الكتاب: المنهل الصافي والمستوفى بعد الوافي المؤلف: يوسف بن تغري بردي بن عبد الله الظاهري الحنفي، أبو المحاسن، جمال الدين (المتوفى: 874هـ) حققه ووضع حواشيه: دكتور محمد محمد أمين تقديم: دكتور سعيد عبد الفتاح عاشور الناشر: الهيئة المصرية العامة للكتاب عدد الأجزاء: 7   [ترقيم الكتاب موافق للمطبوع] ---------- المنهل الصافي والمستوفى بعد الوافي ابن تغري بردي الكتاب: المنهل الصافي والمستوفى بعد الوافي المؤلف: يوسف بن تغري بردي بن عبد الله الظاهري الحنفي، أبو المحاسن، جمال الدين (المتوفى: 874هـ) حققه ووضع حواشيه: دكتور محمد محمد أمين تقديم: دكتور سعيد عبد الفتاح عاشور الناشر: الهيئة المصرية العامة للكتاب عدد الأجزاء: 7   [ترقيم الكتاب موافق للمطبوع] المقدمة بسم الله الرحمن الرحيم والله المستعان الحمد لله مدبر الدهور، ومدور الأعمار والشهور، مظهر آثار قدمته على صفائح صحائف الأيام، ومبدي أسرار حكمته فيما يجري من حركات الأنام، قلبهم في أطوارها دولاً، وخالف بينهم اعتقادا وقولاً وعملاً، ورفع أقواماً ووضع آخرين، وقصّ علينا في كتابه المبين، أخبار الأوّلين منهم والآخرين، وذكرهم في أجمل كتاب بأفضل خطاب، وجعل قصصهم تبصرة لأولي الأبصار، وتذكرة لأولي الألباب، فسبحان من تنزه عن تأثير الزمان وتقدس من هو كل يوم في شان، أحمده على أن جعلنا خير أمّة وصيرنا من أمّة نبيّ الرحمة، وأشكره على أن أخرنا عن كل الأمم، وتلك لعمري من أجل المنن، وأتمّ النعم، لنشاهد ممن تقدّم آثارهم، ونعاين منازلهم وديارهم، ونسمع كما وقعت وجرت أخبارهم، أعظم بها فضيلة وكرامة جليلة، إذ رأينا منهم ما لم يروه منا، وروينا الجزء: 1 ¦ الصفحة: 17 عنهم ما لم يرووه عنا، وأشهد أن لا إله إلا الله ذو الجلال الذي عرفنا الماضي، والاستقبال لديه بمنزلة الحال، وأشهد أن سيدنا محمدا عبده ورسوله سيد الأوّلين والآخرين، المنزل عليه في الكتاب المبين " وكلا نقص عليك من أنباء الرسل ما نثبت به فؤادك وجاءك في هذه الحق وموعظة وذكرى للمؤمنين "، صلى الله عليه صلاة تفوح إلى يوم القيامة أعطار تاريخها، ويجتنى على مدى الأيام ثمار شماريخها، وعلى آله وتابعيه، وسلم تسليماً كثيراً. أما بعد فلما كان من في الأعصار الحالية، والقرون الماضية، وقع لهم وقائع وسير، وحوادث لها أثر، شاع بها التاريخ والسّمر، تخاطب بذلك الأيام من تأخر عصره من الأقوام، بأفواه المحابر وألسن الأقلام، فيطالعها كأنه مجالسهم، ويتأمل ما فيها كأنه مؤانسهم، ليقتدي منهم بجميل الخصال، ونبيل المآثر والنعال، ويتجنب ما صدر منهم من قبيح الخلال، وكنت قد اطلعت على نبذة من سيرهم وأخبارهم، ووقعت في كتب التواريخ على الكثير من آثارهم، فحملني ذلك، على سلوك هذه المسالك، وإثبات شئ من أخبار أمم الممالك، غير مستدعى إلى ذلك من أحد من أعيان الزمان، ولا مطالب الجزء: 1 ¦ الصفحة: 18 به من الأصدقاء والأخوان، ولا مكلف لتأليفه وترصيفه من أمير ولا سلطان، بل اصطفيته لنفسي، وجعلت حديقته مختصة بباسقات غرسي، ليكون في الوحدة لي جليسا، وبين الجلساء مسامراً وانيساً، وسميته: المنهل الصافي والمستوفي بعد الوافي، وابتدأت فيه من أوائل الدولة التركية من المعز أيبك إلى الدولة. وإذا ذكرت فيه حكاية ماضية، أو واقعة في القرون الحالية، أسندت ذلك إلى ناقله، وربطت جوادها في معاقله، لأخرج عن العهدة في النقل، على ما يقتضيه العقل، ووضعته على الحروف وتواليها، لتقرب ثمرات جناة، من يد جانيها، كما سبقني إلى ذلك جماعة من المتقدمين، وإلى الآن من أرباب الحديث، وطبقات الفقهاء والأعيان، وأكتفي في ذكر الولاد بأسماء الآباء عن الأجداد. وأستفتح في هذا الكتاب بترجمة المعز أيبك التركمانيّ، ثم أعود إلى ترتيب الحروف على طريقة من تقدّمني وعداني، وبالله المستعان، وعليه التكلان. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 19 ذكر سلطنة الملك المعز عز الدين أيبك التركماني اشتراه الملك الصالح نجم الدين أيوب في حياة أبيه الملك الكامل محمد، وتنقلت به الأحوال عنده إلى أن جعله جاشنكيره، ولهذا رنكه صورة خونجا، واستمرّ في خدمة أستاذه إلى أن توفي وأقيم بعده في الملك ولده الملك المعظم توران شاه، " ثم قتل توران شاه " بعد مدة، فاجتمع رأي الأمراء الأكابر على سلطنة الملك المعز أيبك هذا فسلطنوه، ولم يكن إذ ذاك من أعيان الأمراء، لكنه كان معروفا بالديانة والصيانة والعقل والسياسة، وذلك في يوم السبت الجزء: 1 ¦ الصفحة: 20 آخر ربيع الأول سنة ثمان وأربعين وستمائة، وقتل في يوم الثلاثاء ثالث عشرين شهر ربيع الأول سنة خمس وخمسين وستمائة كما سيأتي، وركب بشعار السلطنة، وحملت الغاشية بين يديه، وأوّل من حملها الأمير حسام الدين بن أبي علي، وتداولها من بعده أكابر الأمراء واحدا بعد واحد. وكان سبب سلطته أن الأمراء لما أجمعوا على إقامته قالوا: هذا متى أردنا صرفه أمكننا ذلك بسرعة، وتم أمر الملك المعز مدة إلى أن اتفقت المماليك البحرية وقالوا: لا بد لنا من واحد من بني أيوب يجتمع الكل على طاعته، وكان القائم بهذا الأمر الأمير فارس أقطيا الجمدار وبيبرس البندقداري وبلبان الرشيدي وسنقر الجزء: 1 ¦ الصفحة: 21 الرومي، فأقاموا في السلطنة مظفر الدين موسى بن الناصر يوسف بن الملك المسعود بن الكامل، ولقبوه بالملك الأشرف، وكان عند عماته فأحضروه وعمره نحو عشر سنين، وجعلوا الملك المعز أيبك هذا أقابكه، وذلك لخمس مضين من جمادى الأولى بعد سلطنة المعز بخمسة أيام، فصارت التواقيع تخرج وصورتها: رِسم بالأمر العالي المولوي السلطاني الملكي الأشرفي والملكي المعزى، واستمر ذلك والملك المعز يعلم على التواقيع، والملك الأشرف صورة. فلما ملك الملك الناصر صلاح الدين يوسف دمشق سنة ثمان وأربعين وستمائة خرج الأمير ركن الدين خاص ترك وجماعة من العسكر إلى غزة، فتلقتهم عساكر الجزء: 1 ¦ الصفحة: 22 الملك الناصر المذكور، فاندفعوا راجعين، واتفقوا على مكاتبة الملك المغيث فتح الدين عمر بن العادل أبي بكر بن الكامل صاحب الكرك والشوبك، وخطبوا له بالصالحية لأربع بقين من جمادى الآخرة، ونادى الملك المعز أن البلاد للخليفة والملك نائبه وحث على خروج العسكر، وجددت الأيمان للملك الأشرف بالسلطنة وللمعز المذكور بالأتابكية. ثم قصد الملك الناصر القاهرة وعمل مصافا مع العساكر المصرية، فانكسروا كسرة شنيعة، ولم يبق إلا الملك الناصر ويخطب له في قلعة الجبل، وتفرقت عساكر الملك الناصر خلف العساكر المصرية لنهبهم، واشتغلوا بذلك، وبقي الملك الجزء: 1 ¦ الصفحة: 23 الناصر في شرذمة قليلة من عسكره، وأمنوا، وانهزم الملك المعز وتحير أين يذهب إذ ليس له جهة يلتجئ إليها، فعزم بمن كان معه من الأمراء على دخول البرية والتوصل إلى مكان يأمنون فيه، فاجتازوا بالناصر على بعد، فرأوه في نفر يسير، فاتفقوا الأمراء وقالوا: عسكرنا قد انكسر وما بقي يجري أعظم من ذلك وهذا الملك الناصر عدونا في نفر قليل، وقد اشتغل عساكره بالنهب، فنحمل عليه حملة واحدة فإما ننتصر عليه وإما نتوجه حيث قصدنا. فحملوا عليه حملة رجل واحد فانكسر الملك الناصر، وقتل من أمرائه الأمير شمس الدين لؤلؤ الأميني مدبر الدولة أتابك العسكر الناصري، والأمير ضياء الدين القيمري، وهرب الناصر لا يلوي على شئ، وعاد الملك المعز إلى القاهرة مؤيدا منصورا، وخرج الملك الأشرف إلى لقائه، وثبتت أوتاد المعز وعظم شأنه، واستقر الحال على ذلك إلى سنة إحدى وخمسين. كان الاتفاق بين المعز وبين الملك الناصر صاحب دمشق على أن يكون المعز بالديار المصرية والقدس وغزة، وباقي البلاد الشامية للملك الناصر، وأفرج الملك المعز عن أقارب الملك الناصر الذين أمسكوا في الوقعة المذكورة وهم: الملك المعظم الجزء: 1 ¦ الصفحة: 24 توران شاه بن صلاح الدين، وأخوه نصرة الدين، والملك الأشرف صاحب حمص، وغيرهم، من الاعتقال، وتوجهوا إلى الملك الناصر بدمشق، واستمر الملك المفر بالقاهرة لكن عظم شأن الأمير فارس الدين أقطياالجحدار والتفت عليه البحرية وصاروا يسمونه الملك الجواد، فعمل عليه المعز وقتله كما سنذكره في ترجمته إن شاء الله تعالى، واستمر الملك المعز بمفرده، ثم إن العزيزية عزموا على الفتك به في سنة ثلاث وخمسين، فشعر المعز بذلك فقبض على بعضهم وهرب بعضهم. ثم تزوج الملك المعز بالملكة شجر الدر أم خليل صاحبة الملك الصالح في سنة ثلاث وخمسين أيضا، واستمر على ذلك إلى أن بلغ شجر الدر أن المعز يريد أن يتزوج بنت الأمير بدر الدين صاحب الموصل، فعظم ذلك عليها، وطلبت صفى الدين إبراهيم بن مرزوق، وكان له وجاهة عند الملوك، فاستشارته في الجزء: 1 ¦ الصفحة: 25 الفتك بالمعز، ووعدته أن يكون هو الوزير، فأنكر ذلك عليها ونهاها، فلم تصغ إليه، وطلبت مملوك الطواشي محسن الجوجري الصالحي وعرفته بما عزمت عليه، ووعدته وعدا جميلا إن قتله واتفقت أيضا مع جماعة من الخدام، واستمر الحال إلى يوم الثلاثاء الثالث والعشرين من شهر ربيع الأول سنة خمس وخمسين وستمائة نزل المعز من القلعة ولعب بالكرة في ميدان اللوق، وصعد آخر النهار إلى القلعة، والأمراء في خدمته ووزيره شرف الدين الفائزي والقاضي بدر الدين السنجاري، ودخل داره، وانفض الموكب، ثم دخل الحمام ليستحم، فلما قلع ثيابه وثب عليه سنجر الجوهري والخدام ورموه إلى الأرض وخنقوه، وصارت هي تضربه بالقبقاب إلى أن مات. ثم طلبت صفي الدين بن مرزوق على لسان المعز فركب حماره وبادر، وكانت عادته ركوب الحمير، فدخل عليها فرآها وهي جالسة والمعز بين يديها ميت، فخاف خوفا شديدا، فاستشارته، فقال: ما أعرف، وكان الأمير أيد غدي العزيزي معتقلا في بعض الآدر مكرما، فأحضرته، وطلبت منه أن يقوم بالأمر، فامتنع، ثم سيرت تلك الليلة إصبع الجزء: 1 ¦ الصفحة: 26 المعز وخاتمه إلى الأمير عز الدين الحلبي الكبير وسألته أن يقوم بالأمر، فلم يوافق أيضا، واستمر الحال تلك الليلة، فلما كان باكر نهار الأربعاء ركب الأمراء إلى الخدمة على العادة، وتحيرت شجر الدر فيما تفعل، فأرسلت إلى الملك المنصور علي بن المعز المذكور تقول له عن أبيه أنه ينزل إلى البحر في جمع من الأمراء لإصلاح الشواني المجهزة إلى دمياط ففعل. ولما شاع الخبر بقتل الملك المعز أحدق العسكر بالقلعة، ثم دخلها مماليك الملك المعز والأمير بهاء الدين بغدي مقدم الحلقة، وطمع الحلبي في السلطنة، ووافقه جماعة من الصالحية، فلم ينتج أمره، ثم حضر الوزير الفائزي إلى القلعة، واتفقوا على سلطنة الملك المنصور علي بن الملك المعز أيبك المذكور وعمره نحو خمس عشرة سنة، فتسلطن، واستقر في الملك، وامتنعت شجر الدر مع جماعة في دار السلطنة، وطلب مماليك المعز الهجم عليها، فلم يمكنوهم مماليك الملك الصالح الجزء: 1 ¦ الصفحة: 27 من ذلك، وكاد يكون بينهم فتنة عظيمة، ثم اتفق الأمر على أن مماليك المعز حلفوا لها أن لا ينالوها بمكروه، وطلبوا صفي الدين بن مرزوق فحدثهم بالقصة، وهرب سنجر مملوك الجوجري، ثم ظفر به فصلب، ثم دفن الملك المعز رحمه الله. وكان ملكا شجاعا مقداما، ساكنا عاقلا دينا، لم يشهر عنه ما يشهر به غيره من القبائح. وأما شجر الدر فوقع لها أمور، ثم آل أمرها إلى الفتك بها - يأتي ذلك في ترجمتها إن شاء الله تعالى -. ورثى سراج الدين الوراق الملك المعز بقصيدة منها: نقيم عليه مأتما بعد مأتم ... ونسفح دمعا دون سفح المقطم ولو أننا نبكي على قدر فقده ... لدمنا عليه نتبع الدمع بالدم وسل طرفا ينبيك عني أنني ... دعوت الكرى من بعده بالمحرم ومنها: بني الله بالمنصور ما هدم الردى ... وإن بناء الله غير مهدم مليك الورى تسرى لمضمر طاعة ... وتوسى لطاغ في زمانك مجرم فما للذي قدمت من متأخر ... ولا للذي أخرت من متقدم الجزء: 1 ¦ الصفحة: 28 حرف الهمزة باب الهمزة والباء الشيخ برهان الدين الأسدي إبراهيم بن إبراهيم بن داود بن حازم، الشيخ برهان الدين الأسدي، أسد خزيمة، الأذرعي الحنفي. والد قاضي القضاة شمس الدين محمد، وجد أحمد بن محمد - يأتي ذكرهما في محلهما إن شاء الله تعالى -، وهم من بيت علم وفضل. وكان فقيها دينا عالما، وعليه تفقه ولده قاضي القضاة شمس الدين رحمه الله. الأمير مجير الدين الكردي 658هـ1260م إبراهيم بن أبي بكر بن زكريا، الأمير مجير الدين الكردي. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 29 كان بخدمة الملك الصالح نجم الدين أيوب في المشرق، وهو من بيت كبير في الأكراد، ثم قدم إلى الملك الصالح إلى الشام، وأقام بخدمته إلى أن قبض الملك الصالح عماد الدين إسماعيل على الملك الصالح نجم الدين بالكرك، فاعتقل الأمير مجير الدين هذا أيضا، ثم أفرج عنه وعاد إلى خدمة الملك الصالح نجم الدين بالديار المصرية، وأستمر عنده إلى أن توفي وقتل ولده الملك المعظم من بعده، ثم اتصل الأمير مجير الدين بالملك الناصر صلاح الدين يوسف، وحج بالناس من دمشق سنة ثلاث وخمسين وستمائة، وفعل من البر والمعروف والإنفاق في تلك الحجة ما هو مشهور عنه. ولما حصل المصاف بين البحرية وبين عسكر الملك المغيث أمسكوه وأمسكوا معه الأمير ابن الشجاع الأكتع، واعتقلا بالكرك مدة، ثم أفرج عنهما لما حصل بين الملك الناصر وبين الملك المغيث الصلح، فأنعم عليه الملك الناصر بعد ذلك بنابلس، وجعل معه الأمير نور الدين بن الشجاع الأكتع المذكور، فأقاما بها مدة، ثم قدم عليهما جمع عظيم من التتار وهجموا نابلس، فتلقاهم بوجهه ومعه عسكر هين، وأنكى فيهم نكاية كبيرة، وقتل منهم جماعة بيده، ولم يزل يقاتل الجزء: 1 ¦ الصفحة: 30 إلى أن أستشهد، رحمه الله تعالى، واستشهد معه الأمير نور الدين بن الشجاع الأكتع، فقتلا معا في يوم واحد، وكان بينهما اتحاد ومصادقة، وذلك في أحد الربيعين سنة ثمان وخمسين وستمائة. وكان مجير الدين المذكور أميرا كبيراً فقيها، فاضلا أديبا، كثير الخير والين ممدوحا جوادا، شجاعا مقداما، كثير البر والصداقة. وله نظم ونثر، من شعره: قضى البارق النجدي في حالة اللمح ... بقيض دموعي إذ تراءى على السفح ذبحت الكرى ما بين جفني وناظري ... قمحمر دمعي الآن من ذلك الذبح صدر الدين البصراوي 609 - 697 هـ، 1212 - 1247 م إبراهيم بن أحمد بن عقبة بن هبة الله بن عطا بن ياسين بن زهير بن إسحاق، قاضي القضاة صدر الدين بن الشيخ محي الدين البصراوي الحنفي الشهير بابن عقبه. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 31 مولده ببصري في سنة تسع وستمائة في ربيع الآخر، وبها نشأ. وكان إماما عالما فقيها، درس وأعاد وأفتى عدة سنين، وتنقل في البلاد، وانتشر فضله، وكان له اليد الطولي في الجبر والمقابلة والفرائض، وتولى قضاء حلب ثم عزل وأقام بدمشق ثم قدم القاهرة، ثم عاد إلى دمشق متوجها لقضاء حلب فأدركته المنية، فمات في يوم السبت حادي عشر شهر رمضان، ودفن من الغد في سنة سبع وتسعين بتقديم السين وستمائة، رحمه الله تعالى. أبو إسحاق الاشبيلي الغافقي 641 - 710 هـ، 1243 - 1310م إبراهيم بن أحمد بن عيسى بن يعقوب، العلامة شيخ القراء والنحاة في زمانه، أبو إسحاق الإشبيلي الغافقي المالكي، شيخ سبتة من بلاد المغرب. ولد سنة إحدى وأربعين وستمائة، وحمل صغيرا إلى سبتة، وسمع التيسير من الجزء: 1 ¦ الصفحة: 32 محمد بن جوبر الراوي عن ابن أبي جمرة، وسمع الموطأ، وكتاب الشفاء وأشياء كثيرة عن أبي عبد الله الأزدي سنة ستين، وتلا بالروايات عن أبي بكر بن مشليون، وقرأ كتاب سيبوبه تفهما على أبي الحسين بن أبي الربيع، وساد أهل المغرب في العربية، وتخرج به جماعة، وألف كتابا كبيراً في شرح الجمل، وكتابا في قراءة نافع. وكان إمام عصره في فنون. توفي سنة عشرة وسبعمائة، رحمه الله تعالى. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 33 أبو إسحاق الرقي الحنبلي 647 - 703 هـ، 1249 - 1303م إبراهيم بن أحمد بن محمد بن معالي، الأمام المذكر القانت أبو إسحاق الرقي، الحنبلي الزاهد، نزيل دمشق. مولده سنة نيف وأربعين وستمائة، قرأ بالروايات على الشيخ يوسف القفصي، وصحب الشيخ عبد الصمد بن أبي الجيش، وبرع في الفقه والتفسير والتذكير والطب، وشارك في فنون، وله نظم ونثر ومواعظ محركة، وكان عذب العبارة، لطيف الإشارة، وكان يلبس على رأسه طاقية وخرقه صغيرة لا غير، وله تواليف ومختصرات، وألف تفسير فاتحة الكتاب في مجلد، وربما حضر السماع مع الفقراء بأدب وحسن قصد. توفي سنة ثلاث وسبعمائة. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 34 ومن نظمه: لولا رجاء نعيمي في دياركم ... بالوصل ما كنت أهوى الدار والوطنا إن المساكن لا تحلو لساكنها ... حتى يشاهد في أثنائها السكنا جمال الدين بن المغربي، رئيس الأطباء ...... - 756هـ ...... 1355م إبراهيم بن أحمد، المعروف بابن المغربي، الرئيس جمال الدين أبو إسحاق، رئيس الأطباء. صاحب الرتبة المنيعة والمكانة العالية عند أستاذه الملك الناصر محمد بن قلاون، وكان له الوجاهة في الدولة والحرمة الوافرة لقربه من السلطان وخدمته للأكابر. وكان توجه صحبه السلطان إلى الكرك، فصارت له بهذا خصوصية ليست لأحد، وكان أبوه شهاب الدين أوحد زمانه في الطب وأنواع الفضائل، لكن كان ولده صاحب الترجمة رزق حظا عظيما، ونال ما لم ينله غيره، وكان السلطان ينادمه وسأله عن أحوال البلد ومن فيه من القضاة، وحال المحتسب ووالي للبلد، الجزء: 1 ¦ الصفحة: 35 وعما يقوله العوام وتستفيض فيه الرعية، ومن لعله وقع في تلك الليلة بحرمة، فلهذا كان المذكور يخشى وتقبل شفاعته، فيحكى كل ذلك للسلطان من غير أن يفهم عنه أحد فلذلك طالت مدته ودامت سعادته، وكان النشو يحرص على رميه من عين السلطان بكل طريق، ورماه بكل قبيح، فلم يؤثر ذلك عند السلطان، بل ربما زادت رتبته بذلك، ومع ذلك كله، من إفراط العلو وقربه عند الملك، كان لا يتكبر، ولا يرى نفسه إلا كأحد الأطباء، ويوقر الجماعة رفقته، ويجل أقدار ذوي السن منهم، ويخاطبهم بالأدب مع أنه وصل موصلا لم ينله رئيس ولا نديم. وكان له الفضيلة الوافرة في الطب علما وعملا، والخوض في الحكميات، والمشاركة في الهيئة والنجامة، وكان لا يعود مريضا إلا من ذوي السلطان، ولا يأتيه في الغالب إلا مرة واحدة، ثم يقرر عنده طبيبا يواظبه ويأتيه بأخباره. قال الشيخ صلاح الدين الصفدي: وسألته يوما عن السلطان وقد تغير مزاجه، فقال لي: والله ما تقدر نصف له إلا ما يبدأ هو بذكره، ونلاطفه الجزء: 1 ¦ الصفحة: 36 ملاطفة وما نقدر نتمكن من مداواته على ما نحب. وهو والله أعرف منا بما فيه صلاح مزاجه، انتهى كلام الصفدي. قلت: وحكى أنه لما ثقل السلطان في مرض موته، كان جمال الدين المذكور أيضا مريضا ولم يحضر، وقيل إنه تمارض بعدا عن التهم، وإن كان كذلك، فهذا لغزارة عقله، أين هو ذا من خضر الحكيم الّذي داخل الرئيس ابن العفيف فرسم بتوسيطه فحضر خضر المذكور فأضافه إلى ابن العفيف فوسطا معاً في طب الملك الأشرف برسباي في مرض موته فيما لا يعنيه، إلى أن انحرف في مزاج الأشرف وتوهم من ابن العفيف، فهذا جزاء من كان عنده طيش وخفة ورقاعة. توفي الرئيس جمال الدين صاحب الترجمة في سنة نيف وأربعين وسبعمائة تقريبا، رحمه الله وعفا عنه. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 37 زين الدين الإمام الحنفي 604 - 677هـ، 1207 - 1278م إبراهيم بن أحمد بن أبي الفرج بن أبي عبد الله بن السديد الدمشقي الحنفي، العلامة زين الدين أبو إسحاق. كان إماما بالمقصورة الكندية الشرقية بجامع دمشق، وكان عالما بعدة فنون من العلوم، تصدر للإقراء والتدريس مدة طويلة، وانتفع به الطلبة لا سيما في العربية، فإنه كان فارسها. قال الحافظ الذهبي رحمه الله: وسمع من المحدث عمر بن بدر الموصلي مسند أبي حنيفة رضي الله عنه رواية ابن البلخي، روى عنه المزي، وابن العطار. توفي في جمادى الأولى سنة سبع وسبعين وستمائة بالمزة، ومولده في شعبان سنة أربع وستمائة، رحمه الله تعالى. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 38 ابن حاتم الحنبلي 631 - 712هـ، 1233 - 1312م إبراهيم بن أحمد بن حاتم بن علي، الفقيه أبو إسحاق البعلبكي الحنبلي. مولده سنة إحدى وثلاثين وستمائة، كان فقيها إماما بارعا، وسمع من سليمان الأسعردي، وأبي سليمان بن الحافظ، وخطيب مردا، وأجاز له ابن عبد الرزاق، وابن روزبة، وابن اللتي، وابن الأونى، وابن القبيطى، وعدة، وتفقه على الفقيه الجزء: 1 ¦ الصفحة: 39 اليونيني وصحبه مدة، وكان خيرا دينا، فقيها متواضعا، يبدأ من يلقاه بالسلام، توفي سنة اثنتي عشرة وسبعمائة. عز الدين العلوي الغرافي الإسكندري 638 - 728هـ، 1240 - 1327م إبراهيم بن أحمد بن عبد المحسن بن أحمد، الشيخ الإمام الفقيه الصالح، بقية المشايخ، عز الدين العلوي الحسيني، هو من ذرية موسى الكاظم رضي الله عنه، يعرف بالعراقي ثم الاسكندري الشافعي الناسخ. مولده بالإسكندرية سنة ثمان وثلاثين وستمائة، وهو أصغر من أخيه تاج الدين بعشر سنين، سمع بدمشق سنة اثنتين وخمسين من حليمة حفيدة جمال الجزء: 1 ¦ الصفحة: 40 الإسلام، ومن البادرائي، والزين خالد، وسمع بحلب من نقيب الأشراف، وأجاز له الموفق بن يعيش النحوي، وابن رواح، والجميزي، وغيرهم، وحدث قديما وهو ابن بضع وعشرين سنة، وأخذ عن الوجيه السبتي، وكان فيه زهد ونزاهة، وولى بعد أخيه شيخ دار الحديث النبيهة، وتوفي سنة ثمان وعشرين وسبعمائة، رحمه الله تعالى. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 41 برهان الدين الزرعي 688 - 741هـ، 1289 - 1340م إبراهيم بن أحمد بن هلال، القاضي الإمام المفنن برهان الدين الزرعي الحنبلي. كان إماما فقيها، بصيرا بالفتوى، جيد الإمكان، أتقن فروع مذهبه وأصول الفقه والنحو والفرائض والحساب، وكان يكتب الخط المنسوب المليح إلى الغاية، وكان له قدرة على مناسبات الخطوط وحكاياتها، ويحملون الناس الكتب إليه ليكتب أسماءها لحسن خطه، وناب في الحكم عن القاضي علاء الدين بن المنجا الحنبلي، وولي عدة تداريس ووظائف إلى أن توفي في نصف شهر رجب سنة إحدى وأربعين وسبعمائة، ومولده سنة ثمان وثمانين وستمائة. رحمه الله تعالى. الشيخ برهان الدين الباعوني 777 - 870هـ، 1375 - 1465م إبراهيم بن أحمد بن ناصر بن خليفة بن فرج بن عبد الله بن عبد الرحمن، الشيخ الخطيب برهان الدين بن قاضي القضاة شهاب الدين الباعوني الأصل، الدمشقي المولد والمنشأ والدار. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 42 ولد بدمشق في سابع عشرين شهر رمضان سنة سبع وسبعين وسبعمائة، ونشأ بدمشق وطلب العلم، وبرع في عدة علوم من فقه وعربية وأدب، وغلب عليه الأدبيات، وله نظم رائق ونثر فائق، وقفت على عدة كتب من مكاتباته تدل على غزير فضله واتساع باعه، وله رسالة عاطلة من النقط أبدع فيها بأشياء غرائب مع عدم التكلف فيما يرومه فيها من أنواع البديع، وولى خطابة الجامع الأموي بدمشق، وولي مشيخة الخانقاه الباسطية، وسئل بالقضاء فامتنع من قبوله، ووليها أخوه جمال الدين يوسف بعد ذلك بمدة، ويأتي ذكر والده وأخيه في محلهما إن شاء الله تعالى. برهان الدين البيجوري 750 - 825هـ، 1349 - 1421م إبراهيم بن أحمد بن علي، الشيخ الإمام العالم العلامة فقيه عصره برهان الدين البيجوري الشافعي. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 43 مولده قبل الخمسين وسبعمائة. قرأت في تاريخ القاضي علاء الدين بن خطيب الناصرية، قال: شيخنا برهان الدين أبو إسحاق: قدم حلب سنة سبع وسبعين وسبعمائة، ونزل بالمدرسة العصرونية، وكتب بخطه شرح الأذرعي على المنهاج المسمى بالقوت، وكان ينظر عليه في أماكن من دماغه على الكتابة، أخبرني أنه نظر إلى كتاب الطلاق ثم تركه حياء من الشيخ شهاب الدين الأذرعي فإنه كان نازلا عنده في المدرسة، وكان تفقه على الشيخ جمال الدين الأسنوي، وبرع في الفقه وأفتى وأشغل الطلبة، حضرت عنده بالقاهرة بالمدرستين الناصرية والسابقية، وقرأت الجزء: 1 ¦ الصفحة: 44 عليه، ورأيته يستحضر كثيراً من الفقه خصوصا من كلام المتأخرين في ذلك، ولم أر في القاهرة في ذلك الوقت - وهو في سنة ثمان أو تسع وثمانمائة - من يستحضر الفقه كاستحضاره، وهو فقير جدا، ووظائفه قليلة، ثم قال: ولقد رأيته يجاري شيخنا شيخ الإسلام سراج الدين البلقيني حتى يحرد منه، ويلج هو فلا يرجع، ولا يزال الصواب يظهر معه في النقل، انتهى كلام ابن خطيب الناصرية. قلت: ودام بعد ذلك دهرا إلى أن بني الأمير فخر الدين عبد الغني بن أبي الفرج الاستادار مدرسته التي بين الصوريين من القاهرة، وأعطى مشيخة المدرسة المذكورة للشيخ شمس الدين محمد البرماوي، فباشرها مدة إلى أن تحول إلى دمشق صحبة قاضي القضاة نجم الدين عمر بن حجي في سنة ثلاث وعشرين الجزء: 1 ¦ الصفحة: 45 وثمانمائة دفع القاضي نجم الدين المذكور إلى البرماوي مالا وأمره أن ينزل عن المشيخة للشيخ برهان الدين البيجوري هذا، فلما وصل النزول إلى البيجوري امتنع من قبوله حتى ألح الطلبة عليه فقبل، وأمضاه الأمير زين الدين عبد القادر ابن الواقف وجعله مدرسها وشيخها على العادة، ورأيت في بعض الطبقات أن قاضي القضاة ولي الدين أحمد بن العراقي كان لا يزال يصلح في تصانيفه مما ينقله له الطلبة عن البيجوري. انتهى. وقال الشيخ تقي الدين أحمد المقريزي: تصدر للاشتغال عدة سنين، ولم يخلف بعده أحفظ لفروع الفقه مثله، مع إطراح التكلف، وقلة الاكتراث بالملبس، والإعراض عن الرئاسة التي عرضت فأباها. انتهى كلام المقريزي. قلت: رأيته مرارا عديدة، كان إماما بارعا، فقيه عصره بلا مدافعة مع علمي بمن عاصره من العلماء، تصدر للتدريس والإفتاء عدة سنين، وانتفع به الجزء: 1 ¦ الصفحة: 46 غالب الطلبة، وقرأ عليه غالب علماء عصرنا، ولم يزل على ذلك إلى أن توفى يوم السبت رابع عشر شهر رجب الفرد سنة خمس وعشرين وثمانمائة، وقد أناف على السبعين. ونسبته إلى بيجور قرية بالمنوفية من أعمال القاهرة، بباء ثانية الحروف مفتوحة وبعدها ياء آخرة الحروف ساكنة، وجيم مضمومة وواو ساكنة وراء مهملة. انتهى. ابن فلاح 695 - 778هـ، 1295 - 1376م إبراهيم بن أحمد بن إبراهيم بن فلاح بن محمد، الشيخ برهان الدين أبو إسحاق ابن ضياء الدين بن شيخ القراء برهان الدين الجذامي الاسكندري، الدمشقي المولد والمنشأ والدار. مولده بدمشق في ذي القعدة سنة خمس وتسعين وستمائة، وحضر على عمر ابن القواس، وسمع من الخطيب شرف الدين الفزاري، وابن مشرف، وأبي الجزء: 1 ¦ الصفحة: 47 جعفر بن الموازيني، وغيرهم، وكان ساكنا منجمعا عن الناس، وحدث، سمع منه جماعة من فضلاء دمشق. توفي يوم الثلاثاء تاسع عشر شهر ذي الحجة سنة ثمان وسبعين وسبعمائة. قاضي القضاة بدر الدين بن الخشاب 698 - 775هـ، 1298 - 1373م إبراهيم بن أحمد بن عيسى بن عمر بن خالد بن عبد المحسن بن نشوان، قاضي القضاة بدر الدين أبو إسحاق المخزومي المصري الشافعي، الشهير بابن الخشاب. مولده في رابع عشر شهر ربيع الأول سنة ثمان وتسعين وستمائة، وكان فقيها بارعا محدثا، اشتغل في مبدأ أمره، وطلب الحديث وسمع من جده العلامة مجد الدين عيسى، والحجار، ووزيرة، ومحمد بن علي بن ظافر وغيرهم، وحدث، الجزء: 1 ¦ الصفحة: 48 سمع عليه الحافظ زين الدين عبد الرحيم العراقي، وولده قاضي القضاة ولي الدين أحمد، والهيثمي وآخرون، وبرع في الفقه وأفتى ودرس وأفاد. وولي نيابة الحسبة بالقاهرة، ثم ولي القضاة بالموفية من الوجه البحري من أعمال القاهرة، ثم ناب في الحكم بالقاهرة، ثم ولى قضاة حلب عوضا عن قاضي القضاة علاء الدين الزرعي في 18 سنة ثلاث وأربعين وسبعمائة، وباشر أقل من سنة، ثم سعى في عودته إلى القاهرة فعاد إلى نيابة القاهرة، ثم ولي بعد مدة قضاء المدينة الشريفة، فباشر مدة أيضا، ثم عاد إلى القاهرة، ثم وليها ثانيا، فلما قدمها حصل له مرض في أثناء السنة، فعاد قاصدا القاهرة في البحر فتوفى به، ودفن بالقرب منزلة الأزلم بطريق الحجاز، وذلك في شهر ربيع الأول سنة خمس وسبعين وسبعمائة، رحمه الله. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 49 أبو إسحاق المطرزي الدامغاني الحنفي 682 هـ، 1283م إبراهيم بن إسحاق بن إبراهيم، الشيخ الأمام العلامة أبو إسحاق المطرزي الدامغاني الحنفي. أصله من أهل دامغان وتفقه على علماء بخارى. ذكره أبو العلاء الفرضي في معجم شيوخه، قال: كان شيخا فقيها عالما فاضلا زاهدا عابدا مدرسا مفتيا عارفا بأصول المذهب وفروعه، ملازما لبيته لا يخرج إلا إلى المسجد أو إلى الجامع، وكان قد رحل إلى بخارى وتفقه بها، ثم رجع إلى بلده، ولم يزل يفتي ويدرس إلى أن توجهت العساكر الأحمدية إلى خراسان فعبروا على دامغان، وكانوا كرجا نصارى، فعذبوا أهلها، وعذب الشيخ في جماعة من عذب، وأصابته جراحا عظيمة فهرب إلى بسطام فتوفي بها ودفن هناك في سنة اثنتين وثمانين وستمائة، رحمه الله. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 50 أبو إسحاق الآمدي الحنفي 695 - 778هـ، 1295 - 1376م إبراهيم بن إسحاق بن يحي بن إسحاق بن إبراهيم بن إسماعيل، القاضي برهان الدين أبو إسحاق ابن أبي محمد فخر الدين بن الإمام المسند عفيف الدين، الآمدى الأصل، الدمشقي المولد، الحنفي، ناظر جيش دمشق. ولد بدمشق ليلة عاشوراء سنة خمس وتسعين وستمائة، وسمع من أبيه، وابن مشرف، والقاضي سليمان، وسنجر الدوادار، وابن الموازيني، وشهدة بنت ابن العديم، وولي عدة وظايف بدمشق، ولي نظر جيشها وحسبتها وغير الجزء: 1 ¦ الصفحة: 51 ذلك، وخرج له المحدث صدر الدين ابن إمام المشهد مشيخة حدث بها، وسمع منه جماعة إلى أن توفي، وقد ثقل سمعه، في يوم الأحد ثاني شهر ربيع الأول سنة ثمان وسبعين وسبعمائة، رحمه الله تعالى. مجد الدين القلانسي 756هـ، 1363م إبراهيم بن أسعد بن المظفر بن أسعد بن حمزة بن أسد، الشيخ مجد الدين ابن مؤيد الدين التميمي الدمشقي الشافعي، الشهير بابن القلانسي، أخو الصاحب عز الدين. كان مجيدا للكتابة والأدب وله نظم، خدم في جهات، وكان حسن الشكل والبزة. قال الشيخ أبو الحسن علي بن محمد بن سليمان اليونيني في مشيخته. قال: شيخنا مجد الدين، يعني ابن القلانسي هذا، سمعت شيخ الإمام تقي الدين بن تيمية يقول: الجزء: 1 ¦ الصفحة: 52 من لي بمثل سيرك المدلّل ... تمشي رويدا وتجيء في الأول انتهى كلام اليونيني. قلت: وكانت وفاته في يوم الأربعاء أول المحرم سنة خمس وستين وسبعمائة، رحمه الله تعالى. المسند برهان الدين الدرجي 599 - 681هـ، 1202 - 1282م إبراهيم بن إسماعيل بن يحي بن علوي، الشيخ المسند برهان الدين أبو إسحاق الدرجي القرشي الدمشقي الحنفي، إمام المدرسة العزية بالكحل. ولد سنة تسع وتسعين وخمسمائة، وأجاز له أبو جعفر محمد الصيدلاني، وأم هاني عفيفة الفارقانية، ومحمد بن معمر بن أبي نصر اللفتواني، وأبو الفخر الجزء: 1 ¦ الصفحة: 53 أسعد بن سعيد، والمؤيد بن الأخوة، وسمع أجزاء من الكندي، وابن الحرستاني، وأبي الفتوح البكري، وحدث بالمعجم الكبير للطبراني، وكان ثقة فاضلا خيرا دينا، روى عنه الدمياطي، وابن تيمية، ونجم الدين القحفازي والمزي، والبرزالي، وابن العطار، وأجاز الحافظ الذهبي، توفى سنة إحدى وثمانين وستمائة، رحمه الله تعالى. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 54 مجاهد الدين 653هـ، 1255م إبراهيم بن أونبا بن عبد الله الصوابي، الأمير مجاهد الدين، وإلى دمشق، وليها بعد الأمير حسام الدين بن أبي على في سنة أربع وأربعين وستمائة. وكان أولاد أمير جاندار الملك الصاحي نجم الدين أيوب، وكان أميرا جليلا فاضلا، عاقلا رئيسا، كثير الصمت، وكان يميل إلى فعل الخير، عمر الخانقاه على شرف الميدان القبلي ظاهر دمشق، وبها دفن لما توفى سنة ثلاث وخمسين وستمائة، رحمه الله. جمال الدين الصفدي 700 - 742هـ، 1300 - 1341م إبراهيم بن أيبك بن عبد الله الصفدي، جمال الدين أبو إسحاق، هو أخو الشيخ صلاح الدين الصفدي وشقيقه. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 55 قال الشيخ صلاح الدين: ولد في سنة سبعمائة ومضت عليه برهة وهو مشغول باللعب غير ملتفت إلى العلم، وأتقن في ذلك اللعب عدة صنائع، ثم أقبل إقبالا كليا على الطلب في سنة ثلاث وعشرين وسبعمائة، وحفظ ألفية ابن مالك، وثلث التعجيز، ثم عدل إلى الحاوي، وقرأ على الشيخ علي بن الرسام بصفد، وعلى الشيخ شهاب الدين بن المرحل بالقاهرة، وسمع بقراءتي على الشيخ أثير الدين أبي حيان، وعلى الشيخ فتح الدين بن سيد الناس، وغيرهما بالشام وبمصر، الجزء: 1 ¦ الصفحة: 56 وكتب بخطه عدة مجلدات وأتقن وضع الأرباع، وكان فيها ظريف الوضع والدهان، وقرأ الحساب، ورسائل الإسطرلاب، وكان ذهنه في الرياضي جيدا، قابلا، طويل الروح على الإدمان فيه، وعرف الفرائض، وأتقن الشروط، وكان مقبولا بالشام ومصر، يجلس مع العدول. ثم قال: ولما توفي كتب إلى بدر الدين حسن بن علي الغزي قصيدة يعزيني فيه، وذكرها، وهي طويلة، ثم قال ورثيته أنا بقصيدة، وذكرها، أولها: إذا لم يذب إنسانُ عيني وأجفاني ... عليك فما أقسى فؤادي وأجفاني وهي طويلة، ثم رثاه أيضا بعدة مقاطع منها: سأشرح قصتي للناس حتى ... يؤدبني السؤال إلى خبير أيمضى الجور حتى في المنايا ... بتقديم الصغير على الكبير؟ قلت: وكانت وفاته في رابع جمادى الآخرة سنة أثنين وأربعين وسبعمائة، ودفن بقابر الصوفية ليلة الجمعة، رحمه الله تعالى. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 57 أبن باباي 821هـ، 1418م إبراهيم بن باباي، الأستاذ صارم الدين العواد. أحد ندماء الملك المؤيد شيخ ومغنيه، كان أعجوبة زمانه في ضرب العود والغناء، ولم يكن جيد الصوت بل كان رأسا في العود، وفي فن الموسيقى، انتهت إليه الرئاسة في ذلك ولم يخلف بعده مثله. وكان رومي الأصل، في حديثه باللغة العربية عجمة. قال الشيخ تقي الدين المقربزي في حوادث سنة إحدى وعشرين وثمانمائة: الأستاذ إبراهيم بن باباي العواد في ليلة الجمعة مستهل شهر ربيع الأول سنة إحدى وعشرين وثمانمائة، وقد انتهت إليه الرئاسة في الضرب بالعود، وكان أبي النفس، من ندماء السلطان، مقريا عنده، وجدد عمارة بستان الحلي المطل على النيل، وخلف مالا جزيلا، انتهى كلام القريزي، رحمه الله. أبو إسحاق الصوفي 648 - 740هـ، 1250 - 1339م إبراهيم بن بركات بن أبي الفضل، الشيخ الصالح أبو إسحاق الصوفي، يعرف بابن القريشة. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 58 أحد الأخوة، شيخ الخانقاه الأسدية، وأمام تربة بني صصرى، القارئ البعلبكي الحنبلي، سمع من أبن عبد الدائم، وعلى: أبن الأوحد، وأبن أبي اليسر، أبي زكريا بن الصيرفي في عدة، وروى الكثير، وأشتهر، وعاش تسعين سنة أو أكثر، لأن مولده سنة ثمان وأربعين وستمائة، وتوفى سنة أربعين وسبعمائة. وكان شيخا منور الشيبة، حسن البشرة، مليح الشكل حلو المذاكرات، عليه أنس، صحب المشايخ، وروى عنه البرزالي، ومات قبله، وسمع منه شمس الدين السروجي، وأبن سعيد، ونجم الدين وجماعة أخر. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 59 الصاحب سعد الدين البشري 766 - 818هـ، 1364 - 1415م إبراهيم بن بركة، الصاحب سعد الدين الشهير بالبشيري القبطي المصري. مولده في ليلة السبت سابع ذي القعدة سنة ست وستين وسبعمائة، وتوفى ليلة الأربعاء رابع عشر صفر سنة ثماني عشرة وثمانمائة. قاضي تونس 636 - 734هـ، 1238 - 1333م إبراهيم بن الحسن بن علي بن عبد الرفيع الربعي المالكي، الحاكم بتونس من بلاد المغرب. مولده في سنة ست وثلاثون وستمائة، كان فقيها محدثا عالما فاضلا، وألف أربعين حديثا. قال الحافظ أبو عبد الله الذهبي: استفدت منها، وأختصر التفريع لأبن الجلاب سماه السهل البديع، وعمر دهرا، ذكر أنه سمع من محمد بن عبد الجيار الجزء: 1 ¦ الصفحة: 60 الرعيني سنة خمسة وخمسين كتاب البخاري عن أبي محمد بن حوط الله عن أبن بشكوال عن أبن مغيث عن أبي عمر بن الحذاء عن أبي محمد بن أسد بن أبن السكن، وذكر أنه سمع الموطأ عن أبن حوط عن أبي عبد الله بن زرقون قال: سمعت أربعين السلفي بقراءتي سنة ثمان وخمسين على الفقيه عثمان بن تاشفين التميمي عن الحافظ بن المفضل عنه، انتهى كلام الذهبي رحمه الله. قلت: وكانت وفاته في سنة أربع وثلاثين وسبعمائة، رحمه الله تعالى. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 61 نجيب الدين الدمشقي الآدمي 575 - 658هـ، 1179 - 1259م إبراهيم بن خليل بن عبد الله، الشيخ الإمام نجيب الدين الدمشقي الآدمي، أخو شمس الدين يوسف بن خليل. ولد يوم الفطر سنة خمس وسبعين وخمسمائة، وكان فاضلا، وله مشاركة في فنون، حلو المحاضرة، وحدث بدمشق وحلب، وكان ثقة، صحيح السماع، توفي في نوبة التتار سنة ثمان وخمسين وستمائة. جمال الدين العسقلاني 622 - 692هـ، 1225 - 1292م إبراهيم بن داود بن ظافر بن ربيعة، الشيخ جمال الدين أبو إسحاق العسقلاني، الدمشقي المقرئ الشافعي. ولد سنة اثنتين وعشرين وستمائة، وسمع من ابن الزبيدي، وابن اللتي، ومكرم الجزء: 1 ¦ الصفحة: 62 والسخاوي، وابن الجميزي، والفخر الأربلي، وطائفة، ولازم السخاوي ثمانية أعوام، وأفرد عليه، ثم جمع السبعة سبع ختمات، وأخذ عنه علما كثيراً من التفسير والحديث والأدب، ثم طلب بنفسه، وكتب وقرأ الكثير على التقي المدائني وطبقته، وقرأ عليه جماعة كثيرة، منهم: الجمال البدوي، والشيخ محمد المصري، والشمس العسقلاني، والبرزالي، والطلبة. توفي سنة اثنتين وتسعين، بتقديم التاء، وستمائة، ودفن بتربة شيخه السخاوي بقاسيون. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 63 ابن جماعة 596 - 675هـ، 1199 - 1276م إبراهيم بن سعد الله بن جماعة بن علي بن جماعة بن حازم بن صخر، الشيخ الزاهد العابد أبو إسحاق الكتاني الحموي، شيخ البيانية. كان من العلماء المشهورين بالدين والصلاح والخير، روى عنه ولده قاضي القضاة بدر الدين محمد بن جماعة، يأتي ذكره في المحمدين إن الله شاء تعالى. خرج من حماه وودع أهله وقال: أذهب إلى القدس لأموت به، فكان كما قال، وتوفي يوم النحر سنة خمس وسبعين وستمائة، رحمه الله. رضى الدين الآب كرمي 732هـ، 1331م إبراهيم بن سليمان، الإمام العلامة رضى الدين أبو إسحاق الرومي ثم الحموي الجزء: 1 ¦ الصفحة: 64 الحنفي المنطقي، ويعرف بالآب كرمي، نسبة إلى بلد صغيرة تسمى آب كرم من قونية. كان إماما عالما فاضلا، رأسا في العلوم العقليات، متواضعا دينا، كثير العبادة، قرأ عليه جماعة من فضلاء دمشق وأعيانها ودرس بالقيمازية، ثم تركها لولده، ثم درس بها بعد موت ولده مدة، وطال عمره حتى جاوز الثمانين، وانتفع به الطلبة، وشرح الجامع الكبير في ست مجلدات، وشرح المنظومة في مجلدين، وله تواليف غير ذلك كثيرة مشهورة، وكان فقيها نحويا مفسرا منطقيا، متدينا، أثنى عليه جماعة من العلماء الأعلام وحج سبع مرات. توفي بدمشق في خامس عشرين شهر ربيع الأول سنة اثنتين وثلاثين وسبعمائة، ودفن بمقابر الصوفية، وكانت جنازته مشهودة، رحمه الله تعالى. ابن النجار 590 - 651هـ، 1193 - 1253م إبراهيم بن سليمان بن حمزة بن خليفة، الشيخ جمال الدين الشهير بابن النجار القرشي الدمشقي. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 65 مولده بدمشق سنة تسعين وخمسمائة. قال الشيخ صلاح الدين خليل بن أيبك: وحدث وكتب على الإجازات. وكتب عليه أبناء البلد، وكان الشهاب غازي المجود يثني عليه، وله نظم وأدب، وسافر إلى حلب وبغداد وكتب للأمجد صاحب بعلبك، وسافر إلى الإسكندرية وتولى الإشراف بها، وسمع بدمشق من التاج الكندي وغيره. ومن شعره ما قاله في أسود شائب: يا رب أسود شائب أبصرته ... وكأن عينيه لظى وقاد فحسبته فحما بدت في بعضه ... نار وباقيه عليه رماد قلت: قوله وقاد، الأصل فيه وقادة، لأنه صفة للظى وهي مؤنثة، قال الله تعالى " كلا إنها لظى، نزاعة للشوى " ولكنه ذكره حملا على المعنى، لأن المعنى جمر وقاد. وله أيضا: لقد نبتت في صحن خدك لحية ... تأنق فيها صانع الأنس والجن الجزء: 1 ¦ الصفحة: 66 وما كنت محتاجا إلى حسن نبتها ... ولكنها زادتك حسنا على حسن قلا: وكانت وفاته سنة إحدى وخمسين وستمائة، رحمه الله تعالى. ابن سهل 646هـ، 1248م إبراهيم بن سهل الإشبيلى الإسرائيلي. قال ابن الآبار: في تحفة القادم: كان من الأدباء الأذكياء الشعراء، مات غريقا مع ابن خلاص والى سبتة في الغراب الذي غرق بهم عند قدومهم إلى إفريقية مع أبي الربيع سليمان بن علي الغريغر قبل سنة ست وأربعين وستمائة، انتهى. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 67 قلت: وقيل: سنة تسع وأربعين وستمائة، وقيل بعد الخمسين. وكان يهوديا فأسلم، ومدح النبي صلى الله عليه وسلم بقصيدة أولها: وركب دعتهم نحو يثرب نيةُ ... فما خلت إلا سامعا ومطيعا وكان إبراهيم بن سهل قبل أن يسلم يهوى غلاما يهوديا اسمه موسى، فلما أسلم تركه وهوى مليحا اسمه محمد، فقيل له في ذلك، فأنشد بديها فقال: تركت هوى موسى لحب محمد ... ولولا هدى الرحمن ما كنت أهتدي وما عن قِلى مني تركت وإنما ... شريعة موسى عطّلت بمحمد وكان أكثر شعره قبل إسلامه في موسى المذكور، وكان يقرأ مع المسلمين ويختلط معهم حتى أسلم، وكان شاعرا ماهرا وله ديوان شعر في مجلد، وهو في غاية الحسن. ومن نظمه القصيدة التي شاع ذكرها في الآفاق، وهي: ردوا على طرفي النوم الذي سلبا ... وخبروني بقلبي أيّةَ ذهبا علمت لما رضيت الحب منزلة ... أن المنام على عيني قد غضبا فقلت واحربا والصمت أجد ربي ... قد يغضب الحب إذ ناديت واحربا الجزء: 1 ¦ الصفحة: 68 إني له عن دمي المسفوك معتذر ... أقول: حملته في سفكه تعبا نفسي تلذ الأسى فيه وتألفه ... هل تعلمون لنفسي في الجوى نسبا قالوا عهدناك من أهل الرشاد فما ... أغواك؟ قلت: اطلبوا في الجوى نسبا من صاغه الله من ماء الحياة وقد ... جرت بفيته في ثغره شنبا يا غائبا مقلتي تهمي لغرقته ... والقطر إن حجبت شمس الضحى انسكبا مرددا في الدجى لهفا ولو نطقت ... شجونها رددت من حالتي عجبا ماذا ترى في محب ما ذكرت له ... إلا بكى أو شكا أو حن أو طربا يرى خيالك في الماء الزلال وما ... ذاق الزلال فيروي وهو ما شربا وهى أطول من هذا، وله موشحة: يا لحظات للفتن ... في كرها أوفى نصيب ترمي وكلّي مقتل ... وكلها سهم مصيب اللوم للاحى مباح ... أما قبوله فلا الجزء: 1 ¦ الصفحة: 69 علقتها وجه صباح ... ريق طلا عيني طلا كالظبي ثغره أقاح ... بما ارتعاه في الغلا يا ظبي خذ قلبي وطن ... فأنت في الأنس غريب وارتع فدمعي سلسل ... ومهجتي مرعى خصيب بين اللما والحور ... منها الحياة والأجل سقت مياه الخفر ... في خدها ورد الخجل زرعته بالنظر ... وأجتنيته بالأمل في طرفها الساجي وسن ... سهّد أجفان الكئيب والردف فيه ثقل ... خفّ له عقل اللبيب أهدت إلى حر العتاب ... برد اللملي وقد وَقَد فلو لثمته لذاب ... من زفرتي ذاك البرد ثم لوت جيد كعاب ... ما حليه إلا الغيد الجزء: 1 ¦ الصفحة: 70 في نزعة الظبي الأغن ... وهزة الغصن الرطيب يجري لدمعي جدول ... فينثني منها قضيب أأنت حورا أرسلك ... رضوان صدقا للخبر قطعت القلوب لك ... وقيل: ما هذا بشر أم الصفا مضني هلك ... من النوى أو الكدر حتى تزكيه المحن ... أمر الهوى أمر غريب كأن عشقي مندل ... زاد بنار الهجر طيب غربت في الحسن البديع ... فصار دمعي معربا شمل الهوى عندي جميع ... وأدمعي أيدي سبا فاستمعي عبدا مطيع ... غنى لنفس الرقبا الجزء: 1 ¦ الصفحة: 71 هذا الرقيب ما أسوأه يظن ... إيش لو كان إنسان قريب مولاي قم تانعملو ... ذاك الذي ظن الرقيب وله موشحة أخرى: باكر اللذة والاصطباح ... بشرب راح فما على أهل الهوى ... من جناح أغنم زمان الوصل قب ... ل الذهاب فالروض قد روّاه دم ... ع السحاب وقد بدا في الروض س ... ر عجاب ورد ونسرين وزهر الأقاح ... كالمسك فاح والطير تشدو ... باختلاف النواح انهض وباكر للمدام العتيق الجزء: 1 ¦ الصفحة: 72 في كأسها تبدو كلون العقيق بكف ظبي ذي قوام رشيق مهفهف القامة طاوي الجناح ... كالبدر لاح عصيت من وجدي ... عليه اللواح لما رأيت الليل ... أبدى المشيب والأنجم الزهر ... هوت للمغيب والورق تبدي ... كل لحن عجيب ناديت صحبي حين لاح الصباح ... قولا صراح حي على اللذة ... والاصطباح سبحان من أبدع هذا الرشا قلت له والنار حشو الحشا جد لي بوصل يا مليحا نشا الجزء: 1 ¦ الصفحة: 73 فسل من جفنيه بيض الصفاح ... يبغي كفاح فاثخن القلب المعنى ... جراح أصبحت مضنى وفؤادي عليل في حب من أضحى بوصلو بخيل كم قلت: دع هذا العتاب الطويل أما تراني قد طرحت السلاح ... أي إطراح أحلى الهوى ما كان ... بالإفتضاح انتهت ترجمة ابن سهل، ولولا خشية الإطالة لذكرت من شعره اكثر من ذلك. كاتب أرنان789 هـ، 1387م إبراهيم الوزير، الصاحب شمس الدين المعروف بكاتب أرنان، وزير الديار المصرية. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 74 قال الشيخ تقي الدين المقريزي: كان أصله من نصارى مصر، وأظهر الإسلام، وخدم في دواوين الأمراء حتى تعلق بخدمة الملك الظاهر برقوق وهو أمير فولاه نظر ديوانه، ثم فوض إليه الوزارة لما تسلطن، فنفذ الأمور ومشى الأحوال أحسن تمشية مع الغاية، مع وفور الحرمة، ونفوذ الكلمة، والتقلل في الملبس، وسائر أسبابه بحيث أنه كان كهيئة أوساط الكتاب، ودخل في الوزارة وأحوال الوزر غير مستقيمة، وليس للدولة حاصل من عين ولا غلة، وقد استأجر الأمراء النواحي بأجرة قليلة - عجلوها -، فكف أيدي الأمراء عن المتحصل، ومشى على القواعد القديمة، والقوانين المعروفة، فهابه الخاص والعام، وجدد مطابخ السكر، - ودواليب القنود -، ومات والحاصل ألف ألف درهم فضة وثلاثمائة ألف وستون ألف أردب غلة، وستة وثلاثون ألف رأس من الغنم، ومائة ألف طائر من الإوز والدجاج، وألفا قنطار من الزيت، الجزء: 1 ¦ الصفحة: 75 وأربعمائة قنطار ماء ورد، قيمة ذلك كله خمسمائة ألف دينار، انتهى كلام المقريزي رحمه الله. قال قاضي القضاة بدر الدين محمود العيني بمعنى قول المقريزي، إلا أنه زاد: وكان وزيرا ناهضا عارفا مدبرا، لم يأت بعد ابن قروينة مثله بل يفوقه، وأنه قبل أن يتولى الوزارة لم يرض أحد من القبط بالوزارة لعدم كون الحاصل تحت حكم الأمراء، ولما مات ترك هو من الموال شيئا كثيراً، انتهى كلام العيني. قلت: ومع هذا كان لا يسلم من الملك الظاهر برقوق، بل كان كل قليل يجعل له مندوحة، ويأخذ منه ما شاء الله أن يأخذ من المال، بخلاف زماننا هذا، فإن فيه من المباشرين من هو أكثر مالا من أبن كاتب أرنان، بل ومن أبن قروينة أيضا، وهو يشكو إلى السلطان الفقر مع كثرة عمائره وعظيم بركة الذي لا مزيد عليه، والسلطان يدعو له بالبركة والتوسعة في الرزق، مع علمه بما أعلم، فهذا أعجب وأغرب. توفى الصاحب شمس الدين المذكور في ليلة الثلاثاء سادس عشر شعبان سنة تسع وثمانين وسبعمائة بالقاهرة. انتهى. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 76 أمير زاه إبراهيم 838هـ، 1434م إبراهيم بن شاه رخ بن تيمورلنك، بقية نسبة تأتي ترجمة جده تيمور، السلطان أمير زاه إبراهيم بن القان معين الدين شاه رخ ابن الطاغية تيمور كوركان. ملك إبراهيم المذكور شيراز من قبل والده شاه رخ، فأظهر فيها النجابة والعدل، فأضاف إليه ما والى شيراز وأعمالها، وحسنت سيرته في رعيته، وأستمر بها مدة إلى أن أرسل عسكرا إلى البصرة في شعبان من سنة ثمان وثلاثين وثمانمائة فملكوها له، ثم وقع بينهم وبين أهل البصرة خلاف، فاقتتلوا ليلة عيد الفطر، فهزم أهل البصرة أصحاب أمير زاه إبراهيم هذا، وقتلوا منهم عدة، وصاروا بعد ذلك أمر عظيم من الخوف والرعب من أمير زاه إبراهيم، فورد عليهم في أثناء ذلك خبر موته في شهر رمضان من السنة المذكورة، فسر أهل البصرة بموته سرورا زائدا. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 77 وكان أمير زاه إبراهيم شابا جميلا من عظماء الملوك، وأجل أولاد شاه رخ، وكان له فضيلة تامة، وهو صاحب الخط المنسوب الذي يضرب بحسنه المثل، رحمه الله. إبراهيم بن الملك المؤيد شيخ 800 - 823هـ، 1397 - 1420م إبراهيم بن شيخ، المقام الصارمي صارم الدين بن الملك المؤيد أبي النصر شيخ المحمودي الظاهري. مولده بالبلاد الشامية في أوائل القرن تقريبا. ولما تولى أبوه السلطنة كان إبراهيم المذكور سنه دون البلوغ. وكان نبيلا، فأنعم عليه بتقدمة ألف بالديار المصرية، وتجرد صحبة أبيه الملك المؤيد نحو البلاد الشامية، ثم عاد صحبته أيضا، ولما كان سنة اثنتين وعشرين وثمانمائة جرده والده السلطان الملك المؤيد لفتح البلاد القرمانية، الجزء: 1 ¦ الصفحة: 78 وهز في خدمته عدة من أمراء الألوف والمماليك السلطانية وغيرهم، فكان من أعيان المقدمين الأمير قجقار القردمي أمير سلاح، والأمير ططر أمير مجلس، والأمير جقمق الأرغوني شاوي الدوادار الكبير، وغيرهم من أمراء الطبلخاناه والعشرات، وأستقل بالمسير إلى أن وصل إلى البلاد الشامية توجه صحبته أيضا نوابها الجزء: 1 ¦ الصفحة: 79 في خدمته، ودخل البلاد القرمانية فنزل أولا على قيسارية ففتحها، ثم إلى بلاد نكدة وولى بها نوابا عن السلطان، وأقام بتلك البلاد ثلاثة أشهر، ثم عاد إلى حلب في أثناء شهر رجب ونزل بالقلعة، وأقام بحلب إلى العشر الأخير من شعبان، فورد عليه المرسوم الشريف من والده بالرجوع إلى الديار المصرية، فخرج من حلب وبخدمته العساكر المصرية ونواب البلاد الشامية بتجمل زائد وأبهة عظيمة، واستقل بالمسير إلى إن وصل إلى الديار المصرية، فقبل وصوله إلى القاهرة خرج والده الملك المؤيد شيخ إلى ملاقاته، وذلك في سابع عشرين شهر رمضان، فتوجه السلطان إلى بركة الحجاج واصطاد، ثم مضى إلى مدينة بلبيس، فقدم الجزء: 1 ¦ الصفحة: 80 عليه الحبر بنزول المقام الصارمي بالصالحية، فتقدم الأمراء وأرباب الدولة فوافوه بالخطارة، فسلم على الجميع راكبا إلى أن عاين القاضي ناصر الدين محمد بن البارزي، كاتب السر الشريف، نزل له عن فرسه وتعانقا، لما يعلم من تمكنه عند أبيه، ثم عاد الجميع في خدمته إلى منزلة العكرشة والسلطان على فرسه، فنزل الأمراء القادمون صحبة الصارمي، ثم نزل المقام الصارمي أيضا عن فرسه، وقبل الأرض ثم قام ومشى حتى قبل الركاب الشريف، فبكى السلطان لفرحته به، وبكى الناس لبكائه، فكانت ساعة عظيمة، ثم سارا بموكبيهما إلى خانقاه سرياقوس، وباتا بها ليلة الخميس تاسع عشرينه، وركب السلطان من الليل ورمى الطير بالبركة واصطاد، فقدم الخبر في الوقت بقدوم الأمير تنبك ميق العلائي نائب الجزء: 1 ¦ الصفحة: 81 الشام، فوافى ضحى، وركب أيضا في الموكب، فدخل السلطان إلى القاهرة من باب النصر، وقد زينت للمقام الصارمي وهو بتشريف عظيم، وخلفه الأسرى الذين أخذوا من قلعة نكدة في الأغلال، وهم نحو المائتين نفر، فكان يوما مشهودا، ونزل المقام الصارمي إلى داره، واستمر حاله أولا أشهرا، ثم توعك ولزم الفراش إلى خامس عشرين جمادى الأولى من سنة ثلاث وعشرين وثمانمائة تحول في اليوم المذكور من الخروبية ببير الجيزة إلى الحجازية ببير بولاق، فنزل له والده وزاره بالحجازية، فأقام الصارمي إبراهيم بالحجازية إلى ثالث عشر جمادى الآخرة، فعادوا به إلى القاهرة وهو محمول على الأكتاف لعجزه عن الركوب في المحفة، فمات ليلة الجمعة خامس عشر جمادى الآخرة سنة ثلاث وعشرين وثمانمائة. وكان ملكا شابا حسنا، شجاعا مقداما، كريما ساكنا، وعنده أدب وحشمة ملوكية، خليقا للسلطنة، وكان يميل إلى الخير والعدل والعفة عن أموال الرعية، إلا أنه كان مسرفا على نفسه، سامحه الله ومات وسنة نيف على عشرين سنة، وأمه أم ولد، ماتت قبل سلطنة والده، رحمه الله تعالى، وعفا عنه. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 82 الملك المنصور صاحب حمص 644هـ، 1246م إبراهيم بن شيركوه بن محمد بن شيركوه بن شادي، صاحب حمص، الملك المنصور. كان مجاهدا شجاعا مقداما، قدم دمشق فنزل ببستان بالنيرب، وكان قد عامل على دمشق، ولو عاش أياما لأخذها، مرض أياما وتوفى بضيعة بقراط ببستان الملك الأشرف بالنيرب، وحمل ما معه إلى حمص، ودفن عند أسلافه. وكانت وفاته سنة 644، وكانت مدة ولايته عشر سنين، رحمه الله تعالى. عز الدين بن العجمي 731هـ، 1330م إبراهيم بن صالح بن هاشم، الشيخ الجليل المعمر بقية المشايخ، عز الدين أبو إسحاق بن العجمي الحلبي الشافعي. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 83 وهو من بيت علم ورئاسة وفضل، وكان آخر من روى بالسماع عن الحافظ بن خليل، وسمع بدمشق من خطيب مردا، ولم يكن بالمكثر، حدث بدمشق وحلب. توفى سنة إحدى وثلاثين وسبعمائة، وهو من أبناء التسعين، رحمه الله. ابن قدامة 606 - 666هـ، 1209 - 1217م إبراهيم بن عبد الله بن محمد بن أحمد بن محمد بن قدامة بن مقدام بن نصر، الشيخ الزاهد الخطيب عز الدين أبو إسحاق بن الخطيب شرف الدين أبي محمد بن الزاهد أبي عمرو المقدسي الجماعيلي الأصل الدمشقي الصالحي الحنبلي. ولد في شهر رمضان سنة ست وستمائة، وسمع من ابن عم أبيه الشيخ الموفق، والشيخ الشهاب بن راجع، والقاضي أبي القاسم الحرستاني، وابن ملاعب، الجزء: 1 ¦ الصفحة: 84 وابن عبدون البنا، والكندي، وأبي محمد بن البن، وأبي الفتح محمد بن عبد الغني، وأبي المجد القزويني، وغيرهم، وسماعه من الكندي حضورا، روى عنه الدمياطي، والقاضي تقي الدين سليمان، وابن الخباز، وابن الزراد، وجماعة، وأجاز له ابن طبرزد، والمؤيد الطوسي. وكان فقيها عارفا بالمذهب، صاحب عبادة وتهجد وإخلاص. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 85 قال الحافظ الذهبي بعد أن أثنى عليه: وله أحوال وكرامات، وقد جمع ابن الخباز أخباره وفضائله في بضعة عشر كراسا، انتهى كلام الذهبي. قلت: وكانت وفاته سنة ست وستين وستمائة، رحمه الله. النميري 712 - 765هـ، 1312 - 1363م إبراهيم بن عبد الله بن محمد بن إبراهيم بن موسى، الشيخ أبو إسحاق النميري الأندلسي الغرناطي المغربي. كان إماما فاضلا عالما، أدبيا شاعرا، قدم القاهرة حاجا سنة ثمان وثلاثين وسبعمائة. قال الشيخ صلاح الدين: اجتمعت به وسألته عن مولده قال: في سنة اثنتي عشرة وسبعمائة، وأنشدني من لفظه لنفسه من قصيدة: هن البدور تغيرت لما رأت ... شعرات رأسي آذنت بتغير راحت تحب دجى شباب مظلم ... وغدت تعاف ضحى مشيب نير قلت وأجاد لأن فيه مقابلة خمس بخمس وهو في غاية من البديع الجزء: 1 ¦ الصفحة: 86 ثم قال وأنشدني: له شفة أضاعوا النشر منها ... بلثم حين سدت ثغر بدري فما أشهى لقلبي ما أضاعوا ... ليوم كريهة وسداد ثغر وله بالسند: وقال عذولي حين لاح عذاوه ... بوجنته: انهره وأنى لقائل أراني الضحى إذ سال في صحن خده ... أأنهره من بعد ذا وهو سائل ابن العطار 595 - 649هـ، 1198 - 1251م إبراهيم بن عبد الله بن إبراهيم بن محمد بن يوسف، الشيخ الإمام أبو إسحاق الأنصاري السكندري الحنفي عرف بابن العطار. ولد سنة خمس وتسعين وخمسمائة، وتفقه على مذهب الإمام الأعظم أبي حنيفة رضي الله عنه وبرع في المذهب، وتأدب على أبي زكريا يحيى بن معط الجزء: 1 ¦ الصفحة: 87 النحوي، وجال في بلاد الهند واليمن والشام والعراق، وكان متوصلا عند الملوك خصيصا عندهم. ذكره أبو المظفر منصور بن سليم في تاريخ الإسكندرية وأثنى على علمه وفضله، وذكر شيئا من نظمه، وقال: رأيته بالموصل وبغداد في خدمة الملك الناصر صلاح الدين، ثم انتقل إلى القاهرة واستوطنها إلى أن مات بها في سنة تسع وأربعين وستمائة. الكردي المعروف بالهدمة 730هـ، 1329م إبراهيم بن عبد الله، الشيخ الصالح العابد الكردي المشرقي، المعروف بالهدمة. كان منقطعا بقرية بين القدس والخليل صلى الله عليه وسلم، وأصلح هناك لنفسه مكانا وزرعه، وغرسا شجرا، فأثمر، ثم تأهل بعد الثمانين وستمائة، وجاءته الأولاد، وقصد بالزيارة فظهرت له كرامات، واشتهر اسمه إلى أن توفي سنة ثلاثين وسبعمائة، وقبره يزار هناك، رحمه الله. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 88 ابن الشيخ عبد الله المنوفي 798هـ، 1395م إبراهيم بن عبد الله، الشيخ برهان الدين بن الشيخ المعتقد عبد الله المنوفي. كان فقيها في مذهب المالكية، وكان يخطب بجامع شرف الدين بالحسينية وكان له فضيلة ومشاركة جيدة، توفي ليلة الثلاثاء تاسع شهر رجب سنة ثمان وتسعين وسبعمائة، ودفن بتربة أبيه خارج باب النصر، رحمه الله تعالى، ونفعنا بسلفه. برهان الدين القيراطي 726 - 781هـ، 1325 - 1379م إبراهيم بن عبد الله بن محمد بن عسكر بن مظفر بن نجم بن شادي، الشيخ الإمام العالم العلامة برهان الدين ابن مفتي المسلمين شرف الدين الطائي الطريفي، الشهير بالقيراطي المصري، الأديب الشاعر المشهور. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 89 مولده في صفر سنة ست وعشرين وسبعمائة، ونشأ بالقاهرة، وحفظ القرآن الكريم، وطلب العلم، ولازم علماء عصره، إلى أن برع في الفقه والأصول والعربية، ودرس بأماكن وسمع صحيح البخاري على ابن شاهد الجيش، وسمع أيضا منه مشيخته، وعلى حسن بن السديد جزء السجستاني وبعض الغيلانيات على بعض أصحاب النجيب وغيره، وحدث بالقاهرة ببعض مروياته، وكثير من نظمه، وكان له النظم الرأيق والنثر الفائق. قلت: ومذهبي في الشيخ برهان الدين هذا أنه هو شاعر عصره بعد الشيخ جمال الدين بن نباته وأقرب الناس إليه من دون تلامذته ومعاصريه من شعراء عصره، مع علمي بمن عاصره من الشعراء ولا حاجة لنا إلى ذكرهم، فإنه أدق وأحلى وأرشق، وسأذكر شيئا من نظمه بعد إثبات وفاته. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 90 توفي ليلة الجمعة العشرين من شهر ربيع الآخر سنة إحدى وثمانين وسبعمائة بمكة المشرفة، ودفن بالمعلاة بعد صلاة الجمعة، رحمه الله. والطريفي فخذ من طي، والقيراطي نسبة إلى قيراط وهي بلدة بالشرقية من أعمال الديار المصرية. ومن نظمه رحمه الله، قصيدته: قسما بروضة خده ونباتها ... وبآسها المخضل في جنباتها وبسورة الحسن التي في خده ... كتب العذار بخطه آياتها وبقامة كالغصن إلا إنني ... لم أجن غير الصد من ثمراتها لأعزرن غصون بان زورت ... أعطافه بالقطع من عذباتها وأباكرن رياض وجنته التي ... ما زهرة الدنيا سوى زهراتها ولأصبحن للذتي متيقظا ... ما دامت الأيام في غفلاتها كم ليلة نادمت بدر سمائها ... والشمس تشرق في أكف سقاتها وجرت بنا دهم الليالي للصبا ... وكوؤسنا غرر على جبهاتها فصرفت ديناري على دينارها ... وقضيت أعوامي على ساعاتها الجزء: 1 ¦ الصفحة: 91 خالفت في الصهباء كل مقلد ... وسعيت مجتهدا إلى حاناتها فتحير الخمار أين دنانها ... حتى اهتدى بالطيب من نفحاتها فشمتها ورأيتها ولمستها ... وشربتها وسمعت حسن صفاتها وتبعت كل مطاوع لا يخشى ... عند ارتكاب ذنوبه تبعاتها يأتي إلى اللذات من أبوابها ... ويحج للصهباء من ميقاتها عرف المدام بحسنها وبنوعها ... وبفضلها وصفاتها وذراتها يا صاح قد نطق الهزار مؤذنا ... أيليق بالأوتار طول سكاتها فخذ ارتفاع الشمس من أقداحنا ... وأقم صلاة اللهو في أوقاتها إن كان عند يا شراب بقية ... مما تزيل به العقول فهاتها الخمر من أسمائها والدر من ... تيجانها، والمسك من نسماتها وإذا العقود من الحباب تنظمت ... إياك والتفريط في حباتها أمحرك الأوتار إن نفوسنا ... سكناتها وقف على حركاتها دار العذار بحسن وجهك منشدا ... لا تخرج الأقمار عن هالاتها كسرات جفنك كلمت قلبي فلم ... تأت الصحاح لنا بمثل لغاتها ومنها: والبدر يستر بالغيوم وينجلي ... كتنفس الحسناء في مرآتها وتلا نسيم الروض فيها قارئا ... فأمال من أغصانها ألفاتها ومليحة أرغمت فيها عاذلي ... قامت إلى وصلي برغم وشاتها الجزء: 1 ¦ الصفحة: 92 لا مال وجهي عن مطالع حسنها ... وحياة طلعة وجهها وحياتها يا خجلة الأغصان من خطراتها ... وفضيحة الغزلان من لفتاتها ما الغصن مياسا سوى أعطافها ... ما الورد محمرا سوى وجناتها وعدت بأوقات الوصال كأنها ... ظنت سلامتنا إلى أوقاتها وله أيضا رحمه الله: لم ينقلوا الغرام مزورا ... ما كان حبكم حديثا ففترى طلعت بدور التم من أزراركم ... فغدا اصطبار الصب منقصم العرى يامن هجرت على هواهم عاذلي ... أيحل في شرع الهوى أن أهجرا؟ أعصى الملام ولا منام يطيعني ... فكأن أذني العين واللوم الكرا في كل هيفاء القوام كأنها ... غصن يحركه النسيم إذا سرا قالت وقد سمعت بجري مدامعي ... صدق المحدث فالحديث كما جرا ذكرت فصغّرها العذول جهالة ... حتى بدت للناظرين فكبّرا وجهلت معنى الحسن حتى أقبلت ... فرأيته فيها يلوح مصوّرا لا تذكروا الغزلان عند لحظاتها ... أبدا فكل الصيد في جوف الغرا لما أني الكليم من الهوى ... جعلت جوابي في المحبة لن ترى ولقد سريت بليل أسود شعرها ... وحمدت عند صباح مبسمها السرا قامت وقد لبست عقود حليهّا ... فرأيت غصنا بالجواهر مثمرا يا من إذا ما مر حلو حديثها ... يا صاح عن العتيق واسكرا الجزء: 1 ¦ الصفحة: 93 ما لاح خصرك بالنحول موشحا ... إلا وأضحى بالصدود مفكرا أرخصت يوم البين سعر مدامعي ... وتركت قلبي بالغرام مسعرا لا تطمعي أن تملكي أهل الهوى ... فالناصر السلطان قد ملك الورى ومن مقاطيعه رحمه الله قوله: تنفس الصبح فجاءت لنا ... من نحوه الأنفاس مسكيه وأطربت في العود قمرية ... وكيف لا تطرب عوديه وله أيضا في طباخ: هويت طباخا له نصعبة ... نيرانها للقلب جنات يكسر أجفانا إذا ما رنا ... لها على الأرواح نصبات وله أيضا رحمه الله: أنظر إلى شطرنج خد بدت ... من فوقه الشامات مثل النقط صحت به نسخة حسن لمن ... قد راحت الأرواح فيها غلط وله أيضا: قلت له لما زها حسنه ... على بدور التم ما أحسنك وقلت للعاذل يا لائمي ... في جسمه الناعم ما أخشنك وله أيضا: أطربنا العود إلى أن غدا ... مقامنا يرقص مع صحبه فشمعه قام على ساقه ... وكأسه دار على كعبه الجزء: 1 ¦ الصفحة: 94 وله وقد كتب به إلى الصلاح الصفدي. يا صلاح العلي صفا ودادي ... لا يرى عن أبي الصفا تحويلا فدع العتب إنني لست ممن ... لا يراعي من الأنام خليلا وله أيضا عفا الله عنه: جفني وجفن الحب قد أحرزا ... وصفين من نيلك يا مصر جفني له يوم الوداع الوفا ... وجفنه الساجي له الكسر الكمال الحنفي 620 - 691هـ، 1223 - 1291م إبراهيم بن عبد الله بن عبد المنعم بن محمد بن هبة الله بن أمين الدولة، الشيخ الإمام كمال الدين أبو إسحاق الحلبي الحنفي، المنعوت بالكمال. مولده بحلب في سنة عشرين وستمائة. وذكره الحافظ البرازالي في معجم شيوخه قال: سمع من ابن خليل ودخل بغداد وسمع بها من الكاشغري، ودرس بالحلاوية بحلب، وكان شيخا حسنا فقيها في مذهب أبي حنيفة رضي الله عنه، من بيت رئاسة وتقدم، مات الجزء: 1 ¦ الصفحة: 95 رحمه الله بالقاهرة، سنة إحدى وتسعين وستمائة، وصلي عليه بجامع الحاكم، ودفن بباب النصر. وانتهى كلام البرازالي. وقال حافظ تقي الدين بن رافع في التذييل: كان إماما عالما بارعا في الفقه، رحل إلى بغداد، وسمع من الكاشغري الثلاثيات في سنة اثنتين وأربعين وستمائة، ومن فضل الله بن عبد الرزاق، وموهوب الجوالبقي، وغيره، وبحلب من أبي الحجاج يوسف بن خليل، وكتب عنه، وأبي القاسم عبد الله بن الحسين بن رواحه، من الشيخ موفق الدين بن علي النحوي، وذكر أيضا جماعة كثيرة إلى أن ساق وفاته في التاريخ المذكور، انتهى. قلت: وأثنى على الشيخ أبي إسحاق المذكور جماعة من العلماء الحنفية والمشايخ، وعلمه مشهور وفضله مأثور، رحمه الله تعالى. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 96 ابن جماعة 725 - 790هـ، 1324 - 1388م إبراهيم بن عبد الرحمن وقيل عبد الرحيم بن محمد بن إبراهيم بن سعد الله بن جماعة، قاضي القضاة برهان الدين أبو إسحاق الكناني الشافعي قاضي قضاة مصر ثم دمشق. مولده سنة خمس وعشرين وسبعمائة، قلت: وهو خلاف قاضي القضاة برهان الدين إبراهيم بن سعد الله بن جماعة السابق، جد عبد الرحمن والد صاحب الترجمة، سمع الكثير بمصر والشام وبرع في الفقه والعربية وغيرهما، وولي خطابة المسجد الأقصى إلى أن صرف الملك الأشرف شعبان بن حسين قاضي القضاة بهاء الدين أبا البقاء عن القضاء بعث يطلب المذكور وولاه قضاء الديار المصرية وذلك في سنة ثلاث وسبعين وسبعمائة، فدام في الوظيفة نحو ست سنين وعزل الجزء: 1 ¦ الصفحة: 97 في سنة تسع وسبعين في شعبان بابن أبي البقاء، توجه إلى القدس وباشر خطابته على عادته إلى أن أعيد لقضاء مصر ثانيا بعد عزل ابن أبي البقاء في سنة إحدى وثمانين وسبعمائة ودام إلى أن صرفه برقوق في سنة أربع وثمانين بقاضي القضاة بدر الدين بن أبي البقاء أيضا، ودام معزولا إلى أن ولاه الظاهر برقوق قضاء دمشق بعد موت ولي الدين بن عبد الله بن أبي البقاء، فتوجه ودام في الوظيفة بدمشق إلى أن توفي في ليلة الجمعة ثامن عشر شعبان سنة تسعين وسبعمائة، رحمه الله تعالى. زين الدين الشيرازي 634 - 714هـ، 1236 - 1314م إبراهيم بن عبد الرحمن بن أحمد بن محمد، الشيخ المسند العدل زين الدين أبو إسحاق بن نجم الدين بن تاج الدين الشيرازي ثم الدمشقي. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 98 مولده سنة أربع وثلاثين وستمائة، كان شيخا بها، كثير التلاوة، سمع من السخاوي، وكريمة، وتاج الدين بن حموية، وطائفة، وخرج له الشيخ صلاح الدين العلائي مشيخة، وتفرد بعدة أجزاء، توفي سنة أربع عشرة وسبعمائة. برهان الدين الفزاري 660 - 729هـ، 1261 - 1328م إبراهيم بن عبد الرحمن بن إبراهيم بن سباع بن ضياء، الشيخ الإمام العلامة شيخ الشافعية في زمانه، برهان الدين بن شيخ الإسلام تاج الدين الفزاري، الجزء: 1 ¦ الصفحة: 99 الصعيدي الأصل، الدمشقي المولد والدار والوفاة، يأتي ذكر والده تاج الدين عبد الرحمن في موضعه، إن شاء الله تعالى. مولده سنة ستين وستمائة، وأمه أم ولد، أسمعه والده الكثير في صغره من بن عبد الدائم، وابن أبي اليسر، وغيرهما، وقرأ الأصول وبعض المنطق، وتفنن، وجود الكتابة، ونشأ في صون وخير وإكباب على طلب العلم، والإفادة، درس واشتغل بعد أبيه وانتهى إليه إتقان غوامض مذهبه، وعلق على التنبيه شرحا حافلا، وكان عذب العبارة، طلق اللسان، كثير الاستحضار إلى الغاية، طويل الدروس يوردها كالفاتحة، يكاد يقول في مسائل الرافعي، هذه المسألة في المجلد الفلاني في الكراس الفلاني في الصفحة الفلانية لأنه دربه وأدمن مطالعته، وفرع من الوسيط دروسا ألقاها، وكان متواضعا يعود المرضى ويشهد الجنائز، وفيه طولة روح على تفهيم الطالب، وكان لطيف المزاج، نحيفا أبيض، الجزء: 1 ¦ الصفحة: 100 حلو الصورة، رقيق البشرة معتدل القامة، قليل الغذاء جدا، يديم التنقل بالخيار شنبر ليذهب يبسه، وربما انزعج في المناظرة. وقال الحافظ شمس الدين الذهبي: قرأت عليه مشيخة ابن عبد الدائم، وولي الخطابة بجامع الأموي بعد عمه شرف الدين، ثم عزل نفسه بعد شهر، وكان يخالف الشيخ تقي الدين في مسائل، ومع ذلك فما تهاجرا أبدا بل كان كل منهما يحترم الآخرين، انتهى كلام الذهبي. قلت: وكانت وفاته في سنة تسع وعشرين وسبعمائة، ودفن عند والده بمقابر باب الصغير، وكانت جنازته مشهودة، ووجد أهل دمشق عليه، رحمه الله تعالى. الأمير كمال الدين نائب الرحبة 674هـ، 1275م إبراهيم بن عبد الرحيم بن علي بن شيث، الأمير كمال الدين نائب الرحبة، ثم نائب بعلبك، أبو إسحاق القرشي الكاتب. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 101 كان أولا في خدمة الملك الناصر داود، وترسل عنه، ثم خدم الملك الناصر يوسف فأعطاه إمرة، وصار يعتمد عليه، وقربه، ثم ولى الرحبة للملك الظاهر، ثم ولاه بعلبك. وكان له أدب وترسل ومعرفة بالتاريخ والأخبار، وكان فاضلا يحفظ متون الموطأ، له اعتناء بالحديث، وروى عن ابن الحرستاني، وروى عنه اليونيني. وكان أبوه الأمير جمال الدين من كبار دولة المعظم. توفي بالساحل سنة أربع وسبعين وستمائة، وقد نيف على الستين، فحمل ودفن ببعلبك، رحمه الله. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 102 ومن شعره: لا تلحه في وجده تغريه ... دعه ففرط ولوعه يكفيه حكم الغرام عليه فهو كما ترى ... مغرى بتذكار الحمى يبكيه يشتاق أيام العقيق وحبذا ... وادي العقيق وحبذا من فيه وإذا النسيم روى سحيرا عنهم ... خبرا فيا طيب الذي يمليه أبو إسحاق الرسعني الحنفي 642 - 695هـ، 1244 - 1295م إبراهيم بن عبد الرزاق بن أبي بكر بن عبد الرزاق بن خلف، الشيخ الإمام أبو إسحاق الرسعني الحنفي، المعروف بابن المحدث. سمع بالموصل من والده الإمام عز الدين وتفقه عليه غيره، وبرع في الفقه والعربية والأصول، ذكره الحافظ البرزالي في معجم شيوخه وقال: كتبت عنه وقد فاق أبناء جنسه معرفة وذكاء، وكان نبيها فاضلا، نبلا متمكنا، الجزء: 1 ¦ الصفحة: 103 ورعا، حسن الأخلاق وله منظوم ومنثور، وشرح القدوري ولم يتمه، وكتب الإنشاء بديوان الموصل. أنشدني من شعره كثيراً في كل فن. مولده في جمادى الأولى سنة اثنتين وأربعين وستمائة بالموصل، وتوفي رحمه الله في شهر رمضان سنة خمس وتسعين وستمائة بدمشق، ودفن بسفح قاسيون، انتهى كلام البرزالي برمته. رحمه الله. ابن غراب سعد الدين 808هـ، 1405م إبراهيم بن عبد الرزاق، القاضي الأمير سعد الدين بن علم الدين - بن شمس الدين - الشهير بابن غراب. أصله من أولاد الكتبة الأقباط بالإسكندرية، ثم اتصل بخدمة الأمير محمود بن علي الأستادار واختص به حتى صار عارفا بجميع أحواله، ثم بسفارته ولي نظر الجزء: 1 ¦ الصفحة: 104 الخاص عوضا عن سعد الدين أبي الفرج بن تاج الدين موسى وذلك في يوم الخميس تاسع عشر ذي الحجة سنة ثماني وتسعين وسبعمائة، وعمره إذ ذاك دون العشرين سنة، ولما استفحل أمره أخذ في المرافعة في أستاذه الأمير محمود الأستادار في الباطن، ولازال على ذلك حتى قبض عليه الملك الظاهر برقوق وصادره، وأجرى عليه أنواع العذاب وانتدب سعد الدين هذا في محاققته، وإظهار خباياه، وصار أشد الناس عليه، ولازال على ذلك حتى هلك محمود تحت العقوبة. حدثني بعض خواص محمود من خدمه قال: كان أستاذنا - يعني محمود - لما صودر ينظر في وجه سعد الدين ويبكي قهرا منه. انتهى. ولما هلك محمود يوم الأحد تاسع شهر رجب سنة تسعة وتسعين وسبعمائة، صار سعد الدين خصيصا عند الملك الظاهر برقوق إلى أن توفي سنة إحدى وثمانمائة، وتسلطن من بعده ابنه الملك الناصر فرج، خلع عليه بنظر الجيش بديار الجزء: 1 ¦ الصفحة: 105 مصر مضافا لما بيده من نظر الخاص وغيره، ثم استقر بأخيه فخر الدين ماجد في الوزر، وصار هو صاحب الحل والعقد في الدولة إلى تاسع عشر شهر ربيع الآخر سنة اثنتين وثمانمائة قبض عليهما وأحيط بموجودهما، وخلع على القاضي بدر الدين محمد الطوخي، واستقر في الوزر عوضا عن فخر الدين ماجد بن غراب، وعلى شرف الدين محمد بن الدماميني، واستقر في نظر الجيش والخاص معا، عوضا عن سعد الدين صاحب الترجمة، وتسلمها الأمير أزبك رأس نوبة، ثم نقلا إلى بيت الأمير قطلوبغا الكركي شاد الشراب خاناه، فأقاما عنده إلى يوم الجزء: 1 ¦ الصفحة: 106 السبت ثامن عشرينه أفرج عنهما وخلع عليهما بوظائفها كما كانا أولاد، وسلم إليهما الوزير الطوخي وابن الدماميني، فصار الطالب مطلوبا، فلم يؤاخذ سعد الدين القاضي شرف الدين بن الدماميني على فعله، بل أفرج عنه واستقر به قاضي قضاة الاسكندرية. ولما خلع عليه بقضاء الاسكندرية نزل سعد الدين بن غراب وأخوه في خدمته إلى داره، واستمر سعد الدين في وظيفتي الجيش والخاص إلى أن أمسك الأمير يشبك الشعباني الدوادار وسجن بثغر الاسكندرية، اختفى سعد الدين، ثم اختفى أخوه فخر الدين ماجد. وكان فخر الدين قد عزل من الوزر قبل تاريخه بأبي كم بمدة يسيرة، فلما تسحبا أضيف لعلم الدين أبي كم الوزير نظر الخاص عوضا عن سعد الدين المذكور، وخلع علي سعد الدين أبي الفرج بن بنت الملكي صاحب ديوان الجيش، واستقر في نظر الجيش عوضا عن سعد الدين أيضا، وسار سعد الدين متوجها إلى تروجة ومعه مثال سلطاني باستخراج الأموال، ومسيرهم معه إلى الاسكندرية الجزء: 1 ¦ الصفحة: 107 لإخراج يشبك الشعباني والأمراء من السجن بها، ثم توجه إلى الاسكندرية وجمع الزعران وحرضهم على قتل نائب الإسكندرية، فلم ينتج أمره، وأرسل طلب الأمان فكتب السلطان، والأمير جكم من عوض الدوادار لم يكتب، ما خلا جميع الأمراء فإنهم كتبوا له، فلما وصل إليه الأمان قدم إلى القاهرة ليلا ونزل عند صديقه جمال الدين يوسف البيري أستادار بجاس، وهو يومئذ استدار الأمير سودون طاز أمير آخور، فتحدث له جمال الدين مع أستاذة سودون طاز وأوصله إليه، فأكرمه وأنزله عنده يومي الثلاثاء والأربعاء، واسترضى له الأمراء، وأحضره يوم الخميس ثالث عشرين ذي الحجة سنة ثلاث إلى مجلس السلطان فقبل الأرض، وخلع عليه باستقرار في الاستادارية، ونظر الجيش ونظر الخاص، ونزل إلى بيت الأمير جكم فمنعه من الدخول ورده، فلا زال سعد الدين حتى دخل الجزء: 1 ¦ الصفحة: 108 إليه بعد أيام في خدمة الأمير سودون من زاده، وقبل يده وهو لا يلتفت إليه، والتزم عند استقراره بتتمة النفقة، فأعطى كل مملوك ألف درهم، وعندما نزل من القلعة أدركه عدة من المماليك السلطانية ورجموه فرمى بنفسه إلى الأمير نوروز الحافظي مستجيرا به، فأصلح الأمير نوروز أمره، ومشى حاله إلى شهر ربيع الأول سنة أربع، ورغب لأخيه فخر الدين عن نظر الخاص، واستمر على حاله إلى سنة خمس، فلما كان في حادي عشرين شعبان تفاوض مع الأمير سودون الحمزاوي بالكلام في مجلس السلطان، وأغلظ كل منهما على الآخر ونزلا، فعندما نزل سعد الدين من القلعة تجمع عليه عدة من المماليك السلطانية وضربوه بالدبابيس حتى سقطت عمامته عن رأسه، وسقط إلى الأرض فحملوه إلى باب السلسة، وقد احتمى بالأمير إينال باي أمير آخور، ثم توجه إلى داره الجزء: 1 ¦ الصفحة: 109 وانقطع عن الخدمة أياما، ثم ركب واستمر إلى ثاني عشر شهر رمضان، قبض عليه وعلى أخيه فخر الدين واعتقلاه بالزردخانة، وخلع على تاج الدين أبي بكر بن محمد بن عبد الله بن أبي بكر بن محمد الدماميني السكندري، واستقر في نظر الجيش عوضا عنه، وخلع على تاج الدين عبد الله بن الوزير سعد الدين نصر الله بن البقري واستقر في نظر الخاص عوضا عن أخيه فخر الدين، وتسلمهما ابن قايماز، فضرب فخر الدين ضربا مبرحا، وأهان سعد الدين حتى أخذ خطه بألف ألف درهم، وأخذ خط فخر الدين بثلاثمائة ألف، ثم نقلا إلى الأمير يلبغا السالمي ليقتلهما، فلم ينتقم السالمي منهما، وخاف سوء العاقبة، وعاملهما بالإكرام، ولا زال يسعى في أمرهما حتى تخلصا، فلما انتصبا عاملا السالمي بخلاف ذلك، واستمر سعد الدين المذكور إلى شهر ربيع الأول سنة ست وثمانمائة خلع عليه باستقراره في وظيفتي الاستادارية ونظر الجيش، وعزل ابن قايماز عن الاستادارية، واستمر سعد الدين على ذلك إلى أن وقع للأمير يشبك ما وقع، وانهزم إلى الشام، توجه سعد الدين الجزء: 1 ¦ الصفحة: 110 هذا معه، ثم قدم أيضا صحبة الأمراء في وقعة السعيدية، ودخل القاهرة لما دخلها الأمير يشبك المذكور متخفيا وترامى على الأمير إينال باي ووعد السلطان بمبلغ ستين ألف دينار، وتعصب له الأمير جمال الدين الاستادار، فخلع عليه واستقر مشيرا، وعلى أخيه وزيرا، فاستمر على ذلك إلى أن فر الملك الناصر فرج واختفى عنده في يوم الأحد خامس شهر ربيع الأول سنة ثمان وثمانمائة، واستمر الناصر عنده متخفيا إلى أن ظهر وجرى من أمره ما سنحكيه في غير موضوع، وعاد إلى ملكه وخلع علي سعد الدين واستقر به رأس مشورة بعد أن أنعم عليه بأمرة مائة وتقدمة ألف بديار مصر، ولبس سعد الدين الكلفتاه وتقلد بالسيف وترك زي الكتاب. حدثني بعض خواص سعد الدين قال: لما نزل من الخدمة بزي الأمراء سألني بأن قال يا فلان هذه الصفة أحسن أم تلك الصفة؟ فقلت له: لا والله تلك الصفة أحسن وأجمل وأليق بك، فلم يرد الجواب، انتهى. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 111 قلت: ولما نزل سعد الدين إلى داره لم يركب بالكلفتاه بعد أول مرة، ومرض ولزم الفراش إلى أن توفى ليلة الخميس تاسع عشر شهر رمضان سنة ثمانمائة، ولم يبلغ الثلاثين سنة. وكان شابا جميلا كريما جوادا. ممدحا، رئيسا نالته السعادة في مباشرته، وكان يميل إلى فعل الخير والصدقة لا سيما في الوباء الذي كان في سنة ستة وثمانمائة، فإنه فعل فيه من الخيرات، ما هو مشهور عنه، قيل أنه منذ ولي الوظائف السنية إلى أن مات ما دخل عليه مملوك من المماليك السلطانية في حاجة - كبيراً كان أو صغيرا - إلا وسقاه السكر المذاب ثم يأخذ في قضاء حاجته، رحمه الله تعالى ابن شيخ الإسلام عز الدين بن عبد السلام 611 - 686هـ، 1214 - 1287م إبراهيم بن عبد العزيز بن عبد السلام، الشيخ أبو إسحاق بن شيخ الإسلام عز الدين بن عبد السلام السلمي الدمشقي. كان يخطب بجامع العقبة، ويلبس ثيابا قصيرة، وإذا خطب بكى، كان يتعانى الوعظ، فتألم أبوه لذلك وتركه، وكان يتكلم بكلام مسجوع مثل سجع الكهان، ويزعم أنه يلقى إليه من الجن، وكان فيه سلامة باطن. وكان مولده سنة إحدى عشرة وستمائة، وتوفي سنة ست وثمانين وستمائة، رحمه الله تعالى الجزء: 1 ¦ الصفحة: 112 الوزير أمين الدين بن الهيصم 800 - 859هـ، 1397 - 1454م إبراهيم بن عبد الغني بن إبراهيم، الوزير الصاحب أمين الدين بن القاضي مجد الدين وناظر الخواص، الشهير بابن الهيصم، وزير الديار المصرية. مولده بها في أوائل القرن تخمينا، ونشأ تحت كنف والده ثم عمه الصاحب تاج الدين عبد الرزاق بن الهيصم، ومهر في الكتابة والحساب، وباشر في جهات إلى أن خلع عليه الملك الأشرف برسباي باستقراره في وظيفة نظر الدولة عوضا عن القاضي كريم الدين عبد الكريم الشهير بابن كاتب جكم بحكم انتقاله إلى نظر الخاص عوضا عن الصاحب بدر الدين حسن بن نصر الله المستقر استادارا عوضا عن ولده صلاح الدين محمد وذلك في يوم الاثنين ثاني عشر جمادى الجزء: 1 ¦ الصفحة: 113 الأولى سنة ثمان وعشرين وثمانمائة، فاستقر الصاحب أمين الدين هذا في وظيفة نظر الدولة إلى سنة سبع وثلاثين وثمانمائة استقل بوظيفة الوزر بعد عزل الصاحب كريم الدين بن كاتب المناخ واستقلاله بوظيفة الاستادارية فقط، فانه كان جمع بينهما مدة سنين، وباشر الصاحب أمين الدين الوزر مدة أشهر فلم ينتج أمره وضعف حاله عن القيام بكلف الدولة فاستعفى ثم تسحب، واختفى أشهرا إلى أن ولي مكانه الصاحب جمال الدين يوسف بن كاتب جكم الوزر، فتكلم الأمير إينال الأبو بكري في أمره، ولا زال بالسلطان إلى أن ظهر ولزم داره مدة، ووقع له أمور إلى أن آل الأمر إلى إعادته في وظيفة نظر الدولة ثانيا، ودام فيها أيضا عدة سنين إلى يوم الاثنين ثامن جمادى الآخرة سنة إحدى وخمسين وثمانمائة خلع عليه باستقراره في الوزر ثانيا عوضا عن الصاحب كريم الدين عبد الكريم الجزء: 1 ¦ الصفحة: 114 ابن كاتب المناخ بحكم تعلله ولزومه الفراش أشهرا، فباشر المذكور الوزر في هذه المدة مباشرة جيدة، وضبط جهات الوزر، وقام بالكلف السلطانية أحسن قيام، واستفحل أمره ونتج، واستمر على ذلك إلى أن وقع الشراقي العظيم بالديار المصرية في سنة أربع وخمسين وثمانمائة، وغلت الأسعار فلم يكترث المذكور بذلك، وفرق إطلاق المماليك السلطانية على العادة - وأرضى كل واحد بحسب حاله، وقام بكلف الإصطبل السلطاني - وبرواتب المماليك السلطانية على العادة، وأظهر من القوة والسداد أمرا عظيما حتى أنه أخلع عليه في هده المدة عدة خلع ذكرناها في وقتها في تاريخنا الحوادث، واستمر على وظيفته إلى أن عجز واستعفى فأعفى، واستقر عوضه في الوزر تغرى بردى الظاهري القلاوي في يوم الخميس رابع شوال سنة ست وخمسين، ثم أعيد إلى الوزر في الدولة المنصورية عثمان بعد أن الجزء: 1 ¦ الصفحة: 115 استعفى القلاوي في يوم الخميس تاسع عشر صفر سنة سبع وخمسين، فباشر الوزر في هذه المرة مدة إلى أن عجز واختفى في يوم الأربعاء أول شهر رمضان في سنة سبع المذكورة، واستقر في الوزر عوضه فرج بن النحال كاتب المماليك ودام هو مختفيا إلى أن ظهر وأعيد أيضا للوزر بعد عزل ابن النحال المذكور في يوم الاثنين حادي عشرين جمادى الأولى سنة ثمان وخمسين فلم تطل مدته فيها واختفى ثانيا في يوم السبت حادي عشر ذي الحجة من سنة ثمان المذكورة، فدام في اختفائه أن مرض ومات في يوم الأحد ثامن عشر صفر من سنة تسع وخمسين وثمانمائة، ولم يخلف بعده مثله في أبناء جنسه، رحمه الله تعالى. سعد الدين بن كاتب جكم ناظر الخواص قبل 820 - 841هـ، 1417 - 1437م إبراهيم بن عبد الكريم بن بركه، القاضي سعد الدين ناظر الخواص الشريف بن القاضي كريم الدين ناظر الخواص بن سعد الدين الشهير بابن كاتب جكم. مولده بالقاهرة قبل العشرين وثمانمائة، وأمه بنت الصاحب تاج الدين عبد الرزاق بن الهيصم، ونشأ تحت كنف والده وكتب الخط المنسوب، الجزء: 1 ¦ الصفحة: 116 وتمذهب للشافعي رضي الله عنه، واشتغل يسيرا ومهر في الحساب وصناعة الدّيونة إلى أن استقل بوظيفة نظر الخاص بعد وفاة والده القاضي كريم الدين عبد الكريم في يوم الثلاثاء سلخ شهر ربيع الأول سنة ثلاث وثلاثين وثمانمائة، وسنة نيف على عشرين سنة أو دونها، فباشر وظيفة نظر الخاص بتجمل، ونالته السعادة وحسنت سيرته وشكرت أفعاله بالنسبة إلى غيره من أبناء جنسه، هذا وخلفه مثل الصاحب بدر الدين بن نصر الله المعزول عن الخاص بوالده قبل تاريخه، وقد كان يترقب زوال والده القاضي كريم الدين عبد الكريم، وفي ظنه أن الملك الأشرف برسباي لا يعدل عنه إلى غيره، فوليها بعد موته ولده سعد الدين هذا، وخاب ظن الصاحب بدر الدين بن نصر الله، واستمر سعد الدين في وظيفته وسافر صحبة السلطان الملك الأشرف إلى آمد في سنة ست وثلاثين وثمانمائة، بعد أن قام بالكلف السلطانية أحسن قيام، ثم من بعد عوده إلى القاهرة بمدة حصل عليه من السلطان إخراق، وضرب بسبب امتناعه عن الاستقرار بوظيفة الوزر، وتولى أخوه الصاحب جمال الدين يوسف الوزر كرها من غير إرادة أخيه سعد الدين المذكور، كل ذلك بعد فرار الصاحب أمين الدين إبراهيم بن الهيصم الجزء: 1 ¦ الصفحة: 117 فلم تطل أيام جمال الدين في الوزر، واستعفى وعزل بعد أن ألزم هو وسعد الدين صاحب الترجمة بحمل جملة مستكثرة من الأموال إلى الخزانة الشريفة فحملا ما ألزما به من المال وخلع على سعد الدين بالاستمرار في وظيفة الخاص على عادته، ولزم أخوه جمال الدين داره إلى أن توفي سعد الدين بعد مرض طويل في يوم الخميس سابع عشر ربيع الأول سنة إحدى وأربعين وثمانمائة، وحضر السلطان الصلاة عليه بمصلاه المؤمني، ودفن بالقرافة رحمه الله، وتولى أخوه الصاحب جمال الدين الخاص من بعده. وكان شابا حسن الشكالة، جوادا كريما، وعنده دربة وسياسة ومعرفة وإقدام، إلا أنه كان منهمكا في اللذات التي تهواها النفوس، ومسرفا على نفسه، وعنده قليل تيه وشمم، عفا الله عنه. ابن النجيب 795هـ، 1392م إبراهيم بن عبد الوهاب، الرئيس سعد الدين أبو الفضائل الشهير بابن النجيب القبطي الميموني. كان من أعيان الكتبة، وباشر في عدة جهات، ثم تولى مباشرة ديوان الجيوش بالديار المصرية وغيرها، توفى سنة خمس وتسعين وسبعمائة. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 118 أبو إسحاق الكاشغري الزركشي الحنفي 554 - 645هـ، 1159 - 1247م إبراهيم بن عثمان بن يوسف بن أيوب، الشيخ الإمام أبو إسحاق الكاشغري المحدث الحنفي البغدادي الزركشي. ذكره الحافظ شرف الدين الدمياطي في معجم شيوخه وقال: مولده ببغداد في سنة أربع وخمسين وخمسمائة في الثاني والعشرين في جمادى الأولى، وكان فقيها محدثا دينا، توفى سنة خمس وأربعين وستمائة، إلا أنه كان يتشيع. انتهى كلام الدمياطي. وكاشغر مدينة بأقصى بلاد تركستان، وهي بفتح الكاف، وبعدها ألف وشين معجمة ساكنة، وغين أيضا معجمة مفتوحة، وراء مهملة. ابن أبي المنى 744هـ، 1343م إبراهيم بن عرفات بن صالح، القاضي زين الدين الشهير بابن أبي المنى القنائي الشافعي. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 119 قال الأدفوي: كان فقيها حاكما، حسن الاعتقاد والسيرة، وكان له ثروة، ويميل لدين وخير، ويتصدق في كل سنة في عاشوراء بألف دينار، توفى ببلدة قنا في سنة أربع وأربعين وسبعمائة. الأديب أبو إسحاق المعروف بعين بصل 709هـ، 1309م إبراهيم بن علي بن خليل، الأديب الشاعر أبو إسحاق الحراني المسيدي المعروف بعين بصل. كان فقيرا ويمدح الأعيان والأكابر، ذكره جماعة من المؤرخين. ذكره البرزالي في معجمه قال: رجل فقير وله شعر جيد، وهو من أرباب الحرف والتكسب، وذكر لي أن والده كان شواء بحران، سألته في شوال سنة اثنتين وسبعمائة عن سنه، فقال جاوزت السبعين، وكان يلبس القطعة مدة وإذا أفلس باعها، ومد إليها كف نفقته، ثم قال ومن شعره: الجزء: 1 ¦ الصفحة: 120 جفني بسقم جفونه قد أسقما ... ريم بسهم لحاظه قلبي رما كالرمح معتدل القوام مهفهف ... مر الجفا لكنه حلو اللما رشا أحل دمي الحرام وقد رأى ... في شرعه الوصل الحلال محرما ربّ الجمال بوصله وبهجره ... ألفى وصاله جنة وجهنما عن ورد وجنته وآس عذاره ... وبسيف نرجس طرفه الساجي حما عاتبته فقسا، وفيت فخانني ... قربته فنأى، بكيت تبسما حكمته في مهجتي وحشاشتي ... فجف وجار على حين تحكما قلت: وهي مطولة جدا، ساقها الحافظ البرزالي بتماما وكمالها، ثم ذكر من شعره غيرها، وشعره كله من هذا المنوال غير متلاحم النسج ولا مستقيم النهج، انتهى. قلت: وكانت وفاته يوم الخميس منتصف ذي القعدة سنة تسع وسبعمائة، رحمه الله تعالى. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 121 الحلواني الواعظ 791هـ، 1388م إبراهيم بن علي، الشيخ الإمام برهان الدين أبو إسحاق الواعظ الدمشقي الأصل المصري الدار والمنشأ والوفاة، المعروف بالحلواني. كان عنده فضيلة ومشاركة جيدة، ولوعظة تأثير في القلوب، وللناس فيه اعتقاد ومحبة، وكان يميل إلى دين وخير، وكان يعظ الناس ويجتمع عليه خلائق. قال الشيخ تقي الدين المقريزي: توفى بالقاهرة في عاشر صفر سنة إحدى وتسعين وسبعمائة، ولم نر بعده مثله في المواعيد، رحمه الله. المسند تقي الدين الواسطي 602 - 692هـ، 1205 - 1292م إبراهيم بن علي بن أحمد بن فضل، الشيخ الإمام القدرة الزاهد تقي الدين مسند الشام أبو إسحاق الواسطي الصالحي الحنبلي، أحد الأعلام. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 122 ولد سنة اثنتين وستمائة. قال الحافظ أبو عبد الله شمس الدين محمد الذهبي رحمه الله، وسمع من أبي القاسم الحرستاني وأبي عبد الله بن البنا، وأبي البركات بن ملاعب، وأبي الفرج ابن الجلاجلي، وموسى بن عبد القادر، وابن راجح، والشيخ الموفق، وابن أبي لقمة، وطائفة سواهم بدمشق، وأبي محمد بن الاستاذ بحلب، والفتح بن عبد السلام، وأبي هريرة بن الوسطاني، وأبي المحاسن، وأبي علي بن الجواليقي، ومحاسن الخراسني، وأبي منصور أحمد بن البراج، وأبي الجزء: 1 ¦ الصفحة: 123 حفص السهروردي، وعمر بن كرم، ومحمد بن أبي الفتح بن عصيبة، وياسمين بنت البيطار، وشرف النساء بنت الأبنوسي، وطائفة، وأجاز له زاهر الثقغي، وأبو الفخر أسعد بن روح، وجماعة من أصبهان، وأبو أحمد بن سكينة، وابن طبرزد، وابن الأخضر، وطائفة من بغداد، وعبد الرحمن بن المعزم من همدان، الجزء: 1 ¦ الصفحة: 124 وانتهت الرحلة في علو الاسناد إليه، وحدث بالكثير، وكان فقيها عارفا بالذهب، ودرس بمدرسة الصالحية بالحبل، وولي مشيخة الحديث بالظاهرية، إستنابه بها عز الدين الفاروثي فباشر إلى أن مات. وكان صالحا عابدا قانتا خاشعا، آمرا بالمعروف، قوالا بالحق خائفا من الله، كثير التلاوة والأوراد، خشن العيشة. سألت أبا الحجاج - يعني المزي - عنه فقال: أحد المشايخ المشهورين بالعلم والعمل والاجتهاد، ومن انتهى إليه في عمره علو الأستاذ، ورحل إليه أقطار البلاد، وسمع الكثير بالشام والعراق، ثم قال: وسمع منه البرزالي، وابن سيد الناس، وقطب الدين الحلبي، والمزي، وابنه، والشهاب النابلسي، وابن المهندس، الجزء: 1 ¦ الصفحة: 125 وابن تميية وإخوته، والفجر عبد الرحمن بن محمد البعلبكي، وأخوه عبد الله، وبدر الدين بن غانم، وخلق كثير. ثم قال الذهبي: ولي منه إجازة، وانتقلى إلى رحمة الله في أواخر يوم الجمعة الرابع والعشرين من جمادى الآخر سنة اثنتين وتسعين وستمائة، ودفن من الغد بتربة الشيخ الموفق. وكان الشيخ عز الدين الفاروثي مع جلالته يمضي إليه، ويجلس بين يديه، ويقرأ عليه الحديث، وكان على كبر سنه يقرأ الختمة في ركعة واحدة، انتهى كلام الذهبي. قلت: وذكره جماعة من المحدثين وغيرهم، وقد استوفى الذهبي غالب أقوالهم فلا حاجة في إعادتها ثانيا في هذا المحل. انتهى. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 126 قاضي القضاة ابن عبد الحق الحنفي 668 - 744هـ، 1269 - 1343م إبراهيم بن علي بن أحمد بن يوسف بن إبراهيم، المعلامة قاضي القضاة أبو إسحاق الحنفي المعروف بابن عبد الحق. مولده بدمشق. كان إماما فقيها بارعا مصنفا، أفتى ودرس، وانتفع به الطلبة، ودام على ذلك بدمشق إلى أن طلبه الملك الناصر محمد بن قلاوون إلى القاهرة في جمادى الآخرة سنة ثمان وعشرين وسبعمائة، وولي بها قاضي قضاة الديار المصرية، بعد وفاة قاضي القضاة شمس الدين الحريري، وحسنت سيرته، ودرس بالقاهرة، وأفاد وأشغل مدة إقامته بها، إلى أن عزل الحسام الغوري: وعاد إلى دمشق ثانيا، وكب على الاشتغال والأشغال، وكان سمع في مبدأ أمره من أبي الحسين الجزء: 1 ¦ الصفحة: 127 علي بن أحمد بن عبد الواحد المقدسي الحنبلي، وأبي حفص ابن البخاري وغيرهما، تجمعه المشيخة التي خرجها البرزالي، وحدث بها، وكان فقيها بارعا محدثا، وله التصانيف المفيدة، من ذلك شرحة على الهداية وضمنه الآثار، ومذاهب السلف، واختصر السنن الكبرى للبيهقي في خمس مجلدات، واختصر كتاب التحقيق لابن الجوزي في مجلد، واختصر ناسخ الحديث ومنسوخه لأبي حفص ابن شاهين في مجلد، وله المنتقي من فروع المسائل في مجلد، وله نوازل الوقائع في مجلد، وله إجازة الإقطاع، وله إجازة الأوقاف زيادة على المدة، ومسألة قتل المسلم بالكافر، وغير ذلك، تصدر للإفتاء والتدريس مدة طويلة، الجزء: 1 ¦ الصفحة: 128 وتفقه به جماعة من الأعيان، وكان يقرئ في علوم كثيرة، وله مشاركة في الأدب وغيره. توفي في ثامن عشرين ذي الحجة سنة أربع وأربعين وسبعمائة بدمشق، وكانت جنازته مشهودة، رحمه الله. قاضي القضاة نجم الدين الطرسوسي الحنفي 758هـ، 1356م إبراهيم بن علي بن أحمد بن عبد الواحد بن عبد المنعم بن عبد الصمد، العلامة قاضي القضاة نجم الدين أبو إسحاق بن قاضي القضاة عماد الدين أبي الحسن الطرسوسي الحنفي الدمشقي، قاضي القضاة الحنفية بدمشق وعالمها. مولده سنة إحدى وعشرين وسبعمائة، ونشأ بدمشق تفقه بها على علماء عصره، وبرع في الفقه والأصول العربية، وشارك في عدة فنون، وتصدر للإفتاء والتدريس مدة طويلة، ثم ولي قضاء القضاة الحنفية بدمشق، وحمدت سيرته مع ملازمته للإقراء والتدريس والتأليف، ومن مصنفاته رفع الكلفة عن الإخوان في ذكر ما قدم فيه القياس على الاستحسان، وكتاب مناسك الحج مطول، وكتاب الاختلافات الواقعة في المصنفات، وكتاب محظورات الإحرام، وكتاب الجزء: 1 ¦ الصفحة: 129 الإشارات في ضبط المشكلات، عدة مجلدات، وكتاب الفتاوى في الفقه، وكتاب الإعلام في مصطلح الشهود والحكام، وكتاب الفوائد المنظومة في الفقه وغير ذلك. وكان إماما مفتيا دينا خيرا ذكيا، حسن المعاشرة حلو المحاضرة، توفي سنة ثمان وخمسين وسبعمائة بدمشق، بعد أن أقام على القضاء نحوا من أربعين سنة، رحمه الله تعالى. برهان الدين المحلي التاجر 745 - 806هـ، 1344 - 1403م إبراهيم بن عمر بن علي، التاجر الرئيس برهان الدين المحلي المشهور. قال المقريزي: ذكر أنه من ذرية طلحة بن عبد الله، وأنه ولد في سنة خمس وأربعين وسبعمائة، فسماه جده لأمه العلامة شمس الدين محمد بن اللبان، انتهى كلام المقريزي. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 130 قلت: انتهت إليه رئاسة التجار في زمانه، وبلغ من الحظ في المتجر وسعة المال إلى الغاية، وكان عنده حشمة ومروءة، وخير ومعروف، وجدد عمارة جامع عمرو بن العاص رضي الله عنه بمصر القديمة، وبنى عدة أملاك تعرف به، ولم يزل على رئاسته إلى أن توفي يوم الأربعاء ثاني عشرين شهر ربيع الأول سنة ست وثمانمائة، وخلف مالا جزيلا، رحمه الله تعالى. برهان الدين الجعبري 640 - 732هـ، 1242 - 1331م إبراهيم بن عمر بن إبراهيم، الشيخ الإمام العلامة ذو الفنون، شيخ القراء، برهان الدين الجعبري الشافعي، بن مؤذن جعبر. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 131 ولد في حدود الأربعين وستمائة، وسمع في حياة ابن خليل، وتلا ببغداد بالسبع على أبي الحسن الوجوهي صاحب الفخر الموصلي، وتلا بالعشر على المنتجب صاحب ابن كدي وأسند القراءات بالإجازة عن الشريف أبي البدر الداعي، وقرأ التعجيز حفظا على مؤلفه تاج الدين بن يونس، وسمع من جماعة. وقدم إلى دمشق بفضائل ونزل بالسميساطية، وأعاد بالغزالية، وباحث وناظر، ثم ولي مشيخة الحرم بالخليل عليه السلام، فأقام بها بضعا وأربعين سنة، وصنف التصانيف، واشتهر ذكره. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 132 قال الحافظ الذهبي رحمه الله: قرأت عليه نزهة البرزة في القراءات العشرة، وألف شرحا للشاطبية كبيراً، وشرحا للرائية، ونظم في الرسم روضة الطرائف، واختصر مختصر ابن الحاجب، ومقدمته في النحو، وكمل شرح المصنف للتعجيز، وله ضوابط كثيرة نظمها، وله كتاب الإفهام والإصابة في مصطلح الكتابة نظم، ويواقيت الجزء: 1 ¦ الصفحة: 133 المواقيت نظم، والسبيل الأحمد إلى علم الخليل بن أحمد، وتذكرة الحفاظ في مجتبه الألفاظ، وموعد الكرام لمولد عليه السلام، ومناقب الشافعي، وكتاب المناسك، والشرعة في القراءات السبعة، وله الدماثة في القراءات الثلاثة وشرحها، وعقود الجمان في تجود القرآن، وحدود الإتقان في تجويد القرآن والترصيع في علم البديع، والإيجاز في الألغاز، والاهتداء في الوقف والابتداء، انتهى كلام الذهبي. وقال الشيخ صلاح الدين الصفدي: رأيته مرة ببلد سيدنا الخليل عليه السلام، وسمعت كلامه، وكان حلو العبارة، ولم يتفق لي أن أروي عنه شيئا. انتهى كلام الذهبي. قلت: وذكره غير واحد وأثفى عليه وعلى علمه وفضله، وله شعر جيد، من ذلك قوله: لما أعلن الله جلّ بلطفه ... لم تسبني بجمالها البيضاء الجزء: 1 ¦ الصفحة: 134 ووقعت في شرك الردى متحبلا ... وتحكمت في مهجى السوداء توفي في شهر رمضان سنة اثنتين وثلاثين وسبعمائة، عن تسعين سنه، رحمه الله تعالى. أبو إسحاق الأندلسي 697هـ، 1297م إبراهيم بن عيسى بن يوسف بن أبي بكر، الشيخ الإمام محدث أبو إسحاق المرادي الأندلسي. كان إماما فقيها سمع كثير من أصحاب السلفة وطبقتهم بعد الأربعين، وكتب الكثير بخطه المتقن المليح، وكان صالحا ورعا إماما بالباذرائية بدمشق. وذكره الشيخ محي الدين النووي وأثنى عليه وقال: كان بارعا في معرفة الجزء: 1 ¦ الصفحة: 135 الحديث وعلومه وتحقيق ألفاظه لا سيما الصحيحين، وكان ذا عناية باللغة والعربية ومعارف الصوفية من كبار المسلكين، انتهى كلام النووي. توفي سنة سبع وتسعين وستمائة، رحمه الله تعالى. الوزير فخر الدين الشيباني الإسعردي 612 - 693هـ، 1215 - 1293م إبراهيم بن لقمان بن أحمد بن محمد، الوزير الكاتب فخر الدين الشيباني الإسعردي. ولد سنة اثنتي عشرة وستمائة، تنقل في الخدم، وباشر في جهات، ونالته السعادة والتقدم وطال عمره. قال الحافظ أبو عبد الله الذهبي: رأيته شيخا بعمامة صغيرة، وقد حدث عن الجزء: 1 ¦ الصفحة: 136 ابن رواح، وكتب عنه البرزالي والطلبة، وولي وزارة الصحبة للملك السعيد، ثم وزر مرتين للملك المنصور. وأصله من المعدن من أسعود، وكان قليل الظلم، فيه إحسان للرعية، ولما فتح الملك الكامل آمد كان أبى لقمان شابا يكتب على عرصة القمح وينوب عن الناظر، وكان الصاحب بها الدين زهير كثير الإنشاء للكامل، فاستدعى من ناظر آمد حوائج، فكانت الرسالة ترد إليه بخط ابن لقمان، فأعجب البهاء زهير خطه وعبارته فاستحضره، وفوه به، وناب عنه في ديوان الإنشاء، ثم إنه خدم في ديوان الإنشاء في الدولة الصالحية وهلم جرا إلى أوائل الدولة الناصرية، انتهى. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 137 قلت وذكره غير واحد وأثنى عليه بالعلم والفضل. وكان له نظم ونثر وترسل من ذلك قوله: كن كيف شئت فإنني بك مغرم ... راض بما فعل الهوى المتحكم ولئن كتمت عن الوشاة صبابتي ... بك فالجوانح بالهوى تتكلم أشتاق من أهوى وأعلم أنني ... أشتاق من هو في الفؤاد مخيم يا من يصد عن المحب تدللا ... وإذا بكى وجدا غدا يتبسم أسكنتك القلب الذي أحرقته ... فحذار من نار به تتضرم وله في مليح اسمه غلمش: لو وشى فيه من وشى ... ما تسليت غلمشا أنا قد بحت باسمه ... يفعل الله ما يشا توفي بمصر في سنة ثلاث وتسعين وستمائة، رحمه الله تعالى. ابن دقماق المؤرخ 750 - 809هـ، 1349 - 1406م إبراهيم بن محمد بن أيدمر بن دقماق، صارم الدين. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 138 كان جده دقماق أحد الأمراء في أيام الملك الناصر محمد بن قلاوون. مولده بالديار المصرية في حدود الخمسين وسبعمائة، وتزيا بزي الجند وطلب العلم، وتفقه يسيرا بجماعة من فقهاء الحنفية، ومال إلى الأدب، ثم حبب إليه التاريخ فمال إليه بكليته، وكتب الكثير وصنف. قال الشيخ تقي الدين المقريزي: ومال إلى فن التاريخ، فأكب عليه حتى كتب نحو المائتين سفر من تأليفه وغير ذلك، وكتب تاريخا كبيراً على السنين، وتاريخ آخر على الحروف، وكتب أخبار الدولة التركية في مجلدين، وأفرد سيرة الملك الظاهر برقوق، وكتب طبقات الحنفية وامتحن بسببها، انتهى كلام المقريزي. قلت: وتصانيفه جيدة مفيدة، واطلاعه كثيرة، واعتقاده حسن، ولم يكن عنده فحش في كلامه، ولا في خطه. قال المقريزي أيضا: وكان الصارم عارفا بأمور الدولة التركية، مذاكرا بجملة أخبارها، مستحضرا لتراجم أمرائها، ويشارك في أخبار غيرها مشاركة جيدة، وكان جميل العشرة، فكه المحاضرة، كثير التودد، للسانه من الوقيعة في الناس، لاتراه يذم أحدا من معارفه، بل يتجاوز عن الجزء: 1 ¦ الصفحة: 139 ذكر ما هو مشهور عنهم مما يرمي به أحدهم، ويعتذر عنهم بكل طريق، صحبته مدة، وجاورني سنين، انتهى كلام المقريزي، باختصار. ثم ولي دمياط فلم ينتج أمره وعزل، وعاد إلى القاهرة، ومات بعد قليل في ليلة الثلاثاء لثمان بقين من ذي الحجة سنة تسع وثمانمائة عن نحو الستين سنة، رحمه الله. ابن قرناص 671هـ، 1272م إبراهيم بن محمد بن هبة الله بن قرناص، الأديب البارع الشاهد، مخلص الدين الحموي، كان شاعرا ماهرا، وله فضائل ومشاركة، ونظم ونثر وترسل، وله ديوان شعر مشهور. ومن نظمه قوله: ليلي وليلك يا سؤلي ويا أملي ... ضدان هذابه طول وذا قصر وذاك أن جفوني لا يلم بها ... نوم وجفنك لا يحظى به سهر الجزء: 1 ¦ الصفحة: 140 قلت: وهذا يشبه قول القائل، ولم أدر من هو السابق: ليلى وليلي نفى نومي اختلافهما ... في الطول والطول يا طوبى لو اعتدلا بجود بالطول ليلى كلما بخلت ... بالطول ليلى وان جادت به بخلا وله أيضا: حاشاك يا ظبية الأنس التي افترست ... أسد العرين من التأثيم حاشاك يثني تثنيك قضب البان مائسة ... ويبسم الدر عجبا من ثناياك توفي سنة إحدى وسبعين وستمائة رحمة الله تعالى، وعفا عنه. أبو إسحاق الغزنوي الفقيه الشاعر 605هـ، 1208م إبراهيم بن محمد، وقيل محمود، الشيخ الإمام أبو إسحاق الأديب الشاعر الغزنوي الحنفي. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 141 طلب العلم وتفقه على مذهب الإمام الأعظم أبي حنيفة رضي الله عنه، وقرأ الأدب، وغلب عليه الشعر وبرع في النظم وسمع من شعره الحافظ شرف الدين الدمياطي، أنشدنا الشيخ تقي الدين أحمد المقريزي إجازة، أنشدنا الحراوي إجازة، أنشدنا الحافظ الدمياطي إجازة إن لم يكن سماعا، أنشدنا أبو إسحاق الفقيه إبراهيم الغز نوي بدمشق لنفسه: ورشيق دمعي عليه طليق ... وفؤادي العاني لديه أسير أمروه على الملاح وهذا ... شعره إن شككتم المنشور كلما جاء بالملام عذ ولي ... قلت ذا منكر وهذا نكير مولده سنة خمس وستمائة تقريبا، انتهى، هذا الذي وقفت عليه من نظمه. ابن السويدي 600 - 690هـ، 1203 - 1290م إبراهيم بن محمد بن طرخان، الحكيم عز الدين أبو إسحاق الأنصاري، عرف بابن السويدي، شيخ الأطباء بدمشق، قيل إنه من ولد سعد بن معاذ رضي الله عنه. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 142 مولده سنة ستمائة بدمشق. قال ابن أبي اصيبعة: وهو أسرع الناس بديهة في قول الشعر وأحسنهم إنشادا، وكنت أنا وهو في المكتب، وله الباهر في الجواهر، والتذكرة الهادية في الطب، انتهى. وقال غيره: كان فاضلا أديبا لاسيما في الطب، وله مشاركة جيدة في فنون، وسمع من ابن ملاعب وأحمد ابن عبد الله السلمي، وعلي بن عبد الوهاب أخى كريمة، وتفرد عنه، والحسين بن إبراهيم بن بن سلمة، وزين الامناء بن عساكر، وقرأ لولده البدر محمد علي مكي بن علان، والرشيد العراقي، واستنسخ له الاجزاء، الجزء: 1 ¦ الصفحة: 143 وقرأ المقامات سنة تسع عشرة على التقي خزعل النحوي، وأخبره بها عن متوجهر عن المصنف، وقرأ كتبا في الأدب وفي النحو علي ابن معط، وعلي النجيب يعقوب الكندي، وأخذ الطب عن الدخوار وغيره، وروى عنه البرزالي وابن الحباز وطائفة. ومن شعره: وعدته الوصال يقضى وزارت ... فأرته المعدوم بالموجود فهو لا يطعم الرقاد فيستي ... قظ إلا على قراق جديد وله: لو إن تغيير لون شيبي ... يعيد ما فات من شبابي لما وفى لي بما تلاقي ... روحي من كلفة الخضاب وله مواليا: البدر والسعد ذا شبهك ... وذا نجمك الجزء: 1 ¦ الصفحة: 144 والقد واللحظ ذا رمحك ... وذا سهمك والبغض والحب ذا قسمي ... وذا قسمك والمسك والحسن ذا خالك ... وذا عمك وله أيضا مواليا: ذي قائلة لأختها والقصد ... تسمعنا ما النحو؟ قالت: لها نحنا ... بأجمعنا الرفع والنصب نا وأنتي ... ومن معنا للجر، والزوج حرف ... جاء للمعنى توفي سنة تسعين وستمائة، ودفن بتربة إلى جانب الخانقاه الشبلية. جلال الدين بن القلانسي 654 - 722هـ، 1256 - 1322م إبراهيم بن محمد، جلال الدين بن القلانسي. قدم الديار المصرية وسكن بالزاوية على بركة الفيل، واشتهر وتردد الناس الجزء: 1 ¦ الصفحة: 145 إليه، وحظي عند الأكابر والأمراء، ثم أخرج بعد مدة إلى القدس بسبب الأمير ناصر الدين بن البابا، فأقام بالقدس - الشريف - إلى أن توفي سنة اثنتين وعشرين وسبعمائة. رحمه الله تعالى. قاضي القضاة الاخنائي المالكي 777هـ، 1375م إبراهيم بن محمد بن أبي بكر بن عيسى بن بدران، قاضي القضاة برهان الدين ابن علم الدين العدني الهدباني الأخنائي المالكي، قاضي قضاة الديار المصرية. كان فقيها عالما بارعا، باب في الحكم، وتولى نظر الخزانة وغيرها، ثم استقل بوظيفة القضاء بديار مصر عوضا عن أخيه تاج الدين محمد بعد موته، وذلك في حادي عشرين صفر سنة ثلاث وستين وسبعمائة. وكان أولا خليفة أخيه في الحكم، الجزء: 1 ¦ الصفحة: 146 واستمر قاضيا خمس عشرة سنة، وحمدت سيرته إلى أن توفي بالقاهرة في يوم الأربعاء ثالث شهر رجب سنة سبع وسبعين وسبعمائة، رحمه الله تعالى. الحافظ برهان الدين الحلبي المعروف بالقوف 753 - 841هـ، 1352 - 1437م إبراهيم بن محمد بن خليل، الشيخ الأمام الحافظ برهان الدين أبو إسحاق الحلبي سبط ابن العجمي. مولده في ثاني عشرين شهر رجب سنة ثلاث وخمسين وسبعمائة بحلب، وبها نشأ وطلب العلم وقرأ الحديث على الشيخ كمال الدين عمر بن العجمي والمحدث شرف الدين الحسين بن عمر بن حبيب، وعلى القاضي كمال الدين عمر المعري، الجزء: 1 ¦ الصفحة: 147 وعلى الظهير بن العجمي، وعلى القاضي جمال الدين أبي إسحاق إبراهيم بن العديم، وشهاب الدين أحمد بن عشائر، وابن عبد العزيز القاهري، وبدر الدين محمد بن بشر الحراني، وابن عبد الباقي الصوفي، والخطيب شهاب الدين بن الحنبلي الشافعي، وابني حبيب كمال الدين محمد وبدر الدين الحسن، وشهاب الدين الجزء: 1 ¦ الصفحة: 148 ابن النصيبي، وشهاب الدين بن المرحل، وسليمان الصابوني، ونور الدين ابن العديم، وشرف الدين أبي البركات موسى بن فياض المقدسي الحنبلي، والشيخ شمس الدين محمد بن علي شيخ جبرين بها وغيرهم. قال: القاضي علاء الدين على بن خطيب الناصرية الحلبي في تاريخه: وقرأ النحو على الشيخين أبي جعفر وأبي عبد الله الأندلسي وغيرهما، واشتغل في الفقه الجزء: 1 ¦ الصفحة: 149 والقراءات والتصرف والبديع والتصوف، ورحل، سمع بحماه شرف بنت خطيب المنصورية عمة شيخنا أبي المحاسن يوسف، والقاضي الحنبلي، وبدمشق من ابن المحب الحافظ، وصلاح الدين بن أبي عمر، وابن راجح، وأبي الهول، وغيرهم، وبالقاهرة ناصر الدين الطبردار، وجويرية الهكارية وغيرهم. ثم أخذ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 150 علم الحديث بالقاهرة عن الحافظ كالحافظ زين الدين العراقي، والحافظ سراج الدين بن الملقن، وقرأ على الحافظ العراقي ألفيته في علم الحديث وغيرهم من مصنفاته، وقرأ أيضا على الشيخ العلامة الإمام شيخ الإسلام سراج الدين أبي حفص عمر البلقيني، وسمع بالإسكندرية والقدس وغزة، وبرع في ذلك، وعاد إلى حلب، وصنف وأشغل الطلبة، وهو شيخي عليه قرأت هذا الفن وبه انتفعت وبهديه أقتديت وبسلوكه تأدبت وعليه استفدت. وهو شيخ إمام عالم عامل، حافظ ورع مفيدة، زاهد على طريق السلف الصالح، ليس مقبلا إلا على شأنه من الإشتغال والإشغال والافادة، لا يتردد إلى أحد، وأهل حلب يعظمونه ويعتقدون بركته، وغالب رؤسائها تلاميذه، وحدث بحلب، وحج في سنة ثلاث عشرة وثمانمائة، ثم عاد من الحجاز إلى حلب، واستمر على طريقته، وحدث بحلب، وسمع عليه جماعة كثيرون منهم الإمام الحافظ قاضي القضاة شهاب الدين أحمد بن حجر قاضي الديار المصرية، قدم الجزء: 1 ¦ الصفحة: 151 حلب سنة ست وثلاثين وثمانمائة، والمحدث الإمام شمس الدين بن ناصر الدين محدث دمشق وحافظها قدم حلب في سنة سبع وثلاثين وثمانمائة، ورحل إليه الطلبة واشتغل عليه كثير من الناس، وانفرد بأشياء سماعا منها مشيخة الفخر بن البخاري وغيرها، وصار رحلة الآفاق وهو على حاله، واصلا من الإشتغال دائما، وعلى طريقة السلف، انتهى كلام ابن خطيب الناصرية. قلت: كان إماما حافظا، بارعا مفيدا، سمع الكثير، وألف التواليف الحسنة المفيدة، وكتب على صحيح البخاري، وعلى السيرة النبوية لابن سيد الناس، وعلى كتاب الشفا للقاضي عياض، وصنف نهاية السؤل في رواية الستة الأصول، وشرح سنن ابن ماجة، وذيل على كتاب الميزان للذهبي. ورأيته أنا أيضا بحلب في سنة ست وثلاثين وثمانمائة، ولم يتفق لي أن أروي عنه شيئا، ولكن اجتمعت بغالب طلبته، وممن تخرج به، والجميع يثنون على علمه وفضله وحفظه، واستمر بعد ذلك بحلب إلى أن توفي ضحى يوم الاثنين الجزء: 1 ¦ الصفحة: 152 السادس والعشرين من شوال سنة إحدى وأربعين وثمانمائة، وصلى عليه بالجامع الأموي بعد صلاة الظهر، ودفن عند أقاربه، وكانت جنازته مشهودة، رحمه الله تعالى. برهان الدين العجلوني ابن خطيب عذراء 752 - 825هـ، 1351 - 1421م إبراهيم بن محمد بن عيسى بن عمر بن زياد، الشيخ الإمام العالم برهان الدين أبو إسحاق العجلوني الشافعي الدمشقي الشهير بابن خطيب عذراء. مولده سنة اثنتين وخمسين وسبعمائة بعجلون، وحفظ المنهاج في صغره، الجزء: 1 ¦ الصفحة: 153 واشتغل على مشايخ عصره، ودأب في الفقه خصوصا الروضة فإنه كان يستحضر منها كثيراً، وتصدر، للإشغال مدة طويلة، وولي قضاء صفد في الأيام الظاهرية برقوق، ثم عزل، ثم ولي بعد سنة ثلاث وثمانمائة ثانيا، ثم عزل عنها، وقدم دمشق في سنة ست وثمانمائة، وولي بها نيابة الحكم، وأقام على ذلك سنين، ثم تنزه عن ذلك كله، وأكب على الأشغال، وصار يفتي ويدرس إلى أن حصل له فالج في ليلة الاثنين خامس عشر المحرم، فلزم منه الفراش من غير أن يتكلم إلى أن توفي يوم الأربعاء سابع عشرين المحرم من سنة خمس وعشرين وثمانمائة، رحمه الله. إبراهيم بن الملك الناصر محمد بن قلاوون 738هـ، 1337م إبراهيم بن الملك الناصر محمد بن الملك المنصور قلاوون، الأمير جمال الدين. كان والده الملك الناصر محمد قد جهزه إلى مدينة الكرك مع أخيه الناصر الجزء: 1 ¦ الصفحة: 154 أحمد والمنصور أبي بكر، فأقاموا بالكرك إلى أن ترعرعوا، أحضر إبراهيم هذا وأبو بكر إلى القاهرة، وأقاما بها إلى أن أمَّرَهما، كل واحد إمرة طبلخاناة، ولم يسم أحد منهم بملك، بل كان الناس يقولون سيدي إبراهيم وسيدي أبو بكر على عادة الأسياد، ثم زوجه والده الملك الناصر محمد بإبنة الأمير جنكلي بن البابا وبنى بها، وأقام إلى أن جدر ولزم الفراش تقدير عشرين يوما، ومات في سنة ثمان وثلاثين وسبعمائة، وهو في عنفوان الشبيبة. صدر الدين بن حمويه 644 - 722هـ، 1246 - 1322م إبراهيم بن محمد، الشيخ الإمام العلامة المحدث، شيخ خراسان صدر الدين أبو المجامع بن الشيخ سعد الدين بن المؤيد بن حمويه الجويني الشافعي الصوفي الزاهد. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 155 مولده سنة بضع وأربعين وستمائة، وسمع من ابن الموفق الأستاذ الأذكاني صاحب المؤيد الطوسي، ومن جماعة بالشام وبالعراق والحجاز، وعني بهذا الشأن جدا، وكتب وحصل، وكان مليح الشكل جيد القراءة، دينا وقورا، وهو الذي أسلم على يده غازان - يأتي ذكره إن شاء الله في محله - وقدم الشام في سنة خمس وتسعين، ثم حج سنة إحدى وعشرين وسبعمائة، وسمع صحيح مسلم من عثمان بن موافق سنة أربع وستين وستمائة. ببغداد من الشيخ عبد الصمد، ومن ابن أبي الدِّينة، وابن بلدجي يوسف بن محمد بن سرور الوكيل. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 156 قال الذهبي: أنبأني الظهير الكازروني قال: وفي سنة إحدى وسبعين اتصلت ابنة علاء الدين صاحب الديوان بالشيخ صدر الدين أبي المجامع إبراهيم بن الجويني والصداق خمسة آلاف دينار ذهبا أحمرا، وله إجازة من نجم الدين عبد الغفار صاحب الحاوي، وله مجاميع وتواليف، انتهى كلام الذهبي. قلت: وله تاريخ في عدة مجلدات باللغة العجمية، وكان معظما في الدولة الغازانية مبجلا إلى الغاية، توفي سنة اثنين وعشرين وسبعمائة. رحمه الله تعالى. الشيخ جمال الدين الكبير 715 - 790هـ، 1315 - 1388م إبراهيم بن محمد بن عبد الرحيم بن إبراهيم بن يحيى بن المجد، الشيخ الإمام جمال الدين الأميوطي اللخمي المصري الشافعي نزيل مكة المشرفة. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 157 ولد سنة خمس عشرة وسبعمائة بالقاهرة، وسمع بها على أبي العباس الحجار صحيح البخاري في قدمته الثانية إليها وهي سنة ثلاث وعشرين وسبعمائة، وعلى أبي الحسين علي بن عمر الواني صحيح مسلم عن الموسوي والبكري، والبلدانية للسلفي عن سبط السلفي عن جده، وعلى النجم عبد الله بن علي بن عمر الصنهاجي صحيح مسلم عن أحمد بن عبد الدائم، وجامع الترمذي خلا من باب الدعوات إلى آخره عن القطب القسطلاني، والغيلانيات عن ابن مناقب وجماعة عن ابن طبرزد، وعليه وعلى التقي محمد بن عبد الحميد المهلبي الشفا للقاضي عياض عن التاج القسطلاني، والسيرة لأبن إسحاق عن الشريف أبي عبد الله محمد بن عبد الرحمن الجزء: 1 ¦ الصفحة: 158 الحسيني عن ابن بنان الإنباري عن والده عن الحبال، وعلى الصنهاجي، وقاضي القضاة بدر الدين بن جماعة صحيح البخاري، وعلى ابن جماعة بمفرده سنن ابن ماجة، وجامع الأصول لابن الأثير عن ابن أبي الدم عنه، والشاطبية عن ابن الازرق عن المؤلف، وعلى أبي المحاسن يوسف بن عمر الختني معجم المنذري خلا الجزء الحادي عشر والرابع عشر والثامن عشر عنه كذلك، وعلى أبي الحسن علي بن إسماعيل بن قريش سنن الشافعي رضي الله عنه، وأحاديث ابن أحمد الفرضي الجزء: 1 ¦ الصفحة: 159 وأناشيد شجاع بن علي عن ابن المقير، ومشيخه تخريج ابن أيبك وبعض السيرة الهشامية على ابن المقير عن ابن ناصر عن الحبال، وعلى الضياء موسى بن علي الزرزاري كتاب الحلية لأبي نعيم عن النجيب الحراني، وعلى الحافظ بن سيد الناس السيرة في تأليفه، وعلى جماعة سواهم بالقاهرة، وبدمشق سنة أربعين على الحافظ أبي الحجاج المزي الجزء الثاني عشر من كتاب الصيام للحسين بن الحسن المروزي دون ما في آخره من حديث ابن المنذر عن ابن بخارى، وعلى الحافظ شمس الدين الذهبي جزئا من بخريجه، فيه عوالي مالك وآخره تفسير قوله تعالى " لا يحب الله الجهر بالسوء " من القول، وأجاز له أبو بكر بن أحمد بن الجزء: 1 ¦ الصفحة: 160 عبد الدائم، وعيسى بن عبد الرحمن المطّعم، ويحي بن سعد، والقاسم بن عساكر، وابن نصر، والسيرامي، وآخرون من دمشق، وطلب العلم واشتغل بالفقه والعربية والأصلين، وبرع في ذلك، ومن شيوخه: أخذ عن الشيخ مجد الدين الزنكلوني شارح التنبيه، والشيخ تاج الدين التبريزي، والشيخ جمال الدين الأسنائي، ولازمه كثيراً، وأخذ أصول الدين عن الشيخ شهاب الدين بن المليق وصحبه، وناب في الحكم بالحسينية خارج القاهرة عن قاضي القضاة أبي البقاء السبكي، ثم انتقل إلى مكة في سنة سبعين وسبعمائة واستوطنها إلى أن الجزء: 1 ¦ الصفحة: 161 أدركه الأجل في يوم الثلاثاء الثاني من شهر رجب سنة تسعين وسبعمائة، ودفن بالمعلاه، بقرب الفضيل بن عياض واللخمي معروف. والأميوطي نسبة إلى بلدة من قرى القاهرة بالغربية تسمى أميوط. أبو إسحاق القابوني الحنفي إبراهيم بن محمد بن يوسف، الشيخ كمال الدين أبو إسحاق القابوني الحنفي، المعروف جده بإمام الحرمين. تفقه على مشايخ عصره، وبرع، وغلب عليه الأدب، وقال الشعر الجيد. قال الحافظ جمال الدين اليغموري أنشدني كمال الدين أبو إسحاق إبراهيم بن محمد بن يوسف القابوني سنة ثلاثين وستمائة بدمشق من شعره: قلت وجفن الليل مغروق ... وموعد الإصباح قد فاتا ما طال ليلى وجرت دمعتي ... إلا لأن الصبح قد ماتا الجزء: 1 ¦ الصفحة: 162 وله مليح عليه غيار: ولما بدت في ثياب ... خضر وأبدى عذاره فقلت غصن وريق ... بدت به جلناره قالوا عليه غيار ... فقلت مني استعارة رضي الدين الطبري 636 - 722هـ، 1238 - 1322م إبراهيم بن محمد بن إبراهيم بن أبي بكر بن محمد، الشيخ الإمام العالم الحافظ رضي الدين أبو إسحاق الطبري الشافعي المكي، إمام مقام إبراهيم عليه السلام بالمسجد الحرام. مولده سنة ست وثلاثين وستمائة، سمع ما يكثر عدة من الكتب والأجزاء والحديث والفقه والسير واللغة والتصوف، وغير ذلك من عدة من الأئمة الكبار، وأجاز له عدة يطول عدهم، وتفرد في آخر عمره برواية صحيح البخاري. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 163 قال اليافعي رحمه الله: وهو أحد شيوخي الذين انتفعت بهم، وكانت قراءتي عليه في أول سنة إحدى وعشرين وسبعمائة إلى أن اشتد به مرض موته في شهر صفر سنة اثنتين وعشرين، يعني وسبعمائة، فقال لي: ياولدي لقد حصلت في هذه السنة ما لم يحصله غيرك في سنين، وقال لي محدث القدس صلاح الدين العلائي رحمه الله: من الشيوخ قريب من ألف شيخ ما فيهم مثل شيخك هذا يعني الطبري، وبلغني عن إمام اليمن وبركة الزمن الشيخ الكبير أحمد بن موسى بن عجيل أنه كان إذا سأله أهل مكة الدعاء يقول عندكم إبراهيم، يعني الطبري. وكان له نظم جيد، وتواليف، انتهى كلام اليافعي، رحمه الله تعالى. تقي الدين بن مفلح الحنبلي 751 - 803هـ، 1350 - 1400م إبراهيم بن محمد بن مفلح الحنبلي، قاضي القضاة تقي الدين ين العلامة شمس الدين الحنبلي الدمشقي قاضي قضاة الحنابلة بدمشق. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 164 كان إماما فقيها، عالما فاضلا، دينا، ولي قضاة دمشق، وحمدت سيرته إلى أن امتحن في واقعة تيمورلنك. ومات في شعبان سنة ثلاث وثمانمائة. وهلكت أيضا في هذه السنة المذكورة بدمشق وحلب وغيرهما من البلاد الشامية في محنة تيمور بالقتل والجوع والحريق خلائق، ولا يعلمها إلا الله، فإن والدي رحمه الله ولي نيابة دمشق قبل محنة تيمور بأيام قلائل، ثم وليها ثانيا بعد أن خرج تيمور بعساكره عنها، فدخلها فوجدها خرابا، وقد تحير أين يسكن بدمشق، إلى أن أشار عليه أهلها بأن يسكن بالقرمانية فسكنها إلى أن شرع في عمارة دار السعادة، فتحول إليها بعد مدة طويلة. انتهت ترجمة القاضي تقي الدين بن مفلح. رحمه الله تعالى. برهان الدين بن زقاعة 724 - 816 هـ 1324 - 1413م إبراهيم بن محمد بن بهادر بن أحمد، الشيخ الإمام العالم العلامة برهان الدين أبو إسحاق القرشي النوفلي الغزي الشهير بابن زقّاعة. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 165 كان إماما بارعا مفننا في علوم كثيرة لا سيما في معرفة الأعشاب والرياضة وعلم التصوف. مولده في سنة أربع وعشرين وسبعمائة، وقال المقريزي: مولده سنة خمس وأربعين، والأصح ماقلناه، فإنه ما مات حتى بلغ الشيخوخة. وكان الناس فيه على أقسام: فمنهم من كان يعتقد صلاحه، ومنهم من كان يطنب في غزير علمه وفضله، ومن الصوفية من كان يزعم أنه يعرف علم الحرف، ويدري الاسم الأعظم. قال الشيخ تقي الدين المقريزي بعد أن ذكر مولده: وعانى صناعة الخياطة، وأخذ القراءات عن الشيخ شمس الدين الحكري، والفقه على مذهب الشافعي عن بدر الدين القونوي، والتصوف عن الشيخ عمر حفيد الشيخ عبد القادر، وسمع الجزء: 1 ¦ الصفحة: 166 الحديث من نور الدين على الفوى، وقال الشعر ونظر في النجوم وعلم الحرف، وبرع في معرفة الأعشاب، وساح في الأرض، وتجرد وتزهد، فاشتهر في بلاد غزة وعرف بالصلاح، انتهى كلام المقريزي إختصارا. قلت: بالجملة كانت رئاسة في علوم كثيرة، وحظ زائد عند ملوك مصر الظاهر برقوق وولده الناصر فرج، ونال من الحرمة والوجاهة ما لم ينله غيره من أبناء جنسه، بحيث أنه كان يجلس فوق قضاة القضاة، وقد سألت عنه قاضي القضاة الحافظ شهاب الدين ين حجر فقال: كان قد اشتمل على الملك الظاهر برقوق، وحظي عنده ثم عند ولده الناصر فرج، وكان يعرف الأعشاب، ولم يزد على ذلك، انتهى. وكان له نظم ونثر، وشعره جيده أكثر من رديئه، رأيت بخط قاضي القضاة جمال الدين بن ظهيرة المكي الشافعي، ما هو: أنشدنا شيخنا الإمام العلامة شيخ الحقيقة والشريعة والطريقة أبو إسحاق إبراهيم بن محمد بن زقاعة الغزي لنفسه من لفظه يوم الثلاثاء مستهل صفر سنة إحدى عشرة وثمانمائة. ومن عجبي أن النسيم إذا سرى ... سحيرا بعرف البان والرئد والآس يعيد على سمعي حديث أحبتي ... فيخطر لي أن الأحبة جلاسي الجزء: 1 ¦ الصفحة: 167 ومن شعره أيضا ما أنشدناه قاضي القضاة جلال الدين أبو السعادات محمد بن ظهيرة قاضي قضاة مكة الشافعي من لفظه قال: أنشدني الإمام العلامة برهان الدين إبراهيم بن زقاعة من لفظه لنفسه: رأي عقلي ولبي فيه حارا ... فأضرم في صميم القلب نارا وخلاني أبيت الليل ملقى ... على الأعتاب أحسبه نهارا إذا لام العوازل فيه جهلا ... أصفه لهم فينقلبوا حيارى وإذا ذكروا السلو يقول قلبي ... تصامم عن أباطيل النصارى وما علم العوازل أن صبري ... وسلواني قد ارتحلا وسارا فيا لله من وجد تولى ... على قلبي فأعدمه القرارا ومن حبي تقادم فيه عهدي ... فاورثني عناء وانكسارا قضيت هواهم عشرين عاما ... وعشرين ترادفها استتارا فنم الدمع من عيني فابدى ... سرائر سر ما أخفى جهارا الجزء: 1 ¦ الصفحة: 168 إذا ما نسمة البنات مرت ... على نجد وصافحت العرارا وصافحت الحوام وعنقوانا ... وشيخ ثم قبلت الجدارا جدار ديار من أهوى قديما ... رعى الرحمن هاتيك الديارا ألا يا لائمي دعني فإني ... رأيت الموت حجا واعتمارا فأهل الحب قد سكروا ولكن ... صحا كل وفرقتنا سكارى وله من قصيدة يمدح قاضي القضاة برهان الدين إبراهيم بن جماعة رحمه الله: لملة أحمد برهان دين ... يقوم بحفظها في كل ساعة فمت في حبه إن شئت تحيا ... فذا البرهان قد أحيا جماعة ومن شعره: سألتك بالحواتم العظيمة ... وبالسبع المطولة القديمة وباللامين والفرض المبدا ... به قبل الحروف المستقيمة وبالقطب الكبير وصاحبيه ... وبالأرض المقدسة الكريمة وبالغصن الذي عكفت عليه ... طيور قلوب أصحاب العزيمة وبالسطور في رق المعاني ... وبالمنشور في يوم الوليمة الجزء: 1 ¦ الصفحة: 169 وبالكهف الذي قد حل فيه ... أبو فتيانها ورأى رقيمه وبالمعمور من زمن التصابي ... وبأحجار بحجرتها مقيمة تفجر من فؤادي عين حب ... تروي في مسارحها صميمة وبعض الصوفية من تلاميذه يزعم أن هذه الأبيات فيها الاسم الأعظم، والله بقولهم أعلم. ومن شعره أيضا: ووردي خذ نرجسي لواحظ ... مشايخ علم السحر عن لحظه رووا وواوات صدغه حكين عقاربا ... من المسك فوق الجلنار قد التووا ووجنته الحمرا تلوح كجمرة ... عليها قلوب العاشقين قد انكووا وودي له باقي ولست بسامع ... لقول حسود والعواذل إن عووا ووالله لا أسلو ولو صرت رمة ... فكيف وأحشائي على حبه انطووا توفى الشيخ برهان الدين المذكور في ثاني عشرين ذي الحجة، وقيل ثامن عشرين ذي الحجة، وهو الأصح، سنة ست عشرة وثمانمائة، عن اثنتين وتسعين سنة. وزقاعة بضم الزاي وفتح القاف المشددة وألف عين وهاء. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 170 جمال الدين بن العديم 711 - 787هـ، 1311 - 1385م إبراهيم بن محمد بن عمر بن أبي البركات عبد العزيز بن أبي الفضل هبة الله بن محمد بن هبة الله بن أحمد بن يحي بن زهير بن هارون بن موسى بن عيسى بن عبد الله بن عامر بن أبي جرادة بن ربيعة بن خويلد بن عوفر بن عامر بن عقيل بن كعب بن ربيعة بن عامر بن صعصعة، قاضي القضاة جمال الدين بن قاضي القضاة ناصر الدين بن قاضي القضاة كمال الدين بن القاضي عز الدين بن الصاحب جمال الدين بن القاضي مجد الدين بن القاضي جمال الدين بن القاضي نجم الدين، الشهير بابن جرادة وبابن العديم الحلبي الحنفي قاضي قضاة حلب. هو من بيت رئاسة وعلم وفضل، يأتي ذكر جماعة من أقاربه في محالهم. توفى بحلب في سنة سبع وثمانين وسبعمائة عن نيف وسبعين سنة، وكان مشكور السيرة عفيفا، رحمه الله تعالى. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 171 ابن الحسام 833هـ، 1429م إبراهيم بن محمد، الرئيس صارم الدين بن الوزير ناصر الدين بن الحسام الصقري. كان عنده فضل وفضيلة، وهو من بيت رئاسة، ويكتب الخط المنسوب، وله مشاركة ومحاضرة لطيفة. ومعاشرة حلوة، ويميل لأهل الأدب، وولي حسبة القاهرة في الأيام المؤيدة شيخ، وكان يتزيا بزي الجند، ثم انحطت رتبته قليلا، ثم تراجع حاله إلى أن توفى ليلة الثلاثاء ثامن عشر جمادى الآخرة سنة ثلاث وثلاثين وثمانمائة بالطاعون، عن نيف وخمسين سنة، رحمه الله تعالى. جمال الدين بن الشهاب محمود 676 - 760هـ، 1277 - 1358م إبراهيم بن محمود بن سليمان بن فهد بن محمود، القاضي جمال الدين أبو إسحاق بن العلامة شهاب الدين المعروف والده بالشهاب محمود الحلبي. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 172 مولده في شعبان سنة ست وسبعين وستمائة، وأسمعه والده سيرة ابن هشام على الأبرقهوي وسمع عليه غير ذلك، وسمع من الصواف، والحافظ الدمياطي، وأبي الفضل محمد بن القاضي الحافظ أبي العز مكرم بن أبي الحسن بن أحمد الأنصاري، ومن والده الشهاب محمود، وغيرهم، وأجاز له جماعة من المشايخ، وحدث بالقاهرة، سمع بها عليه شيخ الإسلام سراج الدين البلقيني، والإمام شمي الدين محمد بن جابر، وعبد الرحمن بن يوسف المزي، وآخرون، وحدث بحلب، سمع منه الحافظ زين الدين العراقي، والشيخ أبو الحسن نور الدين الهثمي، وابن البنا الدمشقي، وابن حبيب، والخطيب ناصر الدين أبو المعالي محمد بن عشائر، وأسباطه الشريف عز الدين أحمد، وأخوه محمد، وأختهما فاطمة، أولاد الشريف أبو العباس أحمد الحسينيون، وفتى والدهم طبيغا الجزء: 1 ¦ الصفحة: 173 الشريفي وغيرهم، ومهر في الكتابة وبرع في الإنشاء، وولي كتابة سر حلب، وباشرها ثلاث مرات نيفا وعشرين سنة. وكان له النظم الرائق والنثر الفائق، وفيه أبيه يقول الشريف شهاب الدين أبو عبد الله الحسين ابن قاضي العسكر الحسيني المصري عندما باشر كتابة سر حلب وولده إذ ذاك كاتب سر دمشق المحروسة: إنّ محمود وابنه ... بهما تشرق الرتب فدمشق بذا سمعت ... وبهذا سمعت حلب وفيه يقول الشيخ جمال الدين محمد بن نباته رحمه الله من قصيدة: أجيراننا حيا الربيع دياركم ... وإن لم يكن فيها لطرفي مربع ولما كان بحلب كتب إلى والده متشوقا من أبيات: هل زمن ولّى بكم عائد ... أم هل ترى يرجع عيش مضى فارقتكم بالرغم مني ولم ... أختره لكني أطعت القضا قلت: لو كان تولى قضاء حلب كان حصل في آخر البيت الثاني تورية، لكن هو ووالده من بيت كتابة وعلم وفضل وإنشاء، ولهما النظم الرائق والنثر الفائق. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 174 توفى في شوال سنة ستين وسبعمائة بحلب. وكان رحمه الله كثير الفضائل، اقتبس من محاسن والده، وكان كثير الوقار، عفيفا دينا، مليح الخط فصيح اللفظ، متواضعا على طريقة السلف، بارعا منشئا بليغا كثير البر والخير، رحمه الله تعالى. الذهبي الناسخ 651هـ، 1253م إبراهيم بن مرتفع بن أرسلان، الشيخ أبو إسحاق المصري الذهبي الناسخ، ويعرف بابن الساعاتي. كان له فضل وأدب ومشاركة، وسمع من هبة الله بن سناء الملك بعض شعره، وكان كثير الوقار، عفيفا دينا، مليح الإذهاب والنسخ، وله شعر جيد. توفي سنة إحدى وخمسين وستمائة. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 175 شمي الدين بن البارزي 580 - 669هـ، 1184 - 1270م إبراهيم بن المسلم بن هبة الله، العلامة قاضي القضاة شمس الدين بن البارزي الجهني الحموي الشافعي، أحد الأئمة الفضلاء. مولده سنة ثمانين وخمسمائة بحماه، قرأ على الكندي، وصحب الفخر بن عساكرويه تفقه ويغيره، وبرع في المذهب، وأعاد ودرس بالرواحة، وولي قضاء حماة بضع عشرة سنة، وحمدت سيرته، وكان فيه دين وورع، وله شعر جيد، وهو والد قاضي القضاة نجم الدين عبد الرحيم. ومن شعره ينعت دمشق: دمشق لها منظر رائق ... فكل إلى وصلها تائق فأنى يقاس بها بلدة ... أبى الله والجامع الفارق الجزء: 1 ¦ الصفحة: 176 وقد ذكر قاضي القضاة شمس الدين هذا، القاضي علاء الدين بن خطيب الناصرية في تاريخه المنتخب في تكملة تاريخ حلب، وسماه إبراهيم بن هبة الله، انتهى. قلت: وكانت وفاته سنة تسع وستين وستمائة، رحمه الله تعالى. الجعبري المعتقد 687هـ، 1288م إبراهيم بن معضاد بن شداد بن ماجد، الشيخ الزاهد المعتقد برهان الدين، وقيل تقي الدين الجعبري. قال الإمام صلاح الدين خليل بن أيبك. أخبرني الشيخ الإمام العلامة أثير الدين أبو حيان من لفظه قال: رأيت المذكور بالقاهرة، وحضرت مجلسه أنا والشيخ نجم الدين بن مكي، وجرت لنا معه حكاية، وكان يجلس للعوام يذكرهم ولهم فيه اعتقاد، وكان يروي شيئا من الحديث، وله مشاركة في أشياء من العلم وفي الطب، وأنشد له قصيدة أذكر منها القليل وهو: الجزء: 1 ¦ الصفحة: 177 عشقوا الجمال مجردا بمجرد ال ... روح الزكية عشق من زكاها متجردين عن الطباع ولؤمها ... متلبسين عفافها وتقاها انتهى كلام صلاح الدين. وقال غيره: ولما مرض الشيخ إبراهيم الجعبري مرض موته أمر أن يخرج به حيا إلى مكان مدفنه الآن، ظاهر القاهرة بالحسينية، فلما وصل الشيخ إلى القبر المعد له، قال له: قبير جاك دبير. وتوفي بعد ذلك بيوم أو يومين سنة سبع وثمانين وستمائة، وقبره معروف يقصد للزيارة. وقال الحافظ أبو عبد الله الذهبي: روي عن الساوي، وكتب عنه البرزالي، ولأصحابه فيه مغالاة وعقيدة، كل من يعرفه يعظمه ويثني عليه، وعليه مأخذ في عباراته، جاوز الثمانين بسنوات، انتهى كلام الذهبي. رحمه الله تعالى. برهان الدين الإبناسي الشافعي 725 - 802هـ، 1324 - 1399م إبراهيم بن موسى بن أيوب، الشيخ الإمام العلامة برهان الدين الإيناسي الشافعي. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 178 مولده سنة خمس وعشرين وسبعمائة تقريبا، حدث عن الوادي آشي بالموطأ رواية يحيى بن يحيى، وبكتاب التيسير في القراءات للداني، وحدث عن أبي نعيم الاسعردي، وأبي الفتح الميدومي، وأبي عبد الله محمد بن إسماعيل بن الملوك، وعن ابن أميلة وعن ابن إسماعيل المأموني، وتفقه بالشيخ جمال الدين عبد الرحيم الاسنائي، والشيخ ولي الدين الملوي، وبرع في الفقه والأصول والعربية، وتصدى للإفتاء والتدريس عدة سنين، وانتفع به كثير من الطلبة، وبني له زاوية بالمقسم خارج القاهرة، وانقطع إليه فيها جماعة من الطلبة، وكان يعود عليهم بالبر، وكان يكثر من الحج، وعرض عليه القضاء بالديار المصرية فامتنع واختفى إلى أن وليه قاضي القضاة بدر الدين محمد بن أبي البقاء، وولي مشيخة خانقاة سعيد السعداء، وكان لين الجانب بشوشا متواضعا، دينا. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 179 مات بطريق الحجاز وهو عائد من الحج في يوم الأربعاء ثامن المحرم سنة اثنتين وثمانمائة بمنزلة كفافة، فحمل إلى المويلحة فغسل وكفن وصلى عليه يوم تاسوعاء، وحمل إلى عيون القصب. فدفن هناك. قاضي القضاة برهان الدين بن نصر الله الحنبلي 768 - 802هذا -، 1366 - 1399الإمام إبراهيم بن نصر الله بن أحمد بن محمد بن أبي الفتح بن هاشم بن إسماعيل بن إبراهيم بن نصر الله بن أحمد، قاضي القضاة برهان الدين أبو إسحاق بن قاضي القضاة ناصر الدين الحنبلي العسقلاني قاضي قضاة الديار المصرية. كان مشكور السيرة، محمود الطريقة، ولد آخر شهر رجب سنة ثمان وستين وسبعمائة بالقاهرة، وبها نشأ وبفقه بجماعة وناب في الحكم عن أبيه، ثم استقل بوظيفة القضاء بعد موت والده في يوم الخميس ثاني عشرين شعبان سنة خمس وتسعين وسبعمائة، وعمره سبع وعشرون سنة، وحمدت سيرته لعفته الجزء: 1 ¦ الصفحة: 180 ولصيانته ولدينه مع الشهامة والمهابة والتواضع وبشاشة الوجه، واستمر قاضيا إلى أن توفي في يوم السبت ثامن شهر ربيع الأول سنة اثنتين وثمانمائة، رحمه الله. ولي بعده أخوه موفق الدين أحمد بن نصر الله. يأتي ذكره في موضعه إن شاء الله تعالى. الأمير جمال الدين بن المهمندار687هـ، 1288م إبراهيم بن نهار، الأمير جمال الدين اللخمي الصالحي المصري. كان أميرا فاضلا، ذا هيئة حسنة وسيرة محمودة، وولي المهمندارية في الأيام الصالحية، وكان ابن قاضي دارا ناظر البيوت، وهو مذموم الطريقة والسمعة، الجزء: 1 ¦ الصفحة: 181 وكان بينهما وقفة، فعلم البزدارية الطيور الطعم على عمامة ابن قاضي دارا المذكور، ثم أرسلوا الجوارح عليه إلى أن كاد يهلك. وكان الأمير جمال الدين هذا ينهى ابن قاضي دارا من التعرض إليهم والوقوف في طريقهم، وكان الأمير جمال الدين له همة عالية ويندبه الملك الظاهر للمهمات، وأرسله مرة لعمارة جسر دامية وجرت له في عمارته عجيبة لأن الشريعة كان بها مياه عظيمة، وكان له وللولاة وللآلات عدة شهور ينتظرون العمل فلا يتمكنون من كثرة الماء فلما كان في بعض الليالي وقع فيها تل من تلالها فانقطع الماء، وتوجه شخص ليشرب من الشريعة فلم يجد بها قطرة من الماء، فعاد وأعلم الأمير جمال الدين فقام من وقته بالمشاعل وحفر الركائز، وبناها إلى أن فرغ منها وعاد الماء وجرى على عادته. ولما تولى الملك الصالح بن قلاوون بعد أبيه رتب الأمير جمال الدين استدارا إلى أن توفي والملك الصالح معافى سنة سبع وثمانين وستمائة. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 182 نور الدين الإسنائي 721هـ، 1321م إبراهيم بن هبة الله بن علي، القاضي نور الدين الإسنائي الحميري الشافعي. أحد الفقهاء الأعيان، قرأ الفقه على الشيخ بهاء الدين هبة الله بن عبد الله القفطي، وغيره، والأصول على الشيخ شمس الدين محمد بن محمود الأصبهاني والنحو على الشيخ بهاء الدين ابن النحاس، واختصر الوسيط، وصحح ما صححه الرافعي، واختصر الوجيز، وشرح المنتخب، ونثر ألفية ابن مالك وشرحها، وتولى القضاء بعدة أقاليم من قرى مصر. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 183 قال الشيخ كمال الدين جعفر الإدفوي: وكان حسن السيرة، جميل الطريقة، صحيح العقيدة، قال لي: أردت أن أقرأ على الشيخ شمس الدين الأصبهاني فلسفة فقال، حتى تمتزج بالشرعيات امتزاجا جيدا، وقرأ على الشيخ نجم الدين عبد الوحمن بن يوسف الأصفوني الجبر والمقابلة، وقرأ الطب على الحكيم شهاب الدين المغربي، ومازال مشتغلا إلى أن توفي بالقاهرة سنة إحدى وعشرين وسبعمائة، من طلوع طلع بعنقه، رحمه الله. برهان الدين الرشيدي 673 - 749هـ، 1274 - 1348م إبراهيم بن لاجين بن عبد الله، الشيخ برهان الدين الرشيدي، خطيب جامع أمير حسين بحكر جوهر النوبى خارج القاهرة. مولده سنة ثلاث وسبعين وستمائة، كان فقيها فاضلا، أخذ القراءات عن الشيخ تقي الدين بن الصائع، وقرأ الفقه على الشيخ علم الدين العراقي، والأصول على الشيخ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 184 تاج الدين البارنباري، والفرائض على الشيخ شمس الدين الدارندي، والنحو على الشيخ بهاء الدين بن النحاس، والعلم العراقي، وعلى الشيخ أثير الدين أبي حيان، والمنطق على سيف الدين البغدادي، وحفظ الحاوي والجزولية والشاطبية، وبرع وتصدر وأقرأ أصول ابن الحاجب وتصريفه والتسهيل، وغير ذلك، وكان يدري الطب والحساب، ويصنف الخطب، وله نظم، وهو غير مشهور، وكان على قراءاته في المحراب وخطابته روح، ولهما وقع في النفوس. وكان مشهورا بالصلاح والدين والتواضع، وسلامة الباطن، وقرأ عليه جماعة وتخرجوا به، وعرض عليه سنة خمس وأربعين وسبعمائة خطابة المدينة وقضاؤها فامتنع ولم يوافق بعد ما اجتمع بالسلطان وولاه، ثم نزل وأقام بالقاهرة إلى أن توفي يوم الثلاثاء تاسع عشرين شوال سنة تسع وأربعين وسبعمائة، رحمه الله تعالى. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 185 أبو إسحاق النجيبي 663هـ، 1264م إبراهيم بن يحيى بن موسى، الشيخ الإمام العلامة أبو إسحاق النجيبي التلمساني الفقيه المالكي العدل. كان عالما بارعا صالحا، صنف في شرح الخلاف كتابا نفيسا في عدة مجلدات، ودرس وأفتى وأقرأ، وانتفع به الطلبة، ولم يزل على ذلك إلى أن توفي سنة ثلاث وستين وستمائة، رحمه الله تعالى. أبو إسحاق الأميوطي 570 - 656هـ، 1174 - 1258م إبراهيم بن يحيى بن أبي المجد، الشيخ الإمام أبو إسحاق الأميوطي الشافعي. مولده في حدود السبعين وخمسمائة، ولي القضاء بالأعمال، وأفتى ودرس، وكان من كبار الأئمة مع تواضع وخير ودين وإيثار للفقراء، وكان فيه لطف شمائل، وله نظم ونثر. توفي سنة ست وخمسين وستمائة. تقدم الكلام على أميوط أنها قرية بالغربية من أعمال القاهرة، رحمه الله تعالى. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 186 الوزير مؤيد الدين الشيباني 594 - 658هـ، 1197 - 1259م إبراهيم بن يوسف بن عبد الواحد، الوزير مؤيد الدين أبو إسحاق الشيباني القدسي ثم المصري المعروف بابن القفطي، أخو الصاحب جمال الدين المؤرخ، ولي الوزير بعد أخيه الأكرم توفي سنة ثمان وخمسين وستمائة. الغانمي 699 - 741هـ، 1291 - 1340م إبراهيم بن يونس بن موسى بن علي الغانمي البعلبكي: كان إماما فاضلا، رحل وسمع وجاور بمكة، وكان جيد القراءة فصيحا، الجزء: 1 ¦ الصفحة: 187 وفيه تودد وحسن صحبة للناس. ولما توجه إلى الحجاز سمع وعلق مشيخة عصره كثيرة الفوائد وغيرها، وكان له نظم. توفي سنة إحدى وأربعين وسبعمائة بدمشق، رحمه الله تعالى. المعمار 749هـ، 1348م إبراهيم الحائط، وقيل الحجار، الأديب الظريف المعروف بغلام النوري المصري. قال الشيخ صلاح الدين الصفدي: عامي مطبوع تقع له التوريات المليحة المتمكنة المطبوعة الجيدة لا سيما في الأزجال والبلاليق بحيث أنه في ذلك غاية لاتدرك، أما في المقاطع الشعرية فإنه يقعد به عنها مراعاة الإعراب وتصريف الأفعال، ولكنه قليل الخطأ، كتب إلي عند ورودي إلى القاهرة سنة خمس وأربعين وسبعمائة: الجزء: 1 ¦ الصفحة: 188 وافى صلاح الدين مصرا فيا ... نعم خليل حلها بالفلاح فليهنها الإقبال إذ أصبحت ... بالملك الصالح دارا لصلاح وله أيضا: وصاحب أنزل بي صفعة ... فاغتظت إذ ضيع لي حرمتي فقال في ظهرك جاءت يدي ... فقلت: لا والعهد في رقبتي وله أيضا: أيرى إذا ندبته ... لحاجة تختص بي قام لها بنفسه ... ما هو إلا عصبي وله وفيه لحن ظاهر: لثمت عذار محبوبي الشرابي ... فقل تركت لثم الخد عجبا حفظت اليانسون كما يقولوا ... ورحت تضيع الورد المربا قلت: وما أورده الصفدي هو الرديء من شعره فله أحسن من ذلك، مثل قوله: الجزء: 1 ¦ الصفحة: 189 لابن فضل الله فضل ... غمر الفضل ووفى كيف لا وهو على ... علم السر وأخفى وله أيضا: إن قام يتلو سورة الشم ... س المنير في ضحاها يا حسنة فكأنه القم ... ر المنير إذا تلاها وله أيضا: وخادم قبلت مشروطه ... في خده لكن رأيت العجب من ناعم حلو فناديته ... ما أنت يا مشروط إلا رطب وله أيضا: كلفني بطباخ تنوع حسنه ... ومزاجه للعاشقين يوافق لكن مخافي من جفاه وقد غدت ... منه قلوب في الصدور خوافق وله أيضا: قلت له لما وفى موعدي ... مختفيا من حاسد معتدي رب كما فرّحتني بالوفا ... أسبل علية الستر ياسيدي وله في مشهب: هويته مشببا ... جماله برّج بي تيم قلبي بالحج ... از من عيون القصب الجزء: 1 ¦ الصفحة: 190 وله في الوزير ابن زنبور: ذا ابن زنبور الصاحب ... في الناس يا مقوي أسمه يا ترى زنبور إيش كان ... زنبور أبوه واَّلا أمَّه قلت: وديوان شعره مشهور، وهو في غاية الظرف والرقة، وكان سريع البديهة، يحكي عنه أنه نزل إلى مركب هو وجماعة في أصحابه قاصدين الآثار الشريف، فقعد في المركب وأسند ظهره إلى المقداف، وكان المقداف قريب العهد من البياض، فلما أقلعوا كان المعمار ظهره إلى الشمس، وكان عليه ملوطة مصقولة رفيعة، فحميت الشمس على المقداف فساح الزفت فالتصقت ملوطة المعمار بالمقداف، فلما مالت الشمس جف الزفت على الملوطة، فلما وصلوا إلى الآثار الشريف الجزء: 1 ¦ الصفحة: 191 قاموا مسرعين بوهجة، فقام المعمار أيضا بوهجة، فانشرطت الملوطة إلى الذيل، فأنشد بديها: أفّو عليك مقداف أفو ... قد وصل أذاك اليَّا بالسواد بيضت وجهك ... وتفض زفتك عليا وقد أضربنا عن كثير من نظمه خوف الإطالة، ولكثرة وجود ديوان شعره وتداوله بين الناس. توفي سنة تسع وأربعين وسبعمائة بالقاهرة، عفا الله عنه. برهان الجند بوشي 720هـ، 1320م إبراهيم الدهستاني الجند بوشي، الشيخ الصالح المعتقد الدمشقي الدار والوفاة. كان لأهل دمشق فيه إعتقاد حسن، توفي بدمشق بزاويته المعروفة به في سنة عشرين وسبعمائة، وكانت جنازته مشهودة، رحمه الله تعالى. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 192 سعد الدين بن المرة 844هـ، 1440م إبراهيم سعد الدين الشهير بابن المرة. كان من جملة الكتبة بالدار المصرية، وخدم في عدة جهات إلى أن ولي نظر الديوان المفرد في الدولة الأشرفية برسباي، فلم ينتج أمره، وعزل وولي نظر بندر جدة مرارا عديدة، ثم تعطل وتخومل سنين قبل موته، وترك المباشرة، بل هي تركته. ولزمه ديوان حبس من أجلها مدة احتاج فيها إلى سؤال الناس، وكان عنده كرم مع سرف، ويحب الفخر، ولم يزل فقيرا إلى أن توفي يوم الخميس عاشر شهر ربيع الآخر سنة أربع وأربعين وثمانمائة، رحمه الله، ومات وهو في عشر السبعين تقريبا. جمال الكفاة 745هـ، 1344م إبراهيم القاضي جمال الدين، المعروف بجمال الكفاة، ناظر الخاص، ثم ناظر الدولة. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 193 قال الشيخ صلاح الدين الصفدي: كان ابن خالة القاضي شرف الدين النشو وهو الذي استسلمه واستخدمه مستوفيا في الدولة، ثم استخدمه عند الأمير بشتاك، فلبث عنده مدة، ثم وقع بينهما العداوة الصعبة على سوء ظن من النشو، ولم يزالا على ذلك إلى أن مات النشو تحت العقوبة، وولى السلطان الخاص لجمال الكفاة هذا ونظر الجيش معا، ولم يتفق هذا لغيره، ولم يزل في عز وجاه وتمشية حال إلى أن توفي السلطان الملك الناصر محمد وتولى الملك المنصور أبو بكر وهو على ذلك. - ثم خلع المنصور وولى الأشرف كجك وهو على ذلك -، وأحبه الأمير سيف الدين قوصون، وبالغ في إكرامه، ثم حضر الناصر أحمد من الكرك واستمر به على حاله في الوظائف وأخذه معه إلى الكرك، وأقام عنده إلى أن تولى الصالح الجزء: 1 ¦ الصفحة: 194 إسماعيل، وبقي مدة ووظائفه ليس بهما أحد لغيبته مع السلطان بالكرك، ثم تولى القاضي مكين الدين بن قروينة نظر الجيش، وجعل أخو جمال الكفاة في الخاص ليسده إلى أن يحضر، فلما حضر جمال الكفاة من الكرك تسلم وظيفتيه الجيش والخاص، وبقي مدة، وأضيف إليه نظر الدولة أيضا، وصار هو عبارة عن الدولة، ثم أمسك، وحمل شيئا في الليل، وأفرج عنه، وخلع عليه، وأعيد إلى وظائفه، ثم أمسك وفعل كالمرة الأولى، ثم أفرج عنه وخلع عليه، وتمكن من السلطان الصالح إسماعيل وعظم عنده، وكتب له الجناب العالي ولم تكتب لغيره من أبناء جنسه، ثم إنه رسم أنه بإمرة مائة وتقدمة وأن يلبس الكلفتاه، ويلعب بالكرة، فما كان إلا وهو في هذا الشأن هل يقبل أولا، حتى عمل عليه وأمسك هو وجماعته موفق الدين وغيره من مباشري الدولة، فظنها كالمرة الأولى، فضرب بالمقارع هو وولده إلى أن مات تحت العقوبة ورمى بأشياء عظيمة. والله أعلم بحقيقتها. وكانت موتته، رحمه الله، في أوائل صفر سنة خمس وأربعين وسبعمائة، أو في أواخر المحرم، كما مات النشو، وكان القاضي جمال الدين المذكور شكلا حسنا ظريفا، الجزء: 1 ¦ الصفحة: 195 مليح الوجه، - يكتب خطا - قويا جيدا، ويتحدث بالتركي، وفيه ذوق للمعاني الأدبية، ومحبة للفضلاء، وعشرة لطيفة، وكرم أخلاق ومروءة، وكان في أول أمره عند الأمير علم الدين طيبغا القاسمي، ومدة مباشرته الخاص إلى أن مات ست سنين تقريبا بل تحقيقا، لأن النشو أمسك في صفر سنة أربعين وولى جمال الكفاة مكانه، وسلك غير مسلك الجماعة من كتاب الحساب في إقتناء المماليك الأتراك على طريقة كريم الدين الكبير، وما علَّم أحد على المناشير أحسن من علامته ولا أقوى ولا أكبر، انتهى كلام الصفدي. قلت: لم يدع الشيخ صلاح الدين من ترجمة المذكور لغيره شيئا، رحمه الله تعالى. ابن الشهري 790هـ، 1388م إبراهيم بن شهري، الأمير صارم الدين الكردي الأصل التركماني نائب دَورَك. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 196 كان مشهورا بالشجاعة والإقدام، قتل في واقعة سيواس سنة تسعين وسبعمائة رحمه الله تعالى. أبرك الظاهري 796هـ، 1393م أبرك بن عبد الله الظاهري، الأمير سيف الدين، نسبته إلى معتقه الملك الظاهر أبي سعيد برقوق العثماني. كان المذكور من جملة أمراء الطبلخاناة وشاد الشراب خاناة في دولة أستاذه الظاهر برقوق، ولما تجرد الملك الظاهر برقوق في سنة ست وتسعين وسبعمائة إلى البلاد الشامية كان الأمير أبرك هذا في جملة الأمراء المجردين، فحصل له في أثناء الطريق توعك، وركب المحفة السلطانية إلى أن توفي بدمشق ودفن بها في السنة المذكورة، وأنعم بإمرته ووظيفته على الأمير سودون المارديني الظاهري، أحد أمراء العشراوات. وكان أبرك المذكور مشكور السيرة بالنسبة إلى غيره من أبناء جنسه، رحمه الله تعالى. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 197 أبرك الجكمي قبل 840هـ، 1436م أبرك بن عبد الله الجكمي، الأمير سيف الدين، أحد أمراء - الطبلخاناة - دمشق. أصله من مماليك الأمير جكم من عوض المتغلب على حلب، وتنقل أبرك هذا في الخدم، بعد أن قتل أستاذه المذكور إلى أن صار في الدولة الأشرفية برسباي من أعيان الخاصكية، ثم نقل إلى إمرة طبلخاناة بدمشق، فدام بها إلى أن توفي قبيل الأربعين وثمانمائة، فيما أظن. وكان مهملا مسرفا على نفسه، لم أذكره هنا إلا لغرابة اسمه، انتهى. وأبرك: بألف وباء ثانية الحروف ساكنة وراء مهملة مفتوحة وكاف. أبغا بن هولاكو 680هـ، 1281م أبغا بن هولاكو بن جنكز خان، القان ملك التتار. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 198 - أستولى على الممالك التركية بعد موت أبيه، وكان على مذهب التتار - واعتقادهم، ولما كان سنة خمس وسبعين وستمائة قصد أبغا المذكور التوجه إلى البلاد الشامية ووصل إلى أبلستين، فلما شارف المعركة ورأى القتلى بكى، ثم قصد منزلة الظاهر بيبرس فقاسها بعصاة الدبوس، فعلم عدة من كان فيها من العساكر فأنكر على البرواناه كونه لم يعرفه بجلية أمرهم، فأنكر أن يكون عنده علم منهم فلم يقبل منه هذا العذر وحنق عليه، وقال: تحققت ما قالوا أن لك باطنا مع صاحب مصر، ثم بعث بأكثر عسكره إلى الشام، وكان أيبك الشيخي قد هرب قبل تاريخه من الملك الظاهر وقدم على أبغا فجعله على اليزك. فلما توجه أبغا إلى نحو البلاد الشامية عاد أيبك الشيخي معه، فقال أبغا: أرني مكان القلب والميمنة والميسرة من عسكرهم، فأوقف له في كل منزلة رمحا، فلما رأى أبغا بعد ما بين الرماح قال: ما هذا عسكر قليل، هذه الثلاثون ألفا الذين جاؤا معي لا يلقون هذا العسكر، ثم أرسل إلى العسكر الذي توجه إلى كينوك وطلبه. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 199 ثم بلغه أن الملك الظاهر بالشام مهتم بلقائه، وكان أكثر خيله وأصحابه قد تفرقوا عنه، فرأى في نفسه الضعف، فرد إلى قيصرية وعزم على قتل من في قيصرية من المسلمين، فاجتمع إليه القضاة والفقهاء وقالوا: هؤلاء رعية لا طاقة لهم بدفع عسكر، وهم مع الزمان في طاعة ملكهم، فلم يقبل أبغا منهم ذلك، وأمر بقتل جماعة من أهل البلد وقاضي القضاة جلال الدين حبيب، فقتل من الرعية ما يزيد على مائتي ألف، وقيل خمسمائة ألف من فلاح إلى عام وجندي، من قيصرية إلى أرزن الروم وما بينهما، ورجع إلى بلاده إلى أن توجه أخوه منكوتمر إلى الشام بالعساكر، ولم يكن قدوم منكوتمر إلى الشام برأيه بل أشير عليه فوافق، ونزل ذلك الوقت بالرحبة في جماعة من خواصه المغل ينتظر ما يكون من أمر أخيه منكوتمر فلما تحقق الكسرة رجع على عقبه إلى همدان، فمات بهمدان في سنة ثمانين وستمائة. ملكا شجاعا مقداما عالي الهمة خبيرا بالحروب ذا رأي وعزم وحزم، ولم يكن بعد والده مثله. انتهى. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 200 باب الألف والحاء المهملة قاضي القضاة شمس الدين السروجي 637 - 710هـ، 1239 - 1310م أحمد بن إبراهيم بن عبد الغني بن أبي إسحاق، العلامة قاضي القضاة شمس الدين أبو العباس السروجي الحنفي، قاضي قضاة الحنفية بالديار المصرية. مولده بثونة: بليدة من عمل سروج، في سنة سبع وقيل تسع وثلاثين وستمائة، وقرأ الفقه على جماعة من العلماء الأعيان منهم قاضي القضاة صدر الدين سليمان بن أبي العز وهيب، وعلي ابن أبي الطاهر إسحاق وغيرهما، وسنده في الفقه في طبقته، الجزء: 1 ¦ الصفحة: 201 قرأ على الإمام صدر الدين سليمان عن الشيخ جمال الدين محمود الحصيري عن الإمام فخر الدين الحسن بن منصور قاضي خان عن الإمام ظهير الدين الحسن بن علي بن عبد العزيز المرغيناني عن الإمام سراج الأيمة برهان الدين عبد العزيز بن مازة، وشمس الدين محمد جد قاضي خان، كلاهما عن شمس الأئمة السرخسي عن الإمام أبي محمد عبد العزيز الحلواني عن أبي علي الحسن بن خضر النسفي عن الإمام أبي بكر محمد بن الفضل البخاري عن الإمام أبي حفص الكبير عن أبيه أبي حفص الجزء: 1 ¦ الصفحة: 202 الكبير عن محمد بن الحسن عن الإمام الأعظم رأس المجتهدين أبي حنيفة النعمان بن ثابت رضي الله عنه. انتهى. قال الحافظ أبو عبد الله الذهبي في ذيل تاريخ الإسلام: الإمام الأوحد القاضي وشيخ المذهب أحمد بن إبراهيم بن عبد الغني السروجي الحنفي صاحب التصانيف المفيدة. كان أحد الفقهاء الأذكياء، وتواليفه دالة على ذلك، عاش ثلاثا وسبعين سنة، عزله السلطان من الحكم لا لنقص فيه بل لقيامه في دولة الجاشنكير لما تسلطن، فصرف، وطلب ابن الحريري من دمشق فولي مكانه، واتفق أن السروجي جاءه الأجل بعد عزله بأيام قليلة دون الشهر. وكان نبيلا وقورا، كثير المحاسن. توفي في الثاني والعشرين من شهر ربيع الآخر يعني سنة عشر وسبعمائة، انتهى كلام الذهبي، رحمه الله. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 203 وقال الإمام أحمد بن مكتوم القيسي الحنفي ما معناه: اتفق عزل قاضي القضاة شمس الدين رحمه الله بابن الحريري في يوم الأحد رابع شهر ربيع الآخرة وابتدأته مرضة الموت في يوم الأربعاء، وتوفى يوم الخميس الثاني والعشرين من الشهر المذكور وذلك في سنة عشر وسبعمائة، ودفن من يومه، رحمه الله، وصلى عليه قاضي القضاة بدر الدين محمد بن جماعة الشافعي، وهو يومئذ معزول بجمال الدين الزرعي، وكان الجمع عظيما إلى الغاية، انتهى كلام ابن مكتوم، رحمه الله. وقال الحافظ عبد القادر في طبقاته: تولى القضاء بمصر، يعنى أول ولايته، بعد قاضي القضاة معز الدين نعمان بن الحسن، فلما تسلطن الملك المنصور لاجين. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 204 عزله بقاضي القضاة حسام الدين، فلما قتل لاجين أعيد إلى أن حضر السلطان الملك الناصر محمد بن قلاوون من الكرك فعزله بقاضي القضاة شمس الدين محمد ابن الحريري، أشخصه من دمشق فقدم إلى مصر في رابع عشر ربيع الأخر سنة عشر وسبعمائة، ومات بالمدرسة السيوفية بالقاهرة في يوم الخميس ثاني عشرين شهر رجب الفرد سنة عشر وسبعمائة. قلت: الأقوال متفقة على السنة واليوم من وفاته، وخالف الحافظ عبد القادر في الشهر، والله أعلم. ثم قال: ودفن بتربته بقرافة مصر جوار قبر الإمام الشافعي رضي الله عنه. وكان مشاركا في علوم، وجمع وصنف، وأفتى ودرس، ووضع كتابا على الهداية سماه الغاية ولم يكمله، ثم قال الحافظ عبد القادر في أثناء ترجمته: فائدة اتفاقية اعتبارية لم يجر مثلها قط: في سنة بمصر - أعني سنة عشر وسبعمائة - مات سلطان مصر، وقاضيها إمام الحنيفة، ومفسرها، والمتكلم على القلوب، وواعظها، وشيخ شيوخها، وإمام الشافعية، ومحتسبها، وناظر جيشها، وأديبها: في ذي القعدة قتل السلطان الملك المظفر بيبرس، وفي رجب توفي قاضي القضاة صاحب الترجمة، وفي تاسع ذي القعدة مات الإمام عز الدين عبد العزيز الجزء: 1 ¦ الصفحة: 205 بن عبد الجليل النمراوي. وفي ثالث عشر جمادى الآخرة توفي الإمام تاج الدين أبو العباس احمد بن محمد بن عطاء الله بن عبد الكريم بن الحسن المالكي، له الكلام الفائق. وفي سادس شهر شعبان توفى الشيخ الواعظ نجم الدين العبري. وفي يوم الجمعة سادس شوال توفى شيخ الشيوخ كريم الدين عبد الكريم بن الحسن بن أبي بكر الأملي بخانقاه سعيد السعداء، وفي ليلة الجمعة ثامن عشر رجب توفى إمام الشافعية نجم الدين أبو العباس أحمد بن الرفعة، وفي مستهل جمادى الآخرة توفي القاضي بدر الدين حسن بن نصر الأسعردى المحتسب، وفي ليلة عاشر شوال توفى القاضي بهاء الدين أبو محمد عبد الله بن احمد بن علي بن المظفر بن الحلي ناظر الجيوش حدث عن النجيب، وفي الثاني والعشرين من جمادى الآخرة توفى الإمام الأديب شمس الدين أبو عبد الله محمد بن دانيال بن يوسف بن معتوق الخزاعي الموصلي. انتهى كلام الحافظ عبد القادر، رحمه الله. قلت: يأتي ذكر هؤلاء في هذا الكتاب مبسوطا في محلهم إن شاء الله تعالى. وبثونة خربت مع سروج في آخر سنة ثلاث عشرة وسبعمائة. انتهى. شهاب الدين بن البارزي 755هـ، 354م أحمد بن إبراهيم بن المسلم بن هبة الله بن حسان بن محمد بن منصور بن أحمد، الجزء: 1 ¦ الصفحة: 206 القاضي شهاب الدين بن قاضي القضاة شمس الدين الجهني الحموي، الشهير بابن البارزي، ناظر الأوقاف بدمشق. كان فقيها فاضلا رئيسا، من بيت علم وفضل. توفى بدمشق في سنة خمس وخمسين وسبعمائة، تقدم ذكر والده في محله، ويأتي ذكر جماعة من أحفاده وأقاربه في محلهم إن شاء الله. ابن العماد المقدسي 608 - 688هـ، 1211 - 1289م أحمد بن إبراهيم بن عبد الواحد بن علي بن سرور بن الشيخ العماد المقدسي الصالحي. مولده سنة ثمان وستمائة، وسمع من ابن الحرستاني، وابن ملاعب وأبيه الشيخ الموفق، وطائفة، ورحل إلى بغداد متفرجا، وسمع من عبد السلام الجزء: 1 ¦ الصفحة: 207 الداهري، وعمر بن كرم، واشتغل أولا اشتغالا جيدا، ثم انخلع من ذلك وتجرد فقيرا، وكان سليم الباطن عديم التكلف والتصنع، وفيه تعبد وزهد، وله أتباع ومريدون، وللناس فيه عقيدة حسنة، ويتردد إليه جماعة كثيرة، وكان الصاحب بهاء الدين بن حنا يزوره ويتفقده. قال الذهبي: إلا أنه كان يأكل عشبة الفقراء فيما قيل ويقول: هي لقمة الذكر والفكر، وربما صحب الحريري، وسمع منه الحافظ المزي والبرزالي، وأقام مدة بزاويته بسفح قاسيون، وكف بصره، انتهى كلام الذهبي، عفا الله عنه. قلت: وكانت وفاته بدمشق سنة ثمان وثمانين وستمائة، ودفن يوم عرفة، رحمه الله تعالى. قاضي القضاة شهاب الدين بن الصالحي 772هـ، 1370م أحمد بن إبراهيم بن عمر، قاضي القضاة شهاب الدين الصالحي الحنفي، قاضي القضاة بالإسكندرية. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 208 كان إماما فقيها، عارفا بالأصول والفقه والفروع، أقام بحلب ثلاثا وثلاثين سنة، وهو مشكور السيرة، محببا إلى أهل بلده لعفته ولدينه، ولغزير علمه، ثم طلب إلى الديار المصرية فلبث بها مدة يسيرة، وولي قضاء الإسكندرية مسؤولا في ذلك، فتوجه إليها وباشر الحكم بها إلى أن توفي سنة اثنتين وسبعين وسبعمائة، وقد قارب السبعين، رحمه الله تعالى. علم الدين القمني الضرير 620 - 686هـ، 1223 - 1287م أحمد بن إبراهيم بن جعفر بن أحمد بن هشام بن يوسف، الشيخ علم الدين الأموي البهنسي القمني، الفقيه المفتي الضرير. ولد سنة عشرين وستمائة، وقرأ، واشتغل، وبرع، وأفتى، وكان تكتب الجزء: 1 ¦ الصفحة: 209 عنه الفتوى، وأعاد بالظاهرية بالقاهرة، وروى عن ابن الجميزي وغيره، وكان له فضل ومشاركة في الفقه والنحو والأصول، وكان في الحفظ آية، يحفظ السطور الكثيرة والأبيات من سماعها مرة واحدة، وكان يقعد يوم الجمعة تحت الخطيب فيحفظ الخطبة، إلا أنه كان لا يثبت حفظه الذي من مرة واحدة، وكان فيه صلاح وديانة، وله أدب ونظم. توفي بالقاهرة في سنة ست وثمانين وستمائة، رحمه الله. ابن العارف 640 - 711هـ، 1242 - 1311م أحمد بن إبراهيم بن عبد الرحمن، الشيخ الإمام القدوة عماد الدين بن العارف شيخ الحزامية الواسطي الشافعي الصوفي، نزيل دمشق. مولده في حدود الأربعين وستمائة، وتفقه وتأدب، وكتب الخط المنسوب، الجزء: 1 ¦ الصفحة: 210 وتجرد، ولقي المشايخ وتزهد، وصنف في السلوك والمحبة، وشرح منازل السائرين، واختصر السيرة لابن إسحاق، ودلائل النبوة، وكان يتبلغ من نسخه لا غير. قال الحافظ شمس الدين محمد الذهبي رحمه الله: جالسته مرارا وانتفع به وكان منقبضا عن الناس، حافظا، يسلك به جماعة، وكان ذا ورع وإخلاص، ومنابذة للاتحادية وذوي العقول، وله نظم، وعاش بضعا وسبعين سنة، وتوفي بالبيمارستان الصغير في سنة إحدى عشرة وسبعمائة، ودفن بسفح قاسيون، رحمه الله تعالى. شهاب الدين العينتابي 767هـ، 1365م أحمد بن إبراهيم بن أيوب، العلامة شهاب الدين العينتابي الحلبي الحنفي، قاضي العسكر بدمشق. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 211 نشأ بحلب، وتفقه على علماء عصره وبرع في الفقه والأصول والعربية، وشارك في عدة علوم، وتصدر للإفتاء والتدريس والتصانيف، ثم قدم دمشق وولي بها قضاء العسكر، وأكب على الإشغال والاشتغال، وانتفع به الطلبة. ومن مصنفاته شرح مجمع البحرين في الفقه في عشر مجلدات، وسماه المنبع في شرح المجمع، وشرح المغني في الأصول، وغير ذلك. وكان دينا خيرا عفيفا، توفي بدمشق في سنة سبع وستين وسبعمائة، وقد أناف على الستين، رحمه الله. ابن الزبير المقرئ 726 - 807هـ، 1229 - 1308م أحمد بن إبراهيم بن الزبير بن محمد بن إبراهيم بن الزبير بن عاصم، الإمام العلامة المقرئ الحافظ البارع المنشئ، عالم الأندلس وصاحب التصانيف. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 212 مولده سنة سبع وعشرين وستمائة، قرأ ببلده، واشتغل، وطلب العلم في صغره، وتلا بالسبع، وبرع وتصدر للإفتاء والتدريس عدة سنين. قال الشيخ صلاح الدين: وتلا بالسبع على الشيخ أبي الحسن علي بن محمد الشاري صاحب ابن الحجري، وعل أبي الوليد إسماعيل بن يحي الأزدي العطار صاحب ابن الحسون الحميري، ومن إسحاق بن إبراهيم الطوسي، بفتح الطاء المهملة، ومحمد بن عبد الرحمن بن جوير، بجيم مشوبه بشين، البلنسي، وأبي إسحاق إبراهيم بن محمد الكماد الحافظ، والوزير أبي يحي عبد الرحمن الجزء: 1 ¦ الصفحة: 213 بن عبد المنعم، وأبي الحسين أحمد بن محمد السراج، والمؤرخ أبي العباس أحمد بن يوسف بن فرتون، وأبي الخطاب محمد بن أحمد بن خليل الكاتب، والقاضي أبي عبد الله محمد بن عبيد الله الأزدي، والقاضي أبي زكريا بن أحمد بن عبد الرحمن بن المرابط الحافظ، وطائفة سواهم، وارتحل إلى بابه العلماء لسعة معارفه. قال الشيخ أثير الدين أبو حيان: كان يحرز اللغة ويعلمني المنطق، كان أفصح عالم رأيته، وكان له صبر على المحن يضحك تبسما، وكان ذكيا عاقلا له اليد الطولى في علم الحديث والقراءات والعربية، ومشاركة في أصول الفقه، صنف فيه وفي علم والكلام والفقه، وله كتب كثيرة وأمهات، انتهى. وقال الحافظ الذهبي: ومن مسموعاته السنن الكبرى للنسائي سمعه من أبي الحسن الشاري سماعه من أبي محمد عبد الله الحجري عن أبي جعفر البطروجي سماعا الجزء: 1 ¦ الصفحة: 214 متصلا، بينه وبين المصنف ستة، وعني بالحديث أتم عناية ونظر في الرجال، وأتقن وجمع، وألف تاريخا للأندلس ذيل به على الصلة لابن بشكوال، وأحكم العربية وأقرأها مدة طويلة، أخذ عنه أبو حيان، وأبو القاسم محمد بن سهل الوزير، وأبو عبد الله محمد بن القاسم بن رمان، والزاهد أبو عمر، وابن المرابط، وأبو القاسم بن عمران السبتي، وخلق كثير في فنون العلم، ومات وله إحدى وثمانون سنة، سنة ثمان وسبعمائة، رحمه الله. صاحب فاس بالمغرب 796هـ، 1393الإمام أحمد بن إبراهيم بن علي بن عثمان بن يعقوب بن عبد الحق، السلطان أبي العباس بن السلطان أبي سالم بن السلطان أبي الحسن المريني، صاحب فاس وملك المغرب، أخرج في ابتداء أمره مع الأبناء إلى طنجة، فاعتقل بها إلى أن بعث ابن الأحمر إلى محمد بن عثمان متولي سبتة يحسن له مبايعة أبي العباس هذا، الجزء: 1 ¦ الصفحة: 215 فركب محمد بن عثمان المذكور من سبتة إلى طنجة وأخرج أبا العباس وبايعه له، وحمل الناس على طاعته، فبايعه غالب أصحاب تلك الممالك، وحمل محمد بن عثمان الأبناء المعتقلين بطنجة كلهم إلى الأندلس، وزحف محمد بن عثمان وأبو العباس هذا إلى فاس، ونزلوا قصر ابن عبد الكريم، ومضى محمد، فبرز إلى أبي العباس الوزير أبو بكر بسلطانه السعيد محمد بن السلطان عبد العزيز بن السلطان أبي الحسن، فاختل مصافه وانهزمت ساقة العسكر من ورائه، ورجع معلولا إلى البلد الجديد واستنصر بالعرب، وزحف أبو العباس مجموعه فبرز لهم الوزير ثانيا فانكسر أيضا، وانحاز إلى البلد، فحصره أبو العباس ووقع له معه حروب، وآخر الأمر ملك أبو العباس مملكة فاس وجعل محمد بن عثمان وزيره، وألقى إليه مقاليد ملكه، وجرت له حوادث يطول شرحها إلى أن مات في المحرم سنة ست وتسعين وسبعمائة بتازي، فاستدعى ابنه أبو فارس فارس عبد العزيز من تلمسان الجزء: 1 ¦ الصفحة: 216 وبويع بتازي، وسار إلى فاس فلم تطل أيامه، ومات، سنة ثمان وتسعين، فقام بعده أخوه أبو سعيد عثمان بن أبي العباس، وقام أبو العباس أحمد بن علي القبائلي بدولته، كما قام بدولة أخوية، حتى قتله أبو سعيد، كما سيأتي في ترجمة كل من أبي سعيد وأبي العباس القبائلي. ابن عرب الصالح المعتقد 830هـ، 1426م أحمد بن إبراهيم بن محمد، الشيخ الإمام العالم الزاهد المعتقد الكبير صاحب الكرامات اليمني الأصل، البرصاوي المولد والمنشأ، المصري الدار والوفاة، الحنفي، الشهير بابن عرب. أحد أفراد الدنيا في الزهد والعبادة والورع، نزيل الخانقاة الشيونية وأحد الصوفية بها، كان والده من اليمن، ثم رحل إلى برصا من بلاد الروم واستوطنها الجزء: 1 ¦ الصفحة: 217 وتزوج بها، فولد له أحمد هذا، ونشأ ببرصا على قدم هائل، ثم قدم إلى القاهرة شابا ونزل بخانقاة شيخو، وطلب العلم فقرأ على إمام الخمس بها خير الدين سليمان بن عبد الله، وعلى غيره. وكان فقيرا جدا، ينسخ للناس بالأجرة ويتقوت بذلك، وهو مكب على طلب العلم، ودام على ذلك مدة طويلة إلى أن استقر من جملة الصوفية بمبلغ ثلاثين درهما في كل شهر، فتعفف بذلك عن النسخ وغيره، وانقطع عن مجالسة الناس والاختلاط بهم، وسكن ببيت بالخانقاة المذكور، وأعرض عن كل أحد، واجتهد في العبادة والعمل، واقتصر على ملبس خشن حقير إلى الغاية، وصار يقنع بيسير القوت، ولا ينزل من بيته إلا لشراء قوته، ثم يعود إلى منزله بالشيخونية، وكان لا ينزل من بيته إلا كل ثلاثة أيام مرة بعد العشاء الآخرة، وكان إذا حاباه أحد من السوقة فيما يشتريه من قوته تركه وما حاباه به، فلما عرف بذلك ترك الباعة المحاباة له، ووقفوا عندما يشير لهم به، وكان لا يقبل من أحد شيئا بحيث أنرجلا دس عليه شيئا في قفته وهو قليل من الموز، والشيخ لا يشعر بذلك، فلما رآه عند طلوعه إلى منزله عاد، ولم يزل بالرجل إلى أن عرفه ورد له الموز المذكور. وكان يغتسل بالماء البارد شتاء وصيفا في بكرة نهار كل جمعة، ويمضي إلى صلاة الجمعة من أول نهار الجمعة، ويأخذ في الصلاة والقراءة وأنواع العبادة حتى الجزء: 1 ¦ الصفحة: 218 تقام الصلاة ويصلي، ثم يعود إلى منزله من غير أن يكلم أحدا، ولا يتجرأ أحد على الكلام معه لهيبته ووقاره وعظم حرمته، ورأيته مرارا عديدة لكنني لا أعرف ما في وجهه حياء منه ومهابة، وكان يطيل قيامه في الصلاة مقدار أن يقرأ في كل ركعة حزبين تقديرا، فيكون تعبده في كل يوم جمعة يعني من حين دخوله إلى الجامع إلى وقت الصلاة مقدار نصف ختمة من غير أن يسمع له قراءة ولا تسبيح، وكان لا يرى نهارا إلا عند ذهابه يوم الجمعة إلى الجامع لا غير، ولا يرى ليلا إلا في كل ثلاث ليال مرة واحدة عند شراء قوته حسبما ذكرناه. وكان له كرامات كثيرة، من ذلك ما أخبرني من أثق به عن بعض أهل الخانقاة أنه اشترى في بعض الأحيان كنافة وصب فوقها خلا، فرآه ذلك الرجل والشيخ لا يشعر به، والشيخ يقول لنفسه: ما تأكلي إلا كنافة؟ كلي، فهجم ذلك الرجل على الشيخ، وكان يعرفه قديما، وقال: أنا آكل معه من هذه الكنافة التي بالخل تبركا، فقال له الشيخ: بسم الله كل يا فلان، فصار الرجل يأكل الكنافة بعسل غاية في الحلاوة، والشيخ يأكل معه إلى أن فرغا معا. ورئي مرة بسطح الخانقاة وقد مد يده وفيها فتات الخبز والطيور تأكل مما في يده، وله أشياء من هذه المقولة وكرامات هائلة. ودام على ذلك نحو الثلاثين سنة. وكان إذا احتاج إلى خياطة خيشة يلبسها، أو أعانة أحد عند عجزه في أواخر عمره عن حمل الجرة بالماء التي يتوضأ منها أعطاه من الفلوس شيئا، ويقول: الجزء: 1 ¦ الصفحة: 219 هذا أجرتك، وكان تمر به الأعوام الكثيرة لا يتلفظ بكلمة مع أحد سوى قراءة القرآن وذكر الله، وكان خادم الخانقاة يحمل إليه كل شهر الثلاثين الدرهم فلا يأخذها إلا عداد، فإن المعاملة بالفلوس وزنا حدثت بعد انقطاعه عن الناس، فكان لا يعرف إلا المعاددة. ولم يزل على ذلك إلى أن توفي بخانقاة شيخو في ليلة الأربعاء ثاني شهر ربيع الأول سنة ثلاثين وثمانمائة، وحمل من الغد حتى صلي عليه بمصلى المؤمنى من تحت القلعة، وحضر السلطان الملك الأشرف برسباي الصلاة عليه، وتقدم قاضي القضاة بدر الدين محمود العينتابي الحنفي فصلى عليه بمن حضر، ثم أعيد إلى الخالقاة الشيخونية بالصليبة ودفن بها، وهناك كان سكنه، وحمل نعشه على الأصابع لكثرة ازدحام الخلق على حمله. وبالجملة فإنه كان فريد عصره في العبادة الزهد، لم نر في عصرنا من داناه ولا قاربه في طريقته، رحمة الله تعالى. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 220 شهاب الدين العبادي 801هـ، 1398م أحمد بن أبي بكر بن محمد، الشيخ الإمام العلامة العبادي الحنفي. مولده ....... كان إمام فاضلا بارعا، فقيها نحويا، من أعيان فقهاء الحنفية، درس وأفتى عدة سنين في علوم كثيرة، وانتفع به الطلبة، توفي ليلة الأحد تاسع عشر شهر ربيع الآخرة سنة إحدى وثمانمائة. والعبادي نسبة إلى منية عبادة قرية من قرى الغربية، من أعمال القاهرة، رحمه الله تعالى. أبو جلنك 700هـ، 1300م أحمد بن أبي بكر، الشيخ شهاب الدين أبو جلنك الشاعر المشهور، صاحب النوادر الظريفة، كان فاضلا شاعرا، وله همة وشجاعة، ولما كانت وقعة الجزء: 1 ¦ الصفحة: 221 التتار في سنة سبعمائة نزل أبو جلنك المذكور من قلعة حلب لقتال التتار، وكان ضخما سمينا، فوقع عن فرسه من سهم أصاب الفرس راجلا، فأسروه وأحضروه بين يدي مقدم التتار، فسأله عن عسكر المسلمين، فرفع شأنهم، فغضب مقدم التتار من ذلك وضرب عنقه في التاريخ المذكور. وكان له النظم الرائق، وله ديوان شعر، ومن شعره: ماذا على غصنه الميال لو عطفا ... ومال عن طرق الهجران وانحرفا وعائدي عائد منه إلى صلة ... حسبي من الشوق ما لاقيته وكفى صفا له القلب حتى لا يمازجه ... شيء سواه، وأما قلبه فصفا فزارني طيفه وهنا ليؤنسني ... فاستصحب النوم من جفني وانصرفا ورمت من خصره برءا فزدت ضنى ... وطالب البرء والمطلوب قد ضعفا حكى الدجى شعره طولا فخاصمه ... خضاع بينهما عمري وما انتصفا الجزء: 1 ¦ الصفحة: 222 وله في أقطع مضمنا. وبي أقطع مازال يسخو بما له ... ومن جوده مارد في الناس سائل تناهت يداه فاستطال عطاؤها ... وعند التناهي يقصر المتطاول وله أيضا: وشادن يصفع مغرى به ... براحة أندى من الوابل فصحت في الناس: ألا فاعجبوا ... بحر غدا يلطم في الساحل قال الشيخ صلاح الدين بن أيبك في تاريخه: وكان قد مدح قاضي القضاة شمس الدين بن خلكان فوقع له برطلي خبز، فكتب على بستانه: لله بستان حللنا دوحة ... كجنة قد فتحت أبوابها والبان تحسبه سنانيرا رأت ... قاضي القضاة فنفشت أذنابها انتهى كلام الصفدي. قلت: لعله وهم في هذه الحكاية، وما هي مشهورة إلا عن قاضي القضاة ابن الزملكاني، ويأتي ذكره إن شاء الله في محله. مات أبو جلنك المذكور كما ذكرناه في أول ترجمته مقتولا في سنة سبعمائة بيد التتار، رحمه الله تعالى. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 223 شهاب الدين المرعشي الحنفي 786 - 872هـ، 1384 - 1467م أحمد بن أبي بكر صالح بن عمر، الشيخ الإمام العالم شهاب الدين أبو العباس المرعشي الحنفي الحلبي، نزيل حلب وعالمها، انتهت إليه رئاسة العلم بحلب في زمانه. مولده بمرعش بالبلاد الحلبية في سنة ست وثمانين وسبعمائة، وقرأ بها القرآن الكريم، وحفظ بعض مختصرات، ثم طلب العلم، ودام بمرعش إلى سنة أربع وثمانمائة، ورحل منها إلى عينتاب وتفقه بها على جماعة من الشيوخ منهم البارع عيسى العالم المشهور، ثم انتقل منها سنة ست عشرة وثمانمائة إلى حلب بعد أن أذن له بالإفتاء والتدريس، وقرأ أيضا بحلب على جماعة منهم العلامة زين الدين عمر البلخي، وبحث عليه الكشاف، وشرح المفتاح، وعلى الشيخ الإمام العلامة شمس الدين محمد بن سلامة المارديني الصحيحين، وبحث الجزء: 1 ¦ الصفحة: 224 المغنى في أصول الفقه وغير ذلك، وأذنا له أيضا في الإفتاء والتدريس، وبرع في الفقه والأصول والعربية، وشارك في عدة فنون، وتصدر للإفتاء والتدريس بحلب من سنة عشرين وثمانمائة، وانتفع به الطلبة، وتفقه به جماعة من أعيان فقهاء حلب وهلم جرا إلى يومنا هذا، وألف وصنف كتبا كثيرة، من ذلك: كنوز الفقه على مذهب الإمام الأعظم أبي حنيفة رضي الله عنه، ونظم العمدة للنسفي في أصول الدين، وزاد عليها مسائل شتى وخمس البردة، وله النظم والنثر، وعرض عليه الملك الظاهر جقمق وظيفة القضاء بحلب فامتنع من ذلك تنزها وعفافا، على أنه في ضيق عيش، وهو الآن فقيه حلب وعالمها ومفتيها، بل عالم سائر البلاد الحلبية. ولما سافرت إلى حلب في سنة ست وثلاثين وثمانمائة لم يتفق لي الاجتماع به، ولكن الآن بيني وبينه صحبة ومكاتبات، وأجاز لي بجميع مروياته ومصنفاته وما له من نظم ونثر وغير ذلك. أنشدني العلامة شهاب الدين احمد المذكور لنفسه إجازة: ولما رأينا عالما بجواهر ... خدمناه بالعقد المنظم من در الجزء: 1 ¦ الصفحة: 225 على رأي من يروي من الشعر حكمة ... خلافا لمن قال: القريض بنا يزري العجيمي قاضي المحلة 767 - 844هـ، 1365 - 1440م أحمد بن أبي بكر بن رسلان، القاضي شهاب الدين المعروف بالعجيمي، الشافعي قاضي المحلة. كان فقيها عالما فاضلا، ولي نيابة الحكم بالمحلة وغيرها عدة سنين، وأكثر ما له من ذلك، وكان له ثروة ووجاهة، واستمر على ذلك إلى أن توفي يوم الثلاثاء رابع عشرين جمادى الأولى سنة أربع وأربعين وثمانمائة. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 226 شهاب الدين الرومي الحنفي 719هـ، 1319م احمد بن أبي بكر بن رجب، الشيخ شهاب الدين الرومي الخرتبرتي الحنفي، خطيب قلعة دمشق ومدرسها. قال الحافظ علم الدين البرزالي: كان المذكور شيخا كبيراً جاوز التسعين سنة، ولما مات ليلة الإثنين الرابع والعشرين من شهر ربيع الآخرة سنة تسع عشرة وسبعمائة قرر مكانه في الخطابة ولده، وولي تدريس النفقه الإمام محي الدين يحيى بن سليمان بن علي المعروف بالأسمر، انتهى كلام البرزالي. قلت: وخرت برت بليدة على مسيرة يومين من ملطية. انتهى. شهاب الدين بن أبي الكرم الحنفي 650هـ، 1252م أحمد بن أبي الكرم بن هبة الله، الشيخ الإمام العالم العلامة شهاب الدين، الفقيه الحنفي. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 227 ذكره الصاحب كمال الدين بن العديم في تاريخ حلب، قال: كان فقيها حسنا دينا كثير التلاوة للقرآن، ولي التدريس بالموصل ومشيخة الرباط، وطلب الحديث، وقدم حلب مرارا رسولا من جهة بدر الدين لؤلؤ صاحب الموصل، وورد دمشق أيضا رسولا إلى الملك الناصر داود في سنة ثمان وأربعين وستمائة، وورد بغداد أيضا رسولا في هذه السنة، وتوفي رحمه الله في شوال سنة خمسين وستمائة. بلغني وفاته وأنا ببغداد في هذا التاريخ، انتهى كلام ابن العديم، رحمه الله. مولى زادة 791هـ، 1388م أحمد بن أبي يزيد، العلامة شهاب الدين، يعرف بمولا زادة، مذكور في حرف الزاي، يطلب هناك. شرف الدين بن قدامة الحنبلي 614 - 687هـ، 1217 - 1288م أحمد بن أحمد بن عبيد الله بن أحمد بن محمد بن قدامة، الشيخ الإمام الزاهد شرف الدين بن الشرف أبي العباس القدسي الحنبلي الفرضي. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 228 كان إماما فقيها، محدثا بارعا، تفقه على علماء عصره، وسمع عم أبيه الشيخ الموفق، وابن أبي لقمة الفزويني وأبي القسم بن صصرى، وابن صباح، وروى الكثير، وسمع منه الحافظ المزي أبو الحجاج، وابن الخباز، والبرزالي، وغيرهم. وكان ممن جمع بين العلم والعمل، وكان قانعا ليس له وظيفة مكفوفا عن الناس، وكان يشتغل بجامع الجبل، مات مبطونا في سنة سبع وثمانين وستمائة. قاضي القضاة شرف الدين النابلسي الخطيب 622 - 694هـ، 1225 - 1294م أحمد بن أحمد بن نعمة بن أحمد، العلامة قاضي القضاة خطيب الشام شرف الدين النابلسي المقدسي الشافعي. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 229 كان أبوه خطيب القدس، أجاز له الفتح بن عبد السلام، وأبو علي الجواليقي، وأبو حفص السهروردي، وأبو الفضل الداهري، وسمع من السخاوي، وابن الصلاح، وعتيق السلماني، والتاج القرطبي، وكان فقيها محققا، متفننا للمذهب والأصول والعربية والنظر، وانتهت إليه رئاسة المذهب بعد الشيخ تاج الدين الفزاري، وأذن لجماعة في الفتوى، وصنف كتابا في أصول الفقه الجزء: 1 ¦ الصفحة: 230 جمع فيه بين طريقتي الإمام فخر الدين والسيف الآمدي، وكان حاد الذهن، سريع الفهم بديع الكتابة، إماما في تحرير الخط المنسوب، وكان متواضعا متنسكا حسن الأخلاق، طويل الروح، ينشئ الخطب، درس بالشامية الكبرى، وناب في الحكم عن الجويني، وكان من طبقته في الفضائل. وله نظم جيد، من ذلك: أحجج إلى الزهر لتحظى به ... وارم جمار الهم مستهترا من لم يطف بالزهر في وقته ... من قبل أن يحلق قد قصرا توفي سنة أربع وتسعين وستمائة، رحمه الله تعالى، وعفا عنه. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 231 السلطان شهاب الدين صاحب كلبرجة من بلاد الهند 838هـ، 1434م أحمد بن أحمد بن حسين شاه بن بهمن، السلطان شهاب الدين أبو المغازي صاحب كلبرجة وما والاها من بلاد الهند. كان من أجل ملوك الهند دينا وخيرا وعزما وحزما. وله مآثر بالهند وبمكة وغيرهما، أنشأ بمكة رباطا هائلا، ووقف عليه أوقافا جيدة، وكان له صدقات وبر وأفضال. دام في الملك نحو أربع عشرة سنة إلى أن توفي في شهر رجب سنة ثمان وثلاثين وثمانمائة، وملك بعده كلبرجة ابنه ظفر شاه واسمه أيضا أحمد، رحمه الله تعالى. شهاب الدين القرافي 682هـ، 1283م أحمد بن إدريس، الشيخ الإمام العالم الفقيه الأصولي شهاب الدين الصهناجي الأصل المشهور بالقرافي. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 232 ونسب إلى القرافة من غير أن يسكنها، وإنما سئل عنه عند تفرقة الجامكية بمدرسة الصاحب ابن شكر فقيل عنه: توجه إلى القرافة، فقال بعض من حضر: اكتبوه القرافي، فلزمه ذلك، وإنما أصله من قرية من قرى بوش من صعيد مصر الأسفل تعرف ببهبشيم. كان مالكيا إماما في أصول الفقه وأصول الدين، عالما بالتفسير وغيره، وولي تدريس المدرسة الصالحية بعد وفاة الشيخ شرف الدين السبكي، ثم أخرجت عنه لقاضي القضاة نفيس الدين، ثم أعيدت إليه بعد مدة، ودرس بمدرسة طيبرس، وبجامع مصر. وصنف في أصول الفقه الكتب المفيدة، وانتفع به الجزء: 1 ¦ الصفحة: 233 جماعة من الطلبة، وعلق عنه قاضي القضاة تقي الدين بن بنت الأعز تعليقه على المنتخب، وشرح المحصول، وله التنقيح وشرحه، وله أنوار البروق وأنواء الفروق، وله الذخيرة في مذهب مالك، وله الستبصار فيما يدرك بالابصار، وخو خمسون مسألة. توفي بدير الطين ظاهر مصر، ودفن بالقرافة سنة اثنتين وثمانين وستمائة. وكانت وفاته بعد وفاة صدر الدين بن بنت الأعز ونفيس الدين المالكي. وبهبشيم بباء موحدة من تحت مفتوحة وبعدها هاء مفتوحة أيضا وباء ساكنة وشين مكسورة وبعد ياء مثناه من تحت ساكنة وميم. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 234 أبو العباس المنازي الشاعر 601هـ - 1204م أحمد بن إسحاق بن أحمد بن إبراهيم، الأديب الشاعر أبو العباس الديار بكري المنازي، الشاعر المشهور. ولد بمناز جرد، قلعة في آخر ديار بكر، ليلة الخميس النصف من شعبان سنة إحدى وستمائة. وكان أديبا فاضلا بارعا، له النظم الرائق والنثر الفائق، توفي ببلاد اليمن. ومن شعره قوله: يعللني إذا ما اعتل وجدي ... ويملأ من محبته كؤوسي وما قطع الإمام عن الترقي ... إليه سوى مقاساة النفوس وله أيضا إن من حال بين قلبي وبيني ... طاب في حبه حياتي وحيني وعزيز عَلَىَّ ألا أراه ... وهو أدنى إلى من نور عيني الأبرقوهي615 - 701هـ، 1218 - 1301م أحمد بن إسحاق بن محمد بن المؤيد بن علي، الشيخ أبو المعالي بن القاضي الجزء: 1 ¦ الصفحة: 235 المحدث رفيع الدين أبي محمد، قاضي بأبرقوه الشافعي الهمداني الأبرقوهي المصري القرافي الصوفي. ولد بأبرقوه سنة عشرة وستمائة. قال الحافظ أبو عبد الله الذهبي في معجمه: كان رجلا خيرا دينا متواضعا، حسن القراءة للحديث، سمع بحران من جماعة، وحدث عنه أبو العلاء الفرضي، والحافظ أبو الحجاج المزي، وأبو محمد البرزالي وجماعة. انتهى كلام الذهبي رحمه الله. قلت: ثم ارتحل إلى مكة، وبها توفي سنة إحدى وسبعمائة، وله أربع وثمانون سنة. شيخ الشيوخ نظام الدين أسلم760 - 802هـ، 1358 - 1399م أحمد بن إسحاق بن عاصم بن محمد بن شيخ الشيوخ، نظام الدين بن مجد الدين ابن سعد الدين الأصبهاني الحنفي. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 236 مولده في حدود الستين وسبعمائة، ونشأ بالقاهرة، وتفقه بوالده وغيره، وولي مشيخة خانقاة سرياقوس وسار فيها سيرة جيدة إلى الغاية. وكان جميلا فصيحا مهابا بهيا، وله فضل وأفضال ومكارم، وكان له خصوصية عند الملك الظاهر برقوق أولا، ثم تنكر عليه وصرفه عن مشيخة خانقاة سرياقوس ثم أعيد إليها بعد موته إلى أن توفي بها في خامس عشرين شهر ربيع الآخر سنة اثنتين وثمانمائة. قال العيني: وكان ينسب إلى معرفة علم الحرف، وليس بصحيح، ولكنه كان يجمع من أموال الخانقاة، ويطعم الناس من غير استحقاق، وكان يجمع في مجلسه ناسا أرازل وأصحاب ملاهي. انتهى كلام العيني. قالت: وتولى عوضه في مشيخة خانقاة سرياقوس الشيخ ايليا شيخ خانقاة قوصون، واستقر في مشيخة خانقاة قوصون الشيخ شرف الدين يعقوب التباني. وكان يعرف صاحب الترجمة بالشيخ أسلم ولكنه إسمه أحمد، يأتي ذكر والده في محله إن شاء الله تعالى. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 237 عز الدين الكاشغري الحنفي580 - 667هـ، 1184 - 1268م أحمد بن أسعد بن المظفر، الشيخ الإمام العلامة عز الدين أبو الفضل الكاشغري الحنفي. ولد في ذي الحجة سنة ثمانين وخمسمائة، كان إمام بارعا، عالما فقيها، وله مشاركة في عدة علوم. أفتى ودرس، واشتغل الطلبة، وانتفع به جماعة من فقهاء الحنفية، وكان له حظ وافر من العبادة والنسك. توفي تاسع شهر رجب سنة سبع وستين وستمائة بكاشغر، وصلي عليه بجامعها بعد صلاة الجمعة قريب من ستة آلاف نفس، ودفن عند الإمام شرف الدين أبي الفضل أشرف بن نجيب بن محمد بن محمد. وكاش غر بفتح الكاف وبعد الألف شين معجمة ساكنة وغين معجمة مفتوحة، وبعد راء مهملة ساكنة، وهي مدينة بأقصى بلاد الترك. انتهى. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 238 الملك الصالح صاحب ماردين 811 هـ، 1408م أحمد بن إسكندر بن صالح بن غازي بن قرا أرسلان بن أرتق بن أرسلان ابن إيلغازي بن ألبي بن تمرتاش بن إيلغازي بن أرتق، السلطان الملك الصالح شهاب الدين الأرتقي صاحب ماردين. نشأ في دولة ابن عمه الملك الظاهر مجد الدين عيسى بن المظفر، وكان الصالح هذا خصيصا، عند ابن عمه الظاهر المذكور وزوجته بابنته واستخلفه على ماردين غير مرة، ولما خرج الظاهر عيسى مع الأمير جكم المتغلب على حلب لقتال قرايلك صاحب آمد، وقتلا معا في الوقعة، يعني جكم والظاهر عيسى، كان الصالح هذا قد استخلفه الظاهر على ماردين، فملكها من بعده، وذلك في شهر الجزء: 1 ¦ الصفحة: 239 ذي الحجة سنة تسع وثمانمائة، فدام في سلطنة ماردين مدة سنة ونصف، وقرايلك يحاربه، ولم يزل يضايقه إلى أن كل الصالح هذا وباع سلطنة ماردين لقرا يوسف بن محمد بعشرة آلاف دينار وألف فرس وعشرة آلاف رأس من الغنم، وزوجه ابنته، وأعطاه الموصل، فنزل من قلعة ماردين وتسلمها أعوان قرا يوسف، وفعلوا فيها كفعلة أعوان تيمور في البلاد، وسار الصالح يريد الموصل، فوصلها وتسلمها فلم يقم بها سوى ثلاثة أيام، ومات هو وزوجته ابنة قرا يوسف، قيل إن قرا يوسف سمه. وخلف أربعة أولاد وهم: محمد وأحمد ومحمود وعلي، فأخرجهم قرا يوسف من الموصل. والملك الصالح هذا آخر الملوك من بني أرتق. وكانت وفاة الصالح في سنة إحدى عشرة وثمانمائة. نجم الدين التبلي631 - 698هـ، 1233 - 1298م أحمد بن إسماعيل بن منصور، الشيخ المحدث نجم الدين الحلبي المعروف بابن التبلي، وبابن الجلال. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 240 ولد بحلب سنة إحدى وثلاثين وستمائة، وسمع من ابن رواحه، وابن خليل وجماعة أخر، ولازم السماع مع الدمياطي فأكثر وكتب الطباق، وقرأ بنفسه، ودأب وحصل. قرأ عليه علم الدين البرزالي جزء ابن حرب رواية العباداني. توفي سنة ثمان وتسعين وستمائة، رحمه الله تعالى. ابن أبي العز الحنفي 720 - 799هـ، 1320 - 1396م أحمد بن إسماعيل بن محمد بن عبد العزيز بن صالح بن أبي العز وهيب بن عطاء ابن جبير بن جابر وهيب، قاضي القضاة نجم الدين أبو العباس بن قاضي القضاة عماد الدين المعروف بابن أبي العز وبابن الكشك الحنفي الدمشقي. مولده سنة عشرين وسبعمائة بدمشق تقريبا، كان إماما عالما بارعا، فقيها مفننا، ولي قضاء القضاة الحنفية بدمشق غير مرة، وحسنت سيرته، ثم أشخص الجزء: 1 ¦ الصفحة: 241 إلى ديار مصر في سنة سبع وسبعين وسبعمائة، وولي بها قضاة الحنفية عوضا عن صدر الدين محمد بن عبد الله التركماني بعد موته، وخلع عليه يوم الخميس العشرين من المحرم سنة سبع وسبعين وسبعمائة، ثم استعفى بعد مدة، وتوجه إلى دمشق، وأعيد إلى قضاء الحنفية بها على عادته، وقد وليها غير مرة قبل ذلك، ثم صرف بعد مدة عن القضاة، ولزم داره إلى أن مات فتيلا بدمشق في مستهل ذي الحجة سنة وتسعين وسبعمائة. قاضي القضاة ابن الحسباني الشافعي 748 - 815هـ، 1346 - 1412م أحمد بن إسماعيل بن خليفة بن عبد العال، قاضي القضاة شهاب الدين أبو العباس الدمشقي الشافعي المعروف بابن الحسباني. مولده في سنة ثمان وأربعين وسبعمائة. كان إماما عالما فقيها، بارعا في الفقه، والعربية، والحديث، وغير ذلك، تصدر للأفراء والتدريس والفتيا عدة سنين، وولي قضاة القضاة الشافعية بدمشق وخطابتها غير مرة، وقدم القاهرة مرارا عديدة. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 242 قال المقريزي: وتفقه بأبيه وغيره، وسمع من أصحاب الفخر، وطلب بنفسه فأكثر جدا بدمشق والقاهرة، ولم يزل يسمع حتى سمع ممن هو دون شيوخه مع ذكاء وتفننن، وكتب تفسيرا أجاد فيه لو كمل، وعلق على الحاوي في الفقه شرحا، وخرج أحاديث الرافعي، وشرح ألفية ابن مالك في النحو، وناب في الحكم بدمشق مدة، ثم ولي قضاء القضاة بها غير مرة، فلم تحمد سيرته، وكان لا يزال يخرج على السلطان ويترامى على الشر، ويلج في مضايق حبا في الرئاسة، انتهى كلام المقريزي. قلت: توفي بدمشق في يوم الأربعاء عاشر شهر ربيع الآخر سنة خمس عشرة وثمانمائة، عن خمس وستين سنة وسبعة أشهر وأيام. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 243 الملك الناصر صاحب اليمن 827هـ، 1423م أحمد بن إسماعيل بن العباس بن علي بن داود يحيى بن عمر بن علي بن رسول، السلطان الملك الناصر بن الملك الأفضل بن الملك المجاهد بن الملك المؤيد بن الملك المظفر بن الملك المنصور، صاحب زبيد وعدن وتعز وجبلة وغيرهم من بلاد اليمن. ملك بعد موت أبيه الملك الأشرف إسماعيل في شهر ربيع الأول سنة ثلاث وثمانمائة، ولم تحمد سيرته، وكان من شرار بني رسول ملوك اليمن، وفي أيامه خربت غالب بلاد اليمن لكثرة ظلمه وعسفه، ولعدم سياسته وتدبيره، واستمر على ذلك إلى أن توفي سادس عشر جمادى الآخرة سنة سبع وعشرين وثمانمائة من ساقطة سقطت على حصنه المسمى قوارير خارج مدينة زبيد، فارتاع من سقوطها، وأقام أياما مريضا ملازما للفراش إلى أن مات، وملك بعده ممالك اليمن ابنه المنصور عبد الله، يأتي ذكر جماعة من آبائه وأجداده في محلهم إن شاء الله تعالى. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 244 وسبب تسمية محمد برسول أنه كان نادم بعض خلفاء بني العباس ببغداد فترسل عنه إلى الأقطار فقيل الرسول حتى غلب عليه، ثم تحول من العراق إلى الشام فسكنها مدة، ثم قدم إلى القاهرة واتصل بملوك بني أيوب، وخرج بجماعته في خدمة المعظم توران شاه بن أيوب إلى اليمن فاستوطنها، فلما كانت أيام المسعود اطز وقيل أقيس، والأول أصح والثاني هو المشهور، بن الكامل محمد ابن العادل أبي بكر بن أيوب ولي الملك المسعود نور الدين عمر بن علي رسول المذكور الحصون الوصابية باليمن، ثم نقله بعده مدة إلى ولاية مكة المشرفة، الجزء: 1 ¦ الصفحة: 245 ورتب معه ثلاثمائة فارس، فحاربه الشريف حسن بن قتادة، فكسره، ثم عاد إلى اليمن، فاستنابه الملك المسعود على بلاد اليمن في نصف شهر رمضان سنة عشرين وستمائة عندما توجه من اليمن يريد مصر، وأخرج عنه صنعاء، واستناب بها أخاه بدر الدين حسن بن علي بن رسول، فلما قدم الملك المسعود من مصر إلى اليمن قبض على نور الدين واخوته: حسن، وفخر الدين أبي بكر، وشرف الدين موسى، نحوفا منهم، فإن نور الدين حارب مرغم الصوفي الثائر وغلبه، وبدر الدين حسن حارب الإمام الزيدي عز الدين محمد بن الإمام المنصور عبد الله بن حمزة، ثم أفرج المسعود عنهم وبعث باخوة نور الدين إلى مصر محتفظا بهم، وحلف نور الدين وولاه أتابك عسكره، ثم استنابه على جميع بلاد اليمن عندما رحل يريد الإقامة بالشام، وعهد إليه بالسلطنة، بعد موته، في بلاد اليمن وأوصاه أن لا يمكن من اليمن أحدا من بني أيوب، ومات الملك المسعود بمكة في عوده، فلم ينتقل نور الدين عن كونه نائبا عن السلطان الملك الكامل، وأخذ يولي الحصون لثقاتهم ويسجن من يتحوفه، فلما استوثق أمره حصر الجزء: 1 ¦ الصفحة: 246 حصن تعز في سنة ست وعشرين وأخذها إلى أن استولى على غالب بلاد اليمن، واستفحل أمره وملك صنعاء أيضا وغيرها، ولازال على ذلك إلى أن توفي قتيلا بيد مماليكه في ليلة السبت تاسع ذي القعدة سنة سبع وأربعين وستمائة، وملك بعده أبو بكر ابن أخيه الحسن إلى أن قدم المظفر ولده وملك إلى أن توفي بتعز بعد ما أقام ستا وأربعين سنة، في سنة أربع وتسعين، وقام من بعده ابنه الأشرف ممهد الدين، فثار أخوه داود عليه وأخذه، ومات الأشرف مسموما من جاريته في سنة ست وتسعين، فأقيم بعده المؤيد هزبر الدين داود حتى مات في ذي الحجة سنة إحدى وعشرين وسبعمائة، فملك بعده ابنه المجاهد علي حتى مات سنة أربع وستين وسبعمائة، وملك بعده ابنه الأفضل عباس حتى مات في شعبان سنة ثمان وسبعين فقام من بعده الأشرف مجاهد الدين إسماعيل حتى مات في ربيع الأول سنة ثلاث وثمانمائة، فقام من بعده ابنه الناصر أحمد هذا صاحب الترجمة. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 247 ابن الجوكندار 794هـ، 1391م أحمد بن الأميرآل ملك الجوكندار، يأتي ذكر والده آل ملك الجوكندار في محله إن شاء الله تعالى، الأمير شهاب الدين. مولده بالقاهرة، وبها نشأ، وترقى إلى أن صار من جملة الأمراء مقدمي الألوف بالديار المصرية، وكان معظما عند الملك الظاهر برقوق، مشارا إليه في الدول، ولم يزل من أعيان أمراء مصر إلى أن توفي يوم الأحد ثاني عشرين جمادى الآخرة سنة أربع وتسعين وسبعمائة، وقيل سنة ثلاث وتسعين. وكان أميرا جليلا، شجاعا مقداما، وله بر وصدقات، رحمه الله. ابن أويس سلطان بغداد 813هـ، 1410م أحمد بن أويس بن الشيخ حسن بن حسين بن آقبغا بن إيلكان، السلطان غياث الدين صاحب بغداد وتبريز وغيرهما من بلاد العراق. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 248 ملك بعد موت أخيه الشيخ حسين بن أويس سنة أربع وثمانين وسبعمائة، واستمر بممالك العراق إلى سنة خمس وتسعين وسبعمائة، خرج من بغداد فارا من تيمورلنك لما استولى على بغداد، وقصد نحو البلاد الحلبية وصحبته نحو أربعمائة فارس من أصحابه. وسهب استيلاء تيمور على بغداد هو أن تيمور أخذ شيراز وقتل متملكها شاه منصور وبعث برأسه إلى بغداد، وبعث بالخلعة والصكة إلى السلطان أحمد هذا فلبس الخلعة، وضرب الصكة باسم تيمورلنك وأذعن لطاعته، ثم إن أهل بغداد كاتبوا تيمور يحثونه على المسير إليهم فتوجه إليها بعساكره، واستولى عليها بعد أمور ووقائع، وفر السلطان أحمد منها إلى جهة حلب. وسبب مكاتبة أهل بغداد لتيمور أن ابن أويس المذكور كان أسرف في قتل أمرائه، وبالغ في ظلم رعيته، وانهمك على الفجور والخمر، وكان قدوم تيمور إلى بغداد والاستيلاء عليها بحيلة دبرها على أهل بغداد، وهو أن السلطان أحمد لما بلغه مجيئه أرسل بالشيخ نور الدين الخرساني إلى تيمور فأكرمه. وقال: أنا أترك بغداد لأجلك، ورحل يريد السلطانية، فبعث نور الدين كتبه بالبشارة إلى بغداد، وقدم في أثرها، وكان تيمور قد سار يريد بغداد من طريق أخرى، فلم يشعر الجزء: 1 ¦ الصفحة: 249 ابن أويس - وقد اطمأن - إلا وتيمور قد نزل غربي بغداد قبل أن يصل الشيخ نور الدين، فدهش عند ذلك ابن أويس وقطع جسر بغداد ورحل بأمواله وأولاده من ليلة السبت رابع عشر شوال، وترك البلد، فحاصرها تيمور، وأرسل ابنه في اثر ابن أويس فأدركه بالحلة فتواقعا، وانتصر ابن تيمور، ونهب مال سلطان أحمد وسبى حريمه، وقتل وأسر. ونجا ابن أويس في طائفة وهم عراه، وقصد حلب لائذا بجناب الملك الظاهر برقوق سلطان مصر، فلما وصل إلى قريب حلب خرج للقيه نائبها الأمير جلبان قراسقل والأمراء والعساكر الحلبية، وأنزله بالميدان ظاهر حلب، ثم كتب النائب يخبر الملك الظاهر برقوق بقدوم سلطان أحمد إلى حلب، فورد الجواب للنائب المذكور بالإدرار عليه من أموال الديوان السلطاني ما يكفيه من النفقات وغيرها، وأن يبالغ في إكرامه، فامتثل ذلك، ولا برح محفولا فيما أجرى عليه إلى أن برز المرسوم السلطاني بطلبه إلى القاهرة، فتوجه إليها، فلما وصلها نزل الملك الظاهر برقوق في جميع العساكر المصرية إلى لقائه، وذلك في يوم الثلاثاء سابع عشر ربيع الأول سنة ست وتسعين وسبعمائة، إلى الريدانية خارج القاهرة، وقعد بمسطية مطعم الطيور إلى أن قرب منه ابن أويس، نزل الجزء: 1 ¦ الصفحة: 250 السلطان عن فرسه ومشى عدة خطوات، فمشى إليه الأمير بدخاص حاجب الحجاب، ومن بعده الأمراء للسلام عليه، والأمير بدخاص يعرفه اسم كل أمير ووظيفته، وهم يقبلون يده، حتى أقبل الأمير أحمد بن يلبغا أمير مجلس، فقال له الأمير بدخاص: هذا ابن أستاذ السلطان، فعانقه ابن أويس ولم يدعه يقبل يده، ثم جاء من بعده الأمير بكلمش أمير سلاح، فعانقه أيضا، ثم من بعده الأمير أيتمش رأس نوبة الأمراء، وهذه الوظيفة مفقودة الآن، فعانقه أيضا، ثم الأمير سودون الشيوخوني النائب، فعانقه، وانقضى سلام الأمراء، فمشى عند ذلك السلطان ونزل عن المسطبة، ومشى نحو العشرين خطوة، فلما رأى ابن أويس ذلك هرول حتى التقيا، فأومأ ابن أويس ليقبل يد السلطان، فلم يمكنه، وعانقه، وبكوا ساعة، ومشى والسلطان الجزء: 1 ¦ الصفحة: 251 يطيب خاطره ويعده بعوده إلى ملكه، ويده في يده حتى صعدا المسطبة وجلسا معا على المقعد من غير كرسي، وتحادثا طويلا، ثم قدم قباء من حرير بنفسجي بفرو قاقم وطرز ذهب وفرس من الخاص بسرج ذهب وكنبوش زركش وسلسلة ذهب، فركبه من حيث يركب السلطان، ثم ركب السلطان بعده، وسارا إلى أن قربا من قلعة الجبل، وقد خرج معظم الناس لمشاهدة ابن أويس المذكور إلى أن وصلا تحت الطبلخاناة، أومأ إليه السلطان بالتوجه إلى المنزل الذي أعد له على بركة الفيل، فتوجه إليه، وجلس لأكل السماط، فمد الأمير جمال الدين محمود الأستادار بين يديه سماطا جليلا، فأكل، وأكل الأمراء بعده، وانصرفوا، ثم أرسل السلطان إليه بمائتي ألف درهم فضة، ومائتي قطعة قماش سكندري، وثلاثة أفراس بقماش ذهب، وعشرين مملوكاً وعشرين جارية، ثم دخل في الليل ثقل ابن أويس وحريمه. وفي يوم الخميس عمل السلطان الخدمة بالإيوان المعروف بدار العدل على العادة، وحضر ابن أويس الخدمة، وأجلسه السلطان رأس ميمنته، ومد السماط، وقام الأمراء من جلوسهم، فهم ابن أويس بالقيام معهم، فمنعه السلطان من ذلك، الجزء: 1 ¦ الصفحة: 252 فاستمر في جلوسه حتى انتهى الموكب، ونهض متوجها إلى منزله والأمراء بين يديه، وقدامه جاووشيته، ونقيب جيشه، وتكرر طلوعه إلى القلعة إلى أن أخذ الملك الظاهر في أسباب السفر إلى البلاد الشمالية. وتزوج الملك الظاهر بالخاتون تندو بنت حسين بن أويس ابن أخي القان غياث الدين أحمد هذا، ومبلغ الصداق ثلاثة آلاف دينار، وبنى بها ليلة الخميس عاشر الشهر المذكور ليلة سفره، وأصبح من الغد نزل السلطان من قلعة الجبل من باب السلسلة إلى الرميلة، وقد وقف القان ابن أويس وجميع الأمراء والعساكر، وقد لبسوا آلة الحرب ومعهم أطلابهم، فسار السلطان، وعليه قرفل بغير أكمام، وكلفته على رأسه، وتحته فرس بعرقية من الصوف سميك إلى باب القرافة، والعساكر قد ملأت الرميلة، فرتب بنفسه أطلاب الأمراء ومر في صفوفهم غير مرة حتى رتبها أحسن ترتيب، ثم مضى إلى قبر الإمام الشافعي رضي الله عنه فزاره، وتصدق على الفقراء بملغ له جرم، ثم توجه لزيارة السيدة نفيسة، وفعل كما فعل في زيارة الشافعي، وعاد إلى الرميلة، وأشار إلى الطلب السلطاني بالمسير، فتوجه إلى الريدانية في أعظم قوة وأبهج زي وأفخر هيئة، وجرى فيه من جنائب الخيل، ومن السلاح ما يقصر الوصف عن حكايته. ثم مشى الملك الظاهر وإلى جانبه القان بن أويس المذكور، وهو على فرس بقماش ذهب، وقد دهش عقله مما رأى، وبجانب ابن أويس الأتابكي كمشبغا الحموي، ثم مشى أطلاب الأمراء الجزء: 1 ¦ الصفحة: 253 على منازلهم، ونزل السلطان بخيمة بالريدانية، ونزل بن أويس بوطاق آخر، ثم سافرا من الغد إلى أن وصلا إلى دمشق في العشرين من جمادى الآخرة، فأقام ابن أويس إلى مستهل شعبان، وسافر من دمشق يريد بغداد، وقد قام له الملك الظاهر برقوق بجميع ما يحتاج إليه، وعند وداعه خلع عليه أطلسين، وسيف بسقط ذهب، وأعطى تقليدا بنيابة السلطنة ببغداد، فأهوى بن أويس لتقبيل الأرض، فلم يمكنه الظاهر من ذلك إجلالاً له، واستقل ابن أويس بالمسير إلى أن وصل بغداد في سنة ست وتسعين وسبعمائة، فتسلمها على عادته، ومهد ممالكها، ثم أخذ يسير في رعيته بالظلم والعسف، وقتل جماعة من أمرائه، فوثب عليه من بقي من الأمراء بموافقة الرعية عليه، وكاتبوا نائب تيمورلنك بشيراز ليتسلما، فمضى إليها وتسلمها، ونزح عنها السلطان أحمد بن أويس. وتوجه إلى قرا يوسف بن قرا محمد التركماني صاحب الموصل، واستنجده، فسار معه إلى بغداد، فخرج أهل بغداد لقتالهما، والتقى الرفيقان، فانهزم سلطان أحمد وعاد إلى جهة دمشق وصحبته قرا يوسف وقعا الفرات، ومعهما جمع كثير من التركمان وغيره، ونزلا بالساجور بالقرب من حلب، فخرج إليهم نائب حلب الأمير دمرداش المحمدي، والأمير دقماق نائب حماه، وبقية العساكر، والتقوا على الجزء: 1 ¦ الصفحة: 254 الساجور، وكان بينهم وقعة عظيمة، وحمل قرا يوسف بمن معه على العساكر الحلبية، فانكسر العسكر الحلبي وتفرق شملهم، بعد أن أسر الأمير دقماق نائب حماه وجماعة من الأمراء وذلك في ثاني عشرين شوال سنة اثنتين وثمانمائة، ثم عاد السلطان أحمد بن أويس وقرا يوسف إلى نحو بلاد الروم، ثم عاد بعد مدة إلى بغداد وملكها أيضا، وحكمها مدة إلى أن قدمها تيمورلنك ثانيا بعد عوده من البلاد الشامية بمدة، فخرج منها ابن أويس هاربا بمفرده، وجاء إلى حلب، فدخلها في يوم الاثنين خامس عشر صفر سنة ست وثمانمائة، وهو لابس لبادا في زي الفقراء. فأقام بحلب مدة إلى أن ورد المرسوم الشريف من الملك الناصر فرج بن برقوق سلطان مصر بالقبض عليه واعتقاله بقلعة حلب، فاعتقل بها، ثم طلب إلى القاهرة فتوجه إليها، فلما وصل إلى دمشق اعتقل بقلعتها إلى حين قدمها الأمير يشبك الشعباني الدوادار هاربا من الملك الناصر فرج، وكان إذ ذاك نائب دمشق الأمير شيخ المحمودي، فكلمه الأمير يشبك المذكور في الإفراج عن السلطان أحمد، فأفرج عنه، ودام بدمشق إلى أن توجه العسكر الشامي إلى جهة الديار المصرية، خرج السلطان أحمد بن أويس إلى نحو بغداد، فدخلها بعد ذهاب التتار منها بعد وفاة تيمورلنك، واستمر بها حاكماً على عادته إلى أن تغلب قرا يوسف على التتار وأخذ منهم تبريز وما والاها والجزيرة وديار بكر وماردين، الجزء: 1 ¦ الصفحة: 255 ووقع الخلف بينه وبين السلطان أحمد بن أويس هذا، فجمع ابن أويس لقتاله، واستنجد بالشيخ إبراهيم صاحب شماخي فانجده بعسكر، وقدم عليهم ابنه، وجمع قرا يوسف أيضا والتقى الفريقان، فكانت الكسرة على السلطان أحمد، وأخذ أسيراً، وقتل في إحدى الجمادين من سنة ثلاث عشرة وثمانمائة، وقيل في يوم الأحد آخر شهر ربيع الآخر من السنة، والثاني أصح. وكان سلطانا فاتكا مهاباً له سطوة على الرعية، مقداما شجاعا، سفاكاً للدماء، وعنده جور وظلم على أمرائه وجنده، كانت له مشاركة في عدة علوم، ومعرفة تامة بعلم النجامة، ويد في معرفة الموسيقى وفي تأديته، يجيد ذلك إلى الغاية، منهمكا في اللذات التي تهواها النفوس، مسرفا على نفسه جدا، وكان الأستاذ عبد القادر من جملة ندمائه، وكان بقول الشعر باللغات الثلاثة: الأعجمية والتركية والعربية، وهو في ذلك في الرتبة الوسطى. سمعنا من نظمه بلغتي التركية والعجمية كثيراً، وأما شعره باللغة العربية فمن ذلك قوله في محموم: حماك ما قربت حماك لعلة ... إلا تروم وتشتهي ما اشتهي لو لم تكن مشغوفة بك في الهوى ... ما عانقتك وقبلت فاك الشهي انتهت ترجمة السلطان أحمد، رحمه الله وعفا عنه، بمنه وكرمه. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 256 شهاب الدين بن بيليك 699 - 753هـ، 1299 - 1352م أحمد بن بيليك بن عبد الله، الأمير شهاب الدين بن الأمير بدر الدين المحسني، كان والده بائب الإسكندرية. مولده في يوم الثلاثاء رابع عشرين المحرم سنة تسع وتسعين وستمائة. كان أديبا فاضلا، شجاعا، وله نظم ونثر، وكتب، ولما أخرج أخوه الأمير ناصر الدين محمد من القاهرة إلى طرابلس أخرج شهاب الدين المذكور إلى دمشق، ثم أعطى إقطاعا بها، وراج أمره عند بائبها الأمير تنكز وصار يسمر عنده. ومن نظمه: لله ساق رشيق القد أهيفه ... كأنما صبغ من در ومن ذهب يسقى معتقة تحكى شمائله ... أنوارها تزدري بالسبعة الشهب حبابها ثغره والطعم ريقته ... ولونها لون ذاك الخد في اللهب الجزء: 1 ¦ الصفحة: 257 أمير مكة 812هـ، 1409م أحمد بن ثقبة بن رميثة، واسم رميثة منجد، بن أبي نمي محمد بن أبي سعد حسن بن علي بن قتادة، الشريف شهاب الدين الحسني المكي، أمير مكة. وليها شريكا لعنان بن مغامس في ولايته الأولى بتفويض من عنان المذكور إليه ليستظهر به على آل عجلان المنازعين له في ذلك. وكان الخطيب بمكة يذكره في الخطبة مع ابن مغامس، ومع هذا كله كان ضريراً لأن ابن عمه أحمد بن عجلان اعتقله مع ابنه علي وأخيه حسن بن ثقبة وابن عمهم عنان ومحمد بن عجلان في أول سنة سبع وثمانين وسبعمائة، ولما كحل الجزء: 1 ¦ الصفحة: 258 المذكور أصاب المرود ظاهر إحدى عينيه فلم تذهب، وأصاب المرود جوف الأخرى فأذهبها، فلما كحل ابنه على بعده صاح، فذهل أبوه هذا لصياحه، وفتح عينيه لينظر إليه، ولم يكن ذنب يوجب اعتقال أحمد بن عجلان له لأنه كان مظهر لطاعته غير موافق لأخيه حسن وعنان في مشاققتهم لأحمد بن عجلان، لكن كان ذلك مقدراً عليه. وكان أحمد بن ثقبة من أجل بني حسن وأسعدهم وأكثرهم خيلا وسلاحا. توفي في آخر المحرم سنة اثنتي عشرة وثمانمائة بمكة، ودفن بالمعلاه، وقد قارب السبعين، وخلف أربعة ذكور وبعض بنات، رحمه الله. وثقبة بفتح الثاء المثلثة وبعدها مفتوحة كذلك وباء موحدة من تحت وهاء، والله وأعلم. شهاب الدين السنبسي المكي 746 - 827هـ، 1345 - 1423م أحمد بن جار الله بن زائد، الشيخ شهاب الدين السنبسي المكي. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 259 ولد سنة ست وأربعين وسبعمائة تقريبا، وتفقه قليلا في مبادئ أمره، وحضر درس قاضي القضاة شهاب الدين أحمد بن ظهيرة، فصار له بذلك مشاركة لطيفة وبعض مسائل في الفرائض والحساب، ثم عانى التجارة فأثري وكثر ماله إلى أن توفي يوم الأحد السادس والعشرين من شهر ربيع الأول سنة سبع وعشرين وثمانمائة بمكة، ودفن في صبيحته بالمعلاه، رحمه الله تعالى. شهاب الدين بن الأرتاحي الحنبلي 544 - 659هـ، 1159 - 1260م أحمد بن حامد بن أحمد بن حمدين بن مفرج، الشيخ المقرئ المحدث، أبو العباس الأنصاري الأرتاحي، ثم المصري الحنبلي. ولد سنة أربع وخمسين وخمسمائة، ولازم الحافظ عبد الغني وكتب الجزء: 1 ¦ الصفحة: 260 من تصانيفه، وتصدر، وأقرأ القرآن. حدث عنه الحافظ شرف الدين الدمياطي والدواداري، وابن الحلوانية. توفي سنة تسع وخمسين وستمائة. رحمه الله تعالى. شهاب الدين بن حجي 715 - 816هذا -، 1315 - 1413الإمام أحمد بن حجي بن أحمد بن سعد ين غشم بن غزوان بن علي بن مشرف بن تركي، من ولد عطية السعدي من بني سعد بن بكر، الشيخ الإمام العالم شهاب الدين بن علاء الدين الحسباني الأصل الدمشقي المولد والمنشأ والوفاة. مولده في أوائل المحرم سنة إحدى وخمسين وسبعمائة كان معدوداً من فضلاء الشافعية، بارعا في الفقه، والعربية، والحديث، وله مشاركة في غير ذلك، وولي الجزء: 1 ¦ الصفحة: 261 خطابة الجامع الأموي بدمشق، ودرس وأفتى، وتصدر للافراء، وقدم إلى القاهرة في الرسلية إلى الملك الناصر فرج بن برقوق من قبل نائب دمشق الأمير شيخ المحمودي، ثم عاد إلى دمشق ودام بها إلى أن توفي سنة ست عشرة وثمانمائة، رحمه الله تعالى. وهو أخو القاضي نجم الدين عمر بن حجي، رحمه الله تعالى. أمير آل مري 682هـ، 1283م أحمد بن حجي بن الأعرابي، أمير آل مري. كان أحد الأبطال الأجواد، وكانت غارته تصل إلى بحد والحجاز ويؤدون له الخفر، حتى صاحب المدينة الشريفة يؤديه القطيعة ويداريه. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 262 وكانت له منزلة رفيعة عند الملك بيبرس والملك المنصور قلاوون، وكان يزعم أنه من نسل جعفر البرمكي، وأنه من أحد أولاد أخت هارون الرشيد، يعني على قول من قال أن سهب قتل جعفر بن يحيى البرمكي أمر زواجه أخت الرشيد، وأنه استولدها عدة أولاد كما هو المشهور، والصحيح غير ذلك. وكان أحمد بن حجي هذا إذا حضر عند القاضي شمس الدين أحمد بن خلكان يقول له: أنت ابن عمي، وكانت بينهما مهاداة وصحبة، وكان بين أحمد المذكور وبين عيسى بن مهنا مباينة كبيرة، ووقع بينهما وقائع إلى أن توفي صاحب الترجمة في سنة اثنتين وثمانين وستمائة، وكان غير مشكور السيرة. انتهى. شهاب الدين الرهاوي الحنفي 766هـ، 1364م أحمد بن الحسين بن أبي بكر بن حسين، القاضي شهاب الدين أبو العباس الرهاوي الحنفي. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 263 كان فقيها محدثا، وله مشاركة، حدث عن حسن الكردي، وأبي النون الدبوسي، وأبي الحسيني الواني، ويوسف الختني، ومحمد بن عبد الله الحميد الهمداني، وغيرهم، وناب في الحكم بالقاهرة إلى أن توفي سنة ست وسبعين وسبعمائة، رحمه الله تعالى. قاضي القضاة جلال الدين الحنفي 651 - 745هـ، 1253 - 1344م أحمد بن الحسن بن أحمد بن الحسين بن أتو شروان، العلامة قاضي القضاة جلال الدين الحنفي الأنكوري. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 264 مولده بمدينة أنكورية من بلاد الروم في سنة إحدى وخمسين وستمائة، ونشأ بها، وحفظ القرآن العزيز، وطلب العلم، وتفقه بوالده، وقرأ النحو والتفسير على يزيد بن أيوب الحنفي، وقرأ النحو أيضا على الشيخ صدر الدين تلميذ أبي البقاء العكبري، وعلى قاضي سيواس تلميذ ابن الحاجب في النحو أيضا والتصريف، وقرأ الجامع الكبير والزيادات للعتابي على الشيخ شمس الدين المارديني، وقرأ الخلاف على العلامة برهان الدين الحنفي بدمشق، والفرائض على أبي العلاء البخاري، وبرع وأفتى ودرس، وتصدر للإقراء في حياة والده، وأشغل عدة سنين، وولي قضاء خرت برت وعمره سبع عشرة سنة، وحمدت سيرته، ثم ولي قضاة الحنفية بدمشق عند توجه والده إلى الديار المصرية في ثاني صفر سنة ست وتسعين وستمائة، وشكرت سيرته أيضاً. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 265 كان ذكيا، عارفا بالذهب وأصوله، محققا، إماما في العلوم العقلية، وله يد في الأدب. توفي يوم الجمعة تاسع عشر شهر رجب سنة خمس وأربعين وسبعمائة، يأتي ذكر والده إن شاء الله تعالى في محله. الموصلي صاحب الموشحات أحمد بن الحسن بن علي الأديب الشاعر شهاب الدين الموصلي، صاحب الموشحات البديعة، والنظم الرائق. كان فاضلا بارعا ناظما ناثرا. ومن موشحاته يمدح المنصور صاحب حماه: باسم عن لآل ... ناسم عن عطر نافر كالغزال ... سافر كالبدر الجزء: 1 ¦ الصفحة: 266 أي بدر ربيب ... لي فيه أرب ذو رضاب ضريب ... للطلا والضرب يا له من حبيب ... ضاحك عن حبب باخل بالوصال ... سامح بالهجر لي أبقى الخبال ... حين أفنى صبري أغيد أن رنا ... سل بيض الصفاح وإذا ما انثنى ... هز سمر الرماح لقتالي دنا ... ذا أمير السلاح ضارب بالنصال ... طاعن بالسمر راشق بالنبال ... نافث بالسحر فالنضيد النظيم ... الشتيت الشنيب والأسيل الوسيم ... الخضيب الخصيب والقوام القويم ... القضيب الرطيب الجزء: 1 ¦ الصفحة: 267 غصن ذو اعتدال ... مورق بالشعر مزهر بالجمال ... مثمر بالبدر من لدحيه شقيق ... خده كالشقيق أو كنار الحريق ... والحيا والرحيق والعذار الأنيق ... لازورد سحيق فوق خديه سال ... فهو في زنجفر شبه ثمل يخال ... واقفاً لا يسري لو رآه إبليس ... بالسجود أشتهر أو رأته بلقيس ... لحديد البصر فرعه كالليال ... فرقه كالفجر حرت بين الضلال ... والهدى في أمري وقد نسبت هذه الموشحة إلى القاضي السعيد أبي القاسم هبة الله ابن القاضي الرشيد أبي الفضل جعفر بن المعتمد بن سناء الملك، والأصح أنها لصاحب الجزء: 1 ¦ الصفحة: 268 الترجمة، وقد أثبتها أيضا له الشيخ صلاح الدين الصفدي في ترجمته وقال: وقد نظم في عصري في وقت - جماعة وعارضوه، فمنهم من خالف قوافيه - أقفاله -، - وكلفت شيئاً من ذلك - وقلت أنا موافقا له في سائر أقفاله - وقوافي حشواته - وهو: جامح في الدلال ... جانح للهجر خاطر في الجمال ... عاطر في النشر غصن بان رطيب ... قد زها بالطرب ينثني في كثيب ... بالصبا عن كثب ما لقلبي نصيب ... منه غير النصب قمر في كمال ... فوق غصن نضر طالعا لا يزال ... في دياجي الشعر الجزء: 1 ¦ الصفحة: 269 كم جلا بالسنا ... فرقه لي الصباح وحلا في الجنا ... مبسم كالآفاح إن رنا وانثنى ... أو تبدى ولاح يا خباء الغزال ... وافتفاح السمر واختفاء الهلال ... وكسوف البدر للعذار الرقيم ... خاله كالرقيب حول روض وسيم ... وسط نار تذيب في النعيم المقيم ... يتشكى اللهيب ذاق برد الظلال ... في لهيب الجمر واهتدى في الضلال ... ببروق الثغر شق خد الشقيق ... منه خد أنيق والقوام الرشيق ... فيه معنى دقيق كم سقاني الرحيق ... من فم كالعقيق الجزء: 1 ¦ الصفحة: 270 بعد ذاك الزلال ... ما حلالي صبري والقوام الممال ... قام فيه عذري غصن بان يميس ... في رياض الزهر ريقه الخندريس ... في دلال ظهر فيه در نقيس ... في عقيق بهر جفنه حين صال ... في حنايا صدري لو كفاني النبال ... لاكتفى بالسحر انتهى كلام الصفدي. ومن موشحات الموصلي وقد عارض بها موشحة القاضي الفاضل عبد الرحيم: بي من حوى الحسن كله ... وفاق غيد الأكلّة بدر تمام مصور ... ما فيه نقص الأهلّة الجزء: 1 ¦ الصفحة: 271 فشعره لليالي ... وفرقه للصباح وجفنه للنصال ... وقده للرماح وريقه للزلال ... وثغره للأقاح فلو رأى قيس دله ... أنساه حسن المدلة ولو تمعناه عنتر ... سلا محبة عبلة لي جنة وحرير ... بخده واحمراره ونضرة وسرور ... بصدغه واخضراره أعنبر أم عبير ... يجري بخط عذارة يحار فيه ابن مقلة ... حماه جفن ومقلة فذا يجرد خنجر ... وذا يفوق نبله من حمرة وبياض ... الاجتماع تولّد في وجنة كالرياض ... جنانها الخال أسود وبالصحاح المراض ... صان النقي من الخد الجزء: 1 ¦ الصفحة: 272 وكنت أضمرت قلبه ... لذا الجميل الجبلة بنظرة لي تظهر ... وتلتفي الصدغ غفلة نخده للهيب ... ونشره للغوالي وردفه للكثيب ... وجيده للغزال وعطفه للقضيب ... ووجهه للهلال قد أطلع الصدغ نمله ... فقلت للقلب نم له لعل بالصبر تظفر ... بوصله يا موله جفا الرقاد جفوني ... وبالسهاد ولوعي والعاديات شجوني ... والنازعات ضلوعي والذاريات شئوني ... المرسلات دموعي دمعي من الحب قلّة ... والشوق ما فيه قِلّة ونار وجدي تسعر ... وأدمعي مستهلة الجزء: 1 ¦ الصفحة: 273 وقد رأيت موشحة تشبه هذه وزنا وقافية، ولا أدري لمن هي، وهي: لي مهجة مضمحلة ... وأدمع مستهلة هذا الغزال المزنّر ... عقدت صبري فحلّه أما ولام عذار ... من العبير يخط ومبسم كالنضار ... فيه من الدر سمط ما إن خلعت عذاري ... في غير حبك قط ولا رضيت بذلة ... حتى تعشقت دله وكم تعزر قسور ... أتى رشا فأذله شكوت ما بي إليه ... فلم يرق لذلي فقلت لامت حتى ... تصبر في الحب مثلي وقلت في السر منه ... يا رب لا تستحب لي يا من جعلني مثله ... ما في البرية مثله لي أدمع تتحدر ... كالغيث إن دام هطله الجزء: 1 ¦ الصفحة: 274 قالوا السلو جميل ... فقلت لست بسال ذروا غرامي يطول ... إلى الرضاب الزلال وكيف تبقى عقول ... وربنا ذو الجلال قد صير السحر كله ... في مقلتي خشف وكل مقلة جوذر ... من حسنه مستمله وله يعارض كللي: جللي يا راح كأسى ... ولها كللي بالحلي وسورها ... ولها خلخلي من غرر: ... حبابك المنظوم مثل الدرر يا لخمر: ... كأنه الياقوت فوق الجمر والزهر: ... في الروض أمثال النجوم الزهر الجزء: 1 ¦ الصفحة: 275 فانقلي ... من دنك المختوم بالمندل وارسلي ... طيب الندا مع النسيم الشمأل قد قدح ... زناد أنوار الطلا في القدح والترح ... أدبر إذا أقبل منها الفرح وانشرح ... صدري بها والغم عني سرح فاجتلى ... لابنه الكرم من جدول سلسلي ... فقد شدا القمري مع البلبل ذي الشموس: ... بأيدي الأقمار تحكي الشموس في الكؤوس: ... بصرفها يصرف هم وبوس للنفوس: ... روح وريحان وهدى العروس الجزء: 1 ¦ الصفحة: 276 تنجلي عليّ في طرفيها الصندلي أنملي أخضبها من كأسها إن ملي وهي أطول من هذا، اختصرت بقيتها، وله موشحات غير ذلك كثيرة، وله نظم ونثر. رحمه الله تعالى. موفق الدين الكواشي 680هـ، 1281م أحمد بن الحسن بن يوسف الكواشي، العلامة الزاهد موفق الدين. صاحب التفسيرين، وله تصانيف مفيدة، ولما حج من دمشق اشترى ثلاثة أمداد قمح من قرية الجابية، لكونها فتح عمر بن الخطاب، رضي الله عنه، الجزء: 1 ¦ الصفحة: 277 وحملها على عاتقه إلى بلده ووزعها، وكان يعمل بالفاعل إلى حين أوان حصادها فحصدها، وشال منها قوته، وترك الباقي للزرع، فجعل كل سنة يفعل ذلك حتى فتح الله عليه ونما الزرع، فصار يجنيه في كل سنة ما يكفيه ويكفي الفقراء الذين عنده، وكان لا يقبل من أحد هدية. توفى سنة ثمانين وستمائة. الناصر لدين الله أمير المؤمنين 522 - 622هـ، 1157 - 1225م أحمد بن الحسن بن يوسف بن محمد، وقيل أحمد، بن عبد الله بن محمد بن عبد الله بن محمد ابن عبد الله بن أحمد بن إسحاق بن جعفر بن أحمد بن طلحة، وقيل محمد، بن جعفر بن محمد ابن هارون الرشيد بن محمد بن عبد الله بن محمد بن علي بن عبد الله بن عباس بن عبد المطلب، الخليفة أمير المؤمنين الناصر لدين الله، أبو العباس بن المستضيئ بن المستنجد بن المستظهر الهاشمي العباسي. بويع بالخلافة بعد وفاة والده في ذي القعدة سنة خمس وسبعين وخمسمائة، واستمر في الخلافة إلى أن توفي سنة اثنتين وعشرين وستمائة. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 278 وله سبعون سنة. ليس لذكره محل في تاريخنا هذا لأن وفاته قبل الخمسين وستمائة، وما ذكرناه هنا إلا لغريبة، وهو أنه أقام في الخلافة مدة طويلة نحوا من سبع وأربعين سنة، ولم نعلم أحدا من خلفاء بني العباس أقام هذه المدة الطويلة غيره، غير أن المستنصر العبيدي أقام في الخلافة نحوا من ستين سنة، وأيضا أبو الحكم عبد الرحمن الأندلسي، صاحب الأندلس بقي نحوا من خمسين سنة. انتهى. شهاب الدين بن عجلان المكي 842هـ، 1438م أحمد بن حسن بن عجلان بن رميثة، واسم رميثة منجد، بن أبي نمى محمد بن أبي سعد حسن بن علي بن قتادة بن إدريس بن مطاعن، الشريف الحسني المكي. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 279 نشأ بمكة ثم توجه إلى زبيد من بلاد اليمن مفارقا لأخيه بركات بن حسن بن عجلان أمير مكة، فمات بزبيد في سنة اثنتين وأربعين وثمانمائة. ابن الزين الحنفي 733هـ، 1332م أحمد بن الحسن، الشيخ الإمام العالم البارع شهاب الدين الزركشي الحنفي عرف بابن الزين. كان معدودا من فقهاء الحنفية، درس بالشابية أعاد، وله تواليف من ذلك. كتب شرحا على الهداية، وانتخب شرح الصاغاني، وغير ذلك، وكان له مشاركة جيدة في علوم كثيرة، وتصدر للإقراء والتدريس والإفتاء عدة سنين إلى أن توفي في ثامن عشرين شهر رجب سنة ثلاث وثلاثين وسبعمائة، وقيل في سنة سبع وثلاثين والأول أرجح رحمه الله تعالى. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 280 شهاب الدين بن قلاوون 788هـ، 1386م أحمد بن حسن بن محمد بن قلاوون. كان أسن أولاد الملك الناصر حسن، وكان مقيما بقلعة الجبل كالمحبوس بها على عادة أولاد السلاطين. والعادة كانت إقامة أولاد سلاطين مصر وذريتهم بالقلعة لا يتجاوز أحدهم باب القلعة، ودام ذلك إلى أن أطلقهم الملك الأشرف برسباي، ورسم لهم بالنزول إلى القاهرة في سنة خمس وعشرين وثمانمائة تقريبا، فنزلوا بأجمعهم، وصاروا يتعجبون من القاهرة وما بها من العمائر والأسواق، وتهتك بعضهم في المنتزهات، وافتقر كثير منهم، وفسد حالهم، وباع بعضهم أرزاقه وصار يدور الأسواق راجلا، وأخذ بعضهم يتعانى الغناء والطرب، وبعضهم اشترى جواري يحسنّ أنواع الطرب من آلات المساميع وصار يتردد إلى الناس بهن، وكان عندي إقامتهم بالقلعة على عادتهم الأولى أولى. وكان أمر الأشرف في نزولهم من القلعة كقول القائل: الجزء: 1 ¦ الصفحة: 281 رام نفعا فضر من غير قصد ... ومن البر ما يكون عقوقا توفي الشهابي أحمد المذكور في ليلة الخميس رابع عشر جمادى الآخرة سنة ثمان وثمانين وسبعمائة، ودفن بمدرسة أبيه السلطان حسن. رحمه الله تعالى. مجير الدين الخياط الدمشقي الشاعر 735هـ، 1334م أحمد بن حسن بن محمد، الأديب مجير الدين الخياط الدمشقي الشاعر. كان شاعراً ماهراً، مدح الأكابر والأعيان، وكان حلو المحاضرة، ظريفا، وله ديوان شعر. قال الشيخ صلاح الدين بن أيبك: وكان كثير الدعوى جداً، وشعره غث، ولكن يندر له الجيد، انتهى كلام ابن أيبك باختصار. قلت: توفي سنة خمس وثلاثين وسبعمائة. قلت: ولم يقع لي من شعره إلا اليسير، من ذلك: لا ترفعنّ دنيا ... فرفعه لك خفض ودسه حيث تراه ... بتركه فهو أرض الجزء: 1 ¦ الصفحة: 282 شهاب الدين الأذرعي الإمام 781 - 851هـ، 1379 - 1447م أحمد بن حسن بن علي بن محمد بن عبد الرحمن، الشيخ الإمام شهاب الدين الأذرعي الأصل، الدمشقي المولد والمنشأ، المصري الدار والوفاة. أحد أئمة الملك المؤيد شيخ المحمودي ومن بعده من السلاطين إلى أن توفي. أصله من أهل دمشق، واتصل بخدمة الأمير شيخ المحمودي في أيام نيابته بدمشق، وصار يؤم به، إلى أن كانت الوقعة بينه وبين الملك الناصر فرج بن برقوق في يوم الاثنين ثاني عشر المحرم من سنة خمس عشرة وثمانمائة، فما غربت الشمس من اليوم المذكور حتى انتصر الأمير شيخ المحمودي، وانهزم الملك الناصر فرج إلى نحو دمشق، فلما حضرت صلاة المغرب تقدم الإمام شهاب الدين هذا وصلى بالأمير شيخ ومن معه من الأمراء صلاة المغرب، فقرأ في الركعة الأولى بعد الفاتحة " واذكروا إذ أنتم قليل مستضعفون في الأرض تخافون أن يتخطفكم الناس فآواكم وأيدكم بنصره ورزقكم من الطيبات لعلكم تشكرون " فاستحسن منه ذلك، وتفاءل الأمير شيخ بتمام النصرة، ودام الإمام شهاب الدين بخدمة الأمير شيخ إلى أن قدم إلى الديار المصرية وتسلطن في السنة المذكورة، واستقر الجزء: 1 ¦ الصفحة: 283 بالإمام شهاب الدين من جملة الأئمة، وقربه وجعله من خواصه وندمائه، ولم يزل في الإمامة بعد موت الملك المؤيد شيخ إلى أن توفي في العشر الأول من جمادى الأولى سنة إحدى وخمسين وثمانمائة، وله نحو سبعين سنة. وكان له ميل زائد إلى النساء، ورزق عدة أولاد، وجالسته مرارا عديدة بالقلعة وغيرها، فوجدت له نوع مشاركة، وكان يجيد قراءة المحراب إلى الغاية، وكان لصوته نداوة وشجاوة، وكان يشارك في تأدي الموسيقى، وبالجملة كان له محاسن وهو بالنسبة إلى أخيه جمال الدين المتوفى قبل تاريخه كالشيخ محي الدين النووي إلى بعض العوام، رحمه الله تعالى. ابن قاضي الجبل 693 - 771هـ، 1293 - 1369م أحمد بن حسن بن عبد الله بن عمر بن محمد بن أحمد بن محمد بن قدامة أبو العباس وأبو محمد قاضي القضاة شرف الدين أبي الفضل بن الخطيب شرف الدين أبي الفضل بن شيخ الإسلام أبي عمر المقدسي الصالحي الدمشقي الحنبلي المعروف بابن قاضي الجبل. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 284 ولد في تاسع شعبان سنة ثلاث وتسعين وستمائة، سمع من محمد بن علي الواسطي، ومن أحمد بن عبد المؤمن الصوري خاتمة أصحاب الموفق بن قدامة، وإسماعيل بن الفراء، وتفي الدين سليمان، وجماعة أخر، وأجاز له أبو الفضل بن عساكر، وغيره. وخرج له ابن سعد جزءاً، وطلب الحديث، ودأب وحصل، وبرع في عدة فنون وصحب ابن تيمية وسمع منه، وتفقه به وبغيره، وأفتى ودرس، وصنف كتاب الفائق في الفقه وغيره، ومهر وفاق أقرانه، وولي قضاء الحنابلة بدمشق عوضاً عن جلال الدين يوسف بن محمد بن عبد الله المرداوي في يوم الثلاثاء ثامن شهر رمضان سنة سبع وستين، وحمدت سيرته، ودام في المنصب الجزء: 1 ¦ الصفحة: 285 إلى أن توفي ثالث عشر رجب سنة إحدى وسبعين وسبعمائة، وولي بعده علاء الدين علي بن محمد بن علي المقدسي. وكان إماماً عالماً بارعاً مفنناً، تقياً ديناً، علامة، فقيهاً محدثاً. ذكره الحافظ أبو عبد الله الذهبي في معجمه المختص بالمحدثين، وأثنى عليه، وكان له نظم ونثر. ومن شعر قوله: نبيّ أحمد وكذا إمامي ... وشيخي أحمد كالبحر طامي واسمي أحمد أرجو بهذا ... شفاعة سيد الرسل الكرام قاضي القضاة شرف الدين الكفري الحنفي 691 - 776هـ، 1291 - 1374م أحمد بن حسين بن سليمان بن فزارة، قاضي القضاة شرف الدين أبو العباس الكفري الحنفي الدمشقي، قاضي قضاة الحنفية بدمشق. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 286 كان إماماً فقيهاً عالماً، بارعاً، عارفاً بالأحكام، ناب في الحكم بدمشق سنين، ثم استقل بوظيفة القضاء، وحمدت سيرته، وشكرت أفعاله، وباشر القضاء بعفة ودين، وكان خليقاً للقضاء، ثم ترك المنصب لولده متنزهاً عن ذلك، وأخذ في الاشتغال والأشغال والعبادة إلى أن توفي بدمشق في سنة ست وسبعين وسبعمائة، بعد ما كف بصره، وله خمس وثمانون سنة، رحمه الله تعالى. الشيخ شهاب الدين بن أرسلان 773 - 844هـ، 1371 - 1440م أحمد بن حسين بن أرسلان، الشيخ الإمام العالم الصالح شهاب الدين المقدسي الشافعي. كان إماماً بارعاً صالحاً، عالماً بالفقه والحديث والتفسير وغير ذلك، مع التدين والعبادة والصلاح. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 287 توفي بالقدس في يوم الاثنين لثمان بقين من شهر رمضان سنة أربع وأربعين وثمانمائة، عن إحدى وسبعين سنة، ولم يخلف بعده بتلك الديار مثله، رحمه الله تعالى وعفا عنه. القاضي محي الدين المدني كاتب سر دمشق 751 - 818هـ، 1350 - 1415م أحمد بن الحسين بن إبراهيم، القاضي محي الدين، المدني الأصل، الدمشقي المولد والمنشأ والوفاة، كاتب سر دمشق. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 288 كان والده من المدينة النبوية، ثم رحل إلى دمشق واستوطنها، وولد له أحمد هذا، فنشأ أحمد المذكور بدمشق، وطلب العلم، وعانى كتابة الإنشاء، وصحب القاضي بدر الدين محمد بن مزهر، ولما مات ابن مزهر جعله وصية، ثم قدم القاهرة، وصحب القاضي فتح الدين فتح الله كاتب سر الديار المصرية، فاستكتبه في الإنشاء وعول عليه في المهمات السلطانية، ثم بعد موت القاضي فتح الله عاد إلى دمشق وولي كتابة سرها، إلى أن توفي ثالث شعبان سنة ثمان عشرة وثمانمائة. وكان ديناً فاضلاً عفيفاً، كثير التلاوة، متنسكاً ورعاً، مشكور السيرة، رحمه الله تعالى. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 289 نجم الدين الحراني الحنبلي 603 - 695هـ، 1206 - 1295م أحمد بن حمدان بن شبيب بن حمدان بن شبيب بن حمدان بن محمود، الشيخ الإمام العلامة بقية المشايخ مسند الوقت نجم الدين أبو عبد الله الحراني شيخ الحنابلة في وقته، ومصنف في الرعاية في الفقه. ولد سنة ثلاث وستمائة بحران. قال الحافظ أبو عبد الله الذهبي: سمع من الحافظ عبد القادر خمسة عشر جزءاً، ومن فخر الدين بن تيمية، ومن ابن روزبة، وأبي علي الأوقي، وابن صباح وابن غسان، وجماعة، وتفقه في المذهب ودرس وأفتى، وله الرعاية الكبيرة والصغيرة، وحشاهما بالرواية الغربية التي لا تكاد توجد في الكتب لكثرة إطلاعه الجزء: 1 ¦ الصفحة: 290 وتبحره في المذهب. وكان له يد طولى في الأصول والخلاف والجبر والمقابلة، وله قصيدة طويلة في السنة، وأجاز لي مروياته، وكان أبوه من فقهاء حران، انتهى كلام الذهبي. قلت: وكانت وفاته سنة خمس وتسعين وستمائة، رحمه الله تعالى. العلامة شهاب الدين الأذرعي 709 - 783هـ، 1309 - 1381م أحمد بن حمدان بن أحمد بن عبد الواحد بن عبد الغني بن محمد بن أحمد بن سالم بن داود بن يوسف بن جار، الشيخ الإمام العالم شهاب الدين أبو العباس الأذرعي الشافعي. مولده في إحدى الجمادين من سنة تسع وسبعمائة، وسمع من علي القاسم بن عساكر، والحجاز، وغرهما، وقرأ بنفسه على المزي والذهبي، وكان يعجبان بقراءته، وسمع الجزء: 1 ¦ الصفحة: 291 علي صدر الدين علي بن عبد المؤمن بن عبد العزيز الحارثي، وأجاز له جماعة من أهل دمشق ومن مصر، وخرج الشيخ شهاب الدين أحمد بن حجي جزءاً حدث به، وأخذ الفقه عن شيوخ دمشق، وغيرهم. قال القاضي علاء الدين بن خطيب الناصرية: تفقه بدمشق على العلامة تقي الدين أبي الحسن السبكي، وبالقدس على الإمام تقي الدين أبي الفداء إسماعيل بن علي بن الحسين القلقشندي، وغيرهما، ورجع إلى دمشق ولازم الفخر المصري، وهو الذي أذن له، وشهد له بالأهلية عند السبكي، وبرع في المذهب، ثم قدم حلب نائباً في القضاء عن قاضي القضاة نور الدين أبي عبد الله محمد الصائغ الشافعي الجزء: 1 ¦ الصفحة: 292 بعد سنة أربعين وسبعمائة، فسكن بالمدرسة العصرونية، ثم ترك نيابة الحكم واستمر يشغل ويفيد ويفتي ويصنف ويدرس، وانتفع الناس به وبفتاويه، ورُحل إليه من البلاد، وصنف كتباً منها: التوسط والفتح بي الروضة والشرح، وهو كتاب كبير كثير القول والفوائد، وشرح المنهاج للنووي شرحين مفيدين: سمى أحدهما القوت والآخر الغنية، واختصر الحاوي للماوردي، وكتب على المهمات ولم يكمله. وكان رحمه الله فقيه النفس، محكماً للفقه، مليح المحاضرة، كثير الإنشاد للشعر، وله نظم، قوالاَ بالحق، ينكر المنكر، ويخاطب نواب حلب بخطاب فيه غلط، كثير الفوائد، ولديه فضائل وكياسة وحشمة وإنسانية ومروءة، ومحبة لأهل العلم، خصوصاً للغرباء، محسناً إليهم، معتقداً لأهل الخير، ديناً صالحاً. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 293 وكان كثير الانقطاع، ملازماً لبيته يصنف، ولا يخرج إلا للضرورة، ودرس بالمدارس الظاهرية والأسدية والبلدية، ودار الحديث البهائية، بحلب استقلالاً. وكان الشيخ زين الدين أبو حفص عمر الباريني الشافعي نزيل حلب، مع جلالة قدره يجتمع عنده فتاوى يستشكلها فيأتيه فيسأله عنها، انتهى كلام ابن خطيب الناصرية. قلت: ومن نظم العلامة شهاب الدين المذكور قوله: كيف لا يستجيب ربي دعائي ... وهو سبحانه دعاني إليه مع رجائي لفضله وابتهالي ... واتكالي في كل خطب عليه وله غير ذلك. توفي يوم الأحد خامس عشرين شهر جمادى الآخرة سنة ثلاث وثمانين وسبعمائة، بحلب، رحمه الله تعالى. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 294 الشيخ مجد الدين الشيبي 642 - 712هـ، 1244 - 1312م أحمد بن ديلم بن محمد بن إسماعيل بن عبد الرحمن بن ديلم بن محمد، الشيخ مجد الدين أبو العباس الشيبي المكي، شيخ الحجبة، وفاتح الكعبة. قيل أنه ولي فتح الكعبة أربعين سنة. ولد سنة اثنتين وأربعين وستمائة، سمع من ابن الفضل المرسي الأربعين للفراوي، وعلى ابن مسدي السيرة لأبي إسحاق، والزهد والرقائق لابن المبارك، والنجم والكوكب للإقليشي عن محمد بن عبد الحق بن سليمان الدلاص إجازة الجزء: 1 ¦ الصفحة: 295 إن لم يكن سماعاً عنه، والأربعين المختارة من تأليفه، وشيئاً في فضائل رمضان، وما يترجى لصوامه من رحمة الرحمن، كلاهما من تأليفه، وعلى يعقوب بن أبي بكر الطبري الجزء الثاني من جامع الترمذي، وحدث، وسمع منه جماعة، وكان لديه فضائل، وعنده دين وخير. توفى في عاشر ذي القعدة سنة اثنتي عشرة وسبعمائة بمكة، رحمه الله تعالى. شهاب الدين المجدي 767 - 850هـ، 1365 - 1446م أحمد بن رجب بن طيبغا، الشيخ الإمام العالم العلامة شهاب الدين الشهير بابن المجدي الشافعي. مولده بالقاهرة في سنة سبع وستين وسبعمائة، ونشأ بها، وتفقه على مذهب الشافعي، رضي الله عنه، ولازم علماء عصره، واجتهد في طلب العلم إلى أن برع في الفقه، والفرائض، والحساب، والعربية، وتصدر للإقراء والتدريس مدة طويلة، وانتفع به الطلبة، وتفقه به جماعة من أعيان الطلبة، وكان له مشاركة الجزء: 1 ¦ الصفحة: 296 في علوم كثيرة لا سيما في الفرائض، والحساب، والهندسة، والميقات، فإنه فاق في هذه العلوم أهل عصره، وانفرد بها، وما برح مستمراً على الاشتغال والأشغال والتصنيف، ومصنفاته كثيرة مشهورة. توفى ليلة السبت حادي عشر ذي القعدة سنة خمسين وثمانمائة، رحمه الله تعالى. رمضان التركماني 819هـ، 1416م أحمد بن رمضان، الأمير شهاب الدين التركماني الآجقي، أمير التركمان، ومقدمهم بإياس، وأذنة، وسيس. كان عنده إقدام وشجاعة، مع طيش ومحبة للفتن، وكان تارة يطيع السلطنة وتارة يشاقق، ويكثر من الفساد، وتجردت العساكر الحلبية إليه مرارا عديدة، الأولى سنة ثمانين وسبعمائة، وكان أمير التركمان إذ ذاك أخوه إبراهيم والنائب بحلب تمرباي التمرداشي، وانكسر العسكر الحلبي منه في هذه المرة، والثانية في الجزء: 1 ¦ الصفحة: 297 سنة خمس وثمانين والنائب بحلب الأمير يلبغا الناصري، وأمير التركمان أخوه إبراهيم أيضاً، فجرى بينهم في هذه الوقعة أمور يطول شرحها، ثم انهزم ابن رمضان المذكور إلى جهته، ودام على العصيان مدة سنين، إلى أن دخل تحت طاعة الملك الناصر فرج بن برقوق، وقدم ديار مصر في سنة ثلاث عشرة وثمانمائة، وتزوج السلطان الملك الناصر بابنته، وأسكنها تحت كنف كريمتي، لأنها كانت إذ ذاك هي خوند الكبرى، وصاحبة القاعة، ثم أفرد لها الناصر بيتاً من الدور السلطاني، وأقام ابن رمضان بالقاهرة مدة يسيرة، وخلع عليه بالإمرة وتوجه إلى بلاده، وأقام بها إلى أن توفي سنة تسع عشرة وثمانمائة. وكان أميراً شجاعاً، مقداماً، مهاباً، ذا همة عالية وكرم مفرط، وتدبير وسياسة، وعمر دهراً، إلا أنه كان كثير الخروج عن الطاعة، وكان بينه وبين والدي صحبة أكيدة ومحبة، ولما أن خرج والدي من نيابة دمشق فاراً، عندما أرد الملك الناصر القبض عليه في سنة أربع وثمانمائة إلى حلب، وانضم إليه نائبها الأمير تمرداش المحمدي، ووقع لهما مع العساكر المصرية ما حكيناه في غير هذا الموضع، وآل الجزء: 1 ¦ الصفحة: 298 أمره إلى أن انهزم بعد حروب طويلة، وولي مكانه بدمشق الأمير أقبغا الجمالي، وتولى دقماق المحمدي نيابة حلب عوضاً عن تمرداش، قصد ابن رمضان هذا، فلما قارب بلاده خرج إلى تلقيه، وأنزله عنده وأكرمه غاية الإكرام، وأجرى عليه الرواتب الهائلة، وقدم له التقادم السنية، ودام عنده نحو السنة، إلى أن أرسل الملك الناصر إليه بالأمان وقدم إلى الديار المصرية، وأنعم عليه بتقدمتى ألف، وإمرة طبلخاناة، زيادة على التقدمتين، ودامت الصحبة بينهما إلى أن توفي والدي بدمشق في نيابته الثالثة في سنة خمس عشرة وثمانمائة، رحمه الله. شهاب الدين المصري الدمشقي النحوي 664هـ، 1265م أحمد بن سالم، الشيخ الإمام العالم شهاب الدين المصري الأصل، الدمشقي الدار والوفاة، الحنفي النحوي. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 299 كان إماماً زاهداً، فقيهاً، مجرداً، ماهراُ في العربية، سكن دمشق وتصدر بها للأشغال، ودرس بالناصرية، ومقصورة الحنفية، وكان بصيراُ بالفقه وأصوله، وعنده ذكاء، وخلق حسن، ويميل إلى دين وخير، وله أوراد هائلة. توفى في شوال سنة أربع وستين وستمائة. رحمه الله تعالى. الصاحب تاج الدين بن الأثير 691هـ، 1291م أحمد بن سعيد بن محمد، الصاحب تاج الدين بن شرف الدين بن شمس الدين بن الأثير الحلبي، الموقع. وأولاد ابن الأثير هؤلاء غير بني الأثير الموصليين. وكان تاج الدين المذكور بارعاً فاضلاً، معظماً في الدول، باشر الإنشاء بدمشق الجزء: 1 ¦ الصفحة: 300 ثم بمصر للملك الظاهر بيبرس، ثم للملك المنصور قلاوون، وكان له نظم ونثر، وعلى كلامه رونق وطلاوة. ومن عجيب ما اتفق أن الأمير عز الدين أيدمر السناني النجيبي الدوادار أنشد تاج الدين المذكور عند قدومه إلى القاهرة في الأيام الظاهرية أول اجتماعه به، ولم يكن يعلم اسمه ولا اسم أبيه، قول الشاعر: كانت مساءلة الركبان تخبرني ... عن أحمد بن سعيد أطيب الخبر حتى التقينا فلا والله ما سمعت ... أذني بأحسن مما قد رأى بصري فقال له تاج الدين: يا مولانا أتعرف أحمد بن سعيد؟ فقال لا، فقال المملوك أحمد بن سعيد. ودام تاج الدين إلى أن ولي كتابة السر بعد فتح الدين بن عبد الظاهر شهراً ومات بغزة ذاهباً إلى القاهرة في شوال سنة إحدى وتسعين وستمائة، وولي بعده الجزء: 1 ¦ الصفحة: 301 ابنه عماد الدين إسماعيل كتابة السر إلى أن عزل بالقاضي شرف الدين عبد الوهاب بن فضل الله العمري، انتهى. أبو العباس بن أبي الخير الحنبلي 589 - 678هـ، 1193 - 1279م أحمد بن سلامة بن إبراهيم بن سلامة بن معروف بن خلف، المسند المعمر، أبو العباس بن أبي الخير الدمشقي الحنبلي، المقرئ، الخياط، الدلال. مولده في شهر ربيع الأول سنة تسع وثمانين وخمسمائة، سمع من شمس الدين أحمد بن عبد الواحد البخاري والد الفخر، والكندي، وأجاز له من أصبهان خليل بن أبي الرجاء الرزاني، ومحمد بن إسماعيل الطرسوسي، ومسعود بن أبي الجزء: 1 ¦ الصفحة: 302 منصور الجمال، وعبد الرحمن الكاغدي، وتفرد في الدنيا عنهم، وأجاز له طائفة من أصحاب: فاطمة الجوزدانية وأبي عبد الله الخلال، وأجاز له من مصر البوصيري، وفاطمة بنت سعد الخير، وابن نجا، وعلي بن حمزة، والحافظ عبد الغني، وأبو عبد الله الأرتاحي، وغيرهم، وأجاز له من بغداد ابن كليب، الجزء: 1 ¦ الصفحة: 303 وابن بوش، وأبو الفرج بن الجوزي، وعبد الخالق بن البندار، وعبد الله بن محمد بن عليان، وطائفة من أصحاب ابن الحصين، وقاضي المارستان، وأجاز له من دمشق أبو طاهر الخشوعي، وأبو جعفر القرطبي، وأبو محمد بن عساكر، وغيرهم، وسمع منه عمر بن الحاجب بعرفات، وروى عنه الحافظ شرف الدين الدمياطي، وابن الحلوانية، وابن الخباز، وابن العطار وابن جعوان، الجزء: 1 ¦ الصفحة: 304 والحافظ المزي، وابن أبي الشريشي، وابن تيمية، وأخوه أبو محمد، والمجد بن الصيرفي، والبرزالي، وأبو بكر بن شرف، وأجاز له للحافظ الذهبي وطائفة سواهم. قال الحافظ الذهبي: سألت المزي عنه فقال: شيخ جليل متيقظ، تفرد بالرواية عن جماعة، وحدث سنين، وأضر بآخره، انتهى. قلت وكانت وفاته في يوم عاشوراء سنة ثمان وسبعين وستمائة، رحمه الله تعالى. الملك الأشرف صاحب الحصن 836هـ، 1432م أحمد بن سليمان، الملك الأشرف شهاب الدين بن الملك العادل بن الملك المجاهد غازي بن الملك الكامل محمد بن الملك العادل أبي بكر بن الأوحد عبد الله بن الملك المعظم توران شاه بن السلطان الملك الصالح نجم الدين أيوب بن الكامل أبي المعالي محمد بن العادل أبي بكر بن نجم الدين أيوب بن شادي. صاحب حصن كيفا، وأعمالها من دياربكر. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 305 ولي الملك بعد وفاة والده الملك العادل سليمان في سنة سبع وعشرين وثمانمائة، وكان محبباً للرعية لوفور عقله، وحسن سياسته، ودينه، وكان عنده فضل ومشاركة في فنون، وله كرم وأفضال وشجاعة، وكان له ميل زائد إلى الأدب، وله نظم جيد. ولما توجه الملك الأشرف برسباي في سنة ست وثلاثين وثمانمائة من الديار المصرية إلى آمد، ونزل عليها وحصرها، بلغة أن الأشرف هذا له غرض تام في اجتماعه به على آمد، فأرسل بريديا يطلبه، فلما حضر البريدي إليه، جمع الملك الأشرف أحمد هذا أكابر دولته واستشارهم، فأشاروا عليه بالتوجه إلى الملك الأشرف برسباي، فخرج المذكور من حصن كيفا بعد أيام قلائل، وصحب معه الهدايا والتحف، إلى أن كان في أثناء طريق آمد، والوقت آخر النهار، خاف أن تفوته صلاة العصر، فحرك فرسه وانفرد من جماعته في نفر قليل، وتقدم بهم ونزل في غابة، وتوضأ وأحرم، فقبل أن يتم صلاته خرج عليه جماعة من أعوان الأمير عثمان بن طرعلي الشهير بقرايلك واحتاطوا به، ورموا عليه بالسهام فأصابه الجزء: 1 ¦ الصفحة: 306 سهم في خاصرته، فلم يكترث لذلك، وأتم صلاته، ولما خرج من صلاته أخذ قوسه، وكان يجيد الرمي إلى الغاية، ورمى عليهم، فتكاثروا عليه بالرمي إلى أن أصابه سهم آخر وآخر، فقتل، ثم أدركه بعض عسكره وحملوه، وعادوا به إلى بلده الحصن. وقد مات من يومه، ودفن بالحصن من الغد، وذلك في شوال سنة ست وثلاثين وثمانمائة. وتسلطن من بعده أكبر أولاده الملك الكامل خليل، وهو إلى يومنا هذا سلطان حصن كيفا. ولما بلغ الملك الأشرف برسباي موته، وما وقع له، وهو على حصار مدينة آمد، عظم عليه ذلك إلى الغاية، ووجد عليه وجداً كثيراً. وقتل الملك الأشرف أحمد هذا وهو في أوائل الكهولة. حدثني جماعة من أصحابه أنه كان معتدل القامة، أسود اللحية، أخضر اللون، ظريفاً، رشيقاً يجيد اللعب بالكرة إلى الغاية، كثير الصيد والتنزه، على أنه كان شجاعاً مقداماً كريماُ، وله نظم رائق على ما قيل. رحمه الله تعالى. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 307 أمير المؤمنين الحاكم بأمر الله 753هـ، 1352م أحمد بن سليمان بن أحمد بن محمد بن الحسن بن علي القبي، الخليفة أمير المؤمنين الحاكم بأمر الله أبو العباس بن الخليفة المستكفي بالله أبي الربيع سليمان بن الحاكم بأمر الله أبي العباس أحمد، العباسي الهاشمي المصري. مولده بالقاهرة، بويع بالخلافة بعد وفاة والده المستكفي بالله بقوص العشرين من شعبان سنة إحدى وأربعين وسبعمائة، وسار في الخلافة على قاعدة خلفاء زماننا هذا، ليس له من الخلافة إلا الاسم فقط. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 308 ودام على ذلك إلى أن توفي سنة ثلاث وخمسين وسبعمائة، وقيل سنة أربع، وولي الخلافة من بعده أخوه المعتضد من غير عهد منه، وذلك أنه لما مات ولم يعهد بالخلافة لأحد، وكان إذ ذاك مدبر المملكة الأمير شيخو، والأمير طاز، ونائب السلطنة الأمير قبلاي، والسلطان الملك الصالح بن محمد بن قلاوون، فجمع الأمير شيخو الأمراء والقضاة بحضرة السلطان، وجمع بني العباس، وعقد مجلس بسبب ذلك، فوقع الاختيار على أبى بكر بن المستكفي بالله أبي الربيع سليمان، يعني أخو المتوفى، فبويع بالخلافة، ولقب بالمعتضد، يأتي ذكره إن شاء الله تعالى في الكنى، يطلب هناك، إن شاء الله تعالى، انتهى. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 309 تقي الدين بن أبي العز الحنفي 685هـ، 1286م أحمد بن سليمان بن أبي وهيب، الشيخ الإمام العالم العلامة تقي الدين ابن العلامة صدر الدين، وأخو العلامة قاضي القضاة شمس الدين محمد الحنفي، يأتي ذكر كل واحد منهما في محله إن شاء الله تعالى. كان إماماً عالماً، فاضلاً بارعاً، تفقه بوالده، وغيره من أعيان العلماء الحنيفة، وتصدر للإفتاء والتدريس مدة طويلة، ودرس بالشبلية، وكان صدراً من الصدور، ملازماً للاشتغال والإشغال، انتفع به الطلبة، وتفقه به جماعة من العلماء إلى أن توفي سنة خمس وثمانين وستمائة. رحمه الله تعالى. شرف الدين بن المرجاني 659هـ، 1260م أحمد بن سليمان بن أحمد بن سليمان، قاضي الإسكندرية، شرف الدين أبو العباس، المعروف بابن المرجاني، المقرئ المالكي. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 310 كان من الأئمة العلماء، درس وأفتى، وناب في القضاء، ثم استقل به، وكان من أعيان فقهاء الثغر، روى عنه الحافظ شرف الدين الدمياطي، وغيره. توفى سنة تسع وخمسين وستمائة، رحمه الله تعالى. ابن شاه رخ بن تيمور 839هـ، 1435م أحمد بن القان معين الدين شاه رخ بن تيمورلنك كور كان، المعروف بأحمد جوكي. كان من أعيان أولاد شاه رخ، وممن له سطوة وإقدام وشجاعة، وكان أبوه شاه رخ يرسله في العساكر إلى الأقطار، وفتح أحمد جوكي المذكور عدة بلاد وقلاع، ووقع بينه وبين إسكندر بن قرا يوسف متملك تبريز حروب ووقائع يطول شرحها، آخرها في سنة تسع وثلاثين وثمانمائة، بعثه والده شاه رخ على عسكر معه الأمير بابا حاجي في إثر إسكندر نجدة لقرايلك، فقدما بمن معهما بعد هزيمة قرا يلك وقتله، فلقي إسكندر مقدمة هذا العسكر على ميا فارقين من دياربكر، وقاتلهم وقتل منهم، ثم انهزم إسكندر إلى جهة بلاد الروم، فملك أحمد جوكي هذا أرزن الروم ونزلها، وفرض على أهلها مالا عظيماً، وتزوج بابنة قرايلك، وأخذ منها نحواً من ألف حمل دقيق وشعير تقوية لعساكره، ثم عاد إلى الجزء: 1 ¦ الصفحة: 311 جهة أبيه شاه رخ، وقد نزل شاه رخ على قرا باغ ليشتي هناك، كما كان أبوه تيمور يشتي به، فما وصل أحمد جوكي حتى مرض ولزم الفراش، وطال مرضه إلى أن توفي في شعبان من سنة تسع وثلاثين وثمانمائة، فاشتد حزن والده عليه، وعظم مصابه، فإنه فقد ثلاثة أولاد وهم أميرزه إبراهيم، وباي سنقر، وأحمد جوكي هذا، في أقل من سنة واحدة. وجوكي بجيم مضمومة وبعدها واو ساكنة، وكاف مكسورة، وياء آخرة الحروف. تقدم التعريف بحاله في أول ترجمته. بدر الدين الشيباني الصالحي العطار 597 - 685هـ، 1200 - 1286م أحمد بن شيبان بن تغلب بن حيدرة، الشيخ المسند المعمر، بدر الدين أبو العباس الشيباني الصالحي، العطار، ثم الخياط. ولد سنة سبع وتسعين، وقيل سنة ثمان وتسعين وخمسمائة، سمع من حنبل جميع المسند ومن ابن طبرزد، وأكثر من الكندي، وابن الحرستاني، وجماعة، الجزء: 1 ¦ الصفحة: 312 وأجاز له جعفر الصيدلاني، وأبو الفخر أسعد بن سعيد، والمفتي خلف بن أحمد الفراء، وداود بن محمد بن ماشاذه، وزاهر بن أبي طاهر، وعبد الرحيم بن محمد بن حموية الراوي معجم الطبراني الكبير حضوراً عن ابن نهشل العنبري، وعبد الواحد بن أبي مطهر الصيدلاني، وأبو زرعة عبيد الله بن اللفتواني، وعفيفة الفارقانية، وطائفة سواهم. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 313 وروى عنه الحافظ شرف الدين الدمياطي، وتقي الدين بن الحنبلي القاضي، وجماعة من القدماء، وابن الخباز، وابن تيمية، والحافظ المزي، والبرزالي، وابن المهندس، وخلق سواهم. توفى سنة خمس وثمانين وستمائة، رحمه الله تعالى. الملك المظفر بن الملك المؤيد شيخ 822 - 833هـ، 1419 - 1429م أحمد بن شيخ، الملك المظفر أبو السعادات، بن السلطان الملك المؤيد أبي النصر شيخ المحمودي الظاهري. تولى الملك المظفر السلطنة يوم مات أبوه الملك المؤيد بعهد منه، على مضي خمس درج من نصف يوم الاثنين تاسع المحرم سنة أربع وعشرين وثمانمائة، وعمر المظفر إذ ذاك سنة واحدة وثمانية أشهر وسبعة أيام، وأمه خوند سعادات بنت الأمير صرغتمش، أحد أمراء دمشق، ولما استقر المذكور في السلطنة تولى الأمير الجزء: 1 ¦ الصفحة: 314 ططر، أمير مجلس، تدبير ملكه، وأخذ ططر وأعطى، وقرب وأبعد في المملكة، وع طيش وخفة وإسراف مفرط، إلى أن حسن بباله أن يتجرد الملك المظفر إلى نحو البلاد الشامية، فتجرد به إلى أن وصل إلى حلب، بعد أن وقع له بدمشق أمور وحوادث مع الأتابكي الطنبغا القرمشي وغيره، ثم مع الأمير جقمق الأرغون شاوي الدوادار، نائب دمشق، ثم عاد ططر من حلب إلى دمشق، وصحبته الملك المظفر المذكور وكان ططر قد تزوج بأم الملك المظفر هذا خوند سعادات، لمعنى من المعاني. فلما استقر بدمشق قبض على جماعة من الأمراء من المؤيدية، يأتي ذكر كل واحد في ترجمته إن شاء الله تعالى، وأنعم باقطاعاتهم على إخوانه وحفدته، وصفا له الوقت. وأخذ يدبر في خلع المظفر وسلطنة نفسه، وتسلطن ططر، ولقب بالملك الظاهر، يأتي ذكر ذلك مفصلاً في ترجمته، وذلك في يوم تاسع عشرين شهر شعبان من سنة أربع وعشرين وثمانمائة، ثم سافر بالملك المظفر عائداً الجزء: 1 ¦ الصفحة: 315 إلى ديار مصر بعد أن طلق أمه خوند سعادات، إلى أن وصل إلى القاهرة، حبسه بالدور مدة، ثم نقل الملك المظفر مع أخيه الصغير إلى الإسكندرية فسجنا بها إلى أن ماتا بالطاعون. وكانت وفاة الملك المظفر بالإسكندرية في ليلة الخميس آخر جمادى الأولى سنة ثلاث وثلاثين وثمانمائة، ودفنا بالثغر، ثم نقلا بعد مدة إلى القاهرة، ودفنا عند والدهما بالقبة من الجامع المؤيدي، يعني المظفر وأخاه. وكان الملك المظفر ذا شكالة حسنة إلى الغاية، إلا أنه كان بعينيه حول فاحش، حصل له ذلك عند سلطنته، وهو أنه لما تسلطن استوحش من مرضعته وبكى، فأجلست بجانبه، ثم دقت الكوسات على غفلة، فارتعب من ذلك وحصل بعينيه خلل، ولم يلتفت إلى هذا المعنى إذ ذاك لكثرة الغوغاء، ولم يفطن به إلا بعد مدة طويلة. قلت: أفادته السلطنة الحول والحبس إلى أن توفي، فكل هذا من سوء تدبير والده، حيث جعل العهد في هذا الطفل، وهو أحد من نازع ابن أستاذه الملك الجزء: 1 ¦ الصفحة: 316 الناصر فرج في الملك، مع ما كان الناصر عليه من الفروسية والكرم وكثرة مماليك والده الملك الظاهر برقرق، ولازال عليه المؤيد إلى أن خلعه من السلطنة وقتله، حسبما سنذكره في ترجمته إن شاء الله تعالى، فكيف المؤيد بعد ذلك يسلطن ولده المظفر هذا مع صغر سنه وضعف حاله، فإن مماليكه ليست في الكثرة كمماليك برقوق، ولا سن هذا الملك الناصر فرج، ولا حرمته كحرمته، وما أظن هذا الأمر إلا من مهملات الضعف والغلبة. انتهى. أبو جعفر القيسي المغربي أحمد بن صابر، أبو جعفر القيسي المغربي. كان إماماً بارعاً، فاضلاً كاتباً، مترسلاً شاعراً، حسن الخط، يتمذهب بمذهب أهل الظاهر. قيل: إنه كان كاتباً للأمير أبي سعيد فرج بن السلطان الغالب بالله بن الأحمر ملك الأندلس، وكان المذكور يرفع يديه في الصلاة على ما صح في الحديث عنده، فبلغ ذلك السلطان المذكور فتوعده بقطع يديه، فضج من ذلك وقال: إن إقليماً تمات فيه سنة من سنن رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى يتوعد الجزء: 1 ¦ الصفحة: 317 بقطع اليد من يقيمها الجدير أن يرحل منه، فخرج وقدم إلى ديار مصر بعد السبعمائة، وسمع بها الحديث. أنشدني الحاكم بن الفرات إجازة، قال: أنشدني خليل بن أيبك إجازة، أنشدني أبو إسحاق إبراهيم النحوي المالقي قال: أنشدنا أبو جعفر بن صابر لنفسه: أتنكر أن تبيض رأسي لحادث ... من الدهر لا يقوى له الجبل الراسي وكل شعار في الهوى قد لبسته ... فرأسي أموي وقلبي عباسي الملك المنصور بن أرتق 769هـ، 1367م أحمد بن صالح بن غازي بن قرا أرسلان بن أرتق، الملك المنصور بن الملك الصالح صالح ابن الملك المنصور صاحب ماردين من دياربكر وابن صاحبها. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 318 ولي السلطنة بعد موت والده في سنة ست وستين وسبعمائة، وكانت مدة ملك والده أربعاً وخمسين سنة، ولما تسلطن بعده ولده هذا صاحب الترجمة، لم تطل أيامه وعاجلته المنية، فمات في سنة تسع وستين وسبعمائة، فكانت مدة ملكه نحواً من ثلاث سنين، لكنه رأى وقناً في أيام والده، رحمهما الله تعالى، وولي الملك من بعده ولده الملك الصالح محمود، فأقام أربعة أشهر، وخلع بعمه الملك المظفر داود بن الملك الصالح صالح، والملوك الأرتقية جماعة كبيرة يأتي ذكر كل واحد منهم في محله إن شاء الله تعالى. شهاب الدين المحلي 844هـ، 1440م أحمد بن صالح، الشيخ الإمام العلامة شهاب الدين أبو العباس المحلي الشافعي. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 319 مولده ......... كان إماماً بارعاً في الفقه والأصول والفرائض والنحو والتصريف، وتصدر للتدريس عدة سنين، وخطب مدة مع سلوك ونسك وعبادة وصلاح، وكان للناس فيه اعتقاد حسن، ولم يزل على ذلك إلى أن توفي يوم الأربعاء ثامن عشرين ذي الحجة سنة أربع وأربعين وثمانمائة. رحمه الله. والمحلة مدينة كبيرة من قرى الغربية من أعمال القاهرة. انتهى. شهاب الدين بن السفاح 835هـ، 1431م أحمد بن صالح بن أحمد بن عمر، القاضي شهاب الدين القاضي صلاح الدين، المعروف بابن السفاح، الحلبي الأصل والمولد والمنشأ والدار، المصري الوفاة، كاتب السر بالمملكة الحلبية، ثم بديار مصر. هو من بيت رئاسة ووجاهة وعراقة بحلب، ولي كتابة سر حلب هو وأبوه وأخوه، وطالت مدته في كتابة سر حلب، وبنى بها جامعاً، وعدة أملاك، ثم أشخص إلى القاهرة، وولي كتابة السر بها، بعد موت السيد الشريف الجزء: 1 ¦ الصفحة: 320 شهاب الدين أحمد بن إبراهيم ين عدنان الدمشقي، وبعد موت أخيه عماد الدين أبي بكر، وذلك في سنة ثلاث وثلاثين وثمانمائة، وتولى كتابة سر حلب من بعد ولده سراج الدين عمر. فباشر شهاب الدين المذكور كتابة سر مصر بغير دربة، وعدم سياسة لأهل مصر، فلم ينتج أمره، وصار لا يلتفت إليه في الدولة، لما كان احتوى عليه من الجهل، وعدم معرفة صناعة الإنشاء، مع طيش وخفة وحدة مزاج وهرج، وكان يتكلم في بعض الأحيان مع نفسه كلاماً كثيراً يظهر منه ذلك في الملأ من الناس، وكان يتكرر منه ذلك إلى أن يحتد من نفسه، ويظهر عليه الغضب، وكان يعتريه ذلك حتى في الصلاة. وكان باشر التوقيع عند والدي في نيابة لحلب، فأخذ مرة يحدثني عن ما وقع له بحلب، وشرع يتكلم، وقبل أن يتم الحكاية تركها والتفت يحدث نفسه، وانفض المجلس على ذلك، وكان لا يعتريه ذلك غالباً إلا في حالة الغضب، أو إذا شرع في أمر مهم. وكان إذا الجزء: 1 ¦ الصفحة: 321 تكلم من كلامه أنه غير فاضل، ووقع له مرة أنه أرسل من حلب وهو كاتب سرها كتاباً إلى الملك الأشرف برسباي بواقعة حال، وكان القاضي بدر الدين محمد بن مزهر إذ ذاك كاتب سر مصر، وكانت كتابة ابن السفاح هذا ضعيفة قلقة، وتركيب ألفاظه في الكتب ركيكة، فلم يفهم ابن مزهر ما تضمنه الكتاب، فختمه ثانياً وأرسله في طي كتاب يقول فيه قد عجزنا عن فهم ما في كتابك، فالمخدوم ينقل خطواته إلى الديار المصرية ليقرأه على مولانا السلطان، فعزم بسبب هذا الكتاب جملة مستكثرة. ولم يزل في وظيفة كتابة السر إلى أن توفي في ليلة الأربعاء رابع عشر شهر رمضان سنة خمس وثلاثين وثمانمائة عن ثلاث وستين سنة، وتولى كاتب السر الصاحب كريم الدين عبد الكريم بن كاتب المناخ، رحمهما الله تعالى. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 322 أبو الرضا بن أبي اليسر التاجر 529 - 592هـ، 1134 - 1195م أحمد بن طارق بن سنان بن محمد بن طارق القرشي الكزكي، ينسب إلى كزك البقاع. كان أبوه قاضياً بها، كنيته أبو الرضاء بن أبي اليسر التاجر، نزيل بغداد، لقي المشايخ وحصل، وسافر الكثير إلى مصر والشام في التجارة. وهو ابن أخت أبي الحسن العطار اللغوي، سمع الحديث في صباه إلى حين وفاته، سمع النقيب محمد بن طراد الزينبي، وموهوب بن الجواليقي، الجزء: 1 ¦ الصفحة: 323 وهبة الله بن الحاسب، ومحمد بن عمر الأرموي، وأبا بكر بن الزاغوني، والحافظ بن ناصر، وأبا الوقت عبد الأول، وجماعة ببغداد، والكوفة، ودمشق، ومصر، والإسكندرية، وحدث وأملى. وكان يتغالى في التشبع، وكان شحيحاً إلى الغاية، ساقط المروءة، يشتري كسر المكدين، ويتبع طلبة الحديث ليأكل معهم. ومات في الظلمة، شحاً بشراء الزيت، في سنة اثنتين وتسعين وخمسمائة، وخلف قماشاً يساوي ثلاثة آلاف دينار، عفا الله عنه. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 324 شهاب الدين بن ظهيرة 718 - 792هـ، 1318 - 1389م أحمد بن ظهيرة بن أحمد بن عطية بن ظهيرة، قاضي القضاة شهاب الدين أبو العباس المكي المخزومي الشافعي، قاضي مكة وخطيبها. مولده سنة ثماني عشرة وسبعمائة بمكة، ونشأ بها، وحفظ القرآن العزيز، وطلب العلم، وسمع الحديث من قاضيها نجم الدين الطبري، ومن عيسى بن عبد الله صحيح البخاري، ومن القاضيين: جمال الدين بن الحنبلي، وجمال الدين المطري ثلاثياته، وعلي الزين الطبري، وعثمان بن الصيفي، والأقشهري سنن أبي داود، الجزء: 1 ¦ الصفحة: 325 وعلي أبي عبد الله الوادي آشي التيسير لأبي عمرو والدائي، وعلي أبي محمد عبد الله موسى بن بكر الزواوي الجزء الثاني من حديث مؤنسة خاتون بنت الملك العادل أبي بكر بن أيوب، وخلق سواهم، وقرأ الفقه على جماعة منهم: الشيخ نجم الدين الأصفوني وبه تخرج، وعنه أخذ الفرائض والجبر والمقابلة، وعلي السيد الشريف شرف الدين محمد بن الحسين نقيب الأشراف بالقاهرة، وعلي الحافظ صلاح الدين العلائي وأذن له في الفتوى والتدريس، والشيخ جمال الدين الإسناي وعنه أخذ أصول الفقه، وقرأ بالسبع متقناً على الشيخ برهان الدين السروري وأذن له في الجزء: 1 ¦ الصفحة: 326 الإقراء، فأقرأ ودرس وأفتى بمكة عدة سنين، وانتفع به الناس وحدث، سمع منه القاضي جمال الدين بن ظهيرة ولد أخيه، وجماعة أخر. وأول ولايته باشر في الحرم، ثم ناب في الحكم عن صهره القاضي تقي الدين الحرازي، ثم عن القاضي أبي الفضل النويري في الخطابة، ثم وليهما بعده، يعني القضاء والخطابة، فاستمر مدة، ثم صرف بالنويري أيضاً في جمادى الأولى سنة ثمان وثمانين وسبعمائة، فتوجه إلى القاهرة وسعى، فأجيب في بعض الوظائف، فامتنع إلا بالجمع، ففاته مطلوبه، وعاد إلى مكة، واستمر مصروفاً إلى أن مات في آخر ليلة السبت الثالث والعشرين من شهر ربيع الأول سنة اثنتين وتسعين وسبعمائة بمكة، ودفن بالمعلاه على أبيه، وكثر الأسف عليه، رحمه الله تعالى. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 327 أحمد بن ظهيرة 799هـ، 1396م أحمد بن ظهيرة بن الحسين بن علي بن أحمد بن عطية بن ظهيرة، شهاب الدين المخزومي المكي، قرابة السابق ذكره. وكان قد قرأ، واشتغل وتفقه، فعاجلته المنية، فمات في سادس ذي الحجة سنة تسع وتسعين وسبعمائة بمكة، ودفن بالمعلاه عن بضع وعشرين سنة، رحمه الله تعالى. شهاب الدين بن جعوان 699هـ، 1299م أحمد بن العباس بن جعوان، الشيخ الإمام المحقق الزاهد، شهاب الدين الأنصاري الدمشقي، أخو الحافظ شمس الدين محمد. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 328 روى جزء ابن عرفه عن ابن الدائم، وسمع من أخيه كثيراً، وطلب العلم، وبرع في الفقه وأصوله، وأفتى ودرس، وانتفع به الطلبة، وتفقه بجماعة منهم الشيخ محي الدين النووي. توفي سنة تسع وتسعين وستمائة، رحمه الله تعالى. شهاب الدين الصعيدي 612 - 695هـ، 1215 - 1295م أحمد بن عبد الباري بن عبد الرحمن بن عبد الكريم، الشيخ شهاب الدين الصعيدي، المؤدب، أبو العباس. أحد فضلاء الإسكندرية وشيوخها. ولد سنة اثنتي عشرة وستمائة بالإسكندرية، ونشأ بها، وقرأ القرآن بالسبع على أبي القاسم عيسى، وطلب العلم، وسمع على أبي القاسم بن الصفراوي وأبي الفضل الهمذاني، وعني بالحديث، وسمع الكثير، ودأب وحصل، وكان شديد الوسواس. توفي سنة خمس وتسعين وستمائة، رحمه الله تعالى. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 329 قاضي القضاة نجم الدين المقدسي الحنبلي 651 - 689هـ، 1253 - 1290م أحمد بن عبد الرحمن بن أحمد بن محمد بن قدامة، قاضي القضاة نجم الدين أبو العباس بن الشيخ شمس الدين أبي عمر المقدسي الحنبلي. مولده سنة إحدى وخمسين وستمائة، سمع حضوراً من خطيب مردا، وسمع من إبراهيم بن خليل، وابن عبد الدائم، ولم يحدث. وكان فاضلاً ذكياً، وله قدرة على الحفظ، وله مشاركة في علوم. ولي قضاء دمشق بعد أن عزل والده نفسه، وكانت إليه مع القضاء خطابة الجبل والإمامة بحلقة الحنابلة، ونظر أوقاف الحنابلة. وكان مشكور السيرة، مهاباً، وقوراً في الدول، تام الشكل، بديناً، ليس له من اللحية إلا شعرات. توفي سنة تسع وثمانين وستمائة عن ثمان وثلاثين سنة. رحمه الله تعالى. شهاب الدين الظاهري 755هـ، 1354م أحمد بن عبد الرحمن بن عبد الله، الشيخ شهاب الدين أبو العباس الظاهري الدمشقي الشافعي، الفقيه الأديب العالم. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 330 كان لديه فضيلة تامة وعلم غزير، ولي تدريس الفروخشاهية وغيرها، وكان له بديهة جيدة، وذكاء، ومحاضرة حسنة، ونظم ونثر، وكان ينشئ مقامات جيدة. ومن شعره في مليح اعتراه رعاف: رعف الحبيب فقيل هل قبلته ... شوقا إليه ودمع عينك يسجم فأجبت لا، لكنه أخفى دمي ... في سفكه، وعليه قد ظهر الدم توفى بدمشق في سنة خمس وخمسين وسبعمائة، رحمه الله تعالى. ابن ناظر الصاحبة 849هـ، 1445م أحمد بن عبد الرحمن بن أحمد الذهبي، الشيخ المسند المعمر الرحلة، الشهير بابن ناظر الصاحبة الدمشقي، الملقب شهاب الدين. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 331 استوعبنا حاله في ترجمة رفيقه المسند علاء الدين علي بن إسماعيل المعروف بابن بردس فيما يأتي إن شاء الله. توفي في حدود الخمسين وثمانمائة تقريباً، رحمه الله تعالى. قاضي القضاة ولي الدين العراقي 762 - 826هـ، 1360 - 1422م أحمد بن عبد الرحيم بن الحسين بن عبد الرحمن بن أبي بكر بن إبراهيم، قاضي القضاة ولي الدين أبو زرعة، بن الحافظ العراقي الشافعي. مولده في ثالث ذي الحجة سنة اثنتين وستين وسبعمائة، واعتنى به والده الحافظ زين الدين عبد الرحيم وأسمعه الكثير، ورحل به إلى دمشق، وأحضره على جماعة الجزء: 1 ¦ الصفحة: 332 من أصحاب الفخر بن البخاري، ثم عاد به إلى القاهرة، ولما كبر رحل ثانيا إلى دمشق بعد موت الطبقة التي كان أدركها أولا، فسمع على أصحاب القاضي سليمان، وابن الشيرازي، والمطعم، وغيرهم، وطلب العلم وتفقه على علماء عصره: شيخ الإسلام سراج الدين عمر البلقيني، والسراج بن الملقن، وبرهان الدين الإبناسي، وغيرهم، وبرع في الفقه والأصول والعربية والحديث، وأكب على الاشتغال والإشغال، وأفتى ودرس وصنف، وناب في الحكم عن العماد الكركي، الجزء: 1 ¦ الصفحة: 333 ومن بعده، ثم تنزه عن ذلك مدة إلى أن استقل بوظيفة قضاء القضاة بعد قاضي القضاة جلال الدين عبد الرحمن البلقيني في سنة أربع وعشرين وثمانمائة. وحسنت سيرته إلى الغاية، ودام في القضاء مدة، ثم عزل نفسه، ثم أعيد مسؤولاً مرغوباً فيه لحسن سيرته ولغزير دينه وعفته عما يرمي به قضاة السوء، فباشر القضاء إلى أن عزل بقاضي القضاة علم الدين صالح بن شيخ الإسلام عمر البلقيني في يوم السبت سادس ذي الحجة سنة خمس وعشرين وثمانمائة، واستمر ملازماً لبيته مكباً على الإشغال والتصنيف إلى أن توفي يوم الخميس سابع عشرين شعبان سنة ست وعشرين وثمانمائة، عن خمس ستين سنة. وكان إماماً فقيهاً، عالماً حافظاً، محدثاُ أصولياً، محققاً، واسع الفضل، عزيز العلم، كثير الاشتغال، رأيته غير مرة عند صهري قاضي القضاة جلال الدين البلقيني، كان ذا شكالة حسنة، منور الشيبة، مدور اللحية، متواضعاً، عذب اللفظ، قليل الكلام إلا فيما يعنيه، ديناً خيراً، مشكور السيرة، عفيفاً، وله تواليف كثيرة، من ذلك: كتاب تحفة التحصيل في ذكر رواة المراسيل الجزء: 1 ¦ الصفحة: 334 وكتاب الإطراف بأوهام الأطراف للمزي، وتحفة الوارد بترجمة الوالد، وشرح الصدر بذكر ليلة القدر، وفضل الخيل وما فيها من الخير والنبل، والدليل القويم على صحة جمع التقديم، وذيل على الكاشف للحافظ الذهبي، وذيل على مذيل والده على العبر للذهبي أيضاً، وشرح البهجة الوردية، وكتب تعقيبات على الرافعي، واختصر المهمات، وأضاف إليها حواشي شيخ الإسلام سراج الدين البلقيني على الروضة، وتصحيح الحاوي لابن الملقن، وأضاف إلى ذلك فوائد من كلام شيخه سراج الدين البلقيني، وشرح منظومة والده في الأصول، وشرح نظم منهاج البيضاوي لوالده، واختصر الكشاف للزمخشري، وله عدة مصنفات. رحمه الله تعالى. صفي الدين أبو العباس 643هـ، 1245م أحمد بن عبد الخالق بن هشام، الحافظ المحدث، صفي الدين أبو العباس. إمام المسجد الفسقاء بدمشق، وبه المسجد اليوم يعرف، وكان قبله يعرف بمسجد ابن لبيب، توفى سنة ثلاث وأربعين وستمائة. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 335 الأشرف بن القاضي الفاضل 573 - 643هـ، 1177 - 1245م أحمد بن عبد الرحيم، القاضي الأشرف بن القاضي الفاضل. مجموع نضائل، استوزره الملك العادل، فلما مات، عرضت عليه الوزارة فلم يقبلها. مات بالقاهرة سنة ثلاث وأربعين وستمائة، ودفن بتربة أبيه، رحمهما الله تعالى. شهاب الدين صاحب ديوان المماليك الغازانية 699هـ، 1299م أحمد بن عبد الرزاق، القاضي شهاب الدين صاحب ديوان المماليك الغازانية. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 336 كان معظماً عند غازان إلى الغاية، ومستشاره في أموره، رئيس مملكته، وكان ظالماً غاشماً، سفاكاً للدماء، قتل وقتل معه أخوه قطب الدين وأخوه زين الدين في سنة تسع وتسعين وستمائة. قطب الدين بن أبي عصرون 592 - 695هـ، 1195 - 1295م أحمد بن عبد السلام بن المطهر بن أبي سعيد عبد الله بن محمد بن أبي عصرون، القاضي قطب الدين، أبو المعالي بن أبي محمد التميمي الحلبي الشافعي، المعروف بابن أبي عصرون. ولد سنة اثنتين وتسعين وخمسمائة، وأجاز له ابن كليب، وأبو الفرج بن الجوزي، وابن المعطوش، وجماعة من العراق، وأبو طاهر الخشوعي، الجزء: 1 ¦ الصفحة: 337 وغيره، وسمع من ابن طبرزد، والكندي، وعبد الجليل بن مندوبة، وابن الحرستاني، وابن ملاعب، وغيرهم، وتفقه مدة، لكنه لم يبرع في الفقه، بل له فيه محفوظات، ودرس بالأمينية والعصرونية بدمشق، وطال عمره، وعلت سنه وروايته، وأكثر الطلبة عنه، روي عنه الحافظ شرف الدين الدمياطي، وابن تيمية وابن العطار، وابن الخباز، والدواداري، وجماعة، وأجاز للحافظ أبي عبد الله الذهبي. توفى سنة خمس وتسعين وستمائة، عن مائة وثلاث سنين، رحمه الله تعالى. تاج الدين القيسي النحوي 682 - 749هـ، 1283 - 1348م أحمد بن عبد القادر بن أحمد بن مكتوم بن أحمد بن محمد بن سليم، الشيخ تاج الدين القيسي النحوي، الأديب العالم المحدث. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 338 أخذ الحديث عن أصحاب النجيب، وابن علاق، وهذه الطبقة، وكتب وحصل، وكان له أدب وفضل ونظم، من ذلك قوله: ومعذّر قال العذول عليه لي ... شبهه وأحذر من قصور يعتري فأجبته هو بانة من فوقها ... بدر يحف بهالة من عنبر وكانت وفاته في سنة تسع وأربعين وسبعمائة، رحمه الله تعالى. كمال الدين الربعي ناظر قوص 686هـ، 1287م أحمد بن عبد القوي بن عبد الله بن شداد، كمال الدين بن برهان الدين الربعي، ناظر قوص ورئيسها. سمع من أبي الفداء إسماعيل بن عبد الرحمن بدمشق، ومن غيره، وبمصر من قطب الدين القسطلاني، وغيره، وسمع ببلاد غزة من خلائق، وأجاز له جمع كثير بدمشق، ومصر، والإسكندرية، وبغداد. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 339 وكان له رئاسة ونزوة، وهو الذي بنى الضريح النبوي زاده الله شرفاً، والقبة الموجودة، وقصد بذلك خيراً، فأنكر عليه بعض أهل الصلاح من أنه أساء الأدب بعلو النجارين والدق على الروضة الشريفة. ومن غريب ما اتفق انه في تلك السنة حصل بينه وبين بعض الولاة كلام، فورد المرسوم الشريف بضرب كمال الدين المذكور، فضرب، وصادره الشجاعي، وخرب دياره، وأخذ رخامها للمنصورية، فكان من يقول: إنه أساء الأدب، يرى أن هذا الضرب مجازاة له. وكان كمال الدين هذا يقع له عجائب بخبره بالمغيبات، فيظن بعض الناس أن ذلك من الجن. قال الشيخ كمال الدين الأدفوي في كتابة الطالع السعيد في تاريخ الصعيد: حكى لي صاحبنا الشيخ محمد بن نجم الدين حسن بن السديد العجمي قال: قال لي أبي: كنت في طريق عيذاب، ومعنا شخص من المغاربة فمات، ففتشته، الجزء: 1 ¦ الصفحة: 340 فوجدت معه في دفاسه ذهباً، فأخذته، ولم يعرف به أحد، فوصلت إلى قوص، فتوجهت إلى كمال الدين، يعني صاحب الترجمة، فسلمت عليه، فقال لي: ذاك الذهب الذي عدته كذا وكذا الذي أخذته من المغربي، أحضره لي وأنا أعوضك عنه، فأحضرته إليه. ومن شعره لما وصل إلى المدينة النبوية، شرفها الله تعالى، قوله: أنخ هذه والحمد لله يثرب ... فبشراك قد نلت الذي كنت تطلب فعفر بهذا الترب وجهك إنه ... أحق به من كل طيب وأطيب وقبل عراصاً حولها قد تشرفت ... بمن جاورت والشيء بالشيء يحبب وسكن فؤاداً لم يزل باشتياقه ... إليها على جمر الغضا يتقلب وكفكف دموعاً طالما قد سفحتها ... وبرد جوى نيرانه تتلهب وله نظم غير ذلك. توفى فجأة في سنة ست وثمانين وستمائة، رحمه الله تعالى. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 341 محب الدين الطبري المكي 615 - 694هـ، 1218 - 1294م أحمد بن عبد الله بن محمد بن أبي بكر بن محمد بن إبراهيم، العلامة شيخ الحجاز وعالمه، محب الدين أبو جعفر، وقيل أبو العباس، الطبري المكي الشافعي. اختلف في مولده، قال الحافظ البرزالي: ولد بمكة في يوم الخميس السابع والعشرين من جمادى الآخرة سنة خمس عشرة وستمائة، وقوي كلام البرزالي الشيخ بهاء الدين عبد الله بن خليل المكي نقلاً عن غيره. وقال الشيخ أثير الدين أبو حيان: ولد في خامس عشرين جمادى الآخرة من السنة، وقيل غير ذلك. ونشأ بمكة، وطلب العلم، وسمع بها، وقرأ على أبي الحسن علي بن المقير سنن الجزء: 1 ¦ الصفحة: 342 أبي داود عن الفضل بن سهل الإسفراييني عن الخطيب البغدادي، وسنن النسائي عن أبي الحسن علي بن أحمد اليزدي عن الدوني، والوسيط للواحدي سماعاً وقراءة عن أبي الفضل أحمد بن طاهر بن البهتي عنه، وبعض الجمع بين الصحيحين للحميدي قراءة لبعضه عن ابن البطي عنه، وبعض الغريب لأبي عبيدة سماعاً لبعضه عن الجزء: 1 ¦ الصفحة: 343 شهدة، والفصيح لثعلب عن ابن ناصر عن التبريزي، والغريب للعزيزي عن شهدة، وغير ذلك كثيراً، وعلي عبد الرحمن بن أبي زمي من أول صحيح البخاري إلى قصة كعب بن مالك، وقيل أنه سمعه كاملاً، وعلى عمي أبيه: تقي الدين علي بن أبي بكر الطبري وأخيه يعقوب صحيح البخاري، وعلي يعقوب بن أبي بكر الطبري جامع الترمذي، وعلي شرف الدين أبي الفضل المرسي صحيح ابن حبان، وعلي الجزء: 1 ¦ الصفحة: 344 أبي الحسن بن الجميزي الأربعين الثقفية، والأربعين البلدانية للسلفي، علي شعيب الزعفراني الأربعين البلدانية والأربعين الثقفية أيضاً، وعلي محي الدين محمد بن أحمد بن محمد بن أبي جرادة المعروف بابن العديم، وعلي ريحان بن عبد الله الشرفي السكيني جزء الأنصاري، وعلي شيخ الحرم نجم الدين بشير بن حامد التبريزي جزء الأنصاري أيضاً عن ابن سكينة، وكتاب التنبيه في الفقه عن ابن سكينة عن الأرموي عن المؤلف، وتفقه عليه، وعنه أخذ العلم، وعلى جماعة أخر من شيوخ مكة والقادمين إليها. وأجاز له من بغداد ابن الخازن، وجماعة، مع آخرين من الشام ومصر. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 345 وقال الشيخ جمال الدين الإسنائي في طبقاته: إنه تفقه بقوص على الشيخ مجد الدين القشيري. انتهى كلام الإسنائي. وذكر نحو ذلك القطب الحلبي في تاريخ مصر. وحدث وخرج لنفسه أحاديث عوال. قال أبو حيان: إنه وقع له وهم فاحش في القسم الأول وهو التساعي، وهو إسقاط رجل من الإسناد حتى صار له الحديث تساعياً في ظنه، انتهى. قلت: وحدث مدة، وسمع عليه غير واحد من المشايخ والأعيان، منهم: القاضي جمال الدين الطبري في جمادى الأولى سنة تسع وأربعين وستمائة بالروضة بالمسجد النبوي، والمحدث عبيد الله بن عبد العزيز المهدوي مع القطب القسطلاني، ونجم الدين بن عبد الحميد، والشيخ علاء الدين العطار، والقاضي شمس الدين بن مسلم، والحافظ الدمياطي، وعلم الدين البرزالي، والقاضي نجم الدين الطبري، وقطب الدين الحلبي، وأثير الدين أبو حيان، وخلق كثير، آخرهم وفاة: عثمان الجزء: 1 ¦ الصفحة: 346 بن الصفى الطبري، وآخر أصحابه بالإجازة الشهاب الحنفي، وتفقه به أيضاً جماعة من أعيان مكة والقادمين إليها، وانتفع به الطلبة. وكان وافر الحرمة، له مكانة عند الملك المظفر صاحب اليمن، وكان يسافر له اليمن ويسمع عليه المظفر هناك بعض مروياته وتواليفه. وكان له مصنفات كثيرة منها: الأحكام الكبرى، وكتاب الكافي في غريب القرآن، وكتاب يتضمن ترتيب العزيزي على السور، مجلد أيضاً، وكتاب النخبة المدينة، جزء لطيف، وكتاب تفسير جامع، لم يتم، وكتاب مرسوم المصحف العثماني المدني، وكتاب الأحكام الوسطى، مجلد كبير، وكتاب الأحكام الصغرى، يتضمن ألف حديث وخمسة عشر حديثا، وكتاب سماه المحرر للملك المظفر، جمع فيه أحكام الصحيحين، ومختصرة المسمى بالعمدة، وكتاب الرياض النضرة في فضائل العشرة، مجلدان، وكتاب ذخائر العقبي في فضائل ذوي القربى، مجلد، وكتاب السمط الثمين في مناقب أمهات المؤمنين، مجلد، وكتاب تقريب المرام في غريب القاسم بن سلام، مبوباً على حروف المعجم، مجلد مختصر، وكتاب الدر المنثور للملك المنصور، وكتاب غريب جامع الأصول، مجلد، وكتاب صفة حج النبي - صلى الله عليه وسلم على اختلاف طرقها وجميع طبقاتها، الجزء: 1 ¦ الصفحة: 347 وكتاب السيرة النبوية ووجوه المعاني في قوله - صلى الله عليه وسلم: من رآني في المنام فقد رآني حقاً، جزء، ومختصر عوارف المعارف للسهر وردى، مجلد، وكتاب في الفقه مجموع في الخلاف على طريق المتأخرين، مجلد، وشرح التنبيه، عشرة أسفار كبار، ونكت كبرى عليه، أربعة أسفار لطيفة، ونكت صغرى، لم يتم منها إلا مجلد، إلى الوكالة، وكتاب مختصر النبيه الأكبر، مجلد لطيف، ومختصرة الأصغر، أربع كراريس، وكتاب المسلك النبيه في تلخيص التنبيه، وكتاب تحرير التنبيه لكل طالب نبيه، ولعلهما الأولان، وكتاب مختصر المهذب، مجلدان لطيفان، وكتاب الطراز المذهب المحبر في تلخيص المذهب للملك المظفر، وله غير ذلك. قال الشيخ تقي الدين الفاسي: وقد اختلف في وفاة المحب الطبري على أربعة أقوال، فقيل: كانت وفاته في الثلث الأخير من ليلة الثلاثاء ثاني جمادى الآخرة سنة أربع وتسعين وستمائة بمكة، ودفن بالمعلاه، كذا وجدت وفاته بخط بعض العصرين، ووجدت بخط القطب الحلبي في تاريخه أن علي بن عمر بن حمزة الحراني كتب إليه: أنه توفي في جمادى الآخرة من السنة المذكورة، وكذا الجزء: 1 ¦ الصفحة: 348 وجدت أيضا وفاته في تاريخ الذهبي وفي معجم البرزالي، وقد قيل غير ذلك. انتهى كلام الفاسي. قلت: وكان له نظم جيد، من ذلك قصيدته: ما لطرفي عن الجمال براح ... ولقلبي به غدّا ورواح كل معنى يلوح في كل حسن ... لي إليه تقلب وارتياح ومنها: فيهم يعشق الجمال ويهوى ... ويشوقني الحمى وتهوى الملاح وبهم يعذب الغرام ويحلو ... ويطيب الثناء والامتداح لا تلم يا خلي قلبي فيهم ... ما على من هوى الملاح جناح ويح قلبي وويح طرفي إلى كم ... يكتم الحب والهوى فضاح صاح عرج على العقيق وسلع ... وقباب فيها الوجوه الصباح وهي أكثر من هذه الأبيات. انتهت ترجمة المحب الطبري، رحمه الله تعالى. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 349 شيخ الإسلام والمسلمين شهاب الدين الغزي العامري 760 - 822هـ، 1358 - 1419م أحمد بن عبد الله بن بدر بن مفرج بن بدر بن عثمان بن جابر، القاضي شهاب الدين الغزي العامري، الدمشقي، الشافعي. ولد سنة ستين وسبعمائة بغزة، ونشأ بها، وطلب العلم، ثم قدم دمشق واستوطنها، ولازم علماءها، وبرع في الفقه والأصول، وشارك في غيرها، وأفتى ودرس، وصنف، ومن مصنفاته: شرحه على الحاوي في الفقه، وكتاب شرح جمع الجوامع، وعلق على صحيح البخاري، واختصر المهمات، وعلق شيئاً على أوائل المنهاج، ومناسك عظيمة، جمع فيها فأوعى، وكتاباً لطيفاً نفيساً سماه: نحو البتغي لمعاني ينبغي، وشرحاً على منهاج البيضاوي، والمنتقي من تاريخ ابن خلكان. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 350 وناب في الحكم مدة، وولي نظر البيمارستان النوري، وغيره، إلى أن توفي بمكة يوم الخميس سادس شوال وعشرين وثمانمائة. وكان مشكور السيرة، ديناً مع حدة خلق، رحمه الله تعالى. وأخذ عنه جماعة منهم: شيخ الإسلام شهاب الدين ابن حجر، وشيخ الإسلام تقي الدين ابن قاضي شهبة، وناظر شيخ الإسلام سراج الدين البلقيني عند قدومه إلى الشام صحبة الملك الظاهر برقوق واعترف له بالفضل وكان بينه وبين شيخ الإسلام نجم الدين المرجاني المكي من المحبة والصحبة ما لبس بين الأهل، رحمهم الله. شهاب الدين القلقشندي 756 - 821هـ، 1355 - 1418م أحمد بن عبد الله، القاضي شهاب الدين القلقشندي الشافعي، أحد موقعي الجزء: 1 ¦ الصفحة: 351 الدست ونواب الحكم. كان إمام فقيهاً بارعاً في العربية، مشاركاً في الفقه والفرائض، ناب في الحكم سنين، وكتب في الإنشاء، وكان ماهراً في ذلك، وله نظم ونثر ومصنفات من ذلك: كتاب صبح الأعشى في صناعة الإنشاء، جمع فيه جمعاً كبيراً مفيداً، وصنف في الفقه أيضاً، وغيره، وكان له فضل وأفضال، وقوراً في الدول إلى أن توفي في ليلة السبت عاشر جمادى الآخرة سنة إحدى وعشرين وثمانمائة، عن خمس وستين سنة، رحمه الله تعالى. قاضي القضاة شهاب الدين النحريري المالكي - 803هـ، - 1400م أحمد بن عبد الله، قاضي القضاة شهاب الدين النحريري المالكي، قاضي القضاة بالديار المصرية. قال الشيخ تقي الدين المقريزي: قدم من الريف إلى القاهرة، وتفقه على مذهب الإمام مالك رضي الله عنه حتى برع فيه، وشارك في علم النحو، وأقرا الجزء: 1 ¦ الصفحة: 352 الناس مدة، ثم التمس الملك الظاهر من القضاة من يوليه قضاء طرابلس، فعين النحريري هذا، فولي وتوجه إليها، وأقام بها إلى أن تغلب منطاش على الأمراء بقلعة الجبل، وخرج إلى محاربة الظاهر برقوق، وكان من هزيمته إلى دمشق ما كان. فأقام بدمشق، وأحضره النحريريه هذا من طرابلس لقيامه لنصره برقوق وضربه بالقارع وسجنه، فلم يزل في سجن دمشق حتى فر منطاش من دمشق وخرج من كان في السجن، فحضر النحريري إلى القاهرة، وقد ظهرت نعمة الله عليه، وآل أمره إلى أن ولي القضاء بالقاهرة بعد موت شمس الدين الركراكي في سنة أربع وتسعين وسبعمائة، فباشر القضاء أسوأ مباشرة إلى أن صرف قبل أن يكمل السنة. وتوفى يوم الخميس ثاني عشر شهر رجب سنة ثلاث وثمانمائة، وكانت سيرته أقبح من رأيت. انتهى كلام المقريزي باختصار. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 353 أمين الدين أبو العباس بن الأشتري الحلبي 615 - 681هـ، 1218 - 1282م أحمد بن عبد الله بن محمد بن عبد الجبار بن طلحة بن عمر، المحدث الفقيه أمين الدين أبو العباس بن الأشتري الحلبي الشافعي. ولد بحلب سنة خمس عشرة وستمائة، وسمع من أبي محمد بن علوان، والموفق عبد اللطيف، وابن شداد، وابن روزبة، وابن اللثي، وروي عنه ابن العطار، والمزي، وابن الخباز، وأجاز للذهبي. وكان الشيخ محي الدين النووي رحمه الله إذا جاءه صبي يقرأ عليه يبعث به إلى أمين هذا ليعلمه، لعفته ودينه. توفى بدمشق فجأة سنة إحدى وثمانين وستمائة، رحمه الله تعالى. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 354 شمس الدين الحلبي الخابوري 600 - 690هـ، 1203 - 1291م أحمد بن عبد الله بن الزبير، الإمام المقرئ المجود شمس الدين الحلبي الخابوري. مولده بالخابور سنة ستمائة، خطيب حلب. كان إماماً فاضلاً ماهراً، محرراً للقراءات ووجوهها وعللها، وكان مليح الشكل، قوي الكتابة، قرأ القراءات على السخاوي، وغيره، وسمع بحران من الخطيب فخر الدين بن تيمية، وبحلب من أبي محمد بن الأستاذ، ويحي بن الدامغاني، وابن روزبة، وببغداد من عبد السلام الداهري، وبدمشق من أبي صادق بن صباح، وأسند عنه القراءات والشاطية الشيخ يحي المنبجي، ورواها عنه الجزء: 1 ¦ الصفحة: 355 سنة أربع وستين وستمائة، وذلك قبل موته بدهر، وسمع منه الحافظ جمال الدين المزي، وابن الظاهري، وولده أبو عمرو، والبرزالي، وابن سامة وغيرهم. وكان له محاسن وظرف ونوادر وخلاعة، وله في ذلك حكايات لطيفة منها: أنه كان في أيام قراسنقر نائب حلب مستوفي على الأوقاف يهودي، فضايق الفقهاء، وأهل الأوقاف وشدد عليهم، فشكوه إلى قراسنقر فعزله، ثم إنه سعى وبرطل وولي، وعاملهم أشد من الأول فشكوه فعزله، ثم ولي فشكوه فعزله، ثم سعى وتولى، فاجتمع الفقهاء وقالوا ما لنا في الخلاص منه إلا الخطيب، فجاءوا إليه، فقال: ما أصنع بهذا الكلب ابن الكلب؟ فقالوا: ما له غيرك، فقال: يدبر الله، وأمر غلامه أن يأخذ سجادته ودواة وأقلاماً وورقاً ومصحفاً على كرسي، وقال له: توجه بهذا إلى كنيسة اليهود وافرش لي السجادة، وكان ذلك بعد عصر الجمعة. فحضر الشيخ إلى الكنيسة، وجلس على السجادة وفتح المصحف من أوله وأخذ يكتب، فجاءوه اليهود ورأوه، وما أمكنهم يقولون له شيئاً لأنه خطيب الجزء: 1 ¦ الصفحة: 356 البلد، وهو ذو وجاهة، وضاق عليهم الوقت، وأرادوا الدخول في السبت، وانحصروا، فقالوا له: يا سيدي قد قرب آذان المغرب ونريد نغلق الكنيسة، فقال: أبيت فيها لأني نذرت أن أنسخ هذا المصحف هنا. فضاقوا وضجوا وقالوا: والله ما نطيق هذا، وغداً السبت، فقال: كذا انفق، ولابد من المقام هنا إلى أن يفرغ هذا المصحف، فدخلوا عليه وقبلوا أقدامه وأقسموا عليه. فقال: ولا بد؟ قالوا: نعم، قال: التزموا لي بأن تحرموا هذا المستوفي حتى لا يعود يباشر الأوقاف، فالتزموا له بذلك، واستراح المسلمون منه. وكان له من هذا النمط أشياء لطيفة. توفي بحلب سنة تسعين وستمائة، رحمه الله تعالى. شهاب الدين البارزي 674 - 755هـ، 1275 - 1354م أحمد بن عبد الله بن أحمد بن إبراهيم بن المسلم بن هبة الله بن حبان بن محمد ابن منصور بن أحمد، القاضي الصاحب شهاب الدين أبو العباس الجهني الحموي الشافعي، نزيل دمشق. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 357 مولده في شوال سنة أربع وسبعين وستمائة. كان لديه فضيلة، وهو من بيت علم ورئاسة، وتولى الوزر بمدينة حماه، وولي نظر الأوقاف بدمشق، وكان مشكور السيرة، كثير التواضع والبر، وله أفضال. توفى بظاهر دمشق في ثالث عشرين شوال سنة خمس وخمسين وسبعمائة. رحمه الله تعالى. ابن تيمية 661 - 728هـ، 1262 - 1327م أحمد بن عبد الحليم بن عبد السلام بن عبد الله بن أبي القسم الخضر بن علي بن عبد الله، شيخ الإسلام تقي الدين أبو العباس بن أبي المحاسن شهاب الدين بن أبي البركات مجد الدين الحراني الأصل والمولد، الدمشقي الدار والوفاة، الحنبلي، المعروف بابن تيمية، الإمام العلامة، الحافظ الحجة، فريد دهره، ووحيد عصره. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 358 مولده بحران في يوم الاثنين عاشر شهر ربيع الأول سنة إحدى وستين وستمائة، وقدم دمشق مع والده سنة تسع وتسعين، وسمع الحديث من أحمد بن عبد الدائم، ومجد الدين بن عساكر، وابن أبي اليسر، وأكثر عن أصحاب حنبل، وأبي حفص بن طبرزد، وغيرهم. وقرأ واشتغل وانتقى، وبرع في علوم الحديث، وانتهت إليه الرئاسة في مذهب الإمام أحمد بن حنبل رضي الله عنه. ودرس وأفتى، وتصدر للإقراء والإفادة عدة سنين، وفسر، وصنف التصانيف المفيدة. وكان صحيح الذهن، ذكياً، إماماً متبحراً في علوم الديانة، موصوفاً بالكرم، مقتصداً في المأكل والملبس، وكان عارفاً بالفقه، واختلافات العلماء، والأصلين، والنحو، إماماً في التفسير وما يتعلق به، عارفاً باللغة، إماماً في المعقول والمنقول، حافظاً للحديث، مميزاً بين صحيحه وسقيمه. أثني عليه جماعة من أعيان علماء عصره، مثل الشيخ تقي الدين بن دقيق العيد، والقاضي شهاب الدين الخويي، والشيخ شهاب الدين بن النحاس. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 359 قال القاضي كمال الدين بن الزملكاني: اجتمعت فيه شروط الاجتهاد على وجهها، ثم جرت له محن في مسألة الطلاق الثلاث، وشد الرحال إلى قبور الأنبياء والصالحين، وحبب للناس القيام عليه، وحبس مرات بالقاهرة والإسكندرية ودمشق، وعقد له مجالس بالقاهرة ودمشق، مع أنه حصل له في تعظيم من الملك الناصر محمد بن قلاوون، وأطلق وتوجه إلى دمشق فأقام بها إلى أن ورد مرسوم شريف من السلطان في شعبان سنة ست وعشرين وسبعمائة بأن يجعل في قلعة دمشق قاعة حسنة، فأقام فيها مدة مشغولاً بالتصنيف، ثم بعد مدة منع من الكتابة والمطالعة، وأخرجوا ما عنده من الكتب، ولم يتركوا عنده دواة ولا قلماً ولا ورقة. ومما وقع له قبل حبسه أنه بحث مع بعض الفقهاء، فكتب عليه محضر بأنه قال: أنا أشعري، ثم أخذ خطه بما نصه: أنا أعتقد أن القرآن معنى قائم بذات الله، وهو صفة من صفات ذاته القديمة، وهو غير مخلوق، وليس بحرف ولا صوت، وأن قوله: " الرحمن على العرش استوى " ليس على ظاهره، ولا الجزء: 1 ¦ الصفحة: 360 أعلم كنه المراد به، بل لا يعلمه إلا لله، والقول في النزول كالقول في الاستواء، وكتبه أحمد بن تيمية، ثم أشهدوا عليه جماعة أنه تاب مما ينافي ذلك مختاراً، وشهد عليه بذلك جمع من العلماء وغيرهم. انتهى. قلت: وعلم الشيخ تقي الدين وفضله معروف لا يحتاج إلى التطويل في ذكره. وقد أثنى عليه جماعة من أكابر العلماء، من ذلك ما كتبه القاضي كمال الدين بن الزملكاني على كتاب رفع الملام عن الأئمة الأعلام تأليف ابن تيمية ما لفظه: تأليف الشيخ الإمام العالم العلامة، الأوحد، الحافظ المجتهد الزاهد العابد القدوة، إمام الأئمة، قدوة الأمة علامة العلماء، وارث الأنبياء، آخر المجتهدين، أوحد علماء الدين، بركة الإسلام، حجة الإسلام، حجة الأعلام، برهان المتكلمين، قامع المبتدعين، محي السنة، ومن عظمت به لله علينا المنة، وقامت به على أعدائه الحجة، واستبانت ببركته وهديه المحجة، تقي الدين بن تيمية، ثم قال: ماذا يقول الواصفون له ... وصفاته جلت عن الحصر هو حجة لله قاهرة ... هو بيننا أعجوبة الدهر هو آية للحق ظاهرة ... أنوارها أربت على الفجر انتهى باختصار نسبه، ولما كتب له ذلك كان عمره إذ ذاك نحو الثلاثين سنة. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 361 ولم يزل الشيخ تقي الدين المذكور محتفظاً به في قلعة دمشق إلى أن توفي بها في ليلة الاثنين العشرين من ذي القعدة سنة ثمان وعشرين وسبعمائة، ودفن من الغد بمقابر الصوفية، وحضر جنازته خلق كثير. قال الحافظ أبو عبد الله الذهبي: شيعه نحو من خمسين ألفاً، وحمل على الرؤوس، انتهى. ومصنفاته تزيد على مائتي مصنف، استوعبها الشيخ صلاح الدين خليل بن أيبك في تاريخه الوافي بالوفيات، رحمه الله تعالى. الأديب شهاب الدين العزازي 634 - 710هـ، 1226 - 1310م أحمد بن عبد الملك بن عبد المنعم بن عبد العزيز بن جامع بن راضي بن جامع، الأديب الشاعر شهاب الدين أبو العباس العزازي، التاجر بقيسارية جهاركس بالقاهرة. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 362 كان أديباً بارعاً، مطبوعاً، ظريفاً، له النظم الرائق الفائق، لا سيما نظمه للموشحات فإنه غاية في ذلك، وله ديوان شعر موجود، نذكر هنا قطعة جيدة من نظمه، أنشدني المسند عبد الرحيم بن الفرات إجازة، أنشدني الصلاح الصفدي إجازة، قال أنشدني من لفظه الحافظ فتح الدين بن سيد الناس، قال: أنشدني شهاب الدين العزازي من لفظه لنفسه يمدح سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم: دمي بأطلال ذات الخال مطلول ... وجيش صبري مهزوم ومفلول ومن يلاق العيون الفاتكات بلا ... صبر يدافع عنه فهو محذول قتلت في الحب حب الغانيات وما ... قارفت ذنباً وكم في الحب مقتول لم يدر من سلب العشاق أنفسهم ... بأنه عن دم العشاق مسؤول وبي أغن غضيض الطرف معتدل ال ... قوام لدن مهز العطف مجدول كأنه في تثنيه وخطرته ... غصن من البان مطلول ومشمول ومنها: وكل ما تدعي أجفان مقلته ... يصح إلا غرامي فهو منحول الجزء: 1 ¦ الصفحة: 363 يا برق كيف الثنايا الغر من إضم ... يا برق أم كيف لي منهن تقبيل ويا نسيم الصبا كرر على أذني ... حديثهن فما التكرار مملول ومنها: منازل لأكف الغيث توشية ... بها وللنور توشيح وتكليل كأنما طيب رياها ونفحتها ... بطيب ترب رسول الله مجبول أوفى النبيين برهانا ومعجزة ... وخير من جاءه الوحي جبريل له يد وله باع يزينهما ... في السلم طول وفي يوم الوغى طول ومنها: سل الإله به سيفاً لملته ... وذلك السيف حتى الحشر مسلول وشاد ركناً أثيلاً من نبوته ... والكفر واه وعرش الشرك مثلول ويل لمن جحدوا برهانه وثنى ... عنان رشدهم غي وتضليل وهي أطول من ذلك. ومن شعره بالسند إجازة إليه: بدوي قد حدثت مقلتاه ... عاشقاً من مقاتل الفرسان بمحيا يقول يا لهلال ... ولحاظ تقول يا لسنان الجزء: 1 ¦ الصفحة: 364 ومن شعره أيضاً: أراك فيمتلئ قلبي سروراً ... وأخشى أن يشط بنا المزار أقم وأهجر وصد ولا تصلني ... رضيت بأن تجور وأنت جار ومن موشحاته يعارض أحمد بن حسن، الموصلي، وقد تقدم ذكره. وهي: يا ليلة الوصل وكأس العقار ... دون استتار علمتماني كيف ... خلع العذار اغتنم اللذات قبل ... الذهاب وجر أذيال الصبا ... والشباب واشرب فقد طابت كؤوس ... الشراب على خدود تنبت الجلنار ... ذات احمرار طرزها الحسن ... بآس العذار الراح لا شك حياة ... النفوس فحل منها عاطلات ... الكؤوس الجزء: 1 ¦ الصفحة: 365 واستجلها بين الندامى ... عروس تجلى على خطابها في إزار ... من النضار حباً بها قام ... مقام النثار أما ترى وجه الهنا ... قد بدا وطائر الأسحار قد ... غردا والروض قد وشاه قطر ... الندا فكمل اللهو بكأس تدار ... على افترار مباسم النوار ... غب القطار اجن من الوصل ثمار ... المنى وواصل الكأس بما ... أمكنا مع طيب الريقة حلو ... الجنا بمقلة أفتك من ذي الفقار ... ذات احورار منصورة الأجفان ... بالانكسار الجزء: 1 ¦ الصفحة: 366 زار وقد حل عقود ... الجفا وأفتر عن ثغر الرضا ... والوفا فقلت والوقت لنا ... قد صفا يا ليلة انعم فيها وزار ... شمس النهار وحييت من بين الليالي ... القصار وله أيضاً موشح آخر، عفا الله عنه: ما على ... من هام وجداً بذات الحلي مبتلى ... بالحدق السود وبيض الطلى يا للوى ... ملي حسن لديوني لوى كم نوى ... قتلي وقد عذبني بالنوى قد هوى ... في حبه قلبي بحكم الهوى واصطلى ... نار تجنيه ونار القلى كيف لا ... يذوب من هام بريم الفلا هل ترى ... يجمعنا الدهر ولو في الكرى أم ترى ... عيني محيا من لجسمي برى الجزء: 1 ¦ الصفحة: 367 بالسرى ... يا حاد ركبا لي بليلي سرى عللا ... قلبي بتذكار اللقا عللا وانزلا ... دون الحمى حي الحمى منزلا بي رشا ... دمعي بسري في هواه فشا لويشا ... برد مني جمرات الحشا ما مشى ... إلا انئنى في سكره وانتشا عطلا ... من الحميا يا مدير الطلا ما حلا ... إذا أدار الناظر الأكحلا هل يلام ... من غلب الحب عليه فهام مستهام ... بفاتر اللحظ رشيق القوام ذي ابتسام ... أحسن نظماً من حباب المدام لو ملا ... من ريقه كأساً لأحيا الملا أو جلا ... وجهاً رأيت القمر المجتلى لو عفا ... قلبك عن من ذل أو من هفا أو صفا ... ما كان كالجلمد أو كالصفا بالوفا ... سل عن فتى عذبته بالجفا الجزء: 1 ¦ الصفحة: 368 هل خلا ... فؤاده من خطرات الولا أو سلا ... أو خان ذاك الوثق الأولا وله أيضاً يعارض الموصلي المتقدم ذكره: ما سلّت الأعين الفواتر ... من غمد أجفانها الصفاح إلا أسالت دمع المحاجر ... من غير حرب ولا كفاح تا الله ما حرك السواكن ... غير الظباء الجآذر لما استجاشت بكل طاعن ... من القدود النواضر وفوقت أسهم الكنائن ... من كل جفن وناظر عرب إذا صحن يا لعامر ... بين سرايا من الملاح طلت علينا من المحاجر ... طلائع تحمل السلاح أحبب بما تطلع الجيوب ... منها وما تبرز الكلل من أقمر ما لها مغيب ... وأغصن زانها الميل هيهات أن تعدل القلوب ... عنها ولو جارت المقل الجزء: 1 ¦ الصفحة: 369 لما توشحن بالغدائر ... سفرن عن أوجه صباح فانهزم الليل وهو عاثر ... في ذيله واختفى الصباح وأهيف ناعم الشمائل ... تهزه نسمة الشمال فينثني كالقصب مائل ... كما انثنى شارب ومال له عذار كالند سائل ... لله كم من دم أسال شقت على نبته المرائر ... من داخل الأنفس الصحاح تكل في وصفه الخواطر ... وتخرس الألسن الفصاح ظبي إلى الأنس لا يميل ... الشمس والبدر من حلاه والحسن قالوا أو لم يقولوا ... مبداه منه ومنتهاه وطرفه الناعس الكحيل ... هيهات من سيفه النجاة أذل بالسحر كل ساحر ... فهو له خافض الجناح يجول في باطن الضمائر ... كما يجول القضا المتاح أما ترى الصبح قد تطلع ... مذ غمضت أعين الغسق والبدر نحو الغروب أسرع ... كهارب ناله فرق والبرق بين السحاب يلمع ... كصارم حين يمتشق الجزء: 1 ¦ الصفحة: 370 وتحسب الأنجم الزواهر ... أسنة ألقت السلاح فانهزم النهر وهو سائر ... فدرعته يد الرياح وأما موشحة الموصلي فهي: رنا بأجفانه الفواتر ... وقد تثنى زين الملاح فسلّ من طرفه بواتر ... وهز من عطفه رماح ناظرة جرد المهند ... وغمده منى الحشا وعامل القد فهو أملد ... يطعن في القلب إذ مشا والعارض القائم المزود ... لفتنة الناس قد نشا والحاجب القوس بالفواتر ... لنبله في الحشا جراح ومشرف الصدغ فهو جائر ... سلطانه للدما أباح فجفنه الفاتك الكناني ... من مقل راش لي نبال وهو الخفاجي قد غزاني ... جسم زبيدي بالدلال الجزء: 1 ¦ الصفحة: 371 والردف يدعى من آل عامر ... وواضح الصلت من صباح وخصره من هشيم ضامر ... يدور من حوله وشاح فوجهه جنة وكوثر ... رضابه العذب لي حلا والنار في وجنتيه تسعر ... والخال حيالها اصطلا عجبت من خاله المعنبر ... إذ يعبد النار كيف لا يحرق بالنار وهو كافر ... وما سقى ريقه القراح كامل حسن معناه وافر ... بسيط وصف كالمسك فاح ما أخضر نبت العذار إلا ... بآسه يتهج الشقيق وهو كنمل سعى وولّى ... ولم يجد للجني طريق من ريقه البدر إذ تجلى ... في هالة العارض الأنيق لما تبدّى بالوجه دائر ... وحير العقل حين لاح شق على خده المرائر ... وقطع الأنفس الصحاح ورب يوم أتى وحيا ... بالنجم والشمس والقمر الجزء: 1 ¦ الصفحة: 372 بالكأس والراح والمحيا ... ثلاثة تفتن البشر وقال قم يا نديم هيا ... اقض بنا لذة الوطر فالخمر تجلى على المزاهر ... من اغتباق إلى اصطباح وطافت الراح بالمجامر ... من عنبر الزهر في البطاح توفى بالقاهرة في سنة عشر وسبعمائة، عن ست وسبعين سنة، رحمه الله تعالى، وعفا عنه. أبو العباس القزويني الصوفي 601 - 704هـ، 1204 - 1304م أحمد بن عبد المنعم بن أبي الغنائم، المقرئ المعمر، ركن الدين أبو العباس القزويني الصوفي الشافعي كبير الصوفية. ولد سنة إحدى وستمائة، وسمع من أبي بكر بن الخازن ببغداد، وأبي الحسن السخاوي بدمشق، وجماعة أخر، وخرجت له عوالي فيها بالإجازات العامة عن أبي جعفر الصيدلاني وذويه. