌ عَلَيْهِ. (1)   (1) انظر الحديث (597). الحديث: 1289 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 362 1290 - وعن سهل بن سعد - رضي الله عنه: أنَّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: «رِبَاطُ يَوْمٍ فِي سَبِيلِ اللهِ خَيْرٌ مِنَ الدُّنْيَا وَمَا عَلَيْهَا، وَمَوْضِعُ سَوْطِ أَحَدِكُمْ مِنَ الجَنَّةِ خَيْرٌ مِنَ الدُّنْيَا وَمَا عَلَيْهَا، وَالرَّوْحَةُ يَرُوحُهَا العَبْدُ في سَبِيلِ اللهِ تَعَالَى، أَوْ الغَدْوَةُ، خَيْرٌ مِنَ الدُّنْيَا وَمَا عَلَيْهَا». متفقٌ عَلَيْهِ. (1)   (1) أخرجه: البخاري 4/ 43 (2892)، ومسلم 6/ 36 (1881) (113) و (114). الحديث: 1290 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 362 1291 - وعن سَلمَانَ - رضي الله عنه - قَالَ: سَمِعْتُ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: «رِبَاطُ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ خَيْرٌ مِنْ صِيَامِ شَهْرٍ وَقِيَامِهِ، وَإنْ مَاتَ جَرَى عَلَيْهِ عَمَلُهُ الَّذِي كَانَ يَعْمَلُ، وَأُجْرِيَ عَلَيْهِ رِزْقُهُ، وَأَمِنَ الفَتَّانَ» (1) رواه مسلم. (2)   (1) قال النووي في شرح صحيح مسلم 7/ 55 (1913): «قوله: «وأجري عليه رزقه» موافق لقول الله تعالى في الشهداء: {أحْيَاءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ} وفي الأحاديث أنَّ أرواح الشهداء تأكل من ثمار الجنة. + وقوله: «أمن الفتان» ضبطوا (أمن) بوجهين: أحدهما: (أمن) بفتح الهمزة وكسر الميم من غير واو. والثاني: (أومن) بضم الهمزة وبواو. + وأما (الفتان): فقال القاضي: رواية الأكثرين بضم الفاء جمع فاتن. قال: ورواية الطبري بالفتح، وفي رواية أبي داود في سننه «أومن من فتاني القبر»». (2) أخرجه: مسلم 6/ 50 (1913) (163). الحديث: 1291 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 362 1292 - وعن فَضَالَةَ بن عُبَيْد - رضي الله عنه: أنَّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: «كُلُّ مَيِّتٍ يُخْتَمُ عَلَى عَمَلِهِ إِلاَّ المُرَابِطَ فِي سَبيلِ اللهِ، فَإنَّهُ يُنْمى لَهُ عَمَلهُ إِلَى يَوْمِ القِيَامَةِ، وَيُؤَمَّنُ فِتْنَةَ القَبْرِ». رواه أَبُو داود والترمذي، (1) وقال: «حديث حسن صحيح».   (1) أخرجه: أبو داود (2500)، والترمذي (1621). الحديث: 1292 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 363 1293 - وعن عثمان - رضي الله عنه - قَالَ: سَمِعْتُ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: «رِبَاطُ يَوْمٍ في سَبيلِ اللهِ، خَيْرٌ مِنْ ألْفِ يَوْمٍ فِيمَا سِوَاهُ مِنَ المَنَازِلِ». رواه الترمذي، (1) وقال: «حديث حسن صحيح».   (1) أخرجه: الترمذي (1667)، والنسائي 6/ 39 و40 وفي «الكبرى»، له (4377) و (4378) وقال الترمذي: «حديث حسن غريب». الحديث: 1293 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 363 1294 - وعن أَبي هريرة - رضي الله عنه - قَالَ: قَالَ رسول الله - صلى الله عليه وسلم: «تَضَمَّنَ الله لِمَنْ خَرَجَ في سَبيلِهِ، لا يُخْرِجُهُ إِلاَّ جِهَادٌ في سَبيلِي، وَإيمَانٌ بِي، وَتَصْدِيقٌ بِرُسُلِي، فَهُوَ عَلَيَّ ضَامِنٌ أَنْ أُدْخِلَهُ الجَنَّةَ، أَوْ أُرْجِعَهُ إِلَى مَنْزِلهِ الَّذِي خَرَجَ مِنْهُ بِمَا نَالَ مِنْ أجْرٍ، أَوْ غَنيمَةٍ. وَالَّذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ، مَا مِنْ كَلْمٍ يُكْلَمُ في سَبيلِ اللهِ، إِلاَّ جَاءَ يَوْمَ القِيَامَةِ كَهَيْئَتِهِ يَوْمَ كُلِم؛ لَوْنُهُ لَوْنُ دَمٍ، وَرِيحُهُ ريحُ مِسْكٍ. وَالَّذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ، لَوْلاَ أَنْ يَشُقَّ عَلَى المُسْلِمِينَ مَا قَعَدْتُ خِلاَفَ سَرِيَّةٍ تَغْزُو في سَبيلِ اللهِ أبدًا، وَلكِنْ لاَ أجِدُ سَعَةً فأحْمِلُهُمْ وَلاَ يَجِدُونَ سَعَةً، وَيَشُقُّ عَلَيْهِمْ أَنْ يَتَخَلَّفُوا عَنِّي. وَالَّذِي نَفْس مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ، لَوَدِدْتُ أَنْ أغْزُوَ في سَبيلِ اللهِ، فَأُقْتَلَ، ثُمَّ أغْزُوَ فَأُقْتَلَ، ثُمَّ أغْزُوَ فَأُقْتَلَ». رواه مسلم، وروى البخاري بعضه. (1) «الكَلْمُ»: الجَرْحُ.   (1) أخرجه: مسلم 6/ 33 (1876) (103)، ورواية البخاري 1/ 15 (36). الحديث: 1294 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 363 1295 - وعنه، قَالَ: قَالَ رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم: «مَا مِنْ مَكْلُومٍ يُكْلَم في سَبيِلِ الله إِلاَّ جَاءَ يَومَ القِيَامةِ، وَكَلْمُهُ يدْمِي: اللَّوْنُ لَوْنُ دَمٍ، وَالرِّيحُ ريحُ مِسكٍ». متفقٌ عَلَيْهِ. (1)   (1) أخرجه: البخاري 7/ 125 (5533)، ومسلم 6/ 34 (1876) (105). الحديث: 1295 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 363 1296 - وعن معاذٍ - رضي الله عنه - عن النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: «مَنْ قَاتَلَ في سَبِيلِ الله من رَجُلٍ مُسْلِمٍ فُوَاقَ نَاقَةٍ، وَجَبَتْ لَهُ الجَنَّةُ، وَمَنْ جُرِحَ جُرْحًا في سَبِيلِ اللهِ أَوْ نُكِبَ نَكْبَةً فَإنَّهَا تَجِيءُ يَوْمَ القِيَامَةِ كَأَغزَرِ مَا كَانَتْ: لَونُها الزَّعْفَرَانُ، وَريحُها كَالمِسْكِ». رواه أَبُو داود والترمذي، (1) وقال: «حديث حسن».   (1) أخرجه: أبو داود (2541)، والترمذي (1657) وقال: «حديث حسن صحيح». الحديث: 1296 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 364 1297 - وعن أَبي هريرة - رضي الله عنه - قَالَ: مَرَّ رَجُلٌ مِنْ أصْحَابِ رسولِ الله - صلى الله عليه وسلم - بِشِعبٍ فِيهِ عُيَيْنَةٌ مِنْ مَاءٍ عَذْبَة، فَأعْجَبَتْهُ، فَقَالَ: لَو اعْتَزَلْتُ النَّاسَ فَأقَمْتُ في هَذَا الشِّعْبِ، وَلَنْ أفْعَلَ حَتَّى أسْتَأْذِنَ رسولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - فذكَرَ ذَلِكَ لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ: «لاَ تَفعلْ؛ فَإنَّ مُقامَ أَحَدِكُمْ في سَبيلِ اللهِ أفْضَلُ مِنْ صَلاَتِهِ في بَيْتِهِ سَبْعِينَ عَامًا، أَلاَ تُحِبُّونَ أَنْ يَغْفِرَ الله لَكُمْ، وَيُدْخِلَكُمُ الجَنَّةَ؟ أُغْزُوا في سَبيلِ الله، من قَاتَلَ في سَبِيلِ اللهِ فُوَاقَ نَاقَةٍ وَجَبَتْ لَهُ الجَنَّةُ». رواه الترمذي، (1) وقال: «حديث حسن». وَ «الفُوَاقُ»: مَا بَيْنَ الحَلْبَتَيْنِ.   (1) أخرجه: الترمذي (1650). الحديث: 1297 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 364 1298 - وعنه، قَالَ: قيل: يَا رسولَ اللهِ، مَا يَعْدلُ الجهادَ في سَبِيلِ اللهِ؟ قَالَ: «لاَ تَسْتَطِيعُونَهُ» فَأعَادُوا عَلَيْهِ مَرَّتَيْنِ أَوْ ثَلاَثًا كُلُّ ذَلِكَ يَقُولُ: «لاَ تَسْتَطِيعُونَهُ»! ثُمَّ قَالَ: «مَثَلُ المُجَاهِدِ فِي سَبيلِ اللهِ كَمَثلِ الصَّائِمِ القَائِمِ القَانتِ بآياتِ الله لا يَفْتُرُ مِنْ صِيَامٍ، وَلاَ صَلاَةٍ، حَتَّى يَرْجِعَ المُجَاهِدُ في سَبِيلِ اللهِ». متفقٌ عَلَيْهِ، وهذا لفظ مسلمٍ. (1) وفي رواية البخاري: أنَّ رَجُلًا قَالَ: يَا رسول الله، دُلَّنِي عَلَى عَمَلٍ يَعْدِلُ الجِهَادَ؟ قَالَ: «لاَ أجِدُهُ» ثُمَّ قَالَ: «هَلْ تَسْتَطِيعُ إِذَا خَرَجَ المُجَاهِدُ أَنْ تَدْخُلَ مَسْجِدَكَ فَتقومَ وَلاَ تَفْتُرَ، وَتَصُومَ وَلاَ تُفْطِرَ»؟ فَقَالَ: وَمَنْ يَسْتَطِيعُ ذَلِكَ؟!.   (1) أخرجه: البخاري 4/ 18 (2785)، ومسلم 6/ 35 (1878) (110). الحديث: 1298 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 364 1299 - وعنه: أنَّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: «مِنْ خَيْرِ مَعَاشِ النَّاسِ لَهُمْ، رَجُلٌ مُمْسِكٌ عِنَانَ فَرَسِهِ في سَبِيلِ اللهِ، يَطِيرُ عَلَى مَتْنِهِ، كُلَّمَا سَمِعَ هَيْعَةً (1) أَوْ فَزْعَةً طَارَ عَلَيْهِ يَبْتَغِي [ص: 365] القَتْلَ وَالمَوْتَ مَظَانَّهُ أَوْ رَجُلٌ في غُنَيْمَةٍ في رَأسِ شَعَفَةٍ (2) مِنْ هَذَا الشَّعَفِ، أَوْ بَطْنِ وَادٍ مِن الأَوْدِيَةِ، يُقِيمُ الصَّلاَةَ، وَيُؤتي الزَّكَاةَ، وَيَعْبُدُ رَبَّهُ حَتَّى يَأتِيَهُ اليَقِينُ، لَيْسَ مِنَ النَّاسِ إِلاَّ في خَيْرٍ». رواه مسلم. (3)   (1) الهيعة: الصوت الذي تفزع منه وتخافه من عدو. النهاية 5/ 288. (2) شعفة كل شيء أعلاه، يريد به رأس جبل من الجبال. النهاية 2/ 481. (3) أخرجه: مسلم 6/ 39 (1889) (125). الحديث: 1299 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 364 1300 - وعنه: أنَّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: «إنَّ في الجنَّةِ مِائَةَ دَرَجَةٍ أعَدَّهَا اللهُ لِلْمُجَاهِدِينَ في سَبِيلِ اللهِ مَا بَيْنَ الدَّرَجَتَيْنِ كَمَا بَيْنَ السَّمَاءِ وَالأرْضِ». رواه البخاري. (1)   (1) أخرجه: البخاري 4/ 19 (2790). الحديث: 1300 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 365 1301 - وعن أَبي سعيد الخدري - رضي الله عنه: أنَّ رَسولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: «مَنْ رَضِيَ بِاللهِ رَبًّا، وَبِالإسْلاَمِ دينًا، وَبِمُحَمَّدٍ رَسُولًا، وَجَبَتْ لَهُ الجَنَّةُ»، فَعَجِبَ لَهَا أَبُو سَعيدٍ، فَقَالَ: أَعِدْهَا عَلَيَّ يَا رسولَ اللهِ، فَأَعَادَهَا عَلَيْهِ، ثُمَّ قَالَ: «وَأُخْرَى يَرْفَعُ اللهُ بِهَا العَبْدَ مِائَةَ دَرَجَةٍ في الجَنَّةِ، مَا بَيْنَ كُلِّ دَرَجَتَينِ كَمَا بَيْنَ السَّمَاءِ وَالأرْضِ» قَالَ: وَمَا هيَ يَا رسول الله؟ قَالَ: «الجِهَادُ في سَبِيلِ اللهِ، الجهَادُ في سَبيلِ اللهِ». رواه مسلم. (1)   (1) أخرجه: مسلم 6/ 37 (1884) (116). الحديث: 1301 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 365 1302 - وعن أَبي بكر بن أَبي موسى الأشعريِّ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبي - رضي الله عنه - وَهُوَ بَحَضْرَةِ العَدُوِّ، يقول: قَالَ رسول الله - صلى الله عليه وسلم: «إنَّ أبْوَابَ الجَنَّةِ تَحْتَ ظِلاَلِ السُّيُوفِ» فَقَامَ رَجُلٌ رَثُّ الهَيْئَةِ، فَقَالَ: يَا أَبَا مُوسَى أَأَنْتَ سَمِعْتَ رسولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - يقول هَذَا؟ قَالَ: نَعَمْ، فَرَجَعَ إِلَى أصْحَابِهِ، فَقَالَ: أقْرَأُ عَلَيْكُم السَّلاَمَ، ثُمَّ كَسَرَ جَفْنَ (1) سَيْفِهِ فَألْقَاهُ، ثُمَّ مَشَى بِسَيْفِهِ إِلَى العَدُوِّ فَضَربَ بِهِ حَتَّى قُتِلَ. رواه مسلم. (2)   (1) جفون السيوف: أغمادها، واحدها جفْن. النهاية 1/ 280. (2) أخرجه: مسلم 6/ 45 (1902) (146). الحديث: 1302 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 365 1303 - وعن أَبي عبسٍ عبد الرحمان بن جَبْرٍ - رضي الله عنه - قَالَ: قَالَ رسول الله - صلى الله عليه وسلم: «ما اغْبَرَّتْ قَدَمَا عَبْدٍ في سَبيلِ اللهِ فَتَمَسَّهُ النَّارُ». رواه البخاري. (1)   (1) أخرجه: البخاري 4/ 25 (2811). الحديث: 1303 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 365 1304 - وعن أَبي هريرة - رضي الله عنه - قَالَ: قَالَ رسول الله - صلى الله عليه وسلم: «لاَ يَلِجُ النَّارَ رَجُلٌ بَكَى مِنْ خَشْيةِ الله حَتَّى يَعُودَ اللَّبَنُ في الضَّرْعِ، وَلاَ يَجْتَمِعُ عَلَى عَبْدٍ غُبَارٌ في سَبيلِ اللهِ وَدُخَانُ جَهَنَّمَ». رواه الترمذي، (1) وقال: «حديث حسن صحيح».   (1) انظر الحديث (448). الحديث: 1304 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 365 1305 - وعن ابن عباس رضي الله عنهما، قَالَ: سَمِعْتُ رسولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - يقول: «عَيْنَانِ لاَ تَمسُّهُمَا النَّارُ: عَيْنٌ بَكَتْ مِنْ خَشْيَةِ اللهِ، وَعَيْنٌ بَاتَتْ تَحْرُسُ في سَبيلِ اللهِ». رواه الترمذي، (1) وقال: «حديث حسن».   (1) أخرجه: الترمذي (1639). الحديث: 1305 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 366 1306 - وعن زيد بن خالد - رضي الله عنه: أنَّ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: «مَنْ جَهَّزَ غَازيًا فِي سَبيلِ اللهِ فَقَدْ غَزَا، وَمَنْ خَلَفَ غَازيًا في أهْلِهِ بِخَيْرٍ فَقَدْ غَزَا». متفقٌ عَلَيْهِ. (1)   (1) انظر الحديث (177). الحديث: 1306 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 366 1307 - وعن أَبي أُمَامَة - رضي الله عنه - قَالَ: قَالَ رسول الله - صلى الله عليه وسلم: «أفْضَلُ الصَّدَقَاتِ ظِلُّ فُسْطَاطٍ في سَبِيلِ اللهِ وَمَنيحَةُ خَادِمٍ في سَبِيلِ اللهِ، أَوْ طَرُوقَةُ فَحلٍ في سَبِيلِ اللهِ». رواه الترمذي، (1) وقال: «حديث حسن صحيح».   (1) أخرجه: الترمذي (1627)، وقال: «حديث حسن صحيح غريب». الحديث: 1307 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 366 1308 - وعن أنس - رضي الله عنه: أن فَتَىً مِنْ أسْلَمَ، قَالَ: يَا رسولَ اللهِ، إنِّي أُرِيدُ الغَزْوَ وَلَيْسَ مَعِيَ مَا أَتَجهَّزُ بِهِ، قَالَ: «ائْتِ فُلانًا فَإنَّهُ قَدْ كَانَ تَجَهَّزَ فَمَرِضَ» فَأتَاهُ، فَقَالَ: إنَّ رسولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - يُقْرِئُكَ السَّلاَمَ، ويقول: أعْطِني الَّذِي تَجَهَّزْتَ بِهِ. قَالَ: يَا فُلاَنَةُ، أعْطِيهِ الَّذِي كُنْتُ تَجَهَّزْتُ بِهِ، وَلاَ تَحْبِسِي عَنْهُ شَيْئًا، فَوَاللهِ لاَ تَحْبِسِي مِنْهُ شَيْئًا فَيُبَارَكَ لَكِ فِيهِ. رواه مسلم. (1)   (1) انظر الحديث (176). الحديث: 1308 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 366 1309 - وعن أَبي سعيد الخدري - رضي الله عنه: أنَّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بَعَثَ إِلَى بَنِي لَحْيَانَ، فَقَالَ: «لِيَنْبَعِثْ مِنْ كُلِّ رَجُلَيْنِ أحَدُهُمَا، وَالأجْرُ بَيْنَهُمَا». رواه مسلم. (1) وفي روايةٍ لَهُ: «لِيَخْرُجَ مِنْ كُلِّ رَجُلَيْنِ رَجُلٌ» ثُمَّ قَالَ للقاعد: «أيُّكُمْ خَلَفَ الخَارِجَ في أهْلِهِ وَمَالِهِ بِخيْرٍ كَانَ لَهُ مِثْلُ نِصْفِ أجْرِ الخَارِجِ».   (1) أخرجه: مسلم 6/ 42 (1896) (137) و (138). الحديث: 1309 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 366 1310 - وعن البَراءِ - رضي الله عنه - قَالَ: أتَى النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - رَجُلٌ مُقَنَّعٌ بالحَدِيدِ، فَقَالَ: يَا رسولَ اللهِ، أُقَاتِلُ أَوْ أُسْلِمُ؟ قَالَ: «أَسْلِمْ، ثُمَّ قَاتِلْ». فَأسْلَمَ، ثُمَّ قَاتَلَ فَقُتِلَ. فَقَالَ رسولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم: «عَمِلَ قَلِيلًا وَأُجِرَ كَثِيرًا». متفقٌ عَلَيْهِ. وهذا لفظ البخاري. (1)   (1) أخرجه: البخاري 4/ 24 (2808)، ومسلم 6/ 43 (1900) (144). الحديث: 1310 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 366 1311 - وعن أنس - رضي الله عنه: أنَّ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: «مَا أَحَدٌ يَدْخُلُ الجَنَّةَ يُحِبُّ أَنْ يَرْجِعَ إِلَى الدُّنْيَا وَلَهُ مَا عَلَى الأرْضِ مِنْ شَيْءٍ إِلاَّ الشَّهِيدُ، يَتَمَنَّى أَنْ يَرْجِعَ إِلَى الدُّنْيَا، فَيُقْتَلَ عَشْرَ مَرَّاتٍ؛ لِمَا يَرَى مِنَ الكَرَامَةِ». وفي رواية: «لِمَا يَرَى مِنْ فَضْلِ الشَّهَادَةِ». متفقٌ عَلَيْهِ. (1)   (1) أخرجه: البخاري 4/ 26 (2817)، ومسلم 6/ 35 (1877) (108) و (109). الحديث: 1311 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 367 1312 - وعن عبدِ الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما: أنَّ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: «يَغْفِرُ اللهُ لِلْشَّهِيدِ كُلَّ شَيْءٍ إِلاَّ الدَّيْنَ». رواه مسلم. (1) وفي روايةٍ له: «القَتْلُ في سبيلِ اللهِ يُكَفِّرُ كُلَّ شيءٍ إلاَّ الدَّيْن».   (1) أخرجه: مسلم 6/ 38 (1886) (119) و (120). الحديث: 1312 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 367 1313 - وعن أَبي قتادة - رضي الله عنه: أنَّ رسولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - قَامَ فِيهِم فَذَكَرَ أنَّ الجِهَادَ في سَبيلِ اللهِ، وَالإيمَانَ بِاللهِ، أفْضَلُ الأعْمَالِ، فَقَامَ رَجُلٌ، فَقَالَ: يَا رسولَ اللهِ، أرأيْتَ إنْ قُتِلْتُ في سَبيلِ اللهِ، أتُكَفَّرُ عَنِّي خَطَايَايَ؟ فَقَالَ لهُ رسول الله - صلى الله عليه وسلم: «نَعَمْ، إنْ قُتِلْتَ في سَبيلِ الله وَأنْتَ صَابِرٌ مُحْتَسِبٌ، مُقْبِلٌ غَيْرُ مُدْبِرٍ»، ثُمَّ قَالَ رسول الله - صلى الله عليه وسلم: «كيْفَ قُلْتَ؟» قَالَ: أرَأيْتَ إنْ قُتِلْتُ في سَبيلِ اللهِ، أتُكَفَّرُ عَنِّي خَطَايَايَ؟ فَقَالَ رسول الله - صلى الله عليه وسلم: «نَعَمْ، وَأنْتَ صَابرٌ مُحْتَسِبٌ، مُقْبِلٌ غَيرُ مُدْبِرٍ، إِلاَّ الدَّيْنَ فَإنَّ جِبْريلَ - عليه السلام - قَالَ لِي ذَلِكَ». رواه مسلم. (1)   (1) انظر الحديث (217). الحديث: 1313 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 367 1314 - وعن جابر - رضي الله عنه - قَالَ: قَالَ رَجُلٌ: أيْنَ أنَا يَا رسول الله إنْ قُتِلْتُ؟ قَالَ: «في الجَنَّةِ» فَألْقَى تَمَرَاتٍ كُنَّ فِي يَدِهِ، ثُمَّ قَاتَلَ حَتَّى قُتِلَ. رواه مسلم. (1)   (1) انظر الحديث (89). الحديث: 1314 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 367 1315 - وعن أنس - رضي الله عنه - قَالَ: انْطَلَقَ رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - وَأصْحَابُهُ حَتَّى سَبَقُوا المُشْرِكِينَ إِلَى بَدْرٍ، وَجَاءَ المُشْرِكُونَ، فَقَالَ رَسولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم: «لاَ يَقْدمَنَّ أَحَدٌ مِنْكُمْ إِلَى شَيْءٍ حَتَّى أكُونَ أنَا دُونَهُ». فَدَنَا المُشْرِكُونَ، فَقَالَ رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم: «قُومُوا إِلَى جَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّماوَاتُ وَالأرْضُ» قَالَ: يَقُولُ عُمَيْرُ بن الحُمَامِ الأنْصَارِيُّ رضي الله عنه: [ص: 368] يَا رسولَ اللهِ، جَنَّةٌ عَرْضُهَا السَّماوَاتُ وَالأرْضُ؟ قَالَ: «نَعَمْ» قَالَ: بَخٍ بَخٍ (1)؟ فَقَالَ رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم: «مَا يَحْمِلُكَ عَلَى قَولِكَ بَخٍ بَخٍ؟» قَالَ: لاَ وَاللهِ يَا رَسُولَ اللهِ إِلاَّ رَجَاءَ أَنْ أَكُونَ مِنْ أهْلِهَا، قَالَ: «فَإنَّكَ مِنْ أهْلِهَا» فَأخْرَجَ تَمَرَاتٍ مِنْ قَرَنِهِ، فَجَعَلَ يَأكُلُ مِنْهُنَّ، ثُمَّ قَالَ: لَئِنْ أَنَا حَييتُ حَتَّى آكُلَ تَمَرَاتِي هذِهِ إنّهَا لَحَياةٌ طَوِيلَةٌ، فَرَمَى بِمَا كَانَ مَعَهُ مِنَ التَّمْرِ، ثُمَّ قَاتَلَهُمْ حَتَّى قُتِلَ. رواه مسلم (2). «القَرَن» بفتح القاف والراء: هُوَ جُعْبَةُ النشَّابِ.   (1) بخ بخ: هي كلمة تقال عند المدح والرضا بالشيء، وتكرر للمبالغة، ومعناها تعظيم الأمر وتفخيمه. النهاية 1/ 101. (2) أخرجه: مسلم 6/ 44 (1901) (145). الحديث: 1315 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 367 1316 - وعنه، قَالَ: جَاءَ نَاسٌ إِلَى النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم - أن ابْعَثْ مَعَنَا رِجَالًا يُعَلِّمُونَا القُرْآنَ وَالسُّنَّةَ، فَبَعَثَ إلَيْهِمْ سَبْعِينَ رَجُلًا مِنَ الأنْصَارِ يُقَالُ لَهُمْ: القُرّاءُ، فِيهِم خَالِي حَرَامٌ، يَقْرَؤُونَ القُرْآنَ، وَيَتَدَارَسُونَ بِاللَّيْلِ يَتَعَلَّمُونَ، وَكَانُوا بِالنَّهَارِ يَجِيئُونَ بِالمَاءِ، فَيَضَعُونَهُ في المَسْجِدِ، وَيَحْتَطِبُونَ فَيَبِيعُونَهُ، وَيَشْتَرُونَ بِهِ الطَّعَامَ لأَهْلِ الصُّفَّةِ، وَلِلفُقَرَاءِ، فَبَعَثَهُمُ النَّبيُّ - صلى الله عليه وسلم - فَعَرَضُوا لَهُمْ فَقَتَلُوهُمْ قَبْلَ أَنْ يَبْلغُوا المَكَانَ، فَقَالُوا: اللَّهُمَّ بَلِّغْ عَنَّا نَبِيَّنَا أنَّا قَدْ لَقِينَاكَ فَرضِينَا عَنْكَ وَرَضِيتَ عَنَّا، وَأتَى رَجُلٌ حَرامًا خَالَ أنَسٍ مِنْ خَلْفِهِ، فَطَعَنَهُ بِرُمْحٍ حَتَّى أنْفَذَه، فَقَالَ حَرَامٌ: فُزْتُ وَرَبِّ الكَعْبَةِ، فَقَالَ رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم: «إنَّ إخْوَانَكُمْ قَدْ قُتِلُوا وَإنَّهُمْ قَالُوا: اللَّهُمَّ بَلِّغْ عَنَّا نَبِيَّنَا أنَّا قَدْ لَقِينَاكَ فَرَضِينَا عَنْكَ وَرَضِيتَ عَنَّا». متفقٌ عَلَيْهِ، وهذا لفظ مسلم. (1)   (1) أخرجه: البخاري 5/ 134 (4090) و (4091)، ومسلم 2/ 135 (677) (297). الحديث: 1316 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 368 1317 - وعنه، قَالَ: غَابَ عَمِّي أنسُ بنُ النَّضْرِ - رضي الله عنه - عن قِتَالِ بَدْرٍ، فَقَالَ: يَا رسولَ اللهِ، غِبْتُ عَنْ أوَّلِ قِتَالٍ قَاتَلْتَ المُشْرِكِينَ، لَئِنِ اللهُ أشْهَدَنِي قِتَالَ المُشْرِكِينَ لَيَرَيَنَّ اللهُ مَا أصْنَعُ. فَلَمَّا كَانَ يَومُ أُحُدٍ انْكَشَفَ المُسْلِمُونَ فَقَالَ: اللَّهُمَّ إنِّي اعْتَذِرُ إلَيْكَ مِمَّا صَنَعَ هؤُلاءُ - يعني: أصْحَابَهُ - وَأبْرَأُ إلَيْكَ مِمَّا صَنَعَ هؤُلاءِ - يَعنِي: المُشْرِكِينَ - ثُمَّ تَقَدَّمَ فَاسْتَقْبَلَهُ سَعْدُ بنُ مُعَاذٍ فَقَالَ: يَا سَعَدَ بنَ مُعَاذٍ، الجَنَّةَ وَرَبِّ النَّضْرِ، إنِّي أجِدُ ريحَهَا مِنْ دُونِ أُحُدٍ! فَقَالَ سَعْدٌ: فَمَا اسْتَطَعْتُ يَا رسولَ اللهِ مَا صَنَعَ! قَالَ أنسٌ: [ص: 369] فَوَجدْنَا بِهِ بِضعًا وَثَمَانِينَ ضَربَةً بِالسَّيْفِ، أَوْ طَعْنَةً برُمح أَوْ رَمْيةً بِسَهْمٍ، وَوَجَدْنَاهُ قَدْ قُتِلَ وَمَثَّلَ بِهِ المُشْرِكُونَ، فَمَا عَرَفَهُ أحَدٌ إِلاَّ أُخْتُهُ بِبَنَانِهِ. قَالَ أنسٌ: كُنَّا نَرَى - أَوْ نَظُنُّ - أنَّ هذِهِ الآية نَزَلتْ فِيهِ وَفي أشْبَاهِهِ: {مِنَ المُؤمِنينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللهَ عَلَيْهِ فَمِنْهُمْ مَنْ قَضَى نَحْبَهُ} [الأحزاب: 23] إِلَى آخرها. متفقٌ عَلَيْهِ (1)، وَقَدْ سبق في باب المجاهدة.   (1) انظر الحديث (109). الحديث: 1317 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 368 1318 - وعن سَمُرَة - رضي الله عنه - قَالَ: قَالَ رسول الله - صلى الله عليه وسلم: «رَأيْتُ اللَّيْلَةَ رَجُلَيْنِ أتيَانِي، فَصَعِدَا بِي الشَّجرةَ فَأَدْخَلاَنِي دَارًا هِيَ أَحْسَنُ وَأَفضَلُ، لَمْ أَرَ قَطُّ أحْسَنَ مِنْهَا، قالا: أمَّا هذِهِ الدَّارُ فَدَارُ الشُّهَدَاءِ». رواه البخاري، (1) وَهُوَ بعض من حديث طويل فِيهِ أنواع من العلم سيأتي في باب تحريم الكذب إنْ شاء الله تَعَالَى.   (1) أخرجه: البخاري 4/ 20 (2791). الحديث: 1318 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 369 1319 - وعن أنس - رضي الله عنه: أنَّ أمَّ الرُّبيعِ بنتَ البَرَاءِ وهي أُمُّ حَارِثة بن سُرَاقَةَ، أتَتِ النبي - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَتْ: يَا رسولَ اللهِ، ألاَ تُحَدِّثُنِي عَنْ حَارِثَةَ - وَكَانَ قُتِلَ يَوْمَ بَدْرٍ - فَإنْ كَانَ في الجَنَّةِ صَبَرْتُ، وَإنْ كَانَ غَيْرَ ذَلِكَ اجْتَهَدْتُ عَلَيْهِ في البُكَاءِ، فَقَالَ: «يَا أُمَّ حَارِثَةَ إنَّهَا جِنَانٌ في الجَنَّةِ، وَإنَّ ابْنَكِ أصابَ الفِرْدَوْسَ الأَعْلَى». رواه البخاري. (1)   (1) أخرجه: البخاري 4/ 24 (2809). الحديث: 1319 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 369 1320 - وعن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما، قَالَ: جِيءَ بِأَبِي إِلَى النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم - قَدْ مُثِّلَ بِهِ، فَوُضِعَ بَيْنَ يَدَيْهِ؛ فَذَهَبْتُ أكْشِفُ عَنْ وَجْهِهِ فَنَهَانِي قَوْمِي، فَقَالَ النَّبيُّ - صلى الله عليه وسلم: «مَا زَالتِ المَلائِكَةُ تُظِلُّهُ بِأَجْنِحَتِهَا». متفقٌ عَلَيْهِ. (1)   (1) أخرجه: البخاري 4/ 26 (2816)، ومسلم 7/ 151 (2471) (129). الحديث: 1320 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 369 1321 - وعن سهل بن حنيف - رضي الله عنه: أنَّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: «مَنْ سَألَ اللهَ تَعَالَى الشَّهَادَةَ بِصِدْقٍ بَلَّغَهُ اللهُ مَنَازِلَ الشُّهَدَاءِ، وَإنْ مَاتَ عَلَى فِرَاشِهِ». رواه مسلم. (1)   (1) أخرجه: مسلم 6/ 48 (1909) (157). الحديث: 1321 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 369 1322 - وعن أنس - رضي الله عنه - قَالَ: قَالَ رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم: «مَنْ طَلَبَ الشَّهَادَةَ صَادِقًا أُعْطِيَهَا ولو لَمْ تُصِبْهُ». رواه مسلم (1).   (1) أخرجه: مسلم 6/ 48 (1908) (156). الحديث: 1322 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 369 1323 - وعن أَبي هريرة - رضي الله عنه - قَالَ: قَالَ رسول الله - صلى الله عليه وسلم: «مَا يَجِدُ الشَّهِيدُ مِنْ مَسِّ القَتْلِ إِلاَّ كَمَا يَجِدُ أَحَدُكُمْ مِنْ مَسِّ القَرْصَةِ». رواه الترمذي، (1) وقال: «حديث حسن صحيح».   (1) أخرجه: الترمذي (1668)، وقال: «حديث حسن صحيح غريب». الحديث: 1323 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 369 1324 - وعن عبد الله بن أَبي أوْفَى رضي الله عنهما: أنَّ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - في بَعْضِ أيَّامِهِ الَّتي لَقِيَ فِيهَا العَدُوَّ انْتَظَرَ حَتَّى مَالَتِ الشَّمْسُ، ثُمَّ قَامَ في النَّاسِ فَقَالَ: «أَيُّهَا النَّاسُ، لا تَتَمَنَّوا لِقَاءَ العَدُوِّ، وَاسْأَلُوا اللهَ العَافِيَةَ، فَإذَا لَقِيتُموهُمْ فَاصْبِروا؛ وَاعْلَمُوا أنَّ الجَنَّةَ تَحْتَ ظِلاَلِ السُّيُوفِ» ثُمَّ قَالَ: «اللَّهُمَّ مُنْزِلَ الكِتَابِ، وَمُجْرِيَ السَّحَابِ، وَهَازِمَ الأحْزَابِ، أهْزِمْهُمْ وَانْصُرْنَا عَلَيْهِمْ». متفقٌ عَلَيْهِ. (1)   (1) أخرجه: البخاري 4/ 22 (2965) و (2966)، ومسلم 5/ 143 (1742) (20). الحديث: 1324 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 370 1325 - وعن سهل بن سعد - رضي الله عنه - قَالَ: قَالَ رسول الله - صلى الله عليه وسلم: «ثِنْتَانِ لاَ تُرَدَّانِ، أَوْ قَلَّمَا تُرَدَّانِ: الدُّعَاءُ عِنْدَ النِّدَاءِ وَعِنْدَ البَأسِ حِيْنَ يُلْحِمُ بَعْضُهُم بَعضًا». رواه أَبُو داود بإسناد صحيح. (1)   (1) أخرجه: أبو داود (2540). الحديث: 1325 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 370 1326 - وعن أنس - رضي الله عنه - قَالَ: كَانَ رسولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - إِذَا غَزَا، قَالَ: «اللَّهُمَّ أنْتَ عَضْديِ وَنَصِيرِي، بِكَ أَحُولُ، وَبِكَ أَصُولُ، وَبِكَ أُقَاتِلُ». رواه أَبُو داود والترمذي، (1) وقال: «حديث حسن».   (1) أخرجه: أبو داود (2632)، والترمذي (3584)، وقال: «حديث حسن غريب». الحديث: 1326 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 370 1327 - وعن أَبي موسى - رضي الله عنه: أنَّ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - كَانَ إِذَا خَافَ قَومًا، قَالَ: «اللَّهُمَّ إنَّا نَجْعَلُكَ في نُحُورِهِمْ، وَنَعُوذُ بِكَ مِنْ شُرُورِهمْ». رواه أَبُو داود بإسناد صحيح. (1)   (1) انظر الحديث (981). الحديث: 1327 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 370 1328 - وعن ابن عمر رضي الله عنهما: أنَّ رسولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: «الخَيْلُ مَعقُودٌ في نَوَاصِيهَا الخَيْرُ إِلَى يَومِ القِيَامَةِ». متفقٌ عَلَيْهِ. (1)   (1) أخرجه: البخاري 4/ 252 (3644)، ومسلم 6/ 31 (1871) (96). الحديث: 1328 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 370 1329 - وعن عروة البارِقِيِّ - رضي الله عنه: أنَّ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: «الخَيْلُ مَعقُودٌ في نَوَاصِيهَا الخَيْرُ إِلَى يَومِ القِيَامَةِ: الأجْرُ، وَالمَغْنَمُ». متفقٌ عَلَيْهِ. (1)   (1) أخرجه: البخاري 4/ 34 (2852)، ومسلم 6/ 32 (1873) (98). الحديث: 1329 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 370 1330 - وعن أَبي هريرة - رضي الله عنه - قَالَ: قَالَ رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم: «مَنْ احْتَبَسَ فَرَسًا فِي سَبِيلِ اللهِ، إيمَانًا بِاللهِ، وَتَصْدِيقًا بِوَعْدِهِ، فَإنَّ شِبَعَهُ، وَرَيَّهُ ورَوْثَهُ، وَبَوْلَهُ في مِيزَانِهِ يَوْمَ القِيَامَةِ». رواه البخاري. (1)   (1) أخرجه: البخاري 4/ 34 (2853). الحديث: 1330 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 370 1331 - وعن أَبي مسعود - رضي الله عنه - قَالَ: جَاءَ رَجُلٌ إِلَى النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - بِنَاقةٍ مَخْطُومَةٍ، فَقَالَ: هذِهِ في سَبيلِ اللهِ، فَقَالَ رسول الله - صلى الله عليه وسلم: «لَكَ بِهَا يَوْمَ القِيَامَةِ سَبْعُمائَةِ نَاقَةٍ كُلُّهَا مَخْطُومَةٌ». رواه مسلم. (1)   (1) أخرجه: مسلم 6/ 41 (1892) (132). الحديث: 1331 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 371 1332 - وعن أَبي حمادٍ - ويقال: أَبُو سعاد، ويقال: أَبُو أسدٍ، ويقال: أَبُو عامِر، ويقال: أَبُو عمرو، ويقال: أَبُو الأسود، ويقال: أَبُو عبسٍ - عُقبة بن عامِر الجُهَنيِّ - رضي الله عنه - قَالَ: سَمِعْتُ رسولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - وَهُوَ عَلَى المِنْبَرِ، يقول: «{وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ} [الأنفال: 60]، أَلاَ إنَّ القُوَّةَ الرَّميُ، أَلاَ إنَّ القُوَّةَ الرَّمْيُ، أَلاَ إنَّ القُوَّةَ الرَّمْيُ». رواه مسلم. (1)   (1) أخرجه: مسلم 6/ 52 (1917) (167). الحديث: 1332 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 371 1333 - وعنه، قَالَ: سَمِعْتُ رسولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - يقول: «سَتُفْتَحُ عَلَيْكُمْ أَرْضُونَ، وَيَكْفِيكُمُ اللهُ، فَلاَ يَعْجِز أَحَدُكُمْ أَنْ يَلْهُوَ بِأَسْهُمِهِ». رواه مسلم. (1)   (1) أخرجه: مسلم 6/ 52 (1918) (168). الحديث: 1333 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 371 1334 - وعنه: أنَّه قَالَ: قَالَ رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم: «مَنْ عُلِّمَ الرَّمْيَ، ثُمَّ تَرَكَهُ، فَلَيْسَ مِنَّا، أَوْ فَقَدْ عَصَى». رواه مسلم. (1)   (1) أخرجه: مسلم 6/ 52 (1919) (169). الحديث: 1334 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 371 1335 - وعنه - رضي الله عنه - قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - يقول: «إنَّ اللهَ يُدْخِلُ بِالسَّهْمِ الوَاحِدِ ثَلاَثَةَ نَفَرٍ الجَنَّةَ: صَانِعَهُ يَحْتَسِبُ في صَنْعَتِهِ الخَيْرَ، وَالرَّامِي بِهِ، ومُنْبِلَهُ. وَارْمُوا وَارْكَبُوا، وَأَنْ تَرْمُوا أَحَبُّ إلَيَّ مِنْ أَنْ تَرْكَبُوا. وَمَنْ تَرَكَ الرَّمْيَ بَعْدَ مَا عُلِّمَهُ رَغْبَةً عَنْهُ فَإنَّهَا نِعْمَةٌ تَرَكَهَا» أَوْ قَالَ: «كَفَرَهَا». رواه أَبُو داود. (1)   (1) أخرجه: أبو داود (2513)،والنسائي 6/ 28 و222 وفي «الكبرى»، له (4354) و (4420). الحديث: 1335 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 371 1336 - وعن سَلَمة بن الأكَوعِ - رضي الله عنه - قَالَ: مَرَّ النَّبيُّ - صلى الله عليه وسلم - عَلَى نَفَرٍ يَنْتَضِلُونَ (1)، فَقَالَ: «ارْمُوا بَنِي إسمَاعِيلَ، فَإنَّ أَبَاكُمْ كَانَ رَامِيًا». رواه البخاري. (2)   (1) ينتضلون: يرتمون بالسهام. النهاية 5/ 72. (2) أخرجه: البخاري 4/ 45 (2899). الحديث: 1336 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 371 1337 - وعن عمرو بن عبسة - رضي الله عنه - قَالَ: سَمِعْتُ رسولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - يقول: «مَنْ رَمَى بِسَهْمٍ في سَبيلِ اللهِ فَهُوَ لَهُ عِدْلُ مُحَرَّرَةٍ (1)». رواه أَبُو داود والترمذي، (2) وقال: «حديث حسن صحيح».   (1) أي: أجر معتق، المحرر: الذي جعل من العبيد حرًا فأعتق. النهاية 1/ 362. (2) أخرجه: أبو داود (3965)، والترمذي (1638)، والنسائي 6/ 26 وفي «الكبرى»، له (4315). الحديث: 1337 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 372 1338 - وعن أَبي يحيى خُرَيْم بن فاتِكٍ - رضي الله عنه - قَالَ: قَالَ رسول الله - صلى الله عليه وسلم: «مَنْ أَنْفَقَ نَفَقَةً فِي سَبيلِ اللهِ كُتِبَ لَهُ سَبْعُمِائَةِ ضِعْفٍ». رواه الترمذي، (1) وقال: «حديث حسن».   (1) أخرجه: الترمذي (1625)، والنسائي 6/ 49 وفي «الكبرى»، له (4395) و (11027). الحديث: 1338 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 372 1339 - وعن أَبي سعيد - رضي الله عنه - قَالَ: قَالَ رسول الله - صلى الله عليه وسلم: «مَا مِنْ عَبْدٍ يَصُومُ يَوْمًا فِي سَبيلِ اللهِ إِلاَّ بَاعَدَ اللهُ بِذلِكَ اليَوْمِ وَجهَهُ عَنِ النَّارِ سَبْعِينَ خَرْيفًا». متفقٌ عَلَيْهِ. (1)   (1) انظر الحديث (1218). الحديث: 1339 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 372 1340 - وعن أَبي أُمَامَة - رضي الله عنه - عن النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: «مَنْ صَامَ يَوْمًا في سَبيلِ اللهِ جَعَلَ اللهُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ النَّارِ خَنْدَقًا كما بَيْنَ السَّمَاءِ والأَرْضِ». رواه الترمذي، (1) وقال: «حديث حسن صحيح».   (1) أخرجه: الترمذي (1624)، وقال: «حديث غريب». الحديث: 1340 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 372 1341 - وعن أَبي هريرة - رضي الله عنه - قَالَ: قَالَ رسول الله - صلى الله عليه وسلم: «مَنْ مَاتَ وَلَمْ يَغْزُ، وَلَمْ يُحَدِّثْ نَفْسَهُ بالغَزْوِ، مَاتَ عَلَى شُعْبَةٍ مِنَ النِّفَاقِ». رواه مسلم. (1)   (1) أخرجه: مسلم 6/ 49 (1910) (158). الحديث: 1341 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 372 1342 - وعن جابر - رضي الله عنه - قَالَ: كنا مَعَ النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - في غَزاةٍ فقالَ: «إنَّ بِالمَدِينَةِ لَرِجَالًا مَا سِرْتُمْ مَسِيرًا، وَلاَ قَطَعْتُمْ وَادِيًا إِلاَّ كَانُوا مَعَكُمْ، حَبَسَهُمُ المَرَضُ». وفي رواية: «حَبَسَهُمُ العُذْرُ». وفي رواية: «إِلاَّ شَرَكُوكُمْ في الأجْرِ». رواه البخاري من رواية أنس، ورواه مسلم من رواية جابر واللفظ لَهُ. (1)   (1) انظر الحديث (4). الحديث: 1342 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 372 1343 - وعن أَبي موسى - رضي الله عنه: أنَّ أعرابيًا أتى النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ: يَا رسولَ اللهِ، الرَّجُلُ يُقَاتِلُ لِلْمَغْنَمِ، وَالرَّجُلُ يُقَاتِلُ لِيُذْكَرَ، وَالرَّجُلُ يُقَاتِلُ ليُرَى مَكَانُهُ؟ وفي رواية: يُقَاتِلُ شَجَاعَةً، وَيُقَاتِلُ حَمِيَّةً (1). وفي رواية: يُقَاتِلُ غَضَبًا، فَمَنْ في سبيل الله؟ فقالَ رسولُ اللهِ: «مَنْ قَاتَلَ لِتَكُونَ كَلِمَةُ اللهِ هِيَ العُلْيَا، فَهُوَ في سَبيلِ اللهِ». متفقٌ عَلَيْهِ. (2)   (1) الحمية: الأنفة والغيرة. النهاية 1/ 447. (2) انظر الحديث (8). الحديث: 1343 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 373 1344 - وعن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما، قَالَ: قَالَ رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم: «مَا مِنْ غَازِيَةٍ، أَوْ سَرِيّةٍ تَغْزُو، فَتَغْنَمُ وَتَسْلَمُ، إِلاَّ كَانُوا قَدْ تَعَجَّلُوا ثُلُثَيْ أُجُورهُمْ، وَمَا مِنْ غَازِيَةٍ أَوْ سَرِيّةٍ تُخْفِقُ وَتُصَابُ إِلاَّ تَمَّ لَهُمْ أجُورهُمْ». رواه مسلم. (1)   (1) أخرجه: مسلم 6/ 48 (1906) (154). الحديث: 1344 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 373 1345 - وعن أَبي أُمَامَة - رضي الله عنه: أنَّ رجلًا، قَالَ: يَا رسولَ اللهِ، ائْذَنْ لي فِي السِّيَاحَةِ! فَقَالَ النبيُّ - صلى الله عليه وسلم: «إنَّ سِيَاحَةَ أُمَّتِي الجِهَادُ فِي سَبيلِ اللهِ - عز وجل». رواه أَبُو داود بإسنادٍ جيدٍ. (1)   (1) أخرجه: أبو داود (2486). الحديث: 1345 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 373 1346 - وعن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما، عن النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: «قَفْلَةٌ كَغَزْوَةٍ». رواه أَبُو داود بإسنادٍ جيدٍ. (1) «القَفْلَةُ»: الرُّجُوعُ، وَالمراد: الرُّجُوعُ مِنَ الغَزْوِ بَعدَ فَرَاغِهِ؛ ومعناه: أنه يُثَابُ في رُجُوعِهِ بعد فَرَاغِهِ مِنَ الغَزْوِ (2).   (1) أخرجه: أبو داود (2487). (2) انظر: معالم السنن للخطابي 2/ 205. الحديث: 1346 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 373 1347 - وعن السائب بن يزيد - رضي الله عنه - قَالَ: لَمَّا قَدِمَ النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - مِنْ غَزْوَةِ تَبُوك تَلَقَّاهُ النَّاسُ، فَتَلَقّيتُهُ مَعَ الصِّبْيَانِ عَلَى ثَنيَّةِ (1) الوَدَاعِ. رواه أَبُو داود بإسنادٍ صحيح بهذا اللفظ. (2) ورواه البخاري قَالَ: ذَهَبنا نَتَلَقَّى رسولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - مَعَ الصِّبْيَانِ إِلَى ثَنِيَّةِ الوَدَاعِ.   (1) وهو اسم موضع ثنية مشرفة على المدينة يطؤها من يريد مكة. مراصد الاطلاع 1/ 301. (2) أخرجه: البخاري 4/ 93 (2083)، وأبو داود (2779). الحديث: 1347 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 373 1348 - وعن أَبي أُمَامَة - رضي الله عنه - عن النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: «مَنْ لَمْ يَغْزُ، أَوْ يُجَهِّزْ غَازِيًا، أَوْ يَخْلُفْ غَازيًا في أهْلِهِ بِخَيرٍ، أصَابَهُ اللهُ بِقَارعَةٍ (1) قَبْلَ يَوْمِ القِيَامَةِ». رواه أَبُو داود بإسناد صحيح. (2)   (1) قال ابن قيم الجوزية: «بقارعة: أي بداهية مهلكة» عون المعبود 7/ 182. (2) أخرجه: أبو داود (2503). الحديث: 1348 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 374 1349 - وعن أنس - رضي الله عنه: أنَّ النَّبيَّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: «جَاهِدُوا المُشْرِكِينَ بِأَمْوَالِكُمْ وَأنْفُسِكُمْ وَألْسِنَتِكُمْ». رواه أَبُو داود بإسنادٍ صحيح. (1)   (1) أخرجه: أبو داود (2504)، والنسائي 6/ 7 وفي «الكبرى»، له (4304). الحديث: 1349 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 374 1350 - وعن أَبي عمرو - ويقالُ: أَبُو حكيمٍ - النُّعْمَانِ بن مُقَرِّن - رضي الله عنه - قَالَ: شَهِدْتُ رسولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - إِذَا لَمْ يُقَاتِلْ مِن أوَّلِ النَّهَارِ أَخَّرَ القِتَالَ حَتَّى تَزُولَ الشَّمْسُ، وَتَهُبَّ الرِّيَاحُ، وَيَنْزِلَ النَّصْرُ. رواه أَبُو داود والترمذي، (1) وقال: «حديث حسن صحيح».   (1) أخرجه: أبو داود (2655)، والترمذي (1613)، والنسائي في «الكبرى» (8637). الحديث: 1350 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 374 1351 - وعن أَبي هريرة - رضي الله عنه - قَالَ: قَالَ رسول الله - صلى الله عليه وسلم: «لاَ تَتَمَنَّوْا لِقَاءَ العَدُوِّ، وَاسْأَلُوا اللهَ العَافِيَةَ، فَإذَا لَقِيتُمُوهُمْ فَاصْبِرُوا». متفقٌ عَلَيْهِ. (1)   (1) أخرجه: البخاري 4/ 77 (3026)، ومسلم 5/ 143 (1741) (19). الحديث: 1351 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 374 1352 - وعنه وعن جابرٍ رضي الله عنهما: أنَّ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: «الحَرْبُ خَدْعَةٌ». متفقٌ عَلَيْهِ. (1)   (1) أخرجه: البخاري 4/ 77 (3029) و (3030)، ومسلم 5/ 143 (1739) (17). قال الخطابي في «معالم السنن» 2/ 233: «قوله: «الحرب خدعة» معناه إباحة الخداع في الحرب وإن كان محظورًا في غيرها من الأمور، وهذا الحرف يروى على ثلاثة أوجه: خَدْعة بفتح الخاء وسكون الدال، وخُدْعة بضم الخاء وسكون الدال، وخُدَعة الخاء مضمومة والدال منصوبة (أي مفتوحة)، وأصوبها خَدْعة بفتح الخاء». الحديث: 1352 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 374 235 - باب بيان جماعة من الشهداء في ثواب الآخرة يغسلون ويصلى عليهم بخلاف القتيل في حرب الكفار 1353 - وعن أَبي هريرة - رضي الله عنه - قَالَ: قَالَ رسول الله - صلى الله عليه وسلم: «الشُّهَدَاءُ خَمْسَةٌ: المَطْعُونُ وَالمَبْطُونُ، وَالغَرِيقُ، وَصَاحِبُ الهَدْمِ، وَالشَّهِيدُ في سَبِيلِ اللهِ (1)». متفقٌ عَلَيْهِ. (2)   (1) قال النووي في شرح صحيح مسلم 7/ 56 - 57: «المطعون هو الذي يموت في الطاعون، والمبطون هو صاحب داء البطن، وصاحب الهدم من يموت تحته (أي تحت الهدم والأنقاض)، ومن مات في سبيل الله معناه بأي صفة مات، قال العلماء: وإنما كانت هذه الموتات شهادة بتفضل الله تعالى بسبب شدتها وكثرة ألمها، قال العلماء: المراد بشهادة هؤلاء كلهم غير المقتول في سبيل الله أنَّهم يكون لهم في الآخرة ثواب الشهداء وأما في الدنيا فيغسلون ويصلى عليهم، وأنَّ الشهداء ثلاثة أقسام: شهيد في الدنيا والآخرة، وهو المقتول في حرب الكفار، وشهيد الآخرة دون أحكام الدنيا وهم هؤلاء المذكورون هنا، وشهيد الدنيا دون الآخرة، وهو من غل في الغنيمة أو قتل مدبرًا». (2) أخرجه: البخاري 1/ 167 (653)، ومسلم 6/ 51 (1914) (164). الحديث: 1353 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 374 1354 - وعنه قَالَ: قَالَ رسول الله - صلى الله عليه وسلم: «مَا تَعُدُّونَ الشُّهَدَاءَ فِيكُمْ؟» قالوا: يَا رَسولَ اللهِ، مَنْ قُتِلَ في سَبيلِ اللهِ فَهُوَ شَهِيدٌ. قَالَ: «إنَّ شُهَدَاءَ أُمَّتِي إِذًا لَقَليلٌ»! قالوا: فَمَنْ هُمْ يَا رسول الله؟ قَالَ: «مَنْ قُتِلَ في سَبيلِ الله فَهُوَ شَهِيدٌ، وَمَنْ مَاتَ في سَبيلِ الله فَهُوَ شَهِيدٌ، وَمَنْ مَاتَ في الطَّاعُونِ فَهُوَ شَهِيدٌ، وَمَنْ مَاتَ في البَطْنِ فَهُوَ شَهِيدٌ، وَالغَرِيقُ شَهِيدٌ». رواه مسلم. (1)   (1) أخرجه: مسلم 6/ 51 (1915) (165). الحديث: 1354 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 375 1355 - وعن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما، قَالَ: قَالَ رسول الله - صلى الله عليه وسلم: «مَنْ قُتِلَ دُونَ مَالِهِ فَهُوَ شَهِيدٌ». متفقٌ عَلَيْهِ. (1)   (1) أخرجه: البخاري 3/ 179 (2480)، ومسلم 1/ 87 (141) (226). الحديث: 1355 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 375 1356 - وعن أَبي الأعْوَر سعيد بن زيد بن عَمْرو بن نُفَيْل، أحَدِ العَشَرَةِ المَشْهُودِ لَهُمْ بِالجَنَّةِ - رضي الله عنهم - قَالَ: سَمِعْتُ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: «مَنْ قُتِلَ دُونَ مَالِهِ فَهُوَ شَهيدٌ، وَمَنْ قُتِلَ دُونَ دَمِهِ فَهُوَ شَهِيدٌ، وَمَنْ قتِلَ دُونَ دِينهِ فَهُوَ شَهِيدٌ، وَمَنْ قُتِلَ دُونَ أهْلِهِ فَهُوَ شَهِيدٌ». رواه أَبُو داود والترمذي، (1) وقال: «حديث حسن صحيح».   (1) أخرجه: أبو داود (4772)، والترمذي (1421). الحديث: 1356 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 375 1357 - وعن أَبي هريرة - رضي الله عنه - قَالَ: جَاءَ رَجُلٌ إِلَى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ: يَا رسولَ اللهِ، أَرَأَيتَ إنْ جَاءَ رجلٌ يُرِيدُ أخْذَ مَالِي؟ قَالَ: «فَلاَ تُعْطِهِ مَالَكَ» قَالَ: أَرَأَيْتَ إنْ قَاتَلَنِي؟ قَالَ: «قَاتِلْهُ» قَالَ: أرَأَيْتَ إنْ قَتَلَنِي؟ قَالَ: «فَأنْتَ شَهِيدٌ» قَالَ: أَرَأيْتَ إنْ قَتَلْتُهُ؟ قَالَ: «هُوَ فِي النَّارِ». رواه مسلم. (1)   (1) أخرجه: مسلم 1/ 87 (140) (225). الحديث: 1357 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 375 236 - باب فضل العتق قَالَ الله تَعَالَى: {فَلاَ اقْتَحَمَ العَقَبَةَ وَمَا أَدْرَاكَ مَا العَقَبَةُ فَكُّ رَقَبَةٍ} [البلد: 11 - 13]. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 376 1358 - وعن أَبي هريرة - رضي الله عنه - قَالَ: قَالَ لي رسول الله - صلى الله عليه وسلم: «مَنْ أَعْتَقَ رَقَبَةً مُسْلِمَةً أَعْتَقَ اللهُ بِكُلِّ عُضْوٍ مِنْهُ، عُضْوًا مِنْهُ في النَّارِ، حَتَّى فَرْجَهُ بِفَرْجِهِ». متفقٌ عَلَيْهِ. (1)   (1) أخرجه: البخاري 8/ 181 (6715)، ومسلم 4/ 217 (1509) (22) و (23). الحديث: 1358 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 376 1359 - وعن أَبي ذرٍ - رضي الله عنه - قَالَ: قُلْتُ: يَا رسول الله، أيُّ الأعمَالِ أفْضَلُ؟ قَالَ: «الإيمَانُ بِاللهِ، وَالجِهَادُ في سَبيلِ اللهِ» قَالَ: قُلْتُ: أيُّ الرِّقَابِ أفْضَلُ؟ قَالَ: «أنْفَسُهَا عِنْدَ أَهْلِهَا، وَأَكْثَرُهَا ثَمَنًا». متفقٌ عَلَيْهِ. (1)   (1) انظر الحديث (117). الحديث: 1359 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 376 237 - باب فضل الإحسان إِلَى المملوك قَالَ الله تَعَالَى: {وَاعْبُدُوا اللهَ وَلاَ تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا وَبِالوَالِدَيْنِ إحْسَانًا وَبِذِي القُرْبَى وَاليَتَامَى وَالمَسَاكِينِ وَالجَارِ ذِي القُرْبَى وَالجَارِ الجُنُبِ وَالصَّاحِبِ بِالجَنْبِ وَابْنِ السَّبِيلِ وَمَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ} [النساء: 36]. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 376 1360 - وعنِ المَعْرُورِ بن سُوَيْدٍ، قَالَ: رَأيْتُ أَبَا ذَرٍ - رضي الله عنه - وَعَلَيهِ حُلَّةٌ وَعَلَى غُلاَمِهِ مِثْلُهَا، فَسَأَلْتُهُ عَنْ ذَلِكَ، فَذَكَرَ أنَّهُ قَدْ سَابَّ رَجُلًا عَلَى عَهْدِ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فَعَيَّرَهُ بِأُمِّهِ، فَقَالَ النبيُّ - صلى الله عليه وسلم: «إنَّكَ امْرُؤٌ فِيكَ جَاهِليَّةٌ هُمْ إخْوَانُكُمْ وَخَوَلُكُمْ جَعَلَهُمُ الله تَحْتَ أيديكُمْ، فَمَنْ كَانَ أَخُوهُ تَحْتَ يَدِهِ، فَلْيُطْعِمْهُ مِمَّا يَأكُلُ، وَلْيُلْبِسْهُ مِمَّا يَلْبَسُ، وَلاَ تُكَلِّفُوهُمْ مَا يَغْلِبُهُمْ، فَإنْ كَلَّفْتُمُوهُمْ فَأَعِينُوهُمْ». متفقٌ عَلَيْهِ. (1)   (1) أخرجه: البخاري 1/ 14 (30)، ومسلم 5/ 92 (1661) (38) و (40). الحديث: 1360 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 376 1361 - وعن أَبي هريرة - رضي الله عنه - عن النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: «إِذَا أَتَى أحَدَكُمْ خَادِمُهُ بِطَعَامِهِ، فَإنْ لَمْ يُجْلِسْهُ مَعَهُ، فَلْيُنَاوِلْهُ لُقْمَةً أَوْ لُقْمَتَيْنِ أَوْ أُكْلَةً أَوْ أُكْلَتَيْنِ؛ فَإنَّهُ وَلِيَ عِلاَجَهُ (1)». رواه البخاري. (2) [ص: 377] «الأُكْلَةُ» بضم الهمزة: وَهِيَ اللُّقْمَةُ.   (1) قال النووي في شرح صحيح مسلم 6/ 120: «في هذا الحديث الحث على مكارم الأخلاق، والمواساة في الطعام، لا سيما في حق من صنعه أو حمله؛ لأنه ولي حره ودخانه، وتعلقت به نفسه، وشم رائحته، وهذا كله محمول على الاستحباب». (2) أخرجه: البخاري 3/ 197 (2557)، ومسلم 5/ 94 (1663) (42). الحديث: 1361 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 376 238 - باب فضل المملوك الَّذِي يؤدي حق الله وحق مواليه 1362 - عن ابن عمر رضي الله عنهما: أنَّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: «إنَّ العَبْدَ إِذَا نَصَحَ لِسَيِّدِهِ، وَأَحْسَنَ عِبَادَةَ اللهِ، فَلَهُ أَجْرُهُ مَرَّتَيْنِ». متفقٌ عَلَيْهِ. (1)   (1) أخرجه: البخاري 3/ 195 (2546)، ومسلم 5/ 94 (1664) (43). الحديث: 1362 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 377 1363 - وعن أَبي هريرة - رضي الله عنه - قَالَ: قَالَ رسول الله - صلى الله عليه وسلم: «لِلْعَبْدِ المَمْلُوكِ المُصْلِحِ أجْرَانِ»، وَالَّذِي نَفْسُ أَبي هُرَيْرَةَ بِيَدِهِ لَوْلاَ الجِهَادُ في سَبيلِ اللهِ وَالحَجُّ، وَبِرُّ أُمِّي، لأَحْبَبْتُ أَنْ أَمُوتَ وَأنَا مَمْلُوكٌ. متفقٌ عَلَيْهِ. (1)   (1) أخرجه: البخاري 3/ 195 (2548)، ومسلم 5/ 94 (1665) (44). الحديث: 1363 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 377 1364 - عن أَبي موسى الأشعري - رضي الله عنه - قَالَ: قَالَ رسول الله - صلى الله عليه وسلم: «المَمْلُوكُ الَّذِي يُحْسِنُ عِبَادَةَ رَبِّهِ، وَيُؤَدِّي إِلَى سَيِّدِهِ الَّذِي عَلَيْهِ مِنَ الحَقِّ، وَالنَّصِيحَةِ، وَالطَّاعَةِ، لهُ أجْرَانِ». رواه البخاري. (1)   (1) أخرجه: البخاري 3/ 196 (2551). الحديث: 1364 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 377 1365 - وعنه، قَالَ: قَالَ رسولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم: «ثَلاثَةٌ لَهُمْ أجْرَانِ: رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ الكِتَابِ آمَنَ بِنَبِيِّهِ، وَآمَنَ بِمُحَمَّدٍ، وَالعَبْدُ المَمْلُوكُ إِذَا أدَّى حَقَّ الله، وَحَقَّ مَوَالِيهِ، وَرَجُلٌ كَانَتْ لَهُ أَمَةٌ فَأدَّبَهَا فَأَحْسَنَ تَأدِيبَهَا، وَعَلَّمَهَا فَأَحْسَنَ تَعْلِيمَهَا، ثُمَّ أَعْتَقَهَا فَتَزَوَّجَهَا؛ فَلَهُ أَجْرَانِ». متفقٌ عَلَيْهِ. (1)   (1) أخرجه: البخاري 1/ 35 (97)، ومسلم 1/ 93 (154) (241). الحديث: 1365 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 377 239 - باب فضل العبادة في الهرج (1) وَهُوَ: الاختلاط والفتن ونحوها 1366 - عن مَعْقِلِ بن يسار - رضي الله عنه - قَالَ: قَالَ رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم: «العِبَادَةُ في الهَرْجِ كَهِجْرَةٍ إليَّ». رواه مسلم. (2)   (1) الهرج: قتال واختلاط. النهاية 5/ 257. (2) أخرجه: مسلم 8/ 208 (2948) (130). الحديث: 1366 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 377 240 - باب فضل السماحة في البيع والشراء والأخذ والعطاء وحسن القضاء والتقاضي وإرجاح المكيال والميزان، والنهي عن التطفيف وفضل إنظار الموسِر المُعْسِرَ والوضع عَنْهُ قَالَ الله تَعَالَى: {وَمَا تَفْعَلُوا مِنْ خَيْرٍ فَإِنَّ اللَّهَ بِهِ عَلِيمٌ} [البقرة: 215]، وقال تَعَالَى: {وَيَا قَوْمِ أَوْفُوا الْمِكْيَالَ وَالْمِيزَانَ بِالْقِسْطِ وَلا تَبْخَسُوا النَّاسَ أَشْيَاءهُم} [هود: 85]، وقال تَعَالَى: {وَيْلٌ لِلْمُطَفِّفِينَ الَّذِينَ إِذَا اكْتَالُوا عَلَى النَّاسِ يَسْتَوْفُونَ وَإِذَا كَالُوهُمْ أَوْ وَزَنُوهُمْ يُخْسِرُونَ أَلا يَظُنُّ أُولَئِكَ أَنَّهُمْ مَبْعُوثُونَ لِيَوْمٍ عَظِيمٍ يَوْمَ يَقُومُ النَّاسُ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ} [المطففين: 1 - 6]. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 378 1367 - وعن أَبي هريرة - رضي الله عنه: أنَّ رَجُلًا أَتَى النَّبيَّ - صلى الله عليه وسلم - يَتَقَاضَاهُ فَأغْلَظَ لَهُ، فَهَمَّ بِهِ أصْحَابُهُ، فَقَالَ رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم: «دَعُوهُ، فَإنَّ لِصَاحِبِ الحَقِّ مَقَالًا» ثُمَّ قَالَ: «أعْطُوهُ سِنًّا مِثْلَ سِنِّهِ» قالوا: يَا رسولَ اللهِ، لا نَجِدُ إِلاَّ أمْثَلَ مِنْ سِنِّهِ، قَالَ: «أعْطُوهُ، فإنَّ خَيْرَكُمْ أحْسَنُكُمْ قَضَاءً». متفقٌ عَلَيْهِ. (1)   (1) أخرجه: البخاري 3/ 130 (2306)، ومسلم 5/ 54 (1601) (120). الحديث: 1367 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 378 1368 - وعن جابر - رضي الله عنه: أنَّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: «رَحِمَ اللهُ رَجُلًا سَمْحًا إِذَا بَاعَ، وَإِذَا اشْتَرَى، وَإِذَا اقْتَضَى». رواه البخاري. (1)   (1) أخرجه: البخاري 3/ 75 (2076). الحديث: 1368 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 378 1369 - وعن أَبي قتادة - رضي الله عنه - قَالَ: سَمِعْتُ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: «مَنْ سَرَّهُ أَنْ يُنَجِّيَهُ اللهُ مِنْ كُرَبِ يَوْمِ القِيَامَةِ، فَلْيُنَفِّسْ عَنْ مُعْسِرٍ أَوْ يَضَعْ عَنْهُ». رواه مسلم. (1)   (1) أخرجه: مسلم 5/ 33 (1563) (32). الحديث: 1369 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 378 1370 - وعن أَبي هريرة - رضي الله عنه: أنَّ رسولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: «كَانَ رَجُلٌ يُدَايِنُ النَّاسَ، وَكَانَ يَقُولُ لِفَتَاهُ: إِذَا أَتَيْتَ مُعْسِرًا فَتَجَاوَزْ عَنْهُ، لَعَلَّ اللهَ أَنْ يَتَجَاوَزَ عَنَّا، فَلَقِيَ اللهَ فَتَجَاوَزَ عَنْهُ». متفقٌ عَلَيْهِ. (1)   (1) أخرجه: البخاري 4/ 214 (3480)، ومسلم 5/ 33 (1562) (31). الحديث: 1370 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 378 1371 - وعن أَبي مسعود البدريِّ - رضي الله عنه - قَالَ: قَالَ رسول الله - صلى الله عليه وسلم: «حُوسِبَ رَجُلٌ مِمَّنْ كَانَ قَبْلَكُمْ، فَلَمْ يُوجَدْ لَهُ مِنَ الخَيْرِ شَيْءٌ، إِلاَّ أنَّهُ كَانَ يُخَالِطُ النَّاسَ وَكَانَ [ص: 379] مُوسِرًا، وَكَانَ يَأمُرُ غِلْمَانَهُ أَنْ يَتَجَاوَزُوا عَن المُعْسِر. قَالَ اللهُ - عز وجل: نَحْنُ أَحَقُّ بذلِكَ مِنْهُ؛ تَجَاوَزُوا عَنْهُ». رواه مسلم (1).   (1) أخرجه: مسلم 5/ 33 (1561) (30). الحديث: 1371 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 378 1372 - وعن حذيفة - رضي الله عنه - قَالَ: أُتَي اللهُ تَعَالَى بِعَبْدٍ مِنْ عِبَادِهِ آتَاهُ اللهُ مَالًا، فَقَالَ لَهُ: مَاذَا عَمِلْتَ في الدُّنْيَا؟ قَالَ: «وَلاَ يَكْتُمُونَ اللهَ حَدِيثًا» قَالَ: يَا رَبِّ آتَيْتَنِي مَالَكَ، فَكُنْتُ أُبَايعُ النَّاسَ، وَكَانَ مِنْ خُلُقِي الجَوَازُ، فَكُنْتُ أَتَيَسَّرُ عَلَى المُوسِرِ، وَأُنْظِرُ المُعْسِرَ. فَقَالَ الله تَعَالَى: «أنَا أَحَقُّ بِذا مِنْكَ تَجَاوَزُوا عَنْ عَبْدِي» فَقَالَ عُقْبَةُ بن عامِر، وأبو مسعودٍ الأنصاريُّ رضي الله عنهما: هكَذا سَمِعْنَاهُ مِنْ فيِّ رسولِ الله - صلى الله عليه وسلم. رواه مسلم. (1)   (1) أخرجه: مسلم 5/ 33 (1560) (29). الحديث: 1372 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 379 1373 - وعن أَبي هريرة - رضي الله عنه - قَالَ: قَالَ رسول الله - صلى الله عليه وسلم: «مَنْ أَنْظَرَ مُعْسِرًا، أَوْ وَضَعَ لَهُ، أظَلَّهُ اللهُ يَومَ القِيَامَةِ تَحْتَ ظِلِّ عَرْشِهِ يَومَ لا ظِلَّ إِلاَّ ظِلُّهُ». رواه الترمذي، (1) وقال: «حديث حسن صحيح».   (1) أخرجه: الترمذي (1306)، وقال: «حديث حسن صحيح غريب». الحديث: 1373 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 379 1374 - وعن جابر - رضي الله عنه: أنَّ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - اشْتَرَى مِنْهُ بَعِيرًا، فَوَزَنَ لَهُ فَأَرْجَحَ. متفقٌ عَلَيْهِ. (1)   (1) أخرجه: البخاري 3/ 211 (2604)، ومسلم 5/ 53 (715) (115). الحديث: 1374 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 379 1375 - وعن أَبي صَفْوَان سُويْدِ بنِ قيسٍ - رضي الله عنه - قَالَ: جَلَبْتُ أَنَا وَمَخْرَمَةُ العَبْدِيُّ بَزًّا (1) مِنْ هَجَرَ، فَجَاءنا النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - فَسَاوَمَنَا بسَرَاوِيلَ، وَعِنْدِي وَزَّانٌ يَزِنُ بِالأَجْرِ، فَقَالَ النَّبيُّ - صلى الله عليه وسلم - لِلْوَزَّانِ: «زِنْ وَأَرْجِحْ». رواه أَبُو داود، والترمذي (2) وقال: «حديث حسن صحيح».   (1) بزًا: ثيابًا. عون المعبود 9/ 185. (2) أخرجه: أبو داود (3336)، وابن ماجه (2220)، والترمذي (1305)، وقال الترمذي: «وأهل العلم يستحبون الرجحان في الوزن». الحديث: 1375 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 379 (12) - كتَابُ العِلم 241 - باب فضل العلم تعلمًا وتعليمًا لله قَالَ اللهُ تَعَالَى: {وَقُلْ رَبِّ زِدْنِي عِلْمًا} [طه: 114]، وقال تَعَالَى: {قُلْ هَلْ يَسْتَوي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لاَ يَعْلَمُونَ} [الزمر: 9]، وقال تَعَالَى: {يَرْفَعِ اللهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا العِلْمَ دَرَجَاتٍ} [المجادلة: 11]، وقال تَعَالَى: {إنَّمَا يَخْشَى اللهَ مِنْ عِبَادِهِ العُلَمَاءُ} [فاطر: 28]. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 381 1376 - وعن معاوية - رضي الله عنه - قَالَ: قَالَ رسول الله - صلى الله عليه وسلم: «مَنْ يُرِدِ اللهُ بِهِ خَيْرًا يُفَقِّهْهُ في الدِّينِ». متفقٌ عَلَيْهِ. (1)   (1) أخرجه: البخاري 1/ 27 (71)، ومسلم 3/ 94 (1037) (98). الحديث: 1376 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 381 1377 - وعن ابن مسعود - رضي الله عنه - قَالَ: قَالَ رسول الله - صلى الله عليه وسلم: «لا حَسَدَ إِلاَّ في اثْنَتَيْنِ: رَجُلٌ آتَاهُ اللهُ مَالًا، فَسَلَّطَهُ عَلَى هَلَكَتِهِ فِي الحَقِّ، وَرَجُلٌ آتَاهُ اللهُ الحِكْمَةَ، فَهُوَ يَقْضِي بِهَا وَيُعَلِّمُهَا». متفقٌ عَلَيْهِ. (1) والمراد بالحسدِ: الغِبْطَةُ، وَهُوَ أَنْ يَتَمَنَّى مِثله.   (1) انظر الحديثين (543) و (570). الحديث: 1377 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 381 1378 - وعن أَبي موسى - رضي الله عنه - قَالَ: قَالَ النبيُّ - صلى الله عليه وسلم: «مَثَلُ مَا بَعَثَنِي الله بِهِ مِنَ الهُدَى وَالعِلْمِ كَمَثَلِ غَيْثٍ أصَابَ أرْضًا؛ فَكَانَتْ مِنْهَا طَائِفَةٌ طَيِّبةٌ قَبِلَتِ المَاءَ فَأَنْبَتَتِ الكَلأَ، وَالعُشْبَ الكَثِيرَ، وَكَانَ مِنْهَا أجَادِبُ أمْسَكَتِ المَاءَ، فَنَفَعَ اللهُ بِهَا النَّاسَ، فَشَرِبُوا مِنْهَا وَسَقَوْا وَزَرَعُوا، وَأَصَابَ طَائِفَةً مِنْهَا أُخْرَى إنَّمَا هِيَ قِيعَانٌ؛ لا تُمْسِكُ مَاءً [ص: 382] وَلاَ تُنْبِتُ كلأً، فَذلِكَ مَثَلُ مَنْ فَقُهَ في دِينِ اللهِ، وَنَفَعَهُ مَا بَعَثَنِي اللهُ بِهِ، فَعَلِمَ وَعَلَّمَ، وَمَثَلُ مَنْ لَمْ يَرْفَعْ بِذلِكَ رَأسًا، وَلَمْ يَقْبَلْ هُدَى اللهِ الَّذِي أُرْسِلْتُ بِهِ». متفقٌ عَلَيْهِ. (1)   (1) انظر الحديث (162). الحديث: 1378 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 381 1379 - وعن سهل بن سعد - رضي الله عنه: أنَّ رسولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ لِعَلِيٍّ - رضي الله عنه: «فَوَاللهِ لأَنْ يَهْدِيَ اللهُ بِكَ رَجُلًا وَاحِدًا خَيْرٌ لَكَ مِنْ أَنْ يَكُونَ لَكَ حُمْرُ النَّعَمِ». متفقٌ عَلَيْهِ. (1)   (1) انظر الحديث (175). الحديث: 1379 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 382 1380 - وعن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما: أنَّ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: «بَلِّغُوا عَنِّي وَلَوْ آيَةً، وَحَدِّثُوا عَنْ بَنِي إسْرَائِيلَ وَلاَ حَرَجَ، وَمَنْ كَذَبَ عَلَيَّ مُتَعَمِّدًا فَلْيَتَبَوَّأْ مَقْعَدَهُ مِنَ النَّارِ». رواه البخاري. (1)   (1) أخرجه: البخاري 4/ 207 (3461). الحديث: 1380 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 382 1381 - وعن أَبي هريرة - رضي الله عنه: أنَّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: «وَمَنْ سَلَكَ طَرِيقًا يَلْتَمِسُ فِيهِ عِلْمًا، سَهَّلَ اللهُ لَهُ طَرِيقًا إِلَى الجَنَّةِ». رواه مسلم. (1)   (1) انظر الحديث (245) وهذا جزء منه. الحديث: 1381 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 382 1382 - وعنه أَيضًا - رضي الله عنه: أنَّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: «مَنْ دَعَا إِلَى هُدىً كَانَ لَهُ مِنَ الأَجْرِ مِثْلُ أُجُورِ مَنْ تَبِعَهُ لاَ يَنْقُصُ ذَلِكَ مِنْ أُجُورِهِمْ شَيْئًا». رواه مسلم. (1)   (1) انظر الحديث (174). الحديث: 1382 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 382 1383 - وعنه قَالَ: قَالَ رسول الله - صلى الله عليه وسلم: «إِذَا مَاتَ ابْنُ آدَمَ انْقَطَعَ عَمَلُهُ إِلاَّ مِنْ ثَلاثٍ: صَدَقَةٍ جَارِيَةٍ، أَوْ عِلْمٍ يُنْتَفَعُ بِهِ، أَوْ وَلَدٍ صَالِحٍ يَدْعُو لَهُ». رواه مسلم (1).   (1) انظر الحديث (949). الحديث: 1383 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 382 1384 - وعنه، قَالَ: سَمِعْتُ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: «الدُّنْيَا مَلْعُونَةٌ، مَلْعُونٌ مَا فِيهَا، إِلاَّ ذِكْرَ الله تَعَالَى، وَمَا وَالاهُ، وَعَالِمًا، أَوْ مُتَعَلِّمًا». رواه الترمذي، (1) وقال: «حديث حسن». قَوْله: «وَمَا وَالاَهُ»: أيْ طَاعة الله.   (1) انظر الحديث (477). الحديث: 1384 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 382 1385 - وعن أنسٍ - رضي الله عنه - قَالَ: قَالَ رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم: «مَنْ خَرَجَ في طَلَبِ العِلْمِ فَهُوَ في سَبيلِ اللهِ حَتَّى يَرْجِعَ». رواه الترمذي، (1) وقال: «حديث حسن».   (1) أخرجه: الترمذي (2647)، وقال: «حديث حسن غريب». الحديث: 1385 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 382 1386 - وعن أَبي سعيدٍ الخدري - رضي الله عنه - عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: «لَنْ يَشْبَعَ مُؤْمِنٌ مِنْ خَيْرٍ حَتَّى يَكُونَ مُنْتَهَاهُ الجَنَّةَ». رواه الترمذي، (1) وقال: «حديث حسن».   (1) أخرجه: الترمذي (2686)، وقال: «حديث حسن غريب» على أنَّ سنده ضعيف. الحديث: 1386 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 383 1387 - وعن أَبي أُمَامَة - رضي الله عنه: أنَّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: «فَضْلُ العَالِمِ عَلَى العَابِدِ كَفَضْلِي عَلَى أَدْنَاكُمْ» ثُمَّ قَالَ رسول الله - صلى الله عليه وسلم: «إنَّ اللهَ وَمَلاَئِكَتَهُ وَأهْلَ السَّماوَاتِ وَالأَرْضِ حَتَّى النَّمْلَةَ في جُحْرِهَا وَحَتَّى الحُوتَ لَيُصَلُّونَ عَلَى مُعَلِّمِي النَّاسِ الخَيْرَ». رواه الترمذي، (1) وقال: «حديث حسن».   (1) أخرجه: الترمذي (2685)، وقال: «حديث حسن صحيح غريب». الحديث: 1387 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 383 1388 - وعن أَبي الدرداء - رضي الله عنه - قَالَ: سَمِعْتُ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: «مَنْ سَلَكَ طَرِيقًا يَبْتَغِي فِيهِ عِلْمًا سَهَّلَ اللهُ لَهُ طَريقًا إِلَى الجَنَّةِ، وَإنَّ المَلاَئِكَةَ لَتَضَعُ أجْنِحَتَهَا لِطَالِبِ العِلْمِ رِضًا بِمَا يَصْنَعُ، وَإنَّ العَالِمَ لَيَسْتَغْفِرُ لَهُ مَنْ فِي السَّماوَاتِ وَمَنْ فِي الأرْضِ حَتَّى الحيتَانُ في المَاءِ، وَفضْلُ العَالِمِ عَلَى العَابِدِ كَفَضْلِ القَمَرِ عَلَى سَائِرِ الكَوَاكِبِ، وَإنَّ العُلَمَاءَ وَرَثَةُ الأنْبِيَاءِ، وَإنَّ الأنْبِيَاءَ لَمْ يَوَرِّثُوا دِينَارًا وَلاَ دِرْهَمًا وَإنَّمَا وَرَّثُوا العِلْمَ، فَمَنْ أَخَذَهُ أَخَذَ بحَظٍّ وَافِرٍ». رواه أَبُو داود والترمذي. (1)   (1) أخرجه: أبو داود (3641)، وابن ماجه (223)، والترمذي (2682). الحديث: 1388 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 383 1389 - وعن ابن مسعودٍ - رضي الله عنه - قَالَ: سَمِعْتُ رسولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - يقول: «نَضَّرَ اللهُ امْرَأً سَمِعَ مِنَّا شَيْئًا، فَبَلَّغَهُ كَمَا سَمِعَهُ، فَرُبَّ مُبَلَّغٍ أوْعَى مِنْ سَامِعٍ». رواه الترمذي، (1) وقال: «حديث حسن صحيح».   (1) أخرجه: ابن ماجه (232)، والترمذي (2657). الحديث: 1389 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 383 1390 - وعن أَبي هريرة - رضي الله عنه - قَالَ: قَالَ رسول الله - صلى الله عليه وسلم: «مَنْ سُئِلَ عن عِلْمٍ فَكَتَمَهُ، أُلْجِمَ يَوْمَ القِيَامَةِ بِلِجَامٍ مِنْ نَارٍ». رواه أَبُو داود والترمذي، (1) وقال: «حديث حسن».   (1) أخرجه: أبو داود (3658)، وابن ماجه (261)، والترمذي (2649). الحديث: 1390 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 383 1391 - وعنه، قَالَ: قَالَ رسول الله - صلى الله عليه وسلم: «مَنْ تَعَلَّمَ عِلْمًا مِمَّا يُبْتَغَى بِهِ وَجْهُ اللهِ - عز وجل - لاَ يَتَعَلَّمُهُ إِلاَّ لِيُصِيبَ بِهِ عَرَضًا مِنَ الدُّنْيَا، لَمْ يَجِدْ عَرْفَ الجَنَّةِ (1) يَوْمَ القِيَامَةِ» يَعْنِي: رِيحَهَا. رواه أَبُو داود بإسناد صحيح. (2)   (1) قال ابن قيم الجوزية: «عرف الجنة، بفتح عين مهملة وسكون راء مهملة، الرائحة، مبالغة في تحريم الجنة لأن من لم يجد ريح الشيء لا يتناوله قطعًا». عون المعبود 10/ 98. (2) أخرجه: أبو داود (3664)، وابن ماجه (252). الحديث: 1391 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 383 1392 - وعن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما، قَالَ: سَمِعْتُ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: «إنَّ اللهَ لاَ يَقْبِضُ العِلْمَ انْتِزَاعًا يَنْتَزعهُ مِنَ النَّاسِ، وَلكِنْ يَقْبِضُ العِلْمَ بِقَبْضِ العُلَمَاءِ، حَتَّى إِذَا لَمْ يُبْقِ عَالِمًا، اتَّخَذَ النَّاسُ رُؤُوسًا جُهَّالًا، فَسُئِلُوا فَأفْتوا بِغَيْرِ عِلْمٍ، فَضَلُّوا وَأضَلُّوا». متفقٌ عَلَيْهِ (1).   (1) أخرجه: البخاري 1/ 36 (100)، ومسلم 8/ 60 (2673) (13). الحديث: 1392 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 384 (13) - كتَاب حَمد الله تَعَالَى وَشكره 242 - باب وجوب الشكر قَالَ الله تَعَالَى: {فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ وَاشْكُرُوا لِي وَلا تَكْفُرُونِ} [البقرة: 152] وقال تَعَالَى: {لَئِنْ شَكَرْتُمْ لأَزِيدَنَّكُمْ} [إبراهيم: 7] وقال تَعَالَى: {وَقُلِ الحَمْدُ للهِ} [الإسراء: 111] وقال تَعَالَى: {وَآخِرُ دَعْوَاهُمْ أنِ الحَمْدُ للهِ رَبِّ العَالَمِينَ} [يونس: 10]. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 385 1393 - وعن أَبي هريرة - رضي الله عنه: أنَّ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - أُتِيَ لَيْلَةَ أُسْرِيَ بِهِ بِقَدَحَيْنِ مِنْ خَمْرٍ وَلَبَنٍ، فَنَظَرَ إِلَيْهمَا فَأَخَذَ اللَّبَنَ. فَقَالَ جِبريل: الحَمْدُ للهِ الَّذِي هَدَاكَ لِلفِطْرَةِ لَوْ أخَذْتَ الخَمْرَ غَوَتْ (1) أُمَّتُكَ. رواه مسلم. (2)   (1) غوت: ضلت. النهاية 3/ 397. (2) أخرجه: البخاري 6/ 104 (4709)، ومسلم 1/ 106 (168) (272). الحديث: 1393 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 385 1394 - وعنه، عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: «كُلُّ أمْرٍ ذِي بَالٍ لاَ يُبْدأُ فِيهِ بِالْحَمْدُ للهِ فَهُوَ أَقْطَعُ». حديث حسن، رواه أَبُو داود وغيره. (1)   (1) أخرجه: أبو داود (2840)، وابن ماجه (1894)،والنسائي في «عمل اليوم والليلة» (494) و (495) و (496)، والحديث ضعيف بيانه في " الجامع في العلل ". الحديث: 1394 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 385 1395 - وعن أَبي موسى الأشعري - رضي الله عنه: أنَّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: «إِذَا مَاتَ وَلَدُ العَبْدِ قَالَ اللهُ تَعَالَى لِمَلائِكَتِهِ: قَبَضْتُمْ وَلَدَ عَبْدي؟ فَيقولون: نَعَمْ، فيقول: قَبَضْتُمْ ثَمَرَةَ فُؤادِهِ؟ فيقولون: نَعَمْ، فيقول: ماذا قَالَ عَبْدِي؟ فَيقولون: حَمدَكَ وَاسْتَرْجَعَ، فيقُولُ اللهُ تَعَالَى: ابْنُوا لِعَبْدي بَيتًا في الجَنَّةِ، وَسَمُّوهُ بَيْتَ الحَمْدِ». رواه الترمذي، (1) وقال: «حديث حسن».   (1) انظر الحديث (922). الحديث: 1395 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 385 1396 - وعن أنس - رضي الله عنه - قَالَ: قَالَ رسول الله - صلى الله عليه وسلم: «إنَّ الله لَيرْضَى عَنِ العَبْدِ يَأكُلُ الأَكْلَةَ، فَيَحْمَدُهُ عَلَيْهَا، وَيَشْرَبُ الشَّرْبَة، فَيَحْمَدُهُ عَلَيْهَا». رواه مسلم. (1)   (1) انظر الحديث (140). الحديث: 1396 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 386 (14) - كتاب الصَّلاة عَلَى رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم. 243 - باب الأمر بالصلاة عَلَيْهِ وفضلها وبعض صيغها قَالَ الله تَعَالَى: {إنَّ اللهَ وَمَلاَئِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا} [الأحزاب: 56]. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 387 1397 - وعن عبد الله بن عمرو بن العاص، رضي الله عنهما: أنَّه سمع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: «مَنْ صَلَّى عَلَيَّ صَلاةً، صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ بِهَا عَشْرًا». رواه مسلم. (1)   (1) أخرجه: مسلم 2/ 4 (384) (11). الحديث: 1397 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 387 1398 - وعن ابن مسعود - رضي الله عنه: أنَّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: «أَوْلَى النَّاسِ بِي يَومَ القِيَامَةِ أكْثَرُهُمْ عَلَيَّ صَلاَةً». رواه الترمذي، (1) وقال: «حديث حسن».   (1) أخرجه: الترمذي (484)، وقال: «حديث حسن غريب». الحديث: 1398 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 387 1399 - وعن أوس بن أوس - رضي الله عنه - قَالَ: قَالَ رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم: «إنَّ مِنْ أفْضَلِ أيَّامِكُمْ يَومَ الجُمُعَةِ، فَأكْثِرُوا عَلَيَّ مِنَ الصَّلاةِ فِيهِ، فَإنَّ صَلاَتَكُمْ مَعْرُوضَةٌ عَلَيَّ». قَالَ: قالوا: يَا رسول الله، وَكَيفَ تُعْرَضُ صَلاتُنَا عَلَيْكَ وَقَدْ أَرَمْتَ؟! قَالَ: يقولُ بَلِيتَ. قَالَ: «إنَّ اللهَ حَرَّمَ عَلَى الأرْضِ أَجْسَادَ الأَنْبِيَاءِ». رواه أَبُو داود بإسنادٍ صحيح. (1)   (1) انظر الحديث (1158). الحديث: 1399 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 387 1400 - وعن أَبي هريرة - رضي الله عنه - قَالَ: قَالَ رسول الله - صلى الله عليه وسلم: «رَغِمَ أنْفُ رَجُلٍ ذُكِرْتُ عِنْدَهُ فَلَمْ يُصَلِّ عَلَيَّ». رواه الترمذي، (1) وقال: «حديث حسن».   (1) أخرجه: الترمذي (3545)، وقال: «حديث حسن غريب». الحديث: 1400 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 387 1401 - وعنه - رضي الله عنه - قَالَ: قَالَ رسول الله - صلى الله عليه وسلم: «لا تَجْعَلُوا قَبْرِي عِيدًا، وَصَلُّوا عَلَيَّ، فَإنَّ صَلاَتَكُمْ تَبْلُغُنِي حَيْثُ كُنْتُمْ». رواه أَبُو داود بإسنادٍ صحيح. (1)   (1) أخرجه: أبو داود (2042). الحديث: 1401 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 388 1402 - وعنه: أنَّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: «مَا مِنْ أَحَدٍ يُسَلِّمُ عَلَيَّ إِلاَّ رَدَّ اللهُ عَلَيَّ رُوحِي حَتَّى أَرُدَّ عَلَيْهِ السَّلاَمَ». رواه أَبُو داود بإسنادٍ صحيح. (1)   (1) أخرجه: أبو داود (2041). الحديث: 1402 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 388 1403 - وعن عليّ - رضي الله عنه - قَالَ: قَالَ رسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم: «البَخِيلُ مَنْ ذُكِرْتُ عِنْدَهُ، فَلَمْ يُصَلِّ عَلَيَّ». رواه الترمذي، (1) وقال: «حديث حسن صحيح».   (1) أخرجه: الترمذي (3546)، وإسماعيل القاضي في فضل الصلاة على النبي - صلى الله عليه وسلم (32)، وابن أبي عاصم في «الآحاد والمثاني» (432)، والنسائي في «الكبرى» (8100) وفي «عمل اليوم والليلة»، له (55) و (56)، وأبو يعلى (6776)، وابن حبان (909)، والطبراني (2885)، وابن السني في «عمل اليوم والليلة» (382)، والحاكم 1/ 549، والبيهقي في «شعب الإيمان» (1567) و (1568) عن الحسين ابن علي بن أبي طالب، قال الترمذي: «حديث حسن صحيح غريب». قال ابن حجر: «الذي عندي أن رواية سليمان لا تخالف رواية يحيى بن موسى؛ لأن يحيى قال: «عن أبيه عن جده» ولم يسمه، فاحتمل أن يريد جده الأدنى وهو الحسين، واحتمل الأعلى وهو علي، فصرحت رواية يحيى بن موسى بالاحتمال الثاني». وأورده المزي في «تحفة الأشراف» في مسند علي (10072) وعزاه إلى الترمذي، وأورده في مسند الحسين بن علي أيضًا (3412) ولم يذكر الترمذي. انظر: تحفة الأشراف 2/ 684 (3412). الحديث: 1403 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 388 1404 - وعن فَضَالَةَ بنِ عُبَيْدٍ - رضي الله عنه - قَالَ: سَمِعَ رسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم - رَجُلًا يَدْعُو في صَلاَتِهِ لَمْ يُمَجِّدِ الله تَعَالَى، وَلَمْ يُصَلِّ عَلَى النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ رسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم: «عَجِلَ هَذَا» ثُمَّ دَعَاهُ فَقَالَ لَهُ - أَوْ لِغَيْرِهِ: «إِذَا صَلَّى أَحَدُكُمْ فَلْيَبْدَأْ بِتَحْمِيدِ رَبِّهِ سُبْحَانَهُ، وَالثَّنَاءِ عَلَيْهِ، ثُمَّ يُصَلِّي عَلَى النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم - ثُمَّ يَدْعُو بَعْدُ بِمَا شَاءَ». رواه أَبُو داود والترمذي، (1) وقال: «حديث حسن صحيح».   (1) أخرجه: أبو داود (1481)، والترمذي (3477). الحديث: 1404 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 388 1405 - وعن أَبي محمدٍ كعبِ بن عُجْرَة - رضي الله عنه - قَالَ: خَرَجَ عَلَيْنَا النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - فَقُلْنَا: يَا رَسُولَ اللهِ قَدْ عَلِمْنَا كَيْفَ نُسَلِّمُ عَلَيْكَ، فَكَيْفَ نُصَلِّي عَلَيْكَ؟ قَالَ: «قُولُوا: اللَّهُمَّ [ص: 389] صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ، وعَلَى آلِ مُحَمَّدٍ، كَمَا صَلَّيْتَ عَلَى آلِ إبْرَاهِيمَ، إنَّكَ حَمِيدٌ مَجيدٌ. اللَّهُمَّ بَارِكْ عَلَى مُحَمَّدٍ، وعَلَى آلِ مُحَمَّدٍ، كَمَا بَارَكْتَ عَلَى آلِ إبْرَاهِيمَ، إنَّكَ حَمِيدٌ مَجْيدٌ». متفقٌ عَلَيْهِ. (1)   (1) أخرجه: البخاري 8/ 95 (6357)، ومسلم 2/ 16 (406) (66). الحديث: 1405 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 388 1406 - وعن أَبي مسعودٍ البدري - رضي الله عنه - قَالَ: أتَانَا رسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - وَنَحنُ في مَجْلِسِ سَعدِ بن عُبَادَةَ - رضي الله عنه - فَقَالَ لَهُ بَشْيرُ بْنُ سَعدٍ: أمَرَنَا الله تَعَالَى أَنْ نُصَلِّي عَلَيْكَ يَا رَسُولَ اللهِ، فَكَيْفَ نُصَلِّي عَلَيْكَ؟ فَسَكَتَ رسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم - حَتَّى تَمَنَّيْنَا أنَّهُ لَمْ يَسْأَلْهُ، ثُمَّ قَالَ رسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم: «قُولُوا: اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ، وَعَلَى آلِ مُحَمَّدٍ، كَمَا صَلَّيْتَ عَلَى آلِ إبْرَاهِيمَ، وَبَارِكْ عَلَى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِ مُحَمَّدٍ، كَمَا بَارَكْت عَلَى آلِ إبْرَاهِيمَ، إنَّكَ حَمِيدٌ مَجِيدٌ، وَالسَّلاَمُ كَمَا قَدْ عَلِمْتُمْ». رواه مسلم. (1)   (1) أخرجه: مسلم 2/ 16 (405) (65). الحديث: 1406 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 389 1407 - وعن أَبي حُمَيدٍ السَّاعِدِيِّ - رضي الله عنه - قَالَ: قالوا: يَا رسولَ الله كَيْفَ نُصَلِّي عَلَيْكَ؟ قَالَ: «قُولُوا: اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ، وَعَلَى أَزْوَاجِهِ وَذُرِّيَّتِهِ، كَمَا صَلَّيْتَ عَلَى آلِ إبْرَاهِيمَ، وَبَارِكْ عَلَى مُحَمَّدٍ، وَعَلَى أزْوَاجِهِ وَذُرِّيَّتِهِ، كَمَا بَارَكْتَ عَلَى آلِ إبْرَاهِيمَ إنَّكَ حَميدٌ مَجِيدٌ». متفقٌ عَلَيْهِ. (1)   (1) أخرجه: البخاري 4/ 178 (3369)، ومسلم 2/ 16 (407) (69). الحديث: 1407 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 389 (15) - كتاب الأذْكَار 244 - باب فَضلِ الذِّكْرِ وَالحَثِّ عليه قَالَ الله تَعَالَى: {وَلذِكْرُ الله أكْبَرُ} [العنكبوت: 45]، وقال تَعَالَى: {فَاذْكُرُونِي أذْكُرْكُمْ} [البقرة: 152]، وقال تَعَالَى: {وَاذْكُرْ رَبَّكَ فِي نَفْسِكَ تَضَرُّعًا وَخِيفَةً وَدُونَ الجَهْرِ مِنَ القَوْلِ بِالغُدُوِّ والآصَالِ وَلاَ تَكُنْ مِنَ الغَافِلِينَ} [الأعراف: 205]، وقال تَعَالَى: {وَاذْكُرُوا اللهَ كَثِيرًا لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ} [الجمعة: 10]، وقال تَعَالَى: {إنَّ المُسْلِمِينَ وَالمُسْلِمَاتِ} ... إِلَى قَوْله تَعَالَى: {وَالذَّاكِرِينَ اللهَ كَثِيرًا وَالذَّاكِرَاتِ أَعَدَّ اللهُ لَهُمْ مَغْفِرَةً وَأجْرًا عَظِيمًا} [الأحزاب: 35]، وقال تَعَالَى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا اللهَ ذِكْرًا كَثِيرًا وَسَبِّحُوهُ بُكْرَةً وَأصِيلًا} [الأحزاب: 41 - 42] الآية. والآيات في الباب كثيرةٌ معلومةٌ. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 391 1408 - وعن أَبي هريرة - رضي الله عنه - قَالَ: قَالَ رسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم: «كَلِمَتَانِ خَفِيفَتَانِ عَلَى اللِّسَانِ، ثَقِيلَتَانِ فِي المِيزَانِ، حَبِيبَتَانِ إِلَى الرَّحْمان ِ: سُبْحَانَ اللهِ وَبِحَمْدِهِ، سُبْحَانَ اللهِ العظيمِ». متفقٌ عَلَيْهِ. (1)   (1) أخرجه: البخاري 8/ 107 (6406)، ومسلم 8/ 70 (2694) (31). الحديث: 1408 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 391 1409 - وعنه - رضي الله عنه - قَالَ: قَالَ رسول الله - صلى الله عليه وسلم: «لأَنْ أَقُول َ: سُبْحَانَ اللهِ؛ وَالحَمْدُ للهِ؛ وَلاَ إلهَ إِلاَّ اللهُ، وَاللهُ أكْبَرُ، أَحَبُّ إلَيَّ مِمَّا طَلَعَتْ عَلَيْهِ الشَّمْسُ». رواه مسلم. (1)   (1) أخرجه: مسلم 8/ 70 (2695) (32). الحديث: 1409 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 391 1410 - وعنه: أنَّ رسُولَ الله - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: «مَنْ قَال َ: لا إلهَ إِلاَّ اللهُ وَحْدَهُ لاَ شَريكَ لَهُ، لَهُ المُلْكُ وَلَهُ الحَمْدُ؛ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ، في يَوْمٍ مِائَةَ مَرَّةٍ كَانَتْ لَهُ عَدْلَ عَشْرِ [ص: 392] رِقَابٍ وكُتِبَتْ لَهُ مِائَةُ حَسَنَةٍ، وَمُحِيَتْ عَنْهُ مِائَةُ سَيِّئَةٍ، وَكَانَتْ لَهُ حِرْزًا مِنَ الشَّيْطَانِ يَوْمَهُ ذَلِكَ حَتَّى يُمْسِي، وَلَمْ يَأتِ أَحَدٌ بِأَفْضَلَ مِمَّا جَاءَ بِهِ إِلاَّ رَجُلٌ عَمِلَ أكْثَرَ مِنْهُ». وقال: «مَنْ قَال َ: سُبْحَانَ الله وَبِحَمْدِهِ، في يَوْمٍ مِائَةَ مَرَّةٍ، حُطَّتْ خَطَايَاهُ، وَإنْ كَانَتْ مِثْلَ زَبَدِ البَحْرِ». متفقٌ عَلَيْهِ. (1)   (1) أخرجه: البخاري 4/ 153 (3293) و8/ 107 (6405)، ومسلم 8/ 69 (2691) (28). الحديث: 1410 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 391 1411 - وعن أَبي أيوب الأنصاريِّ - رضي الله عنه - عن النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: «مَنْ قَال َ: لا إلَهَ إِلاَّ اللهُ وَحْدَهُ لا شَرِيكَ لَهُ، لَهُ المُلْكُ؛ وَلَهُ الحَمْدُ، وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ، عَشْرَ مَرَّاتٍ. كَانَ كَمَنْ أعْتَقَ أرْبَعَةَ أنْفُسٍ مِنْ وَلَدِ إسْمَاعِيلَ». متفقٌ عَلَيْهِ. (1)   (1) أخرجه: البخاري 8/ 106 (6404)، ومسلم 8/ 69 (2693) (30). الحديث: 1411 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 392 1412 - وعن أَبي ذَرٍّ - رضي الله عنه - قَالَ: قَالَ رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم: «ألاَ أُخْبِرُكَ بِأَحَبِّ الكَلاَمِ إِلَى اللهِ؟ إنَّ أَحَبَّ الكَلاَمِ إِلَى الله ِ: سُبْحَانَ اللهِ وَبِحَمْدِهِ». رواه مسلم. (1)   (1) أخرجه: مسلم 8/ 85 (2731) (85). الحديث: 1412 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 392 1413 - وعن أَبي مالك الأشعري - رضي الله عنه - قَالَ: قَالَ رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم: «الطُّهُورُ شَطْرُ الإيمانِ، وَالحَمْدُ للهِ تَمْلأُ المِيزَان َ، وَسُبْحَانَ اللهِ وَالحَمْدُ للهِ تَمْلآنِ - أَوْ تَمْلأُ - مَا بَيْنَ السَّمَاوَاتِ وَالأرْضِ». رواه مسلم. (1)   (1) انظر الحديث (25). الحديث: 1413 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 392 1414 - وعن سعد بن أَبي وقاصٍ - رضي الله عنه - قَالَ: جَاءَ أعْرَابيٌّ إِلَى رَسولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ: عَلِّمْنِي كَلاَمًا أقُولُهُ. قَالَ: «قُل ْ: لاَ إلهَ إِلاَّ اللهُ وَحْدَهُ لاَ شَريكَ لَهُ، اللهُ أكْبَرُ كَبِيرًا، وَالحَمْدُ للهِ كَثيرًا، وَسُبْحَانَ اللهِ رَبِّ العَالِمينَ، وَلاَ حَولَ وَلاَ قُوَّةَ إِلاَّ بِاللهِ العَزِيزِ الحَكِيمِ» قَالَ: فهؤُلاءِ لِرَبِّي، فَمَا لِي؟ قَالَ: «قُل ْ: اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِي، وَارْحَمْنِي وَاهْدِنِي، وَارْزُقْنِي». رواه مسلم. (1)   (1) أخرجه: مسلم 8/ 70 (2696) (33). الحديث: 1414 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 392 1415 - وعن ثَوبانَ - رضي الله عنه - قَالَ: كَانَ رَسولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - إِذَا انْصَرَفَ مِنْ صَلاَتِهِ اسْتَغْفَرَ ثَلاثًا، وَقَال َ: «اللَّهُمَّ أنْتَ السَّلاَمُ، وَمِنْكَ السَّلاَمُ، تَبَارَكْتَ يَا ذَا الجَلاَلِ وَالإكْرَامِ» قِيلَ لِلأوْزَاعِيِّ - وَهُوَ أحَدُ رواة الحديث: كَيْفَ الاسْتِغْفَارُ؟ قَالَ: يقول: أسْتَغْفِرُ الله، أسْتَغْفِرُ الله. رواه مسلم. (1)   (1) أخرجه: مسلم 2/ 94 (591) (135). الحديث: 1415 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 392 1416 - وعن المغيرة بن شعبة - رضي الله عنه: أنَّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كَانَ إِذَا فَرَغَ مِنَ الصَّلاَةِ وَسَلَّمَ، قَال َ: «لاَ إلهَ إِلاَّ اللهُ وَحْدَهُ لاَ شَرِيكَ لَهُ، لَهُ المُلْكُ وَلَهُ الحَمْدُ، وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ، اللَّهُمَّ لاَ مَانِعَ لِمَا أَعْطَيْتَ، وَلاَ مُعْطِيَ لِمَا مَنَعْتَ، وَلاَ يَنْفَعُ (1) ذَا الجَدِّ مِنْكَ الجَدُّ». متفقٌ عَلَيْهِ. (2)   (1) ولا ينفع ذا الجد منك الجد: أي لا ينفع ذا الغنى منك غناه. النهاية 1/ 244. (2) أخرجه: البخاري 8/ 90 (6330)، ومسلم 2/ 95 (593) (137). الحديث: 1416 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 393 1417 - وعن عبدِ الله بن الزُّبَيْرِ رضي الله تَعَالَى عنهما أنَّه كَانَ يَقُولُ دُبُرَ كُلِّ صَلاَةٍ، حِيْنَ يُسَلِّم ُ: «لاَ إلهَ إِلاَّ اللهُ وَحْدَهُ لاَ شَريكَ لَهُ، لَهُ المُلْكُ وَلَهُ الحَمْدُ، وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ. لاَ حَوْلَ وَلاَ قُوَّةَ إِلاَّ بِاللهِ، لاَ إلهَ إِلاَّ اللهُ، وَلاَ نَعْبُدُ إِلاَّ إيَّاهُ، لَهُ النِّعْمَةُ وَلَهُ الفَضْلُ وَلَهُ ا لثَّنَاءُ الحَسَنُ، لاَ إلهَ إِلاَّ اللهُ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ وَلَوْ كَرِهَ الكَافِرُونَ». قَالَ ابْنُ الزُّبَيْرِ: وَكَانَ رَسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم - يُهَلِّلُ بِهِنَّ دُبُرَ كُلِّ صَلاَةٍ. رواه مسلم. (1)   (1) أخرجه: مسلم 2/ 96 (594) (139). الحديث: 1417 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 393 1418 - وعن أَبي هريرة - رضي الله عنه: أنَّ فُقَراءَ المُهَاجِرِينَ أَتَوْا رسُولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - فقالوا: ذَهَبَ أهْلُ الدُّثورِ بِالدَّرَجَاتِ العُلَى، وَالنَّعِيمِ المُقِيمِ، يُصَلُّونَ كَمَا نُصَلِّي، وَيَصُومُونَ كَمَا نَصُومُ، وَلَهُمْ فَضْلٌ مِنْ أمْوَالٍ، يَحُجُّونَ، وَيَعْتَمِرُونَ، وَيُجَاهِدُونَ، وَيَتَصَدَّقُونَ. فَقَالَ: «ألاَ أُعَلِّمُكُمْ شَيْئًا تُدْرِكُونَ بِهِ مَنْ سَبَقَكُمْ، وَتَسْبَقُونَ بِهِ مَنْ بَعْدَكُمْ، وَلاَ يَكُون أَحَدٌ أفْضَل مِنْكُمْ إِلاَّ منْ صَنَعَ مِثْلَ مَا صَنَعْتُمْ؟» قالوا: بَلَى يَا رسول الله، قَال َ: «تُسَبِّحُونَ، وَتَحْمَدُونَ، وَتُكَبِّرُونَ، خَلْفَ كُلِّ صَلاَةٍ ثَلاثًا وَثَلاثِينَ». قَالَ أَبُو صالح الراوي عن أَبي هريرة، لَمَّا سُئِلَ عَنْ كَيْفِيَّةِ ذِكْرِهِنَّ قَالَ: يقول: سُبْحَان اللهِ، وَالحَمْدُ للهِ واللهُ أكْبَرُ، حَتَّى يَكُونَ مِنهُنَّ كُلُّهُنَّ ثَلاثًا وَثَلاثِينَ. متفقٌ عَلَيْهِ. (1) وزاد مسلمٌ في روايته: فَرَجَعَ فُقَراءُ المُهَاجِرينَ إِلَى رسولِ الله - صلى الله عليه وسلم - فقالوا: سَمِعَ إخْوَانُنَا أهْلُ الأمْوَالِ بِمَا فَعَلْنَا فَفَعَلُوا مِثْلَهُ؟ فَقَالَ رسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم: «ذَلِكَ فَضْلُ الله يُؤتِيهِ مَنْ يَشَاءُ». «الدُّثُورُ» جمع دَثْر - بفتح الدال وإسكان الثاء المثلثة - وَهُوَ: المال الكثير.   (1) أخرجه: البخاري 1/ 213 (843)، ومسلم 2/ 97 (595) (142). الحديث: 1418 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 393 1419 - وعنه، عن رسولِ الله - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: «مَنْ سَبَّحَ الله في دُبُرِ كُلِّ صَلاَةٍ ثَلاثًا وَثَلاثِينَ، وحَمِدَ اللهَ ثَلاثًا وَثَلاَثِينَ، وَكَبَّرَ الله ثَلاثًا وَثَلاَثِينَ، وقال تَمَامَ المِائَة ِ: لاَ إلهَ إِلاَّ اللهُ وَحدَهُ لا شَريكَ لَهُ، لَهُ المُلْكُ وَلَهُ الحَمْدُ، وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ، غُفِرَتْ خَطَايَاهُ وَإنْ كَانَتْ مِثْلَ زَبَدِ البَحْرِ». رواه مسلم. (1)   (1) أخرجه: مسلم 2/ 98 (597) (146). الحديث: 1419 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 394 1420 - وعن كعب بن عُجْرَةَ - رضي الله عنه - عن رسولِ الله - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: «مُعَقِّباتٌ (1) لاَ يَخِيبُ قَائِلُهُنَّ - أَوْ فَاعِلُهُنَّ - دُبُرَ كُلِّ صَلاَةٍ مَكْتُوبَةٍ: ثَلاثٌ وَثَلاثونَ تَسْبِيحَةً، وَثَلاثٌ وثَلاَثونَ تَحْمِيدَةً، وَأرْبَعٌ وَثَلاَثونَ تَكْبِيرَةً». رواه مسلم. (2)   (1) معقبات: تسبيحات تفعل أعقاب الصلاة. وقال أبو الهشيم: سميت معقبات لأنها تفعل مرة بعد أخرى. شرح النووي 3/ 82. (2) أخرجه: مسلم 2/ 98 (596) (144). الحديث: 1420 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 394 1421 - وعن سعد بن أَبي وقاص - رضي الله عنه: أنَّ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - كَانَ يَتَعَوَّذُ دُبُرَ الصَّلَواتِ بِهؤُلاءِ الكَلِمَات ِ: «اللَّهُمَّ إنِّي أَعوذُ بِكَ مِنَ الجُبْنِ وَالبُخْلِ، وَأَعُوذُ بِكَ مِنْ أَنْ أُرَدَّ إِلَى أَرْذَلِ العُمُرِ، وَأعُوذُ بِكَ مِنْ فِتْنَةِ الدُّنْيَا، وَأَعُوذُ بِكَ مِنْ فِتْنَةِ القَبْرِ». رواه البخاري. (1)   (1) أخرجه: البخاري 4/ 27 (2822). الحديث: 1421 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 394 1422 - وعن معاذ - رضي الله عنه: أن رسُولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - أخذ بيده، وقال: «يَا مُعَاذُ، وَاللهِ إنِّي لأُحِبُّكَ» فَقَالَ: «أُوصِيكَ يَا مُعَاذُ لاَ تَدَعَنَّ في دُبُرِ كُلِّ صَلاَة تَقُول ُ: اللَّهُمَّ أَعِنِّي عَلَى ذِكْرِكَ، وَشُكْرِكَ، وَحُسْنِ عِبَادَتِكَ». رواه أَبُو داود بإسناد صحيح. (1)   (1) انظر الحديث (384). الحديث: 1422 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 394 1423 - وعن أَبي هريرة - رضي الله عنه: أنَّ رسُولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: «إِذَا تَشَهَّدَ أَحَدُكُمْ فَلْيَسْتَعِذْ بِاللهِ مِنْ أرْبَعٍ، يقُول : اللَّهُمَّ إنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنْ عَذَابِ جَهَنَّمَ، وَمِنْ عَذَابِ القَبْرِ، وَمِنْ فِتْنَةِ المَحْيَا وَالْمَمَاتِ، وَمِنْ شَرِّ فِتْنَةِ المَسِيحِ الدَّجَّالِ». رواه مسلم. (1)   (1) أخرجه: مسلم 2/ 93 (588) (128). الحديث: 1423 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 394 1424 - وعن عليٍّ - رضي الله عنه - قَالَ: كَانَ رَسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم - إِذَا قَامَ إِلَى الصَّلاَةِ يَكُونُ مِنْ آخِرِ مَا يَقُولُ بَيْنَ التَّشَهُّدِ وَالتَّسْلِيمِ: «اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِي مَا قَدَّمْتُ وَمَا أخَّرْتُ، وَمَا أسْرَرْتُ [ص: 395] وَمَا أعْلَنْتُ، وَمَا أسْرَفْتُ، وَمَا أنْتَ أعْلَمُ بِهِ مِنِّي، أنْتَ الْمُقَدِّمُ، وَأنْتَ المُؤَخِّرُ، لا إلهَ إِلاَّ أنْتَ». رواه مسلم. (1)   (1) أخرجه: مسلم 2/ 185 (771) (201). الحديث: 1424 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 394 1425 - وعن عائشة رَضِيَ اللهُ عنها، قالت: كَانَ النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - يُكْثِرُ أَنْ يَقُولَ في رُكُوعِهِ وَسُجُودِه ِ: «سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ رَبَّنَا وبِحَمْدِكَ، اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِي». متفقٌ عَلَيْهِ. (1)   (1) أخرجه: البخاري 1/ 207 (817)، ومسلم 2/ 50 (484) (217). الحديث: 1425 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 395 1426 - وعنها: أنَّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كَانَ يقولُ في رُكُوعِهِ وَسُجُودِهِ: «سبُّوحٌ قُدُّوسٌ رَبُّ المَلاَئِكَةِ وَالرُّوحِ». رواه مسلم. (1)   (1) أخرجه: مسلم 2/ 51 (487) (223). الحديث: 1426 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 395 1427 - وعن ابن عباس رضي الله عنهما: أنَّ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: «فَأمَّا الرُّكُوعُ فَعَظِّمُوا فِيهِ الرَّبَّ - عز وجل - وَأمَّا السُّجُودُ فَاجْتَهِدُوا في الدُّعَاءِ، فَقَمِنٌ (1) أَنْ يُسْتَجَابَ لَكُمْ». رواه مسلم. (2)   (1) قمن: بفتح الميم وكسرها خليق أو جدير. النهاية 4/ 111. (2) أخرجه: مسلم 2/ 48 (479) (207). الحديث: 1427 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 395 1428 - وعن أَبي هريرة - رضي الله عنه: أنَّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: «أقْرَبُ مَا يَكُونُ العَبْدُ مِنْ رَبِّهِ وَهُوَ سَاجِدٌ، فَأَكْثِرُوا الدُّعَاءَ». رواه مسلم. (1)   (1) أخرجه: مسلم 2/ 49 (482) (215). الحديث: 1428 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 395 1429 - وعنه: أنَّ رسُولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - كَانَ يَقُولُ في سجودِه ِ: «اللَّهُمَّ اغْفِرْ لي ذَنْبِي كُلَّهُ: دِقَّهُ (1) وَجِلَّهُ، وَأَوَّلَهُ وَآخِرَهُ، وَعَلاَنِيَتَهُ وَسِرَّهُ». رواه مسلم. (2)   (1) قال النووي في شرح صحيح مسلم 2/ 371: «هو بكسر أولها أي قليله وكثيره، وفيه توكيد الدعاء وتكثير ألفاظه، وإن أغنى بعضها عن بعض». (2) أخرجه: مسلم 2/ 50 (483) (216). الحديث: 1429 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 395 1430 - وعن عائشة رَضِيَ اللهُ عنها، قالت: افْتَقَدْتُ النَّبيَّ - صلى الله عليه وسلم - ذَاتَ لَيْلَةٍ، فَتَحَسَّسْتُ، فإذا هُوَ راكِعٌ - أَوْ سَاجِدٌ - يقول ُ: «سُبْحَانَكَ وَبِحَمْدِكَ، لاَ إلهَ إِلاَّ أنت» وفي روايةٍ: فَوَقَعَتْ يَدِي عَلَى بَطْنِ قَدَمَيْهِ، وَهُوَ في المَسْجِدِ وَهُمَا مَنْصُوبَتَانِ، وَهُوَ يَقُول ُ: «اللَّهُمَّ إنِّي أَعُوذُ بِرِضَاكَ مِنْ سَخَطِكَ، وَبِمعَافَاتِكَ مِنْ عُقُوبَتِكَ، وأعُوذُ بِكَ مِنْكَ، لاَ أُحْصِي ثَنَاءً عَلَيْكَ أنْتَ كَمَا أَثْنَيْتَ عَلَى نَفْسِكَ». رواه مسلم. (1)   (1) أخرجه: مسلم 2/ 51 (485) (221) و (486) (222). الحديث: 1430 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 395 1431 - وعن سعد بن أَبي وقاصٍ - رضي الله عنه - قَالَ: كنا عِنْدَ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ: «أيعجزُ أحَدُكُمْ أَنْ يَكْسِبَ في كلِّ يومٍ ألْفَ حَسَنَةٍ!» فَسَأَلَهُ سَائِلٌ مِنْ جُلَسائِهِ: كَيْفَ يَكْسِبُ ألفَ حَسَنَةٍ؟ قَالَ: «يُسَبِّحُ مِائَةَ تَسْبِيحَةٍ فَيُكْتَبُ لَهُ ألْفُ حَسَنَةٍ، أَوْ يُحَطُّ عَنْهُ ألفُ خَطِيئَةٍ». رواه مسلم. (1) قَالَ الحُمَيْدِيُّ (2): كذا هُوَ في كتاب مسلم: «أَوْ يُحَطُّ» قَالَ البَرْقاني: ورواه شُعْبَةُ وأبو عَوَانَة، وَيَحْيَى القَطَّانُ، عن موسى الَّذِي رواه مسلم من جهتِهِ فقالوا: «ويحط» بغير ألِفٍ.   (1) أخرجه: مسلم 8/ 71 (2698) (37). (2) الجمع بين الصحيحين 1/ 199 (215). الحديث: 1431 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 396 1432 - وعن أَبي ذر - رضي الله عنه: أنَّ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: «يُصْبحُ عَلَى كُلِّ سُلاَمَى مِنْ أَحَدِكُمْ صَدَقةٌ: فَكُلُّ تَسْبيحَةٍ صَدَقةٌ، وَكُلُّ تَحْميدَةٍ صَدَقَةٌ، وَكُلُّ تَهْلِيلةٍ صَدَقَةٌ، وَكُلُّ تَكْبيرَةٍ صَدَقَةٌ، وأمْرٌ بالمَعْرُوفِ صَدَقَةٌ، وَنَهْيٌ عَنِ المُنْكَرِ صَدَقَةٌ، وَيجْزئُ مِنْ ذَلِكَ رَكْعَتَانِ يَرْكَعُهُمَا مِنَ الضُّحَى». رواه مسلم. (1)   (1) انظر الحديث (118). الحديث: 1432 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 396 1433 - وعن أم المؤمنين جُويْريَةَ بنت الحارِث رَضِيَ اللهُ عنها: أنَّ النَّبيَّ - صلى الله عليه وسلم - خرجَ مِنْ عِنْدِهَا بُكْرَةً حِيْنَ صَلَّى الصُّبْحَ وَهِيَ في مَسْجِدِها، ثُمَّ رَجَعَ بَعدَ أَنْ أضْحَى وَهِيَ جَالِسَةٌ، فقالَ: «مَا زِلْتِ عَلَى الحالِ الَّتي فَارقَتُكِ عَلَيْهَا؟» قالت: نَعَمْ، فَقَالَ النَّبيُّ - صلى الله عليه وسلم: «لَقَدْ قُلْتُ بَعْدَكِ أرْبَعَ كَلِمَاتٍ ثَلاثَ مَرَّاتٍ، لَوْ وُزِنَتْ بِمَا قُلْتِ مُنْذُ اليَوْمِ لَوَزَنَتْهُن َّ: سُبْحَانَ الله وَبِحَمْدِهِ عَدَدَ خَلْقِهِ، وَرِضَا نَفْسِهِ، وَزِنَةَ عَرْشِهِ، وَمِدَادَ كَلِمَاتِهِ». رواه مسلم. (1) وفي روايةٍ لَه ُ: «سُبْحانَ الله عَدَدَ خَلْقِهِ، سُبْحَانَ الله رِضَا نَفْسِهِ، سُبْحَانَ اللهِ زِنَةَ عَرْشِهِ، سُبْحَانَ الله مِدَادَ كَلِمَاتِهِ». وفي رواية الترمذي: «ألا أُعَلِّمُكِ كَلِمَاتٍ تَقُولِينَهَا؟ سُبحَانَ الله عَدَدَ خَلْقِهِ؛ سُبحَانَ الله عَدَدَ خَلْقِهِ، سُبحَانَ الله عَدَدَ خَلْقِهِ، سُبْحَانَ اللهِ رِضَا نَفْسِهِ، سُبْحَانَ اللهِ رِضَا نَفْسِهِ، [ص: 397] سُبْحَانَ الله رِضَا نَفْسِهِ، سُبْحَانَ الله زِنَةَ عَرْشِهِ، سُبْحَانَ اللهِ زِنَةَ عَرشِهِ، سُبْحَانَ الله زِنَةَ عَرشِهِ، سُبْحَانَ الله مِدَادَ كَلِمَاتِهِ، سُبْحَانَ الله مِدَادَ كَلِمَاتِهِ، سُبْحَانَ الله مِدَادَ كَلِمَاتِهِ».   (1) أخرجه: مسلم 8/ 83 (2726) (79)، والترمذي (3555). الحديث: 1433 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 396 1434 - وعن أَبي موسى الأشعري - رضي الله عنه - عن النبيّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: «مَثَلُ الَّذِي يَذْكُرُ رَبَّهُ وَالَّذِي لا يَذْكُرُهُ مَثَلُ الحَيِّ وَالمَيِّتِ». رواه البخاري. (1) ورواه مسلم فَقَالَ: «مَثَلُ البَيْتِ الَّذِي يُذْكَرُ اللهُ فِيهِ، وَالبَيْتِ الَّذِي لا يُذْكَرُ اللهُ فِيهِ، مَثَلُ الحَيِّ والمَيِّتِ».   (1) أخرجه: البخاري 8/ 107 (6407)، ومسلم 2/ 188 (779) (211). الحديث: 1434 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 397 1435 - وعن أَبي هريرة - رضي الله عنه: أنَّ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: «يقول الله تَعَالَى: أنا عِنْدَ ظَنِّ عَبْدِي بِي، وَأَنَا مَعَهُ إِذَا ذَكَرَنِي، فإنْ ذَكَرَنِي في نَفْسِهِ، ذَكَرْتُهُ في نَفْسِي، وإنْ ذَكَرنِي في ملأٍ ذَكرتُهُ في مَلأٍ خَيْرٍ مِنْهُمْ» متفق عَلَيْهِ. (1)   (1) أخرجه: البخاري 9/ 147 (7405)، ومسلم 8/ 62 (2675) (2). الحديث: 1435 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 397 1436 - وعنه قَالَ: قَالَ رسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم: «سَبَقَ المُفَرِّدُونَ» قالوا: وَمَا المُفَرِّدُونَ؟ يَا رسولَ الله قَالَ: «الذَّاكِرُونَ اللهَ كثيرًا والذَّاكِرَاتِ». رواه مسلم. (1) وَرُوي: «المُفَرِّدُونَ» بتشديد الراءِ وتخفيفها والمشهُورُ الَّذِي قَالَهُ الجمهُورُ: التَّشْديدُ.   (1) أخرجه: مسلم 8/ 63 (2676) (4). الحديث: 1436 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 397 1437 - وعن جابر - رضي الله عنه - قَالَ: سَمِعْتُ رسُولَ الله - صلى الله عليه وسلم - يقول ُ: «أفْضَلُ الذِّكْرِ: لاَ إلهَ إِلاَّ اللهُ». رواه الترمذي، (1) وقال: «حديث حسن».   (1) أخرجه: ابن ماجه (3800)، والترمذي (3383)، وقال: «حديث حسن غريب». الحديث: 1437 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 397 1438 - وعن عبد الله بن بسر - رضي الله عنه: أنَّ رجلًا قَالَ: يَا رسولَ الله، إنَّ شَرَائِعَ الإسْلامِ قَدْ كَثُرَتْ عَليَّ، فَأَخْبِرْنِي بِشَيءٍ أَتَشَبثُ بِهِ قَالَ: «لا يَزالُ لِسَانُكَ رَطبًا مِنْ ذِكْرِ الله». رواه الترمذي، (1) وقال: «حديث حسن».   (1) أخرجه: ابن ماجه (3793)، والترمذي (3375)، وقال: «حديث حسن غريب». الحديث: 1438 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 397 1439 - وعن جابر - رضي الله عنه - عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: «من قَال َ: سُبْحَانَ الله وبِحَمدِهِ، غُرِسَتْ لَهُ نَخْلَةٌ في الجَنَّةِ». رواه الترمذي، (1) وقال: «حديث حسن».   (1) أخرجه: الترمذي (3464) و (3465). الحديث: 1439 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 397 1440 - وعن ابن مسعود - رضي الله عنه - قَالَ: قَالَ رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم: «لَقِيْتُ إبْرَاهِيمَ لَيلَةَ أُسْرِيَ بِي، فَقَالَ: يَا مُحَمّدُ أقْرِىءْ أُمَّتَكَ مِنِّي السَّلاَمَ، وَأَخْبِرْهُمْ أنَّ الجَنَّةَ طَيَّبَةُ التُّرْبَةِ، عَذْبَةُ الماءِ، وأنَّهَا قِيعَانٌ وأنَّ غِرَاسَهَا : سُبْحَانَ اللهِ، والحَمْدُ للهِ، وَلاَ إلهَ إِلاَّ اللهُ، واللهُ أكْبَرُ». رواه الترمذي، (1) وقال: «حديث حسن».   (1) أخرجه: الترمذي (3462)، وقال: «حديث حسن غريب». الحديث: 1440 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 398 1441 - وعن أَبي الدرداءِ - رضي الله عنه - قَالَ: قَالَ رسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم: «ألا أُنَبِّئُكُمْ بِخَيْرِ أعْمالِكُمْ، وأزْكَاهَا عِنْدَ مَلِيكِكُمْ، وأرْفَعِهَا في دَرَجَاتِكُمْ، وَخَيرٍ لَكُمْ مِنْ إنْفَاقِ الذَّهَبِ والفِضَّةِ، وَخَيْرٍ لَكُمْ مِنْ أن تَلْقَوا عَدُوَّكُمْ فَتَضْرِبُوا أعْنَاقَهُمْ وَيَضْرِبُوا أعْنَاقَكُمْ؟» قَالَوا: بَلَى، قَالَ: «ذِكر الله تَعَالَى». رواه الترمذي، (1) قَالَ الحاكم أَبُو عبد الله: «إسناده صحيح».   (1) أخرجه: ابن ماجه (3790)، والترمذي (3377)، والحاكم 1/ 496. الحديث: 1441 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 398 1442 - وعن سعد بن أَبي وقاص - رضي الله عنه - أنَّه دخل مَعَ رسُولِ الله - صلى الله عليه وسلم - عَلَى امْرأةٍ وَبَيْنَ يَدَيْها نَوىً - أَوْ حَصَىً - تُسَبِّحُ بِهِ فَقَالَ: «أُخْبِرُكِ بما هُوَ أيْسَرُ عَلَيْكِ مِنْ هَذَا - أَوْ أفْضَلُ» فَقَال َ: «سُبْحَانَ الله عَدَدَ مَا خَلَقَ في السَّمَاءِ، وسُبْحَانَ الله عَدَدَ مَا خَلَقَ في الأرْضِ، وسُبْحَانَ الله عَدَدَ مَا بَيْنَ ذَلِكَ، وسُبحَانَ الله عَدَدَ مَا هُوَ خَالِقٌ، واللهُ أكْبَرُ مِثْلَ ذَلِكَ، والحَمْدُ للهِ مِثْلَ ذَلِكَ؛ وَلاَ إلَهَ إِ لاَّ اللهُ مِثْلَ ذَلِكَ، و َلاَ حَولَ وَلاَ قُوَّةَ إِلاَّ بِاللهِ مِثْلَ ذَلِكَ». رواه الترمذي، (1) وقال: «حديث حسن».   (1) أخرجه: أبو داود (1500)، والترمذي (3568)، وقال: «حديث حسن غريب» على أنَّ إسناده ضعيف. الحديث: 1442 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 398 1443 - وعن أَبي موسى - رضي الله عنه - قَالَ: قَالَ لي رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم: «ألا أدُلُّكَ عَلَى كَنْزٍ مِنْ كُنُوزِ الجَنَّةِ؟» فقلت: بلى يَا رسولَ الله قَال َ: «لا حَوْلَ وَلاَ قُوَّةَ إِلاَّ باللهِ» متفق عَلَيْهِ. (1)   (1) أخرجه: البخاري 8/ 108 (6409)، ومسلم 8/ 74 (2704) (47). الحديث: 1443 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 398 245 - باب ذكر الله تَعَالَى قائمًا أَوْ قاعدًا ومضطجعًا ومحدثًا وجنبًا وحائضًا إِلاَّ القرآن فَلاَ يحل لجنب وَلاَ حائض قَالَ الله تَعَالَى: {إنَّ في خَلْقِ السَّماوَاتِ وَالأرْضِ وَاخْتِلاَفِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ لآيَاتٍ لأُولِي الأَلْبَابِ الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللهَ قِيَامًا وَقُعُودًا وَعَلَى جُنُوبِهِمْ} [آل عمران: 190، 191]. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 398 1444 - وعن عائشة رَضِيَ اللهُ عنها، قالت: كَانَ رسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم - يَذْكُرُ اللهَ عَلَى كُلِّ أَحْيَانِهِ. رواهُ مسلم. (1)   (1) أخرجه: مسلم 1/ 194 (373) (117). وذكره البخاري 1/ 163 عقيب (633) معلقًا. الحديث: 1444 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 399 1445 - وعن ابن عباسٍ - رضي الله عنه - عن النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: «لَوْ أنَّ أَحَدَكُمْ إِذَا أتَى أهْلَهُ قَالَ: بِسْمِ الله، اللَّهُمَّ جَنِّبْنَا الشَّيْطَانَ، وَجَنِّبِ الشَّيْطَانَ مَا رَزَقْتَنَا، فَقُضِيَ بَيْنَهُمَا وَلَدٌ، لَمْ يَضُرَّهُ». متفق عَلَيْهِ. (1)   (1) أخرجه: البخاري 1/ 48 (141)، ومسلم 4/ 155 (1434) (116). الحديث: 1445 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 399 246 - باب مَا يقوله عِنْدَ نومه واستيقاظه 1446 - عن حُذَيفَةَ، وأبي ذرٍ رضي الله عنهما، قالا: كَانَ رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - إِذَا أوَى إِلَى فِرَاشِهِ، قَال َ: «بِاسْمِكَ اللَّهُمَّ أَحْيَا وَأموتُ» وَإذَا اسْتَيقَظَ قَال َ: «الحَمْدُ للهِ الَّذِي أَحْيَانَا بعْدَ مَا أماتَنَا وإِلَيْهِ النُّشُورُ». رواه البخاري. (1)   (1) أخرجه: البخاري 8/ 84 (6312) عن حذيفة، و8/ 88 (6325) عن أبي ذر. الحديث: 1446 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 399 247 - باب فضل حِلَقِ الذكر والندب إِلَى ملازمتها والنهي عن مفارقتها لغير عذر قَالَ الله تَعَالَى: {واصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالغَدَاةِ وَالعَشِيِّ يُريدُونَ وَجْهَهُ وَلاَ تَعْدُ عَيْناكَ عَنْهُمْ} [الكهف: 28]. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 399 1447 - وعن أَبي هريرة - رضي الله عنه - قَالَ: قَالَ رسول الله - صلى الله عليه وسلم: «إنَّ للهِ تَعَالَى مَلائِكَةً يَطُوفُونَ في الطُّرُقِ يَلْتَمِسُونَ أهْلَ الذِّكْرِ، فإذا وَجَدُوا قَوْمًا يَذْكُرُونَ اللهَ - عز وجل - تَنَادَوْا: هَلُمُّوا إِلَى حَاجَتِكُمْ، فَيَحُفُّونَهُمْ بِأَجْنِحَتِهِم إِلَى السَّمَاءِ الدُّنْيَا، فَيَسْألُهُمْ رَبُّهُمْ - وَهُوَ أعْلَم: مَا يقولُ عِبَادي؟ قَالَ: يقولون: يُسَبِّحُونَكَ، ويُكبِّرُونَكَ، وَيَحْمَدُونَكَ، ويُمَجِّدُونَكَ، فيقول: هَلْ رَأَوْنِي؟ فيقولونَ: لا واللهِ مَا رَأَوْكَ. فيقولُ: كَيْفَ لَوْ رَأوْني؟! قَالَ: يقُولُونَ: لَوْ رَأوْكَ كَانُوا أَشَدَّ لَكَ عِبَادَةً، وَأَشَدَّ لَكَ تَمْجِيدًا، وأكْثَرَ لَكَ تَسْبِيحًا. فَيقُولُ: فماذا يَسْألونَ؟ قَالَ: يقُولُونَ: يَسْألُونَكَ الجَنَّةَ. قَالَ: يقولُ: وَهل رَأَوْها؟ قَالَ: يقولون: لا واللهِ يَا رَبِّ مَا رَأَوْهَا. قَالَ: يقول: فَكيفَ لَوْ رَأوْهَا؟ قَالَ: [ص: 400] يقولون: لَوْ أنَّهُمْ رَأوْهَا كَانُوا أشَدَّ عَلَيْهَا حِرْصًا، وأشدَّ لَهَا طَلَبًا، وأعْظَمَ فِيهَا رَغْبَةً. قَالَ: فَمِمَّ يَتَعَوَّذُونَ؟ قَالَ: يقولون: يَتَعَوَّذُونَ مِنَ النَّارِ؛ قَالَ: فيقولُ: وَهَلْ رَأوْهَا؟ قَالَ: يقولون: لا واللهِ مَا رَأوْهَا. فيقولُ: كَيْفَ لَوْ رَأوْهَا؟! قَالَ: يقولون: لَوْ رَأوْهَا كانوا أشَدَّ مِنْهَا فِرَارًا، وأشَدَّ لَهَا مَخَافَةً. قَالَ: فيقولُ: فَأُشْهِدُكُمْ أنِّي قَدْ غَفَرْتُ لَهُم، قَالَ: يقولُ مَلَكٌ مِنَ المَلاَئِكَةِ: فِيهم فُلاَنٌ لَيْسَ مِنْهُمْ، إنَّمَا جَاءَ لِحَاجَةٍ، قَالَ: هُمُ الجُلَسَاءُ لا يَشْقَى بِهِمْ جَلِيسُهُمْ». متفق عَلَيْهِ. (1)   (1) أخرجه: البخاري 8/ 107 (6408)، ومسلم 8/ 68 (2689) (25). الحديث: 1447 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 399 وفي رواية لمسلمٍ عن أَبي هريرة - رضي الله عنه - عن النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: «إن للهِ مَلاَئِكَةً سَيَّارَةً (1) فُضُلًا يَتَتَبُّعُونَ مَجَالِسَ الذِّكْرِ، فَإذَا وَجَدُوا مَجْلِسًا فِيهِ ذِكْرٌ، قَعَدُوا مَعَهُمْ، وَحَفَّ بَعْضُهُمْ بَعْضًا بِأجْنِحَتِهِمْ حَتَّى يَمْلَؤُوا مَا بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ السَّماءِ الدُّنْيَا، فإذَا تَفَرَّقُوا عَرَجُوا وَصَعدُوا إِلَى السَّمَاءِ، فَيَسْأَلُهُمْ اللهُ - عز وجل - وَهُوَ أعْلَمُ -: مِنْ أيْنَ جِئْتُمْ؟ فَيَقُولُونَ: جِئْنَا مِنْ عِنْدِ عِبادٍ لَكَ في الأرْضِ: يُسَبِّحُونَكَ، ويُكبِّرُونَكَ، وَيُهَلِّلُونَكَ، وَيَحْمَدُونَكَ، وَيَسْألُونَكَ. قَالَ: وَمَاذا يَسْألُونِي؟ قالوا: يَسْألُونَكَ جَنَّتَكَ. قَالَ: وَهَلْ رَأَوْا جَنَّتِي؟ قالوا: لا، أَيْ رَبِّ. قَالَ: فكيْفَ لَوْ رَأَوْا جَنَّتي؟! قالوا: ويستجيرونكَ. قَالَ: ومِمَّ يَسْتَجِيرُونِي؟ قالوا: مِنْ نَارِكَ يَا رَبِّ. قَالَ: وَهَلْ رَأوْا نَاري؟ قالوا: لا، قَالَ: فَكَيْفَ لَوْ رَأَوْا نَارِي؟! قالوا: وَيَسْتَغفِرُونكَ؟ فيقولُ: قَدْ غَفَرْتُ لَهُمْ، وَأَعْطَيْتُهُمْ مَا سَألُوا، وَأجَرْتُهُمْ مِمَّا اسْتَجَارُوا. قَالَ: فيقولون: ربِّ فيهمْ فُلانٌ عَبْدٌ خَطَّاءٌ إنَّمَا مَرَّ، فَجَلَسَ مَعَهُمْ. فيقُولُ: ولهُ غَفَرْتُ، هُمُ القَومُ لاَ يَشْقَى بِهِمْ جَلِيسُهُمْ».   (1) قال النووي في شرح صحيح مسلم 9/ 14: «سيارة: سياحون في الأرض، وأما فضلًا: فضبطوه على أوجه أحدها: أرجحها وأشهرها بضم الفاء والضاد. والثانية: بضم الفاء وإسكان الضاد، والثالثة: بفتح الفاء وإسكان الضاد. والرابعة: فضل، بضم الفاء والضاد ورفع اللام على أنه خبر مبتدأ محذوف. والخامسة: فضلاء، بالمد: جمع فاضل. قال العلماء: معناه على جميع الروايات: أنهم ملائكة زائدون على الحفظة وغيرهم من المرتبين مع الخلائق، فهؤلاء السيارة لا وظيفة لهم، وإنما مقصودهم حلق الذكر». الجزء: 1 ¦ الصفحة: 400 1448 - وعنه وعن أَبي سعيدٍ رضي الله عنهما، قالا: قَالَ رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم: «لا يَقْعُدُ قَومٌ يَذكُرُونَ اللهَ - عز وجل - إِلاَّ حَفَّتْهُمُ المَلائِكَةُ وغَشِيَتْهُمُ الرَّحْمَةُ وَنَزَلَتْ عَلَيْهِمْ السَّكِينَةُ؛ وَذَكَرَهُمُ اللهُ فِيمَنْ عِنْدَهُ». رواه مسلم. (1)   (1) أخرجه: مسلم 8/ 72 (2700) (39). الحديث: 1448 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 400 1449 - وعن أَبي واقدٍ الحارث بن عوف - رضي الله عنه: أنَّ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - بَيْنَمَا هُوَ جَالِسٌ في المَسْجِدِ، والنَّاسُ مَعَهُ، إذْ أَقْبَلَ ثَلاثَةُ نَفَرٍ، فَأَقْبَلَ اثْنَانِ إِلَى رسُولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - وَذَهَبَ واحِدٌ؛ فَوَقَفَا عَلَى رسولِ الله - صلى الله عليه وسلم. فأمَّا أحَدُهُما فَرَأَى فُرْجةً في الحَلْقَةِ فَجَلَسَ فِيهَا، وَأمَّا الآخرُ فَجَلَسَ خَلْفَهُمْ، وأمَّا الثَّالثُ فأدْبَرَ ذاهِبًا. فَلَمَّا فَرَغَ رَسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: «ألاَ أُخْبِرُكُمْ عَنِ النَّفَرِ الثَّلاَثَةِ: أَمَّا أَحَدُهُمْ فَأوَى إِلَى اللهِ فآوَاهُ اللهُ إِلَيْهِ. وَأمَّا الآخَرُ فاسْتَحْيَى فَاسْتَحْيَى اللهُ مِنْهُ، وأمّا الآخَرُ، فَأعْرَضَ، فَأَعْرَضَ اللهُ عَنْهُ». متفقٌ عَلَيْهِ. (1)   (1) أخرجه: البخاري 1/ 26 (66)، ومسلم 7/ 9 (2176) (26). الحديث: 1449 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 401 1450 - وعن أَبي سعيد الخدري - رضي الله عنه - قَالَ: خرج معاوية - رضي الله عنه - عَلَى حَلْقَةٍ في المَسْجِدِ، فَقَالَ: مَا أجْلَسَكُمْ؟ قالوا: جَلَسْنَا نَذْكُرُ اللهَ. قَالَ: آللهِ مَا أجْلَسَكُمْ إِلاَّ ذاك؟ قالوا: مَا أجْلَسَنَا إِلاَّ ذَاكَ، قَالَ: أما إنِّي لَمْ اسْتَحْلِفْكُمْ تُهْمَةً لَكُمْ، وَمَا كَانَ أحَدٌ بِمَنْزِلَتِي مِنْ رَسولِ الله - صلى الله عليه وسلم - أَقَلَّ عَنْهُ حَديثًا مِنِّي: إنَّ رسُولَ الله - صلى الله عليه وسلم - خَرَجَ عَلَى حَلْقَةٍ مِنْ أصْحَابِهِ فَقَالَ: «مَا أجْلَسَكُمْ؟» قالوا: جَلَسْنَا نَذْكُرُ الله وَنَحْمَدُهُ عَلَى مَا هَدَانَا للإسْلاَمِ؛ وَمَنَّ بِهِ عَلَيْنَا. قَالَ: «آللهِ مَا أجْلَسَكُمْ إِلاَّ ذَاكَ؟» قالوا: واللهِ مَا أجْلَسَنَا إِلاَّ ذَاكَ. قَالَ: «أمَا إنِّي لَمْ أسْتَحْلِفْكُمْ تُهْمَةً لَكُمْ، ولكِنَّهُ أتَانِي جِبرِيلُ فَأخْبَرَنِي أنَّ الله يُبَاهِي بِكُمُ المَلاَئِكَةَ». رواه مسلم. (1)   (1) أخرجه: مسلم 8/ 72 (2701) (40). الحديث: 1450 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 401 248 - باب الذكر عِنْدَ الصباح والمساء قَالَ الله تَعَالَى: {وَاذْكُرْ رَبَّكَ في نَفْسِكَ تَضَرُّعًا وَخِيفَةً وَدُونَ الجَهْرِ مِنَ القَوْلِ بِالغُدُوِّ وَالآصَالِ وَلاَ تَكُنْ مِنَ الغَافِلِينَ} [الأعراف: 205] قَالَ أهلُ اللُّغَةِ: «الآصَالُ»: جَمْعُ أصِيلٍ، وَهُوَ مَا بَيْنَ العَصْرِ وَالمَغْرِبِ. وقال تَعَالَى: {وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَقَبْلَ غُرُوبِهَا} [طه: 130]. وقال تعالى: {وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ بِالْعَشِيِّ وَالأِبْكَارِ} [غافر: 55]، قَالَ أهلُ اللُّغَةِ «العَشِيُّ»: مَا بَيْنَ زَوَالِ الشَّمْسِ وغُرُوبِهَا. وقال تَعَالَى: {فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللهُ أَنْ تُرْفَعَ وَيُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ يُسْبِّحُ لَهُ فِيهَا بالغُدُوِّ وَالآصَالِ رِجَالٌ لا تُلْهِيهِمْ تِجَارَةٌ وَلاَ بَيْعٌ عَنْ ذِكْرِ اللهِ} الآية [النور: 36 - 37]. وقال تَعَالَى: {إنَّا سَخَّرْنَا الجِبَالَ مَعَهُ يُسَبِّحْنَ بالعَشِيِّ وَالإشْرَاقِ} [ص: 18]. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 401 1451 - وعن أَبي هريرة - رضي الله عنه - قَالَ: قَالَ رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم: «مَنْ قَالَ حِيْنَ يُصْبِحُ وَحينَ يُمْسِي : سُبْحَانَ اللهِ وَبِحَمْدِهِ، مِائَةَ مَرَّةٍ، لَمْ يَأتِ أَحَدٌ يَوْمَ القِيَامَةِ بِأفْضَلَ مِمَّا جَاءَ بِهِ، إِلاَّ أحَدٌ قَالَ مِثْلَ مَا قَالَ أَوْ زَادَ». رواه مسلم. (1)   (1) أخرجه: مسلم 8/ 69 (2692) (29). الحديث: 1451 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 402 1452 - وعنه، قَالَ: جَاءَ رجلٌ إِلَى النبيّ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ: يَا رسولَ الله مَا لَقِيْتُ مِنْ عَقْرَبٍ لَدَغَتْنِي البَارِحَةَ! قَالَ: «أمَا لَوْ قُلْتَ حِيْنَ أمْسَيْت َ: أعُوذُ بِكَلِمَاتِ اللهِ التَّامَّاتِ مِنْ شَرِّ مَا خَلَقَ: لَمْ تَضُرَّك». رواه مسلم. (1)   (1) أخرجه: مسلم 8/ 76 (2709). الحديث: 1452 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 402 1453 - وعنه، عن النبيّ - صلى الله عليه وسلم - أنَّه كَانَ يقولُ إِذَا أصْبَح َ: «اللَّهُمَّ بِكَ أصْبَحْنَا، وَبِكَ أمْسَيْنَا، وَبِكَ نَحْيَا، وَبِكَ نَمُوتُ، وَإلَيْكَ النُّشُورُ». وإذا أمسَى قَال َ: «اللَّهُمَّ بِكَ أمْسَيْنَا، وبِكَ نَحْيَا، وَبِكَ نَمُوتُ. وَإلْيَكَ النُّشُورُ». رواه أَبُو داود والترمذي، (1) وقال: «حديث حسن».   (1) أخرجه: أبو داود (5068)،والترمذي (3391). الحديث: 1453 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 402 1454 - وعنه: أنَّ أَبَا بكرٍ الصديق - رضي الله عنه - قَالَ: يَا رسول الله مُرْني بِكَلِمَاتٍ أقُولُهُنَّ إِذَا أصْبَحْتُ وإذا أمْسَيْتُ، قَالَ: «قُل ْ: اللَّهُمَّ فَاطِرَ السَّمَاواتِ والأرْضِ عَالِمَ الغَيْبِ والشَّهَادَةِ؛ رَبَّ كُلِّ شَيْءٍ وَمَلِيكَهُ، أَشْهَدُ أَنْ لا إلَهَ إِلاَّ أنْتَ، أعُوذُ بِكَ مِنْ شَّرِّ نَفْسِي وَشَرِّ الشَّيْطَانِ وَشِرْكِهِ» قَالَ: «قُلْهَا إِذَا أصْبَحْتَ، وإذَا أمْسَيْتَ، وإذَا أخَذْتَ مَضْجَعَكَ». رواه أَبُو داود والترمذي (1)، وقال: «حديث حسن صحيح».   (1) أخرجه: أبو داود (5067)، والترمذي (3392). الحديث: 1454 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 402 1455 - وعن ابن مسعودٍ - رضي الله عنه - قَالَ: كَانَ نبيُّ الله - صلى الله عليه وسلم - إِذَا أَمْسَى قَال َ: «أَمْسَيْنَا وأمْسَى المُلْكُ للهِ، والحَمْدُ للهِ، لا إلهَ إِلاَّ اللهُ وَحْدَهُ لاَ شَريكَ لَهُ» قَالَ الراوي: أَرَاهُ قَالَ فِيهِن َّ: «لَهُ المُلْكُ وَلَهُ الحَمْدُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدير، رَبِّ أسْألُكَ خَيْرَ مَا في هذِهِ اللَّيْلَةِ وَخَيْرَ مَا بَعْدَهَا، وَأعُوذُ بِكَ مِنْ شَرِّ مَا في هذِهِ اللَّيْلَةِ وَشَرِّ مَا بَعْدَهَا، رَبِّ أعُوذُ بِكَ مِنَ الكَسَلِ، وَسُوءِ ال كِبَرِ (1)، رَبِّ أعُوذُ بِكَ مِنْ عَذَابٍ في النَّارِ، وَعَذَابٍ في القَبْرِ»، وَإذَا أصْبَحَ قَالَ ذَلِكَ أيضًا «أصْبَحْنَا وأصْبَحَ المُلْكُ للهِ». رواه مسلم. (2)   (1) قال النووي في شرح صحيح مسلم 9/ 38: «الكبر: روي بإسكان الباء وفتحها، فالإسكان بمعنى التعاظم على الناس، والفتح بمعنى الهرم والخرف والرد إلى أرذل العمر». (2) أخرجه: مسلم 8/ 82 (2723) (75). الحديث: 1455 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 402 1456 - وعن عبد الله بن خُبَيْب - بضم الخاء المعجمة - رضي الله عنه - قَالَ: قَالَ لي رَسولُ الله - صلى الله عليه وسلم: «اقْرَأ ْ: قُلْ هُوَ اللهُ أحَدٌ، والمُعَوِّذَتَيْنِ حِيْنَ تُمْسِي وَحِينَ تُصْبحُ، ثَلاثَ مَرَّاتٍ تَكْفيكَ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ». رواه أَبُو داود والترمذي، (1) وقال: «حديث حسن صحيح».   (1) أخرجه: أبو داود (5082)، والترمذي (3575)، وقال: «حديث حسن صحيح غريب». الحديث: 1456 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 403 1457 - وعن عثمان بن عفان - رضي الله عنه - قَالَ: قَالَ رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم: «مَا مِنْ عَبْدٍ يَقُولُ في صَبَاحِ كُلِّ يَوْمٍ وَمَسَاءِ كُلِّ لَيْلَة ٍ: بِسْمِ اللهِ الَّذِي لا يَضُرُّ مَعَ اسْمِهِ شَيْءٌ في الأرْضِ وَلاَ في السَّمَاءِ وَهُوَ السَّمِيعُ العَلِيمُ، ثَلاثَ مَرَّاتٍ، إِلاَّ لَمْ يَضُرَّهُ شَيْءٌ». رواه أَبُو داود والترمذي (1)، وقال: «حديث حسن صحيح».   (1) أخرجه: أبو داود (5088) و (5089)، وابن ماجه (3869)، والترمذي (3388)، وقال: «حديث حسن صحيح غريب». الحديث: 1457 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 403 249 - باب مَا يقوله عِنْدَ النوم قَالَ الله تَعَالَى: {إنَّ في خَلْقِ السَّماوَاتِ والأَرْضِ وَاخْتِلاَفِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ لآيَاتٍ لأُولِي الأَلْبَابِ الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللهَ قِيَامًا وَقُعُودًا وَعَلَى جُنُوبِهمْ وَيَتَفَكَّرُونَ في خَلْقِ السَّمَاواتِ وَالأَرْضِ} [آل عمران: 190 - 191] الآيات. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 403 1458 - وعن حُذَيْفَةَ، وأبي ذرٍّ رضي الله عنهما: أنَّ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - كَانَ إِذَا أَوَى إِلَى فِراشِهِ، قَال َ: «بِاسْمِكَ اللَّهُمَّ أَحْيَا وأَمُوتُ». رواه البخاري. (1)   (1) انظر الحديث (1446). الحديث: 1458 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 403 1459 - وعن عليٍّ - رضي الله عنه: أنَّ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - قَالَ لَهُ ولِفَاطِمَةَ رضي الله عنهما: «إِذَا أَوَيْتُمَا إِلَى فِرَاشِكُمَا - أَوْ إِذَا أَخَذْتُمَا مَضَاجِعَكُمَا - فَكَبِّرا ثَلاَثًا وَثَلاثِينَ، وَسَبِّحَا ثَلاثًا وَثَلاثِينَ، واحْمِدا ثَلاثًا وَثَلاثِينَ» وفي روايةٍ: التَّسْبيحُ أرْبعًا وثلاثينَ، وفي روايةٍ: التَّكْبِيرُ أرْبعًا وَثَلاَثينَ. متفق عَلَيْهِ. (1)   (1) أخرجه: البخاري 4/ 103 (3113) و7/ 84 (5361) و (5362)، ومسلم 8/ 84 (2727) (80). الحديث: 1459 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 403 1460 - وعن أَبي هريرة - رضي الله عنه - قَالَ: قَالَ رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم: «إِذَا أَوَى أَحَدُكُمْ إِلَى فِرَاشِهِ فَليَنْفُضْ فِرَاشَهُ بِدَاخِلَةِ إزَارِهِ (1) فإنَّهُ لا يَدْرِي مَا خَلَفَهُ عَلَيْهِ، ثُمَّ يَقُولُ: بِاسمِكَ [ص: 404] رَبِّي وَضَعْتُ جَنْبي، وَبِكَ أرْفَعُهُ، إنْ أَمْسَكْتَ نَفْسِي فَارْحَمْهَا، وَإنْ أَرْسَلْتَهَا، فاحْفَظْهَا بِمَا تَحْفَظُ بِهِ عِبَادَكَ الصَّالِحِينَ» متفق عَلَيْهِ. (2)   (1) داخلة إزاره: طرفه وحاشيته من الداخل. النهاية 2/ 107. (2) أخرجه: البخاري 8/ 87 (6320)، ومسلم 8/ 79 (2714) (64). الحديث: 1460 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 403 1461 - وعن عائشة رَضِيَ اللهُ عنها: أنَّ رسُولَ الله - صلى الله عليه وسلم - كَانَ إِذَا أخَذَ مَضْجَعَهُ نَفَثَ في يَدَيْهِ، وَقَرَأَ بالمُعَوِّذَاتِ، ومَسَحَ بِهِمَا جَسَدَهُ. متفق عَلَيْهِ. وفي رواية لهما: أنَّ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - كَانَ إذا أَوَى إِلَى فِرَاشِهِ كُلَّ لَيْلَةٍ جَمَعَ كَفَّيْهِ، ثُمَّ نَفَثَ فِيهِمَا فَقَرأَ فيهِما : «قُلْ هُوَ اللهُ أحَدٌ، وَقُلْ أعُوذُ بِرَبِّ الفَلَقِ، وَقُلْ أعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ» ثُمَّ مَسَحَ بِهِما مَا استْطَاعَ مِنْ جَسَدِهِ، يَبْدَأُ بهما عَلَى رَأسِهِ وَوجْهِهِ، وَمَا أقْبَلَ مِنْ جَسَدِهِ، يَفْعَلُ ذَلِكَ ثَلاَثَ مَرَّاتٍ. متفق عَلَيْهِ. (1) قَالَ أهلُ اللُّغَةِ: «النَّفْثُ» نَفْخٌ لَطِيفٌ بِلاَ رِيقٍ.   (1) أخرجه: البخاري 6/ 233 (5017) و8/ 87 (6319)، ومسلم 7/ 16 (2192) (51). روايتا مسلم: «كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذا مرض أحد من أهله ... » و «أنَّ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - كان إذا اشتكى يقرأ على نفسه بالمعوذات ... ». وجعلهما المزي في تحفة الأشراف حديثين منفصلين. انظر: تحفة الأشراف 11/ 388 (16537) و524 (16964). الحديث: 1461 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 404 1462 - وعن البراءِ بنِ عازبٍ رضي الله عنهما، قَالَ: قَالَ رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم: «إِذَا أَتَيتَ مَضْجعَكَ فَتَوَضَّأْ وَضُوءكَ لِلصَّلاَةِ، ثُمَّ اضْطَجِعْ عَلَى شِقِّكَ الأيْمَن، وَقُل ْ: اللَّهُمَّ أَسْلَمْتُ نَفْسِي إِلَيْكَ، وَوَجَّهْتُ وَجْهِي إِلَيْكَ، وَفَوضْتُ أَمْرِي إليكَ، وأَلْجَأتُ ظَهرِي إلَيْكَ، رَغْبَةً وَرهْبَةً إليكَ، لا مَلْجَأَ وَلاَ مَنْجَا مِنْكَ إِلاَّ إليكَ، آمَنْتُ بِكِتابِكَ الَّذِي أنْزَلْتَ، وَبِنَبِيِّكَ الَّ ذِي أرْسَلْتَ، فإنْ مِتَّ مِتَّ عَلَى الفِطْرَةِ، وَاجْعَلْهُنَّ آخِرَ مَا تَقُولُ» متفق عَلَيْهِ. (1)   (1) انظر الحديث (80). الحديث: 1462 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 404 1463 - وعن أنس - رضي الله عنه: أنَّ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - كَانَ إِذَا أَوَى إِلَى فِرَاشِهِ قَال َ: «الحَمْدُ للهِ الَّذِي أَطْعَمَنَا وَسَقَانَا، وكفَانَا وآوانَا، فَكَمْ مِمَّنْ لا كَافِيَ لَهُ وَلاَ مُؤْوِيَ (1)». رواه مسلم. (2)   (1) قال النووي في شرح صحيح مسلم 9/ 32: «أي: فكم ممن لا راحم ولا عاطف عليه، وقيل: معناه لا وطن له ولا سكن يأوي إليه». (2) أخرجه: مسلم 8/ 79 (2715) (65). الحديث: 1463 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 404 1464 - وعن حذيفة - رضي الله عنه: أنَّ رسُولَ الله - صلى الله عليه وسلم - كَانَ إِذَا أَرَادَ أَنْ يَرْقُدَ، وَضَعَ يَدَهُ اليُمْنَى تَحْتَ خَدِّهِ، ثُمَّ يَقُول ُ: «اللَّهُمَّ قِني عَذَابَكَ يَوْمَ تَبْعَثُ عِبَادَكَ». رواه الترمذي، وقال: «حديث حسن». ورواه أَبُو داود؛ (1) من رواية حَفْصَةَ رَضِيَ اللهُ عنها، وفيهِ أنه كَانَ يقوله ثلاث مراتٍ.   (1) أخرجه: الترمذي (3398) عن حذيفة، وقال: «حديث حسن صحيح». وأخرجه: أبو داود (5045) عن حفصة. الحديث: 1464 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 405 (16) - كتَاب الدَعَوات 250 - باب الأمر بالدعاء وفضله وبيان جمل من أدعيته - صلى الله عليه وسلم. قَالَ الله تَعَالَى: {وقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ} [غافر: 60]، وقال تَعَالَى: {ادْعُوا رَبَّكُمْ تَضَرُّعًا وَخُفْيَةً إنَّهُ لا يُحِبُّ المُعْتَدِينَ} [الأعراف: 55]. وقال تَعَالَى: {وَإذا سَألَكَ عِبَادِي عَنِّي فإنِّي قَريبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ} الآية [البقرة: 186]، وقال تَعَالَى: {أَمَّنْ يُجِيبُ المُضْطرَّ إِذَا دَعَاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ} [النمل: 62]. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 407 1465 - وعن النعمان بن بشيرٍ رضي الله عنهما، عن النبيّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: «الدُّعَاءُ هُوَ العِبَادَةُ». رواه أَبُو داود والترمذي، (1) وقال: «حديث حسن صحيح».   (1) أخرجه: أبو داود (1479)، وابن ماجه (3828)، والترمذي (2969) و (3247) و (3372). الحديث: 1465 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 407 1466 - وعن عائشة رَضِيَ اللهُ عنها، قالت: كَانَ رسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم - يَسْتَحِبُّ الجَوَامِعَ مِنَ الدُّعَاءِ (1)، وَيَدَعُ مَا سِوَى ذَلِكَ. رواه أَبُو داود بإسناد جيدٍ. (2)   (1) الجوامع من الدعاء: هي التي تجمع الأغراض الصالحة والمقاصد الصحيحة، أو تجمع الثناء على الله تعالى وآداب المسألة. (النهاية 1/ 295) (2) أخرجه: أبو داود (1482). الحديث: 1466 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 407 1467 - وعن أنس - رضي الله عنه - قَالَ: كَانَ أكثرُ دعاءِ النبيّ - صلى الله عليه وسلم : «اللَّهُمَّ آتِنَا في الدُّنْيَا حَسَنَةً، وَفِي الآخِرَةِ حَسَنَةً، وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ». متفقٌ عَلَيْهِ. (1) [ص: 408] زاد مسلم في روايتهِ قَالَ: وَكَانَ أَنَسٌ إِذَا أرادَ أَنْ يَدْعُوَ بِدَعْوَةٍ دَعَا بِهَا، وَإِذَا أرادَ أَنْ يَدْعُوَ بِدُعَاءٍ دَعَا بِهَا فِيهِ.   (1) أخرجه: البخاري 8/ 102 (6389)، ومسلم 8/ 68 (2690) (26). الحديث: 1467 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 407 1468 - وعن ابن مسعودٍ - رضي الله عنه: أنَّ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - كَانَ يقول : «اللَّهُمَّ إنِّي أسْألُكَ الهُدَى، والتُّقَى، والعَفَافَ، والغِنَى (1)». رواه مسلم. (2)   (1) قال النووي في شرح صحيح مسلم 9/ 38: «العفاف والعفة: التنزه عما يباح والكف عنه، والغنى هنا غنى النفس، والاستغناء عن الناس، وعما في أيديهم». (2) انظر الحديث (71). الحديث: 1468 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 408 1469 - وعن طارق بن أَشْيَمَ - رضي الله عنه - قَالَ: كَانَ الرَّجُلُ إِذَا أسْلَمَ عَلَّمَهُ النَّبيُّ - صلى الله عليه وسلم - الصَّلاَةَ ثُمَّ أمَرَهُ أَنْ يَدْعُوَ بِهؤلاَءِ الكَلِمَاتِ: «ا للَّهُمَّ اغْفِرْ لِي، وَارْحَمْنِي، وَاهْدِني، وَعَافِني، وَارْزُقْنِي». رواه مسلم. (1) وفي روايةٍ له عن طارق: أنَّه سمع النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - وأتاهُ رَجُلٌ فَقَالَ: يَا رسول اللهِ، كَيْفَ أقُولُ حِيْنَ أسْأَلُ رَبِّي؟ قَالَ: «قُل ْ: اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِي، وَارْحَمْنِي، وَعَافِني، وارْزُقْنِي، فإنَّ هؤلاَءِ تَجْمَعُ لَكَ دُنْيَاكَ وَآخِرَتَكَ».   (1) أخرجه: مسلم 8/ 71 (2697) (35) و (36). الحديث: 1469 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 408 1470 - وعن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما، قَالَ: قَالَ رسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم : «اللَّهُمَّ مُصَرِّفَ القُلُوبِ صَرِّفْ قُلُوبنَا عَلَى طَاعَتِكَ». رواه مسلم. (1)   (1) أخرجه: مسلم 8/ 51 (2654) (17). الحديث: 1470 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 408 1471 - وعن أَبي هريرة - رضي الله عنه - عن النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: «تَعَوَّذُوا بِالله ِ مِنْ جَهْدِ البَلاَءِ، وَدَرَكِ الشَّقَاءِ، وَسُوءِ القَضَاءِ، وَشَمَاتَةِ الأَعْدَاءِ (1)». متفق عَلَيْهِ. (2) [ص: 409] وفي روايةٍ قَالَ سفيان: أَشُكُّ أنِّي زِدْتُ واحدةً مِنْهَا.   (1) قال النووي في شرح صحيح مسلم 9/ 28: أما «دَرَكِ الشَّقَاءِ» فالمشهور فيه فتح الراء، وبالسكون لغة. و «جَهْدِ البَلاَءِ» بفتح الجيم وضمها، والفتح أشهر وأفصح. فأما الاستعاذة من سوء القضاء، فيدخل فيها سوء القضاء في الدين والدنيا، والبدن والمال والأهل، وقد يكون ذلك في الخاتمة. وأما درك الشقاء، فيكون في أمور الآخرة والدنيا، ومعناه: أعوذ بك أن يدركني شقاء. وشماتة الأعداء: هي فرح العدو ببلية تنْزل بعدوه، يقال منه: شمت بكسر الميم، وشمت بفتحها، فهو شامت وأشمته غيره، وأما جهد البلاء، فروي عن ابن عمر أنه فسره بقلة المال وكثرة العيال، وقيل: الحال الشاقة. (2) أخرجه: البخاري 8/ 157 (6616)، ومسلم 8/ 76 (2707) (53). الحديث: 1471 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 408 1472 - وعنه، قَالَ: كَانَ رسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم - يقول : «اللَّهُمَّ أصْلِحْ لِي دِيني الَّذِي هُوَ عِصْمَةُ أمْرِي، وأصْلِحْ لِي دُنْيَايَ الَّتي فِيهَا مَعَاشِي، وأصْلِحْ لِي آخِرتِي الَّتي فِيهَا مَعَادي، وَاجْعَلِ الحَيَاةَ زِيَادَةً لِي في كُلِّ خَيْرٍ، وَاجْعَلِ المَوتَ رَاحَةً لِي مِنْ كُلِّ شَرٍّ». رواه مسلم. (1)   (1) أخرجه: مسلم 8/ 81 (2720) (71). الحديث: 1472 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 409 1473 - وعن علي - رضي الله عنه - قَالَ: قَالَ لي رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم: «قُلْ: اللَّهُمَّ اهْدِني، وسَدِّدْنِي (1)». وفي رواية : «اللَّهمَّ إنِّي أسْألُكَ الهُدَى والسَّدَادَ». رواه مسلم. (2)   (1) قال النووي: «سددني: وفقني واجعلني منتصبًا في جميع أموري مستقيمًا». شرح صحيح مسلم 9/ 38. (2) أخرجه: مسلم 8/ 83 (2725) (78). الحديث: 1473 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 409 1474 - وعن أنس - رضي الله عنه - قَالَ: كَانَ رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - يقول ُ: «اللَّهُمَّ إنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنَ العَجْزِ، وَالكَسَلِ، وَالجُبْنِ، والهَرَمِ، والبُخْلِ، وأعُوذُ بِكَ مِنْ عَذَابِ القَبْرِ، وأعوذُ بِكَ مِنْ فِتْنَةِ المَحْيَا وَالمَمَاتِ (1)». وفي رواية: «وَضَلَعِ الدَّيْنِ، وَغَلَبَةِ الرِّجَالِ (2)». رواه مسلم. (3)   (1) قال النووي في شرح صحيح مسلم 9/ 26: «الكسل: هو عدم انبعاث النفس للخير وقلة الرغبة مع إمكانه. وأما العجز: فعدم القدرة عليه، وقيل: هو ترك ما يجب فعله، والتسويف به، وكلاهما تستحب الإعاذة منه. وأما استعاذته من الهرم فالمراد به الاستعاذة من الرد إلى أرذل العمر، وسبب ذلك ما فيه من الخرف واختلال العقل والحواس والضبط ... وأما استعاذته من الجبن والبخل، فلما فيهما من التقصير عن أداء الواجبات، والقيام بحقوق الله تعالى وإزالة المنكر ... وبالسلامة من البخل يقوم بحقوق المال وينبعث للإنفاق والجود ولمكارم الأخلاق». (2) قال الحافظ ابن حجر في الفتح 11/ 207: «الضلع هو الاعوجاج والمراد به هنا ثقل الدين وشدته، وغلبة الرجال: أي شدة تسلطهم كاستيلاء الرعاع هرجًا ومرجًا». (3) أخرجه: البخاري 8/ 97 (6363) و98 (6367)، ومسلم 8/ 75 (2706) (50). الحديث: 1474 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 409 1475 - وعن أَبي بكر الصديق - رضي الله عنه: أنَّه قَالَ لرسُولِ الله - صلى الله عليه وسلم: عَلِّمْنِي دُعَاءً أَدْعُو بِهِ في صَلاَتِي، قَالَ: «قُل ْ: اللَّهُمَّ إِنِّي ظَلَمتُ نَفْسِي ظُلْمًا كَثِيرًا، وَلاَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلاَّ أنْتَ، فَاغْفِرْ لي مَغْفِرَةً مِنْ عِنْدِكَ، وارْحَمْنِي، إنَّكَ أنْتَ الغَفُورُ الرَّحِيمُ» متفق عَلَيْهِ. (1) وفي روايةٍ: «وفي بيتي» وَرُوِيَ: «ظلمًا كثيرًا» ورُوِي: «كبيرًا» بالثاء المثلثة وبالباء الموحدة؛ فينبغي أَنْ يجمع بينهما فيقال: كثيرًا كبيرًا.   (1) أخرجه: البخاري 8/ 89 (6326) و9/ 144 (7387) و (7388)، ومسلم 8/ 74 (2705) (48). الحديث: 1475 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 410 1476 - وعن أَبي موسى - رضي الله عنه - عن النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم: أنَّه كَانَ يدْعُو بِهذا الدُّعَاء ِ: «اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِي خَطِيئَتِي وَجَهْلِي، وإِسْرَافِي فِي أَمْرِي، وَمَا أنْتَ أَعْلَمُ بِهِ مِنّي، اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِي جِدِّي وَهَزْلِي؛ وَخَطَئِي وَعَمْدِي؛ وَكُلُّ ذَلِكَ عِنْدِي، اللَّهُمَّ اغْفِرْ لي مَا قَدَّمْتُ وَمَا أخَّرْتُ، وَمَا أسْ رَرْتُ وَمَا أعْلَنْتُ، وَمَا أنتَ أعْلَمُ بِهِ مِنِّي، أنْتَ المُقَدِّمُ، وأنْتَ المُؤَخِّرُ، وأنْتَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ» متفق عَلَيْهِ. (1)   (1) أخرجه: البخاري 8/ 105 (6399)، ومسلم 8/ 80 (2719) (70). الحديث: 1476 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 410 1477 - وعن عائشة رَضِيَ اللهُ عنها: أنَّ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - كَانَ يقول في دُعَائِهِ: «اللَّهُمَّ إنِّي أعُوذُ بِكَ مِنْ شَرِّ مَا عَمِلْتُ ومنْ شَرِّ مَا لَمْ أعْمَلْ». رواه مسلم. (1)   (1) أخرجه: مسلم 8/ 79 (2716) (66). الحديث: 1477 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 410 1478 - وعن ابن عمر رضي الله عنهما، قَالَ: كَانَ مِن دعاءِ رسُولِ الله - صلى الله عليه وسلم : «اللَّهُمَّ إنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنْ زَوالِ نِعْمَتِكَ، وتَحَوُّلِ عَافِيَتِكَ، وفُجَاءةِ نِقْمَتِكَ، وَجَميعِ سَخَطِكَ». رواه مسلم. (1)   (1) أخرجه: مسلم 8/ 88 (2739) (96). الحديث: 1478 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 410 1479 - وعن زيد بن أرقم - رضي الله عنه - قَالَ: كَانَ رسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم - يقول : «اللَّهُمَّ إنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنَ العَجْزِ وَالكَسَلِ، والبُخْلِ والهَرَمِ، وَعَذابِ القَبْرِ، اللَّهُمَّ آتِ نَفْسِي تَقْوَاهَا، وَزَكِّها أَنْتَ خَيْرُ مَنْ زَكَّاهَا، أَنْتَ وَلِيُّهَا وَمَوْلاَهَا، اللَّهُمَّ إنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنْ عِلْمٍ لا يَ نْفَعُ؛ وَمِنْ قَلْبٍ لا يَخْشَعُ، وَمِنْ نَفْسٍ لاَ تَشْبَعُ؛ وَمِنْ دَعْوَةٍ لا يُسْتَجابُ لَهَا».رواه مسلم. (1)   (1) أخرجه: مسلم 8/ 81 (2722) (73). الحديث: 1479 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 410 1480 - وعن ابن عباس رضي الله عنهما: أنَّ رسُولَ الله - صلى الله عليه وسلم - كَانَ يقول : «اللَّهُمَّ لَكَ أَسْلَمْتُ، وَبِكَ آمَنْتُ، وَعَلَيْكَ تَوَكَّلْتُ، وإلَيْكَ أنَبْتُ، وَبِكَ خَاصَمْتُ، وإلَيْكَ حَاكَمْتُ. فَاغْفِرْ لِي مَا قَدَّمْتُ، وَمَا أَخَّرْتُ، وَمَا أَسْرَرْتُ، وَمَا أَعْلَنْتُ، أَنتَ المُقَدِّمُ، وأَنْتَ المُؤَخِّرُ، لا إلهَ إِلاَّ أنْتَ». زَادَ بَعْضُ الرُّوَاةِ: «وَلاَ حَوْلَ وَلاَ قُوَّةَ إِلاَّ باللهِ» متفق عَلَيْهِ. (1)   (1) أخرجه: البخاري 2/ 60 (1120)، ومسلم 2/ 184 (769) (199)، وانظر الحديث (75). الحديث: 1480 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 411 1481 - وعن عائشة رَضِيَ اللهُ عنها: أنَّ النبيّ - صلى الله عليه وسلم - كَانَ يدعو بِهؤُلاءِ الكَلِمَات ِ: «اللَّهُمَّ إنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنْ فِتْنَةِ النَّارِ، وَعَذَابِ النَّارِ، وَمِنْ شَرِّ الغِنَى وَالفَقْرِ». رواه أَبُو داود والترمذي، (1) وقال: «حديث حسن صحيح»؛ وهذا لفظ أَبي داود.   (1) أخرجه: أبو داود (1543)، والترمذي (3495). الحديث: 1481 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 411 1482 - وعن زياد بن عِلاَقَةَ عن عمه، وَهُوَ قُطْبَةُ بنُ مالِكٍ - رضي الله عنه - قَالَ: كَانَ النبيّ - صلى الله عليه وسلم - يقول : «اللَّهُمَّ إنِّي أعُوذُ بِكَ مِنْ مُنْكَرَاتِ الأخْلاَقِ، وَالأعْمَالِ، والأهْواءِ». رواه الترمذي، (1) وقال: «حديث حسن».   (1) أخرجه: الترمذي (3591)، وقال: «حديث حسن غريب». الحديث: 1482 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 411 1483 - وعن شَكَلِ بن حُمَيدٍ - رضي الله عنه - قَالَ: قلتُ: يَا رسولَ الله، علِّمْنِي دعاءً، قَالَ: «قُل ْ: اللَّهُمَّ إنِّي أعُوذُ بِكَ مِنْ شَرِّ سَمْعِي، وَمِنْ شَرِّ بَصَرِي، وَمِنْ شَرِّ لِسَانِي، وَمِنْ شَرِّ قَلْبِي، وَمِنْ شَرِّ مَنِيِّي (1)». رواه أَبُو داود والترمذي، (2) وقال: «حديث حسن».   (1) قال الترمذي: «يعني فرجه». (2) أخرجه: أبو داود (1551)، والترمذي (3492)، والنسائي 8/ 255 و259 و260 و267 وفي «الكبرى»، له (7875) (7877) و (7891)، وقال الترمذي: «حديث حسن غريب». الحديث: 1483 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 411 1484 - وعن أنس - رضي الله عنه: أنَّ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - كَانَ يقول: «اللَّهُمَّ إنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنَ البَرَصِ، والجُنُونِ، والجُذَامِ، وَسَيِّيءِ (1) الأسْقَامِ». رواه أَبُو داود بإسناد صحيحٍ. (2)   (1) قال الخطابي في معالم السنن 1/ 258: «استعاذ من هذه الأسقام؛ لأنّها عاهات تفسد الخلقة وتبقي الشين وبعضا يؤثر في العقل وليست كسائر الأمراض التي إنما هي أعراض لا تدوم كالحمى والصداع وسائر الأمراض التي لا تجري مجرى العاهات وإنما هي كفارات وليست بعقوبات». (2) أخرجه: أبو داود (1554). الحديث: 1484 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 411 1485 - وعن أَبي هريرة - رضي الله عنه - قَالَ: كَانَ رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - يقول : «اللَّهُمَّ إنِّي أعُوذُ بِكَ مِنَ الجُوعِ، فَإنَّهُ بِئْسَ الضَّجِيعُ، وأعوذُ بِكَ منَ الخِيَانَةِ، فَإنَّهَا بِئْسَتِ البِطَانَةُ». رواه أَبُو داود بإسناد صحيح. (1)   (1) أخرجه: أبو داود (1547)، وابن ماجه (3354)، والنسائي 8/ 263 وفي «الكبرى»، له (7903). الحديث: 1485 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 412 1486 - وعن عليّ - رضي الله عنه: أنَّ مُكَاتبًا جاءهُ فَقَالَ: إنِّي عَجِزْتُ عَنْ كِتَابَتِي فَأعِنِّي، قَالَ: ألا أُعَلِّمُكَ كَلِماتٍ عَلَّمَنِيهنَّ رسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم - لَوْ كَانَ عَلَيْكَ مِثْلُ جَبَلٍ دَيْنًا أدَّاهُ اللهُ عَنْكَ؟ قُل ْ: «اللَّهُمَّ اكْفِني بِحَلاَلِكَ عَنْ حَرَامِكَ، وَأَغْنِنِي بِفَضْلِكَ عَمَّنْ سِواكَ». رواه الترمذي، (1) وقال: «حديث حسن».   (1) أخرجه: الترمذي (3563)، وقال: «حديث حسن غريب». الحديث: 1486 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 412 1487 - وعن عِمْرَانَ بن الحُصَينِ رضي الله عنهما: أنَّ النبيّ - صلى الله عليه وسلم - عَلَّمَ أبَاهُ حُصَيْنًا كَلِمَتَيْنِ يَدْعُو بهما : «اللَّهُمَّ أَلْهِمْني رُشْدِي، وَأَعِذْنِي مِنْ شَرِّ نَفْسي». رواه الترمذي، (1) وقال: «حديث حسن».   (1) أخرجه: الترمذي (3483)، وقال: «حديث غريب»، وهو حديث ضعيف. الحديث: 1487 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 412 1488 - وعن أَبي الفضل العباس بن عبد المطلب - رضي الله عنه - قَالَ: قُلْتُ: يَا رسول الله عَلِّمْني شَيْئًا أسْألُهُ الله تَعَالَى، قَالَ: «سَلوا الله العَافِيَةَ» فَمَكَثْتُ أَيَّامًا، ثُمَّ جِئْتُ فَقُلتُ: يَا رسولَ الله عَلِّمْنِي شَيْئًا أسْألُهُ الله تَعَالَى، قَالَ لي: «يَا عَبَّاسُ، يَا عَمَّ رسول اللهِ، سَلُوا الله العَافِيَةَ في الدُّنيَا والآخِرَةِ». رواه الترمذي، (1) وقال: «حديث حسن صحيح».   (1) أخرجه: الترمذي (3514)، وقال: «حديث صحيح». الحديث: 1488 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 412 1489 - وعن شَهْرِ بن حَوشَبٍ، قَالَ: قُلْتُ لأُمِّ سَلَمة رَضِيَ اللهُ عنها، يَا أمَّ المؤمِنينَ، مَا كَانَ أكثْرُ دعاءِ رَسُولِ الله - صلى الله عليه وسلم - إِذَا كَانَ عِنْدَكِ؟ قالت: كَانَ أكْثَرُ دُعائِه ِ: «يَا مُقَلِّبَ القُلُوبِ ثَبِّتْ قَلْبِي عَلَى دِينِكَ». رواه الترمذي، (1) وقال: «حديث حسن».   (1) أخرجه: الترمذي (3522). الحديث: 1489 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 412 1490 - وعن أَبي الدرداءِ - رضي الله عنه - قَالَ: قَالَ رسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم: «كَانَ مِنْ دُعاءِ دَاوُد َ: اللَّهُمَّ إنِّي أَسْألُكَ حُبَّكَ، وَحُبَّ مَنْ يُحِبُّكَ، وَالعَمَلَ الَّذِي يُبَلِّغُنِي حُبَّكَ، اللَّهُمَّ اجْعَلْ حُبَّكَ أَحَبَّ إلَيَّ مِنْ نَفْسِي، وَأَهْلِي، وَمِنَ المَاءِ البَارِدِ». رواه الترمذي، (1) وقال: «حديث حسن».   (1) أخرجه: الترمذي (3490)، وقال: «حديث حسن غريب». الحديث: 1490 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 412 1491 - وعن أنس - رضي الله عنه - قَالَ: قَالَ رسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم: «ألِظُّوا ب ـ (يَاذا الجَلاَلِ والإكْرامِ)». رواه الترمذي، (1) ورواه النسائي من رواية ربيعة بن عامِرٍ الصحابي، قَالَ الحاكم: «حديث صحيح الإسناد». «ألِظُّوا»: بكسر اللام وتشديد الظاء المعجمة، معناه: الزَمُوا هذِهِ الدَّعْوَةَ وأَكْثِرُوا مِنْهَا.   (1) أخرجه: الترمذي (3525) عن أنس. وأخرجه: النسائي في «الكبرى» (7716)، والحاكم 1/ 498 - 499 عن ربيعة. الحديث: 1491 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 413 1492 - وعن أَبي أُمَامَةَ - رضي الله عنه - قَالَ: دعا رسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم - بدُعاءٍ كَثيرٍ، لَمْ نَحْفَظْ مِنْهُ شَيْئًا؛ قُلْنَا: يَا رسول الله، دَعَوْتَ بِدُعاءٍ كَثِيرٍ لَمْ نَحْفَظْ مِنْهُ شَيْئًا، فَقَالَ: «ألا أدُلُّكُمْ عَلَى مَا يَجْمَعُ ذَلِكَ كُلَّهُ؟ تقول : اللَّهُمَّ إنِّي أسَألُكَ مِنْ خَيْر مَا سَأَلَكَ مِنْهُ نَبِيُّكَ محمَّدٌ - صلى الله عليه وسلم؛ وأَعوذُ بِكَ مِنْ شَرِّ مَا استَعَاذَ مِنْهُ نَبِيُّكَ مُحَمَّدٌ - صلى الله عليه وسلم - وأنتَ المُسْتَعانُ، وَعَليْكَ البَلاَغُ، وَلاَ حَولَ وَلاَ قُوَّ ةَ إِلاَّ باللهِ». رواه الترمذي، (1) وقال: «حديث حسن».   (1) أخرجه: الترمذي (3521)، وقال: «حديث حسن غريب» على أنَّ الحديث ضعيف. الحديث: 1492 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 413 1493 - وعن ابن مسعود - رضي الله عنه - قَالَ: كَانَ من دعاءِ رسُولِ الله - صلى الله عليه وسلم : «اللَّهُمَّ إنِّي أَسْألُكَ مُوجِبَاتِ رَحْمَتِكَ، وَعَزَائِمَ مَغْفِرَتِكَ، والسَّلامَةَ مِنْ كُلِّ إثْمٍ، والغَنِيمَةَ مِنْ كُلِّ بِرٍّ، والفَوْزَ بالجَنَّةِ، والنَّجَاةَ مِنَ النَّارِ». رواه الحاكم أَبُو عبد الله، (1) وقال: «حديث صحيح عَلَى شرط مسلمٍ».   (1) أخرجه: الحاكم 1/ 525، وهو حديث ضعيف. الحديث: 1493 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 413 251 - باب فضل الدعاء بظهر الغيب قَالَ تَعَالَى: {والَّذِينَ جَاءوا مِنْ بَعْدِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا ولإخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بالإيمَانِ} [الحشر:10]، وقال تَعَالَى: {واسْتَغْفِرْ لِذنْبِكَ وَلِلْمُؤمِنِينَ والمؤْمِنَاتِ} [محمد:19]، وقال تَعَالَى إخْبَارًا عَن إبْرَاهِيمَ - صلى الله عليه وسلم: {رَبَّنا اغْفِرْ لِي وَلِوَالِدَيَّ وَلِلْمُؤمِنِينَ يَومَ يَقُومُ الحِسَابُ} [إبراهيم: 41]. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 413 1494 - وعن أَبي الدرداء - رضي الله عنه: أنَّه سَمِعَ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: «مَا مِنْ عَبْدٍ مُسْلمٍ يدعُو لأَخِيهِ بِظَهْرِ الغَيْبِ إِلاَّ قَالَ المَلَكُ: وَلَكَ بِمِثْلٍ». رواه مسلم. (1)   (1) أخرجه: مسلم 8/ 86 (2732) (86). الحديث: 1494 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 413 1495 - وعنه: أنَّ رسُولَ الله - صلى الله عليه وسلم - كَانَ يقول: «دَعْوَةُ المَرْءِ المُسْلِمِ لأَخيهِ بِظَهْرِ الغَيْبِ مُسْتَجَابَةٌ، عِنْدَ رَأْسِهِ مَلَكٌ مُوَكَّلٌ كُلَّمَا دَعَا لأَخِيهِ بِخَيْرٍ قَالَ المَلَكُ المُوَكَّلُ بِهِ: آمِينَ، وَلَكَ بِمِثْلٍ». رواه مسلم. (1)   (1) أخرجه: مسلم 8/ 86 (2732) (87). الحديث: 1495 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 414 252 - باب في مسائل من الدعاء 1496 - وعن أسَامة بن زيد رضي الله عنهما، قَالَ: قَالَ رسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم: «مَنْ صُنِعَ إِلَيْهِ مَعْرُوفٌ، فَقَالَ لِفاعِله ِ: جَزَاكَ اللهُ خَيرًا، فَقَدْ أبْلَغَ فِي الثَّنَاءِ». رواه الترمذي، (1) وقال: «حديث حسن صحيح».   (1) أخرجه: الترمذي (2035)، وقال: «حديث جيد غريب». الحديث: 1496 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 414 1497 - وعن جابر - رضي الله عنه - قَالَ: قَالَ رسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم: «لا تَدْعُوا عَلَى أَنْفُسِكُمْ؛ وَلاَ تَدعُوا عَلَى أوْلادِكُمْ، وَلاَ تَدْعُوا عَلَى أموَالِكُمْ، لا تُوافِقُوا مِنَ اللهِ سَاعَةً يُسألُ فِيهَا عَطَاءً فَيَسْتَجِيبَ لَكُمْ». رواه مسلم. (1)   (1) أخرجه: مسلم 8/ 233 (3009). الحديث: 1497 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 414 1498 - وعن أَبي هريرة - رضي الله عنه: أنَّ رسولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: «أقْرَبُ مَا يكونُ العَبْدُ مِنْ رَبِّهِ وَهُوَ سَاجِدٌ، فَأكْثِرُوا الدُّعَاءَ». رواه مسلم. (1)   (1) انظر الحديث (1428). الحديث: 1498 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 414 1499 - وعنه: أنَّ رسُولَ الله - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: «يُسْتَجَابُ لأَحَدِكُمْ مَا لَمْ يَعْجَلْ: يقُولُ: قَدْ دَعْوتُ رَبِّي، فَلَمْ يسْتَجب لِي» متفق عَلَيْهِ. (1) وفي روايةٍ لمسلمٍ: «لا يَزالُ يُسْتَجَابُ لِلعَبْدِ مَا لَمْ يَدْعُ بإثْمٍ، أَوْ قَطيعَةِ رحِمٍ، مَا لَمْ يَسْتَعْجِلْ» قيل: يَا رسولَ اللهِ مَا الاستعجال؟ قَالَ: «يقول: قَدْ دَعوْتُ، وَقَدْ دَعَوْتُ، فَلَمْ أرَ يسْتَجِبُ لي، فَيَسْتحْسِرُ عِنْدَ ذَلِكَ وَيَدَعُ الدُّعَاءَ (2)».   (1) أخرجه: البخاري 8/ 92 (6340)، ومسلم 8/ 87 (2735) (90) و (91) و (92). (2) قال النووي في شرح صحيح مسلم 9/ 46: «في الحديث أنّه ينبغي إدامة الدعاء، ولا يستبطئ الإجابة». الحديث: 1499 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 414 1500 - وعن أَبي أمامة - رضي الله عنه - قَالَ: قيل لِرسولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم: أيُّ الدُّعاءِ أَسْمَعُ؟ قَالَ: «جَوْفَ اللَّيْلِ الآخِرِ، وَدُبُرَ الصَّلَواتِ المَكْتُوباتِ». رواه الترمذي، (1) وقال: «حديث حسن».   (1) أخرجه: الترمذي (3499). الحديث: 1500 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 414 1501 - وعن عُبَادَةَ بنِ الصامت - رضي الله عنه: أنَّ رسولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: «مَا عَلَى الأرْضِ مُسْلِمٌ يَدْعُو الله تَعَالَى بِدَعْوَةٍ إِلاَّ آتَاهُ اللهُ إيَّاها، أَوْ صَرفَ عَنْهُ مِنَ السُّوءِ مِثْلَهَا، مَا لَمْ يَدْعُ بإثْمٍ، أَوْ قَطِيعَةِ رَحِمٍ»، فَقَالَ رَجُلٌ مِنَ القَومِ: إِذًا نُكْثِرُ قَالَ: «اللهُ أكْثَرُ». رواه الترمذي، وقال: «حديث حسن صحيح». ورواه الحاكم من روايةِ أَبي سعيدٍ وزاد فِيهِ: «أَوْ يَدخِرَ لَهُ مِن الأَجْرِ مثْلَها» (1).   (1) أخرجه: الترمذي (3573)، وقال: «حديث حسن صحيح غريب»، ورواية الحاكم في " المستدرك " 1/ 493. الحديث: 1501 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 415 1502 - وعن ابنِ عباس رضي الله عنهما: أنَّ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - كَانَ يقولُ عِنْدَ الكَرْب ِ: «لاَ إلهَ إِلاَّ اللهُ العَظِيمُ الحَليمُ، لاَ إلهَ إِلاَّ اللهُ رَبُّ العَرْشِ العَظيمِ، لاَ إلهَ إِلاَّ اللهُ رَبُّ السَّمَاواتِ، وَرَبُّ الأَرْضِ، وَرَبُّ العَرْشِ الكَرِيمِ» متفق عَلَيْهِ. (1)   (1) أخرجه: البخاري 8/ 93 (6346)، ومسلم 8/ 85 (2730) (83). الحديث: 1502 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 415 253 - باب كرامات الأولياء وفضلهم قَالَ الله تَعَالَى: {ألا إنَّ أوْلِيَاءَ اللهِ لاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يحْزَنُونَ الَّذِينَ آمَنُوا وَكَانُوا يَتَّقُونَ لَهُمُ البُشْرَى في الحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الآخِرَةِ لاَ تَبْدِيلَ لِكَلِمَاتِ الله ذَلِكَ هُوَ الفَوْزُ العَظِيمُ} [يونس: 62 - 64]، وقال تَعَالَى: {وَهُزِّي إلَيْكِ بِجِذْعِ النَّخْلَةِ تُسَاقِطْ عَلَيْكِ رُطَبًا جَنِيًّا فكُلِي وَاشْرَبِي} [مريم: 25، 26]، وقال تَعَالَى: {كُلَّمَا دَخَلَ عَلَيْهَا زَكرِيّا المِحْرَابَ وَجَدَ عِنْدَهَا رِزْقًا قَالَ يَا مَرْيَمُ أَنَّى لَكِ هَذَا قالت هُوَ مِنْ عِنْدِ اللهِ إنَّ اللهَ يَرْزُقُ مَنْ يَشَاءُ بِغَيْرِ حِسَابٍ} [آل عمران: 37]، وَقَالَ تَعَالَى: {وَإذِ اعْتَزَلْتُمُوهُمْ وَمَا يَعْبُدُونَ إِلاَّ اللهَ فَأْوُوا إِلَى الكَهْفِ يَنْشُرْ لَكُمْ رَبُّكُمْ مِنْ رَحْمَتِهِ وَيُهَيِّيءْ لَكُمْ مِنْ أمْرِكُمْ مِرْفَقًا وَتَرَى الشَّمْسَ إِذَا طَلَعَتْ تَزَاوَرُ عَنْ كَهْفِهِمْ ذَاتَ اليَمِينِ وَإِذَا غَرَبَتْ تَقْرِضُهُمْ ذَاتَ الشِّمَالِ} [الكهف: 16 - 17]. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 415 1503 - وعن أَبي محمد عبد الرحمان بن أَبي بكرٍ الصديق رضي الله عنهما: أنَّ أَصْحَابَ الصُّفّةِ كَانُوا أُنَاسًا فُقَرَاءَ وَأَنَّ النَّبيَّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ مَرَّةً: «مَنْ كَانَ عِنْدَهُ طَعَامُ اثْنَيْنِ، فَلْيَذْهَبْ بثَالِثٍ، وَمنْ كَانَ عِنْدَهُ طَعَامُ أرْبَعَةٍ، فَلْيَذْهَبْ بِخَامِسٍ بِسَادِسٍ» أَوْ كما قَالَ، وأنَّ أَبَا بكرٍ - رضي الله عنه - جَاءَ بِثَلاَثَةٍ، وانْطَلَقَ النبيّ - صلى الله عليه وسلم - بعَشَرَةٍ، وأنَّ أَبَا بَكرٍ تَعَشَّى عِنْدَ النبيّ - صلى الله عليه وسلم - ثُمَّ لَبِثَ حَتَّى صَلَّى الحديث: 1503 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 415 العِشَاءَ، ثُمَّ رَجَعَ، فجاءَ بَعْدَ مَا مَضَى مِنَ اللَّيْلِ مَا شَاءَ اللهُ. قالت امْرَأتُهُ: مَا حَبَسَكَ عَنْ أضْيَافِكَ؟ قَالَ: أوَمَا عَشَّيْتِهمْ؟ قالت: أَبَوْا حَتَّى تَجِيءَ وَقَدْ عَرَضُوا عَلَيْهِمْ، قَالَ: فَذَهَبتُ أَنَا فَاخْتَبَأْتُ، فَقالَ: يَا غُنْثَرُ، فَجَدَّعَ وَسَبَّ، وقالَ: كُلُوا لاَ هَنِيئًا (1) وَاللهِ لا أَطْعَمُهُ أَبَدًا، قَالَ: وايْمُ اللهِ مَا كُنَّا نَأخُذُ مِنْ لُقْمَةٍ إلا ربا من أسفلِها أكثرَ منها حتى شبعوا، وصَارَتْ أكثرَ مما كانَتْ قبلَ ذلكَ، فنظرَ إليها أبو بكر فقالَ لامرأتِهِ: يا أختَ بني فراسٍ (2) ما هذا؟ قالت: لا وقُرَّةِ (3) عيني لهي الآنَ أكثرُ منها قبلَ ذلكَ بثلاثِ مراتٍ! فأكل منها أبو بكرٍ وقال: إنَّما كانَ ذلكَ مِنَ الشيطانِ، يعني: يمينَهُ. ثم أكلَ منها لقمةً، ثُمَّ حَمَلَهَا إِلَى النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم - فَأَصْبَحَتْ عِنْدَهُ. وَكَانَ بَيْنَنَا وَبَيْنَ قَوْمٍ عَهْدٌ، فَمَضَى الأجَلُ، فَتَفَرَّقْنَا اثْنَيْ عَشَرَ رَجُلًا، مَعَ كُلِّ رَجُلٍ مِنْهُمْ أُنَاسٌ، اللهُ أعْلَمُ كَمْ مَعَ كُلِّ رَجُلٍ فَأَكَلُوا مِنْهَا أَجْمَعُونَ. وَفِي رِوَايةٍ: فَحَلَفَ أَبُو بَكْرٍ لا يَطْعَمُهُ، فَحَلَفَت المَرْأَةُ لا تَطْعَمُهُ، فَحَلَفَ الضَّيْفُ. - أَو الأَضْيَافُ - أَنْ لاَ يَطْعَمُهُ أَوْ يَطْعَمُوهُ حَتَّى يَطْعَمَهُ. فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: هذِهِ مِنَ الشَّيْطَانِ! فَدَعَا بالطَّعَامِ فَأكَلَ وأكَلُوا، فَجَعَلُوا لا يَرْفَعُونَ لُقْمَةً إِلاَّ رَبَتْ مِنْ أسْفَلِهَا أَكْثَرُ مِنْهَا، فَقَالَ: يَا أُخْتَ بَني فِرَاسٍ، مَا هَذَا؟ فَقَالَتْ: وَقُرْةِ عَيْنِي إنَّهَا الآنَ لأَكْثَرُ مِنْهَا قَبْلَ أَنْ نَأكُلَ، فَأكَلُوا، وَبَعَثَ بِهَا إِلَى النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم - فَذَكَرَ أنَّهُ أكَلَ مِنْهَا. وَفِي رِوايَةٍ: إنَّ أَبَا بكْرٍ قَالَ لِعَبْدِ الرَّحْمانِ: دُونَكَ أضْيَافَكَ، فَإنِّي مُنْطلقٌ إِلَى النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم - فَافْرُغْ مِنْ قِراهُم قَبْلَ أَنْ أَجِيءَ، فَانْطَلَقَ عَبْدُ الرَّحْمانِ، فَأَتَاهُمْ بما عِنْدَهُ، فَقَالَ: اطْعَمُوا؛ فقالوا: أين رَبُّ مَنْزِلِنا؟ قَالَ: اطْعَمُوا، قالوا: مَا نحنُ بِآكِلِينَ حَتَّى يَجِيءَ رَبُّ مَنْزِلِنَا، قَالَ: اقْبَلُوا عَنْا قِرَاكُمْ، فَإنَّهُ إنْ جَاءَ وَلَمْ تَطْعَمُوا، لَنَلْقَيَنَّ مِنْهُ فأبَوْا، فَعَرَفْتُ أنَّهُ يَجِدُ عَلَيَّ، فَلَمَّا جَاءَ تَنَحَّيْتُ عَنْهُ، فَقَالَ: مَا صَنَعْتُمْ؟ فَأخْبَرُوهُ، فَقَالَ: يَا عَبْدَ الرَّحمانِ، فَسَكَتُّ: ثُمَّ قَالَ: يَا عَبْدَ الرَّحْمانِ، فَسَكَتُّ، فَقَالَ: يَا غُنْثَرُ أقْسَمْتُ عَلَيْكَ إنْ كُنْتَ تَسْمَعُ صَوتِي لَمَا جِئْتَ! فَخَرَجْتُ، فَقُلْتُ: سَلْ أضْيَافَكَ، فقالُوا: صَدَقَ، أتَانَا بِهِ، فَقَالَ: إنَّمَا انْتَظَرْتُمُونِي والله لا أَطْعَمُهُ اللَّيْلَةَ. فَقَالَ الآخَرُونَ: واللهِ لَا نَطْعَمُهُ حَتَّى [ص: 417] تَطْعَمَهُ فَقَالَ: وَيْلَكُمْ مَا لَكُمْ لا تَقْبَلُونَ عَنَّا قِرَاكُمْ؟ هَاتِ طَعَامَكَ، فَجَاءَ بِهِ، فَوَضَعَ يَدَهُ فَقَالَ: بِسْمِ اللهِ، الأولَى مِنَ الشَّيْطَانِ، فَأَكَلَ وَأَكَلُوا. متفق عَلَيْهِ. (4) قَوْله: «غُنْثَرُ» بغينٍ معجمةٍ مَضمُومَةٍ ثُمَّ نُونٍ ساكِنَةٍ ثُمَّ ثاءٍ مثلثةٍ وَهُوَ: الغَبِيُّ الجَاهِلُ. وقولُهُ: «فَجَدَّعَ» أَيْ شَتَمَهُ، والجَدْعُ القَطْعُ. قولُه «يَجِدُ عَليّ» هُوَ بكسرِ الجِيمِ: أيْ يَغْضَبُ.   (1) قال النووي في شرح صحيح مسلم 7/ 215: «إنما قاله لما حصل له من الحرج والغيظ بتركهم العشاء بسببه، وقيل: إنه ليس بدعاء إنما أخبر، أي: لم تتهنئوا به في وقته». (2) قال النووي في شرح صحيح مسلم 7/ 216: «هذا خطاب من أبي بكر لامرأته أم رومان». (3) قرة العين: سرورها، وحقيقة أبرد الله دمعة عينيه؛ كأن دمعة الفرح والسرور باردة. النهاية 4/ 38. (4) أخرجه: البخاري 1/ 156 - 157 (602) و8/ 40 (6140) و41 (6141)، ومسلم 6/ 130 - 131 (2057) (176) و (177). الجزء: 1 ¦ الصفحة: 416 1504 - وعن أَبي هريرة - رضي الله عنه - قَالَ: قَالَ رسول الله - صلى الله عليه وسلم: «لَقَدْ كَانَ فيما قَبْلَكُمْ مِنَ الأُمَمِ نَاسٌ مُحَدَّثُونَ، فَإنْ يَكُ في أُمَّتِي أحدٌ فإنَّهُ عُمَرُ». رواه البخاري. ورواه مسلم من رواية عائشة. (1) وفي روايتهما قَالَ ابن وهب: «محَدَّثُونَ» أيْ مُلْهَمُونَ.   (1) أخرجه: البخاري 4/ 211 (3469). وأخرجه: مسلم 7/ 115 (2398) (23). الحديث: 1504 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 417 1505 - وعن جابر بنِ سُمْرَةَ رضي الله عنهما، قَالَ: شَكَا أهْلُ الكُوفَةِ سَعْدًا يعني: ابنَ أَبي وقاص - رضي الله عنه - إِلَى عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - فَعَزَلَهُ، واسْتَعْمَلَ عَلَيْهِمْ عَمَّارًا، فَشَكَوا حَتَّى ذَكَرُوا أنَّهُ لا يُحْسِنُ يُصَلِّي، فَأَرْسَلَ إِلَيْهِ، فَقَالَ: يَا أَبَا إسْحَاقَ، إنَّ هَؤُلاَءِ يَزْعَمُونَ أنَّكَ لا تُحْسِنُ تُصَلِّي، فَقَالَ: أَمَّا أنا واللهِ فَإنِّي كُنْتُ أُصَلِّي بِهِمْ صَلاَةَ رسولِ الله - صلى الله عليه وسلم - لا أُخْرِمُ (1) عَنْها، أُصَلِّي صَلاَتَي العِشَاءِ فَأَرْكُدُ فِي الأُولَيَيْنِ، وَأُخِفُّ في الأُخْرَيَيْنِ. قَالَ: ذَلِكَ الظَّنُّ بِكَ يَا أَبَا إسْحَاقَ، وأَرْسَلَ مَعَهُ رَجُلًا - أَوْ رِجَالًا - إِلَى الكُوفَةِ يَسْأَلُ عَنْهُ أهْلَ الكُوفَةِ، فَلَمْ يَدَعْ مَسْجِدًا إِلاَّ سَأَلَ عَنْهُ، وَيُثْنُونَ مَعْرُوفًا، حَتَّى دَخَلَ مَسْجِدًا لِبَنِي عَبْسٍ، فَقَامَ رَجُلٌ مِنْهُمْ، يُقالُ لَهُ أُسَامَةُ بْنُ قَتَادَةَ، يُكَنَّى أَبَا سَعْدَةَ، فَقَالَ: أمَا إذْ نَشَدْتَنَا فَإنَّ سَعْدًا كَانَ لا يَسِيرُ بالسَّرِيَّةِ وَلاَ يَقْسِمُ بالسَّوِيَّةِ، وَلاَ يَعْدِلُ في القَضِيَّةِ. قَالَ سَعْدٌ: أمَا وَاللهِ لأَدْعُونَّ بِثَلاَثٍ: اللَّهُمَّ إنْ كَانَ عَبْدُكَ هَذَا كَاذِبًا، قَامَ رِيَاءً، وَسُمْعَةً، فَأَطِلْ عُمُرَهُ، وَأَطِلْ فَقْرَهُ، وَعَرِّضْهُ لِلْفِتَنِ. وَكَانَ بَعْدَ ذَلِكَ إِذَا سُئِلَ يَقُولُ: شَيْخٌ كَبيرٌ مَفْتُونٌ، أَصَابَتْنِي دَعْوَةُ سَعْدٍ. [ص: 418] قَالَ عَبدُ الملكِ بن عُمَيْرٍ الراوي عن جابرِ بنِ سَمُرَةَ: فَأنا رَأَيْتُهُ بَعْدُ قَدْ سَقَطَ حَاجِبَاهُ عَلَى عَيْنَيْهِ مِنَ الكِبَرِ، وإنَّهُ لَيَتَعَرَّضُ لِلْجَوارِي فِي الطُّرُقِ فَيَغْمِزُهُنَّ. متفق عَلَيْهِ. (2)   (1) قال النووي في شرح صحيح مسلم 2/ 349: «أي لا أنقص». (2) أخرجه: البخاري 1/ 192 (755)، ومسلم 2/ 38 (453) (158). الحديث: 1505 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 417 1506 - وعن عروة بن الزبير: أنَّ سعيد بن زيد بن عمرو بن نُفَيلٍ - رضي الله عنه - خَاصَمَتْهُ أَرْوَى بِنْتُ أوْسٍ إِلَى مَرْوَانَ بْنِ الحَكَمِ، وادَّعَتْ أنَّهُ أخَذَ شَيْئًا مِنْ أرْضِهَا، فَقَالَ سعيدٌ: أنا كُنْتُ آخُذُ شَيئًا مِنْ أرْضِهَا بَعْدَ الَّذِي سَمِعْتُ مِنْ رسول الله - صلى الله عليه وسلم!؟ قَالَ: مَاذَا سَمِعْتَ مِنْ رَسُولِ الله - صلى الله عليه وسلم؟ قَالَ: سَمِعْتُ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: «مَنْ أخَذَ شِبْرًا مِنَ الأرْضِ ظُلْمًا، طُوِّقَهُ إِلَى سَبْعِ أرْضِينَ» فَقَالَ لَهُ مَرْوَانُ: لا أسْألُكَ بَيِّنَةً بَعْدَ هَذَا، فَقَالَ سعيد: اللَّهُمَّ إنْ كَانَتْ كاذِبَةً، فَأعْمِ بَصَرَها، وَاقْتُلْهَا في أرْضِها، قَالَ: فَما ماتَتْ حَتَّى ذَهَبَ بَصَرُهَا، وَبَيْنَما هِيَ تَمْشِي في أرْضِهَا إذ وَقَعَتْ في حُفْرَةٍ فَماتَتْ. متفق عَلَيْهِ. (1) وفي روايةٍ لِمُسْلِمٍ عن محمد بن زيد بن عبد الله بن عُمَرَ بِمَعْنَاهُ، وأنه رآها عَمْيَاءَ تَلْتَمِسُ الجُدُرَ تقولُ: أصابَتْنِي دَعْوَةُ سَعيدٍ، وأنَّها مَرَّتْ عَلَى بِئرٍ في الدَّارِ الَّتي خَاصَمَتْهُ فِيهَا، فَوَقَعَتْ فِيهَا، وكانتْ قَبْرَها.   (1) أخرجه: البخاري 4/ 130 (3198)، ومسلم 5/ 58 (1610) (138). الحديث: 1506 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 418 1507 - وعن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما، قَالَ: لَمَّا حَضَرَتْ أُحُدٌ دعَانِي أَبي من اللَّيلِ فَقَالَ: مَا أُرَاني إِلاَّ مَقْتُولًا في أوْلِ مَنْ يُقْتَلُ من أصْحَابِ النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم - وإنِّي لا أَتْرُكُ بَعْدِي أَعَزَّ عَلَيَّ مِنْكَ غَيْرَ نَفْسِ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وإنَّ عَلَيَّ دَيْنًا فَاقْضِ، وَاسْتَوْصِ بِأَخَوَاتِكَ خَيْرًا، فَأصْبَحْنَا، فَكَانَ أَوَّلَ قَتِيلٍ، وَدَفَنْتُ مَعَهُ آخَرَ في قَبْرِهِ، ثُمَّ لَمْ تَطِبْ نَفْسِي أَنْ أتْرُكَهُ مَعَ آخَرَ، فَاسْتَخْرَجْتُهُ بَعْدَ سِتَّةِ أشْهُرٍ، فإذا هُوَ كَيَوْمِ وَضَعْتُهُ غَيْرَ أُذنِهِ، فَجَعَلْتُهُ في قَبْرٍ عَلَى حِدَةٍ. رواه البخاري. (1)   (1) أخرجه: البخاري 2/ 116 (1351). الحديث: 1507 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 418 1508 - وعن أنس - رضي الله عنه: أنَّ رجلين مِنْ أصحاب النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم - خَرَجَا مِنْ عِنْدِ النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم - في لَيْلَةٍ مُظْلِمَةٍ وَمَعَهُمَا مِثْلُ المِصْبَاحَيْنِ بَيْنَ أَيْديهِمَا. فَلَمَّا افْتَرَقَا، صَارَ مَعَ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا وَاحِدٌ حَتَّى أتَى أهْلَهُ. رواهُ البُخاري مِنْ طُرُقٍ؛ (1) وفي بَعْضِهَا أنَّ الرَّجُلَيْنِ أُسَيْدُ بنُ حُضير، وَعَبّادُ بنُ بِشْرٍ رضي الله عنهما.   (1) أخرجه: البخاري 1/ 125 (465) و5/ 44 (3805). الحديث: 1508 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 418 1509 - وعن أَبي هريرة - رضي الله عنه - قَالَ: بعث رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عَشْرَة رَهْطٍ عَيْنًا سَرِيَّة، وأمَّرَ عَلَيْهَا عاصِمَ بنَ ثَابِتٍ الأنْصَارِيَّ - رضي الله عنه - فانْطلقوا حَتَّى إِذَا كَانُوا بالهَدْأةِ؛ بَيْنَ عُسْفَانَ وَمَكَّةَ؛ ذُكِرُوا لِحَيٍّ مِنْ هُذَيْل يُقالُ لَهُمْ: بَنُو لحيانَ، فَنَفَرُوا لَهُمْ بِقَريبٍ مِنْ مِئَةِ رَجُلٍ رَامٍ، فَاقْتَصُّوا آثَارَهُمْ، فَلَمَّا أحَسَّ بِهِمْ عَاصِمٌ وأصْحَابُهُ، لَجَأُوا إِلَى مَوْضِعٍ، فَأَحاطَ بِهِمُ القَوْمُ، فَقَالُوا: انْزِلُوا فَأَعْطُوا بِأيْدِيكُمْ وَلَكُمُ العَهْدُ وَالمِيثَاقُ أَنْ لا نَقْتُلَ مِنْكُمْ أحَدًا. فَقَالَ عَاصِمُ بنُ ثَابِتٍ: أَيُّهَا القَوْمُ، أَمَّا أنا، فَلاَ أنْزِلُ عَلَى ذِمَّةِ كَافِرٍ: اللَّهُمَّ أَخْبِرْ عَنَّا نَبِيَّكَ - صلى الله عليه وسلم - فَرَمُوهُمْ بِالنّبْلِ فَقَتلُوا عَاصِمًا، وَنَزَلَ إلَيْهِمْ ثَلاَثَةُ نَفَرٍ عَلَى العَهْدِ والمِيثاقِ، مِنْهُمْ خُبَيْبٌ، وَزَيدُ بنُ الدَّثِنَةِ وَرَجُلٌ آخَرُ. فَلَمَّا اسْتَمْكَنُوا مِنْهُمْ أطْلَقُوا أوْتَارَ قِسِيِّهِمْ، فَرَبطُوهُمْ بِهَا. قَالَ الرَّجُلُ الثَّالِثُ: هَذَا أوَّلُ الغَدْرِ واللهِ لا أصْحَبُكُمْ إنَّ لِي بِهؤُلاءِ أُسْوَةً، يُريدُ القَتْلَى، فَجَرُّوهُ وعَالَجُوهُ، فأبى أَنْ يَصْحَبَهُمْ، فَقَتَلُوهُ، وانْطَلَقُوا بِخُبَيبٍ، وزَيْدِ بنِ الدَّثِنَةِ، حَتَّى بَاعُوهُما بِمَكَّةَ بَعْدَ وَقْعَةِ بَدْرٍ؛ فابْتَاعَ بَنُو الحارِثِ بن عامِرِ بنِ نَوْفَلِ بنِ عبدِ مَنَافٍ خُبيبًا، وكان خُبَيْبٌ هُوَ قَتَلَ الحَارِثَ يَوْمَ بَدْرٍ. فَلِبثَ خُبَيْبٌ عِنْدَهُمْ أسيرًا حَتَّى أجْمَعُوا عَلَى قَتْلِهِ، فاسْتَعَارَ مِنْ بَعْضِ بَنَاتِ الحَارثِ مُوسَى يَسْتَحِدُّ بِهَا فَأعَارَتْهُ، فَدَرَجَ بُنَيٌّ لَهَا وَهِيَ غَافِلَةٌ حَتَّى أَتَاهُ، فَوَجَدتهُ مُجْلِسَهُ عَلَى فَخْذِهِ وَالموسَى بِيَدِهِ، فَفَزِعَتْ فَزْعَةً عَرَفَهَا خُبَيْبٌ. فَقَالَ: أَتَخَشَيْنَ أن أقْتُلَهُ مَا كُنْتُ لأَفْعَلَ ذَلِكَ! قالت: واللهِ مَا رَأيْتُ أسيرًا خَيرًا مِنْ خُبَيْبٍ، فواللهِ لَقَدْ وَجَدْتُهُ يَومًا يَأكُلُ قِطْفًا مِنْ عِنَبٍ في يَدِهِ وإنَّهُ لَمُوثَقٌ بِالحَدِيدِ وَمَا بِمَكَّةَ مِنْ ثَمَرَةٍ، وَكَانَتْ تَقُولُ: إنَّهُ لَرِزْقٌ رَزَقَهُ اللهُ خُبَيْبًا. فَلَمَّا خَرَجُوا بِهِ مِنَ الحَرَمِ لِيَقْتُلُوهُ في الحِلِّ، قَالَ لَهُمْ خُبَيْبٌ: دَعُونِي أُصَلِّي رَكْعَتَيْنِ، فَتَرَكُوهُ، فَرَكَعَ رَكْعَتَيْنِ فَقَالَ: واللهِ لَوْلاَ أَنْ تَحْسَبُوا أنَّ مَا بِي جَزَعٌ لَزِدْتُ: اللَّهُمَّ أحْصِهِمْ عَدَدًا، وَاقْتُلهُمْ بِدَدًا، وَلاَ تُبْقِ مِنْهُمْ أَحَدًا. وقال: فَلَسْتُ أُبَالِي حِيْنَ أُقْتَلُ مُسْلِمًا ... عَلَى أيِّ جَنْبٍ كَانَ للهِ مَصْرَعِي وَذَلِكَ في ذَاتِ الإلَهِ وإنْ يَشَأْ ... يُبَارِكْ عَلَى أوْصَالِ شِلْوٍ مُمَزَّعِ (1)   (1) قال الحافظ ابن حجر في الفتح 7/ 479: «الأوصال جمع وصل وهو العضو، والشلو بكسر المعجمة الجسد، وقد يطلق على العضو ولكن المراد به هنا الجسد، والممزع المقطع ومعنى الكلام أعضاء جسد يقطع». الحديث: 1509 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 419 وكان خُبَيبٌ هُوَ سَنَّ لِكُلِّ مُسْلِمٍ قُتِلَ صَبْرًا الصَّلاَةَ. وأخْبَرَ - يعني: النبيّ - صلى الله عليه وسلم - أصْحَابَهُ يَوْمَ أُصِيبُوا خَبَرَهُمْ، وَبَعَثَ نَاسٌ مِنْ قُرَيْشٍ إِلَى عَاصِمِ بنِ ثَابتٍ حِيْنَ حُدِّثُوا أَنَّهُ قُتِلَ أن يُؤْتَوا بِشَيءٍ مِنْهُ يُعْرَفُ، وكَانَ قَتَلَ رَجُلًا مِنْ عُظَمائِهِمْ، فَبَعَثَ الله لِعَاصِمٍ مِثْلَ الظُّلَّةِ مِنَ الدَّبْرِ (1) فَحَمَتْهُ مِنْ رُسُلِهِمْ، فَلَمْ يَقْدِروا أَنْ يَقْطَعُوا مِنْهُ شَيْئًا. رواه البخاري. (2) قولُهُ: «الهَدْأَةُ»: مَوْضِعٌ، «والظُّلَّةُ»: السَّحَابُ. «والدَّبْرُ»: النَّحْلُ. وَقَوْلُهُ: «اقْتُلْهُمْ بِدَدًا» بِكَسْرِ الباءِ وفتحِهَا، فَمَنْ كَسَرَ قَالَ هُوَ جمع بِدَّةٍ بكسر الباء وهي النصيب ومعناه: اقْتُلْهُمْ حِصَصًا مُنْقَسِمَةً لِكُلِّ واحدٍ مِنْهُمْ نَصيبٌ، وَمَنْ فَتَحَ قَالَ معناهُ: مُتَفَرِّقِينَ في القَتْلِ واحدًا بَعْدَ واحِدٍ مِنَ التَّبْدِيد. وفي الباب أحاديث كثيرةٌ صَحيحةٌ سَبَقَتْ في مَوَاضِعِها مِنْ هَذَا الكِتَابِ، مِنْهَا حديثُ الغُلامِ الَّذِي كَانَ يأتِي الرَّاهِبَ والسَّاحِرَ، ومنْها حَدِيثُ جُرَيْج، وحديثُ أصْحابِ الغَارِ الذين أطْبِقَتْ عَلَيْهِم الصَّخْرَةُ، وَحديثُ الرَّجُلِ الَّذِي سَمِعَ صَوْتًا في السَّحَابِ يَقُولُ: اسْقِ حَدِيقَةَ فُلاَنٍ، وَغَيْرُ ذَلِكَ (3). وَالدلائِل في البابِ كثيرةٌ مشهُورةٌ، وباللهِ التَّوفيقِ.   (1) قال الحافظ ابن حجر 7/ 479: «الظلة السحابة والدبر الزنابير، قال: وفي الحديث أن للأسير أن يمتنع من قبول الأمان ولا يمكن من نفسه ولو قتل، أنفة من أنه يجري عليه حكم كافر، وهذا إذا أراد الأخذ بالشدة، فإن أراد الأخذ بالرخصة له أن يستأمن». (2) أخرجه: البخاري 5/ 100 (3989). (3) انظر الأحاديث: (12) و (30) و (259) و (560) و (967). الجزء: 1 ¦ الصفحة: 420 1510 - وعن ابن عمر رضي الله عنهما، قَالَ: مَا سَمِعْتُ عمر - رضي الله عنه - يقولُ لِشَيءٍ قَطُّ: إنِّي لأَظُنُّهُ كَذَا، إِلاَّ كَانَ كَمَا يَظُنُّ. رواه البخاري. (1)   (1) أخرجه: البخاري 5/ 61 (3866). الحديث: 1510 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 420 (17) - كتَاب الأمُور المَنهي عَنْهَا 254 - باب تحريم الغيبة والأمر بحفظ اللسان قَالَ الله تَعَالَى: {وَلاَ يَغْتَبْ بَعضُكُمْ بَعْضًا أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَنْ يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتًا فَكَرِهْتُمُوهُ وَاتَّقُوا اللهَ إنَّ اللهَ تَوَّابٌ رَحِيمٌ} [الحجرات: 12]، وقال تَعَالَى: {وَلاَ تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إنَّ السَّمْعَ وَالبَصَرَ وَالفُؤادَ كُلُّ أُولئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْئُولًا} [الإسراء: 36]، وقال تَعَالَى: {مَا يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلاَّ لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتيدٌ} [ق: 18]. اعْلَمْ أنَّهُ يَنْبَغِي لِكُلِّ مُكَلَّفٍ أَنْ يَحْفَظَ لِسَانَهُ عَنْ جَميعِ الكَلامِ إِلاَّ كَلاَمًا ظَهَرَتْ فِيهِ المَصْلَحَةُ، ومَتَى اسْتَوَى الكَلاَمُ وَتَرْكُهُ فِي المَصْلَحَةِ، فالسُّنَّةُ الإمْسَاكُ عَنْهُ، لأَنَّهُ قَدْ يَنْجَرُّ الكَلاَمُ المُبَاحُ إِلَى حَرَامٍ أَوْ مَكْرُوهٍ، وذَلِكَ كَثِيرٌ في العَادَةِ، والسَّلاَمَةُ لا يَعْدِلُهَا شَيْءٌ. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 421 1511 - وعن أَبي هريرة - رضي الله عنه - عن النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: «مَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاللهِ وَاليَوْمِ الآخِرِ فَلْيَقُلْ خَيْرًا أَوْ لِيَصْمُتْ» متفق عَلَيْهِ. (1) وهذا صَريحٌ في أنَّهُ يَنْبَغي أَنْ لا يَتَكَلَّمَ إِلاَّ إِذَا كَانَ الكلامُ خَيرًا، وَهُوَ الَّذِي ظَهَرَتْ مَصْلَحَتُهُ، ومَتَى شَكَّ في ظُهُورِ المَصْلَحَةِ، فَلاَ يَتَكَلَّم.   (1) أخرجه: البخاري 8/ 125 (6475)، ومسلم 1/ 49 (47) (74). الحديث: 1511 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 421 1512 - وعن أَبي موسى - رضي الله عنه - قَالَ: قُلْتُ: يَا رسولَ اللهِ أَيُّ المُسْلمِينَ أفْضَلُ؟ قَالَ: «مَنْ سَلِمَ المُسْلِمُونَ مِنْ لِسَانِهِ وَيَدِهِ» متفق عَلَيْهِ. (1)   (1) أخرجه: البخاري 1/ 10 (11)، ومسلم 1/ 48 (42) (66). الحديث: 1512 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 421 1513 - وعن سهل بن سعد، قَالَ: قَالَ رسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم: «مَنْ يَضْمَنْ لِي مَا بَيْنَ لَحْيَيْهِ وَمَا بَيْنَ رِجْلَيْهِ أَضْمَنْ لَهُ الجَنَّةَ» متفق عَلَيْهِ. (1)   (1) أخرجه: البخاري 8/ 125 (6474)، ولم أجده في مسلم. الحديث: 1513 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 422 1514 - وعن أَبي هريرة - رضي الله عنه: أنَّه سمع النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - يقول: «إنَّ العَبْدَ لَيَتَكَلَّمُ بالكَلِمَةِ مَا يَتَبَيَّنُ فِيهَا يَزِلُّ بِهَا إِلَى النَّارِ أبْعَدَ مِمَّا بَيْنَ المَشْرِقِ والمَغْرِبِ» متفق عَلَيْهِ. (1) ومعنى: «يَتَبَيَّنُ» يُفَكِّرُ أنَّها خَيْرٌ أم لا.   (1) أخرجه: البخاري 8/ 125 (6477)، ومسلم 8/ 223 (2988) (50). الحديث: 1514 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 422 1515 - وعنه، عن النبيّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: «إنَّ العَبْدَ لَيَتَكَلَّمُ بِالكَلِمَةِ مِنْ رِضْوَانِ الله تَعَالَى مَا يُلْقِي لَهَا بَالًا يَرْفَعُهُ اللهُ بِهَا دَرَجاتٍ، وإنَّ العَبْدَ لَيَتَكَلَّمُ بِالكَلَمَةِ مِنْ سَخَطِ اللهِ تَعَالَى لاَ يُلْقِي لَهَا بَالًا يَهْوِي بِهَا في جَهَنَّمَ». رواه البخاري. (1)   (1) أخرجه: البخاري 8/ 125 (6478). الحديث: 1515 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 422 1516 - وعن أَبي عبد الرحمان بِلالِ بن الحارِثِ المُزَنِيِّ - رضي الله عنه: أنَّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: «إنَّ الرَّجُلَ لَيَتَكَلَّمُ بِالكَلِمَةِ مِنْ رِضْوَانِ اللهِ تَعَالَى مَا كَانَ يَظُنُّ أَنْ تَبْلُغَ مَا بَلَغَتْ يَكْتُبُ اللهُ لَهُ بِهَا رِضْوَانَهُ إِلَى يَومِ يَلْقَاهُ، وإنَّ الرَّجُلَ لَيَتَكَلَّمُ بِالكَلِمَةِ مِنْ سَخَطِ اللهِ مَا كَانَ يَظُنُّ أَنْ تَبْلُغَ مَا بَلَغَتْ يَكْتُبُ الله لَهُ بِهَا سَخَطَهُ إِلَى يَوْمِ يَلْقَاهُ». رواه مالك في المُوَطَّأ، والترمذي، وقال: «حديث حسن صحيح». (1)   (1) أخرجه: مالك في «الموطأ» (2818) برواية الليثي، والترمذي (2319). الحديث: 1516 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 422 1517 - وعن سفيان بن عبد الله - رضي الله عنه - قَالَ: قُلْتُ: يَا رسولَ الله حدِّثني بأَمْرٍ أَعْتَصِمُ بِهِ قَالَ: «قلْ: رَبِّيَ اللهُ ثُمَّ اسْتَقِمْ» قُلْتُ: يَا رسولَ اللهِ، مَا أخْوَفُ مَا تَخَافُ عَلَيَّ؟ فَأَخَذَ بِلِسانِ نَفْسِهِ، ثُمَّ قَالَ: «هَذَا». رواه الترمذي، وقال: «حديث حسن صحيح». (1)   (1) أخرجه: ابن ماجه (3972)، والترمذي (2410). الحديث: 1517 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 422 1518 - وعن ابن عمر رضي الله عنهما، قَالَ: قَالَ رسول الله - صلى الله عليه وسلم: «لا تُكْثِرُوا الكَلاَمَ بِغَيْرِ ذِكْرِ اللهِ؛ فَإنَّ كَثْرَةَ الكَلاَمِ بِغَيْرِ ذِكْرِ اللهِ تَعَالَى قَسْوَةٌ لِلقَلْبِ! وإنَّ أبْعَدَ النَّاسِ مِنَ اللهِ القَلْبُ القَاسِي». رواه الترمذي. (1)   (1) أخرجه: الترمذي (2411)، وهو حديث ضعيف. الحديث: 1518 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 422 1519 - وعن أَبي هريرة - رضي الله عنه - قَالَ: قَالَ رسول الله - صلى الله عليه وسلم: «مَنْ وَقَاهُ اللهُ شَرَّ مَا بَيْنَ لَحْيَيْهِ، وَشَرَّ مَا بَيْنَ رِجْلَيْهِ دَخَلَ الجَنَّةَ». رواه الترمذي، وقال: «حديث حسن». (1)   (1) أخرجه: الترمذي (2409)، وقال: «حديث حسن غريب». الحديث: 1519 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 422 1520 - وعن عقبة بن عامرٍ - رضي الله عنه - قَالَ: قُلْتُ: يَا رسولَ اللهِ مَا النَّجَاةُ؟ قَالَ: «أَمْسِكْ عَلَيْكَ لِسَانَكَ، وَلْيَسَعْكَ بَيْتُكَ، وابْكِ عَلَى خَطِيئَتِكَ». رواه الترمذي، وقال: «حديث حسن». (1)   (1) أخرجه: الترمذي (2406). الحديث: 1520 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 423 1521 - وعن أَبي سعيد الخدري - رضي الله عنه - عن النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: «إِذَا أصْبَحَ ابْنُ آدَمَ، فَإنَّ الأعْضَاءَ كُلَّهَا تَكْفُرُ اللِّسانَ، تَقُولُ: اتَّقِ اللهَ فِينَا، فَإنَّما نَحنُ بِكَ؛ فَإنِ اسْتَقَمْتَ اسْتَقَمْنَا، وإنِ اعْوَجَجْتَ اعْوَجَجْنَا». رواه الترمذي. (1) معنى: «تَكْفُرُ اللِّسَانَ»: أيْ تَذِلُّ وَتَخْضَعُ لَهُ.   (1) أخرجه: الترمذي (2407). الحديث: 1521 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 423 1522 - وعن مُعَاذٍ - رضي الله عنه - قَالَ: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ، أَخْبِرْني بِعَمَلٍ يُدْخِلُني الجَنَّةَ وَيُبَاعِدُني مِنَ النَّارِ؟ قَالَ: «لَقَدْ سَألتَ عَنْ عَظيمٍ، وإنَّهُ لَيَسيرٌ عَلَى مَنْ يَسَّرَهُ اللهُ تَعَالَى عَلَيْهِ: تَعْبُدُ اللهَ لاَ تُشْرِكُ بِهِ شَيْئًا، وَتُقِيمُ الصَّلاَةَ، وتُؤتِي الزَّكَاةَ، وتَصُومُ رَمَضَانَ، وتَحُجُّ البَيْتَ» ثُمَّ قَالَ: «ألاَ أدُلُّكَ عَلَى أبْوابِ الخَيْرِ؟ الصَّوْمُ جُنَّةٌ، وَالصَّدَقَةُ تُطْفِئُ الخَطِيئَةَ كَما يُطْفِئُ المَاءُ النَّارَ، وَصَلاَةُ الرَّجُلِ مِنْ جَوْفِ اللَّيْلِ» ثُمَّ تَلا: {تَتَجَافَى جُنُوبُهُمْ عَنِ المَضَاجِعِ} حَتَّى بَلَغَ {يَعْمَلُونَ} [النور: 16] ثُمَّ قَالَ: «ألا أُخْبِرُكَ بِرَأسِ الأَمْرِ، وَعَمُودِهِ، وَذِرْوَةِ سِنَامِهِ» قُلْتُ: بَلَى يَا رسولَ اللهِ، قَالَ: «رَأسُ الأمْر الإسْلامُ، وَعَمُودُهُ الصَّلاَةُ، وَذِرْوَةِ سِنَامِهِ الجِهادُ» ثُمَّ قَالَ: «ألاَ أُخْبِرُكَ بِمِلاكِ ذَلِكَ كُلِّهِ!» قُلْتُ: بلَى يَا رَسولَ اللهِ، فَأخَذَ بِلِسانِهِ وقال: «كُفَّ عَلَيْكَ هَذَا» قُلْتُ: يَا رسولَ الله وإنَّا لَمُؤاخَذُونَ بما نَتَكَلَّمُ بِهِ؟ فقالَ: «ثَكِلَتْكَ أُمُّكَ! وَهَلْ يَكُبُّ الناسَ فِي النَّارِ عَلَى وُجُوهِهِمْ إِلاَّ حَصَائِدُ أَلْسِنَتِهِمْ؟». رواه الترمذي، (1) وقال: «حديث حسن صحيح»، وَقَدْ سبق شرحه في باب قبل هَذَا (2).   (1) أخرجه: ابن ماجه (3973)، والترمذي (2616). (2) لم يرد فيما سبق من الكتاب. الحديث: 1522 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 423 1523 - وعن أَبي هريرة - رضي الله عنه: أنَّ رسُولَ الله - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: «أَتَدْرُونَ مَا الْغِيبَةُ؟» قالوا: اللهُ وَرَسُولُهُ أعْلَمُ، قَالَ: «ذِكْرُكَ أخَاكَ بِما يَكْرَهُ» قِيلَ: أفَرَأيْتَ إنْ كَانَ في أخِي مَا أقُولُ؟ قَالَ: «إنْ كَانَ فِيهِ مَا تَقُولُ، فقد اغْتَبْتَهُ، وإنْ لَمْ يَكُنْ فِيهِ مَا تَقُولُ فَقَدْ بَهَتَّهُ (1)». رواه مسلم. (2)   (1) البُهْتُ: الكذب والإفْتِراء. فَقَدْ بهتَّه، أي كذَبت وافْتَريْت عليه. (النهاية: 1/ 433). (2) أخرجه: مسلم 8/ 21 (2589) (70). الحديث: 1523 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 424 1524 - وعن أَبي بَكْرة - رضي الله عنه: أنَّ رَسُولَ الله - صلى الله عليه وسلم - قَالَ في خُطْبَتِهِ يَوْمَ النَّحْرِ بِمِنًى في حَجَّةِ الوَدَاعِ: «إنَّ دِماءكُمْ، وَأمْوَالَكُمْ، وأعْرَاضَكُمْ، حَرَامٌ عَلَيْكُمْ كَحُرْمَةِ يَوْمِكُمْ هَذَا، في شَهْرِكُمْ هَذَا، في بَلَدِكُمْ هَذَا، ألا هَلْ بَلَّغْتُ» متفق عَلَيْهِ. (1)   (1) أخرجه: البخاري 1/ 37 (105)، ومسلم 5/ 108 (1679) (30). الحديث: 1524 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 424 1525 - وعن عائشة رَضِيَ اللهُ عنها، قالت: قُلْتُ للنبيّ - صلى الله عليه وسلم: حَسْبُكَ مِنْ صَفِيَّةَ كذَا وكَذَا. قَالَ بعضُ الرواةِ: تَعْنِي قَصيرَةً، فقالَ: «لَقَدْ قُلْتِ كَلِمَةً لَوْ مُزِجَتْ بِمَاءِ البَحْرِ لَمَزَجَتْهُ!» قالت: وَحَكَيْتُ لَهُ إنْسَانًا فَقَالَ: «مَا أُحِبُّ أنِّي حَكَيْتُ (1) إنْسانًا وإنَّ لِي كَذَا وَكَذَا». رواه أَبُو داود والترمذي، (2) وقال: «حديث حسن صحيح». ومعنى: «مَزَجَتْهُ» خَالَطَتْهُ مُخَالَطَةً يَتَغَيَّرُ بِهَا طَعْمُهُ أَوْ رِيحُهُ لِشِدَّةِ نَتْنِها وَقُبْحِهَا. وهذا الحَديثُ مِنْ أبلَغِ الزَّواجِرِ عَنِ الغِيبَةِ، قَالَ الله تَعَالَى: {وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الهَوَى إنْ هُوَ إِلاَّ وَحْيٌ يُوحَى} [النجم: 3 - 4].   (1) أي: فعلت مثل فعله. النهاية 1/ 421. (2) أخرجه: أبو داود (4875)، والترمذي (2502). الحديث: 1525 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 424 1526 - وعن أنسٍ - رضي الله عنه - قَالَ: قَالَ رسول الله - صلى الله عليه وسلم: «لَمَّا عُرِجَ بي مَرَرْتُ بِقَومٍ لَهُمْ أظْفَارٌ مِنْ نُحَاسٍ يَخْمِشُونَ وُجُوهَهُمْ وَصُدُورَهُمْ فَقُلْتُ: مَنْ هؤُلاءِ يَا جِبرِيلُ؟ قَالَ: هؤُلاءِ الَّذِينَ يَأكُلُونَ لُحُومَ النَّاسِ، وَيَقَعُونَ في أعْرَاضِهِمْ!». رواه أَبُو داود. (1)   (1) أخرجه: أبو داود (4878) و (4879). الحديث: 1526 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 424 1527 - وعن أَبي هريرة - رضي الله عنه: أنَّ رسُولَ الله - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: «كُلُّ المُسْلِمِ عَلَى المُسْلِمِ حَرَامٌ: دَمُهُ وَعِرْضُهُ وَمَالُهُ». رواه مسلم. (1)   (1) أخرجه: مسلم 8/ 10 (2564) (32). الحديث: 1527 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 424 255 - باب تحريم سماع الغيبة وأمر من سمع غيبةً مُحرَّمةً بِرَدِّها والإنكارِ عَلَى قائلها فإنْ عجز أَوْ لَمْ يقبل منه فارق ذلك المجلس إن أمكنه قَالَ الله تَعَالَى: {وَإِذَا سَمِعُوا اللَّغْوَ أَعْرَضُوا عَنْهُ} [القصص: 55]، وقال تَعَالَى: {والَّذينَ هُمْ عَنِ اللَّغْوِ مُعْرِضُونَ} [المؤمنون: 3]، وقال تَعَالَى: {إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ [ص: 425] وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولَئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْؤُولًا} [الإسراء: 36]، وقال تَعَالَى: {وَإِذَا رَأَيْتَ الَّذِينَ يَخُوضُونَ في آيَاتِنا فَأعْرِضْ عَنْهُمْ حَتَّى يَخُوضُوا في حَدِيثٍ غَيْرِهِ وإمَّا يُنْسِيَنَّكَ الشَّيْطانُ فَلاَ تَقْعُدْ بَعْدَ الذِّكْرَى مَعَ القَومِ الظَّالِمِينَ} [الأنعام: 68]. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 424 1528 - وعن أَبي الدرداء - رضي الله عنه - عن النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: «مَنْ رَدَّ عَنْ عِرْضِ أخيهِ، رَدَّ اللهُ عَنْ وَجْهِهِ النَّارَ يَومَ القيَامَةِ». رواه الترمذي، (1) وقال: «حديث حسن».   (1) أخرجه: الترمذي (1931). الحديث: 1528 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 425 1529 - وعن عِتبَانَ بنِ مَالكٍ - رضي الله عنه - في حديثه الطويل المشهور الَّذِي تقدَّمَ في بابِ الرَّجاء قَالَ: قام النبيّ - صلى الله عليه وسلم - يُصَلِّي فَقَالَ: «أيْنَ مالِكُ بنُ الدُّخْشُمِ؟» فَقَالَ رَجُلٌ: ذَلِكَ مُنَافِقٌ لا يُحِبُّ اللهَ ولا رَسُولهُ، فَقَالَ النبيّ - صلى الله عليه وسلم: «لاَ تَقُلْ ذَلِكَ ألاَ تَراهُ قَدْ قَالَ: لا إلهَ إِلاَّ اللهُ يُريدُ بِذَلكَ وَجْهَ اللهِ! وإنَّ الله قَدْ حَرَّمَ عَلَى النَّارِ مَنْ قَالَ: لاَ إلهَ إِلاَّ اللهُ يَبْتَغي بِذَلِكَ وَجْهَ اللهِ». متفق عَلَيْهِ. (1) «وَعِتْبان» بكسر العين عَلَى المشهور وحُكِيَ ضَمُّها وبعدها تاءٌ مثناة مِن فوق ثُمَّ باءٌ موحدة. و «الدُّخْشُم» بضم الدال وإسكان الخاء وضم الشين المعجمتين.   (1) انظر الحديث (417). الحديث: 1529 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 425 1530 - وعن كعب بن مالك - رضي الله عنه - في حديثه الطويل في قصةِ تَوْبَتِهِ وَقَدْ سبق في باب التَّوبةِ. قَالَ: قَالَ النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - وَهُوَ جالِسٌ في القَومِ بِتَبُوكَ: «مَا فَعَلَ كَعبُ بن مالكٍ؟» فَقَالَ رَجلٌ مِنْ بَنِي سَلمَةَ: يَا رسولَ الله، حَبَسَهُ بُرْدَاهُ والنَّظَرُ في عِطْفَيْهِ. فَقَالَ لَهُ مُعاذُ بنُ جبلٍ - رضي الله عنه: بِئْسَ مَا قُلْتَ، والله يَا رسولَ الله مَا علمنا عَلَيْهِ إِلاَّ خَيْرًا، فَسَكَتَ رسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم. متفقٌ عَلَيْهِ. (1) «عِطْفَاهُ»: جَانِبَاهُ، وهو إشارةٌ إلى إعجابِهِ بنفسِهِ.   (1) انظر الحديث (21). الحديث: 1530 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 425 256 - باب مَا يباح من الغيبة اعْلَمْ أنَّ الغِيبَةَ تُبَاحُ لِغَرَضٍ صَحيحٍ شَرْعِيٍّ لا يُمْكِنُ الوُصُولُ إِلَيْهِ إِلاَّ بِهَا، وَهُوَ سِتَّةُ أسْبَابٍ: الأَوَّلُ: التَّظَلُّمُ، فَيَجُوزُ لِلمَظْلُومِ أَنْ يَتَظَلَّمَ إِلَى السُّلْطَانِ والقَاضِي وغَيرِهِما مِمَّنْ لَهُ وِلاَيَةٌ، أَوْ قُدْرَةٌ عَلَى إنْصَافِهِ مِنْ ظَالِمِهِ، فيقول: ظَلَمَنِي فُلاَنٌ بكذا. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 425 الثَّاني: الاسْتِعانَةُ عَلَى تَغْيِيرِ المُنْكَرِ، وَرَدِّ العَاصِي إِلَى الصَّوابِ، فيقولُ لِمَنْ يَرْجُو قُدْرَتهُ عَلَى إزالَةِ المُنْكَرِ: فُلانٌ يَعْمَلُ كَذا، فازْجُرْهُ عَنْهُ ونحو ذَلِكَ ويكونُ مَقْصُودُهُ التَّوَصُّلُ إِلَى إزالَةِ المُنْكَرِ، فَإنْ لَمْ يَقْصِدْ ذَلِكَ كَانَ حَرَامًا. الثَّالِثُ: الاسْتِفْتَاءُ، فيقُولُ لِلمُفْتِي: ظَلَمَنِي أَبي أَوْ أخي، أَوْ زوجي، أَوْ فُلانٌ بكَذَا فَهَلْ لَهُ ذَلِكَ؟ وَمَا طَريقي في الخلاصِ مِنْهُ، وتَحْصيلِ حَقِّي، وَدَفْعِ الظُّلْمِ؟ وَنَحْو ذَلِكَ، فهذا جَائِزٌ لِلْحَاجَةِ، ولكِنَّ الأحْوطَ والأفضَلَ أَنْ يقول: مَا تقولُ في رَجُلٍ أَوْ شَخْصٍ، أَوْ زَوْجٍ، كَانَ مِنْ أمْرِهِ كذا؟ فَإنَّهُ يَحْصُلُ بِهِ الغَرَضُ مِنْ غَيرِ تَعْيينٍ، وَمَعَ ذَلِكَ، فالتَّعْيينُ جَائِزٌ كَمَا سَنَذْكُرُهُ في حَدِيثِ (1) هِنْدٍ إنْ شَاءَ اللهُ تَعَالَى. الرَّابعُ: تَحْذِيرُ المُسْلِمينَ مِنَ الشَّرِّ وَنَصِيحَتُهُمْ، وذَلِكَ مِنْ وُجُوهٍ: مِنْهَا جَرْحُ المَجْرُوحينَ مِنَ الرُّواةِ والشُّهُودِ وذلكَ جَائِزٌ بإجْمَاعِ المُسْلِمينَ، بَلْ وَاجِبٌ للْحَاجَةِ. ومنها: المُشَاوَرَةُ في مُصاهَرَةِ إنْسانٍ أو مُشاركتِهِ، أَوْ إيداعِهِ، أَوْ مُعامَلَتِهِ، أَوْ غيرِ ذَلِكَ، أَوْ مُجَاوَرَتِهِ، ويجبُ عَلَى المُشَاوَرِ أَنْ لا يُخْفِيَ حَالَهُ، بَلْ يَذْكُرُ المَسَاوِئَ الَّتي فِيهِ بِنِيَّةِ النَّصيحَةِ. ومنها: إِذَا رأى مُتَفَقِّهًا يَتَرَدَّدُ إِلَى مُبْتَدِعٍ، أَوْ فَاسِقٍ يَأَخُذُ عَنْهُ العِلْمَ، وخَافَ أَنْ يَتَضَرَّرَ المُتَفَقِّهُ بِذَلِكَ، فَعَلَيْهِ نَصِيحَتُهُ بِبَيانِ حَالِهِ، بِشَرْطِ أَنْ يَقْصِدَ النَّصِيحَةَ، وَهَذا مِمَّا يُغلَطُ فِيهِ. وَقَدْ يَحمِلُ المُتَكَلِّمَ بِذلِكَ الحَسَدُ، وَيُلَبِّسُ الشَّيطانُ عَلَيْهِ ذَلِكَ، ويُخَيْلُ إِلَيْهِ أنَّهُ نَصِيحَةٌ فَليُتَفَطَّنْ لِذلِكَ. وَمِنها: أَنْ يكونَ لَهُ وِلايَةٌ لا يقومُ بِهَا عَلَى وَجْهِها: إمَّا بِأنْ لا يكونَ صَالِحًا لَهَا، وإما بِأنْ يكونَ فَاسِقًا، أَوْ مُغَفَّلًا، وَنَحوَ ذَلِكَ فَيَجِبُ ذِكْرُ ذَلِكَ لِمَنْ لَهُ عَلَيْهِ ولايةٌ عامَّةٌ لِيُزيلَهُ، وَيُوَلِّيَ مَنْ يُصْلحُ، أَوْ يَعْلَمَ ذَلِكَ مِنْهُ لِيُعَامِلَهُ بِمُقْتَضَى حالِهِ، وَلاَ يَغْتَرَّ بِهِ، وأنْ يَسْعَى في أَنْ يَحُثَّهُ عَلَى الاسْتِقَامَةِ أَوْ يَسْتَبْدِلَ بِهِ. الخامِسُ: أَنْ يَكُونَ مُجَاهِرًا بِفِسْقِهِ أَوْ بِدْعَتِهِ كالمُجَاهِرِ بِشُرْبِ الخَمْرِ، ومُصَادَرَةِ النَّاسِ، وأَخْذِ المَكْسِ (2)، وجِبَايَةِ الأمْوَالِ ظُلْمًا، وَتَوَلِّي الأمُورِ الباطِلَةِ، فَيَجُوزُ ذِكْرُهُ [ص: 427] بِمَا يُجَاهِرُ بِهِ، وَيَحْرُمُ ذِكْرُهُ بِغَيْرِهِ مِنَ العُيُوبِ، إِلاَّ أَنْ يكونَ لِجَوازِهِ سَبَبٌ آخَرُ مِمَّا ذَكَرْنَاهُ. السَّادِسُ: التعرِيفُ، فإذا كَانَ الإنْسانُ مَعْرُوفًا بِلَقَبٍ، كالأعْمَشِ، والأعرَجِ، والأَصَمِّ، والأعْمى، والأحْوَلِ، وغَيْرِهِمْ جاز تَعْرِيفُهُمْ بذلِكَ، وَيَحْرُمُ إطْلاقُهُ عَلَى جِهَةِ التَّنْقِيصِ، ولو أمكَنَ تَعْريفُهُ بِغَيرِ ذَلِكَ كَانَ أوْلَى، فهذه ستَّةُ أسبابٍ ذَكَرَهَا العُلَمَاءُ وأكثَرُها مُجْمَعٌ عَلَيْهِ، وَدَلائِلُهَا مِنَ الأحادِيثِ الصَّحيحَةِ مشهورَةٌ. فمن ذَلِكَ:   (1) انظر الحديث (1535). (2) المكس: الضريبة التي يأخذها الماكس. النهاية 4/ 349. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 426 1531 - عن عائشة رَضِيَ اللهُ عنها: أنَّ رجلًا اسْتَأذَنَ عَلَى النبيّ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ: «ائْذَنُوا لَهُ، بِئسَ أخُو العَشِيرَةِ؟». متفق عَلَيْهِ. (1) احتَجَّ بِهِ البخاري في جوازِ غيبَة أهلِ الفسادِ وأهلِ الرِّيبِ.   (1) أخرجه: البخاري 8/ 20 (6054)، ومسلم 8/ 21 (2591) (73). الحديث: 1531 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 427 1532 - وعنها، قالت: قَالَ رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم: «مَا أظُنُّ فُلانًا وفُلانًا يَعْرِفانِ مِنْ دِينِنَا شَيْئًا». رواه البخاري. (1) قَالَ: قَالَ اللَّيْثُ بن سعدٍ أحَدُ رُواة هَذَا الحديثِ: هذانِ الرجلانِ كانا من المنافِقِينَ.   (1) أخرجه: البخاري 8/ 23 (6067) و8/ 24 (6068). الحديث: 1532 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 427 1533 - وعن فاطمة بنتِ قيسٍ رَضِيَ اللهُ عنها، قالت: أتيت النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - فقلتُ: إنَّ أَبَا الجَهْم وَمُعَاوِيَةَ خَطَبَانِي؟ فَقَالَ رسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم: «أمَّا مُعَاوِيَةُ، فَصُعْلُوكٌ (1) لاَ مَالَ لَهُ، وأمَّا أَبُو الجَهْمِ، فَلاَ يَضَعُ العَصَا عَنْ عَاتِقِهِ» متفق عَلَيْهِ. (2) وفي رواية لمسلم: «وَأمَّا أَبُو الجَهْمِ فَضَرَّابٌ لِلنِّساءِ» وَهُوَ تفسير لرواية: «لا يَضَعُ العَصَا عَنْ عَاتِقِهِ» وقيل: معناه: كثيرُ الأسفارِ.   (1) الصعلوك: الفقير الذي لا مال له. لسان العرب (صعل). (2) أخرجه: مسلم 4/ 195 (1480) (36) و4/ 198 (1480) (47). ولم أقف على تخريج البخاري لهذا الحديث. الحديث: 1533 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 427 1534 - وعن زيد بن أرقم - رضي الله عنه - قَالَ: خرجنا مَعَ رسُولِ الله - صلى الله عليه وسلم - في سَفَرٍ أصَابَ النَّاسَ فِيهِ شِدَّةٌ، فَقَالَ عبدُ اللهِ بن أُبَيّ: لاَ تُنْفِقُوا عَلَى مَنْ عِندَ رسولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - حَتَّى يَنْفَضُّوا، وقال: [ص: 428] لَئِنْ رَجَعْنَا إِلَى المَدِينَةِ لَيُخْرِجَنَّ الأَعَزُّ مِنْهَا الأَذَلَّ، فَأَتَيْتُ رسُولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - فَأخْبَرْتُهُ بذلِكَ، فَأرْسَلَ إِلَى عبدِ الله بن أُبَيِّ، فَاجْتَهَدَ يَمِينَهُ: مَا فَعلَ، فقالوا: كَذَبَ زيدٌ رَسُولَ الله - صلى الله عليه وسلم - فَوَقَعَ في نَفْسِي مِمَّا قَالُوهُ شِدَّةٌ حَتَّى أنْزلَ اللهُ تَعَالَى تَصْدِيقِي: {إِذَا جَاءكَ المُنَافِقُونَ} ثُمَّ دعاهُمُ النبيّ - صلى الله عليه وسلم - لِيَسْتَغْفِرَ لَهُمْ فَلَوَّوْا رُؤُوسَهُمْ. متفق عَلَيْهِ. (1)   (1) أخرجه: البخاري 6/ 190 (4903)، ومسلم 8/ 119 (2772) (1). الحديث: 1534 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 427 1535 - وعن عائشة رَضِيَ اللهُ عنها، قالت: قالت هِنْدُ امْرَأةُ أَبي سفْيَانَ للنَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم: إنَّ أَبَا سُفْيَانَ رَجُلٌ شَحِيحٌ وَلَيْسَ يُعْطِينِي مَا يَكْفيني وولَدِي إِلاَّ مَا أَخَذْتُ مِنْهُ، وَهُوَ لا يَعْلَمُ؟ قَالَ: «خُذِي مَا يَكْفِيكِ وَوَلدَكِ بِالمَعْرُوفِ». متفق عَلَيْهِ. (1)   (1) أخرجه: البخاري 7/ 85 (5364)، ومسلم 5/ 129 (1714) (7). الحديث: 1535 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 428 257 - باب تحريم النميمة وهي نقل الكلام بَيْنَ الناس عَلَى جهة الإفساد قَالَ الله تَعَالَى: {هَمَّازٍ مَشَّاءٍ بِنَميمٍ} [ن: 11] وقال تَعَالَى: {مَا يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلاَّ لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ} [ق: 18]. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 428 1536 - وعن حُذَيْفَةَ - رضي الله عنه - قَالَ: قَالَ رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم: «لا يَدْخُلُ الجَنَّةَ نَمَّامٌ (1)».متفق عَلَيْهِ. (2)   (1) لفظ البخاري: «لا يدخل الجنة قتات». (2) أخرجه: البخاري 8/ 21 (6056)، ومسلم 1/ 70 (105) (167). الحديث: 1536 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 428 1537 - وعن ابن عباسٍ رضي الله عنهما: أنَّ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - مرَّ بِقَبْرَيْنِ فَقَالَ: «إنَّهُمَا يُعَذَّبَانِ، وَمَا يُعَذَّبَانِ في كَبيرٍ! بَلَى إنَّهُ كَبِيرٌ: أمَّا أَحَدُهُمَا، فَكَانَ يَمْشِي بِالنَّمِيمَةِ، وأمَّا الآخَرُ فَكَانَ لاَ يَسْتَتِرُ مِنْ بَوْلِهِ». متفق عَلَيْهِ. (1) وهذا لفظ إحدى روايات البخاري. قَالَ العلماءُ معنى: «وَمَا يُعَذَّبَانِ في كَبيرٍ» أيْ: كَبيرٍ في زَعْمِهِمَا. وقِيلَ: كَبيرٌ تَرْكُهُ عَلَيْهِمَا.   (1) أخرجه: البخاري 1/ 65 (218)، ومسلم 1/ 165 (292) (111). الحديث: 1537 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 428 1538 - وعن ابن مسعود - رضي الله عنه: أن النَّبيّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: «أَلاَ أُنَبِّئُكُمْ مَا العَضْهُ؟ هي النَّمَيمَةُ؛ القَالَةُ بَيْنَ النَّاسِ». رواه مسلم. (1) [ص: 429] «العَضْهُ»: بفتح العين المهملة، وإسكان الضاد المعجمة، وبالهاء عَلَى وزن الوجهِ، ورُوِي «العِضةُ» بكسر العين وفتح الضاد المعجمة عَلَى وزن العِدَة، وهي: الكذب والبُهتان، وعلى الرِّواية الأولى: العَضْهُ مصدرٌ يقال: عَضَهَهُ عَضهًا، أيْ: رماهُ بالعَضْهِ.   (1) أخرجه: مسلم 8/ 28 (2606) (102). الحديث: 1538 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 428 258 - باب النهي عن نقل الحديث وكلام الناس إِلَى ولاة الأمور إِذَا لَمْ تَدْعُ إِلَيْهِ حاجة كخوف مفسدة ونحوه قَالَ الله تَعَالَى: {وَلاَ تَعَاوَنُوا عَلَى الإثْمِ وَالعُدْوانِ} [المائدة: 2]. وفي الباب الأحاديث السابقة في الباب قبله. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 429 1539 - وعن ابن مسعودٍ - رضي الله عنه - قَالَ: قَالَ رسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم: «لا يُبَلِّغُنِي أَحَدٌ مِنْ أصْحَابِي عَنْ أَحَدٍ شَيْئًا، فإنِّي أُحِبُّ أَنْ أخْرُجَ إِلَيْكُمْ وأنَا سَليمُ الصَّدْرِ». رواه أَبُو داود والترمذي. (1)   (1) أخرجه: أبو داود (4860)، والترمذي (3896) و (3897)، وهو حديث ضعيف. الحديث: 1539 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 429 259 - باب ذمِّ ذِي الوَجْهَيْن قَالَ الله تَعَالَى: {يَسْتَخْفُونَ مِنَ النَّاسِ وَلاَ يَسْتَخْفُونَ مِنَ اللهِ وَهُوَ مَعَهُمْ إذْ يُبَيِّتُونَ مَا لا يَرْضَى مِنَ القَولِ وكَانَ اللهُ بِمَا يَعْمَلُونَ مُحيطًا}. [النساء: 108]. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 429 1540 - وعن أَبي هريرة - رضي الله عنه - قَالَ: قَالَ رسول الله - صلى الله عليه وسلم: «تَجِدُونَ النَّاسَ مَعادِنَ: خِيَارُهُم في الجَاهِلِيَّةِ خِيَارُهُمْ في الإسْلاَمِ إِذَا فَقُهُوا، وتَجِدُونَ خِيَارَ النَّاسِ في هَذَا الشَّأنِ أَشَدَّهُمْ كَرَاهِيَةً لَهُ، وَتَجِدُونَ شَرَّ النَّاسِ ذَا الوَجْهَينِ، الَّذِي يَأتِي هؤُلاءِ بِوَجْهٍ، وَهَؤُلاءِ بِوَجْهٍ». متفق عَلَيْهِ. (1)   (1) أخرجه: البخاري 4/ 216 (3493)، ومسلم 7/ 181 (2526) (199). الحديث: 1540 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 429 1541 - وعن محمد بن زيدٍ: أنَّ ناسًا قالوا لِجَدِّهِ عبدِ اللهِ بن عمر رضي الله عنهما: إنَّا نَدْخُلُ عَلَى سَلاَطِيننَا فَنَقُولُ لَهُمْ بِخِلاَفِ مَا نَتَكَلَّمُ إِذَا خَرَجْنَا مِنْ عِنْدِهِمْ. قَالَ: كُنَّا نَعُدُّ هَذَا نِفَاقًا عَلَى عَهْدِ رسُولِ الله - صلى الله عليه وسلم. رواه البخاري. (1)   (1) أخرجه: البخاري 9/ 89 (7178). الحديث: 1541 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 429 260 - باب تحريم الكذب قَالَ الله تَعَالَى: {وَلاَ تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ} [الإسراء: 36]. وقال تَعَالَى: {مَا يَلْفِظُ مِنْ قَولٍ إِلاَّ لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ} [ق: 18]. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 429 1542 - وعن ابن مسعود - رضي الله عنه - قَالَ: قَالَ رسولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم: «إنَّ الصِّدْقَ يَهْدِي إِلَى البِرِّ، وإنَّ البِرَّ يَهْدِي إِلَى الجَنَّةِ، وإنَّ الرَّجُلَ لَيَصْدُقُ حَتَّى يُكْتَبَ عِنْدَ اللهِ صِدِّيقًا. وإنَّ الكَذِبَ يَهْدِي إِلَى الفُجُورِ، وإنَّ الفُجُورَ يَهْدِي إِلَى النَّارِ، وإنَّ الرَّجُلَ لَيَكْذِبُ حَتَّى يُكْتَبَ عِنْدَ اللهِ كَذَّابًا». متفقٌ عَلَيْهِ. (1)   (1) انظر الحديث (54). الحديث: 1542 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 430 1543 - وعن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما: أن النَّبيّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: «أرْبَعٌ مَنْ كُنَّ فِيهِ، كَانَ مُنَافِقًا خَالِصًا، وَمَنْ كَانَتْ فِيهِ خَصْلَةٌ مِنْهُنَّ، كَانَتْ فِيهِ خَصْلَةٌ مِنْ نِفاقٍ حَتَّى يَدَعَهَا: إِذَا اؤْتُمِنَ خانَ، وَإِذَا حَدَّثَ كَذَبَ، وَإِذَا عَاهَدَ غَدَرَ، وَإِذَا خَاصَمَ فَجَرَ». متفق عَلَيْهِ. (1) وَقَدْ سبق بيانه مَعَ حديث أَبي هريرة بنحوه في «باب الوفاءِ بالعهدِ».   (1) انظر الحديث (689). الحديث: 1543 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 430 1544 - وعن ابن عباس رضي الله عنهما، عن النبيّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: «مَنْ تَحَلَّمَ بِحُلْمٍ لَمْ يَرَهُ، كُلِّفَ أَنْ يَعْقِدَ بَيْنَ شَعِيرَتَيْن وَلَنْ يَفْعَلَ، وَمَنِ اسْتَمَعَ إِلَى حَديثِ قَوْمٍ وَهُمْ لَهُ كَارِهُونَ، صُبَّ في أُذُنَيْهِ الآنُكُ يَوْمَ القِيَامَةِ، وَمَنْ صَوَّرَ صُورَةً عُذِّبَ وَكُلِّفَ أَنْ يَنْفُخَ فِيهَا الرُّوحَ وَلَيْسَ بنافِخٍ». رواه البخاري. (1) «تَحَلم»: أيْ قَالَ إنَّه حلم في نومه ورأى كذا وكذا، وَهُوَ كاذب. و «الآنك» بالمدّ وضم النون وتخفيف الكاف: وَهُوَ الرَّصَاصُ المذاب.   (1) أخرجه: البخاري 9/ 54 (7042). الحديث: 1544 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 430 1545 - وعن ابن عمر رضي الله عنهما، قَالَ: قَالَ النَّبيُّ - صلى الله عليه وسلم: «أَفْرَى الفِرَى (1) أَنْ يُرِيَ الرَّجُلُ عَيْنَيْهِ مَا لَمْ تَرَيَا». رواه البخاري. (2) ومعناه: يقول: رأيتُ، فيما لَمْ يَرَهُ.   (1) قال ابن حجر في فتح الباري 12/ 537 (7043): «أفرى الفرى: أي أعظم الكذبات قال ابن بطال: الفرية الكذبة العظيمة التي يتعجب منها». (2) أخرجه: البخاري 9/ 54 (7043). الحديث: 1545 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 430 1546 - وعن سَمُرَةَ بنِ جُنْدُبٍ - رضي الله عنه - قَالَ: كَانَ رسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - مِمَّا يُكْثِرُ أَنْ يَقُولَ لأَصْحَابِهِ: «هَلْ رَأَى أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنْ رُؤْيَا؟» فَيَقُصُّ عَلَيْهِ مَنْ شَاءَ اللهُ أَنْ يَقُصَّ، وإنَّهُ قَالَ الحديث: 1546 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 430 لَنا ذَاتَ غَدَاةٍ: «إنَّهُ أَتَانِيَ اللَّيْلَةَ آتِيَانِ، وإنَّهُمَا قَالا لِي: انْطَلِقْ، وإنِّي انْطَلَقتُ مَعَهُمَا، وإنَّا أَتَيْنَا عَلَى رَجُلٍ مُضْطَجِعٍ، وَإِذَا آخَرُ قائِمٌ عَلَيْهِ بِصَخْرَةٍ، وَإِذَا هُوَ يَهْوِي بِالصَّخْرَةِ لِرَأْسِهِ، فَيَثْلَغُ رَأسَهُ، فَيَتَدَهْدَهُ الحَجَرُ هَا هُنَا، فَيَتْبَعُ الحَجَرَ فَيَأخُذُهُ فَلاَ يَرْجِعُ إِلَيْهِ حَتَّى يَصِحَّ رَأسُهُ كَما كَانَ، ثُمَّ يَعُودُ عَلَيْهِ، فَيَفْعَلُ بِهِ مِثْلَ مَا فَعَلَ المَرَّةَ الأوْلَى!» قَالَ: «قُلْتُ لهما: سُبْحانَ اللهِ! مَا هَذَان؟ قَالا لي: انْطَلِقِ انْطَلِقْ، فَانْطَلَقْنَا، فَأَتَيْنَا عَلَى رَجُلٍ مُسْتَلْقٍ لِقَفَاهُ، وَإِذَا آخَرُ قَائِمٌ عَلَيْهِ بِكَلُّوبٍ (1) مِنْ حَديدٍ، وَإِذَا هُوَ يَأتِي أحَدَ شِقَّيْ وَجْهِهِ فَيُشَرْشِرُ شِدْقَهُ إِلَى قَفَاهُ، ومِنْخَرَهُ إِلَى قَفَاهُ، وعَيْنَهُ إِلَى قَفَاهُ، ثُمَّ يَتَحَوَّلُ إِلَى الجانبِ الآخَرِ، فَيَفْعَلُ بِهِ مِثْلَ مَا فَعَلَ بالجَانِبِ الأوَّلِ، فَمَا يَفْرَغُ مِنْ ذَلِكَ الجانبِ حَتَّى يَصِحَّ ذَلِكَ الجانبُ كما كَانَ، ثُمَّ يَعُودُ عَلَيْهِ فَيَفْعَلُ مِثْلَ مَا فَعَلَ فِي المرَّةِ الأُوْلَى» قَالَ: «قُلْتُ: سُبْحَانَ اللهِ! مَا هذانِ؟ قالا لي: انْطَلِقِ انْطَلِقْ، فَانْطَلَقْنَا، فَأَتَيْنَا عَلَى مِثْلِ التَّنُّورِ» فَأَحْسِبُ أنَّهُ قَالَ: «فإذا فِيهِ لَغَطٌ، وأصْواتٌ، فَاطَّلَعْنَا فِيهِ فإذا فِيهِ رِجَالٌ وَنِساءٌ عُرَاةٌ، وَإِذَا هُمْ يَأتِيِهمْ لَهَبٌ مِنْ أسْفَلَ مِنْهُمْ، فإذا أتاهُمْ ذَلِكَ اللَّهَبُ ضَوْضَوْا. قُلْتُ: مَا هَؤلاءِ؟ قَالا لِي: انْطَلِقِ انْطَلِقْ، فَانْطَلَقْنَا، فَأَتَيْنَا عَلَى نَهْرٍ» حَسِبْتُ أنَّهُ كَانَ يَقُولُ: «أَحْمَرُ مِثْلُ الدَّمِ، وَإِذَا في النَّهْرِ رَجُلٌ سابحٌ يَسْبَحُ، وَإِذَا عَلَى شَطِّ النَّهْرِ رَجُلٌ قَدْ جَمَعَ عِنْدَهُ حِجَارَةً كثيرةً، وَإِذَا ذَلِكَ السَّابحُ يَسْبَحُ، مَا يَسْبَحُ، ثُمَّ يَأتِي ذَلِكَ الَّذِي قَدْ جَمَعَ عِنْدَهُ الحِجَارَةَ، فَيَفْغَرُ لَهُ فاهُ، فَيُلْقِمُهُ حَجَرًا، فَينْطَلِقُ فَيَسْبَحُ، ثُمَّ يَرْجِعُ إِلَيْهِ، كُلَّمَا رَجَعَ إِلَيْهِ، فَغَرَ لَهُ فَاهُ، فَألْقَمَهُ حَجَرًا، قُلْتُ لهُما: مَا هذانِ؟ قالاَ لِي: انْطَلِقِ انْطَلِقْ، فَانْطَلَقْنَا، فَأَتَيْنَا عَلَى رَجُلٍ كَريهِ المرْآةِ، أَوْ كَأكْرَهِ مَا أنتَ رَاءٍ رجُلًا مَرْأىً، فإذا هُوَ عِنْدَهُ نَارٌ يَحُشُّهَا وَيَسْعَى حَوْلَهَا. قُلْتُ لَهُمَا: مَا هَذَا؟ قالاَ لي: انْطَلِقِ انْطَلِقْ، فَانْطَلَقْنَا، فَأتَيْنَا عَلَى رَوْضَةٍ مُعْتَمَّةٍ فِيهَا مِنْ كُلِّ نَوْرِ الرَّبيعِ، وَإِذَا بَيْنَ ظَهْرَي الرَّوْضَةِ رَجُلٌ طَويلٌ لا أَكادُ أَرَى رَأسَهُ طُولًا في السَّماءِ، وَإِذَا حَوْلَ الرَّجُلِ مِنْ أَكْثَرِ وِلدانٍ رَأيْتُهُمْ قَطُّ، قُلْتُ: مَا هَذَا؟ وَمَا هؤلاءِ؟ قالا لي: انْطَلقِ انْطَلقْ، فَانْطَلَقْنَا، فَأَتَيْنَا إِلَى دَوْحَةٍ عَظيمةٍ لَمْ أَرَ دَوْحَةً قَطُّ أعْظمَ مِنْهَا، وَلاَ أحْسَنَ! قالا لي: ارْقَ فِيهَا، فارْتَقَيْنَا فِيهَا إِلَى مَدينَةٍ مَبْنِيَّةٍ بِلَبنٍ ذَهَبٍ وَلَبنٍ فِضَّةٍ، فَأَتَيْنَا بَابَ المَدِينَةِ فَاسْتَفْتَحْنَا، فَفُتِحَ لَنَا فَدَخَلْنَاها، فَتَلَقَّانَا رِجالٌ شَطْرٌ مِنْ خَلْقِهِمْ كأَحْسَنِ مَا أنت راءٍ! وَشَطْرٌ مِنْهُمْ كأقْبَحِ مَا   (1) الكلوب: بالتشديد، حديدة معوجة الرأس. النهاية 4/ 195. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 431 أنتَ راءٍ! قالا لَهُمْ: اذْهَبُوا فَقَعُوا في ذَلِكَ النَّهْرِ، وَإِذَا هُوَ نَهْرٌ مُعْتَرِضٌ يَجْرِي كأنَّ ماءهُ المَحْضُ في البَيَاضِ، فَذَهَبُوا فَوَقَعُوا فِيهِ. ثُمَّ رَجَعُوا إلَيْنَا قَدْ ذَهَبَ ذَلِكَ السُّوءُ عَنْهُمْ، فَصَارُوا في أحْسَنِ صُورَةٍ» قَالَ: «قالا لِي: هذِهِ جَنَّةُ عَدْنٍ، وهذاك مَنْزِلُكَ، فسَمَا بَصَري صُعُدًا، فإذا قَصْرٌ مِثْلُ الرَّبَابَةِ البَيضاءِ، قالا لي: هذاكَ مَنْزلكَ؟ قلتُ لهما: باركَ اللهُ فيكُما، فذَراني فأدخُلَه. قالا لي: أمَّا الآنَ فَلاَ، وأنتَ دَاخِلُهُ، قُلْتُ لَهُمَا: فَإنِّي رَأيتُ مُنْذُ اللَّيْلَة عَجَبًا؟ فما هَذَا الَّذِي رأيتُ؟ قالا لي: أمَا إنَّا سَنُخْبِرُكَ: أَمَّا الرَّجُلُ الأوَّلُ الَّذِي أَتَيْتَ عَلَيْهِ يُثْلَغُ رَأسُهُ بالحَجَرِ، فإنَّهُ الرَّجُلُ يَأخُذُ القُرآنَ فَيَرفُضُهُ (1)، ويَنَامُ عَنِ الصَّلاةِ المَكتُوبَةِ. وأمَّا الرَّجُلُ الَّذِي أتَيْتَ عَلَيْهِ يُشَرْشَرُ شِدْقُهُ إِلَى قَفَاهُ، ومِنْخَرُهُ إِلَى قَفَاهُ، وَعَيْنُهُ إِلَى قَفَاهُ، فإنَّهُ الرَّجُلُ يَغْدُو مِنْ بَيْتِهِ فَيَكْذِبُ الكِذْبَةَ تَبْلُغُ الآفاقَ. وأمَّا الرِّجَالُ والنِّسَاءُ العُراةُ الَّذِينَ هُمْ في مثْلِ بناءِ التَّنُّورِ، فَإنَّهُمُ الزُّنَاةُ والزَّواني، وأما الرجلُ الذي أتيتَ عَليهِ يَسْبَحُ في النهرِ، ويلقم الحجارةَ، فإنَّهُ آكلُ الربا، وأمَّا الرَّجُلُ الكَريهُ (2) المرآةِ الَّذِي عِنْدَ النَّارِ يَحُشُّهَا وَيَسْعَى حَوْلَهَا، فإنَّهُ مالكٌ خازِنُ جَهَنَّمَ، وأمَّا الرَّجُلُ الطَّويلُ الَّذِي في الرَّوْضَةِ، فإنَّهُ إبراهيم - صلى الله عليه وسلم - وأمَّا الولدان الَّذِينَ حَوْلَهُ، فكلُّ مَوْلُودٍ ماتَ عَلَى الفِطْرَةِ» وفي رواية البَرْقانِيِّ: «وُلِدَ عَلَى الفِطْرَةِ» فَقَالَ بعض المُسلمينَ: يَا رسولَ الله، وأولادُ المُشركينَ فقالَ رسولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم: «وأولادُ المشركينَ، وأما القومُ الذينَ كانُوا شَطْرٌ مِنْهُمْ حَسَنٌ، وشَطْرٌ مِنْهُمْ قَبيحٌ، فإنَّهُمْ قَومٌ خَلَطُوا عَمَلًا صَالِحًا وآخَرَ سَيِّئًا، تَجاوَزَ الله عنهم». رواه البخاري. (3) وفي روايةٍ لَهُ: «رَأيْتُ اللَّيْلَةَ رَجُلَيْنِ أتيَانِي فأخْرَجَانِي إِلَى أرْضٍ مُقَدَّسَةٍ» ثُمَّ ذَكَرَهُ وقال: «فَانْطَلَقْنَا إِلَى نَقْبٍ مثلِ التَّنُّورِ، أعْلاهُ ضَيِّقٌ وَأسْفَلُهُ واسِعٌ؛ يَتَوَقَّدُ تَحْتَهُ نارًا، فإذا ارْتَفَعَتِ ارْتَفَعُوا حَتَّى كَادُوا أَنْ يَخْرُجُوا، وَإِذَا خَمَدَتْ! رَجَعُوا فِيهَا، وفيها رِجالٌ ونِساءٌ عراةٌ». وفيها: «حَتَّى أتَيْنَا عَلَى نَهْرٍ مِنْ دَمٍ» ولم يشكَّ «فِيهِ رَجُلٌ قائِمٌ عَلَى وَسَطِ النَّهْرِ وعلى شطِّ النَّهرِ رجلٌ، وبينَ يديهِ حِجارةٌ، فأقبلَ الرجلُ الذي في النَّهرِ، فَإذَا أرَادَ أَنْ يَخْرُجَ رَمَى الرَّجُلُ بِحَجَرٍ في فِيهِ، فَرَدَّهُ حَيثُ كَانَ، فَجَعَلَ كُلَّمَا جَاءَ لِيَخْرُجَ جَعَلَ يَرْمِي   (1) قال الحافظ ابن حجر في الفتح: «رفض القرآن بعد حفظه جناية عظيمة؛ لأنه يوهم أنه رأى فيه ما يوجب رفضه فلما رفض أشرف الأشياء وهو القرآن عوقب في أشرف أعضائه وهو الرأس». (2) قال الحافظ في الفتح: «إنما كان كريه الرؤية؛ لأن في ذلك زيادة في عذاب أهل النار». (3) أخرجه: البخاري 2/ 125 - 127 (1386) و9/ 56 - 58 (7047). الجزء: 1 ¦ الصفحة: 432 في فِيهِ بِحَجَرٍ، فَيْرَجِعْ كما كَانَ». وفيها: «فَصَعِدَا بي الشَّجَرَةَ، فَأدْخَلاَنِي دَارًا لَمْ أرَ قَطُّ أحْسَنَ مِنْهَا، فيهَا رِجَالٌ شُيُوخٌ وَشَبَابٌ». وفيها: «الَّذِي رَأيْتَهُ يُشَقُّ شِدْقُهُ فَكَذَّابٌ، يُحَدِّثُ بِالكِذْبَةِ فَتُحْمَلُ عَنْهُ حَتَّى تَبْلُغَ الآفَاقَ، فَيُصْنَعُ بِهِ مَا رَأَيْتَ إِلَى يَومِ القِيَامَةِ»، وَفِيهَا: «الَّذِي رَأيْتَهُ يُشْدَخُ رَأسُهُ فَرَجُلٌ عَلَّمَهُ اللهُ القُرْآنَ، فَنَامَ عَنْهُ بِاللَّيْلِ، وَلَمْ يَعْمَلْ فِيهِ بالنَّهارِ، فَيُفْعَلُ بِهِ إِلَى يَوْمِ القِيَامَةِ، والدَّارُ الأولَى الَّتي دَخَلْتَ دَارُ عَامَّةِ المُؤمِنِينَ، وأمَّا هذِهِ الدَّارُ فَدَارُ الشُّهَداءِ، وأنا جِبْرِيلُ، وهذا مِيكائيلُ، فَارْفَعْ رَأْسَكَ، فَرَفَعْتُ رَأسِي، فإذَا فَوْقِي مِثْلُ السَّحابِ، قالا: ذاكَ مَنْزِلُكَ، قُلْتُ: دَعَانِي أدْخُلُ مَنْزِلي، قالا: إنَّهُ بَقِيَ لَكَ عُمُرٌ لَمْ تَسْتَكْمِلْهُ، فَلَوِ اسْتَكْمَلْتَهُ أتَيْتَ مَنْزِلَكَ». رواه البخاري. قَوْله: «يَثلَغ رَأسَهُ» هُوَ بالثاءِ المثلثةِ والغينِ المعجمة، أيْ: يَشدَخُهُ وَيَشُقُّهُ. قولهُ: «يَتَدَهْدَهُ» أيْ: يَتَدَحْرجُ. و «الكَلُّوبُ» بفتح الكاف وضم اللام المشددة، وَهُوَ معروف. قَوْله: «فَيُشَرْشِرُ»: أيْ: يُقَطِّعُ. قَوْله: «ضَوْضَوا» وَهُوَ بضادين معجمتين: أيْ صاحوا. قَوْله: «فَيَفْغَرُ» هُوَ بالفاء والغين المعجمة، أيْ: يفتح. قَوْله «المَرآة» هُوَ بفتح الميم، أيْ: المنظر. قَوْله: «يَحُشُّها» هُوَ بفتح الياءِ وضم الحاء المهملة والشين المعجمة، أيْ: يوقِدُها. قَوْله: «رَوْضَةٍ مُعْتَمَّةٍ» هُوَ بضم الميم وإسكان العين وفتح التاء وتشديد الميم، أيْ: وافية النَّباتِ طَويلَته. قَولُهُ: «دَوْحَةٌ» وهي بفتحِ الدال وإسكان الواو وبالحاءِ المهملة: وهي الشَّجَرَةُ الكَبيرةُ. قَوْلهُ: «المَحْضُ» هُوَ بفتح الميم وإسكان الحاء المهملة وبالضَّادِ المعجمة، وَهُوَ: اللَّبَنُ. قَوْلهُ «فَسَمَا بَصَري» أيْ: ارْتَفَعَ. و «صُعُدًا» بضم الصاد والعين، أيْ: مُرْتَفعًا. وَ «الربَابَةُ» بفتح الراءِ وبالباء الموحدة مكررةً، وهي: السَّحابَة. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 433 261 - باب بيان مَا يجوز من الكذب اعلَمْ أنَّ الكَذِبَ، وإنْ كَانَ أصْلُهُ مُحَرَّمًا، فَيَجُوزُ في بَعْضِ الأحْوَالِ بِشُروطٍ قَدْ أوْضَحْتُهَا في كتاب: «الأَذْكَارِ» (1)، ومُخْتَصَرُ ذَلِكَ: أنَّ الكلامَ وَسيلَةٌ إِلَى المَقَاصِدِ، فَكُلُّ مَقْصُودٍ مَحْمُودٍ يُمْكِنُ تَحْصِيلُهُ بِغَيْرِ الكَذِبِ يَحْرُمُ الكَذِبُ فِيهِ، وإنْ لَمْ يُمْكِنْ تَحْصِيلُهُ إِلاَّ بالكَذِبِ، جازَ الكَذِبُ. ثُمَّ إنْ كَانَ تَحْصِيلُ ذَلِكَ المَقْصُودِ مُبَاحًا كَانَ الكَذِبُ مُبَاحًا، وإنْ كَانَ وَاجِبًا، كَانَ الكَذِبُ وَاجِبًا. فإذا اخْتَفَى مُسْلِمٌ مِنْ ظَالِمٍ يُريدُ   (1): 515 - 516. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 433 قَتْلَهُ، أَوْ أَخذَ مَالِهِ وأخفى مالَه وَسُئِلَ إنْسَانٌ عَنْهُ، وَجَبَ الكَذِبُ بإخْفَائِه. وكذا لو كانَ عِندَهُ وديعَةٌ، وأراد ظالمٌ أخذها، وجبَ الكذبُ بإخفائها. وَالأحْوَطُ في هَذَا كُلِّهِ أن يُوَرِّيَ. ومعْنَى التَّوْرِيَةِ: أَنْ يَقْصِدَ بِعِبَارَتِهِ مَقْصُودًا صَحيحًا لَيْسَ هُوَ كَاذِبًا بالنِّسْبَةِ إِلَيْهِ، وإنْ كَانَ كَاذِبًا في ظَاهِرِ اللَّفْظِ، وبالنِّسْبَةِ إِلَى مَا يَفْهَمُهُ المُخَاطَبُ، وَلَوْ تَرَكَ التَّوْرِيَةَ وَأطْلَقَ عِبَارَةَ الكَذِبِ، فَلَيْسَ بِحَرَامٍ في هَذَا الحَالِ. وَاسْتَدَل العُلَمَاءُ بِجَوازِ الكَذِبِ في هَذَا الحَالِ بِحَديثِ أُمِّ كُلْثُومٍ رَضِيَ اللهُ عنها، أنها سمعتْ رسُولَ الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: «لَيْسَ الكَذَّابُ الَّذِي يُصْلِحُ بَيْنَ النَّاسِ، فَيَنْمِي خَيْرًا أَوْ يَقُولُ خَيْرًا». متفق عَلَيْهِ. (1) زاد مسلم في رواية: قالت أُمُّ كُلْثُومٍ: وَلَمْ أسْمَعْهُ يُرَخِّصُ في شَيْءٍ مِمَّا يَقُولُ النَّاسُ إِلاَّ في ثَلاَثٍ، تَعْنِي: الحَرْبَ، والإصْلاَحَ بَيْنَ النَّاسِ، وَحَديثَ الرَّجُلِ امْرَأَتَهُ، وَحديثَ المَرْأَةِ زَوْجَهَا.   (1) أخرجه: البخاري 3/ 240 (2692)، ومسلم 8/ 28 (2605) (101). الجزء: 1 ¦ الصفحة: 434 262 - باب الحثّ عَلَى التثبت فيما يقوله ويحكيه قَالَ الله تَعَالَى: {وَلاَ تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ} [الإسراء: 36] وقال تَعَالَى: {مَا يَلْفِظُ مِنْ قَولٍ إِلاَّ لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ} [ق: 18]. (1)   (1) وفيه قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ جَاءكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَأٍ فَتَبَيَّنُوا أَنْ تُصِيبُوا قَوْمًا بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَى مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ} [الحجرات: 6]. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 434 1547 - وعن أَبي هريرة - رضي الله عنه: أنَّ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: «كَفَى بالمَرْءِ كَذِبًا أَنْ يُحَدِّثَ بِكُلِّ مَا سَمِعَ». رواه مسلم. (1)   (1) أخرجه: مسلم في مقدمة «صحيحه» 1/ 8 (5) (5). الحديث: 1547 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 434 1548 - وعن سَمُرَةَ - رضي الله عنه - قَالَ: قَالَ رَسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم: «مَنْ حَدَّثَ عَنِّي بِحَديثٍ يَرَى أَنَّهُ كَذِبٌ فَهُوَ أَحَدُ الكَاذِبِينَ». رواه مسلم. (1)   (1) أخرجه: مسلم في مقدمة «صحيحه» 1/ 7. الحديث: 1548 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 434 1549 - وعن أسماء رَضِيَ اللهُ عنها: أنَّ امْرأةً قالت: يَا رسولَ الله، إنَّ لِي ضَرَّةً فهل عَلَيَّ [ص: 435] جُنَاحٌ إنْ تَشَبَّعْتُ مِنْ زَوْجِي غَيْرَ الَّذِي يُعْطِيني؟ فَقَالَ النَّبيُّ - صلى الله عليه وسلم: «المُتَشَبِّعُ بِما لَمْ يُعْطَ كَلاَبِسِ ثَوْبَيْ زُورٍ». متفق عَلَيْهِ. (1) «وَالمُتَشَبِّعُ»: هُوَ الَّذِي يُظْهِرُ الشَّبَعَ وَلَيْسَ بِشَبْعَان. ومعناهُ هُنَا: أَنْ يُظْهِرَ أنَّهُ حَصَلَ لَهُ فَضيلَةٌ وَلَيْسَتْ حَاصِلَةً. «وَلابِسُ ثَوْبَي زُورٍ» أيْ: ذِي زُورٍ، وَهُوَ الَّذِي يُزَوِّرُ عَلَى النَّاسِ، بِأنْ يَتَزَيَّى بِزِيِّ أهْلِ الزُّهْدِ أَو العِلْمِ أَو الثَّرْوَةِ، لِيَغْتَرَّ بِهِ النَّاسُ وَلَيْسَ هُوَ بِتِلْكَ الصِّفَةِ. وَقَيلَ غَيرُ ذَلِكَ واللهُ أعْلَمُ.   (1) أخرجه: البخاري 7/ 44 (5219)، ومسلم 6/ 169 (2130) (127). الحديث: 1549 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 435 263 - باب بيان غلظ تحريم شهادة الزُّور قَالَ الله تَعَالَى: {وَاجْتَنِبوا قَوْلَ الزُّورِ} [الحج: 30]، وقال تَعَالَى: {وَلاَ تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ} [الإسراء: 36]، وقال تَعَالَى: {مَا يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلاَّ لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ} [ق: 18]، وقال تَعَالَى: {إنَّ رَبَّكَ لبالمِرْصَادِ} [الفجر: 16]، وقال تَعَالَى: {وَالَّذِينَ لاَ يَشْهَدُونَ الزُّورَ} [الفرقان: 72]. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 435 1550 - وعن أَبي بَكْرَةَ - رضي الله عنه - قَالَ: قَالَ رسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم: «ألاَ أُنَبِّئُكُمْ بِأكْبَرِ الكَبَائِرِ؟» قُلْنَا: بَلَى يَا رسولَ اللهِ. قَالَ: «الإشْراكُ باللهِ، وعُقُوقُ الوَالِدَيْنِ» وكَانَ مُتَّكِئًا فَجَلَسَ، فَقَالَ: «ألا وَقَولُ الزُّورِ». فما زال يُكَرِّرُهَا حَتَّى قلنا: لَيْتَهُ سَكَتَ (1). متفق عَلَيْهِ. (2)   (1) قال النووي في شرح صحيح مسلم 1/ 292: «جلوسه - صلى الله عليه وسلم - لاهتمامه بهذا الأمر، وهو يفيد تأكيد تحريمه، وعظم قبحه، وإنما قالوه وتمنوه شفقة على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وكراهة لما يزعجه ويغضبه». وقال الحافظ ابن حجر في الفتح 5/ 324: «أي: شفقة عليه وكراهية لما يزعجه، وفيه ما كانوا عليه من كثرة الأدب معه - صلى الله عليه وسلم - والمحبة له والشفقة عليه». (2) انظر الحديث (336). الحديث: 1550 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 435 264 - باب تحريم لعن إنسان بعينه أَوْ دابة 1551 - عن أَبي زيدٍ ثابت بن الضَّحَّاك الأنصاريِّ - رضي الله عنه - وَهُوَ من أهلِ بَيْعَةِ الرِّضْوَانِ، قَالَ: قَالَ رسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم: «مَنْ حَلَفَ عَلَى يَمِينٍ بِمِلَّةٍ غَيْرِ الإسْلاَمِ كاذِبًا مُتَعَمِّدًا، فَهُوَ كَما قَالَ، وَمَنْ قَتَلَ نَفْسَهُ بِشَيءٍ، عُذِّبَ بِهِ يَومَ القِيَامَةِ، وَلَيْسَ عَلَى رَجُلٍ نَذْرٌ فيما لا يَمْلِكُهُ، وَلَعْنُ المُؤْمِنِ كَقَتْلِهِ». متفق عَلَيْهِ. (1)   (1) أخرجه: البخاري 8/ 19 (6047)، ومسلم 1/ 72 (110) (176). الحديث: 1551 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 435 1552 - وعن أَبي هريرة - رضي الله عنه: أنَّ رسُولَ الله - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: «لاَ يَنْبَغِي لِصِدِّيقٍ أَنْ يَكُونَ لَعَّانًا». رواه مسلم. (1)   (1) أخرجه: مسلم 8/ 23 (2597) (84). الحديث: 1552 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 436 1553 - وعن أَبي الدرداءِ - رضي الله عنه - قَالَ: قَالَ رسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم: «لاَ يَكُونُ اللَّعَانُونَ شُفَعَاءَ، وَلاَ شُهَدَاءَ يَوْمَ القِيَامَةِ (1)». رواه مسلم (2).   (1) قال النووي في شرح صحيح مسلم 8/ 324: «معناه: لا يشفعون يوم القيامة حين يشفع المؤمنون في إخوانهم الذين استوجبوا النار. (ولا شهداء) فيه ثلاثة أقوال: أصحها وأشهرها: لا يكونون شهداء يوم القيامة على الأمم بتبليغ رسلهم إليهم الرسالات. والثاني: لا يكونون شهداء في الدنيا، أي: لا تقبل شهادتهم لفسقهم. والثالث: لا يرزقون الشهادة وهي القتل في سبيل الله. قال: وإنّما قال - صلى الله عليه وسلم - لعانًا ولعانون بصيغة التكثير؛ لأنَّ هذا الذم في الحديث هو لمن كثر منه اللعن لا لمرة ونحوها؛ ولأنه يخرج منه أيضًا اللعن المباح وهو الذي ورد به الشرع وهو لعنة الله على الظالمين، ولعن الله اليهود والنصارى ولعن الله الواصلة والواشمة ... ». (2) أخرجه: مسلم 8/ 24 (2598) (85). الحديث: 1553 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 436 1554 - وعن سَمُرَةَ بْنِ جُنْدُبٍ - رضي الله عنه - قَالَ: قَالَ رسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم: «لاَ تَلاَعَنُوا بِلَعْنَةِ اللهِ، وَلاَ بِغَضَبِهِ، وَلاَ بِالنَّارِ». رواه أَبُو داود والترمذي، (1) وقال: «حديث حسن صحيح».   (1) أخرجه: أبو داود (4906)، والترمذي (1976). الحديث: 1554 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 436 1555 - وعن ابن مسعود - رضي الله عنه - قَالَ: قَالَ رسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم: «لَيْسَ المُؤْمِنُ بالطَّعَّانِ (1)، وَلاَ اللَّعَّانِ، وَلاَ الفَاحِشِ، وَلاَ البَذِيِّ (2)». رواه الترمذي، (3) وقال: «حديث حسن».   (1) أي: وقاعًا في أعراض الناس بالذم والغيبة والطعن في النسب. النهاية 3/ 127. (2) البذاء: الفحش في القول (3) أخرجه: الترمذي (1977). وقال: «حديث حسن غريب». الحديث: 1555 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 436 1556 - وعن أَبي الدرداء - رضي الله عنه - قَالَ: قَالَ رسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم: «إنَّ العَبْدَ إِذَا لَعَنَ شَيْئًا، صَعدَتِ اللَّعْنَةُ إِلَى السَّماءِ، فَتُغْلَقُ أبْوابُ السَّمَاءِ دُونَهَا، ثُمَّ تَهْبِطُ إِلَى الأرْضِ، فَتُغْلَقُ أبْوابُهَا دُونَها، ثُمَّ تَأخُذُ يَمينًا وَشِمالًا، فَإذا لَمْ تَجِدْ مَسَاغًا رَجَعَتْ إِلَى الَّذِي لُعِنَ، فإنْ كَانَ أهْلًا لِذلِكَ، وإلاَّ رَجَعَتْ إِلَى قَائِلِهَا». رواه أَبُو داود. (1)   (1) أخرجه: أبو داود (4905). الحديث: 1556 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 436 1557 - وعن عمران بن الحُصَيْنِ رضي الله عنهما، قَالَ: بَيْنَمَا رسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - في بَعْضِ أسْفَارِهِ، وَامْرأةٌ مِنَ الأنْصَارِ عَلَى نَاقَةٍ، فَضَجِرَتْ فَلَعَنَتْهَا، فَسَمِعَ ذَلِكَ رسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم - فقالَ: «خُذُوا مَا عَلَيْهَا وَدَعُوهَا؛ فَإنَّهَا مَلْعُونَةٌ». قَالَ عمْرانُ: فَكَأنِّي أَرَاهَا الآنَ تَمْشِي في النَّاسِ مَا يَعْرِضُ لَهَا أحَدٌ. رواه مسلم. (1)   (1) أخرجه: مسلم 8/ 23 (2595) (80). الحديث: 1557 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 437 1558 - وعن أَبي بَرْزَةَ نَضْلَةَ بْنِ عُبَيْدٍ الأَسْلَمِيِّ - رضي الله عنه - قَالَ: بَيْنَمَا جَارِيَةٌ عَلَى نَاقَةٍ عَلَيْهَا بَعْضُ مَتَاعِ القَوْمِ. إِذْ بَصُرَتْ بِالنَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم - وَتَضَايَقَ بِهِمُ الجَبَلُ فَقَالَتْ: حَلْ، اللَّهُمَّ الْعَنْهَا. فَقَالَ النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم: «لاَ تُصَاحِبْنَا نَاقَةٌ عَلَيْهَا لَعْنَةٌ». رواه مسلم. (1) قَوْله: «حَلْ» بفتح الحاء المهملة وَإسكانِ اللاَّم: وَهِيَ كَلِمَةٌ لِزَجْرِ الإبِلِ. وَاعْلَمْ أنَّ هَذَا الحَدِيثَ قَدْ يُسْتَشكَلُ مَعْنَاهُ، وَلاَ إشْكَالَ فِيهِ، بَلِ المُرَادُ النَّهْيُ أَنْ تُصَاحِبَهُمْ تِلْكَ النَّاقَةُ، وَلَيْسَ فِيهِ نَهْيٌ عَنْ بَيْعِهَا وَذَبْحِهَا وَرُكُوبِهَا فِي غَيْرِ صُحْبَةِ النبيّ - صلى الله عليه وسلم - بَلْ كُلُّ ذَلِكَ وَمَا سِوَاهُ مِنَ التَّصَرُّفَاتِ جائِزٌ لا مَنْعَ مِنْهُ، إِلاَّ مِنْ مُصَاحَبَةِ النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم - بِهَا؛ لأنَّ هذِهِ التَّصَرُّفَاتِ كُلَّهَا كَانَتْ جَائِزَةً فَمُنِعَ بَعْض مِنْهَا، فَبَقِيَ البَاقِي عَلَى مَا كَانَ، واللهُ أَعلم.   (1) أخرجه: مسلم 8/ 23 (2596) (80). الحديث: 1558 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 437 265 - باب جواز لعن أصحاب المعاصي غير المعينين قَالَ الله تَعَالَى: {ألاَ لَعْنَةُ اللهِ عَلَى الظَّالِمِينَ} [هود: 18]، وقال تَعَالَى: {فَأَذَّنَ مُؤَذِّنٌ بَيْنَهُمْ أَنْ لَعْنَةُ اللهِ عَلَى الظَّالِمِينَ} [الأعراف: 44]. وَثَبَتَ فِي الصَّحِيحِ أَنَّ رَسُولَ الله - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: «لَعنَ اللهُ الوَاصِلَةَ وَالمُسْتَوْصِلَةَ (1)» (2) وَأنَّهُ قَالَ: «لَعَنَ اللهُ آكِلَ الرِّبَا» (3) وأنَّهُ لَعَنَ المُصَوِّرِينَ (4)، وأنَّهُ قَالَ: [ص: 438] «لَعَنَ اللهُ مَنْ غيَّرَ مَنَارَ الأَرْضِ» (5) أيْ حُدُودَهَا، وأنَّهُ قَالَ: «لَعَنَ اللهُ السَّارِقَ يَسْرِقُ البَيْضَةَ» (6)، وأنَّهُ قَالَ: «لَعَنَ اللهُ مَنْ لَعَنَ وَالِدَيهِ» وَ «لَعَنَ اللهُ من ذَبَحَ لِغَيْرِ اللهِ»، وَأنَّه قَالَ: «مَنْ أَحْدَثَ فِيهَا حَدَثًا أَوْ آوَى مُحْدِثًا فَعَلَيْهِ لَعْنَةُ اللهِ وَالمَلاَئِكَة والنَّاسِ أجْمَعينَ» (7)، وأنَّه قَالَ: «اللَّهُمَّ الْعَنْ رِعْلًا، وَذَكْوَانَ، وعُصَيَّةَ: عَصَوُا اللهَ وَرَسُولَهُ» (8) وهذِهِ ثَلاَثُ قَبَائِلَ مِنَ العَرَبِ. وأنَّه قَالَ: «لَعَنَ اللهُ اليَهُودَ اتَّخَذُوا قُبُورَ أنْبِيَائِهِمْ مَسَاجِدَ» (9) وأنهُ «لَعَنَ المُتَشَبِّهِينَ مِنَ الرِّجَالِ بالنِّساءِ والمُتَشَبِّهاتِ مِنَ النِّسَاءِ بالرِّجالِ» (10). وَجَميعُ هذِهِ الألفاظِ في الصحيح؛ بعضُها في صَحيحَيّ البُخاري ومسلمٍ، وبعضها في أحَدِهِمَا، وإنما قصدت الاختِصَارَ بالإشارةِ إِلَيهمَا، وسأذكر معظمها في أبوابها من هَذَا الكتاب، إن شاء الله تَعَالَى.   (1) قال الإمام النووي في شرح صحيح مسلم 7/ 290: «الواصلة هي التي تصل شعر المرأة بشعر آخر، والمستوصلة التي تطلب من يفعل بها ذلك». (2) انظر الحديث (1642). (3) أخرجه: أحمد 1/ 393 و402 من حديث عبد الله بن مسعود. (4) أخرجه: البخاري 3/ 110 - 111 (2238) من حديث أبي جحيفة. (5) أخرجه: مسلم 6/ 84 (1978) (43) من حديث علي بن أبي طالب. (6) أخرجه: البخاري 8/ 198 (6783)، ومسلم 5/ 113 (1687) (7) من حديث أبي هريرة. (7) أجزاء من حديث علي السابق الذي أخرجه مسلم. (8) أخرجه: مسلم 2/ 134 (675) (294) من حديث أبي هريرة. (9) أخرجه: البخاري 2/ 111 (1330)، ومسلم 2/ 67 (529) (19) من حديث عائشة. (10) أخرجه: البخاري 7/ 205 (5885) من حديث ابن عباس. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 437 266 - باب تحريم سب المسلم بغير حق قَالَ الله تَعَالَى: {والَّذِينَ يُؤْذُونَ المُؤْمِنِينَ والْمُؤْمِنَاتِ بِغَيْرِ مَا اكْتَسَبُوا، فَقَدِ احْتَمَلُوا بُهْتانًا وإثْمًا مُبِينًا} [الأحزاب: 58]. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 438 1559 - وعن ابن مسعود - رضي الله عنه - قَالَ: قَالَ رسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم: «سِبَابُ المُسْلِمِ فُسُوقٌ، وَقِتالُهُ كُفْرٌ». متفق عَلَيْهِ. (1)   (1) أخرجه: البخاري 1/ 19 (48)، ومسلم 1/ 57 (64) (116). الحديث: 1559 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 438 1560 - وعن أَبي ذرٍ - رضي الله عنه: أنهُ سَمِعَ رسُولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - يقول: «لاَ يَرْمِي رَجُلٌ رَجُلًا بِالفِسْقِ أَوِ الكُفْرِ، إِلاَّ ارْتَدَّتْ عَلَيْهِ، إنْ لَمْ يَكُنْ صَاحِبُهُ كذَلِكَ». رواه البخاري. (1)   (1) أخرجه: البخاري 8/ 18 (6045). الحديث: 1560 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 438 1561 - وعن أَبي هريرة - رضي الله عنه: أنَّ رسولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: «المُتَسَابَّانِ مَا قَالاَ فَعَلَى البَادِي منهُمَا حَتَّى يَعْتَدِي المَظْلُومُ (1)». رواه مسلم. (2)   (1) قال النووي في شرح صحيح مسلم 8/ 315: «معناه أنَّ إثم السباب الواقع من اثنين مختص بالبادئ منهما كله إلا أن يتجاوز الثاني قدر الانتصار، فيقول للبادئ أكثر مما قال له، وفي هذا جواز الانتصار، ومع هذا فالصبر والعفو أفضل». (2) أخرجه: مسلم 8/ 20 (2587) (68). الحديث: 1561 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 439 1562 - وعنه، قَالَ: أُتِيَ النَّبيُّ - صلى الله عليه وسلم - بِرَجُلٍ قَدْ شرِبَ قَالَ: «اضربوهُ» قَالَ أَبُو هريرةَ: فَمِنَّا الضارِبُ بيَدِهِ، والضَّارِبُ بِنَعْلِهِ، والضَّارِبُ بِثَوْبِهِ. فَلَمَّا انْصَرَفَ، قَالَ بَعْضُ القَوْمِ: أخْزَاكَ اللهُ! قَالَ: «لا تَقُولُوا هَذَا، لا تُعِينُوا عَلَيْهِ الشَّيْطَان». رواه البخاري. (1)   (1) أخرجه: البخاري 8/ 196 (6777). الحديث: 1562 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 439 1563 - وعنه، قَالَ: سَمِعْتُ رسولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - يقول: «مَنْ قَذَفَ مَمْلُوكَهُ بِالزِّنَى يُقَامُ عَلَيْهِ الحَدُّ يَومَ القِيَامَةِ، إِلاَّ أَنْ يَكُونَ كَمَا قَالَ». متفق عَلَيْهِ. (1)   (1) أخرجه: البخاري 8/ 218 (6858)، ومسلم 5/ 92 (1660) (37). الحديث: 1563 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 439 267 - باب تحريم سب الأموات بغير حق ومصلحةٍ شرعية وَهِيَ التَّحْذِيرُ مِنَ الاقْتِدَاء بِهِ في بِدْعَتِهِ، وَفِسْقِهِ، وَنَحْوِ ذَلِكَ، وَفِيهِ الآيةُ والأحاديثُ السَّابِقَةُ في البَابِ قَبْلَهُ. 1564 - وعن عائشة رَضِيَ اللهُ عنها، قالت: قَالَ رسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم: «لا تَسُبُّوا الأَمْوَاتَ، فَإنَّهُمْ قَدْ أفْضَوْا إِلَى مَا قَدَّمُوا». رواه البخاري. (1)   (1) أخرجه: البخاري 2/ 129 (1393). الحديث: 1564 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 439 268 - باب النهي عن الإيذاء قَالَ الله تَعَالَى: {والَّذِينَ يُؤْذُونَ المُؤْمِنِينَ والمُؤْمِنَاتِ بِغَيْرِ مَا اكْتَسَبُوا فَقَدِ احْتَمَلُوا بُهْتَانًا وَإثْمًا مُبِينًا} [الأحزاب: 58]. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 439 1565 - وعن عبدِ الله بن عمرو بن العاصِ رضي الله عنهما، قَالَ: قَالَ رسولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم: «المُسْلِمُ مَنْ سَلِمَ المُسْلِمُونَ مِنْ لِسَانِهِ وَيَدِهِ، والمُهَاجِرُ مَنْ هَجَرَ مَا نَهَى اللهُ عَنْهُ». متفق عَلَيْهِ. (1)   (1) أخرجه: البخاري 8/ 127 (6484)، ومسلم 1/ 47 (40) (64). الحديث: 1565 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 439 1566 - وعنه، قَالَ: قَالَ رسولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم: «مَنْ أحَبَّ أَنْ يُزَحْزَحَ عَنِ النَّارِ، ويُدْخَلَ الجَنَّةَ، فَلْتَأْتِهِ مَنِيَّتُهُ وَهُوَ يُؤْمِنُ بِاللهِ وَاليَومِ الآخِرِ، وَلْيَأْتِ إِلَى النَّاسِ الَّذِي يُحِبُّ أَنْ يُؤْتَى إِلَيْهِ». رواه مسلم. (1) وَهُوَ بعض حديثٍ طويلٍ سبق في بابِ طاعَةِ وُلاَةِ الأمُورِ.   (1) انظر الحديث (667). الحديث: 1566 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 440 269 - باب النهي عن التباغض والتقاطع والتدابر قَالَ الله تَعَالَى: {إنَّمَا المُؤْمِنُونَ إخْوَةٌ} [الحجرات: 10]، وقال تَعَالَى: {أذِلَّةٍ عَلَى المُؤمِنينَ أعِزَّةٍ عَلَى الكَافِرينَ} [المائدة: 54]، وقال تَعَالَى: {مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللهِ وَالَّذينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ} [الفتح: 29]. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 440 1567 - وعن أنس - رضي الله عنه: أنَّ النَّبيّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: «لاَ تَبَاغَضُوا، وَلاَ تَحَاسَدُوا، وَلاَ تَدَابَرُوا، وَلاَ تَقَاطَعُوا، وَكُونُوا عِبَادَ اللهِ إخْوَانًا، وَلاَ يَحِلُّ لِمُسْلِمٍ أَنْ يَهْجُرَ أخَاهُ فَوْقَ ثَلاَثٍ». متفق عَلَيْهِ. (1)   (1) أخرجه: البخاري 8/ 23 (6065)، ومسلم 8/ 8 (2559) (23). الحديث: 1567 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 440 1568 - وعن أَبي هريرة - رضي الله عنه: أنَّ رسولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: «تُفْتَحُ أبْوابُ الجَنَّةِ يَوْمَ الإثْنَيْنِ ويَوْمَ الخَمْيِسِ، فَيُغْفَرُ لِكُلِّ عَبْدٍ لا يُشْرِكُ بِاللهِ شَيْئًا، إِلاَّ رَجُلًا كَانَتْ بينهُ وَبَيْنَ أخِيهِ شَحْنَاءُ فَيُقَالُ: أنْظِرُوا هَذَيْنِ حَتَّى يَصْطَلِحَا! أَنْظِرُوا هَذَينِ حَتَّى يَصْطَلِحَا!». رواه مسلم. (1) وفي روايةٍ لَهُ: «تُعْرَضُ الأعْمالُ في كُلِّ يَوْمِ خَمِيسٍ وإثْنَيْن» وذَكَرَ نَحْوَهُ.   (1) أخرجه: مسلم 8/ 11 (2565) (35) و (36). الحديث: 1568 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 440 270 - باب تحريم الحسد وَهُوَ تمني زوالُ النعمة عن صاحبها، سواءٌ كَانَتْ نعمة دينٍ أَوْ دنيا قَالَ الله تَعَالَى: {أَمْ يَحْسُدُونَ النَّاسَ عَلَى مَا آتَاهُمُ اللهُ مِنْ فَضْلِهِ} [النساء: 54] وفِيهِ حديثُ أنسٍ السابق في الباب قبلَهُ (1).   (1) انظر الحديث (1567). الجزء: 1 ¦ الصفحة: 440 1569 - وعن أَبي هريرة - رضي الله عنه: أنَّ النَّبيَّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: «إيَّاكُمْ وَالحَسَدَ؛ فَإنَّ الحَسَدَ يَأكُلُ الحَسَنَاتِ كَمَا تَأكُلُ النَّارُ الحَطَبَ» أَوْ قَالَ: «العُشْبَ». رواه أَبُو داود. (1)   (1) أخرجه: أبو داود (4903)، وهو حديث ضعيف لجهالة أحد رواته، وقال البخاري: «لا يصح». الحديث: 1569 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 440 271 - باب النَّهي عن التجسُّس والتَّسَمُّع لكلام من يكره استماعه قَالَ الله تَعَالَى: {وَلاَ تَجَسَّسُوا} [الحجرات: 12]، وقال تَعَالَى: {وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ المُؤْمِنِينَ وَالمُؤْمِنَاتِ بِغَيْرِ مَا اكْتَسَبُوا فَقَدِ احْتَمَلُوا بُهْتَانًا وَإثْمًا مُبِينًا} [الأحزاب: 58]. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 441 1570 - وعن أَبي هريرة - رضي الله عنه: أنَّ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: «إيَّاكُمْ وَالظَّنَّ، فَإنَّ الظَّنَّ أَكْذَبُ الحَدِيثِ، ولا تحسَّسوا وَلاَ تَجَسَّسُوا (1) وَلاَ تَنَافَسُوا (2)، وَلاَ تَحَاسَدُوا، وَلاَ تَبَاغَضُوا، وَلاَ تَدَابَرُوا، وَكُونُوا عِبَادَ اللهِ إخْوَانًا كَمَا أَمَرَكُمْ. المُسْلِمُ أَخُو المُسْلِمِ، لاَ يَظْلِمُهُ، وَلاَ يَخْذُلُهُ (3) وَلاَ يَحْقِرُهُ، التَّقْوَى هاهُنَا التَّقْوَى هاهُنَا» وَيُشِيرُ إِلَى صَدْرِهِ «بِحَسْبِ امْرِىءٍ مِنَ الشَّرِّ أَنْ يَحْقِرَ أخَاهُ المُسْلِمَ، كُلُّ المُسْلِمِ عَلَى المُسْلِمِ حَرَامٌ: دَمُهُ، وَعِرْضُهُ، وَمَالُهُ. إنَّ اللهَ لاَ يَنْظُرُ إِلَى أجْسَادِكُمْ، وَلاَ إِلَى صُوَرِكُمْ، وَلكِنْ يَنْظُرُ إِلَى قُلُوبِكُمْ وأعْمَالِكُمْ». وَفِي رواية: «لاَ تَحَاسَدُوا، وَلاَ تَبَاغَضُوا، وَلاَ تَجَسَّسُوا، وَلاَ تَحَسَّسُوا، وَلاَ تَنَاجَشُوا (4) وَكُونُوا عِبَادَ اللهِ إخْوانًا». وفي رواية: «لاَ تَقَاطَعُوا، وَلاَ تَدَابَرُوا، وَلاَ تَبَاغَضُوا، وَلاَ تَحَاسَدُوا، وَكُونُوا عِبَادَ اللهِ إخْوانًا» وَفِي رِواية: «وَلاَ تَهَاجَرُوا وَلاَ يَبِعْ بَعْضُكُمْ عَلَى بَيْعِ بَعْضٍ». رواه مسلم بكلّ هذِهِ الروايات، وروى البخاريُّ أكْثَرَهَا. (5)   (1) التجسس بالجيم: التفتيش عن بواطن الأمور وأكثر ما يقال في الشر. والجاسوس: صاحب سر الشر. والناموس: صاحب سر الخير، وقيل: بالجيم أن يطلبه لغيره، وبالحاء أن يطلبه لنفسه ... النهاية 1/ 272. (2) التنافس من المنافسة وهي الرغبة في الشيء والانفراد به. النهاية 5/ 95. (3) الخذل: ترك الإغاثة والنصرة. النهاية 2/ 16. (4) النجش: أن يمدح السلعة لينفقها ويروجها أو يزيد في ثمنها وهو لا يريد شراءها، ليقع غيره فيها. النهاية 5/ 21. (5) انظر الحديث (235). الحديث: 1570 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 441 1571 - وعن معاوية - رضي الله عنه - قَالَ: سَمِعْتُ رسولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - يقول: «إنَّكَ إنِ اتَّبَعْتَ عَوْرَاتِ المُسْلِمينَ أفْسَدْتَهُمْ، أَوْ كِدْتَ أَنْ تُفْسِدَهُمْ». حديث صحيح، رواه أَبُو داود بإسناد صحيح. (1)   (1) أخرجه: أبو داود (4888). الحديث: 1571 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 442 1572 - وعن ابن مسعود - رضي الله عنه: أنَّهُ أُتِيَ بِرَجُلٍ فَقِيلَ لَهُ: هَذَا فُلاَنٌ تَقْطُرُ لِحْيَتُهُ خَمْرًا، فَقَالَ: إنَّا قَدْ نُهِيْنَا عَنِ التَّجَسُّسِ، ولكِنْ إنْ يَظْهَرْ لَنَا شَيْءٌ، نَأخُذ بِهِ. حديث حسن صحيح، رواه أَبُو داود بإسنادٍ عَلَى شَرْطِ البخاري ومسلم (1).   (1) أخرجه: أبو داود (4890). الحديث: 1572 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 442 272 - باب النهي عن سوء الظنّ بالمسلمين من غير ضرورة قَالَ الله تَعَالَى: {يَا أيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيرًا مِنَ الظَّنِّ إنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إثْمٌ} [الحجرات: 12]. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 442 1573 - وعن أَبي هريرة - رضي الله عنه: أنَّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: «إيَّاكُمْ والظَّنَّ، فإنَّ الظَّنَّ أكْذَبُ الحَدِيثِ». متفق عَلَيْهِ. (1)   (1) انظر الحديث (1570). الحديث: 1573 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 442 273 - باب تحريم احتقار المسلمين قَالَ الله تَعَالَى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لاَ يَسْخَرْ قَوْمٌ مِنْ قَومٍ عَسَى أَنْ يَكُونُوا خَيْرًا مِنْهُمْ وَلاَ نِسَاءٌ مِنْ نِسَاءٍ عَسَى أَنْ يَكُنَّ خَيْرًا مِنْهُنَّ وَلاَ تَلْمِزُوا أَنْفُسَكُمْ وَلاَ تَنَابَزُوا بِالألْقَابِ بِئْسَ الاسْمُ الفُسُوقُ بَعْدَ الإيْمَانِ وَمَنْ لَمْ يَتُبْ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ} [الحجرات: 11] وقال تَعَالَى: {وَيلٌ لِكُلِّ هُمَزَةٍ لمزَةٍ} [الهمزة: 1]. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 442 1574 - وعن أَبي هريرة - رضي الله عنه: أنَّ رسولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: «بِحَسْبِ امْرِئٍ مِنَ الشَّرِّ أَنْ يَحْقِرَ أَخَاهُ المُسْلِمَ». رواه مسلم، (1) وَقَدْ سبق قريبًا بطوله.   (1) انظر الحديث (1570). الحديث: 1574 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 442 1575 - وعن ابن مسعودٍ - رضي الله عنه - عن النبيّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: «لا يَدْخُلُ الجَنَّةَ مَنْ كَانَ فِي قَلْبِهِ مِثْقَالُ ذَرَّةٍ مِنْ كِبْرٍ!» فَقَالَ رَجُلٌ: إنَّ الرَّجُلَ يُحِبُّ أَنْ يَكُونَ ثَوْبُهُ حَسَنًا، وَنَعْلُهُ حَسَنةً، فَقَالَ: «إنَّ اللهَ جَمِيلٌ يُحِبُّ الجَمَالَ، الكِبْرُ: بَطَرُ الحَقِّ، وَغَمْطُ النَّاسِ». رواه مسلم. (1) [ص: 443] ومعنى «بَطَرُ الحَقِّ» دَفْعُه، «وغَمْطُهُمْ»: احْتِقَارُهُمْ، وَقَدْ سَبَقَ بَيَانُهُ أوْضَحَ مِنْ هَذَا في باب الكِبْرِ.   (1) انظر الحديث (611). الحديث: 1575 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 442 1576 - وعن جُندب بن عبدِ الله - رضي الله عنه - قَالَ: قَالَ رسولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم: «قَالَ رَجُلٌ: وَاللهِ لاَ يَغْفِرُ اللهُ لِفُلانٍ، فَقَالَ اللهُ - عز وجل: مَنْ ذا الَّذِي يَتَأَلَّى (1) عَلَيَّ أَنْ لا أغْفِرَ لِفُلانٍ! فَإنِّي قَدْ غَفَرْتُ لَهُ، وَاحْبَطْتُ عَمَلَكَ». رواه مسلم. (2)   (1) يتألى: يحلف، والأليّة: اليمين. النهاية 1/ 62. (2) أخرجه: مسلم 8/ 36 (2621) (137). الحديث: 1576 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 443 274 - باب النهي عن إظهار الشماتة بِالمُسْلِم قَالَ الله تَعَالَى: {إنَّمَا المُؤْمِنُونَ إخْوَةٌ} [الحجرات: 10] وقال تَعَالَى: {إنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَنْ تَشِيعَ الفَاحِشَةُ في الَّذِينَ آمَنُوا لَهُمْ عَذابٌ أَليمٌ في الدُّنْيَا والآخِرَةِ} [النور: 19]. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 443 1577 - وعَن وَائِلَةَ بن الأسقع - رضي الله عنه - قَالَ: قَالَ رسول الله - صلى الله عليه وسلم: «لاَ تُظْهِرِ الشَّمَاتَةَ لأَخِيكَ فَيَرْحَمَهُ اللهُ وَيَبْتَلِيكَ». رواه الترمذي، (1) وقال: «حديث حسن». وفي الباب حديث أَبي هريرة السابق في باب التَّجسُّس: «كُلُّ المُسْلِمِ عَلَى المُسْلِمِ حَرَامٌ ... » الحديث (2).   (1) أخرجه: الترمذي (2506)، وقال: «حديث حسن غريب». (2) انظر الحديث (1570). الحديث: 1577 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 443 275 - باب تحريم الطعن في الأنساب الثابتة في ظاهر الشرع قَالَ الله تَعَالَى: {والَّذِينَ يُؤْذُونَ المُؤْمِنِينَ والمُؤْمِنَاتِ بِغَيْرِ مَا اكْتَسَبُوا فَقَدِ احْتَمَلُوا بُهْتانًا وإثْمًا مُبِينًا} [الأحزاب: 58] الجزء: 1 ¦ الصفحة: 443 1578 - وعن أَبي هريرة - رضي الله عنه - قَالَ: قَالَ رسول الله - صلى الله عليه وسلم: «اثْنَتَان في النَّاسِ هُمَا بِهِم كُفْرٌ: الطَّعْنُ فِي النَّسَبِ، وَالنِّيَاحَةُ عَلَى المَيِّتِ» (1). رواه مسلم. (2)   (1) قال النووي في شرح صحيح مسلم 1/ 265: «فيه أقوال: أصحها: أنَّ معناه هما من أعمال الكفار وأخلاق الجاهلية. وفي الحديث تغليظ تحريم الطعن في النسب والنياحة، والله أعلم». (2) أخرجه: مسلم 1/ 58 (67) (121). الحديث: 1578 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 443 276 - باب النهي عن الغش والخداع قَالَ الله تَعَالَى: {والَّذِينَ يُؤْذُونَ المُؤْمِنِينَ والمُؤْمِنَاتِ بِغَيْرِ مَا اكْتَسَبُوا فَقَدِ احْتَمَلُوا بُهْتانًا وإثْمًا مُبِينًا} [الأحزاب: 58]. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 444 1579 - وعن أَبي هريرة - رضي الله عنه: أنَّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: «مَنْ حَمَلَ عَلَيْنَا السِّلاَحَ فَلَيْسَ مِنَّا، وَمَنْ غَشَّنَا فَلَيْسَ مِنَّا». رواه مسلم. (1) وفي رواية لَهُ: أنَّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مَرَّ عَلَى صُبْرَةِ طَعَامٍ فَأدْخَلَ يَدَهُ فِيهَا فَنَالَتْ أصابِعُهُ بَلَلًا، فَقَالَ: «مَا هذَا يَا صَاحِبَ الطَّعَامِ؟» قَالَ: أصَابَتهُ السَّمَاءُ يَا رسول الله. قَالَ: «أفَلاَ جَعَلْتَهُ فَوقَ الطَّعَامِ حَتَّى يرَاهُ النَّاسُ! مَنْ غشَّنَا فَلَيْسَ مِنَّا».   (1) أخرجه: مسلم 1/ 69 (101) (164) و1/ 69 (102). الحديث: 1579 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 444 1580 - وعنه: أنَّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: «لاَ تَنَاجَشُوا» متفق عَلَيْهِ. (1)   (1) انظر الحديث (235). الحديث: 1580 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 444 1581 - وعن ابن عمر رضي الله عنهما: أنَّ النَّبيَّ - صلى الله عليه وسلم - نَهى عن النَّجْشِ. متفق عَلَيْهِ. (1)   (1) أخرجه: البخاري 3/ 90 (2142)، ومسلم 5/ 5 (1516) (13). الحديث: 1581 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 444 1582 - وعنه، قَالَ: ذَكَرَ رَجُلٌ لِرَسُولِ الله - صلى الله عليه وسلم: أنَّهُ يُخْدَعُ في البُيُوعِ؟ فَقَالَ رسول الله - صلى الله عليه وسلم: «مَنْ بَايَعْتَ، فَقُلْ: لاَ خِلاَبَةَ». متفق عَلَيْهِ. (1) «الخِلاَبَةُ» بخاءٍ معجمةٍ مكسورةٍ وباءٍ موحدة، وهي: الخديعة.   (1) أخرجه: البخاري 3/ 85 - 86 (2117)، ومسلم 5/ 11 (1533) (48). الحديث: 1582 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 444 1583 - وعن أَبي هريرة - رضي الله عنه - قَالَ: قَالَ رسول الله - صلى الله عليه وسلم: «مَنْ خَبَّبَ زَوْجَةَ امْرِئٍ، أَوْ مَمْلُوكَهُ، فَلَيْسَ مِنَّا». رواهُ أَبُو داود. (1) «خَبب» بخاءٍ معجمة، ثُمَّ باءٍ موحدة مكررة: أيْ أفْسده وخدعه.   (1) أخرجه: أبو داود (5170) ..... الحديث: 1583 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 444 227 - باب تحريم الغدر قَالَ الله تَعَالَى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَوْفُوا بالْعُقُودِ} [المائدة: 1]، وقال تَعَالَى: {وَأَوْفُوا بِالعَهْدِ إنَّ العَهْدَ كَانَ مَسئُولًا} [الإسراء: 34]. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 444 1584 - وعن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما: أنَّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: «أرْبَعٌ مَنْ كُنَّ فِيهِ كَانَ مُنافِقًا خَالِصًا، وَمَنْ كَانَتْ فِيهِ خَصْلَةٌ مِنْهُنَّ كَانَ فِيهِ خَصْلَةٌ مِنَ النِّفَاقِ حَتَّى يَدَعَها: إِذَا اؤْتُمِنَ خَانَ، وَإِذَا حَدَّثَ كَذَبَ، وَإِذَا عَاهَدَ غَدَرَ، وَإِذَا خَاصَمَ فَجَرَ». متفق عَلَيْهِ. (1)   (1) انظر الحديث (689). الحديث: 1584 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 445 1585 - وعن ابن مسعودٍ، وابن عمر، وأنس - رضي الله عنهم - قالوا: قَالَ النَّبيّ - صلى الله عليه وسلم: «لِكُلِّ غادِرٍ لِواءٌ يَوْمَ القِيَامَةِ، يُقَالُ: هذِهِ غَدْرَةُ فلانٍ». متفق عَلَيْهِ. (1)   (1) حديث عبد الله بن مسعود: أخرجه: البخاري 4/ 127 (3186)، ومسلم 5/ 142 (1736) (12). حديث ابن عمر: أخرجه: البخاري 4/ 127 (3188)، ومسلم 5/ 141 (1735) (11). حديث أنس: أخرجه: البخاري 4/ 127 (3187)، ومسلم 5/ 142 (1737) (14). الحديث: 1585 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 445 1586 - وعن أَبي سعيدٍ الخدريّ - رضي الله عنه: أنَّ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: «لِكُلِّ غَادِرٍ لِوَاءٌ عِنْدَ اسْتِهِ يومَ القِيَامَةِ يُرْفَعُ لَهُ بِقَدَرِ غَدْرِهِ، ألاَ وَلاَ غَادِرَ أعْظَمُ غَدْرًا مِنْ أمِيرِ عَامَّةٍ». رواه مسلم. (1)   (1) أخرجه: مسلم 5/ 142 (1738) (15) (16). الحديث: 1586 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 445 1587 - وعن أَبي هريرة - رضي الله عنه - عن النبيّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: «قَالَ الله تَعَالَى: ثَلاَثَةٌ أنا خَصْمُهُمْ يَوْمَ القِيَامَةِ: رَجُلٌ أعْطَى بي ثُمَّ غَدَرَ، وَرَجُلٌ بَاعَ حُرًّا فَأَكَلَ ثَمَنَهُ، وَرَجُلٌ اسْتَأجَرَ أجيرًا، فَاسْتَوْفَى مِنْهُ، وَلَمْ يُعْطِهِ أجْرَهُ». رواه البخاري. (1)   (1) أخرجه: البخاري 3/ 108 (2227) الحديث: 1587 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 445 278 - باب النهي عن المنِّ بالعطية ونحوها قَالَ الله تَعَالَى: {يَا أَيُّها الَّذِينَ آمَنُوا لا تُبْطِلُوا صَدَقَاتِكُمْ بِالمَنِّ وَالأذَى} [البقرة: 264]، وقال تَعَالَى: {الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أمْوَالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللهِ ثُمَّ لاَ يُتْبِعُونَ مَا أنْفَقُوا مَنًّا وَلاَ أذىً} [البقرة: 262] الجزء: 1 ¦ الصفحة: 445 1588 - وعن أَبي ذَر - رضي الله عنه - عن النَّبيّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: «ثَلاَثَةٌ لاَ يُكَلِّمُهُمُ اللهُ يَوْمَ القِيَامَةِ، وَلاَ يَنْظُرُ إلَيْهِمْ، وَلاَ يُزَكِّيِهِمْ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَليمٌ». قَالَ: فَقَرَأَهَا رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - ثلاثَ مِرارٍ: قَالَ أَبُو ذرٍ: خَابُوا وخَسِرُوا مَنْ هُمْ يَا رسول الله؟ قَالَ: «المُسْبِلُ، والمَنَّانُ، وَالمُنْفِقُ سِلْعَتَهُ بالحَلِفِ الكَاذِبِ». رواه مسلم. (1) [ص: 446] وفي روايةٍ لَهُ: «المُسْبِلُ إزَارَهُ» يَعْنِي: المُسْبِلَ إزَارَهُ وَثَوْبَهُ أسْفَلَ مِنَ الكَعْبَيْنِ لِلخُيَلاَءِ.   (1) أخرجه: مسلم 1/ 71 (106) (171) الحديث: 1588 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 445 279 - باب النهي عن الافتخار والبغي قَالَ الله تَعَالَى: {فَلاَ تُزَكُّوا أنْفُسَكُمْ هُوَ أعْلَمُ بِمَنِ اتَّقَى} [النجم: 32]، وقال تَعَالَى: {إنَّمَا السَّبِيلُ عَلَى الَّذِينَ يَظْلِمُونَ النَّاسَ وَيَبْغُونَ في الأَرْضِ بِغَيْرِ الحَقِّ أُوْلَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ أَليمٌ} [الشورى: 42] الجزء: 1 ¦ الصفحة: 446 1589 - وعن عياضِ بن حمارٍ - رضي الله عنه - قَالَ: قَالَ رسولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم: «إنَّ اللهَ تَعَالَى أوْحَى إلَيَّ أَنْ تَوَاضَعُوا حَتَّى لا يَبْغِيَ أَحَدٌ عَلَى أحَدٍ، وَلاَ يَفْخَرَ أَحَدٌ عَلَى أحَدٍ». رواه مسلم. (1) قَالَ أهلُ اللغةِ: البغيُ: التَّعَدِّي والاستطالَةُ (2).   (1) أخرجه: مسلم 8/ 160 (2865) (64). (2) انظر: الصحاح 6/ 2281 (بغي). الحديث: 1589 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 446 1590 - وعن أَبي هريرة - رضي الله عنه: أنَّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: «إِذَا قَالَ الرجُلُ: هَلَكَ النَّاسُ، فَهُوَ أَهْلَكُهُمْ». رواه مسلم. (1) والرواية المشهورة: «أهْلَكُهُمْ» بِرَفعِ الكاف وروي بنصبها: وذلكَ النْهيُ لِمنْ قَالَ ذَلِكَ عُجْبًا بِنَفْسِهِ، وتَصَاغُرًا للنَّاسِ، وارْتِفاعًا عَلَيْهِمْ، فَهَذَا هُوَ الحَرامُ، وَأمَّا مَنْ قَالَهُ لِما يَرَى في النَّاسِ مِنْ نَقْصٍ في أمرِ دِينِهم، وقَالَهُ تَحَزُّنًا عَلَيْهِمْ، وعَلَى الدِّينِ، فَلاَ بَأسَ بِهِ. هكَذَا فَسَّرَهُ العُلَماءُ وفَصَّلُوهُ، وَمِمَّنْ قَالَهُ مِنَ الأئِمَّةِ الأعْلامِ: مالِكُ بن أنس (2)، وَالخَطَّابِيُّ (3)، والحُميدِي (4) وآخرونَ (5)، وَقَدْ أوْضَحْتُهُ في كتاب: «الأذْكار» (6).   (1) أخرجه: مسلم 8/ 36 (2623) (139). (2) التمهيد 21/ 242. (3) معالم السنن 4/ 122. (4) الجمع بين الصحيحين 3/ 287 (2652). (5) البيهقي في «الآداب» (356)، والبغوي (3565). (6): 489. الحديث: 1590 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 446 280 - باب تحريم الهجران بين المسلمين فوق ثلاثة أيام إِلاَّ لبدعة في المهجور، أَوْ تظاهرٍ بفسقٍ أَوْ نحو ذَلِكَ قَالَ الله تَعَالَى: {إنَّمَا المُؤْمِنُونَ إخْوَةٌ فَأَصْلِحُوا بَيْنَ أخَوَيْكُمْ} [الحجرات: 10]، وقال تَعَالَى: {وَلاَ تَعَاوَنُوا عَلَى الإثْمِ وَالعُدْوَانِ} [المائدة: 2]. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 447 1591 - وعن أنس - رضي الله عنه - قَالَ: قَالَ رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم: «لا تَقَاطَعُوا، وَلاَ تَدَابَرُوا، وَلاَ تَبَاغَضُوا، وَلاَ تَحَاسَدُوا، وَكُونُوا عِبَادَ اللهِ إخْوَانًا، وَلاَ يَحِلُّ لِمُسْلِمٍ أَنْ يَهْجُرَ أَخَاهُ فَوْقَ ثَلاَث». متفق عَلَيْهِ. (1)   (1) انظر الحديث (1567). الحديث: 1591 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 447 1592 - وعن أَبي أيوبَ - رضي الله عنه: أنَّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: «لا يَحِلُّ لِمُسْلِمٍ أَنْ يَهْجُرَ أَخَاهُ فَوْقَ ثَلاَثِ لَيَالٍ: يَلْتَقِيَانِ، فَيُعْرِضُ هَذَا، وَيُعْرِضُ هَذَا، وخَيْرُهُما الَّذِي يَبْدَأُ بِالسَّلاَمِ». متفق عَلَيْهِ. (1)   (1) أخرجه: البخاري 8/ 26 (6077)، ومسلم 8/ 8 (2560) (25). الحديث: 1592 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 447 1593 - وعن أَبي هريرة - رضي الله عنه - قَالَ: قَالَ رسول الله - صلى الله عليه وسلم: «تُعْرَضُ الأَعْمَالُ في كلِّ اثْنَيْنِ وَخَمْيسٍ، فَيَغْفِرُ اللهُ لِكُلِّ امْرِئٍ لا يُشْرِكُ باللهِ شَيْئًا، إِلاَّ امْرَءًا كَانَتْ بَيْنَهُ وَبَيْنَ أخِيهِ شَحْنَاءُ، فَيقُولُ: اتْرُكُوا هذَيْنِ حَتَّى يَصْطَلِحَا». رواه مسلم. (1)   (1) أخرجه: مسلم 8/ 12 (2565) (36). الحديث: 1593 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 447 1594 - وعن جابر - رضي الله عنه - قَالَ: سَمِعْتُ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقولُ: «إنَّ الشَّيْطَانَ قَدْ يَئِسَ أَنْ يَعْبُدَهُ المُصَلُّونَ فِي جَزِيرَةِ العَرَبِ، وَلَكِنْ في التَّحْرِيشِ بَيْنَهُمْ». رواه مسلم. (1) «التَّحْرِيشُ»: الإفْسَادُ وتَغييرُ قُلُوبِهِمْ وتَقَاطُعُهُم.   (1) أخرجه: مسلم 8/ 138 (2812) (65). الحديث: 1594 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 447 1595 - وعن أَبي هريرة - رضي الله عنه - قَالَ: قَالَ رسول الله - صلى الله عليه وسلم: «لاَ يَحِلُّ لِمُسْلِمٍ أَنْ يَهْجُرَ أخَاهُ فَوْقَ ثَلاَثٍ، فَمَنْ هَجَرَ فَوْقَ ثَلاَثٍ فَمَاتَ، دَخَلَ النَّارَ». رواه أَبُو داود بإسناد عَلَى شرط البخاري ومسلم. (1)   (1) أخرجه: أحمد 2/ 392، وأبو داود (4914). الحديث: 1595 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 447 1596 - وعن أَبي خِراشٍ حَدْرَدِ بنِ أَبي حَدْرَدٍ الأسلميِّ. ويقالُ: السُّلمِيّ الصحابي [ص: 448] رضي الله عنه: أنَّه سمع النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - يقولُ: «مَنْ هَجَرَ أخَاهُ سَنَةً فَهُوَ كَسَفْكِ دَمِهِ». رواه أَبُو داود بإسناد صحيح. (1)   (1) أخرجه: أحمد 4/ 220، وأبو داود (4915). الحديث: 1596 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 447 1597 - وعن أَبي هريرة - رضي الله عنه: أنًّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: «لاَ يَحِلُّ لِمُؤْمِنٍ أَنْ يَهْجُرَ مُؤْمِنًا فَوقَ ثَلاَثٍ، فإنْ مَرَّتْ بِهِ ثَلاَثٌ، فَلْيَلْقَهُ فَلْيُسَلِّمْ عَلَيْهِ، فَإنْ رَدَّ عَلَيْهِ السَّلامَ فَقَدِ اشْتَرَكَا في الأجْرِ، وَإنْ لَمْ يَرُدَّ عَلَيْهِ فَقَدْ بَاءَ بِالإثْمِ، وَخَرَجَ المُسَلِّمُ مِنَ الهِجْرَةِ». رواه أَبُو داود بإسناد حسن. (1) قَالَ أَبُو داود: «إِذَا كَانَتْ الهِجْرَةُ للهِ تَعَالَى فَليسَ مِنْ هَذَا في شَيْءٍ» (2).   (1) أخرجه: البخاري في «الأدب المفرد» (414)، وأبو داود (4912). (2) انظر السنن عقب (4916). الحديث: 1597 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 448 281 - باب النهي عن تناجي اثنين دون الثالث بغير إذنه إِلاَّ لحاجةٍ وَهُوَ أن يتحدثا سرًا بحيث لا يسمعهما وفي معناه مَا إِذَا تحدثا بلسان لا يفهمه قَالَ الله تَعَالَى: {إنَّمَا النَّجْوَى مِنَ الشَّيْطَانِ} [المجادلة: 10] الجزء: 1 ¦ الصفحة: 448 1598 - وعن ابن عمر رضي الله عنهما: أنَّ رسولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: «إِذَا كانُوا ثَلاثَةً، فَلاَ يَتَنَاجَى (1) اثْنَانِ دُونَ الثَّالِثِ». متفق عَلَيْهِ. (2) ورواه أَبُو داود وزاد: قَالَ أَبُو صالح: قُلْتُ لابنِ عُمرَ: فَأرْبَعَةً؟ قَالَ: لا يَضُرُّكَ (3). ورواه مالك في "الموطأ" (4): عن عبد الله بن دينارٍ، قَالَ: كُنْتُ أنَا وابْنُ عُمَرَ عِنْدَ دَارِ خَالِدِ بنُ عُقْبَةَ الَّتي في السُّوقِ، فَجَاءَ رَجُلٌ يُريدُ أَنْ يُنَاجِيَهُ، وَلَيْسَ مَعَ ابْنِ عُمَرَ أَحَدٌ غَيْرِي، فَدَعَا ابْنُ عُمَرَ رَجُلًا آخَرَ حَتَّى كُنَّا أَرْبَعَةً، فَقَالَ لِي وَللرَّجُلِ الثَّالِثِ الَّذِي دَعَا: اسْتَأْخِرَا شَيْئًا، فَإنِّي سَمِعْتُ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - يقُولُ: «لا يَتَنَاجَى اثْنَانِ دُونَ وَاحِدٍ».   (1) أي: لا يتسارران منفردين عنه. النهاية 5/ 25. (2) أخرجه: البخاري 8/ 80 (6288)، ومسلم 7/ 12 (2183) (36). (3) سنن أبي داود عقب (4852). (4) 2826) برواية الليثي. الحديث: 1598 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 448 1599 - وعن ابن مسعود - رضي الله عنه: أنَّ رسول اللهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: «إِذَا كُنْتُمْ ثَلاَثَةً، فَلاَ يَتَنَاجَى اثْنَانِ دُونَ الآخَرِ حَتَّى تَخْتَلِطُوا بِالنَّاسِ، مِنْ أجْلِ أنَّ ذَلِكَ يُحْزِنُهُ». متفق عَلَيْهِ. (1)   (1) أخرجه: البخاري 8/ 80 (6290)، ومسلم 7/ 12 (2184) (38). الحديث: 1599 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 449 282 - باب النهي عن تعذيب العبد والدابة والمرأة والولد بغير سبب شرعي أَوْ زائد عَلَى قدر الأدب قَالَ الله تَعَالَى: {وَبِالوَالِدَيْنِ إحْسانًا وَبِذي القُرْبَى واليَتَامَى وَالمَسَاكِينِ وَالجَارِ ذِي القُرْبَى وَالجَارِ الجُنُبِ والصَّاحِبِ بالجَنْبِ وابْنِ السَّبيلِ وَمَا مَلَكَتْ أَيْمانُكُمْ إنَّ اللهَ لاَ يُحِبُّ مَنْ كَانَ مُخْتالًا فَخُورًا} [النساء الآية: 36]. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 449 1600 - وعن ابن عمر رضي الله عنهما: أنَّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: «عُذِّبَتِ امْرَأَةٌ في هِرَّةٍ سَجَنَتْها حَتَّى مَاتَتْ، فَدَخَلَتْ فِيهَا النَّارَ، لاَ هِيَ أَطْعَمَتْهَا وَسَقَتْهَا، إذْ حَبَسَتْهَا، وَلاَ هِيَ تَرَكَتْهَا تَأكُلُ مِنْ خَشَاشِ الأَرْضِ». متفق عَلَيْهِ. (1) «خَشَاشُ الأرضِ» بفتح الخاءِ المعجمة وبالشينِ المعجمة المكررة، وهي: هَوَامُّها وَحَشَرَاتُهَا.   (1) أخرجه: البخاري 3/ 147 (2365)، ومسلم 7/ 43 (2242) (151). الحديث: 1600 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 449 1601 - وَعَنْهُ: أنَّهُ مَرَّ بِفِتْيَانٍ مِنْ قُرَيْشٍ قَدْ نَصَبُوا طَيرًا وَهُمْ يَرْمُونَهُ، وَقَدْ جَعَلُوا لِصَاحِبِ الطَّيْرِ كُلَّ خَاطِئَةٍ مِنْ نَبْلِهمْ، فَلَمَّا رَأَوْا ابْنَ عُمَرَ تَفَرَّقُوا، فَقَالَ ابْنُ عُمَرَ: مَنْ فَعَلَ هَذَا؟ لَعَنَ اللهُ مَنْ فَعَلَ هَذَا، إنَّ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - لَعَنَ مَنِ اتَّخَذَ شَيْئًا فِيهِ الرُّوحُ غَرَضًا. متفق عَلَيْهِ. (1) «الغَرَضُ» بفتحِ الغَين المعجمة والراءِ وَهُوَ الهَدَفُ وَالشَّيءُ الَّذِي يُرْمَى إِلَيْهِ.   (1) أخرجه: البخاري 7/ 122 (5515)، ومسلم 6/ 73 (1958) (59). الحديث: 1601 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 449 1602 - وعن أنس - رضي الله عنه - قَالَ: نهى رسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم - أن تُصْبَرَ البَهَائِمُ. متفق عَلَيْهِ. (1) ومعناه: تُحْبَسُ لِلقَتْلِ.   (1) أخرجه: البخاري 7/ 121 (5513)، ومسلم 6/ 72 (1956) (58). الحديث: 1602 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 449 1603 - وعن أَبي عليٍّ سويدِ بن مُقَرِّنٍ - رضي الله عنه - قَالَ: لَقَدْ رَأَيْتُنِي سَابِعَ سَبْعَةٍ مِنْ بَنِي مُقَرِّنٍ مَا لَنَا خَادِمٌ إِلاَّ وَاحِدَةٌ لَطَمَهَا أصْغَرُنَا فَأَمَرَنَا رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - أَنْ نُعْتِقَهَا. رواه مسلم. (1) وفي روايةٍ: «سَابعَ إخْوَةٍ لِي».   (1) أخرجه: مسلم 5/ 91 (1658) (32) و (33). الحديث: 1603 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 449 1604 - وعن أَبي مسعودٍ البدْرِيِّ - رضي الله عنه - قَالَ: كُنْتُ أضْرِبُ غُلامًا لِي بالسَّوْطِ، فَسَمِعْتُ صَوْتًا مِنْ خَلْفِي: «اعْلَمْ أَبَا مَسْعُودٍ» فَلَمْ أفْهَمِ الصَّوْتِ مِنَ الغَضَبِ، فَلَمَّا دَنَا مِنِّي إِذَا هُوَ رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - فإذا هُوَ يَقُولُ: «اعْلَمْ أَبَا مَسْعُودٍ أنَّ اللهَ أقْدَرُ عَلَيْكَ مِنْكَ عَلَى هَذَا الغُلامِ». فَقُلتُ: لا أضْرِبُ مَمْلُوكًا بَعْدَهُ أَبَدًا. وَفِي روايةٍ: فَسَقَطَ السَّوْطُ مِنْ يَدِي مِنْ هَيْبَتِهِ. وفي روايةٍ: فَقُلتُ: يَا رسولَ الله، هُوَ حُرٌّ لِوَجْهِ اللهِ تَعَالَى، فَقَالَ: «أمَا لَوْ لَمْ تَفْعَلْ، لَلَفَحَتْكَ النَّارُ، أَوْ لَمَسَّتْكَ النَّارُ». رواه مسلم بهذه الروايات. (1)   (1) أخرجه: مسلم 5/ 91 (1659) (34) و (35). الحديث: 1604 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 450 1605 - وعن ابن عمر رضي الله عنهما: أنَّ النَّبيَّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: «مَنْ ضَرَبَ غُلاَمًا لَهُ حَدًّا لَمْ يَأتِهِ، أَوْ لَطَمَهُ، فإنَّ كَفَارَتَهُ أَنْ يُعْتِقَهُ». رواه مسلم. (1)   (1) أخرجه: مسلم 5/ 90 (1657) (30). الحديث: 1605 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 450 1606 - وعن هِشام بن حكيمِ بن حِزَامٍ رضي الله عنهما: أنَّه مَرَّ بالشَّامِ عَلَى أُنَاسٍ مِنَ الأَنْبَاطِ، وَقَدْ أُقيِمُوا في الشَّمْسِ، وَصُبَّ عَلَى رُؤُوسِهِمُ الزَّيْتُ! فَقَالَ: مَا هَذَا؟ قيل: يُعَذَّبُونَ في الخَرَاجِ - وفي رواية: حُبِسُوا في الجِزْيَةِ - فَقَالَ هِشَامٌ: أشهدُ لَسَمِعْتُ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - يقولُ: «إنَّ اللهَ يُعَذِّبُ الَّذِينَ يُعَذِّبُونَ النَّاس في الدُّنْيَا». فَدَخَلَ عَلَى الأمِيرِ، فَحَدَّثَهُ، فَأَمَرَ بِهِمْ فَخُلُّوا. رواه مسلم. (1) «الأنباط» الفلاحون مِنَ العَجَمِ.   (1) أخرجه: مسلم 8/ 31 (2613) (117) و (118). الحديث: 1606 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 450 1607 - وعن ابن عباس رضي الله عنهما، قَالَ: رأى رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - حِمَارًا مَوْسُومَ الوَجْهِ، فَأَنْكَرَ ذَلِكَ؟ فَقَالَ: «واللهِ لا أسِمُهُ إِلاَّ أقْصَى شَيْءٍ مِنَ الوَجْهِ» وأمَرَ بِحِمَارِهِ فَكُوِيَ في جَاعِرَتَيْهِ، فَهُوَ أوَّلُ مَنْ كَوَى الجَاعِرَتَيْنِ. رواه مسلم. (1) «الجَاعِرَتَانِ»: نَاحِيَةُ الوَرِكَيْنِ حَوْلَ الدُّبُرِ.   (1) أخرجه: مسلم 6/ 163 (2118) (108). الحديث: 1607 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 450 1608 - وعنه: أنَّ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - مَرَّ عَلَيْهِ حِمَارٌ قَدْ وُسِمَ في وَجْهِهِ، فَقَالَ: «لَعَنَ اللهُ الَّذِي وَسَمَهُ». رواه مسلم. (1) [ص: 451] وفي رواية لمسلم أَيضًا: نهى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عَنِ الضَّرْبِ في الوَجْهِ، وَعَنِ الوَسْمِ في الوَجْهِ (2).   (1) الذي في «صحيح مسلم» 6/ 163 (2117) (107) من حديث جابر وليس من حديث عبد الله بن عباس. (2) صحيح مسلم 6/ 163 (2116) (106) من حديث جابر بن عبد الله. الحديث: 1608 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 450 283 - باب تحريم التعذيب بالنار في كل حيوان حَتَّى النملة ونحوها 1609 - عن أَبي هريرةَ - رضي الله عنه - قَالَ: بعثنا رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - في بَعْثٍ، فَقَالَ: «إنْ وَجَدْتُمْ فُلاَنًا وَفُلانًا» لِرَجُلَيْنِ مِنْ قُرَيْشٍ سَمَّاهُمَا «فَأَحْرِقُوهُمَا بالنَّارِ» ثُمَّ قَالَ رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - حِيْنَ أرَدْنَا الخرُوجَ: «إنِّي كُنْتُ أَمَرْتُكُمْ أَنْ تُحْرِقُوا فُلانًا وفُلانًا، وإنَّ النَّارَ لا يُعَذِّبُ بِهَا إِلاَّ الله، فإنْ وَجَدْتُمُوهُما فاقْتُلُوهُما». (1) رواه البخاري. (2)   (1) قال الخطابي في معالم السنن 2/ 245: «هذا إنما يكره إذا كان الكافر أسيرًا قد ظفر به، وحصل في الكف وقد أباح رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن تضرم النار على الكفار في الحرب، وقال لأسامة: اغز على أُبنا صباحًا وحرق. ورخص سفيان الثوري والشافعي في أن يرمى أهل الحصون بالنيران إلا أنه يستحب أن لا يرموا بالنار ما داموا يطاقون إلا أن يخافوا من ناحيتهم الغلبة فيجوز حينئذ أن يقذفوا بالنار». (2) أخرجه: البخاري 4/ 74 (3016). الحديث: 1609 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 451 1610 - وعن ابن مسعودٍ - رضي الله عنه - قَالَ: كنَّا مَعَ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في سَفَرٍ، فانْطَلَقَ لحَاجَتِهِ، فَرَأيْنَا حُمَّرَةً مَعَهَا فَرْخَانِ، فَأَخَذْنَا فَرْخَيْهَا، فَجَاءتِ الحُمَّرَةُ فَجَعَلَتْ تَعْرِشُ (1) فَجَاءَ النَّبيُّ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ: «مَنْ فَجَعَ هذِهِ بِوَلَدِهَا؟، رُدُّوا وَلَدَهَا إِلَيْها». ورأَى قَرْيَةَ نَمْلٍ (2) قَدْ حَرَّقْنَاهَا، فَقَالَ: «مَنْ حَرَّقَ هذِهِ؟» قُلْنَا: نَحْنُ قَالَ: «إنَّهُ لا يَنْبَغِي أَنْ يُعَذِّبَ بالنَّارِ إِلاَّ رَبُّ النَّارِ». رواه أَبُو داود بإسناد صحيح (3). قَوْله: «قَرْيَةُ نَمْلٍ» مَعْنَاهُ: مَوضْعُ النَّمْلِ مَعَ النَّمْلِ.   (1) أي: ترفرف بأجنحتها. انظر: معالم السنن 2/ 245. (2) النمل على ضربين: أحدهما: مؤذ ضرار فدفع عاديته جائز، والضرب الآخر لا ضرر فيه وهو الطوال الأرجل لا يجوز قتله. قاله الخطابي في معالم السنن 2/ 246. (3) أخرجه: أبو داود (2675). وأخرجه: البخاري في «الأدب المفرد» (382) مقتصرًا على الجزء الأول من الحديث. الحديث: 1610 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 451 284 - باب تحريم مطل الغني بحقٍّ طلبه صاحبه قَالَ الله تَعَالَى: {إنَّ اللهَ يَأمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الأمَانَاتِ إِلَى أهْلِهَا} [النساء: 58]، وقال تَعَالَى: {فَإن أَمِنَ بَعْضُكُمْ بَعْضًا فلْيُؤَدِّ الَّذِي اؤْتُمِنَ أمَانَتَهُ} [البقرة: 283]. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 452 1611 - وعن أَبي هريرة - رضي الله عنه: أنَّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: «مَطْلُ الغَنِيِّ ظُلْمٌ، وَإِذَا أُتْبعَ أَحَدُكُمْ عَلَى مَلِيءٍ فَلْيَتْبَع». متفق عَلَيْهِ. (1) معنى «أُتبع»: أُحِيل (2).   (1) أخرجه: البخاري 3/ 123 (2287)، ومسلم 5/ 34 (1564) (33). (2) قال الخطابي: «أصحاب الحديث يقولون: إذا اتبع بتشديد التاء وهو غلط وصوابه اتْبع ساكنة التاء على وزن افعل» معالم السنن 3/ 56 وانظر بلا بد بقية كلامه. الحديث: 1611 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 452 285 - باب كراهة عود الإنسان في هبة لَمْ يُسلِّمها إِلَى الموهوب لَهُ وفي هبة وهبها لولده وسلمها أَوْ لَمْ يسلمها وكراهة شرائه شَيْئًا تصدّق بِهِ من الَّذِي تصدق عَلَيْهِ أَوْ أخرجه عن زكاة أَوْ كفارة ونحوها وَلاَ بأس بشرائه من شخص آخر قَدْ انتقل إِلَ يْهِ 1612 - وعن ابن عباس رضي الله عنهما: أنَّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: «الَّذِي يَعُودُ في هِبَتِهِ كَالكَلْبِ يَرْجِعُ في قَيْئِهِ». متفق عَلَيْهِ. (1) وفي رواية: «مَثَلُ الَّذِي يَرْجِعُ في صَدَقَتِهِ، كَمَثَلِ الكَلْبِ يَقِيءُ، ثُمَّ يَعُودُ في قَيْئِهِ فَيَأكُلُهُ». وفي روايةٍ: «العائِدُ في هِبَتِهِ كالعائِدِ في قَيْئِهِ».   (1) أخرجه: البخاري 3/ 215 (2621) و (2622)، ومسلم 5/ 63 (1622) (5) و (8). الحديث: 1612 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 452 1613 - وعن عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - قَالَ: حَمَلْتُ عَلَى فَرَسٍ في سَبيلِ اللهِ فَأَضَاعَهُ الَّذِي كَانَ عِندَهُ، فَأَرَدْتُ أن أشْتَرِيَهُ، وَظَنَنْتُ أنَّهُ يَبِيعُهُ بِرُخْصٍ، فَسَأَلْتُ النَّبِيَّ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ: «لاَ تَشْتَرِهِ وَلاَ تَعُدْ فِي صَدَقَتِكَ وإنْ أعْطَاكَهُ بِدِرْهَمٍ؛ فَإنَّ العَائِدَ في صَدَقَتِهِ كَالعَائِدِ في قَيْئِهِ». متفق عَلَيْهِ. (1) [ص: 453] قَوْله: «حَمَلْتُ عَلَى فَرَسٍ فِي سَبيلِ الله» مَعنَاهُ: تَصَدَّقْتُ بِهِ عَلَى بَعْضِ المُجَاهِدِينَ.   (1) أخرجه: البخاري 2/ 157 (1490)، ومسلم 5/ 62 (1620) (1) و (2). الحديث: 1613 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 452 286 - باب تأكيد تحريم مال اليتيم قَالَ الله تَعَالَى: {إنَّ الَّذِينَ يَأكُلُونَ أمْوَالَ اليَتَامَى ظُلْمًا إنَّمَا يَأكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ نَارًا وَسَيَصْلَونَ سَعِيرًا} [النساء: 10]، وقال تَعَالَى: {وَلاَ تَقْرَبُوا مَالَ اليَتِيمِ إِلاَّ بالَّتِي هِيَ أحْسَنُ} [الأنعام: 152]، وقال تَعَالَى: {وَيَسْألُونَكَ عَنِ اليَتَامَى قُلْ إصْلاَحٌ لَهُمْ خَيْرٌ وَإنْ تُخَالِطُوهُمْ فَإخْوَانُكُمْ واللهُ يَعْلَمُ المُفْسِدَ مِنَ المُصْلِحِ} [البقرة: 220]. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 453 1614 - وعن أَبي هريرة - رضي الله عنه - عن النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: «اجْتَنِبُوا السَّبْعَ المُوبِقَاتِ!» قالُوا: يَا رَسُولَ اللهِ، وَمَا هُنَّ؟ قَالَ: «الشِّرْكُ باللهِ، والسِّحْرُ، وَقَتْلُ النَّفْسِ الَّتي حَرَّمَ اللهُ إِلاَّ بالحَقِّ، وأكلُ الرِّبَا، وأكْلُ مَالِ اليَتِيمِ، والتَّوَلِّي يَوْمَ الزَّحْفِ، وقَذْفُ المُحْصَنَاتِ المُؤْمِنَاتِ الغَافِلاَتِ». متفق عَلَيْهِ. (1) «المُوبِقَاتِ»: المُهْلِكات.   (1) أخرجه: البخاري 4/ 12 (2766)، ومسلم 1/ 63 (89) (145). الحديث: 1614 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 453 287 - باب تغليظ تحريم الربا قَالَ اللهُ تَعَالَى: {الَّذِينَ يَأكُلُونَ الرِّبَا لا يَقُومُونَ إِلاَّ كَمَا يَقُومُ الَّذِي يَتَخَبَّطُهُ الشَّيْطَانُ مِنَ المَسِّ ذَلِكَ بأنَّهُمْ قَالُوا إنَّمَا البَيْعُ مِثْلُ الرِّبَا وَأحَلَّ اللهُ البَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبَا فَمَنْ جَاءهُ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّهِ فانْتَهَى فَلَهُ مَا سَلَفَ وَأَمْرُهُ إِلَى اللهِ وَمَنْ عَادَ فَأولئِكَ أصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ يَمْحَقُ اللهُ الرِّبَا وَيُرْبِي الصَّدَقَاتِ} - إِلَى قَوْله تَعَالَى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللهَ وَذَرُوا مَا بَقِيَ مِنَ الرِّبَا} [البقرة: 275 - 278]. وأما الأحاديث فكثيرة في الصحيح مشهورة، مِنْهَا حديث أَبي هريرة السابق في الباب قبله (1).   (1) انظر الحديث (1614). الجزء: 1 ¦ الصفحة: 453 1615 - وعن ابن مسعود - رضي الله عنه - قَالَ: لَعَنَ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - آكِلَ الرِّبَا وَمُوكِلَهُ. رواهُ مسلم، (1) زاد الترمذي وغيره: وَشَاهِدَيْهِ وَكَاتِبَهُ.   (1) أخرجه: مسلم 5/ 50 (1597) (105)، وأبو داود (3333)، وابن ماجه (2277)، والترمذي (1206). الحديث: 1615 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 453 288 - باب تحريم الرياء قَالَ الله تَعَالَى: {وَمَا أُمِرُوا إِلاَّ لِيَعْبُدُوا اللهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاءَ} [البينة: 5]، وقال تَعَالَى: {لا تُبْطِلُوا صَدَقَاتِكُمْ بِالمَنِّ وَالأَذَى كالَّذِي يُنْفِقُ مَالَهُ رِئَاءَ النَّاسِ} [البقرة: 264]، وقال تَعَالَى: {يُرَاءونَ النَّاسَ وَلاَ يَذْكُرُونَ اللهَ إِلاَّ قَلِيلًا} [النساء: 142]. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 454 1616 - وعن أَبي هريرة - رضي الله عنه - قَالَ: سَمِعْتُ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقولُ: «قَالَ الله تَعَالَى: أنَا أغْنَى الشُّرَكَاءِ عَنِ الشِّرْكِ، مَنْ عَمِلَ عَمَلًا أشْرَكَ فِيهِ مَعِي غَيْرِي تَرَكْتُهُ وَشِرْكَهُ». رواه مسلم. (1)   (1) أخرجه: مسلم 8/ 223 (2985) (46). الحديث: 1616 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 454 1617 - وعنه، قَالَ: سَمِعْتُ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: «إنَّ أَولَ النَّاسِ يُقْضَى يَومَ القِيَامَةِ عَلَيْهِ رَجُلٌ اسْتُشْهِدَ، فَأُتِيَ بِهِ، فَعَرَّفَهُ نِعْمَتَهُ، فَعَرَفَهَا، قَالَ: فَمَا عَمِلْتَ فِيهَا؟ قَالَ: قَاتَلْتُ فِيكَ حَتَّى اسْتُشْهِدْتُ. قَالَ: كَذَبْتَ، وَلَكِنَّكَ قَاتَلْتَ لأَنْ يُقَالَ: جَرِيءٌ! فَقَدْ قِيلَ، ثُمَّ أُمِرَ بِهِ فَسُحِبَ عَلَى وَجْهِهِ حَتَّى أُلْقِيَ في النَّارِ. وَرَجُلٌ تَعَلَّمَ العِلْمَ وَعَلَّمَهُ، وَقَرَأَ القُرآنَ، فَأُتِيَ بِهِ فَعَرَّفَهُ نِعَمَهُ فَعَرَفَهَا. قَالَ: فَمَا عَمِلْتَ فِيهَا؟ قَالَ: تَعَلَّمْتُ العِلْمَ وَعَلَّمْتُهُ، وَقَرَأتُ فِيكَ القُرآنَ، قَالَ: كَذَبْتَ، وَلكِنَّكَ تَعَلَّمْتَ لِيُقَالَ: عَالِمٌ! وَقَرَأتَ القُرْآنَ لِيُقَالَ: هُوَ قَارِئٌ؛ فَقَدْ قِيلَ، ثُمَّ أُمِرَ بِهِ فَسُحِبَ عَلَى وَجْهِهِ حَتَّى أُلْقِيَ في النَّارِ. وَرَجُلٌ وَسَّعَ اللهُ عَلَيْهِ، وَأعْطاهُ مِنْ أصْنَافِ المَالِ، فَأُتِيَ بِهِ فَعَرَّفَهُ نِعَمَهُ، فَعَرَفَهَا. قَالَ: فَمَا عَمِلْتَ فِيهَا؟ قَالَ: مَا تَرَكْتُ مِنْ سَبيلٍ تُحِبُّ أَنْ يُنْفَقَ فِيهَا إِلاَّ أنْفَقْتُ فِيهَا لَكَ. قَالَ: كَذَبْتَ، ولكِنَّكَ فَعَلْتَ لِيُقَالَ: جَوَادٌ! فَقَدْ قِيلَ، ثُمَّ أُمِرَ بِهِ فَسُحِبَ عَلَى وَجْهِهِ حَتَّى أُلْقِيَ في النَّارِ». رواه مسلم. (1) «جَرِيءٌ» بفتح الجيم وكسر الراء والمد: أيْ شُجَاعٌ حَاذِقٌ.   (1) أخرجه: مسلم 6/ 47 (1905) (152). الحديث: 1617 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 454 1618 - وعن ابن عمر رضي الله عنهما: أن نَاسًا قَالُوا لَهُ: إنَّا نَدْخُلُ عَلَى سَلاَطِيننَا فَنَقُولُ لَهُمْ بِخِلاَفِ مَا نَتَكَلَّمُ إِذَا خَرَجْنَا مِنْ عِندِهِمْ؟ قَالَ ابنُ عُمَرَ - رضي الله عنهما: كُنَّا نَعُدُّ هَذَا نِفاقًا عَلَى عَهْدِ رسول الله - صلى الله عليه وسلم. رواه البخاري. (1)   (1) أخرجه: البخاري 9/ 89 (7178) من دون: «على عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم». الحديث: 1618 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 454 1619 - وعن جُندب بن عبد اللهِ بن سفيان - رضي الله عنه - قَالَ: قَالَ النبيُّ - صلى الله عليه وسلم: «مَنْ سَمَّعَ سَمَّعَ الله بِهِ، وَمَنْ يُرائِي يُرائِي اللهُ بِهِ». متفق عَلَيْهِ. (1) [ص: 455] ورواه مسلم أَيضًا من رواية ابن عباس رضي الله عنهما. «سَمَّعَ» بتشديد الميم، ومعناه: أظهر عمله للناس رِياءً. «سَمَّعَ اللهُ بِهِ» أيْ: فَضَحَهُ يَومَ القِيَامَةِ. ومعنى: «مَنْ رَاءى» أيْ: مَنْ أظْهَرَ لِلنَّاسِ العَمَلَ الصَّالِحَ لِيَعْظُمَ عِنْدَهُمْ. «رَاءى اللهُ بِهِ» أيْ: أظْهَرَ سَرِيرَتَهُ عَلَى رُؤُوسِ الخَلائِقِ.   (1) أخرجه: البخاري 8/ 130 (6499)، ومسلم 8/ 223 (2987) (48). وأخرجه: مسلم 8/ 223 (2986) (47) من حديث ابن عباس. الحديث: 1619 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 454 1620 - وعن أَبي هريرة - رضي الله عنه - قَالَ: قَالَ رسول الله - صلى الله عليه وسلم: «مَنْ تَعَلَّمَ عِلْمًا مِمَّا يُبْتَغَى بِهِ وَجْهُ اللهِ - عز وجل - لاَ يَتَعَلَّمُهُ إِلاَّ لِيُصِيبَ بِهِ عَرَضًا مِنَ الدُّنْيَا، لَمْ يَجِدْ عَرْفَ الجَنَّةِ يَوْمَ القِيَامَةِ». يَعْنِي: رِيحَهَا. رواه أَبُو داود بإسنادٍ صحيحٍ والأحاديث في الباب كثيرةٌ مشهورةٌ. (1)   (1) انظر الحديث (1391). الحديث: 1620 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 455 289 - باب مَا يتوهم أنَّه رياء وليس هُوَ رياء 1621 - وعن أَبي ذرٍ - رضي الله عنه - قَالَ: قِيلَ لِرسولِ الله - صلى الله عليه وسلم: أرَأيْتَ الرَّجُلَ الَّذِي يَعْمَلُ العَمَلَ مِنَ الخَيْرِ، وَيَحْمَدُهُ النَّاسُ عَلَيْهِ؟ قَالَ: «تِلْكَ عَاجِلُ بُشْرَى المُؤْمِنِ» (1). رواه مسلم. (2)   (1) قال النووي في شرح صحيح مسلم 8/ 359: «معناه هذه البشرى المعجلة له بالخير، وهي دليل على رضاء الله تعالى عنه، ومحبته له ... ». (2) أخرجه: مسلم 8/ 44 (2642) (166). الحديث: 1621 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 455 290 - باب تحريم النظر إِلَى المرأة الأجنبية والأمرد الحسن لغير حاجة شرعية قَالَ الله تَعَالَى: {قُلْ لِلمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أبْصَارِهِمْ} [النور: 30]، وقال تَعَالَى: {إنَّ السَّمْعَ وَالبَصَرَ والفُؤادَ كُلُّ أُولئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْئُولًا} [الإسراء: 36]، وقال تَعَالَى: {يَعْلَمُ خَائِنةَ الأَعْيُنِ وَمَا تُخْفِي الصُّدُورُ} [غافر: 19]، وقال تَعَالَى: {إنَّ رَبكَ لَبِالمِرْصَادِ} [الفجر: 14]. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 455 1622 - وعن أَبي هريرة - رضي الله عنه: أنَّ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: «كُتِبَ عَلَى ابْن آدَمَ نَصِيبُهُ مِنَ الزِّنَا مُدْرِكُ ذَلِكَ لاَ مَحَالَةَ: العَيْنَانِ زِنَاهُمَا النَّظَرُ، وَالأُذُنَانِ زِنَاهُمَا الاسْتِمَاعُ، وَاللِّسَانُ زِناهُ الكَلاَمُ، وَاليَدُ زِنَاهَا البَطْشُ، وَالرِّجْلُ زِنَاهَا الخُطَا، والقَلْبُ يَهْوَى وَيَتَمَنَّى، وَيُصَدِّقُ ذَلِكَ الفَرْجُ أَوْ يُكَذِّبُهُ». متفق عَلَيْهِ. (1) هَذَا لفظ مسلمٍ، ورواية البخاري مختصرَةٌ.   (1) أخرجه: البخاري 8/ 67 (6243)، ومسلم 8/ 52 (2657) (21). الحديث: 1622 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 455 1623 - وعن أَبي سعيد الخُدريِّ - رضي الله عنه - عن النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: «إيّاكُمْ والجُلُوس فِي الطُّرُقَاتِ!» قالوا: يَا رسولَ الله، مَا لَنَا مِنْ مَجَالِسِنَا بُدٌّ، نَتَحَدَّثُ فِيهَا. فَقَالَ رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم: «فَإذَا أبَيْتُمْ إِلاَّ المَجْلِسَ، فَأَعْطُوا الطَّرِيقَ حَقَّهُ» قَالُوا: وَمَا حَقُّ الطَّريقِ يَا رسولَ اللهِ؟ قَالَ: «غَضُّ البَصَرِ، وَكَفُّ الأَذَى، وَرَدُّ السَّلاَمِ، والأَمرُ بِالمَعْرُوفِ، والنَّهيُ عنِ المُنْكَرِ» (1) متفق عَلَيْهِ. (2)   (1) قال المصنف في شرح صحيح مسلم 7/ 287: «هذا الحديث كثير الفوائد، وهو من الأحاديث الجامعة، وأحكامه ظاهرة، وينبغي أَنْ يجتنب الجلوس في الطرقات لهذا الحديث، ويدخل في كف الأذى اجتناب الغيبة، وظن السوء، واحتقار بعض المارين، وتضييق الطريق، وكذا إذا كان القاعدون ممن يهابهم المارون، أو يخافون منهم، ويمتنعون من المرور في أشغالهم بسبب ذلك لكونهم لا يجدون طريقًا إلا ذلك الموضع». (2) انظر الحديث (190). الحديث: 1623 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 456 1624 - وعن أَبي طلحة زيد بن سهل - رضي الله عنه - قَالَ: كُنَّا قُعُودًا بالأفْنِيَةِ (1) نَتَحَدَّثُ فِيهَا فَجَاءَ رسولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - فَقَامَ عَلَيْنَا، فَقَالَ: «مَا لَكُمْ وَلِمَجَالسِ الصُّعُدَاتِ؟ اجْتَنِبُوا مَجَالِسَ الصُّعُدَاتِ». فقُلْنَا: إنَّمَا قَعَدْنَا لِغَيْرِ مَا بَأسٍ، قَعَدْنَا نَتَذَاكَرُ، وَنَتَحَدَّثُ. قَالَ: «إمَّا لاَ فَأَدُّوا حَقَّهَا: غَضُّ البَصَرِ، وَرَدُّ السَّلاَمِ، وَحُسْنُ الكَلاَمِ». رواه مسلم. (2) «الصُّعُدات» بضمِ الصاد والعين: أيْ الطُّرقَاتِ.   (1) الأفنية: جمع فناء، وهو المتسع أمام الدار. النهاية 3/ 477. (2) أخرجه: مسلم 7/ 2 (2161) (2). الحديث: 1624 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 456 1625 - وعن جرير - رضي الله عنه - قَالَ: سألت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن نَظَرِ الفَجْأَةِ فَقَالَ: «اصْرِفْ بَصَرَكَ». رواه مسلم. (1)   (1) أخرجه: مسلم 6/ 181 - 182 (2159) (45). الحديث: 1625 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 456 1626 - وعن أُم سَلَمَة رَضِيَ اللهُ عنها، قالت: كنتُ عِنْدَ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وعِندَهُ مَيْمُونَة، فَأقْبَلَ ابنُ أُمِّ مَكْتُومٍ، وَذَلِكَ بَعْدَ أَنْ أُمِرْنَا بِالحِجَابِ فَقَالَ النبيُّ - صلى الله عليه وسلم: «احْتَجِبَا مِنْهُ» فَقُلْنَا: [ص: 457] يَا رسولَ اللهِ، ألَيْسَ هُوَ أعْمَى! لاَ يُبْصِرُنَا، وَلاَ يَعْرِفُنَا؟ فَقَالَ النَّبيُّ - صلى الله عليه وسلم: «أفَعَمْيَاوَانِ أنتُمَا أَلَسْتُمَا تُبْصِرَانِهِ!؟». رواه أَبُو داود والترمذي، (1) وقال: «حديث حسن صحيح».   (1) أخرجه: أبو داود (4112)، والترمذي (2778)، والحديث ضعيف لجهالة نبهان مولى أم سلمة، وقال الإمام أحمد: «نبهان روى حديثين عجيبين - يعني هذا الحديث وحديث: «إذا كان لإحداكن مكاتب فلتحتجب منه» المغني لابن قدامة 6/ 563. الحديث: 1626 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 456 1627 - وعن أَبي سعيد - رضي الله عنه: أنَّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: «لاَ يَنْظُرُ الرَّجُلُ إِلَى عَوْرَةِ الرَّجُلِ، وَلاَ المَرْأَةُ إِلَى عَوْرَةِ المَرْأَةِ، وَلاَ يُفْضِي الرَّجُلُ إِلَى الرَّجُلِ في ثَوْبٍ وَاحِدٍ (1)، وَلاَ تُفْضي المَرْأةُ إِلَى المَرْأَةِ في الثَّوْبِ الواحِدِ». رواه مسلم. (2)   (1) قال المصنف في شرحه لصحيح مسلم 2/ 226 - 227: «فهو نهي تحريم إذا لم يكن بينهما حائل، وفيه دليل على تحريم لمس عورة غيره بأي موضع من بدنه كان. وهذا متفق عليه، وهذا مما تعم به البلوى، ويتساهل فيه كثير من الناس باجتماع الناس في الحمام، فيجب على الحاضر فيه أَنْ يصون بصره ويده وغيرها عن عورة غيره، وأن يصون عورته عن بصر غيره ويد غيره من قيم وغيره». (2) أخرجه: مسلم 1/ 183 (338) (74)، وجاء في رواية أخرى: «ولا ينظر إلى عرية الرجل وعرية المرأة» بدل «عورة الرجل وعورة المرأة». الحديث: 1627 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 457 291 - باب تحريم الخلوة بالأجنبية قَالَ الله تَعَالَى: {وَإِذَا سَأَلْتُمُوهُنَّ مَتَاعًا فَاسْألُوهُنَّ مِنْ وَرَاءِ حِجابٍ} [الأحزاب: 53]. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 457 1628 - وعن عقبة بن عامر - رضي الله عنه: أنَّ رسولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: «إيَّاكُمْ وَالدُّخُولَ عَلَى النِّسَاءِ!» فَقَالَ رَجُلٌ مِنَ الأنْصَارِ: أفَرَأيْتَ الحَمْوَ؟ قَالَ: «الحَمْوُ المَوْتُ!». متفق عَلَيْهِ. (1) «الحَمْو»: قَريبُ الزَّوْجِ كَأخِيهِ، وابْنِ أخِيهِ، وَابْنِ عَمِّهِ.   (1) أخرجه: البخاري 7/ 48 (5232)، ومسلم 7/ 7 (2172) (20). الحديث: 1628 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 457 1629 - وعن ابن عباس رضي الله عنهما: أنَّ رسولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: «لاَ يَخْلُونَّ أَحَدُكُمْ بِامْرَأَةٍ إِلاَّ مَعَ ذِي مَحْرَمٍ». متفق عَليْهِ. (1)   (1) أخرجه: البخاري 4/ 72 (3006)، ومسلم 4/ 104 (1341) (424). الحديث: 1629 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 457 1630 - وعن بُريدَةَ - رضي الله عنه - قَالَ: قَالَ رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم: «حُرْمَةُ نِسَاءِ المُجَاهِدِينَ عَلَى القَاعِدِينَ كَحُرْمَةِ أُمَّهَاتِهِمْ، مَا مِنْ رَجُلٍ مِنَ القَاعِدِيْنَ يَخْلُفُ رَجُلًا مِنَ المُجَاهِدِينَ في أهْلِهِ، فَيَخُونُهُ فِيهِمْ إِلاَّ وَقَفَ لَهُ يَوْمَ القِيَامَةِ، فَيَأْخُذُ مِنْ حَسَنَاتِهِ مَا شَاءَ حَتَّى يَرْضى» ثُمَّ التَفَتَ إلَيْنَا رسولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ: «مَا ظَنُّكُمْ؟». رواه مسلم. (1)   (1) أخرجه: مسلم 6/ 42 (1897) (139) و6/ 43 (1897) (140). الحديث: 1630 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 457 292 - باب تحريم تشبه الرجال بالنساء وتشبه النساء بالرجال في لباس وحركة وغير ذَلِكَ 1631 - عن ابن عباس رضي الله عنهما، قَالَ: لَعَنَ رسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - المُخَنَّثِينَ مِنَ الرِّجَالِ، وَالمُتَرَجِّلاَتِ مِنَ النِّسَاءِ. وفي رواية: لَعَنَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - المُتَشَبِّهِينَ مِنَ الرِّجَالِ بالنِّسَاءِ، والمُتَشَبِّهَاتِ مِنَ النِّسَاءِ بالرِّجَالِ. رواه البخاري. (1)   (1) أخرجه: البخاري 7/ 205 (5885) و (5886). الحديث: 1631 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 458 1632 - وعن أَبي هريرة - رضي الله عنه - قَالَ: لَعَنَ رسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم - الرَّجُلَ يَلْبَسُ لِبْسَةَ المَرْأَةِ، والمَرْأَةَ تَلْبِسُ لِبْسَةَ الرَّجُلِ. رواه أَبُو داود بإسناد صحيح. (1)   (1) أخرجه: أبو داود (4098)، والنسائي في «الكبرى» (9253). الحديث: 1632 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 458 1633 - وعنه، قَالَ: قَالَ رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم: «صِنْفَانِ مِنْ أهْلِ النَّارِ لَمْ أَرَهُمَا: قَومٌ مَعَهُمْ سِيَاطٌ كَأذْنَابِ البَقَرِ يَضْرِبُونَ بِهَا النَّاسَ، وَنِسَاءٌ كَاسِيَاتٌ عَارِيَاتٌ مُمِيلاَتٌ مَائِلاَتٌ، رُؤُوسُهُنَّ كَأَسْنِمَةِ البُخْتِ المائِلَةِ لاَ يَدْخُلْنَ الجَنَّةَ، وَلاَ يَجِدْنَ رِيحَهَا، وإنَّ رِيحَهَا لَيُوجَدُ مِنْ مَسِيرَةِ كَذَا وَكذَا». (1). رواه مسلم. (2) معنى «كَاسِيَاتٌ» أيْ: مِنْ نِعْمَةِ اللهِ «عَارِيَاتٌ» مِنْ شُكْرِهَا. وَقِيلَ مَعْنَاهُ: تَسْتُرُ بَعْضَ بَدَنِهَا، وَتَكْشِفُ بَعْضَهُ إظْهارًا لِجَمَالِهَا وَنَحْوِهِ. وَقِيلَ: تَلْبَسُ ثَوبًا رَقِيقًا يَصِفُ لَوْنَ [ص: 459] بَدَنِهَا. وَمَعْنَى «مائِلاَتٌ»، قِيلَ: عَنْ طَاعَةِ اللهِ وَمَا يَلْزَمُهُنَّ حِفْظُهُ «مميلاَتٌ» أيْ: يُعَلِّمْنَ غَيْرَهُنَّ فِعْلَهُنَّ المَذْمُومَ. وَقِيلَ: مَائِلاَتٌ يَمْشِينَ مُتَبَخْتِرَاتٍ، مُمِيلاَتٌ لأَكْتَافِهِنَّ، وقيلَ: مائلاتٌ يَمْتَشطنَ المِشْطَةَ المَيلاءَ: وهي مِشطةُ البَغَايا، و «مُميلاتٌ» يُمَشِّطْنَ غَيْرَهُنَّ تِلْكَ المِشْطَةَ. «رُؤوسُهُنَّ كَأسْنِمَةِ البُخْتِ» أيْ: يُكَبِّرْنَهَا وَيُعَظِّمْنَهَا بِلَفِّ عِمَامَةٍ أَوْ عِصَابَةٍ أَوْ نَحْوِهَا.   (1) قال المصنف في شرحه لصحيح مسلم 7/ 293: «هذا الحديث من معجزات النبوة، فقد وقع هذان الصنفان، وهما موجودان». رحم الله المصنف قال هذا في زمنه فماذا يقول لو رأى مجتمعاتنا، لا حول ولا قوة إلا بالله. وللشيخ ابن عثيمين رحمه الله تعليق في هذا الموضع على مسألة خافية على الناس قد أبانها في شرحه وآثرت نقلها لما فيها من فائدة، فقال: «وهنا مسألة تشكل على بعض النساء وعلى بعض الناس أيضًا بفعل الإنسان ما فيه التشبه ويقول: أنا ما نويت، أنا لم أنو التشبه، فيقال: إن التشبه صورة غالبة متى وجدت حذر التشبه سواء بنية أو بغير نية. فمتى ظهر أن هذا تشبه ويشبه الكافرات ويشبه الفاجرات والعاريات، أو يشبه الرجال من المرأة أو المرأة من الرجل متى ظهر التشبه فهو حرام سواء كان بقصد أو بغير قصد؛ لكن إذا كان بقصد فهو أشد وإن كان بغير قصد قلنا: يجب عليك أن تغيير ما تشبهت به حتى تبتعد عن التشبه» شرح رياض الصالحين 4/ 251 - 252. (2) أخرجه: مسلم 6/ 168 (2128) (125). الحديث: 1633 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 458 293 - باب النهي عن التشبه بالشيطان والكفار 1634 - عن جابر - رضي الله عنه - قَالَ: قَالَ رسولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم: «لاَ تَأكُلُوا بِالشِّمَالِ، فَإنَّ الشَّيْطَانَ يَأكُلُ ويَشربُ بِالشِّمَالِ». رواه مسلم. (1)   (1) أخرجه: مسلم 6/ 108 (2019) (104). الحديث: 1634 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 459 1635 - وعن ابن عمر رضي الله عنهما: أنَّ رسُولَ الله - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: «لاَ يَأكُلَنَّ أَحَدُكُمْ (1) بِشِمَالِهِ، وَلاَ يَشْرَبَنَّ بِهَا، فَإنَّ الشَّيْطَانَ يَأْكُلُ بِشِمَالِهِ وَيَشْرَبُ بِهَا». رواه مسلم. (2)   (1) في صحيح مسلم: «أحدٌ منكم». (2) أخرجه: مسلم 6/ 109 (2020) (106). الحديث: 1635 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 459 1636 - وعن أَبي هريرة - رضي الله عنه: أنَّ رسُولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: «إنَّ اليَهُودَ وَالنَّصَارى لاَ يَصْبغُونَ، فَخَالِفُوهُمْ». متفق عَلَيْهِ. (1) المُرَادُ: خِضَابُ شَعْرِ اللَّحْيَةِ والرَّأسِ الأبْيَضِ بِصُفْرَةٍ أَوْ حُمْرَةٍ؛ وأمَّا السَّوَادُ، فَمَنْهِيٌّ عَنْهُ كَمَا سَنَذْكُرُهُ في البَابِ بَعْدَهُ، إنْ شَاءَ اللهُ تَعَالَى.   (1) أخرجه: البخاري 4/ 207 (3462)، ومسلم 6/ 155 (2103) (80). الحديث: 1636 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 459 294 - باب نهي الرجل والمرأة عن خضاب شعرهما بسواد 1637 - عن جابر - رضي الله عنه - قَالَ: أُتِيَ بِأَبِي قُحَافَةَ والِدِ أَبي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ رضي الله عنهما، يَومَ فَتْحِ مَكَّةَ وَرَأسُهُ وَلِحْيَتُهُ كَالثَّغَامَةِ (1) بَيَاضًا. فَقَالَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم: «غَيِّرُوا هَذَا وَاجْتَنِبُوا السَّوَادَ». رواه مسلم. (2)   (1) الثغامة: نوع من النبات أبيض الزهر والثمر يشبَّه به الشيب، وقيل هي شجرة تبيض كأنها الثلج، وقال العلامة ابن عثيمين: «تسمى العوسج». انظر النهاية 1/ 214، وشرح رياض الصالحين 4/ 254. (2) أخرجه: مسلم 6/ 155 (2102) (79). الحديث: 1637 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 459 295 - باب النهي عن القَزَع وَهُوَ حلق بعض الرأس دون بعض (1)، وإباحة حَلْقِهِ كُلّهِ للرجل دون المرأة 1638 - عن ابن عمر رضي الله عنهما، قَالَ: نهَى رسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - عن القَزَعِ. متفق عَلَيْهِ. (2)   (1) سواء كان الحلق من جانب واحدًا ومن كل الجوانب، أو من فوق ومن يمين ومن شمال، ومن وراء ومن أمام، المهم أنه إذا حلق بعض الرأس وترك بعضه فهذا قزع، وقد نهى عنه النبي - صلى الله عليه وسلم. شرح رياض الصالحين 4/ 255. (2) أخرجه: البخاري 7/ 210 (5920)، ومسلم 6/ 164 (2120) (113). الحديث: 1638 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 460 1639 - وعنه، قَالَ: رأَى رسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - صَبِيًّا قَدْ حُلِقَ بَعْضُ شَعْرِ رَأسِهِ وَتُرِكَ بَعْضُهُ، فَنَهَاهُمْ عَنْ ذَلِكَ، وقال: «احْلِقُوهُ كُلَّهُ، أَوِ اتْرُكُوهُ كُلَّهُ». رواه أَبُو داود بإسناد صحيح عَلَى شرط البخاري ومسلم. (1)   (1) أخرجه: أبو داود (4195)، والنسائي 8/ 130. الحديث: 1639 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 460 1640 - وعن عبد الله بن جعفر رضي الله عنهما: أنَّ النَّبيَّ - صلى الله عليه وسلم - أمْهَلَ آلَ جَعْفَر ثَلاَثًا، ثُمَّ أتَاهُمْ، فَقَالَ: «لاَ تَبْكُوا عَلَى أخِي بَعْدَ اليَوْمِ» ثُمَّ قَالَ: «ادْعُوا لِي بَنِي أَخِي» فَجِيءَ بِنَا كَأنَّنَا أفْرُخٌ فَقَالَ: «ادْعُوا لِي الحَلاَّقَ» فَأمرَهُ، فَحَلَقَ رُؤُوسَنَا. رواه أَبُو داود بإسناد صحيح عَلَى شرط البخاري ومسلم. (1)   (1) أخرجه: أبو داود (4192). الحديث: 1640 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 460 1641 - وعن عليٍّ - رضي الله عنه - قَالَ: نَهَى رسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - أَنْ تَحْلِقَ المَرْأةُ رَأسَهَا. رواه النسائي. (1)   (1) أخرجه: النسائي 8/ 130، والترمذي (914)، وهو حديث ضعيف. الحديث: 1641 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 460 296 - باب تحريم وصل الشعر والوشم (1) والوشر وهو تحديد الأسنان قال تعالى: {إِنْ يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ إِلا إِنَاثًا وَإِنْ يَدْعُونَ إِلا شَيْطَانًا مَرِيدًا لَعَنَهُ اللهُ وَقَالَ لأَتَّخِذَنَّ مِنْ عِبَادِكَ نَصِيبًا مَفْرُوضًا وَلأُضِلَّنَّهُمْ وَلأُمَنِّيَنَّهُمْ وَلآمُرَنَّهُمْ فَلَيُبَتِّكُنَّ آذَانَ الأَنْعَامِ وَلآمُرَنَّهُمْ فَلَيُغَيِّرُنَّ خَلْقَ اللهِ} [النساء: 117 - 119].   (1) الوشم: أن يغرز الجلد بإبرة، ثم يحشى بكحل أو نيل، فيزرق أثره أو يخضر. النهاية 5/ 189. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 460 1642 - وعن أسماءَ رضي الله عنها: أنَّ امْرَأَةً سَأَلَتِ النَّبيَّ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَتْ: يا رسولَ اللهِ إنَّ ابْنَتِي أصَابَتْهَا الحَصْبَةُ (1)، فَتَمَرَّقَ شَعْرُهَا، وإنّي زَوَّجْتُهَا، أفَأَصِلُ فِيهِ؟ فقالَ: «لَعَنَ اللهُ الوَاصِلَةَ وَالمَوْصُولَةَ». متفق عليه. (2) وفي روايةٍ: «الوَاصِلَةَ، والمُسْتوْصِلَةَ». قَوْلُهَا: «فَتَمَرَّقَ» هو بالراءِ ومعناهُ: انْتَثَرَ وَسَقَطَ. «وَالوَاصِلَةُ»: التي تَصِلُ شَعْرَهَا، أو شَعْرَ غَيْرِهَا بِشَعْرٍ آخَرَ. «وَالمَوْصُولَةُ»: التي يُوصَلُ شَعْرُهَا. «والمُسْتَوْصِلَةُ»: التي تَسْألُ مَنْ يَفْعَلُ لها ذلك. وعن عائشة رضي الله عنها نَحوهُ. متفق عليه.   (1) الحصبة: بفتح الحاء وإسكان الصاد المهملتين، ويقال أيضًا: بفتح الصاد وكسرها ثلاث لغات حكاهنَّ جماعة، والإسكان أشهر، وهي بثر تخرج في الجلد يقول: من حصب جلده بكسر الصاد يحصب. شرح صحيح مسلم 7/ 290. (2) أخرجه: البخاري 7/ 212 - 213 (5935) و (5941)، ومسلم 6/ 165 (2122) (115). وأخرجه: البخاري 7/ 212 (5934)، ومسلم 6/ 166 (2123) (117) و (118) عن عائشة. الحديث: 1642 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 461 1643 - وعن حُميدِ بنِ عبد الرحْمانِ: أنَّهُ سَمِعَ مُعَاوِيَةَ - رضي الله عنه - عامَ حَجَّ على المِنْبَرِ وَتَنَاوَلَ قُصَّةً مِنْ شَعْرٍ كَانَتْ في يَدِ حَرَسِيٍّ فَقَالَ: يَا أهْلَ المَدِينَةِ أيْنَ عُلَمَاؤُكُمْ؟! سَمِعتُ النَّبيَّ - صلى الله عليه وسلم - يَنْهَى عَنْ مِثْلِ هذِهِ، ويقُولُ: «إنَّمَا هَلَكَتْ بَنُوإسْرَائِيلَ حينَ اتَّخَذَهَا نِسَاؤُهُمْ». متفق عليه. (1)   (1) أخرجه: البخاري 7/ 212 (5932)، ومسلم 9/ 167 (2127) (122). الحديث: 1643 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 461 1644 - وعن ابن عمر رضي الله عنهما: أنَّ رسُولَ الله - صلى الله عليه وسلم - لَعَنَ الوَاصِلَةَ والمُسْتَوْصِلَةَ، والوَاشِمَةَ والمُسْتَوشِمَةَ. متفق عليه. (1)   (1) أخرجه: البخاري 7/ 213 (5937)، ومسلم 6/ 166 (2124) (199). الحديث: 1644 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 461 1645 - وعن ابن مسعود - رضي الله عنه - قال: لَعَنَ اللهُ الوَاشِمَاتِ والمُسْتَوشِمَاتِ وَالمُتَنَمِّصَاتِ، والمُتَفَلِّجَاتِ لِلْحُسْنِ، المُغَيِّرَاتِ خَلْقَ اللهِ، فَقَالَتْ لَهُ امْرَأَةٌ في ذَلِكَ [ص: 462] فَقَالَ: وَمَا لِي لاَ ألْعَنُ مَنْ لَعَنَهُ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - وَهُوَ فِي كِتَابِ اللهِ؟ قالَ اللهُ تعالى: {وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا} [سورة الحشر: 7]. متفق عليه. (1) «المُتَفَلِّجَةُ» هيَ: الَّتي تَبْرُدُ مِنْ أسْنَانِهَا لِيَتَبَاعَدَ بَعْضُهَا عَنْ بَعْضٍ قَلِيلًا، وتُحَسِّنُهَا وَهُوَ الوَشْرُ. «وَالنَّامِصَةُ»: الَّتي تَأخُذُ مِنْ شَعْرِ حَاجِبِ غَيْرِهَا، وتُرَقِّقُهُ لِيَصِيرَ حَسَنًا. «وَالمُتَنَمِّصَةُ»: الَّتي تَأمُرُ مَنْ يَفْعَلُ بِهَا ذَلِكَ.   (1) أخرجه: البخاري 6/ 184 (4886)، ومسلم 6/ 166 (2125) (120). الحديث: 1645 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 461 297 - باب النهي عن نتف الشيب من اللحية والرأس وغيرهما، وعن نتف الأمرد شعر لحيته عند أول طلوعه 1646 - عن عمرو بن شعيب، عن أبيهِ، عن جَدِّهِ - رضي الله عنه - عن النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم - قال: «لاَ تَنْتِفُوا الشَّيْبَ؛ فَإنَّهُ نُورُ المُسْلِمِ يَوْمَ القِيَامَةِ» حديث حسن، رواه أبو داود، والترمذي، والنسائي بأسانيد حسنة، قال الترمذي: «هو حديث حسن» (1).   (1) أخرجه: أبو داود (4202)، والترمذي (2821)، والنسائي 8/ 136 وفي «الكبرى»، له (9285). الحديث: 1646 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 462 1647 - وعن عائشة رضي الله عنها، قالت: قال رسولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم: «مَنْ عَمِلَ عَمَلًا لَيْسَ علَيْهِ أمْرُنَا فَهُوَ رَدٌّ». رواه مسلم. (1)   (1) انظر الحديث (169). الحديث: 1647 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 462 298 - باب كراهة الاستنجاء (1) باليمين ومس الفرج باليمين من غير عذر 1648 - وعن أبي قتادة - رضي الله عنه - عن النبيّ - صلى الله عليه وسلم - قال: «إذا بَالَ أَحَدُكُمْ، فَلاَ يَأخُذَنَّ ذَكَرَهُ بِيَمِينِهِ، وَلاَ يَسْتَنْجِ بِيَمِينِهِ، وَلاَ يَتَنَفَّسْ فِي الإنَاءِ». متفق عليه. (2) وفي الباب أحاديث كثيرة صحيحة.   (1) الاستنجاء: هو تطهير القبل أو الدبر، وإزالة النجاسة عنهما ويكون بالماء والحجارة أو ما ينوب عنها. انظر: النهاية 5/ 26، وشرح رياض الصالحين 4/ 256. (2) أخرجه: البخاري 1/ 50 (154)، ومسلم 1/ 155 (267) (63) و (64) و (65). الحديث: 1648 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 462 299 - باب كراهة المشي في نعل واحدة أو خف واحد لغير عذر وكراهة لبس النعل والخف قائمًا لغير عذر 1649 - عن أبي هريرة - رضي الله عنه: أنَّ رسُولَ الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «لاَ يَمْشِ أحَدُكُمْ فِي نَعْلٍ وَاحِدَةٍ، لِيَنْعَلْهُمَا جَمِيعًا، أو لِيَخْلَعْهُمَا جَمِيعًا». وفي رواية: «أو لِيُحْفِهِمَا جَمِيعًا». متفق عليه. (1)   (1) أخرجه: البخاري 7/ 199 (5856)، ومسلم 6/ 153 (2097) (68). الحديث: 1649 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 462 1650 - وعنه، قال: سمعت رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: «إذا انْقَطَعَ شِسْعُ (1) نَعْلِ أَحَدِكمْ، فَلاَ يَمْشِ في الأُخْرَى حَتَّى يُصْلِحَهَا». رواهُ مسلم. (2)   (1) الشسع: أحد سيور النعل، وهو الذي يدخل بين الأصبعين، ويدخل طرفه في الثقب الذي في صدر النعل المشدود في الزمام. والزمام السير الذي يعقد فيه الشسع. وإنما نهي عن المشي في نعل واحدة لئلا تكون إحدى الرجلين أرفع من الأخرى، ويكون سببًا للعثار، ويقبح في المنظر، ويعاب فاعله. النهاية 2/ 472. (2) أخرجه: مسلم 6/ 153 (2098) (69). الحديث: 1650 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 463 1651 - وعن جابر - رضي الله عنه: أنَّ رسولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - نَهَى أَنْ يَنْتَعِلَ الرَّجُلُ قَائِمًا. رواه أبو داود بإسناد حسن. (1)   (1) أخرجه: أبو داود (4135). الحديث: 1651 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 463 300 - باب النهي عن ترك النار في البيت عند النوم ونحوه سواء كانت في سراج أو غيره 1652 - عن ابن عمر رضي الله عنهما، عن النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - قال: «لاَ تَتْرُكُوا النَّارَ فِي بُيُوتِكُمْ حِينَ تَنَامُونَ». (1) متفق عليه. (2)   (1) قال النووي في شرح صحيح مسلم 7/ 163: «هذا عام تدخل فيه نار السراج وغيرها، وأما القناديل المعلقة في المساجد وغيرها فإن خيف حريق بسببها دخلت في الأمر بالإطفاء، وإن أمن ذلك كما هو الغالب فالظاهر أنه لا بأس بها لانتفاء العلة ... ». (2) أخرجه: البخاري 8/ 80 (6293)، ومسلم 6/ 107 (2015) (100). الحديث: 1652 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 463 1653 - وعن أبي موسى الأشعري - رضي الله عنه - قال: احْتَرَقَ بَيْتٌ بالمَدِينَةِ عَلَى أهْلِهِ مِنَ اللَّيْلِ، فَلَمَّا حُدِّثَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - بِشَأنِهِم، قالَ: «إنَّ هذِهِ النَّارَ عَدُوٌّ لَكُمْ، فَإذا نِمْتُمْ، فَأطْفِئُوهَا» متفق عليه. (1)   (1) انظر الحديث (161). الحديث: 1653 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 463 1654 - وعن جابر - رضي الله عنه - عن رسولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - قال: «غَطُّوا الإنَاءَ، وَأَوْكِئُوا السِّقَاءَ، وَأَغْلِقُوا الأَبْوَابَ، وَأَطْفِئُوا السِّرَاجَ، فَإِنَّ الشَّيْطَانَ لاَ يَحُلُّ سِقَاءً، وَلاَ يَفْتَحُ [ص: 464] بَابًا، وَلاَ يَكْشِفُ إنَاءً. فإنْ لَمْ يَجِدْ أَحَدُكُمْ إلاَّ أَنْ يَعْرُضَ عَلَى إنَائِهِ عُودًا، وَيَذْكُرَ اسْمَ اللهِ، فَلْيَفْعَل، فإنَّ الفُوَيْسِقَةَ تُضْرِمُ عَلَى أهْلِ البَيْتِ بَيْتَهُمْ». رواه مسلم. (1) «الفُويْسِقَةُ»: الفَأرَةُ، «وَتُضْرِمُ»: تُحْرِقُ.   (1) أخرجه: مسلم 6/ 105 (2012) (96). الحديث: 1654 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 463 301 - باب النهي عن التكلف، وهو فعل وقول ما لا مصلحة فيه بمشقة قال الله تعالى: {قُلْ مَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ وَمَا أَنَا مِنَ الْمُتَكَلِّفِينَ} [ص: 86]. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 464 1655 - وعن عمر - رضي الله عنه - قال: نُهِينَا عَنِ التَّكَلُّفِ. رواه البخاري. (1)   (1) أخرجه: البخاري 9/ 118 (7293) من حديث عمر بن الخطاب، وانظر: الجمع بين الصحيحين 1/ 132 (61)، وتحفة الأشراف 7/ 188 (10413). الحديث: 1655 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 464 1656 - وعن مسروقٍ، قال: دَخَلْنَا على عبدِ اللهِ بْنِ مَسعُودٍ - رضي الله عنه - فقال: يا أَيُّهَا النَّاسُ، مَنْ عَلِمَ شَيْئًا فَلْيَقُلْ بِهِ، وَمَنْ لَمْ يَعْلَمْ، فَلْيَقُلْ: اللهُ أعْلَمُ، فَإنَّ مِنَ العِلْمِ أَنْ يَقُولَ لِمَا لاَ يَعْلَمُ: اللهُ أعْلَمُ. قالَ اللهُ تَعَالَى لِنَبِيِّهِ - صلى الله عليه وسلم: {قُلْ مَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ وَمَا أَنَا مِنَ الْمُتَكَلِّفِينَ}. [ص: 86]. رواه البخاري. (1)   (1) أخرجه: البخاري 6/ 156 (4809). الحديث: 1656 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 464 302 - باب تحريم النياحة على الميت ولطم الخد وشق الجيب ونتف الشعر وحلقه والدعاء بالويل والثبور 1657 - عن عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - قال: قال النَّبِيّ - صلى الله عليه وسلم: «المَيِّتُ يُعَذَّبُ فِي قَبْرِهِ بِمَا نِيحَ عَلَيْهِ». وَفِي روايةٍ: «مَا نِيحَ عَلَيْهِ». متفق عليه. (1)   (1) أخرجه: البخاري 2/ 102 (1292)، ومسلم 3/ 41 (927) (17). الحديث: 1657 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 464 1658 - وعن ابن مسعود - رضي الله عنه - قال: قال رسولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم: «لَيْسَ مِنَّا مَنْ ضَرَبَ الخُدُودَ، وَشَقَّ الجُيُوبَ، وَدَعَا بِدَعْوَى الجَاهِلِيَّةِ». متفق عليه. (1)   (1) أخرجه: البخاري 2/ 102 (1294)، ومسلم 1/ 69 (103) (166). الحديث: 1658 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 464 1659 - وَعَنْ أبي بُرْدَةَ، قال: وَجعَ أبو مُوسَى، فَغُشِيَ عَلَيْهِ، وَرَأسُهُ فِي حِجْرِ امْرَأَةٍ [ص: 465] مِنْ أهْلِهِ، فَأَقْبَلَتْ تَصِيحُ بِرَنَّةٍ (1) فَلَمْ يَسْتَطِعْ أَنْ يَرُدَّ عَلَيْهَا شَيْئًا، فَلَمَّا أفَاقَ قَالَ: أنَا بَرِيءٌ مِمَّنْ بَرِىءَ مِنْهُ رسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - إنَّ رسُولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - بَرِيءٌ مِنَ الصَّالِقَةِ، والحَالِقَةِ، والشَّاقَّةِ. متفق عليه. (2) «الصَّالِقَةُ»: الَّتِي تَرْفَعُ صَوْتَهَا بِالنِّيَاحَةِ والنَّدْبِ. «وَالحَالِقَةُ»: الَّتِي تَحْلِقُ رَأسَهَا عِنْدَ المُصِيبَةِ. «وَالشَّاقَّةُ»: الَّتي تَشُقُّ ثَوْبَهَا.   (1) الصوت. النهاية 2/ 271. (2) أخرجه: البخاري 2/ 103 (1296)، ومسلم 1/ 70 (104) (167). الحديث: 1659 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 464 1660 - وعن المغيرة بن شعبة - رضي الله عنه - قال: سمعتُ رسُولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - يقولُ: «مَنْ نِيحَ عَلَيْهِ، فَإنَّهُ يُعَذَّبُ بِمَا نِيحَ عَلَيهِ يَومَ القِيَامَةِ». متفق عليه. (1)   (1) أخرجه: البخاري 2/ 102 (1291)، ومسلم 3/ 45 (933) (28). الحديث: 1660 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 465 1661 - وعن أُمِّ عَطِيَّةَ نُسَيْبَةَ - بِضَمِّ النون وفتحها - رضي الله عنها، قالت: أخَذَ عَلَيْنَا رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - عِندَ البَيْعَةِ أَنْ لاَ نَنُوحَ. متفق عليه. (1)   (1) أخرجه: البخاري 2/ 106 (1306)، ومسلم 3/ 46 (936) (31). الحديث: 1661 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 465 1662 - وعن النعمان بن بشير رضي الله عنهما، قال: أُغْمِيَ عَلَى عَبدِ اللهِ بْنِ رَوَاحَةَ - رضي الله عنه - فَجَعَلَتْ أُخْتُهُ تَبْكِي، وَتَقُولُ: وَاجَبَلاهُ، وَاكَذَا، وَاكَذَا: تُعَدِّدُ عَلَيْهِ. فقالَ حِينَ أفَاقَ: مَا قُلْتِ شَيْئًا إلاَّ قِيلَ لِي أنْتَ كَذَلِكَ؟!. رواه البخاري. (1)   (1) أخرجه: البخاري 5/ 183 (4267). الحديث: 1662 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 465 1663 - وعن ابن عمر رضي الله عنهما، قال: اشْتَكَى سَعْدُ بنُ عُبَادَةَ - رضي الله عنه - شَكْوَى، فَأتاهُ رسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم - يَعُودُهُ مَعَ عَبدِ الرَّحمانِ بْنِ عَوفٍ، وَسَعْدِ بن أبي وقَّاصٍ، وعبدِ اللهِ بن مسعودٍ - رضي الله عنهم. فَلَمَّا دَخَلَ عَلَيْهِ، وَجَدَهُ في غَشْيَةٍ (1) فَقالَ: «أقَضَى؟» قالوا: لا يا رسول اللهِ، فَبكَى رسولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - فَلَمَّا رَأى القَوْمُ بُكَاءَ النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم - بَكَوْا، قال: «ألاَ تَسْمَعُونَ؟ إنَّ اللهَ [ص: 466] لاَ يُعَذِّبُ بِدَمْعِ العَيْنِ، وَلاَ بِحُزْنِ القَلْبِ، وَلكِنْ يُعَذِّبُ بِهذَا - وَأشَارَ إلَى لِسَانِهِ - أو يَرْحَمُ». متفق عليه. (2)   (1) قال ابن حجر: «(في غاشية أهله) أي: الذين يغشونه للخدمة وغيرها، وسقط لفظ «أهله» من أكثر الروايات وعليه شرح الخطابي، فيجوز أن يكون المراد بالغاشية الغشية من الكرب ويؤيده ما وقع من رواية مسلم في غشيته، وقال التوربشتي: الغاشية هي الداهية من شر أو مرض أو من مكروه، والمراد ما يتغشاه من كرب من الوجع الذي هو فيه لا الموت لأنه أفاق من تلك المرضة وعاش بعدها زمانًا». فتح الباري 3/ 224. (2) انظر الحديث (925). الحديث: 1663 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 465 1664 - وعن أبي مالك الأشعري - رضي الله عنه - قال: قال رسولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم: «النَّائِحَةُ إذا لَمْ تَتُبْ قَبلَ مَوْتِهَا تُقَامُ يَومَ القِيَامَةِ وَعَلَيْهَا سِرْبَالٌ (1) مِنْ قَطِرَانٍ، وَدِرْعٌ (2) مِنْ جَرَبٍ». رواه مسلم. (3)   (1) السربال: القميص أو الثوب. النهاية 2/ 357. (2) الدرع: هو ما كان لاصقًا بالبدن. شرح رياض الصالحين 4/ 266. (3) أخرجه: مسلم 3/ 45 (934) (29). الحديث: 1664 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 466 1665 - وعن أَسِيد بن أبي أَسِيدٍ التابِعِيِّ، عن امْرَأةٍ مِنَ المُبَايِعاتِ، قالت: كان فِيما أخَذَ عَلَيْنَا رسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - فِي المَعْرُوفِ الَّذِي أخَذَ عَلَيْنَا أَنْ لاَ نَعْصِيَهُ فِيهِ: أَنْ لا نَخْمِشَ وَجْهًا، وَلاَ نَدْعُوَ وَيْلًا، وَلاَ نَشُقَّ جَيْبًا، وأنْ لاَ نَنْشُرَ شَعْرًا. رواه أبو داود بإسناد حسن. (1)   (1) أخرجه: أبو داود (3131). الحديث: 1665 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 466 1666 - وعن أبي موسى - رضي الله عنه: أنَّ رسُولَ الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «مَا مِنْ مَيِّتٍ يَمُوتُ فَيَقُومُ بَاكِيهِمْ فَيَقُولُ: وَاجَبَلاَهُ (1)، واسَيِّدَاهُ، أو نَحْوَ ذلِكَ إلاَّ وُكِّلَ بِهِ مَلَكَانِ يَلْهَزَانِهِ: أهكَذَا كُنْتَ؟». رواه الترمذي، (2) وقال: «حديث حسن». «اللَّهْزُ»: الدَّفْعُ بِجُمْعِ اليَدِ فِي الصَّدْرِ.   (1) أي: أن هذا الميت كان مثل الجبل، ملجأ لي وقد فقدته، فهو عبارة ندب مع مدح. شرح رياض الصالحين 2/ 267. (2) أخرجه: ابن ماجه (1594)، والترمذي (1003). وقال: «حديث حسن غريب». الحديث: 1666 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 466 1667 - وعن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: قال رسولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم: «اثْنَتَانِ فِي النَّاسِ هُمَا بِهِمْ كُفْرٌ: الطَّعْنُ فِي النَّسَبِ، وَالنِّيَاحَةُ عَلَى المَيِّتِ». (1) رواه مسلم. (2)   (1) قال الشيخ ابن عثيمين: «إنَّ البكاء الذي يأتي بمجرد الطبيعة لا بأس به، وأما النوح والندب ولطم الخد، وشق الثوب، ونتف الشعر، أو حلقه أو نفشه فكل هذا حرام وهو مما برئ منه النبي - صلى الله عليه وسلم - والله الموفق». شرح رياض الصالحين 4/ 267. (2) انظر الحديث (1578). الحديث: 1667 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 466 303 - باب النَّهي عن إتيان الكُهّان والمنجِّمين والعُرَّاف وأصحاب الرمل والطوارق بالحصى وبالشعير ونحو ذلك 1668 - عن عائشة رضي الله عنها، قالت: سأل رسُولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - أنَاسٌ عَنِ الكُهَّانِ، فَقَالَ: «لَيْسُوا بِشَيءٍ» فَقَالُوا: يا رَسُولَ اللهِ إنَّهُمْ يُحَدِّثُونَا أحْيَانًا بِشَيءٍ، فَيَكُونُ حَقًّا؟ فقالَ رسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم: «تِلْكَ الكَلِمَةُ مِنَ الحَقِّ يَخْطَفُهَا الجِنِّيُّ فَيَقُرُّهَا فِي أُذُنِ وَلِيِّهِ، فَيَخْلِطُونَ مَعَهَا مِائَةَ كَذْبَةٍ». متفق عليه. (1) وفي رواية للبخاري عن عائشة رضي الله عنها: أنَّها سمعتْ رسُولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - يقولُ: «إنَّ المَلائِكَةَ تَنْزِلُ فِي العَنَانِ - وَهُوَ السَّحَابُ - فَتَذْكُرُ الأَمْرَ قُضِيَ فِي السَّماءِ، فَيَسْتَرِقُ الشَّيْطَانُ السَّمْعَ، فَيَسْمَعُهُ، فَيُوحِيَهُ إلَى الكُهَّانِ، فَيَكْذِبُونَ مَعَهَا مِائَةَ كَذْبَةٍ مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِهِمْ». قَولُهُ: «فَيَقُرُّهَا» هو بفتح الياء وضم القاف والراء، أي: يُلْقِيها، «والعَنانِ» بفتح العين.   (1) أخرجه: البخاري 4/ 135 (3210)، ومسلم 7/ 36 (2228) (123). الحديث: 1668 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 467 1669 - وعن صَفِيَّةَ بِنتِ أبي عُبيدٍ، عن بعض أزواجِ النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم - ورَضِيَ اللهُ عنها، عن النَّبيّ - صلى الله عليه وسلم - قال: «مَنْ أَتَى عَرَّافًا (1) فَسَأَلَهُ عنْ شَيْءٍ فَصَدَّقَهُ، لَمْ تُقْبَلْ لَهُ صَلاَةٌ أرْبَعِينَ يَومًا». رواه مسلم. (2)   (1) أراد بالعَرّاف: المُنَجِّم أو الحازِيَ الذي يدَّعي عِلْمَ الغَيب وقد اسْتأثر الله تعالى به. (النهاية 3/ 442) (2) أخرجه: البخاري 7/ 37 (2230) (125). الحديث: 1669 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 467 1670 - وعَنْ قَبِيصَةَ بنِ المُخَارِقِ - رضي الله عنه - قال: سمعتُ رسُولَ الله - صلى الله عليه وسلم - يقولُ: «العِيَافَةُ، وَالطِّيَرَةُ، والطَّرْقُ، مِنَ الجِبْتِ». رواه أبو داود بإسناد حسن. (1) وقال: «الطَّرْقُ» هُوَ الزَّجْرُ: أيْ زَجْرُ الطَّيْرِ وَهُوَ أَنْ يَتَيَمَّنَ أو يَتَشَاءمَ بِطَيَرَانِهِ، فإنْ طَارَ إلَى جِهَةِ اليَمِين، تَيَمَّنَ، وإنْ طَارَ إلَى جِهَةِ اليَسَارِ، تَشَاءمَ. قال أبو داود: «والعِيَافَةُ»: الخَطُّ. قالَ الجَوْهَريُّ في الصِّحَاحِ (2): الجِبْتُ كَلِمَةٌ تَقَعُ عَلَى الصَّنَمِ وَالكاهِنِ والسَّاحِرِ وَنَحْوِ ذلِكَ.   (1) أخرجه: أحمد 3/ 477، وأبو داود (3907)، وهو حديث ضعيف. (2) الصحاح 1/ 245 (جبت). الحديث: 1670 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 467 1671 - وعن ابن عباس رضي الله عنهما، قال: قال رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم: «مَنِ اقْتَبَسَ عِلْمًا مِنَ النُّجُوم (1)، اقْتَبَسَ شُعْبَةً مِنَ السِّحْرِ زَادَ مَا زَادَ». رواه أبو داود بإسناد صحيح. (2)   (1) قال الخطابي في «معالم السنن» 4/ 212: «علم النجوم المنهي عنه هو ما يدعيه أهل التنجيم من علم الكوائن والحوادث التي لم تقع وستقع في مستقبل الزمان كإخبارهم بأوقات هبوب الرياح ومجيء المطر وظهور الحر والبرد وتغير الأسعار وما كان في معانيها من الأمور يزعمون أنهم يدركون معرفتها بسير الكواكب في مجاريها ... ، ثم قال: فأما علم النجوم الذي يدرك من طريق المشاهدة والحس الذي يعرف به الزوال ويعلم به جهة القبلة فإنه غير داخل فيما نهي عنه». (2) أخرجه: أبو داود (3905). وأخرجه: أحمد 1/ 227 و311، وعبد بن حميد (714)، وابن ماجه (3726). الحديث: 1671 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 468 1672 - وعن مُعاوِيَةَ بنِ الحَكَمِ - رضي الله عنه - قال: قلتُ: يا رسُولَ اللهِ إنِّي حديثُ عَهْدٍ بالجاهِليَّةِ، وَقَدْ جَاءَ اللهُ تَعَالَى بالإسْلاَمِ، وإنَّ مِنَّا رِجَالًا يَأتُونَ الكُهَّانَ؟ قال: «فَلاَ تأتِهِمْ» قُلْتُ: وَمِنَّا رِجَالٌ يَتَطَيَّرُونَ؟ قَالَ: «ذَلِكَ شَيْءٌ يَجِدُونَهُ فِي صُدُورِهِمْ، فَلاَ يَصُدُّهُمْ» قُلْتُ: وَمِنَّا رِجَالٌ يَخُطُّونَ؟ قَالَ: «كَانَ نَبِيٌّ مِنَ الأنْبِيَاءِ يَخُطُّ، فَمَنْ وَافَقَ خَطَّهُ، فَذَاكَ». رواه مسلم. (1)   (1) أخرجه: مسلم 7/ 35 (537) (121). الحديث: 1672 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 468 1673 - وعن أَبي مَسعودٍ البدريِّ - رضي الله عنه: أنَّ رسُولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - نَهَى عَنْ ثَمَنِ الكَلْبِ (1)، وَمَهْرِ البَغِيِّ (2)، وَحُلْوَانِ الكاهِنِ (3). متفق عَلَيْهِ. (4)   (1) قال الشيخ ابن عثيمين: «أما الكلب فمعروف واقتناؤه حرام، لا يجوز للإنسان أن يقتني الكلب، ويجعله عنده في بيته، سواء بيت الطين أو المسلح أو الشعر إلا في ثلاث حالات: 1 - كلب الحرث، يعني الزرع 2 - وكلب الماشية يعني: إنسان عنده غنم أو إبل أو بقر يتخذ الكلب ليحرسها. 3 - كلب الصيد يصيد عليه الإنسان؛ لأن الكلب إذا تعلم وصاد شيئًا فإنه حلال ... لكن إذا انتهى منه، أي: انتهت حاجة الكلب عنده، يعطيه أحدًا يحتاج له، ولا يحل له أن يبيعه؛ لأنَّ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - نهى عن ثمن الكلب». شرح رياض الصالحين 4/ 271 - 272. (2) يعني: أجرة الزانية، والعياذ بالله. (3) هو ما يعطاه من الأجر والرشوة على كهانته. النهاية 1/ 435. (4) أخرجه: البخاري 3/ 110 (2237)، ومسلم 5/ 35 (1567) (39). الحديث: 1673 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 468 304 - باب النهي عن التَّطَيُّرِ فِيهِ الأحاديث السابقة في الباب قبله (1).   (1) انظر الحديثين (1670) و (1672). الجزء: 1 ¦ الصفحة: 468 1674 - وعن أنس - رضي الله عنه - قَالَ: قَالَ رسولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم: «لاَ عَدْوَى وَلاَ طِيَرَةَ، وَيُعْجِبُني الفَألُ» قالُوا: وَمَا الفَألُ؟ قَالَ: «كَلِمَةٌ طَيِّبَةٌ». متفق عَلَيْهِ. (1)   (1) أخرجه: البخاري 7/ 180 (5776)، ومسلم 7/ 33 (2224) (112). الحديث: 1674 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 469 1675 - وعن ابن عمر رضي الله عنهما، قَالَ: قَالَ رسول الله - صلى الله عليه وسلم: «لا عَدْوَى وَلاَ طِيَرَةَ. وإنْ كَانَ الشُّؤمُ في شَيْءٍ فَفِي الدَّارِ، وَالمَرْأَةِ، والفَرَسِ (1)». متفق عَلَيْهِ. (2)   (1) قال ابن عثيمين: «المعنى أن هذه الثلاثة هي أكثر ما يكون مرافقة للإنسان المرأة زوجه، والدار بيته، والفرس مركوبه، وهذه الأشياء الثلاثة أحيانًا يكون فيها شؤم، أحيانًا تدخل المرأة على الإنسان يتزوجها ولا يجد إلا النكد والتعب منها، والدار يكون فيها شؤم يضيق صدره ولا يتسع ويمل منها، والفرس الآن ليس مركوبنا ولكن مركوبنا السيارات بعض السيارات يكون فيها شؤم تكثر حوادثها وخرابها ويسأم الإنسان منها ... » شرح رياض الصالحين 4/ 274. (2) أخرجه: البخاري 7/ 174 (5753)، ومسلم 7/ 34 (2225) (116). الحديث: 1675 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 469 1676 - وعن بُريْدَةَ - رضي الله عنه: أنَّ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - كَانَ لا يَتَطَيَّرُ. رواه أَبُو داود بإسناد صحيح. (1)   (1) أخرجه: أحمد 5/ 347، وأبو داود (3920). الحديث: 1676 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 469 1677 - وعن عُروة بن عامر - رضي الله عنه - قال: ذُكِرَتِ الطِّيَرَةُ عِنْدَ رَسولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - فقالَ: «أحْسَنُهَا الفَألُ. وَلاَ تَرُدُّ مُسْلِمًا فإذا رَأى أحَدُكُمْ ما يَكْرَهُ، فَليْقلْ: [ص: 454] اللَّهُمَّ لاَ يَأتِي بِالحَسَناتِ إلاَّ أنْتَ، وَلاَ يَدْفَعُ السَّيِّئَاتِ إلاَّ أنْتَ، وَلاَ حَوْلَ وَلاَ قُوَّةَ إلاَّ بِكَ» حديث صحيح رواه أبو داود بإسناد صحيح. (1)   (1) أخرجه: أبو داود (3919)، والبيهقي 8/ 139، وفي إسناده مقال. الحديث: 1677 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 469 305 - باب تحريم تصوير الحيوان في بساط أو حجر أو ثوب أو درهم أو مخدة أو دينار أو وسادة وغير ذلك وتحريم اتخاذ الصور في حائط وسقف وستر وعمامة وثوب ونحوها والأمر بإتلاف الصورة (1) 1678 - عن ابن عمر رضي الله عنهما: أنَّ رَسُولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - قال: «إنَّ الَّذينَ يَصْنَعُونَ هذِهِ الصُّوَرَ يُعَذَّبُونَ يَوْمَ القِيامَةِ، يُقَالُ لَهُمْ: أَحْيُوا مَا خَلَقْتُمْ». متفق عليه. (2)   (1) قال ابن عثيمين رحمه الله: «أما التصوير بالآلة الفوتغرافية: فليس بتصوير أصلًا حتى نقول إنه جائز، ونحن يجب علينا أن نتأمل أولًا بدلالة النص، ثم في الحكم الذي يقتضيه النص وإذا تأملنا وجدنا أن هذا ليس بتصوير، ولا يدخل في النهي، ولا في اللعن؛ ولكن يبقى مباحًا ثم ينظر في الغرض الذي من أجله يصور إن كان غرضًا مباحًا فالتصوير مباح، وإن كان غرضًا محرمًا فهو محرم، والله الموفق». شرح رياض الصالحين 4/ 278. (2) أخرجه: البخاري 7/ 215 (5951)، ومسلم 6/ 160 (2108) (97). الحديث: 1678 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 469 1679 - وعن عائشة رضي الله عنها، قالت: قَدِمَ رسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم - مِنْ سَفَرٍ، وَقَدْ سَتَرْتُ سَهْوَةً لِي بِقِرامٍ فِيهِ تَمَاثيلُ، فَلَمَّا رَآهُ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - تَلَوَّنَ وَجْهُهُ، وقالَ: «يَا عائِشَةُ، أشَدُّ النَّاسِ عَذَابًا عِندَ اللهِ يَوْمَ القِيَامَةِ الَّذينَ يُضَاهُونَ بِخَلْقِ اللهِ!» قَالَتْ: فَقَطَعْنَاهُ فَجَعَلْنَا مِنهُ وِسَادَةً أوْ وِسَادَتَيْنِ. متفق عليه. (1) «القِرامُ» بكسرِ القاف هو: السِّتْرُ. «وَالسَّهْوَةُ» بفتح السينِ المهملة، وهي: الصُّفَّةُ تَكُونُ بَيْنَ يَدَيِ البَيْتِ، وقيلَ: هِيَ الطَّاقُ النَّافِذُ في الحائِطِ.   (1) انظر الحديث (649). الحديث: 1679 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 470 1680 - وعن ابن عباس رضي اللهُ عنهما، قال: سمعتُ رسولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - يقولُ: «كُلُّ مُصَوِّرٍ فِي النَّارِ، يُجْعَلُ لَهُ بِكُلِّ صُورَةٍ صَوَّرَهَا نَفْسٌ فَيُعَذِّبُهُ في جَهَنَّمَ». قال ابن عباس: فإنْ كُنْتَ لاَ بُدَّ فَاعِلًا، فَاصْنعِ الشَّجَرَ وَمَا لاَ رُوحَ فِيهِ. متفق عليه. (1)   (1) أخرجه: البخاري 3/ 108 (2225)، ومسلم 6/ 161 (2110) (99). الحديث: 1680 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 470 1681 - وعنه، قال: سمعتُ رسولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - يقول: «مَنْ صَوَّرَ صُورَةً فِي الدُّنْيَا، كُلِّفَ أَنْ يَنْفُخَ فِيهَا الرُّوحَ يَومَ القِيَامَةِ وَلَيْسَ بِنَافِخٍ». متفق عليه. (1)   (1) أخرجه: البخاري 9/ 54 (7042)، ومسلم 6/ 162 (2110) (100). الحديث: 1681 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 470 1682 - وعن ابن مسعودٍ - رضي الله عنه - قال: سمعتُ رسولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - يقولُ: «إنَّ أشَدَّ النَّاسِ عَذَابًا يَومَ القِيَامَةِ المُصَوِّرُونَ». متفق عليه. (1)   (1) أخرجه: البخاري 7/ 215 (5950)، ومسلم 6/ 161 (2109) (98). الحديث: 1682 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 470 1683 - وعن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: سمعتُ رسُولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - يقولُ: «قال اللهُ تَعَالَى: وَمَنْ أظْلَمُ مِمَّنْ ذَهَبَ يَخْلُقُ كَخَلْقِي؟ فَلْيَخْلُقُوا ذَرَّةً أوْ لِيَخْلُقُوا حَبَّةً، أوْ لِيَخْلُقُوا شَعِيرَةً». متفق عليه. (1)   (1) أخرجه: البخاري 7/ 215 (5953)، ومسلم 6/ 162 (2111) (101). الحديث: 1683 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 470 1684 - وعن أبي طلحة - رضي الله عنه: أنَّ رسُولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - قال: «لاَ تَدْخُلُ المَلاَئِكَةُ بَيْتًا فيهِ كَلْبٌ وَلاَ صُورَةٌ». متفق عليه. (1)   (1) أخرجه: البخاري 4/ 138 (3225)، ومسلم 6/ 156 (2106) (83). الحديث: 1684 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 471 1685 - وعن ابن عمر رضي الله عنهما، قال: وَعَدَ رسُولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - جِبْرِيلُ أَنْ يَأتِيَهُ، فَرَاثَ عَلَيْهِ حَتَّى اشْتَدَّ عَلَى رَسُولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - فَخَرَجَ فَلَقِيَهُ جِبريلُ فَشَكَا إلَيهِ، فَقَالَ: إنَّا لاَ نَدْخُلُ بَيْتًا فِيهِ كَلْبٌ وَلاَ صُورَةٌ. رواهُ البُخاري. (1) «راث»: أبْطَأَ، وهو بالثاء المثلثة.   (1) أخرجه: البخاري 7/ 216 (2960). الحديث: 1685 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 471 1686 - وعن عائشة رضي الله عنها، قالت: واعدَ رسولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - جبريلُ عليهِ السَّلامُ، في سَاعَةٍ أَنْ يَأتِيَهُ، فَجَاءتْ تِلْكَ السَّاعَةُ وَلَمْ يَأتِهِ! قَالَتْ: وَكَانَ بِيَدِهِ عَصًا، فَطَرَحَهَا مِنْ يَدِهِ وَهُوَ يَقُولُ: «مَا يُخْلِفُ اللهُ وَعْدَهُ وَلاَ رُسُلُهُ» ثُمَّ التَفَتَ، فإذَا جَرْوُ كَلْبٍ تَحْتَ سَرِيرِهِ. فقالَ: «مَتَى دَخَلَ هَذَا الكَلْبُ؟» فَقُلْتُ: واللهِ مَا دَرَيْتُ بِهِ، فَأمَرَ بِهِ فَأُخْرِجَ، فَجَاءهُ جِبْرِيلُ - عليه السلام - فقال رسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم: «وَعَدْتَنِي، فَجَلَسْتُ لَكَ وَلَمْ تَأتِني» فقالَ: مَنَعَنِي الكَلْبُ الَّذِي كانَ فِي بَيْتِكَ، إنَّا لاَ نَدْخُلُ بَيْتًا فِيهِ كَلْبٌ وَلاَ صُورَةٌ. رواه مسلم. (1)   (1) أخرجه: مسلم 6/ 155 (2104) (81). الحديث: 1686 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 471 1687 - وعن أبي الهَيَّاجِ حَيَّانَ بِن حُصَيْنٍ، قال: قال لي عَليُّ بن أبي طالب - رضي الله عنه: ألاَ أبْعَثُكَ عَلَى مَا بَعَثَنِي عَلَيْهِ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم؟ أن لاَ تَدَعَ صُورَةً إلاَّ طَمَسْتَهَا، وَلاَ قَبْرًا (1) مُشْرفًا إلاَّ سَوَّيْتَهُ. رواه مسلم. (2)   (1) قال ابن عثيمين: «القبر المشرف يعني المتميز عن القبور، سواء كان بارتفاعه أو ارتفاع النصائب التي عليه، يعني الأحجار التي عليه. ولهذا يجب الحذر مما يفعله بعض الناس الآن يصبون صبة، وربما كتبوا عليها آيات من القرآن أو ما أشبه ذلك. هذه لا يجوز إقرارها؛ لأنها من القبور المشرفة ومن رآها جزاه الله خيرًا فليحفر لها وينزلها ويجعل الكتابة في الأسفل حتى تندفن بالتراب؛ لأن القبور المشرفة هذه ربما يغالى بها في المستقبل، بل تكون القبور كلها على وتيرة واحدة ليس فيها شئ يدل على التعظيم ... ». شرح رياض الصالحين 4/ 281. (2) أخرجه: مسلم 3/ 61 (969) (93). الحديث: 1687 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 471 306 - باب تحريم اتخاذ الكلب إلا لصيد أو ماشية أو زرع 1688 - عن ابن عمر رضي الله عنهما، قال: سمعتُ رسُولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - يقولُ: «مَنِ اقْتَنَى كَلْبًا إلاَّ كَلْبَ صَيْدٍ أوْ مَاشِيَةٍ فَإنَّهُ يَنْقُصُ مِنْ أجْرِهِ كُلَّ يَومٍ قِيرَاطَانِ». متفق عليه. (1) وفي رواية: «قِيرَاطٌ».   (1) أخرجه: البخاري 8/ 112 (5481)، ومسلم 5/ 37 (1574) (51) و (53). الحديث: 1688 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 472 1689 - وعن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: قال رسولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم: «مَنْ أمْسَكَ كَلْبًا، فَإنَّهُ ينْقُصُ مِنْ عَمَلِهِ كُلَّ يَومٍ قِيرَاطٌ إلاَّ كَلْبَ حَرْثٍ أوْ مَاشِيَةٍ». متفق عليه. (1) وفي رواية لمسلم: «مَنْ اقْتَنَى كَلْبًا لَيْسَ بِكَلْبِ صَيْدٍ، وَلاَ مَاشِيَةٍ وَلاَ أرْضٍ، فَإنَّهُ يَنْقُصُ مِنْ أجْرِهِ قِيرَاطَانِ كُلَّ يَوْمٍ».   (1) أخرجه: البخاري 3/ 135 (2322)، ومسلم 5/ 38 (1575) (57) و (59). الحديث: 1689 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 472 307 - باب كراهية تعليق الجرس في البعير وغيره من الدواب وكراهية استصحاب الكلب والجرس في السفر 1690 - عن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: قالَ رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم: «لاَ تَصْحَبُ المَلاَئِكَةُ رُفْقَةً فِيهَا كَلْبٌ أوْ جَرَسٌ». رواه مسلم. (1)   (1) أخرجه: مسلم 6/ 162 (2113) (103). الحديث: 1690 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 472 1691 - وعنه: أنَّ النَّبيَّ - صلى الله عليه وسلم - قال: «الجَرَسُ مَزَامِيرُ الشَّيْطَانِ». رواه مسلم. (1)   (1) أخرجه: مسلم 6/ 163 (2114) (104)، وأبو داود (2556). الحديث: 1691 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 472 308 - باب كراهة ركوب الجَلاَّلة، وهي البعير أو الناقة التي تأكل العَذِرَة، فإنْ أكلت علفًا طاهرًا فطاب لَحمُهَا، زالت الكراهة 1692 - وعن ابن عمر رضي الله عنهما، قال: نهَى رسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - عَنِ الجَلاَّلَةِ في الإبِلِ أَنْ يُرْكَبَ عَلَيْهَا. رواه أبو داود بإسناد صحيح. (1)   (1) أخرجه: أبو داود (2558). الحديث: 1692 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 472 309 - باب النهي عن البصاق في المسجد والأمر بإزالته منه إذا وجد فيه، والأمر بتنزيه المسجد عن الأقذار 1693 - عن أنس - رضي الله عنه: أنَّ رسولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - قال: «البُصاقُ في المَسْجِدِ خَطِيئَةٌ، وَكَفَّارَتُهَا دَفْنُهَا». متفق عليه. (1) [ص: 473] والمرادُ بِدَفْنِهَا إذَا كَانَ المَسْجِدُ تُرَابًا أوْ رَمْلًا ونَحْوَهُ، فَيُوَارِيهَا تَحْتَ تُرَابِهِ. قالَ أبُو المحاسِنِ الرُّويَانِي (2) مِنْ أصحابِنا في كِتَابِهِ «البحر» وقِيلَ: المُرَادُ بِدَفْنِهَا إخْراجُهَا مِنَ المَسْجِدِ، أمَّا إِذَا كَانَ المَسْجِدُ مُبَلَّطًا أَوْ مُجَصَّصًا، فَدَلَكَهَا عَلَيْهِ بِمَدَاسِهِ أَوْ بِغَيْرِهِ كَمَا يَفْعَلُهُ كَثيرٌ مِنَ الجُهَّالِ، فَلَيْسَ ذَلِكَ بِدَفْنٍ، بَلْ زِيَادَةٌ فِي الخَطِيئَةِ وَتَكْثِيرٌ لِلقَذَرِ في المَسْجِدِ، وَعَلَى مَنْ فَعَلَ ذَلِكَ أَنْ يَمْسَحَهُ بَعْدَ ذَلِكَ بِثَوْبِهِ أَوْ بِيَدِهِ أَوْ غَيرِهِ أَوْ يَغْسِلَهُ.   (1) أخرجه: البخاري 1/ 113 (415)، ومسلم 2/ 77 (552) (55). (2) هو عبد الواحد بن إسماعيل بن أحمد الطبري الشافعي الروياني، كان من رؤوس الأئمة الأفاضل، وُلد سنة 415 هـ‍وتوفي شهيدًا سنة 502 هـ، له الكثير من المصنفات منها «البحر في المذهب» وهو من أطول كتب الشافعية وكتاب «مناصيص الشافعي»، وكتاب «حلية المؤمن»، وكان رحمه الله يقول: «لو احترقت كتب الشافعي لأمليتها من حفظي». انظر: الأنساب 2/ 334، وسير أعلام النبلاء 19/ 260 - 262. الحديث: 1693 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 472 1694 - وعن عائشة رَضِيَ اللهُ عنها: أنَّ رسولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - رَأَى في جِدَارِ القِبْلَةِ مُخَاطًا، أَوْ بُزَاقًا، أَوْ نُخَامَةً، فَحَكَّهُ. متفق عَلَيْهِ. (1)   (1) أخرجه: البخاري 1/ 112 (407)، ومسلم 2/ 76 (549). الحديث: 1694 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 473 1695 - وعن أنس - رضي الله عنه: أنَّ رسولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: «إنَّ هذِهِ المَسَاجِدَ لاَ تَصْلُحُ لِشَيءٍ مِنْ هَذَا البَوْلِ وَلاَ القَذَرِ، إنَّمَا هِيَ لِذِكْرِ اللهِ تَعَالَى، وَقِرَاءَةِ القُرْآنِ» أَوْ كَمَا قَالَ رسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم. رواه مسلم. (1)   (1) أخرجه: مسلم 1/ 163 (285) (100). الحديث: 1695 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 473 310 - باب كراهة الخصومة في المسجد ورفع الصوت فِيهِ ونشد الضالة والبيع والشراء والإجارة ونحوها من المعاملات 1696 - وعن أَبي هريرة - رضي الله عنه: أنَّه سمعَ رسُولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - يقولُ: «مَنْ سَمِعَ رَجُلًا يَنْشُدُ ضَالَّةً (1) في المَسْجِدِ فَلْيَقُلْ: لاَ رَدَّها اللهُ عَلَيْكَ، فإنَّ المَسَاجِدَ لَمْ تُبْنَ لِهذَا». رواه مسلم. (2)   (1) يقال: نشدت الضالة إذا طلبتها، وأنشدتها إذا عرفتها، والضالة هي الضائعة من كل ما يقتنى من الحيوان وغيره. انظر: شرح صحيح مسلم للمصنف 3/ 47 - 48. (2) أخرجه: مسلم 2/ 82 (568) (79). الحديث: 1696 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 473 1697 - وعنه: أنَّ رسولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: «إِذَا رَأيْتُمْ مَنْ يَبِيعُ أَوْ يَبْتَاعُ في المَسْجِدِ، [ص: 474] فَقُولُوا: لا أرْبَحَ اللهُ تِجَارَتَكَ، وَإِذَا رَأَيْتُمْ مَنْ يَنْشُدُ ضَالَّةً فَقُولُوا: لاَ رَدَّهَا اللهُ عَلَيْكَ». رواه الترمذي، (1) وقال: «حديث حسن».   (1) أخرجه: الترمذي (1321)، وقال: «حديث حسن غريب». الحديث: 1697 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 473 1698 - وعن بُريَدَةَ - رضي الله عنه: أنَّ رَجُلًا نَشَدَ فِي المَسْجِدِ فَقَالَ: مَنْ دَعَا إِلَى الجَمَلِ الأَحْمَرِ؟ فَقَالَ رسولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم: «لاَ وَجَدْتَ؛ إنَّمَا بُنِيَتِ المَسَاجِدُ لِمَا بُنِيَتْ لَهُ». رواه مسلم. (1)   (1) أخرجه: مسلم 2/ 82 (569) (80). الحديث: 1698 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 474 1699 - وعن عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جدِّهِ - رضي الله عنه: أنَّ رسولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - نَهَى عَن الشِّراءِ والبَيْعِ في المَسْجِدِ، وَأنْ تُنْشَدَ فِيهِ ضَالَّةٌ؛ أَوْ يُنْشَدَ فِيهِ شِعْرٌ. رواه أَبُو داود والترمذي، (1) وقال: «حديث حسن».   (1) أخرجه: أبو داود (1079)، والترمذي (322). الحديث: 1699 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 474 1700 - وعن السائبِ بن يزيد الصحابي - رضي الله عنه - قَالَ: كُنْتُ في المَسْجِدِ فَحَصَبَنِي (1) رَجُلٌ، فَنَظَرْتُ فَإذَا عُمَرُ بْنُ الخَطَّابِ - رضي الله عنه - فَقَالَ: اذْهَبْ فَأتِنِي بِهذَينِ، فَجِئْتُهُ بِهِمَا، فَقَالَ: مِنْ أيْنَ أَنْتُمَا؟ فَقَالاَ: مِنْ أهْلِ الطَّائِفِ، فَقَالَ: لَوْ كُنْتُمَا مِنْ أهْلِ البَلَدِ، لأَوْجَعْتُكُمَا، تَرْفَعَانِ أصْوَاتَكُمَا في مَسْجِدِ رَسُولِ الله - صلى الله عليه وسلم! رواه البخاري. (2)   (1) أي: رماني بالحصباء. فتح الباري 1/ 725. (2) أخرجه: البخاري 1/ 127 (470). الحديث: 1700 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 474 311 - باب نهي من أكل ثومًا أَوْ بصلًا أَوْ كراثًا أَوْ غيره مِمَّا لَهُ رائحة كريهة عن دخول المسجد قبل زوال رائحته إِلاَّ لضرورة 1701 - عن ابن عمر رضي الله عنهما: أنَّ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: «مَنْ أكَلَ مِنْ هذِهِ الشَّجَرَةِ - يعني: الثُّومَ - فَلاَ يَقْرَبَنَّ مَسْجِدَنَا». متفق عَلَيْهِ. (1) وفي روايةٍ لمسلم: «مساجدنا».   (1) أخرجه: البخاري 1/ 216 (853)، ومسلم 2/ 79 (561) و (68) و (69). الحديث: 1701 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 474 1702 - وعن أنس - رضي الله عنه - قَالَ: قَالَ النَّبيُّ - صلى الله عليه وسلم: «مَنْ أَكَلَ مِنْ هذِهِ الشَّجَرَةِ فَلاَ يَقْرَبَنَّ، وَلاَ يُصَلِّيَنَّ مَعَنَا». متفق عَلَيْهِ. (1)   (1) أخرجه: البخاري 1/ 217 (856)، ومسلم 2/ 79 (562) (70). الحديث: 1702 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 474 1703 - وعن جابر - رضي الله عنه - قَالَ: قَالَ النبيُّ - صلى الله عليه وسلم: «مَنْ أكَلَ ثُومًا أَوْ بَصَلًا فَلْيَعْتَزلنا، أو فَلْيَعْتَزِلْ مَسْجِدَنَا». متفق عَلَيْهِ. (1) وفي روايةٍ لمسلم: «مَنْ أكَلَ البَصَلَ، والثُّومَ، والكُرَّاثَ، فَلاَ يَقْرَبَنَّ مَسْجِدَنَا، فَإنَّ المَلاَئِكَةَ تَتَأَذَّى مِمَّا يَتَأَذَّى مِنْهُ بَنُو آدَمَ».   (1) أخرجه: البخاري 1/ 216 (855)، ومسلم 2/ 80 (564) (73) و (74). الحديث: 1703 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 475 1704 - وعن عمر بن الخطاب - رضي الله عنه: أنَّه خَطَبَ يومَ الجُمُعَةِ فَقَالَ في خطبته: ثُمَّ إنَّكُمْ أَيُّهَا النَّاسُ تَأكُلُونَ شَجَرتَيْنِ مَا أرَاهُمَا إِلاَّ خَبِيثَتَيْن: البَصَلَ، وَالثُّومَ. لَقَدْ رَأَيْتُ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - إِذَا وَجدَ ريحَهُمَا مِنَ الرَّجُلِ في المَسْجِدِ أَمَرَ بِهِ، فَأُخْرِجَ إِلَى البَقِيعِ، فَمَنْ أكَلَهُمَا، فَلْيُمِتْهُمَا طَبْخًا (1). رواه مسلم. (2)   (1) قال ابن عثيمين رحمه الله: «إنَّ البصل والثوم ليسا حرامًا، يجوز للإنسان أن يأكلها، لكن إذا أكلها فلا يدخل المسجد ولا يصلي مع جماعة، ولا يحضر درس علم؛ لأن الملائكة تتأذى منه برائحته الخبيثة». شرح رياض الصالحين 4/ 291 - 292. (2) أخرجه: مسلم 2/ 81 (567) (78). الحديث: 1704 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 475 312 - باب كراهة الاحتباء يوم الجمعة والإمام يخطب لأنَّه يجلب النوم فيفوت استماع الخطبة ويخاف انتقاض الوضوء 1705 - عن مُعاذِ بن أنس الجُهَنِيِّ - رضي الله عنه: أنَّ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - نَهَى عَنِ الحِبْوَةِ (1) يَومَ الجُمعَةِ وَالإمَامُ يَخْطُبُ. رواه أَبُو داود والترمذي، (2) وقالا: «حديث حسن».   (1) الاحتباء هو أَنْ يضم الإنسان رجليه إلى بطنه بثوب يجمعهما به مع ظهره، ويشده عليها، ونهى عنها لأنَّ الاحتباء يجلب النوم فلا يسمع الخطبة، ويعرض طهارته للانتقاض. النهاية 1/ 335 - 336. (2) أخرجه: أبو داود (1110)، والترمذي (514). الحديث: 1705 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 475 313 - باب نهي من دخل عَلَيْهِ عشر ذي الحجة وأراد أَنْ يضحي عن أخذ شيء من شعره أَوْ أظفاره حَتَّى يضحّي 1706 - عن أُمِّ سَلَمَةَ رَضِيَ اللهُ عنها، قالت: قَالَ رسولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم: «مَنْ كَانَ لَهُ ذِبْحٌ يَذْبَحُهُ، فَإذَا أَهَلَّ هِلاَلُ ذِي الحِجَّةِ، فَلاَ يَأخُذَنَّ من شَعْرِهِ وَلاَ مِنْ أظْفَارِهِ شَيْئًا حَتَّى يُضَحِّيَ». رواه مسلم. (1)   (1) أخرجه: مسلم 6/ 83 (1977) (42). الحديث: 1706 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 475 314 - باب النهي عن الحلف (1) بمخلوق كالنبي والكعبة والملائكة والسماء والآباء والحياة والروح والرأس وحياة السلطان ونعمة السلطان وتربة فلان والأمانة، وهي من أشدها نهيًا 1707 - عن ابن عمر رضي الله عنهما، عن النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: «إنَّ الله تَعَالَى يَنْهَاكُمْ أَنْ تَحْلِفُوا بِآبائِكُمْ، فَمَنْ كَانَ حَالِفًا، فَلْيَحْلِفْ بِاللهِ، أَوْ لِيَصْمُتْ». متفق عَلَيْهِ. (2) وفي رواية في الصحيح: «فَمَنْ كَانَ حَالِفًا فَلاَ يَحْلِفْ إِلاَّ بِاللهِ، أَوْ لِيَسْكُتْ».   (1) «الحلف معناه: تأكيد الشيء بذكر معظم، والإنسان لا يحلف بشيء إلا لأنه عظم في نفسه فكأنه يقول: بقدر عظمة هذا المحلوف به إني صادق، ولهذا كان الحلف بالله عزوجل». قاله ابن عثيمين رحمه الله في شرح رياض الصالحين 4/ 294. (2) أخرجه: البخاري 8/ 33 (6108)، ومسلم 5/ 80 (1646 م) (3) و (4). الحديث: 1707 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 476 1708 - وعن عبد الرحمن بن سَمُرَةَ - رضي الله عنه - قَالَ: قَالَ رسولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم: «لاَ تَحْلِفُوا بِالطَّوَاغِي، وَلاَ بِآبَائِكُمْ». رواه مسلم. (1) «الطَّواغِي»: جَمْعُ طَاغِيَةٍ، وهِيَ الأصنَامُ. وَمِنْهُ الحَدِيثُ: «هذِهِ طَاغِيَةُ دَوْسٍ» (2) أيْ: صَنَمُهُمْ وَمَعْبُودُهُمْ. وَرُوِيَ في غير مسلم: «بِالطَّوَاغِيتِ» جَمعُ طَاغُوت، وَهُوَ الشَّيْطَانُ وَالصَّنَمُ.   (1) أخرجه: مسلم 5/ 82 (1648) (6)، والنسائي 7/ 7 وفي «الكبرى»، له (4697). (2) لم أقف عليه بهذا اللفظ، لكن ورد في البخاري 9/ 73 (7116) ذكر طاغية دوس. الحديث: 1708 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 476 1709 - وعن بُريدَةَ - رضي الله عنه: أنَّ رسولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: «مَنْ حَلَفَ بِالأمَانَةِ فَلَيْسَ مِنَّا» حديث صحيح، رواه أَبُو داود بإسناد صحيح. (1)   (1) أخرجه: أبو داود (3253). الحديث: 1709 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 476 1710 - وعنه، قَالَ: قَالَ رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم: «مَنْ حَلَفَ فَقَالَ: إنِّي بَرِيءٌ مِنَ الإسْلاَمِ، فَإنْ كَانَ كَاذِبًا، فَهُوَ كمَا قَالَ، وإنْ كَانَ صَادِقًا، فَلَنْ يَرْجِعَ إِلَى الإسْلاَمِ سَالِمًا» (1). رواه أَبُو داود (2).   (1) قال الخطابي: «فيه دليل على أنَّ من حلف بالبراءة من الإسلام إنه يأثم ولا يلزمه الكفارة، وذلك لأنه إنما جعل عقوبتها في دينه ولم يجعل في ماله شيئًا». معالم السنن 4/ 43. (2) أخرجه: أبو داود (3258)، وابن ماجه (2100)، والنسائي 7/ 6. الحديث: 1710 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 476 1711 - وعن ابن عمر رضي الله عنهما: أنَّهُ سَمِعَ رَجُلًا يقُولُ: لاَ وَالكَعْبَةِ، فَقَالَ ابنُ عُمَرَ: لاَ تَحْلِفْ بَغَيْرِ اللهِ، فَإنِّي سَمِعْتُ رسولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - يقولُ: «مَنْ حَلَفَ بِغَيرِ اللهِ، فقد كَفَرَ أَوْ أشْرَكَ». رواه الترمذي، (1) وقال: «حديث حسن». وفَسَّرَ بَعْضُ العُلَمَاءِ قولَهُ: «كفَرَ أَوْ أشْرَكَ» عَلَى التَّغْلِيظِ، كما روي أنَّ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: «الرِّياءُ شِرْكٌ» (2).   (1) أخرجه: أبو داود (3251)، والترمذي (1535). (2) أخرجه: ابن ماجه (3989)، والحاكم 4/ 328 من حديث معاذ بن جبل. الحديث: 1711 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 477 315 - باب تغليظ اليمين الكاذبة عمدًا 1712 - عن ابن مسعودٍ - رضي الله عنه: أنَّ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: «مَنْ حَلَفَ عَلَى مَالِ امْرِئٍ مُسْلِمٍ بِغَيرِ حَقِّهِ، لَقِيَ اللهَ وَهُوَ عَلَيْهِ غَضْبَانُ» قَالَ: ثُمَّ قَرَأَ عَلَيْنَا رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - مِصْدَاقَهُ مِنْ كِتَابِ الله - عز وجل: {إنَّ الَّذِينَ يَشْتَرُونَ بِعَهْدِ اللهِ وَأَيْمَانِهِمْ ثَمَنًا قَلِيلًا} إِلَى آخِرِ الآيَةِ [آل عمران: 77]. متفق عَلَيْهِ. (1)   (1) أخرجه: البخاري 3/ 145 (2356) و (2357)، ومسلم 1/ 86 (138) (222). الحديث: 1712 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 477 1713 - وعن أَبي أُمَامَة إياس بن ثعلبة الحارثي - رضي الله عنه: أنَّ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: «مَنِ اقْتَطَعَ حَقَّ امْرِىءٍ مُسْلِمٍ بِيَمِينِهِ، فَقَدْ أَوْجَبَ اللهُ لَهُ النَّارَ. وَحَرَّمَ عَلَيْهِ الجَنَّةَ» فَقَالَ لَهُ رَجُلٌ: وَإنْ كَانَ شَيْئًا يَسِيرًا يَا رسولَ اللهِ؟ قَالَ: «وإنْ كَانَ قَضِيبًا مِنْ أرَاكٍ». رواه مسلم. (1)   (1) انظر الحديث (214). الحديث: 1713 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 477 1714 - وعن عبد اللهِ بن عمرو بن العاصِ رضي الله عنهما، عن النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: «الكَبَائِرُ: الإشْرَاكُ بِاللهِ، وَعُقُوقُ الوَالِدَيْنِ، وَقَتْلُ النَّفْسِ، واليَمِينُ الغَمُوسُ». رواه البخاري. (1) وفي روايةٍ لَهُ: أنَّ أعْرابِيًا جَاءَ إِلَى النبيّ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ: يا رسولَ اللهِ مَا الكَبَائِرُ؟ قَالَ: «الإشْرَاكُ بِاللهِ» قَالَ: ثُمَّ مَاذا؟ قَالَ: «اليَمِينُ الغَمُوسُ» قلتُ: وَمَا اليَمِينُ الغَمُوسُ؟ قَالَ: «الَّذِي يَقْتَطِعُ مَالَ امْرِئٍ مُسْلِمٍ!» يعني بِيَمِينٍ هُوَ فِيهَا كَاذِبٌ.   (1) أخرجه: البخاري 8/ 171 (6675) و9/ 17 (6920)، وانظر الحديث (337). الحديث: 1714 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 477 316 - باب ندب من حلف عَلَى يَمينٍ فرأى غيرها خيرًا مِنْهَا أَنْ يفعل ذَلِكَ المحلوف عَلَيْهِ ثُمَّ يُكَفِّر عن يمينه 1715 - عن عبد الرحمان بن سَمُرَةَ - رضي الله عنه - قَالَ: قَالَ لي رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم: «وَإِذَا حَلَفْتَ عَلَى يَمِينٍ، فَرَأيْتَ غَيْرَهَا خَيْرًا مِنْهَا، فَأتِ الَّذِي هُوَ خَيرٌ وَكَفِّرْ عَنْ يَمِينِكَ». متفق عَلَيْهِ. (1)   (1) أخرجه: البخاري 8/ 183 (6722)، ومسلم 5/ 86 (1652) (19). الحديث: 1715 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 478 1716 - وعن أَبي هريرة - رضي الله عنه: أنَّ رسولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: «مَنْ حَلَفَ عَلَى يَمينٍ، فَرَأى غَيْرَهَا خَيْرًا مِنْهَا، فَلْيُكَفِّرْ عَنْ يَمِينِهِ، وَلْيَفْعَلِ الَّذِي هُوَ خَيْرٌ». رواه مسلم. (1)   (1) أخرجه: مسلم 5/ 85 (1650) (13) و (14). الحديث: 1716 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 478 1717 - وعن أَبي موسى - رضي الله عنه: أنَّ رسولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: «إنِّي وَاللهِ إنْ شاءَ اللهُ لاَ أحْلِفُ عَلَى يَمِينٍ، ثُمَّ أَرَى خَيرًا مِنْهَا إِلاَّ كَفَّرْتُ عَنْ يَمِينِي، وَأَتَيْتُ الَّذِي هُوَ خَيْرٌ». متفق عَلَيْهِ. (1)   (1) أخرجه: البخاري 4/ 109 (3133)، ومسلم 5/ 82 (1649) (7). الحديث: 1717 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 478 1718 - وعن أَبي هريرة - رضي الله عنه - قَالَ: قَالَ رسولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم: «لأَنْ يَلَجَّ أَحَدُكُمْ في يَمِينِهِ في أهْلِهِ آثَمُ لَهُ عِنْدَ اللهِ تَعَالَى مِنْ أَنْ يُعْطِي كَفَّارَتَهُ الَّتي فَرَضَ اللهُ عَلَيْهِ» (1). متفق عَلَيْهِ. (2) قَوْلهُ: «يَلَجّ» بفتح اللام وتشديد الجيم أيْ: يَتَمَادَى فِيهَا، وَلاَ يُكَفِّرُ، وَقَولُهُ: «آثَمُ» هُوَ بالثاء المثلثة، أيْ: أَكْثَرُ إثْمًا.   (1) قال البيضاوي: «المراد أنَّ الرجل إذا حلف على شيء يتعلق بأهله وأصر عليه كان أدخل في الوزر وأفضى إلى الإثم من الحنث؛ لأنَّه جعل الله عرضة ليمينه وقد نهي عن ذلك» نقله ابن حجر في فتح الباري 11/ 633. (2) أخرجه: البخاري 8/ 160 (6625)، ومسلم 5/ 88 (1655) (26). الحديث: 1718 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 478 317 - باب العفو عن لغو اليمين وأنَّه لا كفارة فِيهِ، وَهُوَ مَا يجري عَلَى اللسان بغير قصد اليمين كقوله عَلَى العادة: لا والله، وبلى والله، ونحو ذَلِكَ قَالَ الله تَعَالَى: {لاَ يُؤاخِذُكُمُ اللهُ بِاللَّغْوِ في أَيْمَانِكُمْ وَلكِنْ يُؤاخِذُكُمْ بِمَا عَقَّدْتُمُ الأيمَانَ فَكَفَّارَتُهُ إطْعَامُ عَشَرَةِ مَسَاكِينَ مِنْ أوْسَطِ مَا تُطْعِمُونَ أهْلِيكُمْ أَوْ كِسْوَتُهُمْ أَوْ تَحْرِيرُ رَقَبَةٍ فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلاَثَةِ أَيَّامٍ ذَلِكَ كَفَّارَةُ أَيْمَانِكُمْ إِذَا حَلَفْتُمْ وَاحْفَظُوا أيْمَانَكُمْ} [المائدة: 89]. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 478 1719 - وعن عائشة رَضِيَ اللهُ عنها، قالت: أُنْزِلَتْ هذِهِ الآية: {لاَ يُؤاخِذُكُمُ اللهُ بِاللَّغْوِ في أَيْمَانِكُمْ} في قَوْلِ الرَّجُلِ: لا واللهِ، وَبَلَى واللهِ. رواه البخاري. (1)   (1) أخرجه: البخاري 6/ 66 (4613). الحديث: 1719 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 479 318 - باب كراهة الحلف في البيع وإنْ كان صادقًا 1720 - عن أبي هريرةَ - رضي الله عنه - قال: سَمِعتُ رسُولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - يقولُ: «الحَلِفُ مَنْفَقَةٌ لِلسِّلْعَةِ، مَمْحَقَةٌ لِلْكَسْبِ». متفق عليه. (1)   (1) أخرجه: البخاري 3/ 78 (2087)، ومسلم 5/ 56 (1606) (131). الحديث: 1720 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 479 1721 - وعن أبي قتادة - رضي الله عنه: أنَّه سمعَ رسولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - يقولُ: «إيَّاكُمْ وَكَثْرَةَ الحَلِفِ فِي البَيْعِ، فَإنَّهُ يُنَفِّقُ ثُمَّ يَمْحَقُ». رواه مسلم. (1)   (1) أخرجه: مسلم 5/ 56 (1607) (132). الحديث: 1721 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 479 319 - باب كراهة أَنْ يسأل الإنسان بوجه الله - عز وجل - غير الجنة، وكراهة منع من سأل بالله تعالى وتشفع به 1722 - عن جابر - رضي الله عنه - قالَ: قالَ رسولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم: «لاَ يُسْأَلُ بِوَجْهِ اللهِ إلاَّ الجَنَّةُ». رواه أبو داود. (1)   (1) أخرجه: أبو داود (1671)، وإسناده ضعيف لضعف أحد رواته. الحديث: 1722 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 479 1723 - وعن ابن عمر رضي الله عنهما، قال: قال رسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم: «مَنِ اسْتَعَاذَ بِاللهِ، فَأعِيذُوهُ (1)، وَمَنْ سَأَلَ بِاللهِ، فأَعْطُوهُ، وَمَنْ دَعَاكُمْ، فَأَجِيبُوهُ، وَمَنْ صَنَعَ إلَيْكُمْ مَعْرُوفًا فَكَافِئُوهُ، فَإنْ لَمْ تَجِدُوا ما تُكَافِئُونَهُ بِهِ فَادْعُوا لَهُ حَتَّى تَرَوْا أَنَّكُمْ قَد كَافَأْتُمُوهُ». حديث صحيح رواه أبو داود والنسائي بأسانيد الصحيحين. (2)   (1) «فإذا استعاذ أحد بالله منك فأعذه، إلا إذا استعاذ عن حق واجب، فإن الله لا يعيذه، لو أنه كان مطلوبًا لك، فسألته حقك، قلت: أعطني حقي، فقال: أعوذ بالله منك، فهنا لا تعذه؛ لأن الله تعالى لا يعيذ عاصيًا، لكن إذا كان الأمر ليس محرمًا، فاستعاذ بالله منك، فأعذه تعظيمًا لله عزوجل». قاله الشيخ ابن عثيمين في شرح رياض الصالحين 4/ 302. (2) أخرجه: أبو داود (1672) و (5109)، والنسائي 5/ 82 وفي «الكبرى»، له (2348). الحديث: 1723 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 479 320 - باب تحريم قوله: شاهنشاه للسلطان وغيره لأن معناه ملك الملوك، ولا يوصف بذلك غير الله سبحانه وتعالى 1724 - وعن أبي هريرة - رضي الله عنه - عن النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - قال: «إنَّ أَخْنَعَ (1) اسْمٍ عِنْدَ اللهِ - عز وجل - رَجُلٌ تَسَمَّى مَلِكَ الأَمْلاَكِ». متفق عليه. (2) قال سُفيانُ بن عُيَيْنَةَ: «مَلِكُ الأَمْلاَكِ» مِثْلُ: شَاهِنْ شَاهِ.   (1) أخنع: أي أذلها وأوضعها. النهاية 2/ 84. (2) أخرجه: البخاري 8/ 56 (6206)، ومسلم 6/ 174 (2143) (20). الحديث: 1724 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 480 321 - باب النهي عن مخاطبة الفاسق والمبتدع ونحوهما بِسَيِّد ونحوه 1725 - عن بُريَدَةَ - رضي الله عنه - قالَ: قالَ رسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم: «لاَ تَقُولُوا لِلْمُنَافِقِ سَيِّدٌ، فَإنَّهُ إنْ يَكُ سَيِّدًا فَقَدْ أسْخَطْتُمْ رَبَّكُمْ - عز وجل». رواه أبو داود بإسنادٍ صحيح. (1)   (1) أخرجه: أبو داود (4977)، والنسائي في «الكبرى» (10073). الحديث: 1725 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 480 322 - باب كراهة سب الحمّى 1726 - عن جابر - رضي الله عنه: أنَّ رسُولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - دخلَ على أُمِّ السَّائِبِ، أو أُمِّ المُسَيّبِ فَقَالَ: «مَا لَكِ يَا أُمَّ السَّائِبِ - أو يَا أُمَّ المُسَيَّبِ - تُزَفْزِفِينَ؟» قَالَتْ: الحُمَّى لاَ بَارَكَ اللهُ فِيهَا! فَقَالَ: «لاَ تَسُبِّي الحُمَّى فَإنَّهَا تُذْهِبُ خَطَايَا بَنِي آدَمَ كَمَا يُذْهِبُ الكِيْرُ خَبَثَ الحَدِيدِ». رواه مسلم. (1) «تُزَفْزِفِينَ» أيْ تَتَحَرَّكِينَ حَرَكَةً سَريعَةً، وَمَعْنَاهُ: تَرْتَعِدُ. وَهُوَ بِضَمِّ التاء وبالزاي المكررة والفاء المكررة، وَرُوِيَ أيضًا بالراء المكررة والقافينِ.   (1) أخرجه: مسلم 8/ 15 (2575) (53). الحديث: 1726 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 480 323 - باب النهي عن سب الريح، وبيان ما يقال عند هبوبها 1727 - عن أبي المنذِرِ أُبي بن كعب - رضي الله عنه - قال: قالَ رسولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم: «لاَ تَسُبُّوا الرِّيحَ، فَإِذَا رَأَيْتُمْ مَا تَكْرَهُونَ، فَقُولُوا: اللَّهُمَّ إنَّا نَسْأَلُكَ مِنْ خَيْرِ هذِهِ الرِّيحِ وَخَيْرِ مَا فِيهَا وخَيْرِ مَا أُمِرَتْ بِهِ. وَنَعُوذُ بِكَ مِنْ شَرِّ هذِهِ الرِّيحِ وَشَرِّ مَا فِيهَا وَشَرِّ مَا أُمِرَتْ بِهِ». رواه الترمذي، وقال: «حديث حسن صحيح». (1)   (1) أخرجه: أحمد 5/ 123، والترمذي (2252). الحديث: 1727 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 480 1728 - وعن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: سمعتُ رسُولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - يقولُ: «الرِّيحُ مِنْ رَوحِ اللهِ، تَأتِي بِالرَّحْمَةِ، وَتَأتِي بِالعَذَابِ، فَإذَا رَأَيْتُمُوهَا فَلاَ تَسُبُّوهَا، وَسَلُوا اللهَ خَيْرَهَا، وَاسْتَعِيذُوا باللهِ مِنْ شَرِّهَا». رواه أبو داود بإسناد حسن. (1) قوله - صلى الله عليه وسلم: «مِنْ رَوْحِ اللهِ» هو بفتح الراء: أي رَحْمَتِهِ بِعِبَادِهِ.   (1) أخرجه: أبو داود (5097)، وابن ماجه (3727). الحديث: 1728 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 481 1729 - وعن عائشة رضي الله عنها، قالت: كان النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم - إذا عَصَفَتِ الرِّيحُ قال: «اللَّهُمَّ إنِّي أسْألُكَ خَيْرَهَا وَخَيْرَ مَا فِيهَا وَخَيْرَ مَا أُرْسِلَتْ بِهِ، وأَعُوذُ بِكَ مِنْ شَرِّهَا وَشَرِّ مَا فِيهَا وَشَرِّ مَا أُرْسِلَتْ بِهِ». رواه مسلم. (1)   (1) أخرجه: مسلم 3/ 26 (899) (15). الحديث: 1729 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 481 324 - باب كراهة سب الديك 1730 - عن زيد بن خالد الجُهَنِيِّ - رضي الله عنه - قال: قال رسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم: «لاَ تَسُبُّوا الدِّيكَ فَإنَّهُ يُوِقِظُ لِلصَّلاَةِ». رواه أبو داود بإسناد صحيح. (1)   (1) أخرجه: أبو داود (5101)، والنسائي في «الكبرى» (10781) و (10782). الحديث: 1730 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 481 325 - باب النهي عن قول الإنسان: مُطِرنا بنَوء كذا 1731 - عن زيد بن خالد - رضي الله عنه - قال: صلَّى بنا رسولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - صَلاَةَ الصُّبْحِ بِالحُدَيْبِيَّةِ في إِثْرِ سَمَاءٍ كَانَتْ مِنَ اللَّيْلِ، فَلَمَّا انْصَرَفَ أَقْبَلَ عَلَى النَّاسِ، فقالَ: «هَلْ تَدْرُونَ مَاذَا قالَ رَبُّكُمْ؟» قالُوا: اللهُ وَرَسُولُهُ أعْلَمُ. قال: «قالَ: أصْبَحَ مِنْ عِبَادِي مُؤْمِنٌ بِي، وَكَافِرٌ، فَأَمَّا مَنْ قَالَ: مُطِرْنَا بِفَضْلِ اللهِ وَرَحْمَتِهِ، فَذلِكَ مُؤْمِنٌ بِي كَافِرٌ بِالكَوْكَبِ، وأَما مَنْ قَالَ مُطِرْنَا بِنَوءِ كَذَا وَكَذَا، فَذلكَ كَافِرٌ بِي مُؤْمِنٌ بِالكَوْكَبِ». متفق عليه. (1) وَالسَّماءُ هُنَا: المَطَرُ.   (1) أخرجه: البخاري 1/ 214 (846)، ومسلم 1/ 59 (71) (125). الحديث: 1731 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 481 326 - باب تحريم قوله لمسلم: يا كافر 1732 - عن ابن عمر رضي الله عنهما، قال: قالَ رسولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم: «إذَا قَالَ الرَّجُلُ لأَخِيهِ: يَا كَافِرُ، فَقَدْ بَاءَ بِهَا أَحَدُهُمَا، فَإنْ كانَ كَمَا قَالَ وَإلاَّ رَجَعَتْ عَلَيْهِ» متفق عليه. (1)   (1) أخرجه: البخاري 8/ 32 (6104)، ومسلم 1/ 56 (60) (111). الحديث: 1732 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 481 1733 - وعن أبي ذرٍّ - رضي الله عنه: أنَّه سَمِعَ رسُولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - يقولُ: «مَنْ دَعَا رَجُلًا بالكُفْرِ، أو قالَ: عَدُوَّ اللهِ، وَلَيْسَ كَذلكَ إلاَّ حَارَ عَلَيْهِ». متفق عليه. (1) «حَارَ»: رَجَعَ.   (1) أخرجه: البخاري 8/ 18 (6045)، ومسلم 1/ 57 (61) (112). الحديث: 1733 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 482 327 - باب النهي عن الفحش وبذاء اللسان 1734 - عن ابن مسعودٍ - رضي الله عنه - قال: قالَ رسولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم: «لَيْسَ المُؤْمِنُ بالطَّعَّانِ، وَلاَ اللَّعَّانِ، وَلاَ الفَاحِشِ، وَلاَ البَذِيِّ». رواه الترمذي، (1) وقال: «حديث حسن».   (1) انظر الحديث (1555). الحديث: 1734 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 482 1735 - وعن أنسٍ - رضي الله عنه - قال: قالَ رسولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم: «مَا كَانَ الفُحْشُ فِي شَيْءٍ إلاَّ شَانَهُ، وَمَا كَانَ الحَيَاءُ فِي شَيْءٍ إلاَّ زَانَهُ». رواه الترمذي، (1) وقال: «حديث حسن».   (1) أخرجه: ابن ماجه (4185)، والترمذي (1974)، وقال: «حديث حسن غريب». الحديث: 1735 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 482 328 - باب كراهة التقعير في الكلام والتشدُّق فيه وتكلف الفصاحة واستعمال وحشي اللُّغة ودقائق الإعراب في مخاطبة العوام ونحوهم 1736 - عن ابن مسعود - رضي الله عنه: أنَّ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - قال: «هَلَكَ المُتَنَطِّعُونَ» قَالَهَا ثَلاَثًا. رواه مسلم. (1) «المُتَنَطِّعُونَ»: المُبَالِغُونَ فِي الأمُورِ.   (1) انظر الحديث (144). الحديث: 1736 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 482 1737 - وعن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما: أنَّ رسُولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - قال: «إنَّ اللهَ يُبْغِضُ البَلِيغَ مِنَ الرِّجَالِ الَّذي يَتَخَلَّلُ بِلِسَانِهِ كَمَا تَتَخَلَّلُ البَقَرَةُ (1)». رواه أبو داود والترمذي، (2) وقال: «حديث حسن».   (1) أي: يتشدق في الكلام ويفخم به لسانه ويلفه كما تلف البقرة الكلأ بلسانها لفًا. النهاية 2/ 73. (2) أخرجه: أبو داود (5005)، والترمذي (2853)، وقال: «حديث حسن غريب». الحديث: 1737 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 482 1738 - وعن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما: أنَّ رسُولَ الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «إنَّ مِنْ أحَبِّكُمْ إِلَيَّ، وأقْرَبِكُمْ مِنِّي مَجْلِسًا يَومَ القِيَامَةِ، أحَاسِنكُمْ أَخْلاَقًا، وإنَّ أَبْغَضَكُمْ إلَيَّ، وأبْعَدَكُمْ مِنِّي [ص: 482] يَومَ القِيَامَةِ، الثَّرْثَارُونَ وَالمُتَشَدِّقُونَ وَالمُتَفَيْهِقُونَ». رواه الترمذي، (1) وقال: «حديث حسن». وقد سبق شرحه في بَابِ حُسْنِ الخُلُقِ.   (1) انظر الحديث (630). الحديث: 1738 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 482 329 - باب كراهة قوله: خَبُثَتْ نَفْسي 1739 - عن عائشة رضي الله عنها، عن النبيّ - صلى الله عليه وسلم - قال: «لاَ يَقُولَنَّ أَحَدُكُمْ: خَبُثَتْ نَفْسِي، وَلكِنْ لِيَقُلْ: لَقِسَتْ نَفْسي» متفق عليه. (1) قالَ العُلَمَاءُ (2): مَعْنَى «خَبُثَتْ»: غَثَتْ، وَهُوَ مَعْنَى: «لَقِسَتْ» وَلَكِنْ كَرِهَ لَفْظَ الخُبْثِ (3).   (1) أخرجه: البخاري 8/ 51 (6179)، ومسلم 7/ 47 (2250) (16). (2) قاله أبو عبيد والخطابي. كما نقل ذلك ابن حجر في فتح الباري 10/ 692. وانظر: معالم السنن 4/ 121. (3) ويؤخذ من الحديث استحباب مجانبة الألفاظ القبيحة والأسماء، والعدول إلى ما لا قبح فيه. نقله ابن حجر في فتح الباري 10/ 692 عن ابن أبي جمرة. الحديث: 1739 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 483 330 - باب كراهة تسمية العنب كرمًا 1740 - عن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: قال رسولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم: «لاَ تُسَمُّوا العِنَبَ الكَرْمَ، فَإنَّ الكَرْمَ المُسْلِمُ» متفق عليه، وهذا لفظ مسلم. (1) وفي رواية: «فَإنَّمَا الكَرْمُ قَلْبُ المُؤمِنِ». وفي رواية للبخاري ومسلم: «يَقُولُونَ الكَرْمُ، إنَّمَا الكَرْمُ قَلْبُ المُؤْمِنِ».   (1) أخرجه: البخاري 8/ 51 (6182) و (6183)، ومسلم 7/ 46 (2247) (8) و (9). الحديث: 1740 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 483 1741 - وعن وائلِ بنِ حُجرٍ - رضي الله عنه - عن النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم - قال: «لاَ تَقُولُوا: الكَرْمُ، وَلكِنْ قُولُوا: العِنَبُ، والحَبَلَةُ» (1). رواه مسلم. (2) [ص: 484] «الحَبَلَةُ» (3) بفتح الحاء والباء، ويقال أيضًا بإسكان الباء.   (1) قال ابن عثيمين في شرح رياض الصالحين 4/ 312: «الكرم وصف محبوب يوصف به المؤمن ولا سيما إذا كان جوادًا باذلًا للخير بجاهه أو بماله أو علمه فإنه أحق بهذا الوصف من العنب. وإنما يقال: الحبلة، أو يقال: العنب. وأما أَنْ تسميه كرمًا فهذا لا. وهذا والله أعلم له سبب وهو: أنَّ هذا العنب قد يتخذ شرابًا خبيثًا محرمًا؛ لأنَّ العنب ربما يتخذ منه الخمر نسأل الله العافية. بهذا نهى النبي - صلى الله عليه وسلم - أَنْ يسمى العنب كرمًا، وما يوجد في بعض الكتب المؤلفة في الزراعة ونحوها يقال شجر الكرم أو الكروم داخل في هذا النهي ... ». (2) أخرجه: مسلم 7/ 46 (2248) (12). (3) الحبلة: الأصل أو القضيب من شجر الأعناب. النهاية 1/ 334. الحديث: 1741 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 483 331 - باب النهي عن وصف محاسن المرأة لرجل إلاَّ أن يحتاج إلى ذلك لغرض شرعي كنكاحها ونحوه 1742 - عن ابن مسعودٍ - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم: «لاَ تُبَاشِرِ (1) المَرْأَةُ المَرْأَةَ، فَتَصِفَهَا لِزَوْجِهَا كَأَنَّهُ يَنْظُرُ إلَيْهَا». متفق عليه. (2)   (1) المباشرة: هي المخالطة والملامسة من لمس البشرة لبشرة. (2) أخرجه: البخاري 7/ 49 (5240)، ولم أجده في المطبوع من صحيح مسلم. الحديث: 1742 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 484 332 - باب كراهة قول الإنسان: اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِي إنْ شِئْتَ بل يجزم بالطلب 1743 - وعن أبي هريرة - رضي الله عنه: أنَّ رسول اللهِ - صلى الله عليه وسلم - قال: «لاَ يَقُولَنَّ أَحَدُكُمْ: اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِي إنْ شِئْتَ: اللَّهُمَّ ارْحَمْنِي إنْ شِئْتَ، لِيَعْزِم المَسْأَلَةَ، فَإنَّهُ لاَ مُكْرِهَ لَهُ (1)». متفق عليه. (2) وفي رواية لمسلم: «وَلكِنْ لِيَعْزِمْ وَلْيُعَظمِ الرَّغْبَةَ فَإنَّ اللهَ تَعَالَى لاَ يَتَعَاظَمُهُ شَيْءٌ أَعْطَاهُ».   (1) قال ابن بطال: «في الحديث أنَّه ينبغي للداعي أَنْ يجتهد في الدعاء ويكون على رجاء الإجابة ولا يقنط من الرحمة فإنَّه يدعو كريمًا. وقد قال ابن عيينة: لا يمنعن أحدًا الدعاء ما يعلم في نفسه - يعني من تقصير - فإنَّ الله قد أجاب دعاء شر خلقه، وهو إبليس حين قال: {رَبِّ فَأَنْظِرْنِي إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ}». انظر: فتح الباري 11/ 168. (2) أخرجه: البخاري 8/ 92 (6339)، ومسلم 8/ 64 (2679) (8) و (9). الحديث: 1743 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 484 1744 - وعن أنس - رضي الله عنه - قال: قال رسولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم: «إذا دَعَا أحَدُكُمْ فَلْيَعْزِم المَسْأَلَةَ، وَلاَ يَقُولَنَّ: اللَّهُمَّ إنْ شِئْتَ، فَأَعْطِنِي، فَإنَّهُ لاَ مُسْتَكْرِهَ لَهُ». متفق عليه. (1)   (1) أخرجه: البخاري 8/ 92 (6338)، ومسلم 8/ 63 (2678) (7). الحديث: 1744 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 484 333 - باب كراهة قول: ما شاء اللهُ وشاء فلان 1745 - عن حُذَيْفَةَ بنِ اليمانِ - رضي الله عنه - عن النبيّ - صلى الله عليه وسلم - قال: «لاَ تَقُولُوا: مَا شَاءَ اللهُ وَشَاءَ فُلاَنٌ؛ وَلكِنْ قُولُوا: مَا شَاءَ اللهُ، ثُمَّ شَاءَ فُلاَنٌ». رواه أبو داود (1) بإسناد صحيح.   (1) أخرجه: أبو داود (4980)، والنسائي في «الكبرى» (10821). الحديث: 1745 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 484 334 - باب كراهة الحديث بعد العشاء الآخرة والمُرادُ بِهِ الحَديثُ الذي يَكُونُ مُبَاحًا في غَيرِ هذَا الوَقْتِ، وَفِعْلُهُ وَتَرْكُهُ سواءٌ. فَأَمَّا الحَديثُ المُحَرَّمُ أو المَكرُوهُ (1) في غير هذا الوقتِ، فَهُوَ في هذا الوقت أشَدُّ تَحريمًا وَكَرَاهَةً. وأَمَّا الحَديثُ في الخَيرِ كَمُذَاكَرَةِ العِلْمِ وَحِكايَاتِ الصَّالِحِينَ، وَمَكَارِمِ الأخْلاَقِ، والحَديث مع الضَّيفِ، ومع طالبِ حَاجَةٍ، ونحو ذلك، فلا كَرَاهَة فيه، بل هُوَ مُسْتَحَبٌّ، وكَذَا الحَديثُ لِعُذْرٍ وعَارِضٍ لا كَراهَةَ فِيه. وقد تظاهَرَتِ الأحَاديثُ الصَّحيحةُ على كُلِّ ما ذَكَرْتُهُ.   (1) مثل الحديث في الغيبة والنميمة والاستماع إلى اللهو والغناء ومشاهدة ما لا يحل مشاهدته. شرح رياض الصالحين 4/ 318. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 485 1746 - عن أبي بَرْزَةَ - رضي الله عنه: أنَّ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - كان يكرهُ النَّومَ قَبْلَ العِشَاءِ والحَديثَ بَعْدَهَا. متفقٌ عليه. (1)   (1) أخرجه: البخاري 1/ 149 (568)، ومسلم 2/ 119 (647) (235) و (236) و (237). الحديث: 1746 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 485 1747 - عن ابن عمر رضي الله عنهما: أنَّ رسولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - صَلَّى العِشَاء في آخِرِ حَيَاتِهِ، فَلَمَّا سَلَّمَ قال: «أرأيْتَكُمْ لَيْلَتَكُمْ هذِه؟ فَإنَّ عَلَى رَأسِ مِائَةِ سَنَةٍ لاَ يَبْقَى مِمَّنْ هُوَ علَى ظَهْرِ الأرْضِ اليَومَ أحَدٌ». متفق عليه. (1)   (1) أخرجه: البخاري 1/ 40 (116)، ومسلم 7/ 186 (2537) (217). الحديث: 1747 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 485 1748 - وعن أنس - رضي الله عنه: أنَّهم انتظروا النَّبِيَّ - صلى الله عليه وسلم - فَجَاءهُمْ قَريبًا مِنْ شَطْرِ اللَّيْلِ فَصَلَّى بِهِمْ - يَعْنِي: العِشَاءَ - ثمَّ خَطَبنا فقالَ: «ألاَ إنَّ النَّاسَ قَدْ صَلُّوا، ثُمَّ رَقَدُوا، وَإنَّكُمْ لَنْ تَزَالُوا فِي صَلاَةٍ مَا انْتَظَرْتُمُ الصَّلاَةَ». رواه البخاري. (1)   (1) أخرجه: البخاري 1/ 155 (600). الحديث: 1748 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 485 335 - باب تحريم امتناع المرأة من فراش زوجها إِذَا دعاها ولم يكن لَهَا عذر شرعي 1749 - عن أَبي هريرة - رضي الله عنه - قَالَ: قَالَ رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم: «إِذَا دَعَا الرَّجُلُ امْرَأتَهُ إِلَى فِرَاشِهِ فَأبَتْ، فَبَاتَ غَضْبَانَ عَلَيْهَا، لَعَنَتْهَا المَلاَئِكَةُ حَتَّى تُصْبحَ». متفق عَلَيْهِ. (1) وفي رواية: «حَتَّى تَرْجعَ».   (1) انظر الحديث (281). الحديث: 1749 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 485 336 - باب تحريم صوم المرأة تطوعًا وزوجها حاضر إِلاَّ بإذنه 1750 - وعن أَبي هريرة - رضي الله عنه: أنَّ رسُولَ الله - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: «لاَ يَحِلُّ لِلْمَرْأَةِ أَنْ تَصُومَ وَزَوْجُهَا شَاهِدٌ إِلاَّ بِإذْنِهِ، وَلاَ تَأذَنَ فِي بَيْتِهِ إِلاَّ بِإذْنِهِ» متفق عَلَيْهِ. (1)   (1) انظر الحديث (282). الحديث: 1750 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 486 337 - باب تحريم رفع المأموم رأسه من الركوع أَو السجود قبل الإمام 1751 - عن أَبي هريرة - رضي الله عنه: أنَّ النَّبيَّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: «أمَا يَخْشَى أحَدُكُمْ إِذَا رَفَعَ رَأسَهُ قَبْلَ الإمَامِ أَنْ يَجْعَلَ اللهُ رَأسَهُ رَأسَ حِمَارٍ! أَوْ يَجْعَلَ اللهُ صُورَتَهُ صُورَةَ حِمَارٍ». متفق عَلَيْهِ. (1)   (1) أخرجه: البخاري 1/ 177 (691)، ومسلم 2/ 28 (427) (114) و (115). الحديث: 1751 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 486 338 - باب كراهة وضع اليد عَلَى الخاصرة في الصلاة 1752 - عن أَبي هريرة - رضي الله عنه: أنَّ رسولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - نَهَى عن الخَصْرِ في الصَّلاَةِ. متفق عَلَيْهِ. (1)   (1) أخرجه: البخاري 2/ 84 (1219)، ومسلم 2/ 74 (545) (46). الحديث: 1752 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 486 339 - باب كراهة الصلاة بحضرة الطعام ونفسه تتوق إِلَيْهِ أَوْ مَعَ مدافعة الأخبثين (1): وهما البول والغائط 1753 - عن عائشة رَضِيَ اللهُ عنها، قالت: سَمِعْتُ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - يقولُ: «لا صَلاَةَ بِحَضْرَةِ طَعَامٍ، وَلاَ وَهُوَ يُدَافِعُهُ الأَخْبَثَانِ». رواه مسلم. (2)   (1) قال المصنف: «ويلحق في هذا ما كان في معناه مما يشغل القلب ويذهب كمال الخشوع». شرح صحيح مسلم 3/ 40. (2) أخرجه: مسلم 2/ 78 (560) (67). الحديث: 1753 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 486 340 - باب النهي عن رفع البصر إِلَى السماء في الصلاة 1754 - عن أنس بن مالك - رضي الله عنه - قَالَ: قَالَ رسولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم: «مَا بَالُ أقْوامٍ يَرْفَعُونَ أبْصَارَهُمْ إِلَى السَّمَاءِ فِي صَلاَتِهِمْ!» فَاشْتَدَّ قَولُهُ في ذَلِكَ حَتَّى قَالَ: «لَيَنْتَهُنَّ عَنْ ذَلِكَ، أَوْ لَتُخطفَنَّ أَبْصَارُهُمْ!». رواه البخاري. (1)   (1) أخرجه: البخاري 1/ 191 (750). الحديث: 1754 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 486 341 - باب كراهة الالتفات في الصلاة لغير عذر 1755 - عن عائشة رَضِيَ اللهُ عنها، قالت: سألت رسُولَ الله - صلى الله عليه وسلم - عَنِ الالتفَاتِ في الصَّلاَةِ، فَقَالَ: «هُوَ اخْتِلاَسٌ (1) يَخْتَلِسُهُ الشَّيْطَانُ مِنْ صَلاَةِ العَبْدِ». رواه البخاري (2).   (1) هو أخذ الشيء بخفية. انظر: شرح رياض الصالحين 4/ 325. (2) أخرجه: البخاري 1/ 191 (751). الحديث: 1755 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 487 1756 - وعن أنس - رضي الله عنه - قَالَ: قَالَ رسولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم: «إيَّاكَ والالتِفَاتَ فِي الصَّلاَةِ، فَإنَّ الالتفَاتَ في الصَّلاَةِ هَلَكَةٌ، فَإنْ كَانَ لاَ بُدَّ، فَفِي التَّطَوُّعِ لاَ في الفَريضَةِ». رواه الترمذي، (1) وقال: «حديث حسن صحيح».   (1) أخرجه: الترمذي (589)، وقال: «حديث حسن غريب». الحديث: 1756 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 487 342 - باب النهي عن الصلاة إِلَى القبور 1757 - عن أَبي مَرْثَدٍ كَنَّازِ بْنِ الحُصَيْنِ - رضي الله عنه - قَالَ: سَمِعْتُ رسُولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - يقولُ: «لا تُصَلُّوا إِلَى القُبُورِ، وَلاَ تَجْلِسُوا عَلَيْهَا (1)». رواه مسلم. (2)   (1) قال الشافعي رحمه الله: «وأكره أن يعظم مخلوق حتى يجعل قبره مسجدًا مخافة الفتنة عليه وعلى من بعده من الناس». نقله المصنف في شرحه لصحيح مسلم 4/ 52. (2) أخرجه: مسلم 3/ 62 (972) (98). الحديث: 1757 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 487 343 - باب تحريم المرور بَيْنَ يدي المصلِّي 1758 - عن أَبي الجُهَيْمِ عبد اللهِ بن الحارِثِ بن الصِّمَّةِ الأنْصَارِيِّ - رضي الله عنه - قَالَ: قَالَ رسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم: «لَوْ يَعْلَمُ المَارُّ بَيْنَ يَدَيِ المُصَلِّي مَاذَا عَلَيْهِ لَكَانَ أَنْ يَقِفَ أرْبَعِينَ خَيْرًا لَهُ مِنْ أَنْ يَمُرَّ بَيْنَ يَدَيْهِ». قَالَ الراوي: لا أدْرِي قَالَ: أرْبَعينَ يَومًا، أَوْ أرْبَعِينَ شَهْرًا، أَوْ أرْبَعِينَ سَنَةً. متفق عَلَيْهِ. (1)   (1) أخرجه: البخاري 1/ 136 (510)، ومسلم 2/ 58 (507) (261). الحديث: 1758 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 487 344 - باب كراهة شروع المأموم في نافلة بعد شروع المؤذن في إقامة الصلاة، سواء كَانَتْ النافلة سنة تلك الصلاة أَوْ غيرها 1759 - عن أَبي هريرة - رضي الله عنه - عن النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: «إِذَا أُقِيمَتِ الصَّلاَةُ فَلاَ صَلاَةَ إِلاَّ المَكْتُوبَةَ». رواه مسلم. (1)   (1) أخرجه: مسلم 2/ 153 (710) (63). الحديث: 1759 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 487 345 - باب كراهة تخصيص يوم الجمعة بصيام (1) أَوْ ليلته بصلاة من بين الليالي 1760 - عن أَبي هريرة - رضي الله عنه - عن النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: «لا تَخُصُّوا لَيْلَةَ الجُمُعَةِ بِقِيَامٍ مِنْ بَيْنِ اللَّيَالِي، وَلاَ تَخُصُّوا يَومَ الجُمُعَةِ بِصِيَامٍ مِنْ بَيْنِ الأَيَّامِ، إِلاَّ أَنْ يَكُونَ فِي صَومٍ يَصُومُهُ أحَدُكُمْ». رواه مسلم. (2)   (1) قال ابن عثيمين رحمه الله: «يوم الجمعة هو عيد الأسبوع، ويتكرر في كل سبعة أيام يومًا وهو الثامن، ولما كان عيدًا نهى النبي - صلى الله عليه وسلم - عن صومه، لكنه ليس نهي تحريم؛ لأنَّه يتكرر كل عام أكثر من خمسين مرة». شرح رياض الصالحين 4/ 326. (2) أخرجه: مسلم 3/ 154 (1144) (148). الحديث: 1760 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 488 1761 - وعنه، قَالَ: سَمِعْتُ رسولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - يقولُ: «لاَ يَصُومَنَّ أحَدُكُمْ يَوْمَ الجُمُعَةِ إِلاَّ يَومًا قَبْلَهُ أَوْ بَعْدَهُ». متفق عَلَيْهِ. (1)   (1) أخرجه: البخاري 3/ 54 (1985)، ومسلم 3/ 154 (1144) (147). الحديث: 1761 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 488 1762 - وعن محمد بن عَبَّادٍ، قَالَ: سَأَلْتُ جَابِرًا - رضي الله عنه: أنَهَى النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم - عَنْ صَومِ الجُمُعَةِ؟ قَالَ: نَعَمْ. متفق عَلَيْهِ. (1)   (1) أخرجه: البخاري 3/ 54 (1984)، ومسلم 3/ 153 (1143) (146). الحديث: 1762 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 488 1763 - وعن أُمِّ المُؤمِنِينَ جويرية بنت الحارث رَضِيَ اللهُ عنها: أنَّ النَّبيَّ - صلى الله عليه وسلم - دَخَلَ عَلَيْهَا يَوْمَ الجُمُعَةِ وهِيَ صَائِمَةٌ، فَقَالَ: «أصُمْتِ أمْسِ؟» قالت: لا، قَال: «تُرِيدِينَ أَنْ تَصُومِي غَدًا؟» قَالَتْ: لاَ. قَالَ: «فَأَفْطِرِي». رواه البخاري. (1)   (1) أخرجه: البخاري 3/ 54 (1986). الحديث: 1763 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 488 346 - باب تحريم الوصال في الصوم وَهُوَ أَنْ يصوم يَومَينِ أَوْ أكثر وَلاَ يأكل وَلاَ يشرب بينهما 1764 - عن أَبي هريرة وعائشة رضي الله عنهما: أنَّ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - نهى عن الوِصَالِ. متفق عَلَيْهِ. (1)   (1) أخرجه: البخاري 3/ 48 (1964) و (1685)، ومسلم 3/ 133 (1103) (57) و134 (1105) (61). الحديث: 1764 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 488 1765 - وعن ابن عمر رضي الله عنهما، قَالَ: نَهَى رسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - عَنِ الوِصَالِ. قالوا: إنَّكَ تُواصِلُ؟ قَالَ: «إنِّي لَسْتُ مِثْلَكُمْ، إنِّي أُطْعَمُ وَأُسْقَى». متفق عَلَيْهِ. (1) وهذا لفظ البخاري.   (1) أخرجه: البخاري 3/ 48 (1962)، ومسلم 3/ 133 (1102) (55). الحديث: 1765 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 489 347 - باب تحريم الجلوس عَلَى قبر 1766 - عن أَبي هريرة - رضي الله عنه - قَالَ: قَالَ رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم: «لأنْ يَجْلِسَ أحَدُكُمْ عَلَى جَمْرَةٍ، فَتُحْرِقَ ثِيَابَهُ فَتَخْلُصَ إِلَى جِلْدِهِ خَيْرٌ لَهُ مِنْ أَنْ يَجْلِسَ عَلَى قَبْرٍ (1)». رواه مسلم. (2)   (1) لأنَّ القبر فيه إنسان مسلم محترم في الغالب وجلوسك عليه إهانة له. قاله ابن عثيمين رحمه الله في شرح رياض الصالحين 4/ 329. (2) أخرجه: مسلم 3/ 62 (971) (96). الحديث: 1766 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 489 348 - باب النهي عن تجصيص القبر والبناء عليه 1767 - عن جابر - رضي الله عنه - قَالَ: نَهَى رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - أن يُجَصَّصَ القَبْرُ، وأنْ يُقْعَدَ عَلَيْهِ، وَأنْ يُبْنَى عَلَيْهِ. رواه مسلم. (1)   (1) أخرجه: مسلم 3/ 61 (970) (94). الحديث: 1767 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 489 349 - باب تغليظ تحريم إباق العبد (1) من سيده 1768 - عن جرير - رضي الله عنه - قَالَ: قَالَ رسولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم: «أَيُّمَا عَبْدٍ أَبَقَ، فَقَدْ بَرِئَتْ مِنْهُ الذِّمَّةُ». رواه مسلم. (2)   (1) إباق العبد: هروب العبد من سيده، والتشديد في الوعيد؛ لأنَّ العبد ملك لسيده بذاته ومنافعه، فليس له الهرب من سيده. انظر: النهاية 1/ 15، وشرح صحيح مسلم 1/ 266، وشرح رياض الصالحين 4/ 330. (2) أخرجه: مسلم 1/ 59 (69) (123). الحديث: 1768 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 489 1769 - وعنه، عن النبيِّ - صلى الله عليه وسلم: «إِذَا أَبَقَ العَبْدُ، لَمْ تُقْبَلْ لَهُ صَلاَةٌ». رواه مسلم. (1) وفي روايةٍ: «فَقَدْ كَفَرَ».   (1) أخرجه: مسلم 1/ 58 (68) (122) و1/ 59 (70) (124). الحديث: 1769 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 489 350 - باب تحريم الشفاعة في الحدود قَالَ الله تَعَالَى: {الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِائَةَ جَلْدَةٍ وَلاَ تَأخُذْكُمْ بِهِمَا رَأفَةٌ فِي دِينِ اللهِ إنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللهِ وَاليَوْمِ الآخِرِ} [النور: 2]. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 490 1770 - وعن عائشة رَضِيَ اللهُ عنها: أنَّ قُرَيْشًا أهَمَّهُمْ شَأْنُ المَرْأَةِ المَخْزُومِيَّةِ الَّتي سَرَقَتْ، فقَالُوا: مَنْ يُكَلِّمُ فِيهَا رَسُولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم؟ فقالوا: وَمَنْ يَجْتَرِئُ عَلَيْهِ إِلاَّ أُسَامَةُ بْنُ زَيْدٍ، حِبُّ رَسُولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم. فَكَلَّمَهُ أُسَامَةُ، فَقَالَ رسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم: «أتَشْفَعُ في حَدٍّ مِنْ حُدُودِ اللهِ تَعَالَى؟!» ثُمَّ قَامَ فاخْتَطَبَ (1)، ثُمَّ قَالَ: «إنَّمَا أهْلَكَ الَّذِينَ قَبْلَكُمْ أنَّهُمْ كَانُوا إِذَا سَرَقَ فِيِهمُ الشَّرِيفُ تَرَكُوهُ، وَإِذَا سَرَقَ فِيهِمُ الضَّعِيفُ، أَقَامُوا عَلَيْهِ الحَدَّ، وَايْمُ اللهِ لَوْ أنَّ فَاطِمَةَ بِنْتَ مُحَمَّدٍ سَرَقَتْ لَقَطَعْتُ يَدَهَا». متفق عَلَيْهِ. (2) وفي روايةٍ: فَتَلوَّنَ وَجْهُ رَسُولِ الله - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ: «أتَشْفَعُ في حَدٍّ مِنْ حُدُودِ اللهِ!؟» فَقَالَ أُسَامَةُ: اسْتَغْفِرْ لِي يَا رَسُولَ اللهِ. قَالَ: ثُمَّ أَمَرَ بِتِلْكَ المَرْأَةِ فَقُطِعَتْ يَدُهَا.   (1) أي: خطب خطبة بليغة. (2) انظر الحديث (650). الحديث: 1770 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 490 351 - باب النهي عن التغوط في طريق الناس وظلِّهم وموارد الماء ونحوها قَالَ الله تَعَالَى: {وَالَّذِينَ يُؤذُونَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ بِغَيْرِ مَا اكْتَسَبُوا فَقَد احْتَمَلُوا بُهْتانًا وَإِثْمًا مُبِينًا} [الأحزاب: 58]. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 490 1771 - وعن أَبي هريرة - رضي الله عنه: أنَّ رَسُولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: «اتَّقُوا اللاَّعِنَيْنِ» قالوا: وَمَا اللاَّعِنَانِ؟ قَالَ: «الَّذِي يَتَخَلَّى (1) في طَرِيقِ النَّاسِ أَوْ في ظِلِّهِمْ». رواه مسلم. (2)   (1) قال النووي في شرح صحيح مسلم 2/ 140: «معناه يتغوط في موضع يمر به الناس، وما نهى عنه في الظل والطريق لما فيه من إيذاء المسلمين بتنجيس من يمر به ونتنه واستقذاره». (2) أخرجه: مسلم 1/ 156 (269) (68). الحديث: 1771 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 490 352 - باب النهي عن البول ونحوه في الماء الراكد 1772 - عن جابر - رضي الله عنه: أنَّ رسولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - نَهَى أَنْ يُبَالَ في المَاءِ الرَّاكِدِ. رواه مسلم. (1)   (1) أخرجه: مسلم 1/ 162 (281) (94). الحديث: 1772 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 490 353 - باب كراهة تفضيل الوالد بعض أولاده على بعض في الهبة 1773 - عن النعمان بن بشير رضي الله عنهما: أنَّ أباه أتَى بِهِ رسُولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - فقال: إنِّي نَحَلْتُ ابْنِي هَذَا غُلامًا كَانَ لِي، فقال رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم: «أكُلَّ وَلَدِكَ نَحَلْتَهُ مِثْلَ هَذَا؟» فقال: لا، فقالَ رسولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم: «فَأرْجِعهُ». وفي روايةٍ: فقال رسولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم: «أَفَعَلْتَ هذَا بِوَلَدِكَ كُلِّهِمْ؟» قال: لا، قال: «اتَّقُوا اللهَ واعْدِلُوا فِي أوْلادِكُمْ» فَرَجَعَ أبي، فَرَدَّ تِلْكَ الصَّدَقَةَ. وفي روايةٍ: فقال رسولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم: «يَا بَشيرُ ألَكَ وَلَدٌ سِوَى هَذَا؟» فقالَ: نَعَمْ، قال: «أكُلَّهُمْ وَهَبْتَ لَهُ مِثْلَ هذَا؟» قال: لا، قال: «فَلاَ تُشْهِدْنِي إذًا فَإنِّي لاَ أشْهَدُ عَلَى جَوْرٍ». وفي روايةٍ: «لاَ تُشْهِدْنِي عَلَى جَوْرٍ». وفي رواية: «أشْهِدْ عَلَى هذَا غَيْرِي!» ثُمَّ قال: «أيَسُرُّكَ أَنْ يَكُونُوا إلَيْكَ في البِرِّ سَواءً؟» قال: بَلَى، قال: «فَلا إذًا». متفق عليه. (1)   (1) أخرجه: البخاري 3/ 206 (2586) و (2587)، ومسلم 5/ 65 (1623) (9) و (13) و66 (1623) (14) و (16) و (17). الحديث: 1773 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 491 354 - باب تحريم إحداد (1) المرأة على ميت فوق ثلاثة أيام إلا على زوجها أربعة أشهر وعشرة أيام 1774 - عن زينب بنتِ أبي سلمة رضي الله عنهما، قالت: دَخَلْتُ عَلَى أُمِّ حَبِيبَةَ رضيَ اللهُ عنها، زَوجِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - حِينَ تُوُفِّيَ أبُوهَا أبُو سُفْيَانَ بن حرب - رضي الله عنه - فَدَعَتْ بِطِيبٍ فِيهِ صُفْرَةُ [ص: 492] خَلُوقٍ أوْ غَيرِهِ، فَدَهَنَتْ مِنهُ جَارِيَةً، ثُمَّ مَسَّتْ بِعَارِضَيْهَا، ثُمَّ قَالَتْ: واللهِ مَا لِي بِالطِّيبِ مِنْ حَاجَةٍ، غَيْرَ أنِّي سَمِعْتُ رسولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - يقُولُ عَلَى المِنْبَرِ: «لا يَحِلُّ لامْرَأَةٍ تُؤْمِنُ بِاللهِ وَاليَوْمِ الآخِرِ أَنْ تُحِدَّ على مَيِّتٍ فَوقَ ثَلاَثِ لَيَالٍ، إلاَّ علَى زَوْجٍ أرْبَعَةَ أشْهُرٍ وَعَشْرًا». قالَتْ زَيْنَبُ: ثُمَّ دَخَلْتُ عَلَى زَيْنَبَ بنْتِ جَحْشٍ رضي اللهُ عنها حينَ تُوُفِّيَ أَخُوهَا، فَدَعَتْ بِطِيبٍ فَمَسَّتْ مِنْهُ ثُمَّ قَالَتْ: أمَا وَاللهِ مَا لِي بِالطِّيبِ مِنْ حَاجَةٍ، غَيرَ أنِّي سَمِعْتُ رسُولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - يقُولُ عَلَى المِنْبَرِ: «لا يَحِلُّ لامْرَأَةٍ تُؤْمِنُ بِاللهِ وَاليَوْمِ الآخِرِ أَنْ تُحِدَّ على مَيِّتٍ فَوقَ ثَلاَثٍ، إلاَّ علَى زَوْجٍ أرْبَعَةَ أشْهُرٍ وَعَشْرًا». متفق عليه (2).   (1) قال ابن عثيمين في شرح رياض الصالحين 4/ 341: «الإحداد أن تجتنب المرأة الأشياء التالية: 1 - لباس الزينة، لا تلبس ثوبًا يعد ثوب زينة، أما الثياب العادية فلها أن تلبسها بأي لون كان أصفر، أحمر، أخضر 2 - الطيب بجميع أنواعه 3 - الحلي بجميع أنواعه 4 - ألاَّ تخرج من البيت أبدًا إلا لضرورة أو حاجة 5 - التجميل والتكحل بالكحل وما أشبه ذلك وما اشتهر عند العوام أن المرأة تغتسل من الجمعة إلى الجمعة، فهذا لا أصل له. وكذلك ما اشتهر عند العوام أنها لا تكلم أحدًا إلا من محارمها، فهذا غلط أيضًا، تكلم من شاءت». (2) أخرجه: البخاري 2/ 99 (1281) و (1282)، ومسلم 4/ 202 (1486) (58) و (1487). الحديث: 1774 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 491 355 - باب تحريم بيع الحاضر للبادي وتلقي الركبان، والبيع على بيع أخيه والخِطبة على خطبته إلا أَنْ يأذن أو يردّ 1775 - عن أنس - رضي الله عنه - قالَ: نهَى رسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - أَنْ يَبيعَ حَاضِرٌ لِبَادٍ (1) وإنْ كانَ أخَاهُ لأَبِيهِ وَأُمِّهِ. متفق عليه. (2)   (1) هو أَنْ يأتي إنسان من البادية بغنمه أو إبله أو سمنه ... ليبيعه في السوق، فيأتي الإنسان إليه وهو من أهل البلد ويقول: يا فلان، أنا أبيع لك، هذا لا يجوز ... لأنَّ البدوي ربما يريد البيع برخص لأنَّه يريد أَنْ يرجع إلى أهله، وأيضًا إذا باع البدوي فالعادة أنَّ الحضري ينقده الثمن ولا يؤخره ... شرح رياض الصالحين 4/ 342. (2) أخرجه: البخاري 3/ 94 (2161)، ومسلم 5/ 6 (1523) (21). الحديث: 1775 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 492 1776 - وعن ابن عمر رضي الله عنهما، قال: قالَ رسولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم: «لاَ تَتَلَقَّوُا السِّلَعَ حَتَّى يُهْبَطَ بِهَا إلَى الأَسْوَاقِ». متفق عليه. (1)   (1) أخرجه: البخاري 3/ 95 (2165)، ومسلم 5/ 5 (1517) (14). الحديث: 1776 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 492 1777 - وعن ابن عباس رضي الله عنهما، قال: قالَ رسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم: «لاَ تَتَلَقَّوُا (1) الرُّكْبَانَ، وَلاَ يَبِعْ حَاضِرٌ لِبَادٍ» فقالَ لَهُ طَاووسٌ: مَا: لاَ يَبيعُ حَاضِرٌ لِبَادٍ؟ قال: لاَ يَكُونُ لَهُ سِمْسَارًا. متفق عليه (2).   (1) كانوا يعرفون أنَّ البادية تأتي بالسلع مثلًا في أول النهار فتجد بعض الناس يخرج من البلد إلى قريب منه، ثم يتلقى الركبان، ويشتري منهم قبل أَنْ يصلوا إلى السوق، فيقطع الرزق على أهل البلد ويغبن الركبان ... شرح رياض الصالحين 4/ 343. (2) أخرجه: البخاري 3/ 95 (2163)، ومسلم 5/ 5 (1521) (19). الحديث: 1777 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 493 1778 - وعن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: نَهَى رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - أَنْ يَبِيعَ حَاضِرٌ لِبَادٍ، وَلاَ تَنَاجَشُوا (1) وَلاَ يَبِيع الرَّجُلُ عَلَى بَيْعِ أخْيِهِ، وَلاَ يَخْطُبُ عَلَى خِطْبَةِ أخِيهِ، وَلاَ تَسْأَلُ المَرْأَةُ طَلاَقَ أُخْتِهَا لِتَكْفَأَ مَا فِي إنائِهَا (2). وفي رواية قال: نَهَى رَسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم - عَنِ التَّلَقِّي، وَأَنْ يَبْتَاعَ المُهَاجِرُ لِلأعْرَابِيِّ، وَأَنْ تَشْتَرِطَ المَرْأةُ طَلاَقَ أُخْتِهَا، وأنْ يَسْتَامَ الرَّجُلُ على سَوْمِ أخِيهِ، وَنَهَى عَنِ النَّجْشِ والتَّصْرِيَةِ (3). متفق عليه. (4)   (1) النجش: هو الزيادة في ثمن السلعة ليغرَّ غيره فقط، وقيل: هو مدح الشيء وإطراؤه، فالناجش يغرُّ المشتري بمدحه ليزيد في الثمن. انظر: المفهم 4/ 367. (2) لتفوز بالخير من زوجها لوحدها وتحرم غيرها وهذا من الأنانية التي نهى الإسلام عنها. (3) التصرية: هو جمع اللبن في الضرع لمدة يومين أو ثلاثة أيام حتى يكبر ويعظم فيظن المشتري أن ذلك لكثرة اللبن. انظر: المفهم 4/ 369. (4) أخرجه: البخاري 3/ 90 (2140) و3/ 250 (2727)، ومسلم 4/ 138 (1413) (51) و5/ 4 (1515) (12). الحديث: 1778 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 493 1779 - وعن ابن عمر رضي الله عنهما: أنَّ رسُولَ الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «لاَ يَبِعْ بَعْضُكُمْ عَلَى بَيْعِ بَعْضٍ، وَلاَ يَخْطُبْ عَلَى خِطْبَةِ أخِيهِ إلاَّ أَنْ يَأذَنَ لَهُ». متفق عليه، وهذا لفظ مسلم. (1)   (1) أخرجه: البخاري 3/ 90 (2139)، ومسلم 5/ 3 (1412) (8). الحديث: 1779 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 493 1780 - وعن عقبة بن عامر - رضي الله عنه: أنَّ رسُولَ الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «المُؤْمِنُ أَخُو المُؤْمِنِ، فَلاَ يَحِلُّ لِمُؤْمِنٍ أَنْ يَبْتَاعَ عَلَى بَيْعِ أخِيهِ وَلاَ يَخْطُبَ عَلَى خِطْبَةِ أخِيهِ حَتَّى يذَرَ». رواه مسلم. (1)   (1) أخرجه: مسلم 4/ 139 (1414) (56). الحديث: 1780 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 493 356 - باب النهي عن إضاعة المال في غير وجوهه التي أذن الشرع فيها 1781 - عن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: قال رسولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم: «إنَّ اللهَ تعالى يَرْضَى لَكُمْ ثَلاَثًا، ويَكْرَهُ لَكُمْ ثَلاَثًا: فَيَرْضَى لَكُمْ أَنْ تَعْبُدُوهُ، وَلاَ تُشْرِكُوا بِهِ شَيئًا، وَأَنْ تَعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللهِ جَمِيعًا وَلاَ تَفَرَّقُوا، وَيَكْرَهُ لَكُمْ: قِيلَ وَقَالَ، وَكَثْرَةَ السُّؤَالِ، وإضَاعَةَ المَالِ». رواه مسلم، (1) وتقدم شرحه (2).   (1) أخرجه: مسلم 5/ 130 (1715) (10). (2) انظر الحديث رقم (340) عن المغيرة بن شعبة. الحديث: 1781 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 494 1782 - وعن ورَّادٍ كاتب المغيرة، قال: أَمْلَى عَلَيَّ المُغِيرَةُ بْنُ شُعْبَةَ في كِتابٍ إلَى مُعَاوِيَةَ - رضي الله عنه: أنَّ النَّبِيَّ - صلى الله عليه وسلم - كَانَ يَقُولُ فِي دُبُرِ كُلِّ صَلاَةٍ مَكْتُوبَةٍ: «لاَ إلهَ إلاَّ اللهُ وَحْدَهُ لاَ شَرِيكَ لهُ، لَهُ المُلْكُ وَلَهُ الحَمْدُ، وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ، اللَّهُمَّ لاَ مَانِعَ لِمَا أَعْطَيْتَ، وَلاَ مُعْطِيَ لِمَا مَنَعْتَ، وَلاَ يَنْفَعُ ذَا الجَدِّ مِنْكَ الجَدُّ» وَكَتَبَ إلَيْهِ أَنَّهُ كَانَ يَنْهَى عَنْ قِيلَ وَقَالَ، وَإضَاعَةِ المَالِ، وَكَثْرَةِ السُّؤَالِ، وَكَانَ يَنْهَى عَنْ عُقُوقِ الأُمَّهَاتِ، وَوَأْدِ البَنَاتِ، وَمَنْعٍ وَهَاتِ. متفق عليه، (1) وسبق شرحه (2).   (1) انظر الحديث (1416). (2) انظر الحديث قبله. الحديث: 1782 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 494 357 - باب النهي عن الإشارة إلى مسلم بسلاح ونحوه، سواء كان جادًا أو مازحًا، والنهي عن تعاطي السيف مسلولًا 1783 - عن أبي هريرة - رضي الله عنه - عن رسولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - قال: «لاَ يُشِرْ أحَدُكُمْ إلَى أخِيهِ بِالسِّلاحِ، فَإنَّهُ لاَ يَدْرِي لَعَلَّ الشَّيْطَانَ يَنْزعُ فِي يَدِهِ، فَيَقَع فِي حُفْرَةٍ مِنَ النَّارِ». متفق عليه. (1) وفي رواية لمسلم قال: قال أبو القاسم - صلى الله عليه وسلم: «مَنْ أشَارَ إلَى أخِيهِ بِحَدِيدَةٍ، فَإنَّ المَلاَئِكَةَ تَلْعَنُهُ حَتَّى يَنْزعَ، وَإنْ كَانَ أخَاهُ لأَبِيهِ وَأُمِّهِ» (2). [ص: 495] قوله - صلى الله عليه وسلم: «يَنْزع» ضُبِطَ بالعين المهملة مع كسر الزاي، وبالغين المعجمة مع فتحها، ومعناهما مُتَقَارِبٌ، وَمَعنَاهُ بالمهملةِ يَرْمِي، وبالمعجمةِ أيضًا يَرْمِي وَيُفْسِدُ. وَأصْلُ النَّزْعِ: الطَّعْنُ وَالفَسَادُ.   (1) أخرجه: البخاري 9/ 62 (7072)، ومسلم 8/ 33 (2616) (125) و8/ 34 (2617) (126). (2) لا يشير إلى أحد بسلاح أو حديدة أو حجر أو ما أشبه ذلك كأنَّه يريد أَنْ يرميه به، وكذلك ما يفعله بعض السفهاء، يأتي بالسيارة مسرعًا نحو شخص واقفٍ أو جالس، وكذلك أَنْ يغري الكلب بإنسان، المهم أنَّ جميع أسباب الهلاك ينهى الإنسان أَنْ يفعلها سواء أكان جادًا أم هازلًا ... شرح رياض الصالحين 4/ 349. الحديث: 1783 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 494 1784 - وعن جابر - رضي الله عنه - قال: نهى رسولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - أَنْ يُتَعَاطَى السَّيْفُ مَسْلُولًا. رواه أبو داود والترمذي، (1) وقال: «حديث حسن».   (1) أخرجه: أبو داود (2588)، والترمذي (2163)، وقال: «حديث حسن غريب». الحديث: 1784 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 495 358 - باب كراهة الخروج من المسجد بعد الأذان إلا لعذر حتى يصلي المكتوبة 1785 - عن أبي الشَّعْثَاءِ، قالَ: كُنَّا قُعُودًا مَع أبي هريرة - رضي الله عنه - في المَسْجِدِ، فَأَذَّن المُؤَذِّنُ، فَقَامَ رَجُلٌ مِنَ المَسْجِدِ يَمْشِي، فَأَتْبَعَهُ أبُو هُريرَةَ بَصَرَهُ حَتَّى خَرَجَ مِنَ المَسْجِدِ، فقال أبو هريرة: أمَّا هذَا فَقَدْ عَصَى أبا القَاسِمِ - صلى الله عليه وسلم. رواه مسلم. (1)   (1) أخرجه: مسلم 2/ 124 (655) (258). الحديث: 1785 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 495 359 - باب كراهة رد الريحان (1) لغير عذر 1786 - عن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: قال رسولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم: «مَنْ عُرِضَ عَلَيْهِ رَيْحَانٌ، فَلاَ يَرُدَّهُ، فَإنَّهُ خَفيفُ المَحْمِلِ، طَيِّبُ الرِّيحِ». رواه مسلم. (2)   (1) هو كل نبت طيب الريح من أنواع المشموم. النهاية 2/ 288. (2) أخرجه: مسلم 7/ 48 (2253) (20). الحديث: 1786 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 495 1787 - وعن أنس بن مالكٍ - رضي الله عنه: أنَّ النَّبيَّ - صلى الله عليه وسلم - كَانَ لاَ يَرُدُّ الطِّيبَ. رواه البخاري. (1)   (1) أخرجه: البخاري 3/ 205 (2582). الحديث: 1787 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 495 360 - باب كراهة المدح في الوجه لمن خيف عليه مفسدة من إعجاب ونحوه، وجوازه لمن أمِنَ ذلك في حقه 1788 - وعن أبي موسى الأشعري - رضي الله عنه - قال: سَمِعَ النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم - رَجُلًا يُثْنِي عَلَى رَجُلٍ وَيُطْرِيهِ في المِدْحَة، فقالَ: «أهْلَكْتُمْ - أوْ قَطَعْتُمْ - ظَهْرَ الرَّجُلِ». متفق عليه. (1) «وَالإطْرَاءُ»: المُبَالَغَةُ فِي المَدْحِ.   (1) أخرجه: البخاري 3/ 231 (2663)، ومسلم 8/ 228 (3001) (67). الحديث: 1788 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 495 1789 - وعن أبي بكرة - رضي الله عنه: أنَّ رجلًا ذُكِرَ عند النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - فَأَثْنَى عَلَيْهِ رَجُلٌ خَيْرًا، فقال النبيّ - صلى الله عليه وسلم: «وَيْحَكَ! قَطَعْتَ عُنُقَ صَاحِبِكَ» يَقُولُهُ مِرَارًا: «إنْ كَانَ أحَدُكُمْ مَادِحًا لاَ مَحَالَةَ فَلْيَقُلْ: أحْسِبُ كَذَا وَكَذَا إنْ كَانَ يَرَى أنَّهُ كَذَلِكَ وَحَسِيبُهُ اللهُ، وَلاَ يُزَكّى عَلَى اللهِ أحَدٌ». متفق عليه. (1)   (1) أخرجه: البخاري 8/ 22 (6061)، ومسلم 8/ 227 (3000) (65). الحديث: 1789 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 496 1790 - وعن همام بن الحارث، عن المِقْدَادِ - رضي الله عنه: أنَّ رَجُلًا جَعَلَ يَمْدَحُ عُثْمانَ - رضي الله عنه - فَعَمِدَ المِقْدَادُ، فَجَثَا عَلَى رُكْبَتَيْهِ، فَجَعَلَ يَحثو في وَجْهِهِ الحَصْبَاءَ (1). فقالَ لَهُ عُثْمَانُ: مَا شَأنُكَ؟ فقال: إنَّ رسولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - قال: «إذَا رَأَيْتُمُ المَدَّاحِينَ، فَاحْثُوا فِي وُجُوهِهِمُ التُّرَابَ». رواه مسلم. (2) فهذهِ الأحاديث في النَهي، وجاء في الإباحة أحاديث كثيرة صحيحة. قال العلماءُ: وطريق الجَمْعِ بين الأحاديث أَنْ يُقَالَ: إنْ كان المَمْدُوحُ عِنْدَهُ كَمَالُ إيمانٍ وَيَقينٍ، وَرِيَاضَةُ نَفْسٍ، وَمَعْرِفَةٌ تَامَّةٌ بِحَيْثُ لاَ يَفْتَتِنُ، وَلاَ يَغْتَرُّ بِذَلِكَ، وَلاَ تَلْعَبُ بِهِ نَفْسُهُ، فَليْسَ بِحَرَامٍ وَلاَ مَكْرُوهٍ، وإنْ خِيفَ عَلَيْهِ شَيءٌ مِنْ هذِهِ الأمورِ، كُرِهَ مَدْحُهُ في وَجْهِهِ كَرَاهَةً شَديدَةً، وَعَلَى هَذا التَفصِيلِ تُنَزَّلُ الأحاديثُ المُخْتَلِفَةُ فِي ذَلكَ. وَمِمَّا جَاءَ فِي الإبَاحَةِ قَولُهُ - صلى الله عليه وسلم - لأبي بكْرٍ - رضي الله عنه: «أرْجُو أَنْ تَكُونَ مِنْهُمْ (3)» أيْ مِنَ الَّذِينَ يُدْعَونَ مِنْ جَمِيعِ أبْوابِ الجَنَّةِ لِدُخُولِهَا. وَفِي الحَدِيثِ الآخر: «لَسْتَ مِنْهُمْ (4)»: أيْ لَسْتَ مِنَ الَّذِينَ يُسْبِلُونَ أُزُرَهُمْ خُيَلاَءَ. وَقالَ - صلى الله عليه وسلم - لعُمَرَ - رضي الله عنه: «مَا رَآكَ الشَّيْطَانُ سَالِكًا فَجًّا إلاَّ سَلَكَ فَجًّا غَيْرَ فَجِّكَ (5)». [ص: 497] والأحاديثُ في الإباحة كثيرةٌ، وقد ذكرتُ جملةً مِنْ أطْرَافِهَا في كتاب «الأذكار» (6).   (1) يعني الحصى الصغيرة. (2) أخرجه: مسلم 8/ 228 (3002) (69). (3) انظر الحديث (1216). (4) انظر الحديث (791). (5) أخرجه: البخاري 4/ 153 (3294)، ومسلم 7/ 114 (2396) (22)، من حديث سعد ابن أبي وقاص. (6) انظر باب المدح: 378. الحديث: 1790 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 496 361 - باب كراهة الخروج من بلد وقع فيها الوباء فرارًا منه وكراهة القدوم عليه قال الله تعالى: {أَيْنَمَا تَكُونُوا يُدْرِكْكُمُ المَوْتُ وَلَوْ كُنْتُمْ فِي بُرُوجٍ مُشَيَّدَةٍ} [النساء: 78]. وقال تعالى: {وَلاَ تُلْقُوا بِأيْدِيكُمْ إلَى التَّهْلُكَةِ} [البقرة: 195]. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 497 1791 - وعن ابن عباس رضي الله عنهما: أنَّ عمرَ بن الخطاب - رضي الله عنه - خرج إلى الشَّامِ حَتَّى إذا كَانَ بسَرْغَ (1) لَقِيَهُ أُمَرَاءُ الأَجْنَادِ - أَبُو عُبَيْدَةَ بنُ الجَرَّاحِ وأصْحَابُهُ - فَأخْبَرُوهُ أنَّ الوَبَاءَ قَدْ وَقَعَ بِالشَّامِ. قَال ابن عباس: فقال لي عمر: ادْعُ لِي المُهَاجِرِينَ الأَوَّلِينَ، فَدَعَوْتُهُمْ فَاسْتَشَارَهُمْ وَأخْبَرَهُمْ أنَّ الوَبَاءَ قَدْ وَقَعَ بالشَّامِ، فَاخْتَلَفُوا، فَقَالَ بَعْضُهُمْ: خَرَجْتَ لأَمْرٍ، وَلاَ نَرَى أَنْ تَرْجِعَ عَنْهُ. وَقَالَ بَعضهم: مَعَكَ بَقِيَّةُ النَّاسِ وأصْحَابُ رسُولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - وَلاَ نَرَى أَنْ تُقْدِمَهُمْ عَلَى هَذَا الوَبَاء. فقال: ارْتَفِعُوا عَنِّي. ثُمَّ قَالَ: ادْعُ لِي الأَنْصَارَ، فَدَعَوْتُهُمْ، فَاسْتَشَارَهُمْ، فَسَلَكُوا سَبيلَ المُهَاجِرينَ، وَاخْتَلَفُوا كاخْتِلاَفِهِمْ، فقال: ارْتَفِعُوا عَنِّي. ثُمَّ قَالَ: ادْعُ لِي مَنْ كَانَ هاهُنَا مِنْ مَشْيَخَةِ قُريشٍ مِنْ مُهَاجِرَةِ الفَتْحِ، فَدَعَوْتُهُمْ، فَلَمْ يَخْتَلِفْ عَلَيْهِ مِنْهُمْ رَجُلاَنِ، فَقَالُوا: نَرَى أَنْ تَرْجِعَ بِالنَّاسِ، وَلاَ تُقْدِمَهُمْ عَلَى هَذَا الوَبَاءِ، فَنَادَى عُمَرُ - رضي الله عنه - في النَّاسِ: إنِّي مُصَبحٌ عَلَى ظَهْرٍ، فَأَصْبِحُوا عليْهِ، فقال أبو عبيدة بن الجراح - رضي الله عنه: أفِرارًا مِنْ قَدَرِ الله؟ فقالَ عُمرُ - رضي الله عنه: لو غَيْرُكَ قَالَهَا يا أبا عبيدَةَ! - وَكَانَ عُمَرُ يَكْرَهُ خِلاَفَهُ - نَعَمْ، نَفِرُّ مِنْ قَدَرِ اللهِ إلى قَدَرِ اللهِ، أرَأيْتَ لَو كَانَ لَكَ إبِلٌ، فَهَبَطَتْ وَادِيًا لَهُ عُدْوَتَانِ، إحْدَاهُمَا خَصْبَةٌ، وَالأُخْرَى جَدْبَةٌ، أَلَيسَ إنْ رَعَيْتَ الخصْبَةَ رَعَيْتَهَا بِقَدَرِ اللهِ، وَإنْ رَعَيْتَ الجَدْبَةَ رَعَيْتَهَا بِقَدَرِ اللهِ؟ قَالَ: فَجَاءَ عَبدُ الرَّحمانِ بنُ عَوفٍ - رضي الله عنه - وَكَانَ مُتَغَيِّبًا في بَعْضِ حاجَتِهِ، فقالَ: إنَّ عِنْدِي من هَذَا [ص: 498] علمًا، سَمِعْتُ رسولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - يقولُ: «إِذَا سَمِعْتُمْ بِهِ بأرْضٍ فَلاَ تَقْدِمُوا عَلَيْهِ، وَإِذَا وَقَعَ بِأرْضٍ وَأنْتُمْ بِهَا فَلاَ تَخْرُجُوا فِرارًا مِنْهُ» فحمِدَ اللهَ تَعَالَى عمرُ - رضي الله عنه - وانصَرَفَ. متفق عَلَيْهِ. (2) و «العُدْوَة»: جانِب الوادِي.   (1) بفتح أوله وسكون ثانيه ثم غين معجمة وفي رواية مهملة، وهي أول الحجاز وآخر الشام بين المغيثة وتبوك. انظر: معجم البلدان 5/ 39. (2) أخرجه: البخاري 7/ 168 (5729)، ومسلم 7/ 29 (2219) (98). الحديث: 1791 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 497 1792 - وعن أسامة بن زيد - رضي الله عنه - عن النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: «إِذَا سَمِعْتُمُ الطَّاعُونَ (1) بِأَرْضٍ، فَلاَ تَدْخُلُوهَا، وَإِذَا وَقَعَ بِأرْضٍ، وأنْتُمْ فِيهَا، فَلاَ تَخْرُجُوا مِنْهَا». متفق عَلَيْهِ. (2)   (1) قال بعض أهل العلم: إنَّه نوع خاص من الوباء، وإنَّه عبارة عن تقرحات في البدن تصيب الإنسان وتجري جريان السيل حتى نقضي عليه، وقيل: إنَّ الطاعون وخز في البطن يصيب الإنسان فيموت، وقيل: إنَّ الطاعون اسم لكل وباء عام ينتشر بسرعة، كالكوليرا وغيرها، وهذا أقرب. قاله الشيخ ابن عثيمين في شرح رياض الصالحين 4/ 355 (2) أخرجه: البخاري 4/ 212 (3473)، ومسلم 7/ 26 (2218) (92). الحديث: 1792 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 498 362 - باب التغليظ في تحريم السحر قَالَ الله تَعَالَى: {وَمَا كَفَرَ سُلَيْمَانُ وَلكِنَّ الشَّيَاطِينَ كَفَرُوا يُعَلِّمُونَ النَّاسَ السِّحْرَ} [البقرة: 102]. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 498 1793 - وعن أَبي هريرة - رضي الله عنه - عن النَّبيّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: «اجْتَنِبُوا السَّبْعَ الْمُوبِقَاتِ». قالوا: يَا رسولَ اللهِ، وَمَا هُنَّ؟ قَالَ: «الشِّرْكُ باللهِ، وَالسِّحْرُ، وَقَتْلُ النَّفْسِ الَّتي حَرَّمَ اللهُ إِلاَّ بِالحَقِّ، وأكْلُ الرِّبَا، وأكْلُ مَالِ اليَتِيمِ، وَالتَّوَلِّي يَوْمَ الزَّحْفِ؛ وَقَذْفُ المُحْصَنَاتِ المُؤْمِنَاتِ الغَافِلاَتِ». متفق عَلَيْهِ. (1)   (1) أخرجه: البخاري 4/ 12 (2766)، ومسلم 1/ 64 (89) (145). الحديث: 1793 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 498 363 - باب النهي عن المسافرة بالمصحف إِلَى بلاد الكفار إِذَا خيف وقوعه بأيدي العدوّ 1794 - عن ابن عمر رضي الله عنهما، قَالَ: نَهَى رسولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - أَنْ يُسَافَرَ بالقُرْآنِ إِلَى أرْضِ العَدُوِّ. متفق عَلَيْهِ. (1)   (1) أخرجه: البخاري 4/ 68 (2990)، ومسلم 6/ 30 (1869) (92). الحديث: 1794 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 498 364 - باب تحريم استعمال إناء الذهب وإناء الفضة في الأكل والشرب والطهارة وسائر وجوه الاستعمال 1795 - عن أُمِّ سلمة رَضِيَ اللهُ عنها: أنَّ رسُولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: «الَّذِي يَشْرَبُ في آنِيَةِ الفِضَّةِ، إنَّمَا يُجَرْجِرُ (1) في بَطْنِهِ نَارَ جَهَنَّمَ» متفق عَلَيْهِ. (2) وفي رواية لمسلم: «إنَّ الَّذِي يَأكُلُ أَوْ يَشْرَبُ في آنِيَةِ الفِضَّةِ والذَّهَبِ».   (1) الجرجرة: هي صوت الماء إذا جرى في الحلق، فهذا الرجل، والعياذ بالله يسقى من نار جهنم نسأل الله العافية، حتى يجرجر الصوت في بطنه كما جرجر في الدنيا. قاله الشيخ ابن عثيمين في شرح رياض الصالحين 4/ 366. (2) انظر الحديث (777). الحديث: 1795 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 499 1796 - وعن حُذَيفَةَ - رضي الله عنه - قَالَ: إنَّ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - نهانا عنِ الحَريِرِ، وَالدِّيبَاجِ، وَالشُّرْبِ في آنِيَةِ الذَّهَبِ وَالفِضَّةِ، وقالَ: «هُنَّ لَهُمْ في الدُّنْيَا، وَهِيَ لَكُمْ فِي الآخِرَةِ». متفق عَلَيْهِ. (1) وفي رواية في الصحيحين عن حُذيْفَةَ - رضي الله عنه: سَمِعْتُ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - يقولُ: «لاَ تَلْبسُوا الحَرِيرَ وَلاَ الدِّيبَاجَ، وَلاَ تَشْرَبُوا فِي آنِيَةِ الذَّهَبِ وَالفِضَّةِ وَلاَ تَأكُلُوا في صِحَافِهَا».   (1) أخرجه: البخاري 7/ 99 - 146 (5426) و (5632)، ومسلم 6/ 136 (2067) (4) و (5)، وانظر الحديث (776). الحديث: 1796 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 499 1797 - وعن أنس بن سِيِرين، قَالَ: كنتُ مَعَ أنس بن مالك - رضي الله عنه - عِنْدَ نَفَرٍ مِنَ المَجُوسِ؛ فَجِيءَ بفَالُوذَجٍ (1) عَلَى إنَاءٍ مِنْ فِضَّةٍ، فَلَمْ يَأَكُلْهُ، فَقِيلَ لَهُ: حَوِّلْهُ، فَحَوَّلَهُ عَلَى إناءٍ مِنْ خَلَنْجٍ وَجِيءَ بِهِ فَأَكَلَهُ. رواه البيهقي بإسناد حسن. (2) «الخَلَنْج»: الجفْنَةُ (3).   (1) نوع من الحلوى. (2) أخرجه: البيهقي 1/ 28. (3) الجفنة: أعظم ما يكون من القصاع. اللسان 2/ 310. الحديث: 1797 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 499 365 - باب تحريم لبس الرجل ثوبًا مزعفرًا 1798 - عن أنس - رضي الله عنه - قَالَ: نَهَى النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - أَنْ يَتَزَعْفَرَ (1) الرجُل. متفق عَلَيْهِ. (2)   (1) وهو أن يصبغ الرجل ثيابه أو جسده بالزعفران. (2) أخرجه: البخاري 7/ 197 (5846)، ومسلم 6/ 155 (2101) (77). الحديث: 1798 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 499 1799 - وعن عبد اللهِ بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما، قَالَ: رأى النَّبيُّ - صلى الله عليه وسلم - عَلَيَّ ثَوْبَيْنِ مُعَصْفَرَيْنِ، فَقَالَ: «أُمُّكَ أمَرَتْكَ بِهَذا؟» (1) قلتُ: أَغْسِلُهُمَا؟ قَالَ: «بَلْ أَحْرِقْهُمَا». وفي رواية، فَقَالَ: «إنَّ هَذَا مِنْ ثِيَابِ الكُفَّارِ فَلاَ تَلْبَسْهَا». رواه مسلم. (2)   (1) قال النووي في شرح صحيح مسلم 7/ 246: «قوله - صلى الله عليه وسلم: «أمك أمرتك بهذا؟» معناه أنَّ هذا من لباس النساء وزيهن وأخلاقهن وأما الأمر بإحراقهما فقيل: هو عقوبة وتغليظ لزجره وزجر غيره عن مثل هذا الفعل». (2) أخرجه: مسلم 6/ 144 (2077) (27) و (28). الحديث: 1799 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 500 366 - باب النهي عن صمت يوم إلَى الليل 1800 - عن عليٍّ - رضي الله عنه - قَالَ: حَفِظْتُ عَنْ رَسُولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم: «لاَ يُتْمَ بَعْدَ احْتِلاَمٍ، وَلاَ صُمَاتَ يَومٍ إِلَى اللَّيْلِ». رواه أَبُو داود بإسناد حسن. (1) قَالَ الخَطَّابِيُ (2) في تَفسيرِ هَذَا الحديث: كَانَ مِنْ نُسُكِ الجَاهِلِيَّةِ الصُّمَاتُ. فَنُهُوا في الإسْلاَمِ عَن ذَلِكَ وأُمِرُوا بالذِّكْرِ وَالحَدِيثِ بالخَيْرِ.   (1) أخرجه: أبو داود (2873). (2) انظر: معالم السنن 4/ 81. الحديث: 1800 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 500 1801 - وعن قيس بن أَبي حازم، قَالَ: دَخَلَ أَبُو بكر الصِّدِّيق - رضي الله عنه - عَلَى امْرأَةٍ مِنْ أحْمَسَ يُقَالُ لَهَا: زَيْنَبُ، فَرَآهَا لاَ تَتَكَلَّمُ. فَقَالَ: مَا لَهَا لا تتكلمُ؟ فقالوا: حَجَّتْ مصمِتةً، فقالَ لها: تَكَلَّمِي، فَإنَّ هَذَا لاَ يَحِلُّ، هَذَا مِنْ عَمَلِ الجَاهِليَّةِ، فَتَكَلَّمَتْ. رواه البخاري. (1)   (1) أخرجه: البخاري 5/ 52 (3834). الحديث: 1801 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 500 367 - باب تحريم انتساب الإنسان إِلَى غير أَبيه وَتَولِّيه إِلَى غير مَواليه 1802 - عن سعد بن أَبي وقاص - رضي الله عنه: أنَّ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: «مَنِ ادَّعَى إِلَى غَيْرِ أبِيهِ وَهُوَ يَعْلَمُ أنَّهُ غَيْرُ أبِيهِ، فالجَنَّةُ عَلَيْهِ حَرَامٌ» (1). متفق عَلَيْهِ. (2)   (1) الإنسان يجب عليه أن ينتسب إلى أهله: أبيه، جده، جد أبيه ... وما أشبه ذلك، ولا يحل له أن ينتسب إلى غير أبيه وهو يعلم أنه ليس بأبيه، فمثلًا: إذا كان أبوه من القبيلة الفلانية، ورأى أن هذه القبيلة فيها نقص عن القبيلة الأخرى، فانتمى إلى قبيلة ثانية أعلى حسبًا؛ لأجل أن يزيل عن نفسه عيب قبيلته، فإن هذا - والعياذ بالله - ملعون، عليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين، لا يقبل الله منه يوم القيامة صرفًا ولا عدلًا. شرح رياض الصالحين 4/ 370. (2) أخرجه: البخاري 8/ 194 (6766)، ومسلم 1/ 57 (63) (115). الحديث: 1802 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 500 1803 - وعن أَبي هريرة - رضي الله عنه - عن النبيّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: «لاَ تَرْغَبُوا عَنْ آبَائِكُمْ، فَمَنْ رَغِبَ عَنْ أبِيهِ، فَهُوَ كُفْرٌ». متفق عَلَيْهِ. (1)   (1) أخرجه: البخاري 8/ 194 (6768)، ومسلم 1/ 57 (62) (113). الحديث: 1803 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 501 1804 - وعن يزيد بن شريكِ بن طارِقٍ، قَالَ: رَأيتُ عَلِيًّا - رضي الله عنه - عَلَى المِنْبَرِ يَخْطُبُ، فَسَمِعْتُهُ يقُولُ: لاَ واللهِ مَا عِنْدَنَا مِنْ كِتَابٍ نَقْرؤُهُ إِلاَّ كِتَابَ اللهِ، وَمَا في هذِهِ الصَّحِيفَةِ (1)، فَنَشَرَهَا فَإذَا فِيهَا أَسْنَانُ الإبِلِ، وَأشْيَاءُ مِنَ الجَرَاحَاتِ، وَفِيهَا: قَالَ رسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم: «المَدينَةُ حَرَمٌ مَا بَيْنَ عَيْرٍ إِلَى ثَوْرٍ، فَمَنْ أحْدَثَ فِيهَا حَدَثًا، أَوْ آوَى مُحْدِثًا، فَعَلَيْهِ لَعْنَةُ اللهِ وَالمَلاَئِكَةِ وَالنَّاسِ أجْمَعِينَ، لاَ يَقْبَلُ اللهُ مِنْهُ يَومَ القِيَامَةِ صَرْفًا وَلاَ عَدْلًا. ذِمَّةُ المُسْلِمينَ وَاحِدَةٌ، يَسْعَى بِهَا أَدْنَاهُمْ، فَمَنْ أَخْفَرَ مُسْلِمًا، فَعَلَيْهِ لَعْنَةُ اللهِ وَالمَلائِكَةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ، لاَ يَقْبَلُ اللهُ مِنْهُ يَومَ القِيَامَةِ صَرْفًا وَلاَ عَدْلًا. وَمَن ادَّعَى إِلَى غَيرِ أَبيهِ، أَوْ انْتَمَى إِلَى غَيرِ مَوَاليهِ، فَعَلَيْهِ لَعْنَةُ اللهِ وَالمَلاَئِكَةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعينَ؛ لاَ يَقْبَلُ اللهُ مِنْهُ يَومَ القِيَامَةِ صَرْفًا وَلاَ عَدْلًا». متفق عَلَيْهِ. (2) «ذِمَّةُ المُسْلِمِينَ» أيْ: عَهْدُهُمْ وأمَانَتُهُمْ. «وأخْفَرَهُ»: نَقَضَ عَهْدَهُ. «وَالصَّرْفُ»: التَّوْبَةُ، وَقِيلَ الحِيلَةُ. «وَالعَدْلُ»: الفِدَاءُ.   (1) قال المصنف رحمه الله تعالى في شرح صحيح مسلم 5/ 121: «هذا تصريح من علي رضي الله تعالى عنه بإبطال ما تزعمه الرافضة والشيعة، ويخترعونه من قولهم: إن عليًا رضي الله تعالى عنه أوصى إليه النبي - صلى الله عليه وسلم - بأمور كثيرة من أسرار العلم وقواعد الدين وكنوز الشريعة، وأنه - صلى الله عليه وسلم - خص أهل البيت بما لم يطلع عليه غيرهم، وهذه دعاوى باطلة واختراعات فاسدة، لا أصل لها ويكفي في إبطالها قول علي - رضي الله عنه - هذا». (2) أخرجه: البخاري 3/ 26 (1870)، ومسلم 4/ 115 (1370) (467). الحديث: 1804 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 501 1805 - وعن أَبي ذَرٍّ - رضي الله عنه: أنَّه سَمِعَ رَسُولَ الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: «لَيْسَ مِنْ رَجُلٍ ادَّعَى لِغَيرِ أَبِيهِ وَهُوَ يَعْلَمُهُ إِلاَّ كَفَرَ، وَمَنِ ادَّعَى مَا لَيْسَ لَهُ، فَلَيْسَ مِنَّا، وَلَيَتَبَوَّأْ مَقْعَدَهُ مِنَ [ص: 502] النَّارِ، وَمَنْ دَعَا رَجُلًا بالكُفْرِ، أَوْ قَالَ: عَدُو اللهِ، وَلَيْسَ كَذَلِكَ إِلاَّ حَارَ (1) عَلَيْهِ». متفق عَلَيْهِ، وهذا لفظ رواية مسلم. (2)   (1) أي: رجع عليه. (2) أخرجه: البخاري 4/ 219 (3508)، ومسلم 1/ 57 (61) (112). الحديث: 1805 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 501 368 - باب التحذير من ارتكاب ما نهى الله - عز وجل - أَو رسوله - صلى الله عليه وسلم - عنه قال الله تعالى: {فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أمْرِهِ أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ} [النور: 63]، وقال تعالى: {وَيُحَذِّرُكُمُ اللهُ نَفْسَهُ} [آل عمران: 30]، وقال تعالى: {إنَّ بَطْشَ رَبِّكَ لَشَدِيدٌ} [البروج: 12]، وقال تعالى: {وَكَذِلكَ أَخْذُ رَبِّكَ إِذَا أَخَذَ القُرَى وَهِيَ ظَالِمَةٌ إنَّ أَخْذَهُ أَلِيمٌ شَدِيدٌ? [هود: 102]. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 502 1806 - وعن أبي هريرة - رضي الله عنه: أنَّ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - قالَ: «إنَّ اللهَ تَعَالَى يَغَارُ، وَغَيْرَة اللهِ، أَنْ يَأْتِيَ المَرْءُ مَا حَرَّمَ اللهُ عَلَيْهِ». متفق عليه. (1)   (1) انظر الحديث (64). الحديث: 1806 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 502 369 - باب ما يقوله ويفعله من ارتكب منهيًا عنه قال الله تعالى: {وَإمَّا يَنْزَغَنَّكَ مِنَ الشَّيْطَانِ نَزْغٌ فَاسْتَعِذْ بِاللهِ} [فصلت: 36]، وقال تعالى: {إنَّ الَّذِينَ اتَّقَوْا إذَا مَسَّهُمْ طَائِفٌ مِنَ الشَّيْطَانِ تَذَكَّرُوا فَإِذَا هُمْ مُبْصِرُونَ} [الأعراف: 201]، وقال تعالى: {وَالَّذِينَ إذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً أَوْ ظَلَمُوا أنْفُسَهُمْ ذَكَرُوا اللهَ فَاسْتَغْفَرُوا لِذُنُوبِهِمْ وَمَنْ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إلاَّ اللهُ وَلَمْ يُصِرُّوا عَلَى مَا فَعَلُوا وَهُمْ يَعْلَمُونَ أُوْلَئِكَ جَزَاؤُهُمْ مَغْفِرَةٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَجَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الأنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَنِعْمَ أَجْرُ العَامِلينَ} [آل عمران: 135 - 136]، وقال تعالى: {وَتُوبُوا إِلَى اللهِ جَمِيعًا أَيُّهَا المُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ} [النور: 31]. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 502 1807 - وعن أبي هريرة - رضي الله عنه - عن النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - قال: «مَنْ حَلَفَ فَقَالَ في حَلفِهِ: بِاللاَّتِ وَالعُزَّى (1)، فَلْيَقُلْ: لاَ إلَهَ إلاَّ اللهُ، وَمَنْ قَالَ لِصَاحِبهِ: تَعَالَ أُقَامِركَ فَلْيَتَصَدَّقْ».متفق عليه. (2)   (1) وهذا يشمل كل حلف بغير الله جل ذكره. (2) أخرجه: البخاري 6/ 176 (4860)، ومسلم 5/ 81 (1647) (5). الحديث: 1807 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 502 (18) - كتَاب المنثُورَات وَالمُلَحِ (1) 370 - باب أحاديث الدّجال وأشراط الساعة وغيرها 1808 - عن النواس بن سمعان - رضي الله عنه - قال: ذَكَرَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - الدَّجَّالَ ذَاتَ غَدَاةٍ، فَخَفَّضَ فِيهِ وَرَفَّعَ حَتَّى ظَنَنَّاهُ في طَائِفَةِ النَّخْلِ. فَلَمَّا رُحْنَا إلَيْهِ، عَرَفَ ذلِكَ فِينَا، فَقالَ: «مَا شَأْنُكُمْ؟» قُلْنَا: يا رَسُولَ اللهِ، ذَكَرْتَ الدَّجَّالَ الغَدَاةَ، فَخَفَّضْتَ فِيهِ وَرَفَّعْتَ، حَتَّى ظَنَنَّاهُ فِي طَائِفَةِ النَّخْلِ، فقالَ: «غَيْرُ الدَّجَّالِ أَخْوَفنِي عَلَيْكُمْ، إنْ يَخْرُجْ وَأنَا فِيكُمْ، فَأنَا حَجِيجُهُ دُونَكُمْ؛ وَإنْ يَخْرُجْ وَلَسْتُ فِيكُمْ، فَامْرُؤٌ حَجيجُ نَفْسِهِ، واللهُ خَلِيفَتي عَلَى كُلِّ مُسْلِمٍ. إنَّهُ شَابٌّ قَطَطٌ عَيْنُهُ طَافِيَةٌ (2)، كَأنّي أُشَبِّهُهُ بعَبْدِ العُزَّى بنِ قَطَنٍ، فَمَنْ أدْرَكَهُ مِنْكُمْ، فَلْيَقْرَأ عَلَيْهِ فَواتِحَ سُورَةِ الكَهْفِ (3)؛ إنَّهُ خَارِجٌ خَلَّةً بَيْنَ الشَّامِ وَالعِرَاقِ، فَعَاثَ يَمِينًا وَعَاثَ شِمالًا، يَا عِبَادَ اللهِ فَاثْبُتُوا» قُلْنَا: يَا رسُولَ اللهِ، وَمَا لُبْثُهُ في الأرْضِ؟ قال: «أرْبَعُونَ يَومًا: يَوْمٌ كَسَنَةٍ، وَيَوْمٌ كَشَهْرٍ، وَيَوْمٌ كَجُمْعَةٍ، وَسَائِرُ أيَّامِهِ كَأَيَّامِكُمْ» قُلْنَا: يَا رَسُولَ اللهِ، فَذلكَ اليَوْمُ الَّذِي كَسَنَةٍ أتَكْفِينَا فِيهِ صَلاَةُ يَوْمٍ؟ قَال: «لا، اقْدُرُوا لَهُ قَدْرَهُ». قُلْنَا: يا رسولَ اللهِ، وَمَا إسْراعُهُ في الأرْضِ؟ قال: «كَالغَيْثِ اسْتَدْبَرَتْهُ الرِّيحُ، فَيَأتِي عَلَى القَوْمِ، فَيدْعُوهُم فَيُؤمِنُونَ بِهِ وَيَسْتَجِيبُونَ لَهُ، فَيَأمُرُ السَّمَاءَ فَتُمْطِرُ، وَالأرْضَ فَتُنْبِتُ، فَتَرُوحُ عَلَيْهِمْ سَارِحَتُهُمْ أطْوَلَ مَا كَانَتْ ذُرًى   (1) جمع ملحة وهو ما يستملح ويستعذب. شرح رياض الصالحين 4/ 379. (2) قطط: يعني مجتمع الخلق، عينه طافية: يعني لا يبصر بها كأنه عنبة طافية فهو أعور خبيث. (3) كما ورد في صحيح مسلم عن أبي الدرداء: أنَّ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - قال: «من حفظ عشر آيات من أول سورة الكهف، عصم من الدجال». الحديث: 1808 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 503 وَأسْبَغَهُ ضُرُوعًا، وأمَدَّهُ خَوَاصِرَ، ثُمَّ يَأتِي القَوْمَ فَيَدْعُوهُمْ، فَيَرُدُّونَ عَلَيْهِ قَولَهُ، فَيَنْصَرفُ عَنْهُمْ، فَيُصْبِحُونَ مُمْحِلِينَ لَيْسَ بِأيْدِيهِمْ شَيْءٌ مِنْ أمْوَالِهِمْ، وَيَمُرُّ بِالخَرِبَةِ، فَيَقُولُ لَهَا: أخْرِجِي كُنُوزَكِ، فَتَتْبَعُهُ كُنُوزُهَا كَيَعَاسِيبِ النَّحْلِ، ثُمَّ يَدْعُو رَجُلًا مُمْتَلِئًا شَبَابًا فَيَضْرِبُهُ بِالسَّيْفِ، فَيَقْطَعُهُ جِزْلَتَيْنِ رَمْيَةَ الغَرَضِ، ثُمَّ يَدْعُوهُ، فَيُقْبِلُ، وَيَتَهَلَّلُ وَجْهُهُ يَضْحَكُ، فَبَيْنَمَا هُوَ كَذلِكَ إذْ بَعَثَ اللهُ تَعَالَى المَسيحَ ابْنَ مَرْيَمَ - صلى الله عليه وسلم - فَيَنْزِلُ عِنْدَ المَنَارَةِ البَيْضَاءِ شَرْقِيَّ دِمَشقَ بَيْنَ مَهْرُودَتَيْنِ، وَاضِعًا كَفَّيْهِ عَلَى أَجْنِحَةِ مَلَكَيْنِ، إذا طَأطَأَ رَأسَهُ قَطَرَ، وَإِذَا رَفَعَهُ تَحَدَّرَ مِنهُ جُمَانٌ كَاللُّؤْلُؤ، فَلاَ يَحِلُّ لِكَافِرٍ يَجِدُ رِيحَ نَفَسِهِ إلاَّ مَاتَ، وَنَفَسُهُ يَنْتَهِي إلى حَيثُ يَنْتَهِي طَرْفُهُ، فَيَطْلُبُهُ حَتَّى يُدْرِكَهُ بِبَابِ لُدٍّ (1) فَيَقْتُلُهُ، ثُمَّ يَأتِي عِيسَى - صلى الله عليه وسلم - قَومًا قَدْ عَصَمَهُمُ اللهُ مِنهُ، فَيَمْسَحُ عَنْ وُجُوهِهِمْ وَيُحَدِّثُهُمْ بِدَرَجَاتِهِمْ فِي الجَنَّةِ، فَبَيْنَمَا هُوَ كَذلِكَ إذْ أوْحَى اللهُ تَعَالَى إلى عِيسَى - صلى الله عليه وسلم: أنِّي قَدْ أخْرَجْتُ عِبَادًا لي لا يَدَانِ لأَحَدٍ بِقِتَالِهِمْ، فَحَرِّزْ عِبَادِي إلى الطُّورِ. وَيَبْعَثُ اللهُ يَأجُوجَ وَمَأجُوجَ وَهُمْ مِنْ كُلِّ حَدَبٍ يَنْسِلُونَ، فَيَمُرُّ أوائِلُهُمْ عَلَى بُحيرَةِ طَبَريَّةَ فَيَشْرَبُونَ مَا فِيهَا، وَيَمُرُّ آخِرُهُمْ فَيَقُولُونَ: لَقَدْ كَانَ بهذِهِ مَرَّةً ماءٌ، وَيُحْصَرُ نَبيُّ اللهِ عِيسَى - صلى الله عليه وسلم - وأصْحَابُهُ حَتَّى يَكُونَ رَأْسُ الثَّوْرِ لأَحَدِهِمْ خَيْرًا مِنْ مِئَةِ دينَارٍ لأَحَدِكُمُ اليَوْمَ، فَيَرْغَبُ نَبِيُّ اللهِ عِيسَى - صلى الله عليه وسلم - وأصْحَابُهُ - رضي الله عنهم - إلى اللهِ تَعَالَى، فَيُرْسِلُ اللهُ تَعَالَى عَلَيْهِمُ النَّغَفَ في رِقَابِهِمْ، فَيُصْبِحُونَ فَرْسَى كَمَوْتِ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ، ثُمَّ يَهْبِطُ نَبِيُّ اللهِ عِيسَى - صلى الله عليه وسلم - وأصْحَابُهُ - رضي الله عنهم - إلى الأرْضِ، فَلاَ يَجِدُونَ في الأرْضِ مَوْضِعَ شِبْرٍ إلاَّ مَلأَهُ زَهَمُهُمْ وَنَتَنُهُمْ، فَيَرْغَبُ نَبِيُّ اللهِ عِيسَى - صلى الله عليه وسلم - وَأصْحَابُهُ - رضي الله عنهم - إلى اللهِ تَعَالَى، فَيُرْسِلُ اللهُ تَعَالَى طَيْرًا كَأَعْنَاقِ البُخْتِ، فَتَحْمِلُهُمْ، فَتَطْرَحُهُمْ حَيثُ شَاءَ اللهُ، ثُمَّ يُرْسِلُ اللهُ - عز وجل - مَطَرًا لاَ يُكِنُّ مِنهُ بَيْتُ مَدَرٍ وَلاَ وَبَرٍ، فَيَغْسِلُ الأرْضَ حَتَّى يَتْرُكَهَا كَالزَّلَقَةِ، ثُمَّ يُقَالُ للأرْضِ: أنْبِتي ثَمَرتكِ، وَرُدِّي بَرَكَتَكِ، فَيَوْمَئِذٍ تَأكُلُ العِصَابَةُ مِنَ الرُّمَّانَةِ، وَيَسْتَظِلُّونَ بِقَحْفِهَا، وَيُبَارَكُ فِي الرِّسْلِ حَتَّى أنَّ اللّقْحَةَ مِنَ الإِبِلِ لَتَكْفِي الفِئَامَ مِنَ النَّاسِ؛ وَاللِّقْحَةَ مِنَ البَقَرِ لَتَكْفِي القَبِيلَةَ مِنَ النَّاسِ، وَاللِّقْحَةَ مِنَ الغَنَمِ لَتَكْفِي الفَخِذَ مِنَ النَّاسِ؛ فَبَيْنَمَا هُمْ كَذَلِكَ إذْ بَعَثَ اللهُ تَعَالَى ريحًا طَيِّبَةً فَتَأخُذُهُمْ تَحْتَ آبَاطِهِمْ   (1) قرية قرب بيت المقدس، من نواحي فلسطين، يقتل عيسى بن مريم الدجال ببابها. مراصد الاطلاع 3/ 1202. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 504 فَتَقْبِضُ رُوحَ كُلِّ مُؤْمِنٍ وَكُلِّ مُسْلِمٍ؛ وَيَبْقَى شِرَارُ النَّاسِ يَتَهَارَجُونَ فِيها تَهَارُجَ الحُمُرِ، فَعَلَيْهِمْ تَقُومُ السَّاعَةُ». رواه مسلم. (1) قولهُ: «خَلَّةً بَينَ الشَّامِ والعِراَقِ»: أي طَرِيقًا بَيْنَهُمَا. وقولُهُ: «عَاثَ» بالعين المهملة والثاء المثلثة، وَالعَيْثُ: أَشَدُّ الفَسَاد. «وَالذُّرَى»: بضم الذال المعجمة وهو أعالي الأسْنِمَةِ وهوَ جَمعُ ذِروةٍ بضمِ الذالِ وكَسْرها «وَاليَعَاسِيبُ»: ذُكُورُ النَّحْلِ. «وَجِزْلَتَيْنِ»: أيْ قِطْعَتَيْنِ، «وَالغَرَضُ»: الهَدَفُ الَّذي يُرْمَى إلَيْهِ بالنَّشَّابِ، أيْ: يَرْمِيهِ رَمْيَةً كَرَمْيَةِ النَّشَّابِ إلى الهَدَفِ. «وَالمَهْرُودَةُ» بالدال المهملة والمعجمة، وهي: الثَّوْبُ المَصْبُوغُ. قَولُهُ: «لاَ يَدَانِ»: أيْ لاَ طَاقَةَ. «وَالنَّغَفُ»: دُودٌ. «وَفَرْسَى»: جَمْعُ فَرِيسٍ، وَهُوَ القَتِيلُ. وَ «الزَّلَقَةُ»: بفتح الزاي واللام وبالقاف، وَرُوي: الزُّلْفَةُ بضم الزاي وإسكان اللام وبالفاء وهي المِرْآةُ. «وَالعِصَابَةُ»: الجَمَاعَةُ. «وَالرِّسْلُ» بكسرِ الراء: اللَّبَنُ. «وَاللِّقْحَةُ»: اللَّبُونُ. «وَالفِئَامُ» بكسر الفاء وبعدها همزة ممدودة: الجماعةُ. «وَالفَخِذُ» مِنَ النَّاسِ: دُونَ القَبِيلَة.   (1) أخرجه: مسلم 8/ 196 (2937) (110). الجزء: 1 ¦ الصفحة: 505 1809 - وعن رِبعِيِّ بنِ حِرَاشٍ، قال: انطلقت مع أبي مسعود الأنصاري إلى حُذَيفَةَ بن اليمان - رضي الله عنهم - فقال له أبو مسعود: حَدِّثْنِي ما سَمِعْتَ مِنْ رَسُولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - في الدَّجَّالِ، قال: «إنَّ الدَّجَّالَ يَخْرُجُ، وإنَّ مَعَهُ مَاءً وَنَارًا، فَأَمَّا الَّذِي يَرَاهُ النَّاسُ مَاءً فَنَارٌ تُحْرِقُ، وأمَّا الَّذِي يَرَاهُ النَّاسُ نَارًا، فَمَاءٌ بَارِدٌ عَذْبٌ. فَمَنْ أدْرَكَهُ مِنْكُمْ، فَلْيَقَعْ فِي الَّذي يَراهُ نَارًا، فَإنَّهُ مَاءٌ عَذْبٌ طَيِّبٌ» فقال أبو مسعود: وَأنَا قَدْ سَمِعْتُهُ. متفق عليه. (1)   (1) أخرجه: البخاري 4/ 205 (3450)، ومسلم 8/ 195 (2934) (107). الحديث: 1809 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 505 1810 - وعن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما، قال: قال رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم: «يَخْرُجُ الدَّجَّالُ في أُمَّتِي فَيَمْكُثُ أرْبَعِينَ، لاَ أدْرِي أرْبَعِينَ يَومًا أو أرْبَعِينَ شَهْرًا، أو أرْبَعِينَ عَامًا، فَيَبْعَثُ اللهُ تَعالَى عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ - صلى الله عليه وسلم - فَيَطْلُبُهُ فَيُهْلِكُهُ، ثُمَّ يَمْكُثُ النَّاسُ سَبْعَ سِنِينَ لَيسَ بَينَ اثْنَينِ عَدَاوةٌ، ثُمَّ يُرْسِلُ اللهُ - عز وجل - ريحًا بَارِدَةً مِنْ قِبَلِ الشَّامِ، فَلاَ يَبْقَى عَلَى وَجْهِ الأَرْضِ أَحَدٌ فِي قَلْبِهِ مِثْقَالُ ذَرَّةٍ مِنْ خَيرٍ أو إيمَانٍ إلاَّ قَبَضَتْهُ، حَتَّى لو أنَّ أَحَدَكُمْ دَخَلَ فِي كَبِدِ جَبَلٍ، لَدَخَلَتْهُ عَلَيهِ حَتَّى تَقْبِضَهُ، فَيَبْقَى شِرَارُ النَّاسِ في خِفَّةِ الطَّيْرِ، وأحْلامِ السِّبَاعِ، لاَ يَعْرِفُونَ مَعْرُوفًا، ولا يُنْكِرُونَ مُنْكَرًا، فَيَتَمَثَّلُ لَهُمُ الشَّيْطَانُ، فيَقُولُ: [ص: 506] ألاَ تَسْتَجِيبُونَ؟ فَيَقُولُونَ: فَمَا تأمُرُنَا؟ فَيَأمُرُهُمْ بِعِبَادَةِ الأوْثَانِ، وَهُمْ في ذلِكَ دَارٌّ رِزْقُهُمْ، حَسَنٌ عَيشُهُمْ، ثُمَّ يُنْفَخُ في الصُّورِ، فَلاَ يَسْمَعُهُ أحَدٌ إلاَّ أصْغَى لِيتًا وَرَفَعَ لِيتًا، وَأوَّلُ مَنْ يَسْمَعُهُ رَجُلٌ يَلُوطُ (1) حَوْضَ إبِلِهِ فَيُصْعَقُ ويُصْعَقُ النَّاسُ حولهُ، ثُمَّ يُرْسِلُ اللهُ -أو قالَ: يُنْزِلُ اللهُ - مَطَرًا كَأَنَّهُ الطَّلُّ أو الظِّلُّ، فَتَنْبُتُ مِنهُ أجْسَادُ النَّاسِ، ثُمَّ يُنْفَخُ فِيهِ أُخْرَى فَإِذَا هُمْ قِيَامٌ يَنْظُرُونَ، ثُمَّ يُقالُ: يا أَيُّهَا النَّاسُ هَلُمَّ إلَى رَبِّكُمْ، وَقِفُوهُمْ إنَّهُمْ مَسْئُولُونَ، ثُمَّ يُقَالُ: أخْرِجُوا بَعْثَ النَّارِ فَيُقَالُ: مِنْ كَمْ؟ فَيُقَالُ: مِنْ كُلِّ ألْفٍ تِسْعَمِئَةٍ وَتِسْعَةً وتِسْعِينَ؛ فَذَلِكَ يَومٌ يَجْعَلُ الوِلْدَانَ شِيبًا، وَذَلِكَ يَومَ يُكْشَفُ عَنْ سَاقٍ». رواه مسلم. (2) «اللِّيتُ»: صَفْحَةُ العُنُقِ. وَمَعْنَاهُ يَضَعُ صَفْحَةَ عُنُقِهِ وَيَرْفَعُ صَفْحَتَهُ الأُخْرَى.   (1) يلوط: أي يطينه ويصلحه. النهاية 4/ 277. (2) أخرجه: مسلم 8/ 201 (2940) (116). الحديث: 1810 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 505 1811 - وعن أنس - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم: «لَيسَ مِنْ بَلَدٍ إلاَّ سَيَطَؤُهُ الدَّجَّالُ إلاَّ مَكَّةَ وَالمَدِينَةَ؛ وَلَيْسَ نَقْبٌ مِنْ أنْقَابِهِمَا إلاَّ عَلَيْهِ المَلاَئِكَةُ صَافِّينَ تَحْرُسُهُمَا، فَيَنْزِلُ بالسَّبَخَةِ (1)، فَتَرْجُفُ المَدِينَةُ ثَلاَثَ رَجَفَاتٍ، يُخْرِجُ اللهُ مِنْهَا كُلَّ كافِرٍ وَمُنَافِقٍ». رواه مسلم. (2)   (1) هي الأرض التي تعلوها الملوحة ولا تكاد تنبت إلا بعض الشجر. النهاية 2/ 333. (2) أخرجه: مسلم 8/ 206 (2943) (123). الحديث: 1811 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 506 1812 - وعنه - رضي الله عنه: أنَّ رسُولَ الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «يَتْبَعُ الدَّجَّالَ مِنْ يَهُودِ أَصْبَهَانَ (1) سَبْعُونَ ألْفًا عَلَيْهِم الطَّيَالِسَةُ». رواه مسلم. (2)   (1) وهي معروفة من مدن إيران. (2) أخرجه: مسلم 8/ 207 (2944) (124). الحديث: 1812 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 506 1813 - وعن أم شريكٍ رضي الله عنها: أنها سَمِعَتِ النَّبيّ - صلى الله عليه وسلم - يقولُ: «لينْفِرَنَّ النَّاسُ مِنَ الدَّجَّالِ فِي الجِبَالِ». رواه مسلم. (1)   (1) أخرجه: مسلم 8/ 207 (2945) (125). الحديث: 1813 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 506 1814 - وعن عمران بن حُصينٍ رضي الله عنهما، قال: سمعتُ رسولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - يقولُ: «مَا بَيْنَ خَلْقِ آدَمَ إلى قِيَامِ السَّاعَةِ أَمْرٌ أكْبَرُ مِنَ الدَّجَّالِ». رواه مسلم. (1)   (1) أخرجه: مسلم 8/ 207 (2946) (127). الحديث: 1814 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 506 1815 - وعن أبي سعيدٍ الخدري - رضي الله عنه - عن النبيّ - صلى الله عليه وسلم - قال: «يَخْرُجُ الدَّجَّالُ فَيَتَوجَّهُ قِبَلَهُ رَجُلٌ مِنَ المُؤمِنِينَ فَيَتَلَقَّاهُ المَسَالِحُ: مَسَالِحُ الدَّجَّال. فَيقُولُونَ لَهُ: إلى أيْنَ تَعْمِدُ فَيَقُولُ: أعْمِدُ إلى هذَا الَّذِي خَرَجَ. فَيَقُولُونَ لَهُ: أوَمَا تُؤْمِنُ بِرَبِّنَا؟ فَيقُولُ: مَا بِرَبِّنَا خَفَاءٌ! فَيَقُولُونَ: اقْتُلُوهُ. فَيقُولُ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ: ألَيْسَ قَدْ نَهَاكُمْ رَبُّكُمْ أَنْ تَقْتُلُوا أحَدًا دُونَهُ، فَيَنْطَلِقُونَ بِهِ إلى الدَّجَّالِ، فَإذَا رَآهُ المُؤْمِنُ قالَ: يا أيُّهَا النَّاسُ، إنَّ هذَا الدَّجَّال الَّذي ذَكَرَ رَسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم -؛ فَيَأمُرُ الدَّجَّالُ بِهِ فَيُشَبَّحُ؛ فَيَقُولُ: خُذُوهُ وَشُجُّوهُ. فَيُوسَعُ ظَهْرُهُ وَبَطْنُهُ ضَرْبًا، فَيقُولُ: أَوَمَا تُؤْمِنُ بِي؟ فَيَقُولُ: أَنْتَ المَسِيحُ الكَذَّابُ! فَيُؤْمَرُ بِهِ، فَيُؤْشَرُ بِالمنْشَارِ مِنْ مَفْرِقِهِ حَتَّى يُفَرِّقَ بَيْنَ رِجْلَيْهِ. ثُمَّ يَمْشِي الدَّجَّالُ بَيْنَ القِطْعَتَيْنِ ثُمَّ يَقُولُ لَهُ: قُمْ، فَيَسْتَوِي قَائِمًا. ثُمَّ يَقُولُ لَهُ: أَتُؤْمِنُ بِي؟ فَيَقُولُ: ما ازْدَدْتُ فِيكَ إلاَّ بَصِيرَةً. ثُمَّ يَقُولُ: يَا أَيُّهَا النَّاسُ إنَّهُ لاَ يَفْعَلُ بَعْدِي بِأَحَدٍ مِنَ النَّاسِ؛ فَيَأخُذُهُ الدَّجَّالُ لِيَذْبَحَهُ، فَيَجْعَلُ اللهُ مِا بَيْنَ رَقَبَتِهِ إلَى تَرْقُوَتِهِ نُحَاسًا، فَلاَ يَسْتَطِيعُ إلَيهِ سَبيلًا، فَيَأخُذُهُ بِيَدَيْهِ وَرِجْلَيْهِ فَيَقْذِفُ بِهِ، فَيَحْسَبُ النَّاسُ أَنَّهُ قَذَفَهُ إلَى النَّارِ، وَإنَّمَا أُلْقِيَ فِي الجَنَّةِ». فَقَالَ رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم: «هذا أعْظَمُ النَّاس شَهَادَةً عِندَ رَبِّ العَالَمِينَ». رواه مسلم. وروى البخاري بعضه بمعناه (1). «المسالِح»: هُمُ الخُفَرَاءُ والطَّلائِعُ.   (1) أخرجه: البخاري 3/ 28 (1882)، ومسلم 8/ 199 (2938) (113). الحديث: 1815 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 507 1816 - وعن المغيرة بن شعبة - رضي الله عنه - قال: ما سألَ أَحَدٌ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - عَن الدَّجَّالِ أَكْثَرَ مِمَّا سَألْتُهُ؛ وإنَّهُ قَالَ لِي: «مَا يَضُرُّكَ» قُلْتُ: إنَّهُمْ يَقُولُونَ: إنَّ مَعَهُ جَبَلَ خُبْزٍ وَنَهَرَ مَاءٍ. قالَ: «هُوَ أهْوَنُ عَلَى اللهِ مِنْ ذَلكَ». متفق عليه. (1)   (1) أخرجه: البخاري 9/ 74 (7122)، ومسلم 8/ 200 (2939) (114) و (115). الحديث: 1816 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 507 1817 - وعن أنس - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم: «مَا مِنْ نَبِيٍّ إلاَّ وَقَدْ أَنْذَرَ أُمَّتَهُ الأَعْوَرَ الكَذَّابَ، ألاَ إنَّهُ أعْوَرُ، وإنَّ رَبَّكُمْ - عز وجل - لَيْسَ بِأَعْوَرَ، مَكْتُوبٌ بَيْنَ عَيْنَيْهِ ك ف ر (1)». متفق عليه. (2)   (1) قال المصنف رحمه الله في شرح صحيح مسلم 9/ 229: «الصحيح الذي عليه المحققون أن هذه الكتابة على ظاهرها، وأنها كتابة حقيقة جعلها الله آية وعلامة من جملة العلامات القاطعة بكفره وكذبه وإبطالها، ويظهرها الله تعالى لكل مسلم كاتب وغير كاتب، ويخفيها عمن أراد شقاوته وفتنته، ولا امتناع في ذلك، وذكر القاضي فيه خلافًا: منهم من قال: هي كتابة حقيقية كما ذكرنا، ومنهم من قال: هي مجاز وإشارة إلى سمات الحدوث عليه، واحتج بقوله: «يقرأه كل مؤمن كاتب وغير كاتب» وهذا مذهب ضعيف». (2) أخرجه: البخاري 9/ 75 (7131)، ومسلم 8/ 195 (2933) (101). الحديث: 1817 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 507 1818 - وَعَن أبي هريرةَ - رضي الله عنه - قال: قالَ رسولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم: «ألا أُحدِّثُكمْ حديثًا عن الدجالِ ما حدَّثَ بهِ نبيٌّ قَومَهُ! إنَّهُ أعورُ، وَإنَّهُ يجيءُ مَعَهُ بِمِثالِ الجنَّةِ والنَّارِ، فالتي يقولُ إنَّها الجَنَّةُ هي النَّار». متفقٌ عليهِ (1).   (1) أخرجه: البخاري 4/ 163 (3338)، ومسلم 8/ 196 (2936) (109). الحديث: 1818 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 508 1819 - وعن ابن عمر رضي الله عنهما: أنَّ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - ذَكَرَ الدَّجَّالَ بَيْنَ ظَهْرَانَي النَّاسِ، فَقَالَ: «إنَّ اللهَ لَيْسَ بِأعْوَرَ، ألاَ إنَّ المَسِيحَ الدَّجَّالَ أَعْوَرُ العَيْنِ اليُمْنَى، كَأنَّ عَيْنَهُ عِنَبَةٌ طَافِيَةٌ (1)». متفق عليه. (2)   (1) رويت بالهمز والترك وكلاهما صحيح، فالمهموز هي التي ذهب نورها وغير المهموز التي نتأت وطفت مرتفعة وفيها ضوء. قاله المصنف في شرح صحيح مسلم 9/ 229. (2) أخرجه: البخاري 4/ 202 (3439)، ومسلم 1/ 107 (169) (274). الحديث: 1819 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 508 1820 - وعن أبي هريرة - رضي الله عنه: أنَّ رسولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - قال: «لاَ تَقُومُ السَّاعَةُ حَتَّى يُقَاتِلَ المُسْلِمُونَ اليَهُودَ، حَتَّى يَخْتَبِئَ اليَهُودِيُّ مِنْ وَرَاء الحَجَرِ وَالشَّجَرِ. فَيَقُولُ الحَجَرُ وَالشَّجَرُ: يَا مُسْلِمُ هذَا يَهُودِيٌّ خَلْفِي تَعَالَ فَاقْتُلْهُ؛ إلاَّ الغَرْقَدَ فإنَّهُ مِنْ شَجَرِ اليَهُودِ» (1). متفق عليه. (2)   (1) تأمل كلمة (المسلمين) يقتتل المسلمون واليهود فينتصر المسلمون عليهم نصرًا عزيزًا، حتى إنَّ اليهودي يختبىء خلف الحجر والشجر، فينطق الحجر والشجر بأمر الله فيقولان: يا مسلم هذا يهودي تحتي فاقتله. أحجار تنطق وأشجار: لماذا؟ لأن القتال بين المسلمين واليهود، أما بين العرب واليهود، فهذا الله أعلم من ينتصر؟ لأن الذي يقاتل اليهود من أجل العروبة فقد قاتل حمية وعصبية ليس لله - عز وجل - ولا يمكن أن ينتصر ما دام قتاله من أجل العروبة، لا من أجل الدين والإسلام إلا أن يشاء الله، لكن إذا قاتلناهم من أجل الإسلام ونحن على الإسلام حقيقة فإننا غالبون بإذن الله ... شرح رياض الصالحين 4/ 389. (2) أخرجه: البخاري 4/ 51 (2926)، ومسلم 8/ 188 (2922) (82). الحديث: 1820 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 508 1821 - وعنه - رضي الله عنه - قال: قالَ رسولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم: «والَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لاَ تَذْهَبُ الدُّنْيَا حَتَّى يَمُرَّ الرجُلُ على القَبْرِ، فَيَتَمَرَّغَ عَلَيْهِ وَيَقُولُ: يَا لَيْتَنِي كُنْتُ مَكَانَ صَاحِبِ هذَا القَبْرِ، وَلَيْسَ بِهِ الدِّينُ، ما بِهِ إلاَّ البَلاَءُ». متفق عليه (1).   (1) أخرجه: البخاري 9/ 73 (7115)، ومسلم 8/ 182 (157) (54). الحديث: 1821 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 508 1822 - وعنهُ - رضي الله عنه - قال: قال رسولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم: «لاَ تَقُومُ السَّاعَةُ حَتَّى يَحْسِرَ الفُرَاتُ عَنْ جَبَلٍ مِنْ ذَهَبٍ يُقْتَتَلُ عَلَيْهِ، فَيُقْتَلُ مِنْ كُلِّ مِائَةٍ تِسْعَةٌ وَتِسْعُونَ، فَيَقُولُ كُلُّ رجُلٍ مِنْهُمْ: لَعَلِّي أَنْ أكُونَ أنَا أنْجُو». وَفي رواية: «يُوشِكُ أَنْ يَحْسِرَ الفُرَاتُ عَنْ كَنْزٍ مِنْ ذَهَبٍ، فَمَنْ حَضَرَهُ فَلاَ يَأخُذْ مِنْهُ شَيْئًا». متفق عليه. (1)   (1) أخرجه: البخاري 9/ 73 (7119)، ومسلم 8/ 174 (2894) (29) و (30). الحديث: 1822 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 509 1823 - وعنهُ، قال: سمعتُ رسولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - يقولُ: «يَتْرُكُونَ المَدِينَةَ عَلَى خَيْرِ مَا كَانَتْ، لاَ يَغْشَاهَا إلاَّ العَوَافِي يُريد - عَوَافِي السِّبَاعِ والطَّيرِ - وَآخِرُ مَنْ يُحْشَرُ رَاعِيَانِ مِنْ مُزَيْنَةَ يُرِيدَانِ المَدِينَةَ يَنْعِقَانِ بِغَنَمِهِمَا فَيَجِدَانِهَا وُحُوشًا، حَتَّى إذَا بَلَغَا ثَنِيَّةَ الودَاعِ خَرَّا عَلَى وُجُوهِهمَا». متفق عليه. (1)   (1) أخرجه: البخاري 3/ 27 (1874)، ومسلم 4/ 123 (1389) (499). الحديث: 1823 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 509 1824 - وعن أبي سعيد الخدري - رضي الله عنه: أنَّ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - قال: «يكُونُ خَلِيفَةٌ مِنْ خُلَفَائِكُمْ فِي آخِرِ الزَّمَانِ يَحْثُو المَالَ وَلاَ يَعُدُّهُ». رواه مسلم. (1)   (1) أخرجه: مسلم 8/ 184 (2914) (68) و (69). الحديث: 1824 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 509 1825 - وعن أبي موسى الأشعريِّ - رضي الله عنه: أنَّ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - قال: «لَيَأتِيَنَّ عَلَى النَّاسِ زَمَانٌ يَطُوفُ الرَّجُلُ فِيهِ بالصَّدَقَةِ مِنَ الذَّهَبِ فَلاَ يَجِدُ أَحَدًا يَأخُذُهَا مِنهُ، وَيُرَى الرَّجُلُ الوَاحِدُ يَتْبَعُهُ أرْبَعُونَ امْرَأَةً يَلُذْنَ (1) بِهِ مِنْ قِلَّةِ الرِّجَالِ وَكَثْرَةِ النِّسَاءِ». رواه مسلم. (2)   (1) أي: ينتمين إليه، ليقوم بحوائجهن ويذب عنهن كقبيلة بقي من رجالها واحد فقط وبقيت نساؤها، فيلذن بذلك الرجل ليذب عنهن ويقوم بحوائجهن ولا يطمع فيهن أحد بسببه، وأما سبب قلة الرجال وكثرة النساء فهو الحرب والقتال الذي يقع في آخر الزمان وتراكم الملاحم، قاله المصنف في شرح صحيح مسلم 4/ 104. (2) أخرجه: مسلم 3/ 84 (1012) (59). الحديث: 1825 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 509 1826 - وعن أبي هريرة - رضي الله عنه - عن النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - قال: «اشْتَرَى رَجُلٌ مِنْ رَجُلٍ عَقَارًا، فَوَجَدَ الَّذِي اشْتَرَى العَقَارَ فِي عَقَارِهِ جَرَّةً فِيهَا ذَهَبٌ، فَقَالَ لَهُ الَّذِي اشْتَرَى العَقَارَ: خُذْ ذَهَبَكَ، إنَّمَا اشْتَرَيْتُ مِنْكَ الأَرْضَ وَلَمْ أشْتَرِ الذَّهَبَ، وَقَالَ الَّذِي لَهُ [ص: 510] الأَرْضُ: إنَّمَا بِعْتُكَ الأَرْضَ وَمَا فِيهَا، فَتَحَاكَمَا إلَى رَجُلٍ، فَقَالَ الَّذِي تَحَاكَمَا إلَيْهِ: أَلَكُمَا وَلَدٌ؟ قالَ أحَدُهُما: لِي غُلاَمٌ، وقالَ الآخَرُ: لِي جَارِيَةٌ قال: أنْكِحَا الغُلاَمَ الجَارِيَةَ، وأنْفِقَا عَلَى أنْفُسِهمَا مِنْهُ وَتَصَدَّقَا». متفق عليه. (1)   (1) أخرجه: البخاري 4/ 212 (3472)، ومسلم 5/ 133 (1721) (21). الحديث: 1826 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 509 1827 - وعنهُ - رضي الله عنه: أنَّه سمعَ رسُول الله - صلى الله عليه وسلم - يقولُ: «كانت امْرَأَتَانِ مَعَهُمَا ابْنَاهُمَا، جَاءَ الذِّئْبُ فَذَهَبَ بابْنِ إحْدَاهُمَا. فَقَالَتْ لِصَاحِبَتِهَا: إنَّمَا ذَهَبَ بِابْنِكِ، وقالتِ الأخرَى: إنَّمَا ذَهَبَ بِابْنِكِ، فَتَحَاكَمَا إلى دَاوُدَ - صلى الله عليه وسلم - فَقَضَى بِهِ لِلْكُبْرَى، فَخَرَجَتَا عَلَى سُلَيْمَانَ بْنِ دَاوُد - صلى الله عليه وسلم - فَأَخْبَرَتَاهُ. فَقالَ: ائْتُونِي بِالسِّكِّينِ أشُقُّهُ بَيْنَهُمَا. فَقَالَتِ الصُّغْرَى: لاَ تَفْعَلْ! رَحِمَكَ اللهُ، هُوَ ابْنُهَا. فَقَضَى بِهِ للصُّغْرَى». متفق عليه. (1)   (1) أخرجه: البخاري 4/ 198 (3427)، ومسلم 5/ 133 (1720) (20). الحديث: 1827 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 510 1828 - وعن مِرداس الأسلمي - رضي الله عنه - قال: قال النبيُّ - صلى الله عليه وسلم: «يَذْهَبُ الصَّالِحُونَ الأَوَّلُ فَالأَوَّلُ، وَيَبْقَى حُثَالَةٌ كَحُثَالَةِ (1) الشَّعِيرِ أوِ التَّمْرِ لاَ يُبَالِيهُمُ اللهُ بَالَةً». رواه البخاري. (2)   (1) قال البخاري عقب تخريجه الحديث: «يقال حفالة وحثالة». (2) أخرجه: البخاري 8/ 114 (6434). الحديث: 1828 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 510 1829 - وعن رفاعة بن رافع الزُّرَقِيِّ - رضي الله عنه - قال: جاء جبريل إلى النبيّ - صلى الله عليه وسلم - قال: مَا تَعُدُّونَ أهْلَ بَدْرٍ فِيكُمْ؟ قال: «مِنْ أفْضَلِ المُسْلِمِينَ» أوْ كَلِمَةً نَحْوَهَا. قال: وَكَذلِكَ مَنْ شَهِدَ بَدْرًا مِنَ المَلائِكَةِ. رواه البخاري. (1)   (1) أخرجه: البخاري 5/ 103 (3992). الحديث: 1829 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 510 1830 - وعن ابن عمر رضي الله عنهما، قال: قال رسولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم: «إذَا أنْزَلَ اللهُ تَعَالَى بِقَومٍ عَذَابًا، أصَابَ العَذَابُ مَنْ كَانَ فِيهِمْ، ثُمَّ بُعِثُوا عَلَى أَعْمَالِهِمْ». متفق عليه. (1)   (1) أخرجه: البخاري 9/ 71 (7108)، ومسلم 8/ 165 (2879) (84). الحديث: 1830 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 510 1831 - وعن جابر - رضي الله عنه - قال: كَانَ جِذْعٌ يَقُومُ إلَيْهِ النَّبيُّ - صلى الله عليه وسلم - يَعْنِي فِي الخُطْبَةِ - فَلَمَّا وُضِعَ المِنْبَرُ سَمِعْنَا لِلجِذْعِ مِثْلَ صَوْتِ العِشَارِ، حَتَّى نَزَلَ النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم - فَوضَعَ يَدَهُ عَلَيهِ فَسَكَنَ. [ص: 511] وَفِي روايةٍ: فَلَمَّا كَانَ يَومُ الجُمُعَةِ قَعَدَ النَّبيُّ - صلى الله عليه وسلم - عَلَى المِنْبَرِ، فَصَاحَتِ النَّخْلَةُ الَّتِي كَانَ يَخْطُبُ عِنْدَهَا حَتَّى كَادَتْ أَنْ تَنْشَقَّ. وفي رواية: فصَاحَتْ صِيَاحَ الصَّبيِّ، فَنَزَلَ النَّبيُّ - صلى الله عليه وسلم - حَتَّى أَخَذَهَا فَضَمَّهَا إلَيهِ، فَجَعَلَتْ تَئِنُّ أَنِينَ الصَّبي الَّذِي يُسَكَّتُ حَتَّى اسْتَقَرَّتْ، قال: «بَكَتْ عَلَى مَا كَانَتْ تَسْمَعُ مِنَ الذَّكْرِ». رواه البخاري. (1)   (1) أخرجه: البخاري 2/ 11 (918) و4/ 237 (3584) و (3585). الحديث: 1831 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 510 1832 - وعن أبي ثعلبة الخُشَنِيِّ جُرثومِ بنِ ناشر - رضي الله عنه - عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «إنَّ اللهَ تَعَالَى فَرَضَ فَرَائِضَ فَلاَ تُضَيِّعُوهَا، وَحَدَّ حُدُودًا فَلاَ تَعْتَدُوهَا، وَحَرَّمَ أَشْيَاءَ فَلاَ تَنْتَهِكُوهَا، وَسَكَتَ عَنْ أشْيَاءَ رَحْمَةً لَكُمْ غَيْرَ نِسْيَانٍ فَلاَ تَبْحَثُوا عَنْهَا» حديث حسن. رواه الدارقطني وغيره. (1)   (1) أخرجه: الدارقطني 4/ 183، والحاكم 4/ 115، والبيهقي 10/ 12، وهو حديث ضعيف. الحديث: 1832 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 511 1833 - وعن عبد الله بن أبي أَوْفَى رَضِيَ اللهُ عَنهما، قالَ: غَزَوْنَا مَعَ رَسولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - سَبْعَ غَزَوَاتٍ نَأكُلُ الجَرَادَ. وَفِي رِوَايةٍ: نَأكُلُ مَعَهُ الجَرَادَ. متفق عليه. (1)   (1) أخرجه: البخاري 7/ 117 (5495)، ومسلم 6/ 70 (1952) (52). الحديث: 1833 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 511 1834 - وعن أبي هريرة - رضي الله عنه: أنَّ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - قال: «لاَ يُلْدَغُ المُؤْمِنُ مِنْ جُحْرٍ وَاحِدٍ مَرَّتَيْنِ». متفق عليه. (1)   (1) أخرجه: البخاري 8/ 38 (6133)، ومسلم 8/ 227 (2998) (63). الحديث: 1834 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 511 1835 - وعنه، قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم: «ثَلاَثَةٌ لاَ يُكَلِّمُهُمُ اللهُ يَومَ القِيَامَةِ، وَلاَ يَنْظُرُ إلَيْهِمْ، وَلاَ يُزَكِّيهِمْ، وَلَهُمْ عَذَابٌ ألِيمٌ: رَجُلٌ عَلَى فَضْلِ مَاءٍ بِالفَلاَةِ يَمْنَعُهُ مِنِ ابْنِ السَّبِيلِ، وَرَجُلٌ بَايَعَ رَجُلًا سِلْعَةً بَعْدَ العَصْرِ (1) فَحَلَفَ بِاللهِ لأَخَذَهَا بِكذَا وَكَذَا فَصَدَّقَهُ [ص: 512] وَهُوَ عَلَى غَيْرِ ذلِكَ، وَرَجُلٌ بَايَعَ إمَامًا لاَ يُبَايِعُهُ إلاَّ لِدُنْيَا فَإنْ أَعْطَاهُ مِنْهَا وَفَى وَإنْ لَمْ يُعْطِهِ مِنْهَا لَمْ يَفِ». متفق عليه. (2)   (1) قال الخطابي: «خص وقت العصر بتعظيم الإثم فيه. وإن كانت اليمين الفاجرة محرمة في كل وقت؛ لأنَّ الله عظم شأن هذا الوقت بأنْ جعل الملائكة تجتمع فيه وهو وقت ختام الأعمال»، وقال ابن حجر: «وخص بعد العصر بالحلف لشرفه بسبب اجتماع ملائكة الليل والنهار». فتح الباري 13/ 250 - 251. (2) أخرجه: البخاري 3/ 145 (2358)، ومسلم 1/ 72 (108) (173). الحديث: 1835 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 511 1836 - وعنه، عن النبيّ - صلى الله عليه وسلم - قال: «بَيْنَ النَّفْخَتَيْنِ أرْبَعُونَ» قالوا: يَا أبَا هُرَيْرَةَ أرْبَعُونَ يَوْمًا؟ قالَ: أبَيْتُ، قَالُوا: أرْبَعُونَ سَنَةً؟ قال: أبَيْتُ. قالُوا: أرْبَعُونَ شَهْرًا؟ قالَ: أبَيْتُ. «وَيَبْلَى كُلُّ شَيْءٍ مِنَ الإنْسَانٍ إلاَّ عَجْبَ الذَّنَبِ (1)، فِيهِ يُرَكَّبُ الخَلْقُ، ثُمَّ يُنَزِّلُ اللهُ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَيَنْبُتُونَ كَمَا يَنْبُتُ البَقْلُ». متفق عليه. (2)   (1) قال النووي: «العظم اللطيف الذي في أسفل الصلب، وهو رأس العصعص». شرح صحيح مسلم 9/ 251. (2) أخرجه: البخاري 6/ 158 (4814)، ومسلم 8/ 209 (2955) (141). الحديث: 1836 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 512 1837 - وعنه، قال: بَيْنَمَا النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم - في مَجْلِسٍ يُحَدِّثُ القَومَ، جَاءَ أَعْرَابِيٌّ فَقَالَ: مَتَى السَّاعَةُ؟ فَمَضَى رسولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - يُحَدِّثُ، فَقالَ بَعْضُ القَومِ: سَمِعَ مَا قَالَ فَكَرِهَ مَا قَالَ، وَقَالَ بَعْضُهُمْ: بَلْ لَمْ يَسْمَعْ، حَتَّى إذَا قَضَى حَدِيثَهُ قالَ: «أيْنَ السَّائِلُ عَنِ السَّاعَةِ؟» قال: هَا أنا يَا رسُولَ اللهِ. قال: «إذَا ضُيِّعَتِ الأَمَانَةُ فَانْتَظِرِ السَّاعَةَ». قال: كَيفَ إضَاعَتُهَا؟ قال: «إذَا وُسِّدَ الأَمْرُ إلى غَيْرِ أَهْلِهِ فَانْتَظِرِ السَّاعَةَ». رواه البخاري. (1)   (1) أخرجه: البخاري 1/ 23 (59). الحديث: 1837 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 512 1838 - وعنه: أنَّ رسُولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - قال: «يُصَلُّونَ لَكُمْ، فَإنْ أَصَابُوا فَلَكُمْ، وإنْ أَخْطَئُوا فَلَكُمْ وَعَلَيْهِمْ» (1). رواه البخاري. (2)   (1) وهذا وإن كان في الأمراء يشمل أيضًا أئمة المساجد. (يصلون لكم) فإن أحسنوا في الصلاة وأتوا بها على ما ينبغي فذلك لكم ولهم، وإن أساءوا فلكم وعليهم. يعني ليس عليكم أنتم من إساءتهم من شيء، وفي هذا إشارة إلى أنَّه يجب الصبر على ولاة الأمر - وإن أساءوا في الصلاة، وإن لم يصلوها على وقتها - فإنَّ الواجب أن لا نشذ عنهم، وأنْ نؤخر الصلاة كما يؤخرون وحينئذ يكون تأخيرنا للصلاة عن أول وقتها يكون تأخيرًا بعذر؛ لأجل موافقة الجماعة وعدم الشذوذ، ويكون بالنسبة لنا كأننا صلينا في أول الوقت. شرح رياض الصالحين 4/ 404. (2) أخرجه: البخاري 1/ 178 (694). الحديث: 1838 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 512 1839 - وعنه - رضي الله عنه: {كُنْتُمْ خَيْرَ أمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ} [البقرة: 110] قالَ: خَيْرُ النَّاسِ للنَّاسِ يَأتُونَ بِهِمْ في السَّلاسِلِ فِي أعْنَاقِهِمْ حَتَّى يَدْخُلُوا فِي الإسْلاَمِ. (1)   (1) أخرجه: البخاري 6/ 47 (4557). الحديث: 1839 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 512 1840 - وعنه، عن النبيّ - صلى الله عليه وسلم - قال: «عَجِبَ اللهُ - عز وجل - مِنْ قَومٍ يَدْخُلُونَ الجَنَّةَ فِي السَّلاسِلِ». رواهما البخاري. (1) معناه: يُؤْسَرُونَ وَيُقَيَّدُونَ ثُمَّ يُسْلِمُونَ فَيَدْخُلُونَ الجَنَّةَ.   (1) أخرجه: البخاري 4/ 73 (3010). الحديث: 1840 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 513 1841 - وعنه، عن النبيّ - صلى الله عليه وسلم - قال: «أَحَبُّ البِلادِ إلَى اللهِ مَسَاجِدُهَا، وَأبْغَضُ البِلاَدِ إلَى اللهِ أسْوَاقُهَا». رواه مسلم. (1)   (1) أخرجه: مسلم 2/ 132 (671) (288). الحديث: 1841 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 513 1842 - وعن سلمان الفارسي - رضي الله عنه - من قولهِ قال: لاَ تَكُونَنَّ إنِ اسْتَطَعْتَ أوَّلَ مَنْ يَدْخُلُ السُّوقَ، وَلاَ آخِرَ مَنْ يَخْرُجُ مِنْهَا، فَإنَّهَا مَعْرَكَةُ الشَّيْطَانِ، وَبِهَا يَنْصبُ رَايَتَهُ. رواه مسلم هكذا. (1) ورواه البرقاني في صحيحهِ عن سلمان، قال: قال رسولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم: «لاَ تَكُنْ أَوَّلَ مَنْ يَدْخُلُ السُّوقَ، وَلاَ آخِرَ مَنْ يَخْرُجُ مِنْهَا. فِيهَا بَاضَ الشَّيْطَانُ وَفَرَّخَ».   (1) أخرجه: مسلم 7/ 144 (2451) (100). ورواية البرقاني أخرجها: الطبراني في " الكبير " (6118)، والخطيب في " تاريخه " 14/ 420، وهي رواية منكرة، والصحيح هو الوقف. الحديث: 1842 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 513 1843 - وعن عاصمٍ الأحوَلِ، عن عبدِ اللهِ بن سَرْجِسَ - رضي الله عنه - قال: قلتُ لِرسولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم: يا رسولَ اللهِ، غَفَرَ اللهُ لَكَ، قال: «وَلَكَ». قال عاصمٌ: فَقُلْتُ لَهُ: أَسْتَغْفرَ لَكَ رسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم؟ قال: نَعَمْ وَلَكَ، ثُمَّ تَلاَ هذِهِ الآية: {وَاسْتَغْفِرْ لِذَنْبِكَ وَلِلمُؤْمِنِينَ وَالمُؤْمِنَاتِ} [محمد: 19]. رواه مسلم. (1)   (1) أخرجه: مسلم 7/ 86 (2346) (112). الحديث: 1843 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 513 1844 - وعن أبي مسعودٍ الأنصاري - رضي الله عنه - قال: قال النبيّ - صلى الله عليه وسلم: «إنَّ مِمَّا أَدْرَكَ النَّاسُ مِنْ كَلاَمِ النُّبُوَّةِ الأولَى: إذَا لَمْ تَسْتَحِ فَاصْنَعْ مَا شِئْتَ». رواه البخاري. (1)   (1) أخرجه: البخاري 4/ 215 (3483). الحديث: 1844 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 513 1845 - وعن ابن مسعودٍ - رضي الله عنه - قال: قالَ رسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم: «أوَّلُ مَا يُقْضَى بَيْنَ النَّاسِ يَوْمَ القِيَامَةِ فِي الدِّمَاء». متفق عليه. (1)   (1) أخرجه: البخاري 8/ 138 (6533)، ومسلم 5/ 107 (1678) (28). الحديث: 1845 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 513 1846 - وعن عائشة رضي الله عنها، قالت: قال رسولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم: «خُلِقَتِ المَلاَئِكَةُ مِنْ نُورٍ، وَخُلِقَ الجَانُّ مِنْ مَارِجٍ من نَارٍ (1)، وَخُلِقَ آدَمُ مِمَّا وُصِفَ لَكُمْ». رواه مسلم. (2)   (1) مارج النار: لهبها المختلط بسوادها. النهاية 4/ 315. (2) أخرجه: مسلم 8/ 226 (2996) (60). الحديث: 1846 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 514 1847 - وعنها رضي الله عنها، قالت: كان خُلُقُ نَبِيِّ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - القُرْآن. رواهُ مسلم في جملة حديث طويل (1).   (1) أخرجه: مسلم 2/ 168 - 169 (746) (139). الحديث: 1847 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 514 1848 - وعنها، قالت: قال رسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم: «مَنْ أحَبَّ لِقَاءَ اللهِ أَحَبَّ اللهُ لِقَاءهُ، وَمَنْ كَرِهَ لِقَاءَ اللهِ كَرِهَ اللهُ لِقَاءهُ» فقلتُ: يا رسولَ اللهِ، أكَراهِيَةُ المَوتِ، فَكُلُّنَا نَكْرَهُ المَوتَ؟ قال: «لَيْسَ كَذَلِكَ، ولكِنَّ المُؤْمِنَ إذَا بُشِّرَ بِرَحْمَةِ اللهِ وَرِضْوَانِهِ وَجَنَّتِهِ أَحَبَّ لِقَاءَ اللهِ فَأَحَبَّ اللهُ لِقَاءهُ، وإنَّ الكَافِرَ إذَا بُشِّرَ بِعَذابِ اللهِ وَسَخَطهِ كَرِهَ لِقَاءَ اللهِ وكَرِهَ اللهُ لِقَاءهُ». رواه مسلم. (1)   (1) أخرجه: مسلم 8/ 65 (2684) (15). الحديث: 1848 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 514 1849 - وَعَنْ أُمِّ المُؤْمِنِينَ صَفِيَّةَ بنتِ حُيَيٍّ رَضيَ اللهُ عَنها، قالتْ: كان النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - مُعْتَكِفًا، فَأَتَيْتُهُ أزُورُهُ لَيْلًا، فَحَدَّثْتُهُ ثُمَّ قُمْتُ لأَنْقَلِبَ فَقَامَ مَعِي لِيَقْلِبَنِي، فَمَرَّ رَجُلاَنِ مِنَ الأنْصَارِ رضيَ اللهُ عَنهُما، فَلَمَّا رَأَيَا النَّبيَّ - صلى الله عليه وسلم - أسْرَعَا. فقال - صلى الله عليه وسلم: «عَلَى رِسْلِكُمَا، إنَّهَا صَفِيَّةُ بِنْتُ حُيَيٍّ» فَقَالاَ: سُبْحانَ اللهِ يَا رسولَ اللهِ، فقالَ: «إنَّ الشَّيْطَانَ يَجْرِي مِنَ ابْنِ آدَمَ مَجْرَى الدَّمِ، وَإنِّي خَشِيْتُ أَنْ يَقْذِفَ فِي قُلُوبِكُمَا شَرًّا - أَوْ قَالَ: شَيْئًا». متفق عليه. (1)   (1) أخرجه: البخاري 3/ 64 (2035)، ومسلم 7/ 8 (2175) (24). الحديث: 1849 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 514 1850 - وعن أبي الفضل العباس بن عبد المطلب - رضي الله عنه - قال: شَهِدْتُ مَعَ رَسُولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - يَومَ حُنَيْن (1)، فَلَزِمْتُ أنا وأبو سُفْيَانَ بن الحارثِ بن عبد المطلب رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم - فَلَمْ [ص: 515] نُفَارِقْهُ، وَرسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - عَلَى بَغْلَةٍ لَهُ بَيْضَاءَ، فَلَمَّا التَقَى المُسْلِمُونَ وَالمُشْرِكُونَ، وَلَّى المُسْلِمُونَ مُدْبِريِنَ، فَطَفِقَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - يَرْكُضُ بَغْلَتَهُ قِبلَ الكُفَّارِ، وأنا آخِذٌ بِلِجَامِ بَغْلَةِ رَسُولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - أكُفُّهَا إرَادَةَ أَنْ لاَ تُسْرِعَ، وأبُو سُفْيَانَ آخِذٌ بِرِكَابِ رَسُولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - فقالَ رَسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم: «أيْ عَبَّاسُ، نَادِ أصْحَابَ السَّمُرَةِ (2)». قالَ العَبَّاسُ - وَكَانَ رَجُلًا صَيِّتًا - فَقُلْتُ بِأَعْلَى صَوْتِي: أيْنَ أصْحَابُ السَّمُرَةِ، فَوَاللهِ لَكَأنَّ عَطْفَتَهُمْ حِينَ سَمِعُوا صَوْتِي عَطْفَةُ البَقَرِ عَلَى أَوْلاَدِهَا، فقالوا: يَا لَبَّيْكَ يَا لَبَّيْكَ، فَاقْتَتَلُوا هُمْ وَالكُفَّارُ، وَالدَّعْوَةُ في الأنْصَارِ يَقُولُونَ: يَا مَعْشَرَ الأَنْصَارِ، يَا مَعْشَرَ الأنْصَارِ، ثُمَّ قَصُرَتِ الدَّعْوَةُ عَلَى بَنِي الحَارِثِ بْنِ الخَزْرَجِ، فَنَظَرَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - وَهُوَ عَلَى بَغْلَتِهِ كَالمُتَطَاوِلِ عَلَيْهَا إلَى قِتَالِهِمْ، فَقَالَ: «هَذَا حِينَ حَمِيَ الوَطِيسُ»، ثُمَّ أَخَذَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - حَصَيَاتٍ فَرَمَى بِهِنَّ وُجُوهَ الكُفَّارِ، ثُمَّ قَالَ: «انْهَزَمُوا وَرَبِّ مُحَمَّدٍ»، فَذَهَبْتُ أنْظُرُ فَإذَا القِتَالُ عَلَى هَيْئَتِهِ فِيما أرَى، فَواللهِ مَا هُوَ إلاَّ أَنْ رَمَاهُمْ بِحَصَيَاتِهِ، فَمَا زِلْتُ أرَى حَدَّهُمْ كَلِيلًا وَأَمْرَهُمْ مُدْبِرًا. رواه مسلم. (3) «الوَطِيسُ» التَّنُّورُ، ومعناهُ: اشْتَدَّتِ الحَرْبُ. وقوله: «حَدَّهُمْ» هو بالحاء المهملة: أيْ بَأْسَهُمْ.   (1) حنين: هي اسم مكان غزا به النبي - صلى الله عليه وسلم - ثقيفًا، وفي الحديث: أنّه يجب على الإنسان ألا يعجب بقوته ولا بكثرته ولا بعلمه ولا بماله ولا بذكائه ولا بعقله. والغالب أن الإنسان إذا أعجب فإنه يهزم بإذن الله ... بل استعن بالله - عز وجل - وفوض الأمر إليه حتى يتم لك ما تريد. شرح رياض الصالحين 4/ 413. (2) السمرة: هي الشجرة التي بايع الصحابة عندها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في الحديبية على ألا يفروا - وهم فروا الآن - فقال: يا أصحاب السمرة يذكرهم بهذه المبايعة، وفيها يقول الله تعالى: {لَقَدْ رَضِيَ اللَّهُ عَنِ الْمُؤْمِنِينَ إِذْ يُبَايِعُونَكَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ} [الفتح: 18]. (3) أخرجه: مسلم 5/ 166 (1775) (76). الحديث: 1850 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 514 1851 - وعن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: قال رسولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم: «أيُّهَا النَّاسُ، إنَّ اللهَ طَيِّبٌ لاَ يَقْبَلُ إلاَّ طَيِّبًا، وإنَّ اللهَ أَمَرَ المُؤمِنِينَ بِمَا أَمَرَ بِهِ المُرْسَلِينَ. فقالَ تعالى: {يَا أَيُّهَا الرُّسُلُ كُلُوا مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَاعْمَلُوا صَالِحًا} [المؤمنون: 51]، وقال تعالى: {يَا أيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُلُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ} [البقرة: 172]. ثُمَّ ذَكَرَ الرَّجُلَ يُطِيلُ السَّفَرَ أشْعثَ أغْبَرَ يَمُدُّ يَدَيْهِ إلَى السَّمَاءِ: يَا رَبِّ يَا رَبِّ، وَمَطْعَمُهُ حَرَامٌ، وَمَشْرَبُهُ حَرَامٌ، ومَلبسُهُ حرامٌ، وَغُذِّيَ بالْحَرَامِ، فَأَنَّى يُسْتَجَابُ لِذَلِكَ؟ رواه مسلم. (1)   (1) أخرجه: مسلم 3/ 85 (1015) (65). الحديث: 1851 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 515 1852 - وعنه - رضي الله عنه - قال: قال رسولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم: «ثَلاَثَةٌ لاَ يُكَلِّمُهُمُ اللهُ يَوْمَ القِيَامَةِ، وَلاَ يُزَكِّيهِمْ، وَلاَ يَنْظُرُ إلَيْهِمْ، وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ: شَيْخٌ زَانٍ، وَمَلِكٌ كَذَّابٌ، وَعَائِلٌ مُسْتَكْبِرٌ». رواه مسلم. (1) «العَائِلُ»: الفَقِيرُ.   (1) انظر الحديث (616). الحديث: 1852 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 515 1853 - وعنهُ - رضي الله عنه - قال: قال رسولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم: «سَيْحَانُ وَجَيْحَانُ (1) وَالفُرَاتُ وَالنِّيلُ كُلٌّ مِنْ أَنْهَارِ الجَنَّةِ» (2). رواه مسلم. (3)   (1) سيحان وجيحان: هما نهران بالشام عند المصيصة وطرطوس. النهاية 1/ 323. (2) هذه أربعة أنهار في الدنيا وصفها النبي - صلى الله عليه وسلم - بأنها من أنهار الجنة، للعلماء فيها تأويلان: 1 - أنها من أنهار الجنة حقيقة لكن لما نزلت إلى الأرض صار لها حكم أنهار الدنيا. 2 - أنها ليست من أنهار الجنة حقيقة لكنها أطيب الأنهار وأفضلها فذكر النبي - صلى الله عليه وسلم - هذا الوصف لها من باب رفع شأنها والثناء عليها، والله أعلم بما أراد رسول الله - صلى الله عليه وسلم. شرح رياض الصالحين 4/ 415. (3) أخرجه: مسلم 8/ 149 (2839) (26). الحديث: 1853 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 516 1854 - وعنه، قال: أخَذَ رسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - بِيَدِي فَقَالَ: «خَلَقَ اللهُ التُّرْبَةَ يَومَ السَّبْتِ، وَخَلَقَ فيها الجِبَالَ يَومَ الأحَدِ، وَخَلَقَ الشَّجَرَ يَومَ الإثْنَينِ، وَخَلَقَ المَكْرُوهَ يَومَ الثُّلاَثَاءِ، وَخَلَقَ النُّورَ يَوْمَ الأربِعَاءِ، وَبَثَّ فِيهَا الدَّوابَّ يَومَ الخَمِيسِ، وَخَلَقَ آدَمَ - صلى الله عليه وسلم - بَعْدَ العَصْرِ مِنْ يَومِ الجُمُعَةِ في آخِرِ الخَلْقِ فِي آخِرِ سَاعَةٍ مِنَ النَّهَارِ فِيمَا بَيْنَ العَصْرِ إِلَى اللَّيْلِ» (1). رواه مسلم. (2)   (1) قال ابن كثير في «تفسيره» 1/ 92: «وهذا الحديث من غرائب صحيح مسلم، وقد تكلم عليه علي بن المديني والبخاري وغير واحد من الحفاظ، وجعلوه من كلام كعب، وأنَّ أبا هريرة إنما سمعه من كلام كعب الأحبار، وإنما اشتبه على بعض الرواة فجعلوه مرفوعًا، وقد حرر ذلك البيهقي». (2) أخرجه: مسلم 8/ 126 (2789) (27). الحديث: 1854 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 516 1855 - وعن أَبي سليمان خالد بن الوليد - رضي الله عنه - قَالَ: لَقَدِ انْقَطَعتْ في يَدِي يَوْمَ مُؤْتَةَ تِسْعَةُ أسْيَافٍ، فَمَا بَقِيَ فِي يَدِي إِلاَّ صَفِيحَةٌ يَمَانِيَّةٌ. رواه البخاري. (1)   (1) أخرجه: البخاري 5/ 183 (4265). الحديث: 1855 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 516 1856 - وعن عمرو بن العاص - رضي الله عنه: أنَّه سَمِعَ رسولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - يقولُ: «إِذَا حَكَمَ الحَاكِمُ فَاجْتَهَدَ، ثُمَّ أَصَابَ، فَلَهُ أَجْرَانِ، وَإِذَا حَكَمَ وَاجْتَهَدَ، فَأَخْطَأَ، فَلَهُ أَجْرٌ». متفق عَلَيْهِ. (1)   (1) أخرجه: البخاري 9/ 132 (7352)، ومسلم 5/ 131 (1716) (15). الحديث: 1856 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 516 1857 - وعن عائشة رَضِيَ اللهُ عنها: أنَّ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: «الحُمَّى مِنْ فَيْحِ جَهَنَّمَ فَأَبْرِدُوهَا بِالمَاءِ». متفق عَلَيْهِ. (1)   (1) أخرجه: البخاري 4/ 147 (3263)، ومسلم 7/ 23 (2210) (81). الحديث: 1857 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 517 1858 - وعنها رَضِيَ اللهُ عنها، عن النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: «مَنْ مَاتَ وَعَلَيْهِ صَومٌ، صَامَ عَنْهُ وَلِيُّهُ» متفق عَلَيْهِ. (1) وَالمُخْتَارُ جَوَازُ الصَّومِ عَمَّنْ مَاتَ وَعَلَيْهِ صَوْمٌ لِهَذَا الحَدِيثِ، وَالمُرادُ بالوَلِيِّ: القَرِيبُ وَارِثًا كَانَ أَوْ غَيْرَ وَارِثٍ.   (1) أخرجه: البخاري 3/ 45 (1952)، ومسلم 3/ 155 (1147) (153). الحديث: 1858 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 517 1859 - وعن عوف بن مالِك بن الطُّفَيْلِ: أنَّ عائشة رَضِيَ اللهُ عنها، حُدِّثَتْ أنَّ عبدَ اللهِ بن الزبير رضي الله عنهما، قَالَ في بَيْعٍ أَوْ عَطَاءٍ أعْطَتْهُ عَائِشَةُ رَضِيَ اللهُ تَعَالَى عنها: واللهِ لَتَنْتَهِيَنَّ عَائِشَةُ أَوْ لأَحْجُرَنَّ عَلَيْهَا، قالَتْ: أَهُوَ قَالَ هَذَا! قالوا: نَعَمْ. قَالَتْ: هُوَ للهِ عَلَيَّ نَذْرٌ أَنْ لا أُكَلِّمَ ابْنَ الزُّبَيْرِ أَبَدًا، فَاسْتَشْفَعَ ابْنُ الزُّبَيْرِ إِلَيْهَا حِيْنَ طَالَتِ الهِجْرَةُ. فَقَالَتْ: لاَ، واللهِ لاَ أشْفَعُ فِيهِ أبدًا، وَلاَ أَتَحَنَّثُ إِلَى نَذْرِي. فَلَمَّا طَالَ ذَلِكَ عَلَى ابْنِ الزُّبَيرِ كَلَّمَ المِسْوَرَ بْنَ مَخْرَمَةَ، وَعبدَ الرحْمَانِ ابْنَ الأسْوَدِ بْنِ عَبْدِ يَغُوثَ وقَالَ لَهُمَا: أنْشُدُكُمَا اللهَ لَمَا أدْخَلْتُمَانِي عَلَى عَائِشَةَ رَضِيَ اللهُ عنها، فَإنَّهَا لاَ يَحِلُّ لَهَا أَنْ تَنْذِرَ قَطِيعَتِي، فَأقْبَلَ بِهِ المِسْوَرُ، وَعَبدُ الرحْمَانِ حَتَّى اسْتَأذَنَا عَلَى عَائِشَةَ فَقَالاَ: السَّلاَمُ عَلَيْكِ وَرَحْمَةُ اللهِ وَبَرَكَاتُهُ، أنَدْخُلُ؟ قالت عَائِشَةُ: ادْخُلُوا. قالوا: كُلُّنَا؟ قالتْ: نَعَمْ ادْخُلُوا كُلُّكُمْ، وَلاَ تَعْلَمُ أَنَّ معَهُمَا ابْنَ الزُّبَيرِ، فَلَمَّا دَخَلُوا دَخَلَ ابْنُ الزُّبَيرِ الحِجَابَ فَاعْتَنَقَ عَائِشَةَ رَضِيَ اللهُ عنها، وَطَفِقَ يُنَاشِدُهَا وَيَبْكِي، وَطَفِقَ المِسْوَرُ، وَعَبدُ الرَّحْمَانِ يُنَاشِدَانِهَا إِلاَّ كَلَّمَتْهُ وَقَبِلَتْ مِنْهُ، وَيَقُولانِ: إنَّ النَّبِيَّ - صلى الله عليه وسلم - نَهَى عَمَّا قَدْ عَلِمْتِ مِنَ الهِجْرَةِ؛ وَلاَ يَحِلُّ لِمُسْلِمٍ أَنْ يَهْجُرَ أَخَاهُ فَوقَ ثَلاَثِ لَيَالٍ، فَلَمَّا أَكْثَرُوا عَلَى عَائِشَة مِنَ التَّذْكِرَةِ وَالتَّحْرِيجِ، طَفِقَتْ تُذَكرُهُمَا وَتَبْكِي، وَتَقُولُ: إنِّي نَذَرْتُ وَالنَّذْرُ شَدِيدٌ، فَلَمْ يَزَالاَ بِهَا حَتَّى كَلَّمَتِ ابْنَ الزُّبَيرِ، وأعْتَقَتْ فِي نَذْرِهَا ذَلِكَ أرْبَعِينَ رَقَبَةً، وَكَانَتْ تَذْكُرُ نَذْرَهَا بَعدَ ذَلِكَ فَتَبكِي حَتَّى تَبِلَّ دُمُوعُهَا خِمَارَهَا. رواه البخاري. (1)   (1) أخرجه: البخاري 8/ 25 (6073) و (6074) و (6075). الحديث: 1859 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 517 1860 - وعن عُقْبَةَ بن عامِرٍ - رضي الله عنه: أنَّ رَسُولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - خَرَجَ إِلَى قَتْلَى أُحُدٍ، فَصَلَّى عَلَيْهِمْ بَعْدَ ثَمَانِ سِنينَ كَالمُوَدِّعِ لِلأَحْيَاءِ وَالأَمْوَاتِ، ثُمَّ طَلَعَ إِلَى المِنْبَرِ، فَقَالَ: «إنِّي بَيْنَ أيْدِيكُمْ فَرَطٌ وَأَنَا شَهِيدٌ عَلَيْكُمْ وإنَّ مَوْعِدَكُمُ الحَوْضُ، وإنِّي لأَنْظُرُ إِلَيْهِ مِنْ مَقَامِي هَذَا، أَلاَ وإنِّي لَسْتُ أَخْشَى عَلَيْكُمْ أَنْ تُشْرِكُوا، وَلَكِنْ أخْشَى عَلَيْكُمُ الدُّنْيَا أَنْ تَنَافَسُوهَا» قَالَ: فَكَانَتْ آخِرَ نَظْرَةٍ نَظَرْتُهَا إِلَى رَسُولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم. متفق عَلَيْهِ. (1) وفي رواية: «وَلَكِنِّي أَخْشَى عَلَيْكُمُ الدُّنْيَا أَنْ تَنَافَسُوا فِيهَا، وَتَقْتَتِلُوا فَتَهْلِكُوا كما هَلَكَ مَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ». قَالَ عُقْبَةُ: فكانَ آخِرَ مَا رَأيْتُ رَسُولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - عَلَى المِنْبَرِ. وفي روايةٍ قَالَ: «إنِّي فَرَطٌ لَكُمْ وَأنَا شَهِيدٌ عَلَيْكُمْ وإنِّي واللهِ لأَنْظُرُ إِلَى حَوْضِي الآنَ، وإنِّي أُعْطِيتُ مَفَاتِيحَ خَزَائِنِ الأَرْضِ، أَوْ مَفَاتِيحَ الأرْضِ، وإنِّي واللهِ مَا أخَافُ عَلَيْكُمْ أَنْ تُشْرِكُوا بَعْدِي، وَلَكِنْ أَخَافُ عَلَيْكُمْ أَنْ تَنَافَسُوا فِيهَا». وَالمُرَادُ بِالصَّلاَةِ عَلَى قَتْلَى أُحُدٍ: الدُّعَاءُ لَهُمْ، لاَ الصَّلاَةُ المَعْرُوفَةُ.   (1) أخرجه: البخاري 2/ 114 (1344) و5/ 120 (4042)، ومسلم 7/ 67 (2296) (301) و (31). الحديث: 1860 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 518 1861 - وعن أَبي زيد عمرِو بن أخْطَبَ الأنصاريِّ - رضي الله عنه - قَالَ: صلَّى بِنَا رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - الفَجْرَ، وَصَعِدَ المِنْبَرَ، فَخَطَبَنَا حَتَّى حَضَرَتِ الظُّهْرُ، فَنَزَلَ فَصَلَّى، ثُمَّ صَعِدَ المِنْبَرَ فَخَطَبَنَا حَتَّى حَضَرَتِ العَصْرُ، ثُمَّ نَزَلَ فَصَلَّى، ثُمَّ صَعِدَ المِنْبَرَ فَخَطَبَنَا حَتَّى غَرَبَتِ الشَّمْسُ، فَأَخْبَرَنَا بِمَا كَانَ وَبِمَا هُوَ كَائِنٌ، فَأَعْلَمُنَا أَحْفَظُنَا. رواه مسلم. (1)   (1) أخرجه: مسلم 8/ 173 (2892) (25). الحديث: 1861 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 518 1862 - وعن عائشة رَضِيَ اللهُ عنها، قالت: قَالَ النَّبيُّ - صلى الله عليه وسلم: «مَنْ نَذَرَ أَنْ يُطِيعَ اللهَ فَلْيُطِعْهُ، وَمَنْ نَذَرَ أَنْ يَعْصِيَ اللهَ فَلاَ يَعْصِهِ». رواه البخاري. (1)   (1) أخرجه: البخاري 8/ 177 (6696). الحديث: 1862 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 518 1863 - وعن أمِّ شَرِيكٍ رَضِيَ اللهُ عنها: أنَّ رسولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - أمرها بِقَتْلِ الأَوْزَاغِ وقال: «كَانَ يَنْفُخُ عَلَى إبْرَاهِيمَ» متفق عَلَيْهِ. (1)   (1) أخرجه: البخاري 4/ 171 (3359)، ومسلم 7/ 41 (2237) (142). الحديث: 1863 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 518 1864 - وعن أَبي هريرة - رضي الله عنه - قَالَ: قَالَ رسولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم: «مَنْ قَتَلَ وَزَغَةً فِي أَوَّلِ [ص: 519] ضَرْبَةٍ فَلَهُ كَذَا وَكَذَا حَسَنَةً، وَمَنْ قَتَلَهَا في الضَّرْبَةِ الثَّانِيَةِ فَلَهُ كَذَا وَكَذَا حَسَنَةً دُونَ الأولَى، وَإنْ قَتَلَهَا فِي الضَّرْبَةِ الثَّالِثَةِ فَلَهُ كَذَا وَكَذَا حَسَنَةً». وفي رواية: «مَنْ قَتَلَ وَزَغًا في أَوَّلِ ضَرْبَةٍ كُتِبَ لَهُ مِائَةُ حَسَنَةٍ، وفي الثَّانِيَةِ دُونَ ذَلِكَ، وفي الثَّالِثَةِ دُونَ ذَلِكَ». رواه مسلم. (1) قَالَ أهلُ اللُّغة: «الوَزَغُ» العِظَامُ مِنْ سَامَّ أَبْرَصَ.   (1) أخرجه: مسلم 7/ 42 (2240) (146) و (147). الحديث: 1864 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 518 1865 - وعن أَبي هريرة - رضي الله عنه - أنَّ رَسُول اللهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: «قَالَ رَجُلٌ لأَتَصَدَّقَنَّ بِصَدَقَةٍ، فَخَرَجَ بِصَدَقَتِهِ فَوَضَعَهَا فِي يَدِ سَارِقٍ، فَأَصْبَحُوا يَتَحَدَّثُونَ: تُصُدِّقَ عَلَى سَارِقٍ! فَقَالَ: اللَّهُمَّ لَكَ الحَمْدُ لأتَصَدَّقَنَّ بِصَدَقَةٍ، فَخَرَجَ بِصَدَقَتِهِ فَوَضَعَهَا في يَدِ زَانِيَةٍ؛ فَأصْبَحُوا يَتَحَدَّثُونَ: تُصُدِّقَ اللَّيْلَةَ عَلَى زَانِيَةٍ! فَقَالَ: اللَّهُمَّ لَكَ الحَمْدُ عَلَى زَانِيَةٍ! لأتَصَدَّقَنَّ بِصَدَقَةٍ، فَخَرَجَ بِصَدَقَتِهِ فوَضَعَهَا في يَدِ غَنِيٍّ، فَأَصْبَحُوا يَتَحَدَّثُونَ: تُصُدِّقَ عَلَى غَنِيٍّ؟ فَقَالَ: اللَّهُمَّ لَكَ الحَمْدُ عَلَى سَارِقٍ وَعَلَى زَانِيَةٍ وعلى غَنِيٍّ! فَأُتِيَ فقيل لَهُ: أمَّا صَدَقَتُكَ عَلَى سَارقٍ فَلَعَلَّهُ أَنْ يَسْتَعِفَّ عَنْ سَرِقَتِهِ، وأمَّا الزَّانِيَةُ فَلَعَلَّهَا تَسْتَعِفُّ عَنْ زِنَاهَا، وأمَّا الغَنِيُّ فَلَعَلَّهُ أَنْ يَعْتَبِرَ فَيُنْفِقَ مِمَّا أَعْطَاهُ اللهُ». رواه البخاري بلفظه ومسلم بمعناه. (1)   (1) أخرجه: البخاري 2/ 137 (1421)، ومسلم 3/ 89 (1022) (78). الحديث: 1865 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 519 1866 - وعنه، قَالَ: كنَّا مَعَ رَسُولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - في دَعْوَةٍ، فَرُفِعَ إِلَيْهِ الذِّرَاعُ، وَكَانَتْ تُعْجِبُهُ، فَنَهَسَ مِنْهَا نَهْسَةً وقال: «أَنَا سَيِّدُ النَّاسِ يَوْمَ القِيَامَةِ، هَلْ تَدْرُونَ مِمَّ ذَاكَ؟ يَجْمَعُ اللهُ الأوَّلِينَ وَالآخِرِينَ في صَعِيدٍ وَاحِدٍ، فَيُبْصِرُهُمُ النَّاظِرُ، وَيُسْمِعُهُمُ الدَّاعِي، وَتَدْنُو مِنْهُمُ الشَّمْسُ، فَيَبْلُغُ النَّاسُ مِنَ الغَمِّ وَالكَرْبِ مَا لاَ يُطِيقُونَ وَلاَ يَحْتَمِلُونَ، فَيقُولُ النَّاسُ: أَلاَّ تَرَوْنَ مَا أَنْتُمْ فِيهِ إِلَى مَا بَلَغَكُمْ، أَلاَ تَنْظُرُونَ مَنْ يَشْفَعُ لَكُمْ إِلَى رَبِّكُمْ؟ فَيقُولُ بَعْضُ النَّاسِ لِبَعْضٍ: أبُوكُمْ آدَمُ، فَيَأتُونَهُ فَيقُولُونَ: يَا آدَمُ أَنْتَ أَبُو البَشَرِ، خَلَقَكَ اللهُ بِيَدِهِ، وَنَفَخَ فِيكَ مِنْ رُوحِهِ، وأمَرَ المَلاَئِكَةَ فَسَجَدُوا لَكَ، وأَسْكَنَكَ الجَنَّةَ، ألاَ تَشْفَعُ لَنَا إِلَى رَبِّكَ؟ ألاَ تَرَى إِلَى مَا نَحْنُ فِيهِ وَمَا بَلَغْنَا؟ فَقَالَ: إنَّ رَبِّي غَضِبَ اليَوْمَ غَضَبًا لَمْ يَغْضَبْ قَبْلَهُ مِثْلَهُ، وَلا يَغْضَبُ بَعْدَهُ مِثْلَهُ، وَإنَّهُ نَهَانِي عَنِ الشَّجَرَةِ فَعَصَيْتُ، نَفْسِي نَفْسِي نَفْسِي، اذْهَبُوا إِلَى غَيْرِي، اذْهَبُوا إِلَى نُوحٍ، فَيَأتُونَ نوحًا فَيَقُولُونَ: يَا نُوحُ، أَنْتَ أوَّلُ الحديث: 1866 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 519 الرُّسُلِ إِلَى أَهلِ الأرْضِ، وَقَدْ سَمَّاكَ اللهُ عَبْدًا شَكُورًا، ألاَ تَرَى إِلَى مَا نَحْنُ فِيهِ، ألاَ تَرَى إِلَى مَا بَلَغْنَا، ألاَ تَشْفَعُ لَنَا إِلَى رَبِّكَ؟ فَيقُولُ: إنَّ رَبِّي غَضِبَ اليَوْمَ غَضَبًا لَمْ يَغْضَبْ قَبْلَهُ مِثْلَهُ، وَلَنْ يَغْضَبَ بَعْدَهُ مِثْلَهُ، وَإنَّهُ قَدْ كَانَتْ لِي دَعْوَةٌ دَعَوْتُ بِهَا عَلَى قَوْمِي، نَفْسِي نَفْسِي نَفْسِي، اذْهَبُوا إِلَى غَيْرِي، اذْهَبُوا إِلَى إبْرَاهِيمَ، فَيَأتُونَ إبْرَاهِيمَ فَيقُولُونَ: يَا إبْرَاهِيمُ، أنْتَ نَبِيُّ اللهِ وَخَلِيلُهُ مِنْ أهْلِ الأرْضِ، اشْفَعْ لَنَا إِلَى رَبِّكَ، ألاَ تَرَى إِلَى مَا نَحْنُ فِيهِ؟ فَيقُولُ لَهُمْ: إنَّ رَبِّي قَدْ غَضِبَ اليَوْمَ غَضَبًا لَمْ يَغْضَبْ قَبْلَهُ مِثْلَهُ، وَلَنْ يَغْضَبَ بَعْدَهُ مِثْلَهُ، وَإنَّي كُنْتُ كَذَبْتُ ثَلاثَ (1) كَذبَاتٍ؛ نَفْسِي نَفْسِي نَفْسِي، اذْهَبُوا إِلَى غَيْرِي، اذْهَبُوا إِلَى مُوسَى، فَيَأتُونَ مُوسَى فَيقُولُونَ: يَا مُوسَى أنَتَ رَسُولُ اللهِ، فَضَّلَكَ اللهُ بِرسَالاَتِهِ وَبِكَلاَمِهِ عَلَى النَّاسِ، اشْفَعْ لَنَا إِلَى رَبِّكَ، ألاَ تَرَى إِلَى مَا نَحْنُ فِيهِ؟ فيقُولُ: إنَّ رَبِّي قَدْ غَضِبَ اليَوْمَ غَضَبًا لَمْ يَغْضَبْ قَبْلَهُ مِثْلَهُ، وَلَنْ يَغْضَبَ بَعْدَهُ مِثْلَهُ، وَإنَّي قَدْ قَتَلْتُ نَفْسًا لَمْ أُومَرْ بِقَتْلِهَا، نَفْسِي نَفْسِي نَفْسِي، اذْهَبُوا إِلَى غَيْرِي؛ اذْهَبُوا إِلَى عِيسَى. فَيَأتُونَ عِيسَى فَيَقُولُونَ: يَا عِيسَى، أنْتَ رَسُولُ الله وَكَلِمَتُهُ ألْقَاهَا إِلَى مَرْيَمَ وَرُوحٌ مِنْهُ، وَكَلَّمْتَ النَّاسَ في المَهْدِ، اشْفَعْ لَنَا إِلَى رَبِّكَ، ألاَ تَرَى إِلَى مَا نَحْنُ فِيهِ؟ فيَقُولُ عِيسَى: إنَّ رَبِّي قَدْ غَضِبَ اليَوْمَ غَضَبًا لَمْ يَغْضَبْ قَبْلَهُ مِثْلَهُ، وَلَنْ يَغْضَبَ بَعْدَهُ مِثْلَهُ، وَلَمْ يَذْكُرْ ذَنْبًا، نَفْسِي نَفْسِي نَفْسِي، اذْهَبُوا إِلَى غَيْرِي، اذْهَبُوا إِلَى مُحَمَّدٍ - صلى الله عليه وسلم». وفي روايةٍ: «فَيَأتُونِي فَيَقُولُونَ: يَا مُحَمَّدُ أنتَ رَسُولُ اللهِ وخَاتَمُ الأنْبِياءِ، وَقَدْ غَفَرَ اللهُ لَكَ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِكَ وَمَا تَأَخَّرَ، اشْفَعْ لَنَا إِلَى رَبِّكَ، ألاَ تَرَى إِلَى مَا نَحْنُ فِيهِ؟ فَأَنْطَلِقُ فَآتِي تَحْتَ العَرْشِ فَأَقَعُ سَاجِدًا لِرَبِّي، ثُمَّ يَفْتَحُ اللهُ عَلَيَّ مِنْ مَحَامِدِهِ، وَحُسْنِ الثَّنَاءِ عَلَيْهِ شَيْئًا لَمْ يَفْتَحْهُ عَلَى أحَدٍ قَبْلِي، ثُمَّ يُقَالُ: يَا مُحَمَّدُ ارْفَعْ رَأسَكَ، سَلْ تُعْطَهُ، وَاشْفَعْ تُشَفَّعْ، فَأَرْفَعُ رَأْسِي، فَأَقُولُ: أُمَّتِي يَا رَبِّ، أُمَّتِي يَا رَبِّ، أُمَّتِي يَا رَبِّ، فَيُقَالُ: يَا مُحَمَّدُ أدْخِلْ مِنْ أُمَّتِكَ مَنْ لاَ حِسَابَ عَلَيْهِمْ مِنَ البَابِ الأيْمَنِ مِنْ أَبْوَابِ الجَنَّةِ، وَهُمْ شُرَكَاءُ [ص: 521] النَّاسِ فِيمَا سِوَى ذَلِكَ مِنَ الأبْوَابِ». ثُمَّ قَالَ: «وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ، إنَّ مَا بَيْنَ المِصْرَاعَيْنِ مِنْ مَصَارِيعِ الجَنَّةِ كَمَا بَيْنَ مَكَّةَ وَهَجَرَ، أَوْ كَمَا بَيْنَ مَكَّةَ وَبُصْرَى» (2). متفق عَلَيْهِ. (3)   (1) الكذبات الثلاثة هي قوله: {إِنِّي سَقِيمٌ} وهو ليس بسقيم، لكنه قال متحديًا لقومه الذين يعبدون الكواكب. والثانية: قوله للملك الكافر: «هذه أختي» يعني: زوجته ليسلم من شره، وهي ليست كذلك. والثالثة: قوله: {بَلْ فَعَلَهُ كَبِيرُهُمْ هَذَا} أي: الأصنام. شرح رياض الصالحين 4/ 431. (2) هَجَر: بفتح الهاء والجيم، مدينة هي قاعدة البحرين. وبصرى: موضع بالشام، وصل إليها النبي - صلى الله عليه وسلم - للتجارة، وهي مشهورة عند العرب. مراصد الاطلاع 1/ 201 و3/ 1452. (3) أخرجه: البخاري 4/ 163 (3340) و6/ 105 (4712)، ومسلم 1/ 127 - 128 (194) (327). الجزء: 1 ¦ الصفحة: 520 1867 - وعن ابن عباس رضي الله عنهما، قَالَ: جَاءَ إبراهيم - صلى الله عليه وسلم - بِأُمِّ إسْماعِيلَ وَبِابْنِهَا إسْمَاعِيل وَهِيَ تُرْضِعُهُ، حَتَّى وَضَعهَا عِنْدَ البَيْتِ، عِنْدَ دَوْحَةٍ فَوقَ زَمْزَمَ في أعْلَى المَسْجِدِ، وَلَيْسَ بِمَكَّةَ يَوْمَئِذٍ أَحَدٌ، وَلَيْسَ بِهَا مَاءٌ، فَوَضَعَهُمَا هُنَاكَ، وَوَضَعَ عِنْدَهُمَا جِرَابًا فِيهِ تَمْرٌ، وَسِقَاءً فِيهِ مَاءٌ، ثُمَّ قَفَّى إبْرَاهِيمُ مُنْطَلِقًا، فَتَبِعَتْهُ أمُّ إسْمَاعِيلَ فَقَالَتْ: يَا إبْرَاهِيمُ، أَيْنَ تَذْهَبُ وَتَتْرُكُنَا بِهذَا الوَادِي الَّذِي لَيْسَ فِيهِ أنِيسٌ وَلاَ شَيْءٌ؟ فَقَالَتْ لَهُ ذَلِكَ مِرَارًا، وَجَعَلَ لاَ يَلْتَفِتُ إِلَيْهَا، قَالَتْ لَهُ: آللهُ أَمَرَكَ بِهَذَا؟ قَالَ: نَعَمْ، قَالَتْ: إذًا لاَ يُضَيِّعُنَا؛ ثُمَّ رَجَعَتْ، فَانْطَلَقَ إِبْرَاهِيمُ - صلى الله عليه وسلم - حَتَّى إِذَا كَانَ عِنْدَ الثَّنِيَّةِ حَيْثُ لاَ يَرُونَهُ، اسْتَقْبَلَ بِوَجْهِهِ البَيْتَ، ثُمَّ دَعَا بِهؤُلاءِ الدَّعَوَاتِ، فَرَفَعَ يَدَيْهِ فَقَالَ: {رَبِّ إنِّي أَسْكَنْتُ مِنْ ذُرِّيَّتِي بِوَادٍ غَيْرِ ذِي زَرْعٍ} حَتَّى بَلَغَ {يَشْكُرُونَ} [إبراهيم: 37]. وَجَعَلَتْ أُمُّ إسْمَاعِيلَ تُرْضِعُ إسْمَاعِيلَ وَتَشْرَبُ مِنْ ذَلِكَ المَاءِ، حَتَّى إِذَا نَفِدَ مَا فِي السِّقَاءِ عَطِشَتْ، وَعَطِشَ ابْنُهَا، وَجَعَلتْ تَنْظُرُ إِلَيْهِ يَتَلَوَّى - أَوْ قَالَ يَتَلَبَّطُ - فَانْطَلَقَتْ كَرَاهِيَةَ أَنْ تَنْظُرَ إِلَيْهِ، فَوَجَدَتِ الصَّفَا أَقْرَبَ جَبَلٍ في الأرْضِ يَلِيهَا، فَقَامَتْ عَلَيْهِ، ثُمَّ اسْتَقْبَلَتِ الوَادِي تَنْظُرُ هَلْ تَرَى أحَدًا؟ فَلَمْ تَرَ أحَدًا. فَهَبَطَتْ مِنَ الصَّفَا حَتَّى إِذَا بَلَغَتِ الوَادِي، رَفَعَت طَرفَ دِرْعِهَا، ثُمَّ سَعَتْ سَعْيَ الإنْسَانِ المَجْهُودِ حَتَّى جَاوَزَتِ الوَادِي، ثُمَّ أتَتِ المَرْوَةَ فَقَامَتْ عَلَيْهَا، فَنَظَرَتْ هَلْ تَرَى أحَدًا؟ فَلَمْ تَرَ أَحَدًا، فَفَعَلَتْ ذَلِكَ سَبْعَ مَرَّاتٍ. قَالَ ابن عباس رضي الله عنهما: قَالَ النبيُّ - صلى الله عليه وسلم: «فَلذَلِكَ سَعْيُ النَّاسِ بَيْنَهُمَا»، فَلَمَّا أَشْرَفَتْ عَلَى المَرْوَةِ سَمِعَتْ صَوْتًا، فَقَالَتْ: صَهْ - تُريدُ نَفْسَهَا - ثُمَّ تَسَمَّعَتْ، فَسَمِعَتْ أَيضًا، فَقَالَتْ: قَدْ أسْمَعْتَ إنْ كَانَ عِنْدَكَ غَوَاثٌ، فَإذَا هِيَ بِالمَلَكِ عِنْدَ مَوْضِعِ زَمْزَمَ، فَبَحَثَ بِعَقِبِهِ - أَوْ قَالَ بِجَنَاحِهِ - حَتَّى ظَهَرَ المَاءُ، فَجَعَلَتْ تُحَوِّضُهُ وَتَقُولُ بِيَدِهَا هَكَذَا، وَجَعَلَتْ تَغْرِفُ مِنَ المَاءِ في سِقَائِهَا وَهُوَ يَفُورُ بَعْدَ مَا تَغْرِفُ. وفي رواية: بِقَدَرِ مَا تَغْرِفُ. قَالَ ابن عباس رضي الله عنهما: قَالَ النبيُّ - صلى الله عليه وسلم: «رَحِمَ اللهُ أُمَّ إسْمَاعِيلَ   (1867) أخرجه: البخاري 4/ 172 (3364) و175 (3365). الحديث: 1867 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 521 لَوْ تَرَكَتْ زَمْزَمَ - أَوْ قَالَ لَوْ لَمْ تَغْرِفْ مِنَ المَاءِ - لَكَانَتْ زَمْزَمُ عَيْنًا مَعِينًا» قَالَ: فَشَرِبَتْ وَأرْضَعَتْ وَلَدَهَا، فَقَالَ لَهَا المَلَكُ: لاَ تَخَافُوا الضَّيْعَةَ فَإنَّ هاهُنَا بَيْتًا للهِ يَبْنِيهِ هَذَا الغُلاَمُ وَأَبُوهُ، وإنَّ اللهَ لاَ يُضَيِّعُ أهْلَهُ، وكان البَيْتُ مُرْتَفِعًا مِنَ الأرْضِ كَالرَّابِيَةِ، تَأتِيهِ السُّيُولُ، فَتَأخُذُ عَنْ يَمِينِهِ وَعَنْ شِمَالِهِ، فَكَانَتْ كَذَلِكَ حَتَّى مَرَّتْ بِهِمْ رُفْقَةٌ مِنْ جُرْهُمٍ، أَوْ أهْلُ بَيْتٍ مِنْ جُرْهُمٍ مُقْبِلينَ مِنْ طَرِيقِ كَدَاءَ، فَنَزلُوا في أسْفَلِ مَكَّةَ؛ فَرَأَوْا طَائِرًا عائِفًا، فَقَالُوا: إنَّ هَذَا الطَّائِرَ لَيَدُورُ عَلَى مَاءٍ، لَعَهْدُنَا بهذا الوَادِي وَمَا فِيهِ مَاء. فَأَرْسَلُوا جَرِيًّا أَوْ جَرِيَّيْنِ، فَإذَا هُمْ بِالمَاءِ. فَرَجَعُوا فَأَخْبَرُوهُمْ؛ فَأَقْبَلُوا وَأُمُّ إسْمَاعِيلَ عِنْدَ المَاءِ، فقالوا: أتَأذَنِينَ لَنَا أَنْ نَنْزِلَ عِنْدَكِ؟ قَالَتْ: نَعَمْ، وَلَكِنْ لاَ حَقَّ لَكُمْ في المَاءِ، قَالُوا: نَعَمْ. قَالَ ابن عباس: قَالَ النبيُّ - صلى الله عليه وسلم: «فَألْفَى ذَلِكَ أُمَّ إسْمَاعِيلَ، وهي تُحِبُّ الأنْسَ» فَنَزَلُوا، فَأرْسَلُوا إِلَى أهْلِهِمْ فَنَزَلُوا مَعَهُمْ، حَتَّى إِذَا كَانُوا بِهَا أهْلَ أبْيَاتٍ وَشَبَّ الغُلاَمُ وَتَعَلَّمَ العَرَبِيَّةَ مِنْهُمْ، وَأنْفَسَهُمْ وَأَعْجَبَهُمْ حِيْنَ شَبَّ، فَلَمَّا أدْرَكَ زَوَّجُوهُ امْرَأةً مِنْهُمْ: وَمَاتَتْ أُمُّ إسْمَاعِيلَ، فَجَاءَ إبْرَاهِيمُ بَعْدَما تَزَوَّجَ إسْمَاعِيلُ يُطَالِعُ تَرِكَتَهُ، فَلَمْ يَجِدْ إسْمَاعِيلَ؛ فَسَأَلَ امْرَأتَهُ عَنْهُ فَقَالَتْ: خرَجَ يَبْتَغِي لَنَا - وفي روايةٍ: يَصِيدُ لَنَا - ثُمَّ سَأَلَهَا عَنْ عَيْشِهِمْ وَهَيْئَتِهِمْ، فَقَالَتْ: نَحْنُ بِشَرٍّ، نَحْنُ فِي ضِيقٍ وَشِدَّةٍ؛ وَشَكَتْ إِلَيْهِ، قَالَ: فَإذَا جَاءَ زَوْجُكِ اقْرَئِي عَلَيْهِ السَّلاَمَ، وَقُولِي لَهُ يُغَيِّرْ عَتَبَةَ بَابِهِ. فَلَمَّا جَاءَ إسْمَاعِيلُ كَأَنَّهُ آنَسَ شَيْئًا، فَقَالَ: هَلْ جَاءكُمْ مِنْ أحَدٍ؟ قَالَتْ: نَعَمْ، جَاءنا شَيْخٌ كَذَا وَكَذَا، فَسَأَلَنَا عَنْكَ فَأَخْبَرْتُهُ، فَسَأَلَنِي: كَيْفَ عَيْشُنَا، فَأَخْبَرْتُهُ أَنَّا في جَهْدٍ وَشِدَّةٍ. قَالَ: فَهَلْ أَوْصَاكِ بِشَيءٍ؟ قَالَتْ: نَعَمْ، أَمَرَنِي أَنْ أقْرَأَ عَلَيْكَ السَّلاَمَ، وَيَقُولُ: غَيِّرْ عَتَبَةَ بَابِكَ، قَالَ: ذَاكَ أبِي وَقَدْ أَمَرَنِي أَنْ أُفَارِقَكِ! الْحَقِي بِأَهْلِكِ. فَطَلَّقَهَا وَتَزَوَّجَ مِنْهُمْ أُخْرَى، فَلَبِثَ عَنْهُمْ إِبْرَاهِيمُ مَا شَاءَ اللهُ، ثُمَّ أَتَاهُمْ بَعْدُ فَلَمْ يَجِدْهُ، فَدَخَلَ عَلَى امْرَأتِهِ فَسَألَ عَنْهُ. قَالَتْ: خَرَجَ يَبْتَغِي لَنَا قَالَ: كَيفَ أنْتُمْ؟ وَسَأَلَهَا عَنْ عَيْشِهِمْ وَهَيْئَتِهِمْ، فَقَالَتْ: نَحْنُ بِخَيرٍ وَسَعَةٍ، وَأَثْنَتْ عَلَى اللهِ. فَقَالَ: مَا طَعَامُكُمْ؟ قَالَتْ: اللَّحْمُ، قَالَ: فمَا شَرَابُكُمْ؟ قَالَت: الماءُ، قَالَ: اللَّهُمَّ بَارِكْ لَهُمْ فِي اللَّحْمِ وَالمَاءِ. قَالَ النَّبيُّ - صلى الله عليه وسلم: وَلَمْ يَكُنْ لَهُمْ يَوْمَئِذٍ حَبٌّ، وَلَوْ كَانَ لَهُمْ دَعَا لَهُمْ فِيهِ، قَالَ: فَهُمَا لاَ يَخْلُو عَلَيْهِمَا أَحَدٌ بِغَيْرِ مَكَّةَ إِلاَّ لَمْ يُوَافِقَاهُ. وَفِي رواية: فجاء فَقَالَ: أيْنَ إسْمَاعِيلُ؟ فَقَالَتْ امْرأتُهُ: ذَهَبَ يَصِيدُ؛ فَقَالَتْ امْرَأتُهُ: ألاَ تَنْزِلُ، فَتَطْعَمَ وَتَشْرَبَ؟ قَالَ: وَمَا طَعَامُكُمْ وَمَا شَرَابُكُمْ؟ قَالَتْ: طَعَامُنَا اللَّحْمُ وَشَرَابُنَا المَاءُ، قَالَ: اللَّهُمَّ بَارِكْ لَهُمْ فِي طَعَامِهِمْ وَشَرابِهِمْ. قَالَ: فَقَالَ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 522 أَبُو القاسم - صلى الله عليه وسلم: بَرَكَةُ دَعوَةِ إبْرَاهِيمَ. قَالَ: فإذَا جَاءَ زَوْجُكِ فَاقْرَئِي عَلَيْهِ السَّلاَمَ وَمُرِيِهِ يُثَبِّتُ عَتَبَةَ بَابِهِ. فَلَمَّا جَاءَ إسْمَاعِيلُ قَالَ: هَلْ أتَاكُمْ مِنْ أحَدٍ؟ قَالَتْ: نَعَمْ، أتانَا شَيْخٌ حَسَنُ الهَيْئَةِ، وَأثْنَتْ عَلَيْهِ، فَسَألَنِي عَنْكَ فَأَخْبَرتُهُ، فَسَألَنِي كَيْفَ عَيْشُنَا فَأخْبَرْتُهُ أَنَّا بِخَيْرٍ. قَالَ: فَأوْصَاكِ بِشَيءٍ؟ قَالَتْ: نَعَمْ، يَقْرَأُ عَلَيْكَ السَّلاَمَ وَيَأمُرُكَ أَنْ تُثَبِّتَ عَتَبَةَ بَابِكَ. قَالَ: ذَاكَ أبِي، وأنْتِ العَتَبَةُ، أمَرَنِي أَنْ أُمْسِكَكِ. ثُمَّ لَبِثَ عَنْهُمَ مَا شَاءَ اللهُ، ثُمَّ جَاءَ بَعدَ ذَلِكَ وإسْمَاعِيلُ يَبْرِي نَبْلًا لَهُ تَحْتَ دَوْحَةٍ قَريبًا مِنْ زَمْزَمَ، فَلَمَّا رَآهُ قَامَ إِلَيْهِ، فَصَنَعَا كَمَا يَصْنَعُ الوَالِدُ بِالوَلَدِ وَالوَلَدُ بِالوَالدِ. قَالَ: يَا إسْمَاعِيلُ، إنَّ اللهَ أمَرَنِي بِأمْرٍ، قَالَ: فَاصْنَعْ مَا أمَرَكَ رَبُّكَ؟ قالَ: وَتُعِينُنِي، قَالَ: وَأُعِينُكَ، قَالَ: فَإنَّ اللهَ أمَرَنِي أَنْ أَبْنِي بَيْتًا هاهُنَا، وأشَارَ إِلَى أكَمَةٍ مُرْتَفِعَةٍ عَلَى مَا حَوْلَهَا، فَعِنْدَ ذَلِكَ رَفَعَ القَوَاعِدَ مِنَ البَيْتِ، فَجَعَلَ إسْمَاعِيلُ يَأتِي بِالحِجَارَةِ وَإبْرَاهِيمُ يَبْنِي حَتَّى إِذَا ارْتَفَعَ البِنَاءُ، جَاءَ بِهذَا الحَجَرِ فَوَضَعَهُ لَهُ فَقَامَ عَلَيْهِ، وَهُوَ يَبْنِي وَإسْمَاعِيلُ يُنَاوِلُهُ الحجارة وَهُمَا يَقُولاَنِ: {رَبَّنَا تَقَبَّلْ مِنَّا إنَّكَ أنْتَ السَّمِيعُ العَلِيمُ} [البقرة: 127]. وفي روايةٍ: إنَّ إبْرَاهِيمَ خَرَجَ بِإسْمَاعِيلَ وَأُمِّ إسْمَاعِيلَ، مَعَهُمْ شَنَّةٌ فِيهَا مَاءٌ، فَجَعَلَتْ أُمُّ إسْمَاعِيلَ تَشْرَبُ مِنَ الشَّنَّةِ فَيَدِرُّ لَبَنُهَا عَلَى صَبِيِّهَا، حَتَّى قَدِمَ مَكَّةَ، فَوَضَعَهَا تَحْتَ دَوْحَةٍ، ثُمَّ رَجَعَ إبْرَاهِيمُ إِلَى أهْلِهِ، فَاتَّبَعَتْهُ أُمُّ إسْماعيلَ حَتَّى لَمَّا بَلَغُوا كَدَاءَ نَادَتْهُ مِنْ وَرَائِهِ: يَا إبْرَاهِيمُ إِلَى مَنْ تَتْرُكُنَا؟ قَالَ: إِلَى اللهِ، قَالَتْ: رَضِيْتُ باللهِ، فَرَجَعَتْ وَجَعَلَتْ تَشْرَبُ مِنَ الشِّنَّةِ وَيَدُرُّ لَبَنُهَا عَلَى صَبِيِّهَا، حَتَّى لَمَّا فَنِيَ المَاءُ قَالَتْ: لَوْ ذَهَبْتُ فَنَظَرْتُ لَعَلِّي أُحِسُّ أَحَدًا. قَالَ: فَذَهَبَتْ فَصَعِدَتِ الصَّفَا، فَنَظَرَتْ وَنَظَرَتْ هَلْ تُحِسُّ أحدًا، فَلَمْ تُحِسَّ أَحَدًا، فَلَمَّا بَلَغَتِ الوَادِي سَعَتْ، وأتَتِ المَرْوَةَ، وَفَعَلَتْ ذَلِكَ أشْوَاطًا، ثُمَّ قَالَتْ: لَوْ ذَهَبْتُ فَنَظَرْتُ مَا فَعَلَ الصَّبِيُّ، فَذَهَبَتْ فَنَظَرَتْ فَإذَا هُوَ عَلَى حَالِهِ، كَأنَّهُ يَنْشَغُ لِلْمَوْتِ، فَلَمْ تُقِرَّهَا نَفْسُهَا فَقَالَتْ: لَوْ ذَهَبْتُ فَنَظَرْتُ لَعَلِّي أُحِسُّ أحَدًا، فَذَهَبَتْ فَصَعِدَتِ الصَّفَا، فَنَظَرَتْ ونظَرتْ فَلَمْ تُحِسَّ أَحَدًا، حَتَّى أتَمَّتْ سَبْعًا، ثُمَّ قَالَتْ: لَوْ ذَهَبْتُ فَنَظَرْتُ مَا فَعَلَ، فَإذَا هِيَ بِصَوْتٍ، فَقَالَتْ: أَغِثْ إنْ كَانَ عِنْدَكَ خَيْرٌ، فَإذَا جِبْرِيلُ فَقَالَ بِعقِبِهِ هَكَذَا، وَغَمَزَ بِعَقِبِهِ عَلَى الأرْضِ، فَانْبَثَقَ المَاءُ فَدَهِشَتْ أُمُّ إسْمَاعِيلَ، فَجَعَلَتْ تَحْفِنُ ... وَذَكَرَ الحَديثَ بِطُولِهِ، رواه البخاري بهذه الروايات كلها. «الدَّوْحَةُ» الشَّجَرَةُ الكَبِيرَةُ. قولُهُ: «قَفَّى»: أيْ: وَلَّى. «وَالْجَرِيُّ»: الرَّسُولُ. «وَألْفَى»: معناه وَجَدَ. قَولُهُ: «يَنْشَغُ»: أيْ: يَشْهَقُ. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 523 1868 - وعن سعيد بن زيد - رضي الله عنه - قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - يقولُ: «الكَمْأَةُ مِنَ المَنِّ، وَمَاؤُهَا شِفَاءٌ لِلْعَيْنِ (1)» متفق عَلَيْهِ. (2)   (1) قول: «وماؤها شفاء للعين» فيه ثلاثة أقوال: أحدها: أن ماءها يخلط في الأدوية التي يعالج بها العين. الثاني: أنه يستعمل بحتًا بعد شيها، واستقطار مائها. الثالث: أن المراد بمائها الماء الذي يحدث به من المطر وهو أول قطر ينْزل إلى الأرض ... زاد المعاد 4/ 334. (2) أخرجه: البخاري 6/ 22 (4478)، ومسلم 6/ 124 (2049) (158). الحديث: 1868 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 524 19 - كتَاب الاستغفار 371 - باب الأمر بالاستغفار وفضله قال الله تعالى: {وَاسْتَغْفِرْ لِذَنْبِكَ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ} [محمد: 19]، وقال تعالى: {وَاسْتَغْفِرِ اللهَ إِنَّ اللهَ كَانَ غَفُورًا رَحِيمًا} [النساء: 106]، وقَالَ تَعَالَى: {فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَاسْتَغْفِرْهُ إِنَّهُ كَانَ تَوَّابًا} [النصر: 3]، وقال تعالى: {لِلَّذِينَ اتَّقَوْا عِنْدَ رَبِّهِمْ جَنَّات} إلَى قَولِهِ - عز وجل: {وَالْمُسْتَغْفِرِينَ بِالأَسْحَارِ} [آل عمران: 15 - 17]، وقال تعالى: {وَمَنْ يَعْمَلْ سُوءًا أَوْ يَظْلِمْ نَفْسَهُ ثُمَّ يَسْتَغْفِرِ اللهَ يَجِدِ اللهَ غَفُورًا رَحِيمًا} [النساء:110]، وقال تعالى: {وَمَا كَانَ اللهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وَأَنْتَ فِيهِمْ وَمَا كَانَ اللهُ مُعَذِّبَهُمْ وَهُمْ يَسْتَغْفِرُونَ} [الأنفال: 33]، وقال تعالى: {وَالَّذِينَ إِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً أَوْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ ذَكَرُوا اللهَ فَاسْتَغْفَرُوا [ص: 505] لِذُنُوبِهِمْ وَمَنْ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلا اللهُ وَلَمْ يُصِرُّوا عَلَى مَا فَعَلُوا وَهُمْ يَعْلَمُونَ} [آل عمران: 135] والآيات في الباب كثيرة معلومة. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 525 1869 - وعن الأَغَرِّ المزني - رضي الله عنه: أنَّ رسُول اللهِ - صلى الله عليه وسلم - قال: «إنَّهُ لَيُغَانُ (1) عَلَى قَلْبِي، وإنِّي لأَسْتَغفِرُ اللهَ في اليَوْمِ مِائَةَ مَرَّةٍ». رواه مسلم. (2)   (1) قال النووي: «من الغين: وهو ما يتغشى القلب. وقال القاضي عياض: المراد الفترات والغفلات عن الذكر الذي كان شأنه الدوام عليه». شرح صحيح مسلم 9/ 22 عقيب (2703). (2) أخرجه: مسلم 8/ 72 (2702) (41). الحديث: 1869 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 525 1870 - وعن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: سَمعتُ رَسُول اللهِ - صلى الله عليه وسلم - يقولُ: «وَاللهِ إنِّي لأَسْتَغْفِرُ اللهَ وَأتُوبُ إلَيْهِ فِي اليَومِ أَكْثَرَ مِنْ سَبْعِينَ مَرَّةً». رواه البخاري. (1)   (1) انظر الحديث (13). الحديث: 1870 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 526 1871 - وعنه - رضي الله عنه - قال: قال رسولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم: «وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَوْ لَمْ تُذْنِبُوا، لَذَهَبَ اللهُ تَعَالَى بِكُمْ، وَلَجَاءَ بِقَومٍ يُذْنِبُونَ، فَيَسْتَغْفِرُونَ اللهَ تَعَالَى، فَيَغْفِرُ لَهُمْ». رواه مسلم. (1)   (1) انظر الحديث (422). الحديث: 1871 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 526 1872 - وعن ابن عمر رَضِي الله عنهما، قال: كُنَّا نَعُدُّ لرسولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - في المَجْلِسِ الواحِدِ مئَةَ مَرَّة ٍ: «رَبِّ اغْفِرْ لِي وَتُبْ عَلَيَّ إنَّكَ أَنْتَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ». رواه أبو داود والترمذي، (1) وقال: «حديث حسن صحيح غريب».   (1) أخرجه: أبو داود (1516)، وابن ماجه (3814)، والترمذي (3434)، والنسائي في «الكبرى» (10292). الحديث: 1872 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 526 1873 - وعن ابن عباس رضي الله عنهما، قال: قال رسولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم: «مَنْ لَزِمَ الاسْتِغْفَارَ جَعَلَ اللهُ لَهُ مِنْ كُلِّ ضِيقٍ مَخْرَجًا، وَمِنْ كُلِّ هَمٍّ فَرَجًا، وَرَزَقهُ مِنْ حَيثُ لاَ يَحْتَسِبُ». رواه أبو داود. (1)   (1) أخرجه: أبو داود (1518)، وابن ماجه (3819)، والنسائي في «الكبرى» (10290)، وهو حديث ضعيف. الحديث: 1873 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 526 1874 - وعن ابن مسعود - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم: «مَنْ قَال َ: أَسْتَغْفِرُ اللهَ الَّذِي لاَ إلَهَ إلاَّ هُوَ الحَيَّ القَيُّومَ وَأَتُوبُ إلَيهِ، غُفِرَتْ ذُنُوبُهُ، وإِنْ كانَ قَدْ فَرَّ مِنَ الزَّحْفِ». رواه أبو داود والترمذي والحاكم، وقال: «حديث صحيح على شرط البخاري ومسلم». (1)   (1) أخرجه: الحاكم 1/ 511 و2/ 117 - 118. وأخرجه: ابن خزيمة في «التوكل» كما في إتحاف المهرة 10/ 438 (13115) عن ابن مسعود. أما روايتا أبي داود (1517)، والترمذي (3577) فعن زيد مولى النبي - صلى الله عليه وسلم - مرفوعًا. الحديث: 1874 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 526 1875 - وعن شَدَّادِ بْنِ أَوسٍ - رضي الله عنه - عن النبيّ - صلى الله عليه وسلم - قال: «سَيِّدُ الاسْتِغْفَارِ أَنْ يَقُولَ العَبْدُ: اللَّهُمَّ أَنْتَ رَبِّي، لاَ إلهَ إلاَّ أَنْتَ، خَلَقْتَنِي وَأَنَا عَبْدُكَ، وَأنَا عَلَى عَهْدِكَ وَوَعْدِكَ مَا اسْتَطَعْتُ، أَعُوذُ بِكَ مِنْ شَرِّ مَا صَنَعْتُ، أَبُوءُ لَكَ بِنِعْمَتِكَ عَلَيَّ، وأَبُوءُ بِذَنْبِي، فَاغْفِرْ لِي، [ص: 527] فَإنَّهُ لاَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلاَّ أَنْتَ. مَنْ قَالَهَا مِنَ النَّهَارِ مُوقِنًا بِهَا، فَمَاتَ مِنْ يَوْمِهِ قَبْلَ أَنْ يُمْسِي، فَهُوَ مِنْ أَهْلِ الجَنَّةِ، وَمَنْ قَالَهَا مِنَ اللَّيْلِ، وَهُوَ مُوقِنٌ بِهَا، فَمَاتَ قَبْلَ أَنْ يُصْبِحَ، فَهُوَ مِنْ أهْلِ الجَنَّةِ». رواه البخاري. (1) «أبوءُ» بباءٍ مَضمومةٍ ثم واوٍ وهمزة ممدودة ومعناه: أقِرُّ وَأعْتَرِفُ.   (1) أخرجه: البخاري 8/ 83 (6306). الحديث: 1875 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 526 1876 - وعن ثوبان - رضي الله عنه - قال: كانَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - إذَا انْصَرَفَ مِنْ صَلاَتِهِ، اسْتَغْفَرَ اللهَ ثَلاَثًا وَقَال َ: «اللَّهُمَّ أَنْتَ السَّلاَمُ، وَمِنْكَ السَّلاَمُ، تَبَارَكْتَ يَا ذَا الجَلاَلِ وَالإكْرَامِ». قيلَ لِلأوْزَاعِيِّ - وَهُوَ أَحَدُ رُوَاتِهِ: كَيفَ الاسْتِغْفَارُ؟ قال: يقُول ُ: أسْتَغْفِرُ اللهَ، أسْتَغْفِرُ اللهَ. رواه مسلم. (1)   (1) انظر الحديث (1415). الحديث: 1876 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 527 1877 - وعن عائشة رضي اللهُ عنها، قالت: كان رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - يُكْثِرُ أَنْ يَقُولَ قَبْلَ مَوْتِه ِ: «سُبْحَانَ اللهِ وَبِحَمْدِهِ، أَسْتَغفِرُ اللهَ، وَأَتوبُ إلَيْهِ» متفق عليه. (1)   (1) أخرجه: البخاري 2/ 207 (817)، ومسلم 2/ 50 (484) (220) باختلاف يسير. الحديث: 1877 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 527 1878 - وعن أنس - رضي الله عنه - قال: سمعتُ رسولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - يقولُ: «قَالَ اللهُ تَعَالَى: يَا ابْنَ آدَمَ، إنَّكَ مَا دَعَوْتَنِي وَرَجَوْتَنِي غَفَرْتُ لكَ عَلَى مَا كَانَ مِنْكَ وَلاَ أُبَالِي، يَا ابْنَ آدَمَ، لَوْ بَلَغَتْ ذُنُوبُكَ عَنَانَ السَّمَاءِ، ثُمَّ اسْتَغْفَرْتَنِي، غَفَرْتُ لَكَ وَلاَ أُبَالِي، يا ابْنَ آدَمَ، إنَّكَ لَوْ أَتَيْتَنِي بِقُرَابِ الأَرْضِ خَطَايَا، ثُمَّ لَقِيتَنِي لا تُشْرِكُ بِي شَيْئًا، لأَتَيْتُكَ بِقُرابِهَا مَغْفِرَةً». رواه الترمذي، (1) وقال: «حديث حسن». «عَنَانَ السَّمَاءِ» بفتح العين: قِيلَ هُوَ السَّحَابُ، وَقِيلَ: هُوَ مَا عَنَّ لَكَ مِنْهَا، أيْ ظَهَرَ. «وَقُرَابُ الأرْضِ» بضم القاف، ورُوي بكسرِها، والضم أشهر. وَهُوَ ما يُقَارِبُ مِلأَها.   (1) أخرجه: الترمذي (3540)، وقال: «حديث حسن غريب». الحديث: 1878 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 527 1879 - وعن ابن عمر رضي الله عنهما: أنَّ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - قال: «يا مَعْشَرَ النِّسَاءِ تَصَدَّقْنَ، وأكْثِرْنَ مِنَ الاسْتِغْفَارِ؛ فَإنِّي رَأَيْتُكُنَّ أَكْثَرَ أَهْلِ النَّارِ» قالت امرأةٌ مِنْهُنَّ: مَا لَنَا أَكْثَرَ أَهْلِ النَّارِ؟ قَالَ: «تُكْثِرْنَ اللَّعْنَ (1)، وَتَكْفُرْنَ العَشِيرَ (2)، مَا رَأَيْتُ مِنْ نَاقِصَاتِ عَقْلٍ وَدِينٍ أغْلَبَ [ص: 528] لِذِي لُبٍّ (3) مِنْكُنَّ» قالت: ما نُقْصَانُ العَقْلِ وَالدِّينِ؟ قال: «شَهَادَةُ امْرَأتَيْنِ بِشَهَادَةِ رَجُلٍ، وَتَمْكُثُ الأَيَّامَ لاَ تُصَلِّي». رواه مسلم. (4)   (1) اللعن: من الله الطرد والإبعاد، ومن الخلق السب والدعاء. النهاية 4/ 255. (2) العشير: الزوج. النهاية 3/ 240. (3) اللب: العقل. النهاية 4/ 223 (4) أخرجه: مسلم 1/ 61 (79) (132). الحديث: 1879 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 527 372 - باب بيان مَا أعدَّ اللهُ تَعَالَى للمؤمنين في الجنة قَالَ الله تَعَالَى: {إنَّ المُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ ادْخُلُوهَا بِسَلاَمٍ آمِنِينَ وَنَزَعْنَا مَا في صُدُورُهِمْ مِنْ غِلٍّ إخْوانًا عَلَى سُرُرٍ مُتَقَابِلِينَ لاَ يَمَسُّهُمْ فِيهَا نَصَبٌ وَمَا هُمْ مِنْهَا بِمُخْرَجِينَ} [الحجر: 45 - 48]. وقال تَعَالَى: {يَا عِبَادِ لا خَوْفٌ عَلَيْكُمُ الْيَوْمَ وَلا أَنْتُمْ تَحْزَنُونَ الَّذِينَ آمَنُوا بِآياتِنَا وَكَانُوا مُسْلِمِينَ ادْخُلُوا الْجَنَّةَ أَنْتُمْ وَأَزْوَاجُكُمْ تُحْبَرُونَ يُطَافُ عَلَيْهِمْ بِصِحَافٍ مِنْ ذَهَبٍ وَأَكْوَابٍ وَفِيهَا مَا تَشْتَهِيهِ الأَنْفُسُ وَتَلَذُّ الأَعْيُنُ وَأَنْتُمْ فِيهَا خَالِدُونَ وَتِلْكَ الْجَنَّةُ الَّتِي أُورِثْتُمُوهَا بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ لَكُمْ فِيهَا فَاكِهَةٌ كَثِيرَةٌ مِنْهَا تَأْكُلُونَ} [الزخرف: 68 - 73]. وقال تعالى: {إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي مَقَامٍ أَمِينٍ فِي جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ يَلْبَسُونَ مِنْ سُنْدُسٍ وَإِسْتَبْرَقٍ مُتَقَابِلِينَ كَذَلِكَ وَزَوَّجْنَاهُمْ بِحُورٍ عِينٍ يَدْعُونَ فِيهَا بِكُلِّ فَاكِهَةٍ آمِنِينَ لا يَذُوقُونَ فِيهَا الْمَوْتَ إِلا الْمَوْتَةَ الأُولَى وَوَقَاهُمْ عَذَابَ الْجَحِيمِ فَضْلًا مِنْ رَبِّكَ ذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ} [الدخان: 51 - 57]. وقال تعالى: {إِنَّ الأَبْرَارَ لَفِي نَعِيمٍ عَلَى الأَرَائِكِ يَنْظُرُونَ تَعْرِفُ فِي وُجُوهِهِمْ نَضْرَةَ النَّعِيمِ يُسْقَوْنَ مِنْ رَحِيقٍ مَخْتُومٍ خِتَامُهُ مِسْكٌ وَفِي ذَلِكَ فَلْيَتَنَافَسِ الْمُتَنَافِسُونَ وَمِزَاجُهُ مِنْ تَسْنِيمٍ عَيْنًا يَشْرَبُ بِهَا الْمُقَرَّبُونَ} [المطففين: 22 - 28] والآيات في الباب كثيرة معلومة. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 528 1880 - وعن جابر - رضي الله عنه - قَالَ: قَالَ رسولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم: «يَأكُلُ أَهْلُ الجَنَّةِ فِيهَا، وَيَشْرَبُونَ، وَلاَ يَتَغَوَّطُونَ، وَلاَ يَمْتَخِطُونَ، وَلاَ يَبُولُونَ، وَلكِنْ طَعَامُهُمْ ذَلِكَ جُشَاءٌ (1) كَرَشْحِ المِسْكِ، يُلْهَمُونَ التَّسْبِيحَ وَالتَّكْبِيرَ، كَمَا يُلْهَمُونَ النَّفَسَ». رواه مسلم. (2)   (1) التجشؤ: هو تنفس المعدة عند الامتلاء. لسان العرب 2/ 285 (جشأ). (2) أخرجه: مسلم 8/ 147 (2835) (19). الحديث: 1880 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 528 1881 - وعن أَبي هريرة - رضي الله عنه - قَالَ: قَالَ رسولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم: «قَالَ اللهُ تَعَالَى: أَعْدَدْتُ لِعِبَادِي الصَّالِحِينَ مَا لاَ عَيْنٌ رَأَتْ، وَلاَ أُذُنٌ سَمِعَتْ، وَلاَ خَطَرَ عَلَى قَلْبِ بَشَرٍ، وَاقْرَؤُوا إنْ شِئْتُمْ: {فَلاَ تَعْلَمُ نَفْسٌ مَا أُخْفِيَ لَهُمْ مِنْ قُرَّةِ أَعْيُنِ جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ} [السجدة: 17]». متفق عَلَيْهِ. (1)   (1) أخرجه: البخاري 4/ 143 (3244)، ومسلم 8/ 143 (2824) (2). الحديث: 1881 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 529 1882 - وعنه، قَالَ: قَالَ رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم: «أَوَّلُ زُمْرَةٍ يَدْخُلُونَ الجَنَّةَ عَلَى صُورَةِ القَمَرِ لَيْلَةَ البَدْرِ، ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُمْ عَلَى أشَدِّ كَوْكَبٍ دُرِّيٍّ فِي السَّمَاءِ إضَاءةً، لاَ يَبُولُونَ، وَلاَ يَتَغَوَّطُونَ، وَلاَ يَتْفُلُونَ، وَلاَ يَمْتَخِطُونَ. أمْشَاطُهُمُ الذَّهَبُ، وَرَشْحُهُمُ المِسْكُ، وَمَجَامِرُهُمُ الأُلُوَّةُ - عُودُ الطِّيبِ - أزْوَاجُهُمُ الحُورُ العيْنُ، عَلَى خَلْقِ رَجُلٍ وَاحِدٍ، عَلَى صُورَةِ أَبِيهِمْ آدَمَ سِتُّونَ ذِرَاعًا فِي السَّمَاءِ» متفق عَلَيْهِ. (1) وفي رواية البخاري ومسلم: «آنِيَتُهُمْ فِيهَا الذَّهَبُ، وَرَشْحُهُمُ المِسْكُ. وَلِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ زَوْجَتَانِ يُرَى مُخُّ سَاقِهِمَا مِنْ وَرَاءِ اللَّحْمِ مِنَ الحُسْنِ، لاَ اخْتِلاَفَ بَيْنَهُمْ، وَلاَ تَبَاغُضَ، قُلُوبُهُمْ قَلْبُ وَاحِدٍ، يُسَبِّحُونَ اللهَ بُكْرَةً وَعَشِيًا». قوله: «عَلَى خَلْقِ رَجُلٍ واحدٍ». رواه بعضهم بفتح الخاء وإسكان اللام وبعضهم بضمهما وكلاهما صحيح.   (1) أخرجه: البخاري 4/ 143 (3245) و (3246)، ومسلم 8/ 146 (2834) (15) و (17). الحديث: 1882 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 529 1883 - وعن المغيرةِ بن شعبة - رضي الله عنه - عن رسُولِ الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «سألَ مُوسَى - صلى الله عليه وسلم - رَبَّهُ: ما أدْنَى أهْلِ الجَنَّةِ مَنْزِلَةً؟ قال: هُوَ رَجُلٌ يَجِيءُ بَعْدَ مَا أُدْخِلَ أهْلُ الجَنَّةِ الجَنَّةَ، فَيُقَالُ لَهُ: ادْخُلِ الجَنَّةَ. فَيَقُولُ: أيْ رَبِّ، كَيْفَ وَقَدْ نَزَلَ النَّاسُ مَنَازِلَهُمْ، وأخَذُوا أَخَذَاتِهِمْ؟ فَيُقَالُ لَهُ: أَتَرْضَى أَنْ يَكُونَ لَكَ مِثْلُ مُلْكِ مَلِكٍ مِنْ مُلُوكِ الدُّنْيَا؟ فَيقُولُ: رَضِيْتُ رَبِّ، فَيقُولُ: لَكَ ذَلِكَ وَمِثْلُهُ وَمِثْلُهُ وَمِثْلُهُ وَمِثْلُهُ، فَيقُولُ في الخامِسَةِ. رَضِيْتُ رَبِّ، فَيقُولُ: هذَا لَكَ وَعَشَرَةُ أَمْثَالِهِ، وَلَكَ مَا اشْتَهَتْ نَفْسُكَ، وَلَذَّتْ عَيْنُكَ. فَيقُولُ: رَضِيتُ رَبِّ. قَالَ: رَبِّ فَأَعْلاَهُمْ مَنْزِلَةً؟ قالَ: أُولَئِكَ الَّذِينَ أَرَدْتُ؛ غَرَسْتُ كَرَامَتَهُمْ بِيَدِي، وَخَتَمْتُ عَلَيْهَا، فَلَمْ تَرَ عَيْنٌ، وَلَمْ تَسْمَعْ أُذُنٌ، وَلَمْ يَخْطُرْ عَلَى قَلْبِ بَشَرٍ». رواه مسلم. (1)   (1) أخرجه: مسلم 1/ 120 (189) (312). الحديث: 1883 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 529 1884 - وعن ابن مسعود - رضي الله عنه - قال: قال رسولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم: «إنِّي لأَعْلَمُ آخِرَ أَهْلِ النَّارِ خُرُوجًا مِنْهَا، وَآخِرَ أَهْلِ الجَنَّةِ دُخُولًا الجَنَّةَ. رَجُلٌ يَخْرُجُ مِنَ النَّارِ حَبْوًا، فَيقُولُ اللهُ - عز وجل - له: اذْهَبْ فادْخُلِ الجَنَّةَ، فَيَأتِيهَا، فَيُخَيَّلُ إلَيْهِ أَنَّهَا مَلأَى، فَيَرْجِعُ، فَيقُولُ: يَا رَبِّ وَجَدْتُهَا مَلأَى! فَيَقُولُ اللهُ - عز وجل - له: اذْهَبْ فَادْخُلِ الجَنَّةَ، فيأتِيهَا، فَيُخيَّلُ إليهِ أنَّها مَلأى، فيَرْجِعُ. فَيَقولُ: يا رَبِّ وَجَدْتُهَا مَلأى، فيقُولُ اللهُ - عز وجل - لَهُ: اذهبْ فَادخُلِ الجنَّةَ. فَإنَّ لَكَ مِثْلَ الدُّنْيَا وَعَشرَةَ أَمْثَالِهَا؛ أوْ إنَّ لَكَ مِثْلَ عَشرَةِ أَمْثَالِ الدُّنْيَا، فَيقُولُ: أتَسْخَرُ بِي، أَوْ تَضْحَكُ بِي وَأنْتَ المَلِكُ». قال: فَلَقَدْ رَأَيْتُ رسولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - ضَحِكَ حَتَّى بَدَتْ نَوَاجِذُهُ فَكَانَ يقولُ: «ذلِكَ أَدْنَى أهْلِ الجَنَّةِ مَنْزِلَةً» متفق عليه. (1)   (1) أخرجه: البخاري 8/ 146 (6571)، ومسلم 1/ 118 (186) (308). الحديث: 1884 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 530 1885 - وعن أبي موسى - رضي الله عنه: أنَّ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - قال: «إنَّ لِلمُؤْمِنِ فِي الجَنَّةِ لَخَيْمَةً مِنْ لُؤْلُؤَةٍ وَاحِدَةٍ مُجَوَّفَةٍ طُولُها في السَّمَاءِ سِتُّونَ مِيلًا. لِلمُؤْمِنِ فِيهَا أَهْلُونَ يَطُوفُ عَلَيْهِمُ المُؤْمِنُ فَلاَ يَرَى بَعْضُهُمْ بَعْضًا» متفق عليه. (1) «المِيلُ»: سِتة آلافِ ذِراعٍ.   (1) أخرجه: البخاري 6/ 181 (4879)، ومسلم 8/ 148 (2838) (23). الحديث: 1885 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 530 1886 - وعن أبي سعيد الخدري - رضي الله عنه - عن النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - قال: «إنَّ في الجَنَّةِ شَجَرَةً يَسِيرُ الرَّاكبُ الجَوَادَ المُضَمَّرَ (1) السَّريعَ مِائَةَ سَنَةٍ مَا يَقْطَعُها» متفق عليه. (2) وروياه في الصحيحين أيضًا من رواية أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: «يَسيرُ الرَّاكِبُ في ظِلِّها مئةَ سَنَةٍ مَا يَقْطَعُها».   (1) وتضمير الخيل: هو أن يظاهر عليها العلف حتى تسمن، ثم لا تعلف إلا قوتًا لتخف. النهاية 3/ 99. (2) أخرجه: البخاري 8/ 142 (6553)، ومسلم 8/ 144 (2828). وأخرجه: البخاري 6/ 183 (4881)،ومسلم 8/ 144 (2826) (6) عن أبي هريرة. الحديث: 1886 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 530 1887 - وعنه (1)، عن النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - قال: «إنَّ أهْلَ الجَنَّةِ لَيَتَرَاءوْنَ أَهْلَ الغُرَفِ مِن فَوْقِهِمْ كَمَا تَرَاءوْنَ الكَوْكَبَ الدُّرِّيَّ الغَابِرَ فِي الأُفُق مِنَ المَشْرِقِ أو المَغْرِبِ لِتَفَاضُلِ مَا [ص: 531] بَيْنَهُمْ» قالُوا: يا رسول الله؛ تِلْكَ مَنَازِلُ الأنبياء لاَ يَبْلُغُها غَيْرُهُمْ قال: «بَلَى والَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ، رِجَالٌ آمَنُوا بِاللهِ وَصَدَّقُوا المُرْسَلِينَ». متفق عليه. (2)   (1) أي: أبي سعيد الخدري - رضي الله عنه. (2) أخرجه: البخاري 4/ 145 (3256)، ومسلم 8/ 145 (2831) (11). الحديث: 1887 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 530 1888 - وعن أبي هريرة - رضي الله عنه: أنَّ رسولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - قال: «لَقَابُ (1) قَوْسٍ في الجَنَّةِ خَيْرٌ مِمَّا تَطْلُعُ عَلَيْهِ الشَّمْسُ أو تَغْرُبُ» متفق عليه. (2)   (1) القاب: بمعنى القدر، يقال: بيني وبينه قاب رمحٍ وقاب قوسٍ: أي مقدارهما. النهاية 4/ 118. (2) أخرجه: البخاري 4/ 20 (2793). الحديث: 1888 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 531 1889 - وعن أنس - رضي الله عنه: أنَّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «إنَّ في الجَنَّةِ سُوقًا يَأتُونَهَا كُلَّ جُمُعَةٍ. فَتَهُبُّ رِيحُ الشَّمَالِ، فَتَحْثُو في وُجُوهِهِم وَثِيَابِهِمْ، فَيَزدَادُونَ حُسنًا وَجَمَالًا فَيَرْجِعُونَ إلَى أَهْلِيهِمْ، وَقَد ازْدَادُوا حُسْنًا وَجَمَالًا، فَيقُولُ لَهُمْ أَهْلُوهُمْ: وَاللهِ لقدِ ازْدَدْتُمْ حُسْنًا وَجَمَالًا! فَيقُولُونَ: وَأنْتُمْ وَاللهِ لَقَدِ ازْدَدْتُمْ بَعْدَنَا حُسْنًا وَجَمالًا!». رواه مسلم. (1)   (1) أخرجه: مسلم 8/ 145 (2833) (13). الحديث: 1889 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 531 1890 - وعن سهل بن سعد - رضي الله عنه: أنَّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «إنَّ أهْلَ الجَنَّةِ لَيَتَراءونَ الغُرَفَ فِي الجَنَّةِ كَمَا تَتَرَاءونَ الكَوكَبَ فِي السَّمَاءِ» متفق عليه. (1)   (1) أخرجه: البخاري 8/ 143 (6555)، ومسلم 8/ 144 (2830) (10). الحديث: 1890 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 531 1891 - وعنه - رضي الله عنه - قال: شَهِدْتُ مِنَ النبيّ - صلى الله عليه وسلم - مَجْلِسًا وَصَفَ فِيهِ الجَنَّةَ حَتَّى انْتَهَى، ثُمَّ قَالَ في آخِرِ حَدِيثِهِ: «فيهَا مَا لاَ عَينٌ رَأَتْ، وَلاَ أُذُنٌ سَمِعَتْ، وَلاَ خَطَرَ عَلى قَلْبِ بَشَرٍ» ثُمَّ قَرَأَ: {تَتَجَافَى جُنُوبُهُمْ عَنِ المَضَاجِعِ} إلى قوله تعالى: {فَلاَ تَعْلَمُ نَفْسٌ مَا أُخْفِيَ لَهُمْ مِنْ قُرَّةِ أَعْيُنٍ} [السجدة: 16 - 17]. رواه البخاري. (1)   (1) أخرجه: مسلم 8/ 143 (2825) (5). أما رواية البخاري 4/ 143 (3244) فعن أبي هريرة. الحديث: 1891 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 531 1892 - وعن أبي سعيد وأبي هريرة رضي الله عنهما: أنَّ رسولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - قال: «إذَا دَخَلَ أهْلُ الجَنَّةِ الجَنَّةَ يُنَادِي مُنَادٍ: إنَّ لَكُمْ أَنْ تَحْيَوْا، فَلاَ تَمُوتُوا أَبَدًا، وإنَّ لَكُمْ أَنْ تَصِحُّوا، فلا تَسْقَمُوا أبدًا، وإنَّ لَكمْ أَنْ تَشِبُّوا فلا تَهْرَمُوا أبدًا، وإنَّ لَكُمْ أَنْ تَنْعَمُوا، فَلاَ تَبْأسُوا أَبَدًا». رواه مسلم. (1)   (1) أخرجه: مسلم 8/ 148 (2837) (22). الحديث: 1892 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 531 1893 - وعن أبي هريرة - رضي الله عنه: أنَّ رسولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - قال: «إنَّ أدْنَى مَقْعَدِ أَحَدِكُمْ مِن الجَنَّةِ أَنْ يَقُولَ لَهُ: تَمَنَّ، فَيَتَمَنَّى وَيَتَمَنَّى فَيقُولُ لَهُ: هَلْ تَمَنَّيتَ؟ فيقولُ: نَعَمْ، فيقُولُ لَهُ: فَإنَّ لَكَ ما تَمَنَّيتَ وَمِثْلَهُ مَعَهُ». رواه مسلم (1).   (1) أخرجه: مسلم 1/ 114 (182) (301). الحديث: 1893 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 532 1894 - وعن أبي سعيد الخدري - رضي الله عنه: أنَّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «إنَّ الله - عز وجل - يَقُولُ لأَهْلِ الجَنَّةِ: يَا أَهْلَ الجَنَّةِ، فَيقولُونَ: لَبَّيكَ رَبَّنَا وَسَعْدَيْكَ، وَالخَيْرُ في يَديْكَ، فَيقُولُ: هَلْ رَضِيتُم؟ فَيقُولُونَ: وَمَا لَنَا لاَ نَرْضَى يَا رَبَّنَا وَقَدْ أَعْطَيْتَنَا مَا لَمْ تُعْطِ أحدًا مِنْ خَلْقِكَ، فَيقُولُ: ألاَ أُعْطِيكُمْ أفْضَلَ مِنْ ذلِكَ؟ فَيقُولُونَ: وَأيُّ شَيءٍ أفْضَلُ مِنْ ذلِكَ؟ فَيقُولُ: أُحِلُّ عَلَيكُمْ رِضْوَانِي فَلاَ أسْخَطُ عَلَيْكُمْ بَعْدَهُ أبَدًا». متفق عليه. (1)   (1) أخرجه: البخاري 8/ 142 (6549)، ومسلم 8/ 144 (2829) (9). الحديث: 1894 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 532 1895 - وعن جرير بن عبد الله - رضي الله عنه - قال: كُنَّا عِندَ رَسُولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - فَنَظَرَ إلَى القَمَرِ لَيْلَةَ البَدْرِ، وَقَالَ: «إنَّكُمْ سَتَرَوْنَ رَبَّكُمْ عَيَانًا كما تَرَوْنَ هَذَا القَمَرَ، لاَ تُضَامُونَ فِي رُؤْيَتِهِ» متفق عليه. (1)   (1) انظر الحديث (1051). الحديث: 1895 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 532 1896 - وعن صُهيب - رضي الله عنه: أنَّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «إذا دَخَلَ أهْلُ الجَنَّةِ الجَنَّةَ يَقُولُ اللهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى: تُريدُونَ شَيئًا أَزيدُكُمْ؟ فَيقُولُونَ: ألَمْ تُبَيِّضْ وُجُوهَنَا؟ ألَمْ تُدْخِلْنَا الجَنَّةَ وَتُنَجِّنَا مِنَ النَّارِ؟ فَيَكْشِفُ الحِجَابَ، فَمَا أُعْطُوا شَيْئًا أَحَبَّ إلَيْهِمْ مِنَ النَّظَرِ إلَى رَبِّهِمْ».رواه مسلم. (1) قال الله تعالى: {إنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ يَهْدِيهِمْ رَبُّهُمْ بِإِيمَانِهِمْ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهِمُ الأَنْهَارُ في جَنَّاتِ النَّعِيمِ دَعْوَاهُمْ فيها سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَتَحِيَّتُهُمْ فِيهَا سَلاَمٌ وَآخِرُ دَعْوَاهُمْ أَنِ الحَمْدُ للهِ رَبِّ العَالَمِينَ} [يونس: 9 - 10]. الحَمْدُ للهِ الَّذِي هَدَانَا لِهَذَا وَمَا كُنَّا لِنَهْتَدِي لَوْلاَ أَنْ هَدَانَا اللهُ. اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ عَبْدِكَ وَرَسُولِكَ النَّبيِّ الأُمِّيِّ، وَعَلَى آلِ مُحَمَّدٍ وَأزوَاجِهِ وَذُرِّيَّتِهِ، كما صَلَّيْتَ عَلَى إبْرَاهِيمَ وعلى آلِ إبْراهِيمَ، وَبَارِكْ عَلَى مُحَمَّدٍ النَّبيِّ الأُمِّيِّ، وَعَلَى آلِ مُحَمَّدٍ وَأزْوَاجِهِ [ص: 533] وَذُرِّيَّتِهِ، كما بَاركْتَ عَلَى إبْرَاهِيمَ وَعَلَى آل إبراهيم في العالَمِينَ إنَّكَ حَمِيدٌ مَجِيدٌ. قال مؤلِّفُهُ: فَرَغْتُ مِنْهُ يَوْمَ الإثْنَيْنِ رَابِعَ شَهْرِ رَمَضَانَ سَنَةَ سَبْعِينَ وَسِتِّمِائَةٍ بِدِمشق   (1) أخرجه: مسلم 1/ 112 (181) (297). الحديث: 1896 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 532