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 373 وكان تام الشكل، محكم البنية، سمع عليه الحافظ شمس الدين الذهبي مسند الشافعي. توفى سنة أربع وسبعمائة، عن مائة وثلاث سنين، رحمه الله تعالى. الشريشي شارح المقامات 619هـ، 1222م أحمد بن عبد المؤمن بن موسى، الشيخ الإمام أبو العباس القيسي الشريشي، النحوي اللغوي، شارح مقامات الحريري. كان إماماً عالماً، بارعاً في النحو، واللغة، وغير ذلك، تصدر للإقراء مدة سنين، وصنف التصانيف الكثيرة، وشرح المقامات. قال ابن الأبار: له شرح الإيضاح لأبي علي، وشرح المقامات، صنف لها ثلاثة شروح، سمعت منه وأجاز لي، انتهى كلام ابن الأبار. قلت: وشرحه، رحمه الله، أحسن شرح صنف على المقامات. توفى بعد الستمائة بسنين تقريباً، رحمه الله تعالى. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 374 شهاب الدين بن الدفوفي 620 - 695هـ، 1223 - 1295م أحمد بن عبد النصير بن علي بن سليمان، الشيخ الإمام المحدث شهاب الدين أبو البركات المقرئ المصري، المعروف بابن الدفوفي. ولد سنة عشرين وستمائة، وسمع من ابن رواح، وابن الجميزي، وسبط السلفي، ومن بعدهم من البوصيري، وغيره، واعتنى بالحديث أتم عناية، ونسخ الكثير، وخطه معروف، وكان من المشهورين في هذا الشأن، ونسخ كتباً كباراً منها: حلية الأولياء لأبي نعيم، وروى عوالي مسموعاته، سمع منه الحافظ أبو عبد الله الذهبي، وجماعة أخر. توفى سنة خمس وتسعين وستمائة، رحمه الله تعالى. شهاب الدين الشاطر الدمنهوري 733 - 787هـ، 1332 - 1385م أحمد بن عبد الهادي بن أحمد، الإمام الفاضل الأديب شهاب الدين أبو العباس المعروف بالشاطر الدمنهوري. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 375 مولده في نصف ليلة الأحد سابع عشرين شوال سنة ثلاث وثلاثين وسبعمائة. كان له فضل غزير، واطلاع واسع، لا سيما في حل المترجم ونظم القريض. ومن شعره في مروحة: ومخطوبة في الحر من كل هاجر ... ومهجورة في البرد من كل خاطب إذا ما الهوى المقصود هيج عاشقاً ... أتت بالهوى الممدود من كل جانب توفى في عقبة أيلة متوجهاً إلى الحجاز في سنة سبع وثمانين وسبعمائة. تقي الدين المقدسي الحوراني 583 - 667هـ، 1187 - 1268م أحمد بن عبد الواحد بن مري بن عبد الواحد، الشيخ الزاهد تقي الدين أبو العباس المقدسي الحوراني. ولد سنة ثلاث وثمانين وخمسمائة، وسمع بحلب من الافتخار، وحده، روى عنه الحافظ شرف الدين الدمياطي، وعز الدين الدواداري، ورضي الدين الطبري، وهذه الطبقة. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 376 وكان فقيهاً شافعياً، عارفاً بالفرائض، جامعاً بين العلم والعمل، صاحب تجرد وانقطاع، ولي إعادة المستنصرية ببغداد، ثم تزهد وأقبل على شأنه، وجاور بمكة، وكان يحط على ابن سبعين وينكر طريقه، وكان ابن سبعين يرميه بالتجسيم. قلت: طريقة ابن سبعين غير مشكورة، واعتقاده أقبح من أن يذكر هنا، عليه من الله ما يستحقه، لا سيما كلامه في مثل هذا الرجل الصالح الزاهد، وكان هذا دأب ابن سبعين الحط على كل أحد إلا من وافقه على سوء طريقته، وقبيح اعتقاده، مثل العفيف التلمساني وغيره، لا حاجة لنا في ذكرهم، عاملهم الله بعدله. توفى الشيخ تقي الدين صاحب الترجمة سنة سبع وستين وستمائة. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 377 علاء الدين بن بنت الأعز 699هـ، 1299م أحمد بن عبد الوهاب بن خلف بن محمود بن بدر العلائي، القاضي علاء الدين المعروف بابن الأعز، وهو أخو الأخوين قاضي القضاة صدر الدين محمد، وقاضي القضاة تقي الدين عبد الرحمن، تأتي ترجمة كل واحد منهما في محله إن شاء الله تعالى. قال الشيخ صلاح الدين الصفدي: أخبرني من لفظه الإمام العلامة أثير الدين أبو حيان قال: درس المذكور بالكهارية، والقطبية، وتولى الحسبة بآخره، وكان الجزء: 1 ¦ الصفحة: 378 له معرفة بالأدب وتقييده، وكان فصيح العبارة، جميل الصورة، فيه إحسان ومكارم مروءة، لطيف المزاج، كثير التبسم، شهماً، جزلاً، حج ودخل اليمن، ترددت إليه مراراً بالقاهرة، واستدعانا لمأدبة صنعها بالروضة، وحضر معنا القاضي فخر الدين بن صدر الدين المارداني، فرأينا شاباً حسناً يسبح متلطخ بالتراب، فقال لنا القاضي علاء الدين: لينظم كل منا في هذا الشاب شيئاً، فقام كل منا إلى ناحية وانفرد، فنظمنا نظماً قريب الاتفاق، ولم يطلع أحد منا على ما نظم صاحبه إلى أن أكمل كل منا ما نظمه، فكان الذي نظمه القاضي المذكور: ومترب لولا التراب بجسمه ... لم تبصر الأبصار منه منظرا فكأنه بدر عليه سحابة ... والترب ليل من سناه أقمرا وكان الذي نظمه فخر الدين: ومترب تربت يدا من حازه ... كقضيب تبر ضمخوه بعنبر وكان طرته ونور جبينه ... ليل أطل صباح أنور وكان الذي نظمته، يعني الشيخ أثير الدين نفسه: الجزء: 1 ¦ الصفحة: 379 ومترب قد ظن أن جماله ... سيصونه منا بترب أعفر فغدا يضيخه فزاد ملاحه ... إذ قد حوى ليلاً بصبح أنور وكأنما الجسم العقيل وتربه ... كافورة لطخت بمسك أزفر قلت: أحسن هذه المقاطيع قول ابن بنت الأعز، وأما مقطوع فخر الدين ففي الثاني فساد المعنى لأن الليل ما يطل على الصباح وإنما الليل يطل على النهار، والصباح يطل على الليل انتهى كلام الصفدي. قلت: لم يعجبني هذا الاعتراض منه ويطول الشرح في الجواب عن فخر الدين انتهى. وقال الحافظ أبو عبد الله الذهبي: وقدم دمشق وولي تدريس الظاهرية والقيمرية، وكان مليح الشكل، لطيف الشمائل يتحنك بطيلسانه، ويركب البغلة، ثم عاد إلى مصر، وأقام بها مديدة. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 380 وتوفى سنة تسع وتسعين وستمائة، رحمه الله تعالى. شهاب الدين النويري 682 - 732هـ، 1283 - 1331م أحمد بن عبد الوهاب بن أحمد بن عبد الوهاب بن عبادة، الشيخ الإمام المؤرخ شهاب الدين، البكري، النويري، الشافعي. كان فقيهاً فاضلاً، مؤرخاً بارعاً، وله مشاركة جيدة في علوم، وكتب الخط المنسوب، قيل إنه كتب صحيح البخاري ثمان مرات، وكان يبيع كل نسخة من البخاري بخطه بألف درهم، وكان يكتب في كل يوم ثلاث كراريس، وألف تاريخاً سماه منتهى الأرب في علم الأدب في ثلاثين مجلداً. توفى سنة اثنتين وثلاثين وسبعمائة، وهو من أبناء الخمسين، رحمه الله تعالى. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 381 العلامة تاج الدين التركماني 681 - 744هـ، 1282 - 1343م أحمد بن عثمان بن إبراهيم بن مصطفى بن سليمان، الشيخ الإمام العلامة تاج الدين أبو العباس بن العلامة فخر الدين، وأخو العلامة علاء الدين، وهو عم قاضي القضاة جمال الدين، التركماني الأصل، المارديني، المصري المولد، الحنفي، الشهير بابن التركماني. ولد بديار مصر في ليلة السبت الخامس والعشرين من ذي الحجة سنة إحدى وثمانين وستمائة، وطلب العلم بها. وتفقه على جماعة من أعيان العلماء. قال القاضي مجد الدين إسماعيل الحنفي: نقلت من خط ولده جلال الدين أبي المعالي محمد قال: كتب المقر الشهابي بن فضل الشهابي بن فضل الله كاتب السر الشريف يسأل الجزء: 1 ¦ الصفحة: 382 والدي عن الاسم والنسب والمولد والمنشأ والمحتد وماله من تصنيف وتأليف، فكتب إليه الاسم والكنية والمولد والسكن، ثم قال، وأما القبيلة فهو من التركماني الذين ينسلون من كل حدب، لا فارس الخيل ولا وجه العرب، وأما النسبة قمن ماردين، وأما سقوط الألف واللام لكانت من الماردين، فأعجب لنسبه تمت بالنقصان، ولحقيقة وجدت بالفقدان، انتهى. قلت: وطلب العلم، واجتهد، ولزم العلماء إلى أن برع في الفقه والأصول والعربية والمنطق والمعاني والبيان وغير ذلك، وتصدر للإفتاء والتدريس، وانتفع به الناس، وأشغل مدة طويلة، وصنف الكتب المفيدة، وله النظم والنثر، ومن تصانيفه تعليقه على المحصل للإمام فخر الدين الرازي، وشرح مختصر الباجي في أصول الفقه مختصر المحصول وتعليقه على المحصول، وتعليقه على المنتخب أصول الفقه للحنفية، وثلاث تعاليق على خلاصة الدلائل في تنقيح المسائل في فقه المذهب، الأولى في حل مشكلاته وتبين معضلاته وشرح ألفاظه وتفسير معانيه، والثانية الجزء: 1 ¦ الصفحة: 383 في ذكر ما أهمله من مسائل الهداية، والثالثة في ذكر أحاديثه والكلام ما عليها وحل متونها وتصحيحها وتخريجها، وشرح الجامع الكبير لمحمد بن الحسن، وشرح الهداية ولم يكمله، وكتابان في علم الفرائض مبسوطاً ومتوسطاً، وتعليق على مقدمتي بن الحاجب، وشرح المقرب لابن عصفور، وشرح عروض ابن الحاجب، وكتاب أحكام الرماية، والسبق الحلل، وكتاب الأبحاث الجلية على مسألة ابن تيمية، وشرح الشمسية في المنطق، وعدة تصانيف أخر. وكان يكتب الخط المنسوب، ويجيد النظم والنثر. ومن شعره ما كتبه إلى القاضي شهاب الدين بن فضل الله العمري رحمه الله تعالى: غرامي بكم بين البرية قد فشا ... فلست أبالي بالرقيب وما وشى ولا غر وأن غرت صفاتك من حكي ... فما قدر ما حاك الربيع وما وشى وإن قستها بالدر قال لي السها ... أفق إنّ ذاك الدر في بحره انتشى فقمت بها أشدو على كل مشهد ... فكل به عجباً تواجد وانتشى مغارسه طابت وطاب أبوة ... وذلك فضل الله يؤتيه من يشا الجزء: 1 ¦ الصفحة: 384 وهي أطول من ذلك، أضربت عن بقيتها خوفاً من الملل. قلت: وهذا البيت الأخير أخذه الصاحب فخر الدين بن مكانس برمته في مديح ولده مجد الدين حيث قال: أرى ولدي قد زاده الله بهجة ... وكمله في الخلق والخلق مذ نشا سأشكر ربي حيث أوتيت مثله ... وذلك فضل الله يؤتيه من يشا توفى تاج الدين المذكور في مستهل جمادى الأولى سنة أربع وأربعين وسبعمائة بالقاهرة. رحمه الله تعالى. شهاب الدين الذهبي 642 - 697هـ، 1244 - 1297م أحمد بن عثمان بن قايماز بن أبي محمد عبد الله، الشيخ شهاب الدين التركماني الجزء: 1 ¦ الصفحة: 385 الفارقي الأصل، الدمشقي، الذهبي، المعروف بالشهاب، ولد الحافظ أبي عبد الله شمس الدين الذهبي. مولده سنة اثنتين وأربعين وستمائة، وقرأ في صغره، واشتغل يسيرا، وبرع في صنعة الذهب المدقوق، وسمع صحيح البخاري سنة ست وستين على المقداد القيسي، عن سعيد بن الرزاز، عن أبي الوقت، وأجاز له تقي الدين بن أبي اليسر، والشيخ جمال الدين بن مالك، وجماعة، وسمع مع والده ببعلبك من التاج عبد الخالق، وزينب بنت كندي. وكان فيه الخير، ويتصدق على الفقراء. وتوفى سنة سبع وتسعين وستمائة، ودفن بقرية بالجبل، كان اشتراها وعمرها قبل موته، رحمه الله تعالى. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 386 شهاب الدين بن السلعوس 697هـ، 1297م أحمد بن عثمان بن أبي الرجاء، الرئيس شهاب الدين التنوخي الدمشقي، أخو الصاحب شمس الدين بن السلعوس. كان ديناً، عاقلاً، يحب سماع الحديث، سمع من عبد الدائم بالإسكندرية في تجارة ومن عثمان بن عوف وحدث. سمع منه البرزالي وغيره. وكان ثقيل السمع، وتولي بجاه أخيه نظر الجامع الأموي بدمشق، ورزق الجاه العريض في دولة أخيه، لما وزر للملك الأشرف خليل بن قلاوون، ولما مات أخوه المذكور ذهب ذلك كله عنه، وعاد إلى حاله أولاً، إلى أن مات كهلاً في سنة سبع وتسعين وستمائة. قلت: وكذا وقع في زماننا هذا لأقارب أبي الخير النحاس، من عود الجزء: 1 ¦ الصفحة: 387 كل واحد من أخوته ووالدهم إلى صنائعهم، بعد أن قاسوا من البهدلة والسب أهوالاً كثيرة. شهاب الدين الكلوتاتي الحنفي 762 - 835هـ، 1360 - 1431م أحمد بن عثمان بن محمد بن عبد الله، المسند المعمر المحدث، شهاب الدين الكلوتاتي، الحنفي. ولد سنة اثنتين وستين وسبعمائة، واعتنى بالحديث، وسمع الكثير، وقرأ من سنة تسع وسبعين بنفسه على المشايخ فأكثر، حتى قرأ صحيح البخاري نحواً من خمسين مرة، ودأب وحصل، وأفاد الطلبة، وحدث سنين بالقاهرة، إلى أن توفي يوم الاثنين الرابع والعشرين من جمادى الأولى سنة خمس وثلاثين وثمانمائة، رحمه الله تعالى. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 388 ابن عجلان أمير مكة 740 - 788هـ، 1339 - 1386م أحمد بن عجلان بن رميثه، واسم رميثه منجد، بن أبي نمى محمد بن أبي سعد حسن بن علي بن قتادة بن إدريس بن مطاعن، السيد الشريف شهاب الدين أبو سليمان المكي الحسني، أمير مكة ورئيس الحجاز. ولي إمرة مكة شريكاً لأبيه وميثه ومستقلا، ثم شريكاً لابنه محمد ستاً وعشرين سنة تنقص أشهراً، لأنه كان نائباً عن أبيه أيام مشاركة أبيه لعمه ثقبة في إمرة مكة في سنة ستين وسبعمائة، فلما عزلا في هذه السنة بأخويهما سند وابن عمهما محمد بن عطيفة، فتوجه عجلان وابنه أحمد هذا وكبيش الجزء: 1 ¦ الصفحة: 389 إلى القاهرة، فلما وصلوا إلى القاهرة قبض عليهم السلطان الملك الناصر حسن وحبسهم بقلعة الجبل، وأقسم أن لا يطلقهم مادام حياً، لأنه كان شديد الحنق على عجلان وابنه أحمد المذكور، لأمور حصلت من عجلان وابنه فاستمر بقلعة الجبل مدة، ثم نقلا إلى سجن الإسكندرية واستمرا بها إلى أن قبض على الملك الناصر حسن أطلقا، وولي عجلان إمرة مكة شريكاً لأخيه ثقبة، وتوجه عجلان بجماعته إلى مكة، فلما وصل إلى وادي مر ألفوا به ثقبة عليلاً مدنفاً، ثم مات ثقبة بعد أيام قليلة في أوائل شوال سنة اثنتين وستين وسبعمائة، فبادر عجلان ودخل مكة، وأشرك ابنه أحمد هذا معه في الإمرة، فأقاما على ذلك مدة، ثم ترك عجلان الإمرة لأبنه أحمد بعد أمور وقعت بينهما، وشرط عليه أن يعطيه أحمد في السنة ثلاثمائة ألف درهم، وظن عجلان أن ابنه أحمد يعجز عن ذلك، فأعانه التجار وأصهاره، فندم عجلان على تركه الإمرة، ودام أحمد صاحب الترجمة في الإمرة إلى أن أشرك معه في الإمرة إلى أن أشرك معه في الإمرة ولده محمد في سنة ثمانين وسبعمائة. واستمر على ذلك إلى أن تعلل من حبة طلعت تحت أذنه، فمات منها في ليلة الجزء: 1 ¦ الصفحة: 390 السبت العشرين من شعبان سنة ثمانين وسبعمائة، عن نحو ثمان وأربعين سنة، وصلى عليه بالحرم، بعد أن قال المؤذن على زمزم: الصلاة على الملك العادل، ودفن بالمعلاة، وبينت عليه قبة. وقد مدحه في حياته جماعة من الشعراء بقصائد حسنة كثيرة، وكان يجيزهم بالعطايا الجزيلة، وكان مشكور السيرة وله محاسن جمة، كثير العدل في الرعية، مكرماً للتجار، مسامحاً لهم بأشياء كثيرة، وكان له ثروة ومال جزيل، فلعمري هل كان مع هذه السيرة الجميلة سنياً، أو كان على مذهبهم القبيح، انتهى. ابن بكتمر 786 - 841هـ، 1384 - 1437م أحمد بن على بن قرطاي، سبط بكتمر الساقي، الشهير بجده المذكور. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 391 مولده في يوم الأحد ثالث عشرين شعبان سنة ست وثمانين وسبعمائة بالقاهرة، ونشأ بها في السعادة، وطلب العلم، وكتب الخط المنسوب إلى الغاية، لا سيما في طريقة الأستاذ ياقوت المستعصمي، وبرع في عدة فنون. وكان فاضلاً، أديباً شاعراً لطيفاً، ذا محاضرة حسنة، ووجه صبح، وكان محباً لتحصيل الفضيلة والتحف، ظهر له بعد موته من الكتب النفيسة وخطوط الكتاب القديمة والتحف ما أدهش الناس لرؤيته، وكان له محاسن شتى، غير أنه كان مسرفاً في المال جداً، كان يدخل حاصله في السنة من أوقاف جده بكتمر من الأموال جملة مستكثرة، فتذهب منه، ثم يتحمل من الديون ما شاء الله أن يتحمله، ومات وعليه جملة مستكثرة. وكان سميناً جداً إلى الغاية بحيث أنه كان لا يحمله إلا الجياد من الخيل، وكان بيني وبينه صحبة ومحبة إلى أن توفي في ليلة الاثنين عاشر ذي القعدة سنة الجزء: 1 ¦ الصفحة: 392 إحدى وأربعين وثمانمائة، رحمه الله تعالى. ومن شعره في إسمه إبراهيم: إن إبراهيم أورى ... في الحشا منه ضراماً ليت قلبي يلقاه ... نال برداً وسلاماً وله أيضاً: حبي المعذر وافي ... من بعد هجر ومطل وقال صف لي عذارى ... فقلت يا حب نملى وله في من يسمى خصيب. رعى الله أيام الربيع وروضها ... بها الورد يزهو مثل خد حبيبي وإني وحتى الحب ليس ترحلي ... سوى لمكان ممرع وخصيب ابن الفصيح 680 - 755هـ، 1281 - 1354م أحمد بن علي بن أحمد، الإمام العالم العلامة فخر الدين أبو طالب الكوفي الجزء: 1 ¦ الصفحة: 393 الفقية الحنفي الهمداني المعروف بابن الفصيح. مولده سنة ثمانين وستمائة، سمع من ابن الدواليبي، وصالح بن الصباغ، وغيرهما، وأجاز له ابن الطبال، وغيره. قال القاضي بدر الدين حسن بن حبيب في تاريخه: سنة خمس وخمسين وسبعمائة: فيها توفي الإمام فخر الدين أبو طالب أحمد بن علي بن أحمد الكوفي البغدادي الشهير بابن الفصيح الحنفي، عالم حلت عبارته، وعلت إشارته، ولطفت معاني ذاته، وعذبت مذافة نباته، وحسنت أخلاقه، ورقمت بالتبر أوراقه، تصدى لمعرفة العلوم الأدبية، وتصدر ببغداد لإقراء العربية، ومهر في حل المشكلات والغوامض، ونظم الكنز في الفقه، والسراجية في الفرائض. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 394 ثم قدم إلى دمشق فدرس وأعاد، وجلس للإفادة مبلغاً طلبة العلم غاية المراد. وهو القائل: أمر سواكه من در ... وناولنيه وهو أحب عندي فذقت رضابه ما بين ندٍ ... وخمر مزجاً كلاً بشهد وله أيضاً: زار الحبيب فحيا ... يا حسن ذاك المحيا من صده كنت ميتاً ... من وصله عدت حيا وكتب إليه الأستاذ أبو حيان الأندلسي لما قدم دمشق من أبيات: شرف الشام واستنارت رباه ... بإمام الأئمة ابن فصيح كل يوم له دروس علوم ... بلسان عذب وفكر صحيح وكانت وفاته في التاريخ المتقدم بدمشق وقد قارب الثمانين، رحمه الله تعالى. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 395 المسند أمين الدين أبو العباس 586 - 670هـ، 1190 - 1271م أحمد بن علي بن يوسف بن عبد الله بن بندار، المسند أمين الدين أبو العباس ابن قاضي القضاة زين الدين أبي الحسن بن العلامة أبي المحاسن الدمشقي الأصل المصري الشافعي. مولده سنة ست وثمانين وخمسمائة، وسمع من أبيه، وعمه أبي حفص، والبوصيري، وابن ياسين، وأبي الفضل الغزنوي، والعماد الكاتب، وروى الكثير، روى عنه الحافظ شرف الدين الدمياطي، وقاضي القضاة ابن جماعة، الجزء: 1 ¦ الصفحة: 396 والدواداري، وجماعة، وكان آخر من روى صحيح البخاري عن هبة الله البوصيري. توفي بالقاهرة سنة سبعين وستمائة، رحمه الله تعالى. جمال الدين أبو بكر القلانسي 640 - 704هـ، 1242 - 1304م أحمد بن علي بن عبد الله بن أبي البدر، الشيخ المحدث جمال الدين أبو بكر البغدادي القلانسي. مولده في جمادى الآخرة سنة أربعين وستمائة، واعتنى بالرواية وهو ابن عشرين سنة، وسمع الكثير من عبد الصمد وغيره، وخرج وأفاد، وكتب وروى قليلاً، حدث عنه التقي محمد بن محمود الكرخي وابنه أحمد، وأحمد ابن عبد الغني الوفاياني، وعبد الله بن سليمان الغراد، ومحمد بن يوسف بن منكلي، وكان صدوقاً، كتب عن المشايخ في الإجازات. توفي سنة أربع وسبعمائة. رحمه الله تعالى. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 397 مجد الدين القشيري المنفلوطي 636 - 723هـ، 1238 - 1323م أحمد بن علي بن وهب العدل المعمر، تاج الدين أبو العباس ابن العلامة مجد الدين القشيري المنفلوطي، أخو قاضي القضاة تقي الدين بن دقيق العيد. ولد في أحد الربعين سنة ست وثلاثين وستمائة، سمع الثقفيات العشرة، وثاني المحامليات، وثاني حديث سعدان، وأربعين السلفي من ابن الجميري، وسمع جزء الصولي من ابن رواح، وسمع من الزكي المنذري، وغير واحد، وحدث قديماً، سمع منه البرزالي، والقطب عبد الكريم، وجماعة. وطال عمره. وتفرد بقوص. قال كمال الدين حعفر الأدفوي في تاريخه: اشتغل بالفقه بالمذهبين: مذهب مالك والشافعي على أبيه، ودرس بالمدرسة النجيبية بقوص مكان والده، الجزء: 1 ¦ الصفحة: 398 وكان يلقي درساً في المذهبين، ودرس بدار الحديث السابقية، وسمع منه قاضي القضاة عز الدين عبد العزيز بن جماعة، والحافظ فتح الدين بن سيد الناس، والقاضي تاج الدين عبد الغفار السعدي. وكان قليل العلم في المذهبين، وتولى الحكم بغرب قمولا، وبقوص عن قاضي القضاة الحنفي، وكان كثير التعبد، يصوم الدهر، ويكفل الأيتام، وكان يتساهل في الشهادة وفي الكلام، وذكر عنه أشياء في التساهل، واختلط بآخره. انتهى كلام الأدفوي المتناقض. قلت: وكانت وفاته بقوص في سنة ثلاث وعشرين وسبعمائة، عن سبع وثمانين سنة، رحمه الله تعالى. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 399 القاضي شهاب الدين النويري المكي المالكي 780 - 827هـ، 1378 - 1423م أحمد بن علي بن أحمد بن عبد العزيز بن القاسم، قاضي مكة، شهاب الدين، وإمام المالكية بالحرم الشريف، وابن إمام المالكية، القاضي نور الدين المكي المالكي النويري. مولده في صفر سنة ثمانين وسبعمائة بمكة، وسمع على العفيف عبد الله، ووالده، وسمع أيضاً بقراءة أخيه عبد العزيز علي الشيخ نصر الله بن أحمد البغدادي الحنبلي شيئاً من أول كتاب المعتبر في اختصار مختصر بن الحاجب، وشيئاً من كتاب أثير الغريب في نظم الغريب، وجميع القصيدة المسماة ببغية العامل في نظم العوامل، ومن جماعة أخر بمكة، وحفظ الرسالة لابن أبي زيد المالكي، وتفقه الجزء: 1 ¦ الصفحة: 400 على الشريف - عبد الرحمن بن - أبي الخير الفاسي، وغيره. وأفتى ودرس، وولي بعد وفاة والده بمدة إمام المالكية بالحرم، ثم بعد مدة طويلة ولي القضاء فلم يتم أمره، ودام مصروفاً إلى أن توفي قبيل العصر من يوم الأربعاء ثالث عشر شهر ربيع الآخر سنة سبع وعشرين وثمانمائة، ودفن في صبح يوم الخميس بالمعلاة، وكان له ثروة. رحمه الله تعالى. قاضي القضاة نجم الدين الطرسوسي الحنفي 719 - 758هـ، 1319 - 1356م أحمد بن علي بن عبد الواحد - قيل عبد الوهاب - بن عبد المنعم بن عبد الصمد، قاضي القضاة نجم الدين أبو العباس بن قاضي القضاة نجم الدين أبو العباس بن قاضي القضاة عماد الدين الحنفي الطرسوسي. نشأ في حياة والده، وبه تفقه، وبغيره، وبرع في الفقه، والأصلين، الجزء: 1 ¦ الصفحة: 401 والعربية، وغير ذلك، وأفتى ودرس في حياة والده، وتصدر للإقراء سنين، وناب في الحكم عن والده، ثم استقل بوظيفة قضاء الحنفية بدمشق برغبة من والده له، وباشر الوظيفة مدة، وحسنت سيرته. وكان إماماً عالماً بارعاً، بليغاً عفيفاً، وقوراً، معظماً في الدول، وكان متبحراً في مذهبه، وله تصانيف كثيرة حسنة. توفي سنة ثمان وخمسين وستمائة، رحمه الله تعالى. أبو المكارم العبدري الشيبي الحجبي - 808هـ، - 1405م أحمد بن علي بن أبي راجح محمد بن إدريس، الشيخ أبو المكارم العبدري الشيبي الحجبي المكي، شيخ الحجبة، وفاتح الكعبة. كان من أعيان بني شيبة، مولده بمكة، وبها نشأ، وولي مشيخة الحجبة، ودام بها مدة، ثم إنه قصد اليمن، فسار في البحر المالح في أوائل سنة ثمان وثمانمائة، فمات غريقاً في السنة المذكورة، رحمه الله تعالى. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 402 القاضي شهاب الدين الفاسي المكي الحسني 754 - 819هـ، 1353 - 1416م أحمد بن علي بن محمد بن عبد الرحمن، السيد الشريف القاضي شهاب الدين أبو العباس بن السيد نور الدين الفاسي الأصل، المكي المولد والمنشأ والوفاة، هو وولده الحافظ المؤرخ تقي الدين الفاسي. فقال ولده المذكور في تاريخه: مولد والدي في الثاني والعشرين من ربيع الأول سنة أربع وخمسين وسبعمائة بمكة، وسمع بها على قاضيها شاب الدين الطبري تساعيات جده الرضى الطبري، وتفرد بها عنه، وعلى الشيخ خليل المالكي صحيح مسلم خلا المجلد الرابع من تجزئة أربعة، وسمعه بكماله على الشيخ عبد الله بن أسعد اليافعي، وعلى القاضي عز الدين بن جماعة الآربعين التساعية الجزء: 1 ¦ الصفحة: 403 له، ومنسكه الكبير، وغير ذلك، وعلى القاضي موفق الدين الحنبلي قاضي الحنابلة بمصر، وسمع بالقاهرة من قاضيها أبي البقاء السبكي صحيح البخاري، ومن غيره وسمع بحلب، وأجاز له جماعة من أصحاب ابن البخاري وطبقته، وغيرهم، وحفظ كتباً علمية في صغره، ةاشتغل في الفقه، والأصول، والعربية، والمعاني والبيان، والأدب، وغير ذلك. وكان ذا فضل ومعرفة تامة بالأحكام والوثائق، وله نظم كثير ونثر، ويقع له في ذلك أشياء حسنة. ثم قال: ومن شيوخ والدي في الفقه والنحو الشيخ أبو العباس بن عبد المعطي المكي النحوي، وأذن له في الإفتاء الشيخ موسى المراكشي، وأخذ عن القاضي أبي الفضل النويري أشياء من العلم، وعن غير واحد بمصر وغيرها، ودرس وأفتى الجزء: 1 ¦ الصفحة: 404 كثيراً، وحدث، أخذت عنه بمنى وبمكة، وسمع منه الطلبة، وله تواليف في مسائل، وناب عني في الحكم بآخره، وبلي عن ابن أخته القاضي سراج الدين عبد اللطيف ابن أبي الفتح الحنبلي، وعن القاضي جمال الدين بن ظهيرة في وقائع، وناب في مثل ذلك عن القاضي محب الدين النويري، ووالده القاضي أبي الفضل، انتهى. قلت: وقد أطلق الحافظ تقي الدين عنان القلم في ترجمة والده هذا إلى أن قال: وتوفى باثر صلاة الصبح من يوم الجمعة الحادي والعشرين من شوال سنة تسع عشرة وثمانمائة بمكة، وصلى عليه عقيب الجمعة عند باب الكعبة، ودفن بالمعلاه، رحمه الله تعالى. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 405 الشريف شهاب الدين كاتب السر الشريف 774 - 833هـ، 1372 - 1429م أحمد بن علي بن إبراهيم بن عدنان بن جعفر بن محمد بن عدنان، السيد الشريف شهاب الدين الحسيني، الدمشقي الأصل والمولد والمنشأ، المصري الوفاة، كاتب السر الشريف بديار مصر. مولده بدمشق في سابع شوال سنة أربع وسبعين وسبعمائة، وبها نشأ، وتفقه على مذهب الإمام الشافعي رضي الله عنه، وولي بها عدة وظائف سنية: ولي كتابة سرها، ثم نظر جيشها، ثم تولى قضاء القضاة الشافعية بها. ونقابة الأشراف، وتنقل في هذه الوظائف بدمشق سنين، وتكرر قدومه إلى القاهرة غير مرة إلى أن طلبه الملك الأشرف برسباي إلى الديار المصرية، وولاه كتابة سرها، عوضاً عن القاضي جلال الدين محمد بن القاضي بدر الدين محمد بن مزهر بحكم عزله، فباشر المذكور كتابة سر مصر مباشرة حسنة، الجزء: 1 ¦ الصفحة: 406 وسار فيها أجمل سيرة، على أن أيامه لم تطل، فإن قدومه إلى القاهرة كان في ذي الحجة من سنة اثنتين وثلاثين وثمانمائة، وخلع عليه باستقراره في كتابة السر في يوم الخميس خامس عشر الشهر المذكور، وعملت له الطرحة خضراء برقمات ذهب. وتوفى ليلة الخميس ثامن عشرين جمادى الآخرة سنة ثلاث وثلاثين وثمانمائة بالطاعون. وتولى كتابة السر من بعده أخوه أبو بكر الملقب عماد الدين، وباشر الوظيفة مدة يسيرة من غير أن يخلع عليه خلعة كتابة السر، فعاجلته أيضاً المنية ومات في ليلة الجمعة ثالث عشر شهر رجب من السنة المذكورة، وموته أيضاً كان بالطاعون، وكان قدومه إلى القاهرة لزيارة أخيه الشريف شهاب الدين، فماتا في أيام قلائل رحمها الله تعالى. وكان الشريف شهاب الدين صاحب الترجمة من أعيان رؤساء أهل دمشق، وله بها مآثر حسنة وأملاك كثيرة وكان مثرياً، وله مكارم، وأفضال، رحمه الله تعالى. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 407 قاضي القضاة بهاء الدين السبكي 719 - 773هـ، 1319 - 1371م أحمد بن علي بن عبد الكافي بن علي بن تمام، العلامة الفقيه الأصولي المحدث قاضي القضاة بهاء الدين أبو حامد بن شيخ الإسلام تقي الدين السبكي الشافعي. مولده بالقاهرة في ليلة الأربعاء العشرين من جمادى الآخرة سنة تسع عشرة وسبعمائة، واستجاز له أبوه مشايخ عصره بديار مصر وبلاد الشام، ثم أحضر مجالس الحديث وأسمعه بالقاهرة من الحجاز، وأبي الحسن الواني، وأبو الفتح الدبوسي، والجلال الدلاصي، والبدر بن جماعة، والنجم بن خلكان، والشهاب الجزء: 1 ¦ الصفحة: 408 بن غانم، ويوسف بن محمد الكردي، ومحمد بن غالي، وغيرهم، وبدمشق من الحافظ جمال الدين المنوي، ومن أبي تمام الجزري، والذهبي، وخلائق أخر، وطلب العلم وتفقه بوالده، وبالشيخ مجد الدين الزنكلوني، والشيخ شمس الدين القماح، وغيرهم، وأخذ النحو عن الشيخ أثير الدين أبي حيان وغيره، وبرع في فنون، وأذن له بالإفتاء والتدريس وعمره عشرون سنة، ونظم الشعر الجيد، ولما ولي أبوه قضاء دمشق ولاه المنصور وظائف أبيه: تدريس المنصورية، والسيفية، ومشيخة الحديث بالجامع الطولوني، والجامع الظاهري، فقام بذلك أحسن قيام، ولما بلغ والده أنه درس أحسن منه أنشد: دروس أحمد خير من دروس علي ... وذاك عند علي غاية الأمل فأجاز في ذلك الصلاح الصفدي بقوله: الجزء: 1 ¦ الصفحة: 409 لأن في الفرع ما في أصله وله ... زيادة ودليل الناس فيه جلى وقال فيه أيضاً: أبو حامد في العلم أمثال أنجم ... وفي النقد كالإبريز أخلص في السبك فأولهم من أسفرايني نشؤه ... وثانيهم الطوسي وثالثهم السبكي واستمر في وظائف والده إلى أن توفي والده، ومن بعده إلى أن ولي قضاء دمشق عوضاً عن أخيه تاج الدين، واستقر تاج الدين في الوظائف التي كانت بيد بهاء الدين، وذلك برضاء كل منهما، ثم صرف بأخيه وقدم إلى القاهرة على البريد، وأعيدت إليه وظائفه التي كانت بيده أولاً، وأضيف إليه قضاء العسكر عوضاً عن بهاء الدين أبي البقاء. ثم توجه إلى الحج، وأقبل على العبادة، وانقطع عن الدنيا وتزهد، وجاور بمكة، وصنف التصانيف المفيدة، من ذلك: شرح مختصر ابن الحاجب في الجزء: 1 ¦ الصفحة: 410 أصول الفقه، وشرح تلخيص المفتاح في المعاني والبيان، وصنف شرحاً كبيراً على الحاوي في الفقه لم يكمله، وله ديوان خطب، وفوائد كثيرة. وكان والده يعظمه كثيراً، ويفضله على أخيه تاج الدين، يأتي ذكر الأخ في محله إن شاء الله تعالى، وأثنى عليه جماعة من الأئمة. ذكره الذهبي في المعجم المختصر وقال: له فضائل وعلم جيد، وفيه أدب وتقوى، ساد وهو ابن عشرين سنة، ودرس في مناصب أبيه، انتهى كلام الذهبي. وكذلك أثنى عليه ابن الأثير وغيره. قلت: وعلمه مشهور، وفضله مأثور، وله نظم ونثر وخطب، ومن شعره قصيدة لما زار النبي صلى الله عليه وسلم، وأنشدها بالحضرة الشريفة، منها: وقف في حمى خير الورى بتأدب ... وذل وكسر وافتقار وخشية وقل يا أعز المرسلين ومن له ... على ذروة العلياء أعظم رتبة الجزء: 1 ¦ الصفحة: 411 وخير نبي جاء من خير عنصر ... بخير كتاب قد هدى خير أمة وأولهم فضلاً وبشراً إذا دعوا ... وأخرهم بعثاً وأوسط نسبة لك المعجزات الغر لاحت خوارقاً ... وباهر آيات عن الحصر جلّت ومدح الأثير أبا حيان بقصيدة أولها: فداكم فؤاد حان بالعيد فقده ... وصب قضى وجدا وما حال عهده وقلب جريح بالغرام متيم ... وطرف قريح طال في الليل سهده فأجابه بقصيدة أولها: أبو حامد حتم على الناس حمده ... لما حاز من علم به كان رشده وهي طويلة، وقد ضمن البيت المشهور من قصيدة عبد الله بن المعتز: علموني كيف السلوّ وإلا ... فاحجبوا عن مقلتي الملاحا فقال: بي ظباء قد تربت صباحاً ... نورها أصبح يحكي الصباحا قلت للعذال لما تغالوا ... في ملامي بعد ما العذر لاحا علموني كيف السلو وإلا ... فاحجبوا عن مقلتي الملاحا ثم توجه إلى مكة وجاور بها، وكان بمكة أيضاً الشيخ برهان الدين الجزء: 1 ¦ الصفحة: 412 الإبناسي، المتقدم ذكره، في أثناء السنة مرضاً أشفى منه على الموت، فبعث الشيخ بهاء الدين المذكور قاصداً من مكة إلى القاهرة يسأل في وظائف الإبناسي أن تستقر باسمه، وقد غلب على ظنه أنه لا يعيش من هذا المرض، ثم دخل عليه السبكي بعد أيام يعوده، فإذا به قد تناقص مرضه، فتحادثا ساعة وكان تجاههما نعش قد جدد عمله، فنظر بهاء الدين السبكي إلى النعش ثم قال للإبناس: يا شيخ برهان الدين أتدري ما يقول هذا النعش؟. فقال إنه يقول: انظر إلي بعقلك ... أنا المعد لحملك أنا سرير المنايا ... كم سار مثلي لمثلك ثم أخذ الشيخ بهاء الدين يحسن للإبناسي أن يتوجه معه إلى المدينة النبوية، فاعتل بما به من المرض، فما زال به حتى أذعن، وخرجا من مكة إلى المدينة فأقاما بها مدة، ثم سارا عائدين إلى مكة، فلما نزلا الحجفة حم بهاء الدين صاحب الترجمة، فقدم مكة وقد اشتد به مرضه إلى أن توفي بمكة في ليلة الخميس سابع شهر رجب عام ثلاث وسبعين وسبعمائة، رحمه الله. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 413 وسبك قرية بالمنوفية، يأتي ذكرها في ترجمة والده تقي الدين السبكي، إن شاء الله تعالى. ابن السديد الإسنائي 646 - 704هـ، 1248 - 1304م أحمد بن علي بن هبة الله، القاضي شمس الدين، يعرف بابن السديد الإسنائي الشافعي. مولده بإسنا، وبها نشأ، وتفقه على الشيخ بهاء الدين هبة الله القفطي، وغيره، وتولى الخطابة بإسنا، وناب بها في الحكم، وبإدفو وبقوص ودرس بها، وبنى مدرسة ووقف عليها أملاكاً جيدة، ووقف على الفقراء. وكان رئيس الصعيد وعالمه، وكان قوي النفس، كثير العطاء، محافظاً على رئاسة دنياه، واقفاً مع هواه، وكان ممدحاً، مهيباً، يعطي الآلاف الكثير في الأمر اللطيف ليقهر معانده، قيل أنه انصرف منه على نيابة الحكم الجزء: 1 ¦ الصفحة: 414 بقوص ثمانون ألف درهم، ثم صادره الأمير سيف الدين كراي المنصوري في أخر عمره، وأخذ منه مائة وستين ألف درهم، ثم قدم إلى مصر وتمارض، فمرض في شهر رجب إلى أن توفي في سنة أربع وسبعمائة، رحمه الله تعالى. الشيخ تقي الدين المقريزي 766 - 845هـ، 1364 - 1441م أحمد بن علي بن عبد القادر بن محمد بن إبراهيم بن محمد بن تميم بن عبد الصمد، الشيخ الإمام البارع، عمدة المؤرخين، وعين المحدثين، تقي الدين المقريزي، البعلبكي الأصل، المصري المولد والدار والوفاة. مولده بعد سنة ستين وسبعمائة بسنيات، ونشأ بالقاهرة، وتفقه على مذهب الحنفية وهو مذهب جده العلامة شمس الدين محمد بن الصائغ، ثم تحول شافعياً بعد مدة طويلة لسبب من الأسباب ذكره لي، وسمع الكثير من الشيخ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 415 برهان الدين إبراهيم بن أحمد بن عبد الواحد الشامي، ومن ناصر الدين محمد بن علي الحراوي، والشيخ برهان الدين الآمدي، وشيخ الإسلام سراج الدين عمر البلقيني، والحافظ زين الدين العراقي، والهيثمي، وسمع بمكة من ابن سكر، والنشاوري، وغيرهما، وله إجازة من الشيخ شهاب الدين الأذرعي، والشيخ بهاء الدين أبي البقاء، والشيخ جمال الدين الإسنوي، وغيرهم، وتفقه وبرع، وصنف التصانيف المفيدة النافعة الجامعة لكل علم، وكان ضابطاً مؤرخاً، مفنناً، محدثاً، معظماً في الدول. ولي حسبة القاهرة غير مرة، أول ولاياته من قبل الملك برقوق في الجزء: 1 ¦ الصفحة: 416 حادي عشرين شهر رجب سنة إحدى وثمانمائة عوضاً عن شمس الدين محمد النجانسي، ثم عزل بالقاضي بدر الدين العينتابي في سادس عشرين ذي الحجة من السنة، ثم وليها عنه أيضاً، وولي عدة وظائف دينية، وعرض عليه قضاء دمشق في أوائل الدولة الناصرية فرد فأبى أن يقبل ذلك. وكان إماماً مفنناً، كتب الكثير بخطه، وانتقى أشياء، وحصل الفوائد، واشتهر ذكره في حياته وبعد موته في التاريخ وغيره، حتى صار به يضرب المثل، وكان له محاسن شتى، ومحاضرة جيدة إلى الغاية لا سيما في ذكر السلف من العلماء والملوك وغير ذلك، وكان منقطعاً في داره، ملازماً للعبادة والخلوة، قل أن يتردد إلى أحد إلا لضرورة، إلا أنه كان كثير التعصب على السادة الحنفية وغيرهم لميله إلى مذهب الظاهر. وقرأت عليه كثيراً من مصنفاته، وكان يرجع إلى قولي فيما أذكره له من الصواب، ويغير ما كتبه أولاً في مصنفاته، وأجاز لي جميع ما يجوز له وعنه روايته من إجازة وتصنيف وغير ذلك، وسمعت عليه كتاب فضل الخيل للحافظ شرف الدين الدمياطي بكماله في عدة مجالس بقراءة الحافظ قطب الدين الجزء: 1 ¦ الصفحة: 417 محمد الخضيري بسماعه من الحراوي بسماعه من المصنف، وأخذت عنه، وانتفعت به، واستفدت منه. وكان كثير الكتابة والتصنيف، وصنف كتباً كثيرة من ذلك: إمتاع الأسماع في ما للنبي " صلى الله عليه وسلم " من الحفدة والمتاع، في ست مجلدات، رأيته وطالعته وهو كتاب نفيس، وحدث به في مكة، قال لي مؤلفه رحمه الله: سألت الله تعالى أن تكتب من هذا الكتاب نسخة بمكة وأن أحدث به، فوقع ذلك في مجاورتي ولله الحمد، وله كتاب الخبر عن البشر، ذكر فيه القبائل لأجل نسب النبي " صلى الله عليه وسلم " في أربع مجلدات، وعمل له مقدمة في مجلد، وكتاب السلوك في معرفة دول الملوك، في عدة مجلدات، يشتمل على ذكر ما وقع من الحوادث إلى يوم وفاته، ذيلت عليه في حياته من سنة أربعين وثمانمائة وسميته حوادث الدهور في مدى الأيام والشهور، ولم ألتزم فيه ترتيبه، وله تاريخه الكبير المقفى في تراجم أهل مصر والواردين إليها، ذكر الجزء: 1 ¦ الصفحة: 418 لي رحمه الله قال: لو كمل هذا التاريخ على ما أختاره لجاوز الثمانين مجلداً، وله كتاب درر العقود الفريدة في تراجم الأعيان المفيدة، ذكر فيه من مات بعد مولده إلى يوم وفاته، ثلاث مجلدات، وكتاب المواعظ والاعتبار في ذكر الخطط والآثار، في عدة مجلدات، وهو في غاية الحسن، وكتاب نحل عبر النحل، وكتاب تجريد التوحيد، وكتاب مجمع الفرائد ومنبع الفوائد، كمل منه نحو الثمانين مجلداً كالتذكرة، وكتاب شذور العقود، وكتاب ضوء الساري في معرفة خبر تميم الداري، وكتاب الأوزان والأكيال الشرعية، وكتاب إزالة التعب والعنى في معرفة الحال في الغنى، وكتاب التنازع والتخاهم فيما بين بني أمية وبني هاشم، وكتاب حصول الإنعام والمير في سؤال خاتمة الخير، وكتاب المقاصد السنية في معرفة الأجسام المعدنية، وكتاب البيان والإعراب عما في أرض مصر من الأعراب، وكتاب الإلمام في تأخر من بأرض الحبشة من ملوك الإسلام، وكتاب الطرفة الغربية في أخبار دار حضرموت العجيبة، وكتاب في معرفة ما يجب لآل البيت من الحق على من عداهم، وكتاب في ذكر من حج من الخلفاء والملوك، وكتاب عقد جواهر الأسفاط من أخبار مدينة الفسطاط، وكتاب اتعاظ الحنفاء بأخبار أئمة الخلفاء، وله عدة تصانيف أخر. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 419 ولم يزل ضابطاً حافظاً للوقائع والتاريخ إلى أن توفي يوم الخميس سادس عشر شهر رمضان سنة خمس وأربعين وثمانمائة، ودفن من الغد بمقبرة الصوفية خارج باب النصر من القاهرة، رحمه الله تعالى. العلامة مظفر الدين الحنفي البغدادي بن الساعاتي صاحب البديع في الأصول 694هـ، 1294م أحمد بن علي بن تغلب بن أبي الضياء، الإمام العلامة شيخ الإسلام مظفر الدين أبو العباس بن الإمام نور الدين البعلبكي الأصل، البغدادي المولد والمنشأ، الحنفي، المعروف بابن الساعاتي، ووالده هو صانع الساعات المشهورة على باب المستنصرية ببغداد. ونشأ ببغداد، وطلب العلم، ولازم علماء عصره، إلى أن برع في الفقه، والأصلين، والنحو، والمعاني، والبيان، وغير ذلك، وتصدر للإفتاء والتدريس، والإشغال، مدة طويلة، وكان الشيخ شمس الدين الأصبهاني يفضله ويثني عليه كثيراً، ويرجحه على ابن الحاجب، ويقول هو أذكى منه. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 420 وكان بارعاً في عدة فنون، متقناً لمذهبه، ملازماً للأشغال والاشتغال والتصنيف، وألف التأليف المفيدة الحسنة، من ذلك: البديع في أصول الفقه الذي لم يصنف مثله، جمع فيه بين أصول فخر الإسلام البزدوي والأحكام للآمدي، وكتاب الدر المنضود في الرد على فيلسوف اليهود، يعني بذلك ابن كمونه اليهودي، وكتاب مجمع البحرين، جمع فيه بين مختصر القدوري ومنظومة النسفي مع زوائد، ورتبه فأحسن وأبدع في اختصاره إلى الغاية، ورتبه على جملة يعرف منها الخلاف بين الإمام والصاحبين والأئمة الأربعة، وشرحه في مجلدين كبيرين. وأما خطبة هذا الكتاب فذكر فيها ألفاظاً تدل على غزير علمه وعذوبة لفظه، قال الحافظ عبد القادر في طبقاته: وقال في خطبة كتابه البديع في الأصول: قد منحتك أيها الطالب لنهاية الوصول إلى علم الأصول بهذا الكتاب البديع في الجزء: 1 ¦ الصفحة: 421 معناه، المطابق إسمه لمسماه، وذكر الحافظ عبد القادر من الخطبة قطعة جيدة إلى أن قال: أخبرني الثقة من أصحابنا أنه شاهد على نسخة من مجمع البحرين بخط المصنف، قوبلت هذه النسخة، وكتبت من أصل فصحت ووافقت، والله يعفو عما طغى به القلم وتجاوز عنه النظر، وقد أجزت لمالكها الشيخ الإمام العالم الفاضل الورع الكامل، ذي الأخلاق الكريمة، والفضائل الجسيمة، رضي الدين السمرقندي، أدام الله حراسته، وكتب سلامته أن يرويها عني، وكذا أجزت له رواية الشرح الذي صنعته، وكذلك ما يصح عنده أنه من مقولاتي، أو مسموعاتي، أو مستجازاتي، فهو أدام الله أيامه يحمل ما يرويه، وأنا معتمد على الله، ثم ملتمس من خدمته أن خدمته أن يصون هذا الكتاب، ويحفظه عن تغيير يقع فيه، من مخالفة لفظ أو معنى لما في أحد الكتابين فلا يسرع إلى إنكاره، فإن لي فيه مقصداً صالحاً من تحرير نقل أو اختيار ما هو أصح من الأقوال والروايات، وقد كنت عازماً على التنبيه على ذلك في حواشي الكتاب فلم يتسع الزمان لسرعة التوجه إلى بلاد السلام، صانها الله على الغير، وفتح لها أبواب النصر والظفر، ولكن كل ذلك منقول من مواضعه محرر عند واضعه منبه على ما في شرح الكتاب والله هو الملهم للصواب، كتبه المصنف أحمد بن الساعاتي الشامي الأصل البغدادي المنشأ بالمدرسة الشريفة الجزء: 1 ¦ الصفحة: 422 المستنصرية، رحمة الله على منشئها، في شهر رجب المبارك سنة تسعين وستمائة، انتهى كلام الحافظ عبد القادر. قلت: وتغلب، جد صاحب الترجمة، بتاء مثناه من فوق، وبعدها غين معجمه، ولم يذكر الحافظ عبد القادر تاريخ وفاته، وقد ظفرت في تاريخ الحافظ علم الدين البرزالي رحمه الله بحاشية مكتوبة على حوادث سنة أربع وتسعين وستمائة، نوع استدراك على المصنف قال: وفي هذه السنة توفى العلامة مظفر الدين أحمد بن علي بن تغلب بن أبي الضياء بن مظفر البغدادي الحنفي، مدرس المستنصرية، وصاحب المصنفات المشهورة في الفقه وأصوله والأدب، وكان يضرب بفصاحته وذكائه وحسن كتابته المثل، ويعرف بابن الساعاتي، رحمه الله. انتهى ما وجدته مكتوباً على تاريخ البرزالي، وقوله في هذه السنة يعني سنة أربع وتسعين وستمائة، انتهى. شهاب الدين السجستاني 673 - 762هـ، 1274 - 1360م أحمد بن علي بن يوسف بن نجيب الدين أبي بكر يحيى بن أبي الفتح، شيخ الإسلام المعمر شهاب الدين السجستاني المكي الفقيه الحنفي، إمام مقام الحنفية بالمسجد الحرام. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 423 ولد سنة ثلاث وسبعين وستمائة بمكة، ونشأ بها، وتفقه على جماعة، وبرع في الفقه وغيره، ورحل، وسمع بالإسكندرية على الشريف الغرافي تاريخ المدينة لابن النجار، وسمع بمكة الشاطبية على التوزري، والسيرة لابن هشام، وكتاب الأزرقي على القاضي نجم الدين الطبري وكتاب إتحاف الزائر للجمال المطري، وحدث وأسمع تاريخ المدينة غير مرة. توفي بمكة في شعبان سنة اثنتين وستين وسبعمائة، رحمه الله تعالى. شهاب الدين بن الشيخ علي - 806هـ، 1403م أحمد بن الشيخ علي، الأمير شهاب الدين بن الأمير نور الدين المعروف بابن الشيخ علي. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 424 كان من جملة الأمراء في دولة الملك الظاهر برقوق، وولي نيابة صفد، وأقام بها مدة، ثم عزل عنها، وتنقل في عدة ولايات إلى أن صار من جملة الأمراء مقدمي الألوف بدمشق، إلى أن مات بها في شهر ذي القعدة سنة ست وثمانمائة، رحمه الله تعالى. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 425 //الجزء الثاني قاضي القضاة شهاب الدين بن حجر 773 - 852 هـ - 1371 - 1448م أحمد بن علي بن محمد بن علي بن أحمد، قاضي القضاة، شيخ الإسلام، حافظ العصر، رحلة الطالبين، مفتي الفرق، أمير المؤمنين في الحديث، شهاب الدين أبو الفضل الشهير بابن حجر الكناني العسقلاني الأصل، المصري المولد والمنشأ والدار والوفاة، الشافعي. ولد في ثاني عشرين شعبان سنة ثلاث وسبعين وسبعمائة. ويأتي ذكر والده في محله إن شاء الله تعالى. ومات والده وهو حدث السن، فكفله بعض أوصياء والده إلى أن كبر وحفظ القرآن الكريم، واشتغل وتعانى المتجر، وتولع بالنظم وقال الشعر الكثير المليح إلى الغاية. ثم حبب الله الجزء: 2 ¦ الصفحة: 17 إِلَيْهِ طلب الحديث فأقبل عليه وسمع الكثير بمصر وغيرها، ورحل وانتقى، وحصل وسمع بالقاهرة من شيخ الإسلام سراج الدين عمر البلقيني، والحافظين ابن الملقن والعراقي، وأخذ عنهم الفقه أيضاً، ومن الشيخ برهان الدين إبراهيم الإبناسي، ونور الدين الهيثمي، والشيخ تقي الدين محمد بن محمد الدجوي، والقاضي صدر الدين سليمان بن عبد الناصر الأبشيطي، وبغزة من أحمد بن محمد بن عثمان الخليلي، وبالرملة من أحمد بن محمد الأيكي، وبالخليل من صالح بن خليل بن سالم، وببيت الجزء: 2 ¦ الصفحة: 18 المقدس من المفتي شمس الدين محمد بن إسماعيل القلقشندي، وبدر الدين حسن بن موسى بن مكي، ومحمد بن محمد بن علي المنبجي، ومحمد بن عمر بن موسى، وبدمشق في بدر الدين محمد بن محمد بن قوام البالسي، وفاطمة بنت محمد بن أحمد بن المنجا التنوخي، وفاطمة بنت محمد بن عبد الهادي. وغيرهم، وبمنى من زين الدين أبي بكر بن الحسين. ورحل إلى اليمن بعد أن جاور بمكة، وأقبل عَلَى الاشتغال والإشغال والتصنيف، وبرع في الفقه والعربية، وصار حافظ الإسلام، علامة في معرفة الرجال واستحضارهم، والعالي والنازل مع معرفة تامة بعلل الأحاديث وغيرها. وصار هو المعول عليه في هذا الشأن في سائر أقطار الأرض، وقدوة الأمة، علامة العلماء، حجة الأعلام، محيي السنة، انتفع به الطلبة وحضر دروسه جماعة من علماء عصرنا وقضاة قضاتنا، وقرأ عليه غالب فقهاء مصر، وأملى بخانقاه بيبرس نحواً من عشرين سنة. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 19 ثم انتقل لما عزل عن منصب القضاة بالشيخ شمس الدين محمد القاياتي إلى دار الحديث الكاملية ببين القصرين، واستمر عَلَى ذَلِكَ، وناب في الحكم في ابتداء أمره عن قاضي القضاة جلال الدين عبد الرحمن البلقيني مدة طويلة، ثم عن الشيخ ولي الدين العراقي، ثم تنزه عن ذَلِكَ وتولى مشيخة خانقاة بيبرس الجاشنكير في دولة الملك المؤيد شيخ، وصار إذ ذاك من أعيان العلماء، وتصدر للإقراء والتدريس إلى أن ولاه الملك الأشرف برسباي قضاء القضاة " الشافعية بالديار المصرية عوضاً عن قاضي القضاة " علم الدين صالح البلقيني بحكم عزلة، وذلك في سابع عشرين المحرم سنة سبع وعشرين وثمانمائة، فاستمر في المنصب إلى أن الجزء: 2 ¦ الصفحة: 20 عزل بقاضي القضاة شمس الدين محمد الهروي بعد نحو عشرة شهور، ثم أعيد إلى القضاء عوضاً عن الهروي في ثاني شهر رجب " سنة ثمان وعشرين " وثمانمائة ودام في المنصب في هذه المرة إلى أن صرف بقاضي القضاة علم الدين صالح البلقيني في سنة ثلاث وثلاثين، ثم أعيد عوضاً عن قاضي القضاة علم الدين في شهر جمادى الآخرة سنة أربع وثلاثين وثمانمائة. وطالت مدته في هذه الولاية إلى حدود سنة أربعين أو التي بعدها. وعزل أيضاً بقاضي القضاة علم الدين صالح، واستمر مصروفاً إلى أن أعيد عوضاً عن علم الدين المذكور في سنة إحدى وأربعين وثمانمائة، واستمر في وظيفة القضاء إلى أن صرف بالشيخ شمس الدين محمد القاياتي في سنة تسع وأربعين، ثم أعيد بعد موت القاياتي في سنة خمسين وثمانمائة، واستمر إلى سلخ ذي الحجة من السنة فصرف بقاضي القضاة علم الدين صالح البلقيني أيضاً، وقام مصروفاً إلى أن طلب وأعيد عوضاً عن الشيخ ولي الدين محمد السفطي وذلك في يوم الاثنين ثامن ربيع الآخرة سنة اثنتين وخمسين وثمانمائة. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 21 وكان لولايته في هذه المرة يوماً مشهوداً فدام في المنصب إلى أن عزل نفسه " في خامس عشرين جمادى الآخرة من السنة، وولي من الغد عوضه قاضي القضاة " علم الدين صالح البلقيني، وهذه آخر ولايته للقضاء. وانقطع شيخ الإسلام شهاب الدين المذكور في بيته ملازماً للإشغال والتصنيف إلى أن توفي بعد أن مرض أكثر من شهر، في ليلة السبت ثامن عشرين ذي الحجة سنة اثنتين وخمسين وثمانمائة. ودفن من الغد وصلى عليه بمصلاة بكتمر المؤمني بالرميلة، ومشى أعيان الناس من بيته داخل باب القنطرة إلى القرافة حيث دفن، وحضر السلطان الملك الظاهر جقمق الصلاة عليه، ومشى الخليفة المستكفي بالله أبو الربيع سليمان، والقضاة، والعلماء، والأمراء، والأعيان بل غالب الناس في جنازته حَتَّى قيل عن بعض الأذكياء أنه حزر من مشى في الجنازة أكثر من خمسين ألف إنسان، وكان لموته يوم عظيم عَلَى المسلمين، حَتَّى عَلَى أهل الذمة، ورثاه الشعراء. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 22 وكان رحمه الله حافظ المشرق والمغرب، أمير المؤمنين في الحديث، انتهت إليه رئاسة علم الحديث من أيام شبيبته بلا مدافعة، بل قيل أنه لم ير مثل نفسه، قلت: وهذا هو الأصح. وكان عفا الله عنه ذا شيبة نيرة ووقار وأبهة، ومهابة، هذا مع ما احتوى عليه من العقل والحكمة والسكون والسياسة والدربة بالأحكام ومداراة الناس، قبل أن يخاطب الشخص بما يكره، بل كان يحسن لمن يسيء إِلَيْهِ ويتجاوز عمن قدر عليه. وكانت صفته رحمه الله، ذا لحية بيضاء ووجه صبيح، للقصر أقرب، وفي الهامة نحيف، جيد الذكاء، عظيم الحذق لمن ناظره أو حاضره، راوية للشعر وأيام من تقدمه وعاصره، فصبح اللسان، شجي الصوت، هذا مع كثرة الصوم ولزوم العبادة، واقتفائه طرق من تقدمه من الصلحاء السادة، وأوقاته للطلبة مقسمة تقسيماً لمن ورد عليه آفاقياً كان أو عنده مقيماً، مع كثرة المطالعة والتأليف والتصدي للإفتاء والتصنيف. وأما مصنفاته فنذكر ما نعرفه منها فإن أسماء مصنفاته مجلد كامل صغير الحجم، فأول تصانيفه تغليق التعليق وصل فيه تعليقات البخاري، وهو كتاب نفيس، قرض عليه شيخ الإسلام سراج الدين البلقيني وغيره، وهو من تصانيفه الجليلة الجزء: 2 ¦ الصفحة: 23 القديمة، وشرح البخاري في نيف وعشرين مجلداً، وهو فتح الباري، وصنف له أيضاً مقدمة في مجلد، وكتاب فوائد الاحتفال في بيان أحوال الرجال المذكورين في البخاري زيادة عَلَى تهذيب الكمال في مجلد ضخم وكتاب تجريد التفسير من صحيح البخاري عَلَى ترتيب السور، وكتاب تقريب الغريب، وكتاب إتحاف المهرة بأطراف العشرة في ثمان مجلدات، ثم أفرد منه أطراف مسند الإمام أحمد وسماه أطراف المسند المعتلي بأطراف المسند الحنبلي في مجلدين، وكتاب أطراف الصحيحين، وكتاب أطراف المختارة للضياء مجلد ضخم، وكتاب " تهذيب " تهذيب الكمال للحافظ المزي في ست مجلدات، ومختصره تقريب التهذيب مجلد ضخم، وكتاب تعجيل المنفعة برواية رجال الأئمة الأربعة أصحاب المذاهب، وكتاب الجزء: 2 ¦ الصفحة: 24 الإصابة في تمييز الصحابة خمس مجلدات، وكتاب لسان الميزان وتحرير الميزان، وكتاب تبصير المنتبه بتحرير المشتبه مجلد ضخم، وكتاب طبقات الحفاظ في مجلدين، والدرر الكامنة في المائة الثامنة، وإنباء الغمر بأنباء العمر، وكتاب قضاة مصر مجلد ضخم، وكتاب الكاف الشاف في تحرير أحاديث الكشاف مجلد، وكتاب الاستدراك عليه في مجلد آخر، وكتاب التمييز في تخريج أحاديث الوجيز مجلدين، وكتاب الدراية في منتخب تخريج أحاديث الهداية؛ وكتاب الإعجاب ببيان الأسباب مجلد ضخم، وكتاب الأحكام لبيان ما في القرآن من الإبهام، وكتاب الزهر المطول في بيان الحديث المعدل مجلد، وشفاه الغلل في بيان العلل، وتقريب النهج بترتيب الدرج، والإفتان في رواية القرآن، والمقترب في بيان المضطرب، والتعريج عَلَى التدريج، ونزهة القلوب في معرفة المبدل من الجزء: 2 ¦ الصفحة: 25 المقلوب، ومزيد النفع بما رجح فيه الوقف عَلَى الرفع، وبيان الفصل بما رجح فيه الإرسال عَلَى الوصل، و " تقويم السناد بمدرج الأسناد " والإيناس بمناقب العباس، وتوالى التأنيس بمعاني ابن إدريس، والمرجة الغيثية عن الترجمة الليثية، والاستدراك عَلَى الحافظ العراقي في تخريج أحاديث الإحياء مجلد، وتخريج أحاديث مختصر ابن الحاجب الأصلي وقع في الإملاء مجلدين، وتحفة الظراف بأوهام الأطراف مجلد، والمطالب العالية من رواية المسانيد الثمانية، والتعريف الأوحد بأوهام من جمع رجال المسند، وتعريف أولي التقديس بمراتب الموصوفين بالتدليس، وكتاب الأعلام بمن ولي مصر في الإسلام، وتعريف الفئة بمن عاش مائة من هذه الأمة، والقصد الأحمد في من كنيته أبو الفضل واسمه أحمد، وكتاب إقامة الدلائل عَلَى معرفة الأوائل، والخصال المكفرة للذنوب المقدمة والمؤخرة، والشمس المنيرة في تعريف الكبيرة، والإتقان في فضائل القرآن مجلد، وكتاب الأنوار بخصائص المختار والآيات النيرات للخوارق المعجزات، والنبأ الأنبه في بناء الجزء: 2 ¦ الصفحة: 26 الكعبة، " والقول المسدد في الذب عن المسند، وبلوغ المرام بأدلة الأحكام " وبذل الماعون بفضل الطاعون، والمنحة فيما علق الشافعي به القول عَلَى الصحة، والأجوبة المشرقة عن الأسئلة المفرقة، ومنسك الحج، وشرح مناسك المنهاج كذلك، وتصحيح الروضة كتب منه ثلاث مجلدات، ونخبة الفكر في مصطلح أهل الأثر كراسة، وشرحها نزهة النظر بتوضيح الفكر، والانتفاع بترتيب الدارقطني عَلَى الأنواع، ومختصر البداية والنهاية لابن كثير، وتخريج الأربعين النووية بالأسانيد العلية، والأربعين المتباينة، وغير ذَلِكَ عدة تصانيف أخر، وله ديوان شعر كبير وآخر صغير. ولي منه سماع وإجازة بجميع ما يجوز له وعنه روايته من تصانيفه ونظمه ونثره، وقد انتخب من ديوانه الكبير قطعة ورتبها عَلَى سبعة أبواب وسماها السبعة الجزء: 2 ¦ الصفحة: 27 السيارة النيرات، فكتب إِلَيْهِ الشيخ شهاب الدين الحجازي يطلبها منه، وكتب ما أنشدنا الشيخ شهاب الدين الحجازي لنفسه إجازة قوله: سماء الفضل تحوي نيِّراتٍ ... وقد حُجبت بسحْب المكْرمات وكدت أضلُّ يا مولاي فامننْ ... لَعَلّي أهتدي بالنيِّرات ومما أنشدني شيخ الإسلام صاحب الترجمة من لفظه لنفسه رحمه الله " تعالى وعفا عنه " قوله: خليليَّ ولَّى العمر منَّا ولم نتبْ ... وننوي فعال الصالحات ولكنَّا فحتَّى متى نبني بيوتاً مِشيدةً ... وأعمارُنا منَّا تهدُّ وما تُبْسما وله أيضاً: سلام عليكم ما برحت مؤمَّلاً ... دوام البقا حَتَّى أرى الحضرة التَّي وما رمت طول العيش إِلاَّ لنلتقي ... فيا ليت أيَّامي أطيلت ومُدَّتي الجزء: 2 ¦ الصفحة: 28 وله أيضاً: يا مبدعاً بالحسن واصل أخا ... همَّ له عام وما وصلْتا فقال هل صيَّف في مساءة ... قلت نعم وفي هموم شتَّا وله أيضاً: تبّاً لذي المكْر ورعياً لذي ... قلبٍ سليم جوده فيه ذاتْ فعاش في عز وفي نعمة ... وكل من في ذاته المكرمات وله أيضاً: أقول وقد وافت فأوفت بوعدها ... قد انفردت محبوبتي بالفتوة فيا كِبد اللاحي اشعلي وتوقَّدي ... فإن التي أهوى وفتْ وتفتت ومن شعره أيضاً: سألت مَنْ لحظُه وحاجبُه ... كالقوْس والسِّهم موعداً حسنا ففوَّق السَّهم من لواحظه ... وانْقوس الحاجبان واقترنا وله أيضاً: أتى من أحبَّائي رسول فقال لي: ... ترفَّق وهنْ واخضعْ تفزْ برضانا فكم عاشق قاسى الهوان بحبِّنا ... فصار عزيزاً حين ذاق هوانا الجزء: 2 ¦ الصفحة: 29 وله أيضاً: أحببت وقَّاداً كنجم طالع ... أنزلته برضى الغرام فؤادي وأنا الشهاب فلا تعاند عاذلي ... إن مِلْت نحو الكوكب الوقاد وله أيضاً: وأهيفَ حيَّاني بطيب وصاله ... ومن ريقه الخمر الحلالُ حلالي أدار لي الكأسين خمراً وريقه ... ونزهني عن جفوة وملالي قلت: وله من هذا النمط الظريف عدة مقاطيع، أضربت عنها خوف الإطالة. ولنذكر قصيدته الفائية النبوية وأولها: إن كنت تنكر حبّاً زادني كلفاً ... حسبي الذي قد جرى من مدمع وكفا وإن تشككتَ سل من عاذلي شجني ... هل بتُّ أشكو الأسى والبث والأسفا أحبابنا ويد الأسقام قد عبثت ... بالجسم هل لي منكم بالوصال شِفَا؟ كدَّرت عيشاً تقضَّى في بعادكم ... وراق منِّي نَسِيبٌ فيكم وصفا سرْتُم وخلَّفتُموا في الحي ميت هوى ... لولا رجاء تلاقيكم لقد تلقا وكنت أكتم حُبي بعدكم زمناً ... حَتَّى تكلم دمع العين فانكشفا سألت قلبي عن صبري فأخبرني ... بأنه حين صرتم عني انصرفا وقلت للطرف أَيْنَ النوم بعدهم؟ ... فقال: نومي وبحر الدمع قد نزفا الجزء: 2 ¦ الصفحة: 30 وقلت للجسم: أَيْنَ القلب؟ قال: لقد ... خلَّى الحوادث عنه وابْتغى السلفا سَرى هواكم فسار القلب يتبعه ... حَتَّى تعرَّف آثاراً له وقفا فيا خليلي هذا الرّبْعُ لاح لنا ... يدعو الوقوف عليه والبكا فقفا ربع كربع اصطباري بعد أن رحلوا ... تجاوز الله عنه قد خلا وعفا وأهيف خطرتْ كالغصن قامته ... فكلُّ قلب إليها من هواه هفا كالسَّهم مقلته والقوس حاجبه ... ومُهْجتي لهما قد أصبحتْ هدفا ذو وجْنة كالشقيق الغَضِّ في ترف ... يطل منها جبين الشمس منكسفا وعارض إن بدا من تحتها فلقد ... أهدى الربيع إليها روضةً أُنُفا يا أيها البدر إنِّي بعْد بُعدك لا ... أنفك في جامع الأحزان معتكفا أرسلتَ لحظاً ضعيفاً فهو في تلفي ... يقوي وقلبي قوي فهو قد ضعفا وفتْية لِحِميَ المحبوب قد رحلوا ... وخلَّفتني ذنوبي بعدكم خلفا يطوون شُقَّة بيدٍ كلَّما نُشرت ... غَدوا وكل امرئ بالصَّبر ملْتحفا حَتَّى رأوا حضرة الهادي التي شرفت ... قصَّاده وعلت في قصده شرفا محمداً صفوة الله الذي انكسفت ... إذ جاء بالحق شمس الكفر وانكشفا وله أيضاً وقد كتبه عَلَى منتخبه المسمى بالسبعة السيارة النيرات المتقدم ذكره: الجزء: 2 ¦ الصفحة: 31 يا سيداً طالعه ... إن راق معناه فعدْ وافتح له باب الرِّضى ... وإن تجد عيْباً فسْد انتهت ترجمة الحافظ شهاب الدين ابن حجر رحمه الله تعالى، وابن حجر نسبة إلى آل حجر تسكن الجنوب الآخر عَلَى بلاد الجريد، وأرضهم قابس. الأمير شهاب الدين أحمد بن إينال ... - 855هـ - ... - 1451م أحمد بن علي بن إينال، الأمير شهاب الدين بن الأمير علاء الدين بن الأمير الكبير إينال اليوسفي. مولده بالقاهرة .... ، وبها نشأ بعد وفاة والده إلى أن ترعرع، أخذه الملك الظاهر جقمق عنده، وهو إذ ذاك من جملة أمراء العشراوات، ورباه لحقوق الجزء: 2 ¦ الصفحة: 32 سبقت لوالده " أمير علي " المذكور عَلَى الملك الظاهر جقمق، فإنه كان في رقِّه قبل أن يملكه الملك الظاهر، برقوق وبه يعرف يعني العلائي، ولا زال صاحب الترجمة عند الملك الظاهر جقمق إلى أن صار من جملة أمراء الألوف بديار مصر في أواخر الدولة المؤيدية شيخ جعله خازنداراً عنده، ولم يزل الأمير شهاب الدين هذا في رفد الظاهر جقمق إلى أن أنعم عليه الملك الأشرف بإمرة عشرين ضعيفة بطرابلس، بسفارة جقمق المذكور، فإنه كان إذ ذاك أتابكا، فتوجه المذكور إلى طرابلس وأقام بها إلى أن آلت السلطنة للملك الظاهر جقمق بعد خلع الملك العزيز يوسف، حسبما هو مذكور في غير موضع، أنعم عليه بإمرة عشرة بالقاهرة، الجزء: 2 ¦ الصفحة: 33 ثم ولاه نيابة الإسكندرية مدة طويلة، ثم عزله وأنعم عليه بإمرة طبلخاناة، وصار من جملة أمراء الطبلخاناة، ودام عَلَى ذَلِكَ سنين إلى أن أنعم عليه بتقدمة ألف بالديار المصرية بعد الأمير إينال العلائي الأجرود الداوادار بحكم انتقاله أتابك العساكر بعد وفاة يشبك التمر بغاوي، واستمر الشهابي من جملة مقدمي الألوف مدة سنين إلى أن توفي ليلة الثلاثاء سابع عشرين ذي القعدة سنة خمس وخمسين وثمانمائة، عن نيف وخمسين سنة، ومشت الأمراء أمام جنازته من داره داخل الدرب تجاه جامع الأمير سودون من زادة إلى مصلاة المؤمني بالرميلة، وحضر السلطان الملك الظاهر جقمق الصلاة عليه. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 34 وتأسف الأعيان والناس عليه لانجماعه عن الدولة ولعدم شره، وكان طوالاً جسيماً جداً، وعنده عقل وسكون، ودين وعفة عن المنكرات والفروج، وكان كثير الميل إلى النساء، مغرماً باقتناء الخيول الجياد، وله اعتقاد كبير في الفقراء وأهل الصلاح، كثير الإحسان إليهم، وخلف عدة أولاد. رحمه الله تعالى. قاضي القضاة شرف الدين ابن أبي العز الحنفي 710 - 782 هـ - 1310 - 1380م أحمد بن علي بن منصور بن محمد بن محمد بن أبي العز صالح بن أبي العز وهيب ابن عطاء بن جبير بن جابر بن وهيب، قاضي القضاة شرف الدين أبو العباس، ابن الشيخ علاء الدين أبي الحسن بن أبي البركات الأذرعي الدمشقي الحنفي رحمه الله. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 35 نشأ بدمشق وتفقه بها عَلَى علماء عصره إلى أن برع في الفقه والأصلين والعربية والمعاني والبيان، وتصدر للإفتاء والتدريس والإقراء عدة سنين إلى أن أشخص إلى القاهرة بعد موت قاضي القضاة صدر الدين محمد بن التركماني الحنفي لِيلي القضاء بها عوضه، وكان قدومه إليها في ثالث عشر ذي الحجة سنة ست وسبعين وسبعمائة، ونزل بمدرسة السلطان حسن إلى أن طلبه السلطان في يوم الخميس خامس عشره إلى القلعة، فلما وصل إلى باب القصر آمر به فاجلس هناك حَتَّى انقضت الخدمة السلطانية، وخرج الأمير طشتمر الدلودار فسلم عليه وأخذه معه إلى داره، بعد أن أكرمه غاية الإكرام. وكان عند طشتمر الشيخ سراج الدين البلقيني، والشيخ ضياء الدين عبيد الله ابن سعد القرمي، فتحادثوا أطراف البحث في عدّة فنون من العلم ساعة، الجزء: 2 ¦ الصفحة: 36 ثم قام إلى حيث أنزله الأمير طشتمر إلى أن يطلبه السلطان، وقد انحل أمره، وأخذ الأمير ناصر الدين محمد بن أقبغا آص يتحدث في ولاية الشيخ رسولا بن أحمد التباني الحنفي مدرس مدرسة الأمير ألجاي اليوسفي، فطلب السلطان جلال الدين المذكور فاعتذر بأنه لا يصلح وامتنع من قبوله، وتحدث بعض الأمراء لنجم الدين أحمد بن العماد إسماعيل بن أبي العز المعروف بابن الكشك، عم شرف الدين صاحب الترجمة، فأجيب لذلك، فطلب من دمشق، فحضر وولي القضاء بالقاهرة، واستقر عوضه في قضاء دمشق ابن عمه صدر الدين علي بن علي بن محمد، واستقر شرف الدين صاحب الترجمة في قضاء العسكر بالقاهرة عوضاً عن شمس الدين محمد بن الصائغ في رابع عشرين المحرم سنة سبع وسبعين وسبعمائة، وسكن بالمنصورية وأكب عَلَى الاشتغال والأشغال والإفادة. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 37 وأما قاضي القضاة نجم الدين المتولي فإنه لم يقم بالقاهرة سوى أربعة أشهر واثنتين وعشرين يوماً، واستعفى من الوظيفة لتضجره من الإقامة بالقاهرة، وعزل وعاد إلى دمشق، وطُلب صدر الدين على قاضي دمشق فقدم في رابع رجب وخلع عليه بوظيفة قضاء الحنفية عوضاً عن ابن عمه نجم الدين وأعيد نجم الدين المذكور إلى قضاء الحنفية بدمشق، فلم تطب الإقامة لصدر الدين أيضاً بالقاهرة واستعفى فأعفى. وخلع عَلَى قاضي القضاة شرف الدين صاحب الترجمة عوضاً عن صدر الدين، وذلك في تاسع شهر رمضان سنة سبع وسبعين وسبعمائة، وخلع عَلَى مجد الدين إسماعيل واستقر في قضاء العسكر، فباشر القاضي شرف الدين المذكور القضاء بتجمل وأبهة، وحمدت سيرته، إلى أن طلب منه بعض الأمراء أن يحكم له باستبدال دار موقوفة فامتنع من ذَلِكَ أشد الامتناع، إلى أن عزل نفسه في يوم الأحد تاسع رجب ثمان وسبعين وسبعمائة، واستقر عوضه في القضاء جلال الدين جار الله. وأقام شرف الدين هذا بطالاً إلى أن توجه إلى دمشق وسكنها إلى أن توفي بها في ليلة الاثنين العشرين من شعبان سنة اثنتين وثمانين وسبعمائة. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 38 قال المقريزي: كان إماماً عالماً بالفقه والأصول، عفيفاً يتنزه عن قبول الهدايا، قوياً في قول الحق، غير مجيب لأحد من ذوي الجاهات، رضى الخلق، مطرحاً، هشَّاً بشّاً، جميل المحاضرة، متواضعاً. انتهى كلام المقريزي باختصار، فإنه أثنى عليه وبالغ في الثناء إلى الغاية، رحمه الله تعالى وعفا عنه. القاضي شهاب الدين بن فضل الله 740 - 777 هـ - 1339 - 1375م أحمد بن علي بن يحيى بن فضل الله العمري، القاضي شهاب الدين ابن القاضي علاء الدين بن القاضي محيي الدين. كان بارعاً أديباً فاضلاً، ولي كتابة سر دمشق عوضاً عن فتح الدين أبي بكر محمد بن إبراهيم بن الشهيد في سنة خمس وسبعين وسبعمائة، ودام في الوظيفة إلى أن توفي بدمشق سنة سبع وسبعين وسبعمائة، وقد أناف عَلَى ثلاثين سنة. وولي عوضه كتابة سر دمشق القاضي بدر الدين محمد بن مزهر وشهاب الدين هذا غير عمه الجزء: 2 ¦ الصفحة: 39 القاضي شهاب الدين أحمد بن يحيى بن فضل الله صاحب مسالك الأبصار " في ممالك الأمصار ". انتهى. قاضي القضاة ابن أبي الرضا .... - 791هـ - .... - 1388م أحمد بن عمر بن محمد، قاضي القضاة شهاب الدين أبو الخير الحموي الشافعي، الشهير بابن أبي الرضا، قاضي قضاة الشافعية بحلب. قال ابن خطيب الناصرية: نزيل حلب، تفقه بجماعة منهم: الشيخ شرف الدين خطيب القلعة، وبدمشق عَلَى أبي نصر بن السبكي وغيرهما. ثم قدم حلب فتولى بها قضاء العسكر، ثم نزل عنه، ثم تولى قضاء حلب ثلاث مرات. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 40 كان إماماً فاضلاً عالماً ذا هيئة حسنة، ذكياً مستحضراً للكثير من الحديث والفقه وغيره، ودروسه جليلة، عالماً بالقراءات السبعة ووجوهها، وله في ذَلِكَ مصنف. منظوم. درّس بالسلطانية والعصرونية بحلب، ثم تكلم في ولاية السلطان الملك الظاهر برقوق، ودخل في فتن الترك فسُعِي به إلى الدولة، فطُلِب فغيب سنين، وحج في تلك الغيبة، ثم قدم إلى حلب مستخفياً، فلما عصى يلبغا الناصري ظهر ابن أبي الرضا هذا من ناحية بانقوسا، فلما ملك الناصري القاهرة وصار بها مدبر الممالك ولاه قضاء حلب بأمر السلطان الملك المنصور حاجي، وهذه هي المرة الثالثة، فلما مسك الناصري وجهز إلى الإسكندرية معتقلاً، وقام بالأمر الجزء: 2 ¦ الصفحة: 41 مكان منطاش، وكان بحلب نائباً الأمير كمشبغا الحموي، فظهر الملك الظاهر من الكرك - عَلَى ما نحكيه في ترجمته إن شاء الله تعالى - وجاء إلى دمشق، فأظهر الأمير كمشبغا طاعته وحلف الأمراء له بحلب، فاتفق ابن أبي الرضا المذكور مع أهل بانقوسا وبعض الأمراء، وركبوا عَلَى كمشبغا، فقاتلهم الأمير كمشبغا وأهل حلب مدة ثلاثة أيام، وذلك في سنة إحدى وتسعين وسبعمائة بالبياضة، فانتصر أهل حلب عليهم، وأمسك القاضي شهاب الدين ابن أبي الرضا وجيء به إلى دار العدل، فأخذ منه مال، وتوجه الأمير كمشبغا إلى جهة دمشق لنصرة السلطان الملك الظاهر برقوق، وصحب معه ابن أبي الرضا ممسوكاً، فلما كان بالقرب من حماه توفي شهيداً في ذي القعدة سنة إحدى وتسعين وسبعمائة، رحمه الله تعالى، فلقد كان من رجال العالم نجدة وهمة، وكان يعظم الشرع تعظيماً بالغاً، وينكر المنكر، وله نظم ونثر ورسائل، انتهى كلام ابن خطيب الناصرية. وقال المقريزي: وقتل وعمره زيادة عَلَى أربعين سنة، وكان إماماً في عدّة علوم، شهماً، صارماً، مهاباً، محباً للحديث وأهله، انتهى كلام المقريزي. وقال العيني: مات مقتولاً بسيف كمشبغا الحموي بالمكان المعروف بجب الشفا وخان شيخون، ما بين معرة النعمان وكفر طاب، وكان عنده بعض شيء من الجزء: 2 ¦ الصفحة: 42 العلم، لكنه كان يرى نفسه في مقام عظيم، وكان مولعاً بثلب أعراض الناس، مستهزءاً بأقوال الأكابر والصلحاء، مواظباً عَلَى النفاق وإساءة الأدب، ومعاداة الأخيار بسوء ظنه وتخيله الفاسد، وكان قلبه خبيثاً، وباطنه رديئاً، ولسانه فضولاً، ولقد سمعت بحلب عَلَى الثقات أنه كان يقع في حق الإمام أبي حنيفة رضي الله عنه وحق أصحابه، فلذلك جرى عليه ما قدّره الله من المحنة اللائقة بحاله، المناسبة لسوء أقواله. أبو العباس المرسي 616 - 686 هـ - 1219 - 1287م أحمد بن عمر بن محمد، الشيخ الإمام العالم الزاهد الكبير العارف بالله شهاب الدين أبو العباس الأنصاري المرسي السكندري، وارث شيخه أبي الحسن الشاذلي تصوفاً، الأشعري معتقداً. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 43 كان لديه فضيلة ومشاركة، وله كرامات وأحوال مشهورة عنه، وللناس فيه اعتقاد هائل لا سيما أهل إسكندرية، وقد شاع ذكره، وبعد صيته بالصلاح والزهد. قال ابن عرام سبط الشاذلي: ولولا قوة اشتهاره وكراماته لذكرت له ترجمة طويلة، ثم قال وكان من جملة الشهود بالثغر. انتهى. قلت وكانت وفاته بالإسكندرية في سنة ست وثمانين وستمائة، رحمه الله تعالى ونفعنا ببركته. أبو العباس الأنصاري 578 - 656 - هـ - 1182 - 1258م أحمد بن عمر بن إبراهيم بن عمر، الشيخ الإمام أبو العباس الأنصاري القرطبي المالكي المحدّث المدرّس الشاهد، نزيل الإسكندرية. ولد بقرطبة سنة ثمان وسبعين وخمسمائة، وسمع بها، وقدم مصر وحدّث بها، واختصر الصحيحين ثم شرح مختصر مسلم وسماه المفهم وأتى فيه بأشياء الجزء: 2 ¦ الصفحة: 44 مفيدة، وكان بارعاً في الفقه والعربية، عارفاً بالحديث، وكان يعرف في بلاده بابن الزين، ومن مصنفاته " كتاب كشف القناع عن الوجد والسماع " أجاد فيه وأحسن، وكان أولاً اشتغل بالمعقول، وله قدرة عَلَى توجيه المعاني بالاحتمال. قال الحافظ شرف الدين الدمياطي: أخذت عنه وأجاز لي مصنفاته، وتوفي بالإسكندرية سنة ست وخمسين وستمائة، رحمه الله تعالى. قاضي القضاة أبو العباس القرشي 724 - 793 هـ - 1323 - 1390م أحمد بن عمر بن مسلم بن سعيد بن عمر بن بدر، قاضي القضاة شهاب الدين أبو العباس القرشي الشافعي، قاضي قضاة دمشق ....... كان إماماً عالماً فقيهاً " أديباً مشاركاً في عدة علوم، ولي القضاء بدمشق مدّة ودرس وأفتى " إلى أن عصى الأمير يلبغا الناصري ومنطاش عَلَى الملك الظاهر برقوق، خلع المذكور الملك الظاهر برقوق، ودعا للملك المنصور الجزء: 2 ¦ الصفحة: 45 حاجي، وأخذ يحرض عل قتال برقوق بعد خروجه من حبس الكرك، فلما كسر الملك الظاهر برقوق منطاش، وتوجه منطاش في الهزيمة إلى دمشق، وتحصن بها، صار شهاب الدين هذا يمعن في الخط عَلَى برقوق، قيل أنه كان يقف عَلَى سور دمشق وينادي أن قتال برقوق أرجب من صلاة الجمعة، ويجمع العامة ويحرضهم عليه، وعاد برقوق إلى القاهرة من غير أن يظفر بدمشق، واستمر منطاش بدمشق، وأرسل قطلوبغا الصفوي في عسكر لمحاصرة صفد، فتوجه الصفوي بمن معه إلى عسكر السلطان وخامر عَلَى منطاش، وبلغ منطاش الخبر فتخوف من ذَلِكَ وقبض عَلَى جماعة من الأمراء وغيرهم، وهم الأمير جردمر أخو طاز، وولده والأمير الطنبغا استاداره، وأحمد بن خوجي، وأحمد بن قجق، وكمشبغا المنجكي نائب بعلبك، وقاضي القضاة شهاب الدين أحمد القرشي المذكور، وحبس الجميع بدمشق، ثم انكسر منطاش وخرج عن دمشق، وملك أعوان الملك الجزء: 2 ¦ الصفحة: 46 الظاهر برقوق، ثم أرسل الملك الظاهر يطلب المذكورين وغيرهم إلى الديار المصرية، فوصل الجميع إلى القاهرة صحبة الأمير كمشبغا نائب حلب، وذلك في يوم الاثنين رابع جمادى الأولى سنة ثلاث وتسعين وسبعمائة، وعدة الأمراء ستة وثلاثون أميراً، فأوقفهم الظاهر بين يديه، وأوقف القاضي شهاب الدين صاحب الترجمة أيضاً بجانب القاضي فتح الدين محمد بن الشهيد، كاتب سر دمشق، فإنه كان أيضاً ممن خرج عَلَى برقوق، يأتي ذكره في محله إن شاء الله تعالى، وابن مشكور ناظر جيش دمشق، وكلهم في القيود، فوبخ السلطان الطنبغا الحلبي وجردمر وابن القرشي صاحب الترجمة، فكان قول ابن القرشي للملك الظاهر برقوق، تاالله لقد آثرك الله علينا، وإن كنا لخاطئين، وأطال الظاهر الحديث معهم، ثم أمر بهم فسجنوا الجميع إِلاَّ ابن مشكور فإنه سلم لشادِ الدواوين فعصره وألزم بحمل سبعين ألف درهم. واستمر ابن القرشي هذا في الحبس إلى نصف الشهر المذكور شكى عليه رجل فأحضره من السجن، وادعى عليه غريمه بدعاوي شنعة، فأمر به السلطان فضرب بالمقارع، ثم سلم إلى والي القاهرة ليستخلص منه ما لهذا الرجل عنده، فضربه وعصره وحبسه بخزانة شمائل، وأجرى الجزء: 2 ¦ الصفحة: 47 عليه أنواع العقوبة إلى أن هلك في ليلة الأربعاء تاسع " شهر " رجب سنة ثلاث وتسعين وسبعمائة. وكان غير مشكور السيرة، مشرفاً عَلَى نفسه. قال قاضي القضاة بدر الدين محمود العينتابي: وكان يميل إلى اللهو والطرب ويحضر مجالس الرقص، وقد قيل فيه إنه كان يسكر وهو عَلَى برج من أسوار الشام حين حاصرها الملك الظاهر برقوق وبين يديه غلمان مرد، والله أعلم بحقيقة ذَلِكَ، قال ومات والده أيضاً في هذه المحنة محبوساً مع ولده صاحب الترجمة بقلعة دمشق قبل حضور ولده إلى القاهرة، ولكنه أثنى عَلَى والده المتوفى في حبس دمشق بأن قال: الشيخ الإمام العالم العلامة زين الدين عمر القرشي إلى أن ذكر، وفاته انتهى كلام العيني. ابن الزين والي القاهرة .... - 803هـ - .... - 1400م أحمد بن عمر، الأمير شهاب " الدين الشهير " بابن " الزين " والي القاهرة. كان من الظلمة، وباشر عدة وظائف، ثم ولي القاهرة، كل ذَلِكَ في دولة الملك الظاهر برقوق، ولما ولي القاهرة شدد عَلَى الناس، وأجرى عَلَى الجزء: 2 ¦ الصفحة: 48 أرباب الجرائم أنواع العذاب، ومنع النساء من المتنزهات والتوجه إلى الترب لزيارة القبور، وصار من ظفر بها منهن يضربها ضرباً مبرحاً، وله أشياء من هذا النمط في العسف، ولا حاجة في التطويل في " ترجمة " مثل هذا الرجل، توفي في ثاني عشر شهر ربيع الأول سنة ثلاث وثمانمائة. الشاب التائب 760 - 822 هـ - 1358 - 1429م أحمد بن عمر بن عبد الله، الفقيه الواعظ، المذكّر بالله، شهاب الدين أبو العباس، المعروف بالشاب التائب. مولده بالقاهرة في حدود الستين وسبعمائة تقريباً، وبها نشأ، وطلب العلم وتفقه عَلَى مذهب الشافعي رضي الله عنه، وصار معدوداً من الطلبة، ثم صحب في أثناء عمره أبا عبد الله محمد بن محمد بن عبد الله بن عمر المعروف بابن الزيات، أحد أصحاب الشيخ يحيى الصنافيري، فمال إلى طريقة التصوف، الجزء: 2 ¦ الصفحة: 49 وسافر إلى الحجاز ثم إلى اليمن، ثم عاد إلى القاهرة بعد سنين، وعمل الميعاد، ونظم القريض عَلَى طريقة القوم، وبني زاوية خارج القاهرة، وصار للناس فِيهِ الاعتقاد الجيد. سألت عنه من الشيخ تقي الدين المقريزي فقال: سمعت ميعاده بالجامع الأزهر وقد تكلم في غير آية من كتاب الله تعالى، فأكثر من النقل الجيد بعبارة حسنة وطريقة مليحة، انتهى كلام المقريزي رحمه الله باختصار. قلت: ثم رحل إلى دمشق واستوطنها، وبنى بها أيضاً زاوية، وعمل بها المواعيد الهائلة، وأحبه أهلها، وزاد اعتقادهم فيه إلى أن توفي بدمشق في يوم الجمعة ثامن عشر شهر رجب سنة اثنتين وثلاثين وثمانمائة عن نحو سبعين سنة، رحمه الله تعالى. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 50 الشيخ بدر الدين الطنبدي 750 - 809 هـ - 1349 - 1406م أحمد بن عمر بن محمد، الشيخ الإمام العالم العلامة بدر الدين الطنبدي الشافعي. مولده في حدود سنة خمسين وسبعمائة تقريباً، ونشأ بالقاهرة، وطلب العلم وبرع في الفقه والأصول والعربية والمعاني والبيان، ودرس وأفتى عدة سنين، وعمل المواعيد. قال المقريزي: كان مفرط الذكاء، فصيح العبارة، مقدماً عَلَى كل من باحثه إِلاَّ أنه أخَّره عدم زواجه، وما أشيع عنه من معاشرة أهل التهم، فكثر الطعن عليه، وشنعت المقالة فيه، ولم يكن بمفكر في ذَلِكَ، بل لا يزال مقبلاً مع الجزء: 2 ¦ الصفحة: 51 الاشتغال بالعلم عَلَى ما يعاب به، حَتَّى مات في عشرين شهر ربيع الأول سنة تسع وثمانمائة، وقد جاوز الستين، رحمه الله تعالى " وعفا عنه ". ابن قطينة ...... - 819هـ - ...... - 1416م أحمد بن عمر، الأمير الوزير شهاب الدين، المعروف بابن قطينة. كان أبوه الحاج عمر من جملة عوام القاهرة، ونشأ ولده شهاب الدين هذا بالقاهرة، وتنقل في الخدم رئيسها ووضيعها، ولا زال عَلَى ذَلِكَ إلى أن عظم وصار يباشر استدارية الأمراء، وأثرى، ثم باشر شد الكارم في الدولة الظاهرية برقوق، وامتحن غير مرة، ثم خدم استادارا عند والدي وطالت مدته عنده، وبه عرف، واستمر عَلَى ذَلِكَ إلى أن طلبه السلطان من والدي، وأخلع عليه باستقراره وزيراً في سنة اثنتين وثمانمائة، فباشر الوزر دون الأسبوع، ثم استعفى بسفارة والدي فأعفى، وعاد إلى وظيفته استادارا عند والدي كما كان أولاً، وتصرف بعد ذَلِكَ في عدة أعمال إلى أن توفي يوم الأحد ثاني عشرين المحرم سنة تسع عشرة وثمانمائة، عن مال جزيل، عفا الله عنه. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 52 ابن الضياء القليوبي 627 - 689 هـ - 1229 - 1290م أحمد بن عيسى بن رضوان، الشيخ الإمام العالم كمال الدين بن الضياء الكناني الشافعي قاضي المحلة. ولد في حدود سنة سبع وعشرين وستمائة، وكان يعرف بالقليوبي، لقبه الفرضي وسمع منه، وحدث عن ابن الجميزي، وكان فقيهاً عارفاً بالمذهب، وشرح التنبيه في اثني عشر مجلداً، وصنف في علوم القرآن، وغير ذَلِكَ، وكان عارفاً بالأحكام، مشكور السيرة وتوفي سنة تسع وثمانين وستمائة، رحمه الله تعالى، وعفا عنه. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 53 قاضي القضاة عماد الدين الكركي الشافعي 741 - 801 هـ - 1340 - 1398م أحمد بن عيسى بن موسى، قاضي القضاة عماد الدين أبو العباس الكركي الشافعي، قاضي قضاة الديار المصرية. مولده في شعبان بالكرك سنة إحدى وأربعين وسبعمائة، وتفقه ببلده، وحفظ المنهاج، ورحل في طلب الحديث، وسمع عَلَى جماعة، وبرع في الفقه وغيره، وولي قضاء الكرك، وطالت مدته في القضاء إلى أن حبس الملك الظاهر برقوق بالكرك في سنة إحدى وتسعين وسبعمائة، خدمه القاضي عماد الدين المذكور، وأخذ يتقاضى حوائجه، وكان أخوه القاضي علاء الدين كاتب سر الكرك، فصار علاء الدين أيضاً يتردد إلى الملك الظاهر برقوق في محبسه ويتفقده، وأمعنا في الإحسان إِلَيْهِ بكل ما تصل القدرة إِلَيْهِ، وأخذ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 54 الدهر في تقلباته إلى أن خرج الملك الظاهر برقوق من حبسه، ووقع له ما سنذكره إن شاء الله تعالى في ترجمته، وتسلطن ثانياً واستفحل أمره، أرسل يطلب قاضي القضاة عماد الدين هذا وأخيه علاء الدين، فقدما إلى القاهرة، وتذكر الظاهر ما لهما عليه من الأيادي، فخلع عَلَى علاء الدين بكتابة سر الديار المصرية، وعلى قاضي القضاة عماد الدين هذا بقضاء الشافعية بالديار المصرية، وباشر القضاء بعفة وصيانة إلى سنة أربع وتسعين عزله السلطان، وأقر معه تدريس الفقه بجامع أحمد بن طولون وعدة وظائف آخر، ودام عَلَى ما هو عليه من وفور الحرمة ونفوذ الكلمة إلى سنة تسع وتسعين وسبعمائة ولاه خطابة القدس، فسافر المذكور إلى القدس وأقام به إلى أن توفى عاشر شهر ربيع الأول سنة إحدى وثمانمائة. وكان فقيهاً عالماً ديناً، ساكناً، مائلاً إلى الخير، أخبرني غير واحد ممن صحبه: أنه كان شيخاً كبير اللحية، حلو الكلام، ظريف المحاضرة، يميل إلى دين وخير، رحمه الله تعالى. الملك الصالح صاحب عينتاب 600 - 651 هـ - 1203 - 1253م أحمد بن غازي بن يوسف بن أيوب، الملك الصالح صلاح الدين، صاحب عينتاب، ابن السلطان الظاهر بن الملك السلطان الكبير صلاح الدين بن أيوب. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 55 هو أخو السلطان الملك العزيز أبو الملك الناصر صاحب الشام، والملك الصالح هذا هو الأسن وإنما أخره عن سلطنة حلب لأن أمه أم ولد، والعزيز كانت أمه الصاحبة ابنة الملك العادل. مولد الملك الصالح المذكور سنة ستمائة، وكان ملكاً شجاعاً مهاباً وقوراً، متجملاً وافر الحرمة، وعنده فضيلة تامة، وذكاء، حدث عن الافتخار الهاشمي وروى عنه الحافظ شرف الدين الدمياطي، وذكر أنه امتنع من الرواية وقال: ما أنا أهل لذلك بل أنا أسمع عليك، إلى أن ألح عليه وسمع منه، ووصله، ولم يزل المسلك الصالح بعينتاب إلى أن توفى بها في سنة إحدى وخمسين وستمائة، وعمل له الملك الناصر صاحب الشام العزاء بدار السعادة، ورثاه الشعراء، وخلف ولداً واحداً ذكراً، رحمه الله تعالى. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 56 ابن شير التركماني المحدث 632 - 696 هـ - 1234 - 1296م أحمد بن غازي بن علي بن شير، الشيخ الإمام العالم العلامة شهاب الدين التركماني، الحنفي المحدث. مولده سنة اثنتين وثلاثين وستمائة، سمع من الحافظ ضياء الدين وغيره، وحدث، وسمع منه جماعة، وأخذ العلم عن جماعة من العلماء، وبرع في الفقه والأصول والعربية وغير ذَلِكَ، وكتب وجمع ورحل وأفتى ودرس، وكان كبير القدر عظيم الشأن، توفي ثاني عشرين شهر ربيع الآخر سنة ست وتسعين وستمائة، رحمه الله تعالى. ابن غنائم المكي الشاعر ...... - 741هـ - ...... - 1340م أحمد بن غنائم، الشاعر الأديب شهاب الدين المكي المعروف بابن غنائم. كان من أعيان شعراء مكة في عصره، ومدح غير واحد من أمراء مكة، وكان عنده فضيلة، أجاز له في سنة ثلاث عشرة وسبعمائة باستدعاء الشيخ عبد الله الجزء: 2 ¦ الصفحة: 57 ابن خليل المكي، والدشتي، والقاضي سليمان بن حمزة، ابن مكتوم، وابن عبد الدايم، وابن سعد، وآخرون، توفي في سابع عشرين جمادى الآخرة سنة إحدى وأربعين وسبعمائة بمكة. وكان له نظم جيد من ذَلِكَ ما قاله في مبارك بن عطيفة بن أبي تمي محمد من قصيدة أولها: إن شطَّ من قرب الحبيب مزاره ... ونأت بغير رضى المتيَّم داره وتواصلتْ أجفانُه وسهادُه ... وجرى بموق دموعه تياره الجزء: 2 ¦ الصفحة: 58 أبو العباس اللخمي الإمام الحافظ 625 - 699 هـ - 1227 - 1299م أحمد بن فرج بن أحمد، الإمام الحافظ الزاهد شهاب الدين أبو العباس اللخمي الإشبيلي الشافعي. ولد سنة خمس وعشرين وستمائة، وأسره الفرنج في سنة ست وأربعين، ثم خلص بعد مدة وقدم إلى القاهرة سنة بضع وخمسين، وتفقه عَلَى الشيخ عز الدين بن عبد السلام، وسمع من شيخ شيوخ حماه شرف الدين الأنصاري، والنجيب بن الصيقل، وابن علاق، وبدمشق من ابن عبد الدائم، واعتنى الجزء: 2 ¦ الصفحة: 59 بالحديث وأتقن ألفاظه ومعانيه، وفقهه، وصار من كبار الأئمة، مع مَا فِيهِ من الورع والصدق والديانة، وَكَانَ لَهُ حلقة اشتغال بكرة بالجامع الأموي، وعرضت عَلَيْهِ مشيخة دار الحديث النورية فامتنع، وَكَانَ بزي الصوفية، سمع عَلَيْهِ الحافظ الذهبي وغيره، وله نظم ونثر، وله قصيدة غزلية فِي صفات الحديث وهي عشرون بيتاً، وسمعها منه الدمياطي واليونيني، وأولها. غرامي صحيح والرجا فيك معضل ... ودمعي وحزني مرسل ومسلسل فلا حسن إِلاَّ سماع حديثكم ... مشافهة تملى علي فأنقل توفي بدمشق بسكنه تربة أم الصالح فِي سنة تسع وتسعين وستمائة، وشيعه خلق كثير، وكانت جنازته مشهودة، رحمه الله تعالى. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 60 الحرازي الشافعي المكي 650 - 755 هـ - 1252 - 1354م أحمد بن قاسم بن عبد الرحمن بن أبي بكر، الإمام العالم المحدث شهاب الدين أبو العباس الحرازي الشافعي، مفتي مكة، وعالمها. ولد سنة خمسين وستمائة، وقدم مكة وطلب العلم بِهَا، وقرأ عَلَى الفخر التوزري الموطأ رواية يحيى بن يحيى، صحيح مسلم، وسنن أبي داود وغير ذَلِكَ، وعلي الصفي الطبري، وأخيه الرضي بمفرده " صحيح مسلم " وسنن أبي داود، والنسائي الجزء: 2 ¦ الصفحة: 61 وصحيح بن حبان وغير ذَلِكَ، عليهم وَعَلَى غيرهم، وسمع بالمدينة من أبي القاسم كتاب الشفاء، وحدث، وَكَانَ لَهُ معرفة بالفقه ومشاركة فِي غيره، وعبادة وديانة، وأقام بمكة يفتي ويدرس إِلَى أن توفي ليلة الاثنين ثاني عشر شوال سنة خمس وخمسين وسبعمائة، عن خمس وتسعين سنة، رحمه الله تعالى. أبو شجاع الإربلي، الأمير ركن الدين 598 - 655 هـ - 1201 - 1257م أحمد بن قرطاي، الأمير ركن الدين أبو شجاع التركي الإربلي، مولى السلطان مظفر صاحب الإربل. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 62 ولد سنة ثمان وتسعين وخمسمائة، وحدث عن مسمار بن العويس، وَكَانَ لَهُ شعر جيد، روى بِهِ الدمياطي وغيره، وَكَانَ أبوه من كبار أمراء أربل، وغضب عَلَيْهِ أستاذه مظفر الدين فحبسه حَتَّى مات، فلما توفي مظفر الدين قدم ابن قرطاي هَذَا وأخوته إِلَى حلب، وخدم عند الملك العزيز صاحب حلب، ولما توفي العزيز عاد المذكور إِلَى بغداد وزادت حرمته بِهَا، واستوطنها إِلَى أن توفي فجأة فِي سنة خمس وخمسين وستمائة، رحمه الله تعالى. الأمير شهاب الدين الغزي 663 - 744 هـ - 1264 - 1343م أحمد بن كشْ دُغْدي، الأمير شهاب الدين الغزي الصيرفي. كان أميراً فاضلاً كريماً، سمع من النجيب وغيره، وأظنه مات بعد الثلاثين وسبعمائة، وكش دغدي لغة بالجيم ولغة بالشين المعجمة الساكنة وضم الدال المهملة وسكون الغين المعجمة. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 63 كندغدي، الفقيه الحنفي ...... - 807هـ - ...... - 1404م أحمد بن كُنْدُغْدي، الشيخ الإمام العالم شهاب الدين الفقيه الحنفي. مولده بالقاهرة، كَانَ أبوه علاء الدين استادار الأمير أقتمر الحنبلي ثُمَّ عزله، وَكَانَ شهاب الدين هَذَا يتزيا بزي الجند، وطلب العلم واشتغل " عَلَى علماء عصره، وبرع فِي الفقه والأصول والعربية وغير ذَلِكَ، واشتغل " وتفقه بِهِ جماعة، وصحب الأمير شيخ الصفوي، ثُمَّ اختص عند الملك الظاهر برقوق، وصار يبيت عنده، وعظم فِي الدولة بذلك، وأثرى ثُمَّ تنكر عَلَيْهِ قبيل موته قليلاً. قال المقريزي: وَكَانَ يتهم بأنه هو الَّذِي ترخص للسلطان فِي شرب النبيذ عَلَى قاعدة مذهبه، فأفضى ذَلِكَ إِلَى تعاطي مَا أجمع عَلَى تحريمه، وَقَدْ شافهته بذلك فلم ينكره مني، فلما كانت الأيام الناصرية فرج بعثه رسولاً إِلَى تيمور، بعد أن عينت أنا، فمات بحلب فِي شهر ربيع الأول سنة سبع وثمانمائة، وَقَدْ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 64 قارب الخمسين أَوْ بلغها، وَكَانَ من أذكياء الناس وفضلائهم، انتهى كلام المقريزي. قلت: كندغدي لغة تركية ومعناه بالعربية ولد النهار، بكاف مضمومة، ونون ساكنة، ودال مضمومة أيضاً، وغين معجمة ساكنة، وبعدها ياء، انتهى. ابن ملِّي الأنصاري البعلبكي المحدث 617 - 699 هـ - 1220 - 1299م أحمد بن محسّن، بتشديد السين المهملة، بن علي بن حسن، الشيخ الإمام البارع المحدث الفقيه المعروف بابن ملي الأنصاري البعلبكي الشافعي المتكلم. ولد سنة سبع عشرة وستمائة ببعلبك، وسمع من البهاء عبد الرحمن، وأبي المجد بن الجزء: 2 ¦ الصفحة: 65 القزويني، وابن الزبيدي وابن رواحة، واشتغل بدمشق، وأخذ عن ابن الحاجب العربية، وعن ابن عبد السلام الفقه، وعن الزكي المنذري الحديث، والأصول عن جماعة، والفلسة والرفض عن جماعة، ودرس وأفتى وناظر وأشغل، وتخرج بِهِ جماعة من الطلبة. وكان متبحراً فِي العلوم، كثير الفضائل، قوياً فِي المناظرة، فصيح العبارة، ذكياً متيقظاً، حاضر الحجة، اشتغل مدة بحلب ودمشق، ودخل القاهرة غير مرة. قال الحافظ الذهبي: وَكَانَ مستخفاً يخل بالصلوات، ويتكلم فِي الصحابة، وَكَانَ يقول فِي الدرس عينوا لي آية حَتَّى أتكلم عليها، فيعينون لَهُ آية فيتكلم عليها بعبارة جزلة كأنه يقرأ من كتاب. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 66 قرأ الشيخ علم الدين عَلَيْهِ موطأ القعنبي وغير ذَلِكَ، وسمع منه الطلبة، وتوفي بقرية بَخْعون من جبل الظنين وهي بفتح الباء الموحدة، وسكون الخاء المعجمة، وضم العين المهملة، وبعد الواو نون، فِي سنة تسع وتسعين وستمائة. عماد الدين بن سرور المسند أبو العباس المقدسي 637 - 710 هـ - 1239 - 1310م أحمد بن محمد بن إبراهيم بن عبد الواحد بن علي بن سرور، الشيخ الإمام المقرئ الفقيه المسند عماد الدين أبو العباس بن قاضي القضاة شمس الدين ابن القدوة عماد الدين، المقدسي الأصل، البغدادي المولد، المصري الدار، الحنبلي. مولده سنة سبع وثلاثين وستمائة، وسمع سنة اثنتين وأربعين من الكاشغري، وابن الخازن، وسمع بمصر من عبد الوهاب بن رواح وطائفة، تفرد بأجزاء الجزء: 2 ¦ الصفحة: 67 عالية، أخذ عنه الحافظ أبو عبد الله الذهبي وغيره، توفي سنة عشرة وسبعمائة، رحمه الله تعالى. الفار الشطرنجي ... - 740هـ - .... - 1339م أحمد بن محمد، الأديب شهاب الدين الشهير بالفار الشطرنجي. وكان جده أحمد يعرف بالجرافة، ونشأ شهاب الدين هَذَا بالقاهرة، وساد فِي نظم المواليا. قال الشيخ صلاح الدين الصفدي: أنشدني الأديب شهاب الدين بالقاهرة من لفظه لنفسه سنة سبع وثلاثين وسبعمائة موالياً: غنَّت فأغنت عن المسموع فِي الأقطارْ ... ودقت الدًّف أجْرت أدمعي أمطارْ وصرت فِي حبِّها لا أَخْتَشي أخطارْ ... لما استمع لبُّ قلبي من يديها طارْ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 68 وأنشدني موالياً أيضاً: جاءني بشير أتى مقبل وأطفأ نارْ ... وبتُّ مسرورْ مفلَّج والدُّجى قَدْ نارْ وأرتجي إقبال ساعة نصر من خنار ... مختصّ بالحسنْ كم أرسلتْ أَوْ دينارْ وأورد لَهُ الصفدي أكثر من ذَلِكَ، والكل من هَذَا النموذج، وانتهى. صفي الدين أبو العباس الطبري 633 - 714 هـ - 1236 - 1314م أحمد بن محمد بن إبراهيم، الفقيه المسند صفي الدين أبو العباس الطبري المالكي، أخو الشيخ رضي الدين. ولد سنة ثلاث وثلاثين وستمائة، وسمع صحيح البخاري من عبد الرحمن بن أخي حرمي العطار صاحب ابن عمار، وسمع شعيباً الزعفراني، وأبا الحسن بن الجميزي، وحدث غير مرة، وَكَانَ ديناً خيراً فقيهاً فاضلاً، أضر بآخره مدة سنين، ثُمَّ رد الجزء: 2 ¦ الصفحة: 69 الله بصره عَلَيْهِ، وهو أنه وقع من مكان فانقدحت عيناه فأبصر، ودام عَلَى ذَلِكَ إِلَى أن توفي سنة أربع عشرة وسبعمائة. كتاكت الواعظ المقرئ 605 - 684 هـ - 1208 - 1285م أحمد بن محمد بن أحمد، الشيخ زين الدين أبو العباس الأندلسي الأشبيلي المصري، المعروف بكتاكت الواعظ المقرئ. مولده بتنيس سنة خمس وستمائة، وَكَانَ لوعظه تأثير فِي القوب، وعنده فصاحة، وله نظم ونثر ومعرفة بالأدب، ومن شعره: أدرنا خمرة الأحداق سرّاً ... عَلَى الأرواح واتصل النّعيم وبتْنا واغتبقنا واصطبحنا ... وَلَمْ تشعرْ بوصلتنا الجسوم فها أنا والعروسة تَحْتَ ستر ... بِهِ ألقاب عفَّتنا رقوم وما فهمت بروق الحيّ عنّا ... إشارتنا ولا فطن النسيم الجزء: 2 ¦ الصفحة: 70 وله أيضاً: يَا بارق الحيّ كرّرْ فِي حديثك لي ... تذْكارهم وأعدْ روحي إِلَى بدني وأنت يَا دمع مَا هَذَا الوقوف وَقَدْ ... جرى حديث الحمى النَّجْديِّ فِي أذني توفي صاحب الترجمة بالقاهرة فِي سنة أربع وثمانين وستمائة، رحمه الله تعالى. ابن الشريشي أبو العباس البكري ...... - 718هـ - ...... - 1318م أحمد بن محمد، الشيخ كمال الدين أبو العباس البكري الشافعي المعروف بابن الشريشي، وهو غير شارح المقامات الحريرية. ولي المذكور وكالة بيت المال بدمشق، ومشيخة دار الحديث الأشرفية، وتدريس الناصرية، ورشح للقضاء بدمشق، وَكَانَ ذا هيئة حسنة، وشكل مليح، الجزء: 2 ¦ الصفحة: 71 وعنده فضل وأدب، قيل أنه كتب إلى بدر الدين محمد بن الدقاق يقول: مولاي بدر الدين صل مدْنفاً ... صيّره حبّك مثل الخلال لا تخش من عار إذا زرْتني ... فما يعاب البدر عند الكمال فبلغ ذَلِكَ العلامة صدر الدين بن المرحل فكتب: يا بدر لا تسمعْ كلام الكمالْ ... فكلُّ ما نمّق زور محال فالنقص يعرو البدر في تمّه ... وربما يُخْسف عند الكمال توفي الشيخ كمال الدين بدرب الحجاز سنة ثمان عشرة وسبعمائة، رحمه الله. الخليفة المستنصر بالله ...... - 660هـ - ... ... - 1262م أحمد بن محمد بن أحمد بن الحسن، أمير المؤمنين أبو القاسم المستنصر بالله بن الخليفة " الظاهر بن الخليفة " الناصر لدين الله بن الخليفة المستضيء. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 72 ولي الخلافة بالديار المصرية، وهو أول خليفة تخلف بالديار المصرية من بني العباس، وذلك بعد أن قتل المستعصم بالله ببغداد بثلاث سنين ونصف، وكان الوقت بلا خلافة في مدة هذه الثلاث سنين ونصف. قال أبو شامة: في رجب قرئ بالعادلية كتاب السلطان إلى قاضي القضاة نجم الدين بن " سناء الدولة " بأنه قدم عليهم مصر أبو القاسم أحمد بن الظاهر بن الناصر وهو أخو المستنصر، وأنه جمع له الناس من الأمراء والعلماء، وأثبت نسبه عند القاضي في ذَلِكَ المجلس، فلما ثبت بايعه الناس، وبدأ بالبيعة السلطان الملك الظاهر بيبرس، ثم الكبار عَلَى مراتبهم ونقش اسمه عَلَى الصكة، وخطب له عَلَى المنابر، ولقب بلقب أخيه، وفرح الناس لذلك، انتهى كلام أبي شامة. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 73 وقال الحافظ شمس الدين الذهبي: في رجب يعني سنة تسع وخمسين وستمائة أقيم في الخلافة بمصر المستنصر بالله أحمد، ثم قدم دمشق هو والسلطان فعملت لقدومهما القباب، واحتفل الناس لزينتهما، وعدم في الشرق آخر العام، انتهى كلام الذهبي. وقال الشيخ قطب الدين: كان أبو القاسم المستنصر المذكور محبوساً ببغداد فلما أخذت أطلق وصار إلى عرب العراق واختلط بهم، فلما تسلطن الملك بيبرس وفد عليه ومعه عشرة من بني مهارش، فركب السلطان للقائه ومعه القضاة وأعيان الدولة، فشق القاهرة، وركب يوم الجمعة من البرج الذي كان بالقلعة، بعد ما ثبت نسبه وبويع، " وعليه السواد إلى جامع القلعة " وصلى بالناس، وفي شعبان رسم بعمل خلعة خليفتية، وبكتابة تقليد، ثم نصبت خيمة بظاهر القاهرة، وركب المستنصر هذا والسلطان يوم الاثنين رابع شعبان إلى الخيمة، وحضر الأمراء والقضاة والوزير، ولبس الخليفة السلطان الخلعة بيده، وطوقه وقلده، ونصب منبر فصعد فخر الدين بن لقمان وقرأ التقليد، الجزء: 2 ¦ الصفحة: 74 ثم ركب السلطان بالخلعة ودخل من باب النصر، وزينت القاهرة، وحمل الصاحب التقليد عَلَى رأسه والأمراء مشاه. وهذا هو الثامن والثلاثون من خلفاء بني العباس، وأول من بايعه قاضي القضاة تاج الدين ثم السلطان ثم الشيخ عز الدين بن عبد السلام. وكان شديد السمرة، جسيماً، عالي الهمة، شجاعاً، قال: ورتب له السلطان أتابكا واستدارا وخازندارا وحاجباً وكاتباً، وعين له خزانة، وجملة من المماليك، ومائة فرس، وثلاثين بغلاً، وعشر قطارات جمالاً ونحو ذَلِكَ، انتهى كلام قطب الدين. وحكى أنه لما حضر إلى القاهرة أنزله السلطان بالقلعة، وبالغ في إكرامه، وقصد إثبات نسبه وتقرير بيعته، لأن الخلافة كانت شاغرة من يوم مات الخليفة المستعصم، فأحضر السلطان أعيان الدولة، وتأدب السلطان معه، وجلس بغير مرتبة ولا كرسي، وأمر بإحضار العربان الذين حضروا مع الخليفة من العراق، فحضروا، وحضر طواشي من البغاددة فسئلوا عنه، هل هذا هو الجزء: 2 ¦ الصفحة: 75 الإمام أحمد بن أمير المؤمنين الظاهر بن الناصر؟ فقالوا: نعم، وشهد جماعة بالاستفاضة وهم: جمال الدين يحيى بن نائب الحكم بمصر، وعلم الدين بن رشيق وصدر الدين برهوب الجزري، ونجيب الدين الحراني، وسديد الدين التزمنتي نائب الحكم بالقاهرة، عند قاضي القضاة تاج الدين بن بنت الأعز، فأسجل عَلَى نفسه بالثبوت، وذكر نحواً مما ذكرناه في أول الترجمة إلى أن قال: وسار هو والظاهر في تاسع عشر شهر رمضان فدخلوا دمشق في سابع ذي القعدة، ثم جهز الملك الظاهر بيبرس الخليفة ومعه ملوك الشرق: صاحب الموصل، وصاحب سنجار، وصاحب الجزيرة من دمشق في الحادي والعشرين من ذي القعدة، واتفق الظاهر عليهم ألف ألف دينار وستين ألف دينار. حكى محيي الدين بن عبد الظاهر قال: سمعته من الظاهر، وكان نزوله بالتربة الناصرية بالجبل، ولما وصل الخليفة الرحبة فارقه صاحب الموصل وأخوه. انتهى. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 76 ولما نزل الخليفة بمن معه مشهد علي رضي الله عنه أقام به أياماً ثم تحول إلى عانة، وجد بها الحاكم بأمر الله ومعه سبعمائة نفس، فاستماله المستنصر وأنزله الحاكم معه في دهليزه، وتسلم الخليفة عانة وحمل إِلَيْهِ ناظرها وواليها الإقامة فأقطعها، ثم وصل إلى الحديثة ففتحها أهلها له، ووصل الخبر بذلك لمقدم المغل وشحنة بغداد، فخرج المقدم إِلَيْهِ بخمسة آلاف وقصد الأنبار فدخلها وقتل جميع من فيها، ثم لحقه الشحنة، " ووصل الخليفة " إلى هيت، فأغلق أهلها الأبواب في وجهه، فحضرها إلى أن أخذها، ونهب من بها من أهل الذمة، وجاءت عساكر المغل والتقوا مع الخليفة فصدقوا الحملة، فأفرج التتار لهم، فنجا جماعة من المسلمين منهم الحاكم في خمسين نفساً، وأما الخليفة المستنصر هذا فإنه فقد ولم يعلم له خبر، واختلفت الأقاويل في أمره، والأقوى عندي أنه قتل، وذلك في سنة ستين الجزء: 2 ¦ الصفحة: 77 وستمائة، وتولى الخلافة من بعده الحاكم بأمر الله أحمد الذي نجا بنفسه من الوقعة المذكورة، وقدم عَلَى الملك الظاهر بيبرس أيضاً إلى الديار المصرية، وسيأتي ذكره ترتيباً إن شاء الله تعالى. ابن القرداح الواعظ 780 - 841 هـ - 1378 - 1438م أحمد بن محمد بن أحمد بن علي بن عبد الرحمن، الشيخ شهاب الدين بن القرداح، شهرة لأبيه، المنشد الواعظ. ولد في حدود الثمانين وسبعمائة تقريباً، ونشأ بالقاهرة، وتعانى الإنشاد، وكان حسن الصوت إلى الغاية، فعرف بالطيبة، وصار له جوق، ويطلب في الختمات والعقود، وساد في ذَلِكَ أقرانه، وحظي عند الملوك والأكابر، وكان له مشاركة جيدة في علوم، اشتغل عَلَى الشيخ عز الدين بن جماعة وغيره، وعلى الشيخ شهاب الدين أحمد بن المجدي في علم الهيئة، وصار له في ذَلِكَ مشاركة حسنة، وكان في صباه يحسن بعض آلات الطرب، ويعرف طرفاً من الموسيقى، ويدري معرفة الأنغام معرفة جيدة، وبالجملة فإنه كان في فنه من مفردات الزمان، توفي في شوال سنة إحدى وأربعين وثمانمائة، رحمه الله تعالى. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 78 الخليفة الحاكم بأمر الله ...... - 701هـ - ...... - 1301م أحمد بن محمد بن الحسن بن أبي بكر بن الحسن بن علي القبي بن الراشد بالله منصور، أمير المؤمنين الحاكم بأمر الله أبو العباس العباسي الهاشمي البغدادي ثم المصري. وهو ثاني خليفة بويع بالديار المصرية وأول خليفة سكنها من بني العباس، قدم إلى القاهرة بعد قتل المستنصر يوم الخميس سادس عشر صفر سنة ستين وستمائة، فأنزله الملك الظاهر بيبرس بالبرج الكبير بالقلعة، ورتب له ما يكفيه فأقام إلى ثامن المحرم سنة إحدى وستين وستمائة، فعقد الظاهر مجلس البيعة له بالإيوان من القلعة، وحضر الوزير والقضاة وأرباب الدولة والأعيان لمبايعته، وقوي نسبه عَلَى قاضي القضاة، وشهد عنده فأثبته، ومد يده فبايعه، ثم بايعه السلطان، ثم الوزير ثم الأعيان عَلَى طبقاتهم، وخطب له عَلَى المنابر، وكتب الجزء: 2 ¦ الصفحة: 79 السلطان إلى النواب بذلك، وأن يخطبوا باسمه، وأنزل إلى مناظر الكبش، فسكن بها إلى أن مات بها في ليلة الجمعة ثامن عشر جمادى الأولى سنة إحدى وسبعمائة، وصلى عليه العصر بسوق الخيل " من تحت قلعة الجبل "، وتقدم للصلاة عليه الشيخ كريم الدين عبد الكريم الآملي شيخ الصوفية، ودفن بجوار مشهد السيدة نفيسة، ومشى الأمراء والقضاة والأعيان في جنازته، وخلف من الأولاد سليمان الذي بويع بعده وغيره. والحاكم هذا هو أول خليفة دفن بالقاهرة من العباسيين، وكانت خلافته أربعين سنة، وبويع بالخلافة من بعده ابنه سليمان المستكفي بالله، يأتي ذكره في محله إن شاء الله تعالى. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 80 ؟ القاضي شهاب الدين بن أبي البقاء ... - 802هـ - ... - 1399م أحمد بن محمد بن محمد بن عبد البر بن يحيى بن علي، القاضي شهاب الدين بن قاضي القضاة " بهاء الدين أبي البقاء " الشافعي. كان فقيهاً فاضلاً، درّس بعد موت أبيه في المدرسة الظاهرية بدمشق، وقدم إلى القاهرة، فلما استقر أخوه بدر الدين محمد بن أبي البقاء في قضاء القضاة بالديار المصرية ولي عوضه المذكور نظر بيت المال، وكانت إذ ذاك من أجل المناصب، فباشره إلى أن مات يوم الجمعة سابع عشرين شهر ربيع الآخرة سنة اثنتين وثمانمائة فجأة، عن نحو خمسين سنة، رحمه الله تعالى. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 81 ؟ ابن الغماز قاضي قضاة الجماعة 609 - 693هـ - 1219 - 1294م أحمد بن محمد بن الحسن بن الغماز، قاضي الجماعة بتونس، أبو العباس. ولد سنة تسع وستمائة، كان بارعاً، فقيهاً محدثاً، مقرئاً، كبير القدر عالي الهمة، وكان والده من فقهاء بلنسية وزهادها، اشتغل وقرأ وحصل وسمع الكثير من أبي الربيع بن سالم، وطال عمره، وأكثر عنه أهل تونس، منهم الإمام أبو عبد الله بن جابر الوادي آشي، وكان أعلى أهل الغرب إسناداً في القرآن، وكان له أدب وشعر، توفي سنة ثلاث وتسعين وستمائة، رحمه الله تعالى. ؟ ابن الرفعة 645 - 710 هـ - 1247 - 1310م أحمد بن محمد بن علي بن الشيخ الرفعة مرتفع بن حازم بن إبراهيم بن العباس الأنصاري النجاري المعروف بابن الرفعة، الإمام العلامة، شيخ الإسلام، شيخ الشافعية في عصره. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 82 مولده سنة خمس وأربعين وستمائة، طلب العلم وسمع من محيي الدين الدميري وحدث بشيء من تصانيفه، وبرع في الفقه وأصوله والعربية وغير ذَلِكَ، ودرس وأفتى، وانتفع به عامة الطلبة الشافعية، انتهت إِلَيْهِ رئاسة مذهبه في عصره، وكان ذكياً بارعاً، متبحراً في المذهب وفروعه، وصنف وشغل عدة سنين، وشرح التنبيه في خمس عشرة مجلداً، وشرح الوسيط ولم يكمله، ودرس بالمعزية وغيرها، وولي حسبة مصر، ولم يزل مواظباً عَلَى الاشتغال والأشغال إلى أن توفي ليلة الجمعة ثامن عشر شهر رجب سنة عشرة وسبعمائة، ولم يخلف بعده مثله، رحمه الله تعالى. زين الدين الطبري المكي 693 - 472 هـ - 1294 - 1341م أحمد بن محمد بن أحمد بن عبد الله بن أبي بكر، القاضي زين الدين أبو طاهر ابن قاضي مكة جمال الدين بن الشيخ محب الدين الطبري المكي المحدث الفقيه الشافعي. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 83 أجاز له جماعة، وسمع الكثير، وحدث وتفقه، وبرع في المذهب، ورحل وكتب وحصل، وأفتى ودرس. قال العفيف المطري: ما رأت عيناي في الكرم مثل الزين الطبري، وطفيل بن منصور، انتهى كلام العفيف. وكانت وفاته سنة اثنتين وأربعين وسبعمائة بمكة، ودفن بالمعلاه، رحمه الله تعالى. المسند عماد الدين بن مفلح المقدسي 617 - 700 هـ - 1220 - 1301م أحمد بن محمد بن سعد بن عبد الله بن سعد بن مفلح، الشيخ الصالح الفاضل المسند عماد الدين بن الأديب العالم شمس الدين " المقدسي " الصالحي الحنبلي. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 84 ولد سنة سبع عشرة وستمائة، روى عن المجد القزويني، والإربلي، وابن اللتي، وابن المقير، وأجاز له الموفق، وفتح الدين بن عبد السلام، ومسمار بن العويس، وحدث قبل الستين، وحج مرات، وحدث بالحجاز وحماه ودمشق إلى أن توفي سنة سبعمائة، رحمه الله تعالى. قاضي القضاة محدب الدين النويري الشافعي قاضي مكة 752 - 799هـ - 1351 - 1397م أحمد بن محمد بن أحمد بن عبد العزيز بن القاسم بن عبد الرحمن، قاضي القضاة محب الدين أبو البركات العقيلي النويري الشافعي، قاضي مكة وخطيبها. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 85 ولد في أوائل شهر رمضان سنة اثنتين وخمسين وسبعمائة بمكة. وأجاز له جماعة من أهل مكة وغيرها، وسمع الكثير، وقرأ، واشتغل وبرع في الفقه وغيره، وأفتى ودرس، وناب في الحكم عن أبيه القاضي أبي الفضل، وفي الخطابة أيضاً بمكة، في سنة ثلاث وسبعين، ثم ولي قضاء المدينة النبوية وخطابتها وإمامتها عَلَى قاعدة من تقدمه في سنة خمس وسبعين وسبعمائة بعد البدر بن الخشاب، واستمر عَلَى ذَلِكَ حَتَّى صرف عنه في سنة ثمان وثمانين وسبعمائة، ثم ولي قضاء مكة وخطابتها بعد عزل القاضي شهاب الدين بن ظهيره، وجاءه الخبر بولايته وهو بالمدينة، فتوجه إلى مكة ودخلها في أول العشر الأخير من شهر رمضان سنة ثمان وثمانين وسبعمائة، واستمر عَلَى ذَلِكَ إلى أن مات في ليلة الأربعاء تاسع عشر شهر رجب سنة تسع وتسعين وسبعمائة " بمكة، ودفن بالمعلاه عند أبيه، وكثر الأسف عليه لكثرة محاسنه "، رحمه الله تعالى. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 86 ابن الناصح المصري ...... - 804هـ - ...... - 1402م أحمد بن محمد " بن محمد " بن الناصح، الشيخ المعتقد المصري القرافي المعروف ابن الناصح. كان يسكن بالقرافة، وللناس فيه اعتقاد حسن، وكان من الأقوياء، يحكى عن عفاه حكايات غريبة مع الدين والصلاح والزهد، توفي في سابع عشر شهر رمضان سنة أربع وثمانمائة، رحمه الله تعالى. شهاب الدين بن البرهان 754 - 808 هـ - 1353 - 1405م أحمد بن محمد بن إسماعيل بن عبد الرحيم بن يوسف، الشيخ الإمام العلامة الظاهري شهاب الدين أبو هاشم، عرف بابن البرهان. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 87 مولده فيما بين القاهرة ومصر في شهر ربيع الأول سنة أربع وخمسين وسبعمائة، وهو أحد من قام عَلَى الملك الظاهر برقوق، وكان أبوه من العدول، ونشأ أحمد بالقاهرة، وصحب سعيد السحولي فأماله إلى مذهب الظاهر عَلَى طريقة ابن حزم وغيره " من المبتدعة " وبرع في ذَلِكَ، وناظر عَلَى من جادله عَلَى ما يعتقده، ثم رحل وطاف البلاد البعيدة ودعا الناس إلى العمل بكتاب الله وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم، فاستجاب له بشر كثير من خراسان إلى الشام، وآخر الأمر قبض عليه بحمص وعلى جماعة من أصحابه، وحملوا الجميع في القيود إلى الديار المصرية، فأوقفه الملك الظاهر برقوق بين يديه ووبخه عَلَى فعلته، وضرب أصحابه بالمقارع، ثم حبسه مدة طويلة إلى أن أطلقه في سنة إحدى وتسعين وسبعمائة، وطال خموله، إلى أن توفي يوم الخميس السادس والعشرين من جمادى الأولى سنة ثمان وثمانمائة. وأطنب الشيخ تقي الدين المقريزي في الثناء عليه وأمعن وزاد، لكونه كان ظاهرياً، مع أنه استرسل في ترجمته " إلى " أن ذكر أشياء يعرف منها أنه كان مخمولاً فقيراً عادماً للقوت. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 88 قلت " وما ربك بظلام للعبيد "، فإن هؤلاء الظاهرية حالهم إطلاق ألسنتهم في الأئمة الأعلام أصحاب المذاهب رضي الله عنهم ونحو ذَلِكَ، فهذا جزاؤهم في الدنيا والآخرة، فأمرهم إلى الله تعالى. قاضي القضاة شمس الدين بن خلكان البرمكي صاحب وفيات الأعيان 608 - 681 هـ - 1211 - 1282م أحمد بن محمد بن إبراهيم بن أبي بكر بن خلكان بن باوَل، بفتح الواو، ابن شاكل، بفتح الكاف، بن الحسين بن ملك بن جعفر بن يحيى بن خالد بن برمك، الإمام العلامة شمس الدين أبو العباس، البلخي الأصل، الإربلي المولد، الدمشقي الدار والوفاة، الشافعي، قاضي قضاة دمشق وعالمها ومؤرخها. مولد بإربل في يوم الخميس حادي عشر شهر ربيع الآخر سنة ثمان وستمائة، وأمه من نسل خلف بن أيوب صاحب أبي حنيفة رضي الله عنه، ونشأ بأربل الجزء: 2 ¦ الصفحة: 89 وتفقه بالموصل، ثم دمشق قدم في عنفوان " شبيبته " فأقام بها مدة يسيرة، وتوجه إلى ديار مصر واشتغل بها أيضاً، وحصل من كل علم طرفاً جيداً، وبرع في الفقه والأصول والعربية وغير ذَلِكَ، وأفتى ودرس، ونظم ونثر، ولي قضاء دمشق من القاهرة، وخرج منها في السابع والعشرين من ذي الحجة سنة ست وستين وستمائة، وتوجه إلى دمشق فدخلها في المحرم سنة سبع وستين، فباشرها مدة عشر سنين. وفي أول ولايته للقضاء كان منفرداً إلى أن ورد عليه الخبر بأن برز المرسوم الشريف الظاهري بأن يكون بدمشق أربع قضاة، وصل ثلاثة تقاليد لشمس الدين عبد الله بن محمد عطاء الحنفي، ولزين الدين عبد السلام الزواوي المالكي، ولشمس الدين عبد الرحمن الحنبلي، وكانوا قبل ذَلِكَ نواباً للشافعي. قال الشيخ شهاب الدين أبو شامة ومن العجيب اجتماع ثلاث قضاة القضاة لقب كل واحد منهم شمس الدين في زمن واحد، فقال بعض الأدباء شعراً: الجزء: 2 ¦ الصفحة: 90 بدمشق آية قد ظه ... رت للناس تماما كلما ازدادوا شموساً ... زادت الدنيا ظلاما وقال غيره: أهل دمشق استرابوا ... من كثرة الحكام إذ هم جميعاً شموس ... وحالهم في ظلام ثم صرف قاضي القضاة شمس الدين بن خلكان هذا عن قضاء دمشق، وقدم إلى القاهرة ودام بها نحواً من سبع سنين، وتولى الحكم بها نيابة عن قاضي القضاة بدر الدين السنجاري، ودرس بالقاهرة، وأفتى، وصنف، إلى أن أعيد إلى دمشق قاضياً بعد القاضي عز الدين بن الصائغ وتوجه إلى دمشق، فلما قرب منها خرج نائبها الأمير عز الدين أيدمر بجميع الموكب والأمراء وأرباب الوظائف لتلقيه، وأما رؤساء دمشق فإنهم تلقوه من عدة مراحل، وهنأ الشعراء بعدة قصائد، من ذَلِكَ ما أنشده الشيخ رشيد الدين عمر بن إسماعيل الفارقي: أنت في الشام مثل يوسف في مص ... ر وعندي أن الكرام جناس ولكلِّ سبع شداد وبعد السبْ ... ع عام فيه يغاث الناس الجزء: 2 ¦ الصفحة: 91 قلت هذا القول " لمدة مفارقته " الحكم بدمشق إلى أن عاد ثانياً إِلَيْهِ. وقال فيه نور " الدين " بن مصعب: رأيت أهل الشام طرَّاً ... ما فيهم قطَّ غير راض أتاهم الخير بعد شرٍّ ... فالوقت بسْط بلا انقباض وعوِّضوا فرحة بحزنٍ ... قَدْ أنصف الدهر فِي التقاضي وسرهم بعد طول غمَّ ... قدوم قاضٍ وعزل قاض فكلِّهم شاكر وشاكٍ ... بحال مستقْبل وماض " ودام " فِي هَذِهِ الولاية بدمشق إِلَى سنة ثمانين وستمائة، صرف عن القضاء ولزم داره إِلَى أن توفي يوم السبت سادس عشرين شهر رجب، وقيل سادس عشره، سنة إحدى وثمانين وستمائة بالمدرسة النجيبية بدمشق، " ودفن " " بقاسيون ". وكان إماماً عالماً بارعاً، متقناً كثير الفضائل، أديباً، شاعراً، جامعاً، مؤرخاً، وتاريخه وفيات الأعيان مشهور، وهو فِي غاية الحسن، وَكَانَ جواداً، ممدحاً، الجزء: 2 ¦ الصفحة: 92 مدحه شعراء عصره بغرر القصائد، وَكَانَ يجيز عليها الجوائز السنية، وَكَانَ عنده عقل واحتمال، وستر عن العورات، وعلو همة، ولما كَانَ معزولاً بالديار المصرية حصل لَهُ ضائقة، فبلغ الأمير بدر الدين الخازندار ذَلِكَ فأمر لَهُ بنفقة هائلة ومائة أردب قمح، فامتنع من قبولها. وذكره الحافظ قطب الدين فِي تاريخه، قال كَانَ إماماً عالماً، أديباً بارعاً، وحاكماً عدلاً، ومؤرخاً جامعاً. وذكره أيضاً الحافظ أبو محمد البرزالي فِي معجمه وقال فِيهِ: أحد علماء عصره المشهورين، وسيد أدباء دهره المذكورين، جمع بَيْنَ علوم جمة: فقه وعربية وتاريخ ولغة وغير ذَلِكَ، وجمع تاريخاً نفيساً اقتصر فِيهِ عَلَى المشهورين من كل فن، وولي قضاء الشافعية مدة، ودرس وأفتى، وسمع الحديث من ابن المكرم الصوفي بإربل، سمع منه البخاري عن أبي الوقت، وسمع من الشاوي وابن الجميزي، وأجازه المؤيد الطوسي، وأبو روح، الجزء: 2 ¦ الصفحة: 93 وابن الصفا، والحسين بن أحمد القشيري، وإسماعيل، ومحمد بن علي بن عبد الله السيد الحسيني، وآخرون من نيسابور، وذكر مولده ثُمَّ قال: لَهُ يد طولى فِي علم اللغة، لَمْ ير فِي وقته من يعرف ديوان المتنبي كمعرفته، وَكَانَ مجلسه كثير الفوائد والتحقيق والبحث، لا يوجد فِيهِ غير ذَلِكَ، انتهى. وقال الشهاب محمود فِي تاريخه: كنت كثير الاجتماع بِهِ فِي مباشرته الثانية للاقتباس من فوائده، رحمه الله، انتهى. قلت وأثنى عَلَيْهِ أيضاً غير واحد، وَقَدْ طال الشرح فِي ذَلِكَ، ولا بد من ذكر شيء من شعره، فمن ذَلِكَ: تَمثّلْتم لي والبلاد بعيدةٌ ... فخيِّل لي أنّ الفؤاد لكم مغْنى وناجاكم قلْبي عَلَى البعد والنَّوى ... فآنستُم لفْظاً وأوحشْتم مَعنى وله أيضاً: يَا جيرة هل من عودةٍ فعسى ... يُفيق من سكرات الوجْد مخْمورُ إذَا ظفرْتُ من الدُّنيا بقرْبكم ... فكل ذنْبٍ جناه الحبُّ مغفور وله أيضاً: يا ربّ إن العبد يخفي عيْبه ... فاسترْ بحلمك مَا بدا من عيْبه ولقد أتاك وَمَا لَهُ من شافع ... لذنوبه فاقبلْ شفاعة شيْبه الجزء: 2 ¦ الصفحة: 94 ابن صدقة الحلبي الأديب الشاعر ...... - 767هـ - ...... - 1366م أحمد بن محمد، وقيل محمود، بن إسماعيل بن إبراهيم بن صدقة الحلبي، الأديب الشاعر، المقتول عَلَى الزندقة. كان أديباً فاضلاً، ماهراً فِي النظم والنثر والكتابة، وغير ذَلِكَ، إِلاَّ أنه كَانَ مولعاً " بالفسق " وشرب الخمر، وثلب أعراض الناس، وَكَانَ يلبس زي الأجناد، وَكَانَ كثير الوقيعة، فِي السلف، فحفظ عَلَيْهِ كلمات شهد عَلَيْهِ بِهَا تقتضي زندقته، وثبت ذَلِكَ عَلَيْهِ عند القاضي صدر الدين أحمد بن عبد الظاهر الدميري " المالكي " فحبس، فكتب وهو فِي الحبس إِلَى القاضي تاج الدين السبكي بقصيدة يسأله حقن دمه منها: ولكن سآوي عند طوفان غدرهم ... إِلَى جبل الآلاء تاج الْعلى السُّبكي الجزء: 2 ¦ الصفحة: 95 فلما بلغته القصيدة هم بحقن دمه، وَكَانَ حاضراً عنده أبو المعالي ابن عشائر الحلبي، فعرفه بسوء سيرته وَمَا يقع منه من الكفريات، ورجعه عن ذَلِكَ، فعند ذَلِكَ حكم القاضي المالكي المشار إِلَيْهِ بزندقته، وحكم بقتله، وضرب عنقه تَحْتَ قلعة حلب بحضرة نائبها الأمير جرجي، وذلك فِي سنة سبع وستين وسبعمائة. ومن شعره: إذَا نلت المنى بصديق صدق ... وَكَانَ رفاقه وفق المراد فحاذر أن تعامله بقرْض ... فإن القرض مقراض الوداد وفيه " يقول بعضهم ": مضى مستبيح الرِّبا والزنا ... إِلَى خازن المهلك الحالك وفاز الدميري بتدميره ... فمن مالكي إِلَى مالك الجزء: 2 ¦ الصفحة: 96 قاضي القضاة نجم الدين بن صصرى 655 - 723 هـ - 1257 - 1323م أحمد بن محمد بن سالم بن أبي المواهب، الإمام العلامة الحافظ قاضي القضاة نجم الدين أبو العباس الربعي الثعلبي الدمشقي الشافعي، الشهير بابن صصرى. ولد سنة خمس وخمسين وستمائة، وحضر عَلَى الرشيد العطار فِي سنة تسع، والنجيب عبد اللطيف، وسمع بدمشق من ابن عبد الدايم، وابن أبي اليسر، وجده لأمه المسلم بن علان، وطلب العلم وتفقه عَلَى الشيخ تاج الدين، وبمصر عَلَى الأصبهاني فِي أصول الفقه وغيرهما، وَكَانَ يميل إِلَى دين وتعبد، وله ثروة الجزء: 2 ¦ الصفحة: 97 وَمَال جم، ومماليك وحشم، قيل أنه قال يوماً للشيخ صدر الدين وغيره: فرق مَا بيننا أنني أشتغل عَلَى الشمع الكافوري وأنتم عَلَى قناديل المدارس، وتصدر للإفتاء والتدريس سنين، ودرس بالعادلية الصغرى، وبالأمينية وبالغزالية، مع قضاء العسكر ومشيخة الشيوخ بدمشق، ثُمَّ ولي قضاء القضاة بِهَا " فِي " سنة اثنتين وسبعمائة، ودام فِي القضاء إِلَى أن توفي ببستانه فجأة فِي نصف شهر ربيع الأول سنة ثلاث وعشرين وسبعمائة، ورثاه شعراء دمشق. وكان إماماً عالماً، متحرياً فِي " أحكامه " بصيراً بالقضاء، لا يقدر أحد يدلس عَلَيْهِ قضية، وَكَانَ عفيفاً عما يرمي بِهِ قضاة السوء من الرشوة وغيرها، وَكَانَ فِي ابتداء أمره كتب فِي الإنشاء، وَكَانَ لَهُ نظم ونثر ومشاركة فِي فنون كثيرة، فصيح العبارة، قادراً عَلَى الحفظ، يحفظ أربعة دروس فِي اليوم، وَكَانَ طويل الروح محسناً لمن أساء إِلَيْهِ. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 98 بلغه أن الشيخ صدر الدين نظم فِيهِ بليقة فتحيل إِلَى أن وقعت بخطه فِي يده، فتركها عنده " إِلَى " إن قيل لَهُ يوماً أن الشيخ صدر الدين بالباب، فقال: ليدخل، ووضع تِلْكَ الورقة مفتوحة عَلَى مصلاة، فرآها الشيخ صدر الدين وعلم أنها خطه، فعند ذَلِكَ قال القاضي نجم الدين المذكور للطواشي: أحضر مَا عندك، فأحضر بقجة قماش كاملة، وصر فِيهَا ستمائة درهم، وقال هَذِهِ جائزة تِلْكَ البليقة، وله من هَذِهِ الحكايات جملة. وَكَانَ أديباً بليغاً، ولما فتح الأمير علم الدين سنجر الدواداري بعض الحصون كتب إِلَيْهِ القاضي شهاب الدين محمود يهنئه ويذكر جراحة أصابته بقصيدة أولها: مَا الحرب إِلاَّ الَّذِي تدْمى بِهِ اللّمم ... والفخر إِلاَّ إِذَا زان الوجوه دم ولا ثبات لمنْ لَمْ تلْق جبهته ... حدَّ السُّيوف ولا يُثْنى لَهُ قدم فكتب الجواب قاضي القضاة نجم الدين المذكور بقصيدة أولها: وافى كتابك فِيهِ الفضل والكرم ... فجلَّ قدْراً وحلَّت عندي النِّعم الجزء: 2 ¦ الصفحة: 99 شهاب الدين نقيب الأشراف بحلب ...... - 778هـ - ...... - 1376م أحمد بن محمد بن أحمد بن علي بن محمد بن عبد الله بن جعفر بن زيد بن جعفر " بن زيد بن جعفر " بن إبراهيم، الممدوح السيد الشريف أبو العباس " بن " شمس الدين أبي المجد " بن " شهاب الدين أبي العباس بن علاء الدين أبي الحسن بن شمس الدين أبي عبد الله بن زين الدين أبي الحسن الحراني ثُمَّ الحلبي الحسني. نقيب الأشراف بحلب، وكاتب الإنشاء بِهَا، وأحد أعيانها سؤدداً ورئاسة، وكرماً وفضلاً، مع رياضة أخلاق وتواضع وإحسان لمن يرد عَلَيْهِ، وَلَمْ يزل عَلَى ذَلِكَ إِلَى أن مات بحلب " فِي " سنة ثمان وسبعين وسبعمائة، رحمه الله تعالى. العلامة الشيخ تقي الدين الشُّمُنيّ 801 - 872 هـ - 1399 - 1468م أحمد بن محمد بن محمد بن الحسن بن علي بن يحيى " بن محمد " بن خلفة الله ابن خليفة، الشيخ الإمام العالم العلامة، أحد أئمة الحنفية، تقي الدين " ابن " الجزء: 2 ¦ الصفحة: 100 الشيخ العلامة الرحلة المسند كمال الدين، القسنطيني الأصل، الإسكندري المولد، المصري المنشأ والدار. مولده فِي العشر الأخير من شهر رمضان سنة إحدى وثمانمائة، واستجاز لَهُ والده من القاهرة وغيرها، فأجاز لَهُ شيخ الإسلام سراج الدين البلقيني، والشيخ سراج الدين " بن " الملقن؛ والحافظ زين الدين العراقي وغيرهم، ثُمَّ استوطن بِهِ والده القاهرة فِي سنة عشرة وثمانمائة، وأسمعه الحديث، وحضر بِهِ عَلَى الشيخ أبي الفضل بن الإمام التلمساني، وقرأ ختمة كاملة لآبي عمرو عَلَى الشيخ شمس الدين الزراتيتي الحنفي إمام المدرسة البرقوقية فِي سنة سبع عشرة، وجود فِيهَا الكتابة عَلَى الشيخ الأستاذ عبد الرحمن بن الصائغ المكتِّب، ولازمه مدة، وقرأ العربية فِي ابتداء أمره عَلَى والده الشيخ كمال الدين، وَعَلَى الشيخ الصالح شهاب الدين الجزء: 2 ¦ الصفحة: 101 أحمد الصنهاجي، ثُمَّ لازم الشيخ شمس الدين الشطنوفي، وقرأ عَلَى الشيخ ناصر الدين البارنباري الخزرجية فِي العروض والقافية، وفصول ابن الهائم فِي الفرائض، والنزهة فِي الحساب بالقلم، ورسالتي المارديني عَلَى ربع الدائرة، وقرأ أصول الفقه وأصول الدين عَلَى قاضي القضاة شمس الدين البسطامي ولازمه، وقرأ عَلَيْهِ الكثير من مصنفاته وغيرها، وسمع التلويح والتوضيح فِي أصول فقه الحنفية، والهداية فِي مذهب الإمام أبي حنيفة رضي الله عنه، وشرح المفتاح فِي المعاني الجزء: 2 ¦ الصفحة: 102 عَلَى الشيخ علاء الدين البخاري، وسمع المطول بكماله، والمنطق، والهداية فِي الفقه عَلَى الشيخ نظام الدين يحيى السيرامي، وقرأ المنطق، وآداب البحث عَلَى الشيخ أبي بكر الطبيب العجمي نزيل القاهرة بالمدرسة المنصورية لمداواة الملك المؤيد شيخ، وقرأ الهندسة، والهيئة، وسمع الحساب عَلَى الشيخ شهاب الدين بن المجدي، وسمع الموجز فِي الطب عَلَى الشيخ سراج الدين البهادري، وسمع شرح ألفية العراقي فِي علم الحديث عَلَى الشيخ قاضي القضاة شهاب الدين بن حجر، وقرأ عَلَيْهِ أيضاً شرح النخبة، ولازم الاشتغال إِلَى " أن " برع فِي عدة علوم كالفقه الجزء: 2 ¦ الصفحة: 103 والأصول والعربية والمعاني والبيان والمنطق والطب والهيئة والهندسة والميقات والحساب والفرائض والتفسير والحديث، وصنف وألف ونظم ونثر، وتصدر للتدريس من حال شبيبته إِلَى " الآن " وأشغل الطلبة، وانتفع " بِهِ " كثير من الناس، وهو شيخي وعليه قرأت، وحضرت دروسه، وبه انتفعت، وله النظم والنثر والمصنفات، ومن مصنفاته كتاب مزيل الخفا عن ألفاظ الشفا، وكتاب المنصف من الكلام عَلَى مغنى ابن هشام فِي العربية، وشرح النقاية مختصر الوقاية فِي الفقه فِي عدة مجلدات، وسماه كمال الدراية، وشرح نظم النخبة لوالده فِي علم الحديث. ومن شعره وهو شاب: رب يوم شكوت فِيهِ غرامي ... وحبيبي بما أقاسي خبير قلت دمعي من يوم بنت كثير ... واصطباري قَدْ صار قال يسير ومنه، وَقَدْ وقع رجيف فِي القاهرة بفساد يحصل من المماليك إذَا مات الملك الظاهر ططر: يقول خليلي العدا أضمرت ... إذَا مات ذا الملك سوء الورى فقلت سل الله إبقاءه ... ويكفينا الظاهر المضمرا الجزء: 2 ¦ الصفحة: 104 ولي منه إجازة بما يجوز له وعنه روايته، وقد عمل بعض تلامذة العلامة قاضي القضاة شهاب الدين بن حجر جزءاً حسناً، جمع فيه مشايخ شيخنا تقي الدين المذكور الذين سمع منهم والذين أجازوا له، وأوقف عليه قاضي القضاة شهاب الدين بن حجر فكتب عليه كتابة حسنة. أبو العباس صاحب أفريقية وتونس 725 - 796 هـ - 1325 - 1394م أحمد بن محمد بن أبي بكر بن يحيى بن عبد الواحد بن عمر بن يحيى بن عمر بن ونودين، السلطان أبو العباس بن الأمير أبي عبد الله بن السلطان أبي بكر بن الأمير أبي زكريا بن السلطان أبي إسحاق بن السلطان السعيد بن أبي زكريا ابن الأمير أبي محمد عبد الواحد بن الأمير أبي حفص بن أبي زكريا بن الشيخ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 105 الأجل أبي حفص الهنتاني المصمودي الحفصي، صاحب مملكة أفريقية وملك تونس. ولد بقسطنطينية سنة خمس وعشرين وسبعمائة. قال الشيخ تقي الدين المقريزي رحمه الله: وأمه أم ولد تدعى نشوان سوداء، نشأ في حجر أبيه حَتَّى مات سنة خمس وأربعين، فكفله أخوه الأمير أبو زيد عبد الرحمن متولي قسنطينة من قبل جده السلطان أبي بكر ونقله إِلَيْهِ، فما زال بقسنطينة حَتَّى قدمها السلطان أبو عنان فارس بن السلطان أبي الحسن المريني من فاس يريد تملك أفريفية من الحفصيين، ونزل قسنطينة في سنة خمس وخمسين، ففر منه واليها أبو زيد، ولحق بتونس دار ملكهم، فقبض أبو عنان عَلَى أبي العباس وعلى أخيه زكريا، وحملهما إلى فاس وسجنهما بمدينة سبتة مدة سبع سنين، فلما مات أبو عنان وقام من بعده بملك مرين في فاس أخوه أبو سالم الجزء: 2 ¦ الصفحة: 106 أفرج عن أبي العباس وعن أخيه زكريا وأقدمهما عليه بفاس، فبادرا إلى طلب الإذن بتوجههما إلى بلادهما، فأذن لهما، فسارا مجدين وسلكا عَلَى البرية، ونكبا عن طريق الجادة خوف الطلب، فبدا لأبي سالم في عودهما، وبعث في طلبهما ففاتاه، وقدما قسنطينة وعليها يومئذ أخوهما الأمير أبو زيد عبد الرحمن فملكها منه أبو العباس، واختفى أبو زيد يوماً وليلة، ثم ظهر ليلاً وطرق أبا العباس وقبض عليه، وسيره وأولاده عَلَى الجب، ثم رفعه من ساعته، وعرفه قدرته عليه، ثم سلمه البلد وخرج عنها سحر ليلته إلى تونس، فملك أبو العباس قسنطينة في سنة اثنتين وستين، وأضاف أليها بعد ذَلِكَ بجاية، ثم قتل ابن عمه أبا عبد الله محمد بن أبي زكريا يحيى بن أبي بكر، وتنكر عَلَى عمه السلطان أبي إسحاق إبراهيم بن أبي بكر وخرج عليه، وجمع لحربه، وسار إلى تونس فلم يظفر بطائل، وعاد إلى قسنطينة حَتَّى مات عمه، وقام من بعده ابنه السلطان أبو البقاء خالد بن أبي إسحاق إبراهيم بن أبي بكر، فحشد أبو العباس لمحاربته، ونزل عَلَى تونس في يوم الجمعة سابع عشر شهر ربيع الآخر سنة اثنتين وسبعين وسبعمائة، وحصرها، فمال إِلَيْهِ العامة وأمكنوه من المدينة حَتَّى دخلها من يومه، فنهبتها الجزء: 2 ¦ الصفحة: 107 عساكره ثلاثة أيام، واستقل بالملك من غير منازع مدة أربع وعشرين سنة وثلاثة أشهر ونصف، حَتَّى مات وله من العمر سبعون سنة، في ليلة الخميس الرابع من شعبان سنة ست وتسعين وسبعمائة. وكان ملكاً حازماً، عارفاً بأمور المملكة، وله عناية بذوي الأحساب وأرباب البيوتات، وكان صاحب شاة وفخامة، وضبط وإمساك عن العطاء إِلاَّ فيما لا به منه، مع العبادة والنسك، وكان يحافظ عَلَى المفروضات، ويصوم شهر رجب وشعبان، ويقوم من آخر الليل، رحمه الله تعالى، انتهى باختصار. شهاب الدين المكي الطبري الشافعي 703 - 760 هـ - 1303 - 1359م أحمد بن محمد بن محمد بن أحمد بن عبد الله بن محمد بن أبي بكر بن محمد بن إبراهيم، قاضي القضاة شهاب الدين أبو الفضل بن نجم الدين بن جمال الدين بن محب الدين الطبري المكي الشافعي، قاضي مكة، وابن قاضيها وابن ابن قاضيها. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 108 ولد سنة ثمان عشرة وقيل سنة ثلاث عشرة وسبعمائة بمكة ونشأ بها، وسمع عَلَى جده لأمه الرضي إمام المقام، وعلى أخيه صفي الدين أحمد الطبري عدة كتب، وسمع عَلَى الفخر التوزري، وحدث، وتفقه عَلَى جماعة من أهل مكة، وبرع في الفقه والأصول العربية وغيرهم، وأفتى ودرس، وولي قضاء مكة بعد أبيه بولاية من الشريف عطيفة بن أبي تُمي أمير مكة، في سابع جمادى الآخرة سنة ثلاثين وسبعمائة " ثم فوص إليك الملك المجاهد سيف الإسلام عَلَى صاحب اليمن " ثم فوض إِلَيْهِ السلطان الملك الناصر محمد بن قلاوون صاحب مصر القضاء سنة اثنتين وثلاثين، وأضيفت إِلَيْهِ بعد ذَلِكَ خطابة الحرم في أول شهر رمضان سنة ست وخمسين، بعد وفاة تاج الدين، فعارضه ضياء الدين محمد بن عبد الله الحموي بتوقيع قدم عليه فمنعه من الخطابة، فوشى به أعداؤه إلى الجزء: 2 ¦ الصفحة: 109 السلطان الملك الناصر حسن بن محمد بن قلاوون، وأغروه به حَتَّى تنكر عليه، وهم به، فمات في سابع عشرين شعبان سنة ستين وسبعمائة بمكة، وله في القضاء ثلاثين سنة وستة أشهر تنقص أياماً: فقال الناصر حسن عندما بلغه موته: الحمد لله سلم منا وسلمنا منه، وولي بعده القضاء تقي الدين محمد بن أحمد الحرازي رحمه الله تعالى. ابن وفا 756 - 814 هـ - 1355 - 1412م أحمد بن محمد بن محمد بن محمد، الشيخ الزاهد الصالح المعروف بابن وفا الشاذلي المالكي. ولد بظاهر مدينة مصر في سنة ست وخمسين وسبعمائة، ونشأ عَلَى قدم جيد ولزم الخلوة، وقام أخوه سيدي عَلَى بعمل الميعاد وتربية الفقراء، كل ذَلِكَ وسيدي أحمد هذا ملازم للخلوة، قليل الاجتماع بالناس، إلى أن توفي يوم الجزء: 2 ¦ الصفحة: 110 الأربعاء ثاني عشرين شوال سنة أربع عشرة وثمانمائة، ودفن بالقرافة عند أبيه وأخيه، يأتي ذكرهما في محلهما من هذا الكتاب، وترك أولاداً عدة كبيرهم سيدي أبو الفضل عبد الرحمن، وغرق في النيل سنة ثلاث عشرة وثمانمائة، وله شعر جيد إلى الغاية، وسيدي أبو الفتح محمد وهو عالمهم ورئيسهم، رحمه الله؛ وسيدي أبو المكارم إبراهيم، ومات عن خمس وثلاثين سنة في سنة ثلاث وثلاثين، وسيدي أبو الجود حسن ومات عن تسع عشرة سنة " في سنة ثمان وثمانمائة، وسيدي أبو السيادات يحيى وهو باق إلى الآن ومولده " سنة ثمان وتسعين وسبعمائة. تاج الدين الحنفي، قاضي بغداد من ذرية أبي حنيفة رضي الله عنه 751 - 834 هـ - 1350 - 1431م أحمد بن محمد بن أحمد بن عمر بن محمد بن ثابت بن عثمان بن محمد بن عبد الرحمن بن ميمون بن محمود بن حسان بن سمعان بن يوسف بن إسماعيل بن الجزء: 2 ¦ الصفحة: 111 حماد بن أبي حنيفة النعمان بن ثابت الكوفي رضي الله عنه، القاضي تاج الدين الفرغاني النعماني الحنفي البغدادي الأصل، الكوفي المولد والدار، والدمشقي الوفاة، قاضي قضاة بغداد. ولد بالكوفة في يوم الاثنين حادي عشر جمادى الآخرة سنة إحدى وخمسين وسبعمائة، وبرع في فنون من العلم، وأفتى ودرس، ثم ولي قضاء بغداد، وحمدت سيرته، إلى أن زاد فساد قرأ يوسف وأولاده، وأخذ القاضي تاج الدين هذا في النهي عن المنكر وإظهار حرمة الشرع، فعظم ذَلِكَ عَلَى قرا يوسف فأمر بالقبض عليه، وامتحن وجدع أنفه، ثم أخرجه من بغداد وهو فار بنفسه، وقدم إلى القاهرة، فأكرمه الملك المؤيد شيخ المحمودي، وأجرى عليه ما يقوم بأوده، وأمره بالتوجه إلى دمشق، فتوجه إليها واستوطنها إلى أن توفي سنة أربع وثلاثين وثمانمائة. وكان فقيهاً بارعاً فاضلاً، كتب رسالة تحتوي عَلَى أربعة عشر علماً، واختصر شرح البخاري للكرماني، ونظم في علوم الحديث أرجوزة وشرحها، وكان له مرويات كثيرة، رحمه الله تعالى، " عاش خمسة وثمانين سنة، فرحم الله سلفه ". الجزء: 2 ¦ الصفحة: 112 الشيخ شهاب الدين الأشموني النحوي 749 - 809 هـ - 1348 - 1407م أحمد بن محمد بن منصور بن عبد الله، الشيخ شهاب الدين الأشموني الحنفي النحوي. كان فقيهاً فاضلاً، بارعاً في النحو، له فيه تصانيف جيدة ومشاركة في عدة علوم. قال المقريزي: وكان قد مال إلى مذهب أهل الظاهر ثم انحرف عنهم وأكثر من الوقيعة فيهم، صحبته سنين، انتهى كلام المقريزي. قلت: ختم له بخير لأنه اقتدى برجل هو أعرف بكتاب الله وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم من هؤلاء الأوباش الظاهرية الذين ينظرون الحديث فلا يفهمون معناه. انتهى. وكانت له يد طولى في النظم والنثر ومعرفة تامة بالأدبيات، ونظم قصيدة عَلَى روي اللام في النحو سماها التحفة الأدبية في علم العربية، توفي سنة تسع وثمانمائة في ثامن " عشرين " شوال، عن ستين سنة، رحمه الله تعالى. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 113 الشيخ شهاب الدين بن حمائل 651 - 737 هـ - 1253 - 1337م أحمد بن محمد بن سليمان بن حمائل بن علي بن معلِّي بن طريف، الشيخ شهاب الدين، سبط القدوة غانم. قال القاضي صلاح الدين بن أيبك: إمام كاتب مترسل نديم أخباري، يتفيهق في كلامه وإنشائه، ويطول نفسه في إنشائه، ويستحضر في اللغة كثيراً، ومن شعر المعري كثيراً، خصوصاً لزوم ما لا يلزم وزهدياته، وباشر الإنشاء بصفد وغزة وقلعة الروم فيما أظن، وفي كل مكان له وقائع مع نواب لك البلد، ويخرج هارباً، وكتب قدام الصاحب شمس الدين غبريال، فاتفق أن هرب مملوك الأمير شهاب الدين قرطاي فظفر به الصاحب، وأمره أن يكتب عَلَى يديه إلى مخدومه يقول فيه إنما هرب خوفاً منك، فكتب الكتاب وجاء في هذا المعنى المقصود فقال: وإذا خشن المقر حسن المفر، فلما وقف الصاحب عَلَى ذَلِكَ أنكر هذا، وقال: ما هذه مليحة، فطار عقل شهاب الدين المذكور لأنه ظن أن ذَلِكَ يصادف موقعاً يهش له ويزهوه، فضرب الدواة في الأرض وقال ما أنا ملزوم الجزء: 2 ¦ الصفحة: 114 بالغلف القلف، وخرج متوجهاً إلى اليمن، وكتب لصاحبها ثم خرج منها هارباً. وشهاب الدين رحمه الله إنما أخذ هذا من قول الشاعر: تجنبت الأباعد والأداني ... لكثرة ما يعاودني أذاهم إذا خشن المقر لدى أناس ... فقد حسن المفر إلى سواهم وكان خشن الملبس، شظف العيش، مطرح الكلفة يلبس البابوج الذي تلبسه الصوفية، ويلف الطول المقفص الإسكندراني، والقماش القصير، وكان حلو المعاشرة، ألف به القاضي فخر الدين ناظر الجيش واستكتبه في باب السلطان، ولما توفي فخر الدين رجع إلى الشام كاتب إنشاء، واختلط قبل موته بسنتين. وكان مولده قبل مولد أخيه علاي الدين بشهور سنة إحدى وخمسين وستمائة تقريباً بمكة، ووفاته بعد أخيه بشهور سنة سبع وثلاثين وسبعمائة، وكان يقول: دائماً زاحمني أخي علي في كل شيء حَتَّى في لبن أمي. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 115 ومات وله ست وثمانون سنة تقريباً، سمع من ابن عبد الدايم، وقرأ عَلَى ابن مالك وعرض عليه العمدة، وبعده عَلَى ولده بدر الدين، وعلى مجد الدين بن ظهير الأربلي، وخرج له البرزالي مشيخة منهم: ابن أبي اليسر، وأيوب الحمامي، والزين خالد، وعبد الله بن يحيى بن البانياسي، محمد بن النشبي، ويحيى بن الناصح. وكان إذا أنشأ أطال فكره، ونتف شعر ذقنه ووضعه في فمه وقرضه ثناياه، أنشدني من لفظه لنفسه: الجزء: 2 ¦ الصفحة: 116 والله ما أدعو عَلَى هاجري ... إِلاَّ بأن يُمْحَن بالعشق حَتَّى يرى مقدار ما قد جرى ... منه وما قد تمّ في حقي وأنشدني أيضاً: بأبي صائغ مليح التثني ... بقوام يزري بغصْن البان امسك الكلبتين يا صاح فاعجبْ ... لغزال بكفِّه كلبتان وأنشدني الإمام العلامة أثير الدين أبو حيان من لفظه، قال أنشدني المذكور لنفسه: طرْفك هذا به فتور ... أضحى لقلبي بِهِ فُتُون قد كنت لولاه في أمان ... لله ما تفعل العيون وكان ليلة في استماع، فرقصوا ثم جلسوا، فقام من بينهم شخص وطال الحال في استماعه، وزاد الأمر، فظل شهاب الدين ساكناً مطرقاً، فقال له شخص: إيش بك مطرق كأنما يوحى إِلَيْكَ؟! فقال نعم " قل أوحى إلى أنه استمع نفر من الجن ". وكان يوماً عند صاحب حماه الملك المنصور، وقد حضر السماط، وكان أكثره مرقاً، فلما وضع، قال شهاب الدين لما قيل الصلاة: نعم، بسم الله الجزء: 2 ¦ الصفحة: 117 الرحمن الرحيم، نويت رفع الحدث، واستباحة الصلاة، الله أكبر، " وكان المظفر ولد المنصور " يكره شهاب الدين، فاغتنم الوقيعة فيه عند والده، وقال: اسمع ما يقول ابن غانم، يهجن طعامنا ويشبهه بالماء الذي يرفع به الحدث، فعاتبه المنصور عَلَى ذَلِكَ، فقال ما قصدت ذَلِكَ، ولكن البسملة في بدء كل أمر، والحدث الذي نويت رفعه هو حدث الجوع، واستباحة الصلاة إِلاَّ كل، فقال ما معنى الله أكبر، فقال عَلَى كل ثقيل، فاستحسن المنصور ذَلِكَ وخلع عليه، انتهى كلام الصفدي. أبو العباس بن حازم الأذرعي 686 - 741 هـ - 1287 - 1341م أحمد بن محمد بن إبراهيم بن إبراهيم بن داود بن حازم الأذرعي الحنفي، أبو العباس بن قاضي القضاة أبي عبد الله محمد. مولده في سنة ست وثمانين وستمائة، وتفقه بوالده وجده وغيرهما، وبرع في الفقه والأصول والعربية وغير ذَلِكَ، وتصدر للإفتاء والتدريس " سنين "، الجزء: 2 ¦ الصفحة: 118 ودرس بالجامع الحاكمي، وناب في الحكم، وحصل كتباً نفيسة، توفي خامس عشرين شهر رمضان سنة إحدى وأربعين وسبعمائة بالقاهرة، ودفن بالقرافة، رحمه الله تعالى. ابن الحلبي نقيب الأشراف 636 - 695 هـ - 1239 - 1296م أحمد بن محمد بن عبد الرحمن بن علي بن محمد الشريف، الحافظ المسند عز الدين أبو القاسم بن الإمام أبي عبد الله العلوي الحسيني المصري " المعروف بابن الحلبي نقيب الأشراف بالديار المصرية ". ولد سنة ست وثلاثين وستمائة، وسمع من فخر القضاة بن الجياب، وسمع من الزكي المنذري فأكثر، ومن الرشيد العطار، وعبد الغني بن بنين، الجزء: 2 ¦ الصفحة: 119 والكمال الضرير وطبقتهم، وأجاز له ابن رواح، والسبط، والصالح المدلجي وخلق كثير، وطلب الحديث عَلَى الوجه، وكان ذا فهم وحفظ وإتقان، خرج " التخاريج " المفيدة، وله وفيات ذيل بها عَلَى شيخه المنذري إلى سنة أربع وسبعين، ولعله ذيلها إلى أن مات في سنة خمس وتسعين وستمائة، رحمه الله تعالى. ابن عطاء الله الإسكندري ...... - 709هـ - ...... - 1309م أحمد بن محمد بن عبد الكريم، الشيخ الزاهد المعتقد العارف بالله تاج الدين أبو الفضل الإسكندري الصوفي المشهور. كان صاحب كرامات وأحوال، وكان يتكلم عَلَى كرسي في الجوامع بكلام حسن، ويعظ الناس، ولوعظه تأثير في القلوب، وكان له ذوق ومعرفة بكلام الجزء: 2 ¦ الصفحة: 120 الصوفية وآثار السلف، وله عبارة عذبة لها وقع في النفوس، ومشاركة في الفضائل والعلوم، وكان تلميذاً لأبي العباس المرسي صاحب الشاذلي. وكان الشيخ تاج الدين هذا من كبار القائمين عَلَى الشيخ تقي الدين بن تيمية، وكانت عليه جلالة ومهابة، وله أدب وفضل، ومن شعره: مرداي منك نسيان المراد ... إذا رمت السبيل إلى الرشاد وأَنْ تدع الوجود فلا تراه ... وتصبح ماسكاً حبل اعتماد إلى كَمْ غفْلة عنِّي وإنِّي ... عَلَى حفظ الرّعاية والوداد وهي أطول من هذا، كلها عَلَى هذا النمط، توفي الشيخ تاج الدين المذكور بالقاهرة بالمنصورية سنة تسع وسبعمائة، نفعنا الله ببركته، وعفا عنه. أحمد الحلبي الحنفي 626 - 696 هـ - 1229 - 1297م أحمد بن محمد بن عبد الله، الحافظ الزاهد جمال الدين أبو العباس بن الشيخ القدوة محمد الظاهري الحلبي الحنفي، مولى الظاهر صاحب حلب. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 121 ولد سنة ست وعشرين وستمائة، وسمع سنة إحدى وثلاثين من الفخر الإربلي والموفق ابن اللتي، وابن رواحة، وابن خليل، وخلق " بحلب " وكريمة، والضياء، وابن مسلمة، وخلق بدمشق، وحماه، وبماردين، ومكة، وخلق كثير بمصر، وسمع بحمص وبعلبك، والقدس وغير ذَلِكَ، واعتنى بهذا الشأن أتم عناية، وحصل وكتب ما لا يوصف كثرة، وكانت له إجازة عالية من أبي الحسين القطيعي، وزكريا العلبي، وابن روزبه، وأبي حفص السهروردي، والحسين بن الزبيدي، وإسماعيل بن فاتكين، والأنجب الحمامي وطبقتهم، وخرج لنفسه أربعين حديثاً في أربعين بلداً، " وانتفع " عَلَى شيوخ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 122 مصر والشام، وخرج لأصحاب ابن كليب، ثم لأصحاب ابن طبرزد والكندي، ثم لأصحاب ابن اللتي، وابن الزبيدي، حَتَّى أنه خرج لتلميذه ومريده الشيخ شعبان، وكان عجباً في جودة التخريج وحسن الانتخاب، لا يضاهيه أحد في ذَلِكَ، وقرأ القراءات بحلب عَلَى الشيخ أبي عبد الله الفاسي، وتفقه وعد من فقهاء الحنفية، وسمع من نحو سبعمائة شيخ، وتوفي بزاوية الجمالية التي في المقس خارج القاهرة. قال الحافظ الذهبي: وبه افتتحت السماع بالديار المصرية وبه اختتمت، وعنده نزلت وعلى آجايزه اتكلت. وسمع منه علم الدين البرزالي أكثر من مائتي جزء، توفي سنة ستة وتسعين وستمائة. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 123 قاضي مكة محب الدين بن ظهيرة 789 - 827هـ - 1387 - 1424م أحمد بن محمد بن عبد الله بن ظهيرة، قاضي مكة ومفتيها محب الدين أبو العباس ابن قاضي مكة وخطيبها ومفتيها، جمال الدين أبو حامد بن عفيف الدين القرشي المخزومي المكي الشافعي. ولد في ما بين الظهر والعصر من يوم الخميس رابع جمادى الأولى سنة تسع وثمانين وسبعمائة، وحفظ القرآن الكريم، وكتب في فنون العلم، وصلى التراويح في سنة تسع وتسعين وسبعمائة، وعرض المنهاج للنووي عَلَى جماعة منهم الشيخ برهان إبراهيم الأبناسي، وحضر عنده دروساً في الفقه، وسمع عليه بقراءة الشيخ تقي الدين الفاسي المالكي الموطأ رواية يحيى بن يحيى، وسمع عَلَى الشيخ إبراهيم بن محمد بن صديق في سنة خمس وثمانمائة مسموعاته من الأجزاء بقراءة التقي المذكور وسمع عليه قبل ذَلِكَ صحيح البخاري وقرأ له والده عليه مسند الدارمي بقية العباس، وسمع عَلَى القاضي زين الدين أبي بكر بن الحسين المراغي الجزء: 2 ¦ الصفحة: 124 بالمسجد الحرام صحيح مسلم وسنن الدارقطني، وقرأ عليه كتاب العمدة في شرح الزبدة لقاضي حماه شرف الدين البارزي، وأذن له في الإفناء والتدريس جماعة من الحفاظ والعلماء منهم قاضي القضاة جلال الدين البلقيني، وقاضي القضاة ولي الدين أحمد بن عبد الرحيم العراقي، وخطيب دمشق ومفتيها شهاب الدين أحمد ابن حجي، والشيخ شهاب الدين أحمد بن عبد الله الغزي العامري. وحضر دروس الشيخ حسام الدين الأبيوردي بمكة في الأصول والمعاني والبيان والمنطق، وتفقه عَلَى جماعة كثيرة من العلماء، وأفتى ودرس في المسجد الحرام فِي سنة تسع وثمانمائة وفيها استنابه والده في الحكم والخطابة، ولزم دروس أبيه إلى أن مات، وولي قضاء مكة بعد موته بمدة، ثم صرف، ثم ولي إلى أن مات بعد مرض طويل في يوم الاثنين تاسع عشر شهر ربيع الآخرة سنة سبع وعشرين وثمانمائة بمكة، الجزء: 2 ¦ الصفحة: 125 وصلى عليه من بعد العصر، ودفن بالمعلاه، وتولى القضاء بمكة من بعده قاضي القضاة جلال الدين أبو السعادات محمد بن ظهيرة. شمس الدين العقبلي الأنصاري ...... - 657هـ - ...... - 1259م أحمد بن محمد بن أحمد، العلامة شمس الدين العقبلي الأنصاري البخاري الحنفي. روى عن جده لأمة العلامة الإمام شرف الدين عمر بن محمد بن عمر العقيلي، وبه تفقه وبغيره من الأئمة الحنفية إلى أن برع في الفقه والأصلين والعربية وغير ذَلِكَ، قال الحافظ عبد القادر في طبقات الحنفية كان شيخاً ثبتاً إماماً، انتهى. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 126 قلت ومن تأليفه شرح الجامع الصغير للإمام محمد بن الحسن، ونظم الجامع الصغير نظماً حسناً، وكان له إلمام بالأدب، ونظم القريض، توفي ببخارى في الخامس من شهر رمضان سنة سبع وخمسين وستمائة، رحمه الله تعالى. أحمد بن أبي بكر الصديق رضي الله عنه 620 - 712 هـ - 1223 - 1312م أحمد بن محمد بن محمد بن محمد بن حسين بن أحمد بن قاسم بن حبيب بن عبد الله بن عبد الرحمن بن أبي بكر الصديق رضي الله عنهما، الشيخ الإمام العلامة مولانا بهاء الدين، ويعرف أيضاً بسلطان ابن مولانا جلال الدين الرومي الحنفي. كان من أئمة السادة الحنفية، فقيهاً أصولياً، نحوياً بارعاً، ديناً زاهداً، له كرامات وأحوال مشهورة عنه بتلك البلاد، وتصدر للإقراء والتدريس بعد الجزء: 2 ¦ الصفحة: 127 موت والده بقونيا عدة سنين، وانتفع به الطلبة، وقصد بالفتيا من البلاد، وكان ذا حرمة وافرة عند ملوك الروم وأصحاب دولهم مع عدم الالتفات إلى ما في أيديهم واقتفاء أثر والده في التجرد والانضمام عن الناس، إلى أن مات في سنة اثنتي عشرة وسبعمائة وهو ابن اثنتين وتسعين سنة، ودفن بقونيا بتربة والده، وصلى عليه الشيخ مجد الدين الأقصراني بوصية منه، رحمه الله تعالى. القاضي شهاب الدين بن مكنون الدمياطي ...... - 829هـ - ...... - 1426م أحمد بن محمد بن مكنون، القاضي شهاب الدين الدمياطي الشافعي، قاضي دمياط. كان فقيهاً فاضلاً، وله مشاركة في غير الفقه، " وكان له فضل " وأفضال، توفي بدمياط في ليلة الأحد ثاني عشرين شهر رمضان سنة تسع وعشرين وثمانمائة عن نحو ستين سنة، رحمه الله تعالى. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 128 أبو الطيب الفقيه الحلبي 588 - 658 هـ - 1192 - 1260م أحمد بن محمد بن يوسف بن الخضر بن عبد الله بن عبد الرحيم، الشيخ أبو الطيب الفقيه الحلبي الحنفي. مولده بحلب سنة ثمان وثمانين وخمسمائة، كان إماماً فقيهاً بارعاً أصولياً، درس مدة سنين بحلب، وسمع من أبي حفص عمر بن طبرزد، وحدث. كتب عنه الحافظ شرف الدين الدمياطي وغيره، توفي سنة ثمان وخمسين وستمائة، رحمه الله تعالى. بدر الدين بن حنا ...... - 788هـ - ...... - 1386م أحمد بن محمد بن محمد بن سليم بن حنا، الشيخ الفقيه الفاضل بدر الدين أبو العباس بن شرف الدين " بن الصاحب فخر الدين بن " الصاحب الكبير بهاء الدين بن حنا المصري الشافعي. كان فقيهاً أديباً، عالماً مفتياً، معدوداً من أعيان الفقهاء بالديار المصرية، أفتى ودرس واشتغل، وغلب عليه نظم الشعر، وله مصنفات وأشعار وموشحات، وكان له اليد الطولى في لعب الشطرنج. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 129 ومن شعره: يهنيك يا عود الأراك بثغره ... إذْ أنت للأوطان غير مفارق إن كنت فارقت العذيب وبارقاً ... ها أنت ما بين العُذَيْب وبارق توفي يوم الجمعة تاسع عشرين جمادى الآخرة سنة ثمان وثمانين وسبعمائة. ابن المهماندار ...... - 793هـ - ...... - 1391م أحمد بن محمد، الأمير شهاب الدين بن المهماندار الحلبي، أحد أمراء حلب ثم نائب حماه. كان من بيت رئاسة وإمرة، وتولى عدة وظائف جليلة إلى أن تولى نيابة حماه - بعد حبس الملك الظاهر برقوق بالكرك - من قبل الأتابك يلبغا الناصري لما صار مدبر الممالك بالديار المصرية، فلما خرج الملك الظاهر برقوق من حبس الكرك وتسلطن ثانياً قبض عَلَى المذكور مع من قبض عليه من أصحاب الناصري، وأمسك معه أخاه محمد بعد أن وقع لهما أمور ووقائع في يوم الخميس سابع عشرين ذي القعدة سنة ثلاث وتسعين وسبعمائة، وقتلا معاً يوم قتل الأتابكي الجزء: 2 ¦ الصفحة: 130 يلبغا الناصري المذكور، وقتل معهم الأمير كشلى الفلمطاوي في ليلة الأحد ثالث ذي الحجة من السنة المذكورة، رحمهم الله تعالى. ابن عربشاه 791 - 854 هـ - 1388 - 1450م أحمد بن محمد بن عبد الله بن إبراهيم، الشيخ الإمام، العالم العلامة، البارع المفنن الأديب، الفقيه، اللغوي، النحوي، المؤرخ شهاب الدين أبو العباس الدمشقي الحنفي المعروف بابن عربشاه. كان إمام عصره في المنظوم والمنثور، تردد إلى القاهرة غير مرة، وصحبني في بعض قدومه إلى القاهرة، وانتسج بيننا صحبة أكيدة ومودة، وأسمعني كثيراً من مصنفاته نظماً ونثراً، بل غالب ما نظمه وألفه، وكانت له قدرة عَلَى نظم العلوم وسبكها في قالب المديح والغزل، وسيظهر لك ذَلِكَ فيما كتبه إليَّ لما استجزته إذ كتبه لي بخطه، وأسمعني ذَلِكَ أيضاً من لفظه غير مرة، وهو هذا: الجزء: 2 ¦ الصفحة: 131 " بسم الله الرحمن الرحيم " الحمد لله الذي زين مصر الفضائل بجمال يوسفها العزيز، وجعل حقيقة ذراه مجاز أهل الفضل، فحلّ به كل مجاز ومُجيز، أحمده حمد من طلب إجازة كرمه فأجاز، وأشكره شكراً أوضح لمزيد نعمه علينا سبيل المجاز، وأشهد أن لا إله إِلاَّ الله وحده لا شريك له، إله يجيب سائله. ويثيب آمله. ويطيب لراجيه نائله، وأشهد أن سيدنا محمداً عبده ورسوله. سيد من روى عن ربه، وروى عنه. والمقتدى لكل من أخذ عن العلماء وأخذ عنه. صلى الله عليه، ما رويت الأخبار ورويت الآثار، وخلدت اذكار الأبرار في صحائف الليل والنهار، وعلى آله وأصحابه وتابعيه وأحزابه، وسلم، وكرم، وشرف، وعظم. أما بعد فقد أجزت الجناب الكريم العالي، ذا القدر المنيف الغالي، والصدر الذي هو بالفضائل حالي، وعن الرذائل خالي، المولوي الأميري الكبيري العالمي الأصيلي العريقي الكاملي الفاضلي المخدومي الجمالي الجزء: 2 ¦ الصفحة: 132 أبا المحاسن، الذي وِرْد فواضله وفضائله وغير آسن، يوسف بن المرحوم المقر الأشرف الكريم العالي المولوي الأميري الكبيري الأتابكي المالكي المخدومي السيفي تغرى بردى الملكي الظاهري، أدام الله جماله. وبلغه من المرام كماله. وهو ممن تغذى بلبان الفضائل، وتربى في حجر قوابل الفواضل، وجعل اقنتاء العلوم دأبه، ووجه إلى مدين الأداب ركابه، وفتح إلى دار الكمالات بابه، وصير أحرازها في خزائن صدره اكتسابه، فجاز بحمد الله تعالى حسن الصورة والسيرة، وقرن بضياء الأسرْة صفاء السريرة، وحوى السماحة والماسة، والفروسية والفراسة، ولطف العبارة والبراعة، " والعرابة واليراعة "، والشهامة والشجاعة، فهو أمير الفقهاء، وفقيه الأمراء، وظريف الأدباء، وأديب الظرفاء فمهما تصفه صف وأكثر فإنه لأعظم مما قلت فيه وأكثر، فأجزت له معولاً عليه، أحسن الله إِلَيْهِ أن يروي عني هذه الجزء: 2 ¦ الصفحة: 133 المنظومة، المزبورة المرقومة، التي سميتها جلوة الأمداح الجمالية في حلّتي العروض والعربية، عظم الله تعالى شأن من أنشئت فيه، وحرسه بعين عنايته وذويه، وسائر ما يجوز لي وعني روايته، وينسب إليَّ علمه ودرايته، من منظوم ومنثور، ومسموع ومسطور، بشروطه المعتبرة. وقواعده المحررة، عموماً، وما أذكر لي من مصنفات خصوصاً، فمن ذَلِكَ مرآة الأدب في علمي المعاني والبيان، منها بعد ذكر الخطبة، في تقسيم العربية وذكر فائدته وأقسامه: بدا بتاح جمالٍ في حُلى أدب ... تسربل الفضل بين العُجْب والعجب بدر تأدب حَتَّى كُلّه أدب ... يقول مَنْ يهْوَ وصْلي يكتسب أدبي يَصُنْ كلامي وخطِّي في معاهدتي ... عن الخَطا أنني بدر من العرب هذا وقدرُ علومي كالبروج عُلاَ ... فمن ينلْها يصْر في الفضلِ كالشَّهب أصولها مثل أبواب الجنان زَهَتْ ... ينال من نالها ما رام من الرَّتب خُذْ بِكْر نغم تجلَّت وجْهها غَزَل ... وروحها العلمُ والجثْمان من أدب فريد لفظي إذا ما رمت جوهرَهُ ... ترى الصحاح كثغر زين بالشَّنب الجزء: 2 ¦ الصفحة: 134 وإنْ تصرَّف من عَقْد ومن عُقد ... إلى عقود فهذ الصَّرف كالذَّهب لفظي من الشّهد مشنقّ بخطّي ذا ... سيف فدونك علم الضَّرْب والضَّرَبِ أصل المعاني إذا ما رمت من كلمي ... فقل هي الدُّرّ واقصد نحونا تُصِب معناي زاد عَلَى حُسْنِي فصنّف في ... علم المعاني وفي حُسْني وفي حَسَبي طوراً أُبين كما طوراً أَبين لذا ... فنّ البيان غدا مرآة مُطَّلبي طبعي وشعري وأوزاني يُناط بها ... علم العروض مناط الودّ بالسَّيب حسني وظرفي وآدابي قد انتظمت ... نظم القوافي فخذ علمي وسل نسبي قد أخلف البان قدّي حين خَطَّ عَلَى ... خدّي لريحان خَطِّ ليس في الكُتب الجزء: 2 ¦ الصفحة: 135 هذا عَلَى أصل حُسْني يستزاد فلا ... تَعِبْ ودونك علمَ الخَطَّ لا تخب في وصفي النَّظم والنّثر البديعُ فخذْ ... علم القريض مع الإنشاء والخُطَب وأن تُحَاصر فحاضِرْ في مُغازلتي ... واحفظْ تواريخَ ما أُمْليه من نُجَبي واقصد بديع معانيّ التي بهرت ... عند البيان عقول العُجْمِ والعَرَب إني أَنَا البدر سارٍ في منازله ... مكمّل الحسن بين الرأس والذَّنب ومن ذَلِكَ العقد الفريد في علم التوحيد وأوله بعد ذكر الخطبة: سَبَى القلب ظبْي من بنى العلم أَغْيد ... له مقلة كحلاً وخدّ مُورّّد أوَحِّد من أنشأه للخلق فتنة ... فيسأل ما التّوحيد وهو يُعَرْبد فقلت له الإيمان بالله مَنْ يرى ... لحاظَك بادي الخلق والكون يَشْهد فبالكُتْب والأفلاك والرُّسْلِ صِلْ فتى ... براه هواك القاتل المتعمَّد وإن تُفْنِني هَجْراً أَقُمْ يوم بِعْثتِي ... وقد نُشِر الأمواتَ والحوْضُ يُوَرد الجزء: 2 ¦ الصفحة: 136 وقد كُوِّرت شمسٌ وشُقِّقت السَّما ... وكل الورى نحو القصاص تحشَّدوا وقد نُصب الميزان وامتدَّ جِسْرُهمْ ... وأقبلت في ثوب الجمال تردد أنادي وقد شبَّثْت كفِّي بذيله ... وتضريح أكفاني ولحظك يَشْهَد حبيبي بما استحللت قتل مُبَرَّأٍ ... وما ذنبه إِلاَّ ضنى فيك مُكْمد فقال أما هذا بتقدير من قضَى ... وحكم مضى ما فيه قطُّ تردُّد فقلت بلى والخير والشَّر قُدِّرا ... وكلُّ بتقدير المهيْمن مُرْصَد فقال فمن هذا الذي ذاك حُكْمه ... وتقديره صفْهُ لَكَيْما أوحِّدُ فقلت إله واحدٌ لا مشاركٌ ... له لم يلدْ كَلاًّ ولا هو يولد واستطردت من ذَلِكَ إلى تنزيه الذات وذكر الصفات إلى أن قلت: هو الله من أنشأك للخلق فتنة ... ليسفك من جفنيه سيف مهنَّدُ ومما حضرني من أواخر العقد في أشراط الساعة، وقد ذكرت برمتها: وَحبٍّ بدا بالغرْب ليلاً فأشرقتْ ... دياجيرُه والشَّرق أسود مظلم فأرجف قوم أنَّها الشمس قد بدت ... من الشرق حَتَّى تاب عنِّي لُوَّم فأحْيا فؤادي بِاللما فكأنّما ... تدلَّى من الأفْلاك عيسى المعظَّم وقد صحّت الأخبارُ في ذاك كلِّه ... فآمنت بالمجموع والله أعلم ومن ذَلِكَ ما قلته في أصول الفقه منه في حديث العُسَيْلة: ألا وارْوِ عَنْ ثغري حديث عُسَيْلة ... فشهوته زدات عَلَى غاية المنّ ومنه في من قعد في صلاة الصبح مقدار التشهد فطلعت الشمس قبل الخروج من الصلاة بفعله، وأن صلاته فسدت عند الإمام لأنها شابها ما أخرجها إلى صفة القبح. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 137 يُواصل في ليل من الشّعْر ساتر ... فيفضحني فجر من الفرْق يسْطعُ فيا لك وصلاً كالصلاة وحسنها ... تُشابُ بقبح عندما الشّمس تَطْلع ومنه في بحث النكرة المنفية والمثبتة وحكمها في الحالين: أعوذ بالله من أجفانك السَّحرة ... إذ صيرتني فرداً في الهوى نَكِره وما اكتفت أن جفت بل أخلقت ونفت ... فعمّني حكمها ضرورة ضرره خصّت وقد أثبتت قلبي بأسهمها ... لكنها أطلقت منها لها أسره وقيل عمت جميع المدْنفين فإنْ ... خصّت فذاك لأمر حكمها أمره ومن هذه القصيدة في بحث المشترك وحكمه: قوم تراءَوْك قالوا الجوْن فاختلفوا ... شمساً وليلاً وكل قال ما نظره هذا رأى شمس وجه تحت جنح دجى ... وذا رأي ليل شعر ساتراً قمره هذا تهيا له هذا وذاك لذا ... مثل الشَّريكَين في دار وفي شجره وأنهم وقفوا في حكمهم وقَفَوْل ... شرط التأمل حَتَّى تقْتَفُوا أثره ومن ذَلِكَ ما قلته في النحو مقدمة، استحضرت منها في وصف الأسماء: حبيبي أَسمى من ذرى الشمس في السّما ... أيا جارتي اسماً خذي وصفي الأسما وذلك نوعان عن الفصل معرب ... وآخر مبنى عَلَى شيمة شما وذاك عليه عامل ومحرّك ... له من سجاياه وذا واجب حَتْما فمن ذاك ما لم ينصرفْ عن جناية ... بجر فلا تنوين يا جارتي عُدماً وإن تبتغي جر المكارم فافتحى ... وعاك فلم يصرف نداه إلى أَعْمى الجزء: 2 ¦ الصفحة: 138 ومنها: حكى عُمَراً عدلاً وطلحة في السّخَا ... وزينب في المَمْشى وفي ظُرْفها سَلْمى ومن مصنفاتي المنثورة تاريخ تمرلنك عجائب المقدور فِي نوائب تيمور، ومنها فاكهة الخلفاء ومفاكهة الظرفاء، ومنها خطاب الإهاب الناقب وجواب الشهاب الثاقب، ومنها الترجمان بمنتهى الإرب فِي لغة الترك والعجم والعرب، ومن النظم القصيدة المسماة بالعقود أولها: لَكَ الله هل ذنْب فيعتذر الجاني ... بَلَى صدْق مَا أنهاه أني بكمْ فان ومن سوء حظ الصب أن يلعب الهوى ... بأحشائه والحب يومي بولعان ومن شيم الأحباب قتل محبهِم ... إذَا علموه فيهم صادقاً عان فمهما يَزِدْ ذُلاً يَعِزُّوا تَمَنُّعاً ... ومهما يَرُمْ وصلاً يُقَاطع بِهِجران وأَعذب لفظاً فِي مسامع مغرم ... من الحب مُتْ وجداً ولا تشْك هجراني يموت فيحييه تنسُّم قُرْبه ... فكَمْ فِيهِ أفناني وكم منه أحياني وَمَا أَنْس لا أَنْسَ الحبيب وعذّلي ... تُراقبُنَا قَدْ مرَّ بي هن غزلان فجَالس تسليماً بلفتة باسم ... وواعَدَ تقْبيلاً بغمْزَة نَعْسان الجزء: 2 ¦ الصفحة: 139 ومن ذَلِكَ غرة السير فِي دول الترك والتتر، وَكَانَ عند كتابة هَذِهِ الإجازة لَمْ يتم، واقتصر فِي التذكرة عَلَى هَذِهِ المصنفات العشرة للوجازة لا الإجازة. هذا وأما مولدي فداخل دمشق ليلة الجمعة الخامس والعشرين من ذي القعدة سنة إحدى وتسعين وسبعمائة واتفق أن توجهت فِي الفتنة الواقعة في سنة ثلاث وثمانمائة من تمرلنك المخذول مع الإخوة والوالدة إِلَى سمرقند، ثُمَّ إِلَى بلاد الخطا، لطلب العلم الشريف، وأقمت ببلاد مَا وراء النهر مشغولاً بذلك، فمن رأيته من المشايخ وأخذت عنه السيد الشريف محمد الجرجاني نزيل سمرقند بمدرسة إيدكو تمور، والعلامة الشيخ شمس الدين محمد الجزري نزيل سمرقند بباغ خدا، والخواجا عبد الأول وابن عمه الخواجا عصام الدين بن العلامة الخواجا عبد الملك وهما من أولاد صاحب الهداية الشيخ الجليل برهان الدين المرغينياني الحنفي رحمه الله، ومولانا أحمد الترمذي الواعظ، ومولانا أحمد القصير، ومولانا حسام الدين الواعظ إمام مسجد " السيد " الإمام، وشيخه الخواجا محمد البخاري الزاهد الَّذِي توفي بمدينة النبي صلى الله عليه وسلم فِي أواخر سنة اثنتين وعشرين الجزء: 2 ¦ الصفحة: 140 وثمانمائة، وَقَدْ فسر القرآن العظيم فِي مائة مجلد، وَكَانَ قَدْ التزم فِي بعض أوقاته أن لا يخرج فِي وعظه وتذكيره مدة مَا بقي من عمره عن تفسير قوله تعالى " الله نور السموات والأرض " واستمر عَلَى ذَلِكَ مدة، ثُمَّ التمس منه الانتقال إِلَى غيرها فانتقل. ورأيت فِي سنة تسع وثمانمائة الشيخ العريان الأدهمي بسمرقند المعمر إذ ذَاكَ ثلاثمائة وخمسين سنة، عَلَى مَا هو المشهور المتواتر بينهم، وبلغني أنه تزوج بعد ذَلِكَ بكراً، وتوفي سنة ثمان وثلاثيين وثمانمائة فِي بلاد تركستان. واستفدت اللسان الفارسي والخط الموغولي وأتقنتهما، واجتمعت فِي بلاد المغل بالشيخ برهان الدين الأَنْدُكاني والقاضي جلال الدين السَّيْرامي وأخذت عنهما، وقرأت النحو عَلَى مولانا حاجي تلميذ السيد الشريف. ثم توجهنا إِلَى خوارزم فأخذت عن مولانا نور الله، ومولانا أحمد الواعظ السرائي بن شمس الأئمة، وَكَانَ يقال لَهُ ملك الكلام فارسياً وتركياً وعربياً، ثُمَّ توجهنا إِلَى بلاد الدشت وسراي وحاجي بزخان وبها العلامة البحر الزاخر مولانا حافظ الدين محمد بن ناصر الدين محمد البزازي الكردرِي، فأقمت الجزء: 2 ¦ الصفحة: 141 عنده نحواً من أربع سنين، وأخذت عنه الفقه وأصوله، ثُمَّ توجهت إلي قيريم واجتمعت من علمائها بمولانا أحمد بيروق، ومولانا شرف الدين شارح المنار، وتوفي سنة سبع وأربعين وثمانمائة بأدرنة، وَكَانَ مولانا السلطان الملك الظاهر أبو سعيد محمد جقمق خلد الله تعالى أيامه طلبه من القيريم فتوجه إِلَى الشام فلم يمكنه الملد مراد بن عثمان وأمسكه عنده فِي أدرنة إِلَى أن توفي رحمه الله تعال. واجتمعت فِي قيريم أيضاً بمولانا محمود البلغاري، ومولانا محمد اللب أبي، وعبد المجيد الشاعر الأديب صاحب قصة يوسف المسماة بمؤنس العشاق بالتركي وهي من أطرف مَا صنف. ثم قطعت بحر الروم إِلَى مملكة ابن عثمان فأقمت بِهَا نحواً من عشر سنين، فترجمت للملك غياث الدين أبي الفتح محمد بن أبي يزيد بن مراد بن أدرخان بن عثمان رحمه الله تعالى كتاب جامع الحكايات ولا مع الروايات من الفارسي إِلَى التركي فِي نحو ست مجلدات، وتفسير الإمام أبي الليث السمرقندي، وتعبير الجزء: 2 ¦ الصفحة: 142 القادري بالتركي نظماً، ثُمَّ باشرت عنده الإنشاء، فكتبت عنه إِلَى ملوك الأطراف عربياً وفارسياً وتركياً، وقرأت المفتاح عَلَى مولانا برهان الدين حيدرة الخوافي. فلما انتقل إِلَى رحمة الله تعالى ابن عثمان سنة أربع وعشرين وثمانمائة توجهت إِلَى الوطن القديم فدخلت حلب المحروسة يوم الجمعة عيد الأضحى سنة أربع وعشرين وابن قصروه بِهَا عاص، فأقمت بِهَا نحواً من أربعة أشهر، ثُمَّ توجهت إِلَى الشام فدخلتها فِي شهر ربيع الآخرة سنة خمس وعشرين وثمانمائة، فلم أتوجه إِلَى أحد، وكففت قدم السعي فِي ذيل القناعة، إِلَى أن قدم العلامة العالم العامل الزاهد العابد مولانا علا الدين أبو عبد الله مولانا محمد بن محمد بن محمد البخاري سقاه الله من رحيق رضوانه وأسكنه فردوس جنانه فِي أواخر المحرم سنة اثنتين وثلاثين وثمانمائة مع الركب الشامي من الحجاز الشريف فانقطعت إِلَيْهِ، ولازمت خدمته إِلَى أن توفي إِلَى رحمة الله تعالى يوم الخميس ثامن شهر الجزء: 2 ¦ الصفحة: 143 رمضان سنة إحدى وأربعين وثمانمائة ودفن بسطح المزة، ونسأل الله تعالى حسن الخاتمة بمنه ويمنه، الحمد لله رب العالمين، وصلى الله عَلَى سيدنا محمد خير خلقه وآله وصحبه أجمعين، حسبنا الله ونعم الوكيل، ولا حول ولا قوة إِلاَّ بالله العلي العظيم، كتب فقير عفو الله أحمد بن محمد بن عبد الله بن إبراهيم بن عربشاه الحنفي سامحه الله تعالى فِي غرة شهر الله المبارك ذي الحجة الحرام عام ثلاث وخمسين وثمانمائة بالقاهرة المنصورة جعلها الله دار الإسلام إِلَى يوم القيامة بخانقاه سعيد السعداء، أقامه الله تعالى فِي زمرة الشهداء، والحمد لوليه، والصلاة عَلَى نبيه، وآله الطاهرين وأصحابه والتابعين والسلام. من نظمه أيضاً معمى: وجهك الزاهي كَبَدْرٍ ... فَوْقَ غُصْنٍ طَلَعا واسمك الزاكي كَمشْكا ... ة سَنَاها لَمَعا الجزء: 2 ¦ الصفحة: 144 فِي بُيُوتٍ أذن الل ... هـ لَهَا أن تُرْفَعَا عكسُها صَحِّفه تلق ... الحسن فِيهِ أجمعا قلت وناهيك بِهَا دلالة عَلَى علم كثير وفضل غزير، فلله دره، مَا كَانَ أحرصه عَلَى ملازمة الأفاضل لتحصيل الفضائل. وتوفي يوم الاثنين خامس عشر شهر رجب سنة أربع وخمسين وثمانمائة بالقاهرة، رحمه الله تعالى وعفا عنه، عن اثنتين وستين سنة وستة أشهر وعشرين يوماً، رحمه الله تعالى. علم الدين الأخنائي ...... - 842هـ - ...... - 1439م أحمد بن محمد بن محمد بن محمد بن محمد بن أبي بكر بن عيسى بن بدران، القاضي علم الدين بن القاضي تاج الدين بن علم الدين بن كمال الدين بن قاضي القضاة علم الدين الأخنائي المالكي، أحد نواب الحكم بالقاهرة. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 145 كَانَ فقيهاً فاضلاً مستحضراً لقروع مذهبه، وهو من بيت علم ورئاسة وفضل، ناب فِي الحكم عدة سنين، وَكَانَ مشكور السيرة فِي أحكامه، وله ثروة وحشم، مات بعد مرض طويل بالقاهرة فِي يوم الأربعاء خامس عشرين شهر رمضان سنة اثنتين وأربعين وثمانمائة، رحمه الله تعالى. قاضي القضاة شهاب الدين بن المحمرة 769 - 840 هـ - 1368 - 1436م أحمد بن محمد بن صلاح، قاضي القضاة شهاب الدين المعروف بابن المحمرة، قاضي قضاة الشافعية بدمشق، وشيخ الخانقاه الناصرية المعروف بدار سعيد السعداء، ثُمَّ شيخ الصلاحية بالقدس. مولده فِي شهر صفر خارج القاهرة سنة تسع وستين وسبعمائة، ونشأ بالقاهرة وطلب العلم، وبرع فِي الفقه والأصول والعربية، وأفتى ودرس وناب فِي الحكم سنين، ثُمَّ تنزه عن ذَلِكَ مدة، وولي مشيخة خانقاه سعيد السعداء مدة طويلة، ثُمَّ ولي قضاء القضاة الشافعية بدمشق فِي دولة الملك الأشرف برسباي من غير سعي، فباشر بعفة، وحمدت سيرته إِلَى أن عزل بقاضي القضاة وكاتب السر كمال الدين الجزء: 2 ¦ الصفحة: 146 محمد بن البازري فِي شهر رجب سنة خمس وثلاثين وثمانمائة فعاد إِلَى القاهرة عَلَى وظائفه من مشيخة سعيد السعداء وغيرها، ودام عَلَى ذَلِكَ إِلَى أن طلب وخلع عَلَيْهِ باستقراره فِي مشيخة الصلاحية بالقدس الشريف، فتوجه إِلَى القدس ودام بِهِ إِلَى أن توفي ليلة السبت سادس عشر شهر ربيع الآخر سنة أربعين وثمانمائة. وَكَانَ شيخاً نيراً فاضلاً، بارعاً متجملاً، وقوراً، ذا شيبة نيرة، ولسان فصيح، طلق العبارة، معدوداً من أعيان الفقهاء الشافعية، والمحمرة نسبة إِلَى التحمير من الحمرة. قال المقريزي: وَكَانَ أبوه وعمه من سماسرة الغلال بساحل بولاق، وولد هو بالمقس خارج القاهرة فِي التاريخ المذكور، وقرأ القرآن الكريم فِي صغره، وعدة كتب مَا بَيْنَ فقه وأصول، وعربية ومعاني، وبيان وحديث، واشتغل عَلَى المجد إسماعيل البرماوي مدة ثُمَّ لازم دروس شيخ الإسلام سراج الدين عمر البلقيني، والحافظ زين الدين العراقي، وسمع الحديث، وتخرج بهم فِي الفقه والعربية، وشارك فِي غيرها، وتكسب بالجلوس فِي حانوت الشهود سنين، ثُمَّ صحب الأكابر وناب عني فِي الحسبة، فحكم عَلَى بابي أياماً، انتهى كلام المقريزي باختصار. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 147 السامري واقف السامرية بدمشق ...... - 696هـ - ...... - 1297م أحمد بن محمد بن علي بن جعفر، الصدر الجليل سيف الدين أبو العباس البغدادي، السامري الأصل، الدمشقي الدار والوفاة، والسامري نسبة إِلَى سامرا مدينة بالعراق، وتسمى سر من رأى سامرا. قلت: وهو واقف الخانقاه السامرية بدمشق الَّتِي إِلَى جانب الكروسيه، كانت داره الَّتِي يسكن بِهَا فدفن بِهَا، ووقفها دار حديث وخانقاه. وكان رئيساً مثرياً، حسن الأخلاق، معظماً فِي الدول، جميل المعاشرة، لَهُ نظم جيد وأشعار رائقة، ومبتكرات فائقة، ولما كَانَ ببغداد كَانَ خصيصاً معظماً عند الوزير ابن العلقمي، وَكَانَ يحضر مجلس الخليفة المستعصم بالله، وله فِيهِ غرر مدائح، مدحه مرة فأخلع عَلَيْهِ خلعة سوداء سنية، ثُمَّ رحل من بغداد أظن فِي جفلة التتار وقدم دمشق وسكنها إِلَى أن توفي بِهَا فِي يوم الاثنين ثامن عشر شعبان سنة ست وتسعين وستمائة، رحمه الله. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 148 قال ابن كثير: قدم إِلَى دمشق فِي أيام الناصر صاحب حلب، فحظي عنده أيضاً، فسعى فِيهِ أهل الدولة، فصنف فيهم أرجوزة فتح عليهم بسببها باباً فصادرهم الملك بعشرين ألف دينار، فخافوه وعظموه جداً، وتوصلوا بِهِ إِلَى أغراضهم، وله قصيدة فِي مدح النبي صلى الله عليه وسلم، وَقَدْ كتب عنه الحافظ الدمياطي شيئاً من شعره. شهاب الدين الأموي المالكي ...... - 836هـ - ...... - 1432م أحمد بن محمد بن محمد، قاضي القضاة شهاب الدين الأموي المالكي، قاضي قضاة دمشق. كان أولاً ولي قضاء القضاة بالشام إِلَى أن ولي بديار مصر فِي الدولة المؤيدية شيخ، ثُمَّ عزل وولي بعد مدة قضاء دمشق إِلَى أن مات فِي يوم الثلاثاء حادي عشر صفر سنة ست وثلاثين وثمانمائة. قال المقريزي: وَلَمْ يشهر بعلم ولا دين انتهى كلام المقريزي باختصار. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 149 ابنِ الطبلاوي ...... - 814هـ - ...... - 1411م أحمد بن محمد، الأمير شهاب الدين الشهير ب ابن الطبلاوي ، والي القاهرة، وكاشف الوجه الشرقي من أعمال القاهرة. قتله الملك الناصر فرج بن الملك الظاهر برقوق عَلَى مَا اتهم بِهِ من جهة خوند بنت صروق مطلقة الملك الناصر المذكور - فِي ليلة السابع والعشرين من ذي القعدة سنة أربع عشرة وثمانمائة، بعد أن قتل الناصر بنت صروق المذكورة فِي ذَلِكَ اليوم، قبل أن يقتل صاحب الترجمة، وَكَانَ غير مشكور السيرة، كما هو عادة ظلمة الولاة، عفا الله عنه. أبو العباس الصالحي العطار 601 - 688 هـ - 1204 - 1289م أحمد بن محمد بن عبد الرزاق بن هبة الله، الشيخ الصالح المسند المعمر جلال الدين أبو العباس الصالحي العطار المغاري. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 150 مولده فِي سنة إحدى وستمائة، سمع أبا نصر موسى بن الشيخ عبد القادر، والموفق بن قدامة، والنفيس بن البُن، والمجد القزويني، وأحمد بن طاووس وجماعة، وروى عنه ابن الخباز، وابن العطار، والحافظ جمال الدين المزي وجماعة، وَكَانَ إمام مغارة الدم، وله أخلاق رضية ووقار وديانة، توفي سنة ثماني وثمانين وستمائة، رحمه الله تعالى. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 151 قاضي القضاة ناصر الدين التَّنْسي 740 - 801 هـ - 1339 - 1399م أحمد بن محمد بن محمد بن محمد بن عطا بن عواض بن نجا بن برد الثنا حمود بن نهار بن مؤنس بن حاتم بن بتلى بن جابر بن هشام بن عروة بن الزبير بن العوام، حواري رسول الله صلى الله عليه وسلم، قاضي القضاة ناصر الدين أبو العباس " بن قاضي القضاة جمال الدين " بن قاضي القضاة شمس الدين التّنْسي السكندري المالكي. ولي أبوه وجده قضاء الإسكندرية، وولد هو بثغر الإسكندرية، وبها نشأ وطلب العلم، وقرأ على علماء الثغر وغيرهم إِلَى أن برع فِي الفقه والأصول العربية واللغة والمنطق والجدل وغير ذَلِكَ، وأفتى ودرس وولي القضاء بالثغر غير مرة، وأول ولاياته فِي سنة إحدى وثمانين وسبعمائة وَكَانَ غالب مَا يصرف عن قضاء الثغر إِلاَّ بابن الربعي، وتردد إِلَى القاهرة مراراً طالباً وشيخاً إِلَى أن ولاه الملك الظاهر برقوق قضاء القضاة المالكية بالديار المصرية بعد القاضي الجزء: 2 ¦ الصفحة: 152 شهاب الدين أحمد النحريري فِي يوم الأربعاء رابع عشرين ذي القعدة سنة أربع وتسعين وسبعمائة، وحُمدت سيرته، وعف وكف عما يرمي بِهِ قضاة السوء، فإنه كَانَ غنياً ملياً ديناً، ومعيشته من متجره. قلت: وهكذا كَانَ ولده قاضي القضاة بدر الدين محمد التنسي قاضي زماننا هَذَا، يأتي ذكره فِي المحمدين إن شاء الله تعالى، ودام قاضي القضاة ناصر الدين فِي المنصب إِلَى أن توفي ليلة الخميس أول شهر رمضان سنة إحدى وثمانمائة، وكثر الأسف عَلَيْهِ لعفته ولصيانته، ومن مصنفاته كتب عَلَى تسهيل ابن مالك شرحاً لَمْ يكمله، وشرح مختصر ابن الحاجب فِي الفقه والأصول، وشرح كافية ابن الحاجب أيضاً وغير ذَلِكَ، رحمه الله. الوزير نصير الدين البغدادي ...... - 642هـ - ...... - 1244م أحمد بن محمد بن علي بن أحمد بن الناقد، الوزير الرئيس أبو الأسعد نصير الدين بن أبي السعادات البغدادي. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 153 نشأ فِي السعادة والنعمة، وحفظ القرآن العزيز وجوده وأتقنه، واشتغل وتفقه، ولازم ابن شبيب الواسطي النحوي حَتَّى برع فِي ذَلِكَ ثُمَّ عانى الكتابة والبلاغة ومهر فيهما، ونظم ونثر وغلب عَلَيْهِ الدين والتقوى، وَكَانَ يكثر من التلاوة فِي المشاهد والمزارات ليالي الجمع، وربما قرأ القرآن كله وهو قائم من أول الليل إِلَى السحر، وخدم فِي عنفوان شبابه فِي عدة خدم فِي أيام الإمام الناصر، ثُمَّ ترك الخدم واختار العزلة إِلَى أن توفي الإمام الناصر لدين الله، وولي الخلافة " الإمام الظاهر " استدعاه وجعله وكيلاً لولده المستنصر فقربه واختصه بِهِ، فلما آلت الخلافة إِلَى المستنصر أقره عَلَى وكالته ورفع محله إِلَى أن توفي ابن الضحاك الأستادار رتبه مكانه، فلما قبض عَلَى القمي نائب الوزارة خلع عَلَيْهِ خلعة الوزارة وركب إِلَى الديوان فِي موكب الوزارة، وصارت الأمور كلها بيده ينفذها ويدبرها بذهن ثاقب وسياسة وعقل ودربة، وَلَمْ تزل طريقته محمودة وأموره مرضية وهو أعلى الناس منزلة عمد الخليفة، فإنه كانت بينه وبين الخليفة الجزء: 2 ¦ الصفحة: 154 رضاع، وَكَانَ جيد الخط رشيق القد، والعبارة، إِلاَّ أنه كَانَ يعتريه ألم المفاصل، وقوي عَلَيْهِ ذَلِكَ فِي سنة أربع وثلاثين وستمائة فاستناب من يكتب عنه، ودام عَلَى ذَلِكَ إِلَى أن مات الخليفة وحضر بيعة الخليفة المستعصم فِي محفة وأقر عَلَى الوزارة عَلَى عادته إِلَى أن مات فِي سنة اثنتين وأربعين وستمائة، وقيل بعد الخمسين، وشيعه عامة الدولة، وولي بعده الوزارة النفيس الرافضي ابن العلقمي الَّذِي كَانَ سبباً فِي أخذ بغداد وخرابها. ومن شعره فِي الخليفة: مرحباً وأهلاً وسهلاً ... بإمام قَدْ طبق الأرض سهلا يَا إماماً أتى يبدد كفراً ... لصلاح الورى وينظم شملا ومنها: أنت من معشرهم أهل بيت ال ... له حقاً وزمزم والمصلّى أنزل الله فيهم الحوامي ... م وَفِي هل أتى مدائح تتلى وكلها عَلَى هَذِهِ الطريقة تزيد عَلَى عشرين بيتاً، انتهى. ابن طراد النحوي الحجازي 709 - 788 هـ - 1309 - 1386م أحمد بن محمد بن عبد المعطي بن أحمد بن عبد المعطي بن مكي بن طراد، العلامة أبو العباس الأنصاري المخزومي المالكي عالم الحجاز. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 155 ولد سنة تسع وسبعمائة بالقاهرة، وسافر منها إِلَى الغرب مع والده، واجتمع فِيهَا عَلَى جماعة من الصالحين والعلماء، منهم الفقيه أبو زيد عبد الرحمن الجزولي، وحضر دروسه، وأخذ الفقه بالقاهرة عن الشيخ عبد الله المنوفي، قرأ عَلَيْهِ الرسالة، وسمع عَلَيْهِ مختصر ابن الحاجب وغيره، وأخذ العربية عن الشيخ أثير الدين أبي حيان قرأ عَلَيْهِ التسهيل لابن مالك، وأذن لَهُ في إقرائها، وسمع عَلَى الحافظ صلاح الدين خليل العلائي بمكة، وَعَلَى جماعة من شيوخها والقادمين إليها، كثيراً من الكتب والأجزاء منها سنن النسائي عَلَى الزين الطبري، وسنن أبي داود عَلَى عثمان بن الصفي، وتصدر فِي مكة للأشغال فِي العربية والعروض، وَكَانَ لَهُ نظم ونثر، وكتب بخطه الحسن كثيراً، وصنف، الجزء: 2 ¦ الصفحة: 156 إِلَى أن توفي بمكة فِي يوم الثلاثاء تاسع عشرين المحرم، وقيل صفر، سنة ثمان وثمانين وسبعمائة. قال الشيخ تقي لبدين الفاسي: وَقَدْ أجاز لي مروياته باستدعاء شيخنا بن سكر، وأنشدني لنفسه إجازة أذكر قصدية منها: لن تغمض العين بعد الهجْر أجْفاناً ... لا آخذ الله بالهجران أجْفانا يَا أهل ذَاكَ الحمى من حيِّ كاظمة ... لا تبدو أَوْ بالنوى من ذاق أشجانا أبو بكر الكردي الدشتي الحنبلي 634 - 713 هـ - 1237 - 1313م أحمد بن محمد بن أبي القاسم بن بدران، الشيخ شهاب الدين أبو بكر الكردي الدشتي الحنبلي المؤدب. ولد بحلب سنة أربع وثلاثين وستمائة، وحضر فِي الثانية عَلَى جعفر الهمداني، وسمع من ابن رواحة، وابن يعيش، وابن خليل، والنفيسي، وصفية القرشية، الجزء: 2 ¦ الصفحة: 157 وابن الصلاح، والضياء، وتفرد وروى الكثير، وَكَانَ يتعزز بالرواية ويطلب، ونسخ عدة أجزاء لنفسه، وحدث بمسند الطيالسي، ورتب مسمعاً بالدار الأشرفية، ومعلماً بمكتب الطواشي ظهير الدين، وأكثر عنه الطلبة، وخرج لَهُ الحافظ علم الدين البرزالي مشيخة، توفي سنة ثلاث عشرة وسبعمائة، رحمه الله تعالى. السلطان الملك الناصر أحمد ...... - 745هـ - ...... - 1344م أحمد بن محمد بن قلاوون، السلطان الملك الناصر ناصر الدين بن السلطان الملك الناصر أبي المعالي محمد بن السلطان الملك المنصور قلاوون الألفي الصالحي. تسلطن بعد خلع أخيه الأشرف كجك فِي يوم الاثنين عاشر شوّال سنة اثنتين وأربعين وسبعمائة، بعد أن وقع لَهُ أمور وحوادث، وهو أن والده الملك الناصر محمد بن قلاوون كَانَ قَدْ أخرجه إِلَى الكرك وهو صغير لَمْ يبلغ العشر سنين، وَكَانَ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 158 الناصر أحمد هَذَا أحسن إخوته وجهاً وشكلاً، وَكَانَ صاحب " بأس وقوة مفرطة، وعنده شهامة، وكان نائب " الكرك إذ ذَاكَ الأمير سيف الدين ملكتمر السرجواني، ثُمَّ جهز إِلَيْهِ أبوه أخويه إبراهيم وأبا بكر المنصور فأقاموا الجميع بالكرك إِلَى أن ترعرعوا وطلبهم والدهم الملك الناصر محمد إِلَى القاهرة فرآهم، وأعاد الناصر هَذَا إِلَى الكرك، ونزل إبراهيم وأبا بكر عنده بالقلعة، ثُمَّ طلبه ثانياً وزوجه بابنة الأمير سيف الدين طايربغا، من أقارب السلطان، فدام بالقاهرة قليلاً، ثُمَّ أعاده إلى الكرك ومعه أهله، فاستمر بالكرك مدة إِلَى أن وقع بينه وبين ملكتمر السرجواني " نائب الكرك تنافس، فلما بلغ السلطان ذَلِكَ أحضرهما وغضب عَلَى ولده " الناصر أحمد صاحب الترجمة، وتركه قليلاً، ثُمَّ جهزه إِلَى الكرك وحده بلا نائب " فصار الأمر إِلَيْهِ، وَلَمْ يزل بِهَا مقيماً إِلَى أن توفي والده الملك الناصر محمد بن قلاوون، وَلَمْ يسند الأمير إِلَيْهِ، فقام الأمير باش تاك الجزء: 2 ¦ الصفحة: 159 فِي أمره، وأراد سلطنته، فغلبه الأمير قوصون وأجلس الملك المنصور أبا بكر عَلَى تخت الملك، ثُمَّ خلع بعد مضي شهرين، فأقام قوصون أيضاً أخاه الملك الأشرف كجك. وكان قوصون قد سير قبل تاريخه إلى الملك الناصر أحمد هذا يطلبه إلى القاهرة، فلم يوافق الناصر عَلَى المجيء، وكتب في الباطن إلى نواب الشام يستجيرهم، ويستعفي من القدوم إلى القاهرة، وأظهر لهم المسكنة الزائدة، فرقوا له وحملوا الكتب التي جاءت منه إلى قوصون. ثم أن الأمير طَشْتمر حمص أخضر خرج عَلَى الأمير قوصون وتعصب لأحمد هذا وقام في أمره قياماً عظيماً، وأخذ قوصون في تجهيز عسكر إلى الكرك نحو الألف فارس ومقدمهم الأمير قطلوبغا الفخري لحصار الكرك، فتوجه الفخري إلى الكرك وحصر الملك الناصر أحمد هذا بها أياماً، ثم إن الفخري رق له وتوجه لأخذ دمشق لما بلغه توجه نائبها الأمير الطنبغا إلى حلب لإمساك طشتمر حمض أخضر، فدخلها الفخري وملكها، وبلغ قوصون ذَلِكَ فانحرف ودعا الناس الجزء: 2 ¦ الصفحة: 160 لطاعة الملك الناصر أحمد المذكور، ووقعت أمور، وصار الفخري يرسل إلى الناصر يطلبه إلى دمشق وهو يمنيه ويتعلل بحضور طشتمر حمض أخضر من البلاد الرومية، وكتب كتباً إلى الأمير طقزد مر نائب حماه، وإلى الأمير بهاء الدين أصلم نائب صفد، وإلى الأمراء يقول: أن الفخري نائبي بدمشق وهو يولي من يريد من النيابات الكبار، ولم يزل يعد الفخري بالحضور إلى عنده إلى أن جاء طشتمر من البلاد الرومية، ووقع ما سنحكيه في ترجمة قوصون، إن شاء الله تعالى، من ركوب الأمراء عليه، وإمساكه وحبسه بثغر الإسكندرية، فأخذ الملك الناصر أيضاً يمنى طشتمر والفخري بالحضور إلى دمشق بعد رمضان، وتوجه إِلَيْهِ من الأمراء المصريين الأمير بدر الدين جانكلي بن البابا وغيره، وسألوه التوجه معهم إلى القاهرة فلم يوافق وعادوا خائبين، وترك الناس والأمراء الشاميين والمصريين في حيرة، بعد ما حلف الجميع له. ثم إنه توجه وحده إلى القاهرة، ولم يشعروا به إِلاَّ في قلعة الجبل، فلما بلغ الفري ذَلِكَ توجه هو وطشتمر بعساكر الشام والدولة والقضاة الأربع إلى القاهرة الجزء: 2 ¦ الصفحة: 161 في قلب الشتاء، فلما وصلوا إلى القاهرة جلس السلطان الملك الناصر هذا عَلَى سرير الملك وإلى جانبه أمير المؤمنين الحاكم بأمر الله أبو القاسم، وحضر قضاة القضاة الثمانية من المصريين والشاميين، وعهد الخليفة إِلَيْهِ بحضور العالم، فكان يوماً عظيماً لم يتفق مثله لأحد من ملوك الترك لاجتماع أهل الإقليمين في يوم واحد. وأصبح الملك الناصر من الغد استقر بالأمير طشتمر حمض أخضر في نيابة مصر، وولى نيابة دمشق للأمير قطلوبغا الفخري، وأرج الأمير أيدغمش أمير آخور إلى نيابة حلب عوضاً عن طشتمر، وهو الذي قام في أمر قوصون وقلب الدولة عَلَى قوصون لأجل الناصر هذا، وأخرج الأمير بيبرس الأحمدي إلى نيابة صفد، وأخرج الأمير الحاج آل ملك إلى نيابة حماه، وأخرج الأمير آقسنقر الناصري إلى نيابة غزة. فلما فعل ذَلِكَ بالأكابر خافته الناس وعظموه، ثم بعد أربعين يوماً أمسك بالأمير طشتمر نائب مصر وأخذه وتوجه به إلى الكرك، وبعث إلى أيدغمش الجزء: 2 ¦ الصفحة: 162 بأن يمسك الفخري فأمسكه وجهزه إلى مصر مع ابنه، فوصل إِلَيْهِ بالرملة فتسلمه منه، وأخلع عليه وأعاده إلى أبيه، وتوجه بالفخري وطشتمر إلى الكرك بعد أن أخذ معه جميع ما في الخزائن من التحف والأموال والجواهر والخيول والسلاح وغير ذَلِكَ، ومضى بالجميع إلى الكرك، وأقام الأمير آقسنقر السلاري في نيابة مصر، وأخذ معه القاضي علاء الدين بن فضل الله كاتب السر، والقاضي جمال الدين جمال الكفاة ناظر الخاص والجيش، وجعلهما مقيمين عنده في الكرك، واستغرق في اللهو والانشراح، واحتجب عن الناس، ثم أرسل بمسك الأحمدي من صفد، فأحس الأحمدي بذلك فهرب، ثم إنه أحضر الفخري وطشتمر وضرب عنقيهما صبراً، فنفرت القلوب منه، واستوحش الناس منه. وصار يدبر ملكه شخص يعرف بابن الصبارة من أهل الكرك، ولم يعد يحضر كتاب إلى القاهرة وغيرها ولا توقيع بخط كاتب السر، بل بخط نصراني يعرف بالرضى، فعند ذَلِكَ أجمع الناس والأمراء عَلَى خلعه وإقامة أخيه الملك الصالح إسماعيل، فخلعوه وأجلسوا الصالح عَلَى تخت الملك في يوم الخميس ثاني عشرين المحرم سنة ثلاث وأربعين وسبعمائة. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 163 فكانت مدة ملك الناصر هذا بالقاهرة والكرك دون الأربعة أشهر. ثم أمر الملك الصالح بتجهيز عسكر إلى الكرك ومحاصرتها، فتداولوه العساكر بالكرك فكان كلما جاءت إِلَيْهِ فرقة توجهت الأولى، ودام هذا الحال وطال الأمر، ولم يبق بمصر والشام أمير حَتَّى تجرد إلى الكرك مرة ومرتين، ثم أخذ أمر الناصر يتلاشى، وهلك من عنده من الجوع، وضرب الذهب وخلط فيه الفضة والنحاس، حَتَّى صار الدينار يساوي خمسة دراهم. ثم أمسك الملك الناصر من الكرك في يوم الاثنين وقت الظهر في ثاني عشرين شهر صفر سنة خمس وأربعين وسبعمائة، وكتب بذلك إلى السلطان، فأرسل الأمير منجك الناصري وحز رأسه، وتوجه به إلى القاهرة، رحمه الله تعالى. القاضي نجم الدين القمولي ...... - 727هـ - ...... - 1327م أحمد بن محمد بن مكي بن أبي الحزم بن ياسين، القاضي نجم الدين القمولي الشافعي. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 164 قال الشيخ كمال الدين جعفر الإدفوي في تاريخه الطالع السعيد في تاريخ الصعيد: كان من الفقهاء الأفاضل والعلماء المتعبدين والقضاة المتعففين، وافر العقل، حسن التصرف، محفوظاً، قال لي رحمه الله: لي قريب من أربعين سنة أحكم ما وقع لي حكم خطأ، ولا أثبت مكتوباً تُكلِّم فيه، أو ظهر فيه خلل. سمع من قاضي القضاة بدر الدين بن جماعة وغيره، واشتغل بالفقه بقوص ثم بالقاهرة، وقرأ الأصول والنحو، وشرح الوسيط في الفقه في مجلدات كثيرة، وفيه نقول عزيزة ومباحث مفيدة، وسماه البحر المحيط، ثم جرد نقوله في مجلدات وسماه جواهر البحر، وشرح مقدمة ابن الحاجب في مجلدين، وشرح الأسماء الحسنى في مجلد، وكمل تفسير ابن الخطيب وكان ثقة صدوقاً. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 165 تولى الحكم بقمول عن قاضي قوص شرف الدين إبراهيم بن عتيق، ثم تولى الوجه القبلي من عمل قوص في ولاية قاضي القضاة عبد الرحمن بن بنت الأعز، وكان قد قسم العمل بينه وبين الوجيه عبد الله السَّمَرْباوي، ثم ولي إخميم مرتين، وولي سيوط، والمنية، والشرقية، والغربية، ثم ناب بالقاهرة ومصر، وتولى حسبة مصر، واستمر في النيابة بمصر والجيزة والحسبة إلى أن توفي، ودرس بالفخرية بالقاهرة، وما زال يفتي ويدرس ويكتب ويصنف وهو مبجل معظم إلى حين وفاته. وكان الشيخ صدر الدين بن الوكيل يقول: ما فِي مصر أفقه منه، وكان حسن الأخلاق كثير المروءة، محسناً إلى أهله وأقاربه وأهل بلاده، وتوفي في شهر رجب سنة سبع وعشرين وسبعمائة، ويقال أن أصله من أرمنت، رحمه الله تعالى. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 166 أبو الطيب الحلاوي الشاعر 603 - 656 هـ - 1207 - 1258م أحمد بن محمد بن أبي الوفا بن خطاب بن محمد بن الهزبر، الإمام الأديب الشاعر شرف الدين أبو الطيب الربعي الموصلي الجندي، المعروف بابن الحلاوي. ولد سنة ثلاث وستمائة، واشتغل ومهر في الأدب، وقال الشعر الجيد الفائق، ومدح الخلفاء والملوك والأكابر، وكان بخدمة بدر الدين لولو صاحب الموصل، روى عنه الحافظ شرف الدين الدمياطي وغيره، وكان فيه لطف وحسن عشرة، وخفة روح، وله القصائد الطنانة التي رواها الدمياطي عنه في معجمه. أنشدنا تقي الدين المقريزي إجازة، قال: أنشدنا شرف الدين الحراوي إجازة، أنشدنا الحافظ شرف الدين الدمياطي إجازة، أنشدنا شرف الدين أبو الطيب بن الحلاوي لنفسه إجازة إن لم يكن سماعاً. حَكاهُ من الغُصْن الرّطيب وريقُهُ ... وما الخمرُ إِلاَّ وجْنتاه وريقُه هلالٌ ولكنْ أفْق قلْبي محلُّه ... غزالٌ ولكنْ سفْح عيْني عقيقهُ وأَسْمر يحكى الأسمر الّلدْن قَدُّه ... غَدا راشِقاً قلبَ المحب رشيقه الجزء: 2 ¦ الصفحة: 167 عَلَى خَدِّه جمْر من الحسن مضْرم ... يُشبُّ ولكن في فؤادي حريقُه أَقَرّ له من كلِّ حسنٍ جليلُه ... ووافقهُ من كل معنى دقيقُه بديْع التّثنِّي راح قلبي أَسيرَه ... عَلَى أن دمعي في الغرام طليقُه عَلَى سَالِفَيْه للعذَار جريرة ... وفي شفتيه للسُّلاف عتيقُه يهدِّد منه الطرف منْ ليس خَصْمه ... ويُسْكر منه الرِّيق مَنْ لا يذوقه عَلَى مثله يسْتحْسن الصّبُ هتْكَه ... وفي حُبِّه يجفو الصديقَ صديقُه من التّرْك لا يُصبه وجْدْ إلى الحمى ... ولا ذكر بانات الغُوَيْر نَشُوقُه ولا حَلّ في حيِّ تلوحُ قِبابُهُ ... ولا سار في ركْب يُساق وسِيقه ولا بات صبّاً بالفريق وأهلِه ... ولكن إلى خاقان يُعْزى فريقُه له مبْسم يُنْسى المدام بَريقه ... ويُخْجل نَوّار الأقاحِ بريقُه تداويت من حر الغرام ببرده ... فأُضْرم من حرّ الحريق رحيقُهُ إذا خفَق البرقُ اليمانيِّ مَوهِناً ... تذكّرته فاعْتاد قلبي خُفُوقه الجزء: 2 ¦ الصفحة: 168 حَكَى وجهُهُ بَدْر السماء فلو بدا ... مع البدر قال الناس هذا شقيقُهُ وافى خيالاً حين وافى خيالَه ... فأطرق في فرطِ الحياء طَروقُهُ فأَشبهت منه الخصْر سقماً فقد غدا ... يُحَمِّلني كالخصر ما لا أَطيقُه فما بال قلبي كل حب يهيجه ... وحتّام طرفي كلُّ حسن يروقه فهذا ليوم البين لم تطْف ناره ... وهذا لبعد البعد ما جف موقه ولله قلبي ما أشدّ عفافه ... وإن كان طرفي مستمراً فسوقه فما فاز إِلاَّ من يبيت صبوحه ... شراب ثناياه ومنها غبوقه قلت وكان السلطان بدر الدين لولو المذكور في أول أمره لا ينادم شرف الدين هذا ولا يحضر مجلسه، وإنما كان ينشده أيام المواسم والأعياد إلى " أن رآه في بعض الأيام في الصحراء وهو في روضة معشبه وبين يديه برذون له مريض يرعى، فجاء الأمير إِلَيْهِ ووقف عنده وقال لشرف الدين هذا، ما لي أرى هذا البرذون الجزء: 2 ¦ الصفحة: 169 ضعيفاً، فقام وقبل الأرض وقال: يا مولانا السلطان، حاله مثل حالي، وما تخلفت عنه في شيء، يدي بيده في كل رزق يرزقنا الله، فقال له: هل عملت في برذونك هذا شيئاً؟ قال: نعم وأنشد بديهاً: أصبح برذوني المرقَّع بالل ... صقات في حسرة يكابدها رأى حمير الشَّعير عابرة ... عليه يوماً فظل يُنْشدها " قفا قليلاً بها عليَّ فلا ... أَقلَّ من نظرة أُزَوِّدها فأعجب السلطان بدر الدين بديهته، وأمر له بخمسين ديناراً، وخمسين مكوكاً من شعير، وقال له: هذه الدنانير لك، وهذا الشعير لبرذونك، ثم أمره بملازمة مجلسه كسائر الندماء، ولم يزل يترقى عنده إلى أن صار لا يصبر عنه. ومن شعره أيضاً: الجزء: 2 ¦ الصفحة: 170 أأبقى من خدودك في جحيم ... وثغْرك كالصِّراط المستقيم وأسهرني لديك رقيمُ خدِّ ... فواعجباً أأسهر بالرَّقيم وله أيضاً يمدح الملك الناصر داود صاحب الكرك: أحيا بموعْده قتيلَ وعيدِه ... رَشَأُ يشوب وصاله بصدوده قمر يفوق عَلَى الغزالة وجْهه ... وعلى الغزال بمقلتيه وجيده يا ليْته يعد الهلاك فإنَّه ... ما زال ذا لهج بخلف وعوده قال الصلاح الصفدي، ومن شعر الحلاوي قوله: في خدها روضة إذا رُعِيتْ ... باللحظ راحت بطرفها تُحْمى بقامة تلْتوي وناظرها ... يدْمى البرايا ووجْنة تدمى كأَنَّما الرِّدف خلفها أُجَأٌ ... كيف استقلَّت بحمله سلْمى الجزء: 2 ¦ الصفحة: 171 ثم قال: أجا وسلمى جبلان معروفان من جبال طي، انتهى كلام الصفدي. قلت: ولم يبرح شرف الدين هذا بخدمة السلطان بدر الدين لولو إلى أن توجه إلى العجم الاجتماع بهولاكو فتوجه شرف الدين صحبته فمرض بتبريز ومات في تلك البلاد في سنة ست وخمسين وستمائة، وهو من أبناء الستين، رحمه الله تعالى. العلاء السيرامي الحنفي ...... - 790هـ - ...... - 1388م أحمد بن محمد، الشيخ الإمام العالم العلامة علاء الدين الشهير بالعلاء السيرامي الحنفي، شيخ الشيوخ بالمدرسة الظاهرية برقوق. قال قاضي القضاة بدر الدين محمود العينتابي الحنفي: هو شيخنا العلامة ذو الفنون الكاملة، بقية السلف، وقدوة الخلف، علاء الدين أحمد بن محمد السيرامي الحنفي، شيخ الشيوخ بالمدرسة الظاهرية البرقية، كان إماماً عالماً مفنناً، متبحراً في العلوم لا سيما علم المعاني والبيان والفقه والأصول، أدرك الجزء: 2 ¦ الصفحة: 172 المشايخ الكبار رحمهم الله، ودرس وأفتى في البلاد في مدينة هراة وخوارزم وصراي وقرم، وتبريز، ومصر، وغيرهم، وكان ديناً خيراً ورعاً منقطعاً عن الناس، معتزلاً عن أكابر الدولة، حسن المعاملة مع الله تعالى ومع الناس، محباً لأهل العلم والطلبة، متواضعاً غاية التواضع، كريماً حليماً، ذا مروءة وأدب وحشمة ووقار وسكون، قدم من البلاد الشرقية فأقام في ماردين مدة وأقبل عليه صاحبها إقبالاً عظيماً، وقصد أن يبني له مدرسة ولكنه خرج منها وتوجه إلى الشام، وأتى إلى حلب فأقام بها مدة يفيد الطالبين، ثم طلبه الملك الظاهر برقوق إلى ديار مصر عندما أنشأ المدرسة ببين القصرين، فلما قدم وتمت المدرسة قرره شيخ الشيوخ بها وشيخ الحنفية، فلم يزل مشتغلاً بالعلم والإفادة والزهد والعبادة إلى أن أدركته الوفاة، وتوفي بالقاهرة يوم الأحد ثالث جمادى الأولى سنة تسعين وسبعمائة عن نيف وسبعين سنة، وصلى الجزء: 2 ¦ الصفحة: 173 عليه خارج باب النصر، وكان الذي صلى عليه سودون الشيخوني النائب، وحضر جنازته جميع الأكابر من الأمراء والعلماء والقضاة، ودفن بتربة السلطان عند تربة يونس الدوادار عَلَى طريق قبة النصر. وسمعت عليه أكثر الهداية، وبعض الكشاف من أوائله، وشرح التنقيح للشيخ سعد الدين التفتاز إلى باب المقياس، وشرحه عَلَى التلخيص، وكنت في صحبته يوم تولى المدرسة إلى أن توفي، ليلاً ونهاراً، فلم أر منه شيئاً يخالف الكتاب والسنة أو العادة الحسنة، ولا سمعته قط تلفظ بكلام قبيح أو كلام فاحش، ولا اغتاب أحداً قط، ولا عبس في وجه أحد قط، ولا طلب من أحد شيئاً حتى السلطان، وكان دائماً يبكي ويتأسف عَلَى تناوله من الأوقاف ومن أموال الدولة، وكان يحلف ويقول بأنه ما خرج إلى هذه الديار إِلاَّ لأن يجاور في القدس أو في المدينة النبوية فينقطع إلى الله تعالى ويشغل بعبادته، ولكن المقدور أظهر خلاف ما أضمر. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 174 وكان به مرض الربو وضيق النفس وكان يقاسي منه ألماً شديداً ولا سيما في فصل الشتاء. ولما توفي بقيت المدرسة شاغرة ثلاثة أشهر، ثم تولى عوضه الشيخ سيف الدين السيرامي، وكان هي في تبريز، فلما أخر بها تمرلنك خرح بأهله وعياله وقدم إلى حلب، فلما توفي الشيخ طلب إلى ديار مصر وتولى عوضه، ولكن الحرمة والتعظيم الذي حصل للمرحوم ما حصل لأحد اللهم إن كان للشيخ أكمل الدين، رحمهما الله، انتهى كلام العيني. ابن العطار الدوادار ...... - 845هـ - ...... - 1441م أحمد بن محمد بن أحمد بن عمر بن يوسف بن عبد الله بن عبد الرحمن بن محمد بن أبي بكر، الشهابي أحمد الدوادار الحموي التنوخي، الشهير بابن العطار. مولده بحماه في أوائل القرن تقريباً " وقدم القاهرة " مع والده ونشأ بها تحت كنف والده وتقلب معه في عدة ولايات إلى أن توفي والده الأمير ناصر الدين الجزء: 2 ¦ الصفحة: 175 بالقدس وهو ناظر الحرمين، فعاد الشهابي أحمد هذا إلى القاهرة واستمر بطالاً تحت رفد صهره القاضي كمال الدين بن البارزي كاتب السرمدة مدة طويلة، إلى أن عينه الزيني عبد الباسط لخدمة الأمير تمرباي التمربغاوي الدوادار الثاني وأن يكون دواداراً عنده، فتوجه المذكور إِلَيْهِ واستمر بخدمته دهراً، إلى أن مات الملك الأشرف برسباي، وصار الأتابك جقمق العلائي نظام الملك ومدبر مملكة العزيز يوسف بن الملك الأشرف برسباي، أرسل طلبه من الأمير تمرباي وجعله دواداره، وهذا أيضاً بسفارة خوند بنت البارزي زوجة الأتابك جقمق، واستمر عنده إلى أن تسلطن قرَّبه وأدناه وجعله من جملة الدوادارية الصغار، ونالته السعادة وعظم في الدولة بحسب الوقت، وأثرى وضخم، فلن تطل مدته ومرض أياماً، ومات في خامس عشرين المحرم سنة خمس وأربعين وثمانمائة. وكان عاقلاً عارفاً، وله مشاركة في الفضيلة، وعنده ذكاء وفهم جيد، يذاكر بالشعر حافظاً له، وينقل كثيراً من التواريخ عَلَى قاعدة الحكوية لا عَلَى قاعدة المؤرخين، كان عارفاً بعدة فنون من أنواع الفروسية، يجيد الرمي بالنشاب علماً وعملاً، وله معرفة قليلة بضرب السيف، ويحسن لعب الرمح علماً، الجزء: 2 ¦ الصفحة: 176 ويقصر عن إدراك ما برومه في العمل، يعرف ما قلته من له يد في هذه الصناعة، لأنه اشتغل بهذا الفن في كبر بعد أن خشن والتحى، وفي الجملة كان له محاسن ومعرفة تامة بفنون ومحاضرة حسنة، وحذق وذكاء وذوق، ومات ولم يخلف بعده مثله من أبناء جنسه، مع تمام معرفتي لهذه الطائفة، رحمه الله تعالى. ابن العطار المصري الشاعر الأديب 746 - 794 هـ - 1345 - 1392م أحمد بن محمد بن علي، الأديب الفاضل البارع، شهاب الدين أبو العباس بن شمس الدين الدنيسري، الشهير بابن العطار المصري. مولده بالقاهرة في سنة ست وأربعين وسبعمائة، وكان بارعاً ذكياً، وعنده فضيلة تامة ومشاركة جيدة في عدة علوم. وله تصانيف مفيدة تزيد عَلَى ثلاثين مصنفاً، وخمَّس البردة، ومن مصنفاته كتاب نزهة الناظر في المثل السائر، وعنوان السعادة في المدائح النبوية، ولطائف الظرفاء، وفرائد الإعصار في مدائح النبي المختار، والمسلك الفاخر موشحات نبوية أيضاً، وصلة المستحق، وكتاب صدقة السر، وفنون مكة مدائح نبوية، الجزء: 2 ¦ الصفحة: 177 والعهود العمرية مرجز في أمر النصارى واليهود، وبديع المعاني في أنواع التهاني، والدر الثمين في حسن التضمين، ونتائج الأفكار، وزهر الربيع في التشابيه، وحسن الاقتراح في وصف الملاح، ذكر فيه ألف مليح وصفاتهم، قلت: وهذا التصنيف معدوم، ونقل العقار خمريات، ومرقص المطرب في الغزل، ومنشأ الخلاعة في المجون، والمآنس في هجاء بني مكانس، وغير ذَلِكَ. ونظم الشعر وهو ابن ثلاثة عشر سنة، وكان له اليد الطولى في النظم والنثر، توفي سادس عشر ريع الآخرة سنة أربع وتسعين وسبعمائة بالقاهرة، رحمه الله. ومن شعره وقد رشح لنظر جيش مدينة سبس: طلبت رزقاً قيل رحمه الله ناظراً ... جيوش سيس قلت رأي تعيس لو أن ذا الحكام في سطلة ... ما طلبوا أني أبقى بسيس وله أيضاً: أصبحتَ بطالاً وأولاد أربعة ... محمد وثلاث موتهم يجب فإن تحيَّل في رزق بمدحكم ... أبو محمد البطال لا عجب الجزء: 2 ¦ الصفحة: 178 وله أيضاً: ما زال يظلم في زمان جماله ... ويجودُ بالهجران والإبعاد حَتَّى تسوَّد وجهه وسَلَوْتُه ... فكأنما كُنَّا عَلَى ميعاد وله أيضاً: يا مانعَ ورْدِ وجْنتيْه ... في وقْت قطافه وخيْره ذُقْ موتك من طلوع ذقْن ... المؤمن منْ كُفِي بغيْره وله أيضاً: أَتى بعْد الصِّبا شَيْبي ودهري ... رَمَى بعد اعتدال باعْوجاج كفى أَنْ كان لي بصر حديد ... وقد صارت عيوني من زجاج وله أيضاً: قالوا ترى الأَقْباطَ قد رُزقوا ... حظَّاً وأضْحوا كالسَّلاطين وتملكوا الأموال قلت لهم ... رزْقُ الكلاب عَلَى المجانين ابن الضياء الحنفي، قاضي مكة 749 - 825 هـ - 1348 - 1422م أحمد بن محمد بن محمد بن سعيد، قاضي القضاة شهاب الدين أبو الخير الصاغاني الأصل، المدني المولد، المكي المنشأ والدار والوفاة، الحنفي، قاضي قضاة مكة الجزء: 2 ¦ الصفحة: 179 وعالمها، وابن عالمها العلامة ضياء الدين، ووالد قاضي مكة وعالمها أبي البقاء قاضي زماننا هذا. مولده بالمدينة النبوية فِي السادس عشر من شهر ربيع الأول سنة تسع وأربعين وسبعمائة. قلت: وهو أول قاض ولي بمكة قضاء الحنفية استقلالاً، حدثني ولدق قاضي القضاء بهاء الدين أبو البقاء بمكة المشرفة، قال: كَانَ جدي الضياء تزوج بشريفة من بنات عنان بالمدينة " النبوية " فأولدها والدي، يعني صاحب الترجمة، انتهى. قال الحافظ تقي الدين الفاسي محدث مكة ومؤرخها: وسمع بِهَا من محدثها العفيف عبد الله بن الجمال محمد المطري بعض الشفاء للقاضي " عياض "، وَعَلَى الفقيه خليل بن عبد الرحمن القسطلاني المكي، إمام المالكية بالحرم جزء البطاقة، وَعَلَى القاضي عز الدين " عبد العزيز " بن جماعة الفرج بعد الشدة الجزء: 2 ¦ الصفحة: 180 لابن أبي الدنيا، وسمع عَلَيْهِ بمكة جزء ابن نجيد عن أحمد بن عساكر، وغيره عن أبي روح، والمؤيد الطوسي، وسمع بالقاهرة عَلَى الشيخ محيي الدين عبد القاهر - مؤلف طبقات الحنفية - الموطأ لمالك يحيى بن بكير، وغير ذَلِكَ، وَعَلَى فخر الدين إبراهيم بن العفيف إسحاق الآمدي بعض الخلعيات وذلك من حديث الحوض فِي الجزء الحادي عشر إِلَى آخر الجزء الثاني عشر، وحدث بِهِ الآمدي من لفظه لصمم عرض لَهُ، وسمع معنا عَلَى جماعة من شيوخنا بمكة ومن غيرهم من شيوخ مكة وحدث واعتنى بالعلم كثيراً، وله فِي الفقه نباهة، ودرس كثيراً، وأفتى. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 181 ومن تداريسه بمكة الدرس الَّذِي قرره للحنفية الأمير يلبغا الخاصكي مدبر الدولة بمصر تلقاه عن أبيه، والمدرسة الغياثية البنجالية، ومدرسة الزنجيلي، وتدريس الأمير أرغون النائب بمصر وبحلب فِي دار العجلة، ثُمَّ نقل الدرس إِلَى المسجد، وكذلك مدرسة الزنجيلي نقل الدرس منها إِلَى المسجد. وناب فِي العقود عن قاضي مكة عز الدين محمد بن قاضي الحرمين محب الدين النويري، ثُمَّ ناب عنه فِي الأحكام فِي آخر سنة ثلاث وثمانمائة، ثُمَّ عزله، فلم يتجنب المباشرة، وذكر أن مذهبه أن القاضي لا يعزل إِلاَّ بجنحة، ثُمَّ جاءه تقليد من صاحب مصر الناصر فرج بقضاء الحنفية فِي سنة ست وثمانمائة وجاء عزله من الناصر عقيب ذَلِكَ، بعد أن باشر أياماً قليلة، ثُمَّ ناب بعد ذَلِكَ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 182 فِي الحكم بمكة عن قاضيها جمال الدين بن ظهيرة فِي آخر سنة ست وثمانمائة، وَجاء فِيهَا تقليد من الناصر فرج، وباشر ذَلِكَ إِلَى أوائل ذي الحجة من سنة تسع وثمانمائة، ثُمَّ تركه لصرفه عن ذَلِكَ بصاحبنا الشيخ جلال الدين عبد الواحد بن إبراهيم المرشدي، وَمَا قبل جلال الدين الولاية فأعيد شهاب الدين للمنصب فِي سنة عشر وثمانمائة. واستمر متولياً حَتَّى مات فِي ليلة الأحد رابع عشر ربيع الأول سنة خمس وعشرين وثمانمائة بمكة المشرفة، ودفن صبيحتها بالمعلاه عَلَى والده. وَكَانَ قَدْ عرض لَهُ قبل موته بنحو شهرين عجز عن الحركة والمشي لسقوطه عن سرير مرتفع عن الأرض فانفك بعض أعضائه، وتألم كثيراً لذلك، أثابه الله تعالى. الفقيه شمس الدين الأرمنتي ...... - 662هـ - ...... - 1264م أحمد بن محمد بن هبة الله، القاضي شمس الدين الأرمنتي الشافعي. كان فقيهاً أديباً، سمع من الشيخ مجد الدين وولده الشيخ تقي الدين، وقرأ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 183 عَلَى مجد الدين " وتخرج عَلَيْهِ " فِي الفقه والأدب وغيرهما، وتولى الحكم وناب فِيهِ بقوص، فجاء كتاب القاضي بصرفه فتوجه إِلَيْهِ، وحضر دروسه، وأنشد لنفسه: حاشاكم أن تقطعوا صلة الَّذِي ... أَوْ تصرفوا علم المعارف أحمدا هو مبتدا نجباء أبناء جنسه ... والله بأبي غير رفْع المبتدا أغربتم الزمن المشتَّ بشمله ... وحذفتموه كأنه حرف الندا فلما سمع القاضي الأبيات أمره أن يستقر فِي نيابة حكمه. توفي بأرمنت فِي سنة اثنتين وستين وستمائة، رحمه الله تعالى. ابن القلانسي التميمي الدمشقي 669 - 731 هـ - 1270 - 1331م أحمد بن محمد " بن محمد " بن نصر الله التميمي الدمشقي بن القلانسي، وكيل بيت المال، وقاضي العسكر، ومدرس الأمينية والظاهرية وكاتب توقيع فِي الدست، وروى عن ابن البخاري، وبنت مكي. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 184 وَكَانَ صدراً نبيلاً، مليح الشكل، عاش نيفاً وستين سنة، وهو أحد الأخوة، مات سنة إحدى وثلاثين وسبعمائة وتولى وظائفه بعده أخوه علاء الدين ابن القلانسي. ابن منير الجذامي الحروي الإسكندري 620 - 683 هـ - 1223 - 1284م أحمد بن محمد بن منصور بن القاسم بن مختار، القاضي ناصر الدين بن منير الجذامي الحروي الإسكندري، أخو زين الدين علي. ولد سنة عشرين وستمائة، وَكَانَ إماماً عالماً بارعاً مفنناً، وله يد طولى فِي الأدب ومتونه، ومصنفات مفيدة، وتفسير، وهو سبط الصاحب نجيب الدين أحمد بن فارس، فالشيخ كمال الدين بن فارس شيخ القراء خاله، وسمع الحديث من أبيه، ومن يوسف المخيلي وابن رواح وغيرهم. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 185 وَكَانَ لا يناظر تعظيماً لفضيلته، بل تورد الأسئلة بَيْنَ يديه ثُمَّ يسمع مَا يجيب فِيهَا، وله تأليف عَلَى تراجم صحيح البخاري، وولي قضاء الإسكندرية وخطابتها مرتين، ودرس بعدة مدارس. وقيا إن الشيخ عز الدين بن عبد السلام كَانَ يقول ديار مصر تفتخر برجلين فِي طرفيها ابن المنير بالإسكندرية وابن دقيق العبد بقوص، وله ديوان خطب، وتفسير حديث الإسراء فِي مجلد عَلَى طريقة المتكلمين لا عَلَى طريقة السلف. وتوفي مستهل ربيع الآخر سنة ثلاث وثمانين وستمائة بالثغر. ومن شعره، وَقَدْ كتب إِلَى الفائزي يسأله رفع التصقيع عن الثغر: إذَا اعتل الزمان فمنك يرجو ... بنو الأيام عافية الشفاء وأن ينزل بساحتهم قضاء ... فأنت اللطف فِي ذَاكَ القضاء " وقال فِي من نازعه فِي الحكم ". قل لمن يبتغي بالجه ... ل تنح عنها لمن هو أعلم إن تكنْ فِي ربيع وليت يوماً ... فعليك القضاء أمسى مُحَرَّم الجزء: 2 ¦ الصفحة: 186 " وفيه يقول البرهان الغزولي ". أقول لخل قَدْ غدا متكبِّراً ... عليَّ ترفَّق إنني منك أكْبر وإن كنت فِي شكّ فعندي دليله ... بأنِّي غزوليٌّ وأَنت مُنَيَّر شهاب الدين الربعي الكركي ...... - 675هـ - ...... - 1276م أحمد بن محمد بن ميكائيل، الأمير الأديب العلامة شهاب الدين الربعي الكركي. كان إماماً فاضلاً، لَهُ يد طولى فِي العربية وغيرها من العلوم، وله نظم ونثر، وتصانيف، توفي سنة خمس وسبعين وستمائة. ابن البققي ...... - 701هـ - ...... - 1302م أحمد بن محمد فتح الدين بن البققي، باء موحدة وقافين، سكن القاهرة مدة سنين، وبدت منه أشياء ضبطت عَلَيْهِ. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 187 وَكَانَ فاضلاً ذكياً جيد الذهن، أداه ذَلِكَ إِلَى الاستخفاف بالقرآن والشرع، فضرب القاضي المالكي عنقه ببين القصرين سنة إحدى وسبعمائة فِي شهر ربيع الأول، وطيف برأسه وَقَدْ تكهل. وَكَانَ لَهُ شعر من ذَلِكَ قوله: جُبلْت عَلَى حبِّي لَهَا وأَلفته ... ولا بدَّ أن ألقى بِهِ الله معْلنا وَلَمْ يخْلُ قلْبي من هواها بقدر مَا ... أقول وقلبي خالياً فتمكَّنا وفيه يقول الحكيم شمس الدين محمد بن دانيال صاحب طيف الخيال: لا تلم البققي فِي فعله ... إنْ زاغ تضْليلاً عن الحقِّ لَوْ هذّب الناموس أخلاقه ... مَا كَانَ منسوباً إِلَى البق ابن الحاجبي المصري ...... - 749هـ - ...... - 1348م أحمد بن محمد، المعروف بابن الحاجبي المصري. مولده بعد الستمائة بمدة. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 188 كان شاباً ظريفاً، جندياً بالقاهرة، وله نظم ونثر ومشاركة فِي فنون، ومن شعره: وصفْت خصْرهُ الَّذِي ... أخفاه ردْفٌ راجحُ قالوا وَصِفْ جبينه ... فقلت: ذَاكَ واضح وله أيضاً: تقول وَقَدْ تجاذبنا للثم ... ورحْت لسلْكها ونثرت حبَّهُ أحبَّا تدَّعي وفَرَطْت عقْدي ... فقلْت وذاك من فرْط المحبَّه وله أيضاً: يَا طيب نشْر هبَّ لي من أرْضكُم ... فأثار كامن لوْعتي وتهتَّكي أَدّى تحيتُكمْ وأشْبه لطْفَكم ... وحكى شذاكُمْ إن ذا نَشْر زكي وله أيضاً: لا تبْعثوا غير الصَّبا بتحيَّة ... كما طاب فِي سمْعي حديثُ سِواها حفظتْ أحاديث الهوى وتضوَّعت ... نشْراً فيا لله مَا أَزْكاها وله أيضاً: وحديقة خطر الحبيب بِهَا ضُحى ... وَعَلَى الغصون من الغمام نِثَارُ فجرت تقبِّل تربة أنْهارها ... وتبسمتْ فِي وجْهه الأزهارُ وله أيضاً: مالوا بغير الرَّاح أغْصاناً ... والْتفتوا يَا صاح غِزْلانا واحْتملوا فِي الخَصْر لما مَشَوْا ... فِي عقدات الرَّمْل كُثْبانَا غيد حلت أفنان أوصافِهِمْ ... هَذَا الَّذِي والله أَفْنانا الجزء: 2 ¦ الصفحة: 189 فِي وجه كلِّ منهم روْضة ... حوت من الأزهارِ ألْوانا يقول لي لين تثنيهم ... ضلّ الَّذِي بالرمح حاكانا ومنها: أشكو إليهم تعباً من جفا ... صيَّرني فِي الليل سهرانا قالوا أترجو راحة فِي الهوى ... لَمْ يزل العاشق تَعْبانا ولا تكنْ ذا طمع فِي الكرى ... إنَّا فتحنا لَكَ أجفانا الشهاب الحجازي 790 - 875 هـ - 1388 - 1470م أحمد بن محمد بن علي بن حسن إبراهيم، الشيخ الإمام العالم العلامة البارع المفنن شهاب الدين أبو الطيب المعروف بالحجازي، الأنصاري الخزرجي المصري الشافعي، الشاعر المشهور. مولده فِي السابع والعشرين من شعبان سنة تسعين وسبعمائة، نشأ بالقاهرة، وتفقه عَلَى الشيخ كمال الدين الدميري، وَعَلَى قاضي القضاة ولي الدين العراقي، الجزء: 2 ¦ الصفحة: 190 وَعَلَى الشيخ شمس الدين البرماوي، وَعَلَى الشيخ برهان الدين البيجوري، وأخذ الفرائض عن الشيخ الإمام العلامة ناصر الدين محمد بن أنس الحنفي إمام الحنفية بالمدرسة البيبرسية، وقرأ النحو والصرف والمعاني والبيان والمنطقي وغيره من العلوم العقلية والأصولين عَلَى جماعة منهم العلامة عز الدين بن جماعة، والعلامة قاضي القضاة شمس الدين محمد الهساطي، والعلامة مجد الدين محمد الفيروز بادي مصنف القاموس فِي اللغة، واجتمع بالعلامة مجد الدين إسماعيل بن المقرئ اليماني صاحب عنوان الشرف، وسمع من العلامة الحافظ زين الدين العراقي الكتب الستة غير مرة بلا فوت، وأجاز لَهُ جميع مروياته ومصنفاته، وأجاز لَهُ الشيخ الحافظ المسند شرف الدين أبو الطاهر محمد بن محمد بن عبد اللطيف الكويك، وسمع أيضاً الكثير عَلَى " قاضي القضاة ولي الدين العراقي المتقدم الجزء: 2 ¦ الصفحة: 191 ذكره، ولازم شيخنا الإمام العلامة حافظ العصر قاضي القضاة شيخ الإسلام شهاب الدين بن حجر، وأخذ عنه علوماً وفنوناً كثيرة من فقه وحديث وعربية ومعقول وأدب وأجاز له جميع مروياته ومصنفاته، وقرأ عليه أيضاً المقامات الحريرية قراءة تحرير وبحث، وسمع عَلَى قاضي القضاة مجد الدين إسماعيل بن التركماني الحنفي، وسمع كتاب عيون الأثر في فنون المغازي والشمائل والسير للعلامة فتح الدين بن سيد الناس عَلَى قاضي القضاة مجد الدين المذكور بروايته له عن المصنف، وسمع عَلَى أبي الحسن علي بن أبي المجد بالخانقاه الصلاحية جميع صحيح البخاري بلا فوت، وسمع أيضاً الكثير عَلَى نور الدين عَلَى أبي الحسن الهيثمي وغيره. واشتغل وبرع، وله نظم ونثر ومصنفات في الأدب، ومن مصنفاته روض الآداب، ونديم الكئيب، وحبيب الحبيب، والكنَّس الجواري في الحسان من الجواري ............... وصوت الحكمة، ومقامة لطيفة، والنَّيْل الجزء: 2 ¦ الصفحة: 192 الرائد من النيل الزائد، وله ديوان شعر كبير، وله كراسة تحتوي عَلَى مقاطيع على بحور الشعر مقتبساً في البحر وسماها قلائد النحور من جواهر البحور، بها يظهر لك فضاه الكثير، وعلمه الغزير؛ ولنحل جيد تاريخنا بتعليقها، وهي هذه: " بسم الله الرحمن الرحيم " الحمد لله الذي جعل مقام الخليل أجل مقام وسخَّر له البحور. كيف لا وقد أمدها ذهنه الذي هو أكرم من الغمام. فكان دليلاً لمن قطع هذه الأبحر ممن طلب السلامة من الخطأ والاعتصام. حيث سبح فيها وهو ومن تلاه عَلَى ممر كل شهر وعام، أحمده عَلَى إنعامه المديد البسيط، وعلى كرمه التعويل، وأشكره عَلَى وافر فضله وطَوْله الطويل، وأشهد أن لا إله إِلاَّ الله وحده لا شريك له الذي ليس له مضارع ولا مماثل، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله البحر الكامل صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه المنظومين في سلاك محبته أحسن انتظام، صلاة وسلاماً دائمين، كما كان عَلَى الخليل الصلاة والسلام. وبعد فإنه قد عنَّ لي أن أستخرج من الكتاب العزيز ما جاء عَلَى أوزان الأبحر اتفاقاً، تباعاً لمن تقدمني في ذَلِكَ ووفاقاً، ثم بدا لي أن أبني عَلَى كل بحر من البحور بيتاً عَلَى ما عندي من القصور وسع طاقتي، إذ لم أكن من هذه الطبقة مع خوفي من لصوص أخشى أن تتخذها بعد ذلك مسترقة، فاستعنت بالله تعالى وأتيت البيوت من أبوابها، وتوصلت إلى أوتادها الرفيعة بأسبابها، وجمعت ذَلِكَ، ومَنْ لي بمجموع أو مفروق أو فاضله، لو لم أجد من الله الكريم أوْفَى صلة، فكنت من أفنان الفن البديعي ملتمساً، وفي النور المبين مقتبساً، وسميته: قلائد النحور من جواهر البحور، فجاء بحمد الله عقداً فريداً، وجوهراً نضيداً، الجزء: 2 ¦ الصفحة: 193 وقد استوفيت المعنى في البيت الواحد مع اسم ذَلِكَ البحر، والله أسأل أن يسلمنا من أهوال البحر حَتَّى نصل بالسلامة إلى البر، وليعلم الناظر فيه من كل نبيل ونبيه أن ما صرّحت فيه باسم البحر من الأبيات هو الأصل في هذا التأليف، وما زاد عَلَى ذَلِكَ فبإشارة " من سامني " ذَلِكَ بمرسومه الشريف، أبقاه الله تعالى على طول المدى وزاد علاه سؤدداً، وأحببت أن أجعل للبحر ضابطاً عَلَى ما رتبه الخليل، فقلت وهو حسبي ونعم الوكيل: وأبْحرُ شعر النَّاس ستَّة عشْرة ... وضابطها بيتان كُنْ لي سميعَها طويل مديد والبسيط ووافر ... وكامل وهزج رجز أرمل سريعها ومنسرح خفف وضارعه واقتضب ... بمجتثِّ قارب محْدثاً جميعها الأول من البحر الطويل " في الوعظ ": أَيَا مَنْ طويل اللَّيل بالنّوم قصَّروا ... أنيبوا وكونوا من أُناس به تاهوا وإن شئْتُمو تَحْيوا أميتُوا نفوسَكم ... " ولا تقتلوا النفس التي حرّم الله: ومنه أيضاً: ذوو الرَّشْد في يُسْر وفي جنَّة كما ... ذوو الغَيِّ في نارٍ وأحوالُهم تعْسر فريقان كلُّ في طريقِ ابتغائه ... " فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر " الجزء: 2 ¦ الصفحة: 194 الثاني من البحر المديد في مديح النبي صلى الله عليه وسلم: في رسول الله مَدْحي مَدِيدٌ ... ما عسى مدْحاً أَتى من بديهي وكتاب الله جاء بمدْحٍ ... " ذلك الكتابُ لا ريْبَ فيه " ومن الضرب الثاني في المديح: عُذَّلي فيه لقد كَلِفوا ... بهواه مُذْ بُليت بهم عَذَلُوا يبْغُوا تقاطُعُنا ... " حسداً من عند أنفسهم " الثالث من البحر البسيط في مدحه صلى الله عليه وسلم: يا سيِّد الرّسْل والبحر البسيط ويا ... مَنْ فَضْلُ هِمَّته تسْمو به الهم بُعثْت خاتم رُسْل الله كُلِّهم ... " في أمة قد خلت من قبلها أمم " الرابع من البحر الوافر " في المجاهدين ": صُدورَ الجيش يُظْفِرُكم إله ... بوافر سهْمِكم بالكافرين ويُخْزهم وينصركم عليهم ... " ويشْف صدور قوم مؤمنين " الجزء: 2 ¦ الصفحة: 195 " ومنه أيضاً ": إن الأُولى قد عثوا في الأرض إذ ظلموا ... والله منهم لقد أَخْلى أماكنهم فاستغن بالسَّمع عن مرآهم عظة ... " فأصبحوا لا يُرَى إِلاَّ مساكنهم " " ومنه أيضاً ": إذا ما كنت في شأن فأرِّخ ... فعالم ما به مرْء تفوه يقول " إذا تدانيتم بدين ... إلى أجل مسمَّى فاكتبوه " الخامس من البحر الكامل: يا كاملاً لا تعتمد إِلاَّ عَلَى ... مَنْ فضله عمَّ الخلائق أَجمعينا واقصد آلهاً لا يخيّب آملاً ... " وعليه فليتوكَّل المتوكلون " ومن أيضاً يرثي شمس الدين بن موسى: مات ابن موسى وهو بَحْر كامل ... فهناكم جمْعُ الملائكُ مُشْترك يأتيكم التابوت فيه سكينة ... من ربِّكم وبقيةٌ مما ترك " الجزء: 2 ¦ الصفحة: 196 ومن مجزوئه: ما زال أبليس اللعي ... ن يضلُّ في الدين القويم " والله يهدي من يشا ... ء إلى صراط مستقيم " السادس من البحر الهازج: جفا رضْوان من هزج ... ولي بدل عذاراه وأزواجٌ مطهرةٌ ... ورضْوانٌ من الله " " السابع من البحر الرجز في الصالحين ": إني ارتجزت الشِّعر من قوم هُمُ ... الساداتُ والأعيانُ لمَّا " استنشدونا " التائبون العابدون الحامدون ... السائِحون الراكعون الساجدون " ومنه أيضا: وغوطة الشام أضْحى أَهْلها ... يرونها لحنَّة تمثيلا دانية عليهم ظلالُها ... وذُللت قطوفها تذليلا ومن مجزوئه في عالمة: عالمة لها عَلَى ... كُرْسيها فضلٌ جسيم " وأوتيت من كل شيء ... ولها عرش عظيم " الجزء: 2 ¦ الصفحة: 197 ومن مشطوره: خَسِرْت إنْ تركْتَ أخرى عُلْيَا ... " تريد زينةَ الحياة الدُّنيا " ومن منهوكه: يا ريحَ نفسٍ حَسِرَتْ ... " إذا السماءُ انفطرت " الثامن من البحر الرمل: أَيُّها الأرمل إن رمت عَفَافاً ... فتزوَّج مِنْ نساءٍ خيرات مسلمات مؤمنات قانتات ... تائبات عابدات سائحات: " ومنه أيضاً ": يا أخا الرشد إذا جاءك ذو الد ... ين كن في الحال من أصحابه أو يعاند جاهل في ربِّنا ... " قل هو الرحمن آمنا به " ومن مجزوئه: أسْعدوا المرمل تُجْزؤا ... ذاك أولى ما تُعِدَّون " لن تنالوا البر حَتَّى ... تنفقوا مما تحبُون " الجزء: 2 ¦ الصفحة: 198 ومن مجزوئه أيضاً: ظهرك أَحَقُّ بركوع ... وإذا ما رُمْتَ لُقْيَاه " فأقِمْ وجْهك للدي ... ن حنيفاً فِطْرة الله " ومن مجزوئه أيضاً: صلى الله نهاراً ... واغتنم فضل الوَدُود " ومن الليل فسبِّح ... هـ وأدبَار السجودِ " التاسع من البحر السريع: إنسان عيْني غَرَّك النُّور ... من وجهه سريع للهوى حَرَّك لو لم تراه قَمَراً طالعاً ... " يا أَيُّها الإنسان ما غرّك " ومنه أيضاً: يا أهل دين الله بُشْراكم ... أقَر مولاكم به عينكم إذ أنزل الله عَلَى المصطفى ... " اليوم أكملت لكم دينكم " ومنه أيضاً: الملك الظَّاهر أَعظم به ... قرَّب فتح الدين قرب الحبيب دعا له مع قربه جاءه ... " نصر من الله وفتح قريب " الجزء: 2 ¦ الصفحة: 199 ومنه أيضاً: زلُزلت الأرض فخاف الورى ... وابتهلوا إلى العزيز الحكيم فلْيذْكروا مع خوفهم " قوله " ... " زلزلة السَّاعة شيء عظيم " العاشر من البحر المُنْسرح: احرصْ غدا أن تكون مُنْسرحاً ... وأن قرأت القرآن فاستعذ واصْغ لقول الإله متَّعظاً ... " ونحشر المجرمين يومئذ " الحادي عشر من البحر الخفيف: إنْ عقلَ الفرنج عقلٌ حفيفٌ ... حيثُ راموا قتالنا والنزالا هلكوا بالوباء وماتوا جميعاً ... " وكفى الله المؤمنين القتالا " ومنه أيضاً في مدح أبي بكر الصديق رضي الله عنه: صاحب المصطفى وصديقه قد ... جاوز الحدُّ بامتداح الباري حيث قال الإله في الشأن منه ... " ثاني اثنين إذْ هما في الغار " الجزء: 2 ¦ الصفحة: 200 ومنه أيضاً: مَنْ عَذِيري من عصبة آكلي ... ن لمالٍ محرَّم آَكلاً ما " تأكلون التراث أَكْلاً لمَّا ... وتحبون المال حباً جما " ومنه أيضاً: أوعد المجرمون شرّاً وأيضاً ... وعد المؤمنون خيراً مليَّا فاجتهد أن تكون للخير أَهلاً ... " إنه كان وعده مأَتيا " الثاني عشر من البحر المضارع: وضارِعْ أصيل خَيْر ... تَنَلْ من ربِّ يقينا جِنانا مُزَخْرفات ... " وهم فيها خالدون " الثالث عشر من البحر المقتضب: زُهْر أُفقنا اقتُضِبت ... من ضياء الشَّمس فهم يُشرقون في ظُلَمٍ ... " كلما أَضاءَ لهم " الرابع عشر من البحر المجتث: اجتُثَّ قلْبي بذنبي ... والله خَيْراً يزيدُ وكَيْف أَخشى ذُنُوبي ... " وهو الغفور الودود " الجزء: 2 ¦ الصفحة: 201 الخامس عشر من البحر المتقارب في السلطان: أَيَا مَلِكاً نالَ من برِّه ... به المتقارب فضلاً محُوزَا سأَلت إلهي كسر العُداة ... " وينصرك الله نصراً عزيزاً " السادس عسر " من البحر المحدث " في تعزية معذر: النَّبت المحدث عاجله ... فبكى بدموع هاملة فعوارضه بلظى خَدِّ ... " تُسقى من عين آنية " ومما يُلحق بذلك من مقلوب الطويل في المجاهدين أيضاً: أولى الإسلام دُوسُوا بلادَ الكفرِ عَنْوة ... ولا تخْشَوْا فأنتم أولوا بطشٍ وقُوَة وهُمُّوا كي تنالوا من الأعداء واتلوا ... " لقد كان لكم في رسول الله أُسوة ومن المواليا في مليح صياد اسمه داود: محبوب داود طائر قلبي الوثَّاب ... رَفْرَف عليه يا مواليَّا بلا إعجاب لا نوُّ سمّى بني رأيت كُل شيء لوُهَاب ... " والطير محشورة كل له أَوّاب " ومن كان وكان قُمْ يا مقصِّر تضرَّع قبل أَنْ يقولوا كانْ وكانْللبرِّ مُجْرى " الجواري في البحر كالأعلام " الجزء: 2 ¦ الصفحة: 202 ومنه أيضاً: لا تقتلوا بعضكم بعض وتخرجوهم من ديار ... " تظاهرون عليهم بالإثم والعدوان " " ومن القوما " يا طالباً الغفران قوماً إلى الرحمن ... لتنظر العين منكم " عينان نضاحتان " ومما أنشدني لنفسه إجازة من شعره قصيدة نبوية تقرأ عَلَى أوجه كثيرة بعدة قوافي، وهي من الغرر: محمد. وجهُه بالنّور مُلْتَمَع ... بدر أَضاء. فاق بدر التَّم حين بَدَا مُشَرَّف. شَرُفَتْ في الناس أُمَّته ... له اللواء. حلَّ عقد الكفر مذ عقدا مؤَيَّد. دينه الإسلام متَّبع ... حكماً مضى. سيفه نار الوغى وقدا مُعَرَّفٌ. ولسان الحق ينعته ... وكم حوى. لم يشاهَدْ مثله أَبدا مُمَجَّدٌ. كفُّه رحْب ومتَّسع ... حقاً فضى. لم يخبْ مَنْ فضلَه قَصدَا مصرَّف رأيه زانتْه حكمتُه ... وهو الدَّوا. كم شفا من دائه جسدا مسدّد. بقليل الزاد مقتنع ... هو الرِّضا. شاكراً لله قد حمدا مهفهف. تُخْجل الأغصان خَطْرته ... إذا استوى. فاق حسناً قام أو قعدا ممهَّد. فيه كلُّ الخير مجتمع ... والمرتضى. وهو خيرُ الرُّسل والشُّهدا مؤلّف. عظُمت في الخلق همته ... سهم القوى. قاتل مَنْ دينه جحدا الجزء: 2 ¦ الصفحة: 203 وله أيضاً عَلَى وزن قصيدة ابن زيدون في ضد معناها: ملكْتَ فاحكم مهما إن تشأ فينا ... ها أَنت ممرضنا ها أنت شافينا لسْنا نُؤَمِّل شيئاً منك غير رضىً ... وقربُنا منك يا أَقصى أمانينا حاشاكَ يا غاية الآمال تُبْعدنا ... فما من البِرِّ إبعاد المحبينا روحي الفدا لحبيب قد دنا ووفا ... ولا رَقيب ولا واشٍ فيؤذينا لا تشتهي الرَّاح مع ظَلْم له أبداً ... ولا الظَّمأ نشتكي ما دام يُرْوينا يسعى لنا بشمول من شمائله ... وبالخدود يُحيِّينا فيحيينا في روضة رقصت أغصانها طرباً ... من شدو ورقاً عن الألحان تغنينا شقيقها شَقَّ غَبْطاً قلب حاسِدنَا ... وحُسْنُ منثورها المنظومُ يلْهينا والقلب سُرَّ بعيش قد صفا فدعا ... بأَن يدوم فقال الدَّهر آمينا والشَّملُ مُجتمع لا يشتفى أَبداً ... يوماً من الدَّهر واشينا ولا حينا فإن بكينا فليس الدَّمعُ مِنْ حَزَن ... لكنَّ فرطَ السُّرور المحض يَبْكينا الجزء: 2 ¦ الصفحة: 204 لا يَعرف الحبُّ هجراناً ولا مَلَلاً ... ونحن لا يعرف السلوان نادينا رأَيت حسَّدنا تشكو الزَّمان فما ... يزال يغضبُهم قهراً ويرضينا نُمْسِي ونصبح في ظلِّ الوصال وقد ... أَضحى التَّداني بديلاً من تناءينا وله موشح يعارض به موشح ابن سناء الملك: أَيا قدّاً غدا كالرمح طاعن، قويما ويا سيفاً لنا في الجفن كامِنْ، مقيما لقد أَدنيتما موتي وقتلي ... وقد صيَّرتما بالحب شُغْلي وقد قيدتما عقلي بُغلِّ من الأَصْداغِ سلْسلتي وقُفْلي فمن لي إن غدا حَكَما وساجن، خصيما إذا أضحى وكثر الصبر خائن. غريما له وجْه يفوق البدْرَ حسْنا وقَدُّ قَدْ تفرَّد إِذْ تَثَنَّا شَدا في روضة لفَّا وغنَّا الجزء: 2 ¦ الصفحة: 205 فأعرب إِذْ سمعنا منه لَحْنَا وحرك شدْوه ما كان ساكن. قديما وصرت إلى المدام لمن يُعاينِ. نديما مليحٌ لحْظُه يَرْمي نِبَالا بِقَدِّ يخجل السُّمر الطِّوالا يُريك جبينه الزاهي هِلالاَ ويترك صبَّه العاني خيالا بردف ظاهر كالطود باين. جسيما وخصر مِنْ خفاه له مباين. عديما له خالٌ كمسْك فَوْقَ جَمْر وثَغْر من لَمَاهُ سُلافُ خمْر وحقِّ تجلّدي وحياة صبري حقيقاً حار في الضِّدين فكري فعيني تجتني من ذي المحاسن. نعيما الجزء: 2 ¦ الصفحة: 206 وقلبي يصطلي كالخال ساكن. جحيما وليلة زارني عند المساءِ ولاح البدر في وسط السَّماءِ وحاكَى بالسَّنا وبالسَّناءِ وليلاً لا يُضاهى في البهاءِ وظَنَّ بأَن يكون له موازن. قسيما وما هو مثله في الكون لكن. خديما وله أيضاً زجل، وهو أول زجل نظمه عَلَى حسب ما اقترح عليه، عَلَى هذا المثال: إن ردت فرجة تفكر في أرواح جميع العباد ... أمَّا لدى حُسْن روضة أو في جهنم كوادي اسمع لي ألفاظ وجيزة ... عند الهرم قَلَّ صبري وصار دمْعي سَوَاقي ... لما انحنا قوسْ ظهْري ومُنتهى القَصْد توبة ... لأنِّي ضيَّعت عمْري الجزء: 2 ¦ الصفحة: 207 في البهطلة والصناعة. واللهو حاضر وبادي ... وجامع التوبة أطلب. هو المشتهى ومُرادي قف بالرصد واقف الآثار ... يا من هو مثلي معتوق وانظر بمقياس عقلك ... لأهل الوفا وتخلَّق واكسر النَّفس يُجْبَر ... وقم بستر وتعلَّق وبالأصابع تضرع. لأهل السماح والأيادي ... ودق كوسات عزمك وانهض لكسر الأعادي يا نفس بحر هواكي ... من الزيادة تكدَّر وأَنتِ في تيَّار مرادك ... حَتَّى تصيري إلى البر يقول لك ليش تكوني ... دوامة عمرك عَلَى الشَّر وشيمتك طول ليلك. ملازمة للوساد ... وأما الذنوب مثل الأمواج من الهوى والفساد أقلع عن الذَّنب يَا مَنْ ... في مركب اللهو ساري وكن عن الذنب راجع ... فالخلق فيها عواري قبل أن يحين منعا قلعك ... وأنت في كاني وصاري الجزء: 2 ¦ الصفحة: 208 كسر مقاديف نفسك تجمل غداً في المعادي ... وأرخي مراسيك وأقدم عليه من غير زاد لا ترتبط عند قرية ... ولا تقل فيها داري ولا تكن قط حبطين ... وأرخى المداري وداري فالخلق في فلك الأقدار ... ما بين عبيد وجواري يوم تصير نار جهنم. حراقة الأهل العناد ... وإن كان تشعث علينا شفيعنا خير هادي ومن شعره مقتبساً في يوسف " دو بيت ". يا يوسف أُوتيت من البهجة زيناً ... فضلت بذا الحسن والجمال الدنيا لا بدع إذا ما رحمتنا وقرآناً ... " تالله لقد آثرك الله علينا " ومن شعره في إبراهيم: تباعد إبراهيم أشعل في الحَشَا ... ضِرَاماً وأجرى مَدْمع العين مِدْرارا وواعَجباً أن الحليل سمَّيه ... به خمدت نار وذا ضرم نارا ومن شعره أيضاً: كأسنا في الطل صِرْفاً ... جُلِيَتْ بين النَّداما لم نجد ماء لمزج ... فقنعنا بالنداما وله أشياء ظريفة غير ذَلِكَ حذقناها خوف الإطالة، انتهى. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 209 نظام الدين الحصيري ...... - 698هـ - ...... - 1299م أحمد بن محمود بن أحمد بن عبد السلام، الشيخ الإمام نظام الدين بن الشيخ جمال الدين الحصيري الحنفي، مدرس النويرية. كان إماماً فاضلاً عالماً، مفتياً مدرساً، درس بالنويرية بعد أبيه، وناب فِي الحكم، وَكَانَ عفيفاً ديناً، ملازماً للعبادة والاشتغال، إِلَى أن توفي يوم الجمعة تاسع المحرم سنة ثمان وتسعين وستمائة، ودفن بمقابر الصوفية، ودرس بعده بالنويرية الشيخ شمس الدين بن الصدر سليمان. ابن العطار 626 - 702 هـ - 1229 - 1303م أحمد بن محمود، الشيخ الإمام الأديب البليغ كمال الدين أبو العباس بن أبي الفتح الشيباني الدمشقي المعروف بابن العطار. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 210 ولد سنة ست وعشرين وستمائة، وأجاز لَهُ بن روزبه، وسمع من ابن المقير، وأبي نصر بن الشيرازي، والسخاوي، وخُرجت لَهُ مشيخة، وحدث بصحيح البخاري فِي الكرك بإجازة سنة سبعمائة. وكان إماماً فاضلاً ديناً، بديع الكتابة والترسل، جيد النظم والنثر، ومن شعره مَا كتبه للشيخ محيي الدين بن عبد الظاهر: سقى وحيا الله طيْفاً أَتَى ... فقُمْتَ إجلالاً وقبَّلْتهُ لشدّة الشوق الَّذِي بيننا ... قَدْ زارني حقّاً وَمَا زرته فأجابه ابن عبد الظاهر فِي صدر مكاتبة: فِي النَّوم واليقظة لي راتب ... عَلَيْكَ فِي الحالين قدرته تفضَّل المولى إذَا زاره ... طيفي خيال منه إن زرته ومن شعره: ولما بدا مُرْخَى الذوائب وانثنى ... ضحوك التَّنايا مُرْسل الصَّدع فِي الخد بدا البدر فِي الظلماء والغصن والنُّقا ... وزهر الرُّبا فِي الروض والآس فِي الورد توفي سنة اثنتين وسبعمائة، رحمه الله تعالى. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 211 صدر الدين بن العجمي 777 - 833 هـ - 1375 - 1439م أحمد بن محمود " بن محمد " بن عبد الله، العلامة صدر الدين بن قاضي القضاة جمال الدين القيصري العجمي الحنفي، الشهير بابن العجمي، محتسب القاهرة، وشيخ الشيخونية. مولده بالقاهرة وبها نشأ وطلب العلم، ولازم علماء عصره إِلَى أن برع فِي الفقه والأصول العربية " والمعاني " والبيان وغير ذَلِكَ، وأفتى ودرس، وَكَانَ معدوداً من فقهاء الحنفية الأذكياء الفضلاء، وتولى عدة وظائف: نظر جيش دمشق، وحسبة القاهرة غير مرة، ونظر الجوالي ومشيخة الشيخونية دينية. وكان عنده حذق وذوق ومحاضرة حسنة، وكرم وتواضع، مع بلاغة وفصاحة عبارة، وإقدام وطلاقة لسان، بحاثاً مستحضراً ذكياً، وَكَانَ يجالس الملك المؤيد شيخ وينادمه، ومما وقع لَهُ من حسن الاستدراك معه أن الملك الجزء: 2 ¦ الصفحة: 212 المؤيد أرسل مرة تجريدة من الأمراء والمماليك السلطانية إلى الصعيد وعليهم الأمير فخر الدين بن أبي الفرج الاستادار، فلما كَانَ فِي بعض الأيام، وجد الملك المؤيد شيخ مقبوض الخاطر مع جلسائه مهموماً، فقيل لَهُ فِي ذَلِكَ، فقال رأيت الليلة فِي منامي أن فخر الدين الاستادار مكشوف الرأس فأهمني ذَلِكَ، فلما سمع جلساء المؤيد منه ذَلِكَ سكت الجميع إِلاَّ صدر الدين هَذَا، فإنه بادر وقال أبشر لَهُ بالنصر يَا مولانا السلطان، فالتفت إليه المؤيد وقال: وكيف ذَلِكَ؟، ومن أَيْنَ لَكَ هَذَا؟ قال من قول الشاعر: أنا ابن جلا وطلاَّع الثَّنايا ... متى أَصنع العمامة تعرفوني فكان يا مولانا السلطان عندهم كشف الرأس علامة النصر، وكذا يجري إن شاء الله، " فاستحسن الملك المؤيد منه ذَلِكَ "، ووقع بعد أيام كما قال صدر الدين، وانتصر فخر الدين بن أبي الفرج وعاد منصوراً، وله من هَذَا أشياء. توفي بالطاعون فِي يوم السبت رابع عشر شهر رجب سنة ثلاث وثلاثين وثمانمائة، رحمه الله تعالى. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 213 قاضي القضاة ابن الكشك الحنفي 780 - 836 هـ - 1378 - 1432م أحمد بن محمود بن أحمد بن إسماعيل بن محمد بن أبي العز، قاضي القضاة شهاب الدين بن قاضي القضاة محيي الدين، المعروف بابن الكشك الدمشقي الحنفي، قاضي القضاة الحنفية بدمشق، ورئيسها. هو من بيت علم ورئاسة وعراقة، ذكرنا جماعة من آبائه وأجداده بني العز في هذا الكتاب كل واحد باسمه، مولده بدمشق " .... ". وبها نشأ وطلب العلم، وتفقه عَلَى مذهبه، واشتغل بالرئاسة، وولي قضاء القضاة الحنفية بدمشق مراراً عديدة، وجمع في بعض الأحيان بين القضاء وبين نظر جيش دمشق، وقدم إلى القاهرة غير مرة، وعين لكتابة سر مصر في الدولة الأشرفية برسباي، فامتنع من ذَلِكَ واعتذر عن الحضور بالتعلل، واستمر في وظيفته، وكان له ثروة، وفضل وأفضال، وهو معدود من أعيان أهل دمشق، إلى أن توفي بدمشق في ليلة الخميس سابع شهر ربيع الأول سنة سبع وثلاثين وثمانمائة، وتولى القضاء من بعده ولده محمد، يأتي ذكره في محله إن شاء الله تعالى. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 214 قيل أن الأمير تنكز نائب الشام لما بنى جامعه لدمشق أراد أن يجعل الكشك خطيباً بالجامع المذكور، فاتفق أن تنكز جاء يوماً لينظر عمارة الجامع، وكان المرخمون بصحن الجامع يعملون الرخام، فقال تنكر: والله صحن مليح، فأجابه بعض من له غرض في تولية الخطابة لغير الكشك، بأن قال: إي والله يا خوند إِلاَّ ما يصلح أن يكون في مثل هذا الصحن كشك، فضحك تنكز، وفطن للرقة. وهجا الكشك بعض شعراء عصره بقوله: الكشْكُ فظُّ غليظ ... محرِّك للسَّواكن أبواه دَرُّ وبر ... نعم الجدود ولكنْ ابن أبي عمارة البجائي المغربي ...... - 683هـ - ... ... - 1284م أحمد بن مرزوق بن أبي عمارة البجائي المغربي، السلطان الدعي، الذي قال: أنا ابن الواثق بالله أبي زكريا يحيى بن محمد بن عبد الواحد بن عمر الهنتاني. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 215 سار في جيش وقصد تونس، ووثب عَلَى صاحبها المجاهد أبي إسحاق إبراهيم بن يحيى الهنتاني، وظفر به وذبحه، وغلب عَلَى إفريقية، وتمسى بأمير المؤمنين، وقان بالوقاحة، وتم أمره، وكان سيئ الخلق والسيرة، فانتدب له أبو حفص عمر بن يحيى أخو المجاهد المذكور، وقام معه خلق كثير، فحارت قوى الدعى واختفى، وبويع أبو حفص ولقب بالمستنصر بالله المؤيد، ثم ظفر بالدعى وعذبه، فأقر بأنه أحمد بن مرزوق، وأنه كذب، فمات تحت السياط سنة ثلاث وثمانين وستمائة، انتهى. ابن علان القيسي 624 - 697 هـ - 1227 - 1297م أحمد بن المسلم بن محمد بن المسلم، الشيخ عز الدين بن الشيخ شمس الدين بن علان القيسي " الدمشقي ". الجزء: 2 ¦ الصفحة: 216 ولد سنة أربع وعشرين وسبعمائة، وسمع من القاضي أبي نصر بن الشيرازي، وشيخ الشيوخ بن حمويه، والسخاوي، وإبراهيم الخشوعي، وحفظ كتاب التنبيه، وخدم في الجهات، وولي نظر بعلبك مرات، توفي سنة سبع وتسعين وستمائة، رحمه الله تعالى. القاضي برهان الدين صاحب سيواس ...... - 800هـ - ...... - 1398م أحمد، القاضي برهان الدين أبو العباس، السلطان صاحب سيواس. ولد بسيواس وبها نشأ، ثم قدم حلب وقرأ بها مدة قليلة، ثم رجع إلى سيواس، وقيل أنه قدم إلى القاهرة وأقام بها مدة قبل عوده إلى سيواس، ولما قدم إلى سيواس تنقلت به الأحوال إلى أن ولي سيواس وغيرها من ممالك الروم، الجزء: 2 ¦ الصفحة: 217 واستفحل أمره وعظم إلى أن عصى الأمير تمربغا الأفضلي المدعو منطاش نائب ملطية عَلَى الملك الظاهر برقوق في سنة إحدى وتسعين وسبعمائة، وأرسل الملك الظاهر لحربه عسكراً من القاهرة، وعليهم من أمراء الألوف أربعة: الأمير يونس النورزي الدوادار، والأمير قردم الحسني رأس نوبة، والأمير سودون باق، والأمير الطنبغا المعلم أمير سلاح، فلما وصلوا إلى دمشق خرج معهم من عسكرها عدة أمراء: أتابكها الأمير إينال اليوسفي وأربعة من مقدمي دمشق، وتوجهوا إلى ملطية، ومقدم العساكر المصرية والشامية الأمير يلبغا الناصري نائب حلب، فلما أحس منطاش بقدوم العسكر توجه إلى سيواس والتجأ إلى القاضي برهان الدين المذكور، فتوجه العسكر خلفه إلى سيواس، ونازلوها وحصروها عدة أيام وأشرفوا عَلَى أخذها، فلما رأى ذَلِكَ للقاضي برهان الدين استنجد بمن في تلك الأطراف من الأرمن والتتار، فجمعوا وحشدوا وخرج المقاتلة من سيواس، وصافوا العسكر وقاتلوهم قتالاً شديداً، فأشرف العسكر عَلَى الكسرة، فلما رأى مقدم العسكر الأمير يلبغا الناصري ذَلِكَ حمل عليهم بمن معه من العساكر، فكسرهم كسرة شنيعة وقتل منهم مقتلة عظيمة، وأسر منهم خلائق كثيرين، ثم رجع الأمير يلبغا الناصري والعساكر إلى حلب منصورين مؤيدين، لكنهم لم ينالوا من منطاش غرضاً، وعاد العسكر المصري إلى القاهرة، ووقع لمنطاش الجزء: 2 ¦ الصفحة: 218 أمور إلى وافقه الأمير يلبغا الناصري، وصارا علمي الملك الظاهر برقوق، ثم خلع برقوق وحبس بالكرك، عَلَى ما سيأتي ذكره إن شاء الله تعالى في غير موضع. ثم أن القاضي برهان الدين هذا بعد مدة طويلة صالح الملك الظاهر برقوق في سلطنته الثانية، واعتذر إِلَيْهِ، فقبل برقوق عذره، ومشت الرسل بينهما، ودام الصلح إلى سنة تسع وتسعين وسبعمائة، قصد التتار المجاورون لأزرنكان سيواس، فاستنجد صاحبها القاضي برهان الدين بالملك الظاهر برقوق، فجهز إِلَيْهِ العساكر الشامية لنصرته، فاجتمع نواب الممالك الشامية بحلب، وهم: الأمير تنبك الحسني المدعو تنم نائب دمشق، ووالدي الأمير تغري بردى من يشبغا نائب حلب، والأمير يونس بلطا نائب حماه، والأمير آقبغا الهذباني نائب صفد، قلت: وكل هؤلاء النواب مماليك الملك الظاهر برقوق، ومشتري ماله، وصحبتهم جمع كثير وتوجهوا إلى سيواس، فحصل للتتار رعب كبير لما سمعوا بقدومهم، وقفلوا إلى جهة بلادهم راجعين، فاجتمعوا بالقاضي برهان الدين، الجزء: 2 ¦ الصفحة: 219 وأمنوا رعيه وخلعوا عليه، وكان الذي أخلع عليه والدي، فغضب الأمير تنم نائب الشام في الباطن وأرسل بعد قدومه إلى دمشق يعرف بذلك الملك الظاهر برقوق، واتهم والدي عَلَى العصيان، ليس هذا محل ذكر ما وقع لهما، والمقصود أن القاضي برهان الدين اطمأن في مملكة سيواس، ودام بها إلى سنة ثمانمائة، قصده عثمان بن طر عَلَى المدعو قرايلك، ووصل إلى سيواس فخرج لقتاله القاضي برهان الدين بعساكر سيواس، وتقاتلا فكسر القاضي برهان الدين وقتل بظاهر سيواس، واستمرت سيواس بغير حاكم، إلى أن أرسل إليها أبو يزيد بن عثمان حاكماً، ودامت مضافة إلى مملكته إلى يومنا هذا. وكان القاضي برهان الدين ملكاً عالماً فقيهاً حنفياً، أديباً شاعراً، ماهراً، يقول الشعر باللغات الثلاثة، وكان سبب دخوله إلى القاهرة أنه كان في ابتداء أمره حين طلبه للعلم رأى منجساً حاذقاً، فسأله عن حاله، فقال له المنجم أنت تصير سلطاناً، فقال القاضي برهان الدين إن كان ولا بد فأكون سلطان مصر فأنها أعظم الممالك، فقدم إلى القاهرة وأقام بها سنين فما صار جندياً، فقال في نفسه أقمت هذه المدة الطويلة وما صرت جندياً، فمتى أصير سلطاناً، فعاد إلى سيواس وآل أمره إلى أن ملكها. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 220 قال تقي الدين المقريزي: القاضي برهان الدين أبو العباس أحمد حاكم قيصيرية وتوقات وسيواس، أعلم أن ممالك الروم كانت أخيراً لبني قليج أرسلان الذين أقاموا بها دين الإسلام لما انتزعوها من يد ملك القسطنطينية، وكان كرسيهم قونية، وأعمالهم كثيرة جداً، حَتَّى بعث منكوقان أخو هولاكو في سنة أربع وخمسين وستمائة عسكراً عليه بيكو إلى بلاد الروم فملك آرزن الروم، وغاب في بلاد الروم حَتَّى هلك، وولي الروم بعده صمغار، وغلبت التركمان عَلَى الجبال والثغور والسواحل، فولاهم هولاكو ما غلبوا عليه، وكان صمغار، فبعث الملك أبغا بن هولاكو عوضه تداون، وتوفوا في سنة خمس وسبعين وستمائة، قتلهما الملك الظاهر بيبرس، وملك قيصرية في محاربته لهما، فأقام آبغا عَلَى قنعرطاي، وتداول بعده عدة أمراء حَتَّى قام دمرداش بن جوبان سنة ثلاث الجزء: 2 ¦ الصفحة: 221 وعشرين وسبعمائة، فعظم ملكه، ثم قدم إلى " مصر " واستفحل أرتنا أحد أمرائه عَلَى بلاد الروم، فنزل سيواس وعملها كرسي ملكه، حَتَّى مات سنة ثلاث وخمسين، وملك بعده ابنه وأولاده، " فأخذ أولاد " دلغادر النزكماني بلاد سيس، ومات محمد بن أرتنا في حدود سنة ثمانين، فأقيم بعده صبي من أولاده، وقام بأمره " الأمير " القليج أرسلان فغدر به قاضي سيواس، وقام بأمر الصبي حَتَّى مات، وهو والد برهان صاحب الترجمة. وكان برهان الدين هذا قد طلب العلم في صباه وقدم القاهرة، وأخذ بها عن شيوخ زمانه، فعرف بالذكاء حَتَّى حصل عَلَى طرف من العلم، فبشره بعض الفقراء بأنه يتملك بلاد الروم، وأشار إِلَيْهِ بعوده إليها، فمضى إلى سيواس، ودرس بها وصنف، ونظم الشعر، وهو يتزي بزي الأجناد ويسلك طريقة الأمراء، فيركب بالجوارح والكلاب إلى الصيد، ويلازم الخدم السلطانية، إلى أن مات ابن أرتنا عن ولد صغير اسمه محمد، فأقيم بعده، وقام الأمراء بأمره، وهم عضنفر بن ظغر، وفريدون، وابن المؤيد، وجي كلدي، وحاجي إبراهيم، وأكبرهم الذي يرجعون إليهم في الرأي والتدبير قاضي سيواس والد البرهان هذا، الجزء: 2 ¦ الصفحة: 222 فدبر الأمراء المذكورون مدة حياة القاضي، فلما مات ولي ابنه برهان الدين أبو العباس أحمد هذا مكانه، فسد مسده وأربى عليه بكثرة علمه وحسن سياسته وجودة تدبيره، وأخذ تدبيره، وأخذ في أحكام أمره، فأول ما بدأ به بعد تمهيد قواعده أن فرق ولايته، أعمال المملكة، عَلَى الأمراء، فأخرج ثلاثة: المؤيد وجي كلدي وحاجي إبراهيم، وبقي حول السلطان فريدون وعضنفر، فثقلا عليه واجب أن ينفرد بالأمر دونهما، فتمارض ليقعا في قبضته، فكان كذلك، فدخلا عليه يعودانه فلما استقر بهما الجلوس، فخرج عليهما من رجاله جماعة قد أقعدهما في مخدع، فقبضوا عليهما، وخرج من فوره فملك الأمر من غير منازع، ولقب بالسلطان، فلم يرضَ بذلك شيخ نجيب متولي توقات، وجي كللدي نائب أماسيه، فخرج القاضي برهان الدين واستولى عَلَى مملكة قرمان، وقاتل من عصي عليه، ونزع توقات من شيخ نجيب، واستمال إِلَيْهِ تتار الروم، وهم جمع كبير لهم بأس ومجده وشجاعة، واستضاف إِلَيْهِ الأمير عثمان قرايلك بتراكمينة فعز جانبه، ثم أن قرايلك خالف عليه ومنع تقادمه التي كان يحملها إِلَيْهِ، فلم يكترث به القاضي برهان الدين احتقاراً له، فصار قرايلك يتردد إلى ماسيه وأرزن خان إلى أن قصد ذات يوم مصيفاً بالقرب من سيواس، ومر بظاهر المدينة وبها القاضي برهان الدين، فشق عليه كونه لم يعبأ وركب عَجِلاً بغير أهبة ولا جماعة، وساق في إثره ليوقع به حَتَّى أقبل إِلَيْهِ، فكر عليه قرايلك بجماعته، فأخذه قبضاً باليد، فتفرقت عساكره شذر مذر، وكان قرايلك قد عزم عَلَى أن يعيده إلى مملكته الجزء: 2 ¦ الصفحة: 223 فنزل عليه شيخ نجيب وهو في ذَلِكَ، فما زال به حَتَّى قتله في ذي القعدة سنة ثمانمائة. وكان رحمه الله فقيها حنفياً، فاضلاً كريماً جواداً، قريباً من الناس شديد البأس، أديباً شاعراً ظريفاً لبيباً مقداماً يحب العلم والعلماء، ويدني إِلَيْهِ أهل الخير والفقراء، وكان دائماً يتخذ يوم الخميس والجمعة والاثنين لأهل العلم خاصة، لا يدخل عليه سواهم، وأقلع قبل موته وتاب ورجع إلى الله تعالى، ومن مصنفاته كتاب الترجيح عَلَى التلويح، وكان للأدب وأهله عنده سوق نافق، انتهى كلام المقريزي باختصار. ابن جبَّاس الدمياطي الصوفي ...... - 742هـ - ...... - 1341م أحمد بن منصور، الشيخ الفقيه شهاب الدين، المعروف ب ابن جباس الدمياطي الصوفي ، الأديب الشاعر. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 224 كان من الشعراء المجيدين وعنده فصاحة وبلاغة وله نظم ونثر، توفي سنة اثنتين " وأربعين " وسبعمائة. ومن شعره قصيدة: زاد وجْدي فلستُ أَمْلك صبْراً ... أَعْظَم الله لي عَلَى الصَّبر أَجْرا راسلَ الوجْدُ مُهْجتي فدموعي ... أَرسلت رسْلها عَلَى الخدِّ تترا أمير آل فضل أمير العرب ...... - 747هـ - ...... - 1346م أحمد بن مهنا بن عيسى بن مهنا بن مانع بن حديثة بن غضبة بن فضل بن ربيعة بن علي بن مفرج بن بدر بن سالم بن بصه بن بدر بن سميع، الأمير شهاب الدين أمير العرب. قال القاضي علاء الدين علي بن خطيب الناصرية: هكذا نسب، وربما العرب يقولون أن سميعاً هذا هو الذي ولدته العباسة أخت الرشيد من جعفر " بن يحيى " البرمكي، وقد أنكر هذا شيخنا الإمام العلامة قاضي القضاة ولي الدين بن الجزء: 2 ¦ الصفحة: 225 خلدون الحضرمي المالكي قاضي القضاة بمصر في تاريخه، قال حاش لله من هذه المقالة في الرشيد وأخته، انتهى. ثم قال ابن خطيب الناصرية: وهذا الحي من العرب يعرفون بآل فضل، وهم رحالة ما بين الشام والجزيرة وبرية نجد من أرض الحجاز، وينتسبون في طي، معهم أحياء من زبيد وكلب ومذحج وغيرهم، ويناهضهم في الغلب والعدد آل مرا، ويزعمون أن فضلاً ومراً ابنا ربيعة، ويزعمون أيضاً أن فضلاً ينقسم ولده بين آل مهنا وآل علي، وأن آل فضل كلهم كانوا بأرض حوران، فغلبهم عليها آل مرا، وأخرجوهم منها فنزلوا حمص ونواحيها، وأقامت زبيد أخلافهم بحوران، فهم بها حَتَّى الآن لا يفارقونها، قالوا: ثم اتصل آل فضل بالدولة السلطانية فولوهم عَلَى أحياء العرب، وأقطعوهم عَلَى إصلاح السابلة ما بين الشام والعراق، فاستظهروا برئاستهم عَلَى آل مرا، وغلبوهم عَلَى المشاتي، فصار عامة حيهم في حدود الشام قريباً من التلول، وكانت معهم من تفاريق العرب مندرجون في لفيفهم وخلفهم من مذجح وعامر وزبيد، كما كان آل فضل، إلا أن أكثر من كان مع آل مرا من أولئك الأحياء وأوفرهم عدداً بنو حارثة من سِنْبِس، إحدى شعوب علي وحارثة، وهؤلاء يتنقلون في هذا العهد في تلول الشام لا يجاوزونها إلى القفار، وعامة آل فضل من بني مهنا، ومبدأ رئاستهم من أول دولة بني أيوب. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 226 قال العماد الأصبهاني في كتاب البرق الشامي: نزل العادل بمرج دمشق ومعه عيسى بن ربيعة شيخ الأعراب في جموع كثيرة، وهو كان الأمير، ثم إلى أن مات، ثم كان من بعده حسام الدين مانع بن حديثة بن غضبة وتوفي سنة ثلاثين وستمائة، فولي من بعده ابنه مهنا، ولما ارتجع قظز ثالث ملوك الترك بمصر وأخذ البلاد من أيدي التتار وهزم عساكرهم بعين جالوت أقطع سلمية لمهنا ابن مانع وأنتزعها من عمل المنصور بن المظفر صاحب حماه، ثم مات مهنا فولي من بعده ابنه عيسى بن مهنا من قبل الملك الظاهر بيبرس البندقداري، وتوفي عيسى بن مهنا سنة " ثلاث " وثمانين وستمائة، فولى الملك المنصور قلاوون ابنه مهنا بن عيسى مكانه، فدام إلى أن توفي سنة أربع وثلاثين وسبعمائة، فولي ابنه مظفر الدين موسى عوضه إلى أن توفي سنة اثنتين وأربعين وسبعمائة، وولى مكانه أخوه سليمان إلى أن مات سنة ثلاث وأربعين وسبعمائة وولى مكانه عيسى الجزء: 2 ¦ الصفحة: 227 ابن عمه فضل، وتوفي سنة أربع وأربعين، وتولى عوضه أخوه سيف بن فضل، وعزله السلطان الملك الكامل بن الناصر سنة ست وأربعين، وولى مكانه أحمد بن مهنا بن عيسى هذا، فجمع سيف بن فضل أعوانه، ولقي سيف أحمد المذكور فانهزم سيف، ثم سكنت الفتن، وأقام عَلَى ذلك إلى أن توفي سنة سبع وأربعين وسبعمائة، بنواحي سلمية، انتهى. القاضي شهاب الدين المتبولي الشافعي 745 - 830 هـ - 1344 - 1427م أحمد بن موسى بن نصير، القاضي شهاب الدين المتبولي الشافعي، أحد نواب الحكم. ولد في حدود سنة خمس وأربعين وسبعمائة، كان فقيهاً محدثاً، سمع الكثير، الجزء: 2 ¦ الصفحة: 228 وحدث عن محمد بن أزبك، وعمر بن أميله، وست العرب، وجماعة أخر، وتوفي في يوم الأربعاء ثاني شهر ربيع الأول سنة ثلاثين وثمانمائة. شهاب الدين بن يغمور ...... - 673هـ - ...... - 1374م أحمد بن موسى بن يغمور، الأمير شهاب الدين بن الأمير جمال الدين. كان أميراً جليلاً فاضلاً، وله معرفة بالأدب، وولى الأعمال الغربية، فهذبها، وأفرط في ذَلِكَ. قال الشيخ صلاح الدين: أخبرني الحافظ أثير الدين أبو حيان من لفظه قال: ابن يغمور بن جلدك تولى المحلة نائباً عن السلطان الملك الظاهر بيبرس، وكان يوصف بكرم، وكان الأدباء يقصدونه ويمدحونه، فيثيبهم، وكان له أدب، انتهى. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 229 قلت: ومن شعره: خَطْبٌ أَتى مَسْرِعاً فآذى ... أَصبح جسمي به جُذَاذَا خصَّص قلبي وعمَّ غيري ... " يا ليتني متُّ قبل هذا " وله في مليح نحوي: ومليح تعلَّم النحو يَحْكي ... مشكلاتٍ له بلفظٍ وَجيز ما تميزتُ حُسْنه قط إِلاَّ ... قام أيري نصباً عَلَى التمييز وله يخاطب الأمير علم الدين الدواداري، وقد بعثه الملك الظاهر بيبرس كاشفاً إلى البلاد البحرية، فاجتاز بالغربية وبها المذكور، فرحل عنها ولك يجتمع به، فكتب إِلَيْهِ: إن صددتم عن منزلي فلكم في ... هـ ثناء كنشْر روْضٍ بهيِّ أو وردتم فللمحب الذي من ... آل موسى في الجانب الغربي " توفي الأمير شهاب الدين المذكور بالمحلة في سنة ثلاث وسبعين وستمائة ". الجزء: 2 ¦ الصفحة: 230 شهاب الدين العنتابي الحنفي ...... - 784هـ - ...... - 1382م أحمد بن موسى بن أحمد بن حسين بن يوسف بن محمود، القاضي شهاب الدين أبو العباس بن القاضي شرف الدين أبي البركات بن الشيخ شهاب الدين العنتابي الحنفي، والد العلامة قاضي القضاة بدر الدين محمود العيننابي. قال ولده المذكور في تاريخه: وهو والد العبد الضعيف مؤلف هذا التاريخ توفي يوم الاثنين بعد الظهر سادس عشرين رجب سنة أربع وثمانين وسبعمائة، ودفن صبيحة يوم الثلاثاء بمقبرة طريق حلب بعينتاب، وكان فقيهاً مستحضراً في الفروع والأصول، خبيراً بأمور المكاتبات الشرعية والسجلات الحكمية، وله مشاركة في سائر الفنون، ناب في الحكم عن القضاة ثلاثين سنة، ثُمَّ استقل حاكماً بعين تاب مدة، ثم توفي وهو معزول منقطع إلى الله، انتهى كلام العيني باختصار. الزاهد أبو العباس الزرعي ...... - 761هـ - ...... - 1361م أحمد بن موسى، الشيخ المعتقد أبو العباس الزرعي، الفقيه الصالح الزاهد. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 231 كان له كرامات وقدم، وكان يقيم بزرع من أعمال دمشق، وكان يتقوت من عمل العبي بيده من الصوف، فكان إذا باع العباءة أخذ ثمنها، فإن زادت عن قيمتها يترك الزيادة ويأخذ ما بقي، وكان له مريدون وشهرة كبيرة عند الناس، وكان لا يقبل من أحد شيئاً، وكان يتردد إِلَيْهِ من أعيان الدولة، من نائب دمشق إلى من دونه، فإذا دخل إِلَيْهِ أحد من أكابر المملكة يخاشنه في القول، ويخاطبه بما يكره، وصحب شيخ الإسلام تقي الدين أحمد بن تيمية، وقدم القاهرة بسببه لما سجن، وقام معه وكلم الأمير بيبرس الجاشنكير في أمره، وأمعن، ثم اجتمع بالسلطان الملك الناصر محمد بن قلاوون في سنة اثنتي عشرة وسبعمائة، وكلمه في رفع مظلمة لأهل زرع، كان يتحصل منها في كل سنة ألف دينار فأبطلها، فلما خرج الشيخ من عند السلطان، قال السلطان: ما رأيت أهيب من هذا الرجل، وله من هذا حكايات، وما زال عَلَى طريق الخير والصلاح إلى أن مات في يوم الثلاثاء منتصف شهر ذي الحجة سنة إحدى وستين وسبعمائة، رحمه الله تعالى. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 232 عز الدين بن قرصة ...... - 701هـ - ...... - 1302م أحمد بن موسى بن محمد بن أحمد، الشيخ الأديب عز الدين بن قرصة، الفيومي المولد، القوصي الدار والوفاة. كان فقيهاً شاعراً أديباً، من تلامذة ابن عبد السلام، وعنده مجون " وظرف "، وولي نظر قوص والإسكندرية، ودرس بالمدرسة الأفرمية ظاهر قوص. وكان قليل الكلام، يراعي الأعراب في كلامه، طلبه الأمير علم الدين الشجاعي فلما حضر قال له أَيْنَ المال، فقال مبتدأ بلا خبر، فقال له تعالى إلى هنا، فقال أخاف أن تضربني بهذه العصاة التي في يدك، فتبسم منه. وكان له من هذا النمط أشياء، هذا مع الفضيلة والعلم الغزير، ولع مصنفات منها كتاب سماه نتف المحاضرة، وله مسائل فقهية ونحوية ولغوية وأدبية. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 233 ومن شعره: لا تَحقرنّ من الأعداء من قصُرت ... يداه عنك وإنْ كان ابن يومين فإن في قرْصة البرغوث معْتبراً ... فيها أذى الجسم والتّسهيد للعين وله أيضاً: نحن نسعى والسّعيُ غير مفيد ... إن أراد الإله منْع الغنائم وإذا ما الإله قدّر شيئاً ... جاء سعْياً إلى الفتى وهو نائم وتوفي في ذي الحجة سنة إحدى وسبعمائة بقوص، رحمه الله تعالى. شهاب الدين بن الوكيل ...... - 791هـ - ...... - 1389م أحمد بن موسى بن علي، الشيخ شهاب الدين أبو العباس المكي الشافعي، المعروف بابن الوكيل. سمع بمكة من محمد بن أحمد بن عبد المعطى وغيره، ورحل إلى دمشق، الجزء: 2 ¦ الصفحة: 234 وسمع بها من الحافظ صلاح الدين بن أبي عمر، ثم عاد إلى مكة، وطلب العلم بها، وتفقه بالشيخ جمال الدين الأميوطي، والبرهان الأبناسي، والنجم بن الجابي الدمشقي أخذ عنه الأصول، وعن الشيخ شمس الأئمة الكرماني شارح البخاري، وأخذ النحو من ابن عبد المعطي، والفرائض عن القاضي شهاب الدين أحمد بن ظهيرة، وكان يحضر دروس أبي الفضل النويري، ثم رحل إلى القاهرة فأخذ عن الشيخ ضياء الدين العفيفي مدرس المنصورية، وشيخ الإسلام سراج الدين عمر البلقيني، وبرع في الفقه وغيره، وكان من أحسن الناس فهماً، ولولا معاجلة المنية له لبهرت فضائله، وقل مماثله، وله معرفة بالأدب ومصنفات، منها مختصر المهمات " للاسنوي " واختصر الملحة للحريري نظماً وشرحها، وكان الجزء: 2 ¦ الصفحة: 235 يقرئ في المسجد الحرام، يشغل فيها، ثم قدم القاهرة في سنة تسع وثمانين وسبعمائة، ولم يزل بها إلى أن توفي في صفر سنة إحدى وتسعين وسبعمائة، ودفن بمقابر الصوفية. ومن شعره في معذر: لاح العذار بخديه فقلت لهم ... ما ذاك شعر كما قد ظن عاذله وإنما لحظه سيف يصول به ... وذا العذر الذي يبدو حمائله أحمد بن موسى الحنفي ...... - 703هـ - ...... - 1304م أحمد بن موسى بن محمود، العلامة شهاب الدين أبو العباس الحنفي. كان من أئمة الحنفية ومن فضلائهم، وولي تدريس المدرسة الفرقانية خارج القاهرة وهو ثاني مدرس بها بعد الشيخ نجم الدين إسحاق الحلبي الحنفي بحكم انتقاله عنها، ودرس بعدة أماكن غيرها، وأفتى وأقرأ عدة سنين، وتفقه به جماعة، وهو خال القاضي كمال الدين البسطامي الحنفي. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 236 وكان عالماً عاملاً، عابداً زاهداً، مكباً عَلَى الاشتغال والعبادة إلى أن توفي بالمدرسة الفارقانية في العشر الأخير من شهر رمضان سنة ثلاث وسبعمائة ودفن بتربة الإمام أبي العباس الظاهري، خارج باب النصر، بوصية لابن أخته كمال الدين البسطامي، فأراد قاضي القضاة شمس الدين السروجي أن يدفنه بتربته بالقرافة، وما أمكن مخالفته كمال الدين البسطامي، فلما صلى عليه ورفع النعش وتوجهوا به نحو باب زويلة دار النعش بقسوة إلى نحو باب النصر فتوجهوا به إلى حيث أوصى أن يدفن، رحمه الله تعالى. الشريف برهان الدين الحسيني ...... - 689هـ - ...... - 1290م أحمد بن ناصر بن طاهر، الشيخ الإمام برهان الدين الحسيني الشريف الحسني، إمام محراب الحنفية بمقصورة الحلبيين بالجامع الأموي بدمشق. كان إماماً فقيهاً بارعاً مفنناً زاهداً، تصدر للإقراء والتدريس عدة سنين، وانتفع به الطلبة وصنف تفسيراً في سبع مجلدات، وصنف في أصول الدين كتاباً الجزء: 2 ¦ الصفحة: 237 يشتمل عَلَى سبعين مسألة، وكان له رواية وسماع، توفي ببيته في المنارة الشرقية سنة تسع وثمانين وستمائة، وخلف دنيا واسعة، رحمه الله تعالى. قاضي القضاة شهاب الدين الباعوني 751 - 816 هـ - 1350 - 1412م أحمد بن ناصر بن خليفة، قاضي القضاة شهاب الدين الباعوني الدمشقي الشافعي. ولد بقرية باعونة من قرى عجلون في سنة إحدى وخمسين وسبعمائة، وقدم دمشق وتفقه إلى أن برع في الفقه وغيره، ودرس وخطب ببيت المقدس، وولي قضاء الشافعية بدمشق. قال تقي الدين المقريزي في تاريخه: وباعونه " قرية من قرى " عجلون سميت بذلك من أجل أنه كان موضعها دير للنصارى واسم راهب الدير باعونه، فلما أزيل الدير وعمل مكانه قرية عرفت بباعونة، وكان أبو أحمد هذا، يعني صاحب الجزء: 2 ¦ الصفحة: 238 الترجمة، حائكاً بباعونة ثم أتجر في البز، وركض به في البلاد، وولد له إسماعيل وأحمد فتعلق إسماعيل بصحبة الفقراء وسكن صفد، ونظر في التصوف، وولي قضاء الناصرية نيابة عن قاضي صفد، فتخرج به أخوه أحمد صاحب الترجمة وقرأ كتاب المنهاج ولازم الاشتغال، وكان فيه ذكاء وفطنة، فباشر بصفد مدة إلى أن كانت فتنة منطاش " في سنة إحدى وتسعين ثار أهل صفد عليه من أجل أنه لقي منطاش: ومدحه بقصيدة وغضّ فيها من الظاهر برقوق، فخرج من صفد خائفاً وقدم إلى القاهرة، ثم ذكر تقي الدين المقريزي ما معناه أنه التجأ إلى الأمير يلبغا السالمي وأن يلبغا قربه إلى الملك الظاهر برقوق إلى أن ولاه خطابة دمشق ثم ولاه الظاهر بعد مدة عند توجهه إلى دمشق في سنة ثلاث وتسعين وسبعمائة قضاء دمشق، فباشره مدة، وعول وحبس بقلعة دمشق، ثم أفرج عنه ولزم داره زماناً إلى أن ولي خطابة القدس، فشله أهله وهجوه بأهاجي، وحرت لهم خطوب آلت إلى رجمه وإخراجه من القدس، ومما هجوه به: قال المسجد الأقصى ... لو أن أهلي يُراعوني ما اختاروا لمحرابي ... يهوديّاً وباعوني ولما خرج من القدس توجه إلى دمشق أقام بها إلى أن ولاه الملك الناصر فرج " بن برقوق قضاء دمشق ثانياً بسفارة جمال الدين البيري الاستادار في سابع الجزء: 2 ¦ الصفحة: 239 عشر صفر سنة اثنتي عشرة وثمانمائة وحسنت سيرته في هذه الولاية إلى أن عزله الخليفة المستعين بالله العباس فلزم داره إلى أن توفي رابع المحرم سنة ست عشرة وثمانمائة. قلت: وقد ولاه الناصر فرج " عندما انهزم من شيخ ونوروز ودخل دمشق قاضي قضاة الشافعية بالديار المصرية عوضاً عن قاضي القضاة جلال الدين عبد الرحمن بن عمر البلقيني لتخلفه عنه وانضمامه إلى الأميرين شيخ ونوروز، فدام نيفاً عَلَى عشرة أيام، وصرف وأعيد جلال الدين البلقيني، كل ذَلِكَ بدمشق. قال المقريزي: وكان رجلاً طوالاً مهاباً وعليه خفر، وله منطق صحيح، وعبارة عذبة، وقدرة على سرعة النظم وارتجال الخطب، مع جميل المحاضرة، وحسن المذاكرة، وكثرة الفوائد، وسرعة البكاء مع العفة من التدنس بشيء من الفواحش، والصيانة من تناول مال والأوقاف بغير حق، وأخذ البراطيل، إِلاَّ أنه كان شديد الإعجاب بنفسه، وأنشدني لنفسه: الجزء: 2 ¦ الصفحة: 240 ولما رأت " شيب " رأسي بكتْ ... وقالتْ عسى غير هذا عسى فقلت البياض لباس الملوك ... فإن السواد لباس الأسى فقالت: صدقت ولكنه ... قليل النفاق يسوق النسا ثم قال المقريزي: وأنشدني في شيخنا الجلال محمد بن خطيب داريا لنفسه في الباعوني: قضاء دمشق نادى ال ... له خلقك لا يراعوني رميت بكل مصنعة ... وبعد الكل باعوني انتهى. قاضي القضاة موفق الدين الحنبلي 769 - 803 هـ - 1367 - 1401م أحمد بن نصر الله بن أحمد بن محمد بن أبي الفتح بن هاشم بن إسماعيل بن إبراهيم، قاضي القضاة موفق الدين أبو العباس بن قاضي القضاة ناصر الدين أبي الفتح العسقلاني الكناني الحنبلي. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 241 ولد بالقاهرة في أوائل المحرم سنة تسع وستين وسبعمائة، وبها نشأ وتفقه عَلَى أبيه، وعلى الشيخ مجد الدين سالم، وأخذ النحو عن برهان الدين الدجوي، وناب عن الحكم عن أخيه قاضي القضاة برهان الدين إبراهيم بن نصر الله، ثم استقل بقضاء الحنابلة بالديار المصرية من بعد موته في يوم الاثنين سابع عشر شهر ربيع الأول سنة اثنتين وثمانمائة، وشكرت سيرته، ودام في الوظيفة إلى أن صرف بقاضي القضاة نور الدين عَلَى الحكري فباشر الحكري القضاء إلى يوم الخميس سابع عشرين ذي الحجة من السنة وعزل، وأعيد موفق الدين هذا إلى وظيفة القضاء ثانياً واستمر إلى أن سافر صحبة السلطان لقتال تيمورلنك في سنة ثلاث وثمانمائة، ولما انهزم السلطان وعاد إلى القاهرة، عاد موفق الدين هذا متوعكاً ولزم الفراش إلى أن مات بالقاهرة في يوم الاثنين حادي عشر شهر رمضان سنة ثلاث وثمانمائة، ودفن عند أبيه وجده لأمه قاضي القضاة موفق الدين عبد الله الحنبلي. يأتي ذكره في محله إن شاء الله تعالى. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 242 قال قاضي القضاة بدر الدين محمود العيني: وكان رجلاً حليماً ذا تواضع ومسكنة، ولكنه كان قليل العلم، انتهى. وقال المقريزي: وكان خيراً متضعاً حيياً، محباً للناس، من بيت علم ودين وعفاف، انتهى. أحمد بن نصر الله بن باتكين المصري 614 - 710 هـ - 1217 - 1310م أحمد بن نصر الله بن باتكين المصري، " الشيخ محيي الدين أبو العباس. قال الشيخ صلاح الدين خليل بن أبيك: أخبرني " العلامة أثير الدين أبو حيان من لفظه قال: مولده في العاشر من شهر ربيع الأول سنة أربع عشرة وستمائة بالقاهرة بحارة الديلم، وسمع حرز الأماني عَلَى سديد الدين عيسى ابن أبي الحرم إمام جامع الحاكم، وأنشدني لنفسه: الجزء: 2 ¦ الصفحة: 243 أقسمت بالله وآياته ... يمين بر صادق لا يمين لو زدت قلبي فوق ذا مِنْ أذى ... ما كنت عندي غير عيني اليمين قاضي القضاة محب الدين البغدادي الحنبلي 765 - 844 هـ - 1364 - 1440م أحمد بن نصر الله بن أحمد بن محمد بن عمر، قاضي القضاة، شيخ الإسلام محب الدين أبو الفضل التستري الأصل، البغدادي المولد والمنشأ، المصري الدار والوفاة، الحنبلي، قاضي قضاة الحنابلة بديار مصر وعالمها. ولد ببغداد في يوم السبت سابع عشر شهر رجب سنة خمس وستين وسبعمائة، ونشأ بها، وقرأ عَلَى والده في الفقه والأصول والعربية والحديث وفير ذَلِكَ، ورحل من بغداد إلى البلاد الشامية في سنة ثمان وثمانين وسبعمائة فسمع بحلب من الشيخين شهاب الدين أحمد، وابن عمه أبي بكر بن محمد الحرانيين وغيرهم، وتوجه إلى بعلبك الجزء: 2 ¦ الصفحة: 244 فسمع بها عَلَى الشيخ شمس الدين بن اليونانية، ودخل دمشق فقرأ بها عَلَى الشيخ زين الدين بن رجب، ولازمه وسمع عليه الحديث وعلى غيره، وسمع ببلده بغداد قبل رحلته عَلَى العلامة زين الدين أبي بكر بن قاسم " السنجاري صحيح " البخاري وسنن أبي داود، وسمع بها أيضاً صحيح مسلم عَلَى الشيخ نور الدين الغوي، وقرأ ببغداد أيضاً عَلَى الشيخ مجد الدين محمد الفيروزابادي الشيرازي الصديقي مصنف القاموس في اللغة، وقرأ مسند الإمام أحمد عَلَى العلامة جمال الدين عبد الله بن قاضي القضاة علاء الدين علي بن شمس الدين محمد بن أبي الفتح الكتاني العسقلاني الحنبلي، وجامع الترمذي عَلَى قاضي القضاة مجد الدين إسماعيل بن إبراهيم الجزء: 2 ¦ الصفحة: 245 بن محمد الحنفي، وقرأ عَلَى شيخ الإسلام سراج الدين عمر البلقيني، وعلى الشيخ سراج الدين أبي حفص عمر بن المقن، واشتغل ودأب وحصل، وولي إعادة المستنصرية ببغداد، وأذن له بالإفتاء والتدريس ببغداد، وتردد إلى بغداد بعد قدومه إلى القاهرة. ثم استوطن القاهرة وأقام بها وناب في الحكم بها عن قاضي القضاء علاء الدين علي بن مغلي، وحضر مجلس السلطان الملك المؤيد شيخ من جملة أعيان الفقهاء، وصار فقيه الحنابلة وعالمهم، ثم ولي قضاء القضاة الحنابلة بعد موت ابن مغلي في يوم الاثنين سابع عشرين صفر سنة ثمان وعشرين وثمانمائة من قبل الملك الأشرف برسباي، وشكرت سيرته، ودام في الوظيفة مدة إلى أن عزل بالقاضي عز الدين " عبد العزيز بن " علي بن العز البغدادي في ثالث عشر جمادى الآخرة سنة تسع وعشرين وثمانمائة، فلم تطل ولاية القاضي عز الدين المذكور، وعزل وأعيد قاضي القضاة محب الدين هذا في يوم الثلاثاء ثاني عشر صفر سنة إحدى الجزء: 2 ¦ الصفحة: 246 وثلاثين، واستمر في وظيفة القضاء إلى أن مات في يوم الأربعاء خامس عشر جمادى الأولى سنة أربع وأربعين وثمانمائة. وكان شيخاً للطول أقرب، منور الشيبة، فقد إحدى عينيه في شبيبته، بارعاً مفنناً ديناً، خيراً، كثير التلاوة والعبادة، فقيهاً محدثاً نحوياً لغوياً، انتهت إِلَيْهِ رئاسة الحنابلة في زمانه بلا مدافعة، أقام مدة قبل موته والمعول عَلَى فتاويه، وكانت كتابته عَلَى الفتوى لا نظير لها، يجيب عما يقصده المستفتي. وكان كثير التواضع حسن الأخلاق حلو المحاضرة، اجتمعت به غير مرة، ومات ولم يخلف بعده مثله. وهو ثالث عشر قاضي اشتغل بقضاء الحنابلة بالديار المصرية، لأن العادة كانت بديار مصر لا يلي فيها إِلاَّ قاضي واحد شافعي، والقاضي المذكور يستنيب في كل مذهب إلى أن تسلطن الملك الظاهر بيبرس البندقداري أحدث القضاة الأربعة وذلك في شهر ذي الحجة سنة ثلاث وستين وستمائة، فأول من ولي من السادة الحنابلة قاضي القضاة شمس الدين أبو بكر محمد بن إبراهيم الجماعيلي الحنبلي إلى أن امتحن وصرف في ثاني شعبان سنة سبعين وستمائة، ولم يل بالقاهرة بعد عزله قاضي حنبلي حَتَّى مات في يوم الخميس في العشر الأول من المحرم سنة ست وسبعين، فولي بعده قاضي القضاة عز الدين عمر بن عبد الله بن عوض في النصف من جمادى الأولى سنة ثمان وسبعين فدام إلى أن مات في سنة الجزء: 2 ¦ الصفحة: 247 ست وتسعين، وولي بعده قاضي القضاة شرف الدين أبو بكر عبد الغني الحراني إلى أن مات في " رابع عشرين " ربيع الأول سنة تسع وسبعمائة، وولي بعده قاضي القضاة سعد الدين مسعود بن أحمد الحارثي في ثالث شهر ربيع الآخر منها، وعزل بعد سنتين ونصف بتقي الدين أحمد بن قاضي القضاة عز الدين عمر في حادي عشر ربيع الأول سنة اثنتي عشرة، بعد شغر منصب القضاء ثلاثة أشهر فلم تطل أيامه، وعزل بقاضي القضاة موفق الدين عبد الله بن محمد بن عبد الملك المقدسي في نصف جمادى الآخرة سنة ثمان وثلاثين وسبعمائة، فدام في المنصب إلى أن مات في المحرم سنة تسع وستين وسبعمائة، وولي عوضه القاضي ناصر الدين نصر الله بن أحمد بن محمد العسقلاني حتى مات في ليلة الحادي والعشرين من شهر شعبان سنة خمس وتسعين وسبعمائة، وولي عوضه برهان الدين إبراهيم بن نصر الله حَتَّى مات في ثامن شهر ربيع الأول سنة اثنتين وثمانمائة، وولي عوضه الجزء: 2 ¦ الصفحة: 248 أخوه موفق الدين أحمد بن نصر الله وصرف بالقاضي نور الدين عَلَى الحكري، ثم أعيد ومات في سنة ثلاث وثمانمائة، وولي مجد الدين سالم بن سالم بن أحمد في ثالث عشرين رمضان من سنة ثلاث وثمانمائة، ودام حَتَّى صرف بعلاء الدين علي بن مغلي حتى مات ابن مغلي في العشرين من صفر سنة ثمان وعشرين وثمانمائة، فولي عوضه محب الدين صاحب الترجمة، وعزل ثم أعيد كما ذكرنا، رحمه الله تعالى. الحجار المحدث الرحلة 620 - 730 هـ - 1223 - 1330م أحمد بن نعمة بن حسن البقاعي، الدير مقري، الدمشقي الصالحي الحجار، المسند الرحلة المعمر، شهاب الدين أبو العباس المعروف بابن الشحنة وبالحجار. ولد سنة نيف وعشرين وستمائة، وخدم حجاراً بقلعة دمشق سنة ثلاث وأربعين وستمائة، وكان فيها لما حاصرها جند هولاكو ولم يظهر للمحدثين إِلاَّ في أثناء سنة ست وسبعمائة فسألوه، فقال: كنا نسمع أو سمعنا، فوجد سماعه في الجزء: 2 ¦ الصفحة: 249 أجزاء علي ابن المنجا بن النجاد، ثم ظهر اسمه في كراس أسماء السامعين بالجبل لصحيح البخاري علي ابن الزبيدي سنة ثلاثين، فحدث بالجامع بضعاً وسبعين مرة بالبلد، وبالصالحية، وبالقاهرة، وحماه، وبعلبك، وكفر بطنا، وحمص، واشتهر اسمه وبعد صيته، والحق الصغار بالكبار، ورأى العز والتعظيم، وطلبه الأمير أرغون الدوادار الناصري، وسمع منه القاضي كريم الدين الكبير، نائب دمشق الأمير تنكز، والقضاة والأئمة، وروى بإجازة ابن روزبة، وابن بهروز وابن القطيعي، والأنجب الحمامي، وياسمين بنت البيطار، وجعفر الهمداني، وخلق كثير، ورحل إِلَيْهِ من البلاد، وسمع منه أمم لا يحصون، وتزاحموا عليه من سنة بضع عشرة وسبعمائة إلى أن توفي سنة ثلاثين وسبعمائة، ونزل الناس بموته درجة. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 250 وكان صحيح التركيب، أشقراً طويلاً، دموي اللون، له همة، وفيه عقل، يصغي جيداً. قال الحافظ أبو عبد الله الذهبي: ما رأيته نعس فيما أعلم، وثقل سمعه في الآخر وسألته عن مولده فقال: لحق حصار الناصر داود بدمشق، وكان الحصار سنة ست وعشرين وستمائة، وسمع في سنة ثلاثين هو وإخوته الثلاثة، وحصل الذهب والدراهم والخلع، وقرر له الدوادار معلوماً نحو خمسة وأربعين درهماً، وكان فيه دين وملازمة للصلاة، ويحفظ ما يتلى به، وربما آخر الصلاة في السفر عَلَى رأي العوام، وصام وهو ابن مائة سنة شهر رمضان واتبعه ستاً من شوال، وحُدِّثتُ أنه: اغتسل " في هذه السنة بالماء البارد. انتهى. شاد الأغنام 802 - 852 هـ - 1400 - 1448م أحمد بن نوروز الخضري الظاهري، حاجب حلب، الأمير شهاب الدين الظاهري، شاد الأغنام بالبلاد الشامية، وأحد أمراء العشراوات بالقاهرة، والعشرينات بدمشق، وأحد أخصاء الملك الظاهر جقمق ومماليكه. ولد في سنة اثنتين وثمانمائة، أو في التي قبلها تقريباً، ونشأ يتيماً، واتصل بخدمة الملك الظاهر جقمق صغيراً، والملك الظاهر إذ ذاك من جملة أمراء الجزء: 2 ¦ الصفحة: 251 الطبلخاناه، فدام في خدمته إلى أن صار في الدولة الأشرفية برسباي أمير آخور وجعل أحمد هذا مشد شربخاناته، واستمر ملازماً له إلى أن تسلطن فربه وأدناه وأنعم عليه بإمرة عشرين بدمشق، وجعله شاد الأغنام بالبلاد الشامية، ثم زاده إمرة عشرة بالقاهرة بعد الأمير سودون المحمدي بحكم انتقال سودون إلى نيابة قلعة دمشق بعد موت الأمر فارس، وعظم وضخم وأثرى، وسافر إلى البلاد الشامية غير مرة إلى أن مرض في آخر سفراته وأرجف بموته، وعاد إلى القاهرة مريضاً ثم نصل من مرضه وخلع عليه بإمرة حاج الأول، وأخذ في أسباب السفر فعاجلته المنية، ومات في يوم الأحد رابع عشر شعبان سنة اثنتين وخمسين وثمانمائة. وكان رجلاً أشقر، معتدل القد، ألثغ بالسين، مهملاً عارياً من كل فن، مسرفاً عَلَى نفسه، عفا الله عنا وعنه. ونوروز والده كان من جملة مماليك الظاهر برقوق وحاجب حلب - يأتي ذكره إن شاء الله تعالى في محله -، وولي إمرة حاج الأول عوضه الأمير قائم من صفر خجا المؤيدي المعروف بالتاجر أحد أمراء العشراوات. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 252 موفق الدين بن أبي الحديد 590 - 656 هـ - 1194 - 1258م أحمد بن هبة الله بن محمد بن محمد بن حسين بن أبي الحديد، الشيخ موفق الدين أبو المعالي، ويدعى القاسم أيضاً. ولد سنة تسعين وخمسمائة بالمدائن، وكان أديباً فقيهاً فاضلاً شاعراً، مشاركاً في علوم كثيرة، وكان أخوه عز الدين معتزليا، كتب الإنشاء ببغداد للمستعصم بالله مدة، وروى عن هبة الله بن أبي المجد بالإجازة، روى عنه الحافظ شرف الدين عبد المؤمن الدمياطي، وتولى قضاء المدائن في أيام الظاهر بيبرس، وصنف كتاباً سماه الأحكام في اصطلاح الخراسانيين والعراقيين في معرفة الجدل والمناظرة ثم تولى كتابة الإنشاء بها، وتوفي سنة ست وخمسين وستمائة. ومن شعره في عارض جيش خرج من دار الوزير بخلعة فعانقه وقال: لما بدا رائق التثني ... وهو بأثوابه يميد قبلته باعتبار معنى ... لأنه عارض جديد الجزء: 2 ¦ الصفحة: 253 شرف الدين بن عساكر 614 - 699 هـ - 1217 - 1299م أحمد بن هبة الله بن أحمد بن محمد بن الحسن بن هبة الله بن عبد الله ابن الحسين بن عساكر، الشيخ شرف الدين أبو الفضائل المعمر الرحالة الدمشقي. ولد في سنة أربع عشرة وستمائة، وسمع الكثير، وروى، وسمع منه الفضلاء، وكانت وفاته في خامس عشرين جمادى الأولى سنة تسع وتسعين وستمائة، رحمه الله تعالى. ملك التتار ...... - 683هـ - ...... - 1284م أحمد سلطان، المسمى توذكار بن هلاون بن باطو بن جنكزخان، ملك التتار. جلس على كرسي الملك بعد موت أخيه أبغا في سنة إحدى وثمانين الجزء: 2 ¦ الصفحة: 254 وستمائة، وعمره يومئذ مقدار ثلاثين سنة، وفي أيامه فشا الإسلام بتلك الممالك وأظهر شعائر الإسلام وبنى المساجد والجوامع، وألزم أهل الذمة بلبس الغيار، وضرب عليهم الجزية، وصار يتقيد بالأحكام الشرعية. ويقال أن إسلامه في حياة والده هولاكو، وكان اسمه أولاً توكدار، وسبب تسميته أحمد هو أن الفقراء الأحمدية دخلوا به في النار بين يدي هولاكو فوهبه لهم وسماه أحمد، ودام المذكور في المملكة إلى أن قتله أرغون ابن أبغا، وهو أن أرغون المذكور سار من خراسان لقتال عمه أحمد سلطان هذا فجرد إليه أحمد سلطان صحبة إيناق نائبه، فركب أرغون إليهم بنفسه وكبسهم عَلَى غرة، وقتل منهم جماعة، وبلغ الخبر أحمد سلطان فركب في أربعين ألفاً وسار يقصد أرغون ابن أخيه، والتقيا بالقرب من خراسان، فكانت الكسرة عَلَى أرغون، فأخذه أحمد سلطان هذا أسيراً وعاد طالباً تبريز، فحضرت زوجة أرغون ووالدته وخواتين كثيرة من الستات اللاتي لهن الدخول عَلَى أحمد سلطان والسؤال في العفو عن أرغون وإطلاق سبيله وتوليته عَلَى خراسان كما كان، فما أجاب، وكان أحمد سلطان قد أمسك من أكابر الأمراء اثني عشر أميراً وقيدهم، فتغيرت خواطر الأمراء، عليه وعزموا عَلَى قتله لأمور منها أنه كان الزمهم الإسلام طوعاً وكرهاً، الجزء: 2 ¦ الصفحة: 255 ومنها وثوبه عَلَى أخيه قنغرطاي وإحضاره من الروم وقتله، فاتفقوا عَلَى قتله واستنقاذ أرغون من أسره، فاتفقوا جميعاً، وجاءوا إلى حيث كان أرغون محبوساً فأطلقوه، وكبسوا عَلَى ايناق نائبه فقتلوه، وقصدوا أحمد سلطان هذا فأحس بهم فركب فرساً وفر، فأدركوه وقتلوه، وأقاموا أرغون بن أبغا عوضاً عنه، وذلك في جمادى الأولى سنة ثلاث وثماثين وستمائة. وكان ملكاً شجاعاً مقداماً مسلماً ديناً، وفي أيامه انتشر الإسلام ببلاد الشرق وغيرها، رحمه الله تعالى. ابن الزكي القرشي الدمشقي 632 - 680 هـ - 1235 - 1281م أحمد بن يحيى، القاضي علاء الدين بن القاضي محي الدين ابن الزكي القرشي الدمشقي الشافعي. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 256 كان رئيساً فاضلاً أديباً، كتب في الإنشاء مدة، ودرس بالعزيزية والتقوية، وحدث عن أبي بكر بن الخازن، ومولده سنة اثنتين وثلاثين وستمائة، وناب في القضاء عن أبيه، وسمع ببغداد من أبي جعفر السيدي، وابن اللتي، وغير واحد، وتوفي سنة ثمانين وستمائة. ابن سني الدولة 590 - 658 هـ - 1194 - 1260م أحمد بن يحيى بن هبة الله بن الحسن بن يحيى بن محمد بن علي بن صدقة بن الخياط، قاضي القضاة صدر الدين أبو العباس بن قاضي القضاة شمس الدين أبي البركات الثعلبي الدمشقي الشافعي بن سني الدولة. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 257 ولد سنة تسعين وخمسمائة، وسمع من جماعة، وروى عنه الحافظ الدمياطي وابن الخباز، والقاضي تقي الدين سليمان وجماعة، وبرع في الفقه وغيره، وتفقه عَلَى أبيه، وفخر الدين بن عساكر، وقرأ الخلاف عَلَى الصدر البغدادي، ونشأ في صيانة ودين، وناب في القضاء عن أبيه. وكان سني الدولة الحسن بن يحيى من كتاب الإنشاء لصاحب دمشق قبل نور الدين الشهيد، وكان له ثروة وحشمة، ووقف عَلَى ذريته أوقافاً، وهو ابن أخي أحمد بن محمد بن الخياط الشاعر المشهور. وكان صدر الدين مشكور السيرة في القضاء، وولي وكالة بيت المال، ثم اشتغل بوظيفة القضاء مدة، ودرس بالإقبالية والجاروخية، ولما أخذ هولاكو الجزء: 2 ¦ الصفحة: 258 الشام سافر هو وابن الزكي محي الدين إلى حلب، فكان ابن الزكي أحذق منه وأخره في الدخول عَلَى التتار، فولوه قضاء القضاة، ورجع ابن سني الدولة هذا، فلما وصل إلى حماه مرض وحمل إلى بعلبك في محفة، ومات بعد يومين سنة ثمان وخمسين وستمائة. ابن أبي حَجْلة 726 - 776 هـ - 1326 - 1375م أحمد بن يحيى بن أبي بكر بن عبد الواحد، الشيخ شهاب الدين أبو العباس المغربي المصري الحنفي، الشهير ب ابن أبي حجلة . كان إماماً بارعاً، عالماً فقيهاً، أديباً شاعراً، مولده بالمغرب بتلمسان بزاوية جده الشيخ أبي حجلة في سنة ست وعشرين وسبعمائة تقريباً، ونشأ بالمغرب ثم قدم القاهرة وتولى بها مشيخة مدرسة الأمير منجك اليوسفي، ودرس وأفاد، ومهر في عدة علوم، وغلب عليه الأدب، وقال الشعر الجيد، وصنف ودون، ومصنفاته كثيرة تبلغ ستين مصنفاً: من ذَلِكَ كتابة ديوان الصبابة، والسكردان، وله خمس دواوين في مدح الرسول صلى الله عليه وسلم، الجزء: 2 ¦ الصفحة: 259 وسبع أراجيزا سبعة آلاف بيت، وأما الشعر فله فيه اليد الطولي والمعاني الغريبة والاختراعات العجيبة مع كثرة النظم وسرعة البديهة وخفة الروح والتخيل الصحيح، وكانت وفاته في يوم الخميس مستهل ذي الحجة سنة ست وسبعين وسبعمائة، عن إحدى وخمسين سنة بالقاهرة. ومن شعره من قصيدة: بقافِ أقْسِم عيْنُ الشَّمس ليس لها ... لولاه شين ولا راء ولا فاء ما طاب لي بعد خير الرسل في أحد ... سواه ميم ولا دال ولا حاء وله أيضاً: حبيب تعالي قَدَّه حين سُمْتُه ... وقال قوامي رُمْحُه لا يُقَوَّمُ وخط عذار أعجم الخال لامه ... ولم أدْر أن اللام في الحظَّ تُعْجِمُ وله: نظْمي عَلاَ وأصْبحت ... ألفاظُه منمَّقة فكلُّ بيت قاعة ... في سطح داري طبقة وله في معذر: دارت عذارَّا مليحٍ ... أضْحَى بها الحسْنُ بَائِرْ فياله حسْن وجْهٍ ... دارتْ عليه الدَّوائر الجزء: 2 ¦ الصفحة: 260 وله أيضاً: يا صاح سُكْري من هوى أغْيد ... قوامُهُ كالغُصْن إذ مَا سَا ساقٍ متى لاح لي كَأسُه ... أذكرني شاربَه الأسَا وله مضمنا: يا صاح قد حضر الشَّراب وبغيتي ... وحظيت بعد الهجْر بالإيناص وكسا العذار الخدِّ حسنا فاسقني ... واجعل حديثك كله في الكاس وله في مليحة تدعى فضة. مذ هجرتني فضّة لم تزل ... نقود عيشي بعدها نضَّه أفلست في العشَّاق ما حيلتي ... لا ذهُبّ عندي ولا فِضَّه القاضي شهاب الدين بن فضل الله 697 - 749 هـ - 1298 - 1349م أحمد بن يحيى بن فضل الله بن المحلي بن دعجان، ينتهي نسبة إلى عمر بن الخطاب الجزء: 2 ¦ الصفحة: 261 رضي الله عنه، القاضي القضاة شهاب الدين أبو العباس بن القاضي محي الدين القرشي العدوي العمري الدمشقي، الإمام الفاضل البليغ، حجة الكتاب. ذكره الحافظ أبو المعالي ابن رافع في معجمه وقال: سمع بدمشق من الحجار، ومحمد بن يعقوب الجرائدي، ومحمد بن أبي بكر بن عثمان بن شرف، وست القضاة بنت يحيى بن أحمد بن الشيرازي بالقاهرة ومن والده، وأبي زكريا يحيى ابن يوسف بن المصري، وأحمد بن محمد بن عمر الحلبي وغيرهم، وأجاز له جماعة، وحدث بالقاهرة ودمشق، انتهى كلام ابن رافع. وقال الحافظ أبو عبد الله الذهبي: مولده في سنة سبع وتسعين وستمائة، ووافقه الحافظ البرزالي عَلَى مولده، وزاد بأن ذكره في شعراء المائة الثامنة، وقال: وكان له أخ باسمه أجاز له الإبروقهي، ومحمد بن الحسين بن الفوي وغيرهما. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 262 وقال الصلاح الصفدي في تاريخه: مولده في ثالث شوال سنة سبعمائة. انتهى. وقرأ العربية عَلَى الشيخ كمال الدين ابن قاضي شهبة، ثم عَلَى قاضي القضاة شمس الدين محمد بن مسلم، وأخذ الفقه عن قاضي شهاب الدين أحمد بن المجد، وعن الشيخ برهان الدين، وقرأ الأحكام الصغرى عَلَى الشيخ تقي الدين أحمد بن عبد الحليم بن تيمية، والعروض عَلَى شمس الدين بن الصايغ، الجزء: 2 ¦ الصفحة: 263 وعلى القاضي كمال الدين بن الزملكاني، وتدرب في النظم عَلَى البارع علاء الدين الوداعي، وأخذ المعاني والبيان عن الشيخ شهاب الدين أبي الثناء محمود وغيره. ونظم كثيراً من القصائد والأراجيز والمقاطيع ودوبيت، وأنشأ كثيراً من التقاليد والمناشير والتواقيع، وكتب في الإنشاء لما ولى والده القاضي محي الدين كتابة سر دمشق، ثم وقع لوالده المذكور محنة مع الملك الناصر محمد بن قلاوون وعزله، ولزم داره إلى أن طلبه وولاه كتابة سر مصر عوضاً عن علاء الدين ابن الأثير، فلما ولى كتابة السر صار ولده شهاب الدين أحمد صاحب الترجمة هو الذي يقرأ البريد عَلَى الملك الناصر وينفذ المهمات، واستمر كذلك في ولاية والده الأولى والثانية، حَتَّى تغير الملك الناصر محمد بن قلاوون عَلَى القاضي شهاب الدين هذا في سنة ثمان وثلاثين وسبعمائة، وصرفه عن المباشرة، وأقام عوضه أخاه علاء الدين بن محيى الدين، فصار يعضد والده القاضي محي الدين كما كان شهاب الدين هذا يفعل مع أبيه محيى الدين، وذلك لكبر سن محيى الدين. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 264 وتوجه شهاب الدين إلى دمشق واستوطنها إلى أن توفي يوم السبت يوم عرفه سنة تسع وأربعين وسبعمائة، ودفن بسفح قاسيون، رحمه الله تعالى. وكان إماماً فاضلاً بارعاً، ناظماً ناثراً، جواداً ممدحاً، وله مصنفات مفيدة كثيرة من ذَلِكَ: فواضل السمر في فضائل آل عمر أربع مجلدات، وكتاب مسالك الأبصار في ممالك الأمصار، قلت لو لم يكن له إلا هذه التسمية لكفاه، في أكثر من عشرين مجلداً، والدعوة المستجابة، وكتاب صبابة المشتاق مجلد في مدائح النبي صلى الله عليه وسلم، وسفرة السفر، وكتاب دمعة الباكي ويقظة الساهر، وكتاب نفحة الروض، وأما نظمه فكثير ونثره فأكثر. قال الصلاح الصفدي: أنشدني القاضي شهاب الدين بن فضل الله لنفسه، ونحن عَلَى العاصي: لقد نزلنا عَلَى العاصي بمنزلة ... زانت محاسن شطَّيه حدائقُها تبكي نواعيرها العَبْري بأدمعها ... لكونه بعد لُقْياها يفارقها فأنشدته لنفسي: وناعورة في جانب النهر قد غدت ... تَعبِّر عن شوق الشَّجِي وتُعْرِب فيرقص عطف الغصن تيهاً لأنَّها ... تغنِّى له طول الزمان ويَسرب الجزء: 2 ¦ الصفحة: 265 قال: ولما توفي شهاب الدين المذكور كتبت إلى أخيه القاضي علاء الدين علي بن يحيى كاتب السر بديار مصر أعزيه فيه: الله أكبر يا ابن فضل الله ... شغلت وفاتك كل قلب لاه انتهى. وقلت: ومن شعر القاضي شهاب الدين المذكور: إني لأهوي منه خدَّا ناعماً ... أمن العذار وبعض ذا يكْفيه ويسرُّ منه دوامّ حالٍ واحدٍ ... ويسرُّني التَّلوين إلاَّ فيه وله أيضاً في معذر: يعارضيه بدا عذارٌ ... به جميع القلوب تُعْذَر يا قلب كيف الطَّريق حتَّى ... اسلو هواهَ وقد تَعذَّر ابن مخلوف ...... - 785هـ - ...... - 1383م أحمد بن يحيى بن مخلوف بن مر بن فضل الله بن سعد بن ساعد، الأديب البارع المقرئ شهاب الدين أبو العباس بن محيى الدين بن عماد الدين بن سعد الدين السعدي الأعرج، الأديب الشاعر. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 266 كان له فضيلة وقدرة عَلَى نظم الفريض، وكان عارفاً بالقراءات، قيل أنه قال الشعر وعمره دون عشر سنين، وكانت وفاته سنة خمس وثمانين وسبعمائة، رحمه الله تعالى. الأديب شمس الدين أبو الفضل الطيبي 649 - 717 هـ - 1251 - 1317م أحمد بن يعقوب بن إبراهيم بن أبي نصر الطيبي، الشيخ الأديب شمس الدين أبو الفضل. ذكره البرزالي في معجمه، وأيضاً الذهبي، قال: الأديب شمس الدين أبو الفضل، وله يد في النظم والنثر والكتابة، لكنه يرمي بالرفض، وقيل إنه كان بصيراً، وقد أنشدنا لنفسه قصيدة تدل عَلَى حسن اعتقاده والله أعلم، انتهى كلام الذهبي. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 267 وقال الشيخ صلاح الدين في تاريخه: ومن نظم شمس الدين المذكور قوله: النهر وافا شاهراً سيفه ... ولمعه يحتبس الأعينا فماجت البركة من خوفه ... وارتعدت وادّرعت جوشنا توفي صاحب الترجمة في سادس شعبان سنة سبع عشرة وسبعمائة. ابن يلبغا العمري 752 - 802 هـ - 1351 - 1400م أحمد بن يلبغا العمري الخاصكي الحسني، ابن صاحب المكبش، وأستاذ الملك الظاهر برقوق، الأمير شهاب الدين أحمد. أحد الأمراء مقدمي الألوف بالديار المصرية، وأمير مجلس في دولة الملك الظاهر برقوق، وكان معظماً في الدولة إلى أن خرج الأتابك يلبغا ومنطاش عَلَى الملك الظاهر برقوق، وأرسل برقوق لقتالهم عسكراً، وكان صاحب الترجمة الجزء: 2 ¦ الصفحة: 268 من جملة الأمراء، فلما التقى الفريقان خامر أحمد هذا وصار من حزب الناصري ومنطاش إلى أن قدم معهما إلى الديار المصرية واستقر به يلبغا عَلَى حاله أولاً أمير مجلس، ودام ذَلِكَ إلى أن وقع الخلف بين الناصري ومنطاش وتقاتلا، وغلب منطاش وقبض عَلَى يلبغا الناصري وحبسه بثغر الإسكندرية، وقبض عَلَى جماعة من أعيان الأمراء معه، فكان أحمد هذا مع جملة من مسك وحبس، وتقلبت الأيام، وخرج برقوق من محبسه وملك الديار المصرية حسبما سنذكره في غير موضع، أفرج عن الناصري ورفقته وأعاد ابن يلبغا هذا عَلَى مَا كان عليه، ولم يؤاخذه بما فعله إكراماً لسلفه، لأن برقوق كان مملوكاً لوالده يلبغا، واستمر عَلَى ذَلِكَ إلى أن مات الملك الظاهر برقوق سنة إحدى وثمانمائة وتسلطن ولده الملك الناصر فرج. ثم كانت الوقعة في سنة اثنتين بين الأتابك أيتمش ورفقته من الأمراء الأعيان وبين الأمراء الظاهرية الذين هم بالقلعة، وانكسر أيتمش بمن معه وتوجه إلى الأمير تنم نائب الشام، كان أحمد هذا ممن خرج مع أيتمش إلى البلاد الشامية، فلما تجرد الملك الناصر فرج بمن معه لقتال تنم في السنة المذكورة، والتقى الفريقان بظاهر مدينة غزة وانهزم تنم وأصحابه وقبض عليه الأمير أيتمش وأعوانه الذين خرجوا معه من القاهرة، وكان أحمد هذا في جملة من قبض عليه وحبس بقلعة دمشق، ثم قتل مع من قتل من الأمراء في رابع شعبان سنة اثنتين وثمانمائة. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 269 ولم يسلم من القتل في هذه المرة من الأمراء الأعيان وغير والدي فإنه دام في حبس قلعة دمشق مدة يسيرة ثم أطلق وولي نيابة الشام بعد موت سيدي سودون قبل ورود تيمورلنك إلى دمشق في سنة ثلاث وثمانمائة. وقتل صاحب الترجمة ذبحاً، وسنه في عشر الخمسين، رحمه الله تعالى. أبو جعفر الرُّعَيْني 700 - 779 هـ - 1301 - 1377م أحمد بن يوسف بن مالك، الشيخ الأديب المحدث أبو جعفر الرعيني الأندلسي الغرناطي. نزيل البيرة من أعمال حلب، ولد في حدود السبعمائة تقريباً وتفقه ببلاده وبرع في فقه المالكية وغيره، وخرج من بلاده يريد المشرق رفيقاً لأبي عبد الله محمد بن جابر، وعند خروجه من غرناطة أنشد قصيدة طنانة أولها: ولما وقفنا للوداع وقد بدت ... قباب ربا نجد عَلَى ذَلِكَ الوادي الجزء: 2 ¦ الصفحة: 270 ثم سار مع رفيقه إلى أن وصل إلى القاهرة، وسمع بها من العلامة أثير الدين أبي حيان وغيره، ثم رحل إلى دمشق وسمع بها من المسند أحمد بن علي الجزري، والحافظ المزي، ثم توجه إلى البيرة واستوطنها إلى أن توفي بِهَا سنة تسع وسبعين وسبعمائة. ومن شعره: محاجر دمعي قد محاهُنَّ ما جرى ... من الدمع لمّا قيل قد رحل الرّكب تناقض حالي مذ شجاني فراقُهم ... فمن أضلعي نار ومن أدمعي سَكْب وله أيضاً: إذا ظلم المرْأ فأمِهلْ له ... فبالقربُ يقطع منه الوتين فقد قال ربك وهو القوي ... وأُملي لهم إنّ كْيدي متين وله أيضاً: لا تعادى الناس في أوطنانهم ... قَلْ ما يرعى غريب الوطن وإذا ما شئت عيشا بينهم ... خالق الناس بخلق حسن الجزء: 2 ¦ الصفحة: 271 ابن الزعيفرينى ...... - 83هـ - ...... - 1427م أحمد بن يوسف بن محمد، الشيخ الأديب شهاب الدين أبو العباس الدمشقي الشاعر المشهور، عرف بابن الزعيفريني. كانت له فضيلة، ويكتب الخط المنسوب، وينظم الشعر، ويشتغل بعلم الحرف، ويزعم أن له فيه اليد الطولى، وحصل له خط لهذا المعنى عند جماعة من أعيان الأمراء وغيرهم إلى أن امتحن في سنة اثنتي عشرة وثمانمائة، وسبب المحنة أن بعض أعيان الدولة ظفر بأبيات من نظمه بخطه قد نظمها للأمير جمال الدين الاستادار يوهمه أنها ملحمة وأنه سيملك مصر، ثم يملك بعده ابنه، فقطع المالك الناصر فرج بن برقوق لسانه وعقدتين من أصابعه، ورفق به عند القطع فلم يمنعه ذَلِكَ من النطق، ولزم داره وأظهر الخرس مدة أيام الناصر، ثم تكلم بعد ذَلِكَ، وأخذ في الظهور والكتابة بيده اليسرى فلم يرج في أيام المؤيدية شيخ، وانقطع حَتَّى مات في يوم الأربعاء ثاني شهر ربيع الأول سنة ثلاثين وثمانمائة. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 272 ومن شعره ما كتبه بيده اليسرى إلى قاضي القضاة صدر الدين عَلَى بن الآدمي الحنفي يقول: لقد عشتَ دَهْراً في الكتابة مفْرداً ... أُصور منها أحرفاً تشبه الدُّرَّا وقد عاد خطى اليوم أضعف ما ترى ... وهذا الذي قد يَّسر الله لليسرى فأجابه قاضي القضاة صدر الدين المذكور يقول: لئن فَقَدتْ يُمناك حُسْنَ كتابة ... فلا تحتملْ هماً ولا تعتقدْ عسراً شهاب الدين بن خطيب الموصل ...... - 771هـ - ...... - 1369م أحمد بن يوسف بن أحمد، الأديب شهاب الدين أبو العباس المارديني الشهير بابن خطيب الموصل. كان أديباً فاضلاً وكان يتنقل في بلاد الشام. وكان يكتب المنسوب وله مشاركة، توفي بحماه في سنة إحدى وسبعين وسبعمائة. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 273 ومن شعره يهنئ بعض الأكابر: ليهنْك ما نلت من منْصبٍ ... شريف له كنت مُسْتَوجبا وما حَسنُ أن تهنَّي به ... ولكن نهنِّي بك المنصبا ابن الصاحب علم الدين ...... - 688هـ - ...... - 1289م أحمد بن يوسف بن عبد الله بن شكر، الشيخ علم الدين بن الصاحب المصري الفقير المجرد. كان اشتغل في صباه وحصل ودرس، وكان لديه فضيلة وذكاء وحسن تصور، إلا أنه كان تجرد في آخره وتفقر، وأطلق طباعه عَلَى التَّكدي، وصار يجارد الرؤساء وغيرهم، ويركب في قفص حمال، ويتضارب الحمالون عَلَى حمله الجزء: 2 ¦ الصفحة: 274 لأنه كان مهماً فُتِح له من الرؤساء كان للذي يحمله، فيستمر راكباً في القفص والحمال يدور به في أماكن الفرج والنزه، وكان يتعمم بشرطوط طويل جداً رقيق العرض، ويعاشر الحرافيش، وكان له أولاد رؤساء. ويقال: إن الصاحب بهاء الدين ابن حنا هو الذي أحوجه إلى أن يظهر بذلك المظهر وأحمله وجننه لكونه من بيت وزارة فكان ابن الصاحب هذا إذا رأى الصاحب بهاء الدين ابن حنا ينشد: أشرب وكل وتهنَّي ... لابَّد أن تتعنَّى محمد وعلي من أين لك يا ابن حنَّا قال: الشيخ صالح الدين: أخبرني من لفظه الشيخ الإمام نجم الدين أبو محمد الحسن خطيب صفد قال: رأيته، يعني ابن الصاحب، أشقر أزرق العين، عليه قميص أزرق وبيده عكازه حديد. انتهى. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 275 وأخبرني من لفظه الحافظ فتح الدين محمد بن سيد الناس قال: كان ابن الصاحب يعاشر الفارس آقطاي، فاتفق أنهم كانوا يوماً عَلَى ظهر النيل في شختور. وكان الملك الظاهر بيبرس مع الفارس آقطاي وجرى بينهم أمر، ثم ضرب الدهر ضرباته، وركب الظاهر يوماً إلى الميدان ولم يكن عمر قنطرة السباع، وكان التوجه إلى الميدان عَلَى باب زويلة عَلَى باب الخرق، وكان ابن الصاحب ذَلِكَ اليوم نائماً عَلَى قفص صيرفي من تلك الصيارف، برا باب زويلة، ولم يكن أحد يتعرض لابن الصاحب، فلم يشعر الظاهر إلا وابن الصاحب يضرب بمفتاح في يده عَلَى خشب الصيرفي ضرباً قوياً فالتفت فرآه، فقال هاه علم الدين، فقال إيش علم الدين، أنا جيعان، فقال: أعطوه ثلاثة آلاف درهم، وكان ابن الصاحب أشار بتلك الدقة عَلَى الخشب إلى دقة مثلها يوم المركب. انتهى كلام الصفدي. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 276 قلت ويحكى عنه من النوادر اللطيفة أشياء منها: أنه حضر يوماً في بعض المدارس والنقيب يقول بسم الله فلان الدين القليوبي، بسم الله فلا الدين الدمنهوري، بسم الله فلان الدين المنوفي وينسب كل واحد إلى بلده من الريف فقال ابن الصاحب ويلك هذه مدرسة ولا منفض كتان. ومنها أن الأمير علم الدين الشجاعي لما فرغ من عمارة المدرسة المنصورية رآه يوماً بين القصرين فقال له: يا علم الدين أيما أحسن هذه المدرسة أو مدرسة الظاهر، فقال: هذه مليحة إلا أن الذي يصلي في الظاهرية يبقى حجره في وجه الذي يصلي في مدرستكم. ومنها أنه كان في القاهرة إنسان كثيراً ما يجرد الناس فسموه زحل، فلما كان في بعض الأيام وقف ابن الصاحب عَلَى دكان حلاوى ليزن دراهم يشتري بها حلوى، وإذا بزحل قد أقبل من بعيد فقال ابن الصاحب للحلاوي: أعطني الدراهم ما بقي لي حاجة بالحلوى فقال لم؟ قال: أما ترى زحل قارن المشتري في الميزان. ومنها أنه ركب يوماً حماراً للفرجة تسلمه من المكاري وتوجه به إلى برا باب اللوق، فتسيب الحمار عَلَى ماجور فيه حشيش فأكله بتمامه، فجاء صاحب الحشيش إليه وقال: يا سيدي أفقرني حمارك هذا وأكل بضاعتي، فقال له الجزء: 2 ¦ الصفحة: 277 ابن الصاحب: خذ صريمته فأخذها، فلما كان بعد ساعة انسطل الحمار ونام وعجز عن الحركة، فأراد ابن الصاحب الدخول إلى المدينة، فعجز الحمار عن القيام لأنه أكل ماجور حشيش، فحمله عَلَى حمار آخر وقال للمكاري: خذ بردعته، وجاء هو خلفه، فقام إليه صاحب الحمار فقال: يا سيدي أين حماري الذي ركبته من عندي؟، فقال: أنا ما رأيت حماراً، وما أعطيتني إلا حريفاً عَلَى أنه حريف كِّيس ما غرم عليه أحد شيئاً، انسطل بصريمته وركب ببردعته. وله من هذا النمط أشياء، توفي سنة ثمان وثمانين وستمائة. ومن شعره: يا نفسُ ميلي إلى التَّصابي ... فاللهو منه الفتى يعيش ولا تَملِّي من سُكْر يوم ... إن أعوز الخمر والحشيش وله في المعنى: في خُمار الحشيش معْنى مرامي ... يا أَهْيَل العقولِ والأفهامِ حرَّموها من غير عقْل ونقْل ... وحرام تحريم غير الحرام الجزء: 2 ¦ الصفحة: 278 الطبيب شهاب الدين الصفدي 661 - 737 هـ - 1263 - 1337م أحمد بن يوسف بن هلال بن أبي البركات، الشيخ شهاب الدين الصفدي الطبيب. ولد سنة إحدى وستين وستمائة، ثم قدم إلى صفد ونشأ بها، ثم انتقل إلى القاهرة وخدم في جملة أطباء السلطان وبالبيمارستان المنصوري، وكان بارعاً في الطب، وله قدرة عَلَى وضع المشجرات، ويبرز أمداح الناس في أشكال أطيار وعمائر وأشجار، وعقد وأخياط، وغير ذَلِكَ وله نظم ونثر، ودام عَلَى ذَلِكَ إلى أن توفي سنة سبع وثلاثين وسبعمائة، وقيل غير ذَلِكَ، ومن شعره ما يكتب عَلَى سيف: أنا أبْيض كم جُبْتُ يوماً أسوداً ... فأعدته بالنصر يوماً أبيضا ذكرٌ إذا ما استُلْ يوم كريهة ... جعل الذكور من الأعادي حُيَّضا أختالُ ما بين المنايا والمنى ... وأجولُ في وسطٍ الفضَايَا والفَضَا الشيخ كمال الدين الفاضلي ...... - 688هـ - ...... - 1289م أحمد بن يوسف بن نصر بن شادي، الشيخ كمال الدين الفاضلي. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 279 سمع من أبي لقمة، وأبي محمد بن البن، وزين الأمناء، وكتب عنه الحافظ أبو الحجاج المزي والبرزالي وجماعة. وكان يسمع بإفادة القاضي الأشرف بن القاضي الفاضل، وتوفي سنة ثمان وثمانين وستمائة. شمس الدين الطيبي 649 - 717 هـ - 1251 - 1317م أحمد بن يوسف بن يعقوب، القاضي شمس الدين بن أبي المحاسن كاتب الإنشاء بطرابلس المعروف بالطيبي. كان كاتباً مجيداً، مكثراً من النظم والنثر والترسل، مات بعد السبعمائة تقريباً ومن شعره: لستُ أنَسى الأحبابَ مادْمت حيِّا ... إذّ نّوّوْا للنَّوى مكاناً قصيَّا وَتَلَوْا آية الدموع فخروا ... خيفةَ البين سجَّدا وبُكيا الجزء: 2 ¦ الصفحة: 280 فبذكُراهم تسحُّ دموعي ... كلما اشتقت بكرةً وعشيَّا وأُناجي الإله من فرط حزني ... كمناجاه عبده زكريَّا واخْتفي نورهم فنادْيت ربِّي ... في ظلامِ الدُّجى نداءً خفيَّا وَهن العظم في البعاد فهبْ لي ... ربِّ بالقرب من لدُنْك وليَّا واسْتجبْ في الهَوَى دعائي فإنِّي ... لم أكن بالدعاءِ ربِّ شقيَّا قدْ فرى قلبي الفراق وحقا ... كان يوم الفراق شيئاً فريَّا ليتني متُّ قبل هذا وأنِّي ... كنت نسْيَا يوم النَّوى منسيَّا ليس ذا الهجرُ باختياري ولكنْ ... كان أمراً مقدَّراً مقضيَّا يا خليلِّي خلِّياني وعِشْقي ... أنا أولى بنارِ وجْدي صليَّا إن لي في الفراق دمعاً مطيعاً ... وفؤاداً صبَّا وصبراً عَصيَّا أنا في هجرهم وصْلتُ سُهادي ... فِصلاَنِي أو اهْجُراني مليَّا أنا في عاذلي وحبِّي وقلْبي ... حائر أيُّهم أشدُّ عتيَّا أنا شيخُ الغرام منْ يَتَّبعني ... أهده في الهوى صراطاً سويَّا أنا مَيْتُ الهوى ويومَ أراهم ... ذَلِكَ اليومُ يوم أُبعث حيَّا الجزء: 2 ¦ الصفحة: 281 أنا لو لم أعش بمقْدم مَوْلّى ... هو مَوْلى الوجودِ لم أكُ شيَّا الفتى الباسط الجميل جمال الد ... ين من زار من نداه النديَّا الشيخ عماد الدين أبو نصر الحسني 560 - 648 هـ - 1165 - 1250م أحمد بن يوسف بن علي بن محمد بن أحمد، الشيخ عماد الدين أبو نصر، وقيل أبو العباس الحسني الفقيه الحنفي. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 282 تفقه عَلَى الفقه العلامة أحمد بن محمد بن محمود الغزنوي، مولد سنة نيف وستين وخمسمائة بحلب، قاله ابن العديم، وسمع الحديث من أبي هاشم عبد المطلب ابن الفضل الهاشمي شيخ الحنفية، ورحل من حلب إلى الديار المصرية جافلاً من التتار، ولما وصل التتار إلى بلاد الروم سنة أربعين وستمائة، وحدث بمصر، وأضر بها، ثم عاد إلى حلب فأقام بها صابراً محتسباً إلى أن مات سنة ثمان وأربعين وستمائة، قاله الشيخ قطب الدين في تاريخ مصر، انتهى. المهندس شهاب الدين الطولوني ...... - 801هـ - ...... - 1398م أحمد بن الطولوني، المهندس المعلم شهاب الدين المصري. كان معلم السلطان ومهندسه، وشاد عمائره، ثم تزوج الملك الظاهر برقوق بأخته أو بنته، فنال بمصاهرة السلطان السعادة، وأثرى وصار من ذوي الرئاسة، الجزء: 2 ¦ الصفحة: 283 وتوجه إلى عمائر مكة غير مرة آخرها في سنة إحدى وثمانمائة، ثم عاد نحو القاهرة بعد فراغ شغله فأدركته المنية بعسفان، فمات في يوم الجمعة عاشر صفر من السنة المذكورة، فحمل ودفن بالمعلاه من مكة، رحمه الله تعالى. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 284 باب الألف والدال المهملة الأمير عماد الدين الحسني ...... - 713هـ - ...... - 1313م إدريس بن علي بن عبد الله، الأمير عماد الدين الحسني. قال الشيخ تاج الدين عبد الباقي اليمني: هو أحد أمراء الطبلخاناه بالدولة المؤيدية، نشأ بصنعاء وبلادها، وكان إماماً لا يجاري، وعالماً لا يباري، أتقن الجزء: 2 ¦ الصفحة: 285 العلوم وسبق المنطوق، والمفهوم له الأدب المذهب، وكان زيدي المذهب، رشحه أهل مذهبه للإمامة وهموا بأن يقلدوه الزعامة، فنزع من الشَّان ومال إلى السلطان فاسكنه أقصى مراتب العلياء، وكانت يده هي اليد العليا، جمع بين الكرم والشجاعة، وتقدم في أرباب البراعة، توفي سنة ثلاثة عشر وسبعمائة. فمن شعره قصيدة يمدح بها الملك المؤيد منها: عُوَجاً عَلَى الرّبع من سلمى بذي فار ... واستوقفا العيس لي في ساحة الدار وسائلاها عمى تنبئكما خبرا ... يشفي فؤادي ويقضي بعض أوطاري وله أيضاً يمدح الملك المؤيد لما جاءته الرسل من ديار مصر في سنة ثلاث وسبعمائة: لم يأتك الرُّسْل من مصر وساكنها ... إلاَّ مؤدية حقاً لكم يجب الشيخ أبو غانم العبدري الشَّيبي إدريس بن غانم بن مفرج، الشيخ أبو غانم العبدري الشيبي ، شيخ الحجبة، وفاتح الكعبة. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 286 كان متولياً لفتح الكعبة في سنة سبع وخمسين وستمائة، كما ذكره الأمير سنجر الدواداري في طبقة سماعه عَلَى العفيف منصور بن منعه لأربعينه التي خرجها له ابن مسدي، وبنو شيبه هؤلاء نسبهم إلى. الشريف الحسني ...... - 669هـ - ...... - 1270م إدريس بن قتادة بن إدريس بن مطاعن الشريف الحسني، أمير مكة. ولي إمرة مكة نحو سبعة عشر سنة شريكاً لابن أخيه أبي نمي محمد في أكثر هذه المدة، ثم أنفرد بها وقتاً يسيراً من ذَلِكَ، وهو أن أبا نمي أخذ مكة في سنة أربع وخمسين وستمائة لما توجه إدريس لأخيه راجح بن قتادة، ثم جاء هو وراجح إلى مكة وأصلح راجح بين أبي نمي وإدريس هذا، فأقاما عَلَى الصلح مدة، ثم وقع بينهما في سنة سبع وستين وستمائة، فأخرج أبو تمي إدريس من مكة، ثم اصطلحا إلى سنة تسع وستين وقع بينهما وقعة فاستظهر إدريس الجزء: 2 ¦ الصفحة: 287 عَلَى أبي نمي وتوجه أبو تمي إلى مدينة ينبع واستنجد بصاحبها وجمع وحشد وقصد مكة بمجموعة - والتقيا وتحاربا، فظفر أبو تمي بإدريس فألقاه عن فرسه وجز رأسه، وذلك في شهر ربيع الآخر أو في جمادى الأولى سنة تسع وستين وستمائة، انتهى. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 288 باب الألف والراء المهملة الأمير سيف الدين الفتاح ...... - 747هـ - ...... - 1346م أراق بن عبد الله، الأمير سيف الدين نائب صفد المعروف بالفتاح. وذلك لأنه كان في مبدأ أمره يتولى فتح السجن، ثم أخرجه الملك الناصر محمد بن قلاوون إلى نيابة قلعة صفد في سنة ثلاث وثلاثين وسبعمائة، ولم يزل بالقلعة المذكورة إلى أن استعفى منها فأعفاه السلطان الملك الصالح في سنة خمس وأربعين وسبعمائة وأنعم عليه بإمرة في دمشق، ثم نقل إلى نيابة غزة، فأقام بغزة إلى أن نقل إلى صفد عوضاً عن الأمير سيف الدين آل ملك بحكم القبض عليه، واستمر الأمير أراق هذا في نيابة صفد إلى أن عزل عنها بأمير أرغون شاه الجزء: 2 ¦ الصفحة: 289 في أوائل سنة سبع وأربعين وسبعمائة وتوجه إلى حلب أميراً بها، فلم تطل مدته بحلب ورسم له بالعود إلى صفد أميراً غير نائب بها، فلما وصل إلى دمشق حضر مرسوم ثان بإقامته بدمشق أميراً، فأقام بها إلى أن توفي. أربكون ...... 736هـ - ...... - 1335م أربكون صاحب العراق وأذربيجان والروم، أصله من ذرية جنكزخان. نشأ جندياً، وكان أبوه قد قتل، وترقى إلى أن توفي السلطان بو سعيد ملك التتار، فقام الوزير غياث الدين محمد بأمره، وشارو مقدمي التتار في توليه أربكون هذا، وقال: هذا الرجل من ذرية جنكزخان، وأصل في الملك، فبايعوه، وجلس عَلَى تخت الملك، وقتل الخاتون بغداد بنت جوبان زوجة الملك بوسعيد، وكان الأمير عَلَى باشا متولي الجزيرة فلم يدخل في طاعته، وسار وأخذ بغداد وجبي الأموال، وتصرف في البلاد، وجرت أمور يطول شرحها آلت إلى قتل أربكون هذا، الجزء: 2 ¦ الصفحة: 290 وقتل الوزير غياث الدين محمد، فكانت مدة ملكه أشهر، وذلك في سنة ست وثلاثين وسبعمائة. وأربكون هذا كان نصرانياً، وكان عزم عَلَى ورود الشام ... الأمير سيف الدين أرتمش ...... - 736هـ - ...... - 1335م أرتامش بن عبد الله الأشرفي، الأمير سيف الدين نائب الكرك، صوابه أرْتْمِشْ، يعني باللغة التركية فَضْلَهْ، بألف وبعدها راء معجمة ساكنة ثم تاء مثناه من فوق ساكنة أيضاً وكسر الميم وسكون الشين المعجمة. أصله من مماليك الملك الأشرف خليل بن قلاوون، ثم اتصل عند الملك الناصر محمد بن قلاوون وولاه نيابة الكرك، وكان الملك الناصر يركن إليه الحاج أرتمش وأرسله غير مرة في الرسلية إلى القان بوسعيد، وكان التتار يعظمونه ويركنون إليه، لأنه كان يعرف بالمغلي، وهو التركي الخالص، كعرب الجزء: 2 ¦ الصفحة: 291 العربان، وكان يعرف المغلي لساناً وكتابة، ويعرف أيضاً آداب المغل وتورا جنكزخان. قال الشيخ صلاح الدين: وكان يحكم بين السلطان وبين الخاصكية بالسياسة واليسق الذي قرره جنكزخان ويطالعها ويراجعها، ويعرف بيوت المغل وأنسابهم وأصولهم، ويستحضر تواريخهم ووقائعهم، وكان إذا جاء من تلك البلاد كتاب الجزء: 2 ¦ الصفحة: 292 للسلطان بالمغلي يكتب هو الجواب عنه بالغلي، وإذا لم يكن حاضراً كتبه الأمير سيف الدين طاير بغا خال السلطان. وأخبرني من أثق به عن الأمير الحاج أرقطاي، وكان يدعى أنه أخوه، قال: كنت ليلة أنا وهو نائمين في الفراش وإذا به قال: آرقطاي، لا تتحرك معنا عقرب، ولم يزل يهمهم بشفتيه، وقال: قم، فقمنا، فوجدنا العقرب قد ماتت، وكان يعرف رقي كثيرة، منها ما يقوله عَلَى العقرب وهي سارحة فتموت، ومنها رقية لوجع الرأس، وكان مغري يلعب النرد. أخرجه السلطان إلى صفد نائباً عوضاً عن الحاج آرقطاي في سنة ست وثلاثين وسبعمائة، فتوجه إليها وأحسن إلى أهلها، ووقع بينه وبين الأمير تنكز نائب الشام، ولك يزل فيها عَلَى حاله إلى أن عطلت حواسه وبطلت أنفاسه وتوفي رحمه الله تعالى في سنة ست وثلاثين وسبعمائة فيما أظن، ودفن بتربة الحاج أرقطاي بجوار الجامع الظاهري بصفد. وكان مشهوراً بالخير والسكون الذي لا يرتاع معه الطير، وصاحبا لصاحبه في السراء والضراء، مالكاً قلب من يعرفه بخلائقه الزهراء، ولكنه كان ينكد عيشه ويسأم طيشه بوجع المفاصل الذي يعتريه وتطول مدته حَتَّى يقول: ألا موت يباع فأشتريه، انتهى كلام الشيخ صلاح الدين الصفدي، رحمه الله تعالى. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 293 أرتنا ...... - 753هـ - ...... - 1352م أرتنا، الحاكم ببلاد الروم من قبل الملك بوسعيد. فلما مات بوسعيد كاتب ارتنا هذا السلطان الملك الناصر محمد بن قلاوون وقال: أريد أن أكون نائبك، فأجابه الملك الناصر إلى سؤاله، وبعث إليه بالخلع السنية، وكتب إليه نائب السلطنة الشريفة بالبلاد الرومية، ودام ارتنا المذكور إلى أن وقع بيته وبين أولاد تمرتاش، فجمعوا له العساكر، فجاءوا إليه ومعهم القان سليمان فكسرهم أرتنا بصحراء أكرنبوك، بكافين بينهما راء ونون وباء ثانية الحروف وواو وقبل الكاف الأولى همزة، أقبح هزيمة وأسر جماعة من أمرائهم، وعن من أموالهم، وكانت هذه الوقعة في سنة أربع وأربعين وسبعمائة في إحدى الجمادين. الأمير أرجواش ...... - 701هـ - ...... - 1302م أرجواش بن عبد الله المنصوري، الأمير سيف الدين نائب قلعة دمشق في أيام أستاذه المنصور. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 294 وكان شهماً شجاعاً مهيباً، لم يخرج مدة ولايته من قلعة دمشق، ولا نزل إلى مدينة دمشق، ولا سير ولا ركب فرساً، وكان أعوراً، ولما ملك الأشرف خليل بن قلاوون قيده وألبسه عباءة ليقتله، ثم عفا عنه وخلع عليه وأعاده إلى نيابة قلعة دمشق في شهر رمضان سنة تسعين وستمائة. وكان أرجواش هذا حفظ قلعة دمشق، بل قلاع البلاد الشامية، يوم غازان، وحضر مدة طويلة، نهض وأتم نهوض، وقام أكمل قيام، وأظهر التتار أنواع القتال وتسلقوا عليه من دار السعادة وطلعوا سطحها، وتسلطوا عَلَى القلعة مع كثرتهم، ورموها بالنشاب، فرمى عليهم قوارير النفط فأحرقت الأخشاب وسقطت السقوف بهم، وفعل ذَلِكَ بدار الحديث الأشرفية والعادلية حَتَّى عاد التتار إلى بلادهم، فلولاه لملكت التتار الشام جميعه، ومع هذا كان عنده سلامة باطن إلى الغاية. قال الصلاح الصفدي: حكى لي عنه عبد الغني الفقير المعروف قال: لما مات الملك المنصور قلاوون قال لي أحضر لي مقرئين يقرؤون ختمة للسلطان، فأحضرت إليه جماعة فجعلوا يقرؤون عَلَى العادة، فأحضر دبوساً وقال تقرأون هذه القراءة للسلطان؟ لَمْ لا تقرأون عالياً، فضجوا بالقراءة جهدهم، فلما فرغوا منها قلت: يا خوند فرغت الختمة، فقال: يقرأون أخرى، فقرأوها؛ وقفزوا الجزء: 2 ¦ الصفحة: 295 ما أرادوا، فلما فرغوها أعلمته، قال: ولك السماء ثلاثة والأرض ثلاثة والأيام ثلاثة والمعادن ثلاثة وكل ما في الدنيا ثلاثة، يقرأون أخرى، فقلت لهم: اقرأوها واحمدوا الله عَلَى أنه ما علم أن هذه الأشياء سبعة سبعة، فلما فرغوا الثالثة وقد هلكوا من صراخهم، قال: دعهم عندك في الترسيم إلى بكرة، وقال أكتب عليهم حجة بالقسامة الشريفة بالله تعالى وبنعمه السلطان أن ثواب هذه الختمات لمولانا السلطان الملك المنصور قلاوون، ففعلت ذَلِكَ وجئت إليه بالحجة، فقال هذا جيد أصح الله أبدانكم، وصرف لهم أجرتهم، وله عنه حكايات كثيرة، كان يحكيها عنه تدل عَلَى تغفل كبير. أردبغا العثماني ...... - 792هـ - ...... - 1390م أردبغا بن عبد الله العثماني، الأمير سيف الدين، أحد أمراء الطبلخاناة في الدولة الظاهرية برقوق. كان مشهوراً بالشجاعة والإقدام، قتل في وقعة منطاش مع الظاهر برقوق بشقحب، بعد خروج برقوق من حبس الكرك في سنة اثنتين وتسعين وسبعمائة. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 296 أربغا الظاهري ...... - 830هـ - ...... - 1427 أربغا بن عبد الله الظاهري، الأمير سيف الدين. أحد المماليك الظاهرية برقوق وأحد العشروات، ثم نائب قلعة صفد. كان المذكور من أعيان مماليك الظاهر، وتأمر بالبلاد الشامية إلى أن خرج الأمير قاني باي المحمدي نائب الشام عَلَى الملك المؤيد شيخ، ووافقه عَلَى عصيانه جماعة من النواب والأمراء كان أردبغا هذا ممن وافقه إلى أن انكسر قاني باي ومسك، فرأردبغا هذا مع من فر إلى قرا يوسف صاحب بغداد، ودام بتلك البلاد إلى أن مات المؤيد قدم عَلَى الأمير ططر بدمشق، فأنعم عليه بإمرة عشرة بديار مصر، ودام عَلَى ذَلِكَ إلى أن نقله الملك الأشرف برسباي إلى نيابة قلعة صفد سنة سبع وعشرين وثمانمائة فتوجه إلى صفد ودام في نيابة قلعتها إلى أن توفي بعد سنة ثلاثين وثمانمائة. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 297 أرسطاي الظاهري ...... - 811هـ - ... ... - 1408م أرسطاي بن عبد الله الظاهري، الأمير سيف الدين، نائب الإسكندرية هو من مماليك الملك الظاهر برقوق، وممن صار من أيام أستاذه من جملة أمراء الطبلخاناه ورأس نوبة، وهو الذي أرسله الملك الظاهر برقوق يوم وقعة علي باي، ولما فطن بركوب علي باي، ليعلمه أن السلطان قادم لزيارة علي باي وخدعه بأن قال: السلطان ذا الحين يدخل لزيارتك، فكف عَلَى باي عن الخروج من داره، واطمأن بأن السلطان داخل إليه ويفعل فيه ما شاء، ثم وقف أرسطاي عَلَى باب علي باي في انتظار السلطان، وقد أخر السلطان العصائب السلطانية إلى خلف واجتاز عن باب، فلما علم أرسطاي بأن السلطان قد فاز، ركب ولحق به، انتهى. ثم أن أرسطاي ولي نيابة الإسكندرية في الدولة الناصرية فرج بعد تنقلات، ودام في نيابة الإسكندرية إلى أن توفي بها في سنة إحدى عشرة وثمانمائة. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 298 أسد الدين أرسلان ...... - 658هـ - ...... - 1260م أرسلان شاه بن دارد بن يوسف بن أيوب، الأمير أسد الدين بن الملك الزاهر بن السلطان صلاح الدين. كان ملكاً شجاعاً شهماً حسن الشكالة كريماً، وكان شبيهاً بأبيه، وهو شقيق الملك الظاهر غازي صاحب البيرة المتوفى سنة اثنتين وثلاثين وستمائة، لم نذكره في كتابنا هذا لأن وفاته قبل الخمسين وستمائة بخلاف شرط كتابنا هذا، قتل أسد الدين صاحب الترجمة ببواشير حلب أول دخول التتار إليها سنة ثمان وخمسين وستمائة. الملك المعظم ركن الدين أرسلان 591 - 678 هـ - 1195 - 1279م أرسلان بن داود بن السلطان صلاح الدين يوسف بن أيوب، الملك المعظم ركن الدين. ولد بقلعة البيرة سنة إحدى وتسعين وخمسمائة، توفي سنة ثمان وسبعين وستمائة، وحدث بإجازة عامة من الصيدلاني، وأجاز للبرزالي وجماعة، وحدث بدمشق والقاهرة، وسمع منه الحافظ المزي بقراءة ابن جعوان. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 299 قال الصلاح الصفدي في تاريخه: هكذا رأيت الشيخ شمس الدين، يعني الحافظ الذهبي ذكر هذين الاسمين في هاتين السنتين، فأثبت هذا الثاني لما خالف الأول في اللقب وتاريخ الوفاة فهو إما المذكور أولاً، أو كان له أخ سماه أبوه باسم أخيه لأنهما كلاهما أبناء الملك الزاهر مجير الدين داود. انتهى. قلت: ولما وقفت أنا أيضاً عَلَى هاتين الترجمتين راجعت تاريخ الحافظ الذهبي فوجدته كما قال الشيخ صلاح الدين، والأقوى عندي أن الذهبي واهم، وأن الترجمتين لشخص واحد، والله أعلم بالصواب. أرسلان الداوادار ...... - 717هـ - ...... - 1317م أرسلان بن عبد الله الدوادار، الأمير بهاء الدين. كان أرسلان هذا أولاً عند الأمير سلار، وكان خصيصاً عنده، ثم حظي عند الملك الناصر محمد بن قلاوون، وهو أن الناصر لما خرج من الكرك في المرة الجزء: 2 ¦ الصفحة: 300 الأخيرة بعساكر الشام، وتلقاه العسكر المصري، ونزل بالرايدانية ظاهر القاهرة، جاء إليه أرسلان هذا وعرفه أن الأمراء اتفقوا عَلَى أن يهجموا عليه بالدهليز ويقتلوه يوم العيد أول شوال، فلما عرف الناصر الخبر خرج السلطان من عير الباب، وركب وساق من وقته، وطلع إلى القلعة وملكها، وكان هذا الخبر سبباً لنجاته، فرعى له الناصر ذَلِكَ وقربه، ولما خرج الأمير أيدمر الدوادار من القاهرة إلى الشام، ولى أرسلان هذا وظيفة الدوادارية. وكان شكلاً حسناً، قد خرجه وهذبه وفقهه القاضي علاء الدين بن عبد الظاهر، وصار له إليه ميل عظيم، وتصادفا وتصافيا، ويقال إن الرسالة التي لعلاء الدين ابن عبد الظاهر الموسومة بمراتع الغزلان أنشأها فيه، وكان يكتب الخط المنسوب، ويعرف الدوادارية جيداً، وتواقيعه مسددة، وعبارته وافية بالمقاصد، واستولى عَلَى الملك الناصر وتمكن منه حَتَّى أنه لم يبقى لأحد معه ذكر، وكان إذا الجزء: 2 ¦ الصفحة: 301 نزل من القلعة ونام بالمدينة ماجت القاهرة لأجله، وحضر أكابر الدولة عنده وباتوا في خدمته، وعمر خانقاه في منشاة المهراني خارج القاهرة عَلَى النيل، ورأى وقتاً في مباشرته، ونفع الناس عند السلطان، وكان عنده عصبة لأصحابه. حكى أنه لما توفي وجد عنده في خزانته في جملة قماشه ألف ثوب أطلس، وتواقيع كثيرة، وتقاليد معلم عليها بوظائف أنكر السلطان أنه علمها. ولما مرض الأمير أرسلان صاحب الترجمة مرض موته مرض القاضي علاء الدين بن عبد الظاهر أيضاً، وتوفي أحدهما بعد الآخر بيوم واحد، وكان إذا سأل أحدهما عن الآخر يقال له طيب، وكانت وفاتهما سنة سبع عشرة وسبعمائة، رحمهما الله تعالى. وتولى الدوادارية من بعده الأمير ألجاي يأتي ذكره في محله إن شاء الله تعالى. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 302 أرغون شاه البيدمري ...... - 802هـ - ...... - 1400م أرغون شاه بن عبد الله البيدمري الظاهري، أمير مجلس، الأمير سيف الدين. كان أولاً من مماليك الأمير بيدمر الخوارزمي نائب الشام، اشتراه من بعض النجار وقدمه إلى الملك الظاهر برقوق، فحظي عنده ورقاه وجعله ساقياً، ثم أنعم عليه بعد خروجه من الكرك في سلطنته الثانية بإمرة عشرة، ثم نقله إلى إمرة طبلخاناة، وجعله من جملة رؤوس النوب، أنعم عليه بعد مدة بإمرة مائة تقدمة ألف بعد الأمير بيبرس ابن أخت السلطان، بحكم انتقال بيبرس إلى إقطاع غيره ودام عَلَى ذَلِكَ إلى أن خلع عليه بإمرة مجلس بعد والدي، بحكم انتقال والدي إلى إمرة سلاح عوضاً عن الأمير بكلمش بحكم توجه بكلمش إلى القدس بطالا. واستمر أرغون شاه عَلَى ذَلِكَ إلى أن مات الملك الظاهر برقوق فِي شوال سنة إحدى وثمانمائة، ثم في سنة اثنتين وثمانمائة وقع من أمراء الأتابك أيتمش ما سنذكره في غيره موضع إن شاء الله تعالى، وخروجه عَلَى الناصر فرج وانضمام الأمراء عليه، الجزء: 2 ¦ الصفحة: 303 فكان أرغون شاه هذا من جملة الأمراء الذين ساروا في حزب أيتمش، ثم انكسر أيتمش وتوجه بمن معه من الأمراء المذكورين إلى الأمير تنم نائب الشام، ثم واقعوا الملك الناصر فرج هم والأمير تنم بتل العجول خارج مدينة غزة وانهزما أيضاً ثانياً وقبض عَلَى تنم ثم عَلَى جميع الأمراء الذين خرجوا من مصر والذين جاءوا صحبة الأمير تنم من الشام، وحبسوا بقلعة دمشق، ثم قتلوا الجميع ماعدا والدي والأمير آقبغا الجمالي الأطروش، فكان أرغون شاه هذا ممن ذبحا بقلعة دمشق في شهر شعبان سنة اثنتين وثمانمائة رحمه الله. وكان أميراً حشماً شجاعاً، مائلاً متعصباً لمن يلوذ به، يحب العلماء، ويعتقد الفقراء، وكان حسن القامة، رقيق البشرة لطيف الذات، أصهب اللحية خفيفها، وكان تركي الجنس، عنده نوع خفة وعجلة في أموره مع خلق حسن وتواضع، ومحبة للطرب، وكان يفهم باللغة العجمية قليلاً، وكان عمره حين قتل نيف عَلَى ثلاثين سنة، وهو جد المقام الناصري محمد، ولد المقام الشريف الملك الظاهر جقمق لأمه. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 304 أرغون شاه من تمرباي الأشرفي ...... - 793 - هـ - ...... - 1291م أرغون شاه بن عبد الله، الأمير سيف الدين. أصله من عنقاء الأمير تمرباي الأفضلي الأشرفي، وترقى بعد موت أستاذه إلى أن صار من أعوان الأمير تمربغا الأفضلي الأشرفي، المدعو منطاش إلى أن عصى منطاش ورافق الأمير يلبغا الناصري وملكا مصر وخلعا الظاهر برقوق، ثم وقع بين منطاش والناصري ما سنحكيه في محله من الوقعة المشهورة، وانتصر منطاش وقبض عَلَى الناصري وحبسه بثغر الإسكندرية، وصار مدير مملكة السلطان الملك المنصور حاجي أنعم على أرغون شاه صاحب الترجمة بإمرة مائة وتقدمه ألف بالديار المصرية، فلم تطل أيام منطاش، وخرج الملك الظاهر برقوق من حبسه بالكرك وتسلطن ثانياً، وقبض عَلَى أعوان منطاش وأمرائه، فقبض عَلَى أرغون شاه هذا في الوقعة التي كانت بينه وبين منطاش بشقحب، فحمل إلى الديار المصرية مقيداً وقتل بها في سنة ثلاث وتسعين وسبعمائة. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 305 أرغون شاه الناصري ...... - 731هـ - ...... - 1331م أرغون شاه بن عبد الله الدوادار الناصري، الأمير سيف الدين. أصله من مماليك الملك الناصر محمد بن قلاوون، اشتراه ورباه وأدبه وتبنا به، وأمره بملازمة الاشتغال، فاشتغل ودأب، وكتب الخط المنسوب، وسمع صحيح البخاري بقراءة الشيخ أثير الدين أبي حيان، وكتب بخطه صحيح البخاري، وبرع في الفقه وأصوله، وأذن له بالإفتاء والتدريس. قال الشيخ صلاح الدين: قال لي الشيخ فتح الدين بن سيد الناس: كان يعرف مذهب أبي حنيفة رضي الله عنه ودقائقه، ويقصر فهمه في الحساب إلى الغاية، انتهى. قلت ورقاه أستاذه الملك الناصر إلى أن جعله دوادارا بعد الأمير بيبرس ثم ولاه نيابة السلطنة بديار مصر نحو ست عشرة سنة، ثم ولي نيابة حلب عوضاً الجزء: 2 ¦ الصفحة: 306 عن الأمير الطنبغا الصالحي، فباشر النيابة أربع سنين، وهو الذي أمر بحفر نهر الساجور وإجرائه، وكان وصول النهر إلى حلب في سنة إحدى وثلاثين وسبعمائة، وكان يوم وصوله يوماً مشهوداً. وفي هذا المعنى يقول الرئيس شرف الدين أبو عبد الله الحسين بن ربان: لما أتى نهر السناجور قلت له ... ماذا التأخر من حين إلى حين فقال: أخرني ربي ليجعلني ... من بعض معروف سيف الدين أرغون وقال الشيخ بدر الدين بن حبيب في المعنى: قد أصبحت الشهباء تثنى ... عَلَى أرغون في صبح وديجور من نهر الساجور أجرى بها ... للناس بحراً غير مسجور ولم تطل أيامه بعد ذَلِكَ، ومات في ليلة السبت ثامن عشر شهر ربيع الأول وقيل ربيع الآخر سنة إحدى وثلاثين وسبعمائة. وكان تركياً فصيحاً، مليح الشكل، محباً لأهل العلم، معظماً لهم، ويجلهم، ويتقاضى حوائجهم، ويجتمع بهم، ويذاكرهم، وكان له مشاركة جيدة الجزء: 2 ¦ الصفحة: 307 في عدة علوم، وذوق حسن، وله ميل إلى فعل الخير، وفيه بر للفقراء، وبالجملة فهو أنبل مماليك الملك الناصر محمد بن فلارون وأعظمهم، وكان يحكم بالشرع، وعمر تربة بحلب مشهورة به، ووقف عليها وقفاً جيداً، وتردد إلى مكة مرات: منها في سنة ست عشرة، وفي سنة عشرين، وفي سنة ست وعشرين وسبعمائة، وسمع بمكة أيضاً عَلَى الرضي الطبري، وابتني بمكة مدرسته للحنفية بدار العجلة ووقف عليها وقفاً هو الآن مضاف إلى قاضي القضاة الحنفية بالقاهرة، وجعل مدرسها يوسف بن الحسن الحنفي المكي. ودرس بها مدة سنين إلى أن استولى عليها الأشراف أولاد راجح بن أبي نمي، وهي إلى الآن بأيديهم، ولم يكن إذ ذاك بمكة من القضاة الأربع غير قاضي شافعي فقط، وولاية قضاة الحنفية بمكة من القضاة الأربع غير قاضي شافعي فقط، وولاية قضاة الحنفية بمكة كان بعد الثمانمائة، ثم ولى بعد ذَلِكَ بمدة قاضي مالكي، ثم حنبلي وهو الشريف عبد اللطيف سراج الدين المكي الفاسي. انتهى. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 308 أرغون البشبغاوي ...... - 819هـ - ...... - 1416م أرغون بن عبد الله البشبغاوي الظاهري، أمر آخور، الأمير سيف الدين. هو من مماليك الملك الظاهر برقوق، وهو من خواصه وممن ترقى في دولة ابن أستاذه الملك الناصر فرج بن برقوق إلى أن صار أمير مائة ومقدم ألف بالديار المصرية، ثم ولى أمير آخورا كبيراً بعد الأمير كمشبغا الفيسي الظاهري، واستمر في وظيفته إلى أن اقتضت السلطنة إلى الملك المؤيد شيخ المحمودي عزله عن الأمير آخورية بالأمير قاني باي المحمدي المتولي بعد ذَلِكَ نيابة دمشق، وأخرجه إلى القدس بطلاً، فأقام بالقدس إلى أن مات في يوم الجمعة ثالث ذي القعدة سنة تسع عشرة وثمانمائة، رحمه الله. وكان أميراً ديناً خيراً، متواضعاً، مشكور السيرة، عفيفا عن المنكرات والفروج، يميل إلى خير ودين، كثير العبادة والتلاوة، قليل الكلام فيما لا يعنيه، لم يدخل مع الملك الناصر فرج فيما كان عليه، وهو من جملة الأمراء الذين أوصاهم والدي عَلَى أولاه وتركته، وهو خجداشه كلاهما من خواجا بشبغا، أخذهما الملك الظاهر برقوق من بشبغا المذكور قبل سلطته بمدة يسيرة، عفا الله عنهما. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 309 ملك التتار ...... - 690هـ - ...... - 1219م أرغون بن أبغا بن هولاكو بن جنكزخان بن طولو، سلطان الدشت وملك التتار. جلس عَلَى تخت الملك بعد موت عمه تكدار المسمى أحمد في سنة ثلاث وثمانين وستمائة. قال القاضي علاء الدين بن خطيب الناصرية: قال الشيخ عز الدين الأربلي حدثني الشيخ عماد الدين بن الحرام، يعني أبا محمد عبد الله بن محمد بن عبد الرزاق البغدادي، أنه شاهد أرغون بن أبغا المذكور وقد صفت له ثلاثة أفراس فوقف عند أولها راجلا وطفر في الهواء فركب الثالث منها، ولم يتعلق بشيء منها، انتهى كلام ابن خطيب الناصرية باختصار. وحكى عنه أيضاً أنهم كانوا يصفون له سبعة أروس خيل ويقول لهم أيهم تريدون أركب؟ فيعينون له واحدة، فيقفز من الأرض عَلَى ظهرها، ولو كانت آخر السبعة. وقال ابن كثير: وكان أرغون شهماً شجاعاً، سفاكاً للدماء، قتل عمه سلطان أحمد بن هولاكو فعظم في أعين المغل، وجاء الخبر بموت أرغون المذكور إلى الجزء: 2 ¦ الصفحة: 310 السلطان الملك الأشرف خليل بن قلاوون وهو محاصر عكا ففرح بذلك، انتهى كلام ابن كثير. قلت: وكانت وفاته عَلَى شاطئ نهر أنكر من بلاد آران في شهر ربيع الأول سنة تسعين وستمائة بعد حكمه سبع سنين، مات حتف أنفه، وقيل إن وزيره سعد الدولة اغتاله بالسم. وكان أرغون هذا يتدين بعبادة الأصنام والسحر، ويعظم طريقتهم خصوصاً الطائفة المنتسبة إلى براهنة الهند، وكان يجلس في السنة أربعين يوماً في خلوة يتحنث فيها ويتجنب أكل اللحوم، فورد عليه شخص من الهند وأوحى إليه أنه يتخذ معجوناً من داوم تناوله طالت حياته، فأكله فأوجب له انحرافاً وصرعاً، فمات منه في التاريخ المذكور، وكان ملكاً شجاعاً مقداماً مطاعاً، شديد السطوة جميل الصورة، جيد التدبير. أرغون شاه السيفي تغري بردى ...... - 819هـ - ...... - 1416م أرغون شاه بن عبد الله السيفي تغري بردى، الأمير سيف الدين، أتابك غزة. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 311 هو من عنقاء والدي، اشتراه والدي ورباه وجعله شاد الشراب خاناته، وأنعم عليه الملك الناصر فرج لما ولى والدي نيابته الأخيرة بدمشق، بإمرة مائة وتقدمة ألف بدمشق، وهو عَلَى وظيفته بخدمة والدي، واستمر عَلَى ذَلِكَ مدة، وقدم القاهرة في الرسلية من قبل والدي إلى الملك الناصر فرج غير مرة، وحظي عند الناصر وعظم في الدولة الناصرية إلى أن توفي والدي وقتل الملك الناصر وآلت السلطنة إلى المؤيد شيخ قبض عليه وأراد قتله، واحتج بأنه اغتال والدي بالسم وقتله، فحلف عَلَى ذَلِكَ أيماناً عظيمة، فأطلقه وأنعم عليه بإمرة وأتابكية غزة، فتوجه إلى غزة وأقام بها خائفاً وجلا إلى أن توفي سنة تسع عشرة وثمانمائة. أرغون الطشتمري ...... - 785هـ - ...... - 1383م أرغون بن عبد الله الطشتمري، الأمير سيف الدين، دوادار الأمير طشتمر الدوادار. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 312 كان عند مخدومه دوادارا، فلما أمسك مخدومه جعله الملك الظاهر برقوق من جملة أمراء الطبلخاناه، واستمر عَلَى ذَلِكَ إلى أن توفي بالقاهرة في سنة خمس وثمانين وسبعمائة، كان له معرفة بالأحكام والسياسة، رحمه الله. أرغون الأشرفي. ...... - 778هـ - ...... - 1376م أرغون شاه بن عبد الله الأشرفي، الأمير سيف الدين. أحد مقدمي الألوف في الديار المصرية في دولة أستاذه الملك الأشرف شعبان ابن حسين، وكان خصيصاً عند أستاذه المذكور إلى أن حج الملك الأشرف شعبان في سنة ثمان وسبعين وسبعمائة، ووقع له ما سنحكيه في ترجمته وعوده إلى القاهرة، عاد أرغون صاحب الترجمة معه مع من عاد من الأمراء إلى القاهرة، ثم اختفى الأشرف وانفرد عن أمرائه، واختفى أرغون شاه إلى أن قبض عليه، وقتل في سنة ثمان وسبعين وسبعمائة، في أوائل ذي القعدة، بقية النصر خارج القاهرة،؟ رحمه الله تعالى. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 313 أرغون شاه العزي الأفرم ...... - 778هـ - ... ... - 1376م أرغون بن عبد الله العزي الأفرم، الأمير سيف الدين. أحد أمراء الطبلخاناه في دولة الملك الأشرف شعبان بن حسين، وهو أيضاً ممن توجه مع الأشرف إلى الحجاز، ثم عاد صحبته إلى القاهرة، وقتل في سنة ثمان وسبعين وسبعمائة، رحمه الله تعالى. أرغون شاه الناصري ...... - 750هـ - ...... - 1349م أرغون شاه بن عبد الله الناصري، الأمير سيف الدين، أحد مماليك الملك الناصر محمد بن قلاوون. قال الشيخ صلاح الدين الصفدي: كان رأس نوبة الجمدارية أيام أستاذه الناصر، وَكَانَ هو وأرغون العلائي شريكين فِي هَذِهِ الوظيفة لكن هَذَا هو المقدم وكان في أول أمره جلبه الكمال الخطائي إلى القان بوسعيد من بلاد الصين، هو الجزء: 2 ¦ الصفحة: 314 وسبعة مماليك وثمانمائة ثوب وبرخطائي، من أملاك بو سعيد الموروثة له عن أبيه وجده، من جدهم جنكزخان من تلك البلاد، فنم عَلَى الخطائي لبوسعيد فصادره وأخذ منه مائة ألف دينار ثم إن بو سعيد كرهه لذلك فأعطاه لدمشق خجا بن جوبان، فكأن ذَلِكَ لم يهن عليه، فنم إلى بوسعيد أيضاً بأمر دمشق خجا مع الخاتون طقطاي، وجرى من أمرهما ما جرى من حز رأسها، ثم إن بوسعيد أرتجع أرغون شاه ثم بعثه إلى الملك الناصر هو والأمير ملكتمر السعيدي، فحظي الأمير أرغون شاه عند الناصر وأمّره وجعله رأس نوبة، وزوجه ببنت الأمير آقبغا عبد الواحد، ولم يزل بمصر إلى أن أخرج مع الفخري لحصار الكرك، ثم توجه مع العساكر الشامية إلى القاهرة. وجرى منه في نيابة طشتمر ما أوجب ضربه وإخراجه إلى طرابلس، ثم شفع فيه، ولما تولى الملك الكامل حظي عنده وجعله استدارا، ثم تولى الجزء: 2 ¦ الصفحة: 315 الملك المظفر فزادت حظوته عنده، فلما كان بعد ثلاثة أشهر خرج مع النائب الحاج أرقطاي من عند السلطان، فاخرج تشريف شرف فألبسه، فطلب الاجتماع بالسلطان فمنع، وخرج لنيابة صفد فول إليها عَلَى البريد في خمسة أروس في أوائل شوال سنة سبع وأربعين وسبعمائة، فدبرها جيداً، وأقام الحرمة والمهابة وأمن السبل، ولم يزل بها إلى أن طلب إلى مصر في العشر الأواخر من صفر من سنة ثمان وأربعين وسبعمائة، ورسم له نيابة حلب عوضاً من الأمير بيدمر البدري إلى أن قال: وتوجه إلى حلب برخت وأبهة زائدة، وبسروج مفرقه مرصعة، وكبايش زركش، وغير ذَلِكَ من البرك المليح الطريف، والجميع باسمه ورنكه، فأقام بحلب إلى أن جرى للأمير يلبغا اليحياوي ما جرى، رسم له نيابة الشام عوضه، فحضر إليه الأمير شمس الدين آق سنقر أمير جندار، فدخل إلى دمشق بكرة الثلاثاء سابع عشر جمادى الآخرة سنة ثمان وأربعين وسبعمائة، وباشر نيابة دمشق بحرمة وافرة. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 316 وقدم إليه يوماً وهو بسوق الخيل بدمشق نصراني من الزبداني رمى مسلماً بسهم فمات منه فأمر بقتله وتفصيل أعضائه، فقطعت يداه من كتفيه، ورجلاه من فخذيه، وجز رأسه، وحملت أعضاؤه عَلَى أعواد، فارتعب الناس لذلك، فقلت: لله أرغون شاه ... كم للمهابة حصّل وكم بسيف سُطاه ... من ذي ضلال تنصَّل ومجمل الرعب خلّى ... بعض النصادي مفصَّل ثم قال: ولم ينل أحد من السعادة ما ناله وحصله في المدة القريبة من المماليك والخيول والجوهر والأمتعة والقماش، ولا تمكن أحد بعد الأمير تنكز تمكنه. وكان يكتب إلى مصر بكل ما يريده في حلب وطرابلس وحماه وصفد وسائر ممالك الشام، من نقل وإضافة وأمسك، فلا يرد في شيء يكتبه، ولا يخالف في جليله ولا حقيره، إلى أن زاد الأمر وأفرط هو في معارضة القضاة الأربع وعاكسهم، وثقلت وطأته عَلَى الناس، إلى أن حضر الأمير الجيبغا من طرابلس الجزء: 2 ¦ الصفحة: 317 في ليلة أسفر صباحها عن يوم الخميس ثالث عشرين شهر ربيع الأول سنة خمسين وسبعمائة، واتفق في الليل هو والأمير فخر الدين أياز السلاح دار، وجاءا إليه إلى باب القصر الأبلق وهو به نائم في فراشه، فدقا الباب عَلَيْهِ في الآخر من الليل وأزعجاه، فكانا كلما خرج طواش أمسكاه، وسمع هو الغلبة فخرج وبيده سيف فلما رآهما سلم نفسه، فأخذاه عَلَى تلك الحالة التي خرج عليها، وتوجها به إلى دار فخر الدين وقيداه بقيد ثقيل إلى الغاية ونقلاه إلى زاوية المنيبع، ورسم عليه الأمير علاء الدين الطنبغا القاسمي، فأقام هناك يوم الخميس إلى العشاء الآخرة، ودخل مملوكه الذي يخدمه فوجده مذبوحاً والسكين في يده، فوقف عليه بالليل القاضي جمال الدين الحسباني والشهود، وكتب بذلك محضر شرعي، وجهز إلى مصر صحبة الأمير يلبلك أمير علم، ثم دفن بمقابر الصوفية. وكان شخصاً مختصر اللحية، أسود الوجه، أحمر اللته، أبيض اللبه، ظريفاً، حسن العمة، شديد العزمة، عالي الهمة، ذهنه يتوقد، ونفسه تزاحم الفرقد يقترح في الملابس أشكالاً غريبة، ويعمل بيده منها صنائع عجيبة، إلا أنه جبار الجزء: 2 ¦ الصفحة: 318 سفاك، طالب لثأره، دراك يده السيف ممتشقة، وغيظه يؤديه إلى العطب، وخلقه لا يشرب الماء من قليب دم، ولا يتنسم الهواء إلا بسم، ومع ذَلِكَ إذا ظهر له الحق رجع في الحال، وندم عَلَى ما فرط منه واستحال، لكنه يروح في ذَلِكَ الغضب أرواح، وتتنكد لخلقه من الناس أشباح، وكان بدمشق في زمن الطاعون فما طعن عادة الملوك، وإنما طعن بالسيف الذي يدر الدم وهو مسفوك، فنظمت فيه: تعجبت من أرغون شاه وطيشه ال ... ذي كان منه لا يفيق ولا يعي وما زال في سكر النيابة طافحاً ... إلى حين غاضت نفسه في المنيبع انتهى كلام الصفدي باختصار. قلت: كانت وفاته في شهر ربيع الأول سنة خمسين وسبعمائة، رحمه الله تعالى. أرغون الكاملي الصغير ...... - 758هـ - ...... - 1357م أرغون بن عبد الله الكاملي الصغير، الأمير سيف الدين، نائب حلب، ثم نائب الشام. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 319 أصله من مماليك الملك الصالح، إسماعيل، وكان يدعي في أيام الملك الصالح بأرغون الصغير، فلما مات الملك الصالح وتسلطن من بعده أخوه الملك الكامل شعبان حظي عنده وصار من خواصه، ونهى الكامل أن يدعي المذكور بأرغون الصغير وسمي أرغون الكاملي، ثم أمّره الملك الكامل وصار من أعيان الأمراء إلى أن مات الملك الكامل وتسلطن أخوه الملك الناصر حسن بن محمد بن قلاوون، ولاه نيابة حلب في سنة خمسين وسبعمائة، فتوجه إلى حلب وباشر نيابتها إلى أن جاءه الأمير كجك الدوادار الناصري وأمره إن يخرج ويربط الطريق عَلَى أحمد الساقي نائب صفد، فبرز ظاهر حلب فأرجف بإمساكه فهرب منه الأمير شرف الدين موسى حاجب حلب وغيره من أمراء حلب، ثم أن جماعة من الأمراد الجند تلاحقوا بالحاجب واجتمعوا، وتواقعوا مع أرغون فانهزم أرغون إلى المعرة، ثم طلب إلى دمشق فدخلها طائعاً يوم الجمعة سابع عشر ذي الحجة سنة إحدى وخمسين وسبعمائة فِي عشرة مماليك، فجهز الأمير أيتمش نائب الشام الأمير قرابغا والأمير أيدمر السليماني الحاجب وعلى يدهما مطالعة إلى السلطان الجزء: 2 ¦ الصفحة: 320 تتضمن الشفاعة في أرغون المذكور، ثم أشار أيتمش عَلَى الأمير أرغون المذكور بأن يتوجه إلى الأبواب الشريفة، فخرج من وقته وقصد الديار المصرية إلى أن وصل إلى رملة لد تلقاه الأمير طشبغا الدوادار، ومعه له أمان شريف مضمونه: لم نكتب في حقك لأحد، ولنا نية في آذاك، فإن شئت كن في نيابتك بحلب، وإن شئت نيابة غيرها، وإن شئت أن تكون بالقاهرة، فمهما شئت فعلنا لك، فدخل مع طشبغا المذكور إلى القاهرة، وأقبل عليه السلطان، وأعاده إلى حلب، فتوجه إليها، فلما قدمها أحضر زكريا البريدي وأراد توسيطه وأشهره، فنزل طشبغا الدوادار وشفع فيه، فأطلقه ثم أحضر ابن أزدمر النوري وقال له: قد رسم لي السلطان أن أسمرك وأقطع لسانك، ولكن ما أؤاخذك، وأطلعه إلى قلعة حلب. واستمر الأمير أرغون بحلب إلى أن عزل الأمير أيتمش عن نيابة دمشق في أول سلطنة الملك الصالح صالح فرسم للأمير أرغون المذكور بنيابة الشام عوضه، وكان يوم دخوله إلى دمشق يوم الاثنين حادي عشر شهر شعبان سنة اثنتين الجزء: 2 ¦ الصفحة: 321 وخمسين وسبعمائة، ودام في نيابة دمشق إلى أن خرج الأمير بيبغا أروس وأحمد الساقي نائب حماه وبكلمش نائب طرابلس عَلَى الملك الصالح، فولى أرغون هذا نيابة حلب عوضاً عن بيبغا أروس ثانياً في سنة ثلاث وخمسين وسبعمائة، واستمر بها مدة، وعمر البيمارستان الذي داخل باب قنسرين وأحكم بناءه، ووقف عليه عدة أوقاف، وفيه يقول الأديب بدر الدين بن حبيب: أراد سيف الله أرغون لها ... أسهم عزم للأعادي صائبة أكرم به على الشام نائباً ... مؤيداً كشاف كل نائبة وفيه يقول أيضاً لما بنى البيمارستان بحلب: قولا لأرغون الذي معروفه ... بالعرف قد أحيا النفوس والأرج أنزلك الرحمن خير منزل ... رحب ورقَّاك إلى أعلا الدرج بنيت داراً للنجاة والشفا ... ليس بها عَلَى المريض من حرج ثم عزل عن نيابة حلب في سنة خمس وخمسين وسبعمائة، وتوجه إلى القاهرة فاعتقل بها، وبالإسكندرية مدة، ثم أطلق ورسم بتوجهه إلى القدس بطالا، فأقام بها إلى أن توفي يوم الخميس سادس عشرين ذي الحجة سنة ثمان وخمسين وسبعمائة، ودفن بتربة عمرها هناك، وسنة نحو ثلاثين سنة. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 322 وكان أميراً شجاعاً مقداماً، عارفاً، مليح الشكل إلى الغاية، غض الشباب، لطيف الذات، حسن الوجه، خليقاً للأمارة، ذا وقار وأدب، وصمت وحشمة، ومهابة وذكاء ومعرفة، منصفاً في أحكامه، مدحه غالب شعراء عصره بغرر القصائد، رحمه الله تعالى. أرغون شاه الإراهيمي ... - 801هـ - ... ... 1398م أرغون شاه بن عبد الله الإبراهيمي الظاهري، الأمير سيف الدين، نائب حلب. اشتراه الملك الظاهر برقوق من خواجا إبراهيم في سلطته الأولى، ورقاه وأنعم عليه بإمرة عشرة، ثم نقله إلى إمرة طبلخاناه، ثم إلى تقدمة ألف، فسلم تطل مدته، وولى نيابة صفد فخرج إليها وباشرها إلى أن نقل منها إلى نيابة طرابلس بعد عزل الأمير دمرداش المحمدي في ذي القعدة سنة ست وسبعمائة، ونقل دمرداش إلى أتابكة حلب باستمرار أرغون شاه هذا في نيابة طرابلس إلى أن نقل إلى نيابة حلب بعد عزل والدي وتوجهه إلى القاهرة أمير سلاح في أوائل سنة ثمانمائة، ودام أرغون شاه في نيابته بحلب، وشكرت سيرته إلى الجزء: 2 ¦ الصفحة: 323 أن توفي بها في صفر سنة إحدى وثمانمائة، وولى حلب بعده الأمير آقبغا الجمالي الأطروش. وكان أميراً عاقلاً، ديناً خيراً، مليح الشكل، وعنده حشمة ومروءة وكرم، عارفاً بفن الفروسية، شجاعاً، وفيه بر وصدقات، رحمه الله تعالى. أرغون شاه النوروزي ...... - 840هـ - ...... - 437م أرغون شاه بن عبد الله النوروزي، الوزير الاستادار الأعور. أصله من مماليك الأمير نوروز الحافظي، اشتراه وأعتقه، وجعله استاداره، ودام بخدمة أستاذه إلى أن ولى نيابة دمشق، بعد وفاة والدي وقتل الملك الناصر فرج، في سنة خمس عشرة وثمانمائة من قبل السلطان المستعين بالله أمير المؤمنين العباس، فباشر أرغون شاه هذا استادارية أستاذه الأمير نوروز واستطال به وطال، ولا سيما لما تسلطن الملك المؤيد شيخ المحمودي بعد خلع المستعين بالله وخرج أستاذه الأمير نوروز عن طاعة المؤيد فعند ذَلِكَ أظهر أرغون شاه من الظلم والعسف بدمشق وأعمالها، واستولى عَلَى الأوقاف والأملاك، وأخذ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 324 ما لا يستحقه، واستمر عَلَى ذَلِكَ إلى أن أخذ أستاذه الأمير نوروز وقتل، عَلَى ما سنذكره في ترجمته، قبض عليه الملك المؤيد وصادره وعاد به إلى القاهرة، ثم أطلقه وولاه بعد مدة الوزارة عوضاً عن فخر الدين عبد الغني ابن أبي الفرج، وخلع عَلَى فخر الدين بالاستادارية عَلَى عادته، وأن يكون مشيراً وذلك في يوم الاثنين سادس شوال سنة عشرين وثمانمائة، فباشر الوزارة إلى شهر ربيع الآخر سنة إحدى وعشرين، وقبض عليه وعلى الأمير آقبغا شيطان، وسلما إلى فخر الدين بن أبي الفرج فتتبع حواشيهما وصادرهما واستقر الأمير بدر الدين حسن بن محب الدين في الوزارة عوضه. واستمر أرغون شاه في المصادرة إلى عاشر الشهر المذكور وأفرج عنه من غير عقوبة ثم نفى إلى دمشق بعد مدة، فدام بدمشق إلى أن استقدمه الملك الظاهر ططر صحبته إلى الديار المصرية، فدام بها إلى أن ولى الاستادارية من قبل الأمير برسباي الدقماقي مدبر مملكة الملك الصالح محمد بن الملك الجزء: 2 ¦ الصفحة: 325 الظاهر ططر، عوضاً عن الأمير صلاح الدين محمد بن نصر الله، في يوم السبت حادي عشر ذي الحجة سنة أربع وعشرين وثمانمائة، فباشر الاستادارية إلى أن صرفه عنها الملك الأشرف برسباي بالأمير أيتمش الخضري في حادي عشرين شهر رمضان سنة خمس وعشرين وثمانمائة، فلم تطل أيام أيتمش وعزل، وأعيد أرغون شاه ثانياً إلى الإستادارية في خامس ذي القعدة من السنة المذكورة، فاستمر أرغون شاه إلى رابع ذي الحجة من السنة المذكورة خلع عليه باستقراره وزيرا مضافاً إلى الاستادارية وذلك بعد أن فر الوزير تاج الدين عبد الرزاق بن كاتب المناخات، فباشر الوظيفتين إلى ثامن عشرين شوال سنة ست وعشرين وثمانمائة، عزل عن الاستادارية بالأمير ناصر الدين محمد بن محمد بن موسى المرداوي المعروف بابن بُوالي، وقبض عَلَى أرغون شاه، واستقر عرضه في الوزارة الصاحب كريم الدين عبد الكريم بن الصاحب تاج الدين عبد الرزاق المتسحب قبل تاريخه لعجزه عن الوزارة. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 326 فاستمر أرغون شاه مقبوضاً عليه إلى تاسع عشرين شوال تسلمه ابن بوالي ليستخلص منه ستين ألف دينار، فنزل أرغون شاه مع أعوان والي القاهرة حَتَّى دخل إلى داره التي كان يسكنها في أيام عمله، وقد سكن بها ابن بوالي، فعندما دخل الدار بكى وكان في بلائه هذا أعظم عبرة، وذلك أن ابن بوالي هذا كان في ابتداء أمره من جملة الأجناد بخدمة الأمير أرغون شاه المذكور لما كان استاداراً لأستاذه الأمير نوروز بدمشق، ثم أنه كان في أمسه يأتي إلى باب داره التي سكنها الآن ويقعد عَلَى الباب حَتَّى يستأذن له، فيأذن له أرغون شاه فيدخل ابن بوالي ويقف على قدميه بخدمة الأمير أرغون شاه، وها هو اليوم يحكم فيه ويتولى عقوبته، بل وعاقبه بحضرة الملأ من العامة، فنعوذ بالله من زوال النعم. ثم إن الحال انتهى عَلَى أن يقوم أرغون شاه بمبلغ عشرة آلاف دينار، ويمهل بمبلغ عشرين ألف دينار مدة، وأفرج عنه واستمر بالقاهرة بطالا إلى يوم الخميس رابع شهر رمضان سنة سبع وعشرين وثمانمائة، أخرج هو وابن بوالي إلى دمشق، وكان ابن بوالي قد عزل عن الاستادارية بالأمير صلاح الدين محمد بن نصر الله، فدام أرغون شاه مخمولاً بدمشق دهراً، ثم استقر في استادارية السلطان بِهَا إلى أن مات في حادي عشرين شهر رجب سنة أربعين وثمانمائة وكان شيخاً أعوراً، طوالا سميناً بطيناً، شكلا مهولاً، ظالماً عسوفاً، قليل الخير، كثير الشر، يخترع الظلم، سيئة من سيئات الدهر، فلله الحمد والمنة عَلَى موته وموت أمثاله من الظلمة. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 327 أرقطاي نائب حلب ...... - 750هـ - ...... - 1349م أرقطاي بن عبد الله، الأمير سيف الدين، نائب حلب. هو ممن أنشأهم الملك الناصر محمد بن قلاوون ورقاه إلى أن ولاه نيابة صفد ثم نقله إلى نيابة طرابلس، ثم ولى نيابة حلب سنة ست وأربعين وسبعمائة عوضاً عن الأمير يلبغا اليحياوي الناصري، ثم عزل في السنة المذكورة ونقل إلى نيابة السلطنة بالديار المصرية، ثم ولى نيابة حلب ثانياً في سنة ثمان وأربعين عوضاً عن الأمير فخر الدين أياز الناصري، ثم تولى نيابة دمشق فتوفي قبل وصوله إليها بظاهر حلب في خامس جمادى الأولى سنة خمسين وسبعمائة، وهو من أبناء الثمانين. وكان أميراً كبيراً جليلاً مسناً، من أعيان الدولة وأماثلها، حضر الوقائع والغزوات، وكان ذا رأي وتدبير. وفيه يقول الأديب شمس الدين محمد الغزي: قالوا أرقطاي مات قلت وهل ... في الموت بعد الحياة من عجب ما مات من فرحة بنقلته ... بل مات من حزنه عَلَى حلب الجزء: 2 ¦ الصفحة: 328 أركماس الظاهري الدوادار ...... - 854هـ - ...... - 1450م أركماس بن عبد الله الظاهري الدرادار، الأمير سيف الدين. أحد المماليك الظاهرية برقوق، مات أستاذه وهو من جملة المماليك السلطانية ودام عَلَى ذَلِكَ دهراً إلى أن آلت السلطنة إلى الملك الظاهر ططر جعله نائب قلعة دمشق، فاستمر عَلَى ذَلِكَ مدة طويلة إلى أن استدعاه الملك الأشرف برسباي إلى الديار المصرية وأنعم عليه بتقدمة ألف بها، وولى مكانه في نيابة قلعة دمشق، صرغتمش السيفي تغري بردى المدعو يابو، أعني مملوك والدي، فدام أركماس المذكور عَلَى ذَلِكَ مدة طويلة إلى أن خلع عليه باستقراره رأس نوبة النوب بعد مسك الأمير تغري بردى المحمودي، وأنعم بإقطاعه عليه أيضاً، وأنعم بإقطاع أركماس هذا وهي تقدمة ألف عَلَى الأمير قطج من تمراز، وذلك في شهر جمادى الآخرة سنة تسع وعشرين وثمانمائة، فاستمر في وظيفته إلى أن نقله الملك الأشرف إلى الدوادارية الجزء: 2 ¦ الصفحة: 329 الكبرى بعد نفي الأمير أزبك الدوادار إلى القدس بطالا، واستمر من بعده رأس نوبة النوب الأمير تمراز القرمشي الظاهري المعزول عن نيابة غزة قبل تاريخه بمدة يسيرة. ولما ولى أركماس الدواداريه عظم في الدولة وضخم وأثرى، ودامت أيامه، وهو في غالب أيامه ملازم للفراش لما كان يعتريه من ألم المفاصل، لا يباشر الوظيفة في السنة إلا أياماً يسيرة، وكان غير عارف، وليس له درية بهذه الوظيفة ولا بغيرها، فإنه كان لا يحسن الكلام باللغة التركية فكيف التركية، وكان في أحكامه أعجوبة، حضرته غير مرة فكان إذا دخل قاصد، أو محاكمة نظر إلى وجه دواداره سودون وإلى وجه رأس نوبته، ومُوَقَّعه، فمهما حكموا به أمضى لهم ذَلِكَ، وقال كقولهم، أو أشار بيده، وهو مع ذَلِكَ له حرمة وكلمة نافذة في الدولة، وسافر عدة تجاريد إلى البلاد الشامية، غالبها في محفة، حَتَّى لما سافر إلى آمد صحبة السلطان الملك الأشرف برسباي سنة ست وثلاثين وثمانمائة، كان أيضاً في غالب أيامه في المحفة. وكان بخيلاً مسيكاً، كان يضعف المدة الطويلة وينقطع عن الخدمة السلطانية إلى شهر رمضان يتعافى ويلازم الخدمة ويبيت بالقلعة من أجل أنه يفطر عَلَى سماط السلطان، ويحيل مماليكه على عاداتهم من سماطه في السنة، الجزء: 2 ¦ الصفحة: 330 إلا أنه كان عفيفاً عن المنكرات والفروج، وأيضاً عن البر والصدقات، وكان متوسط السيرة لا يميل لا لخير ولا لشر، قليل الكلام فيما لا يعنيه، وكان له مال جم، واستمر عَلَى ذَلِكَ إلى أن تجرد صحبة الأمراء المصريين إلى أرزنكان في سنة إحدى وأربعين ومرض السلطان وهم في تلك البلاد ومات في ذي الحجة من السنة وتسلطن ولده الملك العزيز يوسف، ووقع ما سنحكيه في غير موضع، إلى أن عادوا من التجريدة، وقد استفحل أمر الأتابك جقمق، وأخذ أمر العزيز في انحطاط، فقبلوا الأرض من الإسطبل السلطاني والملك العزيز واقف بالقصر الأبلق، وخلع عليهم، ونزلوا إلى دورهم، فلم يكن إلا بعد أيام قلائل وقد خلع العزيز وتسلطن الأتابك جقمق، فمن ثم أخذ أمر أركماس هذا إلى خلف، فخلع عليه الملك الظاهر جقمق باستقراره عَلَى وظيفته الدودارية، ونزل إلى داره، وكل أحد يعلم أنه سيعزل عن قريب، فدام مدة يسيرة وأشبع بالقاهرة بمسكة ولهج الناس بذلك، فبادر أركماس المذكور وطلب الإقالة واستعفى من الإمرة والوظيفة، وأراد التوجه إلى دمياط فرسم له بذلك، فتوجه إلى الثغر المذكور وأقام به سنين طويلة إلى أن طلب العود إلى القاهرة بطالا، فأجيب إلى ذَلِكَ وعاد إلى الديار المصرية، وقبل الأرض للسلطان الملك الظاهر جمقمق، فحصل الجزء: 2 ¦ الصفحة: 331 له إكرام زائد، وخلع عليه كاملية بسمور، وقيد له فرس من مراكب السلطان ونزل ملازماً لداره إلى أن توفي يوم الجمعة ثامن عشرين شوال سنة أربع وخمسين وثمانمائة، وحضر السلطان الصلاة عليه بمصلاة المؤمنين، وسنة نيف عَلَى السبعين، وكان قدومه ثغر دمياط بعد سنة خمسين وثمانمائة تخميناً، رحمه الله تعالى، وخلف ولداً ذكراً. الجلباني نائب طرابلس ...... - 837هـ - ...... - 1434م أركماس بن عبد الله الجلباني، نائب طرابلس الأمير سيف الدين. أصله من مماليك الأمير جلبان قرأ سقل نائب حلب، وجلبان المذكور من جملة مماليك الملك الظاهر برقوق. قلت: وأركماس هذا ممن أنشأهم الملك المؤيد شيخ المحموي ورقاه إلى أن جعله أمير مقدم ألف بالديار المصرية، ثم نقله إلى نيابة غزة عوضاً عن الأمير إينال النوروزي بحكم انتقال إينال إلى نيابة حماه عوضاً عن الأمير شاهين الجزء: 2 ¦ الصفحة: 332 الزردكاش المتنقل إلى نيابة طرابلس، فدام المذكور في نيابة غزة إلى أن نقله الأتابك ططر مدير مملكة الملك المظفر أحمد بن الملك المؤيد شيخ إلى نيابة طرابلس بعد عزل شاهين الزردكاش، وتولى من بعده غزة، الأمير يونس الركني الخازندار أتابك دمشق ثانياً وذلك في سنة أربع وعشرين وثمانمائة، فأقام أركماس الجلباني في نيابة طرابلس مدة يسيرة، وطلب إلى الأبواب الشريفة بعد موت الظاهر ططر فامتنع وخرج عن الطاعة، وتوجه إلى جهة حلب، فلم ينتج أمره، وأمسك وحبس بقلعة حلب إلى أن أفرج عنه في سنة خمس وعشرين وتوجه إلى الحجاز بطالا، وأقام بالمدينة الشريفة نحو عام، ثم عاد إلى القدس فأقام به نيفاً عَلَى عشر سنين، ثم ولى نظر الحرمين بالقدس والخليل عليه السلام، ثم بعد سنة ست وثلاثين ولى نيابة القدس مضافاً للنظر، وعزل وأنعم عليه بإمرة مائة وتقدمه ألف بدمشق، فباشر إمرته بدمشق أياماً، وخرج إلى بعض النواحي الجارية في إقطاعه فمرض ومات بالرملة فحمل إلى القدس ودفن به وذلك في سنة سبع وثلاثين، أو التي بعدها تخميناً، وثمانمائة، رحمه الله. وكان من الأوحاش، بخيلاً مسيكاً، شرس الأخلاق، لم يشهر بدين ولا علم عفا الله عنه. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 333 النوروزي الجاموس ...... - 845هـ - ... ... - 1441م أركماس بن عبد الله النوروزي، أمير شكار. أصله من مماليك الأمير نوروز الحافظي، وتأمر في دولة الأشرف برسباي عشرة، وصار أمير شكارا، ثم ولى الكشف بالوجه القبلي غير مرة إلى أن قتل بالصعيد الأعلى في محاربة الزنج في سنة خمس وأربعين وثمانمائة تقريباً، رحمه الله تعالى. أركماس المؤيدي الأشقر ...... - 853هـ - ...... - 1449م أركماس بن عبد الله المؤيدي - أحد أمراء العشرات ورأس نوبة في الدولة الظاهرية جقمق، المعروف بأركماس الأشقر. كان من التغفل عَلَى جانب عظيم. توفي سنة ثلاث وخمسين وثمانمائة، ونعم بإقطاعه عَلَى أسندمر الجقمقي. رحمه الله تعالى. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 334 اليشبكي الجاموس ...... - 844هـ - ... ... - 1440م أركماس بن عبد الله اليشبكي. نسبة إلى معتقه الأتابك يشبك الشعباني، ترقى في الدولة إلى أن صار في الدولة الظاهرية جقمق أمير عشرة، ونعم الرجل هو. أرنبغا الناصري ...... - 743هـ - ...... - 1342م أرنبغا بن عبد الله الناصري، الأمير سيف الدين. أحد المماليك الناصرية محمد بن قلاوون، ترقى في الخدم إلى أن ولى أمير جاندار بعد فرار الأمير ركن الدين بيبرس الأحمدي، وصار من جملة أمراء الألوف، ودام عَلَى ذَلِكَ إلى أن نقل إلى نيابة طرابلس في دولة الملك الصالح إسماعيل بن محمد ابن قلاوون، وكانت ولايته لطرابلس أيضاً عوضاً عن بيبرس الأحمدي، فأقام بها نحو أربعة أشهر، وتوفي في جمادى الآخرة سنة ثلاث وأربعين وسبعمائة، وولى بعده نيابة طرابلس الأمير طرغاي الجاشنكير. انتهى. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 335 أرنبغا الظاهري ...... - 801هـ - ...... - 1399م أرنبغا بن عبد الله الحافظي الظاهري. أحد مماليك الظاهرية برقوق، وأحد العشرينات في دولة أستاذه برقوق إلى أن توفي يوم الأحد خامس عشر ذي القعدة سنة إحدى وثمانمائة. وأنعم بإمرته عَلَى الأمير شاهين من أصلم الأفرم الظاهري، وكان في جملة العشرات فأنعم بإقطاع شاهين الأفرم المذكور عَلَى الأمير أزبك الأشقر الظاهري. الناصري رأس نوبة ...... - 857هـ - ...... - 1453م أرنبغا بن عبد الله اليونسي الناصري، الأمير سيف الدين. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 336 أحد المماليك الناصرية فرج، وتنقلت به الخدم إلى أن صار في الدولة الأشرفية برسباي أمير عشرة ورأس نوبة، ودام عَلَى ذَلِكَ دهراً، وجاور بمكة مقدماً عَلَى المماليك السلطانية سنين، إلى أن أنعم الله عليه الملك الظاهر جقمق في سنة ثلاث وخمسين وثمانمائة بزيادة عَلَى إقطاعه القديم وجعله في جملة الطبلخاناه. وأرنبغا المذكور لم يكن من أعيان أهل الدولة، ولا ممن له جاه وحرمة، وإنما هو ممن قد رضى بالناب والنصاب، ولزم الأحباب، في ضيق عيش مع ثروة ومال جم، لا يرتجي لدينا ولا لدين. وأرنبغا بألف مضمومة وراء مهملة مضمومة أيضاً ونون ساكنة وباء موحدة مضمومة وغين معجمة بعدها ألف. ثم نقله الملك الأشرف إينال بعد سلطته إلى إمرة مائة وتقدمه ألف عوضاً عن الأمير قاني باي الجاركسي، فمرض من يومه ولزم الفراش حَتَّى توفي ليلة الجمعة تاسع عشر شهر ربيع الأول سنة سبع وخمسين وثمانمائة، عن نيف وستين سنة، رحمه الله تعالى. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 337 باب الألف والزاي أزبك الدوادار ...... - 833هـ - ...... - 1429م أزبك بن عبد الله الظاهري الدوادار، الأمير سيف الدين. أحد المماليك الظاهرية برقوق، وأحد المماليك السلطانية في الدولة الناصرية فرج، ثم توجه إلى البلاد الشامية في أيام تلك الفتن، ووافق الأمير نوروز الحافظي وشيخ المحمودي، ودام في صحبتهما إلى أن قتل الملك الناصر فرج، وصار الأمير نوروز الحافظي نائب دمشق بعد وفاة والدي، وحكم البلاد الشامية بأسرها، أنعم عَلَى أزبك هذا بإمرة مائة وتقدمه ألف بدمشق بسفارة إنيه الأمير برسبغا الجزء: 2 ¦ الصفحة: 338 الدوادار أحد مقدمي الألوف بدمشق، ودام أزبك عَلَى ذَلِكَ إلى أن تسلطن الملك المؤيد شيخ وخرج الأمير نوروز الحافظي عن طاعته، ووافقه أزبك هذا عَلَى العصيان فيمن وافقه من الأمراء، ووقع ما سنحكيه مفصلاً في ترجمة نوروز إن شاء الله تعالى والقبض عليه، ولما ظفر المؤيد بنوروز وأعوانه وحواشيه قبض عَلَى أزبك هذا وعلى إنيه برسبغا الدوادار وحبسهما مدة سنين بحبس المرقب، وقتل برسبغا بمحبسه، وبقى أزبك بعده مدة إلى أن أفرج عنه الملك المؤيد في سنة اثنتين وعشرين وثمانمائة، وأنعم عليه بإمرة خمسة بدمشق، واستمر بدمشق إلى أن تسلطن الملك الظاهر ططر قربه وأدناه وأنعم عليه بإمرة مائة وتقدمه ألف بالديار المصرية، ثم صار بعد موت ططر في أيام الملك الصالح محمد بن ططر رأس نوبة النوب بعد الأمير قصروه من تمراز، بحكم انتقال قصروه إلى الأمير آخورية بعد مسك الأمير يشبك الحكمي وحبسه بثغر الإسكندرية مع الأتابك جاني بك الصوفي، واستمر أزبك رأس نوبة النوب إلى أن أخلع عليه باستقراره في الدوادارية الكبرى بعد انتقال الأمير سودون من الجزء: 2 ¦ الصفحة: 339 عبد الرحمن إلى نيابة دمشق بحكم عصيان الأمير تنبك البجاسي، وذلك في المحرم سنة سبع وعشرين وثمانمائة، فباشر المذكور الدوادارية بحرمة، وسار في الوظيفة عَلَى أجمل طريقة، هذا ومعه مثل الأمير جاني بك الأشرفي الدوادار الثاني عظيم الدولة الأشرفية، ومعظم الناس لا يتردد إلا إلى جانبك المذكور، وهو مع ذَلِكَ صاحب حرمة وناموس، وكلمته نافذة في الدولة، واستمر عَلَى ذَلِكَ إلى ليلة الخميس سادس ذي الحجة الحرام سنة إحدى وثلاثين وثمانمائة قبض عليه ونفى إلى القدس بطالا، وتوجه به الأمير قراقجا الحسني، أحد أمراء العشراوات ورأس نوبة، فتوجه إلى القدس وأقام به بطالا إلى أن مات في يوم الثلاثاء سادس عشر شهر ربيع الأول سنة ثلاث وثلاثين وثمانمائة. وكان أميراً جليلاً، مهاباً وقوراً، ديناً خيراً، عفيفاً عن المنكرات والفروج، ذا معروف وبر، ورأى وتدبير، مع عقل تام، ومعرفة جيدة، وسكون وصمت وعنده مروءة وهمة عالية، وتعصب لمن يلوذ به ويقصده في حوائجه، وكان بإحدى كريمتيه خلل أصيب فيها في وقعة الأمير نوروز الحافظي. رحمه الله تعالى. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 340 أزبك الحموي ...... - 737هـ - ...... - 1337م أزبك بن عبد الله الحموي، الأمير سيف الدين. أحد أكابر أمراء الملك الناصر محمد بن قلاوون، تنقل في عدة أعمال إلى أن توجه لغزوة سيس، فمات بتلك البلاد في يوم الأربعاء خامس عشرين ذي القعدة سنة سبع وثلاثين وسبعمائة، قريباً من مدينة إياس، فحمل إلى أن دفن بتربته بحماه، وقد بلغ مائة سنة. وكان أميراً جليلاً ديناً، رئيساً شجاعاً مقداماً، ذا معروف وبر، بنى بالمعرة خاناً للسبيل، وله بحماه آثار جميلة، رحمه الله تعالى. أزبك خاص خرجي ...... - 807هـ - ...... - 1404م أزبك بن عبد الله الظاهري، الأمير سيف الدين. أحد المماليك الظاهرية برقوق، كان يعرف بأزبك خاص خرجي، وكان خصيصاً عند أستاذه الملك الظاهر برقوق، وترقى في دولة ابنه الملك الناصر فرج الجزء: 2 ¦ الصفحة: 341 إلى أن صار من جملة الأمراء مقدمي الألوف بالديار المصرية، وكان كثير الشر والفتن، وقع له أمور ومحن آلت إلى حبسه وقتله في سنة سبع وثمانمائة، أو في حدودها تقريباً، وكان مشهوراً بالشجاعة وحسن الصورة، رحمه الله تعالى. أزبك الحلبي العزي ...... - 679هـ - ...... - 1280م أزبك بن عبد الله الحلبي العزي، الأمير سيف الدين. كان من أعيان أمراء دمشق وأكابرها، وهو منسوب إلى الأمير عز الدين الحلبي الكبير، وأقام المذكور أميراً بدمشق مدة طويلة، ثم تجرد إلى بعلبك فمرض بها وحمل في محفة إلى دمشق فأقام بها أياماً، ومات في سنة تسع وسبعين وستمائة، ودفن بسفح قاسيون، رحمه الله تعالى. أزبك الرمضاني ...... - 806هـ - ...... - 1403م أزبك بن عبد الله الرمضاني الظاهري، الأمير سيف الدين. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 342 أحد المماليك الظاهرية برقوق، وأحد أمراء الطبلخاناه في الدولة الناصرية فرج إلى أن توفي ليلة الثلاثاء رابع عشر ربيع الأول سنة ست وثمانمائة، رحمه الله تعالى. أزبك خان ...... - 742هـ - ...... - 1341م أزبك بن طقطاي، وقيل ابن طُغْرلجا بن متكوتمر بن طُغَان بن باتو بن دوشي بن جنكزخان، القان صاحب الدشت وبلاد المشرق. أسلم لما ملك، وحسن إسلامه، وحرض رعيته عَلَى الإسلام فأسلم بعضهم ولم يلهس السراقوجات، وصار يلبس حياصة من فولاذ ويقول: لبس الذهب حرام عَلَى الرجال، وكان يميل إلى دين وخير، ويتردد إلى الفقراء ويميل إليهم، وكان عنده عدل في رعيته. وخطب السلطان الملك الناصر محمد بن قلاوون ابنته، وقيل أخته، وأرسلها فحضرت إلى ديار مصر بعد أن خرج أعيان الدولة إلى ملتقاه، ونزلت بالميدان الجزء: 2 ¦ الصفحة: 343 تحت القالعة، وعملت لها الأسمطة ثلاثة أيام، ثم طلعت إلى القالعة، فتوهم السلطان فيها أنها ليست من بنات أزبك خان، فأخرجها وزوجها بالأمير منكلي بغا السلاح دار فتوفي عنها، فزوجها بالأمير صوصون أخي قوصون فمات عنها أيضاً، فزوجها للأمير عمر بن الأمير أرغون النائب. وكان القان أزبك خان صاحب الترجمة شجاعاً كريماً، مليح الصورة، ذاهيبة وحرمة، ومملكته متسعة، وهي من بحر قسطنطينية إلى نهر إرتش مسيرة ثمانمائة فرسخ، وعرضها من باب الأبواب إلى مدينة بلغار نحو ستمائة فرسخ، لكن أكثر ذَلِكَ قرى ومراعي، ودام أزبك خان في مملكته إلى أن توفي سنة اثنتين وأربعين وسبعمائة بعد أن ملك نحوا من ثلاثين سنة، لأنه جلس عَلَى تخت الملك في سنة اثنتي عشرة وسبعمائة رحمه الله تعالى. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 344 أزبك حُجا ...... - 850هـ - ...... - 1446م أزبك بن عبد الله السيفي قاني باي، الأمير سيف الدين. أحد أمراء العشرات ورأس نوبة، المعروف بجحا، بتقديم الجيم وضمها، أصله من مماليك نوروز الحافظي، وبقى عنده كتابياً، فأخذه بعد موته الأمير قاني باي المحمدي نائب دمشق وأعتقه، ثم اتصل بعد موت قاني باي بخدمة السلطان الملك المؤيد شيخ، وصار في دولته خاصكياً، ثم صار رأس نوبة الجمدارية في الدولة الأشرفية برسباي، ثم أمره الأشرف عشرة وجعله من جملة رؤس النوب، ودام عَلَى ذَلِكَ إلى أن توفي الملك الأشرف، سافر أزبك المذكور إلى البلاد الشامية بسلطنة الملك العزيز يوسف، وكان سفره بسفارة الأتابك جقمق، وإلا كان تعين غيره للسفر من المماليك الأشرفية، فلما أن عاد أزبك إلى القاهرة كان كافأ الملك الظاهر جقمق عَلَى ما فعله معه من الخير بأنه لما أن عصى الأتابك قرقماس الشعباني وافقه أزبك المذكور، وقاتل الملك الجزء: 2 ¦ الصفحة: 345 الظاهر جقمق وانهزم قرقماس واختفى، ثم ظفر به، فعندما ظفر بقرقماس المذكور وقبض عَلَى أزبك هذا أيضاً، وحبسه بثغر الإسكندرية ثم نقله إلى حبس صفد، فاستمر محبوساً إلى أن توفي في حدود الخمسين وثمانمائة تقريباً بالقلعة بصفد، وهو في الكهولية. وكان عنده مروءة وكرم مع خفة روح ومجون ودعابة، ولهذا سمي يجمعا مع إسراف عَلَى نفسه، سامحه الله تعالى وعفا عنه. أزبك الساقي ...... - 904هـ - ...... - 1499م أزبك بن عبد الله من ططخ الأشرفي الظاهري، الأمير سيف الدين. رأس نوبة وصهر السلطان الملك الظاهر جقمق، جلبه الخواجا طُطُخ من بلاد الجركس إلى الديار المصرية، فاشتراه الملك الأشرف في عدة من المماليك الجلبات في سنة إحدى وأربعين وثمانمائة، ومات الأشرف في السنة المذكورة فملكه الملك العزيز يوسف بن الملك الأشرف برسباي إلى أن خلع من السلطنة بالملك الظاهر جقمق، إشتراه الملك الظاهر المذكور في جملة من المماليك وأعتقه ورقاه الجزء: 2 ¦ الصفحة: 346 إلى أن جعله ساقياً، ثم أنعم عليه بإمرة عشرة عوضاً عن الأمير تمراز البكتمري المؤيدي المصارع بحكم انتقاله إلى نيابة القدس، ثم خلع عليه وجعله من جملة رؤوس النوب، ثم زوجه أستاذه الملك الظاهر جقمق بابنته من مطلقته خوند مغل بنت القاضي ناصر الدين محمد بن البارزي، وعمل له مهماً هائلاً بالقاهرة، وبنى بها في سنة اثنتين وخمسين وثمانمائة. أزدمر العلائي ...... - 696هـ - ...... - 1297م أردمز بن عبد الله العلائي، الأمير عز الدين أخو الأمير علاء الدين طيبرس. كان من جملة أمراء دمشق، وكان شجاعاً مقداماً مهاباً، شرس الأخلاق، قليل الفهم توفي سنة ست وتسعين وستمائة، ودفن بتربته إلى جانب داره عند مئذنة قيروز داخل دمشق، رحمه الله تعالى. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 347 الحاج أزدمر الجمدار ...... - 680هـ - ...... - 1281م أزدمر بن عبد الله الجمدار، الأمير عز الدين. كان يعرف بالحاج أزدمر، كان أيضاً من أعيان أمراء دمشق وأماثلهم، إلى أن تولى الأمير سنقر الأشقر نيابة دمشق لازمه المذكور واختص به حَتَّى كان لا يصدر أمراً إلا برأيه إلى أن خرج سنقر عن الطاعة وتسلطن، حسبما نذكره في ترجمته، وافقه أزدمر هذا إلى أن انكسر سنقر وانهزم، انهزم أزدمر هذا إلى جهة الجبل، ثم اتصل بسنقر الأشقر وطلع إلى قلعة شيزر وشهد بها مصاف التتار بحمص، وقاتل بها قتالاً عظيماً إلى أن قتل مقبلاً غير مدبر في شهر رجب. سنة ثمانين وستمائة، ودفن بحمص في جوار خالد بن الوليد رضي الله عنه. وكان رحمه الله أميراً جليلاً، شجاعاً مقداماً، وعنده مروءة، ويتفقد أصحابه ومعارفه، هذا مع الفضيلة التامة والعقل العزيز، رحمه الله تعالى. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 348 أزدمر أخو إينال اليوسفي ...... - 803هـ - ...... - 1401م أزدمر بن عبد الله الظاهري، الأمير عز الدين. أحد مقدمي الألوف بديار مصر، المعروف بأخي إينال اليوسفي. قدم أزدمر هذا من بلاد الجاركس هو وولده الأمير يشبك بن أزدمر بطلب من الملك الظاهر برقوق، فلم يقم بالقاهرة إلا أياماً قليلة، وأنعم عليه الملك بإمرة عشرة، ثم رقاه إلى أن جعله أمير مائة ومقدم ألف بالديار المصرية، وجعل ابنه يشبك خاصكياً، واستمر عَلَى ذَلِكَ إلى أن ركب الأمير علي باي عَلَى الملك الظاهر برقوق اتهم أزدمر هذا بالميل إلى علي باي فأخرج إلى دمشق منفياً، ثم بعد وقعة تنم نائب الشام أنعم عليه الملك الناصر فرج بتقدمة ألف بدمشق، فدام بها إلى أن ورد تيمورلنك إلى أطراف البلاد الحلبية، فخرج أزدمر هذا الجزء: 2 ¦ الصفحة: 349 وولده يشبك صحبة نائب دمشق الأمير سودون قرب الملك الظاهر برقوق وجماعة النواب بالبلاد الشامية، والسلطان إذ ذاك مقيم بالقاهرة، ووصل الجميع إلى حلب، وخرج الجميع لقتال تيمور فكان الأمير سودون عَلَى الميمنة والأمير دمرداش المحمدي، نائب حلب، عَلَى الميسرة والأمير شيخ المحمودي نائب طرابلس والأمير دقماق نائب حماه والأمير أزدمر هذا وولده في القلب، فلما التقى الفريقان برز الأمير عز الدين هذا وولده في عدة من الفرسان وابتلوا بلاءً عظيماً، وظهر من أزدمر هذا وولده من الإقدام والفروسية ما تعجب منه كل أحد، وقاتلا قتالاً شديداً حَتَّى قتل أزدمر، وفقد خبره إلى يومنا هذا، وأتخن ولده يشبك جراحات وصار في رأسه فقط زيادة عَلَى ثلاثين ضربة بالسيف سوى ما في بدنه، فسقط بين القتلى فحمل وجيء به إلى بين يدي تيمور فأمر بمداواته حَتَّى عوفي، هذا عَلَى ما قيل، وأما أزدمر وجراحات يشبك فصحيح بلا مدافعة، وقد حكى لي هذه الوقعة غير واحد ممن شاهدها. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 350 وكان قتل أزدمر صاحب الترجمة في سنة ثلاث وثمانمائة بظاهر حلب حسب ما ذكرناه، رحمه الله تعالى، وهو والد صاحبنا سيدي فرج رحمه الله، وأم سيدي فرج المذكور بنت الملك الأشرف شعبان بن حسين، رحمه الله تعالى. أزدمر الناصري ...... - بعد 824هـ - ...... - 1421م أزدمر بن عبد الله الناصري ثم الظاهري، الأمير سيف الدين. أحد أمراء الألوف بالديار المصرية، أصله من مماليك الملك الظاهر برقوق ونسبته بالناصري إلى جالبه خواجا ناصر الدين، مات أستاذه الملك الظاهر وهو من جملة المماليك السلطانية، وتنقل في الدول حَتَّى صار في الدولة المؤيدية شيخ أمير مائة ومقدم ألف بديار مصر، واستمر عَلَى ذَلِكَ إلى أن تجرد صحبة الأمراء إلى البلاد الشامية، ومات الملك المؤيد وهم بتلك البلاد ثم سافر الأتابك ططر إلى بلاد الشام، ووقع له أمور وحوادث، وقبض عَلَى الأمير الجزء: 2 ¦ الصفحة: 351 الكبير الطنبغا القرمشي وعلى جماعة أخر ممن كانوا صحبته، قبض عَلَى أزدمر هذا أيضاً معهم، وكان ذَلِكَ آخر العهد به، وذلك سنة أربع وعشرين وثمانمائة. وكان أميراً جليلاً، ذا لحية بيضاء نيرة، رأسا في لعب الرمح وغيره من أنواع الفروسية، وعنده سلامة باطن، وله وجاهة في الدول، رحمه الله تعالى. أزدمر شيا ...... - 831هـ - ...... - 1428م أزدمر بن عبد الله من علي جان الظاهري، الأمير عز الدين. أحد مقدمي الألوف بديار مصر، ثم نائب كلطية، ثم من جملة أمراء حلب المعروف بأزدمر شيا، والعامة تقول أزدمر شايا، هو من صغار المماليك الظاهرية برقوق، وممن صار ساقياً في الدولة لبتلضرية فرج، ثُمَّ تنقل حَتَّى صتر من جملة أمراء الطبلخاناه ورأس نوبة فِي الدولة المؤيدية شيخ، ثم نقله المؤيد إلى أتابكية حلب، فدام بحلب إلى أن عاد إلى الديار المصرية بعد موت المؤيد صحبة الملك الجزء: 2 ¦ الصفحة: 352 الظاهر ططر، وأنعم عليه بإمرة طبلخاناه، ثم صار من جملة أمراء الألوف في أوائل سلطنة الملك الأشرف برسباي، ودام عَلَى ذَلِكَ سنين إلى أن أخرج لنيابة ملطية في سنين الثلاثين وثمانمائة، فباشر النيابة مدة يسيرة فلم تحمد سيرته وعزل، وصار حاجباً بحلب إلى أن توفي بحلب في سادس شهر ربيع الآخر سنة إحدى وثلاثين وثمانمائة. وكان من مساوئ الدنيا شكلاً ومعنى، ذميماً سيئ الخلق بخيلاً شحيحاً، قصيراً، له شعرات في مقدم لحيته، أصفراً نحيفاً، وكان يتجمل بالملبس، فيلبس أحسن الملبوس، ويتختم بالخواتم المثمنة، كل ذَلِكَ لينبل في أعين الناس فلا يتم له ذَلِكَ، ولعمري هو أحمق بقول القائل: مساوئ لو قسمن عَلَى ال ... أغواني لما أمهرن إلا بطلاق وخلف من بعده ولدا، نسأل الله حسن العافية في الذرية. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 353 باب الألف والسين المهملة صفي الدين الشقراوي 605 - 678 هـ - 1206 - 1279م إسحاق بن إبراهيم بن يحيى، الشيخ صفي الدين الشقراوي الحنبلي الفقيه المحدث. ولد يشقرا من ضواحي دمشق سنة خمس وستمائة، وتوفي بدمشق سنة ثمان وسبعين وستمائة، وكان إماماً عالماً دمت الأخلاق، عنده كرم وسعه نفس، سمع الكثير وحدث، وكان ثقة صحيح السماع، وعنده خبر وبر. الشيخ أبو إبراهيم الغرناطي الطوسي ...... - 655هـ - ...... - 1257م إسحاق بن إبراهيم بن عامر، الشيخ أبو إبراهيم الغرناطي الطَّوسي، بفتح الطاء المهملة. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 354 كان أديباً فقيهاً شاعراً، وكان يتلو في كل يوم ختمة، قرأ بمراكش وتأدب، وأخذ القراءات عن ابن هاشم الجذامي، وسمع الكثير وروى وحدث، وهو آخر من حدث عن ابن خليل، توفي سنة خمس وخمسين وستمائة، رحمه الله تعالى. المحدث نجم الدين أبو محمد السنجاري 671 - 720 هـ - 1272 - 1320م إسحاق بن أبي بكر بن إلمي بن أطز بن عبد الله، المحدث نجم الدين أبو محمد السنجاري. ولد سنة إحدى وسبعين وستمائة، وسمع بالقاهرة من أحمد بن إسحاق الأبرقوهي، وأبي بكر محمد بن عبد العظيم بن السفطي، وأبي المحاسن يوسف بن داود بن عيسى بن أبي بكر بن أيوب، وسمع بالإسكندرية من أبي الحسن علي بن أحمد العراقي، وسمع بحلب من سنقر الزيني، وبيبرس العديمي، وإبراهيم وعبد الرحمن وإسماعيل فتى العجمي، وسمع بدمشق من أبي جعفر بن الموازيني، وأبي بكر بن عبد الدايم، وإسماعيل بن عساكر وإبراهيم بن أبي الحسن بن صدقة المحزمي، وعلي بن جعفر بن علي الحلبي وأم عبد الله فاطمة بنت الجزء: 2 ¦ الصفحة: 355 سليمان بن عبد الكريم الأنصاري، ووزيرة بنت منجا، وسمع ببغداد من عبد الله ابن أبي السعادات اليانصري، ومن ابن الطبال، وحدث: سمع منه الحافظ أبو عبد الله الذهبي، وغيره، واعتنى بطلب الحديث وكتب الطباقي، وقرأ بنفسه وأقام ببغداد مدة، وخصل. وذكره الحافظ الذهبي في معجمه قال: كان أديباً فاضلاً وله شعر حسن، مدح غير واحد من الكبار، ودخل الشرق سنة خمس وسبعمائة فأضرته البلاد، وقال غيره: أنه مات بعد العشرين وسبعمائة. ومن شعره: سكرى بحبك ما عليه مزيد ... وهواك عندي ثابت ويزيد تلفت عليك حشاشتي أسفا ولم ... أر في الهوى أسفا عليك يفيد كمال الدين أبو الفضل الأسدي 630 - 710 هـ - 1233 - 1310م إسحاق بن أبي بكر بن إبراهيم بن هبة الله بن طارق، المسند المكثر الفقيه العالم كمال الدين أبو الفضل الأسدي الحلبي الحنفب النحاس. ولد فِي حدود سنة ثلاثين وستمائة، وتفقه وفضل، وشارك فِي عدة فنون، وسمع الكثير من الموفق يعيش، والعز بن رواحة، والمؤتمن بن قميرة، وابن خليل، الجزء: 2 ¦ الصفحة: 356 وابن أخيه شمس الدين الخضري قاضي الباب، وأبي الفتح البارودي، وهدية بنت خميس، ومحمد بن أبي القاسم القزويني، والكمال بن طلحة، والنظام محمد بن محمد البلخي، وعدة، وخرج لَهُ عنهم جزءاً، المحدث أمين الدين الواني وعنده عن ابن خليل نحو من ستمائة جزء ونسخ بخطه الأجزاء، وروى الكثير مع تعاسر كان فيه عَلَى الطلبة، وكان له حانوت ثم بطل، أكثر عنه المرسي والبرازالي والسبكي والمحب والواني والذهبي، ومدحه بأبيات، توفي سنة عشر وسبعمائة. كمال الدين المعري الشافعي ...... - 650هـ - ...... - 1252م إسحاق بن أحمد، الشيخ المفتي الفقيه، كمال الدين المعري الشافعي. أحد الفقهاء المشهورين بالعلم والعمل، مات سنة خمسين وستمائة، رحمه الله تعالى. كرز الدين الديلمي البويهي 609 - 689 هـ - 1212 - 1290م إسحاق بن جبريل، الحكيم المنجم كرز الديلمي البويهي. ولد سنة تسع وستمائة. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 357 قال ابن الفوطي: عارف بالمواليد وعملها، والتقاويم، دائم الاشتغال بهذا الفن، أكثر مواليد أهل بغداد بخطه، وله كتاب في التواريخ السماويات والأرضيات، توفي سنة تسع وثمانين وستمائة، رحمه الله. الشيخ عفيف الدين الحموي ...... - 672هـ - ...... - 1273م إسحاق بن خليل بن عازي، الشيخ عفيف الدين الحموي. كان فاضلاً في الفقه والقراءات والنحو، والأدب، ودرس بحماه وخطب بقلعتها، وكان له حلقة اشتغال إلى أن توفى سنة اثنتين وسبعين وستمائة. ومن شعره لولا مواعيد آمالٍ أعيش بها ... لمستُّ يا أهل الحيّ من زمنٍ وإنَّما طرْف آمالي به مَرَحٌ ... يجري بوعدِ الأماني مُلق الرَّسن ملك الحبشة إسحاق الحطي ...... - 833هـ - ...... - 1430م إسحاق بن داود بن سيف أرعد، ملك الحبشة، وصاحب أمحر الملقب بالحطي. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 358 قال المقريزي: أدركنا أباه داود، وقدمت رسله بكتابه وهديته إلى الملك الظاهر برقوق، وهلك سنة اثنتي عشرة وثمانمائة، وقد طالت مدته فأقيم بعده ابنه تَدْرُوس وهلك سريعاً، فأقيم من بعده أخوه إسحاق، وفخم أمره، وذلك أن بعض المماليك الأتراك أو الجراكسة كان يسمى الطبغا مغرق فر إليه وحظي عنده لما يتقنه من الآلات الحربية وأدوات القتال كاللعب بالرمح ورمى السهام ونحو ذَلِكَ، ولحق به أيضاً زرد كاش من المماليك الجراكسة فعمل له زردخاناه عظيمة، وتعلم عسكره أنواعاً من صنائع الحرب، ثم قدم عليه رجل من كتاب مصر النصاري يعرف بفخر الدولة، فرتب له مملكته وجبى له الأموال، فصار ملكاً بعدما كانت مملكته ومملكة آبائه همجاً، لا ديوان لها ولا قانون، فانضبطت عنده الأمور، وتميززيه عن رعيته، بحيث أخبرني من شاهده وهو راكب وفي يده صليب من ياقوت أحمر قد قبض عليه بيده اليمنى ووضعها عَلَى فخذه، وطرفا الصليب بارزان عن يديه، وذلك بعدما أخبرني برهان الدين إبراهيم الدمياطي، وكان الظاهر برقوق بعثه رسولاً إلى الحطي داود بن سيف أرعد، أنه لا يزال عرياناً، حاسر الرأس، وأنه يعصب رأسه بعصابة حمراء، وأنه شاهده وقد جيء إليه بكرش بقرة قد نفض منها ما فيها من الفرث ولم تغسل ولم تغل عَلَى نار فصار يأكلها نيئة وما بقي بها من الفرث يسيل من جانبي فمه. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 359 فلما كبرت مملكة إسحاق وسوس إليه شياطينه بأخذ ممالك الإسلام، فأوقع بمن في ممالك الحبشة من المسلمين وقائع شنيعة طويلة، قتل منهم فيها وسبى وأسر مما لا يحصيهم إلا الله خالقهم، فأزال دولة سعد الدين وأسر ابنه منصور أبو محمد، وكتب إلى بلاد الفرنج يحث من بها من الفرنج عَلَى المسير إلى بلاد المسلمين ليوافوه بالبحر إذا قدم هو في البر، وواعدهم عَلَى ذَلِكَ فعاجله الله بنفسه وأهلكه عقيب ذَلِكَ في ذي القعدة سنة ثلاث وثلاثين وثمانمائة، وأيد عليه وعلى قومه أمحرة النصارى جمال الدين بن سعد الدين محمد فجمع من المسلمين طائفة وقام يعيث في بلاد الحطي يقتل ويسبي ويغنم. وقد أقيم بعد إسحاق ابنه إندراس بن إسحاق فهلك لأربعة أشهر من موت أبيه، فقام بعده بأمر أمحرة الناصري عمه حزتناي بن داود بن سيف أرعد فهلك بعد أشهر في شهر رمضان سنة أربع وثلاثين وثمانمائة، فأقيم بعده سلمون الجزء: 2 ¦ الصفحة: 360 بن إسحاق بن داود بن سيف أرعد، وبلغني بمكة في آخر سنة أربع وثلاثين أنه هلك أيضاً، فكانت للحبشة في سنة واحدة وأربعة ملوك، وجمال الدين جيشه يتزايد وأعماله تتسع، فتوجه في بلاد النصاري تتولى حَتَّى لقد بلغنا بمكة أن الحطي سلمون فرمته متباعداً عن مقر مكة نحو شهرين، وأن بلاد اليمن والبحرين والحجاز امتلأت من العبيد والإماء الذين أسرهم وسباهم جمال الدين بن سعد الدين من أمحرة، وأنه استولى عَلَى أكثر أعمال النصارى وجعلها دار إسلام ولله الحمد. قلت: وبلاد الحبشة واسعة جداً، ولها من الشرق المائل إلى الشمال بحر الهند واليمن وفيها يمر نهر حلو يقال له سيحون يزيد منه نيل مصر، وآخرها الجهة الغربية إلى بلاد التكرور مما يلي اليمن، فأولها مفازة بمكان يسمى وادي بركة يتوصل منه إلى سحرت، وكانت مدينة المملكة قديماً، يقال لها احسرم، ويقال لها أيضاً زرفرتا، وبها كان النجاشي رحمه الله، ثم إقليم أمحرة وهو الآن مدينة المملكة، ويسمى أيضاً مرعدي، ثم إقليم شاوة ثُمَّ إقليم داموت ثم إقليم لأمنان الجزء: 2 ¦ الصفحة: 361 ثُمَّ إقليم السِّيهو ثم إقليم الزنج، ثم إقليم عدل الأمراء، ثم إقليم حماسا ثم إقليم باديا ثم إقليم الطراز الإسلامي الذي يقال له الزيلغ، ولكل إقليم من هؤلاء ملك تحت يد الحطي، ومعنى الحطي السلطان، وتحت يده تسعة وتسعون ملكاً هو تمام المائة، وجميع بلادهم تزرع عَلَى المطر في السنة مرتين، انتهى ترجمة الحطي أجزاه الله. شيخ الشيوخ اسحق بن عاصم ...... - 783هـ - ...... - 1381م إسحاق بن عاصم بن محمد، العلامة شيخ الشيوخ نظام الدين بن الشيخ مجد الدين بن سعد الدين الأصبهاني الحنفي. قدم إلى القاهرة بعد أن برع في عدة علوم، وصار معدوداً من الفضلاء، وولى مشيخة خانقاه سرياقوس، ووصف بشيخ مشايخ الإسلام، ثم توجه في الرسلية إلى بلاد الهند وعاد وقد كثر ماله حَتَّى أنه أهدى الذهب في الأطباق إلى عظماء الدولة، ومما يدل عَلَى اتساع ماله عمارته لخانقاته بالقرب من قلعة الجبل تجاه باب الوزير عَلَى بعد، عَلَى شرف الجبل، وما وقف عليها من الأوقاف، كل ذَلِكَ في سنة ثلاث وخمسين وسبعمائة، وكان له همة ومكارم. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 362 حدثني حفيده بأشياء من النمط عن جده المذكور يطول الشرح بذكرها، وكان مع ذَلِكَ ملازماً للاشتغال والأشغال، والتصدي للإفتاء والتدريس عدة سنين، وانتفع به الناس إلى أن توفي ليلة الأحد ثالث عشر ربيع الآخرة سنة ثلاث وثمانين وسبعمائة، قال المقريزي. وقال العيني: في المحرم سنة ثمانين وسبعمائة، وقد تقدم ذكر ولده جلال الدين أحمد المدعو أصلم في الأحمدين، انتهى. الشيخ نجم الدين أبو طاهر ...... - 711هـ - ...... - 1311م إسحاق بن علي بن يحيى، الشيخ نجم الدين أبو طاهر مدرس الأزكشية، والمنصورية. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 363 كان فقيهاً عالماً ديناً، وولي تدريس الفرقانية بعد قاضي القضاة معز الدين، وهم ثاني مدرس بها، ودرس بالحسامية أيضاً، وهو أول مدرس بها، وناب في الحكم عن قاضي القضاة معز الدين، ومات بالأزكشية في خامس المحرم سنة إحدى عشرة وسبعمائة، رحمه الله تعالى. الملك المجاهد صاحب الجزيرة إسحاق بن لؤلؤ، الملك المجاهد سيف الدين، صاحب الجزيرة ابن صاحب الموصل. قدم عَلَى الملك الظاهر بيبرس بديار مصر هارباً من التتار في سنة تسع وخمسين وستمائة، وكان أخوه ركن الدين قدم القاهرة قبل ذَلِكَ، فأكرمهما السلطان، الجزء: 2 ¦ الصفحة: 364 وأنزل المجاهد هذا خارج باب القنطرة في دار أنشأها معين الدين، ورتب له الرواتب الجليلة، ثم توجه الملك الظاهر إلى الشام ومعه الخليفة وابنا صاحب الموصل، وهما سيف الدين اسحق صاحب الترجمة، وركن الدين إسماعيل، فلما وصل إلى دمشق جهز الملك الظاهر الخليفة المستنصر بالله أحمد وأولاد صاحب الموصل بعد أن أكرمهم وأنعم عليهم إنعاماً زائداً، وكان الذي صرفه السلطان عَلَى تجهيز الخليفة وأولاد صاحب الموصل ما يزيد عَلَى ألف ألف دينار مصرية، وخرجوا إلى نحو العراق، وكان خروجهم من دمشق في الحادي والعشرين من ذي القعدة فلما وصلوا إلى الرحبة وافوا عليها الأمير يزيد بن علي حديثه من آل فضل، وأخاه الأخرس في أربعمائة فارس من العرب، وفارق الخليفة أولاد صاحب الموصل وودعهم بعد أن أمداه بنحو ستين مملوكاً من مماليك أبيهما، وتوجها إلى بلادهما ووصلا إلى سنجار فأقاموا بها، ومضى بهم الملك الصالح ناصر الدين إلى الموصل وكان قدم إلى لقاء الخليفة وعاد صحبه أولاد صاحب الموصل أخوته، وذلك في أواخر سنة تسع وخمسين وستمائة، ثم حاصر التتار الموصل في غرة سنة ستين، والملك الصالح مقيم بها، فكان من أمره ما سنذكره في ترجمته إن شاء الله تعالى، وبقية إخوته سيف الدين وركن الدين خارج الموصل بسنجار، فلما اتصل بهم قتل الخليفة المستنصر ونزول التتار عَلَى الجزء: 2 ¦ الصفحة: 365 الموصل لمحاصرة أخيهم الملك الصالح ناصر الدين خرجوا من سنجار، وعادوا إلى الملك الظاهر بيبرس فأحسن إليهم أيضاً، وأقطع المجاهد إسحق فوق المائة ألف درهم، ولخاصته ولأولاده لكل واحد منهم عَلَى انفراده إقطاعاً جزيلاً، واقطع لمماليكه أيضاً وأضافهم إليه، وكذلك فعل مع أخيه الملك المظفر علاء الدين فإنه قدم في هذه المرة معه، وقتل ركن الدين إسماعيل بيد التتار. الإمام المسند عفيف الدين الأموي 642 - 725 هـ - 1244 - 1325م إسحاق بن يحيى بن إبراهيم، الشيخ الإمام المسند المعمر عفيف الدين أبو محمد الآمدي ثم الدمشقي الحنفي، شيخ دار الحديث الظاهرية بدمشق. ولد سنة اثنتين وأربعين وستمائة، وسمع من عيسى بن سلامة، والشيخ مجد الدين بن تيمية بحران، ومن الحافظ بن خليل بحلب فأكثر، ومن الضياء صقر الجزء: 2 ¦ الصفحة: 366 وجماعة بحلب، وسمع بالمعرة ودمشق، وحصل أصولاً وأجزاء وحج فير مرة، وكان طيب الأخلاق، مطبعاً، فقيهاً بارعاً، خرج له ابن المهندس من عوالي سمعها الجماعة منه، منهم الحافظ الذهبي سنة ثمان وتسعين قراءة عليه، وتفرد بأشياء عالية، إلى أن توفى سنة خمس وعشرين وسبعمائة، رحمه الله تعالى. الشيخ الخالدي ...... - 695هـ - ...... - 1296م إسرائيل بن علي بن حسن، الشيخ الصالح المعتقد الدمشقي الخالدي. كان يسكن دمشق، وله زاوية خارج باب السلامة، يقصد فيها للزيارة والتبرك، وكان مشتملاً على عبادة وزهد، وكان لا يقوم لأحد من الناس كائناً من كان، وعنده سكون ومعرفة وعقل، وكان لا يخرج من منزله إلا للجمعة فقط، واستمر عَلَى ذَلِكَ إلى أن توفي في نصف شهر رمضان سنة خمس وتسعين بدمشق بزاويته، ودفن بسفح قاسيون، وكانت جنازته مشهودة، رحمه الله تعالى. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 367 العلامة مجد الدين النشابي 582 - 656 هـ - 1186 - 1258م أسعد بن إبراهيم بن حسن، العلامة مجد الدين النشابي الأربلي. مولده باريل سنة اثنتين وثمانين وخمسمائة، وكان في صباه نشابياً، وتنقل في الجزيرة والشام، ثم ولى كتابة الإنشاء لصاحب إربل، ونفذه رسولاً إلى الخليفة، ثم كان في صحبته لما وفد المستنصر بالله، فأنشد مجد الدين هذا في الحال: جلالة هيبة هذا المقام ... تُحَيّر عالم علم الكلام كأنَّ المناجي به قائماً ... يناجي النبيّ عليه السلام وعاد مع مخدومه وأقام ببابه إلى أن غضب عليه وحبسه؛ ثم أنه بعد موت أستاذه خد ببغداد، واختفى أيام التتار، فسلم إلى أن توفي سنة ست وخمسين وستمائة، رحمه الله. ومن شعره: والأُفق روضٌ زهره ... أمسى يُفَتِّح لي كِمّامّه قَبَضَتْ به كف الثُّر ... يَّا فالهلالُ لها قُلاَمه الجزء: 2 ¦ الصفحة: 368 ولما وقع بين الأخوين الملك الكامل محمد صاحب مصر والأشرف موسى شاه أرمن صاحب خلاط، ومال ملوك الشام والشرق إلى الكامل وتحاملوا عَلَى الأشرف، فقال: صاحب مصر ثنى الملوك عن ال ... أشرف من كلِّ مُسعد عوْن واحتجَّ كلُّ به فقلت: وهل ... يؤخدّ موسى بذنب فرعون ومن شعره في شر الدين مبارك مستوفي أربل: إن المبارك فيه ... توقُّفٌ ولَجَاجْه صديقه أنت ما لم ... تعرض إليه بحاجة الشيخ صدر الدين أبو الفتح التنوخي 598 - 657 هـ - 1202 - 1259م أسعد بن عثمان بن أسعد بن المنجا بن بركات بن المؤيد، الشيخ صدر الدين أبو الفتح التنوخي الدمشقي الحنبلي. مولده بدمشق سنة ثمان وتسعين وخمسمائة، كان من العدول الصدور الأعيان المتمولين، بنى بدمشق مدرسة عند دار الذهب المعروفة قديماً بدار الفلوس تجاه الجزء: 2 ¦ الصفحة: 369 الفليجة الحنفية، وكان فاضلاً، وله اشتغال، سمع ابن طبرزد وحنبلاً وغيرهما، وحدث، توفي سنة سبع وخمسين وستمائة، رحمه الله تعالى. أسعد بن السديد ...... - 695هـ - ...... - 1296م أسعد بن السديد الماعز القبطي. أسلم في الدولة الأشرفية خليل بن قلاوون وتولى استيفاء الديار المصرية. قال الصفدي رحمه الله: حكى لي القاضي شهاب الدين محمود رحمه الله قال: لما مرض المذكور توجهنا إليه نعوده فوجدناه ضعيفاً إلى الغاية، وقد وضعوا عنده أنواعاً من الحلي والمصاغ المجوهر والعقود، وفيها العنبر الفائق، وأنواعاً من الطيب، وأشار إلى خادم كلاماً، فمضى وأتى بحق ففتحه، وأقبل يشمه، وقمنا من عنده ثم أنه مات، فسألناه ذَلِكَ الخادم فيما بعد: ما كان في ذَلِكَ الحق؟ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 370 قال: شعرة من إست الراهب الفلاني الذي كان له كذا كذا سنة ما لمس الماء ولا قاربه، قال فأنشدت: ما يقبضُ الموتُ نفساً من نفوسهم ... إلاَّ وفي يده من نَتْها عُودُ انتهى. قلت: وكانت وفاته، عليه لعنه الله، سنة خمس وتسعين وستمائة. الشيخ وجيه الدين أبو المعالي التنوخي ...... - 630هـ - ...... - 1300م أسعد بن عبد الرحمن بن حبيش، الشيخ وجيه الدين أبو المعالي التنوخي المعري الأصل، الدمشقي. كان فاضلاً أديباً شاعراً، قال الشيخ شهاب الدين القوصي في معجمه أنشدني رحمه الله بدمشق في شهور سنة أربع وستمائة لنفسه. إذا ما دارت الأفلاك يوماً ... بسعدك فهي تأبى أن تعادا فمهما اسطعت من خير فعجِّل ... به ما دمت تأمن أن تعادا فكم من جمرة أمْسَت سَعيرا ... فلمَّا أصبحت صارت رماداً الجزء: 2 ¦ الصفحة: 371 قال: وأنشدني في الباذنجان الأبيض: قل لي ما شيء إذا رمته ... ورأيته من غير إزعاج كأنما خضرة نيجانه ... زمرّد رصِّع في عاج الملك اسكندر سلطان شيراز ...... - 818هـ - ... ... - 1415م إسكندر بن عمر بن تيمورلنك، الملك إسكندر سلطان شيراز وبلاد فارس بن أميرازه عمر شيخ بن الطاغية تيمورلنك كور كان. ملك البلاد بعد قتل أخيه بير محمد بن عمر شيخ في سنة اثنتي عشرة وثمانمائة، وكان محبباً لرعيته، واتسعت مملكته لذلك، وعظم وضخم، ثم خالف عمه القان الجزء: 2 ¦ الصفحة: 372 معين الدين شاه رخ تيمورلنك، فسار إليه شاه رخ وقاتله وأسره وسمل عينيه، وأقام عوضه أخاه رستم، وخلى سبيل إسكندر هذا لعماه، وعاد شاه رخ إلى بلاده فجمع إسكندر جمعا قليلاً وقدم عليهم ابنه وأرسلهم إلى أخيه رستم، فقاتلهم رستم وهزمهم، وقبض عَلَى أخيه إسكندر وقتله بأمر عمه شاه رخ في سنة ثماني عشرة وثمانمائة. وكان ملكاً كريماً شجاعاً مسرفاً في الأموال جدا، ذا همة عالية وإقدام، وكان يكتب الخط المنسوب إلى الغاية، وله محاسن كثيرة. ابن قرا يوسف ...... - 841هـ - ...... - 1438م إسكندر بن قرا يوسف بن قرا محمد بن بيرم خجا التركماني، متملك تبريز وما والاها. ملك البلاد بعد موت أبيه قرا يوسف في سنة ثلاث وعشرين وثمانمائة، ودام فيها مدة طويلة، وخربت البلاد في أيامه من كثرة حروبه وشروره مع شاه رخ بن تيمورلنك وأولاده، ومع قرايلك التركماني صاحب آمد، ودام عَلَى ذَلِكَ سنين الجزء: 2 ¦ الصفحة: 373 عديدة، ووقع له مع هؤلاء وغيرهم وقائع وحروب بطول الشرح في ذكرها إلى أن انكسر في آخر حروبه مع أحمد جوكي بن شاه رخ، وتشتت عن بلاده وذهب إلى الروم، ثم عاد إلى نحو بلاده، ثم انهزم أيضاً، والتجأ إلى قلعة النِجا فحصره بها أعوان أخيه جهان شاه بن قرا يوسف مع عسكر شاه رخ، فلما طال ذَلِكَ بينهم نهض ابنه شاه قوماط بن اسكندر وذبحه، وأراح الناس منه في ذي القعدة سنة إحدى وأربعين وثمانمائة، وسلم قلعة النجا إلى عمه جهان شاه، هي إلى الآن معه. وكان إسكندر شجاعاً مقداماً، أهوجاً جريئاً، فاسقاً، سفاكاً للدماء، غير محبب لرعيته لا يتدين بدين، خربت عامة بلاد بغداد والعراق في أيامه، ثم في أيام أخويه أصبهان وشاه أحمد أولاد قرا يوسف، ألا لعنه الله عَلَى الكل، لا نعم الجدود وبئس ما خلفوا. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 374 أبو الطاهر القرشي المخزومي ...... - 694هـ - ...... - 1285م إسماعيل بن إبراهيم بن عبد الرحمن بن علي بن قريش، الإمام المحدث، تاج الدين أبو الطاهر القرشي المخزومي المصري الشافعي. كان من فضلاء الشافعية، وكان ورعا زاهداً، فاضلاً، سمع من المقير، والهمذاني، وابن رواح، وحدث عنه الدمياطي في معجمه، توفي سنة أربع وتسعين وستمائة، وسنة نيف عَلَى الثمانين سنة، رحمه الله تعالى. الزاهد علم الدين المنفلوطي ...... - 652هـ - ...... - 1254م إسماعيل بن إبراهيم بن جعفر، الزاهد علم الدين المنفلوطي ثم القناوي. كان فقيهاً عابداً زاهداً، وكان من أصحاب الشيخ أبي الحسن الصباغ، وكان مالكي المذهب، وكان له كرامات ومكاشفات، وكان بغيب أوقاتا كثيرة، وربما استمرت غيبته أياماً، وكانت تنحل عمامته وتسحب خلفه وهو ينشد: الجزء: 2 ¦ الصفحة: 375 لا تجر ذكرى في الهوى مع ذكرهم ... ليس الصحيح إذا مشى كالمقعد وذكر الشيخ كمال الدين الأدفوي في تاريخه فقال: قال يوماً والله الذي لا إله إلا هو أنا القطب غوث الوجود، كذا ذكره الشيخ عبد الغفار بن نوح في كتابه. وصنف كتاباً ذكر فيه من كلام شيخه أبي الحسن ومن كلام شيخ شيخه عبد الرحيم، ومن أحوالهم نبذة، وفيه أحاديث واستدلالات دلت عَلَى فهم وعلم، وفيه مسائل فقيهة ومقالات صوفية، انتهى كلام الأدفوي. قلت: وكانت وفاته سنة اثنتين وخمسين وستمائة، بقنا من صعيد مصر، رحمه الله تعالى. ابن الحكيم ...... - 700هـ - ...... - 1301م إسماعيل بن إبراهيم بن أحمد بن سونج الصالحي، المعروف بابن الحكيم والبكري، لأنه كان يتوب الشيعة، ويأخذ العهد لأبي بكر الصديقي رضي الله عنه. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 376 وكان فصيحاً، وله أصحاب وطريق مشهورة، وسوق نافقة، وله أبهة المشيخة. قال الصلاح الصفدي: وكان يعمل السماعات، ويحفظ كثيراً من الحديث والرقائق ملحوناً، انتهى. توفى سنة سبعمائة، رحمه الله تعالى. ابن فلوس النميري المارديني 593 - 629 هـ - 1197 - 1231م إسماعيل بن إبراهيم بن غازي بن علي بن محمد، الشيخ شمس الدين النمري المارديني الحنفي المعروف بابن فلوس. ولد بماردين في سنة ثلاث وتسعين وخمسمائة، وكان فاضلاً مبرزاً في فنون الأوائل والحكمة، بارعاً وأصوله، أفتى ودرس بدمشق وبالقاهرة، وكان ظريفاً حلو المحاضر لطيف الشمائل. وذكره الشيخ شهاب الدين القوصي في معجمة قال أنشدني لنفسه: الجزء: 2 ¦ الصفحة: 377 قال العزول: يدا العذار بخده ... فتسلّ عنه فالعذار يشين فأجبته: مهلاً رويدك إنّما ... أغراك عنه بالملام جنون ما ذاك شعر عذاره لكَّما ... أجفان عينك في الصّقال تبين وله أيضاً: بأبي الأهيف الذي لحظ عيني ... هـ فذا راشق وهذا رشيق راح في حسنه غريباً وإن كا ... ن شقيقا لوجنتيه الشقيق الجزء: 2 ¦ الصفحة: 378 قاضي القضاة مجد الدين الكناني الحنفي 729 - 802 هـ - 1329 - 1399م إسماعيل بن إبراهيم بن محمد بن علي بن موسى، قاضي القضاة مجد الدين الكمال الحنفي، قاضي قضاة الديار المصرية. ولد في ليلة السابع من شعبان سنة تسع وعشرين وسبعمائة، وسمع عَلَى عبد الرحمن بن محمد بن عبد الحميد بن عبد الهادي صحيح مسلم، وعلي زين الدين عبد الرحمن ابن الحافظ جمال الدين أبي الحجاج المزي، وعلى المحدث زين الدين أبي بكر بن قاسم الرحبي سنن ابن ماجه، وعلى نجم الدين إبراهيم التفليسي، وصدر الدين أبي الفتح محمد بن محمد الميدومي جزء البطاقة وغيرهم، وتفقه وبرع في الفقه والأصلين والفرائض والحساب والأدب، وشارك في عدة علوم مثل الحديث والنحو والقراءات، وباشر في مبدأ أمره توقيع الحكم مدة طويلة، الجزء: 2 ¦ الصفحة: 379 ثم ولى نيابة الحكم بالقاهرة سنين إلى أن شجر بينه وبين قاضي القضاة شمس الدين محمد الطرابلسي الحنفي مخاصمة وصرفه عن نيابة الحكم، ولزم داره مدة عَلَى أجمل حال إلى أن طلبه الملك الظاهر برقوق بعد سنين وولاه قضاء القضاة الحنفية بالديار المصرية عوضاً عن قاضي القضاة شمس الدين الطرابلسي المذكور في يوم الاثنين سابع عشر شهر رمضان سنة اثنتين وتسعين وسبعمائة، فلم ينتج أمره في وظيفة القضاء، وكذر تخوفه من الطرابلسي، وصار يعتل فيما يسأل فيه تخوفاً، فوقفت أحوال الناس كثيراً، ولم نحمد سيرته لهذا المعنى فقط، وأخذ القاضي جمال الدين محمود القيصري العجمي يشيع مع ذَلِكَ أن القاضي مجد الدين هذا بتبرم من السفر مع السلطان إلى البلاد الشامية ويريد الأعفاء من المنصب، وكان للقيصري في ذَلِكَ نفع لأنه كان جل قصده أن يلي القضاء عَلَى ما بيده من وظيفة نظر الجيش، وتم له ذَلِكَ بولاية مجد الدين هذا فإنه كان لا يطيق مناولة الطرابلسي، فلما أن ولى المجد وارتبك في المنصب وأعانه عَلَى ذَلِكَ بأن المجد كان قد بدن وتزايد سمنه إلى الغاية. قال المقريزي: وكان إذا أراد أن ينهض قائماً يعتمد عَلَى يديه، ويرفع عجيزته عن الأرض، ويظل ساعة ويديه ورجليه عَلَى الأرض وعجيزته مرتفعة حَتَّى يستطيع أن يقوم، وفعل ذَلِكَ غير مرة في مجلس السلطان. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 380 فبلغ جمال الدين محمود من كيده بالمجد ما أراد، وظن السلطان أن الأمر كما قال، وأعانه عليه قوم آخرون، فصرفه مع إجلاله له وتعظيمه إياه، فإنه لم يكن ممن كتب لمنطاش في الفتاوي التي كتب فيها الفقهاء بإباحة قتال برقوق وقتله، انتهى كلام المقريزي. قلت: وصرف قاضي القضاة مجد الدين صاحب الترجمة بالجمال محمود القيصري في يوم الثلاثاء خامس عشر شهر شعبان سنة ثلاث وتسعين وسبعمائة، ولم يكمل في المنصب سنة واحدة، ولزم داره إلى أن توفي أول شهر ربيع الأول سنة اثنتين وثمانمائة. وكان إماماً فقيهاً بارعاً مفنناً، عارفاً بالشروط والوثائق، فكه المحاضرة بهج الزي، وله يد في النظم والنثر، وله ديوان شعر في مجلد، ومن شعره قوله: إن كنت يوماً كاتباً رقعة ... تبغي بها نجح وصول الطلب إياك أن تعرف ألفاظها ... فتكتسي حرفة أهل الأدب وله أيضاً: ولا تحسبن الشعر فضلاً بارعاً ... ما الشعر إلا محنة وخيال فالهجو قذف والرثاء نياحة ... والتعب ضغن والمديح سؤال الجزء: 2 ¦ الصفحة: 381 وله دوبيت: كم أطلب قربه وكم يبعدني ... بالنار من الصدود كم يوعدني بالنوح وبالبكاء من يسعدني ... إن مت بحبه فما أسعدني قال المقريزي، رحمه الله، وشعره كثير، وأدبه عزيز، وعلمه جم غير يسير، ولقد صحبته عدة أعوام وأخذت عنه فوائد، وكان لي به أنس، وللناس بوجود جمال، إلا أنه امتحن بالقضاء في دنياه كما أمتحن به ابن ميلق في دينه، وكانا في ولايتهما كما قال الآخر: تولاها وليس له عدو ... وفارقها وليس له صديق ابن الخباز 629 - 703 هـ - 1232 - 1304م إسماعيل بن إبراهيم بن سالم بن ركاب، الشيخ الفاضل المحدث نجم الدين أبو الفدا الدمشقي الأنصاري الصالحي الحنبلي المؤدب الشهير بابن الخباز. ولد في سنة تسع وعشرين وستمائة، وسمع من ابن عبد الحق بن خلف والحافظ الضياء، والبكري، والمرسي، وعبد الله بن أبي عمر، وإبراهيم بن خليل، وابن عبد الدايم، وابن أبي الجن، وأصحاب الكندي، وأصحاب الخشوعي، وابن ملاعب، وابن اللتي، وأصحاب كريمة، والسخاري، وسمع من المزني، الجزء: 2 ¦ الصفحة: 382 والبرزالي، وعلاء الدين الخراط، والقاضي شمس الدين بن النقيب، وابن المحب وغيرهم. وكتب وألف وحصل الأجزاء، وكان شيخاً حسناً متواضعاً، وكان مع ذَلِكَ لم ينجب، ولا أتقن شيئاً، وكان لا يدري نحواً، ولا يكتب جيداً بل له دربة في الجملة، وله خطأ كثير، توفي سنة ثلاث وسبعمائة، رحمه الله تعالى. مسند الشام تقي الدين التنوخي 589 - 672 هـ - 1193 - 1273م إسماعيل بن إبراهيم بن أبي اليسر شاكر بن عبد الله عبد الله بن محمد بن عبد الله ابن أبي المجد، مسند الشام تقي الدين شرف الفضلاء أبو محمد التنوخي المعري الأصل الدمشقي المولد. ولد سنة تسع وثمانين وخمسمائة، ومات في سنة اثنتين وسبعين وستمائة. وسمع الحديث وأكثر من الخشوعي وعبد اللطيف بن شيخ الشيوخ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 383 والقاسم بن عساكر، وابن ياسين الزولعي الخطيب، وحنبل، وابن طبرزد، والكندي، وأجاز له جماعة وروى الكثير. واشتهر وتفرد بأشياء كثيرة، وكان متميزاً في كتابة الإنشاء، جيد النظم، ديناً متصوفاً، صحيح السماع، من بيت كتابة وجلالة، وكان كاتب الإنشاء لنور الدين الشهيد، وكتب هو للناصر داود، وولى بدمشق مشيخة تربة أم الصالح، ومشيخة الزاوية بدار الحديث الأشرفية، وروى عنه قاضي القضاة نجم الدين بن صصري، وابن العطار، وابن تيمية، وأخوه، وابن أبي الفتح. وكتب عَلَى لسان سيف الدين مقلد بن الكامل بن شاور إلى الملك الأشرف، وكان أبطأ عليه عطاؤه، رقعة مضمونها: يقبل الأرض بين يدي الملك الأشرف أعز الله نصرة وشرح ببقائه نفس الدهر وصدره، وينهي أنه وصل إلى باب مولانا كما قال المتنبي: حَتَّى وصلت بنفس مات أكثرها ... وليتني عشت منها بالذي فضلا الجزء: 2 ¦ الصفحة: 384 ويرجو ما قاله في البيت الآخر: أرجو نداك ولا أخشى الميطال به ... يامَنْ إذا وهَبَ الدنيا فقد بخلا فأعطاه الملك الأشرف صلة سنية، وقراره له جامكية في كل شهر، ورتب له ما كفاه. وكتب إلى القاضي بدر الدين السنجاري في صدر مكاتبة: لولا مواعيد آمال أعيشُ بها ... لُمتُّ يا أهل هذا الحيِّ من زمن إنما طرف آمالي به مَرَحٌ ... يجري بوعْد الأماني مُطلق الرِّسن وقد ذكرنا هذين البيتين لغيره والله أعلم. ومن شعره: لَيْليِ كشَعْرِ معذّبي ما أطوَلَه ... أخفَي الصباحَ بفرعِه إذ أسْلبهً وأنار ضوء جبينه في شعره ... كالصبح شد عَلَى الدياجي منصله قصصي بنهل عذراه مكتوبة ... يا حسن ما خطَّ الجمالُ وأجمله والله لا أهملت لام عِذارِه ... يا عاذلي ما كُّل لامٍ مهملة اقرأ عَلَى قلبي سبا في حبه ... والذَّاريات لمدمع قد أهمله آياتُ تحرِيم الوصال أظنُّها بطلاق أسباب الحياة مرَّتله ما هامت الشعراء في أوصافه ... إلا وفاطر حسنه قد كمله ثبت الغرام بحاكِم من حسنِهِ ... وشهادةِ الألفاظ وهي معدَّله الجزء: 2 ¦ الصفحة: 385 ومنها: إن أبعدته يد النوى عن ناظري ... فله بقلبي إن ترحَّل منزله بالعاديات قد اغتدى عنَّا ضُحَا ... وبدا له في كلِّ قلبٍ زلزلة شمس النفوس لبينة قد كُوِّرت ... والنار في الأحشاء منه مُشعله ابن المقرئ اليماني 755 - 836 هـ - 1354 - 14432م إسماعيل بن أبي بكر بن عبد الله المقرئ بن إبراهيم بن علي بن عطية بن علي، العلامة البارع المفنن الأديب شرف الدين أبو محمد الشاوري اليمنى الشافعي المعروف باب المقرئ، العالم المشهور. ولد في سنة خمس وخمسين وسبعمائة، وقيل في التي قبلها، بأبيات حسين، وبها نشأ وتفقه عَلَى الكاهلي وغيره، ثم انتقل إلى زبيد فأكمل تفقهه عَلَى العلامة الجزء: 2 ¦ الصفحة: 386 جمال الدين، شارح التنبية وغيره، واشتغل بالعربية ومهر فيها، وبرع في الفقه وغيره، وبرز في المنظوم والمنثور، وتعاني الأدب فمهر فيه، وأقبل عليه ملوك اليمن، وولاه الأشرف صاحب اليمن تدريس المجاهدية بتعز والنظامية بزبيد. ولما مات العلامة القاضي مجد الدين الفيروز بادي طمع المذكور في ولايته القضاء، فلم يتم له ذَلِكَ، واستمر عَلَى ملازمة العلم والتصنيف والإقراء إلى أن توفي يوم الأحد آخر صفر سنة ست وثلاثين وثمانمائة بزبيد، رحمه الله. ومن مصنفاته مختصر الروضة للنووي، ومختصر الحاوي الصغير وشرحه، وكتاب عنوان الشرف الوافي، وهو كتاب حسن لم يسبق إلى مثله، يحتوي عَلَى فنون خمسة من العلوم، فإذا قرأت في كل شيء رمته عَلَى الانفراد، فأول السطور بالحمرة عروض، وما هو بعده بالحمرة أيضاً تاريخ دولة بني رسول الجزء: 2 ¦ الصفحة: 387 ملوك اليمن، وما هو بين التاريخ وأواخر السطور بالحمرة نحو، وما هو أواخر السطور قوافي، وفي هذا الكتاب يقول الأديب إبراهيم: لهذا كتاب لا يصنف مثله ... لصاحبه الجزء العظيم من الحظ عروض وتاريخ ونحو محقق ... وعلم القوافي وهو فقه أولى الحِفظِ فأعجب به حسناً وأعجب أنه ... بطين من المعني خميض من اللفظ وله مع ذَلِكَ النظم الرائق، والنثر الفائق، ونظم بديعية عَلَى تمط بديعة العز الموصلي وشرحها شرحاً حسناً، وقد شهر بفضله وعدم وجود مثله جماعة كثيرة مثل العلامة بدر الدين الدماميني، والحافظ شهاب الدين أحمد بن حجر وغيرهما. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 388 وقد اجتمع بابن حجر بمكة الشريفة وأنشد: قل للشهاب بن علي بن حجر ... سوراً عَلَى مودتي من الغير فسور ودي فيك قد ينيته ... من الصفا والمروتين والحجر فأجابه ابن حجر بقصيدة أولها: يأيها القاضي الذي مراده ... يأتي عَلَى وفق القضاء والقدر ومن شعره ما أنشدني الشيخ أبو الخير بن عبد القوي من لفظه قال: أنشدني العلامة شرف الدين إسماعيل بن أبي بكر بن المقرئ من لفظة لنفسه: يا من لدمع مارة وصبي به ... ولوجد قلب ما انقضى ولهيبه ومتيم قد هذيته يد الهوى ... بصحيح وجد غير ما تهذي بِهِ خانته مهجته فما تمشى عَلَى ... عاداته الأولى ولا تجريبه وحشا تعسفه الغرام وحلّه ... قسراً وليس بكفوة وضِريبهِ يا هند قد أضرمت من فكر الجفا ... في القلب ما لا ينطفي وغِريبهِ أنا من عرفتِ غرامه فاستخبري ... عن حال ما خود الحجي وسلي بهِ وله بالسند من قصيدةِ يعارض بها قصيدة الطغرائي اللاَّمية: زيادة القول تحكي النقص في العمل ... ومنطق المرء قد يهديه للزلل إن اللسان صغير جرمه وله ... جرم عظيم كما قد قيل في المثل الجزء: 2 ¦ الصفحة: 389 فكم ندمت عَلَى ما كنت قلت به ... وما ندمت عَلَى مَا لم تكن تقل وأضيق الأمر لم تجد معه ... فتى يعينك أو يهديك للسبل عقل الفتى ليس أمر يغني عن مشاورة ... كعفة الخود لا تغني عن الرجل وهذه القصيدة ثلاثة وخمسون بيتاً. وأما بديعيته فأولها: شارفت ذرعاً فدرعاً ما به الشيم ... وجزت غلا فنم لا خوف في حرم وله قصيدة يمدح فيها الشريف حسن بن عجلان ويسترضيه فيها عَلَى الأمير موسى صاحب حلى في بلاد اليمن تزيد عَلَى ثلاثين بيتاً، نذكرها بتمامها في ترجمة حسن بن عجلان إن شاء الله تعالى، أولها: أحسنت في تدبير ملكك يا حَسَنْ ... وأجدت في تحليل أخلاط الفتن أبو الطاهر القوصي ...... - 715هـ - ...... - 1315م إسماعيل بن أحمد بن إسماعيل بن برتق بن بزغش بن هارون بن شجاع، الشيخ جلال الدين أبو الطاهر القوصي. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 390 قال الشيخ صلاح الدين الصفدي: أخبرني العلامة أثير الدين أبو حيان من لفظه، قال المذكور: رفيقنا في المدرسة الكاملية، اشتغل بالفقه عَلَى مذهب الإمام أبي حنيفة رضي الله عنه، وأقرأ النحو والقراءات بجامع طولون، وله أدب. أنشدنا لنفسه: أقولُ له ودمْعي ليس يُرْقَي ... ولي من عَبْرتي إحدى الوسائِلْ حرمت الطَّيْف منك بفَيْض دمعي ... فطرفي فيك محرومٌ وسائِل وأنشدني المذكور أيضاً لنفسه: أفولُ ومدْمَعي قد حال بيني ... وبين أحبَّتي يوم العتابِ رَدَدْتُم سائِلَ الأجفانِ نهْرَا ... تعثَّر وهو يجري في الثياب انتهى كلام الصفدي. قلت: وكانت وفاته بالقاهرة في سنة خمس عشرة وسبعمائة. عماد الدين بن الأثير الحلبي ...... - 699هـ - ...... - 1300م إسماعيل بن أحمد بن سعيد، الشيخ عماد الدين بن الأثير الحلبي الكاتب. وكان أحد كتاب الدرج بالقاهرة، ثم ترك ذَلِكَ تعبدا وتزهدا، وكان فاضلاً من بيت كتابة ونظم ونثر، واه خطب مدونة، وهو الذي علّق شرح العمدة الجزء: 2 ¦ الصفحة: 391 عن الشيخ تقي الدين بن دقيق العيد، وشرح قصيدة ابن عبدون الرائية التي رثى بها بني الأفطس، عدم المذكور في وقعة التتار سنة تسع وتسعين وستمائة، رحمه الله تعالى. تاج الدين إسماعيل بن خليل ...... - 739هـ - ... ... - 1338م إسماعيل بن خليل، الشيخ الإمام الفقيه المحدث الأصولي الفرضي تاج الدين كان من أعيان فقهاء الحنفية وكان عفيفاً ديناً صالحاً، تفقه عَلَى القاضي فخر الدين بن عثمان، وعلي نجم الدين الملطي، وأخذ الفرائض عن الأرندي، وأعاد ببعض المدارس وتفقه عليه جماعة. قال الحافظ عبد القادر: صحبته كثيراً، وبيني وبينه مودة، وأخبرني بأشياء غريبة من مراثيه، وكان صدوقاً ثقة، وكان يرى في كل سنة ما يدل عَلَى النيل بأشياء في مجيئه، ومات خارج القاهرة بمنزله بالحسينية في الثامن من جمادى الآخرة سنة تسع وثلاثين وسبعمائة. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 392 عماد الدين بن الزمكحل الناسخ ...... - 788هـ - ...... - 1386م إسماعيل بن الزمكحل، الشيخ عماد الدين الناسخ. أحد الأفراد في الخط المنسوب. كان رأساً في الكتابة، وكان يكتب سورة الإخلاص عَلَى حبة أرز كتابة بينه تقرأ بتمامها وكما لها لا ينطمس منها حرف واحد، وكان له بدائع في فن الكتابة، وكتب عدة مصاحف إلى أن مات في سنة ثمان وثمانين وسبعمائة، رحمه الله تعالى. والزمكحل بزاي مضمومة وميم مضمومة أيضاً وكاف ساكنة وحاء مهملة مضمومة ولام. انتهى. إسماعيل بن الأشرف شعبان ...... - 795هـ - ...... - 1393م إسماعيل بن الملك الأشرف شعبان بن حسين بن الملك الناصر محمد بن قلاوون. كان إسماعيل هذا من جملة الأسياد، ممنوعاً بقلعة الجبل عن النزول إلى القاهرة، عَلَى ما كانت عادة أولاد السلاطين، وقد ذكرنا شيئاً الجزء: 2 ¦ الصفحة: 393 من هذا في ترجمة أحمد من أولاد الأسياد، وكيف أفرج عنهم الملك الأشرف برسباي، توفي إسماعيل هذا في ثالث شهر رمضان سنة خمس وتسعين وسبعمائة، عن خمس وعشرين سنة، وكان نبيلاً لو أهَل، رحمه الله تعالى. إسماعيل بن شيركوه صاحب حمص ...... - 659هـ - ...... - 1261م إسماعيل بن شيركوه بن محمد بن شيركوه بن شادي، الملك الصالح نور الدين صاحب حمص. كان له اختصاص كبير بالملك الناصر صلاح الدين يوسف، وكان الملك الصالح هذا يداري التتار ولا يشاقفهم، وحكى أن الملك الصالح صاحب الترجمة كان جالساً عند الملك الناصر وكان عنده أيضاً عماد الدين بن المجير والملك الناصر يريد عمل مشورة بسبب قتال التتار وعدم مداراتهم، وكان الملك الصالح رأيه عَلَى الملك الناصر عدم القتال والمداراة، فوقع بين الملك الصالح وبين عماد الدين المذكور كلام بسبب ذَلِكَ، فقال الملك الصالح لعماد الدين أنت الجزء: 2 ¦ الصفحة: 394 كما قيل طويل ولحيتك طويلة، فضحك من ذَلِكَ الملك الناصر، فقال عماد الدين لذلك الصالح إلا أني ما ربيت في مدينة حمص، وقاما وافترقا في ذَلِكَ اليوم من غير عمل مصلحة، واستمر بعد ذَلِكَ الملك الصالح بحمص إلى أن قتل في وقعة هولاكو بيد التتار في أوائل سنة تسع وخمسين وستمائة. وكان ملكاً شجاعاً فاضلاً سيوساً، ذا رأي وتدبير، وعدل في الرعية، وهو من بيت رئاسة وعز، رحمه الله تعالى. أبو طاهر الكناني المحدث ...... - 662هـ - ...... - 1264م إسماعيل بن صارم بن عمرو بن تميم، أبو طاهر الكناني ثم المصري الخياط المحدث. روى عن البوصيري، إسماعيل، وابن ياسين، وفاطمة بنت سعد الخير وكان عالي الإسناد روى عنه الحافظ شرف الدين عبد المؤمن الدمياطي وجماعة من المصريين، قيل أنه شنق نفسه سنة اثنتين وستين وستمائة. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 395 الملك الأشرف صاحب اليمن 766 - 803 هـ - 1365 - 1400م إسماعيل بن عباس بن علي بن داود بن يوسف بن عمر بن علي بن رسول، واسم رسول محمد بن هرون بن أبي الفتح بن نوحي بن رستم، الملك الأشرف صاحب اليمن وابن صاحبها الملك الأفضل بن الملك المجاهد بن الملك المؤيد بن الملك المظفر بن الملك المنصور، التركماني الأصل، اليماني المولد والمنشأ. ولد في سنة ست وستين وسبعمائة وتسلطن بعد موت أبيه الملك الأفضل في سنة ثمان وسبعين وسبعمائة في شهر ربيع الأول، وقام بتدبير ملكه خاله عبد العزيز الجحفل، وكان أكبر الأمراء، وأمه يقال لها جهة طي، واستمر في الملك إلى أن مات في ليلة السبت ثامن عشر ربيع الأول سنة ثلاث وثمانمائة بمدينة تعز من بلاد اليمن، عن سبع وثلاثين سنة. وكان ملكاً عالماً فاضلاً حليماً، كثير السخاء والجود، مقبلاً عَلَى أهل العلم، محباً للغرباء، رأيت جماعة ممن لهم به معرفة، وحدثني عنه بما ذكرت غير واحد منهم، وكان له فضيلة، ويحب الأدب، وصنف تاريخاً حسناً، وقام الجزء: 2 ¦ الصفحة: 396 في الملك من بعده ابنه الملك الناصر أحمد، تقدم ذكره، ويأتي ذكر جماعة من آبائه في محلهم إن شاء الله تعالى. الأمام فخر الدين الأسنائي ...... - 720هـ - ... ... - 1320م إسماعيل بن عبد القوي بن الحسن بن حيدرة، فخر الدين الإسنائي المعروف بالإمام. قرأ الفقه عَلَى الشيخ نجيب الدين بن مفلح، والشيخ بهاء الدين القفطي، وناب في الحكم بمنشية إخميم وطوخ والمراغة، وكان إمام المدرسة المعزية بإسنا، وكان حلو المحاضرة، لطيفاً ماجناً، مع فضل وعلم، قيل أنه نزل مرة مركب صحبة الشيخ بهاء الدين والشيخ النجيب وكان بالمركب زامراً فزمر فقال له الشيخ بهاء الدين اسكت، فقال الإمام صاحب الترجمة للزامر سراً: الشيخ إمام في هذه الصناعة وأنت استقبلت خارجاً، فرجع وزمر ثانياً، فقال له الشيخ أيضاً: أسكت، الجزء: 2 ¦ الصفحة: 397 فأخذ الزامر المزمارة وقدمها للشيخ بهاء الدين، وقال ما يحسن المملوك غير هذا، فعرف الشيخ بهاء الدين أنها من جهة الإمام، وله حكايات من هذا النمط، ثم انتقل إلى قوص وأقام بها، وكف بصره، ومات في حدود العشرين وسبعمائة، رحمه الله تعالى. ابن المعلم رشيد الدين أبو الفضل التيمائي 623 - 714 هـ - 1226 - 1314م إسماعيل بن عثمان بن عبد الكريم بن تمام بن محمد، العلامة رشيد الدين أبو الفضل، وقيل أبو الفدا القرشي التيمائي الحنفي المعروف بابن المعلم، شيخ الحنفية في زمانه. ولد سنة ثلاث وعشرين وستمائة، سمع من الزبيدي ثلاثيات البخاري، وسمع مع العز النسابة وابن الصلاح وابن أبي جعفر، وتلا بالروايات عَلَى السخاوي وغيره، وكان رأساً في مذهبه، إماماً في الفقه وفروعه، والعربية والأصول، وله مشاركة في فنون، وحدث بمصر ودمشق، وكان ديناً زاهداً، مقتصراً في لباسه، متقشفاً، وعرض عليه قضاء دمشق فامتنع، واستمر عَلَى ما هو عليه من الاشتغال والأشغال إلى أن توفي بعد ولده الإمام تقي الدين يوسف في الخامس من شهر رجب سنة أربع عشرة وسبعمائة، رحمه الله تعالى. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 398 الملك المؤيد صاحب حماه 672 - 732 هـ - 1273 - 1331م إسماعيل بن علي بن محمد بن محمود بن عمر بن شاهنشاه بن أيوب بن شادي، الملك المؤيد عماد الدين أبو الفدا صاحب حماه، ابن الملك الأفضل بن الملك المنصور ابن الملك المظفر بن الملك المنصور. ولد في جمادى الأولى سنة اثنتين وسبعين وستمائة، وحفظ القرآن العزيز وعدة كتب، وبرع في الفقه والأصول والعربية والتاريخ والأدب، وصار من جملة أمراء دمشق إلى أن كان الملك الناصر محمد بن قلاوون بالكرك في آخر مرة، خدمه المذكور وهو بدمشق، وبالغ في خدمته إلى أن وعده الملك الناصر محمد بسلطنة حماه، ووفي له بما وعده لما عاد إلى ملكه، وأعطاه حماه بعد الأمير أسندمر لما نقل إلى نيابة حلب بعد موت نائبها الأمير قبجق، وجعله صاحب حماه وسلطانها، يفعل فيها ما يشاء، ليس لأحد منعه كلام، الجزء: 2 ¦ الصفحة: 399 ولا يرد عليه مرسوم من القاهرة بأمر ولا نهي، وتوجه من دمشق إلى القاهرة بسبب سلطنة حماه، فأكرمه الملك الناصر محمد بن قلاوون، وأركبه بشعار السلطنة، ومشى الأمراء والأكابر في خدمته، حَتَّى مشى الأمير أرغون النائب بالديار المصرية، وقام له الملك الناصر بكل ما يحتاج إليه من التشريف والإنعامات عَلَى وجوه الدولة والخيول بالقماش بالذهب وغير ذَلِكَ، ولقبه بالملك الصالح، وأمره بالتوجه إلى محل سلطنته بحماه، فخرج إليها من ديار مصر بتجمل زائد وعظمة عَلَى عادة الملوك، فوصلها في جمادى الآخرة سنة عشر وسبعمائة، ثم عن قليل غير السلطان لقبه ولقبه بالملك المؤيد، وذلك لما حج معه في سنة تسع عشرة وسبعمائة، وعاد معه إلى القاهرة، وأذن له أن يخطب باسمه بحماه وأعمالها، عَلَى ما كان عليه سلفه من ملوك حماه. وكان الملك المؤيد في كل قليل يتوجه من حماه إلى القاهرة، ومعه أنواع الهدايا والتحف للملك الناصر محمد بن قلاوون، ويعود إلى محل سلطنته، ثم في كل قليل يتحف الملك الناصر بالأشياء الطريفة الغريبة، ثم رسم الملك الناصر لنواب البلاد الشامية بأن يكتبوا له: يقبل الأرض، فصار الأمير تنكز نائب الشام يكتب له: يقبل الأرض، وبالمقام الشريف العالي المولوي السلطاني العمادي الملكي المؤيدي، وفي العنوان صاحب حماه، ويكتب السلطان له أخوه محمد بن قلاوون، أعز الله أنصار المقام الشريف العالي السلطاني الملكي المؤيدي العمادي بلا مولوي. ولم يزل المذكور بحماه مكباً عَلَى الاشتغال والتصنيف وحضرته محط رجال أهل العلم من كل فن، ومنزلاً للشعراء والفضلاء، عَلَى أنه الجزء: 2 ¦ الصفحة: 400 هو إمام بارع مفنن، ماهر في الفقه والتفسير والأصلين والنحو والتاريخ وعلم الميقات والفلسفة والمنطق والطب، مع الاعتقاد الصحيح، والعروض والأدب والنظم والنثر، وكان للشعراء به سوق نافق. وذكره الشيخ جمال الدين الإسنوي في طبقاته، وقال: اتفق قدومه إلى الديار المصرية في بعض السنين، واستدعاني إلى مجلسه عَلَى لسان الشيخ زين الدين ابن القويع فحضرت معه وصحبتنا الصلاح بن البرهان الطبيب المشهور، فوقع الكلام اتفاقا في عدة علوم فتكلم فيها كلاماً محققاً، وشاركناه في ذَلِكَ، ثم انتقل الكلام إلى علم النباتات والحشائش، فكلما وقع ذكر نبات صفته الدالة عليه، والأرض التي ينبت فيها، والمنفعة التي فيه، في استطراد في ذَلِكَ استطراداً عجيباً، وهذا الفن الخاص هو الذي كان يتبجح بمعرفته الطبيبان الحاضران وهما ابن القويع وابن البرهان، فإن أكثر الأطباء لا يدرون ذَلِكَ، فلما خرجا تعجبا إلى الغاية، وقال الشيخ زين الدين: ما أعلم أن ملكاً من ملوك المسلمين وصل إلى هذا العلم انتهى. وقال الصلاح الصفدي: وكان الملك المؤيد فيه مكارم وفضيلة تامة، مع فقه وطب وحكمة وغير ذَلِكَ، وكان أجود ما يعرفه الهيئة لأنه أتقنه، وإن كان قد شارك مشاركة جيدة، انتهى باختصار. قلت: وكان مع غزير علمه يميل إلى الشعر ميلاً زائداً، ويجيز عليه الجوائز السنية، وكان الأديب جمال الدين محمد بن نباته مقيماً عنده بحماه، وله عليه رواتب تكفيه، وله فيه غرر مدائح منها: الجزء: 2 ¦ الصفحة: 401 أقسمتُ ما الملك المؤيَّد في الورى ... إلا الحقيقةُ والكرام مَجَاز هو كَعْبَةً للفضل ما بين النَّدى ... منها وبين الطالبين حِجاز وله فيه وقد توعك بدنه: يا جوهر الفضل إن عُدَّت فرائده ... حاشا لجسمك أن يشكو من العرض لا رد سهمك عن لحظ العداة ولا ... نالوا من السهم ما نالوا من الغرض صحَّت بصحَّتك الدنيا فليس بها ... غير الذي في جفون الغيد من مرض وفيه يقول العلامة شهاب الدين محمود من قصيدة: لله نشر عاطر فاح من ... وادي حماه المشتهي خير واد أضحت وقد شيد أرجاءها ... المولى عماد الدين ذات العماد حمى حماها بأسه والندى ... فأهله من عدله في مهاد وفيه يقول الأديب الشيخ جمال الدين بن نباته جواباً لمكاتبة: فديتك من ملك يكاتب عبده ... بأحرفه اللاتي حكتها الكواكب ملكت بها رقى وأنحلني الأسا ... فها أنذا عبد رقيق مكاتب الجزء: 2 ¦ الصفحة: 402 وكان له نظم ونثر وتصانيف كثيرة منها تاريخه المسمى بالمختصر في تاريخ البشر، ومنها نظم الحاوي في الفقه، وكتاب الكناس مجلدات كثيرة، وكتاب تقويم البلدان هذبه وجدوله، وكتاب الموازين وهو صغير. ومن الغريب أنه كان يقول ما أظن أني أستكمل الستين سنة من العمر فما في أهلي، يعني بيت تقي الدين، من استكملها، فمات في أوائل الستين بتربته التي أنشأها بحماه. وكان ملكاً عالماً، عادلاً سخياً جواد، ممدحاً، عاقلاً ديناً خيراً، ذا رأي وتدبير ومعرفة سياسة مع الحلم والرئاسة، صاحب معروف وصدقات، ذكياً فاضلاً، ذا همة عالية، ونفس زكية، محباً لأهل العلم والخير، كثير الإكرام لهم، يعطي العطايا الجزيلة، ويجيز عَلَى المدائح بالجوائز السنية. ورثاه شاعره الشيخ جمال الدين أبو بكر محمد بن نباته المصري بعدة مرائي من ذَلِكَ مرثيته المشهورة التي أولها: ما للنَّدي ما يلبَّي صوتَ داعية ... أظنُّ أنَّ ابن شادي قام ناعيه ما للرَّجاء قد اشتدَّت مذاهُبه ... ما للزمان قد اسودَّتْ نَواحيه مالي أرى المُلْك قد فُضَّت مواقفه ... مالي أرى الوقد قد فاضت أماقيه الجزء: 2 ¦ الصفحة: 403 نغى المؤيَّد ناعيه فوا أسَفَا ... للغْيث كيف غَدَتْ عنَّا غَوادَيه: واروعتا لصباح من رزيته ... أظن أن صباح الحشر ثانيه واحسرتاه لنظمي في مدائحه ... كيف استحال لنظمي في مراثيه أبكيه بالدُّر من دمعي ومن كلمي ... والبحرُ أحسن ما بالدُّر أبكيه أروي بدمْعي ثرى ملْك له شيم ... قد كان يذكرها الصَّادي فترويه أزيل ماء جفوني بعده أسفا ... لماءِ وجْهي الذي قد كان يحْميه جار من الدَّمع لا ينْفَكُّ يُطلقه ... من كان يطلق بالإنعام جاريه ومهجة كلَّما فاهت بَلْوعتها ... قالت رزيَّة مولاها لها إيه ليت المؤيد لا زادت عوارفُه ... فزاد قلبي المُعَنَّي من تَلَظَّيه ليت الأصاغر يفدي الأكبرون بها ... فكانت الشُّهب في الآفاق تَفْديه والقصيدة تزيد عَلَى خمسين بيتاً. ومما اختاره الشيخ صلاح الدين منها في تاريخه ما خلال مطلع القصيدة والثاني والثالث قال ومنها: هل لا بغير عماد البيت حادثة ... ألفت ذُراه وأوهت من مبانيه هل لأثني الدهر غَرْبا عن محاسنه ... فكان كوكب شرقٍ في لياليه ومنها: كان المديح له عرش بدولته ... فأحسن الله للشعر العزا فيه يا آل أيوب صبرا إنَّ إرثكم ... من اسم أيوب صبر كان ينجيه هي المنايا عَلَى الأقوام دائرة ... كل سيأتيه منها دور ساقية الجزء: 2 ¦ الصفحة: 404 ومنها يخاطب ابنه: ومن أبيك تعلمت الثناء فما ... نحتاج نذكر أمراً أنت تدريه لا تخش بيتك أن يلوي الزمان به ... فإن للبيت ربَّا سوف يحميه انتهى ما أورده الصلاح الصفدي. ورثاه ابن نباته بمرثية أخرى، أولها: ألا في سبيل الله فضل عزائم ... وعلم غدا في باطن الترب مغمدا ومن شعره عفا الله عنه في مليح اسمه حمزة: اسم الذي أنا أهواه وأعشقه ... ومَنْ أعِّوذُ قلبي من تجنِّيه تصحيفُه في فؤادي لم يزل أبدّا ... وفوق وجْنته أيضا وفي فيه وله أيضاً: سرى مسرى الصّبا فعجبت منه ... من الهجران كيف صبا إليَّا وكيف ألمّ بي من غير وعد ... وفارقني ولم يعطف عليّا أنشدني القاضي عبد الرحيم بن الفرات إجازة، قال أنشدني الصلاح الصفدي إجازة، قال أنشدني محمد بن نباته شاعره، قال أنشدني معز الدين الجزء: 2 ¦ الصفحة: 405 محمود بن حماد الحموي كاتب السر بحماه لمخدومه السلطان الملك المؤيد ونحن بين يديه وهو أحسن ما سمعته في معناه: أحسن به طرفا أفوت به القضا ... إن رمته في مطلب أو مهرب مثل الغزالة ما بدت في مشرق ... إلا بدت أنوارها في المغرب قال: وأنشدني له هذا الموشح أيضاً: أوقعني العمر في لعلّ وهل ... ياويح مَنْ عمره مضى بلعل والشيب وافي وعنده نزلا ... وفرّ منه الشباب وارتحلا ما أوقح الشّيب الآتي ... إذ حلّ لا عن مرضاتي قد أضعفتني السنون لا زمني ... وخانني نقص قوة البدن لكن هوى القلب ليس ينتقص ... وفيه مع ذا من جرحه غصص يهوى جميع اللذات ... كما له من عادات يا عاذلي لا تطل ملامك لي ... فإن سمعي نأي عن العذل وليس يجدي الملام والفَنَدُ ... في من صبابات عشقه جُدُد دعني أنا في صبواتي ... أنت البريء من ذلاتي كم سرني الدهر غير مقتصر ... بالكاس والغانيات والوتر نمرح في طيب عيشنا الرغد ... طَرْفي وروحي وسائر الجسد الجزء: 2 ¦ الصفحة: 406 وكم صفت لي خطراتي ... وطاوعتني أوقاتي مضى رسولي إلى معذّبتي ... وعاد في بهجة مجدَّدة وقال: قالت تعالي في عجل ... لمنزلي قبل أن يجيء رجلي واصعد وجز من طاقاتي ... ولا تخف من جاراتي قال الصفدي وهذه الموشحة جيدة في بابها منيعة عَلَى طلابها، وقد عارض بوزنها موشحة لابن سناء الملك، رحمه الله تعالى، أولها: عسى ويا قلما نفيد عسى ... أرى لنفسي من الهوى نفسا مذ بان عني من قد كلفت به ... قلبي قد لجّ في تقلّبه وبي أذى، شوق عاتي ... ومدمعي يومٌ شات لا أترك اللهو والهوى أبدا ... وإن أطلت الغرام والفندا أن شئت فاعذل فلست أستمح ... أنا الذي في الغرام أتبع وتحتذي صباباتي ... وبدعي وعاداتي بي ملك في الجمال لا بشر ... يُظْلم إن قيل إنّه قمر يحسن فيه الولوع والوله ... وعزُّ قلبي في أن اذلّ له خدّي حذا إن يأتي ... ويرتعي حشاشاتي لست أذم الزمان متدياً ... كم قد قطعت الزمان ملتهياً وظلت في نعمة وفي نعم ... يلتذ سمعي وناظري وفمي الجزء: 2 ¦ الصفحة: 407 ولا قذي في كاساتي ... ومرتعي في الجنَّات وغادة دينها مخالفتي ... ولا ترى في الهوى محالفتي وتستبيني ولست أسمعها ... فقلت قولا عساء يخدعها ما هو كذا، يا مولاتي ... أجري معي في مأواتي قال وموشحه السلطان رحمه الله نقصت عن موشحة ابن سنا الملك ما التزمه من القافيتين في الخرجة وهي الذال في كذا، والعين في معي، انتهى. ابن عز القضاة 650 - 689 هـ - 1252 - 1290م إسماعيل بن علي بن محمد بن عبد الواحد، الشيخ فخر الدين أبو طاهر المعروف بابن عز القضاة. كان في مبدأ أمره يتعانى الخدم الديوانية، وكان من جملة من يدخل عَلَى الملك الناصر صاحب دمشق مع الشعراء والندماء، ثم توجه إلى مصر في جفلة التتار، وعاد في طريقه عظيمة من الزهد والإعراض عن الدنيا، ولازم كتب الشيخ محي الدين بن العربي، ونسخ منها جملة، وواظب زيارة قبره الشريف، قدس الله سره، واشتهر بالخير والصلاح، وصار للناس فيه اعتقاد إلى أن توفي الجزء: 2 ¦ الصفحة: 408 سنة تسع وثمانين وستمائة، وحمل إلى جامع دمشق. وكانت جنازته عظيمة، ودفن بتربة أولاد الزكي، ولم يخلف شيئاً من الدنيا، وكانت نفقته فرغت يوم مات، وقرأ الناس حوله القرآن، وتلوا ختمات كثيرة عَلَى قبره، وتفجع الناس عَلَى فقده، وكان له فضيلة. وله نظم ونثر وكتابة حسنة، ومن شعره: كم أنت في حق الصديق تفرط ... ترضى بلا سبب عليه وتسخط يا من تلوّن في الوداد أما ترى ... ورق الغصون إذا تغير يسقط ومن شعره ما كتبه إلى الشيخ شرف الدين الرقي وهو مجاور بمكة، بعد نثر: من الخادم إلى سيده وأخيه في الله إن ارتضاه: أما بعد السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، فإني كنت أرجو بركة دعائه لما أظنه من عظيم عناية الله به، فكيف الآن وهو جار الله، فانضاف إلى عناية الله تعالى بسيدي عناية الوطن، وكان الخادم عند توجه الحاج نظم أبياتاً حسنة مشوقة إلى تقبيل الحجر المكرم، وهي هذه الأبيات: الجزء: 2 ¦ الصفحة: 409 أوفْدّ الله أعطاكم قبولا ... وكان لكم حفيظاً أجمعينا إن الرحمن أذكركم بأمري ... هناك فقبلوا عنّي اليمينا فإنّي أرتجي منه منايا ... لأنّ إليه في قلبي حنينا وأرجو لثم أيد بايعته ... إذا عدتم بخير آمنينا فأجابه الشيخ شرف الدين بقوله: نعم أسعى عَلَى بصري ورأسي ... وألثم عنكم الركن اليمينا نعم وكرامة وأطوف أيضاً ... بيت الله ربِّ العالمينا وأنت أخي وخلّي ثم عندي ... كريم في إخائك ما بقينا وأرجو أن نكون غدا جميعاً ... إلى وجه المهيمن ناظرينا وله في طريقة الشيخ محي الدين بن عربي قدس الله سره العزيز: يقولون دع ليلى لثني كيف لي ... وقد ملكت قلبي بحسن اعتدالها واقسم ما عاينت في الكون صورة ... لَهَا الحسن إِلاَّ قلت: طيف فيا لَهَا: ومن لي بليلى العامرية؟ أنها ... عظيم الغنى من نال وهم وصالها في الشمس أدني من يدي لامس لها ... وليس السّها في بعد نقطة خالها ولكن دنت لطفاً له فتنّزلت ... عَلَى عزها في أوجها وجلالها وأبدت لنا مرآتها غيب حضرة ... غدت هي مجلاها وشر كمالها فواجبها حبي وممكن جودها ... وصالي وعُدّوا سلوتي من محالها الجزء: 2 ¦ الصفحة: 410 وحسبي فخرا إن نسبت لحبها ... وحسبي قربا أن خطرت ببالها العلامة تقي الدين القلقشندي شيخ الصلاحية 702 - 778 هـ - 1303 - 1376م إسماعيل بن علي بن الحسين، العلامة تقي الدين أبو الفدا بن الشيخ نور الدين القلقشندي المصري الشافعي، شيخ الصلاحية بالقدس الشريف. مولده سنة اثنتين وسبعمائة فأخذ عن الفخر المصري وغيره لما قدم دمشق بعد الثلاثين وسبعمائة، وقد كان سمع قبل ذَلِكَ بالقاهرة صحيح البخاري عَلَى وزيرة الحجار، وبرع وتصدر للإفتاء والتدريس، وسكن بيت المقدس، ثم ولى تدريس الصلاحية واستمر ملازماً للاشتغال، وانتفع به الطلبة إلى أن مات في شهر جمادى الآخرة سنة ثمان وسبعين وسبعمائة، عن نحو سبعين سنة، وكان معدودا من أعيان فقهاء الشافعية، رحمه الله تعالى. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 411 الشيخ مجد الدين البرماوي 750 - 834 هـ - 1349 - 1431م إسماعيل بن علي بن عبد الله، الشيخ مجد الدين البرماوي الشافعي. ولد في حدود الخمسين وسبعمائة. وطلب العلم وتفقه عَلَى مشايخ عصره، مثل شيخ الإسلام سراج الدين عمر البلقيني وغيره، وسمع الحديث وبرع في الفقه والأصول والعربية وغير ذَلِكَ، وتصدر للإفتاء والتدريس عدة سنين، وانتفع به وتفقه به جماعة، وخطب بجامع عمرو بمصر، وصنف وكتب، إلى أن توفي يوم الأحد رابع عشر جمادى الأولى سنة أربع وثلاثين وثمانمائة، رحمه الله تعالى ابن الطبال 621 - 708 هـ - 1224 - 1308م إسماعيل بن علي بن أحمد بن إسماعيل، الشيخ المسند المعمر عماد الدين أبو الفضل الأزجي الحنبلي البغدادي، شيخ الحديث بالمستنصرية، يعرف بابن الطبال. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 412 مولده سنة إحدى وعشرين وستمائة، وسمع حضوراً من أبي منصور بن عفيجة سنة أربع، وسمع جامع الترمذي من عمر بن كرم بإجازة من الكروخي، وسمع من أبي الحسن بن القطيعي وابن روزبة وجماعة، وأخذ عنه الفرضي وابن الفوطي وسراج الدين القزويني وابن خلف، وتوفي سنة ثمان وسبعمائة، رحمه الله تعالى. ابن المبارز ... - ... - 675هـ - ...... - 1276م إسماعيل بن عمر، الأمير شجاع الدين الطوري الشهير بابن المبارز. كان متولي نيابة قلعة دمشق، وكان فاضلاً أديباً عاقلاً، وافر الحرمة، يميل لفعل الخير، وله آثار جميلة بدمشق، وعمر أبراجا بقلعتها، وطالت أيامه بها إلى أن توفي بدمشق في سنة خمس وسبعين وستمائة. ابن قرناص الحموي 602 - 659 هـ - 1206 - 1261م إسماعيل بن عمر بن قرناص، العلامة مخلص الدين الحموي. هو من بيت مشهور بالفضل والنظم والنثر. وكان بارعاً، مفتياً مدرساً نحوياً، الجزء: 2 ¦ الصفحة: 413 كثير الفضائل، أفتى بجامع حماه عدة سنين، مولده سنة اثنتين وستمائة، وتوفي سنة تسع وخمسين وستمائة. ومن شعره: أمَا والله لو شٌقَّت قلوب ... ليَعْلم ما بها من فرط حبِّي لأرضاك الذي لك في ضميري ... وأرضاني رضاك بشقِّ قلبي وله أيضاً: فقد الأحبة مؤلم وبنا إذا ... ما غاب شخصك فوق ذاك المؤلم إذ أنت من بين الأحبة منعم ... وأحقهم بالشوق وجد المنعم الحافظ المفسر المؤرخ ابن كثير 701 - 774 هـ - 1302 - 1373م إسماعيل بن عمر بن كثير بن ضوء بن كثير بن ضوء بن ذرع، الشيخ الإمام العلامة عماد الدين أبو الفدا بن الشيخ شهاب الدين أبي حفص القرشي البصروي الدمشقي الشافعي، الحافظ المفسر المؤرخ المعروف بابن كثير. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 414 مولده بقرية شرقي بصرى من أعمال دمشق في سنة إحدى وسبعمائة، ومات والده وهو في الرابعة فرباه أخوه الشيخ عبد الوهاب وبه تفقه في مبدأ أمره، ثم لازم الاشتغال، ودأب وحصل وكتب، وبرع في الفقه والتفسير والحديث، وسمع بدمشق من عيسى المطعم وأحمد بن الشيخة، والقاسم بن عساكر، وابن الشيرازي، واسحق الآمدي، ومحمد بن الزراد، وأجاز له من مصر أبو الفتح الدبوسي، وعلي بن عمر الواني، ويوسف الخنتي وغر واحد واحد، ولازم الحافظ جمال الدين المزي كثيراً، وبه انتفع، وتخرج، وتزوج بابنته، وقرأ أيضاً عَلَى ابن تيمية كثيراً، وسمع منهم ومن غيرهم أيضاً وجمع وصنف ودرس وحدث وألف، وكان له إطلاع عظيم في الحديث والتفسير والفقه والعربية وغير ذَلِكَ، وأفتى ودرس إلى أن توفي يوم الخميس سادس عشرين شعبان سنة أربع وسبعين وسبعمائة بدمشق، عن أربع وسبعين سنة، ورثاه بعض طلبته: لفقدك طلاَّب العلوم تأَسفوا ... وجادوا بدمْع لا يبيد غزير ولو مزجُوا ماء المدامع بالدِّما ... لكان قليلاً فيك يا ابن كثير ومن مصنفاته تفسير القرآن الكريم في عشر مجلدات، وكتاب طبقات الفقهاء، ومناقب الشافعي، والتاريخ المسمى بالبداية والنهاية وأيضاً في عشر مجلدات، وهو في غاية الجود، وخرج أحاديث مختصر ابن الحاجب، وكتب عَلَى البخاري ولم يكمله، وله غير ذَلِكَ. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 415 وقد ذكره الحافظ أبو عبد الله الذهبي في معجمه المختص، وقال: الإمام الفقيه المحدث البارع عماد الدين درس الفقه وأفتى وتفهم العربية والأصول، ويحفظ جملة صالحة من المتون والرجال وأحوالهم، وله حفظ ومعرفة، انتهى باختصار. السلطان أبو الوليد صاحب الأندلس 680 - 726 هـ - 1281 - 1326م إسماعيل بن الفرج بن إسماعيل بن يوسف بن نصير الأرجوني، السلطان أبو الوليد الغالب بالله صاحب الأندلس. ولد سنة ثمانين وستمائة، واستولى عَلَى الأندلس ثلاث عشرة سنة وأبعد الملك أبا الجيوش خاله وقرر له وادي آش، لما وثب إسماعيل هذا كان أبوه الفرج متولياً لمالقة مدة فلما عزم إسماعيل عَلَى الخروج لامه أبوه الفرج، فقبض إسماعيل عَلَى أبيه، وعاش الأب في سلطة ولده عزيزاً إلى شهر ربيع الأول سنة عشرين وسبعمائة، وقد شاخ. وكان القائم بتمليك إسماعيل المذكور أبو سعيد بن أبي العلا المريني وابن أخيه أبو يحيى، واستمر عَلَى ذَلِكَ إلى أن وثب عليه ابن عمه فقتله في ذي الحجة سنة ست وعشرين وسبعمائة، ثم قتل قاتله وأعوانه في يومهم، وتملك من بعده ابنه محمد بن إسماعيل واستمر في الملك أعواماً. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 416 وكان صاحب الترجمة سلطاناً مهيباً شجاعاً، حازماً ناهضاً بأعباء الملك، عديم النظير، عظيم السطوة، هزم الله جيوش الكفر عَلَى يديه سنة تسع عشرة، وأباد ملوك دين الصليب، رحمه الله تعالى. إسماعيل بن لؤلؤ صاحب الموصل ...... - 660هـ - ... ... - 1262م إسماعيل بن لؤلؤ، الملك الصالح ركن الدين بن بدر الدين صاحب الموصل. كان تملك الموصل بعد موت أبيه إلى أن كان العشر الأول من شهر رجب سنة تسع وخمسين وستمائة وقع بين الملك الصالح هذا وبين أهل الموصل، فأرادوا القبض عليه ففطن لذلك وخرج من الموصل واستخلف فيها زوجته التترية ولم يستصحب معه شيئاً من المال فوصل إلى قرقسيا وكتب إلى أخيه الملك المجاهد إسحق بن لؤلؤ، وقد تقدم ذكره في محله، يعرفه بما وقع له وأنه عازم عَلَى التوجه إلى الملك الظاهر بيبرس صاحب مصر، ثم سار فوصل إلى القاهرة في أواخر شهر رجب فخرج الملك الظاهر إلى لقائه وأكرمه واحترمه وأنزله في دار الفائزي خارج باب القنطرة بالقاهرة، ثم وصل أخوه الملك المجاهد إسحق في شهر رمضان فخرج السلطان للقائه أيضاً وفعل معه كما فعل مع أخيه، ثم شرع السلطان في السفر الجزء: 2 ¦ الصفحة: 417 إلى البلاد الشامية فسار ومعه الخليفة المستنصر بالله وأولاد الموصل: صاحب الترجمة وأخوه المجاهد. فلما وصل الملك الظاهر دمشق جهز الخليفة وأولاد صاحب الموصل صحبته إلى العراق، وكان جملة ما صرفه عليهم الملك الظاهر من النفقة والتجهيز نيفاً عَلَى ألف ألف دينار مصرية، فلما وصلوا إلى الرحبة فارق أولاد الصاحب الموصل، الملك الصالح هذا والملك المجاهد إسحق، الخليفة فسألهم الخليفة المسير معه فأبوا وقالوا له: ما معنا إذن من الملك الظاهر بذلك وتوجهوا إلى بلادهم فوصلوا إلى سنجار، فكاتب الملك الصالح لمن كان بالموصل من أصحابه يستشيرهم فأشاروا عليه بالتوجه إليهم في ذي الحجة سنة تسع وخمسين ومعه نحو ثلاثمائة فارس، فدخل الموصل وأخوته بسنجار وهم الملك المجاهد إسحق المتقدم ذكره صاحب الجزيرة والملك المظفر علاء الدين صاحب سنجار والملك الكامل ناصر الدين محمد. فلما استقر الملك الصالح بالموصل قصد التتار الموصل في أول سنة ستين ومقدمهم صندغون ومعهم الملك المظفر صاحب ماردين، فحاصروا الملك الصالح ونصب عليها التتار أربعة وعشرين منجنيقاً وضايقوها، ولم يكن بها سلاح يقاتلون به، ولا قوت يمسك رمق من بها، وبلغ الربع الإردب المصري خمساً وعشرين ديناراً، فعند ذَلِكَ استصرخ الملك الصالح بنائب حلب الأمير أقوش الجزء: 2 ¦ الصفحة: 418 الرنلي فخرج إليه المذكور من حلب وسار إلى سنجار فلما بلغ صندغون ذَلِكَ سار بطائفته وأعوانه ممن كان معه عَلَى حصار الموصل. وعدتهم عشرة آلاف فارس، وقصد سنجار وبها الرنلي في نحو تسعمائة فارس وأربعمائة من التركمان ومائة من العرب، فخرج إليهم بعد أن تردد في قتالهم، فكانت الكسرة عليهم، فانهزم جريحاً في رجله، وقتل جماعة ممن كان معه منهم الأمير بهاء الدين يوسف ابن طرنطاي أمير جاندار الظاهري، وغيره من الأمراء، ونجا الأمير أقوش الرنلي في جماعة من الأمراء العزيزية والناصرية ووصل إلى البيرة. وعاد صندغون إلى الموصل واستمر عَلَى حصارها إلى مستهل شعبان، فطلب صندغون من الملك الصالح ابنه علاء الملك، وأوهمه بأن كتاب هولاكو وصل ومضمونه أن علاء الملك بن الصالح ماله عندنا ذنب وقد وهبناه ذنب أبيه يعني ضعيفاً، فخرج إليهم علاء الملك فبقي عندهم اثني عشر يوماً ووالده يظن أنهم أرسلوه إلى هولاكو ثم كاتبوه يأمرونه بتسليم البلاد، وإن لم يفعل فلا يلومن إلا نفسه، فجمع الملك الصالح أهل البلد والجند وشاورهم، فأشاروا عليه بالخروج، فقال لهم: تقتلون لا محاله، واقتل بعدكم، فلم يلتفتوا إلى كلامه، فخرج إليهم يوم الجمعة خامس عشر شعبان، فلما وصل إليهم احتاطوا به ووكلوا به من يحفظه وتسلموا البلد، ونادوا فيها بالأمان، فلما أمن الناس وظهروا بعد اختفائهم قبضوا عليهم وفعلوا فيهم ما هو عادة فعلهم من القتل والأسر والسبي، وخربوا الجزء: 2 ¦ الصفحة: 419 الأسوار، ثم وسطوا علاء الملك بن الملك الصالح هذا وعلقوه عَلَى باب الجسر، ثم قتلوا الملك الصالح في سلخ شوال سنة ستين وستمائة في طريقهم متوجهون إلى هولاكو. رحمه الله تعالى. تاج الدين الهواري شيخ العربان ...... - 789هـ - ...... - 1387م إسماعيل بن مازن، الأمير تاج الدين الهواري، شيخ العربان وأميرها بالوجه القبلي. كان له ثروة وعظمة زائدة ومكارم أخلاق، وعنده شجاعة وإقدام، توفي سنة تسع وثمانين وسبعمائة، رحمه الله تعالى. الملك الصالح صاحب بعلبك ابن العادل محمد أبي بكر المعروف بأبي الجيش ...... - 648هـ - ...... - 1250م إسماعيل بن محمد بن أيوب، الملك الصالح عماد الدين أبو الجيش بن الملك العادل. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 420 كان صاحب بعلبك وبصري، ثم ملك دمشق بعد موت أخيه الأشرف موسى، واستمر أياماً إلى أن نازله أخوه الملك الكامل محمد وقاتله وأخذ دمشق منه، وعاد إلى بعلبك، ثم هجم بعد ذَلِكَ هو والملك المجاهد صاحب حمص عَلَى دمشق ثانياً، وملكها في سنة سبع وثلاثين وستمائة وبدت منه أشياء قبيحة، من ذَلِكَ أنه استعان بالفرنج عَلَى قتال ابن أخيه وأعطاهم حصن الشقيف، ثم أخذت منه دمشق في سنة ثلاث وأربعين وستمائة، وعاد إلى بعلبك أيضاً، فلم يتهنى بها، وحصلت له حروب وخطوب، فانكسر والتجأ إلى حلب، وخرجت من يده بصرى وبعلبك، وصار في خدمة ابن أخيه الملك الناصر يوسف صاحب حلب، فلما سار الملك الناصر لأخذ مصر وملك دمشق صار الصالح هذا له أمر في الدولة، فقبض عَلَى الشيخ عز الدين عبد العزيز ابن عبد السلام وعزله عن خطابه جامع دمشق وحبسه، وحبس أبا عمرو ابن الحاجب لأنهما كانا أنكرا عليه فعله من إعطائه الشقيف لصاحب صيدا الجزء: 2 ¦ الصفحة: 421 الفرنجي، ثم أطلقهما بعد مدة، ثم سار الملك الصالح المذكور في خدمة ابن أخيه الملك الناصر لأخذ مصر، فأخذ في الوقعة وحبس بالقاهرة، ولما مروا به عَلَى تربة ابن أخيه الملك الصالح نجم الدين أيوب صاحت البحرية وهم غلمان نجم الدين: ياخوند أين عينك تبصر عدوك، وتوجهوا به إلى ناحية الجبل وقتلوه هناك، وعفى أثره، وكانت قتلته سنة ثمان وأربعين وستمائة. وفيه يقول الأديب أحمد بن المعلم: ضَيَّع إسماعيل أموالنا ... وخرَّب المغنى بلا معنى وراح من جلق هذا جزاء ... من أفقر الناس وما استغنى مجد الدين الحراني الحنبلي 646 - 729 هـ - 1248 - 1329م إسماعيل بن محمد بن إسماعيل، الشيخ الصالح شيخ الحنابلة مجد الدين الحراني الحنبلي. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 422 مولده سنة ست وأربعين وستمائة، وقدم دمشق شاباً، فاشتغل وبرع في مذهبه، وأخذ عن ابن أبي عمر، وابن عبد الوهاب، والفخر البعلبكي، وابن المنجا، وابن الصيرفي وغيرهم، وتخرج به جماعة، وكان رأساً في الفقه، درس وأفتى واشتغل عدة سنين. وَكَانَ بقية السلف، ذا إخلاص وورع وزهد وعفة توفي سنة تسع وعشرين وسبعمائة، رحمه الله تعالى. عماد الدين بن القيسراني 671 - 736 هـ - 1272 - 1336م إسماعيل بن محمد بن عبد الله، القاضي عماد الدين أبو الفدا بن القاضي شرف الدين بن صاحب فتح الدين بن القيسراني. كان من بيت علم وفضل وأدب، وكان حسن المحاضرة، يميل إلى الصلحاء ويقضي حوائجهم، ويتلطف بهم، وكان يذكر من كرامات الصالحين شيئاً كثيراً، بحيث أنه لو أراد أن يذكر ذَلِكَ أياماً لذكر، وكان محظوظاً من النساء ويحضر السماع وكان خيراً ديناً. وكان في أول أمره موقعاً بباب السلطان، ثم ولى كتابة سر حلب، فباشرها بحرمة زائدة، فلم يسهل ذَلِكَ بنائبها الأمير الطنبغا، وقرب القاضي علاء الدين ابن الأثير، ولم يزل بعماد الدين حَتَّى عزل وتوجه إلى دمشق، فقربه نائبها الأمير تنكز وصار يعظمه، ويقول له: ما هنا مصري إلا أنا وأنت. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 423 قلت: وروى عن الشيخ تقي الدين بن دقيق العيد وغيره، وحدث بدمشق، وتوفي بها في سنة ست وثلاثين وسبعمائة، ودفن بمقابر الصوفية. ورثاه الشيخ صلاح الدين خليل الصفدي بقصيدة أولها: أيُّ خطب به تلظَّى فؤادي ... وأسال الدموع مثل الغوادي وأعاد الحمام يندب شجوا ... فوق فرع الأراكة الميَّاد وكسى الأنجم الزواهر طرَّا ... في ظلام الدجى ثياب الحداد قاضي القضاة عماد الدين بن أبو العز الحنفي 700 - 783 هـ - 1301 - 1383م إسماعيل بن محمد بن أبي العز بن صالح بن أبي العز، قاضي القضاة عماد الدين أبو الفدا بن شرف الدين أبي البركات الحنفي الدمشقي المعروف بابن أبي العز. مولده قبيل سنة سبعمائة تخميناً، ونشأ بدمشق وتفقه عَلَى مشايخ عصره إلى أن برع في الفقه والأصلين والعربية وشارك في عدة فنون، وأفتى ودرس الجزء: 2 ¦ الصفحة: 424 وصنف، وناب في الحكم بدمشق مدة طويلة، ثم استقل بوظيفة قضاء القضاة الحنفية بها، وحمدت سيرته. الملك الصالح سلطان مصر ...... - 746هـ - ...... - 1345م إسماعيل بن محمد بن قلاوون، الملك الصالح عماد الدين أبو الفدا بن الملك الناصر ناصر الدين أبي المعالي بن الملك المنصور. جلس عَلَى تخت الملك بعد توجه أخيه الملك الناصر أحمد بن محمد بن قلاوون إلى الكرك، وسبب ذَلِكَ أن الأمراْء اجتمعوا بعد خروج الناصر أحمد من الديار المصرية إلى الكرك بالقلعة، وقالوا لمن يصلح الملك من أولاد أستاذنا؟ فأجاب الأمير بدر الدين جنكلي ابن البابا: يا أمراء أنتم أكابر الأمراء وأصهار السلطان وأزواج بناته وأنتم أخبر بأولاد أستاذكم، أبصروا من كان فيهم عاقلاً ديناً، ولوه عليكم، فقالوا: هذا سيدي إسماعيل، فأقامه الأمير بدر الدين الجزء: 2 ¦ الصفحة: 425 جنكلي وأجلسه عَلَى كرسي الملك، وحلف له، وحلف الأمراء والعسكر، وجهز الأمير طقتمر الصلاحي إلى دمشق ليحلف الأمراء بها، فاستقر ملكه. وكان جلوسه في يوم الخميس ثاني عشرين المحرم سنة ثلاث وأربعين وسبعمائة، وهو السلطان الرابع من أولاد الملك الناصر محمد بن قلاوون، ولما استقر في الملك، ولى الأمير شمس الدين آق سنقر السلاري نائب السلطنة بديار مصر، كما كان أيام أخيه الملك الناصر أحمد، ثم أمسكه، وولى النيابة للأمير سيف الدين آل ملك، الآتي ذكره، ثم استولى النساء عليه ومال إليهن، وتزوج ابنه الأمير طقزدمر الحموي الناصري نائب الشام، وكان يميل إلى السودان من النساء، وصار المدبر لدولته الأمير أرغون العلائي. ولم تطل مدته، وتوفي في العشرين من ربيع الأول سنة ست وأربعين وسبعمائة، فكانت مدة ملكه ثلاث سنين وشهر وثمانية عشر يوماً. وتسلطن بعده أخوه وشقيقه الملك الكامل، شعبان الآتي ذكره، إن شاء الله تعالى في محله. ولما مات الملك الصالح قال الأديب صلاح الدين الصفدي فيه: مضى الصَّالح المرجوّ للبأس والنّدى ... ومن لم يزل يلقي المنى بالمنائح فيا ملك مصر كيف حالك بعده ... إذا نحن أثنينا عليك بصالح الجزء: 2 ¦ الصفحة: 426 وكان الملك الصالح سلطاناً ساكناً عاقلاً، قليل الشر كثير الخير، وكان شكلاً حسناً حلو الوجه: أبيض بصفرة، وعلى خده شامة، ولم يكن في أولاد الملك الناصر محمد مثله، ديناَ خيراً، رتب دروساً للقضاة الأربعة بمدرسة جده الملك المنصور فلاوون، وزاد في أوقاف جامع والده الملك الناصر محمد بالقلعة، وعمر أماكن بمكة، واسمه مكتوب عَلَى رباط السدرة ووقف قرية من ضواحي القاهرة بالقليوبية عَلَى الكسوة، ولم يزل مثابراً عَلَى فعل الخير إلى أن توفى، رحمه الله تعالى. الشيخ الصالح أبو محمد الكوراني ...... - 665هـ - ...... - 1267م إسماعيل بن محمد بن أبي بكر بن خسرو، الشيخ الصالح الزاهد العابد أبو محمد الكوراني المشهور. كان كثير العبادة والتلاوة، وكان يتحرى في دينه، ويسأل العلماء كثيراً عما يشكل عليه، وكان متشدداً في دينه، توفي بمدينة عزة وهو قافل من القاهرة إلى القدس في سنة خمس وستين وستمائة، رحمه الله تعالى. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 427 المحدث نفيس الدين الحراني الدمشقي 328 - 729 هـ - 1231 - 1329م إسماعيل بن محمد بن عبد الواحد بن إسماعيل بن علي بن صدقة، العدل الرئيس المحدث نفيس الدين الحراني الدمشقي، ناظر الأيتام. ولد سنة ثمان وعشرين وستمائة، وطلب العلم وسمع الموطأ من مكرم، وسمع بنفسه من ابن مسلمة وغيره، وحدث، وله دار هائلة برصيف دمشق، وقفها دار الحديث، وولى مشيختها تاج الدين الجعبري، وقرأ بها الحافظ علم الدين البرزالي، ونزل بها الشيخ أبو الحسن الختني وجماعة. وكان إماماً فقيهاً، محدثاً ديناً خيراً، توفي سنة تسع وعشرين وسبعمائة بدمشق عن مائة سنة، رحمه الله تعالى. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 428 ابن العديم هبة الله 610 - 694 هـ - 1213 - 1295م إسماعيل بن هبة الله بن محمد بن هبة الله بن أحمد بن يحيى بن زهير بن هارون بن موسى بن عيسى بن عبد الله بن محمد بن عامر بن أبي جرادة، الشيخ أبو صالح عرف بابن العديم الحنفي الحلبي. مولده بحلب سنة عشر وستمائة. وسمع بها من جده أبي غانم محمد، وقدم مصر وحدث بها جزء أبي علي الكندي بسماعه من الحسين بن صصري، وكان من بيت رئاسة وعلم، ومات في المحرم سنة أربع وتسعين وستمائة، رحمه الله تعالى. ابن سليم السويدي الدمشقي 623 - 716 هـ - 1236 - 1316م إسماعيل بن يوسف بن نجم مكتوم بن أحمد بن محمد بن سليم السويدي الدمشقي الشافعي. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 429 ولد سنة ثلاث وعشرين وستمائة، وسمع من ابن اللتي كثيراً، ومن مكرم، وأبي نصر بن الشيرازي، إسماعيل بن مظفر، والسخاوي وغيرهم، وتفرد وتكاثر عليه الطلبة، وقرأ القراءات عَلَى الشيخ علم الدين السخاوي، وهو آخر من قرأ عليه، وكان حسن الأخلاق، سهل القياد، وله ثروة، وحج وحدث بالحرم الشريف، سمع منه ابنا شمس الدين، وصلاح الدين العلائي، والقاضي تقي الدين السبكي والواني، وابن الفخر وخلق كثير، وكانت وفاته في سنة ست عشرة وسبعمائة، رحمه الله تعالى. الشيخ إسماعيل الأنبابي المعتقد ...... - 790هـ - ...... - 1388م إسماعيل بن يوسف، الشيخ المعتقد الصالح عماد الأنباني المشهور صاحب الكرامات والأحوال. كان مقيماً بزاويته بناحية منبابة عَلَى شاطئ النيل تجاه بولاق. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 430 قال المقريزي: الشيخ المعتقد المشهور أحد من تشفيت به العامة إذا مسها الضر، ويزعمون أن سره يجلب لهم النفع، ويدفع عنهم السوء والمكروه، عادة سوقا السفهاء من أهل مصر، عافانا الله منها. كان أبوه أحد الفقراء السطوحية، وله سمعة وشهرة بناحية أنبوبة من بر الجيزة غربي القاهرة، وله بها زاوية، فنشأ إسماعيل واشتغل بالفقه عَلَى مذهب الإمام الشافعي رحمه الله، وأقبل الناس لزيارته بعد موت أبيه وتبركوا به، وصار يعمل المولد النبوي في كل سنة، فيأتيه الناس من الأقطار، وترحل إليه من الأطراف، وتخرج بياض أهل مصر والقاهرة إليه، وتضرب بظاهر زاويته الخيم، ويعقد سوق، ويجتمع من النسوان والشباب خلق كثير، فأذكر أنه عمل المولد عَلَى عادته في شهر ربيع الأول سنة تسعين وسبعمائة، فهرع الناس لحضور المجتمع حَتَّى غص الفضاء بكثرة العالم، وتنوعوا تلك الليلة في الفسوق، لكثرة اختلاط النسوان والمردان بأهل الخلاعة، فتواتر الخبر أنه وجد في صبحة تلك الليلة من جرار الخمر التي شربت بالليل فوق الخمسين فارغة، ملقاة حول الزاوية في المزارع، وافتضت تلك الليلة عدة أبكار، وأوقدت شموع بمال كثير، فبعث الله يوم الأحد بكرة صباح ليلة المولد المذكور قاصفا من الريح كدرت عَلَى من كان هناك، وسفت في وجوههم التراب، واقتلعت الخيم، ولم يقدر أحد عَلَى ركوب البحر، ولم يعد يعمل مولداً بعدها، فإن الشيخ مات في آخر شعبان من سنة تسعين وسبعمائة، ودفن بزاويته، وقد اجتمعت به، فلم أر فيه ما يقتضي الذم ولا المدح، سوى أنه كان يمد يده لمن يأتيه حَتَّى يقبلها، وظهر لي منه أنه حريص عَلَى الرئاسة، عفر الله له. انتهى كلام المقريزي. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 431 إسماعيل الزنديق ...... - 720هـ - ...... - 1320م إسماعيل الزنديق. قتل في الزندقة، قتله قاضي القضاة تقي الدين الأخنائي المالكي في ثالث عشرين صفر سنة عشرين وسبعمائة بين القصرين. قال القاضي بدر الدين محمود العيني: أخبر الشيخ أبو بكر بن الفرج الهيثمي: قال: لما كانت الليلة التي قتل إسماعيل الزنديق في صبيحتها رأيت النبي صلى الله عليه وسلم، وكأنه في جامع الحاكم ومعه لوط عليه السلام، وهما قائمان، فسلمت عليهما فردا علي السلام، وقال لي النبي صلى الله عليه وسلم قل: لتقي الدين ابن الأخنائي يقتل هذا، أما سمعت ما قاله في بني الله لوط. انتهى. أسنباي الزرد كاش ...... - 852هـ - ...... - 1448م أسنباي بن عبد الله الظاهري الزردكاش، الأمير سيف الدين. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 432 هو من أعيان المماليك الظاهرية برقوق. اشتراه برقوق لما كان أتابكا في سنة اثنتين وثمانين وسبعمائة، وأعتقه ورقاه إلى أن صار من جملة زردكاشية السلطان، واستمر عَلَى ذَلِكَ إلى أن مات الملك الظاهر برقوق، وتسلطن ولده الملك الناصر فرج وقدم تيمورلنك إلى البلاد الشامية في سنة ثلاث وثمانمائة، وحصل منه ما ذكرناه في عدة تراجم من أسره للمسلمين والإسراف في القتل، فكان أسنباي المذكور من جملة من أسر من العساكر المصرية. حدثني أسنباي المذكور من لفظه ما معناه قال: لما صرت من جملة الأسرى طلبني تيمور إلى بين يديه، فلما أوقفت بعيداً قربني منه فسألني عن جنسي، فقلت له: تترياً، فقال: من مماليك برقوق أنت؟ فقلت: نعم، فقال: خصيصاً كنت عنده، فقلت: لا أعلم، هنا ممن يعرفني من الأسراء جماعة كثيرة يسأل الأمير منهم عني، فأعجبه ذَلِكَ مني، ثم قال: إيش كان وظيفتك عند السلطان؟ فقلت جبجي، يعني زردكاشا، فعند ذَلِكَ أمر المحتفظ بي أن يفك عني القيود، فأطلقت، ثم ألبسني خلعه، وجعلني زردكاشا له، وأسلمني جميع خزائن سلاحه، وكان في زردخاناته من السلاح مالا يحصره كثرة، وصرت مقرباً عنده إلى الغاية، حَتَّى حصر بغداد، طلبني تيمور وقال لي: يا أسنباي هذا يومك، فلما سمعت منه ذَلِكَ اجتهدت في عمل آلات الحصار، وأبدعت وأتيت بالغرائب بحيث أنه ألبسني في تلك الأيام عدة خلع، انتهى كلام أسنباي. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 433 قلت: ودام أسنباي هذا بخدمة تيمورلنك إلى أن مات في سنة سبع وثمانمائة، ووقع الخلف بين أولاده، فعند ذَلِكَ خرج من العجم عائداً إلى الديار المصرية، وقدم إلى القاهرة، واستمر بها إلى أن تسلطن الملك المؤيد جعله من جملة أمراء العشرات وزردكاشا كبيراً، واختص به، واستمر مقرباً عنده إلى أن مات المؤيد وآل الأمر إلى الملك الظاهر ططر، عزله من الزردكاشية بالأمير قجقار جغتاي السيفي بكتمر جلق، واستمر أسنباي المذكور من جملة أمراء العشرات إلى أواخر الدولة الأشرفية برسباي، نقل إلى نيابة دمياط فاستمر بها إلى أن تسلطن الملك الظاهر جقمق، عزل وطلب إلى القاهرة، وصار كما كان أولاً عَلَى إمرته، إلى أن توفي سنة اثنتين وخمسين وثمانمائة، وله نحو تسعين سنة. وهو مستمتع بحواسه. وكان تركي الجنس، وعنده فصاحة ومعرفة وعقل، حافظاً لما رأى من الحوادث. وكان بيننا صحبة أكيدة، وهو أحد من كنت آخذ عنه تراجم من لا أدركته من الأمراء الظاهرية، واجتمع مرة عندي مع الشيخ تقي الدين المقريزي، فلما اجتمعا أخذا في ذكر ما جرى من الحوادث في الدولة الظاهرية برقوق وهلم جرا إلى دولة الأشراف برسباي، فسكت المقريزي وتكلم أسنباي عَلَى الأنصاف إلى الجزء: 2 ¦ الصفحة: 434 أن انصرفا وتفرقا، ثم بعد ذَلِكَ سألت عنه من الشيخ تقي الدين فقال: ما رأيت من يحفظ الحوادث والوقائع برمتها مثل هذا. قلت: وكان قيل في الدولة الأشرفية أن أسنباي المذكور أصله من أتراك بغداد الأشراف، ولم أسمع منه ذَلِكَ، بل أشيع هذا عَلَى أفواه الناس. انتهى. أسنباي الساقي ...... - 860هـ - ...... - 1456م أسنباي بن عبد الله الجمالي الظاهري، الأمير سيف الدين. أحد خواص الملك الظاهر جقمق ومماليكه، اشتراه في أوائل سلطته، وأعتقه ورقاه إلى أن جعله خاصكياً ثم سلاح دار ثم ساقياً، واستمر عَلَى ذَلِكَ مدة سنين إلى أن أنعم عليه بإمرة عشرة بعد موت اينال المؤيدي المعروف بأخي قشتم في سنة اثنتين وخمسين وثمانمائة. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 435 أسنبغا البكري ...... - 777هـ - ...... - 1375م أسنبغا بن بكتمر البكري، الأمير سيف الدين. كان ممن أنشأه الملك الأشرف شعبان بن حسين، وشقلت به الأحوال، إلى أن ولي نيابة حلب في سنة سبعين وسبعمائة عوضاً عن الأمير طيبغا الطويل، فباشرها ستة شهور ثم عزل ونقل إلى الديار المصرية أمير مائة ومقدم ألف بها، فاستمر عَلَى ذَلِكَ إلى أن مات سنة سبع وسبعين وسبعمائة عن بضع وسبعين سنة. وكان أميراً جليلاً، عارفاً حبيراً بالوقائع وغيرها، قديم الهجرة، ظاهر الحرمة والوقار والسكون، حسن الكتابة، طيب الأخلاق، لين الجانب. رحمه الله تعالى. أسنبغا المحمودي ...... - 763هـ - ...... - 1362م أسنبغا بن عبد الله المحمودي، الأمير سيف الدين نائب طرابلس. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 436 أنشأه الملك الناصر محمد بن قلاوون، وترق بعد موته، وتوجه عَلَى البريد إلى الشام مبشراً بجلوس الملك الناصر حسن بن محمد بن قلاوون عَلَى تخت الملك بعد قتل أخيه الملك المظفر حاجي بن محمد بن قلاوون في شهر رمضان سنة ثمان وأربعين وسبعمائة، فحلف الأمير أرغون نائب الشام والعساكر الشامية، ثم عاد إلى مصر ودام بها إلى أن ولي نيابة طرابلس في صفر سنة ستين وسبعمائة، فباشر نيابة طرابلس إلى أن عزل عنها بالأمير زين الدين أُغُلْ بَكْ الجاشنكير الحاجب بحلب، وقبض عليه وحمل إلى الإسكندرية، فاعتقل بها إلى أن أفرج عنه بعد خلع الناصر حسن، وأنعم عليه في الأيام المنصورية محمد عند توجهه إلى دمشق في شعبان سنة اثنتين وستين بإمرة طبلخاناه بحلب، فتوجه إليها، وأقام بها إلى أن مات في جمادى الآخرة سنة ثلاث وستين وسبعمائة. رحمه الله تعالى. أسنبغا الطياري ...... - 857هـ - ...... - 1453م أسنبغا بن عبد الله الناصري الطياري، الأمير سيف الدين رأس نوبة النوب. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 437 قدم من بلاده وهو في سن التمييز صحبة الملك الظاهر جقمق، لكن جالبهما غير واحد، فإن تاجر الملك الظاهر جقمق كان الخواجا كَزْلك، بكاف مفتوحة وزاي ساكنة، وكان تاجر أسنبغا هذا الخواجا عبد الرحمن، فقدم به تاجره المذكور إلى الديار المصرية فابتاعه منه الأمير الوزير ناصر الدين محمد بن رجب وأعتقه واستمر بخدمته إلى أن توفي، خدم عند الأمير سودون الطيار، وبه عرف، وغلب عليه شهرته بالطياري، واختص به، وصار دواداره والمتحدث عنه في جميع أموره إلى أن توفي يوم الثلاثاء ثامن عشرين شوال سنة عشرة وثمانمائة، وبعد موت أستاذه سودون الطياري اتصل بخدمة الملك الناصر فرج وحظي عنده، وصار من جملة الدوادارية الصغار، إلى أن توفي الناصر تنقلت باسنبغا المذكور الأحوال إلى أن صار في الدولة الأشرفية برسباي أمير عشرة، ثم خلع عليه بعد مدة باستقراره مقدم البريدية بعد موت بيبغا، ثم رسم له بالتوجه إلى شد بندر جدة بالبلاد الحجازية لحصد أموال السلطنة بها في سنة ست وثلاثين وثمانمائة عَلَى عادة من تقدمه، الجزء: 2 ¦ الصفحة: 438 فتوجه المذكور إليها وباشر البندر أحسن مباشرة، وحسنت سيرته، ولم يسلم من الحساد وأوغروا خاطر الملك الأشرف عليه، فرسم بمسكه ومصادرته ثم بنفيه إلى مدينة طرابلس، فتوجه المذكور إلى طرابلس فلم يلبث بها إلا يسيراً، وأنعم عليه بإمرة طبلخاناه بها، ثُمَّ نقل إلى دمشق، فيما أظن، ثم طلب إلى ديار مصر، وأنعم عليه بأمرة عشرة بها، ثم نقل إلى الحجوبية الثانية وإمرة طبلخاناه، ودام عَلَى ذَلِكَ إلى أن توفي الملك الأشرف برسباي في ذي الحجة سنة إحدى وأربعين وثمانمائة، وتسلطن من بعده ولده العزيز يوسف نقل أسنبغا من الحجوبية الثانية إلى الدوادارية الثانية بعد الأمير اينال الأبي بكري بحكم انتقال إينال إلى إمرة مائة وتقدمه ألف، فباشر الدوادارية إلى أن نقله الملك الظاهر جقمق إلى إمرة مائة وتقدمة ألف وتولى الدودارية عوضه الأمير دولات باي المحمودي الأمير آخور الثاني، واستقر في الأمير آخورية الثانية عوضه الأمير جرباش المحمدي الناصري المعروف بكرت، كل ذَلِكَ في سنة اثنتين وأربعين وثمانمائة، فاستمر اسنبغا من جملة الأمراء مقدمي الألوف من يوم الجزء: 2 ¦ الصفحة: 439 تاريخه إلى شهر ربيع الأول سنة ثلاث وخمسين وثمانمائة، استقر رأس نوبة النوب بعد موت الأمير تمرباي التمربغاوي. أسندمر الناصري الأتابك ...... - 769هـ - ... ... - 1368م أسندمر بن عبد الله الناصري، الأمير سيف الدين، أتابك العساكر بالديار المصرية. أصله من مماليك الملك الناصر حسن بن محمد بن قلاوون، وممن وافق يلبغا العمري الخاصكي عَلَى قتل أستاذه السلطان حسن، واستمر المذكور من حزب يلبغا، وصال أمير مائة ومقدم ألف بديار مصر إلى أن وقع من أمر يلبغا مع ممالكيه وانضمامهم عَلَى الملك الأشرف شعبان عَلَى ما سنحكيه في غير موضع إن شاء الله تعالى، كان اسندمر هذا أيضاً ممن انضم مع يلبغا ووافقه، ووقعت خطوب وحروب آلت إلى قتل يلبغا، وإلى أن صار اسندمر المذكور أتابكاً بعده، وسكن بدار يلبغا بالكبش، وصار هو وثلاثة الجزء: 2 ¦ الصفحة: 440 أمراء آخر، هم أصحاب الحل والعقد في المملكة، وهم أسندمر هذا، وطغيتمر النظامي، وآقبغا جلب الأحمدي، وقجماس الطازي، فأقاموا عَلَى ذَلِكَ مدة ثم وقع بينهم الخلف، فصار أسندمر وحده، وانضم هؤلاء الثلاثة إلى الملك الأشرف شعبان، وانضم عَلَى أسندمر جماعة من الأمراء ومن مماليك يلبغا، إلى أن كانت ليلة الأحد سابع شهر شوال سنة ثمان وستين وسبعمائة، ركب الأمراء جميعهم نصف الليل، ونزل السلطان معهم، ودقت الكوسات، وكان قصد الأمراء مسك أسندمر الناصري هذا، ومسك بعض مماليك يلبغا الأشرار، فلم يركب أسندمر إلى طلوع الشمس، ثم ركب من الكبش بمن معه وراح إلى قبة الصفراء ونزل إلى القرافة، وطلع من خلف القلعة، ولم يعلم به الأمراء إلا وهو تحت الطبلخاناه السلطانية، فهرب أكثر الأمراء إلا الجاي اليوسفي وأرغون تتر فهما ثبتا وقاتلا بمن معهما إلى قريب الظهر، فلم يردفهما أحد من الأمراء، الجزء: 2 ¦ الصفحة: 441 فانكسرا وجرح آقبغا جلب، وقتل الأمير دروط ابن أخي الحاج آل ملك وقبض أسندمر هذا عَلَى عدة من الأمراء مقدمي الألوف وهم: طغيتمر النظامي، واقبغا جلب، وأيدمر الشامي، والجابي اليوسفي، وقجماس الطازي، وأقطاي، وأرغون، وقطلو بغا جركس، ومن الطبلخانات: يلبغا شقير، وقرا بغاشاد الأحواش، وطاجار من عوض، وقطلوبغا الشعباني، وأيدمر الخطاي وتمراز الطازي، واسن الناصري، وقراتمر المحمدي، وقرابغا الأحمدي، أخو جلب، وأرسلوا الجميع إلى سجن الإسكندرية، ثم في حادي عشر شوال خلع عَلَى جماعة من الأمراء المقدمين بطول الشرح في تسميتهم. وصار أسندمر هذا هو مدبر الممالك يقدم من شاء ويؤخر من شاء، ودام عَلَى ذَلِكَ إلى يوم الجمعة سادس صفر من سنة تسع وستين وسبعمائة، ركبت مماليك يلبغا الإجلاب ودخلوا عَلَى أسندمر فمسك منهم جماعة، وأراد سكون الفتنة بذلك، فأصبحوا يوم السبت أيضاً لابسين آلة الحرب، ودخلوا عَلَى أسندمر وطلبوا منه خلع الملك الأشرف، وكان أسندمر قد تغير عَلَى الأشرف لأمور صدرت منه في حقه، فوافقهم عَلَى ذَلِكَ، فبلغ الأشرف فركب وركب معه نحو مائتين مملوك، وكانت مماليك يلبغا فوق ألف وخمسمائة مملوك، وأنضاف إلى السلطان جماعة من أكابر الأمراء وجاؤا مماليك يلبغا، فتلاقوا مع الجزء: 2 ¦ الصفحة: 442 الأمراء والسلطان، وكان أسندمر أخذ جماعة وطلع من خلف القلعة كما فعل في تلك المرة الأولى فانكسرت مماليك يلبغا قبل وصوله، فانهزم أسندمر أيضاً، ثم أمسك وجئ به إلى الملك الأشرف، فلما حضر بين يدي السلطان شفعت فيه الأمراء فأطلقه وخلع عليه عَلَى عادته ونزل إلى بيته بالكبش، ورسم أيضاً لابن قوصون أن يكون أتابكا رفيقاً لأسندمر، ونزل خليل ابن قرصون معه صفة الترسيم إلى بيته، فلما نزلا تحالفا وخامرا عَلَى السلطان، وركبا بسوق الخيل من الغد، قاتلا السلطان ساعة، ثم انهزما، وأمسك أسندمر وخليل بن قوصون وجماعة من الأمراء وأرسلوا إلى الإسكندرية، وأطلق من كان بها من الأمراء المسجونين قبل تاريخه، ووقع السيف في مماليك يلبغا وتشتت شملهم، واستمر أسندمر هذا محبوساً إلى أن مات في شهر رمضان سنة تسع وستين وسبعمائة بثغر الإسكندرية، رحمه الله تعالى. أسندمر الكرجي نائب حلب ...... - 711هـ - ...... - 1311م أسندمر بن عبد الله الكرجي، الأمير سيف الدين. كان أولاً من جملة الأمراء بالديار المصرية، ثم ولى نيابة طرابلس، فلما وليها مهد بلادها، وسفك بها الدماء بأنواع القتل في المفسدين، الجزء: 2 ¦ الصفحة: 443 وعظم أمره وقويت حرمته، ولما توجه الملك الناصر محمد بن قلاوون من الكرك إلى القاهرة، كان المذكور متولياً طرابلس فنقله الناصر إلى نيابة حماه، فباشرها مدة إلى أن نقل إلى نيابة حلب عوضاً عن الأمير قبجق المنصوري، وأعطى الملك الناصر حماه للملك المؤيد إسماعيل صاحب حماه، وجعلها سلطنه كما ذكرناه في ترجمة الملك المؤيد إسماعيل بن علي المتقدم ذكرها، وذلك في سنة عشر وسبعمائة فباشر نيابة حلب مدة يسيرة إلى أن قدم عليه الأمر كراي من قبل الملك الناصر وقبض عليه وتوجه به إلى القاهرة، ثم نقل إلى الكرك فسجن بها إلى أن مات في سنة إحدى عشرة وسبعمائة. وذكره الحافظ أبو عبد الله الذهبي في ذيل العبر قال: كان بطلاً شجاعاً سائساً ذا هيبة، جباراً ظلوماً غشوماً سمع بقراءتي صحيح البخاري، انتهى كلام الذهبي باختصار. وقال الصفدي: كان يحب الفضل، وله ذوق، ويسأل عن الغوامض، وحضرت من عنده مرة فتيا تتضمن: أيما أفضل الولي أم الشهيد؟ والملك أو النبي؟ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 444 فصنف الشيخ صدر الدين بن الوكيل فِي ذَلِكَ مصنفاً، والشيخ كمال الدين بن الزملكاني مصنفين والشيخ برهان الدين بن تاج الدين الفزاري فيما أظن، والشيخ تقي الدين بن تيميه، ثُمَّ قال: وَكَانَ أكولاً منهوماً، يقال أنه بعد العشاء يعمل له خروف رضيع مطجن وصحن حلاوة سكب يأكلهما وحده انتهى. أسندمر العمري ...... - 761هـ - ...... - 1359 أسندمر بن عبد الله العمري، الأمير سيف الدين، نائب طرابلس. أصله من مماليك الناصر محمد بن قلاوون، أنشأ إلى أن جعله من جملة الأمراء بديار مصر، ثم ولى نيابة حماه عوضاً عن طقتمر الأحمدي، فدام بحماه إلى أن برز الأمير يلبغا نائب الشام إلى الجسور في أواخر دولة الملك الكامل، فحضر الأمير أسندمر هذا إلى عنده، واشتركا في عمل المصلحة ثم عاد إلى محله إلى أن نقله الملك المظفر حاجي إلى نيابة طرابلس، فباشر نيابة طرابلس إلى أن طلب إلى القاهرة وعزل بالأمير منكلي بغا الفخري أمير جندار الجزء: 2 ¦ الصفحة: 445 في أواخر المحرم سنة ثمان وأربعين وسبعمائة، ثم أعيد إلى نيابة حماه في جمادى الآخرة سنة خمسين، وتوجه منها بالعساكر إلى سنجار في سنة إحدى وخمسين، وعاد إليها إلى أن عزل بالأمير طَانْ يرق، ثم أعيد إليها ثالث مرة فِي ذي الحجة سنة خمس وخمسين، وقبض عليه بدمشق في سنة ستين، وحمل إلى الإسكندرية فحبس بها إلى أن مات في المحرم سنة إحدى وستين وسبعمائة، رحمه الله تعالى. أسندمر اليونسي ...... - 793هـ - ...... - 1391م أسندمر بن عبد الله اليونسي، الأمير سيف الدين، أحد مقدمي الألوف بديار مصر من قبل منطاش في دولة المنصور حاجي. ودام عَلَى ذَلِكَ مدة يسيرة وقبض عليه الملك الظاهر برقوق بعد هزيمة منطاش وفراره إلى البلاد الشامية فحبس المذكور مدة قليلة، وقتل بالقاهرة سنة ثلاث وتسعين وسبعمائة، رحمه الله تعالى. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 446 أسندمر النوري ...... - 848هـ - ...... - 1444م أسندمر بن عبد الله النوري الظاهري، الأمير سيف الدين. أصله من مماليك الملك الظاهر برقوق، ومن آنيات الأمير جركس القاسمي المصارع بطبقة الزمام، وترقي بعد موت أستاذه الملك الظاهر برقوق إلى أن تأمر في آخر الدولة الناصرية فرج عشرة، ثم صار من جملة أمراء الطبلخانات في الدولة المؤيدية شيخ، ثم صار بعد موت المؤيد شيخ من جملة أمراء الألوف بالديار المصرية، وولي نيابة الإسكندرية في أوائل الدولة الأشرفية برسباي بعد الأمير فارس، فاستمر في نيابة الإسكندرية إلى أن فر من سجنها الأتابك جانبك الصوفي في العشر الأول من شهر شعبان سنة ست وعشرين وثمانمائة، وبلغ السلطان ذَلِكَ وشق عليه إلى الغاية، واستمر إلى أن هلَّ شهر شوال أرسل بطلب أسندمر المذكور من الإسكندرية، فحضر في رابع عشرة، وقبل الأرض ونزل، فلم يكن بعد ساعة إلا وقد نزل إليه الجزء: 2 ¦ الصفحة: 447 السيفي يلخجا الساقي الناصري بسفره إلى دمياط بطالاً، فأخذه يلخجا المذكور وتوجه به إلى الثغر وعاد، وولي نيابة الإسكندرية من بعده الأمير آقبغا التمرازي أمير مجلس، فدام أسندمر بالثغر مدة ثم أنعم عليه بإمرة مائة وتقدمة ألف بدمشق، فتوجه إلى دمشق ودام بها إلى أن تسلطن الملك العزيز يوسف بعد موت أبيه الملك الأشرف، ثم آل الأمر إلى أن تسلطن الملك الظاهر جقمق وأرسل بطلبه إلى القاهرة وأنعم بإقطاعه تقدمه ألف بدمشق عَلَى الأمير مغلباي الجقمقي استادار الصحبة، وقدم الأمير أسندمر إلى القاهرة، وهو يظن كل خير فإنه كان آنياً لأخي السلطان الأمير جاركس كما تقدم ذكره، وقد تقدم جماعة من مماليك جركس عند السلطان في دولته، فكيف وأسندمر من رفقة جركس وأقصائه، وقد حكى لي أسندمر من لفظه قال: لما بلغني أن الملك الظاهر جقمق تسلطن قلت في نفسي الآن صرت من أعيان المملكة وأحد أكابرها، فلما طلبت تحققت ما قد ظننته في نفسي، وها أنا قد حضرت وتعلم ما وقع لي معه انتهى. قلت: ولما أحضر أسندمر إلى القاهرة وقبل الأرض بين يدي السلطان وعد بكل خير، وما مواعيدها إلا الأباطيل، ونزل إلى دار سكنها وأخذ يترقب الوعد الجزء: 2 ¦ الصفحة: 448 الشريف، وطالت الأيام به وكلما كُلِّم السلطان في أمره يسوف به من وقت إلى وقت، وأسفرت القضية عَلَى أن كتب له جامكية في كل شهر خمسة آلاف درهم عَلَى ديوان المفرد، وصار كآحاد الأجناد إلى أن توفي سنة ثمان وأربعين وثمانمائة بالقاهرة وهو في حدود السبعين. وكان سامحه الله مهملاً جداً، مسرفاً عَلَى نفسه، صار لا يطيق الحركة لكبر سنه وضعف بدنه إلا بجهد، وهو عَلَى ما هو عليه، وكان سليم الباطن، متواضعاً قليل المعرفة، كثير التغفل، وكان تركي الجنس، خفيف اللحية أبيضها، أحمر اللون، معتدل القد نحيفاً، رحمه الله تعالى. أسندمر الجقمقي ...... - 864هـ - ...... - 1459 أسندمر بن عبد الله الجقمقي، الأمير سيف الدين. كان بخدمة الأمير جقمق الأرغون شاوي الدوادار، ثم اتصل بعد موته بخدمة الأمير برسباي الدقماقي، فلما تسلطن برسباي جعل أسندمر هذا خاصكيا، الجزء: 2 ¦ الصفحة: 449 ثم جعله سلاح دار، ودام عَلَى ذَلِكَ دهراً طويلاً إلى أن أنعم عليه الملك الظاهر جقمق بإمرة خمسة بعد الأمير بيسق اليشبكي، فاستمر عَلَى ذَلِكَ مدة، وأنعم عليه بإمرة عشرة بعد موت الأمير أركماس المؤيدي في سنة ثلاث وخمسين وثمانمائة. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 450 باب الألف والشين المعجمة إشقتمر الناصري ...... - 791هـ - ...... - 1389م إشِقْتُمر بن عبد الله المارديني الناصري، الأمير سيف الدين. أحد أعيان الأمراء الأكابر في عدة دول، أصله من مماليك صاحب ماردين، وبعثه إلى الملك الناصر حسن فرباه الناصر وأدبه وكان يعرف ضرب العود ويحسن قول الموسيقى، ويعرف عدة فنون، ولما رأى منه الناصر حسن الحزم والمعرفة قربه وأدناه وأمره، ثم تنقل بعد موت أستاذه السلطان حسن في عدة وظائف إلى أن ولاه الملك الأشرف شعبان بن حسين نيابة حلب بعد وفاة الأمير قطلوبغا الأحمدي، فباشرها نحوا من سنة ونصف، وعزل عنها في شهر رجب في سنة ست وستين بالأمير جرجي الناصري الإدريسي، ثم ولى نيابة طرابلس الجزء: 2 ¦ الصفحة: 451 عوضاً عن الأمير قشتمر المنصوري بحكم إحضاره إلى القاهرة فدام في نيابة طرابلس إلى أن أعيد إلى نيابة حلب عوضاً عن قشتمر المنصوري أيضاً في سنة إحدى وسبعين وسبعمائة، وولي من بعده نيابة طرابلس الأمير أيدمر الدوادار، فباشر نيابة حلب سنتين، وعزل في سنة ثلاث وسبعين عنها بالأمير أيدمر الدوادار، وأعيد إلى نيابة طرابلس والسواحل عوضاً عن الأمير أيدمر المذكور، ثم أعيد إلى نيابة حلب مرة ثالثة عوضاً عن أيدمر في سنة أربع وسبعين، ثم عزل عن نيابة حلب سنة خمس وسبعين بالأمير بيدمر الخوارزمي وولي نيابة الشام، فباشر نيابة الشام أربعة أشهر، وعزل وأعيد إلى نيابة حلب، وفي هذه الولاية الرابعة أقام مدة، وغزا سيس وفتحها في سنة ست وسبعين وسبعمائة، وكان فتحاً عظيماً. وفيه يقول الشيخ بدر الدين بن حبيب: الملك الأشرف اقباله ... يهدي له كل عزيز نفيس لما رأى الخضراء في شامه ... تختال والشقراء عجباً تميس وعاين الشهباء في ملكه ... تجري وتبدي ما يسر الجليس ساق إلى سوق العدي أدهما ... وساعد الجيش عَلَى أخذ سيس الجزء: 2 ¦ الصفحة: 452 وفي هذا المعنى أيضاً يقول العلامة زين الدين عمر بن الوردي رحمه الله: يا سيد الأمراء فتحك سيسا ... سر المسيح وأحزن القسيسا والمسلمون بذاك قد فرحوا وقد ... حمدوا عليه الواحد القُدُّوسَا واستمر الأمير أشقتمر في نيابته هذه إلى أن عزل عنها بالأمير منكلي بغا الأحمدي، وقبض عليه وحبس بالإسكندرية مدة، ثم أطلق من السجن، ورسم له بالإقامة بالقدس بطالا، فتوجه إلى القدس فأقام به إلى أن أعيد إلى نيابة حلب خامس مرة عوضاً عن الأمير تمرباي الأفضلي التمرتاشي في سنة إحدى وثمانين، ثم نقل بعد عشرة أشهر إلى نيابة دمشق عوضاً عن الأمير بيدمر في ربيع الأول سنة اثنتين وثمانين وسبعمائة إلى أن عزل في المحرم سنة أربع وثمانين، ورسم له بالتوجه إلى القدس بطالاً فدام بالقدس إلى أن أعيد إلى نيابة الشام من قبل الملك الظاهر برقوق في سنة ثمان وثمانين، ثم عزل بعد أربعة أشهر بحكم عجزه، ورسم له بالإقامة بحلب بطالاً، فأقام إلى أن توفي بها في شهر شوال سنة إحدى وتسعين وسبعمائة. وكان أميراً جليلاً شهماً شجاعاً، مدبراً سيوسا، ذا رأي ودهاء ومعرفة، مع دين وعدل في الرعية، طالت أيامه في السعادة والولايات الجليلة، وتردد في نيابة الجزء: 2 ¦ الصفحة: 453 حلب من منذ كان الملك الظاهر برقوق جندياً إلى أن وليها من قبله وهو سلطان، كان مشكور السيرة في أحكامه، يميل إلى الخير والصلاح، ولكنه كان مغرماً بجمع المال، وعمر أملاكاً كثيرة بحلب، وعمر عند باب نيرب مدرسة وقرر فيها طلبة ومقرئين، وله عدة مآثر. رحمه الله. الأشكري صاحب القسطنطينية ...... - 682هـ - ...... - 1283م أشكري صاحب القسطنطينية، اسمه ميكائيل، نذكر في حرف الميم في محله إن شاء الله تعالى، مات سنة اثنتين وثمانين وستمائة. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 454 باب الألف والصاد المهملة أصلم الردادي ...... - 706هـ - ...... - 1306م أصلم بن عبد الله الردادي، الأمير سيف الدين. كان ممن أنشأه الملك المنصور قلاوون حَتَّى صار من جملة الأمراء بالديار المصرية، وتنقل في عدة وظائف إلى أن مات في سنة ست وسبعمائة، رحمه الله تعالى. أصلم الناصري ...... - 747هـ - ...... - 1346م أصلم بن عبد الله الناصري، الأمير بهاء الدين السلاح دار. أصله من مماليك الملك الناصر محمد بن قلاوون، أعتقه ورقاه إلى أن جعله أمير مائة ومقدم ألف بديار مصر، واستمر عَلَى ذَلِكَ إلى أن نقل عنه إلى أستاذه الجزء: 2 ¦ الصفحة: 455 الملك الناصر ما أوغر خاطره عليه فأمسكه واعتقله، وأنعم بإقطاعه عَلَى أمير حسين بن جندر وطلبه إلى القاهرة، ودام أصلم المذكور محبوساً إلى أن أطلقه أستاذه الملك الناصر بعد أن حبس خمس سنين، وأنعم عليه بإمرة مائة وتقدمه ألف بالقاهرة، وذلك في أواخر دولة الملك الناصر، ثم أخرجه إلى نيابة صفد، فتوفي الملك الناصر وهو بها، ثم جهزه الأمير قوصون مع الأمير علاء الدين الطنبغا نائب الشام إلى حلب لإمساك نائبها الأمير طشتمر الساقي المعروف بحمص أخضر، فلما كان فِي أثناء الطريق بين صفد ودمشق حضر إليه الأمير قطلوبغا الفخري من القاهرة ورده من قارا وعاد به إلى القاهرة، فرسم له الملك الناصر أحمد بن محمد بن قلاوون بالإقامة بديار مصر على عادته أولا أمير مائة ومقدم ألف، ويجلس في المشورة، فاستمر بها إلى أن توفي سنة ست الجزء: 2 ¦ الصفحة: 456 وأربعين وسبعمائة، وقيل في يوم السبت عاشر شعبان سنة سبع وأربعين وسبعمائة، والثاني أصح. وكان أميراً شجاعاً، يميل إلى فعل الخير والصدقة، وعمر بالقاهرة بباب المحروق بالقرب من داره مدرسة تقام فيها الجمعة وتربة وربعا وحوضاً وشبيلاً، رحمه الله تعالى. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 457 باب الألف والعين المهملة السلطان غياث الدين صاحب بنجالة ...... - 815هـ - ...... - 1412م أعظم شاه بن اسكندر شاه، السلطان غياث الدين أبو المظفر صاحب بنجالة من بلاء الهند. كان ملكاً جليلاً، له حظ من العلم والخير، فقيهاً حنفياً، محباً للفقهاء والفقراء وأهل الصلاح، شجاعاً كريماً جواداً، بعث إلى الحرمين غير مرة بصدقات هائلة ففرقت بها، وعم بذلك النفع، وبعث مع ذَلِكَ بمال لعمارة مدرستين بمكة والمدينة وشراء عقار يوقف عليهما، ففعل له ذَلِكَ، فالمدرسة التي بمكة عند باب أم هاني من المسجد الحرام، وكان ابتداء عمارة المدرسة التي بمكة في شهر رمضان سنة ثلاث عشرة وثمانمائة ولم تنقض السنة حَتَّى فرغ من عمارة سفلها وغالب علوها وكملت عمارتها في النصف الأول من سنة أربع عشرة وثمانمائة، وفي جمادى الآخرة منها، ابتدئ فيها التدريس عَلَى المذاهب الأربعة، فكان ما صرف عليها من العمارة وشراء أوقافها وموضع المدرسة، اثنتي عشر الجزء: 2 ¦ الصفحة: 458 ألف مثقال مصرية، وكان المتولي لعمارتها وشراء أوقافها خادمه ياقوت الحبشي. توفي صاحب الترجمة سنة خمس عشرة وثمانمائة، فيها أيضاً توفي خادمه ياقوت المذكور، رحمهما الله تعالى. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 459 باب الألف والغين المعجمة أغزلو بن عبد الله ...... - 748هـ - ...... - 1347م أغزلو بن عبد الله، الأمير شجاع الدين، مملوك الحاج بهادر المعزي وعتيقة. خدم بعد مسك أستاذه المذكور عند الأمير بكتمر الساقي، وصار أمير آخور، ثم نقل بعد وفاة بكتمر عند الأمير بشتاك، وصار أمير آخوره أيضاً، ثم ولي بعد ذَلِكَ ناحية أشمون، ثم ولي نيابة الشوبك، وعزل منها بعد مدة، وعاد إلى القاهرة وولي ولايتها مدة، أيام الملك الصالح إسماعيل، وأطهر العفة والأمانة وحسنت سيرته، ولما تسلطن الملك الكامل شعبان عني به وقدمه، ففتح أغزلو الجزء: 2 ¦ الصفحة: 460 المذكور للكامل باب الأخذ في الإقطاعات والوظائف، وعمل لذلك ديوان قائم الذات سمي ديوان البذل، فلما تولى الصاحب تقي الدين بن مراحل شاخحة في الجلوس والعلامة، فترجح الصاحب تقي الدين وعزل شجاع الدين أغزلو من شد الدواوين، ودام عَلَى ذلك إلى أن كانت نوبة السلطان الملك المظفر، كان أغزلو المذكور ممن قام مع المظفر عَلَى الكامل، لما في نفسه من عزله، وضرب الأمير أرغون العلائي بالسيف في وجهه، ثم سكن أمره وركنت ريحه إلى أن قام في وقعة الأمير ملكتمر الحجازي والأمير آق سنقر والأمير قرابغا والأمير بزلار والأمير صمغار، وكان أغزلو هذا هو الذي حرك الفتنة، وتولى مسك الأمراء فعظم شأنه وخافه أمراء مصر والشام وأقام عَلَى ذَلِكَ نحو أربعين يوماً، ثم أمسك وقتل في جمادى الآخرة سنة ثمان وأربعين وسبعمائة. وسبب قتله أنه لما حضروا برأس الأمير يلبغا اليحياوي نائب دمشق إلى القاهرة، حسب الذين قتلهم أغزلو في مدة أربعين يوماً فكانوا أحد وثلاثين أميراً، وصار هو الحاكم في المملكة، وكان يخرج من القصر ويعقد عَلَى باب خزانة الخاص، ويتحدث في جميع ما يتعلق بالمملكة، ويجلس الموقعون عنده ويكتبون عنه إلى الأعمال. ولما مات ودفن في قبره أخرجوه العوام ومثلوا به، وأقاموه الجزء: 2 ¦ الصفحة: 461 في زي حياته ومساكه الأمراء وقتلهم وأمعنوا في ذَلِكَ، فلما بلغ السلطان هذا الأمر غضب وأمر الأوجاقية بقتلهم، فنال الأوشاقية من الحرافيش منالاً عظيماً من القتل والضرب وغيره. فكان مسرفاً في القتل في حال حياته، وأعزلو بألف مهموزة وبعدها غين معجمة مكسورة فزاي ساكنة ولام مضمومة وواو ساكنة، ومعنى أغزلو باللغة التركية: له فم. انتهى. أغزلو نائب دمشق ...... - 719هـ - ...... - 1319م أغزلو بن عبد الله العادل، الأمير شجاع الدين نائب الشام. ولي نيابة دمشق من قبل أستاذه الملك العادل كتبغا، واستمر في نيابة الشام إلى أن خلع أستاذه الملك العادل المذكور وتسلطن الملك المنصور حسام الدين الجزء: 2 ¦ الصفحة: 462 لاجين عزل عن نيابة دمشق ودام بها بطالا مدة، ثم ولي بها أميراً كبيراً، فأقام عَلَى ذَلِكَ مدة طويلة إلى أن توفي بدمشق سنة تسع عشرة وسبعمائة، ودفن بتربته التي أنشأها شمالي الجامع المظفري. وكان عاقلاً ساكناً، شجاعاً جميلاً طويلاً، أشقر اللون، مليح القامة، رحمه الله تعالى. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 463 باب الألف والقاف إقبال المستنصري الشرابي ...... - 653هـ - ...... - 1255م إقبال بن عبد الله المستنصري العباسي، الأمير شرف الدين المعروف بالشرابي صاحب الرباط بالمسجد الحرام المعروف بقية الشرابي. قال الشيخ تقي الدين الفاسي مؤرخ مكة: كان شجاعاً كريماً، شريف النفس عَلَى الهمة له بمكة مآثر منها: الرباط المعروف برباط الشرابي عند باب بني شيبة، عمر في سنة إحدى وأربعين وستمائة، ووقف عليه عَلَى ما قيل أوقافا بأعمال مكة منها مياه تعرف بالشرابيات بوادي مر ووادي نخلة، ووقف عليه كتباً في فنون العلم نفيسة، وقرر به صوفية عَلَى ما بلغني. ومن المآثر التي صنعها بظاهر مكة عمارة عين عرفة والبرك التي بها، بعد عطلتها وخرابها عشرين سنة، وذلك في العشر الأخير من شهر ربيع الآخر سنة ثلاث وثلاثين وستمائة. انتهى كلام الفاسي. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 464 قلت وعين عرفة التي عمرها إقبال المذكور هي في وادي نعمان، وله مآثر غير ذَلِكَ، توفي سنة ثلاث وخمسين وستمائة ببغداد، ودفن في تربة أم الخليفة المستعصم بالله. رحمه الله. أقباي الحاجب ...... - 812هـ - ...... - 1409م آقباي بن عبد الله من حسين شاه الطرنطاي الظاهري، الأمير سيف الدين المعروف بالحاجب. هو من مماليك الملك الظاهر برقوق ومن خواصه، وأعيان دولته وخاصكيته، ثم أنعم عليه بإمرة عشرة، ثم نقله بعد مسك الأمير علي باي إلى إمرة طبلخاناه، ومات الملك الظاهر برقوق في سنة إحدى وثمانمائة، وتسلطن من بعده ولده الملك الناصر فرج، وصار أقباي هذا أمير مائة ومقدم ألف بالديار المصرية بعد الأمير تمربغا المنجكي، واستمر عَلَى ذَلِكَ إلى أن كانت واقعة الأمير الكبير أيتمش البجاسي، وخروجه عن الطاعة، وتوجهه إلى البلاد الشامية بمن معه الجزء: 2 ¦ الصفحة: 465 من الأمراء، وكان من جملتهم الأمير فارس الحاجب، فخلع عَلَى آقباي هذا بحجوبية الحجاب من بعده في شهر ربيع الآخر سنة اثنتين وثمانمائة، فدام في المحجوبية عدة سنين إلى أن نقله الملك الناصر فرج إلى أمرة سلاح، ثم صار بعد مدة رأس نوبة الأمراء، وهذه الوظيفة مفقودة الآن، واستقر من بعده أمير سلاح الأمير سودون الطيار، واستقر أمير مجلس بعد سودون الطيار الأمير يلبغا الناصري، فلم تطل أيام الأمير آقباي ومات في ليلة الأربعاء سابع وعشرين جمادى الآخرة سنة اثنتي عشرة وثمانمائة. قال المقريزي: ونزل الملك الناصر إلى داره، ثم تقدم راكباً إلى المصلى فصلى عليه، وشهد دفنه، وترك من العين أربعين ألف ديناراً مصرياً واثنى عشر ألف ديناراً مشخصاً، وغير ذَلِكَ شيئاً كثيراً، فأخذ السلطان الجميع، وكان شرها في جمع المال بخيلاً. انتهى كلام المقريزي. قلت: كان مشهوراً بالدين والخير إلا أنه كان كما قال المقريزي في البخل وجمع المال، وخلف عدة أملاك من جملتها الحاصل والربع بالبندقيين وغيرهما، عفا الله عنه. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 466 آقباي الكركي المعروف بطاز ...... - 805هـ - ...... - 1402م آقباي بن عبد الله الكركي الظاهري، الأمير سيف الدين المعروف بطاز الخازندار. هو أيضاً من جملة مماليك الملك الظاهر برقوق وخاصكيته، وهو أحد المماليك الصغار الأربعة الذين كانوا معه في جبس الكرك، ولما عاد الملك الظاهر برقوق إلى ملكه ثانياً صار آقباي هذا خصيصاً عنده إلى الغاية، إلى أن مات، وملك بعده ابنه الملك الناصر فرج، توثب أقباي المذكور إلى أن صار أمير مائة ومقدم ألف في مدة يسيرة، واستمر عَلَى ذَلِكَ إلى أن كانت الوقعة المشهورة بين جكم ويشبك ونوروز في سنة خمس وثمانمائة، وانتصر الأمير جكم عَلَى الأمير يشبك، وقبض عَلَى يشبك ورفقته من الأمراء، كان آقباي المذكور ممن قبض الجزء: 2 ¦ الصفحة: 467 عليه معه، وحملوا الجميع إلى ثغر الإسكندرية، وداموا بالإسكندرية إلى أن أفرج عن يشبك أفرج عنه أيضاً، وعاد إلى ما كان عليه أولاً، فلم تطل مدته، ومات في ليلة السبت رابع عشر جمادى الأولى سنة خمس وثمانمائة بعد مرض طويل، ودفن بالحوش الظاهري بالصحراء، وكان كثير الشر محباً للفتن والوقائع، لم يشهر بدين ولا علم. آقباي المؤيدي نائب دمشق ...... - 820هـ - ...... - 1417م آقباي بن عبد الله المؤيدي، الأمير سيف الدين نائب حلب ثم دمشق. نسبته إلى معتقه الملك المؤيد أبي النصر شيخ، اشتراه في حال إمرته وأعتقه، وصار بخدمته ومن خواص مماليكه، وعالج معه خطوب الدهر ألواناً في أيام تلك الفتن إلى أن تسلطن، أمره وقربه، وجعله خازندارا، ثم ولاه الدوادارية الكبرى بعد انتقال الأمير جانبك المؤيدي إلى نيابة دمشق، بعد الأمير نوزوز الحافظي، فباشر المذكور الدوادارية إلى أن ولاه أستاذه المؤيد نيابة حلب في سنة ثماني عشرة وثمانمائة، فباشرها إلى سنة عشرين، وقدم القاهرة عَلَى النجب في يوم الجزء: 2 ¦ الصفحة: 468 السبت رابع عشرين المحرم من السنة، وكان خروجه من حلب في يوم جمادى عشر المحرم من غير طلب من السلطان، لما أشيع عنه من الخروج عن الطاعة، فتمثل بين يدي السلطان الملك المؤيد فلامه عَلَى هذه الحالة، فاعتذر بأن قال خفت مما أشيع عني مما ليس في ظني، فخلع عليه باستقراره في نيابة دمشق عوضاً عن الأمير الطنبغا العثماني بحكم توجهه إلى القدس بطالا، وخرج الأمير آفبغا التمرازي الأمير الأخور من يومه ليتوجه بالعثماني إلى القدس، وخلع عَلَى الأمير قجقار القردمي أمير سلاح باستقراره في نيابة حلب عوضاً عن آقباي المذكور، فأقام آقباي بديار مصر إلى يوم سابع عشرين المحرم، وخلع عليه خلعة السفر، وسافر جريدة عَلَى الخيل من غير نقل معه، لأنه قدم من حلب في اثنتي عشرة يوماً عَلَى ثمانية هجن لا غير، ثم خرج السلطان في أثره نحو البلاد الشامية من غير أمر يوجب سفره، فسار من الرايدانية في رابع شهر صفر من السنة، فوصل إلى دمشق فلم يقم بها إلا أياماً قليلة، وسار إلى حلب ثم من حلب إلى أبلستين، وفي خدمته الأمراء ونواب البلاد الشامية وفتح عدة قلاع، وعاد بعد أن خلف الأمير آقباي هذا نائب الشام والأمير قجقار القردمي الجزء: 2 ¦ الصفحة: 469 نائي حلب، والأمير جار قطلو نائب حماه لمحاصرة قلعة كركر، فحصروا القلعة المذكورة مدة أيام، ثم قدموا حلب والسلطان بها من غير إذن السلطان، خوفاً من قرا يوسف، فغضب السلطان غضباً شديداً، وقبض عَلَى فجقار القردميوولى عوضه في نيابة حلب الأمير يشبك المؤيدي نائب طرابلس، ووجه آقباي صاحب الترجمة إلى محل كفالته بدمشق، وفي النفس ما فيها، وعزل جار قطلو عن نيابة حماه أيضاً، وعاد الملك المؤيد إلى نحو دمشق فدخلها وقبض عَلَى الأمير آقباي هذا وحبسه بقله دمشق، وخلع عَلَى الأمير تنبك العلائي الظاهري المعروف بميق باستقراره في نيابة دمشق عوضاً عن آقباي، وخرج السلطان عائداً نحو الديار المصرية إلى أن وصلها. وأما آقباي فإنه لما حبس بقلعة دمشق وجد بها محابيس فاستمالهم ومالوا إليه وافقوه، وكسروا باب الحبس وخرجوا إلى القلعة، فهرب نائب القلعة ونزل إلى مدينة دمشق، وأعلم النائب نتيك ميق، فركب من ساعته وقاتل لآقباي بمن معه من العساكر الشامية، وجدوا في القتال والحصار إلى أن أخذوا آقباي بعد أن ألقى بنفسه إلى المدينة، واختفى ببعض الأقبية، وقيدوه وسجنوه وطالعوا الملك المؤيد بما وقع لهم معه، فعاد الجواب الشريف بقتله، فقتل بقلعة دمشق في أواخر سنة عشرين وثمانمائة. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 470 وكان أميراً مهاباً شجاعاً، جباراً متكبراً، ذا حرمة وافرة وعظمة زائدة، كريماً جواداً متجملاً في مركبه وملبسه ومماليكه وحشمة، مشكور السيرة، قليل الطمع، يميل إلى فعل الخير والعدل، وقف بحلب وقفاً عَلَى سماط بالزاوية المعروفة بالأمير جلبان قراسقل خارج باب الحنان، وكان شكلاً حسناً، طوالاً جميلاً، عارفاً بعدة فنون من أنواع الفروسية. آقباي اليشبكي نائب الإسكندرية ...... - 840هـ - ...... - 1437م آقباي بن عبد الله الدوادار، نائب الإسكندرية، الأمير سيف الدين. أصله من مماليك الأتابك يشبك الشعباني الظاهري. وتنقلت به الأيام إلى أن صار من جملة الدوادارية الصغار في الدولة الأشرفية برسباي، باستقراره في نيابة الإسكندرية بعد عزل الأمير الصاحب غرس الدين خليل بن شاهين الشيحي عنها في يوم الخميس ثالث عشرين شهر جمادى الآخرة سنة تسع وثلاثين وثمانمائة، وخلع عَلَى شرف الدين ابن الفضل، واستقر في نظر الجزء: 2 ¦ الصفحة: 471 الإسكندرية عوضاً عن الأمير خليل أيضاً، وجهز خلعة إلى جمال الدين عبد الله ابن الدماميني باستقراره في قضاء الإسكندرية عَلَى عادته، فتوجه آقباي المذكور إلى الإسكندرية وباشر نيابتها إلى أن توفي بها في آخر شوال سنة أربعين وثمانمائة، واستقر عوضه في نيابة الإسكندرية الزيني عبد الرحمن بن علم الدين داود بن الكويز أحد الدوادارية في ثاني ذي القعدة من السنة. وكان آقباي المذكور مشهوراً بالطمع الزائد والشره في جمع المال، وخلف مالاً جزيلاً، لكنه كان فيه تعصب لمن يقصده بجعالة، وإلا فلم يتعصب له، رحمه الله تعالى. آقبغا الهذباني الأطروشي ...... - 806هـ - ...... - 1403م آقبغا بن عبد الله الهذباني الظاهري المعروف بالأطروش، الأمير علاء الدين. كان من مماليك الملك الظاهر برقوق، وحبس بالكرك، نفى آقبغا المذكور إلى حلب مع من نفي من مماليك برقوق إلى البلاد الشامية، ولما خرج الظاهر الجزء: 2 ¦ الصفحة: 472 برقوق من حبس الكرك طالباً ملكه ووافقه الأمير كمشبغا الحموي نائب حلب كان آقبغا هذا ممن انتمى كمشغبا من حزب أستاذه الظاهر، ودام معه تلك الحروب والفتن إلى أن انتصر كمشبغا عَلَى البانقوسين بحلب، وولاه الملك الظاهر برقوق نيابة حلب، ولى آقبغا أيضاً حجوبية الحجاب بحلب، ثم بعد مدة ولاه الملك نيابة صفد، ثم نقله بعد مدة إلى نيابة طرابلس بعد الأمير دمرداش المحمدي الظاهري بحكم عزل دمرداش وتوجه إلى حلب أتابكابها، فدام بطرابلس إلى أن ولاه الملك الظاهر برقوق نيابة حلب بعد موت الأمير أرغون شاه الإبراهيمي الظاهري في سنة إحدى وثمانمائة، وأسس بحلب جامعاً تحت القلعة، كان سوقا للغنم فبناه جامعاً، ولم يكمله، ووقف عليه وقفاً فكمله بعد ذَلِكَ الأمير دمرداش المحمدي لما ولي نيابة حلب بعده، واستمر آقبغا المذكور بحلب إلى أن مات الملك الظاهر برقوق في السنة المذكورة، واقتضت السلطنة من بعده لولده الملك الناصر فرج بن برقوق، وكان من أمر الأمير تنم الحسنى نائب الشام ما سنذكره في ترجمته من خروجه عن طاعة الناصر والقبض الجزء: 2 ¦ الصفحة: 473 عليه وعلى رفقته من الأمراء والنواب، فكان آقبغا ممن وافقه فقبض عليه أيضاً في سنة اثنتين وثمانمائة، وحبس بقلعة دمشق، وولي نيابة حلب عوضه دمرداش المحمدي، ثم أفرج عنه، وولي نيابة طرابلس بعد الأمير شيخ المحمودي، أعني المؤيد، فدام بطرابلس إلى أن نقل لنيابة دمشق بعد خروج والدي منها خوفاً من القبض عليه وتوجهه إلى حلب، وانضمام الأمير دمرداش نائب حلب عليه وعودة إلى البلاد الشامية، وقتاله مع العسكر السطاني في الواقعة المشهورة في سنة أربع وثمانمائة، فلم تطل أيام آقبغا في نيابة دمشق، وعزل بالأمير شيخ المحمودي، ثم نقل بعد مدة إلى نيابة حلب عوضاً عن الأمير دقماق المحمدي في جمادى الأولى سنة ست وثمانمائة، وأثام بحلب إلى أن مات بها في ليلة الجمعة العشرين من جمادى الآخرة من السنة المذكورة. وكان أميراً جليلاً، هيناً ليناً، وعنده جودة وسلامة باطن، يميل إلى خير ودين. آقبغا اليلبغاوي الجوهري ...... - 792هـ - ...... - 1390م آقبغا بن عبد الله اليلبغاوي، الأمير علاء الدين. هو من مماليك الأتابك يلبغا العمري الخاصكي، ترقى بعد موت أستاذه إلى أن صار من جملة الأمراء مقدمي الألوف بالديار المصرية، ثم نقل إلى نيابة الجزء: 2 ¦ الصفحة: 474 صفد فباشرها مدة، ثم عزل ونقل إلى دمشق أتابك العساكر بها، ثم أخرج إلى حلب منفياً، فدام إلى أن خرج نائبها الأمير يلبغا الناصري عن طاعة الملك الظاهر برقوق ووافقه تمربغا الأفضلي المدعو منطاش نائب ملطية عَلَى المخالفة، فوافقهما آقبغا صاحب الترجمة عَلَى العصيان، لما كان في نفسه من برقوق، واستمر من حزب الناصري إلى أن قدم صحبته إلى الديار المصرية، وقبض عَلَى برقوق وأودع في حبس الكرك، وصار الناصري مدبر الممالك، أخلع عَلَى آقبغا المذكور باستقراره في حجوبية الحجاب بالديار المصرية، واستمر عَلَى ذَلِكَ إلى أن وقع بين الناصري وبين منطاش الوقعة المشهورة، وانتصر منطاش عَلَى يلبغا الناصري وقبض عليه وعلى حواشيه، كان آقبغا هذا ممن قبض عليه مع الناصري، وحبسوا الجميع بثغر الإسكندرية، وضرب الدهر ضرباته، وخرج الملك الظاهر برقوق من حبس الكرك وعاد إلى ملكه ثانياً، وأفرج عن الناصري ورفقته، فكان آقبغا ممن أفرج منعه كما حبس معه وأخلع عليهم الملك الظاهر برقوق، وصفح عنهم لما وقع منهم في حقه، ثم ولي الأمير بلبغا الناصري نيابة حلب، وندبه لقتال غريمه منطاش، وأخرج آقبغا هذا معه في الأمراء المجردين إلى قتال منطاش، وتوجهوا في ركاب الأمير يلبغا الناصري إلى البلاد الشامية، وكانت الوقعة بينهم وبين منطاش عَلَى حمش، قتل فيها الأمير الجزء: 2 ¦ الصفحة: 475 آقبغا صاحب الترجمة مع من قتل من عسكر السلطان وذلك في سنة اثنتين وتسعين وسبعمائة، رحمه الله. وكان من الشجعان الكرماء، ذا شكالة حسنة، وعنده فضل عَلَى قدوة ومشاركة في الكلام، ويسأل المسائل الجيدة، إلا أنه كان سيئ الخلق، ذا جبروتية وحدة عند الغيظ، وبطش، وكان مغرماً بالكتب النفيسة، وبني بحلب حماماً داخل باب قنسرين. عفا الله عنه وغفر له. آقبغا التمرازي نائب الشام ...... - 843هـ - ...... - 1439 آقبغا بن عبد الله التمرازي الأتابكي، الأمير علاء الدين نائب الشام. نسبته بالتمرازي إلى معتقه الأمير تمراز نائب السلطنة بالديار المصرية، وترقى في الخدم بعد موت أستاذه إلى أن صار في الدولة المؤيدية شيخ أمير عشرة، ثم جعله بعد مدة من جملة أمراء الطبلخاناه وأمير آخور ثاني، ثم صار بعد موت الملك المؤيد شيخ أمير مائة ومقدم ألف بالديار المصرية في الدولة المظفرية أحمد بن شيخ، ودام عَلَى ذَلِكَ إلى أن خلع عليه الملك الأشرف برسباي الجزء: 2 ¦ الصفحة: 476 باستقراره أمير مجلس، واستمر عَلَى ذَلِكَ إلى أن رسم له السلطان بالتوجه إلى ثغر الإسكندرية في سنة ست وعشرين وثمانمائة لحفظ الثغر من الفرنج، فلما وصل إلى الثغر المذكور وأقام به أياماً قدم المرسوم الشريف بطلب الأمير أسندمر النوري نائب الإسكندرية إلى الديار المصرية، فلما وصل أسندمر إلى القاهرة قبض عليه ونفي إلى ثغر دمياط بطالا، بسهب تسحب الأتابك جانبك الصو في من سجنه بثغر الإسكندرية، ورسم للأمير آقبغا بنيابة الإسكندرية عوضه، وحمل إليه الشريف، ورسم له باستمراره عَلَى إقطاعة تقدمة ألف بالديار المصرية، فدام آقبغا في نيابة الإسكندرية من تاريخه إلى سنة ثلاث وثلاثين وثمانمائة، عزل بالأمير شهاب الدين أحمد الدوادار الزرد كاش، أحد أمراء العشرات، وطلب إلى القاهرة عَلَى إقطاعه، فاستمر عَلَى إقطاعه مدة وخلع عليه بإعادته لإمرة مجلس كما كان أولاً. ودام عَلَى ذَلِكَ الدولة الأشرفية بتمامها إلى أن توفي الأشرف سنة إحدى وأربعين وثمانمائة، فكان آقبغا المذكور في جملة الأمراء المجردين إلى أرزنكان، وتسلطن الملك العزيز يوسف كتب بعودهم إلى القاهرة، عاد الجميع إلى الديار المصرية وفي جملتهم آقبغا التمرازي. فلم يكن بعد قدوم الأمراء إلا أيام يسيرة وتسلطم الظاهر جقمق وصار الأمير قرقماس الشعباني أمير سلاح أتابك العساكر عوضاً عن السلطان، واستقر الجزء: 2 ¦ الصفحة: 477 آقبغا التمرازي أمير مجلس أمير سلاحاً عوضاً عن قرقماس، واستقر الأمير يشبك التمربغاوي حاجب الحجاب أمير مجلس عوضاً عن لآقبغا هذا، وصار الأمير تغري بردى المؤذي البكلمشي حاجب الحجاب عوضاً عن تشبك، فلم يكن إلا أيام قلائل وعصى الأمير قرقماس عَلَى السلطان، وكانت الوقعة المشهورة، وانتصر السلطان وقبض عَلَى قرقماس المذكور بعد أيام، حسبما سيأتي في ترجمته إن شاء الله تعالى، وخلع عَلَى آقبغا هذا باستقراره أتابك العساكر بالديار المصرية عوضاً عن الأمير قرقماس في يوم السبت سابع شهر جمادى الآخرة سنة اثنتين وأربعين، فكانت إقامة قرقماس في الأتابكية دون العشرين يوماً، واستمر آقبغا أتابك العساكر إلى شهر رمضان من السنة خلع عليه باستقراره في نيابة الشام بعد عصيان الأمير إينال الجكمي نائب دمشق، وأمره بالخروج لمحاربة الأمير إينال الجكمي المذكور، وأردفه بالعساكر السلطانية من الأمراء وغيرهم، فتجهز في عدة أيام وخرج في شهر شوال من القاهرة وتوجه إلى نحو دمشق، فالتقت العساكر السلطانية بالأمير إينال الجكمي في منزله شقجب أو القرب منها، فكن بين الفريقين وقعة هائلة آلت إلى نصرة العساكر السلطانية وانهزام الأمير إينال الجكمي إلى نحو دمشق، بعد أن أظهر إينال من الشجاعة ما هو مشهور عنه، وساق فرسه نحو ستة برد إلى أن وصل قرية جارستا من أعمال دمشق، غُمز عليه وقبض، وحمل إلى قلعة دمشق فحبس إلى أن قتل في السنة المذكورة. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 478 واستمر آقبغا هذا في نيابة دمشق إلى يوم السبت سادس عشر ربيع الآخر سنة ثلاث وأربعين وثمانمائة خرج من حرمه بعد صلاة الصبح وركب وتوجه إلى ميدان دمشق للعب الرمح إلى الميدان ولعب عدة من مماليكه وغير عدة خيول بعد أن أتعبها، ثم ركب إلى لعب الكرة فغير أيضاً عدة خيول أتعبها إلى أن انتهى ما هو فيه من أنواع الفروسية، وطلب مركوبه للموكب، وركبه ومشى به خطوات لقرب باب الميدان، مال عن فرسه فلحقه بعض مماليكه قبل أن يسقط على الأرض، وتكاثروا عليه فحملوه إلى قاعة بالقري من الميدان وهو ميت، ثم نقل إلى دار السعادة في محفة عَلَى أنه مريض، وأقام بها سويعة هنية، وأشيع موته فغسل وصلى عليه، ودفن من يومه بتربة الأمير تنم الحسني نائب دمشق، وسنة نيف عَلَى ستين ستة تخميناً، وكثر أسف الناس عليه، وكانت جنازته مشهودة. وقد سألت كريمتي زوجته عنه كيف كان أمره تلك الليلة؟ فقالت: قام لأوراده عَلَى عادته قوياً سوياً منشرحاً، وخرج من عندي وهو عَلَى ذَلِكَ. وكان رحمه الله ديناً خيراً كثير الصدقات والبر للفقراء عَلَى بخل كان فيه لغيرهم، محباً لأهل الخير والصلاح، كثير الزيارة للصالحين الأحياء منهم والأموات، وكان له أوراد وتهجد في الليل، كثير الصوم والصلاة الجزء: 2 ¦ الصفحة: 479 عفيفاً عن المنكرات والفروج، أستاذ زمانه في فنون الفروسية كلعب الكرة والبرجاس وسوق المحمل، انتهت إلية رئاسة في ركوب الخيل وتحريكهم عَلَى قاعدة الفنون بلا مافعة في ذَلِكَ، تخرج به جماعة كثيرة من أمراء الدولة وأعيانها، ما رأيت عيني مثله، عَلَى أنه كان للقصر أقرب، وينحني في ركوبه عَلَى الفرس، ولكنه كان إذا أراد الحركة عَلَى الفرس أتى بالغرائب والفنون المعجزة، أخذت عنه ما لم يصل إليه غيري من هذه الفنون لصهارة كانت بيننا، رحمه الله تعالى. آقبغا صاحب الأقبغاوية بجوار الجامع الأزهر ...... 744هـ - ...... - 1343م آقبغا بن عبد الله من عبد الواحد الناصري، الأمير علاء الدين. هو من مماليك الملك الناصر محمد بن قلاون، وأخو زوجته خوند طغاي، تنقلت به الأحوال من الجمدارية إلى أن صار أمير مائة ومقدم ألف بالديار المصرية ثم صار استدار ومقدم المماليك السلطانية وشاد العمائر ثم أنعم الملك الناصر عَلَى ولديه كل منهما بإمرة وهما ناصر الدين محمد وشهاب الدين أحمد، ولم يزل آقبغا مقرباً عند أستاذه الملك الناصر محمد إلى أن توفي ليلة الأربعاء الجزء: 2 ¦ الصفحة: 480 العشرين من ذي الحجة الحرام سنة إحدى وأربعين وسبعمائة وتسلطن ابنه الملك المنصور قبض عَلَى آقبغا هذا وصادره وأخذ ما يملكه، وأمر برد كل ما أخذه من الناس أيام أبيه الملك الناصر محمد، وكان آقبغا ظالماً كثير الطمع وعنده جبروتية وعسف، واستولى السلطان عَلَى جميع ماله وحبسه إلى أن أخرجه الأمير قوصون من القاهرة إلى دمشق لما تولى السلطان الملك الأشرف كجك، فأقام آقبغا بدمشق إلى أن قدم القاهرة مع الفخري، ورسم له السلطان الملك الناصر أحمد بن محمد بن قلاوون بنيابة حمص، فتوجه إليها وأقام بها إلى جمادى الآخرة سنة ثلاث وأربعين وسبعمائة، عزل ورسم له أن يتوجه إلى دمشق ليكون بها من جملة أمرائها المقدمسين، فأقام بها إلى شوال من السنة، أرسل السلطان الملك الناصر بالقبض عليه، فأمسك وأرسل إلى القاهرة، فلما حضر أرسله إلى الإسكندرية، فحبس بها إلى أن قتل سنة أربع وأربعين وسبعمائة. وكان شجاعاً مقداماً خصيصاً عند أستاذه الملك الناصر محمد، معظماً في الدولة إلا أنه كان غير مشكور السيرة في ولاياته، وكانت داره بالخيميين بالقرب من جامع الأزهر، وبني المدرسة المعروفة بجوار جامع الأزهر. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 481 حكى أنه اشتكى مرة لأستاذه الملك الناصر من ضيق إسطبله فقال له الناصر مداعبا متهكما عليه: أربط خيلك في بوائط جامع الأزهر، فقال آقبغا: خطبة يا مولانا السلطان، فقال له: وأنت تعرف خطبة؟ انتهى. آقبغا الطواوتمري الظاهري اللكاش ...... - 802هـ - ...... - 1399م آقبغا بن عبد الله الطولوتمري الظاهري، الأمير علاء الدين. كان خصيصاً عند أستاذه الملك الظاهر برقوق، وترقى في دولته إلى أن صار أمير مائة ومقدم ألف بالديار المصرية، واستمر عَلَى ذَلِكَ إلى تاسع عشرين جمادى الأولى سنة ثمانمائة، خلع السلطان عليه باستقراره أمير مجلس عوضاً عن بيبرس ابن أخت الملك الظاهر بحكم انتقال بيبرس إلى الدوادارية الكبرى بعد موت فلمطاي الدوادار، واستمر عَلَى ذَلِكَ إلى أن ركب الأمير عَلَى باي رأس نوبة النوب عَلَى الملك الظاهر برقوق وانكسر وقبض عليه، اتهم آقبغا هذا بالممالأة إلى علي باي، فنفاه السلطان إلى دمشق، ثم قبض عليه بها وسجن الجزء: 2 ¦ الصفحة: 482 بقلعتها إلى أن نوفي الظاهر برقوق وتسلطن الناصر فرج، وخرج الأمير تنم الحستي نائب الشام عن الطاعة، وأطلق آقبغا هذا وصار من حزبه إلى أن كانت الوقعة، وقبض عَلَى نتم وعلى آقبغا المذكور بعد أن قاتل آقبغا يومئذ قتالاً شديداً وأظهر من الشجاعة ما لا مزيد عليه، فإنه كان في جاليش تنم، وكان والدي هو مقدم العساكر في الجاليش المذكور، وكان آقبغا عَلَى ميسرته ودمرداش المحمدي نائب حلب عَلَى ميمنته، فلما تصاففوا للقتال ووقع العين في العين انهزم دمرداش ومعه الزيني فرج بن منجك بمن معهم من المماليك إلى جهة الملك الناصر طائعين له، وبقى والدي وآقبغا هذا في جمع متوسط لا يمكنهم الرجوع إلى تنم فإنه عَلَى مسافة يريد عنهم إلى خلف، فالتقوا مع العسكر السلطاني، وطال القتال بينهم إلى أن كانت الهزيمة عليهم، وقبض على آقبغا ثم عَلَى والدي فيما بعد، وحبس آقبغا هذا بقلعة دمشق إلى أن قتل بها مع من قتل من الأمراء في رابع عشر شعبان سنة اثنتين وثمانمائة. رحمه الله. آقبغا المارداني ...... - 793هـ - ...... - 1390م آقبغا بن عبد الله المارداني، الأمير علاء الدين، نائب الوجه القبلي. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 483 كان أولاَ من جملة الأمراء العشرات، ثم ناب بالوجه القبلي مدة إلى أن قبض عَلَى الظاهر برقوق وحبس بالكرك ثم قبض منطاش عَلَى الناصري أنعم عَلَى آقبغا هذا بإمرة مائة وتقدمة ألف بالديار المصرية، ثم بعد خذلان منطاش قبض عَلَى آقبغا وقتل في سنة ثلاث وتسعين وسبعمائة، رحمه الله تعالى. آقبغا شيطان ...... - 821هـ - ...... - 1418م آقبغا بن عبد الله الظاهري، المعروف بآقبغا شيطان، الأمير علاء الدين. تحرك له سعد في الدولة المؤيدية شيخ، وتولى حسبة القاهرة، وولاية القاهرة، وشد الدواوين، ثم قبض عليه وحبس، ثم قتل في ليلة الخميس سادس شهر شعبان سنة إحدى وعشرين وثمانمائة. وكان عنده نباهة ومعرفة، مع ظلم وعسف، إلا أنه كان عفيفاً عن المنكرات والفروج. رحمه الله تعالى. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 484 آقبغا الجمالي الاستادار ...... - 837هـ - ...... - 1433م آقبغا بن عبد الله الجمالي الأستادار، الأمير علاء الدين، نسبته بالجمالي إلى أستاذه كمشبغا الجمالي الظاهري. أحد أمراء الطيلخاناه بالديار المصرية، وترق آقبغا هذا عند أستاذه حَتَّى صار يتحدث له في جهات إقطاعه، ثم عانى البلص، وتقلب في ذَلِكَ حنى ولي كشف الوجه القبلي وغيره، ثم حدثته نفسه بالاستادارية، فسعى بمال حَتَّى وليها، فلم ينتج أمره وساءت سيرته، وعزل عَلَى أقبح حال، وضرب بالمقارع، ثم وليها ثانياً فيما أظن، وعزل أيضاً عَلَى وجه أقبح من الأول، كل ذلك في حياة أستاذه كمشبغا الجمالي، ودام بطالا إلى أن سافر الملك الأشرف برسباي إلى آمد توجه صحبته من غير إقطاع في سنة ست وثلاثين وثمانمائة، فلما وصلنا إلى آمد صار آقبغا هذا يظهر الشجاعة، ويلقي نفسه إلى الهلاك، ولازال كذلك حَتَّى أنعم الجزء: 2 ¦ الصفحة: 485 السلطان عليه بإمرة عشرة بعد موت الأمير تنبك من سيدي بك المصارع من جرح أصابه بآمد، وعاد صحبة السلطان إلى الديار المصرية، وولي الكشف بالوجه البحري وتوجه إلى دمنهور فلم تطل أيامه، وقتل في المعركة مع العربات في حادي عشرين ربيع الآخر سنة سبع وثلاثين وثمانمائة. وكان رومي الجنس وعنده خلل في عقله، يظهر منه ذَلِكَ عندما يتكلم، وإذا تكلم تكلم بسرعة، ويعيد في لفظة اسم وغير مرة كانت دائماً في لسانه، وكان أهوجاً كريهاً غير محبب للناس وضيعاً، سالبه كلية من علم وفن، لم يتأدب في صغره كعادة المماليك في الأطباق، وإنما ربي في الأزقة والأرياف، ولولا أنه اشتهر في الاستادارية ما ذكرته في هذا الكتاب، عفا الله عنا وعنه. آقبغا التركماني ...... - 844هـ - ...... - 1440م آقبغا بن عبد الله من مامش الناصري، الأمير علاء الدين نائب الكرك. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 486 كان من جملة المماليك الناصرية فرج ومن خاصكيته، ثم تأمر في آخر الدولة الناصرية، وتعطل بعد موت الناصر في الدولة المؤيدية بكاملها إلى أن تسلطن الملك الأشرف برسباي أنعم عليه بعد سلطته بمدة بإمرة عشرة، واستمر عَلَى ذَلِكَ إلى سنة إحدى وأربعين وثمانمائة، ولي إمرة المحمل وسافر بالحج، فمات الأشرف في غيبته وحصل للحاج في هذه السنة محن ومشقة زائدة وأخذ منهم جماعة كثير لسوء تدبير المكور، ولقبح سيرته، وحضر إلى القاهرة واستمر عَلَى حاله إلى سنة ثلاث وأربعين خلع عليه باستقراره في نيابة الكرك فتوجه إليها فلم تحمد سيرته أيضاً بها، فلم تطل مدنه بالكرك وقبض عليه وحبس بقلعتها إلى أن توفي في حدود سنة أربع وأربعين وثمانمائة تقريباً. وكان مهملاً جداً، رحمه الله تعالى. آقبردي المؤيدي المنقار ...... - 820هـ - ...... - 1417م آقبردي بن عبد الله المؤيدي، المعروف بالمنقار، الأمير سيف الدين. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 487 أحد المماليك المؤيدية، وأحد مقدمي الألوف بالديار المصرية في دولة أستاذه، اشتراه المؤيد في حال إمرته وخدمه في أيام تلك الفتن إلى أن تسلطن المؤيد قربه ورفاه وولاه نيابة الإسكندرية، وجعله أمير مائة مقدم ألف، ثم عزل عن نيابة الإسكندرية عند توجهه إلى البلاد الشامية، وأخذه صحبته وهو مريض في محفة إلى أن وصل إلى دمشق مات بها في يوم الخميس سابع عشرين صفر سنة عشرين وثمانمائة. وكان غير مشكور السيرة مشهوراً بالظلم والعسف وقبح الشكل. آقبردي القجماسي نائب غزة ...... - 841هـ - ...... - 1438م آفبردي بن عبد الله القجماسي، الأمير سيف الدين نائب غزة. نسبته إلى معتقه الأمير قجماس ابن عم الملك الظاهر برقوق، والد إينال باي، وتنقل في الخدم إلى أن صار في أواخر الدولة المؤيدية شيخ أمير عشرة، واستمر عَلَى ذَلِكَ سنين لا يلتفت إليه في الدول إلى أن سعى في أواخر الدولة الأشرفية بمال في نيابة غزة، فوليها بعد القبض عَلَى نائبها الأمير تمراز المؤيدي في سابع عشر الجزء: 2 ¦ الصفحة: 488 جمادى الأولى سنة إحدى وأربعين وثمانمائة، وتوجه إليها وباشرها مدة يسيرة، إلى أن توفي بها في شهر ذي القعدة سنة إحدى وأربعين وثمانمائة وهو في عشر الثمانين. وكان ضخماُ طوالا تركيا أشقر، أم يشتهر بديم ولا فروسية، عفا الله عنه. آقلردي المظفري ...... - 847هـ - ...... - 1443م آفبردي بن عبد الله المظفر الظاهري، الأمير سيف الدين. أحد المماليك الظاهرية برقوق، ونسبته بالمظفري إلى تاجره خواجا مظفر كان آقبردي المذكور من جملة المماليك السلطانية، ثم صار خاصكياً ورأس نوبة الجمدارية بعد موت الملك المؤيد شيخ، ودام عَلَى ذَلِكَ سنين طويلة لا ينتقل عما هو فيه، وسأل في الإمرة غير مرة في الدولة الأشرفية فلم يلتفت إليه، ودام عَلَى ذَلِكَ إلى أن أنعم عليه الملك الظاهر جقمق بإمرة عشرة أيضاً بعد جهد كبير في أوائل دولته، وأظنه ندم عَلَى ذَلِكَ، ثم صار من جملة رؤوس النوب الصغار وسافر أمير حج الركب الأول في بعض السنين، الجزء: 2 ¦ الصفحة: 489 وعاد إلى أن رسم له بالتوجه إلى مكة المشرفة مقدماً عَلَى المماليك السلطانية عَلَى عادة من تقدمه في ذَلِكَ، فسار إلى مكة وأقام بها إلى أن توفي سنة سبع وأربعين وثمانمائة. وكان تركي الجنس، قصيراً، مهملاً خفيف اللحية، لا للسيف ولا للضيف، رحمه الله. آقبردي الأشرفي الأمير أخوز ...... - 850هـ - ...... - 1446م آقبردي بن عبد الله الأشرفي، الأمير سيف الدين. كان المذكور أميراً آخورا جندياً في دولة أستاذه الملك الأشرف برسباي، ثم أمره في أواخر دولته عشرة، وجعله أمير آخوارا ثالثاً، واستمر عَلَى ذَلِكَ إلى أن أخرجه الملك الظاهر جقمق إلى طرابلس أميراً بها بعد مدة من سلطته، وأنعم بإمرته عَلَى تمربغا العلمي الظاهري، ودام آقبردي بطرابلس مدة، وتوفي بها قبل الخمسين ثمانمائة. وكان مهملاً، وعنده نوع بله مع سلامة باطن، رحمه الله. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 490 آقبردي منتو ...... - 830هـ - ...... - 1427م آقبردي بن عبد الله، المعروف باقبردي منتو، نسبة إلى طعام معروف. أحد أمراء الطبلخانات بدمشق، وحاجب ثاني، كان أولاً من جملة الأمراء بديار مصر في الدولة المؤيدية شيخ، ثم نقل إلى دمشق ومات بها بعد سنة ثلاثين وثمانمائة تقريباً، رحمه الله تعالى. آق بلاط الدمرداشي ...... - 839هـ - ...... - 1427م آق بلاط بن عبد الله الدمرداشي، الأمير سيف الدين. مملوك الأمير دمراش المحمدي نائب حلب، ترقى بعد قتل أستاذه عند الملك المؤيد شيخ إلى أن صار أمير مائة مقدم ألف، ثم ولي نيابة حماه وغيرها، ثم نقل إلى نيابة ملطية، وأظنه بها توفي بعد الثلاثين وثمانمائة. وكان مشهوراً بالشجاعة، مشكور السيرة، إلا أنه حكى لي غير واحد عنه أنه لما قبض الملك المؤيد عَلَى أستاذه الأمير دمرداش المحمدي وعلى الجزء: 2 ¦ الصفحة: 491 ولي أخيه الأمير قرقماس المعروف بسيدي الكبير والأمير تغري بردى المعروف بسيدي الصغير، وقتلهما المؤيد، ثم أراد أن يفرج عن عمهما دمرداش المحمدي المذكور استشار آق بلاط هذا في إطلاقه، فسكت آق بلاط، فألح عليه المؤيد، فقال يا خوند تقطع ذنب التعبان وتطلق رأسه، فقال له المؤيد صدقت وأرسل بقتل دامرداش بسدن الإسكندرية، فإن صح عنه ذَلِكَ يدل عَلَى عدم خيرة وقلة مروءته. آق تمر نائب السلطنة بمصر ثم دمشق ...... - هـ - ...... - 1377م آق تمر بن عبد الله الصاحبي الحنبلي، الأمير سيف الدين، نائب السلطنة بالديار المصرية ثم بدمشق. كان أولاً من جملة الأمراء، ثم ترقى حَتَّى ولي نيابة دمشق، ثم ولي نيابة السلطنة بديار مصر بعد موت الأمير منجك اليوسفي في سنة سبع وسبعين وسبعمائة، الجزء: 2 ¦ الصفحة: 492 واستمر في النيابة إلى أن مات بالقاهرة في سنة تسع وسبعين وسبعمائة، وكان أميراً جليلاً، ساكناً عاقلاً، رحمه الله تعالى. آقتمر عبد الغني ...... - 783هـ - ...... - 1381م آقتمر بن عبد الله الأتابكي، الأمير سيف الدين، المعروف بأقتمر عبد الغني. كان من أكابر الأمراء بالديار المصرية، وولي عدة أعمال جليلة كناية طرابلس ونيابة دمشق وحجوبية الحجاب بالديار المصرية ونيابة السلطنة بها، ثم ولي أتابك العساكر، وكان يجلس فوق الأتابك برقوق العثماني إلى أن توفي قبل سلطنة برقوق بسنة واحدة في تاسع عشرين جمادى الآخرة سنة ثلاث وثمانين وسبعمائة. وكان أميراً حشماً، عاقلاَ سيوساً، سليم الباطن، كثير الخير والمعروف، رحمه الله تعالى. آقجبا الحموي ...... - 759هـ - ...... - 1357م آقجبا بن عبد الله الحموي، الأمير فخر الدين. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 493 كان أولا من أمراء حماه، ثم نقل إلى ديار مصر أيام الملك الصالح إسماعيل بن محمد بن قلاوون، وحطى وزادت رتبته عند الملك الصالح المذكور حَتَّى لم يبق في الدولة مثله، ومثل الأمير نجم الدين الوزير محمود بن شروين لأنهما كانا أجنهيين في الدولة، وكان الأمير فخر الدين المذكور ينادم الملك الصالح ويسامره، واستمر عَلَى ذَلِكَ إلى أن مات الملك الصالح إسماعيل في سنة ست وأربعين وسبعمائة، وتسلطن أخوه الملك الكامل شعبان بن محمد بن قلاوون، نفى فخر الدين آقجبا هذا إلى حماه، فاستمر بها إلى أن قبض عَلَى الأمي يلبغا اليحياوي نائب دمشق، طلبه الملك المظفر إلى القاهرة، ورسم له بالمقام بها، وأن يكون من جملة الأمراء، فاستمر بالقاهرة، وأرسل أحضر أهله، وبقي إلى أن توفي. آق سنقر النجمي الفارقاني ...... - 677هـ - ...... - 1278م آق سنقر بن عبد الله النجمي الفارقاني، الأمي شمس الدين. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 494 كان من عتقاء الأمير نجم الدين حاجب السلطان الملك الناصر صلاح الدين يوسف، ثم اتصل بخدمة الملك الظاهر بيبرس البندقداري وتقدم عنده وسهب تقدمه عند الظاهر هو أن الظاهر أرسل في بعض الأحيان عشرة مماليك لكشف أخبار بلاد الجزيرة وتلك النواحي، فلما وثلوا إلى الفرات وجدوها زائدة جداً لا يمكن عبورها البته، فرجعوا التسعة إلا هو امتنع من الرجوع، وقال: السلطان ندبني لأمر مهم فإما قمت به وإما مت دونه، ثم جعل ثيابه وعدته مشدودة وحملها عَلَى رأسه وسبح، وسبح فرسه أمامه، حَتَّى قطع الفرات، وخرج إلى البر ولبس ثيابه كما كان، وركب فرسه ومضى حيث أمره السلطان الملك الظاهر بيبرس، وتجسس الأخبار، واجتمع بقوم هناك، فاستفهم منهم الأخبار، وعاد إلى الفرات، وفعل كما فعل أولاً وعاد إلى الملك الظاهر بيبرس، وأخبره بما فعل، فعند ذَلِكَ عظم أمره عنده ومحله، واتفق في ذَلِكَ الوقت أن مات أمير طبلخاناه والفارقاني المذكور بين يديه، فأعطاه الطبلخاناه في الحال، وكان أولاً من جملة أمراء العشرات، وضاعف الإحسان إليه، وصار الملك الظاهر يرقيه إلى أن جعله أستاداراً كبيراً، وصار يستنيبه لمَّا يتوجه إلى البلاد الشامية، ولمَّا يحضر الملك الظاهر إلى القاهرة وتحصل حركة يقدمه عَلَى العساكر ويوجهه حيثما كان الأمر. ولم يزل عند الملك الظاهر في أعلى المنازل إلى أن توفي الملك الظاهر وتولى السلطنة من بعده الملك السعيد ابنه ولاه أيضاً نيابة السلطنة عَلَى جميع المماليك بعد الجزء: 2 ¦ الصفحة: 495 موت الأمير بيليك الخازندار، فلم ترض حاشية الملك السعيد بذلك ووثبوا عليه وأمسكوه واعتقلوه، ولم يسع الملك السعيد إلا موافقتهم فإنه كان معهم آلة، ومهما اختاروا فعلوا. وكان إمساك الأمير شمس الدين آق سنقر الفارقاني هذا سنة ست وسبعين وستمائة، وظل بالسجن إلى أن توفي في جمادى الأولى سنة سبع وسبعين وستمائة. وكان أميراً كبيراً، جسيماً شجاعاً، مقداماً مهاباً، ذا رأي وتدبير وعقل ودهاء، كثير البر والصدقات، عالي الهمة، وله مدرسة عند داره داخل باب سعادة بالقاهرة، وكان توجه مره إلى بلاد النوبة وافتتحها، رحمه الله تعالى وعفا عنه. آق سنقر الناصري ...... - 714هـ - ...... - 1347م آق سنقر بن عبد الله الناصري، الأمير شمس الدين، نسبة إلى الملك الناصر محمد بن قلاوون. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 496 كان خصيصاً عند أستاذه المذكور، رقاه إلى أن جعله أمير مائة مقدم ألف بالديار المصرية، وأمير شكار، وزوجه بإحدى بناته، وصار صهراً لأستاذه، واستمر عَلَى ذَلِكَ إلى أن توفي الملك الناصر محمد بن قلاوون، وتسلطن من بعده الملك الناصر أحمد بعد أخيه الملك الأشرف كجك، استقر آق سنقر هذا أمير آخور فلم يرض بذلك، فأخرجه إلى نيابة عزة فاستمر بها إلى أن أمسك الفخري وتسلطن الملك الصالح إسماعيل بن الناصر محمد بن قلاوون، أرسل يطلب آق سنقر المذكور من غزة واستقر به أيضاً أمير آخور وقربه وأدناه، وجهز مقدم العساكر المصرية لمحاصرة أخيه الملك الناصر أحمد بالكرك، ثم أبطل ذَلِكَ وأخرج عوضه الأمير سيف الدين بَيغرا ثم استقر به في نيابة طرابلس، فتوجه إليها وباشرها وقمع المفسدين بها مع عفة عن أموال الرعية، وذلك في أوائل سنة أربع وسبعمائة. واستمر بها إلى أن تسلطن الملك الكامل شعبان فطلبه إلى القاهرة فحضر إليها في شهر ربيع الآخر سنة ست وأربعين وسبعمائة، وأنعم عليه مائة وتقدمه ألف الجزء: 2 ¦ الصفحة: 497 بديار مصر، وعظم أمره عند السلطان، وأمر الحجازي إلى الغاية، وداما عَلَى ذَلِكَ إلى أن أحسا من السلطان الغدر، كاتبا يلبغا اليحياوي نائب الشام، وقالا له أبرز إلى ظاهر دمشق عاصياً، ففعل ذَلِكَ، فلما سمع الملك الكامل بذلك لم يجد بداً من تجهيز عسكر إليه، فوجه إليه عسكراً قدم عليه أحد الأميرين فخرج العسكر من القاهرة وعاد من بعض الطريق لقتال الملك الكامل، واجتمع الناس عليه بقية النصير، فخرج السلطان الملك الكامل إليه وتقتلا، فانكسر الكامل وانحاز إلى القلعة، وطلع الأمير آق سنقر هذا والحجازي إلى القالعة وقبضا عَلَى الكامل وأحرجا أمير حاج ابن السلطان الملك الناصر محمد بن قلاوون وأجلساه عَلَى كرسي الملك، فاستقر في السلطنة ولقب بالملك المظفر. وزادت عظمة آق سنقر هذا والحجازي في دولة المظفر إلى أن كانت سنة ثمان وأربعين وسبعمائة بلغ الملك المظفر بأنهم قد اجتمعوا غداً عَلَى أنهم يفعلون بك كما فعلوا بأخيك فأحضرهم وأمسكهم جميعاً وهم الأمير آق سنقر صاحب الترجمة، والأمير ملك تمر الحجازي، وقرابغا الساقي صهر يلبغا اليحياوي نائب الشام، والأمير أيتمش والأمير ثمغار والأمير بزلار، والأمير طقبغا العمري الجزء: 2 ¦ الصفحة: 498 وأولاد أيدغمش وابن بكتمر الحاجب، وكان القائم بهذا الأمر الأمير شجاع الدين أغزلو، ذكرناه شيئاً من هذا في ترجمته. فأما آق سنقر هذا وملكتمر الحجازي فإنهما قتلا في الوقت من يومهم، وذلك في يوم الأحد تاسع عشر شهر ربيع الآخرة سنة ثمان وأربعين وسبعمائة وجهز الباقي إلى الإسكندرية. رحمهما الله تعالى. آق سنقر السلاري نائب السلطنة بمصر ...... - 744هـ - ...... - 1343م آق سنقر بن عبد الله السلاري الأمير شمس الدين. كان من جملة الأمراء في الدولة الناصرية محمد بن قلاوون بعد أن تنقل في الدولة بعد موت أستاذه سلار في عدة خدم، ثم ولاه الناصر نيابة صفد، فتوجه إليها وباشرها وحسنت سيرته، ثم نقل إلى نيابة غزة، فاستمر بها إلى أن توفي الملك الناصر وتسلطن ابنه المنصور أبو بكر فاستمر به عَلَى نيابة غزة - ثم خلع المنصور وتسلطن أخوه الأشرب كجك، وتوجه الفخري لمحاصرة الملك النار أحمد بالكرك، قام آق سنقر بنصرة الملك الناصر قياماً عظيماً، وأمسك الدروب وقبض عَلَى كل من جاء من مصر، وحمله إلى الناصر بالكرك، فلما ملك الملك الناصر الديار المصرية وقبض عَلَى الأمير طشتمر حمص أخضر الجزء: 2 ¦ الصفحة: 499 ولي الأمير آق سنقر هذا نيابة السلطنة بالديار المصرية عوضه، ثم توجه الناصر ثانياً إلى الكرك، حسبما ذكرناه في ترجمة الناصر أحمد. ودام آق سنقر المذكور بديار مصر، وحسنت سيرته، وأظهر العدل والكرم المفرط، حَتَّى أنه كان لا يمنع أحداً شيئاً طلبه منه كائناً من كام، إلى أن تسلطن الملك الصالح استوحش منه وقبض عليه، وأمسك معه الأمير بيغرا أمير جندار، والأمير آلاجا، والأمير قراجا الحاجبين، لأنهم نسبوا الجميع إلى المملأة للملك الناصر أحمد، وذلك في أوائل سنة أربع وأربعين وسبعمائة. وكان ذَلِكَ آخر العهد بصاحب الترجمة. رحمة الله تعالى. آق سنقر الأشرفي الحاجبي ...... - 830هـ - ...... - 1427م آق سنقر بن عبد الله الأشرفي، الأمير شمس الدين، أحد الحجاب في الدولة الأشرفية برسباي. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 500 كان من مماليك الملك الأشرف شعبان بن حسين ومن خواصه، ووقع له بعد موت أستاذه خطوب آلت إلى بطالته سنين عديدة، وزل الدهر به إلى أن صار فقيراً لا يملك شيئاً، إلى أن تسلطن الملك المؤيد شيخ طلبه وأنعم عليه بإمرة خمسة، وجعله من جملة الحجاب بالديار المصرية وكان يسميه أغا، ودام عَلَى ذَلِكَ إلى سنين من سلطنة الملك الأشرف برسباي، ورأيته غير مرة، كان شيخاً طوالا، خفيف اللحية، نحيفاً طريفاً، متواضعاً، وقيل أنه كان من شبيبته يحسن الضرب بالقبز إلى الغاية، ومات وهو في سن الشيخوخة في حدود الثلاثين وثمانمائة تخميناً. رحمه الله. أقطاجي ابن بنت نوغيه ملك التتار ...... - 698هـ - ...... - 1298م آقطاجي بن طشتمر ابن بنت الماك نوغيه. قتل بمدينة كفا، وهي مدينة للفرنج الجنوبية بين مدينة قرم واسطانبول، وذلك أن نوغيه جد المذكور لما كسر القان طقطقاي ملك التتار ببلاد الشرق، الجزء: 2 ¦ الصفحة: 501 واستولى عَلَى البلاد الشمالية وغلب بلاد الدشت أرشل ابن ببنته الأمير آقطاجي هذا إلى قرم لجني المال المقرر عَلَى أهلها لأنه كان وهبها له، فسار إليها آقطاجي بن طشمر المذكور، ومعه أمير يسمى الطبرس وعسكر مقدار أربعة آلاف فارس، فدخل إلى كفا، وطالب أهلها بمال فضيقوه وقدموا إليه شيئاً من المأكول وخمراً للشرب، فأكل وشرب، وحكم عليه السكر فوثبوا إليه وقتلوه. وبلغ خبره إلى جده نوغيه فأرسل عسكراً كثيفاً إلى قرم صحبة ناجي أحد أمرائه، فنهبوها وحرقوها، وقتلوا من القرم جماعة، وسبوا من كان فيها من تجار المسلمين، وأخذوا أموالهم، ثم نهبوا صار وكرمان وفراق وكرخ، وأخربوا عدة بلاد، كل ذَلِكَ لأجل آقطاجي، صاحب الترجمة. آقطاي الجمدار النجمي الصالحي ...... - 652هـ - ...... - 1254م آقطاي بن عبد الله الجمدار، الأمير فارس الدين الصالحي النجمي التركي. قال الشيخ شمس الدين بن الجزري في تاريخه أنه كان مملوك التركي إبراهيم المعروف بالحبيلي اشتراه بدمشق ورباه وباعه بألف دينار، فلما صار أميراً أقطعوه الجزء: 2 ¦ الصفحة: 502 الإسكندرية، وطلب من الملك الناصر صاحب دمشق إطلاق أستاذه المذكور، وكان محبوساً بحمص، فأطلقه وأرسله إليه، فبالغ في إكرامه وخلع عليه، وأعطاه ألفي دينار. قال: وكان طائشاً عاملاً عَلَى السلطنة، وانضاف إليه البحرية كالرشيدي، وبيبرس البندقداري الذي تسلطن بعد، وسار مرتين إلى الصعيد، وعسف وقتل وتجبر، كان يركب في دست يضاهي السلطنة ولا يلتفت إلى الملك المعز أيبك، بل كان يدخل إلى الخزائن ويأخذ ما يختار، ثم إنه تزوج ببنت صاحب حماه وبعثت إليه العروس في تجمل زائد، فطلب من السلطان الملك المعز أيبك التركي القلعة ليسكن فيها، وصمم عَلَى ذَلِكَ، فقالت شجر الدر لزوجها المعز: هذا نحس، وتعاملا عَلَى قتله. قال: حدثني عز الدين أيبك أحد مماليك الفارس آقطاي، قال: طلع أستاذي إلى القالعة عَلَى عادته ليأخذ أموالاً للبحرية فقال له المعز: ما بقى في الخزائن شيء فامض بنا إليها لنعرضها، وكان قد رتب له في طريق الخزانة مملوكه قطز الذي تسلطن، ومعه عشرة مماليك في مضيق، فخرج عليه وقتلوه، وأغلقت الجزء: 2 ¦ الصفحة: 503 القلعة، فركب البحرية ومماليكه، وكانوا نحو سبعمائة فارس، وقصدوا القلعة، فرمى رأسه إليهم، فهربوا، وذهبت طائفة منهم إلى الشام، انتهى. كلام الجوري. قلت: وكانت قتلته في شعبان سنة اثنتين وخمسين وستمائة، رحمه الله تعالى. آقطاي الأتابكي النجمي الصالحي ...... - 672هـ - ...... - 1273م آقطاي بن عبد الله النجمي الصالحي، الأمير فارس الدين المعروف بالمستغرب. كان أصله مملوكاً لنجم الدين محمد بن يمن، ثم انتقل إلى ملك الملك الصالح نجم الدين أيوب، وهذا كان يقال له آقطاي المستعرب، ثم عاد رقاه الملك الصالح أيوب وأمره، وتنقلت به الأحوال إلى أن تسلطن الملك المظفر قطز قربه وأدناه وجعله أتابك الجيش، وبقى لا يضاهيه أحد في الدولة ولا يعارضه فيما يفعل، واستمر عَلَى ذَلِكَ إلى أن قتل المظفر أراد كل من الأمراء الأكابر الجزء: 2 ¦ الصفحة: 504 أن يتسلطن، فقام الأمير فارس الدين آقطاي المذكور وقدم ركن الدين بيبرس البندقداري وسلطنة وحلف له في الوقت، فلم يسع بقية الأمراء إلا السمع والطاعة، وفعلوا كما فعل، فتم أمر الملك الظاهر، وعرف الملك الظاهر لآقطاي ذَلِكَ، واستمر به عَلَى حاله في علو ومنزلته ونفاذ الأمر والحرمة الزائدة، وبقى عَلَى ذَلِكَ سنتين وصار الظاهر بيبرس يختار الراحة منه في الباطن ولا يسعه أن يصرح بذلك، لعدم وجود من يقوم مقامه، فإنه كان صاحب رأي وتدبير وخبرة ومعرفة ورئاسة ومهابة، فأنشأ الملك الظاهر بيليك الحازندار وأمره أن يلازمه والاقتباس منه، فلازمه مدة طويلة، فلما علم الظاهر بأنه صار أهلاً لما يريد منه استقر به مشاركاً للأمير آقطاي، وقطع غالب روايته، وأخرج جملة من إقطاعا ته، فامتثل آقطاي ذَلِكَ وأنجع، وادعى أن به جزام، وطلب الانقطاع للتدواي، ولبس به ما قال، وحصل له من الغبن ما أتلفه، فمات قهراً في جمادى الأولى سنة اثنتين وسبعين وستمائة، وقد نيف عَلَى السبعين رحمه الله تعالى. آقطوان الكمالي ...... - 734هـ - ...... - 1334م آقطوان بن عبد الله الكمالي، الأمير علم الدين. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 505 تنقل في عدة ولايات، وولي نيابة قلعة صفد، والحجوبية الكبر بها، وكان له ثروة، وهو مشكور السيرة، توفي بصفد في سنة أربع وثلاثين وسبعمائة. كان شكلاً مهاباً، طوالا، أبيضاً مشرباُ بحمرة، وكان عديم الشر، رحمه الله تعالى. آقطوان المهمندار ...... - 677هـ - ...... - 1278م آقطوان بن عبد الله المهمندار، الأمير علاء الدين. أحد أمراء دمشق، كان خيراً عاقلاً شجاعاً، توفي بدمشق في سنة سبع وسبعين وستمائة وقد نيف عَلَى الأربعين، رحمه الله تعالى. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 506 //بسم الله الرحمن الرحيم رب يسر وأعن يا كريم آقطوه الأشرفي آقطوه بن عبد الله الأشرفي، الأمير سيف الدين، قريب الملك الأشرف برسباي. قدم من بلاد الجاركس مع جملة أقارب الأشرف قبل سنة ثلاثين وثمانمائة فجعله السلطان خاصكياً، وأنعم عليه بإقطاع جيد، ثم أمره بعد سنة ثلاثين، وجعله شريكا لأخيه جانم - الآتي ذكره في محله - وكان الإقطاع المنعم الجزء: 3 ¦ الصفحة: 5 به عليهما إمرة طبلخاناه، فاستمر به عليهما إمرة طبلخاناه، فاستمر آقطوه المذكور على ذلك إلى أن توفى بالطاعون في سنة ثلاث وثلاثين وثمانمائة، وخلف بنتاً تزوجها المقام الناصري محمد بن الملك الظاهري جقمق، ومات عنها. وكان شاباً أشقر، عاقلاً، وعنده سكون وأدب مع قلة معرفة، ومات وسنه دون الثلاثين، رحمه الله تعالى. آقطوه الموساوي آقطوه بن عبد الله الموساوي الظاهري، الأمير سيف الدين. هو من أصاغر المماليك الظاهرية برقوق، ومن أنيات الأتابك يلبغا الناصري، وممن صار من جملة الدوادارية الصغار في الدولة المؤيدية شيخ إلى الجزء: 3 ¦ الصفحة: 6 أن أنعم عليه الملك الظاهر ططر بإمرة عشرة، ثم صار مهمنداراً في الدولة الأشرفية برسباي، ثم أرسله الملك الأشرف بعد سنة ست وثلاثين إلى القان معين الدين شاه رخ بن تيمورلنك، فغاب مدة تزيد على سنة، وقدم إلى الديار المصرية بعد أن قاسى خطوباً في طريقه. واستمر على إمرته إلى أن مات الملك الأشرف برسباي في سنة إحدى وأربعين وثمانمائة، ثم آلت السلطنة بعد الملك العزيز يوسف بن برسباي إلى الملك الظاهر جقمق، أنعم عليه بإمرة طبلخاناه عوضاً عن الأمير طوخ من تمراز الناصري - المعروف ببني بازق - بحكم انتقال طوخ إلى طبلخاناة غيرها. واستمر آقطوه على ذلك مدة، إلى أن الجزء: 3 ¦ الصفحة: 7 نقاه السلطان إلى البلاد الشامية، وأنعم بإقطاعه على الأمير ألطنبغا اللفاف الظاهري زيادة على ما بيده، فأقام المذكور بالبلاد الشامية مدة، ثم شفع فيه وطلب إلى القاهرة؛ فأقام بها مدة، وأنعم عليه بإمرة عشرة بعد موت الأمير أبي يزيد الأشرفي فاستمر على ذلك مدة إلى أن خلع عليه بكشف الجسور وتوجه إلى ما ندب إليه، فلم تشكر سيرته، وشكاه بعض خواص الملك الظاهر له؛ فرسم بنفيه أيضاً، وأنعم بإقطاعه على الأمير تغرى برمش اليشبكي الزرد كاش زيادة على ما بيده، ثم شفع في آقطوه المذكور؛ ليقيم بالقاهرة بطالاً، فأمر له بذلك. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 8 قام بالقاهرة إلى أن توفى بعد مرض يسير في شهر صفر سنة اثنتين وخمسين وثمانمائة، وسنه نيف على السبعين، وخلف مالاً جزيلاً وعدة أملاك. وكان تركي الجنس، متوسط القد، خفيف اللحية، مسيكاً، إلا أنه كان عفيفاً عن القاذورات، ويشارك في بعض مسائل، ويذاكر بالتاريخ مذاكرة هينة، رحمه الله تعالى. الأفرم، نائب الشام آقوش بن عبد الله الدواداري المنصوري، الأمير جمال الدين، المعروف بالأفرم - وهو غير الأفرم صاحب الرباط والأموال -. قال الشيخ صلاح الدين: نقل الأفرم من مصر إلى الشام أميراً بها قبل النيابة، الجزء: 3 ¦ الصفحة: 9 وأقام بها مدة في لهو وأنس وطرب. فلما كانت أيام العادل كتبغا، وتقدم لاجين وصار نائب مصر، اشتد عضد الأفرم به؛ لأنهما كانا ابني خالة، وكانا جراكسة، ثم قال: أخبرني القاضي شهاب الدين بن فضل الله، قال: الأفرم من مماليك المنصور قلاوون، جركسي الأصل، وكان من السلاحدارية. وهو من أكابر البرجية، وكان مغرى بالنشاب والعلاج والصراع واللكام والثقاف. وتأمر وهو على هذا. وكان محباً للصيد لا يكاد يصبر عنه، وكان واسع السماط، قليل العطاء، وكان فقيرا أكثر ما ملك سبعة آلاف دينار. انتهى كلام الشيخ صلاح الدين الصفدي باختصار. وكان في نيابته بدمشق يسكن بقصرها الأبلق، وأنشأ بدمشق الجزء: 3 ¦ الصفحة: 10 - بالصالحية - جامعه المشهور، وجدد ما خرب من جامع العقيبة. وله بدمشق محاسن ومآثر. وكان عنده ظرف وأدب، وكان ينادم الشيخ صدر الدين بن الوكيل، والشيخ بدر الدين بن العطار، والملك الكامل، وكان قد عظم في نيابته بدمشق لا سيما في دولة الملك بيبرس الجاشنكير، حتى إنه كان يكتب تواقيع بوظائف وإقطاعات ويبعثها إلى ديار مصر؛ ليعلم السلطان عليها، وأشياء من هذا النمط، وأقام على ذلك إلى أن عاد الملك الناصر محمد بن قلاوون، قبض عليه وبعثه إلى صرخد بطالاً، فكتب إليه الشيخ صدر الدين بن الوكيل أبياتاً منها: الجزء: 3 ¦ الصفحة: 11 أيا جيرةً بالقصر كان لهم مغنىً ... رحلتم فعاد القصر لفظاً بلا معنى وأظلم لما غاب نور جماله ... وقد كان من شمس الضحى نوره أسنى وبعث صحبة الرسول حامل الأبيات حلوى وفاكهة، وكان خارجاً للصيد، فقال للخازندار: كم معك؟ فقال: ألف درهم، فقال: ما تكفى الشيخ يا صبيان، أقرضوني حوائصكم فأخذها - وهي عشرون حياصة ذهباً - وجهزها قرين الدراهم. ثم ولاه الملك الناصر نيابة طرابلس في سنة إحدى عشرة وسبعمائة، فأقام بها ستة أشهر، وخاف من الملك الناصر؛ فتسحب هو والأمير قراسنقر المنصوري نائب حلب، ولما اتفق مع قراسنقر وخرجا بمن مهما جهة المشرق بكى الأفرم، وأنشد قوله: سيذكرني قومي إذا جد جدهم ... وفي الليلة الظلماء يفتقد البدر الجزء: 3 ¦ الصفحة: 12 فقال له قراسنقر: امش بلا فشار، تبكي عليهم ولا يبكون عليك فقال الأفرم: والله ما بي إلا فراق ابني موسى فقال له قراسنقر: أي بغاية بصقت في رحمها جاء منه موسى وإبراهيم وعدد أسماء كثيرة، وتوجها فلحقا بخرابند ابن أرغون بن أبغا بن هولاكو ملك التتار، فتلقاهما بالإكرام، وصرف كل منهما في جهة من بلاده. وطالت مدتهما في تلك البلاد سنين، وأقطعه خرابند همذان إلى أن توفى بالفالج في سنة عشرين وسبعمائة، وقيل في سنة ست عشرة وسبعمائة. وتوفيت زوجته بنت الأمير أيدمر الزرد كاش بعده بمدة يسيرة - رحمه الله -. قال الصفدي: وكان أميراً شجاعاً، جواداً سخياً، ذا رأي وتدبير، محباً لأهل العلم يحب مجالستهم، حسن المحاضرة، يحب الأدب، مدحه جماعة من شعراء عصره بغرر القصائد، وكان يجيز عليها بالجوائز السنية، وكان منقاداً للشريعة، له آثار حسنة. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 13 وكان رنكه دائرة بيضاء يشقها شطب أخضر عليه سيف أحمر يمر في البياض الفوقاني إلى البياض التحتاني على الشطب الأخضر. وقال الشعراء فيه، من ذلك قول نجم الدين هاشم الشافعي: سيوفٌ سقاها من دماء عداته ... وأقسم عن ورد الردى لا يردها وأبرزها في أبيضٍ مثل كفه ... على أخضرٍ مثل المسن يحدها قال: وكان الرنك في غاية من الظرف، حتى إن النساء الخواطئ وغيرهن كن ينقشنه على معاصمهن. انتهى. البرنلي، المتغلب على البلاد الشامية آقوش بن عبد الله العزيزي، الأمير شمس الدين، المعروف بالبرنلي والبرناو - كلاهما لغة من اللغة التركية معناهما: المأنوف -. كان من أكابر مماليك السلطان الملك العزيز غياث الدين محمد بن السلطان الجزء: 3 ¦ الصفحة: 14 الملك الظاهر غازي بن يوسف بن أيوب صاحب حلب. نشأ في خدمته، ثم في خدمة ولده السلطان الملك الناصر يوسف من بعده. وسار مع الناصر لقتال المعز أيبك التركماني صاحب مصر في سنة ثمانٍ وأربعين وستمائة، فانكسر الملك الناصر، وخامر آقوش البرنلي هذا وجماعة من العزيزية وانضافوا إلى المعز، ثم أرادوا الفتك بالمعز، فعلم بهم وقبض على بعضهم وهرب بعضهم، فكان آقوش البرنلي ممن هرب، وتوجه عائداً إلى الملك الناصر صاحب حلب، فقبض عليه الناصر واعتقله بقلعة عجلون؛ إلى أن توجه الناصر بعساكره مندفعا بين يدي التتار في سنة ثمان وخمسين وستمائة؛ فأخرجه السلطان من حبس عجلون وأكرمه، ودام عنده إلى أن انهزم الناصر من الملك المظفر قطز بقطبا وتفرقت عساكره عنه، دخل البرنلي مع العساكر المصرية إلى القاهرة، الجزء: 3 ¦ الصفحة: 15 واتصل بالملك المظفر، فأحسن إليه واستنابه بغزة وبالبلاد الساحلية مع جماعة كثيرة من العرب، وأقطعهم إقطاعات هائلة إلى أن قتل الملك المظفر قطز وتسلطن الملك الظاهر بيبرس البندقداري، وخرج الأمير علم الدين سنجر الحلبي نائب دمشق عن طاعته، وادعى السلطنة لنفسه، واستحلف الأمراء والأعيان وجلس بقلعة دمشق، وتلقب بالملك المجاهد. طلب الملك الظاهر بيبرس آقوش البرنلي، وأغدق عليه وعلى جماعة من العزيزية والناصرية؛ وأمرهم بالتوجه مع العساكر المصرية؛ لمحاصرة الأمير علم الدين سنجر الحلبي، المتغلب على دمشق، فتوجه إليها صحبة العساكر، وملكوا الجزء: 3 ¦ الصفحة: 16 دمشق، واستمر بها هو والعزيزية إلى أن جهز الملك الظاهر بيبرس الأمير فخر الدين الحمصي مقدماً على العساكر المصرية في سنة تسع وخمسين وستمائة؛ لتنزيح التتار عن البلاد الحلبية. استشعر آقوش البرنلي من الملك الظاهر بيبرس بالقبض عليه، فخرج هارباً إلى حلب، وكان تقدمه إلى حلب فخر الدين الحمصي والأمير لاجين العينتابي، فخرج الأمير فخر الدين لتلقيه، ظناً منه أنه جاء نجدةً له، ودخل البرنلي هذا حلب وتغلب عليها، فخافه الحمصي، وعمل الحيلة في خروجه من حلب وعوده إلى الملك الظاهر بدمشق، فتم له ذلك، وقبض البرنلي على حواشي الحمصي وصادرهم، وأبقى على العينتابي، وأمر وأقطع، ووفد عليها زامل بن حديثة، ففرق عليه وعلى أصحابه تسعة آلاف مكوك، مما احتاط عليه من الغلال التي كانت مطمورة بحلب، وفرق في التركمان أربعة آلاف أخرى، وبلغ الملك الظاهر بيبرس ذلك، فولى الحلبي نيابة حلب، وبعث معه عسكراً، عليهم الأمير جمال الدين آقوش الجزء: 3 ¦ الصفحة: 17 المحمدي. فلما قرب العسكر من حلب خرج منها البرنلي ودخلها الحلبي، وسار آقوش المحمدي يتبع البرنلي حيث توجه، فأدركه في الطريق فركب البرنلي ودخل على المحمدي في مخيمه، وقال: أنا مملوك السلطان وما هربت خوفاً منه، وقد رغبت إليك في أن تستعطفه بحيث يبقى على حران، فإني طردت نواب التتار ووليت فيها، ومتى لم يسمح لي بها لم أجد بداً من التجائي إلى التتار، فتكفل المحمدي بما لتمسه ورحل عائداً، ودخل البرنلي إلى حران، وكان ذلك خديعة منه، ثم تسلم البيرة وقصد حلب، فلما كان بتل باشر، خرج عن طاعة الحلبي أكثر من كان معه ولحق بالبرنلي، وخرج الحلبي من حلب ليلاً. فلما علم البرنلي بذلك بعث إليها الأمير طقصبا الناصري وكيكلدي الحلبي وتسلماها. ثم لما وردت الأخبار على الملك الظاهر بيبرس بذلك برز بالعساكر الجزء: 3 ¦ الصفحة: 18 المصرية ومعه الخليفة وأولاد صاحب الموصل إلى بركة الجب وأقام إلى عيد الفطر، فوصل إليه في خلال هذه الأيام آقوش المحمدي، فأنكر عليه الظاهر، ثم استقل بالمسير حتى وصل دمشق يوم الاثنين سابع ذي القعدة من السنة، فجهز الأمير علاء الدين الأيدكي البندقداري إلى نيابة حلب، وبعث معه عسكراً لمحاربة البرنلي وعليهم الأمير بلبان الرشيدي، فخرج الجميع من دمشق في منتصف ذي القعدة. فلما وصلوا إلى حماة خرج البرنلي من حلب وقصد حران، فتبعه الرشيدي، ودخل البندقداري حلب. فلما قارب الرشيدي الفرات رحل البرنلي عن حران وقصد قلعة القرادي، فحاصرها حتى أخذها من التتار عنوة ونهبها، وعاد الرشيدي إلى نحو الديار المصرية، فرجع البرنلي إلى البيرة، وبعث جماعة من أصحابه إلى حلب. وبلغ الخبر البندقداري، ففر من حلب وقصد حماة، وأقام الجزء: 3 ¦ الصفحة: 19 ببلدها، ودخل البرنلي حلب مظهراً طاعة الملك الظاهر بيبرس، وأقام بها إلى أن كتب إليه الملك الصالح واستنجده؛ فكتب إلى الملك الظاهر يستأذنه في التوجه لنصرته؛ فأجابه، وأمره بالتربص بحران إلى أن يصل إليه العسكر السلطاني بنجدته - صاحب الموصل -، فوصل حران وأقام بها، ثم خاف من العسكر السلطاني أن يقبض عليه؛ فتوجه بمن معه إلى سنجار لنجدته - الملك الصالح -، وكان التتار يحاصرون الصالح بسنجار، فلما بلغهم قدوم البرنلي غرهم كبيرهم صندغون بمن معه على الهرب، واتفق وصول الزين الحافظي إليه من عند هولاكو فقال لهم: إن الجماعة التي مع البرنلي قليلة، وأن المصلحة تقتضي ملاقاته؛ فقوى عزمهم فرجعوا إلى البرنلي والتقوا معه بطائفة التتار، وهم نحو عشرة آلاف وعليهم صندغون، ومع الجزء: 3 ¦ الصفحة: 20 البرنلي تسعمائة فارس وأربعمائة من التركمان، فتردد البرنلي في قتالهم، ثم قاتلهم وانكسر وانهزم جريحاً في رجله، وقتل ممن معه جماعة بعد أن قاتلوا قتالاً شديداً، وعاد البرنلي في جماعة من الأمراء العزيزية والناصرية إلى البيرة؛ ففارقه أكثرهم ودخلوا الديار المصرية، ثم طلب البرنلي الأمان من الملك الظاهر، فأجابه لذلك، وطلبه إلى الديار المصرية، فخرج من البيرة في تاسع عشر شهر رمضان سنة ستين وستمائة، واجتمع بالبندقداري نائب حلب بعد أن توثق كلامهما بالأيمان، ودخل البرنلي القاهرة في غرة ذي الحجة من السنة، فأكرمه وأنعم عليه بإمرة سبعين فارس، ودام بالقاهرة إلى أن اتفق مع جماعة أن يملكوه، فكان ذلك أعظم الدواعي إلى القبض عليه مع أمور أخر، وأمسكه الملك الظاهر بيبرس - وكان ذلك آخر العهد به - في سنة إحدى وستين وستمائة، وقيل إنه سجن بقلعة الجبل إلى أن مات في سنة ثمان وستين وستمائة. وقيل أن القبض كان عليه في سنة اثنتين وستين، قاله القاضي شمس الدين بن صقر. وقد اختلف المؤرخون في حكاية البرنلي، رحمه الله تعالى. الشمسي نائب حلب آقوش بن عبد الله الشمسي، الأمير جمال الدين. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 21 أصله من مماليك الأمير شمس الدين سنقر الأشقر، وهو خجداش الأمير بدر الدين بيسرى. كان أحد الأبطال، وهو الذي قتل كتبغا مقدم التتار على عين جالوت، والذي قبض على عز الدين أيدمر الظاهري نائب دمشق. وكان أولاً من الأمراء بديار مصر، ثم ولى نيابة حلب في سنة ثمان وسبعين وستمائة وباشرها مدة قليلة. ومات في أواخر السنة المذكورة. وكان أميراً، شجاعاً، مقداماً، كريماً، عفيفاً، رحمه الله تعالى. الركني الطباخ آقوش بن عبد الله الركني، الأمير جمال الدين، المعروف بالطباخ. كان أحد أمراء دمشق. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 22 أصله مملوك بيبرس - الذي كسر الفرنج بأرض غزة -. ولبيبرس المذكور عدة مماليك أعيان منهم: الأمير إيغان - المعروف بسم الموت - وآقوش صاحب الترجمة وغيرهما. وتوفي آقوش هذا بحلب في سنة ثمان وتسعين وستمائة، ثم نقل إلى حمص. المحمدي الصالحي النجمي آقوش بن عبد الله المحمدي الصالحي النجمي، الأمير جمال الدين. كان من مماليك الملك الصالح نجم الدين أيوب، ومن أعيان أمراء الملك الظاهر بيبرس. ولما وردت الأخبار على الملك الظاهر بيبرس بنزول التتار على الجزء: 3 ¦ الصفحة: 23 البيرة وحصارهم لها، جهز السلطان الملك الظاهر بيبرس عسكراً، وتقدم العسكر الأمير عز الدين إيغان الركني - المعروف بسم الموت - والأمير جمال الدين آقوش صاحب الترجمة، وصحبتهم العساكر الشامية. فلما بلغ التتار مجيئ العساكر رحلوا عن البيرة، وكان آقوش هذا مرصوداً عند الملك الظاهر بيبرس لكل أمر مهم إلى أن توفى سنة ست وسبعين وستمائة وقد ناهز السبعين سنة. وكان رحمه الله تعالى معدوداً من الشجعان الأسخياء، رحمه الله تعالى. النجيبي الصالحي آقوش بن عبد الله النجيبي الصالحي، الأمير الكبير جمال الدين. أحد المماليك الصالحية، وتنقل في الوظائف إلى أن جعله أستاذه الملك الصالح نجم الدين أيوب أستاداراً، وصار يعتمد عليه في غالب أحواله ومهماته الجزء: 3 ¦ الصفحة: 24 إلى أن توفى الملك الصالح، وآل الأمر بعد مدة طويلة إلى الملك الظاهر بيبرس استقر به أيضاً أستاداراً في أوائل أمره، ثم جعله نائب دمشق تسع سنين، ثم عزل عن نيابة دمشق برغبته عنها وتقصر بطالاً سبع سنين قبل موته، وحرمته في الدولة قائمةٌ، ومكانته عالية. ولما مرض عاده الملك الظاهر بيبرس، ومات بعد أيام في خامس ربيع الآخر سنة سبع وسبعين وستمائة بداره بدرب ملوخيا. وكان ابتنى لنفسه تربة بالمدرسة النجيبية، وفتح لها شبابيك إلى الطريق، فلم يقدر دفنه فيها، ودفن بتربته التي أنشأها بالقرافة الصغرى من القاهرة. وكان كثير الصدقات والبر، محباً في الفقراء والعلماء، حسن الاعتقاد متغالياً في السنة وحب الصحابة، وعنده تحامل كبير على الشيعة. وبنى مدرسة بدمشق إلى جانب مدرسة نور الدين الشهيد، وبنى له بها تربةً ولم يدفن فيها، ووقف على مدرسته وخانقاته - والخانقاة ظاهر دمشق بالشرف الجزء: 3 ¦ الصفحة: 25 القبلي - وجعل النظر لقاضي القضاة شمس الدين بن خلكان. وكان ضخم الشكل، جهوري الصوت، كثير الأكل، وله أوقاف على الحرمين، رحمه الله تعالى. قتال السبع آقوش بن عبد الله المنصوري، الأمير جمال الدين المعروف بقتال السبع. أصله من مماليك الملك المنصور قلاوون، وترقى إلى أن صار من أعيان الأمراء بالديار المصرية. وولى عدة وظائف إلى أن توفى سنة عشر وسبعمائة. وله آثار بالقاهرة معروفة به. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 26 الأشرفي نائب الكرك آقوش بن عبد الله الأشرفي، الأمير جمال الدين نائب الكرك. أصله من مماليك الملك الأشرف خليل بن قلاوون، وترقى إلى أن صار من جملة أمراء الديار المصرية، ثم ولى نيابة الكرك، ثم نقله الملك الناصر محمد ابن قلاوون إلى نيابة دمشق بعد الأمير كراي بحكم القبض عليه، فأقام آقوش هذا في نيابة دمشق مدة، وعزل بالأمير تنكز وطلب إلى القاهرة، وصار يجلس رأس الميمنة، ويقوم له السلطان إذا دخل - ميزة عن غيره - وكان لا يلبس المصقول، ويتوجه إلى الحمام في السحر وهو حامل الطاسة والمئزر، ويقلب عليه الماء، ويخرج وحده من غير بابا ولا مملوك. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 27 وحكي عنه أنه دخل مرة الحمام فرآه بعض من يعرفه، فأخذ الحجر وحك رجليه وغسله بالسدر، ولم يكلمه كلمة واحدة. فلما خرج طلبه ورماه إلى الأرض وضربه بالعصا، وقال له: أنا مالي مملوك، ما عندي بابا، مالي غلمان حتى تتجرأ علي. ولما عمر جامعه بالحسينية - خارج القاهرة - فكان يتفقده في غالب الأحيان؛ لينظر حاله، ولم يدخل معه أحد من مماليكه، فويل للقيم إن رأى به تراباً. فلما كان في بعض الأيام - وهو بمفرده في الجامع المذكور على عادته - لم يشعر إلا وجندي من أكراد الحسينية قد بسط سفرةً وقصعة لبن ورقاق في وسط الجامع، فأيقن كل أحد له بالقتل في ذلك اليوم، وقال: بسم الله ثم التفت إلى الأمير، فرآه ولم يعرفه، فحسبه طفيلي، فقال له: من أعلمك بي أو دلك علي؟ قال: والله ولا أحد فطلب الأمير مماليكه وأكل وانبسط، وأمر له بستمائة درهم، فاتفق أن أتاه بعد ذلك كردي آخر وفعل مثل ذلك، فأمر به فضرب ستمائة عصا. وقيل إنه كان يقصد المطالب. وكان جواداً. قيل إنه ما تجرد إلى جهة من الجهات ورافقه أحد إلا وكان أكله على سماطه - ذهابه وإيابه - ويعلفون من عليفه من يوم خروجهم من القاهرة إلى عودهم. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 28 وكان السماط الذي يمده في يوم العيد - عبد الفطر - نظير السلطان، ثم ولاه السلطان نظر البيمارستان المنصوري. ومن يومئذ صار ذلك عادة لكل أمير يكون رأس الميمنة. قلت: وأما الأمير الكبير الذي هو الآن في زماننا هذا أول من سمى به الأمير شيخو صاحب الخانقاة، وإنما كان قبل ذلك من كان قديماً في الإمرة يقعد رأس الميمنة، انتهى. ثم أخرجه الملك الناصر محمد بن قلاوون إلى نيابة طرابلس في أول سنة أربع وثلاثين وسبعمائة، فأقام بها مدة، ثم طلب الإقالة والتوجه إلى القدس، فرسم له بالحضور. فلما وصل إلى دمشق خرج إلى لقائه الأمير تنكز نائب الشام وعمل له سماطاً في دار السعادة. فلما حضر لأكل السماط قبض عليه وحبسه بقلعة دمشق. وقيل إنه لما كان نائب الشام كتب إليه شخص ورقة فيها: المملوك يسأل الحضور بين يدي ملك الأمراء؛ فوقع على جانبها: الاجتماع مقدر. وكتب إليه بعض أشكال الملاح بدمشق يطلب إقطاعاً، فوقع له: من كان يومه بخمسين وليلته بمائة، ماله حاجة بالجندية. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 29 ووقع لبعض من حصلت له حادثة: قد أحصيناك وإن عدت إلى مثلها أخصيناك. ولما أمسك أقام بقلعة دمشق مدة يسيرة، ونقل إلى الإسكندرية. وحبس بها إلى أن توفى سنة ست وثلاثين وسبعمائة. وسبب موته أنه كان برأسه سلعة، فقطعها؛ فمات منها بعد قليل. وكان أميراً عارفاً عاقلاً، ذا رأي وتدبير وعظمة، وثروة زائدة، غير أنه كان ظالماً؛ مات تحت ضربة جماعة، ضرب بزداراً من بزدارية السلطان؛ لكونه شتم سقاء له، فأمسكه وضربه حتى مات بعد ثلاثة أيام. ومن ذنوبه التي عدها السلطان له، أنه ضرب جارية السلطان - زوجة بكتمر الحاجب - بسبب الميراث؛ لأن ابنته كانت أيضاً زوجة بكتمر، فضربها ستمائة عصا، انتهى. آقوش الشبلي آقوش بن عبد الله الشبلي، جمال الدين. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 30 سمع من ابن عبد الدائم وغيره. توفى سنة تسع وثلاثين وسبعمائة. آقوش الشهابي آقوش بن عبد الله الشهابي، الأمير جمال الدين، السلاح دار. كان أحد أكابر أمراء دمشق، وكان حشماً معظماً في الدولة، ثم نقل إلى حماة، فتوفى بها سنة ست وسبعين وستمائة. آقوش البيسري آقوش بن عبد الله البيسري، جمال الدين. كان من جلة أجناد طرابلس، وله شعر جيد، وفضيلة. حكي أنه رأى في النوم من أنشده: الجزء: 3 ¦ الصفحة: 31 لما بدا كقضيب البان منعطفاً ... وكان يشتم ريح المسك من فيه فقلت: يا لائماتي انظرن واحدةً ... فذلكن الذي لمتنني فيه قال: فحفظتهما، وانتبهت فنظمت في المعنى: لامت نساء زرودٍ في هوى قمر ... كل الملاحة جزء من معانيه وقلن لما تبدا ليس ذا بشراً ... فقلت هذا الذي لمتنني فيه وله أيضا في قبقاب: كنت غصناً بين الأنام رطيبا ... مائس العطف من غناء الحمام صرت أحكي رءوس أعداك ... في الذل برغم أداس بالأقدام وله أيضاً: خودٌ من الترك ذات وجهٍ ... كالبدر في هالة الكمال جاءت بكيس بغير ياءٍ ... تطلب زبداً بغير زال توفى رحمه الله في سنة تسع وتسعين وستمائة. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 32 باب الألف والكاف القاضي كريم الدين الصغير أكرم الصغير، الرئيس كريم الدين. ناظر الدولة بالديار المصرية. ولى نظر الدولة لما قدم الملك الناصر محمد بن قلاوون من الكرك؛ عندما ولى خاله كريم الدين الكبير ناظر الخاص. وكان كاتباً ضابطاً، ذا سطوة ومهابة على الكتاب، لا يحابي أحداً، ولا يدع أحداً يلتمس شيئاً، وكان إذا حضر مجلس خاله كريم الدين الكبير يكون قائماً على قدميه، وكل من لا يمكنه الجلوس في دسته يكون في مجلس خاله قاعداً وهو قائم، فإذا كان في مجلسه - بعد انقضاء مجلس خاله - قعد ووقف الناس وأهابوه وعظموه. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 33 وقيل إن الملك الناصر قال - لما كان بالكرك -: أنا أعود إلى مكان يكون فيه كريم الدين الصغير يضرب الجند بالدبابيس وأشفع فيهم ما يقبل شفاعتي؟ . وكان عفته عن مال السلطان إلى الغاية وتشدده على من يكون خارجاً عن الحد. قيل إنه كان يضرب الناس وقوفاً على ألواح أكتافهم، فإذا مال إلى قدام ضربهم على صدورهم، وسمى هذا المقترح. قال الصفدي: حكى لي غير واحد أن الأمراء العشرينات والطبلخانات يزدحمون في المشي قدامه. وقال: حكى لي أنه جاء إليه الأمير بكتمر الحاجب، فقام لتلقيه وجلس بين يديه، وقال: ارسم يا خوند فقال: هذا الكاتب تشفعني فيه وتستخدمه في الجهة الفلانية؟ فقال: السمع والطاعة، كم في هذه الوظيفة معلوم؟ فقال الكاتب: مائة وخمسون درهماً وثلاثة أرادب قمحاً. فقال للصيرفي: اصرف إلى هذا في كل شهر هذا المبلغ. فقال الكاتب: ما أريد إلا هذه الوظيفة، فقال كريم الدين لبكتمر: حتى تعرف يا خوند أنه لص وما يريد المعلوم، وما يريد إلا أن يسرق فاستحى بكتمر ومضى، انتهى. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 34 ثم أمسكه السلطان مع كريم الدين الكبير وصادره، فطلب العوام قتله، وأثبت القضاة عليه محاضر بالكفر وغير ذلك، فخاف السلطان أنه إذا قتل يروح عليه المال فسلمه إلى بيبرس الأحمدي، ثم أرسله إلى صفد ناظراً، فأقام بها مدة، ثم نقل إلى الشام، فكرهه الأمير تنكز في أول حضوره. فلما رأى حسن مباشرته وعفته وتبعده أحبه، ثم طلب إلى الديار المصرية، فخافه أعداؤه وعملوا عليه حتى أقام بداره بطالاً، ثم تكلموا فيه وأمعنوا حتى رسم بنفيه إلى أسوان، فجهز في البحر، فغرق في النيل في سنة ست وعشرين وسبعمائة. قيل إنه كان غزير المروءة، إذا قام مع أحد تعصباً ما يرجع عنه. وكانت أطعمته فاخرة، ونفسه على الطعام واسعة. عفى الله عنه. مشد الدواوين الأكوز بن عبد الله الناصري، الأمير سيف الدين. أصله من مماليك الملك الناصر محمد بن قلاوون، كان جمداراً، فرقاه وأمره، ثم جعله شاد الدواوين، فعمل الشد أعظم من الوزارة، وتنوع في الجزء: 3 ¦ الصفحة: 35 عذاب المصادرين، وقتل بالمقارع، وحمى الطاسات وألبسها للناس، وحمى الدسوت وأجلسهم عليها، وضرب الأوتاد في الآذان، ودق القصب تحت الأظفار وبالغ، ثم أضاف إليه السلطان، لؤلؤ غلام فندش، فاتفقا على عقاب الناس، وزاد البلاء في أيامهما، وسكنت رعبة الأكوز في القلوب، ولم يزل كذلك إلى أن غضب يوماً على لؤلؤ المذكور، فأخذ العصاة بيده وضربه حتى هرب من قدامه وهو خلفه إلى باب القلعة البراني، وخرق شاشة في رقبته، فدخل لؤلؤ على النشو وعلى قوصون وبذل المال، واتفق أن كان الغلاء بالقاهرة سنة ست وثلاثين وسبعمائة، فقال السلطان لأكوز: انزل ولا تدع أحداً يبيع بأكثر من ثلاثين درهماً الأردب. فأول ما نزل إلى شونة قوصون وأمسك السمسار الذي له وضربه بالمقارع وأخرق بأستاداره، فكلم قوصون الأكوز فأساء عليه الرد، فدخل قوصون إلى السلطان، فأخرق السلطان به، فأكمنها له، وعمل عليه هو والنشو، ولم يزالا به إلى أن غضب عليه السلطان وضربه ورسم عليه أياماً، ثم أعطاه إمرةً بدمشق، فتوجه إليها وأقام بها مدة يسيرة. وتوفى سنة ثمان وثلاثين وسبعمائة. رحمه الله تعالى وعفا عنه. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 36 باب الألف واللام الابن الطشتمري ألبكي بن عبد الله الظاهري، الأمير فارس الدين. تأمر في دولة أستاذه الملك الظاهر بيبرس، وصار من أعيان الأمراء إلى أن قبض عليه، وحبس مدة طويلة إلى أن أخرجه الملك المنصور قلاوون من الحبس وولاه نيابة صفد، فأقام بها عشر سنين، وكان كلما ركب ونزل حل جمداره شاشه وجعله في الكلفته، فإذا أراد الركوب لفه بيده مرة واحدة. قال الشيخ نجم الدين الصفدي: كان ليس بخده نبات، كثير الأدب، وكان رئيساً عفيفاً. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 37 وقال: كنت أنادمه فلم أره بلا خف قط، ولم يمد رجله ولا يكشفها، انتهى. ولما نفى الأشرف خليل بن قلاوون حسام الدين لاجين إلى صفد ضربه الأمير ألبكي هذا على كتفه بالمقرعة، وقال له: ما تمشي إلا خواتيني، وأخذت جوخة كانت معه وطرطور ضمن بقجة. فلما تسلطن لاجين أرسل يقول له: احتفظ بالبقجة، فعند ذلك أخذ حذره وفر من حمص هو والأمير بكتمر السلاح دار وقبجق وتوجهوا إلى غازان، فبالغ في إكرامهم، وزوج الأمير فارس الدين ألبكي هذا بأخته، ثم جاءوا مع غازان إلى الشام. ولما توجه تأخروا عنه، فأعطى ألبكي نيابة حمص، فأقام بها إلى أن توفي في ذي القعدة سنة اثنتين وسبعمائة. رحمه الله تعالى. الأبو بكري ألتمر بن عبد الله الأبو بكري، الأمير سيف الدين. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 38 أحد أمراء الطبلخاناه بدمشق. كان تركي الجنس، مشكور السيرة، دام بدمشق إلى أن مات في شهر ربيع الآخر سنة أربع وأربعين وسبعمائة. رحمه الله تعالى. الناصري الدوادار ألجاي بن عبد الله الناصري الدوادار، الأمير سيف الدين. كان من مماليك الملك الناصر محمد بن قلاوون، ثم جعله أستاذه دواداراً صغيراً مع أرسلان الدوادار. فلما توفى أرسلان استقل ألجاي المذكور بالدوادارية عوضه، واستمر أمير عشرة مدة طويلة، ثم أعطى إمرة طبلخاناه قبل موته بسنتين. قال ابن أيبك الصفدي: وأما اسمه في العلامة فما كتبه أحد أحسن منه. وكان خبيراً، عفيفاً، خيراً، طويل الروح. وكان يحب الفضلاء، ويميل إليهم، ويقضي حوائجهم، وينامون عنده، ويبحثون ويسمع كلامهم، ويتعاطى معرفة علوم كثيرة. وبعد هذا كان لا بد في خطه أن يؤنث المذكر. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 39 وكان اختص بقاضي القضاة تقي الدين السبكي كثيراً، وكان ألجاي المذكور يعظم وظيفته ويتبجح بها. وكان مشهوراً بالخير والدين، وعمر له داراً بالشارع غرم على بوابتها مائة ألف درهم، فلم تستكمل الدار حتى مرض، ونزل إليها من القلعة وهو مريض، فأقام بها إلى أن توفى سنة اثنتين وثلاثين وسبعمائة. وولى الدوادارية بعده الأمير صلاح الدين يوسف الدوادار. رحمه الله تعالى. اليوسفي، صاحب الوقعة ألجاي بن عبد الله اليوسفي الناصري، الأمير سيف الدين. كان ممن أنشأه الملك الناصر حسن، وجعله أمير مائة ومقدم ألف بالديار الجزء: 3 ¦ الصفحة: 40 المصرية، ثم صار بعد موت السلطان حسن أمير جاندار، واستمر على ذلك إلى أن قتل يلبغا العمري الخاصكي، وعصى أسندمر على الملك الأشرف شعبان بن حسين - حسبما ذكرناه في ترجمة أسندمر - فلما كانت الوقعة انضم ألجاي المذكور إلى الأشرف، وانتصر أسندمر على الأشرف، وأمسك ألجاي هذا ورفقته وحبسهم بحبس الإسكندرية إلى أن صفا الوقت للأشرف وقبض على أسندمر أطلق ألجاي هذا ورفقته وجعله أمير مائة ومقدم ألف على عادته، وولاه حجوبية الحجاب بالقاهرة، ثم نقله إلى أن جعله أمير جاندار على عادته أولاً، ثم ولاه إمرة سلاح، ثم تزوج بخوند بركة أم السلطان الملك الجزء: 3 ¦ الصفحة: 41 الأشرف، واستمر على ذلك إلى أن مات الأمير منكاي بغا الشمسي - زوج أخت السلطان - فاستقر ألجاي من بعده أتابك العساكر بالديار المصرية، وعظمت حرمته في الدولة بزواجه أم السلطان ثم توليته الأتابكية. ولا زال على ذلك حتى توفيت أم السلطان في آخر سنة أربع وسبعين وسبعمائة، ووقع بينه وبين الملك الأشرف كلام من أجل التركة أوجب خروج ألجاي عن الطاعة. فلما كن يوم الثلاثاء سادس المحرم من سنة خمس وسبعين وسبعمائة، لبس ألجاي هذا ومعه جماعة من الأمراء، وركب السلطان ومعه الأمراء والخاصكية، وباتوا تلك الليلة لابسين السلاح إلى الصباح. فلما كان نهار الأربعاء سابع المحرم كانت الوقعة بين ألجاي وبين المماليك السلطانية الأشرفية، فتواقعوا إحدى عشرة مرة، ثم انكسر ألجاي وهرب إلى بركة الحبش. كل ذلك والسلطان لا يتحرك من مقعده، ثم عاد ألجاي من بركة الحبش بمن معه من الجبل الأحمر إلى قبة النصر، وطلبه السلطان فأبى؛ فأرسل له خلعة بنيابة حماة، فقال: أنا أروح بشرط أن يكون كل ما أملكه وجميع مماليكي معي، فأبى الجزء: 3 ¦ الصفحة: 42 السلطان ذلك، وباتوا تلك الليلة، فهرب جماعة من مماليكه في الليل إلى السلطان الملك الأشرف. فلما كان صباح يوم الخميس ثامن المحرم أرسل السلطان الأمراء الخاصكية ومماليك أولاده وبعض المماليك السلطانية إلى قبة النصر. فلما رآهم ألجاي هرب، فساقوا خلفه إلى الخرقانية بشاطئ النيل - ظاهر قليوب - فرمى ألجاي بنفسه في البحر فغرق، فبلغ الملك الأشرف موته فصعب عليه، ثم أخذ السلطان أولاد ألجاي - وأظنهم إخوته لأمه - عنده ورتب لهم ما يكفيهم، ثم رسم بإخراج ألجاي من النيل، فنزل الغواصون وطلعوا به وأحضروه إلى القاهرة في يوم الجمعة تاسع المحرم في تابوت وتحته لباد أحمر، فغسل وكفن وصلى عليه الشيخ جلال الدين التباني، ودفن بقبته التي عمرها بمدرسته ظاهر القاهرة - على رأس سويقة العزى - وكان أميراً جليلاً شجاعاً، كريماً ديناً، يميل إلى الخير والصدقات. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 43 قال العيني: ولقد أخبرني قنق باي اللالا أحد مماليكه أنه كان كل يوم خميس واثنين يتصدق بألف درهم - غير ما يتصدق في غير هذه الأيام - وأنه كان يعتقد الفقراء، ولكن كان يرمى بأخذ الرشوة والبرطيل، ولم يحصل له استطالة إلا بعد أن تزوج بأم السلطان، انتهى. المظفري نائب طرابلس ألجبغا بن عبد الله المظفري، الأمير سيف الدين الخاصكي. كان المذكور أختص بالملك المظفر حاجي حتى لم يكن أحد في رتبته. فلما جرى من أمر المظفر - ما سنحكيه إن شاء الله تعالى في ترجمته - من خلعه وتسلطن من بعده الملك الناصر حسن، استمر المذكور أيضاً معظماً في دولة الناصر الجزء: 3 ¦ الصفحة: 44 حسن إلى أن وقع الخلاف بين الأمراء، أخرج ألجبغا المذكور إلى دمشق على إقطاع الأمير حسام الدين لاجين أمير آخور، وطلب لاجين إلى القاهرة في سنة تسع وأربعين وسبعمائة. وكان خروجه من القاهرة على أنه نائباً بحماة، فلحقه الخبر في أثناء الطريق وتوجه به إلى دمشق، فاستمر ألجبغا المذكور في دمشق إلى أن حضر إليه، فجاء الناصري السلاح دار في شعبان سنة تسع وأربعين وسبعمائة، فأخذه وتوجه به إلى نيابة طرابلس، عوضاً عن الأمير بدر الدين الخطيري فأقام بطرابلس إلى أوائل شهر ربيع الأول سنة خمسين وسبعمائة، أرسل طلب من الأمير أرغون شاه نائب دمشق الحضور إلى دمشق ليتصيد بها، فأذن له أرغون شاه في ذلك، فقدم دمشق وأكرمه نائبها المذكور، وتوجه ألجبغا هذا إلى بحيرة حمص أياماً يتظاهر الصيد، ثم إنه ركب ليلة وساق ونزل خان لاجين، وأقام في الثانية من النهار، وركب بمن معه من عسكر طرابلس، وهجم على الأمير أرغون شاه، ثم احتاط على موجوده، وكان ذلك في يوم الخميس ثالث عشرين شهر ربيع الأول. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 45 ولما أصبح نهار الجمعة، شاع الخبر بأن أرغون شاه ذبح نفسه، وطالع ألجبغا السلطان بما وقع له، ثم إنه أراد أن ينفق في الأمراء ويحلفهم لنفسه، فأنكروا عليه ذلك، ولبسوا السلاح، ووقفوا بسوق الخيل، ولبس هو والأمير فخر الدين إياز وجماعة من الجراكسة، ووقع القتال، فكانت النصرة لألجبغا المذكور، ثم أخذ من الأموال ما قدر عليه، وتوجه نحو طرابلس. فلما بلغ ذلك السلطان رسم للنواب أن الذي وقع: لم يكن لنا به علم، وأنكم تجتهدون في تحصيل ألجبغا المذكور، فتجردت العساكر إليه وربطوا عليه الدروب، فتوجه حيثما توجه، فوجد العسكر من العربان والتراكمين وغيرهم في الطرق، ومنعوه وقاتلوه، فسلم نفسه؛ فأمسكوه وأمسكوا رفيقه الأمير إياز، وسجنوهما بقلعة دمشق، إلى أن برز المرسوم الشريف بتوسيطهما، فوسطا بسوق الخيل، وعلقا أياماً بدمشق، وذلك في حادي عشرين شهر ربيع الآخر سنة خمسين وسبعمائة، وتألم الناس على ألجبغا المذكور وترحموا عليه كثيراً. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 46 ألجبغا العادلي نائب دمشق ألجبغا بن عبد الله العادلي، الأمير سيف الدين، أحد أعيان الأمراء. أقام في الإمرة قريباً من ستين سنة. وكان قد أصابته قديماً ضربة بالسيف بانت يده اليمنى في وقعة أرغون شاه. واستمر على إمرته وتقدمته بدمشق، ولم يزل بحشمه وخدمه إلى أن توفى في سابع شهر ربيع الآخر سنة أربع وخمسين وسبعمائة، ودفن بتربته خارج باب الجابية بدمشق، وقد أناف على تسعين سنة، وأظنه من مماليك الملك العادل كتبغا، والله أعلم، رحمه الله تعالى. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 47 ألطبرس المنصوري ألطبرس بن عبد الله، الأمير سيف الدين المنصوري. كان من أعيان الأمراء بديار مصر، وكان سليم الباطن، وله محبة زائدة في الفقراء. قيل إنه جاء إليه بعض الفقراء، وقال له: اشتريت لك جارية، ما دخل هذا الإقليم مثلها، بخمسة عشر ألف درهم؛ فوزن له الثمن، فقال: وأريد ثلاثة آلاف درهم لكسوتها؛ فأعطاه، ثم جاءه الفقير بعد مدة وقال له: قد زوجتها لك بواحد من رجال الغيب، فما أنكر ذلك عليه. وهو الذي عمر المجنونة بالقاهرة على الخليج، عمرها للشيخ شهاب الدين الحنبلي العابر ولفقرائه، وعقدها قبواً. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 48 وفي ذلك يقول الشيخ علم الدين بن الصاحب: ولقد عجبت من ألطبرس وصحبه ... وعقولهم بعقوده مفتونه عقدوا عقوداً لا تصح لأنهم ... عقدوا لمجنون على مجنونه ألطبرس الظاهري ألطبرس بن عبد الله الظاهري، الأمير الكبير علاء الدين، مولى الخليفة الظاهر بن الخليفة الناصر البغدادي العباسي. ترقى حتى صار من أكابر الأمراء، وكان خصيصاً عند المستنصر بالله، وزوجه بابنة بدر الدين صاحب الموصل، ووهبه ليلة عرسه مائة ألف دينار. وقيل إنه كان يدخل له من إقطاعه في كل سنة ثلثمائة ألف دينار إلى الجزء: 3 ¦ الصفحة: 49 أن توفى سنة خمسين وستمائة، ودفن بمشهد موسى الكاظم، ورثاه الشعراء، وكان أميراً جليلاً شجاعاً مقداماً جوداً حسن السيرة في الرعية، رحمه الله تعالى. ألطقصبا التركي ألطقصبا بن عبد الله الناصري التركي، الأمير علم الدين. كان من قدماء أمراء دمشق، وروى عن سبط السلفي. وكان من الشجعان؛ توجه صحبة العسكر الشامي لحصار قلاع الأرمن، فجرح في ركبته، فحمل إلى حلب، ولزم الفراش إلى أن مات في سنة سبع وتسعين وستمائة. وكان عاقلاً شجاعاً، ذا رأي وتدبير، ودهاء ومعرفة، رحمه الله تعالى. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 50 العثماني الأتابك، نائب دمشق ألطنبغا بن عبد الله العثماني الظاهري، الأمير الكبير علاء الدين. هو من مماليك الملك الظاهر برقوق، وممن صار في دولة أستاذه المذكور نائبا بصفد، ودام بصفد إلى أن كانت وقعة الأمير تنم الحسني نائب الشام في سنة اثنتين وثمانمائة، ثم كانت وقعة تيمورلنك في سنة ثلاث، وقبض عليه تيمور مع جملة من قبض عليه من النواب بالبلاد الشامية. وولى الملك الناصر عوضهم جماعة؛ فولى والدي نيابة دمشق، بعد القبض على سيدي سودون - قريب الملك الظاهر وقتله - وولى الأمير دمرداش المحمدي نائب حلب على عادته؛ فإنه كان فر من تيمور وقدم على الناصر، وولى نيابة طرابلس للأمير آقبغا الجمالي، الجزء: 3 ¦ الصفحة: 51 عوضاً عن شيخ المحمودي - أعني المؤيد - وولى تمربغا المنجكي نيابة صفد - عوضاً عن صاحب الترجمة - وولى طولو من علي باشا نيابة غزة - عوضاً عن الأمير عمر بن الطحان - واستمر ألطنبغا العثماني هذا في أسر تيمور مدة، إلى أن فر مع من فر من الأمراء من أسر تيمور، وقدم إلى الديار المصرية، وتنقلت به الأحوال، وولى عدة وظائف إلى أن آلت السلطنة للملك المؤيد شيخ المحمودي؛ جعله أمير مائة ومقدم ألف بالديار المصرية، ثم جعله نائب الغيبة بالقاهرة لما خرج المؤيد لقتال نوروز الحافظي نائب الشام، وسكن السلسلة من الأسطبل، ثم لما قدم خلع عليه بعد مدة باستقراره أتابك العساكر بالديار المصرية - بعد موت الأمير الكبير يلبغا الناصري - وذلك في يوم الخميس مستهل شهر رمضان سنة سبع عشرة وثمانمائة، فأقام أتابكاً إلى أن ولاه المؤيد نيابة دمشق - بعد الجزء: 3 ¦ الصفحة: 52 خروج الأمير قاني باس المحمدي عن الطاعة - في سنة ثماني عشرة وثمانمائة، فتوجه إليها صحبة السلطان، واستمر على كفالته بها إلى المحرم سنة عشرين وثمانمائة، عزل عن نيابة دمشق، ورسم له أن يتوجه إلى القدس بطالاً، وبرز المرسوم بذلك على يد الأمير آقبغا التمرازي، وولى مكانه الأمير أقباي المؤيدي نائب حلب، لما قدم من حلب على النجب - حسبما ذكرنا في ترجمته - واستمر الأمير ألطنبغا بالقدس إلى أن مات به في يوم الاثنين ثاني عشرين شوال سنة إحدى وعشرين وثمانمائة. وكان أميراً، ضخماً، جليلاً مشكور السيرة، ساكناً عاقلاً، رحمه الله تعالى. الصالحي نائب حلب ثم دمشق ألطنبغا بن عبد الله الصالحي العلائي، الأمير علاء الدين، نائب حلب، ثم نائب دمشق. هو ممن أنشأه الملك الناصر محمد بن قلاوون حتى صار من جملة الجزء: 3 ¦ الصفحة: 53 أمراء الألوف بديار مصر، ثم ولاه نيابة حلب عوضاً عن الأمير سودي في سنة أربعة عشر وسبعمائة، فباشرها ثلاثة عشر سنة إلى أن نقل منها إلى نيابة دمشق في سنة سبع وعشرين وسبعمائة، ثم أعيد إلى حلب ثانياً في سنة إحدى وثلاثين، واستمر في هذه النيابة الثانية ثمانية أعوام، وعزل في سنة تسع وثلاثين، وولى نيابة دمشق أيضاً. كل ذلك من قبل الناصر محمد بن قلاوون. وفي نيابته الأولى بحلب دخل إلى البلاد: سيس، وحاصر حصونها وفتح قلاعها، ثم غزاها ثانياً في سنة اثنتين وعشرين وسبعمائة، وصحبته العساكر المصرية والشامية، وتوجه إلى فتح مدينة إياس - وهي على ساحل البحر ولها فيه ثلاثة حصون وهن: أطلس وشمعة وإياس - وبه تعرف المدينة - فنازلوها، ونصبوا عليها آلات الحصار، وجدوا في القتال إلى أن فتحوا المدينة، ثم شرعوا في حصار الجزء: 3 ¦ الصفحة: 54 الحصن الأطلس - وهو حصن منيع في قاموس البحر - فنصبوا عليه أيضاً آلات الحصار، ثم صنعوا جسراً على البحر طوله ثلاثمائة ذراع. فلما رأى الأرمن ذلك ارتاعت قلوبهم وهربوا بأموالهم وأولادهم؛ فدخل العسكر في هذه الحصون المذكورة، وحرقوا وهدموا وقتلوا، ثم رجعوا فرحين مسرورين إلى أوطانهم. وفي هذا المعنى يقول الشيخ بدر الدين بن حبيب: نحو إياس فرقة من جيشنا ... توجهوا كي يملكوا بقعتها فاقتلعوا قلعتها وفصلوا ... أطلسها وفصلوا شمعتها ثم غزا تلك البلاد في نيابته الثانية في سنة خمس وثلاثين وسبعمائة، وجرت بينهم حروب وخطوب يطول شرحها. ثم غزاها ثالث مرة في سنة ست وثلاثين، وتوجه إلى قلعة النقير من بلاد سيس ونازل القلعة المذكورة، وجد في حصارها إلى أن أخذها بالأمان، ورجع إلى محل كفالته. وفي هذا المعنى يقول العلامة زين الدين أبو حفص عمر بن الوردي قصيدة طنانة منها: جهادك مقبول وعامك قابل ... ألا في سبيل المجد ما أنت فاعل هنيئاً بعود من جهاد مبارك ... على الناس بالجنات كاف وكافل الجزء: 3 ¦ الصفحة: 55 ألا إن جيشاً للنقير فاتحاً ... لآت بما لم تستطعه الأوائل رميتم حجار المنجنيق عليهم ... ففاخرت الشهب الحصا والجنادل لعمري لقد كان النقير مانعاً ... ويقصر عن إدراكه المتناول بغى فبغى ألطنبغا بالفتح قائلاً ... ويا نفس جدي إن دهرك هازل فأنشده الحصن المنيع ملكتني ... ولو أنني فوق السماكين نازل وقصر طولي عندكم حسن صبركم ... وعند التناهي يقصر المتطاول ثم غزاها رابع مرة. وكان هذا دأبه في ولايته - مع العدل في الرعية والنظر في أمورهم - وبنى بحلب من شرقيها جامعة المعروف به، وكان فراغه في سنة ثلاث وعشرين وسبعمائة - ولم يكن إذ ذاك داخل سور حلب جامع تقام فيه الجمعة سوى الجامع الكبير الأموي - ووقف عليه أوقافاً كثيرة. ولما ولى نيابة دمشق في سنة تسع وثلاثين وسبعمائة لم تطل مدته، وقبض عليه إلى أن توفى سنة اثنتين وأربعين وسبعمائة، وقد جاوز خمسين سنة. وكان مشكور السيرة معدوداً من الشجعان، ذوي الآراء. رحمه الله تعالى. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 56 ألطنبغا الحلبي ألطنبغا بن عبد الله الحلبي، الأمير علاء الدين، أحد مقدمي الألوف بديار مصر في الدولة المنصورية حاجي من قبل منطاش؛ فلم تطل مدته وقبض عليه بعد هروب منطاش وانهزامه من الملك الظاهر برقوق. وقتل بالقاهرة في سنة ثلاث وتسعين وسبعمائة. الجوباني، نائب دمشق ألطنبغا بن عبد الله الجوباني اليلبغاوي، الأمير علاء الدين نائب دمشق. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 57 أصله من مماليك الأتابك يلبغا العمري الخاصكي، ثم صار بعد موت أستاذه المذكور من جملة أمراء الديار المصرية في الدولة الصالحية حاجي. ولما تسلطن الملك الظاهر برقوق في سنة أربع وثمانين وسبعمائة خلع على ألطنبغا الجوباني هذا باستقراره أمير مجلس، واستمر على ذلك إلى سنة سبع وثمانين وسبعمائة؛ قبض عليه الملك الظاهر برقوق في ثاني عشرين ذي القعدة من السنة وقيده، ثم أفرج عنه بعد أيام، وخلع عليه بنيابة الكرك؛ فتوجه إليها وباشرها إلى سنة تسع وثمانين وسبعمائة؛ أرسل يطلبه؛ فقدم القاهرة في يوم السبت رابع عشرين شهر صفر من السنة؛ فبالغ الملك الظاهر في إكرامه، وخلع عليه بنيابة دمشق - عوضاً عن الأمير إشتقمر المارديني - ودام بالقاهرة إلى يوم الجمعة أول شهر ربيع الأول توجه إلى محل كفالته - بعد ما خلع الملك الظاهر عليه خلعة السفر، وحمل إليه مبلغ ثلثمائة ألف درهم فضة، وقيد له فرساً بسرج ذهب الجزء: 3 ¦ الصفحة: 58 وكنبوش زركش، وأرسل إليه أيضاً الأمير أيتمش البجاسي بمائة ألف درهم وعدة بقج قماش - وسافر الجوباني بتجمل عظيم، وكان مسفره الأمير قرقماش الظاهري. ولما وصل إلى دمشق وأقام بها مدة أشيع بعصيانه، وأنه ضرب طرنطاي حاجب حجاب دمشق، وأنه استكثر من استخدام المماليك. وبلغ ذلك الجوباني؛ فاستأذن في الحضور، فأذن له؛ فركب البريد حتى قدم سريا قوس - خارج القاهرة - في ليلة الخميس سابع عشرين شوال سنة تسعين؛ فبعث إليه السلطان الأمير فارس الصرغتمشي الجوكندار؛ فقبض عليه وقيده وبعثه إلى ثغر الإسكندرية؛ فحبس بها، وذلك في يوم السبت تاسع عشرينه. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 59 ثم قبض السلطان في ذلك اليوم على الأمير ألطنبغا المعلم، وعلى الأمير قردم الحسني، وقيدا وحملا إلى الإسكندرية. ثم كتب السلطان بالقبض على الأمير كمشبغا الحموي نائب طرابلس؛ فقبض عليه؛ فنفرت القلوب من الملك الظاهر برقوق، وتغيرت الخواطر. كل ذلك قبل خروج منطاش عن الطاعة. واستمر الجوباني في سجن الإسكندرية حتى زالت دولة الملك الظاهر برقوق وملك الأمير يلبغا الناصري الديار المصرية؛ فكتب من وقته - قبل طلوعه إلى قلعة الجبل - بالإفراج عن الأمراء المعتقلين بالإسكندرية، وإحضارهم إلى القاهرة. واشتد الطلب على الملك الظاهر برقوق؛ فخاف الملك الظاهر أن يؤخذ باليد فلا يبقي عليه؛ فأرسل أعلم الجوباني بمكانه وترقق له - ذكرنا ذلك كله في ترجمة الظاهر برقوق - فأعلم الجوباني الناصري بذلك؛ فرسم للجوباني بالتوجه إليه، وأخذه من مكانه؛ فنزل الجوباني من وقته إلى حيث الظاهر مختفٍ، فأوقف الجوباني من معه، وصعد هو إليه بمفرده. فلما رآه الظاهر قام إليه، وهم ليقبل يده، فاستعاذ الجوباني من ذلك، وقال: يا خوند أنت أستاذنا، ونحن الجزء: 3 ¦ الصفحة: 60 مماليكك، ثم أخذه وشق به الصليبة نهاراً، إلى أن طلع به إلى القلعة، ووقع ما سنحكيه في ترجمته إن شاء الله تعالى. واستمر الجوباني من أعيان الأمراء إلى أن وقع بين الناصري ومنطاش، وقبض منطاش على الناصري وحواشيه، وحبسهم بالإسكندرية. وكان من جملتهم الجوباني هذا. واستمر الجوباني في السجن إلى أن خرج الملك الظاهر برقوق من حبس الكرك وملك الديار المصرية ثانياً أفرج عن الناصري وعن الجوباني، وخلع على الجوباني بنيابة دمشق وندبه مع الناصري لقتال منطاش؛ فتوجه إلى محل كفالته، وكانت الوقعة بين منطاش والناصري خارج دمشق؛ فقتل الجوباني في المعركة في سنة اثنتين وتسعين وسبعمائة. وكان الجوباني هذا من خيار الأمراء ديناً، وعقلاً، وشجاعة، رحمه الله تعالى. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 61 القرمشي الأتابكي ألطنبغا بن عبد الله القرمشي الظاهري الأتابكي، الأمير علاء الدين. هو من مماليك الملك الظاهر برقوق، وتقلب مع الأمير شيخ المحمودي بالبلاد الشامية في أيام تلك الفتن، وصار من جملة أمراء دمشق لما ولى نيابتها الأمير شيخ المذكور ثم صار حاجب الحجاب بحلب لما وليها أيضاً الأمير شيخ، واستمر ملازماً للأمير شيخ إلى أن تسلطن ولقب بالملك المؤيد جعله أمير مائة ومقدم ألف بالديار المصرية، ثم ولاه الأمير آخورية، بعد انتقال الأمير قاني باي المحمدي منها إلى نيابة دمشق، فاستمر على ذلك مدة إلى أن استقر أتابك العساكر بالديار المصرية، بعد الأمير ألطنبغا العثماني، بحكم انتقال العثماني إلى نيابة دمشق، بعد خروج نائبها قانباي المحمدي عن الطاعة، وذلك في سنة عشرين وثمانمائة. وعظم ألطنبغا القرمشي هذا في الدولة، وضخم، وصار له حرمة وافرة وأبهة زائدة، وأقام على ذلك إلى سنة ثلاث وعشرين وثمانمائة، ندبه الملك المؤيد إلى التوجه إلى البلاد الشامية، مقدماً على العساكر المجردين إليها؛ فخرج من القاهرة في عدة من الأمراء مقدمي الألوف، وهم: الجزء: 3 ¦ الصفحة: 62 الأمير طوغان أمير آخور، والأمير ألطنبغا من عبد الواحد رأس نوبة النوب المعروفة بالصغير، والأمير أزدمر الناصري، والأمير جلبان، الذي هو الآن نائب دمشق، والأمير سودن اللكاشي. وأسر المؤيد إلى الأمير ألطنبغا بالقبض على الأمير يشبك اليوسفي نائب حلب، عند وصوله إلى حلب - على ما قيل - وتوجهت العساكر إلى حيث قصدهم، ودخلوا حلب في سنة أربع وعشرين، وأقاموا بها، فاستوحش الأمير يشبك نائب حلب منهم في الباطن، ولم يجسروا عليه. فبينما هم كذلك، إذ ورد عليهم الخبر بموت الملك المؤيد، واضطربت الأمراء المجردون؛ فعزم الأمير الكبير ألطنبغا القرمشي على العود إلى الديار المصرية، وبرز بمن معه إلى ظاهر حلب، وخرجوا من باب المقام، وبلغ ذلك يشبك نائب حلب - وكان لم الجزء: 3 ¦ الصفحة: 63 يخرج لتوديعهم - فلبس آلة الحرب، وركب في إثرهم بعسكره، فأدركهم بالسعدي. فلما رآه الأمراء المصريون، رجعوا عليه، وتقاتلوا معه ساعة، فانكسر يشبك، وقطع رأسه في الوقت، وعاد الأمير ألطنبغا القرمشي بمن معه من الأمراء إلى حلب، ونزل بدار السعادة. ومن غريب ما اتفق أن الأمير يشبك المذكور، كان قد أخر سماط الغذاء حتى يعود من قتاله ويأكله، فقتل ودخل القرمشي بمن معه، ومد السماط بين أيديهم، فأكلوه. واستمر القرمشي بحلب إلى أن ولى نيابة حلب للأمير ألطنبغا الصغير وعاد إلى دمشق، واتفق مع الأمير جقمق الأرغون شاوي نائب دمشق على قتال الأمراء المصريين؛ لمخالفتهم لما أوصى به الملك المؤيد قبل موته. وكانت وصية المؤيد: أن يكون ابنه المظفر أحمد سلطاناً، وأن يكون الأمير ألطنبغا القرمشي هذا هو المتحدث في المملكة، فخالف ذلك الأمير ططر، وصار هو المتحدث، وأخذ وأعطى، الجزء: 3 ¦ الصفحة: 64 وأخرج إقطاعات الأمراء المجردين صحبة الأمير ألطنبغا القرمشي، وتجرد بالملك المظفر إلى جهة البلاد الشامية، ثم وقع بين القرمشي وبين جقمق نائب الشام وحشة، ولبس كل منهما وتقاتلا ساعة، وانكسر جقمق، وتوجه منهزماً إلى قلعة صرخد، ودام القرمشي بدمشق، إلى أن قارب الأمير ططر، والسلطان الملك المظفر دمشق خرج القرمشي إلى لقاء السلطان وخلع عليه وعاد في خدمة السلطان إلى دمشق، ودخلوها في شهر جمادى الأولى من سنة أربع وعشرين وثمانمائة، وطلع الأمراء صحبة السلطان إلى قلعة دمشق؛ فعند ذلك أمر الأمير ططر بالقبض على الأمير ألطنبغا القرمشي صاحب الترجمة؛ فقبض عليه وعلى جماعة من الأمراء ممن كان مع القرمشي، وكان ذلك آخر العهد به، وقتل في الشهر المذكور، وصلى عليه، ودفن بتربة الأمير ألطنبغا الجوباني - المتقدم ذكره - في باب المصلى. وكان أميراً جليلاً محترماً، وقوراً ساكناً، عاقلاً، مقرباً عند الملك المؤيد شيخ إلى الغاية، وكان يسلك في أتابكيته طريق السلف من الجزء: 3 ¦ الصفحة: 65 عظماء الأمراء في الحشم، وكثرة المماليك، والأسمطة الهائلة وغير ذلك. وكان دمث الأخلاق سخياً، حلو المحاضرة، متواضعاً مع علو منزلته في الدولة المؤيدية وكان سليم الباطن، مقاصده جميلة، كثير الصدقة والبر للفقراء، فجع في ولده الأمير ناصر الدين محمد - أحد أمراء الطبلخاناه - قبل موته في سنة اثنتين وعشرين وثمانمائة - ويأتي ذكره في المحمدين -. وبالجملة لم ترعيني في الضخامة أميراً من بعده مثله، رحمه الله تعالى. الصغير، رأس نوبة النوب ألطنبغا بن عبد الله بن عبد الواحد الظاهري، الأمير علاء الدين، المعروف بالصغير. هو من صغار المماليك الظاهرية برقوق، وممن ترقى في الدولة المؤيدية شيخ إلى أن صار أمير مائة ومقدم ألف، ثم ولاه رأس نوبة النوب بعد الأمير ططر؛ بحكم انتقال ططر إلى إمرة مجلس. واستمر الأمير ألطنبغا الصغير على ذلك، الجزء: 3 ¦ الصفحة: 66 إلى أن تجرد صحبة الأمير ألطنبغا القرمشي إلى البلاد الشامية، ووقع ما حكيناه قريباً في ترجمة القرمشي، من تولية المذكور لنيابة حلب بعد قتل الأمير يشبك اليوسفي المؤيدي. واستمر ألطنبغا الصغير هذا في نيابة حلب إلى أن بلغه أن الأمير ططر قبض على القرمشي وقتله تخوف منه، وخرج من حلب فاراً؛ فلقيه بعض تركمان الطاعة، فركبوا وقاتلوه، فقاتلهم قتالاً شديداً، ثم انكسر وأمسك وقتل بمعاملة البلاد الحلبية، في تاسع شعبان سنة أربع وعشرين وثمانمائة. وكان شاباً طريفاً، تركياً، مليح الشكل، شجاعاً، سخياً، وله مشاركة هينة، ويستحضر بعض تاريخ وكثيراً من السيرة النبوية، منهمكاً في اللذات، رحمه الله تعالى وعفا عنه. المارداني، صاحب الجامع خارج باب زويلة ألطنبغا بن عبد الله المارداني الناصري الساقي، الأمير علاء الدين، أحد مماليك الملك الناصر محمد بن قلاوون وخاصكيته. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 67 كان الملك الناصر قد شغف به محبة، وجعله ساقياً، ثم أعطاه إمرة عشرة، ثم طبلخاناه في مدة يسيرة، ثم جعله أمير مائة ومقدم ألف بالديار المصرية. ولما أن كان خاصكياً مرض مرضة شديدة، طول فيها، وعيا الأطباء شفاءه، وأنزله السلطان من عنده، من قلعة الجبل إلى الميدان. وصار متولي القاهرة يقف في خدمته، ويحضر له كل من برا باب اللوق من المساخر وأرباب الملاهي وغيرهم، وهو ينعم عليهم، ويتصدق بأضعاف ذلك. وكان الملك الناصر محمد زوجه بابنته، فأنزلها أيضاً إليه من القلعة، ثم نزل السلطان لعيادته غير مرة، وصارت الخاصكية يتناوبونه جماعة بعد جماعة، ويبيتون عنده، وتصدق في تلك الأيام بجملة مستكثرة، ثم شرع في بناء جامعه، المعروف به - خارج باب زويلة - كل ذلك قبل أن يتأمر، وهو من جملة الجزء: 3 ¦ الصفحة: 68 الخاصكية السقاة. وصرف على الجامع المذكور وعلى أوقافه جملة كبيرة إلى الغاية. فلما نصل من مرضه، أنعم السلطان عليه بإمرة عشرة، ولا زال ينقله حتى صار أمير مائة ومقدم ألف، حسبما ذكرناه - واستمر على ذلك إلى أن مات أستاذه الملك الناصر محمد بن قلاوون سنة إحدى وأربعين وسبعمائة، وتولى السلطنة من بعده ولده الملك المنصور أبو بكر، فلم تطل مدته في الدولة المنصورية، وقبض عليه في شهر صفر سنة اثنتين وأربعين وسبعمائة، فلما خلع المنصور من الملك وتسلطن أخوه الملك الأشرف جكك بن محمد بن قلاوون، أخرج الأمير ألطنبغا المارديني هذا من حبسه، وخلع عليه وعلى الأمير يلبغا اليحياوي، وأقاما على إقطاعهما على عادتهما أولاً بالقاهرة، إلى أن خلع الملك الأشرف جكك أيضاً في السنة المذكورة، وتسلطن أخوه الملك الناصر أحمد بن محمد بن قلاوون، فجلس على سرير الملك، والفتن عمالة إلى يوم السبت ثاني عشرين المحرم سنة ثلاث وأربعين وسبعمائة، خلع وتولى السلطنة من بعده أخوه الملك الصالح إسماعيل ابن محمد بن قلاوون - وهو السلطان الرابع من أولاد الملك الناصر محمد الجزء: 3 ¦ الصفحة: 69 ابن قلاوون في هذه المدة اليسيرة. ولما استقر الملك الصالح في المملكة ولى ألطنبغا المارديني هذا نيابة حماة؛ فتوجه إليها في شهر ربيع الأول سنة ثلاث وأربعين، وأقام بها نحواً من شهرين، ثم توفى الأمير أيدغمش نائب الشام، وولى نيابة دمشق الأمير طقزدمر نائب حلب فنقل المذكور إلى نيابه حلب عوضاً عن الأمير طقزدمر الحموي، فباشر نيابة حلب نصف سنة، وتوفى بها في سنة أربع وأربعين وسبعمائة، وسنه دون خمس وعشرين سنة. وكان أميراً شاباً، لطيف الذات، حسن الشكالة، كريم الأخلاق، مشهوراً بالشجاعة والكرم، مشكور السيرة. رحمه الله تعالى. شادي الظاهري ألطنبغا بن عبد الله اليلبغاوي، المعروف بشادي، علاء الدين، أحد أمراء الطبلخاناه في الدولة الظاهرية برقوق. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 70 وأصل ألطنبغا هذا مماليك الأمير يلبغا العمري الخاصكي. ولا زال على إمرة إلى أن توفى الملك الظاهر برقوق في سنة إحدى وثمانمائة، ووقع ما حكيناه من وقعة أيتمش الأتابك مع الناصر فرج في سنة اثنتين وثمانمائة، وقبض عليه فيها. كان ألطنبغا شادي هذا ممن انضم إليه، فقبض عليه أيضاً، وقتل مع من قتل من الأمراء بدمشق في السنة المذكورة، رحمه الله تعالى. الجاولي، الأمير الأديب ألطنبغا بن عبد الله الجاولي الأديب، الأمير علاء الدين. كان أصله مماليك ابن باخل، وخدم الأمير علم الدين سنجر الجاولي، وبه عرف لما كان نائباً بغزة. قال الشيخ صلاح الدين الصفدي: كان حسن الصورة، تام القامة، وكان الجاولي يحسن إليه، ويبالغ في الإنعام عليه، وكان إقطاعه عنده يعمل قريباً من عشرين ألفاً. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 71 أخبرني من رآه قال: كان في إسطبله تسعة عشر سرجاً زرجونياً. فلما أشيع عن الجاولي أن إقطاعات مماليكه من الثلاثين ألفاً إلى ما دونها راك الأخباز، وأعطى علاء الدين إقطاعاً دون ما كان بيده؛ فتركه ومضى إلى مصر، بغير رضى من الأمير علم الدين سنجر الجاولي، فراعى الناس خاطر مخدومه، ولم يقدر أحد يستخدمه، فأقام يأكل من حاصله زماناً، ثم توجه إلى صفد، فأكرمه نائبها الأمير أرقطاي، وكتب له مربعة بإقطاع، وتوجه إلى مصر فخرج عنه، فورد إلى دمشق؛ فأكرمه الأمير تنكز، وأعطاه إقطاعاً في حلقة دمشق، ووقع بينه وبين الأمير سنجر بسببه، وبقي بدمشق إلى أن أمسك الجاولي وحبس، ثم أفرج عنه؛ فتوجه إليه وخدمه مدة، ثم أخرجه إلى الشام شاداً على أوقاف المنصور - التي تختص بالبيمارستان - وهو نادرة في أبناء جنسه من الشكالة المليحة، ولعب الرمح، والفروسية، والذكاء، ولعب الشطرنج، والنرد. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 72 ونظم الشعر الجيد لا سيما المقطعات؛ فإنه يجيدها، وله القصائد المطولة، ويعرف فقعاً على مذهب الشافعي، ويعرف أصولاً، ويبحث جيداً، ولكنه سال ذهنه لما اجتمع بالشيخ تقي الدين بن تيمية ومال إلى رأيه، ثم تراجع عن ذلك إلا بقايا. اجتمعت به كثيراً في صفد والديار المصرية ودمشق، وهو حسن العشرة، لطيف الأخلاق، فيه سماحه. وأنشدني كثيراً من شعره، فمن ذلك: خود زهي فوق المراشف خالها ... فلئن فتنت به فلست ألام فكأن مبسمها وأسود خالها ... مسك على كأس الرحيق ختام وأنشدني أيضاً: وبارد الثغر حلوٍ ... بمرشفٍ فيه حوه وخصره في انتحالٍ ... يبدي من الضعف قوه وأنشدني أيضاً، عفا الله عنه. ردفه زاد في الثقاله ... حتى أقعد الخصر والقوام سوياً الجزء: 3 ¦ الصفحة: 73 نهض الخصر والقوام وقاما ... وضعيفان يغلبان قوياً وأنشدني أيضاً في العلامة شهاب الدين محمود - رحمه الله تعالى -: قال النحاة بأن الاسم عندهم ... غير المسمى، وهذا القول مردود الاسم عين المسمى والدليل على ... ما قلت أن شهاب الدين محمود ثم قال: وأنشدني أيضاً لنفسه: وصالك والثريا في قران ... وهجرك والجفا فرسا رهان فديتك ما حفظت لشؤم حظي ... من القرآن إلا لن تراني قال وأنشدني: إن عاد لمع البرق يخبر عنكم ... وأتى القبول مبشراً بقبولي فلأقدحن البرق من نار الحشا ... ولأخلعن على النجوم نحولي الجزء: 3 ¦ الصفحة: 74 قال وأنشدني أيضاً: انهل مدمعها دراً وفي فمها ... درٌ وبينهما فرقٌ وتمثال لأن ذا جامد في الثغر منتظم ... وذاك منتشر في الخد سيال ثم قال وأنشدني: جاءنا الورد في بديع زمانٍ ... فقطفناه في منىً وأمان ونهبنا فيه لذيذ وصالٍ ... وهتكنا فيه عروس الدنان وغلطنا فيه ببعض ليالٍ ... فخلطنا شعبان في رمضان انتهى. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 75 ومن شعره أيضاً - رحمه الله -: يقول لي العاذل في لومه ... وقوله ذور وبهتان ما وجه من أحببته قبله ... قلت: ولا قولك قرآن وله أيضاً: وعذولي لج في عذلي إذا ... لم ير الخال على الخد الأسيل لو رأى وجه حبيبي عاذلي ... لتفاصلنا على وجه جميل وله أيضاً - عفا الله عنه - مت شهيداً في حب ظبي ألوفٍ ... لين الأعطاف غير عطوف خده دون ظبا مقلتيه ... جنة تحت ظلال السيوف قلت: ثم صار ألطنبغا المذكور من جملة أمراء دمشق في أواخر عمره إلى أن توفى بها في ثامن شهر ربيع الأول سنة أربع وأربعين وسبعمائة. قال ابن حبيب بعلة الاستسقاء - رحمه الله تعالى -. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 76 المعلم، أمير سلاح ألطنبغا بن عبد الله، الأمير علاء الدين، المعروف بألطنبغا المعلم. أحد أمراء الألوف في الدولة الصالحية، ثم خلع عليه الملك الظاهر برقوق في أوائل أمره باستقراره أمير سلاح - عوضاً عن الأمير قطلوبغا الكوكائي - بحكم انتقال الكوكائي لحجوبية الحجاب بديار مصر - عوضاً عن سودون الشيخوني المستقر في نيابة السلطنة بالديار المصرية أيضاً - كل ذلك في سنة أربع وثمانين وسبعمائة. وهذا بخلاف زماننا هذا، وهو أن أمير سلاح في هذا العصر يكون أعظم الأمراء بعد الأتابك ورأس الميسرة. واستمر الأمير ألطنبغا المعلم على ذلك إلى أن كانت وقعة الناصري ومنطاش مع الملك الظاهر برقوق، وانتصر عليه وحبس برقوق بالكرك، فكان ألطنبغا هذا ممن انضم على الأميرين، وصار من أعيان الجزء: 3 ¦ الصفحة: 77 الدولة إلى أن قبض منطاش على الناصري وعلى جماعته من الأمراء، كان صاحب الترجمة ممن قبض عليه منطاش وحبسه بالإسكندرية في شعبان سنة إحدى وتسعين وسبعمائة إلى أن أفرج عنه الملك الظاهر برقوق بعد خروجه من حبس الكرك وعوده إلى ملكه ثانياً، وأخلع على ألطنبغا المذكور بنيابة الإسكندرية، عوضاً عن أرغون اجبلمقدار في خامس عشر رمضان سنة اثنتين وتسعين وسبعمائة، فتوجه إليها وباشرها مدة إلى أن طلب إلى القاهرة، وقبض عليه بعد أيام، هو والأمير قرادمرداش اليوسفي المعزول عن نيابة حلب - قبل تاريخه - وحبسا بقلعة الجبل في يوم الاثنين ثاني صفر سنة أربع وتسعين وسبعمائة. المرقبي المؤيدي ألطنبغا بن عبد الله المرقبي المؤيدي، الأمير علاء الدين. أصله من قدماء الجزء: 3 ¦ الصفحة: 78 مماليك المؤيد شيخ، اشتراه لما كان من جملة أمراء العشرينات وأعتقه، ودام بخدمته في أيام تلك المحن والفتن إلى أن تسلطن جعله نائب قلعة حلب، ثم نقله إلى إمرة مائة وتقدمة ألف بعد موت الأمير أقبردي المنقار المؤيدي في سنة عشرين وثمانمائة، ثم استقر حاجب الحجاب بالديار المصرية، فدام على ذلك إلى أن تجرد صحبة الأمير الكبير ألطنبغا القرمشي من جملة الأمراء المجردين إلى البلاد الشامية في سنة ثلاث وعشرين وثمانمائة. ومات الملك المؤيد وهم بتلك البلاد، ووقع ما حكيناه في غير موضع من القبض على القرمشي وغيره من الأمراء. كان المرقبي هذا من جملة من قبض عليه، ثم أطلق، واستمر بطالاً بالقاهرة مدة سنين إلى سنة ثلاث وثلاثين وثمانمائة، أنعم عليه الملك الأشرف برسباي بإمرة عشرة بعد موت الأمير تمراز الأعور الحاجب، فاستمر على ذلك إلى أن تجرد صحبة الملك الأشرف إلى آمد، وعاد أيضاً في ركابة في سنة سبع وثلاثين. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 79 ومات الملك الأشرف برسباي في ذي الحجة سنة إحدى وأربعين وثمانمائة، والمرقبي هذا على حاله إلى أن أنعم عليه الملك الظاهر جقمق بإمرة مائة وتقدمة ألف بالديار المصرية في أوائل دولته وعاد فيه الرمق؛ فإنه كان من جملة الأموات وهو في قيد الحياة، وكان قد يئس لطول البطالة من السعادة. ولما أخذ أمره يتراجع أدركته المنية، فكان حاله كقول القائل: إلى أن يسعد المعتر فرغ عمره. ومات في يوم الاثنين عاشر شهر رجب سنة أربع وأربعين وثمانمائة بالقاهرة، وأنعم بإقطاعه على الأمير طوخ من تمراز ثاني رأس نوبة؛ المعروف ببني بازق. وكان المرقبي جاركسي الجنس، مدور اللحية، للقصر أقرب، مهملاً جداً، ومات وهو في عشر السبعين تقريباً. - رحمه الله تعالى -. ؟ المعلم الظاهري ألطنبغا بن عبد الله الظاهري، الأمير علاء الدين، المعروف بألطنبغا المعلم الجزء: 3 ¦ الصفحة: 80 وباللفاف. أصله من مماليك الملك الظاهر برقوق وطال خموله، ودام من جملة المماليك السلطانية لا يؤبه إليه في الدولة سنين إلى أن تحرك له السعد، والتفت إليه الملك الأشرف برسباي في أواخر دولته، وجعله معلماً للرمح، وأنعم عليه بإقطاع هين، فترعرع وصار كآحاد الأجناد، وعرف في الدولة بعد ما كان منسياً. واستمر على ذلك إلى أن مات الأشرف وتسلطن ولده العزيز يوسف من بعده، ووقع بين الأشرفية وبين الأتابك جقمق ما سنحكيه إن شاء الله تعالى في غير موضع. انضم ألطنبغا هذا على الأتابك جقمق فيمن انضم إليه من المماليك السلطانية، ثم كانت وقعة الأتابك قرقماس مع الملك الظاهر جقمق في أوائل سلطنته، فكان المذكور أيضاً من حزب الملك الظاهر جقمق، وأصابه جراح؛ فشكر له السلطان ذلك، وأنعم عليه بإقطاع قلمطاي الإسحاقي الأشرفي الخاصكي - بعد إخراجه إلى طرابلس - ومن حينئذ جاءته السعادة فجأة. ولم تطل أيامه، وأنعم عليه بإمرة عشرة - بعد نفي الأمير سودون المغربي الظاهري - ثم أنعم عليه بعد مدة الجزء: 3 ¦ الصفحة: 81 بإمرة طبلخاناه - بعد نفي الأمير آقطوه الموساوي - زيادة على ما بيده، ثم ولاه نيابة الإسكندرية، فباشرها مدة متوسطة، وعزل وطلب إلى القاهرة على إقطاعه، ثم زاده مدة بإقطاع سودون السودوني الحاجب - بعد نفيه أيضاً - وأمره بالجلوس مع الأمراء المقدمين بحضرة السلطان، فاستمر على ذلك إلى سنة ثلاث وخمسين وثمانمائة، أنعم عليه بإمرة مائة وتقدمة ألف بالديار المصرية - بعد موت الأمير تمرباي التمربغاوي رأس نوبة النوب. هذا، وقد حطم عليه الكبر، وظهرت عليه الشيخوخة، وصار لا يطبق الحركة إلا بجهد. على أنه من الدين والخير والعفة على جانب عظيم مع سلامة الباطن. واستمر على ذلك إلى أوائل سنة ست وخمسين وثمانمائة استعفى من الإمرة، فعفى عنه، ولزم داره بطالاً مريضاً إلى أن توفى يوم الاثنين حادي عشر شهر ربيع الآخر من السنة المذكورة. رحمه الله تعالى وعفا عنه. الشريفي الناصري ألطنبغا بن عبد الله الشريفي الناصري، الأمير علاء الدين، المعروف الجزء: 3 ¦ الصفحة: 82 باجبلمقدار، أحد الأمراء المقدمين بدمشق. أصله من مماليك الملك الناصر فرج، ونسبته بالشريفي إلى تاجره. كان من أعيان المماليك الناصرية، وتأمر في أواخر دولة أستاذه، ثم حبس بعد قتل أستاذه وتعطل الدولة المؤيدية شيخ بكمالها، وإلى أن أنعم عليه الملك الأشرف برسباي بإمرة عشرة، ثم جعله من جملة رءوس النوب. واستمر على ذلك مدة طويلة إلى أن نقله إلى إمرة مائة وتقدمة ألف بدمشق - بعد موت طوغان عتيق والدي - وتوجه إلى دمشق، ودام بها إلى أن توفى الملك الأشرف برسباي وافتضت السلطنة بعد خلع الملك العزيز إلى الملك الظاهر جقمق قدم الأمير ألطنبغا المذكور إلى القاهرة هو والأمير أينال الششماني الناصري أتابك دمشق، فأكرمهما الملك الظاهر وأنعم عليهما، وعادا إلى محل إقامتهما، فلم تطل إقامة الأمير ألطنبغا الشريفي بدمشق بعد ذلك. ومات في سنين نيف الجزء: 3 ¦ الصفحة: 83 وأربعين وثمانمائة، وهو في عشر الستين تخميناً. وكان تركي الجنس، للقصر أقرب، ذا لحية مليحة، مع سكون وعقل تام وسلامة باطن، وكان مشهوراً بالشجاعة. رحمه الله تعالى. ؟ أللمش الناصري أللمش بن عبد الله الناصري، الأمير سيف الدين. هو من مماليك الملك الناصر محمد بن قلاوون، كان يعرف بالجمدار. تنقل إلى عدة وظائف، ثم ولى نيابة جعبر من قبل الأمير تنكز، ثم ولى حجوبية الحجاب بدمشق، واستمر بها بعد مسك الأمير تنكز المذكور مدة إلى أن حصل له استسقاء وطال به؛ فتوجه إلى خولة بانياس ليتنزه، فمات بها في ذي القعدة سنة ست وأربعين وسبعمائة، وكان شكلاً حسناً، مدور الوجه، حلو الصورة، ساكناً، عاقلاً، خيراً، ديناً، محتشماً، رحمه الله تعالى. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 84 نائب السلطنة بمصر آل ملك بن عبد الله، الأمير سيف الدين، نائب السلطنة بديار مصر، المعروف بحاج آل ملك. كان من أكابر الأمراء، ومن مشايخ المشورة، ولما كان الملك الناصر محمد بن قلاوون بالكرك، تردد في الرسلية إليه من قبل الملك المظفر بيبرس الجاشنكير؛ فأعجب الملك الناصر عقله، وأرسل إليهم يقول: لا يعود يجيء إلي رسولاً غير هذا. ولما قدم الملك الناصري مصر عظمه وقربه، وزادت حرمته وأثرى، وعمر جامعه المعروف به في الحسينية، وداره التي عند مشهد الحسين، ومسجدٌ حسنٌ إلى جانبها، ومدرسة أيضاً بالخط المذكور معروفة به. وعمر بمكة مطهرة، والربع الذي فوقها، وهو وقف عليها - وهي بقرب باب الحزورة - الجزء: 3 ¦ الصفحة: 85 ويقال له الآن بيت العطار، وعمر بركة السلم بطريق منى بقرب منى، وأجرى إليها عيناً من منى، وعمر بركة المعلاة التي على يسار الحاج إلى المعلاة. وله آثار حسنة بطريق الحجاز. وكان يحب طلبة العلم ويجالسهم، وخرج له شهاب الدين أحمد بن أيبك الدمياطي مشيخة وحدث بها. قال الشيخ صلاح الدين: وقرأت عليه مرات وهو جالس في شباك النيابة بقلعة الجبل. ولما تولى الملك الناصر أحمد أخرجه إلى نيابة حماة؛ فتوجه إليها وأقام بها إلى أن تولى الملك الصالح إسماعيل، فأقدمه إلى مصر، وأقام بها على حاله الأولى. ولما أمسك آقسنقر السلاري نائب مصر، ولاه النيابة مكانه؛ فشدد في الخمر إلى الغاية، وحد الناس عليها وجفاهم، وهدم خزانة البنود، وأراق خمورها الجزء: 3 ¦ الصفحة: 86 وبناها مسجداً وحكرها للناس، فعمروها دوراً. وكان يجلس في الشباك طول نهاره، لا يمل من ذلك ولا يسأم، وتروح أصحاب الوظائف ولا يبقى عنده إلا النقباء البطالة. وكان له مهابة وحرمة إلى أن تولى الملك الكامل شعبان، فأخرجه أول سلطنته إلى دمشق نائباً بها - عوضاً عن الأمير طقزدمر -. فلما كان في أول الطريق حضر إليه من قال له: الشام بلا نائب؛ فساق ليلحقه، فخفف من جماعته، وساق في جماعة قليلة، فحضر إليه من أخذه، وتوجه به إلى صفد نائباً، فدخلها في أوائل شهر ربيع الآخر سنة ست وأربعين وسبعمائة. ثم إنه أرجف الناس أنه قد باطن الأمير سيف الدين قماري نائب طرابلس على الهروب أو الخروج على السلطان، فحضر من مصر من كشف الأمر، وسأل هو التوجه إلى مصر، فرسم له بذلك فتوجه. فلما وصل إلى غزة أمسكه نائبها الجزء: 3 ¦ الصفحة: 87 الأمير سيف الدين أراق وجهزه إلى الإسكندرية في أواخر سنة ست وأربعين وسبعمائة. وكان ذلك آخر العهد به. انتهى كلام الصفدي. وكان يقول: كل أمير لا يقيم رمحه ويسكب الذهب إلى أن يساوي السنان ما هو أمير. وفيه يقول بعض الشعراء: آل ملك الحاج غدا سعده ... يملأ ظهر الأرض مهما سلك فالأمراء من دونه سوقةٌ ... والملك الظاهر هو آل ملك وكانت وفاته بسجن الإسكندرية مقتولاً في سنة سبع وأربعين وسبعمائة. الصرغتمشي آل ملك بن عبد الله الصرغتمشي، الأمير سيف الدين، أحد أمراء الطبلخاناه الجزء: 3 ¦ الصفحة: 88 بالديار المصرية. أصله من مماليك صرغتمش الناصري، صاحب المدرسة بخط الصليبة، وترقى بعد موت أستاذه إلى أن صار من جملة أمراء الطبلخاناه، وعاجلته المنية، فمات في سنة خمس وسبعين وسبعمائة بالقاهرة، رحمه الله. ألماس الناصري ألماس بن عبد الله الناصري، الأمير سيف الدين، حاجب الحجاب بديار مصر. هو من مماليك الملك الناصر محمد بن قلاوون وخواصه، اشتراه وأعتقه، ورقاه إلى أن جعله أمير مائة ومقدم ألف بالديار المصرية، ثم ولاه حجوبية الحجاب بها، فاستمر إلى أن خرج الأمير أرغون النائب إلى حلب، وبقى منصب النيابة الجزء: 3 ¦ الصفحة: 89 شاغراً، عظمت منزلته، وصار هو في محل النيابة، ويركبون الأمراء، وينزلون في خدمته، ويجلس في باب القلعة في منزلة النائب، والحجاب وقوف بين يديه. ولم يزل على ذلك إلى أن توجه السلطان إلى الحجاز، وتركه في القلعة هو والأمير آقوش نائب الكرك، والأمير أقبغا الأوحدي، والأمير طشتمر الساقي - حمص أخضر - إلى أن حضر السلطان من الحجاز، قبض عليه وحبسه، ثم قتله في ثاني صفر سنة أربع وثلاثين وسبعمائة، وسبب القبض عليه: أن الملك الناصر محمد لما مات بكتمر الساقي صحبته بطريق الحجاز، احتاط على موجوده، فكان من جملة الموجود جزدان، ففتح السلطان، فوجد فيه جواباً من الأمير ألماس المذكور إلى بكتمر الساقي، يقول فيه: إنني حافظ القلعة إلى أن يرد علي منك ما أعتمده. فلما أن وصل السلطان إلى القاهرة، قبض عليه لهذا الموجب، الجزء: 3 ¦ الصفحة: 90 وأخذ جميع أمواله، وكان مالاً جزيلاً إلى الغاية، ودفن بمدرسته التي بناها خارج القاهرة، معروفة به. قال البارع خليل بن أيبك: كان ألماس غتمياً طوالاً من الرجال لا يفهم بالعربي. وهو الذي عمر الجامع المليح الذي بظاهر القاهرة - في الشارع عند حدوة البقر - وفيه رخام مليح فائق، وعمر هناك قاعة مليحة، فيها رخام عظيم إلى الغاية، كان الرخام يحمل إليه من جزائر البحر، وبلاد الروم والشام، وكان يتظاهر البخل، ولم يكن كذلك، بل بفعل ما يفعله خوفاً من السلطان، وكان يطلق لمماليكه الرباع والأملاك المثمنة في الباطن، ووجد له مال عظيم. انتهى كلام بن أيبك. قلت: وألماس بضم الهمزة، وميم مفتوحة، وألف بعدها، وسين مهملة. ومعناه باللغة التركية: ما يموت. انتهى. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 91 صاحب سمرقند ألوغ بك بن شاه رخ بن تيمور - بقية نسبه يأتي في ترجمة جده تيمور إن شاء الله تعالى - وقيل إن اسمه محمد، وقيل تيمور، على اسم جده، ولهذا سمي يألوغ بك والله أعلم. العلامة فريد دهره ووحيد عصره في العلوم العقلية والهيئة والهندسة، طوسي زمانه، صاحب سمرقند، ابن القان معين الدين شاه رخ صاحب هراة، بن الطاغية تيمورلنك كوركان. مولده بعد سنة تسعين وسبعمائة تخميناً، ونشأ في أيام جده، وتزوج أيضاً في أيامه، وعمل له جده تيمور العرس المشهور. ولما مات جده تيمور، وآل الملك إلى أبيه شاه رخ بعد مدة، ولاه سمرقند وأعمالها، فحكمها نيفاً على ثلاثين سنة، وهلم جرا وإلى يومنا هذا. وعمل بها رصداً الجزء: 3 ¦ الصفحة: 92 عظيماً، انتهى منه في سنة أربع وخمسين، أو في التي قبلها. وقد جمع لهذا الرصد علماء هذا الفن من سائر الأقطار، وأغدق عليهم الأموال، وأجرى عليهم الرواتب الكثيرة، حتى رحل إليه علماء الهيئة والهندسة من البلاد البعيدة، وهرع إليه كل صاحب فضيلة، وهو مع هذا يتلفت من يسمع به من العلماء في الأقطار، ويرسل يطلب من سمع به، وعرف مقرته، ولا يزال به حتى يستقدمه معظماً مبجلاً. هذا مع علمه الغزير، وفضله الجم، وإطلاعه الكبير، وباعه الواسع في هذه العلوم، مع مشاركة جيدة إلى الغاية في فقه الحنفية والأصلين والمعاني والبيان واللغة، والعربية والتاريخ وأيام الناس. وأما غير ذلك كالهيئة والهندسة والتقاويم الفلكيات فيه يضرب المثل، وانتهت إليه الرئاسة في ذلك في عصره، مع علمي بمن عنده من العلماء، لكنه هو مشاركته أعظم؛ لأن كل عالم عنده هو إمام في علم واحد، بخلاف ألوغ بك هذا، فإنه يشارك في علوم كثيرة. قيل إنه سأل بعض حواشيه: ما تقول الناس عني؟ وألح عليه، فقال له: يقولون إنك ما تحفظ القرآن الكريم، فدخل من وقته وحفظه في أقل من ستة أشهر حفظاً متقناً. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 93 حكى لي من لفظه السيد الشريف سراج الدين عبد اللطيف الفاسي، قاضي قضاة الحنابلة بمكة، قال: قدمت على القان شاه رخ في بعض سفراتي إليه، فوجهني إلى ألوغ بك، صاحب سمرقند، فلما وصلت إليه رحب بي وأكرمني غاية الإكرام، فأخذ يحادثني في بعض الأيام، ويسألني عن كيفية الحرم الشريف، وكيف مثال الكعبة والحجر الأسود، والحجر وغير ذلك، فصرت أصف له كل ما بالحرم من البناء وغير ذلك. وهو لا يكرر مني اللفظ، بل يفهمه من أول مرة، كأنه رآه، فذهل عقلي بما رأيت من ذكائه المفرط، وصرت كلما جالسته بعد ذلك أسمع منه من الغرائب ما أتعجب منه من كثرة محفوظه للشعر، واستشهاده على ما يحكيه من الحكايات بكلام العرب، وحفظه للتاريخ، ثم يعتذر، لقلة معرفته باللغة العربية، ويقول: ما نحسن إلا باللغة التركية والعجمية. ويظهر لي صدق مقالته، فإنهما لغته. ثم يسألني في بعض الأيام، قال: يقف محملنا على جبل عرفات تحت المحمل المصري أم فوقه؟ قال الشريف: فاستحييت أن أقول له تحت المحمل الشامي، فنقلته إلى كلام غيره، الجزء: 3 ¦ الصفحة: 94 وعرفته أنهما يقفان صفاً واحداً، ثم أخذت أثني على أمير حاج محملهم، وأذكر من عقله وسياسته، فقال: يا شريف كم في عسكرنا مثل هذا؟ وأنشد قول المتنبي: الخيل والليل والبيداء تعرفنا. ومد وفخم بنون العظمة، ثم تذاكرنا معه أيضاً، فجرى ذكر أشراف مكة، يعني بني حسن، فقال بعض من حضر: هم أولاد جوار، فأنشد ألوغ بك المذكور في الحال قول الشاعر: لا تزرين فتى من أن تكون له ... أم من الترك أم سوداء عماء فإنما أمهات الناس أوعية ... مستودعات وللأنبياء آباء انتهى كلام الشريف سراج الدين باختصار. قلت: وألوغ بك هذا أسن أولاد القان شاه رخ، وأمه زوجة القان شاه رخ الحاكمة معه بهراة، تسمى كهرشاه، تحت والده إلى أن توفى سنة إحدى وخمسين وثمانمائة - على ما يأتي في ترجمته إن شاء الله تعالى - ولما توفى شاه رخ أقامت زوجته المذكورة كهرشاه في الملك ولد ولدها علاء الدولة الجزء: 3 ¦ الصفحة: 95 وتركت ولدها ألوغ بك هذا، وأرادت بذلك أن يستمر حكمها في هراة. فلما بلغ ألوغ بك المذكور ذلك، جمع العساكر وتوجه إلى هراة؛ لقتال بن أخية باي سنقر علاء الدولة، فتوجه إلى هراة واستولى عليها، وفر منها علاء الدولة وجدته كهرشاه المذكورة، ووقع لهم حوادث إلى أن عاد إلى سمرقند مؤيداً منصوراً، بعد أن أخذ غالب خزائن والده شاه رخ، واستمر بسمرقند، حتى خرج عن طاعته ولده عبد اللطيف. وسببه أن عبد اللطيف المذكور لما ملك والده ألوغ بك هذا هراة، طمع أن يوليه هراة، فلم يفعل وولاه بلخ ولم يعطه من مال جده شاه رخ شيئاً. وكان ألوغ بك هذا مع فضله وغزير علمه مسيكاً، فسأمته أمراؤه لذلك، وكاتبوا عبد اللطيف في الخروج عن طاعة أبيه ألوغ بك، وكان هو أيضاً في نفسه ذلك ويخاف يظهره، فانتهز الفرصة، وخرج عن الطاعة، وبلغ أباه الخبر، فتجرد لقتاله، والتقى معه، وفي ظنه أن عبد اللطيف لا يثبت لقتاله. فلما التقى الفريقان وتقاتلا، هرب جماعة من أمراء ألوغ بك إلى ابنه عبد اللطيف، فانكسر ألوغ بك وهرب على وجهه، وملك عبد اللطيف سمرقند، وجلس على كرسي والده أشهراً. ثم بدا لألوغ بك العود إلى سمرقند، ويكون الملك لولده، ويكون هو كآحاد الناس، واستأذن ولده لذلك، فأذن له، ودخل ألوغ بك سمرقند، وأقام بها إلى أن قبض عبد اللطيف على أخيه عبد العزيز الجزء: 3 ¦ الصفحة: 96 وقتله صبراً، في حضرة والده ألوغ بك، فعظم ذلك على ألوغ بك، فإنه كان في طاعته وفي خدمته حيثما سار، فلم يمكنه الكلام، فاستأذن ولده عبد اللطيف في الحج، فأذن له، فخرج ألوغ بك قاصداً للحج، إلى أن كان عن سمرقند مسافة يوم أو يومين، حذره بعض الأمراء من أبيه ألوغ بك، وحسن له قتله، فأرسل إليه بعض أمرائه ليقتله، فدخل عليه وهو بمخيمه، فاستحيا أن يقول جئت لقتلك، فسلم عليه، ثم خرج، ثم دخل ثانياً وخرج، ثم دخل؛ ففطن ألوغ بك، وقال له: قد علمت بما جئت فيه، فافعل ما أمرك به، وطلب الوضوء وصلى، ثم قال: والله لقد علمت أن هلاكي على يد ولدي عبد اللطيف هذا من يوم ولد، لكن أنساني المقدر ذلك، ووالله لا يعيش بعدي إلا خمسة أشهر، ثم يقتل أشر قتلة، ثم سلم نفسه، فقتله المذكور، وعاد إلى ولده عبد اللطيف، وذلك في سنة ثلاث وخمسين وثمانمائة. وقتل عبد اللطيف بعد خمسة أشهر. الأربلي الملقن إلياس بن علوان بن ممدود، الزاهد المقرئ، ركن الدين الأربلي الملقن، الجزء: 3 ¦ الصفحة: 97 نزيل دمشق. قرأ بالعراق وديار بكر، وقرأ بدمشق. قرأ بالعراق وديار بكر، وقرأ بدمشق على السخاوي، وسمع من شهاب الدين السهروردي، وتصدر للإقراء، فقال إنه ختم عليه أربعة آلاف ختمة وأكثر. توفى سنة ثلاث وسبعين وستمائة، رحمه الله تعالى. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 98 باب الألف والميم أمير حاج بن مغلطاي أمير حاج بن مغلطاي. الأمير زين الدين، أحد مقدمي الألوف بديار مصر ابن الأمير علاء الدين. نشأ المذكور في السعادة، وأنعم عليه بإمرة طبلخاناه، ثم ولى نيابة الإسكندرية، فباشرها مدة، ثم نقل إلى القاهرة، وأنعم عليه بإمرة مائة، وتقدمة ألف بها، واستقر حاجباً ثانياً، ثم صار أستاداراً، ثم عزل، واستمر على الجزء: 3 ¦ الصفحة: 99 تقدمته مدة سنين إلى أن قبض عليه الملك الظاهر برقوق ونفاه إلى ثغر دمياط، فأقام بالثغر إلى أن توفى به في ربيع الأول سنة إحدى وثمانمائة. وكان شجاعاً، مقداماً، كريماً، خاف الملك الظاهر برقوق شره، فقبض عليه. وكان متزوجاً بخوند سمراء. قاضي القضاة همام الدين الحنفي أمير غالب بن أمير كاتب بن أمير عمر بن أمير غازي، قاضي القضاة، همام الدين، ابن الإمام العلامة قوام الدين الأتقاني الحنفي الأنزاري. قدم المذكور إلى دمشق مع والده وهو بزي الجند واشتغل بدمشق، الجزء: 3 ¦ الصفحة: 100 وولى حسبتها، فشكرت سيرته، ثم ولى قضاء دمشق مدة، وكان قليل العلم إلا أنه كان رئيساً حسن الأخلاق، كريم النفس، عادلاً في أحكامه، وكان يعتمد على العلماء من نوابه، فمشى حاله بهذا، وشكرت سيرته، إلى أن توفى بدمشق في شهر جمادى الأولى سنة أربع وثمانين وسبعمائة، وسنه نحو الخمسين سنة، رحمه الله تعالى. العلامة قوام الدين الإتقاني الحنفي، شارح الهداية أمير كاتب بن أمير عمر بن أمير غازي، العلامة قوام الدين الإتقاني الإنزاري الحنفي المحقق - والد أمير غالب السابق ذكره - تفقه ببغداد وغيرها، وبرع في الفقه والنحو واللغة والأصول والمنطق والمعاني والبيان والأدب. وولى التدريس الجزء: 3 ¦ الصفحة: 101 بمشهد الإمام أبي حنيفة - رضي الله عنه - ببغداد، ثم قدم دمشق في سنة إحدى وعشرين وسبعمائة - عائداً إلى بغداد بعد أن حج - وتوجه إلى بغداد، ثم عاد إلى دمشق، وصنف كتاباً في عدم رفع اليدين في الصلاة، وتكلم مع فقهاء الشام، ووقع بينهم وبينه مناظرات بسب ذلك، وظهر علمه، ودرس بدمشق وأفتى، وانفرد برئاسة العلم بها، ثم طلب إلى الديار المصرية، فعظمه الأمير صرغتمش الناصري، وفخمه، وبنى له مدرسة بالصليبة، معروفة بصرغتمش المذكور، وحضر الدرس بحضرة صرغتمش وغالب أعيان الدولة، وتصدر أيضاً بالقاهرة، للإفتاء والتدريس، وكان له نظم ونثر، وله في صرغتمش المذكور: أبدى سنناً أحيا سنناً ... صلى زمناً عند الأدبا هذاك صرغتمش سكبت ... أيام إمارته السحبا بسياسته وحماسته ... وسماحته جلى الكربا وصيانته وديانته ... وأمانته حاز الرتبا الجزء: 3 ¦ الصفحة: 102 وله أيضاً شعر مطول نظم فيه فهرست أبواب الهداية على التراتيب. ومن مصنفاته: شرح الهداية، المسمى بغاية البيان، في عدة مجلدات. واستمر بديار مصر، إلى أن توفى بها، في يوم السبت حادي عشر شوال سنة ثمان وخمسين وسبعمائة. ومولده بأتقان، في ليلة السبت التاسع عشر من شوال، سنة خمس وثمانين وستمائة، فكان سنه حينئذ ثلاث وسبعين سنة وثمانية أيام. وأتقان قصبة من قصبات فاراب - وهي بفتح الهمزة وسكون التاء المثناة من فوق، وقاف وألف ونون - وفاراب مدينة معروفة وكانت جنازته مشهودة، وكثر أسف الناس عليه، رحمه الله تعالى. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 103 باب الألف والنون نائب بهنسى أنص بن عبد الله، الأمير سيف الدين، نائب بهنسى. أقام في نيابة بهنسى مدة إلى أن توجه الأمير بدر الدين مسعود بن الخطير من نيابة غزة إلى نيابة طرابلس، نقل أنص هذا عوضه إلى نيابة غزة، ثم طلب إلى القاهرة وصار من جملة الأمراء بها، ثم أعيد إلى نيابة غزة ثانياً، ثم نقل منها إلى نيابة قلعة المسلمين في شهر ذي القعدة سنة ثمان وأربعين وسبعمائة. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 104 والد الملك الظاهر برقوق أنص بن عبد الله الجاركسي العثماني، الأمير سيف الدين، والد الملك الظاهر برقوق. قدم من بلاده مع جماعة من إخوته وأقاربه إلى الديار المصرية، بطلب من ولده الملك الظاهر برقوق، وهو إذ ذاك أتابكاً. جلبه الخواجا عثمان بن مسافر - كما جلب ولده برقوق قبل تاريخه، وبه أيضاً يعرف برقوق العثماني - وكان وصوله إلى القاهرة في يوم الثلاثاء ثامن ذي الحجة سنة اثنتين وثمانين وسبعمائة، بعد أن خرج ولده الأتابك برقوق إلى لقائه وصحبته جميع الأمراء والعساكر إلى العكرشة. قال العيني: وهذا المكان هو الذي التقى به يوسف الصديق أباه - عليهما السلام - على ما قيل. انتهى كلام العيني. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 105 ولما التقيا قبل برقوق يد والده أنص المذكور، وأجلسه في صدر الخيمة التي ضربت له، وقعد بجانبه أيدمر الشمسي، وتحته الأتابك برقوق، ومن الجانب الأيسر الأمير آقتمر عبد الغني، ومد له من الأسمطة والحلوى والفواكه ما يطول الشرح في ذكره. وأقاموا بسر ياقوس إلى الظهر، ثم ركبوا وشقوا بالقاهرة، وقد أوقدت الشموع، وازدحمت الخلق لرؤيته، إلى أن وصل به إلى منزله، ثم أنعم عليه الملك المنصور بإمرة مائة وتقدمة ألف. كل ذلك وهو لا يعرف من اللغة التركية إلا اليسير جداً، وما كان يعرف يتكلم إلا باجلاركسي فقط، إلا أنه كان صحيح الإسلام، خيراً، ديناً، فأقام على ذلك إلى شوال من سنة ثلاث وثمانين. وتوفى يوم السبت ثاني عشره، فكان موته قبل أن تكمل إقامته بالديار المصرية سنة، ولم ير سلطنة ولده الملك الظاهر برقوق ودفن في تربة الأمير يونس الدوادار التي على رأس الروضة، بظاهر باب البرقية. وكان الجزء: 3 ¦ الصفحة: 106 أنص المذكور، ديناً، خيراً، وله اعتقاد في الدين وأهله، وكان لا يدخر عنده دراهم ولا دنانير، بل كان يفرقها على من رآه من الفقراء، وربما كان إذا لم يجد شيئاً يعطيه، يقلع شيئاً من قماشه ويعطيه لمن يقصده، رحمه الله تعالى. الملك المنصور آنوك بن حسين بن محمد بن قلاوون، الملك المنصور بن الملك الأمجد ابن السلطان الملك الناصر بن المنصور قلاوون، أخو الملك الأشرف شعبان ابن حسين، المعروف بسلطان الجزيرة، يعرف بذلك؛ لأن يلبغا العمري الخاصكي لما وقع له مع مماليكه ما وقع من ركوبهم عليه ببر الجزيرة وفراره منهم، وانضمام مماليكه مع الملك الأشرف شعبان، وتعدية يلبغا إلى جزيرة أروى الوسطانية، ومنعه لتعدية الملك الأشرف ومماليكه إلى بر بولاق - نذكر ذلك كله إن شاء الله تعالى في ترجمة يلبغا وغيره في عدة مواضع - ولما استقر يلبغا بالجزيرة، الجزء: 3 ¦ الصفحة: 107 والأشرف ببولاق التكروري - ببر الجيزة - ومعه مماليك يلبغا، ووقع القتال بين الفريقين، واستفحل أمر الأشرف شعبان بانضمام مماليك يلبغا عليه، وضعف أمر يلبغا، أنزل يلبغا بآنوك هذا من الدور السلطاني بالقلعة وسلطنه، ولقبه بالملك المنصور، وخلع الأشرف شعبان، ليضم الناس عليه بذلك، ليتم له مراده، وآل أمره إلى أن قبض عليه وقتل، وعاد الأشرف إلى ملكه من غير مبايعة ثانية، فإن بيعة آنوك هذا كانت غير صحيحة. ولما طلع الأشرف شعبان إلى قلعة الجبل، رسم لأخيه آنوك هذا بأن يقيم على حاله كما كان عليه أولاً، ثم أنعم عليه بإمرة طبلخاناه، واستمر آنوك هذا على ذلك إلى أن قتل الأشرف أخذت منه الإمرة، واستمر بطالاً بقلعة الجبل، إلى أن توفى ليلة الجمعة سابع ذي القعدة سنة ثلاث وتسعين وسبعمائة. حكى لي عنه غير واحد من أقاربه - أولاد الأسياد - أنه كان شكلاً حسناً، حشماً متواضعاً، كريم النفس، أسمر، كبير اللحية، وأنه كان يغضب من قولة: سلطان الجزيرة إلى الغاية - رحمه الله تعالى -. ابن الملك الناصر محمد بن قلاوون آنوك بن محمد بن قلاوون، الأمير سيف الدين بن الملك الناصر محمد الجزء: 3 ¦ الصفحة: 108 ابن المنصور قلاوون، وأمه خوند الكبرى طغاي. قال الشيخ صلاح الدين: رأيته غير مرة، وهو تام الشكل، حسن الوجه مستديره، تركي العين، مجد وبها أبيض، وكان أخوه الناصر، والمنصور أبو بكر، وإبراهيم أكبر سناً منه، وكان آنوك المذكور أمير مائة ومقدم ألف، والباقون أمراء أربعين، وكان يحمل رنك جده قلاوون، وزوجه أبوه وهو ابن عشر سنين أو دونها بنت الأمير بكتمر الساقي، وكان له عرس عظيم، وحضره نائب الشام سيف الدين تنكز، وأطعم الناس بالإيوان، ونصب الأمير قوصون صاريين عليهما نفط، غرم عليهما ثلاثين ألف درهم، واجتمع الشمع بالنهار في الإيوان من الظهر، وقعد السلطان على صفة الباب بالقصر، وقعد آنوك على الصفة الأخرى، وعرض الشمع على السلطان، فكان الأمير يعرض شمعه الجزء: 3 ¦ الصفحة: 109 ويبوس الأرض للسلطان ثم لآنوك، فعل ذلك ثلاث أو أربع أمراء، ثم إن السلطان منعهم من بوس الأرض لآنوك، ولم يزل الشمع يعرض إلى بعد المغرب، ولم يكمل عرضه، وكان مهماً عظيماً. ورأيت أبا العروس بكتمر وهو مشدود الوسط في يده عصاة؛ لأنه في عرس ابن أستاذه، وكان مهماً عظيماً إلى الغاية، ورأيت الجهاز لما أن حمل من دار أبي العروس - من على بركة الفيل - ممدوداً على رؤوس الحمالين، وكان عدتهم ثمانمائة حمال وستة وثلاثين قطار بغال، غير الحلي والمصاغ والجواهر - وسيأتي ذكر ذلك في ترجمة بكتمر الساقي مفصلاً - ولما مدوا الشوار المذكور دخل السلطان رآه فما أعجبه، وقال: أنا رأيت شوار بنت سلار وهو أكثر من هذا وأحسن، على أن هذا يا أمير بكتمر ما يقابل به آنوك والتفت إلى الأمير سيف الدين طقزدمر، والأمير سيف الدين آقبغا، وقال: جهزا بنتكما ولا تخاسسا مثل الأمير. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 110 قلت: قال لي المهذب كاتب بكتمر: إن الذهب الذي دخل في الزركش والمصاغ ثمانون قنطاراً - يعني بالمصري -. وكان النشو كاتب آنوك وأستاداره الأمير سيف الدين ألطنفش أستادار السلطان. وقال لي النشو: إن لآنوك حاصل ذهب عين تحت يد خزنداره ستمائة ألف دينار، غير ما له تحت يدي من المتجر والأصناف. وكان إخوته الكبار يركبون وينزلون في خدمته، ويخلع عليهم ويعطيهم، ورأيته كثير الحركة، لا يستقر على الأرض، ولا يلبث ولا يسكت، ووصفوا له ابن قيران الشطرنجي الأعمى؛ فعجب منه وأحضره، فلعب قدامه؛ فأعجبه، فقال له: يا خوند، لأي شيء ما تلعب، فقال: الملوك لا يصلح لهم الشطرنج ولا النبيذ حسام الدين لاجين مات وهو يلعب بالشطرنج. وجدر فتغيرت بعض محاسنه، وتوفى سنة أربعين وسبعمائة، قبل موت أبيه بنصف سنة تقريباً، ووجد عليه. وكان كثير الميل لاقتناء الأبقار، والأغنام، والأوز، والبط، وما أشبه ذلك. سمعته يقول: لرزق الله أخي النشو، والله أنا أحب البقر أكثر من الخيل. انتهى كلام صلاح الدين الصفدي، رحمه الله تعالى. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 111 باب الألف والواو أوتامش الأشرفي أوتامش بن عبد الله الأشرفي، نائب الكرك، الأمير سيف الدين. ولى نيابة الكرك من قبل أستاذه الملك الأشرف خليل بن قلاوون، وكان الأشرف يركن إليه، وأرسله غير مرة إلى الملك بو سعيد، وتوجه مرة بطلبه ومماليكه، وكان أولئك القوم أيضاً يركنون إليه؛ لأنه كان يعرف بالمغلى لساناً وكتابة، ويدرى آداب الترك، ويحكم في بيت السلطان بين الخاصكية باليسق المقرر من جنكزخان، وكان يعرف بيوت المغل وأصولهم، وكان إذا جاء من تلك البلاد كتاب إلى الجزء: 3 ¦ الصفحة: 112 السلطان بالمغلى يكتب هو جوابه، وإذا لم يكن هو حاضراً كتبه الأمير طايربغا - نسيب السلطان - ثم ولاه الملك الناصر محمد بن قلاوون نيابة صفد، عوضاً عن الأمير أرقطاي في سنة ست وثلاثين وسبعمائة، فأقام بها إلى أن توفى في سنة سبع وثلاثين وسبعمائة، ودفن بتربة الحاج أرقطاي، جوار جامع الظاهر. وقيل إن اسمه أرتامش ذكرناه أيضاً هناك بأوسع عباره من هذا. أوران بن عبد الله أوران بن عبد الله، الأمير سيف الدين، أحد مقدمي الألوف بدمشق. كان من أعيان أمراء دمشق، إلى أن توفى بالطاعون في العشر الأوسط من شهر رجب سنة تسع وأربعين وسبعمائة، وكان حشماً وقوراً، رحمه الله تعالى. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 113 أوران البكتمري ت. نيف وثلاثين وسبعمائة أوران بن عبد الله البكتمري، الأمير سيف الدين، كان ممن أنشأه الأمير بكتمر الحاجب، ثم لزم الأمير تنكز نائب الشام بعد موت بكتمر، واختص به، وأنعم عليه بإمرة عشرة، ثم طلبخاناه بدمشق، ولم يزل مكيناً عنده، إلى أن جرى له ما جرى مع قطوبغا الفخري في ضيافة صلاح الدين بن الأوحد، ثمن ثم انحرف تنكز عنه وأبغضه وأبعده، إلى أن توفى في سنين نيف وثلاثين وسبعمائة. صاحب سيس أوشين صاحب سيس - لعنه الله - هلك في سنة اثنتين وعشرين وسبعمائة، وملك بعده ابنه ليفون وعمره اثنى عشر سنة؛ وكفله ابن عم أبيه، وأظنه آخر ملوك سيس من النصارى؛ لأنها فتحت بعد ذلك بقريب. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 114 أولاجا بن عبد الله أولاجا بن عبد الله، الأمير سيف الدين. كان هو وأخوه الأمير زين الدين قراجا حاجبين من قبل الملك الصالح إسماعيل، وكان نائب الشام يومئذ الأمير آق سنقر السلاري، وكان الأمير بيغرا أميراً بدمشق، فوشى بهم أنهم في الباطن مع الملك الناصر أحمد، فأمسك الملك الصالح الأمير آق سنقر وبيغرا والأميران أولاجا هذا وقراجا في سنة أربع وأربعين وسبعمائة، فكان هذا آخر العد بآق سنقر. وبقي الأمراء الثلاثة معتقلين بالإسكندرية، إلى أن شفع فيهم الأمير طقزدمر، فأفرج عنهم في سنة خمس وأربعين وسبعمائة، فاستمر بيغرا بالقاهرة، وجهز الأمير أولاجا الجزء: 3 ¦ الصفحة: 115 وأخوه قراجا إلى دمشق، فأقاما بها بطالين إلى أن تولى الملك الكامل، فولى أولاجا المذكور نيابة حمص، بعد أن أنعم عليه بإمرة طبلخاناه بدمشق، ثم نقل إلى نيابة غزة، ثم لما ملك الملك المظفر عاد إلى نيابة حمص ثانياً، ثم نقل إلى نيابة صفد في رجب سنة ثمان وأربعين وسبعمائة، وكان قد تعلق به وخم من حمص؛ فزاد به ضعفه في صفد، وتم ملازم الفراش إلى أن مات في سادس شهر رمضان سنة ثمان وأربعين وسبعمائة، رحمه الله تعالى. صاحب تبريز وبغداد أويس بن الشيخ حسن بن حسين بن آقبغا بن أيلكان، القان صاحب تبريز وبغداد وما والاهما. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 116 ملك البلاد بعد موت أبيه في سنة سبع وخمسين وسبعمائة، ودام في الملك إلى سنة ثمان وخمسين وسبعمائة، أخذ تبريز منه القان جانبك بن أزبك خان، ملك التتار بالبلاد الشمالية، وأقام فيها ابنه بردبك، وعاد فمرض جاني بك في طريقه، فكتب أمراؤه إلى بردبك يستدعونه، فخرج من تبريز، وجعل فيها شخصاً من جهته، فوثب أويس من بغداد وجد في السير، حتى وصل تبريز، وغلب المذكور عليها وملكها منه، فجمع نائب بردبك على أويس، واسترجع تبريز منه، وفر أويس عائداً إلى بغداد، فسار إليه شاه شجاع اليزدي من أصبهان، لما بلغه فرار أويس، وقاتل نائب بردبك، وملك تبريز منه، واستناب فيها، ورجع إلى بلاده، فبلغ أويس الخبر، فقفل راجعاً إلى تبريز، وملكها من أعوان شاة شجاع بعد قتال شديد وحروب، واستمرت تبريز بيده حتى مات في سنة ست وسبعين وسبعمائة عن نيف وثلاثين سنة - رحمه الله -. وكان سلطاناً عادلاً، محبباً للرعية، ومما يدل على خيره ودينه، أنه رأى في منامه قبل موته بأيام قائلاً يقول له: إنك تموت يوم كذا وكذا، فلما أصبح خلع نفسه من الملك، وولى عوضه بتبريز وبغداد ولده الأكبر الشيخ حسين، الجزء: 3 ¦ الصفحة: 117 واعتزل هو عن الملك، وصار يتعبد ويتصدق، ويكثر من الصلاة، والصيام إلى الوقت الذي عينه لهم، فمات فيه وهو في سن الشبيبة، وكان له شهامة وصرامة، وشكالة حسنة إلى الغاية، وكان مسعود الحركات منصوراً في حروبه، قليل الشر، كثير الخير، محباً للفقراء والعلماء، أقام في السلطنة تسعة عشر سنة، رحمه الله تعالى. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 118 باب الألف والياء آخر الحروف ؟ أياجي الحاجب أياجي بن عبد الله الحاجب، الأمير سيف الدين، أحد أمراء الملك المنصور قلاوون تأمر في أيامه، ثم ولى الحجوبية بالديار المصرية، وحسنت سيرته، إلى أن توفى يوم الأحد عاشر شهر رمضان سنة ست وثمانين وستمائة. وكان من أعيان الأمراء، رحمه الله تعالى وعفا عنه. أياز، نائب حلب أياز بن عبد الله الناصري، السلاح دار، الأمير فخر الدين. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 119 كلن من مماليك الناصر محمد بن قلاوون، وجعله أولاً شاداً على العمائر السلطانية، ثم أنعم عليه بإمرة عشرة بطرابلس، ثم نقل إلى دمشق، وأنعم عليه بها بإمرة طبلخاناه بعد مدة، وصار بها أيضاً شاد الدواوين، ثم ولى حاجباً صغيراً، ثم ولى حجوبية الحجاب بعد موت الأمير اللمش الحاجب، ثم طلبه الملك المظفر حاجي إلى القاهرة، فولى نيابة صفد، فباشر نيابة صفد إلى أن عصى الأمير يلبغا على الملك المظفر، وحصل من أمره ما سنذكره في محله إن شاء الله تعالى، وهرب؛ فرسم للأمير أياز هذا أن يركب خلفه؛ فركب ووصل إلى حماة، ثم أمسك يلبغا المذكور، برز المرسوم له باستقراره في نيابة حلب، عوضاً عن الأمير أرغون شاه، في سنة ثمان وأربعين وسبعمائة، بحكم انتقال أرغون شاه إلى نيابة دمشق، عوضاً عن يلبغا الخارج عن الطاعة؛ فاستمر أياز بحلب إلى أن تسلطن الملك الناصر حسن بن محمد بن قلاوون، أرسل يطلبه إلى القاهرة مع الأمير عمر شاه الناصري، فقابل المرسوم بالطاعة، إلى أن كان الليل بلغ عمر شاه ما أحوجه أن يركب هو وأمراء حلب، ويأتي إلى دار النيابة. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 120 فلما وقع ذلك وبلغ الخبر أياز خرج إليهم، وسلم نفسه إلى عمر شاه، وقال: أنا مملوك السلطان؛ فأمسكوه وقيدوه، وأودعوه قلعة حلب، وذلك في شوال سنة ثمان وأربعين وسبعمائة، ثم ساروا به إلى دمشق مكبلاً في الحديد، ثم نقل إلى مصر، وتوجه به إلى الإسكندرية، فأقام بها مدة، ثم أفرج عنه وتوجه إلى طرابلس بطالاً، في شهر ربيع الآخر سنة تسع وأربعين وسبعمائة، ثم أنعم عليه بها بإمرة طبلخاناه، عوضاً عن سنقر الجمالي، ثم نقل إلى دمشق، ثم أقام بها إلى أن كان من أمر ألجبغا ما كان؛ فركب الأمير أياز هذا معه وانضم إليه على ما في نفسه من القهر، ثم أمسك هو وألجبغا ووسطا بدمشق، على ما حكيناه في ترجمة ألجبغا، وذلك في شهر ربيع الآخر سنة خمسين وسبعمائة، رحمه الله تعالى. الصالحي النجمي المقرى أياز بن عبد الله الصالحي النجمي، الأمير فخر الدين، المعروف بالمقرى، أحد أكابر الأمراء بالديار المصرية. ولاه الملك الظاهر بيبرس الحجوبية، وكان يعتمد عليه في أموره ومهماته. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 121 ولما تسلطن الملك المنصور قلاوون، زاد في تعظيمه. ذكره البرزالي في معجمه، وقال: وكان لديه فضيلة، ويكتب كتابة حسنة، ويترسل إلى الملوك، لما فيه من النباهة وحسن الإيراد، وكان فصيح العبارة لسناً خبيراً كافياً عارفاً بأمور الدولة وما يتعلق بالمملكة، قد تدرب في ذلك. وترسل في الأيام الظاهرية إلى صاحب اليمن، وإلى ملوك التتار وملوك الفرنج. وكان يقضي حوائج الناس، ويعظم أهل العلم والحديث، ويعرف حقهم ومكانتهم وحج في أواخر عمره، وأصلح أموره. وباع كثيراً من آلات الجندية، وجمع ذلك عيناً لورثته. ومات بعد قدومه من الحج بأقل من شهرين، وكان الناس يتعجبون من حسن حاله في دنياه وآخرته، وسمع من أبي الحسين المقير. انتهى كلام البرزالي. قلت: وكانت وفاته في ليلة الجمعة العشرين من شهر ربيع الأول سنة سبع وثمانين وستمائة، رحمه الله تعالى. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 122 الحراني أياز بن عبد الله الحراني، الأمير افتخار الدين. كان من جملة أمراء بدمشق، ثم صار بها والياً، وأضيف إليه النظر في أمر المساجد في سنة ستين وستمائة، فشدد على أهل الأسواق، وأمرهم بالصلاة، وعاقب من تخلف عنها، وكان بخدمته شخص من الحنابلة يسمى ابن الصيرفي، وله مسجد بقبة اللحم، له في كل شهر ستون درهماً، فتركه ولم يتقصد شيئاً من معلومه، كما فعل بغيره، فقال في ذلك بعض أئمة المساجد: يا والياً متزهداً ... متحنبلاً يتصلف لم لا تساوي بالمسا ... جد مسجد ابن الصيرفي فأجابه آخر على لسان الوالي المذكور: قال الأمير الحنبلي ... جواب من لم ينصف أنا مبغض للشافعي ... والمالكي والحنفي فلذاك أقصدهم وأر ... عى جانب ابن الصيرفي الجزء: 3 ¦ الصفحة: 123 الجرجاوي، نائب طرابلس إياس بن عبد الله، الأمير سيف الدين، نائب طرابلس. كان أولاً من جملة أمراء الألوف بالديار المصرية، ثم ولى عدة أعمال، وولى نيابة طرابلس غير مرة. وآخر ولايته في سلطنة الملك الظاهر برقوق الثانية. أقام بطرابلس إلى أن عزله الظاهر برقوق بالأمير دمرداش المحمدي نائب حماة، وتوجه إياس المذكور إلى دمشق أتابكاً بها؛ فأقام بدمشق يسيراً، وطلب إلى القاهرة، فمات بها بعد أو وصلها بأيام قلائل. قال العيني: مات عشية يوم الجمعة ثامن عشرين صفر سنة تسع وتسعين وسبعمائة، بعد المصادرة والإهانة. وكان رجلاً عسوفاً، ظلم أهل طرابلس في ولايته إلى ما لا نهاية له، وذكر عنه أشياء توجب الكفر. انتهى كلام العيني. قلت: هو كما قال قاضي القضاة بدر الدين محمود العيني، وما ذاك إلا أن الجزء: 3 ¦ الصفحة: 124 بعض سراريه كان قد ملكها والدي من بعده واستولدها، فكانت تحكى عنه عظائم من ظلمه وسوء خلقه، من ذلك أن شخصاً قال له يوماً: يا وجه القمر؛ فضربه ضرباً مبرحاً، وقال: أنا أعرف بنفسي منك، فلم ذا تمدحني، وأشياء من هذا النمط. وكان بشيع المنظر لا خلق ولا خلق. الجلالي الحاجب إياس بن عبد الله الجلالي الظاهري، الأمير فخر الدين. أصله من مماليك الملك الظاهر برقوق، وترقى في الدولة الناصرية فرج إلى أن صار أمير عشرة ورأس نوبة، ثم تنقل إلى أن صار في الدولة المؤيدية شيخ أمير طبلخاناه، وثاني رأس نوبة، ثم أخرج إلى حلب أتابكاً بها، فدام بها إلى أن مات المؤيد، وقدم مع الملك الظاهر ططر إلى القاهرة، وآل أمره إلى أن صار في الدولة الأشرفية برسباي أمير طبلخاناه وثاني حاجب، واستمر على ذلك مدة طويلة إلى أن أخرج الملك الأشرف برسباي إقطاعه وحجوبيته للأمير برد بك الجزء: 3 ¦ الصفحة: 125 الإسماعيلي، المعروف ببرد بك قصقا - يعني قصير - ودام إياس صاحب الترجمة بطالاً بديار مصر، إلى أن توفى في سنين نيف وثلاثين وثمانمائة. وكان رجلاً، ضخماً، طوالاً، كريماً، حشماً، دمث الأخلاق، واسع النفس في الطعام، سليم الباطن، قليل الشر، رحمه الله تعالى. أيان الناصري أيان بن عبد الله الناصري الساقي، الأمير سيف الدين. كان من جملة أمراء الديار المصرية، وكان سكنه بحكر جوهر النوبي، ووقع بينه وبين الأمير حسين، بسبب أنه لما توجه الأمير حسين إلى البلاد الجزء: 3 ¦ الصفحة: 126 الشامية، ثم عاد إلى الديار المصرية، كان أيان هذا قد أخذ دار الأمير حسين، فأراد الأمير حسين ارتجاعها منه، فأبى أيان المذكور، والتجأ للأمير بكتمر الساقي، وكان السلطان قد رسم بارتجاعها إلى الأمير حسين. فلما خالف أيان أخرج إلى دمشق أميراً بها، فدام بها مدة، ثم طلب إلى القاهرة بعد مدة طويلة بسفارة الأمير قوصون وأخلع عليه وعاد حاجباً بدمشق، ثم نقل إلى نيابة حمص، فباشرها دون السنة، وعزل بالأمير قطلقتمر الخليلي، وتوجه إلى غزة أتابكاً بها مكرهاً، فأقام نحو الشهرين وتوفى بها، وحمل إلى القدس، ودفن به في ثالث شهر رجب سنة ست وأربعين وسبعمائة، رحمه الله تعالى. الملك المعز آي بك بن عبد الله التركماني، الملك المعز، سلطان الديار المصرية. ابتدأنا به في أول تاريخنا هذا، فلا حاجة إلى ذكره هاهنا ثانياً. الدوادار الملك المجاهد آي بك بن عبد الله الدوادار، الملك المجاهد سيف الدين، مقدم جيوش العراق. كان خصيصاً عند الخليفة المستعصم بالله العباسي. كان يقول: لو مكنني الخليفة لقهرت هولاكو. وكان أيبك المذكور مغرماً بالكيمياء. كان في داره الجزء: 3 ¦ الصفحة: 127 عدة رجال يعملون هذه الصنعة، ولا صحت معه أبداً، وأتلف على هذا المعنى جملة مستكثرة، قدر ما كان يحصل له لو صحت معه. ودام الملك المجاهد أيبك هذا في غزة، إلى أن مات مقتولاً بيد التتار صبراً في سنة ست وخمسين وستمائة، وكان بطلاً، شجاعاً، مقداماً، جواداً، موصوفاً بالكرم، والرأي الجيد، والتدبير، وهو آخر ملوك بغداد من قبل الخلفاء؛ لأن المستعصم قتل هو وولده في هذه الوقعة، ولم يكن بعده خليفة ببغداد، وقتل في هذه الوقعة ببغداد وأعمالها ما يزيد على ألفي ألف وثلثمائة ألف إنساناً، وزالت الخلافة العباسية من بغداد. وسبب هذه المحنة وقدوم هولاكو إلى بغداد وأخذها، وزير الخليفة المستعصم العلقمي الرافضي، كتب في السر لهولاكو يستدعيه إلى بغداد. نذكر ذلك في ترجمة العلقمي في المحمدين، إن شاء الله تعالى. والعجيب أنه لما قتل الخليفة ودواداره الملك المجاهد هذا بين يدي هولاكو، استدعى هولاكو الوزير العلقمي المذكور إلى بين يديه وعنفه على سوء فعله مع أستاذه، وقال له: لو أعطيناك كل ما نملكه ما نرجو منك خيراً، ثم أمر به فقتل أشر قتلة، فلا رحم الرحمن تربة قبره. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 128 النجمي الصالحي الحلبي آي بك بن عبد الله النجمي، الصالحي الحلبي، الأمير سيف الدين، أحد المماليك الصالحية نجم الدين أيوب. كان من أكابر الأمراء، وممن يضاهي موكبه موكب السلطان الملك المعز أيبك التركماني، وكان غالب المماليك الصالحية تعترف له بالتعظيم، وكان له عدة مماليك صاروا بعده أمراء، منهم بدر الدين بيليك الجاشنكير، وركن الدين أياجي، وصارم الدين أزبك الحلبي وغيرهم. ولما تسلطن الملك المعز - كما تقدم ذكره - أراد أيبك الحلبي هذا القيام لنفسه، ثم خاف، ووافق الأمراء وبالغ المعز، ودام أيبك هذا في عزه، إلى أن تسلطن الملك المظفر قطز المعزي، وقبض على الأمير علم الدين سنجر الحلبي الجزء: 3 ¦ الصفحة: 129 واعتقله؛ فعند ذلك ركب أيبك المذكور هو وجماعة من الأمراء الصالحية على قطز وعلى الأمراء المعزية، فتقنطر أيبك هذا عن فرسه في الوقعة خارج القاهرة وأدخل إليها ميتاً، وكذلك وقع للأمير ركن الدين خاص ترك. كل ذلك في سنة خمس وخمسين وستمائة، رحمهما الله تعالى. الصالحي الأفرم الكبير آي بك بن عبد الله الصالحي، الأمير عز الدين، المعروف بالأفرم الكبير، وبالساقي أمير جندار. سمع من ابن رواح، وحدث. وكان من عظماء الدولة المصرية، وكان الجزء: 3 ¦ الصفحة: 130 له ثروة عظيمة وأموال وأملاك، يقال إنه كان له ثمن بالديار المصرية، وهو صاحب الرباط والجسر الذي على بركة الحبش، خارج القاهرة. قال الشيخ صلاح الدين في تاريخه: كنت بالقاهرة، وقد وقف أولاده وشكى عليهم أرباب الديون للسلطان الملك الناصر محمد بن قلاوون، فقال السلطان: يا بشتك هؤلاء أولاد الأفرم الكبير، صاحب الأملاك والأموال، أبصر كيف حالهم وما سببه، إلا أن أباهم أتكلهم على أملاكهم فما بقيت أنا لأجل ذلك أدخر لأولادي ملكاً ولا مالاً. انتهى كلام الصفدي. قلت: أمر أولاد الأفرم مشهور على أفواه الخلق، ويحكى عنهم أمور عجيبة، لكنني كنت آخذ وأعطي فيما يحكى عنهم إلى أن رأيت ما نقلته بخط الشيخ صلاح الدين - رحمه الله - وكانت وفاة الأفرم صاحب الترجمة في سنة خمس وتسعين وستمائة، وكان من كبار الأمراء بالديار المصرية، وكان شجاعاً مقداماً، لكنه صرف همته بجمع الأموال، على أنه كان قليل الظلم، خيراً. قيل إنه كان يدخل حاصله كل يوم من ملكه وإقطاعة ألف دينار مصرية، خارجاً الجزء: 3 ¦ الصفحة: 131 عن ثمن القمح والشعير والحبوب، ولك يكن في البلاد الإسلامية بلد إلا وله بها علقة، إما ملك، أو ضمان، أو زراعة؛ فضرب الله جميع ما خلفه بالمحق، ولم يبق مع ورثته شيء، وكانت ذريته يستعطون من الناس، هذا مع قلة ظلمه وعسفه، رحمه الله تعالى. الحموي، نائب دمشق 703 - ... ... - 1303 م آي بك بن عبد الله، التركي الحموي الظاهري، الأمير عز الدين، نائب دمشق. كان من أعيان الأمراء بالديار المصرية، ثم آل أمره إلى أن ولى نيابة دمشق عوضاً عن الشجاعي، فأقام بدمشق إلى أن قبض عليه في سنة خمس وتسعين وستمائة، وحبس بقلعة صرخد مدة، إلى أن ولى نيابة حمص، قبل موته بأشهر، في سنة ثلاث وسبعمائة. ومات يوم الأحد العشرين من شهر ربيع الجزء: 3 ¦ الصفحة: 132 الآخرة، وكان شجاعاً كريماً، رحمه الله تعالى، ثم نقل إلى تربته بالسفح، غربي زاوية ابن قوام، وإليه تنسب الحمام بمسجد القصب، المعروفة بحمام الحموي، ويعرف الآن بحمام السلطان، لتجديد السلطان قايتباي له بعد حريقه. الموصلي، نائب طرابلس آي بك بن عبد الله الموصلي المنصوري، الأمير عز الدين. هو من مماليك الملك المنصور قلاوون، وتنقلت به الأحوال إلى أن ولى نيابة طرابلس، وبها توفى سنة ثمان وتسعين وستمائة، وكان يميل إلى دين وخير، وله حرمة في الدولة ووقار، وكان محباً للجهاد في سبيل الله، مع جميل السيرة وكثرة العدل، رحمه الله. الظاهري، نائب حمص آي بك بن عبد الله، الأمير عز الدين الظاهري، نائب حمص. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 133 وليها من قبل أستاذه الملك الظاهر بيبرس، ولم تشكر سيرته، إلى أن توفى بها في سنة ثمان وستين وستمائة، عفا الله عنه. الأسكندراني الصالحي آي بك بن عبد الله الأسكندراني الصالحي، الأمير عز الدين. كان من مماليك الملك الصالح نجم الدين أيوب، وولى الشوبك لأستاذه المذكور ثم تقدم عند المعز أيبك التركماني، ثم ولى نيابة بعلبك للملك الظاهر بيبرس البندقداري، ثم ولاه الظاهر الرحبة، وتزوج ببنت الشيخ محمد اليونيني، ودام بالرحبة إلى أن توفى بها في سنة أربع وسبعين وستمائة. وكان عنده دين، وخير، وكرم، وحشمة، رحمه الله تعالى. الدمياطي آي بك بن عبد الله الدمياطي، الأمير عز الدين. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 134 كان أيضاً من المماليك الصالحية، ومن أعيان الأمراء بديار مصر، وتنقل في عدة وظائف، إلى أن أمسكه الملك الظاهر بيبرس وحبسه نحو سبع سنين، إلى أن أطلقه في جمادى الآخرة سنة إحدى وسبعين وستمائة وأقام بالقاهرة بطالاً، إلى أن توفى بها في سنة ست وسبعين وستمائة، وقد نيف على السبعين، وكان فيه شجاعة وكرم، رحمه الله. الموصلي، نائب حصن الأكراد آي بك بن عبد الله الموصلي، الأمير عز الدين، نائب حصن الأكراد، قتل بها غيلة في سنة ست وسبعين وستمائة، وكان كافياً، ناهضاً، مقداماً، كريماً، وكان عنده تشيع وتعصب، وله فضل على قدرة، عفا الله تعالى عنه. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 135 الزراد آي بك بن عبد الله الصالحي، الأمير عز الدين، المعروف بالزراد. هو أيضاً من المماليك الصالحية النجمية. ولى نيابة قلعة دمشق وحسنت سيرته لمهابته ووقاره وحشمته، إلى أن توفى سنة ثمان وستين وستمائة، رحمه الله تعالى. المحيوي آي بك بن عبد الله المحيوي، عز الدين. كان مملوك الصاحب محيي الدين بن ندى الجزري، وكان بارعاً في حسن الخط، وكان يكتب عن مخدومه المهمات، وكان خجداشه علم الدين أيدمر المحيوي - الآتي ذكره - ينشئ ذلك بلفظه الفائق، ويكتب هذا بخطه العظيم، وكان مع تقدمه في حسن الخط يحفظ مقامات الحريري، ومختار الجزء: 3 ¦ الصفحة: 136 الحماسة، ومختار شعر أبي تمام، وأبي الطيب، وغير ذلك، وكان يعرف الأسطولابات، رحمه الله تعالى. الناصري، نائب دمشق أيتمش بن عبد الله الناصري، الأمير سيف الدين. أحد مماليك الملك الناصر محمد بن قلاوون وخاصكيته، ترقى إلى أن صار من جملة أمراء الديار المصرية، ثم تنقل في عدة وظائف كحجوبية الحجاب بديار مصر، ثم ولى الوزارة، وحسنت سيرته، وأبطل عدة مظالم، ثم نقل إلى نيابة دمشق، فباشرها إلى أن عزل عنها بالأمير أرغون الكاملي نائب حلب في سنة اثنتين وخمسين وسبعمائة، وأمسك وحبس بالإسكندرية مدة، ثم أفرج عنه ونقل إلى نيابة طرابلس؛ فدام بها إلى أن توفى في شهر رمضان سنة خمس وخمسين الجزء: 3 ¦ الصفحة: 137 وسبعمائة؛ وكان أميراً جليلاً، قليل الشر، كثير الخير، مشكور السيرة، وكنت أظنه صاحب البرج بميناء طرابلس، المسمى ببرج أيتمش؛ لعلمي بأن أيتمش البجاسي لم يل نيابة طرابلس، ثم تحققت أن البرج المذكور لأيتمش الأتابكي الآتي ذكره، إن شاء الله تعالى. المحمدي الناصري أيتمش بن عبد الله المحمدي الناصري، الأمير سيف الدين. هو أيضاً من المماليك الناصرية محمد بن قلاوون. كان أحد أعيان الأمراء في أيام أستاذه الملك الناصر محمد، ثم نقله أستاذه إلى نيابة صفد، فتوجه إليها، ودام بها مدة، وشكرت سيرته، إلى أن مات بها في سنة ست وثلاثين وسبعمائة. وكان ذا شكالة حسنة وهيئة جميلة، رحمه الله تعالى. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 138 الخضري الظاهري أيتمش بن عبد الله الخضري الظاهري، الأمير سيف الدين. أحد المماليك الظاهرية يرقوق، وممن صار في الدولة الناصرية فرج من جملة الدوادارية الصغار، ثم تأمر عشرة في الدولة المؤيدية شيخ، ودام على ذلك مدة طويلة لا يوبه إليه، إلى أن افتضت السلطنة للملك الظاهر ططر تحرك سعده قليلاً في الدولة الظاهرية ططر، ثم ركضت ريحه بموته، وتسلطن ولده الملك الصالح محمد بن ططر، وآل التحدث في المملكة للأمير برسباي الدقماقي الدوادار نفى المذكور إلى القدس بطالاً في ثاني شهر صفر سنة خمس وعشرين وثمانمائة، فدام بالقدس إلى شعر ربيع الأول من السنة، ورسم بعوده إلى القاهرة، فقدم إلى القاهرة، وأقام بها يسيراً، وولى الأستادارية في يوم حادي عشرين شهر رمضان من السنة، عوضاً عن أرغون شاه النوروزي الأعور، فلم تطل مدته ولم تحمد سيرته، وعزل في خامس ذي القعدة بالأمير أرغون شاه المذكور، واستمر أيتمش على إقطاعه إمرة عشرة على ما كان عليه أولاً، ودام على ذلك إلى الجزء: 3 ¦ الصفحة: 139 سنة نيف وثلاثين وثمانمائة، ابتلى جسده بالبياض وأشيع عنه ذلك. فلما تحقق الملك الأشرف برسباي الإشاعة أخرج عنه إقطاعه، ورسم له بلزوم داره، فصار يتردد إلى الجامع الأزهر، فإن سكنه كان بالقرب من الجامع، بدار بشير الجمدار بالأبارين، ويحضر الدروس ويشوش على الطلبة، ويسأل الأسئلة التي لا محل لها من الدرس. وكان قليل الفهم، وتصوره غير صحيح، مع جهل مفرط، وعدم اشتغال قديماً وحديثاً، فإن أجابه أحد من الطلبة بجواب لا يفهمه؛ لبعده عن الفهم، سفه عليه، وإن سكت القوم ازدراهم ووبخهم بذكر العلماء الأقدمين، ثم سفه على الجميع. وكان قبل تاريخه ناب في نظر الجامع المذكور عن الأمير جرباش الكريمي، حاجب الحجاب، المعروف بقاشق، ووقع له مع أهل الجامع أمور في أيام توليته على الجامع. فلما زاد منه ذلك، وبلغ الأشرف رسم بنقلته من داره المذكورة وبسكناه بقرافة مصر، فسعى في عدم نقلته، وشفع فيه جماعة؛ فاستمر بداره على أنه لا يكثر من دخول الجامع إلا في أوقات الصلوات، إلى أن سافر الملك الأشرف برسباي إلى آمد في سنة ست وثلاثين وثمانمائة، نفى الجزء: 3 ¦ الصفحة: 140 المذكور إلى القدس، إلى أن قدم الأشرف إلى الديار المصرية في سنة سبع وثلاثين، قدم المذكور إلى القاهرة، ودام بها، إلى أن تسلطن الملك الظاهر جقمق في سنة اثنتين وأربعين لزمه أيتمش المذكور وداخله في الأمور من غير أن يأخذ إمرة ولا وظيفة، وزاد وأمعن، وصار يتكلم فيما لا يعنيه، فلم يكن بعد مدة إلا وغضب عليه الملك الظاهر جقمق، ونفاه إلى القدس ثم شفع فيه، وعاد إلى داره ولزمها، إلى أن توفى بالقاهرة في شهر رجب سنة ست وأربعين وثمانمائة، ولم تطل مدة مرضه. وسببه أنه سقط من علو درج قليلة، فوعك أياماً ومات. وكان - رحمه الله - من مساوئ الدهر حساً ومعنى، كثير الكلام فيما لا يعنيه، يخاطب الشخص بما يكره، يوبخ الرجل بما فيه من المعائب من غير أن يكون بينه وبين الرجل عداوة ولا صحبة، مع طيش وخفة وبادرة وجرأة وإفحاش في اللفظ. وكان جاركسي الجنس مسرفاً على نفسه، رحمه الله تعالى وعفا عنه. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 141 المؤيدي، أستادار الصحبة أيتمش بن عبد الله من أزوباي المؤيدي، الأمير سيف الدين أستادار الصحبة. هو من جملة مماليك الملك المؤيد شيخ، اشتراه من تركة الملك الناصر فرج في عدة مماليك أخر، وأعتقه وجعله من جملة المماليك السلطانية، إلى أن جعله الأمير ططر خاصكياً في دولة الملك المظفر أحمد بن شيخ، ودام على ذلك سنين طويلة، إلى أن أنعم عليه الملك الظاهر جقمق بإمرة عشرة قبل سلطنته بمدة يسيرة، ثم ولاه أستادارية الصحبة، عوضاً عن مغلباي الجقمقي، بحكم انتقال مغلباي إلى إمرة مائة وتقدمة ألف بدمشق، ثم بعد مدة غير إمرته بعد الأمير جانبك القرماني إلى إمرة طبلخاناه، ولم يزل أيتمش على ذلك، إلى أن مات في الجزء: 3 ¦ الصفحة: 142 يوم الثلاثاء ثامن المحرم سنة إحدى وخمسين وثمانمائة، ودفن من الغد، وحضر السلطان الملك الظاهر جقمق الصلاة عليه بمصلاة بكتمر المؤمني، ودفن بسفح المقطم، وسنه نيف على الخمسين، وكان مهملاً، مسرفاً على نفسه، ربعة، أشقر، خفيف اللحية، سامحه الله تعالى. البجاسي الأتابكي أيتمش بن عبد الله الأسندمري البجاسي الجرجاوي، الأمير سيف الدين أتابك العساكر بالديار المصرية، وعظيم الدولة الظاهرية. أصله من مماليك أسندمر البجاسي الجرجاوي، وترقى بعد موت أستاذه أسندمر المذكور، إلى أن صار من جملة الأمراء بديار مصر بسفارة الأتابكي برقوق العثماني اليلبغاوي. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 143 ولما تسلطن الملك الظاهر برقوق قربه وأدناه، وجعله أمير مائة ومقدم ألف، ورأس نوبة النوب، ثم بلغ الملك الظاهر برقوق أن أيتمش هذا إلى الآن في رق ورثة الأمير جرجي نائب حلب، فطلب السلطان ورثة جرجي المذكور في يوم السبت ثامن شهر ذي القعدة سنة خمس وثمانين وسبعمائة، وجمع القضاة والأعيان واشترى الأمير أيتمش المذكور من ورثة جرجي؛ بحكم أن جرجي مات ولم يعتق أسندمر أستاذ أيتمش، بل كان في رقه؛ فأخذه الأمير بجاس من ورثة جرجي، بغير طريق شرعي وأعتقه، وصار أسندمر بعد موت أستاذه بجاس أميراً، وفي زعمه أن أستاذه بجاس اشتراه من ورثة جرجي وأعتقه؛ فاشترى أسندمر المذكور أيتمش - صاحب الترجمة - وأعتقه، فحكمت القضاة بأن أسندمر البجاسي كان في رق جرجي إلى أن مات، وعتق بجاس له في غير محل، وأن أيتمش أيضاً في رق ورثة جرجي المذكور. وأثبت ذلك القضاة، واشتراه السلطان من ورثة جرجي بمائة ألف درهم، وأعتقه في الحال، وأنعم عليه بأربعمائة ألف درهم، وبناحية سفط رشيد، زيادة الجزء: 3 ¦ الصفحة: 144 على ما بيده، ثم خلع على القضاة والموقعين الذين سجلوا البيع والعتق، وانصرفوا، فلم يكن بعد أيام إلا وخلع الملك الظاهر على أيتمش المذكور واستقر به أتابك العساكر بالديار المصرية. وزادت حرمته في الدولة الظاهرية، واستمر على ذلك، إلى أن عصى الأمير يلبغا الناصري نائب حلب على الملك الظاهر برقوق في سنة إحدى وتسعين، ووافقه منطاش نائب ملطية، وشاع الخبر بذلك وفشا، جهز لهما الملك الظاهر برقوق عسكراً - خمس مائة مملوك من المماليك السلطانية الظاهرية وغيرهم - ومقدمهم الأمير أيتمش صاحب الترجمة، وصحبه عدة من أمراء الألوف بديار مصر، وهم: الأمير أحمد بن يلبغا أمير مجلس، والأمير جاركس الخليلي أمير آخور، والأمير أيدكار حاجب الحجاب، والأمير يونس النوروزي الدوادار، وتوجهوا الجميع لقتال الناصري ومنطاش. وهذه الوقعة تعرف بوقعة الخمسمائة. فلما بلغ الناصري ذلك خرج من دمشق بمن معه نحو الديار المصرية، والتقوا مع العسكر السلطاني خارج دمشق، وكانت بين الفريقين وقعة عظيمة انتصر فيها الناصري على الأمير أيتمش هذا، وقبض عليه، وقتل الأمير جاركسي الخليلي في المعركة، وفر أحمد بن يلبغا وأيدكار الجزء: 3 ¦ الصفحة: 145 الحاجب إلى الناصري وصارا من حزبه، ثم قتل يونس في عوده إلى القاهرة في خربة اللصوص، قتله عنقاء بن شطي، لما في نفسه منه، وحبس أيتمش ببرج قلعة دمشق مدة، إلى أن خلع الملك الظاهر من السلطنة، وحبس بالكرك، ثم خرج وملك الديار المصرية ثانياً. كل ذلك وأيتمش في حبس قلعة دمشق؛ لأن دمشق دامت مع أعوان منطاش مدة أيام، بعد سلطنة برقوق الثانية، إلى أن أفرج عنه وعاد إلى الديار المصرية في سنة اثنتين وتسعين وسبعمائة، وخلع الملك الظاهر عليه باستقراره رأس نوبة الأمراء - وهذه الوظيفة مفقودة في عصرنا هذا - وعاد إلى حرمته وخصوصيته عند الملك الظاهر برقوق، ثم زادت عظمته في أواخر دولته، وأعيد بعد الأتابك كمشبغا الحموي إلى أتابكية العساكر بالديار المصرية على عادته أولاً في سنة ثمانمائة؛ بحكم القبض على الأتابك كمشبغا الحموي وحبسه بالإسكندرية. ولم يزل أيتمش على ذلك، إلى أن توفى الملك الظاهر برقوق بعد أن أوصاه: بأن يكون هو مدبر مملكة ولده الملك الناصر فرج. فلما وقع ذلك بعد موت برقوق، وسكن الأتابك أيتمش بالحدرة من باب السلسلة بالإسطبل السلطاني، الجزء: 3 ¦ الصفحة: 146 وصار هو المتحدث في المملكة، والمشار إليه في الدولة، عظم ذلك على الأمراء الأصاغر من مماليك برقوق وافترقت الأمراء، فصارت فرقة مع الأتابك أيتمش هذا، وهم أعيان أمراء الظاهر برقوق وخواص مماليكه، وفرقة بالقلعة عند السلطان، وهم أصاغر أمراء برقوق من مماليكه. فالذين كانوا مع الأتابك أيتمش: والدي أمير سلاح، والأمير أرغون شاه أمير مجلس، والأمير أحمد بن يلبغا الخاصكي أحد أكابر مقدمي الألوف بالقاهرة، والأمير فارس حاجب الحجاب، والأمير يعقوب شاه أحد مقدمي الألوف، وعدة أخر من مقدمي الألوف والطبلخاناه والعشرات، والذين كانوا بقلعة الجبل عند السلطان كالأمير بيبرس الدوادار - وليس له من الأمر شيء - والأمير يشبك الشعباني الخازندار - وهو يومئذ صاحب الحل والعقد - والأمير سودون قريب الملك الظاهر برقوق، وغيرهم من العشرات والطبلخاناه. وكثر الكلام بين الطائفتين إلى أن علموا الأمراء الذين بقلعة الجبل الملك الناصر فرج أن يقول لأيتمش: أنا قد بلغت، وأريد أترشد. فلما سمع أيتمش هذا الكلام من السلطان، أجاب بالسمع والطاعة؛ فألزموه الأمراء في الحال بأن ينزل من باب السلسة ويسكن في داره على عادته في أيام الجزء: 3 ¦ الصفحة: 147 الملك الظاهر برقوق، ونزل من باب الدرج إلى داره بباب الوزير بعد أن نهاه والدي عن النزول من باب السلسلة في ذلك اليوم، وقال له: تربص إلى غد حتى ننظر في أمر نفعله مع هؤلاء الأجلاب. فلم يسمع أيتمش من والدي الكلام، ونزل إلى داره، ونقل قماشه من باب السلسلة، ثم بدا له أن يركب بمن معه من الأمراء على الأمراء الذين بقلعة الجبل عند السلطان، فركب من ليلته - وهي ليلة الاثنين عاشر صفر سنة اثنتين وثمانمائة - واشتد القتال بين الفريقين من عشاء ليلة الاثنين إلى الضحى من يوم الاثنين المذكور، وانهزم أيتمش بمن معه إلى قبة النصر، خارج القاهرة. ولما أن ركب أيتمش، صف عسكره ثلاثة أطلاب: طلب معه - تجاه الطبلخاناه السلطانية من جهة داره بالقرب من باب الوزير - وطلب مع والدي الجزء: 3 ¦ الصفحة: 148 - ووقف برأس سويقة منعم تجاه القلعة - وطلب مع فارس الحاجب - تحت مدرسة السلطان حسن تجاه باب السلسلة - ثم انهزم أيتمش بعد قتال شديد، ثم انهزم والدي بعده بوقت، ودام فارس الحاجب في موقفه - بعد أن أباد القلعيين شراً إلى قريب العصر - وانهزم أيضاً، واجتمعوا كلهم بقبة النصر، وأاقموا يومهم بتمامه. واتفق رأيهم على التوجه إلى دمشق والانضمام على نائبها الأمير تنم الحسني، وساروا وهم زيادة على ألف فارس، ولحقوا بالأمير تنم؛ فخرج تنم المذكور إلى ظاهر دمشق وتلقاهم بالرحب والإكرام، وقام بنصرتهم، وأخذ في تجهيز عساكره، واستمال جماعة من النواب بالبلاد الشامية، فأذعنوا له إلا الأمير دمرداش المحمدي نائب حماة، فكتب إليه والدي بالحضور؛ فأذعن وحضر، وبقي الجميع عسكراً واحداً، وخرجوا من دمشق إلى جهة الديار المصرية. وخرج السلطان الملك الناصر فرج بمن معه من الأمراء، والتقى الفريقان بظاهر غزة، فكانت الكسرة على الأمير تنم وحواشية، وقبض عليهم الجميع، وعلى الأمير أيتمش - صاحب الترجمة - وحبس بقلعة دمشق، ثم قتل بعد أيام مع من قتل من الأمراء بقلعة دمشق ذبحا ف ليلة رابع عشر شعبان سنة اثنتين وثمانمائة، وسنه نيف على الستين. وكان أميراً كبيراً، مهاباً، حشماً ووقوراً، ذا خبرة، وسياسة، وعقل، وتدبير، ومعرفة، وعظمة. بلغ في دولة الجزء: 3 ¦ الصفحة: 149 الظاهر برقوق من وفور الحرمة ونفوذ الكلمة ما لم ينله غيره من أبناء جنسه. وطالت أيامه في السعادة وكثرت مماليكه، حتى بلغت عدة من في خدمته من المماليك قريباً من الألف، وكان رأس نوبته أمير عشرة، وسلك في أتابكيته طريق السلف من أكابر الأمراء في نوع الأسمطة الهائلة، والحشم، والخدم، والإنعام على الناس، والعيشة الطيبة، هذا مع قلة الظلم والطمع ومع الميل إلى فضل الخير، والكرم. وكان ذا شيبة نيرة، كمث اللحية، مدور الوجه، أقنى الأنف، أحمر اللون، جميلاً، للقصر أقرب. وكان في الغالب لا يلبس على رأسه إلا قبعاً سلطانياً أبيض صيفاً وشتاءً، ولا يلف على رأسه تخفيفة إلا نادراً جداً. وكان حسن الخلق، حلو المحاضرة سليم الباطن، قليل الشر، وهو آخر عظماء الأمراء بالديار المصرية إلى يومنا هذا. ولما صار والدي أتابك العساكر بالديار المصرية في الدولة الناصرية فرج، كلمه بعض الناس في أن يسير على طريقة أيتمش المذكور، فقال والدي: هيهات ما نحن من خيل هذا الميدان. وكان سماط والدي ورواتبه في اليوم من اللحم ألف رطل، وبخدمته أربعمائة مملوك. انتهى. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 150 وكان أيتمش - رحمه الله - يحب الفقراء، وأهل الصلاح، ويعظم أهل العلم إلى الغاية، وعنده ميل إلى فعل الخير، وله مآثر حسنة، وعمر مدرسته بباب الوزير المعروفة به، ووقف عليها وقفاً جيداً، وعمر بطرابلس برجاً على ساحل البحر الملح؛ لأجل المرابطين، ووضع فيه جملة مستكثرة من السلاح، ووقف عليه أوقافاً، رحمه الله تعالى. ملك التتار أيدكو ملك التتار. أصله من قبيلة قونكرات من أرض الدشت، وتنقل أيدكو هذا إلى أن صار من أجل أمراء توقتاميش خان، وأحد رءوس ميسرته، ثم وقع بينه وبين توقتاميش - ووقع ما سنذكره في ترجمة تيمور مفصلاً - وخدع أيدكو هذا تيمور، وفر من عنده أيضاً، وعاد إلى توقتاميش بعد أن نال منه مقصوده، وواقع توقتاميش الوقعة المشهورة، قيل كان بين أيدكو هذا وبين توقتاميش الجزء: 3 ¦ الصفحة: 151 خمسة عشر وقعة، وفي الخامسة عشر غلب فيها توقتاميش، وانهزم أيدكو هذا وتشتت جمعه، وغرق هو نحو خمسمائة من خواصه في نهر سيحون، ولم يعرف له خبر، وبالغ توقتاميش في الفحص عن أيدكو المذكور، حتى غلب على ظنه أنه هلك. الشهابي، نائب حلب أيدكين بن عبد الله الشهابي، الأمير علاء الدين نائب حلب. نسبته بالشهابي إلى أستاذه الأمير الطواشي شهاب الدين رشيد النجمي الصالحي، تنقل بعد موت أستاذه المذكور حتى صار من جملة أمراء دمشق، ثم ولى نيابة حلي في شوال سنة ستين وستمائة؛ فباشر نيابة حلب بحرمة وعدل في الرعية وغزا بلاد سيس وغيرها غير مرة، وتكرر منه ذلك وهو ينتصر ويغنم منهم ويعود بالأسراء والسبايا. ولم يزل على ذلك إلى أن عزل عن نيابة حلب، ثم تعطل الجزء: 3 ¦ الصفحة: 152 مدة، ثم ولى بعد ذلك عدة ولايات، إلى أن توفى سنة سبع وسبعين وستمائة، وكان من خيار الأمراء عزماً، وحزماً، وخيراً، وديناً. وكان له محبة في أهل الدين والصلاح والخير، وله فيهم حسن ظن، وهو صاحب الخانقاة داخل باب الفرج بدمشق، ووقف عليها أوقافاً جيدة، رحمه الله وعفا عنه. العمادي الصالحي، أمير جندار أيدكين ين عبد الله العمادي الصالحي، الأمير علاء الدين. أصله من مماليك الملك الصالح إسماعيل، أخذه الملك المنصور في وقعة المعز أيبك مع الملك الناصر صاحب حلب، عندما أسروا أستاذه الصالح إسماعيل، ثم ترقى بعد ذلك إلى أن صار من جملة الأمراء بالديار المصرية. ولما تسلطن سنقر الأشقر بدمشق جعله أمير جندار. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 153 قال الشيخ قطب الدين اليونيني: حكى لي أيدكين قال: طلبني السلطان على البريد إلى مصر، وشرع يوبخني ويقول: أمير جندار: قلت: نعم أمير جندار، وقاتلنا عسكرك، وها أنا بين يديك أفعل ما تختار، فقال: ما أفعل إلا خيراً، وأنعم على غاية الإنعام، انتهى. ثم استنابه الأشرف على صفد، وكان عنده كفاءة، وحزم، وفيه مكارم، واتضاع، وحسن تدبير، ولين جانب، وحسن ظن بالفقراء، وله في المواقف آثار حميدة. وكان الظاهر يحبه ويقدمه على نظرائه، انتهى. قلت: وكانت وفاته بصفد في سنة تسعين وستمائة، رحمه الله تعالى. الصالحي الخازندار أيدكين بن عبد الله الصالحي الخازندار، الأمير علاء الدين. كان من أكابر الأمراء المصريين. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 154 أصله من مماليك الملك الصالح نجم الدين أيوب، أعتقه، ورقاه، وولاه الأعمال وتولى نيابة قوص، وله بتلك الأماكن غزو ونكاية في النوبة وغيرها. وكان معدوداً من ذوي الأموال، ولم يزل في نعمته إلى أن توفى سنة خمس وسبعين وستمائة، وخلف أموالاً عظيمة، وكان مشهوراً بالشجاعة، وحسن الرأي، والتدبير الجيد، والكرم، والعدل، رحمه الله تعالى. البندقداري، أستاذ الملك الظاهر بيبرس أيدكين بن عبد الله البندقداري، الأمير علاء الدين. كان من أعيان الأمراء الصالحية، وكان الملك الظاهر بيبرس البندقداري مملوكه، اشتراه لما أن كان بحماة، ثم إن السلطان الصالح نجم الدين أيوب صادر الجزء: 3 ¦ الصفحة: 155 علاء الدين أيدكين هذا، وأخذ منه بيبرس في جملة ما أخذه منه، وتنقلت الأحوال بهما حتى صار بيبرس سلطاناً، والأمير علاء الدين أيدكين المذكور من جملة أمرائه، وبقي معظماً عند الملك الظاهر بيبرس؛ لحقوق سلفت، ويرعى له ما تقدم، وينعم عليه. وكان أصل أيدكين هذا مملوكاً للأمير جمال الدين موسى بن يغمور، ثم انتقل إلى ملك الصالح نجم الدين أيوب؛ فرقاه وجعله بندقداره، ثم أمره على عجلون، ثم عزله، وأمسكه وصادره - حسبما ذكرناه في أول الترجمة - واستمر أيدكين هذا على حرمته وإمرته، إلى أن مات في شهر ربيع الآخرة سنة أربع وثمانين وستمائة، ودفن بتربته بالشارع الأعظم، تجاه حمام الفارقاني بظاهر القاهرة، وكان له معرفة، ورأي، وتدبير، وسياسة، رحمه الله تعالى. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 156 العمري، الحاجب أيدكار بن عبد الله العمري، الأمير سيف الدين، أحد أعيان أمراء الملك الظاهر برقوق، ثم ولاه الظاهر حجوبية الحجاب بالديار المصرية، عوضاً عن الأمير ألطنبغا الكوكاي في سادس عشر ربيع الآخرة سنة تسعين وسبعمائة، وكانت متوفرة نحو أربع سنين. واستمر على ذلك إلى أن عينه الملك الظاهر برقوق لقتال الناصري ومنطاش في سنة إحدى وتسعين وسبعمائة مع الأمير أيتمش؛ فتوجه صحبة العساكر إلى البلاد الشامية إلى أن وقع العين في العين، فر أيدكار هذا بعد أن التحم القتال وصار من حزب الناصري ومنطاش، ثم تبعه الأمير أحمد بن يلبغا أمير مجلس، والأمير الجزء: 3 ¦ الصفحة: 157 فارش الصرغتمشي، وشاهين الأمير آخور بمن معهم؛ فقوى الناصري بهم بعد أن كان الناصري قد عزم على الفرار، وقاتل المماليك الظاهرية إلى أن انتصر وهجم مملوك أعور يسمى يلبغا الزيني وضرب الأمير جاركس الخليلي وقتله، وأخذ سلبه واستمر الأمير أيدكار المذكور مع الناصري إلى أن ملك الناصري الديار المصرية وصار مدبر المماليك، أنعم على أيدكار هذا بتقدمة ألف بالديار المصرية، واستمر على ذلك إلى أن كانت الوقعة بين الناصري ومنطاش، وقبض على الناصري وحواشيه - كان أيدكار هذا من حزب منطاش - وخلع عليه بحجوبية الحجاب بالديار المصرية على عادته. ثم ضرب الدهر ضرباته، وخرج الظاهر برقوق من الحبس، وملك الديار المصرية ثانياً، قبض على أيدكار هذا في ثالث عشرين ربيع الآخرة سنة اثنتين وتسعين وسبعمائة، وحبسه إلى أن مات قتيلاً في سنة أربع وتسعين وسبعمائة، وقتل معه جماعة من الأمراء، وهم: قراكسك، وأرسلان اللفاف، وأرغون شاه، رحمهم الله تعالى. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 158 العزيزي أيدغدي بن عبد الله العزيزي، الأمير جمال الدين. أصله من مماليك الملك العزيز صاحب حلب، وتنقل في الخدم حتى صار من أكابر الأمراء وأعيان الدولة. قال العلامة شهاب الدين أبو الثناء محمود بن سليمان الحلبي في تاريخه: وسمع، وحدث، وكان أميراً كبير القدر، مشهوراً بالشجاعة والكرم، والديانة، والحشمة، ووساعة الصدر، وعلو الهمة، كثير الصدقات والبر والمعروف: للفقراء، والمشايخ، وأرباب الزوايا، وأرباب البيوتات. عليه مرتب في كل سنة - ما يزيد على مائة ألف درهم، وألوف أرادب قمحاً. هذا غير ما يتصدق به، ويطلقه في وسط السنة مما هو على غير حكم الراتب. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 159 وكان مقتصراً في ملبسه، لا يتعدى لبس ثياب القطن من القماش الهندي والبعلبكي، وغيره مما يباح ولا يكره لبسه. قال الشهاب محمود: قال المولى الشيخ قطب الدين - نفع الله به - وحكى لي بعض الناصرية قال: لما دخلنا الديار المصرية اتفق أن بعض الأكابر من الأمراء عمل سماطاً، وحضر هو بنفسه إلى الأمير جمال الدين ودعاه؛ فوعده بالمضي إليه والحضور عنده. فلما كان عشاء الأخرة مضى ونحن معه وجماعة من مماليكه وخواصه إلى دار ذلك الأمير. فلما دخل وجد جماعة من الأمراء جلوساً في إيوان الدار، وجماعة من الفقراء جلوساً في وسط الدار، فوقف ولم يدخل، وقال لصاحب الدار والأمراء: أخطأتم فيما فعلتم كان ينبغي أن يقعد الفقراء فوق، وأنتم في أرض الدار، ولم يجلس حتى تحول الفقراء إلى مكان الأمراء، والأمراء إلى مكان الفقراء، وقعد هو ونحن بين يدي الأمراء. فلما غنى المغاني، قال أحدهم والدف بيده لينقطوه، وهذه كانت عادة المغاني بالديار المصرية. فلما رآه الأمير جمال الدين انتهزه وقال: ويلك أنت في الخلق، وأشار إلى خزنداره، فوضع في الدف كيساً فيه ألف درهم. فلما رقص الجميع دار بينهم، ورمى على المغني بغلطاقه وهو أبيض قطن بعلبكي الجزء: 3 ¦ الصفحة: 160 لا يساوي عشرين درهماً، فرمى سائر مماليكه بغالطيقهم موافقة له، وقيمتها فوق الثلاثة آلاف درهم، ثم دار في النوبة الثانية، ورمى على المغني منديله، وهو أبيض يساوي ثلاثة دراهم، فرمى سائر أصحابه مناديلهم، وفيها ما هو بالذهب وغيره، ولعل قيمتها فوق الألف درهم وخمس مائة درهم. فحسان المغاني حصل لهم منه ومن غلمانه نحو ستة آلاف درهم. قال: ولما عزم العزيزية على قبض الملك المعز، أطلعوا الأمير جمال الدين، فلم يوافقهم ونهاهم عن ذلك، وعرفهم ما يترتب عليهم من المفاسد، وأن ضرر هذا العزم يلحقهم - دون الملك المعز - ولم ير الأمير جمال الدين أن يشي بهم إلى الملك المعز وبلغ المعز ما عزموا عليه، وعلم العزيزية أنه علم. وهو - وهم - في الميدان يلعب بالكرة في العشر الأوسط من شهر رمضان سنة ثلاث وخمسين وستمائة. فهربوا على حمية، وفيهم الأمير شمس الدين البرنلي. وأما الأمير جمال الدين، فلم يهرب؛ لعلمه ببراءة ساحته؛ فساق الأمير المعز إلى قريب من خيمة الأمير جمال الدين؛ فخرج إليه، فأمر بقبضه وسيره إلى الاعتقال مكرماً مرفهاً. وكان ذنبه عنده كونه لم يطلعه على ما عزم عليه الجزء: 3 ¦ الصفحة: 161 أصحابه، وأذن لأهل الأمير جمال الدين أن يحملوا إليه الطعام والشراب والملابس وكل ما يحتاج إليه، ثم أظهر موته وأخفى خبره بالكلية. فلما وقع الصلح بين الملك الناصر صلاح الدين يوسف وبين المعز وتوجه الشيخ نجم الدين البادرائي إلى الديار المصرية، طلب من الملك المعز الإفراج عن الأمير جمال الدين، فقال له الملك المعز: ما بقي المولى يراه إلا في عرصات القيمة إشارة إلى أنه قد مات. ولم يكن مات، بل كان في قاعة، وعليه الملبوس الفاخر، والملك المعز يدخل عليه في بعض الأوقات ويلعب معه الشطرنج. واستمر على ذلك إلى أن خرج الملك المظفر سيف الدين قطز لقتال التتار، فأفرج عنه، وأمر بتجهيزه إليه، فلقيه في الطريق وقد خرج من دمشق، فعاد معه، واجتمع معه الأمير ركن الدين بيبرس البندقداري، وأطلعه على شيء مما عزم عليه؛ فأغلظ له في الجواب وصده عن ذلك بكل طريق، وقال له: لو كان للملك المظفر في عنقي يمين لأخبرته بذلك، فإياك إياك أن تقع في ذلك؛ فأظهر الإصغاء إلى قوله، وفعل ما كان عزم عليه. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 162 فلما استقل بالسلطنة عظم الأمير جمال الدين في عينه، ووثق به، وسكن إليه، وصار عنده في أعلى المراتب، وأعطاه إقطاعاً عظيماً. وكان يرجع إليه، وإلى رأيه ومشورته، لا سيما في الأمور الدينية، وما يتعلق بالقضاة، والعلماء، والمشايخ، وأرباب الحرف، فإنه لم يكن ليعدل عن رأيه. وحضر حصار صفد وباشر ذلك بنفسه، وكان في غزوات الكفار يبذل جهده ويتعرض للشهادة، فجرح عليها، وبقي مدة وألم الجراحة يتزايد، وحمل إلى دمشق، وتوفى ليلة عرفة، سنة أربع وستين وستمائة، ودفن بمقبرة الرباط الناصري، رحمه الله تعالى وعفا عنه. الركني أيدغدي بن عبد الله الركني، الأمير علاء الدين، الأعمى الزاهد، ناظر أوقاف القدس الشريف، وكان ديناً خيراً، أنشأ العمائر، والربط، وله آثار الجزء: 3 ¦ الصفحة: 163 جميلة بالقدس والخليل - عليه السلام - والمدينة النبوية - على ساكنها أفضل الصلاة والسلام - وكان من أذكياء العالم. يقال عنه أنه خط حمام بلد الخليل، ورسم الأساس بيده، وذره بالكلس للصائغ، وهو أعمى لا ينظر النور. وكان يحب الخيل ويستولدها، وكان إذا مر به فرس من خيله عرفه، وقال: هذا من خيلي، وله أشياء من هذا كثيرة. واستمر بالقدس إلى أن مات به في سنة ثلاث وتسعين وستمائة، رحمه الله تعالى. ؟ الكبكي أيدغدي بن عبد الله الكبكي، الأمير جمال الدين. أصله من مماليك جمال الدين ابن الداية الحاجب الناصري. وكان قد حضر الوقعة التي كانت بين المعز أيبك التركماني والملك الناصر صاحب دمشق سنة ثمان وأربعين وستمائة، وهو صبي، فاستولى كبك؛ فعرف به، وتنقلت به الأحوال حتى صار من جملة أمراء الديار المصرية، ثم ولاه الملك الظاهر بيبرس نيابة صفد، ثم نقله إلى نيابة حلب، فدام بحلب مدة، ثم الجزء: 3 ¦ الصفحة: 164 أمسك وحبس، ثم أطلق، وتوجه إلى القدس الشريف بطالاً، فأقام به إلى أن مات في سنة ثمان وثمانين وستمائة، وسنه نحو ستين سنة، وكان أميراً شجاعاً مقداماً جليلاً مهاباً، معظماً، وله محاسن. وكان يركب ويسوق من أول الميدان إلى آخره وتحت إبهام رجله درهم في الركاب ولا يقع، رحمه الله تعالى. الطباخي أيدغمش بن عبد الله الناصري الطباخي، الأمير علاء الدين. أصله من مماليك سيف الدين بلبان الطباخي، ثم أخذه الملك الناصر محمد بن قلاوون منه وجعله خاصكياً، ثم أميراً. ولما عاد الملك الناصر إلى ملكه من الكرك سنة تسع وسبعمائة رقاه إلى أن جعله أمير آخور، عوضاً عن الأمير بيبرس الحاجب، فاستمر على ذلك إلى أن توفى الملك الناصر، فكان أيدغمش هذا ممن قام الجزء: 3 ¦ الصفحة: 165 بأمر الملك المنصور أبي بكر بن الملك الناصر محمد بن قلاوون، إلى أن توهك الأمير قوصون من الملك المنصور، واتفق مع الأمير أيدغمش المذكور على خلعه؛ فوافقه وخلع المنصور بأخيه الناصر، ولولاه لم يتم لقوصون أمر. ودام الأمر إلى أن فر الأمير ألطنبغا نائب الشام من الفخري وسار نحو القاهرة، ووصل إلى مدينة بلبيس، اتفق الأمراء مع أيدغمش على القبض على قوصون وحزبه، فوافقهم على ذلك، وقبض على قوصون وجماعته، وجهزوا إلى الإسكندرية. وكان أيدغمش في هذه المرة هو المشار إليه، ثم جهز ولده ومعه جماعة من أكابر الأمراء المشايخ إلى الملك الناصر أحمد بن الملك الناصر محمد بن قلاوون إلى الكرك؛ ليحضروه حتى يجلس على كرسي الملك، فلم يوافق الناصر على الحضور، وعاد ابن أيدغمش، فلم يكن بعد أيام يسيرة إلا وبلغ الناصر حركة الفخري، فتوجه إلى دمشق ثم سار إلى ديار مصر وحده بأناس قلائل، فلم يشعروا بالناصر إلا وهو في القلعة، وجاءت بعده الجيوش الشامية، وجلس على كرسي الملك وتم أمره، وولى أيدغمش هذا نيابة حلب؛ فخرج إليها. فلما كان على عين جالوت جاءه كتاب السلطان بالقبض على الفخري، الجزء: 3 ¦ الصفحة: 166 وكان الفخري في رمل مصر. فلما أحس بالقبض عليه، هرب في جماعة من مماليكه وجاء إلى أيدغمش مستجيراً به، فقبض عليه، وجهزه مع ولده أمير علي إلى السلطان. ثم إن أيدغمش توجه إلى حلب، وأقام بها إلى أن تولى الملك الصالح إسماعيل السلطنة، نقله إلى نيابة دمشق، وكان مسفره الأمير ملكتمر السرجواني. وكان دخول أيدغمش إلى دمشق في يوم الخميس بكرة عشرين صفر سنة ثلاث وأربعين وسبعمائة، وأقام بها نائباً إلى يوم الثلاثاء ثالث جمادى الآخرة من السنة، فركب بكرة وخرج إلى ظاهر دمشق، وأطعم طيور الصيد، وعاد إلى دار السعادة وقرئت عليه قصص يسيرة، ثم أكل السماط، ثم عرض طلبه والمضافين إليه، وقدم جماعة وأخر جماعة، ثم دخل إليه ديوانه، وقرأ عليه مخازيم وحساب ومصروف ديوانه، ثم قال أيدغمش: هؤلاء الذين تزوجوا من الجزء: 3 ¦ الصفحة: 167 مماليكي، أقطعوا مرتبهم، ثم أكل الطاري، وقعد هو وابن جماز يتحادثان، فسمع حس جماعة من جواريه يتخاصمن، فقام وأخذ عصاة، ودخل إليهن، وضرب واحدة منهن ضربتين، وسقط ميتاً لم يتنفس، فتحير الناس في أمره، فأمهلوه إلى بكرة يوم الأربعاء رابع جمادى الآخرة سنة ثلاث وأربعين وسبعمائة، وأخذوا في غسله ودفنه في اليوم المذكور. ودفن في خارج ميدان الحصا في تربة عمرت له هناك، فكان مدة نيابته في حلب ودمشق نحو نصف سنة. وكان أميراً جليلاً، مهاباً، شجاعاً، مقداماً، كريماً. قيل إنه كان قل من دخل عليه للسلام ولا خلع عليه. وكان مكيناً عند أستاذه الملك الناصر محمد بن قلاوون، وكان الناصر أنعم على أولاده الثلاثة بإمرة، وهم: أمير حاج وأمير أحمد، وأمير علي. وكان يميل إلى فعل الخير والبر، وله آثار حميدة، وهو صاحب الحمام والخوخة خارج بابي زويلة، رحمه الله تعالى. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 168 العلائي أيدمر بن عبد الله العلائي الصالحي، الأمير عز الدين، أخو أيدكين الصالحي. كان خصيصاً عند الظاهر بيبرس، وكان الظاهر يتحقق منه الأمانة والديانة، مما رأى منه قبل سلطنته، فإنهم كانوا لما خرجوا من الديار المصرية يأكلون بقائم سيفهم في البلاد الشامية، وكانوا إذا جاءوا إلى زرع أطلقوا خيلهم، فكان العلائي هذا يمسك فرسه بيده، ولم يطعمه إلا مما يشتريه بماله من فلاحين تلك الأرض. فلما تسلطن الظاهر بيبرس قربه وأمره. ولما ملك الظاهر صفد ولاه نيابتها، وهو أول من استناب بها من المسلمين تقريباً. حكى أن بعض البحرية بصفد طفئ الطوافة من يده، فوقعت في مكان فيه قشر أرز فاحترق، وكان هناك حواصل المنجنيقات، فاحترقت، فطالع العلائي الملك الظاهر بذلك، وقال في آخر المطالعة: وقد بذل المذكور لبيت المال ألف دينار، فجاء الجواب من الملك الظاهر أن: يشنق الرجل، الجزء: 3 ¦ الصفحة: 169 وما لمنا حاجة بالذهب، فأعاد الجواب: بأنه قد دفع في نفسه ألفي دينار. كل هذا وذلك البحري لم يعلم بشيء من ذلك، وإنما العلائي يبذل ذلك من ماله، ولا يدخل في شنق رجل مسلم، فجاء الجواب ثانياً: بالشنق بلا معاودة، وإلا بعثنا بشنقك وبشنقه. فقال الأمير أيدمر العلائي المذكور: يا مسلمين، رجل مسلم تحترق خشبة من غير علمه، أشنقه؟ والله هذا لا أفعله، ومهما أراد السلطان يفعل؛ فخاف أهل صفد من الملك الظاهر: فقال والي القلعة: أنا أشنقه. فأخذوه وشنقوه، فحزن عليه العلائي، فكان هذا شأنه في أحوال الرعية. ولم يزل العلائي هذا معظماً مبجلاً عند الملك الظاهر، إلى أن توفى سنة ست وسبعين وستمائة، رحمه الله. الحلي الحلبي النجمي أيدمر بن عبد الله الحلي الحلبي النجمي، الأمير عز الدين. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 170 كان أيضاً خصيصاً عند الملك الظاهر بيبرس، وكان يستنيبه عند توجهه إلى البلاد الشامية؛ لوثوقه به واعتمداه عليه. وكان من أكبر أمراء الدولة وأعظمهم محلاً عند الظاهر وكان محظوظاً من الدنيا، وله ثروة كبيرة. ولما مات خلف من الأموال والأملاك والخيل والجمال والعدد ما يستحيا من ذكره، ومع ذلك كان قليل الخبرة بالأمور، لكنه رزق السعادة. توفى بقلعة دمشق سنة سبع وستين وستمائة، رحمه الله تعالى. الخطائي أيدمر بن عبد الله من صديق، الأمير سيف الدين، المعروف بالخطائي، الجزء: 3 ¦ الصفحة: 171 أحد أمراء الطبلخاناه بالديار المصرية، ورأس نوبة. وهو ممن كان انضم مع الأمير بركة، ووافقه على الركوب على الأتابك برقوق. ولما انهزم بركة، وأمسك وحبس، أمسك أيدمر هذا معه، وحبس مدة إلى أن أفرج عنه الأتابك برقوق، وجعله على عادته أمير طبلخاناه، فاستمر على ذلك إلى أن توجه مجرداً إلى ثغر الإسكندرية، فمات بها في سنة خمس وثمانين وسبعمائة، وخلف موجوداً كبيراً؛ فاحتاط على الجميع ناظر الخواص. المحيوي أيدمر بن عبد الله المحيوي، فخر الترك، الأديب الشاعر عز الدين، عتيق محيي الدين أبي المظفر محمد بن محمد بن سعد، الأديب الشاعر بن ندى، وهو خجداش أيبك المحيوي، صاحب الخط المنسوب. قال ابن سعيد المغربي في كتاب المشرق في أخبار المشرق، قال: بأي الجزء: 3 ¦ الصفحة: 172 لفظ أصفه - يعني أيدمر المحيوي هذا - ولو حشدت جيوش البلاغة لفضله لم أكن أنصفه. نشأ في الدولة السعيدية؛ فنمت أزاهره، وطلع في روض الندائية فتمت زواهره، جمعت لأقرانه أعلام الفنون، حتى خرج آيةً في كل فن، وبرع في المنثور والموزون، مع الطبع الفاضل الذي عضده، وبلغه من رئاسة هذا الشأن ما قصده، قبل أن أرتقي إلى السماء المحيوية. كثيراً ما أسمع الثناء في هذه الطريقة عليه، فيهوى السمع والعين والقلب إليه، لا سيما حين سمعت قوله الذي أتى فيه بالأغراب وترك مهياراً معلقاً منه بالأهداب، بالله إن جزت الغوير فلا تغر، بالميل منك معاطف الأغصان، واستر شقائق وجنتيك هناك لا، ينشق قلب شقائق النعمان انتهى كلام ابن سعيد المغربي باختصار. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 173 ومن نظمه قوله: رعى الله ليلاً ما تبدى عشاؤه ... لأعيننا حتى تطلع صبحه كأن تغشيه لنا وانفراجه ... لقربهما إطباق جفنٍ وفتحه وله - وقد ركب مولاه في البحر؛ فانخرق به المركب، فقال: غضب البحر من حجاب منيع ... حائل بينه وبين أخي مزقته حمية الشوق حتى ... خرق الحجب عله يلتقيه وله موشحة يعارض بها موشحة ابن زهر الطبيب: عهد البين لعيني البكا ... ثم أوصاها بأن لا تهجعي وسقى قلبي من خمرته فهو لا يعقل من سكرته فمتى ينقذ من غمرته الجزء: 3 ¦ الصفحة: 174 في سبيل الحب قلبي هلكا ... شيع الركب ولما يرجع قال لي العادل لما نظرا من غدا قلبي به مهتشرا ألذا تعشق ماذا بشرا حاش لله أراه ملكا ... مثل ذا فاعشق وإلا فدع هو عطف الغصن من قامته مطلعاً للشمس من طلعته ثم نادى البدر في ليلته أيها البدر تغيب ويحكا ... ما احتياج الناس للبدر معي أنا علمت القضيب الميدا واستعار الظبي مني الجيدا وكذا ذا القرم من آل الندى أبصر البحر نداه فحكى ... فهو إن ظن سوى ذا مدعي الجزء: 3 ¦ الصفحة: 175 من جمع الفضل يحيا عنده ليس للدين يمحي وحده قال للتالي عليه حمده لي حسن الذكر والمال لكا ... فاقترح تعط وقل يستمع آخذ بالحزم لا يتركه في سوى الجود بما يملكه لا ترى في الجود من يشركه وهو في المال كثير الشركا ... ومن الحمد كثير الشيع الشيخي أيدمر بن عبد الله الشيخي، الأمير عز الدين. كان من جملة أمراء الديار المصرية في دولة الملك الناصر حسن، ثم ولى الجزء: 3 ¦ الصفحة: 176 نيابة حماة، فدام بها إلى أن صرف عنها وتوجه إلى حلب بطالاً، ثم أنعم عليه بتقدمة ألف بها؛ فدام على ذلك إلى أن مات في سنة ثلاث وسبعين وسبعمائة. وكان فاضلاً مشكور السيرة، رحمه الله. الشمسي أيدمر بن عبد الله الشمسي، الأمير سيف الدين. أحد أعيان الأمراء الأكابر بديار مصر، وكان جليل القدر في الدول، عديم الشر، وكان يجلس في الخدمة السلطانية فوق الأتابك برقوق إلى أن توفى قبل سلطنة برقوق بمدة يسيرة. ولما حضر الأمير آنص والد الملك الظاهر برقوق من بلاد الجاركس، - قبل سلطنة ولده، وخرج الأتابك برقوق إلى لقائه بالعكرشة وصحبته جميع الأمراء الجزء: 3 ¦ الصفحة: 177 والعساكر المصرية. فلما التقيا قبل برقوق يد والده آنص، وأجلسه في صدر المخيم، وجلس عن يمينه الأمير أيدمر الشمسي هذا، وجلس تحته برقوق، وجلس عن شماله الأمير آقتمر عبد الغني، ثم عاد الجميع إلى القاهرة. ولم يزل أيدمر المذكور معظماً في الدولة إلى أن توفى بالطاعون في ثالث عشر صفر سنة ثلاث وثمانين وسبعمائة، وخلا الجو لبرقوق، فتسلطن في سنة أربع وثمانين وسبعمائة - على ما سيأتي ذكره إن شاء الله تعالى -. الدوادار أيدمر بن عبد الله الأنوكي الدوادار، الأمير عز الدين. أصله من مماليك سيدي آنوك بن الملك الناصر محمد بن قلاوون، وتنقل في الخدم من بعده إلى أن صار خصيصاً مقرباً عند الملك الناصر حسن، ولم يزل حظياً عنده حتى جعله دواداراً. ولم يكن في آخر أيام للناصر حسن أحصى من أربعة أمراء: يلبغا الخاصكي، وطيبغا الطويل، وتمان تمر العمري، وأيدمر الجزء: 3 ¦ الصفحة: 178 هذا إلى أن ركب يلبغا على أستاذه الناصر حسن. كان أيدمر المذكور من حزب السلطان، فلما قبض يلبغا على السلطان نفى أيدمر إلى الشام، ثم ولاه نيابة البيرة، ثم صار من جملة أمراء الألوف بالقاهرة، ثم ولى نيابة طرابلس، ثم نقل إلى نيابة حلب عوضاً عن الأمير أشقتمر المارديني في سنة ثلاث وسبعين وسبعمائة، ثم عزل، وعاد إلى الديار المصرية، وصار أتابك العساكر بها بعد موت الأمير ألجاي اليوسفي. ولما ولى الأتابكية عظمت حرمته في الدولة، وهو مع ذلك لا يزداد إلا تواضعاً وحلماً، وكان حسن السياسة في أموره، ويبدأ الناس بالسلام، ويكثر من ذلك؛ حتى لقبوه أهل حلب: سلام عليكم، واستمر على ما هو عليه حتى توفي بالقاهرة في سنة ست وسبعين وسبعمائة، عن بضع وسبعين سنة، وكان مشكوراً، محبباً للناس. السناني أيدمر بن عبد الله السناني، الشيخ عز الدين. كان جندياً من أهل الفضل، وله معرفة بتعبير الرؤيا، وكان له نظم ونثر، ومن شعره: الجزء: 3 ¦ الصفحة: 179 بعلبك دار ولكنها ... دار بلا أهلٍ وجيران كأنها ليلة وصلٍ مضت ... وأهلها ليلة هجران الخطيري كان أصله مملوكاً للخطير الرومي، ثم انتقل إلى الملك المنصور قلاوون، وصار خصيصاً عنده، ثم ترقى في الدولة الناصرية محمد بن قلاوون حتى صار من أكابر الأمراء. وكان سكنه بدار له في رحبة باب العيد، ينزل إليها في النهار، ثم يطلع إلى الجزء: 3 ¦ الصفحة: 180 القلعة، ولا يمكن من المبيت بالقاهرة. وكان الملك الناصر حبسه في أول سلطنته؛ فسعى له مملوكه بيليك مع طغاي الكبير حتى أخرجه السلطان وأنعم عليه بإمرة مائة وتقدمة ألف، وزيادة عشرين. وعظم عند الناصر، وصار يجلس رأس الميسرة. وكان لا يلبس قباءً مطرزاً، ولا يدع عنده أحداً يلبس ذلك. وكان أحمر الوجه منور الشيبة كريماً جداً، واسع النفس على الطعام. حكى أن أستاداره قال له يوماً: يا خوند هذا السكر الذي يعمل في الطعام ما يضر إن نعمله غير مكرر؟ فقال: لا؛ فإنه يبقى في نفسي أنه غير مكرر، فلا تطيب. توفى بالقاهرة في أوائل شهر رجب سنة سبع وثلاثين وسبعمائة. وخلف ولدين أميرين: أمير علي، وأمير محمد. وهو من الأمراء المشهورين بالشجاعة الجزء: 3 ¦ الصفحة: 181 والكرم، والدين، والخير، وهو الذي عمر الجامع الذي في رملة بولاق على شاطئ النيل، وإلى جانبه الربع المشهور، وغرم عليه جملة مستكثرة، فلما تم أكله البحر، ورماه في حياته؛ فأعاده وأصلحه ثانياً بجملة كبيرة. تقبل الله منه ورحمه وعفا عنه. الزراق أيدمر بن عبد الله الناصري، الأمير عز الدين، المعروف بالزراق. كان ممن أنشأهم الملك الناصر محمد بن قلاوون، وجعله أميراً. ولما تسلطن الملك الصالح إسماعيل بن الملك الناصر محمد بن قلاوون، استقر به في نيابة غزة في الجزء: 3 ¦ الصفحة: 182 سنة خمس وأربعين وسبعمائة، فدام بغزة إلى أن استعفى منها بعد موت الملك الصالح، وعاد إلى ديار مصر، فدام بها إلى أن خرج على الملك المظفر حاجي هو والأمير آق سنقر أمير جندار والأمير أيدمر الشمسي؛ فنقم الأمراء ذلك عليهم، وأخرجوهم إلى الشام في أواخر شهر رمضان سنة ثمان وأربعين وسبعمائة، ثم رسم له بالتوجه إلى حلب في شوال؛ فخرج من دمشق إلى حلب، وأقام بها بطالاً، ثم أنعم عليه بإقطاع أسندمر الحسني. الظاهري أيدمر بن عبد الله الظاهري، الأمير سيف الدين التركي. كان من عتقاء الملك الظاهر بيبرس، وأحد أكابر أمرائه. ولى نيابة الشام لأستاذه الملك الظاهر، ولما تسلطن قلاوون حبسه مدة كبيرة حتى أطلقه ولده الأشرف خليل، وأقام بطالاً، وسكن برباط له بالجسر الجزء: 3 ¦ الصفحة: 183 الأبيض بدمشق إلى أن مات في شهر ربيع الأول سنة سبعمائة، وكان أميراً مبجلاً، ذا حرمة ومهابة، وله مآثر وخيرات. رحمه الله تعالى وعفا عنه. الخازندار أيدمر بن عبد الله الناصري الخازندار، الأمير سيف الدين. أحد أمراء الألوف بالديار المصرية. كان خصيصاً عند أستاذه الملك الناصر محمد بن قلاوون، ولم يزل على ذلك إلى أن توجه إلى الحج في سنة ثلاثين وسبعمائة، فقتل بمكة في يوم الجمعة رابع عشر ذي الحجة من السنة. قال النويري: قتله أمير مكة محمد بن عقبة بن إدريس بن قتادة الحسني. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 184 قال: وسبب ذلك أن بعض عبيد مكة عبثوا على بعض حجاج العراق، وتخطفوا أموالهم، فاستصرخ الناس به، وكان قد تأخر عن الحاج مع أمير الركب لصلاة الجمعة بمكة، فنهض والخطيب على المنبر، فمنعهم من الفساد ومعه ولده، فتقدم الولد؛ فضرب بعض العبيد؛ فضربه العبد بحربة فقتله فلما رأى أبوه ذلك اشتد حنقه وحمل ليأخذ بثأر ابنه، فرمى الآخر بحربة؛ فمات. انتهى كلام النويري باختصار. قال البرزالي: قال العفيف المطري في تاريخه: لما كان يوم الجمعة عند طلوع الخطيب على المنبر حصلت هوسة، ودخل الخيل المسجد الحرام وفيهم جماعة من بني حسن ملبسين، وتفرق الناس، وركب بعضهم بعضاً: ونهبت الأسواق، وقتل خلق من الحجاج وغيرهم، وصلينا نحن الجمعة والسيوف تعمل، وخرج الناس، واستشهد: الأمير أيدمر الخازندار وابنه خليل، ومملوك لهم، وأمير عشرة يعرف بابن التاجي، وجماعة نسوة، وغيرهم من الرجال، وسلمنا من القتل. كان الخيل في إثرنا يضربون يميناً وشمالاً، وما وصلنا إلى المنزلة وفي العين قطرة. ودخل الأمراء بعد الهزيمة إلى مكة؛ لطلب بعض الثأر، وخرجوا الجزء: 3 ¦ الصفحة: 185 فارين مرة أخرى، ثم أمر أمير المصريين بالرحيل، وعادوا إلى القاهرة وأخبروا الملك الناصر محمد بن قلاوون بذلك؛ فجهز إلى مكة عسكراً وعليهم عدة من الأمراء، فأخذوا بثأر أيدمر المذكور، وقتلوا جماعة كثيرة من العبيد وغيرهم، وقالوا: تلك الوقعة كانت بغتة، وإنما الرجل من يبارز. ومن حينئذ حكمت الأتراك مكة، وانقمع أهلها إلى يومنا هذا. أيرنجي أيرنجي خال القان خربندا بن القان بو سعيد صاحب الدشت. كان أيرنجي المذكور مناصحاً لابن أخته، وكان شخص من أمراء القان بوسعيد يسمى جوبان قد استولى على المملكة، وصار خربندا يتضجر من جوبان؛ فشكا خربندا لأمرائه أيرنجي هذا وقرمش ودقماق، فقالوا: له إن شئت قتلناه. واتفقوا على قتله، وذلك في جمادى الأولى سنة تسع عشرة وسبعمائة، ثم وافقهم أخو دقماق الأمير محمد، ويوسف بكتا، ويعقوب المسخرة؛ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 186 فهيأ قرمش دعوة، ودعا جوبان المذكور مكيدة عليه، بأمر القان. فلما توجه جوبان إلى الدعوة نور له شخص بما هو القصد، فتحفظ لنفسه وركب، ووقع القتال بينهم، واستفحل أمر الجوبان، وتراجع له جيشه، ووفد على القان وخضع له، فقال له القان خربندا: أنا مالي علم بما وقع. ثم صار مع جوبان على أيرنجي ووافقه، وأنكر أنه ما أمرهم بقتله، ثم ركب القان مع جوبان وقاتل أيرنجي ورفقته حتى ظفر به وأمسكه. فلما أمسك أيرنجي قال لخربندا: يا خوند، أنت الذي قلت لنا اقتلوا جوبان؛ فأنكر، فحاققه أيرنجي، فغضب خبنجا وضربه بسيخ في فمه، فتلف من وقته، ثم قتل رفقته قرمش ودقماق. كل ذلك في السنة المذكورة. وأيرنجي بفتح الألف - وسكون الياء آخر الحروف، وفتح الراء المهملة، وسكون النون، وجيم وياء - ومعناه: صاحب الأيران، الذي يخرج من اللبن. سم الموت أيغان بن عبد الله الركني، المعروف بسم الموت، الأمير عز الدين. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 187 أصله من مماليك ركن الدين بيبرس الذي كسر الفرنج بغزة، ثم اتصل إيغان هذا بخدمة الملك الظاهر بيبرس، وتقدم عنده، وصار له الكلمة النافذة والحرمة الزائدة، ودام على ذلك مدة طويلة إلى أن بلغ الملك الظاهر عنه ما أوغر خاطره عليه؛ فأمسكه وحبسه في الجب بالقلعة إلى أن مات في سنة خمس وسبعين وستمائة. وكان أحد الموصوفين بالشجاعة والكرم مع شدة البأس، وكان يحب أن لا ترد كلمته البتة، رحمه الله. صاحب ماردين آيل غازي، الملك السعيد نجم الدين، صاحب ماردين، وابن صاحبها أبي الفتح أرتق بن آيل غازي بن ألبي بن تمرتاش بن آيل غازي ابن أرتق. كان حازماً، بطلاً، شجاعاً، ممدحاً، ملك ديار بكر مدة إلى أن قدم عليه هولاكو الجزء: 3 ¦ الصفحة: 188 ووقع بينهما وقعة يطول الشرح في ذكرها، وآخر الأمر أن هولاكو استولى على ديار بكر، وحاصر ماردين من جمادى سنة ثمان وخمسين إلى أن دخلت سنة تسع وخمسين وستمائة، فتوفى الملك السعيد هذا في سادس عشر صفر، وقيل في ذي الحجة سنة ثمان وخمسين وستمائة بالطاعون، رحمه الله. حفيد المتقدم ذكره آيل غازي، الملك السعيد، نجم الدين بن الملك المظفر قرا أرسلان بن الملك السعيد آيل غازي، حفيد المذكور أعلاه. تولى السلطنة بعد موت أبيه، وحمدت سيرته إلى أن توفى سنة خمس وتسعين وستمائة، وتملك بعده ماردين أخوه المنصور نجم الدين غازي. رحمه الله تعالى. اليوسفي الأتابك إينال بن عبد الله اليوسفي اليلبغاوي، الأمير سيف الدين، أتابك العساكر. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 189 أصله من مماليك يلبغا العمري الخاصكي، وترقى بعد موت أستاذه إلى أن صار من جملة أمراء الديار المصرية في دولة الملك المنصور علي بن الأشرف شعبان، وصار له شهامة في الدولة، وطمع أن يستبد بتدبير مملكة الملل المنصور وحده، فصبر إلى أن سافر الأمير بركة إلى البحيرة، ونزل الأمير برقوق من السلسلة؛ ليسير إلى جهة قبة النصر، ركب من وقته بمن معه بآلة الحرب، وملك باب السلسلة - مكان برقوق - وبلغ برقوق الخبر؛ فعاد وحصل بينهما وقعة هائلة انتصر فيها برقوق، وقبض على إينال المذكور وقرر، فاعترف بأنه لم يركب إلا كرهاً في الأمير بركة لا غير. وفي هذا المعنى يقول الأديب شهاب الدين بن العطار: ما بال إينالٍ أتى ... في مثل هذي الحركه الجزء: 3 ¦ الصفحة: 190 مع علمه بأنها ... خالية من بركه وقال غيره وأجاد: بغى إينال واعتقد الأماني ... تساعده فما نال المؤمل ومد لأخذ برقوقٍ يديه ... ولم يعلم بأن الخوخ أسفل وكانت هذه الوقعة في يوم الاثنين رابع عشرين شعبان سنة إحدى وثمانين وسبعمائة. ثم حبس إينال المذكور بثغر الإسكندرية مدة إلى أن أفرج عنه برقوق، وولاه نيابة طرابلس، ثم نقله بعد مدة إلى نيابة حلب، عوضاً عن منكلي بغا الشمسي، كل ذلك في مدة يسيرة. ولما كان نائب حلب ورد عليه مرسوم الملك الصالح حاجي، ومرسوم الأتابك برقوق العثماني على يد يونس النوروزي الدوادار، يتضمن توجه العساكر الحلبية والشامية إلى الأمير خليل بن دلغادر؛ فامتثل بالسمع والطاعة، وتربص حتى قدمت عليه العساكر الشامية وهم: الأمير أشتقمر المارديني نائب دمشق، الجزء: 3 ¦ الصفحة: 191 والأمير أسنبغا اليلبغاوي نائب طرابلس، والأمير طشتمر القاسمي نائب حماة، والأمير طشتمر العلائي نائب صفد، والجميع بعساكرهم، وذلك في سنة ثلاث وثمانين وسبعمائة؛ فتوجه الجميع إلى مرعش وواقعوا من بها، وأجلوهم عن ديارهم، ونهبوا أموالهم، وأقصوهم عن الممالك الإسلامية، ثم أخذوا في إصلاح الطرق والمسالك، وانتهى بهم السفر إلى مدينة ملطية، ونزلوا على الفرات. كل ذلك وبنو دلغادر يكاتبون الأمير إينال ويسألونه الدخول تحت الطاعة، وهو لا يسمع ذلك، ثم قدم عليهم المرسوم الشريف بعودهم، فعاد الجميع إلى محل كفالتهم، وأقام الأمير إينال في نيابة حلب إلى أن تسلطن الملك الظاهر برقوق، أو قبل سلطنته بقليل، عزل عن نيابة حلب بالأمير يلبغا الناصري، صاحب الوقعة - رفيق منطاش - ورسم له بالتوجه إلى دمشق أتابكاً بها؛ فتوجه إلى دمشق، ودام بها إلى أن خرج الأمير يلبغا الناصري نائب حلب على الملك الظاهر برقوق أرسل إليه الملك الظاهر تشريفاً بنيابة حلب ثانياً، فأظهر إينال المذكور السمع والطاعة، وفي الباطن بخلاف ذلك، ثم إنه أظهر الجزء: 3 ¦ الصفحة: 192 العصيان، وانضم إلى الناصري، وجرت أمور ووقائع إلى أن تولى نيابة صفد في سلطنة برقوق الثانية في سنة اثنتين وتسعين، وتصافا هو والظاهر برقوق، ثم طلب إلى القاهرة، واستقر أتابك العساكر بها، وعظم عند الظاهر برقوق في هذه النوبة محله وضخم، وصار له كلمة في الدولة. وكان شرس الخلق وعنده بادرة وحدة. قيل إن الأمير كمشبغا الحموي نائب حلب، لما أراد القدوم إلى الديار المصرية تحير برقوق أين يجلس كمشبغا؟ ؛ فإنه كان أكبر مماليك يلبغا، وممن تأمر في أيام أستاذه يلبغا، فكلم الظاهر إينال المذكور في أمر كمشبغا بأن قال: الأمير كمشبغا قادم علينا من حلب، وهو أغتنا كلنا، وأقدمنا، وأنت أتابك العساكر، نريد أن تجلس أنت في الميسرة وتكون أتابك - يعني بالعربي أب أمير - ويكون كمشبغا أمير كبير ويجلس في الميمنة. فأجاب إينال بحدة: إن رسم السلطان، أكون أتابك - يعني أب أمير - فلما سمع برقوق منه ذلك قال: لا، وإنما يستمر كل أحد على وظيفته. ونزل الأمير إينال إلى داره، ومرض، ولزم الفراش إلى أن مات في رابع جمادى الآخرة سنة أربع وتسعين وسبعمائة، واتهم بأنه سم، والله أعلم. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 193 وكان أميراً جليلاً، شجاعاً، مقداماً، ذا شكالة حسنة وكرم وحشمة. أنشأ مدرسته بالشارع خارج بابي زويلة، كملت عمارتها بعد وفاته، وأظنه دفن بها. وإينال معناه باللغة التركية: شعاع القمر؛ فإن إي هو القمر، ونال الشعاع، وصوابه في الكتابة: إي نال، لكن اصطلاح ما يكتب الآن عند من لا يعرف اللغة التركية أن يكتبه موصولاً، والله سبحانه وتعالى أعلم. الصصلاني إينال بن عبد الله الصصلاني الظاهري، الأمير سيف الدين. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 194 أصله من مماليك الملك الظاهر برقوق ومن جملة خواصه، وتنقل في الدولة الناصرية فرج ابن أستاذه إلى أن صار أمير مائة ومقدم ألف بالديار المصرية، ثم حاجب الحجاب بها، ثم استقر به الملك المؤيد شيخ في نيابة حلب، بعد قتل الأمير نوروز الحافظي نائب الشام، فدخلها في ربيع الآخر سنة سبعة عشر وثمانمائة، واستمر بها إلى سنة ثمانية عشر وثمانمائة، خرج عن الطاعة، ووافق الأمير قاني باي المحمدي نائب الشام على العصيان، ثم انضم عليهم جماعة من النواب بالبلاد الشامية مثل: الأمير سودون من عبد الرحمن نائب طرابلس، والأمير تنبك البجاسي نائب حماة، والأمير طرباي نائب غزة. وتجرد لقتالهم الملك المؤيد وحاربهم - وسنذكر ذلك كله في ترجمة الأمير قاني باي المحمدي إن شاء الله تعالى - ثم إن المؤيد ظفر به وبابنه في الوقعة، ثم ظفر بالأمير قاني باي المحمدي، وفر الباقون إلى قرا يوسف صاحب بغداد، ثم أمر المؤيد الجزء: 3 ¦ الصفحة: 195 بقتله، وقتل الأمير قاني باي، فقتلا وحمل رأسهما إلى القاهرة ومعهما رؤوس أخر تعلقوا الجميع على أحد أبواب القاهرة أياماً. وكان قتل الأمير إينال المذكور في شعبان سنة ثمانية عشر وثمانمائة، وكان أميراً شجاعاً مقداماً، كريماً متواضعاً، محبباً للناس، مشكور السيرة بشوشاً، ذا شكالة حسنة وأبهة وحرمة، بادره الشيب في شبيبته. وبالجملة فإنه كان من محاسن الزمان، رحمه الله تعالى وعفا عنه. الجكمي إينال بن عبد الله، الأمير سيف الدين، أتابك العساكر بديار مصر، ثم نائب الشام. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 196 أصله من مماليك الأمير جكم من عوض المتغلب على حلب، وتنقل بعد موت أستاذه في عدة خدم إلى أن اتصل بخدمة الملك المؤيد شيخ في حال إمرته. ولما تسلطن المؤيد قرب إينال المذكور وجعله خاصكياً، ثم ساقياً، ثم بلغ المؤيد عنه ما أوجب ضربه ونفيه إلى البلاد الشامية، فأقام بدمشق إلى أن خرج الأمير قاني باي المحمدي نائب دمشق عن طاعة المؤيد، فلم يوافقه إينال المذكور، بل صار من حزب السلطان، وقاتل قتالاً شديداً. فلما بلغ المؤيد ذلك، طلبه إلى القاهرة، وأنعم عليه بإمرة عشرة، ثم جعله أمير طبلخاناه وشاد الشراب خاناه، ثم صار بعد موت المؤيد أمير مائة ومقدم ألف بديار مصر، ثم صار رأس نوبة النوب. ولما سافر الأمير ططر بالسلطان الملك المظفر أحمد بن الملك المؤيد شيخ إلى البلاد الشامية استقر بإينال المذكور في نيابة حلب، عوضاً عن الأمير ألطنبغا الصغير، بحكم تسحبه عنها، فتوجه إلى حلب، وأقام بها نحو أربعين يوماً، وعزل بالأمير تغرى بردى - قريب قصروه - وعاد إلى دمشق، وصار أمير سلاح. فلم يقم إلا مدة يسيرة، وقبض الجزء: 3 ¦ الصفحة: 197 عليه مع من قبض عليهم من المؤيدية، وحبس مدة إلى أن أطلقه الملك الأشرف برسباي، ورسم له بالحج فحج، وعاد إلى القدس بطالاً إلى أن طلبه الملك الأشرف برسباي في سنة سبع وعشرين وثمانمائة، وأنعم عليه بإمرة مائة وتقدمة ألف بالديار المصرية، وخلع عليه بإمرة مجلس، ودام على ذلك إلى أن مات الأمير إينال النوروزي، نقل عوضه إلى إمرة سلاح، وذلك في شهر ربيع الآخر سنة تسع وعشرين وثمانمائة. فاستمر على ذلك سنين إلى أن استقر أتابك العساكر بالديار المصرية، بعد أن شغر الأتابكية، بعد الأمير سودون بن عبد الرحمن أشهراً، فدام أتابكاً إلى أن عزل الأمير قرقماس الشعباني عن نيابة حلب، استقر الأتابك إينال هذا عوضه في نيابة حلب، وخرج إليها معظماً مبجلاً، وولى أتابكاً، عوضه الأمير جقمق العلائي أمير سلاح، واستقر قرقماس الشعباني نائب حلب أمير سلاح. وكان قبل خروج الأمير إينال إلى محل كفالته، ورد الخبر على الأشرف بمضر قصروه نائب الشام، فوعد الأشرف الأمير إينال المذكور بنيابة الشام، الجزء: 3 ¦ الصفحة: 198 بل قال له: إن مات قصروه قبل وصولك إلى حلب أدخل إلى دمشق ولا تتوجه إلى حلب، فسار إينال إلى حلب. وباشر نيابتها من يوم الأربعاء ثالث عشر ربيع الأول سنة تسع وثلاثين وثمانمائة إلى يوم الأربعاء رابع عشرين ربيع الآخر من السنة، ونقل إلى نيابة دمشق بعد موت الأمير قصروه. واستمر في نيابة دمشق إلى أن عصى على الملك الظاهر جقمق، وخرج عن طاعته، وأرسل الملك الظاهر لحربه الأمير أقبغا التمرازي، بعد ما ولاه عوضه نيابة دمشق، وأضاف إليه عدة من الأمراء والخاصكية، وتوجهوا الجميع لقتاله، والتقوا معه بالقرب من شقحب، والتحم القتال بين الفريقين، فكانت الكسرة أولاً على عسكر السلطان، ثم كروا عليه ثانياً، وقد اشتغل غالب عسكره بالنهب، وحملوا عليه، فانكسر، ولوى رأس فرسه إلى جهة دمشق، وجد في السير إلى أن وصل إلى قرية حارستا من قرى دمشق، فنزل بها. وكان السيفي جانبك دوادار الأمير برسباي حاجب حجاب دمشق في إثره، فنزل إينال عن فرسه، وأراد الراحة؛ فطوقه جانبك المذكور مع أهل البلد، وقبض عليه، وحمله إلى قلعة دمشق، فحبس بها إلى أن ورد المرسوم من الملك الظاهر جقمق بقتله، فقتل بقلعة دمشق في ليلة الاثنين ثاني عشرين شهر ذي الجزء: 3 ¦ الصفحة: 199 القعدة سنة اثنتين وأربعين وثمانمائة. وكان أميراً جليلاً، كريماً، شجاعاً مقداماً، حسن الخلق، متواضعاً، محبباً للناس، حلو المحاصرة، مليح الشكل، معتدل القامة، ضخماً، مدور الوجه، بشوشاً، قليل الشر، كثير المروءة، وكان بيني وبينه صحبة ومودة أكيدة ومحبة، سامحه الله وعفا عنه. النوروزي إينال بن عبد الله النوروزي، أمير سلاح، الأمير سيف الدين. أصله من مماليك نوروز الحافظي، المتغلب على دمشق ودواداره، ثم اتصل بعد قتل أستاذه بخدمة الملك المؤيد شيخ، وترقى إلى أن ولى نيابة غزة، ثم نقل إلى نيابة حماة، ثم أمسك، وصار من جملة أمراء دمشق، ثم ولى في أوائل الدولة الأشرفية برسباي نيابة طرابلس، بعد أركماس الجلباني، الجزء: 3 ¦ الصفحة: 200 واستمر في نيابة طرابلس إلى أن عزل عنها بالأمير قصروه من تمراز، وقدم إلى القاهرة، وأنعم عليه بإمرة مائة وتقدمة ألف بها، ثم استقر أمير مجلس بعد الأمير أقبغا التمرازي، بحكم انتقاله إلى نيابة الإسكندرية، ثم نقل إلى إمرة سلاح، واستمر على ذلك إلى أن توفى أول شهر ربيع الآخر سنة تسع وعشرين وثمانمائة. وكان أميراً جليلاً، مهاباً، عظيماً في الدولة، ذا حرمة وافرة، وجبروت، وله سطوة على خدمه وحواشيه، وكان ظالماً سفيهاً شرس الخلق، وعنده حدة وبادرة، إلا أنه كان كريم النفس، متجملاً في ملبسه إلى الغاية وفي مركبه ومأكله، ومماليكه. وكان يصرف لبعض مماليكه جامكية خمسة آلاف في كل شهر، وأقل ما في مماليكه له جامكية عشرة دنانير في كل شهر. وهو زوج كريمتي خوند فاطمة، تزوجها بعد موت زوجها الملك الناصر فرج، ومات عنها. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 201 حطب إينال بن عبد الله العلائي الظاهري، الأمير سيف الدين، الشهير بإينال حطب. هو من المماليك الظاهرية برقوق، وممن صار في الدولة الناصرية فرج أمير مائة ومقدم ألف، ثم صار رأس نوبة النوب. ولما أرسل الملك الناصر فرج أخاه الملك المنصور عبد العزيز بن الملك الظاهر برقوق من الإسكندرية أرسل صحبته الأمير إينال حطب هذا والأمير قطوبغا الكركي؛ ليحتفظا به وبأخيه إبراهيم، فأقاما عندهما إلى أن توفى الملك المنصور عبد العزيز وأخوه إبراهيم بالثغر وعاد إلى القاهرة؛ فعاد كل منهما مريضاً. ولزم الأمير إينال حطب هذا الفراش إلى أن مات في سنة تسع وثمانمائة، رحمه الله تعالى. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 202 الأزعري إينال بن عبد الله الأزعري الشيخي. الأمير سيف الدين. أصله من مماليك الأمير شيخ الصفوي أمير مجلس، واتصل بعد موت أستاذه المذكور بخدمة الملك المؤيد شيخ قبل سلطنته. فلما تسلطن الملك المؤيد أمره ورقاه إلى أن جعله أمير مائة ومقدم ألف بديار مصر، ثم ولى الحجوبية الكبرى بها بعد موت المؤيد، ثم قبض على الأمير ططر بدمشق مع من قبض عليه من الأمراء المؤيدية وحبسه، فدام في الحبس سنين إلى أن أطلقه الملك الأشرف برسباي، ورسم له بالإقامة بدمشق بطالاً، ودام على ذلك إلى أن مات في حدود الثلاثين وثمانمائة تقريباً. وكان عارفاً بفنون الفروسية، وأنواع الملاعب كالرمح وغيره، مشكور السيرة، رحمه الله تعالى. الساقي إينال بن عبد الله المحمدي الظاهري الساقي، الأمير سيف الدين، المعروف الجزء: 3 ¦ الصفحة: 203 بإينال ضضغ - يعني شفتر -. أصله من المماليك الظاهرية برقوق الخواص، وصار ساقياً في أيام أستاذه الظاهر برقوق، ثم صار في الدولة الناصرية فرج أمير مائة ومقدم ألف بالديار المصرية، ثم رأس نوبة النوب بعد موت الأمير بشباي في سنة إحدى عشرة وثمانمائة في جمادى الآخرة، فدام على ذلك مدة ثم نقل إلى إمرة سلاح، فاستمر على ذلك إلى يوم الخميس ثالث عشرين شوال سنة اثنتي عشرة وثمانمائة عدى السلطان الملك الناصر فرج النيل عائداً إلى القلعة حتى وصل إلى قريب قناطر السباع عند الميدان. وكان إينال هذا أمام السلطان، فرسم السلطان في الموضع المذكور وهو سائر بالقبض على الأمير قردم الخازندار، فقبض عليه، الجزء: 3 ¦ الصفحة: 204 ثم بالقبض علي إينال هذا. فلما سمع إينال ضضغ المذكور ذلك شهر سيفه وساق فرسه ومضى، فلم يلحقه غير الأمير قجق، وضربه على يده بالسيف ضربة جرحت إينال جرحاً بالغاً، وفاته، فلم يقدر عليه، واختفى من الناصر أياماً، إلى أن غمز عليه، فأمسك في بعض حارات القاهرة في عاشر شهر ذي القعدة من السنة، فحمل من وقته وحبس عند الأمير قردم بثغر الإسكندرية مدة، ثم أفرج عنه وصار بطالاً بالقاهرة، إلى أن تجرد الناصر في سنة أربعة عشر وثمانمائة، أراد القبض عليه ثانياً، فأحس بذلك واختفى، وخرج إلى البلاد الشامية ولحق بالأمير شيخ ونوروز، ثم صار من حزب نوروز بعد قتل الملك الناصر. ودام عنده بدمشق إلى أن خرج نوروز عن طاعة المؤيد. وكان إينال هذا من جملة الأمراء الذين مع نوروز إلى أن ظفر شيخ بنوروز ومن معه. حبس إينال هذا أيضاً بقلعة حلب مدة، ثم أطلقه، فتوجه إلى بلاد اجلاركس، الجزء: 3 ¦ الصفحة: 205 ثم قدم إلى القاهرة بعدة مماليك على قاعدة تجار المماليك، فاشتراهم المؤيد منه، ثم عاد ثانياً، وجلب جلبة أخرى كالأول، واستمر بالقاهرة بطالاً إلى أن مات في تاسع عشرين شهر رمضان سنة إحدى وثلاثين وثمانمائة. وكان أميراً شجاعاً، مقداماً، مهاباً، عارفاً بفنون الفروسية، باشر تعليم المحمل في الدولة الناصرية فرج، لما كان رأس نوبة النوب سنين، رحمه الله تعالى. أخو قشتم إينال بن عبد الله المؤيدي، الأمير سيف الدين، المعروف بأخي قشتم. أصله من مماليك الملك المؤيد شيخ، وصار خاصكياً صغيراً في أيام أستاذه بسفارة أخيه - لا لمعنى فيه - ودام على ذلك في الدولة الأشرفية بكمالها والدولة الجزء: 3 ¦ الصفحة: 206 العزيزية، لا يلتفت إليه إلى أن تسلطن الملك الظاهر جقمق فعرف بخدمة المقام الناصري، واتصل به كل مبعود، وصار كل خامل مسعود. ظفر المذكور منه بإمرة عشرة بجاه إخوته المؤيدية، ثم صار دواداراً للمقام الناصري محمد بن الملك الظاهر جقمق، فعرف بخدمة المقام الناصري في الدولة، وصار له بعيض جاه بسفارة مخدومه إلى أن توفى المقام الناصري محمد في سنة سبع وأربعين صار إينال المذكور من جملة الأمراء البرانية إلى أن توفي في سنة اثنتين وخمسين وثمانمائة. وكان رحمه الله تعالى ذميم الخلق، سيئ الخلق، قصيراً نحيفاً، خفيف اللحية، مهملاً جداً. الششماني إينال بن عبد الله الششماني الناصري، الأمير سيف الدين. أصله من مماليك الملك الناصر فرج، وممن صار في أيام أستاذه أمير عشرة. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 207 ولما آلت السلطنة إلى الملك المؤيد شيخ، قبض عليه وحبسه سنين إلى قريب موته أفرج عنه، فأقام من جملة الأجناد إلى أن أنعم عليه الملك الظاهر ططر بإمرة عشرة، فدام على ذلك سنين في دولة الأشرف برسباي إلى أن ولاه حسبة القاهرة، ثم جعله أمير طبلخاناه وثاني رأس نوبة، ثم استقر في نيابة صفد بعد وفاة الأمير مقبل الدوادار، فباشرها سنيات، وعزل عنها وتوجه إلى دمشق أمير مائة ومقدم ألف بها، فدام على ذلك إلى أن نقله الملك الظاهر جقمق إلى أتابكية دمشق، بعد الأمير قاني باي البهلون؛ بحكم انتقاله إلى نيابة صفد بعد الأمير إينال العلائي الأجرود، فدام على ذلك إلى أن توفى بدمشق في شهر ربيع الآخرة سنة إحدى وخمسين وثمانمائة. وكان ضخماً، معتدل القامة، مليح الشكل، عفيفاً عن المنكرات والفروج، إلا أنه كان بخيلاً، جباناً، سامحه الله تعالى وعفا عنه. انتهت ترجمة الششماني، رحمه الله. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 208 السلطان الملك الأشرف إينال إينال بن عبد الله العلائي الظاهري، ثم الناصري، المعروف بالأجرود، الأمير سيف الدين أتابك العساكر بالديار المصرية. ملكه الملك الناصر فرج بعد موت أبيه، وأعتقه وجعله خاصكياً، ثم صار من جملة الدوادارية في الدولة المؤيدية شيخ، ثم تأمر بعد موته إمرة عشرة، واستمر إلى أن أنعم عليه الملك الأشرف برسباي بإمرة طبلخاناه، ثم ولاه رأس نوبة ثانية بعد قاني باي البهلوان، ثم نقل إلى نيابة غزة بعد عزل الأمير تمراز القرمشي، وخلع عليه في يوم الثلاثاء ثامن عشرين شوال سنة إحدى وثلاثين وثمانمائة. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 209 وفي اليوم المذكور قبض على الأمير قطج - أحد أمراء الألوف - وحمل إلى الإسكندرية، وأخرج الأمير جرباش الكريمي قاشق إلى دمياط، فتوجه الأمير إينال هذا إلى غزة وباشر نيابتها إلى أن سافر الملك الأشرف برسباي إلى آمد في سنة ست وثلاثين وثمانمائة. وعاد إلى الرها، طلب إينال هذا وعينه لنيابة الرها؛ فامتنع من ذلك، ورمى بسيفه، وأفحش في الكلام حتى تركه السلطان وأخلع على الأمير قراجا الأشرفي ، وهو إذ ذاك مشد الشراب خاناه بنيابة الرها، وعلى القاضي شرف الدين الأشقر نائب كاتب السر بكتابة الجزء: 3 ¦ الصفحة: 210 السر بالرها، ثم تغير ذلك كله في عصر يومه، واستعفى القاضي شرف الدين المذكور بعد أن بذل خمسمائة دينار للخزانة الشريفة، وعزل قراجا المذكور، واستقر الأمير إينال هذا في النيابة المذكورة، وأنعم عليه بتقدمة ألف بالديار المصرية، زيادة على نيابة الرها. وولى نيابة غزة عوضه الأمير جاني بك الحمزاوي - أحد مقدمي الألوف - بعد أن أنعم بإقطاعه على إينال المذكور، فباشر إينال هذا نيابة الرها سنيات، ثم عزل بالأمير شاد بك الجكمي رأس نوبة ثاني، وقدم إلى مصر على تقدمته، فأقام بها مدة، ثم نقل إلى نيابة صفد، فاستمر بصفد إلى أن طلبه الملك الظاهر جقمق، وأنعم عليه بإمرة مائة وتقدمة ألف بديار مصر. وولى نيابة صفد بعده الأمير قاني باي البهلوان أتابك دمشق، ثم استقر دواداراً كبيراً بعد موت الأمير تغرى بردى المؤذي البكلمشي في سنة ست وأربعين الجزء: 3 ¦ الصفحة: 211 وثمانمائة، فباشر الدوادارية إلى أن خلع عليه باستقراره أتابك العساكر بالديار المصرية، بعد موت يشبك السودوني في سنة تسع وأربعين وثمانمائة، تقريب التي قبلها تخميناً، واستقر بعده في الدوادارية الأمير قاني باي اجلاركسي. واستمر الأمير إينال المذكور في الأتابكية بديار مصر، إلى أن تسلطن بعد أمور جرت بينه وبين الملك المنصور عثمان بن جقمق، في يوم الاثنين ثامن شهر ربيع الأول سنة سبع وخمسين وثمانمائة، ولقب بالملك الأشرف أبي النصر إينال - حسبما ذكرناه في تاريخنا حوادث الدهر، وفي غيره مفصلاً -. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 212 الأشرفي إينال بن عبد الله الأبو بكري الأشرفي الفقيه، الأمير سيف الدين، أحد أمراء الألوف بديار مصر. هو من مماليك الأشرف برسباي، اشتراه في أوائل دولته، ورقاه إلى أن جعله خازنداراً، ثم أمره عشرة، بعد الأمير سنقر العزي في سنة ست وثلاثين وثمانمائة، ثم ولاه الخازندارية الكبرى، بعد الأمير قراجا الأشرفي، ثم جعله أمير طبلخاناه، وشاد الشراب خاناه، بعد الأمير قراجا أيضاً، بحكم انتقال قراجا إلى تقدمة ألف. وتولى الخزندارية عوضه الأمير علي باي الأشرفي الساقي، ثم نقل في الدولة الجزء: 3 ¦ الصفحة: 213 العزيزية يوسف إلى الدوادارية الثانية، بعد انتقال الأمير تمرباي الدوادار إلى تقدمة ألف؛ فدام على ذلك إلى أن أنعم عليه الملك الظاهر جقمق بتقدمة ألف بالديار المصرية، ورسم له بإمرة حاج المحمل؛ فأخذ المذكور في أمر السفر وتجهيز احتياجه. وركب مسايرة الهجن في شهر رمضان على عوائد أمراء الحج، فبينما هو في ذلك، إن تسحب الملك العزيز يوسف من محبسه بقلعة الجبل، ونزل إلى القاهرة بحيلة دبرها، واختفى بها. وكثر الكلام في أمر المماليك الأشرفية، وخافهم الملك الظاهر جقمق، وحسن إليه جماعة من المؤيدية القبض على إينال المذكور؛ فقبض عليه وأودعه سجن الإسكندرية مدة، ثم نقله إلى حبس آخر بالبلاد الشامية مع من نقل من الأمراء الأشرفية وغيرهم؛ فدام إينال المذكور مدة سنين في السجن، إلى أن أفرج عنه في سنة تسع وأربعين تخميناً، وتوجه إلى القدس بطالاً، فأقام به مدة ملازماً للاشتغال والأشغال والعبادة إلى أن وشى به؛ فقبض عليه وحبس ثانياً، في سنة اثنتين وخمسين وثمانمائة هو والأمير شادبك الجكمي، ثم أفرج عنه في سنة ثلاث، ورسم له بالتوجه إلى الحج وعوده إلى القدس؛ فسار صحبة الحاج الغزاوي، الجزء: 3 ¦ الصفحة: 214 وحج وعاد، فمات في عوده خارج مدينة الينبع، فرد أصحابه برمته ودفنوه بمدينة الينبع في يوم الجمعة، أو آخر ذي الحجة من سنة ثلاث وخمسين وثمانمائة، وهو في حدود الأربعين سنة تخميناً. وكان أميراً عاقلاً، ساكناً، ديناً، فقيهاً، عالماً، فاضلاً، مفنناً، حافظاً للفقه وفروعه، كثير الاستحضار لفروع المذهب، أعجوبة في ذلك. وله مشاركة في العربية وغيرها. وكان رحمه الله ذكياً، جيد التصور. هذا مع الشكالة الحسنة، والهيئة الجميلة، والمعرفة التامة بفنون الفروسية وأنواع الملاعيب، كالرمح والنشاب وغيره. غير أنه كان عنده بعيض شمم. وكان شاباً طوالاً، جميل الوجه، مدور اللحية، صغيرها، وهو صاحبنا من الصغر، رحمه الله تعالى وعفا عنه. الكمالي إينال بن عبد الله الكمالي الناصري، الأمير سيف الدين، أحد أمراء العشرات. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 215 هو من المماليك الناصرية فرج بن برقوق، ومن جملة الخاصكية في الدولة الأشرفية برسباي، وممن تأمر في الدولة الظاهرية جقمق، وكان رأساً في شرب السيف، مشهوراً بالشجاعة، خيراً، ديناً، متواضعاً. وكانت وفاته في حدود الخمسين وثمانمائة تقريباً، رحمه الله تعالى. اليشبكي إينال بن عبد الله اليشبكي، الأمير سيف الدين، أحد أمراء العشرات. نسبته إلى معتقه الأمير يشبك الأتابكي الشعباني. تنقل في الخدم إلى أن صار في الدولة الأشرفية برسباي خاصكياً، ورأس نوبة الجمدارية، ثم تأمر في الدولة الظاهرية جقمق عشرة. ودام على ذلك، إلى أن توفى بالطاعون في يوم الخميس سادس عشر شهر صفر سنة ثلاث وخمسين وثمانمائة. وكان بذاء اللسان، مهملاً جداً، لا ذات ولا أدوات، رحمه الله تعالى. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 216 إينال باي بن قجماس إينال باي بن قجماس الظاهري، الأمير سيف الدين. قدم مع أبيه من بلاد الجاركس بطلب من الظاهر برقوق؛ لقرابة بينهما، وترقى والده قجماس في الدولة الظاهرية، إلى أن صار أمير مائة ومقدم ألف. وصار ولده إينال باي هذا من جملة خاصكية السلطان الخواص، ثم أمره عشرة، ثم صار في الدولة الناصرية فرج أمير مائة ومقدم ألف، ثم أمير آخور كبير - بعد الأمير سودون طاز - وتزوج بأخت السلطان خوند بيرم، بنت الملك الظاهر برقوق. وكانت توليته في يوم الاثنين العشرين من شهر صفر سنة خمس وثمانمائة، وعظم قدره وضخم، وصار له كلمة نافذة في الدولة؛ لزواجه بأخت السلطان. وسار على قاعدة الملوك من استكثار المماليك والسماط الهائل، ولا زال الجزء: 3 ¦ الصفحة: 217 على ذلك إلى يوم الاثنين سادس شهر صفر سنة ثمان وثمانمائة، قبض الملك الناصر فيه على الأمير يشبك بن أزدمر، رأس نوبة، وعلى الأمير تمر، وعلى سودون - من إخوة سودون طاز -. فلما بلغ إينال باي هذا الخبر تخوف، ونزل من باب السلسلة واختفى هو والأمير سودون الجلب؛ فاحتاط السلطان على موجودهما، ثم في الغد - يوم الثلاثاء - سفروا الأمراء المقبوض عليهم إلى الإسكندرية. وأما إينال باي فإنه دار على جماعة من الأمراء؛ ليركبوا معه، فلم يوافقه أحد على ذلك. وسكن الحال إلى يم الجمعة عاشر صفر، ظهر إينال باي، فقبض السلطان عليه، وأرسله إلى دمياط، فاستمر بالثغر، إلى أن كانت الجزء: 3 ¦ الصفحة: 218 وقعة السعيدية، أفرج عنه وعن يشبك بن أزدمر، وخلع على إينال باي خلعة الرضى. واستمر الحال إلى يوم السبت رابع عشرين ربيع الأول من سنة ثمان، استقر السلطان بالأمير يشبك بن أزدمر في نيابة الملطية، فامتنع من ذلك، فأكره حتى لبس الخلعة، ووكل به أرسطاي الحاجب، والأمير محمد بن جلبان الحاجب، حتى أخرجاه من فوره إلى ظاهر القاهرة، ثم بعث السلطان إلى الأمير أزبك الإبراهيمي، أحد أمراء الألوف، المعروف بخاص خرجي، بأن يستقر في نيابة طرسوس، فأبى أن يقبل، والتجأ إلى بيت إينال باي هذا، ثم الجزء: 3 ¦ الصفحة: 219 اجتمع جماعة من المماليك، ومضوا إلى يشبك بن أزدمر وردوه في ليلة الجمعة ثالث عشرينه، وصار العسكر حزبين: طائفة مع السلطان، وهم الذين كانوا عليه في وقعة السعيدية، ورأسهم الأمير يشبك الشعباني، وطائفة عليه، ورأسهم بيبرس وإينال باي ويشبك بن أزدمر وغيرهم. وعظمت الفتنة، وجرت أمور يطول شرحها آلت إلى اختفاء الملك الناصر فرج وخلعه وسلطنة أخيه الملك المنصور عبد العزيز، وذلك في يوم الأحد خامس عشرين ربيع الآخر سنة ثمان؛ فاختفى الملك الناصر إلى يوم الجمعة رابع جمادى الآخرة من السنة المذكورة، ظهر من بيت الأمير سودون الحمزاوي، وحصل بينه وبين من بالقلعة وقعة انتصر فيها الملك الناصر، وعاد إلى ملكه، وقبض على الأمير بيبرس، وسودون المارديني. واختفى إينال باي صاحب الترجمة مدة، ووقعت له حوادث آلت إلى خروجه إلى البلاد الشامية وأخذه مدينة غزة. واجتمع عليه بها جماعة من الأمراء إلى شهر ذي الحجة من سنة تسع وثمانمائة، ركب الأمير شيخ المحمودي من صفد يريد إينال باي هذا ومن معه؛ فطرقهم على حين غفلة، فقاتلوه على الجديدة، في يوم الخميس رابع الشهر المذكور، فقتل الأمير إينال باي، والأمير الجزء: 3 ¦ الصفحة: 220 يونس الحافظي نائب حماة، والأمير سودون قرناص، وقبض على الأمير سودون الحمزاوي، وفر يشبك بن أزدمر إلى دمشق. ودفن إينال باي بغزة، ثم نقلت رمته في شهر ربيع الآخرة سنة عشرة وثمانمائة إلى تربة أبيه قجماس، التي هي شرقي تربة الظاهر برقوق، فدفن بها رحمه الله تعالى. البدري أينبك بن عبد الله البدري، الأمير سيف الدين. كان في الدولة الأشرفية شعبان بن حسين من جملة أمراء الطبلخاناه، وهو الذي كان أصل فتنة الأشرف التي كانت في غيبته، لما كان متوجهاً إلى الحج، وكان هو القائم في خلعه وسلطنة ولده أمير علي، الملقب بالملك المنصور، ووافقه المقدور على الجزء: 3 ¦ الصفحة: 221 ذلك بأن قتل الأشرف - حسبما سنذكره إن شاء الله تعالى في ترجمته - وصار أينبك هذا والأمير قرطاي العمري هما صاحبا العقد والحل في المملكة، وولى أينبك أتابك العساكر دفعة واحدة من إمرة طبلخاناه، وصار قرطاي رأس نوبة النوب دفعة واحدة من إمرة عشرة - وكانت هذه الوظيفة معظمة تلك الأيام - واستبدا بالأمر وحدهما. فلم يكن إلا أيام يسيرة وأراد أينبك أن يستقر بالأمر وحده، ودبر حيلة على مسك قرطاي، فوقع أن قرطاي صنع وليمة، فأهدى له أينبك مشروباً يقال له الششن، وجعل فيه بنجاً. فلما شربه قرطاي تبنج، فلما علم أينبك بذلك، ركب ومعه مماليكه، وهم ملبسون، ونزل بالسلطان إلى الإسطبل السلطاني، وذلك في يوم الأحد عشرين صفر سنة ثمان وسبعين أو تسع، فأقام أينبك من عصر يومه إلى غداة نهار الاثنين. وكان عند قرطاي جماعة من الأمراء منهم أسندمر الصرغتمشي، وسودون جركس، وقطلوبغا البدري، وقطوبغا جركس أمير سلاح، ومبارك الطازي، وجماعة أخر. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 222 ولما كان بكرة النهار أرسل قرطاي يسأل في نيابة حلب، فأجيب، ثم أمسك هو ومن كان معه من الأمراء وأخرج إلى غزة منفياً، ثم آل أمره إلى أن قتل بالمرقب في السنة المذكورة، واستبد أينبك وصفا له الوقت إلى أجاءه الخبر بعصيان نواب البلاد الشامية، فأخذ في أسباب السفر وصحبته السلطان الملك المنصور إلى البلاد الشامية، وخرج الجاليش في سادس عشرين ربيع الأول وهم مقدمين خمسة: قطلوبغا أخو أينبك، وأحمد ولده، ويلبغا الناصري، وبلاط السيفي ألجاي، وتمرباي الحسني، وجماعة من الطبلخانات والعشرات. وفي تاسع عشرينه، خرج طلب السلطان وطلب أينبك. وفي مستهل ربيع الآخر استقل السلطان بالمسير إلى البلاد الشامية وصحبته أينبك بباقي الأمراء والعساكر، فلم يكن إلا ليلة واحدة وعاد السلطان وأينبك بمن معهم من بلبيس في ثاني شهر ربيع الآخر، وسبب ذلك مجيء قطلوبغا المتوجه مع الجاليش على أقبح وجه. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 223 وذكر، أن الجاليش جميعه عصى على أينبك، فلما سمع أينبك كلام قطلوبغا أخذ السلطان ورجع إلى القلعة، ثم جهز إليهم عسكراً، ووقعت فتن وحروب، أسفرت على قرار أينبك، وتوجهه نحو كيمان مصر القديمة، ثم آل أمره إلى أن طلب الأمان من يلبغا الناصري، وطلع إليه، فأمسكه وأرسله إلى الإسكندرية، فسجن بها. وفي هذا المعنى يقول الأديب شهاب الدين بن العطار: من بعد عز قد ذل أينبكا ... وانحط بعد السمو من فتكا وراح يبكي الدما منفرداً ... والناس لا يعرفون أين بكى قلت: ومن يومئذ ظهر اسم يلبغا الناصري، والأمير برقوق العثماني، والأمير بركة، واستفحل أمرهم. واستمر الأمير أينبك في السجن. ابن النحاس الأسدي أيوب بن أبي بكر بن إبراهيم بن هبة الله بن إبراهيم بن طارق بن سالم. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 224 الشيخ الإمام العالم بهاء الدين أبو صابر بن النحاس الأسدي الحلبي الحنفي، مدرس القليجية، وشيخ الحديث بها. ولد سنة سبعة عشر وستمائة. وكان أحد أعيان الفقهاء، وله إلمام بالحديث، سمع من مكرم، والموفق يعيش، وابن رواحة، وابن خليل، وجماعة بحلب. وقيل إنه سمع صحيح البخاري من ابن روزبة، وسمع ببغداد من الكاشغري، ولم يزل على طلب العلم، والاشتغال، والأشغال إلى أن توفى سنة تسع وتسعين وستمائة، رحمه الله تعالى. الجرائدي أيوب بن بدر بن منصور بن بدران المقرئ، أبو الكرم الأنصاري، المصري، ثم الدمشقي، المعروف بالجرائدي، أخو تقي الدين يعقوب المقرئ. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 225 اشتغل وتفقه، ثم قرأ القراءات على السخاوي وغيره. وسمع الحديث، وأكثر عن الضياء المقدسي، وحدث، وأقرأ، وأضر بآخره. وكتب الأجزاء، وأجزاؤه موقوفة بالأشرفية، وكتابته معروفة. وكان صوفياً، وكتب من تصانيفه ابن عربي كثيراً، ومات سنة خمس وستين وستمائة، رحمه الله تعالى. أيوب بن المظفر أيوب بن سليمان بن مظفر، الشيخ المعمر المقرئ نجم الدين، كبير المؤذنين. كان له صوت جهوري طيب إلى الغاية، واستمر على ذلك زمناً طويلاً، وعاش تسعاً وثمانين سنة، وتوفى سنة تسع وسبعمائة، رحمه الله تعالى. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 226 ابن الفقاعي أيوب بن عمر بن علي بن مقلد الحمامي الدمشقي، المعروف بابن الفقاعي. روى تاريخ داريا عن الخشوعي، وروى عنه الحافظ الدمياطي، وابن الخباز وغيرهما. توفى سنة ست وستين وستمائة. الملك الصالح نجم الدين أيوب بن الكامل أبي المعالي محمد - رحمهما الله تعالى - أيوب، الملك الصالح نجم الدين بن السلطان الملك الكامل محمد بن السلطان الجزء: 3 ¦ الصفحة: 227 الملك العادل أبي بكر محمد بن أيوب، سلطان الديار المصرية، وآخر سلطان بني أيوب بمصر القائم بدولة الأتراك. ولد سنة ثلاث وستمائة بالقاهرة. ليس لذكره محل في تاريخنا؛ لأن وفاته في سنة سبع وأربعين وستمائة، ومبدأ تاريخنا هذا من سنة خمسين وستمائة، من أوائل دولة مملوكه المعز أيبك التركماني إلى يومنا هذا. وفي هذا المعنى يقول بعض الشعراء: الصالح المرتضى أيوب أكثر من ... ترك بدولته يا شر مجلوب لا، وآخذ الله أيوباً بفعلته ... فالناس كلهم في ضر أيوب أبو الشكر المقدسي أيوب بن نعمة بن محمد بن نعمة بن أحمد بن جعفر، الشيخ المعمر المسند زين الدين أبو الشكر المقدسي، ثم الدمشقي، الحكيم الكحال. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 228 ولد سنة أربعين وستمائة. اشتغل على طاهر الكحال وبه تخرج، وبرع في الصنعة، وتميز وتكسب بها. وكان أجروداً له شعرات يسيرة في حنكه، وسمع من المشرف المرسي، والرشيد العراقي، وعثمان ابن خطيب القرافة، وعبد الله ابن الخشوعي، وجماعة. وتفرد، وروى الكثير بمصر ودمشق. أقام بالقاهرة مدة طويلة، ثم عاد إلى دمشق وقد شاخ، فأقام بها مدة يسيرة. وتوفى سنة ثلاثين وسبعمائة عن تسعين سنة، رحمه الله تعالى. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 229 حرف الباء باب الباء الموحدة ثانية الحروف رضي الدين المغلي البابا بن عبد الله، الأمير رضي الدين، المغلي الأصل التركي، والد الأمير بدر الدين جنكلي بن البابا. كان من كبار أمراء المغل، وتولى الموصل، وحسنت سيرته، وساس الناس أحسن سياسة إلى أن قتل شهيداً سنة تسع وسبعين وستمائة. قال الشيخ صلاح الدين: أظنه والد الأمير بدر الدين جنكلي، والله أعلم. قلت: وهو غير البابا التركماني الذي ظهر بالروم وادعى النبوة، وقتل لأجل ذلك في سنة ثمان وثلاثين وستمائة. بادار بادار الشيخ المعتقد العالم العابد شهاب الدين أبو العباس، واسمه الأصلي أحمد، لكن المشهور بادار. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 231 قدم إلى الديار المصرية، وسكنها بعفة عما في أيدي الناس، وتردد إليه الناس للتبرك والزيارة. وكان ينسب إلى معرفة علم الحرف. وكان عارفاً بالتصوف كما ينبغي، وله فيه طرائق وتلامذة، وكف بصره بآخره. توفى بالقدس في سنة ثمانين وسبعمائة عن نيف وسبعين سنة. قال المقريزي: كان في ابتداء أمره طباخاً، ثم انقطع وتسلك؛ فظهرت له أحوال، وأبدى مقالات في العرفان. وقفت له على شرح أبيات لابن عربي على طريقة الصوفية دل على تمكنه في المعارف الإلهية، أملاه بعد عماه، مع أنه أمي لا يكتب ولا يقرأ. أخبرني الثقة مقبل السامي عنه بذلك، وأنه قال: ليس هذا عن كشف، وإنما هو شيء استفدته من كلام ابن عربي. وعندي أنه ورى بذلك؛ ليهضم عن نفسه. وكان قد صحب الشريف حيدر بعد ما جهد في طلبه؛ ففتح له على يديه، ثم قال: وهو أحد الأفراد الذين أدركتهم. انتهى كلا المقريزي، رحمه الله. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 232 باك نائب قلعة حلب باك بن عبد الله، الأمير سيف الدين، نائب قلعة حلب. هو من جملة مماليك الملك الظاهر ططر، وممن أنشأه بعد سلطنته، وولاه نيابة قلعة حلب، فدام بها دهراً. وقدم القاهرة في الدولة الأشرفية برسباي غير مرة، واستمر في نيابة قلعة حلب إلى أن توفى بها بعد سنة ثلاث وثلاثين وثمانمائة تخميناً، وتولى مكانه الأمير حطط. وباك - باء موحدة من تحت مفتوحة وبها ألف وكاف ساكنة - ومعناه أمير - انتهى. باي سنقر بن شاه رخ باي سنقر بن القان معين الدين شاه رخ بن تيمور كور كان، صاحب مملكة كرمان وما والاها من قبل والده شاه رخ. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 233 وباي سنقر هذا هو ولي عهد أبيه من بعده، وأمه كهرشاه خاتون زوجة ساه رخ، وهي صاحبة العقد والحل في مماليك شاه رخ، وهي والدة غالب أولاده، لكن كان ميلها لباي سنقر هذا أكثر من جميع أولادها حتى من ألوغ بك أكبر أولادها صاحب سمرقند. واستمر باي سنقر في مملكة كرمان إلى أن توفى في العشر الأول من ذي الحجة سنة ثمان وثلاثين وثمانمائة، وعظم مصابه على والديه - لا سيما والده -. ومستراح منه، فإنه كان ذا قوة، وجبروت، وبطش، وجرأة، مع شجاعة، وإقدام، وظلم. وهؤلاء أولاد باي سنقر المذكور الذين ملكوا بعد موت جدهم شاه رخ غالب ممالك العجم وهم: علاء الدولة - الذي سلطنته جدته كهرشاه بعد موت زوجها شاه رخ، وهو أسن أولاد باي سنقر - ودام في مملكة هراة الجزء: 3 ¦ الصفحة: 234 إلى أن أخرجه عمه ألوغ باك منها مع جدته، وتشتت شملها - ومحمد - وهو الذي استفحل أمره الآن، وملك غالب بلاد العجم - وبابور - وهو أصغرهم -. انتهى. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 235 باب الباء الموحدة والتاء المثناة من فوق بتخاص بن عبد الله بتخاص بن عبد الله، الأمير سيف الدين. كان أولاً من جملة أمراء دمشق وهو من جملة البرجية، ثم ولى نيابة صفد بعد عزل الأمير كراي المنصوري، فباشر نيابتها ست سنين، ومهد جلبها، وقمع المفسدين وأفناهم، وأمسك سابق، وسمر أولاده تحت القلعة، ورمى أباهم في المنجنيق، وأبدع في هلاكهم أنواعاً غريبة إلى أن عزل عنها، وعاد إلى القاهرة أميراً بها. ولم يزل بالديار المصرية إلى أن قدم الملك الناصر محمد بن قلاوون من الكرك، فعزم على إمساكه. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 237 وكان بتخاص المذكور يسكن بالقلعة في برج، فأحس بذلك، فعصى في داره، وأغلق الأبواب، ورمى بالنشاب، وكان ذلك ليلاً، فرسم السلطان بإحراق داره، ثم جاءه الأمير شرف الدين بن جندر، ووقف تحت شباكه وناداه، وقال له: ويلك إيش هذا العمل؟ انزل كلم أستاذك، يطلبك يتحدث معك في أمر ترمى بالنشاب فنزل ونفر في الذين جاءوا من عند السلطان، فانفعل بتخاص، وعاد به إلى السلطان؛ فاعتقله، وكان ذلك آخر العهد به، بتاريخ سنة عشرة وسبعمائة. بتخاص نائب دمياط بتخاص بن عبد الله الظاهري نائب دمياط، الأمير سيف الدين. من أصاغر المماليك الظاهرية برقوق، وممن تأمر في الدولة الظاهرية جقمق ثم ولى نيابة دمياط مدة، ثم عزل، ورسم الملك الظاهر جقمق بنفيه، الجزء: 3 ¦ الصفحة: 238 فنفي مدة، ثم عاد إلى القاهرة، واستقر من جملة الأجناد، وأنعم عليه بإقطاع، وصار من جملة المماليك السلطانية؛ كل ذلك لاستخفاف السلطان به، ولهوانه. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 239 باب الباء والجيم بجاس النوروزي بجاس بن عبد الله النوروزي، وقيل العثماني اليلبغاوي، الأمير سيف الدين. كان من جملة الأمراء المقدمين في الدولة الظاهرية برقوق ومن خواصه، وكان مشهوراً بالشجاعة. ولما مات الملك الظاهر برقوق في سنة إحدى وثمانمائة، توجه إلى الحج وعاد ورمى بإقطاعه، وسأل أن يكون بطالاً، فأجيب. وأنعم بتقدمته على الأمير شيخ المحمودي - أعني الملك المؤيد - ودام الأمير بجاس بطالاً إلى أن مات في ثاني عشر شهر رجب سنة ثلاث وثمانمائة بالقاهرة - رحمه الله تعالى - وهو أستاذ جمال الدين يوسف البيري الأستادار. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 241 باب الباء والدال أبو الحسن الصوابي بدر بن عبد الله الصوابي، الأمير بدر الدين أبو المحاسن الصوابي الطواشي الحبشي. أصله من خدام الطواشي صواب العادلي، كان موصوفاً بالكرم والشجاعة والرأي، وكان له بر وصدقة، ودام مقداماً أكثر من أربعين سنة، وكان إقطاعه مائة فارس - يعني تقدمة ألف -. قال الحافظ شمس الدين الذهبي: قرأت عليه جزءاً سمعه من ابن عبد الدايم. وحج بالناس غير مرة. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 243 مات فجأة وسنه نيف على الثمانين سنة، سنة ثمان وتسعين وستمائة بقرية الخيارة، ودفن بتربته التي أنشأها بلحف الجبل شمالي الناصرية، رحمه الله تعالى. ابن النفيس بديع بن نفيس، الشيخ الإمام صدر الدين التبريزي، الحكيم الطبيب رئيس الأطباء. كان إماماً في الطب كثير الحفظ لمتونه، جيد التدبير، حازقاً، ماهراً، مقرباً عند الملوك والأكابر، رأساً في صناعته، وهو صاحب التصانيف، المشهور، وعم القاضي فتح الدين فتح الله كاتب السر، وهو الذي كفله بعد موت جده الجزء: 3 ¦ الصفحة: 244 نفيس، وقد مات فتح الله مستعصم وفتح الله طفل، ولم يزل بديع المذكور في رئاسة الطب إلى أن مات في سادس شهر ربيع الأول سنة سبع وتسعين وسبعمائة. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 245 باب الباء والراء المهملة الشيخ براق براق القرمي. أصله من قرية من قرى دوقات، وكان أبوه صاحب ثروة، وعمه كاتباً معروفاً، ونشأ هو على قدم الفقر، وتجرد إلى الروم وصحبته جماعة من الفقراء، ثم عاد إلى دمشق بعد السبعمائة ومعه جماعة من أتباعه، وهو محلوق الذقن، وشواربه وافرة، وهيئته بشعة، وأتباعه على هيئته، وعلى كتف كل واحد منهم جوكان، وفي رأسه قرن لباد، وعليه معلق كعاب بقرة مصبوغة بالحناء، الجزء: 3 ¦ الصفحة: 247 وأجراس، وكل واحد مقلوع الثنية العليا، وهو مع ذلك ملازم للعبادة، وله أوراد، ومعه محتسب يؤدب أصحابه، وإذا ترك واحد منهم صلاة يعاقبه عليها أربعين سوطاً. وكان لا يدخر شيئاً، وكان معه طبلخاناه يضرب بها، وعوتب على هذه المنكرة، فقال: أنا أردت أن أكون مسخرة الفقراء. وكان أول ظهوره من بلاد التتار، فبلغ خبره غازان، فأحضره، وسلط عليه سبعاً ضارياً، فوثب الشيخ براق المذكور، وركب على ظهره؛ فعظم لذلك عند غازان، ونثر عليه عشرة آلاف، فلم يتعرض لها. وقيل بل سلط عليه نمراً، فصاح عليه، فانهزم النمر، فصارت له عند غازان مكانة، وأعطاه مرة ثلاثين ألفاً، ففرقها في يوم واحد. ولما دخل دمشق كان في إصطبل الأفرم نعامة، فسلطوها عليه، فوثب عليها وركبها، فطارت به في الميدان تقدير خمسين ذراعاً، إلى أن قرب من الأفرم وقال له: أطيرها إلى فوق شيئاً آخر؟ قال: لا، وأحسن الأفرم إليه وأكرمه، وسأله ما يريد؛ فقال: التوجه إلى القدس؛ فأذن له، ورتب له رواتب في الجزء: 3 ¦ الصفحة: 248 الطرقات، وأراد الدخول إلى مصر، فما مكن من ذلك، ثم رجع إلى المشرق، وأرسله غازان صحبة قطليجا إلى حبال كيلان؛ ليحاربهم، فأسروا الشيخ، وقالوا له: أنت شيخ فقراءٍ، فكيف تجيء صحبة أعداء الدين لقتال المسلمين؟ ثم سلقوه في دست في سنة سبع وسبعمائة، والله أعلم بحاله. بردبك الخليلي بردبك بن عبد الله الخليلي، الأمير سيف الدين. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 249 كان أحد أمراء المقدمين بديار مصر في الدولة المؤيدية شيخ، ثم صار رأس نوبة النوب، ثم ولى نيابة طرابلس في سابع عشر شهر رجب سنة عشرين وثمانمائة عوضاً عن الأمير يشبك المؤيدي؛ بحكم انتقاله إلى نيابة حلب عوضاً عن الأمير جققار القردمي. واستقر من بعده رأس نوبة النوب الأمير ططر، فباشر المذكور نيابة طرابلس إلى شهر ربيع الأول سنة إحدى وعشرين وثمانمائة، ووقع بينه وبين أهل طرابلس، وعزل عنها، وطلب إلى القاهرة؛ فحضرها بعد أن كتب عليه أهل طرابلس محاضر بقبائح، فعند حضوره استقر به السلطان في نيابة صفد في ثاني شهر ربيع الآخر من السنة. واستقر بعده في نيابة طرابلس الأمير برسباي الدقماقمي، أحد أمراء الألوف بديار مصر - يعني الأشرف - وتوجه بردبك المذكور إلى صفد، وباشر نيابتها مدة يسيرة، إلى أن مات بها في نصف شهر رجب سنة إحدى وعشرين وثمانمائة، رحمه الله تعالى، وعفا عنه. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 250 أمير آخور بردبك بن عبد الله السيفي يشبك بن أزدمر، الأمير سيف الدين، أحد مقدمي الألوف بديار مصر في الدولة الأشرفية برسباي. أصله من مماليك الأمير يشبك بن أزدمر، ثم اتصل بعد موت أستاذه بخدمة الملك الظاهر ططر، في حال إمرته، وحظي عنده، وجعله أمير آخوره، إلى أن آلت إليه السلطنة أنعم عليه بإمرة طبلخاناه، وجعله أمير آخور ثاني. ودام على ذلك سنين إلى أن نقله الأشرف برسباي إلى تقدمة ألف في سنة ثلاثين وثمانمائة. واستقر من بعده في الأمير آخورية الثانية الأمير سودون ميق الظاهري . واستمر الأمير بردبك المذكور على ذلك إلى أن توفى بالطاعون في سنة ثلاث وثلاثين وثمانمائة. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 251 وكان أميراً عاقلاً، متواضعاً، كثير الأدب والحشمة، وله مكارم، وحسن خلق مع البشاشة والتحبب إلى الناس بكل طريق. وكان حسن الشكالة، أشقر اللحية، للطول أقرب. ومات في أوائل الكهولية، رحمه الله تعالى. قصقا بردبك بن عبد الله الإسماعيل الظاهري برقوق - المعروف بقصقا - يعني قصير - الأمير سيف الدين. كان من جملة الطبلخانات في الدولة الأشرفية برسباي، ثم صار حاجباً ثانياً بعد الأمير إياس الجلالي، ورسم لإياس أن يكون بطالاً، فاستمر المذكور في الحجوبية مدة، إلى أن نفى إلى البلاد الشامية، ثم شفع فيه بعد مدة، وأنعم عليه بإمرة عشرة بالقاهرة إلى أن مات في سابع عشر جمادى الأول سنة أربعين وثمانمائة. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 252 وكان - رحمه الله - لا ذات ولا أدوات، وكان شيخاً قصيراً، مهملاً، سميناً، لا للسيف ولا للضيف، سامحه الله. العجمي بردبك بن عبد الله الجكمي، المعروف بالعجمي الأعور، الأمير سيف الدين. أصله من مماليك الأمير جكم من عوض، المتغلب على حلب، وخدم بعد أستاذه عند الأمير تغري بردى بن أخي دمرداش - المدعو بسيدي الصغير - ولما أن كان بردبك المذكور راكباً بخدمة الأمير تغري بردى، وقعت تخفيفة الأمير تغري بردى المذكور عن رأسه، فأشار لبردبك هذا أن يناوله التخفيفة من الأرض، فأخذ بردبك قوسه من تركاشه، ومال عن فرسه، وأخذ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 253 التخفيفة برأس قوسه. فلما رأى الأمير تغري بردى منه ذلك، وجه التفاته له، أخذ الطبر وضربه به على وجهه ضربة ذهبت منها عين بردبك المذكور. وتغيرت محاسنه من يومئذ، ثم تنقلت به الأيام إلى أن ولى عدة ولايات، ثم صار في أواخر الدولة الأشرفية حاجب حجاب حلب. ثم نقله الملك الظاهر جقمق إلى نيابة حماة غي سنة اثنتين وأربعين وثمانمائة، فدام بها إلى سنة سبع وأربعين وثمانمائة تقريباً، وقع بينه وبين أهل حماة فتنة آلت إلى قتاله معهم، وقتل بين الفريقين جماعة كبيرة، ثم عصى بردبك، وخرج من حماة أشهراً. ثم طلب الحضور، فلما حضر إلى الديار المصرية قبض عليه، وحبس بالإسكندرية إلى سنة ثلاث وخمسين أطلق وتوجه إلى ثغر دمياط بطالاً، ثم طلب بعد ذلك بمدة يسيرة إلى القاهرة، وأنعم عليه بتقدمة ألف بدمشق، عوضاً عن الأمير يشبك النوروزي، حاجب حجاب دمشق، بحكم انتقال يشبك إلى نيابة طرابلس بعد مسك الأمير يشبك الصوفي المؤيدي، ثم استقر بردبك المذكور في إمرة حاج دمشق، وتوجه إلى الحج، وعاد إلى دمشق. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 254 الظاهري بردبك بن عبد الله الظاهري، الأمير سيف الدين، المعروف بالبشمقدار. هو من مماليك الملك الظاهر جقمق ومن خواصه، رقاه إلى أن صار خاصكياً، ثم بشمقداراً، ثم أمره عشرة ضعيفة، ثم جعله من جملة رؤوس النوب. الملك الأشرف برسباي بن عبد الله، السلطان الملك الأشرف أبو النصر الدقماقي الظاهري الجزء: 3 ¦ الصفحة: 255 الجاركسي، سلطان الديار المصرية والبلاد الشامية والأقطار الحجازية. الثاني والثلاثون من ملوك الترك، والثامن من ملوك الجراكسة. أخذ من بلاد الجاركس، وأبيع بالقرم، ودام بمدينة قرم مدة إلى أن اشتراه بعض التجار، وقدم به إلى جهة البلاد الشامية. فلما وصل به إلى مدينة ملطية اشتراه نائبها الأمير دقماق المحمدي منه، ودام عند الأمير دقماق المذكور مدة يسيرة، وأرسله إلى الملك الظاهر برقوق في جملة مماليك أخر مع تقدمة هائلة - كما هو عادة نواب البلاد الشامية - فأخذه الملك الظاهر وجعله في طبقة الزمام إنيا للأمير جركس القاسمي المصارع، فأقام من جملة مماليك الأطباق الكتابية مدة يسيرة، وأخرج له السلطان خيلاً، وأعتقه في جملة مماليك أخر. وتنقلت به الأيام إلى أن صار ساقياً في الدولة الناصرية فرج، الجزء: 3 ¦ الصفحة: 256 ثم انحرف إلى جهة الأميرين شيخ ونوروز، وصار معهما إلى أن قتل الملك الناصر فرج، وقدم صحبة الأمير شيخ المحمودي إلى الديار المصرية، وصار من جملة الأمراء بها. ولا زال يترقى إلى أن صار أمير مائة ومقدم ألف بالديار المصرية، وتولى كشف الجسور بأعمال الغريبة. ثم ولى نيابة طرابلس بعد عزل الأمير بردبك الخليلي في ثالث عشرين ربيع الآخر سنة إحدى وعشرين وثمانمائة، فتوجه، إلى طرابلس وباشر النيابة بها، إلى أواخر شهر رمضان من السنة المذكور عزل عنها؛ وسبب ذلك: أن الخبر ورد بأنه قد قدم إلى أعمال طرابلس جماعة من التركمان الأينالية البياضة والأوشرية، ونزلوا على صافيثا من أعمال طرابلس جافلين من قرا يوسف صاحب بغداد، ونهبوا البلاد، وأحرقوا منها جانباً؛ فنهاهم برسباي المذكور، فلم ينتهوا؛ فركب إليهم وقاتلهم في يوم الثلاثاء سادس عشرين شهر شعبان، فقتل بينهم خلق كثير، منهم أتابك طرابلس الأمير سودون الأسندمري وغيره، ثم انهزم بمن معه إلى طرابلس، وركبت التركمان أقفيتهم، وينهبون أثفالهم، ثم عادوا. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 257 وبلغ الخبر المؤيد، فغضب من ذلك، ورسم بعزله والقبض عليه وحبسه بالمرقب، فحبس بالمرقب مدة إلى أن أطلقه الملك المؤيد بسفارة الأمير ططر، وجعله أمير مائة ومقدم ألف بدمشق، فدام بدمشق إلى أن قبض عليه نائبها الأمير جقمق الأرغون شاوي الدوادار، بعد موت المؤيد وخروجه عن الطاعة، فدام في السجن إلى أن أطلقه الملك الظاهر ططر، وهو إذ ذلك مدبر مملكة الملك المظفر أحمد بن الملك المؤيد شيخ، ثم أنعم عليه بإمرة مائة وتقدمة ألف، ثم جعله دواداراً كبيراً بعد مسك الأمير علي باي. كل ذلك في أيام قلائل في سنة أربع وعشرين وثمانمائة، وعاد إلى الديار المصرية صحبة الملك الظاهر ططر، فلم يقم بالقاهرة إلا أشهراً، ومرض الظاهر ططر ومات. وصار الأتابك جانبك الصوفي مدبر مملكة الملك الصالح محمد بن الملك الجزء: 3 ¦ الصفحة: 258 الظاهر ططر. وصار الأمير برسباي هذا والأمير طرباي حزباً واحداً، وكثر الكلام بين الأميرين وبين الأتابك جانبك الصوفي، إلى أن لبس الأتابك جانبك آلة الحرب، وركب من باب السلسلة، ووافقه على الركوب الأمير يشبك اجلكمي أمير آخور. فلم يكن غير ساعة وخدع، وأنزل إلى بيت الأمير بيبغا المظفري - تجاه باب السلسلة - ومعه الأمير يشبك المذكور، وقبض عليهما، وحملا إلى ثغر الإسكندرية، وحبسا بها. وصفا الوقت إلى الأمير برسباي وطرباي، وصار أمر المملكة لهما. واستمرا على ذلك مدة يسيرة، ووقع بينهما، وكثر الكلام في هذا المعنى، وتخوف طرباي من طلوع الخدمة؛ فإن برسباي كان سكنه بطبقة الأشرفية من القلعة، وكان طرباي سكنه أسفل، وعدى إلى الربيع، وزادت الوحشة بينهما إلى أن أرسل برسباي بجماعة من الأمراء إلى طرباي وطيبوا خاطره، وحسنوا له الطلوع إلى الخدمة السلطانية؛ فعدى من بر الجيزة عائداً إلى القاهرة في يوم الثلاثاء ثاني شهر ربيع الأول، وأصبح في ثالثه قبض الأمير برسباي على الأمير الجزء: 3 ¦ الصفحة: 259 سودون الحموي، وعلى الأمير قانصوه النوروزي، وكانا من أصحاب طرباي؛ فكثرت القالة. وبات طرباي ليلة الخميس وجماعة وأصحابه يحذرونه الطلوع إلى القلعة، وهو لا يصغي لقولهم، وفي ظنه أن الأمراء لا يعدلون عنه إلى غيره، وأن الأمير برسباي لا يقابله بسوء؛ لأنه في ابتداء الأمر كان طرباي متميزاً على برسباي - منذ مات الظاهر برقوق - وفي أواخر الأمر هو الذي استمال الدولة إلى الأمير برسباي. ونفرهم عن الأتابك جانبك الصوفي، ثم خدع جانبك حتى نزل من الإصطبل السلطاني، ثم قبض عليه، فكان طرباي يرى أنه هو الذي أقام برسباي فيما هو فيه. وأصبح يوم الخميس، وطلع إلى الخدمة بالقصر السلطاني من قلعة الجبل، ودخل إلى السلطان، وجلس من يمينه، وجلس الأمير برسباي عن يساره، وجلس كل واحد من الأمراء في منزلته. فلما استقر بهم الجلوس ابتدأ الأمير برسباي بأن قال: الكلمة غير مسموعة بيننا، والرأي أن تكون الكلمة لواحد منا. فما استتم الكلام حتى قال الأمير قصروه من تمراز: أنت المشار إليه، وأنت صاحب الكلمة، فقال الأمير برسباي في الحال: فاقبضوا على طرباي. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 260 فلما سمع طرباي ذلك شهر سيفه؛ ليدفع عن نفسه، فبادره الأمير برسباي بالسبق إلى النهوض، وضربه بالسيف ضربة جاءت في يده، كادت تبينها، ثم جاءه الأمير قصروه من خلفه، وقبض عليه هو والأمير تغري بردى المحمودي، وحمل إلى السجن من ساعته، وقد تضمخ بدمه، فوقعت هجة بالقصر، وتكسر لنصرة طرباي، ثم أخرج من الغد إلى الإسكندرية، وصفا الوقت للأمير برسباي، وأخذ في أسباب سلطنته، فأرسل الأمير محمد بن إبراهيم بن منجك إلى دمشق؛ ليحضر بنائبها الأمير تنبك العلائي - المعروف بميق - ثم أخذ وأعطى إلى أن قدم الأمير تنبك المذكور في يوم الاثنين سادس ربيع الآخر سنة خمس وعشرين وثمانمائة، وتلقاه غالب أعيان الأمراء والدولة، ما عدا الأمير برسباي؛ فإنه خرج له من القصر إلى قرب الإيوان من القلعة وعانقه، ثم دخل به إلى الملك الصالح، وخلع عليه باستمراره في نيابة دمشق. ثم خلا به، وتحدث معه، فكان أول كلام الأمير برسباي بأن قال له: الجزء: 3 ¦ الصفحة: 261 أنت أغتنا، وأنت لائق للسلطنة، فلم يسع تنبك إلا أن قام من وقته وقبل الأرض، وبايعه بالسلطنة ثم وافقه على ذلك جماعة الأمراء وغيرهم، وخلع الملك الصالح محمد بن ططر، فكانت مدة سلطنته أربعة أشهر وثلاثة أيام. جلوس الأشرف برسباي على تخت الملك لما كان يوم الأربعاء، ثامن شهر ربيع الآخر سنة خمس وعشرين وثمانمائة طلب الخليفة المعتضد بالله أبو الفتح داود، والقضاة الأربعة إلى القلعة؛ فحضروا، وقد جمع الأمراء وأرباب الدولة، فبايعه الخليفة والقضاة، ثم الأمراء على مراتبهم، وفوضت عليه خلعة السلطنة، وجلس على تخت الملك، وقبلت الأمراء الأرض، ونعت بالملك الأشرف أبي العز، ثم غير كنيته بأبي النصر. ونودي بذلك في القاهرة، وكتب بذلك إلى الأقطار، وتم أمره، وساس الملك أحسن سياسة بالنسبة إلى غيره، ونالته السعادة، وفتحت في أيامه عدة فتوحات، وجهز العساكر إلى أخذ قبرس في سنة ثمان وعشرين، ومقدم العساكر الأمير جرباش الكريمي، حاجب الحجاب، المعروف بقاشق، صحبته عدة من الجزء: 3 ¦ الصفحة: 262 الأمراء وغيرهم، وتوجهوا إلى قبرس، وأخذوا الماغوصة، ونهبوا، وأسروا، وسبوا، وأحرقوا، ثم عادوا بعد النصر والظفر إلى الديار المصرية. ثم جهز عسكراً آخر في سنة تسع وعشرين أعظم من ذلك العسكر، وعليهم من الأمراء مقدمي الألوف أربعة وهم: الأمير إينال الجكمي أمير مجلس، والأمير تغري بردى المحمودي رأس نوبة النوب، والأمير قرامراد خجا الظاهري، والأمير تغري برمش نائب القلعة، وعدة أمراء أخر من الطبلخانات والعشرات، وكثير من أعيان الخاصكية وغيرهم. ووافاهم أيضاً العساكر الشامية براً وبحراً. وساروا في يوم الجمعة ثاني شهر رجب من سنة تسع وعشرين، بعد أن قرر السلطان بأن يكون مقدم العساكر البحرية الأمير إينال الجكمي، والأمير قرا مراد خجا وعدة أخر، وأن يكون مقدم العساكر في البر، لما يصلون إلى جزيرة قبرس الأمير الجزء: 3 ¦ الصفحة: 263 تغري بردى المحمودي، والأمير تغري برمش، وصحبتهم أكثر العسكر. وركبوا بحر النيل إلى أن وصلوا رأس بحر المالح، وأرادوا السفر فيه، هبت ريح باردة؛ حصل اضطراب عظيم، وانكسر بعض المراكب، وغرق عدة من الخيول - التي كانت في مراكب السفر الأغربة - وردوا إلى الثغر؛ لإصلاح ما تلف من المراكب. وراجعوا الملك الأشرف بذلك، فاغتم لذلك، ودعا الله - سبحانه وتعالى - وقصد الأولياء والصالحين، وأمر عدة فقهاء بقراءة سورة الأنعام عدة مرار، ثم أرسل إليهم بالثغر بما يحتاجون إليه من الآلات والدراهم والسلاح، ولا هاله ذلك، بل صمم على السفر، وأرسل يستحثهم في إصلاح ما فسد من مراكبهم، وفي سرعة السفر؛ فامتثلوا ما رسم به، وسافروا في أمن الله إلى أن وصلوا بر اللمسون، فخرج إليها شرذمة من العسكر، وقاتلوا من بها حتى أخذت عنوة في يوم الأربعاء سابع عشرين شعبان، وهدموها، وقتلوا من بها من المقاتلة، وغنموا، ثم ساروا عنها بعد إقامتهم عليهم ستة أيام الجزء: 3 ¦ الصفحة: 264 في يوم الأحد أول شهر رمضان، وقد صاروا فرقتين: فرقة في البر، وفرقة في البحر، حتى كانوا فيما بين اللموسون والملاحة إذا هم بجينوس بن جاك متملك قبرس قد اقبل بمجموعة، والتقى مع العساكر الإسلامية؛ فكانت بين الفريقين حروب شديدة، انجلت عن وقوعه في الأسر، بأمر من عند الله يتعجب منه. ولله الحمد. وكان النصر في ساعة واحدة. والعجب من كثرة جيوشه، وقلة مقاتلة المسلمين؛ لعدم اجتماعهم، فإنه جاءهم بعساكره بغتة، وكان غالب فرسان المسلمين في المراكب لم يتأهبوا للقتال. ولما وقع جينوس متملك قبرس في أسرهم وانهزم جيشه وأسرت جماعة من فرسانه، أكثر المسلمون من القتل والأسر، ولم يقتل من المسلمين الأعيان سوى أربعة من الخاصكية، وهم: السيفي تغري بردى المؤيدي الخازندار، وكان من الشجعان والأشكال الحسنة - رحمه الله - والسيفي قطلوبغا الخاصكي المؤيدي المصارع، وكان أيضاً من الفرسان - رحمه الله - والسيفي إينال طاز المصارع الخاصكي، والسيفي نانق اليشبكي الخاصكي. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 265 وانهزم بقية الفرنج، ووجد معهم طائفة من التركمان المسلمين قد أمدهم بهم علي بك بن قرمان، فقتل كثيراً منهم. واجتمع عساكر البر والبحر من المسلمين في الملاحة يوم الاثنين ثامن رمضان، وقد تسلم متملك قبرس الأمير تغري بردى المحمودي، ثم ساروا من الملاحة يوم الخميس يريدون الأفقسية - مدينة الجزيرة ودار مملكتها - فأتاهم الخبر في مسيرهم بأن أربعة عشر مركباً للفرنج قد أتت لقتالهم، منها سبعة أغربة، وسبعة مربعة القلاع؛ فأقبلوا نحوهم، وغنموا منهم مركباً مربعاً، وقتلوا من الفرنج عدة كبيرة. وكان السبب في أخذ هذه المربعة من الفرنج الأمير طوغان - مملوك والدي أحد مقدمي الألوف بدمشق -، ثم دخلوا الأفقسية وهم يقتلون ويأسرون. ثم عادوا إلى الملاحة بعد إقامتهم بالأفقسية يومين وليلة، فأقاموا بالملاحة سبعة أيام وهم يقيمون شعائر الإسلام. ثم ركبوا عائدين بالأسرى والغنيمة وبصاحب قبرس إلى أن وصلوا إلى الثغور الإسلامية، ثم ساروا نحو القاهرة، فدخلوها في يوم الأحد الجزء: 3 ¦ الصفحة: 266 سابع شهر شوال سنة تسع وعشرين وثمانمائة، وتكمل من دخولهم من الغد في يوم الاثنين، ونزلوا بالميدان من موردة الجبس، ثم مضوا سائرين في اليوم المذكور بمتملك قبرس والأسرى والغنائم، وقد اجتمع لرؤيتهم من الخلائق عالم لا يحصى عددهم إلا الله - عز وجل - ومروا بهم من الميدان على باب اللوق حتى خرجوا من المقس، ودخلوا من باب القنطرة إلى بين القصرين، وشقوا قصبة القاهرة إلى باب زويلة ومضوا إلى صليبة جامع ابن طولون، وأقبلوا من سويقة منعم إلى الرميلة إلى القلعة من باب المدرج. وكانوا في مسيرهم هذا البعيد قد قدموا الفرسان من الغزاة والمجاهدين أمام الجميع ومن وراء الفرسان الرجالة من عشران البلاد الشامية، ومطوعة البلاد، وزعر القاهرة، ومن وراء هؤلاء الغنائم محمولة على رءوس الرجال، الجزء: 3 ¦ الصفحة: 267 وظهور، الخيل، والبغال، والحمير، وفيها تاج الملك، وأعلامه، ورايته منكسة، وخيله تقاد من وراء الغنائم، والأسرى من الرجال، والنساء، والصبيان، وهم نحو ألف إنسان، ومن وراء الجميع جينوس الملك، وهو على بغل مقيد بالحديد، وأركب معه اثنان من خاصته، وركب الأميران إينال اجلكمي أمير مجلس عن يمينه، وتغري بردى المحمودي رأس نوبة النوب عن يساره، حتى وصلوا الجميع إلى القلعة، أنزل جينوس عن مركبه، ثم كشف رأسه، وخر على وجهه إلى الأرض فقبلها، ثم قام ومشى إلى أن دخل إلى الحوش السلطاني، وهو يرفل في قيوده، وقبل الأرض أيضاً بين يدي السلطان. وكان السلطان جالساً في المقعد على باب البحرة، تجاه باب الحوش، وعنده أكابر الدولة من الأمراء والأعيان، وكان الشريف بركات بن عجلان أمير مكة حاضراً، ورسل ابن عثمان متملك الروم، ورسل صاحب تونس من بلاد الغرب، ورسل صاحب عدن وغيرهم. كل هؤلاء اتفق حضورهم في هذا اليوم بالمقعد المذكور. ولقد عاينت جينوس المذكور لما دخل من الحوش، ورأى تلك الأبهة والعظمة أغمي عليه، واستلقى على الأرض كالميت، ثم أفاق، وأعلامه منكسة الجزء: 3 ¦ الصفحة: 268 أمامه، وعرضت الغنائم والأسرى على السلطان، ثم قدم جينوس بقيوده مكشوف الرأس، فخر على وجهه يعفره في التراب، ثم قام وقد أظهر من الخوف ما لا مزيد عليه، ثم أمر السلطان بتوجهه إلى منزل قد أعد له بالحوش، فكان هذا اليوم من الأيام التي لم نعهد يمثلها، ولا شاهدنا مثل هذا اليوم الذي عظم الله قدره بنصر المسلمين، وأعز الله فيه دينه، فلله الحمد على هذه النعمة. ولما كان جينوس بين يدي الملك الأشرف على تلك الهيئة المذكورة، صارت دموع الأشرف تذرف، وهو يلهج بحمد الله وشكره. ثم إن السلطان رتب له من الرواتب ما يكفيه في اليوم، إلى أن أطلقه وأعاده إلى ملكه بعد أن ضرب عليه الجزية، واستمرت إلى يومنا هذا. وفي هذا المعنى يقول صاحبنا الأديب البليغ زين الدين عبد الرحمن بن الخراط، أحد كتاب الإنشاء بالديار المصرية قصيدة أنشدها بين يدي السلطان بحضور أركان الدولة، وفرغ عليه بعد فراغها بالحضرة الشريفة، أولها: الجزء: 3 ¦ الصفحة: 269 بشراك يا ملك المليك الأشرف ... بفتوح قبرس بالحسام المشرفي فتح بشهر الصوم تم له فيا ... لك أشرف في أشرفٍ في أشرف فتح تفتحت السموات العلى ... من أجله بالنصر واللطف الخفي والله حف جنوده بملائكٍ ... ، عاداتها التأييد وهو بها حفي الأشرف السلطان أشرف مالكٍ ... لولاه أنفس ملكه لم تشرف هو مكتف بالله أحلم قادرٍ ... راضٍ لآثار النبوة مقتفي حامي حمى الحرمين بيت الله وال ... قبر الشريف لزائر ومطوف والقصيدة ثلاثة وسبعون بيتاً، كلها على هذا النمط. ثم بعد ذلك جهز السلطان العساكر إلى جهة الشرق غير مرة، وفتح عدة قلاع بديار بكر وغيرها، وتجرد هو بنفسه في سنة ست وثلاثين وثمانمائة؛ فوصل إلى مدينة آمد من ديار بكر، وحصرها مدة طويلة، ثم عاد بعد أن بلغ بمن بمدينة آمد الجهد. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 270 فأول ما جهزه من العساكر إلى البلاد الشامية لما عصى الأمير تنبك البجاسي نائب دمشق سنة سبع وعشرين وثمانمائة، وكان المجهز لقتاله المتولي نيابة دمشق عوضه الأمير سودون بن عبد الرحمن الظاهري الدوادار؛ فتوجه إليه وقاتله حتى ظفر به، وحز رأسه، وأرسل بها إلى الملك الأشرف، فعلقت بالقاهرة أياماً. ثم جهز عسكراً لغزو الفرنج في سنة سبع وعشرين نحو أربعة أغربة، ثم جهز عسكراً ثانياً لغزو قبرس في سنة ثمان وعشرين، ومقدمهم الأمير جرباش الكريمي - حسبما ذكرناه - ثم الغزوة الثالثة المتقدم ذكرها التي أخذ فيها جينوس ملك قبرس. ثم جهز عسكراً إلى ديار بكر؛ لقتال الأمير عثمان ابن طرغي المدعو قرايلك في سنة اثنتين وثلاثين وثمانمائة؛ فتوجه العسكر المذكور لقتال قرايلك، فقاتلوه، وملكوا مدينة الرها، وصارت بيد الملك الأشرف إلى أن توفى. ثم سافر هو بنفسه إلى آمد في سنة ست وثلاثين، وعاد في أوائل سنة سبع وثلاثين بعد أن الجزء: 3 ¦ الصفحة: 271 حصرها نحو خمسة وثلاثين يوماً، ثم رحل عنها لما بلغه عن أمرائه في الباطن. ثم جهز عسكراً في سنة تسع وثلاثين، ومقدم العسكر المذكور الملك الظاهر جقمق - وكان إذ ذاك أتابك العساكر - وصحبته أمراء أخر، فوصلوا إلى مدينة أرزنكان، ثم عادوا إلى ديار مصر في سنة أربعين وثمانمائة. ثم جهز عسكراً آخر إلى أرزنكان في سنة إحدى وأربعين، ومقدمهم الأمير قرقماس الشعباني أمير سلاح، ومات الملك الأشرف والعسكر المذكور بتلك البلاد. وكان ابتداء مرضه من أوائل شعبان، إلا أنه كان يركب تارة وينقطع تارة، ثم يلزم الفراش مدة، ثم يطيب ويدخل الحمام، إلى أوائل شهر شوال لزم الفراش إلى أن توفى. ولما قوى عليه المرض وسط طبيبه العفيف الأسلمي، رئيس الأطباء، وزين الدين خضر في يوم السبت رابع عشرين شوال. وسببه: أنه كان قد اشتد عليه المرض وطال، فصار يستعجل في طلب العافية، وساءت أخلاقه من طول المرض، وتوهم أن الأطباء مقصرون في علاجه، وأنهم أخطأوا والتدبير في مداواته، ولما تحقق ذلك في نفسه، طلب الجزء: 3 ¦ الصفحة: 272 والي القاهرة عمر بن سيفا، فلما مثل عمر بين يديه، وهو جالس على فرسه وبين يديه خواصه وفيهم العفيف الرئيس المذكور، أمره أن يأخذ العفيف؛ ليوسطه من ساعته بالقلعة، وحرضه على ذلك، فأقامه عمر في الوقت ليمضي به، وإذا بخضر الحكيم قد حضر، فأمره بتوسيط خضر الآخر؛ فأخذه عمر من ساعته، وهو يصيح عمر حكيم وسطوه إيش في يد الحكيم ما يعمل؟ فلم يسمع له عمر، وأخذه هو والعفيف ومضى بهما إلى حدرة الساقية من القلعة، ووقف بهما مقدار ما يشفع فيهما، وقام أهل المجلس يقبلون الأرض، ومنهم من يقبل رجل السلطان، ويتضرعون إليه في العفو عنهما، فلم يقبل، ثم بعث واحداً بعد آخر يستعجل عمر الوالي في توسيطهما، وهو يتباطئ؛ رجاء أن يقع العفو عنهما. فلما طال الأمر بعث السلطان من أعوانه من يحضر توسيطهما، فخرج المذكور، وأغلظ للوالي في القول، فقدم العفيف؛ فاستسلم، وثبت حتى صار قطعتين، وقدم خضر، فراغ، وجزع جزعاً شديداً، ودافع عن نفسه، وصاح؛ فتكاثروا عليه، ووسطوه توسيطاً معذباً؛ لتلويه واضطرابه، فساءت القالة في السلطان، وكثر كلام الناس في ذلك. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 273 ومن حينئذ قوي مرضه إلى أن توفى قبيل عصر يوم السبت ثالث عشر ذي الحجة سنة إحدى وأربعين وثمانمائة، وسنه نيف على الستين، بعد أن عهد بالسلطنة من بعده لولده الملك العزيز يوسف، وتسلطن ولده المذكور من يومه، ثم غسل الأشرف وصلى الله عليه بباب القلة من القلعة، ودفن بتربته التي أنشأها بالصحراء، قبيل المغرب، من يوم السبت المذكور، فكانت مدة سلطنته ستة عشر سنة، وثمان شهور وخمسة أيام. وكان - رحمه الله - ملكاً جليلاً، مهاباً، عارفاً، سيوساً، حازماً، شهماً، فطناً، له خبرة بالأمور، ومعرفة، وتدبير، محباً لجمع المال. وكان يحب الاستكثار من المماليك حتى بلغت عدة من اشتراه من المماليك زيادة على ألفي نفر. وكان يقدم اجلراكسة على غيرهم من الأجناس، ويشره في جمع الخيول والجمال، وما أشبه ذلك. وكان يتصدى للأحكام، ويباشر أحوال المملكة، غالبها بنفسه، وكان متواضعاً، حسن الخلق، غير سباب، لين الجانب، طوالاً، دقيقاً، ذا شيبة نيرة، وهيبة حسنة، متجملاً في حركاته، حريصاً على ناموس الملك. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 274 وكان يميل إلى فعل الخير، ويكثر من الصوم، ولا يتعاطى شيئاً من المسكرات. وكانت أيامه في غاية الحسن من الأمين، والخير، ورخاء الأسعار، وعدم الفتن مع طول مكثه في السنة. وعمر في دولته عدة بلاد وقرى من أعمال مصر والشام وغيرهما مما خرب في الدولة الناصرية فرج، والدولة المؤيدية شيخ؛ لكثرة تجاريدهما، والفتن التي كانت في أيامهما. وكان الأشرف مع هذا كله متنغص العيش إلى الغاية من يوم ورد عليه الخبر بفرار الأتابك جانبك الصوفي من سجن الإسكندرية في سابع شعبان سنة ست وعشرين وثمانمائة إلى قبل موته بمدة يسيرة - حسبما سنذكره - فكان دأبه الفحص عنه، والقبض على الناس، وكبس بيوت الأعيان من الأمراء إلى ما دونهم، ونفى جماعة من الأمراء بسببه، وعاقب جماعة، وقبض على جماعة، وطال هذا الأمير سنين، وعم هذا البلاء جميع المماليك. كل ذلك وجانبك المذكور مخف بالقاهرة. ثم خرج إلى البلاد الشامية، ودام ذلك من سنة ست وعشرين إلى سنة ثمان وثلاثين وثمانمائة، ورد الخبر بأن جانبك الصوفي المذكور عند بعض بني دلغادر، وصح هذا الخبر؛ فعند ذلك أمن الناس على أنفسهم، وطال لسان من كان اتهم به. ووقع له بعد ذلك أمور من جانبك المذكور أيضاً بتلك البلاد، الجزء: 3 ¦ الصفحة: 275 وعزل بسبه جماعة من الأمراء، وتجرد نواب البلاد الشامية بسبه غير مرة. وآخر الحال جيء إليه برأسه - وسنذكر ذلك كله مفصلاً في ترجمته إن شاء الله تعالى - واستراح الأشرف، وخمدت ناره، فلم يتهن من بعده غير أشهرا ومرض ومات. وكان الأشرف - رحمه الله - مغرما بإنشاء العمائر، من ذلك: مدرسته الأشرفية التي أنشأها بخط العنبريين بين القصرين بالقاهرة على الشارع الأعظم، وعمر أوقافها، وجعل فيها عدة صوفية حنفية، وولى مشيختها للعلامة الشيخ كمال الدين بن الهمام الحنفي، ثم بدا له بعد عمل صوفية ومدرس من كل مذهب. وتربته التي أنشأها بالصحراء، بجوار تربة الناصر فرج، وجعل فيها عدة من القراء على ساعات الليل والنهار، تقام فيها الجمعة. ثم أنشأ في آخر دولته جامعه الذي بمنشأة خانقاة سرياقوس بالقليوبية ووقف عليه عدة أوقاف، فجميع ما يصرف على هذه الثلاث مدراس من الجوامك في الشهر مائة وعشرون ألف درهم، وله آثار جميلة، وفتوحات كثيرة. وفي الجملة هو أعظم ملوك الجراكسة بعد الملك الظاهر برقوق، رحمهما الله تعالى. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 276 الحاجب برسباي بن عبد الله بن حمزة الناصري، نائب حلب، الأمير سيف الدين. هو من مماليك الملك الناصر فرج ومن خاصكيته، وحبس بعد موت أستاذه مدة، ثم أطلق، وأنعم عليه بإمرة بالبلاد الشامية، ثم صار حاجب حجاب دمشق في دولة الأشرف برسباي بكمالها إلى أن خرج الأمير إينال الجكمي نائب دمشق عن طاعة الملك الظاهر جقمق وقبض على أمراء دمشق الأكابر. كان برسباي هذا ممن قبض عليه، وحبس بقلعة دمشق إلى أن أطلقهم الأمير إينال المذكور بعد أن أخذ عليهم العهود والمواثيق. فلما خرجوا من الحبس فروا من عنده، وصاروا من حزب الملك الظاهر جقمق إلى أن ظفر الظاهر بإينال. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 277 استقر برسباي المذكور على عادته في حجوبية دمشق إلى أن نقله إلى نيابة طرابلس بعد انتقال الأمير قاني باي الحمزاوي إلى نيابة حلب بعد الأمير جلبان، بحكم انتقاله إلى نيابة دمشق، بعد موت الأمير آقبغا التمرازي، فباشر نيابة طرابلس سنين إلى أن برز المرسوم الشريف باستقراره في نيابة حلب بعد موت الأمير قاني باي البهلوان في سنة إحدى وخمسين وثمانمائة، فتوجه إلى حلب مريضاً، فأرسل يستعفى؛ فأعفى. وتوفى بعد أن خرج من حلب في السنة المذكورة، وكان ديناً، خيراً، عفيفاً عن المنكرات، عاقلاً، سيوساً، مشكور السيرة، إلا أنه كان يحب جمع المال، ويستكثر من العمائر، وكان يقيم أشهراً لا يتناول شرب الماء - على ما قيل - وقد شهر عنه ذلك. وكان للطويل أقرب، طويل اللحية، مليح الشكل، تام الخلقة، حسن الخلق، رحمه الله. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 278 برسباي الساقي برسباي بن عبد الله المؤيدي الساقي، الأمير سيف الدين. هو من صغار المؤيدية، وممن صار خاصكياً بعد أن استشهد إغاته قطوبغا المصارع بغزوة قبرس في سنة تسع وعشرين وثمانمائة، ثم صار ساقياً في الدولة الظاهرية جقمق مدة إلى أن أنعم عليه بإمرة عشرة، بعد موت الأمير إينال الكمالي الناصري. البجاسي برسباي بن عبد الله البجاسي، الأمير سيف الدين. هو من عتقاء الأمير تنبك البجاسي نائب دمشق، ثم خدم بعد موت أستاذه عند الأمير جانبك الأشرفي الدوادار الثاني مدة طويلة إلى أن توفى جانبك الجزء: 3 ¦ الصفحة: 279 المذكور، اتصل بخدمة الملك الأشرف برسباي، وصار من جملة المماليك السلطانية مدة، ثم صار من جملة الخاصكية الصغار إلى أن تسلطن الملك الظاهر جقمق، واتصلت تلك الأوباش الدنيئة إلى الوظائف السنية، صار برسباي هذا ساقياً مدة طويلة إلى أن أنعم عليه بإمرة في سنة تسع وأربعين، ثم نقله السلطان إلى نيابة الإسكندرية بعد عزل الأمير تنم بن عبد الرزاق المؤيدي في سنة إحدى وخمسين. وقبل ولايته للإسكندرية كان الملك الظاهر جقمق قد زوجه بزوجة ولده المقام الناصري محمد، التي تسمى خديجة بنت الأمير آقطوه، قرابة الأشرف برسباي بعد أن أمر برسباي هذا بطلاق زوجته خوند بنت آقبغا الدوادار؛ فطلقها وتزوج، بخديجة هذه. وأمر زواجه بها من الغرائب؛ وما ذاك إلا أن برسباي المذكور كان عند زواج المقام الناصري بخديجة هذه أظهر أنه عمها، ومشى هذا على المقام الناصري، وصار يدخل عليها، ويقيم عندها، ويأكل ويشرب مدة سنين، فعظم ذلك عند من يعرف أنه ليس لها بعم، وكثر الكلام في ذلك. ولما شاع هذا الخبر قال لي الأمير تغري برمش الفقيه نائب قلعة الجبل: عرف المقام السلطاني بذلك؟ فقلت: يمنعني من الكلام كون المقام الناصري متزوجاً ببنت كريمتي بنت الأتابك آقبغا التمرازي، فإنها صارت لخديجة المذكورة الجزء: 3 ¦ الصفحة: 280 ضرة، وأنا خالها؛ فلا يسمع كلامي في هذا المعنى. فقال: أنا أتكلم معه، فقلت له: لكن بحسن عبارة. فاتفق بعد ذلك أن برسباي خرج يوماً من عندها، ونحو جلوس عند المقام الناصري، فقال تغري برمش: أين كان هذا؟ فقال له المقام الناصري: عند بنت أخيه، فقال تغري برمش: ومتى كان هذا أخاً لأقطوه؟ بل وليس له بقرابة، وأمعن في الكلام. فلما سمع المقام الناصري كلامه، التفت إلي وقال: أهو كما يقول تغري برمش؟ فقلت: نعم، وهذا لا يخفى على أحد من صغار الجراكسة؛ فنكس رأسه ساعة، ثم أخذ يتكلم في غير هذا المعنى، وقد كادت نفسه تزهق - وأظنه كان تنسم هذا الخبر قبل تاريخه، ولكنه وهاه -. وكان ذلك آخر العهد بدخول برسباي هذا إلى خديجة المذكورة، ثم طلقها المقام الناصري بعد أيام قلائل. وقوي عليه المرض، ومات بعد طلاقها بأيام؛ فاستراح برسباي بموته، واستمر عمها إلى أن انقضت عدتها طلبه الملك الظاهر جقمق وزوجه بها، فكان أولاً عمها، ثم صار زوجها، بعلم الملك الظاهر الجزء: 3 ¦ الصفحة: 281 المذكور؛ فسبحان محلل الحلال ومحرم الحرام. وبنى بها واستولدها، وماتت في عصمته بالثغر، وورث منها جملة مستكثرة بولده. ولو فرضنا أنه لم يكن له ولد منها، كان أيضاً يستغرق جميع المال؛ لأنه عم وزوج. واستمر برسباي هذا في نيابة الإسكندرية مدة سنين، وساءت سيرته؛ لطمعه وسوء تدبيره. الحاجب برسبغا بن عبد الله الناصري، الحاجب، الأمير سيف الدين. ولاه أستاذه الملك الناصر محمد بن قلاوون الحجوبية، فكان دون الأمير بدر الدين مسعود بن الخطير في الحجوبية، ثم عظم بعد ذلك. ولما أمسك النشو وأقاربه، سلموا إليه؛ فعاقبهم وصادرهم، من غير أن يقصد قتلهم، حتى توعده الأمير بشتك؛ لإهماله في إتلافهم، فعند ذلك أمعن في عقوبتهم إلى أن ماتوا تحت العقوبة. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 282 ثم توجه المذكور مع الأمير بشتك إلى الحوطة على أموال الأمير تنكز نائب الشام، وسلم إليه جماعة من أهل دمشق، ثم عاد إلى القاهرة. وجرت له أمور وخطوب - يطول شرحها - إلى أن حبس بثغر الإسكندرية، وتوجه إليه شهاب الدين أحمد بن صبيح، فتولى قتله، وقتل معه الأمير قوصون، والأمير ألطنبغا، وذلك في شهر شوال سنة اثنتين وأربعين وسبعمائة، رحمه الله تعالى. الدوادار برسبغا بن عبد الله الظاهري الدوادار، الأمير سيف الدين. كان من أعيان مماليك الملك الظاهر برقوق، وممن صار دواداراً صغيراً في الدولة الناصرية فرج، ثم صار من جملة أمراء الألوف بدمشق، ثم وافق الأميرين شيخ ونوروز إلى أن قتل الناصر؛ صار من جملة أعوان نوروز الحافظي، ولما خامر نوروز على الملك المؤيد شيخ وافقه أيضاً، واستمر معه إلى أن ظفر المؤيد شيخ بنوروز المذكور، وبمن معه من الأمراء وغيرهم. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 283 حبس برسبغا هذا بحبس المرقب مدة، وكان معه في الحبس أيضاً الأمير برسباي الحاجب - المتقدم ذكره - حتى برز مرسوم المؤيد بقتله، وقدم البريدي عليه بذلك. وقبل أن يعلموه بالخبر، قرأ نائب المرقب المرسوم، فغلط القارئ، وقال: برسباي - يعني برسباي الحاجب -؛ فدخل النائب إليه، وأعلمه؛ فقام من وقته برسباي المذكور وتوضأ، وصلى ركعتين على صفة عجيبة، بعد أن حل به من البلاء والجزع ما لا مزيد عليه، وأوصى، ثم قعد للقتل. والعادة أن يعطى المرسوم في يد المقتول حتى يقرأه، ويقرأ عليه. فلما أخذ برسباي المرسوم؛ ليقرأه، وقد آيس عن روحه بعد أن قال: ما يحتاج قرأه، فقال له النائب: هذه العادة، ولا بد من ذلك، فتأمل المرسوم، فإذا فيه بقتل برسبغا الدوادار، صاحب الترجمة؛ فأخذ وقتل، ونجا برسباي، فكان برسباي كثيراً ما يحكي هذه الحكاية. قلت: ينبغي أن تلحق هذه الحكاية بكتاب: الفرج بعد الشدة. وكان قتل برسبغا المذكور بقلعة المرقب، قبيل سنة عشرين وثمانمائة تخميناً. وكان يميل إلى دين وخير، ويتفقه يسيراً، ويكتب كتابة هينة، وكان عفيفاً عن المنكرات، إلا أنه كان كثير الشرور والفتن، رحمه الله تعالى. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 284 الملك الظاهر برقوق برقوق بن آنص، السلطان الملك الظاهر أبو سعيد برقوق العثماني اليلبغاوي الجاركسي، سلطان الديار المصرية، القائم بدولة اجلراكسة. جلبه خواجا عثمان من بلاده، وكان اسمه ألطنبغا، وقيل سودون. فلما اشتراه الأتابك يلبغا العمري الخاصكي سماه برقوق، قاله القاضي علاء الدين علي بن خطيب الناصرية، عن قاضي القضاة ولي الدين أبي زرعة العراقي، عن التاجر الجزء: 3 ¦ الصفحة: 285 برهان الدين المحلي، عن خواجا عثمان جالب برقوق. قلت: والأقوى عندي أن اسمه كان قديماً برقوق في بلاده؛ لأن إخوته وأقاربه ووالده قدموا إلى الديار المصرية، وكانوا خلقاً كثيراً، فلم يلهج أحد منهم بذلك، ولا أحد من حواشيه، ممن كان من بلده، وهم جماعة كبيرة أيضاً. والرواة لهذا الخبر ثقاة، إلا أنب رهان الدين المحلي كان لا يعرف باللغة التركية، وخواجا عثمان كان لا يعرف باللغة العربية، فدخل الوهم من هنا، والله أعلم. ولما أخذه الأتابك يلبغا أعتقه، وجعله من جملة مماليكه إلى أن قتل يلبغا وكانت واقعة الأجلاب مماليكه وتشتت شملهم، أخرج برقوق فيمن أخرج منهم إلى البلاد الشامية، وخدم عند الأمير منجك اليوسفي نائب دمشق حتى طلب الملك الأشرف شعبان بن حسين اليلبغاوية إلى ديار مصر، وجعلهم في خدمة أولاده؛ فصار برقوق من جملة مماليك الأسياد إلى أن ثاروا مع الأمير أينبك بعد سفر الأشرف شعبان إلى الحجاز؛ فانتقل برقوق في هذه الواقعة من الجندية إلى إمرة طبلخاناه دفعة واحدة ثم إلى إمرة مائة وتقدمة ألف، وملك الإسطبل السلطاني، وصار أمير آخور. ثم ولى الإمرة الكبرى، ولا يزال يدبر الأمر والأقدار تساعده حتى ذهب من يعانده واستفحل أمره. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 286 ووافقه أكابر الدولة على السلطنة، وخلع الملك الصالح حاجي بن الملك الأشرف شعبان بن حسين، وتسلطن. ذكر جلوس الظاهر برقوق على تخت الملك لما كان بعد صلاة الظهر من يوم الأربعاء، تاسع عشر شهر رمضان سنة أربع وثمانين وسبعمائة - الموافق له آخر هاتور، وسادس تشرين الثاني، والطالع برج الحوت - خطب الخليفة المتوكل على الله أبو عبد الله محمد وبايعه على السلطنة، وقلده أمر البلاد والعباد، وفوض عليه التشريف الخليفتي، ثم خلع على الخليفة أيضاً، وبايعه القضاة الأربعة، وأعيان الدولة على مراتبهم، فأشار شيخ الإسلام سراج الدين عمر البلقيني أن يكون لقب السلطان بالملك الظاهر وقال: هذا وقت الظهر، والظهر مأخوذ من الظهيرة والظهور، وقد ظهر هذا الأمر بعد أن كان خافياً؛ فتلقب بالملك الظاهر. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 287 وركب من الحراقة بالإصطبل السلطاني، وطلع من باب السر إلى القصر، فحال ركوبه أمطرت السماء؛ فتفاءل بيمنه، وجلس على تخت الملك، ونودي بالقاهرة، وكتب بذلك إلى الأقطار، وأخذ وأعطى، وقرب من أراد، وأنشأ جماعته. ثم أخذ في الاستكثار من شراء المماليك حتى بلغوا نيفاً على ثلاثة آلاف مملوك في سنين يسيرة. ثم أمر بإنشاء مدرسته ببين القصرين، وكان المتحدث عمارتها الأمير جاركس الخليلي أمير آخور إلى أن استتم عملها في أوائل شهر جمادى الأولى سنة ثمان وثمانين وسبعمائة. فعندما تكاملت رسم السلطان بأن تنقل رمم أولاده ووالده آنص من موضع دفنهم إلى الفسقية بها؛ ففي رابع عشره يوم الخميس نقلت الرمم وقت العشاء والأمراء مشاة أمامهم حتى دفنوا بالقبة من المدرسة المذكورة، ثم نزل الأمير جاركس الخليلي من الغد، وهيأ الأطعمة والحلوى والفاكهة، ونزل الملك الظاهر برقوق من القلعة بأمرائه وعسكره إلى المدرسة المذكورة، ومدت الجزء: 3 ¦ الصفحة: 288 الأسمطة بين يديه، وحضرت القضاة والأعيان، ثم مدت الحلاوات والفواكه وملئت البحرة من مشروب السكر المكرر، ثم خلع على العلامة علاء الدين السيرامي، وجعله شيخ الصوفية بها ومدرس السادة الحنفية، وفرش الأمير جاركس الخليلي السجادة بيده، ثم خلع السلطان على الأمير جاركس الخليلي، وعلى المعلم شهاب الدين أحمد بن الطولوني المهندس، وأركبا فرسين بأقمشة ذهب، وخلع على خمسة عشر من مماليك جاركس الخليلي، وأنعم على كل منهم بخمس مائة درهم، وتكلم العلاء السيرامي لما جلس على السجادة على قوله تعالى: " قل اللهم مالك الملك " الآية، ثم قرأ القارئ عشراً من القرآن، ودعا؛ وقام السلطان وركب إلى القلعة، فكان يوماً مشهوداً. وفي هذا المعنى يقول شهاب الدين أحمد المصري الأديب. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 289 قد أنشأ الظاهر السلطان مدرسةً ... فاقت على إرم مع سرعة العمل يكفي الخليلي أن جاءت لخدمته ... شم الجبال لها تسعى على عجل وفي هذا المعنى أيضاً يقول شرف الدين عيسى بن حجاج، وقد عمل فيها خيمة جديدة. بنى الظاهر السلطان خانقةً زهت ... على غيرها في الشام جمعاً وفي مصر كأن نحاة صيروا خيمةً بها ... معلقة بالرفع والنصب والجر قلت: ومما وقع من الغرائب في هذه السنين ما حكاه قاضي القضاة بدر الدين محمود العيني الحنفي في تاريخه، قال: وفي شعبان رأت امرأة النبي - صلى الله عليه وسلم - في منامها، وهو ينهاها عن لبس الشاش، وكانت غالب نساء مصر يلبسنه، فانتهت، وتابت عن لبسه، ثم عادت ولبسته؛ فرأت النبي - صلى الله عليه وسلم - مرة ثانية، وقال لها: ننهاك عن لبس الجزء: 3 ¦ الصفحة: 290 الشاش، فلم تسمع؟ ما تموتين إلا نصرانية؛ فأخبرت أمها بذلك، فأخذتها، وأتت بها إلى الشيخ سراج الدين البلقيني، فحكت له ما جرى، فقال: قول النبي - صلى الله عليه وسلم - حكم، ولكن اذهبي إلى الكنيسة وصلي بها ركعتين، ثم أحضري حتى يتوسل إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لعل ذلك ينفعها؛ فتوجهت إلى الكنيسة وصلت، ثم خرت ميتة؛ فتركتها والدتها ومضت؛ فأخذتها النصارى ودفنوها عندهم. انتهى كلام العيني. قلت: نسأل الله حسن الخاتمة بمنه وكرمه. وقد رأيت أنا هذا الشاش المذكور، كان على صفة الحلى التي تحلى به العروس، بل كان أكثر تعباً في تعديله، انتهى. ودام الملك الظاهر في ملكه إلى أن قدم عليه البريد في تاسع عشر شوال سنة تسع وثمانين وسبعمائة بأن الأمير تمربغا الأفضلي المدعو منطاش نائب ملطية خامر ووافقه القاضي برهان الدين أحمد صاحب سيواس، وقرأ محمد التركماني؛ فصار السلطان يأخذ في هذا الكلام ويعطي، ثم رسم لنواب البلاد الشامية بالتوجه لقتال منطاش. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 291 واستمر إلى أن ورد عليه في أول سنة تسعين قاصد الأمير منطاش يخبر بأنه تحت طاعة السلطان، وأن ما قيل عنه كذب؛ فقدم في إثر القاصد البريد من حلب يخبر بأنه خارج عن الطاعة، وأن ما أرسله دهاء ومكر، وقصد بذلك المدافعة عنه حتى يدخل فصل الربيع وتذوب الثلوج؛ فعند ذلك سير السلطان الأمير ملكتمر الدوادار بعشرة آلاف دينار للأمراء المجردين؛ تقوية لهم، وليعرف حقيقة أمر منطاش. ثم ورد الخبر بمخامرة ألطنبغا الجوباني نائب دمشق، وأنه ضرب طرنطاي حاجب حجاب دمشق، وأنه استكثر من استخدام المماليك. وبلغ الجوباني هذا الخبر، فاستأذن في الحضور إلى القاهرة، فأذن له؛ فركب البريد حتى وصل سرياقوس ليلة الخميس سابع عشرين شهر رمضان من السنة؛ فبعث السلطان الأمير فارس الصرغتمشي أمير جندار، فقيده، وسيره إلى الإسكندرية. ثم قبض السلطان في يوم السبت تاسع عشرين رمضان على الأمير ألطنبغا المعلم أمير سلاح، وقردم الحسني رأس نوبة، وقيدا، وحملا إلى الإسكندرية مع الجبغا الجمالي الدوادار، فحبسا بها. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 292 واستقر الأمير طرنطاي حاجب حجاب دمشق في نيابتها، عوضاً عن الجوباني، وحمل إليه التقليد والتشريف مع سودون الطرنطاي. ثم كتب السلطان بالقبض على الأمير كمشبغا الحموي نائب طرابلس؛ فقبض عليه، وقدم سيفه في عاشر ذي القعدة وولى نيابتها حاجبها الأمير أسندمر المحمودي، ثم نفى السلطان الأمير كمشبغا الخاصكي الأشرفي رأس نوبة إلى طرابلس، ثم رسم بالقبض على عشرة من أمراء البلاد الشامية، فلذلك نفرت القلوب عن الملك الظاهر برقوق، وخاف كل أحد على نفسه، وسمع الأمير يلبغا الناصري نائب حلب بما وقع للجوباني نائب دمشق؛ فخاف، وطلق زوجته، وتأهب للعصيان، ووقع بينه وبين الأمير سودون المظفري حاجب حجاب حلب، وكاتب كل منهما في الآخر، فلم يلتفت السلطان إلى كتب سودون المظفري في الظاهر، وأنصف الناصري، وفي القلب ما فيه. ثم أرسل السلطان عقيب ذلك للناصري بهدية فيها عدة خيول بقماش ذهب، واستدعاه ليحضر إلى الديار المصرية للمشورة في أمر منطاش؛ فأجاب يعتذر عن الحضور بحركة التركمان، وبعصيان منطاش، والخوف على مدينة حلب منهم؛ فلم يقبل السلطان عذره، وعلم أمره، ولم يظهر ذلك. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 293 ثم بعث الأمير ملكتمر المحمدي الدواداري إلى حلب وعلى يده مثالين ليلبغا الناصري وسودون المظفري أن يصطلحا بحضرة الأمراء والقضاة، وسير معه خلعتين يلبسانهما بعد صلحتهما. وحمل في الباطن عدة مطالعات إلى سودون المظفري وغيره من الأمراء بالقبض على الناصري وقتله - إن امتنع من الصلح -. وكان مملوك الناصري قد تأخر عن سفره؛ ليفرق كتباً من عند أستاذه على أمراء الديار المصرية، ويستميلهم فيها، ويدعونهم إلى موافقته، وأخر السلطان جواب الناصري الوارد على يده؛ ليسبقه ملكتمر الدوادار إلى حلب؛ فبلغ مملوك الناصري ما على يد ملكتمر من القبض على أستاذه الناصري وغيره، ثم كتب له الجواب بعد سفر ملكتمر بأيام وخرج، وفي ظن السلطان أن ملكتمر هو السابق، فجد هذا المملوك في السير، وساق إلى أن دخل حلب؛ قبل ملكتمر، وعرف الناصري الحال كله؛ فأخذ الناصري حذره. وقيل إن ملكتمر كان بينه وبين الشيخ حسن رأس نوبة الناصري مصاهرة، فلم قرب من حلب بعث يخبره بما أتى فيه. قلت: وهذا بعيد، اللهم إلا أن كان تباطأ حتى سبقه مملوك الناصري، مراعاة للشيخ حسن، فهذا ممكن. وخرج الناصري حتى لقي ملكتمر على العادة، وأخذ منه مثاله، وحضر به إلى دار السعادة، وقد اجتمع الأمراء الجزء: 3 ¦ الصفحة: 294 والقضاة وغيرهم؛ لسماع المرسوم السلطاني. وتأخر سودون المظفري عن الحضور، والرسل تستعجله حتى حضر، وهو لابس آلة الحرب من تحت ثيابه. فعند ما دخل الدهليز جس قازان اليرقشي أمير آخور الناصري كتفه؛ فوجد السلاح، فقال: يا أمير، الذي يجيء للصلح يدخل لابس آلة الحرب؟ فسبه المظفري، فسل قازان عليه السيف وضربه، فأخذته السيوف من الذين رتبهم الناصري من مماليكه حتى فارق الدنيا، وجرد أيضاً مماليك المظفري سيوفهم، وقاتلوا مماليك الناصري، فقتل بينهم أربعة، وثارت الفتنة. ثم انهزمت مماليك المظفري، وقبض الناصري على الحاجب وأولاد المهمندار، وعدة ممن يخافهم، وركب من وقته إلى قلعة حلب؛ فتسلمها من غير قتال. واستدعى التركمان والعرب، وقدم عليه منطاش معاوناً له، وداخلاً في طاعته. وعاد الخبر إلى الملك الظاهر برقوق بما وقع في خمس عشر صفر؛ فكتب السلطان في سابع عشره إلى الأمير إينال اليوسفي أتابك دمشق المعزول قبل تاريخه عن نيابة حلب بنيابة حلب ثانياً، عوضاً عن الناصري، بحكم عصيانه. فلم يلتفت إينال لذلك، ووافق الناصري على العصيان. وفي ثامن عشر الشهر المذكور طلب السلطان القضاة وأعيان الدولة الجزء: 3 ¦ الصفحة: 295 من الأمراء وغيرهم، وعرفهم بما وقع من الناصري، واستشارهم في أمره؛ فوقع الاتفاق على إرسال عسكر لقتاله. ثم إن السلطان حلف الأمراء بأجمعهم على طاعته وعدم مخالفته، ثم خرج إلى القصر الأول، وحلف أكابر المماليك، ثم أخذ في تجهيز العسكر، وعرض المماليك السلطانية، فعين منهم أربعمائة وثلاثين للسفر، وعين من أمراء الألوف خمسة وهم: الأتابك أيتمش البجاسي، والأمير أحمد بن يلبغا أمير مجلس، والأمير أيدكار حاجب الحجاب، الأمير جاركس الخليلي، والأمير يونس النوروزي الدوادار. وعين من أمراء الطبلخانات سبعة وهم: الأمير فارس الصرغتمشي، والأمير بكلمش رأس نوبة، والأمير جاركس المحمدي، الأمير شاهين الصرغتمشي، والأمير آقبغا الصغير السلطاني، والأمير إينال الجركسي أمير آخور ثاني، والأمير قديد القلمطاوي، ومن العشرات جماعة. وحمل للأمير أيتمش مائتا ألف درهم فضة، وعشرة آلاف دينار ذهباً مصرية، برسم النفقة، وإلى كل أمير من أمراء الألوف مائة ألف درهم، وخمسة آلاف دينار، ما خلا أيدكار الحاجب، فإنه أحمل إليه الجزء: 3 ¦ الصفحة: 296 مبلغ ستين ألف درهم، وألف دينار وأربعمائة دينار. فبينما هو كذلك، إذ قدم عليه الخبر في رابع عشرينه من دمشق بأن الأمير قرابغا فرج الله، والأمير بزلار العمري الناصري حسن، والأمير دمرداش اليوسفي، والأمير كمشبغا الخاصكي، والأمير آقبغا جنجق اجتمع معهم جماعة كبيرة من المماليك المنفيين، وقبضوا على الأمير أسندمر نائب طرابلس، وقتلوا من الأمراء الأمير صلاح الدين خليل بن سنجر وابنه، وقبضوا على جماعة أخر، ودخلوا في طاعة الناصري. وكان هؤلاء الأمراء بلا أرزاق بطرابلس، ممن نفاهم الظاهر برقوق، وكانوا من أعيان أمراء الدولة. وفي سادس عشرينه قدم الخبر بأن مماليك الأمير سودون العثماني نائب حماه، هموا بقتله، ففر منهم إلى دمشق، وأن الأمير بيرم العزي حاجب حماة دخل في طاعة الناصري، وملك مدينة حماة؛ فعرض السلطان المماليك، وكتب منهم الجزء: 3 ¦ الصفحة: 297 جماعة للسفر؛ لتتمة خمسمائة مملوك؛ ولهذا تعرف بوقعة الخمسمائة. وفي يوم الجمعة سابع عشرينه رسم السلطان للأمير بجاس والي باب القلعة أن يتوجه إلى الخليفة المتوكل على الله، وينقله إلى البرج من القلعة، ففعل ذلك، وضيق عليه، ومنع الناس من الدخول إليه، وخوفاً من الناصري أن يدس من يأخذه؛ فإنه شنع عن السلطان بتلك البلاد أموراً أعظمها: خلع الخليفة هذا في البرج ليلة واحدة، ثم أعيد إلى مكانه، ثم رسم الملك الظاهر للأمير الطواشي مقبل الزمام بالتضييق على الأسياد - أولاد السلاطين - ومنع من يتردد إليهم، والفحص عن أحوالهم؛ ففعل ذلك، ثم أرسل السلطان تقليداً على البريد إلى الأمير طغاي تمر القبلائي - أحد أمراء دمشق - بنيابة طرابلس. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 298 وفي خامس ربيع الأول قدم البريد من خليل بن دلغادر يخبر بأن سنقر نائب سيس توجه إلى الناصري، ودخل في طاعته. ثم أنفق السلطان في المماليك برسم السفر نفقة ثانية؛ فإنه كان فرق في الأولى لكل واحد خمسة آلاف درهم فضة، وفي الثانية ألفاً. وهذا سوى الخيل والجمال والسلاح، فإنه فرق في أرباب الجوامك لكل واحد جملين، ولكل اثنين من أرباب الأخباز خمس علائق. ورسم أن يعطى كل مملوك بدمشق مبلغ خمسمائة درهم. وفي ثالث عشرة قدم البريد بأن ثلاثة عشر من أمراء دمشق خرجوا بمماليكهم إلى حلب، ودخلوا تحت طاعة الناصري. ثم إن السلطان استدعى الخليفة من سجنه، وقام إليه، وتلقاه، وتلطف به، واعتذر إليه مما وقع في حقه، وتحالفا. ومضى الخليفة إلى داره. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 299 ثم رسم السلطان بسفر العسكر؛ فخرجوا في يوم السبت رابع عشر ربيع الأول من سنة إحدى وتسعين وسبعمائة واستقلوا بالمسير حتى وصلوا إلى دمشق في يوم الاثنين سابع شهر ربيع الآخر. ولما وصلوا إلى دمشق صارت المماليك السلطانية تكثر من الفساد واللهو إلى أن نزل عليهم الأمير يلبغا الناصري يوم السبت تاسع عشر في خان لاجين، خارج دمشق؛ فخرج في يوم الأحد أو الاثنين حادي عشرينه عساكر مصر ودمشق إلى برزة، والتقوا بالناصري على خان لاجين، وقاتلوه قتالاً شديداً، انكسر الناصري فيه مرتين من المماليك السلطانية؛ فعندما تنازلوا في المرة الثالثة؛ قلب الأمير أحمد بن يلبغا رمحه ولحق بعسكر الناصري بمن معه وتبعه الأمير أيدكار العمري الحاجب أيضاً بمن معه؛ ثم الأمير فارس الصرغتمشي؛ والأمير شاهين أمير آخور بمن معهم، ورجعوا قاتلوا العسكر المصري معاونة للناصري، فثبتوا لهم أيضاً ساعة جيدة. ثم انهزموا؛ فهجم مملوك من عسكر الناصري يقال له يلبغا الزيني الأعور، وضرب الأمير جركس الخليلي بالسيف؛ فقتله، وأخذ سلبه، وترك رمته بالعراء مدة إلى أن كفنته امرأة ودفنته. ثم مدت التراكمين أيديهم ينهبون ويأسرون. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 300 ولحق الأتابك أيتمش بقلعة دمشق وتحصن بها، وتمزق العسكر السلطاني شذر مذر، ودخل الناصري إلى دمشق من يومه، ونزل بالقصر من الميدان، وتسلم القلعة بغير قتال، وأوقع الحوطة على سائر مال العسكر المصري والشامي، وقيد أيتمش والأمير طرنطاي نائب دمشق وحبسهما بقلعة دمشق. ثم قبض من يومه على الأمير بكلمش العلائي في عدة من المماليك السلطانية، واعتقلهم بالقلعة، وانهزم الأمير يونس النوروزي الدوادار يريد القاهرة، فاعترضه عنقاء بن شطي أمير آل مرا قريباً من خربة اللصوص؛ فقتله في يوم الثلاثاء ثالث عشرين ربيع الآخر. وبعث برأسه إلى الأمير يلبغا الناصري. وبلغ السلطان الخبر من غزة في يوم سابع عشرين ربيع الآخر؛ فاضطرب اضطراباً عظيماً، وغلقت الأسواق، وانتهبت الأخباز، وتشغبت الزعر. هذا، مع عظم الوباء بالقاهرة، وترادفت الأهوال على المصريين. ثم خرج السلطان إلى الإيوان من القلعة، وعرض المماليك، وكتب منهم خمسمائة، وأنفق فيهم ذهباً حساباً عن ألف درهم فضة؛ ليتوجهوا إلى دمشق صحبة الأمير سودون الطرنطاي، ثم أنفق في خمسمائة مملوك، ثم في أربعمائة؛ لتتمة ألف وأربعمائة مملوك، ثم أنفق في المماليك الكتابية، لكل واحد مائتي درهم فضة. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 301 وفي يوم الأربعاء أول جمادى الأولى من السنة أنعم على كل من قرابغا الأبو بكري، وبجاس النوروزي نائب القلعة، وشيخ الصفوي، وقرقماش الطشتمري بإمرة مائة وتقدمة ألف بديار مصر، وأنعم على كل من ألجبغا الجمالي الخازندار، وألطنبغا العثماني رأس نوبة، ويونس الأسعردي الرماح، وقنق باي الألجاوي اللالا، وأسنبغا الأرغون شاوي، وبغداد الأحمدي، وأرسلان اللفاف، وأحمد الأرغوني، وجرباش الشيخي، وأرسبغا المنجكي، وإبراهيم بن طشتمر، وقراكسك السيفي بإمرة طبلخاناه. وأنعم على كل من السيد الشريف الجزء: 3 ¦ الصفحة: 302 بكتمر الحسني والي القاهرة، وقنق باي الأحمدي بإمرة عشرين، وأنعم على كل من بطا الطولوتمري، ويلبغا السودوني، وسودون اليحياوي، وتنبك اليحياوي وأرغون شاه البيدمري، وآقبغا الجمالي الهذباني، وتغري بردى من يشبغا - أعني والدي - وقوزي الشعباني، وبكبلاط السونجي، وأردبغا العثماني، وشكزباي العثماني، وأسنبغا السيفي بإمرة عشرة. ثم رسم فنودي بالقاهرة بإبطال المكوس، وأخذ في تحصين القاهرة، واستجلاب خواطر الرعية إلى أن ورد الخبر بقدوم الناصري نحو الديار المصرية. ثم انقطعت الأخبار عن السلطان؛ لأن ابن باكيش نائب غزة وغيره دخلوا في الجزء: 3 ¦ الصفحة: 303 طاعة الناصري، فهم السلطان أن يخرج إلى السفر؛ لقتال الناصري في أثناء الطريق - وكان هو الرأي - فخذله الأمير دمرداش وغيره، وحسنوا له القتال من القلعة. ووقع الشروع في حفر خندق القلعة، فبينما هم كذلك إذ ورد الخبر بنزول الناصري إلى الصالحية؛ فأرسل السلطان الأمير قجماق بجماعة لكشف خبر الناصري فتوجه إلى المرج والزيات، وعاد ولم يقف على خبره، ثم أرسل في يوم الخميس أول جمادى الآخرة الأمير قرابغا الأبو بكري إلى قبة النصر، فعاد ولم يقف على خبر. هذا والسلطان قد اجتمع عنده من الرماة، والمقاتلة، وآلات القتال أنواع، ثم ورد عليه الخبر بنزول الناصري إلى البئر البيضاء في يوم الجمعة ثانيه؛ فتوجه إليه الجزء: 3 ¦ الصفحة: 304 أمراء الظاهر أولاً بأول. وركب السلطان والخليفة بعد العصر، ودقت، الكوسات الحربية، ووقف عند دار الضيافة، وجميع من بقي عنده من العسكر ملبسة. واجتمع حوله من العامة خلائق، وقد ظهر زوال ملكه من عظم خوفه وكثرة بكائه حتى أبكى الناس، ثم عاد إلى الإصطبل السلطاني؛ فجلس فيه، وصعد الخليفة إلى منزله بقلعة الجبل. ثم لا زال الناصري بمن معه يتقدم، وأمر الظاهر برقوق وسعده يتأخر، إلى أن فر من عنده من الأمراء إلى الناصري الأمير آقبغا المارديني حاجب الحجاب، والأمير جقمق بن الأتابك أيتمش، والأمير صارم الدين إبراهيم بن طشتمر الدوادار. وفي يوم الأحد رابع جمادى الآخرة فر الأمير قرقماس الطشتمري الدوادار، والأتابك قرا دمرداش الأحمدي، والأمير سودون باق، ولحقوا الجزء: 3 ¦ الصفحة: 305 أيضاً بالناصري - في عدة وافرة من المماليك السلطانية وغيرهم - ولم يتأخر عند السلطان إلا طائفة من خاصكيته، ومن الأمراء ابن عمه الأمير قجماس، وسودون الشيخوني النائب، وسودون الطرنطاي، وتمربغا المنجكي، وأبو بكر ابن سنقر، وبيبرس التمان تمري، وشيخ الصفوي، وشنكل الطواشي مقدم المماليك، ثم أغلق باب زويلة وجميع الدروب، وتعطلت الأسواق، وتلاشت الدولة الظاهرية وانحل أمرها. وقدم جماعة من عسكر الناصري؛ فقاتلهم قجماس ورمى عليهم، ثم قدم بعد العصر من عسكر الناصري الأمير بزلار العمري، والطواشي طقطاي الطشتمري، والأمير ألطنبغا الأشرفي في نحو ألف وخمسمائة فارس؛ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 306 فبرز إليهم الأمير بطا، وشكزباي، وتغرب بردى والدي، وتنبك اليحياوي، وسودون شغراق في عشرين فارساً؛ فكسروهم إلى قبة لنصر، فلم يغتر الظاهر بذلك، وعلم أن أمره في إدبار. ثم بعث أبا بكر بن سنقر الحاجب، وبيدمر المنجكي شاد القصر جمنباه الملك إلى الناصري؛ ليأخذ له منه الأمان؛ فسارا من عنده، واجتمعا بالناصر خلوة، فقال: كيف نأمنه ومنطاش وغيره قصدهم غير ذلك، ولكن يختفي وله الأمان حتى تخمد هذه الفتنة فعادا إليه بذلك. فلما صلى عشاء الآخرة، قام الخليفة إلى منزله بالقلعة، وبقي الظاهر في قليل من أصحابه، وأذن لسودون النائب في التوجه والنظر لنفسه، وفرق البقية، فمضى كل واحد إلى حال سبيله، واستتر حتى نزل من الإصطبل، فلم يعرف له خبر، وسكن دق الكوسات، ووقع النهب في حواصل الإصطبل. وأعلموا الناصر ومن معه بفرار السلطان؛ فبات في موضعه. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 307 وزالت دولة الملك الظاهر برقوق، فكان مدة تحكمه مذ قبض على الأمير طشتمر الدوادار في تاسع ذي الحجة سنة تسع وسبعين وسبعمائة، إلى أن تسلطن في تاسع عشر رمضان سنة أربع وثمانين وسبعمائة أربع سنين وتسعة أشهر وعشرة أيام. وكان يسمى في تلك المدة: الأمير الكبير نظام الملك. ومن حين تسلطن إلى أن اختفى في هذا اليوم المذكور ست سنين وثمان شهور وسبعة عشر يوماً؛ فتكون مدة حكمه أميراً وسلطاناً إحدى عشرة سنة وخمسة أشهر وسبعة وعشرين يوماً. وترك ملك مصر وله نحو ألفي مملوك مشتراة، فسبحان من لا يزول ملكه. ذكر عود الملك الصالح حاجي ابن الأشرف شعبان بن حسين بن محمد بن قلاوون إلى السلطنة، وتغيير لقبه بالمنصور - ولم نعلم سلطاناً غيره غير لقبه -. ولما اختفى الملك الظاهر برقوق في الليل، سار الأمير منطاش بكرة يوم الاثنين خامس جمادى الآخرة سنة إحدى وتسعين إلى القلعة، وأخذ الخليفة وعاد به إلى الأمير يلبغا الناصري بقبة النصر، فقام إليه الناصري، وتلقاه، وأجلسه بجانبه، وحضر القضاة والأعيان، ثم قام الخليفة إلى خيمة أعدت له، والقضاة إلى خيمة أخرى، واجتمع عند الناصري من معه من الأمراء؛ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 308 لتدبير أمرهم وإقامة أحد في السلطنة؛ فأشار بعضهم بسلطنة الناصري، فامتنع من ذلك، وانفضوا بغير طائل. ثم رسم الناصري بالإفراج عن الأمراء المعتقلين بالإسكندرية وإحضارهم إلى القاهرة. ثم رحل من قبة النصر في موكب هائل، وطلع إلى الإصطبل السلطاني. هذا وطوائف التركمان والأوباش الذي جاءوا معه تنهب في أطراف القاهرة، والأسواق مغلقة. فلما استقر به الجلوس أمر الوالي بالمناداة بالأمان والبيع والشراء. ثم أصبح من الغد - يوم الثلاثاء - طلب الأمراء للمشورة في أمر من يتسلطن؛ فحضروا، واستقر الحال على إعادة الملك الصالح في الملك، فطلب من الحوش السلطاني، وأجلس على تخت الملك، وغير لقبه بالملك المنصور. ثم التفت إلى برقوق والفحص عليه، إلى أن غمز على مملوك أبي يزيد؛ فهرب؛ فقبض على زوجته وعوقبت؛ فدلت على أبي يزيد والملك الظاهر برقوق، وأنهما في بيت رجل خياط بجوار بيت أبي يزيد. وقيل إن الظاهر لما نزل من القلعة ليختفي في نصف ليلة الاثنين عدى النيل، ونزل عند الأهرام، فأقام هناك ثلاثة أيام، ثم عاد إلى بيت أبي يزيد، فأقام عنده إلى يوم الثلاثاء ثالث عشر جمادى الآخرة من السنة، فحضر مملوك أبي يزيد إلى الناصري، فأعلمه أن الظاهر في دار أستاذه؛ فأحضر الناصري أبا يزيد وسأله؛ فاعترف أنه عنده، فأخذه الجوباني، وسار به إلى حيث الملك الظاهر الجزء: 3 ¦ الصفحة: 309 برقوق. - وهذا القول هو الصحيح -. ولما وصل ألطنبغا الجوباني إلى الدار أوقف من كان معه أسفل الدار، وطلع هو وحده. فلما رآه برقوق، قام إليه، وهم أن يقبل يده؛ فاستعاذ بالله من ذلك، وقال: يا خوند أنت أستاذنا. ثم ألبسه عمامة وطيلسة، ونزل به، وأركبه، وشق به صليبة جامع ابن طولون إلى أن صعد به إلى الناصري في الإصطبل السلطاني، فرسم بإقامته بقاعة الفضة من القلعة، وألزم أبو يزيد بالظاهر عنده، فأحضر كيساً فيه ألف دينار، فأنعم به عليه ورتب بخدمة الظاهر مملوكان ومهتاره نعمان، وقد قيد بقيد ثقيل، ثم خلع الناصري على حسام الدين الكجكني بنيابة الكرك عوضاً عن مأمور القلمطاوي، وسافر حسام الدين المذكور في تاسع عشره. واستمر الظاهر بقاعة الفضة إلى ليلة الخميس ثاني عشرين جمادى الآخرة رسم بسفره إلى الكرك؛ فأخرج في ثلث الليل إلى باب القرافة - أحد أبواب الجزء: 3 ¦ الصفحة: 310 القلعة - مع الأمير ألطنبغا الجوباني؛ فأركب هجيناً، ومعه أربعة مماليك صغار ومهتاره نعمان المذكور، والمماليك: الأمير قطلوبغا الكركي، وآقباي الكركي، وبيعان الكركي، والآخر لا أدري ما كان اسمه - ذكر في ترجمة قطلوبغا وعد أنه كان اسم الرابع: سودون الكركي - كلهم كانوا كتابية. ولما أركب على الهجين، ساروا به إلى قبة النصر، وأسلموه إلى محمد بن عيسى العائدي؛ فتوجه به على عجرود إلى الكرك، وسلمه إلى نائبها الأمير حسن، فأنزله بالقلعة في قاعة النحاس. وكانت بنت الأمير يلبغا العمري زوجة مأمور بالكرك، فقامت له بكل ما يحتاج إليه من الفرش، وقدمت له أسمطة تليق به، واعتنى به أيضاً حسن الكجكني. وكان الناصري أوصاه به، وقرر معه إن أتى به أمر من منطاش أو غيره فليفرج عن الظاهر برقوق، فاعتمد ذلك، وصار يتلطف به، ويعده بالتوجه الجزء: 3 ¦ الصفحة: 311 معه إلى التركمان، وصار لا يزال عنده ويؤكله معه حتى أنس به. ودام في السجن على ذلك إلى أن وقع بين الأمير الكبير يلبغا الناصري وبين الأمير تمربغا الأفضلي - المعروف بمنطاش - الوقعة المشهورة، وظفر منطاش بالناصري وقبض عليه، وحبسه بثغر الإسكندرية هو ومعه عده من أصحابه من أعيان الأمراء مثل الجوباني وغيره. ولما ملك منطاش الديار المصرية، وصار هو المتحدث في المملكة - عوضاً عن الناصري - أرسل الشهاب البريدي إلى الكرك وعلى يده مرسوم إلى نائب الكرك بقتل الظاهر برقوق. ولما وصل الشهاب المذكور إلى الكرك، صار الأمير حسام الدين الكجكني نائب الكرك يسوف به، وأوقف برقوق على المرسوم. ثم إن جماعة من أهل الكرك انتصروا لبرقوق لما علموا من ممالأة النائب إليه، وقتلوا الشهاب البريدي، وأخرجوا الملك الظاهر برقوق من الحبس وبايعوه بالسلطنة ثانية، وذلك في يوم الاثنين تاسع شهر رمضان من السنة. وتسامعت به الناس، وقدم عليه جماعة من مماليكه، منهم والدي، والأمير دمرداش المحمدي، ودقماق؛ فإنهم كانوا نفوا إلى دمشق. واجتمع جماعة من التركمان، وساعدته المقادير. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 312 وسمع منطاش بخروج برقوق؛ وأمر بتجهيز العساكر إلى البلاد الشامية؛ لقتاله، ثم إن الظاهر برقوق خرج من الكرك، وقصد دمشق في يوم الأحد سادس عشرين شهر شوال من السنة، فأقام بالثنية يومين ومعه نحو الألف فارس، والناس تأتيه من كل فج بكل ما يحتاج إليه. ولما علم الأمير منطاش بظهور برقوق من الكرك، كاتب الأمير حسين ابن باكيش نائب غزة، بأن يجمع العربان والعشير، ويتوجه لقتال برقوق؛ فخرج المذكور من وقته حتى التقى مع الظاهر برقوق في أثناء طريق دمشق - بالقرب من حسيان - فاقتتل معه؛ فانكسر، واستولى الملك الظاهر على غالب بركه. ثم حضر إلى السلطان الملك الظاهر برقوق الأمير قرابغا فرج الله ومعه نحو مائتي فارس، وسار الظاهر إلى دمشق؛ فخرج إليه عسكرها، فاقتتل معهم ساعة؛ فكسرهم. وقوى أمره. ثم إن حاجب صفد ونائبه قلعتها لما أتاهم خبر الظاهر أفرجا عن الأمير إينال اليوسفي؛ فركب من الفور حتى قدم على الملك الظاهر، وكذلك الأمير كمشبغا نائب حلب حضر إليه بعساكره. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 313 كل ذلك وهو مقيم بقبة يلبغا - خارج دمشق - والأمير جنتمر نائب دمشق من داخل دمشق - وهو من حزب منطاش - ثم إن منطاش خرج بالسلطان الملك المنصور حاجي والعساكر المصرية؛ لقتال الملك الظاهر برقوق في سابع عشر ذي الحجة، ودام الملك الناصر خارج دمشق إلى أن وصلت إليه العساكر المصرية؛ فتوجه الظاهر لقتالهم، والتقوا بشحقب من طريق دمشق في يوم الأحد رابع عشر المحرم سنة اثنتين وتسعين وسبعمائة، واشتد القتال بين الفريقين من باكر النهار إلى العصر، إلى أن انهزمت فيها ميمنة الظاهر وميسرته، وثبت هو في القلب. وهرب الأمير كمشبغا الحموي نائب حلب، فتبعه منطاش هو يظن أنه برقوق، واستمر كمشبغا متوجهاً إلى حلب، وهو لا يعلم ما وقع من بعده. وأما الملك الظاهر لما انكسر عسكره بقي معه نحو المائتين مملوك؛ فنزل بهم من وراء عقبة هناك، فرأى السلطان الملك المنصور والخليفة والقضاة، فصوب إليهم؛ واحتوى عليهم، من غير أن يقاتله أحد، ثم تراجع إليه بعض أمرائه وعسكره، وانضاف إليه أيضاً جماعة من أمراء المصريين. ونام برقوق تلك الجزء: 3 ¦ الصفحة: 314 الليلة هو وعسكره على ظهور خيولهم بآلة الحرب، وأصبح من الغد ومعه عسكر جيد. وأما منطاش، فإنه توجه إلى دمشق وأخبر نائبها جنتمر بأنه كسر الظاهر برقوق، وجمع عسكر دمشق وعاد إلى شقحب، واقتتل مع الظاهر ثانياً، فانكسر كسرة أقبح من الأولى، ورجع إلى دمشق، فأقام السلطان بشقحب تسعة أيام، ثم رحل قاصداً للديار المصرية. ذكر سلطنة الظاهر برقوق ثانيا ً ولما استولى الظاهر على المنصور بشقحب، واستفحل أمره، خلع المنصور نفسه، وتسلطن الظاهر برقوق، وعاد إلى القاهرة، فوصلها في يوم الثلاثاء رابع عشر صفر سنة اثنتين وتسعين وسبعمائة، وفرشت الشقق الحرير تحت ممر فرسه، فتنحى عن الشقق بفرسه، وأمر المنصور حاجي أن يدوسها؛ فأعجب العامة منه ذلك، وضجوا له بالدعاء إلى أن طلع القلعة، فنزل من باب القلعة عن فرسه، ومشى راجلاً تجاه فرس المنصور، وهو راكب حتى نزل؛ فأخذ الظاهر يعضده، فاستحسن منه ذلك إلى الغاية. ثم عاد إلى القصر وجلس على تخت الملك، وخلع على الخليفة والقضاة وأرباب الدولة، فكان يوماً مشهوداً. ومن غريب ما اتفق في الديار المصرية في غيبة الظاهر برقوق أن منطاشاً كان قد حبس جماعة من أمراء الجزء: 3 ¦ الصفحة: 315 برقوق ومماليكه في خزانة الخاص بالقلعة، بعد أن سد بابها، وفتح من سقفها موضعاً وصارت جباً، وأنزل إليها هذه الجماعة؛ فأقاموا بها إلى ليلة الخميس ثاني صفر انكشف لهم سرداب تحت الأرض؛ فخرجوا منه إلى طبقة الأشرفية، ففتحوا بابها الذي يصل إلى الإصطبل؛ فهرب منه سراي تمر دودار منطاش، وكان مقيماً بالإصطبل نائب الغيبة، ثم أصبحوا في يوم الخميس تقاتلوا مع سراي تمر المذكور، ومع الأمير تكا نائب القلعة حتى انتصروا، وانهزم تكا وسراي تمر بعد حروب. واستفحل أمر الظاهرية، وملكوا القلعة، ورأسهم الأمير بطا الطولوتمري، وأفرجوا عمن بها من المماليك الظاهرية. فبينما هم كذلك إذ ورد عليهم الخبر بوصول الملك الظاهر برقوق إلى مدينة غزة؛ فمهدوا له الديار المصرية قبل قدومه. فلما جلس الظاهر على تخت الملك، أرسل بالإفراج عن الأمير يلبغا الجزء: 3 ¦ الصفحة: 316 الناصري والجوباني، وغيرهما من سجن الإسكندرية - وهم الذين حبسهم منطاش - فوصلوا إلى بر الجيزة في سابع عشر صفر، وباتوا بها. وعدوا من الغد وطلعوا إلى القلعة، وهم سبعة عشر أميراً: الأتابك يلبغا الناصري - صاحب الوقعة الذي قهر برقوق على الملك وسجنه بالكرك - وألطنبغا الجوباني - الذي قبض عليه من بيت أبي يزيد، وطلع به إلى الناصري المذكور - وألطنبغا المعلم أمير سلاح، وقراد مرداش الأحمدي - الذي كان جعله برقوق بعد أيتمش أتابكاً، وأنعم عليه بثلاثين ألف دينار، فقبضها، ثم فر إلى الناصري ومنطاش، وترك برقوق - وأحمد بن يلبغا العمري أمير مجلس - الذي كان سبب كسرة عسكر برقوق بدمشق لما فر هو وأيدكار الحاجب وصارا من حزب الناصري - وقردم الحسني، وسودون باق، وسودون الطرنطاي، وآقبغا المارديني، أقبغا الجوهري، وكشلي القلمطاوي، وبجاس النوروزي، ومأمور القلمطاوي، وألطنبغا الأشرفي، ويلبغا المنجكي، ويونس العثماني، وآلابغا العثماني؛ فقبلوا الجميع الأرض بين يديه وعادوا إلى منازلهم، ولم يعاتب أحداً منهم على فعله. فانظر يا هذا إلى الدهر وتقلباته في أمر الظاهر برقوق، وفي الجزء: 3 ¦ الصفحة: 317 أمر الناصري؛ وهو أن كلا منهما كان مملوكاً ليلبغا الخاصكي، وكان الناصري هو الأكبر، ثم صار الناصري بعد موت أستاذه يلبغا أمير مائة ومقدم ألف بالديار المصرية، وبرقوق يومئذ من جملة الأجناد، فكان برقوق يعضد الناصري عند ركوبه ونزوله ويقف بخدمته، ثم ضرب الدهر ضرباته حتى صار برقوق سلطاناً والناصري من جملة أمرائه، وولاه نيابة حلب، ودام على ذلك إلى أن خرج عن طاعة برقوق وملك الديار المصرية - حسبما ذكرناه - وقبض على برقوق من بيت أبي يزيد وجيء به إلى بين يديه، وصار الناصري مالك رقبته، ثم أرسله إلى حبس الكرك، ثم إن منطاشاً قبض على الناصري، وحبسه بثغر الإسكندرية، وأطلق برقوق من حبس الكرك، وعاد إلى ملكه، ثم صار الناصري في قبضته وبين يديه - فسبحان من يعز ويذل -. وفي يوم الاثنين عشرين صفر من سنة اثنتين وتسعين وسبعمائة جلس السلطان الملك الظاهر برقوق بدار العدل على عادته، وأخلع على الأمير سودون الشيخوني بنيابة السلطنة على عادته، وعلى الأمير إينال اليوسفي أتابك العساكر، وعلى الأمير يلبغا الناصري غريمه أمير سلاح، وعلى الأمير كمشبغا الخاصكي أمير مجلس، وعلى الأمير ألطنبغا الجوباني رأس نوبة النوب، وعلى الأمير بطا الطولوتمري دواداراً، وعلى الأمير بكلمش العلائي أمير آخور، وعلى الأمير طوغان أمير جندار، ثم استقر الجزء: 3 ¦ الصفحة: 318 بالجوباني في نيابة دمشق وبالأمير قراد مرداش في نيابة طرابلس، ومأمور في نيابة حماة. وأمرهم بمحاربة منطاش، ثم أضاف إليهم جماعة من الأمراء المصريين، وجعل مقدم العساكر الأمير يلبغا الناصري، وندبه لمحاربة منطاش، وقال له: هو غريمك، ابرز إليه؛ فتجهز، وخرج صحبة العساكر إلى دمشق، بعد أن قام له الظاهر بكل ما يحتاج إليه. وتقاتل مع منطاش، وقتل الجوباني في المعركة، وتولى الناصري نيابة دمشق عوضه. ثم وقع للناصري مع منطاش حروب أسفرت عن فرار منطاش إلى ابن نعير وإقامته عنده سنين، ثم قبض الظاهر على الناصري وقتله، ثم ظفر بمنطاش وغيره، ولا زال يتتبع غرماءه وأعداءه واحداً بعد واحد إلى أن أفنى خلائق بالقتل. وصفا له الوقت، وأخذ في ترقي مماليكه، وتجرد بعد ذلك عدة تجاريد إلى البلاد الشامية. ودام على ذلك إلى سنة ست وتسعين وسبعمائة، قدم عليه السلطان أحمد بن أويس صاحب بغداد، فاراً من تيمورلنك؛ فنزل السلطان إلى أن تلقاه بمطعم الطير - خارج القاهرة - وأكرمه غاية الإكرام - كما ذكرناه في ترجمة السلطان أحمد مفصلا - الجزء: 3 ¦ الصفحة: 319 ثم قدم كتاب تيمورلنك على السلطان الملك الظاهر برقوق في أثناء السنة المذكورة. ونص كتاب تيمورلنك: قل اللهم فاطر السموات والأرض عالم الغيب والشهادة، أنت تحكم بين عبادك فيما كانوا فيه يختلفون، واعلموا أنا جند الله مخلوقون من سخطه مسلطون على من حل عليه غضبه، لا ترق لشاكٍ، ولا نرحم عبرة باك، قد نزع الله الرحمة من قلوبنا، فالويل ثم الويل لمن لم يكن من حزبنا ومن جهتنا قد خربنا البلاد، وأيتمنا الأولاد، وأظهرنا في الأرض الفساد، وذلت لنا أعزتها، وملكنا بالشوكة أزمتها، فإن خيل ذلك على السامع وأشكل، وقال: إن فيه عليه مشكلاً، فقل له: إن الملوك إذا دخلوا قرية أفسدوها وجعلوا أعزة أهلها أذله؛ وذلك لكثرة عددنا وشدة بأسنا فخيولنا سوابق، ورماحنا خوارق، وأسنتنا بوارق، وسيوفنا صواعق، وقلوبنا كالجبال، وجيوشنا كعدد الرمال، ونحن أبطال وأقيال، وملكنا لا يرام وجارنا لا يضام وعزنا أبداً سؤدده منقام، فمن سالمنا سلم، ومن حاربنا ندم، ومن تكلم فينا ما لا يعلم جهل، فأنتم إن أطعتم أمرنا، وقبلتم شرطنا، فلكم ما لنا، وعليكم ما علينا، وإن خالفتم وعلى نعيكم عاديتم، فلا تلوموا إلا أنفسكم، فالحصون منا مع تشييدها لا تمنع، والمدائن بشدتها لقتالنا لا ترد ولا تنفع، ودعاؤكم علينا لا يستجاب فينا ولا يسمع، وكيف يسمع الله دعاءكم وقد أكلتم الحرام، وضيعتم جميع الأنام، وأخذتم أموال الأيتام وقبلتم الرشوة من الحكام، وأعددتم لكم النار وبئس المصير: الجزء: 3 ¦ الصفحة: 320 " إن الذين يأكلون أموال اليتامى ظلماً إنما يأكلون في بطونهم ناراً وسيصلون سعيراً ". فبما فعلتم ذلك أوردتم أنفسكم موارد المهالك، وقد قتلتم العلماء، وعصيتم رب الأرض والسماء، وأرقتم دم الأشراف، وهذا والله هو البغي والإسراف، فأنتم بذلك في النار خالدون، وفي غد ينادى عليكم اليوم يجزون عذاب الهون بما كنتم تستكبرون في الأرض بغير الحق وبما كنتم تفسقون، فأبشروا بالذلة والهوان، يا أهل البغي والعدوان، وقد غلب عندكم أننا كفرة وثبت عندنا أنكم والله أنتم الكفرة الفجرة، وقد سلطنا عليكم الإله، أموراً مقدرة، وأحكاماً مدبرة، فعزيزكم عندنا ذليل، وكثيركم لدينا قليل؛ لأننا ملكنا الأرض شرقاً وغرباً، وأخذنا منها كل سفينة غصباً، وقد أوضحنا لكم الخطاب، فأسرعوا برد الجواب، قبل أن يكشف الغطاء وتضرم الحرب نارها، وتضع أوزارها، وتصير كل عين عليكم باكية، وينادي منادي الفراق: هل ترى لهم من باقية، ويسمعكم صارخ القنا، بعد أن تهزكم هزاً " هل الجزء: 3 ¦ الصفحة: 321 تحس منهم من أحدٍ أو تسمع لهم ركزاً "، وقد أنصفناكم إذ راسلناكم، فلا تقتلوا المرسلين كما فعلتم بالأولين، فتخالفوا كعادتكم سنن الماضين، وتعصوا رب العالمين. فما على الرسول إلا البلاغ المبين، وقد أوضحنا لكم الكلام فأسرعوا برد الجواب والسلام. ؟ فكتب جوابه بعد البسملة " قل اللهم مالك الملك تؤتي الملك من تشاء وتنزع الملك ممن تشاء وتعز من تشاء وتذل من تشاء وتذل من تشاء بيدك الخير " قد حصل الوقوف على ألفاظكم الكفرية ونزغاتكم الشيطانية وكتابكم يخبرنا عن الحضرة الخانية وسيرة الكفرة الملاكية، الجزء: 3 ¦ الصفحة: 322 وأنكم مخلقون من سخط الله ومسلطون على من حل عليه غضب الله، وأنكم لا ترقون لشاك، ولا ترحمون عبرة باك، وقد نزع الله الرحمة من قلوبكم، فذلك أكبر عيوبكم، وهذه من صفة الشياطين، لا من صفات السلاطين، وتكفيكم هذه الشهادة الكافية، وبما وصفتم بعه أنفسكم ناهية " قل يا أيها الكافرون لا أعبد ما تعبدون. ولا أنتم عابدون ما أعبد. ولا أنا عابدٌ ما عبدتم. ولا أنتم عابدون ما أعبد. لكم دينكم ولي دين "، ففي كل كتاب لعنتم، وعلى لسان كل مرسل نعتم، وبكل قبيح وصفتم، وعندنا خبركم من حين خرجتم، أنكم كفرة، ألا لعنة الله على الكافرين، من تمسك بالأصول فلا يبالي بالفروع، نحن المؤمنون حقاً، لا يدخل علينا عيب، ولا يضرنا ريب، القرآن علينا نزل، وهو سبحانه رحيم لم يزل، فتحققنا نزوله، وعلمنا ببركته تأويله، فالنار لكم خلقت، ولجلودكم أضرمت. " إذا السماء انفطرت " ومن الجزء: 3 ¦ الصفحة: 323 أعجب العجب تهديد الرتوت بالتوت، والسباع بالضباع والكماة بالكراع، نحن خيولنا برقية، وسهامنا عربية، وسيوفنا يمانية، وليوثنا مصرية، وأكفنا شديدة المضارب، وصفتنا مذكورة في المشارق والمغارب، إن قتلناكم فنعم البضاعة، وإن قتل منا أحد فبينه وبين الجنة ساعة " ولا تحسبن الذين قتلوا في سبيل الله أمواتاً بل أحياء عند ربهم يرزقون. فرحين بما أتاهم الله من فضله ويستبشرون بالذين لم يلحقوا بهم من خلفهم ألا خوفٌ عليهم ولا هم يحزنون يستبشرون بنعمةٍ من الله وفضلٍ وأن الله لا يضيع أجر المؤمنين " وأما قولكم: قلوبنا كالجبال، وعددنا كالرمال، فالقصاب لا يبالي بكثرة الغنم، وكثير الحطب يفنيه قليل الضرم وكم من فئة قليلة غلبت فئة كثيرة بإذن الله والله مع الصابرين، الفرار الفرار من الزوايا، وطول البلايا، واعلموا أن هجوم المنية، عندنا غاية الأمنية، إن عشنا عشنا سعداء، وإن قتلنا قتلنا شهداء، إلا إن حزب الله هم الغالبون، أبعد أمير المؤمنين، وخليفة رب العالمين، الجزء: 3 ¦ الصفحة: 324 تطلبون منا طاعة، لا سمع لكم ولا طاعة، وطلبتم أن نوضح لكم أمرنا، قبل أن ينكشف الغطاء، ففي نظمة تركيك، وفي سلكه تلبيك، لو كشف الغطاء لبان القصد بعد بيان، أكفر بعد أيمان، أم اتخذتم إله ثان وطلبتم من معلوم رأيكم، أن نتبع ربكم، " لقد جئتم شيئاً إداً. تكاد السموات يتفطرن منه وتنشق الأرض وتخر الجبال هداً " قل لكاتبك الذي وضع رسالته، ووصف مقالته؛ وصل كتابك كضرب رباب، أو كطنين ذباب كلا سنكتب ما يقول ونمد له من العذاب مداً، " ونرثه ما يقول "، إن شاء الله تعالى. لقد لبكتم فيما أرسلتم والسلام. ثم تجرد الملك الظاهر برقوق في السنة المذكورة إلى البلاد الشامية ومعه الجزء: 3 ¦ الصفحة: 325 السلطان أحمد بن اويس بتجمل زائد وأبهة عظيمة، قاصداً قتال تيمورلنك فكر تيمور راجعاً إلى بلاده بعد أن وصل إلى ديار بكر، فأقام الظاهر بالبلاد الحلبية مدة يتأوه؛ لعدم قتال تيمور، وصار لا يمكنه العدو خلفه. وأشار عليه أمراؤه وأعيان دولته بالرجوع إلى الديار المصرية؛ فرجع بعد أن سفر السلطان أحمد ابن إدريس إلى محل ملكه، وأنعم عليه بأشياء ذكرناها في ترجمة السلطان أحمد المذكور. وفي عوده إلى الديار المصرية أمر بعمارة جسر الشريعة بالغور، فعمر وأحكم بناؤه. وفي هذا المعنى يقول الأديب شمس الدين محمد المزين وقد أجاد: بنى سلطاننا للناس جسراً ... بأمر والوجود له مطيعة مجازاً في الحقيقة للبرايا ... وأمراً بالسلوك على الشريعة ثم وصل إلى الديار المصرية. ودام في الملك إلى أن توفى بقلعة الجبل بعد نصف ليلة الجمعة خامس عشر شوال سنة إحدى وثمانمائة، وقد جاوز الستين بعد الجزء: 3 ¦ الصفحة: 326 أن مرض أياماً - رحمه الله تعالى - فكانت مدة تحكمه بالديار المصرية - منذ صار أتابكاً عوضاً عن الأمير طشتمر الدوادار إلى أن آلت السلطنة إليه - أربع سنين وتسعة أشهر وعشرة أيام - وقد تقدم ذلك قريباً -. ومنذ تسلطن إلى أن مات ستة عشر وأربعة أشهر وسبعة وعشرون يوماً خلع منها بالملك المنصور حاجي بيد الناصري ثمانية أشهر وستة عشر يوماً - وقد ذكرنا ذلك عند خلعه بالمنصور مفصلاً -. وخلف الملك الظاهر برقوق من الأولاد ثلاثة ذكور وثلاث بنات؛ فالذكور: الملك الناصر فرج - تسلطن من بعده بعهد منه إليه - والملك المنصور عبد العزيز، وإبراهيم. والبنات: خوند سارة - زوجة الأمير نوروز الحافظي - وخوند بيرم - زوجة الأمير إينال باي بن قجماس - وخوند زينب - زوجة المؤيد شيخ، ثم الأتابك قجق -. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 327 وترك من الذهب العين ألفي ألف ألف دينار وأربعمائة ألف دينار. وترك من النقود والغلال والسكر والثياب وأنواع الفرو ما قيمته ألف ألف دينار وأربعمائة ألف دينار - قاله المقريزي ووافقه في بعض مقالته العيني -. وترك من الجمال نحو خمسة آلاف جمل. ومن الخيول نحو ستة آلاف فرس. وبلغت جوامك مماليكه في الشهر نحو أربعمائة ألف درهم فضة، وعليق خيولهم في كل شهر ثلاثة عشر ألف أردب شعيراً، وعليق الخيل الخاص، وجمال النفر، وأبقار السواقي في كل شهر إحدى عشرة ألف إردب من الشعير والفول. وبلغت عدة مماليكه خمسة آلاف مملوك مشتراة وخدمة - ما عدا أصحاب الأخباز -. ذكر نوابه بمصر والبلاد الشامية كان نائبه بالديار المصرية الأمير سودون الفخري الشيخوني إلى أن استعفى، ولم يستنب غيره. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 328 ونوابه بدمشق: الأمير بيدمر الخوارزمي، ثم الأمير أعشقتمر المارديني، ثم ألطنبغا الجوباني، ثم طرنطاي السيفي، ثم يلبغا الناصري - صاحب الوقعة -، ثم بطا الطولوتمري، ثم سودون الطرنطاي، ثم كمشبغا الأشرفي، ثم تنبك - المعروف بتنم الحسني إلى أن مات السلطان وهو بدمشق -. ونوابه بحلب: الأمير يلبغا الناصري - صاحب الوقعة المذكورة - وسودون المظفري، وكمشبغا الحموي، وقرأ دمرداش الأحمدي، وجلبان الكمشبغاوي - المعروف بقرا صل -، ووالدي - تغري بردى من يشبغا - وأرغون شاه الإبراهيمي، وآقبغا الجمالي الأطروش. ومات السلطان وهو بنيابة حلب. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 329 ونوابه بطرابلس: الأمير مأمور القلمطاوي، وكمشبغا الحموي، وأسندمر السيفي، وقرا دمرداش الأحمدي - المتقدم ذكره - وإينال من خجا على، وإياس الجرجاوي، ودمرداشى المحمدي، وأرغون شاه الإبراهيمي - المتقدم ذكره - وآقبغا الجمالي الأطروش - المتقدم ذكره - ويونس بلطا الظاهري - ومات السلطان وهو في نيابة طرابلس -. ونوابه بحماة: الأمير صنجق الحسني، وسودون المظفري، وسودون العلائي، وسودون العثماني، وناصر الدين محمد بن مبارك شاه المهمندار، ومأمور القلمطاوي ودمرداش المحمدي، وآقبغا السلطاني الصغير، ويونس بلطا - المتقدم ذكره - ثم دمرداش المحمدي ثانياً - ومات السلطان وهو بنيابة حماة -. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 330 ونوابه بصفد: الأمير أركماس السيفي، وبتخاص السودوني، وأرغون شاه الإبراهيمي - المقدم ذكره - وآقبغا الجمالي الأطروش - المقدم ذكره - وأحمد ابن الشيخ علي، وألطنبغا العثماني - ومات السلطان وهو في نيابة صفد -. ونوابه بالكرك: الأمير يلبغا تمر القبلاوي، ومأمور القلمطاوي، وقديد القلمطاوي، ويونس القشتمري، وأحمد ابن الشيخ علي، وبتخاص السودوني، ومحمد بن مبارك شاه المهمندار - المتقدم ذكره - وألطنبغا الحاجب، وسودون الشمسي الظريف - ومات وهو على نيابة الكرك -. ونوابه بغزة: الأمير قطلوبغا الصفوي، وآقبغا الصغير - المتقدم ذكره - ويلبغا القشتمري، وألطنبغا العثماني - المتقدم ذكره - وبيخجا الشرفي المدعو طيفور، وألطنبغا الحاجب - المقدم ذكره - ومات السلطان وهو على نيابة غزة -. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 331 وأستاداريته بديار مصر: الأمير بهادر المنجكي، ومحمود بن علي، وقرقماس الطشتمري، وعمر بن محمد بن قايماز، وقطلوبك العلائي، ويلبغا المجنون الأحمدي، ومحمد بن سنفر البكجري، ثم يلبغا المجنون ثانياً - ومات السلطان وهو أستادار -. وقضاته بديار مصر: قاضي القضاة صدر الدين محمد بن منصور الدمشقي، وشمس الدين محمد الطرابلسي، ومجد الدين إسماعيل بن إبراهيم، وجمال الدين محمود القيصري العجمي، وجمال الدين يوسف الملطي - ومات السلطان وهو قاضي القضاة -. وقضاته الشافعية: قاضي القضاة برهان الدين إبراهيم بن جماعة، وبدر الدين محمد بن أبي البقاء، وناصر الدين محمد ابن بنت ميلق، وعماد الدين أحمد الجزء: 3 ¦ الصفحة: 332 الكركي، وصدر الدين محمد المناوي، وتقي الدين عبد الرحمن الزبيري، ثم المناوي ثاني مرة - ومات السلطان وهو قاضي القضاة -. وقضاته المالكية: قاضي القضاة جمال الدين عبد الرحمن بن خير السكندري، ثم ولي الدين بن عبد الرحمن بن خلدون، وشمس الدين محمد الركراكي المغربي، وشهاب الدين أحمد النحريري، وناصر الدين محمد التنسي، ثم ابن خلدون - ومات السلطان وهو قاض -. وقضاته الحنابلة: قاضي القضاة ناصر الدين نصر الله العسقلاني، ثم ابنه برهان الدين إبراهيم - ومات السلطان وهو قاض -. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 333 وكتاب سره: القاضي بدر الدين محمد بن فضل الله، وأوحد الدين عبد الواحد بن يامين، وعلاء الدين علي الكركي، وبدر الدين محمود الكلستاني، وفتح الدين فتح الله - ومات السلطان وهو كاتب السر -. ونظار جيشه: تقي الدين عبد الرحمن بن محب الدين، وموفق الدين أبو الفرج، وجمال الدين محمود القيصري - المتقدم ذكره مع القضاة الحنفية - وكريم الدين عبد الكريم بن عبد العزيز، وشرف الدين محمد الدماميني، وسعد الدين إبراهيم ابن غراب - ومات السلطان وهو ناظر الجيش -. ووزراؤه: الوزير علم الدين عبد الوهاب سن إبرة، وشمس الدين إبراهيم كاتب أرنان، وعلم الدين عبد الوهاب بن كاتب سيدي، وكريم الدين عبد الكريم الجزء: 3 ¦ الصفحة: 334 ابن الغنام، وموفق الدين أبو الفرج، وسعد الدين نصر الله بن البقري، وناصر الدين محمد بن الحسام، وركن الدين عمر بن قايماز، وتاج الدين عبد الرحيم ابن أبي شاكر، وناصر الدين محمد بن رجب بن كلبك، ومبارك شاه، وبدر الدين محمد بن الطوخي، وتاج الدين عبد الرزاق بن أبي الفرج - ومات السلطان وهو وزير -. ونظار الخاص: سعد الدين نصر الله بن البقري، وتاج الدين موسى كاتب السعدي، وسعد الدين بن غراب - مضافاً لنظر الجيش - ومات وهو ناظر الجزء: 3 ¦ الصفحة: 335 الخاص والجيش. وكان الظاهر برقوق - رحمه الله - سلطاناً شجاعاً، حازماً، شهماً، صارماً، فطناً متجملاً، ذا خبرة وسياسة، ومهابة، ومعرفة، وتدبير، ومكر. وكان يحب الاستكثار من المماليك، ويقدم الجراكسة على غيرهم. وكان يكره في جمع المال، وعنده طمع مع تستر في ذلك. وكان يتروى في الشيء المدة الطويلة ويستشير الأمراء وغيرهم فيما يفعله من الولاية والعزل وغير ذلك. وكان يتصدى للأحكام بنفسه، وينزل يومي السبت والثلاثاء الإصطبل السلطاني للحكم بين الناس، ولم تكن عنده الدعوى لمن سبق، ولو كان عنده، بل يقول له: حتى تسمع كلام خصمك ما يقول فيك هو أيضاً؛ فلهذا كانت حقوق الناس غير ضائعة. وكان يكره التمام، والمتكلم فيما لا يعنيه. وكان لا يتجرأ صاحب وظيفة على أن يتكلم في وظيفة غيرها - كائناً من كان، كبيراً كان أو صغيراً - بل كل واحد يتحدث فيما يتعلق بوظيفته. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 336 وكان إذا طرأ لأحد من أكابر الأمراء حاجة عند السلطان تربص حتى يأتي رأس نوبة، ويتكلم له، وإلا فلا يمكنه الكلام مع السلطان في حاجة نفسه. وأشياء من هذه الأمور المرتبة التي ضاعت في زماننا هذا. وكان حريصاً على إقامة ناموس المملكة وشعائر السلطنة، وترتيب السلف فيما وضعوه، كخدمة الإيوان، والموكب والأعياد. وكان يحب أهل الخير والصلاح. وكان يقوم للقضاة والفقهاء وأهل الخير، وهذا شيء لم يعهد من ملك قبله في الدولة التركية؛ وتنكر للفقهاء بعد حبسه بالكرك؛ من أجل أنهم أفتوا بقتله، ومع ذلك كان لا يترك إكرامهم. وكان كثير الصدقات، وقف ناحية بهتيم من الجيزية على سحابة تسير مع الحاج إلى مكة في كل سنة ومعها جمال تحمل المشاة من الحاج، وتصرف لهم ما يحتاجون الجزء: 3 ¦ الصفحة: 337 إليه من الماء والزاد، ذهاباً وإياباً، ووقف أرضاً على قبور إخوة يوسف عليهم السلام. وكان يذبح دائماً في أيام سلطنته في كل يوم من أيام شهر رمضان خمساً وعشرين بقرة، تطبخ ويتصدق بها مع الخز النقي الأبيض على أهل الجوامع والخوانق والربط وأهل السجون، لكل إنسان رطل لحم مطبوخ وثلاثة أرغفة. وكان يفرق في الزوايا من لحوم الضأن لكل زاوية خمسين رطلاً وعدة أرغفة في كل يوم، وفيهم من يعطي أكثر من ذلك بحسب حالهم. وكان يفرق في كل سنة مائة ألف درهم فضة على نحو عشرين زاوية، ويفرق في كل سنة على أهل العلم والصلاح ما بين الألف درهم الواحد إلى المائة دينار، وكان يفرق في فقراء القرافتين لكل فقير من دينارين إلى أكثر وأقل. وكان يفرق في كل سنة ثمانية آلاف أردب قمحاً على أهل الخير وأرباب البيوت. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 338 ويبعث في كل سنة إلى الحجاز الشريف ثلاثة آلاف أردب قمحاً، تفرق في الحرمين الشريفين، وفرق في مدة الغلاء كل يوم أربعين أردباً؛ عنها ثمانية آلاف رغيف، فلم يمت فيه أحد بالجوع. وكان يبعث في كل قليل بجملة من الذهب تفرق في الفقهاء والفقراء. حدثني تقي الدين المقريزي من لفظه قال: أخبرني العبد الصالح الطواشي صندل المنجكي أن الملك الظاهر برقوق تصدق على يده في سنة واحدة بخمسين ألف دينار. قلت: وكان المقريزي ثقة. وأما صندل، فإنه كان من الصالحين الذين يتبرك بهم، انتهى. وأبطل الملك الظاهر عدة مكوس منها: ما كان يؤخذ على القمح بثغر دمياط عما كان يبتاعه الناس. وأبطل مكس شورى وبلطيم من البراس شبه الجالية في كل سنة مبلغ ستين ألف درهم. وأبطل مكس معمل الفراريج بالنحريرية وغيرها من الغربية. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 339 وأبطل مكس الملح بعينتاب. وأبطل مكس الدقيق بالبيرة. وأبطل بطرابلس ما كان مقرراً على قضاة البر وولاة الأعمال عند قدوم النائب، وهو مبلغ ستمائة درهم، أو بغلة بدل ذلك. وأبطل ما كان يؤخذ على الحلفاء والدريس بباب النصر خارج القاهرة. وأبطل رمي الأبقار بعد الفراغ من عمل الجسور بأراضي مصر على الفلاحين البطالين بالوجه البحري. وأبطل ضمان المغاني بمدينة الكرك وبمنية بني خصيب وغيرها بجميع الأقاليم. وأنشأ مدرسته ببين القصرين - وقد تقدم ذكرها - وعمر الجسر بالغور الجزء: 3 ¦ الصفحة: 340 - وتقدم ذكره أيضاً، طوله مائة وعشرون ذراعاً -. وجدد خزائن السلاح بثغر الإسكندرية، وسور دمنهور، وعمر زاوية البرزخ بدمياط، وقناة العروب بالقدس، وبنى بركة أكره بطريق الحجاز، وبركة أخرى برأس وادي بني سالم بطريق المدينة المنورة، ورم القناة التي تحمل ماء النيل إلى قلعة الجبل، وجدد عمارة الميدان تحت قلعة الجبل بعد ما كان قد تخرب غالبه، وسقاه وغرس به النخل، وزرع به القرط، وعمر صهريجاً، ومكتباً تقرأ فيه الأيتام بقلعة الجبل، وعمر أيضاً سبيلاً تجاه دار الضيافة من تحت القلعة. وخطب له على منابر توريز فند ما أخذها قرا محمد، وضرب الدنانير والدراهم فيها باسمه. وخطب له على مآذن ماردين والموصل وسنجار. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 341 وملكت عساكره دور كي وأرزنكان من أرض الروم وغير ذلك. وهو أعظم ملوك الجراكسة بلا مدافعة، بل المتعصب يقول: إنه هو أعظم ملوك الترك قاطبة، رحمه الله تعالى وعفا عنه. وتسلطن من بعده ولده الملك الناصر فرج - وستأتي ترجمته في محلها إن شاء الله تعالى -. ؟؟ أمير مكة المشرفة بركات بن حسن بن عجلان بن رميثة. واسم رميثه: منجد بن أبي نمى محمد الجزء: 3 ¦ الصفحة: 342 ابن أبي سعيد حسن بن علي بن قتادة بن إدريس بن مطاعن بن عبد الكريم بن عيسى بن حسين بن سليمان بن علي بن عبد الله بن محمد بن موسى بن عبد الله المحض بن موسى بن الحسن بن الحسين بن علي بن أبي طالب، المكي الحسني، أمير مكة زين الدين أبو زهير، وابن أميرها بدر الدين. مولده بمكة سنة إحدى وثمانمائة، وأمه أم كامل بنت النصيح من ذوي عمر. ولى إمرة مكة شريكاً لوالده سنة عشر، مع أخيه أحمد، ثم استقل بها في سنة تسع وعشرين من قبل الملك الأشرف برسباي سلطان الديار المصرية، بعد وفاة والده بالقاهرة. ودام بركات بإمرة مكة، إلى سنة خمس وأربعين عزله الملك الظاهر جقمق بأخيه الشريف علي، وتوجه الشريف علي من القاهرة إلى مكة، ودخلها من غير قتال، بعد أن نزح عنها بركات هذا، وملك مكة وحكمها إلى أثناء السنة والتي بعدها. ووقع بينه وبين بركات وقعة قتل فيها الجزء: 3 ¦ الصفحة: 343 جماعة من أصحاب بركات، وانهزم، وقوى أمر علي بالمماليك السلطانية، والأمير سودون المحمدي، والأمير يشبك الصوفي رأس نوبة - وأمير المماليك السلطانية الذين هم بمكة. ثم كثر الشاكي على الشريف علي؛ فكتب مرسوم شريف على يد السيفي تمراز المؤيدي المتوجه لشد بندرجدة بالقبض على الشريف علي وعلى أخيه إبراهيم، وإرسالهما إلى القاهرة، فوقع ذلك في سنة ست وأربعين وثمانمائة، وولى مكة الشريف أبو القاسم بن حسن ابن عجلان، عوضاً عن أخيه علي المذكور. كل ذلك وبركات المذكور نازح إلى جهة اليمن، ودام على ذلك إلى أحد الربيعين من سنة خمسين وثمانمائة برز المرسوم الشريف بعزل أبي القاسم وتولية الجزء: 3 ¦ الصفحة: 344 بركات هذا، وحمل إليه التشريف على يد شرف الدين موسى التتائي، وذلك بسعي من بركات، وبذل مال له صورة، على يد الشريف هلمان أمير مدينة الينبع. وذكر هلمان أن الشريف بركات بعد توليته بمدة يسيرة يتوجه إلى القاهرة ويدوس البساط الشريف. واستقر بركات في إمرة مكة، وخرج منها أبو القاسم، ودام بمكة إلى سنة إحدى وخمسين أرسل يطلب الحضور إلى الديار المصرية، فرسم له بذلك؛ فحضر إلى القاهرة في شهر رجب من السنة المذكورة وقعة بمطعم الطيور بقبة النصر، خارج القاهرة، حتى قدم الشريف بركات - صاحب الترجمة - عليه. فلما قرب منه، قام السلطان إليه واعتنقه؛ فأهوى بركات لتقبيل يد السلطان، فمنعه السلطان من ذلك، وأخذ بيده وأجلسه بجانبه قريباً من فرشه، وأخذ يستأنس به، ويسكن روعه؛ لما داخله الوهم مما رأى من عظم العساكر وكثرتها؛ ولما كان منه من المخالفة في تلك السنين الماضية، ثم الجزء: 3 ¦ الصفحة: 345 أخلع عليه باستمراره على إمرة مكة، وقيد له فرساً بسرج ذهب وكنبوش زركش، فركب بركات، ثم ركب السلطان، وسارا إلى أن وصلا إلى قريب باب القلعة؛ رسم له السلطان بالتوجه إلى مكان أعد له بالقاهرة؛ فتوجه وبين يديه وجوه الناس. وكان هذا اليوم من الأيام المشهودة. وأقام الشريف بركات بالقاهرة بعد أن أجرى له السلطان من الرواتب ما يكفيه في كل يوم إلى عاشر شهر شعبان أخلع عليه خلعة السفر، وتوجه إلى مكة المشرفة وقد حصل له من الجبر والعظمة ما لم ينله غيره من بني حسن، مع علمي بما وقع لأبيه من توليته إمرة المدينة مضافاً لمكة، لكن يوم هذا كان من الأيام المشهودة. ودام بركات في إمرة مكة سنين بعد ذلك إلى أن توفى بوادي مر خارج مكة، وحمل إلى مكة، ودفن في تاسع شعبان سنة تسع وخمسين وثمانمائة. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 346 الشريف المعتقد بركة السيد الشريف المعتقد، المعروف بالشريف بركة. كان لتيمورلنك فيه اعتقاد كبير إلى الغاية، وله معه مجريات، من ذلك: أن تيمور لما أخذ السلطان حسين صاحب بلخ في سنة إحدى وسبعين وسبعمائة، ثم سار لحرب القان تقتمش ملك التتار، وتلاقيا على أطراف تركستان، واشتد الحرب بينهما حتى قتل أكثر أصحاب تيمور، وهم تيمور بالفرار، وظهرت الهزيمة على عسكره، ووقف في حيرة، وإذا بالسيد بركة هذا قد أقبل عليه على فرس، فقال له تيمور: يا سيدي انظر حالي، فقال له الشريف بركة: لا تخف، ثم نزل عن فرسه، ووقف على رجليه يدعو ويتضرع، ثم أخذ من الأرض ملء كفه من الحصباء، ورمى بتلك الحصا في وجوه عسكر تقتمش خان، وصرخ بأعلى صوته: ياغي قجتي، ومعناه باللغة التركية: العدو هرب؛ فصرخ بها معه تيمور وعسكره، وحمل بهم على القوم، فانهزموا أقبح هزيمة، وظفر تيمور بعساكر الجزء: 3 ¦ الصفحة: 347 تقتمش، وقتل وأسر على عادته القبيحة؛ فيا ليت شعري هل للشريف بركة المذكور فيما فعله ثواب أم يكون رأس برأس؟ أم عليه الوزر بدعائه لهذا الظالم الكافر، فالله أعلم. وله معه أشياء من هذا النمط؛ ولهذا كانت منزلته عند تيمور إلى الغاية ودام مع تيمور إلى أن قدم معه إلى دمشق في سنة ثلاث وثمانمائة وفعل، تيمور بالبلاد الشامية ما فعل. وقد اختلف في أصل هذا الشريف بركة؛ قيل إنه كان مغربياً حجاماً بالقاهرة، ثم سافر إلى سمرقند، وادعى بها أنه شريف علوي، وقيل إنه من أهل المدينة المنورة، وقيل إنه كان من أهل مكة. فعلى كل حال أنا لا أعتقده؛ لمصاحبته للطاغية تيمورلنك، خصوصاً إعانته له على أغراضه الكفرية؛ فأمره إلى الله سبحانه وتعالى. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 348 ملك القبجاق بركة بن توشي بن جنكزخان النغلي، ملك القبجاق وصحراء سوراق - وهي مملكته، متسعة مسيرة أربعة أشهر، وأكثرها براري ومروج، وبينها وبين أذربيجان باب الحديد في الدربند، وهو باب عظيم من حديد مغلق بين المملكتين، ومسلم الباب أمير كبير يقام من المملكتين -. وبركة - صاحب الترجمة - هو ابن عم هولاكو، كان قد أسلم، وكاتب الظاهر بيبرس، وبعث رسوله في البحر، فطلع من الإسكندرية. وكان بركة - رحمه الله - يميل إلى المسلمين، ومملكته تفوق مملكة هولاكو. وكان يعظم العلماء والصالحين. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 349 ومن أعظم الوقائع بينه وبين هولاكو كونه قتل الخليفة المستعصم بالله. وكان إذا سافر تحمل معه مساجد من خيم، ولها مؤذنون، وتقام فيها الصلوات الخمس. وتوفى - رحمه الله - في سنة خمس وستين وستمائة، وملك بعده منكوتمر بن طغان بن سرطق بن جنكزخان. ولما ملك جمع العساكر، لقصد أبغا، فجمع أبغا أيضاً، وسار إلى أن نزل على نهر كور، وأحضر المراكب والسلاسل، وحمل جسرين، وعدى إلى منكوتمر، وتلاقيا على النهر الأبيض، وتراسلا، ثم بعد ثلاث ساعات حرك أبغا كوساته، وقطع النهر، وحمل عليه فكسر، وساق وراءه بالسيف، ثم تراجع عسكر منكوتمر، فغلب أبغا، ودام الحرب إلى عشاء الآخرة، ثم استظهر أبغا ثانياً، وكسر منكوتمر، وغنم من عسكره شيئاً كثيراً، وعمل جسراً على النهر من خشب، وقاسه من حد تفليس، فكان جزء كل أمير مقدم مائة وعشرين ذراعاً وفرغ في سبعة أيام. انتهى. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 350 وبركة هذا خلاف بركة خان الخوارزمي، أحد ملوك الخوارزمية، الذي قتل في المعركة التي كانت بينه وبين الملك المنصور صاحب حمص، ولؤلؤ نائب السلطنة بحلب. وحمل رأسه إلى حلب في سنة أربع وأربعين وستمائة، ولم نذكر بركة هذا؛ لأن وفاته تقدمت على شرط تاريخنا، رحمه الله تعالى وعفا عنه. رفيق برقوق بركة بن عبد الله الجوباني اليلبغاوي، الأمير زين الدين، رفيق الملك الظاهر برقوق وجخداشه ثم غريمه. كان تركي الجنس، جلبه خواجا جوبان من بلاده إلى الديار المصرية، فاشتراه الأمير يلبغا الخاصكي العمري، وجعله من جملة مماليكه إلى أن قتل وشتت مماليكه. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 351 كان بركة هذا هو برقوق ممن أخرج إلى الشام، ووقع لهما خطوب إلى أن ضرب الدهر ضرباته، وصار بركة أمير مائة ومقدم ألف بديار مصر بعد قتل الملك الأشرف شعبان بن حسين، ثم صار أمير مجلس بعد فرار أينبك البدري. ثم اتفق مع برقوق على قبض الأمير طشتمر الدوادار، وصارا من بعده هما صاحبا العقد والحل في الديار المصرية. وتولى برقو الأتابكية، وبركة هذا رأس نوبة الأمراء - وهذه الوظيفة مفقودة الآن من الديار المصرية، وكانت هذه الوظيفة تعادل الأتابكية، وليها الأمير الكبير أيتمش البجاسي في سلطنة برقو الثانية مدة سنين، ثم وليها في الدولة الناصرية فرج الأمير نوروز الحافظي، ثم الأمير أقباي الحاجب مدة يسيرة، ومن ثم هي شاغرة إلى يومنا هذا -. ولما استقر برقوق أتابكاً، وسكن الحدرة بباب السلسلة من الإصطبل السلطاني، وسكن بركة ببيت الأمير الكبير تجاه باب السلسلة. وعظم أمرهما، وداما على ذلك مدة طويلة إلى أن أمر الأمير بركة في سنة إحدى وثمانين الجزء: 3 ¦ الصفحة: 352 وسبعمائة بأن يعمل على قنطرة فم الخور، وقنطرة موردة الجبس سلاسل تمنع دخول المراكب إلى بركة الرطلي، ثم أرسل في أثناء السنة المذكورة الأمير سودون باشا إلى مكة؛ لإجراء الماء إلى عرفة، فقال بعض الشعراء في ذلك: يا سادة فعلهم جميل ... رمالهم في الورى وحاشه سلسلتم البحر لا لذنب ... وأرسلتم للحجاز باشه قلت: لم يحصل للشاعر في آخر البيت الثاني تورية في باشه؛ لأن صوابه باشا بتفخيم الباء الموحدة، وبعدها ألف وشين معجمة مفتوحة والألف، بخلاف باشه، انتهى. ودام الأمير بركة بالديار المصرية إلى أن وقع بينه وبين برقوق فتنة، أوجبت قتالهما، واستظهار برقوق على بركة، والقبض عليه، وإرساله إلى حبس الإسكندرية في سنة اثنتين وثمانين وسبعمائة، ثم حسن ببال برقوق قتل بركة، الجزء: 3 ¦ الصفحة: 353 وعلم أنه ما دام بركة حياً لا يتم له ما يريده؛ فأرسل مرسوماً إلى نائب الإسكندرية غرس الدين خليل بن عرام بقتل بركة؛ فقتله في شهر رجب سنة اثنتين وثمانين وسبعمائة بالإسكندرية، ثم أرسل محضراً مكتتباً بأنه وجد ميتاً أو مات حتف أنفه وورد الخبر بذلك؛ فتحقق إخوة بركة ومماليكه ومماليكه أن المحضر محال، ولبسوا آلة الحرب، وركبوا على الأتابك برقوق بسوق الخيل - من تحت القلعة -؛ فأرسل برقوق يسألهم ما سبب ركوبهم؟ فقالوا: قتلك لبركة؛ فأنكر، وقال: ما قتله إلا ابن عرام، وأنكر كونه أرسل إليه مرسوماً. ثم أرسل برقوق الأمير يونس النوروزي - الذي صار بعد ذلك دواداراً - إلى ابن عرام يطلب منه المرسوم؛ فجد يونس في السير حتى سبق القاصد الذي توجه يطلبه ابن عرام؛ فأعطاه له، ثم جاءه الطلب، فقام من وقته، وسافر حتى وصل إلى القاهرة. فلما وصل إلى البحر، ركبت مماليك بركة بسوق الخيل بآلة الحرب حتى وصل ابن عرام. فلما وقع بصرهم عليه، أخذته السيوف من كل جانب حتى صار منثراً بسوق الخيل، وذهب أثره، وسكنت الغوغاء، ومن ثم صار مثلاً بأفواه العامة خمول ابن عرام. وكان الأمير بركة أميراً شجاعاً، مقداماً، مهاباً، كريماً، سليم الفطرة، الجزء: 3 ¦ الصفحة: 354 حسن الخلق محبباً للرعية. وكان أكثر الناس يميل إليه، إلا أنه كان تركياً، فمالت اجلراكسة إلى برقوق؛ فبهذا المقتضى خذل. وكان يحب العلماء والفقراء، يكثر من الصدقات، وفعل الخير. وله مآثر حسنة، من ذلك: عمارة عين بازان بمكة، وما يحتاج إلى عمارته في الحرم. وعمر بمكة مطهرة عظيمة تعرف به، وفوقها ربعاً هائلاً - وهو وقف عليها - وله الفسقية الماء التي بطريق المدينة المنورة - على ساكنها أفضل الصلاة والسلام - وله غير ذلك. أم الأشرف شعبان بن حسين بركة خاتون والدة السلطان الملك الأشرف شعبان بن حسين، وزوجة الأتابك ألجاي اليوسفي. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 355 كانت من أعظم نساء عصرها خيراً، وديناً، وبراً، وجمالاً، وكرماً. ولما حجت في سنة سبعين وسبعمائة، توجهت في أبهة عظيمة إلى الغاية، وفي خدمتها الأمراء والخاصكية والخدام، وفرقت بالحرمين الشريفين أموالاً عظيمة، وعادت إلى القاهرة، ولم يعظم ألجاي إلا بزواجها، وصار له ميزة على أكابر الأمراء بذلك. وتوفيت في حياة ولدها الملك الأشرف في يوم الثلاثاء آخر ذي الحجة سنة أربع وسبعين وسبعمائة، ودفنت بمدرستها التي أنشأتها بخط التبانة - خارج القاهرة - تعرف بمدرسة أم السلطان، ووجد ابنها الأشرف عليها وجداً عظيماً. وبسبب ميراثها خرج زوجها ألجاي عن الطاعة. ومن الإنفاق العجيب البيتان اللذان عملهما شهاب الدين الأعرج السعدي الجزء: 3 ¦ الصفحة: 356 عند وفاتها، وتفاءل بهما على زوجها ألجاي اليوسفي وهما: في مستهل العشر من ذي حجة ... كانت صبيحة موت أم الأشرف فالله يرحمها ويعظم أجره ... ويكون في عاشورٍ موت اليوسفي برلغي الأشرفي برلغي بن عبد الله الأشرفي، الأمير سيف الدين، عظيم الدولة الركنية. كان مقرباً عند الملك المظفر بيبرس الجاشنكير، ومقدم عساكره، والمشار إليه في دولته. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 357 ولما أن خرج الملك الناصر محمد بن قلاوون من الكرك طالباً دمشق، وسمع الملك المظفر بيبرس بذلك قلق وجزع، واتهم بعض المماليك السلطانية بالمواطأة على ذلك؛ فقبض على جماعة منهم، ثم جرد الأمير برلغي هذا وصحبته ثلاثة أمراء من مقدمي الألوف لقتال الملك الناصر محمد بن قلاوون، وهم: الأمير آقوش الأشرفي نائب الكرك، وأيبك البغدادي، وألدكز السلاح دار، ومعهم أيضاً عدة كبيرة من الأمراء والعساكر المصرية؛ فبرزوا يوم السبت تاسع رجب سنة تسع وسبعمائة، وخيموا بمسجد التبن خارج القاهرة، ولم يتوجهوا، بل عادوا إلى القاهرة بعد أيام. وكان الباعث لهم على العود أن كتب الأفرم نائب دمشق وردت تتضمن عود الملك الناصر محمد إلى الكرك، ثم أرسل الملك المظفر إلى الناصر محمد رسالته على يد مغلطاي وقطلوبغا تتضمن: وعيداً، وتهديداً، وإنكاراً شديداً. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 358 فلما وقف عليها الناصر اشتد حنقه، وقبض عليهما بعد أن أوجعهما بالضرب الشديد، ثم ذكر للأمراء بالبلاد الشامية وذكرهم ما لوالده عليهم من التربية والحقوق، ثم خرج من الكرك ثانياً بعد الاهتمام إلى التوجه إلى دمشق. وبلغ ذلك الملك المظفر بيبرس؛ فجرد الأمراء المذكورين ثانياً - كما ذكرنا - وصحبتهم أربعة آلاف فارس، وأنفق عليهم النفقات الكثيرة، وأنفق على العامة أيضاً؛ فإنه كان قد وقع بينه وبينهم لما توقف النيل عن الزيادة فقالوا: سلطاننا ركين ... ونايبنا دقين يجي لنا المآ ... من أين يسيبوا لنا الأعرج ... يجي لنا الماء وهو يتدحرج وخرج برلغي هذا إلى لقاء الملك الناصر، ووقع له أمور حكيناها في غير هذا الموضع. واستقر الحال على أن الملك الناصر قبض عليه، وحبسه بقلعة الجبل إلى أن مات في ليلة الأربعاء ثاني شهر رجب سنة عشر وسبعمائة، رحمه الله تعالى وعفا عنه. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 359 باب الباء الموحدة والزاي نائب الشام بزلار بن عبد الله العمري الناصري، الأمير سيف الدين نائب دمشق. أصله من مماليك الملك الناصر حسن، رباه الملك الناصر حسن مع أولاده، وتأدب ومهر، وكتب الخط المنسوب، وأتقن الفروسية وأنواع الملاعيب. وكان خصيصاً عند أستاذه إلى أن توفى. وتقلبت به الأيام بعد ذلك إلى أن صار من جملة الأمراء بالديار المصرية، ثم ولى نيابة الإسكندرية، ثم عزل وعاد إلى ما كان عليه إلى أن ملك الظاهر برقوق نفاه إلى طرابلس. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 361 حكى لي صاحبنا الرئيس شرف الدين موسى الطرابلسي قال: لما نفى الأمير بزلار إلى طرابلس، قدم علينا بها، وأقام بها مدة، فكنت أتردد إليه وألازمه، فكنت أرى منه من الحشمة والأدب والفضيلة ما لا يوصف. وكنت أكبسه في بعض الأحيان على كره منه؛ فأجد أضلاعه صفيحة واحدة من كل جهة. وكان من الأقوية، وهو مع ذلك ألطف من النسيم طبعاً. هذا، مع الشكالة الحسنة، والكرم الزائد، والشيم الملوكية. انتهى كلام شرف الدين. قلت: ودام بزلار بطرابلس إلى أن كان من أمر يلبغا الناصري ومنطاش ما كان، واستفحل أمرهما، وقبض الظاهر برقوق على نائب طرابلس الأمير كمشبغا الحموي، وولى عوضه الأمير أسندمر حاجب حجاب طرابلس. فعند ذلك اتفق الأمير بزلار هذا مع الأمير صنجق الحسني، والأمير قرابغا وغيرهما، وركبوا على أسندمر المذكور وقبضوا عليه، ملكوا طرابلس، ودخلوا تحت طاعة الناصري. ثم توجه المذكور إلى الناصري، ولا زال معه حتى قدم معه إلى الديار المصرية، وخلع الظاهر برقوق، وتسلطن المنصور الجزء: 3 ¦ الصفحة: 362 حاجي، وصار الأمير يلبغا الناصري مدبر مملكته أخلع عليه بنيابة دمشق عوضاً عن طرنطاي؛ فتوجه بزلار هذا إلى دمشق وحكمها، وحسنت سيرته إلى أن وقع بين الناصري ومنطاش الوقعة بالقاهرة، وغلب منطاش، وقبض على الناصري، وحبسه بثغر الإسكندرية، وسمع بزلار بذلك، فعصى على منطاش تعصباً للناصري، فلم ينتج أمره، وركب عليه أمراء دمشق وقبضوا عليه، وحبس بقلعة دمشق. وكان هذا آخر العهد به، وذلك في سنة إحدى وتسعين وسبعمائة. وكان أميراً شجاعاً، مقداماً، فضيلاً، عارفاً، سيوساً، مدبراً، فقيهاً، له مشاركة جيدة في في فروع المذهب والنحو، ويذاكر بالأدب والتاريخ. وكان عالماً بالفلكيات والنجوم. وبزلار - بباء موحدة مفخمة مضمومة، وزأي ساكنة، ولام، وألف، وراء مهملة معناه باللغة التركية - جمع بوزات -: من ألوان الخيل، وله معنى غير ذلك يطول شرحه، انتهى. رحمه الله تعالى. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 363 بزلار الخليلي بزلار بن عبد الله الخليلي، الأمير سيف الدين. أحد أمراء الطبلخانات بديار مصر، وممن انضم إلى الأميرين يلبغا الناصري ، وتمربغا الأفضلي - المعروف بمنطاش - واستمر من حزبهما إلى أن ظفر به الملك الظاهر برقوق في سلطنته الثانية، بعد خروجه من الكرك، وحبسه إلى أن قتل في سنة ثلاث وتسعين وسبعمائة مع جملة من قتل من أمراء الطبلخانات الذين كانوا من حزب منطاش وهم: ألطنبغا الجربغاوي، وقرابغا الألجاوي، وآقبغا الألجاوي، بيبغا الألجاوي، وأرغون العثماني البجمقدار الأشرفي، وإسماعيل التركماني أمير البطالين، والطواشي طقطاي الطشتمري، وألابغا الطشتمري، وحسين بن الكوراني والي القاهرة، وجبريل الخوارزمي، ومحمشاه ابن بيدمر الخوارزمي، ومنصور حاجب غزة كان، ورمضان نائب القلعة. ومن العشرات: منجك الزيني، ويلبغا الألجاوي، وعلي الجركتمري، وكزل القرمي. كل هؤلاء قتلوا في يوم واحد بسيف الظاهر برقوق؟ - تقدم التعريف باسم بزلار في ترجمة بزلار العمري -. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 364 باب الباء الموحدة والشين المعجمة بشارة الكاتب بشارة الشبلي الحسامي الكاتب، مولى شبل الدولة، صاحب المدرسة والخانقاة عند ثورا بدمشق. سمع مع مولاه حنبلاً وابن طبرزد وغيرهما. ورواه عنه الدمياطي والأبيوردي وجماعة. وكان رومي الجنس، وهو أبو أولاد بشارة المشهورين بدمشق. وكان يكتب خطاً حسناً، وذريته يدعون النظر على المدرسة والخانقاة الجزء: 3 ¦ الصفحة: 365 المنسوبة إلى شبل الدولة المذكور. توفى بشارة المذكور في سنة أربع وخمسين وستمائة. بشباي من باكي بشباي بن عبد الله من باكي الظاهري. الأمير سيف الدين. أصله من مماليك الملك الظاهر برقوق وخواصه، وترقى من بعده في الدولة الناصرية فرج إلى أن صار أمير مائة ومقدم ألف بديار مصر، ثم ولى حجوبية الحجاب بها، ثم نقل إلى وظيفة رأس نوبة النوب. وكان معلماً لسوق المحمل. وكان له ثروة وميل زائد إلى النسوة. وكان حريصاً على جمع المال. وعمر عدة أملاك تعرف به، ولا نعلم أحداً سمى بهذا الاسم من الأكابر غيره. ولم يزل على وظيفته وإمرته إلى أن توفى ليلة الأربعاء رابع عشرين جمادى الآخرة سنة إحدى عشرة وثمانمائة، ودفن بالقرافة، وهو في أوائل الكهولة. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 366 وبشباي - بباء ثانية الحروف مفتوحة مفخمة، وبعدها ألف - ومنهم من يسقط الألف - ثم شين معجمة ساكنة، وباء أيضاً ثانية الحروف مفتوحة، وألف وياء آخر الحروف. ومعناه باللغة التركية: رأس سعيد. انتهى. الناصري بشتك بن عبد الله الناصري، الأمير سيف الدين، أحد مماليك الملك الناصر محمد بن قلاوون، وعظيم دولته. قال الشيخ صلاح الدين: كان شكلاً تاماً، أهيف القامة، حلو الوجه، قربه السلطان وأدناه وأعلى منزلته. وكان يسميه في غيبته بالأمير. وكان زائد التيه، لا يكلم أستاداره، ولا الكاتب إلا بترجمان. وكان إقطاعه سبعة عشر طبلخاناة - أكبر من إقطاع قوصون، ولم يعلم قوصون بذلك -. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 367 ولما مات الأمير بكتمر الساقي ورثه في جميع أمواله؛ في داره وإصطبله الذي على البركة، وفي امرأته أم أحمد بن بكتمر. واشترى جاريته خوبي بستة آلاف دينار، ودخل معها ما قيمته عشرة آلاف دينار، وأخذ ابن بكتمر عنده. وكانت الشرقية بعد بكتمر الساقي. وزاد أمره، وعظم محله، وثقل على السلطان، وأراد الفتك به فيما تمكن. وتوجه إلى الحجاز، وأنفق في الأمراء، وأهل الركب، والفقراء والمجاورين بمكة والمدينة شيئاً كثيراً إلى الغاية من الألف دينار إلى دينار واحد، على مراتب الناس. ولما عاد لم يدر به السلطان إلا وقد حضر إليه في نفر قليل من مماليكه. وقال: إن أردت إمساكي، فها أنا قد جئت إليك برقبتي؛ فكابره السلطان، وطيب خاطره. وكان غير عفيف الذيل عن المليح والقبيح، وبالغ في ذلك وأفرط حتى الجزء: 3 ¦ الصفحة: 368 في نساء الفلاحين وغيرهم، ورمى بأمور ودواهي من هذه المادة. وكان سب قربه أن السلطان قال لمجد الدين السلامي: أريد أن تشتري لي من البلاد مملوكاً يشبه بوسعيد - يعني ملك التتار -؛ فقال: هذا بشتك يشبهه. وجرده السلطان لإمساك الأمير تنكز؛ فحضر إلى دمشق بعد إمساكه هو وعشرة أمراء، ونزل بالقصر، وفي خدمته الأمير أرقطاي، والأمير برسبغا، وطاجار الدوادار. وحال نزوله حلف الأمراء كلهم للسلطان وذريته، واستخرج ودائع تنكز، وعرض حواصله ومماليكه وخيله وجواريه وكل ما يتعلق به، ووسط طغاي، وجان غاي، مملوكي تنكز في سوق الخيل بحضوره يوم المركب. وأقام بدمشق خمسة عشر يوماً، وعاد إلى مصر، وبقي في نفسه من دمشق، وما يجسر يفاتح السلطان في ذلك. فلما مرض السلطان وأشرف على الموت، ألبس الأمير قوصون مماليكه؛ فدخل بشتك المذكور وعرف السلطان بذلك؛ فقال له: افعل أنت مثله. ثم إنه الجزء: 3 ¦ الصفحة: 369 جمع بينهما وتصالحا قدامه. ونص السلطان على أن يكون الملك بعده لولده المنصور أبي بكر، فلم يوافق، وقال: ما أريد إلا سيدي أحمد. فلما مات السلطان وسجى، قام قوصون إلى الشباك وطلب بشتك، وقال: يا أمير تعال، أنا ما يجئ مني سلطان؛ لأني كنت أبيع الطسما والكشاتوين، وأنت اشتريت مني، وأهل البلاد يعرفون ذلك مني، وأنت ما يجيء منك لأنك كنت تبيع البوزا، أنا اشتريت ذلك منك، وأهل البلاد يعرفون ذلك منا، فما يكون سلطاناً من عرف بيع الطسما والبرغالي، ولا من عرفه ببيع البوزا، وهذا أستاذنا هو الذي أوصى لمن هو أخبر به من أولاده، وهذا في ذمته وما يسعنا إلا امتثال أمره حياً وميتاً، وأنا ما أخالفك إن أردت أحمد أو غيره، ولو أردت أن تعمل كل يوم سلطاناً ما خالفتك؛ فقال بشتك: كل هذا صحيح والأمر أمرك. وأحضرا المصحف وحلف عليه بعضاً لبعض، وتعانقا، ثم قاما إلى رجلي السلطان؛ فقبلاهما، ووضعا ابن السلطان على الكرسي، وباسا الأرض له، وحلفا له، ولقباه: المنصور. ثم إن بشتك طلب من السلطان الملك المنصور أبي بكر نيابة دمشق؛ فرسم له بذلك، وكتب تقليده، وبرز إلى ظاهر القاهرة، وبقي هناك يومين، ثلاثة. ثم إنه طلع إلى السلطان ليودعه، فوثب عليه الأمير سيف الدين الجزء: 3 ¦ الصفحة: 370 قطلوبغا الفخري، وأمسك سيفه، وتكثروا عليه؛ فأمسكوه، وجهزوه إلى الإسكندرية، واعتقلوه بها. ثم إنه قتل في الحبس أول سلطنة الملك الأشرف كجك في شهر ربيع الآخر تقريباً سنة اثنتين وأربعين وسبعمائة. وأخبرني طغاي مملوك الأمير حسين بن جندر - وكان أمير مجلس عند بشتك - قال: لما توجه بشتك بأولاد السلطان إلى دمياط رأيته في كل يوم يذبح لسماطه خمسين رأس غنم وفرساً - لا بد منه - خارجاً عن الدجاج والإوز. وبشتك المذكور هو أول من أمسك من أمراء الدولة بعد الملك الناصر محمد بن قلاوون وفتك به وقتل. وقلت أنا فيه: قال الزمان وما سمعنا قوله ... والناس فيه رهائن الأشراك من ينصر المنصور من كيدي وقد ... صاد الردى بشتاك لي بشباك الجزء: 3 ¦ الصفحة: 371 انتهى كلام الصفدي، رحمه الله. قلت: وبشتك - بفتح الباء الموحدة من تحت وترقيقها، وسكون الشين المعجمة، وبعد تاء مثناة من فوق مفتوحة، وكاف - ومعناه باللغة التركية: خمسة لا غير، وصوابه في الكتابة: بش تك، انتهى. العمري بشتك بن عبد الله العمري، الأمير سيف الدين. أحد الأمراء مقدمي الألوف بالديار المصرية، ورأس نوبة النوب. كان من خواص الملك الأشرف شعبان بن حسين، زوجه بكريمته، وكتب كتابه عليها في سابع عشرين جمادى الأولى من سنة سبعين وسبعمائة بالإيوان بحضور الأمراء والقضاة. وكان جملة المهر خمسة عشر ألف دينار وأربعمائة ألف درهم، ثم عمل المهم في الدور السلطانية سبعة أيام، ثم دخل بها. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 372 ولا زال مقرباً عند الملك الأشرف شعبان إلى أن مات في سنة اثنتين وسبعين وسبعمائة بالقاهرة. وكان أميراً جليلاً، شجاعاً، مقدماً، كريماً، رحمه الله تعالى. الكريمي بشتك بن عبد الله بن عبد الكريم، الأمير سيف الدين. أحد مقدمي الألوف بالديار المصرية في الدولة الأشرفية شعبان بن حسين. كان خصيصاً، مقرباً عند الملك الأشرف المذكور إلى الغاية إلى أن قصد الأشرف الحج، توجه بشتك المذكور معه مع من توجه من الأمراء. فلما وقع للأشرف - ما سنذكر في ترجمته إن شاء الله تعالى - من الوقعة التي كانت في عقبة أيلة وعوده إلى القاهرة منهزماً، واختفى بها. كان بشتك هذا ممن عاد هو أيضاً إلى القاهرة مع جماعة من الأمراء، واختفى بقبة النصر - خارج القاهرة - إلى أن دل عليه؛ فقبض عليه؛ فقتل، الجزء: 3 ¦ الصفحة: 373 وقتل معه جماعة من الأمراء في أوائل ذي القعدة سنة ثمان وسبعين وسبعمائة، رحمه الله تعالى. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 374 باب الباء الموحدة والطاء المهملة بطا الطولوتمري بطا بن عبد الله الطولوتمري الظاهري الدوادار، ثم نائب دمشق، الأمير سيف الدين. اشتراه الملك الظاهر برقوق في سلطنته، وجعله من خواصه، ثم أنعم عليه بإمرة عشرة عند زوال ملكه في وقعة الناصري ومنطاش - حسبما ذكرناه في ترجمة برقوق -. ولما ملك الناصري الديار المصرية، وخلع الظاهر برقوق وحبس بالكرك أمسك بطا المذكور، وسجن بقلعة الجبل مع من سجن من المماليك الظاهرية إلى أن خرج الملك الظاهر برقوق من حبس الكرك طالباً لملكه، وقوى أمره. وخرج الأمير تمربغا الأفضلي - المدعو منطاش - بالملك المنصور إلى البلاد الشامية؛ لقتال برقوق في العشر الأخير من شهر ذي الحجة سنة إحدى وتسعين الجزء: 3 ¦ الصفحة: 375 وسبعمائة وجعل منطاش نائب الغيبة بقلعة الجبل الأمير تكا ومعه الأمير دمرداش القشتمري، وجعل بالإصطبل السلطاني الأمير صراي تمر، وبالقاهرة الأمير قطلوبغا الحاجب، ومقبل أمير سلاح. ثم سار منطاش بالمنصور لقتال برقوق. فلما كان يوم رابع عشر المحرم من سنة اثنتين وتسعين وسبعمائة، كانت الوقعة بين منطاش والملك الظاهر برقوق، بشقحب وانتصر برقوق، وانهزم منطاش؛ فأشيع هذا الخبر في القاهرة في ذلك اليوم، وهذا من الغرائب أخبرني بذلك جماعة أتقية، رجال ونسوة. فلما أشيع هذا الخبر بالديار المصرية، ولهجت الناس بذلك، وقع بين الأمير تكا نائب القلعة وبين الأمير صراي تمر المقيم بالإصطبل السلطاني أمر أوجب التنافس والمباينة، واحترص كل واحد من الآخر، ودام هذا الأمر. واتفق مع هذا أن المماليك الظاهرية والأمراء الذين سجنوا بقلعة الجبل بخزانة الخاص، ومنهم بطا المذكور زرعوا بالحبس بصلاً في قصريتين؛ فنجب بصل إحدى القصريتين، ولم ينجب الآخر؛ فرفعوا القصرية التي لم ينجب بصلها، فإذا هي مثقوبة من أسفلها، وتحتها حجر يخرج من شقوق ما بينه وبين الجزء: 3 ¦ الصفحة: 376 الحجر الآخر هواء؛ ففكوا الطاقة ورفعوها؛ فوجدوا تحتها خلو، فما زالوا به حتى اتسع، وأفضى بهم إلى سرداب، مشوا فيه حتى صعد بهم إلى طبقة الأشرفية من القلعة. وكان منطاش قد سد بابها الذي ينزل منه إلى الإصطبل السلطاني، فعاد الذين مشوا فيه، وأعلموا أصحابهم؛ فقاموا بأجمعهم، وكانوا نحو خمسمائة مملوك، ومشوا فيه ليلة الخميس ثاني صفر. هذا، وقد عملوا عليهم الأمير بطا رأساً، ثم تحيلوا في باب الأشرفية حتى فتحوه؛ فثار بهم الحراس الموكلون بحفظ الباب، وضربوا مملوكاً يقال له تمربغا؛ فقتلوه، ثم بادر الأمير بطا هذا ليخرج؛ فضربه بعض الحراس أيضاً ضربة سقط منها إلى الأرض، ثم أفاق وضرب بقيده الرجل صرعه، وفر بقية الحراس؛ فصرخ المماليك: تكا يا منصور، وجعلوا قيودهم سلاحهم يقاتلون بها؛ فانتبه صراي تمر فزعاً، وهو لا يش أن تكا نائب القلعة ركب عليه؛ وأراد قتله؛ فقام من وقته ونزل فاراً من الإصطبل السلطاني إلى بيت الأمير قطلوبغا الحاجب؛ فملك بطا ورفقته الإصطبل السلطاني، واحتوى على ما فيه من قماش صراي تمر وخيله وسلاحه، وقبض على المنطاشية، وأفرج عن الظاهرية. ثم أمر فدقت الكوسات قريباً من نحو ثلث الليل الأول إلى أن أصبح الناس يوم الخميس؛ فرماهم الأمير تكا من أعلى الإصطبل، وساعده الجزء: 3 ¦ الصفحة: 377 الأمير مقبل أمير سلاح، ودمرداش القشتمري فيمن معهم. هذا، وقد تسامعت المماليك الظاهرية، وخرجوا من كل مكان، وساعدتهم المماليك اليلبغاوية إخوة الظاهر برقوق، وكسروا حبس الديلم، وبعثوا إلى خزانة شمائل، فكسروها، وأخرجوا من فيها من المماليك الظاهرية واليلبغاوية وغيرهم، فعند ذلك ركب صراي تمر وقطلوبغا الحاجب لقتال بطا وأصحابه؛ فنزل إليهم بطا وقاتلهم، وقد اجتمع عليه من العوام خلق كثير، وحصل بينهما بعض حروب؛ وانكسرت المنطاشية، وصعدوا إلى مدرسة السلطان حسن. فلما رأى تكا جمع بطا يتزايد وكسر صراي تمر، نزل من القلعة إلى الطبلخاناه، ورمى على بطا، فلم يلتفت بطا لذلك، وملك بيت قطلوبغا، وكثر جمعه، وقوى الحصار على من بالمدرسة، حتى طلبوا الأمان، وسلم تكا القلعة لسودون النائب، وأخذ بطا في الأمر والنهي، وملك الديار المصرية، وركب سودون النائب، ونادى بالأمان والإطمآن، وأن السلطان: الملك الظاهر برقوق. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 378 ثم كتب بطا إلى الملك الظاهر برقوق يخبره بما اتفق، وكتب إلى ولاة الأعمال بإحضار المنطاشية، والإفراج عن الظاهرية. وشرع بطا في قبض من استوحش منه، وتخلية سبيل من كان من جهة أستاذه الظاهر برقوق. ثم قدم كتاب الملك الظاهر برقوق بنصرته على منطاش؛ فصار بطا يأخذ في هذا الخبر ويعطي، ويخشى أن يكون هذا مكيدة من منطاش؛ لما في قلوب الناس من الشك في نصرة الظاهر برقوق على منطاش إلى أن ترادفت الأخبار بذلك، ونزل الملك الظاهر في يوم الثلاثاء رابع عشر شهر صفر سنة اثنتين وتسعين وسبعمائة بالريدانية - خارج القاهرة -؛ فخرج الأمير بطامع من خرج من الأمراء والمماليك؛ لتلقي السلطان حتى وصل إليه، وقبل الأرض بين يديه، فشكر له السلطان ما فعله، وطلع إلى القلعة، وخلع على أرباب الوظائف، فاستقر الأمير بطا الطولوتمري هذا أمير مائة ومقدم ألف بالديار المصرية، ودواداراً كبيراً؛ فباشر الدوادارية إلى شهر ذي القعدة من سنة ثلاث وتسعين وسبعمائة، نقل إلى نيابة دمشق عوضاً عن الأمير يلبغا الناصري، بعد القبض عليه وقتله - على ما يأتي ذكره إن شاء الله تعالى -؛ فتوجه بطا إلى دمشق، وحكمها نحو الشهرين. ومات في المحرم من سنة أربع وتسعين وسبعمائة، وتولى نيابة دمشق من بعده سودون طرنطاي. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 379 ولم تطل أيام بطا في السعادة، ليعرف حاله، ولكن حدثني جماعة من المماليك والدي قالوا: لما انتصر الظاهر برقوق على منطاش، أرسل والدي إلى الديار المصرية مبشراً بنصرته على منطاش. قال والدي - رحمه الله -: فتلمحت من بطا الوثوب على أستاذنا الملك الظاهر برقوق من كلامه؛ فردعته بالكلام الخشن حتى تحقق أنه لم يكن من هذا القبيل، فمن جملة كلامه لوالدي: يا أخي تغردي بردى، هل اجتمع على أستاذنا من الرجال المسمية أحد؟ فقال له والدي: معه جماعة إذا قهقروا خيولهم هدموا باب السلسلة بأكفالها، لا تكن صبي، لا أنت هذا القبيل، ولا أنا. انتهى. وبطا - بضم الباء الموحدة ثانية الحروف، وبعدها طاء مهملة وألف - ومعناه: الجمل الصغير، تصغيره: بطجق. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 380 باب الباء الموحدة والغين المعجمة بنت جوبان بغداذ خاتون بنت النوين جوبان. كان السلطان بوسعيد ملك التتار يحبها ويميل إليها ميلاً زائداً. وكان أبوها لا يدعها تقرب من بلاد الأردو ولكن تكون غائبة مع زوجها الشيخ حسن. فلما قتل بوسعيد أخاها دمشق خجا، وهرب أبوها جوبان، ثم قتل، ودخل أخوها تمرتاش إلى الديار المصرية، تمكن بوسعيد منها، وأخذها من زوجها، وصارت عنده مكينة، لها الحكم في الممالك، ولها وزيرة، وتركب في موكب من الخواتين، وتشد في وسطها السيف، وهرب منها علي باشاه، خال الجزء: 3 ¦ الصفحة: 381 بوسعيد. ولم تزل عند بوسعيد على ما هي عليه حتى مات. وتملك أربكون؛ فأخذها وقتلها في سنة ست وثلاثين وسبعمائة. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 382 باب الباء الموحدة والكاف بكا الخضري بكا بن عبد الله الخضري الناصري محمد بن قلاوون، الأمير سيف الدين. أحد الأمراء بالديار المصرية. كان من جملة أمراء الملك الناصر محمد بن قلاوون، ووقع له بعد موته أمور آلت إلى توسيطه بسوق الخيل، هو وثلاثة من مماليك السلطان، وعلق على باب زويلة ثلاثة أيام. نسب إلى الخروج مع رمضان بن الملك الناصر على أخيه السلطان الملك الصالح بن الناصر، وذلك في رجب سنة ثلاث وأربعين وسبعمائة. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 383 بكتاش الفقيه بكترش - وقيل بكتاش - أبو الفضل، وأبو شجاع، الفقيه الحنفي الأصولي، نجم الدين التركي الناصري، مولي الإمام الناصر لدين الله الخليفة العباسي. كان إماماً فاضلاً، بارعاً في الفقه والأصول والعربية، وتصدر للإقراء والتدريس والتصنيف. ومن تصنيفه: الحاوي في الفقه - نحو القدوري -، وله شرح على مصنف الطحاوي - في مجلد كبير سماه: النور اللامع والبرهان الساطع -، وغير ذلك. وسمع منه الحافظ شرف الدين الدمياطي ببغداد. وذكره الصاحب ابن العديم في تاريخ حلب، وقال: فقيه حسن، عارف بالفقه والأصول. وكان يلبس لبس الأجناد: القباء والشربوش. عرض عليه الإمام المستنصر بالله قضاء القضاة ببغداد، وأن يلبس العمامة؛ فامتنع من ذلك. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 384 وكان ورعاً، ديناً، خيراً، فقيهاً، فاضلاً، حسن الطريقة. ولم يتفق لي الاجتماع به حين قدم حلب، ولا حين قدمت بغداد. وتوفي بغداد في أوائل شهر ربيع الآخرة سنة اثنتين وخمسين وستمائة، ودفن إلى جانب قبر الإمام أبي حنيفة - رضي الله عنه - رحمه الله تعالى. بكتاش الفخري بكتاش بن عبد الله الفخري، الأمير بدر الدين، أمير سلاح الملك الصالح. كان مقدم العساكر المصرية إلى غزو سيس. وتوجه صحبته الأمير علم الدين سنجر الدواداري، وصاحب حماة، ونائب صفد؛ فوصلوا إلى بلاد سيس في شهر رجب سنة سبع وتسعين وستمائة؛ فأسروا، وقتلوا، وغنموا، ثم عادوا، وعاد الأمير بكتاش إلى الديار المصرية بعساكرها. وكان في الغزوة المذكورة مقدماً على جميع العساكر حتى على صاحب حماة. واستمر بالقاهرة حتى مات في سنة ست وسبعمائة، وقد نيف على السبعين. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 385 وكان أميراً جليلاً، خبيراً بالحروب، سديد الرأي، كثير الخير، سخياً، شجاعاً. رحمه الله تعالى. بكتاش الأستادار بكتاش بن عبد الله، الأمير بدر الدين، أستادار الأمير حسام الدين لاجين نائب دمشق. كان معدوداً من أعيان دمشق. توفي سنة ثلاث وتسعين وستمائة. الحاجب بكتمر بن عبد الله الحاجب، الأمير سيف الدين. كان أولاً من جملة أمراء الديار المصرية، وأمير آخوراً صغيراً، ثم أخرج إلى دمشق، وتولى بها شد الدواوين أيام الأفرم، ولم يكن لأحد معه كلام. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 386 وكان عارفاً خبيراً بالأحكام، دربا، خيراً، يرعى أصحابه ويقضي حوائجهم. ثم ولى الحجوبية بدمشق إلى أن توجه من دمشق صحبة الملك الناصر محمد بن قلاوون لما عاد من الكرك إلى الديار المصرية، وولاه الناصر محمد الوزارة، ثم قبض عليه لما قبض على أيدغدي شقير. وبقي في الاعتقال نحو سنة ونصف، ثم أخرجه السلطان إلى نيابة صفد، وأنعم عليه بمائة ألف درهم؛ لأنه كان قد أخذ منه مالاً كثيراً إلى الغاية؛ فباشر نيابة صفد عشرة أشهر، ثم طلب إلى الديار المصرية، وصار من جملة الأمراء الذين يجلسون في مجلس السلطان، وإذا تكلم السلطان في المشورة لا يرد عليه أحد غيره؛ لما عنده من المعرفة والخبرة. وكان قد تزوج بابنة الأمير آقوش نائب الكرك، وعمر له داراً ظاهر باب النصر - خارج القاهرة - وعمر بجانبها مدرسة. وكان مشكور السيرة، وعنده تعصب لمن يلوذ به، لا يبخل على أحد بجاهه ممن يقصده. وكانت رسالته مقبولة عند أرباب الدولة. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 387 وسرق له من خزانته مال كبير، قال إنه نحو من مائتي ألف درهم، وكان في الحقيقة أكثر من سبعمائة ألف درهم؛ فما جسر يظهر الكل؛ خوفاً من الملك الناصر محمد بن قلاوون. وكان قدو دار والي القاهرة؛ فرسم السلطان له أن يتبع ذلك، فيقال إن القاضي فخر الدين، وبكتمر الساقي، والجمالي الوزير تعاملوا في الباطن عليه، وحمل إليهم بعض العملة، فشرعوا يحتجون عن المتهمين. وإذا قال السلطان للوالي: إيش عملت في عملة الأمير بكتمر، يقول فخر الدين: يا خوند، لعن الله ساعة هذه العملة، كل يوم تموت الناس تحت المقارع، وإلى متى يقتل المتهم الذي لا ذنب له؟ ثم في آخر الحال وقف بكتمر الحاجب للسلطان في دار العدل وشكا وتضور، فأحضر السلطان الوالي وسبه؛ فقال: يا خوند، اللصوص الذين أمسكتهم أقروا بأن خزنداره سيف الدين بخشى اتفق معهم على أخذ المال وجماعة من ألزامه؛ فقال السلطان للجمالي الوزير: أحضر هؤلاء المذكورين وعاقبهم؛ فأحضرهم وعصر بخشى الخزندار، وكان عزيزاً عند بكتمر قد أزوجه ابنته، وهو واثق بعقله ودينه وأمانته؛ فقال يا خوند: أنا والله الذي تحت يدي لأستاذي ما يعرفه ولا يدري كم هو، فما يحتاج أن أخلي غيري يأخذ معي. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 388 فلما بلغ بكتمر عصر بخشى وجماعته، علم أن ماله قد راح، فحصل له غيظ عظيم، وغم وغبن؛ فمات فجأة من الظهر إلى العصر سنة ثمان وثلاثين وسبعمائة. وكان له حرص عظيم على جمع المال إلى الغاية. وكان له الأملاك الكثيرة في كل مدينة، بحيث أنه كان له في كل مدينة ديواناً فيه مباشرون. وكان له قدور تطبخ فيها الحمص والفول وغير ذلك من الأواني التي تكرى. وكان بخيلاً جداً. قال الشيخ صلاح الدين الصفدي - رحمه الله -: حكى لي الشيخ فتح الدين ابن سيد الناس قال: كنت عنده يوماً، وبين يديه صغير من أولاده، وهو يبكي ويتعلق في رقبته، ويبوس صدره. فلما طال ذلك من الصغير، قلت له: يا خوند، ما له؟ قال: شيطان يريد قصب مص؛ فقلت: يا خوند، اقض شهرته. قال، فقال: يا بخشى سير إلى السوق أربع فلوس، هات له عوداً. فلما حضر العود القصب وجدوا الصغير قد نام مما تعنى وتعب في طلب القصب؛ فقال الأمير: هذا قد نام، ردوا العود، وهاتوا الفلوس. ولما مات أخذ السلطان الملك الناصر محمد بن قلاوون من ماله شيئاً كثيراً إلى الغاية. انتهى. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 389 قلت: وهكذا كان غالب ذريته من بعده في البخل والخسة، عفا الله عنهم. الساقي بكتمر بن عبد الله الركني الساقي الناصري. كان أولاً من مماليك الملك المظفر بيبرس الجاشنكير، ثم انتقل إلى الملك الناصر محمد بن قلاوون؛ فحظي عنده، وجعله ساقياً. وكان غريباً في بيت السلطان؛ لأنه لم يكن له بخجداش، فكان هو وحده وسائر الخاصكية حزباً عليه. وعظمت مكانته عند السلطان، وزادت محبته له. ولما مات طغاي الكبير، كان تنكز نائب الشام منتمياً إليه؛ فقال السلطان لتنكز: خل بكتمر يكون أخاك عوض طغاي. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 390 قال ابن أيبك: كان يقال إن السلطان وبكتمر لا يفترقان، إما أن يكون بكتمر عند السلطان، وإما أن يكون السلطان عند بكتمر، ولا يأكل إلا في بيت بكتمر مما تطبخه له أم أحمد بن بكتمر في قدور فضة، وينام عندهم ويقوم، حتى كان الناس يظنون أن أحمد بن السلطان مما يحبه ويبوسه ويحمله. وكان بكتمر قد عظم ذكره عند الناس وتسامعوا به، فإذا أهدى الناس إلى السلطان شيئاً كان مثله لبكتمر، والذي يجيء إلى السلطان يكون أيضاً غالبه لبكتمر؛ فعظمت أمواله. وكان في إصطبله مائة سطل نحاساً لمائة سائس ستة أرؤس، غير ماله في الجشارات، ومع ذلك لم يكن له حماية ولا رعاية، ولا لغلمانه ذكر. وكان باب إصطبله يغلق من المغرب، وما لأحد به حس. وعمر تلك العمارة التي على بركة الفيل، وكان قد استخدم فيها نور الدين الجزء: 3 ¦ الصفحة: 391 الفيومي، وكان صاحبي؛ فقلت له: كم نفقة العمارة كل يوم؟ قال: تبلغ ألف وخمسمائة درهم مع جاه العمل؛ لأن العجل من عند السلطان، والحجارين والفعلة من المحابيس؛ فقلت له: فكم يكون مقدار ذلك لو لم يكن جاء العمل؟ فقال لي: على القليل كل يوم ثلاثة آلاف درهم. وأقاموا يعمرون فيها مدة عشرة أشهر، وخرجت أنا من القاهرة وهم يعملون في الحوش، ولم يكونوا وصلوا إلى الرخام، ولا اللازورد، ولا الذهب، ولا عرق اللؤلؤ. انتهى. قلت: وهذه الدار بالقرب من الكبش، تعرف بقصر بكتمر، ملكناها في حدود سنين العشرين وثمانمائة، وابتاعها منا غصباً الأمير تمرباي رأس نوبة النوب في سنة ست وأربعين وثمانمائة، بنحو ألف دينار، بحكم القيراط من مصروفها، انتهى. قال الصفدي: ولما توفى بكتمر بطريق الحجاز عائداً سنة ثلاث وثلاثين وسبعمائة، خلف من الأموال والجواهر والأصناف والأمتعة والقماش ما يزيد عن الحد. قال لي المهذب كاتبه: أخذ السلطان من خيله أربعين فرساً، قال: هذه لي وهبته إياها. وأبيع الباقي على ما انتهبه الخاصكية، وأخذوه بالثمن الجزء: 3 ¦ الصفحة: 392 البخس، بما مبلغه ألفا ألف درهم ومائتا ألف درهم وثمانون ألف درهم، خارجاً عما في الجشارات. وأنعم السلطان بالزرد خاناه والسلاح خاناه التي له على الأمير قوصون بعد ما أخذ منها سرجاً واحداً وسيفاً واحداً؛ فقال المهذب: قيمتها ستمائة ألف دينار. وأخذ السلطان له ثلاثة صناديق جوهر مثمناً ما لا يعلم لها قيمة، وأبيع له من: الآلات، والصيني، والكتب، والمصاحف، والربعات، والبخاري نسخ مختلفة. ومن الأدوية والمطعم وغير ذلك، والفراء الوبر، والأطلس وأنواع القماش السكندري والبغدادي وغير ذلك شيء كثير إلى الغاية المفرطة، دام البيع في ذلك مدة شهور. وكان مع ذلك كله وافر العقل والسكون والحرمة والحشمة، قريباً من الناس، يتلطف بهم، ويسوسهم أحسن سياسة، ومن دخل في أمره قضى شغله على أكمل الوجوه. وكان السلطان لا يخالفه في شيء، وإذا أنعم على أحد بوظيفة أو غير ذلك يقول: روح إلى الأمير بوس يده. وكان يحجر على السلطان ويمنعه كثيراً عن أشياء من المظالم والعسف - ظهرت من السلطان بعد موته -. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 393 ولما توجه السلطان إلى الحجاز توجه معه سنة اثنتين وثلاثين وسبعمائة، وظهر بتجمل زائد، وحشمة وافرة. كنت بسرياقوس لما خرجوا، ورأيت ما هالني، وخرج ساقه للناس كلهم، فكان ثقله وبركه نظير ما للسلطان، ولكن يزيد على ذلك بالزركش وآلة الذهب. وتنكر له السلطان في الطريق، واستوحش كل منهما من الآخر. فاتفق أنهم في العود مرض ولده أحمد، ومات قبل والده بثلاثة أيام، ثم إن بكتمر مات بعد ذلك. وكان السلطان قد عمل أحمد في تابوت وحمله معه. فلما مات أبوه بكتمر دفن الاثنين في الطريق عند نخل، وحث السير بعد ذلك. وكان السلطان في تلك السفرة لا يبيت إلى في برج خشب وبكتمر عنده، وقوصون على الباب، والأمراء المشايخ كلهم حول البرج ينامون بسيوفهم. فلما مات بكتمر، ترك المبيت بالبرج؛ فعلم الناس أن ذلك كان خوفاً من بكتمر. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 394 ووجد في خزانة بكتمر في طريق الحجاز خمسمائة خلعة، منها ما هو أطلس بطرز زركش، وحوائص ذهب، وكلوتات وما دون ذلك من خلع المتعممين ومن دونهم من الأمراء الأجناد. ووجدوا - على ما قيل - فيها قيوداً وزناجير، والله أعلم بحقيقة ذلك في الباطن. ويقال إنه لما مرض، دخل إليه السلطان يوماً، فقال له بكتمر: بيني وبينك الله تعالى؛ فقال له السلطان: كل من عمل شيئاً يلتقيه. ولما مات صرخت زوجته أم أحمد، وبكت إلى أن سمعها الناس تتكلم بكلام قبيح في حق السلطان، من جملته: أنت تقتل مملوكك، إيش كان ولدي فقال: بس تفشري، هاتي مفاتيح صناديقه، فأنا كل شيء أعطيته من الجوهر أعرفه واحداً واحداً؛ فرمت إليه المفاتيح؛ فأخذها. ولما حضر السلطان إلى القلعة أظهر الندم عليه والأسف، وأعطى أخاه إمرة مائة وتقدمة ألف، وقال: ما بقي يجينا مملوك مثل بكتمر. ثم إنه أمر بحمل رمته ورمة ولده أحمد من طريق الحجاز، وأحضرهما إلى تربيتهما بالقرافة. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 395 وكان للزمان به جمال، ولبيت السلطان به رونق عظيم. جاء أحمد بن مهنا بعد موته إلى القاهرة؛ فقال: بيت السلطان الآن يعوز شيئاً، وذلك الشيء هو كان بكتمر الساقي. ويقلا إنه لما مرض في طريق الحجاز كان في محفة سائراً، والسلطان خلفه بقدر رمية نشاب يسير، فإذا أوقفوه وقف، وإذا مشوا به مشى. وتجهز إليه بغا الدوادار يكشف خبره. فلما جاء إليه وقال: يا خوند مات ساقٍ في مماليكه الخاصكية، وقال للأمير سيف الدين الحاج بهادر المعزي: يا أمير، قف غسله، وادفنه هو وولده في هذا المكان. وخلاه، وحث السير؛ فنزل الأمير سيف الدين قوصون عن هجينه بعد ما عرج عن الطريق يظهر أنه يريق الماء، واستند إلى الهجين، وجعل يبكي والمنديل على عينيه، فقال له المملوك الذي معه: يا خوند إيش تبكي، أما كان عدوك فقال والك، أنا ما أبكي إلا على نفسي، هكذا يفعل بكتمر ومن فينا مثل بكتمر؟ ومن بقي بعد بكتمر؟ ما بقي إلا أنا الجزء: 3 ¦ الصفحة: 396 وكان بكتمر من أحسن الناس شكلاً، حسن الوجه، له لحية مدورة حمراء بسواد يسير، أبيض، ساطع البياض مشرباً بحمرة، قده مليح، وعبارته عذبه. وكان إذا ركب في القاهرة ركب في مائتي نفس، ويركب نقيب النقباء والنقباء في خدمته. وقصره في سرياقوس، بخلاف قصور بقية الأمراء، لأنه قبالة قصر السلطان، بحث أنهما كانا يتحادثان من داخل القصرين. وعمر له بالقرافة خانقاة وتربة مليحتين، وكان عوناً لمن انتمى إليه، وركناً عظيماً، ومروءة زائدة. ولما تزوج آنوك ابن الملك الناصر بابنته كنت بالقاهرة، ورأيت الشوار الذي حمل من داره إلى القلعة. انتهى كلام الشيخ صلاح الدين الصفدي، رحمه الله. ؟ المؤمني بكتمر بن عبد الله المؤمني، الأمير سيف الدين. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 397 كان من جملة الأمراء بالديار المصرية، ثم ولى نيابة الإسكندرية، ثم ولى نيابة حلب، عوضاً عن الأمير علاء الدين على المارديني، فساءت سيرته بها؛ فعزل بالأمير بيدمر البدري، وقبض عليه، ثم صار بعد ذلك أمير آخوراً بالديار المصرية إلى أن توفى بها في سنة إحدى وسبعين وسبعمائة. وكان أميراً شديد البأس، ذا أخلاق شرسة، يميل إلى الظلم، إلا أنه كان قديم الهجرة، ذا مهابة، ومعرفة، وتدبير، ودهاء. عفا الله عنه. بكتمر الجوكندار بكتمر بن عبد الله الجوكندار، الأمير سيف الدين. كان أحد الأمراء الذين يشار إليهم أيام سلار وبيبرس الجاشنكير، ثم إنهما عملا عليه وأخرجاه إلى قلعة الصبيبة نائباً بها، فأقام هناك مدة، ثم نقل الجزء: 3 ¦ الصفحة: 398 إلى نيابة صفد بعد موت الأمير سنقر شاه المنصوري، وكان في خدمته إذ ذاك ثمانمائة مملوك، حتى كان إذا ركب فيهم كانوا قريباً من عسكر صفد؛ فأقام في نيابة صفد نحو سنتين. فلما حضر الملك الناصر محمد بن قلاوون من الكرك، لاقاه إلى دمشق، وحضر معه إلى القاهرة؛ فجعله الملك الناصر نائب السلطنة بالديار المصرية. وكان الملك الناصر يدعوه يا عمي. وله ولد يسمى محمد، كان هو والسلطان لا يتفارقان، وكان السلطان يدعوه: يا أخي. قال الشيخ صلاح الدين: ولما كان في بعض الأيام والسلطان متوجه إلى المطعم، بكتمر بإزائه، خرج السلطان من السرج، ومال إليه، وقال: يا عمي ما بقي في قلبي من أحد من هؤلاء الأمراء أن أمسكه إلا فلان وفلان، وذكر له أميرين، فقال له: يا خوند ما تطلع من المطعم إلا وتجدني قد أمسكتهما. وكان ذلك يوم الثلاثاء؛ فقال له السلطان: لا يا عمي ألا دعهما إلى يوم الخميس أو الجمعة نمسكهما في الصلاة إذا فرغنا منها. فقال: السمع والطاعة. ثم إنه جهز إليه تشريفاً هائلاً، ومركوباً معظماً. فلما كان يوم الخميس قال له: غداً نمسكهما. فلما كان يوم الجمعة قال له في الصلاة: أين هما؟ قال: حاضران؛ فقال: يعد الصلاة تقدم بما قلت لك. فلما انقضت الصلاة، قال: الجزء: 3 ¦ الصفحة: 399 يا عم، ما لي وجه أراهما واستحيي منهما، ولكن أمسكهما إذا دخلت أنا إلى الدار، وتوجه بهما إلى المكان الفلاني تجد منكلي بغا وقجماس، فسلمهما إليهما وروح. فلما أمسكهما، وتوجه بهما إلى المكان المذكور له، وجد الأميرين قجماس ومنكلي بغا هناك، فقاما إليه، وقالا له: عليك سمعاً وطاعة لمولانا السلطان، وأخذا سيفه؛ فقال لهما: يا خجداشية، ما هو هكذا الساعة كما فارقته؟، وقال أمسك هؤلاء، فقالا: ما القصد إلا أنت، فأمسكاه، وأطلقا الأميرين. وكان ذلك آخر العهد به بتاريخ سنة إحدى عشرة وسبعمائة تقريباً. وكان فيه خير وبر للصلحاء، وحج حجة أنفق فيها شيئاً كثيراً، وأعطى المجاورين بالحرمين الذهب والقمصان والقمح. وكان لا يحب سفك الدماء؛ فكان في صفد إذا أحضروا القاتل ضربه ضرباً مبرحاً، قريباً من السبعمائة عصا، ورماه في الحبس ويقول: الحي خير من الميت؛ فكثر الفساد في صفد وبلادها. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 400 وكان هو وولده محمد في اللعب بالكرة فارسين، وولده أفرس منه. وكان له من الأولاد محمد وخليل وإبراهيم وأحمد - فيما أظن -. وكان يكثر اللعب بالكرة في صفد، ويضرب له حاماً على قرية بيربا - ظاهر صفد -، ويقيم هناك هو وحريمه أياماً، ويعمل الموكب هناك، ودور العدل. وعمر المغارة التي بصفد، وأنشأ بها صهريجاً، ودفن بها زوجته، ورتب للمغارة والصهريج على الديوان السلطاني مرتباً، وهو إلى اليوم. ولما كان السلطان في الكرك كان يكتب إليه وإلى ابنه ناصر الدين محمد كثيراً ويخاطبه: يا أخي قل لعمي كذا، وطول روحك إلى أن يقدر الله لنا الخير. انتهى كلام الشيخ صلاح الدين، رحمه الله تعالى. السلاح دار بكتمر بن عبد الله السلاح دار، الأمير سيف الدين. هو من مماليك الملك الظاهر بيبرس، وممن تأمر في الدولة المنصورية الجزء: 3 ¦ الصفحة: 401 قلاوون، ودام على ذلك إلى أن عاد الملك الناصر محمد إلى الملك ثانياً، فر مع من فر من الأمراء إلى غازان - ووقع ما سنذكره إن شاء الله تعالى في غير هذا الموضع -؛ فأقام هناك مدة، ثم قدم إلى الديار المصرية، وصار بها من جملة الأمراء إلى أن توفى بها سنة ثلاث وسبعمائة رحمه الله تعالى. الركني بكتمر بن عبد الله الركني، الأمير سيف الدين. أنشأه الملك الظاهر برقوق، وأنعم عليه بإمرة عشرة، ثم طبلخاناه، ثم صار في الدولة الناصرية فرج أمير مائة ومقدم ألف، ثم نقل إلى إمرة مجلس، ثم إلى إمرة سلاح، ثم خلع في شوال سنة خمس وثمانمائة باستقراره رأس نوبة الأمراء - وهذه الوظيفة مفقودة الآن - واستقر عوضه في إمرة سلاح الأمير تمراز الناصري. واستمر على ذلك مدة، ثم أغطت رتبته، وتولى نيابة صفد عوضاً عن الأمير بكتمر شلق - الآتي ذكره - بعد انتقاله إلى نيابة طرابلس؛ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 402 وذلك في ذي الحجة سنة سبع وثمانمائة، وأظنه مات بها بعد ذلك بيسير، والله أعلم. شلق بكتمر بن عبد الله الظاهري، المعروف بكتمر شلق، الأمير سيف الدين. أصله من مماليك الملك الظاهر برقوق ومن خاصكيته، ثم أنعم عليه بإمرة عشرة، ثم طبلخاناه إلى أن مات الظاهر برقوق، صار في دولة ابنه الملك الناصر فرج أمير مائة ومقدم ألف بديار مصر، ثم ولى نيابة صفد؛ فتوجه إليها وباشر نيابتها، ووقع له فيها أمور ووقائع مع الأمير شيخ المحمودي، ثم اصطلحا وتحالفا على الخروج عن طاعة الناصر فرج، وذلك في يوم الاثنين الحادي والعشرين من شهر رمضان سنة سبع وثمانمائة. فكانت مدة الحرب بينهما اثنين وعشرين يوماً، وقتل بينهما خلائق. واستمر بكتمر المذكور على نيابة صفد على طاعة السلطان إلى أن توجه الجزء: 3 ¦ الصفحة: 403 الأمير شيخ المذكور والأتابك يشبك الشعباني وقرا يوسف وغيرهم من الأمراء إلى الديار المصرية - وهي وقعة السعيدية -؛ فطرقه أيضاً الأمير يشبك بصفد، وحصل بينهما قتال شديد، ثم عاد يشبك عن صفد بغير طائل. ولما حصل للأمراء ما حصل، وتشتت شملهم بعد وقعة السعيدية، نقل بكتمر هذا إلى نيابة طرابلس - عوضاً عن الأمير شيخ السليماني - وولى عوضه صفد الأمير بكتمر الركني - المقدم ذكره -؛ فدخلها، وباشر نيابتها إلى شهر جمادى الآخرة من سنة ثمان وثمانمائة قصده الأمير شيخ المحمودي والأمير نوروز الحافظي، وهو نازل على حمص؛ ففر بكتمر منهما؛ فتوجها إلى طرابلس، واستوليا عليها. فلما كان الصلح بين الناصر فرج وبين أمرائه، استقر الأمير شيخ في نيابة دمشق، وأنعم بطرابلس على الأمير جكم مضافاً إلى حلب. وكتب إلى الأمير نوروز بالتوجه إلى القدس بطالاً، ورسم للأمير بكتمر شلق هذا بأن يكون أتابك دمشق؛ فدام في أتابكية دمشق إلى أن فر الأمير نوروز، نقل إلى نيابة صفد ثانياً بأمر الأمير جكم من عوض نائب حلب، بعد أن تسلطن جكم بحلب، وسمى نفسه بالملك العادل، وذلك في رابع شوال سنة تسع وثمانمائة، فلم يقم فيها إلا مدة يسيرة، وقدم عليه الأمير شيخ المحمودي فاراً من الأمير نوروز، وأخذ مدينة صفد منه؛ فتوجه بكتمر المذكور إلى القاهرة، الجزء: 3 ¦ الصفحة: 404 فأنعم عليه السلطان بإمرة مائة وتقدمة ألف بها. ولما توجه الملك الناصر فرج إلى البلاد الشامية كان الأمير بكتمر هذا صحبته، وولاه نيابة طرابلس ثانياً، وجعله نائب الغيبة بدمشق إلى أن يعود إليها نائبها الأمير نوروز الحافظي؛ فطرقه الأمير شيخ المحمودي بغتة ومعه الأمير يشبك الشعباني والأمير جاركس القاسمي المصارع، وأجلاه عن دمشق؛ فتوجه بكتمر إلى بعلبك؛ فوافاه الأمير نوروز ببعلبك؛ فقوى أمر بكتمر. وكان قد خرج في إثر بكتمر من دمشق الأمير يشبك والأمير جركس؛ فلما ورد خبرهما على بكتمر خرج إليهما الأمير نوروز بمن معه، والتقى معهما؛ فكان بينهم وقعة قتل فيها الأتابك يشبك الشعباني وجاركس القاسمي المصارع - حسبما سنذكره في ترجمتهما إن شاء الله تعالى -. ثم توجه بكتمر إلى طرابلس وتولى يشبك بن أزدمر نيابة حماة. ودام بكتمر في نيابة طرابلس إلى أن اصطلح الأمير نوروز الحافظي مع الأمير شيخ المحمودي على القبض على بكتمر المذكور، وقبض عليه، وقيد؛ وتوجه به إلى قلعة دمشق؛ فسجن بها في يوم الخميس سابع شهر رجب سنة عشرة وثمانمائة، ثم أفرج عنه لما اصطلح السلطان مع الأمير شيخ، وأعاده إلى نيابة دمشق، وأخلع على بكتمر المذكور أيضاً بإعادته إلى نيابة طرابلس؛ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 405 فباشر نيابتها مدة، ووقع بينه وبين نوروز الحافظي وقعة عند توجهه إلى مدينة صفد، ثم سار الأمير بكتمر وصحبته الأمير جانم إلى غزة، ونزح عنها الأمير سودون تلي المحمدي - وكان بها من قبل نوروز - ثم عاد إلى محل كفالته، واستمر إلى أن توجه الملك الناصر فرج إلى البلاد الشامية، ووصل إلى دمشق، وقدم عليه الأمير بكتمر هذا، وأخلع عليه الملك الناصر، واستقر به في نيابة دمشق، عوضاً عن الأمير شيخ المحمودي، وذلك في عشرين شهر ربيع الأول سنة اثنتي عشرة وثمانمائة. ثم توجه السلطان في أثر الأمراء إلى أن وصل إلى قلعة صرخد وحصرهم بها، ثم اصطلحا على أن يكون بكتمر في نيابة دمشق، والأمير شيخ في نيابة طرابلس. وعاد السلطان إلى دمشق، وعقد بكتمر على ابنته بحضرته وحضرة أعيان الدولة؛ فعظم بكتمر بصهارة الملك الناصر. ثم سار السلطان يريد القاهرة، واستمر بكتمر في نيابة دمشق إلى شهر جمادى الأولى من السنة؛ طرقه الأمير شيخ، واستولى على دمشق، وفر بكتمر إلى صفد، ثم إلى القاهرة، وصحبته من الأمراء الأمير بردبك نائب حماة، والأمير نكباي حاجب حجاب دمشق، والأمير ألطنبغا العثماني، والأمير يشبك الموساوي الأفقم نائب غزة؛ فخرج الملك الناصر إلى تلقيهم، ودخل بهم من باب النصر، وشق القاهرة، وأنعم على الأمير بكتمر بإمرة مائة وتقدمة ألف، وجعله رأس الميسرة، ودام بالقاهرة إلى أن زفت إليه بنت السلطان الملك الناصر فرج في المحرم سنة ثلاث عشرة وثمانمائة. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 406 ثم توجه الملك الناصر إلى البلاد الشامية، وأخلع عليه أيضاً بنيابة دمشق ثانياً، وحصر السلطان الأمراء بالكرك، وطال الأمر في ذلك إلى أن مشى القوم في الصلح؛ فطلب الأمراء من الملك الناصر عدم ولاية بكتمر لدمشق وقالوا: لا يكون بكتمر في نيابة دمشق ونحن في غيرها؛ فإن كان ولا بد؛ فيكون الأمير الكبير تغري بردى - يعني والدي -. فاستقر والدي في نيابة دمشق على كره منه، واستقر الأمير شيخ في نيابة حلب، والأمير نوروز في نيابة طرابلس. وعاد السلطان إلى القاهرة ومعه الأمير بكتمر المذكور، ودام بها إلى أن تجرد السلطان إلى البلاد الشامية في سنة أربع عشرة وثمانمائة، وجعل بكتمر المذكور جاليشاً، وصحبته عدة من أعيان الأمراء. فلما وصلوا إلى دمشق توجهوا الجميع - يعني بكتمر ورفقته - إلى جهة الأميرين نوروز وشيخ، واستمروا من حزبهما إلى أن انكسر الملك الناصر فرج وقتل، وصار الأمر للخليفة ومدبر المماليك الأمير شيخ المحمودي؛ فكان بكتمر هذا معه كالقسيم في تدبير الممالك؛ فلم تطل أيامه بالقاهرة، ومات بعد مرض طويل في ثامن جمادى الآخرة سنة خمس عشرة وثمانمائة، وخلا الجو بموته للأمير شيخ، وتسلطن بعد ذلك بمدة. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 407 وكان بكتمر أميراً مهاباً، شجاعاً، مقداماً، كريماً، ذا شكل مليح، وسمت ووقار، وله مكارم مشهورة عنه، وهو أحد أوصياء والدي على تركته، رحمه الله تعالى. السعدي بكتمر بن عبد الله السعدي، الأمير سيف الدين. أحد أمراء الطبلخاناه بالديار المصرية. أصله من مماليك القاضي الأمير سعد الدين إبراهيم بن غراب ودواداره. وإليه ينتسب بالسعدي. اشتراه سعد الدين في صغره، ورباه في حجر نسائه، وعلمه القرآن؛ فنشأ على أجمل طريقة وأحسن سيرة من الديانة، وطلب العلم والمعرفة بأنواع الفروسية. وترقى بعد موت أستاذه إلى أن صار أمير شعرة، ثم طبلخاناه. وأرسله الملك المؤيد شيخ إلى بلاد اليمن رسولاً؛ فتوجه إلى اليمن، ثم عاد إلى الديار المصرية بعد ما أظهر بتلك البلاد من جميل صفاته وغزير عقله وقوة جنانه ما أذهل ملوك اليمن. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 408 واستمر على إقطاعه وإمرته إلى أن مات في يوم الخميس لثلاث عشر مضين من شهر ربيع الأول سنة إحدى وثلاثين وثمانمائة، وسنه زيادة على خمسين سنة تقريباً. ولم يخلف بعده في أبناء جنسه مثله، ديناً، وعقلاً، وفضلاً وشجاعة، وسؤددا. وكان رومي الجنس، طوالاً، جميلاً، مجسماً، ذا قوة مفرطة يضرب بها المثل، ذا شكالة حسنة ولفظ فصيح، بادره الشيب في مقدم لحيته قديماً، وكانت بيننا صحبة ومحبة. ولما أن جاورت بمكة المشرفة في عام اثنتين وخمسين وثمانمائة، واجتمعت بمكة بمؤرخها وشاعرها الشيخ الأديب قطب الدين أبي الخير محمد بن عبد القوي المغربي، ثم المكي المالكي، وتكرر ترداده إلي، وتجارينا في الأديبات وأيام الناس من غير أن أذكر له الأمير بكتمر السعدي هذا؛ فأخذ الشيخ أبو الخير في بعض الأيام في الثناء على الأمير بكتمر والترحم عليه، ثم أنشدني من لفظه لنفسه: وحبيني في الترك يحيى بن سنقر ... ويوسف مولانا وبكتمر السعدي فإن قيل لي أي الثلاثة يرتضى ... لأفعل قلت: الحي واسطة العقد الجزء: 3 ¦ الصفحة: 409 ثم إني سألت الشيخ أبا الخير المذكور عن يحيى بن سنقر المذكور في البيتين؛ فوصف لي شخصاً من الشاميين، ونعته بكل فضيلة ومحاسن جمة. رحمه الله تعالى. انتهى. العزيزي بكتوت بن عبد الله العزيزي، الأمير سيف الدين، أستادار الملك الناصر يوسف صاحب دمشق. كان ذا حرمة وافرة، ورتبة عالية، ومهابة شديدة، ويد مبسوطة، وله الإقطاعات الضخمة والأموال الجمة. وكان شجاعاً، جيد السياسة. وكانت بينه وبين ابن وداعة عداوة، يقال هو الذي سمه في بطيخة. ومنذ توفى بكتوت وقع الخلل في أحوال الملك الناصر. وكانت وفاته سنة ست وخمسين وستمائة، مجرداً بالنواحي القبلية. رحمه الله تعالى. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 410 الأفرعي بكتوت بن عبد الله الأفرعي، الأمير بدر الدين. كان يلي شد دمشق في أيام الظاهر بيبرس، وعزل أيام الملك السعيد ابنه، وولى شد الصحبة للملك المنصور قلاوون، وهو الذي ضيق على قاضي القضاة ابن الصائغ أنه لا يقبل الرشاء. وكان ظالماً جباراً. توفى سنة أربع وتسعين وستمائة، ورثاه الشيخ الأديب علاء الدين الكندي الوداعي: خبا البدر الذي قد كان يهدي ... إلى سبل النزاهة والصيانة فقل للدهر إن عزيت فيه ... يطيل الله عمرك في الأمانة العلائي بكتوت بن عبد الله العلائي، الأمير بدر الدين. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 411 كان أولاً من أعيان أمراء دمشق، ثم انتقل إلى القاهرة، وعلت رتبته بها في الدولة الأشرفية خليل بن الملك المنصور قلاوون. وقيل إنه ولى نيابة دمشق في أوائل دولة المنصور قلاوون. وكان أميراً ضخماً، شجاعاً، وافر الحرمة، والمهابة. توفى سنة ثلاث وتسعين وستمائة. رحمه الله. المحمدي بكتوت بن عبد الله المحمدي، الأمير بدر الدين. قال الشيخ صلاح الدين في تاريخه: أخبرني الشيخ أثير الدين أبو حيان من لفظه قال: كان المذكور قد اشتغل علي بيسير من النحو، وأنشدني لنفسه: بجلقٍ لي حبيب ... بوصله لا يجود فقلبه قاسيون ... ودمع عيني يزيد وأنشدني لنفسه: من لي بطبي غريرٍ ... باللحظ يسبى الممالك إذا تبدى بليلٍ ... جلا سناه الحوالك من حور رضوان أبهى ... لكنه نجل مالك الجزء: 3 ¦ الصفحة: 412 الخوارزمي بكتي بن عبد الله الخوارزمي، الأمير سيف الدين. كان من أكابر الأمراء. توفى سنة ست وثمانين وستمائة. أمير شكار 753 - هـ ... ... - 1352م بكلمش بن عبد الله الناصري، الأمير سيف الدين. كان الملك الناصر حسن أمره، ثم جعله أمير شكاراً، ثم نقله في سنة إحدى وخمسين وسبعمائة إلى نيابة طرابلس - عوضاً عن الأمير بدر الدين مسعود بن الخطير -؛ فباشر نيابة طرابلس على أقبح وجه، وساءت سيرته، ودام بها إلى أن الجزء: 3 ¦ الصفحة: 413 توجه إلى صفد في واقعة الأمير أحمد الساقي، وحصره في القلعة، ثم عاد إلى طرابلس. ولم يزل بها إلى أن خرج مع يبغا أرس سنة ثلاث وخمسين وسبعمائة وأحمد الساقي، ووصلوا إلى دمشق؛ فمات بكلمش هذا في برج دمشق في السنة المذكورة. العلائي بكلمش بن عبد الله العلائي، أمير سلاح، الأمير سيف الدين. أصله من مماليك الأمير طيبغا الطويل، وتنقلت به الخدم إلى أن صار في دولة الملك الظاهر برقوق الأولى أمير طبلخاناه ورأس نوبة. ودام على ذلك إلى أن خلع الملك الظاهر برقوق، وحبس بالكرك، قبض على بكلمش هذا أيضاً، وحبس الجزء: 3 ¦ الصفحة: 414 مع من قبض عليه من حواشي برقوق إلى أن خرج الظاهر برقوق من حبس الكرك وعاد إلى ملكه - حسبما ذكرناه في محله - أنعم على بكلمش المذكور بإمرة مائة وتقدمة ألف، وجعله أمير آخوراً كبيراً، فاستمر على ذلك مدة سنين إلى أن قبض عليه وحبسه مدة يسيرة. ثم أطلقه وجعله أمير سلاحاً؛ فاستمر على ذلك إلى سنة ثمانمائة. فلما كان تاسع عشرين المحرم من السنة قبض الملك الظاهر عليه وعلى كمشبغا الحموي الأمير الكبير، وحملا إلى الإسكندرية من الغد صحبة الأمير سودون الطيار - قاله المقريزي، وقال العيني: سودون الظريف -؛ فسجنا بالثغر مدة، ثم أفرج السلطان عن الأمير بكلمش صاحب الترجمة، ووجهه إلى القدس بطالاً، فأقام بالقدس إلى أن مات في شهر صفر سنة إحدى وثمانمائة. رحمه الله تعالى. وكان أميراً شجاعاً، مقداماً، ذا كلمة نافذة في الدولة وحرمة، وافرة. وكان خصيصاً عند الملك الظاهر برقوق، مدلاً عليه. وكان يبالغ السلطان بالكلام الخشن وله كرم وإنعام مع تكبر، وجبروت، وخلق سيئ، وسطوة، وبادرة على من حنق عليه؛ ولهذا المعنى قبض عليه الظاهر، وهو أنه ضرب موقعه الجزء: 3 ¦ الصفحة: 415 القاضي صفي الدين الدميري وصادره؛ فشكى صفي الدين حاله إلى السلطان، ومدح السلطان بأبيات تتضمن ذم بكلمش، ومن جملتها قوله: أتأكلني الذئاب وأنت ليث؛ فسمع بذلك بكلمش؛ فطلبه، وضربه ثانياً بالمقارع. وكلما كانوا يضربونه يرشون عليه الملح، فكلما كان يستغيث ويصرخ يقول له بكلمش: قل لليث يخلصك من الذئب، فلم يزل يعاقبه حتى كان موته من تلك العقوبة؛ فبلغ السلطان ذلك؛ فتوغر خاطره عليه مع ما صدر منه من تحريض مماليكه على محاربة مماليك الأتابك أيتمش؛ فكان هذا هو السبب للقبض عليه. ولما قبض عليه أنعم الملك الظاهر برقوق بإقطاعه ووظيفته إمرة سلاح، على والدي. رحمه الله تعالى. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 416 باب الباء واللام الزيني بلبان بن عبد الله الزيني الصالحي، الأمير سيف الدين، مقدم البحرية في أوائل دولة الأتراك. حبسه الملك الظاهر بيبرس مدة يسيرة ثم أطلقه، وجعله أميراً بدمشق. وكان ذا نهضة وشهامة؛ فدام بدمشق إلى أن مات في سنة سبع وسبعين وستمائة. رحمه الله تعالى. النوفلي بلبان بن عبد الله النوفلي العزيزي، الأمير ناصر الدين، أحد أمراء دمشق. كان من أعيان العزيزية، وكان فيه دين وخير، وتوجه صحبة الجيش الجزء: 3 ¦ الصفحة: 417 لغزو سيس سنة ثمان وسبعين وستمائة؛ فمات في المعترك. رحمه الله. وأصله من مماليك الملك العزيز صاحب حلب. رحمه الله تعالى. الزرد كاش بلبان الزرد كاش بن عبد الله، الأمير سيف الدين. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 418 كان من أعيان أمراء دمشق، وكان طيبرس الوزيري نائب دمشق إذا غاب عن دمشق استنابه عنه في دار العدل، وكان ديناً، خيراً، عادلاً في حكمه، يحب الفقراء وأهل الصلاح. مات سنة ستين وستمائة. رحمه الله تعالى. الساقي بلبان بن عبد الله الساقي، الأمير علم الدين. كان من أعيان الأمراء، وتوجه في الجيش لغزو سيس أيضاً؛ فتوفى وهو راجع من غزوه في سنة ثمان وسبعين وستمائة. رحمه الله تعالى. الرومي بلبان بن عبد الله الرومي الدوادار، الأمير سيف الدين. كان من أعيان الأمراء ونجبائهم، وكان الملك الظاهر بيبرس يعتمد عليه ويحمله أسراره إلى القصاد، ولم يؤمره إلا الملك السعيد بن الملك الظاهر. واستشهد بمصاف حمص سنة ثمانين وستمائة. وكان يباشر وظيفة الدوادارية، ولم يكن معه كاتب سر، فاتفق أنه قال يوماً لمحيي الدين بن عبد الظاهر: اكتب لفلان مرسوماً أن يطلق له من الخزانة العالية بدمشق عشرة آلاف درهم، نصفها عشرون ألف درهم؛ فكتب المرسوم كما قال له، وجهزه إلى دمشق؛ فأنكروه وأعادوه إلى السلطان الملك الجزء: 3 ¦ الصفحة: 419 الظاهر، وقالوا: ما نعلم هل هذا المرسوم بعشرين، نصفها عشرة، أو هو بعشرة نصفها خمسة؟ ؛ فطلب السلطان محيي الدين، وأنكر ذلك عليه؛ فقال: يا خوند: هكذا قال لي الأمير سيف الدين بلبان الدوادار؛ فقال السلطان: ينبغي أن يكون للملك كاتب سر يتلقى المرسوم منه شفاهاً. وكان السلطان الملك المنصور قلاوون حاضراً من جملة الأمراء يسمع هذا الكلام، وخرج الملك الظاهر عقيب ذلك إلى نوبة الأبلستين؛ فلما توفى الظاهر وتملك الملك المنصور قلاوون اتخذ كاتب سر. رحمه الله تعالى. الجوكندار بلبان بن عبد الله الجوكندار، الأمير سيف الدين. كان نائب قلعة صفد في نوبة غازان؛ فلما كسر المسلمون وهرب الأمراء جاء الملك المظفر بيبرس الجاشنكير والأمير سلار على وادي التيم حضروا إلى صفد الجزء: 3 ¦ الصفحة: 420 وطبوا منه مركوباً؛ ليحملهم، فلم يعطهم شيئاً. فلما وصلوا إلى مصر عزل، وجهز إلى دمشق؛ فأكرمه الأفرم نائب دمشق، وولاه شد الدواوين بدمشق، وسلم الأمر إليه؛ فباشر الشد كالنيابة، يولي ويعزل ويحكم بما أراد. وقيل إنما قربه الأفرم؛ وأعطاه هذه المنزلة إلا بسبب ولده علاء الدين قطليجا؛ فإنه كان مبدعاً بالجمال، ثم عزله الأفرم، وولاه نيابة حمص؛ فباشرها إلى أن مات في سنة ست وسبعمائة، رحمه الله تعالى. طرنا بلبان بن عبد الله، أمير جندار، الأمير سيف الدين، المعروف ببلبان طرنا - يعني كركي -. كان من جملة الأمراء بديار مصر، ثم نقله الملك الناصر محمد بن قلاوون إلى نيابة صفد؛ فباشر نيابتها مدة، ثم وقع بينه وبين الأمير تنكز نائب الشام؛ فعزله السلطان، ورسم بتوجهه إلى دمشق. فلما وصل إليها، ودخل ليقبل يد تنكز ويسلم عليه أمسكه، وبقي في الاعتقال عشر سنين، ثم شفع فيه تنكز، وأخرجه الجزء: 3 ¦ الصفحة: 421 من الاعتقال، وجعله أمير مائة ومقدم ألف، وأخذ في الإقبال عليه، وصار يشرب معه القمز، وبقي من خواصه إلى أن توفى يعد سنة أربع وثلاثين وسبعمائة، ودفن في تربته بجوار داره عند مأذنة فيروز، رحمه الله تعالى. الطباخي بلبان بن عبد الله الطباخي المنصوري، الأمير سيف الدين. أنشأه أستاذه الملك المنصور قلاوون، وجعله من جملة أمراء الديار المصرية، ثم نقله إلى نيابة طرابلس؛ فباشر نيابتها إلى أن نقل إلى نيابة حلب عوضاً عن الأمير قراسنقر المنصوري في سنة إحدى وتسعين وستمائة وطالت مدته بها إلى أن طلب إلى القاهرة، وصار من جملة أمرائها. ودام على ذلك إلى أن رسم له بالتوجه صحبة العساكر إلى البلاد الشامية؛ فتوفى بالرملة بطريق دمشق في سنة سبعمائة عن نيف وأربعين سنة. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 422 وكان أميراً عظيم القدر شجاعاً، مقداماً، شديد البأس، شهماً، ذا نعمة كبيرة، وسعادة، وحشم، وخدم. وفيه يقول الأديب بهاء الدين أبو الحسن علي بن أبي سواد الحلبي من أبيات: بهرت مضاربك المعول بعزمة ... شكرت مواقعها بكل لسان إن الشجاعة والبسالة والسخا ... جمعت بحمد الله في بلبان شيخ كرك نوح بلبان الرافضي، شيخ كرك نوح بالبلاد الشامية، واسمه، محمد، وغلب عليه بلبان. قتلته عامة دمشق مع ولده محمد الحرماني في يوم الجمعة ثالث ذي القعدة سنة اثنتين وأربعين وثمانمائة بدمشق بعد القبض على نائبها الأمير إينال اجلكمي. وكان من خبره أنه دخل إلى دمشق بمجموعة من العشيرة نصرة لأستاذه الأمير برسباي حاجب حجاب دمشق وعونة للعساكر السلطانية؛ فلم يصل حتى انقضت الوقعة؛ فدخل دمشق في خدمة نائبها الأمير آقبغا التمرازي المتولي بعد الجزء: 3 ¦ الصفحة: 423 إينال المذكور حتى أوصله إلى دار السعادة. وتفرق الأمراء وغيرهم إلى منازلهم، وعاد بلبان هذا أيضاً. إلى محل إقامته، وفي خدمته أعوانه وحواشيه إلى أن وصل إلى المصلى، والعامة قد ملأت الطرقات؛ فصاح به ويمن معه من العشير جماعة من عامة دمشق قائلين: أبا بكر أبا بكر، يكررون ذلك مراراً، يريدون نكاية بلبان المذكور وجماعة. كل ذلك وبلبان لم يلتفت إلى مقالتهم وكثر ذلك من العامة وأمعنوا، فأخذ عند ذلك بعض العشير يضرب واحداً من العامة؛ فوثبوا به وألقوه عن فرسه؛ ليقتلوه، فاجتمع أصحابه ليخلصوه من العامة، وقاتلوهم؛ فبادروا العامة، وذبحوا ذلك الرجل، وتناولوا الحجارة يرمون بها بلبان وقومه إلى أن ألقوه عن فرسه وذبحوه ثم ذبحوا ابنه محمد المذكور وجماعة كبيرة من أعوانه، وكان معه نحو خمسمائة فارس، فقتل بلبان المذكور من غير أمر يوجب قتله، وأراح الله العباد منه، غلا أسفاً عليه، وذهابه إلى سقر؛ فإنه كان رافضياً خبيثاً، إلا أنه كان له مكارم وأفضال من مال واسع. وأغرب من هذا ما حكى لي يعض مماليك صهري الأمير آقبغا التمرازي الجزء: 3 ¦ الصفحة: 424 المذكور: أن أستاذ بلبان الأمير برسباي حاجب دمشق أقام مدة بدمشق يخاف أن يظهر بشوارع دمشق؛ خوفاً من العامة. هذا، مع عدم قيامه بطلب دم بلبان المذكور، وعدم النصرة له. انتهى. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 425 باب الباء والهاء ابن بيجار بهادر بن بيجار، الأمير بهاء الدين بن الأمير حسام الدين. وهو كان السبب لقدوم أبيه من بلاد التتار إلى الديار المصرية. كان الأمير بهادر من أعيان الأمراء وأكابرها، وكان موصوفاً بالشجاعة والإقدام. توفى سنة ثمانين وستمائة صحبة الجيش - وهو في عشر السبعين ووالده حي، قد كف بصره - رحمه الله تعالى. الخوارزمي بهادر بن عبد الله الخوارزمي، الأمير سيف الدين. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 427 وهو أول من ولى العراق لهولاكو. وكان على ظلمه له ميل إلى الإسلام، وعلم أولاده القرآن، وكان ربما يصلي بالعربي. وكان فيه دهاء ومكر. قتلته التتار لأمور نقموها منه سنة إحدى وستين وستمائة. صاحب سميساط بهادر بن عبد الله، الأمير شمس الدين، صاحب سميساط وابن صاحبها. قدم إلى دمشق مهاجراً قبل موته بثلاث سنين؛ فأعطاه الملك الظاهر بيبرس إمرة، وأكرمه إلى أن مات كهلاً في سنة ست وسبعين وستمائة. آص بهادر بن عبد الله، الأمير الكبير سيف الدين، المعروف بآص. أحد أمراء دمشق. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 428 قلت: وتسميه هو - لا - بالأمير الكبير على خلاف قاعدة زماننا هذا؛ فإنه كان أولاً كل قديم هجرة في الإمرة والشيخوخة يسمى بالأمير الكبير، وأما زماننا هذا، فأول من تسمى فيه بالأمير الكبير أتابك العساكر الأمير شيخو صاحب الخانقاة والجامع بخط صليبة جامع أحمد بن طولون إلى يومنا هذا. انتهى. كان الأمير بهادر هذا أصله من المماليك المنصورية قلاوون، وكان هو القائم بأمر السلطان الملك الناصر محمد لما كان بالكرك كانت تجيء رسله إليه في الباطن؛ وتنزل عنده. وكان هو الذي يفرق الكتب، ويأخذ أجوبتها، ويحلف الناس له في الباطن إلى أن استثبت له الأمر. وكان ذا رخت عظيم، وعدة كاملة، وسلاح هائل. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 429 وتولى نيابة صفد مدة، ثم عزل، وعاد إلى إمرته بدمشق - كما كان أولاً - إلى أن تجرد مع الأمير تنكز نائب الشام إلى ملطية، أشار على تنكز بشيء؛ فخالفه تنكز، فقال بهادر آص المذكور: كما نحن في الصبينة؛ فحقدها تنكز عليه، وكتب إلى السلطان بذلك؛ فقبض عليه، وأقام في الاعتقال نحو السنتين، ثم أفرج عنه، وأعيد إلى مكانه إلى أن مات في سنة ثلاثين وسبعمائة. وآص طائفة من التتار. المعزي بهادر بن عبد الله المعزي، الأمير سيف الدين. كان من أعيان الأمراء في الدولة الناصرية محمد بن قلاوون، ثم قبض عليه الناصر، وحبسه مدة طويلة إلى أن أخرجه من الحبس في سنة ثلاثين وسبعمائة، ثم أقبل عليه إقبالاً زائداً. وكان يسميه الحاج بهادر، وجعله أمير مائة ومقدم ألف بديار مصر. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 430 وكان يجلس في دار العدل مع الأمراء والمشايخ. وكان يميل إلى مماليكه، ويشتري الملاح منهم، وينعم عليهم كثيراً. ولم يزل على ذلك إلى أن مات في أواخر سنة تسع وثلاثين أو في أوائل سنة أربعين وسبعمائة. رحمه الله تعالى. التمرتاشي بهادر بن عبد الله التمرتاشي، الأمير سيف الدين. كان قد ورد البلاد صحبة تمرتاش؛ فرآه السلطان الملك الناصر محمد بن قلاوون؛ فأحبه. ولما قتل تمرتاش أخذه السلطان الملك الناصر وقربه، وبالغ في تقديمه؛ فلامه الأمير بكتمر الساقي؛ فقال: يا خوند، كل واحد من مماليكك يقعد في خدمتك ما شاء الله حتى تقدمه لإمرة عشرة، ثم تنقله لإمرة أربعين، وبعد مدة حتى يكون أمير مائة؛ فخالفه السلطان؛ وأعطاه إمرة مائة وتقدمة ألف، وزوجه إحدى بناته، وصار أحد الأربعة المقدمين الذين يبيتون ليلة بعد ليلة عند الجزء: 3 ¦ الصفحة: 431 السلطان. وسماه الناصر: بهادر الناصري - وهم: الأمير قوصون، وبشتك، وطغاي تمر، وبهادر هذا - ولم يزل على ذلك إلى أن مرض، وطالت به علته، وابتلى برمد مزمن، وقرحة. ولازمه إنسان مغربي غريب من البلاد، وعالجه بأشياء لم يوافقه الأطباء عليها؛ فلزم بيته، وامتنع من الطلوع إلى القلعة إلا في بعض الأحيان. ولم يزل على ذلك إلى أن تسلطن الملك الصالح إسماعيل بن الناصر محمد قربه وسكنه الأشرفية - دار قوصون -؛ لكونه زوج أخته. وصار الأمر والنهي له، وأخرج الأمير علاء الدين ألطنبغا المارديني إلى نيابة حماة، ولم يزل في هذه الرتبة إلى أن مات في أوائل شهر شوال سنة ثلاث وأربعين وسبعمائة. رحمه الله. المشرف بهادر بن عبد الله الجمالي، الأمير سيف الدين، المعروف بالمشرف. أحد أمراء الألوف بالديار المصرية. كان معظماً عند الملك الظاهر برقوق، ومن أعيان أمرائه. وتوجه في سنة الجزء: 3 ¦ الصفحة: 432 ست وثمانين وسبعمائة إلى الحجاز أمير حاج المحمل؛ فمات بمنزله عيون القصب في ذي القعدة من السنة المذكورة، ودفن بالعيون. رحمه الله تعالى، وعفا عنه. سمز بهادر بن عبد الله المنصوري، المعروف بسمز - يعني سمين - الأمير شمس الدين. كان من أكابر أمراء دمشق ومن أعيان الدولة إلى أن توجه صحبة نائب دمشق إلى الصيد خارج دمشق؛ فكبستهم طائفة من العرب الخارجة عن الطاعة، ولم يعلموا أن نائب دمشق معهم؛ فركب بهادر سمز المذكور، وجعل يحمل عليهم ويرميهم بالسهام ويقول: أنا بهادر دمشق، فرماه بعض العرب بحربة، وقال: خذها أنا عصفور بن عصفور؛ فقتله؛ فحمل إلى قرية قبر الست؛ فدفن هناك، وقتل أكثر العرب في هذه الوقعة، وكان بهادر مشهوراً بالشجاعة والإقدام. رحمه الله تعالى. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 433 حلاوة الأوجاقي بهادر بن عبد الله الأوجاقي الناصري، الأمير سيف الدين، المعروف بحلاوة؛ وهو أنه كان يسوق البريد، وهو أوجاقي بالكوفية البيضاء؛ فكان إذا جاء المنزلة قال لغلمان البريد: تأكل حلاوة؛ فإذا قال: نعم ضربه؛ بالمقرعة؛ فسمي بحلاوة. وكان فيه همة وقدرة على السوق، وقضى أشغالاً كثيرة؛ فقدمه السلطان الملك الناصر محمد بن قلاوون، وألبسه الكلوتة، وصار من أعيان الدولة. وكان تنكز نائب الشام يعظمه، ويدعوه: ابني تارة بالتركي، وتارة بالعربي، وكان يخلع عليه تنكز قباء مطرز مغشى بكمخا. ولما ولى الأمير ألطنبغا نيابة دمشق أنعم على بهادر هذا بإمرة طبلخاناه بها، وصار مقدم البريدية بها، ودام على ذلك إلى أن أخرج الملك الناصر أحمد ابن محمد بن قلاوون خبزه، ثم أعيد إليه، ثم أخرج إقطاعه الأمير أيدغمش لما ولى نيابة دمشق إلى أحد أولاده، وأنعم عليه بإقطاع آخر، وولى البر؛ فأقام الجزء: 3 ¦ الصفحة: 434 على ذلك إلى أن ولى الأمير طقزدمر نيابة دمشق، نقله الملك الصالح إلى إمرة بحلب؛ فتوجه إليها؛ فأقام بها نحو أربعة أشهر، ومات في ثالث عشر صفر سنة أربع وأربعين وسبعمائة. وكان له همة، وفيه مروءة. رحمه الله تعالى. المنجكي بهادر بن عبد الله المنجكي الأستادار، الأمير سيف الدين، أستادار السلطان. نسبته بالمنجكي إلى معتقه الأمير منجك اليوسفي. كان بهادر المذكور خصيصاً عند الملك الظاهر برقوق، قربه وأدناه، وجعله أستاداراً، وأمير مائة مقدم ألف بديار مصر. ونالته السعادة في وظيفته وعظم، وصار له ثروة، ومال جزيل، وبر واسع. وكان عنده معرفة وسياسة بالأمور وعقل، ومات ولم ينكب. قال العيني: وكان رجلاً خيراً، يواسي الفقراء؛ ويحسن إلى الغرباء. وكانت له صدقات كثيرة. وكان أصله رومياً، وقيل إفرنجياً. انتهى كلام العيني. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 435 قلت: وهو أعظم من ولى هذه الوظيفة من الدولة الظاهرية برقوق إلى زماننا هذا. توفى بهادر المذكور في أول جمادى الآخرة سنة تسعين وسبعمائة. وولى الأستادارية من بعده الأمير محمود بن علي بن أصفر عينه، انتقل إليها من شد الدواوين. الشهابي بهادر بن عبد الله الشهابي، الأمير سيف الدين، الطواشي الرومي، مقدم المماليك السلطانية. وليها بعد الأمير الطواشي صواب السعدي، المعروف بشنكل. وكان بهادر المذكور شهماً، ضخماً، صاحب حرمة، ووقار، وكلمة نافذة في الدولة إلى أن مات في سابع عشر شهر رجب سنة اثنتين وثمانمائة. رحمه الله. الحاج بهادر بهادر بن عبد الله المنصوري، الأمير سيف الدين، المعروف بالحاج بهادر. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 436 كان أولاً من أعيان الأمراء بالديار المصرية، ثم أخرج إلى حلب على إمرة، ثم نقل إلى دمشق، وأعطى إمرة مائة وتقدمة ألف، وأقام بها مدة، وداخل نائبها الأفرم، وصار من أخصائه. وكان بهادر هذا يصحب قطلوبغا الفخري، وبينهما صحبة ومحبة أكيدة. وكانا متفقين على بعض اجلراكسة. قال الشيخ صلاح الدين الصفدي: أخبرني القاضي شرف الدين بن فضل الله، قال: أخبرني والدي أنه كان أشبه الناس بالملك الظاهر بيبرس - يعني بهادر صاحب الترجمة -. ثم قال الشيخ صلاح الدين: ولما ولى الملك المظفر بيبرس الجاشنكير وفرح به الأفرم، تغير الحاج بهادر على الأفرم بعد مداخلته مجالس أنسه ومواطن إطرابه ولذاته، وأخذ في تغيير الأمراء عليه، ويقول لمن يخلو به: هؤلاء اجلراكسة متى تمكنوا منا أهلكونا، وراحت أرواحنا معهم؛ فقوموا بنا نعمل شيئاً قبل أن يعملوا بنا. وتحالف هو وقطلوبك على الفتك بالأفرم، إن قدرا عليه؛ فأحس الأفرم بذلك، فلم يزل بالحاج بهادر إلى أن استصلحه على ظنه، وقال: بعد أن سلمت من هذه الحية ما بقيت أفكر بتلك العقرب - يعني بالحية الحاج بهادر، وبالعقرب قطلوبك الفخري -. ولما تحرك الملك الناصر محمد بن قلاوون من الكرك أرسل الأفرم الحاج بهادر وقطلوبك لإقدامه؛ فنزلا على الفور، وأظهرا النصح للأفرم. ثم إنهما راسلا السلطان الملك الناصر في الباطن، الجزء: 3 ¦ الصفحة: 437 وحلفا له. ثم سارا إلى لقائه، ودخلا معه إلى دمشق وكان الحاج بهادر حامل اللواء على رأس السلطان في يوم دخوله إلى دمشق، واستمر من حزب الملك الناصر إلى أن ولى نيابة طرابلس، وتوجه إليها، وأقام بها إلى أن مات في شهر ربيع الآخر سنة عشر وسبعمائة. رحمه الله تعالى. قاضي القضاة تاج الدين الديري المالكي بهرام بن عبد الله بن عبد العزيز، قاضي القضاة، تاج الدين بن الدميري المالكي. كان إماماً في الفقه والعربية وغيرهما، وتصدر للإفتاء والتدريس عدة سنين، وانتفع به الطلبة. ثم ولى قضاء قضاة المالكية بالديار المصرية، وحمدت سيرته. ولم يزل ملازماً للأشغال والاشتغال إلى أن مات في يوم الاثنين سابع جمادى الآخرة سنة خمس وثمانمائة عن سبعين سنة، وقد انتهت إليه رئاسة السادة المالكية في زمانه. رحمه الله. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 438 باب الباء الموحدة والواو الفرنسيس بواش هو الملك ريد إفرنس، المعروف بالفرنسيس. كل أجل ملوك الفرنج، وأعظمهم قدراً، وأكثرهم عساكراً، وأوسعهم بلاداً، وأكثرهم أموالاً. وقصد الديار المصرية، واستولى على طرف منها، وملك دمياط في سنة سبع وأربعين وستمائة. واتفق موت الملك الصالح نجم الدين أيوب سلطان الديار المصرية، وتملك بعده ابنه الملك المعظم توران شاه. واستمر الحصار بين المسلمين والفرنج إلى أن قدر الله بأسر ريد إفرنس المذكور، وانهزام عسكره. وبقي أسيراً في أيدي المسلمين مدة إلى أن أطلق الجزء: 3 ¦ الصفحة: 439 بعد تسليم دمياط إلى المسلمين. وتوجه إلى بلاده وفي قلبه ما جرى عليه من ذهاب أمواله، وأسر رجاله؛ فبقيت نفسه تحدثه بالعود إلى البلاد الإسلامية؛ لأخذ ثأره. فاهتم لذلك اهتماماً كبيراً في مدة سنين إلى سنة ستين وستمائة، وقصد سواحل الديار المصرية فقيل له: إن قصد مصر ربما يجري لك مثل المرة الأولى، والأحسن أن تقصد تونس. وكان ملكها يومئذ السلطان محمد بن يحيى بن عبد الواحد، الملقب بالمستنصر بالله، فإنك إن ظهرت عليه، تمكنت من قصد مصر في البر والبحر؛ فقصد تونس، وكاد يستولي عليها، ومعه جماعة من ملوك الفرنج؛ فأوقع الله في عسكره وباءً عظيماً؛ فهلك الملك ريد إفرنس وخلق كثير من عسكره، ورجع من بقي من عسكره إلى بلادهم بالخيبة والصغار. وكانت وفاته سنة إحدى وستين وستمائة، ووصلت البشرى بموته إلى الملك الظاهر بيبرس؛ فسر الناس بذلك. وكان ريد إفرنس المذكور عنده شجاعة، وإقدام، ومكر، ودهاء. ولما أسر في نوبة دمياط، تسلمه الطواشي جمال الدين محسن هو وجماعته، وضرب في رجله قيداً ثقيلاً، واعتقله في الدار التي كان بها فخر الدين بن لقمان؛ كاتب الإنشاء، وذلك بالمنصورة، ووكل به جمال الدين محسن الطواشي صبيح المعظمي؛ فلذلك الجزء: 3 ¦ الصفحة: 440 قال الصاحب جمال الدين بن مطروح عندما بلغهم مجيئه ثانياً إلى الديار المصرية: قل للفرنسيس إذا جئته ... مقال حق من مقول نصيح آجرك الله على ما جرى ... من قتل عباد يسوع المسيح أتيت مصراً تبتغي ملكها ... تحسب أن الزمر يا طبل ريح فساقك الحين إلى أدهم ... ضاقت به عن ناظريك الفسيح وكل أصحابك أوردتهم ... بسوء أفعالك بطن الضريح خمسون ألفاً لا ترى منهم ... إلا قتيلاً أو أسيراً جريح وفقك الله لأمثالها ... لعل عيسى منكم يستريح إن كان باباكم بذا راضياً ... فرب غش قد أتى من نصيح وقل لهم إن أضمروا عودة ... لأخذ ثأر أو لقصد صحيح دار ابن لقمان على حالها ... والقيد باقٍ والطواشي صبيح واشتهرت هذه الأبيات؛ لحسنها ورشاقة ألفاظها. ولما قصد الفرنسيس بلاد تونس، قال فيه بعض شعرائها: الجزء: 3 ¦ الصفحة: 441 يا فرنسيس هذه أخت مصر ... فتيقن لما إليه تصير لك فيها دار ابن لقمان قبرٍ ... وطواشيك منكر ونكير. انتهى. القان ملك التتار بوسعيد بن خربندا بن أرغون بن أبغا بن هولاكو، المغلي القان ملك التتار، صاحب العراق، وخراسان، وأذربيجان، والروم، والجزيرة. ومن الناس من يسميه أبو سعيد، وهو خطأ. والصواب ما ذكرناه - بوسعيد لا يعمل فيه الإعراب؛ لأنه اسم وليس بكنية وقيل بوصعيد بالصاد المهملة. ملك بوسعيد نحو عشرين سنة. وكان مسلماً، قليل الشر، يكره الظلم، وينقاد للشرع، ويكتب خطاً قوياً منسوباً. ويجيد ضرب العود إلى الغاية، وصنف أشياء في فن الموسيقا، نقلت عنه. وأبطل في أيامه مكوساً كثيرة، وفواحش، وخموراً، وهدم كنائس بغداد، وخلع على من أسلم من أهل الذمة، وأسقط مكوس الفاكهة في سائر مماليكه، وورث ذوي الأرحام. وكان قبل موته بسنة قد حج ركب العراق من العراق، وكان المقدم عليهم بطلاً، شجاعاً، فلم يمكن العرب من قطع الطريق على الحاج. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 442 فلما كانت السنة الثانية خرج العرب على الركب ونهبوه، وأخذوا منهم شيئاً كثيراً؛ فلما عادوا شكوا إليه؛ فقال: هؤلاء العرب في مملكتنا، أم في مملكة الناصر محمد بن قلاوون؛ فقالوا له: لا في مملكتك، ولا في مملكة الناصر، وإنما هم في البرية لا يحكم عليهم أحذ، يعيشون بقائم سيفهم ممن يمر عليهم؛ فقال: هؤلاء فقراء، كم مقدار ما يأخذون من الركب؟ نحن نحمله إليهم من بيت المال من عندنا في كل سنة، ولا ندعهم يأخذون من الرعية شيئاً؛ فقالوا له: يأخذون ثلاثين ألف دينار؛ ليراها كثيراً؛ فيبطلها، فقال: هذا القدر ما يكفيهم، اجعلوها في كل سنة ستين ألف دينار، وتكون تحمل من بيت المال كل سنة إليهم صحبة مسفر من عندنا. فمات بوسعيد في تلك السنة بأذربيجان في شهر ربيع الآخر سنة ست وثلاثين وسبعمائة، وله نيف وثلاثون سنة، وكان قد أنشأ بالسلطانية تربة؛ فنقل إليها. وانقرض بيت هولاكو بموته، وقيل إنه كان عنيناً، والله أعلم. ؟؟ الحبيس بولص الراهب، المعروف بالحبيس. وقيل اسمه: ميخائيل. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 443 كان أولاً كاتباً، ثم ترهب، وانقطع في جبل حلوان خارج القاهرة؛ فيقال إنه ظفر هناك بمال دفين؛ فلما ظفر به وأثرى، صار يواسي به الفقراء من كل دين، وقام عن المصادرين بجمل وافرة. وكان أول ظهور أمره أن وقعت نار بحارة الباطلية سنة ثلاث وستين وستمائة؛ فأحرقت ثلاثاً وستين داراً، ثم كثر الحريق بعد ذلك حتى احترق ربع فرج. - وكان وقفاً على أشراف المدينة -، والوجه المطل على النيل من ربع العادل، واتهم بذلك النصارى؛ فعزم الظاهر بيبرس على قتل النصارى واليهود؟، وأمر بوضع الحلفاء والأحطاب في حفيرة كانت في القلعة، وأن تضرم النار فيها، ويلقى فيها اليهود والنصارى؛ فجمعوا حتى لم يبق منهم إلا من هرب، وكتفوا ليلقوا فيها فشفع فيهم الأمراء، وأمر أن يشتروا أنفسهم؛ فقرر عليهم خمسمائة ألف دينار، وضمنهم الحبيس المذكور؛ فحضر موضع الجباية منهم؛ فكان أي من عجز عما قرر عليه وزن الحبيس عنه، سواء كان يهودياً أو نصرانياً. وكان الحبيس المذكور يدخل الحبوس، ومن كان عليه دين وزنه عنه، وسافر إلى الصعيد وإلى الإسكندرية، ووزن عن النصارى ما قرر عليهم. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 444 وكان الناس قد عرفوه؛ فكان بعض الناس يتحيل عليه؛ فإذا رآه قد دخل المدينة أخذ اثنين بقصص - صورة أنهما رسولا القاضي أو المستولي - وأخذا يضربانه؛ فيستغيث به: يا أبونا يا أبونا؛ فيقول ما باله؟ ؛ فيقولان: عليه دين، أو اشتكت عليه زوجته، فيقول: على كم؟ فيقولا: على ألفين أو أقل أو أكثر؛ فيكتب له على شقفة أو غيرها إلى بعض الصيارف بذلك المبلغ؛ فيقبضه منه. وقيل إن مبلغ ما وصل منه إلى السلطان، وما واسى به الناس في مدة ثلاث سنين ستمائة ألف دينار. مضبوطة بقلم الصيارف الذين كان يجعل عندهم المال، وذلك خارجاً عما كان يعطى من يده. وكان لا يأكل من هذا المال ولا يشرب، بل النصارى يتصدقون عليه بما يمونه. فلما كان سنة ست وستين وستمائة، أحضره الملك الظاهر بيبرس؛ فطلب منه المال أن يحضره، أو يعرفه من أين وصل إليه؛ فجعل يدافعه ويغالطه، ولا يفصح له بشيء - وهو عنده داخل الدور - فعذبه حتى مات، ولم يقر بشيء، فأخرج من القلعة، وأرمى ظاهرها على باب القرافة. وكان قد وصل إلى الملك الظاهر بيبرس فتاوى فقهاء الإسكندرية بقتله، وعللوا ذلك بخوف الفتنة من ضعفاء نفوس المسلمين. انتهى. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 445 باب الباء الموحدة والياء المثناة من تحت الملك الظاهر بيبرس البندقداري بيبرس بن عبد الله، السلطان الملك الظاهر ركن الدين أبو الفتح بيبرس الصالحي النجمي البندقداري التركي، سلطان الديار المصرية والبلاد الشامية والأقطار الحجازية والثغور الإسلامية. ولد في حدود العشرين وستمائة تخميناً بصحراء اجبقلاق، وأخذ من بلاده صغيراً وأبيع بدمشق؛ فنشأ بها عند العماد الصائغ - على ما قيل - ثم اشتراه الأمير علاء الدين أيدكين البندقداري الصالحي، وبقي في ملكه إلى أن قبض الجزء: 3 ¦ الصفحة: 447 الملك الصالح على أيدكين المذكور وصادره، وأخذ بيبرس هذا فيما أخذه منه، وذلك في شهر شوال سنة أربع وأربعين وستمائة. وأعتقه الملك الصالح نجم الدين، وقدمه على طائفة من الجمدارية؛ لما رأى من فطنته وذكائه واستمر بيبرس على ذلك إلى أن مات الملك الصالح نجم الدين أيوب، وملك بعده ابنه الملك المعظم توران شاه في سنة سبع وأربعين وستمائة. ثم قتل توران شاه في سنة ثمان وأربعين وستمائة، وأجمعوا الأمراء على إقامة الأمير عز الدين أيبك التركماني الصالحي، وولوه السلطنة بعد شجر الدر - أم خليل الصالحية - حسبما ذكرناه في ترجمة الملك المعز في أول هذا الكتاب -. وكانت ولاية المعز في آخر ربيع الآخر سنة ثمان وأربعين وستمائة. ولما قتل المعز الأمير فارس الدين أقطاي الجمدار، ركب بيبرس هذا بالبحرية، وقصدوا قلعة الجبل. فلما لم ينالوا مقصودهم، خرجوا من القاهرة مجاهرين بالعداوة للملك المعز أيبك التركماني، قاصدين الملك الناصر صلاح الدين يوسف صاحب دمشق، وهم: بيبرس هذا، وبلبان الرشيدي، وعز الدين أزدمر السيفي، وسنقر الرومي، وسنقر الأشقر، وبدر الدين بيسرى، الجزء: 3 ¦ الصفحة: 448 وسيف الدين قلاوون الألفي وبلبان السنقري وغيرهم. فلما شارفوا دمشق سير إليهم الملك الناصر صاحب دمشق يطيب قلوبهم ويستدعيهم إليه؛ فأرسلوا إليه الأمير فخر الدين المقرئ يستحلفه لهم؛ فحلف؛ فاطمأنوا ودخلوا دمشق؛ فأكرمهم الملك الناصر، وأطلق لبيبرس هذا بثلاثين ألف درهم، وثلاثة قطر بغال، وثلاثة قطر جمال، وخيل، وملبوساً. وفرق أيضاً في بقية الجماعة الأموال والخلع - على قدر مراتبهم -. فلما بلغ الملك المعز ذلك كتب إلى الملك الناصر يحذره منهم، ويغريه بهم؛ فلم يصغ الملك الناصر لذلك، إلى أن استشعر بيبرس من الملك الناصر بالغدر، توجه بمن معه إلى الكرك؛ فجهز صاحبها الملك المغيث عسكره معه؛ فقدم إلى مصر، وعدة من معه ستمائة فارس. وخرج عسكر الديار المصرية؛ فتلقاه، وأراد الملك الظاهر كبسهم؛ فوجدهم على أهبة؛ فالتفت العسكر المصري عليهم وقاتلهم فانكسر عسكر بيبرس، ولم ينج إلا هو بنفسه وقلاوون وبيسرى وبيليك الخازندار. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 449 وعاد بيبرس إلى جهة الكرك؛ فجاءه جماعة من أمراء مصر، واجتمعوا بيبرس والملك المغيث صاحب الكرك بظاهر غزة؛ فقويت شوكتهما، وعادوا إلى الصالحية، ولقوا عسكر مصر ثانياً؛ فاستظهر عسكرهما أولاً، ثم عادت الكرة عليهما، وهرب الملك المغيث، ولحقه بيبرس، وأسر أولئك الأمراء الذين كانوا حضروا إليه؛ فقتلوا جميعاً صبراً - ما خلا الأمير بيليك الخازندار -؛ فإن جمال الدين الجوكندر شفع فيه؛ فخير بين المقام والذهاب؛ فاختار الذهاب إلى أستاذه. ثم إلى الملك المغيث حصلت بينه وبين بيبرس وحشه أوجبت مفارقته إياه، وعوده إلى الملك الناصر صاحب دمشق بعد أن أستحلفه على أن يقطعه خبز مائة فارس؛ فأجاب الملك الناصر لذلك. وكان قدوم بيبرس في هذه المرة على الملك الناصر، في شهر رجب سنة سبع وخمسين وستمائة، ومعهم الجماعة الذين حلف لهم الناصر وهم: أيتمش السعدي، بيسرى الشمسي، وطيبرس الوزيري، وبلبان الرومي، وآقوش الرومي، وكشتغدي الشمسي، وأيدغميش الحلبي، ولاجين الدرفيل، وكشتغدي الشرقي، وأيبك الشيخي، وبيبرس خاس ترك الصغير، وبلبان المهراني، وسنجر الهمامي، وسنجر الباشقردي، وأيبك العلائي، ولاجين الشقيري، وبلبان الأقسيسي، الجزء: 3 ¦ الصفحة: 450 وعلم الدين سلطان الألد كزى؛ فأكرمهم الملك الناصر، ووفى لهم بما حلف. فلما ورد الخبر بأن الملك الظفر قطز وثب على ابن أستاذه، حرض الملك الناصر بيبرس على قصد الديار المصرية، فلم يجبه الناصر، فقال بيبرس: فقد منى على أربعة آلاف فارس أقوم بها إلى شط الفرات أمنع التتار من العبور إلى الشام، فلم يمكنه الملك الصالح صاحب حمص؛ لباطن كان له مع التتار. ثم إن بيبرس أرسل استحلف الملك المظفر قطز، وفارق الملك الناصر صاحب دمشق، ودخل إلى القاهرة في الثاني والعشرين من شهر ربيع الأول سنة ثمان وخمسين وستمائة؛ فركب الملك المظفر قطز للقائه، وأنزله في دار الوزارة، وأقطعة قليوب لخاصته، وصار عنده خصيصاً إلى أن خرج الملك المظفر قطز لملتقى التتار، سير بيبرس هذا في عسكر؛ ليتجسس أخبارهم؛ فأول من وقعت عينه عليهم ناوشهم القتال؛ فلما كسر التتر تبعهم يقتص آثارهم، ويقتل من وجد منهم إلى حمص. ثم عاد بيبرس؛ فوافى المظفر قطز بدمشق؛ فلما توجه المظفر إلى نحو الديار المصرية، عاد بيبرس هذا صحبته بعد أن اتفق مع جماعة من ممن وافقه على قتل الملك المظفر قطز؛ فقتلوه في سادس عشر ذي القعدة سنة ثمان وخمسين وستمائة. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 451 وكان المتولى قتله الملك الظاهر بيبرس هذا، بين منزلة الغرابي والصالحية، ودفن بالقصير. وهو أن الملك المظفر قطز ساق خلف أرنب؛ فلما انفرد عن عسكره، تقدم بعض الأمراء - ممن اتفق مع بيبرس وشفع عنده شفاعة - وتقدم ليقبل يده؛ فقبض عليها، وأخذته السيوف حتى تلف، ثم ساقوا إلى الدهليز، فتقدم فارس الدين الأتابك؛ فحلف له، ثم الرشيدي، ثم الأمراء على طبقاتهم، ثم ركب ومعه الأتابك فارس الدين المذكور، وبيسرى وجماعة من خواصه؛ فدخل القاهرة؛ وملك قلعة الجبل، وتلقب بالملك القاهر أولاً؛ فأشار الوزير زين الدين على السلطان بتغيير لقبه - وكان فاضلاً - وقال: ما لقب أحد بالقاهرة فأفلح، لقب به: القاهر بن المعتضد، فلم تطل أيامه وخمل وهمل، ولقب به القاهر ابن صاحب الموصل؛ فسم؛ فأبطل السلطان اللقب الأول ولقب بالملك الظاهر، وكتب بذلك إلى جميع الأعمال، ثم كتب إلى الملك الجزء: 3 ¦ الصفحة: 452 الأشرف صاحب حمص، وإلى الملك المنصور صاحب حماة، وإلى علاء الدين ابن صاحب الموصل يعرفهم بما جرى، ثم أفرج عمن بالحبوس، وأقر الصاحب زين الدين على الوزارة، وأفرج عن الأجناد، وأرسل الأمير جمال الدين آقوش المحمدي بتقاليد إلى دمشق باستقرار الأمير علم الدين سنجر الحلبي في نيابة دمشق عوضاً عن الأمير حسام الدين لاجين؛ فوجده قد تسلطن بدمشق. وكانت سلطنة الملك الظاهر بيبرس في سنة ثمان وخمسين وستمائة، واستقر في الملك وعظمت ممالكه، وسافر إلى دمشق غير مرة، وفتح الفتوحات الهائلة، وكسر التتار؛ فأول ركوبه كان في سنة تسع وخمسين وستمائة، ركب من قلعة الجبل في سابع شهر صفر متوجهاً إلى دمشق وبخدمته أعيان الأمراء، ومن جملتهم أستاذه الأمير علاء الدين أيدكين البندقداري - يعني أستاذ الملك الظاهر قبل السلطان صلاح الدين، كما ذكرناه في أول هذه الترجمة - ومهد أحوال دمشق، وعاد إلى الديار المصرية، وأقام بها إلى أن سافر ثانياً إلى صفد في سنة أربع وستين؛ ففتحها عنوة من يد الفرنج، ثم جهز صاحب حماة الجزء: 3 ¦ الصفحة: 453 والفارقاني إلى غزو سيس وصحبتهم عسكراً هائلاً؛ فتوجهوا إلى بلاد سيس، وقتلوا، وأسروا، وغنموا، وأسر ابن صاحب سيس وابن أخته. ثم فتح يافا سنة ست وستين وستمائة، ثم سار إلى أنطاكية؛ فوصلها في أول شهر رمضان، وفتحها بالسيف في رابع شهر رمضان المذكور، واستمر السيف فيهم، ولا نجا منهم إلا اليسير. قال ابن كثير: وما رفع السيف عن أحد حتى لو حلف الحالف أنه ما سلم منها أحد صدق. انتهى. وفيها فتح الشقيف بعد أن حاصرها عشرة أيام وتسلمها، وكان بها نحو خمسمائة رجل، وفيها أيضاً فتح صور، ثم أغار على طرابلس، وخرب قراها، وقطع أشجارها، ثم رحل ونزل على حصن الأكراد؛ فنزل إليه رسول صاحبها بإقامة وضيافة؛ فردها، وطلب منهم دية: مائة رجل، مائة ألف دينار، ثم حصرها يوماً واحداً؛ فملكها في يوم السبت، ووضع فيها السيف، ونهب، وسبا، وقتل، وأسر، ثم تسلم دركوش، وصالح أهل القصير على مناصفته ومناصفة الجزء: 3 ¦ الصفحة: 454 القلاع المجاورة له. ثم وصل إليه صاحب بغراص يطلبون منه تسليمها إليه، فسير إليها الأمير شمس الدين الفارقاني بالعساكر؛ فتسلمها في ثالث عشر شهر رمضان، ثم عاد الملك الظاهر بيبرس إلى دمشق فعيد بها، ثم توجه نحو القاهرة؛ فدخلها، واستمر بها إلى سنة سبع وستين وستمائة أجلس ولده الملك السعيد على تخت الملك، ثم خرج من القاهرة؛ فتوجها إلى الشام؛ فدخلها في جمادى الآخرة، ثم ركب منها ونزل على الخربة، ثم سار منها في أواخر شهر رجب إلى ديار مصر على البريد، ثم عاد؛ فكانت غيبته أحد عشر يوماً. وكان غرضه برجوعه إلى القاهرة كشف خبر ولده، بعد أن ترك عسكره بالقرب من دمشق إلى أن عاد إليهم، ثم توجه إلى صفد؛ فأقام بها يومين وشن، الغارة على بلد صور ثانياً، ثم سار إلى الكرك، وأخذ معه بيليك الخازندار، والقاضي فخر الدين سليمان، وغيرهما من الأمراء وثلاثمائة مملوك. وسار إلى الحج، وعاد إلى دمشق، ثم إلى حلب؛ فوصلها في سادس المحرم سنة ثمان وستين، ثم خرج منها في عاشر المحرم، وسار إلى دمشق، ثم توجه من دمشق إلى نحو البلاد الجزء: 3 ¦ الصفحة: 455 المصرية؛ فدخلها في يوم الثلاثاء من صفر، فصادف في هذا اليوم دخول الحج المصري إلى القاهرة. ثم في سنة تسع وستين قبض الظاهر على الملك العزيز ابن الملك المغيث صاحب الكرك واعتقله. ثم في سنة إحدى وسبعين وستمائة توجه إلى دمشق على البريد، وعاد في سابع عشرين المحرم - وقيل في يوم السبت ثالث عشرينه من السنة - فكانت غيبته في هذه السفرة نحواً من عشرين يوماً، فأقام بالقاهرة إلى ليلة الجمعة السابع والعشرين من المحرم، ثم عاد إلى دمشق على البريد؛ فدخل قلعة دمشق ليلة الثلاثاء رابع صفر في خمسة نفر. وفي أوائل هذه السنة قصد الكافر صاحب النوبة عيذاب؛ فنهبها، وقتل منها خلقاً، منهم واليها وقاضيها؛ فسار متولي قوص وقصد بلاد النوبة؛ فدخل بلاد الجون وقتل من فيه وأحرقه، وكذا فعل بجميع بلاده. وفي خامس جمادى الأولى ورد الخبر على الملك الظاهر بدمشق أن فرقة الجزء: 3 ¦ الصفحة: 456 من التتار قصدت الرحبة، فبرز إلى القصير بالعساكر، فبلغه عودهم من الرحبة ونزولهم على البيرة، فسار الظاهر إلى حمص، وأخذ مراكب الصيادين بالبحرية على الجسور، ثم سار حتى بلغ الباب من أعمال حلب، وبعث بجماعة من المماليك لكشف أخبارهم، وسار إلى منبج؛ فعادوا، وأخبروا بأن طائفة من التتار نحو من ثلاثة آلاف فارس على شط الفرات؛ فرحل الملك الظاهر من منبج يوم الأحد ثامن عشر جمادى الأولى، ووصل إلى شط الفرات - مما يلي الجزيرة -؛ فتقدم العسكر يخوضون الفرات؛ فخاض الأمير سيف الدين قلاوون الألفي، والأمير بدر الدين بيسرى في أول الناس، ثم تبعها الملك الظاهر بنفسه، وتتابع الناس إلى أن وقعوا على التتار، وقتلوا منهم مقتلة عظيمة، وأسروا تقدير مائتي نفس، ولم ينج من التتار إلا القليل، وتبعهم بيسرى إلى قريب سروج، ثم عاد إلى السلطان، فرجع السلطان إلى البيرة في الثاني والعشرين من جمادى الأولى؛ فدخلها، وخلع على نائبها، وعلى جماعة أخر. وقال في هذه الواقعة العلامة شهاب الدين أبو الثناء محمود بن سليمان قصيدة يمدح الملك الظاهر بها، ويذكر خوضه الفرات، وأول القصيدة: سر حيث شئت لك المهيمن جاره ... وأحكم فطوع مرادك الأقدار الجزء: 3 ¦ الصفحة: 457 ومنها: خضت الفرات بسابح أقصى منىً ... هوج الصبا من فعله الآثار وفي هذا المعنى يقول أيضاً الأديب ناصر الدين بن النقيب: ولما ترامينا الفرات بخيلنا ... سكرناه منا بالقوى والقوائم فأوقفت التيار عن جريانه ... إلى حيث عدنا بالغناء والغنائم وقال الفاضل موفق الدين عمر بن المتطيب في المعنى: الملك الظاهر سلطاننا ... نفديه بالمال وبالأهل اقتحم الماء ليطفي به ... حرارة القلب من المغل وفي سنة اثنتين وسبعين وستمائة قدم ملك الكرج؛ ليزور بيت المقدس والقمامة منكراً في زي الرهبان ومعه طائفة؛ فسلك أرض الروم إلى الجزء: 3 ¦ الصفحة: 458 سيس، ثم ركب البحر وطلع من عكا، وأتى القدس، فاطلع الأمير بيليك الخازندار على أمره، وهو على يافا؛ فأرسل من قبض عليه، ثم أرسله مع الأمير منكورس إلى الملك الظاهر، والظاهر بدمشق؛ فسأله السلطان، وقرره بلطف حتى اعترف، وحبسه وأمره أن يكتب إلى بلاده بأسره. وعاد السلطان إلى ديار مصر في شهر رجب. وفي سنة ثلاث وسبعين وستمائة - في صفر منها - توجه السلطان إلى الكرك على الهجن، وكان قد وقع بها برج أحب السلطان أن يصلح بحضوره، ثم دخل دمشق في آخر شهر شعبان. ثم سار إلى سيس، وعبر إليها من الدربند، فافتتحها، وأخذ إياس، وأذنة، والمصيصة في العشر الأخير من رمضان، وبقي الجيش بها شهراً، وقتلوا وأسروا وسبوا منها خلائق. وفي هذا المعنى يقول العلامة محيي الدين بن عبد الظاهر: يا ملك الأرض الذي جيشه ... يملأ من سيس إلى قوص مصيصة التكفور قالت لما ... بالله إفرادي وتخصيصي كم بدن فصله سيفك الغراء ... والأكثر مصيصي وفي يوم الخميس العشرين من شهر رمضان سنة خمس وسبعين وستمائة خرج الملك الظاهر من الديار المصرية متوجهاً إلى بلاد الروم، بعد أن قرر في السلطنة الجزء: 3 ¦ الصفحة: 459 بالديار المصرية ولده الملك السعيد، وجعل الفارقاني كالمدبر له، وترك عند الملك السعيد من العسكر خمسة آلاف فارس، ورحل الظاهر يوم السبت ثاني عشرين شهر رمضان، وسار حتى دخل دمشق في سابع عشر شوال، ثم خرج منها متوجهاً إلى حلب؛ فدخلها في أول ذي القعدة، ثم خرج منها متوجهاً إلى الروم، وجد في السير إلى أن وصل إلى أقجا دربند، فقطعه في نصف نهار. فلما خرجت عساكره وتكاملت، قدم الأمير سنقر الأشقر على جماعة من العسكر وأمره بالمسير؛ فسار حتى وقع على كتيبة للتتار، عدتهم ثلاثة آلاف فارس، ومقدمهم الأمير كراي التتري؛ فهزمهم الأمير سنقر الأشقر وأسر منهم طائفة، ثم وردت الأخبار على الملك الظاهر بأن برواناه على نهر جيحان، ثم سار السلطان. فلما صعد العسكر على الجبال وأشرف على صحراء إبلستين؛ فشاهد التتار قد رتبوا عساكرهم أحد عشر طلباً، في كل طلب ألف فارس، وعزلوا عسكر الروم إلى جانب؛ خوفاً من باطن لهم مع المسلمين، وجعلوا عسكر الكرج طلباً واحداً. فلما تراءى الجمعان، حملت ميسرة التتار حملة واحدة على ميمنة الظاهر، فأردفهم الظاهر بنفسه، ثم كانت منه التفاتة؛ فرأى ميسرته قد لحت عليها ميمنة التتار؛ فأردفها أيضاً بنفسه، ثم حمل وحملت العساكر برمتها حملة رجل واحد؛ فترجل التتار عن خيولهم، وقاتلوا أشد القتال، فلم يغن عنهم ذلك شيئاً، الجزء: 3 ¦ الصفحة: 460 وأنزل الله بأسه بهم، وانتصر المسلمون؛ فقتل أكثر التتار، وفر من نجا منهم واعتصموا بالجبال، وأحاط بهم الجيش الإسلامي، وترجلوا عن خيولهم، وقاتلوا؛ فقتلوا منهم مقتلة عظيمة، وأسروا منهم جماعة كثيرة من أعيان الروم والتتار. وفي هذا المعنى يقول العلامة شهاب الدين أبو الثناء محمود بن سليمان الحلبي الكاتب قصيدة طنانة منها: كذا فلتكن في الله عز العزائم ... وإلا فلا تجفوا الجفون الصوارم عزائم جازتها الرياح فأصبحت ... مخلفة تبكي عليها الغمائم ومنها: بجيش تظل الأرض منه كأنها ... على سعة الأرجاء في الضيق خاتم كتائب كالبحر الخضم جيادها ... إذا ما تهادت موجه المتلاطم تحيط بمنصور اللواء مظفر ... له النصر والتأييد عبد وخادم مليك يلوذ الدين من عزماته ... بركن له الفتح المبين دعائم الجزء: 3 ¦ الصفحة: 461 وفي السنة المذكورة دخل الملك الظاهر بلاد الروم، ونزل بمدينة قيصرية، وجلس بها في دار الملك، وصلى بها الجمعة، وخطبوا له، وضربت السكة باسمه في القعدة من السنة. ثم رجع، وقطع الدربند، وعبر النهر، ثم عاد إلى دمشق في سابع المحرم مؤيداً منصوراً، ونزل بالقلعة، ثم انتقل إلى قصره الأبلق بدمشق؛ فمرض في نصف المحرم من سنة ست وسبعين وستمائة؛ فمات من مرضه يوم الخميس بعد الظهر الثامن والعشرين من المحرم من السنة المذكورة، وحمل إلى القلعة ليلاً مع أكابر أمرائه، وغسله، وصبره المهتار شجاع الدين عنبر، والكامل علي بن المنبجي الإسكندراني المؤذن، والأمير عز الدين الأفرم. ووضع في تابوت، وعلق في بيت بالقلعة، وهو في عشر الستين إلى أن يحصل الاتفاق على موضع دفنه. وكان قد أوصى أن يدفن على الطريق السالكة، قريباً من داريا، وأن يبنى عليه هناك قبة؛ فرأى ولده الملك السعيد أن يدفنه داخل السور، فابتاع دار العقيقي، وبنيت له قبة. فلما تكمل بناؤها نقل إليها، ووقف عليها وعلى المدرسة الأوقاف الكثيرة، ثم في يوم السبت رابع عشر صفر شرع في عمل أغربة الملك الظاهر بيبرس المذكور بالديار المصرية. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 462 قال الأمير بيبرس الدوادار في تاريخه: وكان القمر قد كسف كسوفاً كاملاً، أظلم له الجو، وتأول ذلك المتأولون بموت رجل جليل القدر؛ فقيل إن السلطان لما بلغه ذلك حذر على نفسه، وخاف، وقصد أن يصرف التأويل إلى غيره؛ لعله يسلم من شره. وكان بدمشق شخص من أولاد الملوك الأيوبية - وهو الملك القاهر بهاء الدين عبد الملك ابن السلطان الملك المعظم عيسى ابن السلطان الملك العادل أبي بكر بن أيوب -؛ فأراد الظاهر - على ما قيل - اغتياله بالسم؛ فأحضره في مجلس شرابه؛ فأمر الساقي أن يسقيه قمزاً، كان ممزوجاً فيما يقال بسم؛ فسقاه الساقي ذلك الكأس؛ فأحس به، وخرج من وقته، ثم غلط الساقي، وملأ الكأس المذكور، وفيه أثر السم، ووقع الكاس في يد الملك الظاهر فشربه. انتهى كلام بيبرس الدوادار باختصار. قلت: هذا القول مشهور بأفواه الناس، والله أعلم. وخلف الملك الظاهر بيبرس - صاحب الترجمة - عشرة، أولاد وهم: الملك السعيد محمد، وسلامش، وخضر. وسبع بنات. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 463 وقال الشيخ قطب الدين: كان له عشرة آلاف مملوك. وقال الحافظ الذهبي في تاريخه: حكى الشيخ شرف الدين عبد العزيز الأنصاري الحموي، قال: كان الأمير علاء الدين البندقداري الصالحي لما قبض عليه، وأحضر إلى حماة، واعتقل بجامع قلعتها اتفق حضور ركن الدين بيبرس هذا من بلاده مع تاجره، وكان الملك المنصور صاحب حماة إذ ذاك صبياً. وكان إذا أراد شراء رقيق تبصره الصاحبة والدته؛ فأحضر بيبرس هذا مع جخداشه؛ فرأتهما من وراء الستر، فأمرت بشراء جخداشه، وقالت: هذا الأسمر - يعني الملك الظاهر بيبرس - لا يكون بينك وبينه معاملة؛ فإن في عينيه شراً لائحاً؛ فردهما الملك المنصور جميعاً، فطلب البندقداري الغلامين، فاشتراهما، وهو معتقل، ثم أفرج عنه وسار بهما إلى مصره وآل أمر ركن الدين بيبرس هذا إلى ما آل. ثم قال: واشتهر - يعني الملك الظاهر - بالشجاعة والإقدام. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 464 ولما سارت الجيوش المنصورة من مصر لحرب التتار كان هو طليعة الإسلام. ثم قال: وكان غازياً، مجاهداً، مرابطاً، خليقاً للمملكة لولا ما كان فيه من الظلم، والله يرحمه ويغفر له؛ فإن له أياماً بيضاء في الإسلام، ومواقف مشهودة، وفتوحات معدودة. انتهى كلام الذهبي، رحمه الله. قلت: وكان الملك الظاهر - رحمه الله - ملكاً شجاعاً، مقداماً، خبيراً بالحروب، ذا رأي وتدبير وسياسة، ومعرفة تامة. وكان سريع الحركات، كثير الأسفار، نالته السعادة والظفر في غالب حروبه، وفتح عدة فتوحات من أيدي الفرنج وهي: قيسارية، وأرسوف، وصفد، وطبرية، ويافا، والشقيف، وأنطاكية، وبغراس، والقصير، وحصن الأكراد، وحصن عكار، وصافيثا، ومرقية، وطرابلس، وبلاد أنطرطوس، وناصفهم على المرقب وبانياس. وله مآثر بالقاهرة ودمشق وغيرها. وبنى عدة جوامع، ومدارس، وقناطر، وجسور مشهورة به بسائر الأقاليم منها: المدرسة الظاهري بين القصرين الجزء: 3 ¦ الصفحة: 465 من القاهرة. ولما فرغ من عملها جعل بها مدرس الحنفية الصاحب مجد الدين بن العديم، ومدرس الشافعية الشيخ تقي الدين بن رزين. وولى مشيخة الحديث للحافظ شرف الدين عبد المؤمن الدمياطي. وولى مشيخة القراء للشيخ كمال الدين الحلي. وفي أيامه في سنة ثلاث وستين وستمائة جعل بالديار المصرية قضاة أربع، من كل مذهب قاض. وسبب ذلك: توقف القاضي تاج الدين ابن بنت الأعز عن تنفيذ كثير من الأحكام، وكثرة توقفه؛ فكثرت الشكاوى منه، وتعطلت الأمور؛ فوقع الكلام في ذي الحجة بين يدي الملك الظاهر. وكان الأمير جمال الدين أيدغدي العزيزي يكره القاضي تاج الدين؛ فقال له نترك لك مذهب الشافعي، ونولي معك من كل مذهب قاضياً؛ فمال السلطان الملك الظاهر إلى كلامه. وكان لأيدغدي العزيزي محل عظيم عند الظاهر؛ فولى قاضي قضاة الجزء: 3 ¦ الصفحة: 466 الحنفية الشيخ صدر الدين سليمان، وقاضي القضاة المالكية الشيخ شرف الدين عمر السبكي، وقاضي قضاة الحنابلة شمس الدين محمد بن العماد، واستنابوا النواب. وأبقى للشافعي النظر في أموال اليتامى وأمور بيت المال، ثم فعل ذلك بسائر الأقاليم إلى يومنا هذا. رحمه الله وعفا عنه. الملك المظفر ركن الدين بيبرس الجاشنكير بيبرس بن عبد الله، الملك المظفر ركن الدين بيبرس البرجي المنصوري الجاشنكير. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 467 أصله من مماليك الملك المنصور قلاوون وعتقائه، وتنقل في الخدم حتى صار من جملة الأمراء بالديار المصرية. وتولى الأستادارية للملك الناصر محمد بن قلاوون. وكان إقطاعه كبير، فيه عدة إقطاعات لأمراء. ولما كان أستاداراً كان سلار نائباً بالديار المصرية؛ فحكما في البلاد وتصرفا في الممالك، وصار الملك الناصر ليس له من السلطنة إلا الاسم فقط. وكان نواب البلاد الشامية جخداشية الجاشنكير من البرجية؛ فقوى أمره بهم، إلى أن توجه الملك الناصر إلى الحجاز ورد من الطريق إلى الكرك وأقام بها، وأرسل يعلم أمراء الديار المصرية؛ ليقيموا سلطاناً. لعب الأمير سيف الدين سلار بالجاشنكير هذا، وحسن له السلطنة حتى تسلطن، ولقب بالملك المظفر بعد أن أفتى له جماعة من القضاة والفقهاء بذلك، وكتب محضراً مثبوتاً على القضاة، وناب سلار له، واستوثق له الأمر. وكانت سلطنته في يوم السبت بعد العصر ثالث عشرين شوال سنة ثمان وسبعمائة - وقيل في ذي القعدة في بيت سلار -، وركب من بيت سلار بخلعة السلطنة إلى القلعة، ومشوا الأمراء بيني يديه، ودقت البشائر، وسارت البريدية الجزء: 3 ¦ الصفحة: 468 بذلك إلى سائر الممالك، وكتب له الخليفة المستكفي بالله على تقليده بخطه. وكان من جملة عنوانه أنه: من سليمان وإنه بسم الله الرحمن الرحيم. وجلس الأمير بتخاص والأمير قلى والأمير لاجين لاستحلاف الأمراء والعساكر، واستفحل أمره، وأعطى، وأنعم. قيل إن خلعه التي خلعها وصلت إلى ألفين ومائتي خلعة. ودام في الملك إلى أن وقع بينه وبين الملك الناصر وحشة؛ وهو أن الملك الناصر لما دخل إلى الكرك سأل من نائبها الأمير آقوش عن الأموال الحاصلة بها؛ فأحضر النائب بمائتي ألف درهم لا غير؛ خوفاً أن يطلعه على المال؛ فيأخذه كله، وأخرج آقوش من نيابة الكرك، وقنع بالكرك. وخطب للملك المظفر بيبرس هذا بجامع الكرك بحضرة الملك الناصر محمد بن قلاوون، وتأدب الملك الناصر معه وسكت حتى أنه كان إذا كاتبه يكتب: الملكي المظفري. وقصد بذلك سكون الأحوال. فلما كان بعد ذلك بقليل أرسل الملك المظفر يطلب من الملك الناصر الخيل والمماليك التي عنده، والأموال التي كانت بالكرك؛ فبعث إليه الملك الناصر بالمبلغ الذي أخذه؛ فأعاد الملك المظفر الجواب بتجديد الطلب للخيول والمماليك، والتهديد إن لم يرسل الخيول والمماليك؛ فعند ذلك أهان الملك الناصر رسوله، وأمر الجزء: 3 ¦ الصفحة: 469 بإخراجه ماشياً إلى الغور، وأخذ من وقته في التحفل حتى كان من أمره ما كان. وأخذ أمر الملك المظفر بيبرس هذا في إدبار، ثم إن الملك المظفر جهز عسكراً لقتال الملك الناصر، لما بلغه خروجه من الكرك، وجعل مقدم عساكره الأمير برلغي. وكان برلغي هو المشار إليه في الدولة المظفرية بيبرس، وكثر قلق الملك المظفر، وأتى بعض المماليك السلطانية بالمواطأة، وقبض على جماعة منهم، ثم جرد الأمير برلغي مقدماً على العساكر، ومعه ثلاثة أمراء من مقدمي الألوف وهم: آقوش الأشرفي نائب الكرك كان، وأيبك البغدادي، والدكر السلاح دار ومن معهم من الأمراء؛ فبرزوا في يوم السبت تاسع رجب من سنة تسع وسبعمائة، وخيموا بمسجد التبن، ولم يتوجهوا، بل عادوا إلى القاهرة بعد أربعة أيام. وكان الباعث لهم على العود أن كتب الأفرم نائب دمشق: وردت تتضمن عود الملك الناصر محمد إلى الكرك. ثم أرسل الملك المظفر إلى الملك الناصر محمد رسالة ثانية على يد الأمير مغلطاي وقطلوبغا تتضمن وعيداً، وتهديداً، ونكاراً شديداً. فلما وقف عليها الناصر اشتد غضبه، وقبض عليهما بعد أن أوجهما بالضرب الشديد، ثم كتب للأمراء بالبلاد الشامية، وذكر لهم ما لوالده عليهم من الحقوق والتربية. ثم خرج بعد ذلك من الكرك ثانياً بعد الاهتمام بالتوجه إلى الجزء: 3 ¦ الصفحة: 470 دمشق. فلما بلغ الملك المظفر الخبر ثانياً، جرد الأمراء المذكورين - كما ذكرناه أولاً - ومعهم أربعة آلاف فارس، وبرزوا في الوقت، وشرع المظفر في النفقة على الجند والعامة. وسبب نفقته على العامة ما وقع له معهم في السنة المذكورة عند توقف النيل عن الزيادة، فقالت العامة: سلطاننا ركين ونائبنا دقين ... يجينا الماء من أين يسيبوا لنا الأعرج ... يجينا الماء وهو يتدحرج ولهجت العامة بذلك؛ فعظم هذا القول على الملك المظفر، وأراد أن يوقع بهم. انتهى. ثم إن الملك المظفر وقع بينه وبين جماعة من الخاصكية - وهم نحو المائة - وصحبتهم الأمير نوغاي، وكانوا مع العسكر؛ فخامروا الجميع، وتوجهوا إلى الملك الناصر محمد بن قلاوون؛ وأخبروا الناصر بمحبة المصريين له. وقدم الملك الناصر دمشق، ونزل بالقصر الأبلق، وجاءته نواب البلاد الشامية وجماعة أخر من المصريين، وتوجه الجميع صحبة الملك الناصر نحو الديار المصرية، وخرج العسكر المصري صحبة الأمير برلغي لقتال الناصر، ووقع له مع عسكر الناصر أمور أسفرت عن توجه برلغي ودخوله تحت طاعة الملك الناصر محمد. فلما بلغ الملك المظفر بيبرس الجاشنكير ذلك، ذل وهرب في مماليكه نحو الغرب بعد أن خلع نفسه، الجزء: 3 ¦ الصفحة: 471 وكتب إلى الملك الناصر كتاباً فيه: الذي أعرفك به أنني قد رجعت لأقلدك بغيك، فإن حبستني عددت ذلك خلوة، وإن نفيتني عددت ذلك سياحة، وإن قتلتني كان ذلك لي شهادة. فلما سمع الناصر ذلك عين له صهيون؛ فسار الملك المظفر إليها مرحلتين؛ فتكلم فيه؛ فرده الناصر، وأحضره قدامه، وسبه، وعنفه، وعدد عليه ذنوباً، ثم خنقه قدامه بوتر حتى كاد يتلف، ثم سيبه حتى أفاق، وعنفه، وزاد في شتمه، ثم خنقه حتى مات في شهر شوال سنة تسع وسبعمائة. وكان المظفر ملكاً ثابتاً، كثير السكون والوقار، جميل الصفات، نذب إلى المهمات مراراً عديدة. وكان يتكلم في أمر الدولة سنين عدة، وحسنت سيرته. وكان يرجع إلى خير ودين ومعروف تولى السلطنة على كره منه. وله أوقاف على وجوه البر والصدقة، وعمر ما هدم من الجامع الحاكمي داخل باب النصر من القاهرة بعد ما شققته الزلازل. وأنشأ الخانقاه داخل باب النصر - المعروفة قديماً بدار الوزارة، وهي الآن معروفة به -. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 472 وكان من أعيان الأمراء في الدولة المنصورية قلاوون، والدولة الأشرفية خليل بن قلاوون، والدولة الناصرية محمد بن قلاوون. وكان أبيضاً أشقراً، مستدير اللحية، وهو جاركسي الجنس - على ما قيل - ولا يعرف غيره من الجراكسة ملك الديار المصرية إلى أن تسلطن الملك الظاهر برقوق، وقيل إنه كان تركياً، والأقوى عندي أنه كان جركسياً؛ فإنه كان بينه وبين الأفرم نائب دمشق محبة زائدة؛ قيل قرابة، وكان الأفرم جاركسياً، والله أعلم. ولما هرب الملك المظفر بيبرس عند قدوم الملك الناصر محمد، قال بعض الأدباء: تثنى عطف مصر حين وافى ... قدوم الناصر الملك الخبير فذاك الجشنكير بلا لقاء ... وأمسى وهو ذو جأش نكير إذا لم تعضد الأقدار شخصاً ... فأول ما يراع من النظير انتهى. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 473 الجالق بيبرس بن عبد الله الصالحي النجمي الجالق، الأمير ركن الدين، أحد أكابر الأمراء بالديار المصرية - والجالق صفة الفرس إذا كان قوي النفس كثير اللعب - كان أولاً في أيام أستاذه الملك الصالح نجم الدين أيوب من جملة الجمدارية، ثم أمره الملك الظاهر بيبرس، وجعله من جملة أمراء البحرية. ولا زال الملك الظاهر يرقبه حتى صار من أكابر أمراء دولته، ونالته السعادة، وكثر ماله. ثم أخرج إلى دمشق على إقطاع هائل؛ فدام في السعادة، وطالت أيامه، وهو آخر البحرية موتاً. ولما كان بدمشق خرج منها إلى الرملة؛ لقسم إقطاعه، فمات بها سنة سبع وسبعمائة، وقد عمر، ونقلت رمته إلى القدس. رحمه الله تعالى وعفا عنه. الحاجب بيبرس بن عبد الله المنصوري الحاجب، الأمير ركن الدين. أظنه من الجزء: 3 ¦ الصفحة: 474 مماليك الملك المنصور قلاوون، وترقى إلى أن صار أمير آخوراً. واستمر إلى أن عزله الملك الناصر محمد عند حضوره من الكرك بالأمير أيدغمش، وولاه الحجوبية؛ فدام على ذلك مدة إلى أن جرده الملك الناصر إلى اليمن هو وجماعة من العسكر المصري؛ فغاب مدة في اليمن، ثم حضر. ولما حضر نقم السلطان عليه أموراً نقلت إليه عنه؛ فقبض عليه؛ واعتقله، ثم أطلقه بعد مدة، ورسم له بإمرة في حلب؛ فتوجه إليها وأقام بها مدة. فلما قدم تنكز إلى الديار المصرية في سنة تسع وثلاثين وسبعمائة طلبه من السلطان أن يكون عنده بدمشق؛ فرسم له بذلك؛ فاستمر بدمشق إلى أن مات الملك الناصر محمد، وتسلطن الملك الناصر أحمد بن محمد بن قلاوون، صار المذكور نائب الغيبة بدمشق. وكان قد أسن؛ فحصل له ما شرى في وجهه أقام معها مقدار جمعة، ومات في شهر رجب سنة ثلاث وأربعين وسبعمائة. وكانت داره بالقاهرة داخل باب الزهومة، كانت مشهورة به، وهو صاحب القنطرة على خليج الناصري. رحمه الله تعالى وعفا عنه. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 475 العديمي بيبرس بن عبد الله العديمي، الشيخ المسند أبو سعيد التركي، مولى الصاحب محمد بن عبد الرحمن بن العديم. مولده في حدود عشرين وستمائة. رحل مع أستاذه، وسمع ببغداد جزء البانياسي من الكاشغري، وجزء العيسوي من ابن الخازن، وأسباب النزول من أبي سهل، وتفرد بأشياء، وسمع من ابن أبي قميرة، وحدث بدمشق وحلب، وسمع منه الحافظ علم الدين البرزالي، وابن حبيب وأولاده، والواني، وابن خلف، وابن خليل المكي، وعدة. وكان مليح الشكل، أمياً فيه عجمة. توفى بحلب سنة ثلاثة عشر وسبعمائة. رحمه الله تعالى. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 476 الخطائي الدوادار بيبرس بن عبد الله المنصوري الخطائي الدوادار، الأمير ركن الدين. أصله من مماليك الملك المنصور قلاوون، اشتراه، ورباه مع أولاده، ثم ترقى من بعده إلى أن ولى الدوادارية، ثم صار رأس الميسرة وكبير الدولة، ثم ولى نيابة السلطنة بالديار المصرية إلى أن قبض عليه وحبس مدة، ثم أطلق وأعيد إلى رتبته. وكان عاقلاً، فاضلاً، بارعاً، عارفاً، سيوساً، ذا مشاركة وفضل، وصنف تاريخاً كبيراً أجاد فيه وأبدع، ويقال إنه صنفه بإعانة كاتبه ابن كبر النصراني وغيره، وسمى تاريخه: بزبدة الفكرة في تاريخ الهجرة، في أحد عشر مجلداً. ومما يدل على فضله ما أورده في تاريخه من الكلام المسجع. وانتهى تاريخه إلى سنة أربع وعشرين وسبعمائة. وكانت وفاته بالقاهرة في ليلة الخميس خامس عشرين شهر رمضان سنة خمس وعشرين وسبعمائة، وهو من أبناء الثمانين. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 477 وكان فاضلاً، وافر الحرمة، مهاباً. وكان الملك الناصر محمد بن قلاوون يجله، ويقوم له لما يدخل عليه، ويأذن له بالجلوس. قلت: كان يستحق هذا وأكثر؛ لما احتوى عليه من العلم، والفضل، والعقل، والكرم، والسياسة؛ فهؤلاء كانوا هم الأمراء، لا مثل أمراء عصرنا، هذا البقر العاجزة. انتهى. السلاري بيبرس بن عبد الله السلاري، الأمير ركن الدين حاجب صفد. كان أولاً من أمراء الديار المصرية، ثم أخرجه الملك الناصر محمد بن قلاوون إلى صفد بعد سنة سبع وعشرين وسبعمائة؛ فدام بصفد إلى أن مات الأمير أقطوان الجمالي الحاجب؛ فتولى بيبرس هذا حجوبية صفد من بعده، واستمر في الحجوبية إلى أن ولى الأمير أصلم السلاري نيابة صفد، نقل بيبرس هذا إلى دمشق على إمرة حتى لا يجتمعا؛ لأن كلا منهما كان سلارياً، ثم أعيد المذكور إلى حجوبية صفد، بعد مت الملك الناصر محمد؛ فدام بها إلى أن مات في أوائل شهر رجب الفرد سنة ثلاث وأربعين وسبعمائة. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 478 الأحمدي بيبرس بن عبد الله الأحمدي، الأمير ركن الدين، أميرجندار. كان أحد أعيان أمراء الدولة، وكان أمير جندار في الدولة الناصرية محمد ابن قلاوون والمشار إليه، ثم عظم حتى صار له كلمة في الدولة وأمر ونهي. ولما مات الملك الناصر محمد بن قلاوون صار هو صاحب العقد والحل في المملكة، وهو الذي قوى عزم قوصون على تولية الملك المنصور أبي بكر بعد موت والده الملك الناصر محمد، وخالف بشتك، وقال له: هذا السلطان أستاذك قد ولى ولده، وما اختار الذي تختاره أنت، وأبوهما أخبر بهما. ولما نسب إلى الملك المنصور الذي نسب من اللهو، واللعب، واستعمال الشراب، حضر بيبرس هذا إلى باب القصر، وقال: إيش هذا اللعب؟ فانفل الجماعة الذين كانوا عند السلطان. ثم رغب عن وظيفته، ووليها الأمير أرنبغا إلى أن ولى الملك الناصر أحمد بن محمد بن قلاوون السلطنة، ولاه نيابة صفد؛ فباشرها إلى أن وقع له بها أمور. وخرج عن صفد بعد لبس آلة الحرب، وألبس مماليكه، ثم توجه إلى دمشق على تلك الهيئة؛ فأراد أمراء دمشق القبض الجزء: 3 ¦ الصفحة: 479 عليه؛ فقال لهم: أنا جئت إليكم غير محارب؛ فإن جاء أمر من السلطان بإمساكي؛ فأمسكوني، وأنا ضيف عندكم. فأخرجوا الإقامة له، وبات تلك الليلة وأصبح والأمراء معه، فجاء البريد من الكرك بإمساكه؛ فكتب الأمراء إلى السلطان الملك الناصر أحمد يسألونه فيه، وقالوا له: هذا مملوكك ومملوك والدك، وركن من أركان دولتك، وما له ذنب، واليوم يعيش وغداً يموت، ونسأل صدقات السلطان العفو عنه، وأن يكون أميراً بدمشق، فرد الجواب بإمساكه، فردوا الجواب بالسؤال فيه، فأبى ذلك، وقال: أمسكوه، وانهبوه، وخذوا أمواله لكم؛ وابعثوا إلي برأسه؛ فأبوا ذلك، وخلعوا طاعته، وشقوا العصا عليه، فلم يكن إلا مدة يسيرة، وقدم عليهم الأمير طقتمر الصلاحي من الديار المصرية مخبراً بأن الأمراء المصريين خلعوا الملك الناصر أحمد المذكور، وولوا السلطان الملك الصالح إسماعيل بن الناصر محمد بن قلاوون؛ فاطمأنت نفوس الأمراء الشاميين. ودام بيبرس هذا مقيماً بدمشق - بقصر الأمير تنكز بالمزة - إلى أن ورد مرسوم الملك الصالح له بنيابة طرابلس؛ فتوجه إليها، وأقام بها نحو الشهرين، وطلب إلى الديار المصرية، وولى عوضه طرابلس الأمير أرنبغا أمير جندار، ثم جهز بيبرس هذا بحصار الملك الناصر أحمد بالكرك؛ فحصره مدة، وبالغ فلم ينل منه قصداً، وعاد إلى ديار مصر، وأقام بها إلى أن مات في أوائل سنة ست وأربعين وسبعمائة. وهو في عشر الثمانين. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 480 وكان شكلاً تاماً، ذا شيبة منورة، ووجه أحمر. وكان يميل إلى دين وخير، ويحب الفقراء وأهل الصلاح، وكان مثرياً، وله عدة أملاك ودور معروفة به. رحمه الله تعالى. الموفقي بيبرس بن عبد الله الموفقي المنصوري. الأمير ركن الدين. أصله من مماليك الملك المنصور قلاوون الصالحي الألفي، وترقى إلى أن صار من جملة الأمراء بالقاهرة، ثم وقع حوادث نقل فيها أميراً بدمشق؛ فدام بها إلى أن مات في يوم الأربعاء ثالث عشرين جمادى الآخرة سنة أربع وسبعمائة، وصلى عليه ودفن، ثم ظهر بعد ذلك أن مماليكه خنقوه وهو نائم سكران، نسأل الله حسن الخاتمة. الأتابكي بيبرس بن عبد الله الظاهري الأتابكي، أحد مماليك الملك الظاهر برقوق وابن أخته. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 481 استقدمه الملك الظاهر برقوق صغيراً مع والدته وأقاربه في حدود سنين نيف وثمانين وسبعمائة؛ فربى في الحرم السلطاني إلى أن كبر أنعم عليه بإمرة عشرة. ولا زال الملك الظاهر يرقيه إلى أن جعله أمير مجلس بعد نفي الأمير شيخ الصفوي إلى القدس في تاسع صفر سنة ثمانمائة؛ فدام على ذلك إلى تاسع عشرين جمادى الأولى من السنة نقل إلى الدوادارية الكبرى بعد موت الأمير قلمطاي الدوادار، وأنعم بإمرة مجلس على الأمير أقبغا اللكاش؛ فاستمر بيبرس دواداراً إلى أن نقله الملك الناصر فرج بن برقوق إلى الأتابكية، بعد عصيان الأتابك أيتمش البجاسي، وخروجه إلى الشام في سنة اثنتين وثمانمائة. واستقر عوضه في الدودارية الأمير يشبك الشعباني الظاهري الخازندار؛ فاستمر بيبرس المذكور أتابكاً مدة إلى أن اختفى الملك الناصر فرج، وخلع، وتسلطن أخوه الملك المنصور عبد العزيز ابن الملك الظاهر برقوق في سنة ثمان وثمانمائة؛ فلم تطل أيام الملك المنصور عبد العزيز، وظهر الملك الناصر فرج طالباً ملكه من بيت الأمير سودون الحمزاوي الجزء: 3 ¦ الصفحة: 482 الدوادار في يوم الجمعة رابع جمادى الآخرة من السنة، وتلاحق به كثيراً من أمرائه، ولم يطلع الفجر حتى ركب الملك الناصر بآلة الحرب وسار بمن اجتمع عليه يريد قلعة الجبل؛ فقاتله الأتابك بيبرس هذا ومعه الأمير إينال باي أمير آخور، وسودون المارديني، ويشبك بن أزدمر من القلعة، قتالاً ليس بذاك، ثم انهزموا، وملك الملك الناصر فرج القلعة، وتوجه بيبرس منهزماً إلى خارج القاهرة؛ فأدركه الأمير سودون الطيار؛ فقاتله، فلم يثبت بيبرس، وأخذه سودون، وقبض عليه، وأحضره بين يدي الملك الناصر فرج بقيده، وبعث به إلى الإسكندرية. وعاد الملك الناصر إلى ملكه، وخلع المنصور عبد العزيز، فكانت مدة ملك المنصور سبعين يوماً، وخلع السلطان على الأمير يشبك الشعباني الدوادار باستقراره أتابك العساكر، عوضاً عن بيبرس المذكور، واستقر سودون الحمزاوي دواداراً، عوضاً عن يشبك. ولا زال بيبرس في حبس الإسكندرية إلى أن قتل بالثغر في سنة إحدى عشرة وثمانمائة، وقتل معه الأمير سودون المارديني، والأمير بيغوت. وكان بيبرس أميراً جليلاً، كريماً، لين الجانب، قليل الشر، منهمكاً في اللذات، واللهو، والطرب، منقاداً إلى نفسه، بمعزل عن الشجاعة والفروسية. رحمه الله تعالى. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 483 بيبرس المليح بيبرس بن عبد الله الظاهري، الأمير ركن الدين، أحد الأمراء مقدمي الألوف بديار مصر. كان أولاً مملوكاً لسيدي علي ابن الأتابك إينال اليوسفي. وكان مبدعاً بالحسن، فأخذه الملك الظاهر برقوق منه، وأخذ معه الملك الظاهر جقمق، وكان صبيين، فصارا من جملة الخاصكية بعد مدة يسيرة. وكان يضرب بحسنه المثل وتأمر في الدولة الناصرية فرج وهو خالي العذار. وكان يعرف ببيبرس المليح. ولما اختفى الملك الناصر فرج، وتسلطن أخوه الملك المنصور عبد العزيز، صار بيبرس هذا أمير مائة ومقدم ألف بديار مصر، وخلع عليه، واستقر لالا للسلطان الملك المنصور عبد العزيز في يوم الثلاثاء سابع عشرين صفر سنة ثمان وثمانمائة. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 484 التمان تمري بيبرس بن عبد الله التمان تمري، الأمير ركن الدين، أحد أمراء الطبخاناه، وأمير آخور ثاني في الدولة الظاهرية برقوق، واستمر على ذلك مدة طويلة إلى أن مات في رابع عشر جمادى الآخرة سنة تسع وتسعين وسبعمائة. رحمه الله تعالى. المؤيدي بيبغا بن عبد الله المؤيدي، الأمير سيف الدين، أحد أمراء الطبلخاناه بحماة. أصله من مماليك الملك المؤيد إسماعيل صاحب حماة، وتأمر في أيام أستاذه، ثم من بعده إلى أن توفى سنة ست وأربعين وسبعمائة، رحمه الله. - وبيبغا صوابه باي بغا، ومعناه: ثور سعيد، فإن باي بالتفخيم: سعيد بالتركي، وبغا: هو الثور الهائل - انتهى. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 485 الأشرفي بيبغا بن عبد الله الأشرفي، الأمير سيف الدين، نائب الكرك. كان أولاً من جملة أمراء الديار المصرية، ثم ولى نيابة الكرك بعد العشرين وسبعمائة من قبل الملك الناصر محمد بن قلاوون ثم عزل وتوجه إلى دمشق، فدام بها إلى أن أضر بآخره وتعطل. أرس بيبغا بن عبد الله القاسمي، الأمير سيف الدين. كان من جملة أمراء الملك الناصر محمد بن قلاوون، ثم ولى نيابة السلطنة بالديار المصرية بعد الملك الناصر مدة، ثم نقل إلى نيابة حلب، عوضاً عن أرغون الكاملي، في سنة اثنتين وخمسين وسبعمائة. ولما استقر في نيابة حلب شدد على من يشرب الخمر بها إلى الغاية، وظلم، وحكم في ذلك بغير أحكام الله، من ذلك: أن بعض المباشرين بالديوان السلطاني بحلب شرب الخمر، ثم ركب، وسار إلى دار الإمارة بغير الجزء: 3 ¦ الصفحة: 486 اختياره، فأمر بيبغا أرس المذكور لما ظفر به بتسميره على جمل، فسمر، وطيف به ساعة من النهار، ثم أطلق. وفي هذا المعنى يقول الأديب ابن حبيب: أهل الطلا توبوا وكل منكم ... يعود عن ساق الطلا مشمرا فمن يبت راووقه معلقا ... أصبح ما بين الورى مسمرا وفي المعنى يقول القاضي شرف الدين حسين بن ريان: تب عن الخمر في حلب ... والزم العقل والأدب حدها عند بيبغا ... بالمسامير والخشب ودام الأمير بيبغا المذكور في نيابة حلب إلى أن خرج عن الطاعة في سنة ثلاث وخمسين وسبعمائة، ووافقه الأمراء، وحلفوا له على ذلك. ثم وافقه نواب البلاد الشامية بطرابلس وحماة وصفد، وانضم إليه الأمير قراجا بن دلغادر، وبرز إلى ظاهر حلب في ثالث عشر شهر رجب من السنة متوجهاً إلى الديار المصرية. فلما وصل إلى قبلي دمشق، وأقام بها نحو شهر إلى أن ورد عليه الخبر بأن الملك الصالح خرج من الديار المصرية بعساكره لقتاله، استشار بيبغا أصحابه، فأشاروا الجزء: 3 ¦ الصفحة: 487 عليه بعدم اللقاء، ثم عادوا هاربين، ونزلوا على ظاهر حلب في سلخ شعبان، وأرادوا الدخول إلى حلب، فمنعهم أهلها، وقاتلوهم قتالاً شديداً. ولما قرب العسكر المصري ولوا هاربين إلى جهة الشمال، فتبعهم جماعة من العسكر، ونهبوا مالهم، وقبضوا على بعضهم. وأقام الملك الصالح بدمشق، وجهز نائبها في طلب بيبغا أرس المذكور، فسار المذكور في طلبهم إلى أن ظفر بنائب صفد، ثم بنائب طرابلس الأمير بكلمش ثم بنائب حماة الأمير أحمد، وجيء بهم، ثم أمسك الأمير بيبغا أرس المذكور، وجيء به إلى حلب، فحبس بقلعتها إلى أن قتل صبراً بالقلعة المذكورة في سنة ثلاث وخمسين وسبعمائة. وفيه يقول بعض الأدباء: لما اعتدى بيبغا العادي ومن معه ... على الورى فارقوا كرها مواطنهم خوف الهلاك سروا ليلاً على عجل ... فأصبحوا لا ترى إلا مساكنهم وفي المعنى لابن خضر السنجاري: بغى بيبغا بغي المماليك عنوة ... وما كان في الأمر المراد موفقا الجزء: 3 ¦ الصفحة: 488 أغار على الشقرا في قيد جهله ... لكي يركب الشهباء في الملك مطلقا فلما علا في ظهرها كان راكبا ... على أدهم لكنه كان موثقا ولابن ريان من أبيات في المعنى: أتى القوم بالأعداء أسرى أذلة ... إلى حلب الشهباء إلى خير مقدم فبكلمش وافوا به وبأحمد ... ومن بيبغا قد أدركوا كل مغنم ومن رام ظلم الناس يقتل بسيفه ... ولو نال أسباب السماء يسلم قضوا ومضوا لا خفف الله عنهم ... إلى حيث ألقت رحلها أم قشعم قال الشيخ أبو محمد بن حبيب في تاريخه: وباشر شامخاً بأنفه سالكاً طريق عنفه لابساً ثياب الكبر راكباً من العز بحراً ليس له عبر. انتهى كلام ابن حبيب. قلت: وبيبغا تقدم الكلام عليه، وأرس بألف مضمومة، وراء مهملة مضمومة أيضاً، وسين مهملة ساكنة، قبيلة من قبائل التتر في الشمال، بالإقليم السادس. المظفري الأتابك بيبغا بن عبد الله المظفري الظاهري، الأمير سيف الدين، أتابك العساكر بالديار المصرية. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 489 أصله من مماليك الملك الظاهر برقوق ومن خاصكيته، ثم تنقل في الدولة الناصرية فرج إلى أن صار أمير مائة ومقدم ألف بالديار المصرية، واستمر على ذلك إلى أن تجرد الملك الناصر فرج إلى البلاد الشامية في سنة أربع عشرة وثمانمائة، لقتال الأمير ابن شيخ المحمودي ونوروز الحافظي، وقدم الملك الناصر عدة أمراء أمامه جاليشاً. كان الأمير بيبغا هذا أيضاً في الجاليش، وتوجهوا إلى أن قدموا دمشق، ودخلوا على والدي الجميع بدار السعادة، وهو ملازم للفراش، فباسوا يده، ثم شكوا من فعل الناصر بهم وبغيرهم من الأمراء والجند، وعرفوه توجههم إلى الأميرين وعصيانهم على الناصر، فنهاهم والدي نهياً هيناً، ثم خرجوا من عنده وذهبوا بأجمعهم إلى الأمراء، وعصوا على الناصر، وكانوا عدة أمراء، فكان من أمراء الألوف: الأمير بكتمر جلق، والأمير طوغان الحسني الدوادار، والأمير بيبغا هذا وعدة أخر. واستمر بيبغا من حزب الأمير شيخ المحمودي ودخل معه إلى الديار المصرية بعد قتل الملك الناصر فرج في السنة المذكورة بدمشق، وأنعم عليه بإمرة مائة وتقدمة ألف بالقاهرة، كما كان أولاً، ثم إخراجه بعد مدة أتابكاً بدمشق، فتوجه إلى دمشق، ودام بها إلى الجزء: 3 ¦ الصفحة: 490 أن خرج نائبها قاني باي المحمدي عن طاعة الملك المؤيد شيخ، وعصى في سنة ثماني عشرة وثمانمائة، ثم قاتل أمراء دمشق، فكان بيبغا هذا من حزب الملك المؤيد، وقاتل قاني باي المذكور مع من انضم إليه من أمراء دمشق وغيرهم. ثم انكسر بيبغا وهرب إلى بعض البلاد الشامية إلى أن خرج الملك المؤيد من الديار المصرية، لقتال قاني باي، وانتصر عليه، وظفر به وبالأمير إينال الصصلاني نائب حلب وغيرهما، فعند ذلك أنعم الملك المؤيد على بيبغا المذكور ثانياً بتقدمة ألف بديار مصر، وأخذه معه، وعاد إلى القاهرة، فاستمر بيبغا على ذلك مدة يسيرة، وقبض عليه الملك المؤيد ثانياً، وحبسه بثغر الإسكندرية إلى أن أطلقه الأمير ططر بعد موت الملك المؤيد شيخ، وأنعم عليه بإمرة مائة وتقدمة ألف على عادته، ثم صار أمير مجلس، ثم أمير سلاح. واستمر على ذلك إلى أن تسلطن الملك الأشرف برسباي أخلع عليه باستقراره أتابك العساكر بالديار المصرية عوضاً عن الأمير طرباي بعد القبض عليه بمدة، وذلك في سنة أربع وعشرين وثمانمائة، وصار الأمير جقق أمير سلاح عوضه، واستمر بيبغا على الجزء: 3 ¦ الصفحة: 491 ذلك إلى أن قبض عليه الملك الأشرف برسباي في يوم البت تاسع عشرين شوال سنة سبع وعشرين وثمانمائة، وحمله إلى الإسكندرية، فسجن بها مدة إلى أن أطلقه الملك الأشرف، ورسم له بالإقامة بثغر دمياط بطالاً، فتوجه إليها، ودام بها إلى أن نقل إلى القدس بطالاً أيضاً بشفاعة زوجته خوند قنقباي، أم الملك المنصور عبد العزيز بن الملك الظاهر برقوق، فلم تطل أيامه بالقدس، وطلب إلى القاهرة، وأنعم عليه بإمرة مائة وتقدمة ألف وصار أمير مجلس، لكنه كان يجلس في الخدمة السلطانية رأس الميسرة، بخلاف قاعدة أمراء مجلس، وذلك مراعاة لمنزلته السالفة، فأقام على ذلك مدة يسيرة، وتوفى بالطاعون في ليلة الأربعاء سادس جمادى الآخرة سنة ثلاث وثلاثين وثمانمائة، وله نحو ستين سنة. وكان أمراً جليلاً، مهاباً، شجاعاً، معظماً في الدولة، وعنده تعصب لمن يلوذ به ومروءة، لكنه كان سيئ الخلق، قوي النفس، وله بادرة وخسة إلى الغاية مع سلامة باطن. وكان تركي الجنس مستحقاً باجلراكسة، وعنده جنكزخان المغلي بمنزلة الخضر - عليه السلام -. وكان يخاطب الملك باللفظ الخشن، ولهذا كان كثيراً ما يمسك ويحبس. رحمه الله تعالى. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 492 البهادري بيبغا بن عبد الله البهادري، الأمير سيف الدين، مقدم البريدية. أصله من مماليك الأمير الطواشي بهادر مقدم المماليك السلطانية، ثم اتصل بخدمة الملك الظاهر برقوق، وصار من جملة خاصكيته، ثم تنقلت به الأيام إلى أن صار في الدولة الأشرفية برسباي مقدم البريدية، ودام على ذلك سنين إلى أن عزله الملك الأشرف بالأمير أسنبغا الطياري، وتعطل، ولزم داره إلى أن مات، وقد طعن في السن، وعجز عن الحركة في يوم الأربعاء ثامن شهر رمضان سنة ثمان وأربعين وثمانمائة. وكان مهملاً، منهمكاً في اللذات، مسرفاً على نفسه مع كرم وحشمة. سامحه الله تعالى، وغفر له. المنصوري بيدرا بن عبد الله المنصوري، الأمير بدر الدين، نائب السلطنة بالديار المصرية في الدولة الأشرفية خليل بن قلاوون. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 493 كان أصله من مماليك الملك المنصور قلاوون، وأعز أمرائه، ثم صار إلى نيابة السلطنة بالديار المصرية في دولة ولده الملك الأشرف خليل. وكان بيدرا جليل القدر، ويرجع إلى دين وعقل وعدل. وكان يحب جمع الكتب في أنواع العلوم، واقتنى منها جملة، واستنسخ جملة أيضاً. وكان يحب الفضلاء وأهل العلم ويقدمهم ويكرمهم، وهو الذي خرج على الأشرف خليل بن قلاوون وقتله هو والأمير حسام الدين لاجين - على ما يأتي ذكره إن شاء الله تعالى في ترجمة الأشرف خليل. ولما قتل الأشرف بالطرانة من البحيرة رجع بيدرا المذكور تحت العصابة السلطانية، وحلفوا له الأمراء، ووعدوه بالملك، وقيل بل بايعوه، ولقب بالملك القاهر، فلم يتم أمره، وقتلته المماليك الأشرفية من الغد في ثالث عشر المحرم سنة ثلاث وتسعين وستمائة، ولم يتكهل، ودخلت الأشرفية برأسه على رمح إلى القاهرة. وكان بيدرا أميراً جليلاً، حسن الوجه والهيئة، وجرح مرة برمح في وجهه، فقال في السراج الوراق: الجزء: 3 ¦ الصفحة: 494 عجباً لرمح في يمينك طرفه ... من جرأة فيه لطرفك طامح ولو أنه في غير طرفك ما ارتقى ... يوماً ولو كان السماك الرامح وفيه يقول الشيخ علاء الدين الوداعي: عمرت بعد لكم البلاد وأقبلت ... فنرى ربوعاً أو ربيعاً أخضرا والناس كلهم لسان واحد ... داع أدام الله دولة بيدرا مقدم التتار بيدرا مقدم التتار - من قبل هولاكو - جهزه هولاكو في سنة ثمان وخمسين وستمائة بعد كسرتهم، لما بلغه قتل الملك المظفر قطز، ومعه ستة آلاف مقاتل من التتار، ووصلوا إلى حلب، وجفل أهل حلب إلى الشام. وكان بحلب الأمير حسام الدين الجوكندار مقدماً على العسكر، وكان النائب بحلب أنس صاحب الموصل، فأمسكه الأمير حسام الدين الجوكندار ومن معه، لسوء سيرته، ثم اندفع الجوكندار ومن معه من العسكر إلى جهة دمشق، فدهم التتار حلب وملكوها، وأخرجوا من فيها من المسلمين بعيالهم وأولادهم قهراً، وأحاط التتار بهم، ووضعوا السيف فيهم، وأبادوا، ثم أطلقوا بعض جماعة فدخلوا حلب في أسوء حال. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 495 ووصل الجوكندار بمن معه من العساكر إلى حماة وبها صاحبها الملك المنصور، فنزلوا بظاهرها من جهة القبلة، وقام المنصور بضيافتهم، وهو مستشعر منهم بأمور، ثم قدم التتار إلى جهة حماة: فلما قربوا منها رحل الملك المنصور والجوكندار بعسكرهما إلى حلب، ووصلت التتار إلى حماة ونازلوها فأغلقت أبوابها، فطلبوا منهم فتح الأبواب وإنهم يؤمنوا لهم كالمرة الأولى، فلم يجيبوهم، ولم يكن مع التتار خبز وشاه، ولم يكن أهل حماة يتقون إلا به، فاندفع التتار عن حماة للقاء العسكر، واحتفل الجوكندار والملك المنصور صاحب حماة والملك الأشرف صاحب حمص في ألف وأربعمائة فارس، وحملوا على التتار حملة رجل واحد، فهزموهم، وقتلوا منهم مقتلة عظيمة، وهرب بيدرا هذا مقدم التتار في نفر يسير، وأتى القتل على معظمهم. وكانت الوقعة عند قبر خالد بن الوليد - رضي الله عنه - في أوائل المحرم سنة تسع وخمسين وستمائة، وتوجه بيدرا إلى هولاكو بخيبة وصغار. وكان عارفاً بالحروب مقداماً شجاعاً، عليه من الله ما يستحق. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 496 البدري بيدمر بن عبد الله البدري، الأمير سيف الدين. كان ممن أنشأه الملك الناصر محمد بن قلاوون، ورقاه حتى صار أمير مائة ومقدم ألف بالديار المصرية، ثم ولاه نيابة طرابلس، ثم نقل إلى نيابة حلب بعد موته في سنة سبع وأربعين وسبعمائة، عوضاً عن الأمير طقتمر الأحمدي، فباشر نيابة حلب إلى أن طلب إلى الديار المصرية، وتوجه إليها وكثر أسف الناس على عزله؛ لهمته العالية ونظره في مصالح الرعية. وكان جليل القدر يميل إلى العدل والخير، ذا حرمة ومهابة، معظماً في الدول. وكان له ثروة وحشم، وعمر تربة مليحة بالقاهرة. ولما حضر إلى القاهرة أقام بها نحو الشهرين، ثم أخرج إلى نيابة حلب ثانياً، فقبض عليه بغزة في جمادى الآخرة سنة ثمان وأربعين وسبعمائة. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 497 الحاج بيدمر بيدمر بن عبد الله، الأمير سيف الدين، المعروف بالحاج بيدمر. كان أيضاً من جملة أمراء الملك الناصر محمد بن قلاوون، ثم أخرجه إلى صفد بطالاً فدام بها مدة، وصار نائبها الأمير أرقطاي يعظمه وينادمه، ثم نقل إلى دمشق على إمرة هينة في أيام تنكز. ولما حضر قطلوبغا الفخري، وجرى له ما جرى، جهز بيدمر هذا إلى بلاد الروم، لإحضار الأمير طشتمر حمص أخضر نائب حلب، وعاد، ودام بدمشق إلى أن أعطاه الملك الناصر أحمد بن محمد بن قلاوون إمرة طبلخاناه بدمشق، فاستمر بها إلى أن توفى سنة سبع وأربعين وسبعمائة، رحمه الله. الخوارزمي بيدمر بن عبد الله الخوارزمي، الأمير سيف الدين. كان من أجل الأمراء بالديار المصرية، ثم ولى نيابة حلب في سنة ستين الجزء: 3 ¦ الصفحة: 498 وسبعمائة، عوضاً عن الأمير بكتمر المؤمني، ودام بها إلى سنة إحدى وستين توجه بعساكر حلب إلى غزو بلاد سيس، وأخذها بالأمان، ثم نزلوا أذنة، واستولوا عليها، وأسروا، وقتلوا وغنموا، ثم فتحوا قلعة كلال ودليون والحديدة، ثم أقروا بطرسوس وأذنة نائبين للسلطان، ثم عادوا إلى حلب، وأرسل الأمير بيدمر مملوكه جبريل بمفاتح طرسوس وأذنه إلى السلطان الملك الناصر حسن، بعد أن خطب له بتلك البلاد، وضربت السكة باسمه، ثم نقل بيدمر المذكور في عدة ولايات، ووقع له أمور إلى أن مات في صفر سنة تسع وثمانين وسبعمائة في سلطنة الملك الظاهر برقوق. وكان أميراً كبيراً، معظماً، مهاباً، طالت أيامه في السعادة زماناً. وكان ديناً، خيراً، وله آثار جميلة، وفتح فتوحات كثيرة. وكان مشهوراً بالشجاعة والرأي الحسن. رحمه الله تعالى. الظاهري بيدمر بن عبد الله الظاهري، الأمير سيف الدين. أحد الحجاب بالديار المصرية في دولة أستاذه الملك الظاهر برقوق. مات من جرح أصابه في وقعة الأتابكي أيتمش البجاسي سنة اثنتين وثمانمائة. رحمه الله تعالى. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 499 بيدو بن طرغاي بيدو، وقيل بندو، بن طرغاي بن هولاكو بن باطو بن جنكزخان، القان ملك التتار بالبلاد المشرقية. جلس في الملك سنة ثلاث وتسعين وستمائة، فلم تطل أيامه، وقتل بعد ثمانية شهور بنواحي همذان، قتله بعض أقاربه. الشمسي بيسرى بن عبد الله الشمسي الصالحي، الأمير بدر الدين. كان من أعيان الأمراء بالديار المصرية، وكان أحذ من رشح للسلطنة لما قتل الملك الأشرف خليل بن قلاوون. أصله من مماليك الملك الصالح نجم الدين، وترقى في الدول إلى أن صار أمير مائة ومقدم ألف بالديار المصرية، ثم قبض عليه الملك المنصور قلاوون وحبسه. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 500 وبقي في الحبس تسع سنين إلى أن أطلقه الملك الأشرف خليل بن قلاوون، وأعاده إلى رتبته أولاً. ودام على ذلك إلى أن قبض عليه الملك المنصور حسام الدين لاجين وحبسه؛ فدام أيضاً في الحبس إلى أن أعيد الملك الناصر محمد بن قلاوون إلى السلطنة ثانياً؛ فتكلموا في أمره؛ فأبى الناصر إلا حبسه إلى أن مات بالجب في قلعة الجبل في تاسع عشر شوال سنة ثمان وتسعين وستمائة. وكانت له دار كبيرة بين القصرين بالقاهرة معروفة به. قلت: تغيرت رسومها الآن. وكان جليل القدر، معظماً في الدول، قبض عليه الملك المنصور خوفاً منه. وكان ضخماً، عالي الهمة، شجاعاً، كثير الصدقات والمعروف، كان عليه في أيام إمرته رواتب لجماعة من مماليكه وحواشيه وخدمه؛ فكان يرتب لبعضهم في اليوم من اللحم سبعين رطلاً، وما يحتاج إليه من التوابل، وسبعين الجزء: 3 ¦ الصفحة: 501 عليقة، ولأقلهم خمسة أرطال وخمس علائق، ولبعضهم عشرة ولبعضهم عشرين - بحسب مقامه -. وكان ما يحتاج إليه في كل يوم لسماطه، ودوره، والمرتب عليه ثلاثة آلاف رطل لحم، وثلاثة آلاف عليقة كل يوم. وكانت صدقته على الفقير ما فوق خمسمائة، ولا يعطي أقل من ذلك. وكان إنعامه ألف أردب غلة، وألف قنطار عسل، وألف دينار. وله من هذا المنوال أشياء يطول شرحها من مأكله ومشربه وملبسه. وبالجملة، فإنه كان أعظم أمراء عصره. قلت: ومن بعده؟، رحمه الله. وبيسرى اسم مركب من لفظة تركية، ولفظة أعجمية. وصوابه: باي سرى، فباي باللغة التركية بالتفخيم هو: السعيد - كما تقدم ذكره في غير موضع - وسرى بالعجمية، الرأس، فمعناه: رأس سعيد أو سعيد الرأس. انتهى. أمير الحاج بيسق بن عبد الله الشيخي الظاهري ، الأمير سيف الدين. أحد المماليك الظاهرية برقوق، وأمراء الطبلخانات بالديار المصرية. ونسبته بالشيخي إلى جالبه خواجا شيخ، تأمر المذكور في أيام أستاذه الملك الظاهر برقوق، ثم في دولة ابن أستاذه الملك الناصر فرج إلى أن صار أمير طبلخاناه وأمير آخور ثاني. وتولى إمرة الحاج غير مرة في الأيام الظاهرية الجزء: 3 ¦ الصفحة: 502 برقوق، ثم الأيام الناصرية فرج، ثم تولى عمارة المسجد الحرام بمكة لما احترق في سنة ثلاث وثمانمائة، وله مع أهل مكة أمور وحوادث، ومنهم من يثنى عليه، ومنهم من يقول: كان متعصباً لفقهاء الحنفية على فقهاء الشافعية. وغالب بره وصدقاته ما كان يعطيها إلا إلى الفقهاء الحنفية. قلت: لفعله ذلك معنى: وهو أن أمر مكة وحكمها إنما هو للقاضي الشافعي بها، ومهما جاء من المآثر إلى مكة من الإفطار لا يعطى إلا إليه، وهو لا يفرقه إلا في أهل مكة وفي أقاربه وألزامه، والجميع شافعية، فيصير من هو حنفي أو مالكي محروماً بهذه الواسطة، وغالب من هو مجاور بمكة الآن حنفية ومالكية. ثم سخر الله للسادة المالكية التكاررة، يأتون إليهم بالأموال الجزيلة يفرقونها فيهم. فلما علم الأمير بيسق ما ذكرته صار لا يعطي صدقاته إلا للسادة الحنفية، ثم المالكية في بعض الأحيان، فتغير خواطر أهل مكة منه بهذا السبب لا غير. ولهذا السبب أيضاً ما جعل الأتابكي يلبغا العمري وقفه بمكة إلا على السادة الحنفية لما رأى أيضاً من قلة موجودهم بمكة - رحمه الله -. ثم تنكر السلطان الملك الناصر فرج على الأمير بيسق، وأخرجه إلى بلاد الروم منفياً، فأقام بالروم إلى أن تسلطن الملك المؤيد شيخ قدم إلى القاهرة بعد ما أقام الجزء: 3 ¦ الصفحة: 503 عند الأمير نوروز الحافظي مدة قبل دخوله إلى الديار المصرية، فتنكر عليه الملك المؤيد شيخ أيضاً بهذا السبب، ولم يقبل عليه، وأقام بداره بطالاً مدة، ثم أخرجه إلى القدس بطالاً أيضاً، فمات به في جمادى الآخرة سنة إحدى وعشرين وثمانمائة. وكان عارفاً بالسياسة، ويشارك في الفقه. وكان له ثروة زائدة، فإن أخته كانت زوجة إسفنديار ملك الروم، وكانت ترسل إليه بالهدايا والتحف. ولما نفى توجه إليها، وعاد بجملة مستكثرة من المماليك والقماش وغير ذلك. وكان شرس الخلق وعنده حدة، لكنه كان عفيفاً عن المنكرات والفروج. وقيل إنه كان مملوكاً لبعض الأمراء، وخدم عند الملك الظاهر برقوق - وليس من عتقائه، والأول أقوى رحمه الله تعالى. اليشبكي بيسق بن عبد الله اليشبكي، الأمير سيف الدين، نائب قلعة دمشق. هو من مماليك الأتابك يشبك الشعباني الظاهري، ثم صار بعد موته من جملة المماليك السلطانية إلى أن جعله الملك الظاهر جقمق أمير خمسة الجزء: 3 ¦ الصفحة: 504 في أوائل سلطنته سنة اثنتين وأربعين وثمانمائة، ثم جعله نائب دمياط، وأنعم عليه بإمرة عشرة؛ فدام بها مدة إلى أن عزل، وقدم إلى ديار مصر، وصار من جملة أمراء العشرات بها إلى أن أخلع عليه الملك الظاهر بنيابة قلعة صفد بعد الجمالي يوسف بن يغمور في سنة خمسين وثمانمائة؛ فباشرها مدة، ثم عزل، وطلب إلى القاهرة وأنعم عليه بإمرة عشرة بها إلى أن نقله السلطان إلى نيابة قلعة دمشق بعد موت نائبها شاهين الطوغاني الأشقر في سنة اثنتين وخمسين وثمانمائة؛ فاستمر بها إلى أن مات في شهر شعبان سنة ثلاث وخمسين وثمانمائة، وتولى نيابة قلعة دمشق من بعده سودون تركمان اليشبكي نقل إليها من صفد. وكان بيسق هذا من خيار أبناء جنسه ديناً، وأدباً، وشجاعة، وتواضعاً، وكرماً. وكان ذا شيبة نيرة، ووجه صبيح. رحمه الله تعالى. الظاهري بيغوت بن عبد الله الظاهري، الأمير سيف الدين. أحد مقدمي الألوف في دولة ابن أستاذه الملك الناصر فرج بن الملك الظاهر الجزء: 3 ¦ الصفحة: 505 برقوق، وزوج أخت الملك الناصر المذكور. ودام على ذلك إلى سنة عشرة وثمانمائة إلى أن تجرد الملك الناصر فرج إلى البلاد الشامية، ووصل إلى دمشق، وفر نائبها الأمير شيخ المحمودي أخلع عليه الملك الناصر بنيابة دمشق، عوضاً عن المذكور، في يوم سادس عشر صفر من السنة المذكورة؛ فباشر بيغوت المذكور نيابة دمشق مدة إقامة السلطان بدمشق لا غير، ثم عزل بالأمير نوروز الحافظي نائب حلب في شهر ربيع الأول من السنة، واستقر على عادته أميراً بالديار المصرية، وعاد صحبة السلطان إليها؛ فلم تطل مدته بها، وقبض السلطان عليه، وحبسه بحبس الإسكندرية إلى أن قتل بها في سنة إحدى عشرة وثمانمائة. وكان معدوداً من أكابر الأمراء. رحمه الله تعالى. الأعرج بيغوت بن عبد الله من صفر خجا المؤيدي، نائب حماة، الأمير سيف الدين، المعروف بالأعرج. اشتراه الملك المؤيد شيخ أيام إمرته، وأعتقه، وجعله من جملة مماليكه الصغار. ولما آلت السلطنة إليه جعله من جملة المماليك السلطانية، ثم صار خاصكياً بعد موته. ودام على ذلك إلى أن أنعم عليه الملك الأشرف الجزء: 3 ¦ الصفحة: 506 برسباي بحصة في ناحية مرصفا بالقليوبية، عوضاً عن الأمير يلخجا الساقي؛ فأقام مدة يسيرة، وتوجه بيغوت المذكور إلى جهة إقطاعه المذكور؛ فاجتاز عليه كاشف القيلوبية، ولم ينصف بيغوت هذا، ووقع بينهما كلام بسبب فلاحين الناحية المذكورة؛ فأغلظ الكاشف في الكلام؛ فبادره بيغوت وضربه بالدبوس ضرباً بليغاً؛ فبلغ الملك الأشرف الخبر؛ فرسم بنفيه؛ فنفي إلى دمشق. واستمر بها مدة يسيرة، وأنعم عليه بإمرة عشرين بها، فدام على ذلك مدة، ونقل إلى إمرة طبلخاناه. ثم ولي نيابة حمص من قبل الملك الظاهر جقمق؛ فباشر نيابة حمص مدة طويلة إلى أن نقل إلى نيابة صفد، بعد انتقال الأمير قاني باي البهلوان منها إلى نيابة حماة في حدود سنة سبع وأربعين وثمانمائة؛ فباشر المذكور نيابة صفد إلى أن نقل منها إلى نيابة حماة، بعد الأمير تنم بن عبد الرزاق المؤيدي المتنقل إلى نيابة حلب بعد موت الأمير برسباي في سنة إحدى وخمسين وثمانمائة؛ فاستمر الأمير بيغوت في نيابة حماة إلى أواخر سنة ثلاث وخمسين شكى منه بعض أهل حماة؛ فحضر ولده إبراهيم إلى الديار المصرية، وأجاب عن والده، وعاد الجزء: 3 ¦ الصفحة: 507 إلى حماة وعلى يده خلعة الاستمرار لوالده. فلم يكن غير أيام قلائل وقتل جمعة بالمعرة من أعمال حماة؛ فشكى أهل من قتل إلى المقام الشريف في نائب حماة المذكور ثانياً؛ فأرسل السلطان السيفي جانم الخاصكي الساقي إلى حماة، وعلى يده مرسوم شريف يتضمن: إمساك ولده الصارمي إبراهيم وابن العجيل شيخ المعرة، وحملهما إلى القاهرة صحبة جانم المذكور، ويكون ابن بيغوت هذا مزنجراً؛ فتوجه جانم إلى أوافى حماة، وأوقف بيغوت على المرسوم الشرف؛ ففي الحال سلم ولده إبراهيم، ووضع الزنجير في عنقه بيده، وقيده، وأرسله إلى السلطان صحبة جانم المذكور، فوصل إلى القاهرة في يوم حادي عشرين المحرم من سنة أربع وخمسين. وتمثل به جانم بين يدي المواقف الشريفة وبإزائه ابن العجيل؛ فلم يلتفت السلطان إليهما، ورسم بحبسهما بالبرج من قلعة الجبل. ثم بعد أيام قلائل صرح السلطان بعزل بيغوت من نيابة حماة، وولى مكانه الأمير حاج إينال نائب الكرك، ثم بطل ذلك في الحال، وكثر الكلام في حق بيغوت إلى أن رسم السلطان بعزله عن نيابة حماة في يوم الاثنين عشرين ربيع الأول من سنة أربع وخمسين، وتوجهه إلى دمشق بطالاً - والمقصود حبسه بقلعة دمشق - وولى عوضه نيابة حماة الأمير سودون المؤيدي أتابك حلب، وحمل تقليده على يد السيفي الجزء: 3 ¦ الصفحة: 508 سودون الخاصكي أمير آخور السلطان في حال إمرته، وتوجه بمرسوم الأمير بيغوت قرا جانبك الظاهري، أحد رءوس النوب، وتوجها إلى ما ندبا إليه، فقبل أن يصل قرا جانبك إلى بيغوت عصى بيغوت، وخرج من حماة بمن معه إلى جهة الشرق، وورد الخبر بذلك إلى الديار المصرية في يوم الخميس ثامن جمادى الأولى من السنة. واستمر بيغوت عاصياً، وولده إبراهيم محبوساً بالبرج بقلعة الجبل. ووقع له أمور إلى أن عدى الفرات وانضم على جهان كبر بن علي بك بن قرايلك واستفحل أمرهما، وكثر الكلام في ذلك، فلم يكن بعد قليل إلا وطرق ديار بكر عسكر جهان شاه بن قرا يوسف صاحب تبريز؛ لقتال جهان كير؛ فانهزم جهان كير، وتحصن بآمد، وطلب الأمير بيغوت أن يدخل معه في آمد؛ فامتنع بيغوت من دخول آمد، وأراد التوجه إلى بلاد الروم؛ فعندما توجه في أثناء الطريق صدفه رستم مقدم عساكر جهان شاه؛ فظفر رستم ببيغوت المذكور وبمن معه من مماليكه وبركه؛ فأنزله عنده محتفظاً به نحو ثلاثة أيام، ثم قبض عليه وعلى أمير آخوره، وأودعهما بقلعة الرها، وأرسل رستم يخبر الملك الظاهر بذلك؛ فدام بيغوت محبوساً بقلعة الرها إلى أن طرقها أويس بن علي بك بن قرايلك أخو جهان كير، وملكها عنوة من نائب رستم، وأطلق بيغوت وأمير آخوره وخير بيغوت فيما الجزء: 3 ¦ الصفحة: 509 يرومه، وقال له: إن شئت فتوجه إلى أخي جهان كير بآمد، وإن شئت تروح إلى ابن قرمان؛ فأرسلت معك من يتوجه صحبتك؛ فقال بيغوت: ما أروح إلا نحو الديار المصرية إلى أستاذي؛ فأرسل به إلى البيرة، فأخذه نائبها، وتوجه به إلى حلب وبها نواب البلاد الشامية؛ فأرسل نواب البلاد الشامية يطلبون له من السلطان الأمان، ويشفعون فيه؛ فأجيبوا لذلك، وكتب مرسوم شريف له بقدومه إلى القاهرة معظماً مبجلاً. وكان الملك الظاهر قد أطلق ولده إبراهيم من البرج قبل ذلك بمدة يسيرة، وجعله من جملة الخاصكية. وقدم بيغوت إلى الديار المصرية في يوم السبت ثالث عشر ربيع الآخرة سنة خمس وخمسين وثمانمائة؛ فأقام بالقاهرة مدة، ثم رسم له بالتوجه إلى دمشق، ورتب له بها ما يكفيه؛ فتوجه إليها، وأقام بها مدة يسيرة، وأنعم عليه بتقدمة ألف بعد موت بردبك العجمي اجلكمي؛ فلم تطل مدته في ذلك غير أيام، ونقل إلى نيابة صفد ثانياً بعد موت الأمير يشبك الحمزاوي، وحمل إليه التشريف والتقليد الأمير يشبك من سلمان شاه المؤيدي، المعروف بالفقيه، أحد أمراء العشرات ورأس نوبة. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 510 المسعودي بيليك بن عبد الله المسعودي، الأمير بدر الدين. أحد الأمراء بالديار المصرية. استشهد على عكا في سنة تسعين وستمائة. رحمه الله تعالى. أبو شامة بيليك بن عبد الله المحسني الصالحي ، الأمير بدر الدين أبو أحمد الحاجب، المعروف بأبي شامة. كان من أعيان الأمراء بالديار المصرية، وعمل الحجوبية بها للملك المنصور قلاوون مدة، ثم أعطى إمرة بدمشق بعد التسعين وستمائة من قبل الملك الأشرف خليل بن قلاوون؛ فدام بها إلى أن قتل الأشرف خليل طلب إلى الديار المصرية وصار أميراً بها إلى أن توفى سنة خمس وتسعين وستمائة. وكان خيراً، ديناً، سيوساً، فاضلاً، وله مشاركة في الفقه، وروى عن ابن المقير وابن رواح عاقلاً، وابن الجميزي. رحمه الله تعالى. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 511 الصالحي بيليك بن عبد الله الصالحي، الأمير بدر الدين، أمير سلاح. وقيل كان اسمه بكتاش، أحد الشجعان المشهورين. كان له غزوات ومشاهد مشهورة. وكانت فيه تجمل وسياسة، وعمر دهراً إلى أن شاخ وأسن، ولم يزل معظماً في الدول يتقلب من وظيفة إلى غيرها حتى إنه سئل مرة: كيف سلمت دون غيرك من هذه الأهوال التي مرت؟: فقال: لأني لا أعارض سعيداً؛ فإني كنت إذا رأيت أحداً قد أقبل سعده لم أعارضه في شيء. توفى سنة ست وسبعمائة عن سن عال. رحمه الله تعالى. الخازندار بيليك بن عبد الله الظاهري الخازندار، الأمير بدر الدين، نائب السلطنة بالديار المصرية، ومقدم الجيوش بها. قال الشيخ صلاح الدين الصفدي، رحمه الله: كان أميراً جليل المقدار، عالي الهمة، واسع الصدر، كثير البر والمعروف والصدقة، لين الكلمة، حسن المعاملة الجزء: 3 ¦ الصفحة: 512 والنظر للفقراء، يتفقد أرباب البيوت، وعنده: ديانة، وفهم، وإدراك، وذكاء، ويقظة. سمع الحديث وطالع التواريخ. وكان يكتب خطاً حسناً، وله وقف بالجامع الأزهر على زاوية لمن يشتغل بمذهب الشافعي، وبها درس، وله أوقاف أخر على جهات البر. ويحكى أنه لما أحضره التاجر من البلاد قال للملك الظاهر بيبرس: يا خوند. وهو يكتب خطاً مليحاً؛ فأمره السلطان أن يكتب، فأخذ القلم وكتب: لولا الضرورات ما فارقتكم أبداً، ولا ترحلت من ناس إلى ناس؛ فأعجب السلطان؛ كونه كتب هذا البيت دون غيره، وزاد ثمنه في مشتراه. وقيل إن التاجر المذكور افتقر في آخر أمره، فجاء إليه وقد عظم وصار نائباً، وكتب إليه: كنا جميعين في بؤس نكابده ... والعين والقلب منا في قذى وأذى والآن أقبلت الدنيا عليك بما ... تهوى فلا تنسني إن الكرام إذا فوصله بعشرة آلاف درهم. وكان له الإقطاعات العظيمة بالديار المصرية وبالشام، وله قلعة الصبيبة، وبانياس وأعمالها، وبيت جنى وغير ذلك. ولما مات الملك الظاهر بيبرس ساس الأمور أحسن سياسة، ولم يظهر موته وكتب، إلى الملك السعيد مطالعة بخطه. وسار بالجيوش إلى مصر على الجزء: 3 ¦ الصفحة: 513 أحسن نظام، بحيث أنه لم يظهر لموت الملك الظاهر أثر. ولما وصل إلى القاهرة مرض عقيب وصوله. ولم يطل مرضه؛ وتوفى ليلة الأحد سادس شهر ربيع الأول سنة ست وسبعين وستمائة بقلعة الجبل يوم الاثنين؛ فدفن بتربته التي أنشأها بالقرافة الصغرى، ووجد الناس عليه وجداً عظيماً، وحزنوا لفقده، وشمل مصابه الخاص والعام؛ فكانت له جنازة مشهودة، وأقيم النوح عليه بالقاهرة والقلعة ثلاث ليال متواليات، والخواتين ونساء الأمراء يدورون في شوارع القاهرة ليلاً بالشمع، والنوائح والطارات، وصدع موته القلوب. وقيل إنه مات مسموماً. ومنذ مات اضطربت أحوال الملك السعيد، وظهرت إمارات الإدبار عليه. وكان عمره خمساً وأربعين سنة. وخلف تركة عظيمة تفوت الحصر، وخلف ابنين. وكتب إليه شهاب الدين بن يغمور، وقد أهدى إليه شاهيناً. يا سيد الأمراء يا من غدا ... وجه الزمان به منيراً حالكا وافاك ذا الشاهين قبل أوانه ... ليفوز قبل الحائمات ببابكا حتى الجوارح قد غدت بدرية ... لما رأت كل الوجود كذالكا الجزء: 3 ¦ الصفحة: 514 الأيدمري بيليك بن عبد الله الأيدمري المنصوري، الأمير بدر الدين. أحد مماليك الملك المنصور قلاوون وخواصه. كان من أعيان الأمراء بالديار المصرية في أيام أستاذه إلى أن توفى بالقاهرة في رابع المحرم سنة ست وثمانين وستمائة، ودفن بتربته التي أنشأها بقرب مشهد الإمام الشافعي، رضي الله عنه، ووجد الملك المنصور عليه وجداً عظيماً. رحمه الله تعالى. الفرنجي صاحب طرابلس بيمند الفرنجي، متملك طرابلس. قال الشيخ قطب الدين اليونيني: رأيته وقد حضر إلى بعلبك إلى خدمة كتبغا نوين مقدم عساكر هولاكو، وصعد إلى قلعة بعلبك ودارها، وحدثته نفسه أن يطلبها من هولاكو، ويبذل له ما يرضيه، وشاع ذلك ببعلبك؛ فشق على الجزء: 3 ¦ الصفحة: 515 أهلها وعظم عليهم؛ فحصل بحمد الله كسرة التتار في آخر شهر ما آمنهم فيه. ولما ملك المنصور قلاوون طرابلس سنة ثمان وثمانين وستمائة نبش الناس عظم بيمند المذكور من كنيسة طرابلس. تم بحمد الله الجزء الثالث من كتاب المنهل الصافي والمستوفي بعد الوافي. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 516 137 17 - / حرف التاء المثناة من فوق 752 - تاج الشويكي بعد 750 - 829هـ؟ - 1435م تاج بن سيفة الشويكي الدمشقي، القازاني الأصل، وإلى القاهرة. الأمير شيخ المحمودي نيابة دمشق، في سنة خمس وثمانمائة، اتصل تاج هذا بخدمته بالتمسخر والدعابة، وصار يغسله ويحلق رأسه، ولا زال يتقرب إليه بأنواع الهزل إلى أن صار من ندمائه، فلما تسلطن شيخ المذكور وتلقب بالملك الجزء: 4 ¦ الصفحة: 5 المؤيد، قرب التاج هذا وولاه ولاية القاهرة، وأنعم عليه بإمرة، ثم ولاه أستادارية الصحبة لأنه كان يحسن طبخ الطعام، ثم ولاه حسبة القاهرة، كل ذلك لدعابة كانت فيه لا لحسن سيرته ومعرفته، ثم ولى إمرة حاج المحمل المصري في سنة إحدى وعشرين وثمانمائة، ولا زال ينتقل من وظيفة إلى أخرى حتى صار له كلمة في الدولة وحرمة، وأثرى فعند ذلك طغى وتجبرن وظلم وعسف، وأخذ يتجاهر بالمعاصي والفسوق، وصار لا يكف عن قبيح، وهو من ذلك قبيح المنظر والشكل، فإنه كان شيخا طوالا غليظا، كث اللحية، ليس عليه تورانية ولا أبهة، وكان لا يتجمل في ملبسه بل يسير على طبعة أولا، وهو من مساوئ الملك المؤيد شيخ، بل من الأوباش الذين قربهم، ومن الأندال الذين رقاهم. ولم يزل على ذلك حتى مات الملك المؤيد شيخ أخذ أمره في انحطاط بموته إلى أن تسلطن الملك الأشرف برسباى أبعده وأخرج غالب وظائفه وإقطاعاته، وتبهدل في الدولة الأشرفية إلى الغاية، ووقع له أمور وحوادث منها أني دخلت الجزء: 4 ¦ الصفحة: 6 يوماً إلى الأمير أزبك الدوادار في الدولة الأشرفية فوجدته قد ألقى التاج هذا على الأرض وضربه ضرباً مبرحاً لأمر أوجب ذلك. ولما طالت دولة الملك الأشرف أخذ التاج هذا يتقرب إليه بأنواع التحف والمسخر، ولا زال يفعل ذلك إلى أن نادمه الملك الأشرف، وعاد إلى بعض رتبته أولا، وولى ولاية القاهرة، وصار يتمسخر بالحضرة الشريفة، ويضرب بحضرة السلطان حتى ينحرف عامداً ليضحك السلطان من ذلك، ويقع منه في هزله ما يوجب ضرب عنقه من الألفاظ الكفرية دواماً، ويمعن في ذلك. واستمر على طغيانه واستخفافه بالدين وفسقه إلى أن مرض ولزم الفراش، طال مرضه، وصار يعتريه الأرق إلى أن كان قبل موته بمدة يسيرة جداً أتاني من عنده بعض حفدته يطلب مني فرشا محشيا ريش نعام لينام عليه لعله يغمض، فقلت لقاصده: ما حاله اليوم؟ فقال: بشر، فإنه في الليلة الماضية حصل له سهر عظيم وقلق، فقالت له زوجته القديمة أم محمد: استغفر ربك واسأله العافية، فسبها ثم سب أهل السموات والأرضين بلفظ يوجب ضرب عنقه على فراشه، ثم مات بعد ذلك بقليل، في ليلة الجمعة حادي عشرين شهر ربيع الأول سنة تسع وثلاثين وثمانمائة. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 7 وكان شيخا جاهلا، مسرفا على نفسه، مستخفا بالمحار من متجاهرا بذلك، وداره كبعض الخانات لما بها من أنواع القبائح، وكان لا يحجب زوجته زهور الجنكية من أحد، ويعجبه محبة بعض أعيان الدولة لهان وكانت داره بسويقة الصاحب بالقرب من دار سكنها منذ قدم من دمشق إلى أن مات. ولم يكن بيني وبين المذكور عداوة توجب الحط عليه، فإنه كان أقل من ذلك، وإنما حملني على ما ذكرته غيرة الإسلام، فإنه كان شيخاً ضالاً مضلا، عليه من الله ما يستحقه، ومات وسنه نيف على الثمانين سنة. قال الشيخ تقي الدين المقريزي في ترجمة التاج هذا بعد كلام طويل: أنه لما قدم مع المؤيد شيخ إلى الديار المصرية صار من جملة أخصائه وندمائه، فولاه ولاية القاهرة مدة، فسار فيها سيرة ما عف فيها عن حرام ولا كف عن إثم، وأحدث من أخذ الأموال ما لم يعهد قبله، ثم تمكن في الأيام الأشرفية برسباى، وصار جليسا نديما، وأضيفت إليه عدة وظائف حتى مات من غير نكبة، ولقد كان عارا على جميع بني آدم، لما اشتمل عليه من الخازي التي جمعت سائر القبائح وأربت بشاعتها على جميع الفضائح. انتهى كلام المقريزي باختصار. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 8 ؟ 753 - تاشفين المريني تاشفين بن علي بن عثمان بن يعقوب بن عبد الحق، السلطان أبو عمر بن السلطان صاحب فاس أبي الحسن صاحب فاس وما والاها. أقامه في السلطنة الوزير عمر بن عبد الله بن علي بن سعيد الفودودي في ليلة السابع من ذي القعدة سنة اثنتين وستين وسبعمائة، وقاتل به أبا سالم إبراهيم بن أبي الحسن حتى استوثق له الأمر، فاستقل عمر بن عبد الله بملك أبي عمر تاشفين هذا، وصارت الكلمة له وثقل على الناس، فحسن سليمان ابن ونصار مقدم الموالى والجند لغرسية بن أنطوان قائد الجند إغتيال عمر وإقامة سليمان بن داود في الوزارة، وكان سليمان في الاعتقال، وبلغ ذلك عمر، فقرر مع إبراهيم البطروجي قائد الركب، ويحيى بن عبد الرحمن شيخ بني الجزء: 4 ¦ الصفحة: 9 مرين وصاحب شوارهم الفتك بغرسية المذكرو ومن معه، فاضطرب الناس بالبلد، وقتلوا جند النصارى وزحفوا إلى محلتهم، فركب بنو مرين وانتهبت بيوت النصارى بعد ما قتل النصارى كثيراً من العامة، وقوى عمر، وقبض على سليمان بن ونصار وقتله، وصار يحيى بن عبد الرحمن صاحب الشورى ومعه بنو مرين في حزب، وقد ترفع على الوزارة وأهل الدولة فاختلف رأيه ورأى عمر وتنافسا حتى خالفوا عليه، وركبوا مع كبيرهم يحيى بن عبد الرحمن ودعوا لعبد الحليم بن أبي علي المدعو حلى، فأطلق عمر بن عبد الله عند ذلك الوزير مسعود ابن رخو بن ما مساي من الحبس وبعثه إلى مراكش ليجلب له عسكرا إن حوصر، وكان عبد الحليم المدعو حل ابن أبي على من أبى سعيد عثمان بن يعقوب ابن عبد الحق في عدة من بني أمية بغرناطة من الأندلس، فبعث أبو حمو موسى بن يوسف العبدوادي تلمسان يرغب ابن الأحمر صاحب غرناطة حتى بعث عبد الحليم وإخوته ليغيظ السلطان أبا سالم بذلك، فجهزهم ونصب عبد الحليم لملك الغرب، فبلغه مهلك أبي سالم ووافت قصاد بني مرين يطلب عبد الحليم فقام بأمره وجهزه بما يليق به، وبعثه فتلقته أكابر بني مرين بتازي، ونزلوا على البلد الجديد يوم السبت سابع المحرم سنة ثلاث وستين وسبعمائة، وقاتلوا من في البلد سبعة أيام، فبرز عمر بن عبد الله في يوم السبت الجزء: 4 ¦ الصفحة: 10 ثالث عشرينه بسلطانه أبي عمر، وقاتلهم وهزمهم، فلحق عبد الحليم وإخواته بتازي. هذا وقد بدا لعمر بن عبد الله أن يبعث في طلب أبي زيان محمد بن لأمير أبي عبد الرحمن بن أبي الحسن، وكان عند طاغية الفرنج بأشبيلية خوفاً من السلطان أبي سالم، فخرج منها أول المحرم المذكور ونزل سبته، فلما بلغ ذلك عمر بن عبد الله خلع أبا عمر ناشفين صاحب الترجمة من الملك وحبسه من حرمه، واستدعى أبا زيان وبعث إليه بآلة الملك، وأخرج إليه العساكر في لقائه حتى قدم ظاهر فاس في نصف صفر سنة ثلاث وسبعمائة، فكانت مدة أبي عمر تاشفين هذا نحو شهرين وهو تحت الحجر. انتهى. 754 - تأني بك اليحياوي 800هـ؟ - 1398م تأني بك بن عبد الله اليحياوي الظاهري، الأمير آخور، الأمير سيف الدين، الجزء: 4 ¦ الصفحة: 11 وصواب تأني بك في الكتابة والقراءة تنبسك، بتاء مثناه من فوق مفتوحة، ومعناه باللغة التركية أمير جسد. انتهى. قلت وهو من مماليك الملك الظاهر برقوق وأعز أمرائه، أمره في سلطنته الثانية بعد خروجه خمن حبس الكرك عشرة، ثم رقاه إلى أن جعله أمير مائة ومقدم ألف وأمير آخور كبير بعد الأمير بكلمش العلائى، لما ولى إمرة سلاح، وعظم في الدولة الظاهرية وضخم، وصار له كلمة نافذة وحرمة وافرة، ودام على هذا إلى أن توفي ليلة الخميس رابع عشر شهر ربيع الآخر سنة ثمانمائة، ومشى الملك الظاهر برقوق في جنازته، ووجد عليه وجدا عظيماً، وركب حتى شاهد دفنه، وأقام القراء على قبره أسبوعاً، ومات قبل الكهولة. قال العيني: ومات ولم يوص لأحد بشئ، وكان رجلاً مسيكا، لكن كان عنده حلم وحسن خلق، وملاقاة حسنة للناس، وكان متجنبا عن الكلام الفاحش، وكان عنده طمع وحرص في جمع الأموال، وقلة مبالاة في أخذ الرشا والبراطيل. انتهى كلام العيني. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 12 755 - تنبك ميق 826هـ -؟ - 1423م تنبك بن عبد الله العلائي، الأمير سيف الدين نائب الشام، المعروف بمبق، بميم مكسورة وياء آخر الحروف مكسورة أيضاً وقاف ساكنة، ومعناه باللغة التركية شوارب. كان المذكور من أكابر المماليك الظاهرية ومن أشرارهم، وممن ترقى في الدولة الناصرية فرج، ولما تسلطن الملك المؤيد شيخ جعله أمير مائة ومقدم ألف بالديار المصرية، ثم رأس نوبة النوب، ثم أمير آخورا كبيرا، واستمر في الأمير آخورية إلى أن توجه الملك المؤيد في سنة تسع عشرة وثمانمائة إلى البلاد الشامية وسار إلى جهة ابلستين وغيرها، ثم عاد إلى دمشق ودخلها يوم الثلاثاء مستهل شهر رمضان من السنة، فلما كان يوم الإثنين سابع الشهر المذكور قبض الجزء: 4 ¦ الصفحة: 13 الملك المؤيد على مملوكه آقباي نائب دمشق وحبسه بقلعتها وولى الأمير تنبك ميق هذا نيابة الشام عوضاً عن آقباي المذكرو بعد امتناع زائد، فباشرها إلى سنة اثنتين وعشرين وثمانمائة استدعاه الملك المؤيد إلى القاهرة، فركب من وقته من دمشق. وكان المقام الصارمي إبراهيم ولد الملك المؤيد قد خرج من دمشق عائدا إلى الديار المصرية من سفرته إلى بلاد الروم، فاستحث الأمير تنبك في السير حتى وافى المقام الصارمي بالقرب من خانقاة سرياقوس ضحى، وركب في الموكب إلى أن دخل القاهرة بين يدي السلطان وولده الصارمي إبراهيم بعد أن رحب به السلطان وبالغ في إكرامه، وذلك في تاسع عشرين شهر رمضان من السنة. وعزل الأمير تنبك عن نيابة دمشق بالأمير جقمق الأرغون شاوي الدوادار، وأنعم عليه بإقطاع جقمق المذكور، وصار يجلس في رأس الميسرة تحت المقام الجزء: 4 ¦ الصفحة: 14 الصارمي، ودام على ذلك إلى أن مات الملك المؤيد وتسلطن ولده الملك المظفر أحمد المرضع وصار الأمير ططر مدبر الممالك، وصاحب العقد والحل في الديار المصرية، ثم توجه الأتابك ططر بالمظفر إلى البلاد الشامية، واستقر بالأمير تنبك هذا في نيابة دمشق ثانياً بعد عصيان الأمير جقمق المذكور والقبض عليه وقتله، فاستمر في نيابة دمشق إلى سنة خمس وعشرين وثمانمائة، وتوفي الملك الظاهر ططر وتسلطن ولده الملك الصالح محمد وصار الأمير الكبير برسباى الدقماقي مدبر المماليك، وقدم المير ناصر الدين محمد بن إبراهيم بن منجك من دمشق، فأعاده الأمير برسباى الدقماق إلى دمشق بطلب الأمير تنبك هذا إلى الديار المصرية. فقدم تنبك صحبة ابن منجك المذكور بعد مدة يسيرة في سادس شهر ربيع الآخرة، وخرج الناس إلى لقائه، وصعد إلى القلعة، فخرج الأمير برصباى ماشيا إليه لقرب باب القلعة، اعتذر له عن ملاقاته من المماليك الجلبان، ودخلا الجزء: 4 ¦ الصفحة: 15 جميعا، ثم خلا به الأمير برسبامى واستشاره فيمن يكون سلطانا، وذكر له أن أحوال الناس ضائعة بصغر الملك الصالح محمد، وما في الدولة من يليق بالسلطنة غيرك، فلما سمع تنبك هذا الكلام وثب قائماً وقال: إن كان ولا بد فما يكون سلطانا إلا أنت، ثم قبل الأرض بين يدي برسباى، وخلع الصالح، وتسلطن برسباى في يوم الأربعاء ثامن ربيع الآخر سنة خمس وعشرين وثمانمائة ولقب بالملك الأشرف، ثم أخلع الأشرف المذكور عليه بنيابة دمشق على عادته، ودام بها إلى أن مات يوم الاثنين ثامن عشر شعبان سنة ست وعشرين وثمانمائة، وتولى بعده نيابة دمشق الأمير تنبك البجامي الآتي ذكره إن شاء الله تعالى. 756 - تبك البجاسي تنبسك بن عبد البجاسي، الأمير سيف الدين، نائب دمشق. كان من جملة أمراء العشرات في الدولة الناصرية فرج بن برقوق، ثم ولى نيابة حماه في الدولة المؤيدية شيخ في شهور سنة سبع عشرة وثمانمائة، فباشر الجزء: 4 ¦ الصفحة: 16 نيابة حماة مدة يسيرة، وخرج عن الطاعة وعصى مع الأمير قائي باي المحمدي نائب الشام، والأمير إينال الصصلاني نائب حلب، والأمير سودون من عبد الرحمن نائب طرابلس، والأمير طرباي نائب عزة، واتفقوا الجميع على محاربة الملك المؤيد شيخ، فخرج إليهم المؤيد من الديار المصرية في يوم الجمعة ثاني عشرين شهر رجب سنة ثماني عشرة وثمانمائة وسافر حتى واقع الأمراء المذكورين وكسرهم، فهرب منهم جماعة وقبض على جماعة، فكان تنبك هذا ممن انهزم وتوجه إلى قرا يوسف صاحب تبريز، ودام عنده إلى أن مات الملك المؤيد في أول سنة أربع وعشرين وثمانمائة، وبلغ تنبك المذكور موته قدم إلى دمشق مع من قدم من الأمراء المنهزمين عند قرا يوسف من رفقته، فوافوا الجميع ططر وهو بدمشق، فقوى جأش ططر بهم في الباطن وفرح بهم. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 17 فلم يكن بعد أيام إلا وقبض ططر على جماعة من الأمراء المؤيدية وأمر هؤلاء الجماعة، وتسلطن فولى تنبك هذا نيابة حماة ثانيا، فلم تطل مدته بها ونقل إلى نيابة طرابلس، فلما بلغه هذا الخبر ركب الهجن من وقته وساق خلف الملك الظاهر ططر إلى أن وفاه بالغور في عوده إلى الديار المصرية، فنزل وقبل الأرض بين يديه، وليس الشريف عوضا عن الأمير أركماس الجلباني وذلك في شهر رمضان سنة أربع وعشرين وثمانمائة. فتوجه إلى طرابلس، واستمر بها إلى يوم عرفة من السنة ورد عليه مرسوم شريف من الملك الظاهر ططر بنيابة حلب عوضاً عن الأمير تغرى بردى المعروف بأخي قصروه بحكم عصيانه، وبالتوجه لقتال تغرى بردى المذكور، فخرج تنبك من طرابلس بالعساكر في رابع عشر ذي الحجة إلى ظاهر طرابلس، وأقام إلى سادس عشر ذي الحجة فبلغه موت الملك الظاهر ططر فأقام بمكانه إلى أن ورد عليه مرسوم الملك الصالح محمد بن ططر بالخلعة والاستمرار على نيابة حلب وبالمسير إلى حلب، فسار إليها لإخراج تغرى بردى منها، وعند مسيره إلى جهة حلب وافاه الأمير إينال النوروزي نائب صفد بعسكرها، وتوجهوا الجميع إلى الجزء: 4 ¦ الصفحة: 18 حلب فلما سمع بردى بقدومهم فر منحلب وتوجه نحو بلاد الروم، وبلغ خبره الأمير تنبك البجاسي هذا، فسار خلفه من ظاهر حلب إلى الباب فلم يدركه، ورجع إلى حلب فدخلها وحكمها إلى أن نقله الملك الأشرف برسباى إلى نيابة الشام بعد موت نائبها الأمير تنبك العلائي المعروف بميق المتقدم ذكره في شهر رمضان سنة ست وعشرين وثمانمائة، وكان مسفره الأمير جانبك الأشرفي الدواداو الثاني. فاستمر تنبك هذا في نيابة دمشق إلى سنة سبع وعشرين أخذ في أسباب العصيان، وبلغ ذلك الملك الأشرف فأرسل إلى حاجب دمشق الأمير برسباى الناصري وإلى عدة أمراء بالقبض عليه في الباطن، فلم يمكنهم القبض عليه، فركبوا عليه ليلا، ووقفوا خارج باب النصر إلى الصبح، فركب تنبك بمماليكه بكرة نهار يوم الجمعة وتقاتلوا ساعة، فكسر العسكر الشامي وانتصر تنبك المذكور واستفحل أمره. وعاد الخبر إلى الملك الأشرف فخلع على الأمير سودون من عبد الرحمن الدوادار الكبير عوضه في نيابة الشام. فنزل الأمير سودون من عبد الرحمن بخلعته إلى الجزء: 4 ¦ الصفحة: 19 الريدانية خارج القاهرة، ونزل بمخيمه، ثم سافر بعد مدة يسيرة لقتال تنبك المذكور، وبلغ الأمير تنبك البجاسي مجيء الأمير سودون إلى لقائه، فخرج هو أيضاً من دمشق إلى لقاء سودون المذكور إلى أن نزل بجسر يعقوب، وترامى الجمعان، وباتوا تلك الليلة كل واحد في جهة بعد أن تراموا بالسهام، فلما أظلم الليل رحل سودون من عبد الرحمن إلى دمشق، ولم يعلم تنبك المذكور، وخلى سودون نيرانه موقودة فلم يفطن تبنك بتوجهه إلى باكر النهار، فلوى عنان فرسه في أثره إلى أن وصل إلى قبة يلبغا خارج دمشق، وقد كلت خيوله ورجاله وهو في عسكر قليل، ثم ركب من وقته يلبغا وقصد دمشق، فخرج إليه الأمير سودون من عبد الرحمن بجموعه من مماليكه وعساكر دمشق وصفد، فانكسر عسكر سودون وانهزم نحو دمشق، وفي إثره الأمير تنبك هذا إلى أن جاوز باب الجابية من خارج المدينة تقنطر به فرسه في حفرة كانت هناك من القناة، فأراد أن يرجع فما أمكنه ذلك لإزدحام ثقله من خلفه وقد سد الطريق، وتكاثر الناس عليه، فأمسك من وقته، وقيد واعتقل بقلعة دمشق في صفر سنة سبع وعشرين وثمانمائة، إلى أن ورد المرسوم الشريف بقتله فقتل بالقلعة في شهر ربيع الأول من السنة. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 20 وكان أميراً شجاعاً مقداما، ذا شكالة حسنة ووجه صبيح كريماً محببا للرعبة، رحمه الله تعالى، وعفا عنه. 757 - تنبك الجقمقي 845هـ -؟ - 1441م تنبك بن عبد لله الجقمقى، الأمير سيف الدين، نائب قلعة الجبل وأحد أمراء العشرات. أصله من مماليك الأمير نوروز الحصري حاجب حلب، وقيل غير ذلك، ثم خدم عند الأمير جقمق الدوادار وبه عرف بالحقمقى، ثم اتصل بخدمه الملك الأشرف برسباى لما كان أميراً، فلما تسلطن الملك الأشرف أنعم على تنبك المذكور بإقطاع جيد، ثم أمره في سنة ثمان وعشرين وثمانمائة إمرة عشرة، وجعله من جملة رؤوس النوب، واستمر على ذلك سنين عديدة إلى سنة سبع وثلاثين وثمانمائة ولى نيابة قلعة الجبل عوضاً عن الأمير تنبك من بردبك الظاهري بحكم انتقاله إلى تقدمة ألف بالقاهرة. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 21 وإستمر تنبك هذا في نيابة قلعة الجبل إلى أن مات الأشرف وقع بين الملك العزير يوسف بن الأشرف وبين الأتابك جقمق ما حكيناه في غير موضع، ثم استفحل أمر جقمق قبض على تنبك المذكور مع من قبض عليه من الأشرفية وغيرها، وحبس بثغر الإسكندرية مدة طويلة، ثم نقل من حبس الإسكندرية إلى بعض الحبوس الشامية إلى أن مات في سجنه في حدود سنة خمس وأربعين وثمانمائة تخمينا. وكان رحمه الله مهملاً، بخيلاً ذميما، سئ الخلق، عاريا من كل علم وفن، محباً لجمع الأموال، لم يكن له من المحاسن غير أنه كان جار كسيا. حكى لي عنه بعض نقباء القلعة قال: لما كان يصل مغله من بلاد الصعيد يبيع منه ما يباع ثم يأخذ مؤنته في السنة ويحملها إلى بيته، ويتوجه هو بنفسه مع الترأسين خوفاً من سرقة القمح، وحكى لي أيضاً الرجل المذكور قال: كنت كثيراً ما أدخل عليه فأجده يأكل البيض المصلوق فقلت له: يا خوند لم تكثر من أكل هذا البيض؟ فقال: يقعد على المعدة ما يدعني أجوع - بسرعة، انتهى. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 22 758 - تنبك المصارع 836هـ -؟ - 1433م تنبك بن عبد الله من سيدي بك الناصري، الأمير سيف الدين، المعروف بالمصارع وبالساقي. أحد أمراء العشرات، ورأس نوبة، أصله من مماليك الملك الناصر فرج، وصار خاصكيا بجمقدارا في دولة الملك المؤيد شيخ، ثم صار ساقياً، وبقي على ذلك دهراً، وجهد في طلب الإمرة حتى أتته بعد مسك الأمير شيخ الحسنى رأس نوبة، فصار من جملة العشرات ورأس نوبة. وكان رأساً في الصراع من الأقوياء، لكنه لم يكن شجاعاً، ولما توجه الملك الأشرف برسباى إلى آمد في سنة ست وثلاثين وثمانمائة أصابه من قلعتها سهم لزم منه الفراش إلى أن مات بتلك البلاد في السنة المذكورة، وأنعم باقطاعه على الأمير آقبغا الجمالي الأستادار كان. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 23 وكان تنبك المذكور شكلا طوالا، ساكنا، قليل المعرفة، وعنده تكبر مع جمود وعدم بشاشة. رحمه الله تعالى. 759 - تنبك الحاجب 863هـ -؟ - 1460م تنبك بن عبد الله من بردبك الظاهري، حاجب الحجاب بالديار المصرية. هو من صغار المماليك الظاهرية برقوق، وصار خاصكيا ورأس نوبة الحمدارية في الدولة المؤيدية شيخ إلى أن أنعم عليه الملك الظاهر ططر بإمرة عشرة، وصار من جملة رؤوس النوب إلى أن نقله الملك الأشرف برسباى في سنة سبع وعشرين وثمانمائة إلى نيابة قلعة الجبل وإمرة طبلخاناه عوضا عن تغرى برمش التركماني بحمم إنتقاله إلى تقدمة ألف بالديار المصرية. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 24 واستمر الأمير تنبك المذكور في نيابة قلعة الجبل سنين إلى أن أنعم عليه الأشرف بإمرة مائة وتقدمة ألف بالديار المصرية عوضاً عن آقبعا التموازي أمير مجلس، بحكم انتقاله إلى تقدمة الأمير قرقماس الشعباني الحاجب المنتقل إلى نيابة حلب بعد الأمير قصروة التمرازي المتولي نيابة دمشق بعد موت الأتابك جار قطلو. واستمر تنبك من جملة المقدمين بالقاهرة إلى أن ثب الأتابك جقمقى نائب القلعة، أمر لتنبك صاحب الترجمة أن يعود إلى نيابة القلعة كما كان أولا، قبل تنبك الحقمقي، وهو مستمر على تقدمته، فطلع إلى القلعة وسكنها ثانياً بعد سنين، فلم تطل مدة إقامته بها، وتسلطن الملك الظاهر جقمق، وأخلع عليه بحجوبية الحجاب بديار مصر عوضاً عن الأمير تغرى بردى المؤذى البكامشى بحكم انتقاله إلى وظيفة الدوادارية بعد نفي الأمير أركماس الظاهري وذلك في شهر شوال الجزء: 4 ¦ الصفحة: 25 سنة اثنتين وأربعون وثمانمائة، ثم استقر المذكرو أمير حاج المحمل عوضاً عن الأمير إينال الأبو بكرى الأشرفي بعد القبض عليه وأنعم عليه ببعض بركه، وكان ذلك في السنة المذكورة وحج المذكور بالناس، وعاد إلى أن استقر أمير حاج المحمل ثانياً في سنة ست وأربعين وثمانمائة، ثم وليها ثالثاً في سنة إحدى وخمسين وثمانمائة. كل ذلك وهو مستمر على إقطاعه، ووظيفته الحجوبية الكبرى إلى أن ظهر أمر عبد قاسم الكاشف بعد موته، وصار العبد المذكور معتقداً تزوره الناس فوجا فوجا في أوائل سنة أربع وخمسين، وازدحم الخلائق على زيارته بحيث أنه احتجب عن الناس، وصار له حجاب لا يدخل إليه إلا من له جاه أو كلمة مسموعة، وتردد إليه ذو العاهات وأرباب الأمراض المزمنة، وصار أمر الناس فيه على قسمين، فمنهم من يعتقده ويقول: أقام المقعد، ووضع إصبعه في فم الأخرس فتكلم، ومنهم من ينكر ذلك ويقول بعدم هذه الأقاويل، ويقول: الجزء: 4 ¦ الصفحة: 26 هذا عبد صغير سنة دون العشرين سنة، ولم يكن له قدم في الفقر ولا تسلك على فقير من الفقراء، وما ظهر أمره إلا في هذا الشهر بعد واقعته مع زين الدين الأستادار. وهو أن زين الدين الاستادار لما أراد أخذ مال قاسم الكاشف ورمم على موجوده دخل إليه هذا العبد وأفحش في حق زين الدين، وجرى له معه أمور ذكرناها في الحوادث فمن ثم ظهر اسمه وشاع ذكره حتى ترددت إليه الناس والأكابر، وتوجه إليه الأمير تنبك هذا ليزوره، وبلغ السلطان ذلك فأنكر عليه توجهه إلى هذا العبد، ثم بلغ السلطان أشياء تفعل بداره من ازدحام الخلق عليه، وكثر الكلام في أمره إلى يوم الخميس حادي عشر المحرم من سنة أربع وخمسين رسم السلطان للأمير تنبك المذكور بن يتوجه هو وتانبك الدوادار إلى بيت هذا العبد، ويأخذه ويضربه على ظهره نيفا على سبعين سوطاً، ويشهره الجزء: 4 ¦ الصفحة: 27 بالقاهرة، ثم يحبسه في حبس المقشرة، فتوجه تنبك إلى دار العبد وتهاون في ضربه، وجلس بجانبه وأخذ يحادثه، فكلموه فيما رمم به السلطان فسكت ولم يفعل شيئاً، فعند ذلك وثب إليه الطواشي خشقدم وأقام العبد المذكور من مجلسه ونهره، وأغلظ للأمير تنبك في الكلام، فإنه هو كان الرسول إليه من عند السلطان، وسلمه لوالى القاهرة فضربه كما رسم به السلطان، وحبسه بحبس المقشرة مخشبا. ولما بلغ السلطان تهاون تنبك هذا فيما رسم به في حق هذا العبد أمر بنفيه إلى ثغر دمياط بطالا، ويكون مسفره الأمير جانبك اليشبكى وإلى القاهرة، فتوجه به من الغد في يوم الجمعة ثاني عشر المحرم سنة أربع وخمسين وثمانمائة، ثم عاد وأنعم بإقطاعه ووظيفته على الأمير خشقدم الساق الناصري المؤيدي، أحد أمراء الألوف بدمشق. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 28 فدام الأمير تنبك بثغر دمياط أشهرا إلى أن طلبه السلطان إلى القاهرة فقدمها وتمثل بين يدي السلطان فأكرمه السلطان وطيب خاطره ووعده بكل خير، وما مواعيدها إلا الأباطيل، ورسم له بالمشي في الخدمة الشريفة، وعاد إلى رتبته من غير أن يعطيه إمرة ولا وظيفة، وصار يعطل إلى الخدمة ويجلس في مرتبته أولاً كما كان أولاً، واستمر على ذلك من يوم قدومه وهو يوم الأربعاء رابع شهر رمضان سنة أربع وخمسين وثمانمائة إلى أن توفي الشهابي أحمد بن علي بن الأتابكى إينال اليوسفي، أحد مقدمي الألوف بالديار المصرية في ليلة الثلاثاء سابع عشين ذي القعدة سنة خمس وثمانمائة فأنعم بإقطاعه وإمرته على تنبك المذكور، على مال بذله للخزانة الشريفة، وهو مبلغ عشرة آلاف دينار على ما قيل. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 29 باب التاء والغين المعجمة 760 - تعزى بردى الأتابكى 815هـ -؟ - 1412م تغرى بردى بن عبد الله من يشبغا الأتابكى الظاهري، نائب الشام. قال القاضي علاء الدين ابن خطيب الناصرية في تاريخه: تغرى بردى الأمير الكبير سيف الدين، نائب حلب، ثم دمشق، من عتقاء الملك الظاهر برقوق، قدم بالديار المصرية، ثم لما جاء إلى حلب في سنة ست وتسعين وسبعمائة ولاء نيابتها في أواخر السنة المذكورة عوضاً عن الأمير جلبان، فسار سيرة حسنة، وكان عنده عقل وحياء وسكون، وبنى بحلب جامعاً كان قد أسسه ابن طومان الجزء: 4 ¦ الصفحة: 31 بالقرب بمن الأسفرايس، فأكل بناءه ووقف عليه قرية معرة عليا إلا يسيرا منها بعد أن اشتراها من بيت المال، وهي من عمل سرمين، ونصف سوقه التي بحلب تحت قلعتها وغير ذلك، ولما أكل بناءه ولى خطابته قاضي القضاة كمال الدين أبا حفص عمر بن العديم الحنفي، ورتب فيه مدرساً شافعياً وثمان طلبة شافعية، ومدرساً حنفيا وثمان طلبة حنفية، كان أولاً رتب من كل طائفة عشرة نفر ثم استقر بهم كل طائفة ثمانية، وولى تدريس الشافعية فيه شيخنا أبا الحسن علي الصرخدي، والحنفية شيخا يقال له شمس الدين القرمي، ثم عزله وولى شيخنا أبا الحسن يوسف الملطي، وحضر شيخنا بعد صلاة الجمعة الدرس، وحضر النائب المشار إليه والقضاة وأعيان العلماء، وكان الدرس في حديث النهى عن تلقي الركبان، ثم ولاني به تصدير حديث، وكان ولاني قبل ذلك به فقاهة، ثم أضاف إلى التكلم فيه وفي أوقافه، رحمه الله تعالى. وفي الجامع المشار إليه يقول الإمام الرئيس زين الدين أبو حفص عمر بن إبراهيم الرهاوي كاتب السر بحلب، وكتبت على منبره: الجزء: 4 ¦ الصفحة: 32 منبر جامع محاسن فضل ... والجمع ماله من نظير خص عن غيره بجمعة وخطاب ... عن رسول مبشر ونذير بناه لله تغرى بردى كي ما ... به يجازي بجنة وحرير وتوجه إلى القاهرة مطلوباً، فبقى هناك أميراً على مائة فارس، فلما توفي السلطان الملك الظاهر برقوق وحرى الخلف بين الأمراء المصريين، على ما حكيناه في غير هذا الموضع، وهرب الأمير تغرى بردى من القاهرة إلى الشام إلى الأمير تنم نائبها، وجرى له ما جرى واتفق أمر تمولنك ثم توجه إلى بلاده، ولاه السلطان الملك الناصر فرج نيابة الشام في سنة ثلاث وثمانمائة، ثم عزل بالأمير علاء الدين آقبغا الهذباني وتوجه إلى حلب هارباً إلى عند الأمير دمرداش نائبها، ثم خرجا عن الطاعة وتوجها إلى التركمان، فركب الأمير تغرى بردى في البحر وتوجه إلى الديار المصرية، فأكرمه السلطان وولاه مائة ثم توجه إلى القدس بطالا، فأقام به مدة، ثم توجه إلى القاهرة وولى بها إمرة مائة فارس، ثم استقر الجزء: 4 ¦ الصفحة: 33 أتابك العساكر الإسلامية بالديار المصرية، ثم لما صالح السلطان الملك الناصر فرج الأمير شيخ بالكرك ولى تغرى بردى الحجة سنة ثلاثة عشرة وثمانمائة، واستمر بها ثم حصل له مرض في أثناء سنة أربع عشرة، وتزايد به إلى أن مات في سنة خمس عشرة وثمانمائة في المحرم. وكان رحمه الله أميراً كبيراً، كثير الحياء والسكون، حليما عاقلا، مشارا إليه في الدول. انتهى كلام ابن خطيب الناصرية باختصار. قلت: وصاحب الترجمة رحمه الله هو الذي، كان رومي الجنس، اشتراه الملك الظاهر برقوق في أوائل سلطنته تقريباً وأعتقه وجعله في يوم عتقه خاصكيا، ثم صار ساقيا، وأنعم عليه بحصة من شبين القصر، ثم جعله رأس نوبة الجمدارية إلى أن نكب الملك الظاهر برقوق في ملكه وحبس بالكرك في سنة إحدى وتسعين الجزء: 4 ¦ الصفحة: 34 وسبعمائة كان والدي إذ ذاك محبوساً بدمشق، فإنه كان قد توجه صحبة العسكر لقتال الناصري فلما انكسر العسكر قبض عليه مع من قبض عليه من حواشي برقوق ودام في حبس دمشق إلى أن أخرجه الأمير بزلار نائب دمشق، وصار بخدمته هو والأمير دمرداش المحمدي، والأمير دقماق المحمدي، فداموا بخدمة الأمير بزلار إلى أن خرج الملك الظاهر برقوق من حبس الكرك طالباً ملكه، فبادر والدي إليه، وفر من عند الأمير بزلار ولحق به قبل أن يستفحل أمره، وشهد الوقعة المشهورة بين الظاهر وبين منطاش بعد خروج الظاهر من حبس الكرك، وحمل والدي رحمه الله تعالى في الوقعة المذكورة على شخص من الأمراء المنطاشية يسمى آقبغا اليلبغارى، فقنطره عن فرسه، فسأل الملك الظاهر برقوق وقال: من هذا الذي قنطر آقبغا: فقيل له: تغرى بردى فتفاءل بإسمه، فإن معناه بالعربي الله أعطى، فأنعم الملك الظاهر بإقطاع المذكور على والدي رحمه الله إمرة عشرين، ولهذا كان يقال تغرى بردى أخذ الإمرة برمحه. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 35 ولما انتصر بوقوق أرسل والدي رحمه الله مشر بسلطنته إلى الديار المصرية، وقد هم الملك الظاهر في إثره إلى الديار المصرية، وقرب والدي رحمه الله 123 ولا زال يرقيه إلى أن جعله أمير مائة ومقدم ألف بالديار المصرية، وولاه رأس نوبة النوب في مدة قليلة، ثم ولاه نيابة حلب حسبما ذكره ابن خطيب الناصرية، ثم عزل وعاد إلى الديار المصرية أمير مائة مقدم ألف، وأنعم عليه بإمرة مجلس عوضاً عن الأمير شيخ الصفوى، قبل قدومه إلى القاهرة، ولما قدم إلى الديار المصرية في خامس عشر ربيع الأول سنة ثمانمائة أخلع عليه الملك الظاهر بإمرة سلاح عوضاً عن الأمير بكلمش العلائي، واستقر بيبرس ابن أخت الملك الظاهر أمير مجلس عوضه. واستمر والدي رحمه الله على ذلك إلى أن توفي الظهر برقوق وتسلطن الملك الناصر فرج، ووقع بين الأتابك أيتمش وبين الأمراء الظاهرية الأصاغر، الجزء: 4 ¦ الصفحة: 36 كان والدي رحمه الله مع الأتابك أيتمش، ووقع ما ذكرناه في ترجمة أيتمش وغيره من إنهزامهم وتوجههم إلى الأمير تنم نائب الشام، وعودهم صحبة تنم إلى غزة، وقتالهم مع الملك الناصر فرج والقبض عليهم، ولما قبض على الأنابك أيتمش وعلى تنم، وعلى جماعة أمراء أخر، قبض على والدي أيضاً معهم، قتل منهم من قتل وبقي والدي رحمه الله مدة في حبس دمشق، ثم أفرج عنه وتوجه إلى القدس بطالا، إلى أن ورد تيمور إلى البلاد الحلبية، وخرج الملك الناصر إلى البلاد الشامية، فلما وصل إلى غزة طلب والدي رحمه الله من القدس، ورسم له بنيابة دمشق عوضاً عن الأمير سودون قريب الملك الظاهر برقوق بحكم قبض تيمور عليه وأسره بأيدي الجغتاى، فامتنع والدي رحمه لله من لبس التشريف، وقال: معي رأى اسمعوه منى، فقالوا له: قل، فقال: هذه دمشق بلد عظيم عامر بالخلق والسلاح وأهله داخلهم الرعب لما سمعوا ما وقع لأهل حلب، وأنا إلى نيابتها وأنوجه إليها وأحصن أسوارها وأبراجها وأقاتل تيمور بها أشهرا، وهو لا يطيق أخذها مني في مدة يسيرة، والسلطان يستقر بعسكره في غزة، وفصل الشتاء قد أقبل، فيصير تيمور بيني وبين السلطان إن توجه إلى السلطان صرت أنا خلفه فيصير بين عسكرين فلا ينهض بالظفر، الجزء: 4 ¦ الصفحة: 37 وإن دام على دمشق يحاصرها فيرسل السلطان من بعض عسكره من يضرب أطراف عسكره وينهبه فلا يسعه إلا العود إلى بلاده، فإذا توجه سرنا في أثره فيهلك غالب عسكره لعدم معرفتهم بالبلاد ولكثرتهم، فإن شأن العسكر الكبير إذا عاد إلى بلاده لا يلتفت إلى خلفه، ويصير أول العسكر في بلاد وأخرهم في بلاد أخر وبينهم مسافة أيام. فلم يقبل الأمراء كلام والدي رحمه الله بنصح، وقالوا فيما بينهم: يريد يأخذ دمشق ويسلمها لتيمور ويتفق معه على قتالنا لما في نفسه منان وبلغ والدي رحمه الله ذلك فسكت عن مقالته، وليس تشريفه، وتوجه إلى دمشق. وأخبرني من أثق به أن هذا الخبر بلغ تيمور، فشكر هذا الرأي إلى الغاية، ثم حمد الله تعالى على عدم فعلهم إياه. ووقع لأهل دمشق محن، وآخر الأمر أخذها تيمور وفر والدي رحمه الله مع الملك الناصر فرج عائدا إلى القاهرة، فدام بها إلى أن نزح تيمور عن دمشق، أخلع عليه ثانياً بنيابتها، فتوجه إليها ودخلها وباشرها إلى أن أراد السلطان القبض عليه، فخرج من دمشق وتوجه إلى حلب، فوافقه نائبها الأمير دمرداش المحمدي على الخروج على الملك الناصر، ووقع لهما مع عسكر السلطان أمور ووقائع إلى أن انهزما بعد أشهر، وتوجها إلى بلاد التركمان، فأقاما بها مدة إلى أن أرسل السلطان إلى والدي، رحمه الله، خاتم الأمان، وطلبه إلى ديار الجزء: 4 ¦ الصفحة: 38 مصر، فقدمها وأنعم عليه بتقدمتي ألف بالديار المصرية، وجلس رأس الميسرة فوق أمير سلاح، واستمر على ذلك إلى أن اختفى الملك الناصر فرج، وخلع عن الملك بأخيه الملك المنصور عبد العزيز، فر والدي من القاهرة على البرية إلى القدس، فدخل إلى القدس في خامس يوم، ودام بها إلى أن عاد الملك الناصر إلى ملكه طلبه، وكان الناصر قد عقد عقدة على ابنته أختي فاطمة، فدخل عليها في غيبة والدي، رحمه الله، ثم قدم والدي إلى الديار المصرية وأنعم عليه أيضاً بعدة إقطاعات، وعظم في الدولة، كل ذلك في سنة ثمان وثمانمائة، ثم أخلع عليه باستقراره أتابك العساكر بالديار المصرية عوضاً عن الأتابك يشبك الشعباني. فاستمر على وظيفته إلى أن أستقربه في نيابة دمشق ثالث مرة، على كره منه، وهو أن المير شيخ المحمودي ونوروز الحافظي طال خروجهما على الملك الناصر، وصارا كلما ولى السلطان أميراً في نيابة دمشق يخرجاه منها مهزوماً على الجزء: 4 ¦ الصفحة: 39 أقبح الوجوه، فلما حصرهما السلطان بقلعة الكرك مدة، ثم وقع الصلح بين السلطان وبينهما على أن يعطي الأمير شيخ نيابة حلب، ويعطي الأمير نوروز نيابة طرابلس، ويكون نائب دمشق من قبل الملك الناصر، فقالوا: إن كان ولا بد فلا يكون علينا من هو دوننا نائب دمشق، ونحن راضون بالأمير الكبير، يعني والدي رحمه الله فإنه آغتنا قديماً وحديثاً، فالتفت الملك الناصر إليه وقال له: يا أبي ما بقي في هذا إلا استقرارك في نيابة دمشق، فامتنع والدي رحمه الله غير مرة، والملك الناصر يكرر السؤال عليه ويعانقه ويقبل رأسه حتى قبل ووليها، وهي ولا يته لها ثالث مرة، وذلك في أواخر سنة ثلاث عشرة وثمانمائة، وخمدت الفتنة بتوليته. وصار شيخ ونوروز في طاعته إلى أن مرض في سنة أربع عشرة ولزم الفراش عدة أشهر، وأفحش الناصر ثانياً في حقهما، فخرجا عن طاعته وتوجه الناصر إلى البلاد الشامية في السنة المذكورة لقتالهما، ولما بلغ الأمير شيخ والأمير نوروز الحافظي مجيء الملك الناصر إلى البلاد الشامية، وعلما أن والدي، رحمه الله على خطه، عظم عليهما ذلك، وقدما إلى دمشق ليعوداه، فنزلا ظاهر دمشق بثقلهما، ودخلا إليه كل واحد معه خمسة مماليك لاغير، وأقاما عنده بدار السعادة ساعة كبيرة، والناس يتعجبون من دخولهما إلى دمشق والملك الناصر في طلبهما، لا سيما دخولهما إلى دار السعادة ومكثهما عنده هذه المدة، ثم خرجا من عنده بعد أن أخلع عليهما كل واحد كاملية سمور هائلة، وقيد لكل منها فرس بسرج الجزء: 4 ¦ الصفحة: 40 ذهب وكنبوش زركش، وألف دينار ذهب لكل منهما، ثم قدم الملك الناصر دمشق بعد ذلك بأيام يسيرة. وتوفي والدي رحمه الله في يوم الخميس سادس عشر المحرم سنة خمس عشرة وثمانمائة، دفن من الغد في يوم الجمعة بتربة الأمير تنم نائب الشام بميدان الحصا، وصلى عليه الملك الناصر فرج، وشهد دفنه، ثم قتل بعد أيام في شهر صفر من السنة المذكورة. وخلف والدي رحمه الله عشرة أولاد: ستة ذكور وأربع بنات، ونذكرهم بالأسن، وهم الزينى قاسم أحد أمراء الطبلخانات، كان في أيام والده، ومولده بحلب في سنة ثمان وتسعين وسبعمائة تقريباً، وأمه أم ولد تركية، كلاهما في قيد الحياة الآن، والشرفى حمزة ومولده في أواخر سنة ثمانمائة بالقاهرة وبها توفي سنة ثمان وأربعين وثمانمائة، وأمه أم ولد جار كسية، والصارمى إبراهيم، ومولده في حدود الثمان والثمانمائة وتوفي بدمشق مطلعوناً في سنة ست وعشرين وثمانمائة، وأمه أم ولد رومية، والناصري محمد، ومولده في سنة ثمانمائة ومات في سنة تسع عشرة وثمانمائة مطعوناً بالقاهرة وأمه أم ولد رومية، والعمادي إسماعيل، ومولده في أواخر سنة إحدى عشرة وثمانمائة وتوفي بالطاعون سنة ثلاث وثلاثين وثمانمائة، وأمه أم ولد رومية، وجامعه الجمالي يوسف ومولدي بعد سنة أحدى عشرة وثمانمائة تخمينا، ووالدتي أيضاً أم ولد الجزء: 4 ¦ الصفحة: 41 مجهولة الجنس، ونحن الجميع غير أشقة ما خلا أختى هاجر فإنها شقيقتي، وخلف من البنات أربعلوهن: خوند فاطمة زوجة الملك الناصر فرج، ومولدها سنة خمس وتسعين وسبعمائة وماتت سنة ست وأربعين وثمانمائة، وأمها أم ولد رومية، وبيرم، ومولدها في سنة سبع وثمانمائة، وتوفيت سنة ست وعشرين وثمانمائة بالطاعون في دمشق، وأمها أم ولد تترية، وهاجر وهي شقيقتي ومولدها في سنة سبع وثمانمائة تقريباً، وهي زوجة قاضي القضاة جلال الدين عبد الرحمن البلقيني الشافعي، ومات عنها، توفيت سنة ست وأربعين وثمانمائة، وأمها والدتي تقدم الكلام عليها، وعائشة وتدعي شقراء زوجة الأتابك آقبغا التمرازى نائب دمشق ومات عنها، وتزوجت بعده بالمقام الغرسى خليل بن الملك الناصر فرج إلى يومنا هذا، وأمها خوند حاج ملك بنت ابن قرا زوجة الملك الظاهر برقوق. وخلف رحمه الله من الأموال والخيول والسلاح شيئاً كثيراً، استولى على غالبه الملك الناصر فرج لما عاد إلى دمشق منهزما، بعد موت والدي رحمه الله من الأميرين شيخ ونوروز، فتحايا بموجود والدي وبركه ومماليكه، الجزء: 4 ¦ الصفحة: 42 لأنه كان في خدمته بدمشق ألف مملوك إلا ثلاثين مملوكاً، وعاد إلى شيخ ونوروز وقاتلهما ثم انهزم وحوصر إلى أن قتل في صفر من السنة المذكورة. اننهى ما أوردته من ترجمة والدي، رحمه الله، ولم أطنب في ذلك خوفاً من قول القائل، وقد ذكره غالب أهل التاريخ في أماكن لا تحصر، وأخبار الناس معروفة، والأصول محفوظة، رحمه الله تعالى، وعفا عنه. تغرة بردى المؤيدى، أخو قصروه تغرى بردى بن عبد الله المؤيدي، الأمير سيف الدين، نائب حلب المعروف بأخي قصروه. وأصله من مماليك المؤيدية شيخ، إشتراه ورفاه إلى أن جعله خاصكيا، ثم أمره عشرة، ولما مات أستاذه الملك المؤيد وثب تغرى بردى هذا، وصار أمير مائة ومقدم ألف بالديار المصرية وأمير أخور كبيرا عوضاً عن الأمير طوغان الجزء: 4 ¦ الصفحة: 43 أمير أخور بحكم غيابة في التجريدة صحبة الأمراء إلى البلاد الشامية، ودام تغرى بردى على ذلك أشهرا إلى أن توجه الأمير الكبير ططر بالملك المظفر أحمد إلى البلاد الشامية في سنة أربع وعشرين وثمانمائة، ووصل إلى دمشق ثم إلى حلب استقر بالأمير تغرى بردى هذا في نيابة حلب عوضاً عن الأمير إينال الجكمى بحكم عزله في السنة المذكورة، فاستمر بحلب مدة يسيرة وخرج عن طاعة الملك الظاهر ططر، وبلغ ططر ذلك فأرسل تشريفا إلى الأمير تنبك الجباسى نائب طرابلس بنيابة حلب، فبرز الأمير تنبك المذكور إلى ظاهر طرابلس للتوجه إلى حلب، فورد عليه الخبر بموت الملك الظاهر ططر، وسلطنة ولده الملك الصالح محمد بن ططر، فكف تنبك عن السفر إلى أن قدم عليه مرسوم شريف بتوجهه إلى حلب لإخراج تغرى بردى منها واستيلائه عليها فسار تنبك وصحبته عساكر طرابلس وحماه، ووافاه الأمير إينال النور وزى نائب صفد بعسكرها بطريق حلب، وبلغ مجيء هؤلاء العساكر تغرى بردى ففر من حلب قبل وصول تنبك إليها ومعه الأمير كزل نائب البهسنا وتوجها إلى بهسنا بعد أن أفحشا في الجزء: 4 ¦ الصفحة: 44 العصيان، ووقع منهما أمور عجيبة مع أهل حلب، فتبعه تنبك إلى الباب، فلم يقف له على أثر، فعاد إلى حلب، ثم خرج إلى بهسنا ومعه العساكر، وحاصر تغرى بردى مدة طويلة، وقتل الأمير كزل نائب بهسنا في الحصار، ولما طال الأمر عاد الأمير تنبك الجباسى إلى حلب، وخلف على حصار بهسنا الأمير جار قطلو نائب حماة، والأمير إينال النوروزى نائب صفن كل ذلك وتغرى بردى صابر على القتال، ولم يكن عنده بقلعة بهسنا إلا نفر يسير، وطال الأمر عليه إلى أن طلب الأمان من الأمير جار قطلو، وبلغ الخبر تنبك البجاسى فركب من وقته من حلب حتى وصل إلى بهسنا في يومين، فوجد الأمير تغرى بردى قد نزل من قلعة بهسنا فتسلمه وعاد به إلى حلب، فحبسه بقلعتها في العشر الأخير من رمضان سنة حمس وعشرين وثمانمائة. فاستمر الأمير تغرى بردى المذكور محبوساً بقلعة حلب إلى أن قتل بها في شهر ربيع الأول سنة ثلاثين وثمانمائة، وسنة نيف على ثلاثين سنة. وكان شابا شجاعاً، جميلا، مقداماً، كريماً، عارفا بفنون الفروسية، الا أنه كان عنده تكبر وإسراف على نفسه، سامحه الله تعالى. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 45 762 - تغرى بردى سيدي الصغير ابن أخي دمرداش 816هـ -؟ - 1414م تغرى بردى بن عبد الله، الأمير سيف الدين، المدعو بسيدي الصغير، المعروف بابن أخي دمرداش. استقدمه عمه الأمير دمرداش المحمدي لما كان نائب طرابلس في الدولة الظاهرية برقوق، فوصل المذكور مع والدته، وأخيه قرقماس سيدي الكبير. وكان دمرداش قد عزل من طرابلس وصار أتابكا بسفارة والدي رحمه الله، لما ولي نيابة حلب، فتزوج دمرداش المذكور بزوجة أخيه أم سيدي الصغير هذا، وضم أولاد أخيه إليه، وصار بخدمته إلى أن ترعرع كل من سيدي الكبير قرقماس وسيدي الصغير تغرى بردى هذا. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 46 وتأمر تغرى بردى المذكور، وترقى إلى أن صار نائب حماة في الدولة الناصرية فرج، واشتهر بالشجاعة والإقدام، وتنقل في عدة ولايات، ونالته السعادة إلى أن عزل عن نيابة حماة وعصى على الملك الناصر فرج، وانضم إلى الأمير شيخ المحمودى، ودام معه إلى أن تسلطن الأمير شيخ زاد في تعظيمه وأنعم عليه بإقطاعات هائلة، وأرسل خلفه في خلوة فاسر إليه بأنه يريد مسك الأمير طوغان الحسنى الدوادار، وأنعم عليه بالدوادارية عوضه، وأمره بكتم ذلك إلى وقته، فنزل تغرى بردى المذكور من وقته إلى الأمير طوغان وأعلمه بجميع ما وقع، فعصى طوغان المذكور من يومه، وركب على السلطان من الغد، ولم ينتج أمره، وقبض عليه وحبس بثغر الإسكندرية حسبما سنذكره في محله إن شاء الله تعالى، والعجب أن الأمير تغرى بردى هذا أخبر طوغان بالواقعة واتفق معه على العصيان، فلما ركب طوغان تخلف عنه وقعد في داره إلى أن ظفر المؤيد بطوغان المذكور أرسل خلف تغرى بردى هذا وعاتبه عتاباً هيناً، وولاه نيابة غزة، ولم يسعه إلا مداراته لأجل عمه دمرداش وأخيه قرقماس، وكان دمرداش إذ ذاك بحلب، والأمير قرقماس قد ولاه الملك المؤيد نيابة الشام عوضاً عن نوروز، وندبه إلى قتاله وهو مقيم بالقرب من صف، وهو لا يطيق دخول دمشق من الأمير نوروز، وكان هذا شأنهم لا يجتمعون عند سلطان حتى لا يقبض عليهم، الجزء: 4 ¦ الصفحة: 47 فأخذ سيدي الصغير هذا في عمل مصالح السفر، فقبل خروجه من القاهرة حضر أخوه الأمير قرقماس المدعو سيد الكبير وعرف الملك المؤيد أنه يضعف عن ملاقاة الأمير نوروز، وطلب من الملك المؤيد أن يردفه بالعساكر لقتال نوروز، فبينما هم كذلك إذ ورد الخبر على الملك المؤيد بأن عمهم الأمير دمرداش قد وصل إلى الطينة من البحر، فاستحث الأمير قرقماس أخاه سيدي الصغير هذا على الخروج من القاهرة قبل أن يصل عمه الأمير دمرداش إلى القاهرة، وأخلع عليه الملك المؤيد وأكرمه وأنزله بدار أعدت له. حكى بعض أعيان مماليك الأمير دمرداش قال: لما خرج دمرداش من المركب إلى الطينة سأل عن ابن أخيه الأمير قرقماس فقيل له قدم إلى القاهرة في أمسه، وكان في ظنه أنه بنواحي صفد، ثم سأل عن ابن أخيه تغرى بردى صاحب الترجمة، فقيل له أنه أيضاً بالقاهرة لكنه خرج متوجهاً إلى مدينة غزة، فهز دمرداش رأسه، ثم وبخ دراداره الأمير آقبلاط، فأجاب دواداره بأن قال: الملك المؤيد مشغول بما هو أهم من ذلك، وهو الأمير نوروز، ثم حسن له دخول القاهرة حتى دخلها، فلما وصلها انتهز الملك المؤيد الفرصة وأراد القبض عليهم، فاستشار أخصاءه في أمرهم، فقالوا: وكيف نقبض على هؤلاء الجزء: 4 ¦ الصفحة: 48 ومثل الأمير نوروز غريمك؟ دعهم فإنهم كفؤ لقتاله، فإذا ظفرت بنوروز إفعل ما بدا لك، فقال: ليس هذا الرأي بشئ هؤلاء ثلاثة ونوروز واحد، ومتى يسمح الدهر باجتماع الثلاثة في مدينة واحدة حتى أقبض عليهم، وصمم على قبضهم إلا أنه خاف عاقبة الأمير تغرى بردى سيدي الصغير صاحب الترجمة أنه سمع بالقبض على عمه وأخيه يفر إلى نوروز، فدبر حيلة قبل القبض على دمرداش وقرقماس بأن ندب جماعة من الأمراء للقبض على سيدي الصغير حيثما أدركوه في طريق غزة في الباطن، وقال لهم في الظاهر اذهبوا إلى الشرقية وقاتلوا من بها من قطاع الطريق وكتب لكاشف الشرقية ولمشايخ العربان بالمسير مع الأمراء حيثما ساروا، وخرج الأمراء من يومهم، فلما تكامل مسير الأمراء وخرجوا من القاهرة، أرسل الملك المؤيد يطلب الأمير دمرداش وابن أخيه الأمير قرقماس سيدي الكبير إلى القلعة للفطر قرقماس قلبي يتخوف من هذا الرجل ليقبض علينا، يعني المؤيد، فقال قرقماس صرت قطيع يا عم، ذهبت الشجاعة منك، خلفه مثل نوروز، وقد خرج عن طاعته، وولاني نيابة الشام عوضه، وندبني لقتاله، فإذا قبض على وعليك من يبقى عنده لقتال نوروز، اسكت عن هذا التخيل الفاسد، ثم صعدا إلى القلعة، الجزء: 4 ¦ الصفحة: 49 وجلسا عند السلطان الملك المؤيد، ومد السماط، وانقضى، ثم قبض عليهما قبل أن يرد خبر الأمراء المتوجهين لقبض الأمير تغرى بردى سيدي الصغير هذا، وقيدهما وحبسهما بالبرج من القلعة، وفي تلك الليلة ورد عليه الخبر الجميع بقلعة الجبل، كل ذلك في شهر رمضان سنة ستة عشر وثمانمائة، ثم أرسل بالأمير دمرداش المحمدى وبابن أخيه قرقماس سيدي الكبير إلى سجن الأسكندرية، وبقى تغرى بردى سيدي الصغير المذكور بالبرج من قلعة الجبل إلى أن قتله في أول شهر من السنة وعلقت رأسه على الميدان أياماً، وسنه دون الثلاثين سنة. وكان كريما، شجاعاً إلى الغاية، مقداما، مفرطا في الشجاعة والكرم، وكان جميلاً في أول أمره، لكنه تغيرت محاسنه من كثرة الجراحات التي أصابته في وجهه، وكانت إحدى عينيه قد ذهبت في وقعة من الوقائع، وكان يدخل إلى القتال بثلاثة سيوف في وسطه، وكان أول ما ينزل للقتال يرمى بالنشاب، ثم يأخذ الرمح، ثم الطبر، ثم السيف، فلا يرجع في غالب الأوقات حتى يعوز السلاح، ويذهب ما معه من السلاح، وكذلك كان أخوه، رحمهما الله. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 50 تغرى بردى المحمودي 836هـ -؟ - 1433م تغرى بردى بن عبد الله المحمودى الناصر، الأمير سيف الدين، رأس نوبة النوب، ثم أتابك دمشق. نسبته إلى الملك الناصر فرج بن رقوق، اشتراه وأعتقه ورقاه إلى أن أنعم عليه بإمرة عشرة بالديار المصرية، ودام على ذلك إلى أن قتل الملك الناصر، وتسلطن الخليفة المستعين بالله من بعده، وصار الأمير نوروز الحافظى نائب دمشق بعد والدي رحمه الله وأضيف إليه من الفرات إلى مدينة غزة يولى فيها من يشاء ويعزل من يشاء إنضم إليه الأمير تغرى بردى المحمودي هذا، وصار من جملة أمرائز وحزبه، إلى أن تسلطن الملك المؤيد شيخ وخرج نوروز عن طاعته وافقه تغرى بردى هذا على العصيان، واستمر عنده إلى أن ظفر المؤيد بالأمير نوروز وجماعته حبس تغرى بردى هذا مدة طويلة بحبس المرقب، ثم أطلقه قبل موته بمدة يسيرة، فلما مات المؤيد وصار ططر مدبر ملك ولده الملك الجزء: 4 ¦ الصفحة: 51 المظفر أحمد أنعم على تغرى بردى المذكور بإمرة طبلخاناة، ثم لما تسلطن جعله أمير مائة ومقدم ألف بالديار المصرية، واستمر على ذلك إلى أن أخلع عليه الملك الأشرف برسباى باستقراره رأس نوبة النوب بعد انتقال الأمير أزبك منها إلى الدوادارية الكبرى عوضاً عن الأمير سودون من عبد الرحمن لما ولى نيابة دمشق بعد عصيان الأمير تنبك البجاسى في سنة سبع وعشرين وثمانمائة، فباشر الوظيفة بحرمه وافرة، وعظمة زائدة، ونالته السعادة، وعظم في الدولة. وتوجه إلى غزو قبرس مقدما على العساكر إذا حلوا بجزيرة قبرس، وكان الأمير اينال الجكمى مقدما على العساكر في المركب، وعاد من غزو قبرس بعد النصرة والظفر بصاحب قبرص، وحج أمير حاج المحمل في بعض السنين بتجمل زائد وعظمة وافرة. ولا زال فيما هو فيه إلى أن قبض عليه الملك الأشرف في يوم الثلاثاء عاشر جمادى الآخرة سنة ثلاثين وثمانمائة، وقيد وأخرج إلى الإٍسكندرية ليحبس بها، فاتفق بمسكه أمر عجيب، وهو أن رجلاً يعرف بابن الشامية من مباشريه لما الجزء: 4 ¦ الصفحة: 52 بلغه القبض عليه، خرج إلى جهة القلعة فوافا نزول أستاذه مقيدا، فصار يصرخ ويبكي وهو ماشيا معه تجاه فرسه حتى وصل إلى ساحل البحر، فأنزلوا أستاذه في الحراقة ليمضوا به، فاشتد صراخه حتى سقط ميتا، هذا مما شاهدناه بالعين. واستمر الأمير تغرى بردى المذكور بحبس الأسكندرية مدة إلى أن أفرج عنه، ورسم له بالإقامة بثغر دمياط بطالا، فرام بالثغر المذكور إلى أن نقل إلى دمشق أتابك العساكر بها، عوضا عن الأمير قانى باى الحمزاوي بحكم انتقاله إلى إمرة مائة وتقدمه ألف بالديار المصرية، فاستمر بدمشق إلى أن تجرد الملك الأشرف في سنة ست وثلاثين وثمانمائة إلى آمد بديا بكر وحاصرها، فكان الأمير تغرى بردى هذا ممن توجه إليها مع العساكر الشامية صحبه السلطان، فأصابه سهم في رجله لزم منه الفراش إلى أن مات في شهر شوال من السنة المذكورة، ودفن بآمد، ثم نقل صحبة العساكر في عودهم إلى جهة الديار المصرية في سحلية إلى مدينة الرها، فدفن بها، رحمه الله. وولى أتابكية دمشق من بعده الأمير قانى باي البهلوان أتابك حلب، وأنعم الجزء: 4 ¦ الصفحة: 53 بأتابكية حلب على الأمير قطج أحد أمراء حلب. وكان أمير اجليلا، شجاعاً مقداما كريما، متجملا في ملبسه ومركبه وخدمه، وله مروءة تامة وعصبة لمن يلوذ به، هذا مع البشاشة والصباحة وحسن الملتقى إلى من يقصده ويأتيه، وكان طوالا رقيقا، حلو الوجه، خفيف اللحية مدورها، وكان بلسانه بعض عجمة، كما هو عادة جنس الروم، ومع هذا كانت الجراكسة معه في الدرجة السفلى في كل مجلس، وكانوا يراعونه ويدارونه حيثما حل بهم، وبالجملة كان به تجمل في الزمان. رحمه الله تعالى. تغرى بردى القرمى 798هـ -؟ - 1395م تغرى بردى بن عبد الله القرمى، الأمير سيف الدين، أحد أمراء العشرات بالقاهرة في دولة الظاهر برقوق إلى أن توفي سنة ثمان وتسعين وسبعمائة. 765؟ - تغرى بردى البكلمشى المؤذى ؟ 846هـ؟ - 1442 م تغرى بردى بن عبد الله البكلمشى الدوادار، المعروف بالمؤذى، الأمير الجزء: 4 ¦ الصفحة: 54 سيف الدين. أحد مماليك الأمير بكلمش العلائي، أمير سلاح في دولة الظاهر برقوق، ولما قبض الظاهر على أستاذه بكلمش المذكور صار تغرى بردى هذا من جملة المماليك السلطانية إلى أن تأمر عشرة في الدولة الناصرية فرج، وأقام على ذلك زيادة على عشرين سنة إلى أن نقله الملك الأشرف برسباى إلى إمرة طبلخاناة في سنة أربع وثلاثين وثمانمائة، ثم جعله أمير مائة ومقدم ألف بالديار المصرية في سنة تسع وثلاثين تخمينا، فدام على ذلك إلى أن ولاه الملك الظاهر جقمق حجوبية الحجاب بالديار المصرية عوضاً عن الأمير شبك السودونى المشد، بحكم إنتقال يشبك إلى إمرة مجلس عوضاً عن الأمير آقبغا التمرازى المنتقل إلى إمرة سلاح بعد استقرار الأمير قرقماس الشعبانى أتابك العساكر بالديار المصرية عوضاً عن السلطان الملك الظاهر جقمق. فلم تطل مدة تغرى بردى هذا في الحجوبية، ونقل إلى الدوادرية الكبرى بعد نفي الأمير أركماس الظاهري إلى ثغر دمياط، كل ذلك في سنة اثنتين وأربعين وثمانمائة، وباشر الدوادارية بحرمة وافرة، وعظمة زائدة، بحيث أنه لم يدع لأرباب الجزء: 4 ¦ الصفحة: 55 الدولة شيئاً من الأمر والنهي، وسار على قاعدة السلف من الأمراء المتقدمين، ونالته السعادة. وكان مشكور السيرة في أحكامه، لا يسمع رسالة مرسل بل يجتهد في عمل الحق حسب ما يظهر له، إلا أنه كان فظاً غليظا بذاء اللسان، شرس الخلق، يخاطب الرجل بما يكره، غير بشوش، متكبرا وعنده جبروت، ولما عظم أظهر ما كان مخفياً من لقبه، فانطبق الإسم على المسمى، فلله در القائل. الظلم كمين في النفس ... القوة تظهره والعجز يخفيه وكان له مشاركة هينة، ويذاكر بالتاريخ فيمن عاصره، يحفظ مسائل يمارى بها الفقهاء، وكان عنده نباهة وفظنة، ومعرفة بأنواع الفروسية، يحب الجد ويكره الهزل، وعمر جامعا لطيفاً بخط صليبة جامع أحمد بن طولون، ووقف عليه عدة أوقاف، وكان يروم المرتبة العليا، ويقول في نفسه أنه هو حرف التاء، فادركته المنية بعد أن لزم الفراش مدة طويلة، ومات في يوم حادي عشرين جمادى الآخرة سنة ست وأربعين وثمانمائة، وهو في عشر الثمانين تقريباً، رحمه الله تعالى. 766 - تغرى برمش الفقيه التركماني 820هـ -؟ - 1417م تغرى برمش بن يوسف، الشيخ زين الدين التركماني الجندي الحنفي، أبو المحاسن. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 56 أصله من بلاد الروم، واعتنى يطلب العلم في بلده، ثم قدم إلى القاهرة في دولة الملك الظاهر برقوق وهو شاب، واشتغل بالعلم، وأخذ عن المشايخ، وتفقه بجماعة من أعيان العلماء كالشيخ جلال الدين التبانى وغيره، وكان كثير الاستحضار لفروع مذهبه، ويحفظ بعض مختصرات إلا أن ذكاءه لم يكن بذاك، وكان يميل إلى الصوفية، مع أنه كان يبالغ في ذم ابن عربى، وأحرق كتبه. وكان لجماعة من الأمراء فيه محبة، ونال بصحبتهم جاها وتعظيما عند الأعيان وقتا بعد وقت في دولة الظاهر برقوق، ثم في دولة ابنه الملك الناصر فرج، ثم في الدولة المؤيدية شيخ، وأرسله الملك المؤيد إلى الحجاز وعلى يده مراسيم تتضمن النظر في أحوال مكة المشرفة، 130أوجاور بمكة، وأخذ في الأمر فيها بالمعروف والنهى عن المنكر، ومنع المؤذنين من المدائح النبوية فوق المنابر ليلا، ومنع المداحين من الإنشاد في المسجد الحرام، ومنع الصغار من الخطابة في ليالي رمضان، والوقيد في الليالي المعروفة بالحرم، وجرى له مع أهل مكة أمور بسبب ذاك يطول الشرح في ذكرها، ثم عاد إلى القاهرة، وكان يميل إلى دين خير. توفي سنة عشرين وثمانمائة، رحمه الله. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 57 ؟ 767 - تغرى برمش نائب حلب 842هـ -؟ - 1439م تغرى برمش، اسمه الأصلي حسين بن أحمد. كان أبوه يدعى بابن المصرى، من أهل بهسنا، كان أحد الأجناد بها، وكان له ثروة في أول أمره، فلما قدم تيمور إلى بهسنا وأخذها افتقر، وقدم حلب، ومعه أولاده حسن وحسين هذا، ثم إنه مات فانتقل تغرى برمش هذا مع أخيه حسن ووالدتهما إلى القاهرة، واتصلا بخدمة الأمير قراسنقر الظاهري أمير الحاج. فأقاما عنده مدة إلى أن أخذ تغرى برمش المذكور الأمير أينال حطب أحد مقدمي الألوف بالديار المصرية، واستمر أخوه حسن بخدمة الأمير قراسنقر، وسمى أيضاً حسن شاه. ولما مات الأمير إينال حطب اتصل تغرى برمش هذا بخدمة والدي رحمه الله بسفارة الأمير فارس دوادار الأمير إينال حطب، وكان تغرى برمش الجزء: 4 ¦ الصفحة: 58 المذكور إذ ذاك صغيرا، فأخرج له والدي رحمه الله خيلا وقماشا، وجعله من جملة الجمدارية، وسمى تغرى برمش، واستمر عندنا سنين إلى أن استقر والدي في نيابة الشام سنة ثلاثة عشرة وثمانمائة، فلما وصل والدي رحمه الله إلى دمشق، وأقام بها مدة، فر تغرى برمش هذا من عنده وأخذ معه جماعة من طبقته. وكان تغرى برمش ومن هرب معه من المماليك آنيات شاهين أمير آخور والدي رحمه الله الكببر، وكان شاهين المذكور له ميل زائد إلى تغرى برمش هذا، فأخفى شاهين خبر تغرى برمش ورفقته عن والدي مدة لكثرة مماليكه، ثم علم ذلك فشق عليه، ثم بلغه أنه هو ورفقته بمدينة طرابلس، فرسم بأن يكتب إلى نائب طرابلس الأمير جانم من حسن شاه بالقبض على تغرى برمش المذكور ورفقته، فلما سمع شاهين أمير آخور ذلك صعب عليه، ولم يمكنه مراجعة ملك الأمراء في الكلام، فسأل أن يتوجه هو إلى طرابلس ويقبض عليهم، ويعود بهم إلى دمشق، قصد شاهين بذلك الشفقة عليهم، وتوجه إلى طرابلس، فبلغه خبرهم أنهم يتعاطون الشراب في قاعة بطرابلس، فترك شاهين مماليكه وخدمه، وركب وتوجه إليهم، ودخل عليهم هجما في القاعة المذكورة، فلما وقع نظره عليهم سبهم قبل السلام، فقام إليه الجزء: 4 ¦ الصفحة: 59 تغرى برمش المذكور، وسل سيفه وضربه به ضربة أتلفه فيها، ومات من وقته وفرهو وأصحابه، وبلغ الخبر الأمير جانم نائب طرابلس، فركب من وقته إلى القاعة المذكورة، فوجد شاهين قد مات، بعد أن أشهد عليه جماعة من الناس قبل موته أن الذي قتله هو تغرى برمش، فكتب الأمير جانم بذلك محضرا وأثبته على قاضي طرابلس، وأرسل به إلى والدي رحمه الله واعتذر أنه لم يعلم بمجئ شاهين إلى طرابلس، ولا بما وقع له إلا بعد فوات الأمر، وأنه شدد الطلب على تغرى برمش المذكور، ومتى حصل في يده أرسله مقيدا إلى الخدم العالية، فلما سمع والدي رحمه الله بموت شاهين أمير آخورشق عليه ذلك، وكتب إلى نواب البلاد الشامية يعلمهم بواقعة تغرى برمش المذكور، ويأمرهم بشنقه متى ظفروا به. وكان والدى ملازما للفراش من مرضه الذي مات فيه، فلم تطل أيامه، ومات، وتقلبت الدولة، واتصل تغرى برمش يخدمة الأمير طوخ نائب حلب، ودام المحضر عندنا، ثم صارا بخدمة الأمير جقمق الأرغون شاوي الدوادار، فحظى عنده، وصار رأس نوبته، ثم دواداره إلى أن قتل جقمق بدمشق في سنة أربع وعشرين وثمانمائة على ما يأتي إن شاء الله تعالى في ترجمته الجزء: 4 ¦ الصفحة: 60 واتصل تغرى برمش هذا بعد قتله بالأمير ططر، فلما تسلطن ططر أمره طبلخاناة وجعله نائب قلعة الجبل، فدام بقلعة إلجبل إلى سنة سبع وعشرين وثمانمائة نقله الملك الأشرف برسباى إلى تقدمة ألف بالديار المصرية، وتولى نيابة القلعة عوضه الأمير تنبك البردبكى. كل ذلك وتغرى برمش يسأل منا عن المحضر ونحن ننكره منه فيقو ما قصدكم إلا قتلى، وسلط على الملك الأشرف غير مرة حتى دفعته بأن قلت له: أنت قتلت شاهين أم لا؟ فقال: لا، فقلت: فما خوفك من التهمة؟، فسكت من حينئذ، وصار في نفسه ما فيها، ثم ولاه الملك الأِشرف نيابة الغيبة بالديار المصرية عند توجهه إلى آمد في سنة ست وثلاثين وثمانمائة، وسكن بباب السلسلة من الإصطبل السلطاني، وحمدت سيرته، ثم نقله الملك الأشرف بعد عوده بمدة إلى الأمير آخورية الكبرى بعد انتقال الأمير جقمق العلائي عنها إلى إمرة سلاح، فدام في وظيفته إلى سنة تسع وثلاثين وثمانمائة نقل إلى نيابة حلب عوضا عن الأمير إينال الجكمى بحكم انتقال الجكمى إلى نيابة دمشق بعد موت الأمير قصروه من تمراز الظاهري. فباشر ثغرى برمش المذكور نيابة حلب على أتم وجه وأحسنه وأجمل طريقة، ومهد بلادها، وعظم في الأعين، وتجرد إلى إبلستين غير مرة في طلب الأمير جانبك الصوفي إلى أن وصل إليه جماعة من أمراء الديار المصرية نجدة إلى مقصده، فتوجه بهم إلى مدينة أرزنكان وغيرها، ثم عادوا الجميع نحو مدينة حلب، فبلغ تغرى برمش المذكور موت الملك الأشرف برسباى وسلطنة ولده الجزء: 4 ¦ الصفحة: 61 الملك العزيز يوسف، فاستوحش حبنئذ من العساكر المصرية، وصار بمعزل عنهم، وتخلف بعدهم بعين تاب، ولم يدخل حلب حتى خرج منها العسكر المصري خوفاً على نفسه منها. وكانت العساكر المصرية تشتمل على ثمانية من مقدمى الألوف بالديار المصرية وهم: الأمير قرقماس الشعباني أمير سلاح، والأمير آقبغا التمرازى أمير مجلس، والأمير أركماس الظاهري الدوادار الكبير، والأمير تمراز القرمشى رأس نوبة النوب، والأمير جانم أمير آخور قريب الملك الأشرف برسباى، والأمير يشبك التمربغاوي حاجب الحجاب، والأمير خجا سودون البلاطى، والأمير قراجا الخازندار الأشرفي، فلما وصلت الأمراء إلى حلب أرسلت إليه بالأميرين قانى باى الحمزاوى نائب حماه، والأمير تمراز القرمشى رأس نوبة النوب إلى عين تاب لإحضاره، فأبى عن الحضور إلا بعد خروجهم منها، فعادا إلى حلب بهذا الخبر، ثم عاد العسكر إلى محله في أواخر المحرم من سنة اثنتين وأربعين وثمانمائة، وبلغ الخبر تغرى برمش فركب من عين تاب ودخل حلب، ودام في نيابته إلى شهر ربيع الآخر من السنة، ورد عليه الخبر بخلع الملك العزيز وسلطنة الملك الظاهر جقمق، ثم قدم عليه الخاصكى بخلعة الاستمرار فلبسها، وقبل الأرض وحلف للملك الظاهر جفمق. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 62 ثم شرع بعد ذلك يتعاطى أسباب العصيان في الباطن، ويكاتب العربان والتركمان، واستمر على ذلك إلى شهر شعبان من السنة بدا لأمراء حلب الركوب عليه خوفاً منه على أنفسهم، فركبوا عليه وقاتلوه بالبياضة من حلب، فكسر أمراء حلب وانهزم كل واحد منهم إلى جهة، ثم أخذ تغرى برمش في حصار قلعة حلب واستفحل أمره، ثم وقع بينه وبين أهل حلب وحشة، وركبوا عليه وقاتلوه، ورموا عليه من القلعة، فلم يسعه إلا الفرار من حلب، وخروجه جريدة من دار السعادة، من غير أن يصحب معه شيئاً من خيله وقماشه، وخرج ومعه نحو مائة فارس من باب السر قاصدا باب أنطاكية، فتبعه العوام ورموا عليه وعلى أصحابه، ثم نهبت العوام ماله بدار السعادة وغيرها، فأخذ له مال لا يحصى كثرة. وتوجه ثغرى برمش بمن معه إلى الميدان، ثم إلى خان طومان، ثم توجه إلى ابن سقلسيز التركماني نائب شيراز لا ئذابه، فوافقه ابن سقلسيز على العصيان فاستفحل به أمره، واجتمع عليه خلق من التركمان وغيرهم، ثم توجه ومعه ابن سقلسيز إلى طرابلس وطرقها، ففر منها نائبها الأمير جلبان من غير قتال، واستولى تغرى برمش هذا على جميع برك جلبان وذلك في حادي عشر الجزء: 4 ¦ الصفحة: 63 رمضان من السنة، ثم خرج عن طرابلس وصار ينتقل من مكان إلى آخر، ويأخذ ما ظفر به من أموال الناس إلى أن عاد إلى حلب في عشرين شهر شوال فاستعد أهل حلب جماعة، ومعهم عدة من العوام لظاهر حلب، وقاتلوه قتالا شديدا استظهر فيه أمراء حلب، ومسكوا بعض أمراء التركمان، وقتلوا منهم جماعة، ثم حمل تغرى برمش على أهل حلب فهزمهم، وقبض على جماعة منهم ممن بقى خارج البلد، وقطع أيديهم فنفرت القلوب منه، وقويت العداوة بينهم، ودام ذلك إلى شهر ذي القعدة من السنة المذكورة، ورد عليه الخبر بقدوم العساكر السلطانية إلى حلب، وبالقبض على الأمير إينال الجكمى نائب دمشق، فتهيأ لقتالهم، وسار إلى جهة حماه، ونزل بالقرب منها إلى يوم الخميس سادس عشر ذي القعدة، نزل العسكر السلطاني ظاهر حماه من جهة الشمال، وبأن تغرى برمش من جهة الغرب على عزم القتال، فلما أصبح نهار الجمعة سابع عشرة ركب العسكر السلطاني وركب تغرى برمش بمن معه والتقى الجمعان، فلم يثهت تغرى برمش وانهزم من غير قتال، وتوجه في أناس قلائل إلى جهة أنطاكية، ونهب جميع ما كان معه، وتوجه معه ابن سقلسيز، فلما وصلوا إلى الدر بند خرج عليهم فلاحو تلك القرى مع من انضم إليهم وقاتلوهم، فانكسر نغرى برمش وأمسك معه ابن سقلسيز أيضاً، فورد الخبر على العسكر المصري بذلك، فخرج منهم جماعة إليهم وأمسكوهما وقيدوهما، وجاءوا الجزء: 4 ¦ الصفحة: 64 بهما إلى حلب، فحبسا بقلعتها، فكان يوم قدومهم إلى حلب من الأيام المشهودة، واستمر تغرى برمش وابن سقلسيز في حبس قلعة حلب حتى ورد المرسوم بقتلهما، فقتلا في يوم الجمعة رابع عشر ذي الحجة سنة اثنتين وأربعين وثمانمائة، بعد أن شهرا، وسمر ابن سقلسيز، وضربت رقبة تغرى برمش هذا تحت قلعة حلب. وكان تغرى برمش أمير جليلا، عاقلا عارفا سيوسا ذا رأي وتدبير، ودهاء ومكر مع ذكاء مفرط وفطنة، وكان رجلا طوالا، أسود اللحية، مليح الوجه، فصيح اللسان باللغة التركية، عارفا بأمور الدنيا وجمع المال، وله قدرة على مداخلة الملوك، وكان جاهلا بسائر العلوم حتى لعله لم يحفظ مسألة في دينه، بل كانت جميع حواسه مجموعة على أمر دنياه، وكان جبانا، بخيلا بالبر والصدقة، كريما على مماليكه، متجملا في مركبه وملبسه ومأكله، وكان حريصا، جبارا يميل إلى الظلم والعسف، ولقد أخرب في حروبه هذه عدة قرى من أعمال حلب وما حولها، وقتل من أهلها جماعة، لا جرم أن الله عامله وجازاه من جنس أعماله وما ربك بظلام للعبيد. 768 - تغرى برمش الزرد كاش 854هـ -؟ - 1450م تغرى برمش بن عبد الله البشبكى الزرد كاش، أحد أمراء الطبلخاناه بديار مصر، الأمير سيف الدين. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 65 أصله من مماليك الأمير يشبك بن أزدمر، وصار بعد موته من جملة المماليك السلطانية، ثم صار في الدولة الأشرفية من جملة الزرد كاشية مدة طويلة إلى أن صار زردكاشا كبيرا بعد انتقال أحمد الدوادا منها إلى نيابة الإسكندرية في سنة ثلاث وثلاثين وثمانمائة، وأنعم عليه بإمرة عشرة، ودام على ذلك مدة طويلة إلى أن أنعم عليه الملك الظاهر جقمق بإقطاع الأمير أقطوه الموساوى بعد نفيه، زيادة على ما بيده، فصار إقطاعه نحو الطبخاناة، وعظم ونالته السعادة، وعمر عدة أملاك معروفة به، وعمر جامعاً بخط بولاق على ساحل النيل، ووقف عليه أوقافا هائلة، وسافر أمير الحاج غر مرة، وتوجه إلى غزو الفرنج عدة مرات. حكى لي من لفظه قال: سافرت في البحر المالح مغازيا وغير ذلك ما يزيد على عشرين مرة. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 66 ثم توجه مع الرجبية إلى الحجاز في سنة أربع وخمسين وثمانمائة، وأقام بمكة مدة، ومرض ولزم الفراش إلى أن توفي بمكة في السنة المذكورة، وسنه نحو الثمانين سنة. وكان شيخاً أشقرا جسيما، للقصر أقرب، وكان عارفا بدنياه، خبيراً بجمع المال، مغرما بإنشاء العمائر، مسيكا، وله بر وصدقات على الفقراء في السر. وخلف مالا جزيلاً، لم ينل ولده فرج منه شيئاً، لأن تغرى برمش هذا كان قد شخط عليه لسوء سيرته ونفاه إلى دمشق من عدة سنين، وأشهد على نفسه أنه ليس بولده، فلما بلغ فرج موت أبيه تغرى برمش المذكور وقدم إلى القاهرة قبل قدوم أخته من الحجاز، وطلب ميراث والده فمنع من ذلك إلى أن حضرت أخته زوجة السيفى دمرداش الأشرفي من الحجاز ببقية موجود أبيها تغرى برمش المذكور، أراد فرج الدخول إليها فمنع زوجها دمرداش من ذلك وقال: أنت رجل أجنبي، مالك دخول على زوجتي، وأبيعت تركه تغرى برمش وأخذت ابنته زوجة دمرداش ما خصها، وأخذ السلطان ما بقى، ولم ينل ولده فرج من مال أبيه غير ثمانمائة دينار، أعطاه السلطان إياها صدقة عليه لما تكلفه الجزء: 4 ¦ الصفحة: 67 لمجيئه من دمشق، وأشهد عليه أنه لم يكن ابن تغرى برمش المذكور، وعاد إلى دمشق خائباً مبعودا من حقه في الدنيا، مطالباً به في الآخرة. انتهت ترجمة تغرى برمش الزردكاش. 769 - تغرى برمش نائب القلعة 852هـ -؟ - 1448 م تغرى برمش بن عبد الله الجلالى المؤيدى، الفقيه الحنفي المحدث، الأمير سيف الدين أبو محمد، نائب القلعة بالديار المصرية. في معتقه أقوال كثيرة، سألته عن ذلك فقال: أصلى من بلاد الروم، وأبي كان مسلماً، ثم جلبني خواجا جلال الدين من بلادي إلى حلب وأنا في السابعة أو التي بعدها في عدة مماليك أخر، وكان النائب بها إذ ذاك الأمير جكم من عوض وذلك في سنة ثمان وثمانمائة، فطلب الأمير جكم المماليك المذكورين من خواجا جلال الدين فأحضرهم بين يديه، فاشترى منه جكم الجميع إلا أنا ورفيقا لي صغيراً، فعاد بنا خوجا جلال الدين إلى محله، واتفق في تلك الأيام قدوم الملك الظاهر جقمق إلى حلب بكاملية نائبها الأمير جكم من عند السلطان الملك الناصر فرج، الجزء: 4 ¦ الصفحة: 68 وكان الملك الظاهر جقمق إذ ذاك خاصكيا ساقيا، فلما أقام جقمق بحلب اشتراني أنا ورفيقي، وعاد بنا إلى الديار المصرية، وقدمني إلى أخيه الأمير جاركس القاسمي المصارع الأمي آخور، فأقمت عند الأمير جاركس المذكور إلى أن خرج عن طاعة الناصر فرج وفد إلى البلاد الشامية، واستولى الملك الناصر على مماليك جاركس وموجوده، أخذني فيمن أخذ، وجعلني من جملة المماليك السلطانية الكتابية بالطبقة بقلعة الجبل إلى أن قتل الناصر، واستولى الملك المؤيد شيخ على الديار المصرية اشتراني فيمن اشتراه من المماليك الناصرية، وأعتقني، وجعلني جمدارا مدة طويلة، وكان الملك الظاهر إذ ذاك أمير طبلخاناه وخازندار، فوقف في بعض الأحيان إلى الملك المؤيد وادعاني وقال: هذا مملوكي وهبته لأخي، ومات أخي وليس له وارث غيري، وهو إلى الآن لم يخرج عن ملكي، فقال له الملك المؤيد: هذا يحسن قراءة القرآن ويعرف الفقه لا أعطيه لك، وأمر له بمبلغ ومملوك يسمى قمارى، فقبض الملك الظاهر جقمق الدراهم وأخذ المملوك قمارى وذهب إلى حال سبيله، واستمريت على ذلك إلى أن مات الملك المؤيد ووثب ططر على الأمر، وقيل له أن مشترى الملك المؤيد شيخ لمماليك الملك الناصر ما يصح، ووجهوا له وجها في شرائهم، فاشترى عدة، منهم تغرى برمش هذا، وأعتقه وجعله خاصكيا، واستمر خاصكيا إلى أن نفاه الملك الأشرف برسباى إلى قوص، ثم عاد بعد مدة إلى القاهرة، واستمر من جملة المماليك السلطانية مدة طويلة إلى أن أعاده خاصكيا بسفارة تغرى برمش نائب حلب. فاستمر على ذلك إلى أن تسلطن الملك الظاهر جقمق وأمر جماعة من المؤيدية الجزء: 4 ¦ الصفحة: 69 فعظم ذلك على تغرى برمش المذكور، وكان في ظنه أنه يتأمر قبل هؤلاء لأنه مملوكه قديما ومشتراه من حلب، وأن الملك الظاهر جقمق يدعى أن تغرى برمش المذكور لم يخرج من ملكه إلى يومنا هذا بطريق شرعي، فوقف إليه وسأله في الإمرة فلم يجبه، فألح عليه فأمر بنفيه، فنفى إلى قوص، وأقام بها نحو شهرين، ثم طلب إلى القاهرة، وأنعم عليه بحصة من شبين القصر، عوضاً عن يشبك الصوفي بحكم انتقاله إلى إمرة عشرة، عوضاً عن الأمير آفبغا التركماني المنتقل إلى نيابة الكرك. واستمر تغرى برمش على ذلك إلى يوم السبت أول رجب سنة أربع وأربعين وثمانمائة أنعم عليه عشرة ونيابة القلعة بعد موت الأمير ممجق النوروزي نائب القلعة، فباشر نيابة القلعة بحرمة وافرة، وصار معدودا من أعيان الدولة، وقصدته الناس لقضاء حوائجهم، ثم أخذ أمره في انحطاط لسوء تدبيره، وصار يتكلم في كل وظيفة، ويداخل السلطان فيما لا يعنيه، فسهر عليه من له عنده رأس حتى اثخن جراحه عند السلطان، وهو لا يعلم إلى أن أمر السلطان ينفيه إلى القدس في يوم الخميس حادي عشر صفر إحدى وخمسين وثمانمائة، فتوجه إلى القدس ودام إلى أن توفي به في ثالث شهر رمضان سنة اثنتين وخمسين وثمانمائة، وسنه نيف على خمسين سنة، رحمه الله. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 70 وكان له فضل ومعرفة بالحديث، لا سيما في أسماء الرجال، فإنه كان بارعاً في ذلك، وكان له مشاركة لطيفة في الفقه والتاريخ والأدب، مع أنه كان يحسن فنون الفروسية كالرمح والنشاب وغير ذلك. وكان رجلاً أشقرا ضخما، للقصر أقرب، كث اللحية، بادره الشيب قبل موته بسنين، وكان فصيحاً باللغة العربية والتركية، مقداماً، محباً لطلبة العلم وأهل الخير، متواضعاً، كثير الأدب جهوري الصوت، وله إلمام بكتابة الخط المنسوب على قدره، وبالجملة فكان نادرة في أبناء جنسه مع جودة علمي بهذه الطائفة. وكان أحسن علومه الحديث، وفيه كان غاية اجتهاده، وسمع الكثير. ذكر لي أنه قرأ صحيح البخاري على قاضي القضاء محب الدين أحمد بن نصر الله الحنبلي البغدادي قاضي قضاة الديار المصرية، وقرأ صحيح مسلم على الشيخ زين الدين عبد الرحمن بن محمد الزركشى، وقرأ السنن الصغرى للنسائي على الشيخ شهاب الدين أحمد الكلوتاتي. وقرأ السنن لابن ماجه على الشيخ شمس الدين الجزء: 4 ¦ الصفحة: 71 محمد المصري، وقرأ بعض الدارمي على القاضي ناصر الدين محمد بن حسن الفاقوسى، وقرأ على قاضي القضاة شيخ الإسلام حافظ العصر شهاب الدين أحمد بن علي بن حجر السنن لأبي داود السجستاني، وقرأ أيضاً على الشيخة الأصيلة أم الفضل عائشة بنت القاضي علاء الدين على الكناني العسقلاني الفوائد لأبي بكر الشافعي المعروفة بالغيلانيات، وسمع عليها أيضاً بقراءة صاحبنا تقي الدين عبد الرحمن القلقشندى المعجم الصغير للطبراني، وعلى القاضي شمس الدين محمد بن محمود البالسى السنن لأبي داود بافوات، وسمعنا معاً أيضاً بقراءة تقي الدين القلقشندي الجزء: 4 ¦ الصفحة: 72 المذكور على المشايخ الثلاثة زين الدين عبد الرحمن بن يوسف بن الطحان، وعلاء الدين علي بن الإمام عماد الدين إسماعيل بن بردس، وشهاب الدين أحمد بن عبد الرحمن بن ناظر الصاحبة السنن لأبي داود بكماله في عدة مجالس، وبعض مسند أحمد على الأول، وكله على الآخرين، وكذا جامع الترمذي كاملا في عدة مجالس، والشمائل للترمذي أيضاً كاملا، ومشيخة ابن البخاري، وأجازوا لنا جميع ما يجوز لهم وعنهم روايته بشرطه، وذكر لي أنه تفقه بالشيخ سراج الدين عمر قارئ الهداية، وبشيخ الإسلام سعد الدين بن الديري. وكان ينظم القريض باللغة التركية والعربية، ولعله أنشدني غالب نظمه من لفظه، أذكر منه أحسن ما سمعته من لفظه لنفسه في مليح يدعى شقير: الجزء: 4 ¦ الصفحة: 73 تفاح خدي شقير فيه ... مسكى لونٍ زها وأزهر قد بان منه النوى فأضحى ... زهري لونٍ بخد مشعر وهذا أحسن ما سمعته من نظمه، وله نظم غير ذلك نازل عن هذه الطبقة، انتهى. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 74 770 - تقتميش ملك الدشت تقتميش بن بردبك بن جانبك بن أزبك بن طفر لحاى بن منكو تمر بن طغان ابن باطوخان بن دوشى خان بن جنكز خان بن باى سوكى بن تريان بن تبل خان ابن تومنيه بن باى سنقر بن بيدو بن توتين بن بغا بن بوذ نجرين ألان قوا، وهي المرأة التي ولدت بوذ نجر ابن عمهم من غير أب، السلطان الفان ملك القبجاق والدشت، وأول من ملك المشرق. واشتهر من أولاد بوذنجر جنكر خان، وهو صاحب اليسق، وعظيم ملوك التتار. واليسق باللغة التركية: الترتيب وأمر الملك في عساكره، وأصله يسا، فلما أمر جنكز خان في عسكره بثلاثة تراتيب، وفرع منها بقية الترتيب الجزء: 4 ¦ الصفحة: 75 كإمرات الجندار والداوادارية والخازندارية ورؤس النوب والحجاب وما أشبه ذلك، وجعل الأصل في الأمور أصول ثلاثة، والثلاثة باللغة العجمية سى، فصاروا يقولون سى يسا، وتداول الناس هذه الأحكام وسموها السياسة في جميع أقاليم الإسلام، حتى صارت العوام تقول: اشتكى فلان من الشرع والسياسة، انتهى. وكان جنكز خان أعظم ملوك التتار، ومن ذريته ملوك الشرق بتمامه وكماله إلى صاحب الترجمة، ولما أشرف جنكز خان على الموت وأيس من الحياة جمع المعتمد عليه من أولاده وهم: جغتاى، وأوكتاى، وأوليغ نوين، وكا كان، وجرجاى، وأورجاى، وأوصاهم بوصايا ثبتت لهم من ملكهم أساسا لم ينهدم، وأقامت بنيانا قواعد أركان لم تنخرم، هذا مع كثرة عددهم، وشراسة أخلاقهم، واختلاف أديانهم، وسعة بلادهم، وغلبة الجهل والحمية عليهم، فإن فيهم المسلمين والنصارى واليهود والمجوس والمشركين وعباد الشمس والنجوم والأصنام والصباه، ومن لا يتقيد بدين ولا ملة، فمن جملة وصاياه: أنه أعطى كل واحد منهم سهماً وأمره بكسره، فكسره من غير الجزء: 4 ¦ الصفحة: 76 انزعاج، ثم جعله سهمين فكسرهما، ثم ثلاثة فكسرها، ولا زال يزيد السهام واحداً بعد واحد وهم يكسرونها، حتى تكاتفت السهام فعجزوا عن كسرها، فقال لهم: مثلكم مثل هذه السهام إن انفردتم واختلفت كلمتكم وصار كل واحد منكم وحده كسركم كل من لقيكم من غير صداع ولا تعب، ثم مثل لهم من هذا النمط أشياء يطول شرحها. وكانت أولاد جنكرخان وأقاربه يزيدون على عشرة آلاف نسمة، والترك لا يعتبرون في تقديم الأولاد إلا بالأمهات، فمن كانت أمه من الخوندات فهو المقدم، وهذا أيضاً مما رتبه جنكز خان، ثم أخذ جنكر خان على رعيته العهود والمواثيق لئن أقام عليهم من يختار ليطيعونه الباقون ولا يختلف عليه أحد، فأجابوه بالسمع والطاعة، فعهد إلى ابنه أوكتاى، وهلك جنكر خان في رابع شهر رمضان في سنة أربع وعشرين وستمائة. فجمع أوكتاى المذكور ملوك الأطراف للمشورة، وتسمى هذه الجمعية باللغة المغلية قورلناى، وجلس على السرير سنة ست وعشرين، وتلقب بالقان، وجعل محل إقامته وتخت ملكه أيميل وقوناق، وذلك ما بين ممالك الخطار وبلاد أويغور، وهو موضعهم الأصلي ومنشأهم ومولدهم وسرة ممالكهم، وكان جنكر خان قد جعل محل إقامته وتخت ملكه أيميل وقوناق، وذلك ما بين ممالك الخطا وبلاد أو يغور، وهو موضعهم الأصلي ومنشأهم ومولدهم وسرة ممالكهم، وكان جنكز خان قد جعل ابنه جغتاى هو الذي يرجع إليه في أمور السياسة وتنفيذ الأحكام، وجعل ابنه الجزء: 4 ¦ الصفحة: 77 تولى وهو أبو هولاكو وقبلاي - هو الذي يرجع إليه في أمر الجيوش وزعامة العساكر والاسفهسالارية وترتيب الجنود والحرب، ثم قسم جنكرخان على أولاده قبل موته الممالك، فأعطى كل من أولاده وأحفاده وأعمامه وأخوته طائفة من أجناد الأطراف، وأضاف إليهم ما يليق به، فأعطى أخاه أو تكين توقات مع أولاده وأحفاده، وجماعاته، وأعطى ابنه تولى مملكة مجاورة لممالك أخيه أو كتاي مضافاً إلى خراسان وولايات العجم والعراق وما وصلت يده إليه، وأعطى أكبر أولاده توشى خان الذي تقتميش هذا من ذريته من حدود قالين وخوارزم إلى أقصى بلاد ساقسين وبلغارا المتاخمة لبلاد الروم والأرمن وتنتهي حدود ممالكه إلى حدود بلاد القسطنطينية، وهي مملكة متسعة. فاستمر توشى خان بها إلى أن مات، فملك بعده ابنه باطوخان وقيل إن توشى خان مات في حياة جنكزخان، والله أعلم. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 78 فدام باطوخان في الملك إلى أن مات سنة خمسين وستمائة، فولى بعده أخوه صرطق، فدام إلى سنة اثنتين وخمسين وستمائة فمات، فملك بعده أخوه بركة، وأسلم بركة المذكور على يد الشيخ شمس الدين الباخرزي الحنفي، وحمل قومه على الإسلام وبنى المساجد والمدارس في جميع أعماله، ودام في الملك إلى أن حدثت بينه وبين قبلاي بن طولي بن جنكر خان فتنة انتزع فيها بركة من الملك، وولى عليها ابن أخيه سرخاد بن باجر، ثم قتله لممالات عمه هولاكو إليه، وولى ملكه خاله، فزحف إليه هولاكو وحاربه على نهر إتل سنة ستين، ومات بعدها سنة ثلاث وستين، وولى بعده ابنه أبغا بن هولاكو فسار لحربه بركة، فلم ينتج أمره، ومات بركة سنة خمس وستين وستمائة، فولى مكانه ابن أخيه منكو تمر بن طغان ابن باطو بن توشى، وطالت أيامه إلى أن مات في سنة إحدى وثمانين، وملك بعده تدان متكو خمس سنين، وترهب من الملك سنة ست وثمانين، وملك بعده تدان منكو خمس سنين، وترهب من الملك سنة ست وثمانين، وملك بعده تدان منكو خمس سنين، وترهب من الملك سنة ست وثمانين، فولى بعده تلابغا ودام في الملك إلى أن قتل سنة تسعين وستمائة، وتولى أخوه طقطاى عوضه فحاربه نوغاي واستولى على الملك ودام فيه إلى أن قتل، وملك بعده ابنه جكا إلى أن مات، وعاد طقطاى إلى الملك إلى أن مات سنة اثنتي عشرة وسبعمائة، فملك بعده أزبك الجزء: 4 ¦ الصفحة: 79 ابن طغو لجاى بن منكو تمر إلى أن مات في سنة نيف وأربعين وسبعمائة، فولى بعده ابنه جانبك إلى أن مات، وولى بعده ابنه بردبك ثلاث سنين ومات سنة تسع وخمسين وسبعمائة، وترك ابنه تقتميش هذا صغيراً، فأقيم في الملك بعده، وكانت أخته جانم بنت بردبك تحت الأمير ما ماى أحد أمراء المغل الأكابر وصاحب مدينة قرم، فأخرج ماماي تقتميش من بلاده واستولى عليها، وسار تقتميش إلى خوارزم واستنجد بتيمورلنك بعد أن وقع بين ماماي وبين تقتميش حوادث وحروب وخطوب، ونصب عدة ملوك على تخت الملك إلى أن عاد تقتميش إلى ملكه، وقتل ماماي، ودام تقتميش في الملك ووقع بينه وبين تيمورلنك وقائع آخرها الوقعة العظيمة التي انتصر فهيا تيمور، وهو أنهما تواقعا في يوم واحد نحو خمس عشرة وقعة إلى أن انهزم تقتميش واستولى تيمور على ملكه، كما هو مذكور في ترجمة الشريف بركة، ولا زال تيمور يتتبع تقتميش إلى أن قتله في سنة ثلاث وتسعين سبعمائة. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 80 باب التاء والكاف 771 - تكا الأشرفي 793هـ - 1391 م تكا بن عبد الله الأشرفي، الأمير سيف الدين. أحد مقدمي الألوف، ونائب غيبة منطاش بالديار المصرية لما توجه لقتال الملك الظاهر برقوق، بعد خروج برقوق من حبس الكرك في أوائل سنة اثنتين وتسعين وسبعمائة. وكان سكنه بقلعة الجبل كالنائب بها إلى خرجت المماليك المحابيس بقلعة الجبل من مماليك برقوق ووقع لهم ما حكيناه في ترجمة الأمير بطا وغيره، ثم قبض عليه الملك الظاهر برقوق، وهلك مع من هلك في سنة ثلاث وتسعين وسبعمائة، رحمه الله تعالى. وأصله من مماليك الملك الأشرف شعبان بن حسين، رحمه الله تعالى. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 81 باب التاء واللام 772 - تلكتمر 791هـ؟ - 1389م تلكتمر بن عبد الله، الأمير سيف الدين. أحد أمراء الطبلخانات في الدولة الظاهرية برقوق، وكان مشكور السيرة، توفي بالطاعون في جمادى الأولى سنة إحدى وتسعين وسبعمائة، رحمه الله تعالى. ؟ 773 - تلكتمر من بركة الناصري ؟؟ 764هـ؟ - 1363م تلكتمر بن عبد الله من بركة الناصري، الأمير سيف الدين. أحد مقدمي الألوف بالديار المصرية في دولة أستاذه الملك الناصر محمد بن قلاوون، ثم صار رأس نوبة النوب، ثم نقل إلى إمرة مجلس في دولة الملك الأشرف شعبان بن حسين، ثم صار أستادارا، ثم نقل إلى نيابة صفد أولى وثانية، ثم بطل في آخر وقته ولزم داره إلى أن مات يوم الأحد حادي عشرين شهر ربيع الآخر سنة أربع وستين وسبعمائة، رحمه الله تعالى. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 83 تلابغا بن منكو تمربن طغان بن باطوخان بن دوشى خان بن جنكز خان، القان ملك الترك بالبلاد الشمالية. جلس على سرير الملك بركة خان، وأقام في الملك إلى أن توجه إلى غزو بعض البلاد، فسار إليه نوغيه نجدة له إلى أن قضيا الوطر، وعاد كل منهما إلى مقامه، سلك نوغيه الطريق المستسهلة فوصل بعسكره سالما، وسلك تلابغا الطريق المستصعبة فهلك أكثر عسركه، فتمكنت العداوة بينه وبين نوغيه، وكان نوغيه شجاعاً له ممارسة بالمكائد، ثم أخبر أن تلابغا جمع لحربه العساكر، ثم أرسل يستدعيه موهماً أنه يحتاجه، فأرسل نوغيه إلى والدة تلابغا وقال لها: إن ابنك هذا شاب وأنا أشتهي أنصحه وأعرفه لكن في خلوة لا يطلع عليها سواه، وأن ألقاه في نفر يسير، فانخدعت المرأة لمقالته وأشارت على ولدها بموافقته، ففرق تلابغا العسكر، ثم أرسل إلى نوغيه ليحضر، فتجهز نوغبة من وقته وأرسل إلى الجزء: 4 ¦ الصفحة: 84 أولاد منكو تمر الذين يميلون إليه بأن يلحقوا به، فلما قرب من تلابغا أكمن بعض عسكره، وحضر بأناس قلائل، فلما اجتمعا وأخذ في الحديث لم يشعر تلابغا إلا والخيول قد أحاطت به، فأمسك، وسلم إلى أخيه طقطاى، فقتله طقطاى وملك بعده في سنة تسعين وستمائة. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 85 باب التاء والميم 775 - تمان تمر العمري نائب غزة 764هـ -؟ - 1363م تمان تمر بن عبد الله العمري، الأمير سيف الدين، نائب غزة. كان أولا من جملة الأمراء بالديار المصرية، ثم نقل إلى نيابة غزة إلى أن توفي بها سنة أربع وستين وسبعمائة. وكان أميراً جليلا، كثير البر إلى الفقراء والصالحين، وكان دينا خيراً عابداً، وقبره يزار ويؤخذ من ترابه للتبرك، رحمه الله تعالى. ؟ 776 - تمان تمر الأشرفي 792هـ -؟ - 1390م تمان تمر بن عبد الله الأشرفي، الأمير سيف الدين، نائب بهسنا. أصله من مماليك الملك الأشرف شعبان بن حسين، ثم أخرج بعد قتل أستاذه إلى نيابة بهسنا إلى أن مات بها سنة إثنتين وتسعين وسبعمائة، رحمه الله. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 87 ؟ 777 - تمر بى الدمرداشي 785هـ -؟ - 1383م تمر باى بن عبد الله الدمرداشي، الأمير سيف الدين. كان أولا ً من جملة الأمراء بالديار المصرية، ثم ولى نيابة حلب في سنة ثمانين وسبعمائة، عوضاً عن الأمير أشقتمر المارديني، فباشر نيابة حلب مدة، وحسنت سيرته، وجمع الجيوش بها، وتوجه منها إلى غزو بلاد سيس لردع طائفة التركمان الأجقية والأغاجرية، فلما وصل بعسكره من الشاميين والحمويين إلى أطراف بلاد سيس، بلغ التركمان خبره وما قصده، بادروا إليه بالخضوع والطاعة، وحضر منهم أربعون نفراً من أكابرهم وأمرائهم، واستصحبوا معهم ما قدروا عليه من الهدايا والتحف، وطلبوا الأمان، فلم يقبل ذلك منهم، وسبى نساءهم وقتل رجالهم، بعد أن قيد من جاءه من الأمراء، واشتغل العسكر بالغنيمة، فلما رأى التركمان ذلك أكمنوا للعسكر بمضيق هناك يقال له باب الملك على شاطئ البحر، فأوقعوا بعسكر تمرباي المذكور وكسروه كسرة شنيعة أتت على أكثرهم ما بين جريح وقتيل وغريق، ولم ينج منهم إلا القليل، ونهب التركمان جميع ما معهم، ورجعوا إلى أوطانهم على أقبح وجه، وبلغ السلطان ما وقع، فعزل تمرباي المذكور عن نيابة حلب بالأمير إينال اليوسفي. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 88 ثم ولى تمر باى المذكور بعد ذلك بمسدة نيابة صفد إلى أن توفي بها في سنة خمس وثمانين وسبعمائة، رحمه الله تعالى. ؟ 778 - تمرباي اليوسفي 839 - هـ؟ - 1436م تمرباي بن عبد الله اليوسفي المؤيدى، الأمير سيف الدين. هو ممن أنشأه الملك المؤيد شيخ، وجعله شاد الشراب خانة، ثم جعله أمير مائة ومقدم ألف بالقاهرة، ثم ولاه الأمير ططر إمرة حاج المحمل، فتوجه إلى الحجاز الشريف، وعاد في رابع عشرين المحرم من سنة أربع وعشرين وثمانمائة، وقد حمدت سيرته في الحج، فدام بالقاهرة إلى ثامن عشرينه، قبض عليه وعلى الأمير قرمش الأعور، أحد أمراء الألوف بالديار المصرية، ثم أخرجا إلى ثغر دمياط. فاستمر تمرباى المذكور بثغر دمياط إلى أن طلبه الملك الأشرف برسباى إلى القاهرة وأنعم عليه بإمرة مائة وتقدمة ألف بحلب، وجعله دوادار السلطان بها، وذلك قبل سنين ثلاثين وثمانمائة، فاستمر بحلب مدة طويلة إلى أن توفي بها في حدود سنة تسع وثلاثين وثمانمائة تخمينا. وكان متوسط السيرة، قصيرا، وعنده بعض معرفة بالنسبة إلى أبناء جنسه، رحمه الله تعالى. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 89 779 - تمرباى الحسنى 792هـ -؟ - 1390م تمرباى بن عبد الله الحسنى، الأمير سيف الدين، حاجب الحجاب بالديار المصرية. كان أولاً من جملة أمراء دمشق، وولى نيابة سيس وغيرها، وتنقل في عدة وظائف إلى أن وافق الأمير يلبغا الناصري ومنطاش على مخالفة الملك الظاهر برقوق، ولما خلع الملك الظاهر برقوق وصار الناصري نظام مملكة الملك المنصور حاجي استقر بتمرباي هذا في حجوبية الحجاب بالديار المصرية، فاستمر على ذلك إلى أن قبض منطاش على الناصري وعلى أصحابه، قبض على تمرباى هذا أيضاً، وحبس إلى أن تجرد منطاش لقتال برقوق، وخرج من القاهرة، ورد في غيبته محضر يقال أنه مفتعل بموت جماعة الأمراء الحبوسين من حائط سقطت عليهم بالحبس المذكور، وهم: الأمير تمر باى الحسنى هذا، وقرابغا الأبو بكرى، وطغاى تمر الجر كتمرى، ويونس الأسعردي، وقازان السيفى، وتنكز العثماني، وعيسى التركماني، وذلك في أوائل المحرم سنة إثنتين وتسعين وسبعمائة، وذلك بإشارة صراى تمر نائب غيبة منطاش. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 90 وكان تمر باى هذا أميراً جليلا، عاقلا، معظما في الدول، وكانت ابنته تحت والدي رحمه الله، تزوجها بعد موت زوجها الأمير ألطنبغا الأشرفي، وماتت عنده، رحمها الله تعالى. ؟ تمر باى رأس نوبة النوب 852هـ -؟ - 1449م تمرباى بن عبد الله السيفي تمربغا المشطوب، وقيل غير ذلك، الأمير سيف الدين، رأس نوبة النوب. أصله من مماليك الأمير تمربغا المشطوب، ثم خدم بعد موته عند الأمير ططر وحظى عنده إلى أن تسلطن وأنعم عليه بحصة من شبين القصر، وجعله دوادارا ثالثاً، فاستمر على ذلك دهراً إلى أن توفي الأمير جانبك الأشرفي الدوادارية الثانية عوضه من غير إمرة، بل استمر على إقطاعه المذكور نحو أشهر، وأنعم الجزء: 4 ¦ الصفحة: 91 عليه بإمرة عشرة، ثم شرع يزيده الملك الأشرف قليلا قليلاً إلى أن صار من جملة الطبلخاناة. ودام على ذلك إلى أن مات الأشرف وتسلطن ولده الملك العزيز يوسف، ووقع ما حكيناه في غير موضع من الاختلاف بين الملك العزيز وحواشيه وبين الأثابك جقمق، وصار تمر باى هذا من حزب الأثابك جقمق، ودام من حزبه إلى أن أنعم عليه بإمرة مائة وتقدمة ألف بالديار المصرية، واستقر في الدوادارية الثانية عوضه الأمير إينال الأبو بكرى الأشرفي شاد الشراب خانة، ثم أخلع عليه بنيابة الإسكندرية بعد عزل زين الدين عبد الرحمن بن علم الدين ابن الكويز عنها، فتوجه إليها وباشر نيابتها مدة، وعزل وطلب إلى القاهرة، واستقر رأس نوبة النوب، وعوضا عن الأمير قراجا الحسنى بحكم انتقاله أمير آخورا الجزء: 4 ¦ الصفحة: 92 بعد انتقال تمراز القرشي إلى إمرة سلاح، عوضاً عن يشبك التمر بغاوي بحكم انتقاله أتابك العساكر، عوضاً عن آقبغا التمرازي نائب الشام، كل ذلك في سنة إثنتين وأربعين ثمانمائة. وندب للسفر لقتال الأمير إينال الجكى صحبة العسكر السلطاني، فتوجه ثم عاد، وإستمر على وظيفته وإقطاعه. وسافر غير م رة أمير حاج المحمل إلى أن توفي في يوم الأربعاء تاسع عشرين صفر سنة ثلاث وخمسين وثمانمائة وهو في عشر الستين. وكان مهملا، عاريا من كل علم وفن، شرس الأخلاق، خبيث اللسان، بخيلا غير شجاع، إلا أنه كان عفيفا عن المنكرات، وله بر على الفقراء، عفا الله عنه. ؟ 781 - تمرباى الساقي تمرباى بن عبد الله الساقى الناصري، الأمير سيف الدين. أصله من مماليك الملك الناصر فرج، وقاسى خطوب الدهر بعد قتل أستاذه الجزء: 4 ¦ الصفحة: 93 ألوانا، إلى أن صار من جملة المماليك السلطانية في أيام الملك الظاهر ططر، ثم صار خاصكيا، واستمر على ذلك إلى أن جعله الملك الظاهر جقمق ساقيا، فدام في السقاية مدة إلى أن أنعم عليه بإمرة عشرة، ودام على ذلك. 782 - منطاش 795هـ -؟ - 1393م تمر بغا بن عبد الله الأفضلي المدعو م نطاش، الأمير سيف الدين، المتغلب على الديار المصرية، وصاحب الوقعة المشهورة. أصله من مماليك الملك الأشرف شعبان بن حسين وممن خاصكيته، ثم تأمر عشرة في أيام أستاذه إلى أن قتل الأشرف وتشتت مماليكه في البلاد، نفى منطاش هذا إلى البلاد الشامية، ودام بها إلى أن تسلطن الملك الظاهر برقوق طلبه إلى القاهرة، فقدمها مع من قدم من المماليك الأشرفية، واستمر بخدمة الملك الظاهر برقوق ودام عنده إلى سنة سبع وثمانين وسبعمائة، اشتراه الملك الظاهر برقوق من أولاد أستاذه بوجه شرعي، وأعتقه وولاه نيابة ملطية في سنته، فتوجه إليها وأقام بها إلى سنة ثمان وثمانين وسبعمائة عصى على الملك الظاهر وخرج عن طاعته، وبلغ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 94 خبره الملك الظاهر برقوق، فأرسل بتوجه العساكر الحلبية صحبة نائبها الأمير يلبغا الناصري وغيرهم لقتال منطاش المذكور والقبض عليه، فلما توجهت العساكر إليه خرج هو من ملطية وقصد القاضي برهان الدين أحمد صاحب سيواس، والتجأ إليه، فوافقه القاضي برهان الدين أحمد المذكور على العصيان، وضمه عنده بسيواس، فتوجهت العساكر الحلبية نحو سيواس في سنة تسعين وسبعمائة وحصروها، ووقع بين الفريقين حروب يطول الشرح في ذكرها، واستظهر العسكر الحلبى على أهل سيواس إلا أنهم لم يظفروا بأحد منها، ثم عادوا إلى حلب، ووعده بأنه يعود إلى قتاله في القابل، وقال لا يعرف السلطان أمر منطاش إلا منى، فلم يأخذ برقوق كلامه بالقبول في الباطن، وأرسل يطلب الأمير ألطنبغا الجوبانى نائب دمشق إلى القاهرة، فلما وصل الجوبانى إلى خانفاة سرياقوس أرسل الظاهر قبض عليه وبعثه لحبس الإسكندرية، ثم أرسل الظاهر أيضاً قبض على الأمير كمشبغا الحموي نائب طرابلس. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 95 فلما بلغ الناصري هذه الأخبار استوحش وخاف على نفسه من القبض عليه، ويفعل به كما بغيره، فلم يجد بدا من موافقة منطاش والعصيان على الملك الظاهر، وأرسل بطلب منطاش إليه فحضر منطاش ودخل تحت طاعة الناصري، وانضم عليهم خلائق من الأمراء وغيرهم، وتوجه الجميع نحو الديار المصرية، ووقع ما حكيناه وما سنحكيه في غير موضع إن شاء الله تعالى. ولا زال أمر منطاش والناصري في إقبال وأمر برقوق في إدبار حتى قبضا عليه وحبس بحبس الكرك، وصار الناصري هو مدبر مملكة الملك المنصور حاجى وله الأمر والنهي. وصار منطاش المذكور كا حاد الأمراء الأكابر، وليس له من الأمر شيء، فعظم ذلك على منطاش وأضمر الشر للناصري، وصار يمنعه من إثارة الفتنة عدم موجوده وقلة أعوانه إلى أن زاد به الأمر دبر حيلة، وذلك بأنه تمارض فدخل الأمير ألطنبغا الجو بأني يعوده في العشر الأوسط من شعبان سنة إحدى وتسعين وسبعمائة، فقبض عليه منطاش وعلى غيره ممن دخل من أمراء الناصري لعيادته، ونهض منطاش من وقته، وأمر لجماعة من حواشيه بالطلوع إلى سطح مدرسة السلطان حسن وبالرمي على الناصري بسكنه بباب السلسلة، كل ذلك والناصري لا يكترث بذلك إلى أن عظم الأمر، وتناوشوا بالقتال وتراموا بالسهام، ثم قوى الرمي على باب السلسلة من مدرسة السلطان حسن، واستمر ذلك بينهم أياماً، وكل يوم يقوى جانب منطاش إلى أن اجتمع عليه كثير الجزء: 4 ¦ الصفحة: 96 من الجند، فلما رأى الأمير يلبغا الناصري أن أمره لا يزداد إلا شدة ركب من الإسطبل بنفسه بجموعة، ونزل من باب السلسلة ومعه أعيان الأمراء، ولا يشك أحد في نصرته والتقى مع منطاش، فلم يثبت الناصري غير ساعة وانكسر وانهزم إلى جهة بلبيس، وملك منطاش قلعة الجبل، وقبض على من استوحش منهم من الأمراء، ثم أحضر إليه الأمير يلبغا الناصري ممسوكاً من بلاد الشرقية، فقيده وجهزه إلى ثغر الإسكندرية، وصحبته الأمير ألطنبغا الجوبانى، فحبسا بالثغر المذكور، واستقر منطاش أتابك العساكر ومدبر المماليك كما كان الناصري وصار يمهد مملكته، ويقرب واحداً ويبعد آخر، وقبض على خلائق من اليلبغاوية والبرقوقية ممن كان الناصري أمنهم، وأنشأ خلائق ممن لا يؤبه إليهم، واستفحل أمره، ثم أرسل إلى دمشق بالقبض على نائبها الأمير بزلار العمري واعتقاله، واستقرار جردمر المعروف بأخي طازفي نيابة دمشق، واعتمد غير ذلك من التولية والعزل إلى أن بدا له أن يرسل إلى الكرك بقتل برقوق على يد الشهاب البريدي، فتوجه الشهاب إلى الكرك، فلم الجزء: 4 ¦ الصفحة: 97 يسمع له ذلك، ووقع ما ذكرناه في ترجمة الملك الظاهر برقوق من خروجه من حبس الكرك ومساعدة نائبها له الأمير حسن الكجكنى، وقتل الشهاب البريدي وقدوم برقوق إلى دمشق، وخروج منطاش بالملك المنصور والعساكر المصرية لقتال الملك الظاهر برقوق. وكان خروج منطاش من الديار المصرية في ثاني عشرين ذي الحجة من سنة إحدى وتسعين وسبعمائة، ومعه عدة من أعيان الأمراء كالجاليش، ثم تبعه السلطان الملك المنصور حاجي بمن معه، والخليفة والقضاة وغيرهم، وساروا الجميع إلى أن التقى منطاش مع الظاهر برقوق وحصل بينهما الوقعة المشهورة، فانكسر منطاش وانهزم إلى دمشق وانتصر الظاهر برقوق، واستولى على الملك المنصور والخليفة والقضاة، ودخل منطاش إلى الشام، واحتفل لقتال برقوق ثانياً، فلم ينتج أمره، وعاد إلى دمشق وتحصن بها، وحصره الظاهر برقوق مدة أيام، ثم تركه وعاد إلى دمشق وتحصن بها، وحصره الظاهر برقوق مدة أيام، ثم تركه وعاد إلى الديار المصرية، وجلس على كرسي الملك، وأطلق الناصري والجوبانى وغيرهم ممن كانوا غرماءه في الأولى، ثم قبض عليهم منطاش وحبسهم حسبما ذكرناه، وأخلع على الجوباني بنيابة دمشق، وندبه لقتال منطاش واخراجه من دمشق، فتوجه الجوبانى بالعساكر إلى نحو دمشق، وبلغ خبرهم منطاش، فخرج منها لقتاله، وتقاتلا، فقتل الجوبانى في المعركة، ثم انهزم منطاش الجزء: 4 ¦ الصفحة: 98 وتوجه إلى نعير لا ئذابه، فوافقه نعير وتوجه معه وصحبتهم عنقاء بن شطي أمير آل مرا إلى حلب، وبها نائبها الأمير كمشبغا الحموي، فحاصروها مدة، ثم رجعوا إلى بلادهم بغير طائل. واستمر منطاش عند نعير سنين، والملك الظاهر برقوق يتتبعه، ويرسل في كل قليل يطلبه، ونعير يسوف به من وقت إلى وقت إلى أن طال الأمر على نعير فقبض عليه وأرسله إلى الأمير جلبان قراسقل نائب حلب، فاعتقله المذكور بقلعة حلب، وأرسل إلى الملك الظاهر برقوق يعرفه بذلك، فأرسل الملك الظاهر إلى منطاش من يعاقبه ويقرره على أموال الديار المصرية وعلى ذخائره، فلا زال تحت العقوبة حتى هلك بقلعة حلب، فقطعت رأسه وأرسلت إلى الديار المصرية، فعلقت على باب قلعة الجبل، ثم على باب زويلة، وله من العمر نحو أربعين سنة تقريباً، وكانت قتلته في سنة خمس وتسعين وسبعمائة. وفي هذا المعنى يقول الشيخ زين الدين طاهر. الملك الظاهر في عزه ... أذل من ضل ومن طآشآ ورد في قبعته طائعاً ... نعيرا العاصي ومنطاشا الجزء: 4 ¦ الصفحة: 99 ؟؟؟ 783 - تمربغا المشطوب تمربغا بن عبد الله من باشا الظاهري، الأمير سيف الدين. أحد المماليك الظاهرية برقوق، وممن صار أمير عشرة في دولة أستاذه، ثم ترقى في الدولة النصارية فرج بن برقوق حتى صار أمير مائة ومقدم ألف بالديار المصرية في سنة ثلاث وثمانمائة، عوضاً عن الأمير قطلوبغا الحركي بعد حبسه، ثم تنقل في عدة ولايات منها نيابة حلب وغيرها بعد انضمامه إلى الأميرين شيخ المحمودي ونوروز الحافظي، وطال مقامه بتلك البلاد إلى أن توفي بالطاعون في حسبان من البلاد الشامية في شعبان سنة ثلاثة عشر وثمانمائة. وكان تمربغا المشطوب هذا مشهوراً بالشجاعة والإقدام، وهو أستاذ الأتابك يشبك المشد، وأستاذ الأمير تمرباي الدوادار ثم رأس نوبة النوب، كلاهما في دولة الملك الظاهر جقمق. انتهى. 784 - تمربغا الظاهري الدوادار 879هـ -؟ - 1474م تمربغا بن عبد الله العلمي الظاهري الدودار، الأمير سيف الدين. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 100 أصله من مماليك علم الدين بن الكويز كاتب العمر، ثم من بعد موته ملكته خوند مغل بنت البارزي زوجه علم الدين بن الكويز المذكور ودام عندها إلى أن تزوجت بالملك الظاهر جقمق وهو إذ ذاك أمير آخور فوهبته لزوجها جقمق المذكور فأعتقه وجعله من جملة مماليكه، وقيل أنها لم تنعم به عليه وأنه إلى الآن في ملكها، وهذا القول الثاني أيضاً شائع بأفواه الناس، والجميع إلى الآن في قيد الحياة، ولما تسلطن الملك الظاهر جقمق قرب تمربغا المذكور وجعله خاصكيا، ثم سلاح دارا، ثم خازندار، إلى أن أنعم عليه بإمرة عشرة زيادة على ما بيده من حصة بشين القصر، عوضاً عن أقبردي الأشرفي أمير آخور ثالث، بعد انتفال أقبردي المذكور إلى إمرة عشرين بطرابلس، واستمر على ذلك إلى سنة تسع وأربعين توجه إلى الحجاز أمير حاج الركب الأول، ثم عاد إلى القاهرة واستمر بها إلى العشر الأوسط من صفر سنة ثلاث وخمسين وثمانمائة، واستقر في الدوادارية الثانية، عوضاً عن الأمير دولات باى المحمودي بحكم انتقاله إلى تقدمة ألف بالديار المصرية، بعد موت الأمير تمراز القرشي أمير سلاح، واستقر في السنة المذكورة أمير حاج الركب الأول فحج بالناس ثانياً، وعاد إلى الجزء: 4 ¦ الصفحة: 101 ديار مصر، وعند عوده رسم له السلطان بإمرة حاج المحمل في العام القابل، فسافر بالمحمل في سنة أربع وخمسين وثمانمائة، وهذه سفرته الثالثة. وفي هذه الأيام المذكورة عظم تمربغا هذا في الدولة، وكثر ترداد الناس إلى بابه، وقصده أرباب الحوائج لقضاء حوائجهم، واشترى بيت الأمير منجك اليوسفي وشرع في عمارته. ؟ 785 تمر الجر كتمرى 792هـ -؟ - 1390م تمر بن عبد الله الجر كتمرى، الأمير سيف الدين أحد أمراء الطبلخانات في دولة الملك الظاهر برقوق، قتل في الواقعة بين الملك الظاهر برقوق وبين منطاش في سنة إثنتين وتسعين وسبعمائة. ؟ 786 تمر الشهابي 798هـ -؟ - 1396م تمر بن عبد الله الشهابي، الأمير سيف الدين الحاجب، أحد أمراء الطبلخانات وأعيان فقهاء الحنفية. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 102 كان له معرفة بالفقه والأصول، وتصدر للإقراء مدة طويلة إلى أن سافر مرة فخرج عليه العرب فقاتلهم فجرح ومات من جراحه بعد أيام بالقاهرة في سنة ثمان وتسعين وسبعمائة. وكان شجاعاً فاضلا، عالما دينا خيراً، رحمه الله. ؟ 787 - تمرلنك الطاغية 728 - 807 هـ؟ - 1328 - 1405 م تمر وقيل تيمور كلاهما يجوز بن أيتمش قنلغ بن زنكي بن سنيبا بن طارم طرا بن طغريل بن قليج سنقوز بن كنجك بن طغر سبوقا بن ألتاخان، الطاغية تيمور كوركان، وكولا كان، معناه باللغة العجمية صهر الملكوك. مولده سنة ثمان وعشرين وسبعمائة بقرية تسمى خواجا أبغار من عمل كش، أحد مدائن ما وراء النهر، وبعد هذه البلد عن سمرقند يوم واحد ويقال: أنه رؤى ليلة ولد كأن شيئاً يشبه الخوذة تراءى طائرا في جو السماء، الجزء: 4 ¦ الصفحة: 103 ثم وقع إلى الأرض في فضاء فتطاير منه جمر وشرر حتى ملا الأرض. وقيل: أنه لما خرج من بطن أمه وجدت كفاه مملوءتين دماً، فزجروا أنه يسفك على يديه الدماء، قلت: وهكذا وقع، لا عفا الله عنه. وقيل: أن والده كان إسكافا، وقيل بل كان أميرا عند السلطان حسين صاحب مدينة بلخ، وكان أحد أركان دولته، وأن أمه من ذرية جنكزخان، وقيل كان للسلطان حسين أربعة وزراء فكان تيمور من أحدهم. وأصله من قبيلة بلاص، وقيل: أن أول ما عرف من حاله أنه كان يتجرم فسرق في بعض الليالي غنمه وحملها ليمر بها، فانتبه الراعي ورماه بسهم فأصاب كنفه، ثم ردفه بآخر فلم يصبه، ثم بآخر فأصاب فخذه، وعمل الجرح الثاني الذي في فخذه حتى عرج منه، ولهذا سمي تمرلنك، فإن لنك باللغة العجمية أعرج، ولما تعافى أخذ في التجرم وقطع الطريق، وصحبه في تجرمه جماعة عدتهم أربعون رجلاً، وكان تيمور يقول لهم في تلك الأيام: لا بد أن أملك الأرض وأقتل ملوك الدنيا، فيسخر منه بعضهم ويصدقه البعض لما يروه من شدة حزمه وشجاعته. وقيل: أنه تاه في بعض تجرماته عدة أيام إلى أن وقع على خيل السلطان حسين صاحب بلخ، فأنزله الدشاري عنده وعطف عليه وآواه، وأتى إليه بما الجزء: 4 ¦ الصفحة: 104 يحتاجه من طعام وشراب، وكان لتيمور معرفة تامة في جياد الخيل، فأعجب الدشاري منه ذلك، فاستمر به عنده إلى أن أرسل معه بخيول إلى السلطان حسين وعرفه به، فأنعم عليه وأعاده إلى الدشاري، فلم يزل عنده حتى مات الدشاري، فولاه السلطان عوضه على دشاره، ولا زال يترقى بعد ذلك من ظيفة إلى أخرى حتى عظم وصار من جملة الأمراء، وتزوج بأخت السلطان حسين، وأقام معها مدة إلى أن وقع بينهما في بعض الأيام كلام فعايرته بما كان عليه من سوء الحال فقتلها، وخرج هاراباً وأظهر العصيان على السلطان حسين، واستفحل أمره، واستولى على ما وراء النهر، وتزوج بنات ملوكها، فعند ذلك لقب بكور كان، تقدم الكلام على كور كان في أول الترجمة. ولا زال أمره ينمو وأعماله تتسع إلى أن خافه السلطان حسين وعزم على قتاله، وبلغه ذلك فخرج هارباً من بلد إلى أخرى. وكان إبتدأ أمره بعد سنة ستين وسبعمائة، لما قوى أمره وملك عدة حصون بعث إلى ولاة بلخشان، وكانا أخوين قد ملكا بعد موت أبيهما، يدعوهما إلى طاعته فأجاباه، وكانت المغل قد نهضت من جهة الشرق على السلطان حسين وكبيرهم الجزء: 4 ¦ الصفحة: 105 الخان قمر الدين، فتوجه السلطان حسين إليهم وقاتلهم، فأرسل تيمور يدعوهم إليه، فأجابوه ودخلوا تحت طاعته، فقويت بهم شوكته، ثم قصده السلطان حسين في عسكر عظيم حتى وصل إلى قاغلغا، وهو موضع ضيق يسير الراكب فيه ساعة وفي وسطه باب إذا أغلق وأحمى لا يقدر عليه، وحوله جبال عالية، فملك العسرك فم هذا الدر بند من جهة سمرقند، ووقف تيمور بمن معه على الطريق الآخر، وفي ظنهم أنهم حصروه وضيقوا عليه، فتركهم ومضى في طريق مجهولة، فسار ليله في أوعار مشقة حتى أدركهم في السحر، وقد شرعوا في تحميل أثقالهم، على أن تيمور قد انهزم وهرب خوفاً منهم، فأخذ تيمور يكيدهم بان نزل هو ومن معه عن خيولهم وتركوها ترعى في تلك المروج، وناموا كأنهم من جملة العسكر، فموت بهم خيوله وهم يظنون أنهم منهم قد قصدوا الراحة، فلما تكامل مرور العسكر ركب تيمور بمن معه أقفيتهم وهم يصيحون، وأيديهم تدقهم بالسيوف دقا، فاختبط الناس، وانهزم السلطان حسين بمن معه لا يلوى أحد على أحد حتى وصل إلى بلخ، فاحتاط تيمور بما كان معه، وضم إليه من بقى من العسكر، فعظم جمعه، وكثرت أمواله، واستولى على ممالك ما وراء النهر، ورتب جنوده، وكتب إلى شيره على نائب السلطان حسين بسمرقند بتسليمها له، فمال إليه على أن تكون المملكة بينهما نصفين، فاقتسما تلك الأعمال، ثم قدم الجزء: 4 ¦ الصفحة: 106 عليه شيره على، فأكرمه ومضى على ما وافقه عليه، ثم سار يريد بلخشان فتلقاه ملكها بالهدايا والتحف وأمده بعسكره ومضى معه إلى بلخ، فنزل عليها وحصرها وبها السلطان حسين إلى أن ضعف عليه حاله، وسلم نفسه، فقبض عليه، ورد صاحب بلخشان إلى عمله مكرما مبجلا، ثم عاد إلى سمرقند ومعه السلطان حسين فنزلها واتخذها دار ملكه، ثم قتل السلطان حسين في شعبان سنة إحدى وسبعين وسبعمائة، وأقام عوضه رجلاً من ذرية جنكر خان يقال له سرغتميش وجعله السلطان، ولم يجعل له شيئاً من لأمر. وكان الخان تقتميش صاحب الدشت والتتار بلغه ما جرى للسلطان حسين، فشق عليه ذلك وجمع عساكره وخرج يريد قتال تيمور، ومضى من جهة سغناق، فجمع له تيمور أيضاً، وسار من سمر قند فالتقيا بأطراف تركستان قريباً من نهر خجند، فاشتدت الحرب بينهما، وكثرت القتلى من عساكر تيمور حتى كادت تفنى، وعزم تيمور على الهزيمة، وإذا هو بالمعتقد الشريف بركة قد أقبل إليه على فرسه، فقال له تيمور وقد جهده البلاء: يا سيدي جيشى انكسر: فقال له الشريف بركة: الجزء: 4 ¦ الصفحة: 107 لا تخف، ثم ترك عن فرسه وتناول كفا من الحصا، ثم ركب فرسه ورمى بها في وجوههم، يعني جماعة تقتميش، وصرخ قائلا: يا غي قشتى، يعنى باللغة التركية، العدو هرب، وصرخ بها أيضاً تيمور، فامتلأت آذان التمرية بصرختهما، وأتوه بأجمعهم بعد ما كانوا هاربين، وتركوا جميع ما معهم، فكربه تيمور ثانياً، وما منهم أحد إلا وهو بصرخ ياغي قشتى، فانهزم عسكر تقتميش خان، وركبت التمرية أقفيتهم، وغنموا منهم من الأموال ما لا يدخل تحت الحصر. ثم عاد تيمور إلى سمرقند، وقد استولى على تركستان، وبلاد نهر خجند، ثم وقع بينه ونبين شيره على، ولا زال عليه تيمور حتى دهاه وقبض عليه وقتله، فعظم بذلك أكثر مما كان، وبلغت دعوته ما زندران وكيلان وبلاد الري والعراق، وخافه القريب والبعيد، وكل ذلك بعد قتل السلطان حسين بنحو السنتين. ثم توجه إلى بلاد العراق وكتب إلى شاه شجاع بن محمد بن مظفر اليزدي صاحب شيراز وعراق العجم يدعوه إلى طاعته وأن يحمل إليه المال، ومن جملة كتابه: إن الله قد سلطني على ظلمة الحكام وعلى الجائرين من ملوك الأنام، الجزء: 4 ¦ الصفحة: 108 ورفعني على من ناوأني، ونصرني على من خالفني من عاداني، وقد رأيت وسمعت، فإن أجبت وأطعت، فبها ونعمت، وإلا فاعلم أن في قدومي ثلاثة أشياء: القتل والسبي والخراب، وإثم ذلك كله عليك ومنسوب بأجمعه إليك. فلم يسع شاه شجاع إلا مهاداته ومصاهرته، وزوج انبه لبنت تيمور، فلم يتم ذلك، وحدث بينهما شرور بواسطة الواسطة بينهما مدة حياة شاه شجاع، حتى مات بعد أن قسم ممالكه بين أولاده وأقاربه، فأعطى ابنه زين العابدين شيراز كرسي مملكته، وأعطى ابنه أحمد كرمان، وأعطى ابن أخيه شاه يحيى يزد، وأعطى ابن أخيه شاه منصور أصبهان، وأسند وصيته إلى تيمور، فلم يكن بعد موته غير قليل حتى اختلفوا، فسار شاه منصور من أصبهان وقبض على زين العابدين وملك شيراز، وملك عيني زين العابدين، فغضب تيمور لذلك، ثم مشى على شاه منصور لأخذ شيرز منه، فبرز إليه شاه منصور في ألفى فارس بعد ما حصن شيراز، ففر منه أمير يقال له محمد بن أمين الدين إلى تيمور بأكثر الجزء: 4 ¦ الصفحة: 109 العسكر حتى بقي في أقل من ألف فارس، فقاتل بهم تيمور يومه إلى الليل، ثم مضى كل من الفريقين إلى معسكره، فبيت شاه منصور التمرية، يقال إنه قتل منهم في تلك الليلة نحو الشعرة آلاف، ثم انتخب من فرسانه خمسمائة فارس قاتل بهم من الغد، وقصد تيمور ففر تيمور منه واختفى، فأحاط به التمرية وهو يقاتلهم حتى كلت يداه، وقتلت أبطاله فانفرد عن أصحابه، وألقى نفسه بين القتلى، فضربه بعض التمرية فقتله، وأتى تيمور برأسه، فقتل تيمور قاتله. واستولى تيمور على ممالك فارس وعراق العجم، وكتب يستدعي أقارب شاه شجاع وملوك تلك الأقطار، فوصل إليه السلطان أحمد صاحب كرمان، وشاه يحيى صاحب يزد، وعصري عليه سلطان أبو إسحاق في سيرجان، فأكرم من أتاه، ثم مضى إلى أصبهان، وأكرم زين العابدين بن شاه شجاع، ورتب له ما يكفيه، ثم جاء الملوك من كل جانب، وسلموه ما بأيديهم حتى أطاعه السلطان أبو إسحاق صاحب سيرجان، فاجتمع عنده من ملوك عراق العجم سبعة عشر ملكاً، ما بين سلطان وابن أخي سلطان، مثل سلطان أحمد بن شاه شجاع، وشاه يحيى ابن أخي شاه شجاع، وسلطان إبراهيم من ملوك خراسان، ومن ملوك ما زندران إسكندر الجلابى، وأزدشير الفارسي، وكوري صاحب الجبال، وإبراهيم القمى وغيرهم. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 110 واتفق أن هؤلاء الجميع اجتمعوا يوماً عنده بمخيمه وقد اتفقوا على قتله، فتفرس ذلك منهم ففض الجميع، وأقام عدة أيام، ثم جلس جلوسا عاماً وقد لبس ثياباً حمرا، واستدعى بهؤلاء الملوك السبعة عشر فأتوه بأجمعهم، فلما تكاملوا عنده أمر بهم فقتلوا عن آخرهم في ساعة واحدة، ثم استولى على بلادهم، وقتل جميع أولادهم وأقاربهم أحفادهم وأجنادهم، بحيث أنه كان إذا سمع بأحد له منهم نسب قتله، ورأى أنه إذ قتلهم تصفو له الممالك، فكان كذلك. فصار بيده من الممالك سمرقند وولايتها فيما وراء النهر، وتركستان وبلادها، وجعل نائبه عليها الأمير خداي داود، وممالك خوارزم وكاشغر وهي في غير ممالك الخطا، وبلخشان وجميع أقاليم خراسان، وغالب ممالك ما زندران ورستمدا وزاو لستان والري واستراباذ وسلطانية وجبال الغور وعراق العجم وفارس، ولم يبق له في هذه الممالك بأجمعها منازع، بل جعل في كل من هذه الممالك ولداله أو ولد ولد، فاتسعت لذلك مملكته وقويت مهابته، واشتدت الأراجيف به في أقطار الأرض، وخافه القريب والبعيد. ثم استولى على بلاد اللور، وهي بلاد متسعة عامرة كثيرة الفواكه، تجاور همدان، ثم سار حتى طرق همدان بغنة، فخرج إليه أهلها وصالحوه على مال جمعوه له، وأقام حتى أتاه عسكره، وأما عز الدين صاحب اللور فانه أقام الجزء: 4 ¦ الصفحة: 111 عنده مدة بسمر قند، ثم حلفه ورده إلى بلاده وألزمه بحمل مال إليه في كل سنة. ولما أخذ تيمور بلاد اللور وأقام على همدان، وخافه السلطان أحمد ابن أويس صاحب بغداد فبعث بأمواله وأهله مع ولده طاهر إلى قلعة النجا، فسار تيمور إلى تبريز ونهبها، وبعث عسكره إلى قلعة النجا، ومضى هو إلى بغداد، فطرقها بغتة ليلة الحادي والعشرين من شهر شوال سنة خمس وتسعين وسبعمائة، وأخذ أموال أهلها، وسار يريد ديار بكر، وعصت عليه قلعة تكربت، فنزل عليها وحصرها من يوم الثلاثاء رابع عشر ذي القعدة حتى أخذها في شهر صفر بالأمان، ونزل إليه متوليها حسن بن يولتمور وقد تذرع بكفته، وحمل أطفاله وأولاده، بعد ما حلف له تيمور أن لا يريق دمه، فقبض عليه وبعث به إلى حائط فألقيت عليه فهلك، وقتل من كان بتكريت وقلعتها من الرجال والنساء والأولاد. ثم سار إلى الموصل، فنزل عليها يوم الجمعة حادي عشرين صفر سنة ست وتسعين وسبعمائة، فنهبها وخربها، ومضى إلى رأس عين، فنهبها أيضاً وأسر أهلها، وسار إلى الرها، ونزل عليها في يوم الأحد مستهل شهر ربيع الأول حتى أخذها في ثاني عشرينه، بعد ما أتلف ظواهرها. وانتشرت عساكره في ديار بكر، ثم نزلوا على ما ردين، فنزل إليه السلطان الملك الظاهر مجد الدين عيسى صاحبها، وقد جمع أهله وأمواله وأعيان دولته في قلعتها، الجزء: 4 ¦ الصفحة: 112 واستخلف عليها ابن عمه وزوج ابنته الملك الصالح شهاب الدين أحمد بن إسكندر، وأكد عليه وعلى من معه أن لا يسلموا القلعة لتيمور ولو قتلوا دونها، فلما مثل الظاهر بين يدي تيمور في آخر ربيع الأول، ألزمه بتسليم القلعة إليه، فاعتذر أنها في يد غيره، فلم يقبل تيمور عذره وقبض عليه، وقاتل أهل القلعة حتى أعياه أمرهم، فخرب ظواهر المدينة وما بينها وبين نصيبين إلى الموصل. ثم سار عنها، وطرقها سحر يوم الثلاثاء ثامن عشر جمادى الآخرة، وأخذ المدينة عنوة، ووضع السيف في من بقى بها، وقد ارتفع الناس إلى القلعة، وأسرف تيمور وأعوانه في القتل والسبي والنهب على عوائدهم القبيحة، وأهل القلعة يرمون عليهم بالنشاب والنفوط، ثم هدم سورها بأجمعه. ورحل عنها يريد مدينة آمد، وقد قدم بين يديه السلطان محمود، وحصرها خمسة أيام حتى نزل عليها تيمور، فما زال بالبواب حتى فتح له الباب، فدخلها، ووضع فيها السيف حتى أفنى جميع رجالها، وسبى نساءها وأولادها، وكان قد دخل منهم إلى الجامع نحو الألفين فقتلوهم عن آخرهم، وأحرقوا الجامع ورحلوا، وقد صارت آمد خرابا بلقعا. فنزل على قلعة أو نيك وحصرها حتى أخذها، وقتل من فيها. ثم رحل إلى بلاده في سابع ذي القعدة من سنة ست وتسعين ومعه الظاهر عيسى صاحب ماردين في أسوأ حال، حتى نزل سلطانية فحبسه بها وضيق عليه. ثم توجه يريد دشت فبجاق، ثم عاد إلى سلطانية في شهر شعبان سنة ثمان الجزء: 4 ¦ الصفحة: 113 وتسعين وسبعمائة، فأقام بها ثلاثة عشر يوماً، ومسار إلى همدان، واستدعى بالظاهر من سلطانية مكرما، فقدم عليه مكرما في سابع عشر رمضان من السنة، فخلع عليه وجهزه إلى ماردين، بعد أن أنعم عليه بأنواع السلاح والخيول وغير ذلك. ثم توجه نحو العراق، ثم عاد إلى الرها فصالحه أهلها بجملة عن نهبها، ثم كتب إلى القاضي برهان الدين أحمد صاحب سيواس وقيصرية وتوقات يرهبه سطوته ويأمره بإقامة الحطبة باسم محمود خان المدعو سرغتميش وباسمه هو أيضاً، ويضرب سكة الدنانير باسمهما، وجهز إليه رسله، فقبض عليهم القاضي برهان الدين صاحب سيواس، وقطع رؤوس بعضهم وعلقها في أعناق الآخرين، وشهرهم ثم وسطهم. فغضب تيمور لذلك، ورجع عن قصد بلاد الشام خوفا من الملك الظاهر برقوق صاحب مصر لما بلغه نزوله إلى البلاد الحلبية، وأخبر تيمور أيضاً أن الظاهر برقوق لما وصل إلى حلب عرض بها عسكره، فبلغت عدتهم ستمائة ألف مقاتل، فلما بلغ الظاهر برقوق عود تيمور إلى بلاده أرسل خلفه الأمير تنم نائب الشام بالعساكر الشامية، وأردفه بوالدى رحمه الله وكان الجزء: 4 ¦ الصفحة: 114 إذ ذاك نائب حلب بالعساكر الحلبية وتركمان الطاعة، فخرج الجميع في إثره إلى أرزنكان، ثم عادوا ولم يقفوا له على أثر. ولما سار تيمور إلى بلاده بلغه موت فيروز شاه ملك الهند عن غير ولد، وأن أمر الناس بمدينة دلى في اختلاف، وأنه جلس على تخت الملك بدلي وزير يقال له: ملو، فخالف عليه أخو فيروز شاه سارنك خان متولي مدينة مولتان، فلما سمع تيمور هذا الخبر اغتنم الفرصة وسار من سمرقند في ذي الحجة سنة ثمانمائة إلى مولتان، وحاصر ملكها سارنك خان، وكان في عسكره ثمانمائة فيل، فأقام تيمور على مضايقته وحصاره ستة أشهر حتى ملك مدينة مولتان، ثم جد في السير منها يريد مدينة دلى وهي تخت الملك، فخرج لقتاله ملكها ملو المذكور وبين يديه عساكره ومعهم الفيلة، وقد جعل على كل فيل برجافيه عدة من المقاتلة، وقد ألبست تلك الفيلة العدد والبركستوانات، وعلق عليها من الأجراس والقلائل ما يهول صوته، وشدوا في خراطيمها عدة من السيوف المرهفة وسارت العساكر من وراء الفيلة لتنفر هذه الفيلة خيول التمرية بما عليها، فكادهم تيمور بأن عمل آلافا من الشوكات الحديد المثلثلة الأطراف ونثرها في مجالات الفيلة، وجعل الجزء: 4 ¦ الصفحة: 115 على خمسمائة بعير أحمال قصب محشوة بالفتائل المغموسة بالدهن، وقدمها أمام عسكره، فلما تراءى الجمعان وزحف الفريقان للحرب، أضرم في تلك الأحمال النار، وساقها على الفيلة، فركضت تلك الأباعر من شدة حرارة النار ثم نخسها سواقها من خلف، هذا وقد أكمن تيمور كميناً من عسكره، ثم زحف بعساكره قليلا قليلاً وقت السحر، فعندما تناوش القوم للقتال لوى تيمور عنان فرسه راجعاً يوهم القوم أنه انهزم منهم ويكف عن طريق الفيلة كأن خيوله قد جفلت منهم، وقصد المواضع التي نثر فيها تلك الشوكات الحديد التي صنعها فمشت حيلته على الهنود ومشوا بالفيلة وهم يسوقونها خلفه أشد السوق حتى وقعت على تلك الشوكات الحديد فلما وطئتها نكصت على أعقابها، ثم التفت تيمور بعسكره عليها بتكل الجمال، وقد عظم لهيبها على ظهورها من النيران، وتطاير شررها في تلك الآفاق، وشنع زعيقها من شدة النخس في أدبارها، فلما رأت الفيلة ذلك اضطربت وكرت راجعة على عساكر الهنود، فأحست بخشونة الشوكات فبركت وصارت في الطريق كالجبال مطروحة على الأرض لا تستطيع الحركة، وصارت أنهار من دمائها، فخرج عند الكمين من عسكر تيمور من جنبي عسكر الهنود، ثم حطم تيمور بمن معه، فتراجعت الهنود وتراموا، ثم إنهم تضايقوا وتقاتلوا بالرماح ثم بالسيوف والأطبار، وصبر كل من الفريقين زمانا طويلا إلى أن كانت الكسرة الجزء: 4 ¦ الصفحة: 116 على الهنود بعد ما قتل أعيانهم وأبطالهم، وانهزم باقيهم بعد أن ملوا من القتال، فركب تيمور أقفيتهم حتى نزل على مدينة دلى وحصرها مدة حتى أخذها من جوانبها عنوة، واستولى على تخت ملكها، واستصفى ذخائر ملوكها وأموالهم، وفعلت عساكره فيها عادتهم القبيحة من القتل والأسر والسبي والنهب والتخريب. فبينما هو كذلك إذ بلغه موت السلطان الملك الظاهر برقوق سلطان الديار المصرية، وموت القاضي برهان الدين أحمد صاحب سيواس، فرأى تيمور أنه بعد موتهما قد ظفر بمملكتي مصر والروم، وكاد يطير فرحاً بموتهما، فنجز أنه بعد موتهما قد ظفر بمملكتي مصر والروم، وكاد يطير فرحاً بموتهما، فنجز أمره من دلى بسرعة، وأستناب بها، ثم سار عائداً حتى وصل سمرقند، وخرج منها عجلاً في أوائل سنة إثنتين وثمانمائة فنزل خراسان ومضى منها، ثم قدم تبريز فاستخلف ابنه أميران شاه عليها، ثم سار حتى نزل قراباغ في سابع عشر شهر ربيع الأول منها، فقتل وسبى، ثم رحل إلى تفليس فوصلها يوم الخميس ثاني جمادى الآخرة، فخرج منها وعبر بلاد الكرج فأسرف فيها أيضاً، ثم قصد بغداد، ففر منها صاحبها السلطان أحمد بن أويس في ثامن عشر شهر رجب إلى قرا يوسف، فتمهل تيمور عن المسير إلى بغداد، فعاد إليها السلطان أحمد بن أويس ومعه الجزء: 4 ¦ الصفحة: 117 قرا يوسف، ثم خرجا منها نحو بلاد الروم، فصيف تيمور ببلاد التركمان، ثم سار إلى ماردين فعصى صاحبها عليه الملك الظاهر مجد الدين عيسى. فتركه تيمور ومضى إلى سيواس وقد فر منها الأمير سليمان بن أبي يزيد بن عثمان، فحصرها تيمور ثمانية عشر يوماً حتى أخذها في خامس المحرم سنة ثلاث وثمانمائة، وقبض على مقاتليها وهم ثلاثة آلاف، فحفر لهم سراباً وألقاهم فيه وطمهم بالتراب بعد أن كان قد حلف لهم أنه لا يريق لهم دما، ثم وضع السيف في أهل البلد وأخربها حتى محى رسومها وأفقرها من سكانها. ثم سار إلى بهسنا فنهب ضواحيها وحصر قلعتها ثلاثة وعشرين يوماً حتى أخذها، ومضى إلى ملطية فدكها دكاً، وسار حتى نزل قلعة الروم فلم يصل لأخذها لمدافعة نائبها ناصر الدين محمد بن موسى بن شهري، فتركها وقصد عينتاب ففر منها نائبها الأمير أركماس. فكتب تيمور إلى نواب البلاد الشامية وهم بمدينة حلب بأن يقيموا له الخطبة باسمه واسم محمود خان، ويبعثوا إليه بأطلاميش زوج بنت أخته، وكان قد قبض عليه في الأيام الظاهرية برقوق وحبس بقلعة الجبل. فلما ورد رسوله بالكتاب إلى حلب، بادر الأمير سودون نائب الشام قريب الظاهر برقوق فقتله قبل أن يسمع كلامه، فبلغ تيمور ذلك، فخرج من عينتاب الجزء: 4 ¦ الصفحة: 118 حتى نزل ظاهر حلب في يوم الخميس تاسع عشر شهر ربيع الأول سنة ثلاث وثمانمائة بعد أن سار من عينتاب إلى حلب في سبعة أيام، فلما نزل على ظاهر حلب أرسل إلى نواب البلاد الشامية نحو الألفي فارس، فبرز لهم من العسكر الحلبى نحو ثلاثمائة فارس والتقوا معهم، فانكسرت التمرية أقبح كسرة، بعد أن قتل منهم خلائق ثم بعث تيمور في يوم الجمعة خمسة آلاف فقاتلوهم يومهم كله إلى الليل، فلما كان يوم السبت حادي عشره ركب تيمور بعساكره ومشى على نواب البلاد الشامية حتى التقوا بقرية حيلان، فكان بين القريقين وقعة هائلة، وثبت العسكر الحلبي مع قلتهم بالنسبة إلى عسكر تيمور، وقاتلوا قتالا شديداً بالرماح والسيوف، وكسروا مقدمة تيمور، وبددوا عسكره شذر مذر. فبينما هم في القتال، وقد أشرف تيمور على الهرب، أمر تيمور لبقية عسكره أن يمشوا على الحلبيين يميناً وشمالاً، فساروا حتى امتلأت البرية منهم، واحتاطوا بالعسكر الحلبي من كل من جانب، ففر دمرداش المحمدي نائب حلب، وكان على الميمنة إلى جهة حلب، فانكسر من بقى من النواب، وركبت التمرية أففيتهم حتى وصلوا باب المدينة فهجموا يدا واحدة، وداسوا بعضم بعضاً حتى امتلأ ما بين عتبة الباب وسكفته من أجساد بني آدم، ولم يمكنهم الدخول منه، فتشتت الناس في البلاد، وكسر العسكر الحلبي باب أنطاكية من أبواب حلب، وخرجوا منه إلى جهة دمشق. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 119 كل ذلك والسلطان إلى الآن لم يخرج من الديار المصرية لصغر سنه ولعدم اجتماع كلمة من بالديار المصرية من الأمراء ثم طلع الأمير دمرداش نائب حلب إلى قلعتها فهجمت التمرية حلب، وصنعوا فيها ما هو عادتهم، وحاصروا قلعتها إلى أن نزل إليهم الأمير دمرداش نائب حلب بالأمان، فأخلع تيمور عليه وأعاده إلى القلعة، فأعلم من بها من النواب بأنه حلف لهم، ولا زال دمرداش بهم حتى سلم له قلعة حلب في يوم الثلاثاء تاسع عشرينه، ونزل إليه نواب البلاد الشامية وهم: الأمير سودون قريب الظاهر برقوق نائب الشام، والأمير دمرداش المحمدي نائب حلب، والأمير شيخ الحموي نائب طرابس وهو المؤيد، والأمير دقماق المحمدي نائب حماة، والأمير ألطنبغا العثماني نائب صفد، والأمير عمر بن الطحان نائب عزة بمن معهم من أعيان الأمراء بالبلاد الشامية، فقبض تيمور على الجميع وقيدهم، ما خلا الأمير دمرداش فأنه أخلع عليه وأكرمه. ثم طلع تيمور من الغد إلى قلعتها، وطلب في آخر النهار قضاة حلب وفقهاءها، فرفعوا بين يديه، فأشار إلى إمامه جمال الدين عبد الجبار فسألهم عن قتاله ومن هو الشهيد منهم، فانتدب لجوابه محب الدين محمد بن الشحنة فقال: سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن هذا، فقال: من قاتل لتكون كلمة الله هي الجزء: 4 ¦ الصفحة: 120 العليا فهو الشهيد، فأعجبه ذلك، وحادثهم، فطلبوا منه أن يعفو عن الناس ولا يقتل أحدا، فأمنهم جميعاً وحلف لهم، ثم أخذ جميع ما في قلعة حلب، ثم عاقب أهل القلعة من الغد عقوبة شديدة حتى أخذ جميع أموالهم، فحاز منهم مالا يوصف كثرة حتى قيل أنه ما أخذ من مدينة قدرما ما أخذ من قلعة حلب، لكثرة ما كان بها من أموال الحلبيين. ثم صنع تيمور وليمة بدار النيابة ونزل إليها وبخدمته جميع الملوك وأدار الخمر عليهم، فأكلوا وشربوا، هذا والناس في أشد العقوبة من العذاب والعقاب والسبي والأسر والفجور بنسائهم، والمدارس والجوامع في هدم، والدور في خراب وحريق إلى أن سار من حلب أول يوم من شهر ربيع الآخر من السنة بعد أن بنى بحلب عدة مآذن من رؤوس بني آدم، ونزل على ميدان حماة في العشرين منه، ومر على حمص فلم يتعرض لها، وقال: وهبتها لخالد بن الوليد رضي الله عنه، ثم رحل ونزل على مدينة بعلبك فنهبها، وسار حتى أناخ على ظاهر دمشق من داريا إلى قطنا والجول وما يلي تلك البلاد. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 121 وكان السلطان الملك الناصر قد قدم دمشق بالعسكر المصري في عاشره بعد أن ولى والدي رحمه الله نيابة دمشق من مدينة غزة، عوضاً عن الأمير سودون قريب الملك الظاهر برقوق، وقد مات سودون المذكور في أسر تيمور على قبة يلبغا خارج دمشق، وهرب الأمير شيخ المحمودي نائب طرابلس يعني المؤيد من أسر تيمور، فقتل تيمور الموكلين به، وكانوا ستة عشر رجلاً، وذلك بعد ما هرب الأمير دمرداش المحمدي نائب حلب من منزلة قارا. فلما نزل تيمور على دمشق كانت بين الفريقين مناوشات وقتال في كل يوم، وقتل فيها جماعة حتى أبادوا التمرية، فأخذ تيمور لعنه الله يكيد العسكر المصري، فبعث إليهم ابن أخته سلطان حسين في صورة أنه خامر عليه، فمشى ذلك عليهم، وعرفوه أحوالهم، كل ذلك وتيمور لعنه الله لا يقدر عليهم، وفي كل يوم يتجدد بينهم القتال، ثم أخذ تيمور يظهر أنه خاف من القوم، فرحل كأنه راجع عنهم، وقيل كان رجوعه حقيقة لما رأى من شدة قتال العسكر المصري، ثم خاف عاقبة هربه لبعد بلاده من دمشق، فأخذ يتحير فيما يفعله بعد أن اشتد الأمر عليه، فبينما هو كذلك إذ رحل الأمراء بالملك الناصر فرج من دمشق إلى نحو الديار المصرية لخلف وقع بين الأمراء، لتوجه بعضهم لأخذ الديار الصمرية، عليهم من الله ما يستحقونه. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 122 وتركوا دمشق وأهلها لتيمور يأخذها من غير تعب ولا نصب، فبلغ تيمور ذلك فاحتاط بالمدينة، وانتشرت عساكره في ظواهرها يتخطف الهاربين، وصار تيمور ويلقى من ظفر به منهم تحت أرجل الفيلة، حتى خرج إليه أعيان المدينة بعد أن أعياه أمرهم يطلبون منه الأمان، فأوقفهم ساعة، ثم أجلسهم، وقدم لهم طعاماًن وأخلع عليهم، وألزمهم حتى أخرجوا إليه أموال العساكر المصرية، وجميع ما هو منسوب إليهم، وألزمهم بعد ذلك بفريضة فرضها عليهم، وندب لجبي ذلك رجلاً من أصحابه يقال له الله داد، فاستخرج ذلك بحضور دواوينه وكتابه، وقد نادى في المدينة بالأمان والأطئنان، وأن لا يتعدى أحد على أحد، فاتفق أن بعض الجغتاى نهب شيئاً نهب شيئاً من السوق فشنقه وصلبه برأس سوق البذوريين، فمشى ذلك على الشاميي، وفتحوا أبواب المدينة، فوزعت الأموال على الحارات، وجعلوا دار الذهب هي المستخرج، ونزل تيمور بالقصر الأبلق من الميدان، ثم تحول منه إلى دار وهدمه وحرقه، وعبر المدينة من باب الصغير حتى صلى الجمعة بجامع بني أمية، وقدم القاضي الحنفي محي الدين محمود بن الكشك للخطبة والصلاة. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 123 ثم جرت مناطرات بين عبد الجبار وبين فقهاء دمشق، وهو يترجم عن تيمور بأشياء منها وقائع على بن أبي طالب رضي الله عنه مع معاوية، وما وقع ليزيد بن معاوية مع الحسين، وإن ذلك كله كان بمعاونة أهل دمشق له، فإن كانوا استحلوه فهم كفار، وإلا فهم عصاة بغاة، وإثم هؤلاء على أولئك، فأجابواه بأجوبة قبل بعضها ورد البعض، وغضب تيمور من القاضي شمس الدين محمد النابلسي الحنفي وأقامه من مجلسه وأمره أن لا يدخل عليه بعد اليوم. ثم قام من الجامع وجد في حصار قلعة دمشق حتى أعياه أمرها، ولم يكن بها يومئذ إلا نفر يسير جداً، ونصب عليها عدة مناجنيق، وعمر تجاهها قلعة عظيمة من خشب، فرمى من بالقلعة على القلعة الخشب التي عمرها تيمور بسهم فيه نار فاحترقت عن آخرها، فأنشأ تيمور قلعة آخرى، ونقب القلعة وعلقها حتى أخذها بالأمان. وكان من جملة المماليك الذين بقلعة دمشق لما حصرها تيمور صاحبنا السيفى كمشبغا جاموس وهو إلى الآن في قيد الحياة، وكان إذ ذاك شابا لم بطر شاربه، ولقد حكى لي غير مرة أن غالب من كان بالقلعة في الحصار الجميع في هذا السن، ولم يكن بينهم رجل له معرفة بالحروب، ومع هذا عجز تيمور عن أخذ القلعة من هؤلاء حتى سلموها له بعد أربعين يوماً، فكيف لو كان بها من أعرفه من أعيان الأمراء إذ ذاك، فلا قوة إلا بالله. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 124 ولما أخذ تيمور قلعة دمشق أباح لمن معه النهب والسبي والقتل والإحراق، فهجموا المدينة، ولم يدعوا بها شيئاً قدروا عليه، وطرحوا على أهلها أنواع العذاب، وسبوا النساء والأولاد، وفجروا بالنساء جهارا، وكلا زالوا على ذلك أياماً، وألقوا النار في المباني حتى احترقت بأسرها إلى أن رحل عنها في يوم السبت ثالث شهر شعبان سنة ثلاث وثمانمائة. واجتاز على حلب وفعل بأهلها ما قدر عليه، ثم اجتاز على الرها، ثم رحل إلى ما ردين فنزل عليها يوم الإثنين عاشر شهر رمضان من السنة، ووقع له بها أمور ثم رحل عنها، وأوهم أنه سائر إلى سمرقند يورى بذلك عن بغداد، وكان السلطان أحمد بن أويس قد استناب ببغداد أميراً يقال له فرج، وتوجه هو وقرا يوسف نحو بلاد الروم، ثم بعث تيمور أمير زاده رستم ومعه عشرون ألفاً لأخذ بغداد، ثم تبعه بمن بقي معه، ونزل على بغداد وحصرها حتى أخذها عنوة في يوم عيد النحر من السنة ووضع السيف في أهل بغداد، وألزم جميع من معه أن يأتي كل واحد منهم برأسين من رؤوس أهل بغداد، فوقع القتل في أهل بغداد حتى سالت الدماء أنهارا، وقد أتوه بما التزموه، فبنى من هذه الرؤوس مائة وعشرين مأذنه. اخبرني غير واحد ممن كان ببغداد إذ ذاك أن عدة من قتل في هذا اليوم قد بلغت تسعين ألف إنسان تخمينا، سوى من قتل في أيام الحصار، وسوى من قتل عند دخول تيمور إلى بغداد في المضايق، وسوى من ألقى نفسه في الدجلة فغرق، وهذا شيء كثير للغاية، وقيل أن الرجل الملزوم بإحضار رأسين كان إذا عجز عن الجزء: 4 ¦ الصفحة: 125 الرجال قطع رأس امرأة من النساء وأزال شعرها وأحضرها، وقيل أن بعضهم كان يقف في الطرقات ويصطاد من مر به ويقطع رأسه، وبالجملة فكانت هذه المحنة من أعظم البلايا في الإسلام. ثم جمع تيمور أموال بغداد وأمتعتها، وسار إلى قرا باغ بعد ما جعلها خراباً بلقعا، ثم كتب من قراباغ إلى أبي يزيد بن عثمان أن يخرج أحمد بن أويس وقرا يوسف من ممالك الروم، وإلا قصده وأنزل به ما أنزل بغيره، فرد أبو يزيد جوابه بلفظ خشن إلى الغاية، فسار تيمور لعنه الله يريد قتاله، وبعث بين يديه حفيده محمد سلطان بن جهان كير بن تيمور إلى قلعة كماخ، فأخذها في شوال سنة أربع وثمانمائة. ولما بلغ ابن عثمان مجيء تيمور إليه جمع عساكره من المسلمين، وجمع من علوج النصارى خلقاً وطوائف الططر، فأتوه بمواشيهم، فلما تكاملوا سار لحرب تيمور، فأرسل تيمور قبل وصوله إلى الططر يخدعهم ويقول نحن جنس واحد، وهؤلاء تركمان نرفعهم من بيننا، ويكون لكم الروم عوضه، فانخدعوا له وواعدوه أنهم عند اللقاء يكونون معه، وسار ابن عثمان في شهر رمضان وفي ظنه أنه يلقى تيمور خارج سيواس، ويرده عن عبور أرض الروم، فسلك تيمور لعنه الله غير الطريق، ومشى في أرض غير مسلوكة، ودخل بلاد ابن عثمان ونزل بأرض مخصبة ذات ماء كثير وسعة. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 126 فلم يشعر ابن عثمان إلا وقد نهبت بلاده، وقد قامت قيامته وكرراجعاً، وقد بلغ منه ومن عساكره التعب مبلغا أوهن قوائمهم، ونزل على غير ماء، وكادت عساكره تموت عطشاً، فلما تدانوا للحرب، كان أول بلاء نزل بأبي يزيد بن عثمان مخامرة الططر بأسرهم عليه، فضعف بذلك عسكره، لأنهم كانوا معظم عسكره، ثم تلاهم ولده سليمان بن أبي يزيد، ورجع عن أبيه بباثي عسكره، وقصد مدينة برصادار ملكهم، فلم يبق مع أبي يزيد إلا نحو الخمسة آلاف، فثبت بهم حتى أحاطت به عساكر تيمور، فصدق وصدق من معه في ضربهم بالسيوف والأطبار حتى أفنوا من التمرية أضعافهم، هذا مع كثرة التمرية وشدة عزمهم، واستمر القتال بينهم من ضحى يوم الأربعاء إلى العصر، فكلت عساكر ابن عثمان وتكاثر التمرية عليهم، يضربونهم بالسيف إلى أن صرع منهم جماعة من أبطالهم، وأخذ أبو يزيد بن عثمان المذكور قبضا باليد على نحو ميل من مدينة أنقرة في يوم الأربعاء المذكور سابع عشرين ذي الحجة سنة أربع وثمانمائة، بعد أن قتل غالب عسكره بالعطش، فإنه كان يومئذ ثامن عشرين تموز. ثم دخل سليمان بن أب يزيد بمن معه مدينة برصا، فحمل ما فيها من الأموال والحرير والقماش، ودخل إلى برأدرنة، وتلاحق به الناس، فصالح أهل استنبول، فبعث تيمور فرقة كبيرة من عسكره إلى برصا مع الشيخ نور الدين، ثم تبعهم، فأخذ ما وجد بها وسبى النساء والصبيان، وخلع على أمراء الططر الذين خامروا الجزء: 4 ¦ الصفحة: 127 إليه من عند أبي يزيد وفرقهم على أمرائه، وأخذ في إكرامهم، وأوسع الحيلة في القبض عليهم حتى قبض على الجميع وأفناهم قتلا. ثم أخذ التمرية في أفعالهم السيئة، فما عفوا ولا كفوا، وصار تيمور في كل يوم يوقف أبا يزيد بين يديه ويسخر به وينكيه، وجلس مرة لمعاقرة الخمر مع أصحابه، وطلب أبا يزيد المذكور طلبا مزعجاً، فحضر وهو يرفل في قيوده، وهو يرجف، فأجلسه وأخذ يحادثه ويؤانسه، ثم سقاه من يد جواريه، ثم أعاده إلى مكانه، ثم قدم على تيمور سفنديار بن يا يزيد أحد ملوك الروم بتقادم هائلة فأكرمه تيمور، ورده إلى ملكه بقسطمونية. ثم أخرج تيمور محمدا وعليا ابني علاء الدين بن فرمان من حبس أبي يزيد ابن عثمان، وخلع عليهما، وولاهما بلادهما، وألزم كلا منهما بإقامة الخطبة، وضرب السكة باسمه واسم محمود خان المدعو سرغتميش، ثم شتى في معاملة منتشا. ولما كان تيمور ببلاد الروم حدثته نفسه بأخذ بلاد الصين، وكان بعث إليها أميره الله داد حتى كتب له بصفاتها، فلما عرف أحوالها جهز إليها جماعة من رؤوس دولته وهم: بردبك، وتغرى بردى، ومعدات الناصى، وأمرهم أن يمضوا الجزء: 4 ¦ الصفحة: 128 إلى الله داد بمدينة أشبارة، وأن يبنوا بها يسموها باش خمرة بموضع على مسافة عشرة أيام من أشبارة، فساروا في أوائل سنة سبع وثمانمائة، وكان قصده بعمارة القلعة المذكورة أن تكون له معقلا يلجأ إليه إذا توجه إلى بلاد الخطا، فوصلوا إليها وبنوا أساس القلعة، وإذا بمرسومه قد ورد عليهم بتأخير عملها ويرجعون عنها، فعلقوا البلاد بالزراعة من حدود سمرقند إلى مدينة أشبارة التي هي آخر أعماله من حدود الصين، ثم أخذوا في تحصيل الأبقار والبذار. فما فرغوا من ذلك حتى انقضى فصل الصيف ودخل الخريف، فأخذ عند ذلك تيمور في الحركة إلى بلاد الصين والخطا، وكتب إلى عساكره أن يأخذوا الأهبة لمدة أربع سنين، فاستعدوا لذلك، وأتوه من كل جهة، فلما تكاملت عدة العساكر أمر فصنع له خمسمائة عجلة تحمل أثقاله وجرها، ثم خرج من سمرقند في شهر رجب، وقد اشتد البرد حتى نزل على سيحون وهو جامد، فعبره ومر سائراً، فأرسل الله عليه من عذابه جبالاً من الثلج التي لم يعهد بمثلها في تلك البلاد مع قوة البرد الشديد، فلم يبق أحد من عساكره حتى امتلأت آذانهم وعيونهم وخياشميهم وآذان وأعينها من الثلج إلى أن كادت أرواحهم تذهب، ثم اشتدت تلك الرياح وملأ الثلج جمعي الأرض مع سعتها فهلكت دوابهم، وجمد كثير من الناس وتساقطوا عن خيولهم هلكا، وجاء الجزء: 4 ¦ الصفحة: 129 يعقب هذا الريح والثلج أمطار كالبحار، وتيمور مع ذلك لا يرق لأحد ولا يبالي بما نزل بالناس، بل يجد في السير، هذا والدروب قد تعطلت من شدة البرد الخارج عن الحد. فما وصل تيمور إلى مدينة أترار حتى هلك خلق من قوة سيره، وأمر تيمور أن يستقطر له الخمر حتى يستعمله بأدوية حارة وأفاوية لدفع البرد وتقوية الحرارة، فعمل له ما أراد من ذلك، فشرع يتناوله ولا يسأل عن أخبار عساكره وما هم فيه إلى أن أثرت حرارة ذلك العرق المستقطر من الخمر، وأخذت في إحراق كبده وأمعائه، فالتهبت مزاجه حتى ضعف بدنه وهو يتجلد ويسير السير السريع، وأطباؤه يعالجونه بتدبير مزاجه إلى أن صاروا يضعون الثلج على بطنه لعظم ما به من التلهب، وهو مطروح مدة ثلاثة أيام، فتلفت كبده، وصار يضطرب ولونه يحمر، ونساؤه وذووه في صراخ إلى أن هلك، وعجل الله بروحه إلى النار، وبئس القرار لعنه الله في يوم الأربعاء تاسع عشر شعبان سنة سبع وثمانمائة، وهو نازل بضواحي أترار، وأترار بالقرب من أهنكران، ومعنى أهنكران بالغة العربية الحدادين، فأهنكر يعنى حداد وأهنكران جمع حدادين، فلبسوا عليه المسوح وناحوا عليه. ومات تيمور لعنه الله ولم يكن معه من أولاده أحد سوى حفيده سلطان خليل بن أميران شاه بن تيمور، وسلطان حسين بن أخته، فأراد كتمان موته، فلم يخف على الناس، وملك خليل المذكور خزائن جده، وبذلك الأموال وتسلطن، وعاد إلى سمرقند برمة جدة تيمورلنك لعنة الله فخرج الناس الجزء: 4 ¦ الصفحة: 130 إلى لقائه لابسين المسوح بأسرهم يبكون يصيحون، ورمة تيمور بين يديه في تابوت أبنوس، والملوك والأمراء وكانفة الناس مشاه، وقد كشفوا رؤوسهم وعليهم ثياب الحداد إلى أن دفنوه على حفيده محمد سلطان بمدرسته، وأقيم عليه العزاء أياما، وقرئت عنده عدة ختمات، وفرقت الصدقات عنه، لا خفف الله عنه، وجعل مأواه سقر، ومدت الأسمطة والحلوات بتلك الهمة العظيمة. ونشرت أقمشته على قبره، وعلقوا سلاحه وأمتعته علاى الحيطان وحواليه، وكلها ما بين مرصع ومكال ومزركش في تلك القبة العظيمة، وعلقت بالقبة المذكورة قناديل الذهب والفضة، ومن جملتها قنديل من ذهب زنته أربعة الآف مثقال، وهي رطل بالسمرقندى، وهو عشرة أرطال بالدمشقي، وفرشت المدرسة بالبسط الحرير والديباج، ثم نقلت رمته إلى تابوت من فولاذ عمل بشيراز، فصار على قبره إلى الآن، وتحمل إليه النذور من الأعمال البعيدة، ويقصد للتبرك به، لا تقبل الله ممن يفعل ذلك، ويأتي قبره من له حاجة ويدعو عنده، وإذا مر على هذه المدرسة أمير أو جليل خضع ونزل عن فرسه إجلال لقبره لما له في صدورهم من الهيبة. وكان تيمور صاحب الترجمة لعنه الله طويل القامة، كبير الجبهة، عظيم الهامة، شديد القوة، أبيض اللون مشربا بجمرة، عريض الأكتاف، الجزء: 4 ¦ الصفحة: 131 غليظ الأصابع، سميك الأكارع، مستكمل البنية، مسترسل اللحية، أشل اليد، أعرج اليمنى، تتوقد عيناه، جهوري الصوت، لا يهاب الموت، قد بلغ الثمانين وهو متمتع بحواسه وقوته. وكان يكره المزاح، ويبغض الكذاب، قليل الميل إلى اللهو، على أنه كان يعجبه، وكان نقش خاتمه راستى رستى ومعناه صدقت نجوت، وكان لا يجري في مجلسه شئ من الكلام الفاحش ولا يذكر فيه سفك دماء ولا سبى ولا نهب ولا غارة، وكان مهابا مكاعا، شجاعاً مقداماً، يجب الشجعان ويقدمهم، وكانت له فراسات عجيبة، وله سعد عظيم وحظ زائد من رعيته، وكان له عزم ثابت وفهم دقيق، محجاجا جدلا، سريع الإداراك، ريضا متيقظاً يفهم الرمز، ويدرك اللمحة، ولا يخفى عليه تلبيس ملبس وكان إذا أمر بشيء لا يرد عنه، وإذا عزم على رأى لا ينثنى عنه، لئلا ينسب إلى قلة الثبات. وكان يقال له صاحب قران الأقاليم السبعة، وقهرمان الماء والطين، قاهر الملوك والسلاطين. وكان مغرما بسماع التاريخ وقصص الأنبياء عليهم السلام، حتى صار لمعرفتها يرد على القارئ إذا غلط فيها في القرآن. وكان يحب أهل العلم والعلماء، ويقرب السادة الأشراف، ويدنى منه أرباب الفضائل في العلوم والصنائع، ويقدمهم على كل أحد، وكان انبساطه بهيبه ووقار، وكان يباحث أهل العلم وينصف الجزء: 4 ¦ الصفحة: 132 في بحثه، ويبغض يطبعه الشعراء والمضحكين، ويعتمد على أقوال الأطباء والمنجمين، ويقربهم ويدنيهم، حتى أنه كان لا يتحرك إلا باختيار فلكى، فلذلك كانت أصحابه تزعم أنه لم ترد له راية، ولا انهزم له عسكر مدة حياته. وكان يلازم اللعب بالشطرنج، ثم علت همته عن الملاعب بالشطرنج الصغير المتداول بين الناس، صار يلعب بالشطرنج الكبير، ورقعته عشرة في إحدى عشرة، وتزيد قطعه على الصغير بأشياء. وكان أمياً لا يقرأ ولا يكتب، ولا يعرف من اللغة العربية شيئاً، وإنما يعرف اللغة الفارسية والتركية والمغلية. وكان يعتمد على قواعد جنكزخان في جميع أموره، كما هي عادة جغتاى والترك بأسرهم ويسمونها الترا، والترا باللغة المذهب، وكان فردا في معناه، بعيد الغور. قال الشيخ تقي الدين أحمد المقريزى في تاريخه: وحدثني من لفظة، قال أخبرني شيخنا الأستاذ العلامة أعجوبة الزمان قاضي القضاة ولى الدين أبو زيد عبد الرحمن ابن محمد بن خلدون الحضرمي الأشبيلى رحمه الله، قال: أخبرني عبد الجبار إمام تيمور، قال: ركب تيمور في يوم الخميس وأمرني فركبت معه، وليس معه سوى رجل واحد ماش في ركابه، وسار من عسكره وهو نازل على مدينة دمشق وقصد عسكر المصريين وهم قيام على خيولهم حتى دنا منهم، ثم وقف طويلاً. وأمر الرجل الماشي في ركابه أن يمضي نحو العسكر المصري حتى يقرب منه، ثم يرجع إليه فيحدثه وينحني إليه كأنه يقبل الأرض، ففعل ذلك وتمهل قليلاً، ثم ولى بفرسه عائداً إلى معسكره: وقال لي: يا عبد الجبار هؤلاء يهربون في هذه الجزء: 4 ¦ الصفحة: 133 الليلة، ونزل بمخيمه، وأقمنا يومنا، فلما كان في الليل جاءتنا الأخبار بفرار الملك الناصر فرج بن برقوق وأمرائه، فخرج من مبيته، وصرنا إليه مع أولاده وأمرائه ليلا، فسألته من أين علمت أنهم يهربون؟ قال: أني لما سرت لرؤيتهم لم أرلهم كشافة، فدنوت منهم، وماثلتهم فإذا هم طوائف طوائف، فأردت أن أعلمهم بمجيء إليهم، فأمرت الرجل حتى مضى نحوهم ثم عاد إلىّ فخدمني كما يخدم الملوك فلم يفطنوا بي، هذا وأنا محاربهم ولا شئ أهم عند المحارب ممن يحاربه، فلما علمت أنهم غير مهتمين بي، وأنهم مع ذلك كل طائفة منضمة بعضها إلى بعض، علمت أنهم في أمر يهمهم، ولا شئ إلا في فرارهم، فهم مهتمون كيف يفرون. انتهى كلام المقريزى باختصار. قلت: وله أشياء كثيرة من هذا النمط، منها أنه لما دخل بلاد الهند نازل قلعة منيعة لأترام لعلوها، وتعذر النزول حولها فناوش أهلها من بعيدوهم يرومونه من أعلاها حتى قتلوا كثير من عسكره، وكان من أمرائه محمد فاوجين، وكان عنده بمكانة، وله به اختصاص زائد بحيث أنه تقدم عنده على جميع الأمراء والوزراء، فجلس على عادته ثم قال له: يا مولانا هب أنا فتحنا هذه القلعة بعد أن أصيب منا جماعة هل يفي هذا بذا، فلم يجبه تيمور بل طلب رجلاً من المطبخ قبيح المنظر رسخ الثياب مسود الوجه واليدين بالدخان يقال له: هراملك، فعندما حضر الرجل المذكور أمر تيمور بنزع ثياب قاوجين عنه، فنزعت، ثم أمر بنزع خلقات هراملك عنه فنزعت أيضاً، وألبس كلا منهما الجزء: 4 ¦ الصفحة: 134 ثياب الأخر، وطلب دواوين محمد قاوجين وألزمهم بتعيين ماله من صامت وناطق وعقار وإقطاع وغير ذلك، فكتبوا جميع ماله وما يتعلق به حتى زوجاته، ثم أنعم بالجميع على هراملك، ثم أقسم لئن كلم أحد قاوجين أو ما شاه أو أكل معه لقمة فما فوقها أو راجعني في أمره أو شفع فيه لا جعلنه مثله، ثم أمر به فسحب على وجهه، فأقام في أسوأ حال حتى مات تيمور، فرد عليه السلطان خليل جميع ما كان له، كل ذلك بسبب كلمة واحدة. وحكى أن إثنين جلسا للعب النرد، فقال أحدهما ورأس الأمير ما هو إلا كذا وكذا، لشئ اختلفا فيه؛ فضربه خصمه وسبه، وقال له: يا فاعل أو بلغ من قدرك وسوء تربيتك أن تذكر رأس الأمير تيمور، ومن أنت! ومن أنا! حتى تجعل خدك أو أجعل خدي موطئاً لمداسه، فضلاً أن تحلف برأسه. وكان له من النساء: الملكة الكبرى، والملكة الصغرى، وهما من أولاد ملوك الخطا، والخاتون تومان بنت الأمير موسى حاكم نخشب، والخاتون جلبان، وكانت سرايه لا تدخل تحت الحصر. وخلف من الأولاد أميران شاه الذي قتله قرا يوسف، والقان معين الدين شاه رخ صاحب هراة، وترك إبنة تدعى سلطان يخت تزوج بها سليمان شاه، وكانت تكره الرجال لميلها إلى النسوة، يذكر عنها في هذا المعنى عدة أخبار. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 135 وكان له من الأحفاد: ألوغ بك بن شاه رخ، وولاه أبوه سمرقند، فحكمها إلى أن قتل في سنة ثلاث وخمسين وثمانمائة، حسبما ذكرناه في ترجمته، وإبراهيم سلطان بن شاه رخ، وولاه أبوه شيراز، وباي سنقر بن شاه رخ وولاه أبوه كرمان، وأحمد جوكى بن شاه رخ، وسلطان خليل بن أميران شاه بن تيمور، وولى السلطنة بعد تيمور في حياة والده. وكانت دواوين تيمور: خواجا محمود بن الشهاب الهروي، ومسعود السمنانى، ومحمد الساغرجى، وتاج الدين السليماني، وعلاء الدولة، وأحمد الطوسي، وآخرين. ومنشئه وكاتب سره: مولانا شمس الدين، وكان ينشئ بالفارسية والعربية، ولم يكتب بعد تيمور لأحد، وقال: ذهب من كان يعرف قيمتي. وكان تؤم به في الصلوات الخمس: العلامة عبد الجبار بن النعمان. وكان صدر مملكته: مولانا الدين. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 136 وكان طبيبه: فضل الله، ثم شاركه جمال الدين رئيس الأطباء بدمشق عندما أخذه تيمور من دمشق، وكانا يركبان له المعاجين، فانه كان يكثر من استعمالها للباه ليستعين بها على افتضاض الأبكار في شيخوخته. واجتمع في أيامه بسمرقند ما لم يجتمع لغيره من الملوك فمن ذلك: الفقيه عبد الملك، من أولاد صاحب الهداية في الفقه، فإنه كان الغاية في الدرس والفتيا، وينظم القريض، ويعرف النرد، والشطرنج، ويلعب بهما جيداً في حالة واحدة دائماً مدى الأيام. والخواجا محمد الزاهد البخاري المحدث المفسر، كتب تفسير القرآن الكريم في تصنيفه مائة مجلد، ومات بالمدينة النبوية سنة إثنتين وعشرين وثمانمائة. وأحمد الطبيب النحاس المنجم، حل تقاويم من الزيج إلى مائتي سنة مستقبلة ابتداؤها سنة ثمان وثمانمائة. والمحدث علاء الدين التبريزي، بلغ الغاية في لعب الشطرنج حتى لقد كان تيمور مع عالي رتبته في الشطرنج يقول: أنت في الشطرنج فريد، وله مناصيب كثيرة في الشطرنج، وكان فقيها شافعياً محدثاً، لم يغلبه أحد قط في لعب الشطرنج على ما قيل، وكان يلعب بالغائب على رقعتين. والشيخ عمر العريان، عاش ثلاثمائة سنة وخمسين سنة ولم ينحن ظهره، ولا ظهر في وجهه تجعيد، وكان أطلس لا لحية له، حدثني العلامة شهاب الدين أحمد الجزء: 4 ¦ الصفحة: 137 ابن عبد الله بن عرب شاه من لفظه ومن خطه نقلت عن مولانا محمود الخوارزمي المعروف بالمحرق أنه حكى له عن تيمور أنه قال في مجلس خلوه: يا مولانا محمود انظر إلى ضعفي وقلة حيلتي، ولا يدلى ولا رجل، لو رماني أحد لهلكت، ولو تركني الناس لا رتبكت، ثم تأمل كيف سخر الله لي العباد، ويسر لي فتح البلاد، وملأ برعبس الخافقين في المشارق والمغارب، وأذل لي الملوك والجبابرة، فهل هذا إلا منة، ثم بكى وأبكى، قال: وكان مع ذلك قد اشتد به الحمى وهو ينظر إلى أصحابه وهم يحاصرون حصنا، ويقتلون فيه قتلاً ذريعاً. وكانت عساكره تركب الأبقار وتحمل عليها الأثقال، وتركب الحمير بالسروج، ويسابق عليها وعلى البقر أرباب الخيول العربيات فتسبقها، وكانت تطعم الجمال التي معها لحوم الكلاب والأغنام، وتعلف خيولها بالأرز والدخن والبر والزبيب والعدس فتسمن على ذلك. وبالجملة، فكان تيمور لعنه الله فردا من الأفراد، وكانت وفاته حسبما ذكرناه في ليلة الأربعاء تاسع عشر شعبان سنة سبع وثمانمائة، لعنه الله، وجعل الجحيم مأواه. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 138 788 - تمرتاش بن جوبان - 728هـ؟ 1328م تمرتاش بن جوبان النوين المغلي. قال الشيخ صلاح الدين الصفدي: كان حاكم البلاد الرومية، فتح بلادا وكسر جيوشاً، وكان إذا كان وقت اللقاء نزل فقعد على مقعدٍ على الأرض، وأمر أصحابه بالقتال واستعمل الشراب، فإذا انتشى ركب جواده وحمل، فلا يثبت له أحد، قال: وكان خطر له أنه المهدى وتسمى بذلك، فبلغ أباه جوبان الخبر، فأتاه واستتوبه من ذلك، قال: ولما مات أخوه دمشق خجا وهرب أبوه جوبان من بو سعيد ملك التنار، واجتمع هو بالأمير سيف الدين أيثمش وطلب الحضور إلى مصر، وحلف له، فحضر في جمع كبير، وخرج الأمير سيف الدين تنكز وتلقاه، وتوجه إلى الديار المصرية، ولم يخرج له السلطان، وأخلع على من حضر معه إلا القليل، وأعطى لكل واحدٍ خمسمائة درهم، فعاد الجميع إلا نفر يسير، فأراد السلطان أن يقطعه شيئاً من أخباز الأمراء، فقال له الجزء: 4 ¦ الصفحة: 139 الأمير سيف الدين بكتمر الحاجب: يأخ ايش؟ يقال عنك أنك وفد عليك واحد، ما كان في بلادك ما تقطعه حتى أخذت له من أخباز الأمراء، فرسم له بقطيا، ثم أمر له بألف درهم إلى أن ينحل له إقطاع يناسبه، ورسم له السلطان على لسان الأمير سيف الدين قجليس أن يطلق له من الخزانة والإسطبل ما يريد، ويأخذ منهما ما يحتاج، فما فعل من ذلك شيئاً. ونزل يوماً إلى الحمام التي عند حوض ابن هنس، فأعطى الحمامي خمسمائة درهم، وللحارس ثلاثمائة درهم، وكان الناس كل يوم موكب يقعدون بالشمع بين القصرين، ويجلس الرجال والنساء على الطريق يقولون ننتظر أنهم يؤمرون تمرتاش. قال: وعبرت عينه على الناس من مماليك السلطان الخاصكية الأمراء، الجزء: 4 ¦ الصفحة: 140 وكان يقول هذا كان كذا، وهذا كان كذا، وهذا ألماس كان جمالاً، فما حمل السلطان منه ذلك، وألبس يوماً قباء من أقبية الشتاء ألبسه إياه أياس الحاجب الصغير، فرماه عن كتفه، وقال: ما ألبسه إلا من يد ألماس الحاجب الكبير. ولم يزل بالقاهرة إلى أن قتل أبوه جويان في تلك البلاد، أمسكه الملك الناصر محمد واعتقله، فوجد لذلك ألما عظيماً، ولبث أياماً لا يأكل شيئاً إنما يشرب ماء ويأكل البطيخ، لما يجد في باطنه من النار، وكان يدخل إليه قاصد السلطان ويخرج ويطيب خاطره، ويقول: إنما فعل السلطان ذلك لأن رسل بو سعيد على وصول، وما يهون على بو سعيد أن يبلغه أن السلطان أكرمك، وقد حلف كل منهما للآخر، فقال: أنا ضامن عندكم، انكسر على مال، إن كان شئ فالسيف وإلا فما فائد الحبس؟ ولا له ما جزائي إلا أن أسمر على جمل ويطاف بي في بلادكم، ويقال هذا جزاء، وأقل جزاء، على من يأمن إلى الملوك أو يسموع من أيمانهم. ثم إن الرسل حضروا يطلبون من السلطان تجهيز تمرتاش المذكور إلى بو سعيد فقال: ما أسيره حيا، ولكن خذوا رأسه، فقالوا: ما معنا أمر أن نأخذه إلا حيا، الجزء: 4 ¦ الصفحة: 141 أما غير ذلك فلا، فأمر أن يقفوا على قتله، وأخرج من حبسه ومعه أيتمش وقجليس وغيرهما، وخنق جوا باب القرافة، فكان يستغيث ويقول: أين أيتمش، يعنى الذي حلف لي، وأيتمش يختبئ حياء منه، وقال: ما عندكم سيف تضربونني به، ثم حز رأسه، وجهز إلى بو سعيد من جهة السلطان ولم يتسلمه الرسل. وكتب السلطان إلى بوسعيد يقول: قد جهزت لك غريمك فجهز لي غريمي قرا سنقر، فما وصل الرأس حتى مات قرا سنقر حتف أنفه، فقيل لبو سعيد: لم لا تجهز رأس قرا سنقر إليه، فقال: لا لأنه مات بأجله ولم أقتله أنا. وكانت قتله تمرتاش هذا في شهر رمضان سنة ثمان وعشرين وسبعمائة، ودفنت جثته براباب القرافة. ولما وصل إلى مصر أقاموا الأمير شرف الدين حسين بن جند من الميمنة إلى الميسرة، وأجلسوا تمرتاش في الميمنة بدار العدل، وشاور السلطان الأمير تنكز في إمساكه، فلم يشر بذلك، ثم إنه شاوره في قتله، فقال: المصلحة إبقاؤه، فلم يرجع إلى رأيه، ثم إن الدهر ضرب ضرباته، وحالت الأيام والليالي، وظهر في بلاد التتار إنسان بعد موت بو سيعد وادعى أنه تمرتاش، وقال أنا كنت عند الجزء: 4 ¦ الصفحة: 142 بكتمر الساقي، وبكتمر الساقي جهزني خفية إلى بلادي، وقتل غيري وأحد يشبهني، وجهز رأسه إلى بو سعيد، وصدق على ذلك، وأقبل عليه أولاده ونساؤه والتفت عليه جماعة كبيرة، وحشد عظيم، وعزم على الدخول إلى الشام إلى أن كفى الله شره، ولم يزل أمره يقوى حتى أن الملك الناصر كابر نفسه وحسه وقال: ربما يكون الأمر صحيحاً، وقد تكون مماليكى خانوا في أمري، ونبش قبره، وأخرجت عظامه، وأحضر المنجمين وغيرهم ممن يضرب المندل، وأحضر رمة تمرتاش، وقال صاحب هذا يعيش أو مات؟، فقالوا له: مات، ولم يزل الملك الناصر في الشك إلى أن مات هذا المدعى، انتهى كلام الصفدي، رحمه الله تعالى. ؟ 789 - تمراز الناصري 814هـ -؟ 1412م تمراز بن عبد الله الناصري الظاهري الأمير سيف الدين، نائب السلطنة بديار مصر. هو من جملة مماليك الظاهر برقوق وأمرائه، ونسبته بالناصري لحالبه خواجا ناصر الدين، كان خصيصاً عند الملك الظاهر برقوق، رقاه إلى أن الجزء: 4 ¦ الصفحة: 143 جعله أمير طبلخاناة معلما للرمح، وكان ينادمه ويلعب معه الشطرنج، ويعجبه كلامه ويداعبه، ثم نقله إلى إمرة مائة وتقدمة ألف في شهر صفر سنة إحدى وثمانمائة بعد مسك الأمير نوروز الحافظي الأمير آخور، وحبسه بسجن الإسكندرية لأمر أو جب ذلك، واستقر سيدي سودون عوضه أمير أخورا، قدام تمراز المذكور على ذلك إلى أن قبض عليه الملك الناصر فرج في أوائل دولته وحبسه بثغر الإسكندرية مدة يسيرة، ثم أطلقة بعد واقعة الأمير الكبير أيتمش وأنعم عليه بإمرة مائة وتقدمة ألف بالديار المصرية، عوضاً عن الأمير أرغون شاه أمير مجلس، بحكم عصيان أرغون شاه مع الأتابك أيتمش في سنة إثنتين وثمانمائة، فاستمر تمراز من السنة المذكورة إلى سنة ثلاث استقر نائب الغيبة بالديار المصرية عند خروج الملك الناصر فرج لقتال تيمورلنك لعنه الله فباشر نيابة الغيبة بالديار المصرية إلى أن عاد الملك الناصر فرج من البلاد الشامية بعد استيلاء تيمور عليها إلى القاهرة. واستمر تمراز على إقطاعة إلى شهر شوال سنة خمس وثمانمائة أخلع عليه بإمرة سلاح، عوضاً عن الأمير بكتمر رأس توبة الأمراء. قلت وهذه الوظيفة مفقودة الآن، واستقر عوضه في إمرة مجلس الأمير سودون المارديني، واستقر بعد سودون المارديني رأس نوبة النوب سودون الحمزاوي، وأقام الأمير تمراز في هذه الوظيفة إلى سنة سبع وثمانمائة وقع للأمير يشبك وقعته المشهورة، ثم انكسر وخرج إلى البلاد الشامية، فكان تمراز هذا ممن الجزء: 4 ¦ الصفحة: 144 خرج معه، واستقر عوضه في إمرة سلاح الأمير أقباي الطرنطاي حاجب الحجاب، ثم عاد تمراز المذكور إلى القاهرة، ووقع له أمور يطول شرحها إلى أن صار نائب السلطنة بالديار المصرية، ثم فر بعد ذلك بمدة من عند الملك الناصر إلى الأميرين شيخ المحمودي، ونوروز الحافظي، فأكرماه وعظماه وأجلا محله، فلم تطل مدة إقامته عندهم، وفر من عندهم وعاد إلى الملك الناصر ثانياً، فأنعم عليه الملك الناصر بإمرة مائة وتقدمة ألف، وفي النفس ما فيها بسبب هروبه من عنده بغير موجب وعوده إليه، فتمهل عليه إلى شهر صفر من سنة أربع عشرة وثمانمائة، وأخرج إقطاعه ورسم له بالإقامة في داره بطالا أو يتوجه إلى ثغر دمياط، فتوجه إلى الثغر، وأقام به بطالاً إلى العشر الأوسط من شهر ذي الحجة من السنة رسم بالقبض عليه وتجهيزه إلى حبس الإسكندرية فقبض عليه وأودع في سجن الإسكندرية ثم قتل في التاريخ المذكور. حكى لي بعض أعيان الأمراء قال: قال الملك المؤيد شيخ بعد سلطنته إن كان الملك الناصر فرج يدخل الجنة يدخلها بقتلة لتمراز: قال: فقيل له وكيف ذلك يا مولانا السلطان؟، قال: لأن الملك الناصر كان يعظمه وجعله نائب السلطنة بالديار المصرية بعد شغورها عدة سنين من أيام سودون الشيخوني النائب، وجعله أعظم أمراء الديار المصرية، فلم يقنعه ذلك وفر من عنده، وقدم على فقلت الجزء: 4 ¦ الصفحة: 145 في نفسي: وما أفعل أنا هذا حتى يعجبه مني؟ فخرجت إلى تلقيه، ومشيت في خدمته حتى أرضيه وأطيب خاطره، فمنعني من ذلك بعد أن رأى مني من الحرمة والتعظيم له ما لا يزيد عليه، وأقام عندي مدة وأنا لا أخرج عما يأمرني به، فلم يكن بعد قليل إلا وقد هرب من عندي وعاد إلى الناصر، فاحتار الملك الناصر يرضيه بماذا، فإنه أولاً كان أنعم عليه بنيابة السلطنة وأشياء يطول شرحها فلم يعجبه ذلك، وفر من عنده إلى عندي، ثم عاد إليه، فلم يجد بداً من القبض عليه وقتله، فكان ذلك من أعظم مجازاته، انتهى. قلت: وكان الأمير تمراز المذكور تركيا، رأسا في فنون الفروسية، حشما وفورا، وعنده خفة روح ودعابة، وهو أستاذ أقبغا التمرازي، وغيره من التمرازية، رحمه الله تعالى، وعفا عنه. 790 - تمراز الأعور 830هـ -؟ - 1427م تمراز بن عبد الله الظاهري، الأمير سيف الدين الحاجب، المعروف بتمراز الأعور. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 146 كان أيضاً من جملة المماليك الظاهرية برقوق، وممن صار أميراً في الدولت المؤيدية شيخ، وكان المؤيد ينادمه لدعابة كانت فيه، واستمر من جملة الحجاب، وأمره العشرات إلى قطعة من دولة الأشرفية برسباى، ورأيته غير مرة، وكان شيخاً مسمنا طوالا أحولا، تركي الجنس، مهملاً، ودام على ذلك إلى أن توفي بعد الثلاثين وثمانمائة تخمينا، رحمه الله. 791 - تمراز المؤيدي الخازندار نائب غزة 814هـ -؟ - 1437م تمراز بن عبد الله المؤيدي، المعروف بالخازندار، الأمير سيف الدين، نائب غزة، ثم صفد كان من جملة المماليك المؤيدية شيخ، ومن أعيان خاصكيته، ومن جملة خازنداريته الصغار، ثم تغير المؤيد عليه وضربه ضرباً مبرحاً، ونفاه إلى البلاد الشامية، فاستمر بتلك البلاد على إقطاع هين بدمشق إلى أن عصى الأمير تنبك البجاسى نائب دمشق على الملك الأشرف برسباى في سنة ست وعشرين وثمانمائة وافقه تمراز المذكور على العصيان، ثخم أختفى بعد القبض على تنبك البجاسى مدة طويلة، ثم ظهر بعد ذلك، فلم يؤاخذه الأشرف على فعله، وأنعم عليه بإمرة بدمشق، فدام على ذلك إلى أن توجه السلطان الملك الأشرف برسباى إلى آمد في سنة ست وثلاثين وثمانمائة، وخرج تمراز المذكور صحبة الأشرف مع جملة أمراء دمشق إلى آمد، وصار يظهر الشجاعة بها إلى أن أنعم عليه بإمرة مائة الجزء: 4 ¦ الصفحة: 147 وتقدمة ألف بدمشق، ثم بعد مدة يسيرة نقله إلى نيابة غزة، ثم إلى نيابة صفد، فساءت سيرته، وأفحش في القتل وأبدع، فترادفت الشكاة عليه حتى طلب إلى القاهرة، وقبض عليه، وحبس بثغر الإسكندرية إلى أن قتل بها خنقاً في ثالث عشرين جمادى الأخرة سنة إحدى وأربعين وثمانمائة، في أوائل الكهولية. وكان غير مشكور السيرة، عفا الله عنه. 793 - القرشي أمير سلاح 853هـ -؟ - 1449م تمراز بن عبد الله القرشي الظاهري، الأمير سيف الدين، أمير سلاح. أصله من مماليك الملك الظاهر برقوق، ومن آنيات الأتابك يلبغا الناصري، وتقلب في الدول ألواناً إلى أن ولى نيابة قلعة الروم مدة إلى أن نقله الملك الأشرف برسباى إلى نيابة غزة، فباشرها سنين إلى أن عزل عنها، وطلب بعد الثلاثين وثمانمائة وأنعم عليه بتقدمة ألف بالديار المصرية، ثم بعد مدة يسيرة أخلع عليه باستقراره رأس نوبة النوب، بعد الأمير أركماس الظاهري الجزء: 4 ¦ الصفحة: 148 بحكم انتقال أركماس إلى الدرادارية الكبرى بعد نفي الأمير أزبك الدوادار إلى القدس بطالا. وصار تمراز المذكور مقرباً عند الملك الأشرف إلى الغاية، ودام على ذلك إلى أن توفي الملك الأشرف وتسلطن من بعده انبه الملك العزيز يوسف، فكان تمراز هذا في التجريدة من جملة الأمراء المصرية بالبلاد الشامية، ثم قدم بعد ذلك صحبة الأمراء إلى البلاد المصرية، ووقع ما سنحكيه من القبض على الأمير جانم قريب الملك الأشرف برسباى، واستقر الأمير تمراز هذا عوضه أمير آخورا، وسكن باب السلسلة من الإسطبل السلطاني، فلم تطل مدته، ونقل إلى إمرة سلاح، عوضاً عن الأمير يشبك المشد المنتقل إلى الأتابكية بعد الأمير أقبغا التمرازي المتولي نيابة دمشق بعد عصيان الأمير إينال الجكمى. واستمر الأمير تمراز هذا في إمرة سلاح دهرا إلى أن توفي بالطاعون في آخر يوم الجمعة عاشر شهر صفر سنة ثلاث وخمسين وثمانمائة. وكان رحمه الله أميراً جليلاً، ساكنا عاقلا، متواضعاً، رئيساً، وافر الحرمة، وقورا كريما. حدثني الأمير أقبغا التمرازي من لفظه قال: ما رأيت عيناي مثل الأمير تمراز، ولا مثل عقله، قلت: وكيف ذلك؟ قال: رافقني في هذه السفرة، يعني لما تجرد الأمراء إلى البلاد الشامية سنة إحدى وأربعين وثمانمائة، فكنت أحادثه في أمرو الناس قديماً وحديثاً، فلم أسمع منه في هذه المدة الطويلة يذكر أحداً إلا بخير، ولا يتكلم فيما لا يعنيه قط، ولولا أن عنده إسراف على نفسه لكنت أقول أنه من الأولياء. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 149 قلت: وإن كان مسرفاً على نفسه فالمرجو من كرم الله أن يسامحه لأن الناس كانت في أمن من لسانه ويده، رحمه الله تعالى، وعفا عنه. 793 - تمراز النوروزي 848هـ -؟ - 1444م تمراز بن عبد الله النوروزى، الأمير سيف الدين، أحد أمراء العشرات، ورأس نوبة، المعروف بتمراز تعريص. نسبته إلى معتقه الأمير نوروز الحافظي، ثم صار بعد أستاذه خاصكيا في دولة الملك الظاهر ططر، واستمر على ذلك إلى أن أنعم عليه الملك الظاهر جقمق بإمرة عشرة، وجعله من جملة رؤوس النوب، وتوجه الىغزور ودس مع من توجه من الأمراء في سنة ثمان وأربعين وثمانمائة، فأصابه في مدينة رودس سهم لزم منه الفراش إلى أن مات على ظهر البحر بالقرب من ثغرد مياط، ودفن بالثغر، رحمه الله. وكان متجملاً في ملبسه ومركبه، وعنده كرم وحشمة، إلا أنه كان مسرفاً على نفسه، سامحه الله تعالى. وكان قد غلب عليه هذا اللقب القبيح، وقد سألته عن تسميته بتعريص، وما السبب في ذلك؟، فقال: كنت صغيراً في الطبقة، وكنت إذا كلمني أحد من الجزء: 4 ¦ الصفحة: 150 العوام، أقول له: في تعريصك، أقصد بذلك المزح والدعابة، فلقبوني خجداشيتى بتعريص، وغلب على هذا الإسم، ولا قوة إلا بالله. 794 - تمراز المؤيدي المصارع 855هـ -؟ - 1451م تمراز بن عبد الله بكتمر المؤيدي المصارع، الأمير سيف الدين. أصله من مماليك الملك المؤيد شيخ، ثم صار بعد موت الملك المؤيد في خدمة الأمير تنبك العلائي ميق نائب الشام، لأن أخت تمراز كانت تحت تنبك المذكور، ثم عاد إلى بيت السلطان في الدولة الأشرفية بعد موت تنبك المذكور، وصار خاصكيا، وعرف بجودة الصراع، ثم صار من جملة الدوادارية الصغار في الدولة العزيزية يوسف، ودام على ذلك سنين، وتوجه إلى شد بندر جدة بالبلاد الحجازية، وحمدت سيرته، ثم توجه إليها ثانياً، وقبض على أميرمكة بها الشريف على بن حسن بن عجلان، وعلى أخيه إبراهيم، واستمر بيندر جدة إلى أن مات بمكة الجزء: 4 ¦ الصفحة: 151 الأمير أقبردي المظفري، أحد أمراء العشرات ورأس نوبة وأمير المماليك السلطانية بمكة، فأرسل تمراز المذكور من جدة يطلب إقطاع آقبردى المذكور، فأنعم به عليه، وصار من جملة أمراء العشرات. وعاد إلى الديار المصرية، ودام بها إلى أن ولى نيابة القدس في سنة إحدى وخمسين وثمانمائة، فتوجه إلى القدس، وباشر النيابة أشهراً، وعزل عنها، ونفى إلى دمشق، ثم طلب إلى القاهرة في أوائل سنة ثلاث، وخمسين، فدام بها أياماً، وأعيد إلى نيابة القدس، فلم يقم به إلا مدة يسيرة، وعزل ثانياً، وطلب إلى القاهرة، واستمر بها بطالاً إلى أن طلبه الملك الظاهر وندبه للتوجه إلى بندر جدة، وأمر بتجهيزه فجهزه، وسافر صحبة الحاج في سنة ثلاث وخمسين وثمانمائة، وهذه سفرته الثالثة، فتوجه إلى البندر المذكور، وباشر شدها على العادة إلى أن انتهى أمره، اشترى مركباً من الهنود وأشحنها بمال السلطان وبماله، واستخدم عدة رماة وبعض أجناد، وهو يظهر أنه يركب فيها إلى نحو الديار المصرية إلى إن إنتهى أمره ودخل المركب المذكور، توجه إلى جهة اليمن بكل ما حصل في قبضته من مال السلطان وغيره، فكان ما أخذه من مال السلطنة نيفا على ثلاثين ألف دينار سوى ما حصله لنفسه، وسار ولم يقف له على خبر. وورد الخبر بذلك على الملك الظاهر جقمق فكلد يموت غيظاً، واستمر السلطان لا يعرف له خبراً إلى سنة خمس وخمسين وثمانمائة ورد عليه كتاب الجزء: 4 ¦ الصفحة: 152 الشريف بركات، وكتاب الأمير جانبك القصير مشد جدة أن تمراز المذكور وصل إلى مدينة كالى كوت من الهند، وأن السامري صاحبها علم بحاله فطلبه وألزمه بشراء البهار بجميع ما معه، واشحن ذلك كله في عدة مراكب، وأمره بالعود إلى بندر جدة. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 153 باب التاء والنون 795 - تنكز ناظر الرباط بالصالحية 690هـ -؟ - 1291م تنكز بن عبد الله الناصري، الأمير بدر الدين. كان المذكور من أكابر الأمراء، وتنقل في عدة وظائف، كان ناظر الرباط بالصالحية عن أستاذه الملك الناصر، وتوفي فيها، ودفن بالتربة الكبيرة في سنة تسعين وستمائة، رحمه الله. 796 - تنكز العثماني 792هـ -؟ - 1389م تنكز بن عبد الله العثماني، الأمير سيف الدين. أحد أمراء الطبلخانات في دولة الملك الظاهر برقوق، قتل في وقعة الملك الجزء: 4 ¦ الصفحة: 155 الظاهر برقوق بعد خروجه م ن سجن الكرك مع منطاش في سنة إثنتين وتسعين وسبعمائة، رحمه الله تعالى. - 797 - تنكز الحسامي نائب الشام 741هـ -؟ - 1340م تنكز بن عبد الله الحسامى الناصري، الأمير سيف الدين نائب الشام. قال الشيخ صلاح الدين الصفدي: جلب إلى مصلا وهو حدثن فنشأ بها، وكان أبيض إلى السمرة أقرب، رشيق القد، مليح الشعر، خفيف اللحية، قليل الشيب، حسن الشكل ظريفه، جلبه الخواجا علاء الدين السيواسى، فاشتراه الأمير لاجين، فلما قتل لاجين في سلطنتة صار من خاصكية السلطان، وشهد معه واقعة وادي الخزندار، ثم وقعة شقحب. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 156 أخبرني القاضي شهاب الدين بن القسراني قال: قال لي يوماً أنا والأمير سيف الدين طينال من مماليك الملك الأشرف. قلت: يعني بذلك الأشرف خليل بن قلاوون. انتهى. وسمع تنكز صحيح البخاري غير مرة من ابن الشحنة، وسمع كتاب الآثار للطحاوي، وقرأ عليه المقر يزى ثلاثيات البخاري بالمدينة النبوية، وأمره السلطان الملك الناصر محمد بن قلاوون إمرة عشرة قبل توجهه إلى الكرك، وكان قد سلم إقطاعه إلى الأمير صاروجا المظفري، فكان على مصطلح الترك أغاله، ولما توجه الملك الناصر إلى الكرك كان في خدمته، وجهزه مرة إلى الأفرم نائب دمشق الجزء: 4 ¦ الصفحة: 157 رسولا، فاتهمه أن معه كتبا إلى أمراء دمشق، فحصل له منه مخافة شديدة، وفتش وعرض عليه العقوبة، فلما عاد إلى الملك الناصر عرفه بذلك، فقال له: إن عدت على الملك فأنت نائب الشام، فلما عاد السلطان ضم تنكز إلى أرغون الدوادار ليتعلم منه الأحكام، فلما مهر ولاه نيابة دمشق سنة إثنتي عشرة وسبعمائة، الدوادار ليتعلم منه الأحكام، فلما مهر ولاه نيابة دمشق سنة إثنتي عشرة وسبعمائة، وأقام بدمشق نائباً بها ثمانية وعشرين سنة، وهو الذي عمر بلاد دمشق، ومهد نواحيها، وأقام شعائر المساجد بها بعد التتار، وبنى بها جامعاً معروفاً به، وجدد يصفد بيمار ستانا للشفاء، وبنى بالقدس رباطاً جم المحاسن، وعمر أيضاً عدة أماكن، وطالت أيامه، انتهى كلام الصفدي باختصار. قلت: وفي ولايته لدمشق توجه إلى البلاد الحلبية مرتين: الأولى سنة خمس عشرة وسبعمائة، ثم توجه لغزو ملطية فأخذها، وأسر وقتل، ثم عاد على محل كفالته، والثانية في سنة ست وثلاثين وسبعمائة، ندبه لذلك الملك الناصر محمد بن قلاوون لعمارة قلعة جعبر، المعروفة قديماً بالدوسرة، فامتثل المرسوم الشريف، وجمع الصناع والعمال، وأنفق الأموال، وجد واجتهد إلى أن عمرت بعد اهتمام وافر ومشقة زائدة، وقرر بها النواب والحكام. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 158 وفي هذا المعنى يقول بعض الشعراء من أبيات: وتحركت سكانها وتبسمت ... زهراتها وأضاء منها المعهد وتبرجت أبراجها باهلة ... أين السها من أهلها والفرقد ومنها: وإذا نظرت إلى البقاع وجدتها ... تشقى كما تشقى الرجال وتسعد وكان الأمير تنكز في مدة ولايته دمشق يتوجه في كل قليل إلى القاهرة، ويتمثل في الخدم الشيفة بالتحف والهدايا، وتكرر ذلك منه إلى سلخ سنة أربعين وسبعمائة، رسم السلطان الملك الناصر محمد للأمير طشتمر حمص أخضر نائب صفد بالتوجه إلى دمشق والقبض على الأمير تنكز المذكور، فتوجه طشتمر إلى دمشق وقبض عليه، وأرسله إلى القاهرة في أول سنة إحدى وأربعين وسبعمائة، وولى نيابة دمشق عوضه الأمير ألطنبغا نائب حلب. وفيه يقول الصلاح الصفدي: ألا لييلات تقضت على الحمى ... تعود بوعد للسرور منجز ليال إذا رام المبالغ وصفها ... يشبهها حسناً بأيام تنكز الجزء: 4 ¦ الصفحة: 159 ولما قبض على تنكز وحمل إلى القاهرة، جهز السلطان الأمير بشتك الناصري، والأمير طاجار الدوادار، وبيغرا، وبكا الخضري، والحاج أرقطاى، بسب الحوطة على مال تنكز المذكور. قال الصفدي: فكان الذي وصل إلى السلطان الملك الناصر محمد بن قلاوون من مال تنكز من الذهب وخمسمائة ألف، ومن أصناف الجوهر والطرز الزركش وحوائص الذهب والخلع والأطلس شئ كثير، حمل ذلك على ثمانية جمال، ثم استخرج برسبغا أيضاً من بقايا مال تنكز بدمشق أربعين ألف دينار وألف ألف درهم ومائة ألف درهم. انتهى. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 160 قلت: وكانت وفاة تنكز المذكور بحبس الإسكندرية في يوم الثلاثاء النصف من المحرم سنة إحدى وأربعين وسبعمائة. وكان رحمه الله ملكاً جليلاً، محترماً مهابا، عفيفاً عن أموال الرعية، حسن المباشرة والطريقة، إلا أنه كان صعب المراس، ذا سطوة عظيمة، وحرمة وافرة على أهل الدنيا والأعيان من أرباب الدولة، متواضعاً للفقراء وأهل الخير، وعمر عدة عمائر، ووقف عدة أوقاف على وجوه البر والصدقة، وكان يميل إلى فعل الخير. قال الشيخ صلاح الدين الصفدي: ورد مرسوم السلطان إلى دمشق بتقويم أملاكه، فعمل ذلك بالعدول وأرباب الخبرة وشهود القيمة، وحضرت بذلك محاضر إلى ديوان الإنشاء لتجهز إلى السلطان، فنقلت منها ما صورته: دار الذهب بمجموعها واسطبلاتها: ستمائة ألف درهم، دار الزمرد: مائتا ألف وسبعون ألف درهم، دار الزرد كاش وما معها: مائتا ألف وعشرون ألف درهم، الدار التي يجوار جامعه بدمشق: مائة ألف درهم، الحمام التي بجوار الجامع: مائة ألف درهم، خان العرصة: مائة ألف درهم وخمسون ألف درهم، إسطبل حكر السماق: عشرون ألف درهم، الطبقة التي بجوار حمام ابن يمن: أربعة آلاف وخمسمائة درهم، قيسارية المرحليين: مائتا ألف وخمسون ألف درهم، الفرن والحوض بالقنوات الجزء: 4 ¦ الصفحة: 161 من غير أرض: عشرة آلاف درهم، حوانيت التعديل: ثمانية آلاف درهم، الأهراء من إسطبل بهادر آص: عشرون ألف درهم، خان البيض وحوانيته: مائة ألف وعشرة آلاف درهم، حوانيت باب الفرج: خمسة وأربعون ألف درهم، حمام القابون: عشرة آلاف درهم، حمام القصير العمري: ستة آلاف درهم، الدهشة والحمام: مائتا ألف وخمسون ألف درهم، بستان العادل: مائة ألف وثلاثون أللاف درهم، بستان النجيبى والحمام والفرن: مائة ألف درهم وثلاثون ألف درهم، بستان الحلبي بحرستا: أربعون ألف درهم، الحدائق بها: مائة ألف وخمسة وستون ألف درهم، بستان القوصى بها: ستون ألف درهم، بستان الدردور بزبدين: خمسون ألف درهم، الجنينة المعروفة بالحمام بها: سبعة آلاف درهم، بستان الرزاز خمسة وثمانون ألف درهم، مزرعة الركن البوقي والعنبري: مائة ألف درهم، الحصة بالدفوف القبلية بكفر بطنا ثلثاها: ثلاثون ألف درهم، بستان السقلاطوني: خمسة وسبعون ألف درهم، حقل البيطارية بها خمسة عشر ألف درهم، الفاتكيات والرشيدي والكروم من زملكا: مائة ألف وثمانون ألف درهم، مزرعة المرفع بالقابون: مائة ألف وعشرة آلاف الجزء: 4 ¦ الصفحة: 162 درهم، الحصة من غراس غيضة الأعجام: عشرون ألف درهم: نصف الضيعة المعروفة بزوينة: خمسة آلاف درهم، غراس قائم في جوار دار الجالق: ألفا درهم، النصف من خراج الهامة: ثلاثون ألف درهم، الحوانيت التي قبالة الحمام: مائة ألف درهم، الإسطبلات التي عند الجامع: ثلاثون ألف درهم، بيدر تبدين: ثلاثة وأربعون ألف درهمن أرض خارج باب الفرج: ستة عشر ألف درهم، القصر وما معه: خمسمائة ألف وخمسون ألف درهم، ربع القصرين ضيعة: مائة وعشرون ألف درهم، نصف البيطارية: مائة وثمانون ألف درهم، حصة من البويضا: مائة ألف وسبعة وثمانون ألف درهم نصف بوابة: مائة وثمانون ألف درهم، العلائية بعيون الفاسريا: ثمانون ألف درهم، حصة ديرا بن عصرون: خمسة وسبعون ألف درهم، العديل: مائة ألف وثلاثون ألف درهم، حوانيت داخل باب الفرج: أربعون ألف درهم، التنورية: إثنان وعشرون ألف درهم. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 163 الأملاك التي له بمدينة حمص: الحمام بحمص: خمسة وعشرون ألف درهم، الحوانيت: سبعة آلاف درهم، الربع: ستون ألف درهم، الطاحون الراكبة على العاصي: ثلاثون ألف درهم زور قبجق: خمسة وعشرون ألف درهم، الخان: مائة ألف درهم، الحمام الملاصقة للخان: ستون ألف درهم، الحوش الملاصق له: ألف وخمسمائة درهم، المناخ: ثلاثة آلاف درهم، الحوش الملاصق للخندق: ثلاثة آلاف درهم، حوانيت العريضة: ثلاثة آلاف درهم، الأراضي المحتكرة: سبعة آلاف درهم. بيروت الخان: مائة وخمسة وثلاثون ألف درهم، الحوانيت والفرن: مائة وعشرون ألف درهم، المصبنة بآلاتها: عشرة آلاف درهم؛ الحمام: عشرون ألف وثمانون ألف درهم، المباركة: خمسة وسبعون ألف درهم، المسعودية: مائة ألف وعشرون ألف درهم الضياع الثلاثة المعروفة الجزء: 4 ¦ الصفحة: 164 بالجوهري: أربعمائة ألف وسبعون ألف درهم، السعادة: أربعمائة ألف درهم، أبروطيا: ستون ألف درهم، نصف بيرود والصالحية الحوانيت: أربعمائة ألف درهم، المباركة والناصرية : م ائة ألف درهم، رأس المآبيم الروس: سبعة وخمسون ألف وخمسمائة درهم، حصة من خربة روق: إثنان وعشرون ألف درهم، رأس الماء والدلى بمزارعها: خمسمائة ألف درهم، حمام صرخد: خمسة وسبعون ألف درهم، طاحون الغولر: ثلاثون ألف درهم، السالمية: سبعة آلاف وخمسمائة درهم، طاحون المغار: عشرة آلاف درهم، قيسارية أذرعات: اثنتا عشر ألف درهم، قيسارية عجلون: مائة ألف وعشرون ألف درهم. الأملاك بقارا: الحمام: خمسة وعشرون ألف درهم، الهرى: ستمائة ألف درهم، الصالحية والطاحون والأراضي : مائتا ألف وخمسة وعشرون ألف درهم، راسليا ومزارعها: مائة ألف وخمسة وعشرون أف درهم، القصيبة: أربعون ألف درهم، القريتان العروفة إحداهما بالمزرعة والأخرى بالبينسية: تسعون ألف درهم. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 165 هذا جميعه خارج عماله من الأملاك ووجوه البر في صفد وعجلون والقدس الشريف ونابلس والرملة وجلجولية والديار المصرية، وعمر بصفد بيمار ستانا مليحا، وله بها بعض أوقافه، وعمر بالقدس رباط وحمامين وقياسر، وله بجلجولية خان مليح إلى الغاية، أظنه سبيلاً، وله بالرملة، بالقاهرة بالكافوري دار عظيمة وحمام، وغير ذلك من حوانيت. ولما كان في أوائل شهر رجب سنة أربع وأربعين وسبعمائة حضر تابوته من الإسكندرية إلى دمشق ودفن في تربته بجوار جامعة المعروفة بإنشائه، رحمه الله. فقلت في ذلك: إلى دمشق نقلوا تنكزا ... فيالها من آية ظاهرة في جنة الدنيا له جثة ... ونفسه في جنة الآخرة وقلت أيضاً: في نقل تنكز سر ... أراده الله ربه أتى به نحو أرض ... يحبها وتحبه وقلت وكأنني أخاطبه: أعاد الله شخصك بعد دهرٍ ... إلى بلد وليت فلم تخنها الجزء: 4 ¦ الصفحة: 166 أقمت بها تدبرها زماناً ... وتأمر في رعاياها وتنهى فلا هذا الدخول دخلت فيها ... ولا هذا الخروج خرجت منها وكان تنكز رحمه الله معظماً جليلاً، بلغ في علو الدرجة والإرتقاء ما لم يبلغه غيره، حتى كتب إليه عن السلطان: أعز الله أنصار المقر الكريم، العالي الأميري وفي الألقاب: الأتابكى الزاهدي العابدي، وفي النعوت: معز الإسلام والمسلمين سيد الأمراء في العالمين، وهذا لم يعهد أنه كتب عن سلطان لنائب ولا لغيره، انتهى. قلت: لا سيما الملك الناصر محمد بن قلاوون، فإنه كان أعظم ملوك الديار المصرية بلا مدافعة، وأيضاً كان تنكز المذكور مملوكه وعتيقه، ولم يكن من قدماء الأمراء المشايخ، حتى أنه كان يرعى له المقدمة والشيخوخة انتهى. وكان الملك الناصر لا يفعل شيئاً حتى يرسل إليه ويشاوره، وقل ما كتب هو إلى السلطان في شئ فرده، وكان مع ذلك عفيف اليد، لم يعهد عنه أنه أخذ رشوة من أحد، رحمه الله تعالى، وعفا عنه، انتهى كلام الصفدي رحمه الله باختصار. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 167 798 - تنم الحسنى نائب الشام 802هـ -؟ - 1400م تنم بن عبد الله الحسنى الظاهري، اسمه الأصلي تنبك وغلب عليه تنم، الأمير سيف الدين، نائب دمشق. أصله من مماليك الملك الظاهر برقوق، اشتراه وأعتقه وجعله خاصكيا في أوائل سلطنتة ثم أمره عشرة بالقاهرة في سلطنته الثانية، أو في أواخر الأولى، عند زوال ملكه في سنة إحدى وتسعين وسبعمائة، ثم نقله إلى دمشق أمير مائة ومقدم ألف بها، ثم صار أتابكها إلى سنة خمس وتسعين وسبعمائة استقر به في نيابة دمشق بعد موت الأمير كمشبغا الأشرفي الخاصكي، واستقر عوضه في أتابكية دمشق الأميراياس الجرجاوي نائب طرابلس، كل ذلك في المحرم من سنة خمس وتسعين وسبعمائة. واستمر المير تنم في نيابة دمشق مدة طويلة، ونالته السعادة، وعظم في الدولة وضخم، وقدم إلى الديار المصرية على أستاذه الملك الظاهر في نيابته غير مرة بالهدايا والتحف والتقادم الهائلة، وتجرد إلى سيواس وغيرها بمرسوم الملك الظاهر برقوق له، وفي صحبته نواب البلاد الشامية وغيرها من التركمان والعربان، ثم عاد إلى محل كفالته بعد أن وقع بينه وبين والدي رحمه الله الجزء: 4 ¦ الصفحة: 168 مناوشة في هذه السفرة، وسبب ذلك أن العادة إذا سار نائب دمشق بسنجقه يحفظ نائب حلب سنجقه إذا كانا معا، فلم يفعل والدي ذلك، بل سارا معاً وسنجقها مرتفع، فوقع بعض كلام بين السلاح دجارية من الطائفتين وتقاتلا بالدبابيس ساعة، ثم خمدت الفتنة بينهم، كل ذلك ووالدي رحمه الله يتجاهل تجاهل العارف حتى نزل كل إلى مخيمه ظاهر حلب، فكلم والدي رحمه الله بعض أعيان ماليكه في هذه الواقعة، فقال: أنا ما خرجت من مصر جنديا، أراد بذلك أنه ولى نيابة حلب لما كان رأس نوبة النوب بالديار المصرية، وتنم خرج من مصر أمير عشرة وصار مقدماً بدمشق، حسبما ذكرناه وبلغ تنم ذلك فبقى في النفس ما فيها، وفي الظاهر الصلح بينهما واقع، فلما وصل تنم إلى دمشق أرسل إلى الملك الظاهر يلوح له بعصيان والدي إلى أن وغر خاطره عليه، وطلب والدي رحمه الله وعزل من نيابة حلب، وصار أمير سلاح بديار مصر. كل ذلك وتنم في نيابة دمشق إلى أن توفي الملك الظاهر برقوق في سنة إحدى وثمانمائة، وتسلطن من بعده ابنه الملك الناصر فرج، وجهز إلى تنم تشريفاً باستمراره على نيابة دمشق، فلبس الأمير تنم التشريف وقبل الأرض، واستمر في ولايته بدمشق إلى أن بلغه ما وقع للأتابكى أيتمش المذكور بمن معه من أعيان الأمراء حسبما ذكرناه وتوجه نحو الأمير تنم إلى دمشق، وكان والدي الجزء: 4 ¦ الصفحة: 169 رحمه الله من جملة من خرج مع أتيمش إلى دمشق، فسر الأمير تنم بقدوم والدي رحمه الله صحبه أيتمش إلى الغاية، وأخذ تنم يزول ما في خاطر والدي منه قديماً، حتى لقد زاد في إكرامه ورواتبه على الأتابك أيتمش، وقوى أمر تنم الأتابك أيتمش وغيره. ووافقه غالب نواب البلاد الشامية بل الجميع، وأذعنوا له بالطاعة، وقدموا عليه إلى دمشق، واستفحل أمره، ثم خرج من دمشق يريد الديار المصرية، وصحبته الأمراء المصريين وهم: الأتابك أيتمش البجاسى، ووالدي أمير سلاح، وأرغون شاه أمير مجلس، وفارس حاجب الحجاب، ويعقوب شاه أحد مقدمي الألوف، والأمير أحمد بن يلبغا العمري أحد المقدمين أيضاً، وعدة أخر من أمراء الطبلخانات والعشرات والخاصكية، وهؤلاء الذين خرجوا من الديار المصرية، وخرج معه من نواب البلاد الشامية الأمير أقبغا الهذباني نائب الجزء: 4 ¦ الصفحة: 170 حلب، والأمير يونس بلطا نائب طرابلس، والأمير دمرداش نائب حماة، والأمير ألطنبغا العثماني نائب صفد، وعمر بن الطحان نائب غزة، وخلق من التركمان والعربان. وسار بهذه العساكر العظيمة من المصريين والشاميين إلى أن وصل بالقرب من الرملة، بلغه قدوم الملك الناصر فرج بعساكره إلى مدينة غزة، فندب والدي لقتاله بعد أن أضاف إليه جماعة من أمراء المصريين ونواب البلاد الشامية، وجعلهم كالجاليش له، فساروا في جميع موفور إلى الغاية. والتقوا مع جاليش الملك الناصر فرج بظاهر غزة، فكانت بين الفريقين وقعة هائلة استظهر فيها عسكر تنم، لولا أن هرب منهم جماعة مثل دمرداش نائب حماة، وفرج بن منجك وغيرهما إلى الملك الناصر فرج، فعند ذلك انكسر عسكر تنم وعاد جاليشه إليه، فركب من وقته إلى أن نزل على غزة، وقد دخل الوهم قلب العساكر المصرية مما رأوا من قتال جاليشه. فأرسل الملك الناصر إلى الأمير تنم قاضي القضاة صدر الدين المناوي الشافعي، وناصر الدين الرماح يسألانه في الصلح، وأن يكون على حاله، فأبى إلا القتال الجزء: 4 ¦ الصفحة: 171 بعد أن شرط شروطاً لا تقبل، فعند ذلك ركب الملك الناصر فرج وهو كالآلة مع الأمراء لصغر سنه، وركب أمراء الديار المصرية بعساكرهم والتقوا مع الأمير تنم، وتقاتلوا معه ساعة هينة، فكبا فرس تنم فقبض عليه، وانكسر عسكره، فقيد وحمل محتفظاً به إلى دمشق صحبة الملك الناصر فرج. فحبس بقلعة دمشق أياماً إلى أن قتل في ليلة الخميس رابع شهر رمضان سنة إثنتين وثمانمائة بقلعة دمشق، وقتل معه جمع كبير من الأمراء يطول الشرح في ذكرهم، يكفيك أنه لم يسلم من القتل في هذه النوبة ممن خرج مع تنم من المصريين والشاميين غير والدي وأقبغا الهذباني نائب حلب، وقتل الجميع في الليلة المذكورة. فكانت هذه الحادثة من أشنع الحوادث وأقبحها، والسبب لدخول تيمور إلى البلاد الشامية، وهو أن تيمور كان يترقب زوال الملك الظاهر برقوق، فلما ورد عليه الخبر بموته سر بذلك وعزم على دخوله إلى البلاد الشامية، لكنه صار يقدم رجلاً ويؤخر أخرى خوفاً من الأمير تنم هذا، ورفقته من النواب بالبلاد الشامية، وعظم العساكر المصرية، فلما بلغه ثانياً الخلف بين أمراء الديار المصرية وما وقع لأيتمش، ثم القبض على تنم وقتله، انتهز الفرصة وركب غارة حتى طرق البلاد الشامية. أخبرني من أثق به من مماليك والدي قال: لما ورد الخبر على الملك الناصر بأن تيمور قبض على سيدي سودون نائب الشام بالبلاد الحلبية، وكان الناصر بغزة، أرسل بطلب أستاذناً من القدس، يعنى والدي رحمه الله وولاء الجزء: 4 ¦ الصفحة: 172 نيابة الشام، عوضاً عن سيدي سودون، ودخل إلى دمشق صحبة الناصر فرج، ثم نزل تيمور على دمشق، ووقع بين الفريقين مناوشة في كل يوم، فكان والدك على أحد أبواب دمشق، والأمير نوروز الحافظي على باب آخر، وطال القتال بينهم في كل يوم، فلما كان في بعض ركب نوروز من موضعه مخففاً وجاء إلى والدك وتكلم معه في أمر تيمور وفي عظم عساكره إلى أن قال: يا أخي أظن لو كان أستاذناً يعيش، يعنى الملك الظاهر برقوق، ما قدر على لقي عساكر تيمور، فقال له والدك: والله لو عاش تنم نائب الشام إلى قدوم تيمور لكان يلقاه من قبل تعديته الفرات، وكل أحد يعلم صدق مقالتي مما رأيته من شدة عزمه وحزمه وشجاعته وعظم عساكره، وأنتم تدرون حالكم لما لقيتموه بظاهر غزة، ولكن خطيئة هؤلاء الرعية كلها في أعناقكم لأنكم أنتم السبب لقدوم هذا الظالم إلى البلاد الشامية، فلم يسمع نوروز إلا أن قال: إيش كنت أنا، هؤلاء الصبيان هم أصحاب العقد والحل في المملكة بعد خروجكم منها وعند القبض عليكم، ووالله لقد أتعبني أمرك حتى نجوت، وإلا كانوا ألحقوك برفيقك الأتابك أيتمش والأمير تنم، ثم عدد من قتل من الأمراء معهما، فقال له والدك: المستعان بالله، إذهب إلى مخيمك، انتهى. قلت: وكان تنم أميراً جليلاً، مقداماً كريماً، مهاباً، محترماً ذا عقل وسكينة، وحشمة، ووقار وتدبير، ورأى، وكان طوالا، مليح الوجه، خفيف اللحية كاملها، أبيض مشرباً بجمرة. وكان عارفاً بأنواع الفروسية، جريئاً على الحروب، وعنده دهاء وخديعة مع سياسة ومعرفة، وكان عفيفاً عن أموال الجزء: 4 ¦ الصفحة: 173 الرعية، محبباً إليهم، وكان يميل لفعل الخير، ويحب الفقراء وأهل الصلاح، وبني خانا للسبيل بالقرب من القطيفة، وبني بميدان الحصى خارج دمشق تربة عظيمة، ووقف عليها عدة أوقاف، ودفن بقبتها في الفسقية، وبها دفن والدي أيضاً عليه في الفسقية المذكورة. رحمهما الله تعالى. 799 - تنم الساقي المؤيدي 837هـ -؟ - 1434م تنم بن عبد الله، الساقي المؤيدي، الأمير سيف الدين. أحد مماليك الملك المؤيد شيخ، صار ساقياً في أيام أستاذه، ثم آل آمره إلى أن صار أمير مائة ومقدم ألف بدمشق في الدولة الأشرفية برسباى. رأيته في سنة ست وثلاثين وثمانمائة بدمشق. كان شكلا تاما، طوالا، مليح الشكل، كثير السكون، عليه وقار. توفي بدمشق في سنة سبع وثلاثين وثمانمائة، رحمه الله تعالى وعفا عنه؟ 800 - تنم العلائي الدوادار؟ 842هـ؟ 1438 م تنم بن عبد الله، العلائي المؤيدي الدوادار، الأمير سيف الدين. هو أيضاً من جملة المماليك المؤيدية، وممن صار دوادار صغيراً في دولة الجزء: 4 ¦ الصفحة: 174 أستاذه الملك المؤيد شيخ، وطالت أيامه في الدوادارية بعد أن تعطل في داره مدة سنين، وابتلى برمد مزمن ثم عوفي، وباشر وظيفته إلى أن أنعم عليه الملك العزيز بإمرة عشرين بدمشق، فتوجه إلى دمشق وأقام بها إلى أن عصى نائبها العزيز بإمرة عشرين بدمشق، فتوجه إلى دمشق وأقام بها إلى أن عصى نائبها الأمير إينال الجكمى على الملك الظاهر جقمق وافقه تنم المذكور على العصيان، وانضم معه إلى أن انهزم إينال المذكور وقبض عليه، قبض على تنم هذا أيضاً معه، فبرز المرسوم الشريف بشنقه، فشنق في سنة إثنتين وأربعين وثمانمائة. وكان يجيد ركوب الخيل، ويعرف من فنونه يسيرا، رحمه الله تعالى. ؟ 801 - المحتسب المؤيدي أمير مجلس 868 - هـ؟ 1463م تنم بن عبد الله من عبد الرزاق، الأمير سيف الدين، أمير مجلس. هو أيضاً من مماليك الملك المؤيد شيخ، وممن صار في أيامه خازندار صغيراً، ودام على ذلك مدة يسيرة إلى أن نقله الملك الأشرف إلى وظيفة رأس نوبة الجمدارية، وأنعم عليه بحصة من شبين القصر، ثم أنعم عليه بعد مدة بإمرة عشرة وجعله رأس نوبة. فاستمر على ذلك إلى أن غير إقطاعه الملك الظاهر جقمق وولاه حسبة القاهرة الحجوبية مضافاً على ما بيده، فباشر الحسبة سنين إلى أن عزل عنها بقاضي القضاة بدر الدين محمود العينتابي الحنفي. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 175 واستمر على إمرته ووظيفته إلى أن عينه الملك الظاهر جقمق للتوجه إلى نظر الحرم بمكة المشرفة، ونديه لعمارة ما تهدم بها، فتوجه الأمير تنم المذكور إلى مكة، وأقام بها نحو السنتين تخمينا، ثم عاد إلى القاهرة، وولى نيابة الإسكندرية بعد عزل الأمير ألطنبغا المعلم اللفاف عنها، فباشر نيابتها إلى سنة خمسين، قدم إلى القاهرة لسبب من الأسباب، وأنعم عليه السلطان بإمرة يشبك الصوفي المؤيدي بعد نفيه إلى حلب زيادة على ما بيده، وتوجه إلى الإسكندرية، وأقام بها إلى أن عزل في يوم الخميس ثالث شهر ربيع الأول سنة إحدى وخمسين وثمانمائة بالأمير برسباى البجاسى. فلم تطل مدته بالقاهرة، وأخلع عليه بنيابة حماة بعد توجه الأمير يشبك الصوفي إلى نيابة طرابلس في يوم الإثنين حادي عشرين الشهر المذكور، فتوجه الأمير تنم المذكور إلى حماة وقام بها إلى شهر رجب من السنة برز المرسوم الشريف بانتقاله إلى نيابة حلب، عوضاً عن الأمير برسباى الناصري بحكم مرضه، وحمل إليه التشريف على يد إينال آخي قشتم، ولبسه وتوجه إلى حلب الجزء: 4 ¦ الصفحة: 176 فباشر نيابتها مدة يسيرة، ووقع بينه وبين أهلها وحشة، وكثر الكلام في حقه إلى أن عزل عن نيابة حلب بنائبها قديماً المير قاني باى الحمزاوي، وطلب إلى القاهرة، فقدمها في يوم الإثنين مستهل شهر شعبان سنة إثنتين وخمسين وثمانمائة، فأخلع السلطان عليه، وأنعم عليه بفرس بقماش ذهب، وأجلسه تحت أمير مجلس فوق بقية الأمراء، وأعطاه إقطاع الأمير قاني باى الحمزاوي، وهي إمرة مائة وتقدمة ألف بالديار المصرية، فدام على ذلك إلى أن غير السلطان اقطاعه بإقطاع الأمير قراقجا الحسنى الأمير آخور بعد موته، وأنعم بإقطاع تنم المذكور وتقدمته على الأمير جرباش المحمدي الأمير آخور الثاني، وصار من جملة المقدمين، ثم نقله بعد أيام في يوم الإثنين ثالث عشر صفر سنة ثلاث وخمسين وثمانمائة إلى إمرة مجلس بعد انتقال الأمير جرباش الكريمي المعروف بقاشوق إلى إمرة سلاح، بعد موت الأمير تمراز القرمشي بالطاعون. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 177 باب التاء والواو 802 - توبة بن علي الصاحب تقي الدين 620 - 698 هـ؟ 1223 - 1299م توبة بن علي بن مهاجرين شجاع بن توبة، الصاحب تقي الدين أبو البقاء الربعي التكريتي، المعروف بالبيع. ولد يوم عرفة سنة عشرين وستمائة، وتعانى التجارة والسفر، واتصل بالملك المنصور قلاوون في حال إمرته، وعامله وخدمه، فلما تسلطن الملك المنصور قلاوون ولاه وزارة الشام بعد مدة، ثم عزله، ثم ولى وصودر غير مرة. قال الصفدي: وكان مع ظلمه فيه مروءة حسن إسلام، وتقرب إلى أهل الخير، وعدم خبث، وله همة عالية، وفيه سماحة وحسن خلق، ومزاج، واقتنى الخيل المسومة، وبنى الدور الحسنة، واشترى المماليك الملاح، وعمر لنفسه تربة مليحة، وبها دفن. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 179 يقال عنه: أنه كان عنده مملوك مليح اسمه أقطوان، فخرج ليلة يسير وأقطوان خلفه إلى وادي الربوة، فمر على مسطول وهو نائم، فلما أحس بركض الخيل فتح عينيه وقال يا الله توبة، فقال تقي الدين: والك ايش تعمل بتوبة، واحد شيخ نحسن، أطلب منه أقطوان أحب إليك. ولما أعيد إلى الوزارة، قال فيه شمس الدين بن منصور، موقع غزة: عتبت على الزمان وقلت مهلاً ... أقمت على الخنا ولبست ثوبه ففاق من التجاهل والتعامى ... وعاد إلى التقى وأتى بتوبة توفي الصاحب تقي الدين المذكور بدمشق في سنة ثمان وتسعين وستمائة، رحمه الله تعالى. ؟؟ 803 - توران شاه الملك المعظم 577 - 658 هـ؟ 1181 - 1260 م ثوران شاه بن يوسف بن أيوب بن شادي بن يعقوب بن مروان، الملك المعظم فخر الدين أبو المفاخر، المصري المولد، الحلبي الدار. ولد سنة سبع وسبعين وخمسمائة. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 180 قال القاضي علاء الدين ابن خطيب الناصرية: وسمع من يحيى بن محمود الثقفي وغيره، وأجاز له عبد الله بن برى، وهبة الله البوصيري، ومحمد ابن أحمد الأرتاحى من مصر، والفضل بن الحسين، وعبد الرحمن بن علي الخرقي، وبركات بن إبراهيم الخشوعي، والقاسم بن علي بن عساكر، والحسن ابن عبد الله من دمشق، وغيرهم، وخرج الدمياطي الحافظ أبو محمد له عنهم أحاديث في جزء، وقرأ عليه المائة حديث، وذكره في معجمه، فقال: وكان الجزء: 4 ¦ الصفحة: 181 صحيح السماع والإجازة، غير أنه كان له حالات، وما سمعنا عنه إلا في حال استقامته، عفا الله عنه. وذكره العلامة أبو الثناء محمود بن سليمان الحلبي في تاريخه فقال: وكان قد بقي كبير البيت الأيوبي، وكان الملك الناصر صلاح الدين يوسف يعظمه ويحترمه ويثق به، ويسكن إليه كثيراً، لعلمه بسلامة جانبه، وكان عنده في أعلا المنازل، يتصرف في قلاعه وخزائنه وعساكره، ولما استولى التتار على مدينة حلب اعتصم بقلعتها، ثم نزل منها بالأمان. انتهى. قلت ومما كتب إليه أسامة بن مرشد بن علي بن مقلد بن نصر بن منقذ الكناني في ضرس قلعه، ملغزا: وصاحب لا أمل الدهر صحبته ... يشقى لنفعى ويسعى سعي مجتهد لم ألقه مذ تصاحبنا فمذ وقعت ... عيني عليه افترقنا فرقة الأبد توفي الملك المعظم توران شاه المذكور بعد وقعة التتار بأعمال حلب في أحد الربيعين سنة ثمان وخمسين وستمائة، قاله الحافظ عبد المؤمن الدمياطي في معجمه. وقال الشهاب محمود في تاريخه: وكانت وفاته بحلب في السابع والعشرين من شهر ربيع الأول سنة ثمان وخمسين وستمائة، ودفن بدهليز داره. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 182 هذا غير توران شاه بن أيوب، والملك المعظم شمس الدين، أخي السلطان صلاح الدين بن أيوب، ووفاته سنة ست وسبعين وخمسمائة، وأيضاً خلاف توران شاه ابن الأمير العباسي الحلبي المعرف بالشيخ شمس الدين الزاهد، ووفاته سنة خمس وثلاثين ستمائة، كلاهما لا يدخلان في تاريخنا لأن وفاتهما قبل الدولة التركية انتهى. ؟ 804 - توران شاه الملك المعظم سلطان الديار المصرية 684هـ -؟ 1250م توران شاه بن أيوب بن محمد، السلطان الملك المعظم بن السلطان الملك الصالح نجم الدين بن السلطان الملك الكامل بن السلطان الملك العادل، سلطان الديار المصرية. جلس على تخت الملك بعد وفاة والده الملك الصالح نجم الدين أيوب، ولما مات أبوه كان المذكور بحصن كيفا، فجمع فخر الدين ابن الشيخ أمراء الديار الجزء: 4 ¦ الصفحة: 183 المصرية وحلفوا له، وسيروا خلفه الفارس أقطاي، فساق على البريد وعاد به على البريد لا يعترض عليه أحد من ملوك الشام، فكاد يهلك عطشا، ودخل دمشق بأبهة السلطنة في آخر شهر رمضان، ونزل بقلعتها، ونفق الأموال، وأحبه الناس، ثم سار إلى القاهرة، بعد عيد الأضحى، فاتفق كسرة الفرنج عند قدومه، ففرح الناس وتيمنوا بوجهه. ثم بدت من أمور نفرت الناس عنه، منها أنه كان فيه خفة وطبش، وكان والده الملك الصالح يقول: ولدي ما يصلح للملك، وألح عليه يوماً الأمير حسام الدين بن أبي علي طلب إحضاره من حصن كيفا، فقال: أجيبه إليهم ليقتلوه، فكان الأمر كذلك، وقتل قبل الخمسين وستمائة. وكان توران شاه المذكور لا يزال يرحك كتفه الأيمن مع نصف وجهه، وكثيراً ما يولع بلحيته، رحمه الله تعالى. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 184 حرف الثاء المثلثة 805 - ثابت الهاشمي أمير المدينة 811هـ؟ 1408م ثابت بن نعير بن منصور بن جماز بن شيحة بن سالم بن قاسم بن جماز بن قاسم بن مهنا بن الحسين بن مهنا بن داود بن القاسم بن أبي علي عبيد الله بن أبي القاسم طاهر بن الفقيه المحدث النسابة أبي يحيى بن الحسن بن جعفر بن عبيد الله بن الحسين الأصغر بن زين العابدين أبي الحسين بن علي بن الحسين السبط بن علي ابن أبي طالب رضي الله عنهم، الأمير عز الدين أبو قيس الشريف الهاشمي الحسيني، أمير المدينة النبوية، على ساكنها أفضل الصلاة والسلام. قال الشيخ تقي الدين أحمد المقريزى رحمه الله: أعلم أن المدينة النبوية، طيبة، المسماه في الجاهلية يثرب، كانت أولاً بيد اليهود، ثم نزلها الأوس والخزرج، وهم الذين قيل لهم في الإسلام الأنصار، وغلبوا اليهود عليها، وجاء الله بالإسلام وهي بأيديهم واليهود نازلون معهم، كما ذكرته في كتاب إمتاع الأسماع، فلما هاجر رسول الله صلى الله عليه وسلم من مكة إلى المدينة، وهاجر أصحابه رضي الله عنهم إليها، صارت دار الهجرة، فلما مات رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يجعل الجزء: 4 ¦ الصفحة: 185 الله للأنصار خلافة رسوله وإنما في أمته المهاجرون أبو بكر ثم عمر ثم عثمان ثم على رضي الله عنهم، فتفرق الأنصار في الأقطار من أجل خروجهم من المدينة إلى غزو الكفار، وانقرضوا، فلم يبق منهم إلا بقايا متفرقين بنواحي الحجاز وغيرها. وولى إمارة المدينة بعد الخلفاء الراشيدين العمال من قبل بني أمية، ثم من قبل بني العباس، وكان بها من ولد الإمام أبي عبد الله الحسين بن علي بن أبي طالب رضي الله عنه جماعة كثيرة تناسلوا بها من ابنه زين العابدين أبي الحسن على منذ استقر بها في أيام يزيد بن معاوية، وقد قتل أبوه السيد حسين رضي الله عنه وإخوته بكلا بلاء، ولم يبق من ولده سوى علي زين العابدين، فكانت الرئاسة بالمدينة بين بني الحسين وبين بني جعفر بن أبي طالب، فغلب بنوا الحسين بني جعفر وأخرجوهم من المدينة، فسكنوا بين مكة والمدينة إلى أن أجلاهم بنو حرب من بطون زبيد إلى القرى من مصر، فنزل بصعيد مصر جماعة من الجعافرة، وأقام الحسينيون بالمدينة إلى أن جاءهم طاهر بن مسلم من مصر فملكوه عليهم. واستمرت الإمرة فيهم إلى يومنا هذا. وبيان لك: أن زين العابدين كان له من الولد سبعة وهم: عبد الله الأرقط، وعلى، وعمر، وزيد الإمام الشهيد، ومحمد الباقر، وعبد الله، الحسين الجزء: 4 ¦ الصفحة: 186 الأصغر وهو الأعرج حجة الله جد أمراء المدينة، وكان قد أقطعه السفاح البند شير بخراسان وخراجها في السنة ثمانون ألف دينار، ثم زاده محمد المهدي إقطاعاً بالمدينة، وذلك أن أبا مسلم الخراساني دعاء للخلافة فرمى بنفسه من السطح ليفر منه، فانكسرت رجله فعرج، فرعى له ذلك السفاح ونبوه، وكانت له ضيعة الجوانية بالمدينة النبوية، وتسمى البصرة الصغرى، وترك من الولد جعفرا، حجة الله، ومحمد الجواني، وآخرين نزلوا الكوفة، واستقرت الضيعة لمحمد الجواني، وبه سميت، اشتراها الورثة، وكان له من الولد الحسن والحسين، فصارت للحسن. وكانا يصحبان محمد بن علي الرضا بن موسى الكاظم، بوصية على الرضا لابنه محمد، فكان لا يفارقهما، ويركب إليهما إلى الجوانية. وجعفر حجة الله، هو أصل بيت بني مهنا، أمير المدينة، ومن ولده الحسن ابن جعفر، وأبي الحسين يحيى بن الحسن بن جعفر بن عبيد الله، وكن فقيها بأنسابه، وله كتاب في نسب أبي طالب، وكتاب في أخبار المدينة النبوية، وهو الذي أصلح بين بني جعفر وبين الحسن والحسين، ومضى في ذلك إلى وإلى المدينة يومئذ أحمد بن يعقوب الهاشمي، خال بني الجواني، فأذن له فيه، وسار إليهم إلى وادي القرى فأصلح بينهم، وتوفي سنة سبع وسبعين ومائتين عن ثلاث وستين سنة. وكان أبه أبو القاسم طاهر بن يحيى بن الحسن بن جعفر قد سار في عصره وبني بالعقيق دارا ونزلها حتى مات في سنة ثلاث عشرة وثلاثمائة، وكان له من الولد عبيد الله ويدعي زيداً والحسن، فدخل الحسن إلى الأمير أبي بكر محمد الجزء: 4 ¦ الصفحة: 187 ابن طغج الأخشيد بمصر وأصلح بينه وبين الأمير محمد بن رائق وسيف الدولة ابن حمدان، فأقطعه الإخشيد ما يغل مائة ألف دينار، وسكن بمصر، وكان له من الولد طاهر بن الحسن بن طاهر بن يحيى، ومدحه أبو الطيب أحمد المتنبي يقوله: أعيدوا صباحي ... فهو عند الكواعب وكان صديقاً للأستاذ أبي المسك كافور الإخشيدي أمير مصر، ولم يكن بها يومئذ أوجه منه، إلا أن عبد الله بن أحمد بن علي بن الحسن بن إبراهيم طباطبا الحسنى كان يضاهيه في رئاسته. فلما قتل أمراء الدولة الإخشيدية بعد موت كافور، دعى الشريف مسلم هذا إلى الإمام المعز لدين الله أبي تميم معد، وهو يؤمئذ بالقيروان، فلما قدم المعز لقيه مسلم بالحمام خارج الإسكندرية فيمن لقيه، فأكرمه المعز وأركبه معه في معادلته واختص به وبولده، وتوفي سنة ست وستين وثلاثمائة، وصلى عليه العزيز بن المعز. وذكره الشيف نقيب النقباء أبو علي محمد بن سعد بن علي الجواني في كتاب نزهة المهنا في نسبة الأشراف بني مهنا، ومنه نقلت ما تقدم. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 188 وفي كتاب العتبى مؤرخ دولة محمود بن سبكتكين أن المعز خطب كريمة مسلم هذا فرده، فسخطه المعز ونكبه، وهلك في اعتقاله، وليس هذا بصحيح. وكان لمسلم من الولد أبو الحسن طاهر وأبو عبد الله جعفر، فلحق طاهر بالمدينة وقدمه بنو الحسين على أنفسهم، فاستقل بإمارتها سنين، وكان يلقب بالمليح، وتوفي سنة إحدى وثمانين وثلاثمائة. وولى بعده ابنه الحسن بن طاهر أبو محمد، ثم غلب على إمارة المدينة بنو عم أبيه أبي أحمد القاسم بن عبيد الله، وهو أخو جده مسلم، واستقلوا بها، وكان لأبي أحمد القاسم من الولد داود ويكنى أبا هاشم، وعند العتبى أن الذي ولى بعد طاهر بن المسلم بالمدينة هو صهره وابن عمه داود بن القاسم بن عبيد الله بن طاهر، وكناه أبا علي، ويظهر أنه غلب الحسن عليها لأن الجواني قال بعد أن ذكر الحسن ابن طاهر ونعته بالأمير، وقال: وفد على يكجور بدمشق، وأهدى له من شعر النبي صلى الله عليه وسلم أربع عشرة شعرة، ثم رحل إلى محمود سبكتكين فأقطعه، واستقر عنده إلى أن توفي ببست في سنة سبع وتسعين وثلاثمائة بعمان. وكان له من الولد هاني ومهنا والحسين فيما قال الجواني. وقال العتبي: ولي هاني ثم مهنا، وكان الحسن زاهدا. وذكر الجواني هنا أمير آخر منهم، قال فيه: الأمير أبو عمارة حمزة أمير المدينة، لقبه أبو الغنائم، ومات سنة ثمان وأربعمائة. وخلف الحسن بن داود الزاهد ابنه هاشماً، وولى المدينة سنة ثمان وعشرين وأربعمائة من قبل المستنصر، وقال: وخلف مهنا بن داود عبيد الله، والحسين، الجزء: 4 ¦ الصفحة: 189 وعمارة، فولى بعده ابنه عبيد الله ولقبه أبو الغنائم بن النسابة، ومات سنة ثمان وأربعمائة، وقتله موالى الهاشميين بالبصرة، ثم ولى الحسين، وبعده ابنه مهنا بن الحسين. وقال أبو سعيد: في سنة تسعين وثلاثمائة ملك المدينة أبو الفتح الحسن بن جعفر، من بني سليمان أمراء مكة، بأمر الحاكم بأمر الله، وأزال عنها إمارة بني مهنا من بني الحسين، وحاول نقل الجسد النبوي إلى مصر ليلاً، فأصابتهم ريح عاصفة أظلم لها الجو كادت تقتلع المباني من أصلها، فردهم أبو الفتح عن ذلك ورجع إلى مكة، وعاد بنو مهنا إلى المدينة. وذكر الجواني من أمرائهم: منصور بن عمارة ولم ينسبه، وقال صاحب حماة: مات سنة سبع وتسعين وأربعمائة، وولى بعده ابنه، والظاهر أنه ابن عمارة بن مهنا بن داود الذي مر ذكره، لأن أبا الغنائم لقى أبا عمارة سنة ثمان وأربعمائة كما مر، ثم ولى من بعد الحسين بن مهنا ابنه مهنا، قال فيه الجواني: أمير المدينة، وكان له من الأولاد الحسين وعبد الله وقاسم، قال: وولى الحسين المدينة، ومات عبد الله قتيلاً في وقعة نخلة، وذكر من ولد الحسين منصور بن محمد بن عبد لله بن عبد الواحد ابن مالك بن الحسين ونعته بالأمير، وذكر أنه وفد على العاضد وتعت أباه بالمير، وذكر منهم داود مهنا بن الحسين، وذكر من ولده عبد الله بن مهنا الجزء: 4 ¦ الصفحة: 190 ونعته وأباه بالأمير وقال: وفد على العاضد مع بني عمه في وزارة صلاح الدين، وذكر قاسم بن مهنا وكناه بأبي الحسن ونعته بالأكرم جمال الشرف فخر العرب صنيعة أمير المؤمنين. وذكر صاحب حماة: أن القاسم بن مهنا بن الحسين كنيته أبو فليته، وأنه حضر مع السلطان صلاح الدين يوسف بن أيوب غزاة أنطاكية وفتحها سنة أربع وثمانين وخمسمائة. وقال الزنجاني، مؤرخ الحجاز: وقد مر ذكر أمراء المدينة وأحقهم بالذكر لجلالة قدره قاسم بن مهنا، ولاه المستضئ فأقام خمساً وعشرين سنة، ومات سنة ثلاث وثمانين وخمسمائة. وولى ابنه سالم بن قاسم، وذكر الجواني من ولد قاسم بن مهنا سالماً هذا وجمازا ومهنا وآخر، ونعت كلا منهم بالأمير، ونعت سالماً بأمير المدينة، وذكر من ولد جماز قاسماً وفليته ومهنا، وذكر من ولد قاسم سالم بن قاسم، وفيه قال الجزء: 4 ¦ الصفحة: 191 بان سعيد: أنه ولى بعد أبيه قاسم بن جمازن قال: وكان شاعراً، وهو الذي كان بينه وبين أبي عزيز قتادة صاحب مكة من بني حسن وقعة المصارع ببدر سنة إحدى وستمائة، زحف أبو عزيز من مكة وحاصره بالمدينة واشتد في حصاره، ثم ارتحل وجاء المدد إلى سالم من بني لام إحدى بطون طي، فأدرك أبا عزيز ببدر فاقتلوا، فهلك من الفريقين خلق، وانهزم أبو عزيز إلى مكة، وسالم بن قاسم في اتباعه، وحاصره مثل أيم حصاره بالمدينة، ثم رجع عنه، وفي سنة إثنتي عشرة وستمائة حج المعظم عيسى بن العادل أبي بكر بن أيوب، فحدد المصانع والبرك، وكان معه سالم بن قاسم أيمر المدينة جاء يشكو من قتادة فرجع معه، ومات في الطريق قبل وصوله إلى المدينة، جاء يشكو من قتادة فرجع معه، ومات في الطريق قبل وصوله إلى المدينة وولى بعده ابنه شيحة، وكان سالم قد استخدم عسكراً من التركمان، فمضى بهم جماز بن شيحة إلى قتادة وغلبه، وفر إلى ينبع وتحصن بها، وفي تاريخ مكة: أن شيحة شامير المدينة بعثه السلطان الملك الكامل محمد بن العادل أبي بكر بن أيوب مع عسكره لإخراج راجح بن قتادة من مكة في سنة تسع وعشرين وستمائة، ثم وصل إلى مكة في ألف فارس جهزهم السلطان الملك الصالح نجم الدين أيوب بن الكامل في سنة سبع وثلاثين الجزء: 4 ¦ الصفحة: 192 وستمائة، فأخذها من نواب صاحب اليمن، قال: وكانت ولايته المدينة بعد قتل قاسم بن جماز بن قاسم بن مهنا جد الجمايزة، فثار عليهم عمير بن قاسم بن جماز في صفر سنة تسع وثلاثين وستمائة، ففر من المدينة، ثم عاد وملكها حتى مات مقتولاً بيد بين لام في سنة سبع وأربعين وستمائة. فلما قتل شيحة ولى المدينة ابنه عيسى بن شيحة، ثم قبض عليه أخوه جماز ابن شيحة في السنة المذكورة، وولى مكانه. وقال ابن سعيد: وفي بسنة إحدى وخمسين وستمائة كان بالمدينة أبو الحسين ابن شيحة بن سالم، وقال غيره: كان بالمدينة سنة ثلاث وخمسين وستمائة أبو مالك منيف بن شيحة، ومات سنة سبع وخمسين، وولى أخوه جماز، وطال عمره حتى مات بعد السبعمائة. وفي تاريخ مكة: جماز بن شيحة بن هاشم بن قاسم بن مهنا بن حسين بن مهنا بن داود بن قاسم بن عبد الله بن طاهر، الأمير عز الدين، ولى بعد وفاة أخيه منيف بن شيحة سنة سبع وخمسين وستمائة، ثم انتزعها منه بن الجزء: 4 ¦ الصفحة: 193 أخيه مالك بن منيف بن شيحة سنة ست وستين، فاستنجد عليه عمه بأمير مكة وغيره من العربان، فلم يقدروا عليه ورحلوا عنه عجزاً، فأسلمها إليه ابن أخيه مالك بن منيف، فاستقل جماز بإمارتها من غير منازع حتى سلمها هو لإبنه الأمير منصور ابن جماز في سنة سبعمائة لأنه كان قد أضر وشاخ وضعف، ثم مات في سنة أربع سبعمائة. وكان ذا حزم ورأى، وهو الذي حاصر مكة وأخذها من ابني نمى. فقام منصور بن جماز بإمرة المدينة إلى أن قبض عليه في موسم سنة عشر وسبعمائة، وحمل إلى القاهرة ولحق أخواه مقبل وودي ابنا جماز بالشام، ثم قدم مقبل إلى القاهرة، والقائم بأمر الدولة بيبرس الجاشنكير، فأشرك بينهما في الإمرة وفي الإقطاع، وسارا إلى المدينة، فأقام مقبل بين أحياء العرب، ونزل منصور بالمدينة، ثم غاب عنها وأقام عليها ابنه كبيشا، فهجم عليه مقبل وملكها وفر كبيش، فاستجاش بالعرب، وزحف على عمه مقبل فقتله في سنة تسع، ورجع منصور إلى المدينة، وتغير على عمه منصور حتى خرج من المدينة، فاستنجد أيضاً بقتادة ابن إدريس بن حسين صاحب ينبع، فكانت بين منصور وبين الجزء: 4 ¦ الصفحة: 194 قتادة حروب شديدة في سنة إحدى عشرة وسبعمائة آلت إلى مسير ماجد إلى المدينة وأخذها من منصور في سنة سبع عشرة وسبعمائة، وكتب منصور إلى السلطان الملك الناصر محمد بن قلاوون ملك مصر والشام والحجاز، فبعث إليه عسكرا حاصر ماجدا حتى فر من المدينة، وملكها منصور في ربيع الأول منها، ثم تمكر عليه السلطان وعزله بأخيه ودي قليلا، ثم أعاده، فأقام على ولايته إلى أن مات قتيلاً في شهر رمضان سنة خمس وعشرين وسبعمائة، قتله قريب له على غرة، وله من العمر سبعون سنة، وولى عوضه ابن كبيش بن منصور بن جماز. وإلى منصور هذا يرجع بنو حسين بالمدينة، وذلك أنه كان له من الولد طفيل وجماز وعطيفة ونعير وريان وكوير وكبيش، فمن ولد طفيل ابن منصور آل منصور، وذكر منهم يحيى بن طفيل بن منصور، ومن ولد جماز بن منصور آل حماز وهم: آل هبة وآل شفيع بن جماز، فمن بني هبة بن جماز بن منصور الأمراء بالمدينة وهما: جماز وسليمان ابنا هبه بن جماز، وعزيز ابن هيازع بن هبة بن جماز، وحشرم بن دوغان بن جعفر بن هبة بن جماز بن منصور، ومن ولد عطيفة بن منصور بن جماز بن شيحة الأمراء أيضاً: وهم ومانع بن علي بن عطيفة بن منصور، ومن نعير بن منصور بن جماز بن شيحة الأمراء آل نعيروهم: ثابت بن نعير صاحب الترجمة وعجلان بن نعير، ومن ولد ريان بن منصور بن جماز بن شيحة آل ريان ومنهم: زهير بن سليمان بن ريان، وآل كويروهم: مخزوم بن كوير، ومن ولد كبيش بن الجزء: 4 ¦ الصفحة: 195 منصور آل هدف بن كبيش ويعرفون بالهدفان، ومن ولد كبيش بن منصور الآخر آل حرمين. ولما ولى كبيش بن منصور بن جماز بعد أبيه حكاربه عسكر بن ودي في صفر سنة سبع وعشرين وسبعمائة، وفر إلى القاهرة، وملك المدينة وجى بن جماز بن شيحه، فقيض بمصر على كبيش وسجن، وولى عوضه بالمدينة طفيل بن منصور بعد ما قتل كبيش في يوم الجمعة سلخ رجب منها، فقدم طفيل المدينة في حادي عشرين شوال فأقام ثمان وسنتين وثلاثة عشر يوماً، وولى عوضه ودي بن جماز في سنة ست وثلاثين وسبعمائة، واستمر إلى سنة ثلاث وأربعينن فملك طفيل المدينة عنوة، واستمر ودي معز ولا حتى مات سنة خمس وأربعين وسبعمائة، ثم عزل طفيل عن المدينة في سنة خمسين فنهبها أصحابه وفر هو، ثم قدم إلى القاهرة فسجن حتى مات في شوال سنة اثنتين وخمسين وسبعمائة، وولى بعده الأمير سعد ابن ثابت بن جماز، وقدم المدينة يوم الثلاثاء ثاني عشر ذي الحجة، فشرع في عمل الخندق حول المدينة من وراء السور، فمات ولم يكمله، في ثاني عشرين شهر ربيع الآخر سنة إثنتين وخمسين وسبعمائة، فولى بعده فضل بن قاسم بن جماز بن شيحة حتى مات في سادس عشر بن ذي القعدة سنة أربع وخمسين، وقد أكل الخندق، فولى بعده مانع بن علي بن مسعود بن جماز بن الجزء: 4 ¦ الصفحة: 196 شيحة، ثم عزل بجماز بن منصور بن جماز بن شيحة، فاستمر جماز حتى قتل بيد الفداوية أيام السلطان حسن بن محمد بن قلاوون في حادي عشرين ذي القعدة سنة تسع وخمسين وسبعمائة، قتله فدلويان لما حضر إلى خدمة المحملن فاتفق أمراء الركب عبد قتله على توليه ابنه هبة بن جماز حتى يرد مرسوم السلطان، وكتبوا بالخبر إلى السلطان، فولى عوض جماز مانع بن علي بن مسعود، هو يؤمئذ بالقاهرة، ثم عزل وهو بها، وولى عطيفة بن منصور بن جماز بن شيحة، وحمل إليه التشريف والتقليد من مصر، فقدما في ثامن شهر ربيع الآخر سنة ستين إلى المدينة، فاستمر حتى عزل بابن أخيه هبة بن جماز بن منصور في سنة ثلاث وسبعين، وقبض عليه وأعيد عمه عطيفة بن منصور حتى مات سنة ثلاث وثمانين بالمدينة، وفيها مات أيضاً هبة بن جماز بن منصور حتى مات سنة ثلاث وثمانين بالمدينة، وفيها مات أيضاً هبة بن جماز بن منصور ووليها بعد عطية جماز بن هبة بن جماز بن منصور الحسيني، واستقل بها حتى شاركه في الإمرة بن عمه محمد بن عطيفة بن منصور في سنة خمس وثمانين، ثم تغلب جماز عليها وانفرد بالإمرة، ثم عزل في سنة سبع وثمانين بمحمد بن عطيقة حتى مات في جمادى سنة الجزء: 4 ¦ الصفحة: 197 ثمان وثمانين، وأعيد جماز، وقدمها بعد أن كسرت رجله وعرج، ثم انتزعت المدينة منه ليلاً في غيبته لأيام من شهر ربيع سنة تسع وثمانين وسبعمائة، وولى ثابت بن نعير بن منصور صاحب الترجمة وأقام جماز الأعرج خارج المدينة، ثم أعيد في صفر سنة خمس وثمانمائة بعد ما قبض عليه وأقام في السجن بالإسكندرية من سنة تسع وتسعين إلى أن أفرج عنه وأعيد، فقدم المدينة في جمادى الآخرة سنة خمس. ثم أعيد ثابت في ربيع الأول سنة إحدى عشر وثمانمائة، وجعل السلطان الملك الناصر فرج بن برقوق النظر على ثابت هذا وعلى أمير ينبع وجميع بلاد الحجاز للشريف حسن بن عجلان بن رميثة الحسنى، فلم يصل الخبر بذلك حتى مات ثابت صاحب الترجمة في صفر سنة إحدى عشرة وثمانمائة. ففوض ابن عجلان أمير مكة إمارة المدينة لعجلان بن نعير بن منصور في آخر شهر ربيع الآخر، وقد زوجه ابنته، وبعث معه عسكراً من مكة عليه ابنه أحمد ابن حسن بن عجلان، ودخلوا المدينة يوم النصف من جمادى الأولى بعد خروج جماز منها بأيام، بعد أن أخذ حاصل المسجد النبوي وقناديل الذهب والفضة، يأتي ذكر ذلك إن شاء الله تعالى. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 198 باب الثاء المثلثة والقاف 806 - ثقبة أمير مكة 762هـ -؟ 1361م ثقبة بن رميثة بن أبي نمى محمد بن أبي سعد حسن بن علي بن قتادة بن إدريس بن مطاعن الحسنى المكي، الأمير أسد الدين أبو شهاب، أمير مكة. وليها سنين شربكا لأخيه عجلان في حياة أبيهما، لما تركها لهما أبوهما، على ستين ألف درهم، وذلك في سنة أربع وأربعين وسبعمائة، ثم مستقلا بها مدة، وسببه أنه توجه إلى القاهرة في السنة المذكورة فقبض عليه السلطان الملك الصالح إسماعيل بن الناصر محمد بن قلاوون بها ثم أطلقه، فعاد إلى مكة، ثم توجه من مكة في سنة ست وأربعين وسبعمائة إلى القاهرة أيضاً، فقبض عليه ثانيا، واستمر عجلان أمير مكة بمفرده وذلك في حياة أبيه، فاستمر ثقبة هذا محبوساً بالقاهرة مدة، ثم أطلق هو وأخواه سند ومغامس وابن عمهم محمد بن عطيفه فوصلوا إلى مكة في سنة ثمان وأربعين وسبعمائة، وأخذوا من عجلان تصف البلاد بغير قتال. وداموا على ذلك إلى سنة خمسين وسبعمائة حصل بينهما وحشة، وكان عجلان بمكة وثقبة بالجديدة، ثم اصطلحا، وسافر عجلان إلى القاهرة فولى البلاد بمفرده الجزء: 4 ¦ الصفحة: 199 في السنة المذكورة، فتوجه ثقبة إلى اليمن، وعاد في الموسم صحبة الملك المجاهد صاحب اليمن ولم يحص قتال، ثم توجه ثقبة إلى الديار المصرية بعد أمور واستقل بإمرة مكة، ورجع إليها ومعه خمسون مملوكاً فمنعه عجلان، فرجع إلى خليص، فأقام بها إلى أن دخلها مع الحج، وأراد عجلان منعه ومنع الحاج، ثم رضى ثقبة أن يكون شريكاً لعجلان أيضاً، وكان المصلح بينهما المحمدي أمير الحاج المصري في سنة إثنتين وخمسين وسبعمائة، ثم استقل ثقبة بالأمرة في أثناء سنة ثلاث وخمسين بعد القبض على أخيه عجلان. واستمر ثقبة المذكور في الإمرة إلى أن قبض عليه الأمير عمر شاه أمير حاج المصري في موسم سنة أربع وخمسين وسبعمائة، واستقر عوضه أخوه عجلان، وحمل ثقبة إلى القاهرة فأقام بها معتقلاً إلى أن هرب منها في سنة ست وخمسين ووصل إلى مكة، وأعاث وأفسد، وقع بينهما أيضاً، ثم اصطلحا على أن يكون الأمر بينما نصفين على العادة، ثم بعد مدة استقل ثقبه بالأمر في سنة سبع وخمسين وسبعمائة، ثم ولى عجلان وهرب ثقبة، وأقام مدة، ثم اشتركا إلى سنة ستين وعزلا، وولى أخوهما سند وابن عمهما محمد بن عطيفة، وقيل أن ثقبة اشترك في الإمرة مع أخيه سند في سنة إحدى وستين، ثم عزل سند وأشرك معه عجلان، فلم يصل عجلان من القاهرة إلا وهو ضعيف مدنف، فأقام الجزء: 4 ¦ الصفحة: 200 أياماً، ثم مات في شوال سنة إثنتين وستين وسبعمائة، وحمل إلى مكة ودفن بالمعلاه. قلت: وكان زيدياً ويراعى هذا المذهب القبيح، وخلف عدة أولاد وهم: أحمد، وحسن، وعلي، ومبارك، وفاطمة، وانتهى. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 201 حرف الجيم 807 - الإمام أبو محمد الواد آشى المالكي 610 - 694 هـ؟ - 1213 - 1295م جابر بن محمد بن قاسم بن حسان، الإمام أبو محمد الأندلس الوادآشى المالكي، ونزيل تونس. مولده سنة عشر وستمائة، ورحل إلى تونس وتفقه بها، قدم القاهرة وحج ودخل الشام والعراق، وقرأ لأبي عمر، وعلى السخاوى، وسمع منه الشاطبية وسمع من ابن القبيطى، وعز الدين عبد الرزاق، ورجع إلى الاندلس واستوطن تونس، وسمع منه ابنه، وتوفي سنة أربع وتسعين وستمائة. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 203 ؟ 808 - إفتخار الدين الخوارزمي الحنفي 667 - 741 هـ؟ - 1269 - 1340م جابر بن محمد بن محمد بن عبد العزيز بن يوسف، العلامة إفتخار الدين أبو عبد الله الخوارزمي الحنفي، الإمام الفقيه النحوى. مولده في عاشر شهر شوال سنة سبع ستين وستمائة، وتفقه على خاله أبي المكارم بن أبي المفاخر الخوارزمي، وقرأ المفصل والكشاف على أبي عاصم الأسفندرى عن سيف الدين عبد الله بن أبي سعيد محمود الخوارزمي، عن أبي عبد الله البصرى عن الزمخشرى، وعلى جماعة أخر، وبرع، وأفتى ودرس، وأقرأ عدة سنين، وولى مشيخة الخانقاة الركنية المظفرية بيبرس الجاشنكير بالقاهرة، وسمع من الحافظ شرف الدين الدمياطي، وغيره. مات في المحرم سنة أحدى وأربعين وسبعمائة بظاهر القاهرة، ودفن بالقرافة، وكانت جنازته مشهودة، رحمه الله تعالى. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 204 809 - جاركس الخليلي 791هـ -؟ - 1381م جاركس بن عبد الله الخليل اليلبغاوي، الأمير سيف الدين، أمير آخور الملك الظاهر برقوق وعظيم دولته. أصله من مماليك الأتابك يلبغا العمري، ونسبته بالخليل إلى تاجره، وقيل أن أصله كان من تركمان طرابلس، والله أعلم. قلت: تأمر جاركس الخليل هذا بعد أن قتل الملك الأشرف شعبان بن حسين في سنة ثمان وسبعين وسبعمائة، واستمر على ذلك إلى أن وثب برقوق العثماني على الأمر، وصار هو مدبر مملكة الملك المنصور علي بن الأشرف، أنعم عليه بإمرة مائة وتقدمة ألف بالديار المصرية، ثم جعله أمير آخورا كبيراً بعد القبض على الأمير بركة، وصار جاركس المذكور عضد للأتابك برقوق، فلما تسلطن برقوق بقي لجاركس هذا كلمة نافذة في الدولة، وعظمه زائدة، ونالته السعادة وأثرى وعمر الأملاك الكثيرة، منها: خانه بالقاهرة المعروف الجزء: 4 ¦ الصفحة: 205 بخان الخليل، ثم شرع في عمل جسر بين الروضة والجزيرة في سنة أربع وثمانين وسبعمائة، وكان طول الجسر المذكور ثلاثمائة قصبة، وعرضه عشرة أقصاب، وكان ابتداء العمل في الجسر المذكور فس شهر ربيع الأول واتهاؤه في أواخر ربيع الآخر من السنة، وحفر في وسط البحر خليجا من الجسر إلى مزريبة قوصون. وفي هذا المعنى يقول البارع شهاب الدين بن العطار: شكت النيل أرضه ... للخليلى فأحصره ورأى الماء خائفاً ... أن يضاهي فجسره ثم في ذي القعدة عمل جاركس المذكور طاحوناً على الجسر المذكور، تدور بالماء وتطحن في كل يوم خمسة ارادب من القمح وأكثر. وفي هذا المعنى أيضاً يقول ابن العطار. شكا النيل من جوو السواقي ... فجاءه طواحين ماء والخليلى ناظر وهذا جزاء من زاد يا نيل تعتدي ... وتشكو إذا دارت عليك الدوائر كل ذلك قبل سلطتة الملك الظاهر برقوق، فلم يقم الجسر بعد ذلك إلا أياماً يسيرة، وعمل فيه الماء حتى أخذه كأنه لم يكن. واستمر الخليلى معظماً في دولة الملك الظاهر، والمشار إليه في المملكة إلى أن خرج الأمير يلبغا الناصري نائب حلب على الملك الظاهر برقوق، ووافقه منطاش وغيره، واستفحل أمره بالبلاد الحلبية وغيرها، وندب السلطان لقتاله عسكراً وغيره، واستفحل أمره بالبلاد الحلبية وغيرها، وندب السلطان لقتاله عسكرا هائلاً، وعليهم من الأمراء المقدمين الأمير الكبير أيتمش البجاسى، وأحمد بن يلبغا أمير الجزء: 4 ¦ الصفحة: 206 مجلس، وجاركس الخليلى صاحب الترجمة، وأيدكار الحاجب، ويونس النوروزى الدوادار الكبير وغيرهم، وخرجوا من القاهرة في يوم السبت رابع عشر شهر ربيع الأول سنة أحدى وتسعين وسبعمائة إلى أن وصلوا إلى دمشق ودخلوها قبل وصول الناصري اليها، وأقاموا بها حتى نزل الناصري على خان لاجين ظاهر دمشق في يوم السبت تاسع عشر شهر ربيع الآخر، وكانت الوقعة بين الفريقين في يوم الإثنين حادي عشرين شهر ربيع الآخر، فقتل الأمير جاركس في يوم الإثنين حادي عشرين شهر ربيع الآخر، فقتل الأمير جاركس الخليلى في المعركة بالبرزة خارج دمشق في يوم الإثنين المذكور سنة إحدى وتسعين وسبعمائة، ووجد الملك الظاهر برقوق عليه وجدا عظيماً، وخارت قواه بقتله. قال قاضي القضاة العينى: وكان رجلاً حسن الشكالة مهيبا، ذا خبرة ومعرفة، لين الكلام، كثير الإحتشام، ذا همة واجتهاد، وعزيمة صادقة، وحسن اعتماد، ولكنه كان عنده نوع من الكبر والتجبر والعسف، وكان يعجبه رأيه وعقله، وكان صاحب خير كثير سراً وجهراً، وكان رتب في كل يوم خميس بغلين من الخبز يدور بها أحد مماليكه في القاهرة ويفرقه على الفقراء والمساكين، وكل سنة كان يبعث في الحرمين الشريفين قمحاً كثيراً للصدقات، وكان يحب جمع المال، ويتاجر في سائر البضائع في سائر البلاد. وجاركس بجيم وألف وراء مهملة ساكنة وكاف مهملة وسين مهملة ساكنة، وهو لفظ أعجمي معناه أربعة أنفس، أنتهى. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 207 ؟؟ 810 - جاركس الناصري 608 - 1211 م جاركس بن عبد الله الناصري، الأمير فخر الدين. كان من أمراء الملك الناصر صلاح الدين يوسف، ومن أكابر دولته، وكان يقال أن اسمه أباز والأول أصحر، وكان نبيلاً عاقلاً كريماً، كبير القدر، عالي الهمة، ينقاد إلى الخير، وهو باني القيسارية الكبرى بالقاهرة المسماه بقيسارية جاركس. قال القاضي شمس الدين أحمد بن خلكان في تاريخه: رأيت جماعة من التجار الذين طافوا البلاد يقولون، لم نر في شئ من البلاد مثلها في حسنها وإحكام بنائها، وبنى بأعلاها مسجداً كبيراً، وربعاً معلقاً وتوفي في بعض شهور سنة ثمان وستمائة، ودفن بجبل الصالحية، وتربته مشهورة هناك، وكان الملك العادل أعطاه بانياس وتبنين والشقيف إقطاعا فأقام بها مدة، ولما مات أقر العادل ولده على ما كان عليه، وكان أكبر من بقى من الأمراء الصلاحية. انتهى. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 208 قلت: وليس لذكر جاركس المذكور م حل في تاريخنا هذا لما شرطناه من أننا لا نذكر إلا من دولة الأتراك إلى يومنا هذا، وقد تقدم الكلام على اسم جاركس في ترجمة السابق. 811 - جاركس المصارع أخو الملك الظاهر جقمق 810 - 1407 م جاركس بن عبد الله القاسمي الظاهري، الأمير سيف الدين، والمعروف بجاركس المصارع. انتهت إليه الرئاسة في فن الصراع شرقاً وغرباً. أصله من مماليك الملك الظاهر برقوق، ومن أعيان خاصكيته، وتأمر بعد موته في الدولة الناصرية فرج بن برقوق إمرة عشرة، ثم صار دوادار ثانيا، ثم نقل بعد مدة إلى تقدمة ألف بالديار المصرية، ثم صار أمير آخورا كبيراً في يوم الإثنين سابع جمادى الآخرة سنة ثمان وثمانمائة عوضاً عن سودون المحمدي المعروف بتلى يعنى مجنون، واستمر على ذلك إلى أن توجه الملك الناصر فرج إلى حلب في سنة تسع وثمانمائة، ولاه نيابة حلب، عوضاً عن الأمير دمرداش المحمدي، فباشر نيابة حلب يوماً واحداً أو يومين، وتوجه صحبة الملك الناصر أيضاً عائداً نحو الديار المصرية، وعدم مكثه بحلب خوفاً من الأمير جكم من عوض. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 209 ودام بالديار المصرية إلى تجرد الملك الناصر فرج ثانياً نحو البلاد الشامية، فلما وصل إلى دمشق وقبض على الأميرين الأتابك يشبك الشعباني وشيخ المحمودي نائب الشام، أعنى المؤيد، وحبسهما بقلعة دمشق، وكان الأمير جاركس هذا قد تأخر عن الخدمة في ذلك اليوم، فلما بلغه الخبر فر من ساعته، فلم يدرك، وذلك في يوم الأحد خامس عشرين شهر صفر سنة عشرة وثمانمائة، وتوجه إلى جهة حلب، فلما كان ليلة الإثنين ثالث ربيع الأول فر الأميران يشبك وشيخ من حبس قلعة دمشق باتفاق من نائبها الأمير منطوق، وفر معهما، فاختفى شيخ بدمشق، وسار يشبك حتى اجتمع بالأمير جاركس المصارع هذا على حمص. وأما منطوق فكان من خبره أنه لما خرج مع الأتابك يشبك وسارا إلى جهة حلب، وبلغ الملك الناصر خبرهما، أرسل بطلبهما الأمير بيغوت، فساق يشبك ونجا بنفسه، وتخلف منطوق عن السوق حتى قبض عليه بيغوت وقطع رأسه، وبعث به إلى الملك الناصر فرج لأن منطوقاً كان مجسماً بديناً قد كلت به خيوله حتى قبض عليه، ثم أرسل السلطان الملك الناصر فرج بالأمير سلامش إلى الأمير نوروز الحافظي، وعلى يده تقليده بنيابة دمشق، عوضاً عن الأمير شيخ المحمودي، وندبه لقتال العصاة من أمرائه. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 210 ثم أن شيخاً اجتمع بالأمير يشبك والأمير جاركس هذا وطرق دمشق بهما في ليلة الأحد ثامن شهر ربيع الآخر من السنة، ففر من كان بها من الأمراء، وملكها شيخ وأقام بها، وعنده يشبك وجاركس، أياماً قلائل حتى ورد عليهم الخبر بنزول بكتمر جلق على مدينة بعلبك، فعند ذلك برز إليه الأميران يشبك وجاركس بمن معهم غارة لقتاله، فوافاهم الأمير نوروز على غفلة وقاتلهم، فكانت بينهم وقعة هائلة، قتل فيها يشبك وجاركس صاحب الترجمة، وذلك في يوم الجمعة ثالث عشر شهر ربيع الآخر سنة عشر وثمانمائة، رحمهما الله تعالى. وكان الأمير جاركس المذكور اميراً جليلاً، شجاعاً مقداماً، رأسا في الصراع، معدوداً من نوادر الدنيا، لم يخلف بعده مثله في فنه، بل ولا رأى هو مثل نفسه، هذا مع الخلق الحسن، وصباحة الوجه، وكان طوالا جسيماً، أسود اللحية جيدها، وكان مع شدته وعظيم قواه هينا ليناً، بشوشاً لطيفاً، حلوا المحاضرة، كريماً، وهو أخو الملك الظاهر جقمق، نصره الله، وهو الأسن والسبب في ترقية، وكلاهما جاركسى الجنس، رحمه الله. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 211 812 - جار قطلو نائب الشام 837هـ -؟ - 1434م جار قطلو بن عبد الله الظاهري، الأمير سيف الدين، نائب الشام، أصله من مماليك الملك الظاهر برقوق، اشتراه في سلطنته وأعتقه وجعله خاصكياً بسفارة إنياته الأمير سودون المارديني الدوادار، ثم صار في الدولة الناصرية فرج من جملة أمراء العشرات، وضرب الدهر ضرباته إلى أن صار نائب حماة في الدولة المؤيدية شيخ، عوضاً عن الأمير تنبك البجاسى بحكم عصيانه وفراره، واستمر في نيابة حماة إلى أن تجرد الملك المؤيد إلى البلاد الشمالية ونازل القلاع التي بها، وأخذ البعض وحاصر البعض، ثم عاد إلى البلاد الشامية، وخلف على حصار قلعة كختا الأمير آقباى نائب دمشق، والأمير قجقار القردمى الجزء: 4 ¦ الصفحة: 212 نائب حلب، والأمير جار قطلو المذكور نائب حماة، وأمرهم بحصار قلعة كحتا المذكورة حتى يأخذوها عنوة، فلما رحل الملك المؤيد عنها، أقاموا بعده أياماً قلائل، ثم رحلوا عنها لما بلغهم مجئ قرا يوسف إلى نواحي تلك الجهات من غير إذن الملك المؤيد، وساروا خلف الملك المؤيد حتى أدركوه بحلب، فعظم ذلك عليه، وعزل قجقار القردمى عن نيابة حلب بالأمير يشبك المؤيدي نائب طرابلس، وعزل جار قطلو عن نيابة حماة، وولاه نيابة صفد، عوضاً عن الأمير خليل الجشارى، فاستمر في نيابة صفد إلى أن طلب إلى الديار المصرية، فلما وصل إلى قطيا قبض عليه وحمل مقيدا إلى ثغر الإسكندرية، فحبس بها، وذلك في سابع شهر ربيع الآخر سنة أحدى وعشرين وثمانمائة، فاستمر في الحبس مدة، بطالاً إلى أن استقر به الملك الظاهر ططر في نيابة حماة ثانياً، عوضاً عن تنبك، ثم أطلق البجاسى المنتقل إلى نيابة طرابلس. والغريب أن جار قطلو المذكور ولى نيابة حماة مرتين، وكلاهما عن الأمير تنبك البجاسى، وأغرب من ذلك أن جار قطلوا المذكور كان أغاة تنبك البجاسى المذكور في الطبقة، وله عليه تربية وفضل، وكان تنبك معترفاً بإحسانه ويرعى له الحرمة القديمة، على إنه كان أعلى منزلة منه بولايته نيابة حلب. واستمر الأمير جار قطلو في نيابة حماة إلى أن نقله الملك الأشرف برسباى إلى نيابة حلب، عوضاً عن الأمير تنبك البجاسى أيضاً، بحكم انتقال تنبك البجاسى الجزء: 4 ¦ الصفحة: 213 إلى دمشق، بعد موت الأمير تنبك العلائي ميق، وذلك في شوال سنة ست وعشرين وثمانمائة، فباشر جار قطلو نيابة حلب إلى أن عزل عنها في شهر جمادى الأولى سنة احدى وثلاثين وثمانمائة، وطلب إلى القاهرة وصار من جملة المقدمين بها مدة يسيرة، وأخلع عليه باستقراره أتابك العساكر بالديار المصرية بعد موت الأمير الكبير يشبك الساقى الأعرج في خامس جمادى الآخرة سنة أحدى وثلاثين وثمانمائة. ولما صار أتابكا عظم في الدولة وحظى عند الملك الأشرف برسباى حتى أتى لقد سمعت الملك الاشرف غير مرة يقول في أمر لا ينعم به لأحد لو جاء جار قطلو ما فعلت كذا وكذا ثم نقله الملك الأشرف إلى نيابة الشام، عوضاً عن الأمير سودون من عبد الرحمن، واستقر سودون من عبد الرحمن عوضه أتابك العساكر بالديار المصرية في سنة خمس وثلاثين وثمانمائة. وفي توليتهما نادرة، وهو أن الأمير سودون من عبد الرحمن لما طلب إلى القاهرة وطلع إلى قلعة الجبل ودخل إلى الخدمة الشريفة بالقصر مع الأمراء فلما خرج السلطان إلى القصر البراني، وقف أيضاً جار قطلو على الميمنة، ووقف سودون من عبد الرحمن نائب الشام على الميسرة، فطلب السلطان الخلع، وأخلع على جار قطلو بنيابة الشام، وعلى سودون من عبد الرحمن بالأتابكية، وقبلا الأرض، ثم مشى جار قطلو حتى وقف في الميسرة، وقف سودون من عبد الرحمن في الميمنة، الجزء: 4 ¦ الصفحة: 214 ثم انقضت الخدمة ونزلا معاً، فحجب جار قطلو سودون من عبد الرحمن ومشى أمامه، كل ذلك من غير أن يشير إليهما أحد بذلك، وما ذلك إلا لعظم ما كانا عليه من التربية والآداب والمعرفة بقواعد المملكة والترتيب. واستمر الأمير جار قطلو في نيابة دمشق، رسافر صحبة الملك الأشرف إلى آمد في سنة ست وثلاثين وثمانمائة، وكثر الكلام في حقه في حصار آمد، وأشيع عنه أنه يريد الوثوب على السلطان، وما أظن ذلك كان له حقيقة، حتى عاد الملك الأشرف إلى دمشق، فأخلع عليه أيضاً خلعة الإستمرار، وعاد الأشرف إلى الديار المصرية. واستمر جار قطلو هذا في نيابة دمشق إلى أن توفي بها في تاسع عشر شهر رجب سنة سبع وثلاثين وثمانمائة وهو من أبناء السبعين. وكان أميراً جليلاً، وقوراً، معظماً في الدولة، كريماً، إلا أنه كان مسرفاً على نفسه، وفيه دعابة، وكان غير مشكور السيرة في نيابته بحلب، ورجمه أهلها غير مرة، وحمدت سيرته في نيابته بدمشق إلى الغاية، وكان شيخاً أبيض اللحية، قصيراً جداً، سميناً، متجملاً في ملبسه ومركبه، كريماً على حواشيه ومماليكه، وكان عفيفاً عن أموال الرعية، قليل الطمع، إلا أنه كان عنده بادرة وحدة خلق مع سفه وسطوه، وكان جاركسى الجنس. وجار قطلو، بجيم الأعاجم، وبعدها ألف، وراء ساكنة مهملة، وقاف مضمومة، وطاء مهملة ساكنة، ولام مضمومة، ويجوز كسرها، كلاهما بمعنى واحد، وجار قطلو لفظ مركب من أعجمي وتركى، فجار بالعجمي أربعة، وقطلو بالتركى مبارك انتهى. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 215 ؟ 813 - جانم الظاهري نائب طرابلس 814هـ -؟ - 1411م جانم بن عبد الله من حسن شاه الظاهري، الأمير سيف الدين نائب طرابلس. وكان من أصاغر مماليك الملك الظاهر برقوق وخاصكيته، وترقى في الدولة الناصرية فرج حتى صار أمير مائة ومقدم ألف بالديار المصرية، ثم ولى نيابة حماة، ثم طرابلس، ووقع له أمور وحوادث، وتكرر عصيانه على الملك الناصر فرج غير مرة، ومشرى مع الأميرين شيخ ونوروز بتلك البلاد مدة، ثم عاد إلى الملك الناصر فرج، وصار من جملة المقدمين بالديار المصرية، ثم ولى إمرة مجلس، واستمر على ذلك مدة يسيرة، وتوجه إلى إقطاعه بالوجه البحري، فبد الملك الناصر للصيد في شهر رجب من سنة أربع عشرة وثمانمائة، وبات ليلته وعزم على مبيته ليلة أخرى بسرياقوس، فبلغه أن طائفة من الأمراء والمماليك اتفقوا عليه، فعاد إلى القلعة سريعاً، وتتبع ما قيل له حتى ظفر بمملوكين عندهما الخبر، فعوقبا في ثامن عشره، فاظهرا ورقة فيها خطوط جماعة وكبيرهم جانم المذكور، كل ذلك وجانم مسافر في جهة إقطاعه منية ابن سلسيل من الغربية، الجزء: 4 ¦ الصفحة: 216 فلما تحقق الملك الناصر مقالتهما، أرسل الأمير طوغان الحسنى الدوادار، والأمير بكتمر جلق لإحضار جانم المذكور إلى القاهرة، والقبض عليه إن امتنع، فخرجا في يوم السبت، على ن طوغان يلقاه في البحر، وبكتمر جلق يمسك عليه الطريق في البر، ثم قبض الملك الناصر على جماعة من الأمراء والمماليك، وسار طوغان إلى أن وافى جانم بشاطئ النيل فأحس جانم بالأمر فامتنع، فاقتتلا في البر ثم في المراكب على ظهر النيل قتالاً شديداً، تعين فيه طوغان، فألقى جانم بنفسه في الماء لينجو بمهجته، فرماه أصحاب طوغان بالنشاب حتى هلك، وقطع رأسه في ثاني عشرين شهر رجب من سنة أربع عشرة وثمانمائة، وقدم به في رابع عشرينه رحمه الله. ومات قبل الكهولة. وكان شاباً جميلاً، أشقر، طوالاً، مشهوراً بالشجاعة، إلا أنه كان مسرفاً على نفسه، كثير الشرور والفتن، عفا الله عنه. ؟ 814 - جانم الأشرفي قريب الملك الأشرف برسباى ؟ 867هـ؟ - 1462م جانم بن عبد الله الأشرفي، الأمير سيف الدين، قريب الملك الأشرف برسباى، وأمير آخوره. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 217 استقدمه الملك الأشرف برسباى في أوائل سلطنته ، مع جملة أقاربه، وجعله خاصكياً، ثم أنعم عليه وعلى قريبه أقطوه بإمرة طبلخاناة دفعة واحدة، ثم استقل جانم المذكور بالإقطاع كله بعد موت قريبه أقطوه المذكور في سنة ثلاث وثلاثين وثمانمائة، فاستمر جانم هذا من جملة أمراء الطلبخانات إلى سنة ست وثلاثين وثمانمائة أنعم عليه السلطان بعدة بلاد زيادة على ما بيده حتى صار من جملة أمراء الألوف بالديار المصرية. واستمر على ذلك إلى سنة تسع وثلاثين وثمانمائة استقر أمير آخورا كبيراً، بعد ولاية تغرى برمش نيابة حلب، بعد انتقال الأتابكى إينال الجكمى إلى نيابة دمشق، بحكم وفاة قصروه من تمراز الظاهري، فدام الأمير جانم في وظيفته إلى أن عينه الملك الأشرف إلى البلاد الشامية في جملة من عين من الأمراء، فتوجه المذكور صحبه الأمراء إلى جهة أرزنكان وغيرها، فمات الأشرف وهو بتلك البلاد، وصار الأتابك جقمق العلائي مدبر مملكة الملك العزيز يوسف، ووقع ما سنحكيه أن شاء الله تعالى في محله في عدة مواضع من الوقعة بين الأتابك جقمق وبين المماليك الأشرفية، ثم كتب بحضور الأمراء إلى الديار المصرية فحضروا، وحضر جانم هذا صحبتهم، فنزل بداره بيت الأمير طازتجاه الجزء: 4 ¦ الصفحة: 218 حمام الفارقانى، ولم ينزل بالإسطبل السلطاني، على عادته أولاً، لأن الأتابك جقمق كان قد سكن بالإسطبل السلطاني، مكان سكنه، فلا جل ذلك نزل بداره، وعظم ذلك عليه، وما خفاه أعظم، فلم تطل مدته وقبض عليه مع من قبض عليه من الأشرفية وغيرهم، وحمل إلى الأسكندرية فحبس بها مدة سنين، ثم نقل إلى بعض الحبوس بالبلاد الشامية، وطال حبسه زيادة على سبع سنين. ثم أفرج عنه ورسم له بالتوجه إلى مكة المشرفة بطالاً، فتوجه إلى مكة وأقام بها نحوا من ثلاث سنين، ولما جاورت أنا بمكة في سنة إثنتين وخمسين وثمانمائة حصل له بمجاورتي سرور زائد، وبقى لا يفارقني مدة المجاورة، وكان يتبرم من حرمكة ويطلب القدس، فكنت أنهاه عن التحدث في ذلك إلى أن عدت أنا إلى القاهرة، أرسل في سنة أربع وخمسين يطلب التوجه إلى القدس، فرسم له بذلك، فسافر من مكة في موسم السنة المذكورة مع حجاج الكرك حتى وصل إلى القدس، فلما ورد الخبر على الملك الظاهر بوصوله إلى القدس رسم في الحال بالقبض عليه وحبسه بالكرك، فقبض عليه وحبس بها. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 219 ؟ 815 - جانم المؤيدي الدوادار 833هـ -؟ - 1430م جانم بن عبد الله المؤيدي، الأمير سيف الدين. أحد مماليك المؤيد شيخ وخاصكيته. ثم صار في دولة أستاذه من جملة الدوادارية الصغار، ثم تأمر بعد موته إمرة عشرة، واستمر على ذلك سنين في الدولة الأشرفية برسباى، وهو لا يؤبه إليه إلى أن مات في سنة ثلاث وثلاثين وثمانمائة بالطاعون، وكان لا بأس به، رحمه لله. ؟ 816 - جانم الأشرفي ؟ 850هـ؟ - 1446م جانم بن عبد الله الأشرفي الدوادار، المعروف برأس نوبة سيدي الأمير سيف الدين، أحد أمراء العشرات، ثم أتابك غزة. أصله من مماليك الملك الأشرف برسباى، من جملة خاصكيته، ثم جعله رأس نوبة ثانياً بخدمة ولديه محمد، ثم يوسف العزيز بعد موت محمد، ثم استقر من جملة الدوادارية الصغار، واستمر على ذلك إلى أن تأمر عشرة في دولة الملك العزيز يوسف، فلم تطل مدته، وركب مع الأمير قرقماس بن عبد الله الشعباني على الجزء: 4 ¦ الصفحة: 220 الملك الظاهر، فلما انهزم قرقماس المذكور، ثم قبض عليه، قبض على جانم المذكور أيضاً، وحبس بالبلاد الشامية، ثم أفرج عنه، وأقام مدة بطالاً إلى أن ولى أتابكية غزت، فأقام بها حتى مات في حدود سنة خمسين وثمانمائة تخميناً وهو في عنفوان شبيبته. وكان جاركسى الجنس، جميلاً، وعنده تكبر مع طيش وخفة زائدة، وإسراف على نفسه، وكان من أندادى في السن، لأننا كنا معا عند المقام الناصري محمد بن الملك الأشرف برسباى رحمه الله. 817 - جان بك المؤيدي الدوادار 817 - هـ؟ - 1414م جان بك بن عبد الله المؤيدي الدوادار، الأمير سيف الدين. هو من مماليك الملك المؤيد شيخ في حال إمرته، فلما تسلطن المؤيد جعله طلبخاناة ودوادارا ثانياً دفعه واحدة، ثم نقله بعد مدة يسيرة إلى الدوادارية الكبرى بعد القبض على الأمير طوغان الحسنى الدوادار، وأنعم عليه بتقدمة ألف، وذلك في ثامن عشر جمادى الأولى سنة ست عشرة وثمانمائة. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 221 وصار جانبك المذكور عظيم الدولة المؤيدية، وصاحب أمرها ونهيها، حتى أنه أمعن في التجربر والتكبر، وحدثته نفسه بأشياء بعيدة عنه، إلى أن توجه الملك المؤيد إلى البلاد الشامية لقتال الأمير نوروز الحافظي، ووصل الملك المؤيد إلى دمشق، ووقع القتال بين الفريقين، أصاب جانبك هذا سهم لزم منه الفراش، بعد ان كان ولاه أستاذه الملك المؤيد نيابة الشام، عوضاً عن نوروز الحافظي بحكم عصيانه. واستمر مريضاً إلى أن مات بمدينة حمص، وهو متوجه صحبة العساكر المصرية إلى حلب، بعد قتل نوروز. وكانت وفاته في شهر جمادى الأولى سنة سبع عشرة وثمانمائة. وكان أميراً شجاعاً، مقداماً، كريما جوادا، جباراً متكبراً لم تطل أيامه في السعادة، ومات رحمه الله. وجانبك: لفظ تركي معناه أمير روح، وصوابه في الكتابة كما هو مكتوب بغير ياء آخر الحروف، يعرف ذلك من عنده فضيله وعلم باللغات. وانتهى. ؟ 818 - جان بك الحمزاوي ؟ 836 - هـ؟ - 1433م جانبك بن عبد الله الحمزاوي، الأمير سيف الدين. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 222 أصله من مماليك الأمير سودون الحمزاوي الظاهري، ثم ولى بعد موت أستاذه بعض القلاع بالبلاد الشامية إلى أن عصى الأمير قانى باي المحمدي نائب دمشق وافقه جانبك المذكور، ولما انكسر قانى باي وقبض عليه فر جانبك مع من فر إلى قرا يوسف صاحب تبريز حتى توفي الملك الظاهر ططر بدمشق فأنعم عليه بإمرة في تلك البلاد، ثم صار حاجب حجاب مدينة طرابلس في الدولة الأشرفية برسباى مدة سنين، إلى أن وقع بينه وبين نائبها الأمير طرباى وقدما إلى القاهرة أخلع الملك الأشرف على طرباى باستمراره في نيابة طرابلس وعزل جانبك المذكور عن حجوبية طرابلس، وأنعم عليه بتقدمة ألف بالديار المصرية. جانبك المذكور عن حجوبية طرابلس، وأنعم عليه بتقدمة ألف بالديار المصرية. واستمر على ذلك إلى أن تجرد الملك الأشرف إلى آمد في سنة ست وثلاثين وثمانمائة، ولاه نيابة غزة في عوده إلى الديار المصرية، عوضاً عن الأمير إينال العلائي الأجرود، بحكم توليته نيابة الرها، ثم توعك جانبك المذكور ولا زال مريضاً حتى توفي بالقرب من بعلبك عائداً من سفرته إلى جهة كفالته في أواخر سنة ست المذكورة. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 223 وكان شيخاً طوالا، عنده جهل، وشجاعة، مسرفاً على نفسه، مهملاً عفا الله عنه. ؟ 819 - جان بك الصوفي؟ 841هـ؟ - 1438م جانبك بن عبد الله الصوفي الظاهري، الأيمر سيف الدين، أتابك العساكر بالديار المصرية. هو من مماليك الظاهر برقوق، وممن صار أمير مائة ومقدم ألف في دولة الملك الناصر فرج بن برقوق، ثم استقر رأس نوبة النوب في دولة الملك المؤيد شيخ، ثم نقله إلى إمرة مجلس، ثم إلى إمرة سلاح إلى أن قبض عليه وحبسه بثغر الأسكندرية في رابع عشر شهر رجب سنة ثماني عشرة وثمانمائة. واستمر محبوساً إلى سنة إثنتين وعشرين وثمانمائة أفرج عنه الملك المؤيد، وأنعم عليه بإقطاع ولده المقام الصارمى إبراهيم بعد موته، فلم تطل أيامه، ومات الملك المؤيد شيخ في أول سنة أربع وعشرين وثمانمائة، وتسلطن من بعده ولده الرضيع أحمد المظفر، وصار الأمير ططر مدبر المملكة أخلع على جانبك المذكور باستقراره أمير سلاح، عوضاً عن فجقار القردمى بعد القبض الجزء: 4 ¦ الصفحة: 224 عليه، ثم صار أتابك العساكر بالديار المصرية بعد سلطنة ططر في شهر رمضان سنة أربع وعشرين وثمانمائة. ولما مات الملك الظاهر ططر أوصى أن يكون جانبك الصوفي هذا مدبر مملكة ولده الملك الصالح محمد، فسكن جانبك المذكور بباب السلسلة من الإسطبل السلطاني بعد موت الظاهر ططر، فلم تطل مدته غير أيام وتغلب عليه الأميران برسباى الدقماقي الدوادار وطرباى حاجب الحجاب، وكثر الكلام بينهم حتى ركب الأتابك جانبك الصوفي في يوم عيد الأضحى بآلة الحرب، ولبس الأمراء الذين يقلعة الجبل، ولم تقع حرب بين الفريقين، بل تراموا بالسهام ساعة، ثم خمدت الفتنة، ومشى جماعة من الأمراء بينهم في الصلح، فنزل الأتابك من باب السلسلة إلى بيت الأمير بيبغا المظفرى أمير سلاح لعمل المصالحة، ومعه الأمير يشبك الحكمى أمير آخور، فلما صارا في وسط حوش بين بيبغا قبض عليهما، وقيدا، وحملا إلى ثغر الإسكندرية، فحبسا بها في شهر ذي الحجة سنة أربع وعشرين وثمانمائة. فاستمر الأمير جانبك في حبس الأسكندرية إلى أن فر من حبسه في سنة ست وعشرين وثمانمائة، ووورد الخبر بتسحبه على الملك الأشرف في يوم الجمعة الجزء: 4 ¦ الصفحة: 225 سابع شهر شعبان من السنة، ولما سمع الملك الأشرف برسباى بفراره من حبس الإسكندرية قلق لذلك، وقبض على جماعة من الأمراء، وعاقب جمامة من خاصكيته. واستمر هذا البلاء بالناس سنين عديدة، والسلطان حثيث الطلب عليه، والناس في شدة وبلاء من الكبس عليهم في بيوتهم على غفلة، والقبض على من أتهم أنه يعلم به، واستمر ما بين هلاك الشخص وبينه إلا أن يقال جانبك الصوفي عند فلان، فيؤخذ ويعاقب، وطال هذا الأمر، وعم هذا جانبك الصوفي من حبس الإسكندرية، إلى أن ظهر خبره أنه توجه إلى بلاد الشرق سنة تسع وثلاثين وثمانمائة، ونزل عند الأمير ناصر الدين بك محمد بن دلغادر، فلما تحقق الملك الأشرف هذا الخبر أرسل الأمير شادبك الجكمى رأس نوبه ثاني إلى الأمير ناصر الدين بك بطلب جانبك الصوفي منه، وتمكينه من القبض عليه، وعوده به إلى الديار المصرية، فسافر شاد بك إلى ابن دلغادر المذكور وصحبته الهدايا والتحف حتى وصل إليه، وسأله فيما ندب بسببه، فصار يسوف به من وقت إلى وقت بعد أن أخذ جميع ما جاء به من الهدايا طائل، بعد ما قاسى من شدة البرد والثلوج مالا مزيد عليه، فتأكدت الوحشة الجزء: 4 ¦ الصفحة: 226 بين الملك الأشرف وبين ابن دلغار بسبب جانبك الصوفي، فجهز إليه عسكراً من الديار المصرية، ومقدم العسكر الأتابك جقمق العلائي، أعني الملك الظاهر وصحبته جماعة أخر من الأمراء، وساروا من الديار المصرية حتى وصلوا إلى حلب خرج معهم، نائبها الأمير تغرى برمش بعساكر حلب وجموع التركمان، ونزلوا بظاهر حلب، فجاءهم الخبر بمجئ الأمير جانبك الصوفي إلى عينتاب، وكان قد هرب إليه جماعة من أمراء حلب وغيرها قبل وصول العسرك المصري إليها. وكان الأمير خجا سودون أحد مدقمي الألوف بديار مصر خرج من حلب قبل تاريخه ونزل بالقرب من عينتاب، فوقع بينه وبين أعوان جانبك الصوفي وقعة هائلة انهزم فيها عسكر جانبك، وقبض على الأمير قرمش الأعور، الذي كان أولاً أتابك حلب، ثم صار من جملة مقدمي الألوف بالقاهرة، ثم قبض عليه الأشرف وحبسه، ثم صار من جملة مقدمي الألوف بالقاهرة، ثم قبض عليه الأشرف وحبسه، ثم أطلقه، وجعله من جملة المقدمين بدمشق، فلما عصى الأمير تنبك البجاسى نائب الشام على الملك الأشرف وافقه قرمش هذا على العصيان، فلما انهزم تنبك البجاسى وقبض عليه فرقرمش واختفى إلى أن انضم على الأمير جانبك الصوفي، لما صار جانبك عند ناصر الدين بك بن دلغادر، الجزء: 4 ¦ الصفحة: 227 وقبض أيضاً على الأمير كمشبغا المعروف بأمير عشرة، أحد أمراء حلب، وأمسك معهم جماعة من المماليك والتركمان، وجئ بالجميع إلى حلب وحبسوا بقلعتها، وكاتب الأمراء السلطان بذلك، فعاد المرسوم بقتلهم أجمعين، فقتلوا وعلقوا ببا قلعة حلب في أوائل سنة أربعين وثمانمائة. ثم توجهت العساكر المصرية والحلبية من حلب إلى جهة إبلستين لقتال ناصر الدين بك بن دلغادر والأمير جانبك الصوفي. فساروا إلى أن وصلوا إلى مدينة سيواس، بعد ان أخرجوا ابن دلغادر وجانبك الصوفي من إبلستين وشتت شملهما، ولما وقع لابن دلغادر ما وقع من تغربه عن وطنه، وخراب غالب بلاده ندم ندماً كثيراً، وصار لا يمكنه استدراك فرطه، فإنه كن وزج الأمير جانبك الصوفي بإحدى بناته وولدت منه بنتا، فضم إليه ولده سليمان بن ناصر الدين بك، ثم انعزل هو عنهما، فأخذهما الأمير تغرى برمش نائب حلب من دأبه، حتى ضيق عليهما واسع الفضاء، وطال الأمر على جانبك الصوفي فتوجه إلى ديار بكر عند بعض أولاد قرايلك والتجأ إليه، فلم تطل مدته عنده. ومات في ويم الجمعة خامس عشرين شهر ربيع الآخر سنة إحدى وأربعين وثمانمائةن وسنة نيف على خمسين سنة تخميناً، أو مناهز الستين. ولما مات قطع رأسه وجئ به إلى الديار المصرية، فحمل على رمح ونودى عليه، وعلق على بعض أبواب القاهرة. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 228 واختلفت الأقاويل في موته، فمنهم من يقول أن ابن قرايلك قتله تقرباً لخاطر الملك الأشرف برسباى، وهو بعيد، ومنهم من يقول أنه مات بالطاعون، فلما رأى ابن قرايلك أنه قد فرط فيه الفرط بالموت قطع رأسه وبعث به إلى الأشرف، وهذا هو الأقرب. المتداول بين الناس، والله أعلم. وكان جانبك الصوفي أميراً جليلا ً، معظماً في الدول، طوالا، جميلاً، مليح الشكل، إلا أنه كان قليل السعادة إلى الغاية، حبس بثغر الإسكندرية غير مرة، حتى أن مجموع أيام إمارته لو حصرت كانت نحو ثلاث سنين لا غير، وباقي عمره كان في الحبوس أو مشتتا في البلاد، وطال خموله في الدولة الأشرفية لما كان مختفياً، وقاسى خطوب الدهر ألواناً، ورأى الأهوال. أخبرني من أثق بقوله من أصحابه بعد موت الملك الأشرف: أنه كبس عليه مرة وهو في دار فنام تحت حصيرة في البيت المذكور فاختفى عنهم، وكبس عليه مرة أخرى وهو بدار في الحسينية فاختفى بمكان غير بعيد عن أعين الناس، وستره الله فيهما، ونجاه من القبض. وحدثني صاحبنا يشبك الظاهري أن ركب مرة من داره بعد صلاة الصبح وقصد الفضاء، فلما كان عند باب النصر صدفه وقد أسفر النهار، فأردا أن ينزل عن فرسه إجلالاله فمنعه جانبك الصوفي من ذلك، وسار يتحادثان وجانبك غير خائف من يشبك لما كان بينهما من الصحبة قديماً، فكان من جملة كلام يشبك له: يا خوند تمشى في هذا الوقت وأنت تعلم من خلفك؟ وما الناس فيه الجزء: 4 ¦ الصفحة: 229 بسنبك؟ إيش هذا الحال؟ فقال جانبك الصوفي له ما معناه: المستعان بالله إلى متى أقاسي هذه الأهوال؟ وإلى كم؟ فقال له يشبك: يا خوند صبرت الكثير بقى القليل، فقال: يهون الله، ثم تفارقنا بعد أن سألته بمبلغ من الذهب فأبى قبوله، وقال: عندي ما يكفيني. انتهى. ؟ 820 - جان بك الناصري الثور 841 - هـ؟ - 1438م جانبك بن عبد الله الناصري، الأمير سيف الدين. أحد أمراء الطبلخانات ونائب إسكندرية، ثم حاجب ثاني، المعروف بثور، وبراس نوبة سيدي. أصله من مماليك الأتابك يلبغا الناصري المتأخر الظاهري، ولما مات أستاذه المذكور أنعم عليه الملك المؤيد شيخ يعد مرة بإمرة عشرة وجعله رأس نوبة ثانياً لولده المقام الصارمى إبراهيم، ثم صار بعد موت الصارمى إبراهيم من جملة رؤوس نوب السلطان، وترقى إلى أن صار في الدولة الأشرفية رأس، نوبة ثانياً، وأمير طبلخاناة، ثم نقل إلى نيابة الإسكندرية بعد موت الجزء: 4 ¦ الصفحة: 230 أحمد الدوادار في شهر جمادى الآخرة سنة أربع وثلاثين وثمانمائة، فباشر نيابة الإسكندرية إلى أن عزل عنها بالغرسى خليل بن شاهين الشيخى في يوم الثلاثاء ثالث عشرين شوال سنة سبع وثلاثين وثمانمائة، وعاد إلى القاهرة على إقطاعه. واستمر على ذلك إلى يوم السبت حادي عشر المحرم من سنة ثمان وثلاثين أخلع عليه بالحجوبية الثانية، عوضاً عن الأمير بردبك الإسماعيلي بحكم نفيه إلى دمياط، ودام الأمير جانبك على ذلك إلى أن أخلع عليه السلطان باستقراره في شد بندر جدة بالبلاد الحجازية، وأن يكون مقدماً على المماليك السلطانية بمكة المشرفة. فتوجه إلى جدة وباشرها بحرمة وافرة وعظمة زائدة مع عدم معروفة. ومما وقع له بتلك البلاد أنه كان ببندر جده مصطبة من التجأ أليها من أرباب الجرائم وطلع عليه لا يجسر أحد على أخذه من عليها كائناً من كان، ولو كان على الملتجئ دم لبعض أشراف مكة، فلما كان في بعض الأيام بدا للأمير جانبك المذكور أن يهدم هذه المصطبة المذكورة، فكلمه بعض أعيان الناس في عدم هدمها، فأبى إلا هدمها، وكان هذا شأنه لا يسمع لأحد، ولهذا سمي جانبك التور، وأمر بهدمها فهدمت حتى لم يبق لها أثر، بعد أن وقع بينه وبين أشراف مكة وقعة هائلة قتل فيها جماعة من الفريقين، ومشى له ذلك، وتم إلى يومنا هذا، فالله يغفر له بإزالته هذه البدعة السيئة من بين المسلمين. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 231 واستمر الأمير جانبك بالبلاد الحجازية إلى أن مرض ومات في حادي عشر شعبان سنة إحدى وأربعين وثمانمائة. وكان رحمه الله عاقلاً ساكناً، متجملاً في ملبسه ومركبه، كثير الإحسان لمماليكه وأعوانه، ومات وصنه نيف على خمسين سنة، عفا الله عنه. ؟ 821 - جان بك الأشرفي الدوادار 831هـ -؟ - 1427م جانبك بن عبد الله الأشرفي الدوادار الثاني، الأمير سيف الدين، أحد مماليك الملك الأشرف برسباى، وعظيم دولته، اشتراه في أيام إمرته، وتبنى به، ورباه بين حرمه، وجعله خازنداره إلى أن قبض على الملك الأشرف وهو إذ ذاك نائباً بطرابلس، وحبس بقلعة المرقب، وتخلى عنه جميع أعوانه إلا جانبك هذا، فإنه لازمه في محبسه إلى أن أفرج عنه وآل أمره إلى سلطنة الديار المصرية، فلما جلس تخت الملك أنعم على جانبك المذكور بإمرة عشرة وجعله خازنداره. ثم أرسله إلى حلب وعلى يده تشريف لنائبها الأمير البجاسى باستقراره في نيابة دمشق بعد موت الأمير تنبك ميق العلائي، فتوجه إلى ما ندب إليه، وعاد الجزء: 4 ¦ الصفحة: 232 إلى الديار المصرية بالأموال والتحف والهدايا، فحال قدومه أنعم عليه السلطان بإمرة طبلخاناة والدوادارية الثانية في يوم سادس عشر ذي القعدة سنة ست وعشرين وثمانمائة، عوضاً عن الأمير قرقماس الشعباني بحكم انتقاله إلى تقدمة ألف بالديار المصرية، وتوجه إلى مكة المشرفة على إمرتها. فباشر جنبك المذكور الدوادارية بحرمة وافرة وعظمة زائدة، وصار هو صاحب العقد والحل في الممالك، وإليه مرجع أمور الدولة الأشرفية من الولاية والعزل، وشاع اسمه، وبعد صيته، وتسامع الناس به في الآفاق، وقصده أرباب الحوائج من الأقطار، وصار كل كبير في الدولة يتصاغر عنده، ويمشي في خدمته، حتى أني رأيت في بيته الصاحب كريم الدين عبد الكريم بن كاتب المناخ الوزير، والقاضي كريم الدين عبد لكريم كاتب جكم ناظر الخواص، لما ينزلان من الخدمة السلطانية يأتيان إلى بيت الأمير جانبك ومجلس كل منهما على دكة ويتعاطى أشغال الأمير جانبك المذكور، كأحد كتابه، وقع ذلك منهما غير مرة، وكان الدوادار الطبير يومئذ الأمير أزبك فكان بالنسبة إلى الأمير جانبك الدوادار الثاني هذا كآحاد الدوادارية الصغار. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 233 ثم جعله الملك الأشرف لالا لولده المقام الناصري محمد، فزادت حرمته بذلك وعظم وضخم، ونالته السعادة، وأخذ يقتني من كل شئ أحسنه، حتى جمع من الأموال والخيول ما يستحي من ذلك كثرة، وكثر ترداد أعيان الدولة إليه، وخضع إليه كل متكبر، ولان له كل متجبر، حتى حدثته نفسه بما كان فيه حتفه، فمرض ولزم الفراش، وطال مرضه، ونزل الملك الأشرف لعيادته غير مرة، وكان يسكن بالدار التي بابها من قبو السلطان حسن، وكان قد فتح له بابا آخر من حدرة البقر، وصار هو الباب، الباب الكبير، ولما طال مرضه نقله السلطان إلى عنده بقلعة الجبل، وصار يتردد إليه في كل يوم حتى نصل وتعافى، ونزل إلى داره راكباً. ثم انتكس بعد أيام، ودام فيها إلى أن أشرف على الموت نزل إليه الملك الأشرف ليلاً ودام عنده إلى أن مات في آخر الليلة المذكورة، وهي ليلة الخميس سابع عشرين شهر صفر سنة أحدى وثلاثين وثمانمائة، وسنه دون الثلاثين. ولما مات ركب السلطان إلى القلعة، ثم عاد باكر نهار الخميس، وحضر غسله، وركب حتى حضر الصلاة عليه بمصلاة المؤمنى، ودفن بمدرسته التي أنشأها بالشارع خارج بابي زويلة، مشهورة به، ثم نقل منها بعد مدة إلى تربة عمرها أستاذه الملك الأشرف بعد موته بالصحراء بالقرب من تربته. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 234 وكان شاباً ظريفاً، حسن الشكالة، أخضر اللون يعلوه بياض، معتدل القامة، إلى القصر أقرب، صغير اللحية كاملها، وكان أهيف، حلو الوجه والكلام، وعنده عقل ومعرفة وتدبير وخديعة، ورأى حسن، إلا أنه كان يعتريه خفة الشبيبة وعز الجاه والمال، فكان يظهر ما يتأمله ويريده، ولم يكن في خاطره العصيان على أستاذه، لكنه كان يؤمل بعد موته. وكان كريماً جواداً إلى الغاية، من كان من أعيان الخاصكية وغيرهم إلا وأخذ إنعمامه وتخول في إحسانه، وكان يميل إلى فعل الخير، ويكرم الفقراء وأهل الصلاح، ويتقاضى حوائجهم، وعمر مدرسته التي دفن بها في الشارع، ووقف عليها عدة أرباع وقياسر وضياع. ومات عن ابنة واحدة تولى تربيتها الملك الأشرف حتى زوجها لمملوكه وخازنداره الأمير علي باي الأشرفي، وجهزها بنيف على خمسين ألف دينار، وذلك من بعض ما خلفه والدها جانبك صاحب الترجمة، ولا يحتاج لتعريف ذلك لإختصاص هذا الإسم في زماننا هذا بالجراكسة. انتهى. 822 - جان بك الساقي وإلى القاهرة 857هـ -؟ - 1453م جانبك بن عبد الله اليشبكي الساقي، وإلى القاهرة، ثم الزرد كاش، الأمير سيف الدين. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 235 أصلخ من مماليك الأمير يشبك الجكمى الأمير آخور، واستمر بخدمة أستاذه المذكور إلى أن مات في حبسه بثغر الإسكندرية، اتصل بخدمة الملك الأشرف برسباى وصار خاصكياً، ثم صار ساقيا بعد موت الملك الأشرف إلى أن أنعم عليه الملك الظاهر جقمق بعد سنة سبع وأربعين وثمانمائة بإمرة عشرة، ثم ولاه رأس نوبة من جملة رؤوس النوب، ثم ولاه ولاية القاهرة على كره منه، بعد عزل منصور بن الطبلاوى، وأضيف إليه الحجوبية وشد الدواوين، كل ذلك زيادة على ما بيده. واستمر على ذلك إلى سنة ثلاث وخمسين وثمانمائة، أضيف إليه أيضاً حسبة القاهرة مضافاً إلى ما بيده من الوظائف المذكورة، عوضاً عن زين الدين يحيى الإستادار، فباشر الحصسبة مدة إلى أن عزل عنها بيار على الطويل الخراساني في سنة أربع وخمسين، وبقي على ما بيده من الولاية وغيرها إلى أن تسلطن الملك المنصور عثمان أخلع عليه بالزرد كاشية، عوضاً عن الأمير لاجين الظاهري بحكم انتقال لاجين لشد الشراب خاناة، عوضاً عن الأمير يونس الأقباى. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 236 فباشر جانبك المذكور الزرد كاشية أقل من شهر، ومرض في أول سلطنة الملك الأشرف إينال بيوم واحد إلى أن مات في ليلة الخميس ثامن عشر شهر ربيع الأول سنة سبع وخمسين وثمانمائة، ودفن من الغد، وتولى الزرد كاشية من بعده نو كار الناصري. وكان جانبك المذكور شاباً ظريفاً، عارفاً بأنواع الملاعبة، وفيه ذكاء وفطنة، وعنده مشاركة ومذاكرة حلوة، وكان متجملاً في مركبه وملبسه ومماليكه، وبالجملة كان نادرة في أبناء جلسه، رحمه الله وعفا عنا وعنه. ؟ 823 - جان بك القرماني حاجب الحجاب 861هـ -؟ - 1456م جانبك بن عبد الله القرماني الظاهري، الأمير سيف الدين حاجب الحجاب بالديار المصرية. أصله من مماليك الملك الظاهر برقوق، وتأمر عشرة بعد موت الملك المؤيد شيخ، بعد أن قاسى خطوب الدهر ألواناً حتى أنه سمر على جمل ورسم بتوسيطه في الدولة الناصرية فرج، ثم شفع فيه وحبس ثم أطلق، الجزء: 4 ¦ الصفحة: 237 ولما تسلطن الملك الأشرف برسباى جعله من جملة معلمى الرمح، وكان قاني باي الجار كسى من جملة صيانة. واستمر على ذلك إلى أن تسلطن الملك الظاهر جقمق غير اقطاعة بعد مدة، ثم أنعم عليه بإمرة طبلخاناة، ثم ولاه رأس نوبة ثانياً بعد طوخ الجكمى، بحكم تعطله لرمد أصابه عمى منه، فدام على ذلك إلى أن تسلطن الملك الأشرف إينال أنعم عليه بإمرة مائة وتقدمة ألف بالديار المصرية في يوم الخميس حادي عشر شهر ربيع الأول سنة سبع وخمسين وثمانمائة، ثم بعد أيام قليلة نقل إلى حجوبية بالديار المصرية، بعد الأمير قراجا الظاهري الخازندار بعد توجهه إلى القدس بطالا، وكان قراجا المذكور من خيار الناس. ؟ 2؟ 824 - جان بك المشد دوادار سيدى 881هـ -؟ - 1476م جانبك بن عبد الله من قجماس الأشرفي، الأمير سيف الدين، شاد الشراب خاناة، المعروف بدوادار سيدى. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 238 أصله من مماليك الملك الأشرف برسباى ومن خاصكيته، وكان ولاه داودارا لولده محمد فعرف بذلك، ووقع له أمور بعد موت أستاذه الأشرف، وأخرج إلى البلاد الشامية وأنعم عليه بإمرة طبلخاناة بطرابلس، ثم قدم إلى القاهرة وأقام بها إلى أن أنعم عليه الملك المنصور عثمان بإمرة عشر، فلم تطل مدته ونقله الملك الأشرف إينال لما تسلطن إلى شد الشراب خاناة، وغير إقطاعه، وهو إلى الآن على ذلك. ؟ 825 - جان بك الخازندار الظريف؟ 870هـ؟ - 1465 م جانبك بن عبد الله من أمير، الأشرفي الخازندار، المعروف بالظريف، أصله من مماليك الأشرف برسباى الصغار، ولم يتعرض إليه الملك الظاهر الجزء: 4 ¦ الصفحة: 239 جقمق لما نفى أعيان المماليك الأشرفية وحبسهم، لكونه اذ ذاك لا يؤبه إليه، واستمر على عادته، ثم جعله في أواخر دولته من جملة الدوادارية الصغار إلى أن استقر بدقماق اليشبكى زرد كاشا، بعد موت بعد تغرى برمش الزرد كاش، وأمره عشرة من إقطاع تغرى برمش المذكور، أنعم بإقطاعه على جانبك هذا، فلم يباشر دقماق الزرد كاشية إلا دون الجمعة، وغضب عليه السلطان وعزله من الزرد كاشية بالأمير لاجين وأخذ الإمرة منه، واحتاج الظاهر أن يرد إقطاع دقماق الجندية إليه، ورده إليه، فصار جانبك هذا بغير إقطاع، فأعطاه الإمرة التي كانت بيد دقماق دفعة واحدة، فكان هذا سبب أخذه الإمرة. ثم صار رأس نوبة في دولة المنصور عثمان إلى أن تسلطن الملك الأشرف إينال صار أمير طبلخاناة وخازندار كبيراً، عوضاً عن أزبك الساقى الظاهرى، بحكم القبض عليه، ولما أراد الملك الأشرف إينال أن يجدد دوران المحمل في شهر رجب على قديم العوائد، وطلب معلماً للرماحة سأل جانبك هذا أن يكون معلماً، وارتجى معرفة ذلك، فأجابه السلطان، وسوق المحمل سنة سبع وسنة ثمان بالفقيرى، وفيهما أيضاً ولى امرة حاج المحمل، وحج بالناس سنتى سبع وثمان، ولقى الحاج في السنة الثانية شدائد من قطع الطريق وغيره، حسبما ذكرناه في كتابنا حوادث الدهور في مدى الأيام والشهور. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 240 826 - جان بك الظاهري المعروف بقرا جانبك بن عبد الله الظاهري، المعروف بقرا جانبك، الأمير سيف الدين. أحد أمراء العشرات وزرد كاش السلطان، وهو من مماليك الملك الظاهر جقمق، اشتراه لما كان أميراً وأعتقه، وجعله من جملة مماليكه إلى، تسلطن، جعله خاصكياً، ثم رأس نوبة الجمدارية، وإلى أن أنعم عليه بإمرة عشرة في سنة ثلاث وخمسين وثمانمائة. ولم يكن جانبك هذا ممن له كلمة في الدول، ولا عليه أبهة الأمراء، وإنما هو كأحاد الأجناد، وهو كما قبل لا للسيف ولا للضيف، غير أنه هادئ الطبقة، مكفوف عن الناس، ثم صار من جملة رؤوس النوب. ودام على ذلك مدة إلى أن نقله الملك المنصور عثمان إلى الزرد كاشية، عوضاً عن الأمير لاجين بحكم انتقاله شد الشراب خاناة، عوضاً عن الأمير يونس الأقباى بحكم انتقاله إلى تقدمة ألف بالديار المصرية، فلم تطل مدته، وأخذ تسفير الأمير دولات باي الدوادار إلى ثغر الإسكندرية، ثم ولى نيابتها بعد يوم الجزء: 4 ¦ الصفحة: 241 واحد عوضاً عن الأمير برسباى البجاسى في يوم الخميس ثاني عشر صفر سنة سبع وخمسين وثمانمائة. 827 - جان بك الجكمى 854هـ؟ - 1450 م جانبك نب عبد الله الجكمى؛ الأمير سيف الدين، أحد أمراء العشرات بالديار المصرية. أصله من مماليك الأمير جكم من عوض نائب حلب، وترقى بعد موت أستاذه إلى أن صار في دولة الملك الظاهر جقمق أمير عشرة، واستمر على ذلك إلى أن مرض وطال مرضه واختلط عقله. ومات في يوم السبت تاسع عشرين شوال سنة أربع وخمسين وثمانمائة، وكان مهملاً، وأنعم بإقطاعه على شخص من بني دلغادر، رحمه الله تعالى. 828 - جان بك المرتد 871هـ -؟ - 1466م جانبك بن عبد الله الناصري، المعروف بالمرتد، الأمير سيف الدين، أحد أمراء العشرات ورأس نوبة. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 242 نسبته إلى معتقه الملك الناصر فرج، وترقى من بعده حتى صار خاصكياً في دولة الملك الأشرف برسباى، ثم صار ساقياً في أوائل دولة الملك الظاهر جقمق، ثم تأمر عشرة وصار من جملة رؤوس النوب. ودام على ذلك سنين لا يؤبه إليه في الدولة إلى أن أنعم عليه الملك الأشرف إينال بامرة طبلخاناة، واستمر على ذلك. ؟ 829 - جان بك نائب جدة ؟ 867 - هـ؟ - 1462م جانبك بن عبد الله الظاهري، الأمير سيف، الدين أستادار العالية كان، أحد أمراء الطبلخانات الآن، المعروف بنائب جدة. أصله من مماليك الملك الظهر جقمق، اشتراه من بعض الأمراء وأعتقه، وجعله من جملة مماليكه في حال إمرته، فلما تسلطن جعله خاصكياً، وتخيل فيه لوائح النجابة والفطنة، فقربه وأدناه، وندبه للمهمات، وولاه إمرة بندر جدة في موسم سنة تسع وأربعين ثمانمائة، وهو أول توجهه إلى البندر المذكور، فتوجه إليه على الجزء: 4 ¦ الصفحة: 243 عادة من تقدمه من الأمراء والخاصكية في كل سنة، وحرر متحصله، وضبط أموره، نهض بمالم ينهض به غيره ممن تقدمه، وعاد إلى الديار المصرية بجمل مستكثرة من الأموال، فأعجب السلطان ذلك منه، وخلع عليه ووعده بكل جميل، وأقره على عادته لسفر البندر المذكور فعاد إليه في السنة الثانية، وقد عظم أمره، فباشر بحرمة وافرة، وعظمه زائدة، ونفذ الأمور على أجمل وجه، فهابته الناس، وعظم وضخم، ونال من الحرمة والمهابة مالم ينله غيره قديماً ولا حديثاً من نفوذ الكلمة ووفور الحرمة، وإشاعة الإسم إلى أن اتفق جماعة من التجار على شكواه، وهم على بن حسن البزاز بقيسارية جدة، وابن البيطار، ويعقوب الأقرع النابلسى، وشخص آخر شامي. وكان سبب شكوى هؤلاء على جانبك هذا أن السلطان أرسل إلى مكة مرجاناً كثيراً مع يونس أمير مشوى ومعه مرسوم شريف برمى المرجان على التجار بثمن المثل يومئذ، فلما كان بعد خروج الحاج طلب جانبك تجار مكة إلى جدة لأخذ المرجان المذكور، فلما قدموا عليه عرفهم بأمر المرجان، فأخذوه واقتسموه برضى خواطرهم، كل واحد على قدر حاله بثمن المثل كما قدمنا، ثم أنهم قالوا: قد بقى من التجار بمكة فلان وفلان ممن سميناهم، فأرسل جانبك يطلبهم فامتنعوا واستغاثوا، وانضم عليهم جماعة من أوباش مكة ممن بذلوا له شيئاً، فكثرت الغوغاء، وكان ذلك يوم الثلاثاء، فلما كان يوم الجمعة قاموا وقت الصلاة، ومسكوا القضاة، وعرقوا الخطيب وطلبوا منهم كتابة محضر في أمر الجزء: 4 ¦ الصفحة: 244 جانبك المذكور، فامتنعوا، وبلغ الخبر الشريف بركات، وكان نازلاً بوادي امبار بالقرب من مكة، فأرسل إلى مكة كتاباً يقول فيه: من كتب في حق جانبك محضراً شنقته، فتعوق الجميع وصبروا حتى رحل جانبك إلى مصر كتبوا فيه محضراً خفية، وكان الذي كتب لهم المحضر شخص يدعى بالأسيوطى، فحضر التجار بالمحضر المذكور إلى القاهرة. بعد أن قاموا شدائد في الطريق من العربان، فوقفوا إلى السلطان شكاة على جانبك المذكور وبيدهم المحضر المكتتب، فأخذه منهم كاتب السر وقرأه، فسأله السلطان هل في المحضر خطوط القضاة أو أعيان مكة، فقال كاتب السر: لم يكن فيه شئ من ذلك، فعند ذلك أمر السلطان بعلي بن حسن البزاز وضربه بالمقارع، لأنه هو كان سبب الفتنة، وضرب من بقى من الشكاة على مقاعدهم، ثم أطلقهم إلى حال سبيلهم. وسافر بعد ذلك جانبك مرتين، وحضر التجار المذكورون إلى عنده، فلم يؤاخذهم بما رقع منهم، ثم حضر الأسيوطي الذي كتب المحضر أيضاً إلى عنده ومدحه بأبيات، وأحسن إليه، إلى أن وقع بين جانبك هذا وبين أبي الخير النحاس، فلا زال النحاس بالسلطان إلى أن عزل جانبك عن بندر جدة، وولى تمراز البكتمرى المؤيدي المصارع في موسم سنة خمس وخمسين. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 245 وكان تمراز قد توجه إليه قبل ذلك مرتين، فتوجه تمراز إلى البندر المذكور وباشره، واستولى على ما تحصل منه ثم بداله أن يأخذ جميع ما تحصل ويتوجه إلى الهند عاصياً على السلطان، فاشترى مركباً مزوسا بألف دينار من شخص يسمى يوسف الرصاوى الرومى، وأشحنها بالسلاح والرجال، وأخذ جميع ما تحصل للسلطان من بندر جدة، وسافر. وبلغ السلطان خبره، فولى جانبك هذا على عادته في السنة الآتية، فقدم البندر على عادته. وأما أمر تمراز المذكور فأنه لما سافر من بندر جده صار كلما أتى إلى بلد ليقيم بها تستغيث تجار تلك إلى حاكمها ويقولون أموالنا بجدة، ومتى عرف صاحب جدة أنه عندنا أخذ جميع ما لنا بسبب دخول تمراز هذا إلى بلدنا، فانه قد أخذ مال السلطان فيطرده حاكم تلك البلد، فوقع له ذلك بعدة بلاد حتى بلغ مسيره على ظهر البحر سنة أشهر، فعندما عاين الهلاك رمى بنفسه إلى مدينة كا كلوت، وحاكم البلد سامرى وأهلها سمره، وبها تجار مسلمون، فاستغاث التجار بالسامرى وقالوا له مثل مقالة غيرهم، فقصد السامري صد تمراز، فأحس تمراز بذلك، فأرسل إلى السامري هدية هائلة، فأرسل السامري يقول له أن التجار يقولون أن معك مال السلطان، فقال تمراز: نعم أخذت المال لأشتري للسطان به فلفلا، فقال له السامري: فاشتر به في هذا الوقت واشحنه في مراكب التجار، فاشترى الفلفل وأشحنه في مركبين للتجار، وأشحن الباقي في المركب المروس الذي تحته، الجزء: 4 ¦ الصفحة: 246 وسافر تمراز وقصد جدة، فلما وصل إلى باب المندب من عمل اليمن عند مدينة عدن أخذ المركبين الذين معه المشحونين بالفلفل وتوجه بهما إلى جزيرة مقابلة الحديدة تسمى كمران، فحضر أكابر الحديدة إلى عند تمراز المذكور، وحسنوا له أخذ معه جمعي ما في المراكب، ثم قال له أهل الحديدة: لنا عدو وما نقدر نملك اليمن حتى ننتصر عليه، وبلد العدو تسمى سحية، فتوجه صحبتهم وقصد عدوهم والتقى الجمعان، فكان بينهم وقعة هائلة قتل فيها تمراز المذكور، وقتل معه جماعة من اخصائه، وسلم ممن كان معه شخص يسمى أيضاً تمراز من المماليك السلطانية، وهو حي إلى يومنا هذا. فلما بلغ جانبك موت تمراز المذكور، أرسل شخصاً من الخاصكية ممن كان معه بجدة يسمى تنم رصاص، ومعه كتب جانبك إلى الحديدة بطلب ما كان مع تمراز من الأموال، فوصل المذكور إلى الحديدة فتلقاه أهلها بالرحب والقبول، وسلموه جميع ما كان مع تمراز والمركب المروس، فعاد بالجميع إلى جدة. واستمر جانبك في التكلم على بندر جدة في كل سنة إلى أن مرض السلطان الملك الظاهر جقمق وخلع نفسه وسلطن ولده الملك المنصور عثمان، فقبض المنصور على زين الدين الأستادار وأخلع على جانبك هذا باستقراره في الأستادارية، وسلم إليه زين الدين المذكور على أن يستخرج منه خمسمائة ألف دينار، فأخذه الجزء: 4 ¦ الصفحة: 247 جانبك ونزل به إلى داره على أقبح وجه وعاقبه، ثم تركه وبعث به إلى السلطان، وأجرى عليه أنواع العقوبة. واستمر جانبك في وظيفته إلى أن خلع المنصور وتسلطن الملك الأشرف إينال خلع عليه باستمراره في وظيفة الأستدارية، ثم بدا له بعد مدة عزل جانبك المذكور وإعادة زين الدين ففعل ذلك، وأنعم على جانبك بإقطاع زيادة على ما بيده وجعله من جملة أمراء الطبلخانات وأقره على التكلم على بندر جده، فاسترم على ذلك إلى. 830 - جان بك النوروزى نائب بيروت 854هـ -؟ - 1450م جانبك بن عبد الله النوروزى، الأمير سيف الدين. أحد مماليك الأمير نوروز الحافظي، وممن صار خاصكياً في دولة الملك الأشرف برسباى، وولى نيابة بيروت بالبلاد الشامية، ثم عاد إلى الديار المصرية، واستمر على ما هو عليه إلى أن أمر في أوائل دولة الملك الظاهر جقمق إمرة خمسة الجزء: 4 ¦ الصفحة: 248 بعد موت الأمير بيبغا مقدم البربدية، ودام على ذلك مدة إلى أن تأمر عشرة بعد موت الأمير إينال ابزا، وأقام بعد ذلك مدة إلى أن ولى نيابة صهيون في سنة خمسين، واستمر بها إلى سنة إثنتين وخمسين عزل بشادبك الصارمى، ثم أعيد بعد أيام ودام بها إلى أن استعفى عنها لما أصابه داء الأسد، وكتب بطلبه إلى القاهرة، فتوجه إلى نحو الديار المصرية، فمات بمنزلة العريش في شهر رجب سنة أربع وخمسين وثمانمائة، وسنة نحو الستين تقريباً، وكان معروفاً بالشجاعة، رحمه الله. ؟ 831 - جان بك الزينى عبد الباسط الأستادار 858هـ -؟ - 1454م جانبك بن عبد الله، الزينى عبد الباسط، الأمير سيف الدين الأستادار. هو مملوك عبد الباسط ودواداره، استمر بخدمة أستاذه دهراً إلى أن اراد الملك الجزء: 4 ¦ الصفحة: 249 الأشرف أن يولى عبد الباسط الأستدارية وإن أبى نكبه، ففطن لها بعد الباسط، وكان قد قال قبل ذلك: أنه لا يليها أبداً، استدرك فارطه، وصار لا يمكنه ولا يتها فيعلم به كل أحد أنه ليس خوفاً، فعند ذلك قال: يلبسها مملوكى جانبك، فقال الملك الأشرف: المقصود سد باب السلطان، فولى جانبك المذكور الاستدارية وصار حسا لا معنى، وبقى لا يتصرف في أمر من أمور الدولة إلا بأمر أستاذه عبد الباسط، ودام على ذلك إلى أن قبض الملك الظاهر جقمق على أستاذه عبد الباسط فقبض على جانبك هذا أيضاً صحبة أستاذه إلى مكة، ثم إلى دمشق، ودام بها إلى أن حضر بعد سلطنة الملك الأشرف إينال، وأقام بالقاهرة إلى أن توفي في سنة ثمان وخمسين وثمانمائة. ولم يكن جانبك هذا من أعيان الأمراء حتى تشكر سيرته أو تذم، ولو لم يل وظيفة الأستدارية لما ذكرناه، رحمه الله تعالى وعفا عنه. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 250 ؟ باب الجيم والباء الموحدة 832 - جبريل العسقلاني المحدث 610 - 695 هـ؟ - 1213 - 1296م جبريل بن أبي الحسن بن جبريل بن إسماعيل المحدث المسند أمين الدين أبو الأمانة العسقلاني ثم المصري. ولد سنة عشر وستمائة، وطلب بنفسه، وسمع من ابن المقير، والعلم بن الصابوني، وابن الجميزى، وطبقتهم، ورحل إلى دمشق، وأدرك أصحاب ابن عساكر. وكان محدثاً نبيها، عارفاً، جيد المشاركة في العلم، وقد أعاد بالقاهرة عند الدمياطي، وأجاز له الذهبي باستدعائه. توفي سنة خمس وتسعين وستمائة. رحمه الله. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 251 833 - جبريل الخوارزمى 793هـ -؟ - 1391م جبريل بن عبد الله الخوارزمي، الأمير زين الدين. أحد أمراء الطبلخانات بالديار المصرية، وممن انضم إلى الأمير يلبغا الناصري وتمربغا الأفضلي أعنى منطاشا ولا زال من حزبهما إلى أن أمسكه الملك الظاهر برقوق وقتله في سنة ثلاث وتسعين وسبعمائة مع من قتله من الأمراء الطبلخانات، وهم: قرابغا الألجاوى، وآقبغا الألجاوى، ومنبغا الألجاوى، وألطنبغا الجربغارى، وأرغون العثماني البجمقدار الأشرفي، وطقطاى الطشتمرى الطواشى، وإسماعيل التركماني أمير البطالين، وألا بغا الطشتمرى، الطواشى، وإسماعيل التركماني أمير البطالين، وألابغا الطشتمرى، وحسين ابن الكورانى وإلى القاهرة، ومحمد بن بيدمر الخوارزمي، وبزلار الخليل وإلى القلعة، ومنصور حاجب عزة، رحمهم الله تعالى، وعفا عنهم. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 252 باب الجيم والراء المهملة 834 - جرباش الشيخى الظاهري 809هـ -؟ - 1406م جرباش بن عبد الله الشيخى الظاهري، الأمير سيف الدين. أحد أمراء الطبلخانات، وثاني رأس نوبة. تأمر في دولة أستاذه الملك الظاهر برقوق، ثم صار أمير طبلخاناة ورأس نوبة ثانياً في دولة ابن أستاذه الملك الناصر فرج، واستمر على ذلك إلى أن وقع من أمر الأمير إينال باى بن قجماس ما حكيناه في غير هذا الموضع، أخلع على جرباش هذا باستقراره أمير آخورا كبيرأ عوضه، فوليها، وباشر الوظيفة، وسكن الحدود من باب السلسلة نحو عشرة أيام، وعزل بالأمير سودون، وأعيد على ما كان عليه أولاً، واستمر على ذلك إلى سنة ثمان وثمانمائة نفى بطالاً إلى ثغر دمياط، فأقام بالثغر مدة، وطلب إلى القاهرة فحضر اليها، وأقام بها بطالا مدة يسيرة. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 253 ومات باطلاعون في يوم سادس عشر ذي الحجة سنة تسع وثمانمائة. وجرباش هذا هو والد صاحبنا الناصر محمد بن جرباش. ؟ 835 - جرباش كباشة؟ 818هـ؟ - 1415 م جرباش بن عبد الله الظاهري، الأمير سيف الدين، المعروف بكباشة، حاحب حجاب حلب. هو ايضاً من مماليك الملك الظاهر برقوق، وممن صار أمير مائة ومقدم ألف بالديار المصرية في دولة ابن أستاذه الملك الناصر فرج، ثم وقع له أمور في دولة الملك المؤيد شيخ، وآل أمره إلى أن ولى حجوبية حلب الكبرى بعد شاهين الأيدكارى؛ فتوجه إليها وأقام بها إلى أن عصى نائبها الأمير إينال الصصلانى على الملك المؤيد شيخ موافقة للأمير قاني باي المحمدي نائب الجزء: 4 ¦ الصفحة: 254 الشام، فوافقهما أيضاً الأمير جرباش المذكور مع من انضم عليهما من النواب بالبلاد الشامية وغيرهم، ثم وقع ما حكيناه في غير موضع من قتالهم مع المؤيد وانهزامهم والقبض عليهم، ولما قبض المؤيد على إينال نائب حلب، قبض أيضاً على جرباش هذا معه، وعلى غيره، وقتل الجميع في العشر الأوسط من شعبان سنة ثمان عشة وثمانمائة، وجاءت روسهم إلى الديار المصرية، وعلقت على باب النصر أياماً، رحمهم الله تعالى. وخلف جرباش هذا ولد ذكرا وبنتا، وكان الولد الذكر ليس بذاك، فنسأل الله حسن العاقبة في الذرية. وكباشة: اسم فروة من جلود الأغنام معروفة، كان يلهسها جرباش هذا لما كان صغيراً عند لعبه بالرمح من تحت ثيابه لتحمل عنه الضرب، فسمى بها. انتهى. ؟ 836 - جرباش العمري 814 - هـ؟ - 1411م جرباش بن عبد الله العمري الظاهري، الأمير سيف الدين. هو أيضاً من مماليك الملك الظاهر برقوق، وممن صار أمير مائة ومقدم ألف بالديار المصرية في الدولة الناصرية فرج بن برقوق، ودام على ذلك مدة إلى أن قبض عليه الملك الناصر فرج لأمور بدت منه في ثالث عشرين شهر رجب سنة أربع عشرة وثمانمائة، وكان ذلك آخر العهد به، رحمه الله تعالى. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 255 837 - جرباش الظاهري 803هـ -؟ - 1401م جرباش بن عبد الله الظاهري، الأمير سيف الدين، أحد أمراء العشرات في دولة ابن أستاذه الملك الناصر فرج بن برقوق. كان جرباش المذكور مشهورا بالشجاعة والإقدام، قتل في كائنة تيمور في المعركة بالبلاد الشامية بعد أن أباد التمرية شرا، وذلك في سنة ثلاث وثمانمائة. حدثني بعض خشدا شيته أنه لما أراد السفر صحبة العساكر المصرية إلى قتال تيمور لنك أوصى وفرق ثلث ماله في حياته، فلامه بعض أخوته على ذلك، فقال له: هل في قدوم تيمورلنك إلى البلاد الشامية شك؟ فقال له القائل: لا بد من وروده إلى دمشق، فقال: وهل في توجه السلطان إليه وقتاله مع شك؟ فقال له: لا بد من ذلك، فقال جرباش: فكيف إذا أعيش وأعود إلى منزلي، هذا مستحيل، رحمه الله تعالى. ؟ 838 - جرباش من عبد الكريم؟ 861هـ؟ - 1456م جرباش بن عبد الله من عبد الكريم الظاهري، الأمير سيف الدين، أمير سلاح، وحمو السلطان الملك الظاهر جقمق ويعرف بقاشق. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 256 حدثني من لقظه قال: اشترا الملك الظاهر برقوق في سلطنته الأولى وأعتفنى، وأخرج لي خيلاً قبل واقعة الناصري ومنطاش، ولما ملكا الديار المصرية وحبس الملك الظاهر برقوق بالكرك، وأراد منطاش أن يقبض على من بقى من مماليك برقوق، خرجت فارا إلى حماة، وخدمت عند نائبها محمد بن المهمندار إلى ان كان من أمر برقوق ما كان. قلت: فعلى هذا يكون مولده في حدود السبعين وسبعمائة ببلاد الجاركس. ولما عاد الملك الظاهر برقوق إلى ملكه استمر جرباش هذا من جملة المماليك السلطانية إلى أن تأمر عشرة في الدولة الناصرية فرج، ثم صار في أواخر الدولة المؤيدية شيخ أمير مائة ومقدم ألف بالديار المصرية، واستمر على ذلك إلى أن أخلع عليه الملك الأشرف بحجوبية الحجاب بالديار المصرية، عوضاً عن الأمير جقمق العلائي بحكم انتقاله إلى الأمير آخورية، بعد توجه الأمير قصروه من تمراز إلى نيابة طرابلس بع عزل الأمير إينال النوروزى عنها وقدومه إلى القاهرة على إقطاع قصروه المذكور من غير وظيفة، وذلك في يوم الخميس عشرين شعبان سنة ست وعشرين وثمانمائة، بعد أن شغرت وظيفة الحجوبية عن جقمق المذكور من جمادى الأولى من السنة المذكورةن واستمر في الحجوبية إلى الجزء: 4 ¦ الصفحة: 257 يوم الإثنين خامس عشر شوال سنة تسع وعشرين وثمانمائة، وأخلع عليه بأمرة مجلس عوضاً عن إينال الجكمى المنتقل إلى إمرة سلاح، بعد استقرار الأمير يشبك الساقي الأعرج أتابك العساكر بعد وفاة الأمير قجق الشعباني في شعبان من السنة، واستقر في الحجوبية من بعده الأمير قرقماس الشعباني المعروف بأهرام ضاغ يعنى جبل الأهرام لتكبره. واستمر الأمير جرباش هذا على ذلك إلى أن خلع عليه باستقراره في نيابة طرابلس، عوضاً عن الأمير قصروه المنتقل إلى نيابة حلب بعد عزل جار قطلو عنها وقدومه إلى القاهرة على إمرة مائة وتقدمة ألف بها في يوم الخميس سابع جمادى الأولى سنة ثلاثين وثمانمائة. فتوجه إلى طرابلس، وباشر النيابة بها مدة إلى أن عزل بالأمير طرباى المقيم بالقدس من جملة الأمراء البطالين، وطلب إلى القاهرة فقدمها في ثالث عشرين شهر رجب من سنة إحدى وثلاثين وثمانمائة، واستقر على عادته أولاً أمير مجلس، عوضاً عن الأمير جار قطلو بحكم استقراره أتابك العساكر بالديار المصرية بعد موت الأتابك شبك الساقي الأعرج، فلم تطل مدة جرباش المذكور بالقاهرة وقبض عليه، وعلى الأمير قطج أحد مقدمي الألوف، فحمل قطج في الجزء: 4 ¦ الصفحة: 258 الحديد إلى الإسكندرية، ونفى جرباش المذكور إلى ثغر دمياط بطالاً، وأنعم بإقطاعه ووظيفته على الأتابك بيبغا المظفرى، وطلب من ثغر دمياط، وذلك في ثامن عشرين شوال سنة إحدى وثلاثين وثمانمائة. فدام بثغر دمياط مدة طويلة إلى أن طلبه الملك الأشرف إلى القاهرة ليستقر في نيابة غزة، فحضر إلى القاهرة واستعفى من ذلك، وطلب العود إلى دمياط، فأعفى، ورسم له بالعود إلى دمياط، فتوجه إليها، وأقام بالثغر إلى أن افتضت السلطنة إلى الملك الظاهر جقمق أرسل بطلبه فحضر إلى القاهرة، وأنعم عليه بإمرة مائة وتقدمة ألف، وأخلع عليه بإمرة مجلس، وهذه ولايته لهذه الوظيفة ثالث مرة، عوضاً عن يشبك السودوني بحكم انتقاله إلى إمرة سلاح بعد انتقال الأمير آقبغا التمرازي إلى الأتابكية بالديار المصرية، بعد عصيان الأتابك قر قماس الشعباني. كل ذلك في سنة إثنتين وأربعين وثمانمائة، فاستمر على ذلك مدة طويلة، وتزوج الملك الظاهر بابنته زينتب، وحج غير مرة إلى أن نقله الملك الظاهر جقمق إلى إمرة سلاح بعد موت الأمير تمراز القرمشى في صفر سنة ثلاث وخمسين وثمانمائة، وحج في السنة المذكورة أمير الرجيبة، وصحبته الزينى عبد الباسط، وعاد إلى القاهرة واستتمر بها إلى أن أخرج السلطان الملك المنصور إقطاعه للأمير الجزء: 4 ¦ الصفحة: 259 قراجا الخازندار في يوم الإثنين سادس عشر شهر صفر سنة سبع وخمسين وثمانمائة، واستقر الأمير تنم من عبد الرزاق المؤيدي أمير مجلس سلاح عوضاً عنه. 839 - جرباش كرد 877هـ -؟ - 1472 م جرباش بن عبد الله المحمدي الناصري، الأمير سيف الدين، أحد مقدمي الألوف بالديار المصرية، المعروف بكرد. أصله من مماليك الملك الناصر فرج بن برقوق، وتنقل في الدول حتى صار في الدولة الأشرفية برسباى رأس نوبة الجمدارية، ثم أمير عشرة ورأس نوبة، وتزوج ببنت أستاذه الملك الناصر فرج خوند شقرا، واستمر على ذلك إلى أن نقله الملك الظاهر جقمق إلى إمرة طبلخاناة وجعله أمير آخورا ثانيا، الجزء: 4 ¦ الصفحة: 260 عوضاً عن الأمير دولات باى المحمودي بحكم انتقاله إلى الدوادارية الثانية، بعد الأمير أسنبغا الطيارى المنتقل إلى تقدمة ألف بالديار المصرية. فاستمر المذكور في هذه الوظيفة من سنة إثنتين وأربعين إلى سنة ثلاث وخمسين وثمانمائة أنعم عليه بتقدمة ألف بالديار المصرية، عوضاً عن الأمير تنم من عبد الرزاق المؤيدي أمير مجلس، بحكم انتقال تنم إلى إقطاع الأمير قراقجا الحسنى بعد وفاته. ؟ 840 - جرباش مشد سيدى 852هـ -؟ - 1448م جرباش بن عبد الله الأشرفي، الأمير سيف الدين، أحد أمراء العشرات، المعروف بمشد سيدي. هو من مماليك الملك الأشرف برسباى، ومن أعيان خاصكيته، وكان قد جعله أولاً شاد شراب خاناة ولده المقام الناصري محمد، وبعد موت ولده محمد المذكور جعله رأس نوبة الجمدارية، واستمر على ذلك إلى أن توفي الملك الأشرف وتسلطن ولده الملك العزيز أبو المحاسن يوسف أنعم عليه بإمرة عشرة، فلم يقم إلا مدة يسيرة وقبض عليه وحبس مع من حبس من المماليك الأشرفية وغيرهم، وطال حبسه إلى أن أطلق، ورسم له بالإقامة بطرابلس على إقطاع هين. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 261 وتردد إلى القاهرة غير مرة، حتى مرض وطال مرضه إلى أن توفي، وهو في أوائل الكهولة، في سنة إثنتين وخمسين وثمانمائة. ؟ 841 - جرجى الناصري نائب حلب ؟ 772هـ؟ - 1370م جرجى بن عبد الله الناصري، الأمير سيف الدين، نائب حلب. أصله من مماليك الملك الناصر محمد بن قلاوون، وترقى من بعده إلى أن صار في دولة ابن أستاذه الملك الصالح إسماعيل دوادار ثانياً، واستمر على ذلك إلى أن جعله الملك المظفر حاجى بن محمد بن قلاوون دوادارا كبيراً في جمادى الآخرة سنة ثمان وأربعين وسبعمائة، ودام على وظيفته إلى أن قتل الملك المظفر المذكور في شهر رمضان منها أخرج جرجى هذا إلى الشام على إمرة عشرة بها، واستقر عوضه في الدوادارية الأمير طشبغا قاستمر بدمشق مدة، وأعيد إلى القاهرة على إمرة طبلخاناة، واستقر حاجباً ثانياً بها، عوضاً عن الأمير طشتمر الفاسى، الجزء: 4 ¦ الصفحة: 262 ثم استقر في سلطنة الملك الناصر حسن الثانية خازندار، ثم صار أمير آخورا كبيراً في الدولة الأشرفية شعبان بن حسين، ثم ولى نيابة حلب بعد عزل الأمير أشقتمر المارديني عنها، فباشر نيابتها نحو السنتين، وتولى عوضه أمير آخورا الأمير يعقوب شاه، ثم عزل عن نيابة حلب بالأمير منكلى بغا الشمس. واستقر أتابك دمشق إلى أن مات في صفر سنة إثنتين وسبعين وسبعمائة، عن بضع وسبعين سنة. وكان أميراً جليلاً، ذا همة عالية، ونعمة زائدة، وسعادة وافرة، وكان عفيفاً عن المنكرات والفروج، ولم يكن عفيفاً عن الأموال والظلم، قاله الحافظ عماد الدين بن كثير، رحمه الله تعالى. 842 - جردمر أخى طاز نائب الشام 793هـ -؟ - 1391م جردمر بن عبد الله، الشهير بأخي طاز، الأمير سيف الدين، نائب دمشق. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 263 ولى نيابة دمشق من قبل منطاش لما آل إليه تدبير مملكة المنصور حاجى بعد القبض على الأمير بزلار نائب دمشق في سنة إحدى وتسعين وسبعمائة، واستمر في نيابة دمشق إلى أن قبض عليه الملك الظاهر برقوق بعد روجه من حبس الكرك في سنة إثنتين وتسعين وسبعمائة. وسببه أن الظاهر لما خرج من حبس الكرك، وكسر منطاشا، وأراد الدخول إلى دمشق منعه جردمر المذكور من الدخول إليها، وقاتله بأهل دمشق قتالاً شديداً، وعاد برقوق إلى الديار المصرية ولم يدخل دمشق، ثم أن الظاهر ظفر بجردمر المذكور وحبسه بقلعة الجبل إلى أن قتل بها في سنة ثلاث وتسعين وسبعمائة. حدثني بعض أصحاب جردمر المذكور أنه كان طوالاً من الرجال، ذا شكالة حسنة، وله هيبة وحرمة وافرة، ووقار واحتشام، وكان قديم الهجرة، خدم الملوك، وباشر الوقائع، وعنده حسن معاشرة مع الناس، وعدل في الرعية، وكان يحب أهل الصلاح والفقراء، ويحضر مجالس السماع، وأماكن الذكر، وفيه بروصدقة، رحمه الله تعالى. ؟ 843 - جر كتمر الأشرفي 778هـ -؟ - 1376م جركتمر بن عبد الله الأشرفي، الأمير سيف الدين. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 264 أحد مقدمي الألوف بالديار المصرية في دولة أستاذه الملك الأشرف شعبان ابن حسين، قتل بقبة النصر خارج القاهرة بعد عوده من عقبة أيله صحبة أستاذه المذكور بعد انهزامه في سنة ثمان وسبعين وسبعمائة. وجركتمر: بجيم مفتوحة، وراء مهمله مفتوحة أيضاً، وكاف ساكنة، وتاء مثناه من فوق مفتوحة أيضاً، وميم مضمومة، وراء مهملة ساكنة، رحمه الله تعالى. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 265 باب الجيم والعين المهملة 844 - جعفر الدميرى 555 - 623 هـ؟ - 1160 - 1226م جعفر بن الحسن بن إبراهيم، الإمام الفقيه تاج الدين أبو الفضل بن أبي علي، الدميرى الأصل، المصري المولد والدار والوفاة، الحنفى العدل. قال الحافظ عبد العظيم المنذرى: مولده في سنة خمس وخمسين وخمسمائة، انتهى. قلت: وقرأ القراءات بالروايات على أبي الجيوش عساكر بن علي المصري، وتفقه على الجمال عبد الله بن محمد بن سعد الله، وعلى الفقيه بدر الدين أبي محمد عبد الوهاب بن يوسف، وسمع من عبد الله بن برى، وأبي الفضل محمد ابن يوسف الغزنوى. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 267 وبرع في الفقه والأصول والعربية، ودرس بالمدرسة السيوفية داخل القاهرة إلى حين وفاته، ونسخ بخطه المليح كثيراً، وكان حسن السمت، منجمعا عن الناس، وروى عنه المنذرى المذكور، وقال: مات سنة ثلاث وعشرين وستمائة، وقيل بعد الخمسين وستمائة، والأول أقوى والله أعلم. ؟ 845 - الحسن البصرى 604 - 698 هـ؟ - 1207 - 1299م جعفر بن علي بن جعفر بن الرشيد المسند المعمر شرف الدين الموصلى المقرئ المعروف بالحسن البصرى. مولده بالموصل في سنة أربع وستمائة وكان شيخاً فاضلاً عارفاً، حافظة للأخبار والشعر والأدب. ذكره الحافظ علم الدين البرزالى وقال: سمع من السهروردى كتاب العوارف بالموصل، وسمع بدمشق من ابن الزبيدي، وبمصر من ابن الجميزى، وبالثغر الجزء: 4 ¦ الصفحة: 268 من ابن رواح، وتوفي بدمشق سنة ثمان وتسعين وستمائة، رحمه الله. قلت: وصاحب الترجمة يلتبس على من لا يعرف التاريخ بالحسن البصرى التابعي المشهور المتوفى سنة عشر ومائة. 846 - جعفر بن دبوقا 621 - 691 هـ؟ - 1224 - 1292م جعفر بن القاسم بن جعفر بن علي بن محمد بن علي الربعي الشافعي، رضى الدين أبو الفضل، المعروف بابن دبوقا. مولده بحران بكرة يوم الإثنين رابع عشر ذي الحجة سنة إحدى وعشرين وستمائة، ونزل دمشق وسكنها. قال البرازلى في معجمه: شيخ جليل، صالح فاضل، مفنن في القراءات والعربية، وله محفوظ في الفقه، وله النظم الحسن، وبيته مشهور بالكتابة والرئاسة، انتهى كلام البرزالى. قلت: وكانت وفاته بدمشق في يوم الأحد السادس والعشرين من شهر رجب سنة إحدى وتسعين وستمائة، ودفن بسفحر قاسيون، رحمه الله. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 269 باب الجيم والقاف 847 - جقمق الأرغون شاوى الدوادار ثم نائب دمشق 824هـ -؟ - 1421م جقمق بن عبد الله الأرغون شاوى الدوادار، الأمير سيف الدين، نائب دمشق. أخذ من بلاد الجاركس مع والدته صغيرا، فاشتراهما بعض التجار، وقدم بهما إلى الديار المصرية، فاشتراهما بعض أمراء الديار المصرية وهو ابن ثلاث سنين، فأقاما عنده مدة يسيرة، وقبض على الأمير المذكور، فاشتراهما أمير آخر، ثم انتقلا من ملكه بالشراء أيضاً إلى ملك الأمير ألطنبغا الرجبى أحد المماليك الظاهرية برقوق، ثم ابتاعهما من ألطنبغا الرجبى الأمير قردم الحسنى، الجزء: 4 ¦ الصفحة: 271 وأنعم بوالده جقمق المذكور على زوجته، وأنعم بولدها جقمق على ابنه صاحبنا سيدي علي بن قردم، واستمرا عند أربابهما إلى أن توفي الأمير قردم، وبعد مدة انتقل جقمق المذكور من ملك سيدي على بن قردم إلى ملك الأمير أرغون شاه أمير مجلس، فاعتقه أرغون شاه وجعله بخدمته إلى أن قتل في سنة إثنتين وثمانمائة بقلعة دمشق. اتصل جقمق هذا بخدمة الأمير شيخ المحمودي نائب طرابلس، وصار عنده رأس نوبة الجمدارية، ثم جعله دوادار ثانياً، واستمر على ذلك حتى تسلطن الأمير شيخ وتلقب بالمؤيد، أنعم عليه بإمرة عشرة، وجهزه في الرسلية إلى الأمير نوروز الحافظي نائب الشام، فاعتقله نوروز بقلعة دمشق إلى أن أطلقه الملك المؤيد بكعد أن ظفر بنوروز المذكور، وأنعم عليه بإمرة طبلخاناة بالقاهرة، وجعله دوادارا ثانياً. فاستمر على ذلك مدة، ثم نقل إلى الدوادارية الكبرى، بعد الأمير أقباى المؤيدي، فباشر وظيفة الدوادارية بحرمة وافرة، وعظمة زائدة، ونالته السعادة، وعظم وضخم إلى أن ولى نيابة دمشق، بعد عزل الأمير تنبك العلائي المعروف بميق في إثنتين وعشرين وثمانمائة، فتوجه المذكور إلى دمشق وحكمها إلى أن الجزء: 4 ¦ الصفحة: 272 توفى الملك المؤيد شيخ في أول سنة أربع وعشرين، وصار الأمير ططر مدبر مملكة ولده الملك المظفر أحمد بن شيخ، وبلغ ذلك الأمير جقمق صاحب الترجمة فأظهر العصيان بدمشق على الأمير ططر، وأخذ يستميل الأتابك ألطنبغا القرمشى بمن معه من الأمراء المصريين، ويحسن له العود من حلب إلى عنده بدمشق، وذلك بعد أن وقع بين الأتابك ألطنبغا القرمشى وبين الأمير يشبك المؤيدي نائب حلب الوقعة المشهورة التي قتل فيها يشبك المذكور، وولى القرمشى مكانه في نيابة حلب الأمير ألطنبغا الصغير رأس نوبة النوب، ثم عاد بمن معه من أمراء الديار المصرية إلى دمشق، فخرج إليه الأمير جقمق وتلقاه، وبالغ في إكرامه، وأراد بذكل الرئاسة على الأتابك ألطنبغا القرمشى، فما مشى له ذلك، ووقع بينهما وقعة انكسر جقمق فيها، وانهزم إلى قلعة صرخد. فاستمر بقعلة صرخد إلى أن قدم الأمير ططر إلى دمشق، وصحبته السلطان الملك المظفر أحمد بن الملك المؤيد شيخ، وأخلع على الأمير تنبك العلائي مبق بنيابة دمشق عوض الأمير جقمق، وندبه لمحاصرته بقلعة صرخد، فتوجه الأمير تنبك ميق إليه وصحبته جماعة من العساكر، ونزل على قلعة صرخد وحصره بها إلى ثاني عشر شعبان سنة أربع وعشرين وثمانمائة، أرسل جقمق يطلب الأمان، فحلف له الأمير ططر أيمانا مؤكدة، وجهز له الأمان، فنزل الأمير جقمق من قلعة صرخد، وحضر إلى دمشق صحبة الأمير تنبك ميق العلائي، فوافاهما الأمير ططر في عوده من حلب، وقبض على جقمق المذكور، وحبسه بقلعة دمشق وعصره، الجزء: 4 ¦ الصفحة: 273 وأخذ منه مالاً كثيراً، ثم أمر بقتله، فقتل في أواخر شعبان المذكور من السنة المذكورة، ودفن بمدرسته التي بناها بدمشق بالقرب من الجامع الأموي. وكان الأمير جقمق المذكور أميراً عارفاً، مكر وخديعة، مع حرمة ومهابة، وكان منهمكا في اللذات، مسرفاً على نفسه، وعنده بادرة مع سفه ووقاحة. قال المقريزى رحمه الله: وكان شديداً في دواداريته على الناس، حصل أمولاً كثيرة، وكان فاجراً ظالماً غشوماً، لا يكف عن قبيح، انتهى كلام المقريزى. قلت: ورأيته أنا غير مرة، فكان قصيراً، للسمن أقرب، مدور اللحية أسودها، وعنده فصاحة في حديثه كعوام مصر، وفي حديثه سرعة، على أنه كان عارياً من سائر العلوم، رحمه الله تعالى، وعفا عنه. ؟ 848 - جقمق الصفوى 808هـ -؟ - 1405م جقمق بن عبد الل الصفوى، الأمير سف الدين، حاجب حجاب حلب. كان أميراً عارفاً، قديم الهجرة، تنقل في عدة وظائف وأعمل، وباشر حجوبية حلب في نيابة والدي رحمه الله لحلب في الدولة الظاهرية برقوق، ثم عزل بعد ذلك عن حجوبية حلب وولى حجوبية دمشق، ووقع له أمور إلى أن قبض عليه الملك المؤيد شيخ قبل سلطنته بمدة، وأمر به فضربت رقبته بين يديه في شهر ربيع الآخر سنة ثمان وثمانمائة بدمشق، رحمه الله تعالى. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 274 ؟ 849 - السلطان الملك الظاهر جقمق 857هـ -؟ - 1453م جقمق بن عبد الله العلائي الظاهري، السلطان الملك الظاهر أبو سعيد، سلطان الديار المصرية، والبلاد الشامية، والأقطار الحجازية، والرابع والثلاثون من ملوك الترك، والعاشر من الجراكسة. قلت: جلبه خواجا كزلك من بلاد الجاركس أو غيرها إلى الديار المصرية في سلطنة الملك الظاهر برقوق الثانية، فاشتراه أمير على بن الأتابك إينال، ورباه وأدبه، ثم أرسله إلى الحجاز الشريف صحبة والدته، وكانت والدة سيدي على المذكور متزوجة بشخص جندي من الأمير آخورية الصغار يسمى نغتاى، فتوجه جقمق هذا معها وحج وعاد في صحبتها، ثم بعد عوده بمدة تعارف مع أخيه جاركس الجزء: 4 ¦ الصفحة: 275 القاسمي المصارع، وجاركس كان الأكبر، وهو إذ ذاك من اعيان خاصكية الملك الظاهر برقوق، فكلم الملك الظاهر برقوق في أخذ جقمق هذا من أستاذه سيدي علي بن إينال، فطلبه الظاهر منه وأخذه، وأعطاه لأخيه جاركس آنيا له في طبقة الزمان. وقد اختلفت الأقوال في أمره: فمن الناس من يقول: أن العلائي علي كان قد أعتقه قبل أن يأخذه الظاهر برقوق، وسكت أمر علي عن ذلك لتنال جقمق هذا السعادة بخدمة الملك الظاهر برقوق، وكان كذلك، وهذا القول هو المتواتر بين الناس. ومن الناس من يقول: أنه كان في الرق وملكه الملك الظاهر برقوق وأعتقه، قلت أما عتق الملك الظاهر برقوق له فلا خلاف، لكن هل صادف العتق محلا أم لا؟ فالله أعلم. واستمر جقمق عند أخيه جاركس بطبقة الزمان مدة يسيرة وأعتقه الملك الظاهر برقوق، وأخرج له خيلاً وقماشاً، ثم جعله خاصكياً، كل ذلك بسفارة أخيه جاركس، ودام على ذلك حتى مات الملك الظاهر برقوق في سنة إحدى وثمانمائة صار في دولة ولده الملك الناصر فرج ساقياً، ثم نقل إلى إمرة عشرة، ثم أمسك وسجن بواسطة عصيان أخيه جاركس المذكور، فاستمر إلى أن الجزء: 4 ¦ الصفحة: 276 شفع فيه والدي رحمه الله وجمال الدين الأستادار، فأطلقه الملك الناصر إلى حال سبيله. وضرب الدهر ضرباته إلى أن صار في الدولة المؤيدية شيخ أمير طبلخاناة، وخازندارا، بعد الأمير يونس الركنى بحكم انتقاله إلى نيابة غزة، ثم صار في الدولة المظفرية أحمد بن شيخ أمير مائة ومقدم ألف بالديار المصرية. واستمر على ذلك حتى تجرد الأمير ططر وهو إذ ذاك مدبر مملكة الملك المظفر أحمد إلى البلاد الشامية أمره بالإقامة بالقاهرة مع جملة من أقام بها من أمراء الألوف وهم: الأمير قاني باي الحمزاوي نائب حلب الآن، وكان هو نائب الغيبة والمشار إليه إذ ذاك، والأمير جقمق هذا، والأمير قرا مراد خجا الظاهري، والأمير أقبغا التمرازي، واستمر الجميع بالقاهرة إلى أن عاد الأمير ططر إلى الديار المصرية بعد أن تسلطن وخلع الملك المظفر أحمد بن شيخ، وقدم مع والدته صحبته. ولما وصل ططر إلى القاهرة أخلع على جقمق هذا باستقراره في نيابة قلعة الجبل مضافاً إلى تقدمته، فدام على ذلك إلى سنة خمس وعشرين وثمانمائة نقل الجزء: 4 ¦ الصفحة: 277 إلى حجوبية الحجاب بالديار المصرية، بعد القبض على الأمير طرباى بمدة، واستمر على ذلك إلى أن خلع عليه الملك الأشرف برسباى باستقراره أمير آخورا، عوضاً عن الأمير قصروه من تمراز بحكم انتقاله إلى نيابة طرابلس، بعد عزل الأمير إينال النوروزي وقدومه إلى القاهرة على تقدمة ألف بها، وذلك في أواخر صفر سنة ست وعشرين وثمانمائة، وولى الحجوبية من بعده الأمير جرباش الكريمى الظاهري المعروف بقاشق. فاستمر في وظيفته إلى سنة سبع وثلاثين أخلع عليه باستقراره أمير مجلس، عوضاً عن أقبغا التمرازي، بحكم انتقال أقبغا لإمرة سلاح، بعد انتقال الأمير إينال الجكمى إلى الأتابكية، واستقر في الأمير آخورية من بعده الأمير تغرى برمش نائب القلعة، ونزل الجميع بخلعهم إلى دورهم إلى آخر النهار رسم السلطان بأن يكون أقبغا التمرازي أمير مجلس علي عادته، ويكون جقمق هذا أمير سلاح، عوضاً عن الأمير إينال الجكمى، فامتثل أقبغا المرسوم الشريف. واستمر جقمق المذكور أمير سلاح إلى أن نقل إلى الأتابكية بالديار المصرية، بعد الأتابك إينال الجكمى، بحكم انتقاله إلى نيابة حلب، عوضاً عن قر قماس الشعباني بحكم عزله وحضوره إلى القاهرة على وظيفة إمرة سلاح، عوضاً عن جقمق المذكور، وذلك في يوم الإثنين تاسع شهر ربيع الأول سنة تسع وثلاثين وثمانمائة. واستمر على ذلك إلى أن مات الملك الأشرف برسباى في سنة إحدى وأربعين، الجزء: 4 ¦ الصفحة: 278 بعد أن عهد إلى ولده الملك العزيز يوسف، وجعل الأتابكى جقمق المذكور مدبر مملكته. فلما تسلطن الملك العزيز، وأقام مدة يسيرة، شرع جماعة من أطراف المماليك الأشرفية يأمرون في الدولة وينهون، فعظم ذلك على أعيان الدولة من المؤيدية والناصرية والظاهرية والسيفية، وخاف كل واحد على نفسه، كل ذلك والأتابك جقمق سامع لهم ومطيع إلى أن زاد أمرهم وتفرقت كلمتهم، وانضم فرقة منهم على الأتابك جقمق كبيرهم الأمير إينال الأبو بكرى الأشرفي الدوادار الثاني، فعند ذلك انتهز الفرصة من كان تخوف قبل تاريخه من المماليك الأشرفية، وتوجهوا إلى دار الأتابك جقمق، وكان سكنه تجاه الكبش على بركة الفيل بالدار الملاصقة لقصر بكتمر الساقي، فاجتمع عليه خلائق لا تدخل تحت الحصر من الأمراء والخاصكية وطوائف من المؤيدية والناصرية والظاهرية والسيفية، وكانوا هم الطالبين له والراغبين في تقدمه لحسن سيرته ولا ستنقاذ مهجهم من أيدي هؤلاء الأجلاب الأشرفية، وصاروا معه عصبا واحداً على كلمة واحدة، وآل أمرهم إلى الحرب مع من بقى من المماليك الأشرفية عند الملك العزيز بقلعة الجبل. وركب الأتابكى جقمق بمن انضم عليه من المذكورين من داره إلى أن نزل بدار الأمير نوروز الحافظي تجاه مصلاة المؤمنى من الرملة، وترامى كل من الطائفتين بالنبال، وتواجها في بعض الأحيان، ودام ذلك بينهم نحو ثلاثة أيام الجزء: 4 ¦ الصفحة: 279 والملك العزيز مقيم بالقصر الأبلق من قعلة الجبل، وأمره في إدبار وأمر الأتابك جقمق في استظهار، كل ذلك والأتابك جقمق يظهر الطاعة للملك العزيز يوسف، وانما يستخصم جماعة من المماليك الأشرفية، ويبالغ في الحط عليهم، ثم ترددت الرسل بينهما إلى أن وقع الصلح، على أن يرسل السلطان إلى الأتابك جقمق بأربعة من الخاصكية، فأرسلهم إليه، ويشبك الفقيه الأشرفي الدوادار، وأزبك البواب الأشرفي، فحال وصولهم قبض عليهم الأتابكى جقمق، ثم ركب فرسه من وقته من بيت نوروز في جموعه حتى صار تحت القلعة نزل عن فرسه تجاه باب السلسلة، وقبل الأرض للملك العزيز، ثم ركب وعاد وصحبته الخاصكية الأربعة المقبوض عليهم إلى داره على بركة الفيل، وسكنت الفتنة، ثم بدا للأتابكى جقمق أن يفرج عن هذه الأربعة الخاصكية فأفرج عنهم، وأخلع على كل واحد منهم كاملية مخمل بفرو سمور بمقلب سمور، وأعادهم إلى الملك العزيز، وكثر الكلام بين الطائفتين إلى أن طلع الأتابك جقمق إلى الإسطبل السلطاني، وسكن بالحراقة من باب السلسلة، ثم أمر بنزول المماليك الأشرفية من الأطباق بالقلعة إلى القاهرة بعد أن حلفوا له باطلاعة، وحلف لهم. واستفحل أمره، وعظم في النفوس، وصارت حرمته تتزايد، وأمره ينمو إلى أن وصل من تجرد من الأمراء إلى البلاد الشامية في حياة الملك الأشرف في يوم الأربعاء خامس شهر ربيع الأول سنة إثنتين وأربعين وثمانمائة، وهم: الأمي قرقماس الشعباني أمير سلاح، والأمير أقبغا التمرازي أمير مجلس، والأمير تمراز القرمشى رأس نوبة النوب، والأمير أركماس الظاهري بالدوادار الكبير، والأمير جانم قريب الملك الأشرف الأمير آخور الكبير، والأمير يشبك السودوني الجزء: 4 ¦ الصفحة: 280 حاجب الحجاب، والأمير قراجا الأشرفي، ولم يتخلف من الأمراء عن الحضور إلى الديار المصرية غير الأمير خجا سودون البلاطى، فإنه نفى إلى القدس الشريف من مدينة غزة، وكل هؤلاء مقدمي ألوف بالديار المصرية. ولما وصل هؤلاء الأمراء نضموا أيضاً على الأتابك جقمق ووافقوه على قصده، وانقطعوا عن الطلوع لخدمة الملك العزيز، وأصبحوا في يوم الخميس سادس شهر ربيع الأول اجتمعوا عند الأتابك جقمق بالحراقة من باب السلسلة، وقد تعين من الجماعة القادمين من البلاد الشامية الأمير قمرقماس أمير سلاح لاقتحامه على الرئاسة، ويظهر بذلك التنصح للأتابك جقمق، وشارك الأتابك في مجلسه، وجلس من عداه في مراتبهم، ثم أسر للأتابك بكلام، فندب الأتابك بعض جماعته بطلب جماعة من الأشرفية وغيرهم، فاحضروا سريعاً، فلما حضروا أخذ فرقماس يشير بالقبض عليهم، وصار واحداً بعد واحد، فأول من بدأ به الأمير جانم أمير آخور، وفقبض عليه الزينى خشقدم اليشبكي الطواشى مقدم المماليك، ونائبه الأمير فيروز الركنى، ثم على الأمير على باي الأشرفي شاد الشراب خاناة، ثم على الأمير يخشى باي الأمير آخور الجزء: 4 ¦ الصفحة: 281 الثاني، ثم على الأمير تنبك الجقمقي نائب القلعة، ثم على الأمير خشكلدى من سيدي بك أحد العشرات ورأس نوبة، ثم على الأمير جانبك الساقي المعروف بقلقسيز، ثم على الأمير جرباش مشد سيدي الأشرفي، ثم على جكم الخازندار خال العزيز، وعلى أخيه بايزيد، وكلاهما غير أمير، ثم على جماعة من الخاصكية، وهم: دمرداش وإلى القاهرة، ويشبك الفقيه الأشرفي الدوادار، وتنم الساقي، وأزبك البواب، وهؤلاء الثلاثة، المقبوض عليهم صحبة جكم قبل تاريخه، ثم قبض على السيفى بيرم خجا أمير مشوى، وعلى تنبك القيسى رأس نوبة الجمدارية المؤيدي، وعلى أرغون شاه الساقي، وأرسلوا الجميع إلى سجن الإسكندرين في يوم السبت ثامن شهر ربيع الأول. ثم خلع على الأمير تمرباي أحد مقامي الألوف بنيابة الإسكندرية، عوضاً عن الزينى عبد الرحمن بن الكويز، ورسم له بالتوجه في يومه، ثم إن الأمير الكبير جقمق ندب الأمير تنبك نائب القلعة كان، ومعه الأمير أقطوه، في جماعة، فطلعوا إلى القلعة لحفظها، واستقر تنبك المذكور كالنائب بها، وهو من جملة أمراء الألوف، ثم انفض الموكب بعد أن علم كل أحد بزوال مملكة الملك العزيز يوسف وذهاب دولته. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 282 وإستمر أمر الأتابك جقمق يقوى، ودولة الملك العزيز تضف، إلى أن خلع الملك العزيز في يوم الأربعاء تاسع عشر شهر ربيع الأول سنة إثنتين وأربعين وثمانمائة. وكانت مدته أربعة وتسعين يوماً. ذكر سلطنة الملك الظاهر جقمق وجلوسه على تخت الملك لما كان يوم الأربعاء تاسع عشر شهر ربيع الأول لب الخليفة أمير المؤمنين المعتضد بالله والقضاة الأربع إلى الإسطبل السلطاني عند الأمير الكبير جقمق، وقد اجتمع عنده سائر الأمراء وأعيان الدولة، ثم تكلم بعض من حضر من الأمراء بأن قال: السلطان الملك العزيز صغير، والأحوال ضائعة، ولا بد من سلطان ينظر في مصالح المسلمين، وينفرد بالكلمة في الممالك، فقال الأتابكى جقمق: هذا لا يتم إلا برضى الجماعة، فصاح الجميع بلسان واحد: نحن راضون بالأمير الكبير، ومد الخليفة يده فبايعه، ثم بايعه القضاة والأمراء على مراتبهم، ثم قام من فوره ولبس الخلعة الخليفتية السوداء، وتقلد بالسيف على العادة، وركب فرس النوبة، والأمراء مشاة بين يديه، وحمل الأمير قرقماس الجزء: 4 ¦ الصفحة: 283 القبة والطير على رأسه إلى أن طلع إلى القصر الكبير من قعلة الجبل، وجلس على تخت الملك، وقبل الأمراء الأرض بين يديه. وكان جلوسه على تخت الملك في يوم الأربعاء تاسع عشر شهر ربيع الأول سنة إثنتين وأربعين وثمانمائة، على مضى سبع عشرة درجة من النهار، الطالع برج الميزان بعشر درجات وخمس وعشرين دقيقة، وكان الشمس في السادس والعشرين من السنبلة والقمر في العاشر من الجوزاء، وزحل في الثاني والعشرين من الحمل، والمشترى في السابع عشر من القوس، والمريخ في الخامس من الميزان، والزهرة في الحادي عشر من الأسد، وعطارد في الرابع عشر من السنبلة، والرأس في الثاني من الميزان. وتم أمره وزال ملك الملك العزيز يوسف بن الملك الأشرف برسباى. ثم رسم بأن ينادي بالنفقة في المماليك السلطانية لك مملوك مائة دينار. ورسم للملك العزيز بأن يقيم بقاعة البربرية من دور الحرم السلطاني، وأن يحتفظ به، ثم أخلع على الطواشي فيروز الجاركمى باستقراره زمام دار، عوضاً عن الصفوى جوهر الجلباني اللالا، وشرع الملك الظاهر جقمق في الفنقة على المماليك السلطانية من يوم السبت ثامنه إلى أن انتهت النفقة فيهم، ثم خلع الجزء: 4 ¦ الصفحة: 284 على الأمير قرقماس الشعابني المعروف بأهرام ضاغ، يعنى جبل الأهرام، بأتابكية العساكر بالديار المصرية عوضه، وعلى أقبغا التمرازي بإمرة سلاح، عوضاً عن قرقماس المذكور، وعلى يشبك السودوني بإمرة مجلس، عوضاً عن أقبغا، وعلى تمراز القرمشى باستقراره أمير آخور، عوضاً عن جانم بحكم القبض عليه وحبسه بالإسكندرية؛ وعلى قراخجا باستقراره رأس نوبة النوب، عوضاً عن تمراز القرمشى، وعلى تغرى بردى المؤذى البكلمشى بحجوبية الحجاب، عوضاً عن يشبك السودوني، على أركماس الظاهري باستمراره في وظيفة الدوادارية، كل ذلك في يوم الخميس ثاني يوم سلطنته، وأنعم على عدة أخر بتقادم وطبلخانات وعشرات، يطول الشرح في ذكرهم، وتطاول كل وضيع إلى المرتبة العليا، ومشى ذلك لجماع منهم، بل لغالبهم. واستمر الملك الظاهر في أمر ونهى وأخذ وعطاء إلى يوم الأربعاء رابع شهر ربيع الآخر ركب السلطان إلى لعب الكرة بالحوش السلطاني، وحضر الأتابك قرقماس ولعب معه حتى انتهى، وأراد النزول إلى داره أسر بعض خواص السلطان إليه بأن قرقماس يريد إثارة فتنة، فلم يقبل السلطان كلامه، ونزل قرقماس إلى أن وصل تحت باب المدرج من القلعة أحاطوا به المماليك السلطانية، وطلبوا منه أن يتكلم مع السلطان في زيادة جوامكهم، ولزموه وطلبوا منه أن يركب معهم، فأراد أن يرجع إلى القلعة فما مكنوه من ذلك، وأخذوه إلى داره، وتلاحق بهم من المماليك الأشرفية جماعة، ولا زالوا به حتى وافقهم على الركوب ومحاربة السلطان، فلبس سلاحه وركب على كره منه. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 285 وهو كان يريد العصيان على السلطان، لكن بعد أيام، على غير هذا الوجه حتى يصلح أمره ويثق بمن يركب معه من الأعيان ويتهيأ لذلك، فلما غصبوه هؤلاء بالركوب في هذا اليوم، وحسن له بعض أعوانه ذلك، وحذره أنه اذا لم يركب في هذا اليوم لا يجتمع عليه أحد بعد ذلك أذا أراد الركوب، فأذعن، وسار ومعه جماعة كبيرة إلى الغاية، غير أنه منقبض الخاطر حتى وصل إلى الرميلة، ووقف تجاه باب السلسلة، وهو غير منشرح الصدر، لما رأى من خلف عسكره واختلاف أغراضهم، فكان منهم من يقول: الله ينصر الملك العزيز، ومنهم من يقول: الله ينصر السلطان، فكان قرقماس إذا سمع ذلك يقول: الله ينصر الحق، وتكرر ذلك في مسيرهم من بيته إلى أن وصل إلى الرميلة غير مرة، حتى أنه كشف رأسه وقال: الله ينصر الحق، فتطير من أصحابه من له خبرة بكشف رأسه، ثم سقطت درفته في الرميلة عن كتفه، فتزايد تطير الناس لذلك. ولما وقف بالرميلة، أمر لبعض أعوانه بالمناداة بالقاهرة على لسانه: أنه من حضره إلى عنده من المماليك ينعم عليه بكيت وكيت، وأنه ينفق فيهم إذا صار الأمر إليه بمائتي دينار لكل مملوك، وبمجئ الزعر إليه، وأنه ينفق فيهم أيضاً لكل واحد عشرين دينارا، فعظم جمعه، وتكاثفت عساكره، وبلغ السلطان الجزء: 4 ¦ الصفحة: 286 خبره، فأسرع بنزوله إلى المقعد المطل على الرميلة من باب السلسلة ومعه نفر قليل جداً، ورسم بالمناداة: من كان من حزب السلطان فليحضر عند الأمير أقبغا التمرازي أمير سلاح في بيته، ثم بعث إلى الأمير أقبغا بأمره بأنه يجمع من حضر عنده من الأمراء وغيرهم ويسير بهم إلى الرميلة من جهة باب السلسلة لقتال قرقماس، فاجتمع على أقبغا المذكور عدة من أمراء الألوف وغيرهم، وساروا حتى وصلوا إلى صليبة طولون، استشارهم أقبغا من أين يتوصلوا إلى الرميلة، فإن وصلوا إلى صليبة ابن طولون، استشارهم أقبغا من أين يتوصلوا إلى الرميلة، فإن قرقماس بجموعه إلى الرميلة، فكيف التوصل إلى باب السلسلة منهم، فكثر الكلام في ذلك حتى وقع الانفاق أنهم يسيروا من سويقة منعم غارة إلى باب السلسلة، ففعلوا ذلك. فلم يفطن به فرقماس لكثرة عساكره، حتى وقفوا تحت باب السلسلة وتهيؤا لقتاله، فعند ذلك حمل عيلهم قرقماس بمن معه، بعد أن فر من عنده إلى جهة السلطان الأمير قراجا الأشرفي، أح مقدمي الألوف، والأمير مغلباي الجقمقي أستادار الصحبة، ووقع القتال بين الفريقين، واشتد الحرب بينهم، وتلاقوا غير مرة، وفشت الجراح بينهم وقتل من جهة السلطان الأمير جكم المجنون النوروزى أحد الجزء: 4 ¦ الصفحة: 287 العشرات، ودام ذلك إلى نصف النهار المذكور، وتعين الظفر لقرقماس غير مرة، لكنه كان في قلة من أكابر الأمراء فلهذا انهزم، فإنه كان تارة يقف تحت رايته، وتارة يحرك فرسه ويقاتل حتى أصابه لذلك سهم في وجهه وكل فتتفرقت عنه عساكره قليلاً بقليل حتى كانت الكسرة عليه، وانهزم واختفى، وأحاط الملك الظاهر على موجوده وحواشيه، ودقت البشائر لذلك، وتطلبه حتى ظفر به في يوم الجمعة سادسه، وقيد وحمل إلى الأسكندرية في يوم السبت سابعة، وأنعم السلطان بإقطاعه وأتابكيته على الأمير أقبغا التمرازي أمير سلاح، وخلع على يشبك أمير مجلس بإمرة سلاح، عوضاً عن أقبغا، وعلى الأمير جرباش الكريمي المعروف بقاشق بإمرة مجلس، عوضاً عن يشبك. واستمر السلطان بعد ذلك إلى شهر رمضان من السنة ترادفت عليه الأهوال فيه بورود الخبر بعصيان الأمير تغرى برمش نائب حلب، ثم عقبه البريد بعد مدة يسيرة بعصيان الأيمر إينال الجكمى نائب دمشق، ثم فرار الملك العزيز من وسط الدور السلطاني من قاعة البربرية في ليلة الإثنين سلخه. سببه أن العزيز لما حبس بقاعة البربرية من الدور السلطاني، وكانت دادته سر النديم الحبشية عنده ومعها عدة جواري له، ثم مكنت مرضعته من الدخول إليه وكان القائم في حوائجه، وفي قبض ما رتب له من أوقاف والده في كل شهر طواشى هندي يسمى صندل، لم يبلغ العشرين من العمر، من عتقاء أمه خوند جلبان، وكان عنده نباهة وفطنة، فاحتوى على جميع أحواله لإنفراده الجزء: 4 ¦ الصفحة: 288 بخدمته، وكان بخدمته، وكان أرجف بقتل العزيز غير مرة أو بكحله، ثم أشيع ينقله إلى حبس الإسكندرية، فصار صندل يخبر العزيز بمهما سمعه، فداخل العزيز الخوف واتسع خياله إلى أن بلغه أيضاً أن بعض القضاة أتى بقتله لصيانة دم الرعية، فرمى العزيز نفسه على صندل المذكور وقال له: تحيل في فراري، وأبق على مهجتي، فانفعل صنل، وكان للعزيز طباخ من أيام أبيه، فكلمه صندل في إخراج العزيز، فوافقه على ذلك، فأمر العزيز لجوارية أن ينقبن في البربرية يخرج منه إلى المطبخ، وساعدهم الطباخ من الخارج، حتى انتهى. وكان صندل أعلم بذلك جماعة من الأشرفية، وكان ذلك مرادهم، فلما كان وقت الأفطار من يوم الإثنين المذكور، والناس في شغل بأكلهم، خرج العزيز من النقب المذكور عرياناً مكشوف الرأس، فألبسه الطباخ من خلقاته ثوباً ملوثاً بسواد القدور، وأخذه معه، ونزل كأنه من بعض صبيانه، وهو يمر على الخدام من غير أن يتفطن به أحد، فوافا الأمراء وقد خرجوا بعد الفطر من عند السلطان، وصاروا جملة واحدة، فلما رأى الطباخ ذلك ضرب العزيز ظهره ضربة وصاح عليه كأنه من بعض صبيانه، ليرد بذلك الوهم عنه، فمشت حيلته؛ ونزل من باب المدرج حتى وصل تحت الطبلخاناة، وإذا بصندل الطواشي، وطوغان الزرد كاش، ومشده ازدمر في آخرين من الأشرفية فقبلوا يده. وكان صندل كان قد أخبر العزيز أنه إذا نزل مماليك أبيه الأشرفية يركبون معه لقتال الملك الظاهر أو يتوجهون به إلى الشام، فلما رأى غير ذلك ندم، وطلب العود إلى مكانه، فلم يمكنه ذلك، والتزم له طوغان الزرد كاش الجزء: 4 ¦ الصفحة: 289 أن يمضي إلى بلاد الصعيد، ويأتي بمن هناك من المماليك الأشرفية الذين في التجريدة لقتال هوارة صحبة الأمير يشبك السودوني، وهم نحو سبعمائة فارس، ومضى من ليلته حتى وصل إليهم، فلم ينتج أمره، وقبض عليه وحمل إلى القاهرة، وحبس وعوقب، ثم وسط بعد أيام. واختفى العزيز هو وطواشيه صندل، وأزدمر مشده، وطباخه، وصار يتنقل من مكان إلى آخر، والسلطان في طلبه، وعوقب جماعة بسببه، وهجم على جماعة من البيوت، ومرت بالعزيز شدائد في اختفائه، وفر الأمير إينال الأبو بكري الأشرفي أحد مقدمي الألوف، بسببه، ثم قبض على جماعة من الخاصكية للقبض على الأمير قراجا الأشرفي، أحد مقدمي الألوف أيضاً بالغربية، فانه كان قد توجه لعمل جسورها، فقبض عليه وحبس بالأسكندرية. واستمر العزيز مختفياً إلى أن خرجت تجريدة لقتال الأمير إينال الجكمى نائب الشام، ولقتال الأمير تغرى برمش نائب حلب، ومقدم العساكر الأمير أقبغا التمرازي المتولى نيابة الشام، عوضاً عن الجكمى، وصحبته الأمير قراخجا، وقد استقر أمير آخورا، والأمير تمرباي الدوادار، وقد صار رأس نوبة النوب، وعدة من أمراء العشرات والخاصكية. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 290 وتزايدت الهموم والمحن على السلطان في هذه المدة من سائر الجهات، وبقى في حيرة، وصار تارة يشتغل بتجهيز العساكر لقتال العصاة من النواب بالبلاد الشامية، وتارة في طلب العزيز وفي الفحص عنه، ولا زال على ذلك إلى يوم الأربعاء ثالث عشرين شوال من سنة إثنتين وأربعين وثمانمائة ظفر بسر النديم دادة الملك العزيز بعد ما كبس عليها عدة بيوت، وعوقب جماعة، وقاست الناس في هذه المدة أهوالا بسبب العزيز وحواشيه، ثم ظفر السلطان بالطواشي صندل الهندي فتحقق منهما أن العزيز وإينال لم يخرجا من القاهرة، وأنهما لم يجتمعا قط، فهان عليه الأمر قليلا، فإنه كان في ظن السلطان أن الأمير إينال أخذ العزيز على نجبه التي هيأها لسفر الججاز، ومضى به إلى الأمير إينال الجكمى نائب الشام. قلت: ولو كان اينال فعل ذلك لكان تم أمر الملك العزيز، فما شاء الله كان. ثم اجتهد السلطان في طلب العزيز، وطرق الناس بهذا السبب أهوالاً ومحن إلى ليلة الأحد سابع عشرينه قبض على الملك العزيز، فاستراح بالقبض عليه وأراح، وهو أنه لما نزل من القلعة واختفى كان معه طواشيه صندل وأزدمر مشده، وطباخه إبراهيم لا غير، وصار العزيز ينتقل بهم من موضع إلى موضع لكثرة ما يكبس عليه، وصار كل يوم في رجيف ومحنة، حتى وقع بين أزمر وصندل الطواشي، وطرد صندل، ففارق صندل العزيز ومضى إلى حال سبيله بعد أن أنعم عليه العزيز بخمسين ديناراً، ثم أن أزدمر طرد أيضاً إبراهيم الطباخ، وبقي الجزء: 4 ¦ الصفحة: 291 مع العزيز وحده ليكونا أخف على من يختفيا عنده، هذا والسلطان يستحث في طلبهما حتى ضيق عليهما المسالك، واستوحش من قبولهما كل أحد حتى أرسل العزيز إلى خاله الأمير بيبرس، أحد أمراء العشرات وأعلمه بمجيئه ليختفي عنده، فواعده بيبرس المذكور أن يأتيه ليلاً، ثم خاف بيبرس عاقبة ذلك، فأعلم جاره الأمير بلباي الإينالي المؤيدي، أحد أمراء العشرات ورأس نوبة، بذلك، وقال: يقبح بي أن يكون مسك العزيز على يدي، ولكن أفعل أنت ذلك، وأعلمه بطريقة التي يمر منها في قدومه، فترصد له يلباى المذكور، ومعه أناس قلائل جداً، بزقاق حلب خارج القاهرة، حتى مر به الملك العزيز بعد عشاء الآخرة ومعه أزدمر، هما في هيئة مغربيين، فوثب يلباى على أزدمر ليقبض عليه، فدفع عن نفسه، فضربه يلباي أدمى وجهه وأعانه عليه من معه حتى أوثقوه، وأخذوا العزيز وعليه جبة صوف حتى طلعوا بهما إلى القعلة من باب السلسلة، العزيز حاف، وقد أخذ مملوك من المؤيدية بأطواقه إلى أن أوقف بين يدي الملك الظاهر جقمق، فكادت نفسه تزهق فرحاً، فأوقفه الظاهر ساعة، ثم أدخله إلى قاعة العواميد من الدور، عند زوجته خوند الكبرى مغل بنت القاضي ناصر الدين محمد بن البارزى، وأمرها أن تجعله في المخدع، ولا تبرح عن بابه، وأن تتولى أمر أكله وشربه، فأقام على ذلك مدة، ونقل إلى الأسكندرية وحبس بها، على ما سيأتي في ترجمته إن شاء الله تعالى. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 292 فعند ذلك خف عن الملك الظاهر بعض ما كان يجده من أمر العزيز، والتفت إلى البلاد الشامية حتى ورد عليه الخبر بعد ذلك في يوم الخميس تاسع ذي القعدة من السنة بواقعة الأمير إينال الجكمى وبالقبض عليه، فدقت البشائر لذلك، وهان عليه أمر تغرى برمش نائب حلب، فإنه كان يجزع من اجتماعهما معاً، فلم تكن إلا أيام يسيرة، وورد عليه الخبر في يوم الجمعة رابع عشرين ذي القعدة بكسرة تغرى برمش ثم بالقبض عليه، فرسم بقتله حسبما ذكرناه في ترجمته، وقتل الجكمى كما ذكرناه أيضاً في ترجمته. وصفا الوقت للملك الظاهر جقمق في مدة يسيرة، وظفر بأعدائه بعد أن كانت دولته قد أشرفت على الزوال فلما صفا وقته وزال عنه الضد والمعاند أخذ يقرب جماعة من الأندال والأوباش، وأنعم عليهم بالإمريات والإقطاعات والوظائف، السنية، ولكن المعطى هو الله، لأن قلوب الملوك بيده سبحانه وتعالى يقلبها كيف يشاء فسبحان المتفضل بالنعم على مستحقي النقم، قلت: ولا يحمد على المكروه إلا الله سبحانه وتعالى. واستمر الملك الظاهر جقمق في سلطنة الديار المصرية من غير معاند، وطالت مدته، وصفت حتى أنه لم يحتج فيها لمساعد، وأخذ ينتهز الفرصة فيما ذكره الجزء: 4 ¦ الصفحة: 293 يطول، ولسان الحال عنه يقول: إذا هبت رياحك فاغتنمها فعقبى خافقة سكون. ولا زال على ذلك، والدهر مطاوعه، والمقادير تساعده، حسبما ذكرناه في تاريخا حوادث الدهور في مدى الأيام والأيام والشهور مفصلا في اليوم والوقت، إلى أن مرض في أواخر ذي الحجة سنة ست وخمسين وثمانمائة، وطال مرضه إلى أن خلع نفسه من السلطنة في الساعة الثانية في يوم الخميس الحادي والعشرين من محرم سنة سبع وخمسين وثمانمائة، وسلطن ولده الملك المنصور عثمان، ودام متمرضاً بقاعة الدهيشة من القلعة إلى أن توفي ليلة الثلاثاء ثالث صفر سنة سبع المذكورة، وذلك بعد خلعه بإثنتي عشر يوماً، وصلى عليه من الغد بمصلاة باب القلة من قلعة الجبل، وحضر ولده السلطان الملك المنصور الصلاة عليه، وصلى عليه الخليفة القائم بأمر الله أبو البقاء حمزة إماماً، ودفن من ساعته بتربة الأمير قاني باي الجاركسي الأمير آخور التي أنشأها عند دار الضيافة بالقرب من قلعة الجبل. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 294 وكانت جنازته مشهودة بخلاف جنائز الملوك، وذلك لعدم اضطراب الدولة، فإنه كان قد تسلطن ولده الملك المنصور قبل وفاته بأيام حسبما ذكرناه، ومات وسنه نيف على الثمانين سنة. وكانت مدة ملكه من يوم تسلطن بعد خلع الملك العزيز يوسف في يوم الأربعاء تاسع عشر شهر ربيع الأول سنة إثنتين وأربعين وثمانمائة إلى أن خلع بولده الملك المنصور عثمان المذكور في الثانية من يوم الخميس المذكور الحادي والعشرين من محرم سنة سبع وخمسين وثمانمائة أربع عشرة سنة وعشرة شهور ويومان، وكانت وفاته بعد خلعه بإثنتي عشر يوماً كما ذكرناه. وكان سلطاناً ديناً، خيراً، صالحاً، متفقهاً، شجاعاً، عفيفاً عن المنكرات والفروج، لا نعلم أحدا من ملوك مصر في الدولة الأيوبية والتركية على طريقته من العبادة والعفة؛ لم يشهر عنه في حداثة سنه ولا في كبره أنه تعاطى مسكراً، ولا اكتشف حراماً قط، وأما حب الشباب فلعله كان لا يصدق أن أحداً يفعل ذلك لبعده عن معرفة هذا الفعل، وكان غالب أوقاته على طهارة كاملة، وكان متقشفاً في ملبسه ومركبه إلى الغاية، لم يلبس الأحمر من الألوان في عمره، ولم أراه منذ تسلطن أنه لبس كاملية بمقلب سمور غير مرة واحدة، وأما الركوب الجزء: 4 ¦ الصفحة: 295 على السرج الذهب والكنبوش الزركش فلم يفعله قط، وكان ما يلبسه في أيام الصيف وما على فرسه لا يساوي عشرة دنانير، وكان معظماً للشريعة، محباً للفقهاء وطلبة العلم، معظماً للسادة الأشراف، وكان يقوم لمن دخل عليه من الفقهاء والصلحاء كائناً من كان، وكان إذا قرأ عنده أحد فاتحة الكتاب نزل عن مدورته وجلس على الأرض تعظيماً لكلام الله تعالى، وكان كريماً جداً، مسرفاً مبذراً، أتلف في مدة سلطنته من الأموال مالا يدخل تحت حصر كثرة، وكان لا يلبس إلا القصير من الثياب، ونهى الأمراء وأكابر الدولة وأصاغرها عن لبس الثوب الطويل، وأمعن في ذلك حتى أنه ضرب جماعة كثيرة بسبب ذلك، وقص أثواب جماعة أخر من أعيان الدولة في الموكب السلطاني بحضرة الملأ من الناس، وكان كثيراً ما يوبخ من يلبس الثوب الطويل، ومن لا يحف شاربه من الأتراك. وفي الجملة: أنه كان آمرا بالمعروف، ناهياً عن المنكر، إلا أنه كان قد قيض الله له أعوان سوء وحاشية ليست بذاك، وكان رحمه الله سريع الإستحالة، وعنده بطش وحدة مزاج، وبادرة مع طيش وخفة، فكانوا، أغنى حاشيته، مهما أوحوه له قيله منهم، وأخذه على الصدق والنصيحة، فلهذا كان يقع منه تلك الأمور القبيحة التي ذكرناها في وقتها، في كتابنا المسمى الجزء: 4 ¦ الصفحة: 296 بحوادث الدهور في مدى الأيام والشهور، من ضرب العلماء، وبهدلة الفقهاء والرؤساء وسجنهم بحبس المقشرة مع أرباب الجرائم، حتى أنه حبس بها جماعة كبيرة من الفقهاء والأعيان، والذي يحضرني منهم الآن قاضي القضاة ولى الدين محمد السفطى قاضي قضاة الشافعية بالديار المصرية، وأحد ندمائه، والقاضي بدر الدين محمود بن عبد الله أحد نواب الحكم الحنفية، والقاضي محب الدين أبو البركات الهيتمى أحد نواب الشافعية، والعلامة قوام الدين القمى العجمي الحنفي، والحافظ برهان الدين إبراهمي البقاعي الشافعي، والقاضي شهاب الدين الزفتاوي أحد النواب الشافعية، والقاضي علاء الدين بن القاضي تاج الدين البلقيني أحد نواب الشافعية، وقاضي بولاق شهاب الدين أحمد المدعو قرقماص أحد النواب الحنفية، والقاضي عز الدين البساطي أحد النواب المالكية، والقاضي شهاب الدين بن إسحاق أحد نواب الشافعية بمصر القديمة، والناصري محمد بن أمير عمر بن الحاجب من بيت رئاسة، سكنه خارج باب النصر، والأمير بيبرس بن تغر، وابن شعبان وأما غير الأعيان فخلائق لا تحصى من بياض الناس. وكل ذلك كان لعدم تثبته في أحكامه، وعظم بادرته وسلامة باطنه، فإنه كان يصدق ما ينقل إليه بسرعة، ولا يتروى في أحكامه حتى يأتيه من يخبره بالحق، فلهذه الخصال كانت الرعية قد سمته وطلبت زواله، وكانت الدعوى عنده لم سبق، لا لمن صدق، على قاعدة الأتراك. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 297 وبالجملة كانت محاسنه أكثر من مساوئه، وكان حاله أحسن من حال غيره من ملوك مصر السالفة من حيث الدين وعفة الذيل، فإنه كان قد قمع المفسيدين والجبابرة من كل طائفة، وكسدت في أيامه حال أرباب الملاهي والمسكرات، وتصولح غالب أمرائه وجنده، وبقي أكثرهم يصوم الأيام الكثيرة في كل شهر، ويعف عن المنكرات، وكل ذلك مراعاة لخاطره، وخوفاً من بطشه لما يرون من تشديده على من يفعل القبائح والمنكرات، وهذا بخلاف الملوك السابقة فإنهم كانوا كثيراً ما يفعلون ذلك، فكان يصير كل قبيح جهارا، ومن عظم حرمته وشدة بطشه قال بعض الفضلاء: تابت هذه الدولة عن الموت في هدم اللذات والأيام الطيبة، وان الذين يتعاطون المسكرات في أيامه وهم القليل من الناس صاروا يتعاطون في خفية، ويرجفهم في تلك الحالة صغيرة الصافر. وأبطل من تقشفه أشياء كثيرة من شعار المملكة، مثل: سوق المحمل، والنرول إلى الصيد بالجوارح، وخدخمة الإيوان، الحكم بباب السلسلة بالإصطبل السلطاني، ونوابة خاتون التي كانت تدق بقلعة الجبل عند الصباح والمساء، أشياء كثيرة من هذا النمط، ذكرناها مفصلة في كتابنا الحوادث، وكل ذلك كان يكرهه مما يقع فيه من المفاسد، لا يفعل ذلك توفرة للأموال، فإن الجزء: 4 ¦ الصفحة: 298 المال كان عنده كلا شئ، على أنه كان يحب جمعه من حلاله وحرامه، ثم يصرفه على قدر اجتهاده في أي جهة كانت. وكانت صفته قصيراً، للسمن أقرب، أبيض اللون مشرباً؟ بحمرة، صبيح الوجه، منور الشيبة، فصيحاً في اللغة التركية، وفي العربية لا بأس به بالنسبة لأبناء جنسه، وكان له اشتغال وطلب قديماً، وكان يستحضر مسائل جيدة، ويبحث مع العلماء الفقهاء، ويلازم مشايخ القراءات، ويقرأ عليهم دواماً، وكان يقتني الكتب النفسية، ويعطي فيها الإثمان الزائدة عن ثمن المثل، وكانت أيامه آمنه، رحمه الله تعالى. ؟ ذكر من عاصره من الخلفاء العباسية حفظهم الله: وهو: أمير المؤمنين المعتضد بالله أبو الفتح داود إلى أن توفي يوم الأحد رابع شهر ربيع الأول سنة خمس وأربعين وثمانمائة بعد أن عهد لأخيه سليمان وأمير المؤمنين المستكفى بالله أبو الربيع سليمان ولى الخلافة بعهد من أخيه داود إلى أن مات يوم الجمعة ثاني المحرم سنة خمس وخمسين وثمانمائة، وأمير المؤمنين الجزء: 4 ¦ الصفحة: 299 القائم بأمر الله البقاء حمزة، ولى الخلافة بعد وفاة أخيه المستكفى بالله من غير عهد منه إليه في يوم الإثنين خامس المحرم سنة خمس وخمسين وثمانمائة. ذكر من مات في أيامه من ملوك الأقطار: توفي القان معين الدين شاه رخ بن تيمورلنك في سنة إحدى وخمسين وثمانمائة، وولده ألوغ بك بن شاه رخ صاحب سمرقند، قتله ولده عبد اللطيف في سنة ثلاث وخمسين، ثم قتل عبد اللطيف المذكور خارج سمرقند بعد سنة أشهر من السنة، والأمير ناصر الدين بك محمد بن دلغادر صاحب أبلستين في حدود سنين خمس وأربعين، وولى بعده ابنه سليمان، وتوفي خوند كار مراد بك بن محمد بن عثمان سلطان الروم في المحرم سنة خمس وخمسين وتسلطن بعده ابنه محمد، بن عثمان سلطان الروم في المحرم سنة خمس وخمسين وتسلطن بعده ابنه محمد، وتوفي أصبهان بن قرا يوسف صاحب بغداد بعد سنة خمس وأربعين وثمانمائة، وكان فاسقاً زنديقاً يميل إلى دين النصرانية، إلى لعنة الله، ألحق الله به من بقي من أخوته وأقاربه، فانهم شر عصابة، وفي أيامهم خرجت بغداد وما والاها، وتوفي الشريف علي بن حسن بن عجلان أمير مكة، وهو معزول بثغر دمياط بالطاعون في سنة ثلاث وخمسين وثمانمائة، وفيها مات الشريف أبو القاسم بالقاهرة، وهو معزول أيضاً بعد قدومه من الحجاز بمدة يسيرة، وتوفي الشريف سليمان بن عزيز الحسيني أمير المدينة قليلاً، وتوفي الشريف ضيغم أمير المدينة. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 300 ذكر من ولى في أيامه من قضاة القضاة بالديار المصرية: فضاته الحنفية: شيخ الإسلام قاضي القضاة سعد بن محمد الديري الحنفي، ولاه وهو نظام ملك الملك العزيز يوسف في إثنتين وأربعين وثمانمائة بعزل قاضي القضاة بدر الدين محمود بن أحمد العينى. قضاته الشافعية: شيخ الإسلام حافظ العصر شهاب الدين أحمد بن علي بن حجر، ولى في سلطنته غير مرة إلى أن توفي وهو معزول في سنة إثنتين وخمسين وثمانمائة، ثم قاضي القضاة علم الدين صالح بن عمر البلقيني، ثم قاضي القضاة العلامة شمس الدين محمد القاياتي إلى أن مات في أوائل سنة خمسين وثمانمائة، ثم قاضي القضاة ولي الدين محمد السفطي، وعزل وامتحن وحبس بالمقشرة، ثم أطلق، واختفى مدة، ثم ظهر وأقام بالقاهرة إلى أن توفي بها في عصر يوم الثلاثاء مستهل ذي الحجة سنة أربع وخمسين وثمانمائة، ثم قاضي القضاة شرف الدين يحيى المناوى. قضاته الماليكة: شيخ الإسلام قاضي القضاة أبو عبد الله شمس الدين ابن أحمد البساطي إلى أن مات في ليلة ثالث عشر شهر رمضان سنة إثنتين وأربعين وثمانمائة، ثم قاضي القضاة بدر الدين محمد بن أحمد التنيسى إلى أن مات بالطاعون في آخر يوم الأحد ثاني عشر صفر سنة ثلاث وخمسين وثمانمائة، وكان مشكور السيرة، ثم قاضي القضاة ولي الدين محمد السنباطي. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 301 قضاته الحنابلة: شيخ الإسلام قاضي القضاة محب الدين أحمد بن نصر الله البغدادي إلى أن مات في يوم الأربعاء خامس عشر جمادى الأولى سنة أربع وأربعين وثمانمائة، ثم قاضي القضاة بدر الدين محمد بن عبد المنعم البغدادي. ذكر من ولى في أيامه الوظائف السنية من الأمراء: وظيفة الأتابكية بالقاهرة: وليها من بعده الأتابك قرقماس الشعباني الناصري أياماً يسيرة، ثم قبض عليه يعد عصيانه وحبس بثغر الإسكندرية حتى قتل بها في سنة إثنتين وأربعين وثمانمائة، ثم الأتابك أقبغا التمرازي أشهرا، ثم ولى نيابة الشام، ومات في سنة ثلاث وأربعين وثمانمائة، ثم الأتابك يشبك السودوني المعروف بالمشد، وليها بعد أقبغا التمرازي إلى أن مات في سنة تسع وأربعين وثمانمائة، ثم من بعده الأتابك إينال العرئي الظاهري ثم الناصري وليها من ظيفة الدوادارية الكبرى. وظيفة إمرة سلاح: وليها الأمير أقبغا التمرازي أياماً بعد قرقماس، ثم من بعده يشبك السودوني أشهرا، ثم من بعده الأمير تمراز القرمشي الظاهري برقوق إلى أن توفي بالطاعون في صفر سنة ثلاث وخمسين وثمانمائة، ثم من بعده الأمير جرباش الكريمي المعروف بقاشق. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 302 وظيفة إمرة مجلس: وليها الأمير تمراز القرمشي أشهرا إلى أن نقل منها إلى إمرة سلاح في سنة إثنتين وأربعين ثمانمائة، ثم من بعده الأمير قرخجا الحسنى إلى أن توفي بالطاعون سنة ثلاث وخمسين، ثم من بعده قاني باي الجركسى. وظيفة رأس نوبة النوب: باشرها في أول دولته الأمير تمراز القرمشى أياما ً ثم نقل إلى الأمير آخورية، ثم من بعده الأمير قراخجا الحسنى أشهرا، ونقل أيضاً إلى الأمير آخورية، ثم من بعده الأمير تمر باي التمر بغاوى إلى أن مات بالطاعون سنة ثلاث وخمسين وثمانمائة، ثم من بعده الأمير أسنبغا الطيارى. وظيفة الحجوبية: باشرها الأمير يشبك السودوني في أوائل دولته أياماً ونقل إلى إمرة مجلس، ثم من بعده الأمير تغرى بردى المؤذى البكمشى أشهرا، ونقل إلى الدوادارية، ثم من بعده الأمير تنبك من بردبك الظاهري برقوق إلى أن عزل عنها ونفى إلى دمياط في سنة أربع وخمسين وثمانمائة، ثم من بعده الأمير خشقدم الناصري المؤيدي أحد أمراء الألوف بدمشق على مال بذله. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 303 وظيفه الدوادارية الكبرى: باشرها في أوائل دولته الأمير أركماس الظاهري أشهرا إلى أن نفى إلى ثغر دمياط بطالاً، ثم من بعده الأمير تغرى بردى البكلمش إلى أن مات في سنة ست واربعين وثمانمائة، ثم من بعده الأمير إينال العلائي الأجرود إلى أن نقل منها إلى الأتابكية، ثم من بعده الأمير قاني باي الجاركسي إلى أن نقل منها إلى الأمير آخورية الكبرى، ثم من بعده الأمير دولات باي المحمودي المؤيدي على مال بذله. وظيفة الأمير جندارية الكبرى: شاغرة بعد الأمير قرامراد خجا الظاهري من الدولة الأشرفية برسباى. وظيفة الخازندارية الكبرى: لم يلها أحد من مقدمي الألوف في زماننا هذا، وإنما وليها الأمير قانبك الأشرفي إلى أن تعطل وعزل، ثم مات، ثم من بعده مملوكه الأمير قراجا، وكلاهما كان أمير عشرة. وظيفة الزرد كاشية: الأمير تغرى برمش السيفى يشبك من أزدمر إلى أن توفي بمكة لما حج في الرجبية في سنة أربع وخمسين وثمانمائة، ثم من بعده دقماق الخاصكي اليشبكي، أقل من جمعة، وعزل وأعيد إلى جنديته، ثم مملوكه الأمير لاجين أحد أمراء العشرات. ظيفة شد الشراب خاناة: وليها الأمير قاني باي الجاركسي بعد الأمير علي باي إلى أن نقل إلى الدوادارية الكبرى، باشرها أمير عشرة، ثم أمير طبلخاناة، ثم مقدم ألف، ثم من بعد الأمير يونس آقباي نائب الشام. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 304 ذكر الأعيان من مباشرى الدولة وظيفة كتابة السر الشريف: باشرها الصاحب بدر الدين بن نصر الله إلى أن عزل، ثم بعده القاضي كمال الدين بن البارزي إلى أن مات في يوم الأحد سادس عشرين صفر سنة ست وخمسين، ثم القاضي محب الدين ابن الأشقر. نظار جيشه: الزينى عبد الباسط إلى أن أمسك وصودر، ثم من بعده القاضي محب الدين محمد بن الأشقر، ثم من بعده القاضي بهاء الدين محمد بن حجى وعزل بعد مدة، وأعيد القاضي محب الدين بن الأشقر المذكور إلى أن نقل إلى كتابة السر، ثم عظيم الدولة الجمالي يوسف مضافاً إلى نظر الخاص وتدبير المملكة. وزراؤه: الصاحب كريم الدين عبد الكريم بن كاتب المناخ إلى، استعفى في سنة إحدى وخمسين لطول مرضه، ومات في السنة المذكورة، ثم من بعده الصاحب أمين الدين إبراهيم بن عبد الغني بن الهيصم، ثم الأمير تغرى بردى القلاوي الظاهري جقمق. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 305 نظار خاصة: القاضي جمال الدين يوسف بن عبد الكريم ابن كاتب جكم. أستاداريته: جانبك الزيني عبد الباسط إلى أن عزل عندما قبض على أستاذه الزيني عبد الباسط وصودر، ثم من بعده الناصري محمد بن أبي الفرج نقيب الجيش، وعزل وأعيد إلى نقابة الجيش بعد مدة، ثم الأمير قيز طوغان أحد أمراء العشرات وأمير آخور ثالث إلى أن عزل ثم من بعده الزيني عبد الرحمن ابن الكويز إلى أن عزل، ثم من بعده زين الدين يحيى ناظر ديوان المفرد المعروف بقريب بن أبي الفرج. وظيفة الحسبة: وليها الأمير تنم من عبد الرزاق المؤيدي إلى أن عزل، ثم من بعده قاضي القضاة بدر الدين محمود العيني الحنفي إلى أن عزل، ثم الشيخ يار علي بن نصر الله الخراساني الطويل محتسب مصر، وعزل ثم أعيد العيني، ثم عزل وأعيد يار على ثانيا إلى أن عزل بالقاضي علاء الدين علي بن أقبرس، فباشر المذكور إلى أن عزل، ثم ولى علي بن إسكندر، ثم عزل على أقبح وجه بزين الدين يحيى الإستادار من غير خلعة، فباشرها زين أشهرا، وعزل بالأمير جانبك الساقي اليشبكي وإلى القاهرة، مضافاً على الولاية إلى أن عزل، وأعيد الشيخ يار علي الطويل ثالث مرة في سنة أربع وخمسين وثمانمائة. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 306 ذكر ولاة القاهرة: الأمير قراجا العمري مدة إلى أن عزل، وتولى منصور بن الطبلاوي إلى أن عزل، وتولى الأمير جانبك اليشبكي. ذكر أمرائه بمكة والمدينة والبلاد الشامية وغيرهم: أمراء مكة المشرفة: باشرها الشريف بركات بن حسن مدة إلى أن عزل، ثم وليها أخوه الشريف علي بن حسن إلى أن قبض عليه وحمل إلى القاهرة، فحبس بها ثم بالإسكندرية، ثم أطلق وأقام بثغر دمياط إلى أن توفي حسبما ذكرناه في من توفى من الملوك في هذه الترجمة، ثم وليها أخوه الشريف أبو القاسم بن حسن بن عجلان إلى أن عزل، وأعيد الشريف بركات إلى إمرة مكة المشرفة من بعده. أمراء المدينة النبوية: على ساكنها أفضل الصلاة والسلام: وليها في أيامه الشريف أميان مدة، وعزل ونزح عنها، ثم من بعده الشريف سليمان بن عزيز إلى أن قتل، ثم من بعده الشيف ضيغم إلى أن قتل، ثم أعيد الشيف أميان إلى أن توفي سنة خمس خمسين وثمانمائة، وولى بعده الشريف زبير بن قيس. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 307 ذكر نوابه بالبلاد الشامية: نوابه بدمشق: الأتابك إينال الجكمى إلى أن عصى وقتل في سنة إثنتين وأربعين وثمانمائة، ثم من بعده الأتابك أقبغا التمرازي إلى أن توفي سنة ثلاث وأربعين، ثم بعده الأمير جلبان الأمير آخور. نوابه بحلب: الأمير تغرى برمش إلى أن خرج عن الطاعة وقتل بحلب في سنة إثنتين وأربعين وثمانمائة، ثم الأمير جلبان الأمير آخور إلى أن نقل إلى نيابة دمشق بعد موت أقبغا التمرازي في سنة ثلاث وأربعين، ثم الأمير قاني باي الحمزاوي إلى أن عزل بعد سنين وقدم إلى القاهرة أميراً بها، ثم من بعده الأمير قاني باي البهلوان إلى أن توفي سنة إحدى وخمسين، ثم من بعده الأمير برسباي الناصري إلى أن استعفى بعد مدة يسيرة، ومات بظاهر حلب في سنة إثنتين وخمسين وثمانمائة، ثم من بعده الأمير تنم من عبد الرزاق المؤيدي المحتسب، إلى أن عزل بعد مدة يسيرة، وقدم إلى الديار المصرية ليكون من جملة أمرائها، ثم من بعده أعيد الأمير قاني باي الحمزاوي إلى نيابتها ثانياً، وقدم تم على إقطاعه وذلك في سنة إثنتين وخمسين وثمانمائة. ذكر نوابه بطرابلس: الأمير جلبان الأمير آخور أشهرا، ونقل إلى نيابة حلب بعد تغرى برمش، ثم من بعده الأمير قاني باي الحمزاوي أشهرا، ونقل أيضاً إلى نيابة حلب، ثم من بعده الأمير برسباي حاجب حجاب دمشق سنين، الجزء: 4 ¦ الصفحة: 308 إلى أن نقل أيضاً لنيابة حلب، ثم من بعده الأمير يشبك الصوفي المؤيدي، إلى أن عزل ونفي ألى ثغر دمياط في أواخر سنة ثلاث وخمسين، ثم من بعده الأمير يشبك النوروزي حاجب حجاب دمشق. ذكر نوابه بحماة: الأمير قاني باي الحمزاوي أشهرا، ثم من بعده الأمير بردبك الجكمى العجمي حاجب حجاب حلب سنين، إلى أن عزل وحبس بالإسكندرية ثم أطلق وأنعم عليه بتقدمة ألف بدمشق، ثم الأمير قاني باي البهلوان إلى أن نقل إلى نيابة حلب، ثم من بعده الأمير شادبك الجكمى إلى أن عزل وتوجه إلى القدس بطالاً، وتوفي سنة ثلاث وخمسين وثمانمائة، ثم من بعده الأمير يشبك من جانبك الصوفي المؤيدي، إلى أن نقل إلى نيابة طرابلس، ثم من بعده الأمير بيغوت من صفر خجا الأعرج المؤيدي إلى أن عصى وتوجه إلى ديار بكر، ثم عاد طائعاً بعد مدة، ثم من بعده الأمير سودون المؤيدي أتابك حلب إلى أن عزل، ثم حاج إينال الجكمى. نوابه بصفد: الأمير إينال العسلائي الأجرود إلى أن عزل وقدم إلى القاهرة على تقدمة ألف بها، ثم الأمير قاني باي الناصري البهلوان إلى أن نقل إلى نيابة الجزء: 4 ¦ الصفحة: 309 حماة، ثم من بعده الأمير بيغوت الأعرج إلى أن نقل أيضاً إلى نيابة حماة، ثم من بعده الأمير يشبك الحمزاوي إلى أن توفي سنة خمس وخمسين، ثم من بعده أعيد بيغوت الأعرج ثانياً. ذكر نوابه بغزة: طوخ مازى الناصري إلى أن مات في سنة ثلاث وأربعين وثمانمائة، ثم من بعده الأمير طوخ الأبو بكري المريدي إلى أن قتل خارج غزة في سنة تسع وأربعين، ثم من بعده الأمير يلخجا من مامش الساقي الناصري إلى أن استعفى ومات في سنة خمسين وثمانمائة، ثم من بعده الأمير حطط نائب قلعة حلب كان، إلى أن عزل وتوجه إلى القدس بطالا، ثم من بعده الأمير يشبك الحمزاوي إلى أن نقل إلى نيابة صفد، ثم من بعده الأمير طوغان العثماني حاجب حلب إلى أن توفي سنة إثنتين وخمسين، ثم من بعده الأمير خير بك النوروزي حاجب صفد، إلى أن عزل وتوجه إلى دمشق بطالا في سنة أربع وخمسين، ثم من بعده الأمير جانبك التاجي المؤيدي نائب بيروت. نوابه بالكرك: الغرسي خليل بن شاهين الشيخي إلى أن عزل، ثم من بعده الأمير مازي الظاهري برقوق إلى أن عزل، ثم من بعده الأمير أقبغا من مامش المعروف بأقبغا تركمان إلى أن قبض عليه وحبس بقلعة الكرك، ثم من بعده الأمير حاج إينال الجكمى أحد أمراء دمشق سنين إلى أن ... ثم طوغان السيفي أقبردي المنقار. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 310 نوابه بالقدس الشريف: الأمير طوغان العثماني سنين إلى أن عزل، ثم الأمير برسباي الناصري إلى أن عزل، ثم خشقدم مملوك سودون من عبد الرحمن غير مرة، ثم الأمير تمراز من بكتمر المؤيدي المصارع أولى وثانية، ثم مبارك شاه مملوك سودون من عبد الرحمن إلى أن عزل، ثم قراجا العمري الناصري إلى أن عزل، ثم أعيد مبارك شاه المذكور ثانياً. نوابه بملطية: الأمير حسن شاه أخو تغرى برمش نائب حلب إلى أن عزل وقتل في سنة اثنتين وأربعين، ثم الغرسي خليل بن شاهين الشيخي إلى أن عزل، ثم من بعده الأمير قيزطوغان العلائي إلى أن عزل، ثم الأمير قانصوه النوروزي إلى أن عزل، ثم الأمير جانبك الجكمى. نوابه بثغر الإسكندرية: الأمير تمرباي التمر بغاوي الدوادار أحد مقدمي الألوف إلى أن عزل، ثم الأمير أسنبغا الطيارى أحج مقدمي الألوف أيضاً إلى أن عزل، ثم الأمير يلبغا البهائي الظاهري برقوق إلى أن توفي، ثم الشهابي أحمد بن علي ابن إبنال إلى أن عزل، ثم الأمير ألطنبغا اللفاف إلى أن عزل، ثم الأمير تنم من عبد الرزاق المؤيدي إلى أن عزل، ثم من بعده برسباي الساق السبقي تنبك البجاسي إلى أن ... ذكر زوجاته: خوند الكبرى صاحبة القاعة مغل بنت القاضي ناصر الدين البارزي إلى أن طلقها في سنة اثنتين وخمسين، ونزلت إلى القاهرة، ثم خوند الجزء: 4 ¦ الصفحة: 311 زينب الأمير جرباش الكريمي المعروف بقاشق أمير سلاح تزوجها في أول سلطنته، ثم جعلها بعد بنت البارزي صاحبة القاعة، ثم خوند شاه زاده بنت أنب عثمان تزوجها بعد موت زوجها الملك الأشرف برسباي إلى أن طلقها في سنة خمس وخمسين وأنزلها إلى القاهرة، ثم خوند نفيسه بنت الأمير ناصر الدين بك التركماني صاحب إبلستين إلى ن ماتت سنة ثلاث وخمسين بالطاعون، ثم خوند بنت سليمان بن نصار الدين بك أعنى بنت أخي نفيسة السابقة، ثم خوند الجاركسية بنت كرت باي أمير الجاركس، قدمت مع أبيها حتى تزوجها السلطان، ثم عاد أبوها إلى بلاد الجاركس، ثم خوند فاطمة بنت الزيني عبد الباسط تزوجها بعد وفاة أبيها في سنة خمس وخمسين وثمانمائة. خلف من الأولاد الذكور: الملك المنصرو عثمان سلطان الديار المصرية، ومن الإناث إبنتين زوجة الأمير أزبك من ططخ الظاهري الساقي، وأمها خوند مغل بنت القاضي ناصر الدين البارزي، وبنتا أخرى بكرا مراهقة وأمها أم ولد ماتت في أيامه. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 312 باب الجيم والكاف 850 - جكم نائب جلب 809هـ -؟ - 1406م جكم نائب حلب 809هـ -؟ - 1406م جكم بن عبد الله من عوض الظاهري، الأمير سيف الدين، المتغلب على حلب، الملقب بالملك العادل. كان من عتقاء الملك الظاهر برقوق ومن أعيان خاصكيته، ثم أمره عشرة، ثم طبلخاناة في العشرين من شهر من ربيع الآخر سنة إحدى وثمانمائة، ثم صار في دولة ابن أستاذه الملك الناصر فرج بن برقوق أمير مائة ومقدم ألف بالديار المصرية، ولا زال يترقى حتى صار دوادارا كبيراً بعد ركوبه على الأمير يشبك الشعباني الدوادار ونصرته عليه. وسببه أن جكم المذكور وقع بينه وبين يشبك وحشة، فاستمال يشبك السلطان الملك الناصر فرج، وكان صغيراً إذ ذاك، بأن يولى جكم هذا نيابة صفد، فرسم السلطان له بذلك، وأرسل إليه بالتقليد، فقال جكم نحن مماليك السلطان ومهما أشار به فلا خلاف، غير أني لم أكن وحدي حتى أتوجه إلى صفد، الجزء: 4 ¦ الصفحة: 313 وكان انضم عليه جماعة كبيرة، ولكن نحن لنا أخصام، فلا يدخل السلطان بيننا، وكلنا مماليك السلطان. فلما عاد الرسول إلى السلطان بالجواب بكى الأمير يشبك وجماعته وهم: الأمير قطلوبغا الكركي أحد مقدمي الألوف، وأقباي الكركي الخازندار أحد مقدمي الألوف وغيرهما من الأمراء والخاصكية، وألحوا على السلطان في عمل المصلحة بينهم، فندب السلطان الأمير نوروز الحافظي، ومعه قاضي القضاة، وناصر الدين الرماح إلى الأمير جكم، في طلب الصلح، فامتنع جكم ومن معه وقالوا: لا بد من تسليم يشبك ورفقته وحبسهم، وعوقوا عندهم الأمير نوروز بعد أن استمالوه، فعاد قاضي القضاة، بالجواب على السلطان، فالتفت السلطان إلى يشبك وقال: ما رضى دونك غريمك، فنزل يشبك من وقته إلى داره، ونادى بالقاهرة من قاتل معي من المماليك السلطانية فله عشرة آلاف درهم، ثم ركب بآلة الحرب، فلم يكن غير ساعة إلا وجكم قد أقبل من بركة الحبش ومعه الأمير نوروز الحافظي وسودون طاز وجماعة آخر، وحملوا على يشبك وجماعته وكانوا جمعا موفوراً، فلم يثبت يشبك وانكسر واختفى، وقبض جكم على قطلو بغا الكركى، وتتبع يشبك حتى ظفر به في تربة بالقرافة، فلما أحيط بيشبك المذكور ألقى نفسه من مكان الجزء: 4 ¦ الصفحة: 314 مرتفع، فشج جبينه، وقبض عليه جكم، وحضر به الأمير نوروز الحافظي وقيده، وأرسله إلى ثغر الإسكندرية، هو وأصحابه من ليلتله، وذلك في يوم لأحد خامس عشر شوال سنة ثلاث وثمانمائة، وأصبح طلع إلى القلعة وخلع عليه بالدوادارية الكبرى، عوضاً عن يشبك المذكور، وتفرق أصحابه إقطاعات أصحاب يشبك. وعظم جكم في الدولة وهابته الأمراء والأعيان، وحسنت سيرته، وأظهر العدل في الرعية، واستمر على ذلك إلى أن انتمى إليه جماعة من الأمراء، ثم وقع بينه وبين الأمير سودون طاز الأمير آخور وحشة، وأعلم سودون طاز السلطان بأحوالهم فأرسل للسلطان يطلبهم من جكم، فأبى جكم، وركب من الغد بمن معه إلى بركة الحبش، وأقاموا هناك إلى ليلة السبت عاشر شوال من سنة أربع وثمانمائة فأتاهم في اليوم المذكور توروز الحافظي، وسودون طاز من زادة، وتمر بغا المشطوب في نحو ألفي مملوك، وأقاموا جميعاً ببركة الجيش إلى يوم الأربعاء، نزل الملك الناصر فرج إلى الأسطبل السلطاني عند سودون طاز، فأخذه سودون طاز وركب، وسار في جموعه حتى خرج من باب القرافة، وواقع جكم ونوروز فكسرهما، وأسر تمربغا المشطوب، وسودون من زاده، وعلى بن إينال، وأرغز، وفر نوروز وجكم في عدة كبيرة يريدون بلاد الصعيد، وعاد السلطان إلى القلعة منصوراً، وبعث من يومه بإطلاق الأمراء المحبوسين بالإسكندرية، فوصلوا إلى القاهرة في يوم الإثنين تاسع عشر شوال من السنة. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 315 وأما جكم هذا فانه نزل بمن معه على بر منبابة ليلة الثلاثاء، فتركه الأمير نوروز وعدي إلى بربولاق، ثم حضر إلى بيت الأتابك بيبرس، وكان بيرس وإينال باي قد تكلما مع السلطان في أمره، وطلعا به إلى السلطان، فأمنه ووعده بنيابة دمشق، فاختل عند ذلك أمر جكم وتفرقت عنه أصحابه، وبقي فريداً، فكتب إلى بيبرس يستأذنه في الحضور، فبعث إليه بالأمير أزبك الأشقر، وبسباي الحاجب، فقدما به ليلة الأربعاء حادي عشرينه، فتسلمه عدوه سودون طاز وقيده، وبعث به إلى الإسكندرية في ليلة الخميس، فسجن حيث كان عدوه الأمير يشبك محبوساً، واستقر يشبك في الدوادارية على عادته أولاً. والغريب أن حكم لما كان في الحبس بالإسكندرية قبض الملك الناصر على عدوه سودون طاز وحبسه بحبس المرقب، ونقل جكم إلى حبس المرقب أيضاً، فحبسا معاً فهذه أغرب من قضيته مع يشبك، وذلك في سنة خمس وثمانمائة. واستمر جكم محبوساً إلى أن أخذه الأمير دمرداش المحمدي نائب طرابلس لما ولى نيابة حلب، ممسوكاً معه إلى حلب، وكان وصول دمرداش إلى حلب في مستهل شهر رمضان سنة ست وثمانمائة، واستمر جكم أيضاً محبوساً عنده بدار العدل إلى أن توجه دمرداش من حلب في ذي القعدة لقتال صاحب الباز التركماني، فصحب جكم معه إلى قلعة القصير، فحبسه بها، ثم أخذه منها في عوده الجزء: 4 ¦ الصفحة: 316 إلى صاحب حلب في يوم عرفة واعتقله بحلب مدة، ثم أطلقه وطيب خاطره، فلم يكن إلا أياماً يسيرة وهرب جكم إلى حماة، ثم خرج من حماة إلى أنطاكية إلى عند صاحب الباز عدو دمرداش، وبلغ دمرداش خبره فجمع لقتالهما، وخرج من حلب حتى وصل إلى أنكاكية، فتحصن جكم وابن صاحب الباز بأنطاكية، فلم يقدر دمرداش عليهما، وعاد إلى حلب. ثم توجه جكم إلى طرابلس وملكها من نائبها الأمير شيخ السليماني، وأقام بها مدة، ثم توجه إلى حلب فخرج إليه دمرداش وتقاتلا فانكسر دمرداش وفر، ودخل جكم حلب من باب أنطاكية آخر نهار السبت سابع شعبان سنة سبع وثمانمائة، واستفحل أمره في حلب، وخرج لقتال يغمور التركماني حتى عدى الفرات، ثم عاد إلى حلب، وضرب الدهر ضرباته حتى خرج يشبك الشعباني هارباً من الديار المصرية إلى الشام ومعه جمع كبير، فتلقاه نائب دمشق الأمير شيخ المحمودي بالإكرام، وأنزله بدمشق، واتفقوا على كلمة واحدة، وأرسلوا الجميع إلى جكم يسألونه موافقتهم، فأجاب وخرج من حلب في شهر رمضان وقدم دمشق. واتفق رأي الجميع على قصد الديار المصرية، فساروا نحوها، وهم: الأمير جكم صاحب الترجمة، والأتابك يشبك الشعباني، والأمير شيخ المحمودي نائب الشام، أعني المؤيد، وسودون الحمزاوي، وقطلوا بغا الكركى، ويلبغا الناصري، وجاركس المصارع القاسمي، وقرا يوسف بن قرا محمد التركماني صاحب تبريز، وكان قد قدم إلى دمشق فاراً من التتار فاعتقل بقلعة دمشق بأمر السلطان الملك الناصر فأخرجوه هؤلاء الأمراء لما قدموا الديار المصرية، وصاروا الجميع بعساكرهم الجزء: 4 ¦ الصفحة: 317 حتى وصلوا بالقرب من منزلة السعيدية، وخرج الملك الناصر لقتالهم، فأشار عليهم قرا يوسف بأن قال: هذا سلطان وله دولة وسطوة، وأنتم شرذة قليلة، وما تطيقون قتاله، وإن كان ولا بد فبيتوه ليلاً، فقبلوا قوله، وركبوا ليلة الخميس ثالث عشر ذي الحجة سنة سبع وثمانمائة، وكبسوا الملك الناصر بمنزله السعيدية، وتقاتلا، واستمر القتال بينهم إلى قريب الفجر، وإنهزم الملك الناصر وعاد إلى الديار المصرية على النجب، وأصبح جكم ورفقته متوجهين نحو الديار المصرية حتى نزلوا بالريدانية، خارج القاهرة، وقتل من أصحاب السلطان الأمير صرق، قتله شيخ المحمودي صبراً، فإنه كان ولي نيابة الشام عوضه. واستمروا بالريدانية إلى يوم الإثنين سابع عشر ذي الحجة ركبوا حتى وصلوا قريباً من دار الضيافة من تحت القلعة، فقاتلهم المماليك السلطانية من بكرة النهار إلى بعد الظهر، وفر من الشامبين جماعة إلى الملك الناصر وهم: أسنباى أمير ميسرة دمشق، ويلبغا الناصري، وسودون اليوسفي، وإينال حطب، وجمق، فضعف أمر الشاميين، وأطلقوا الخليفة والقضاة وغيرهم، ممن كان مقبوضاً عليه عندهم، وركب الأمير يشبك وقطلوبغا الكركى وتمراز الناصري وجاركس القاسمي المصارع، واختفوا بالقاهرة، فعند ذلك ولى من بقي منهم إلى جهة الشام وهم: جكم وشيخ وقرا يوسف في طائفة يسيرة، وبلغ ذلك الملك الناصر، فأخلع على الأمير نوروز الحافظي بنيابة دمشق، عوضاً عن شيخ المحمودي، وأرسل إلى الجزء: 4 ¦ الصفحة: 318 الأمير علان نائب حماة بنيابة حلب، عوضاً عن جكم، وأخلع على بكتمر جلق بنيابة طرابلس، وأنعم بنيابة حماة على الأمير دقماق المحمدي، وتوجهوا الجميع إلى البلاد الشامية. فلما قاربوا دمشق خرج جكم وشيخ منها وافترقا، ودخل نوروز دمشق، فأما جكم فإنه توجه نحو طرابلس فدخلها، ثم خرج منها في أناس قلائل، وقصد الصبيبة إلى عند الأمير شيخ، فإنه كان قد توجه إليها عند خروجه من دمشق، فداما بالصبيبة إلى شهر ربيع الآخر سنة ثمان وثمانمائة، قصدا دمشق فخرج نوروز نائبها لقتالهما، فانكسر وتوجه هارباً نحو طرابلس، فأخذ جكم وشيخ دمشق، ودخلاها بمن معهما، ثم خرجا في طلب نوروز بطرابلس، فخرج نوروز منها ومعه بكتمر جلق نائبها إلى عند الأمير دقماق نائب حماة، وأرسلوا بطلب الأمير علان نائب حلب لقتال جكم وشيخ، فحضر، وحضر أيضاً جكم وشيخ، وتقاتلوا أياماً، والسلطان يومئذ الملك المنصور عبد العزيز بن الملك الظاهر برقوق، وكان دمرداش إذ ذاك عند التركمان، فجمع وأتى حلب فملكها في غيبة نائبها علان، وبلغ علان فركب من فوره هو والأمير نوروز وتوجها إلى حلب وكبسوا الأمير بكتمر جلق ونائبها الأمير دقماق، وعجزوا عن ملاقاة جكم وشيخ؛ فانتهز جكم الفرصة وقاتلهم، فانكسر دقماق وقبض عليه، وقتل بين يدي جكم، وهرب بكتمر جلق إلى حلب، وأخذ جكم وشيخ حماة؛ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 319 ففي أثناء ذلك ظهر الملك الناصر فرج بن برقوق، وتسلطن ثانياً، وخلع أخوه المنصور عبد العزيز وحبس. ولما بلغ الملك الناصر خبر جكم وشيخ، أرسل إلى شيخ بنيابة دمشق، وإلى جكم بنيابة حلب، وذلك في جمادى الآخرة من سنة ثمان وثمانمائة، فدخل جكم إلى حلب، ثم أخيفت إيه نيابة طرابلس، وكان الأمير فارس بن صاحب الباز التركماني قد تغلب على أنطاكية وبغراص والقصير بيرين وصهيون واللاذقية وجبلة وعدة بلاد خر، وقويت شوكته بحيث أن عسكر حلب كان قد ضعف عن ملاقاته، فتوجه الأمير جكم وكسره ونهبه، وقتل وأسر، واستمر في إثره إلى أن حصره بأنطاكية، ولما كان بحصاره بلغه أن الأمير نعير بن حيار، أمير العرب، توجه لأخذ حلب، حمية لابن صاحب الباز، فترك جكم حصار ابن صاحب الباز وتوجه إلى نعير، فوافاه على قنسرين فقابله وكسره بعد قتال شديد، وقبض عليه وجهزه إلى حلب، وكان آخر العهد به، ثم رجع جكم لحصار صاحب الباز، وقد تحصن ابن صاحب الباز بقلعة القصير، فطال عليه الأمر، فسأل الأمان، ونزل من القلعة، فقتل هنو وولده وأخوه، واستولى جكم على جميع القلاع. وبلغ الناصر ذلك فاستوحش منه؛ وعزله بالأمير دمرداش المحمدي، فجمع دمرداش العساكر والنواب بالبلاد الشامية، والتقى الفريقان بين حمص والرستين، فانكسر دمرداش وشيخ نائب الشام، وولوا الأدبار إلى دمشق، الجزء: 4 ¦ الصفحة: 320 وقبض جكم على علان، وطولو من باشاه نائب صفد، وقتلهما معاً في ذي الحجة صنة ثمان وثمانمائة، وبلغ ذلك الملك الناصر فتجرد إلى البلاد الشامية لا ستنقاذها من الأمير جكم، فلما سمع بخروج الملك الناصر توجه إلى جهة بلاد الروم، وتبعه الأمير نوروز الحافظي موافقة له، فدخل الملك الناصر حلب في خامس عشرين شهر ربيع لآخر سنة تسع وثمانمائة، وخرج منها عائداً في مستهل جمادى الآخرة من السنة، بعد أن ولى الأمير جاركس القاسمي المصارع نيابة حلب، فوليها يوماً واحداً، وخرج صحبة الملك الناصر خوفاً من جكم. فلما سمع جكم بعود الملك الناصر عاد إلى حلب، فدخلها في يوم الإثنين تاسع جمادى الآخرة من السنة، وأرسل جكم الأمير نوروز من تحت أمره إلى نيابة دمشق. واستمر جكم في حلب إلى يوم السبت تاسع شوال من سنة تسع وثمانمائة أمر بجمع أعيان أهل حلب من القضاة والفقهاء والأمراء والأعيان، فجمعوا في جامع حلب الأموي، وحلفهم لنفسه وأظهر الدعوة له، وخلع السلطان الملك الناصر فرج بن برقوق، واستمر إلى يوم الأحد عاشره لبس أبهة السلطنة في دار العدل، وركب بشعار السلطنة من دار العدل إلى القلعة، وتلقب بالملك العادل أبي الفتحر، وكتب بشعار السلطنة من دار العدل إلى القلعة، وتلقب بالملك العادل أبي الفتح، وكتب إلى المملكة الشامية بذكلن فرد عليه الجواب على يد رسلهم بالإمتثال، وقبل الأمير نوروز له الأرض وغيره، ثم توجهوا نحو البيرة لما بلغه عصيان الجزء: 4 ¦ الصفحة: 321 نائبها عليه الأمير كزل، فملكها بالأمان وقتل نائبها، ثم توجه إلى آمد لقتال قرابلك، فلما وصل إلى ماردين نزل إليه صاحبها الملك الظاهر، وتوجه معه إلى آمد، فلما وصل جكم إلى آمد تهيأ قرايلك لملاقاته وصاففه فلم يثبت قرايلك وانكسر أقبح كسرة، وولوا عساكره الأدبار، ودخلوا البلد، وقتل الأمير جكم إبراهيم بن قرايلك بيده، ثم اقتحم جكم في طائفة من عسكره حتى توسط بين بستاني آمد، وكانوا قد أرسلوا المياه على أراضي آمد فوحلت الأرض بحيث يدخل فيها الفارس بفرسه. قلت: وهذا مما شاهدناه في سنة ست وثلاثين وثمانمائة لما توجه الملك الأشرف برسباي، انتهى. فدخل جكم بفرسه إلى تلك المياه، وأخذه الرجم من كل جهة، ثم ضربه بعض التركمان بحجر في مقلاع، وهو لا يعرفه فأصاب وجهه، فتجلد قليلاً، ث سقط من فرسه، وتكاثرت التركمان على من معه: وقتلوهم، ثم فطنوا بذهاب جكم، فأخذت عساكره سيوف التركمان، فما عفوا ولا كفوا، وطلب جكم بين القتلى حتى عرفوه، فقطع قرايلك رأسه وبعث به إلى الملك الناصر فرج. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 322 وقتل في هذه الوقعة ممن كان مع جكم الأمير ناصر الدين بن شهري، والملك الظاهر عيسى صاحب ماردين، وحاجبه وفر الأمير تمر بغا المشطوب، وكمشبغا العيساوي، ووصلا حلب. وكانت قتلة جكم في يوم الأربعاء خامس عشرين ذي القعدة سنة تسع وثمانمائة. وقال المقريزي: في أوائل ذي الحجة، والله أعلم. وكان جكم صاحب الترجمة ملكاً جليلاً، شجاعاً، مقداماً مهاباً، جواداً، وافر الحرمة، كثير الدهاء، حسن الرأي والتدبير، ذا قوة وجبروت، وسطوة، وفيه ميل إلى العدل في الرعية، وهذا ايخلاف المتغلبين على البلاد من الملوك، حتى قيل في حقه: حكم جكم وما ظلم، وكان عفيفاً عن المنكرات والفروج، وكان يجتمع عنده في كل ليلة بقلعة حلب الفقهاء ويتذاكرون بين يديه في العلوم، وكأن يحب المديح ويهش له، وكان حريصاً على حب الرئاسة، مغرماً بذلك قديماً وحديثاً، هكذا حدثني عنه غالب اخوته في الطبقة ومماليكه، وكانت صفته للطول أقرب، حنطي اللون، أسود اللحية والحاجبين، كثير الشعر في جسده، قليل الهزل كثر الوقار، وكان عارفاً بطرق الرئاسة والاستجلاب لخواطر الرعية. حدثني بعض أعيان المماليك الظاهرية برقوق قال: كانت سفرته إلى آمد الجزء: 4 ¦ الصفحة: 323 بسعادة الملك الناصر فرج، وإلا لو توجه جكم إلى القاهرة ما اختلف عليه أحد لحب الناس له، انتهى. رحمه الله تعالى. 851 - جكم النوروزي المجنون 842هـ -؟ - 1438م جكم بن عبد الله النوروزي المجنون، الأمير سيف الدين. أصله من مماليك الأمير نوروز الحافظي، وممن تأمر عشرة بعد موت الملك الأشرف برسباى في أوائل سنة اثنتين وأربعين وثمانمائة، فلم تطل أيامه وقتل بالرميلة من تحت قلعة الجبل في وقعة الأتابك قرقماس الشعباني مع الملك الظاهر جقمق في يوم الأربعاء رابع شهر ربيع الآخر سنة اثنتين وأربعين وثمانمائة. وكان مهملاً جداً إلا أنه كان مشهوراً بالفروسية، وكان يعتريه خلط مصرع، اعتراه غير مرة في القصر السلطاني في الخدمة السلطانية، فنسأل الله العفو العافية، آمين. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 324 //بسم الله الرحمن الرحيم باب الجيم واللام التباني 00 - 0 - 792 هـ - 000 - 1389 م جلال بن أحمد بن يوسف بن طوغ أرسلان، العلامة جلال الدين الثيري الحنفي التباني. قال قاضي القضاة بدر الدين محمود العيني: هو الشيخ الإمام العالم العلامة الجزء: 5 ¦ الصفحة: 3 جلال الدين جلال. وذكر بقية نسبه إلى " أن قال ": شيخ المدرسة الصرغتمشية والتربة القجاوية. أصله من بلد يقال لها ثيرة من بلاد الروم بكسر بالثاء المثلثة بعدها ياء آخر الحروف وبعدها راء مهملة " و " في آخرها هاء. قدم الديار المصرية في الدولة الناصرية حسن وسكن بمسجد في التبانة، فلذلك ينسب إليها. واشتغل بالعلوم، واجتهد في تحصيلها اجتهاداً عظيماً، أخذ العربية عن الشيخ جمال الدين بن هشام، وبهاء الدين بن عقيل، وبدر الدين ابن أم قاسم النحوي وغيرهم. وسمع صحيح البخاري على علاء الدين ابن التركماني، وأخذ الفقه عن الإمام قوام الدين الفارابي الإتقاني وغيرهما. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 4 وكان فقيهاً، أصولياً، نحوياً بارعاً، وله مشاركة في جميع الفنون. انتصب للأشغال والإفادة والفتوى مدة طويلة. وكان من أهل الصيانة والدين والتعفف، وسئل أن يولى قضاء القضاة بديار مصر، فأبى. وكان ألجاي اليوسفي يعظمه. ولم يشتهر إلا في أيامه، وكان الملك الظاهر يعظمه ويرجع إليه ولا يرد كلامه، ولكن نزلت مرتبته عنده بعد ما عاد الظاهر إلى سلطنته؛ وذلك لما كتب مع من كتب من الفتاوى على الظاهر. وله مصنفات مفيدة منها: شرح المنار في أصول الفقه. ومختصر في التلويح في شرح الجامع الصحيح للحافظ علاء الدين مُغْلَطاي. ومختصر على إيضاح ابن الحاجب . ومنظومة في الفقه وشرحها في أربع مجلدات. ومختصر ترجيح مذهب الإمام أبي حنيفة رضي الله عنه. وتعليقة على البزدوي، ولم تكمل. وقطعة على مشارق الأنوار ولم يكملها. ورسالة في الفرق بين الفرض العملي العمل والواجب. ولقد أجازني بالإفتاء والتدريس ورواية جميع مسموعاته من النقل والعقل وجميع مصنفاته. وكتب لي بخطه في رابع وعشرين ربيع الأول من سنة إحدى وتسعين وسبعمائة. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 5 وتوفي يوم الجمعة ثالث عشر رجب من سنة اثنتين وتسعين وسبعمائة بالقاهرة، وتولى عوضه في الصرغتمشية بدر الدين محمود السرائي الكلستاني الحنفي. وفي تربة قجا السلاح دار شخص من تلامذته يقال له: الشيخ مصطفى القرماني. انتهى كلام العيثي برمته. وقال الشيخ تقي الدين المقريزي: توفي الشيخ جلال الدين بن رسول بن أحمد بن يوسف العجمي التباني الحنفي، إلى أن قال: خارج القاهرة في يوم الجمعة ثالث عشر شهر رجب سنة ثلاث وتسعين وسبعمائة. انتهى كلام المقريزي بعد أن اختلفا في الأب، وفي سنة الوفاة والله أعلم بالصواب. الحاجب 00 - 0 - 788 هـ - 000 - 1386م جُلُبَان بن عبد الله الحاجب، الأمير سيف الدين، أحد أمراء الطبلخانات والحجاب في الدولة الظاهرية برقوق. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 6 وكان ديناً مشكور السيرة. مات في شهر رمضان سنة ثمان وثمانين وسبعمائة. رحمه الله تعالى. العمري الظاهري 00 - 0 - بعد 830هـ - 000 - 1426م جُلُبَان بن عبد الله العمري الظاهري، الأمير سيف الدين، أحد أمراء العشرات والحجاب بالقاهرة، ثم حاجب حجاب غزة. أصله من مماليك الملك الظاهر برقوق. رأيته في الدولة الأشرفية برسباي وهو من جملة الحجاب بالقاهرة. وكان سليم الباطن، تركي الجنس، يميل إلى دين وخير، ثم ولي حجوبية غزة، وبها توفى بعد الثلاثين وثمانمائة تخميناً رحمه الله. قراسقل نائب حلب 00 - 0 - 802 هـ - 000 - 1399م جُلُبَان بن عبد الله الظاهري المعروف بقَرَاسُقْل الأمير سيف الدين نائب حلب. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 7 أصله من مماليك الملك الظاهر برقوق وخواصه، رقاه إلى أن جعله أمير مائة ومقدم ألف بالديار المصرية، ثم رأس نوبة النوب، ثم ولاه نيابة حلب، عوضاً عن الأمير قرادمرداش الأحمدي في أواخر سنة ثلاث وتسعين وسبعمائة. وتولى والدي - رحمه الله - بعده رأس نوبة النوب. ولما استقر في نيابة حلب وقع بينه وبين نُعَيْر بن حيار بَسَلْيَمة وقعة انتصر فيها جلبان في سنة خمس وتسعين، ثم أرسل نعير يسأله الصلح؛ فكتب جلبان بذلك إلى الملك الظاهر برقوق، فأرسل السلطان يقول: بشرط أنه يدخل إلى حلب ويدوس بساط السلطان، ثم كتب الظاهر ملطفات صحبة القاصد الوارد إلى حلب تتضمن مسك نعير؛ فعلم بذلك الأمير ألطنبغا الأشرفي أتابك حلب، فأعلم الأمير جلبان بذلك؛ فكتب جلبان إلى نعير في الباطن أن لا تحضر. وبلغ الملك الظاهر الواقعة، فأسرها في نفسه إلى أن توجه إلى البلاد الشامية، ووصل إلى حلب في سنة ست وتسعين وسبعمائة، قبض على الأمير ألطنبغا الأشرفي الجزء: 5 ¦ الصفحة: 8 أتابك حلب، وحبسه إلى أن مات بقلعة حلب، ثم قبض على الأمير جلبان المذكور، وأخلع على والدي - رحمه الله - باستقراره في نيابة حلب عوضه، وحبس الملك الظاهر جلبان هذا مدة، ثم أطلقه، وجعله أتابك دمشق بعد الأمير إياس الجرجاوي، فاستمر جلبان في أتابكية دمشق مدة، ثم حبس بقلعتها إلى أن أطلقه الأمير تنم الحسني نائب الشام ، بعد أن عصى وخرج عن طاعة الملك الناصر فرج في سنة اثنتين وثمانمائة، فوافقه جلبان المذكور على العصيان، ودام معه، حتى قبض عليه بعد وقعة الأمير تنم نائب الشام مع الناصر فرج. حسبما ذكرناه. وقتل جلبان بقلعة دمشق مع من قتل من الأمراء في شعبان سنة اثنتين وثمانمائة. وكان كريماً، شجاعاً، عاقلاً، عفيفاً، ذا شكالة حسنة، وجهه صبيح، وهو أستاذ الأمير أركماس الجلباني نائب طرابلس، رحمهما الله تعالى. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 9 نائب الشام جُلُبان بن عبد الله، المعروف بأمير آخور، الأمير سيف الدين نائب الشام. في معتقه وجنسه أقوال. اتصل بخدمة الملك المؤيد شيخ لما كان أميراً، ودام عنده، حتى طرق الملك المؤيد الديار المصرية في غيبة الملك الناصر فرج بالبلاد الشامية، وحاصر قلعة الجبل بمن معه من الأمراء، ثم انكسر المؤيد وأصحابه وانهزموا إلى جهة باب القرافة، تقنطر المؤيد عن فرسه؛ فلحقه جلبان هذا بالجنيب، فعرفها له المؤيد لما تسلطن، ورقاه حتى جعله أمير طبلخاناه وأمير آخور ثاني، ثم مقدم ألف بالديار المصرية، وجرده صحبة من تجرد من الأمراء الجزء: 5 ¦ الصفحة: 10 المصريين إلى البلاد الشامية ومات المؤيد في غيبته، ثم قبض عليه الأمير ططر بدمشق مع من قبض عليه من المؤيدية وغيرهم، وحبسه بتلك البلاد، إلى أن أطلقه الملك الأشرف برسباي، وأنعم عليه بإمرة مائة وتقدمة ألف بدمشق، ثم نقله إلى نيابة حماة في يوم الخميس عشرين شعبان سنة ست وعشرين وثمانمائة، عوضاً عن الأمير جارقطلو بحكم انتقاله إلى نيابة حلب بعد الأمير تنبك البجاسي المنتقل إلى نيابة دمشق بعد موت الأمير تنبك العلائي ميق، واستمر في نيابة حماة سنين إلى أن نقل إلى نيابة طرابلس في سنة سبه وثلاثين وثمانمائة بعد موت الأمير طرباي؛ فباشر نيابة طرابلس إلى أن نقله الملك الظاهر جقمق إلى نيابة الجزء: 5 ¦ الصفحة: 11 حلب في شوال سنة اثنتين وأربعين وثمانمائة بعد عصيان تغري برمش نائب حلب؛ فدام في نيابة حلب إلى أن نقل إلى نيابة الشام بعد موت الأمير آقبغا التمرازي في شهر ربيع الآخر سنة ثلاث وأربعين وثمانمائة، وحمل إليه التقليد والتشريف على يد الأمير دولات باي المحمدي المؤيدي الدوادار الثاني، واستمر في نيابة دمشق سنين، ولا نعلم أحداً أقام في نيابة دمشق بعد تنكز أكثر من جلبان هذا. قلت: وأيضاً له منذ ولي نيابة حماة إلى يومنا هذا - أعني من سنة ست وعشرين - يتنقل من نيابة إلى أخرى. لم يعزل فيها عن عمل إلا عندما ينقل إلى عمل أعلى منه، وهذا أيضاً لم نعلمه وقع لأحد من أهل الدولة الكثير، مع أنه لا فارس الخيل، ولا وجه العرب، وإن كان يعرف فنون الملاعيب وركوب الخيل، لكنه لم يشهر بشجاعة، ولا إقدام، غير أنه عارف بالسياسة؛ وجمع المال وإنفاقه إلى ذخائر الملوك؛ ولذلك طالت أيامه. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 12 رأس نوبة سيدي 00 - 0 - 824 هـ - 000 - 1421م جَلُبَان بن عبد الله، الأمير سيف الدين، أحد أمراء الألوف في الدولة المؤيدية شيخ، ورأس نوبة ولده المقام الصارمي إبراهيم. هو ممن أنشأ الملك المؤيد شيخ، حتى جعله أمير مائة ومقدم ألف ورأس نوبة ولده. واستمر الأمير جلبان هذا بعد موت المقام الصارمي إبراهيم على إمرته إلى أن توفي الملك المؤيد شيخ، قبض عليه الأمير ططر في يوم السبت رابع عشر المحرم سنة أربع وعشرين وثمانمائة، وعلى الأمير شاهين الفارسي أحد مقدمي الألوف أيضاً، وحملا إلى الإسكندرية، وكان آخر العهد بهما، رحمهما الله تعالى. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 13 خوند زوجة الملك الأشرف 00 - 0 - 839 هـ - 000 - 1435م جُلُبَان بنت عبد الله الجاركسية الأشرفية، زوجة الملك الأشرف برسباي، والخوند الكبرى صاحبة القاعة في أيامه إلى أن ماتت، وأم ولده الملك العزيز يوسف. اشتراها الملك الأشرف في أوائل سلطنته، واستولدها الملك العزيز يوسف، ثم تزوجها بعد وفاة زوجته خوند الكبرى وأم ولده المقام الناصري محمد في خامس عشر جمادى الآخرة سنة سبع وعشرين وثمانمائة، فأقامت بعد وفاة خوند المذكورة أياماً، وعقد عليها، ورسم لها بالسكنى في قاعة العواميد على عادة من تقدمها من الخوندات، وحظيت عنده ونالتها السعادة وعظمت حرمتها في الدولة، وقصدها الناس لقضاء حوائجهم، وبعث السلطان يطلب أخوتها وأقاربها من بلاد الجاراكس، فقدموا بعد مدة شيئاً بعد شيء، وكانوا عدة الجزء: 5 ¦ الصفحة: 14 كثيرة، يزيدون على عشرة أنفس، وهم: والدتها، ثم زوجة والد ضرة أمها، وأخوتها الرجال وهم: بيبرس، وأخته، وهما غير أشقتها من زوجة والدها المذكورة، ثم جكم وقاني باي، وهما شقيقاها، وأختها أصيل وأختها أرز، ومعها أولادها عدة بنات، وزوجها خوني تبعها، وحضر إلى القاهرة، وهؤلاء أيضاً أشقتها. ومن أشقتها أيضاً: أخوها أبا يزيد كان قد قدم القاهرة في الدولة المؤيدية شيخ؛ فقربهم الملك الأشرف وأدناهم، وأنعم عليهم بالرواتب والإقطاعات والوظائف. ثم حجت خوند جلبان ومعها أهلها وأقاربها في سنة أربع وثلاثين وثمانمائة بتجمل زائد وأبهة عظيمة، وفي خدمتها الزيني خشقدم الزمام أمير الركب الأول، والزيني عبد الباسط بن خليل ناظر الجيش، إلى أن قضت المناسك وعادت. واستمرت في عزها إلى أن مرضت وطال مرضها. واختلفت الأقاويل في ضعفها، واتهم جماعة بسمها إلى أن توفيت يوم الجمعة ثاني شوال سنة تسع وثلاثين وثمانمائة، ونقلت خوند فاطمة بنت الملك الظاهر ططر زوجة الملك الجزء: 5 ¦ الصفحة: 15 الأشرف إلى قاعة العواميد بعدها. وكانت خوند جلبان من عظماء النساء، ولو عاشت حتى تسلطن ولدها العزيز لكانت دبرت ملكه أحسن تدبير، رحمها الله تعالى. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 16 باب الجيم والميم ابن أيتمش جُمَق بن الأتابك أيتمش. اسمه محمد، مذكور في المحمدين في حرف الميم، يطلب هناك. أمير مكة 00 - 0 - 653 هـ - 000 - 1255م جَماز بن حسن بن قتادة بن إدريس بن مُطاعن، الشريف الحسَني أمير مكة وليها بعد قتله لأبي سعيد بن علي بن قتادة. قال ابن خلدون في تاريخه: إن جماز ابن حسن هذا سير إلى الملك الناصر يوسف بن العزيز محمد بن الظاهر غازي بن الناصر صلاح الدين الجزء: 5 ¦ الصفحة: 17 يوسف صاحب الشام وحلب يستعين به على أبي سعيد بن علي، وأطمعه بقطع خطبة صاحب اليمن، فجهز له عسكراً، وسار به إلى مكة، فلما وصلها نقض عهد الناصر، واستمر يخطب لصاحب اليمن. انتهى كلام ابن خلدون، ثم أخرجه من مكة راجح بن قتادة في سنة ثلاث وخمسين وستمائة، فلحق بالينبع. أمير المدينة 00 - 0 - 704 هـ - 000 - 1304م جَماز بن شِيحَة بن قاسم بن مهنا بن حسين بن مهنا بن داود بن قاسم بن عبد الله بن طاهر بن يحيى بن الحسين بن جعفر بن الحسين الأصغر بن علي الجزء: 5 ¦ الصفحة: 18 بن الحسين بن علي بن أبي طالب - رضي الله عنه - الأمير الشريف الحسيني عز الدين، أمير المدينة، وليها بعد وفاة أخيه. ولما استفحل أمره بالمدينة، قصد صاحب مكة نجم الدين أبا نُمَي محمداً، وحاصره، وأخذ مكة منه. واستولى عليها وحكم فيها ثم رحل عنها، كل ذلك في سنة سبع وثمانين وستمائة. وكانت ولاية جماز المذكور للمدينة بعد وفاة أخيه منيف بن شيحة في سنة سبع وخمسين وستمائة وطالت أيامه بها، ووقع له بها حروب وخطوب، ودام بها إلى سنة سبعمائة؛ سلمها لابنه منصور بعد أن شاخ وطعن في السن وأضر، واستمر بطالاً إلى أن توفي سنة أربع وسبعمائة. وجَمَاز بجيم مفتوحة وميم مشددة وألف وزاي، وشِيحَة - بشين معجمة مكسورة وياء آخر الحروف ساكنة وحاء مفتوحة وبعدها هاء - انتهى. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 19 باب الجيم والنون جُندُل 00 - 0 - 675 هـ - 000 - 1276م جُنْدُل بن محمد، الشيخ الصالح المعتقد. كان رجلاً صالحاً صاحب عبادة وأوراد. وكان له كرامات، وأحوال، ومعرفة بطريق القوم. وكان الشيخ تاج الدين عبد الرحمن الفزاري يتردد إليه، وله به اختصاص كبير. واستمر على قدمه وطريقته إلى أن مات بقرية منين في شهر رمضان سنة خمس وسبعين وستمائة. رحمه الله تعالى. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 20 التَنْكُزي جَنْغَاي بن عبد الله التَنْكُزي، الأمير سيف الدين. قال الشيخ صلاح الدين: لم نسمع ولم نعلم أن أستاذه - يعني الأمير تنكز نائب الشام - أحب أحداً وقرَبه مثله. كان لا يدعه يقف قُدامه في الخلوة. أخبرني القاضي علم الدين بن قطب الدين مستوفي ديوان تنكز. قال: كان الأمير رَسَمَ بأن يطلق من الخزانة العشرة آلاف درهم فما دونها لمن أراد. ولم نعلم أنه مضى يوم من الأيام ولم ينعم عليه بشيء إلا نادراً. انتهى. قال: وكنا نراه في الصيد إذا خرج يركب أستاذه ناحيةً ويركب هذا ناحية في طُلْب آخر. وله بازدارية وكلابزية وأناس في خدمته، ويكون معه في الصيد مائتا عليقة، ويكون على السيبة خمس أو ست حوائص ذهباً. وعلى الجملة فما نعلم أحداً رزق حظوته عنده. وكان أهيف، رقيقاً مصفر الوجه، وبه القرحة، لا يزال ينفث الدم والقيح. وكان لأجل ذلك قد أُذِنَ له في استعمال الشراب. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 21 وكان يقال أنه قرابته، والله أعلم. ثم إنه في الآخر أرجف بأنه هو وطغاي أمير آخور قد حسنا لأستاذهما التوجه إلى بلاد التتار، فطلبهما السلطان منه، فلم يجهزهما. ولما أُمسك تنكز قُبض عليهما، وأودعا معتقلين في قلعة دمشق. فلما حضر بشتاك إلى دمشق أحضرهما وسلمهما إلى برسبغا، فضربهما بالمقارع ضرباً عظيماً إلى الغاية في الليل والنهار، واستخرج ودائعهما، وقررهما على مال أستاذهما، ثم بعد جمعه وسَّطهما بسوق الخيل يوم موكب بحضور بشتاك والأمراء. انتهى كلام الشيخ صلاح الدين. ابن البابا 00 - 0 - 746 هـ - 000 - 1345م جَنكلي بن البابا، الأمير بدر الدين، عظيم الدولة الناصرية، ورأس الميمنة بعد الأمير آقوش نائب الكرك. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 22 قال الصفدي في تاريخه: خطبه الملك الأشرف خليل بن قلاوون وهو في تلك البلاد، ورغبه، وبالغ في حضوره إلى بلاد الإسلام، وكتب منشوره بالإقطاع الذي عينه، فلم يتفق حضوره. ثم إنه وفد على السلطان الملك الناصر محمد بن قلاوون، فأكرمه وأمره، وذلك في سنة أربع وسبعمائة، ولم يزل عنده معظماً مكرماً مبجلاً. وكان يجهز إليه الذهب مع الأمير سيف الدين بكتمر الساقي ومع غيره. ويقول له عن السلطان: لا تبوس الأرض على هذا، وتنزله في ديوانك، كأنه يريد إخفاء ذلك. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 23 وكان يجلس أولاً ثاني نائب الكرك. فلما أخرج إلى طرابلس جلس الأمير بدر الدين هذا رأس الميمنة، وهو من الحشمة والدين والوقار وعفة الفَرج في المحل الأقصى. قال لي ولده الأمير ناصر الدين محمد: إن والدي يعرف ربع العبادات في الفقه من أحسن ما يكون في معرفة خلاف الفقهاء والأئمة. وله ولدان أميران، أحدهما الأمير ناصر الدين محمد، والآخر الأمير شهاب الدين أحمد. وكان السلطان قد زوج ابنه إبراهيم بابنة الأمير بدر الدين المذكور. ولم يزل معظماً في هذه البلاد من حين وَرَدَ إلى أن توفى - رحمه الله - في يوم الاثنين العصر سابع ذي الحجة سنة ست وأربعين وسبعمائة. وكان ركناً من أركان المسلمين، ينفع العلماء والصلحاء والفقراء بماله وجاهه. وكان عفيف الفرج صيناً. ويقال إنه يتصل نسبه بإبراهيم بن أدهم - رحمة الله عليه -. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 24 وقلت: ولم أكتب إليه: لا تنس لي يا قاتلي في الهوى ... حشاشة من حرقي تنسلي لا تُرس لي ألقى به في الهوى ... سهام عينيك متى تُرْسلي لا تخت لي يَشْرُف قدري به ... إلا إذا ما كنت به تَخْتَلي لا جَنَك لي تضرب أوتاره ... إلا ثنى يملي على جنكلي انتهى كلام الشيخ صلاح الدين الصفدي - رحمه الله - باختصار. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 25 باب الجيم والهاء صاحب بغداد وتبريز 810هـ - 000 - 1407م - 000 جَهَان شاه بن قَرَا يوسف بن قرا محمد، صاحب تبريز أعني كرسي مملكة أذربيجان وبغداد وغيرهما. قيل أن اسمه كان أولاً ماردين شاه؛ فإن مولده كان بماردين في حياة والده في سنين عشرة وثمانمائة أو بعدها تخميناً. فلما قدم والده إلى ماردين ورآه سأل عن اسمه؛ فقيل له: ماردين شاه؛ فغضب من ذلك، وقال: هذا اسم للنسوة؛ سموه جَهَان شاه؛ فغلب عليه جَهَان شاه. ونشأ جهان شاه يتيماً تحت كنف أخيه اسكندر بن قرا يوسف في قلعة جوشين إلى أن ترعرع وكبر، فر من أخيه اسكندر المذكور إلى جهة القان معين الجزء: 5 ¦ الصفحة: 26 الدين شاه رخ بن تيمورلنك؛ فبعث اسكندر في طلبه جماعة؛ فأدركوه بالري؛ فقبضوا عليه، وحضروا به إلى أخيه اسكندر، فأراد اسكندر قتله؛ فمنعته أمه من ذلك، وشفعت فيه؛ فقبل شفاعتها وأطلقه. فأقام جهان شاه عنده مدة، وفر ثانياً، ولحق بشاه رخ؛ فأكرمه شاه رخ، وأنعم عليه بزردخانة هائلة وخيول وقماش. وأمده بعساكر كثيفة، وندبه لقتال أخيه اسكندر. فعاد جهان شاه لقتال اسكندر. وتصاففا وتقاتلا؛ فانكسر اسكندر وانهزم. ووقع بينهما حروب وخطوب، إلى أن انكسر اسكندر مرة أخرى من أخيه جَهَان شاه المذكور، والتجأ إلى قلعة ألِنجا، فحصره جهان شاه، إلى أن قتل ابنه شاه قوماط في ذي القعدة سنة إحدى وأربعين وثمانمائة. وبعث قوماط شاه إلى عمه جهان شاه - صاحب الترجمة - يعلمه بذلك ولم يسلمه قلعة ألِنجا، وقال: هي لشاه رخ، وبعث بمفاتيحها إلى شاه رخ. فأرسل جهان شاه أيضاً قاصداً صحبة القاصد إلى شاه رخ، يطلب مفاتيحها من شاه رخ؛ ليكون نائبه بها. فأنعم عليه شاه رخ بها وبممالك اسكندر المذكور أيضاً. فملك تبريز وما والاها، على أنه نائب لشاه رخ، وعظم وضخم وأثرى، وأخذ أمره يتزايد إلى أن صار معدوداً من ملوك الأقطار. ثم ملك بغداد بعد موت أخيه أصبهان؛ فعند ذلك كثرت عساكره وعظمت جنوده وأخذ في مخالفة شاه رخ في الباطن. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 27 وحج الناس في أيامه بالمحمل العراقي من بغداد في سنين نيف وخمسين. ولا زال على ذلك حتى مات شاه رخ، وتفرقت كلمة أولاده؛ استفحل أمره بذلك أعظم مما كان. وجمع عساكره، ومشى على ديار بكر في سنة أربع وخمسين وثمانمائة؛ لقتال جهان كير بن علي بك بن قرايلك صاحب آمد ، وأخذ منه مدينة أرْزَنكان بعد قتال عظيم ومدينة الرها وقلعتها، وأرسل قطعة من عسكره لحصار جهان كير بآمد. ووصلت عساكره إلى أراضي ملطية ودوركي، ثم أرسل قُصَّاده في سنة خمس وخمسين إلى السلطان الملك الظاهر جقمق يُعَرِّفه: بأنه باقٍ على مودته، وأنه ما مشى على جهان كير إلا لما بلغه مخالفة جهان كير على السلطان. وذكر عن جهان كير أموراً، ورماه بعظائم؛ فأكرم السلطان قُصَاده، وردهم إليه بعد أن أحسن إليهم إحساناً زائداً. وأرسل صحبتهم أيضاً رسوله الأمير قانم من صفر خجا المؤيدي، المعروف بالتاجر، وعلى يده جملة من الهدايا والتحف. صاحب آمد جَهَان كَير بن علي بك بن عثمان، المدعو قَرَايُلْك بن قطلوبك. الأمير سيف الدين، صاحب آمد وماردين وأرزنكان وغيرهم. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 28 مولده بديار بكر في حدود العشرين وثمانمائة تقريباً. ونشأ تحت كنف والده وجده قرايلك. وقدم مع والده إلى الديار المصرية، وأنعم عليه بإمرة حلب؛ فتوجه إلى حلب. وأقام بها مدة إلى أن ولاه الملك الظاهر جقمق نيابة الرها؛ فباشرها مدة طويلة، وعظم وكثرت جنوده، ثم ملك آمد بعد موت عمه حمزة بعد حروب، ثم أرزنكان، ثم ملك ماردين، ولا زال يملك قلعة بعد قلعة حتى صار حاكم ديار بكر وأميرها. فلما ضخم وأثرى أظهر الخلاف على الملك الظاهر جقمق، وضرب بعض بلاد السلطان، وانضم عليه الأمير بَيْغُوت من صفر خُجَا المؤيدي الأعرج لما عُفِي من نيابة حماة سنة أربع وخمسين وثمانمائة، ووافقهما خلائق، وعظم جمعه. فبينما هو في ذلك إلا طرقه جَهَان شاه بن قرا يوسف صاحب تبريز وبغداد وغيرهما في السنة المذكورة، وشتت شمله ومزق عساكر، وأباده وأخذ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 29 منه أرزنكان ومدينة ماردين في سنة أربع وخمسين ووقع بين عساكر جَهَان شاه وبين جهان كَير هذا حروب في هذه المدة. فلما ضاق الأمر عليه أرسل بوالدته إلى البلاد الشامية، تستأذن نواب البلاد الشامية - وكانوا جميعاً بالبلاد الحلبية - في قدومها إلى الديار المصرية؛ لتسترضي الخواطر الشريفة على ولدها جهان كير المذكور. وكان جهان كير أيضاً أرسل بولده قبل تاريخه يسأل الدخول في طاعة السلطان؛ فمنعوها نواب البلاد الشامية من قدومها إلى الديار المصرية، ثم عادت إلى آمد. وبعد عودها أرسل جهان كير هذا بأخيه حسن في شرذمة من عسكره إلى عمه الشيخ حسن بن قرايلك. وكان الشيخ حسن المذكور في عسكر كثيف من عسكر جهان شاه، فطرقه حسن بغتة؛ فظفر به وقتله، وبعث برأسه إلى أخيه جهان كير، وقتل حسن أيضاً جماعة من عسكر جهان شاه الذين كانوا مع عمه الشيخ حسن. فلما بلغ جهان شاه ذلك غضب، واشتد حنقه، وقدم إلى آمد وحصرها، وبها جهان كير هذا. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 30 باب الجيم والواو ابن معن 705 - 756 هـ - 1305 - 1355م جواد بن سليمان بن غالب بن معن بن مغيث بن أبي المكارم بن الحسين بن إبراهيم. ينتهي نسبه إلى النعمان بن المنذر. هو عز الدين بن أمير الغرب. مولده في خامس المحرم سنة خمس وسبعمائة، وكان من أتقن الناس للصنائع. برع في جميع ما يعلمه بيده من الكتابة المنسوبة - التي هي غاية في الحسن -. وعمل النشاب بالكزلك، ونجارة الدق، والتطعيم، والخياطة، والتطريز، والزركش، والخردفوشية، والبيطرية، والحداد، ونقش الفولاذ، ومد قوساً بين يدي الأمير تنكز وزنه مائة وثلاثة وعشرون رطلاً بالدمشقي، وكتب مصحفاً الجزء: 5 ¦ الصفحة: 31 مضبوطاً مشكولاً يقرأ فيه بالليل - وزن رقه سبعة دراهم وربع، وجلده خمسة دراهم - وكتب آية الكرسي على حبة أرْز، وعمل زرقُبْع لابن الأمير تنكز اثني عشر قطعة - وزنه ثلاثة دراهم، يُفَك ويركب بغير مفتاح - وكتب عليه حفراً مجرى بسواد سورة الإخلاص، والمعوذتين والفاتحة، وآية الكرسي وغير ذلك، يقرأ عليه ذلك وهو مركب، ومن داخله أسماء الله الحسنى، لا يبين منها حرف واحد إلى حين يفك، وجعل لمن يفكه ويركبه مائة درهم فضة، فلم يجد من يفكه ويركبه. وأراد تنكز أن يجعله زرد كاشاً في وقت، وأعطاه إقطاعاً في الحلقة، وقربه وأدناه، وكتب له قصة قصا في قص في قص. وأما عمل الخواتيم، وإتقان عملها وتحريره، وإجراء الميناة عليها، فأمر باهر معجز، لا يلحقه فيه أحد. وحفظ القرآن الكريم، وطرفاً من الفقه والعربية، ولعب الرمح، ورمى النشاب وجوده. قال الشيخ صلاح الدين الصفدي: وعلى الجملة، فلم ير مَن أتقن الكتابة المنسوبة في السبعة أقلام، ولا مَن أتقن الصنائع التي يعملها بيده مثله لأنه غاية في التحرير والإتقان. وفيه مع هذا كله كرم نفس وسيادة، وكتب الجزء: 5 ¦ الصفحة: 32 لامية العجم قصا في غاية الحسن، وأهدى إليَّ شيئاً من طرائف الجبل، وهدايا بيروت، فكتبت إليه: يا سيداً جاءت هداياه لي ... على المُنى مني وفوق المراد أنت جوادٌ سابقٌ بالندى ... من ذا الذي ينكر سبق الجواد فكتب إليَّ جواباً: وافى كتابك مطوياً على نُزَه ... يحار مسمعه فيها وناظرُهُ فالعين ترمق فيها خط كاتبه ... والسمع ينعم فيما قال شاعرُهُ وإن وقف أمام الحيِّ أُنْشِده ... ودَّ الخرائد لو تُقْنَى جواهرُهُ انتهى كلام الشيخ صلاح الدين الصفدي - رحمه الله - ولم يذكر وفاته وتوفي رحمه الله في جمادى الآخرة سنة ست وخمسين وسبعمائة. نائب القان بو سعيد 00 - 0 - 728 هـ - 0001327م جَوبان نائب القان بو سعيد بن خَرَابَنْدا متملك البلاد المشرقية. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 33 كان المذكور مناصحاً للمسلمين في الباطن، وكان فيه الخير، وبنى بالمدينة الشريفة مدرسة، ووقف عليها أوقافاً. قال الحافظ أبو عبد الله الذهبي في ذيل تاريخه سير النبلاء: جوبان النوين الكبير، نائب المملكة المغلية. كان رجلاً شجاعاً، مهيباً، كبير الشأن، صحيح الإسلام، وله حظ من صِلاَتٍ. وبذل ذهباً كثيراً حتى أوصل الماء إلى بطن مكة يعني عمارته عين بازان. وكانت ابنته بغداد خاتون زوجة القان بو سعيد، وابنه تمرتاش متولي ممالك الروم، وابنه دمشق خجا قائد عشرة آلاف وكان سلطانه بو سعيد تحت يده، ثم زالت سعادتهم. انتهى كلام الذهبي. قلت: وكانت قتلة جوبان هذا بهراة في سنة ثمان وعشرين وسبعمائة، ونقل إلى المدينة النبوية، ودفن بالبقيع. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 34 القواس 00 - 0 - في حدود 680هـ - 000 - 1281م جوبان بن مسعود بن سعد الله، أمين الدين الدُّنِيْسري، الشهير بالقوَّاس التوزي، الشاعر المشهور. قال الإمام شمس الدين محمد الجزري. اسمه رمضان ولقبه جوبان. ولم يكن يعرف الخط ولا النحو، وكانت كتابته من جهة التنوين في غاية القوة، بحيث إنه استعار من القاضي عماد الدين محمد الشيرازي درجاً بخط ابن البَوَّاب، ونقل ما فيه إلى درج بورق التوز، وألزق التوز على خشب، وأوقف عليه ابن الشيرازي، فأعجبه، وشهد له أن في بعض ذلك شيئاً أقوى من خط ابن البواب. واشتهر ذلك بدمشق، وبقي الناس يقصدونه، ويتفرجون عليه. وكان له ذهن خارق. انتهى كلام الجزري. قلت: وكان له نظم جيد، من ذلك قوله: جاءت سحراً تشقُّ فجر الغَلَس ... كالطَّيف توارت في ظلال الخُلَس ما أطيب ما سمعت من منطقها ... لا تسل ما لاقيتُه من حَرَسِي مات في حدود الثمانين وستمائة، رحمه الله. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 35 المعلم 00 - 0 - نيف 830هـ - 000 - 1426م جوبان بن عبد الله الظاهري، المعلم، الأمير سيف الدين. نسبته إلى معتقه الملك الظاهر برقوق. كان أحد الخاصكية في أيام أستاذه الملك الظاهر، وممن صار معلماً للرمح في أيامه. وكان تركي الجنس، سليم الباطن. انتهت إليه الرئاسة في تعلم الرمح في زمانه، وكان حكماً لهذا الفن في الدولة المؤيدية والأشرفية برسباي. رأيته وأخذت عنه، وقد شاخ. وطعن في السن، وهو على ما هو عليه من القوة في تعليمه. ولم يزل على ذلك إلى أن توفي في حدود سنين نيف وثلاثين وثمانمائة، رحمه الله تعالى. اللاَّلاَ 00 - 0 - 842 هـ - 000 - 1438م جوهر بن عبد الله الجُلْباني الطواشي الحبشي، الأمير صفي الدين. أصله من خدام الأمير بَهادَرْ المشرَّف. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 36 اشتراه بمكة المشرفة، وقدم به إلى القاهرة، وأعطاه لأخته زوجة الأمير جُلْبَان الحاجب؛ فدام عندها إلى أن أعتق من قبلها أو من قبل زوجها جلبان. ثم اتصل جوهر بخدمة الملك الأشرف برسباي قبل سلطنته بمدة طويلة إلى أن تسلطن؛ فعند ذلك قرَّبه، وأدناه، وجعله لالاة لولده المقام الناصري محمد. وعظم قدره وأثرى، وصار له كلمة في الدولة الأشرفية، وحرمة وافرة. ثم استقر بعد موت المقام الناصري محمد لالاة لأخيه الملك العزيز يوسف في سنة ثلاث وثلاثين وثمانمائة. ودام على ذلك إلى أن توفي الأمير الطواشي الرومي خُشْقَدَم الظاهري الزمّام في سنة تسع وثلاثين وثمانمائة، استقر المذكور زماماً عوضه؛ فتزايدت عظمته وكثر ماله. وبنى بخط المصنع مدرسته المعروفة به، ووقف عليها عدة أوقاف. واستمر في وظيفته إلى أن مات الملك الأشرف برسباي وتسلطن ولده الملك العزيز يوسف من بعده. فمرض جوهر المذكور، وطال مرضه إلى أن خلع الملك العزيز، وتسلكن من بعده الملك الظاهر جَقْمَق، عزله بالأمير الطواشي فيروز الجاركسي الساقي الرومي، وصادره ونكبه إلى أن توفي بعد ذلك بمدة يسيرة في يوم الأربعاء ثالث عشرين جمادى الأولى سنة اثنتين الجزء: 5 ¦ الصفحة: 37 وأربعين وثمانمائة، وله نحو ستين سنة تقريباً. وكان ديناً، خيراً، كريماً، متجملاً في ملبسه ومركبه، وكان يحب العلماء، وأهل الصلاح ويكرمهم ويحسن إليهم. رحمه الله تعالى. القَنْقَبائي الخازندار 00 - 0 - 844 هـ - 000 - 1440م جوهر بن عبد الله القنقبائي الطواشي الحبشي، الأمير صفي الدين الخازندار، والزمَّام، وعظيم الدولة الأشرفية برسباي، والعزيزية يوسف، والظاهرية جقمق. أصله من خدام الحطي داؤد بن يوسف بن سيف أرعد متملك بلاد الحبشة. أرسله في جملة تقدمة إلى الملك الظاهر برقوق؛ فأنعم به الملك الظاهر بعد مدة على الأمير قُنْقَبائي الألجائي اللاّلا؛ فاعتقه قُنْقَبائي المذكور، ودام بخدمته إلى أن مات. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 38 تنقل جوهر هذا في عدة خدم، وقاسى من الفقر ألواناً إلى أن اتصل بخدمة علم الدين داؤد بن الكُوَيْز، كاتب السر، ودام عنده إلى أن مات علم الدين ابن الكويز. وكان بين جوهر هذا وبين جوهر الجلباني اللالا - المتقدم ذكره آنفاً - صُحبة وأخوة قديمة، ومحبة زائدة. فصار جوهر - المتقدم ذكره - يحسن إلى جوهر هذا إحساناً زائداً، ونزَّله بباب السلطان من جملة الخدام. واستمر على ذلك دهراً إلى أن مات الأمير الطواشي كافور الصرغتمشي الزمَّام في يوم الأحد خامس عشرين شهر ربيع الآخر سنة ثلاثين وثمانمائة. واستقر زمَّاماً من بعده الأمير خشقدم الظاهري الخازندار، وشغرت وظيفة الخازندارية من بعده مدة يسيرة، وطلب الملك الأشرف مَن يوليه الخازندارية من بعده؛ فذكر له أرباب الدولة عدة من أعيان الخدام؛ فلم يرض بأحد منهم، وقال: أريد من يكون عاقلاً، عارفاً؛ فقال له جوهر اللالا - المتقدم ذكره -: الجزء: 5 ¦ الصفحة: 39 يا مولانا السلطان عندي من هو غرض السلطان، غير أنه لم يكن من أعيان الخدام. فقال له الأشرف: ومَن هو. قال: أخي جوهر القنقبائي، ويُجرِّبه السلطان، ويحدثه فيما يختار. فطلبه السلطان في الوقت، وكلمه؛ فأعجبه كلامه، وولاه الخازندارية، وتسلم الخزانة الشريفة، وضبط الأموال، وساس الأمور. وكان حاذقاً، عاقلاً، عارفاً، وعنده سكون ورزانة. فلما رأى الأشرف منه ذلك أضاف إليه التكلم في الذخيرة وغيرها. وعظم في الدولة، ونالته السعادة، وحظي عند الأشرف، وانقاد إليه بكليته، وكثر ترداد الناس إلى بابه، بل صار هو صاحب العقد والحل، والمشار إليه في الممالك. وصار جوهر اللالا الساعي له أولاً إذا طرأ له حاجة عند الأشرف يسأله في قضائها له. حتى إنه لما مات خشقدم الزمَّام وشغرت وظيفة الزمامية عنه، سأل جوهر اللالا السلطان بأن يكون زماماً، فلم ينعم له بها حتى دخل إلى جوهر هذا، وسأله أن يتحدث له في وظيفة الزمامية مع الملك الأشرف؛ فغرب عليه جوهر - صاحب الترجمة - وقال له: يا أغاة! والسلطان يعلم أنك تريد الزمامية، ويتوقف معك في ولايتها! فقال له جوهر اللالا: نعم، وسألته فيها غير مرة، وسأله غالب الخوندات، ولا أعرف ولايتها إلا منك، ثم قام من الجزء: 5 ¦ الصفحة: 40 فوره؛ فدخل جوهر هذا إلى الملك الأشرف، فلم يخرج من عنده حتى جعله زماماً، من هذا أشياء يطول شرحها. ولا زال على ما هو عليه من الحرمة والعظمة، حتى توفي الملك الأشرف في سنة إحدى وأربعين وثمانمائة. وتسلطن الملك العزيز يوسف بن الأشرف، وخُلع، وتسلطن الملك الظاهر جقمق، وهو على ذلك إلى أن فر الملك العزيز يوسف من دور الحرم بقلعة الجبل. وغضب الملك الظاهر بسببه على الطواشي فيروز الجاركسي، وعزله من وظيفة الزمامية. استقر بجوهر هذا في وظيفة الزمامية عوضه، مضافاً على الخازندارية وغيرها، ثم شرع جوهر في بناء مدرسته التي بجوار الجامع الأزهر، ومات قبل أن تكمل عمارتها. وخرج جوهر من الدنيا بغير نكبة. ولم يظهر له من الذهب العين إلا القليل؛ بالنسبة إلى ما كان يقاس عليه، وذهب جميع ماله عند مَن له فيه رزق. فحصل بسبب ذلك للسلطان الملك الظاهر جقمق من القهر والغبن ما لا مزيد عليه. وتولى الخازندارية من بعده الطواشي جوهر التمرازي - الآتي ذكره - وتولى الزمامية من بعده أيضاً الطواشي هلال الرومي الظاهري شاد الحوش السلطاني. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 41 وكانت وفاته في ليلة الاثنين أول شعبان سنة أربع وأربعين وثمانمائة، وعمره نحواً من سبعين سنة تخميناً، ودفن بمدرسته التي أنشأها بالقرب من جامع الأزهر. وحضر السلطان الصلاة عليه. وكان عاقلاً، ديناً، تالياً لكتاب الله، عارفاً بالقراءات. وكان مقتصراً في مركبه، وملبسه، ومأكله بالنسبة إلى مقامه. وعنده قبض كفٍّ إلا على الفقراء، ومَن هو مشهور بالصلاح، فإنه كان يبدر المال عليهم إلى الغاية. حدثني بعض أصحابه أنه سأله مرة رجل من طلبة العلم في شيء من الدنيا، ولم يكن ذلك الرجل من أصحابه وقال: لي ابنة، وأريد أزوجها. فقال جوهر المذكور لخازنداره: أعطه ما بقي في الكيس. فتوقف الخازندار، وقال: يا خوند بقي فيه مبلغ له جرم، يرسم الأمير له بشيء، وأنا أعطيه. فقال له جوهر ثانياً: أعطه الجميع. فكرر الخازندار الكلام حتى نهره جوهر، فأعطاه جميع ما كان في الكيس، وهو مبلغ ثلاثمائة دينار، فهذه كانت طريقته. وأما ليقال؛ فكان لا يعطي لذلك الدرهم الفرد. رحمه الله تعالى. التمرازي الخازندار 00 - 0 - 850 هـ - 000 - 1446م جوهر بن عبد الله التِّمرَازي الخازندار، الأمير صفي الدين الطواشي الحبشي. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 42 كان أصله من خدام الأمير تِمْراز الناصري نائب السلطنة بالديار المصرية، واتصل من بعده بخدمة الملك المؤيد شيخ، وصار من جملة الجمدارية الكبار. ودام على ذلك دهراً إلى أن ولاّه الملك الظاهر جقمق الخازندارية، بعد موت جوهر القُنْقَبائي - المتقدم ذكره قريباً - فباشر وظيفة الخازندارية، إلى أن عزل عناه بالأمير فيروز النوروزي في سنة ست وأربعين وثمانمائة. ورَسَّمَ السلطان عليه، وأخذ منه مبلغاً ليس بذاك، فلزم المذكور داره إلى سنة ثمان وأربعين وثمانمائة، أخلع عليه الملك الظاهر باستقراره في مشيخة الخُدام بالحرم النبوي على ساكنه أفضل الصلاة والسلام بعد موت الأمير فيروز الركني نائب مقدم المماليك السلطانة في الدولة الأشرفية برسباي. فتوجه المذكور إلى المدينة، ودام بها إلى أن مات في سنة خمسين وثمانمائة، وهو في الخمسين من العمر تقريباً. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 43 وكان صبيحاً، بشوشاً، مليح الشكل، وعنده كرم، وحشمة، وأدب. رحمه الله تعالى. المنجكي النائب 00 - 0 - 852 هـ - 000 - 1448م جوهر بن عبد الله المنجكي، نائب مقدم المماليك السلطانية. أصله من عتقاء الصارمي إبراهيم بن منجك، ثم صار من مقدمي الأطباق. واستمر على ذلك سنين، وهو مقدم طبقة المقدم، إلى أن جعله الملك الظاهر جقمق نائب مقدم المماليك السلطانية، بعد القبض على الأمير فيروز الركني، وحبسه بثغر الإسكندرية. ولما صار نائباً عمَّر مدرسته التي أنشأها تجاه مُصلاة المؤمني بالرميلة من تحت قلعة الجبل، وهي بين المدارس كهيئته بين الخدام، ثم عزل عن النيابة، واستمر بطالاً إلى أن مات في سنة الجزء: 5 ¦ الصفحة: 44 اثنتين وخمسين وثمانمائة. وكان حبشياً رقيقاً، للطوا أقرب، مهملاً، غير مليح الشكل. رحمه الله، وعفا عنه. التفليسي المحدّث 00 - 0 - 700 هـ - 000 - 1300م جَوْهر بن عبد الله التفليسي المحدِّث، الطواشي صفي الدين. كان عنده فضيلة ومشاركة، وحبب إليه سماع الحديث، وتحصيل الأجزاء. ولما مات وقف أجزاءه التي ملكها على أهل الحديث بعد أن سمع الكثير وحصل ودأب. وكانت وفاته في سنة سبعمائة. وكان رجلاً صالحاً، ديِّناً، مباركاً. رحمه الله تعالى. جوكي بن شاه رخ جُوكي بن القان شاه رُخّ بن تَيْمُورلنك، اسمه أحمد ذكرناه في باب الألف والحاء المهملة من حرف الهمزة، يُراجَع هناك. انتهى. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 45 باب الجيم والياء المثناة من تحت متملك قبرص 00 - 0 - 835 هـ - 000 - 1426م جَيْنُوس بن جاك بن بيدو بن أنطون بن جينوس الفرنجي، متملك جزيرة قبرص. ملكها بعد موت أبيه جاك في حدود سنة ثمانمائة، واستمر بها إلى أن قبض عليه العساكر الإسلامية من قبل الملك الأشرف، وقدموا به إلى القاهرة من جملة الأسرى حسبما ذكرناه في ترجمة الملك الأشرف برسباي مفصلاً. وأقام جينوس هذا بالقاهرة مدة، ثم أعاده الملك الأشرف إلى مملكته، بعد أن ضرب عليه الجزية في كل سنة، إلى أن توفي سنة خمس وثلاثين وثمانمائة. وملك قبرس من بعده ابنه جوُآن إلى يومنا هذا. وجينوس المذكور رأيته بالقاهرة. وكان شكلاً طوالاً، خفيف اللحية أشقرها، وعنده معرفة وذوق. وكان لا يعرف بلسان العربي شيئاً، وقد الجزء: 5 ¦ الصفحة: 46 استوعبنا أمره في ترجمة الملك الأشرف في غزوة قبرس فلا حاجة لإعادة ما وقع له هنا. انتهى. وجينوس بجيم مفتوحة، وبعدها ياء آخر الحروف ساكنة، ونون مضمومة وواو، ثم سين مهملة. انتهى. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 47 حرف الحاء المهملة الملك الصالح ثم المنصور 00 - 0 - 814 هـ - 000 - 1411م حاجِّي بن شعبان بن حسين بن محمد بن قلاوون، السلطان الملك الصالح أولاً، ثم الملك المنصور ثانياً - حسبما سنذكره إن شاء الله تعالى - ابن الأشرف شعبان بن الأمير حسين بن الملك الناصر محمد بن الملك المنصور قلاوون. ولي السلطنة بعد موت أخيه الملك المنصور علي بن الأشرف شعبان، في يوم الاثنين رابع عشرين صفر سنة ثلاث وثمانين وسبعمائة، وعمره نيف على عشر سنين. وكان مدبر المملكة إذ ذاك الأتابك برقوق العثماني اليلبغاوي؛ فأقام المذكور في الملك إلى أن خلع بالملك الظاهر برقوق العثماني في يوم الأربعاء تاسع عشر شهر الجزء: 5 ¦ الصفحة: 48 رمضان سنة أربع وثمانين وسبعمائة. وكان الموافق ليوم الأربعاء المذكور آخر شهر هاتور من شهور القبط، فكانت مدة ملكه سنة واحدة ونصف سنة وخمسة عشر يوماً. ولما خُلع من السلطنة رسم له الملك الظاهر برقوق بلزوم داره بقلعة الجبل على ما كانت عادة أولاد الأسياد أولاً. فاستمر مقيماً بداره إلى أن خَلَع الملكَ الظاهرَ برقوق من الملك، الأمير يلبغا الناصري والأمير تمربغا الأفضلي - المدعو منطاش - وحبساه بقلعة الكرك في سنة إحدى وتسعين وسبعمائة، واجتمعا على سلطنة الملك الصالح حاجّي ثانياً، لما امتنع يلبغا الناصري من السلطنة. فجلس المذكور على تخت الملك ثانياً في يوم الثلاثاء سادس جمادى الآخرة سنة إحدى وتسعين وسبعمائة، وغيَّر لقبه بالملك المنصور. وصار الأتابك يلبغا الناصري مدبر مملكته. بل صار هو السلطان في الحقيقة، إلى أن وقع بينه وبين منطاش وحشة، وتقاتلا وانكسر الناصري، وقبض عليه منطاش، وحبسه بثغر الإسكندرية. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 49 ثم أراد منطاش قتل برقوق، وأرسل بذلك على يد البريدي، وقتل الشهاب المذكور بالكرك، وتخلص برقوق - حسبما ذكرناه في ترجمته مفصلاً - وعاد إلى ملكه. خُلع الملك المنصور هذا ثانياً بالملك الظاهر برقوق أيضاً، ودخل برقوق إلى الديار المصرية ومعه الملك المنصورَ صاحب الترجمة مبجلاً في يوم الثلاثاء رابع عشر صفر سنة اثنتين وتسعين وسبعمائة. واستمر المنصور ملازماً لداره بقلعة الجبل إلى أن توفي بعد أن أُقْعِدَ في ليلة الأربعاء تاسع عشر شوال سنة أربع عشرة وثمانمائة - رحمه الله - عن بضع وأربعين سنة، ودفن بتربة جدته خوند بركة أم الملك الأشرف شعبان. رحمه الله تعالى. الملك المظفر ابن محمد بن قلاوون 00 - 0 - 748 هـ - 000 - 1347م حَاجِّي بن محمد بن قلاوون، الملك المظفر ابن الملك الناصر محمد بن الملك المنصور قلاوون الصالحي. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 50 مولده في سنة اثنتين وثلاثين وسبعمائة، وأبوه في الحجاز؛ فسمي حاجي. جلس على تخت الملك في مستهل جمادى الآخرة سنة سبع وأربعين وسبعمائة بعد خلع أخيه الملك الكامل شعبان. وسبب خلع الملك الكامل وسلطنة المظفر هذا، أن الكامل شعبان أراد قتل حاجي هذا، وقيل: إنه أمر أن تُبْنَى عليه حائط. وكان الكامل غير محبب للأمراء؛ فكاتب الأمراء الأمير يلبغا نائب الشام بخروجه عن الطاعة؛ فامتثل ذلك؛ وبرز إلى ظاهر دمشق وعصَى. وبلغ الكامل الخبر؛ فاحتاج إلى أن جَّرد إلى الشام عسكراً لقتال يلبغا المذكور. فخرجوا من القاهرة إلى منزلة السعيدية أو الخطارة، ورجعوا إليه بعد أن خرجوا عن طاعته. فركب بآلة الحرب، ونزل إليهم، وقاتلهم؛ فانكسر. وجرح الأمير أرغون العلائي في ووجهه - حسبما ذكرناه في ترجمته - وقبض على الكامل، وخلع. فقام الأمير ملكتمر الحجازي ومعه الأمير آق سنقر والأمير أرغون شاه والأمير شجاع الدين أغزلو، الذي جرح أرغون العلائي، واتفقوا، وأخرجوا حاجي هذا من حبسه، وسلطنوه في التاريخ المذكور، ولقبوه بالملك الجزء: 5 ¦ الصفحة: 51 المظفر. فلم يقم في الملك سوى سنة واحدة وثمانية أشهر واثني عشر يوماً، وخلع في ثاني عشر شهر رمضان سنة ثمان وأربعين وسبعمائة، وقتل في يومه على ما سيأتي ذكره. وسبب خلع المظفر أنه لما تسلطن انتظمت له الأحوال، وسكنت الفتن، وصفا له الوقت، فحسن بباله مسك جماعة من الأمراء. فقبض على الأمير ملكتمر الحجازي القائم بسلطنته، والأمير شمس الدين آقسنقر، وأيتمش، وصمغار، وبُزْلار، وطُقْبَغا وهؤلاء كانوا من أكابر الأمراء ثم قبض على جماعة من أولاد الأمراء فنفرت القلوب منه، وتوحش الأمير يلبغا نائب الشام منه، ووقع معه أمور وحروب. وكان الذي حَسَّنَ له مسك الأمراء المذكورين شجاع الدين أغزلو، فأمسكه أيضاً، وفتك به بعد أربعين يوماً. ثم إنه همَّ أيضاً بالقبض على الأمير ألجبغا الخاصكي وغيره، وفرَّق أكثر مماليك السلطان، وأخرجهم إلى الشام وإلى الوجه البحري والقبلي. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 52 وقتل أيضاً: الأمير بيدمر البدري، وطغيتمر الدوادار، والأمير نجم الدين محمود بن شَرْوِين الوزير، قبل الفتك بأغزلو. وهؤلاء الأمراء هم كانوا بقية الدولة الناصرية. فعند ذلك ركب الأمير أرُقطاي النائب بالديار المصرية، وغالب الأمراء والخاصكية، وخرجوا إلى قبة النصر - خارج القاهرة. وبلغ الملك المظفر ذلك؛ فركب فيمن بقي معه من القلعة - وهم معه في الظاهر، وعليه في الباطن. فلما تراءى الجمعان ساق بنفسه إليهم؛ فجاء إليه الأمير بيبغا أروس أمير مجلس وطعنه بالرمح أقلبه على الأرض، وضربه الأمير طان يرق بالطبر من خلفه؛ فجرح وجهه وأصابوه. ثم كتفوه، وأحضروه إلى بين يديّ الأمير الجزء: 5 ¦ الصفحة: 53 أرقْطَاي ليقتله فلما رآه نزل، وترجل، ورمى عليه قباءَهُ وقال: أعوذ بالله هذا سلطان ابن سلطان، ما أقتله. فأخذوه ودخلوا به إلى تربة هناك، وقضى الله أمره فيه. وقيل: إن سبب خلعه وقتله أن الأمير ألجبغا المذكور أتى إليه يوماً؛ فوجده فوق سطح يلعب بالحمام؛ فقال له ألجبغا: ما تقول الناس! تدبر المملكة برأي الخدام والنساء، وتلعب بالحمام. فحنق المظفر من كلامه، وقال: ما بقيت ألعب بها. فأخذ ألجبغا منها طائرين وذبحهما. فلما رآهما مذبوحين طار عقله، وقال: والله لا بد ما أَحُزُ رأسك هكذا. فتركه ألجبغا ومضى. فقال الملك المظفر لخواصه: متى دخل عليكم ألجبغا اقتلوه؛ فبلغ ألجبغا الكلام؛ فكان ما ذكره من ركوب الأمراء عليه. وفي هذا المعنى يقول البارع صلاح الدين خليل بن أيبك: أيها العاقلُ اللبيب تفكرْ ... في المليك المظفر الضِّرغامِ كم تمادى في البغي والغيِّ حتى ... كان لُعْب الحَمَام جِدَّ الحَمامِ وقال أيضاً فيه: حان الرَّدَى للمظفر ... وفي التراب تَعفَّرْ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 54 كم قد أباد أميراً ... على المعالي توفَّرْ وقاتل النفس ظلماً ... ذُنُوبُهُ ما تُكَفَّرْ ثم إن الأمراء كتبوا إلى الأمير أرغون شاه نائب دمشق، في ثاني عشر شهر رمضان - يعني يوم قتل المظفر - يعلمونه بما وقع ويطلبون منه الجواب فيمن يولونه سلطاناً. وجهزوا الكتاب على يد الأمير أسنبغا الحموي السلاح دار. ثم في يوم الثلاثاء رابع عشر شهر رمضان المذكور اتفق رأي الأمراء على سلطنة الملك الناصر حسن بن محمد بن قلاوون؛ فتسلطن، ولقب بالملك الناصر - وهي سلطنة الملك الناصر حسن الأولى انتهى -. هنى الدين المقرىء 00 - 0 - 684 هـ - 000 - 1285م حَازم بن القاضي محمد بن الحسن بن محمد بن خلف، الشيخ العلامة هنى الدين أبو الحسن الأنصاري، شيخ البلاغة والأدب، صاحب النظم والنثر. كان من أعيان العلماء، وهو من أهل قرطاجنَّة بالأندلس. توفي سنة أربع وثمانين وستمائة، وله ست وسبعون سنة. رحمه الله تعالى وعفا عنه. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 55 باب الحاء والباء الموحدة حُبُكْ الظاهري 00 - 0 - 803 هـ - 000 - 1400م حُبُكْ بن عبد الله الظاهري، الأمير سيف الدين. أحد أمراء الطبلخاناة في دولة ابن أستاذه الملك الناصر فرج ابن الملك الظاهر برقوق. مات ليلة الثلاثاء مستهل ذي القعدة سنة ثلاث وثمانمائة، وأنعم بإقطاعه على خمسين مملوكاً من المماليك السلطانية. وحُبُكْ بحاء مهملة مضمومة، وبعدها ياء موحدة مضمومة أيضاً، وكاف ساكنة. وهذا اسم جاركسي لا أعرف معناه، رحمه الله تعالى. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 56 باب الحاء والجيم خاتون زوجة ملك التتار 00 - 0 - 693 هـ - 000 - 1293م حُجُكْ خاتون، زوجة منكوتمر ملك التتار. كانت قد تحكمت في زمان زوجها المذكور، في مملكة الملك يدان منكو الذي ملك بعد منكوتمر، وثقلت وطأتها عليهم؛ فشكوها إلى نوغيه؛ فأمر بها أن تخنق؛ فخنقت وقتل معها أيضاً أميراً كان يلوذ بها وينفِّذ أمورَها، كان اسمه بي طرا، وذلك في سنة ثلاث وتسعين وستمائة. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 57 باب الحاء والراء المهملة القاضي مجد الدين المصري 649هـ - 734هـ - 1251 - 1333م حرمِي بن قاسم، القاضي مجد الدين المصري. وكيل بيت المال، ونائب القاضي بدر الدين بن جماعة، ونائب القاضي جلال الدين القزويني. مولده في سنة تسع وأربعين وستمائة تخميناً. وكان شيخاً طوالاً، صغير الذقن، رقيقاً، ناسكاً، خيِّراً. قلَّ أن يموت أحد من الأمراء الأكابر إلا وأسند وصيتُه إليه. قال الشيخ صلاح الدين الصفدي: أخبرني العلامة قاضي القضاة تقي الدين أبو الحسن السبكي الشافعي من لفظه قال: قرأ القاضي مجد الدين حرمي على الشيخ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 58 علاء الدين الباجي الأصلين. وقرأ على السيف البغدادي في الموجز والإرشاد. وسَمعَ من قاضي القضاة عبد الرحمن بن بنت الأعز قصيدة من نظمه وحدَّث بها. وكان يدرس بقبة الشافعي، ثم حفظ الحاوي الصغير على كبر. وحُكِيَ لي عن مروءته في السعي مع الناس في قضاء أشغالهم أمراً عجيباً. انتهى كلام الصفدي. وقال غيره: وكان يتوكل للظاهر بيبرس ولمملوكه بكتمر الجوكندار الكبير، ولأيبك الخازندار، ولجماعة كثيرة. وكان الناس يقولون عنه، هو آدم أبو البشر. وتوفي سنة أربع وثلاثين وسبعمائة. رحمه الله تعالى وعفا عنه. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 59 باب الحاء والزاي اليَشْبُكي 00 - 0 - 824 هـ - 000 - 1421م حَزْمَان بن عبد الله اليَشْبُكي، الأمير سيف الدين، أحد أمراء العشرات، ورأس نوبة. نسبته إلى معتقه الأتابك يشبك الشعباني. وترقى بعد موت أستاذه، إلى أن تأمرَّ في أواخر الدولة المؤيدية شيخ، أوفى دولة ولده الملك المظفر أحمد ابن شيخ. فلم تطل أيامه، ومات في سنة أربع وعشرين وثمانمائة تقريباً، ودفن بتربة أستاذه يشبك بالصحراء، خارج باب النصر. وحزمان بفتح الحاء المهملة، وبعدها زاي ساكنة، وميم وألف ونون ساكنة وهو اسم جاركسي. ؟؟ حزمان الظاهري 00 - 0 - 814 هـ - 000 - 1411م حَزْمَان بن عبد الله الظاهري، الأمير سيف الدين، أحد المماليك الظاهرية الجزء: 5 ¦ الصفحة: 60 برقوق، وممن ترقى في الدولة الناصرية فرج بن برقوق إلى أن صار نائب القدس الشريف. ثم وقع له أمور إلى أن صار دواداراً ثانياً، ثم تخوف من الملك الناصر فرج وخرج عن طاعته، وفر بمفرده من القاهرة، وقصد دمشق. وخرج في إثره جماعة؛ فلم يدركه أحد، ومضى حتى وصل إلى قرب غزة. فصادفه بعض أمراء الملك الناصر ممن كان توجه إلى الأمير شيخ في الرسلية، فعرفه وقبضه، فلم يقدر يفر؛ لعجز فرسه وتعبه. وأتى به إلى الملك الناصر فرج فحبسه أياماً، ثم وسَّطَهُ في سنة أربع عشرة وثمانمائة مع جماعة أخر رحمه الله. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 61 باب الحاء والسين ابن أمين الدولة 00 - 0 - 658 هـ - 000 - 1259م الحسن بن أحمد بن هبة الله بن محمد بن هبة الله بن محمد بن أبي القاسم، الوزير هبة الله بن محمد بن عبد الباقي، مجد الدين أبو محمد، المعروف بابن الرعياني، وبابن أمين الدولة، الحلبي الحنفي، الفقيه، المحدِّث، الفاضل. سمع بحلب من القاضي بهاء الدين يوسف بن رافع بن تميم، ومن ابن أبي الحسن بن روزبة، وأبي الفضل مكرم ابن أبي الصقر، وابن رواحة. وببغداد من الكاشغري، وابن الخازن. قال الحافظ قطب الدين في تاريخ مصر: قرأ بنفسه، وأعاد بالحلاوية في زمن. صاحب كمال الدين بن العديم، وشرح الفرائض السراجية في مجلد لطيف، وذكره الدمياطي في معجمه. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 62 وقال فيه الفقيه الفرضي: المحدِّث الشهيد، وأنشد عنه شعراً. أنشدنا الشيخ تقي الدين أحمد المقريزي إجازةً، أنشدنا الحراوي إجازةً عن أبي الحافظ أبي محمد الدمياطي إجازةً قال: أنشدنا رفيقنا الحسن بن أحمد لنفسه بحلب: كأن البدرَ حين يلوح طوراً ... وطوراً يختفي تحت السحاب فتاة كلما سفرت لخِلٍّ ... توارت خوف واشٍ بالحجاب توفي صاحب الترجمة مقتولاً بأيدي التتار في العشر الأوسط من صفر سنة ثمان وخمسين وستمائة. رحمه الله. قاضي القضاة حسام الدين أنو شروان 631هـ - 699هـ - 1233 - 1299م الحسن بن أحمد بن الحسن بن أنو شروان، قاضي القضاة حسام الدين، أبو الفضائل بن قاضي القضاة تاج الدين أبي المفاخر والرَّازي الرومي الحنفي. مولده في ثالث عشر المحرم سنة إحدى وثلاثين وستمائة بأقصرا. وبها نشأ وتفقه، ثم رحل إلى ملطية، فولي قضاءها أكثر من عشرين سنة. ثم قدم إلى دمشق في سنة خمس وسبعين وستمائة خوفاً من التتار، فأقام بها مدة ثم ولي الجزء: 5 ¦ الصفحة: 63 قضاءها بعد قاضي القضاة صدر الدين سليمان في سنة سبع وسبعين وستمائة. فامتدت أيامه إلى أن تسلطن الملك المنصور حسام الدين لاجين. طلبه إلى الديار المصرية، وولاه قضاءها، وتولى ابنه جلال الدين مكانه في قضاء دمشق، وذلك في سنة ست وتسعين وستمائة. فباشر قضاء الديار المصرية بعفة وحرمة، وحمدت سيرته، وعلا قدرهُ، ونالته السعادة إلى أن قتل الملك المنصور لاجين عزل عن قضاء مصر، وعاد إلى دمشق قاضياً بها، وعزل ولده جلال الدين، فباشر قضاء دمشق ثانياً، وأكب على الاشتغال والأشغال. وكان بارعاً، عالماً، مفنناً، مجموع الفضائل، كثير المكارم، وافر الحرمة متودداً للناس، وفيه خير، ومروءة، ودين، وحشمة، وله نظم، ونثر، ومعرفة تامة بالطب. ودام على ذلك إلى أن شهد المصاف في سنة تسع وتسعين وستمائة، فكان ذلك آخر العهد به. وقيل إنه لم يقتل في تلك الغزوة، وإنما أسر، وبيع للفرنج، وأدخل إلى الجزء: 5 ¦ الصفحة: 64 جزيرة قبرس هو وجمال الدين الطوخي، وأنه جلس بقبرس يطب الناس، ويعالج المرضى. وقيل إنه لمَّا دخل إلى قبرس كان الملك ضعيفاً؛ فطبُّهُ إلى أن تعافى. وكان وَعَدَهُ أنه إذا تعافى يطلقه، فلما تعافى الملك مرض هو بالإسهال إلى أن مات رحمه الله تعالى. العز الأربلي 00 - 0 - 726 هـ - 000 - 1325م الحسن بن أحمد بن زُفَر، الحكيم عز الدين الأربلي. سمع من ابن الخلاَّل والموازيني. قال الحافظ الذهبي: كان مظلماً في دينه، متفلسفاً، صادقاً في نقله، حصَّل إثبات سماعاته، وألف كتباً وتواريخ منها: السيرة في مجلدين. وسمع مَعَنَا الجزء: 5 ¦ الصفحة: 65 كثيراً، ومجاميعه بخطه معروفة، وغالبها تراجم شعراء وتواريخ وقومات، وكان يعرف بالعز الأربلي. انتهى. قلت: وكانت وفاته في سنة ست وعشرين وسبعمائة. القاضي بدر الدين البرديني حدود 750 - 831هـ - 1349 - 1427م الحسن بن أحمد بن محمد، القاضي بدر الدين البُرْدَيْنِي الشافعي، أحد خلفاء الحكم. مولده بقرية بردين بالشرقية من أعمال القاهرة في حدود الخمسين وسبعمائة. وقدم إلى القاهرة صغيراً، وتفقه بها يسيراً، وجلس في حانوت الشهود سنين إلى أن قرره القاضي قاضي القضاة صدر الدين المناوي في جملة موقعي الحكم بالقاهرة. واستمر على ذلك إلى أن استنابه قاضي القضاة جلال الدين عبد الرحمن البلقيني بعد سنة عشر وثمانمائة. قال الشيخ تقي الدين المقريزي رحمه الله: وكان فيه عُصْبيةٌ ومحبة لقضاء الجزء: 5 ¦ الصفحة: 66 حوائج الناس ولم يوصف بعلم ولا دين، صَحِبَنا سنين ومستراح منه. انتهى كلام المقريزي باختصار. قلت: هو كما قاله المقريزي وزيادة. كان سكنه بالقرب منا وكان يصحب الصاحب بدر الدين حسن بن نصر الله، ناظر الخاص، وكان قاضيه، ويحكم لأجله بمهما وافق غرض ابن نصر الله، وله في هدم الأماكن التي أخذها الملك المؤيد شيخ وبناها مدرسته المشهورة بباب زويلة مصائب استوعبها المقريزي في الحوادث. ولم يزل قاضياً إلى أن مات في يوم الاثنين لخمس بقين من شهر رجب سنة إحدى وثلاثين وثمانمائة، وقد أناف على الثمانين سنة، رحمه الله تعالى وعفا عنه. الشيخ الحسن 00 - 0 - 748 هـ - 000 - 1347م الحسن بن أَرْثَنَا، الأمير بدر الدين، المعروف بالشيخ حسن. كان من أحسن الأشكال وأتمها. وكان عارفاً، عاقلاً، فاضلاً. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 67 ولما توجه الشيخ حسن هذا رسولاً إلى الشيخ حسن الكبير إلى بغداد، ووصل إلى بهسنا سمع به الأمير طشتمر حمص أخضر نائب حلب؛ فكتب إلى نائب بهسنا يطلبه، فحضر إليه، فأعجبه شكله وسمته، وخلع عليه خلعة سنية وأعاده إلى والده الأمير أرثنا. فلما وصل إلى بلده خطب له والده ابنة الملك الصَّالح شمس الدين صاحب ماردين؛ فأجابه إلى ذلك، وجهزها إليه؛ فلم يدخل بها، ومات بسيواس في شوال سنة ثمان وأربعين وسبعمائة، وكان والده في قيصرية؛ فكتب أبوه إلى صاحب ماردين يقول له: إن لي ابناً آخر يصلح لزواجها، وأعطاه مدينة خرت برت رحمه الله. الصدر نظام الدين 00 - 0 - 715 هـ - 000 - 1315م الحسن بن أسعد، الصدر نظام الدين، أخو الصاحب عز الدين بن القلانسي. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 68 كان فقيهاً، عالماً، فاضلاً. توفي سنة عشرة وسبعمائة. رحمه الله تعالى. ابن درباس 00 - 0 - 676 هـ - 000 - 1277م الحسن بن إسماعيل بن عبد الملك بن درباس، الشيخ الإمام نصر الدين ابن القاضي صدر الدين، الشهير بابن درباس. كان إماماً، عالماً، فقيهاً، أديباً وهو مدرس مدرسة سيف الإسلام بالبندقانيين من القاهرة وتوفي سنة ست وسبعين وستمائة. صاحب بغداد 00 - 0 - 657 هـ - 000 - 1258م الحسن بن حسين بن آقْبُغَا بن أيلكان النُّوين، الأمير الكبير المعروف الجزء: 5 ¦ الصفحة: 69 بالشيخ حسن، صاحب بغداد وما والاها. وهو سبط أرغون ابن أبغا بن هولاكو. كان في ابتداء أمره في خدمة القان بو سعيد. وكان الشيخ حسن هذا متزوجاً ببغداد، خاتون ابنة جوبان؛ فأحبها القان بو سعيد، وأخذها منه بعد ما ولدت منه ابنه أيلكان، ثم أَبعد بو سعيد الشيخ حسن المذكور. فلما خرج من بلده عصى عليه وخالفه، ولم يزل على ذلك حتى ملك مدينة بغداد، وجرى له حروب وخطوب بعد موت بو سعيد مع طغاي بن سوتاي، ومع إبراهيم بن سوتاي أيضاً، ومع أولاد تمرتاش وغيرهم، وتداولوهُ بالحروب إلى أن نصره الله عليهم. وتزوج بعد موت بو سعيد بالخاتون دلشاد ابنة الأمير دمشق خجا، وهي ابنة أخي زوجته الأولى بغداد خاتون. ولما ملك بغداد واستقر بها مال إلى ملوك مصر وهادنهم، وانتظمت كلمة الوفاق بينهم، ومال إلى المسلمين ميلاً كثيراً. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 70 وكان في أيامه الغلاء العظيم ببغداد حتى أبيع بها الخبز بصنج الدراهم، ونزح الناس عنها، ثم تراجع الناس إليها قليلاً بقليل في سنة ثمان وأربعين وسبعمائة، عندما أظهر العدل بها في الرعية. وكان مشكور السيرة، واستمر على ذلك إلى سنة تسع وأربعين، توجه إلى شُشْتر، ثم عاد إلى بغداد؛ فوجد نوابه قد وجدوا في رواق العزيز ببغداد ثلاثة أجباب نحاس، طول كل جب ذراعان ونصف، مملوءة ذهباً مصرياً، وفي بعضه صكة الإمام الناصر لدين الله، أحد خلفاء بغداد. وكان وزن ذلك أربعة آلاف رطل بالبغدادي، يكون ذلك خمسمائة ألف مثقال. واستمر على ذلك إلى أن توفي سنة سبع وخمسين وستمائة. وكانت دولته سبعة عشر سنة، وملك بغداد بعده ابنه أويس. رحمه الله. ابن المهمندار الحسن بن بَلَبَان، الأمير حسام الدين، المعروف بابن المِهْمِندَار الحلبي، أخو الأمير بن علاء الدين على حاجب حجاب حلب، والأمير ناصر الدين محمد أحد مقدمي الألوف بحلب، ثم نائب قلعتها. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 71 كان الأمير حسام الدين هذا أحد أمراء حلب، وبنى بها جامعاً مليحاً داخل باب اليهود، المعروف الآن بباب النصر، وكان رئيساً عريقاً. وبيت المهندار بيت كبير بحلب، رحمه الله تعالى. المغلي 00 - 0 - 774 هـ - 000 - 1372م الحسن بن تَمُرْتَاش بن جوبان التركي المغلي، الأمير بدر الدين، المعروف بالشيخ حسن ملك التتار. كان عارفاً مقداماً داهيةٍ صاحب رأي وخديعة. وكان مجتهداً في القدوم إلى البلاد الشامية، إلا أنه كان يخشى من الأمير تنكز نائب الشام. وقيل إنه كان يقول: دَبَّرْتُ في أمر تنكز أحد عشر حيلة، إن لم يَرَح بواحدة راح بأخرى، ثم أرسل رسوله إلى الملك الناصر محمد بن قلاوون بأول حِيَلِهِ التي الجزء: 5 ¦ الصفحة: 72 دبرها على تنكز؛ فكان مما قاله: إن تنكز كتب إليَّ في الباطن يريد الحضور إلى عندي؛ فاستوحش الملك الناصر من تنكز، وقبض عليه حسبما ذكره في ترجمته. فلما بلغ الشيخ حسن إمساك تنكز فرح بذلك، ثم قال: أنا كنت أظن أن إزالة تنكز صعب، وقد راح بأهون حيلة. وكان لما يريد يتفكر في أمر يفعله مع تنكز يدخل الحمام، ويخلو بنفسه فيها اليومين والثلاثة حتى يتيقن ما يريد يفعله، ولما أُمسك تنكز قوي عزمه على المجيء إلى البلاد الشامية؛ فوقع بينه وبين زوجته وحشة؛ فهددها بالقتل؛ فبادرته بأن خبأت له عندها خمسة من المغل؛ فخنقوه، وأصبح ميتاً، ودفن بمدرسته التي أنشأها بتبريز. ولم يأخذ له أحد بثأر؛ وذلك لبغض الناس فيه، وحصل للمسلمين وللترك بموته فرج كبير. وكانت وفاته في شهر رجب سنة أربع وسبعين وسبعمائة، ولله الحمد. ابن خاص بك العلامة 00 - 0 - 813 هـ - 000 - 1410م الحسن بن خاص بك، العلامة بدر الدين، أحد أعيان فقهاء السادة الحنفية، وأحد مقدمي المماليك السلطانية. كان جندياً بارعاً، عالماً، مفنناً في الفقه، والعربية، والأصول، وله مشاركة في عدة علوم، وتصدر للإفتاء والتدريس عدة سنين، وانتفعت به الطلبة. وكان الجزء: 5 ¦ الصفحة: 73 له وجاهة عند أكابر الدولة من الأمراء وغيرهم. وكانت رسالته عندهم غير مردوده. قال المقريزي بعدما أثنى عليه: وسمعنا بقراءته صحيحي البخاري ومسلم بمكة في سنة ثلاث وثمانين وسبعمائة. وتوفي سنة ثلاث عشرة وستمائة، عن نحو ستين سنة، رحمه الله تعالى وعفا عنه. الملك الأمجد 00 - 0 - 670 هـ - 000 - 1271م الحسن بن داود بن عيسى بن أبي بكر بن محمد بن أيوب بن شاذي. الملك الأمجد مجد الدين أبو محمد بن الملك الناصر صلاح الدين داود بن الملك المعظم عيسى بن الملك العادل أبي بكر محمد. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 74 كان من العلماء الفضلاء، وكان له مشاركة في كثير من العلوم، ثم تزهد بآخره، وصحب المشايخ، وانتفع بهم، وأخذ عنهم، وهو الذي رتب ديوان شعر والده، وأظهر فيه من البلاغة فوق ما يوصف. ودلَّ على معرفته بالتاريخ والأنساب. وكان له معرفة تامة بالأدب، غير أنه لم يكن له طبع في نظم الشعر، وكان له محاسن كثيرة، وكان كثير البر لمن صحبه من المشايخ، لا يدخر عنهم شيئاً. وكانت همته عالية، ونفسه ملوكية مع شجاعة وإقدام، وصبر على المكاره، يتلقى ما يَرِدُ عليه بالرضى. وكان جميع أهل بيت بني أيوب يعظمونه، وتوفي سنة سبعين وستمائة، ورثاه جماعة من الشعراء. رحمه الله تعالى. ابن صَصُرَّى 00 - 0 - 664 هـ - 000 - 1265الإمام الحسن بن سالم بن الحسن بن هبة الله بن محفوظ بن صَصُرى، الإمام الصدر الجليل بهاء الدين أبو المواهب. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 75 كان ديناً خيراً وسمع من الكندي وابن طبرزد، وروى عنه الدمياطي، وقاضي القضاة نجم الدين أحمد بن صصرى، وأبو علي ابن الجلاَّل، وأبو المعالي البالسي، وأبو الفدا ابن الخباز. توفي سنة أربع وستين وستمائة، رحمه الله تعالى. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 76 ابن ريّان 00 - 0 - 769 هـ - 000 - 1367م الحسن بن سليمان بن أبي الحسن بن سليمان بن ريّان، القاضي بهاء الدين أبو محمد. مولده في جمادى الآخرة سنة أحد وسبعمائة. وسمع من والده، وأخيه، وست الوزراء، ونقل بعض القراءات، وقرأ الحاجبية على الشيخ علم الدين طلحة، وكتب على ناصر الدين محمد بن بكتوت القلندري. ثم إن والده القاضي جمال الدين نزل له عن وظيفة نظر الجيش بحلب في أيام ألطنبغا الحاجب، فاستمر على ذلك إلى أن هرب الأمير ألطنبغا المذكور، وولي بعده الأمير طشتمر الساقي حمص أخضر، ثم عزل، وأعيد ألطنبغا ثم عزل الجزء: 5 ¦ الصفحة: 77 ألطنبغا، وولي طشتمر ثانياً لما عاد من بلاد الروم، ورَسَمَ على بهاء الدين هذا، وحبسه بقلعة حلب، وطلب منه مالاً. واستمر محبوساً إلى أن توجه طشتمر إلى البلاد المصرية. ثم عاد إلى حلب في أول دولة الملك الناصر أحمد بن الملك الناصر محمد، وإلى أن أمسك طشتمر، فعند ذلك تخلص المذكور. وفي هذا المعنى يقول: طشتمر الساقي سرى ظلمه ... إلى بني الريّان لا عن سببْ فأرسلوا منهم سهام الدُعَا ... عليه في جنح الدجى فانقلبْ وهذه عادتهم قط مَا ... عاداهم الظالم إلا انعَطبْ ثم أعيد إلى نظر الجيش في نيابة الأمير أيدغمش، واستمر حتى عزل، ووليها الأمير طقزدمر الحموي، فاستمر به وأحبه. قال الشيخ تقي الدين المقريزي: هو الشيخ شرف الدين أبو عبد الله بن جمال الدين أبي الربيع الطائي الحلبي الشافعي، برع في الإنشاء والكتابة. وله النظم الفائق واللفظ الفصيح، مع كثرة الإطلاع، وحسن الشكالة، وجميل المحاضرة، وصحة الذهن، والخط المنسوب، وله تصانيف مفيدة، وولي الجزء: 5 ¦ الصفحة: 78 النظر بحماة مدة، وباشر كتابة الإنشاء بحلب، وبها مات سنة تسع وستين وسبعمائة عن نيف وستين سنة انتهى كلام المقريزي. قلت: ومن شعره، نحن الموقعون في وظائف ... قلوبنا من أجلها في حرق قِسْمتنا في الكتب لا في غيرَها ... وقطِّعنا ووصِّلنا في وَرَق صهر الملك الظاهر ططر 00 - 0 - 825 هـ - 000 - 1421م الحسن بن سُودُون، الفقيه الأمير بدر الدين، صهر الملك الظاهر ططر، وخال ولده الملك الصالح محمد بن ططر. كان والده سودون الفقيه جندياً من جملة المماليك الظاهرية برقوق، وتزوج الأمير ططر بابنته شقيقة حسن المذكور، فصار حسن بخدمة صهره ططر، وترك الجزء: 5 ¦ الصفحة: 79 والده سودون، واستمر عنده إلى أن تسلطن بدمشق في سنة أربع وعشرين وثمانمائة، ولقب بالملك الظاهر، قَرَّبَ حسن هذا، وأنعم عليه بإمرة طبلخاناه بالديار المصرية دفعة واحدة، بعد القبض على الأمير مُغْلُبَاي الساقي، ثم صار بعد مدة يسيرة أمير مائة ومقدم ألف بالديار المصرية. ومات الملك الظاهر ططر، وتسلطن ولده الملك الصالح - أعني ابن أخته - فلم تطل مدته، ومرض، وطال مرضه إلى أن مات في يوم الجمعة ثالث عشر صفر سنة خمس وعشرين وثمانمائة. وورثه والده سودون المذكور وهو على حاله جندي، غير أنه كان معظماً في الدولة لكونه حمو الملك الظاهر ططر، وجِد ولده الملك الصالح محمد. وعاش سودون المذكور إلى بعد سنة ثلاثين وثمانمائة. وكان حسن صاحب الترجمة شكلاً حسناً في شبيبته، ثم حصل في إحدى عينيه خلل. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 80 وكان عارياً، مهملاً، أجنبياً عن كل علم وفن، رحمه الله تعالى وعفا عنه. ابن الفُقَيْسي 00 - 0 - 687 هـ - 000 - 1288 الحسن بن شاور بن طُرْخَان، الأديب الشاعر، ناصر الدين أبو محمد الكناني، المعروف بابن الفُقَيْسي، وبابن النقيب المصري، وكان بارعاً، ماهراً، ذكياً، برع في النظم والنثر، وقال الشعر الفائق. وكان بينه وبين العلامة شهاب الدين محمود صحبة ومجالسة ومذاكرة في القريض، إلى أن مات في نصف شهر ربيع الأول سنة سبع وثمانين وستمائة، وهو في عشر الثمانين، رحمه الله تعالى. فمن شعره: يا من أدَارَ سلافةً من ريقه ... وحَبَابُها الثَّغرُ الشَّنيب الأشنبُ تُفَّاحُ خّدِّك بالعذار مُمَسَّكٌ ... لكنه بدم القلوب مُخَضَّبُ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 81 وله: وجُرِّدت مع فقري وشيخوختي التي ... تراها فنومي عن جفوني مشرَّدُ فلا يَدَّعي غيري مقامي فإنني ... أنا ذلك الشيخ الفقير المُجَرَّدُ وله أيضاً عفا الله عنه: بخالد الأشواق يحيا الدُّجى ... يعرف هذا العاشق والوامقُ فخذ حديث الوجد عن جعفر ... من دمع عيني إنه صادقُ وله: حَدَّثت عن ثغره المحلَّى ... فَمِلْ إلى خده المُوَرَّد خدٌّ وثغرٌ فَجَلَّ ربِّ ... بمُبدع الحسن قد تفرَّد هذا عن الواقدي يروى ... وذاك يروى عن المبرد وله أيضاً عفا الله عنه: أنا العُذْرِيُّ فاعذرني وسامحْ ... وجُرَّ عليَّ بالإحسان ذَيْلا ولما صرت كالمجنون عشقاً ... كتمت زيارتي وأتيت ليلا الجزء: 5 ¦ الصفحة: 82 وله أيضاً: أراد الظبي أن يحكي التفاتك ... وجيدك قلت لا يا ظبي فاتك وقد الغصن قدك إذ تثنى ... وقاك الله يبقي لي حياتك فيا آس العذار فدتك نفسي ... وإن لم أقتطف بفمي نباتك ويا ورد الخدود حمتك مني ... عقارب صدغه فأمن جناتك ويا قلبي ثبَّت على التجني ... ولم يثبت له أحد ثباتك وله: وخود دعتني إلى وصلها ... وعصر الشبيبة عني ذهب فقلت مشيبي ما ينطلي ... فقالت بلى ينطلي بالذهب وله: في الناس قوم إذا ما أيسروا بطروا ... فأصلح الأمر أن يبقوا مفاليسا لا نسأل الله إلا في خمولهم ... فهم جياد إذا كانوا مناحيسا وله: نهى شيبي الغواني عن وصالي ... وأوقع بين أحبابي وبيني فلست بتاركٍ تدبير ذقني ... إلى أن ينقضي أجلي بحيني أدبر لحيتي ما دمت حياً ... وأعتقها ولكن بعد عيني الجزء: 5 ¦ الصفحة: 83 ابن فتح الغماري 617هـ - 712هـ - 1220 - 1312م الحسن بن عبد الكريم بن عبد السلام بن فتح الغُمَارِي المغربي الشيخ الإمام العالم الفقيه المقرئ، أبو محمد المالكي الملقن المؤدب، سبط زيادة بن عمران. مولده سنة سبع عشرة وستمائة بمصر، وقرأ بالروايات على أصحاب أبي الجود وسمع من أبي القاسم بن عيسى جملة صالحة، وكان آخر من حدث عنه وسمع الشاطبيَّتين من أبي عبد الله القرطبي تلميذ الشاطبي. وتفرد بمروياته. وكان شيخاً جليلاً، حسناً، متواضعاً، روى عنه أثير الدين أبو حيان، وفتح الدين بن سيد الناس، وابن الفخر، وتقي الدين السبكي. وتوفي سنة الجزء: 5 ¦ الصفحة: 84 اثنتي عشرة وسبعمائة رحمه الله. ابن محب الدين المشير 00 - 0 - 824 هـ - 000 - 1421م الحسن بن عبد الله، المعروف بابن محب الدين الطرابلسي، الأمير بدر الدين المشير، الوزير الأستادار. كان أبوه من مسالمة طرابلس، وتعانى الخدم الديوانية، ونشأ ولده الأمير بدر الدين هذا على ذلك إلى أن اتصل بخدمة الأمير شيخ المحمودي نائب طرابلس، ولزم خدمته حتى صار شيخ المذكور كافل مملكة الخليفة المستعين بالله العباس أخلع عليه بأستدارية السلطان بالديار المصرية، فباشر المذكور بحرمة وعظمة، ونالته السعادة إلى أن تسلطن أستاذه الأمير شيخ المذكور، ولقب بالملك المؤيد، فحينئذ عظم في الدولة أكثر مما كان. واستمر على ذلك إلى أن عزل بفخر الدين عبد الغني بن أبي الفرج في الجزء: 5 ¦ الصفحة: 85 يوم الاثنين ثامن ذي القعدة سنة ست عشرة وثمانمائة، وتولى نيابة الإسكندرية عوضاً عن الأمير خليل التوريزي، المعروف بالشحاري؛ فتوجه إلى الإسكندرية، وباشر نيابتها إلى أن عزل بالأمير صُومَاي الحسنِّي في ثالث عشر رمضان سنة سبع عشرة وثمانمائة، وقدم القاهرة؛ فأعيد إلى الأستادارية بعد عزل ابن أبي الفرج في يوم الإثنين سادس عشر شهر رمضان؛ فسار على سيرته أولاً، وطالت يده لغياب ابن أبي الفرج؛ وزاد ظلمه وعسفه إلى ثاني عشر شهر ربيع الآخر سنة تسع عشرة قبض عليه الملك المؤيد شيخ بعد ما أوسعه سباً، وهمَّ بقتله حتى شفع فيه الأمير جَقْمق الأرغون شاوي الدوادار؛ فأسلم له على أن يحمل إلى الخزانة الشريفة ثلاثمائة ألف دينار، ونزل معه آخر النهار. وسبب قبض السلطان عليه تأخر جوامك المماليك السلطانية وعليق خيولهم. وكان فخر الدين بن أبي الفرج قد ولي كشف الوجه البحري، وهو يواصل الجزء: 5 ¦ الصفحة: 86 حمل المال إلى السلطان حتى كان ما حمله في هذه المدة اليسيرة زيادة على مائة ألف دينار، سوى الخيول وغيرها، فطلبه السلطان، وولاه الأستادارية عوضه، وتقرر على ابن محب الدين هذا حمل مائة ألف دينار وخمسين ألف دينار بعد ما عُصِرَ في بيت الأمير جقمق الدوادار وعوقب، ونقل إلى بيت الأمير فخر الدين بن أبي الفرج، وأهينت حاشيته وأتباعه، وعوقبوا عقوبات متعددة. وكان المشير هذا قد تزوج بزوجة - والدي رحمه الله بعد موته خوند - حاج ملك زوجة الملك الظاهر برقوق؛ فقبض على زوجته القديمة الشريفة، وعوقبت حتى أظهرت مالاً كثيراً، ولم يتعرض أحد لزوجته خوند حاج ملك المذكورة ولا لحواشيها. ثم طلبه السلطان وضربه ضرباً مبرحاً. ودام في المصادرة مدة طويلة، ثم أفرج عنه. ولزم داره مدة إلى أن طلب وأخلع عليه باستقراره في كشف الوجه القبلي في يوم الثلاثاء سلخ شهر رجب سنة تسع عشرة وثمانمائة؛ فنوجه إلى الصعيد وظلم وأبدع إلى أن عزل وصودر ثانياً، وأهين ونكب. وبعد مدة أُنعم عليه بإمرة مائة وتقدمة ألف بطرابلس؛ فتوجه إليها وأقام بها إلى أن مات الملك المؤيد شيخ وتوجه الأتابك ططر إلى دمشق صحبة الملك المظفر أحمد بن المؤيد شيخ قُبض على الأمير بدر الدين هذا بدمشق في يوم الأحد الجزء: 5 ¦ الصفحة: 87 خامس عشر جمادى الأولى سنة أربع وعشرين وثمانمائة، ولا زال تحت العقوبة إلى أن هلك في سابع عشر جمادى الآخرة من السنة المذكورة. وكان رجلاً طوالاً، ظالماً، مسرفاً على نفسه، منهمكاً في اللذات قليل الحيز كثير الشر وكان ينوع الظلم في أخذ الأموال فأخذه الله من حيث يأمن. وكان قد ولي الوزارة أيضاً في الدولة المؤيدية في وقت، وولي كتابة سر طرابلس في ابتداء أمره، عفا الله عنه. المقدسي الحنبلي 605 - 659 هـ - 1208 - 1260م الحسن بن عبد الله بن الحافظ عبد الغني بن عبد الواحد، الإمام شرف الدين أبو محمد بن جمال الدين المقدسي الحنبلي. ولد سنة خمس وستمائة، وسمع من الكندي، وابن الحرستاني، وابن الجزء: 5 ¦ الصفحة: 88 مُلاعب، وموسى بن عبد القادر، وابن راجح، والشيخ الموفق، وتفقه عليه أيضاً وعلى غيره، وأفتى ودرَّسَ، ورحل في طلب الحديث، وكتب عنه الدمياطي والأبيوردي وغيرهم، وتوفي سنة تسع وخمسين وستمائة رحمه الله تعالى. ابن قدامة 00 - 0 - 695 هـ - 000 - 1295م الحسن بن عبد الله بن الشيخ الزاهد أبي عمرو محمد بن أحمد بن محمد بن محمد ابن قُدَامة، قاضي القضاة، شرف الدين أبو الفضل بن الخطيب شرف الدين أبي بكر المقدسي الصالحي الحنبلي. ولد سنة ثمان وثلاثين وستمائة. وسمع من ابن قميرة، وابن مُسْلمة، الجزء: 5 ¦ الصفحة: 89 والمرسي وغيرهم، وقرأ الحديث على الكَفَرطاي وغيره، وتفقه على عمه شمس الدين، وبرع في مذهبه. وكان مليح الشكل، مديد القامة، حسن الهيئة، وعنده لطف، ومكارم ومروءة، وديانة، وسيرة حسنة في الاحتكام، وسمع منه البرزالي وغيره. توفي بجبل الصالحية في سنة خمس وتسعين وستمائة، ودفن بمقبرة جده، رحمه الله تعالى. الملك السعيد صاحب الصُّبيبة 00 - 0 - 658 هـ - 000 - 1259م الحسن بن عثمان، الملك السعيد، صاحب الصُّبيْبة وبانياس، ابن الملك العزيز بن الملك العادل. توفي أبوه الملك العزيز في سنة إحدى وثلاثين وستمائة؛ فملك بعده ابنه الملك الظاهر، فتوفي في سنة إحدى وثلاثين، فتملك من بعده الملك السعيد هذا، الجزء: 5 ¦ الصفحة: 90 وبقي عليها إلى أن ملكها منه الملك الصالح نجم الدين أيوب، وأعطاه إقطاعاً بالقاهرة. فلما قتل الملك المعظم، هرب الملك السعيد إلى غزة وملكها، ثم توجه إلى الصبيبة؛ فتسلمها. فلما ملك الملك الناصر الشام، أخذ الملك السعيد هذا واعتقله بقلعة البيرة، فلما دخل هولاكو الشام وملك البيرة أخرجه، وأخلع عليه، وصار من جملة أمرائه، ومال إليهم بكليته، وصار يقع في الملك الناصر عندهم، ويحرض على هلاكه، ثم سلموا إليه الصبيبة وبانياس، وبقي في خدمة كتبغا نوين، وحضر معه مصاف عين جالوت، وقاتل من جهة التتار قتالاً شديداً، فلما كُسِرَ كتبغا أمسك الملك السعيد هذا، وأحضر بين يدي السلطان الملك المظفر قطز؛ فقال هذا ما يجيء منه خير، وأمر بضرب عنقه؛ فضربت، وذلك في سنة ثمان وخمسين وستمائة. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 91 قلت: عليه من الله ما يستحقه لموافقته مع التتار وقتاله للمسلمين. انتهى. أمير مكة 00 - 0 - 829 هـ - 000 - 1427م الحسن بن عجلان بن رُمَيْثَة بن أبي نمى محمد بن أبي سعد حسن بن علي بن قتادة الحسني المكي، الأمير بدر الدين أمير مكة. مولده في سنة خمس وسبعين وسبعمائة بمكة، ونشأ في كفالة أخيه أحمد مع أخيه علي بن عجلان أمير مكة. قال الشريف تقي الدين الفاسي في تاريخه: " ولي حسن بن عجلان هذا إمرة مكة من غير شريك إحدى عشرة سنة وتسعة أشهر وستة أيام، ووليها سنة وسبعة الجزء: 5 ¦ الصفحة: 92 أشهر شريكاً لابنه السيد بركات، وهو الساعي له في ذلك، وولي نيابة السلطنة سبع سنين إلا أشهراً وأياماً، وولي ابنه السيد أحمد عوضه نصف الأمر الذي كان بيده قبل أن يلي نيابة السلطنة؛ فمدة ولايته مكة أميراً ونائباً للسلطنة عشرون سنة وثلاثة أشهر إلا أربعة أيام " انتهى كلام الفاسي. قلت: واستمر في إمرة مكة إلى أن وقع منه ما أوجب غيظ الملك الأشرف برسباي عليه وعزله، وعزل ولده بركات بالشريف علي بن عنان بن مغامس بن رميثة الحسني، وأرسله إلى مكة وصحبته العسكر المصري مع الأمير قُرقماس الشعباني الناصري أحد أمراء الألوف بالديار المصرية، والأمير طوخ مازي الناصري أحد أمراء العشرات ورأس نوبة بديار مصر؛ فوصل الجميع إلى مكة في جمادى الأولى سنة سبع وعشرين وثمانمائة. ولما قرب العسكر من مكة نزح الشريف حسن هذا الجزء: 5 ¦ الصفحة: 93 عنها بأولاده، واستمر نازحاً عنها إلى أن حج الأمير تغري بردى المحمودي الناصري أمير حاج المحمل في موسم سنة ثمان وعشرين وثمانمائة. دُعِي الشريف حسن هذا إلى طاعة السلطان؛ فأجاب، وحضر إلى مكة، وتوجه صحبة الحاج إلى الديار المصرية، وأخلع عليه بإمرة مكة شريكاً لولده بركات. واستمر الشريف حسن المذكور مستمراً بالديار المصرية مترقباً عود قُصَّاده من مكة بعد أن أذن لولده بركات في الحكم بمكة في غيبته؛ فبينما هو في ذلك إذ أدركه الأجل؛ فمرض أياماً. ومات في يوم الخميس سادس عشر جمادى الآخرة سنة تسع وعشرين وثمانمائة، ودفن بجوار تربة الملك الأشرف برسباي، بحوش الشيخ خليفة، إنشاء الملك الأشرف المذكور بالصحراء، خارج باب النصر، وحضر السلطان الصلاة عليه، وتأسف عليه. وكان الشريف حسن هذا من أجلِّ أمراء مكة ممن أدركنا، سؤدداً، وكرماً، وسياسة، وعقلاً. وأثرى، وكثر ماله، وعقاره؛ لكثرة ظلمه وعسفه ولجبروت كان فيه. ووقع له ما لم يقع لغيره من أمراء مكة، فإنه أضيف إليه في بعض السنين إمرة المدينة النبوية، وإمرة الينبُع مضافاً لإمرة مكة وملك علي بن يعقوب من بلاد اليمن الجزء: 5 ¦ الصفحة: 94 من صاحبها الأمير موسى بن أحمد بن موسى الحرامي. وبنو حَرام بطن من كنانة ثم رجع الأمير موسى المذكور إلى بلدة حَلي ابن يعقوب بعد أمور وقعت بينه وبين الشريف حسن هذا. ولما توجه القاضي شرف الدين إسماعيل بن محمد بن أبي بكر العذري، الشهير بابن المقرّي إلى الحج من زبيد في سنة ثمان وثمانمائة اجتاز بالأمير موسى بن الحرامي ببلدة حلي ابن يعقوب فرغب، الأمير موسى للقاضي شرف الدين إسماعيل المذكور أن يسعى في الصلح بينه وبين الشريف حسن صاحب الترجمة؛ فالتزم له القاضي شرف الدين بن المقري المذكور بذلك، وسار حتى وصل إلى مكة، وأخذ في إنشاء قصيدة يمدح بها الشريف حسن ويوصيه ويسأله الرضى عن الأمير موسى صاحب حلي وهي: " أحسنت في تدبير ملكك يا حسنْ ... وأجدت في تحليل أخلاط الفتنْ " ما كنت بالزق العجول إلى الأذى ... عند النزاع ولا الضعيف أخي الوهَنْ تمشي ورأيك عن هواك معوقا الجزء: 5 ¦ الصفحة: 95 ذا الرئاسة في متابعة الهوى ... ودواؤها في الدفع بالوجه الحسنْ لا تصغ في سرٍ دعا فالسر أن ... تنهض له ينهض وإن تسكن سكنْ وإذا الفتى استقصى لنصرة نفسه ... قلب الصديق لحربه ظهر المجنْ رَدُ العدو إلى الصداقة حكمة ... صفَّت من الأكدار عيش ذوي الفطنْ وسديد رأي لا يحرك فتنةً ... سكنت وإن حركته الفتن اطمأنْ بالسيف والإحسان تقتنص العلا ... وحصولها بهما جميعاً مرتهنْ لا خير في منن ولا سيف لها ... ماض ولا في السيف ليس له مننْ في السيف جور فاجتنب تحكيمه ... ما لم يضع أمر المهيمن أو يهنْ فاكرم سيوفك عن دماء طردائها ... فالحزم يكرم سيفه أن يُمْتَهَنْ فاغمد سيوفك رغبة لا رهبة ... ما في قتيل فر مرعوباً سمنْ قد كان لا يرضى يجرِّب سيفَهُ ... في ظهر من ولى أبوك أبو الحسنْ أما حلى فإن خوفك لم يدع ... أهلاً بها للقاطنين ولا سكنْ أجليتهم منها وجسمك وادع ... في مكةٍ لم يحوجوك إلى ظَعَنْ حفظوا نفوساً بالفرار أصلَها ... سيف على الأرواح ليس بمؤتمنْ تركوا لك الأوطان غير مدافع ... وتعلقوا بذُرى الشوامخ والفتنْ ولحفظها بالغر أكبر شاهد ... لك بالعلى فلم التأسف والحزنْ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 96 فانظر إلى موسى فقد ولعت به ... لما سَخَطَتْ عليه أحداث الزمنْ لو شئت وهو عليك سهلٌ هينٌ ... لجمعت بين الجفن منه والوسَنْ بع منه مهجته وخذ ما عندَه ... عوضاً يكن منك المثمن والثمنْ هذي مساومة الفحول ومن يبع ... ما بعت لم تعلق بصفقته الغبنْ موسى هزبْر لا يطاق نزاله ... في الحرب لكن أين موسى من حسنْ هذاك في يمن ولم تسلم له ... يمن وذا في الشام لم يدع اليمنْ جئنا بحسن الظن نسألك الرضى ... والعفو عنه فلا تخيب فيك ظنْ فالحر يكرم سائليه يرى لهم ... فضلاً إذا ابتدءوه بالظن الحسنْ ويهين سائله اللئيم لظنه ... في مثله خيراً وذلك لا يظنْ لا زلت بالشرف المخلد نائباً ... شرفاً ومجداً ثانياً لبني الحسنْ ولما تم إنشادها أنعم عليه الشريف حسن المذكور بثلاثين ألف درهم بعد أن أجابه لسؤاله من الرضى عن الأمير موسى صاحب الحلي. واستمر الصلح بينهما إلى أن ماتا، رحمهما الله تعالى. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 97 الآمدي 00 - 0 - 805 هـ - 000 - 1402م الحسن بن علي، شيخ الشيوخ بدر الدين الآمدي. كان خيراً ديناً معتقداً. مات خارج القاهرة في أول شعبان سنة خمس وثمانمائة رحمه الله تعالى وعفا عنه. القلانسي 629 - 702 هـ - 1231 - 1302م الحسن بن علي بن أبي بكر بن يونس بن يوسف، الشيخ بدر الدين أبو علي الدِّمشْقي القلانِسي. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 98 مولده في عاشر أو حادي عشر صفر سنة تسع وعشرين وستمائة، واعتنى به خال أمه الحافظ أبو العباس ابن الجوهري؛ فأسمعه الكثير واستجاز له خلائق، وتفرد في وقته، وحدث. سمع منه الحافظ البرزالي، وخرَّج له مشيخة، وذكرهُ في معجمه؛ فقال: سمع كثيراً في صغره بإفادة خال أمه المحدث شرف الدين أبي العباس الجوهري من جماعة كثيرة كأبي المنجا اللتي، ومكرم بن أبي الصفا، وابن المقير، وسالم بن صصري، وجعفر الهمذاني والسخاوي، وكُريمة، والقرطبي، وخلق كثير غيرهم من أصحاب ابن عساكر، والثقفي، والخشوعي، وابن طبرزد، وأحضر على الفخر الإربلي، وسمع من الشيرازي، وشيوخه الذين سمع منهم نحو المائتي شيخ. وله إجازات بغدادية ومصرية ودمشقية، ولمن أجاز له ولعمته أسماء، من بغداد السهروردي وابن القطيعي، وابن روزبة، وابن بهز، وزكريا الحلبي، وعبد الواحد بن نزار، وأبو بكر بن عمر بن كمال، وعلي بن الجوزي، وإسماعيل الجزء: 5 ¦ الصفحة: 99 ابن باكين، وياسمين بنت البيطار، وجماعة كثيرة، ومن أصحاب ابن البطي وشُهْدَهُ، وتاريخها في رجب سنة ثلاثين وستمائة. قال البرزالي سمعت منه بأماكن كثيرة؛ وذلك أني سافرت معه من دمشق إلى حلب، ومرة أخرى من دمشق إلى مصر، وكان فيه مروءة كبيرة، وخير كثير، وديانة، وتصوف. وكان مكثراً عن ابن اللتي، وابن المقير، وجعفر الهمذاني، وكُريمة. انتهى كلام البرزالي. وسمع منه الحافظ الذهبي، وأكثر عنه، وذكره في معجمه، قال: وكان من خيار الشيوخ، ديِّناً، وقوراً، مسمناً، طويل الروح، حدَّث عنه ابن الخباز، وابن العطار، وابن أبي الفتح، ورئيس المؤذنين أبو عبد الله الداني. انتهى كلام الذهبي. وكانت وفاته يوم الجمعة السابع عشر من شهر ربيع الأول سنة اثنتين وسبعمائة، الجزء: 5 ¦ الصفحة: 100 ودفن ضحى يوم السبت بمقبرة الشيخ موفق الدين بسفح قاسيون، رحمه الله تعالى، وعفا عنه. ابن البناء الحلبي 00 - 0 - 765 هـ - 000 - 1360م الحسن بن علي بن الحسن بن علي، الأديب، عز الدين أبو محمد، الشهير بالبناء الحلبي. كان أديباً ماهراً، برع في النظم والنثر، ومدح أعيان حلب وغيرها. ومن شعره: أنفقت عمري رجاء وَصْلِكم ... والعَصْر إني بكم لفي خُسْرِ ردوا فؤاداً أمسى أسيركمُ ... معذباً بالصدود والهجرِ أو فهبوا لي عقلاً أعيش به ... ودبروني قد حِرْتُ في أمري توفي عز الدين هذا بحلب في سنة خمس وستين وسبعمائة عن نحو سبعين سنة. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 101 ابن النشابي 00 - 0 - 699 هـ - 000 - 1299م الحسن بن علي بن محمد، الأمير عماد الدين بن النشابي، والي دمشق. كان في صغره تعلم الصِّياغة، ثم خدم جندياً، وتنقلت به الأحوال، وولي ولايات كثيرة، ثم صار من جملة أمراء الطبلخانات بدمشق. وتوفي بالبقاع سنة تسع وتسعين وستمائة، وحمل إلى دمشق، ودفن بسفح قاسيون بتربته. وكان عارفاً، ناهضاً، وكان من أبناء الخمسين، رحمه الله تعالى. ابن الصوفي اللخمي المصري 00 - 0 - 699 هـ - 000 - 1299م الحسن بن علي بن عيسى بن الحسن، الإمام الفقيه المحدِّث، شرف الجزء: 5 ¦ الصفحة: 102 الدين، الشهير بابن الصوفي اللخمي المصري، شيخ الحديث بالمدرسة الفارقانية. سمع من عبد الوهاب بن رواج، وأبي الحسين بن الجميزي، ويوسف الشاوي، وفخر القضاة بن الحبَّاب، والزكي عبد العظيم، والمؤتمن ابن قميرة، والرشيد العطار، وسمع بالإسكندرية من سبط السلفي، وجماعة. وكان شيخاً محدثاً، فاضلاً، صدوقاً، خيراً ديناً، حسن الأخلاق، مليح الشيبة. مات سنة تسع وتسعين وستمائة، وهو من أبناء الثمانين رحمه الله تعالى. الشهرزوري الشافعي 00 - 0 - 682 هـ - 000 - 1283م الحسن بن علي بن عبد الله، أبو عبد الله الشهرزوري، الفقيه الشافعي. كان إماماً، فقيهاً، زاهداً، وهو من شيوخ القَرَضى. قال ابن الفوطي: أفتى عدة سنين، وكان يحفظ المهذب لأبي إسحاق، وكان أمياً. توفي سنة اثنتين وثمانين وستمائة. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 103 ابن الشيخ علي الحريري 621 - 697 هـ - 1224 - 1297م الحسن بن علي بن أبي الحسن بن منصور، الزاهد بقيَّة المشايخ ابن الشيخ علي الحريري ولد سنة إحدى وعشرين وستمائة. كان شيخ الطائفة الحريرية. وكان مهيباً، مليح الشيبة، حسن الأخلاق، وله وجاهة عند الناس وحرمة زائدة، قدم مرات إلى دمشق من قرية يُسْر. وتوفي بدمشق في سنة سبع وتسعين وستمائة. المشطوب 00 - 0 - 677 هـ - 000 - 1278م الحسن بن علي بن نباتة الفارقي الكاتب، المعروف بالمشطوبُ. والد أولاد المشطوب. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 104 كتب المذكور في الإجازات، ذكره الحافظ أبو عبد الله الذهبي في سنة سبع وسبعين وستمائة، ثم قال: ولم أتحقق وفاته. أمير مكة 00 - 0 - 651 هـ - 000 - 1253م الحسن بن علي بن قَتادة بن إدريس بن مُطاعن بن عبد الكريم، الشريف الحسني المكي، أبو سعد صاحب مكة وينبع. ولي إمرة مكة نحو أربع سنين. قال الشريف تقي الدين الفاسي مؤرخ مكة: وسبب استيلائه على مكة فيما بلغني أن بعض كبار الأعراب من زبيد حسَّن له الاستيلاء على مكة، والفتك بمن فيها من جهة صاحب اليمن، وهوَّن عليه أمرهم، وكانوا فرقتين، تخرج واحدة إلى أعلى مكة، والأخرى إلى أسفلها كل يوم؛ فحمل أبو سعد على إحدى الفرقتين؛ فكسرها؛ فضعفت الأخرى عنه؛ فاستولى على مكة، وقبض على الأمير الذي كان بها من جهة صاحب اليمن. وكان صاحب اليمن قد أمره بالإقامة بوادي مُرْ؛ ليساعد عسكره الذي بمكة. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 105 وذكر بعض العصريين أن أبا سعدٍ لما قبض على الأمير الذي كان بها من جهة صاحب اليمن - وهو ابن المُسَيَّبْ على ما ذكره العصري وغيره - أخذ أبو سعد ما كان مع ابن المسيب من خيل وعدد ومماليك، وأحضر أعيان الحرم، وقال " ما لزمته إلا لتحققي خلافه على مولانا الملك المنصور صاحب اليمن. وعلمت أنه أراد الهرب بهذا المال الذي معه إلى العراق، وأنا غلام مولانا السلطان، والمال عندي محفوظ، والخيل والعدد إلى أن يصل مرسوم السلطان؛ فوردت الأخبار بعد أيام يسيرة بموت السلطان المذكور وقوي بموته أمر أبي سعد بمكة ودامت ولايته عليها وكان قبضه على ابن المسيب يوم الجمعة لسبع خلون من ذي القعدة سنة سبع وأربعين وستمائة، على ما وجدت بخط الميورْقي " انتهى. قلت: واستمر الشريف حسن هذا على مكة مدة وهو والد عبد الكريم جد قتيلاً في أوائل الأشراف ذوي عبد الكريم، ووالد أبي نمى صاحب مكة. وتوفي صاحب الترجمة شهر رمضان سنة إحدى وخمسين وستمائة. قاله الحافظ فتح الدين ابن سيد الناس وقال غيره: في شوال من السنة وقيل في ثالث شعبان من السنة. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 106 أخو المؤيد صاحب حماة نيف 660 - 726هـ - 1261 - 1325م الحسن بن علي بن محمود بن محمد بن عمر بن شاهنشاه بن أيوب، الأمير بدر الدين بن الملك الأفضل بن الملك المظفر، وأخو الملك المؤيد إسماعيل صاحب حماة. مولده في سنين نيف وستين وستمائة. كان أميراً جليلاً، معظماً في الدول، وله إقطاعات هائلة، وأملاك كثيرة، وكان ذا ثروة، وحشم، وله فضيلة، ومشاركة جيدة في عدة فنون، وكان حسن الأخلاق، حلو المعاشرة والمحاضرة. توفي بحماة في سلطنة أخيه المؤيد في سنة ست وعشرين وسبعمائة عن نيف وستين سنة، رحمه الله تعالى. نائب الكرك 00 - 0 - 801 هـ - 000 - 1398م الحسن بن علي بن أحمد، الأمير حسام الدين الحلبي البانقوسي الكُجْكُنِّي نائب الكرك وهو أحد أسباب خلاص الملك الظاهر برقوق من حبس الكرك. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 107 والكجكني منسوب لكجكن - ومعناه اليوم الصعب - بضم الكافين وسكون الجيم والنون. كان أولاً من جملة أمراء طرابلس، وقدم القاهرة مع الأمير يلبغا الناصري ومنطاش. فلما قبض الناصري على الظاهر برقوق، وأراد حبسه بالكرك عزل الأمير مأمور عن نيابة الكرك وولاها لحسام الدين المذكور في يوم الخميس النصف من جمادى الآخرة سنة إحدى وتسعين وسبعمائة، وأوصاه بالظاهر برقوق وتوجه إلى الكرك، وحبس برقوق بها إلى أن وقع بين منطاش والناصري، وقبض منطاش على الناصري - حسبما حكيناه في غير موضع - ثم بعث إلى الكرك بقتل برقوق على يد الشهاب البريدي، فلم يلتفت حسام الدين إلى مرسوم منطاش، وأطلق برقوق، وصار من أمره ما حكيناه في ترجمته. فلما تسلطن برقوق ثانياً قرَّب حسام الدين المذكور، وجعله أمير مائة ومقدم ألف بالديار المصرية. واستمر على ذلك إلى أن مات في يوم الخميس الجزء: 5 ¦ الصفحة: 108 رابع شهر رجب سنة إحدى وثمانمائة، وقد أناف على الستين، وأنعم بإقطاعه على الأمير يلبغا الأحمدي، المعروف بالمجنون. وكان الأمير حسام الدين أميراً جليلاً، جميل المحاضرة، تام المعرفة بالخيل الجياد، وجوارح الطير، محباً لأهل العلم والخير، سيوساً. وكان فيه دعابة حلوة، رحمه الله. القَوْنَويّ 721هـ - 776هـ - 1321 - 1374م الحسن بن علي بن إسماعيل بن يوسف، الشيخ بدر الدين شيخ خانقاة سعيد السعداء، ابن قاضي القضاة علاء الدين القونوي الأصل الشافعي. ولد سنة إحدى وعشرين وسبعمائة بالقاهرة، وحضر على يونس الدبوسي في الرابعة، وسمع من الميدومي، ومن الحجار، وتفقه على جماعة، وناب في الحكم الجزء: 5 ¦ الصفحة: 109 بالقاهرة، وأفتى ودرس، واختصر الأحكام السلطانية للماوردي ووُلي شيخ الطيبرسية، وسعيد السعداء إلى أن مات في يوم السبت سادس عشر شعبان سنة ست وسبعين وسبعمائة. الغزِّي الشاعر المعروف بالزغاري 707هـ - 753هـ - 1307 - 1352م الحسن بن علي بن أحمد بن حميد بن إبراهيم بن شَنآن بفتح الشين والنون بعد الألف الشيخ بدر الدين أبو علي، المعروف بالغَزِّي وبالزُّغاري أيضاً. مولده سنة سبع وسبعمائة بغزة. كان بارعاً، أديباً، شاعراً، ماهراً، بليغاً، كاتباً، لطيف المحاضرة، عذب المذاكرة، مجيداً في نظم القريض، تنقل في البلاد، وولي وظائف جليلة، باشر كتابة الإنشاء بدمشق وغير ذلك. وكان له النظم الرائق والنثر الفائق. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 110 ومن شعره: فُتِنت بأسمر حُلو الّلمى ... لسُلوانه الصَّبُّ لم يستطع تقطَّع قلبي وما رق لي ... ودمعي يرق ولا ينقطع وله: أعجب ما في مجلس اللهو جرى ... من أدمعِ الراووق لما انسكبت لم تزل البطة في قهقهة ... ما بيننا تضحك حتى انقلبت وله أيضاً في المعنى - عفا الله عنه -: يا من يلوم على التصابي خلِّني ... فأذني عن الملام قد نبت تصفية الكاسات في شواربي ... أضحكت البطة حتى انقلبت وله: حبست الدمع ثم جعلت جفني ... سياج ما له عنه انفراجُ فما زلتم بجوركم إلى أن ... تجرى الدمع وانخرق السياجُ وله أيضاً - عفا الله عنه -: قالت وقد أنكرت سقامي ... لم أر ذا السقم يوم بَيْنِكْ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 111 لكن أصابتك عين غيري ... فقلت لا عين بعد عينك وله موشحة عارض فيها قول ابن سناء الملك: الراح في الزجاجة؛ فقال: أذكى الجوى وهاجه، برد اللَّمى في ثغور ريم، مائس القد يحميه أن أرومه لحظ أرى فرط الفتور، سيفه الهندي. ظبي رمى فؤادي ... من لحظه بسهم وقد حمى رقادي ... لما أباح سقمي فالطرف للسهاد ... وللسقام جسمي وأعجب من انقيادي ... إليه وهو خصمي لكنَّها اللجاجة، ترمي بها عقل ... بعقل الحليم، سورة الوَجْدِ إياك أن تلومهُ، فاللوم في ... هذي الأمور، قلما يجدي أفديه ظبي أنس ... ألمى الشفاه أحوى حشاشتي ونفسي ... مرعىً له ومثوى كذَّبت فيه حسي ... إذ لم تنله شكوى الجزء: 5 ¦ الصفحة: 112 وجسمه بلمسي ... عند العناق يطوى يا حسن الاندماجة، في خصره المضنى السقيم، وهو في البرْدِ والقامة القويمة، بالخد كالغصن النضير، ناضر الوردِ لله منه طرف ... يدمي القلوب لحظا ووجنة تشفُّ ... ولا تنيل حظا يرق إذ يرفُّ ... قلبي لها ليحظى يريك حين تصفو ... جسماً تخال فظا كالراح في الزجاجة، تزهى بها كف النديم، عندما تبدي أشعةً عظيمة، تبدي إذا شيمت وتوري، جذوةً تهدي يا لوعة الغرام ... زيدي ويا جفوني بأدمعي الهوامي ... جودي ولا تخوني فهتف الحمام ... قد هيجت شجوني وكل مستهامٍ ... مستأنف الحنين لا تنكرا انزعاجه، للبرق في الليل البهيم، مقلة تهدي إلى الحشا السليمة، خفقاً أبانته سميري، ليلة الصد الجزء: 5 ¦ الصفحة: 113 دع ذا وقل مديحاً ... في أحمد بن يحيى من لم يزل مزيحا ... أعذار كل عليا منتسباً صريحاً ... آخرةً ودنيا تخال منه يوحا ... في الدست حسن رؤيا إذا رأى ابتهاجه، للجود وللداعي المضيم، ساعة الجهد فالكف منه ديمهْ، والوجه شمس ذات نور، في سماء المجد وتوفي بدمشق في سنة ثلاث وخمسين وسبعمائة، عن نيف وخمسين سنة رحمه الله. ابن القيم 00 - 0 - 720 هـ - 000 - 1320م الحسن بن عمر بن عيسى بن خليل الدمشقي الكردي، الشيخ المسند المعمر، المقرئ أبو علي ابن القيم. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 114 كان أبوه قيماً بتربة أم الصالح، فأسمعه حضوراً في الرابعة من ابن الَّلتِّي كثيراً، وسمع الموطأ من مكرم بن أبي الصقر، وسمع من أبي الحسن السخاوي وتلا عليه ختمة. وتنقلت به الأحوال، وصار إلى مصر، وسكن بالجيزة. وكان يؤذن بمسجد، ويبيع الورق للشهود على باب الجامع، وخَفِيَ خبره غالب عمره إلى سنة اثنتي عشرة وسبعمائة، فَعُرِفَ بثبت كان معه؛ فأقبل عليه الطلبة، وأحضر إلى القاهرة أربع مرات، ووصلوه بدراهم، ثم شاخ وأصم، وحدَّث آخر عمره بالجزء الأول من حديث ابن السمّاك بتلقين القاضي تقي الدين السبكي، ثم أخذ عنه ابن الفخر، وابن رافع، وابنا المزي وآخرون، إلى أن توفي سنة عشرين وسبعمائة، وله تسعون سنة رحمه الله تعالى. بدر الدين ابن حبيب 710هـ - 779هـ - 1310م - 1377م الحسن بن عمر بن الحسن عمر بن حبيب، القاضي بدر الدين ابن الشيخ زين الدين، الدمشقي الأصل الحلبي المولد والمنشأ. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 115 مولده سنة عشر وسبعمائة، وحضر في الرابعة على بيبرس العديمي، وعلى أبي بكر العجمي، وسمع من أبي المكارم النصيبي، ومن أبي طالب عبد الرحيم ابن العجمي، والكمال بن النحاس، وأجاز له جماعة من مصر وغيرها، وقرأ على القاضي فخر الدين بن خطيب جزئين. وكان يرتزق بالشروط عند الحكام بحلب، وكان له فضل، ومشاركة جيدة، واليد الطولى في النظم والنثر، وله سماع ورواية، ومؤلفات مفيدة منها: كتاب نفحات الأرج من كتاب تبصرة أبي الفرج، وتاريخه: درة الأسلاك في دولة الأتراك، وذيل عليه ولده الشيخ أبو العز طاهر، وكتاب نسيم الصبا، الجزء: 5 ¦ الصفحة: 116 وكتاب النجم الثاقب في أشرف المناقب، وكتاب أخبار الدول وتذكار الأول، مسجعاً. وكان له وجاهة وباشر كتابة الحكم العزيز، وكتابة الإنشا، والتوقيع الحكمي، وغير ذلك من الوظائف الدينية. ثم تخلى عن ذلك جميعه في آخر عمره، ولزم داره حتى توفي بحلب في يوم الجمعة الحادي والعشرين من شهر ربيع الآخر سنة تسع وسبعين وسبعمائة. رحمه الله. ومن شعره يمدح القاضي شهاب الدين أحمد بن فضل الله بقصيدةٍ منها: جوانحي للقا الأحباب قد جنحت ... وعاديات غرامي نحوهم جنحت وعبرتي عبرةً للناظرين غدت ... لأنها بجفوني إذ جرت جرحت يا حبذا جيرةٌ سفح النَّقا نزلوا ... آيات حسنهم ذكر الحسان محت صدوا فطرفي لبعد الدار ينشدهم ... يا ساكني السفح كم عين بكم سفحت آهاً لعيش تقضَّى في معاهدهم ... وطيب أوقات أنفاس بهم نفحت حيث الحواسد والأعداء قد صدرت ... والسعد من فوقنا أطياره صدحت الجزء: 5 ¦ الصفحة: 117 والدهر قد غض طرف الحادثات لنا ... والزهر أعينه في الحضرة انفتحت والورق ساجعة والقضب راكعةٌ ... والسحب هامعة والغدر قد طفحت والعود عودان هذا نشره عطرُ ... وذاك ألحانه أحزاننا نزحت والراح تشرق في الراحات تحسبها ... أشعة الشمس في الأقداح قد قدحت أكرم بها بنت كرمٍ كف خاطبها ... كفُّ الخطوب وأسدا الندى منحت مظلومة سجنت من بعد ما عصرتْ ... مع أنها ما جنت ذنباً ولا اجترحت كم أعربت عن سرورٍ كان منكتماً ... وكم صدورٍ لأرباب الهوى شرحت تديرها بيننا حوراء ساحرة ... كأنها من جنان الخلد قد سرحت ألحاظها لو بدت للبيض لاحتجبت ... وقدها لو رأته الشمس لافتضحت ظلاّمة للكرى عن مقلتي حبست ... أما تراها ببحر الدمع قد سبحت ورب عاذلة فيمن كلفت بها ... تكلفت لملامي في الهوى ولحت جاءت وفي عزمها نصحي وما علمت ... أني أزيد غراماً كلما نصحت بالروح أفدي من النقصان عاريةً ... تسربلت برداء الحسن واتشحت غيداء من ظبيات الإنس كانسةً ... لكنها عن معاني الأنس قد سنحت عيني إلى مرأى حسن طلعتها ... وغير فضل ابن فضل الله ما طمحت وله فيمن اسمه موسى: الجزء: 5 ¦ الصفحة: 118 لما بدا كالبدر قال عاذلي ... من ذا الذي قد فاق على شمس الضحى فقلت موسى واستفق فإنه ... أهون شيءٍ عنده حلق اللحى وله: يا أيها الساهون عن أخراهم ... إن الهداية فيكم لا تعرف المال بالميزان يصرف عندكم ... والعمر بينكم جزافاً يصرف ابن كُرَّ 00 - 0 - 658 هـ - 000 - 1259م الحسن بن كر، الأمير الجليل فتح الدين البغدادي. كان من أكابر الزعماء ببغداد، وكان موصوفاً بالكرم، والشجاعة، وأصالة الرأي. قيل إنه ما أكل شيئاً إلا وتصدق بمثله. وكان يحب الفقهاء، وأهل الفضل، ويكرم الفقراء، ويقضي حوائجهم، وهو غير ابن كر صاحب التصانيف في علم الموسيقا - يأتي ذكره إن شاء الله في محله -. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 119 استشهد صاحب الترجمة في ملتقى هولاكو سنة ثمان وخمسين وستمائة، رحمه الله. ابن المزلق الحسن بن محمد، القاضي الخواجا بدر الدين الدمشقي، المعروف بابن المزلق. مولده بدمشق 000 - 000 ونشأ تحت كنف والده الخواجا شمس الدين ابن المزلق، وسلك طريق والده في المتاجر، وجال في الأقطار، وجاور بمكة غير مرة، وقدم القاهرة مراراً عديدة لا تدخل تحت حصر. ثم ولي نظر الجيش بدمشق عوضاً عن زين الدين عبد الباسط خليل في سنة أربع وخمسين وثمانمائة، فباشر الوظيفة سنين، مع بعده عن الفضيلة بالكلية، وعلى ما به من صمم فاحش. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 120 الصاغاني اللغوي المحدث الحنفي 577هـ - 650هـ - 1181م - 1252م الحسن بن محمد بن الحسن بن حيدر بن علي، العلامة رضي الدين، أبو الفضائل القرشي العدوي الغزني المحدث الفقيه اللغوي، الصاغاني الأصل، اللوهوري، البغدادي الوفاة، الحنفي النحوي. وصاغان من بلاد ما وراء النهر، والَلوهور - بفتح اللام وسكون الواو -. قال ياقوت: قدم العراق وحج، ثم دخل اليمن، ونفق له بها سوق، وله تصانيف في الأدب منها: تكملة العزيزي، وكتاب في التصريف ومناسك في الحج، ختمه بأبيات قالها، أولها: شوقي إلى الكعبة الغراء قد زادا. ثم قال ياقوت: وفي سنة ثلاث عشرة وستمائة كان بمكة وقد رجع من اليمن، وهو آخر العهد به. انتهى كلام ياقوت. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 121 وقال أبو عبد الله الذهبي: هو صاحب التصانيف، ولد بمدينة لهاوور في سنة سبع وسبعين، ونشأ بغزنة، ودخل بغداد سنة خمس عشرة، وذهب منها بالرئاسة الشريفة إلى صاحب الهند سنة سبع عشرة، فبقي مدة، ثم رجع، وقدم سنة أربع وعشرين، ثم أعيد رسولاً إليها، فما رجع إلى بغداد إلى سنة سبع وثلاثين، وسمع بمكة، وباليمن، وبالهند من القاضي سعد الدين خلف بن محمد الحسنابادي، والنظام محمد بن الحسن المرغيناني، وببغداد. وكان إليه المنتهى في معرفة اللسان العربي، صنف كتاب مجمع البحرين في اللغة، اثني عشر مجلداً، والعباب الزاخر في اللغة في عشرين مجلداً، ولم يتمه. انتهى. وقال الشيخ صلاح الدين الصفدي: رأيته بخطه في دمشق، ورأيت بخطه تعزيز بيتي الحريري من نظمه، ورأيت في بعض أبياته كسراً وزحافاً، لكن خط جيد، محرر الضبط. وله كتاب الشوارد في اللغات، وكتاب توشيح الدريدية، وكتاب التركيب وكتاب فعال، وكتاب فَعلان، وكتاب الإنفعال، وكتاب يفعول، وكتاب الأضداد، وكتاب للعروض، وكتاب أسماء العادة، وأسماء الأسد، وأسماء الذئب، وكتاب في علم الحديث، ومشارق الأنوار في الجمع بين الصحيحين، ومصباح الدجى، والشمس المنيرة، وشرح البخاري، ودر السحابة في وفيات الصحابة، وكتاب الضعفاء، والفرائض، وشرح أبيات المفصل، وغير ذلك. وقال الدمياطي: كان شيخاً صالحاً، صدوقاً، صموتاً عن فضول الكلام، إماماً في اللغة والفقه والحديث، قرأت عليه، وحضرت دفنه بداره بالحريم الجزء: 5 ¦ الصفحة: 122 الظاهري، ثم نقل بعد خروجي من بغداد إلى مكة ودفن بها، وكان أوصى بذلك، وأعد خمسين ديناراً لمن يحمله. انتهى. قال الشيخ صلاح الدين الصفدي: وتوفي سنة خمسين وستمائة. وحكى لي العلامة قاضي القضاة تقي الدين السبكي قال: حكى لي الشيخ شرف الدين الدمياطي أن الصاغاني كان معه مولد وقد حكم فيه بموته في وقت، فكان يترقب ذلك اليوم؛ فحضر ذلك اليوم، وهو معافى، قائم ليس به علة؛ فعمل لأصحابه وتلاميذه وليمة شكران ذلك، قال: وفارقته، وعدَّيت إلى هذا الشط؛ فلقيني من أخبرني بموته؛ فقلت له: الساعة فارقته، فقال: والساعة وقع الحَمَام بخبر موته فجاءةً. انتهى. عز الدين الإربلي الرافضي 580هـ - 660هـ - 1164م - 1358م الحسن بن محمد بن أحمد بن نجا، العلامة عز الدين الإربلي الرافضي، الفيلسوف الضرير، كان بارعاً في العربية، والأدب، رأساً في علوم الأوائل. وكان يعري الجزء: 5 ¦ الصفحة: 123 في منزله بدمشق المسلمين، وأهل الكتاب، والفلاسفة. وله حرمة وافرة، وكان يهين الرؤساء وأولادهم بالقول، إلا أنه كان مجرماً تاركاً الصلاة يبدو منه ما يشعر بانحلاله. وكان يصرح بتفضيل علي على أبي بكر - رضي الله عنهما - وكان حسن المناظرة خبيث الهجو. روى عنه من شعره الدمياطي وأبي الهيجاء وغيرهما. مولده بنصيبين سنة ثمانين وخمسمائة. قال الحافظ أبو عبد الله الذهبي: وكان قذراً، رزيء الشكل، قبيح المنظر، لا يتوقى النجاسات، ابتلى مع العمى بقروح وطلوعات. وكان ذكياً، جيد الذهن انتهى. قلت: ومن شعره: توهم واشينا بليل مزارنا ... فهم ليسعى بيننا بالتباعد فعانقته حتى اتحدنا تلازماً ... فلما أتانا ما رأى غير واحد الجزء: 5 ¦ الصفحة: 124 قال الشهاب محمود: ولما أنشد هذين البيتين بين يدي الملك الناصر صلاح الدين صاحب دمشق قال: لا تلوموه؛ فإنه لزمه لزوم أعمى. فلما بلغ العز قول الملك الناصر قال: والله هذا أحلى من شعري. انتهى. ومن شعره أيضاً: ذهبت بشاشة ما عهدت من الجوى ... وتغيرت أحواله وتنكرا وسلوت حتى لو سرى من نحوكم ... طيف لما حياه طيفي في الكرى توفي صاحب الترجمة في شهر ربيع الآخر سنة ستين وستمائة، انتهى. الملك الناصر حسن بن محمد بن قلاوون نيف 730هـ - 762هـ - 1329م - 1360م الحسن بن محمد بن قلاوون، السلطان الملك الناصر أبو المعالي - كنيته ولقبه ككنية أبيه ولقبه - ابن الملك الناصر محمد بن الملك المنصور قلاوون الصالحي. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 125 مولده في سنة نيف وثلاثين وسبعمائة، وأمه أم ولد. أقيم في السلطنة بعد خلع أخيه المظفر سيف الدين حاجيِّ في بكرة يوم الثلاثاء رابع عشر شهر رمضان سنة ثمان وأربعين وسبعمائة. وجلس على تخت الملك، وضربت البشائر، وتم أمره، وطاوعته الممالك. واستمر في السلطنة إلى أن وقع بينه وبين بعض الأمراء وحشة، وخلع من السلطنة بأخيه الملك الصالح صالح في أوائل شهر رجب سنة اثنتين وخمسين وسبعمائة، وحبس مدة إلى أن أطلق، وأعيد إلى السلطنة بعد خلع أخيه الملك الصالح صالح في أوائل شهر شوال سنة خمس وخمسين وسبعمائة، وتم أمره، وعظمت مملكته، وطالت أيامه، وعمر في هذه السلطنة مدرسته التي لم يبن في الإسلام مثلها بالرميلة تجاه قلعة الجبل، وصرف عليها من الأموال ما يستحي من ذكره كثيرةً. وكان كريم النفس، باراً لأهله وأقاربه، يميل إلى فعل الخير والصدقات. وكان يحب أولاد الناس دون المماليك ولهذا طالت مدته لولا أنه قدم مملوكه يلبغا؛ فكان ذلك هو السبب لزوال دولته. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 126 وأمَّر من أولاد الناس جماعة كثيرة، وكان غالب نواب القلاع بالبلاد الشامية في زمانه أولاد الناس، وكان في زمانه من أولاد الناس ثمانية من مقدمي الألوف بالديار المصرية، ثم أنعم على ولديه بتقدمتي ألف، فصارت الجملة عشرة، أما الثمانية، فهم: الأمير عمر بن أرغون النائب، وأسنبغا بن الأبو بكري، والأمير محمد بن طوغان، ومحمد بن بهادر رأس نوبة، ومحمد بن المحسني، وموسى بن أرقطاي، وأحمد بن آل ملك، وموسى بن الأزكشي. وجعل ابن القشتمري نائب حلب. وابن صبيح نائب صفد. وكان قد جعل نائب دمشق أمير على المارديني، ثم عزله. ولامه بعض خواصه في تقدمة أولاد الناس على المماليك؛ فقال: والله لا لمحبة فيهم أقدمهم، لكن أفعل ذلك مصلحةً لي وللرعية وللبلاد، فأما مصلحتي، فإنهم لا يخرجون عن طاعتي، ومتى أرادوا ذلك نهاهم أقاربهم وحواشيهم عن ذلك؛ خوفاً على أملاكهم وأرزاقهم، بخلاف المماليك؛ فإنهم لا رأس مال لهم في مملكة من الممالك. وأما للرعية، فإن عندهم شبع نفس، وعدم طمع، وأيضاً خوفاً مني لا يظلمون أحداً. وللبلاد فلا شك أنهم أعرف بالأحكام والسياسة والأخذ بخواطر الرعية من المماليك. انتهى. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 127 قلت: وكان له همة عالية، ومعرفة تامة، وله مآثر بمكة المشرفة، وعمر بها أماكن، واسمه مكتوب في الجانب الشرقي، وعمل في زمانه باب الكعبة الذي هو بابها الآن، وكسا الكعبة الكسوة التي هي اليوم في باطنها، وأشياء غير ذلك. وكان كثير البر لأهل مكة إلى أن بلغه ما وقع لعسكره الذي كان بمكة ومقدمه الأمير قندش، وابن قرا سنقر من القتل والنهب وإخراجهما من مكة على أقبح وجه في آخر سنة إحدى وستين وسبعمائة. غضب على أهل الحجاز، وأمر بتجهيز عسكر كبير إلى الحجاز للانتقام من أهله، وعزم على أن ينزعها من أيدي الأشراف إلى الأبد، وكان يتم له ذلك بسرعة وسهولة، وفبينا هو في ذلك إذ وقع بينه وبين مملوكه يلبغا العمري الخاصكي الوقعة التي قتل فيها. وهو أن السلطان حسن كان قد خرج من القاهرة للصيد بكوم برا - وهي بليدة من قرى القاهرة - وكان قد تغير خاطره على مملوكه يلبغا المذكور، لكلام بلغه عنه؛ فركب في نفر قليل على أنه يكبس يلبغا في منزله. وكان عند يلبغا خبرٌ من ذلك بطريق الدسيسة؛ فخرج يلبغا للقاء السلطان بجماعته وهم مستعدون للحرب؛ فلم يقدر السلطان حسن عليه، وهرب في جماعة يسيرة، وعدى النيل من وقته في ليلة الأربعاء تاسع جمادى الأولى سنة اثنتين وستين وسبعمائة؛ فتبعه يلبغا، وحصل بينه وبين ابن المحسني وقشتمر المنصوري وقعة الجزء: 5 ¦ الصفحة: 128 ببولاق انكسر فيها يلبغا مرتين حتى ردف يلبغا الأمير ألجاي اليوسفي وغيره، وتكاثروا على ابن المحسني. كل ذلك وابن المحسني يهزمهم كرة بعد أخرى إلى أن صار يلبغا في جمع موفور، وأرسل في الدس يسأل ابن المحسني ويعده بكل خير، ولا زال به حتى كف عن قتاله، وذهب إلى حال سبيله، ولما طلع الملك الناصر إلى قلعة الجبل، وأعاق يلبغا ابن المحسني عن حضوره إلى القلعة في إثره دار رَمَق السلطان حسن، وألبس مماليكه المقيمين بالقلعة؛ فلم يجدوا خيولاً؛ فإن خيل السلطان كانت في الربيع، فضاقت حيلته. فلما سبح المسبح ركب السلطان حسن ومعه أيدمر الدوادار، ولبسا لبس العرب؛ ليتوجها إلى الشام، فلقيهما بعض المماليك، فأنكروا عليهم، ثم قبضوا عليهم، وأحضروهم إلى بيت الأمير شهاب الدين الأزكشي أستادار العالية كان، فمسكهما وأحضرهما الأمير شهاب الدين إلى عند يلبغا، فكان ذلك آخر العهد بالسلطان حسن - رحمه الله - ولم يعلم له خبر ولا أثر، وذلك في يوم الأربعاء تاسع جمادى الأولى سنة اثنتين وستين وسبعمائة. وكان عمره يوم قتل نيفاً على ثلاثين سنة تقريباً. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 129 وكانت مدة سلطنته الثانية ست سنين وسبعة أشهر، وسلطن يلبغا من بعده الملك المنصور محمد بن الملك المظفر حاجي بن الملك الناصر محمد بن قلاوون، وصار يلبغا مدبر مملكته ومعه الأمير طيبغا الطويل وهما من عتقاء الملك الناصر حسن، فوفيا حقوق التربية لأستاذهما المذكور. وكان الملك الناصر حسن ملكاً شجاعاً، كريماً، حازماً، ذا شهامة، وحرمة، وصرامة، وهيبة. وكان عالي الهمة، جيد التدبير، كثير الصدقات. ومما يدل على علو همته عمارته لمدرسته بالرميلة. وصفته: كان للطول أقرب، أشقر، وبوجهه نمش مع كيس، وكان قد رسم أن تعمل له خيمة عظيمة؛ فعملت، وضربت بالحوش السلطاني من قلعة الجبل، فكانت من الحسن إلى الغاية. وفيها يقول الشيخ شهاب الدين بن أبي حجلة: حوت خيمة السلطان كل عجيبةً ... فأمسيت فيها باهتاً أتعجب الجزء: 5 ¦ الصفحة: 130 لساني بالتقصير فيها مقصرٌ ... وإن كان في أطنابها بات يطنب وكان رحمه الله مغرماً بالنساء والخدام، واقتنى من الخدام ما لم يقتنه أحد من ملوك الترك قبله، وكان إذا سافر يستصحب النساء معه؛ لكونه لم يكن له ميل إلى الشباب كعادة الملوك من قبله، وفي قصته مع يلبغا ومحبته للنساء يقول بعض الأدباء: لما أتى للعاديات وزلزلت ... حفظ النساء وما قرا للواقعة فلأجل ذاك الملك أضحى لم يكن ... وأتى القتال وفصلت بالقارعة لو عامل الرحمن فاز بكهفه ... وبنصره في عصره في السابعة من كانت القينات من أحزابه ... عطعط به الدخان نار لامعة تبت يدا من لا يخاف من الدعا ... في الليل إذ يغشى يقع في النازعة وخلف الملك الناصر حسن من الأولاد عشرة وهم: أحمد، وقاسم، وعلي، واسكندر، وشعبان، وإسماعيل، ويحيى، وموسى، ويوسف، ومحمد. وستاً من البنات، وخلف من الذهب العين والخيول والقماش شيئاً كثيراً إلى الغاية، استولى يلبغا على جميع ذلك. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 131 ومن غريب ما اتفق في أيامه سنة ثمان وخمسين وسبعمائة ما ذكره الحافظ عماد الدين بن كثير: أن جارية من عتقاء الأمير الهمذاني حملت قريباً من تسعين يوماً، ثم شرعت تطرح ما في بطنها، فوضعت قريباً من أربعين ولداً منهم أربعة عشرة بنتاً، ثم صبياناً وقد تشكل الجميع وقد تميز الذكر من الأنثى. قلت: وابن كثير معاصر لهذه الحكاية وهو ثقة حجة، رحمه الله تعالى، وعفا عنه. أبو علي القرشي الصوفي 574هـ - 656هـ - 1178م - 1258م الحسن بن محمد بن محمد بن محمد ابن محمد بن عمروك بن محمد. ينتهي نسبه إلى محمد بن أبي بكر الصديق - رضي الله عنه - الحافظ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 132 صدر الدين أبو علي القرشي التيمي البكري النيسابوري، ثم الدمشقي الصوفي. ولد بدمشق سنة أربع وسبعين وخمسمائة، وسمع بمكة من جده، ومن أبي حفص عمر بن الميانشي. وبدمشق من ابن طبرزد، وحنبل، وجماعة. وبنيسابور من المؤيد الطوسي. وبهراة، ومرو، وأصبهان، وبغداد، وإربل والموصل، وحلب، والقدس، والقاهرة. وكتب العالي والنازل، وصنف، وجمع، وشرع في التاريخ ذيلا لتاريخ دمشق، وحصل منه أشياء حسنة، وعدم بعد موته. وروى الكتب الكبار الأنواع لابن حبان، والصحيح لأبي عوانة، والصحيح لمسلم وخرَّج الأربعين البلدية، وحمل عنه خلق كثير، وولي مشيخة الشيوخ بدمشق ونفق سوقه عند الملك المعظم، وانتقل في آخر عمره إلى مصر، فمات بها في سنة ست وخمسين وستمائة. قال الحافظ أبو عبد الله شمس الدين الذهبي: وليس هو بالقوي، ضعفه عمر بن الحاجب، قال: كان كثير البهت، كثير الدعاوي، وعنده مداعبة ومجون، وداخل الأمراء وولي الحسبة. انتهى. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 133 القرطبي 00 - 0 - 723 هـ - 000 - 1323م الحسن بن محمد، الشيخ نجم الدين أبو محمد بن الشيخ كمال الدين القرشي القرطبي الكركي المولد الصفدي. كان والده بصفد خطيب القلعة، وكان هو ينوب عن والده، وكان يكتب في الإنشاء بصفد، ويوقع بين يدي النواب، ثم انتقل إلى دمشق وكتب الإنشاء بها، وصار بيده خطابة جامع جراح بدمشق، وعظم قدره بها، ثم جرى له أمور، وعاد إلى صفد خطيباً وموقعاً بها. قال: الشيخ صلاح الدين الصفدي: ولم تسمع أذناي خطيباً افصح منه، ولا أعذب عبارة، ولا أصح إذا كان يقرأ الخطبة؛ تجويداً لمخارج الحروف. وكان لكلامه في الخطابة وقع في السمع وأثر في القلب، وتخرج به جماعة فضلاء، وقلَّ من قرأ عليه، ولم ينتبه، ولم أر مثله في مبادئ التعليم، ولم أر مثله في تنزيل قواعد النحو على قواعد المنطق. وكان يحب فساد الحدود والرد عليها والجواب عنها. انتهى. قلت: وكان له نظم جيد من ذلك من قصيدةٍ: سرى برق نعمان فاذكره السقطا ... وأبدى عقيق الدمع في خده سمطا الجزء: 5 ¦ الصفحة: 134 ولاح كسيف مذهب سل نصله ... وروع وسمى السحائب فانحطَّا وأدى رسالات عن البان والنقا ... وأقراه معنى للغرام فما أخطا وأهدى إليه نسمةً سحريةً ... أعادت فؤاداً طال ما عنه قد شطا تمر على روض الحما نفحاتها ... فتهدي إلى الأزهار من نشرها قسطا وتنثر عقد الكل في وجناتها ... فتظهر في لالاء أوجهنا بسطا وتطلع منه في الدجى أي أنجمٍ ... وتلبس عطف الغصن من سندس مرطا وتوقظ فوق الدوح ورق حمائم ... جعلنا قلوب العاشقين لها لقطا هم نسبوا حزنا إليها وما دروا ... وما أرسلت من جفنها أبداً نقطا وكم تيمت صبا بلحن غريبةٍ ... رواه الهوى عنها وما عرفت ضبطا وهي أطول من هذا، أضربت عن بقيتها لطولها، وكلها على هذا النموذج. وله أيضاً من قصيدة: يوم العقيق أسأل من أجفانه ... عقيان دمع فاق عقد جمانه صب على خديه قد كتب الهوى ... رفقاً به إن كنت من أعوانه رام العناق مودعاً غصن النقا ... وجداً عليه فخاف من نيرانه وأراد لثم لثام بارق ثغره ... ليلاً فأدهشه سنا لمعانه الجزء: 5 ¦ الصفحة: 135 وأدار كأساً من رحيق عذيبه ... صرفاً فلجَّ القلب في خفقانه وبدت تروحه نسيمات سرت ... تهدي إليه النشر من نعمانه حملت شذا من جيرة سكنوا الحما ... وروت صحيحاً مسنداً عن بانه توفي صاحب الترجمة فجأةً في شهر رمضان سنة ثلاث وعشرين وسبعمائة رحمه الله. سبط الشيخ عبود 00 - 0 - 733 هـ - 000 - 1322م الحسن بن محمد، الشيخ نجم الدين، سبط الشيخ المعتقد عَبُّود. مات بالقرافة الصغرى سنة اثنتين وعشرين وسبعمائة، ودفن عند جده بزاويته، رحمه الله. النسَّابة 00 - 0 - 809 هـ - 000 - 1406م الحسن بن محمد بن حسن، السيد الشريف الحسني بدر الدين، الجزء: 5 ¦ الصفحة: 136 المعروف ب النسابة ، شيخ خانقاة بيبرس الجاشنكير بالقاهرة. توفي ليلة السبت سادس عشر شوال سنة تسع وثمانمائة، عن سبع وثمانين سنة رحمه الله تعالى. أبو أحمد الشاعر 00 - 0 - 803 هـ - 000 - 1400م الحسن بن محمد بن علي، عز الدين العراقي، المعروف بأبي أحمد الشاعر المشهور، نزيل حلب. قال ابن خطيب الناصرية: كان من أهل الأدب، وله النظم الجيد، وكان يمدح أكابر حلب ويجيزونه على ذلك، وكان خاملاً، وينسب إلى التشييع وقلة الدين. وكان يجلس مع العدول للشهادة بمكتب داخل باب النيرب، رأيته ولم أكتب عنه شيئاً، ونظمه فائق؛ فمنه ما رأيته بخطه: الجزء: 5 ¦ الصفحة: 137 ولما اعتنقنا للوداع عشية ... وفي كل قلب من تفرقنا جمر بكيت فأبكيت المطي توجعاً ... ورق لنا من حادث السفر السفر جرى در دمعٍ أبيضٍ من جفونهم ... وسالت دموع كالعقيق لنا حمر فراحوا وفي أعناقهم من دموعنا ... عقيق وفي أعناقنا منهم در وله مؤلف سماه الدر النفيس من أجناس التجنيس، يشتمل على سبع قصائد يمدح بها قاضي القضاة برهان الدين أبا إسحاق إبراهيم بن جماعة الكنائي، منها ما رأيته بخطه، وهي القصيدة الأولى: لولا الهلال الذي من حيكم سفرا ... ما كنت أعني إلى مغناكم سفرا ولا جرى فوق خدي مدمعي دررا ... حتى كان جفوني ساقطت دررا يا أهل بغداد لي في حيكم قمرٌ ... بمقلتيه لعقلي في الهوى قمرا يثني من القد غصناً أهيفاً نضراً ... إذا انثنى في الحلي يسبي لمن نظرا لم يغن عن حسنهم بدو ولا حضرٌ ... إلا إذا قيل هذا الحب قد حضرا أفدي غزالاً غريراً كم سبا نفراً ... من الأنام وكم من عاشقٍ نفرا ريمٌ أتى في معانيه على قدرٍ ... لو رام قلبي أن يسلوه ما قدرا كم حل من عقد صبري بالغرام عراً ... حتى السقام بجسمي في هواه عرا الجزء: 5 ¦ الصفحة: 138 لو لم يكن قلبه قد من حجر ... ما كان عني لذيذ النوم قد حجرا قلت: والقصيدة أطول من ذلك، استوعبها القاضي علا الدين بن خطيب الناصرية بتمامها. ثم قال: وله عدة قصائد في مدح النبي - صلى الله عليه وسلم - مرتبة على حروف المعجم. توفي بحلب في سابع عشر المحرم سنة ثلاث وثمانمائة. ابن شواق الإسنائي 632هـ - 706هـ - 1234م - 1306م الحسن بن منصور بن محمد بن المبارك، الأديب جلال الدين بن شَوَّاق الإسنائي. مولده سنة اثنتين وثلاثين وستمائة. كان فاضلاً، أديباً، واسع الصدر، كريماً، متواضعاً. وكان بنوا السديد بإسنا يحسدونه ويعملون عليه، فعلَّموا عليه بعض العوام، فرماه بالتشييع، ولا زالوا عليه حتى صودر، وحضر إلى القاهرة، فعرض عليه التوقيع، فامتنع. قال الشيخ كمال الدين جعفر الأدفودي: أخبرني الفقيه ابن النفيس الإسنائي أنه تحدث معه في شيء من مذهب الشيعة، فحلف أنه يحب الصحابة، ويعظمهم، ويعترف بفضلهم، قال: إلا أني أقدم علياً عليهم، انتهى. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 139 قلت: وهذا أيضاً قريب من الرفض؛ فإنه كان يتستر بهذا القول؛ خوفاً من أهل السنة. وكان له نظم ونثر، ومن شعره يمدح - النبي صلى الله عليه وسلم - بقصيدة منها: هوا طيبة أهواه من حيث أرَّجا ... فعوجا بنا نحو العقيق وعرِّجا وسيروا بنا سيراً حثيثاً ملازماً ... ولا تَنِبا فالعيس لم تعرف الوجى ومن شعره أيضاً: كيف لا يحلو غرامي وافتضاحي ... وأنا بين غَبوق واصطباح مع رشيق القد معسول اللمى ... أسمرٍ فواق على سمر الرماح جوهري الثغر ينحو عجباً ... رفع المرضى لتعليل الصحاح نصب الهجر على تمييزه ... وابتدا بالصد جداً في مزاح فلهذا صار أمري خبراً ... شاع في الآفاق بالقول الصراح يا أهيل الحي من نجدٍ عسى ... تجبروا قلب أسيرٍ من جراح لم خفضتم حال صبٍّ جازمٍ ... ما له نحو حماكم من براح ليس يصغي قول واشٍ سمعه ... فعلى ماذا سمعتم قول لاح الجزء: 5 ¦ الصفحة: 140 ومحوتم اسمه من وصلكم ... وهو في رسم هواكم غير ماح وصحا كل محبٍّ ثملٍ ... وهو من خمر هواكم غير صاح توفي صاحب الترجمة سنة ست وسبعمائة، رحمه الله وعفا عنه. ابن نصر الله الصاحب بدر الدين 726هـ - 846هـ - 1325م - 1442م الحسن بن محمد بن نصر الله بن الحسن بن محمد بن أحمد، الصاحب بدر الدين، المعروف بابن نصر الله، وزير الديار المصرية، وكاتب سرها، وناظر جيشها، وأستادار العالية، وناظر الخواص الشريف، ومحتسب القاهرة. مولده بفوة في ليلة الثلاثاء ثالث عشر شهر ربيع الأول سنة ست وستين وسبعمائة. كان أصله من إدكو قرية بالمزاحميتين من أعمال القاهرة وكان جد أبيه، شرف الدين محمد بن أحمد، على خطابة إدكو، ثم سكن جده حسن الجزء: 5 ¦ الصفحة: 141 ابن محمد مدينة فوة واستوطنها، وولد له بها نصر الله، فنشأ نصر الله بفوة، وباشر بها، ثم بالإسكندرية عدة وظائف بعلم الديونة. وولد له بها ابنه الصاحب بدر الدين هذا، ونشأ بها أيضاً وباشر بالطالع والنازل، إلى أن قدم القاهرة في حدود التسعين وسبعمائة. حدثني الصاحب بدر الدين المذكور من لفظه، قال: لما قدمت إلى القاهرة جعلني قاضي قضاة المالكية - أظنه ناصر الدين بن التنسي - موقعاً للحكم؛ فحسدني أقوام على ذلك، وظننت أني ملكت الدنيا بذلك التوقيع. انتهى. قلت: ثم باشر عند بعض الأمراء، ولا زال يترقى إلى أن ولي عدة وظائف سنية، يطول الشرح في ذكرها بتاريخ الولاية والعزل، بل نذكر ما ولي من الوظائف شيئاً بعد شيء؛ فنقول: أول ما ولي نظر الجيوش المنصورة بالديار المصرية، ثم الوزر، ثم نظر الخواص. كل ذلك في الدولة الناصرية فرج، ثم ولي الخاص، والوزر أيضاً في الدولة المؤيدية شيخ، وصودر، ونكب غير مرة. ثم ولي الأستادارية في دولة الملك الصالح محمد بن الملك الظاهر ططر من قبل مدبر مملكته الأمير برسباي الدقماقي، ثم عزل، وولي الخاص أيضاً مدة إلى أن ولي الأستادارية في الدولة الأشرفية برسباي الدقماقي، عوضاً عن ولده صلاح الدين محمد، وعزل عن الخاص بكريم الدين عبد الكريم بن كاتب جكم في أوائل جمادى الأولى سنة ثمان وعشرين وثمانمائة. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 142 وهذا آخر عهده بوظيفة الخاص؛ فلم تطل مدته في الأستادارية، وعزل، وصودر، هو وولده صلاح الدين محمد، وأخذ منهما نحو الخمسين ألف دينار، ورسم لهما بلزوم دورهما، فدام الصاحب بدر الدين مدة طويلة بطَّالاً إلى أن ولي الأستادارية ثالثاً؛ فلم ينتج أمره فيها وعزل بعد أيام. واستمر بطالاً سنين إلى أن ولي كتابة السر بالديار المصرية، عوضاً عن ولده صلاح الدين محمد، بعد وفاته في ليلة الأربعاء خامس ذي القعدة سنة إحدى وأربعين وثمانمائة؛ فباشر وظيفة كتابة السر مدة يسيرة، وتسلطن الملك الظاهر جقمق. وقدم القاضي كمال الدين محمد بن البارزي من دمشق، وتولى وظيفته - كما كان أولاً - وعزل صاحب الترجمة، ولزم داره من ثم إلى أن توفي بالقاهرة في جمادى الأولى سنة ست وأربعين وثمانمائة. وكان شيخاً طوالاً، ضخماً، حسن الشكل، مدور اللحية كريماً، واسع النفس في الطعام، تأصل في الرئاسة، وطالت أيامه، وصار هو وولده صلاح الدين محمد من أعيان رؤساء الديار المصرية. وكان له رواتب، وإنعام على خلائق كثيرة جداً، على أنه كان لا يسلم في كل قليل أيام مباشرته من مصادرة. ولو صفا له الوقت كما وقع لغيره من بعده؛ لكان له وللإنعام شأن، إلا أنه كان له بادرة، وخلق سيء مع حدة، وصياح في كلامه. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 143 وكان يتحدث بأعلى صوته؛ ولهذا أبغضه الملك الأشرف برسباي، وأبعده. وكان غير فاضلٍ أكولاً، أقصى أمانيه الناب والنصاب. وكان يميل إلى فعل الخير، وعمر مدرسة بقوة مليحة، ووقف عليها وقفاً هائلاً. وله مآثر غير ذلك. وبالجملة كانت محاسنه أكثر من مساوئه، عفا الله عنه. الهذباني الشافعي 00 - 0 - 699 هـ - 000 - 1299م الحسن بن هارون بن حسن، الفقيه نجم الدين الهذباني الشافعي، أحد أصحاب الشيخ محي الدين النووي. كان خيراً ديناً، ورعاً. سمع من ابن عبد الدائم، ولم يُحدث، وتفقه على النووي. توفي وهو كهل سنة تسع وتسعين وستمائة. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 144 الجواليقي القلندري 00 - 0 - 722 هـ - 000 - 1322م الحسن، الشيخ حسن الجواليقي العجمي القلندري، نزيل دمشق. كان قريباً من خواطر الملوك، لا سيما أهل بيت الملك المنصور قلاوون، وذريته؛ فإنه كان له عندهم حظ وافر. وكان له معرفة بتنميق الكلام، وكان كثيراً ما ينشد قول الملك الكامل محمد بن الملك العادل أبي بكر ابن أيوب على ما قيل: سلام على ربع به نعم البال ... وعيشٍ مضى ما فيه قيل ولا قال لقد كان طيب العيش فيه مجرداً ... من الهم والقوم واللوائم غُفال ملاعب ما حلت بها آفة النائي ... ولا كان فيها للمحبين إشغال فلا عيش إلا والشبيبة غضةٌ ... ووصل إلا والمحبون أطفال وهم زعموا أن الجنون أخو الصبا ... فليت جنوني دام والناس عقَّال على مثل ذا تستفرغ العين دمعها ... بكاءً وإلا ما البنون وما المال الجزء: 5 ¦ الصفحة: 145 مات الشيخ حسن - صاحب الترجمة - في سنة اثنتين وعشرين وسبعمائة بدمشق، رحمه الله. الكردي 00 - 0 - 700 هـ - 000 - 1300م الحسن الكردي، الشيخ الصالح الزاهد، المعروف بالكردي، صاحب حال وكرامات، وكشف. عمَّر نحواً من تسعين سنة. وكان مقيماً بالشاغور من دمشق. وكان له بها حاكورة يزرع فيها البقل ويرزق بذلك. وكان جواداً، قلَّ من دخل عليه إلا وقدم له طعاماً، وكان يقصد للزيارة والتبرك به. يقال إنه أخذ من شعره واغتسل، واستقبل القبلة ومات - رحمه الله - في سنة سبعمائة. الهذباني الإربلي 568هـ - 653هـ - 1172م - 1255م الحسين بن إبراهيم بن الحسين بن يوسف، الشيخ شرف الدين أبو عبد الله الهذباني الإربلي الشافعي اللغوي. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 146 مولده سنة ثمان وستين وخمسمائة بإربل، وقدم دمشق، وتفقه، وسمع من الخشوعي، وحنبل، وعبد اللطيف بن أبي سعد، وابن طبرزد، والكندي وطائفة. ورحل وهو كهل، وسمع من أبي علي بن الجواليقي، والفتح ابن عبد السلام. وتوفي سنة ثلاث وخمسين وستمائة، رحمه الله تعالى. الشيخ بدر الدين 743هـ - 834هـ - 1342م - 1421م الحسين بن أحمد بن محمد بن ناصر الشيخ بدر الدين، الهندي الأصل، المكي المولد والدار، الحنفي. ولد سنة ثلاث وأربعين وسبعمائة بمكة، وسمع بها على القاضي عز الدين ابن جماعة وغيره. وحدَّث عن الشيخ جمال الدين الأميوطي، والعفيف عبد الله بن محمد الجزء: 5 ¦ الصفحة: 147 النشاوري بصحيح البخاري. وتفقه على العلامة شيخ الحنفية بمكة ضياء الدين الهندي، وعلى قاضي القضاة صدر الدين بن منصور الحنفي. وبرع في الفقه وغيره. وكان يعمل مواعيد بالمسجد الحرام، ويدرس به مقابل مدرسة عز الدين عثمان الزنجيلي وهي المعروفة بدار السلسلة بالجانب الغربي من المسجد الحرام. وناب في الحكم بمكة، ورحل إلى القاهرة والشام، ثم عاد إلى مكة، وسافر إلى جهة اليمن في أوائل سنة أربع وعشرين وثمانمائة، وقصد عوق، فأدركه الأجل، فأدرك يوم الأربعاء ثاني عشر صفر من السنة، وقيل في جمادى الأولى رحمه الله تعالى. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 148 ابن أويس صاحب بغداد وتبريز 00 - 0 - 784 هـ - 0001382م الحسين بن أُوَيْس بن الشيخ حسن بن الحسين بن آقبغا بن أيلكان، المنعوت بالشيخ حسين، سلطان بغداد وتبريز وغيرهما. ولي ملك بغداد في حياة والده أويس؛ وهو أن والده أويس رأى مناماً يدل على موته في يوم معين؛ فاعتزل عن السلطنة، وخلع نفسه، وولى ولده الشيخ حسين صاحب الترجمة. وانجمع عن الناس، وأخذ في الصلاة والعبادة إلى أن مات بعد أيام في اليوم الذي عين له، وذلك في سنة ست وسبعمائة. واستمر الشيخ حسين هذا في الملك، وتم أمره. وسار على سيرة والده بالعدل في الرعية، ومهَّد البلاد، وأطاعته الأمراء والجند إلى أن قتله أخوه السلطان أحمد - المتقدم ذكره في محله - بإشارة خجا شيخ الكححاني. وتسلطن أخوه أحمد المذكور من بعده، ولقب بالملك المعز، وذلك في سنة أربع وثمانين وسبعمائة. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 149 وكان الشيخ حسن هذا ملكاً شاباً، جميلاً، جليلاً شجاعاً، مقداماً كريماً، محبباً للرعية، كثير البر، قليل الطمع. ولقد كانت العراق في أيامه مطمئنة معمورة إلى أن ملكها قرا يوسف وأولاده من بعده، هؤلاء الأطراف التركمان رعاة الغنم - عليهم من الله ما يستحقونه - وإلى يومنا هذا، والفتنة مستمرة في إقليمي العراق وديار بكر من بنيه؛ فالله يلحق بهم من سلف من آبائهم. جمال الدين النحوي 00 - 0 - 681 هـ - 000 - 1282م الحسين بن إياز؛ العلامة جمال الدين شيخ العربية. ولي تدريس المستنصرية ببغداد، وكان من أعيان العلماء، وله مصنفات منها: كتاب المطارحة، وكتب عند أبو العلاء الفرضي، وابن الفوطي الجزء: 5 ¦ الصفحة: 150 وغيرهما. وقرأ على الشيخ تاج الدين الأرموي. توفي في سنة إحدى وثمانين وستمائة. ابن باكيش 00 - 0 - 793 هـ - 000 - 1390م الحسين بن باكيش، الأمير بدر الدين التركماني، نائب غزة من قبل منطاش. واستمر في نيابة غزة إلى أن خرج الملك الظاهر برقوق من الكرك، واستفحل أمره، أراد حسين هذا أن يظهر لمنطاش نتيجة. فجمع عساكر غزة وغيرها من العربان والتركمان، وتوجه لقتال برقوق، فوصل إليه بعد أن كسر برقوق عسكر دمشق بيوم أو بيومين، فتقاتلا قتالاً شديداً، وثبت كل منهما إلى أن انتصر برقوق، وانهزم ابن باكيش هذا. وركبت الظاهرية أقفية الباكيشية ونهبت سائر ما كان معهم ونجا حسين بن باكيش بنفسه وحده، وبلغ منطاش خبره، فخارت قواه، ولم يزل المذكور من حزب منطاش حتى قبض عليه الملك الظاهر برقوق، وقتله بالقاهرة في سنة ثلاث وتسعين وسبعمائة. وكان مشهوراً بالشجاعة. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 151 أمير حسين 00 - 0 - 728 هـ - 000 - 1327م الحسين بن جندر، الأمير شرف الدين الرومي. قال الصفدي: كان وهو أمرد رأس مدرج لحسام الدين لاجين لما كان نائب الشام. وكان يؤثره، لأنه كان رأساً في الصيد، ولعب الطير. ولما ملك لاجين الديار المصرية، خلع عليه، ورسم له بإمرة عشرة، فأقام بمصر حتى حضر الملك الناصر محمد بن قلاوون من الكرك، فأقره على حاله، ثم أمَّره طبلخاناه بدمشق، ونادم الأفرم إلى أن فر الأفرم توجه الأمير حسين هذا إلى الملك الناصر إلى الكرك، وتوجه معه إلى القاهرة، ودخل عليه في الطريق بأنواع الحيل إلى أن صار مقرباً عنده، فكان يقول: يا خوند إن كنا ندخل إلى مصر، فهذا الطير يصيد. ويرمي الطير الذي يكون معه، فيصيد. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 152 قلت: وكان الأمير حسين هذا محظوظاً في الصيد ورمي النشاب، لا يكاد يفوته منه شيء. فلما دخل الملك الناصر إلى القاهرة، أنعم عليه بتقدمة ألف بالديار المصرية، وأفرد له زاوية من طيور الجوارح، وصار أمير شكار مع الأمير كوجري، وصار له حرمة وافرة بالديار المصرية. واستمر على ذلك مدة إلى أن حصل له ضعف في بدنه، فرسم له السلطان بالتوجه إلى دمشق، فحضر إليها، وأقام بها عند الأمير تنكز على محبته له القديمة إلى أن وقع بينهما بسبب القصب الذي في قرية عيثا، وتخاصما في سوق الخيل، ورجعا إلى دار السعادة. وتحاكما. ثم إنهم سعوا بينهما في الصلح، فقام تنكز، وقام أمير حسين، فوضع أمير حسين يده على عنق تنكز، وقبل رأسه فما حمل تنكز منه ذلك، فاعتذر أمير حسين بعد ذلك بأن قال: والله ما تعمدت ذلك، ولكن كان خطأً كبيراً، فطالع السلطان تنكز فشد قطلو بغا الفخري من أمير حسين، فما أفاد كلام تنكز، ورسم السلطان لأمير حسين بأن يقيم بصفد، الجزء: 5 ¦ الصفحة: 153 وإقطاعه على حاله. وكتب السلطان إليه: إنك أسأت الأدب على نائبنا تنكز، وما كان يليق بك هذا. فاستمر بصفد مدة وهو لا يركب بخدمة نائبها، ولا يخرج إلى اليزك حسبما رسم له السلطان بذلك، فدام بصفد نحو السنتين حتى بلغ تنكز أن السلطان له ميل إلى الأمير حسين. وكان تنكز متوجهاً إلى القاهرة، فلما حضر إلى الغور أرسل إلى الأمير حسين أن يلتقيه بالغور، فقدم عليه واصطلحا هناك، وخلع عليه تنكز، ووعده بأنه إذا ما عاد إلى دمشق أخذه معه. فلما قدم تنكز القاهرة سأل السلطان في ذلك، فما وافق السلطان، وأرسل طلب أمير حسين إلى القاهرة. فلما وصل إليها أنعم عليه بإقطاع الأمير أصلم السلاح دار. واستمر من جملة مقدمي الألوف بالديار المصرية إلى أن توفي بداره في أوائل سنة ثمان وعشرين وسبعمائة، ودفن بجوار جامعه الذي عمره في حكر جوهر النوبي خارج القاهرة، وتأسف السلطان عليه. وهو الذي عمر القنطرة المشهورة به على الخليج، وإلى جانبها الجامع الذي له. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 154 ولما فرغ عمارة الجامع، أحضر إليه المشد والكاتب حساب المصروف، فرمى به إلى الخليج، وقال أنا خرجت عن هذا لله تعالى، فإن خنتما فعليكما، وإن وفيتما فلكما. وقال الشيخ صلاح الدين الصفدي: كنت بخدمته سفراً وحضراً، وكنت أكتب عنده، فكان شحيحاً على الدرهم والدينار من يده. وأما من خلفه، فما كان يقف في شيء وكان الفرس والقباء عنده هيناً. وكان خفيف الروح، دائم البشر، لطيف العبارة. وكانت في عبارته عجمه، لكنه إذا قال الحكاية أو ندر يظهر لكلامه حلاوة في القلب والسمع. قال لي الشيخ فتح الدين بن سيد الناس: نحن إذا حكينا ما يقوله الأمير حسين ما يكون لذلك حلاوة. وكان ظريفاً إلى الغاية، وهو الذي عمر الجامع الأبيض بالرملة وعمر تلك المنارة العجيبة. وكان فيه الخير والصدقة، لكن كان يستحيل في الآخر. ولم يخلف إلا بنتين. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 155 وكان يجلس في الميمنة، فلما حضر تمرتاش المغلي من بلاد التتار جلس مكانه. فصار هو يجلس في الميسرة. وكان الملك الناصر محمد بن قلاوون يحبه كثيراً، ولم يخلص من مخاليب تنكز أحد من الأمراء غيره، رحمه الله تعالى وعفا عنه. ابن ريّان 702هـ - 000 - 1302الإمام - 000 الحسين بن سليمان بن أبي الحسن شرف الدين أبو عبد الله بن ريّان، أخو القاضي بهاء الدين حسن. ولد شرف الدين المذكور بحلب سنة اثنتين وسبعمائة. وسمع البخاري من ابن مشرف، وست الوزراء بدمشق حضوراً. واشتغل، وتفقه، وكتب، وأتقن، وكتب الخط المنسوب، وتولع بالنظم إلى أن أجاد فيه ونظم في الهزلية؛ فصار فيها إماماً، ونظم صور الكواكب، ونظم في البديع كتاباً سماه: زهر الربيع. وأنشأ مقامات عدة. ومن نظمه في هلال مقارن الزهرة: الجزء: 5 ¦ الصفحة: 156 كأن الهلال نزيل السماء ... وقد قارن الزهرة النيرة سوارٌ لحسناء من عسجدٍ ... على قفله وضعت جوهرة وله في عذار أشقر: كأنما عذاره الأ ... شقر في الخد الندي قنديل بلور له ... سلسلة من عسجد قال الشيخ صلاح الدين: أنشدني المذكور من لفظه سنة ثمان وأربعين وسبعمائة: أهوى حلاويَّاً بدت خدوده ... وردية يا ما أحيلى سالفه صير قلبي دنفاً ومدمعي ... سكباً وروحي بالبعاد تالفه القاضي شهاب الدين الكفري 00 - 0 - 719 هـ - 000 - 1319م الحسين بن سليمان بن فزاره، القاضي شهاب الدين الكفري الحنفي. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 157 كان إماماً، عالماً، مفتياً. سمع من أبي طلحة؛ وابن عبد الدائم، وتلا بالسبع على علم الدين القاسم، وتصدر للإقراء، والتدريس، وطال عمره، وانتفع به جماعة من الفضلاء، وتفقه به ولده قاضي القضاة شرف الدين وغيره. وقرأ بنفسه على أبي اليسر، وكتب الطباق، وأفتى عدة سنين، وناب في الحكم. وكان شيخ الإقراء بالقرمية والزنجيلية، وأضر بآخره إلى أن توفي سنة تسع عشرة وسبعمائة بالطرخانية عن اثنتين وثمانين سنة. وهو والد قاضي القضاة شرف الدين - وشرف الدين أيضاً اضر بآخره - وجد قاضي القضاة شمس الدين بن شرف الدين المذكور. والكفري. بفتح الكاف وسكون الفاء، رحمه الله تعالى. قاضي القضاة تقي الدين ابن شاس 00 - 0 - 685 هـ - 000 - 1286م الحسين بن عبد الله بن شاس، قاضي القضاة، تقي الدين المالكي. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 158 كان فقيهاً، عارفاً بالمذهب، جيد النقل. أفتى ودرس عدة سنين. حدث عن ابن الجميزي وغيره. وتولى قضاء الديار المصرية مدة؛ فلم تحمد أحكامه، وساءت سيرته؛ فإنه كان مسرعاً، سمحاً في التعديل. توفي سنة خمس وثمانين وستمائة، رحمه الله. الأمير ناصر الدين القيمري 00 - 0 - 665 هـ - 000 - 1266م الحسين بن عبد العزيز بن أبي الفوارس، الأمير ناصر الدين، أبو المعالي الجزء: 5 ¦ الصفحة: 159 القيمري، صاحب المدرسة القيمرية الكبرى التي بسوق الخرميين. كان من أجل الأمراء، وأعظم الناس وجاهة، وإقطاعاً. وكان شجاعاً، مقداماً وهو الذي ملك الملك الناصر دمشق. وكان الملك الظاهر بيبرس قد أقطعه إقطاعاً جيداً، وجعله مقدم العساكر بالساحل؛ فمات به مرابطاً سنة خمس وستين وستمائة، رحمه الله. وكان أميراً جليلاً، يضاهي الملوك في موكبه، وتجمله، وغلمانه، وحاشيته. قيل إنه غرم على الساعات التي على باب مدرسته ما يزيد على أربعين ألف درهم. وكان أبوه الأمير شمس الدين أيضاً من أجل الأمراء، رحمهما الله تعالى. السلطان حسين صاحب العراق ما خلا بغداد 00 - 0 - 835 هـ - 0001431م الحسين بن علاء الدولة بن القان غياث الدين أحمد بن أُوَيْس مر بقية نسبه في غير موضع الشهير بالسلطان حسين، صاحب بغداد. ملكها بعد موت شاه محمد بن شاه ولد. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 160 وسبب تملكه؛ انه لما مات السلطان أحمد بن أويس - المتقدم ذكره في محله - أقيم بعده في سلطنة بغداد شاه ولد بن شاه زادة بن أويس؛ فقتل بعد ستة أشهر بتدبير زوجته تندو بنت السلطان حسين بن أويس عليه، وقامت بتدبير ملك بغداد من بعده، ثم خرجت من بغداد بعد ستة أشهر فراراً إلى شُشْتَر من شاه محمد بن قرا يوسف، وملك شاه محمد المذكور بغداد، وأقامت تندو بششتر؛ فأقيم معها في السلطنة سلطان محمود بن شاه ولد مدة، فدبرت عليه تندو، وقتلته أيضاً بعد خمس سنين، وانفردت بمملكة ششتر، ثم ملكت البصرة بعد حروب، وماتت بعد انفرادها بثلاث سنين؛ فأقيم ابنها أويس بن شاه ولد، فقتله أصبهان بن قرا يوسف في المعركة بعد سبع سنين؛ فأقيم بعده بششتر أخوه شاه محمد بن شاه ولد؛ فأقام بششتر ست سنين، ومات؛ فملك بعده السلطان حسين هذا. واستفحل أمره، وملك البصرة أيضاً وواسط، وعامة العراق ما خلا بغداد، فإنها كانت بيد شاه محمد بن قرا يوسف، وهما متفقان على أصبهان بن قرا يوسف. ثم وقع بين السلطان حسين هذا وبين أصبهان وقعة - بعد عدة وقائع - انكسر فيها السلطان حسين، والتجأ بالحلة، فنزل عليه أصبهان، وحصره سبعة أشهر إلى أن قبض عليه وقتله في ثالث صفر سنة خمس وثلاثين وثمانمائة. وانقرضت بقتله من العراق دولة الأتراك بني أويس، وملك العراق بأجمعه بنو قرا يوسف، وبهم خربت تلك الممالك العظيمة، انتهى. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 161 ابن الكوراني 00 - 0 - 793 هـ - 000 - 1390م الحسين بن علي بن الكوراني، الأمير حسام الدين، أحد الأمراء، ووالي القاهرة. قتل بها مخنوقاً في عاشر شعبان سنة ثلاث وتسعين وسبعمائة بعد عقوبة كبيرة. وسببه أن الملك الظاهر برقوق لما حبس بالكرك أخذ ابن الكوراني هذا في التشويش على حواشيه وأعوانه، وافحش في ذلك إلى الغاية، ولم يبق في إيصال الأذى إلى برقوق وحواشيه ممكناً. واستمر على ذلك إلى أن خرج الملك الظاهر برقوق من حبس الكرك، وانتصر على منطاش، وشاعت الأخبار بالديار المصرية بنصرته. كل ذلك وهو لا يلتفت إلى ما يرد عليه من الأخبار، ولا يكف عما هو فيه من الإشاعات الشنعة على الظاهر برقوق. واستمر على ذلك إلى أن خرج الأمير بطا من حبس القلعة، وملك باب السلسلة الجزء: 5 ¦ الصفحة: 162 قبض عليه، وعاقبه. ثم أطلقه بعد مدة، عندما وصل إليه من الملك الظاهر برقوق مرسوم يتضمن أشياء من جملتها: أن حسين المذكور يفعل الشيء الفلاني، فخاف الأمير بطا، وظن أن الملك الظاهر له فيه بقية؛ فأطلقه. ولما وصل الملك الظاهر إلى الديار المصرية أخلع عليه. ثم أمسكه بعد مدة، وأجرى عليه العقوبة إلى أن هلك في التاريخ المتقدم ذكره. قلت: وكان إبقاؤه - إلى أن قبض عليه الظاهر - حلماً منه، ولو كان غيره؛ لكان فتك به في يوم دخوله إلى الديار المصرية؛ لعظيم فعله مع حرم الملك الظاهر برقوق وأخوته الخوندات؛ وسحبه لهن حاسرات في الشوارع عندما كان يطلب منهن منطاش الأموال، وأشياء يطول شرحها من هذا النمط. وكان ظالماً، جباراً؛ قليل الخير، كثير الشر، غير أنه كان حاذقاً ماهراً في وظيفته ومباشرته. وله وقائع مشهورة مع زعر القاهرة والمفسدين بها، سمعنا بها من أفواه الناس، انتهى. العلامة حسام الدين الصِّغناقي، شارح الهداية الحسين بن علي بن حجاج بن علي، الإمام العالم العلامة حسام الدين الصغناقي، الحنفي، الفقيه الكبير، البارع المفنن، شارح الهداية. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 163 تفقه على الإمام حافظ الدين محمد بن محمد بن نصر، وفوض إليه الفتوى والتدريس وهو شاب، وعلى العلامة فخر الدين محمد بن محمد المايمريمي، وروى عنهما الهداية بسماعهما عن شمس الأئمة الكردري عن المصنف. قال الحافظ تقي الدين محمد بن رافع في كتابه الذيل: هو الحسين بن حجاج الصغناقي البخاري، المنعوت بالحسام الفقيه الحنفي، من تلامذة حافظ الدين الكبير، دخل مصر وحج، ودخل بغداد، وشرح الهداية على مذهبه، وأصول الفقه للإخسيكتي، ودرس بمشهد الإمام أبي حنيفة، ورفع إلى بلده، فأدركته المنية؛ فتوفي بمرو. وكان صاحب جماعة من الفضلاء؛ فتفرقوا في البلاد، وبقي منهم بدمشق شمس الدين عبد الله بن حجاج الكاشغري، مدرس الشبلية كان. انتهى الجزء: 5 ¦ الصفحة: 164 قلت: وذكر غيره أنه اجتمع في حلب بقاضي القضاة ناصر الدين محمد بن القاضي كمال الدين أبي حفص عمر بن العديم، وكتب له نسخة من شرح الهداية، وأجاز له بجميع تواليفه ومروياته بتاريخ سنة إحدى عشرة وسبعمائة. وكان فراغ صاحب الترجمة من شرح الهداية في سنة سبعمائة. وله أيضاً شرح التمهيد للمكحولي، في مجلد ضخم. وروى التمهيد عن الإمام حافظ الدين عن الإمام أبي بكر صاحب الهداية عن ضياء الدين الإمام محمد بن الحسين اليوسوفي عن الإمام علاء الدين أبي بكر محمد ابن أحمد السمرقندي، عن الإمام سيف الدين أبي الهدى ميمون بن محمد بن محمد المكحولي المصنف. وكلما ذكر الصغناقي هذا في شرح الهداية من لفظة الشيخ؛ فالمراد به حافظ الدين. وما ذكر من لفظة الأستاذ، فالمراد به فخر الدين المايمريمي - كذا قال في الشرح - وله كتاب: الكافي في شرح أصول الفقه، لفخر الإسلام أبي العز البزدوي، وله عدة تواليف أخر. واستمر ملازماً للأشغال والتصنيف إلى أن توفي. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 165 وكان إماماً، علامة؛ انتهت إليه رئاسة السادة الحنفية في زمانه، رحمه الله تعالى. الحسين بن السبكي 00 - 0 - 755 هـ - 000 - 1354م الحسين بن علي بن عبد الكافي بن علي بن تمام بن يوسف بن موسى بن تمام، القاضي جمال الدين أبو الطيب بن قاضي القضاة تقي الدين الأنصاري السبكي الشافعي. كان شاباً، فقيهاً، فاضلاً، تقدم في عصر شبابه على كثير من أقرانه، وباشر الحكم بدمشق نيابة عن والده. توفي يوم السبت ثاني شهر رمضان سنة خمس وخمسين وسبعمائة. الإمام نور الدين الحنفي 575 - أو 572هـ - 653هـ - 1179 أو 1176م - 1254م الحسين بن عمر بن طاهر الفارسي، الإمام نور الدين الحنفي. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 166 تفقه على جماعة، وبرع في الفقه والأصول، واشتغل بعلم الطب حتى برع فيه أيضاً، واشتهر به. وسمع، وحدَّث، وأمَّ بالسادة الحنفية بالمدرسة الصالحية بالقاهرة إلى حين وفاته. وكان شيخاً عفيفاً، ديناً، فاضلاً ذكره الشيخ قطب الدين، وأثنى على علمه إلى أن قال: وجدت بخط الرشيد من الزكي عن النور هذا قال لي: ولدت سنة خمس وسبعين أو اثنتين وسبعين، انتهى. قلت: يعني وخمسمائة، وتوفي حادي عشر المحرم سنة ثلاث وخمسين وستمائة رحمه الله تعالى. أمير التركمان الكبكية 00 - 0 - 821 هـ - 000 - 1418م الحسين بن كُبُك التركماني، الأمير حسام الدين أمير التركمان الكبكية. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 167 كان بطلاً، شجاعاً، قتل في يوم ثالث جمادى الأولى سنة إحدى وعشرين وثمانمائة. الملك الأمجد والد الأشرف شعبان بن حسين 00 - 0 - 764 هـ - 000 - 1362م الحسين بن محمد بن قلاوون، الملك المجد بن السلطان الملك الناصر بن السلطان الملك المنصور. هو والد الملك الأشرف شعبان بن حسين، وهو آخر مَن مات من أولاد الملك الناصر محمد بن قلاوون. ولما تسلطن أخوه الملك الناصر حسن، تراسلت المماليك الجراكسة على أن يعملوه سلطاناً، ففطن السلطان حسن بذلك، فقبض على أربعين منهم، وأخرجوا إلى الشام، وضرب ستة منهم، وحبسوا. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 168 ثم احتفظ بأخيه حسين هذا إلى أن مات الملك الناصر حسن. وتسلطن من بعده الملك المنصور محمد بن المظفر حاجي بن الناصر محمد بن قلاوون - أعني ابن أخيه -؛ فلم تطل مدة صاحب الترجمة من بعده، ومات قبل سلطنة ولده الأشرف شعبان بأشهر، في ليلة السبت رابع شهر ربيع الآخر سنة أربع وستين وسبعمائة. وتسلطن ولده الأشرف بعد خلع المنصور محمد بن شعبان من السنة. وكثر تأسف يلبغا على موته؛ فإن غرض يلبغا كان سلطنة المذكور؛ فمات قبل ذلك؛ فسلطن ولده الأشرف شعبان وسيأتي ذكره في محله إن شاء الله تعالى. نقيب الأشراف 00 - 0 - 772 هـ - 000 - 1370م الحسين بن محمد بن الحسين بن الحسن بن زيد بن طغر بن علي بن إبراهيم ابن محمد بن عبد الله العوكلاتي بن موسى الكاظم بن جعفر الصادق بن محمد الباقر بن علي زين العابدين بن الحسين بن علي بن أبي طالب - رضي الله عنه - الأرموي الأصل، المصري المولد والدار والوفاة. الشريف شهاب الدين بن الشريف شمس الدين بن الشريف شهاب الدين، المعروف بابن قاضي العسكر، الشهير بأبي الركب - بضم الراء المهملة وفتح الكاف - نقيب الأشراف بالديار المصرية، الجزء: 5 ¦ الصفحة: 169 وكاتب الإنشاء بها، ثم نقل إلى حلب؛ فباشر كتابة سرها مدة، ثم عزل، وعاد إلى القاهرة. وكان سيداً فاضلاً، عالماً، بارعاً في النظم والنثر. درَّس بالمدرسة القراسنقرية بالقاهرة مدة، وخطب بجامع ابن عبد الظاهر مدة، وكتب، وأنشأ، وقال الشعر الفائق، ومن شعره: وخلٍ جاء يسل عن قبيلي ... وضوء الشمس للرائي جلي فقلت له: ولم أفخر وإني ... يحق لمثلي الفخر العلي محمد خير خلق الله جدي ... وأمي فاطمة وأبي علي وله أيضاً: تلق الأمور بصبرٍ جميل ... وصدرٍ رحيبٍ وخلِّ الحرج وسلم لربك في حكمه ... فإما الممات وإما الفرج توفي بالقاهرة في سادس عشر شعبان سنة اثنتين وسبعين وسبعمائة. ابن العليف 794هـ - 000 - 1391م - 000 الحسين بن محمد بن حسن بن عيسى بن محمد بن أحمد بن مسلَّم - بتشديد اللام - الجزء: 5 ¦ الصفحة: 170 العكي العدنين، الحلوي الأصل، المكي المولد والمنشأ والدار. الشيخ بدر الدين، المعروف بابن العُلَيْف - بضم العين المهملة، ولام مفتوحة وياء آخر الحروف ساكنة، وفاء - قلت: رأيته لما جاورت بمكة المشرفة سنة اثنتين وخمسين وثمانمائة يجلس بالمسجد الحرام، بالقرب من باب حزورة، ويشتغل في العربية والأدبيات، ثم اجتمعت به غير مرة بمكة المشرفة؛ فوجدته بارعً في الأدب، عارفاً بالنحو وغيره. وله محاضرة حلوة، ومذاكرة حسنة، ومعرفة بأيام الناس، لا سيما أمراء مكة وأعيانها. وهو شاعر بني عجلان، والمقدم عندهم. وسألته عن مولده؛ فقال: مولدي بمكة المشرفة سنة أربع وتسعين وسبعمائة، ثم سألته عن مشايخه ممن أخذ عنهم، وبمن تخرج في نظم القريض وغيره؛ فقال تخرجت بوالدي، وبه أيضاً تفقهت، وعنه أخذت الأدب، ثم قرأت على جماعة أخر من المشايخ. وأنشدني كثيراً من شعره. الشريف الأخلاطي 00 - 0 - 799 هـ - 000 - 1396م الحسين الأخلاطي، الشريف الحسيني. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 171 قال قاضي القضاة بدر الدين محمود العيني الحنفي: كان رجلاً منقطعاً عن الناس، لا يروح عند أحد، ولا يأذن لأحد في الدخول عليه إلا لمن يختاره. وكان يعيش عيش الملوك في المأكل، والمشرب، والملبس. وكان ينسب إلى عمل اللازورد، وبعضهم ينسبه إلى الكيمياء، وبعضهم إلى الاستخدام. والظاهر إنه كان على معرفة من علم الحكمة، ويتعانى صنعة اللازورد. ومع هذا كان ينسب إلى الرفض؛ فلهذا لم يشتهر عنه أنه حضر صلاة الجماعة والجمعات. وكان يدعي بعض أصحابه أنه المهدي المنتظر في آخر الزمان، وأمثال ذلك؛ فكان أول ما قدم الديار الشامية أقام في حلب منقطعاً مدة عن الناس، في مكان يسمى بابِلا بطرف حلب، من ناحية المشرق، ثم طلب إلى الديار المصرية، بسبب مداواة ولد السلطان الملك الظاهر برقوق من مرض حصل له في رجله وأفخاذه؛ فقدم، وأقبل عليه السلطان إقبالاً عظيماً؛ فأقام يداوي ابنه، فلم ينجع. ثم إنه أقام بالديار المصرية مستمراً على حالته المذكورة على على شاطئ النيل إلى أن توفي. وخلف موجوداً كثيراً من أصناف القماش، ومن الذهب شيئاً كثيراً، ومماليكاً، وجوارٍ. ولم يوص لأحد بدرهم، ولا أعتق أحداً من مماليكه وجواريه. ولما بلغ السلطان خبر وفاته، رسم لقلمطاي الداودار أن ينزل إلى بيته، الجزء: 5 ¦ الصفحة: 172 ويحتاط على تركته؛ فنزل، واحتاط على موجوده، فوجد في جملة تركته جام ذهب، وخمر في قناني، وزنار الرهابين، والإنجيل الذي بأيدي النصارى، وكتب كثيرة مما يتعلق بعلوم الحكمة. والنجوم، والرمل وغير ذلك. ولم يخلف وارثاً؛ فورثه السلطان. ويقال وجد في تركته صندوق فيه أنواع الفصوص والأحجار المقومة. انتهى كلام العيني. قلت: وكانت وفاته في العشر الأول من جمادى الآخرة سنة تسع وتسعين وسبعمائة بالقاهرة، وعمره ما ينيف على الثمانين سنة. ابن الزكي 00 - 0 - 669 هـ - 000 - 1270م الحسين بن يحيى، القاضي زكي الدين بن القاضي محي الدين، المعروف بابن الزكي. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 173 كان فاضلاً، نبيلاً. مات شاباً عن سبع وعشرين سنة، سنة تسع وستين وستمائة. ابن المطهر المعتزلي 00 - 0 - 726 أو 725هـ - 000 - 1325 - 1324م الحسين بن يوسف بن المطهر، الإمام العلامة ذو الفنون جمال الدين بن المطهر الأسدي الحلي المعتزلي، عالم الشيعة، وفقيههم، وصاحب التصانيف التي اشتهرت في حياته. تقدم في دولة خربندا ملك التتار، تقدماً زائداً. وكان له مماليك ونزوة. وكان يصنف وهو راكب، شرح مختصر ابن الحاجب، وهو مشهور من حياته. وله كتاب في الإمامة، ورد عليه الشيخ تقي الدين بن تيمية في ثلاث مجلدات. وكان ابن تيمية يسميه ابن المنجس. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 174 وكان ابن المطهر المذكور ريض الخلاق، مشتهر الذكر، تخرج به أقوام كثيرة، وحج في أواخر عمره، واخمل، وانزوى إلى الحلة، واستمر في انحطاط إلى أن مات في المحرم سنة ست وعشرين. وقيل في أواخر سنة خمس وعشرين وسبعمائة، وقد ناهز الثمانين. وكان إماماً في علم الكلام. قال الذهبي - رحمه الله -: وقيل إن اسمه يوسف. وله كتاب الأسرار الخفية في العلوم العقلية. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 175 حرف الدال المهملة الحبال 00 - 0 - 679 هـ - 000 - 1280م داود بن حاتم بن عمر، الشيخ الصالح المعتقد، الحرَّاني الأصل، البعلبكي الدار والوفاة، الحنبلي، المعروف بالحبّال. كان له أحوال صالحة وكرامات ومكاشفات صادقة. توفي ببعلبك في سنة تسع وسبعين وستمائة عن ست وتسعين سنة رحمه الله. الملك المظفر صاحب ماردين 00 - 0 - 778 هـ - 000 - 1376م داود بن صالح بن غازي بن قرا أرسلان بن أرتق، الملك المظفر، فخر الجزء: 5 ¦ الصفحة: 288 الدين صاحب ماردين، وابن صاحبها الملك الصالح صالح، وابن صاحبها الملك المنصور، ابن الملك المظفر الأرتقي. ولي ملك ماردين بعد ابن أخيه الملك الصالح محمود، الذي أقام في ملك ماردين أربع أشهر، عوضاً عن والده الملك المنصور أحمد بن الملك الصالح صالح. ولما تسلطن الملك المظفر هذا، اقتفى أثر والده الملك الصالح في العدل للرعية والإحسان إليهم، وصار محبباً للناس، ودام على ذلك إلى أن توفي بها في سنة ثمان وسبعين وسبعمائة، بعد أن حكمها نحو عشر سنين، وتولى سلطنة ماردين من بعده ابنه الملك الظاهر مجد الدين عيسى - يأتي ذكره إن شاء الله تعالى في محله -. ابن الكويز 00 - 0 - 826 هـ - 000 - 1422م داود بن عبد الرحمن، الرئيس علم الدين بن زين الدين المعروف بابن الكويز الكركي الأصل والمولد، المصري الدار والوفاة، كاتب السر الشريف بالديار المصرية. قال الشيخ تقي الدين المقريزي رحمه الله0 كان أبوه من كتاب الكرك الجزء: 5 ¦ الصفحة: 289 النصارى، يقال له جرجس، فأظهر الإسلام، وتسمى عبد الرحمن، وباشر عدة جهات بالكرك ودمشق والقاهرة، آخرها نظر الدولة. وخدم ابنه داود هذا في الجيزة، ثم لحق بالشام، وباشر نظر جيش طرابلس، واتصل بخدمة شيخ المحمودي هو وأخوه صلاح الدين، فولاه جيش دمشق، وجعل أخاه صلاح الدين خليل في ديوانه، فقبض عليهما في سنة اثنتي عشرة وثمانمائة، وحملا إلى القاهرة على حمارين في أسوأ حال، ثم أفرج عنهما، ففرا إلى دمشق. وما زالا في خدمة شيخ حتى قدم بهما إلى مصر وتسلطن؛ فولي داود هذا نظر الجيش، عوضاً عن الصاحب بدر الدين حسن بن نصر الله، بحكم انتقاله إلى نظر الخاص، عوضاً عن تقي الدين عبد الوهاب بن أبي شاكر، وذلك في يوم السبت ثامن جمادى الأولى سنة ست عشرة وثمانمائة، ثم ولاه ططر كتابة السر عوضاً عن القاضي كمال الدين محمد بن البارزي. واستقر كمال الدين في نظر الجيش عوضه وذلك في يوم الخميس سادس عشرين المحرم سنة أربع وعشرين وثمانمائة. وكانت تؤثر عنه فضائل منها: أنه ملازم الصلاة، وصيام الأيام البيض من كل شهر، ويتنزه عن القاذورات المحرمة، كالخمر، واللواط، والزنا، ويتصدق كل يوم على الفقراء، إلا أنه كان متعاظماً، صاحب حجاب وأعجاب، مع بعدٍ عن جميع العلوم، وضبطت عليه ألفاظ سخر الناس منها زماناً وهم يتناقلونها. وكان مهاباً إلى الغاية متمكناً في الدولة، موثوقاً به فيها، بحيث أنه مات ولا أحد أعلى رتبةً منه. وتولى مكانه جمال الدين يوسف بن الصفي الكركي. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 290 فأذكرتني ولايته بعد ابن الكويز هذا، قول أبي القاسم خلف بن فرج الإلبيري المعروف بالشميسر، وقد هلك وزير يهودي لباديس بن حيوس الحميري، صاحب غرناطة من بلاد الأندلس، فاستوزر بعد اليهودي وزيراً نصرانياً، فقال: كل يوم إلى وراء ... بدَّلَ البول بالخراء فزماناً تهودا وزماناً تنصراً ... وسيصبوا إلى المجوس إذا الشيخ عمَّرا وقد كان أبو الجمال هذا من نصارى الكرك، وتظاهر بالإسلام في واقعة كانت للنصارى، هو وأبو العلم هذا. وخدم كاتباً عند قاضي الكرك عماد الدين أحمد المقبري. انتهى كلام المقريزي باختصار. قلت: وذكر الشيخ تقي الدين المقريزي هنا حكاية العرب - لها محل - فإن كلا منهما لا يصلح لهذه الوظيفة العظيمة؛ لبعدهما عن الفضيلة وصناعة الإنشاء وغير ذلك. وقد أوضح الشيخ تقي الدين أمرهما؛ فلا حاجة في ذكر ذلك ثانياً. وأما تفسير قول الشيخ تقي الدين: وضبطت عليه ألفاظ سخر الناس منها الجزء: 5 ¦ الصفحة: 291 زماناً. قيل إنه رأى مع بعض فقهاء الشافعية كتاب التنبيه في الفقه، فقال: هذا الكتاب اسمه عجيب البنيه في القفّه. وقيل إنه صلى به بعض الناس، وقرأ في صلاته بعد الفاتحة: سبحان ربك رب العزة عما يصفون. " وسلامٌ على المرسلين. والحمد لله رب العالمين " فلما فرغ من صلاته قال علم الدين هذا: ما ظننت أن الصلاة تصح بالدعاء، إلا في هذا اليوم. وله أشياء كثيرة من هذا النمط. توفي بالقاهرة في يوم الاثنين سلخ شوال سنة ست وعشرين وثمانمائة، ودفن بالصحراء، رحمه الله تعالى. الخطيب المقدسي 586 - 656 هـ - 1190 - 1258م داود بن عمر بن يوسف بن يحيى ين عمر بن كامل، الخطيب عماد الدين الجزء: 5 ¦ الصفحة: 292 أبو المعالي، وأبو سليمان الزبيدي المقدسي الشافعي، خطيب بيت الآبار وابن خطيبها. ولد سنة ست وثمانين وخمسمائة وسمع من الخشوعي، وعبد الخالق بن فيروز، والجوهري، وعمر بن طبرزد، وحنبل، والقاسم بن عساكر، وجماعة. وروى عنه الدمياطي، والزين الفاروقي، والعماد بن البالسي، والشمس نقيب المالكي، والخطيب شرف الدين، والفخر بن عساكر، وولده الشرف محمد، وطائفة. وكان مهذباً، فصيحاً، مليح الخطابة، لا يكاد يسمع موعظته أحد إلا بكى. وخطب بدمشق ودرس بالزاوية الغزالية سنة ثمان وثلاثين بعد الشيخ عز الدين ابن عبد السلام، لما انفصل عن دمشق. وتوفي سنة ست وخمسين وستمائة رحمه الله تعالى. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 293 الملك الناصر صاحب حماة 603 - 656 هـ - 1206 - 1258م داود بن عيسى بن محمد بن أيوب، السلطان الملك الناصر صلاح الدين، أبو المفاخر، وأبو المظفر بن السلطان الملك المعظم بن السلطان الملك العادل. ولد بدمشق في جمادى الآخرة سنة ثلاث وستمائة. وتفقه على مذهب الإمام الأعظم أبي حنيفة - رضي الله عنه - كما كان والده الملك المعظم. وبرع في الفقه، والعربية، والأدب، وصار معدوداً من الفضلاء. كل ذلك في أيام أبيه، وسمع ببغداد من القطيعي وغيره، وبالكرك من ابن اللتي. وأجاز له المؤيد الجزء: 5 ¦ الصفحة: 294 الطوسي، وأبو روح عبد العزيز. وحدث؛ سمع منه الحافظ شرف الدين عبد المؤمن الدمياطي، وذكره في معجمه، وكتب عنه قطعة من شعره. وتسلطن بعد موت والده وأخيه في سنة أربع وعشرين وستمائة، وأحبه أهل دمشق، ثم سار عمه الملك الكامل من الديار المصرية، ليأخذ دمشق منه فاستنجد بعمه الملك الأشرف موسى شاه أرمن فجاء لنصرته ونزل بالدهشة بدمشق، ثم تغير الأشرف عليه، ومال لأخيه الكامل، وأوهم الناصر هذا أنه يصلح قضيته؛ فاتفقا عليه، وحاصراه أربعة أشهر، وأخذا دمشق منه، وسار الملك الناصر إلى الكرك، وكانت لوالده، وأعطى معها الصلت، ونابلس، وعجلون، وأعمال القدس، وعقد نكاحه على بنت عمه الملك الكامل. ثم إن الكامل تغير عليه؛ ففارق ابنته قبل الدخول. ثم إن الملك الناصر هذا قصد الخليفة المستنصر بالله ببغداد، وقدم له تحفاً ونفائس، وسار إليه على البرية، ومعه فخر القضاة ابن بصاقة، وشمس الدين الخسر وشاهي، والخواص من مماليكه، وطلب الحضور بين يدي الخليفة كما فعل بصاحب إربل، فامتنع الخليفة؛ فنظم الناصر قصيدته التي أولها: ودانٍ ألمت بالكثيب ذوائبه ... وجنح الدجى وحف تجول غياهبه الجزء: 5 ¦ الصفحة: 295 وهي طويلة جداً. فلما وقف الخليفة عليها أعجبته كثيراً، فاستدعاه سراً، بعد شطرٍ من الليل؛ فدخل من باب السر إلى إيوان فيه ستر مضروب؛ فقبَّل الأرض؛ فأُمر بالجلوس، وجعل الخليفة يحدثه ويؤنسه. ثم أمر الخدام فرفعوا الستر؛ فقبَّل الأرض، ثم قبل يده، ثم أمره بالجلوس؛ فجلس وجاراه في أنواع من العلوم وأساليب الشعر، ثم أخرجه ليلاً، وأخلع عليه خلعة سنية، وعمامة مذهبة سوداء وجبة سوداء مذهبة. وخلع على أصحابه ومماليكه خلعاً جليلة، وأعطاه مالاً جزيلاً، وبعث في خدمته رسولاً مشربشاً من أكابر خواصه إلى الملك الكامل يشفع في الناصر المذكور، وفي إخلاص النية له، وإبقاء مملكته عليه. وخرج الملك الكامل إلى تلقيهما إلى القصير، وأقبل على الناصر إقبالاً كبيراً وجعل الناصر رنكه أسوداً، انتماءً للخليفة. وكان الخليفة زاد في ألقابه: الولي المهاجر، وذلك في سنة ثلاث وثلاثين وستمائة. واستمر الناصر على ذلك إلى أن وقع بين الملك الكامل محمد وبين الملك الأشرف موسى، وأراد كل منهما أن يكون الناصر هذا معه؛ فمال إلى الكامل الجزء: 5 ¦ الصفحة: 296 وجاءه في الرسلية القاضي الأشرف بن الفاضل، وسار الناصر هذا إلى عمه الملك الكامل في تعظيمه. ثم اتفق موت الكامل والأشرف والناصر المذكور بدمشق في دار أسامة، فتشوق إلى السلطنة؛ ولم يكن يومئذٍ أميز منه، ولو بذل المال؛ لحلفوا له. فتسلطن الملك الجواد، فخرج الناصر عن دمشق إلى القابون، ثم حشد كل واحد منهما، ووقع المصاف بين نابلس وجينين، فكسر الناصر، وأخذ الجواد خزائنه، وكانت على سبعمائة جمل، فافتقر الناصر، وأخذ أمره في انحطاط إلى أن ملك الملك الصالح نجم الدين أيوب دمشق، وسار لقصد مصر، جاء عمه الصالح إسماعيل وملك دمشق، فسحب جيش نجم الدين عنه، فجهز الناصر عسكراً من الكرك، فأمسكوه وأحضروه إلى الكرك، فاعتقله مكرماً عنده، وأخذ الناصر هذا بعد موت الكامل القلعة التي عمرها الفرنج بالقدس وطرد من بها من الفرنج. وفي ذلك يقول الصاحب جمال الدين بن مطروح: المسجد الأقصى له عادة ... سارت فصارت مثلاً سائرا إذا غدا للكفر مستوطناً ... أن يبعث الله له ناصرا فناصر طهَّره أولاً ... وناصر طهَّره آخرا الجزء: 5 ¦ الصفحة: 297 حكي أنه لما وقعت المباينة بين الملك الكامل وبين أخيه الملك الأشرف، وعزما على القتال، وانضم إلى الملك الأشرف جميع ملوك الشام؛ وسير الملك الأشرف إلى الملك الناصر هذا يدعوه إلى موافقته، على أن يحضر إليه ليزوجه بابنته، ويجعله ولي عهده، ويملِّكه البلاد بعده. ثم بعث الملك الكامل أيضاً إلى الناصر هذا يدعوه إلى موافقته وأنه يحدد عقده على ابنته، ويفعل معه كل ما يختار، وتوافى الرسولان عند الناصر المذكور بالكرك، فرجَّح الميل إلى الكامل، ورشح رسول الأشرف بجواب إقناعي. ويقال إنه إنما فعل ذلك؛ إلا ليُعَرِّفْ الكامل بما وقع، واستنشد الملك الناصر صاحب الترجمة في جواب الكامل بقول المتنبي: وما شئت إلا أن أدلَّ عواذلي ... على أن رأيي في هواك صوابُ ويعلم قوم خالفوني وشرقوا ... وغربت أني قد ظفرت وخابوا واتفق أن الأشرف توفي عقيب ذلك، وندم الناصر هذا عن تخلفه عنه. ثم مات الكامل، ولم يحصل للناصر أيضاً منه أرب. قلت: كان الناصر غير مسعود في حركاته وأموره، وقضى عمره على أقبح حال، فإنه كان غالب أيامه في الغربة عن أوطانه والشتات عن بلاده. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 298 وكان مذموم السيرة يحكى عنه أشياء من القبائح منها: أنه كان إذا دخل في الشراب، وأخذ السكر منه يقول: أشتهي أبصر فلاناً طائراً في الهواء، فيرمى به في المنجنيق، ويراه وهو في الهواء، فيضحك ويسر به، ويقول: أشتهي أشم روائح فلان وهو يُشوى، فيحضر ذلك المعتز، ويقطع لحم، ويشوى منه، وهو يضحك. وكان له من هذه الأشياء القبيحة جملة مستكثرة. قلت: ولهذا كانت مساوئه غطت محاسنه، وقاسى هو أيضاً محناً، ولا يظلم ربك أحداً. ثم وقع له أمور مع أولاده، وفر إلى بغداد غير مرة، ولم يزل كذلك حتى قتل بيد التتار في سنة ست وخمسين وستمائة. وكان أديباً شاعراً، فاضلاً، جواداً، ممدحاً. وفيه يقول الصاحب جمال الدين بن مطروح: ثلاثة ليس لهم رابع ... عليهم معتمد الجود الغيث والبحر وعززهما ... بالملك الناصر داود وكان له نظم رائق، من ذلك قوله: بأبي أهيف إذا رمت منه ... لثم ثغر يصدني عن مرامي قد حمى خده بسور عذار ... مقلتاه أصحت عليه مرامي الجزء: 5 ¦ الصفحة: 299 وله: إذا عاينت عيناي أعلام جلق ... وبان من القصر المشيد قبابه تيقنت أن البين قد بان والنوى ... نأى شخصها والعيش عاش شبابه وله أيضاً: عيون عن السحر المبين تبين ... لها عند تحريك القلوب سكون تصول بيض وهي سود يزيدها ... ذبول فتور والجفون جفون إذا ما رأت قلباً خلياً من الهوى ... تقول له كن مغرماً فيكون العلامة القونوي 00 - 0 - 715 هـ - 000 - 1315م داود بن غُلْبك بن علي، الشيخ الإمام العالم بدر الدين الرومي، القونويّ الأصل، الحنفي، المعروف بالبدر الطويل. نشأ بمدينة قونية وتفقه بها على جماعة. وقرأ: اللغة، والعربية، والأدب، والأصلين وبرع. ثم قدم دمشق، فبحث على علمائها، وتفقه بها أيضاً على العلامة جلال الدين الخبازي وغيره وبرع، وأفتى ودرَّس، وأقام بدمشق نحواً من الجزء: 5 ¦ الصفحة: 300 ثلاثين سنة، ثم توجه إلى حلب، ودرَّس بها أيضاً بالمدرسة القليجية والطرخانية نحواً من خمسة عشر سنة، وتفقه به جماعة، وانتفع به الطلبة مدة طويلة، ثم توجه من حلب يريد قلعة المسلمين، فأدركه الأجل، فمات في سنة خمس عشرة وسبعمائة، رحمه الله تعالى وعفا عنه. الخليفة المعتضد بالله 00 - 0 - 845 هـ - 000 - 1441م داود، الخليفة، أمير المؤمنين المعتضد بالله، أبو الفتح بن الخليفة المتوكل على الله محمد بن الخليفة المعتضد بالله أبي بكر بن الخليفة المستكفي بالله أبي الربيع سليمان بن الخليفة الحاكم بأمر الله أبي العباس أحمد بن الحسين بن أب الجزء: 5 ¦ الصفحة: 301 ي بكر بن علي بن الحسن بن الخليفة الراشد بأمر الله منصور بن الخليفة المسترشد بالله الفضل بن الخليفة المستظهر بالله أحمد بن الخليفة المقتدي بالله عبد الله بن الإمام ذخيرة الدين محمد بن الخليفة القائم بأمر الله عبد الله بن الخليفة القادر بالله أحمد ابن الموفق طلحة بن الخليفة المتوكل على الله جعفر بن الخليفة المعتصم بالله محمد ابن الخليفة الرشيد هارون بن الخليفة المهدي محمد بن الخليفة أبي جعفر المنصور ابن محمد بن علي بن عبد الله بن العباس بن عبد المطلب - رضي الله عنه - الهاشمي العباسي. بويع بالخلافة بعد أخيه المستعين بالله أبي الفضل العباس في يوم الخميس سادس عشر ذي الحجة سنة ست عشرة وثمانمائة. قال الشيخ تقي الدين المقريزي رحمه الله: وفيه - يعني التاريخ المذكور - استدعى السلطان الملك المؤيد داود بن المتوكل على الله؛ فحضر بين يديه بقلعة الجبل، وقد حضر قضاة القضاة الأربع، فعندما رآه الملك المؤيد، قام له، وقد البس خلعة سوداء، وأجلسه بجانبه بينه وبين قاضي القضاة جلال الدين عبد الرحمن البلقيني، فدعا القضاة وانصرفوا على أنه استقر خليفة. ولم يقع خلع المستعين بالله، ولا قامت بينة بما يوجب شغور الخلافة عنه، ولا بويع داود هذا، بل خلع عليه فقط. ولقب بابي الفتح المعتضد بالله. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 302 وكانت العادة بديار مصر أن يدعى على منابرها أيام الجمع وفي الأعياد، ويذكر كنية الخليفة ولقبه، فمن حين منع المستعين بالله في أول شعبان من السنة الحالية، لم يذكر على المنبر. قول الشيخ تقي الدين: منع، أي من السلطنة؛ فإنه دام خليفة بعد ذلك مدة. ثم قال: واستمروا على ذلك في أيام المعتضد. وصار من الخطباء من يقول: اللهم أصلح الخليفة، من غير أن يعينه. ومنهم من يقول: اللهم أيد الخلافة العباسية ببقاء مولانا السلطان. ومنهم من يقتصر على الدعاء للسلطان. انتهى كلام المقريزي. قلت: وهذه البدعة السيئة بقيت إلى يومنا هذا. وأما قول المقريزي: لم يقع خلع المستعين ولا قامت بينة بما يوجب شغور الخلافة، ليس هو كذلك، بل إنما الملك المؤيد لما أراد أن يتسلطن لم يلبس الخلعة السوداء حتى خلع القضاة المستعين من السلطنة، لأمور توجب خلعه، ثم أبقوه على الخلافة إلى أن خرج الأمير نوروز الحافظي نائب الشام عن طاعة الملك المؤيد، ودعا للمستعين بالسلطنة، وصار يخطب بالبلاد الشامية له. وبلغ المؤيد ذلك؛ فجمع القضاة، وحذرهم وقوع فتنة من هذه القضية؛ فأشار بعض القضاة بخلعه من الخلافة، صيانة لدم المسلمين، وخوفاً من إفساد أحوال الرعية، فمنع المستعين بدار بالقلعة، وطلب المعتضد؛ فهذا خلع وزيادة. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 303 وأما البينة؛ فقد تكلم بهذا بين يدي القضاة في اليوم المذكور خلائق من أعيان الأمراء وغيرهم، وأي بينة تكون أعظم من ذلك. وأما شغور الخلافة فلا يلزم؛ فقد يمكن الخلع والتولية في ساعة واحدة. انتهى. قلت: واستمر المعتضد في الخلافة دهراً، وطالت أيامه، وتسلطن في خلافته عدة سلاطين. وكان خليقاً للخلافة، سيد بني العباس في زمانه. وكان أهلاً للخلافة بلا مدافعة، كريماً، عاقلاً، سيوساً، ديناً، حلو المحاضرة، كثير الصدقات والبر للفقراء، وكان يحب طلبة العلم، ويكرمهم، ويحاضرهم كثيراً. وكان جيد الفهم، ذكياً، ويميل إلى الأدب وأهله. وكان يجتهد في السير على طريقة الخلفاء ممن قبله مع جلسائه وندمائه، فيضعف موجوده عن إدراك ما يرومه، وربما كان يتحمل بسبب هذا المعنى دينا، وذلك لعلو همته مع قلة متحصله لأن متحصل إقطاعه في السنة دون الأربعة آلاف دينار. وجميع ما كان يتكلفه لنفسه ولحواشيه ولمماليكه من النفقات والجوامك، والكلف، والمترددين، وغير ذلك كله من هذا الإقطاع لا غير. هذا وهو خليفة الوقت، ومتحصله هذا النزر الهين. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 304 والعجب أن متحصل بعض أصاغر الأقباط الأسلمية أضعاف ذلك. فليت شعري، ماذا يكون جواب الملوك عن ذلك. قلت: وكان يحب اللطافة والدقة الأدبية، وكان له مشاركة وفضيلة. هذا مع الدين المتين، والأوراد الهائلة في كل يوم. جالسته غير مرة، فلم أر عليه ما أكره، وكنت أدخل إلى حرمه، لأن زوجته بنت الأمير دمرداش كانت قبله تحت والدي - رحمه الله -. ثم اتصلت بأمير المؤمنين المذكور من بعده إلى أن توفي عنها في يوم الأحد رابع شهر ربيع الأول سنة خمس وأربعين وثمانمائة، بعد مرض طويل. وعهد لأخيه أبي الربيع سليمان الملقب بالمستكفي، واجتهد بعد موت ابن أخيه يحيى بن المستعين بالله العباس غاية الاجتهاد، فلم ينله رحمه الله، ونفعنا بسلفه. العلامة الملطي 00 - 0 - 717 هـ - 000 - 1317م داود بن مروان بن داود، العلامة نجم الدين الملطي الحنفي. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 305 كان إماماً بارعاً في الفقه والعربية، والأصلين، والمعاني، والبيان. وتصدر للإفتاء، والتدريس عدة سنين، وانتفع به الطلبة، وتفقه به جماعة كثيرة، ودرس بالمنصورية بالقاهرة، والظاهرية، والقراسنقرية، وناب في الحكم مدة. ثم تنزه عن ذلك بعد أن حمدت سيرته. وكان له مشاركة في الأدب، وله نظم. وهو والد العلامة صدر الدين سليمان - يأتي ذكره في محله إن شاء الله تعالى -. توفي بالقاهرة في شهر ربيع الأول سنة سبع عشرة وسبعمائة، ودفن بالقرافة - رحمه الله تعالى وعفا عنه -. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 306 العلامة البصروي 00 - 0 - 684 هـ - 000 - 1285م داود بن يحيى بن كامل، الشيخ عماد الدين القرشي البصروي الحنفي " مدرس المعزية ". كان فقيهاً عالماً، فاضلاً. أفتى ودرَّس، وناب في الحكم عن القاضي مجد الدين بن العديم، وسمع الحديث، وبرع في المذهب. وهو والد العلامة نجم الدين القجقاري شيخ الحنفية، وخطيب جامع تنكز بدمشق. توفي ليلة نصف شعبان سنة أربع وثمانين وستمائة، رحمه الله تعالى. الملك المؤيد صاحب اليمن 00 - 0 - 721 هـ - 000 - 1321م داود بن يوسف بن عمر بن رسول، الملك المؤيد هِزَبر الدين صاحب اليمن ابن الملك المظفر صاحب اليمن أيضاً، التركماني الأصل، اليمني. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 307 تسلطن بعد أخيه الملك الأشرف في المحرم سنة ست وتسعين وستمائة، فملك نيفاً وعشرين سنة. وكان قبل سلطنته قد تفقه، وحفظ كفاية المتحفظ، ومقدمة ابن بابشاذ، وبحث التنبيه. وطالع، وفضل، ودأب، وحصل، وسمع من المحب الطبري وغيره، وجمع الكتب النفيسة من الأقطار. قيل إن خزانة كتبه اشتملت على مائة ألف مجلد - والله أعلم -. وكان مشكور السيرة، محباً لأهل الخير والصلاح، مثابراً على زيارة الصالحين. وأنشأ بظاهر زبيد قصره المشهور بالحسن؛ فقال فيه الأديب تاج الدين عبد الباقي اليمني قصيدة أولها: يا ناظم الشعر في نعم ونعمان ... وذاكر العهد من لبنا ولبنان الجزء: 5 ¦ الصفحة: 308 ومنها: أنس بإيوانه كسرى فلا خبر ... من بعد ذكري عن كسرى لإيوان وفيه يقول تاج الدين المذكور، وقد ركب المؤيد فيلاً: الله ولاك يا داود مكرمة ... ورتبةً ما أتاها قبل سلطان ركبت فيلاً وظل الفيل ذا رهج ... مستبشراً وهو بالسلطان فرحان لك الإله أذل الوحش أجمعه ... هل أنت داود فيه أم سليمان وكانت وفاته في ذي الحجة سنة إحدى وعشرين وسبعمائة، وتولى من بعد ابنه الملك المجاهد، واضطرب أمر اليمن مدة، وتولى عدة سلاطين، يأتي ذكرهم في محلهم إن شاء الله تعالى. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 309 باب الدال والقاف دقماق الظاهري 000 - 808هـ - 000 - 1405م دقماق بن عبد الله المحمدي الظاهري، الأمير سيف الدين. هو من عتقاء الملك الظاهر برقوق، وممن صار خاصكياً في سلطنته الأولى. فلما خلع الملك الظاهر برقوق وحبس بالكرك، وتشتت مماليكه في الأقطار، خدم دقماق هذا ووالدي ودمرداش المحمدي نائب حلب عند الأمير بزلار العمري نائب دمشق من قبل الملك المنصور حاجّي إلى أن ظهر الملك الظاهر برقوق من حبس الكرك توجه إليه مع رفيقيه، وصار من حزب أستاذه إلى أن تسلطن ثانياً، وملك الديار المصرية، أنعم عليه دقماق هذا بإمرة مائة وتقدمة ألف بحلب. ثم نقله بعد مدة إلى نيابة ملطية؛ فأقام بها نحو سنتين. وفي تلك الأيام قدم دقماق الملك الأشرف برسباي في جملة مماليك وغيرها إلى الملك الظاهر برقوق؛ فلهذا كان الملك الأشرف يعرف بالدقماقي. ثم عزل الأمير الجزء: 5 ¦ الصفحة: 310 دقماق عن نيابة ملطية بالأمير جقمق الصفوي حاجب حجاب حلب، وقدم إلى حلب بطالاً إلى أن مات الملك الظاهر برقوق، قدم إلى الديار المصرية في الدولة الناصرية فرج. وتولى نيابة حماة بعد واقعة الأمير تنم الحسني نائب الشام في سنة اثنتين وثمانمائة، عوضاً عن دمرداش المحمدي، بحكم انتقاله إلى نيابة حلب. واستمر بحماة إلى أن قدم تيمور إلى البلاد الحلبية، وخرج دقماق لقتاله مع جملة نواب البلاد الشامية، وانكسر العسكر الحلبي، فقبض تيمور على دقماق المذكور في جملة من قبض عليه من النواب والأمراء. ودام في أسر تيمور إلى أن فر من الأسر، وقدم إلى الديار المصرية مع العساكر المصرية إلى أن عاد تيمور إلى بلاده، ولاه الملك الناصر فرج نيابة صفد، فاستمر بها إلى سنة أربع وثمانمائة، نقل إلى نيابة حلب، عوضاً عن الأمير دمرداش المحمدي، بحكم عصيانه؛ فتوجه إليه وواقعه بنواحي حماة، فانتصر دقماق على دمرداش، وملك حلب ودخلها، وفرَّ دمرداش هارباً إلى جهة التركمان، فاستمر دقماق في نيابة حلب إلى سنة ست وإلى أن ورد إلى حلب مرسوم بلطف بالقبض عليه، ففطن دقماق بذلك، وقبض على القاصد، وأخذ الملطف منه. ثم خرج من حلب هارباً في ليلة الخميس الجزء: 5 ¦ الصفحة: 311 خامس عشر شهر ربيع الآخر من السنة. وتولى مكانه الأمير آقبغا الهذباني، ودخلها في يوم السبت سادس عشر جمادى الأولى وهو مريض؛ فاستمر بها مريضاً إلى أن توفي بعد شهر في ليلة الجمعة سابع عشر جمادى الآخرة. وبلغ دقماق موته، فعاد إلى حلب، فدخلها في ليلة الاثنين سلخ جمادى الآخرة، فهرب منها حاجب حجابها الأمير ناصر الدين محمد بن شهري، وتوجه إلى دمشق خجا بن سالم الدكزي، واستنجد به، فسارا جميعاً إلى حلب، وحاصرا الأمير دقماق. وكان دقماق في أناس قلائل، ففر إلى جهة التركمان، ودام بتلك البلاد إلى أن أرسل يطلب الأمان من الملك الناصر، فأعطيه، وأنعم عليه بنيابة حماة ثانياً، وذلك بعد وقعة السعيدية، فتوجه إلى حماة، فلما قاربها خرج عليه جماعة من تركمان تلك البلاد، وقاتلوه أيضاً في جمع يسير، فانكسر، وأمسك. ثم أطلق ودخل حماة في سنة ثمان وثمانمائة ودام بها إلى أن توجه لقتاله الأمير جكم والأمير شيخ المحمودي بمن معهما فتهيأ دقماق لقتالهما، وأنجده الجزء: 5 ¦ الصفحة: 312 الأمير نوروز الحافظي، والأمير علان نائب حلب، والأمير بكتمر جلق نائب طرابلس بمن معهم من العساكر، فحاصرهم جكم ودقماق عدة أيام إلى أن ورد الخبر على علاّن بأن دمرداش طرق حلب، ودخلها بغتة، فركب علاّن من وقته ومعه نوروز الحافظي، وسارا لإخراج دمرداش من حلب، فبقي دقماق وحده في نفر قليل، فانتهز جكم الفرصة، واقتحم العاصي ودخل حماة، وقبض على الأمير دقماق المذكور، وقتله صبراً بظاهر حماة في شهر رجب سنة ثمان وثمانمائة. وكان أميراً جليلاً، كريماً، شجاعاً، ذا شكل مليح، وخلق حسن. وكان متواضعاً قريباً من الناس، وعنده حشمة ورئاسة، وعدل في الرعية، وعفة عن أموالهم. وبنى تربة خارج حلب، ووقف عليها وقفاً. وبقتله نفرت القلوب من جكم، وخالفه كثير من أصحابه. وكان بيني وبين ولده الأمير ناصر الدين محمد صحبة أكيدة، ومحبة زائدة، ولاّه الملك الأشرف برسباي نيابة المرقب، وأنعم عليه بإمرة طبلخاناة بطرابلس بعد أن استقدمه من حلب، الجزء: 5 ¦ الصفحة: 313 وبالغ في إكرامه، فدام بالمرقب مدة، ثم عزله، وأنعم عليه بإمرة عشرة بالقاهرة؛ فدام بها إلى أن توفي بالطاعون في سنة ثلاث وثلاثين وثمانمائة. وكان مليح الشكل، رأساً في رمي النشاب، رحمه الله تعالى. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 314 باب الدال والميم نائب طرابلس 00 - 0 - 793 هـ - 000 - 1390م دمرداش بن عبد الله اليوسفي، الأمير سيف الدين، نائب طرابلس. كان من أعيان الأمراء بالديار المصرية، ولي عدة وظائف جليلة إلى أن صار من حزب منطاش والناصري على الملك الظاهر برقوق، وولي لهما نيابة طرابلس وغيرها. واستمر مع منطاش إلى أن ظفر به الظاهر برقوق وقتله، بعد خذلان منطاش في سنة ثلاث وتسعين وسبعمائة. ودمرداش بالدال المهملة المفتوحة وبالتاء المثناة من فوق، كلاهما لغة بلسان التركي، وميم مضمومة وراء ساكنة، ودال، وقيل ضاد، كلاهما أيضاً لغة، وألف وشين معجمة، ومعناه: حديد حجر، فإن دمر حديد، وضاش حجر. انتهى. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 315 نائب الكرك 00 - 0 - 793 هـ - 000 - 1390م دمرداش بن عبد الله القَشْتَمري، الأمير سيف الدين، نائب الكرك، ثم أحد المقدمين في أيام الناصري ومنطاش. ودام معهما إلى أن قبض عليه الملك الظاهر برقوق وقتله في سنة ثلاث وتسعين وسبعمائة تقدم الكلام على اسم دمرداش ومعناه، انتهى. نائب حلب ثم نائب دمشق 00 - 0 - 818 هـ - 000 - 1415م دمرداش بن عبد الله المحمدي الأتابكي الظاهري، الأمير سيف الدين. هو أيضاً من مماليك الملك الظاهر برقوق، وممن صار خاصكياً سلاح دارا في سلطنة برقوق الأولى. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 316 فلما خلع برقوق وحبس بالكرك، ونفيت مماليكه أخرج دمرداش هذا إلى الشام، وصار بخدمة نائبها الأمير بزلار العمري كما تقدم ذكره في ترجمة دقماق. واستمر بدمشق إلى أن خرج أستاذه الملك الظاهر برقوق من حبس الكرك، وتسلطن ثانياً أنعم على دمرداش هذا بإمرة بالبلاد الشامية، ثم ولاه نيابة حماة. فاستمر في نيابة حماة إلى سنة خمس وتسعين، نقل إلى نيابة طرابلس بعد عزل الأمير إياس الجرجاوي عنها وتوجهه إلى دمشق أتابكاً بها بعد انتقال تنم الحسني منها إلى نيابة دمشق. وتولى نيابة حماة بعد الأمير آقبغا الصغير؛ فدام دمرداش في نيابة طرابلس إلى أن تجرد الظاهر برقوق إلى البلاد الشامية في سنة ست وتسعين، قبض عليه، وولي عوضه في نيابة طرابلس الأمير أرغون شاه الإبراهيمي نائب صفد. واستقر في نيابة صفد بعد أرغون شاه المذكور آقبغا الهذباني أتابك حلب، ثم أطلقه برقوق من يومه بشفاعة والدي - رحمه الله - فيه، وأنعم عليه بأتابكية حلب عوضاً عن آقبغا الهذباني المستقر في نيابة صفد؛ فدام دمرداش بحلب، وقد ولي نيابتها والدي سنين إلى أن نقل إلى نيابة حماة ثانياً، عوضاً عن الأمير يونس بلطا بحكم انتقاله إلى نيابة طرابلس، عوضاً عن أرغون شاه الجزء: 5 ¦ الصفحة: 317 الإبراهيمي بحكم انتقاله إلى نيابة حلب، بعد عزل والدي عنها وقدومه إلى الديار المصرية أمير مائة ومقدم ألف بها، واستقراره أمير سلاح. فاستمر الأمير دمرداش المذكور في نيابة حماة إلى أن توفي الملك الظاهر برقوق وعصى الأمير تنم نائب الشام على الملك الناصر، وسأله تنم على موافقته فأبى؛ فأرسل تنم إلى حصاره عسكراً، ثم أذعن لموافقته لما بلغه موافقة والدي لتنم المذكور، وحضر إلى دمشق، وسار مع تنم لقتال الملك الناصر. فلما التقى الفريقان فر دمرداش المذكور من عسكر تنم، ولحق بالملك الناصر. فلما انتصر الملك الناصر، وقبض على تنم ورفقته واستقر دمرداش هذا في نيابة حلب، فتوجه إليها ودخلها في أول شهر رمضان سنة اثنتين وثمانمائة. وأقام بها إلى شوال من السنة، ورد عليه الخبر بقدوم قرا يوسف والسلطان أحمد بن أويس صاحب بغداد إلى الساجور جافلين من تيمور، فجمع الأمير دمرداش العساكر، واستنجد بالأمير دقماق المحمدي نائب حماة - المتقدم ذكره - وتوجه لقتال قرا يوسف والسلطان أحمد، فطرقهم دمرداش الجزء: 5 ¦ الصفحة: 318 بالساجور، واقتتل الفريقان إلى أن انكسر الأمير دمرداش هذا كسرةً شنيعة، ورجع دمرداش إلى حلب في دون العشرة أنفس، وأخذ جميع ما كان معهم، وأمسك الأمير دقماق نائب حماة إلى أن افتدى وأطلق، فأخذ أمر حلب من يومئذ في النقص والتلاشي إلى أن قدمها تيمور في سنة ثلاث وثمانمائة، وأخذها بالأمان في شهر ربيع الأول من السنة، وفعل فيها ما فعل حسبما ذكرناه في غير هذا الموضع. ثم أن تيمور أخلع على دمرداش وأكرمه؛ ولهذا تقول أهل حلب إن دمرداش كان مباطناً مع تيمور في أخذ حلب، وأخذه تيمور صحبته نحو دمشق. فلما سمع دمرداش بقدوم الملك الناصر بالعساكر المصرية لقتال تيمور فر من تيمور وأتى الناصر، ودام معه إلى أن عاد تيمور إلى بلاده، خلع عليه بنيابة حلب ثانياً، وعلى والدي بنيابة دمشق أيضاً ثانياً، وتوجها إلى محل كفالتهما، ودام دمرداش في نيابة حلب إلى أن عزل بالأمير دقماق نائب حماة. ووقع بينهما وقعة انكسر دمرداش فيها، وانهزم إلى بلاد التركمان، وذلك في سنة أربع وثمانمائة، فدام في تلك البلاد نحواً من سنة، وطلب الأمان، فأنعم عليه بنيابة طرابلس، فتوجه إليها، واستمر بها إلى سنة ست وثمانمائة نقل إلى نيابة حلب ثالثاً، فدخلها في مستهل شهر رمضان سنة ست، واستمر بها إلى شعبان من سنة سبع وثمانمائة طرقه الأمير جكم من عوض بها، وتقاتلا، فانكسر دمرداش، وتوجه إلى الجزء: 5 ¦ الصفحة: 319 ناحية إياس، وركب منها البحر، وتوجه إلى القاهرة، فولاه الملك الناصر نيابة حلب، ورسم له بالعود. ثم عزله بعد خروجه إليها، فعاد إلى التركمان، وجال في تلك البلاد. ثم جمع وطرق حلب بغتة، وأخذها في سنة ثمان وثمانمائة. فلما سمع نائبها الأمير علان، وهو بحماة عند دقماق نائب حماة، ركب من وقته إلى حلب، ومعه الأمير نوروز الحافظي، وأخرجاه منها، فهرب. ثم هجم بعد ذلك على حماة وأخذها، فجاءه ابن سقلسيز التركماني نائب شيزر وأخرجه منها، فتوجه إلى الأمير شيخ المحمودي نائب دمشق، ودام عنده إلى أن اتفق بين جكم وبين شيخ الوقعة المشهورة بين حمص والرستن، وانكسر شيخ، عاد دمرداش مع شيخ إلى القاهرة؛ فأنعم عليه الملك الناصر بإمرة مائة وتقدمة ألف بها. واستمر بالقاهرة إلى أن توجه الناصر إلى البلاد الشامية في سنة تسع خرج معه دمرداش المذكور. فلما وصل السلطان إلى حلب، ولاه نيابتها، فلم يثبت، وخرج منها خوفاً من جكم من عوض، وعاد صحبة السلطان إلى الديار المصرية، فاستمر بها إلى الجزء: 5 ¦ الصفحة: 320 سنة عشر ولي نيابة صفد، فلم تطل مدته بها، ونقل إلى نيابة حلب بعد قتل جكم من عوض بآمد، فدام بحلب مدة يسيرة، وطرقه الأمير شيخ، وأخذ حلب منه، فخرج هارباً إلى أنطاكية، واستمر بأنطاكية إلى أن وصل الملك الناصر إلى حلب حضر دمرداش إليه، وعاد صحبته إلى الديار المصرية، واستقر بها أتابك العساكر، عوضاً عن والدي - رحمه الله - بحكم انتقاله إلى نيابة دمشق - وهي نيابته الثالثة - ودام على ذلك إلى أن تجرد الملك الناصر إلى البلاد الشامية في أواخر سنة أربع عشرة وثمانمائة، لقتال الأمير شيخ ونوروز، وواقعهم. ثم انهزم الناصر - حسبما سنذكره في موضعه إن شاء الله تعالى - ودخل إلى دمشق، فوجد والدي محتضراً، ثم توفي من الغد، فحضر الناصر الصلاة عليه، ودفنه بتربة الأمير تنم الحسني، وذلك في يوم الخميس سادس عشر المحرم من سنة خمس عشرة ثم توجه إلى قلعة دمشق، واستقر بالأمير دمرداش هذا في نيابة دمشق عوضاً عن والدي - رحمه الله - فباشر دمرداش نيابة دمشق عشرة أيام، وخلع الناصر فرج في يوم السبت خامس عشرينه. وتسلطن الخليفة المستعين بالله العباسي، واشتد الحصار على الملك الناصر بقلعة دمشق، وعنده الأمير دمرداش المذكور، ودام معه إلى ليلة الأحد عاشر صفر من السنة، فر دمرداش من عنده، وتوجه إلى حلب، وأقام بالبلاد الجزء: 5 ¦ الصفحة: 321 الحلبية مدة، وصار ينتقل من بلد إلى أخرى إلى أن تسلطن المؤيد شيخ، وعصى عليه الأمير نوروز الحافظي، وجهز كل منهما يستميل دمرداش إلى نفسه فمال إلى نوروز على أن يعطيه نيابة حلب. وكان فيها من قبل نوروز يشبك بن أزدمر نائباً فرسم له نوروز بذلك، ثم رجع عن ذلك، ثم وردت ملطفات من الملك المؤيد إلى حلب بنيابة دمرداش نيابة حلب، فلم تصل يده لإخراج نائبها، وطال عليه الأمر، فركب البحر، وقدم إلى الديار المصرية حسبما ذكرنا في ترجمتي أولاد أخيه قرقماس وتغري بردى - يعني سيدي الكبير وسيدي الصغير - ووصل القاهرة في يوم السبت مستهل شهر رمضان، فأكرمه السلطان الملك المؤيد، وأخلع عليه. وكان الأمير دمرداش هذا هو وأولاد أخيه سيدي الكبير قرقماس وسيدي الصغير تغري بردى، لا يجتمعون عند سلطان جملة؛ خوفاً من القبض عليهم. فلما اجتمع هؤلاء الثلاثة عند الملك المؤيد - يعني دمرداش وولدا أخيه - لكن كان ابن أخيه سيدي الصغير قد خرج من القاهرة، بمنزلة الصالحية لنيابة غزة، وكان في ظن دمرداش أنه خرج قبل ذلك، وأنه بغزة. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 322 فلما رأى المؤيد حضور دمرداش إلى القاهرة، وعود سيدي الكبير من نيابة دمشق، وهو أيضاً بالقاهرة، أرسل بجماعة من الأمراء من يومه إلى الشرقية على أنهم يكبسوا العرب، وندبهم في الباطن للقبض على تغري بردى سيدي الصغير بالصالحية. ثم أرسل خلف دمرداش هذا وخلف ابن أخيه قرقماس سيدي الكبير - المتولي نيابة دمشق، عوضاً عن الأمير نوروز الحافظي - إلى القلعة، وقبض عليهما في ليلة السبت ثامن شهر رمضان سنة ست عشرة وثمانمائة، وحملا إلى حبس الإسكندرية. ثم حضرت الأمراء من الصالحية، ومعهم سيدي الصغير في الحديد؛ فحبس بقلعة الجبل إلى أن قتل في أول شوال. ثم قتل سيدي الكبير قرقماس بثغر الإسكندرية في السنة المذكورة أيضاً. ودام دمرداش هذا في حبس الإسكندرية إلى سنة ثمان عشرة وثمانمائة، أرسل المؤيد بقتله؛ فقتل في يوم السبت ثامن عشر المحرم من السنة، وله نحو خمسين سنة. وكان أميراً كبيراً، شجاعاً، مقداماً، عارفاً، جواداً كريماً، باشر الحروب وحضر الوقائع، وتنقل في عدة ولايات وأعمال جليلة، إلا أنه كان قليل السعادة في حركاته، مع معرفة تامة، وخديعة، ومكر، ودهاء. وكان يعظم العلماء، ويحب أهل الصلاح. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 323 وبنى بحلب جامعاً كان قد أسسه الأمير أقبغا الهذباني الأطروش؛ فكمله، ووقف عليه وقفاً جيداً، وبنى بطرابلس أيضاً زاوية عظيمة على بركة راوية، معروفة به. وكان يلوذ لنا بقرابة، وهو أحد أوصياء والدي رحمهما الله تعالى وعفا عنهما. ابن سالم الدكزي 00 - 0 - 806 هـ - 000 - 1403م دمشق خجا بن سالم الدكزي، الأمير سيف الدين، نائب جعبر، وأمير التركمان. كان غالب أيامه عاصياً على السلطنة ووقع له أمور مع نواب البلاد الشامية. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 324 ثم وقع بينه وبين الأمير نعير عداوة، وتقاتلا. ودام القتال بينهما أياماً إلى يوم الخميس سابع عشرين شهر رمضان سنة ست وثمانمائة انتصر نعير على دمشق خجا المذكور وقتله. واستمر القتل في تركمانه وحفدته، وتفرق شملهم، ونهبت أموالهم. قلت: ومستراح منه؛ لأنه كان من شرار خلق الله المفسدين في الأرض. وكان يرتكب عظائم من القتل والنهب، لم تأخذه رأفة على مسلم، وكان كهفاً للصوص وقطاع الطريق، عليه من الله ما يستحقه. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 325 باب الدال والواو الدوادار 00 - 0 - 857 هـ - 000 - 1453م دُولات باي بن عبد الله المحمودي، الساقي المؤيدي الدوادار، الأمير سيف الدين. قدم به خواجا محمود من بلاد الجاركس في جملة مماليك إلى ثغر الإسكندرية؛ فاشتراه نائبها الأمير آقبردي المنقار المؤيدي، وأحبه، فبلغ الملك المؤيد شيخ ذلك، فبعث بطلبه، فوجهه إليه، فأخذه المؤيد، وجعله في طبقة الطواشي مرجان الخازندار. ثم أعتقه، وجعله خاصكياُ، ثم صار خازنداراً، ثم ساقياً الجزء: 5 ¦ الصفحة: 326 في آخر دولته، أو بعد موته. واستمر على ذلك إلى أن عزل عن السقاية في دولة الملك الصالح محمد بن الملك الظاهر ططر. واستمر على إقطاعه دهراً طويلاً. وكان إقطاعه حصة من جينين القصر، إلى أن أنعم عليه الملك الأشرف برسباي بإمرة عشرة بسفارة صهره زوج ابنته الأمير جانم أمير آخور، قريب الملك الأشرف برسباي، وذلك في حدود سنين خمس وثلاثين وثمانمائة. ثم جعله من جملة رؤوس النواب الصغار. ولا زال على ذلك إلى أن مات الملك الأشرف، وتسلطن ولده الملك العزيز يوسف من بعده، ثم وقع بين العزيز وبين الأتابك جقمق العلائي ما ذكرناه في غير موضع. فانضم دولات باي هذا مع خجداشيته على الأتابك جقمق، وركبوا معه، وصاروا من حزبه إلى أن خلع الملك العزيز، وتسلطن جقمق، ولقب بالملك الظاهر، أنعم على دولات باي المذكور بإمرة طبلخاناة، وجعله أمير آخوراً ثانياً، عوضاً عن الأمير نخْشي باي الأشرفي المقبوض عليه قبل تاريخه. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 327 ثم نقله الملك الظاهر بعد مدة يسيرة إلى الدوادارية الثانية، بعد الأمير أسنبغا الطياري بحكم انتقاله إلى تقدمة ألف بالديار المصرية. واستقر عوضه في الأمير آخورية الثانية الأمير جرباش المحمدي، المعروف بُكرد. كل ذلك في سنة اثنتين وأربعين وثمانمائة، فباشر المذكور وظيفة الدوادارية الثانية بحرمة وافرة وعظمة زائدة، ونالته السعادة وأثرى، وعمّر الأملاك الجيدة، وحصّل الأموال الكثيرة، وطالت أيامه. وحج أمير الحج في سنة تسع وأربعين وثمانمائة، ثم عاد إلى القاهرة. واستمر على ذلك إلى أن أنعم عليه الملك الظاهر جقمق بإمرة مائة وتقدمةألف بالديار المصرية، بعد موت الأمير تمراز القرمشي أمير سلاح بالطاعون في يوم الاثنين ثالث عشر صفر سنة ثلاث وخمسين وثمانمائة، وأنعم بطبلخانته على الأمير يونس السيفي آقباي شاد الشراب خاناة. واستقر عوضه في الدوادارية الثانية الأمير تمربغا الظاهري على الجزء: 5 ¦ الصفحة: 328 إمرة عشرة، فلم يكن بعد أيام إلا وأخلع عليه باستقراره في الدوادارية الكبرى في يوم الخميس ثاني عشرين صفر المذكور، عوضاً عن الأمير قاني باي الجاركسي بحكم انتقاله إلى الأمير آخورية الكبرى بعد موت الأمير قراقجا الحسني بالطاعون أيضاً. وقيل إن تولية دولات باي المذكور للدوادارية الكبرى كانت على بذله نحواً من عشرين ألف دينار للخزانة الشريفة. ولا يبعد ذلك. واستمر دولات باي هذا في الدوادارية مدة، ورسم له في سنة خمس وخمسين بنيابة حلب لبغيضٍ بدا من السلطان على الأمير قاني باي الحمزاوي نائب حلب. ثم بطل ذلك من الغد، واستمر على وظيفته إلى أن قبض عليه المنصور عثمان ابن جقمق في صفر سنة سبع وخمسين، وحبسه بالإسكندرية مدة يسيرة، وبعد خلع عثمان أطلقه الأشرف إينال، فلم تطل مدته وتوفي في السنة المذكورة، وخلَّف مالاً جماً، أخذه من يستحقه من بعده. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 329 والي القاهرة 00 - 0 - 841 هـ - 000 - 1437م دولات خجا بن عبد الله الظاهري، سيف الدين، والي القاهرة ومحتسبها. هو من أصاغر مماليك الملك الظاهر برقوق الذين كانوا لا يؤبه إليهم. كان المذكور من جملة المماليك السلطانية، ودام على ذلك دهراً طويلاً إلى أن جعله الملك الأشرف برسباي كاشفاً ببعض أقاليم الوجه البحري، فأظهر في ولايته للكشف من الظلم والعسف ما صيره بعد ذلك والياً بالقاهرة، لما كثر فساد الزعر. فلما ولي القاهرة أطلق عدة من المحابيس أرباب الجرائم، وهدد من أمسكه منهم ثانياً بالتوسيط، فوسط جماعة منهم عندما ظفر بهم. ولما كثر ظلمه، عزله السلطان عن الولاية، وولاه الكشوفية؛ ففعل في الكشوفية أيضاً ما لا يليق ذكره. ثم عزل عن الكشوفية، وطلبه الجزء: 5 ¦ الصفحة: 330 السلطان وولاه حسبة القاهرة، عوضاً عن القاضي صلاح الدين محمد بن نصر الله، فأظهر في حسبة القاهرة أيضاً من الظلم والعقوبة للباعة، ما هو مشهور عنه؛ فلم تطل أيامه، وأخذه الله بالموت بالطاعون في يوم السبت أول ذي القعدة سنة إحدى وأربعين وثمانمائة، وقد قارب السبعين تخميناً. وكان شيخاً تركياً، للقصر أقرب، ذا لحية بيضاء، وضيعاً في الدول، وعنده ظلم وعسف وجور، إلا أنه كان قليل الطمع فتاكاً. انتهى. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 331 باب الدال والياء المثناة من تحت صاحب كيلان 00 - 0 - 711 هـ - 000 - 1311م ديباج بن عبد الله، الأمير سيف الدين صاحب كيلان. خرج متوجهاً من كيلان متوجهاً إلى الحج، فلما وصل إلى دمشق أدركه أجله؛ فمات بها في سنة أربع عشرة وسبعمائة، ودفن بالصالحية. وكان جميل الصورة، وله مآثر وصدقات ببلده. ويقال إنه لما مات بدمشق وجد له شيء كثير. قلت: وما أدري هل كان يعتقد ما يعتقده غالب أهل كيلان من التجسيم، وسب العلماء، والأشياء القبيحة التي يتجاهرون بها في كيلان، أم كان جيد الاعتقاد، فالله سبحانه وتعالى أعلم. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 332 شيخ الخدام بالحرم النبوي 00 - 0 - 761 هـ - 000 - 1359م دينار بن عبد الله، الطواشي عز الدين، شيخ الخدام بالمدينة الشريفة. كان أولاً من جملة الخدام بالقاهرة، ثم توجه إلى المدينة، وصار من جملة الخدام بها بالحرم النبوي - على ساكنه أفضل الصلاة والسلام - واستمر بها إلى أن توفي شيخ الخدام ناصر الدين نصر في سنة سبع وعشرين وسبعمائة، فولي دينار هذا مكانه، وحسنت سيرته إلى الغاية. وكان ملازماً لتلاوة القرآن والعبادة. وطالت أيامه في مشيخة الخدام بالحرم النبوي وله مآثر حسنة بالحرم النبوي. وكان فيه من الشدة على الرافضة، والقيام في الأمور الشرعية. ثم عزل بصفي الدين جوهر، فلم يثمر أمر جوهر المذكور، وعزل قبل خروجه من القاهرة. واستمر دينار هذا على عادته مدة طويلة. ثم عزل بشرف الدين مختص الخازندارية؛ فباشر مختص بأخلاق غير مرضية، وترفع على الناس؛ فعزل. وأعيد دينار صاحب الترجمة، وصار مختص المذكور نائبه في المشيخة؛ لضعف عز الدين دينار هذا وكبر سنه. واعتزل عن المشيخة، وأقبل على العبادة إلى أن مات في سنة إحدى وستين وسبعمائة، بعد ما عزل قبيل موته في سنة ثمان وخمسين وسبعمائة بافتخار الدين ياقوت، رحمه الله تعالى. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 333 حرف الذال المعجمة باب الذال والباء الموحدة الشيخي والي القاهرة 00 - 0 - 704 هـ - 000 - 1304م ذبيان بن عبد الله، الأمير ناصر الدين الشيخي، والي القاهرة. حضر من بلاد المشرق، صحبة الشيخ عبد الرحمن الكواشي، رسول الملك أحمد إلى الملك المنصور قلاوون. فلما توفي الشيخ عبد الرحمن، صار ناصر الدين هذا يخيط الكوافي، فعمل الصنعة بدمشق مدة، ثم قدم إلى القاهرة، وتوصل الجزء: 5 ¦ الصفحة: 334 إلى الأمير ركن الدين بيبرس الجاشنكير إلى أن تولى الولاية بالقاهرة، والتزم بيبرس، وصار بيبرس يعضده إلى أن ولي الوزارة بالديار المصرية. ثم قبض عليه وصودر، ثم توفي سنة أربع وسبعمائة بالقاهرة، رحمه الله تعالى. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 335 باب الذال المعجمة والواو ذون بطرو القرنجي 00 - 0 - 719 هـ - 000 - 1319م ذُون بُطُرو، وقيل ذون بَتْرو، الملك الكبير الطاغية الفرنجي الأندلسي. قتل في سنة تسع عشرة وسبعمائة وسلخ، وحُشِيَ قطناً وعلِّق على باب غرناطة. وكان من خبره: أن الفرنج حشدوا، ونفروا من البلاد، وذهب سلطانهم ذون بطرو المذكور إلى طليطلة؛ فدخل على الباب؛ فسجد له وتضرع. وطلب ليستأصل من بقي من المسلمين بالأندلس، وأكد عزمه، فقلق المسلمون لذلك، وعزموا على الاستنجاد بالمريني، ونفدوا إليه؛ فلم ينجد، فلجأ أهل غرناطة إلى الله تعالى. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 336 وأقبل الفرنج في جيش لا يحصى فيه خمسة وعشرون ملكاً، فقتل الجميع من آخرهم. وأقل ما قيل أنه قتل في هذه الملحمة خمسون ألفاً من النصارى، وأكثر ما قيل ثمانون ألفاً. وكان نصراً عزيزاً ويوماً مشهوداً. والعجيب أنه لم يقتل من المسلمين من الأجناد سوى ثلاثة عشر فارساً، وأن عسكر الإسلام كانوا نحو ألف وخمسمائة فارس، والرجَّالة نحواً من أربعة آلاف راجل، وقيل دون ذلك. وكانت الغنيمة تفوق الوصف، وطلبت الفرنج الهدنة؛ فعقدت، وبقي ذون بطرو - صاحب الترجمة - على باب غرناطة سنوات، ولله الحمد. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 337 حرف الراء المهملة السيدة النبوية 00 - 0 - 685 هـ - 000 - 1286م رابعة، بنت ولي العهد أبي العباس أحمد بن المستعصم بالله، أمير المؤمنين، وتعرف بالسيدة النبوية، زوجة الصاحب الملك هارون بن الصاحب شمس الدين محمد بن محمد الجويني، وأم أولاده: المأمون عبد الله، والأمير أحمد، وزبيدة. وكان صداقها على زوجها هارون المذكور مائة ألف دينار، " كصداق خديجة السلجوقية على الخليفة القائم بأمر الله، وكذلك المكتفي زوج ابنته زبيدة بالسلطان مسعود بن محمد بن ملكشاة السلجوقي على صداق مائة ألف دينار ". وماتت رابعة - صاحبة الترجمة - ببغداد سنة خمس وثمانين وستمائة في جمادى الآخرة. وفي التاريخ المذكور أيضاً قتل زوجها هارون المذكور، فلم يعلم أحد منهما بموت الآخر. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 338 وهي خلاف رابعة بنت محمود بن عبد الواحد أم الغيث الأصبهانية عمة أبي نصر محمود بن الفضل، العالمة الصالحة. وكانت وفاتها سنة سبع وخمسمائة. وأيضاً خلاف رابعة العدوية أم عمرو، وقيل أم الخير، ووفاتها سنة خمس وثمانين ومائة. وأيضاً خلاف رابعة العابدة. وكانت رابعة العابدة معاصرة لرابعة العدوية، وربما تداخلت أخبارهما. ذكرنا هؤلاء خوف الالتباس والله الموفق. أمير مكة 00 - 0 - 654 هـ - 000 - 1256م راجح بن قتادة بن إدريس بن مطاعن بن عبد الكريم، الشريف الحسني المكي أمير مكة. ولي إمرتها غير مرة، وجرى له في ذلك أمور ومنازعة مع أخيه حسن، بعد موت والده، وحصل بينهما وقائع وحوادث إلى أن مات راجح المذكور في سنة أربع وخمسين وستمائة. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 339 أمير مكة أيضا ً راجح بن أبي نمى محمد بن أبي سعيد حسن بن علي بن قتادة بن إدريس ابن مطاعن، الشريف الحسني المكي، أمير مكة. " ولي إمرتها غير مرة "، استولى عليها أشهراً، ثم انتزعت منه، وقدم القاهرة على السلطان الملك الناصر محمد بن قلاوون في سنة ثلاث وثلاثين وسبعمائة. أبو محمد الصميدي 00 - 0 - 718 هـ - 000 - 1318م رافع بن هجرس، الشيخ المقرئ المحدث الفقيه الزاهد الصوفي أبو محمد الصميدي، نزيل القاهرة. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 340 سمع بدمشق من أصحاب ابن طبرزد، وبمصر من طائفة. وعني بالرواية والقراءات، وكتب وحصَّل بعض الأصول، وعلق، وأفاد، وتفقه. توفي. كهلاً في سنة ثمان عشرة وسبعمائة بالقاهرة، رحمه الله تعالى. راشد التكروري 00 - 0 - 796 هـ - 000 - 1393م راشد، وقيل رشيد، الصالح المعتقد التكروري المجذوب، المقيم بجامع راشدة - خارج مدينة مصر القديمة -. كان للناس فيه اعتقاد حسن، ويتبركون بزيارته إلى أن توفي بالبيمارستان المنصوري في يوم السبت ثالث عشرين جمادى الآخرة سنة ست وتسعين وسبعمائة، رحمه الله تعالى. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 341 باب الراء والباء الموحدة القرطبي المغربي 00 - 0 - 767 هـ - 000 - 1365م رُبَيع بن يحيى بن عبد الرحمن بن أحمد بن عبد الرحمن بن ربيع، أبو الزهر الأشعري القرطبي المغربي. هو من بيت كبير شعيرٍ بالأندلس. روى عن أبيه أبي عامر وغيره، وولي قضاء بعض الأندلس. وتوفي بحصن بلَّش سنة سبع وستين وستمائة. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 342 باب الراء والتاء المثناة من فوق الهندي حدود 000 - 632هـ - 000 - 1234م رتن الهندي، المدعي أنه من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم. قال الشيخ صلاح الدين خليل الصفدي: نقلت من خط علاء الدين علي بن مظفر الكندي: حدثنا القاضي الأجل العالم جلال الدين أبو عبد الله محمد بن سليمان بن إبراهيم الكاتب من لفظه، قال: أخبرنا الشريف قاضي القضاة بدر الدين أبو الحسن علي بن الشريف شمس الدين أبي عبد الله محمد بن الحسين الحسيني الأثيري الحنفي من لفظه في العشر الآخر من جمادى الأولى عام أحد وسبعمائة بالقاهرة، قال: أخبرني جدي الحسين بن محمد قال: كنت في زمن الصبا - وأنا ابن سبع عشرة سنة أو ثمان عشرة سنة - سافرت مع أبي محمد وعمي عمر من خراسان إلى بلاد الهند في تجارة. فلما بلغنا أوائل بلاد الهند وصلنا إلى ضيعة من ضياع الهند، فعرج أهل القفل نحو الضيعة، ونزلوا بها، وضج أهل القافلة، فسألناهم عن الشأن، فقالوا: هذه ضيعة الشيخ رتن - اسمه بالهندية وعرّبه الناس وسموه بالمعمّر؛ لكونه عُمّر عمراً خارجاً عن العادة -. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 343 فلما نزلنا خارج الضيعة رأينا بفنائها شجرة عظيمة تظل خلقاً عظيماً، وتحتها جمع عظيم من أهل الضيعة، سلمنا عليهم وسلموا علينا، ورأينا زنبيلاً كبيراً معلقاً في بعض أغصان الشجرة؛ فسألنا عن ذلك، فقالوا: هذا الزنبيل فيه الشيخ رتن الذي رأى النبي - صلى الله عليه وسلم - ودعا له بطول العمر ست مرات؛ فسألنا جميع أهل الضيعة أن ينزل الشيخ ونسمع كلامه، وكيف رأى النبي - صلى الله عليه وسلم - وما يروى عنه؟؛ فتقدم شيخ من أهل الضيعة إلى الزنبيل - وكان بكرة - فأنزله؛ فإذا هو مملوء بالقطن، والشيخ في وسط القطن، ففتح رأس الزنبيل، وإذا الشيخ فيه كالفرخ، فحسر عن وجهه، ووضع فمه على أذنه وقال: يا جداه: هؤلاء قوم قدموا من خراسان، وفيهم شرفاء أولاد النبي - صلى الله عليه وسلم - وقد سألوا أن تحدثهم كيف رأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وماذا قال لك؟ فعند ذلك تنفس الشيخ وتكلم بصوت كصوت النحل بالفارسية، ونحن نسمع ونفهم كلامه، فقال: سافرت مع أبي وأنا شاب من هذه البلاد إلى الحجاز في تجارة، فلما بلغنا بعض أودية مكة، وكان المطر قد ملأ الأودية بالسيل، فرأيت غلاماً أسمر اللون مليح الكون، حسن الشمائل وهو يرعى إبلاً في تلك الأودية، وقد حال السيل بينه وبين إبله، وهو يخشى خوض السيل لقوته، فعلمت حاله، فأتيت إليه وحملته، وخضت السيل إلى عند إبله من غير معرفة سابقة. فلما وضعته عند إبله، نظر إلي وقال لي بالعربية: بارك الله في عمرك، بارك الله في عمرك، بارك الله في عمرك؛ فتركته ومضيت إلى سبيلي إلى أن دخلنا مكة وقضينا ما كنا أتينا له من أمر التجارة، وعدنا إلى الوطن. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 344 فلما تطاولت المدة على ذلك كنا جلوساً في فناء ضيعتنا هذه في ليلة مقمرة رأينا ليلة البدر في كبد السماء إذ نظرنا إليه وقد انشق نصفين، فغرب نصف في المشرق ونصف في المغرب، ساعة زمانية، وأظلم الليل، ثم طلع النصف من المشرق والنصف الثاني من المغرب إلى أن التقيا في وسط السماء، كما كان أول مرة، فعجبنا من ذلك غاية العجب، ولم نعرف لذلك سبباً. وسألنا الركبان عن خبر ذلك وسببه؛ أخبرونا أن رجلاً هاشمياً ظهر بمكة، وادعى أنه رسول من الله إلى كافة العالم، وأن أهل مكة سألوه معجزة كمعجزة سائر الأنبياء، وأنهم اقترحوا عليه أن يأمر القمر فينشق في السماء ويغرب نصفه في المغرب ونصفه في المشرق، ثم يعود إلى ما كان عليه؛ ففعل لهم ذلك بقدرة الله تعالى. فلما سمعنا ذلك من السفار اشتقت إلى أن أرى المذكور؛ فتجهزت في تجارة، وسافرت إلى أن دخلت مكة، وسألت عن الرجل الموصوف، فدلوني على موضعه، فأتيت إلى منزله، واستأذنت عليه؛ فأذن لي، ودخلت عليه؛ " فوجدته جالساً في صدر المنزل، والأنوار تتلألأ في وجهه "، وقد استنارت محاسنه، وتغيرت صفاته التي كنت أعهدها في السفرة الأولى، فلم أعرفه. فلما سلَّمت عليه نظر إليَّ وتبسَّم وعرفني، وقال: وعليك السلام، أدنُ مني، وكان بين يديه طبق فيه رُطَب، وحوله جماعة من أصحابه كالنجوم الجزء: 5 ¦ الصفحة: 345 يعظمونه ويبجلونه؛ فتوقفت لهيبته؛ فقال ثانياً: أدن مني وكُلْ - الموافقة من المروءة، المنافقة من الزندقة -؛ فتقدمت وجلست وأكلت معهم من الرطب، وصار يناولني الرطب بيده المباركة إلى أن ناولني ست رُطبات، من سوى ما أكلت بيدي، ثم نظر إلي وتبسم وقال لي: ألم تعرفني. قلت: كأني، غير أني لم أتحقق؛ فقال: ألم تحملني في عام كذا، وجاوزت بي السيل حين حال السيل بيني وبين إبلي؟؛ فعند ذلك عرفته بالعلامة، وقلت له: بلى يا صبيح الوجه؛ فقال لي: امدد يدك، فمددت يدي اليمنى إليه؛ فصافحني بيده اليمنى، وقال لي: قل أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمداً عبده ورسوله؛ فقلت ذلك كما علمني، فسرَّ بذلك، وقال لي عند خروجي من عنده: بارك الله في عمرك، بارك الله في عمرك، بارك الله في عمرك؛ فودعته وأنا مستبشر بلقائه وبالإسلام، فاستجاب الله دعاء نبيه - صلى الله عليه وسلم -، وبارك في عمري بكل دعوة مائة سنة. وها عمري اليوم نيف وستمائة سنة، وجميع من في هذه الضيعة أولاد أولاد أولادي، وفتح الله عليَّ وعليهم بكل خير وبكل نعمة ببركة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - انتهى. وذكر عبد الوهاب القارئ الصوفي أنه مات في حدود سنة اثنتين وثلاثين وستمائة. وذكر النجيب عبد الوهاب أيضاً: أنه سمع من الشيخ محمود بابا رتن، وأنه بقي إلى سنة تسع وسبعمائة، وأنه قدم عليهم شيراز. انتهى. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 346 قال الحافظ أبو عبد الله الذهبي: من صدق هذه الأعجوبة وآمن ببقاء رتن: فما لنا فيه حيلة، فليعلم أنني أول من كذب بذلك، وأنني عاجز منقطع معه في المناظرة، وما أبعد أن يكون حين تبدّى بأرض الهند وادعى ما ادعى؛ فصدقوه. لا بل هذا شيخ مفترٍ دجال، كذب كذبة ضخمة، لكي تنصلح خائبة الضباغ. وأتى بفضيحة كبيرة، والذي يحلف به أنه رتن الكذاب قاتله الله أنّى يؤفك. وقد أفردت له جزءاً فيه أخبار هذا الضال وسميته: " كسر وَثَنْ رَتَنْ ". وقال الشيخ علم الدين البرزالي: وقد سألته عن هذا الحديث، فقال لي: هو من أحاديث الطرقية. انتهى كلام الذهبي رحمه الله. قلت: ومعتقدي في رتن المذكور كمعتقد الذهبي - رحمه الله - ولولا أنه مشهور ما ذكرته في هذا التاريخ. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 347 باب الراء المهملة والزاي رزق الله، أخو النشو 00 - 0 - 740 هـ - 000 - 1339م رزق الله بن فضل الله، مجد الدين، أخو النشو. كان أولاً نصرانياً. جعله أخوه في استيفاء الخزانة والخاص. وكان يدخل على الملك الناصر محمد بن قلاوون لما ينوب عن أخيه. فلما كان في بعض الأيام وهو يوم الجمعة سنة ست وثلاثين وسبعمائة أراد السلطان أن يستسلمه؛ فأبى عليه؛ فلكمه السلطان بيده، وعرض عليه السيف؛ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 348 فأسلم، وخلع عليه، واستخدمه في ديوان الأمير ملكتمر الحجازي، فساد وظهر صيته وعظم وشاع ذكره. وكان فيه كرم نفس ونظافة ملبس وميل إلى المسلمين. وكان إذا فصَّل قماشه يقول للخياط: طوله عن تفصيلي، وكف الفضل عن قدري. قال الصفدي: سألته عن ذلك فقال: أنا قصير، وأهب قماشي لمن يكون أطول مني، " فإذا فتقه جاء طوله ". وكان يهب قماشه كثيراً إلى الغاية، قل ما يغسل له قماشاً، إلا إن كان أبيض. وكان في الصيف يغير غالب الأيام مرتين. وعمَّر داراً مليحة إلى الغاية على الخليج الناصري. وكان له سُبْع يقرأ بالجامع الأزهر ويجهز إلى مكة للمجاورين في كل سنة ستين قميصاً. وكان يستسلم من محبة من خدمه خفية من أمه. ولما أمسك النشو سلم مجد الدين هذا إلى الأمير قوصون، فأصبح مذبوحاً - ذبح نفسه - ولم يمكن أحداً من معاقبته، وذلك في ثالث صفر سنة أربعين وسبعمائة. وكان حلو الوجه مليح العينين، ربعة. انتهى كلام الصفدي. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 349 باب الراء والسين المهملتين التباني الحنفي 00 - 0 - 793 هـ - 000 - 1390م رسولا بن أحمد بن يوسف، العلامة جلال الدين التباني العجمي الأصل الحنفي. تفقه على علماء عصره، وأخذ العربية عن الشيخ جمال الدين بن هشام وغيره. وبرع في الفقه، والأصلين، والعربية واللغة، والمعاني، والبيان. وتصدر للإفتاء والتدريس عدة سنين، وانتفع به عامة الطلبة، وتفقه به جماعة كبيرة. وعرض عليه قضاء القضاة بالديار المصرية؛ فامتنع وتنزه عن ذلك. وكتب وصنف التواليف الكثيرة، وشرح كتاب المنار في أصول الفقه، وشرح مختصر ابن الحاجب في الأصول، والتلويح في شرح الجامع الصحيح لمغلطاي، ونظم الجزء: 5 ¦ الصفحة: 350 كتاباً في الفقه وشرحه، وكتب على البرذوي وعلى مشارق الأنوار في الحديث وغير ذلك. وكان له حرمة زائدة في الدولة، محبباً عند الملوك، وفيه تواضع وبر وصدقة. وله نسك من صيام وقيام وفعل الخير إلى أن توفي خارج القاهرة في يوم الجمعة ثالث عشر شهر رجب سنة ثلاث وتسعين وسبعمائة. والتباني بالتاء المثناة من فوق وبعدها باء موحدة مشددة وألف ونون وياء آخر الحروف نسبة إلى التبانة مكان خارج القاهرة بالقرب من باب الوزير. انتهى. البلقيني 756 - 803 هـ - 1355 - 1400م رسلان بن أبي بكر بن رسلان بن نصير بن صالح، القاضي بهاء الدين أبو الفتح البلقيني الشافعي، مولده سنة ست وخمسين وسبعمائة. كان فقيهاً فاضلاً، ناب في الحكم، وشارك في عدة علوم، وهو ابن أخي شيخ الإسلام سراج الدين عمر البلقيني، توفي يوم الثلاثاء رابع عشرين جمادى الآخرة سنة ثلاث وثمانمائة. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 351 باب الراء المهملة والشين المعجمة الرقي 625 - 711 هـ - 1227 - 1311م رشيد بن كامل، الشيخ رشيد الدين الحرشي الرقي الشافعي. وكيل بيت المال بحلب. ولد سنة خمس وعشرين وستمائة. كان فقيهاً، وسمع ابن سلمة، وابن علاّن، والقوصي. وكان له نظم ونثر، وكتب في ديوان الإنشاء بدمشق، وحضر مجالس الناصر الحلبي، وولي نظر جيش دمشق، ودرَّس بعصرونية حلب. وكان ذا عقل وصيانة. توفي غريباً سنة إحدى عشرة وسبعمائة، رحمه الله. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 352 باب الراء المهملة والضاد المعجمة العقبي المحدث المستملي 000 - 852هـ - 000 - 1448م رضوان بن محمد بن يوسف بن سلامة بن البهاء بن سعيد العقبي المصري الشافعي المحدث المستملي البارع، مفيد القاهرة، زين الدين أبو النعيم بفتح النون. مولده في يوم الجمعة من شهر رجب سنة تسع وستين وسبعمائة بمنية عقبة بالجيزة، ونشأ بها، ثم انتقل إلى القاهرة، واشتغل بها في عدة علوم، واشتغل بالقراءات؛ فتلا على الإمام نور الدين علي بن عبد الله الدميري المالكي بالسبع سبع ختمات، ولم يكمل لنافع. ثم تلا بالسبع القرآن العظيم إلى رأس الحزب الأول من الأعراف، ومن ثم بالسبع. وقراءة يعقوب إلى رأس الحزب بالبعض على الشيخ شمس الدين الغماري وأجاز له. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 353 ثم تلا بالثمان المذكورة على ركن الدين أبي البركات محمد بن محمد الأشعري المالكي، وتفقه بالشيخ شمس الدين العراقي، وشمس الدين محمد بن إبراهيم بن أبي بكر الشطنوفي، وشمس الدين محمد بن عبد الله بن أبي بكر الأنصاري القليوبي، وصدر الدين الأبشيطي، وعز الدين محمد بن أبي بكر بن جماعة، وحضر دروس السراج البلقيني، والسراج ابن الملقن، وصدر الدين المناوي، وعز الدين محمد بن أبي بكر بن جماعة. وأخذ النحو عن شمس الدين الشطنوفي، والغماري وشمس الدين البساطي، وكتب عن الحافظ زين الدين العراقي مجالس كثيرة من أماليه، وسمع الحديث من التقي بن حاتم، والبرهان الشامي، وابن أبي المجد، وابن الشيخة، والتقي الدجوي، والبلقيني، وابن الملقن، والعراقي، والهيثمي، وصدر الدين المناوي، وصدر الدين الأبشيطي، وبرهان الدين الأبناسي، والغماري، وأحمد بن أبي الدر الجوهري، ونجم الدين أحمد بن إسماعيل بن العز، ومن غيرهم. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 354 ثم حبب إليه الحديث؛ فلازم السماع من أبي الطاهر بن الكويك؛ فأكثر عنه. ولم يزل يسمع حتى سمع مع أولاده، وقرأ بنفسه الكثير. ولازم العلامة حافظ العصر قاضي القضاة شهاب الدين أحمد بن علي بن حجر، وكتب عنه الكثير وتفقه به أيضاً. وحج ثلاث حجات، وجاور مرتين. وسمع بمكة من القاضي زين الدين أبي بكر بن الحسين المراغي، والقاضي جمال الدين بن ظهيرة، وابن عمه الخطيب أبي الفضل محمد بن أحمد، وزين الدين الطبري وغيرهم. وخرج لبعض الشيوخ ولنفسه الأربعين المتباينات وغير ذلك. وكان ديناً، خيراً متواضعاً، غزير المروءة، رضي الخلق، ساكناً، بشوشاً، طارحاً للتكلف، سليم الباطن. وتوفي عصر يوم الاثنين ثالث شهر رجب سنة اثنتين وخمسين وثمانمائة، عن ثلاث وثمانين سنة، ودفن من الغد بسكنه بتربة قجماس بالصحراء. وتقدم للصلاة عليه بالناس العلامة حافظ العصر قاضي القضاة شهاب الدين أحمد بن علي ابن حجر، رحمهما الله تعالى. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 355 باب الراء المهملة والميم أمير مكة 00 - 0 - 746 هـ - 000 - 1345م رميثة بن أبي نمى محمد بن أبي سعد حسن بن علي بن قتادة بن إدريس ابن مطاعن الشريف أسد الدين أبو عرادة المكي الحسني أمير مكة. وليها نحو ثلاثين سنة أو أزيد في سبع مرات مستقلاً بذلك أربعة عشر سنة ونصف سنة، وشريكاً لأخيه حميضة في مرتين مجموعهما نحو عشر سنين، وشريكاً لأخيه عطيفة خمس سنين. ووقع له مع إخوته وغيرهم حروب وحوادث إلى أن مات في يوم الجمعة ثامن ذي القعدة سنة ست وأربعين وسبعمائة بمكة. وطيف به وقت صلاة الجمعة والخطيب على المنبر قبل أن يفتتح الخطبة، وسكت الخطيب حتى فرغوا من الطواف به. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 356 وكان ابنه عجلان يطوف معه، وحطه في مقام إبراهيم. وتقدم أبو القاسم ابن الشقيف الزيدي للصلاة عليه؛ فمنعه من ذلك قاضي مكة شهاب الدين الطبري، وصلى عليه بحضرة عجلان، ولم يقل شيئاً. ودفن بالمعلاة، عند القبر الذي يقال إنه قبر خديجة بنت خويلد رضي الله عنها. ورميثة براء مهملة مضمومة وبعدها ميم مفتوحة وياء آخر الحروف ساكنة، ثم ثاء مثلثة مفتوحة، وهاء ساكنة، انتهى. أمير مكة أيضا ً 00 - 0 - 837 هـ - 000 - 1433م رميثة بن محمد بن عجلان، الشريف الحسني المكي، أمير مكة. ولي إمرة مكة مدة ولم تحمد سيرته، ثم عزل، وقتل خارج مكة في خامس شهر رجب سنة سبع وثلاثين وثمانمائة. وقد تقدم الكلام قريباً على اسم رميثة. انتهى. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 357 حرف الزاي مولانا زادة 00 - 0 - 791 هـ - 000 - 1388م زادة، اسمه أحمد بن أبي يزيد بن محمد، الشيخ الإمام العلامة شهاب الدين، المعروف بمولانا زادة، ابن الشيخ أبي يزيد بن الشيخ شمس الدين. وشمس الدين هذا كان يعرف بالركن الحنفي السرائي. هو والد العلامة محب الدين بن مولانا زادة إمام المقام الشريف. كان مولانا زادة المذكور إماماً بارعاً مفنناً في عدة علوم، تصدر للإقراء والتدريس بالديار المصرية عدة سنين. وهو أول من تولى تدريس الحديث بالمدرسة الظاهرية برقوق. وعند الجزء: 5 ¦ الصفحة: 358 إجلاسه أنشأ خطبة بليغة، وهي: الحمد لله الذي صحح بحسان مننه لكل ضعيف انقطع إليه طرق الاتصال. ورفع بمتابعة سننه عن كل غريب استند إليه علل الاعتضال. وقدر طبقات المعتبرين في أطوار التحقيق كما قدر الأرزاق والآجال وكل شيء عنده بمقدار عالم الغيب والشهادة الكبير المتعال. ابتعث سيدنا محمداً - صلى الله عليه وسلم - من أروية المجد وجويرية الأفضال، وأوقد في مشكاة رسالته الغراء لإيضاح سنن الهدى بمصابيح العلوم والأعمال، وأطفأ بأنوار درايته وأسرار هدايته تواتر الجهل والضلال، " نور على نور يهدي الله لنوره من يشاء ويضرب الله الأمثال ". وأمد دينه المتين بأصحابه البهم الأبطال، أسد غابة النزال، المكللين باكلين نهاية المعارف واستيعاب تهذيب الكمال، الثابتين لنصرة الدين بقوة اليقين إذ القلوب لدى الحناجر من أهوال السجال، " وإذ غدوت من أهلك تبوء المؤمنين مقاعد للقتال "،. اطلع من مشارق نبوته الزهر شموس السعد وبدور الإقبال، ونشر رايات آيات جلالته ومعجزات رسالته على صفحات الأيام والليال، ونصب لأعلى معالم سنن سنته بأفصح بيان وأوضح تبيان رجالا وأي رجال، " في بيوت أذن الله أن ترفع ويذكر فيها اسمه يسبح له فيها بالغدو والآصال "، ووفق لتشييد أركانها وتمهيد بنيانها من جنابه بالعناية الجزء: 5 ¦ الصفحة: 359 الأزلية والسعادة الأبدية من العروم الأقيال، فصرفوا عنان العناية نحو رفع منارها وإعلاء آثارها بأعمال العمال وبذل الأموال، ليقيموا شعائر الله ويتخلقوا بمكارم الأخلاق ومحاسن الخصال. " وينفقوا مما رزقناهم سراً وعلانية من قبل أن يأتي يومٌ لا بيع فيه ولا خلال "، والذي اختصه الله تعالى بهذا الفضل العظيم، واللطف الجسيم، في زماننا هذا وهو زمان الأمان وارتفاع اليمن والإيمان حتى عمر البلاد بعدله، وغمر العباد بفضله وأشاد منار الإحسان، وأباد مقار العدوان، مولانا السلطان الملك الظاهر، اللهم انصره نصراً عزيزاً، وافتح له فتحاً مبيناً، وضاعف أعضاد دولته قوة متينا، وكن اللهم مؤيده وحافظه وناصره، وعمر بشكرك باطنه وظاهره، ووتد أطناب بقائه بأوتاد الدوام، ومد ظله الظليل مدا الليالي والأيام، اللهم ومن نظر بالإحسان في مصالح هذا المكان، فانظر إليه بعين إحسانك، وامطر عليه سحائب جودك وامتنانك، ثم دعا وتمم بالصلاة على النبي - صلى الله عليه وسلم - وآله وأصحابه. انتهى. قيل وكان لأبيه شهرة بالزهد، والعبادة، وكرم النفس؛ فولاه ملك سراي النظر على الأوقاف، وكانت كثيرة جداً يجمع منه مال جم في كل سنة؛ فلم يتناول منها درهماً فما فوقه لا لنفسه، ولا لعياله، حتى ولا علف خيوله. كل هذا الزهد في هذا المال الدني؛ ليرزقني الله ولداً صالحاً. فإني رأيت فساد أولاد الجزء: 5 ¦ الصفحة: 360 المشايخ من تناول هذا المال الخبيث؛ فولد له أحمد - صاحب الترجمة - في يوم عاشوراء سنة أربع وخمسين وسبعمائة بمدينة سراي. ومات أبوه وهو ابن تسع سنين؛ فربي يتيماً، فأصلحه الله تعالى، فبرع في عدة علوم وهو ابن ثمان عشرة سنة، وضرب به المثل في الذكاء والحفظ. ثم خرج من وطنه وله عشرون سنة. فاشتهر في كل بلد دخلها حتى استوطن دمشق مدة وقدم القاهرة، وولي تدريس الظاهرية المذكورة إلى أن مات في يوم الأربعاء حادي عشر المحرم سنة إحدى وتسعين وسبعمائة. رحمه الله تعالى. شيخ خانقاة شيخو 00 - 0 - 808 هـ - 000 - 1405م زادة العجمي الحنفي، العلامة شيخ الشيوخ بخانقاة شيخو. قال الحافظ شهاب الدين بن حجر: الشيخ زادة المعروف بمولانا زادة قدم الجزء: 5 ¦ الصفحة: 361 بغداد بطلب من الملك الظاهر برقوق. وكان إماماً عالماً، فاضلاً، بارعاً في المعقولات وغيرها. وكان فقيهاً على مذهب الحنفية، قادراً على حل المشكلات بارعاً في النحو والمعاني والبيان. يتكلم في البحث بسكون وأدب وتصدر للإقراء والتدريس عدة سنين. واستمر على ذلك إلى أن اختلط في آخر عمره، وخرجت عنه الخانقاة المذكورة للقاضي كمال الدين بن العديم الحنفي، فأقام بعد ذلك مدة لطيفة وتوفي رحمه الله في آخر سنة ثمان وثمانمائة. انتهى. قلت: وهذا يلتبس على كثير من الناس بمولانا زادة السرائي السابق والد الشيخ محب الدين الإمام سبط الأقصرائي. انتهى. أمير آل فضل 00 - 0 - 791 هـ - 000 - 1388م زامل بن مهنا، الأمير زين الدين، أمير عرب آل فضل. كان جليل القدر، محترماً في الدول، معظماً عند الملك الظاهر برقوق إلى أن مات في سنة إحدى وتسعين وسبعمائة، رحمه الله وعفا عنه. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 362 باب الزاي والكاف أبو يحيى صاحب تونس نيف 640 - 727هـ - 1242 - 1326م زكريا بن أحمد بن محمد بن يحيى بن عبد الواحد بن الشيخ عمر، الملك أبو يحيى صاحب تونس، وطرابلس، والمهدية، وقابس، وتوزر البربري الهنتاني، المغربي المالكي اللحياني. ولد يتونس سنة نيف وأربعين وستمائة، ووزر ابن عمه المستنصر مدة. وتفقه، وأتقن النحو، ثم ملك سنة ثمانين. ثم خلع، وحج في سنة تسع وسبعمائة، واجتمع بالشيخ تقي الدين بن تيمية. ثم رد إلى تونس وقد مات صاحبها؛ فملكوه سنة إحدى عشرة وسبعمائة، ولقب بالقائم بأمر الله. وكان له نظم، ونثر، وفضيلة تامة، ثم سافر إلى طرابلس سنة ثماني عشرة فوثب على تونس قرابته أبو بكر وملكها. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 363 وضعف حال زكريا هذا؛ ففر ولحق بالإسكندرية سنة إحدى وعشرين وسبعمائة، وقد رفض الملك. وكان جده من أكبر أصحاب ابن تومرت. وكان اللحياني قد أسقط ذكر المهدي من الخطبة. وكان جد أبيه قد ملك الغرب بضعاً وعشرين سنة، ثم ابنه المستنصر الملقب بأمير المؤمنين، وذلك في دولة الملك الظاهر بيبرس البندقداري ودامت دولته إلى سنة ست وسبعين وستمائة، وكان شهماً، ذا جبروت. وتسلطن بعده ابنه الواثق بالله يحيى، ثم خلع بعد سنين وأشهر. وتملك المجاهد إبراهيم، فبقي أربعة أعوام، ثم وثب عليه الدعي أحمد بن مروان البجائي، الذي زعم أنه ولد الواثق، وتم له ذلك، لأن المجاهد قتل الفضل بن الواثق سراً، فقال: هذا أنا، هو الفضل. وتملك عامين حتى قام عليه أبو حفص أخو المجاهد، فهرب الدعي. ثم أسر، وهلك تحت السياط بعد اعترافه أنه دعي وكذب، فتملك أبو حفص ثلاثة عشر عاماً، وأحسن السيرة إلى أن مات سنة أربع وتسعين وستمائة. وقام بعده أبو عصيدة محمد بن الواثق، فتملك خمس عشرة سنة. انتهى. قلت: وأما اللحياني هذا صاحب الترجمة، فإنه استوطن إسكندرية حتى توفي بها في سنة سبع وعشرين وسبعمائة. وكان فاضلاً، بارعاً، إلا أنه كان بخيلاً. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 364 قلت: لا ينكر هذا على مغربي؛ فإن البخل في طبعهم، والعجب الكرم منهم. انتهى. القزويني، صاحب عجائب المخلوقات 00 - 0 - 682 هـ - 000 - 1283م زكريا بن محمود، القاضي عماد الدين أبو يحيى الأنصاري القزويني. كان قاضي واسط والحلة أيام الخليفة. وكان إماماً عالماً، فقيهاً، وله التصانيف المفيدة، من ذلك: كتاب عجائب المخلوقات. مات في يوم الخميس سابع المحرم سنة اثنتين وثمانين وستمائة. رحمه الله. بدر الدين الدشناوي 00 - 0 - 700 هـ - 000 - 1300م زكريا بن يحيى بن هارون بن يوسف بن يعقوب بن عبد الحق بن عبد الله، الشيخ بدر الدين الدشناوي المولد التونسي المنشأ. كان فقيهاً مالكياً، أديباً فاضلاً، وله نظم ونثر، وحدث بشيء من شعره، الجزء: 5 ¦ الصفحة: 365 سمع منه الحافظ فتح الدين بن سيد الناس، والشيخ زين الدين عمر بن الحسن ابن حبيب وغيرهما ومن شعره: لا تسلني عن السلو وسل ما ... صنعت بي لطفاً محاسن سلمى أوقعت بين مقلتي ورقادي ... وسقامي والجسم حرباً وسلما توفي رحمه الله بعد السبعمائة بقليل، عفا الله عنه. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 366 باب الزاي والهاء الزهوري المجذوب 00 - 0 - 801 هـ - 000 - 1398م الزهوري، الشيخ المجذوب العجمي المعتقد. كان شيخاً عجمياً، ذاهب العقل، وكان للناس فيه اعتقاد عظيم، لا سيما الملك الظاهر برقوق؛ فإنه كان غالب إقامة الزهوري المذكور بقلعة الجبل في دور حرم الملك الظاهر برقوق. وقيل إنه هو الذي قال لبرقوق: يا برقوق أنا آكل فراريج، وأنت تأكل دجاج! وأشار بموته ثم بموت برقوق من بعده بمقدار ما يكبر الفروج، فحفظ ذلك عنه؛ فكان كذلك. ونسبت هذه المقالة الجزء: 5 ¦ الصفحة: 367 أيضاً للشيخ أبي عبد الله محمد بن سلامة النويري المغربي، المعروف بالكركي، والله أعلم. قلت: كلاهما كان خصيصاً عند الملك الظاهر برقوق، ولكن هذه المقالة للمجاذيب أقرب. حكى لي جماعة من سراري الملك الظاهر برقوق وبعض زوجاته: فإنه والدي - رحمه الله - كان قد تزوج ببعض زوجات الملك الظاهر برقوق، واشترى أيضاً من سراريه جماعة كبيرة، منهن أربعة بقين أمهات أولاد. غالب من حكى لي منهن: أن الملك الظاهر برقوق لما مات الزهوري - صاحب الترجمة - في أول صفر سنة إحدى وثمانمائة داخله الوهم. ثم مرض إلى أن مات في شوال من السنة انتهى. قلت: وسماه العيني محمد بن عبد الله، وقال المقريزي كما قلنا، والله أعلم. الشريف الحسيني 00 - 0 - 838 هـ - 000 - 1434م زهير بن سليمان بن زيان بن منصور بن جماز بن شيخة، الشريف الحسيني الجزء: 5 ¦ الصفحة: 368 - على ما قيل - كان فاتكاً، خارجاً عن طاعة السلطان، قليل الدين، كثير الفسق، ويخيف السبل، ويقطع الطريق. وكان يسير في بلاد نجد وبلاد العراق وأراضي الحجاز في جمع كبير من المفسدين، نحو ثلاثمائة فارس وعدة رماة بالسهام؛ فكان يأخذ بهؤلاء القفول من الحجاج والمسافرين. ودام على ذلك مدة طويلة إلى أن أراح الله الناس منه. وقتل في شهر رجب في سنة ثمان وثلاثين وثمانمائة في محاربة أمير المدينة النبوية الشريف مانع بن علي بن عطية بن منصور بن جماز بن شيخة الحسيني. وقتل مع زهير هذا جماعة من بني حسين منهم ولد غرير بن هيازع بن هبة ابن جماز وغيره. انتهى. الصاحب بهاء الدين زهير 581 - 656 هـ - 1185 - 1258م زهير بن محمد بن علي بن يحيى بن الحسن بن جعفر، العلامة الأديب البارع الكاتب الصاحب بهاء الدين زهير، أبو الفضل، وأبو العلاء الأزدي المهلبي، القوصي الأصل، المكي المولد، المصري الدار والوفاة. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 369 ولد بمكة سنة إحدى وثمانين وخمسمائة، ونشأ بالقاهرة، وحفظ القرآن العزيز. وسمع من علي بن أبي البنا وغيره. واشتغل وبرع في عدة علوم كالفقه والعربية واللغة. وأما الأدبيات؛ فكان به يضرب المثل فيها. كان إمام وقته وفريد عصره، لا سيما في البلاغة ورقة الألفاظ. وديوان شعره مشهور. قال بعض الفضلاء: ما تعاتب الأصحاب ولا تراسل الأحباب بمثل شعر البهاء زهير. وشعره في غاية الانسجام والعذوبة والفصاحة. وهو السهل الممتنع. وكان - رحمه الله - فاضلاً، كاتباً، كريماً، نبيلاً، جميل الأوصاف، حسن الأخلاق، طويل الروح، حلو النادرة. وكان في مبادئ أمره خدم الملك الصالح أيوب، وسافر معه إلى الشرق. فلما ملك الملك الصالح الديار المصرية رقاه إلى أرفع المراتب، ونفده رسولاً الجزء: 5 ¦ الصفحة: 370 إلى الملك الناصر صاحب حلب يطلب منه أن يسلم إليه عمه الملك الصالح إسماعيل، فقال: كيف أسيره إليه وقد استجار بي، وهو خال أبي ليقتله؛ فرجع إليها زهير إلى الملك الصالح بذلك، فعظم على الصالح وسكت عن حنق. ولما كان الملك الصالح مريضاً بالمنصورة في حصار الفرنج لها تغير على البهاء زهير وأبعده؛ لأنه كان كثير التخيل والغضب والمعاقبة على الوهم. وكانت السيئة عنده ما تغفر. ولما مات الملك الصالح اتصل البهاء زهير بخدمة الملك الناصر صاحب الشام. وله فيه غرر مدائح. ثم رجع إلى القاهرة، ولزم داره يبيع كتبه وموجوده حتى انكشف حاله بالكلية. وكان البهاء زهير - فيما قيل - أسود اللون، قصيراً، شيخاً بذقن مقرطمة صغيرة؛ فكان يسلك مسلك ابن الزبير في وضع الحكايات على نفسه حذقاً منه؛ لئلا يدع للناس عليه كلاماً. من ذلك أنه حكى مرة لجماعة الديوان، قال: جاءت اليوم إلي امرأة ما رأيت عمري أحسن منها، وراودتني على ذلك الفعل. فلما كان ما كان أردت أن أدفع إليها شيئاً من الذهب، فقالت: ما فعلت هذا من حاجة، ولكن أرأيت عمرك أحسن مني، فقلت: لا والله، فقالت: إن زوجي يدعني ويميل إلى واحدة ما رأيت عمري أوحش منها. فلما عذلته ونهيته وما انتهى، أردت مكافأته، وقد فتشت هذه المدينة، فلم أر فيها أوحش منك، ففعلت معك هذا مقابلة لزوجي. فقلت لها: ها أنا هاهنا كلما اجتمع زوجك بتلك تعالي أنت إلى هنا انتهى. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 371 قلت، ومن شعره: اغصن النقا لولا القوام المهفهف ... لما كان يهواك المعنى المعنف ويا ظبي لولا أن فيك محاسناً ... حكين الذي أهوى لما كنت توصف كلفت بغصنٍ وهو غصنٌ ممنطق ... وهمت بظبيٍ وهو ظبيٌ مشنف ومما دهاني أنني من حيائه ... أقول قليلٌ طرفه وهو مرهف وذلك أيضاً مثل بستان خده ... به الورد يسمى مضعفاً وهو مضعف فيا ظبي هلا كان منك التفاتة؟ ... ويا غصن هلا كان منك تعطف؟ ويا حرم الحسن الذي هو آمن ... ومن حوله ألبابنا تتخطف عسى عطفه للوصل يا واو صدغه ... وحقك إني أعرف الواو تعطف أأحبابنا أما غرامي بعدكم ... فقد زاد عما تعرفون وأعرف أطلتم عقابي في الهوى فتطولوا ... فبي كلفٍ في حمله أتكلف ووالله ما فارقتكم عن ملالة ... وجهدي لكم أني أقول وأحلف. وله في سيف: برسم الغزاة وضرب العداة ... بكف همامٍ رفيع الهمم تراه إذا اهتز في كفه ... كخاطف برقٍ سرى في يم الجزء: 5 ¦ الصفحة: 372 ذكر الأديب البارع علي بن سعيد المغربي الأندلسي في أول كتاب الغراميات له قال: طرقت البلاد لأكتب من شعر البهاء زهير الحجازي: فكان مما لعب بخاطري ... لعب الرياح بالغصون وتمكن منه تمكن العيون ... الدعج من الفؤاد المفتون شعره الذي أوله: تعالوا بنا نطوي الحديث الذي جرى ... فلا سمع الواشي بذاك ولا درى تعالوا بنا حتى نعود إلى الرضى ... وحتى كأن العهد لن يتغيرا ولا تذكروا الذنب الذي كان بيننا ... على أنه ما كان ذنب فيذكرا وحملني الشغف بطريقة هذا الرجل على حفظ ما يرد من شعره على أفواه الواردين من الشرق إلى أن جمع الله بيني وبينه بالقاهرة حاضرة الديار المصرية؛ فقل في منهل عذب تمكن منه عطشان. ثم كانت المؤانسة، فكدت أصعق لما أنشدني قوله، وما وجدت روحي معي البتة: رويدك قد أفنيت يا بين أدمعي ... وحسبك قد أحرقت يا شوق أضلعي إلى كم أقاسي بعد فرقةٍ ... وحتى متى يا بين أنت معي معي الجزء: 5 ¦ الصفحة: 373 " وقالوا علمنا ما جرى منك بعدنا ... فلا تظلموني ما جرى غير أدمعي " رعى الله ذاك الوجه حيث توجهوا ... وحيته عني الشمس في كل مطلع ويا رب جدد كلما هبت الصبا ... سلامي على ذاك الحبيب المودع وقلت له، وقد أعجبني انفعالي لما صدر عنه من هذه المحاسن الغرامية: يا سيدي لا يمضي اعتقادي فيكم مذ مدة طويلة " وأنا بالمغرب الأقصى ضائعاً. والغرض كله التهذيب الموصل إلى ما يتعلق " بأهداب طريقتكم فقد علمتم مهياراً " من عجم الديلم لما شرب ماء دجلة والفرات، وصحب سيده الشريف الرضي نمت أشعاره من خلال " أشعاره؛ فتبسم وقال: لا تنزلت أنت إلى أول طبقة مهيار، ولا ترفعت أنا إلى طبقة الشريف الرضي، لكن كل زمانٍ له رؤساء وأتباع في كل فن. وإن تكونوا صغار قوم؛ فستكونوا كبار قومٍ آخرين. واعلم بأنك نشأت ببلاد ولع شعراؤها بالغوص على المعاني، وزهدوا في علوية الألفاظ، والتلاعب بمحاسن صياغتها المكسوة بأسرار الغرام، وطريقة المغاربة في مثل قول ابن خفاجة: الجزء: 5 ¦ الصفحة: 374 دعتني أنس أصفحنا نشوة ... فيها تمهد مضجعي وتدمث خلف على أبهى الأراكة ظلها ... والغصن يصغي والحمام يحدث والشمس تجنح للغروب مريضة ... والرعد يرقى والغمامة تنفث وقول الرصافي: وغريل لم تزل في الغزل جائله ... بنانه جولان الفكر في الغزل جدلان تلعب بالمحراك أنمله ... على المدا لعب الأيام بالدول ما إن بنى تعب الأطراف مشتغلاً ... أفديه من تعب الأطراف مشتغل جدباً بكفيه أو فحصاً بأخمصه ... تحيط الظبي في أشراك محتبل لا يشق فيها غبارهم ولا تلحق آثارهم ... وأما مثل قول ابن العلم الواسطي وحلوا بأفئدة الرجال وغادروا ... بصدورها فكراً هي الأشجان واستقبلوا الوادي فأطرقت المها ... وتحيرت بغصونها الكثبان فكأنما اغترفت ضحى بقدودها ... الأغصان أو بعيونها الغزلان وقول ابن التعاويذي: إن قلت جرت على ضعفي يقول متى ... كان المحب من المحبوب منتصفا أو قلت أتلفت روحي قال لا عجب ... من ذاق طعم الهوى يوماً وما تلفا قد قلتم الغصن ميالٌ ومنعطفٌ ... فكيف مال على ضعفي وما عطفا الجزء: 5 ¦ الصفحة: 375 فطران لا يلم أهل بلادك؛ فقلت: المحاسن - أعزك الله - المقسمة. وفي المغاربة من تُبْعَثُ من أشعاره أسحار الكلام ويتم عليها أسرار الغرام، مثل الوزير أبي الوليد بن زيدون في قصيدته التي منها: بنتم وبنا فما ابتلت جوانحنا ... شوقاً إليكم ولا جفت مآقينا وسرد ابن سعيد القصيدة. قال ابن سعيد: ثم أمسكت فقال: ما أنشأت أندلسكم مثل هذا الرجل في الطريقة الغرامية، وأظنه كان صادق العشق. قلت: نعم كان يعشق أعلا منه قدراً، وأرق حاشية، وألطف ظرفاً، وهي ولاَّدة بنت المستكفي المرواني علقها بقرطبة حضرة الملك. ثم قص عليه ذكر جماعة من المغرب. وذكر انفصاله من ذلك المجلس. ثم قال: ووصلت إلى ميعاده، فوجدته بخزانة كتبه، فكانت أول خزانة ملكوية رأيتها، لأنها تحتوي على خمسة آلاف سفر ونيف. وذكر أنه أمره بحفظ أشعار التلعفري والحاجري وابن الفارض، وأنه قال له يوماً: اجز، يا بان وادي الأجزع، فقال ابن سعيد: سقيت غيث الأدمع. فقال له البهاء زهير: قاربت، ولكن طريقتنا أن نقول: هل ملت من شوق معي، فقال: الحق ما عليه غطاء هذا أولى. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 376 ولازمته بعد ذلك نحو ثلاث سنين، أنشدته في أثنائها قولي: وأطول شوقي إلى ثغور ... ملا من الشهد والرحيق عنها أخذت الذي تراه ... يعذب في شعري الرقيق فارتاح وقال: سلكت جادة الطريق، ما تحتاج إلى دليل. قلت: توفي صاحب الترجمة في سنة ست وخمسين وستمائة، رحمه الله. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 377 حرف السين المهملة الفقير الشيرازي 00 - 0 - 692 هـ - 000 - 1292م سابقان، وقيل محمود، الفقير الشيرازي، المقيم بالكلاسة. كان شهماً، مقداماً، معظماً عند الأعيان، مهاباً. وكان للناس فيه اعتقاد ومحبة. توفي بالكلاسة سنة اثنتين وتسعين وستمائة، ودفن بزاوية القلندرية، وهم الذين تولوا أمره ودفنه بوصيته. رحمه الله تعالى وعفا عنه. الميداني 00 - 0 - 691 هـ - 000 - 1291م سابق الميداني، الأمير سيف الدين. كان من كبار أمراء دمشق في دولة الملك المنصور قلاوون. وكان شيخاً الجزء: 5 ¦ الصفحة: 378 تركياً مشهوراً بالشجاعة. وكانت داره بالقرب من حمام كري بدمشق. توفي سنة إحدى وتسعين وستمائة، رحمه الله تعالى. قاضي القضاة مجد الدين الحنبلي 00 - 0 - 826 هـ - 000 - 1422م سالم بن أحمد، قاضي القضاة مجد الدين المقدسي، ثم المصري الحنبلي. مولده في سنة ثمان وأربعين وسبعمائة. وتولى قضاء الديار المصرية في سنة ثلاث وثمانمائة، ودام قاضياً مدة طويلة إلى أن عزله الملك المؤيد شيخ بقاضي القضاة علاء الدين بن مغلي الحموي في مستهل صفر سنة ثمان عشرة وثمانمائة. فكانت ولايته نحو خمس عشرة سنة. وحج في غضون ذلك. واستمر معزولاً بالقاهرة إلى أن حصل له فالج، ودام به إلى أن مات في يوم الخميس تاسع عشرين ذي القعدة سنة ست وعشرين وثمانمائة. وكان فقيهاً، عالماً، فاضلاً، ديناً، عفيفاً، يحفظ المحرر في مذهبه، رحمه الله تعالى. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 379 أمين الدين بن صصري 644 - 698 هـ - 1246 - 1298م سالم بن محمد بن سالم بن الحسن بن هبة الله بن محفوظ بن صصري، القاضي أمين الدين أبو الغنائم الثعلبي الدمشقي الشافعي. مولده سنة أربع وأربعين وستمائة. وكان على وجهه شامة كبيرة حمراء جميلة. حدث عن مكي بن علان، وسمع من خطيب مردا، والرشيد العطار، والرضي ابن البرهان، وإبراهيم بن خليل وجماعة. وكان إماماً عالماً، زاهداً، فاضلاً، كاتباً. وله عقل وافر، وفضل ظاهر، وتولى نظر الخزانة، ونظر الديوان الكبير وغير ذلك. ثم عفَّ عن ذلك جميعه. وحج وجاور، وتوجه إلى دمشق ولزم داره وأقبل على شأنه حتى توفي سنة ثمان وتسعين وستمائة. وكان موصوفاً بالأمانة والصيانة، رحمه الله تعالى. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 380 باب السين والباء الموحدة سبرج الكمشبغاوي 00 - 0 - 790 هـ - 000 - 1388م سبرج بن عبد الله الكمشبغاوي، الأمير سيف الدين، نائب قلعة الجبل بالديار المصرية. أصله من مماليك الأمير كمشبغا خازندار الأمير صرغتمش الناصري صاحب المدرسة بالصليبة. وتنقل سبرج المذكور في الخدم حتى صار أمير طبلخاناة. ثم ولي نيابة قلعة الجبل في الدولة الظاهرية برقوق. واستمر على ذلك حتى توفي تاسع عشرين شهر ربيع الآخر سنة تسعين وسبعمائة، رحمه الله تعالى. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 381 باب السين والتاء المثناة من فوق ست الوزراء 624 - 717 هـ - 1226 - 1312م ست الوزراء، الشيخة المعمرة الصالحة المسندة رفيقة الحجار، أم عبد الله بنت القاضي شمس الدين عمر بن العلامة شيخ الحنابلة وجيه الدين أسعد بن المنجا ابن أبي البركات التنوخية الدمشقية الحنبلية. مولدها أول سنة أربع وعشرين وستمائة. وسمعت صحيح البخاري، ومسند الشافعي من أبي عبد الله الزبيدي، وسمعت من والدها جزئين. وعمرت دهراً. وروت الكثير، وطلبت إلى الديار المصرية، وحجت مرتين، وتزوجت بأربعة، رابعهم نجم الدين عبد الرحمن بن الشيرازي. وكان لها ثلاث بنات. وروت الصحيح مرات بدمشق وبالقاهرة، وقرأ عليها الحافظ أبو عبد الله الذهبي مسند الشافعي، وهي آخر من حدث بالكتاب. وكانت ثابتة، طويلة الروح على طول المواعد. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 382 سمع منها الداني، وابن المحب، وفخر الدين المصري، وصلاح الدين العلائي وابن قاضي الريداني، وخلق كثير. توفيت سنة سبع عشرة وسبعمائة، رحمها الله تعالى. ست العرب 669 - 731 هـ - 1270 - 1330م ست العرب، المسندة المعمرة، أم محمد بنت الشيخ المحدث عز الدين عبد الحافظ بن عبد المنعم بن غازي بن عمر المقدسي. مولدها في سنة تسع وستين وستمائة. سمعت من الشيخ شمس الدين محمد بن عمر وغيره، وحدثت. توفيت بدمشق في ثامن شهر رجب الفرد سنة إحدى وثلاثين وسبعمائة، رحمها الله تعالى. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 383 باب السين والدال المهملة الدمياطي الطبيب 00 - 0 - 743 هـ - 000 - 1342م السديد الدمياطي الطبيب اليهودي. كان من أطباء الملك الناصر محمد بن قلاوون. قرأ على الشيخ علاء الدين ابن النفيس، وحضر مباحثه مع القاضي جمال الدين بن واصل. وكان السديد هذا فاضلاً في الطب وغيره، ويستحضر كثيراً من كلام الأطباء، وكان سعيد العلاج، لم يكن في عصره مثله في العلاج. وتوفي سنة ثلاث وأربعين وسبعمائة، وقيل غير ذلك. وهذا السديد خلاف أبي أولاد السديد القوصيين؛ كانوا جماعة منهم: جمال الدين محمد بن عبد الوهاب، ومنهم شمس الدين أحمد بن علي، ومنهم مجد الدين هبة الله بن علي. انتهى. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 384 باب السين والراء المهملة الرجبي الطويل 00 - 0 - 791 هـ - 000 - 1388م سراي بن عبد الله الرجبي الطويل، الأمير سيف الدين أحد مماليك الأمير الأتابك يلبغا العمري. كان من جملة أمراء الطبلخانات في الدولة الظاهرية برقوق وكان - رحمه الله - مشكور السيرة. مات خارج القاهرة في ثالث عشر شهر ربيع الأول سنة إحدى وتسعين وسبعمائة، رحمه الله تعالى. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 385 باب السين والعين المهملة أمير الينبع 00 - 0 - 804 هـ - 000 - 1401م سعد بن أبي الغيث بن عبادة بن إدريس بن حسن بن قتادة بن إدريس بن مطاعن بن عبد الكريم بن عيسى بن حسين بن سليمان بن علي بن عبد الله بن محمد بن موسى بن عبد الله بن الحسن بن الحسين بن علي بن أبي طالب رضي الله عنه. الأمير الشريف الحسني الينبعي، أمير الينبع. وليها غير مرة وتردد إلى القاهرة مراراً. وكان له فضيلة ومحاسن. مات معزولاً في ذي القعدة سنة أربع وثمانمائة وقد أناف على الستين. الإسفراييني 00 - 0 - 783 هـ - 000 - 1381م سعد الله بن عمر بن محمد بن علي، الشيخ سعد الدين أبو السعادات الإسفراييني الصوفي نزيل مكة. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 386 سمع على الميدومي المسلسل بالأولية، وعلى أحمد بن الجوخي مشيخته، وسنن النسائي رواية ابن السني، ومعجم ابن جميع - إلافوتا - من أوله إلى آخر حرف الغين المعجمة. وحدث بمكة، وجاور بها سنين إلى أن مات بها بعد الحج سنة ثلاث وثمانين وسبعمائة، ودفن بالمعلاة، رحمه الله تعالى. شيخ الإسلام سعد الدين، العلامة ابن الديري الحنفي 768 - 868 هـ - 1366 - 1463م سعد بن محمد بن عبد الله بن سعد بن أبي بكر بن مصلح بن أبي بكر بن سعد، الجزء: 5 ¦ الصفحة: 387 قاضي القضاة، شيخ الإسلام، علامة الدنيا، وحيد دهره وفريد عصره، ابن قاضي القضاة شمس الدين العبسي الديري المقدسي الحنفي. مولده ببيت المقدس المبارك في سابع عشر شهر رجب سنة ثمان وستين وسبعمائة، وبها نشأ. وسمع على العلامة شهاب الدين أبي الخير بن الحافظ صلاح الدين خليل بن كيكلدي العلائي، وشمس الدين محمد بن أبي بكر بن كريم المقدسي وعلى أبيه قاضي القضاة شمس الدين محمد وبه تفقه، والشيخ زين الدين عبد الرحمن " ابن عمر بن عبد الرحمن " القباني القدسي وقاضي القضاة برهان الدين إبراهيم ابن جماعة. وبرع في الفقه، والعربية، والتفسير، والأصول، والوعظ. وأفتى، ودرس. وتولى بعد موت والده تدريس الجامع المؤيدي، ومشيخة الصوفية بها. وصار إمام عصره، ووحيد دهره. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 388 انتهت إليه رئاسة السادة الحنفية في زمانه شرقاً وغرباً، بلا مدافعة. هذا مع الديانة، والصيانة، وكثرة الحفظ لمختصرات مذهبه، بل وللمطولات أيضاً، ولمتون الحديث. وأما استحضاره لتفسير القرآن العزيز؛ فغاية لا تدرك. وبالجملة هو الآن المعمول بفتواه، والمرجع إلى قوله، وبه يقتدي كل إمام مفنن. هذا مع ملازمته للاشتغال والأشغال، وتصدّيه للإقراء، وانتفاع الطلبة. واستمر على ذلك إلى يوم الاثنين ثالث عشر المحرم سنة اثنتين وأربعين وثمانمائة، استدعاه الأتابك جقمق العلائي وهو يومئذٍ مدبر المملكة العزيزية يوسف بن الملك الأشرف برسباي، وفوض إليه قضاء القضاة الحنفية بالديار المصرية، بعد أن صرف قاضي القضاة بدر الدين محمود العيني الحنفي بعد امتناع قاضي القضاة سعد الدين هذا من قبول الوظيفة، امتناعاً زائداً. وألح الأتابك جقمق والملك العزيز يوسف في السؤال عليه، وهو لا يقبل؛ فألزماه بالقبول، فاشترط عليهما وعلى أهل الدولة شروطاً كثيراً. كل ذلك وهم راضون بما يقوله حتى أذعن وقبل؛ فأخلع عليه ونزل إلى داره بالمدرسة المؤيدية داخل باب زويلة، فسر الناس بولايته إلى الغاية. فباشر وظيفة القضاء على أجمل سيرة وأحمد طريقة مع رياضة الخلق والتعفف عما يرمي به قضاة السوء. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 389 هذا مع علمي أن ببابه أوباش الناس من أقاربه وغيرهم يتناولون من أرباب الحوائج ما يشيع ذكره. غير أن شيخ الإسلام بريء من ذلك، ونعوذ بالله ممن اتهمه بشيء من هذه القاذورات، وحاشى دينه وعقله وصيانته وعفافه من ذلك. وهو خير قاض ولي الديار المصرية ممن رأينا بل وسمعنا. وسأذكر من ولي من قضاة الحنفية من يوم رتبهم الملك الظاهر بيبرس البندقداري أربع قضاة إلى يومنا هذا. وذلك في سنة ثلاث وستين وستمائة. فأولهم قاضي القضاة معز الدين النعمان بن الحسن إلى أن توفي في سابع عشر شعبان سنة اثنتين وتسعين وستمائة، ثم ولي قاضي القضاة شمس الدين أحمد السروجي. فاستمر إلى أن تسلطن الملك المنصور حسام الدين لاجين عزله وولي قاضي القضاة حسام الدين الرازي، فاستمر إلى أن قتل لاجين، فنقل إلى قضاء دمشق سنة ثمان وتسعين وستمائة، وأعيد شمس الدين السروجي، ثم عزل أول شهر ربيع الآخر سنة عشر وسبعمائة. ثم ولي بعده قاضي القضاة شمس الدين محمد الحريري الجزء: 5 ¦ الصفحة: 390 إلى أن مات يوم السبت رابع جمادى الآخرة سنة ثمان وعشرين وسبعمائة، ثم ولي بعده قاضي القضاة برهان الدين إبراهيم بن عبد الحق إلى أن عزل يوم الأحد ثامن عشر جمادى الآخرة سنة ثمان وثلاثين وسبعمائة، ثم ولي بعده قاضي القضاة حسام الدين الغوري إلى أن كانت واقعة الأمير قوصون نهبت الرسل والعامة بيته، وطلبوه ليقتلوه، فهرب، فولي بعده قاضي القضاة زين الدين عمر البسطامي في سنة اثنتين وأربعين وسبعمائة إلى أن عزل عنها أيضاً في سنة ثمان وأربعين وسبعمائة، وتولاها من بعده قاضي القضاة علاء الدين التركماني في جمادى منها إلى أن توفي عاشر المحرم سنة خمسين وسبعمائة، فولي بعده ولده قاضي القضاة جمال الدين عبد الله بن التركماني إلى أن مات في شعبان سنة تسع وستين وسبعمائة، فتولى بعده قاضي القضاة سراج الدين عمر الهندي إلى أن توفي في شهر رجب سنة ثلاث وسبعين وسبعمائة. فتولى بعده قاضي القضاة صدر الدين بن جمال الدين التركماني إلى أن مات في ذي القعدة سنة ست وسبعين وسبعمائة؛ فوليها من بعده قاضي القضاة نجم الدين ابن الكشك، طُلِبَ من دمشق في الرابع والعشرين من المحرم سنة سبع وسبعين وسبعمائة، ثم عزل عنها، وتولى من بعده قاضي القضاة صدر الدين علي بن أبي العز الأذرعي، ثم استعفى عنها، وتولاها قاضي القضاة شرف الدين أبو العباس أحمد بن منصور في سنة سبع وسبعين أيضاً، فاستمر إلى سادس عشرين شهر رجب؛ فعزل، وتولاها بعده قاضي القضاة جلال الدين جار الله؛ فاستمر فيها إلى أن مات في يوم الاثنين رابع عشر شهر رجب سنة اثنتين وثمانين وسبعمائة، وتولى بعده قاضي الجزء: 5 ¦ الصفحة: 391 القضاة صدر الدين محمد بن علي بن منصور في شهر رمضان سنة اثنتين وثمانين وسبعمائة، فاستمر إلى أن مات في شهر ربيع الأول سنة ست وثمانين وسبعمائة، فتولاها من بعده قاضي القضاة شمس الدين محمد بن أحمد بن أبي بكر الطرابلسي، فاستمر إلى بعد فتنة الأتابك يلبغا الناصري ومنطاش مع الملك الظاهر برقوق في سنة اثنتين وتسعين وسبعمائة، فعزل عنها، وتولاها قاضي القضاة مجد الدين إسماعيل ابن إبراهيم الكناني، أقام فيها قليلاً، ثم عزل عنها، وتولاها قاضي القضاة جمال الدين محمود بن محمد القيصري العجمي، مضافاً لنظر الجيش، فاستمر فيها إلى أن مات في ليلة الأحد سابع شهر ربيع الأول سنة تسع وتسعين وسبعمائة، فتولاها من بعده قاضي القضاة شمس الدين الطرابلسي ثانياً في شهر ربيع الأول سنة تسع وتسعين وسبعمائة، فاستمر فيها إلى أن مات في آخر السنة المذكورة. وتولاها من بعده قاضي القضاة جمال الدين يوسف بن موسى الملطي الحلبي في يوم الخميس العشرين من شهر ربيع الآخر، طلب من حلب، فركب البريد، وحضر، فأخلع عليه. واستمر إلى أن مات في ليلة الاثنين تاسع عشر شهر ربيع الآخر سنة ثلاث وثمانمائة، وتولاها من بعده قاضي القضاة أمين الدين عبد الوهاب ابن قاضي القضاة شمس الدين محمد الطرابلسي في يوم الخميس ثاني عشر جمادى الآخرة من السنة، واستمر إلى سادس عشرين شهر رجب سنة خمس وثمانمائة، عزل، وتولاها بعده قاضي القضاة كمال الدين عمر بن العديم الحلبي. واستمر إلى أن مات في ليلة السبت ثاني عشر جمادى الآخرة سنة إحدى عشرة وثمانمائة الجزء: 5 ¦ الصفحة: 392 - ومولده كان بحلب في سنة إحدى وسبعين وسبعمائة - وتولاها من بعده ابنه قاضي القضاة ناصر الدين محمد في يوم الاثنين رابع عشر الشهر المذكور، مضافاً للشيخونية. واستمر إلى أن صرف، وأعيد قاضي القضاة أمين الدين عبد الوهاب الطرابلسي ثانياً في رابع عشرين شهر رجب من السنة، فاستمر أمين الدين إلى سابع المحرم من سنة اثنتي عشرة وثمانمائة صرف، وأعيد قاضي القضاة ناصر الدين محمد بن العديم ثانياً، واستقر أمين الدين الطرابلسي في مشيخة الشيخونية عوضاً عن ابن العديم المذكور. ناصر الدين محمد بن العديم ثانياً، واستقر أمين الدين الطرابلسي في مشيخة الشيخونية عوضاً عن ابن العديم المذكور. واستمر ناصر الدين بن العديم إلى أن عزل عنها، وتولاها قاضي القضاة صدر الدين علي بن الآدمي الدمشقي إلى أن مات في يوم السبت ثامن شهر رمضان من السنة، وأعيد قاضي القضاة ناصر الدين محمد بن العديم ثالثاً إلى أن مات في ليلة السبت تاسع شهر ربيع الآخر سنة تسع عشرة وثمانمائة. وشغرت الوظيفة إلى أن برز مرسوم الملك المؤيد شيخ بإحضار قاضي القضاة شمس الدين محمد بن الديري من القدس الشريف، وقدم القاهرة في ثالث عشر جمادى الأولى من الجزء: 5 ¦ الصفحة: 393 السنة، ونزل بقاعة الحنفية من المدرسة الصالحية إلى أن استقر قاضي القضاة في يوم الاثنين سابع عشرة. واستمر إلى أن عزل برغبة منه عنها. وتولاها قاضي القضاة زين الدين عبد الرحمن التفهني في يوم الجمعة سادس ذي القعدة سنة اثنتين وعشرين وثمانمائة. واستمر إلى أن عزل، وتولاها قاضي القضاة بدر الدين محمود بن أحمد العيني في يوم الخميس سابع عشرين شهر ربيع الآخر سنة تسع وعشرين وثمانمائة، واستقر التفهني في مشيخة خانقاة شيخو بعد موت شيخ الإسلام سراج الدين عمر قارئ الهداية. واستمر العيني إلى أن عزل، وأعيد التفهني في يوم الخميس سادس عشرين صفر سنة ثلاث وثلاثين وثمانمائة إلى أن صرف عنها لطول مرضه، وأعيد العيني ثانياً في يوم سابع عشرين جمادى الآخرة سنة خمس وثلاثين وثمانمائة. واستمر إلى أن صرفه الأتابك جقمق العلائي بشيخ الإسلام سعد الدين سعد - صاحب الترجمة - في يوم الاثنين ثالث عشر المحرم سنة اثنتين وأربعين وثمانمائة، انتهى. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 394 قلت: وهذه عدة القضاة الذين استجدهم الظاهر بيبرس - حسبما ذكرناه في أول الترجمة - بعد خراب الديار المصرية، وانقراض الدولة الفاطمية العبيدية. وأما قبل ذلك، فكانت قضاة الحنفية هم قضاة الشرق والغرب إلى حدود الأربعمائة من الهجرة. وتمذهبت المغاربة للإمام مالك رضي الله عنه. وملكت العبيدية مصر، ثم ملكت الأكراد بنو أيوب، فمن ثم صارت قضاة الديار المصرية شافعية يعرف ذلك من له اطلاع على التاريخ ومعرفة بأيام الناس، انتهى. واستمر قاضي القضاة سعد الدين المذكور في قضاء الديار المصرية إلى أن مات ليلة الجمعة تاسع ربيع الآخر سنة ثمان وستين وثمانمائة. سعد الدين النووي 727 - 805 هـ - 1326 - 1402م سعد بن يوسف بن إسماعيل بن يعقوب بن سرور بن نصر بن محمد، الشيخ سعد الدين النووي، ثم الخليلي الشافعي، نزيل دمشق. ولد سنة سبع وعشرين وسبعمائة، ومهر في الفقه، ودرَّس في الحكم، وولي قضاء بلد الخليل عليه السلام. وحدث عن عبد الرحيم ابن أبي اليسر سماعة منه، ومن ابن نباتة، والذهبي. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 395 توفي ببلد الخليل في سادس عشرين جمادى الأولى سنة خمس وثمانمائة رحمه الله. ابن القيسراني 587 - 650 هـ - 1191 - 1252م سعيد بن خالد بن أبي عبد الله محمد بن نصر بن صغير، أبو المكارم المخزومي الخالدي الحلبي، القاضي نجم الدين بن موفق الدين بن القيسراني. ولد سنةسبع وثمانين وخمسمائة. وتوفي سنة خمسين وستمائة. البصروي 00 - 0 - 684 هـ - 000 - 1285م سعيد بن علي بن رشيد البصروي، الشيخ رشيد الدين أبو محمد الفقيه الحنفي. كان إماماً، فقيهاً، بارعاً في النحو وغيره. قرأ على الإمام جمال الدين بن مالك كتاب سيبويه. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 396 ذكره العلامة شهاب الدين أبو الثناء محمود في تاريخه، قال: كان إماماً فاضلاً، عالماً، كثير الديانة والورع، عُرِضَ عليه القضاء غير مرة؛ فامتنع. وله معرفة تامة، ويد طولى في النظم ومن نظمه: قل لمن يحذر أن تدركه ... نكبات الدهر لا يغني الحذر أذهب الحزن اعتقادي أنه ... كل شيءٍ بقضاءٍ وقدر قلت: وذكره النويري في تاريخه قال: الشيخ رشيد الدين الحنفي مدرس الشبلية، كان عالماً، فاضلاً، وله تصانيف مفيدة، ونظم حسن، انتهى. قلت: وكانت وفاته في سنة أربع وثمانين وستمائة بدمشق في يوم السبت ثالث شهر رمضان، وصلى عليه بعد العصر بالجامع المظفري، ودفن بالسفح، رحمه الله تعالى. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 397 //باب السين واللام 1073 - سلار المنصوري - 710 هـ ... - 1310 م سلار بن عبد الله المنصوري، الأمير سيف الدين، نائب السلطنة بديار مصر. كان تركي الجنس، وكان أبوه أمير شكار عند صاحب الروم، فلما غزا الملك الظاهر بيبرس التتار والروم كان سلار هذا ممن أسر في الوقعة، الجزء: 6 ¦ الصفحة: 5 فاشتراه قلاوون بعد مدة وأعطاه لولده الصالح علي، ومات الصالح فعاد سلار إلى ملك الملك المنصور ثانيا، واستمر عنده، وصار من أعيان مماليكه، ثم صار في خدمة ولده الملك الأشرف خليل، من جملة أعيان الأمراء، إلى أن قتل، ثم ترقى في دولة الملك الناصر محمد بن قلاوون، وبقي أحد المتكلمين في الدولة إلى أن خلع الملك الناصر وتسلطن الملك المنصور حسام الدين لاجين، سار سلار المذكور من العوجاء إلى الديار المصرية لتحليف الأمراء بها للملك المنصور لاجين. ولما قتل لاجين، وأعيد الملك الناصر محمد إلى الملك، صار سلار هذا نائب السلطنة بالديار المصرية، ولم يدع للملك الناصر أمرا ولا نهيا، وبقي له ثروة ومال جزيل يضرب به المثل كثرة، وكان إقطاعه نحوا من أربعين إمرة طبلخاناة، قيل إنه كان متحصله في كل سنة ألف ألف دينار، وكان مع ذلك الجزء: 6 ¦ الصفحة: 6 قليل الظلم، كبير العقل، ذا دهاء وخبرة، ونهضة وسياسة. تمكن من الدولة إحدى عشرة سنة، ورشح للسلطنة لما توجه الملك الناصر محمد إلى الكرك، فامتنع وسلطن بيبرس الجاشنكير مع تقدمه على بيبرس المذكور، وعمل النيابة له. ولا زال على ذلك حتى عاد الملك الناصر محمد بن قلاوون إلى ملكه، وقتل الملك المظفر بيبرس، وقبض الملك الناصر على أربعين أميراً ممن كان يستوحش منهم من أصحاب بيبرس، فلما رأى سلار ذلك تخوف وطلب الشوبك، فأنعم عليه الملك الناصر بنيابة كرك الشوبك، فتوجه إليها، وأقام بها مدة، ثم خشي على نفسه ففر إلى البرية، ثم ندم، وطلب الأمان، وحضر إلى القاهرة، فأمسك واعتقل ومنع عنه الطعام والشراب حتى أكل خفه من الجوع. ومات. قيل: إنهم دخلوا عليه قبل موته وقالوا له: قد عفا عنك السلطان، فقام ومشى من الفرح خطوات، ثم خر ميتاً، وذلك في شهر ربيع الآخر سنة عشرة وسبعمائة، وقيل: في العشرين من جمادى الأولى من السنة، والله أعلم. وكان أسمر اللون، أسيل الخد، لطيف القد، صغير اللحية. الجزء: 6 ¦ الصفحة: 7 وكان أميراً جليلاً، مهاباً شجاعاً، مقداماً، وكان فيه كرم وحشمة، ورئاسة، قيل: إنه حج مرة ففرق في أهل الحرمين أموالاً كثيرة، وغلالاً وثياباً. تخرج عن الوصف، حتى أنه لم يدع بالحرمين فقيراً، وبعد هذا مات وأكبر شهوته رغيف خبز. وكان في شونته من الغلال ما يزيد عن أربعمائة ألف أردب. وكان سلار كبير الأمراء في عصره، وافتتح بأشياء من الملابس لم تعرف قبله، معروفة به. وتوجه في سنة تسع وتسعين إلى دمشق، فقرر عز الدين حمزة القلانسي في وزارة دمشق، وابن جماعة في القضاء، ومهد أمورها، ثم عاد بموكب يضاهي الملوك، وكان شهد وقعة شقحب مع الملك الناصر، وابتلى فيها بلاء عظيماً، وثخنت جراحاته. وكان كثير البر. بعث إلى مكة في سنة إثنتين وسبعمائة في البحر عشرة آلاف أردب قمح، ففرقت في فقراء مكة، وأوفى ديون غالب أهل مكة، حت الجزء: 6 ¦ الصفحة: 8 ى يقال إنه كتب أسماء جميع من كان بمكة ساكناً، فأعطى كلا منهم قوت سنة، وكذا فعل بالمدينة. وكان إذا لعب بالكرة لا يرى في ثيابه عرق، وكذا في غير ذلك. قال الجزري: وجد له بعد موته ثمانمائة ألف ألف دينار، وذلك غير الجوهر والحلي والخيل والسلاح. قال الحافظ أبو عبد الله الذهبي: هذا كالمستحيل، فإن ذلك يكون حمل خمسة آلاف بغل، وما سمعنا عن أحد من كبار السلاطين ملك هذا القدر، لا سيما وهو خارج عن الجوهر وغيره. انتهى كلام الذهبي باختصار. قال ابن دقماق في تاريخه المسمى بالجوهر الثمين في الملوك والسلاطين قال: ثم دخلت سنة عشر وسبعمائة، فيها طلب سلار وأحيط بموجود وجميع حواصله، واعتقل بالقلعة، فدخل إليه فأبى أن يأكله، فطولع السلطان بذلك، فمنعه الطعام إلى أن مات جوعاً. قيل: إنه كان يدخل إليه من أجرة أملاكه في كل يوم ألف دينار. الجزء: 6 ¦ الصفحة: 9 وحكى الشيخ محمد بن شاكر الكتبي فيما رآه مكتوباً بخط الإمام العالم العلامة علم الدين البرزالي، قال: رفع إلى المولى جمال الدين بن الفويرة ورقة فيها بقبض أموال سلار وقت الحوطة عليه، في أيام متفرقة. أولها: يوم الأحد: ياقوت أحمر رطلان، وبهرمان رطلين، بلخش رطلين ونصف، زمرد ريحان وذبابي تسع عشرة رطلاً، صناديق ضمنها فصوص: ستة ما بين زمرد وعين الهر ثلاثمائة قطعة كبار، اللؤلؤ المدور من مثقال إلى درهم ألف وخمسمائة وخمسون حبة، ذهب عين مائتا ألف دينار وأربعة وأربعون ألف دينار، ودراهم: أربعمائة ألف وإحدى وسبعون ألف درهم. الجزء: 6 ¦ الصفحة: 10 يوم الإثنين: فصوص مختلفة رطلان، ذهب عين خمسة وخمسون ألف دينار، دراهم ألف ألف درهم، مصاغ وعقود ذهب مصري أربعة قناطير فضيات طاسات وأطباق وطسوت ستة قناطير. يوم الثلاثاء: ذهب عين خمسة وأربعون ألف دينار، دراهم ثلاثمائة ألف درهم وثلاثون ألف درهم، قطزيات وأهلة وطلعات صناجق فضة ثلاثة قناطير. يوم الأربعاء: ذهب عين ألف ألف دينار، دراهم ثلاثمائة ألف درهم، أقبية بفرو قاقم ثلاثمائة قباء، أقبية حرير عمل الدار ملونة بسنجاب أربعمائة قبا، سروج ذهب مائة سرج. ووجد له عند صهره أمير موسى ثمانية صناديق، لم يعلم ما فيها، حملت إلى الدور السلطانية. وحمل أيضاً من عنده إلى الخزانة تفاصيل طرد وحش وعمل الدار ألف تفصيلة، ووجد له خام للسفر ستة عشر نوبة، ووصل صحبته الجزء: 6 ¦ الصفحة: 11 من الشوبك ذهب مصري خمسون ألف دينار، ودراهم أربعمائة ألف درهم وسبعون ألف درهم، خلع ملونة ثلاثمائة خلعة حزكاة كسوتها أطلس أحمر معدني مبطن بأزرق مروزي وبابها زركش، ووجد له خيل ثلاثمائة فرس، ومائة وعشرون قطار بغال، ومائة وعشرون قطار جمال، هذا خارجاً عما وجد له من الأغنام والأبقار والجواميس والأملاك والمماليك والجواري والعبيد. ودل مملوكه على مكان مبنى في داره فوجدوا حائطين مبنيين بينهما أكياس ما يعلم ما عدتهم. وفتح مكان آخر فيه فسقية ملآنة ذهباً سكباً بغير أكياس. ووجد في حواصله ثلاثمائة ألف أردب غلة قمح، وفول، وشعير، وغير ذلك. انتهى كلام ابن دقماق بتمامه. الجزء: 6 ¦ الصفحة: 12 قلت: وكانت داره ببين القصرين بالقاهرة. ولما مات أمر الملك الناصر الأمير علم الدين سنجر الجاولي أن يتولى دفنه وجنازته، فدفنه بتربته بالكبش خارج القاهرة. ومات وهو في أوائل الكهولية. ومما رآه من العظمة في أيامه، قال: لما خلع كتبغا، يعني الملقب بالملك العادل، ثم استقر في الدولة الناصرية محمد بن قلاوون في نيابة صرخد، ثم نقل إلى نيابة حماة، حضر إلى القاهرة، وقبل الأرض بين يدي الملك الناصر محمد بن قلاوون، ثم نزل إلى الأمير سلار صاحب الترجمة ليسلم عليه، فوجد سلار راكباً وهو يسير في داره فنزل كتبغا عن فرسه وسلم عليه، واستمر سلار راكباً على فرسه وهما يتحادثان حتى انصرف كتبغا وتوجه إلى مكانه، فهذا شيء لم نسمع بمثله، رحمه الله تعالى. 1074 - الملك العادل ... - 690 هـ - 1291 م سلامش بن بيبرس، السلطان الملك العادل بدر الدين بن السلطان الملك الظاهر بيبرس البند قداري. الجزء: 6 ¦ الصفحة: 13 جلس سلامش على تخت الملك عند ما خلعوا أخاه الملك السعيد، وخطبوا له، وضربوا السكة باسمه، وصار سلطان الديار المصرية. فلم تطل أيامه، وخلع بعد ثلاثة أشهر بالملك المنصور قلاوون الصالحي الألفي، في يوم الثلاثاء حادي عشر شهر رجب سنة ثمان وسبعين وستمائة. وأرسل إلى الكرك، فأقام بها مدة، ثم رسم الملك المنصور قلاوون بإحضاره، فحضر إلى القاهرة، وبقي خاملاً إلى أن مات الملك المنصور قلاوون، وتسلطن من بعده ابنه الملك الأشرف خليل. جهزه وأخاه الملك خضر وأهله إلى مدينة اصطنبول بلاد الأشكري، فأقام هناك إلى أن توفي بها في سنة تسعين وستمائة. وكان شاباً مليحاً تام الشكل، رشيق القد، طويل الشعر، ذا حياء ووقار، وعقل تام. مات وله قريب من عشرين سنة. قيل: إنه كان أحسن أهل زمانه، وبه افتتن جماعة من الناس وشبب به الشعراء، وصار مثلاً يضرب به بين الناس، يقولون: شعر سلامشي، انتهى. الجزء: 6 ¦ الصفحة: 14 1075 - سلام بن تركية ... - 796 هـ - ... - 1394 م سلام بتشديد اللام بن محمد بن سليمان بن فايد، المعروف بابن تركية، أمير خفاجة بصعيد مصر. كان من أكابر أمراء العرب، وكان معظماً في الدول، وله ثروة ومال جزيل، وحشم، توفي بالصعيد في سابع ربيع الآخر وسنة ست وتسعين وسبعمائة، رحمه الله تعالى. 1076 - ابن كاتب قراسنقر 677 - 744 هـ - 1278 - 1343 م سليمان بن إبراهيم بن سليمان، القاضي علم الدين أبو الربيع، المعروف بابن كاتب قراسنقر، صاحب الديوان بدمشق. الجزء: 6 ¦ الصفحة: 15 مولده في يوم الجمعة ثامن عشر المحرم سنة سبع وسبعين وستمائة. كان أولا مستوفياً بدمشق، ثم باشر نظر البيوت، ثم الخاص، ثم باشر أيام الأمير قطلوبغا الفخري صحابة الديوان. وكان قبل أن يتوجه إلى دمشق بمصر في زكاة الكارم، ثم باشر في ديوان الأمير منكلي بغا، ثم صار بخدمة الأمير قراسنقر واختص به بعد موت أبيه، وتوجه معه إلى بلاد الشرق، ثم صار إلى القاهرة وكانت له بالشيخ صدر الدين بن المرحل صحبة أكيدة، وصحب الحافظ فتح الدين بن سيد الناس وغيرهما من الفضلاء بالديار المصرية. وكان حلو البيان، كثير الإحتمال، وكان جماعة للكتب، اقتنى منها شيئاً كثيراً، وكان بارعاً في صنعة الحساب، وكتب الخط المليح، وكان له يد الجزء: 6 ¦ الصفحة: 16 طولى في النظم، وقدرة على الارتجال، وكان نظمه سويا منسجما، عذب التركيب، فصيح الألفاظ، يكاد ألا يتكلم إلا موزونا لرقة طبعه، وكان يتكلم فصيحاً باللغة التركية. ومن شعره: غرامي فيك قد أضحى غريمي ... وهجرك والتجني مستطاب وبلواي ملالك لا لذنبٍ ... وقولك ساعة التسليم طابو وله: تقول بحق ودك عدِّ عني ... ودعني ما الكؤس وما العقار وها ريقي وكاسات الحميا ... وذق هذا وذا ولك الخيار توفي يوم الأحد سابع عشرين جمادى الآخرة سنة أربع وأربعين وسبعمائة، رحمه الله. 1077 - أبو الربيع الطائي 663 - 749 هـ - 1265 - 1348 م سليمان بن أبي الحسن بن سليمان بن ريان، القاضي جمال الدين أبو الربيع الجزء: 6 ¦ الصفحة: 17 الطائي الحلبي. مولده سنة ثلاث أو أربع وستين وستمائة، تولى نظر جيش صفد وطرابلس ثم حلب ودمشق، وكان إمام كاتبا، فاضلا، ذا وجاهة وحرمة، ومآثر كثيرة، ومحاسن غزيرة، تنزه عن المباشرة في أواخر عمره، ولزم داره إلى أن مات في سنة تسع وأربعين وسبعمائة بحلب، رحمه الله تعالى. 1078 - ابن عثمان ملك الروم ... - 813 هـ - ... - 1410 م سليمان بن أبي يزيد بن عثمان، متملك برصا وأدرنة وغيرهما من بلاد الروم. تملك بعد أن قتل والده في أسر تيمور، ووقع له أمور وحوادث إلى أن قتل في سنة ثلاث عشرة وثمانمائة. 1079 - الخليفة المستكفي بالله 683 - 740 هـ - 1284 - 1340 م سليمان بن أحمد بن الحسن بن أبي بكر بن علي بن المسترشد، أمير المؤمنين، الجزء: 6 ¦ الصفحة: 18 المستكفى بالله، أبو الربيع بن الحاكم بأمر الله أبي العباس الهاشمي العباسي، البغدادي الأصل، المصري المولد والمنشأ والدار والوفاة. ولد سنة ثلاث وثمانين وستمائة، أو في التي قبلها، وخطب له عند وفاة والده سنة إحدى وسبعمائة. قال الشيخ صلاح الدين الصفدي: وفوض جميع ما يتعلق به من الحل والعقد إلى السلطان الملك الناصر محمد بن قلاوون، وسارا معاً إلى غزو التتار، وشهدا مصاف شقحب، ودخل مع السلطان دمشق في شهر رمضان سنة إثنتين وسبعمائة، وهو راكب وجميع أمراء الدولة مشاة، وعليه فرجية سوداء، مطرزة، وعمامة كبيرة بيضاء بعذبة طويلة، وهو متقلد سيفاً عربياً محلى. ولما فوض الأمر إلى الأمير ركن الدين بيبرس الجاشنكير، وقلده السلطنة بعد توجه الملك الناصر محمد إلى الكرك ولقب بالملك المظفر، وعقد له اللواء وألبسه خلعة السلطنة فرجية سوداء، وعمامة مدورة، فركب بذلك والوزير حامل على رأسه التقليد من إنشاء القاضي علاء الدين بن عبد الظاهر. الجزء: 6 ¦ الصفحة: 19 أوله: إنه من سليمان، وإنه بسم الله الرحمن الرحيم هذا عهد لا عُهد لملك بمثله. وقد رأيته أنا بالقاهرة غير مرة، وهو تام الشكل، ذهبي اللون، يعلوه هيبة ووقار، وكان يركب في الميدان إذا لعب السلطان بالكرة، وعلى كتفه جوكان، وهو يسير فرسه، ولا يضرب الكرة ولا يمشي معه أحد وإذا عاد السلطان إلى القلعة ركب قدامه. ولما جرح شرف الدين النشو ناظر الخاص، رأيته وقد حضر إلى بابه عائداً مرتين، ونزل على الباب. وكان له في السنة على ما قيل من المرتب ما يقارب المائتي ألف درهم، أخبرني شهاب الدين بن فضل الله أن المرتب الذي كان له لم يكن يبلغ خمسين ألفاً في السنة، فلما خرج إلى قوص قوم غالياً، وحسب زائداً، ليكثر في عين الجزء: 6 ¦ الصفحة: 20 السلطان، وجعل ستاً وتسعين ألفاً فرسم بأن يعطى من مستخرج الكارم بقوص نظير ذلك، فأرادوا نقصه فازداد. وكان له مسكن عند المشهد النفيسي، وله دار على النيل بجزيرة الفيل، وله أصحاب يجتمعون به، ويسعى في حوائجهم. وتنكر السلطان الملك الناصر عليه، وأنزله بأهله في البرج المطل على باب قلعة الجبل، فلم يركب ولم يخرج، وبقي مدة تقارب الخمسة أشهر، ثم أفرج عنه، ونزل إلى داره، وبقي على ذلك مدة، ثم تنكر عليه بعد نصف سنة أوما يقاربها، وأخرجه بأهله وأولاده، وجهزه إلى قوص في سنة ثمان وثلاثين وسبعمائة، فيما أظن، فأقام بها إلى أن توفي ولده صدقة، فوجد عليه وجداً عظيماً، ثم توفي هو بعده في سنة أربعين وسبعمائة، في مستهل شعبان منها، وعهد بالأمر لولده فلم يتم له ذلك، وبويع ابن أخيه أبو إسحاق إبراهيم بيعة خفية لم تظهر إلى الجزء: 6 ¦ الصفحة: 21 أن تولى السلطان الملك المنصور أبو بكر بن الملك الناصر محمد، فأحضر ولده أبا القاسم أحمد، وبايعه هو والناس من بعده بيعة ظاهرة حفلة، وكان يلقب بالمستنصر، فلما بويع هذه البيعة لقب الحاكم، وكنى أبا العباس. انتهى. 1080 - ابن عثمان ... - 841 هـ - ... - 1437 م سليمان بن أرخن بك بن محمد كرشجى بن عثمان كان جد ه م حمد كرشجى، ملك بلاد الروم إلى أن مات. فلما مات محمد كرشجى قبض عمه الأمير مراد بك بن محمد كرشجى على أخيه أرخن بك، أعني والد المذكور، وحبسه، وسمله، ومنعه الزواج خوفاً من أن يعقب. فدست له جارية الجزء: 6 ¦ الصفحة: 22 فأولدها سليمان هذا، وأخته خوند شاه زادة. ثم مات أرخن، ففر بسليمان هذا مملوك أبيه، ومعه أخته شاه زادة. وقدم بهما على الملك الأشرف برسباي بالديار المصرية، فأكرمهما الملك الأشرف، وضم سليمان هذا إلى ولده الملك العزيز يوسف، وجعل أخته شاه زادة في الحرم السلطانية. فأقام على ذلك سنين، إلى أن بدا للمملوك المذكور أن يأخذ سليمان هذا وأخته، ويفر بهما إلى بلاد الروم، لمال وعد به من بعض ملوك الروم. واتفق المملوك مع جماعة من التركمان وغيرهم، وأخذهما من القلعة، وركب بهما بحر النيل ليتوصل إلى فم رشيد، ويركب بهم في الغراب المعتد لهم. ففطن السلطان بعد خروجهم من القاهرة، فشق عليه ذلك، وبعث في إثرهم جماعة من الخاصكية والمماليك السلطانية غارة، فوافوهم بالقرب من فم رشيد، وقد عاقهم الريح عن الخروج إلى البحر المالح، فاقتتل الفريقان قتالاً شديداً إلى أن انكسر أعوان سليمان هذا، وظفر بهم وأعيدوا إلى القاهرة، الجزء: 6 ¦ الصفحة: 23 فوسط السلطان المملوك الذي فر به وبأخته، وقطع أيدي جماعة كبيرة، وحبس سليمان المذكور بالبرج من قلعة الجبل، فكان يوماً مهولاً إلى الغاية، لعلى ما رأيت الملك الأشرف غضب في سلطنته بمثل هذا الغضب. ودام سليمان محبوساً مدة يسيرة، ثم أطلق وصار عند العزيز على عادته أولاً، ثم تزوج السلطان بأخته شاه زادة، واستمر سليمان على ذلك إلى أن توفي بالطاعون في سنة إحدى وأربعين وثمانمائة، وسنة نحو خمس عشرة سنة تخميناً. رحمه الله. وشاه زادة المذكور تزوج بها الملك الظاهر جقمق بعد موت زوجها الأشرف، واستولدها عدة أولاد إلى أن طلقها في سنة خمس وخمسين وثمانمائة. 1081 - ابن بنيمان ... - 686 هـ - ... - 1287 م سليمان بن بنيمان بن أبي الجيش بن عبد الجبار بن بنيمان، الأديب الشاعر شرف الدين أبو الربيع ال هم داني، ثم الإربلي. كان شاعراً مجيداً، وله نوادر ومزاح حلو، كان أبوه صائغاً، وتعانى هو أيضاً الصياغة. الجزء: 6 ¦ الصفحة: 24 قيل: إنه جاء إليه مملوك مليح من مماليك الملك الأشرف موسى وقال له: عندك خاتم لإصبعي. فقال له: لا إلا عندي إصبع مليح لخاتمك، وكان له من هذه النوادر أشياء ظريفة. ولما قامر التلعفري بثيابه وخفافه، قال فيه المذكور قصيدة، وأنشدها للملك الناصر بحضرة التلعفري أولها: يا مليكاً فاق الأنام جميعاً ... منه جود كالعارض الوكاف إلى أن استتمها، فلما فرغ من إنشادها، قال له التلعفري: ما أنا جندي أقامر بخفافي. فقال له ابن بنيمان هذا: بخفاف إمرأتك. فقال: مالي إمرأة. فقال له: لك مقامرة من بين حجرين إما بالخفاف أو بالثقال. فلما وقع ابن بنيمان عن بغلته وانكسرت رجله، قال فيه التلعفري: سمعت لابن بنيمان وبغلته ... عجيبة خلتها إحدى قصائده قالوا رمته وداست بالنعال على ... قفاه قلت لهم ذا من عوائده لأنها فعلت في حق والدها ... ما كان يفعله في حق والده الجزء: 6 ¦ الصفحة: 25 مات سنة ست وثمانين وستمائة، وله أزيد من تسعين سنة، رحمه الله تعالى. 1082 - قاضي القضاة علم الدين البساطي المالكي ... - 786 هـ - ... - 1384 م سليمان بن خالد بن نعيم بفتح العين المهملة بن مقدم بن محمد بن حسن ابن غانم بن محمد، قاضي القضاة علم الدين أبو الربيع البساطي المالكي، قاضي قضاة الديار المصرية. أصل ه م ن شبرابيسون من قرى الغريبة بالقرب من النحريرية من أعمال القاهرة، ونزل عمه عثمان بن نعيم بقرية بساط، وكان أخوه خالد والد علم الدين الجزء: 6 ¦ الصفحة: 26 هذا في حجره، فنشأ ببساط، وولد سليمان هذا بها فعرف بالبساطي، وقدم علم الدين إلى القاهرة واشتغل بها حتى برع في الفقه وغيره، وناب في الحكم عن قاضي القضاة برهان الدين الإخنائي، ثم عن بدر الدين عبد الوهاب الإخنائي، ثم وقع بينه وبين البدر الإخنائي المذكور، فسعى عليه بالأمير قرطاي القائم بعد قتل الملك الأشرف شعبان بأمور الدولة، وتولى القضاء في سابع عشرين ذي القعدة سنة ثمان وسبعين وسبعمائة، عوضاً عن بدر الدين الإخنائي. وباشر القضاء بعفة وتقشف، وإطراح التكلف في ملبسه ومجلسه وجميع أحواله. قال المقريزي: حتى لما قرأت عليه كان جالساً على نخ بغير فرش، وصار بطعم الطعام من دخل عليه وتبا له في كلامه، إلا إنه استكثر من النواب، الجزء: 6 ¦ الصفحة: 27 فصرف بعد ثمانين يوماً بالبدر الإخنائي في صفر سنة تسع وسبعين. ثم أعيد في يوم الإثنين ثالث شهر رجب من السنة، فقوى جأشه وتمكن، إلا أنه أخذ في معارضة قاضي القضاة برهان الدين إبراهيم بن جماعة والشيخ أكمل الدين شيخ الخانقاة الشيخونية، وكان ممن لا يغمز لهما قناة، فقاما في عزله حتى عزل في نصف جمادى الأولى سنة ثلاث وثمانين وسبعمائة. فلزم داره حتى مات معزولاً في ليلة الجمعة سادس عشر صفر سنة ست وثمانين وسبعمائة، وهو الذي أنشأ القضاة البساطية، رحمه الله. 1083 - الأمير أسد الدين بن موسك 600 - 667 هـ - 1204 - 1269 م سليمان بن داود بن موسك، الأمير أسد الدين بن الأمير عماد الدين بن الأمير الكبير عز الدين الهذباني. الجزء: 6 ¦ الصفحة: 28 ولد في حدود الستمائة بالقدس، وكان عنده فضل ومعرفة، وحسن عشرة، وله يد في النظم، وترك الخدم بآخره وتزهد، ولبس الخشن، وجالس العلماء، وأذهب معظم نعمته، واقتنع. وكان أبوه خصيصاً عن الملك الأشرف موسى بن الملك العادل، وجده الأمير عز الدين كان خال السلطان صلاح الدين. ومن شعره صاحب الترجمة: ما الحب إلا لوعة وغرام ... فحذار أن يثنيك عنه ملام الحب للعشاق نار حرها ... برد على أكبادهم وسلام تلتذ فيه جفونهم بسهادها ... وجسومهم إن شفها الأسقام ولهم مذاهب في الغرام وملة ... أنا في شريعتها الغداة إمام ولهم وللأحباب في لحظاتهم ... خوف الوشاة رسائل وكلام لطفت إشارتهم ودقت في الهوى ... معنى فحارت دونها الأفهام وتحجبت أنوارها عن غيرهم ... وجلت لهم أسرارها الأوهام فإليك عن عذلي فإن مسامعي ... ما للملام بطرقها إلمام الجزء: 6 ¦ الصفحة: 29 أنا من يرى حب الحسان حياته ... فإلآم في حب الحياة ألام توفي الأمير أسد الدين المذكور في سنة سبع وستين وستمائة، رحمه الله تعالى. 1084 - صدر الدين بن الملطى الحنفي ... - 712 هـ - ... - 1312 م سليمان بن داود بن مروان، الشيخ الإمام صدر الدين الملطى الحنفي، تقدم ذكره والده. تفقه بوالده وغيره، وبرع في عدة علوم، وأفتى ودرس وأشغل. قال الحافظ عبد القادر الحنفي في طبقاته، بعد أن أثنى على علمه ودينه: أنشدني صاحبنا الإمام فخر الدين السنباطي الحنفي لنفسه يعاتب الشيخ صدر الدين المذكور: أيرجع أحباب بنقص وذلة ... وترجع أعداء بفضل وعزة لئن كان هذا في الأحبة فعلكم ... فلا فرق ما بين العدا والأحبة الجزء: 6 ¦ الصفحة: 30 انتهى كلام الحافظ عبد القادر. قلت: وكانت وفاته في يوم الأربعاء ثاني عشرين صفر سنة إثنتي عشرة وسبعمائة بالقاهرة، ودفن يوم الخميس بالقرافة عند أبيه، رحمه الله. 1085 - صدر الدين بن عبد الحق الحنفي ... - 761 هـ - ... - 1360 م سليمان بن داود بن سليمان بن محمد بن عبد الحق، القاضي العلامة صدر الدين أبو الربيع، الفقيه النحوي الأديب الحنفي. كان معدوداً من الفضلاء في عصره، اشتغل في مبدأ أمره حتى برع في الفقه والعربية وغير هم ا، وأفتى ودرس، وباشر عدة وظائف سنية، ولى كتابه الإنشاء والنظر، وولى الأحباس، وكان ذا وجاهة وحرمة، ورحل إلى العراق وخراسان ومصر والحجاز واليمن، وكان مثرياً وله حشم وخدم، وهو من بيت رئاسة وعلم، وله النظم والنثر، ومن شعره: عشقت يحيى فقال لي رجل ... لم يبق في الغرام من بقيا تعشق يحيى تموت قلت له ... طوبى لصب مات في يحيى الجزء: 6 ¦ الصفحة: 31 وقال أيضاً: بدا الشعر في الخد الذي كان مشتهى ... فأخفى عن المشتاق خالي وما يخفى لقد كانت الأرداف بالأمس روضة ... من الحسن فهي اليوم موردة الحلفا وله أيضاً: سموت إذ كلمتني ... سلمى بغير رسالة فقال صحبى تنبا ... وكلمته الغزالة وله أيضاً: قل للذي حين رام رزقا ... بكل ما لا يطيق لاذا إقصر عناء ونم قريراً ... فالرزق يأتى بدون هذا وله: لما حكى برق النقا ... لمعان ثغرك إذ سرى نقل الغرام إليك عن ... دمعي الحديث كما جرى الجزء: 6 ¦ الصفحة: 32 توفي سنة إحدى وستين وسبعمائة، رحمه الله تعالى، وعفا عنه. 1086 - أبو الربيع المصري ...... - 778 هـ - ... - 1376 م سليمان بن داود بن يعقوب بن أبي سعيد، القاضي جمال الدين أبو الربيع المعروف بالمصري الحلبي، الكاتب الأديب. كان بارعاً في صناعة الإنشاء والترسل، وله النظم الرائق، والنثر الفائق، مع رياضة الخلق، وحسن الخلق، باشر كتابة الإنشاء وعدة وظائف بحلب حتى مات في سنة ثمان وسبعين وسبعمائة، وقد قارب الخمسين. وكان له شعر جيد. وقصائد على حروف المعجم سماها بالشفعية في مدح خير البرية صلى الله عليه وسلم، استوعب فيها بحور الشعر، ومن شعره. أوحشني أنس أهل نجد ... و هم بسفح التقا نزول أنس الورى زائل محال ... والأنس بالله لا يزول وله: بعدت ولم تقنع بذاك وإنما ... بخلت عن الإخوان بالكتب والرسل الجزء: 6 ¦ الصفحة: 33 وإنا لنجرى في ودادك جهدنا ... وإن كنت تمشي في الوداد على رسل وله: رياض جرت بالظلم عادات ريحها ... وسار بغير العدل في الحكم سيرها فغرقت الأغصان عند اعتناقها ... وسلسلت الأنهار إذ جن طيرها انتهى. 1087 - الملك المظفر صاحب اليمن ... - 649 هـ - ... 1251 م سليمان شاه بن عمر بن شاهنشاه بن أيوب ، الملك المظفر صاحب اليمن، سعد الدين بن الملك المظفر تقي الدين. كان الملك المظفر هذا قد تمفقر في شبيبته، وصحب الفقراء، وحمل الركوة وحج. ثم إنه كاتب والده الملك الناصر سيف الإسلام صاحب اليمن، وكانت قد تغلبت على زبيد، وضبطت الأموال، وبقيت ملتفتة إلى مجيء رجل من الجزء: 6 ¦ الصفحة: 34 بني أيوب ليقوم بالملك، وذلك في سنين نيف وستمائة، فبعث إلى مكة من يكشف لها الأمر، فوقع مملوكها بسليمان هذا، وهو على تلك الحالة الفقيري، فسأله عن اسمه ونسبه فأخبره، فكتب إليها المملوك بذلك، فبعثت طلبته. فسار المظفر هذا إليها إلى اليمن، فتزوجته وعظم أمره، وملكته اليمن، فلما ملك اليمن ملأ البلاد ظلماً وجوراً، وطلق زوجته أم الناصر وتزوج بغيرها، وكاتب الملك العادل صاحب مصر، فجعل في أول كتابه إنه من سليمان وإنه بسم الله الرحمن الرحيم، فاستقل عقله. ثم جهز الملك العادل سبطه الملك المسعود أقسيس بن الكامل في جيش، فدخل اليمن واستولى على مدائنها، وقبض على المظفر هذا، وبعثه ومعه زوجته بنت سيف الإسلام إلى القاهرة، فأجرى له الملك الكامل ما يقوم بمصالحه، ولم يزل المظفر صاحب الترجمة مقيماً بمصر إلى أن استشهد بالمنصورة سنة تسع وأربعين وستمائة. الجزء: 6 ¦ الصفحة: 35 1088 - سليمان المادح ... - 790 هـ - ... - 1388 م سليمان بن عبد الله بن محمد بن إبراهيم بن فيروز، الشيخ علم الدين الكردي الأصل، السعودي المعروف بسليمان المادح. قدم جده فيروز إلى القاهرة صحبة الشيخ أبي السعود ولازم خدمته. ومولد سليمان المذكور بقرافة مصر، وصار يمدح في المجامع بالقصائد النبوية، وكان له صوت شجي طروب يروح النفوس، وكان يتزيا بزي الصوفية، وله حظ وعليه قبول. قلت: وله ذرية، وبيتهم معروف بالقاهرة، توفي ليلة الخميس تاسع شهر ربيع الأول سنة تسعين وسبعمائة، رحمه الله. 1089 - عون الدين بن العجمي ... 606 - 656 هـ - 1209 - 1258 م سليمان بن عبد المجيد بن الحسن بن أبي غالب عبد الله بن الحسن بن الجزء: 6 ¦ الصفحة: 36 عبد الرحمن، الأديب البارع، عون الدين بن العجمي الحلبي الكاتب. ولد سنة ست وستمائة، سمع من الافتخار الهاشمي وجماعة، وروى عنه الدمياطي، وفتح الدين بن القيسراني، ومجد الدين العقيلي. وكان كاتباً مجيداً مترسلاً، ولي الأوقاف بحلب، وتقدم عند الملك الناصر، وحظي عنده، وولي نظر الجيوش بدمشق، وكان متأهلاً للوزارة، كامل الرئاسة، لطيف الشمائل، وله نظم ونثر، ومن شعره: لهيب الحد حين بدا لعيني ... هفا قلبي إليه كالفراش فاحرقه فصار عليه خالاً ... وها أثر الدخان على الحواشي توفي سنة ست وخمسين وستمائة بدمشق، وشيعه السلطان والأعيان، رحمه الله. 1090 - تقي الدين التركماني الحنفي ... - 690 هـ - ... - 1291 م سليمان بن عثمان، العلامة المفتي الزاهد الورع، بقية السلف، الجزء: 6 ¦ الصفحة: 37 تقي الدين التركماني الحنفي، مدرس الشبلية والمعظمية. كان إماماً بارعاً، مفننا، تصدر للإفتاء والتدريس عدة سنين، وانتفع به الناس، وناب في الحكم بدمشق لمجد الدين بن العديم، ثم استعفى ولازم الاشتغال والإشغال، وكان فريد عصره في زمانه، وتفقه به جماعة من الأعيان، منهم قاضي القضاة برهان الدين بن عبد الحق وغيره. توفي سنة تسعين وستمائة بدمشق، رحمه الله تعالى. وسيأتي ذكر جماعة من أولاده وأقاربه في محلهم إن شاء الله تعالى. 1091 - العفيف التلمساني 620 - 690 هـ - 1223 - 1291 م سليمان بن علي بن عبد الله عفيف الدين، أبو الربيع العائدي الكوفي ثم الجزء: 6 ¦ الصفحة: 38 التلمساني، الأديب الشاعر الصوفي المشهور. كان إماماً، بارعاً، فاضلاً، أديباً. ذكره العلامة شهاب الدين أبو الثناء محمود في تاريخه، قال: ورأيت جماعة ينسبونه إلى رقة الدين والميل إلى مذهب النصيرية. قال: وكان حسن العشرة كريم الأخلاق: له وجاهة وحرمة، وخدم في عدة جهات بدمشق، ومولده في سنة عشرين وستمائة، وكان من الفضلاء في فنون شتى، وحدت بشيء من صحيح مسلم عن المشايخ الإثنى عشر. انتهى. قال الحافظ أبو عبد الله الذهبي: خدم في جهات المكس وغيرها، وكتب عنه بعض الطلبة، وكان يتهم بالخمر والفسق، وحاصل الأمر أنه من غلاة الاتحادية. وذكره الشيخ شمس الدين الجزري في تاريخه، وماكانه عرف حقيقة حاله، وقال: عمل أربعين خلوة في الروم، يخرج من كل واحدة ويدخل في أخرى. قال الذهبي: هذا الكلام فيه مجارفة ظاهرة، فإن مجموع ذلك ألف وستمائة يوم، قال: وله في كل علم تصنيف، وقد شرح الأسماء الحسنى، وشرح مقامات النفرى. انتهى كلام الذهبي باختصار. قلت: حاله معروف، وأمره مشهور، لا حاجة في الإطالة في ذلك، ولكن نذكر شيئاً من شعره. من ذلك قوله: الجزء: 6 ¦ الصفحة: 39 سكر الصب في هواك فغنى ... ودعاه داعي الغرام فحنا كيف يرجو الحياة وهو مع ال ... هجر قتيل وعند رؤياك يفنى وله أيضاً: يشكو إلى أردافه خصره ... لو تسمع الأمواج شكوى الغريق يا ردفه رق على خصره ... فإنه يحمل مالا يطيق وله أيضاً: إن كان قتلى في الهوى يتعين ... يا قاتلي فبسيف لحظك أهون حسبي وحسبك أن تكون مدامعي ... غسلي وفي ثوب السقام أكفن عجباً لخدك ورده في بانة ... والورد فوق البان مالا يمكن أدنته لي سنة الكرى فلثمته ... حتى تبدل بالشقبق السوسن ووردت كوثر ثغره فحسبتني ... في جنة من وجنتيه أسكن ما راعني إلا بلال الخال فو ... ق الخد في صبح الجبين يؤذن الجزء: 6 ¦ الصفحة: 40 قلت: وهذا مأخوذ من قول الحاجري: أقام بلال الخال في صحن خده ... يراقب من لألاء غرته الفجرا ومنه أيضاً أخذ الشيخ جمال الدين بن نباتة: وانظر إلى الخال فوق الثغر دون لمى ... تجد بلالاً يراعى الصبح في السحر وللعفيف أيضاً: بهواك يا أمل النفوس أدين ... وعلى رضاك أرى التلاف يهون وإذا شنا العذال حسنك في الهوى ... يا منيتي فالصبر كيف يكون هب أن من يهواك أخفى حبه ... أتراه يخفي والعيون عيون لو كان لي قلب لصنت به الهوى ... أما بلا قلب فكيف أصون وأغن أغناه الجمال ولى به ... فقد ووجد ظاهر وكمين في طرفي السفاح لكن وجهه ... الهادي فليت صدوده المأمون ومنها: وعلى ربا نعمان حي كم به ... ميت وكم في حزنه محزون الجزء: 6 ¦ الصفحة: 41 حرب سيوفهم الجفون ومعجز ... في حسنهم أن السيوف جفون ومعاطف لو أثمرت بسوى الهوى ... ما قلت إلا إنهن غصون وله أيضاً: أنا الغريق بدمعي كيف أحترق ... والماء والنار شيء ليس يتفق وما نأى عاذلي عني مجانية ... يوماً وبي مسكة ترجى ولا رمق ومنها: أهوى الأصيل لصدغيك الذين هما ... ليل يقاربه من وجهك الشفق وأطمع النفس في طيب العناق إذا ... شبهت بالغصن والأغصان تعتنق فهات راحك يا روحي كأنهما ... شمس وبدر وهذا ابحلس الأفق وعاكفين على الصهباء قد جمعت ... شتات شملهم فيها وهم فرق طوتهم أعين الساقي وأكوسه ... حتى كأنهم في كفه ورق لا يعرفون طريق الصحو مذ سكروا ... ولا الظمأ بعده من راحتيه سقوا نفسي الفدا لحاد حث عيشهم ... إلى الحميا ولا ضلت به الطرق ولي نديم مديم لي إفادته ... حسناً ومعنا فتم الخلق والخلق أسرى وأسرع في المعنى الدقيق ... من البرق اللموع فلا البرق يأتلق قال الشيخ صلاح الدين: قال الشيخ أثير الدين أبو حيان في حقه: أديب جيد النظم، كان كثير التقلب، تارة يكون شيخ صوفية، وتارة يعاني الخدم الجزء: 6 ¦ الصفحة: 42 الديوانية، قدم علينا القاهرة عند صاحبه الشيخ شمس الدين الأيكي شيخ سعيد السعداء، وكان منتحلاً في أقواله وأحواله طريقة ابن عربي، انتهى. قلت وكانت وفاته في يوم الأربعاء خامس شهر رجب سنة تسعين وستمائة بدمشق، ودفن من يومه بمقابر الصوفية، عفا الله عنه. 1092 - معين الدين البرواناه ... - 676 هـ - ... - 1277 م سليمان بن علي بن محمد بن حسن، صاحب معين الدين البرواناه بن مهذب الدين. كان أبوه أعجمياً، وسكن الروم، وولد له البرواناه هذا. الجزء: 6 ¦ الصفحة: 43 وكان يقرأ القرآن، ويعلم الأولاد مستوفى الروم، ثم إنه ناب عنه، ثم ولى موضعه في أيام السلطان علاء الدين، وظهرت كفايته، واستوزره، ثم وزر لولده غياث الدين، إلى أن مات غياث الدين سنة اثنتين وأربعين وستمائة، وعظم أمره، واستولى على ممالك الروم، وصانع التتار، وعمرت البلاد به، وكاتب الملك الظاهر بيبرس البندقداري، فنقم عليه أبغا ونسبه إلى أن هو الذي جبر الظاهر على دخول الروم، وحصل ما وقع من قتل أعيان المغل في تلك الواقعة، فبكت الخواتين، وشققن الثياب بين يدي أبغا، وقلن: البرواناه هو الذي قتل رجالنا ولا بد من قتله، وقتل معه خلائق من الروم في سنة ست وسبعين وستمائة. وكانت موتته أنه قطعت أربعته وهو حي وألقى في مرجل، وصلق وأكل المغل لحمه من غيظهم عليه، قاله ابن كثير. وقيل إن قتلته في أواخر ذي الحجة سنة خمس وسبعين، والله أعلم. وكان من دهاة العالم وشجعانهم، وله إقدام على الأهوال، وخبرة بجمع المال. الجزء: 6 ¦ الصفحة: 44 والبرواناه لقب له، ومعناه بالأعجمية الحاجب، وهو اسم للفراشة التي تلقي نفسها في النار. انتهى. 1093 - ابن مراجل الدمشقي ... - 764 هـ - ... - 1363 م سليمان بن علي بن عبد الرحيم بن أبي سالم، الصاحب تقي الدين أبو الربيع ابن الرئيس علاء الدين أبي الحسن بن مراجل الدمشقي. كان فاضلاً، بارعاً في الكتابة، تنقل في الخدم الديوانية، تولى نظر الدولة بالديار المصرية، ثم ولى وزارة دمشق ونظر الجامعة. وفيه يقول البارع جمال الدين بن نباتة، لما ولى وزارة دمشق: وافى دمشق لحفظ الملك ذو ... قلم له فنون وفي العلياء أفنان فيا شياطين أرباب الحساب بها ... كفوا الأكف فقد وافى سليمان وباشر وزارة دمشق، وحمدت سيرته إلى أن توفي. الجزء: 6 ¦ الصفحة: 45 وكان رئيسا، سيوسا، عارفاً بالكتابة، خبيراً بالمباشر ة، م حترماً في الدولة، وله همة عالية، وفضل غزير وأدب. ومن شعره قوله: أأحبابنا شوقي إليكم مضاعف ... وذكركم عندي من البعد وافر وقلبي لما غبتم طار نحوكم ... وأعجب شيء واقع وهو طائر قلت: وكانت وفاته بدمشق سنة أربع وستين وسبعمائة، عن نحو ثمانين سنة، رحمه الله. 1094 - قاضي قضاة مصر ثم دمشق جمال الدين الزرعي ... - 734 هـ - ... - 1334 م سليمان بن عمر بن سالم بن عمر بن عثمان، قاضي القضاة جمال الدين أبو الربيع الأذرعي الزرعي الشافعي. قدم في شبيبته إلى دمشق، وهو بغير لحية، واشتغل بها وحفظ التنبيه في الجزء: 6 ¦ الصفحة: 46 الفقه وغيره، وسمع من الشيخ كمال الدين أحمد بن نعمة المقدسي، ومن عبد الدائم وطائفة، ثم ولى قضاء شيزر، ثم قضاء زرع، فأقام بها مدة، ثم تحول إلى دمشق وناب في الحكم بها لابن جماعة، ثم قدم القاهرة وناب بها أيضا في الحكم مدة، ثم ولى قضاء القضاة بها بعد عزل ابن جماعة في سنة عشر وسبعمائة، ثم عزل بعد مد وأعيد ابن جماعة، واستقر صاحب الترجمة في قضاء العسكر بالديار المصرية، واستمر إلى أن توفي قاضي قضاة دمشق ابن صصري استقر جمال الدين هذا في قضاء دمشق عوضه، فأقام في قضاء دمشق سنة، وعزل بقاضي القضاة خطيب دمشق جلال الدين القزويني، واستمر جمال الدين المذكور على تدريس الأتابكية، ومشيخة الشيوخ، ثم عاد إلى القاهرة في آخر سنة ست وعشرين وسبعمائة، واستمر بها إلى أن توفي سنة أربع وثلاثين وسبعمائة. الجزء: 6 ¦ الصفحة: 47 قال القاضي علاء الدين بن خطيب الناصرية: كان قوي النفس، مهيباً، صليباً في الأحكام، تام النزاهة والعفة، ولكنه كان قليل العلم، كان يعمل الدرس من كتاب يقرأ قدامه، ويقول هو شيء بالفقيري، ثم كبر وصار ينسى. انتهى. 1095 - أمير آل فضل ... - 800 هـ - ... - 1398 م سليمان بن عنقاء بن مهنا، الأمير علم الدين، أمير آل فضل. وتولى إمرة العرب بعد موت ابن عمه الأمير موسى بن عساف بن مهنا في شوال سنة ثمان وتسعين وسبعمائة، فحاربه ابن عمه الأمير ناصر الدين نعير ابن حيار بن مهنا، فقتل المذكور في المعركة، قريباً من الرحبة، وقد قارب الخمسين سنة، في شهور سنة ثمانمائة، وولى عوضه أخوه الأمير محمد بن عنقاء بن مهنا. 1096 - الملك العادل صاحب حصن كيفا ... - 827 هـ - ... 1424 م سليمان بن غازي بن محمد بن أبي بكر بن شادي، وقيل محمد بن عبد الله الجزء: 6 ¦ الصفحة: 48 ابن توران شاه بن أيوب بن محمد بن أبي بكر بن أيوب بن شادي، الملك العادل فخر الدين أبو المفاخر سليمان صاحب حصن كيفا، وابن صاحبها الملك الكامل شهاب الدين غازي بن الملك العادل مجير الدين محمد بن الكامل سيف الدين ابن أبي بكر بن المعظم توران شاه بن السلطان الملك الصالح نجم الدين أيوب، صاحب مصر، بن السلطان الملك الكامل محمد بن الملك العادل أبي بكر بن نجم الدين أيوب الكبير. أقيم الملك العادل هذا في سلطنة الحصن بعد موت أبيه الملك الكامل، وحسنت أيامه، لكنه كان لا يسلم هو ووالده من جور الأمير عثمان بن طرعلي المدعو قرايلك، وتعديه على الحصن، وعلى ديار بكر. وقيل: قرابلك من أعوان قرا يوسف بن قرا محمد التركماني. سلطوا هؤلاء الأوباش التركمانيين الذين لا أصل لهم على إقليم ديار بكر وعلى ملوكها بني أيوب المذكورين، فالله يلحق بهم من مضى من أسلافهم، ويريح المسلمين منهم. وكان الملك العادل هذا مشكور السيرة، محبباً للرعية، هذا مع الفضيلة التامة، والذكاء، والمشاركة الحسنة، وله نظم ونثر، وديوان شعر لطيف. الجزء: 6 ¦ الصفحة: 49 ومن شعره: أريعان الشباب عليك مني ... سلام كلما هب النسيم سروري مع زمانك قد تناءى ... وعندي بعده وجد مقيم فلا برحت لياليك الغوادي ... وبدر التم لي فيها نديم يغازلني بغنج والمحيا ... يضيء وثغرة در نظيم وقد مثل لدن إن تثنى ... وريقته بها يشفى السقيم إذا مزجت رحيق مع رضاب ... ونحن بليل طرته نهيم ونصبح في ألذ العيش حتى ... تقول وشاتنا هذا النعيم ونرتع في رياض الحسن طورا ... وطوراً للتعانق نستديم وله أيضاً: سلوا عن سهادي أنجم الليل إنها ... ستخبركم عما لقيت من البعد وتوضح حالي للنسيم إذا سرى ... إليكم وأنفاسي أحر من الوقد فلا تتركوا قلبي يذوب صبابة ... بهجركم واشفوا الصدور من الحقد وله أيضاً: لم يطرق الغمض جفني بعد فرقتكم ... وقد كسى السقم جسمي بعدكم طلا أقضي نهارى كئيب القلب مفتكراً ... لا أرعوى قط في يوم لمن عذلا الجزء: 6 ¦ الصفحة: 50 هيهات هيهات أن أسلو وحبكم ... حشو الحشا أوارى لي عنكم بدلا والله والله لو أني خفيت ضنا ... ما سمتكم قط تقصيراً ولا مللا إن كان يرضيكم التعذيب قد رضي ... ت نفسي به ولهذا طاب لي وحلا قلت: واستمر الملك العادل المذكور في مملكة الحصن إلى أن مات بها في سنة سبع وعشرين وثمانمائة، وأقيم بعده في مملكة حصن كيفا ولده الملك الأشرف أحمد المقتول بيد أعوان قرايلك في سنة ست وثلاثين وثمانمائة، حسبما ذكرناه في محله في الأحمدين. 1097 - المستكفى بالله ... - 855 هـ - ... - 1451 م سليمان الخليفة أمير المؤمنين المستكفى بالله أبو الربيع بن المتوكل على الله أبي عبد الل ه م حمد بن المعتصم بالله أبي بكر بن المستكفى بالله أبي الربيع سليمان بن الحاكم بأمر الله أبي العباس أحمد بن الحسن بن أبي بكر بن علي بن الحسين بن الجزء: 6 ¦ الصفحة: 51 الخليفة الراشد بالله منصور بن المسترشد بالله الفضل بن المستظهر بالله أحمد ابن المقتدى بالله عبد الله بن الأمير ذخيرة الدين محمد بن القائم بأمر الله عبد الله بن القادر بالله أحمد بن المتقى بالله إبراهيم بن المقتدر بالله جعفر بن المعتصم بالله أحمد بن الأمير الموفق طلحة بن المتوكل علي الله جعفر بن المعتصم بالله محمد ابن الرشيد هارون بن المهدي محمد بن أبي جعفر المنصور عبد الله بن محمد بن علي ابن عبد الله بن عباس بن عبد المطلب الهاشمي العباسي. بويع سليمان هذا بالخلافة بعهد من أخيه المعتضد بالله أبي الفتح داود في العشر الأول من شهر ربيع الأول سنة خمس وأربعين وثمانمائة، واستمر في الخلافة إلى أن توفي بسكنه بالقرب من المشهد النفيسي بعد مرض دام به أياماً في يوم الجمعة ثاني شهر الله المحرم سنة خمس وخمسين وثمانمائة، وهو في عشر الستين تخميناً، وحضر الملك الظاهر جقمق الصلاة عليه بمصلاة المؤمني تحت القلعة، وعاد أمام جنازته إلى المشهد النفيسي حيث دفنه ماشياً، وتولى حمل نعشه غير مرة إلى أن وصلت الجنازة وحضر دفنه، وكانت جنازته مشهودة. وكان المستكفى بالله هذا أسمر رقيقاً، للقصر أقرب، خفيف اللحية، بادره المشيب فيها، وكان ساكناً عاقلاً، ديناً خيراً، كثير الصمت، قليل الكلام الجزء: 6 ¦ الصفحة: 52 إلا فيما يعنيه، وكان قليل الاجتماع بالناس، منعزلاً عنهم، لم يسلك طريق أخيه المعتضد بالل ه م ع أصحابه وندمائه، بل صار يتحجب في غالب أوقاته. وأظن عدم اجتماعه بالناس كان لقلة محاضرته، ولبعده عن المشاركة فيما يقع من أنواع العلوم. قلت: وكان ما يفعله هو الصواب. هذا مع العقل التام، والتواضع والسيرة الحسنة، والعفة عن المنكرات وغيرها في حداثة سنة وفي كبره. ولقد كان أخوه المعتضد بالله يثني على دينه وخيره في غالب أوقاته، ويبالغ في الثناء عليه بأقوال لا تقع إلا لكبار الأولياء. رحمه الله تعالى ونفعنا بسلفه الطاهر. وولي الخلافة من بعده أخوه حمزة ولقب بالقائم بأمر الله. 1098 - الصاحب فخر الدين بن السيرجي ... - 699 هـ - ... - 1300 م سليمان بن محمد بن عبد الوهاب، الصاحب فخر الدين أبو الفضل بن السيرجي الأنصاري الدمشقي. الجزء: 6 ¦ الصفحة: 53 كان فاضلاً نبيلاً، وسمع من الشيخ تقي الدين بن الصلاحي، والشرف المريني، ولم يحدث، وتعانى الكتابة، وتولى نظر الديوان الكبير، وكان من رؤساء دمشق المعدودين، الموصوفين بالكرم والحشمة والسؤدد والإحسان. ولما استولى التتار نوبة غازان على دمشق ألزموه بوزارتهم، والسعي في تحصيل الأموال، فدخل في ذلك مكرها، وكان قليل الأذى، فلما أقلعهم الله تعالى، مرض هو، ومات بعد قليل في سنة تسع وتسعين وستمائة. ومشى الأعيان في جنازته إلى باب البريد، فجاء مرسوم الأمير علم الدين أرجواش فردهم، ونهاهم عن حضور الجنازة، وضربوا الناس، ولما وصلت الجنازة إلى باب القلعة، أذن لولده شرف الدين في اتباعها. قلت: هذا يدل على أن صاحب الترجمة لما توزر للتتار مشى في نفعهم وضر المسلمين، وإلا فما وجه منع الناس من الصلاة عليه والمشي في جنازته إلا لأمر حدث منه في الدين، والله أعلم، عفا الله عنه. الجزء: 6 ¦ الصفحة: 54 1099 - أمير آل فضل ... - 744 هـ ... - 1343 م سليمان بن مهنا بن عيسى بن مهنا بن مانع بن حديثة بن غضبة بن فضل بن ربيعة، أمير عرب آل فضل. ولي الإمرة بعد موت أخي ه م وسى في سنة اثنتين وأربعين وسبعمائة، عقيب موت الملك الناصر محمد بن قلاوون. واستمر في الإمرة إلى أن قتل في شهر ربيع الأول سنة أربع وأربعين وسبعمائة، وقيل سنة ثلاث وأربعين. وقال ابن حبيب في تاريخه: أمير حسن الشيم. زائد الكرم. رفيع الهمة. وافر الحرمة. بطل شجاع. عربي الطباع. فارس الخيل. يسير في بر البر سير السيل، كان عالياً علمه. مورقاً ضاله وسلمه. معشبة أراضيه. نافذة رماحه. الجزء: 6 ¦ الصفحة: 55 قاطع ة م واضيه. لبث مدة في بلاد التتار. ثم رجع طويل النجاد كريم النجار. باشر الإمرة حيناً من الدهر واستمر إلى أن جرد له الحتف سيف القهر، انتهى. فشار ابن حبيب وركيك ألفاظه، وربما كان إذا ضاقت عليه القافية يذم المشكور ويشكر المذموم، لما ألزم به نفسه في جميع تاريخه بهذا النوع السافل في فن التاريخ، انتهى. 1100 - أمير المدينة ... - 817 هـ - ... - 1414 م سليمان بن هبة الله بن جماز بن منصور، الشريف الحسيني. أمير المدينة النبوية، على ساكنها أفضل الصلاة والسلام. ولي إمرة المدينة ثم عزل عنها، وقبض عليه الملك المؤيد شيخ، وسجنه إلى أن توفي بسجنه بالقاهرة سنة سبع عشرة وثمانمائة، وهو في عشر الأربعين عفا الله عنه. الجزء: 6 ¦ الصفحة: 56 1101 - قاضي القضاة صدر الدين بن أبي العز الحنفي ... - 677 هـ - ... - 1278 م سليمان بن وهيب بن أبي العز، العلامة قاضي القضاة صدر الدين أبو الربيع الحنفي. كان إماماً بارعاً في الفقه وأصوله، والعربية، واللغة، وغير ذلك. تفقه على الإمام الحصيري وغيره، وأفتى ودرس، وتصدر للاقراء عدة سنين، وتولى قضاء القضاة بدمشق مدة، ثم نقل إلى قضاء الديار المصرية. قال قاضي القضاة بدر الدين محمود العيني في تاريخه: شيخ الحنفية في زمانه، وعالم هم شرقاً وغرباً. أقام بدمشق مدة يفتى ويدرس، ثم انتقل إلى الديار المصرية، فدرس بالصالحية، ثم عاد إلى دمشق فدرس بالظاهرية، وولي القضاء الجزء: 6 ¦ الصفحة: 57 بعد مجد الدين بن العديم ثلاثة أشهر. ثم كانت وفاته ليلة الجمعة سادس شعبان، يعني من سنة سبع وسبعين وستمائة ودفن من الغد بعد الصلاة عليه بسفح قاسيون، وله ثلاث وثمانون سنة. ومن لطيف شعره قوله في مملوك تزوج بجارية الملك المعظم: يا صاحبي قفا بي وانظرا عجبا ... أتى بنا الدهر فينا من عجائبه البدر أصبح فوق الشمس منزلة ... وما العلو عليها من مراتبه أضحى يماثلها حسناً وصار لها ... كفؤا وسار إليها في مواكبه فاستشكل الفرق لولا وشتى نمنمة ... بصدغه واخضرار فوق شاربه انتهى. 1102 - صدر الدين الياسوفي ... - 789 هـ - ... - 1387 م سليمان بن يوسف بن مفلح بن أبي الوفا، الحافظ صدر الدين المقدسي الدمشقي الياسوفي الشافعي. الجزء: 6 ¦ الصفحة: 58 تفقه على عماد الدين الحسباني بدمشق، وتخرج في الحديث بالشيخ الحافظ تقي الدين بن رافع، وسمع من أصحاب الفخر بن البخاري، ومن عمر بن الحسن بن أميلة، ومن الإمام المسند صلاح الدين محمد بن أحمد بن أبي عمر المقدسي، ومن أبي بكر بن محمد بن أبي بكر البالسي، وفخر الدين محمد بن محمد بن عمر بن محبوب، وعلاء الدين أبي الحسن علي بن عبد الرحمن بن محمد بن التقي بن سليمان ابن حمزة، وشمس الدين محمد بن عبد الرحمن بن محمد بن أحمد بن قدامة وغيرهم، ورحل وسمع بحلب كمال الدين أبا الفضل بن العجمي، ومحمد بن عبد العزيز بن إبراهيم بن العجمي، وعبد العزيز بن عبد الرحمن بن العجمي، وكمال الدين إبراهيم ابن أمية الدولة، وبدر الدين حسن، وكمال الدين أبا الحسن محمد بن حبيب، وشهاب الدين أحمد بن عبد الرحمن بن النصيبي، وشهاب الدين أحمد بن محمد ابن عشائر السلمي، وكمال الدين محمد بن أحمد بن النحاس وغيرهم. وسمع بحمص والقاهرة وغيرهما. وتفقه وبرع، وصار فقيهاً، عالماً حافظاً، وكتب وخرج الجزء: 6 ¦ الصفحة: 59 وعرف العالي والنازل، والجرح والتعديل، وأسماء الرجال وطبقات هم. وكان حافظاً للمتون، ضابطاً. وامتحن بآخره بسبب شهاب الدين أحمد بن البرهان، وهو أن ابن البرهان كان يتكلم في سلطنة الملك الظاهر برقوق، وكان صدر الدين هذا بينه وبين ابن البرهان صحبة فنم عليه، فقبض عليه صاحب قلعة دمشق ابن الحمصي وحبسه بقلعتها، واستمر صدر الدين المذكور محبوساً بقلعة دمشق إلى أن توفي بها في ليلة السبت ثالث عشرين شعبان سنة تسع وثمانين وسبعمائة، فغسل وصلى عليه بجامع دمشق، ودفن بعد الزوال بقرب الشيخ تقي الدين بن تيمية، رحمه الله. 1103 - المجذوب المعتقد ... - 713 هـ - ... - 1313 م سليمان الموله التركماني المعتقد. الجزء: 6 ¦ الصفحة: 60 كان شيخاً صالحاً مولهاً، وللناس فيه اعتقاد حسن زائد. قال الحافظ الذهبي: كان يجلس بساقية باب البريد وعليه عباءة بخسة ووسخ بين، وهو ساكن، قليل الكلام، له كشف وحال، من نوع أخبار الكهنة. انتهى كلام الذهبي. قال الشيخ عبد الله اليافعي رحمه الله: وهذا على عادته، يعني عن الحافظ الذهبي، في اعتقاد المجاذبين المخربين. ثم قال اليافعي: وكان للناس فيه اعتقاد حسن زائد، وكان شيخنا إبراهيم يخضع له، ويجلس عنده. ولما قال الذهبي: وكان يأكل في شهر رمضان ولا يصوم ولا يصلي، قال اليافعي: ومثل هذا قد شوهد من كثير من المخربين، يصلون في أوقات لا يشاهدون فيها وإن الأكل لا يدخل إلى بطونهم، وما يرى الناس أنهم يأكلون. ليس كذلك بل يمضغونه تخريباً وتستراً، وغير ذلك من الأحوال المحتملة لنقل الصلاة في وقتها. فللقوم في ذلك أحوال يحتجبون فيها، وقد ذكرت ذلك في كتاب روحة الرياحين ما يؤيد هذا عن قضيب البان والشيخ ريحان وغيرهما من المخربين، انتهى كلام الشيخ عبد الله بن أسعد اليافعي، رحمه الله. الجزء: 6 ¦ الصفحة: 61 قلت: وكانت وفاة الشيخ سليمان هذا في سنة ثلاث عشرة وسبعمائة، رحمه الله تعالى وعفا عنه. 1104 - سليم القرافي ... - 802 هـ - ... - 1399 م سليم السواق القرافي المعتقد المجذوب. كان فقيراً صالحاً، يسكن القرافة، وللناس فيه اعتقاد حسن. وكان له أحوال وكشف. مات في تاسع عشر شهر ربيع الأول سنة اثنتين وثمانمائة، رحمه الله تعالى وعفا عنه. 1105 - الجناني المعتقد ... - 840 هـ - ... - 1436 م سليم بن عبد الرحمن بن سليم، الصالح المعتقد، الجناني الأصل والمولد، نزيل القاهرة. أصل ه م ن أهل منية جنان قرية من أعمال الشرقية من ضواحي القاهرة. وجنان بكسر الجيم ونونين بينهما ألف الأولى منهما مفتوحة. ثم قدم إلى القاهرة وأقام بجامع الأزهر سنين، ملازماً للعبادة وقراءة القرآن إلى أن ظهر أمره الجزء: 6 ¦ الصفحة: 62 وصار للناس فيه اعتقاد، وقصد للزيارة. وتزوج ورزق الأولاد، وكان شديداً في أمر الله، لا تأخذه في الله لومة لائم، وكان عنده إقدام وجرأة على أكابر أهل الدولة. وكان لا يتنمق في كلامه معهم، بل يعلى صوته ويتكلم بما شاء، من غير مراعاة الحشمة على طريقة أهل البلاد، وكان عنده خفة وطيش مع بله وسلامة باطن. وكان إذا سمع أن بمكان منكراً جمع فقراءه وتوجه إليه بالسلاح والمطارق، ويدخل من غير إذن هجماً ويكسر ما وجده من الخمور، وإن منعه أحدهم قاتلهم بمن معه. وكان أمره معهم كما قيل: الحرب سجال يوم لك ويوم عليك، ومع هذا كان لا ينتهي عن ذلك مدة حياته. وكانت له مكانة عند الملك الأشرف برسباي، وكان الملك الأشرف إذا رآه مقبلاً يضحك حتى يقرب منه، يرحب به، ويقضي حاجته، ويجلسه بجانبه، ويصغي لكلامه حتى ينتهي كلامه. فكان يحدثه الشيخ سليم كما يتحدث مع غيره من الفلاحين، من ذلك أنه سأله مرة في حاجة، فقال له الأشرف: نعم. فقال له سليم: لا تكذب علي. فضحك الأشرف، وقال ثانياً: ما أكذب عليك. وكان لكلامه تأثير في القلوب، وجلس مرة في الجامع الأزهر وسب بعض أعيان الدولة جهاراً، وكان بجانبه بعض أصحابه من الفقراء، فأراد أن يرجعه الجزء: 6 ¦ الصفحة: 63 فأسر له في أذنه بكلام، فلما سمع سليم مقالته، التفت وقال بأعلى صوته: أنا ما أخاف من أحد، ولو كنت أخاف من أم سيسى كنت أخاف من هذا الضراط الذي في القلعة، يعني الملك الأشرف، فهرب الفقير الذي أسر له إلى جهة من الجامع. ومما شاهدته منه: إني كنت بالجامع الأزهر لصلاة الجمعة، وأظن أن الخطيب كان على المنبر، إذ خرج سليم من رواق الريافة إلى صحن الجامع، وبيده عصاة فضرب بها على الأرض، وصاح: الصلاة على ابن النصرانية، غير مرة، يعني بذلك عن سعد الدين إبراهيم بن كاتب جكم ناظر الخاص، فلم يقم المذكور بعد ذلك إلا أياماً يسيرة، ومرض ولزم الفراش مدة طويلة. وله أشياء في هذا النمط كثيرة. ومما وقع له من سلامة الباطن أن شخصاً من الشياطين جاءه وبكى وقال: يا سيدي، أنت ما تعرف أن الدار الفلانية داري؟ فقال له الشيخ سليم: نعم. فقال له الرجل: إشهد لي، وأخرج له مكتوباً، فشهد سليم وكتب خطه، ومضى الرجل. وبعد مدة، قيل لسليم إن هذا المكتوب زور، وليست الدار له، فقام الجزء: 6 ¦ الصفحة: 64 من وقته وذهب إلى بعض قضاة الشرع، وقال له: أنا شهدت بالزور عزرني، فسأله القاضي عن القضية، فحكى له، فقال القاضي: ما يجب عليك تعزير، ارجع عن شهادتك. فما أعجب سليما منه ذلك، وتوجه إلى قاض غيره، وهو يستغيث: ما بقي حكام؟ رجل يشهد بالزور وما يعزروه. فالتم عليه خلائق إلى أن اجتمع بقاض غيره، فقال له الثاني أيضاً كمقالة الأول، فاستغاث أكثر من ذلك فقال: أنا أعزر نفسي وأخذ عدة نعال وقباقيب وجعلها في عنقه، وجعل خلفه جماعة من فقرائه ينادون عليه: هذا جزاء من يشهد الزور. وأخذ يدور في الشوارع والأسواق، وهو على تلك الحالة حتى صدفه على ما قيل الزيني عبد الباسط، وأخذ يسكن ما به، فصاح سليم: والله طيب يا عبد الباسط واحد يشهد بالزور ما يعزر. ومضى كما كان إلى أن كل من السير، ورجع إلى داره. فرحمه الله ما كان أقواه في الدين. واستمر الشيخ سليم بالقاهرة إلى أن توفي بالصحراء بعد أن مرض مدة يسيرة في ودفن بالصحراء خلف جامع الأمير طشتمر الساقي المعروف بحمص أخضر، وقبره معروف هناك يقصد للزيارة، رحمه الله تعالى ونفعنا ببركته. الجزء: 6 ¦ الصفحة: 65 باب السين والنون 1106 - علم الدين - 669 هـ - ... - 1271 م سنجر بن عبد الله، الأمير علم الدين. كان من أعيان الأمراء بالديار المصرية، وكان ممن يخشى جانبه. فلما تسلطن الملك الظاهر بيبرس، وتمكن واستفحل أمره، أخرجه إلى الشام ليأمنه، وأقطعه إقطاعاً جيداً، فأقام بدمشق مدة، وخرج إلى جهة بعلبك إلى بعض إقطاعاته، فأدركته المنية ببعلبك، ومات في سنة تسع وستين وستمائة. 1107 - المستنصري ... - 669 هـ - ... - 1271 م سنجر بن عبد الله المستنصري، الأمير قطب الدين البغدادي المعروف بالياغز. الجزء: 6 ¦ الصفحة: 67 هو من مماليك الخليفة المستنصر بالله العباسي، ولما أخذت بغداد كان هو أيضاً ممن خرج منها، وقدم الشام فأنعم عليه الملك الظاهر بيبرس البندقداري بإقطاع جيد بدمشق، وصار محترماً في الدولة الظاهرية إلى أن توفي سنة تسع وستين وستمائة، وكان عنده معرفة ونباهة، وحسن عشرة، وكان يحاضر بالشعر والحكايات الظريفة، رحمه الله تعالى. 1108 - التركستاني ... - 667 هـ - ... - 1269 م سنجر بن عبد الله التركستاني، الأمير علم الدين. كان من أعيان الأمراء في الدولة الظاهرية بيبرس، وكان له حرمة ووجاهة وتجمل في ملبسه ومركبه، مع الشجاعة الموصوفة عنه والإقدام. مات سنة سبع وستين وستمائة، رحمه الله تعالى. 1109 - البرنلي الدواداري 628 - 699 هـ - 1231 - 1300 م سنجر بن عبد الله البرنلي التركي الصالحي النجمي، الأمير الكبير علم الدين الجزء: 6 ¦ الصفحة: 68 أبو موسى الدواداري. كان من أمراء الألوف بالديار المصرية. ذكره الحافظ أبو عبد الله الذهبي في معجمه قال: دين فاضل عالم، له مشاركة في الفقه والحديث، سمع الكثير، وحصل الأصول، وكتب الطباق بخط مليح، وكان الفضلاه يحضرون مجلسه، ويذاكرهم ويكرمهم. وقف مدرسة ورباطاً وغير ذلك، وقل من أنجب من الترك مثله. وقد حج ست حجج، مرة منها هو ورجلان على الهجين. وكان يعرف بمكة بالستورى، لأنه أول من كسا الكعبة شرفها الله تعالى بعد الخلفاء واستعمل كسوتها وسار بها من مصر. وسمع الحديث بالحرمين، والقدس، ومصر، ودمشق، والكرك، وحلب، وحمص، وقوص، وخرج له معجم في أربعة عشر جزءاً، وانتقى له شيخنا ابن الظاهري، فسمع من الزكي المنذري، والرشيد العطار، وابن عبد السلام، وإبراهيم بن نجيب، والشرف المرسي، وعبد الغني بن بنين. الجزء: 6 ¦ الصفحة: 69 وقد جمعت مدائحه في مجلدين، وقرأ القرآن على الشيخ جبريل الدلاصي وغيره، انتهى كلام الذهبي. رحمه الله. قال القاضي كمال الدين الزملكاني: كان فارساً، بطلاً شجاعاً مقداماً، مثابراً على الجهاد، ولم يكن في الأمراء الشاميين مثله في حسن اهتمامه بأمر المسلمين، وقيامه بسد الثغور، وكان عديم الأذى والظلم. ولم يزل مقدماً في الدولة، متعيناً لكل صالح، ديناً تقياً ورعاً، متواضعاً، قريباً إلى الناس. تولى نيابة السلطنة فسار أحسن سيرة، وتولى تدبير الممالك زمناً طويلاً، مراراً متعددة، وأبطل الله على يديه كثيراً من المكوس والمظالم. ثم قال: وكان يحيى كثيراً من السنة ويسهر الليل، وكان يلازم التردد إلى الجامع بثياب الذلة والتواضع والتخشع، يمشي وحده. ثم قال: وله المشاهد المشهورة في الجهاد، والمصابرة في الحروب، وبذل نفسه في ذلك محباً للشهادة. وكانت داره أشبه بالمساجد لكثرة قيام الجماعات فيها، وملازمة جميع غلمانه على الصلوات، وانتظارها قبلها مستقبل القبلة، وكان لا ينام إلا على جلد أضحى من الغنم، ولا يأكل في الغالب إلا من مباح، وقد أعد في مخدة تحت رأسه كفنه أبرادا سحولية مغسولة بماء الجزء: 6 ¦ الصفحة: 70 زمزم، وحنوطاً، وأجرة الغاسل، وجميع ما يحتاج إليه، انتهى كلام الزملكاني. قال البرزالي بعدما أثنى عليه: وشيوخه في معجمه مائتان وستون شيخاً، ومن مسموعه كتاب دلائل النبوة للبيهقي على لاحق الأرتاحي بإجازة من ابن الطباخ في سنة ست وخمسين وستمائة بقراءة الميدومي وبعضه بقراءة الشرف ابن سراقة. ثم قال: ومولده سنة ثمان وعشرين وستمائة، وتوفي ليلة الجمعة ثالث شهر رجب سنة تسع وتسعين وستمائة بحصن الأكراد، ودفن هناك بمقبرة تعرف بالمشهد، انتهى. وقال الشيخ صلاح الدين: وكان الشيخ فتح الدين به خصيصاً، ينام عنده ويسامره. فقال لي: كان الأمير علم الدين قد لبس بالفقيري وتجرد، وجاور بمكة، وكتب الطباق بخطه. وكانت في وجهه أثر الضروب من الحروب. وكان إذا خرج غزوة، خرج طلبه وهو فيه، وإلى جانبه شخص يقرأ عليه جزءاً فيه أحاديث الجزء: 6 ¦ الصفحة: 71 الجهاد. وكان السلطان حسام الدين لاجين رتبه في شد عمارة جامع أحمد بن طولون، وفوض أمره إليه، فعمره وعمر وقوفه وقرر فيه دروس الفقه والحديث والطب، وجعل من جملة ذلك وقفاً يختص بالديكة التي تكون في سطح الجامع في مكان مخصوص بها، وزعم أن الديكة تعين المؤقتين وتوقظ المؤذنين في السحر، وضمن ذلك كتاب الوقف، فلما قرأ على السلطان أعجب ه م ا اعتمده في ذلك، فلما انتهى إلى ذكر الديكة، أنكر ذلك، وقال: أبطلوا هذا، لا يضحك الناس علينا، انتهى. 1110 - الحصني ... - 674 هـ - ... - 1275 م سنجر بن عبد الله الحصني، الأمير علم الدين. كان أولاً من أمراء الألوف، ثم ناب في سلطنة دمشق، توفي سنة أربع وسبعين وستمائة، رحمه الله تعالى. الجزء: 6 ¦ الصفحة: 72 1111 - الدوادار ... - 686 هـ - ... 1287 م سنجر بن عبد الله الصالحي الدوادار، الأمير علم الدين. كان أولاً من أعيان الأمراء المصريين في دولة الملك المنصور قلاوون وغيرها، وهو أستاذ الأمير سيف الدين كجكن المنصوري، توفي بالقاهرة في سنة ست وثمانين وستمائة. 1112 - الباشقردي نائب حلب ... - 686 هـ - ... - 1287 م سنجر بن عبد الله الباشقردي الصالحي، الأمير علم الدين. كان من جملة الأمراء في دولة الملك الظاهر بيبرس: ثم تنقل إلى أن ولي نيابة حلب عوضاً عن الأمير جمال الدين أقوش الشمسي بحكم وفاته في سنة الجزء: 6 ¦ الصفحة: 73 تسع وسبعين وستمائة، واستمر المذكور في نيابة حلب نحو السنتين، ثم عزل بالأمير قراسنقر المنصوري، وتوجه إلى الديار المصرية أميراً بها إلى أن مات في ليلة الثلاثاء تاسع عشر شهر رمضان سنة ست وثمانين وستمائة. 1113 - الجاولي 653 - 745 هـ - 1255 - 1344 م سنجر بن عبد الله الجاولي، الأمير علم الدين أبو سعيد المعروف والده بالمشد. وكان سنجر المذكور من أمراء الملك الناصر محمد بن قلاوون، ذكره ابن رافع في معجمه وقال: سمع في دانيال وحدث مراراً بالقاهرة. قلت: وأظنه كان أصله من الأكراد، فإنه كان يتمذهب للشافعي رضي الله عنه، وله معرفة بمذهبه، ورتب مسند الشافعي وشرحه في مجلدات. وكان اولاً نائب الشوبك بغير إمرة، ثم نقل منها وجعل أميراً أيام سلار وبيبرس الجاشنكير الجزء: 6 ¦ الصفحة: 74 وكان يعمل الأستادارية للملك محمد بن قلاوون لما كان بالكرك، وكان يدخل إليه مع الطعام على العادة، وكان يراعي مصالح الملك الناصر ويتقرب إليه. فلما قدم الملك الناصر من الكرك جهزه إلى غزة نائباً، وإلى القدس، وبلد الخليل، ونابلس، وقاقون، ولد، والرملة، وأقطعه إقطاعاً هائلاً، وعمل نيابة غزة بأعظم حرمة، وكان غالب أرباب الوظائف ترعاه. واستمر على ذلك حتى وقع بينه وبين تنكز نائب الشام، فأمسكه الملك الناصر وحبسه نحو ثمان سنين، ثم أفرج عنه وولاه ثانياً نيابة غزة، وأقام بها سنين. وعمر بها جامعاً وبيمارستاناً، ووقف عليهما وقفا جيداً، وعمر بها أيضاً خاناً، وعمر أيضاً بقاقون خانا آخر، وعمر جامعا ببلد الخليل عليه السلام. وبنى أيضاً بغزة الميدان، والقناطر بغابة أرسوف والقصر. وهو الذي مدن غزة ومصرها، وجعلها مدينة، وكل عمائره متقنة مليحة محكمة. ثم نقل إلى نيابة حماة، فأقام بها يسيراً، وعزل وطلب إلى القاهرة، واستمر بها، وحج في أواخر عمره. وتوفي يوم الجمعة تاسع شهر رمضان سنة خمس وأربعين وسبعمائة بمنزله بالكبش ظاهر القاهرة، وصلى عليه بالجامع الطولوني، ودفن من يومه الجزء: 6 ¦ الصفحة: 75 بالخانقاة المجاورة لمنزله بالكبش، رحمه الله. 1114 - الحلبي نائب دمشق ... - 692 هـ - ... - 1293 م سنجر بن عبد الله الحلبي، الأمير الكبير علم الدين، نائب دمشق. كان من أمراء الملك المظفر قطز. ولما كانت وقعة المظفر مع التتار بعين جالوت، وكسر هم الملك المظفر قطز ودخل دمشق ورتب أمور الشام وقرر قواعده، ثم استناب به الأمير سنجر المذكور، وعاد المظفر إلى القاهرة، فلما قتل الملك المظفر قطز بين الغرابي والصالحية على ما نحكيه في موضعه، إن شاء الله تعالى، وتسلطن الظاهر بيبرس البندقداري، وبلغ سنجر هذا ذلك، استخلف الأمراء بدمشق لنفسه، وتسلطن، ولقب بالملك المجاهد. وضربت الدراهم باسمه، وسكن قلعة دمشق، واستولى على عدة بلاد من أعمال دمشق، الجزء: 6 ¦ الصفحة: 76 ثم خطب بدمشق للملك الظاهر بيبرس، وبعد للملك المجاهد سنجر هذا، وذلك في ذي الحجة سنة ثمان وخمسين وستمائة. ثم كاتب سنجر صاحب حماة ليحلف له، فامتنع، وقال أنا مع صاحب مصر. ثم إن الملك الظاهر بيبرس كاتب أمراء دمشق يستميلهم إليه، ويأمرهم بالقبض على سنجر المذكور، فأجابوه، وخرجوا عن دمشق مناوئين لسنجر، وفيهم الأمير علاء الدين البندقداري أستاذ الملك الظاهر بيبرس أولاً، وغيره من الأمراء والجند. فخرج إليهم الأمير سنجر فحاربوه وهزموه، وألجأوه إلى قلعة دمشق، فأغلقها دونهم، وذلك في يوم السبت حادي عشر صفر سنة تسع وخمسين وستمائة، ثم خرج من القلعة في الليلة المذكورة من باب سر قريب من باب توما، وقصد بعلبك، فدخلها ومعه نحو عشرين نفراً من مماليكه، ودخل علاء الدين البندقداري دمشق واستولى عليها، وحكم فيها نيابة عن مملوكه الملك الظاهر بيبرس. واستمر سنجر المذكور بقلعة بعلبك، إلى أن جاءه الأمير طيبرس الوزيري، فأمسكه وقيده أرسله إلى الملك الظاهر بيبرس.. فلما وصل إلى القاهرة، وأدخل إلى الملك الظاهر بيبرس ليلاً، قام إليه واعتنقه عتاباً هيناً وأمر له بخيل وقماش، وغير ذلك، وخلع عليه وأمره بالقاهرة. الجزء: 6 ¦ الصفحة: 77 واستمر إلى أن تسلطن الملك المنصور قلاوون، صار سنجر المذكور أيضاً من أمرائه. فلما خرج سنقر الأشقر بدمشق عن طاعة الملك المنصور قلاوون، وتسلطن وحلف الناس لنفسه، كما فعل سنجر هذا مع الملك الظاهر بيبرس، ندب الملك المنصور قلاوون الأمير سنجر هذا، لقتال سنقر الأشقر ومعه عد ة م ن العساكر المصرية، فتوجه سنجر إلى سنقر الأشقر، وجرى بينهم وقعة هائلة، انتصر فيه الأمير سنجر المذكور على سنقر الأشقر، كما سيأتي ذكره في ترجمة سنقر إن شاء الله تعالى. ثم عاد سنجر إلى القاهرة، وأخلع المنصور قلاوون عليه، واستمر بها إلى أن توفي سنة اثنتين وتسعين وستمائة. وكان أميراً كبيراً، شجاعاً مقداماً، ذا نفس قوية، وهمه ملكية، وكرم وبر وصدقات، رحمه الله. 1115 - الدواداري ... - 697 هـ - ... - 1297 م سنجر بن عبد الله الدواداري الناصري، الأمير علم الدين أبو محمد، الشهير بطقصبا. كان من أعيان أمراء الملك المنصور قلاوون وولده الأشرف خليل وفرسانهم. الجزء: 6 ¦ الصفحة: 78 قال ابن الزملكاني: هو أمير جليل، مشهور بالعقل الوافر والديانة، والسكون، شجاع مقدام، معروف بحسن المواقف، وكثرة الجهاد، وبطل من الأبطال، ملازم لما هو بصدده، قليل الدخول فيما لا يعنيه. انتهى. وسمع من سبط السلفى وغيره، وحدث، سمع منه الدين الفارقي، وكان يحب طلبة العلم ويجالس هم، وتوجه في وقعة حموص من بلاد سيس، فأصابه جرحاً في ركبته، فكسر العظم، فحمل إلى حلب، فمات في الطريق بالقرب من حلب في التاسع والعشرين من شهر رمضان سنة سبع وتسعين وستمائة، رحمه الله. 1116 - الحمصي ... - 743 هـ - ... - 1342 م سنجر بن عبد الله الحمصي، الأمير علم الدين. تنقل المذكور في عدة ولايات، وباشر نيابة الرحبة، ثم عزل وتوجه لشد حلب، ثم طلب إلى الديار المصرية واستقر مشدا مع الجمالي الوزير، ثم أخرج إلى طرابلس مشداً، ثم طلب إلى القاهرة، ثم أخرج إلى دمشق الجزء: 6 ¦ الصفحة: 79 أميراً، ثم أخرج عنه إقطاعه لابن الأمير أيدغمش نائب الشام وأخرج إلى طرابلس، فمات بالطريق في سنة ثلاث وأربعين وسبعمائة. 1117 - الشجاعي المنصوري ... - 693 هـ - ... - 1294 م سنجر بن عبد الله الشجاعي المنصوري، الأمير الكبير علم الدين، وزير الديار المصرية، ومشد دواوينها، ثم نائب سلطنة دمشق. كان رجلاً طوالاً، تام الخلقة، أبيض اللون، أسود اللحية، عليه وقار وهيبة وسكون، وكان في أنفه كبر، وفي أخلاقه شراسة، وفي طبيعته جبروت وانتقام وظلم وعسف، وله خبرة بالسياسة والعمارة. وكان أولاً قد ربي بدمشق عند امرأة تعرف بست قجا بجوار المدرسة المنكلائية، ثم انتقل إلى القاهرة وتعلم الخط وقرأ الأدب، واتصل بالأمير عز الدين الشجاعي، مشد الدواوين، وإليه ينسب بالشجاعي، ثم اتصل بالملك المنصور قلاوون وهو من جملة الأمراء، الجزء: 6 ¦ الصفحة: 80 ولما تسلطن قلاوون تقدم سنجر المذكور عنده، وجعله شاد الدواوين، ثم ولاه الوزارة بالديار المصرية، ثم ولاه نيابة دمشق، ولما ولى نيابة دمشق تلطف بأهلها وقلل شره، واستمر فيها سنين، ثم عزل بعز الدين الحموي. وكان يركب ويعرض بهيئة لا تنبغي إلا لسلطان، وكان له ميل إلى الدين، وتعظيم الإسلام. وهو الذي كان مشداً على عمارة البيمارستان المنصوري ببين القصرين من القاهرة، فتممة في مدة يسيرة، ونهض بهذا العمل العظيم، وفرغ منه في أيام قلائل. وكان يستعمل الصناع والفعول بالبندق، حتى لا يفوته من هو بعيد عنه في أعلى سقالة أو غيرها، ويقال إن بعض الفعول وقع يوماً من أعلى السقالة بجنبه فمات، فما اكترث سنجر له، ولا تغير من مكانه، وأمر بدفنه. ولما كمل عمارة الجميع امتدحه معين الدين بن تولو بقصيدة أولها: أنشأت مدرسة ومارستانا ... لتصحيح الأديان والأبدان ثم عمل الوزارة في أول الدولة الناصرية محمد بن قلاوون أكثر من شهر، وحدثته نفسه بما فوق الوزارة، فعصى ووقع له أمور، وانحاز في القلعة إلى أن عجز وطلب الأمان في الرابع والعشرين من صفر سنة ثلاث وتسعين وستمائة فلم يعطوه أماناً، وطلع إليه بعض الأمراء وقال له: السلطان الملك الجزء: 6 ¦ الصفحة: 81 الناصر يطلبك، وهدده إذا لم ينزل إليه ومشى معه، فضربه واحد طير يده، ثم ضربه آخر طير رأسه، وعلق رأسه في الحال على سور القلعة. ودقت البشائر وطافت المشاعلية برأسه على بيوت كتاب القبط، فبلغت اللطمة على وجهه بالمداس نصفا، والبولة عليه درهما، وحصلت المشاعلية من ذلك جملة. قلت: وهذا غلط فاحش من المشاعلية، قاتلهم الله، فإنه ولو كان عنده من الظلم ما كان هو خير من الأقباط. ولما قتل قال فيه السراج الوراق: أباد الشجاعي رب العباد ... وعقباه في الحشر أضعاف ذلك عصى رأسه فالعصى نعشه ... وشيع للدفن في نار مالك ولما ولي نيابة دمشق، وسع ميدانها أيام الملك الأشرف خليل، فقال الأديب علاء الدين الوداعي: علم الأمير بأن سلطان الورى ... يأتي دمشق ويطلق الأموالا فلأجل ذلك زاد في ميدانها ... لتكون أوسع للجواد مجالا قال الشيخ صلاح الدين بن أيبك: أخبرني من لفظه القاضي شهاب الدين أحمد بن فضل الله، قال: أخبرني والدي عن قاضي القضاة نجم الدين بن الشيخ الجزء: 6 ¦ الصفحة: 82 شمس الدين شيخ الجبل، قال: كنت ليلة نائماً فاستيقظت وكأن من أنبهني وأنا أحفظ كأنما قد أنشدت ذلك: عند الشجاعي أنواع منوعة ... من العذاب فلا ترحمه بالله لم تغن عنه ذنوب قد تحملها ... من العباد ولا مال ولا جاه قال: ثم جاءنا الخبر بقتله بعد أيام قلائل، فكنت قتلته في تلك الليلة التي أنشدت فيها الشعر. انتهى. قلت: تقدم إن وفاته في الرابع والعشرين من صفر سنة ثلاث وتسعين وستمائة. 1118 - أمير مكة ... - 763 هـ - ... - 1362 م سند بن رميثة بن أبي نمى محمد بن أبي سعد حسن بن علي بن قتادة، الشريف الحسنى المكي، أمير مكة. ولي إمار ة م كة شريكاً لابن عمه محمد بن عطيفة، بعد عزل الجزء: 6 ¦ الصفحة: 83 أخويه ثقبة وعجلان، وجاء الخبر بولايته وهو معهما في ناحية اليمن، فقدم مكة، وأعطى تقليده، وأخلع عليه وعلى ابن عمه محمد بن عطيفة، وذلك في جمادى الآخرة، وقيل في شهر رجب، سنة ستين وسبعمائة، ودام في إمرة مكة. ووقع بها أمور وحوادث مع أخوته ومع العسكر المصري إلى أن عزل، وتشتت في البلاد إلى أن مات في سنة ثلاث وستين وسبعمائة بالحديدة، انتهى. 1119 - الزيني المسند المعمر 618 - 706 هـ - 1221 - 1306 م سنقر بن عبد الله الزيني، الشيخ المسند للعمر علاء الدين أبو سعيد الأرمني ثم الحلبي القضائي. ولد سنة ثمان عشرة وستمائة، ثم جلب إلى حلب سنة أربع وعشرين وستمائة، واشتراه قاضي حلب تقي الدين بن الأستاذ، وسمع منه مع أولاده كثيراً، وكتبوا له في صفر وأنه لا يفهم بالعربي، ثم سمع في سنة خمس وما بعدها، سمع الجزء: 6 ¦ الصفحة: 84 من الموفق عبد اللطيف، وعز الدين بن الأثير، وبهاء الدين بن شداد، وابن روزبة. وسمع الثلاثيات من ابن الزبيدي بدمشق. وسمع ببغداد من الأنجب الحمامي، وعبد اللطيف بن القبيطي، وجماعة وسمع بمصر من عبد الرحمن ابن الطفيل. وعمر طويلا، وتفرد، وروى الكثير، وحدث ببعض مروياته، وأكثر عن ابن الخليل، وسمع منه المعجم الكبير بكماله، خرج له الحافظ الذهبي مشيخة، وخرج له أبو عمرو المقاتلي، وأكثر عنه ابن حبيب وولداه. توفي سنقر المذكور سنة ست وسبعمائة، رحمه الله تعالى. 1120 - العزي ... - 845 هـ - ... - 1441 م سنقر بن عبد الله العزي الناصري، الأمير سيف الدين. هو من مماليك الناصر فرج بن برقوق، وممن صار خاصكيا بعد موت الملك المؤيد شيخ، ثم تأمر خمسة في الدولة الأشرفية برسباي، ثم عشرة، ثم نقل إلى نيابة حمص في سنة ست وثلاثين وثمانمائة، فاستمر في نيابة حمص إلى أن الجزء: 6 ¦ الصفحة: 85 توفي الملك الأشرف وآل الملك إلى الملك الظاهر جقمق، بعد خلع الوزير يوسف بن الأشرف برسباي، وجرى من عصيان الأمير إينال الجكمي نائب الشام ما حكيناه، انضم سنقر هذا إلى إينال المذكور، وصار من حزبه إلى أن قبض عليه الملك الظاهر جقمق وحبس ه، م دة طويلة، ثم أطلقه وولاه بعض قلاع البلاد الشامية إلى أن توفي هناك في حدود سنة خمس وأربعين وثمانمائة، وكان مهملاً جاهلاً، عفا الله عنه. 1121 - الألفي الظاهري ... - 680 هـ - ... - 1281 م سنقر بن عبد الله الألفي الظاهري، الأمير شمس الدين. كان من جملة الأمراء في الدولة الظاهرية بيبرس، فلما افتضت السلطنة إلى ولده الملك السعيد، وقبض على الفارقاني، رتب سنقر هذا عوضه في نيابة الجزء: 6 ¦ الصفحة: 86 السلطنة بالديار المصرية، فبقي مدة، وحسنت سيرته، وكان محبباً للناس، ثم استعفى، وصرف بالأمير كوندك، وقبض عليه حتى مات معتقلاً بالإسكندرية في سنة ثمانين وستمائة. وكان ديناً خيراً، وله فضل وأدب، ومات وهو من أبناء الأربعين. رحمه الله. 1122 - الأقرع ... - 670 هـ - ... - 1272 م سنقر بن عبد الله الأقرع، الأمير شمس الدين. أحد مماليك الملك المظفر غازي بن الملك العادل صاحب ميافارقين، تنقلت به الأحوال حتى صار من كبار الأمراء بالديار المصرية، ثم أمسكه الملك الظاهر بيبرس وحبسه إلى أن توفي سنة سبعين وستمائة، رحمه الله تعالى. 1123 - الأشقر ... - 692 هـ - ... - 1293 م سنقر بن عبد الله الصالحي النجمي، الأمير شمس الدين. الجزء: 6 ¦ الصفحة: 87 كان من عتقاء الملك الصالح نجم الدين أيوب، ومن أعيان مماليكه ثم صار، بعد موته من جملة الأمراء، ثم توجه إلى دمشق فأمسكه الملك الناصر يوسف صاحب حلب وحبسه، فاستمر محبوساً إلى أن ورد هولاكو إلى حلب وجده محبوساً فأطلقه، وأخذه صحبته إلى بلاده، وأنعم عليه وأكرمه واستمر عنده مدة، وتأهل هناك، ورزق الأولاد. فصار رفيقه الملك الظاهر بيبرس يحرض على خلاصه من بلاد التتار فلم يقدر على ذلك، فاتفق أن الملك لما أسر كيفون بن صاحب سيس بعث إلى الملك الظاهر أبو كيفون يطلبه منه وبذل له مالاً كثيراً، فلم يرض الملك الظاهر بذلك واستمر ابنه الملك الظاهر، فلما استولى الملك الظاهر على أنطاكية، بعث إليه هيثوم صاحب سيس رسولاً بسبب ولده المذكور وذكر أنه يسلم للملك الظاهر القلاع التي كان أخذها من التتار عند استيلائهم على حلب وهي: دربساك وبهسنا ورعيان. فأبى السلطان قبول ذلك وإطلاق ولده الجزء: 6 ¦ الصفحة: 88 إلا أن يحتال في إخراج سنقر الأشقر هذا من التتار. فعند ذلك سار إليهم بحيلة الاستعانة بهم على الملك الظاهر، واستصحب معه الأمير علم الدين سلطان أحد البحرية، وكان يجتمع بسنقر الأشقر سراً وعليه زي الأرمن ويرغبه في الهرب. وخاف سنقر الأشقر أن يكون ذلك دسيسة عليه، فلا يصغي إليه، ويقول ما أعرف صاحب مصر، ولا أخرج من عند هؤلاء القوم فإنهم محسنون إلي. ولم يزل سلطان المذكور يذكر له إمارات وعلامات ليهتدي بها إلى صحة مرامه حتى أذعن سنقر للهرب. فلما خرج صاحب سيس لبس زيهم، وخرج معهم، فلما وصل إلى بلده سار علم الدين سلطان المذكور إلى الملك الظاهر، وعرفه بما وقع، فعند ذلك بعث الملك الظاهر إلى القاهرة وأحضر كيفون ابن صاحب سيس فوصل إليه والملك الظاهر على أنطاكية، فسار به إلى دمشق فدخلها يوم السبت سابع عشر شهر رمضان سنة ست وستين وستمائة، ثم سيره إلى سيس، ووقفوا به على النهر من غير أن يطلقوه حتى يحضر سنقر الأشقر ثم وصل سنقر الأشقر مع جماعة من الأرمن ووقفوا به من تلك الجهة على النهر، ثم أطلق كل واحد منهما، وتسلم نواب الملك الظاهر دربساك ورعيان، ولم يبق مما وقع عليه الاتفاق الجزء: 6 ¦ الصفحة: 89 إلا بهسنا فإن صاحب سيس سأل الأمير سنقر الأشقر أن يشفع فيه عند الملك الظاهر في إبقائها عليه على سبيل الإقطاع، فوعده سنقر بذلك، وقال لنواب الملك الظاهر: أنا أجيب الملك الظاهر بالجواب فتوجهوا صحبة سنقر الأشقر إلى جهة الملك الظاهر. فلما بلغ الملك الظاهر قدوم سنقر الأشقر خرج من دمشق في تاسع عشر شوال، ونزل على القطيفة. فلما بلغه أن سنقر الأشقر وصل إلى خان المناخ ركب الملك الظاهر وحده وسار إليه، فما أحس سنقر إلا والملك الظاهر على رأسه، فقام إليه وترجل له واعتنقا طويلاً، وسارا حتى نزلا في الدهليز ليلاً، فلما أصبحا خرجا منه معاً. فعجب العساكر كيف اجتمعا ولم يشعر بهما، ثم سأل سنقر الأشقر السلطان في إبقاء بهسنا مع صاحب سيس، فامتنع السلطان من ذلك، فقال له سنقر: يا خوند أنا قد رهنت لساني عنده، ووعدته ببلوغ قصده، وقد أحسن إلي غاية الإحسان، فأجابه الملك الظاهر. واستمر سنقر من أعظم أمراء الملك الظاهر إلى أن توفي الملك الظاهر وتسلطن ولده الملك السعيد، ثم خلع وتسلطن أخوه سلامش، وبقي قلاوون الجزء: 6 ¦ الصفحة: 90 مدبر المملكة استقر الأشقر في نيابة الشام، فوصل إلى دمشق بعظمة زائدة، وخرج إلى لقائه أهل دمشق، وزينت دمشق لقدومه. واستمر إلى أن تسلطن قلاوون، فلم يرض بذلك سنقر المذكور، وتسلطن هو أيضاً بدمشق، بعد أن استولى على قلعتها، ولقب بالملك الكامل، وجهز العساكر إلى نحو غزة، وجرت له أمور. ثم إن الملك المنصور قلاوون أرسل إليه عسكراً كثيفاً إلى دمشق، ومقدم العسكر الأمير سنجر الحلبي، وكان الأمير سنجر أيضاً قد تغلب على الملك الظاهر بيبرس في أول سلطنته، وتسلطن ولقب بالملك المجاهد، ثم قبض عليه الملك الظاهر، حسبما ذكرناه في ترجمته. ولما اتصل الخبر إلى سنقر الأشقر بوصول الأمير سنجر مقدم العساكر إليه، خرج هو بنفسه وبجميع من عنده من العساكر إليه، والتقى الجيشان يوم الأحد سادس عشر صفر وقت طلوع الشمس، وتقاتلا أشد القتال، وثبت الملك الكامل سنقر الأشقر، وقاتل قتالاً عظيماً واستمر القتال إلى الرابعة من النهار، ولم يقتل من الفريقين إلا نفر يسير جداً، وخامر أكثر عسكر دمشق على سنقر الأشقر، فعند ذلك انهزم سنقر الأشقر وتوجه إلى رحبة مالك ابن طوق، ومعه عيسى بن مهنا، وتسلم المصريون دمشق. ثم جهز الأمير سنجر فرقة من العساكر تقارب ثلاثة آلاف فارس في طلب سنقر الأشقر ومن معه من الأمراء والجند، ثم ردفهم بعسكر آخر من دمشق، الجزء: 6 ¦ الصفحة: 91 فلما بلغ سنقر الأشقر ذلك فارق عيسى بن مهنا، وتوجه بمن معه إلى البرية، إلى الحصون التي كانت بقيت بيد نوابه، ليحصن هو ومن معه فيها، وهي صهيون. وكان بها أولاده وخزائنه، فدخلها هو أيضاً، وبقية القلاع التي بيده صارت في يد أعوانه، وهم عدة قلاع: بلاطنس، وبرزية، وحصن عكار، وجبلة، واللاذقية، والشغر، وبكاس، وشيزر. ووقع له أمور وحوادث، فبينما هم كذلك إذ وردت الأخبار في جمادى الآخرة بأن التتار خذلهم الله قد قصدوا بلاد الشام، فخرج من كان بدمشق من العسكر الشامي والمصري، ومقدمهم الأمير زين الدين إياجي، ولحق ببقية العسكر الذين كانوا على شيزر، وكانوا قد تأخروا عنها، ونزلوا بظاهر حماة، ووصل من الديار المصرية عسكر أيضاً، واجتمع الجميع على حماة، وأرسلوا بالكشافة إلى بلاد التتار، وأخليت حلب من العساكر التي بها والتجأوا إلى حماة. وظن التتار أن سنقر الأشقر ومن معه يتفقون معهم، ويكونون جميعاً على العسكر المصري، فأرسل أمراء العسكر المصري إلى أن سنقر الأشقر يقولون له: هذا العدو قد دهمنا، وما سببه إلا الخلف بيننا، وما ينبغي أن نهلك الإسلام في الوسط، والمصلحة أننا نجتمع على وقعة واحدة. فنزل سنقر الأشقر من صهيون الجزء: 6 ¦ الصفحة: 92 والحاج أزدمر من شيزر بإشارة سنقر الأشقر. وخيمت كل طائفة تحت قلعتها، ولم يجتمعوا بالمصريين، واتفقوا على اجتماع الكلمة ودفع العدو عن الشام، واستمروا على ذلك إلى يوم الجمعة حادي عشرين جمادى الآخرة، وصلت طائفة عظيمة من عساكر التتار إلى حلب؛ وقتلوا من كان ظاهراً، وسبوا، وأحرقوا الجوامع والمدارس المعتبرة، ودار السلطنة، ودور الأمراء الكبار، ووأفسدوا فساداً كبيراً، وكان أكثر من تخلف بها استتر في المقابر وغيرها. وأقاموا التتار بحلب يومين على هذه الصورة، وفي يوم الأحد ثالث عشرين جمادى رحلوا من حلب راجعين إلى بلادهم. ولما بلغ العسكر المصري والشامي عود التتار فرحوا بذلك؛ ثم التفتوا إلى سنقر الأشقر، وترددت الرسل بينهم، ثم هرب جماعة من أمراء سنقر الأشقر ودخلوا في طاعة الملك المنصور قلاوون، واستمر سنقر بصهيون إلى سنة ثمانين وستمائة. خرج الملك المنصور إلى دمشق لنصرة الإسلام ودفع التتار، وترددت الرسل بينه وبين سنقر الأشقر في الصلح، فاصطلحا وحلف الملك المنصور لسنقر، وسر الناس لذلك، ودقت البشائر بدمشق. الجزء: 6 ¦ الصفحة: 93 ووجه ما وقع عليه الصلح أن سنقر الأشقر رفع يده عن شيزر، وسلمها إلى نواب الملك المنصور، وعوضه الملك المنصور عنها أفامية وكفر طاب، وأنطاكية، والسويداء، والشغر، وبكاس، ودير كوش بأعمالها كلها، وعدة ضياع مفرقة، وأن يقيم على ذلك، وعلى ما كان استقر بيده عند الصلح وهو: صهيون، وبلاطنس، وبرزية، وجبلة، واللاذقية. وخوطب بالمقر العالي المولوي السيدي العالمي العادلي الشمسي، ولم يصرح له بلفظ الملك ولا أمير، وكان يخاطب قبل ذلك في مكاتبته بالجناب العالي الأميري الشمسي. فلما كان يوم الأحد ثالث شهر رجب نزل الملك المنصور على حمص لقتال التتار، وأرسل إلى سنقر الأشقر بالحضور إليه بمن معه من الأمراء والعسكر، فوصل سنقر الأشقر إلى الملك المنصور، واجتمع به، وحصل له احترام وإكرام، والاجتماع على العدو المخذول إلى العدو المخذول إلى يوم المصاف قاتل الأمير سنقر الأشقر بين يدي الملك المنصور قتالاً شديداً، وأبلى بلاء حسناً، وثبت ثباتاً عظيماً، فلما أيد الله المسلمين بنصره عاد سنقر في خدمة الملك المنصور إلى حمص، ثم ودعه وعاد إلى صهيون. فلما كان سنة ست وثمانين وقعت الوحشة بينهما، فجهز المنصور الأمير قلاووز وطائفة من العساكر صحبة الأمير حسام الدين طرنطاي بمن معه إلى دمشق الجزء: 6 ¦ الصفحة: 94 لحصار صهيون وانتزاعها من يد الأمير سنقر الأشقر، فلما وصل طرنطاي إلى دمشق استصحب معه الأمير حسام الدين لاجين نائب دمشق بعسكر دمشق. وتوجهوا الجميع حتى نزلوا على صهيون في المحرم، وكان سنقر استعد لقتالهم، فتقاتلوا مدة. وأخذت برزية من سنقر الأشقر، فلما بلغه أخذها منه خارت قواه، ولان لتسليم صهيون على شروط اشترطها. فأجابه طرنطاي إلى ذلك، وحلف له، ونزل من قلعة صهيون بعد حصرها شهراً واحداً، وكان نزوله منها في شهر ربيع الأول من سنة ست وثمانين وستمائة. وتوجه سنقر الأشقر صحبة طرنطاي إلى الديار المصرية، فوفى له طرنطاي بجميع ما وعده، ولم يزل يذب عنه أيام حياته، وسعى له طرنطاي حتى أنعم عليه الملك المنصور قلاوون بإمرة مائة وتقدمه ألف بالديار المصرية. وبقي وافر الحرمة إلى أن توفي الملك المنصور قلاوون وتسلطن من بعده ولده الملك الأشرف خليل. استقر سنقر الأشقر في خدمته أيضاً، وتوجه معه إلى فتح قلعة الروم، فلما عاد الأشرف من فتح قلعة الروم إلى دمشق في سنة إحدى وتسعين وستمائة، أمسك سنقر الأشقر وجهزه إلى الديار المصرية، وتوجه الأشرف بعده إلى القاهرة، وقتله في سنة اثنتين وتسعين وستمائة، رحمه الله تعالى. الجزء: 6 ¦ الصفحة: 95 1124 - الأعسر ... - 709 هـ - ... - 1309 م سنقر بن عبد الله المنصوري الأعسر، الأمير شمس الدين. قال الشيخ صلاح الدين الصفدي: من كبار الأمراء، توفي سنة تسع وسبعمائة، تولى شد الدواوين بدمشق سنة ثمان وثمانين وستمائة، وكان مملوكاً للأمير عز الدين أيدمر الظاهري النائب بالشام، ودواداره، وكانت نفسه تكبر عن الدوادارية، ولما عزل مخدومه وأرسل إلى الديار المصرية في الدولة المنصورية قلاوون، عرضت مماليكه على السلطان، فاختار منهم جماع ة م نهم سنقر هذا، فاشتراه، ثم أخرجه إلى الشام أميراً في سنة ثلاث وثمانين، ورتبه في شد الدواوين والأستادارية، فأقام بالشام، وله صورة كبيرة، وسمعة شهيرة، إلى أن توفي الملك المنصور وتولى الأشرف، كان في خاطر الوزير شمس الدين بن السلعوس منه، فطلب إلى مصر وعوقب وصودر، فتوصل بتزويج ابنه الوزير، فأعاد إلى الحالة الأولى. الجزء: 6 ¦ الصفحة: 96 ولم يزل إلى الدولة العادلية كتبغا، ووزر له الصاحب فخر الدين بن الخليلي فقبض على سنقر المذكور، وأخذ منه قريباً من خمسمائة ألف درهم، وأهانه الوزير غير مرة، وعزله بفتح الدين بن صورة، باشتراط شهاب الدين الحنفي أن لا يباشر مع الأعسر لأنه خائن، فتوجه الأعسر صحبتهم إلى مصر. ولما وثب حسام الدين لاجين على كتبغا وتسلطن، وصل الأمير سيف الدين قبجق نائب الشام وولي الأعسر الوزارة، وسلم إليه شهاب الدين الحنفي فلم يعامله كما عامله. ثم إن الأعسر قبض عليه، وولي الوزارة أيضاً بعد ذلك، وعامل الناس بالجميل، وتوجه لكشف الحصون في سنة سبعمائة، ورتب عوضه عز الدين أيبك البغدادي، فاستمر أمير مائة وعشرة مقدم ألف، وحج صحبة الأمير سيف الدين سلار. وتوفي بمصر بعد أمراض اعترته. وقال الشيخ صدر الدين بن الوكيل يمدحه موشحة يعارض السراج المحار، وجاء منها في مديح الأعسر: يا فرحة المحزون ... وفرجة لمن يرى إن صلت بالجفون ... وصدت من جفني الكرى فليس لي يحميني ... سوى الذي فاق الورى شمس العلا والدين ... أبي سعيد سنقرا الجزء: 6 ¦ الصفحة: 97 مولى حوى كل علا وسؤدد ... في معشر فرسان وقد صفا ثم حلا في المورد ... للمعسر والعان وفيه يقول علاء الدين الوداعي، ومن خطه نقلت، لما سبق الأمراء في عمارة الميدان: لقد جاد شمس الدين بالمال والقرى ... فليس له في حلبة الفضل لاحق وأعجز في هذا البناء بسبقه ... وكل جواد في الميادين سابق انتهى كلام الصفدي، رحمه الله تعالى. الجزء: 6 ¦ الصفحة: 98 باب السين والهاء 1125 - أبو الفرج الإسنائي ... - 670 هـ - ... - 1272 م سهل بن الحسن أبو الفرج الإسنائي، ذكره العماد في الخريدة. كان شاعراً، تأدب على الشريف أسعد النحوي، وكان له نظم رائق، كتب إلى كنز الدولة وقد غرق في النيل: يا من جعلت فداك ... أشكو إليك أخاك كأنما حسبتني ... أمواج ه م ن علاك فغرقتني كما قد ... غرقت في نعماك وله أيضاً: قالت: أراك عظيم الهم قلت لها: ... لا يعظم الهم حتى تعظم الهمم وصمم الحي في عذلي فقلت لهم ... عني إليكم فبي عن عذلكم صمم الجزء: 6 ¦ الصفحة: 99 إن الضراغم لا تلقى فرائسها ... حتى تفارقها الأكياس والأجم والهندواني لا يحوي به شرف ... حتى يجرد وهو الصارم الخذم توفي صاحب الترجمة في حدود السبعين وستمائة، رحمه الله تعالى. الجزء: 6 ¦ الصفحة: 100 باب السين والواو 1126 - سوتاي النوين ... - 732 هـ - ... - 1332 م سوتاي بن عبد الله النوين، الحاكم على ديار بكر. ذكره ابن حبيب في تاريخه قال: كان جليلاً كبيراً، ماجداً خطيراً. ذا حماسة ورئاسة، وعزم وحزم وسياس ة. م حبباً إلى رعيته، مقدماً بحسن سمته وسجيته. متع بعمر طويل، ومال نافع، وحضر وقعة بغداد وهو يافع. واستمر نازلاً بديار بكر بن وائل، إلى أن غالته بعد حين من دهره الغوائل. انتهى. قلت: وكانت وفاته ببلاد الموصل في سنة اثنتين وثلاثين وسبعمائة، ولم أقف لصاحب هذه الترجمة على خبر غير ما ذكره ابن حبيب، فإنه لم يذكر متى الجزء: 6 ¦ الصفحة: 101 ولي المترجم، ولا عمن أخذ، ولا كم أقام، وإنما هو رجل مقصده تركيب كلام مسجع لا غير. انتهى. 1127 - المظفري ... - 791 هـ - ... - 1389 م سودون بن عبد الله المظفري، الأمير سيف الدين. أصل ه م ن مماليك الأمير قطلوبغا المظفري، أحد مقدمي الألوف بحلب، واستمر عنده إلى أن توفي. خدم عند الأمير صقر الناصري نائب حلب، وصار خازندارا عنده، ثم تنقل في الإمريات إلى أن صار حاجب حجاب حلب، ثم ولي نيابة حماة من قبل الملك الظاهر برقوق عوضاً عن صنجق الحسني، فاستمر بها مدة، ثم نقل إلى نيابة حلب بعد مسك الأمير يلبغا الناصري، في سنة سبع وثمانين وسبعمائة، فأقام بها مدة، ثم عزل بالأمير يلبغا الناصري المذكور. واستقر سودون هذا أتابك عساكر حلب، ووقعت الوحشة بينهما في الباطن. الجزء: 6 ¦ الصفحة: 102 واستمر الحال على ذلك إلى صفر سنة إحدى وتسعين وسبعمائة. مال الأمير يلبغا الناصري إلى العصيان على الملك الظاهر برقوق، وأرسل إلى تمربغا الأفضلي المدعو منطاش نائب ملطية يعرفه بذلك، وكان منطاش قد عصى من العام الماضي. ثم أخذ الناصري يكاتب برقوق بأنه طائع السلطنة، وأن الأمير سودون المظفري يحصل منه أمور قبيحة في حقه، فأرسل الملك الظاهر السيفي ملكتمر الدوادار إلى حلب، وعلى يده مثالان ليلبغا الناصري ولسودون المظفري هذا، أن يصطلحا بحضرة القضاة والأمراء، وسير الملك الظاهر مع ملكتمر المذكور في الباطن عدة مطالعات لسودون المظفري وغيره من امراء حلب بالقبض على الناصري، وبقتله أن امتنع من الصلح. وكان مملوك الناصري قد تأخر بالقاهرة ليفرق كتباً من أستاذه يلبغا الناصري على الأمراء، يدعوهم لموافقته، وأخر السلطان جوابه حتى يسبقه ملكتمر الدوادار، فبلغ مملوك الناصري ما على يد ملكتمر من القبض على أستاذه، فأخذ الجواب وسار، وجد في السير حتى دخل حلب قبل ملكتمر، وأخبر الناصري بالحال كله. ويقال إن ملكتمر الدوادوار كان بينه وبين الشيخ حسن رأس نوبة الناصري مصاهرة، فلما قرب من حلب بعث يخبره بما أتى فيه. وأظن الأول أقرب. الجزء: 6 ¦ الصفحة: 103 ولما بلغ الناصري الخبر احترز لنفسه، ثم خرج من حلب حتى لقي ملكتمر على العادة، وأخذ من ه م ثاله، وحضر به إلى دار السعادة، وقد اجتمع الأمراء والقضاة لسماع المثال السلطاني. وتأخر سودون المظفري هذا عن الحضور لما يعلم من عصيان الناصري، فأرسل الناصري يستعجله حتى حضر وهو لابس آلة الحرب من تحت ثيابه. فعندما دخل سودون المظفري الدهليز جس قازان البرقشي أمير آخور الناصري كتفه فوجد السلاح، فقال: يا أمير سودون الذي يريد الصلح يدخل السلاح؟ فسبه سودون المظفري، فسل قازان عليه السيف وضربه، ثم أخذته السيوف من كل جهة من الذين رتبهم الناصري من مماليكه حتى قتل. ثم جرد مماليك سودون المظفري سيوفهم وقاتلوا مماليك الناصري، فقتل بينهم أربعة. وثارت الفتنة ساعة ثم سكنت. وحمل سودون ميتاً، رحمه الله، وذلك في صفر سنة إحدى وتسعين وسبعمائة. وكان أميراً معظماً، عارفاً ديناً، متواضعاً، محباً للفقراه منفعلاً للخير، كثير البر والمعروف والصدقات، رحمه الله تعالى. 1128 - الشيخوني النائب ... - 798 هـ - ... - 1396 م سودون بن عبد الله الشيخوني الفخري، الأمير سيف الدين، نائب السلطنة الجزء: 6 ¦ الصفحة: 104 بالديار المصرية. ولما تسلطن الملك الظاهر برقوق في يوم الأربعاء تاسع عشر شهر رمضان سنة أربع وثمانين وسبعمائة، خلع على الأمير سودون هذا باستقراره في نيابة السلطنة بالديار المصرية، واستقر عوضه في الحجوبية الأمير قطلوبغا الكوكاي أمير سلاح، واستقر عوضاً عن الكوكاي في إمرة سلاح الأمير ألطنبغا المعلم. قلت: وهذا دليل على أن وظيفة إمرة سلاح كانت قديماً هينة، بخلاف زماننا هذا، فإنها الآن أعظم الوظائف بعد الأمير الكبير، انتهى. وذلك في يوم الإثنين رابع عشرين شهر رمضان من السنة المذكورة. واستمر الأمير سودون هذا في النيابة سنين كثيرة معظماً في الدولة، مهاباً، وافر الحرمة، قدوة للملك الظاهر برقوق في أموره، لا يخرج الظاهر عن رأيه ولا عن مايشير إليه ألبتة. ودام على ذلك إلى أن انتكب الملك الظاهر برقوق، وقبض عليه الأمير يلبغا الناصري ومنطاش، وخلعاه من الملك بالملك المنصور حاجي، الجزء: 6 ¦ الصفحة: 105 وحبساه بحبس الكرك في سنة إحدى وتسعين وسبعمائة، فلم يحصل على سودون هذا شر، بل لزم داره، حسبما نذكره إن شاء الله تعالى. وهو أن الناصري ومنطاش لما نزلا بقية النصر خارج القاهرة بمن معهما من العساكر، وأخذ أمر أمراء الملك الظاهر برقوق في انحطاط، وانفل عنه غالب مماليكه وأعيان دولته، ولم يبق عنده سوى الأمير سودون النائب هذا، وابن عمه الأمير قجماس، وسيدي أبي بكر بن سنقر. فلما رأى سودون المذكور أمر الملك الظاهر برقوق في إدبار، أشار عليه بأن يطلب من الناصري أماناً. فأرسل الملك الظاهر أبا بكر بن سنقر إلى الناصري وصحبته الأمير بيدمر المنجكي شاد القصر بنمجة الملك، وسألاه في خلوة الأمان للملك الظاهر برقوق. فأمنه الناصري، وأمره أن يختفي حتى يدبر له أمرا، وقال: الكلمة غير متفقة الآن. فعاد أبو بكر بن سنقر إلى الملك الظاهر بالجواب، فلما صلى الملك الظاهر برقوق العشاء، وقام الخليفة إلى منزله بالقلعة، وتكلم الظاهر مع سودون النائب فيما يفعله، ثم أذن له بالنزول الجزء: 6 ¦ الصفحة: 106 إلى حال سبيله، فنزل سودون النائب إلى داره، ثم نزل برقوق بعده واختفى بالقاهرة، حسبما ذكرنا في ترجمته. فلما طلع الناصري إلى قلعة الجبل، وتسلطن الملك المنصور حاجي، وصار يلبغا الناصري مدبر مملكته، طلع إليه سودون المذكور فأمنه على نفسه، ولم يقبض عليه، بل أمره الناصري بلزوم داره، فنزل ولزم بيته، إلى يوم ثامن جمادى الآخرة من السنة، قبض عليه وعلى ثمانية أمراء أخر من مقدمي الألوف والطبلخانات، من حواشي برقوق وهم: سودون باق، وسودون الطرنطاي، وشيخ الصفوي، وقجماس ابن عم الملك الظاهر برقوق، وسيدي أبو بكر بن سنقر، وأقبغا المارديني حاجب الحجاب، وبجاس النوروزي، ومحمود بن علي الأستادار، وعلى جماعة من الطبلخانات وغيرها، وحبسوا الجميع في حبس الإسكندرية. فأقام سودون الشيخوني هذا في حبس الإسكندرية إلى شعبان من السنة، أطلقه الأمير منطاش، لما صار أمر المملكة إليه، بعد القبض على الناصري. فقدم القاهرة في ثامن عشرينه بطالا، وأقام على ذلك إلى ثاني شهر رمضان من السنة، الجزء: 6 ¦ الصفحة: 107 أمسكه منطاش وألزمه بمال يحمله إلى الخزانة الشريفة، فحمل إليه جملة مستكثرة، وأفرج عنه. ولزم داره إلى أن ظهر أمر الملك الظاهر برقوق وخرج من حبس الكرك، وتتبع منطاش حواشي برقوق، قبض على الأمير سودون هذا ثانياً، وحبسه بقاعة الفضة في شهر ذي الحجة. ثم اشتغل منطاش بما هو أهم من ذلك من أمر الملك الظاهر برقوق. ووقع أمور وحروب ذكرناها في غير موضع إلى أن عاد الملك الظاهر برقوق إلى ملكه، أطلق سودون المذكور، وأخلع عليه بنيابة السلطنة بالديار المصرية على عادته أولاً، وزادت رتبته عند برقوق إلى الغاية. واستمر عظيم الدولة الظاهرية من سلطنة برقوق الثانية سنة إثنتين وتسعين وسبعمائة إلى أن كبر وشاخ. وأخذ يتبرم من الوظيفة والإمرة، ويستعفى إلى أن أعفاه الملك الظاهر برقوق، بعد مجيئه من سفرته إلى البلاد الشامية في صفر سنة سبع وتسعين وسبعمائة. فلزم داره إلى أن توفي بالقاهرة في يوم الثلاثاء خامس جمادى الأولى سنة ثمان وتسعين وسبعمائة، رحمه الله تعالى. وكان أميراً جليلاً وقوراً وافر الحرمة، ديناً خيراً، آمراً بالمعروف، ناهياً عن المنكر، يضرب بجوده المثل. الجزء: 6 ¦ الصفحة: 108 قال الشيخ تقي الدين المقريزي رحمه الله: وكان خيراً ديناً، ومنذ مات تجاهر الملك الظاهر برقوق بمنكرات لم تكن قبل تعرف عنه، انتهى. وقال العيني: كان رجلاً ديناً عفيفاً، طاهر الذيل، وكان يحب العلماء والفقراء، ويعتقد فيهم. وكان يدور في القاهرة ومصر، وينزل في بيوت الفقراء ويسألهم الدعاء، وكان حصل له شيء من التغفل والتساهي، انتهى كلام العيني. قلت: وكان عنده سلامة باطن، حتى صار يحكي عنه كما يحكي عن قراقوش في أحكامه. وعمل فخر الدين عبد الرحمن بن مكانس كتاباً في أحكامه سماه دون الدون في أحكام سودون، وأظن ذلك تهكماً عليه. ولقد حدثني جماعة من مماليكه، ممن كان خدم عند والدي من بعده، عن دينه وخيره وعقله ما يطول الشرح في ذكره، رحمه الله تعالى، فلقد كان من محاسن الدهر. الجزء: 6 ¦ الصفحة: 109 1129 - الطرنطاي نائب دمشق ... - 794 هـ - ... - 1392 م سودون بن عبد الله الطرنطاي، الأمير سودون نائب الشام. أصل ه م ن مماليك الأمير طرنطاي نائب دمشق. وتنقلت به الأيام بعد موت أستاذه المذكور إلى أن صار من أعيان أمراء الملك الظاهر برقوق. فلما كان من الناصري ومنطاش مع الملك الظاهر برقوق ما كان، دام سودون هذا من حزب برقوق، ولزمه حتى نزل الظاهر من قلعة الجبل واختفى. فلما ملك الناصري الديار المصرية، قبض عليه حسبما ذكرناه في ترجمة سودون النائب فيمن قبض عليه من الأمراء المصريين، وحبسه بثغر الإسكندرية. فاستمر محبوساً إلى أن عاد الملك الظاهر برقوق إلى ملكه، وأرسل أفرج عنه، وأنعم عليه بتقدمة ألف بالديار المصرية، عوضاً عن قطلوبغا الصفوي، بحكم انتقال قطلوبغا المذكور إلى إقطاع قرقماش الطشتمري، وذلك في ثاني جمادى الأولى سنة اثنتين وتسعين الجزء: 6 ¦ الصفحة: 110 وسبعمائة، ثم نقله بعد مدة يسيرة إلى إقطاع أعظم من الأول، وأنعم بإقطاعه على الأمير بجاس النوروزي. واستمر على ذلك إلى أن توفي الأمير بطا الطولوتمري الظاهري نائب الشام، وفي العشر الأخير من المحرم سنة أربع وتسعين وسبعمائة، أخلع عليه باستقراره في نيابة الشام، عوضاً عن بطا المذكور، فتوجه إلى دمشق وحكمها نحوا من نصف سنة. ومات في عاشر شهر رمضان من السنة، وخلف موجوداً كبيراً من الذهب والقماش والخيول والجمال وغير ذلك. وكان عفيفاً عن المنكرات والفروج، دينا، إلا أنه كان فيه حدة وسوء خلق. وولى نيابة دمشق من بعده الأمير كمشبغا الأشرفي الخاصكي أمير مجلس. 1130 - نائب دمشق، قريب الظاهر برقوق ... - 803 هـ - ... - 1401 م سودون بن عبد الله الظاهري، الأمير سيف الدين، قريب الملك الظاهر الجزء: 6 ¦ الصفحة: 111 برقوق، ونائب الشام، الشهير بسيدي سودون. قدم من بلاد الجاركس صغيراً مع جدته أخت الملك الظاهر برقوق، وخالة أمه أم الأتابك بيبرس، أخت برقوق الصغير، ومع جد أمه الأمير أنص والد الملك الظاهر برقوق وأقاربه. قدموا الجميع بطلب من الملك الظاهر برقوق، وهو إذ ذاك أتابكا، في سنة ثلاث وثمانين وسبعمائة، فرباه الملك الظاهر في الحرم السلطاني إلى أن كبر وترعرع أمره، ورقاه إلى أن جعله أمير مائة ومقدم ألف بالديار المصرية، ثم استقر أمير أخورا كبيراً، بعد مسك الأمير نوروز الحافظي وحبسه بثغر الإسكندرية في تاسع عشر صفر سنة إحدى وثمانمائة. واستمر على ذلك إلى أن مات الملك الظاهر برقوق في السنة المذكورة في شوال، قبض عليه وحبس بالإسكندرية، إلى أن أفرج عنه بعد وقعة الأمير الكبير أيتمش في سنة الجزء: 6 ¦ الصفحة: 112 اثنتين وثمانمائة. وقدم إلى القاهرة، وأنعم عليه بإقطاع الأمير يعقوب شاه الظاهري أحد من خرج مع أيتمش إلى الشام وأخلع عليه باستقراره دوادارا كبيراً بعد قرابته بيبرس، بحكم انتقال بيبرس إلى الأتابكية عوضاً عن أيتمش المذكور، فلم تطل أيامه وتولى نيابة دمشق بعد القبض على الأمير تنم الحسنى، كل ذلك والملك الناصر فرج ليس له من السلطنة إلا مجرد الاسم فقط وهو كالمحجور عليه. فتوجه سودون هذا إلى دمشق وأقام في نيابتها إلى أن طرق تيمورلنك البلاد الحلبية، فعند ذلك جمع سودون العساكر الشامية ونواب البلاد الشامية وتوجه بهم إلى حلب. ودام بحلب إلى أن نزل تيمور ظاهر حلب، برز إليه سودون المذكور، وبين يديه نواب البلاد الشامية: الأمير دمرداش المحمدي نائب حلب، والأمير شيخ المحمودي نائب طرابلس، أعني المؤيد، والأمير دقماق المحمدي نائب حماة، والأمير ألطنبغا العثماني نائب صفد، والأمير عمر بن الطحان نائب غزة، وجميع الأمراء والعساكر بالبلاد الشامية. كل ذلك والملك الظاهر فرج بالديار المصرية الجزء: 6 ¦ الصفحة: 113 لم يتحرك من مكانه لصغر سنه وعدم رأى مدبري مملكته، لأمر يريده الله تعالى. وصف الأمير سودون العساكر صفاً واحداً، لقلة عسكره بالنسبة إلى عسكر تيمور لعنه الله وأمر المشاة أن يركبوا أسوار حلب، فأبى دمرداش إلا خروج المشاة معهم، وجعلهم خلف الخيالة. فلما التقى مع تيمور، ثبت سودون هذا بمن معه ثباتاً مشهوراً عنه وأبلى بلاء حسناً، وحصل بين الفريقين وقعه وتحاملوا عليه كثرة، فانهزم العسكر الشامي، وولي الأدبار. ركبت التمرية أقفيتهم، ورجعت الخيالة على مشاة عسكر حلب، فهلك تحت أرجل الخيل من المشاة خلائق لا تدخل تحت حصر. وامتلأ خندق حلب من الناس، ودخل الأمراء إلى مدينة حلب، ثم صعدوا إلى قلعتها، واستولى تيمور على مدينة حلب. وجرى منه في حلب ما هو مشهور عنه لعنه الله وبعدت النجدة عن من بقلعة حلب، وكثر عددهم بها، وطال الأمر عليهم. فبعثوا بالأمير دمرداش المحمدي نائب حلب إلى تيمور، فأخلع عليه وحلف له، وأعطاه أمانا ولجميع النواب، فعاد دمرداش بالخبر لهم، فلم يجدا بداً من النزول إليه، فنزلوا وتمثلوا بين يدي الجزء: 6 ¦ الصفحة: 114 تيمور، فعندما وقع بصره أمر بالقبض على الجميع ما خلا الأمير دمرداش نائب حلب، فإنه أخلع عليه وأجلسه. ثم أخذ تيمور يوبخ الأمير سودون صاحب الترجمة ويتوعده بكل سوء، ويهدده بأنواع العذاب لقتله لرسوله قبل تاريخه، واستمر في أسره تحت العقوبة إلى أن توفي بظاهر دمشق، ودفن بقيود ه م ن غير أن يتولاه أحد. واختلفت الأقوال في موتته فمن الناس من قال تحت العقوبة، ومنهم من قال ذبحا، ومنهم من قال ألقاه تيمور إلى فيل كان معه فداسه برجله حتى مات والله أعلم. وكانت وفاته في أواخر شهر رجب سنة ثلاث وثمانمائة، وكان أميراً جليلاً ذا شكالة حسنة، ووجه صبيح. كان ربعة في الناس، وكان عارفاً بأنواع الفروسية، متجملاً في ملبسه ومركبه ومماليكه،. نشأ في السعادة، ومات وسنه نيف على ثلاثين سنة تخميناً، وذكر العيني مساوئه وسكت عن محاسنه، لغرض ما. انتهى. 1131 - الطيار ... - 810 هـ - ... - 1408 م سودون بن عبد الله الظاهري، المعروف بالطيار، الأمير سيف الدين. الجزء: 6 ¦ الصفحة: 115 أحد مماليك الملك الظاهر برقوق وأعيان خاصكيته، وممن صار في الدولة الناصرية فرج أمير أخوراً ثانيا، ثم صار أمير أخورا كبيراً، بعد القبض على الأمير سودون قريب الملك الظاهر المتقدم ذكره قريباً في حادي عشرين ذي القعدة سنة إحدى وثمانمائة. فأقام مدة يسيرة، وورد الخبر بأن ابن عثمان يلدرم بايزيد ملك الروم مشى لأخذ ملطية، فعين الأمير سودون هذا إلى البلاد الشامية للكشف عن هذا الخبر. فتوجه في ذي الحجة من السنة، وطالت غيبته، وعوقه الأمير تنم الحسنى نائب الشام عنده، فاستقر الأمير سودون طاز في الأمير أخورية عوضه، في شهر ربيع الآخر سنة اثنتين وثمانمائة. واستمر الأمير سودون الطيار هذا بالبلاد الشامية إلى أن انفصل أمرتنم، وعاد الملك الناصر فرج إلى القاهرة، ثم خرج ثانياً إلى البلاد الشامية لقتال تيمور. فلما كان الجزء: 6 ¦ الصفحة: 116 الناصر بدمشق وتيمور نازل بظاهرها، والقتال عمال كل يوم، اختفى سودون هذا وقاني بأي العلائي وجماعة أخر، وقصدوا التوجه إلى الديار المصرية ليسلطنوا الشيخ لاجين الجاركسي، وبلغ أرباب الدولة ذلك، فأخذوا الملك الناصر فرج وعادوا به إلى الديار المصرية، وخلوا دمشق تنعى من بناها. فكان هذا الأمر من أكبر الأسباب لأخذ تيمور دمشق، وإلا، لو دام الملك الناصر بها، من أين كان وصوله إليها؟ وتواترت الأخبار عن تيمور أنه كان يريد الترحال عن دمشق في تلك الأيام، فما شاء الله كان. ولما قدم الملك الناصر إلى القاهرة أنعم بعد مدة على الأمير سودون هذا بإمرة بحلب، وأن يكون حاجبا بها، فامتنع من ذلك وركب مع الأمير جكم من عوض وانضاف إليهم جماعة كبيرة من الأمراء وغيرهم، وقاتلوا يشبك الشعباني الدوادار، فانتصروا عليه، فأنعم على سودون الطيار بإقطاع جكم بحكم انتقال جكم إلى إقطاع يشبك، ثم استقر بعد مدة طويلة أمير مجلس، عوضاً عن الجزء: 6 ¦ الصفحة: 117 سودون المارديني في جمادى الآخرة سنة سبع وثمانمائة، ثم نقل إلى إمرة سلاح، عوضاً عن الأمير آقباي الطرنطاي. واستمر على ذلك إلى أن توفي بالقاهرة في ليلة الثلاثاء ثامن عشرين شوال سنة عشرة وثمانمائة، وحضر السلطان جنازته. وكان أميراً شجاعاً مقداماً، ديناً، محبا لأهل العلم والصلاح، وكان مشكور السيرة، وإليه ينتسب الأمير أسنبغا، رأس نوبة النوب، بالطياري، فإنه كان خدمه بعد موت أستاذه الأمير ناصر الدين محمد بن رجب. انتهى. 1132 - المحمدي الشهير بتلي ... - 818 هـ - ... - 1415 م سودون بن عبد الله المحمدي الظاهري، الشهير بتلي، يعني مجنون، الأمير سيف الدين. الجزء: 6 ¦ الصفحة: 118 كان أيضاً من مماليك الملك الظاهر برقوق، ومن أعيان خاصكيته، وترقى في الدولة الناصرية فرج إلى أن صار أمير مائة ومقدم ألف. ثم قبض عليه وحبس بثغر الإسكندرية، هو وبيبرس الصغير الدوادار، وجانم من حسن شاه، في يوم الخميس سابع عشر ذي الحجة سنة ست وثمانمائة، فاستمروا في السجن إلى أن أفرج عنهم في شوال سنة سبع وثمانمائة. وقدموا القاهرة، فأقام سودون المحمدي المذكور بالقاهرة، من جملة الأمراء، إلى يوم الخميس ثامن شوال سنة ثمان وثمانمائة، استقر أمير أخورا كبيرا، عوضاً عن جرباش الشيخي الظاهري بحكم عزله. فاستمر في وظيفته إلى أن اختفى الملك الناصر فرج، وخلع وتسلطن أخوه الملك المنصور عبد العزيز بن الملك الظاهر برقوق، فاستمر سودون المحمدي على وظيفته، إلى أن ظهر الملك الناصر وأراد الطلوع إلى القلعة، منعه سودون المذكور مع من منعه من الأمراء، وقاتلوه قتالاً ليس بالقوي، ثم انهزموا وملك الناصر القلعة وتسلطن ثانيا، وخلع المنصور عبد العزيز، أمسك سودون هذا وأخرجه إلى دمشق على إقطاع الأمير سودون اليوسفي، واستقر في الجزء: 6 ¦ الصفحة: 119 الأمير أخورية من بعده الأمير جاركس القاسمي المصارع. ولما توجه سودون المحمدي إلى دمشق قبض عليه نائبها الأمير شيخ المحمودي، وحبسه بقلعتها إلى أوائل سنة تسع وثمانمائة، فر من السجن، ولحق بالأمير نوروز الحافظي، وهو إذ ذاك خارج عن طاعة الملك الناصر فرج. واستمر بتلك البلاد سنين، ووقع له أمور ومحن، وملك مدينة غزة، وشن بها الغارات إلى أن ظفر به الأمير شيخ ثانيا، وحبسه أيضا بقلعة دمشق مدة، وحبس معه سودون اليوسفي وغيره من الأمراء. وبلغ الملك الناصر مسكه، فبعث بطلبه مع الأمير كمشبغا الجمالي، فامتنع شيخ من إرساله، وسودون هذا ورفقته، ثم أطلقهم وخرج هو أيضا عن الطاعة، وذلك في سنة إثنتي عشرة وثمانمائة. فعاد الجمالي إلى الناصر بغير طائل، وصار سودون المحمودي من أعز أصحاب شيخ، ودام معه إلى أن ملك صفد من جهة شيخ، ثم خرج عن طاعة شيخ وفر إلى نوروز ثانيا، ثم اصطلح الجميع على العصيان. واستمر مع شيخ ونوروز إلى أن قتل الملك الناصر فرج، وقدم صحبة الأمير شيخ إلى الديار المصرية، وأنعم عليه بإمرة مائة وتقدمة ألف. واستمر على ذلك إلى أن قبض عليه الملك المؤيد شيخ في شوال سنة خمس عشرة وثمانمائة وحبسه بثغر الإسكندرية، الجزء: 6 ¦ الصفحة: 120 فاستمر بها إلى أن قتل في المحرم سنة ثماني عشرة وثمانمائة، وقتل معه الأمير دمرداش المحمدي والأمير طوغان الحسني رحمه الله تعالى. 1133 - المحمدي نائب قلعة دمشق ... - 850 هـ - ... - 1446 م سودون بن عبد الله المحمدي، نائب قلعة دمشق، الأمير سيف الدين. هو مملوك سودون المحمدي المتقدم ذكره آنفا، وعتيقه، وإليه ينسب بالمحمدي. واستمر بخدمته إلى أن أمسكه الملك المؤيد شيخ وحبسه بثغر الإسكندرية ثم قتله حسبما ذكرناه فعند ذلك اتصل سودون المحمدي هذا بخدمة السلطان الملك المؤيد شيخ، واستمر من جملة المماليك السلطانية، إلى أن صار في الدولة الأشرفية برسباي خاصكيا ورأس نوبة الجمداري ة م دة طويلة. ثم أراد الأشرف أن يؤمره فامتنع وترك وظيفته أيضاً، وصار من جملة المماليك السلطانية على إقطاعه، ودام على ذلك إلى أن وثب الأتابك جقمق على الملك العزيز يوسف، فانضم سودون المحمدي المذكور على الملك العزيز، ولم يوافق الأتابك جقمق، فعدها عليه جقمق إلى أن تسلطن نفاه، ثم شفع فيه بعد الجزء: 6 ¦ الصفحة: 121 أشهر، وكتب بعوده إلى القاهرة، وأنعم عليه بإمرة عشرة بسفارة خوند مغل بنت القاضي ناصر الدين البارزي زوجة الملك الظاهر جقمق، فإنه سودون المذكور هو زوج أختها لأبيها القاضي ناصر الدين البارزي. فاستمر سودون المذكور مدة ثم توجه إلى مكة المشرفة ناظراً بها وشاد العمائر، كما كان توجه في الدولة الأشرفية برسباي. واستمر بمكة نحو السنتين أو أكثر، وعاد إلى القاهرة وأقام بها مدة يسيرة، واستقر في نيابة قلعة دمشق في سنة ثمان وأربعين وثمانمائة، فتوجه إليها ودام بها إلى أن مات في صفر سنة خمسين وثمانمائة. وكان ديناً خيراً، عفيفاً عن المنكرات والفروج، عاقلاً ساكناً، إلا أنه كان قليل المعرفة كثير الظن برأي نفسه. من ذلك أنه لما توجه إلى مكة ليصلح ما تشعث من حيطان الحرم، فلما وصل إلى مكة هدم سقف البيت الشريف، ورفع الأخشاب التي كانت بأعلا البيت وغيرها، فمنعه أكابر مكة من ذلك، فأبى، فقالوا له: هذا عليه كتابة تمنع الطير أن يقعد بأعلى البيت، فلم يلتفت إلى كلامهم، وهدم السقف واعتذر بأنه يدلف المطر إلى داخل البيت، فرحل جماعة من أهل مكة خوفا من أن ينزل عيهم بلاء من الله، وصار البيت مكشوفاً الجزء: 6 ¦ الصفحة: 122 أياماً بغير كسوة إلى أن جدد له سقفاً، فدلف ما صنعة أكثر من السقف القديم وتكرر منه هذا الفعل، فلم يحمد على ما فعل، وساءت سيرته بمكة لأجل ذلك، ونقم عليه كل أحد، وصار سقف البيت مأوى للطيور، وأتعب الخدام ذلك، فإن هم صاروا كل قليل ينزلون من أعلى البيت بقفف من زبل الحمام وغيره، فما شاء الله كان، وندم هو أيضاً على فعلته، فلم يفده الندم، فكان أمره كقول القائل: رام نفعا فضر من غير قصد ... ومن البر ما يكون عقوقا انتهى. 1134 - الحمزاوي ... - 810 هـ - ... - 1407 م سودون بن عبد الله الحمزاوي الظاهري الدوادار، الأمير سيف الدين. كان خصيصاً عند أستاذه الملك الظاهر برقوق، مقرباً عنده إلى الغاية، ثم تنكر عليه في المحرم سنة إحدى وثمانمائة، وضربه ضرباً مبرحاً، وحبسه بخزانة شمائل مدة، ثم أخرجه إلى البلاد الشامية. واستمر بتلك البلاد إلى بعد موت الملك الظاهر برقوق بمدة، قدم إلى القاهرة، وصار من جملة الأمراء بها، إلى سنة أربع وثمانمائة. فلما وقع في السنة المذكورة فتنة بين الأمير يشبك وجكم ونوروز الجزء: 6 ¦ الصفحة: 123 وسودون طاز، ثم وقع الصلح بينهم على أن يخرجوا سودون هذا إلى نيابة صفد، ويخرج سبعة أخر إلى البلاد الشامية وهم: الأمير أزبك الدوادار، وسودون بشتآو، وهما من العشرات، وقاني باي الخازندار، وبردبك، وهما من الخاصكية وغيرهم. ثم مشى الحال على إخراج الحمزاوي هذا لا غير، فخلع عليه واستقر في نيابة صفد، عوضاً عن الأمير دقماق المحمدي بحكم عزله وذلك في سابع عشرين صفر سنة أربع وثمانمائة. فتوجه إلى صفد وباشرها إلى أن قدم القاهرة في شهر ربيع الأول سنة خمس وثمانمائة معزولاً، باستدعاء من الملك الناصر فرج صحبة الطواشي عبد اللطيف اللالا، وولى نيابة صفد عوضه الأمير شيخ السليماني شاد الشراب خاناة، وأنعم السلطان على سودون الحمزاوي بإمرة مائة وتقدمة ألف بالديار المصرية، واستقر به شاد الشراب خاناة عوضاً عن شيخ السليماني المذكور، فاستمر من شهر ربيع الأول إلى يوم الإثنين سابع جمادى الآخرة من السنة استقر خازنداراً، عوضاً عن الأميري آقباي الكركي بعد موته، وأقام على الجزء: 6 ¦ الصفحة: 124 ذلك إلى شوال من السنة استقر رأسه نوبة النوب، عوضاً عن الأمير سودون المارديني بحكم استقرار سودون المارديني أمير مجلس، عوضاً عن تمراز الناصري المنتقل إلى إمرة سلاح، عوضاً عن بكتمر الركني بحكم استقرار بكتمر رأس نوبة الأمراء. قلت: وهذه الوظيفة مفقودة في عصرنا هذا وقبله بمدة، واستمر سودون الحمزاوي على ذلك مدة، وأمسك وحبس بالإسكندرية ثم أفرج عنه بعد مدة يسيرة، وأعيد إليه إقطاعه. ودام على ذلك حتى اختفى الملك الناصر فر وخلع، وتسلطن أخوه الملك المنصور عبد العزيز، واستمر مختفيا إلى أن طلب العود إلى ملكه. وتوجه إلى بيت سودون الحمزاوي هذا وركب من عنده بآلة الحرب، وبين يديه الحمزاوي هذا وغيره من الأمراء، وانتصر على أخيه المنصور، وتسلطن ثانيا. أخلع على سودون الحمزاوي هذا، واستقر به دوادار كبيراً، عوضاً عن الأمير يشبك الشعباني، بحكم انتقال يشبك إلى أتابكية العساكر بالديار المصرية، بعد القبض على بيبرس ابن أخت الملك الظاهر برقوق، كل ذلك في جمادى الآخرة سنة ثمان وثمانمائة. الجزء: 6 ¦ الصفحة: 125 واستمر سودون في الدوادارية إلى سنة تسع، توجه مجرداً إلى البلاد الشامية، فلما صار بدمشق عصى وتوجه إلى صفد وملكها، إلى أن طرقه الأمير شيخ المحمودي بصفد، ففر سودون هذا بنفسه إلى دمشق عند الأمير نوروز الحافظي. وأخذ شيخ جميع موجوده، ودام سودون الحمزاوي عند نوروز إلى أن استناب نوروز إينال باي بن قجماس في نيابة غزة، وأردفه بسودون الحمزاوي ويشبك ابن أزدمر وغيرهم. وساروا حتى دخلوا غزة وملكوها، فلم يكن إلا أيام قلائل وطرقهم الأمير شيخ المحمودي أعني المؤيد فخرجوا إليه، وقاتلوه على الجديد خارج غزة في يوم الخميس رابع ذي القعدة سنة تسع وثمانمائة، فقتل الأمير إينال باي بن قجماس في المعركة، ويونس الحافظي نائب حماة، وسودون قرناص. وقبض على سودون الحمزاوي صاحب الترجمة بعدما قلعت عينه، وحمل في القيود إلى الملك الناصر مع آخرين ممن قبض عليهم من الأمراء في المعركة، وصحبتهم رمة الأمير إينال باي بن قجماس. وكان وصوله إلى الديار المصرية في شهر ربيع الآخر سنة عشرة وثمانمائة، فحبسه الملك الناصر إلى سادس عشرين الشهر، استدعى السلطان القضاة إلى بين يديه، وأثبت على سودون الحمزاوي هذا أنه قتل رجلاً ظلماً، فحكموا القضاة بقتله، فقتل. وقتل الجزء: 6 ¦ الصفحة: 126 معه يربغا دواداره، والأمير آقبردي، والأمير جمق، والأمير أسنباي التركماني، والأمير أسنباي أمير أخور. انتهى. وسودون الحمزاوي هذا هو أستاذ الأمير قاني باي الحمزاوي نائب حلب، وأيضاً أستاذ جانبك الحمزاوي نائب غزة وغير هم ا. رحمه الله. 1135 - سودون الظريف ... - 814 هـ - ... - 1411 م سودون بن عبد الله الظاهري، الأمير سيف الدولة، المعروف بسودون الظريف. هو أيضاً من مماليك الملك الظاهر برقوق، وممن ترقى في دولة أستاذه إلى أن ولي نيابة الكرك في يوم حادي عشر ربيع الأول سنة إحدى وثمانمائة، فتوجه إليها وباشر نيابتها، إلى أن توجه الملك الناصر فرج إلى دمشق، بعد القبض على نائبها الأمير تنم الحسنى، في سنة اثنتين وثمانمائة، فقدم عليه الأمير سودون الظريف الجزء: 6 ¦ الصفحة: 127 هذا بدمشق، بعد أن استخلف بالكرك حاجبها الزيني شعبان بن أبي العباس، فعزله الملك الناصر عن الكرك بالأمير بتخاص السودوني، في يوم الخميس رابع شهر رمضان من السنة. وتنقلت به الأحوال إلى أن ولي حجوبية الحجاب بدمشق، بعد القبض على الأمير جقمق الصفوي وحبسه في رابع شهر ربيع الأول سنة خمس وثمانمائة، فاستمر في الحجوبية إلى سنة ثمان وثمانمائة قبض عليه الأمير شيخ المحمودي نائب الشام وسجنه بالصبيبة إلى يوم الإثنين العشرين من شعبان من السنة المذكورة أفرج عنه شيخ المذكور، وأنعم عليه بإمرة بدمشق، فاستمر على ذلك مدة. ثم قبض عليه ثانياً وحبسه بالصبيبة أيضاً، فاستمر محبوساً إلى أن أفرج عنه الملك الناصر فرج، وعن الأمير أرغز لما توجه إلى البلاد الشامية في سنة اثنتي عشرة وثمانمائة، واستصحبه معه إلى الديار المصرية، وأنعم عليه بإمرة بها. فاستمر سودون الظريف من جملة أمراء مصر مدة، ووقع له أمور، وآخر الحال قبض الملك الناصر عليه وعلى أرغز المذكور وعلى إينال الصصلاني وعدة أخر في ثاني عشرين شهر رجب سنة أربع عشرة وثمانمائة، فاستمر سودون الظريف صاحب الترجمة محبوساً إلى يوم الأربعاء ثامن من شعبان من السنة، أخرجه من الحبس ورسم بتوسيطه، فوسط في اليوم المذكور تحت قلعة الجبل، ووسط معه أيضاً الجزء: 6 ¦ الصفحة: 128 جماع ة م ن الأمراء وهم: الأمير مغلباي، والأمير حزمان نائب القدس، والأمير عاقل، والأمير أرغز والأمير محمد بن قجماس، ثم قتل الملك الناصر، في ليلة الخميس ثانية، من المماليك السلطانية الجراكسة زيادة على مائة مملوك من مماليك والده. انتهت ترجمة الأمير سودون الظريف. رحمه الله. 1136 - سودون باق ... - 793 هـ - ... - 1391 م سودون بن عبد الله السيفي تمرباي، الأمير سيف الدين، المعروف بسودون باق. أحد أمراء الملك الظاهر برقوق وخواصه، ولم يزل على ذلك حتى خرج الناصر ومنطاش نائب ملطية على الظاهر برقوق، وأرسل الظاهر لمحاربتهما جيشاً فانكسر عسكر الملك الظاهر برقوق وقتل من أمرائه جماعة، وبلغ الملك الظاهر ذلك، أخلع على سودون باق المذكور بإمرة سلاح. واستمر على ذلك حتى قدم الناصري ومنطاش إلى نحو الديار المصرية، ونزلا بقية النصر خارج القاهرة، وتلاشى أمر برقوق حتى أنه لم يبق عنده من مماليكه وحواشيه إلا جماعة يسيرة، الجزء: 6 ¦ الصفحة: 129 وكان برقوق قد استقر بالأمير قرا دمرداش الأحمدي أتابك العساكر بالديار المصرية بعد أن قبض الناصري على الأتابك أيتمش بدمشق، وأنعم عليه بثلاثين ألف دينار، وأنعم على سودون هذا أيضاً بجمل مستكثرة. فقبض قرا دمرداش المبلغ المذكور وفر من يومه إلى الناصري، ومعه سودون باق هذا والأمير قرقماش الطشتمري، وصاروا الجميع من حزب الناصري، وتركوا الظاهر برقوق وذلك في يوم الأربعاء رابع جمادى الآخرة سنة إحدى وتسعين وسبعمائة. فلما ملك الناصري الديار المصرية واستفحل أمره، قبض على جماعة من الأمراء منهم: الأمير سودون باق المذكور، الأمير سودون النائب والأمير سودون الطرنطاي، والأمير شيخ الصفوي، والأمير قحماس ابن عم الملك الظاهر برقوق، وعلى الأمير أبي بكر بن سنقر، وعلى الأمير أقبغا المارديني حاجب الحجاب، وعلى بجاس النوروزي، وعلى الأمير محمود بن علي بن أصفر عينه الأستادار، وعلى جماعة كبيرة من أمراء الطبلخانات والعشرات والخاصكية. واستمر سودون باق هذا محبوساً إلى أن وقع بين الناصري ومنطاش ما سيذكر في غير هذا الموضع. وانتصر منطاش على يلبغا الناصري وقبض عليه، وضرب الدهر ضرباته، إلى أن ملك برقوق الديار المصرية ثانيا، وجلس على سرير الملك الجزء: 6 ¦ الصفحة: 130 رسم بالإفراج عن سبعة عشر أميراً من سجن الإسكندرية، وهم: الأمير الكبير يلبغا الناصري غريم الملك الظاهر برقوق، الذي خلعه من الملك وحبسه بالكرك، والأمير ألطنبغا الجوباني نائب الشام، الذي أمسك الظاهر برقوق من الدار التي كان اختفى بها بالصليبة، وطلع به إلى الناصري بباب السلطان حتى أرسله الناصري بحبس الكرك. قلت: وتقلبات الدهر أعجب من ذلك، والناصري والجوباني ممن أمسكهما منطاش لما انتصر على الناصري، والأمير ألطنبغا المعلم، والأمير سودون باق صاحب الترجمة، والأمير الكبير قرا دمرداش الأحمدي، وهؤلاء الذين هربوا من الملك الظاهر برقوق وتوجهوا إلى الناصري بقية النصر خارج القاهرة، والأمير أحمد بن يلبغا أمير مجلس، وهو أيضاً ممن هرب من برقوق إلى الناصري في أوائل الأمر في وقعة شقحب، والأمير قردم الحسني، والأمير سودون الطرنطاي، والأميرأقبغا الجوهري، والأمير أقبغا المارديني، وطشلى القلمطاوي، والأمير الطنبغا الأشرفي، والأمير يلبغا المنجكي، والأمير يونس، والأمير ألابغا العثماني، وهؤلاء الجميع غرماء الملك الظاهر برقوق قبض عليهم منطاش لما ظفر بالناصري. فلما حضروا إلى القاهرة وتمثلوا بين يدي الملك الجزء: 6 ¦ الصفحة: 131 الظاهر برقوق رحب بهم، ثم التفت إلى الناصري وقال له: أنا ما أؤاخذك بما وقع منك ولا ما وقع من غيرك ونحن أولاد اليوم. فقبلوا الجميع الأرض ثانيا، ثم قال برقوق للناصري: وهذا غريمك بالبلاد الشامية يعني منطاش. فإن برقوق لما قبض عليه الناصري وحبسه بالكرك، وثب منطاش على الناصري بعد مدة، وقبض عليه وحبسه بالإسكندرية، حتى أخرجه برقوق الآن. ثم إن الملك الظاهر أنعم على سودون باق هذا بإمر ة م ائة وتقدمة ألف بدمشق، وتوجه إلى دمشق صحبة الأمراء المجردين لقتال منطاش، واستمر بها إلى أن خرج الملك الظاهر بعد مدة إلى البلاد الشامية، قبض عليه وقتله في أواخر سنة ثلاث وتسعين وسبعمائة لممالأته إلى منطاش على ما قيل، رحمه الله. وقتل معه جماعة من الأمراء مقدمي الألوف والطبلخانات وهم: الأمير ألابغا العثماني الدوادار كان، وغريب الأشرفي، وأحمد بن بيدمر الخوارزمي، ومحمد بن أمير علي المارديني، ويلبغا العلائي، وكمشبغا المنجكي، وبغاحق اليفي، وملكتمر المارديني، وقرابغا العمري. 1137 - سودون طاز ... - 806 هـ - ... - 1404 م سودون بن عبد الله بن علي باك الظاهري، الأمير سيف الدين المعروف بسودون طاز. الجزء: 6 ¦ الصفحة: 132 هو أيضاً من مماليك الملك الظاهر برقوق ومن خواصه، وممن أمره إمرة عشرة، وجعله معلماً للرمح، وكان رأسا في لعب الرمح وغيره من أنواع الفروسية، يضرب بقوة طعنه وشدة مقابلته المثل، وأما سرعة حركته وحسن تسريحه لجواده فإليه المنتهى في ذلك. ولما مات أستاذه الملك الظاهر برقوق، وتسلطن من بعده ابنه الملك الناصر فرج، صار سودون طاز هذا في دولته أمير مائة ومقدم ألف بالديار المصرية، واستمر على ذلك إلى يوم الخميس ثاني عشر شهر ربيع الآخر سنة اثنتين وثمانمائة استقر أمير آخورا كبيراً، عوضاً عن الأمير سودون الطيار بحكم غيبته في البلاد الشامية، ولما ولي الأمير آخورية زادت عظمته في الدولة، وصار من أعيان المتكلمين في المملكة، وإليه مرجع غالب أمور الرعية. وضخم أمره وسار على قاعدة من تقدمه من عظماء الملوك، حتى أنه جعل راتب سماطه في اليوم ألف رطل من اللحم الضأن خارجاً عن الدجاج والأوز والمرمسان من الضأن. وكان واسع النفس على الطعام إلى الغاية، كريماً، كثير الإنعام على المماليك السلطانية وغيرهم، حتى لقد أخبرني جماعة من أصحاب سودون طاز المذكور قالوا: لا نعلم أحداً من المماليك السلطانية إلا ووصل إليه الجزء: 6 ¦ الصفحة: 133 رفد الأمير سودون طاز هذا غير مرة. قلت: وهذا مشهور عنه عند كل أحد، ولولا كرمه الزائد ما كان لما أراد الخروج إلى البلاد الشامية خرج معه من المماليك السلطانية نحو الألف مملوك، وصاروا له طوعاً فيما يريده ويأمر به، وأقاموا عنده بسرياقوس خارج القاهرة نحو الشهر إلى أن انتهى أمره على ما نحكيه. قلت: واستمر سودون طاز هذا على ما هو عليه من الحرمة والعظمة إلى أن وقع بينه وبين الأمير يشبك الشعباني الدوادار. وهو أن يشبك أراد القبض عليه ففطن هو لذلك، فأخذ خيول السلطان من الإسطبل السلطاني وتوجه إلى عند جكم من عوض ببركة الحبش، فعظم أمر جكم به، واتفقا على قتال يشبك، ومشى الناس بين الفريقين بالصلح، فامتنع كل من الفريقين إلا القتال، فانتصر جكم وسودون طاز هذا على يشبك وأصحابه، وقبضا عليهم، وحبسوا بثغر الإسكندرية، وتولى جكم الدوادارية من بعد يشبك، كل ذلك بسفارة سودون طاز هذا وحاشيته. وصارا هما أصحاب العقد والحل في المملكة إلى سنة أربع وثمانمائة، وقع الكلام بين سودون طاز وبين جكم من عوض المذكور وبين نوروز الحافظي الجزء: 6 ¦ الصفحة: 134 بمن معهم، وآل الأمراء إلى الحرب والقتال. فلما كان يوم ثاني شوال من السنة نزل الملك الناصر فرج عند الأمير سودون طاز هذا إلى الأسطبل السلطاني لقتال جكم ونوروز بمن معهم، وركب جكم ونوروز وقرقماس الرماح وقاني باي وغيرهم، ووقعت الحروب بينهم من بكرة النهار إلى العصر، فعند ذلك بعث السلطان بالخليفة المتوكل على الله والقضاة إلى الأمير نوروز في طلب الصلح، فلم يجد نوروز بداً من الصلح، فأذعن وترك القتال وخلع عنه آلة القتال، فكف الأمير جكم أيضاً عن القتال، كل ذلك مكيدة من الأمير سودون طاز هذا، وطلع نوروز إلى القلعة فأخلع السلطان عليه ونزل جكم بغير خلعة، فحنق جكم من ذلك وثارت الفتنة أيضاً بعد أيام، وخرج جكم إلى بركة الحبش بمن كان معه أولاً، ونزل سودون طاز بالسلطان إليهم وقاتلهم فكسرهم، وأمسك من أصحاب جكم، الأمير تمربغا المشطوب، وسودون من زاده، وعلي بن إينال، وأرغز، وفرجكم ونوروز وجماعة أخر يريدون بلاد الصعيد، ثم انحل برمحهم وعادوا إلى الجيزة. ثم اصطلح نوروز مع سودون طاز، وقبض سودون طاز على جكم وأرسله الجزء: 6 ¦ الصفحة: 135 إلى الإسكندرية، فسجن به حيث كان يشبك مسجوناً، وأفرج عن يشبك وأصحابه وقدموا إلى القاهرة. وصفا الوقت لسودون طاز هذا، حتى أنه لو أراد أن يتسلطن لكان يمشي له ذلك من غير منازع، هكذا حكى لي جماعة من أعيان المماليك الظاهرية ممن كان من أصحاب جكم وغيره، وكان هذا في يوم الأربعاء رابع عشر جمادى الأولى من سنة أربع وثمانمائة. وقدم يشبك وأصحابه من ثغر الإسكندرية في يوم الإثنين تاسع عشر جمادى الأولى المذكور، وكان رفقة يشبك الأمير قطلوبغا الكركي، وآقباي الكركي الخازندار، وجاركس القاسمي المصارع، وعدة أخر، فقبلوا الجميع الأرض بين يدي الملك الناصر فرج، ونزلوا وقد استقر يشبك على إقطاعه ووظيفته الدوادارية، وأنعم على رفقته بإقطاعاتهم، واستمر سودون طاز هذا هو المشار إليه في المملكة. ولم يسع يشبك إلا الموافقة له في الظاهر، فإنه أمسكه لما أراد مسكه، وأطلقه لما أراد إطلاقه، واحتمل يشبك منه ذلك إلى سنة خمس وثمانمائة وهو يتكلم في حقه عند الملك الناصر في الباطن، ويخوفه عاقبة أمره، إلى سابع المحرم من السنة المذكورة، فر سودون طاز من الإسطبل السلطاني إلى داره وعزل نفسه عن الأمير أخورية، من غير أن يرسم له السلطان بذلك، لما بلغه من كلام يشبك في حقه. الجزء: 6 ¦ الصفحة: 136 وصار من جملة الأمراء إلى ليلة الإثنين ثالث عشر صفر، خرج سودون طاز بمماليكه وحواشيه من المماليك السلطانية في زيادة على ألف نفر، وطمع أن يأتيه غالب المماليك السلطانية لما له عليهم من الأيادي، وتوجه إلى جهة سرياقوس، وأقام هناك حتى يأتيه من بقي من المماليك السلطانية، فلم يأته أحد. وترددت الرسل بينه وبين يشبك والملك الناصر وهو يروم أن أمره سيقوى ويظفر بيشبك كما قبض عليه أولا، فجاء حساب الدهر غير حسابه، وعزله الملك الناصر وولي الأمير آخورية عوضه الأمير إينال باي بن قجماس، ثم بعث إليه الملك الناصر بالأمير قطلوبغا الكركي يأمره بالعودة إلى القاهرة على إقطاعه من غير وظيفة، وإن أراد البلاد الشامية فله ما يختار، فامتنع من ذلك، وقال: لا بد من إخراج آقباي الكركي أولاً. فلم يوافق الملك الناصر على ذلك، وبعث إليه بالأمير بشباي ثانياً فلم يوافق، وبعث إليه ثالثاً فلم يوافق. فلما تحقق السلطان منه ذلك، ركب بالعساكر من قلعة الجبل في يوم الأربعاء سادس شهر ربيع الأول من سنة خمس وثمانمائة ونزل إليه، فلم يثبت من معه من المماليك السلطانية، وبقي في نحو الخمسمائة نفر والأمير قاني باي، الجزء: 6 ¦ الصفحة: 137 وكان إنضاف إليه قبل ذلك بعشرة أيام، فسار سودون طاز بمن معه نحو القاهرة من على الخليج، وسار السلطان خلفه إلى جهة بلبيس ظناً منه أن سودون توجه إلى البلاد الشامية، واستمر سودون طاز غارة إلى أن دخل القاهرة من المقس إلى الميدان، وهجم قاني باي بمن معه إلى الرميلة من تحت القلعة ليأخذ باب السلسلة فلم يقدر على ذلك. وبلغ السلطان خبرهم فعاد نحو القاهرة بعد مشقة زائدة، وطلع إلى القلعة وقعد بالمقعد من الإسطبل المطل على الرميلة، وندب الأمراء والمماليك لقتال سودون طاز، فقاتلوه في الأزقة، فلم يثبت وانهزم، وقد جرح من الفريقين عالم كبير، وحال الليل بينهم، وتفرق من كان مع سودون طاز، وبات السلطان على تخوف، وأصبح يوم الخميس لم يظهر لسودون طاز ولا لرفيقه خبر ألبتة إلى الليل. فلما كان بعد عشاء الآخرة، لم يشعر يشبك بسودون طاز إلا وقد دخل عليه بداره في ثلاثة أنفس وترامى عليه، فقبله وبالغ في إكرامه، وأصبح يشبك يوم الجمعة كلم الملك الناصر في أمره، فرسم بتوجهه إلى ثغر دمياط بطالاً، فأقام الجزء: 6 ¦ الصفحة: 138 سودون في عمل مصالحه إلى ليلة الأحد عاشره، أنزل في حراقة بغير قيد وحمل إلى دمياط، ورتب له بها ما يكفيه، وأنعم عليه يشبك بألف دينار مكافأة له على ما كان من إطلاق سودون طاز من حبس الإسكندرية، وأما رفيقه قاني باي فإنه اختفى ولم يعرف له خبر. واستمر سودون طاز بدمياط إلى جمادى الآخرة، ركب من دمياط وقدم إلى الشرقية، وخرج إليه جماعة من المماليك السلطانية وأقاموا الفتنة هناك، وقوي أمرهم، وكان قبل تاريخه قبض على قاني باي المذكور من دار بالقاهرة وحبس بثغر الإسكندرية. ولما بلغ السلطان خروج سودون طاز من دمياط، ندب إليه جماعة من الأمراء ومقدمهم والدي رحمه الله وهم: أمير تمراز الناصري أمير سلاح، ويلبغا الناصري، وسودون الحمزاوي، وعدة من أمراء الطبلخانات والعشرات، فبلغهم أنه نزل عند سليمان بن بقر بالشرقية ليساعده على غرضه، وأن سليمان المذكور ركب تعويقه حتى يدركه العسكر السلطاني، فحرك والدي رحمه الله حتى كبس عليه في منزل سليمان، وقبض عليه، وعاد به إلى القاهرة في يوم الأربعاء الجزء: 6 ¦ الصفحة: 139 سلخ جمادى الآخرة من السنة مقيدا، ومعه عدة أيضاً من المماليك السلطانية، فأصبح الملك الناصر من الغد يوم الخميس مستهل شهر رجب سمر خمسة من المماليك السلطانية ممن كان مع سودون طاز هذا، أحدهم سودون الجلب. فاجتمع المماليك السلطانية لإقامة فتنة بسبب تسمير هؤلاء حتى أطلقوهم إلى حال سبيلهم. قلت: لو كانت هذه الكائنة في زماننا هذا، وأراد بعض من سمر أن يوصي بشيء قبل موته لما أتاه أحد وتبرأ منه أعز أصحابه، انتهى. ولما نزلوا المماليك المسمرين حبسوهم بخزانة شمائل، ونفي سودون الجلب إلى قبرص من بلاد الفرنج، ثم حمل سودون طاز في يوم السبت ثالث شهر رجب مقيداً إلى الإسكندرية، فحبس بها إلى يوم الثلاثاء سابع عشرينه، ندب السلطان آقبردي وتنبك كلاهما أمير عشرة ومعهم ثلاثون نفراً من المماليك السلطانية، فقدموا الإسكندرية في تاسع شعبان وأخرجوا الأمير نوروز الحافظي، وجكم من عوض، وقاني باي رفيق سودون طاز، وسودون طاز المذكور، وأنزلوهم في البحر المالح مقيدين. وساروا بهم إلى البلاد الشامية، فحبس نوروز وقاني باي بالصبيبة، وحبس جكم بحصن الأكراد من عمل طرابلس، وحبس سودون طاز في قلعة المرقب، ولم يبق بالإسكندرية غير سودون من زاده وتمربغا المشطوب. الجزء: 6 ¦ الصفحة: 140 واستمر سودون طاز في حبس المرقب إلى أن قتل في ذي الحجة في سنة ست وثمانمائة، تقدم التعريف به، رحمه الله تعالى. 1138 - سودون المارديني ... - 811 هـ - ... - 1408 م سودون بن عبد الله المارديني الظاهري، الأمير سيف الدين أحد المماليك الظاهرية برقوق. كان خصيصاً عند أستاذه الظاهر برقوق، ترقى في دولته إلى أن صار أمير مائة ومقدم ألف وشاد الشراب خاناة، ثم صار في دولة ابنه الملك الناصر فرج رأس نوبة النوب، واستمر على ذلك إلى ثامن عشر شوال سنة خمس وثمانمائة استقر أمير مجلس، عوضاً عن تمراز الناصري بحكم انتقال تمراز إلى إمرة سلاح، عوضاً عن بكتمر الركني المستقر رأس نوبة الأمراء، وهذه الوظيفة شاغر ة م دة سنين، فاستمر سودون المارديني على ذلك مدة إلى أن صار الجزء: 6 ¦ الصفحة: 141 دوادارا كبيراً بعد الأمير يشبك الشعباني بحكم عصيانه، وذلك في جمادى الآخرة سنة سبع وثمانمائة، ودام على ذلك حتى اختفى الملك الناصر فرج، وخلع من الملك بأخيه المنصور عبد العزيز في سنة ثمان وثمانمائة، ثم ظهر الناصر وأراد الطلوع إلى القلع ة، م نعه من ذلك الأتابك بيبرس وسودون المارديني هذا وغيرهما وقاتلوه، فانتصر الناصر وقبض على الأتابك بيبرس وعلى سودون المارديني صاحب الترجمة وحبسهما بثغر الإسكندرية. واستمر سودون المارديني محبوساً إلى أن قتل بحبسه في سنة إحدى عشرة وثمانمائة، وقتل معه الأتابك بيبرس وبيغوت رحمهم الله. وكان سودون المذكور أميراً جليلاً، عاقلاً سيوساً، ساكناً، قليل الشر، كثير الخير والإحسان للناس، مشكور السيرة، رحمه الله تعالى. 1139 - سودون من زاده ... - 810 هـ - ... - 1407 م سودون بن عبد الله من زاده الظاهري، الأمير سيف الدين. الجزء: 6 ¦ الصفحة: 142 أحد المماليك الظاهرية برقوق وأعيان خاصكيته، ثم تأمر بعد موت أستاذه في الدولة الناصرية فرج إمرة عشرة، واستمر على ذلك إلى أن وقع بين الأمير يشبك الدوادار وبين جكم ما حكيناه في غير موضع أنعم عليه بإقطاع جاركس القاسمي المصارع، وهو إمرة ستين فارساً، واستقر خازندارا، واستمر إلى ذي الحجة سنة أربع وثمانمائة، استعفى من وظيفته الخازندارية، وصار رأس نوبة على عادته أولا، واستمر على ذلك إلى أن كانت الوقعة بين سودون طاز بين جكم ونوروز، وانكسر جكم ونوروز ثم قبض عليهما، كان سودون من زاده هذا ممن انضاف إليهما، فقبض عليه أيضاً وحبس بثغر الإسكندرية في شهر رمضان من سنة أربع وثمانمائة ثم أفرج عنه بعد مدة وأنعم عليه بإمرة مائة وتقدمة ألف بالقاهرة، واستمر على ذلك إلى أن اختفى الملك الناصر فرج وخلع بأخيه المنصور عبد العزيز في سنة ثمان وثمانمائة، ثم ظهر الناصر السنة المذكورة وتسلطن ثانياً، أخلع على سودون من زاده المذكور بنيابة غزة، عوضاً عن الأمير سلامش، في رابع عشر جمادى الآخرة من السنة، فتوجه إلى غزة وأقام بها إلى أن جرد الملك الناصر فرج إلى البلاد الشامية في سنة تسع الجزء: 6 ¦ الصفحة: 143 وثمانمائة، ثم عاد إلى الديار المصرية بغير طائل فلم يقم إلا أياماً قلائل وقدم في إثره إلى القاهرة الأمير دمرداش المحمدي والأمير سودون من زاده المذكور نائب غزة جافلين من الأمراء العصاة بالبلاد الشامية. فأقام سودون من زاد ه م ن جملة أمراء الديار المصرية إلى أن قبض عليه الملك الناصر فرج في سادس عشر جمادى الآخرة سنة عشرة وثمانمائة، وحمله إلى الإسكندرية فحبس بها، ثم قتل بعد ذلك بمدة يسيرة رحمه الله، وهو صاحب الجامع بالقرب من سويقة العزى. 1140 - سودون الجلب ... - 815 هـ - ... - 1412 م سودون بن عبد الله الظاهري المعروف بسودون الجلب، الأمير سيف الدين. هو أيضاً من جملة مماليك الملك الظاهر برقوق، وممن ترقى في أواخر الدولة الناصرة فرج، ولم يكن من أعيان مماليك برقوق إلا أنه كان مقداماً شجاعاً الجزء: 6 ¦ الصفحة: 144 وعنده جرأة، فذلك تقدم وشاع اسمه، وأول أمره لما خرج سودون طاز من ثغر دمياط وتوجه إلى الشرقية حسبما ذكرناه في ترجمته وانضم عليه سودون الجلب هذا، وسمروه بعد القبض على سودون طاز، ثم شفع فيه ونفى إلى قبرس، فتوجه إلى قبرس وأقام بها مدة، ثم قدم إلى البلاد الشامية وشن بها الغارات، ووقع له أمور يطول شرحها، ثم استولى على الكرك نيابة عن الملك الناصر فرج، ثم ملكها ثانيا بيده، واستمر بتلك البلاد وهو يثير الفتن ويخرج عن طاعة السلطان، إلى أن كان هو أكبر الأسباب في قتل الملك الناصر وفي زوال ملكه. ولما انكسر الملك الناصر وانحاز في قلعة دمشق وحاصروه بها، وكان سودون الجلب إذ ذاك من المشار إليهم، حدث نفسه بكل أمر، فلم يكن بعد يوم أو يومين حتى أصيب من قلعة دمشق بسهم لزم منه الفراش مدة، ثم أخلع عليه وهو مريض بنيابة طرابلس، وأخلع على قرقماس المدعو بسيدي الجزء: 6 ¦ الصفحة: 145 الكبير بنيابة حلب، كل ذلك والحصار عمال بين الأمراء والملك الناصر، إلى أن طلب الملك الناصر الأمان ونزل، ثم قتل في صفر سنة خمس عشرة وثمانمائة، وتولى نوروز نيابة دمشق، استقر سودون في نيابة حلب ولم يدخل طرابلس ولا حكمها، فتوجه إلى حلب، وجرحه يعمل عليه، حتى مات منه في شهر ربيع الآخر من السنة المذكورة، واستناب نوروز عوضه الأمير طوخ نائب طرابلس. كان سودون هذا فرداً في معناه، قوي النفس، شجاعاً، يحكى عنه أشياء غريبة، من ذلك ما حكى لي عنه السيفي صرق الظاهري آنية قال: ولما انكسر الملك الناصر والتجأ إلى قلعة دمشق، طلبني سودون الجلب وقال: أتدري يا صرق ما قصدي أفعل مع الملك الناصر؟ قلت له: لا أعلم. قال: قصدي من يتوجه إليه ويحلف له من جهتي ويطمنه حتى يأتيني ليلاً وآخذه وأخرج إلى البلاد الحلبية وأجمع له التركمان كما أعرف، ثم أعود به وأقاتل هؤلاء الأمراء الذين أنا أعلم بحالهم من غيري، وأقوم بنصرته وأعيده إلى ملكه الجزء: 6 ¦ الصفحة: 146 من غير أن أقصد من الملك الناصر مكافأة على ذلك، بل جل قصدي فيما أفعله أن يقال عني ذلك ويشاع في الآفاق. ثم صار يتلفت إلى ذلك، فلم يكن بعد يوم أو يومين إلا وأصيب بس هم ولزم منه الفراش إلى أن مات في التاريخ المذكور. 1141 - سودون الأشقر ... - 827 هـ - ... - 1424 م سودون بن عبد الله الظاهري، الأمير سيف الدين المعروف بسودون الأشقر. هو أيضاً من المماليك الظاهرية برقوق، وممن ترقى في الدولة الناصرية فرج حتى صار أمير مائة ومقدم ألف بالديار المصرية، وشاد الشراب خاناة، ثم عزل عن وظيفته بالأمير أسنبغا الزردكاش، واستمر على إقطاعه إلى أن أخلع عليه الأتابك شيخ المحمودي نظام مملكة المستعين بالله العباس في سنة خمس عشرة وثمانمائة باستقراره رأس نوبة النوب، عوضاً عن سنقر الرومي بعد قتله، واستمر على ذلك إلى يوم الخميس ثاني عشر جمادى الأولى سنة ست عشرة وثمانمائة الجزء: 6 ¦ الصفحة: 147 أخلع عليه الملك المؤيد شيخ باستقراره أمير مجلس، واستقر عوضه رأس نوبة النوب الأمير جانبك الصوفي، ثم قبض عليه المؤيد في يوم السبت حادي عشرينه، وعلى الأمير كمشبغا العيساوي أميرشكار، وتوجه بهما إلى سجن الإسكندرية الأمير برسباي الدقماقي أحد أمراء العشرات أعني الملك الأشرف واستقر عوضه أمير مجلس الأمير أينال الصصلاني. قلت: أذكر شيئاً مما شاهدته من تقلبات الأيام، وهو أن الأشرف لما توجه مع سودون هذا إلى الإسكندرية كان إذ ذاك يروم منه رفده، حتى أنعم عليه سودون بما هو عادة أمثاله من مستقري الأمراء، وكان قجق قد استقر حاجب الحجاب، وكان الأشرف من جملة أمراء العشرات، ثم مضت سنوات وتسلطن الأشرف، وصار قجق أمير سلاحه، وسودون الأشقر صاحب الترجمة أمير عشرين فارساً يقوم بين يديه كآحاد أصاغر الأمراء، ولا يلتفت إليه في الدولة، ولقد رأيته مرة وقد نزلت الأمراء من الخدمة السلطانية، وتقدم سودون الأشقر هذا ليركب الأمير قجق المذكور، فمنعه من ذلك بعض أمراء الطبلخانات استقلالاً به وركبه هو وتأخر سودون الأشقر. انتهى. الجزء: 6 ¦ الصفحة: 148 ثم إن الملك الأشرف أنعم على سودون الأشقر هذا بإمر ة م ائة وتقدمة ألف بدمشق، وأنعم إقطاع سودون الأشقر على شريكه الأمير كزل العجمي، حتى صار كزل من جملة أمراء الطبلخانات، فإنها كانت أولا إمرة طبلخاناة وقسمت بين كزل وسودون المذكور، وهي قرية الميمون بالوجه القبلي، واستمر سودون الأشقر بدمشق إلى أن توفي بها في سنة سبع وعشرين وثمانمائة. قال المقريزي: مات في جمادى الأولى، وهو أحد المماليك الظاهرية الذين أنشأهم الملك الناصر فرج، وكان عيباً كله لشدة بخله وفسقه وظلمه، انتهى كلام المقريزي. قلت: هو كما قال المقريزي وزيادة. 1142 - سودون القاضي ... - 822 هـ - ... - 1419 م سودون بن عبد الله الظاهري، الأمير سيف الدين، المعروف بسودون القاضي. الجزء: 6 ¦ الصفحة: 149 هو أيضاً من المماليك الظاهرية برقوق، وممن أنشأه الملك الناصر فرج، ثم خامر على الناصر، وذهب إلى الأمير نوروز وشيخ ودام عندهم حتى قدم القاهرة بعد قتل الملك الناصر فرج صحبة الأمير شيخ، وصار من جملة الأمراء مقدمي الألوف بالديار المصرية في الدولة المؤيدية شيخ، ثم استقر حاجب الحجاب، عوضاً عن الأمير قجق العيساوي بعد القبض عليه سنة سبع عشرة وثمانمائة، واستمر على ذلك إلى يوم الإثنين رابع شهر رجب سنة ثمان عشرة وثمانمائة استقر رأس نوبة النوب، عوضاً عن الأمير تنبك العلائي المعروف بميق بحكم انتقاله إلى الأمير أخورية الكبرى، عوضاً عن الأمير ألطنيغا القرمشي المنتقل إلى أتابكية العساكر بعد الأتابك ألطنبغا العثماني، واستقر في الحجوبية بعده الأمير سودون قراسقل الآتي ذكره. واستمر على ذلك إلى أن توجه الملك المؤيد في السنة المذكورة إلى البلاد الشامية لقتال قاني باي نائب الشام وانتصر، قبض على الأمير سودون القاضي هذا وحبسه بالبلاد الشامية، وتولى بردبك قصقا من بعده رأس نوبة النوب، واستمر المذكور محبوساً بالبلاد الشامية إلى أن تجرد إليها الملك المؤيد ثانيا في سنة عشرين وثمانمائة، أفرج عنه وأنعم عليه بإقطاع الجزء: 6 ¦ الصفحة: 150 الأمير آقبردي المنقار بعد موته، وصار من جملة الأمراء مقدمي الألوف بالديار المصرية، وتولى كشف الوجه القبلي إلى أن طلبه الملك المؤيد وأخلع عليه باستقراره في نيابة طرابلس، عوضاً عن الأمير برسياي الدقماقي أعني الملك الأشرف بحكم عزله والقبض عليه وحبسه بالمرقب، فتوجه إليها وحكمها إلى أن توفي بها في رابع عشر ذي القعدة سنة اثنتين وعشرين وثمانمائة، وتولى نيابة طرابلس من بعده الأمير شاهين الزردكاش نائب حماة، وولى نيابة حماة الأمير إينال النوروزي نائب غزة، وولى نيابة غزة الأمير أركماس الجلباني. انتهى. 1143 - سودون الأسندمري ... - 821 هـ - ... - 1418 م سودون بن عبد الله الأسندمري، الأمير سيف الدين. هو ممن أنشأه الملك الناصر فرج وجعله أمير طبلخاناة وأمير آخورثاني، واستمر على ذلك إلى أن قبض عليه الملك المؤيد شيخ المحمودي، بعد قتل الملك الجزء: 6 ¦ الصفحة: 151 الناصر فرج، وحبسه بالإسكندري ة م دة طويلة، ثم أفرج عنه الملك المؤيد وأنعم عليه بإمرة في طرابلس، وجعله أتابكا بها، عوضاً عن الأمير يزدار في شهر ربيع الآخرة سنة إحدى وعشرين وثمانمائة، فاستمر بها إلى أن قتل في وقعة التركمان الإينالية البياضية مع الأمير برسباي الدقماقي نائب طرابلس على صافيتا من عمل طرابلس، وانكسر برسباي وقتل سودون الأسندمري المذكور، وكان ذلك سبباً للقبض على الأمير برسباي الدقماقي، وذلك في يوم الأربعاء سابع عشرين شعبان سنة إحدى وعشرين وثمانمائة. 1144 - سودون من عبد الرحمن ... - 841 هـ - ... - 1438 م سودون بن عبد الله من عبد الرحمن، الأمير الكبير سيف الدين نائب الشام. وهو أيضاً من مماليك الملك الظاهر برقوق وخاصكيته، وترقى في الدولة الناصرية فرج إلى أن صار أمير مائة ومقدم ألف بالديار المصرية، ثم الجزء: 6 ¦ الصفحة: 152 ولي نيابة غزة، ولما زالت الدولة الناصرية، وتولى الخليفة المستعين بالله العباس السلطنة، وصار الأمير شيخ المحمودي مدبر مملكته، استقر به الأمير شيخ المحمودي أمير مائة مقدم ألف بالديار المصرية، ثم ولاه بعد سلطنته والقبض على نوروز الحافظي نيابة طرابلس. فاستمر في نيابة طرابلس إلى أن خرج الأمير قاني باي المحمدي نائب الشام عن الطاعة، ووافقه إينال الصصلاني نائب حلب على العصيان، فوافقهما الأمير سودون من عبد الرحمن هذا، والأمير تنبك البجاسي نائب حماة، والأمير طرباي نائب غزة، واتفقوا الجميع على قتال الملك المؤيد، وقاتلوه وانكسروا. وقبض على الأمير قاني باي وإينال الصصلاني وغيرهما، فعند ذلك فر الأمير سودون من عبد الرحمن هذا إلى قرا يوسف صاحب بغداد مع من فر من الأمراء، وأقام عنده إلى أن توفي المؤيد شيخ في سنة أربع وعشرين وثمانمائة، وتسلطن الملك المظفر أحمد بن الملك المؤيد شيخ من بعده، وصار الأمير ططر مدبر مملكته، وتوجه بالمظفر إلى البلاد الشامية، قدم عليه الأمير سودون من عبد الرحمن هذا وغيره، فأكرمه الأمير ططر هذا ورفقته وهم: الأمير طرباي غزة، والأمير تنبك البجاسي نائب حماة، والأمير يشبك الجكمي الدوادار الذي فر من المدينة النبوية لما كان أمير الحاج سنة عشرين وثمانمائة والأمير جانبك الحمزاوي، الجزء: 6 ¦ الصفحة: 153 والأمير أردبغا، ولم يسع ططر أن يؤمر أحداً من هؤلاء خوفاً من المماليك المؤيدية، حتى أمكنته الفرصة وقبض على جماعة من أعيان أمرائهم، ثم أمر المذكور فجعل سودون من عبد الرحمن هذا أمير مائة ومقدم ألف بالديار المصرية. واستمر على ذلك إلى أن توفي ططر وتسلطن ابنه الملك الصالح محمد، وصار الأمير برسباي الدقماقي مدبر مملكته، بعد أمور، استقر سودون هذا دوادارا كبيراً من بعده حكم انتقاله إلا الإمرة الكبرى أو السلطنة. واستمر المذكور في الدوادارية إلى أن عصى الأمير تنبك البجاسي نائب الشام على الملك الأشرف برسباي أخلع عليه باستقراره في نيابة دمشق، عوضاً عن تنبك البجاسي المذكور، وندبه الأشرف لقتال تنبك المذكور وخروجه من دمشق وذلك في يوم ثالث عشرين المحرم سنة سبع وعشرين وثمانمائة، فنزل الأمير سودون من عبد الرحمن هذا بخلعته إلى الريدانية، ونزل بمخيمه إلى أن تم أمره وسافر نحو دمشق، والتقى مع الأمير تنبك البجاسي، ووقع بينهما ما حكيناه في ترجمة الأمير تنبك البجاسي، وآخر الحال انتصر سودون المذكور، وقبض على تنبك البجاسي وقتل. الجزء: 6 ¦ الصفحة: 154 واستمر سودون في نيابة الشام سنين، وقدم القاهرة في نيابته غير مرة، واستمر إلى أن عزل في سنة خمس وثلاثين وثمانمائة بالأمير الكبير جار قطلو، واستقر هو أميراً كبيراً بالديار المصرية، عوضاً عن جار قطلو المذكور ذكرنا كيفية الخلعة عليهما في ترجمة جار قطلو. واستمر سودون من عبد الرحمن هذا في الإمرة الكبيرة بالقاهرة، وسافر مع الملك الأشرف برسباي إلى آمد في سنة ست وثلاثين وثمانمائة، وهو ملازم للفراش في محفة، وعاد وهو على ذلك إلى أن رسم له الملك الأشرف أن يقيم بداره بطالاً، فلزم بيته، ثم بدا للسلطان أن يرسله إلى دمياط، فتوجه المذكور إلى دمياط ودام بها إلى أن مات في العشرين من ذي الحجة سنة إحدى وأربعين وثمانمائة يوم السبت. وكان أميراً جليلاً، شجاعاً مقداماً، عارفاً سيوساً، وافر الحرمة، متجملا في ملبسه ومركبه، نالته السعادة في نيابته لدمشق، وطالت أيامه، وعمر عدة الجزء: 6 ¦ الصفحة: 155 أملاك بدمشق، وأنشأ بمنشأة خانقاة سر ياقوس مدرسة تقام فيها الخطبة، ورتب فيها صوفية، وفرغ من بنائها سنة ست وعشرين وثمانمائة، وتوجهنا معه عند فراغها، فرأيناها في فلاة ولم يكن حولها من العمران إلا القليل، ثم عمر حولها ما هو موجود الآن. وكان طوالاً، أحمر اللون، مليح الوج ه، م نور الشيبة، حلو الكلام والمحاضرة، لم أر في زماننا أحسن وجها منه في الأمراء ولا أجمل، وخلف بنتاً واحدة، وهي ليست بذاك، رحمه الله. 1145 - سودون بقجة ... - 813 هـ - ... - 1411 م سودون بن عبد الله الأحمدي الظاهري، الأمير سيف الدين المعروف سودون بقجة. هو أيضاً من مماليك الظاهر برقوق ومن أعيان خاصكيته، ومن آنيات الأمير تمراز الناصري نائب السلطنة بالقاهرة، وزوج ابنته، تأمر في أول الدولة الناصرية فرج، وترقى إلى أن صار أمير مائة ومقدم ألف بالديار المصرية، ودام على ذلك مدة إلى أن فر مع صهره الأمير تمراز المذكور إلى الأمير شيخ الجزء: 6 ¦ الصفحة: 156 المحمودي، وداما عند شيخ إلى أن تجرد الملك الناصر إلى البلاد الشامية في سنة تسع وثمانمائة، حضر سودون بقجة المذكور إلى بين يدي السلطان، أخلع عليه باستقراره في نيابة طرابلس وذلك في جمادى الآخرة من السنة، فتوجه إلى طرابلس مدة، ثم عزل بعد أمور، وقدم القاهرة وصار من جملة الأمراء بها مقدمي الألوف. واستمر على ذلك إلى أن قبض عليه الملك الناصر في جمادى الأولى سنة إحدى عشرة وثمانمائة، وأمسك معه جماعة من الأمراء وهم: الأمير بيغوت أحد أعيان أمراء الملك الناصر، والأمير آرنبغا أحد الطبلخانات، والأمير قرا يشبك أحد العشرات، وأرسل بهم إلى الإسكندرية ما خلا آرنبغا، فأقام سودون بقجة في الحبس مدة، ثم أفرج عنه السلطان، ثم أنعم عليه بإمرة مائة وتقدمة ألف. وسافر سودون هذا صحبة السلطان الملك الناصر إلى البلاد الشامية في سنة اثنتي عشرة وثمانمائة، إلى أن وصل السلطان إلى اللجون في ليلة السبت مستهل صفر من السنة، شاع في العسكر بإثارة فتنة، ثم رحل السلطان من الغد إلى أن نزل على بيسان إلى أن غربت الشمس، ماج العسكر، وهدمت الخيم، واشتد اضطراب الناس، وكثر قلق السلطان طول الليل إلى أن طلع الفجر. قال المقريزي: وسبب ذلك أن آقبغا دوادار يشبك وهو يومئذ من جملة دوادارية السلطان قال لفتح الدين فتح الله إن الأمير علان وإينال الجزء: 6 ¦ الصفحة: 157 المنقار وسدون بقجة قد عزموا على الركوب في هذه الليلة على السلطان، ومعهم عدة من المماليك السلطانية، فأخذ فتح الله بيد آقبغا ودخل إلى السلطان فأخبره بالخبر ما بينه وبينه، فاستدعى السلطان جمال الدين الأستادار، فأعلمه بذلك، فاستشار فتح الله وجمال الدين فيما يفعل، فدار الرأي بين السلطان وبينهما من غير أن يعلم بذلك أحد حتى استقر رأيهم على أن السلطان يستدعى علان وغيره إلى عنده ويقبض عليهم، فقاموا من عند السلطان على هذا، فغدر جمال الدين وبعث إلى إينال المنقار، وعلان، وسودون بقجة، والأمير تمراز نائب السلطنة، وكان قد خرج تمراز من مصر وهو أرمد في محفة، فأعلمهم بالخبر، وبعث إليهم بمال كبير لهم وللأمير شيخ، فما هو إلا أن غربت الشمس ركب تمراز، وسودون بقجة، وإينال المنقار، وقرا يشبك، وسودون الحمصي، وعدة من المماليك السلطانية، ومروا إلى جهة شيخ يريدون الشام، فاختبط العسكر واشتد قلق السلطان، وطلب جمال الدين وفتح الله، ولا علم له بما فعله جمال الدين، فأشار عليه فتح الله بالثبات، وأشار جمال الدين بركوبه ليلاً وعوده إلى مصر، يريد بذلك إفساد حاله، فمال السلطان لكلام فتح الله وثبت، وسار إلى جهة دمشق. انتهى. الجزء: 6 ¦ الصفحة: 158 قلت: واستمر سودون بقجة عند الأمير شيخ بتلك البلاد إلى سنة ثلاث عشرة وثمانمائة، توجه صحبة الأمير شيخ ونوروز إلى الكرك، فلما كان ذو القعدة من السنة نزل شيخ من قلعة الكرك ودخل الحمام بالمدينة، ومعه قاني باي المحمدي، وسودون بقجة، وطائفة يسيرة، وبلغ خبرهم الأمير شهاب الدين أحمد بن أبي العباس حاجب الكرك، فركب من وقته ومعه جمع كبير من أهل البلاد، واقتحموا الحمام ليقتلوا الأمير شيخ ومن معه من الأمراء، وبلغ الخبر شيخ فخرج من الحمام، ولبس ثيابه، ووقف في مسلخ الحمام عند الباب ومعه أصحابه، ودفع عن نفسه وقاتل بمن معه من الأمراء وغيرهم، ولا زال القتال عمالاً حتى أدركهم الأمير نوروز الحافظي ببقية العسكر، وقد أصاب شيخ سهم غار في بدنه كاد يأتي على نفسه، وحمل فأقام ثلاثة أيام لا يعقل، وقتل الأمير سودون بقجة في المعركة في اليوم المذكور، رحمه الله تعالى، ثم انكسر حاجب الكرك ومضى إلى حال سبيله، انتهى. 1146 - سودون قراسقل ... - 820 هـ - ... 1418 سودون قراسقل بن عبد الله الظاهري، الأمير سيف الدين، المعروف بسودون قراسقل، يعني لحيته سوداء. الجزء: 6 ¦ الصفحة: 159 أحد المماليك الظاهرية برقوق، وتأمر في الدولة الناصرية فرج، ثم ترك الناصر وانضاف إلى الأميرين شيخ المحمودي ونوروز الحافظي، إلى أن قدم القاهرة بعد قتل الناصر صحبة الأمير شيخ المحمودي، وصار أمير مائة ومقدم ألف بالديار المصرية، ثم ولى نيابة غزة لما خرج الأمير نوروز عن طاعة الملك المؤيد شيخ في شهر رمضان سنة ست عشرة وثمانمائة، فلم تطل مدته، وعزل بالأمير طرباي. وصار سودون قراسقل على عادته أمير مائة ومقدم ألف بالديار المصرية، إلى أن خلع عليه الملك المؤيد في شهر رجب من سنة ثماني عشرة باستقراره حاجب الحجاب بالديار المصرية، عوضاً عن الأمير سودون القاضي بحكم انتقال سودون القاضي رأس نوبة النوب كما ذكرناه في ترجمته فاستمر في حجوبية الحجاب إلى أن تجرد الملك المؤيد إلى البلاد الشامية في سنة عشرين، أخلع عليه بتلك البلاد بحجوبية طرابلس، واستقر عوضه في حجوبية الديار المصرية ألطنبغا المرقبي المؤيدي، فتوجه سودون قراسقل إلى طرابلس ودام بها إلى أن توفي .... الجزء: 6 ¦ الصفحة: 160 1147 - سودون العلائي نائب حماة ... - 788 هـ - ... - 1386 م سودون بن عبد الله العلائي، الأمير سيف الدين، نائب حماة في دولة الملك الظاهر برقوق. قتل في وقعة سولي بن دلغادر بأبلستين في سنة ثمان وثمانين وسبعمائة، وتولى نيابة حما ة م ن بعده الأمير سودون العثماني الآتي ذكره نقل إليها من دمشق، وأنعم بتقدمته بدمشق على الأمير مأمور القلمطاوي البطال بحماة، انتهى، رحمه الله تعالى وعفا عنه. 1148 - سودون العثماني ... - 792 هـ - ... - 1390 م سودون بن عبد الله العثماني، الأمير سيف الدين نائب حماة. ترقى في دولة الظاهرية برقوق إلى أن صار أمير مائة ومقدم ألف بدمشق، ثم ولى نيابة حماة بعد قتل العلائي في وقعة أبلستين في سنة ثمان وثمانين وسبعمائة فتوجه إلى حماة وباشر نيابتها إلى سنة إحدى وتسعين وسبعمائة، وخرج الناصري الجزء: 6 ¦ الصفحة: 161 ومنطاش على الملك الظاهر برقوق ومال إليهما كثير من الأمراء والنواب بالبلاد الشامية، استمر سودون المذكور على طاعة الملك الظاهر برقوق، وضعف أمره لكثرة العصاة بتلك البلاد، هموا ممالكيه بقتله، ففطن سودون العثماني بذلك، وهرب إلى دمشق ووثب سيف الدين الغزبي حاجب حماة وملك حماة، ودخل في طاعة الناصري ومنطاش، وبلغ سودون العثماني ذلك فجدد له بركا، واستخدم عد ة م ماليك أخر، وتوجه إلى أخذ حماة، ومعه الأمير صارم الدين إبراهيم بن همر، فلقيه الأمير تمربغا الأفضلي المدعو منطاش بعسكر حلب وقاتله، وهزمه إلى حمص. ولم أعلم ما وقع له بعد ذلك، وأظنه مات في تلك الفتن في سنة اثنتين وتسعين وسبعمائة، والله أعلم. 1149 - سودون اللكاشي ... - 830 هـ - ... - 1427 م سودون بن عبد الله اللكاشي، الأمير سيف الدين، أحد مقدمي الألوف بديار مصر. الجزء: 6 ¦ الصفحة: 162 أصل ه م ن مماليك الأمير آقبغا اللكاش، السابق ذكره، واتصل بالأمير شيخ، وصار بخدمته إلى أن تسلطن، أمره ورقاه إلى أن جعله أمير مائة ومقدم ألف بالديار المصرية، واستمر على ذلك إلى أن توجه إلى البلاد الشامية مجرداً صحبة الأتابك الطنبغا القرمشي في سنة ثلاث وعشرين، ومات الملك المؤيد في غيبته، وتسلطن ولده الملك المظفر أحمد بن شيخ، وصار الأمير ططر مدبر مملكته، وتوجه ططر إلى البلاد الشامية المظفر أحمد، وقبض على جماعة من أمراء المؤيدية، ثم قبض على سودون اللكاشي المذكور في شهر شعبان سنة أربع وعشرين وثمانمائة وحبسه. ودام في الحبس مدة إلى أن أطلقه الملك الأشرف برسباي وأنعم عليه بإمرة طبلخاناة، فأقام بطرابلس إلى أن توفي في حدود الثلاثين وثمانمائة. قلت: وسودون هذا من الأوباش الذين قدمهم الملك المؤيد في دولته. انتهى. 1150 - سودون ميق ... - 836 هـ - ... - 1433 م سودون بن عبد الله الظاهري، الأمير سيف الدين، أحد المماليك الظاهرية، المعروف بسودون ميق. الجزء: 6 ¦ الصفحة: 163 هو من أصاغر المماليك الظاهرية، وممن تأمر بعد موت الملك المؤيد شيخ، ثم صار في الدولة الأشرفية برسباي أمير طبلخاناة، وأمير آخور ثاني بعد الأمير بردبك السيفي يشبك بن أزدمر، بحكم انتقاله إلى تقدمة ألف. واستمر سودون على ذلك مدة طويلة، ثم صار من جمل ة م قدمي الألوف بالديار المصرية، وتولى الأمير آخورية الثانية من بعده الأمير شيخ الركني الأمير آخور الثالث، واستمر على ذلك إلى أن توجه صحبة السلطان الملك الأشرف برسباي إلى آمد في سنة ست وثلاثين وثمانمائة، ونازل السلطان مدينة آمد وحاصرها، أصاب سودون ميق المذكور سهم لزم منه الفراش أياماً إلى أن مات في ذي القعدة من السنة، ودفن بآمد. وكان متوسط السيرة في غالب أحواله، مهملاً، رحمه الله، وخلف مالاً جما، وورثه ابنه فلم يتهن بالمال، ومات بعد مدة، رحمه الله تعالى. 1151 - سودون الفقيه ... - 830 هـ - ... - 1427 م سودون بن عبد الله، الفقيه الظاهري، سيف الدين، أحد المماليك الظاهرية برقوق، وصهر الملك الظاهري ططر، وجد الملك الصالح محمد بن ططر، ووالد البدري حسن أحد مقدمي الألوف. الجزء: 6 ¦ الصفحة: 164 كان المذكور في الدولة الناصرية من رءوس الفتن، ولما تسلطن الملك المؤيد أبعده، ولولا مراعاة صهره ططر لكان له معه شأن، وكان فقيهاً مستحضراً لمذهبه، كثير الأبحاث، معصباً للسادة الحنفية، وكان شيخاً طوالاً، أبيض اللحية، رقيق الوجه، وعنده قوة نفس وشهامة، ومعرفة ودهاء، وعظم في دولة صهره الملك الظاهر ططر، وصار ولده حسن أمير مائة ومقدم ألف بالديار المصرية، كل ذلك وهو من جملة الأجناد لم يتأمر ألبتة، ولما مات ططر وتسلطن سبطه الملك الصالح محمد بن الظاهر ططر زادت عظمته أضعاف ما كانت، لكنه كما قيل ثم ما سلم حتى ودعا. قلت: ولما تسلطن ططر وقدم إلى القاهرة تلقاه حموه سودون هذا، فقام إليه ططر وأجلسه بإزائه فوق جميع الأمراء، ولما تسلطن ابن بنته الملك الصالح محمد دخل إليه جده المذكور فقام الملك الصالح ليقبل يده فمنعه جده صاحب الترجمة من ذلك، ودام سودون المذكور قيد الحياة إلى أن توفي ولده البدري حسن، وعاش بعده دهراً، رأيته غير مرة في الدولة الأشرفية برسباي، واستمر على حاله إلى أن توفي في حدود الثلاثين وثمانمائة، رحمه الله تعالى. الجزء: 6 ¦ الصفحة: 165 1152 - سودون الحموي ... - 830 هـ - ... - 1427 م سودون بن عبد الله الحموي النوروزي، الأمير سيف الدين، أحد أمراء الطبلخانات ورأس نوبة. أصل ه م ن مماليك الأمير نوروز الحافظي، ثم اتصل بخدمة الملك المؤيد شيخ بعد قتل أستاذه، وحظي عنده حتى صار من جملة أمراء العشرات ورأس نوبة، ثم صار أمير طبلخاناة في دولة الظاهر ططر. واستمر على ذلك إلى أن نفاه الملك الأشرف برسباي إلى ثغر دمياط في أوائل دولته، ثم نقله بعد مدة إلى البلاد الشامية على إمرة، فاستمر المذكور بتلك البلاد إلى أن توفي بها في حدود الثلاثين وثمانمائة، رحمه الله تعالى. 1153 - سودون العجمي النوروزي ... - 850 هـ - ... - 1446 م سودون بن عبد الله العجمي النوروزي، الأمير سيف الدين، أحد أمراء العشرات ورأس نوبة. هو أيضاً من مماليك الأمير نوروز الحافظي وممن تأمر في الدولة الظاهرية جقمق عشرة، واستمر على ذلك إلى أن مات في حدود الخمسين وثمانمائة. الجزء: 6 ¦ الصفحة: 166 وكان مهملاً لا للسيف ولا للضيف، عفا الله عنه. 1154 - خجا سودون ... - 843 هـ - ... - 1439 م سودون بن عبد الله السيفي بلاط الأعرج، الأمير سيف الدين أحد الأمراء مقدمي الألوف بالديار المصرية. أصل ه م ن مماليك الأمير بلاط شاد شراب خانات الملك الناصر فرج، ولما قتل أستاذه مع الملك الناصر في الفتنة خدم خجا سودون هذا عند الأمير نوروز الحافظي إلى أن قتل نوروز أيضاً، اتصل بخدمة الملك المؤيد وصار عنده خاصكيا، ثم بجمقدار، ولما حصل للملك المؤيد الألم الذي كان يعتريه برجليه، وضعف المؤيد عن الحركة صار خجا سودون هذا يحمله على رقبته ولا يكترث سودون من حمله مع جهامة المؤيد، لأن خجا سودون كان من الأقوياء الذين يضرب بقوتهم المثل. الجزء: 6 ¦ الصفحة: 167 واستمر على ذلك حتى توفي الملك المؤيد، وتسلطن ولده الملك المظفر أحمد، ثم ططر، ثم ولده الصالح محمد، ثم آل الملك إلى الملك الأشرف برسباي قربه وأدناه وأمره عشرة، وجعله من جملة رءوس النوب، ثم أنعم عليه بإمرة طبلخاناة، ثم جعله من جملة أمراء الألف بالديار المصرية. وكان فرداً في معناه، لا يسلك طريقة أحد من الأمراء ممن تقدمه، فإنه كان يسكن بالأطباق من قلعة الجبل، وكانت طبقته الطازية، فكان يقيم بالطبقة السنة وأكثر، لا ينزل منها، ولا يركب فرساً ألبتة، وكانت الناس تسمع به ولا يطرفونه من عدم نزوله من القلعة وركوبه، فإنه ما كان يرى غالباً إلا في الخدمة السلطانية، ثم يعود من القصر السلطاني إلى الطبقة ويدخل إليها ويقلع ما عليه من قماش الخدمة، ويدخل إلى مدمنه من العلاج بالمخاريق من الحجارة التي كل واحدة منها كفردة الطاحون العظيمة أو أكبر، فإن مخروقه الذي كان يحمله برقبته اثنتي عشر قنطاراً بالمصري. وكان الملك الأشرف جعله رأس نوبة لولده المقام الناصري محمد، فكان إذا توجه المقام الناصري إلى بعض سرحاته يلزم خجا سودون هذا النزول معه الجزء: 6 ¦ الصفحة: 168 ضرورة، فكان يصعب عليه ذلك إلى الغاية، وكان إذ نزل معه ينزل ويركب على هيئة الأجناد بغير تخفيفة على رأسه، ولا يتعاظم في مركبه، ثم يعود في خدمة المقام الناصري إلى القلعة ويستمر على ما ذكرناه. ومما اتفق له أن الملك الأشرف بلغه في بعض الأحيان أن الأمير خجا سودون هذا له سنين ما رأى الربيع ولا عدى البحر إلى بر الجيزة، فسأله السلطان عن ذلك، فقال: نعم، فقال له السلطان: إنزل اليوم وعد البحر إلى الربيع واستمر هناك جمعة، فاستعفى من ذلك، فلم يعفه الملك الأشرف ورسم عليه على سبيل المداعبة، حتى نزلوا به بعد أن أنعم عليه بما يأكله في الربيع مع آنياته من سكر وأغنام ودجاج وغير ذلك، فتوجه إلى الربيع وأقام به أياماً، ثم عاد، ولا زال على ذلك إلى أن صار أمير مائة ومقدم ألف، أمره السلطان أن ينزل إلى داره ويسكن بها بمماليكه على عادة الأمراء، وكان سكنه بشارع الصليبة تجاه مدرسة تغرى بردى المؤذى، فنزل إلى داره وسكنها، وسلك فيها أيضاً الجزء: 6 ¦ الصفحة: 169 طريقة مفردة، وهو أنه صار يأمر مماليكه بأن يركبوا في خدمته أيام المواكب إلى أن يصل إلى باب داره يقفون على الباب يميناً وشمالاً على خيولهم، ولا ينزل منهم أحد من فرسه، فيسلم عليهم ويدخل إلى منزله وحده، وينزل عن فرسه، ويتقدم بابا له يتعاطى خدمته كعادة الخاصكية، ولم يكن له جمدار ولا سلاح دار، ولا يمد سماطاً في بيته لمماليكه، بل يأتيه ما يأكله هو وحده بمفرده، فإنه كان رتب لكل واحد من مماليكه لكل واحد ثلاثة أرطال من اللحم الضأن، فكلمة بعض الناس في ذلك، فقال: هذا أنفع في حقهم وأقل حرمة، فإن الواحد منهم يكون متزوجاً فيأكل هو وزوجته راتبه ويكفيه ذلك، بخلاف ما إذا عملت سماطاً فإنه أوفر في حقي وأقل كلفة، لكن ينوب المملوك ما يأكله ثم يحتاج إلى كلفه ثانية لبيته، ثم جمع مماليكه وسألهم أن يعمل سماطاً ويقطع رواتبهم، فأبوا وقالوا: نحن راضون بما نحن فيه. وكان بخدمته نيف على مائة وخمسين مملوكاً خلاف الكتابية، وكان ينفق عليهم جوامكهم في أول كل شهر من حاصله، وكذلك عليقهم ولحمهم، ولا يركبون في خدمته سوى أيام المواكب لا غير، وكان له ثروة زائدة، ومال جزيل، وسلاح عظيم، وبرك هائل، وكان لا يظهر ذلك عنه إلا إذا توجه إلى تجريدة من التجاريد فيخرج من القاهرة بأبهة وعظمة. الجزء: 6 ¦ الصفحة: 170 وألبس مرة مماليكه السلاح وخرج بهم من الرميلة إلى الريدانية على تلك الهيئة، فإنه كان يسيراً أيضاً في التجريدة وحده ولا يسير مع رفقته من الأمراء المجردين، ولا ينزل معهم بل ينفرد عنهم بمعزل، فكان هذا شأنه إلى يعود من سفرته إلى الديار المصرية، ويبقى على عادته ملازماً لداره، مشتغلاً بأنواع الملاعيب والعلاج بالحجارة، وكان عزباً لا يتزوج خوفاً على قوته. واستمر على ذلك إلى أن تجرد إلى البلاد الشامية، صحبة الأمير قرقماس الشعباني أمير سلاح وغيره في سنة إحدى وأربعين وثمانمائة. ومات الملك الأشرف برسباي قبل عود الأمراء من أرزنكان إلى البلاد الحلبية، ثم كتب بحضورهم، وقبل وصولهم إلى مدينة غزة، كتب مرسوم شريف على يد دمرداش الحسن الخاصكي بتوجه خجا سودون هذا إلى القدس بطالاً، فتوجه خجا سودون المذكور إلى القدس ودام به سنيات، ومات في حدود سنة ثلاث وأربعين وثمانمائة، رحمه الله تعالى. وكان مليح الشكل، أحمر اللون، أسود اللحية مستديرها، للطول أقرب، وكان بيني وبينه صحبة أكيدة، وكان عاقلاً، عارفاً سكينة، يقرأ قراءة هينة، الجزء: 6 ¦ الصفحة: 171 ويحفظ بعض مسائل، قليل الكلام إلا فيما يعنيه، وكان قليل العشرة بالناس، حريصاً على جمع المال، لا يصرفه إلا في طريقه، رحمه الله تعالى. 1155 - حاجب دمشق ... - 847 هـ - ... - 1443 م سودون بن عبد الله النوروزي، الأمير سيف الدين، حاجب حجاب دمشق. هو أيضاً من مماليك الأمير نوروز الحافظي، وتنقلت به الأحوال بعد موت أستاذه إلى أن صار في الدولة الأشرفية برسباي دوادار السلطان بحلب، وأمير مائة ومقدم ألف بها، ودام على ذلك مدة طويلة بحلب، إلى أن نقله الملك الظاهر جقمق إلى حجوبية الحجاب بدمشق، بعد الأمير برسباي من حمزة الناصري بحكم انتقاله إلى نيابة طرابلس، بعد قاني باي الحمزاوي المنتقل إلى نيابة حلب بعد انتقال نائبها الأمير جلبان إلى نيلبة دمشق بعد موت آقبغا التمرازي في سنة ثلاث وأربعين وثمانمائة. واستمر سودون المذكور في حجوبية دمشق مدة طويلة، وقدم القاهرة على الملك الظاهر جقمق بتقادم هائلة، ثم عاد مستمراً على حجوبيته، وعظم الجزء: 6 ¦ الصفحة: 172 ونالته السعادة، واستمر إلى أن توفي بدمشق في سنة سبع وأربعين وثمانمائة فيما أظن. وكان متوسط السيرة لا بأس به، وتولى الحجوبي ة م ن بعده الأمير جانبك نائب قلعة دمشق، الذي كان دوادار الأمير برسباي حاجب حجاب دمشق الذي هو الآن نائب طرابلس. انتهى. 1156 - سودون البردبكي ... - 850 هـ - ... - 1446 م سودون بن عبد الله البردبكي الظاهري، الأمير سيف الدين، نائب ثغر دمياط، وأحد أمراء العشرات بالقاهرة. كان من صغار مماليك برقوق، وتأمر عشرة بعد موت الملك المؤيد شيخ، واستمر على ذلك إلى أن ولاه الملك الظاهر جقمق نيابة دمياط، فتوجه إليها، ودام بها إلى أن مات في سنة خمسين وثمانمائة، وكان مهملاً لا يعتد به في الدول، غير أنه كان عفيفاً عن المنكرات والفروج. 1157 - سودون الأبو بكري ... - 865 هـ - ... 1460 م سودون بن عبد الله الأبو بكري المؤيدي، الأمير سيف الدين. الجزء: 6 ¦ الصفحة: 173 هو من مماليك الملك المؤيد شيخ، ثم نزل به الدهر وخدم بعد موت أستاذه عند جماع ة م ن الأمراء إلى أن صار من جملة أمراء حلب، ثم ولاه الملك الظاهر جقمق حجوبية الحجاب بحلب بعد انتقال بردبك الجكمي العجمي إلأى نيابة حماة في سنة اثنتين وأربعين وثمانمائة، واستمر في الحجوبية مدة، وقدم القاهرة في سنة خمسين، فلما كان بالقاهرة ورد الخبر بموت الأمير قاني باي خوني أتابك حلب، فأنعم السلطان عليه بالأتابكية، واستقر عوضه في حجوبية حلب السيفي قاني باي طاز الجمكي الخاصكي، ولم نعلم قبل ذلك أن خاصكيا ولي حجوبية حجاب حلب. ثم توجه سودون إلى حلب، واستمر بها إلى أن خرج الأمير بيغوت من صفر خجا المؤيدي الأعرج نائب حماة عن طاعة السلطان، استقر سودون هذا عوضه في نيابة حماة، واستقر الأمير على باي العجمي المؤيدي أتابك عساكر حلب عوضه، وأنعم بإقطاع على باي، تقدمة ألف بحلب، على إينال الساقي الظاهري جقمق أحد أمراء طرابلس. 1158 - سودون أتمكجي ... - 853 هـ - ... - 1449 م سودون بن عبد الله المحمدي المؤيدي، الأمير سيف الدين، الأمير الجزء: 6 ¦ الصفحة: 174 آخور الثاني المعروف بسودون أتمكجي. هو من مماليك الملك المؤيد شيخ، وممن صار خاصكيا بعد موته، ودام على ذلك مدة، ثم استقر رأس نوبة الجمدارية في الدولة الأشرفية برسباي، واستمر على ذلك إلى أن أمره الملك الظاهر جقمق إمرة عشرة، ثم جعل ه م ن جملة رءوس النوب مدة يسيرة، ثم صار أمير آخورا ثالثاً بعد الأمير قيزطوغان المتنقل إلى الأستادارية بعد عزل ابن أبي الفرج في سنة ثلاث وأربعين وثمانمائة، فاستمر على ذلك إلى سنة ثلاث وخمسين وثمانمائة، استقر أمير آخورا ثانيا، بعد انتقال الأمير جرباش المحمدي المعروف بكرد إلى تقدمة ألف بالديار المصرية، فلم تطل مدته في الأمير آخورية الثانية، ومات في شهر رجب سنة ثلاث وخمسين وثمانمائة. وكان رحمه الله مشكور السيرة، سليم الباطن، وعنده حشمة وكرم وشجاعة، عفا الله عنه، واتمكجي يعني خباز. انتهى. 1159 - سودون قراقاش ... - 865 هـ - ... - 1460 م سودون بن عبد الله الإينالي المؤيدي، الأمير سيف الدين المعروف بسودون قراقاش. الجزء: 6 ¦ الصفحة: 175 أحد مماليك المؤيدية شيخ، ونسبته بالإينالي إلى جالبه الأمير إينال الساقي المعروف بإينال ضضغ، المقدم ذكره. اشتراه الملك المؤيد في سلطنته وأعتقه، وجعله من جملة المماليك السلطانية إلى أن توفي، صار سودون قراقاش هذا خاصكيا، ودام على ذلك دهراً إلى أن خلع عليه الملك الظاهر جقمق في أوائل دولته باستقراره من جملة الدوادارية الصغار، وكان ذلك في يوم السبت في إحدى الربيعين سنة اثنتين وأربعين وثمانمائة، فأصبح من الغد أنعم عليه بإمرة عشرة من قبل أن يباشر الدوادارية. وكان سبب ذلك أن السلطان كتب مثالاً بإمرة عشر وأراد أن يدفعه إلى جانبك النوروزي نائب بعلبك، فبادر سودون هذا وأخذه من يده، ومشى له ذلك لاضطراب الدولة، ومراعاة السلطان لخواطر جنده إذ ذاك، ثم صار من جملة رءوس النوب الصغار. واستمر على ذلك سنين، ثم غير إقطاعه بإمرة عشرين بعد الأمير حسن بك الدوكاري بحكم انتقاله إلى نيابة جوبر ودام على ذلك، وحج أمير الركب الأول، وعاد إلى القاهرة على عادته إلى يوم الإثنين ثالث عشر شهر ربيع الآخر سنة أربع وخمسين وثمانمائة رسم بنفيه إلى القدس الشريف بطالاً، فتوجه المذكور إلى القدس وسبب نفيه أن السلطان كان أرسله إلى البحيرة صحبة الجزء: 6 ¦ الصفحة: 176 الأمير جرباش المحمدي كردا، أحد مقدمي الألوف، فتوجها إلى البحيرة وعادا وصحبتيهما جمال محارب التي كان استولى عليها كاشف البحيرة، فلما وصلا إلى بر الجيزة نزلا إلى البحر، وعدي كل واحد منهم إلى بر بولاق، وبقيت الجمال في بر منبابة، فلم يكن إلا ساعة وهجمت محارب وأخذ جمالها، ونهبوا بعض النواتية، وعادوا إلى البحيرة، فعظم ذلك على السلطان، فرسم بنفيه، واستمر المذكور في القدس إلى أن مات في أول المحرم سنة خمس وستين وثمانمائة. 1160 - السلاح دار النوروزي ... - 862 هـ - ... - 1457 م سودون بن عبد الله النوروزي، الأمير سيف الدين. هو أيضاً من مماليك الأمير نوروز الحافظي، وممن صار خاصكيا بعد موت الملك المؤيد شيخ، وصار سلاح داراً في الدولة الأشرفية برسباي، ودام على ذلك إلى أن أنعم عليه الملك الظاهر جقمق بإمرة عشرة وجعل ه م ن جملة رءوس النوب وذلك الجزء: 6 ¦ الصفحة: 177 في سنة اثنتين وأربعين وثمانمائة، فاستمر على ذلك سنين إلى أن مات في سنة اثنتين وستين وثمانمائة. 1161 - سودون السودوني ... - 854 هـ - ... - 1450 م سودون بن عبد الله السودوني الظاهري، الأمير سيف الدين. أحد أمراء العشرات وثاني حاجب، هو أيضاً من المماليك الظاهرية، وممن تأمر في الدولة المؤيدية شيخ، ودام على ذلك دهراً طويلاً إلى أن صار في الدولة الأشرفية برسباي من جملة الحجاب بالقاهرة، واستمر على ذلك إلى أن نفاه الملك الظاهر جقمق إلى القدس، وأنعم بإقطاعه على الأمير ألطنبغا اللفاف في حدود سنة ست وأربعين وثمانمائة، ثم شفع فيه فرسم له أن يقيم بالقاهرة بطالاً، فأقام ملازماً لدار ه م دة، ثم أنعم عليه الملك الظاهر بإمرة عشرة واستقر في الحجوبية كما كان أولا. واستمر على ذلك مدة، ثم نقل إلى الحجوبية الثانية على إمرة عشرة، فباشر الحجوبية الثانية مديدة، ونفى ثانياً إلى القدس، واستقر في الحجوبية الثانية من بعده نوكار الناصري على إمرة عشرة أيضاً، ثم شفع فيه فعاد إلى القاهرة وأقام بها مدة، ثم استقر أمير عشرة وحاجبا ثالثا، وجلس تحت نوكار الجزء: 6 ¦ الصفحة: 178 بسعي منه في ذلك. واستمر على ذلك نحو السنتين، ورسم بنفيه أيضاً إلى القدس في أحد الجمادين من سنة ثلاث وخمسين، ثم أعيد إلى القاهرة وسأل أن يكون من جملة الحجاب من غير إمرة، فأجيب إلى ذلك، وباشر الحجوبية إلى أن مات في ليلة الأحد العشرين من شهر رمضان سنة أربع وخمسين وثمانمائة، وله نحو الثمانين تخميناً. وكان شيخاً ضالاً، لا ذات ولا أدوات، عفا الله عنه. 1162 - سودون المغربي ... - 843 هـ - 1440 م سودون بن عبد الله الظاهري، الأمير سيف الدين أحد أمراء العشرات، وحاجب ثم نائب دمياط، المعروف بسودون المغربي. هو أيضاً من مماليك الملك الظاهر برقوق، وممن تأمر بعد موت الملك المؤيد شيخ، وممن صار حاجباً في الدولة الأشرفية برسباي، بعد أن ولي نظر القدس قبل تاريخه بمدة. ثم ولاه الأشرف نيابة دمياط، فتوجه إلى الثغر وباشر مدة سنين، ثم عزل وعاد إلى ما كان عليه إلى أن أعاده الملك الظاهر جقمق إلى نيابة دمياط ثانياً، بعد عزل الأمير أسنباي الزردكاش، وذلك في سنة اثنتين وأربعين وثمانمائة، فتوجه سودون المغربي هذا إلى دمياط وأقام بها مدة يسيرة، الجزء: 6 ¦ الصفحة: 179 ورسم السلطان بنفيه إلى القدس بطالاً، وأنعم بإقطاعه على الأمير ألطنبغا اللفاف، فتوجه إلى القدس وأقام به مدة، ثم طلب إلى الديار المصرية فقدمها في سنة ثلاث وأربعين، ودام بها إلى أن مات في ذي الحجة سنة ثلاث وأربعين وثمانمائة، بعد قدومه إلى القاهرة بمدة يسيرة. وكان ديناً، خيراً عفيفاً، فقيهاً بالنسبة إلى أبناء جنسه، يكثر من طلب العلم ويجتهد في ذلك إلى الغاية، وكان تصوره غير صحيح، فهمه غير مستقيم، قل أن يجلس بمكان ولا يبحث فيه مع أحد، وكان عنده نشوفة وظن بنفسه، ولهذا المقتضى سمي بالمغربي. ولما ولي الحجوبية سار في أحكامه سيرة جيدة، ولم يتناول من أحد ببابه ما يتناوله غيره من الحجاب، وكان لا يسمع رسالة مرسل، ولا يعتني بأحد من أصحابه في حكومة، وكان يقع له خطأ كثير في أحكامه، يتعمد ذلك، وهو إنه إذا دخل إليه رجل من وجوه الناس وله خصم من أطراف الناس، والحق ظاهر للرجل الرئيس بين، فيجتهد سودون المغربي هذا في أن ينفع الوضيع ويميل إليه ميلاً زائداً، بحيث يظهر ذلك منه لكل أحد، ويحكم على غالب ظنه بأن القوي يجور على الضعيف ولا يتصور غير ذلك. وكان يتقشف في ملبسه ومركبه، ويسير في ذلك على قاعدة السلف من القرانيص، فكان يلف على رأسه شاشاً كبيراً، كيف ما كانت اللفة تكون، ويجنب خلفه فرس بعباءة اصطبلي، وتارة من غير سرج يكون جنبيه. وكان كثيراً ما أتى على هذه الهيئة، فكنت لما أنظر إلى جنيبه خلفه، يقول لي: المقصود الجنيب لا القماش المزوق، وأن الجنيب خلف الأمير معناه إذا عجز الجزء: 6 ¦ الصفحة: 180 فرسه الذي تحته يلقى جنبيه فيركبه، وبعد أن يعجز الفرس يؤخذ سرجه ويوضع على الجنيب، وتؤخذ عياءة الجنيب توضع على الفرس الذي عجز، فقلت له مرة: فإن عثر الفرس وانكسر السرج إيش تعمل؟ قال: أركب فرس مملوكي. قلت: إذا ينقص من جندك واحد. قال: أركب الجنيب م غير سرج. قلت: تكون كاالماشي على الأرض، فغضب مني ولوى رأسه فرسه وخرج. وكان اشتغل بالنحو في أواخر عمره، وصار يكثر من الأسئلة في العربية، وكان إذا جلس بالقصر يجلس حوله جماعة من فضلاء الأمراء والخاصكية ويبحثون معه حتى يتحرف ويستغيث. فوقع مرة أنهم تكلموا معه في غير الصواب، وتعصبوا عليه، ووهوا كلامه، فاستغاث والتفت إلي وقال: قل لي كيفية الخبر، قلت: سودون مجنون، فقال: نعم هذا هو الحق لا قولكم الفشار. انتهى. وكان رحمه الله جاركسي الجنس. قلت: وكل من مر في هذا الكتاب ممن اسمه سودون هو جاركسي أيضاً، انتهى. الجزء: 6 ¦ الصفحة: 181 1163 - سودي نائب حلب ... - 714 هـ - ... - 1314 م سودي بن عبد الله الناصري، الأمير سيف الدين نائب حلب. هو من مماليك الملك الناصر محمد بن قلاوون ومن خواصه، وكان الملك الناصر أمره هو والأمير تنكز أن يجلسا عند الأمير سيف الدين أرغون النائب، ويتعلما من أحكامه، فلازماه سنة حتى صار ل هم ا دربة بالأحكام. ثم أمر السلطان سودي المذكور، ولا زال يرقيه حتى جعله أمير مائة ومقدم ألف بالديار المصرية، ولاه نيابة حلب، عوضاً عن الأمير قراسنقر المنصوري في سنة اثنتي عشرة وسبعمائة، فتوجه إلى حلب، وباشر نيابتها زيادة على سنتين، وشكرت سيرته إلى الغاية. وشرع في وصول نهر الساجور إلى حلب، واجتهد في ذلك وحفر غدرانه، وفتح له أخدوداً طوله أربعون ذراعاً، وصرف عليه نحو الثلاثمائة ألف درهم، غالبها من ماله، فأدركته المنية، ومات قبل فراغه في سنة أربع عشرة وسبعمائة. وتولى بعده نيابة حلب الأمير أرغون الكاملي الدوادار، فقام في إتمام ما شرع فيه سودى، رحمه الله. وكان سودى أميراً شاباً، شجاعاً، جميلاً، يميل إلى العدل في الرعية، وكان عنده تعفف عن أموال الناس، عفا الله عنه. الجزء: 6 ¦ الصفحة: 182 وسودى بفتح السين المهملة وواو ساكنة ودال مهملة وياء، ومعناه أحب من المحبة، رحمه الله تعالى وعفا عنه. انتهى. 1164 - ابن دلغادر نائب أبلستين ... - 800 هـ - ... 1398 م سولى بن قرآجا بن دلغادر التركماني، أمير التركمان الأوجاقية والبوزاوقية، نائب أبلستين. وليها بعد أخيه غرس الدين خليل، وطالت مدته بها، واتفقت له أمور مع العسكر الحلبي غير مرة حتى أمسك واعتقل بقلعة حلب مدة، إلى أن تحيل وتخلص وهرب إلى بلاده. وسبب ذلك، أن الأمير يلبغا الناصري أطلق ه م ن الحبس، وأمره بالإقامة بحلب، ثم خرج الناصري في بعض الأيام إلى الميدان وسولى هذا معه، فلما كان الليل هرب، وعلم الناصري بذلك فركب خلفه ساعة، ثم عاد إلى مكانه، ويقال إنه هرب بإذن الناصري له في الباطن. ثم وقع له أمور وحوادث، ولا زال عاصي على السلطنة حتى قتل غيلة على فراشه في سنة ثمانمائة، قتله شخص يقال له على جان، بسكين في خاصرته، وهو نائم مع الجزء: 6 ¦ الصفحة: 183 امرأته في بيت خركاة، في أول الليل، بالقرب من مرعش، وذلك بممالأة الملك الظاهر برقوق على ذلك من سنين. فلما قتل، هرب على جان في الليل إلى أن حضر إلى الملك الظاهر برقوق، فأنعم عليه وأحسن إليه وأعطاه عشرة بأنطاكية، وكان على جان المذكور في خدمة ولد سولى هذا، الأمير صدقة ابن سولى. قال قاضي القضاة بدر الدين محمود العيني: وكان له صيت عظيم، وحرمة عظيمة بين التراكمين. وكان في أيام ولايته أبلستين ومرعش وغيرهما ينصف الناس، وفي أيام عزله يظلم الناس ويأخذ أموالهم، ويفرق عسكره إلى بلاد المسلمين فيقطعون الطريق ويفسدون على وجه الأرض. وكان سولى هذا هو الذي ساعد منطاشاً على خراب البلاد الشمالية، ولا سيما حين حضر معه على عينتاب، وسلط تراكمينه الذين لا يعرفون الله ولا رسوله على أهلها، فنهبوا أموالهم، وسبوا حريمهم، وفسقوا فيها، وكان قتل هذا من الفتوح العظيم للمسلمين. ولقد اجتمعت به مرارا حين قدم بعسكره إلى عينتاب، الجزء: 6 ¦ الصفحة: 184 في زمرة من العلماء، وتكلمت عنده بالأحاديث الزاجرة، والمواعظ الرائقة ليرق قلبه ويرفع شره عن المسلمين، فكان يظهر الطاعة والقبول في الظاهر، ويضمر السوء والفحشاء في الضمائر، ومع ظلمه الظاهر كان يتعانى اللواطة الظاهرة ويتعاطى الخمر، فأخذه الله أخذ عزيز مقتدر، وقتل وهو بطال، من جهة السلطنة، ثم قدم ابنه صدقة إلى مصر، فأخلع عليه السلطان وولاه إمرة التركمان، عوضاً عن ناصر الدين محمد بن خليل بن قراجا بن دلغادر، فلما وصل إلى محل ولايته وقع بينهما قتال عظيم، ولم تزل هذه الطائفة الجزء: 6 ¦ الصفحة: 185 تقتل بعضها بعضا، وهذا داء ب هم ولولا ذلك لكانوا أفسدوا الأرض ومن عليها. انتهى كلام العبني. 1165 - سو نجبغا اليونسي ... - 857 هـ - ... - 1453 م سو نجبغا بن عبد الله التونسي الناصري، الأمير سيف الدين، أخو الأمير أرنبغا، وأرنبغا الأسن. هو من مماليك الملك الناصر فرج، وممن صار خاصكيا بعد موت الملك المؤيد شيخ. ودام خاصكيا دهراً طويلاً يلتفت إليه، إلى أن أمره الملك الظاهر جقمق لكون زوجته أخت خوند بنت البارزي زوجة الملك الظاهر جقمق، ثم جعله السلطان من جملة رؤوس النوب. الجزء: 6 ¦ الصفحة: 186 واستمر على ذلك سنين، وحج أمير الركب الأول، وأمير حاج المحمل، وأمير الزجبية غير مرة. وغير السلطان إقطاعه في سنة ست وأربعين بإقطاع أيتمش من أزوباي المؤيدي، بحكم انتقال أيتمش المذكور إلى إقطاع الأمير جانبك القرماني، المنتقل إلى إمرة طبلخاناة عوضاً عن الأمير قاني باي الجاركس بحكم انتقاله إلى تقدمه ألف بعد موت الأمير تغرى بردى المؤذي البكلمش الدوادار. وهذا الإقطاع المنعم به على سونجبغا المذكور والذي خرج عنه وما انتقل إليه أيتمش الجميع إمريات عشرة، والتغيير لتفاوت الزيادة في الخراج لا غير. وآخر ما توجه إلى الحجاز أمير حاج المحمل سنة خمس وخمسين وثمانمائة. واستمر على ذلك إلى أن أنعم عليه الملك المنصور عثمان بن جقمق بإمرة طبلخاناة، عوضاً عن الأمير بلباي الإينالي بعد القبض على بلباي المذكور وحبسه بثغر الإسكندرية، فاستمر إلى أن ندبه الملك الأشرف إينال إلى القبض على الأمير الوزير تغرى بردى القلاوي كاشف البهنسا في يوم الجمعة خامس عشر جمادى الأولى. فتوجه المذكور إلى القبض على تغرى بردى فوقع بينهما ما ذكرناه في تاريخنا الحوادث مفصلا، وآخر الأمر أنهما قتلا جميعاً، وورد الخبر بقتلهما في يوم الأحد سابع عشر جمادى الأولى المذكور سنة سبع وخمسين وثمانمائة، رحمهما الله تعالى. الجزء: 6 ¦ الصفحة: 187 باب السين والياء المثنا ة م ن تحت 1166 - سيف الدين السيرامي الحنفي ... - 810 هـ - ... - 1407 م سيف بن محمد بن عيسى. وسماه الشيخ تقي الدين المقريزي: يوسف، انتهى. قلت: هو الشيخ الإمام العالم العلامة سيف الدين السيرامي الحنفي، نزيل القاهرة. مولده بسيرام ونشأ بتبريز، ولما طرق تيمورلنك تبريز، خرج منها سيف الدين المذكور جافلاً حتى قدم حلب واستوطنها، وأقام بها مدة يفتى ويدرس ويشغل، إلى أن استدعاه الملك الظاهر برقوق، وولاه مشيخة مدرسته التي الجزء: 6 ¦ الصفحة: 189 أنشأها ببين القصرين بعد موت العلامة علاء الدين السيرامي، في جمادى الأولى سنة تسعين وسبعمائة. فاستمر العلامة سيف الدين المذكور يدرس ويشغل ويفتى إلى أن مات في شهر ربيع الأول سنة عشر وثمانمائة بالقاهرة. وكان إماماً عالماً، مفنناً، بارعاً في المعقول والمنقول، متقدماً في الفتوى. وهو والد العلامة نظام الدين يحيى، المتولى مشيخة المدرسة الظاهري ة م ن بعده، يأتي ذكره في محله إن شاء الله تعالى رحمهما الله تعالى. وصاحب الترجمة ليس هو بقرابة لعلاء الدين السيرامي المتقدم ذكره في الأحمدين، لكنهما ينسبان لبلد واحد. انتهى. 1167 - أمير آل فضل ... - 759 هـ - ... - 1358 م سيف بن فضل بن عيسى بن مهنا بن مانع بن حديثة بن غضبة بن فضل ابن ربيعة، أمير آل فضل. الجزء: 6 ¦ الصفحة: 190 تولى إمرة العرب بعد وفاة أخيه عيسى بن فضل في سنة أربع وأربعين وسبعمائة. فباشر الإمر ة م دة، ثم عزل الملك الكامل بن الملك الناصر محمد بن قلاوون في سنة ست وأربعين، وتولى مكانه أحمد بن مهنا بن عيسى، واستمر سيف هذا معزولاً، إلى أن قتل في ذي القعدة سنة تسع وخمسين وسبعمائة. قال ابن كثير: وكان أميراً محترماً، مطاعاً في قومه، مشهوراً بالشجاعة، وجيهاً في الدولة، ذا همة عالية ومكارم. ولما قتل قال فيه الأديب خليل بن أيبك الصفدي: سيف بن فضل كان في الدهر ... لا يخاف من حين ولا حيف حتى إذا ما خانه دهره ... أنفذ حكم السيف في السيف 1168 - سيف الدين الرجيحي ... - 706 هـ - ... - 1306 م سيف، وقيل محمود، وقيل غير ذلك، ابن هلال بن يونس، الشيخ سيف الجزء: 6 ¦ الصفحة: 191 الدين الرجيحي بن سابق الدين، شيخ اليونسية بمقامهم. كان شيخاً طوالاً، ضخم الهامة جداً، محلول الشعر خلفه، وكان له وجاهة، والناس فيه ما بين معتقد ومنكر. واستمر على ذلك إلى أن توفي بداره التي كان يسكنها بدمشق بباب توما، وتعرف بدار أمين الدولة، في سنة ست وسبعمائة، رحمه الله تعالى. الجزء: 6 ¦ الصفحة: 192 حرف الشين المعجمة 1169 - الملك الأوحد 648 - 705 هـ - 1250 م - 1305 م شادي بن داود بن شيركوه بن محمد بن شيركوه بن شادي ، الملك الأوحد، الأمير الكبير تقي الدين بن الملك الزاهر مجير الدين بن الملك المجاهد صاحب حمص، الحمصي الدمشقي. ولد سنة ثمان وأربعين وستمائة، كان أحد الأمراء الكبار، حفظ القرآن وتفقه، وسمع من اليونيني وابن عبد الدائم، وساد أهل بيته. وكان ذا رأي وتدبير، وسؤدد وفضيلة ومهابة، واختص بالأفرم وولاه أمر ديوانه وتدبير أمره، ولما توجه الأفرم بالعسكر إلى حلب، إلى جبل كسروان، توجه الملك الأوحد هذا معه، ومرض هناك، ومات هناك في سنة خمس وسبعمائة، ثم نقل إلى دمشق فدفن بتربة أبيه بقاسيون، رحمه الله تعالى. الجزء: 6 ¦ الصفحة: 193 1170 - الملك الظاهر 625 - هـ - 681 هـ - 1228 م - 1282 م شادي بن داود بن محمد بن أيوب بن شادي ، الملك الظاهر غياث الدين ابن الملك الناصر صاحب الكرك. ولد وأبوه يؤمنذ صاحب دمشق سنة خمس وعشرين وستمائة، وسمع بالكرك من ابن المنجا، وابن اللتى، وحدث بدمشق. وكان ديناً خيراً، متواضعاً، يتعانى زي العرب في ملبسه، كعمه الملك القاهر، وأمه هي ابنة الملك الأمجد حسن ابن الملك العادل. توفي الملك الظاهر المذكور بالغور في سنة إحدى وثمانين وستمائة. 1171 - نائب حماة ... - 854 هـ - ... - 1450 م شاد بك بن عبد الله الجكمي، الأمير سيف الدين، أحد مقدمي الألوف بالديار المصرية، ثم نائب حماة. الجزء: 6 ¦ الصفحة: 194 أصله من مماليك الأمير جكم من عوض نائب حلب، المتقدم ذكره. ثم تنقل في الخدم، بعد موت أستاذه، إلى أن اتصل بخدمة الأمير ططر، ودام عنده حتى تسلطن، جعله خاصكيا، ثم تأمر عشرة في أوائل الدولة الأشرفية برسباي، وصار من جملة رؤوس النوب مدة طويلة إلى أن صار من جملة أمراء الطلبخانات، ثم صار رأس نوبة ثانيا. ثم ولى نيابة الرها، بعد عزل الأمير إينال العلائي الناصري الأجرود، واستمر بالرها سنيات ثم عزل، وطلب إلى الديار المصرية على طبلخانته إلى أن أنعم عليه الملك الظاهر جقمق بإمرة مائة وتقدمة ألف بالديار المصرية، فاستمر على ذلك سنين. وسافر أمير حاج المحمل، ثم عاد به إلى الديار المصرية على ما كان عليه، إلى أن ولي نيابة حماة بعد عزل الأمير برديك الجكمي، أيضاً العجمي، وحبسه بثغر الإسكندرية في سنة ثمان وأربعين وثمانمائة. فتوجه شادبك المذكور إلى محل كفالته، ودام بها إلى أن برز المرسوم الشريف بعزله وتوجهه إلى القدس بطالاً في سنة خمسين وثمانمائة، وولي حماة من الغد الأمير يشبك من جانبك الصوفي المؤيدي أحد مقدمي الألوف بحلب، وأنعم بإقطاع يشبك المذكور على الجزء: 6 ¦ الصفحة: 195 الأمير على باي العجمي المؤيدي، وكان على باي بطالاً بالقدس. فاستمر شادبك بالقدس بطالاً إلى سنة اثنتين وخمسين وثمانمائة، رسم بالقبض عليه وحبسه بقلعة المرقب، فحبس هو والأمير إينال الأبو بكري الأشرفي، لشيء بلغ السلطان عنهما ليس له صحة. ثم أفرج عنه في سنة ثلاث وخمسين، وتوجه إلى القدس بطالاً على عادته، إلى أن مرض وطال مرضه، وتوفي بالقدس في يوم الأربعاء ثاني شهر ربيع الأول سنة أربع وخمسين وثمانمائة، وهو في عشر الستين تخميناً. وكان قصيراً جداً، وعنده حدة، وبعض خفة، وكان متوسط السيرة في أفعاله وأقواله، وفي الفروسية والكرم، لا يشكر ولا يذم. وشادبك معناه أمير فرح، فشاد هو الفرح، وبك أمير. انتهى. 1172 - ناصر الدين بن عبد الظاهر 649 - 730 هـ - 1251 - 1330 م شافع بن علي بن عباس بن إسماعيل بن عساكر، الإمام الأديب الفقيه الجزء: 6 ¦ الصفحة: 196 ناصر الدين الكناني العسقلاني ثم المصري، سبط الإمام محي الدين بن عبد الظاهر. مولده سنة تسع وأربعين وستمائة، كان يباشر الإنشاء بمصر، ودام على ذلك سنين، إلى أن أصابه سهم في نوبة حمص الكبرى، في سنة ثمانين وستمائة في صدغه فعمي بعد ذلك، وبقي مدة ملازماً بيته إلى أن توفي سنة ثلاثين وسبعمائة. وروى عن الشيخ جمال الدين بن مالك وغيره، وروى عن الشيخ أثير الدين أبي حيان، وعن الحافظ علم الدين البرزالي، وجمال الدين إبراهيم الغانمي وغيرهم. وكان إماما ديناً، فاضلاً، ناظماً، ناثراً، جماعة للكتب، خلف ثمانية عشر خزانة كتباً، نفائس أدبية وغيرها. ومن شعره بعد عماه: أضحى وجودي برغمي في الورى عدماً ... إذ ليس لي فيهم ورد ولا صدر عدمت عيني ومالي فيهم أثر ... فهل وجود ولا عين ولا أثر الجزء: 6 ¦ الصفحة: 197 وله: قال لي من رأى صباح مشيبي ... عن شمالي ولمتي ويميني أي شيء هذا؟ فقلت مجيباً ... ليل شك محاه صبح يقين وله في شبابة: سلبتنا شبابة بهواها ... كلما ينسب اللبيب إليه كيف لا والمحسن القول فيها ... آخذ أمرها بكلتا يديه 1173 - ابن الجيعان ... - 882 هـ - ... - 1477 م شاكر، الرئيس علم الدين، مستوفي ديوان الجيش، المعروف بابن الجيعان القبطي المصري. هو عظيم بني جيعان، وأكبر إخوت ه: م جد الدين عبد الرحمن، كاتب الخزانة الشريفة، المتوفى بآخر المحرم سنة خمس وخمسين وثمانمائة، بعد عوده من الحجاز الجزء: 6 ¦ الصفحة: 198 في السنة المذكورة، والبرهاني إبراهيم، ووالد الشرفي يحيى السالك طريق الفقهاء طلبة العلم. مولد شاكر المذكور بعد التسعين وسبعمائة تخمينا. وتعاني قلم الديونة، وباشر ديوان الجيش، وتولى الاستيفاء، وعظم في الدولة الأشرفية برسباي، ونالته السعادة، وعلا ذكره، وبعد صيته. قلت: وبيتهم موصوف معروف في الكتبة، وهم الآن أصحاب الحل والعقد في الدولة في الباطن، وإن كان غيرهم في الظاهر فهم الأصل، على أن فيهم الخير وقضاء حوائج الناس، وحج علم الدين شاكر المذكور غير مرة، وبالجملة هم أصلح أبناء جنسهم لولا من عندهم من النسوة. 1174 - شاه رخ بن تيمورلنك ... - 851 هـ - ... - 1447 م شاه رخ بن تيمورلنك، بقية نسب ه م ر في ترجمة والده تمور. هو القان معين الدين، سلطان هراة، وسمرقند، وشيراز، وما والاهم من بلاد الجزء: 6 ¦ الصفحة: 199 العجم وغيرها. ملك البلاد بعد ابن أخيه خليل بن أميران شاه بن تيمور، فإنه كان لما مات تيمور بأهنكران من شرقي سمرقند، وثب خليل المذكور على الأمر وتسلطن، كما ذكرناه في ترجمته. وبلغ شاه رخ هذا الخبر في هراة، فجمع ومشي عليه، ووقع بينهما حروب وخطوب إلى أن ملك شاه رخ المذكور، واستقل بممالك العجم وعراقة، وعظم أمره وهابته الملوك، وحمدت سيرته، وشكرت أفعاله، وقدمت رسله إلى البلاد المصرية مراراً عديدة. وراسلته ملوك مصر، إلى أن تسلطن الملك الأشرف برسباي، وقع بينهما وحشة بسبب طلب شاه رخ هذا أن يكسو البيت الشريف، فأبى الأشرف وخشن له الجواب. وترددت الرسل بينهما مراراً، واحتج شاه رخ أنه نذر أن يكسو البيت الشريف، فلم يلتفت الأشرف إلى كلامه، ورد قصاده إليه بالخيبة. ثم أرسل بعد ذلك شاه رخ بجماعة أخر وزعم أنهم أشراف، وعلى يدهم خلعة للملك الأشرف برسباي، فجلس الأشرف مجلساً عاماً للحكم بالإصطبل السلطاني على عادة الملوك، ثم طلب القصاد المذكورين، فحضروا ومعهم الخلعة، فأمر بها الأشرف فمزقت شذرمذر، ثم أمر بضرب حاملها عظيم القصاد، فضرب بين يدي السلطان ضرباً مبرحاً أشرف منه على الهلاك، ثم ضرب الباقين، ثم أمر بهم فألقوا في فسقية ماء بالإصطبل السلطاني منكوسين، رءوسهم إلى أسفل وأرجلهم إلى فوق، والأوجاقية تمسكهم بأرجلهم، واستمروا يغمسونهم في الماء حتى أشرفوا على الهلاك، ولا يستجرئ أحد من الأمراء يشفع فيهم ولا يتكلم لشدة الجزء: 6 ¦ الصفحة: 200 غضب السلطان في أمرهم بكلمة واحدة، والسلطان يسب شاه رخ جهارا، ويحط من قدره، على أنه كان قليل الفحش والسب لآحاد الناس، وصار لونه يتغير لعظم حنقه، ثم طلب القصاد إلى بين يديه، وحدثهم بكلام طويل، سمعت غالبه، محصوله أنه قال لهم: قولوا لشاه رخ الكلام الكثير ما يصلح إلا من النساء، وأما الرجال فإن كلامهم فعل لا سيما الملوك، وها أنا قد أبدعت فيكم كسراً لحرمة شاه رخ، فإن كان له مادة وقوة فيتقدم ويسير إلى نحوي، وأنا ألقاه حيث شاء، وإن كان بعد ذلك ما ينتج منه أمر فكلامه كله فشار، وهو أفشر من كلامه، وكتب له بأشياء من هذا المعنى، وانفض الموكب، فتحقق كل واحد بمجيء شاه رخ المذكور إلى البلاد الشامية، وقاسوا على أنه ما أرسل هذه الخلعة إلا وهو قد تهيأ للقتال، وقد أفحش الأشرف أيضاً وأمعن في الجواب. فلما بلغ القان شاه رخ ما فعل الأشرف بقصاده، ما زاده ذلك إلا رعباً، وسكت عن كسوة الكعبة، ولم يذكرها بعد ذلك إلى أن مات الملك الملك الأشرف، وآل الملك إلى الملك الظاهر جقمق، بعث شاه رخ رسله إلى الملك الظاهر بهدايا وتحف، وأظهر السرور الزائد بسلطنته، وأنه لما بلغه سلطنة الملك الظاهر جقمق دقت البشائر بهراة وزينت له أياماً، فأكرم الملك الظاهر جقمق قصاده وأنعم الجزء: 6 ¦ الصفحة: 201 عليهم، ثم بعث السلطان إليه في الرسلية الأمير ششك بغا دوادار السلطان بدمشق فتوجه إليه وعاد إلى السلطان الملك الظاهر جقمق بأجوبة مرضية. ثم بعد ذلك في سنة ست وأربعين وثمانمائة، أرسل شاه رخ المذكور يستأذن في إرسال ما نذر قديماً أنه يكسو الكعبة، فأذن له السلطان الملك الظاهر جقمق في ذلك، فأرسل شاه رخ بعد ذلك كسوة للكعبة. فصعب ذلك على الأمراء وعلى أعيان الديار المصرية، فلم يلتفت السلطان لكلامهم، وأمر أن يأخذها ناظر الكسوة بالقاهرة، ويبعثها كي تلبس من داخل البيت، وتكون كسوة السلطان من خارج البيت على العادة، ورأيت أنا الكسوة المذكورة، وما أظنها تساوي ألف دينار. واستمرت الصحبة بين الملك الظاهر جقمق وبين شاه رخ إلى أن مات شاه رخ في سنة إحدى وخمسين وثمانمائة. كان خرج لقتال حفيده محمد سلطان بن باي سنقر بن شاه رخ المذكور، وتولى الملك من بعده حفيده علاء الدولة بن باي سنقر، نصبته جدته لأبيه الجزء: 6 ¦ الصفحة: 202 كهرشاه خاتون، أرادت بولاية علاء الدولة المذكور، وعدم ولايتها ولدها ألوغ بك صاحب سمرقند، أن يكون الأمر إليها. فلما سمع ألوغ بك ذلك عز عليه، وحشد ومشى على والدته كهرشاه المذكورة وعلى ابن أخيه علاء الدولة بن باي سنقر، ووقع له معهما أمور وحوادث، ذكرناها في ترجمة ألوغ بك وغيره. ثم قتل ألوغ بك على ما ذكرناه في ترجمته، واستمرت الفتنة بين بني تيمور. وما أظن بيت تيمور عاد يعمر، بعد موت شاه رخ صاحب الترجمة، وبعد قتل ولده ألوغ بك صاحب سمرقند، انتهى. وكان شاه رخ ملكاً عادلاً ديناً خيراً، فقيهاً متواضعاً، محبباً لرعيته، غير محجوب عنهم، لم يسلك طريقة والده تيمور، لعنه الله وقبحه. وكان يحب أهل العلم والصلاح، ويكرمهم ويقضي حوائجهم. وكان متضعفاً في بدنه، يعتريه مرض الفالج فلا يزال يتداوى منه. وكان يحب السماع الطيب، وله حظ منه، بل كان يعرف يضرب بالعود، وكان ينادمه الأستاذ عبد القادر بن الحاج غيبى ويختص به. وكان له حظ من العبادة وله أوراد هائلة، لم يزل غالب أوقاته على طهارة كاملة، مستقبل القبلة والمصحف بين يديه، وكان مسيكاً لا يصرف المال إلا لحقه، رحمه الله. الجزء: 6 ¦ الصفحة: 203 1175 - شاه شجاع ... - 787 هـ - ... - 1385 م شاه شجاع بن محمد بن المظفر اليزدي، سلطان بلاد فارس. كان قد ملك في حياة والده شيراز وكرمان، ثم اجتمع هو وأخو ه م حمود صاحب أصبهان على خلع أبيهما، فخلعاه وسملاه في سنة ستين وسبعمائة، ثم انتزع محمود من شاه شجاع شيراز، فلحق شاه شجاع بكرمان، ثم رجع إلى شيراز، بعد أمور يطول شرحها، وخرج عنها محمود منهزماً. ثم توفي محمود بعد مدة فملك شاه شجاع المذكور أصبهان واطمأن واستفحل أمره، ثم ملك شاه شجاع أصبهان لابنه زين العابدين، واستمر على ذلك حتى توفي شاه شجاع في سنة سبع وثمانين وسبعمائة. وكان ملكاً شجاعاً مقداماً، وله معرفة وتدبير وآثار حسنة، من ذلك: عمارته بمكة المشرفة الرباط الذي تجاه باب الصفا، وقفه على عشرة فقراء، وله أوقاف بمكة على الرباط المذكور، وكان المتولى لعمارته الشيخ غياث الدين محمد بن إسحق الأبرقوهي. وله خزانة كتب موقوفة بالحرم النبوي، على ساكنه الجزء: 6 ¦ الصفحة: 204 أفضل الصلاة والسلام، وله أيضاً كتب موقوفة برباط مكة المذكور. وأما عمائره ببلاد فارس فكثيرة، وكان فيه بر وصدقة، عفا الله عنه. 1176 - شاه منصور ... - بعد 770 هـ - ... - بعد 1369 م شاه منصور بن شاه ولي بن محمد بن مظفر اليزدي، سلطان عراق العجم. نشأ تحت كنف والده أخي شاه شجاع المتقدم ذكره ومات أبوه، وتولى من قبل عمه شاه شجاع أصبهان، ولما مات عمه شاه شجاع ملك شيراز، وخلصت له ممالك مازندران بأجمعها، والتجأ زين العابدين إلى تيمورلنك، فانتصر له تيمور، لصحبة كانت بينه وبين والده شاه شجاع بعد أمور، فسار تيمور لقتال شاه منصور هذا، ومعه زين العابدين. فحصن شاه منصور مدينة شيراز، وخرج لقتال تيمور في ألفين فارس لا غير، فلامه الناس وأعيان دولته، وقالوا له: كيف تلقى عساكر تيمور مع كثرتها بهذه الشرذمة القليلة؟ وخوفوه عاقبة أمره، فلم يلتفت إلى قولهم، وقال: أنا الجزء: 6 ¦ الصفحة: 205 أقل بجندي، فإن خذلوني قاتلت وحدي. ثم رتب أطلابه، وبرز لمحاربة تيمور، فلما تصافا، خانه من أمرئه أمير خراساني يقال له محمد بن زين الدين، استماله تيمور، فخامر المذكور بمعظم عسكره ومضى إلى تيمور، فلم يلتفت شاه منصور لذلك، وثبت بمن بقي معه، وهم دون ألف فارس، وقاتل بهم تيمورلنك يومه كله حتى أقبل الليل، ورجع كل من الفريقين إلى معسكره، فعمد شاه منصور إلى فرس جفول، وربط في ذنبه قدراً من نحاس، قد لفها ببلاس أسود وأحكم شدها، ثم ساقها في معسكر تيمور وهم نيام بعد هدأة من الليل فعندها جالت في معسكرهم وهي تختبط من حركة القدرة، فثار القوم من وقتهم مذعورين، وأخذوا سلاحهم، ووقعوا في بعضهم بعضا، لا يدرون من يقتلون، وفي ظنهم أن شاه منصور قد بيتهم، هذا وشاه منصور واقف بمن معه يقتل من ظفر به من التمرية، وتجول في نواحي عسكر تيمور برجال فارس، ويخرق بهم صفوف تيمور يميناً وشمالاً، ويقول: أنا شاه منصور، وهم الجزء: 6 ¦ الصفحة: 206 يفرون منه، فما أصبحوا حتى قتل منهم نحو عشرة آلاف نفس، فلما اتضح الفجر اقتحم بمن معه عسكر تيمور حتى وصل إلى تيمور يريد قتله، فاختفى تيمور منه بين النساء، وشا ه م نصور في طلبه لا يفك عنه، وصار يطلبه من بين النسوة، فأشارت واحدة منهن أن تيمور في تلك الطائفة، خدعته بذلك، فانخدع وقصد الطائفة المشار إليها، وسلم تيمور منه، فاحتاطت به التمرية، وتكاثروا عليه، فقاتلهم قتالاً شديداً حتى كلت يداه من الطعن والضرب، وصرعت رجاله، وكلت خيوله، وعدم سلاحه، فعند ذلك فربمهجته، وألقى ما عليه من السلاح ورمى بنفسه بين القتلى، فطلب من بين القتلى، وأخذ وقتل، رحمه الله. قلت: وواقعه شاه منصور هذا مشهورة، وشجاعته يضرب بها المثل، ولقد حكى لي عنه جماعة من تلك البلاد بأشياء من فروسيته يستحي من ذكرها، عفا الله عنه. 1177 - شاهين كتك الأفرم ... - 817 هـ - ... - 1414 م شاهين بن عبد الله من إسلام الظاهري، الأمير سيف الدين المعروف بشاهين كتك، أعني أفرم أمير سلاح. الجزء: 6 ¦ الصفحة: 207 هو من المماليك الظاهرية برقوق، وممن أنعم الظاهر برقوق عليه بإمرة عشرة في سنة إحدى وثمانمائة، بعد ركوب علي باي، وسبب ذلك، أن الأمير علي باي لما تضاعف، وانقطع بداره، إلى أن نزل الملك الظاهر عند وفاء النيل، لتخليق المقياس وفتح الخليج على العادة، وأراد العود إلى قلعة الجبل، جاءه الخبر بأن علي باي المذكور ظهر من أمره الغدر والفتك بالسلطان، لما يدخل إليه ليعوده عند عود السلطان إلى القلعة، فاحترز الملك الظاهر لنفسه حسبما يحكيه في موضعه، واجتاز بيت علي باي المذكور بعد أن جعل الصنجق السلطاني خلفاً وتقدم هو، ولم يشعر به المترصد له، يظنه تحت العصائب السلطانية، وساق السلطان حتى وصل إلى باب السلسلة، فلما علم علي باي بأن السلطان فاته، خرج من داره بآلة الحرب في إثر السلطان، ولم يكن عسكر السلطان معتدين للقتال، فلم يجد من يرده غير جماعة من الأمراء، ممن كان داره بالقرب من دار علي باي، فوقع بعض قتال. وكان شاهين الأفرم هذا خاصكيا وقد توجه إلى بركة الحبش من باكر النهار، للعب الرمح، ولم يركب مع السلطان في ذلك اليوم، ثم عاد إلى جهة القاهرة وعليه ثياب اللعب تترى خام ومعه رماح اللعب لا غير، فلما قرب من القاهرة، بلغه واقعة علي باي فحرك فرسه، ثم تناول من رماح اللعب رمحاً ولقي به عسكر علي باي، وقاتلهم أشد قتال حتى أظهر من الفروسية والشجاعة الجزء: 6 ¦ الصفحة: 208 في ذلك اليوم ما هو أعجب من أن يحكى، ثم توجه إلى داره ولم يطلع في يومه إلى القلعة، ولم يفخر بما وقع منه من الفروسية والشجاعة، وبلغ الظاهر ذلك فأعجبه منه، وأنعم عليه بإمرة عشرة. ولما مات الملك الظاهر برقوق، وتسلطن ولده الملك الناصر فرج من بعده ترقى شاهين كتك هذا في دولته حتى صار أمير مائة ومقدم ألف بالديار المصرية، ثم تنقل في عدة وظائف حتى ولي إمرة سلاح. وتوجه الملك الناصر فرج إلى البلاد الشامية، لقتال الأمير بن شيخ ونوروز في سنة أربع عشرة وثمانمائة، وعين الأمير شاهين الأفرم هذا، مع جماعة من الأمراء في الجاليش، وأمرهم بتقدمهم على عادة الجاليش. فساروا حتى وصلوا إلى دمشق، ودخلوا سلموا على والدي رحمه الله بدار سعادة دمشق، وكان والدي ضعيفاً في مرض موته، وكان شاهين المذكور من إخوة والدي رحمه الله، فأسر لوالدي رحمه الله بأنه يريد العصيان على الملك الناصر والإلحاق بشيخ ونوروز، ثم قبل يده وقام، وخرج من وقته بمن معه عن طاعة الناصر، ولحق بالأمير بن شيخ ونوروز، واستمر عندهما حتى انكسر الملك الناصر، وحوصر بقلعة دمشق، ثم قتل. وتسلطن الخليفة المستعين بالله العباسي، وصار الأمير شيخ المحمودي مدبر المملكة بالديار الجزء: 6 ¦ الصفحة: 209 المصرية، أخلع على الأمير شاهين هذا خلعة الاستمرار بإمرة سلاح على عادته أولا. واستمر على ذلك إلى أن تسلطن الملك المؤيد شيخ، استمر به على عادته أيضاً إلى أن توجه الملك المؤيد شيخ في سنة سبع عشرة وثمانمائة لقتال الأمير نوروز بالبلاد الشامية، وانتصر عليه وظفر به وقتله، ثم عاد إلى نحو القاهرة، عاد صحبته الأمير شاهين الأفرم المذكور، ومات برملة لد بطريق الشام في السنة المذكورة. وكان أميراً شجاعاً مقداماً، عاقلاً سيوساً، هادئاً، عارفاً بفنون الفروسية وركوب الخيل، وأنواع الملاعيب، ومات وهو في أوائل الكهولية، رحمه الله تعالى. 1178 - شاهين الفارسي ... - 824 هـ - ... - 1421 م شاهين بن عبد الله الفارسي، الأمير سيف الدين، أحد مقدمي الألوف بالديار المصرية. لا أعلم نسبته بالفارسي لأي فارس، لكن هو ممن أنشأه الملك المؤيد شيخ، حتى جعله أمير مائة ومقدم ألف بالديار المصرية، واستمر على ذلك حتى قبض عليه الأتابك ططر، لما صار نظام مملكة الملك المظفر أحمد بن الملك الجزء: 6 ¦ الصفحة: 210 المؤيد شيخ، وقبض معه أيضاً على الأمير جلبان رأس نوبة سيدي، وقيدهما وبعثهما إلى حبس الإسكندرية في يوم الأربعاء حادي عشر المحرم سنة أربع وعشرين وثمانمائة. وأظن ذلك كان آخر العهد به، ولم أقف على تاريخ وفاته، ولا أعرف من حاله إلا ما ذكرت، لكنني كنت أسمع الأتابك أقبغا التمرازي يكثر من ذكره، لما يتحاكى سوقه للمحمل في الدولة المؤيدية شيخ، ويقول: كان يسوق مقابلي شاهين الفارسي، فعلى هذا يكون له إلمام بفنون الفروسية والله أعلم، رحمه الله تعالى، وعفا عنه. 1179 - شاهين الأيدكاري شاهين بن عبد الله الأيدكاري، الأمير سيف الدين، حاجب حجاب حلب. ولاه الملك المؤيد شيخ حجوبية حلب، لما ولي الأمير دمرداش المحمدي نيابة حلب، في أوائل دولته عند خروج الأمير نوروز من الطاعة، واستمر على ذلك إلى أن توجه الملك المؤيد إلى البلاد الشامية، في سنة عشرين وثمانمائة، عزله عن حجوبية حلب بالأمير تمراز الأعور. الجزء: 6 ¦ الصفحة: 211 وهذا خلاف شاهين الأيدكاري الناصري، أحد أمراء حلب في زماننا هذا، انتهى. 1180 - شاهين الزردكاش ... - 840 هـ - ... - 1436 م شاهين بن عبد الله الزردكاش، الأمير سيف الدين، نائب طربلس. كان أولا أحد أمراء الألوف بالديار المصرية، ثم صار حاجب حجاب دمشق. ثم نقل إلى نيابة حماة، بعد عزل الأمير نكباي واستقرره عوضه في حجوبية دمشق في جمادى الآخرة سنة إحدى وعشرين وثمانمائة. فاستمر في نيابة حماة إلى المحرم سنة ثلاث وعشرين وثمانمائة، نقل إلى نيابة طرابلس، بعد موت سودون القاضي. واستقر من بعده في نيابة حماة الأمير إينال النوروزي نائب غزة، واستقر في نيابة غزة الأمير أركماس الجلباني أحد مقدمي الألوف بالديار المصرية. فاستمر شاهين المذكور في نيابة طرابلس، إلى أن توفي الملك المؤيد شيخ، وعزله الأمير ططر عن نيابة طرابلس، بالأمير أركماس الجلباني نائب غزة. الجزء: 6 ¦ الصفحة: 212 واستمر شاهين بطرابلس بطالاً، إلى أن مات في حدود الأربعين وثمانمائة. وورثه الشهابي أحمد بن علي بن إينال، فما أدري هل شاهين المذكور عتيق والده علي، أم عتيق جده إينال الأتابك، والله أعلم. الجزء: 6 ¦ الصفحة: 213 باب الشين والباء الموحدة 1181 - تقي الدين الطيب 620 - 695 هـ - 1223 - 1296 م شبيب بن أحمد بن شبيب بن محمود، الأديب الشاعر تقي الدين أبو عبد الرحمن الطبيب الكحال. نزيل القاهرة، أخو الشيخ نجم الدين شيخ الحنابلة. ولد بعد العشرين وستمائة بيسير، وسمع من ابن روزبة، وكتب عنه القدماء، والحافظ شرف الدين الدمياطي، وكان فيه شهامة وقوة نفس، وله أدب وفضل. قال الشيخ صلاح الصفدي: قال الشيخ أثير الدين أبو حيان: عرض على ديوانه فاستنخبت منه ما قرأته عليه، من ذلك قصيدة يمدح بها رسول الله صلى الله عليه وسلم: الجزء: 6 ¦ الصفحة: 215 هذا مقام محمد والمنبر ... فاستجل أنوار الهداية وانظر والثم ثرى ذاك الجناب معفراً ... في مسك تربته خدودك وافخر واحلل على حرم النبوة واستجر ... بحماه من جور الزمان المنكر واغنم بطيبة طيب وقت ساعة ... منه كدهر في التنعم واشكر فهناك من نور الإله سريرة ... كشفت غطاء الحق للمتبصر وجلت دجى ظلم الظلام فأشرقت ... أفق الهداية بالصباح المسفر نور تجشم فارتقى متجاوزاً ... شرفا على الفلك الأثير الأكبر وله أيضاً: انهض فزند الصباح قد قدحا ... وامزج لنا من رضا بك القدحا فالزهر كالزهر في حدائقه ... والطير فوق الغصون قد صدحا في روضة نقطت عرائسها ... بدر قطر نظمنه سبحا وصفق الماء في جداوله ... ورقص الغصن طيره فرحا والزق بين السقاة تحسبه ... أسود مستسقياً وقد ذبحا فعاطني قهوةً معتقة ... تذهب كأسي وتذهب الترحا الجزء: 6 ¦ الصفحة: 216 بكر إذا عرس النديم بها ... وافتضها الماء تنتج الفرحا من كف رخص البنان معتدل ... لو لامس الماء خده انجرحا يسعى بخمر الشراب مغتبقا ... ومن سلاف الشباب مصطبحا تسلف القلب من سوالفه ... وجداً إذا جد بالهوى مزحا كم لي بسفح العقيق من كلفي ... عقيق دمع عليه قد سفحا انتهى. توفي بالقاهرة سنة خمس وتسعين وستمائة، رحمه الله. الجزء: 6 ¦ الصفحة: 217 باب الشين والجيم 1182 - شجر الدر ... - 655 هـ - ... 1257 م شجر الدر، أم خليل الصالحية الملكية، جارية السلطان الملك الصالح نجم الدين أيوب، وأم ولده خليل. كان الملك الصالح يحبها حباً عظيماً، ويعتمد عليها في أموره ومهماته. وكانت بديعة الجمال، ذات رأي وتدبير، ودهاء وعقل، ونالت من السعاد ة م ا لم ينله أحد في زمانها، ولما مات الملك الصالح نجم الدين أيوب، في شعبان سنة سبع وأربعين وستمائة، على دمياط في حصار الفرنج، أخفت موته، وصارت تعلم بخطها مثل علامة الملك الصالح، وتقول: السلطان ما هو طيب، وتمنع الناس من الدخول إليه. وكان أرباب الدولة يحترمونها، ولما علموا بموت السلطان الجزء: 6 ¦ الصفحة: 219 الملك الصالح ملكوها عليهم أياماً، وتسلطنت بعد قتل السلطان الملك المعظم بن الملك الصالح نجم الدين أيوب، وخطب لها على المنابر. وكان الخطباء يقولون على المنبر بعد الدعاء للخليفة: واحفظ اللهم الجهة الصالحية، ملكة المسلمين، عصمة الدنيا والدين، أم خليل المستعصمية، صاحبة السلطان الملك الصالح. ثم إنها عزلت نفسها، بعد أن تزوجت بأتابكها الملك المعز أيبك التركماني، وأقيم في الملك الملك الأشرف من بني أيوب وقد تقدم ذكر ذلك في أول هذا الكتاب في ترجمة المعز أيبك والملك المعز أيبك المذكور، وخطب للأشرف وللمعز معاً، ورجعت إلى ما كانت عليه أيام أستاذها وزوجها الملك الصالح. وسكنت الدور السلطاني مدة حتى تزوج عليها الملك المعز أيبك المذكور، فثارت عليه وقتلته، وقتلت وزيرها القاضي الأسعد، وبقيت بعد ذلك ثلاثة أشهر. ووقع حروب وحوادث بسببها، بين المماليك والصالحية وبين المعزية، إلى أن ظفروا بها المماليك المعزية وقتلوها وأماتوها، في سنة خمس وخمسين وستمائة، فوجدت ملقاة تحت القلعة مسلوبة، فحملت إلى تربة بنيت لها عند قبر السيدة نفيسة، ودفنت هنادك. الجزء: 6 ¦ الصفحة: 220 قيل أنها لما علمت أنها مقتولة، أودعت جملة من المال عند جماعة متفرقة، وأخذت كثيراً من الجواهر، كسرتها في الهاون، حتى لا يستولي على ذلك حواشي الملك المعز أيبك. انتهى. الجزء: 6 ¦ الصفحة: 221 باب الشين والراء المهملة 1183 - الأديب الخليع ... - 738 هـ - ... - 1337 م شرف بن أسد، الأديب الموال المصري الماجن، الخليع. قرأت في تاريخ الشيخ صلاح الدين الصفدي، الوافي بالوفيات، قال: هو شيخ ماجن متهتك، ظريف، خليع، يعجب الكبار، ويعاشر الندماء، ويشبب في المجالس على القيان. رأيته غير مرة بالقاهرة، وأنشدني له شعراً كثيراً، من البلاليق والأزجال والموشحات وغير ذلك، وكان عامياً، مطبوعاً، قليل اللحن، يمدح الأكابر، ويستعطى الجوائز، ويسترفدهم بأنواع المدائح، وصنف عد ة م صنفات في مشاشات الخليج والزوائد التي للمصريين،، والنوار والأمثال، ويخلط ذلك بأشعاره. انتهى. الجزء: 6 ¦ الصفحة: 223 أنشدنا القاضي عز الدين بن الفرات إجازة، وأنشدنا الشيخ صلاح الدين الصفدي إجازة، قال: أنشدني ابن أسد من لفظه لنفسه بالقاهرة، سنة ثمان وعشرين وسبعمائة: رمضان كلك فتوه ... وصحيح دينك عليه وأنا في ذا الوقت معسر ... وأشتهي الإرفاق شوية حتى تروي الأرض بالنيل ... ويباع القرط بدري وأعطك الدرهم ثلاثة ... وأصوم شهرين وما أدري وإن طلبتني في ذا الوقت ... فأنا أثبت عسري فامتهل واربح ثوابي ... لا تربحني خطية وتخليني أسقف ... طول نهاري لا عشيه لك ثلاثين يوم عندي ... أصبر أعطي المثل مثلين وإن عسفتني ذا الأيام ... ما اعترف لك قط بدين وأنكرك وأحلف وأقول لك ... أنت من أين وأنا من أين الجزء: 6 ¦ الصفحة: 224 واهرب أقعد في قمامة ... أو قلالى بوبشية وآجي في عيد شوال ... واستريح من ذي القضية وإلا خذ مني نقيده ... في المعجل نصف رحلك صومي من بكرة إلى الظهر ... وأقاسي الموت لأجلك وأصوم لك شهر طوبة ... ويكون من بعض فضلك إيش أنا في رحمة الله ... من أنا بين البرية أنا إلا عبد مقهور ... تحت أحكام المشية من زبون نحس مثلي ... رمضان خذ ما تيسر أنت جيت في وقت لو كان ... الجنيد في مثله أفطر هون الأمور ومشي ... بعلي ولا تعسر وخذ إيش ما سهل الله ... ما الزبونات بالسوية الملي خذ منو عاجل ... وامهل المعسر شوية ذي حرور تذوب القلب ... ونهار أطول من العام وأنا عندي أي من صام ... رمضان في ذي الأيام الجزء: 6 ¦ الصفحة: 225 ذاك يكون الله عونه ... ويكفر عنو الاثام وجميع كلامي هذا ... بطريق المسخرية والله يعلم ما في قلبي ... والذي لي في الطوية قال الصفدي: ووضع ابن شرف هذا في ما وضعه، حكاية حكاها لي بالقاهرة المحروسة، ونحن على الخليج بشق الثعبان، في سابع المحرم سنة ثمان وعشرين وسبعمائة. وهي اجتاز بعض النحاة ببعض الأساكفة، فقال له: أبيت اللعن واللعن يأباك ... رحم الله أمك وأباك وهذه تحية العرب في الجاهلية قبل الإسلام، لكن عليك السلام، والسِّلْم والسَّلْم. ومثلك من يعز ويحترم، ويكرم ويحتشم. قرأت القرآن والتيسير والعنوان. والمقامات الحريرية. والدرة الألفية. وكشاف الزمخشري. وتاريخ الطبري، وشرحت اللغة مع العربية على سيبويه، ونفطويه. والحسين بن خالويه. والقاسم بن كميل. والنضر بن شميل. وقد دعتني الضرورة إليك، وتمثلت بين يديك، لعلك تتخفني من بعض الجزء: 6 ¦ الصفحة: 226 حكمتك، وحسن صنعتك، بنعل يقيني الحر، ويدفع عني الشر، وأعرب لك عن اسمه حقيقاً، لأتخذك بذلك رفيقاً. ففيه لغات مختلفة، على لسان الجمهور مؤتلفة. ففي الناس من كناه بالمداس، وفي عامة الأمم من لقبه بالقدم. وأهل شهرنوزة، سموه بالسارموزة. وإني أخاطبك بلغات هؤلاء القوم، ولا إثم علي في ذلك ولا لوم. والثالثة به أولى، وأسألك أيها المولى. أن تتحفني بسارموزة. أنعم من الموزة. أقوى من الصوان، وأطول عمراً من الزمان. خالية البواشي، مطبقة الحواشي. لا يتغير على وشيها، ولا يروعني مشيها. لا تنقلب إن وطئت بها جروفا، ولا تنفلت إن طحت بها مكانا مخسوفاً. ولا تلتوق من أجلي، ولا يؤلمها ثقلي، ولا تتمزق من رجلي. ولا تتعوج، ولا تتلقوج ولا تنبعج، ولا تنفلج. ولا تقب تحت الرجل، ولا تلصق بخبز الفجل. ظاهرها كالزعفران، وباطنها كشقائق النعمان. أخف من ريش الطير، شديدة البأس على السير. طويلة الكعاب، عالية الأجناب. لا يلحق بها التراب، ولا يغرقها ماء السحاب. تصر صرير الباب، وتلمع كالسراب، وأديمها من غير جراب، جلدها من الجزء: 6 ¦ الصفحة: 227 خالص جلود الماعز، ما لبسها أحد إلا افتخر بها وعز، مخروزة كخرز الخردفوش، وهي أخف من المنفوش. مسمرة بالحديد ممنطقة، ثابتة في الأرض المزلقة، نعلها من جلد الأفيلة، لا الحمير الفطير، وتكون بالنزر الحقير. فلما أمسك النحوي من كلامه، وثب الإسكافي على أقدامه. وتمشى وتبختر، وأطرق ساعة وتفكر وتشدد وتشمر، وتحرج وتنمر. ودخل حانوته وخرج، وقد داخله الحنق والحرج. فقال له النحوي: جئت بما طلبته. فقال: لا بل بجواب ما قلته. فقال: قل وأوجز، وسجع ورجز. فقال: أخبرك أيها النحوي. أن الشرسا بحزوي. شطبطبات المتقرقل. والمتقبعقب. لما قرب من قرى قوق القرنقنقق. طرق ررقنا. شراسيف قصر القشتبغ من جانب الشرشنكل. والديوك تصهل. الجزء: 6 ¦ الصفحة: 228 كنهيق الرقاريق الصولجانات. والحرفرف الفرتاح. يبيض القرقنطق. والزعر برجو احلبنبوا ياحيز، من الطير، بحج بحمندك بشمردل. خاط الركبنبو. شاع الجبربر. بجفر الترتاح. ابن يوشاخ. على لوى شمندخ. بلسان القرواق. مازكلوخ. إنك أكيت أرس برام. المسلنطح بالشمردلند مخلوط، والزيبق بحبال الشمس مربوط. علعل بشعلعل. مات الكركندوش أدعوك في الوليمة، ياتيس تش يا حمار بهيمة. أعيذك بالرحواح، وأبخرك بحصى لبان المستراح. وأوفيك، وأوقيك، وأرقيك. برقوات مرقات قرقرات البطون، لتخلص من داء البرسام والجنون. ونزل من دكانه، مستغيثاً بجيرانه. وقبض لحية النحوي بكفيه، وخنقه بأصبعيه، حتى خر مغشياً عليه. وبربر في وجهه وزمجر، ونأى بجانبه واستكبر. وشخر ونخر، وتقدم وتأخر. فقال النحوي الله أكبر الله أكبر. ويحك أنت تجننت؟! فقال له: بل أنت تخرفت، والسلام، انتهى. هذا ما أورده الصفدي. الجزء: 6 ¦ الصفحة: 229 قلت: وقد نقلت ما ذكرت ه م ن نسخة غير محررة، ولا أدري ما معنى الجواب، والله أعلم. وكانت وفاته بعد مرض طويل في سنة ثمان وثلاثين وسبعمائة، عفا الله عنه. 1184 - شرف النووي ... - 685 هـ - ... - 1286 م شرف بن مري، الحاج شرف النووي، والد العلامة الشيخ محي الدين النووي الشافعي، صاحب المنهاج في الفقه. كان رجلاً صالحاً فاضلاً، موصوفاً بالصلاح والفلاح. مات بعد موت ولده بسنين في، سنة خمس وثمانين وستمائة، رحمه الله. الجزء: 6 ¦ الصفحة: 230 باب الشين والطاء الم هم لة 1185 - أمير آل عقبة ... - 748 هـ - ... 1347 م شطى بن عبية، الأمير بدر الدين ، أمير آل عقبة، عرب البلقاء وحسبان والكرك إلى تخوم الحجاز. كان المذكور وجيهاً عند ملوك الديار المصرية، وكان شكلاً حسناً، وكان نظير مهنا، مات سنة ثمان وأربعين وسبعمائة، بالقرب من المدينة النبوية، على ساكنها أفضل الصلاة والسلام. وسبب موته، أنه نزل على بني لام، فلما كانت ليلة عيد الأضحى، قال: كتفي فأحضرت بعض جواريه ناراً، وحمت حديداً وكوته يسيرا، ثم توجهت لتعيد النار وتعود إليه، فوجدته قد مات. انتهى. الجزء: 6 ¦ الصفحة: 231 باب الشين والعين 1186 - الملك الأشرف شعبان بن حسين 754 - 778 هـ - 1353 - 1377 م شعبان بن حسين بن محمد بن قلاوون، السلطان الملك الأشرف أبو المفاخر ابن الملك الأمجد بن السلطان الملك الناصر بن السلطان الملك المنصور. ولد سنة أربع وخمسين وسبعمائة، وجلس على تخت الملك بعد خلع ابن عمه الملك المنصور محمد بن الملك المظفر حاجي بن الناصر محمد. وسبب خلع المنصور المذكور، أن الأتابك يلبغا العمري بلغه عنه أمور قبيحة، منها: أنه يدخل بين نساء الأمراء، وأنه باع في زنبيل كعكاً وأخذ ثمنه منهن على سبيل المداعبة. وأنه يعمل مكاري للجواري، وأنه يفسق بالحرم، ويترك الصلاة، وأنه يقعد على كرسي الملك جنباً. فخلعه يلبغا وسلطن الأشرف هذا، في يوم الثلاثاء خامس عشر الجزء: 6 ¦ الصفحة: 233 شعبان سنة أربع وستين وسبعمائة، وعمره عشر سنين، وتم أمره، وملك الديار المصرية. وصار يلبغا أتابكه على عادته، وطيبغا الطويل أمير سلاح على عادته. وطلب أمير علي المارديني نائب دمشق إلى الديار المصرية، وتولى نيابة دمشق الأمير منكلى بغا الشمسي نائب حلب، وتولى عوض الشمسي بحلب أشقتمر المارديني، واستقر أرغون الأحمدي الخازندار لالا الملك الأشرف المذكور، واستقر في الخازندارية من بعده يعقوب شاه. كل ذلك بترتيب يلبغا وطيبغا، فإنهما كانا صاحبا العقد والحل، والأشرف ليس له من الأمر سوى الاسم فقط. واستمر الحال على ذلك، حتى أراد يلبغا أن يستبد بالأمر وحده، ويبعد طيبغا الطويل. ولا زال يرتقب الفرصة، إلى أن خرج الطويل إلى العباسة يتصيد، في سنة سبع وستين وسبعمائة، فلما وصل طيبغا الطويل إلى نواحي العباسة الجزء: 6 ¦ الصفحة: 234 جهز له يلبغا تشريفاً بنيابة دمشق، على يد جماعة من الأمراء، وبلغ طيبغا ذلك فخرج عن الطاعة، ووقع من أمره ما سنحكيه في ترجمته من إمساكه وحبسه. وصفا الوقت ليلبغا، إلى أن توجه الملك الأشرف شعبان هذا إلى الطرانة، يتصيد على عادة الملوك، في ليلة الأربعاء سادس شهر ربيع الآخر سنة ثمان وستين وسبعمائة. وكان يلبغا قد زاد ظلمه وعسفه في مماليكه وغيرهم، وقبل تاريخه بمدة يسيرة، كان يلبغا ضرب الأمير سابق الدين مثقال الأنوكي، مقدم المماليك السلطانية داخل القصر ستمائة عصاة، ونفاه إلى أسوان، وولي مكانه مختار الدمنهوري المعروف بشاذروان، مقدم الأوجاقية بباب السلسلة. وفعل يلبغا مثل هذه الفعلة مع عدة أناس أخر، وكان سيىء الخلق إلى الغاية، فأضمروا مماليكه له السوء، واتفقوا على قتله، حسبما نذكره في ترجمته مفصلاً، من تسحبه إلى القاهرة هارباً، وسلطنته لأنوك بن حسن بالجزيرة الوسطى، ثم انهزم وانتصر الأشرف بمماليك يلبغا على يلبغا وقتلوه. وأصبح الأشرف بكرة قتل يلبغا، انتبز إليه جماعة من الأمراء، وصاروا هم أصحاب الأمر والنهي في المملكة كما كان يلبغا، وهم: طغيتمر النظامي، وأقبغا الجزء: 6 ¦ الصفحة: 235 الأحمدي جلب، وقجماس الطازي، وأسندمر الناصري. وأخذوا وأعطوا وأمروا ونهوا، ولا زالوا على ذلك حتى أراد أسندمر أن يستبد بالأمر وحده كما كان يلبغا، فوقع بينهم وقعة هائلة، انتصر فيها أسندمر على الثلاثة المذكورين، وأمسكهم وحبسهم بثغر الإسكندرية، وخلع عليه الملك الأشرف بالأتابكية، وسكن بالكبش في بيت يلبغا، ثم ما قنع أسندمر ذلك، حتى وافق مماليك يلبغا على خلع الأشرف، وركب بمماليك يلبغا على السلطان الملك الأشرف صاحب الترجمة، فنزل إليه الأشرف بنحو مائتي مملوك وبعض أعيان الأمراء، وكانت مماليك يلبغا الذين مع أسندمر أكثر من ألف وخمسمائة مملوك، فانتصر الأشرف، وقبض على أسندمر، فشفع فيه من حضر من أكابر الأمراء، فأطلقه وأخلع عليه على جاري عادته، وجعل خليل بن قوصون شريكاً له في الأتابكية، ونزل معه خليل كالترسيم. فلما وصلا إلى الكبش، اتفقا على الملك الأشرف وعصيا عليه، من الغد، ثم الأشرف ظفر بهما ثانيا وحبسهما بثغر الإسكندرية، وصفا له الوقت بعض شيء. وفي هذا المعنى يقول الأديب شهاب الدين بن العطار: هلال شعبان جهراً لاح في صفر ... بالنصر حتى أرى عيداً بشعبان وأهل كبش كأهل الفيل قد أخذوا ... رجماً وما انتطحت في الكبش شاتان الجزء: 6 ¦ الصفحة: 236 ثم أفرج الأشرف عن طغيتمر النظامي وألجاي اليوسفي وعن جماعة أخر، ثم أخلع على يلبغا آص المنصوري باستقراره أتابك العساكر هو وتلكتمر المحمدي الخازندار، وأنعم على كل منهما بتقدمة ألف، وأجلسهما بالإيوان في سادس عشر صفر، ثم أمسكهما من الغد لأنهما أردا أن يخرجا مماليك يلبغا المحبوسين، ثم شرع الأشرف في الإنفاق على سائر المماليك السلطانية أرباب الوظائف، لكل نفر مائة دينار، وأرباب الوظائف البرانية، لكل نفر خمسين ديناراً. ثم رسم الأشرف بطلب الأمير منكلى بغا الشمسي إلى الديار المصرية، فحضر إليها، فأراد الأشرف أن يخلع عليه خلعة النيابة فأبى، فأمر له السلطان بتقدمة ألف، وأن يكون أتابك العساكر. ثم رسم له أن يتزوج بكريمة الملك الأشرف، فتزوجها ودخل بها في شهر رجب من السنة، قلت: واستولدها منكلى بغا الشمسي المذكور، خوند هاجر زوجة الملك الظاهر برقوق، المعروفة بخوند الكعكيين، توفيت هاجر المذكورة بالطاعون في سنة ثلاث وثلاثين وثمانمائة. ثم أن الأشرف أخلع على ألجاي اليوسفي، زوج أمه خوند بركة، بإمرة سلاح كل ذلك في سنة تسع وستين وسبعمائة. واستمر الملك الأشرف من حينئذ، أمره ينمو وحرمته تتزايد. ثم ولي أمير على الجزء: 6 ¦ الصفحة: 237 المارديني نيابة السلطنة بالديار المصرية في سنة سبعين، واستقر بالأمير منجك اليوسفي في نيابة دمشق قبل تاريخه، عوضاً عن منكلى بغا الشمسي. ثم حجت والدته في السنة المذكورة بتجمل عظيم زائد خارج عن الحد، وفي خدمتها من الأمراء، مقدمان: بشتاك العمري، وبهادر الجمالي، ومائة مملوك، ومعها أشياء خارجة عن الوصف. من ذلك: جمال محملة بقولاً وخضراً، وقس على ذلك، إلى أن حجت وعادت إلى القاهرة. وفي سنة ثلاث وسبعين وسبعمائة، رسم الملك الأشرف المذكور بأن الأشراف بالديار المصرية والبلاد الشامية، كلهم يسون عمائمهم بعلامة خضراء بارزة للخاصة والعامة، نظراً في حقهم وتعظيماً لقدرتهم، ليقابلوا بالتعظيم ويمتازوا من غيرهم. وفي هذا المعنى يقول الشيخ شمس الدين محمد بن أحمد بن جابر الأندلسي رحمه الله: الجزء: 6 ¦ الصفحة: 238 جعلوا لأبناء الرسول علامة ... إن العلامة شأن من لم يشهر نور النبوة في كريم وجوههم ... يغني الشريف عن الطراز الأخضر وفي هذا المعنى أيضاً يقول الأديب شمس الدين محمد بن إبراهيم المزين الدمشقي: أطراف تيجان أتت من سندس ... خضر كأعلام على الأشراف والأشرف السلطان خصصهم بها ... شرفا ليعرفهم من الأطراف وفي هذا المعنى يقول بدر الدين طاهر بن حسن بن حبيب الحلبي: عمائم الأشراف قد تميزت ... بخضرة وقت وراقت منظرا وهذه إشارة أن لهم ... في جنة الخلد لباساً أخضرا وله أيضاً: ألا قل لمن يبغي ظهور سيادة ... تملكها الزهر الكرام بنو الزهرا لئن نصبوا للفخر أعلام خضرة ... فكم رفعوا للمجد ألوية حمرا وفي هذا المعنى يقول شهاب الدين بن أبي حجلة المغربي الحنفي: لآل رسول الله جاه ورفعة ... بها رفعت عنا جميع النوائب وقد أصبحوا مثل ملوك برنكهم ... إذا ما بدوا للناس تحت العصائب وقلت: وهذا مما يدل على حسن اعتقاد الملك الأشرف هذا رحمه الله وآل بيت النبوة وتعظيمه لهم. وفي سنة سبع وسبعين، ختن الملك الأشرف فيها أولاده، وأقام لهم سبعة أيام، صرف فيها من الأموال، ما يستحي من ذكره، ضربنا عن ذكرها خوف الإطالة. الجزء: 6 ¦ الصفحة: 239 وفيها أخلع الأشرف على الأمير آقتمر الصاحبي، باستقراره في نيابة السلطنة بالديار المصرية، بعد موت الأمير منجك اليوسفي، يأتي ذكر منجك في محله إن شاء الله تعالى. وفيها في العشر الأوسط من صفر ابتدأ الملك الأشرف بعمارة مدرسته التي أنشأها بالصوة. قلت: هي الآن بيمارستان للملك المؤيد شيخ، وهو أن الأشرف اشترى بيت سنقر وشرع في هدمه، وجعل مكانه المدرسة المذكورة، وأمر الاجتهاد والاهتمام في عملها. وفي سنة ثمان وسبعين وسبعمائة، غرقت الحسينية خارج القاهرة، خرب بها ألف بيت أو أكثر، وسبب ذلك، أن أحمد بن قايماز، أستادار محمد بن آقبغا آص، استأجر مكاناً وجعله بركة وفتح له مجرى من الخليج فتحرك الماء، وغفلوا عنه إلى أن وقع منه ما حكيناه. وأرسل الأشرف في يوم الإثنين ثاني عشر جمادى الأولى من السنة، قبض على الناصري محمد بن آقبغا آص المذكور أستادار العالية، ونفاه إلى القدس بطالاً، ونفى بعده بيوم ولده محمد شاه، وعد من ذنوبه خراب الحسينية. الجزء: 6 ¦ الصفحة: 240 وفيها رسم الأشراف بإبطال ضمان المغاني بجميع أعمال الديار المصرية. ثم ضعف الأشرف مدة ثم تعافى ودقت البشائر لذلك. وفي السنة المذكورة، أعني سنة ثمان وسبعين، وقع الاهتمام لسفر السلطان إلى الحجاز، واجتهد كل واحد من أرباب الدولة فيما يتعلق به، إلى أن انتهى جميع ما أمر به السلطان. فلما كان يوم السبت الثاني عشر من شوال، خرجت أطلاب الأمراء المتوجهين إلى الحجاز الشريف، وفي يوم الأحد ثالث عشرة، خرج طلب الملك الأشرف في ترتيب عظيم، وتجمل زائد، وفي جملة الطلب عشرون قطاراً من الهجن بقماش ذهب، وخمس عشرة قطاراً بقماش حرير، وقطار واحد بخليفتي، وقطار آخر بلبس أبيض لأجل الإحرام، ومائة فرس ملبسة، وكجاوتان بغشا زركش، وتسع محفات غشا خمسة منهن زركش، وستة وأربعون زوجاً من المحائر، والخزانة عشرون جملاً، وقطاران من الجمال محملة من الخضر المزروعة. ثم في يوم الإثنين رابع عشرة، خرج السلطان بأبهة عظيمة فتوجه إلى سرياقوس وأقام بها يوماً، وخلع على الشيخ ضياء الدين القرمي واستقر في مشيخة خانقاته، أعني المدرسة التي أنشأها الملك الأشرف بالصوة، ثم رحل السلطان من سرياقوس ونزل ببركة الحاج فأقام بها إلى يوم الثلاثاء ثاني عشرين شوال، ركب منها بمن كان معه من الأمراء وغيرهم متوجهاً إلى الحجاز. الجزء: 6 ¦ الصفحة: 241 وكان معه من مقدمي الألوف تسعة، وهم: أرغون شاه الأشرفي. وبيبغا الساقي الأشرفي. وصرغتمش الأشرفي، وبهادر الجمالي. وصراي تمر المحمدي. وطشتمر العلائي. ومبارك الطازي. وقطلقتمر العلائي الطويل. وبشتاك من عبد الكريم. ومن الطبلخانات خمسة وعشرون نفراً، وهم: عبد الله بن بكتمر الحاجب، وأيدمر الخطاي الصديقي، وبدري الأحمدي، وبلوط الصرغتمشي، وأروس المحمدي، وأرغون العزي الأفرم، وطغى تمر الأشرفي، ويلبغا المنجكي، ويلبغا الناصري، وكزك الأرغوني، وقطلوبغا الشعباني، وعلي بن منجك اليوسفي، وأمير حاج بن مغلطاي، ومحمد بن تنكزبغا، وتمر باي الحسني، وأسندمر العثماني، وقرابغا الأحمدي، وأينال اليوسفي، وأحمد بن يلبغا العمري، وموسى ابن دندار بن قرمان. وبدي قرطغا بن سوسون. ومغلطاي البدري، وبكتمر العلمي. ومن العشرات خمسة عشر أميراً وهم: آقبغا بوري، وأحمد بن محمد بن لاجين، وأبو بكر بن سنقر، وأسنبغا، وتلكي شيخون، ومحمد بن بكتمر الشمسي، ومحمد بن قطلوبغا البزلاري، وتكتمر العيسوي، وطوغان العمري الظهير، ومحمد بن سنقر، ومنجك الأشرفي، وخضر بن عمر بن بكتمر الساقي. وجعل الأشرف نائب الغيبة بالديار المصرية آقتمر عبد الغني عن السلطنة، الجزء: 6 ¦ الصفحة: 242 وجعل نائب الغيبة بقلعة الجبل أيدمر الشمسي. وسافر الملك الأشرف وهو ضعيف، بعد أن أشار عليه جماعة من الصلحاء والأعيان بتأخير السفر في هذه السنة، فأبى وسافر. فلما كان يوم السبت ثاني ذي القعدة، اتفق طشتمر اللفاف، وقرطاي الطازي، وأسندمر الصرغتمشي، وأينبك البدري، وجماعة أخر من المماليك السلطانية، وجماعة من مماليك الأسياد، ومماليك الأمراء المسافرين في صحبة السلطان، ولبسوا آلة الحرب في ذلك اليوم، فنزل الذين بالأطباق وطلع الذين بالمدينة، واتفقوا ومضوا إلى باب الستارة من القلعة، فقفل سابق الدين مثقال الزمام باب الساعات، ووقف داخل الباب هو والأمير جلبان لالا أولاد السلطان، وآقبغا جاركس اللالا أيضاً، وألحوا الأمراء في دق الباب، وقالوا: إعطونا سيدي أمير علي بن السلطان الملك الأشرف. فسألهم الأمير جلبان اللالا: من هو منكم المتحدث الجزء: 6 ¦ الصفحة: 243 في هذا الأمر؛ حتى نسلم أمير علي. وكثر الكلام بين الطائفتين، وآخر الأمر كسروا شباك الزمام المطل على باب الساعات، وطلعوا منه، ونهبوا بيت الزمام، ونزلوا إلى رحبة باب الستارة، ومسكوا مثقال الزمام وجلبان اللالا، وفتحوا الباب فدخلت البقية، وقالوا: أخرجوا سيدي أمير علي حتى نسلطنه فإن أباه الملك الأشرف مات، فدخل الزمام وأخرج لهم سيدي علي، فأقعدوه بباب الستارة، ثم أحضروا أيدمر الشمسي فبوسوه الأرض بين يديه، ثم أركبوا أمير على بعض خيولهم، وتوجهوا به إلى الإيوان الكبير، ثم أرسلوا خلف الأمراء الذين بالمدينة فطلعوا إلى سوق الخيل، وأبوا أن يطلعوا إلى القلعة، فأنزلوا أمير علي إلى الأسطبل السلطاني، وطلع إليه سائر الأمراء، وباسوا له الأرض وحلفوا له وكان السيفي ألجاي المعروف بالكبير، وطشتمر الصالحي، وحطط رأس نوبة لم يوافقوا الجماعة، فمسكوهم وجعلوهم بالقصر، ولقبوا أمير علي بالملك المنصور، ونادوا بالأمان والاطمئنان بعد أن أخذوا خطوط الأمراء الكبار. وتابوا تلك الليلة، وأصبحوا يوم الأحد وهم لابسون بسوق الخيل، فينما هم كذلك، إذ ورد عليهم الخبر بأن شخصاً يقال قازان البرقشي، وهو ممن سافر صحبة الملك الأشرف إلى الحجاز، وجدوه بالقاهرة متنكراً، فمسكوه وأتوا به إلى الجزء: 6 ¦ الصفحة: 244 الأمراء، فسألوه عن خبر قدومه، وعن خبر السلطان، فأبى أن يخبرهم بشيء، فهددوه بالتوسط، فأخبر بأن قال لهم: لما نزل السلطان إلى العقبة أقام بها يوم الثلاثاء ويوم الأربعاء فطلب المماليك منه العليق، فقال لهم اصبروا إلى الأزلم، فأبوا وتأخروا عن أكل السماط عصر يوم الأربعاء، وركبوا على السلطان الملك الأشرف ليلة الخميس، ورؤوسهم: طشتمر العلائي، وصراي تمر المحمدي، مبارك الطازي، وطقتمر العلائي الطويل، وسائر مماليك الأسياد. ثم ركب السلطان وتواقعوا، فانكسر السلطان وهرب، وصحبته من الأمراء: صرغتمش، وبشتاك، وأرغون شاه، ويلبغا الناصري، وأرغون كبك، وأن الأشرف بمنزلة عجرود. فلم يأخذوا كلامه بالقبول، وكذبوه، وأرادوا توسيطه. فقال لهم: خلوني أدلكم عليه. فأخذهم وذهب بهم إلى قبة النصر، فوجدوا فيها صرغتمش، وأرغون شاه، وبشتك، وأرغون كبك، ويلبغا. وقيل إن الذين توجهوا معه من الأمراء المصريين هو: أسندمر الصرغتمشي، وطولو الصرغتمشي، ومعهما جماعة من المماليك، فقتلوا الأمراء المماليك المذكورين وأتوا برؤوسهم إلى سوق الخيل. وأما الملك الأشرف، فإنه لما وصل إلى قبة النصر، وسمع ما وقع في الديار المصرية، توجه هو ويلبغا الناصري واختفيا عند أستادار يلبغا الناصري، فلم الجزء: 6 ¦ الصفحة: 245 يأمن الأشرف على نفسه في هذا المكان، فتوجه منه في الليل واختفى عند امرأة تسمى آمنة زوجة المشتولى، فاختفى عندها، فنَّمت عليه امرأة أخرى إلى الأمراء وقالت لهم: السلطان مختفي عند فلانة في الجودرية، فتوجه معها ألطنبغا السلطاني ومعه جماعة وكبسوا بيت آمنة المذكورة. فهرب الملك الأشرف، واختفى بالباذهنج، فطلعوا إليه فوجدوه هناك وعليه قماش النساء، فمسكوه وألبسوه عدة الحرب، وأحضروه إلى القلعة، فتسلمه أينبك البدري وقرره على الذخائر، فأخبره بذلك بعد أن ضربه أينبك تحت رجليه بالعصى، ثم خنقوه. والذي تولى خنقه جاركس شاد عمائر ألجاي اليوسفي، فأعطي جاركس المذكور إمرة عشرة وجعل شاد العمائر السلطانية. ثم وضعوا الأشرف في قفة وخيطوا عليه بلاساً، وأرمى في بئر، فأقام بها أياماً إلى أن ظهرت رائحته، فأخرجوه من البئر، وأخذه بعض خدامه ودفنه عند كيمان السيدة نفيسة، ثم نقل إلى تربة والدته خوند بركة، بعد أن غسل وكفن وصلي عليه، ودفن بقبة وحده، وقيل في موته غير ذلك، والصحيح ما حكيناه. وكانت موتته في ليلة الثلاثاء خامس ذي القعدة سنة ثمان وسبعين وسبعمائة، وتسلطن من بعده ابنه الملك المنصور علي، المتقدم ذكره. الجزء: 6 ¦ الصفحة: 246 وكان الملك الأشرف ملكاً جليلاً، شجاعاً، مهاباً، كريماً، ليناً هيناً، محبباً للرعية. قيل إنه لم يل الملك في الدولة التركية أحلم منه، ولا أحسن منه خُلُقاً وخَلْقاً. وكان محباً للعلماء والفقهاء وأهل الخير، مقتدياً بالأمور الشرعية، أبطل عدة مكوس في سلطنته، وكان محسناً لأخوته وأقاربه وأولاد عمه، أنعم عليهم بالإقطاعات الهائلة، وجعل بعضهم أميراً، وهذا شيء لم يعهد بمثله من ملك. وكان يفرق في كل سنة على الأمراء، أقبية بطرز زركش، والخيول المسومة بالسروج الذهب والكنابيش الزركش والسلاسل الذهب، وكذلك على جميع أرباب الوظائف. ولم يكن فيه ما يعاب غير أنه كان محباً لجمع المال، ولكنه كان يصرف غالبه في وجوه البر والصدقة، وكان له محاسن كثيرة، وكانت أيامه بهجة، وأحوال الناس في أيامه هادئة مطمئنة، والخيرات كثيرة، ومشي شوق أرباب الكمالات في زمانه من كل علم وفن، وافتتحت سيس في أيامه وبلادها، وزالت دولة الكفر الأرمن. وممن وقع في أيامه من الغرائب: وهو أن في سنة ست وتسعين وسبعمائة كان للأمير شرف الدين عيسى بن بابجك وإلى الأشمونين بنت راهقت، فلما الجزء: 6 ¦ الصفحة: 247 بلغ عمرها خمسة عشر سنة استد فرجها ونبت لها ذكر وانثيان واحتلمت، وبلغ ذلك منجك اليوسفي نائب السلطنة فأرسل بطلبها فأحضرت، فشاهدها منجك، فلما تحقق ذلك، أمرها أن تلبس ثياب الرجال وسماها محمداً، وأمره بالمشي في خدمته وأقطعه إقطاعاً، انتهى. وخلف الملك الأشرف من الأولاد ستة بنين وسبع بنات، ثم ولدت زوجته خوند سمرا بعد موته ولداً سموه أحمد، فصار الذكور أيضاً سبعة، فالذكور هم: الملك المنصور علي، الذي تسلطن في غيبته ثم بعد موته، والملك الصالح أمير حاج، وقاسم، ومحمد، وإسماعيل، وأحمد المولود من بعده. وكانت مد ة م لكه أربعة عشر وشهرين وعشرين يوماً، فإنه تسلطن بعد خلع ابن عمه، الملك المنصور محمد بن المظفر حاجي، في يوم الثلاثاء خامس عشر شعبان سنة أربع وستين وسبعمائة، وعمره إذ ذاك عشر سنين، ومات في ليلة الثلاثاء خامس ذي القعدة سنة ثمان وسبعين وسبعمائة. انتهت ترجمة الملك الأشرف شعبان، رحمه الله تعالى. 1187 - الأثاري الأديب ... - 828 هـ - ... - 1425 م شعبان بن محمد بن داود، الشيخ الأديب زين الدين، المعروف بالأثاري المصري. الجزء: 6 ¦ الصفحة: 248 نشأ بالقاهرة، وتعاني النظم، وكان اشتغل في مباديء أمره وكتب الخط المنسوب، وغلب عليه نظم الشعر، فقال الكثير، ومدح الأعيان والأكابر، وكان له محاضرة حسنة. وولي حسبة مصر القديمة بمال عجز عنه، ففر إلى اليمن وأقام هناك مدة، ثم عاد إلى مكة المشرفة بعد سنين، ثم خرج من مكة إلى القاهرة وأقام بها مدة يسيرة، وتوجه إلى دمشق ثم عاد إلى القاهرة مريضاً، فمات بعد قدومه في سابع جمادى الأولى سنة ثمان وعشرين وثمانمائة. ومن شعره: ولما رأينا السفن تحمل عالما ... عطاياه للعارفين ليس لها حصر عجبت له إذ يحمل البحر والذي ... عهدناه أن السفن يحملها البحر وله في قاضي القضاة جلال الدين البلقيني لما عزل بالهروي، وزينت القاهرة لولد، ولد للملك المؤيد، وعلق الترجمان في الزينة حماراً حياً، وتفرج الناس عليه فقال: أقام الترجمان لسان حال ... عن الدنيا يقول لنا جهارا زمان فيه قد وضعوا جلالاً ... عن العليا وقد رفعوا حمارا الجزء: 6 ¦ الصفحة: 249 1188 - الملك الكامل شعبان ... - 747 هـ - ... - 1346 م شعبان بن محمد بن قلاوون، السلطان الملك الكامل بن السلطان الملك الناصر ابن السلطان الملك المنصور. تسلطن بعهد من أخيه الملك الصالح، فإنه كان شقيقه، ولما مات أخوه الملك الصالح، بعد أن عهد له، اختلفت الأمراء الخاصكية، ومالت فرقة إلى أخيه حاجي، وفرقة إلى شعبان هذا. فقام بأمر شعبان هذا الأمير سيف الدين أرغون العلائي، وحدث الأمير سيف الدين أل ملك، وكان أل ملك إذ ذاك نائب السلطنة بالديار المصرية، فقال له أل الملك: بشرط أنه لا يلعب بالحمام. فبلغ الجزء: 6 ¦ الصفحة: 250 شعبان ذلك، فنقم عليه لما تسلطن، وأخرجه إلى نيابة دمشق، ثم سيره من الطريق إلى نيابة صفد نائباً. وكان جلوس الملك الكامل المذكور على تخت الملك، في يوم الخميس ثاني شهر ربيع الآخر سنة ست وأربعين وسبعمائة، وحلفوا له الأمراء على العادة. وتوجه الأمير بيغرا إلى الشام وحلف أمراءها، وملا تمكن الملك الكامل أخرج الأمير قماري أخابكتمر الساقي، والأمير طرنطاي البجمقدار، وهابه الناس. وصار يخرج القطاعات والوظائف بالبدل، وعمل لذلك ديواناً وكان يعين في المناشير بذلك، وكان محباً لجمع المال. قال الشيخ صلاح الدين بن أيبك: وكان شجاعاً يقظاً فطناً ذكياً، وكان أشقراً، محدد الأنف، أزرق العينين، على ما قيل لي. لم يخل بالجلوس للخدمة طرفي النهار مع اللهو واللعب دائماً، ولو ترك اللعب لكان ملكاً عظيماً. ولما تسلطن أنشدني لنفسه جمال الدين محمد بن نباتة: الجزء: 6 ¦ الصفحة: 251 جبين سلطاننا المرجى ... مبارك الطالع البديع يا بهجة الدهر إذ تبدى ... هلال شعبان في ربيع ثم قال: ولم يزل في الملك، حتى برز الأمير يلبغا اليحياوي إلى ظاهر دمشق، وجرى من الأمراء سيف الدين ملكتمر الحجازي، وشمس الدين آفسنقر، وغيرهما، ما تقدم ذكره في ترجمة أخيه الملك المظفر حاجي، من خلعه وجلوس الملك المظفر حاجي على كرسي الملك، في يوم الإثنين مستهل جمادى الآخرة سنة سبع وأربعين وسبعمائة. وكان مدة ملك شعبان هذا، سنة سبعة عشر يوماً، وأخرج أخوه حاجي من السجن وجلس مكانه. حكى لي سيف الدين أسنبغا دوادار الأمير أرغون شاه قال: مددنا السماط على أن يأكله الملك الكامل، وجهزنا طعام حاجي إليه في حبسه، فخرج حاجي أكل الجزء: 6 ¦ الصفحة: 252 السماط، ودخل الكامل السجن وأكل سماط حاجي، وقلت في واقعته: بيت قلاوون سعاداته ... في عاجل كانت بلا آجل حل على أملاكه للردى ... دين قد استوفاه بالكامل انتهى كلام الصفدي. قلت: ولما حبس الملك الكامل شعبان، صاحب الترجمة، كان ذلك آخر العهد به، رحمه الله تعالى. 1189 - شرف الدين السيوطي 699 - هـ - ... - 1300 م - ... شعيب بن يوسف بن محمد، القاضي شرف الدين أبو مدين السيوطي. ولد بإسنا سنة تسع وتسعين وستمائة. وقرأ الفقه على أبيه وعلى أبي الحسن علي بن محمد الفوّي وغيرهما. وبرع واشتغل، واستنابه والده عنه في الحكم بأسوان، ثم ولى بعد وفات ه م ن قبل القاضي بدر الدين بن جماعة مكان أبيه الجزء: 6 ¦ الصفحة: 253 واستمر إلى سنة تسع وعشرين وسبعمائة، ثم ولي إسنا وإدفو، ودرس بالمدرستين بأسوان، وكان خيراً ديناً صالحاً عفيفاً. قال القاضي كمال الدين جعفر الإدفوي في تاريخه، المسمى بالطالع السعيد في تاريخ الصعيد: أخبرني أنه قرأ النحو على تقي الدين بن الهمام السمهودي، والفرائض على عطاء الله بن علي الإسنائي. ثم قال: وكان في عمل قوص ثلاثة قضاة، فصار الإثنان يقصدان أن يضما جهته إلى جهتهما، ويضاف عمله إلى عملهما. فصرفا عن العمل واستمر في جهته وأضيف إليه من كل جهة من جهات ويضاف عمله إلى عملها. فصرفا عن العمل واستمر في جهته وأضيف إليه من كل جهة من جهات المذكورين جهة إلى جهته. ونظم بعضهم في ذلك فقال: إن القضاة ثلاثة بصعيدنا ... قد حققوا ما جاء في الأخبار قاض بإسنا قد ثوى في جنة ... والقاضيان كلاهما في النار هذا بحسن صفاته وفعاله ... وهما بما اكتسبا من الأوزار الجزء: 6 ¦ الصفحة: 254 باب الشين والهاء 1190 - المحسني ... - 708 هـ - ... - 1308 م شهاب بن علي بن عبد الله، الشيخ الصالح المعتقد أبو علي المحسني. كان رجلاً أمياً، مقيماً بتربة الفارس أقطاي بظاهر القاهرة. روى الكثير عن ابن القيرواني، وابن رواح، وتفرد بأجراء. وأخذ عنه شمس الدين الواني، وقاضي القضاة تقي الدين السبكي، وابن الفخر، وأبو شامة، وطائفة. قلت: وأظنه هو الشيخ المدفون خارج باب الشعرية المعروف بسيدي شهاب، والله أعلم. توفي المذكور سنة ثمان وسبعمائة، رحمه الله تعالى. 1191 - الموله التركماني ... - 678 هـ - ... - 1279 م شهرمان ، الموله التركماني الأصل الدمشقي. الجزء: 6 ¦ الصفحة: 255 كان تاجراً صاحب دكان بدمشق، فوقع له يوم خروج الحاج بكاء كثير، ولحقه عبرة فتهيأ لوقته، وتبع الركب وحج. وعاد مسلوب العقل، وصار له حال مثل المولهين، وبقي للناس فيه اعتقاد عظيم، ولما مات في سنة ثمان وسبعين وستمائة شيع جنازته خلق كثير، رحمه الله الجزء: 6 ¦ الصفحة: 256 باب الشين والياء المثنا ة م ن تحت 1192 - شيخو صاحب الخانقاة بالصليبة ... - 758 هـ ... - 1357 م شيخو بن عبد الله الناصري الأمير الكبير سيف الدين. أصله من كتابية الملك الناصر محمد بن قلاوون، وتقدم في دولة الملك المظفر حاجي بن محمد بن قلاوون، وصار من أعيان الأمراء. ولما خلع المظفر وقتل، وتسلطن أخوه الملك الناصر حسن بن محمد بن قلاوون، في يوم الثلاثاء رابع عشر شهر رمضان ثمان وأربعين وسبعمائة، وصار المتحدث في الدولة الأمير شيخو هذا، والأمير بيبغا أرس، وألمير ألجبغا العادلي، والأمير طاز، والحاج أرقطاي نائب السلطنة. واستمروا على ذلك إلى سنة إحدى وخمسين وسبعمائة، كتب إليه وهو الجزء: 6 ¦ الصفحة: 257 في الصيد بنيابة طرابلس، فلم يقبل وقدم القاهرة، فرسم بمسكه، فأمسك هو والأمير منجك اليوسفي. وكان شيخو رأس نوبة، ومنجك وزير وأستادار، فقيداً وأرسلا إلى دمشق، ثم رسم بعودهما وحبسهما بالإسكندرية. وكان ذلك بدسيسة مغلطاي بوري أمير آخور. فإنه قال للملك الناصر حسن: لا يصفو لك الملك، حتى يخرج من بيننا بيبغا أرس ومنجك وشيخو. وكان السلطان بعث بالأمير طاز قبل تاريخه، بمسك بيبغا أرس. فمسكه من الينبع بعد قضاء الحج، وقيده وأرسله إلى الكرك. وكان الملك المجاهد صاحب اليمن، قد حج في هذه السنة، فوقع بينه وبين الأمير طاز حرب بجبل عرفات. فانتصر الأمير طاز، وأمسك الملك المجاهد، وحضر به إلى السلطان مقيداً، ووقع له ما حكيناه في ترجمة المجاهد. ثم أخلع الملك الناصر على مغلطاي باستقراره رأس وبه، عوضاً عن شيخو، وبأرغون تتر نائب السلطنة بالديار المصرية. الجزء: 6 ¦ الصفحة: 258 واستمر شيخو محبوساً، إلى أن خلع الملك الناصر حسن، وتسلطن الملك الصالح. أطلق شيخو المذكور، وأحضر إلى القاهرة في شهر رجب سنة اثنتين وخمسين وسبعمائة، واستقر على عادته أولاً. وتوجه مع الملك الصالح، في وقعة أرغون الكاملي وعاد صحبة السلطان إلى الديار المصرية، ثم وجهه السلطان وصحبته عسكراً إلى بلاد الصعيد لقتال ابن الأحدب، فأظهر في هذه الوقعة ما أخفى على الناس من شجاعته، وأبلى في العرب المفسدين بلاء حسناً، ثم عاد. وصار طاز وشيخو مدبري المملكة، فأخلع على طاز واستقر أتابكا، وعلى الأمير شيخو رأس نوبة النوب، وأخرجا بيبغا أرس إلى نيابة حلب، عوضاً عن أرغون الكاملي. فتوجه بيبغا إلى محل كفالته، وخرج من الطاعة، فخرج إليه طاز وشيخو، ومعهما السلطان، إلى البلاد الشامية لقتال بيبغا أرس المذكور فقتلوه وظفروا به، وعادوا إلى القاهرة، والمتكلم في الدولة الأمير شيخو. واستمر الأمر على ذلك، إلى سنة خمس وخمسين وسبعمائة، وقع بين شيخو وبين السلطان. فلما كان يوم الإثنين ثاني شوال، اتفق أكثر الأمراء مع الأمير شيخو الجزء: 6 ¦ الصفحة: 259 على خلع الملك الصالح، وسلطنة السلطان حسن ثانيا. وكان الأمير طاز مسافراً بالبحيرة، وتم لهم ما أرادوه. وخلع الملك الصالح صالح بن محمد بن قلاوون، وجلس حسن على تخت الملك ثانيا. وكانت مدة سلطنة الملك الصالح صالح، وحبس الملك الناصر حسن، ثلاث سنين وثلاث شهور وأربعة عشر يوماً. فلما استقر الملك الناصر حسن في الملك، قبض على الأمير طاز وإخوته. ثم شفع الأمير شيخو فيه، فرسم له بنيابة حلب. واستقر الأمير شيخو صاحب الأمر والنهي من غير مشارك، وصار أتابك العساكر، وسمي بالأمير الكبير. وهو أول من سمي بهذا الاسم. وأخذ في عمارة الخانقاة والجامع بالصليبة، فكملت الخانقاة في سنة ست وخمسين وسبعمائة. وجعل العلامة أكمل الدين البابرتي شارع الهداية شيخ خانقاته ومدرسها، وعمر أوقافها وعدة أماكن أخر. وصار عظيم الدولة ومدبرها، وأثرى وكثر ماله وأملاكه، حتى قيل إنه كان يدخل إلى حاصله في اليوم مائتا ألف درهم من أملاكه وإقطاعه ومستأجراته. الجزء: 6 ¦ الصفحة: 260 واستمر في عزه، إلى يوم ثامن شعبان سنة ثمان وخمسين وسبعمائة، وثب عليه مملوك من مماليك السلطان، يقال له قطلوخجا السلحدار، وضربه بالسيف ثلاث ضربات في وجهه وفي يده وفي ذراعه، وهو جالس في دار العدل بحضرة السلطان حسن، فأمسك قطلوخجا المذكور، وسقط شيخو إلى الأرض. وقام السلطان، وطلعوا مماليك الأمير شيخو إلى القلعة ملبسين راكبين من باب السر، وصحبيتهم من الأمراء، الأمير خليل بن قوصون، إلى طبقة الأشرفية، وحملوا شيخو المذكور على جنوية، ونزلوا به إلى داره، فوجدوا به رمقا فخيطوا جراحاته وبات تلك الليلة، ونزل إليه السلطان الملك الناصر حسن من الغد إلى بيته، واستعطفه وحلف له، أن الذي جرى لم يكن به علم. وأحضر قطلوخجا المذكور فقال: ما أمرني أحد، ولكني قدمت إليه قصة فما قضى لي حاجتي. فرسم السلطان بتسميره وتوسيطه، فسمر وطيف به، ثم وسط. واستمر شيخو ملازماً للفراش، إلى أن مات في سادس عشر ذي القعدة من سنة ثمان وخمسين وسبعمائة، وقيل في ذي الحجة، وفي يوم موته زلزلت الأرض زلزلة لطيفة. الجزء: 6 ¦ الصفحة: 261 وكان أميراً كبيراً، جليلاً، شجاعاً مقداماً، جواداً كريماً، ممدحاً، ديناً خيراً، عفيفاً. بنى عدة أماكن بالقاهرة وغيرها، معروف غالبها به، ووقف وقفاً جيداً على عمائره، وعلى وجوه البر والصدقة. وخانقاته بالصليب ة م ن أعظم الخوانق. وكان ذا رأي وتدبير ومعرفة وسياسة، وكان يحب مجالسة العلماء ويجلهم إلى الغاية، ويكرم أهل الصلاح ويبرهم. وكان كثير الصدقات، وكانت عدة صدقته من المائة دينار إلى ما دونها، دواما ليس ذلك نادرا، وكان يرسل بمال عظيم في كل سنة، يفرق في الحرمين الشريفين، وكان يتفقد معارفه وأصحابه ويقضي حوائجهم، رحمه الله تعالى وعفا عنه. 1193 - الساقي ... - 752 هـ - ... 1351 م شيخو بن عبد الله الساقي، الأمير سيف الدين. كان من جملة الأمراء بالديار المصرية، ثم خرج في الدولة المظفرية حاجي، في سنة ثمان وأربعين وسبعمائة، إلى دمشق أميراً بها، وكان من أحسن الأشكال. قال ابن أيبك: وكان يكتب الخط المنسوب، وكتب بخطه ربعة في ربع البغدادي الكبير، بقلم خفيف المحقق من أحسن ما يكون. وكان يتعانى الكتب النفيسة من كل فن ويشتريها، انتهى كلام ابن أيبك. الجزء: 6 ¦ الصفحة: 262 قلت: وأظن وفاته بعد الخمسين وسبعمائة بمدة رحمه الله تعالى. 1194 - الملك المؤيد شيخ ... - 824 هـ - ... - 1421 م شيخ بن عبد الله المحمودي الظاهري، السلطان الملك المؤيد، سيف الدين أبو النصر الجاركسي. الرابع من ملوك الجراكسة، والثامن والعشرون من ملوك الترك. جلب ه م ن بلاد الجاركس، الخواجا محمود شاه اليزدي، إلى القاهرة في سنة اثنتين وثمانين وسبعمائة، فاشتراه الملك الظاهر برقوق وهو إذ ذاك أتابك العساكر وأعتقه. فلما تسلطن، جعله بعد مدة خاصكيا ثم ساقيا، واختص به إلى الغاية. وكان شيخ المذكور في شبيبته متهتكاً، يميل إلى اللهو والطرب وغير ذلك. فنهاه الملك الظاهر عن ذلك غير مرة، ثم غضب عليه، بسبب ما ذكرناه، وضربه الجزء: 6 ¦ الصفحة: 263 ضرباً مبرحاً، ولم يعزله عن وظيفته ولا أبعده، ثم أنعم عليه بإمرة عشرة في سلطنته الثانية بعد وقعة شقحب، واستمر نقله إلى إمرة أربعين. ودام على ذلك، إلى أن توفي الملك الظاهر برقوق، وتسلطن ولده الملك الناصر فرج. صار شيخ هذا أمير مائة ومقدم ألف بالديار المصرية، عوضاً عن الأمير بجاس النوروزي، بحكم استعفاء بجاس عن الإمرة واستقراره بطالا. ثم أخلع على شيخ المذكور بإمرة حاج المحمل، وعلى الطواشي بهادر بإمرة الركب الأول. فحج وعاد واستمر على ما هو عليه، إلى أن عصى الأمير تنبك الحسني، المدعو تنم نائب الشام، في سنة اثنتين وثمانمائة، ووقع ما حكيناه في ترجمة تنم. استقر شيخ المذكور في نيابة طرابلس، عوضاً عن الأمير يونس بلطا بحكم موافقته لتنم الجزء: 6 ¦ الصفحة: 264 المذكور. فتوجه شيخ إلى طرابلس، ودام بها إلى أن طرق تيمور البلاد الحلبية، وخرج لقتاله الأمير سودون نائب الشام، ومعه سائر نواب البلاد الشامية، ووقع ما حكيناه أيضاً في ترجمة سودون وغيره، من أسر سودون المذكور وغيره من الأمراء والنواب. فكان شيخ ممن أسر أيضاً، وبقي في قبضة تيمور، إلى أن قدم تيمور إلى البلاد الشامية، فر منه شيخ ولحق بالملك الناصر فرج، بعد أن كان وكل تيمور به جماعة كثيرة، فخلصه الله منهم. وبقي عند الملك الناصر فرج، إلى أن عاد تيمور لعنه الله إلى بلاده، أخلع عليه باستقراره في نيابة طرابلس على عادته. فتوجه إليها ودخلها، ودام بها إلى ذي الحجة من سنة أربع وثمانمائة، وقامت الفتنة بين الأمراء في الديار المصرية، توجه هو أيضاً إلى دمشق، وملكها من غير مدافع، بعد عزل الأمير آقبغا الجمالي الأطروش. ثم جاءه التشريف من عند الملك الناصر فرج بعد ذلك باستقراره في نيابة دمشق، وتوجه آقبغا إلى القدس بطالاً. الجزء: 6 ¦ الصفحة: 265 فاستمر شيخ في نيابة دمشق إلى سنة سبع وثمانمائة، ووقع بين الأمير يشبك الشعباني الدوادار، وبين إينال باي أمير آخور، الفتنة المشهورة، التي أسفرت على خروج يشبك المذكور بمن معه من الأمراء من الديار المصرية، وقدومه إلى دمشق على الأمير شيخ. فلما بلغ شيخ قدوم يشبك بمن معه، خرج الأمير شيخ إلى لقائهم وأكرمهم، واحتفل بأمرهم احتفالاً زائداً، ورتب لهم الرواتب الهائلة. وكانوا جماعة كبيرة وهم: الأمير يلبغا الناصري، وقطلوبغا الكركي، وتمراز الجزء: 6 ¦ الصفحة: 266 الناصري، وجاركس القاسمي المصارع، وطولو من على باشاه، وسودون الحمزاوي، وإينال العلائي المعروف بإينال حطب. فوافقهم الأمير شيخ المذكور على العصيان وتهيأ للسفر، ثم كاتب الأمير جكم من عوض نائب حلب، فأجاب جكم أيضاً بموافقتهم، وخرج من حلب حتى قدم عليهم بدمشق. ثم توجه الجميع إلى الديار المصرية، ومعهم أيضاً قرا يوسف صاحب تبريز، والأمير نوروز الحافظي، فإنهما كانا في حبس الملك الناصر فرج بقلعة دمشقز وساروا الجميع إلى نحو الديار المصرية حتى وصلوا إلى الصالحية، وقد خرج الملك الناصر فرج من القاهرة لقتالهم، ونزل بمنزلة السعيدية. فاستشار شيخ من الجزء: 6 ¦ الصفحة: 267 معه من الأمراء في لقاء الملك الناصر، فكثر الكلام واختلفت الآراء، حتى قال قرايوسف: كم يكون عسكر السلطان؟ فعرفوه تقريباً ما يكون مقدار ما معه في الأمراء والعساكر، فالتفت إليهم وقال: لا أنتم ولا نحن، لا نطيق ملتقى الملك الناصر، وإن كان ولا بد، فبيتوه حيث هو نازل، وماتم غير ذلك. فأعجب شيخ ويشبك رأيه، وكان وافقه الأمير جكم أيضاً على هذا الرأي. فنهض شيخ بمن معه من الأمراء من وقته، وركبت الأمراء بمماليكهم وحواشيهم غارة، وهم الجميع، نحو أربعة آلاف نفر، حتى كسبوا الملك الناصر في ليلة الخميس ثالث عشر ذي الحجة من سنة سبع وثمانمائة. فركب الملك الناصر بمن التم عليه من عسكره، وثبت لهم، وتقاتل الفريقان قتالاً شديداً، من بعد عشاء الآخرة إلى بعد نصف الليل. وكان الذي التم على الملك الناصر مقدار ثلث عسكره، فإنهم تشتتوا في الليل يميناً وشمالاً، ولا يدرون أين يتوجهون. ثم إن الملك الناصر انهزم، وعاد إلى نحو القاهرة، حتى طلع قلعة الجبل في أناس قلائل جداً. وقيل إنه ما كان معه خلاف سودون الطيار، وسودون الأشقر على الهجن لا غير. الجزء: 6 ¦ الصفحة: 268 وقبض الأمير الشيخ، على الأمير صرق وقتله صبراً بين يديه، فإنه كان ولي نيابة دمشق عوضه من قبل الملك الناصر فرج. ثم أصبح شيخ ورفقته من الغد، ركبوا حتى وصلوا إلى الريدانية خارج القاهرة، وأقاموا بها ثلاثة أيام. فاختلفت الكلمة بين الأمراء الشاميين، ثم تحامل عسكر الملك الناصر فرج وخرج لقتال شيخ المذكور وغيره، فتقاتلا معه فانكسر شيخ ورفقته، ودخل أكثرهم إلى القاهرة مختفياً. فلما رأى شيخ ما وقع، أخذ في الرجوع إلى الشام، ورجع صحبته الأمير جكم وقرايوسف. وأخلع الملك الناصر على الأمير نوروز الحافظي بنيابة دمشق. وتوجه شيخ قلعة الصبيبة، وتولى نيابة حلب الأمير علان، وتولى نيابة طرابلس بكتمر جلق، وتولى نيابة حماة دقماق المحمدي، وتوجه كل أحد إلى محل كفالته. واستمر شيخ بالصبيبة إلى ربيع الآخر سنة ثمان، توجه وصحبته الأمير جكم إلى دمشق، لقتال نوروز في عسكر قليل. فخرج إليه نوروز بعسكر كثيف، الجزء: 6 ¦ الصفحة: 269 وتقاتلا، فانكسر نوروز وتوجه نحو طرابلس، وملك الأمير شيخ هذا دمشق. وفي غضون ذلك، اختفى الملك الناصر فرج بالديار المصرية، وخلع بأخيه الملك المنصور عبد العزيز، ثم تسلطن ثانياً، وتذكر ذلك كله، في ترجمة الملك الناصر إن شاء الله تعالى مفصلا. واصطلح الملك الناصر فرج مع الأمير يشبك. ثم كتب السلطان إلى الأمير شيخ، بتسليم حلب إلى جكم. فاجتمع نوروز الحافظي، وبكتمر جلق نائب طرابلس، ودقماق نائب جماة، وعلان حلب، واتفقوا على قتال شيخ، فالتقيا على حماة، وتقاتلا أشد قتال، حتى كسرهم شيخ، وملك حماة عنوة بالسيف. ثم توجه إلى حلب، فدخلها في شهر رجب سنة ثمان وثمانمائة، وسلمها إلى الأمير جكم، ثم عاد إلى دمشق. وبعد أيام صالح الأمير نوروز الحافظي ومن معه، واتفقوا على مخالفة الملك الناصر. ثم ورد على شيخ المذكور مرسوم من الملك الناصر، يتضمن عزل جكم عن نيابة حلب بدمرداش المحمدي، وتوليه علان نيابة طرابلس، وأنه يركب الجزء: 6 ¦ الصفحة: 270 ويسلم حلب وطرابلس إليهما. فركب شيخ بمن معه من الأمراء والعساكر ما عدا نوروز، فإنه كان قد توجه قبل تاريخه إلى الأمير جكم من عوض. وبلغ جكم من عوض ما ورد على شيخ، فخرج هو أيضاً من حلب وقصد شيخ. فالتقى الجمعان بين حمص والرستين، فخامر بعض أمراء الأمير شيخ إلى جهة جكم من عوض، وفر دمرداش منهزماً، وبقي شيخ وحده، فلوى عنان فرسه راجعاً إلى دمشق، فدخلها في ذي الحجة من سنة ثمان وثمانين. ثم خرج منها متوجهاً إلى الديار المصرية، حتى وصلها في صفر سنة تسع. فخرج الملك الناصر والتقاه في خارج القاهرة، واحتفل به، وأنعم عليه وأكرمه. ثم تجهز الملك الناصر، وخرج من ديار مصر إلى البلاد الشامية، يريد قتال جكم من عوض، فإنه كان ولي نوروز نيابة دمشق من قبله، واستمر هو بحلب. فلما سمع بخروج الناصر إليه، أرسل طلب نوروز من دمشق إلى عنده، ثم خرج هو أيضاً من حلب إلى جهة بلاد الروم، وخلت البلاد الشامية من الحكام. فسار الأمير شيخ جاليشا للملك الناصر، وساق خلف القوم حيث ما ذهبوا، حتى وصل الفرات، وهم منهزمون أمامه، والملك الناصر بحلب. ثم رجع الشيخ إلى حلب، وعاد صحبة السلطان الملك الناصر، إلى أن وصل بالقرب من صفد، الجزء: 6 ¦ الصفحة: 271 سأل الملك الناصر في صفد فأعطاه إياها، وتوجه إليها، واستمر بها شيخ مناصحاً للملك الناصر، وجكم يرسل إليه بالصلح وهو لا يسمع له. إلى أن عص الأمير إينال باي بن قجماس على الملك الناصر، وخرج من القاهرة، والملك غزة وتلك البلاد، وانضاف إليه سودون الحمزاوي وغيره من الأمراء، حسبما ذكرناه في غير موضع، ثم أرسل إينال باي كاتب نوروز هو ومن معه. فلما بلغ شيخ ذلك، ركب من صفد، حتى طرق إينال باي ومن معه بغزة، وتقاتلوا قتالاً شديداً، فانكسر إينال باي وقتل، معه جماعة من الأمراء، وأسر جماعة آخر، ثم عاد شيخ إلى صفد، بعدما أرسل برأس إينال باي وغيره إلى الملك الناصر. واستمر بصفد، إلى أن خرج السلطان إلى الشام بعد قتل جكم، فلما قارب الملك الناصر دمشق، توجه إليه شيخ هذا ودخل معه دمشق. فلما استقر الملك الناصر فرج بدمشق، هرب منها الأمير نوروز، فبادر الملك الناصر وقبض على الأمير شيخ هذا، وعلى الأتابكي يشبك الشعباني، وحبسهما بقلعة دمشق، إلى أن استمالا الأمير منطوق نائب قلعة دمشق فأفرج عنهما، وتسحب من قلعة دمشق صحبتهما. نزلوا من قلعة دمشق اختفى شيخ بمدينة دمشق، وتوجه يشبك الجزء: 6 ¦ الصفحة: 272 الشعباني نحو حمص، فأرسل الملك الناصر الأمير بيغوت ومعه جماعة أخر خلفهم. فساق بيغوت حتى لحق منطوق نائب قلعة دمشق المتقدم ذكره، وقطع رأسه، وفاز يشبك بنفسه. ثم عاد بيغوت من معه إلى السلطان وعرفه الحال، فأرسل السلطان إلى الأمير نوروز الحافظي بنيابة دمشق، وعاد السلطان إلى جهة الديار المصرية. وكان شيخ قد خرج من دمشق وانضم عليه جماعة، فلما خرج الملك الناصر من دمشق، عاد إليها شيخ ومعه يشبك الشعباني وغيره، وقدم. نوروز إلى بعلبك فندب شيخ لقتاله الأتابك يشبك الشعباني. وخرج معه الأمير جاركس المصارع حتى وصلا إلى بعلبك، فرجع إليهم نوروز وواقعهم، فانكسر يشبك وقتل، وقتل أيضاً الأمير جاركس القاسمي المصارع. وقدم نوروز دمشق، فخرج منها شيخ ولحق بحلب، ووقع بينهما أمور وحوادث إلى أن اصطلحا على سرمين، وتوجه شيخ إلى طرابلس، واستمر نوروز بدمشق. فلما بلغ الملك الناصر صلحهما، أرسل استمال شيخ هذا وولاه نيابة دمشق، ورسم له باستنقاذ البلاد التي استولى عليها نوروز. الجزء: 6 ¦ الصفحة: 273 فأخذ شيخ في قتال نوروز ثانيا، ووقع بينهما حروب وخطوب، حتى تقاتلا خارج دمشق قتالاً شديداً، انكسر فيه نوروز. ودخل شيخ إلى دمشق وملكها في شهر ربيع الأول سنة إحدى عشر وثمانمائة، واستمر بدمشق، ووقع بينه وبين نوروز وقعة أخرى، انتصر فيه شيخ أيضاً، وقبض على نوروز. وفي هذا المعنى يقول شاعره، الشيخ تقي الدين أبو بكر حجة الحموي الحنفي رحمه الله تعالى: بدا بثغور الأرض منك تبسم ... ولاح بجيد الدهر عقد منظم وقد كادت الدنيا تقول لأهلها ... خذوا لذة لو أنها تتكلم فيا ملكا قد صار شيخ زمانه ... وكل ملوك الأرض منه تعلموا وصب عذاب منك يوم صبيبة ... على حرب أهل البغي صبا فاحجموا حملت وجند الله حولك جملة ... ومن لجنود الله في الحرب يصدم ومزقتهم أيدي سبا فتمزقوا ... وسيفك يبدي الصفح فيهم ويحلم وكم بفتوح الشام أبديت سيرة ... وذكرك فيها خالداً يتكلم ثم وقع بين الملك الناصر وبين الأمير شيخ أيضاً وحشة، أوجبت خروج الناصر إلى البلاد الشامية في سنة اثنتي عشر. فلما قارب الملك الناصر دمشق، خرج منها شيخ إلى قلعة صرخد فتوجه إليه الناصر وهو بصرخد، وحاصره بقلعتها الجزء: 6 ¦ الصفحة: 274 مدة ثم اصطلحا على تولية شيخ نيابة طرابلس، وبكتمر جلق نيابة دمشق، ودمرداش نيابة حلب. وعاد السلطان إلى القاهرة فنزل شيخ من قلعة صرخد وتوجه إلى دمشق واستولى عليها بعد قتال، وهرب بكتمر جلق إلى صفد. فلما سمع دمرداش ما وقع لبكتمر، أرسل طلب نوروز من عند التركمان، وأحسن إليه، وكتب يسأل السلطان في توليته دمشق، عوضاً عن الأمير شيخ. فلما بلغ شيخ ذلك، توجه إلى نوروز وقاتله وحصره بحماة. فأرسل نوروز إلى دمرداش يستنجده، فقدم دمرداش بعسكر حلب، فلما حضر إلى حماة صدمه شيخ بعسكره، فكسره كسرة شنيعة، وأما نوروز فإنه لم يجسر أن يخرج إلى ظاهر حماة. واستمر الحصار والقتال بينهم، إلى رابع شهر ربيع الأول، انتظم الصلح بينهما. وخرج نوروز بمن معه إلى ظاهر حماة، وركب شيخ إلى ملاقاتهم، وأكرمهم إكراماً زائداً. وصار نيروز نائب حلب، والأمير جانم من حسن شاه نائب حماة، وسيدي الكبير قرقماس نائب طرابلس. الجزء: 6 ¦ الصفحة: 275 وعاد شيخ المذكور إلى دمشق، واتفقوا الجميع على مخالفة الملك الناصر، وداموا على ذلك، حتى خرج السلطان الملك الناصر إلى البلاد الشامية لقتالهم في سنة ثلاث عشرة وثمانمائة، فلما قارب الناصر دمشق، خرج منها شيخ وتوجه إلى حلب إلى الأمير نوروز، وخرجا بمن معهما من حلب، وقدم السلطان حلب في إثرهم. وتوجها إلى إبلستين والسلطان في إثرهم، ثم توجهوا الجميع إلى قيصرية. فعند ذلك رجع السلطان إلى حلب ورجع الأمراء، أعني شيخ ورفقته من على تدمر، ثم من البرية، إلى أن وصلوا إلى الكرك. واجتمع عليهم جماعة أيضاً من الأمراء وغيرهم، ممن خرج عن طاعة الناصر، وتوجهوا جميعاً إلى الديار المصرية، وهم فيما دون الثلاثمائة فارس. فوصلوا القاهرة في شهر رمضان، سنة ثلاث عشرة وثمانمائة، وقاتلوا نائب الغيبة بها، وأقاموا بالديار المصرية ثلاثة أيام. ثم جاءهم الخبر بمجيء الملك الناصر بعسكر كبير، ثم تحققوا أن الواصل غير الملك الناصر، وهو بكتمر جلق في نحو الألف فارس، فركب شيخ بمن معه، وقاتل بكتمر جلق ساعة. وانكسر شيخ وتقنطر عن فرسه، وبقي ساعة ماشياً بالقرب من باب القرافة، حتى أدركه أمير آخوريته الأمير جلبان، الذي هو الآن نائب الشام، الجزء: 6 ¦ الصفحة: 276 بجنيب له فأركبه. ونجا بنفسه من البرية، في نفر قليل من الأمراء وغيرهم من الذين قدموا معه، وقاسوا في البرية شدائد حتى وصلوا الكرك، كل ذلك والملك الناصر فرج مقيم بدمشق. وطلع شيخ ورفقته إلى قلعة الكرك وأقام بها أياماً يسيرة، ونزل من القلعة إلى الحمام ومعه سودون بقجة وجماعة قليلة. فلما صار بالحمام، ركب حاجب الكرك بجماعة كبيرة وانتهز الفرصة، وكبس على الأمير شيخ بالحمام المذكورة، فخرج شيخ، وقبل أن يلبس ثيابه، وقعت القتلة على باب الحمام. واشتد القتال بينهم، وقتل سودون بقجة على باب الحمام، وأصاب شيخ هذا سهم كاد يموت منه. ودام القتال بينهم حتى أدركه الأمير نوروز بمن معه من قلعة الكرك، وانهزم حاجب الكرك، فحمل شيخ المذكور إلى القلعة وهو في أسوأ حال. ومشى له المزين أياماً، إلى أن نزل الناصر بالكرك وحصر قلعتها، وكان بها مع شيخ ونوروز أناس قلائل، بالنسبة إلى من مع الملك الناصر من العساكر، ودام الناصر على حصارها أياماً، وقلت الأزواد على العسكرين. الجزء: 6 ¦ الصفحة: 277 وأرسل الأمير شيخ ونوروز يستجيران بوالدي رحمه الله، في عمل الصلح بينهما وبين الملك الناصر. فمشى والدي رحمه الله بينهم بالصلح رحمة لشيخ المذكور ورفقته، حتى أذعن السلطان للصلح. واتفقوا على أن يكون والدي رحمه الله في نيابة دمشق، وشيخ في نيابة حلب، ونوروز في نيابة طرابلس، فأبى والدي رحمه الله أن يلي نيابة دمشق، ورشح بكتمر جلق إلى نيابة دمشق. وعاد الخبر بذلك إلى قلعة الكرك، إلى الأمراء، فنقضوا الصلح، وقالوا: لا يمكن أن يكون بكتمر في نيابة دمشق، ونحن تحت يديه، وإن كان ولا بد فيكون الأمير الكبير تغرى بردى، فإنه أكبرنا وأعظمنا. فسأل السلطان والدي رحمه الله في أن يلي نيابة دمشق وألح عليه، وقال له: إن كان لي غرض في أن أبقى هؤلاء، فالبس تشريف نيابة دمشق، وإلا فأنا أقاتلهم حتى آخذها عنوة بالسيف، وأقتل جميع من بها. فعند ذلك أذعن والدي ولبس التشريف، وحمل لكل أمير تشريفة، وتم الصلح، وعاد الملك الناصر إلى الديار المصرية. واستمر شيخ في نيابة حلب مدة، ووقع بينه وبين نائب قلعة حلب وحشة، فبادره نائب قلعة حلب بالقتال، فخرج الأمير شيخ إلى ظاهر حلب، واستدعى نوروز إليه فجاءه، واجتمع جماعة أخر، وبلغ السلطان ذلك الجزء: 6 ¦ الصفحة: 278 فخرج إلى البلاد الشامية لقتالهما، فتوجها نحو حماة، ثم جاءهم الخبر بوصول الملك الناصر. وكان شيخ ونوروز، لما بلغهما أن والدي رحمه الله على خطه، قدما دمشق لعيادته، وخلا إليه بدار السعادة في أناس قلائل جداً، فتعجب الناس لذلك، وجلسا عند والدي ساعة كبيرة، ثم خرجا من عنده. هذا والملك الناصر قد خرج من الديار المصرية في طلب هؤلاء، وجل قصده الظفر بهم. وقد دخلوا الجميع عند والدي رحمه الله بدار السعادة، وطال جلوسهم عنده، وكان يمكنه القبض عليهم وعلى أمثالهم، فلم يفعل. وأنعم على شيخ بفرس بسرج ذهب، وكنبوش زركش، وألف دينار، وعلى الأمير نوروز كذلك. وبلغ الملك ذلك فعظم عليه. وقيل إن بعض أعيان مماليك والدي رحمه الله، كلمه بعد خروجهم من عنده في ذلك، فقال له: أنا مريض وللموت أقرب، أمسكهم وأسلمهم له حتى يقتلهم عن آخرهم، ويكون ذلك في ذمتي؟ وأيضاً كان من المروءة أن هؤلاء يدخلون إلى عيادتي فأمسكهم؟ لا والله. ثم خرج الأمير شيخ ونوروز ومن معهما إلى حماة، وبعد خروجهم من دمشق بمدة يسيرة، وصل إلى دمشق الأمراء الذين هم جاليش الملك الناصر فرج، الجزء: 6 ¦ الصفحة: 279 ودخلوا أيضاً إلى والدي وهو ملازم للفراش، فشكوا له من الملك الناصر، وأعلموه بأنهم خرجوا عن طاعته، وقصدهم التوجه إلى شيخ ونوروز، ثم قبلوا يده، وقاموا من عنده، وخرجوا من دمشق حتى لحقوا بشيخ، وهم: الأمير بكتمر جلق، وطوغان الحسني الدوادار الكبير، وشاهين الأفرم أمير سلاح في آخرين، وخرج معهم من دمشق سيدي الكبير قرقماس، كل ذلك في أوائل المحرم سنة أربع عشرة وثمانمائة، فقدموا الجميع على شيخ ونوروز بظاهر حماة. وكان في نيابة حماة إذ ذاك، سيدي الصغير تغرى بردى بن أخي دمرداش، فسأله أخوه سيدي الكبير قرقماس، أن يسلم حماة للأمير شيخ، فأبى وامتنع من ذلك. فتوجهوا الجميع نحو بحيرة حمص، فبلغهم خروج الملك الناصر من دمشق، في يوم الإثنين سادس المحرم، ونزل برزة، ثم رحل منها إلى جهة شيخ ورفقته. وسار حتى نزل حسيا بالقرب من حمص، فبلغ شيخ ومن معه الجزء: 6 ¦ الصفحة: 280 ذلك، فرحل من قارا إلى جهة بعلبك، فتبعهم الملك الناصر، ونزل أثقاله بحسيا وسار في إثرهم. فتوجهوا إلى البقاع فقصدهم وقفا أثرهم، فمضوا نحو الصبيبة وهو يتبعهم حتى نزلوا اللجون. فأشار على الملك الناصر أصحابه، بالعود إلى دمشق، ويرسل لهم عسكراً، فلم يرض الناصر بذلك وقصدهم، وركب من ساعته وساق وهو ثمل، وفي ظنه أنه ساعة ما يقع بصره عليهم يأخذهم. وساق حتى وصل إلى اللجون، فما وصل إليها حتى تقطعت عساكره من شدة السوق، ولم يبق معه من عسكره إلا القليل، وقد دخل وقت العصر، من يوم الإثنين ثالث عشر المحرم. فأشار عليه الأتابك دمرداش المحمدي، أن يبيت تلك الليلة هناك حتى تستريح خيوله، ثم يركب من الغد ويواقعهم، فقال له الناصر وما فائدة ذلك. فقال له دمرداش: يا خوند الراحة، وأيضاً فينا من له ميل إلى هؤلاء، فإذا بتنا في مكاننا هذا، يتسحب عنا من له غرض عند هؤلاء، ويبقى عندنا من هو منا، فنعرف عند ذلك ما مقدار عسكرنا، وما نقدم عليه. فنهره الملك الناصر، وقال: أنا لي سنين أترقب هذا اليوم، وقد حصل لي ما رمته فأبيت هنا فيفروا الجميع، ويتبعوني أيضاً في طلبهم، ثم حرك فرسه ودق طبله وساق. الجزء: 6 ¦ الصفحة: 281 وأما الأمير شيخ ورفقته، فإنهم نزلوا وأراحوا خيولهم، وفي ظنهم أنه يتمهل ليلته ويلقاهم في الغد. فإذا جنهم الليل ساروا بأجمعهم من وادي غارة إلى جهة الرملة، وسلكوا البر عائدين إلى حلب، وليس في عزمهم أن يقاتلوه أبدا خوفاً منه وعجزا عنه. فأراد الله سبحانه وتعالى هلاك الناصر، فحمل بنفسه من فوره حال وصوله كما ذكرناه. وعندما زحف للقتال وحلت طائفة من عسكره، في وحل كان هناك، فأشرفت على الهلاك، وفرت طائفة أخرى، وثبت الناصر في جماعة. وقتل الأمير مقبل الرومي، أحد مقدمي الألوف بالديار المصرية، وقتل أحد رءوس الفتنة، ألطنبغا قراسقل. فعند ذلك انهزم الملك الناصر وقد جرح في عدة مواضع من بدنه، ولوى رأس فرسه يريد دمشق. فاقتحم شيخ العسكر السلطاني واحتاط بالخليفة المستعين بالله وأرباب الدولة. فما جاء وقت المغرب، حتى انتصر شيخ ورفقته، وباتوا بمخيماتهم ليلة الثلاثاء، ثم أصبحوا وليس فيهم واحد مشاراً إليه، بل نادى شيخ أنه الأمير الكبير، الجزء: 6 ¦ الصفحة: 282 ونادى نوروز كذلك، ونادى بكتمر كذلك. وأخذ سودون المحمدي بيده الاصطبل السلطاني واستولى على جميعه. ثم بعث الأمير شيخ ونوروز، إلى فتح الله كاتب السر، فأحضراه في خلوة، وقالا له: اكتب بما جرى إلى الديار المصرية. فقال لهما: من السلطان الذي أكتب عنه؟ فاطرق كل منهما رأسه ساعة، ثم قالا: ابن أستاذنا ما هو هنا، يعني ابن الملك الناصر فرج، حتى نسلطنه. فقال لهم فتح الله: الرأي أن يتقدم كل منكما إلى موقعه بأن يكتب بما شاء، ففعلا كذلك، ثم نودي بالرحيل، فرحل العسكر يريدون دمشق. وأما الملك الناصر فإنه ساق حتى دخل دمشق ليلة الأربعاء خامس عشرة فمات والدي يوم الخميس، ثاني يوم دخول الناصر دمشق، فحضر الناصر الصلاة عليه، وورثه، واستولى على جميع موجوده وأخذ ينادي في دمشق، بإبطال المكوس والنفقة في المماليك السلطانية وأنواع ذلك. إلى أن نزل الأمير شيخ بمن معه، على قبة يلبغا، في بكرة نهار السبت ثامن عشر المحرم، فندب الملك الناصر لقتالهم عسكرا، فوصلوا إلى القبيبات، فبرز لهم من جهة شيخ، سودون المحمدي الجزء: 6 ¦ الصفحة: 283 وسودون جلب، ومعهم جماعة، واقتتلوا حتى تقهقر الناصرية مرتين، ثم انصرف الفريقان. وفي يوم الأحد ارتحل شيخ برفقته، ونزلوا غربي البلد من جهة الميدان، ووقفوا من جهة القلعة، وتراموا بالسهام في كل يوم، إلى يوم الأربعاء ثاني عشرينه. وقع القتال في ناحية شرقي البلد، ونزل نوروز بدار الطعم، وامتدت أصحابه إلى العقيبة، ونزل شيخ بدار غرس الدين خليل، تجاه جامع كريم الدين، بطرف القبيبات، ومعه الخليفة وكاتب السر ورفقته، واشتد القتال بينهم في كل يوم. فلما كان يوم الجمعة رابع عشرين المحرم، أحضر الأمير شيخ، بلاط الأعرج شاد الشراب خاناة، وكان ممن قبض عليه في الوقعة، فوسطه من أجل أنه كان يتولى ذبح المماليك الظاهرية بقلعة الجبل، ثم وسط أيضاً بلاط أمير علم، وكان ممن قبض عليه أيضاً في الوقعة. وفي يوم السبت خامس عشرين المحرم، خلع الخليفة المستعين بالله، الملك الناصر فرج من الملك. وأشار شيخ على الأمراء، بأن يتسلطن الخليفة المستعين بالله، فبايعوه الأمراء. ولبس الخليفة خلعة السلطنة، في يوم السبت المذكور، آخر الساعة الخامسة من نهار السبت، والطالع برج الأسد، وجلس الخليفة على كرسي الملك وقبلوا الأمراء الجزء: 6 ¦ الصفحة: 284 الأرض بين يديه، ووقفوا على مراتبهم. وأخلع على الأمير بكتمر جلق بنيابة الشام، وعلى سيدي الكبير قرقماس بنيابة حلب، وعلى سودون الجلب بنيابة طرابلس. وركب المستعين والأمير بين يديه، ونادى مناد، بأن الناصر فرج قد خلع، فلا يحل لأحد مساعدته، فانكف الناس عن الناصر، وأخذ أمره في انحطاط. واستمر القتال في كل يوم، إلى يوم السبت تاسع صفر، ركب شيخ بنفسه، وباشر القتال، حتى ملك مدينة دمشق. وفر دمرداش المحمدي إلى جهة حلب، وانحاز الملك الناصر بقلعة دمشق، إلى يوم الأحد عاشر صفر. بعث الملك الناصر بالأمير أسندمر أمير آخور، ليحلف لهم الأمراء، فكتب نسخة اليمين، وحلفوا له، ووضعوا خطوطهم، وكتب أمير المؤمنين خطه أيضاً، فلم يتم الصلح بذلك. وتقاتلوا بعد ذلك، ثم اصطلحوا. ونزل الملك الناصر فرج بأولاده من قلعة دمشق، في ليلة الإثنين حادي عشر صفر إلى الاصطبل عند الأمير شيخ، فقام له شيخ وقبل له الأرض وأجلسه بمكانه بصدر المجلس، وسكن روعه، وتركه وانصرف. فأقام الناصر بمكانه، إلى يوم الثلاثاء ثاني عشر صفر. جمع شيخ القضاة، بدار السعادة بين يدي أمير المؤمنين، فأفنوا بإراقة دم الملك الناصر. فأخذ ليلة الأربعاء من الاصطبل، وتوجه به في موضع من قلعة دمشق وحده، واستمر إلى ليلة السبت سادس عشرة، فقتل في تلك الليلة. الجزء: 6 ¦ الصفحة: 285 ثم وقع الاتفاق بين الأميرين شيخ ونوروز، أن تكون المملكة بينهما بالسوية، فواحد يتوجه صحبة الخليفة إلى الديار المصرية، وواحد يقيم بدمشق، ويكون حكمه من الفرات إلى غزة. فبادر شيخ وقال: أنا أكون بدمشق، وأنت تتوجه إلى القاهرة مع الخليفة. وكان نوروز عنده خفة، فقال نوروز: لا بل أنا أقيم بدمشق، وأنت تتوجه صحبة المستعين بالله، وانخدع له. فأجابه شيخ من ساعته، وأخلع المستعين على الأمير نوروز تشريفاً بنيابة دمشق، وفوض إليه الحكم في سير ممالك الشام، وذلك في خامس عشرين صفر من سنة خمس عشرة وثمانمائة. وأقام المستعين وشيخ بالبلاد الشامية، إلى يوم السبت ثامن عشر ربيع الأول، برز المستعين بالله إلى جهة الديار المصرية، ومعه الأمير شيخ، وسارا حتى وصلا إلى الديار المصرية، في يوم الثلاثاء ثاني شهر ربيع الآخر. فأقام إلى يوم الإثنين ثامنه، وأخلع الخليفة على الأمير شيخ تشريفاً، واستقر به أميراً كبيراً، وفوض إليه جميع الأمور من الولاية والعزل وغير ذلك. وسكن شيخ بباب السلسلة من الإصطبل السلطاني. ثم أخلع على الأمير شاهين الأفرم، باستقراره أمير سلاح على عادته وعلى الأمير يلبغا الناصري أمير مجلس، وعلى طوغان الحسني دوادارا على عادته، وعلى إينال الصصلاني حاجب الحجاب عوضاً عن يلبغا الناصري، وعلى الجزء: 6 ¦ الصفحة: 286 سودون الأشقر رأس نوبة النوب. واستمر الأمر على ذلك، إلى أن مات الأميري بكتمر جلق، في جمادى الآخرة، من مرض تمادى به نحو الشهرين. فخلا الجو للأمير شيخ بموت بكتمر جلق، وأخذ في تدبير سلطنته إلى أن تم له ذلك. ذكر سلطنة الملك المؤيد شيخ وجلوسه على تخت الملك ولما كان يوم الإثنين، مستهل شعبان سنة خمس عشرة وثمانمائة، اجتمع القضاة الأربع، وأعيان الدولة من الأمراء، وغيرهم عند شيخ. فلما تكامل الجمع، قام فتح الله كاتب السر على قدميه، وقال لمن حضر: إن الأحوال ضائعة، ولم يعهد أهل مصر باسم خليفة، ولا يستقيم الأمر إلا بسلطان على العادة. ودعاهم إلى الأمير شيخ، فقال شيخ: هذا لا يتم إلا برضى الجماعة. فقال من حضر: نحن راضون بالأمير الكبير. فمد قاضي القضاة جلال الدين عبد الرحمن البلقيني يده وبايعه، ثم بايعه الناس بعد ذلك. وقام من فوره إلى مخدع بجانبه، ولبس الخلعة الخليفتية، وخرج وركب فرس النوبة، إلى أن طلع إلى القصر، والأمراء الجزء: 6 ¦ الصفحة: 287 مشاة بين يديه، وجلس على تخت الملك، وقبل الأمراء الأرض له، ولقب بالملك المؤيد. وفي هذا المعنى، يقول الأديب البارع، تقي الدين أبو بكر بن حجة الحموي الحنفي: كأس المسرة في البرية دائر ... والكون بالملك المؤيد زاهر ملك من الأنصار قد أمسى لد ... ين محمد وله الأنام تهاجر يا حامي الحرمين والأقصى ومن ... لولاه لم يسمر بمكة سامر والله إن الله نحوك ناظر ... هذا وما في العالمين مناظر فرج على اللجون نظم عسكراً ... وأطاعه في النظم بحر وافر فانبث منه زحاقة في وقفة ... يا من بأحوال الوقائع شاعر وجميع هاتيك الطغاة بأسرهم ... دارت عليهم من علاك دوائر ثم جلس الملك المؤيد شيخ بالإيوان، فأخلع على الأمراء. فاستقر بالأمير يلبغا الناصري أمير مجلس، أتابك العساكر عوضاً عنه، وعلى الأمير شاهين الأفرم أمير سلاح على عادته، وأخلع على الأمير طرباي بتوجهه إلى الأمير الجزء: 6 ¦ الصفحة: 288 نوروز الحافظي، باستمراره في نيابة دمشق على عادته. فتوجه طرباي إلى دمشق فدخلها في سابع عشر شعبان من سنة خمس عشرة وثمانمائة. وعندما وصل الأمير طرباي إلى دمشق، قدمها أيضاً من الغد أمير جقمق الأرغون شاوي من طرابلس، فقبض عليه نوروز، وكان الأمير جقمق إذ ذاك أمير عشرة بالقاهرة، وحبس نوروز جقمق. ورسم بعود الأمير طرباي إلى الديار المصرية بجواب خشن، ولم يخاطب فيه الملك المؤيد، إلا كما كان يخاطبه قديماً، ولم يلبس التشريف. فاحتمله الملك المؤيد، وأرسل إليه ثانياً بالشيخ شرف الدين التباني الحنفي، فوصل شرف الدين إلى دمشق في سابع شوال، فلم يلتفت نوروز إليه، ولا سمع كلامه، ومنعه من الكلام مع الأمراء الذين عنده بدمشق. ثم في يوم الخميس تاسع شوال، قبض الملك المؤيد على الأمير سودون المحمدي المعروف بسودون تلي، يعني مجنون، وحمل إلى الإسكندرية. وفيه أيضاً قبض على فتح الدين فتح الله كاتب السر ثم خلع الملك المؤيد على سيدي الكبير الجزء: 6 ¦ الصفحة: 289 قرقماس، واستقر به في نيابة الشام، عوضاً عن نوروز الحافظي، في ثالث ذي الحجة. وأخذ الملك المؤيد في تجهيز سيدي الكبير، وأنعم عليه بما يحتاج إليه، من خيل وسلاح وقماش وغير ذلك. وكان أخو قرقماس هذا، تغرى بردى المعروف بسيدي الصغير، نائب حماة، قد توجه إلى الأمير نوروز ولبس خلعته. فأرسل المؤيد بقرقماس المذكور، لكي يستمل أخاه تغرى بردى المذكور، وعمه الأمير دمرداش. فسار قرقماس المذكور من القاهرة، في عشرين المحرم سنة ست عشرة وثمانمائة، حتى وصل إلى غزة، وأقام بها أياما. ثم توجه من غزة في تاسع صفر يريد قتال نوروز، وقد وافقه أخوه تغرى بردى سيدي الصغير نائب حماة، فتوجها معاً، ومعهم أيضاً الأمير ألطنبغا العثماني نائب غزة. فبلغهم عود نوروز من حلب إلى دمشق، فأقاموا بالرملة. ثم قدم على الملك المؤيد كتاب الأمير نوروز في ثامن عشر شهر ربيع الآخر، على يد بلبان رأس نوبة والدي رحمه الله. وخاطب المؤيد في الكتاب بمولانا، وافتتحه بالإمامي المستعيني، وأمر حامل الكتاب أن لا يقبل الأرض بين يديه، فامتثل بلبان أمر نوروز له، من عدم تقبيل الأرض، فحصل له من الإخراق مالاً مزيد عليه. والكتاب يتضمن العتب على السلطان، لتولية دمرداش نيابة حلب، وابن أخيه تغرى بردى سيدي الصغير نيابة حماة، وابن أخيه سيدي الكبير قرقماس نيابه الشام، وقد الجزء: 6 ¦ الصفحة: 290 تقدمت بينهما عهود. فإن كان القصد أن يستمر على الأخوة، ويقيم على العهد، فلا يتعرض إلى ما هو في يده، وينقل دمرداش إلى نيابة طرابلس، ويجعل قرقماس سيدي الكبير، من جملة الأمراء بالقاهرة. هذا ونوروز لا يعلم بتوجه قرقماس لقتاله، فلما بلغه ذلك، تجهز وخرج إلى جهة غزة. فلما بلغ قرقماس ذلك، عاد بمن معه إلى نحو الديار المصرية، حتى نزل بمنزلة الصالحية، فوصل نوروز إلى غزة، ثم عاد إلى دمشق. وفي رابع جمادى الأولى أوفي النيل، فركب السلطان الملك المؤيد وعدى نيل حتى خلق المقياس، وعاد لفتح خليج السد. فقال الشيخ تقي الدين أبو بكر ابن حجة الحموي، يخاطب الملك المؤيد، وهو معه في المركب: أيا ملكاً بالله أضحى مؤيدا ... ومنتصبا في ملكه نصب تمييز كسرت بمسرى نيل مصر وتنقضي ... وحقك بعد الكسر أيام نوروز ثم قدم الأمير جانبك الصوفي، وألطنبغا العثماني إلى القاهرة. واستمر قرقماس سيدي الكبير، وتغرى بردى سيدي الصغير بقطيا. فأخلع الملك المؤيد على جانبك الصوفي، باستقراره رأس النوبة، عوضاً عن سودون الأشقر، بحكم انتقاله الجزء: 6 ¦ الصفحة: 291 إلى إمرة مجلس، عوضاً عن يلبغا الناصري، المتولى أتابك العساكر قبل تاريخه. ثم أشيع بالقاهرة، ركوب الأمير طوغان الحسني الدوادار، واستعد طوغان المذكور للركوب، واتفق معه جماعة من الأمراء، فعندما ركب أخلفوا عليه، فركب وحده، فلم ينتج أمره، فرجع واختفى، حتى أمسك في ليلة الجمعة عشرين جمادى الآخرة، وحمل إلى الإسكندرية، فسجن بها. ثم قبض السلطان على سودون الأشقر أمير مجلس، وكمشبغا العيساوي أمير شكار، وأحد المقدمين. وتوجه بهما الأمير برسباي الدقماقي، أحد أمراء العشرات إلى الإسكندرية، وبرسباي المذكور هو الملك الأشرف. ثم وسط السلطان أربعة نفر، أحدهم مغلباي نائب القدس من جهة نوروز، كان قبض عليه قرقماس سيدي الكبير، اثنان من مماليك السلطان، وآخر من أصحاب طوغان الحسني. ثم أنعم السلطان بإقطاع طوغان، على الأمير إينال الصصلاني، واستقر به أمير مجلس. وبإقطاع سودون الأشقر، على تنبك البجاسي نائب الكرك. وأخلع على الأمير فجق العيساوي، باستقراره حاجب الحجاب، عوضاً عن الصصلاني. وخلع على شاهين الجزء: 6 ¦ الصفحة: 292 الأفرم خلعة الرضى، فإنه كان اتهم بممالات طوغان الحسني الدوادار، واستقر جانبك المؤيدي الدوادار الثاني، دوادار كبيرا بعد طوغان. ثم قدم الأمير جارقطلو أتابك دمشق، فاراً من نوروز، فأخلع الملك المؤيد عليه. ثم قدم الأمير ألطنبغا القرمشي نائب صفد، إلى القاهرة باستدعاء، وتولى عوضه صفد، قرقماس سيدي الكبير، وعزل عن نيابة دمشق، لعجزه عن الأمير نوروز، واستقر أخوه تغرى سيدي الصغير في نيابة غزة، بعد عزل الأمير ألطنبغا العثماني. ثم بعد ذلك، قدم الأمير قرقماس سيدي الكبير إلى القاهرة فأكرمه السلطان. وسبب قدومه إلى القاهرة، أن الأمير نوروز توجه إلى صفد وغزة، فلم يثبت الأخوان، قرقماس المذكور وتغرى بردى، في محل كفالتهما، وسارا نحو القاهرة، فدخل قرقماس، واستمر تغرى بردى سيدي الصغير بقطيا. وهذه كانت عادتهما، لا يجتمعان عند ملك، حذراً من القبض عليهما. ثم قدم دمرداش من البحر، وفي ظنه أن ابني أخيه قرقماس وتغرى بردى بالبلاد الشامية. فلما قدم الجزء: 6 ¦ الصفحة: 293 إلى القاهرة، وجد بها قرقماس، فندم على قدومه وما بقي يسعه العود. فأخلع عليه الملك المؤيد، وانتهز الفرصة، فأرسل تجريدة إلى جهة الشرقية، للعرب المفسدين. وأسر لهم السلطان في الباطن، بالقبض على تغرى بردى سيدي الصغير بالصالحية. ثم قبض الملك المؤيد على دمرداش، وابن أخيه قرقماس سيدي الكبير، وفي اليوم، ورد الخبر بالقبض على تغرى بردى سيدي الصغير. فبعث السلطان بدمرداش وابن أخيه قرقماس سيدي الكبير إلى سجن الإسكندرية، وحبس تغرى بردى سيدي الصغير بالبرج من قلعة الجبل، كما ذكرناه في تراجمهم، ثم قتله في أول شوال. وكان القبض عليهم، في ليلة السبت ثامن شهر رمضان سنة ست عشرة وثمانمائة، وعندما قبض عليهم المؤيد سجد لله شكراً، وقال: هؤلاء أهم من نوروز، فإن نوروز واحد وهؤلاء ثلاثة. ثم في ثالث عشر شهر رمضان المذكور، أخلع السلطان على الأمير قاني باي المحمدي أمير أخور، واستقر به في نيابة الشام، عوضاً عن نوروز. وعلى الأمير إينال الصصلاني أمير مجلس، واستقر به في نيابة حلب. وعلي سودون قراسقل، الجزء: 6 ¦ الصفحة: 294 واستقر به في نيابة غزة. وعلى الأمير ألطنبغا القرمشي، واستقر أمير أخور، عوضاً عن قاني باي، ثم علق السلطان جاليش السفر. وفي ذي الحجة من السنة، استدعى السلطان سيدي داود بن المتوكل على الله محمد، وأخلع عليه بالخلافة، ولقب بالمعتضد، عوضاً عن المستعين، بحكم عزله. واستمر الملك المؤيد إلى رابع المحرم سنة عشرة وثمانمائة، نزل من قلعة الجبل إلى مخيمه بالريدانية. وقد استقر في نيابة الغيبة بالديار المصرية، الأمير ألطنبغا العثماني، وأنزل بباب السلسلة. واستقر الأمير بردبك قصقا، أحد مقدمي الألوف نائب الغيبة بالقاهرة. وكل بباب الستارة الأمير صوماي الحسني، وجعل الحكم لقجمق حاجب الحجاب. ثم سار السلطان من الريدانية في يوم السبت تاسع المحرم، يريد دمشق من غير سرعة، حتى نزل على قبة يلبغا خارج دمشق، في يوم الأحد ثامن صفر، وقد تحصن نوروز للقتال بدمشق، وكان جل قصد المؤيد. فأقام الجزء: 6 ¦ الصفحة: 295 السلطان بقبة يلبغا أياماً، ثم رحل ونزل بطرف القبيبات، واستمر إلى يوم الثلاثاء خامس عشرين صفر، تناوش العسكران بالقتال، كل ذلك، ونوروز لم يتجاوز خان السلطان، ثم قدم على السلطان كزل نائب صهيون بعسكر كبير، وشرع السلطان في القتال. واستمر الحرب بينهم إلى بين الصلاتين، ركب السلطان بعساكر، وقصد دخول دمشق، فلم يثبت نوروز، وولى هارباً بجميع أمرائه وعساكره، ودخلوا قلعة دمشق، وتحصنوا بها في جمع كبير. واستمر الملك المؤيد داخلاً إلى دمشق، ولم ينزل عن فرسه إلا في الإصطبل تجاه قلعة دمشق. واستمر يحاصر نوروز بمن معه، ووقع أمور، إلى أن طلب نوروز الصلح، وترددت الرسل بينهم، إلى أن نزل نوروز بالأمان، ومعه جميع الأمراء الذين كانوا معه، في يوم الأحد تاسع عشر شهر ربيع الآخر سنة سبع عشرة وثمانمائة. فحال نزول نوروز مع رفقته قبلوا الجميع الأرض، وتقدموا قبلوا يد السلطان، وأهوى نوروز ليقبل رجل السلطان، فمنعه السلطان من ذلك، ووقفوا في مراتبهم والقوم سكوت، فقام القاضي ناصر الدين محمد بن البارزي على قدميه وقال: إن هذا يوم مبارك برضى السلطان على الأمراء، لكن هذا الصلح يدوم أم الجزء: 6 ¦ الصفحة: 296 لا؟ فقال المؤيد: والله ما يدوم. ثم أمر بهم فقبض على الجميع، وحبسوا في مكانهم. وكان الذين قبض عليهم مع نوروز هم: الأمير طوخ نائب حلب، والأمير يشبك بن أزدمر، وقمش، وإينال الرحبي، وبرسبغا الدوادار، وآنيه الأمير أزبك، في آخرين يطول الشرح في ذكرهم. فاستمر نوروز محبوساً يومه كله، إلى الليل قتل، وقتل معه جماعة، وحملت رؤوسهم على يد الأمير جرباش إلى القاهرة، وعلقت الرؤوس على باب النصر أياماً. ثم توجه السلطان إلى حلب، فدخلها يوم السبت سادس عشر جمادى الأولى، وجاءته بها مفاتيح بها قلعة البيرة، وقلعة المسلمين. ثم خرج من حلب يوم السبت مستهل جمادى الآخرة، قاصداً أبلستين، ونزل بميدان حلب، وأقام به إلى يوم الثلاثاء رابع الشهر، سار إلى أن نزل أبلستين. فبعث إليه الأمير ناصر الدين بك بن خليل بن دلغادر، بمفاتيح قلعة درندة، مع جملة تقدمة. فأرسل إليه السلطان خلعة، وولاه نيابة قلعة درندة. ثم توجه إلى ملطية، ثم رجع إلى حلب، ثم توجه عائداً إلى الديار المصرية، فدخلها في أول شهر رمضان من السنة، وقد نقض عليه ألم رجله، وفي يوم الخميس ثامن شهر رمضان، أخلع على الأمير ألطنبغا العثماني، واستقر به أتابك العساكر بالديار المصرية، بعد موت الأتابك يلبغا الناصري. الجزء: 6 ¦ الصفحة: 297 وبعد يومين قبض على الأمير قجق، ويبغا المظفري، وتمان تمر أروق، وبعث بهم إلى الإسكندرية، صحبة الأمير صوماي الحسنى. ثم في خامس عشرة، أخلع على الأمير جانبك الصوفي، واستقر به أمير سلاح، بعد موت الأمير شاهين الأفرم، وعلى قجقار القردمي أمير مجلس، عوضاً عن جانبك الصوفي، وعلى سودون القاضي، واستقر به حاجب الحجاب، عوضاً عن قجق، وعلى الأمير تنبك ميق، واستقر به رأس نوبة النوب، وعلى آقباي الخازندار، واستقر به دوادارا كبيراً، بعد موت جانبك المؤيدي. الجزء: 6 ¦ الصفحة: 298 وفي عاشر المحرم سنة ثمان عشرة، أفرج عن بيبغا المظفري، وتمان تمر اليوسفي أروق. ورسم بقتل جماعة من الأمراء بسجن الإسكندرية، وهم: الأتابك دمرداش المحمدي، والأمير سودون المحمدي، والأمير أسنبغا الزردكاش، وطوغان الحسني الدوادار الكبير. ثم في شهر ربيع الأول من السنة، ابتدأ السلطان في هدم خزانة شمائل، وعمر الجامع المؤيد مكانها بباب زويلة. وفي شهر ربيع الآخر من السنة، شرع السلطان في عمل الجسر تجاه منشية المهراني، ونزل بنفسه بمخيم هناك، ونودي بخروج الناس إلى العمل في الحفر. فخرجت الناس طوائف طوائف، ومعهم الطبول والزمور، وغلقت الأسواق، وتوجه الناس للعمل، وعمل فيه جميع العسكر، من الأمراء وأرباب الدولة. ثم ما ركب السلطان من مخيمه العصر، حتى فرض على كل واحد من الأمراء حفر قطعة. ثم عاد من يومه إلى القلعة، واستمر النداء والعمل في كل يوم، وغلقت الأسواق، ووقف حال الناس في البيع والشراء، وهم مع ذلك في هزل وانبساط، وتغنوا المغاني في هذا المعنى. واستمر الناس مدة في العمل، إلى أن رأى السلطان في بعض الأيام همم الناس باردة عن العمل، فألزم القاضي الجزء: 6 ¦ الصفحة: 299 ناصر الدين محمد بن البارزي، كاتب السر بالعمل، فنزل ومعه الموقعون والبريدية وأتباعهم، وعملوا نهارهم، كل ذلك والناس في غير قبض، وترامى الناس للعمل على سبيل الهزل، واستمر هذا العمل أشهر. ثم إن السلطان رسم بنقل الأمير طوغان نائب صفد إلى حجوبية دمشق، عوضاً عن خليل التبريزي الجشاري، واستقر خليل المذكور في نيابة صفد. وكان مسفرهما الأمير إينال الأزعري، أحد رءوس النوب. ثم أرسل السلطان الأمير جلبان أمير آخور الذي هو الآن نائب الشام إلى الشام، يستدعي نائبها، الأمير قاني باي المحمدي إلى القاهرة، ليكون أتابكا بها، وأن يكون ألطنبغا نائب دمشق عوضه. ووصل جلبان إلى الشام، فأظهر قاني باي المذكور الطاعة والامتثال في الظاهر، وأضمر الغدر في الباطن، ونقل حريمه إلى بيت غرس الدين الأستادار، ثم طلع بنفسه إلى بيت غرس الدين، بطرف القبيبات، على أنه متوجه مع جلبان إلى مصر. فظهر منه لأمراء دمشق وأتابكها بيبغا المظفري أنه عاص، فركبوا عليه، واقتتلوا معه، من بكرة نهار الخميس ثاني جمادى الآخرة إلى العصر، فهزمهم، وفروا على وجوههم إلى صفد، وملك قاني باي دمشق. ثم أرسل قاني باي، يستدعي الأمير إينال الصصلاني نائب حلب، والأمير سودون من عبد الرحمن نائب طرابلس، والأمير تنبك البجاسي الجزء: 6 ¦ الصفحة: 300 نائب حماة، والأمير طرباي نائب غزة لموافقته، فأجابوه الجميع وعصوا معه، واتفقوا على قتال الملك المؤيد شيخ. وبلغ هذا الخبر الملك المؤيد، فأخلع على الأتابك ألطنبغا العثماني بنيابة الشام، عوضاً عن قاني باي المذكور، واستقر ألطنبغا القرمشي أتابك العساكر عوضاً عن العثماني، وأخلع على الأمير تنبك العلائي ميق رأس نوبة النوب، واستقر به أمير آخورا عوضاً عن القرمشي، ثم قبض السلطان على الأمير جانبك الصوفي أمير سلاح في رابع عشر شهر رجب، كل ذلك في سنة ثماني عشرة وثمانمائة. وقوى عزم السلطان على السفر، وفرق النفقة على المماليك السلطانية، لكل مملوك، ثلاثين ديناراً، وتسعين نصفاً من الفضة المؤيدية. ثم نزل السلطان، في يوم الجمعة ثاني عشر شهر رجب المذكور، من قلعة الجبل إلى مخيمة بالريدانية. وخلع على الأمير ططر، وجعله نائب الغيبة، وأنزله بباب السلسلة، وأخلع على سودون قراسقل حاجب الحجاب، وجعله للحكم بين الناس في غيبة السلطان، وعلى الأمير قطلوبغا التنمي وأنزله بباب قلعة الجبل. وسافر من الغد، ولم يصحبه في هذه السفرة خلاف قاضي القضاة ناصر الدين محمد بن العديم الحنفي. وأيضاً لم يتوجه مع السلطان في هذه السفرة، إلا مقدار نصف المماليك السلطانية، لسرعة الجزء: 6 ¦ الصفحة: 301 خروج السلطان، ولشدة البرد. وسار السلطان حتى نزل غزة في تاسع عشرينه، وكان قاني باي خرج من دمشق يريد حلب في سابع عشرينه. ووصل المؤيد دمشق، في يوم الجمعة سادس شعبان، وخرج منها بعد يومين، وقدم جاليشه، الأمير آقباي الدوادار، في عدة من الأمراء المصريين أمامه، وسار آقباي حتى نزل قريب تل السلطان، ونزل الملك المؤيد على سرمين. فخرج الأمير قاني باي بمن معه من النواب والأمراء وغيرهم، وقاتلوا آقباي، فقاتلهم قتالاً شديداً، وثم انكسر. وقبض عليه وعلى جماعة من أمراء مصر، منهم: برسباي الدقماقي، الذي تسلطن بعد ذلك. وبينما هم كذلك، إذ أتى الصارخ إلى السلطان بما وقع، فركب من وقته وأدركهم، فلقي عسكره قد تبدد، فخارت طباعه. وأراد العود، وطلب النجب، ليركب ويفوز بنفسه، فمنعه أعوانه من ذلك. فبينما هم في الكلام، انهزم قاني باي بمن معه، فعند ذلك ساق المؤيد حتى ظفر بأعدائه. وسبب كسرة قاني باي، أنه رأى جيش المؤيد قد أقبل، سأل عنه، فقيل له: السلطان. وكان في ظن قاني باي، أن الذي انكسر هو السلطان، فداخله الوهم، فرد هارباً من غير قتال، فانكسر عسكره لذلك. ولو ثبت لكان له شأن، فإن عسكر السلطان الذي كان معه بمقدار جاليشه لا غير. ثم ساق الملك المؤيد خلفهم، حتى قبض على الأمير إينال الصصلاني نائب حلب، الجزء: 6 ¦ الصفحة: 302 وعلى الأمير جرباش كباشة حاجب حجاب حلب، وعلى تمان تمر اليوسفي أروق أتابك حلب، وعلى الأمير جرياش كباشة حاجب حجاب حلب، وعلى تمان تمر اليوسفي أروق أتابك حلب، وعلى جماعة أخر. ودخل حلب في يوم الخميس رابع عشر شعبان، أو يوم السبت سادس عشرة. وفي الغد أمسك الأمير قاني باي، وهرب الباقون إلى جهة قرا يوسف صاحب بغداد، ثم قتل الأمير قاني باي، وهرب الباقون إلى جهة قرا يوسف صاحب بغداد. ثم قتل الأمير قاني باي، وإينال الصصلاني، وجرباش كباشة وتمان تمر أروق، وبعث برءوسهم إلى مصر. ثم أخلع السلطان على الأمير آقباي المؤيدي الدوادار، باستقراره في نيابة حلب، وعلى يشبك المؤيدي شاد الشرابخاناة بنيابة طرابلس، عوضاً عن سودون من عبد الرحمن، وعلى جار قطلوا بنيابة حماة، عوضاً عن تنبك البجاسي. ثم رجع السلطان إلى الديار المصرية مؤيداً منصوراً، وجد في السير حتى نزل على السماسم، بالقرب من سرياقوس، في يوم الخميس نصف ذي الحجة. ثم ركب في الليلة المذكورة إلى خانقاة سرياقوس، وعمل بها وقتا، وجمع القراء وعدة من المنشدين، ومدت لهم أسمطه جليلة، ثم أقيم السماع طول الليل، فكانت ليلة تعد بليال، ثم أنعم على القراء والمنشدين بمائة ألف درهم. وركب بكرة يوم السبت، سادس عشر ذي الحجة من الخانقاة، حتى نزل بطرف الريدانية، خارج الجزء: 6 ¦ الصفحة: 303 القاهرة، ثم ركب رشق القاهرة من يومه حتى طلع إلى القلعة، وقد صفا له الوقت. واستمر على ذلك إلى سنة عشرين، تحرك للسفر إلى البلاد الشامية، ثم قوى عزمه في يوم الثلاثاء رابع صفر. وأخلع على طوغان أمير آخور، واستقر به نائب الغيبة، وعلى أزدمر شيا، واستقر به نائب قلعة، واستقر بقجقار القردمي أمير سلاح في نيابة حلب، عوضاً عن آقباي، بحكم انتقال آقباي لنيابة دمشق، لما قدم القاهرة، قبل تاريخه بأيام على النجب. وأرسل الأمير آقبغا التمرازي بمسك الأمير ألطنبغا العثماني نائب دمشق. ثم سار السلطان إلى أن وصل إلى دمشق، فدخلها في أول شهر ربيع الأول، وأنعم على سودون القاضي بتقدمة ألف بالقاهرة، بعد موت الأمير أقبردي المنقار. وأقام أياماً ثم رحل يريد حلب، فدخلها في عشرين شهر ربيع الأول وأقام بها نحو عشرة أيام. ورحل إلى البلاد الشمالية، حتى أخذ عدة قلاع من أيدي التركمان. فأخذ كختا، ودرندة، وبهنسا، وولى بهم نوابا. وحاصر قلعة كركر أياماً، ثم رجع وخلف الجزء: 6 ¦ الصفحة: 304 على حصارها آقباي نائب الشام، وقجقار القردمي نائب حلب، وجارقطلو نائب حماة، وكان قرا يوسف يحاصر قرايلك. فلما عاد السلطان إلى حلب، تحوف النواب المشار إليهم من قرا يوسف، فتركوا حصار كركر وقدموا إلى حلب. فغضب السلطان لقدومهم، وأوسعهم سبا. وأمسك قجقار نائب حلب ثم أطلقه، وولي مكانه بحلب الأمير يشبك اليوسفي نائب طرابلس، واستقر بردبك راس نوبة النوب في نيابة طرابلس عوضاً عن يشبك، واستقر الأمير ططر رأس نوبة النوب. وعزل جارقطلو عن نيابة حماة بالأمير نكباي، وتولى نيابة صفد عوضاً عن خليل الجشاري التبريزي، واستقر خليل في حجوبية طرابلس، ثم استعفى فأعفى. وأخلع على سودون قراصقل حاجب الحجاب بالديار المصرية، واستقر في حجوبية طرابلس، وأنعم بإقطاع سودون ووظيفته على الأمير ألطنبغا المرقبي نائب قلعة حلب، واستقر في نيابة قلعة حلب الأمير شاهين الأرغون شاوي. ثم عاد السلطان إلى دمشق، فدخلها في يوم الخميس ثالث شهر رمضان. وفي سابعه، قبض على آقباي نائب الشام، وحبسه بقلعة دمشق. وأخلع على الأمير تنبك العلائي المعروف بميق، واستقر به في نيابة الشام، عوضاً عن آقباي. وأنعم بإقطاع تنبك، على قجقار القردمي، واستقر به أمير سلاح على عادته. ثم خرج من دمشق الجزء: 6 ¦ الصفحة: 305 عائداً إلى الديار المصرية، حتى وصلها في يوم الخميس ثامن شوال، فدخلها بأبهة السلطنة، وولده المقام الصارمي إبراهيم يحمل القبة على رأسه، وطلع إلى القلعة. وكان يوم قدومه إلى القاهرة من الأيام المشهودة، ثم أخلع على طوغان بعد أيام، واستقر به أمير آخورا كبيرا، عوضاً عن تنبك ميق. ثم دخلت سنة إحدى وعشرين وثمانمائة، ففي شهر ربيع الأول منها، حضر الأمير جارقطلو نائب صفد منها، حتى وصل إلى قطيا، أمسك وتوجه به إلى الإسكندرية فحبس بها. وفي ثالث عشرين الشهر المذكور، أخلع السلطان على الأمير برسباي الدقماقي، الذي تسلطن، واستقر به في نيابة طرابلس، عوضاً عن الأمير بردبك. ثم بعد مدة، أخلع على الأمير قرا مراد خجا باستقراره في نيابة صفد، وأنعم بخبزه على الأمير جلبان أمير آخور ثاني، والإقطاع تقدمه ألف. وفي شهر رمضان من السنة، رسم السلطان بمسك الأمير برسباي الدقماقي، نائب طرابلس، وحبسه بالمرقب، بسبب كسرته من التركمان. ثم دخلت سنة اثنتين وعشرين، والسلطان غالب أيامه في النزه واللهو والطرب، ونزل فيها إلى البحر بساحل بولاق، ببيت القاضي ناصر الدين بن البارزي كاتب السر غير مرة. وعام في البحر غير متستر، على أنه كان إذ ذاك، الجزء: 6 ¦ الصفحة: 306 في أسوأ حال من ألأم رجليه، ومما به من ضربان المفاصل. حتى أنه كان لا ينهض بالقيام على رجليه، بل يحمل على الأعناق، أو في مقعد بين أربعة أنفس. كل ذلك والناس في ألذ عيش، وقضت الناس في تلك الأيام، أوقاتاً طيبة، إلى الغاية. واستمر السلطان يتردد إلى بولاق، ثم وجه ولده المقام الصارمي إبراهيم إلى البلاد الشمالية، فتوجه إليها، وفتح بها عدة قلاع، وأسر وغنم، وعاد نحو الديار المصرية. وخرج السلطان إلى لقائه حسبما ذكرناه في ترجمة المقام الصارمي إبراهيم، في أوائل هذا الكتاب. ثم دخلت سنة ثلاث وعشرين وثمانمائة، في المحرم منها، أفرج السلطان عن الأمير برسباي الدقماقي، من حبس المرقب، بشفاعة الأمير ططر، وأنعم عليه بتقدمة ألف دمشق. وفي شهر ربيع الآخر منها، وقع الشروع في عمارة منظرة الخمس وجوه، التي بالقرب من التاج الخراب، لينشيء السلطان حوله بستاناً. فصرف على المنظرة المذكورة، جملة مستكثرة. قلت: أخربها الظاهر جقمق، وأنعم بأنقاضها على محمد بن علي بن إينال، فباع المذكور منها بجمل مستكثرة. ولعله لم يزل في تبعه ذلك. من ورثة الملك المؤيد، إلى أن يموت. الجزء: 6 ¦ الصفحة: 307 ثم مرض المقام الصارمي وطال مرضه، وفي هذا الشهر نقض على السلطان ألم رجله، وفيه انتكس المقام الصارمي إبراهيم، واستمر إلى أن مات في ليلة الجمعة خامس عشر جمادى الآخرة، ودفن من الغد بالجامع المؤيدي بباب زويلة. وفي شعبان من السنة، عقد السلطان عقد الأمير الكبير ألطنبغا القرمشي، على ابته، بصداق مبلغ خمسة آلاف دينار، بالجامع المؤيدي. ثم برز الأمير الكبير ألطنبغا القرمشي المذكور، إلى الريدانية بمن معه من الأمراء، إلى البلاد الشامية في يوم السبت. وكان معه من الأمراء: الأمير طوغان أمير آخور، وألطنبغا من عبد الواحد المعروف بالصغير رأس نوبة النوب، وألطنبغا المرقبي حاجب الحجاب، وجرباش الكريمي المعروف بقاشق، وآق بلاط الدمرداش، وجلبان أمير آخور كان، وأزدمر الناصري. ثم رحلوا إلى البلاد الشامية، فكان ذلك آخر عهدهم بالملك المؤيد. الجزء: 6 ¦ الصفحة: 308 واستمر السلطان متوعكاً، إلى أن مات في يوم الإثنين تاسع المحرم سنة أربع وعشرين وثمانمائة. فارتج الناس لموته ساعة، ثم سكنوا. وسلطنوا ولده الملك المظفر أحمد أبا السعادات، وعمره سنة واحدة وثمانية أشهر وسبعة أيام. ومات المؤيد وقد أناف على الخمسين سنة، وكانت مدة ملكه، ثمان سنين وخمسة أشهر وثمانية أيام. وحضرت أنا جنازته في اليوم المذكور، وصلى عليه خارج باب القلة، وحمل حتى دفن بقبته، التي أنشأها بالجامع المؤيدي بباب زويلة. قال الشيخ تقي الدين المقريزي: واتفق في موت الملك المؤيد موعظة. وهو أنه لما غسل، لم يوجد له منشفة ينشف فيها، فنشف بمنديل بعض من حضر من الأمراء. ولا وجد له مئزر ليستره، حتى أخذ له مئزر صوف صعيدي من فوق رأس بعض جواريه. ولا وجد له طاسة، يصب بها عليه الماء وهو يغسل، مع كثرة ما خلفه من الأموال. انتهى كلام المقريزي. الجزء: 6 ¦ الصفحة: 309 قلت: وكان سلطاناً شجاعاً مقداما. مهاباً، سيوساً. عارفاً بالحروب والوقائع. جواداً على من يستحق الإنعام عليه، بخيلاً على من لا يستحق إلى الغاية. وكان طوالا، بطينا، واسع العينين، أشهلهما، كث اللحية، بادره الشيب في لحيته. جهوري الصوت، فحاشاً سباباً. ذا خلق سيء، وسطوة وجبروت، وهيبة زائدة، يرجف القلب عند مخاطبته. وكان له صبر وإقدام على الحروب، وخبرة كاملة بذلك. وكان يحب أهل العلم ويجالسهم، ويجل الشرع النبوي، ويذعن له، ولا ينكر على من طلبه منه، إذا تحاكم بين يديه، أن يمضي إلى الشرع، بل يعجبه ذلك. وكان غير مائل إلى شيء من البدع. إلا أنه كان مسرفاً على نفسه، متظاهراً بذلك، على أنه كان منقاداً إلى الخير، كثير الصدقات والبر. وعمر عدة أماكن يقام بها الجمعة، منها: جامعه المؤيدي، داخل باب زويلة، الذي ما عمر في الإسلام أكثر زخرفة وأحسن ترخيماً منه، بعد الجامع الأموي بدمشق. وعمر خطبة بالمقياس من الروضة، والمدرسة الخروبية بالجيزة. وعمر عدة سبل الجزء: 6 ¦ الصفحة: 310 ومكاتب، ووقف على كل ذلك الأوقاف الهائلة. وكان ذا قصد جميل للرعية. ولكن خربت في أيامه، وأيام الملك الناصر فرج، كثير من الضياع بأعمال الديار المصرية، لكثرة الفتن في أيامهما. وأيضاً لعظيم ظلم جمال الدين يوسف البيري الأستادار في الدولة الناصرية فرج، وكثرة ظلم فخر الدين عبد الغني بن أبي فرج الأستادار في الدولة المؤيدية. هذا، وكان الملك المؤيد رحمه الله، شرها في جمع المال، حريصاً عليه. وكان من محاسنه أنه يقدم الشجاع، ويبعد الجبان من كل جنس من المماليك، لا يميل إلى جنسه وينزل غيره. بل حيثما ظهر له النجابة من الشخص، قربه. ولا يلتفت إلى جنسه، كغيره من المملوك، فإنه حيث رأى أحداً من جنسه، قربه وأنعم عليه، ورقاه وأدناه، وربما يكون المنعم عليه، ليس فيه معنى من المعاني ألبتة، فهذا من أكبر عيوب الملك. بل يحرم عليه هذه الفعلة، فإنه الجزء: 6 ¦ الصفحة: 311 لا يجوز له أن يقدم، إلا من ينتفع المسلمون بمعرفته وفروسيته و، عقله وتدبيره ودينه، فلا قوة إلا بالله العلي العظيم. وخلف من الأولاد ستة، الذكور: الملك المظفر أبو السعادات أحمد، وإبراهيم. وأربع بنات بكر. وخلف من الأموال والخيول والقماش والسلاح شيئاً كثيراً. أتلف جمع ذلك الملك الظاهر ططر، في مدة يسيرة لسوء تدبيره وطيشه وخفته، عامله الله بعدله. انتهت ترجمة الملك المؤيد شيخ المحمودي، رحمه الله تعالى وعفا عنه. 1195 - الصفوي ... - 801 هـ - ... - 1398 م شيخ بن عبد الله الصفوي، الأمير سيف الدين، أمير مجلس، المعروف بشيخ الخاصكي. الجزء: 6 ¦ الصفحة: 312 كان من أمراء الملك الظاهر برقوق، ومن أعيان دولته، واستمر على ذلك مدة طويلة، إلى المحرم من سنة ثمانمائة. أرسل الملك الظاهر بالأمير قلمطاي الدوادار، ونوروز الحافظي رأس نوبة النوب، وفارس حاجب الحجاب، إلى الأمير شيخ المذكور، وبيدهم خلعة له بنيابة غزة. فلبسها، وخرج من يومه، ونزل بخانقاة سرياقوس. ثم استعفى من الغد عن نيابة غزة، وسأل أن يقيم بالقدس بطالا، فرسم له بذلك. فتوجه إلى القدس، وأقام به. وأخلع الملك الظاهر على بيخجا، المدعو طيفور الشرقي، بنيابة غزة، وأنعم بإقطاعه ووظيفته، على والدي، لما عزل عن نيابة حلب. واستمر شيخ الصفوي هذا بالقدس، إلى ذي الحجة من السنة. رسم السلطان بنقله من القدس إلى حبس المرقب، لشكوى أهل القدس عليه، من أنه يتعرض لأولاد الناس بالفاحشة، وأنه يكثر من الفساد. واستمر بحبس المرقب، إلى أن توفي به، في سنة إحدى وثمانمائة. وقال العيني: مات في أوائل شهر ربيع الآخر. الجزء: 6 ¦ الصفحة: 313 وكان شاباً جميل الصورة، سخي الكف، كثير المعرفة. قليل الأذى للناس. وكان ل ه م شاركة في بعض الأمور مسائل، واعتقاد صحيح في الكتاب والسنة، وكان يحب العلماء ويجالسهم، ويلقي عليهم المسائل. وكان عنده ذكاء عظيم، ومعرفة بوجوه الكلام، ولكن كان عنده نوع كبر، وميل كثير إلى اللهو والرقص، والطرب، وسماع المعاني والمساخر، ولذلك سقطت منزلته عند السلطان. وكنت صنفت له شرحاً لطيفاً، على المختصر المسمى بتحفة الملوك في عشرة أبواب من الفقه، وكتاب عقيدة الطحاوي، انتهى كلام العيني. 1196 - السليماني ... - 808 هـ - ... - 1405 م شيخ بن عبد الله السليماني الظاهري، المعروف بالمسرطن، الأمير سيف الدين. أحد المماليك الظاهرية برقوق، وأعيان أمراء الألوف بالقاهرة. وتنقل في عدة نيابات، وتولى نيابة طرابلس وغيرها. إلى أن مات في شهر ربيع الآخر، سنة ثمان وثمانمائة، خارج دمشق، رحمه الله. الجزء: 6 ¦ الصفحة: 314 1197 - الركني ... - 840 هـ - ... - 1436 م شيخ بن عبد الله الركني، الأمير سيف الدين. الأمير آخور الثاني. أصل ه م ن مماليك الأتابك بيبرس، وتنقلت به الأحوال، إلى أن صار أمير آخورا ثانيا، بعد سودون ميق، في دولة الملك الأشرف برسباي. واستمر على ذلك إلى أن مات، سنة أربعين وثمانمائة تقريباً. وكان كريماً حشماً، حلو المحاضرة. وعنده دعابة، إلا أنه كان مسرفاً على نفسه، عفا الله عنه. 1198 - الحسني ... - 830 هـ - ... - 1427 م شيخ بن عبد الله الحسني الظاهري، الأمير سيف الدين، أحد أمراء العشرات، ورأس نوبة. الجزء: 6 ¦ الصفحة: 315 أصل ه م ن أصاغر مماليك الملك الظاهر برقوق، وممن تأمر بعد موت الملك المؤيد شيخ، وصار من جملة أمراء العشرات ورأس نوبة. واستمر على ذلك، إلى أن نفاه الملك الأشرف برسباي إلى البلاد الشامية. ومات بتلك البلاد، في حدود الثلاثين وثمانمائة. وكان يعرف بشيخ المجنون. كان تركي الجنس، وعنده نوع خفة وطيش، مع عدم معرفة، عفا الله عنه. 1199 - خوند أم الملك الناصر فرج ... - 802 هـ - ... - 1400 م شيرين بنت عبد الله الرومية، أم الملك الناصر فرج. كانت أم ولد للملك الظاهر برقوق، وهي بنت عم والدي. ولما تسلطن ولدها الملك الناصر فرج، بعد موت أبيه الملك الظاهر برقوق، صارت خوند الكبرى، وسكنت قاعة العواميد بقلعة الجبل، بعد أن تحولت منها، خوند أزد، زوجة الملك الظاهر برقوق. الجزء: 6 ¦ الصفحة: 316 واستمرت خوند شيرين المذكورة في أيام ولدها مدة يسيرة، وتعللت ولزمت الفراش. وكثرت القالة في مرضها، واتهم جماعة بأنهم سحروها. وظن الملك الناصر، أن بعض الخوندات من زوجات أبيه سحرتها، حسداً وبغضاً، لأنها سارت سيرة حسنة جميلة، من الحشمة والرئاسة والكرم، مع الاتضاع الزائد، والخير والدين. ولها معروف ومآثر حسنة. جددت بمكة رباط الخوزي، ووقفت عليه وقفا، وأصلحت ما كان تهدم منه. ووقفت أوقافاً على تربة ولدها الناصر بالصحراء، وعلى عدة قراء بمدرسة الظاهر برقوق بين القصرين. وكانت بديعة الجمال، توفيت ليلة السبت أول ذي الحجة سنة اثنتين وثمانمائة رحمها الله تعالى وعفا عنها. الجزء: 6 ¦ الصفحة: 317 حرف الصاد المهملة 1250 - نقيب النقباء ... - 736 هـ - ... - 1336 م صاروجا بن عبد الله ، الأمير صارم الدين ، نقيب النقباء بالديار المصرية. أنشأه الملك الناصر محمد بن قلاوون، وأمره بعد موت دقماق، واستقر ب ه م كانه، وصار من أخصائه. وعظم في الدولة الناصرية، حتى يدخل على الناصر في ضوء الشمع، ويتحدث معه في كل ما يريد، حتى خافه النشو وغيره. واستمر على ذلك، إلى أن توجه الملك الناصر إلى الصعيد، ووصل إلى خانق دندرا، ثم عاد. فلما قرب إلى القاهرة وقف صاروجا هذا يعدى بالأطلاب على بعض الجسور، ومد يده بالعصا ليضرب شخصاً، فوقع من أعلى الفرس إلى الأرض ميتاً، وذلك في سنة ست وثلاثين وسبعمائة. الجزء: 6 ¦ الصفحة: 319 وكان فطناً شجاعاً، صاحب معرفة ورأي وتدبير، عفا الله عنه. وصاروجا تصغير أصفر باللغة التركية، انتهى. 1201 - الأمير صارم الدين ... - 743 هـ - ... - 1343 م صاروجا بن عبد الله المظفري، الأمير صارم الدين. كان أميراً في أول دولة الملك الناصر محمد بن قلاوون بالديار المصرية، وكان صاحب أدب وحشمة، ومعرفة. ولما أعطى الملك الناصر تنكز إمرة عشرة جعل صاروجا هذا اغاة له، وضمه إليه ليتحدث في إقطاعه وأموره. فأحسن صاروجا لتنكز ودربه، واستمر إلى أن حضر الملك الناصر من الكرك اعتقله، ثم أفرج عنه بعد عشر سنين تقريباً، وأنعم عليه بإمرة في صفد فأقام بها نحو السنتين، الجزء: 6 ¦ الصفحة: 320 ونقل إلى دمشق أميراً بها، بسفارة تنكز نائب الشام. فلما وصل إلى دمشق، رعى له تنكز خدمته السالفة، وحظي عنده، وصارت له كلمة بدمشق. وعمر بها عمائر مشهورة به. إلى أن أمسك تنكز، في ذي الحجة سنة أربعين، وحضر بشتك إلى دمشق، قبض على صاروجا المذكور، وأودعه الاعتقال في جملة من أمسك بسبب تنكز. وحضر المرسوم بتكحيلة، فدافع الأمير ألطنبغا نائب دمشق عنه، يويمات يسيرة، ثم خاف فكحل وعمى. وأصبح من الغد، ورد مرسوم السلطان بالعفو عنه، ثم إنه جهز إلى القدس الشريف، فأقام به إلى أن مات في أواخر سنة ثلاث وأربعين وسبعمائة، رحمه الله. قلت: وهو صاحب السويقة بدمشق، المعروفة بسويقة صاروجا. انتهى. 1202 - صلاح الدين الزرعي 706 - 768 هـ - 1306 - 1367 م صالح بن إبراهيم بن محمد بن حاجي بن عبد الله، الشيخ صلاح الدين الجزء: 6 ¦ الصفحة: 321 أبو البقاء بن برهان بن عز الدين الزرعي الحنفي، الفقيه المحدث النحوي. ولد خارج القاهرة سنة ست وسبعمائة. وسمع صحيح البخاري، بقراءة الشيخ شهاب الدين عبد اللطيف بن عبد العزيز الحراني النحوي، عرف بابن المرحل، وبقراءة غيره على مشايخ عصره. وحدث عن القطب عبد الكريم بن عبد النور الحلي، والحافظ فتح الدين بن سيد الناس. وقرأ القرآن الكريم على ضياء الدين القطبي، وشهاب الدين المشهدي. وتفقه على علماء عصره، وبرع في الفقه والعربية والحديث وغير ذلك. ومات في عوده من الحج، بوادي الصفرا في أواخر ذي الحجة سنة ثمان وستين وسبعمائة، بعد أن حدث ودرس سنين، رحمه الله تعالى. الجزء: 6 ¦ الصفحة: 322 1203 - الضياء النحوي 615 - 665 هـ - 1218 - 1267 م صالح بن إبراهيم بن أحمد بن نصر بن قريش، الشيخ ضياء الدين أبو العباس الأسعردي الفارقي المقريء النحوي. قرأ القراءات، وأتقن العربية، وتصدر للإقراء والتدريس، وسمع من ابن الصلاح وجماعة، وكتب عنه جماعة من المحدثين. وكان ساكناً خيراً ديناً فاضلاً، توفي بالقاهرة سنة خمس وستين وستمائة، رحمه الله. 1204 - الصلاح القواس ... - 723 هـ - ... 1323 م صالح بن أحمد بن عثمان، الأديب الفاضل صلاح الدين القواس الخلاطي. الجزء: 6 ¦ الصفحة: 323 كان شاعرا ً م اهراً، خيراً ديناً، صحب الفقراء، وسافر البلاد، وكان له يد في تعبير الرؤيا، وهو صاحب القصيدة ذات الأوزان التي أولها: داء ثوى بفؤادي شفه سقم ... لمحنتي من دواعي الهم والكمد توفي سنة ثلاث وعشرين وسبعمائة، رحمه الله تعالى. 1205 - ابن السفاح 712 - 779 - 1312 - 1377 م صالح بن أحمد بن عمر، القاضي صلاح الدين أبو النسك الشافعي الحلبي، الشهير بابن السفاح. ولد سنة اثنتي عشرة وسبعمائة بحلب، وبها نشأ، وولي وكالة بيت المال، ونظر الأوقاف، وعدة وظائف أخر. وكان يعد من رؤساء حلب، وكان له فضل وكرم، وهو أبو القاضي شهاب الدين أحمد كاتب سر حلب، ثم كاتب السر بالديار المصرية، وأبو الرئيس ناصر الدين أبو عبد الله محمد. الجزء: 6 ¦ الصفحة: 324 وكان كاتباً، حسن التصرف، عالي الهمة، ديناً خيراً، ذكره أبو العز زين الدين طاهر بن حبيب وأثنى عليه، وأورد له نظماً، من ذلك: لا نلت من الوصال ما أملت ... إن كان متى ما حلت عني حلت أحببتكم طفلا وها قد شبت ... أبغي بدلا ضاق على الوقت توفي بقرية بصرى، متوجهاً إلى الحج في سنة تسع وسبعين وسبعمائة. 1206 - قاضي حمص 570 - 662 هـ - 1174 - 1264 م صالح بن أبي بكر بن أبي الشبل، القاضي أبو التقى المقدسي، ثم المصري السمنودي الشافعي. كان قاضي حمص زماناً طويلاً. ولد سنة سبعين وخمسمائة بمصر، وسمع ببغداد من الحسين بن سعيد، وبدمشق من الكندي، وابن ملاعب، روى عنه الدمياطي وغيره، توفي سنة اثنتين وستين وستمائة. رحمه الله تعالى. الجزء: 6 ¦ الصفحة: 325 1207 - الجعبري بعد 620 - 706 هـ - 1323 - 1306 م صالح بن تامر بن حامد، القاضي تاج الدين أبو الفضل الفرضي الجعبري الشافعي. ولد سنة بضع وعشرين وستمائة، سمع من ابن خليل، والضياء صقر، وعبد الحق المنبجي، والنظام البلخي، وعبد الله بن الخشوعي، ومجد الدين بن تيمية، والعماد وعبد الحميد بن عبد الهادي، وروى عنه البرزالي، وابن الفخر، وجماعة، وخرج له أمين الدين الداني مشيخه، وناب في الحكم بدمشق، وولي قضاء بعلبك، وكان حميد الأحكام، توفي سنة ست وسبعمائة. وكان طوالا، مليح الشكل، حسن الأخلاق، عفيفاً مشكور السيرة، رحمه الله تعالى. الجزء: 6 ¦ الصفحة: 326 1208 - البلقيني 790 - 868 هـ - 1388 - 1463 م صالح بن عمر بن رسلان بن نصير، قاضي القضاة علم الدين بن شيخ الإسلام سراج الدين، وأخو قاضي القضاة جلال الدين البلقيني الشافعي، قاضي قضاة الديار المصرية. مولده بحارة بهاء الدين من القاهرة، في أوائل سنة تسعين وسبعمائة، كما رأيته بخط ابن فهد، وبها نشأ تحت كنف والده، ثم أخيه لأبيه قاضي القضاة جلال الدين، وبه تفقه وبغيره، وناب عن أخيه المذكور سنين، وبرع في الفقه وأفتى ودرس، واستمر ملازماً لأخيه إلى أن توفي سنة أربع وعشرين وثمانمائة. فعند ذلك صار علم الدين المذكور، هو المشار إليه في البلاقنة، وعمل الميعاد بمدرسة والده مكان أخيه. وتصدر للفتيا والتدريس، وولى تدريس الخشابية، ثم ولي قضاء القضاة بالديار المصرية، عوضاً عن قاضي القضاة ولي الدين أحمد العراقي بحكم عزله، في يوم السبت سادس ذي الحجة سنة خمس الجزء: 6 ¦ الصفحة: 327 وعشرين وثمانمائة، واستمر إلى أن صرف بالحافظ شهاب الدين بن حجر، في يوم السبت سادس ذي الحجة سنة خمس وعشرين وثمانمائة. واستمر المذكور معزولاً، إلى سنة ثلاث وثلاثين وثمانمائة، أعيد إلى القضاء بعد عزل الحافظ شهاب الدين بن حجر. فباشر الوظيفة إلى أن صرف بابن حجر، في جمادى الآخرة أربع وثلاثين، واستمر مصروفاً إلى أن أعيد في حدود سنة أربعين وثمانمائة عوضاً عن ابن حجر. ثم عزل به سنة إحدى وأربعين، واستمر معزلاً سنين، إلى أن أعيد عوضاً عن ابن حجر، في يوم السبت أول المحرم سنة إحدى وخمسين. وبقي إلى أن عزل بالشيخ ولي الدين السفطي، في يوم الخميس عشر شهر ربيع الآخر من سنة إحدى وخمسين المذكور، واستمر معزولاً إلى أن أعيد، بعد أن عزل ابن حجر نفسه، في يوم الثلاثاء سادس عشر جمادى الآخرة سنة اثنتين وخمسين وثمانمائة. واستمر قاضياً، إلى يوم السبت عاشر شهر رجب من السنة عزل. ورسم السلطان الملك الظاهر جقمق بإخراجه إلى القدس بطالاً، فشفع فيه بعض أعيان الدولة، فرسم له بأن يلزم بيته، ثم تكلم فيه فرسم بنفيه ثانياً، وصمم السلطان على ذلك، وأخذ قاضي القضاة ولي الدين المذكور في تجهيزه، وعمل الجزء: 6 ¦ الصفحة: 328 مصالح السفر. وتولى عوضه الشيخ شرف الدين يحيى المناوي في يوم الإثنين ثاني عشره، ثم شفع في قاضي القضاة علم الدين هذا، فرسم له بالإقامة في الديار المصرية على وظائفه. وأما سبب غيظ السلطان عليه، فهو لشكوى بعض الأوباش عليه، لأمر لا يحرز أنه يعتب على فعله. فكيف، وقد حصل علي ه م ن العزل والنفي والبهدلة مالا مزيد عليه، فلله الأمر من قبل ومن بعد. فاستمر قاضي القضاة علم الدين المذكور ملازماً للاشتغال والأشغال والتصنيف إلى أن .... 1209 - الملك الصالح صاحب ماردين ... - 766 هـ - ... 1375 م صالح بن غازي بن قرا أرسلان بن غازي بن أرتق بن أرسلان بن إيل غازي بن ألبي بن تمرداش بن إيل غازي بن أرتق، السلطان الملك الصالح شمس الدين صالح بن الملك المنصور نجم الدين بن الملك المظفر بن الملك السعيد الأرتقي، صاحب ماردين. الجزء: 6 ¦ الصفحة: 329 كان من أجل ملوك ماردين، من بني أرتق، حزماً وعزماً، ورأيا وسؤددا، وكرماً ودهاء، وشجاعة وإقداماً. وكان يحب الفقهاء والفضلاء وأهل الخير، ويجالسهم، وكان له فضل وفهم جيد وذوق للشعر، وكان يحب المديح، ويجيز عليه بالجوائز السنية. ولصفي الدين عبد العزيز الحلي فيه غرر مدائح. قال ابن كثير: وكان ملكاً جليلاً، نبيهاً نبيلاً، صالحاً مظفراً سعيد الرأي، حسن السياسة، كامل الحشمة والرئاسة. انتهى كلام ابن كثير باختصار. قلت: ودام في سلطنة ماردين أربعاً وخمسين سنة، إلى أن توفي بها في سنة ست وستين وسبعمائة، وهو من أبناء السبعين، وتولى من بعده ولده الملك المنصور أحمد، رحمه الله تعالى، وعفا عنه. 1210 - الملك الصالح صاحب مصر 738 - 761 هـ - 1337 - 1360 م صالح بن محمد بن قلاوون، السلطان الملك الصالح، صلاح الدين صالح بن الجزء: 6 ¦ الصفحة: 330 الملك الناصر ناصر الدين أبي المعالي محمد بن الملك المنصور قلاوون الألفي الصالحي التركي. مولده في شهر ربيع الأول، سنة ثمان وثلاثين وسبعمائة، بقلعة الجبل. وأمه خوند قطلو ملك ابنه الأمير تنكز الناصري نائب الشام، ولما ولد سر السلطان بولادته سروراً زائداً. وكان قبل ولادته بشهرين، جمع السلطان العمال، وعمل لأمه بشخاناة، ودار بيت، وغير ذلك من المساند والستور، وأطباق الذهب والفضة، ما ينيف مصروفه على مائة ألف دينار وأربعين ألف دينار مصرية. وقامت الأفراح والمهمات لولادته سبعة أيام بلياليها، وحضر نساء الأمراء بأجمعهم. فلما انقضى الأسبوع، بعث السلطان لكل واحدة من نساء الأمراء، بقشة قماش على قدر مقام زوجها. واجتمع للمغاني من النقوط، ما جاء قسم كل جوقة من مغاني القاهرة، نحو عشرة آلاف درهم فضة، سوى التفاصيل الحرير، والمقاطع الحرير المزركشة، والقنادير الحرير، وكن عدة جوق، سوى مغاني السلطان، ومغاني الأمراء، فإن متحصلهن لم ينضبط لكثرته، ووصل في أول هذا المهم من جهة الأمير تنكز نائب الشام لإبنته، مقنعة وطرحة بسبعة الجزء: 6 ¦ الصفحة: 331 آلاف دينار مصرية، وفرجية آلاف دينار، وعمل السلطان لها حركاة وصلت إليه من بلاد الشرق، بلغ مصروف كسوتها، ثوب حرير أطلس بليقة مزركشة، برصعات فيها قطع بلخش ولؤلؤ وياقوت، مائة ألف دينار واثني عشر ألف دينار مصرية، وبلغ مصروف هذا المهم خمسمائة ألف دينار، ولم يسمع بمثل ذلك في الدولة التركية، قاله غير واحد. قلت: ونشأ الملك الصالح صاحب الترجمة في الدور من قلعة الجبل، إلى أن طلب بعد خلع أخيه حسن، وأجلس على تخت الملك، ولقب بالملك الصالح. وهو الثامن ممن تسلطن، من أولاد الملك الناصر محمد بن قلاوون. وكان جلوسه على سرير الملك، في يوم الإثنين السابع والعشرين من جمادى الآخرة سنة اثنتين وخمسين وسبعمائة. وصار الأمير طاز الناصري هو مدبر مملكته، وصاحب الحل والعقد فيها، وليس للملك الصالح فيها سوى الاسم لا غير. حتى أفرج عن شيخو ومنجك وبيبغا أرس. وبقي الأمر لهؤلاء الثلاثة وهم: طاز الجزء: 6 ¦ الصفحة: 332 وشيخو وصرغتمش، فاستقر شيخو اللالا أتابك العساكر، وطاز أمير مجلس، وصرغتمش رأس نوبة النوب، ومشت الأمور على ذلك. واستمر الحال إلى أن وقع بين طاز وبين طرغتمش وحشة، حسبما ذكرناه في غير موضع من تراجم المذكورين. ثم خرج طاز إلى الصيد، وأمر رفقته أن يركبوا على صرغتمش في غيابه، استحياء من شيخو، ففعلوا ذلك فركب شيخو مع صرغتمش، وانكسر حاشية طاز، وأمسك غالبهم. ثم اتفق الأميران على خلع الصالح هذا، وإعادة الملك الناصر حسن إلى ملكه. ووقع ذلك، في يوم الإثنين ثاني شوال سنة خمس وخمسين وسبعمائة، ولزم الملك صالح داره بقلعة الجبل، كل ذلك، وطاز في الصيد، فلما حضر، أخرج إلى نيابة حلب. فكانت مملكة الملك الصالح، ثلاث سنين وثلاثة أشهر وأربعة عشر يوماً، وما كان له في هذه المدة إلا الاسم فقط. واستمر الملك الصالح محبوساً بقلعة الجبل، إلى أن توفي بها في ذي الحجة سنة إحدى وستين وسبعمائة، ودفن بتربة عمه الملك الصالح علي بن قلاوون الخاتونية، بالقرب من المشهد النفيسي، رحمه الله. الجزء: 6 ¦ الصفحة: 333 1211 - المعتقد ... - 780 هـ - ... - 1379 م صالح بن نجم بن صالح، الشيخ الصالح المعتقد أبو النسك، نزيل منية السيرج من ضواحي القاهرة. كان يقصد للزيارة، وللناس فيه اعتقاد حسن. وكان على مكان ه م ن الورع والعبادة والتقوى، وإطعام الطعام للفقراء والمساكين. توفي بزاويته بالمنية، في يوم الأربعاء خامس عشرين شهر رمضان سنة ثمانين وسبعمائة، وكانت جنازته مشهودة، ومات وقد أناف على الستين. وكان له قدم هائل في التجرد والسلوك. وفيه يقول زين الدين أبو العز طاهر بن حبيب: إذا رمت وجه الخير فالشيخ صالح ... عليك به فالقصد إذ ذاك ناجح وحي هلا وأنشده في الحي منشدا ... ألا كل ما قرت به العين صالح 1212 - الرفاعي ... - 707 هـ - ... - 1307 م صالح الأحمدي الرفاعي، الشيخ الصالح شيخ الفقراء الرفاعية في وقته. الجزء: 6 ¦ الصفحة: 334 كان للناس في اعتقاد وترداد، لاسيما التتار والمغل. وكانت الملوك يكرمونه غاية الإكرام، وقدم إلى القاهرة، وحضر مجلس السلطان مراراً عديدة، وكان له فضل ومشاركة جيدة، وهو الذي تناظر مع الشيخ تقي الدين بن تيمية بالقصر بحضرة السلطان، وحنق الشيخ صالح من ابن تيمية وقال: نحن ما يتفق حالنا إلا عند التتر، وأما قدام الشرع فلا. ومعنى كلامه، أنه كان للتتار فيه اعتقاد عظيم، ويروج عندهم كلامه، لما يتكلم من أقوال الصوفية بكلام لا يقبله أهل الشرع. ثم عاد إلى دمشق وأقام بها، وكان يسكن بالمنيبع إلى أن طرقها التتار، فلما وصل قطلوشاه مقدم التتار نزل عنده وأظهر من المحبة له مالا يوصف، ونفع الناس بذلك. توفي سنة سبع وسبعمائة، رحمه الله تعالى. الجزء: 6 ¦ الصفحة: 335 باب الصاد والدال الم هم لتين 1213 - ابن الحاج بيدمر ... - 749 هـ - ... - 1348 م صدقة بن بيدمر، الأمير بدر الدين بن الأمير سيف الدين. قال ابن أيبك: كان من جملة الأمراء، وكان من أحسن الصور، وأظرف الأشكال. كان شاباً طويلاً أسمر، لم يثقل خده، توفي بالطاعون في أوائل شهر رجب سنة تسع وأربعين وسبعمائة، انتهى كلام ابن أيبك باختصار. فإنه أطنب في ذكره، وما أظنه إلا رثاه، وشارك أمه في حزنها عليه لحسن صورته، عفا الله عنه. الجزء: 6 ¦ الصفحة: 337 باب الصاد والراء المهملتين 1214 - صراي تمر ... - 793 هـ - ... - 1391 م صراي تمر بن عبد الله، الأمير سيف الدين. أحد مقدمي الألوف بالديار المصرية، ودوادار منطاش ونائب غيبته بباب السلسلة، لما خرج بالملك المنصور لقتال الملك الظاهر برقوق. قلت: وصراي تمر هذا، هو صاحب الوقع ة م ع من كان محبوساً من مماليك برقوق بقلعة الجبل، كما ذكرناه في ترجمة برقوق وغيره، وما وقع فيها من الاتفاق الغريب، من فرار صراي تمر المذكور من باب السلسلة، ثم من القبض عليه وحبسه، إلى أن قتل بسيف الملك الظاهر برقوق، في سنة ثلاث وتسعين وسبعمائة بالقاهرة، رحمه الله تعالى وعفا عنه. 1215 - أمير الينبع ... - 833 هـ - ... - 1430 م صرداح، وقيل سرداح، والأول أصح، والثاني هو المشهور، ابن مقبل بن الجزء: 6 ¦ الصفحة: 339 نخبار بن مقبل بن محمد بن راجح بن إدريس بن حسن بن أبي غرير بن قتادة بن إدريس بن مطاعن بن عبد الكريم بن عيسى بن حسن بن سليمان بن علي بن عبد الله بن محمد بن موسى بن عبد الله بن موسى بن عبد الله بن الحسن بن الحسن بن علي بن أبي طالب رضي الله عنه. وكان أبوه قد ولي إمرة الينبع مدة، إلى أن وثب عليه ابن أخيه عقيل بن وبير ابن نخبار، وحاربه بأهل الدولة، في سنة خمس وعشرين وثمانمائة، وقبض عليه على ولده صرداح هذا، وحملا إلى سجن الإسكندرية، فمات مقبل به. وكحل صرداح المذكور، حتى تفقأت حدقتاه وسالتا، وورم دماغه ونتن. فتوجه به بعد مدة من عماه إلى المدينة النبوية، فوقف عند قبر النبي صلى الله عليه وسلم وشكى ما به، وبات تلك الليلة فأصبح وعيناه أحسن مما كانتا. وذلك أنه رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم في منامه، فمسح بيده الشريفة على عينيه، فأنتبه وهو يبصر. واشتهر ذلك عند أهل المدينة. وبلغ الملك الأشرف برسباي ذلك فشق عليه، ظناً بأن الذي أكحله تهاون في أمره. فطلب الذين تولوا كحله، والذي سمل عينيه وضربه. فأقام عنده بينة بأنهم شاهدوا الميل وهو يحمى بالنار، ثم كحل الجزء: 6 ¦ الصفحة: 340 به فسالت حدقتاه بحضورهم، وكذلك أخبر أهل المدينة، أنهم رأوه ذاهب البصر، وأنه أصبح عندهم وهو يبصر. قلت: ومعجزات النبي صلى الله عليه وسلم أعظم من ذلك. توفي صرداح المذكور، في آخر جمادى الآخرة سنة ثلاث وثلاثين وثمانمائة بالطاعون، في القاهرة، عفا الله عنه. 1216 - الأشرفي ... - 778 هـ - ... - 1376 م صرغتمش بن عبد الله الأشرفي، الأمير سيف الدين. أحد مقدمي الألوف بالديار المصرية، في دولة أستاذه الملك الأشرف شعبان ابن حسين. كان خصيصاً عند الملك الأشرف، مقرباً عنده إلى الغاية. وهو من جملة الأمراء الذين سافروا معه إلى الحجاز. ولما وقع للملك الأشرف ما حكيناه في ترجمت ه، م ن رجوعه من عقبة أيلة، وانهزامه من مماليكه وأمرائه، وعوده نحو الديار المصرية، كان صرغتمش هذا ممن عاد معه. فلما وصلوا إلى القاهرة، دخلها الملك الأشرف واختفى بها، واختفى صرغتمش هذا، وأرغون شاه وغيره بقبة الجزء: 6 ¦ الصفحة: 341 النصر خارج القاهرة، فدل عليه قازان البرقشي. فأرسل الأمراء، الذين وثبوا على الأشرف بالقاهر ة، م ن قبض عليه وعلى رفقته، وحز رؤوسهم، وقدم بها إلى الأمراء بالقاهرة، في سنة ثمان وسبعين وسبعمائة. وصرعتمش هذا، هو أستاذ الأمير الطواشي كافور الرومي الزمام، صاحب التربة بالصحراء. 1217 - الناصري صاحب المدرسة بالصليبة ... - 759 هـ - ... - 1358 م صرغتمش بن عبد الله الناصري، الأمير سيف الدين، صاحب المدرسة بالصليبة. أصله من مماليك الملك الناصر محمد بن قلاوون، ومن كبار الأمراء في الدولة الناصرية حسن، ومدبر المملكة بعد موت الأمير شيخون الأتابك. ولما مات الأمير شيخون، عظم في الدولة واستطال، وأخذ وأعطى وزادت حرمته، وكثرت أمواله، ثم إنه لم يرض بما هو فيه وطلب غير ذلك. وبلغ الملك الجزء: 6 ¦ الصفحة: 342 الناصر حسن خبره، فرسم السلطان لمماليكه بالقبض على صرغتمش المذكور، عند دخوله إليه في الخلوة. فلما دخل إليه، أمسكوه وأمسك معه الأمير طشتمر القاسمي حاجب الحجاب، وطيبغا الماجاري، وأزمر، وقماري، وجماعة من أمراء الطبلخانات. فلما سمعوا مماليك صرغتمش، ركبوا وطلعوا إلى الرميلة، فنزل إليهم مماليك السلطان، وتقاتلوا من بكرة النهار إلى العصر. ونهبت دار صرغتمش ودكاكين الصليبة، ومسك من الأعاجم الذين بخانقاته جماعة، وذلك في يوم الإثنين العشرين من شهر رمضان سنة تسع وخمسين وسبعمائة. ثم حمل إلى الإسكندرية وسجن بها، إلى أن مات في ذي الحجة من السنة. وفي موتته أقوال، والله أعلم. وكان أميراً جليلاً، مهاباً شجاعاً كريماً، لكنه كان عنده ظلم وعسف. وهو صاحب المدرسة التي أنشأها بالصليبة، وله مآثر غيرها. وعمر بمكة المشرفة ميضاة بين رباط الخليفة والبيمارستان المستنصري، وعمر أيضاً أماكن بالمسجد الحرام بمكة، وجدد المشعر الحرام. الجزء: 6 ¦ الصفحة: 343 وكان مليح الصورة، جميلاً، يكتب جيداً، ويقرأ تجويداً، ويتكلم في الفقه والعربية بكلام مقبول، وكان جيد المشاركة حسن التصور. ولما حبس بثغر الإسكندرية، كتب للملك الناصر حسن قبل موته بمدة يسيرة كتاباً، في أوله فائية ابن الفارض يتخضع له: قلبي يحدثني بأنك متلفى ... روحي فداك عرفت أم لم تعرف فلم يلتفت الملك الناصر إليه، وفعل ما كان مقدراً على صرغتمش المذكور، رحمه الله. 1281 - المحمدي ... - 801 هـ - ... - 1399 م صرغتمش بن عبد الله المحمدي القزويني، الأمير سيف الدين. كان من جملة المماليك الظاهرية برقوق، ورقاه حتى جعل ه م ن جملة الأمراء. ثم ولاه نيابة الإسكندرية، عوضاً عن الأمير قديد القلمطاوي، في يوم الخميس ثاني عشر شعبان، سنة تسع وتسعين وسبعمائة. وبها مات في جمادى الأولى سنة إحدى الجزء: 6 ¦ الصفحة: 344 وثمانمائة، واستقر عوضه في نيابة الإسكندرية، الأمير فرج أستادار الأملاك والذخيرة. 1219 - القلمطاوي ... - 852 هـ - ... - 1448 م صرغتمش بن عبد الله القلمطاوي، الأمير سيف الدين. أحد أمراء العشرات. هو من مماليك الأمير قلمطاوي الدوادار، وتأمر عشرة بعد موت أستاذه في الدولة الناصرية فرج. واستمر على ذلك سنين لا يلتفت إليه، إلى أن أخرج الملك الأشرف برسباي إقطاعه في وسط دولته، فأقام بطالا بدار ه، م ن قرب خوخة أيدمش سنين، إلى أن أنعم عليه الملك الأشرف بإمرة عشرة على عادته أولا، فدام على ذلك إلى أن مات في سنة اثنتين وخمسين وثمانمائة بالقاهرة، وقد شاخ. وكان رومي الجنس، وعنده بخل وسوء خلق، مع جبن وعدم بشاشة، رحمه الله تعالى وعفا عنه. الجزء: 6 ¦ الصفحة: 345 1220 - صرق الظاهري ... - 807 هـ - ... - 1405 م صرق بن عبد الله الظاهري، الأمير سيف الدين، أحد مقدمي الألوان بديار مصر. أصل ه م ن مماليك الملك الظاهر برقوق، وترق، وترقي في الدولة الناصرية فرج، حتى صار أمير مائة ومقدم ألف. ثم ولى الكشوفية بالوجه البحري، فأبدع وفتك، وأشرف في القتل، إلى أن ولاه الملك الناصر فرج دمشق، عوضا عن الأمير شيخ المحمودي بحكم عصيانه. وتجهز المذكور للتوجه إلى دمشق، فورد الخبر بمجيء شيخ المذكور، مع جماعة الأمراء الذين خرجوا عصاة من القاهرة، أعنى بهم: يشبك الشعباني ورفقته. وخرج الملك الناصر فرج لقتالهم، ونزل بمنزلة السعيدية، فكبس شيخ ورفقته الملك الناصر بمنزلة السعيدية، وتقاتلوا من بعد عشاء الآخرة إلى بعد نصف الليل. ثم انكسر الملك الناصر، وقبض على صرق المذكور، وأتى به إلى بين يدي شيخ، فقتل صبرا، في ليلة الخميس المذكورة ثالث عشر ذي الحجة سنة سبع وثمانمائة. وكان أميراً شجاعاً مقداماً، وعنده ظلم وجبروت. وهو والد خوند بنت صرق، زوجة الملك الناصر فرج، التي قتلها الناصر فرج، بدور الحرم من قلعة الجبل، الجزء: 6 ¦ الصفحة: 346 بالسيف أشر قتله، تعبيرا على تهمة اتهمها بعض من له عندها غرض، أنها اجتمعت بالشهابي أحمد بن الطبلاوي بعد أن طلقها السلطان، فصدق السلطان ما قيل، فطلبها وقتلها عند كريمتي خوند صاحبة القاعة، ثم أحضر الملك الناصر ابن الطبلاوي المذكور، وضرب عنقه بيده في اليوم المذكور، والله أعلم بحقيقة ذلك. الجزء: 6 ¦ الصفحة: 347 باب الصاد والقاف 1221 - ضياء الدين الحلبي الشافعي 559 - 653 هـ - 1163 - 1255 م صمقر بن يحيى بن سالم بن يحيى بن عيسى بن صقر، الشيخ ضياء الدين أبو المظفر وأبو محمد الكلبي الحلبي الشافعي. ولد سنة تسع وخمسين وخمسمائة تقريباً. وتفقه وسمع من يحيى بن محمود الثقفي، والخشوعي، وابن طبرزد. ودرس، وأفتى، وأفاد. روى عنه الدمياطي، وابن الظاهري، وأخوه أبو إسحاق إبراهيم، وسنقر القضائي، وتاج الدين الجعبري، وبدر الدين محمد بن التوزي، والكمال إسحاق، والعفبف إسحاق، وجماعة. وكان خيراً ديناً، أضر بآخره، حتى توفي سنة ثلاث وخمسين وستمائة، رحمه الله تعالى. الجزء: 6 ¦ الصفحة: 349 باب الصاد والنون 1222 - صنجق الحسني ... - 793 هـ - ... - 1391 م صنجق بن عبد الله الحسني، الأمير سيف الدين نائب طرابلس. كان من أعيان الأمراء بالديار المصرية، وتولى عد ة م ناصب جليلة، حتى أبعده الملك الظاهر برقوق، ونفاه إلى البلاد الشامية. فلما عصى الأمير يلبغا الناصري ومنطاش، على الظاهر برقوق، وافقهما صنجق المذكور، وانضم إليهما مع من وافقهما من الأمراء وغيرهم، لما كان في نفسه من برقوق. واستمر مع الناصري، إلى أن ملك الديار المصرية. وولاه نيابة طرابلس. واستمر إلى أن خرج الظاهر برقوق من حبس الكرك، وملك الديار المصرية ثانياً، وحبس المذكور مدة، ثم قتل في سنة ثلاث وتسعين وسبعمائة. وكان أميراً جليلاً. حكى صاحبنا، الرئيس شرف الدين الطرابلسي، عنه أشياء منها، أنه قال: كنت بخدمته في طرابلس سنين، فلم أسمعه يسب أحداً من غلمانه، وكانت الرعية تحبه. وفيه يقول بعض العوام: قرابغا وصنجق ... ترك سادة عصيبة وبزلار وجيشه ... مالهم على الناس أذية الجزء: 6 ¦ الصفحة: 351 قلت: وصنجق بصاد مهمل ة م ضمومة ونون ساكنة وجيم مضمومة وقاف، انتهى. 1223 - المنجكي ... - 801 هـ - ... - 1399 م صندل بن عبد الله المنجكي الطواشي الرومي، الأمير زين الدين خازندار الملك الظاهر برقوق، وصاحب الطبقة الصندلية بقلعة الجبل. أصله من خدام الأمير منجك اليوسفي نائب الشام، ثم تنقل في الخدم، حتى صار بخدمة الظاهر برقوق، وحظي عنده إلى الغاية، وجعله خازندارا كبيرا، وقربه وأدناه، لما كان يعلم من دينه وخيره وعفته. وكان برقوق، بعد قتل أستاذه يلبغا العمري الخاصكي، خدم عند منجك اليوسفي، وصار له صحبة بصندل المذكور من حينئذ. ونال صندل في الدولة الظاهرية برقوق، من الوجاهة والحرمة، مالم ينله غيره من أبناء جنسه، وهو مع ذلك لا يزداد إلا ديناً وصلاحاً وعفة. قلت: وآنياته الذين هم من مماليك برقوق، يعني بالطبقة الصندلية، يعتقدون بركته، وقد حكى لي عنه غير واحد منهم، حكايات ما تقع إلا لكبار الصالحي الجزء: 6 ¦ الصفحة: 352 ن من ذلك أنه كان لا يأكل من سماط السلطان، ولا من رواتبه شيئاً. بل كان له جهة حقيرة يتحقق حلها فكان قوته منها، وكان غالب أيامه يسرد الصوم، وكان لما يريد الفطر من صيامه، يأتيه الطباخ بزبدية واحدة فيها مقدار خمسة أرطال لحم، ثم علاها شوربه. قال بعضهم: فكنا نقعد نأكل معه من تلك الزبدية نحواً من عشرين نفراً، ويأكل هو أيضاً شبعه، ونشبع كلنا، ويفضل منه ما يأكله الغلمان. ومنها، أنه كان يدعو أن يكون موته قبل موت الملك الظاهر برقوق، فكان كذلك، فإنه توفي يوم ثالث شهر رمضان سنة إحدى وثمانمائة. وكانت وفاة برقوق، بعد نصف ليلة الجمعة خامس عشر شوال من السنة المذكورة. ومما يدل على دينه وصلاحه، أنه مات وهو أعلى منزلة عند الملك الظاهر برقوق من كل أحد. وبعد هذا أبيع موجود وخيوله وقماشه، وما وجد له عين، الجميع لم يدخل ثلاثمائة دينار، ولا وجد له ملك. وإنما وقف بعض دور وحوانيت، على الصهريج الذي أنشأه بتربة أستاذه منجك، تجاه القلعة بالقرب من باب الوزير، وفي هذا كفاية. هذا مع تمكنه عند الملك الظاهر برقوق، وطول مكثه في وظيفة الخازندارية، الجزء: 6 ¦ الصفحة: 353 ومع ما ناله من الحرمة وانفراد الكلمة، واتساع الأرزاق في تلك الأيام، وعظيم سلطنة برقوق وضخامته. فلله در هذا الرجل الصالح. قلت: هذا هو الزهد مع القدرة، لا كمن لا يملك شيئاً فيتزهد. وأيضاً لا كخدام زماننا هذا، فإنهم مع ما هم عليه من الحرفشة، وقلة الحرمة، واختلاف الرتبة، يخلف الواحد منهم موجوداً يزيد على مائة ألف دينار وأكثر. وثم في زماننا هذا، منهم من يمكن أن يكون موجوده أزيد من خمسمائة ألف دينار. انتهت ترجمة صندل، رحمه الله وعفا عنه. الجزء: 6 ¦ الصفحة: 354 باب الصاد والواو 1224 - صواب السهيلي ... - 706 هـ - ... - 1306 م صواب بن عبد الله السهيلي، الطواشي شمس الدين الخازندار. كان خصيصاً عند الملك الظاهر بيبرس، مشاراً إليه في الدولة. وكان الملك الظاهر قد سلمه قلعة الكرك، لما علم من عقاه ومعرفته ودينه. واستمر بها إلى سنة إحدى وثمانين وستمائة. توجه في السنة المذكورة، في أيام السلطان الملك المسعود، نجم الدين خضر بن الملك الظاهر بيبرس، إلى الحجاز الشريف، في جملة الركب الشامي. فلما وصل إلى تبوك، لحقه الأمير عبية أمير بني عقبة وقبض عليه، وحمله إلى الملك المنصور قلاوون، ثم أخلع الملك الظاهر، وولاه نيابة الكرك ثانياً، وثوقا بأمانته وديانته. فلم يزل بها إلى أن مات، في سنة ست وسبعمائة، وقد قارب المائة سنة. الجزء: 6 ¦ الصفحة: 355 قلت: ولعله صواب صاحب الطبق ة م ن قلعة الجبل. والله أعلم. 1225 - صوماي الظاهري ... - 820 هـ - ... 1417 م صوماي بن عبد الله الحسني الظاهري، الأمير سيف الدين أحد أمراء الديار المصرية، ورأس نوبة في الدولة الناصرية ثم المؤيدية. ولما قبض الملك المؤيد شيخ على الأمير بيبغا المظفري، وعلى قجق حاجب الحجاب، وعلى تمان تمر اليوسفي المعروف بأروق، في سنة سبع عشرة وثمانمائة، وحملهم إلى سجن الإسكندرية، كان صوماي المذكور هو مسفرهم، إلى أن وصل بهم إلى الإسكندرية. ثم عاد إلى القاهرة، حتى مات بها في حدود العشرين وثمانمائة تقريباً. وكان تركيا سليم الباطن، عديم الشر، رحمه الله تعالى، وعفا عنه. الجزء: 6 ¦ الصفحة: 356 حرف الضاد المعجمة خال من التراجم لعدم وجود الأسماء في هذا الحرف. الجزء: 6 ¦ الصفحة: 357 حرف الطاء المهملة 1226 - طابطا ... - 748 هـ - ... - 1347 م طابطا بن عبد الله الأمير سيف الدين، أحد المقدمين بدمشق، ووالد نائبها الأمير يلبغا اليحياوي، ووالد الأمير أسندمر، والأمير قراكز. استقدمه ولده الأمير يلبغا من بلاد التتر، لما حظي عند أستاذه الملك الناصر محمد بن قلاوون. فقدم طابطا المذكور وولداه أسندمر وقراكز إلى الديار المصرية. ثم خرج مع ولده يلبغا لما خرج إلى نيابة دمشق، وصار من جمل ة م قدميها، إلى أن أمسك ولده يلبغا، في أيام الملك المظفر حاجي، وذبح. طلب الجزء: 6 ¦ الصفحة: 358 طابطا المذكور وحبس بالإسكندرية، إلى أن أفرج الملك الناصر حسن عنه، في شهر رمضان، سنة ثمان وأربعين وسبعمائة. ثم مات بعد ذلك بمدة يسيرة، رحمه الله تعالى عفا عنه. 1227 - طاجار الدوادار ... - 742 هـ - ... 1341 م طاجار بن عبد الله الناصري الدوادار، الأمير سيف الدين. أصل ه م ن مماليك الملك الناصر محمد بن قلاوون وخاصكيته، ثم ولاه الدوادارية بعد خجداشة الأمير بغا، بعناية القاضي شهاب الدين بن فضل الله، وعناية شرف الدين النشو ناظر الخاص. لأن طاجار كان صغيراً، وكانا كرهاً بغا، وتوهما أن طاجار يكون طوع ما يحاولانه، فلما تمكن. طاجار عاملهما بضد ما توهماه فيه وأملاه منه. وأنعم عليه الملك الناصر بإمرة طبلخاناة ثم إمرة مائة. وقال له الملك الناصر: ويلك يا طاجار. ما كان دوادار أمير مائة قط، وأنا أعطيتك إمرة مائة. فاجعل بالك مني، واقض أشغالي في ضمن أشغالك، الجزء: 6 ¦ الصفحة: 360 ولا تقض أشغالي في ضمن أشغالك. وإذا دفع إليك أحد شيئاً من المال، أحضره إلى كاتبي النشو. فسمع طاجار ذلك، فاستمر في الدوادارية، إلى أن توفي الأمير طشتمر الساقي حمص أخضر نيابة صفد. كان طاجار المذكور مسفره، فأعطاه طشتمر مائة ألف درهم، ثم توجه إلى دمشق عند نائبها الأمير تنكز، فأنعم عليه أيضاً بجملة مستكثرة. وكان تنكز خارج دمشق بمرج الغسولة، فلما رأى طاجار خامه، قال: هذا أكبر من خام السلطان فبلغ ذلك تنكز، فوقعت العداوة بينهما. واستمر ذلك بينهما إلى أن أمسك تنكز، توجه طاجار مع الأمير بشتاك إلى دمشق للحوطة على مال تنكز، ثم عادا إلى القاهرة. واستمر طاجار على ذلك، إلى أن مات الملك الناصر محمد، وملك بعده انبه الملك المنصور أبو بكر استمر طاجار دواداره أيضاً، وحسن للملك المنصور القبض على قوصون. فلما بلغ قوصون ذلك، خلع المنصور، وسلطن أخاه الملك الأشرف علاء الدين كجك، ثم أمسك طاجار المذكور وحبسه بالإسكندرية، إلى أن قتل مع الأمير بشتك، في سنة اثنتين وأربعين وسبعمائة. الجزء: 6 ¦ الصفحة: 361 وكان طاجار أميراً لطيفاً، كثير اللعب والتهتك، وكان يحضر السماع، ولا يمل من الرقص. وكان بشتك يكرهه، ويضع منه عند السلطان. وكان متمولاً، يقال إنه لما أمسك، حمل من بيته ست صناديق ذهباً. وكان يميل إلى فعل الخير، وهو الذي عمر الخان الذي بجبنين، والحوض في طريق غزة، رحمه الله تعالى. 1228 - الناصري ... - 763 هـ - ... - 1362 م طاز بن عبد الله الناصري، الأمير سيف الدين، أحد أعيان الأمراء بالديار المصرية، ثم نائب حلب. أصل ه م ن مماليك الملك الناصر محمد بن قلاوون، ومن خاصكيته. ثم تنقلت به الأحوال بعد موته، حتى صار من أعظم أمراء الديار المصرية، وهو كان أكبر الأسباب لخلع السلطان الملك الناصر حسن، وتولية أخيه الملك الصالح صالح. ولما تسلطن الملك الصالح صالح، وصار الأمر لطاز المذكور، ودام على ذلك سنين. الجزء: 6 ¦ الصفحة: 362 ثم وقع بينه وبين جماعة من أكابر أمراء الدولة وحشة، وهم: الأمير مغلطاي، ومنكلي، وطاز هذا. فركب مغلطاي ومنكلي بآلة الحرب، وتوجها إلى قبة النصر خارج القاهرة فعند ذلك ركب طاز ومعه الملك الصالح والخاصكية، ونودي، أي من وجد أحداً من مماليك مغلطاي ومنكلي يقتله. فقتل من مماليكهم جماعة، ومسك منكلي ومغلطاي عند خليج الزعفران خارج القاهرة. وحبسا بخزانة شمائل، ثم أرسلا إلى الإسكندرية، واستولى طاز على المملكة. وأفرج عن شيخو اللالا، وبيبغا أرس ومنجك اليوسفي. وصار شيخون أتابك العساكر، وتولى بيبغا أرس نيابة حلب. وبقي الأمر في المملكة لثلاثة: طاز، وشيخون، وصرغتمش، فكان شيخو أتابك العساكر، وطاز أمير مجلس، وصرغتمش رأس نوبة النوب، وقبلاي نائب السلطنة، والأمر كله لطاز هذا، لعظم شوكته. وقوي أمره في الدولة إلى الغاية، حتى أنه لما فرغ من بناء بيته والقصر الذي فيه، بالشارع خارج باب زويلة، تجاه حمام الفارقاني، عمل مأدبة، وعزم على السلطان والأمراء، ومد لهم سماطاً عظيماً. فلما فرغ السماط، وعزم السلطان على الركوب، قدم إليه أربعة أروس من الخيل، بسروج ذهب وكنابيش مزركش. وقدم لشيخون فرسين على تلك الهيئة، ولصرغتمش أيضاً فرسين، ولكل مقدم الجزء: 6 ¦ الصفحة: 363 ألف فرساً، والجميع بقماش ذهب. ولم يعهد قبل ذلك نزول سلطان لبيت أمير، بعد الملك الناصر محمد بن قلاوون. ثم وقع بين طاز وبين صرغتمش وحشة في الباطن. وصار شيخون يسكن الفتنة بينهما، إلى أن اتفق طاز مع حاشيته، أنه يخرج إلى الصيد، فإذا غاب عن القاهرة، يركب هؤلاء على صرغتمش وذويه ويمسكونهم في غيبته. كل ذلك استحياء من شيخون، فوقع ذلك. فلما سمع شيخون بركوبهم، أمر هو أيضاً مماليكه أن يركبوا، وكانوا سبعمائة مملوك، فركبوا مع صرغتمش، وقاتلوا جماعة طاز حتى هزموهم وقبضوا عليهم. ثم خلع شيخون الملك الصالح صالح، وأعاد الملك الناصر حسن إلى الملك الناصر حسن إلى الملك. كل ذلك وطاز في الصيد. فلما حضر طاز بعد أن طلب الأمان من شيخون، فأمنه بعد معاتبة. ودخل إلى السلطان حسن، فرسم له بنيابة حلب، عوضاً عن الأمير أرغون الكاملي، في سنة خمس وخمسين وسبعمائة. فتوجه إلى حلب، ودام في نيابتها إلى سنة تسع وخمسين، أخذ في أسباب العصيان، ففطن به أمراء حلب، فكلموه في ذلك فأغلظ عليهم. ثم ركب من الغد، وحصل بينه وبينهم بعض قتال، ليس بذاك، ثم اصطلحوا على أنه يتوجه إلى القاهرة، فتوجه في السنة المذكورة. فلما قرب من غزة، أمسك الجزء: 6 ¦ الصفحة: 364 وأرسل إلى الكرك، فحبس بها، ثم سمل وعمى، ثم أطلق بطالاً بدمشق، إلى أن توفي سنة ثلاث وستين وسبعمائة. وكان أميراً جليلاً، شجاعاً مقداماً، عالي الهمة، ذا رأي وتدبير، ومعرفة وسياسة. وكان شكلاً حسناً جميلاً، حلو اللفظ، وعنده كرم وحشمة، رحمه الله تعالى. وطاز بطاء مهملة وألف بعدها وزاي، انتهى. 1229 - طاز العثماني ... - 788 هـ - ... - 1386 م طاز بن عبد الله العثماني الأشرفي، الأمير سيف الدين، أحد مقدمي الألوف بالديار المصرية. هو من مماليك الملك الأشرف شعبان بن حسين، وممن قتل معه بعد عوده من العقبة، في سنة ثمان وثمانين وسبعمائة. تقدم ذكر هذه الواقعة، في ترجمة الملك الأشرف شعبان. 1230 - طاهر الخجندي 770 - 841 هـ - 1369 - 1437 م طاهر بن أحمد بن محمد بن محمد، الشيخ عز الدين أبو المعالي بن الشيخ جلال الجزء: 6 ¦ الصفحة: 365 الدين أبي طاهر بن الشيخ شمس الدين أبي عبد الله بن جلال الدين أبي محمد الخجندي، ثم المدني الحنفي. ولد سنة سبعين وسبعمائة، وسمع على أبيه وغيره، وأجاز جماعة. وتفقه وبرع في الفقه، والأصول والنحو، وشارك في عدة فنون. وصار معدوداً من أعيان الحنفية، ومات يوم الإثنين ثاني رجب سنة إحدى وأربعين وثمانمائة. 1231 - طاهر بن حبيب 740 - 808 هـ - 1339 - 1406 م طاهر بن الحسن بن عمر بن حسن بن عمر بن حبيب، الشيخ زين الدين أبو العز بن الشيخ بدر الدين أبي محمد الحلبي الحنفي، الإمام البليغ الأديب المنشئ. ولد بعد الأربعين وسبعمائة بقليل، وسمع من إبراهيم بن الشهاب محمود وغيره. وأجاز له أبو العباس المرداوي خاتمة أصحاب ابن عبد الدايم، وجماعة. واشتغل وحصل، وبرع في الأدب وغيره، وصنف. وكتب في ديوان الإنشاء بحلب، ثم رحل إلى دمشق وأقام بها مدة، ثم توجه إلى القاهرة الجزء: 6 ¦ الصفحة: 366 وكتب بها في ديوان الإنشاء، وولى وظائف غير ذلك. وكان يكتب الخط المنسوب، وله نظم ونثر. نظم تلخيص المفتاح في المعاني والبيان، وشرح البردة للبوصيري، وخمسها، وذيل على تاريخ والده. ومن شعره: قلت له إذ ماس في أخضر ... وطرفه ألبابنا يسحر لحظك ذا؟ أو أبيض مرهف؟ ... فقال هذا موتك الأحمر وله في الملك الظاهر برقوق لما قبض على منطاش وقتله: الملك الظاهر في عزه ... أذل من ضل ومن طاشا ورد في قبضته طائعاً ... نعيراً العاصي ومنطاشا وله دو بيت مردوف: أفدي رشأ مامر بي أو خطراً ... كالغصن رشيق إلا ولقيت في هواه خطراً ... باللحظ رشيق والسالف الوجنة عقلي قمراً ... آس وشقيق مذ أسفر وجهه يحاكي قمراً ... للبدر شقيق الجزء: 6 ¦ الصفحة: 367 وله أيضاً: يا عاشق قم وانهض عجلا ... لحمى قمر ختم الرسلا فالوقت صفا والعيش صفا ... والحب وفا وقضى الأملا خير الرسل مهدى السبل ... بشفاعته يمحو الزللا كالبدر سنا كالقضب جنا ... كالزهر حلا كالزهر علا بزيارته وخفارته ... يشفي الغللا ونفى العللا أفدي قمرا عقلي قمرا ... قضى وطرا صب وصلا خير البشر خير البشر ... من فاق علا وزكا عملا ما أسعده ما أرشده ... من قربه وبه اتصلا هو سيدنا هو مقصدنا ... هو منجدنا مغنى النزلا كم نوله من أم له ... ما أمله وجلاً وجلا سر قاصده لتشاهده ... ولك الإسعاد إذ أقبلا فصلاة الله تواصله ... وسلام رضى أن يتفضلا انتهى. توفي بالقاهرة يوم الجمعة سابع عشر ذي الحجة سنة ثمان وثمانمائة. رحمه الله وعفا عنه. الجزء: 6 ¦ الصفحة: 368 1232 - المدلجي الزاهد ... - 685 هـ - ... - 1286 م طاهر بن عمر بن طاهر بن مفرج المدلجي المصري، الزاهد العابد، نزيل دمشق. كان فقيهاً، وله فضل وزهد. قرأ قطعة من الفقه على الشيخ عز الدين ابن عبد السلام، وتسلك على جماعة من المشايخ. وكان له أحوال وكرامات، وأخبر بكسر التتار على حمص قبل وقوعه بأيام. توفي سنة خمس وثمانين وستمائة، رحمه الله تعالى، ونفعنا ببركته. 1233 - محي الدين الصوري الكحال 597 - 665 هـ - 1201 - 1267 م طاهر بن محمد بن طاهر بن خضر، محي الدين أبو الفرج بن أبي الفضل، الحكيم الكحال الأنصاري الصوري الأصل الدمشقي. الجزء: 6 ¦ الصفحة: 369 ولد سنة سبع وتسعين وخمسمائة. وكان فاضلاً، سمع من ابن طبرزد، والكندي، وجماعة. وروى عنه الدمياطي، وأبو محمد الفارقي، وجماعة. توفي سنة خمس وستين وستمائة، رحمه الله تعالى. وعفا عنه. الجزء: 6 ¦ الصفحة: 370 باب الطاء والباء الموحدة 1234 - طبج المحمدي ... 768 هـ - ... 1384 م طبج بن عبد الله المحمدي، الأمير سيف الدين. كان أولا من جملة الأمراء، مقدمي الألوف بالديار المصرية. ثم وقع له أمور وحوادث، آلت إلى خروجه إلى دمشق، وصار بها أمير مائة ومقدم ألف. واستمر بها إلى أن توفي سنة ست وثمانين وسبعمائة. وطبج بطاء مهمل ة م ضمومة وباء موحدة مضمومة أيضاً، وجيم. رحمه الله. الجزء: 6 ¦ الصفحة: 371 باب الطاء والراء المهملة 1235 - الأتابك ثم نائب طرابلس ... - 838 هـ - ... 1435 م طرباي بن عبد الله الظاهري،، الأمير سيف الدين، أتابك العساكر، كان، ثم نائب طرابلس. هو من مماليك الملك الظاهر برقوق، ومن رؤوس الفتن في الدولة الناصرية فرج. ولما كان الملك الناصر بدمشق، في سنة ثلاث وثمانمائة، يقاتل تيمورلنك، كان طرباي هذا، ممن اختفى مع سودون الطيار وغيره، وعاد إلى الديار المصري ة م ع رفقته، حتى يسلطنوا الشيخ لاجين الجاركسي. وبلغ جماعة الملك الناصر الخبر، فأخذوا الناصر وعادوا به إلى الديار المصرية. فكان ذلك من أكبر الأسباب لأخذ تيمور دمشق، وإلا لو استمر السلطان بالشام، لكان يعجز تيمور عن أخذ دمشق، ويعود بالخزي واللعنة. الجزء: 6 ¦ الصفحة: 373 واستمر طرباي المذكور يثير الفتن، يقيم الشرور، إلى أن تسلطن الملك المؤيد شيخ، وأنعم عليه بإمرة الطبلخاناة بديار مصر. ثم وجهه في الرسلية إلى نوروز الحافظي، لما خرج عن طاعة الملك المؤيد. يأمره بالدخول في الطاعة، ويحذره المخالفة. فلم يلتفت نوروز لذلك، وعاد طرباي بجواب، ذكرناه في ترجمة المؤيد شيخ. ولما انتصر الملك المؤيد على نوروز المذكور، أخلع على الأمير طرباي هذا، بنيابة غزة، فتوجه إليها، ودام بها، إلى أن عصى الأمير قاني باي المحمدي نائب الشام، وإينال الصصلاني نائب حلب، وسودون من عبد الرحمن نائب طرابلس، وتنبك البجاسي نائب حماة. وافقهم طرباي المذكور، على مخالفة الملك المؤيد، وتوجه إليهم، وبقي معهم إلى أن خرج الملك المؤيد شيخ لقتالهم. ووافاهم بالقرب من حلب، وقاتلهم حسبما ذكرناه في غير موضع. ثم انتصر الملك المؤيد عليهم، وقبض على إينال الصصلاني، وجرباش كباشة وتمان تمر اليوسفي أروق ثم قبض على قاني باي نائب الشام، وفر الباقون من حلب، حتى وصلوا إلى قرا يوسف بن قرا محمد صاحب تبريز وبغداد. الجزء: 6 ¦ الصفحة: 374 فكان طرباي المذكور ممن فر إلى قرا يوسف، وأقام عنده، إلى أن توفي الملك المؤيد شيخ. في سنة أربع وعشرين وثمانمائة. وتسلطن ولده الملك المظفر أحمد أبو السعادات من بعده، وصار ططر أتابكه ونظام الملك. ثم توجه ططر في السنة المذكورة بالمظفر إلى دمشق، فقدم عليه طرباي هذا، مع من قدم من الأمراء من عند قرا يوسف، فرحب ططر به وبرفقته، ووعده في الباطن بكل خير. ولم يسعه إظهار ذلك، خوفاً من الأمراء المؤيدية حتى قبض عليهم الجميع حسبما هو مذكور في هذا الكتاب، في عدة تراجم ممن قبض عليهم. ثم خلع الملك المظفر، وتسلطن ولقب بالملك الظاهر أبو الفتح، أخلع على طرباي المذكور، بحجوبية الحجاب بالديار المصرية عوضاً عن الأمير إينال الشيخي المعروف بالأزعري. ثم قدم إلى الديار المصرية صحبة الملك الظاهر ططر. واستمر على وظيفته إلى أن مات الظاهر ططر في السنة المذكورة، وتسلطن ولده الملك الصالح محمد بن ططر. ووقع ما حكيناه، من اتفاق طرباي هذا، مع الأمير برسباي الدقماقي، وقبضهما على الأتابك جانبك الصوفي. ولما قبض عليه، أخلع عليهما الملك الصالح محمد، باستقرار برسباي الدقماقي الدوادار الكبير نظام الملك، وعلي طرباي هذا واستقر أتابك العساكر، وذلك في يوم الإثنين ثالث ذي الحجة الجزء: 6 ¦ الصفحة: 375 سنة أربع وعشرين وثمانمائة، وأن يسكن برسباي بطبقة الأشرفية بقلعة الجبل ويسكن طرباي في بيت الأمير الكبير على العادة. واستمر الحال على ذلك، وأشيع بركوب طرباي المذكور على برسباي، وكثر الكلام في ذلك. وانقطع طرباي عن طلوع الخدمة السلطانية مدة، وعدى بر الجيزة للربيع. فأرسل إليه جماعة في الدس يطيبوا خاطره، ولا زالوا به حتى أذعن لطلوع الخدمة. هذا وحواشية تحذره الطلوع، فصار لا يلتفت إليهم وطلع إلى الخدمة. فلما انتهى السلطان من العلامة، وحضر السماط على العادة، تفاوض كل من الأميرين في الكلام مع الآخر. فكان كلام برسباي أن قال: الحال ضائع، والكلمة متفرقة، ولا بد من كبير ترجع الناس إليه في أمور الرعية. فقال قصروه من تمراز رأس نوبة النوب لبرسباي، أنت كبيرنا، افعل ماشئت. فقال: إذا اقبضوا على هذا، وعني طرباي صاحب الترجمة. فجذب طرباي سيفة ليدفع عن نفسه، وقام من مجلسه، فسبقه الأمير برسباي وضربه بالسيف ضربة، جاءت في يده كادت تبينها، ثم بادره قصروه وعاقه عن القيام، وتقدم إليه تغرى بردى المحمودي وقبض عليه. وحمل من وقته وقيد، وقد تضمخ الجزء: 6 ¦ الصفحة: 376 بدمه. ووقعت الضجة بالقصر السلطاني ساعة، ثم سكنت عندما رأى أصحاب طرباي أن الأمر فاتهم، وتكسر بعض صيني. ثم أخرج من الغد، يوم الجمعة خامس شهر ربيع الأول سنة خمس وعشرين وثمانمائة، إلى الإسكندرية فحبس بها. وخلا الجو للأمير برسباي، فتسلطن، ولقب بالملك الأشرف. واستمر طرباي في السجن مدة طويلة، إلى أن أطلقه الملك الأشرف برسباي وأرسله إلى القدس بطالاً، فأقام بالقدس مدة يسيرة. وولاه نيابة طرابلس، بعد عزل الأمير جرباش الكريمي المعروف بقاشوق عنها، في جمادي الآخرة سنة إحدى وثلاثين وثمانمائة، فتوجه طرباي إلى طرابلس، وباشر نيابتها مدة طويلة. وقدم القاهرة، فأكرمه الملك الأشرف وأجل مقدمه، وأخلع عليه باستقراره في نيابة طرابلس. ومن جملة إكرامه له مما شاهدته، وهو أنه لما خلع عليه خلعة السفر، وقبل طرباي الأرض، وأراد أن يمشي إلى الأشرف، قام الأشرف عن المدورة، ومشى خارج القصر حتى لا يلقاه جالساً، وعانقه. فأهوى طرباي ليقبل رجله، فمنعه من ذلك، وصار يحادثه حتى افترقا. ولم يلتقيا بعد ذلك، حتى خرج الملك الأشرف إلى البلاد الشامية، وتوجه إلى آمد، في سنة ست وثلاثين وحصرها، ثم عاد نحو الديار المصرية، وأخلع على طرباي باستمراره في نيابة طرابلس على عادته. الجزء: 6 ¦ الصفحة: 377 ولما كان الملك الأشرف بآمد، تحدثت الناس بوقوع فتن ة م ن قبل جارقطلو نائب الشام، ومن قبل طرباي المذكور، وشاع في ذلك على أفواه الناس، ولم يقع ذلك. واستمر طرباي في نيابة طرابلس؛ إلى أن توفي بها فجأة على مصلاه، بكرة نهار السبت رابع شهر رجب سنة ثمان وثلاثين وثمانمائة، بعد صلاة الصبح، وقد أناف على الستين. وكان أميراً جليلاً شجاعاً، ديناً عفيفاً عن القاذورات، غزير العقل، حسن الشكالة، ضخماً، وعنده إقدام وبعض تكبر. وكان يميل إلى أبناء جنسه الجراكسة دون غيرهم. رحمه الله تعالى. 1236 - طرجي الساقي ... - 731 هـ - ... - 1331 م طرجي بن عبد الله الناصري الساقي، الأمير سيف الدين. أصله من جملة مماليك الملك الناصر محمد بن قلاوون، وساقيه، ثم رقاه إلى أن جعله أمير مجلس، إلى أن توفي. وأظن هذه الوظيفة ما عظمت الجزء: 6 ¦ الصفحة: 378 إلا في زماننا هذا والذي قبله بمدة يسيرة، وهو أن ابن كثير قال: ولما توفي طرجي في يوم الثلاثاء خامس شهر ربيع الآخرة سنة إحدى وثلاثين وسبعمائة، أنعم الملك الناصر بإقطاعه طبلخاناة على الأمير أولاجا. وتولى عوضه في إمر ة م جلس طقزدمر. انتهى كلام ابن كثير. قلت: هذا يحتمل، ويحتمل إما أن إمرة مجلس كانت أولا هينة، فيكون صاحبها أمير طبلخاناة، ثم عظمت في زماننا هذا. وإما أنهم كانوا يسمون المقدم طبلخاناة أيضاً، لكون الطبلخاناة تدق على بابه. أما الطبلخاناة في زماننا هذا فهي إمرة أربعين. انتهى. 1237 - الجاشنكير نائب حلب وطرابلس ... - 743 هـ - ... 1343 م طرغاي بن عبد الله الناصري، الأمير سيف الدين. الجزء: 6 ¦ الصفحة: 379 أصله من مماليك الطباخي الجاشنكير، وهو خجداش الأمير أيدغمش، وهو أحد من أنشأه الملك الناصر محمد بن قلاوون، ورقاه حتى ولاه نيابة حلب، عوضاً عن الأمير ألطنبغا الصالحي، في سنة تسع وثلاثين وسبعمائة. فدخل حلب وحكمها، وحمدت سيرته، واستمر إلى سنة إحدى وأربعين أو اثنتين وأربعين وسبعمائة، عزل وقدم إلى القاهرة أميراً بها. واستمر بالقاهرة، إلى أن توجه منها لحصار الملك الناصر أحمد بن محمد بن قلاوون بالكرك. وعاد، فأنعم عليه بنيابة طرابلس، في سنة ثلاث وأربعين، فتوجه إليها واستمر بها، إلى أن مات في شعبان سنة ثلاث وأربعين المذكورة. وكان مشكور السيرة، ديناً، كثير الصدقات، رحمه الله. وطرغاي اسم طير باللغة التركية، بطاء مهملة مضمومة، وراء مهملة ساكنة، وغين معجمة، وألف وياء مثناة من تحت، وقيل بلا ألف. رحمه الله تعالى. وعفا عنه. انتهى. الجزء: 6 ¦ الصفحة: 380 1238 - التتري ... - 696 هـ - ... - 1297 م طرغاي بن عبد الله التتري، أحد أمراء المغل. قال ابن حبيب في تاريخه: سنة خمس وتسعين وستمائة، فيها، وفد الأمير طرغاي أحد أكابر أمراء المغل إلى الديار المصرية، وصحبته نحو عشرة آلاف من المغل الأويراتية، خوفاً من الملك غازان، ورغبة في الدخول إلى دار الإمارة والإيمان. فقابل هم المسلمون بالإقبال، وتلقوهم بالترحاب والاحتفال. ومنحهم أرباب الدولة بالإكرام، وأفاضوا عليهم ملابس الإحسان والإنعام، وأجروا على أكابرهم الإقطاعات والرواتب، ورفعوا أعيانهم إلى ذي المنازل الجزء: 6 ¦ الصفحة: 381 والمراتب. واستقر أمرهم، وتضاعف حمدهم وشكرهم، وسكنوا ديار مصر وبلاد الشام. ولبثوا مسرورين بما حصل لهم من السلامة والإسلام. انتهى كلام ابن حبيب برمته. 1239 - طرمش ... - 801 هـ - ... - 1399 م طرمش بن عبد الله، الأمير سيف الدين، دوادار الأمير الكبير كمشبغا الحموي. كان أولا بخدمة الأمير كمشبغا، ثم صار من جملة أمراء حلب. وبنى بها جامعاً مليحاً ببانقوسا، ووقف عليه أوقافاً، وهو معروف به. ثم نقله الملك الظاهر برقوق، إلى حجوبية الحجاب بطرابلس، عوضاً عن الأمير أسندمر، وأقام بها مدة. وبنى بطرابلس أيضاً تربة، ووقف عليها وقفا، ثم توج ه م نها إلى حصن الأكراد، بعد سنة إحدى وثمانمائة، فتوفي بحصن الأكراد. الجزء: 6 ¦ الصفحة: 382 وكان مشكور السيرة، ذكرنا لغرابة اسمه. وطرمش بضم الطاء الم هم لة، وسكون الراء المهملة، وكسر الميم وسكون الشين المعجمة، ومعناه باللغة التركية قام. 1240 - نائب الشام ... - 792 هـ - ... - 1389 م طرنطاي بن عبد الله، الأمير سيف الدين، نائب دمشق. كان أولا من جملة أمراء دمشق، ثم ولي حجوبية الحجاب بها. ولما ولي الحجوبية، شدد على العوام وأبادهم، وحرض على النهي عن بيع المنكرات، وعن السكر، وعاقب على ذلك خلائق. واستمر على ذلك مدة، وعظمت حرمته، وقويت هيبته على العوام إلى الغاية، وحسنت به أحوال الرعية. واستمر على ذلك، إلى أن طلب الأمير ألطنبغا الجوباني نائب دمشق إلى الديار المصرية، وأمسكه الملك الظاهر برقوق، بالقرب من قطيا قبل وصوله إلى القاهرة، وحبسه بالإسكندرية. فعند ذلك، أرسل الملك الظاهر إلى طرنطاي المذكور، تشريفاً بنيابة دمشق، عوضاً عن الجوباني، وذلك في سلخ شوال سنة إحدى وتسعين وسبعمائة، فوصل إليه التشريف السلطاني في أوائل ذي القعدة. الجزء: 6 ¦ الصفحة: 383 واستمر في نيابة دمشق، واشتغل بحرب منطاش عن العوام، فصار مثلا بين عوام الشام يقولون: طرنطاي، وطالما أخذ نيابة الشام. حدثني صاحبنا الرئيس شرف الدين موسى الطرابلسي قال: كنت بدمشق لما كان طرنطاي حاجباً بها، وكان يحرض على النهي عن الخمور والمسكرات. وكان الناس لما يجلسون بمكان يكثرون من ذكر طرنطاي وما وقع له. فجلسنا يوماً وتحاكينا ما وقع له مع الناس في هذا المعنى، فحكى عنه بعض من حضر قال: وقع لي مع طرنطاي واقعة غريبة، وهو أني مضيت بعض الأيام متنزهاً بدمشق، وأبعدت عن الطريق والناس إلى الغاية. وقلت في نفسي: هذا مكان لم يصل إليه أحد، ثم أخرجت مشروباً كان معي، واستأنست بروحي حتى حصل لي البسط الكامل، وأخذ مني السكر حديث، فطربت وغنيت. حتى كانت مني التفاتة إلى خلفي، فإذا أنا بطرنطاي واقف على رأسي بفرسه، وهو يتفرج في وأنا لا أعلم به، فقمت حال وقوع بصري عليه واقفاً على قدمي، وقلت له: الله معك يا خوند فقال: ليش أبعدت وجيت هنا. فقلت: خوفاً من واش يطرقني يا خوند. ففطن لها، ثم قال: وما هذا الذي في هذه الصراحية، الجزء: 6 ¦ الصفحة: 384 فقلت من غير أن أهزل: سكر يا خوند. فقال: أو يكون سكراً أحمر؟ فلم أجد بداً من الدعابة وإلا هلكت. فقلت: رأت وجهك يا خوند استحت، فلعن الله من لا يستحي ومن يشوش على الناس. فلما سمع كلامي تبسم وأطرق ساعة، ثم ولي عنان فرسه ومضى حيث أتى، وشاعت هذه الحكاية بدمشق فقيل طرنطاي وطي. قلت: وقد نسبت هذه الواقعة لغير طرنطاي من الملوك، والعهدة فيها على الحاكي والله أعلم. واستمر طرنطاي في نيابة دمشق، إلى أن قدمها الأمير يلبغا الناصري ومنطاش، وخرج إليهم طرنطاي صحبة العسكر السلطاني المصري والشامي، وتقاتل مع الناصري ومنطاش حتى انهزم، وقتل الأمير جاركس الخليلي أمير آخور، وقبض على الأتابك أيتمش وعلي طرنطاي المذكور، وحبس بقلعة حلب إلى أن الجزء: 6 ¦ الصفحة: 385 ملكها الأمير كمشبغا الحموي، بعد خروج برقوق من حبس الكرك أطلقه وأنعم عليه، وأقام عند كمشبغا، وقاتل أهل البانقوس ة م عه، ثم سيره إلى الملك الظاهر برقوق، فوافاه بظاهر دمشق، فقبل الأرض بين يديه وأقام عنده، حتى وصل منطاش بالملك المنصور إلى ظاهر دمشق، وواقع برقوق، فقاتل الأمير طرنطاي المذكور يومئذ بين يدي برقوق، حتى قتل في المعركة في يوم الأحد سادس عشر المحرم سنة اثنتين وتسعين وسبعمائة. وكان أميراً جليلاً، مهاباً مطاعاً، عادلاً في حكمه، مشكور السيرة، منقاداً إلى الخير. جدد بحلب المدرسة خارج باب النيرب، وعمل لها خطبة، ووقف على ذلك وقفاً جيداً، ومات وهو من أبناء الخمسين، رحمه الله. 1241 - المنصوري نائب السلطنة بمصر ... - 689 هـ - ... 1290 م طرنطاي بن عبد الله المنصوري، الأمير حسام الدين أبو سعيد. قال العلامة شهاب الدين أبو الثناء محمود في تاريخه: لم يكن له نظير في معرفته وفطنته، وذكائه وشجاعته، وإقدامه وحسن تدبيره، وسياسته مع المهابة الشديدة. الجزء: 6 ¦ الصفحة: 386 تنقلت به الأحوال، كان في أول أمره مملوكاً لأحد أولاد الموصلي، ثم اشتراه الملك المنصور قلاوون من سيده. فلما رأى فيه مخايل النجابة، ترقى عنده إلى أن جعله أستاداره، فرأى من كفايته ما أرضاه، فصار هو المستولى على أمره لا يخرج عن رأيه في جليل الأمور وحقيرها، ولم يكن السلطان الملك المنصور يفارقه. ولما اقتضت السلطنة إلى الملك الأشرف خليل يعني ولد قلاوون استبقاه أياماً، إلى أن استقر قدمه أمسكه، وانتهى الأمر إلى هلاكه. وكان خلف أموالاً لا تحد ولا توصف، وكان رحمه الله فرداً في الأمر، لولا شحه وبذاءة لسانه، انتهى كلام الشهاب محمود. وقال غيره: لما أمسك الملك الأشرف خليل طرنطاي نائب السلطنة يعني صاحب الترجمة وسجنه بقلعة الجبل، بسط عليه أنواع العذاب إلى أن مات. وبقي ثمانية أيام لا يدري به، فلف في حصير وكفن كآحاد الفقراء، بعد أن أخذ من حواصله ستمائة ألف دينار وإحدى وسبعين قنطاراً بالمصري فضة. وقيل إنه حمل إلى زاوية أبي السعود، فغسله وكفنه الشيخ عمر خادم الزاوية من عنده، ودفنه قبلى الزاوية، إلى أن تسلطن كتبغا، نقله إلى مدرسته التي أنشأها بقرب داره بالبندقانيين داخل القاهرة، انتهى. وقال الحافظ أبو عبد الله الذهبي: أمسك الأمير طرنطاي المنصوري في ذي الجزء: 6 ¦ الصفحة: 387 القعدة سنة تسع وثمانين وستمائة، وبسط عليه العذاب إلى أن تلف وأمسك مملوكه الأمير بدر الدين المسعودي بدمشق. انتهى. 1242 - البجمقدار ... - 748 هـ - ... - 1347 م طرنطاي بن عبد الله البجمقدار، الأمير حسام الدين. كان من جملة الأمراء بالقاهرة، إلى أن ولي تنكز نيابة الشام، صار طرنطاي هذا حاجباً بدمشق، ولم يزل معظماً عند تنكز إلى سنة اثنتين وثلاثين وسبعمائة تغير ما بين هم ا. وتأكدت الوحشة وعزل من الحجوبية، ثم عاد إليها لما ولي الأمير ألطنبغا نيابة دمشق، ولما توجه العسكر إلى حلب في نوبة طشتمر حمص أخضر، كان هو المشير المدبر. ثم انتقل في دولة الصالح إلى نيابة غزة، فتوجه إليها وأقام نحو السنة. ثم طلب إلى الديار المصرية، فتوجه إليها في شعبان سنة أربع وأربعين وسبعمائة، فرسم له أن يكون حاجب. ولما توفي الأمير سنجر الجاولي أنعم عليه بإقطاعه، الجزء: 6 ¦ الصفحة: 388 فأقام بالقاهرة حاجباً كبيراً، إلى أن توفي الملك الصالح إسماعيل، أخرج إلى نيابة حمص، عوضاً عن الأمير إياز الساقي، فتوجه إليها. ثم ورد المرسوم برده إلى دمشق، ويتوجه الأمير قطلقتمر الحاجب بدمشق إلى نيابة حمص فرد الأمير حسام الدين لاجين طرنطاي هذا من منزلة القسطل، وأقام بدمشق مدة يسيرة إلى أن أمسك الأمير آل ملك نائب صفد، ولى صفد عوضه الأمير أراق نائب غزة، وولى نيابة غزة عوضاً عن أراق الأمير أولاجا نائب حمص، فولى نيابة حمص طرنطاني هذا عوضه. فأقام طرنطاي بحمص مدة يسيرة، إلى أن برز الأمير يلبغا اليحياوي إلى ظاهر دمشق، في آخر أيام الملك الكامل شعبان، كان الأمير طرنطاي هذا أول من جاء إليه وهو في محفة. الجزء: 6 ¦ الصفحة: 389 ولما تسلطن الملك المظفر حاجي، استقر به أميراً بدمشق أيضاً، ولم يزل بها إلى أن مات في يوم الجمعة، بكرة خامس شعبان المكرم سنة ثمان وأربعين وسبعمائة. وخلف ولده واحداً يسمى أمير علي، أحد أمراء الطبلخانات بدمشق. وكان طرنطاي أميراً عاقلاً، له ثروة زائدة، لم يكن في زمانه أحسن حالا منه في سكنه ودائرته ومماليكه، رحمه الله تعالى، وعفا عنه. الجزء: 6 ¦ الصفحة: 390 باب الطاء والشين المعجمة 1243 - الدوادار ... - 752 هـ - ... 1351 م طشبغا بن عبد الله الدوادار الناصري، الأمير سيف الدين. كان أول من جملة الأمراء بالديار المصرية. فلما خرج الأمير جرجى الدوادار من القاهرة، في أول دولة الملك الناصر حسن، استقر الأمير طشبغا هذا دواداراً عوضه، في شهر رمضان سنة ثمن وأربعين وسبعمائة، انتهى. 1244 - الساقي ... - 749 هـ - ... - 1348 م طشبغا بن عبد الله الساقي، الأمير سيف الدين. كان من جملة الأمراء بالقاهرة، ولما تسلطن الملك الناصر حسن صار طشبغا المذكور أمير ومقدم ألف بالديار المصرية. فأقام على ذلك مدة إلى الجزء: 6 ¦ الصفحة: 391 أن أقيم ألجبغا إلى دمشق، فأخرج طبشغا المذكور بعده إلى حماة، صحبة علم الدين قيصر لابريدي على إمرة طبلخاناة، عوضاً عن الأمير ناصر الدين محمد بن الأمير لاجين أمير آخور، في سنة أربعين وسبعمائة، رحمه الله تعالى. 1245 - حمص أخضر الساقي .... - 743 هـ - .... - 1342 م طشتمر بن عبد الله الناصري الساقي، الأمير سيف الدين، المشهور حمص أخضر. هو من مماليك الملك الناصر محمد بن قلاوون، وأحد خواصه. ترقي في دولة أستاذه، ثم من بعده، حتى صار من جملة الأمراء بالقاهرة. ثم ولى نيابة صفد، ثم نقل إلى نيابة حلب عوضاً عن طوغان الناصري في سنة إحدى وأربعين وسبعمائة، فباشر نيابة حلب مدة. وكثر الكلام في حقه، ووقع له أمور أوجبت خروجه إلى بلاد الروم. الجزء: 6 ¦ الصفحة: 392 ثم طلب إلى الديار المصرية فتوجه إليها، وولي نيابة السلطنة بها في سنة اثنتين وأربعين وسبعمائة. فاستمر في النيابة خمسة وثلاثين يوماًن وقبض عليه في يوم السبت عشرين ذي القعدة من السنة. ولما توجه الملك الناصر أحمد بن الملك الناصر محمد بن قلاوون إلى الكرك، أخذه معه في محفة لعجزه عن الركوب وهو مقيد، فكان ذلك آخر العهد به. قال ابن حبيب في تاريخه: كان وافر الحرمة، ظاهر الحشمة، عزيز الهمة عوناً عند المسألة. جزيل الأموال، كثير الجود والأفضال. كبيراً في الدولة، معروفاً بالسطوة والصولة. مهيب المنظر، ملقباً بالحمص الأخضر. ذا نفس قوية، وكف سخية. يعطف على السائلين، ويحسن إلى الفقراء والمساكين. ولي نيابة السلطنة بصفد وبحلب والديار المصرية، واستمر إلى أن رحل مع الناصر أحمد إلى الكرك، وبسيفه أدركته المنية. وفيه يقول صلاح الدين أبو الصفا خليل الصفدي: طوى الردى طشتمرا بعدما ... بالغ في دفع الأذى واحترس عهدي به كان شديد القوى ... أشجع من يركب ظهر الفرس ألم تقولوا حمصا أخضرا ... فاعجب له ما صاح كيف اندرس الجزء: 6 ¦ الصفحة: 393 قلت: وهو الذي بنى الدار العظيمة والربع الذي بجانبها، في حدرة البقر خارج القاهرة، والجامع بالصحراء، ومأذنته غاية في الحسن وفي جودة العمل، وعمر الجامعين بالزربية، والربع الذي بالحرير بين داخل القاهرة. وكان شجاعاً مقداماً، كريماً، كثير الإنعام والإيثار، رحمه الله تعالى. 1246 - المحمدي الأتابك ... - 779 هـ - ... - 1377 م طشتمر بن عبد الله المحمدي، الأمير سيف الدين، كان يعرف باللفاف. وكان من جملة أمراء العشرات بالقاهرة، في دولة الملك الأشرف شعبان بن حسين. واستمر على ذلك إلى أن قصد الملك الأشرف الحج، وخرج من الديار المصرية، وثارت الفتنة بعد خروجه بالقاهرة، ووقع ما حكيناه في عدة أماكن. كان طشتمر المذكور من جملة رؤوس الجماعة الذين خرجوا على الملك الأشرف، وسلطنوا ولده المنصور علي، وصار من إمرة عشرة إلى أتابكية العساكر بالديار المصرية، وكان حريصاً على الإمرة، وقيام الفتنة، فلما حصل ل ه م ارامه من الإمرة سلبه الله إياها، ومات في أوائل المحرم سنة تسع وسبعين وسبعمائة بالطاعون، عفا الله عنه الجزء: 6 ¦ الصفحة: 394 1247 - العلائي الدوادار ... - 786 هـ - ... - 1384 م طشتمر بن عبد الله العلائي الدوادار، الأمير سيف الدين. كان من أجل الأمراء وأعظم هم، وتنقل في عدة وظائف جليلة. ولي الدوادارية الكبرى بالديار المصرية، وطالت مدته فيها. وهو أول دوادار صار أمير مائة ومقدم ألف. ثم نقل إلى نيابة دمشق فباشرها مدة، ثم عزل وطلب إلى الديار المصرية، واستقر بها أتابك العساكر. واستمر إلى أن وثب الأمير زين الدين بركة، والأمير سيف الدين برقوق على الأمراء. وصارا هما صاحبا العقد والحل في مملكة الديار المصرية، أمسكا طشتمر هذا، ووجهاه إلى ثغر دمياط بطالا، فأقام بالثغر مدة، ثم نقل إلى القدس الشريف، فدام به إلى أن مات في سنة ست وثمانين وسبعمائة. وكان خير ملوك زمانه حزماً وعزماً، وكرماً وشهامة، وسؤددا ونباهة. وكان عاقلاً سيوسا، مدبراً فاضلاً ذكياً، محباً لأهل العلم والخير والصلاح، الجزء: 6 ¦ الصفحة: 395 كثير الاجتماع بالعلماء والفضلاء، حريصاً على تلاوة القرآن، وكان له ميل إلى مذاكرة الشعر وغيره، وكان يسمع الألحان ويطرب. وكانت الأيام به في غاية الحسن، وأحوال الناس على السداد، وأمور الناس ساكنة لحسن تدبيره، وعدم طعمه، وجودة تنفيذه في تصرفات الدولة. ولم يزل أمر الناس مستقيماً، حتى قبض عليه، وصار الأمير لبرقوق وبركة، وفعلا في المملكة ما الناس في شره إلى يومنا هذا. ثم استقل برقوق بالأمر، وقلب ترتيب المملكة ظهر البطن، هو ومن جاء من بعده إلى يومنا هذا، من تقديمه لأبناء جنسه دون غيرهم، وإعطائه الإقطاعات الهائلة إلى أقاربه الأجلاب الصغار، وتوليته إياهم الوظائف السنية، وهذا هو أكبر الأسباب لاضمحلال المملكة. وأي أمر أعظم من تقديم الأصاغر على الأكابر، وهذا بخلاف المتقدمين من الملوك، لأنهم كانوا لا يعرفون جنساً بعينه، وحيثما وجدوا في شخص نجابة أو شجاعة قدموه وقربوه وأدنوه، فكان لا يلي وظيفة إلا من يستحقها. انتهى. الجزء: 6 ¦ الصفحة: 396 باب الطاء والطاء 1248 - الملك الظاهر أبو الفتح ... - 824 هـ - ... - 1421 م ططر بن عبد الله الظاهري، السلطان الملك الظاهر أبو الفتح سلطان الديار المصرية والبلاد الشامية. كان من جمل ة م ماليك الملك الظاهر برقوق، وممن انضم على الأمير ونوروز في الدولة الناصرية فرج، بعد موت الأمير جكم من عوض. فإنه كان أولا توجه إلى جكم وأقام عنده، فلما قتل جكم انضم على شيخ ونوروز ودام معهما، إلى أن قتل الملك الناصر فرج، ودخل الأمير شيخ المحمودي صحبة السلطان والخليفة المستعين بالله العباسي إلى الديار المصرية، قدم معه ططر المذكور وتأمر بعد سلطنة الملك المؤيد. ولا زال يترقى حتى صار أمير مائة. ومقدم ألف بالديار الجزء: 6 ¦ الصفحة: 397 المصرية. ولما توجه الملك المؤيد لقتال قاني باي المحمدي نائب الشام، في سنة ثماني عشرة وثمانمائة، جعل ططر هذا نائب الغيبة بالديار المصرية، وسكن باب السلسلة إلى أن عاد الملك المؤيد إلى القاهرة، وأخلع عليه بعد مدة، في يوم الخميس العشرين من شهر رجب سنة عشرين وثمانمائة، باستقراره رأس نوبة النوب، عوضاً عن بردبك قصقا بحكم انتقاله إلى نيابة طرابلس. واستمر ططر على ذلك إلى سنة إحدى وعشرين، استقر في إمرة مجلس، واستقر عوضه رأس نوبة النوب الأمير ألطنبغا من عبد الواحد المعروف بالصغير. فدام ططر على ذلك إلى أن مرض الملك المؤيد ومات، بعد أن أوصى إليه بالتكلم على ابنه الملك المظفر أحمد بن شيخ، هو والأتابك ألطنبغا القرمشي والأمير قجقار القردمي، وأن يكون التحدث في أمور الدولة للأمير الكبير ألطنبغا القرمشي، وكان القرمشي في التجريدة بالبلاد الشامية. فلما مات الملك المؤيد، قبض ططر على قجقار القردمي، وصار هو المتكلم في المملكة. وأنعم على جماعة الملك المؤيد بإقطاعات الأمراء الذين في التجريدة، حتى تم له الأمرو التكلم، وأخذ وأعطى، حتى ورد عليه الخبر بعصيان الأمير جقمق الأرغون شاوي الدوادار نائب الشام، وأنه بعث يستميل الجزء: 6 ¦ الصفحة: 398 الأمير الكبير ألطنبغا القرمشي بمن معه، وأنه مال إليه، وقدم دمشق بعد ما قتل يشبك نائب حلب، ووقع بينهما فتنة آلت الحرب، وانكسر جقمق. وكان ططر قد عزم على خروج الملك المظفر إلى البلاد الشامية، فعند ذلك أنفق في المماليك السلطانية لكل مملوك مائة دينار. وخرج بالسلطان والخليفة والقضاة والعساكر المصرية على العادة، في يوم الثلاثاء تاسع عشر شهر ربيع الآخر سنة أربع وعشرين وثمانمائة. فعندما قارب ططر دمشق، خرج منها الأتابك ألطنبغا القرمشي لتلقيه، والتقيا، فأكرمه ططر، ومشى القرمشي على يمين السلطان الملك المظفر وططر عن يساره، حتى دخلوا الجميع إلى دمشق، في يوم الأحد خامس عشر جمادى الأولى. وطلعوا إلى قلعة دمشق، في ساعة استقرارهم بالقلعة، قبض الأمير ططر على الأتابك ألطنبغا القرمشي، وعلى الأمير ألطنبغا المرقبي حاجب الحجاب، وعلي الأمير جرباش، وعلي الأمير أردبغا أحد الألوف بدمشق، وعلي الأمير بد الدين حسن بن محب الدين الأستادار كان. ثم أصبح من الغد يوم الإثنين، أخلع على الأمير تنبك العلائي الظاهري المعروف بميق باستقراره في نيابة دمشق، عوضاً الجزء: 6 ¦ الصفحة: 399 عن جقمق الأرغون شاوي، وعلي الأمير إينال الجكمي رأس نوبة النوب باستقراره في نيابة حلب، عوضاً عن ألطنبغا الصغير الذي ولاه القرمشي بعد قتل يشبك المؤيدي، وعلي الأمير يونس الركني أتابك دمشق باستقراره في نيابة غزة، عوضاً عن أركماس الجلباني بحكم استقرار الجلباني في نيابة طرابلس، عوضاً عن شاهين الزردكاش، ثم أرسل الأمير ططر بجماعة من الأمراء إلى قلعة صرخد في طلب جقمق نائب الشام. وفي يوم الثلاثاء ثامن عشرة، فيه قدم جماعة من الأمراء، الذين كانوا تسحبوا بعد وقعة قاني باي نائب الشام إلى قرا يوسف، خوفاً من الملك المؤيد شيخ وهم: الأمير طرباي نائب غزة كان، والأمير سودون من عبد الرحمن نائب طرابلس كان، والأمير تنبك البجاسي نائب حماة كان، والأمير يشبك الجكمي الدوادار الثاني كان، والأمير جانبك الحمزاوي نائب طرسوس كان. فرحب بهم الأمير ططر وأخلع عليهم، ثم توجه ططر بالسلطان إلى حلب ودخلها الجزء: 6 ¦ الصفحة: 400 وأقام بها نيفاً وأربعين يوماً، وعزل نائبها الأمير إينال الجكمي بالأمير تغرى بردى الأقبغاوي المؤيدي المعروف بأخي قصروه، ثم خرج ططر من حلب عائداً إلى دمشق في يوم الإثنين ثاني عشر شعبان، فدخل دمشق في يوم السبت عشرين شعبان في خدمة الملك المظفر أحمد بن شيخ. وكان ططر قد تزوج بوالدة الملك المظفر خوند سعادات، بعد خروجه من الديار المصرية، فاستمر ططر بدمشق إلى يوم الأربعاء ثامن عشرين شعبان المذكور، وطلع الأمراء إلى الخدمة على العادة، فلما تكامل حضور الأمراء أمر الأتابك ططر بالقبض على من يذكر من الأمراء المؤيدية، فقبض عليهم وهم: الأمير علي باي المؤيدي الداودار الكبير، وعلي مغلباي الساقي المؤيدي أحد أمراء الطبلخاناة، ثم علي الأمير إينال الأزعري حاجب الحجاب بالديار المصرية، ثم علي إينال الجكمي نائب حلب، وقد استقر أمير سلاح، وعلي سودون اللكاشي أحد مقدمي الألوف بالقاهرة، وعلي جلبان أمير آخور أحد مقدمي الألوف بالقاهرة أيضاً، وهما ممن كانا في التجريدة صحبة ألطنبغا القرمشي، وعلي الأمير يشبك أنالي المؤيدي رأس نوبة النوب، وأنالي يعني له أم باللغة التركية، وعلي الأمير أزدمر الناصري أحد المقدمين بالقاهرة أيضاً. الجزء: 6 ¦ الصفحة: 401 ثم عزم الأتابك ططر على خلع الملك المظفر فخلعه في تاسع عشرين شعبان سنة أربع وعشرين وثمانمائة، فكانت مدة ملكه سبعة أشهر وعشرين يوماً. وتسلطن ططر، ولقب بالملك الظاهر أبي الفتح، وجلس على تخت الملك بالخلعة الخليفية في يوم الجمعة تاسع عشرين شعبان سنة أربع وعشرين وثمانمائة، الموافق له يوم نوروز القبط، وخطب له في يومه، وكتب بذلك إلى الأمصار، واستمر إلى يوم الإثنين ثالث شهر رمضان خلع علي الأمير برسباي الدقمامي، أعني الأشرف، واستقر دوادار كبيراً، عوضاً عن علي باي المؤيدي، وعلي الأمير طرباي باستقراره حاجب الحجاب، عوضاً عن إينال الأزعري، وعلي يشبك الجكمي الدوادار كان باستقراره أمير أخورا كبيرا، عوضاً عن تغرى بردى الأقبغاوي المؤيدي المعروف بأخي قصروه. ثم في يوم الإثنين سابع عشر شهر رمضان، وقيل يوم الجمعة رابع عشرة، برز الملك الظاهر ططر من دمشق عائداً إلى الديار المصرية فوصلها في يوم الخميس رابع شوال، وطلع القلعة من يومه، وأصبح من الغد أخلع على مرجان الطواشي الهندي الخازندار، واستقر به زمام دار بعد عزل كافور الصرغتمشي، وفي يوم الإثنين خامس عشرة أخلع على الشيخ ولي الدين أحمد العراقي، واستقر به قاضي قضاة الشافعية بالديار المصرية، بعد موت قاضي القضاة جلال الدين عبد الرحمن البلقيني. الجزء: 6 ¦ الصفحة: 402 واستمر إلى يوم الإثنين ثاني عشرين شوال مرض ولزم الفراش إلى يوم الثلاثاء أول ذي القعدة، فصل، ودخل الحمام، وتباشر الناش بعافبة السلطان، ثم في ثالثه خلع على مملوكه ودواداره الأمير فارس باستقراره في نيابة الإسكندرية، عوضاً عن الأمير قشتم المؤيدي بعد القبض عليه، وعلي الأمير قاني باي الحمزاوي، وحملهما إلى الإسكندرية. في يوم الإثنين سابعة خلع علي زين الدين عبد الباسط بن خليل الدمشقي، واستقر به ناظر الجيش بعد عزل كمال الدين محمد بن البارزي، فمن حينئذ أعطى القوس لغير راميه، ثم في سادس عشرينه رسم بالإفراج عن أمير المؤمنين المستعين بالله أبي الفضل العباس بن المتوكل على الله محمد من سجنه بالإسكندرية، وأن يسكن بها حيث ما شاء، وأرسل له بفرس بسرج ذهب وكنبوش زركش وبقشة قماش، ورتب له على الثغر في كل يوم ثمانمائة درهم برسم نفقته. الجزء: 6 ¦ الصفحة: 403 ثم اخذ مرض السلطان يتزايد إلى ثاني ذي الحجة، جمع الخليفة المعتضد بالله داود والقضاة، وعهد لولده محمد، وأن يكون الأمير جانبك الصوفي متكلماً في الأمور، ويكون الأمير برسباي الدقماقي الدوادار الكبير لالا، وحلف الأمراء على ذلك، كما حلف هو غير مرة لابن الملك المؤيد شيخ. واستمر الملك الظاهر ططر أمره في انحطاط إلى أن توفي ضحى يوم الأحد رابع ذي الحجة من سنة أربع وعشرين وثمانمائة وله نحو خمسين سنة، ودفن من يومه بالقرافة بجوار الإمام الليث بن سعد، ونزل معه نحو الثلاثين رجلاً، وأنزل من باب السلسلة، فكانت مدة سلطنته أربعة وتسعين يوماً. قلت: وفي هذه المدة اليسيرة لا تستقل بما فعله من الإنتقام والجور وسفك الدماء، فأتعب نفسه ومهد لغيره، فانظر إلى هذه الدنيا وما تفعل بمحبيها. وكان، عفا الله عنه، ملكاً عارفاً، فطناً، عفيفاً عن المنكرات، مائلاً إلى العدل، يحب الفقهاء وأهل العلم ويجلهم، ويذاكر بالفقه، ويشارك فيه، وله فهم وذوق في البحث، وكان بارعاً في حفظ الشعر باللغة التركية، عارفاً بمعانيه ودقائقه، وعنده إقدام وجرأة وكرم مفرط، مع طبش وخفة، وكان يميل إلى أبناء جنسه الجراكسة في الباطن دون غيرهم من الأجناس. الجزء: 6 ¦ الصفحة: 404 وكان قصيراً جداً، كبير اللحية أسودها، مليح الشكل، يتكلم بأعلى حسه، وفي صوته بحة بشعة. قال الشيخ تقي الدين أحمد المقريزي: وكان يميل إلى تدين، وفيه لين واعطاء وكرم مع طيش وخفة، وكان كثير التعصب لمذهب الحنفية، يريد أن لا يدع أحداً من الفقهاء غير الحنفية، وأتلف في مدته مع قلتها أموالاً عظيمة، وحمل الدولة كلفاً كثيرة، أتعب بها من بعده، ولم تطل أيامه حتى تشكر أفعاله أو تذم، انتهى كلام المقريزي. وقال القاضي علاء الدين بن خطيب الناصرية: وكان رحمه الله مائلاً للعدل، وأهل العلم، يحبهم ويكرمهم، ويتكلم في مسائل من الفقه على مذهب أبي حنيفة رضي الله عنه، وكان صاحبي حين كان أميراً، انتهى كلام ابن خطيب الناصرية. الجزء: 6 ¦ الصفحة: 405 باب الطاء والغين المعجمة 1249 - أمير آخور تنكز ... - 741 هـ - ... - 1341 م طغاي بن عبد الله، الأمير سيف الدين أمير آخور الأمير تنكز نائب الشام. كان عند أستاذه خصيصا هو والأمير جنغاي المتقدم ذكره، وكان الأمير تنكز لا يفعل أمراً إلا برأيهما، قيل إن طغاي هذا في أيام أستاذه خلص من الإقطاعات للأويراتية التتر الوافدين بدمشق ألف اقطاع، ولما أمسك أستاذه تنكز أمسك هو أيضاً، وخجداشه جنغاي، وكان الملك الناصر محمد بن قلاوون يغض منهما في الباطن، فلما قدم بشتاك للحوطة على مال تنكز، ور علي ه م رسوم شريف بتوسيطهما، فوسط بسوق الخيل من دمشق في سنة إحدى وأربعين وسبعمائة، ووجدوا لطغاي المذكور أموالاً عظيمة، رحمه الله. 1250 - التتري ... - 744 هـ - ... - 1343 م طغاي بن سوتاي، المعروف بالحاج طغاي المغلي. الجزء: 6 ¦ الصفحة: 407 كان بن طغاي المذكور وبين علي باشا خال السلطان بو سعيد ملك التتار حروب كثيرة، وانكسر طغاي هذا من علي باشا غير مرة، وهو يعود لحربه حتى قال علي باشا في حق ه: م ا رأيت مثل هذا، ولكن هذا حمار الحرب، واستمر على ذلك إلى أن قتله إبراهيم شاه في سنة أربع وأربعين وسبعمائة، وكان طغاي ملاحظ المسلمين ويميل إليهم دون أبناء جنسه، انتهى. 1251 - الأمير الكبير الناصري ... - 718 هـ - ... - 1318 م طغاي بن عبد الله الناصري، الأمير سيف الدين. كان من أعظم أمراء الملك الناصر محمد بن قلاوون، لم يكن أحد في محله ولا رتبته. قال الصفدي رحمه الله: كان يقال إن طغاي المذكور كان أصله من مماليك الملك المنصور حسام الدين لاجين، ولذلك كان الاتفاق بينه وبين الأمير تنكز، ولما أمسك الأمير طغاي آخي السلطان بين تنكز وبين بكتمر الساقي، الجزء: 6 ¦ الصفحة: 408 وكان طغاي يعرف بطغاي الكبير، وكان له مهابة في قلوب الخاصكية وكان الملك الناصر لما يكون يمزح مع مماليكه وهم معه في بسط وانشراح حتى يقال جاء طغاي، فحينئذ ينجمع السلطان ويحتشم، وتقف الناس في مراتبهم. وكان طغاي يضع يده في حياصة الأمير ويخرج به من بين يدي السلطان ويضربه مائتي عصى أو أكثر، والسلطان يسمع ضربه وما ينكر من ذلك شيئاً. ولما مرض السلطان تلك المرضة التي أشفى فيها على الموت طلب كل واحد من المقربين إليه من الخاصكية، وقال له فيما بينه وبينه: يكون نظرك على أولادي وحريمي ومماليكي، فأنت الذي يتم الأمر من بعدي، فكم منهم تنصل وبكى، وقال هذا الأمر ما يكون أبداً، ولا أوافق عليه أبدا، والله تعالى يجعلنا كلنا فداء مولانا السلطان، ولم ير من أحد منهم إقبالاً على ما أشار عليه، فلما قال مثل ذلك لطغاي رأى منه إقبالاً، وشم من أنفاسه الميل إلى الملك، وتوقع السلطنة، فأكمن له ذلك في باطنه، وحلق السلطان شعره في تلك المرضة، فحلق الخاصكية كلهم شعورهم، واستمر ذلك سنة إلى اليوم، إلا طغاي فإنه لم الجزء: 6 ¦ الصفحة: 409 يحلق، فزاد ذلك في حنق السلطان عليه وأخرجه إلى صفد نائباً. فتوجه إليها، وأقام بها مدة شهرين. وكان الأمير تنكز يجهز إليه في كل يوم والثاني ستة بغال فاكهة وحلوى، وكذلك أصاحب شمس الدين، ولم يخلا بذلك مدة إقامته، وحضر إليه يوماً بريدي من دمشق وعلى يده كتاب من الأمير تنكز، على العادة فيما كان يكتب به إلى النواب بالشام في مهمات الدولة، فلما رأى الكتاب رمى البريدي وضربه مائتي عصا، وقال: أنا إلى الآن ما برد فخذي من فخذ السلطان صار تنكز يأمر علي. ثم إن الأمير علاء الدين مغلطاي الجمالي حضر على البريد، من يوم الأربعاء، وقال له: السلطان قد رسم لك بنيابة الكرك فتهيأ لتتوجه، وكان معه كتب السلطان في الباطن إلى أمراء صفد بإمساكه، فلما كان يوم الخميس ركب عسكر صفد ووقفوا في الميدان، فلما علم ذلك، قال يا خجداش عليك سمع وطاعة لمولانا السلطان، قال: نعم، وحل سيفه وأحضر إليه القيد من القلعة وقيده، وتوجه به إلى مصر في سنة ثمان عشرة وسبعمائة. الجزء: 6 ¦ الصفحة: 410 وقد رأيته وقد خرج من دار النيابة ليركب البغل الذي أحضر له، وكلما هم بالركوب تعلق في ه م ماليكه ومنعوه من الركوب، وبكى هم وهو، وفعلوا ذلك مرات، وهو من طول قامته ظاهر عنهم ببعض صدره. وهو من أحسن الأشكال، ووجهه من أحسن الوجوه، مفرط الحسن، بارع الجمال، حتى جهز إلى الإسكندرية، ولم يدخل إلى القاهرة، وتوفي بها معتقلا أو قتيلاً سنة ثمان عشرة وسبعمائة، وهو الذي عمر الخان المليح بالقصر العيني، وأهل الإسكندرية يزورون قبره وله تربة ظاهرة، انتهى كلام الصفدي. رحمه الله. 1252 - النجمي الدوادار ... - 748 هـ - ... - 1347 م طغاي بن عبد الله النجمي الدوادار، الأمير سيف الدين. كان ممن أنشأه الملك الناصر محمد بن قلاوون وجعله أميراً، ولما مات الملك الناصر ترقى إلى أن صار دواداراً كبيراً للملك الصالح، والملك الكامل شعبان، وللمظفر حاجي، وكان له وجاهة في الدولة، وخدمة الناس، وصار أمير مائة الجزء: 6 ¦ الصفحة: 411 ومقدم ألف في أول دولة المظفر، وعمر الخانقاة التي أنشأها خارج باب المحروق من القاهرة في دولة الملك الصالح، وعمر الدار العظيمة. ولما كان في واقعة الحجازي وآق سنقر وغيرهم من الأمراء إمساكهم، رمى الأمير طغاي تمر هذا سيفه، ثم إن السلطان أعطاه سيفه. واستمر في وظيفته، ولما كان بعد شهر أخرج هو والأمير نجم الدين محمود ابن شروين الوزير، والأمير بيدمر البدري إلى الشام على الهجن، فلما ساروا لحقهم الأمير سيف الدين منجك في غزة وعلى يده مرسوم شريف، وقضى الله تعالى فيهم أمره. رحمهم الله تعالى، وذلك في شهر جمادى الآخرة سنة ثمان وأربعين وسبعمائة. وكان مليح الشكل شجاعاً، رحمه الله تعالى. الجزء: 6 ¦ الصفحة: 412 1253 - الناصري ... - 734 هـ - ... - 1333 م طغاي تمر بن عبد الله الناصري، الأمير سيف الدين. قال ابن أيبك في الوافي: كان شكلاً مليحاً ممشوقاً، بارع الحلاوة، باهر الجمال قال الناس: ما كان للسلطان في الخاصكية بعد طغاي الكبير أحسن من طغاي تمر، إلا أن طغاي الكبير كان أبيضاً مشرباً بحمرة، وهذا كان أسمر أحمر، إلا أنه ألطف حركات وأرشق، وكان قد زوجه السلطان بابنته، ولم يعمل له زفة عرس، لكن رسم له السلطان بأن يصرف علي ه م ن الخزانة نظير مكارمة الأمراء لقوصون لما دخل على ابنة السلطان، وكان ذلك خمسون ألف دينار. وكان ساكناً عاقلاً مهيباً وادعاً للشر، وما كان يلازم السلطان كثيراً ولا يتطرح عليه مثل غيره، وتوفي بعد حضورهم من الحجاز في أوائل سنة أربع وثلاثين وسبعمائة، أو أواخر سنة ثلاث وثلاثين فيما أظن، ووجد السلطان عليه، رحمه الله. الجزء: 6 ¦ الصفحة: 413 وهو كان أحد الأربعة المشار إلي هم في عصره، هو وبكتمر الساقي، وقوصون، وبهادر التمرتاشي. انتهى. 1254 - مملوك الأشرف ... - 698 هـ - ... 1298 م طغجي بن عبد الله الأشرف، الأمير سيف الدين. كان مملوك الملك الأشرف خليل بن قلاوون، وكان خصيصاً عنده إلى الغاية، وكان من أحسن الأشكال وأظرفهم، قد أرقاه أستاذه الملك الأشرف وأمره وقدمه وأعطاه الأموال الجزيلة والنفائس، ثم صار بعد قتل أستاذه الملك الأشرف أميراً في دولة الملك العادل كتبغا، والملك المنصور لاجين، فخاف من القتل، فشارك في قتل لاجين وزواله، وعمل بعده نيابة السلطنة بالديار المصرية أربعة أيام، وقدم الأمير بدر الدين أمير سلاح فتلقاه طغجي المذكور، فسأله بدر الدين وقال: كان للسلطان عادة يطلع إلينا ويلقانا، فقال طغجي: السلطان قتلناه. فعرج بدر الدين بفرسه، وقال كلما قام سلطان وثبتم عليه وقتلتموه، ثم أعتوره أعوان الملك المنصور لاجين المقتول، فقتلوه ظاهر القاهرة، ورموه على مزبلة الجزء: 6 ¦ الصفحة: 414 غير مستور، يمر ب ه م ن الناس خلائق، وهو على تلك الحالة، ثم دفن بتربة، وقد نيف على ثلاثين سنة. وكانت قتلته في سنة ثمان وتسعين وستمائة. قال الصلاح الصفدي: ومن حلاوة شكله وظرفه ومحاسنه أطلع الناس تفاصيل قماش وسموها طغجي، انتهى. ويقال إنه كان ماراً في خدمة أستاذه الملك الأشرف وهم بالبلاد الحلبية، فمر السلطان بقرية جيلان، فقال له: مااسم هذه ياطغجي؟ فقال له السلطان ثانيا: قم فاركب، فقال له: جيلان فقال له السلطان: اقعد فنزل عن الفرس وقعد، فقال له السلطان ثانيا: قم فاركب، فقال له طغجي: السلطان رسم بالقعود، وما أقوم، فقال له قم: فقال ما أقوم، فقال الأشرف قم وخذها لك، فقام وباس الأرض ورجله، وأخذ جيلان، وركب وسار في خدمته. انتهى. 1255 - استادار المظفر صاحب حماة ... - 654 هـ - ... - 1256 م طغريا المظفري، الأمير سيف الدين. الجزء: 6 ¦ الصفحة: 415 استدار الملك المظفر تقي الدين صاحب حماة. ولما توفي الملك المظفر وتسلطن ولده الملك المنصور محمد بن بعده، قام طغريل بتدبير أموره بمراجعة والدته غازية خاتون بنت الكامل، ويشاركهم أيضاً شيخ شيوخ حماة شرف الدين عبد العزيز، واستمروا على ذلك حتى توفي طغريل المذكور في سنة أربع وخمسين وستمائة، رحمه الله. الجزء: 6 ¦ الصفحة: 416 باب الطاء والقاف 1256 - الحسني ... - 799 هـ - ... - 1397 م طقتمش بن عبد الله الحسني، الأمير سيف الدين، أحد أمراء الطبلخانات. هو من مماليك الأتابك يلبغا العمري الخاصكي، وتوقى بعد قتل أستاذه حتى صار أمير طلبخاناة، واستمر إلى أن مات في سابع شهر رجب سنة تسع وتسعين وسبعمائة. 1257 - الأحمدي نائب حلب ... - 747 هـ - ... - 1347 م طقتمر بن عبد الله الأحمدي، المعروف بطاسه، الأمير سيف الدين. كان ممن أنشأه الملك الناصر محمد بن قلاوون، ثم ولي الاستادارية في دولة الملك المنصور أبي بكر بن محمد بن قلاوون بعد مسك أقبغا عبد الواحد، فأقام الجزء: 6 ¦ الصفحة: 417 مدة يسيرة وأخرج إلى نيابة صفد، ثم نقل إلى نيابة حماة بعد الأمير علم الدين سنجر الجاولي، ثم استقر في نيابة حلب بعد الأمير يلبغا اليحياوي بحكم انتقاله إلى دمشق، فاستمر بحلب إلى أن خلع الملك الكامل وتسلطن أخوه الملك المظفر حاجي، طلب طقتمر هذا إلى القاهرة، وتولى حلب عوضه بيدمر البدري، وصار طقتمر هذا أمير مائة ومقدم ألف بالديار المصري ة، م دة يسيرة، ومات أواخر سنة سبع وأربعين وسبعمائة، رحمه الله تعالى. 1258 - الصلاحي ... - 747 هـ - ... - 1347 م طقتمر بن عبد الله الصلاحي الناصري، الأمير سيف الدولة. كان من جملة الأمراء في أواخر الدولة الناصرية محمد بن قلاوون، ولما تسلطن الملك الكامل شعبان اختص به كثيراً، ولما خلع الملك الكامل وتسلطن أخوه الملك المظفر حاجي أخرج طقتمر هذا إلى نيابة حمص، فتوجه إليها وأقام بها نحو الأربعين يوماً، وتوفي سنة سبع وأربعين وسبعمائة، رحمه الله تعالى. الجزء: 6 ¦ الصفحة: 418 1259 - الشريفي ... - 749 هـ - ... 1348 م طقتمر بن عبد الله الشريفي، الأمير سيف الدين. كان أولا أحد أمراء دمشق وحجابها، فلما تولى الأمير طقزدمر نيابة دمشق ولاه حاجب الحجاب بدمشق، فصار في أول أمره شديداً على الناس، ثم جاد وحسنت أخلاقه، وحمدت سيرته، واستمرت في حجوبية دمشق إلى أوائل سنة تسع وأربعين استقر به الأمير أرغون شاه في نيابة الرحبة، عوضاً عن ناصر الدين محمد بن شهري، فأقام مدة يسيرة، ثم عزل عنها وعاد إلى دمشق. انتهى. 1260 - الكلتاي ... - 787 هـ - ... 1385 م طقتمر بن عبد الله الكلتاي، الأمير سيف الدين، نسبته إلى الأمير كلتاي. كان من أكابر الأمراء، وتولى وظائف ونيابات، ولي نيابة سنجار والبيرة وقلعة الروم، ثم حجوبية طرابلس الكبرى، ثم نقل إلى حلب أمير مائة ومقدم الجزء: 6 ¦ الصفحة: 419 ألف بها، ثم استقل في آخر عمره بحجوبية حجاب حلب، وبنى بها مدرسة بالبياضاء، ووقف عليها وقفاً كبيراً على السادة الحنفية، وكان له ثروة ووجاهة، وكان فيه ظلم وتعسف، إلا أنه كان يجل أهل العلم ويكرم هم، وكان شكلاً ضخماً، وتوفي بحلب في حادي عشر شهر رمضان سنة سبع وثمانين وسبعمائة، ودفن بمدرسته بحلب، رحمه الله تعالى. 1261 - طقزدمر الساقي ... - 746 هـ - ... - 1345 م طقزدمر بن عبد الله الحموي الناصري الساقي، الأمير سيف الدين. كان مملوكاً للملك المؤيد إسماعيل صاحب حماة، ثم قدمه إلى الملك الناصر محمد بن قلاوون، فاختص بالملك الناصر اختصاصاً زائداً إلى أن أمره إمرة عشرة، ولا زال يرقيه حتى صار أمير مائة ومقدم ألف بالديار المصرية، ولم تنحط رتبته عند السلطان قط، فإنه كان يعد نفسه غريباً في بيت السلطان لكونه الجزء: 6 ¦ الصفحة: 420 لم يكن خجداش، ومع ذلك لم يزل معظماً في الدولة حتى مرض السلطان مرض موته، وأوصى بأن يكون طقزدمر هذا نائب السلطنة بديار مصر، فلما مات الملك الناصر وتسلطن ابنه الملك المنصور أبو بكر من بعده، ولما جلس الملك المنصور طلب طقزدمر هذا وأحضر له تشريفاً بنيابة السلطنة، فامتنع من ذلك، فقال له المنصور: كنت امتنعت لما أوصى والدي بذلك، ثم ألزمه، فلبس، ولبس الأمير محمود بن شروين خلعة الوزارة. واستمر طقزدمر في النيابة إلى أن خلع الملك المنصور وتسلطن الأشرف كجك، طلب طقزدمر من السلطان نيابة حماة، فولاه نيابة حماة، وكان بها الملك الأفضل بن الملك المؤيد إسماعيل، وهو أول من ولي حماة من أمراء مصر، ثم نقل إلى نيابة حلب عوضاً عن الأمير أيدغمش الناصري في سنة ثلاث وأربعين وسبعمائة، فاستمر بحلب خمسة أشهر، ونقل إلى نيابة دمشق عوضاً عن الأمير أيدغمش أيضاً بحكم وفاته في السنة المذكورة في نصف شهر رجب. فاستمر بها إلى أن طلب إلى القاهرة في سنة ست وأربعين وسبعمائة، بعد موت الملك الصالح وسلطنة الملك الكامل، وكان القائم بطلبه الأمير بيبغا أرس القاسمي ليكون نائباً بالديار المصرية، عوضاً عن الأمير الحاج آل ملك، الجزء: 6 ¦ الصفحة: 421 فلم تطب نفسه على الخروج من دمشق، ومرض وحصل له فالج، وعدم نطقه، وسير يستعفى من التوجه إلى القاهرة، وكتب إلى الأمراء بالقاهرة في ذلك، ثم إن حواشيه خوفوه عاقبة ذلك، ووجد في نفسه خفة فجهز إياز الحاجب يسأل في الحضور إلى القاهرة في محفة لعجزه عن ركوب الفرس، فخرج من دمشق في محفة وهو متثاقل مرضاً في يوم السبت خامس جمادى الأولى حتى وصل إلى بلبيس، سير ولده أمير حاج واستاداره يسألان إعفاءه من النيابة، فأجيب إلى ذلك، ودخل إلى بيته فأقام به أياماً ولم يطلع القلعة، وذلك في آخر جمادى الأولى، ثم توفي بعد ذلك في سنة ست وأربعين وسبعمائة. وكان أميراً جليلاً، مبجلاً معظماً في الدول، محبباً للناس، كثير الأدب، سليم الباطن، خيراً ديناً، ساكناً، عديم الشر، ولي عدة ولايات، ونقل في وظائف سنية، وهو الذي ينسب إليه حكر طقزدمر، والقنطرة خارج القاهرة، والربع الذي براً باب زويلة، ودار التفاح والحمام التي عند قبو الكرماني، وكان الملك الناصر محمد بن قلاوون زوج ابنه الملك أبو بكربابنة الأمير طقزدمر هذا، ثم زوج ابنه الملك الصالح أيضاً بابنة طقزدمر الأخرى. انتهى. الجزء: 6 ¦ الصفحة: 422 1262 - حمو لاجين ... - 691 هـ - ... - 1292 م طقصو بن عبد الله، الأمير سيف الدين، هو السلطان الملك المنصور، لاجين. كان طقصو المذكور من كبار الأمراء المصريين، وممن رشح للسلطنة، وكان معظماً في دولة الملك المنصور قلاوون، فلما مات قلاوون وتسلطن ولده الأشرف خليل أمسك طقصو المذكور وقتله في سنة إحدى وتسعين وستمائة بالقاهرة. وكان فيه سؤدد وخبرة بالأمور وشجاع ة م كارم وخير وبر وصدقه، رحمه الله تعالى، وعفا عنه. 1263 - دوادار يلبغا ... - 760 هـ - ... - 1359 م طقطاي بن عبد الله، الأمير عز الدين دوادار الأمير يلبغا اليحياوي نائب الشام. الجزء: 6 ¦ الصفحة: 423 قال الشيخ صلاح الدين الصفدي: كان المذكور من جمدارية الملك الناصر محمد بن قلاوون، وإنما أعطاه ليلبغا فعمله دواداره، وكان يقول عنه هذا قرابتي وخجداشي، وكان سلم قياده إليه، وهو النائب لم يكن يقرر شيئاً فيخالفه. وهو حسن الوجه، عاقل، كثير الإطراق، قليل الكلام، ساكن، كثير الخير، عديم الشر، لم يؤذ أحداً، ولا تطلع لمال أحد، نعم، إذا أهدى الإنسان إليه شيئاً قبله ورعى له خدمته، وكان ينفع أصحابه كثيراً. أعطاه الملك الكامل إمرة عشرة بدمشق، فكتبت إليه ونحن على منزلة الكسوة متوجهون إلى الصيد، وقد ورد المرسم بذلك. الجزء: 6 ¦ الصفحة: 424 ثم لما خلع الملك الكامل وتولى الملك المظفر توجه إلي ه م ن دمشق، فرعى له خدمته ورسم له بإمرة طبلخاناة. ولم يزل عند أستاذه حظيا إلى أن توجه معه في نوبة أستاذه وخروجه على الكامل، وتوجه معه إلى حماة وأمسك مع بقية الأمراء، وجهز معهم إلى مصر مع أخوه يلبغا فجهز إلى الإسكندرية، ثم إن الأمير شيخو والأمير صرغتمش شفعا فيه، فأفرج عنه وعن أخوه يلبغا. وأقام هو عند شيخو، ثم صار من جملة الدوادارية الخاص. قلت: لا أعلم في دوادارية السلطان خاص وخرجي، ولكن قد يكون كان ذلك قديماً، والله أعلم. ثم توجه إلى طرابلس أميراً، فأقام بها إلى أن توفي سنة ستين وسبعمائة، انتهى كلام الشيخ صلاح الدين الصفدي باختصار، رحمه الله تعالى. 1264 - القان ملك التتار ... - 716 هـ - ... - 1316 م طقطاي بن منكوتمر بن طغاي بن باطو، ابن الطاغية الأكبر جنكز خان المغلي التتري، ملك القبجاق. الجزء: 6 ¦ الصفحة: 425 جلس على تخت الملك وعمره سبع سنين وكان يحب السحرة ويعظمهم، ويحب الأطباء، وممالكه واسعة جداً منها: قرم وسراي وغير ذلك، وكان له جيش عظيم إلى الغاية، يقال إنه جهز مرة عسكراً يشتمل على مائتي ألف فارس، وطالت أيامه إلى أن توفي سنة ست عشرة وسبعمائة. وكانت دولته ثلاثاً وعشرين سنة، وملك بعده أزبك خان. وكان فيه عدل وميل إلى أهل الخير من أهل الملل، ويرجح الإسلام، وكان له ولد نجيب أسلم وصار يحب سماع القرآن، مات قبل أبيه المذكور بمدة، رحمه الله تعالى. 1265 - طقطاي المنصوري ... - 691 هـ - ... - 1292 م طقطاي بن عبد الله المنصوري، الأمير سيف الدين. أظنه من مماليك الملك المنصور قلاوون، كان من أكابر أمراء الجزء: 6 ¦ الصفحة: 426 الألوف بالديار المصرية، وكان ممن يصلح للملك لكماله وجماله وعقله وتدبيره، ولما تسلطن الملك الأشرف خليل بن قلاوون أخلع عليه باستمراره على ما كان عليه أولا، وأنعم عليه أيضاً بإنعام كثيرة، واستمر إلى أن تسلطن الملك المنصور لاجين، عظم عنده أيضاً وزادت رتبته أياماً، ثم قبض عليه وخنقه، لأمر نقمه عليه، في سنة إحدى وتسعين وستمائة رحمه الله تعالى. 1266 - الأشرفي ... - 697 هـ - ... - 1298 م طقطاي بن عبد الله الأشرفي، الأمير عز الدين. كان من مماليك الملك الأشرف خليل بن قلاوون، وكان خصيصاً عند أستاذه إلى الغاية، ولما تسلطن الملك المنصور لاجين قدمه ورقاه حتى جعل ه م ن كبار الأمراء بالديار المصرية، وعلت منزلته عنده، وأنعم على بمنية خصيب دربستا، كما كانت للأمير بدر الدين بيسرى، واستمر على ذلك إلى أن توفي سنة سبع وتسعين وستمائة، رحمه الله تعالى. الجزء: 6 ¦ الصفحة: 427 1267 - الطواشى الرومي ... - 793 هـ - ... - 1391 م طقطاي بن عبد الله الطواشي الرومي، الأمير عز الدين. كان من رؤوس الفتن في وقعة الناصري ومنطاش، وممن بارز برقوق بالعداوة، ولما قدم الناصري ومنطاش إلى قبة النصر خارج القاهرة، وركب بزلار العمر ة م قدمة جيش الناصري ومعه جماعة من عسكر الناصري لقتال جماعة الملك الظاهر برقوق، كان طقطاي هذا فيهم، فأظهر يومئذ من الشجاعة ما يستحى من ذكره، وقاتل قتالاً شديداً، وصار في وسط القتال يصيح أين الجراكسة أصحاب ... ها أنا طقطاي الطواشي، فما برز إليه أحد إلا وانقلب على أقبح وجه. ثم لما الملك الناصري الديار المصرية، وتسلطن الملك المنصور، وصار الناصري الجزء: 6 ¦ الصفحة: 428 مدبر المملكة، أنعم على طقطاي المذكور بإمرة طبلخاناة، وصار مع الناصري حتى وقع بينه وبين منطاش وتقاتلا، وظفر منطاش بالناصري، وقبض عليه وعلى حواشيه، قبض على طقطاي هذا معهم أيضاً، وحبس حتى قدم برقوق إلى الديار المصرية وتسلطن ثانياً، قتله في سنة ثلاث وتسعين وسبعمائة، رحمه الله تعالى. الجزء: 6 ¦ الصفحة: 429 باب الطاء واللام 1268 - طلحة بن الزكي 640 - 699 هـ - 1242 - 1300 م طلحة بن الخضر بن عبد الرحمن بن عبد العزيز بن الحسن بن علي، وعلي هو القاضي الزكي، قاضي القضاة شمس الدين. ولد بدمشق بعد الأربعين وستمائة. وكان إماماً، عالماً، قرأ واشتغل وسمع من مكي بن علان، والصدر البكري وغيرهم، وسمع منه الحافظ الذهبي وغيره، وتولى قضاء دمشق وحسنت سيرته، وتوفي سنة تسع وتسعين وستمائة، رحمه الله تعالى. 1269 - القاضي ولي الدين ... - 696 هـ - ... - 1296 م طلحة بن محمد بن علي بن وهب ، القاضي ولي الدين بن العلامة قاضي القضاة تقي الدين بن دقيق العيد الشافعي. الجزء: 6 ¦ الصفحة: 431 قرأ على والده واشتغل وتفقه، وناب في الحكم عن والده، ومات وهو شاب في سنة ست وتسعين وستمائة، رحمه الله. 1270 - الشيخ علم الدين الحلبي ... - 726 هـ - ... - 1326 م طلحة، الشيخ الإمام الحلبي النحوي، المقرئ الشافعي. كان أصل ه م ملوكاً يدعي سنجر، فغيره بذلك. وكان إماماً في النحو، يعرف الحاجبية جيداً، ومختصر ابن الحاجب، والتعجيز. الجزء: 6 ¦ الصفحة: 432 قال ابن أيبك: قرأت عليه بحلب مدة إقامتي بها، قطعة جيد ة م ن كتاب البيوع من التعجيز، وكان يراعي الإعراب في كلامه وبحثه، وكان شيخاً طوالاً حسن القراءة جيد الصوت طيبه، يعرف القراءات جيداً، سافر إلى الشيخ برهان الدين الجعبري، وأخذ التعجيز عنه، وتوفي سنة ست وعشرين وسبعمائة، رحمه الله تعالى. 1271 - المعتقد ... - 794 هـ - ... - 1392 م طلحة المغربي، المجذوب المعتقد. كان للناس فيه اعتقاد كبير لا سيما الملك الظاهر برقوق، فإنه كان جيد الاعتقاد فيه إلى الغاية وكان غالب إقامة طلحة المذكور بقلعة الجبل عند السلطان، وكان يدخل مع السلطان إلى الحريم، ويحكي عنه كرامات وكشف. واستمر على ذلك إلى أن توفي بمدينة مصر، في رابع عشر شوال سنة الجزء: 6 ¦ الصفحة: 433 أربع وتسعين وسبعمائة، وكانت جنازته مشهودة، ودفن خارج باب النصر، أعني بالموضع الذي هو الآن تربة الملك الظاهر برقوق. وطلحة هذا هو ممن أوصى الملك الظاهر برقوق عند موته بدفنه تحت أرجلهم، رحمه الله تعالى ونفعنا ببركته. والحمد لله رب العالمين. الجزء: 6 ¦ الصفحة: 434 //بسم الله الرحمن الرحيم اللهم صلى على محمد وآله وصحبه وسلم باب الطاء والهاء 1272 - زين الدين البغدادي 574 - 650هـ؟ 1178 - 1252م طه بن إبراهيم بن أحمد بن إسحاق، الشيخ الإمام العالم زين الدين أبو بكر البخاري البغدادي الحنفي، الفقيه العالم الزاهد. مولد في سنة أربع وسبعين وخمسمائة ببخارى، وبها تفقه وبرع، ثم قدم بغداد وسكنها، وتصدى بها للإفتاء والتدريس، وتولى عدة وظائف دينية، وعرف بالديانة والصيانة والورع والعبادة، وحج إلى بيت الله الحرام، وعاد الجزء: 7 ¦ الصفحة: 7 إلى بغداد واستمر بها ملازماً للإشغال والتصنيف إلى أن مات في حدود سنة خمسين وستمائة تقريباً، رحمه الله. وله عدة مصنفات منها: كتاب في الأدبيات نحو العشرين مجلداً، يشتمل على شعر وترسل وخطب وحكايات وغير ذلك، كان بخطه وقفاً بالمستنصرية ببغداد، وشرح الهداية في الفقع عل مذهبه، وله عدة تصانيف أخرى. ومن شعره: .... .... ؟ جمال الدين الإربلي 595 - 677 هـ؟ 1198 - 1278م طه بن إبراهيم بن أبي بكر بن فبرك بن شيرك بن أحمد بن بختيار، الفقيه الجزء: 7 ¦ الصفحة: 8 الأديب الصوفي جمال الدين أبو محمد الإربلي بن الشيخ برهان الدين بن الشيخ زين الدين الإربلي الشافعي الهذباني. قال الحافظ قطب الدين الحلبي رحمه الله تعالى في تاريخه: كن - يعني الشيخ زين الدين طه المذكور - إماماً فاضلاً زاهداً، ولي نيابة الحكم ببلبيس عن أبي المحاسن السنجاري ثم عزل، وقرأ القرآن على السنجاري، وسمع من أبي عبد الله محمد بن عماد الحراني الحلقات كلها بالإسكندرية، وسمع بإربل ودمشق وسم من ابن أبي يعقوب يوسف بن محمد الشاوي، وحدث، وسمع منه الأبيوردي، وشيخنا أبو محمد الدمياطي، وفخر الدين عثمان بن الظاهر. ومولده تخميناً سنة خمس وتسعين وستمائة بالشارع ظاهر القاهرة، ودفن من الغد بالقرافة. انتهى كلام الحافظ قطب الدين. وذكره الإمام شهاب الدين محمود في تاريخه وأثنى عليه وقال: ومن شعره ما أنشده للملك الصالح، وقد تحدث في أحكام النجوم، والعمل بها لنفسه: دع النجوم لطرقىً يعيش بها ... وبالعزيمة فانهض أيها الملك الجزء: 7 ¦ الصفحة: 9 ؟ إن النبي وأصحاب النبي نهوا ... عن النجوم وقد أبصرت ما ملكوا ومن نظمه أيضاً في تفضيل البيض على السمر. البيض أقتلُ في الهوى ... وبمهجتي منها الحسانُ والسمرُ إن قتلتْ فمن ... بيضٍ يصاغ لها السنانُ وله دوبيت: غنت فأجاب شدْوها المزمار ... ألحان شج لما بها أوطار ما أحسب إلا أن في نغمتها ... ألحان هوى تهيجها الأوتار انتهى. الجزء: 7 ¦ الصفحة: 10 باب الطاء والواو 1274 - الخازندار ... - 812هـ؟ ... - 1409م طوخ بن عبد الله الظاهري الخازندار، الأمير سيف الدين. هو من مماليك الملك الظاهري برقوق، وممن ترقى في الدولة الناصرية فرج بن برقوق حتى صار أمير مائة ومقدم ألف بالديار المصرية، ثم ولاه الملك الناصر فرج خازنداراً كبيراً، وصار له أمر في الدولة، واستمر على ذلك إلى أن توفي بالقاهرة في آخر جمادى الآخرة سنة اثني عشرة وثمانمائة. وكان أميراً ضخماً، رحمه الله. وطوخ بطاء مهلم ة م ضمومة وبعدها واو وخاء معجمة ساكنة، وكانت العامة تسميه، طوق بالقاف، وهذا أيضاً من تحريف أولاد العرب وتلاعبهم بالأسماء العجمية. انتهى. الجزء: 7 ¦ الصفحة: 11 ؟ 1275 - نائب حلب ... - 817هـ؟ ... - 1414م طوخ بن عبد الله الظاهري، الأمير سيف الدين المعروف ببطيخ. هو أيضاً من مماليك الملك الظاهر برقوق. ووقع له بعد موت أستاذه الظاهر برقوق أمور وحوادث إلى أن قتل الملك الناصر فرج وصار الأمير نوروز الحافظي نائب دمشق وحاكم البلاد الشامية انضم طوخ المذكور إلى نوروز وولي نيابة حلب، فلما عصى نوروز عن الملك المؤيد وافقه طوخ ودام معه إلى أن ظفر المؤيد بنوروز وقبض عليه قبض على طوخ هذا وقتله ذبحاً في العشر الخير من شهر ربيع الآخر سنة سبع عشرة وثمانمائة، بعد أن حوصر بقلعة دمشق مدة طويلة مع الأمير نوروز. ؟ 1276 - مازى نائب غزة ... - 843 هـ؟ - 1439م طوخ بن عبد الله الناصر، الأمير سيف الدين نائب غزة المعروف بطوخ مازى، نسبته إلى آغاته الأمير مازى الظاهري. الجزء: 7 ¦ الصفحة: 12 هو من مماليك الملك الناصر فرج، وامتحن بعد قتل أستاذه، وتشتت إلى أن تأمر بعد موت الملك المؤيد شيخ عشرة، ثم صار من جملة رؤوس النوب سنين، وتوجه إلى مكة المشرفة غير مرة: أمير حاج المحمل، وأمير الركب الأول، ومقدم على المماليك السلطانية، ثم أنعم عليه الملك الأشرف برسباي في سنة إحدى وأربعين بإمرة طبلخاناة، ثم صار رأس نوبة ثانياً إلى أن توفي الملك الأشرف برسباي في سنة إحدى وأربعين وثمانمائة ولي نيابة بغزة إلى أن تسلطن الملك الظاهر جقمق قدم إلى القاهرة وأخلع عليه باستمراره، واستمر بها إلى أن مات في ليلة السبت خامس شهر رجب سنة ثلاث وأربعين وثمانمائة، ومات وسنه نيف على الخمسين تقريباً، وتولى من بعده غزة الأمير طوخ الأبو بكري المؤيدي. وكان رحمه الله مهملاً، مسرفاً على نفسه، غير متحشم، تغلب عليه المداعبة والمزاج سامحه الله، ومازي بفتح الميم وبعدها ألف وزاي مكسورة وياء آخر الحروف، وهو اسم جاركسي. انتهى. الجزء: 7 ¦ الصفحة: 13 ؟ 1277 - المؤيدي الأبو بكري نائب غزة ... - 848 هـ؟ .... - 1444م طوخ بن عبد الله الأبو بكري المؤيدي، الأمير سيف الدين نائب غزة. أَصل ه م ن مماليك الملك المؤيد شيخ وخواص؛ وأخرج بعد موته إلى البلاد الشامية وأنعم عليه بإمرة بغزة، وصار أتابكها سنين طويلة إلى أن نقله الملك الظاهر جقمق إلى إمرة مائة وتقدم ألف بدمشق، فتوجه إلى دمشق ودام بها إلى أن مات الأمير طوخ مازي - المتقدم ذكره آنفاً - نائب غزة في شهر رجب سنة ثلاث وأربعين وثمانمائة نقله الملك الظاهر جقمق إلى نيابة غزة عوضه، بسفارة إخوته المؤيدية، فتوجه إلى غزة وباشر نيابتها سنين إلى أن مات قتيلاً في وقعة كانت بينه وبين أبي طبر الخارج عن الطاعة في سنة ثماني وأربعين وثمانمائة. وكان غير مشكور السيرة لكثرة طمعه، غير أنه كان عنده نوع كرم فيما يقال، وكان جماعة للأموال، وخلف موجوداً هائلاً، وتولى عوضه نيابة غزة الأمير يلخجا من مامش الناصري الساقي ثاني رأس نوبة النوب. الجزء: 7 ¦ الصفحة: 14 1278 - ؟ بيني بازق ... - 862هـ؟ - ... - 1458م طوخ بن عبد الل ه م ن تمراز الناصري، المعروف ببني بازق، باللغة التركية غليظ الرقبة، الأمير سف الدين، أحد مقدمي الألوف بالديار المصرية. هو من مماليك الملك الناصر فرج بن برقوق، وممن قاسى خطوب الدهر ألواناً بعد موت أستاذه إلى أن صار أتابك حماة بعد مدة طويلة ثم قدم الديار المصرية صحبة الملك الظاهر ططر، وصار من جملة أمراء العشرات بها، ثم صار من جملة رؤوس النوب في الدولة الأشرفية برسباي، ودام على ذلك مدة سنين إلى أن نقله الملك الأشرف إلى إمرة طبلخاناة، ثم صار رأس نوبة ثانياً بعد الأمير طوخ مازي المنتقل إلى نيابة غزة والمستمر على ذلك إلى أن تسلطن الملك الظاهر جقمق وتولى الأتابك آقبغا التمرازي نيابة دمشق بعد عصيان الأمير إينال ألجمي وخرج لحربه صحبة العساكر المصرية خرج طوخ مع آقبغا الجزء: 7 ¦ الصفحة: 15 التمرازي مسفراً له على العادة، ثم عاد إلى القاهرة بعد أن ناب ه م ن آقبغا نحو العشرة آلاف دينار، وهو غير راضي بذلك، واستمر على حاله بالديار المصرية إلى أن توفي الأمير ألطنبغا المرقبي المؤيدي في يوم الاثنين عاشر شهر رجب سنة أربع وأربعين وثمانمائة أنعم عليه الملك الظاهر جقمق بإمرة مائة وتقدمة ألف، وصار من بعده رأس نوبة ثاني الأمير يلخجا الساقي، واستمر طوخ على ذلك سنين لا يؤبه إليه في الدولة، وطالت أيامه لعدم التفات الناس إليه، وأرجف بأخذ إقطاعه غير مرة، وهو ممن قيل في حقهم لا للسيف ولا للضيف. 1279 - الجكمي ... - 868هـ؟ ... - 1463م طوخ بن عبد الله الجكمي، الأمير سيف الدين، أحد أمراء الطبلخاناة وثاني رأس نوبة. أًصله من مماليك الأمير جكم من عوض المتغلب على حلب، ثم تنقل في الخدم بعد موت أستاذه سنين إلى أن تأمر في أوائل الدولة الأشرفية برسباي عشرة، ثم قبض عليه بعد مدة يسيرة، ثم أطلقه ونعم عليه بإمرة عشرة على عادته أولاً. الجزء: 7 ¦ الصفحة: 16 ودام على ذلك سنين إلى أن نقله الملك الظاهر جقمق إلى إمرة طبلخاناة بعد يلبغا البهائي نائب إسكندرية بحكم وفاته، ثم صار رأس نوبة ثانياُ بعد خروج الأمير يلخجا الساقي إلى نيابة غزة في سنة ثمان وأربعين وثمانمائة أخرج السلطان إقطاعه للأمير بيسق اليشبكي وغيره، بحكم ضعف بصره وطول رمده، وأخلع على الأمير جانبك القرماني باستقراره رأس نوبة ثانياً من بعده. واستمر طوخ المذكور ملازماً لداره بالذل والقهر والصغار، قلت: وهو مستحق لذلك، فإنه متجاهر بالمعاصي، مدمن للخمر، بلغ من السن ما بلغه وطالت أيامه في الإمرة هذه المدة الطويلة وهو إلى الآن لم يحج ولا قضى الفرض، هذا على ما اشتمل عليه من الكبر والجبن والبخل وعدم معرفته لأنواع الفروسية ولا أعرف فيه من المحاسن غير أنه جاركسي الجنس من جنس القرم لا غير، وهو عندهم في الغاية القصوى لا سيما الشريه منهم فإنه إمامهم والمقتدى في هذا المعنى الجزء: 7 ¦ الصفحة: 17 ؟ 1280 - طوغان الناصري ... - 800هـ؟ ... - 1397م طوغان بن عبد الله الناصري، الأمير سيف الدين، أحد أمراء العشرات بالقاهرة. أصل ه م ن مماليك الملك الناصر حسن، كان شيخاً مسناً، قيل أنه كان في شبيبته ذا قوة مفرطة حتى قيل إنه كان يلطم الثور العظيم فيصرعه على الأرض، توفي سنة ثمانمائة بالقاهرة، وأنعم بإقطاعه على صهره سودون من زاده الظاهري الخاصكي، فصار من جملة أمراء العشرات. 1281 - الحسني الدوادار ... - 818هـ؟ ... - 1415م طوغان بن عبد الله الحسني الظاهري الدوادار الكبير، الأمير سيف الدين، كان يعرف بالمجنون. الجزء: 7 ¦ الصفحة: 18 هو من جملة المماليك الظاهرية برقوق، وممن أنشأه الملك الناصر فرج بن برقوق إلى أن جعله أمير مائة ومقدم ألف بالديار المصرية، ثم استقر دواداراً كبيراً بعد موت الأمير قجاجق وباشر الوظيفة بحرمة وافرة وعظمة زائدة، ونالته السعادة، وضخم في الدولة الناصرية، ولا زال على ذلك إلى أن تجرد الملك الناصر فرج إلى البلاد الشامية لقتال الأميرين شيخ ونوروز في سنة أربع عشرة وثمانمائة، وجعل الأمير طوغان هذا جاليشاً في عدة أمراء أخر، وقدمهم الملك الناصر أمامه إلى البلاد الشامية، وساروا حتى دخلوا الجميع إلى دمشق، ودخلوا سلموا على والدي رحمه الله بدار السعادة وهو في مرض موته، ثم خرجوا من عنده وخامروا على الملك الناصر بأجمعهم وتوجهوا إلى شيخ ونوروز، ولا زالوا عندهم حتى قتل الملك الناصر فرج - حسبما سنذكره في محله إن شاء الله تعالى - وتسلطن الخليفة المستعين بالله العباس وصار الأمير شيخ المحمودي نظام مملكته أخلع على طوغان المذكور باستمراره في الدوادارية على عادته، ثم تسلطن الملك المؤيد شيخ وهو على حاله، وعظم أكثر مما كان، وتزايدت حرمته أضعاف ما كانت، واستمر على ذلك إلى سادس عشر جمادى الجزء: 7 ¦ الصفحة: 19 الأولى سنة ست عشرة وثمانمائة أشيع في اليوم المذكور بركوب طوغان هذا على السلطان، وأنه وافقه جماعة على ذلك، ثم تحقق السلطان ما قيل، ولبس طوغان آلة الحرب وألبس مماليكه، ثم انتظر من واعده فلم يأت أحد ممن واعده حتى قرب الفجر فزفى مملوكين، وأصبح الناس يوم الثلاثاء تاسع عشر جمادى الأولى يتوقعون القتال والحوانيت مغلقة إلى أن نادى الملك المؤيد بالأمان وأن من أحضر طوغان فله ما عليه مع خبز في الحلقة، ولم يحرك ساكناً إلى ليلة الجمعة عشرينه وجد وقد اختفى بمدينة مصر القديمة فأخذ، وحمل إلى قلعة الجبل، ثم أرسل إلى الإسكندرية مع الأمير طوغان أمير آخور، أعني مسفره، فاستمر محبوساً بسجن الإسكندرية إلى أن قتل بها في المحرم سنة ثماني عشرة وثمانمائة، وقتل معه أيضاً من الأمراء المحبوسين الأتابك دمرداش المحمدي، والأمير سودون المحمدي، والأمير اسنبغا الزردكاش، وورد الخبر بذلك إلى القاهرة في يوم السبت ثامن عشر المحرم، وأقيم عزاؤهم بالقاهرة. وكان طوغان شجاعاً مقداماً أهوجاً، وعنده إسراف على نفسه مع ظلم وعسف، وسطوة ومهابة، وحرمة وافرة، وكرم مع خفة وطيش وعدم تستر بالمعاصي، وهو صاحب المدرسة برأس حارة برجوان بالشارع، والربع والدار بحارة بهاء الدين. الجزء: 7 ¦ الصفحة: 20 ول ه م آثر غير ذلك، وهو أحد من أوصاه والدي رحمه الله فإنه كان من حواشي والدي، رحمهما الله تعالى. ؟ 1282 - الأمير آخور ... - 828هـ؟ - ... - 1425م طوغان بن عبد الله الأمير آخور، الأمير سيف الدين. كان المذكور في مبدأ أمره مكارياً للبغال عند الأمير طولو نائب صفد، ثم تنقلت به الأحوال إلى أن صار جندياً وركب فرساً واتصل بخدمة المؤيد شيخ وهو أمير، واستمر عند شيخ إلى أن تسلطن قربه وأدناه وأنعم عليه بإمرة عشرة بالقاهرة، ولا يزال يرقيه حتى ولاه نيابة صفد ثم حجوبية الحجاب بدمشق، ثم أنعم عليه بإمرة مائة وتقدمة ألف بالديار المصرية، ثم أخلع عليه باستقراره أمير آخورا كبيراً بعد تنبك العلائي ميق بحكم انتقال تنبك إلى نيابة دمشق بعد القبض على الأمير ألطنبغا العثماني وذلك في يوم الاثنين تاسع عشر شوال سنة تسع عشرة الجزء: 7 ¦ الصفحة: 21 وثمانمائة، فاستمر طوغان أمير آخورا مدة، وعظم وضخم ونالته السعادة إلى أن جرده الملك المؤيد إلى البلاد الحلبية صحبة الأتابك ألطنبغا القرمشي وغيره من الأمراء المؤيدية في سنة ثلاث وعشرين وثمانمائة، ثم مات الملك المؤيد الملك المؤيد وهم بتلك البلاد وتسلطن ولده الملك المظفر أحمد، وصار ططر مدبر مملكته وسافر به إلى البلاد الشامية بعد أن أخرج إقطاع الأمير طوغان المذكور ووظيفته إلى الأمير تغري بردى الأفبغاوي المؤيدي المعروف بأخي قصروه، فلما وصل ططر بالملك المظفر إلى البلاد الشامية نفى طوغان المذكور إلى طرابلس، وأحبسه مدة إلى أن أنعم عليك الملك الأشرف برسباي بإمرة عشرة بطرابلس، فأقام على ذلك مدة إلى أن بلغ الملك الأشرف عنه ما أوغر خاطره عليه رسم بقبضه وحبسه بالمرقب، فأمسك وحبس بها إلى أن قتل في ذي الحجة سنة ثمان وعشرين وثمانمائة. وكان طوغان هذا من الأطراف الذين قدمهم الملك المؤيد شيخ ليجد بهم راحة لعجزه عن الحركة مما كان يعتريه من ألم رجليه والمفاصل، رحمه الله. الجزء: 7 ¦ الصفحة: 22 1283 - العثماني ... - 852هـ؟ - ... - 1448م طوغان بن عبد الله العثماني، الأمير سيف الدين نائب القدس، ثم نائب غزة. أصل ه م ن مماليك الأتابك الطنبغا العثماني نائب الشام، وممن صار خاصكيا بعد موت الملك المؤيد شيخ، ثم ولاه الملك الأشرف برسباي القدس في أوائل دولته، فدام في نيابة القدس سنين بتلك الأرضي، وشكرت سيرته لكنه أِسرف في القتل وأنواع العذاب، واستمر على ذلك سنسن أيضاً بعض سلطنة الملك الظاهر جقمق إلى أن عزله الظاهر جقمق عن نيابة القدس بخشقدم السيفي سودون من عبد الرحمن وولاه حجوبية الحجاب بحلب بعد موت قاني باي الجكمي في حدود الخمسين وثمانمائة، فاستمر بحلب سنة أو أكثر ونقل إلى نيابة غزة بعد عزل نائبها الأمير حطط في سنة إحدى وخمسين، فقدمها وباشر نيابتها مدة يسيرة، وتوفي بها في سنة اثنتين وخمسين وثمانمائة. الجزء: 7 ¦ الصفحة: 23 وكان مشهوراً بالشجاعة والكرم، سامحه الله تعالى. 1284 - حاجب حلب ... - 840هـ؟ ... - 1436م طوغان بن عبد الله السيفي تغري بردي، الأمير سيف الدين حاجب حجاب حلب، ثم أحد مقدمي الألوف بدمشق. أصل ه م ن مماليك والدي رحمه الله، أعتقه ورقاه وجعله خازنداره ثم دواداره، واستمر بخدمته إلى أن ولي والدي رحمه الله نيابة دمشق المرة الثالثة أنعم عليه الملك الناصر فرج بإمرة مائة وتقدمة ألف بدمشق على أن يكون على حاله دواداراً بخدمة أستاذه، وهذا لم يتفق لأحد من النواب بدمشق أن يكون دواداره أمير مائة ومقدم ألف، واستمر على ذلك إلى أن توفي والدي رحمه الله، صار أيضاً في الدولة المؤيد شيخ أمير مائة ومقدم ألف بدمشق، واسمر على ذلك سنين إلى أن نقله الملك الأشرف برسباي إلى حجوبية الحجاب بحلب في حدود الثلاثين وثمانمائة، فتوجه إلى حلب ودام بها سنين إلى أن عزل بعد سنة ست وثلاثين وقدم إلى دمشق أمير مائة ومقدم ألف بها، وأقام على ذلك مدة إلى أن توفي بها في حدود الأربعين وثمانمائة، وله نحو سبعين سنة تخميناً. وكان عارفاً بفنون الفروسية وأنواع الملاعيب كالرمح والنشاب ولعب الصولجان وغير ذلك إلا أنه كان بخيلاً حريصاً على جمع الأموال، وكان الجزء: 7 ¦ الصفحة: 24 مغرماً باقتناء الخيول الجيدة إلى الغاية ويبالغ من أثمانها إلى أن يصير الفرس في ملكه يصاب بعد مدة يسيرة لكثر ة م ا كان يدور حول الفرس ويمدحه ويتغالى في شكره، ولا يزال على ذلك حتى يصاب الفرس المذكور من عينيه، فهذا كان شأنه، وكان شكلاً حسناً، عارفاً عاقلاً، صاحب رأي وتدبير، وله خبرة بالوقائع والحروب، موقراً في الدولة، رحمه الله تعالى. ؟ 1285 - دوادار السلطان بدمشق ... - 856هـ؟ - ... - 1452م طوغان بن عبد الله، الأمير سيف الدين، في معتقه أقوال كثيرة، قيل: أنه من مماليك نوروز الحافظي، وقيل: من مماليك آقبردي المنقار، وقيل: غير ذلك. كان من جملة الأجناد في الدولة الأشرفية برسباي إلى أن تسلطن الملك الظاهر جقمق جعله خاصكيا، ثم ولاه نيابة دمياط مدة، ثم عزله وجعله أتابك غزة فأقام بها مدة، ثم نقل إلى إمرة طبلخاناة بدمشق، ثم صار دوادار السلطان بها، واستمر بدمشق سنين، وسافر منها أمير الحاج غير مرة، وشكرت الجزء: 7 ¦ الصفحة: 25 سيرته في سيره وأفعاله لا في أخلاقه، فإنه ذو خلق سيئ وبادر ه م عه خفة وطيش، على أنه لم يكن أهلا لما وليه من الوظائف فإنه كان من أصاغر المماليك السلطانية إلى أن مات الأشرف وتسلطن الظاهر جقمق، فلما أراد الظاهر قتل الأتابك قرقماس الشعباني بالإسكندرية ندب إلى قتله جماعة وهم يستعفون من ذلك حتى ندب طوغان هذا فبادر طوغان وتوجه لقتله فأعجبه ذلك منه، وهذا هو سبب وصلته، وما ثم غير ذلك من المعاني. ؟ 1286 - الأستادار .. - 863هـ؟ ... - 1458م طوغان قيز بن عبد الله العلاني، الأمير سيف الدين. أصله من مماليك الأمير علان أحد مقدمي الألوف في الدولة الناصرية فرج، وترقى بعد موت أستاذه حتى صار نوبة الجمدارية في الدولة المؤيدية شيخ، ودام على ذلك دهراً طويلاً بقية دولة المؤيد، ثم دولة الملك الأشرف برسباي الجزء: 7 ¦ الصفحة: 26 بتمامها إلى أن أمره الملك الظاهر جقمق عشرة وجعله أمير آخورا ثالثاً، ثم نقله إلى الأستادارية بعد عزل محمد بن أبي الفرح في يوم الخميس ثامن المحرم سنة أربع وأربعين فباشر الأستادارية، واستقر معه زين الدين يحيى - قريب ابن أبي الفرح - ناظر ديوان المفرد، فصار طوغان قيز المذكور يقرب يحيى ناظر ديوان المفرد ويركن إليه، وزين الدين المذكور يبحث خلفه إلى أن حسن له زين الدين المذكور أن يستعفي ولا يباشر إلا بغزة، فانخدع له طوغان واستعفى، فأعفى، وعزل بعبد الرحمن بن الكويز، وأخرج إلى البلاد الشامية، وتنقل في عدة ولايات: عمل نيابة ملطية، ثم أتابكية حلب، ثم أمير مائة ومقدم ألف بدمشق، وسافر أمير حاج المحمل الشامي، فوقع منه بالمدينة الشريفة قلة أدب من أنه طلب القبض على بعض قطاع الطريق فاستجار بأحد أبواب المدينة فأراد قيزطوغان أن يحرق باب المدينة، وقيل إنه أوقد به النار، فبلغ السلطان ذلك، فحينئذ وجد منم له غرض في آذاه سبيلاً، ولا زالوا بالسلطان حتى قبض عليه وحبسه بقلعة دمشق، وكان زين الدين يحيى قد لبس الأستادارية وصار يتخوف من قيز طوغان المذكور، فلما وقع ذلك صار زين الدين من أعظم الأسباب في ذهاب مهجته، وكتب عليه محضراً: أنه كفر فخلصه الله الجزء: 7 ¦ الصفحة: 27 من أيديهم، لكنه دام في الحبس سنين إلى أن ... ... 1287 - طولو الظاهري .. - 808هـ؟ - ... - 1406م طولو بن عبد الل ه م ن علي باشا الظاهري، الأمير سيف الدين. هو من مماليك الظاهر برقوق، ومن أعيان خاصكيته، وترقى بعد موته حتى صار من جملة أمراء الديار المصرية، ثم ولى نيابة غزة عند قدوم تيمورلنك إلى البلاد الشامية في سنة ثلاث وثمانمائة، عوضاً عن عمر بن الطحان بحكم القبض عليه عند تيمور مع جملة النواب، فلما عاد الملك الناصر إلى الديار المصرية وعاد تيمور إلى بلاده عزل طولو عن نيابة عزة واستقر في نيابة الإسكندرية، عوضاً عن الأمير ارنسطاي، فتوجه إلى الإسكندرية وباشر نيابتها مدة، ثم عزل وعاد إلى القاهرة وأنعم عليه بإمرة مائة وتقدمة ألف بديار مصر، فاستمر على ذلك إلى أن خرج الأمير يشبك الدوادار من الديار المصرية مغاضباً للناصر فرج، وخرج معه جماعة من الأمراء، وهم: الأمير الجزء: 7 ¦ الصفحة: 28 تمراز النائب، ويلبغا الناصر، وإينال حطب، وقطلوبغا الكركي، وسودون الحمزاوي، وجاركس القاسمي والمصارع، وسعد الدين إبراهيم بن غراب، ومحمد بن سنقر البكجري، ومحمد بن كلبك، وطولو صاحب الترجمة، وخرجوا الجميع إلى دمشق ونائبها يومئذ الأمير شيخ المحمودي، ووقع ما حكيناه في غير موضع من اتفاق شيخ وجكم نائب حلب معهم وعودهم إلى الديار المصرية لقتال الملك الناصر فرج، وكبسوا الناصر بالسعيدية، وانهزم منهم إلى جهة القاهرة، ثم وقع الحلف بين الأمراء، واختفى بعضهم، ورجع البعض إلى البلاد الشامية، فكان طولو هذا ممن عاد صحبة شيخ نائب الشام وجكم نائب حلب وقرا يوسف صاحب تبريز إلى دمشق، وذلك في أواخر سنة سبع وثمانمائة. واستمر طولو بالشام إلى شهر رمضان من سنة ثمان وثمانمائة برز المرسوم الشريف من الديار المصرية باستقراره في نيابة صفد، عوضاً عن الأمير بكتمر الركني، وجهز تقليده على يد الأمير أقبردي رأس نوبة، فتوجه طولو إلى صفد وحكمها مدة إلى أن أرسل إليه الأمير شيخ المحمودي نائب الشام يستنجده لقتال الجزء: 7 ¦ الصفحة: 29 جكم من عوض نائب حلب، فتوجه إلى دمشق وحضر الوقعة بأرض الرستن، فيما بين حماة وحمص، فقتل طولو المذكور في الوقعة، وقتل أيضاً الأمير علان وجماعة أخر وذلك في ذي الحجة سنة ثمان وثمانمائة، رحمهما الله تعالى. وطولو هذا هو أستاذ طوغان أمير آخور المؤيد، كان طوغان المذكور مكارياً لبغاله. وطولو بضم الطاء المهملة وبعدها واو ساكنة ولام مضمومة وواو، وتقال أيضاً باللام المكسورة وبها ياء مثناة من تحت، وكلاهما يجوز: طولو وطولي، لكن الأول أشهر ومعنى هذا الاسم غريب لا يعرفه إلا الفصيح في اللغة التركية لأن طو: هو اسم للقطعة الفولاذ المنقوشة على رأس الصنجق الذي فيه الراية، ولو: مضاف إليه، فكأن معنى هذا الاسم صاحب الصنجق، والله أعلم. الجزء: 7 ¦ الصفحة: 30 1288 - الناصرية ... - 765هـ؟ ... - 1363م طولوبية بنت الناصرية، خوند. زوجة الملك الناصر حسن ثم من بعده تزوجت بالأتابك يلبغا العمري الخاصكي، وتوفيت في رابع عشرين شهر ربيع الآخر سنة خمس وستين وسبعمائة، ودفنت بتربتها التي أنشأتها بجوار تربة خوند طغاي أم أنوك، رحمها الله تعالى، وخلف مالاً جماً. الجزء: 7 ¦ الصفحة: 31 باب الطاء والياء المثنا ة م ن تحت 1289 - طيبرس الظاهري ... - 650هـ؟ - ... - 1252م طيبرس بن عبد الله، الأمير الكبير علاء الدين الظاهري البغدادي التركي. اشتراه الخليفة الظاهر بأمر الله فحظي عنده وجعله دواداره، ولما آلت الخلافة للمستنصر بالله قدمه أيضاً وأدناه ورفع قدره، فشاع ذكره. قال الخزرجي في تاريخه المسمى بالعسجد المسبوك في تاريخ دولة الإسلام وطبقات الخلفاء والملوك: وزوجه لؤلؤ صاحب الموصل ابنته، وكان العقد في دار الوزارة بحضور قاضي القضاة على صداق مبلغه عشرون ألف دينار، ووهب له المستنصر بالله ليلة زفافه مائة ألف دينار، ثم ألحقه بأكابر الزعماء وأرباب العمائم، وأقطعه توسان فكانت تعمل له في كل سنة مائتي ألف دينار، وكان الجزء: 7 ¦ الصفحة: 33 جواداً كريماً، خلع على مماليكه في سنة ست وعشرين وستمائة سبعمائة خلعة، وكان وهاباً للخيل، قال ابن الخازن حدثني ابن الأشقر كاتب ديوانه، وكان ثقة: إنه جمع كاغد ما وهبه من الخيل منذ أنعم عليه بالإمارة، وذلك في سنة خمس وعشرين إلى حين وفاته، فبلغ سبعة آلاف وخمسمائة ونيفاً وسبعين فرساً، انتهى كلام الخزرجي. قلت وكان مع هذا الكرم جميل الصورة، كامل الحسن، رضي الخلق، متواضعاً، شجاعاً، توفي بعد مرض طويل في سادس عشر شوال سنة خمسين وستمائة، وصلِّي عليه في الجامع خلق كثير من الخاص والعام، واشتد الزحام عند خروجهم فمات جماعة من الناس، ودفن في إيوان الحسن من مشهد موسى بن جعفر، ورثاه جماعة من الشعراء منهم عز الدين عبد الحميد بن أبي الحديد، وكان وكيله وصرفه قبل موته، بقصيدة أولها: بابي علاء الدين فاضت نفسه ... لم تغنيه الأنصار والأعوان ثم ذكر أبياتاً كثيرة أخر إلى أن ذكر ما كان وقع له معه في آخر القصيدة: ما كان ذلك منك بل من معشر ... خانوك إذ كذبوا علي وخانوا طلبوا القطيعة بيننا ووددت لو ... تبقى ويبقى بيننا الهجران الجزء: 7 ¦ الصفحة: 34 1290 - الوزيري ... - 689 - هـ؟ ... - 1290م طيبرس بن عبد الله الوزيري، الأمير الحاج علاء الدين صهر الملك الظاهر بيبرس. قال الشيخ شهاب الدين أبو شامة: وفي ثالث ذي القعدة سنة ستين وستمائة وصل من مصر إلى دمشق عسكر مقدم هم الأمير عز الدين الدمياطي وبكر الدخول إلى دمشق، فخرج الناس يلقونهم، وفيهم الحاج علاء الدين طيبرس الوزيري نائب السلطنة بدمشق، فلما وصل إليه أهوى ليكارشه على ما جرت به عادة الملتقين قبض الدمياطي بيده الأخرى سيفه ونزله عن فرسه وأركبه بغلاً، وشد عليه ثم قيده وتركه بمصلى العيد، فلما دخل عليه الليل وكل به وسيره إلى مصر، وهرب أصحابه، ثم استخرجت أمواله التي بدمشق بعد ما سير منها ما كان سير مع العرب، وقبضت حواصله. وكان الحاج طيبرس قد أهلك أهل دمشق بإخراجهم من بلدهم، والرسم على أكابرهم حتى أخرجهم بآلهم وأنفسهم، وأهانهم وضيق عليهم بتمكين العرب الجزء: 7 ¦ الصفحة: 35 من شراء الغلال من دمشق، وتخويف الناس من التتار، فكان البدوي يجلب الجمل ويبيعه بأضعاف قيمته ويشتري به الغلة رخيصة لأن الناس يحتاجون إلى السفر إلى مصر. قال الصفدي: توفي طيبرس المذكور سنة تسع وثمانين وستمائة بالقاهرة. ؟ 1291 - الطويل ... - 769هـ؟ ... - 1367م طيبغا بن عبد الله الناصري، الأمير علاء الدين المعروف بالطويل. هو من مماليك الملك الناصر حسن ومن خواصه، أمره عند قبضه على الأمير صرغتمش، وبعد موت الأتابك شيخون، وجعله أمير مائة ومقدم ألف هو وخجداشه يلبغا العمري الخاصكي، واستعان ب هم ا على أعيان الأمراء، فإنهما من الجزء: 7 ¦ الصفحة: 36 عتقائه وخواصه، فلما استفحل أمرهما اتفقا عليه، ووقع ما حكيناه في غير موضع من أنهما ركبا على أستاذهما الملك الناصر حسن وقبضا عليه وقتلاه وسلطنا مكانه الملك المنصور محمد بن المظفر حاجي، واستبدا بالأمر، فصار يلبغا يتميز على طيبغا الطويل هذا وأهمله، ولا زال على ذلك حتى خرج طيبغا إلى الصيد بالعباسة في سنة سبع وستين وسبعمائة، فلما وصل طيبغا إلى العباسة أرسل إليه يلبغا خلعة مع جماعة من الأمراء بنيابة دمشق، فلما بلغ طيبغا ذلك عصى وقصد قبة النصر خارج القاهرة، فخرج إليه يلبغا بالملك الأشرف شعبان، وتواقعا، فانكسر طيبغا، وأمسك بمن كان معه من الأمراء، وحبس بالإسكندرية، واسترجع إقطاعه ولداه، وهما علي وحمزة، وكانا أميري طبلخاناة. واستمر محبوساً بالإسكندرية إلى يوم الاثنين تاسع عشرين شعبان من السنة وقف يلبغا وجماعة من الأمراء بدار العدل وطلبوا مراحم الملك الأشرف في إطلاق طيبغا فأجابهم إلى ذلك، وتوجه طيبغا إلى القدس بطالا، فأقام به إلى أن نقل إلى نيابة حلب، بعد عزل منكلي بغا الشمسي في سنة تسع وستين وسبعمائة، فلبس تشريفه وتوجه إلى حلب فأقام بها إلى أن توفي يوم السبت سلخ شوال في الجزء: 7 ¦ الصفحة: 37 وقت الظهر من سنة تسع وستين وسبعمائة، ودفن خارج باب المقام. قيل: إنه سم، لأنه لما بلغه واقعة يلبغا أراد الوثوب والمخالفة: فعاجلته المنية فاستراح وأراح. قال ابن حبيب: سنة تسع وستين وسبعمائة: فيها ولي الأمير علاء الدين طيبغا الطويل الناصري نيابة السلطنة بحلب عوضاً عن منكلي بغا الشمسي، وباشر ذا نفس مليكة. ومنزلة فليكة. وحشمة أنهارها زائدة. ونعمة صلتها على الرعية عائدة واستمر يعمل على شاكلته الحسنة إلى أن اخترمته المنية في آخر هذه السنة. انتهى كلام ابن حبيب، ولم يبين في أي يوم مات فيه طيبغا ولا أي شهر فإن جل مقصوده كمال السجعة لا إتمام الفائدة. قلت: وكان طيبغا المذكور أميراً شجاعاً مقداماً، وكان له ميل إلى فعل الخير، وأنشأ تربة مليحة بالصحرا ووقف عليها أوقافاً جيدة، وله أيضاً مآثر أخر. وقد رأيت جماعة من ممليك يلبغا العمري حدثني بعضهم قال: كان أستاذنا - يعني يلبغا - لما يركب وينزل من الخدمة السلطانية يوافيه طيبغا الطويل - يعني صاحب الترجمة - ويتوجها إلى دورهما، فتقول العامة: يا طويل حسك من هذا القصير، وربما سمعا كلامهم في بعض الأحيان فكان يتبسمان، فلم يكن بعد أيام إلا ووقع ما قيل. انتهى. الجزء: 7 ¦ الصفحة: 38 1292 - المحمدي ... - 771هـ؟ -.. - 1369م طيبغا بن عبد الله المحمدي، الأمير علاء الدين أحد مقدمي الألوف بالديار المصرية. كان من أعيان الأمراء وأوفرهم حرمة، توفي بالقاهرة في صفر سنة إحدى وسبعين وسبعمائة. 1239 - البالسي ... - 778هـ؟ -.. - 1377م طيدمر بن عبد الله البالسي. الأمير سيف الدين. أحد مقدمي الألوف بالديار المصرية في دولة الملك الأشرف شعبان، وممن قتل معه في سنة ثمان وسبعين بعد عود من عقبة أيلا. الجزء: 7 ¦ الصفحة: 39 1294 - نائب غزة ... - 802هـ؟ ... - 1399م طيفور بن عبد الله الظاهري، الأمير سيف الدين، قيل إنه كان يسمى بيخجا: ولكن غلب عليه طيفور. هو من ممليك الملك الظاهر برقوق، وممن ترقى في دولة أستاذه إلى أن صار أمير آخورا ثانياً، ثم ولاه نيابة غزة، بعدما استعفى عن ولايتها الأمير شيخ الصفوى، وتوجه إلى القدس بطالا، فاستقر طيفور المذكور في نيابة غزة، وذلك بعد عزل الأمير شهاب الدين أحمد بن الشيخ على وانتقاله إلى نيابة صفد، بعد انتقال نائبها الأمير آقبغا الجمالي إلى نيابة طرابلس، بعد انتقال نائبها أرغون شاه الإبراهيمي إلى نيابة حلب، بعد عزل والدي رحمه الله عنها الجزء: 7 ¦ الصفحة: 40 وقدوم والدي رحمه الله إلى الديار المصرية على إقطاع الأمير شيخ الصفوي المذكور، واستقر أمير مجلس عوضه، انتهى. واستمر طيفور في نيابة غزة مدة، ثم نقل إلى حجوبية حجاب دمشق، ولا زال على ذلك حتى مات الملك الظاهر برقوق وخرج الأمير تنم الحسني نائب الشام عن طاعة الملك الناصر فرج بن برقوق وافقه المذكور على العصيان مع من وافقه، واستمر معه حتى قبض على الجميع معاً - حسبما ذكرناه في عدة مواطن - وقتل مع من قتل من الأمراء بقلعة في منتصف شعبان سنة اثنتين وثمانمائة. وكان تركي الجنس، حسن القامة، مليح الصورة، متصلفاً، مسيكا، على أنه كان كثير الميل إلى اللهو والطرب، وكان عمره على ما قيل نيفاً على ثلاثين سنة تخميناً، وهو غير طيفور الرماح العواد. انتهى. الجزء: 7 ¦ الصفحة: 41 ؟ 1295 - المارديني ... - 799هـ؟ - ... - 1396م طينال بن عبد الله المارديني الناصري، الأمير سيف الدين، أحد مقدمي الألوف بالديار المصرية. كان من مماليك الملك لناصر محمد بن قلاوون، وممن صار في أيام الملك الناصر حسن أمير مائة ومقدم ألف بالقاهرة، ثم نفاه الملك الناصر حسن إلى البلاد الشامية، فأقام بها إلى أن ملك الأشرف شعبان بن حسين أحضره إلى القاهرة وأنعم عليه بإمر ة م ائة وتقدمة ألف بالديار المصرية، فاستمر كذلك مدة، ثم انتزعها منه وأعطاه إمرة طبلخاناة، ثم جعله وإلى قلعة الجبل، فباشر ذلك مدة، ثم استكثر ذلك عليه وانتزع الطبلخاناة منه وأعطاه إمرة عشرة، وترك طرخانا حتى مات في شهر رمضان سنة تسع وتسعين وسبعمائة، رحمه الله تعالى. الجزء: 7 ¦ الصفحة: 42 حرف الظاء المعجمة 1296 - الحداد ... - 563هـ؟ ... - 1167م ظافر بن القاسم بن منصور بن عبد الله بن خلف بن عبد الغني، الشيخ الأديب البارع أبو نصر الجذامي الإسكندري، المعروف بظافر الحداد، الشاعر المشهور. كان من فحول الشعراء المجيدين، وله ديوان شعر قليل الوجود، وهو صاحب القصيدة المشهورة: لو كان بالصبر الجميل ملاذه ... ما سح وابل دمعه ورذاذه الجزء: 7 ¦ الصفحة: 43 ما زال جيش الحب يغزو قلبه ... حتى وهى وتقطعت أفلاذه لم يبق فيه مع الغرام بقيةٌ ... إلا رسيس يحتويه جذاذه من كان يرغب في السلامة فليكن ... أبداً من الحدق المراض عياذه لا يخدعنك بالفتور فإنه ... نظر يضر بقلبك استلذاذه يا أيها الرشأ الذي من طرفه ... سهم إلى حب القلوب نفاذه ؟؟ در يلوح بفيك من نظامه خمر يجود عليك من نباذه وقتاة ذاك القد كيف تقومت ... وسنان ذاك اللحظ ما فولاذه رفقاً بجسمك لا يذوب فإنني ... أخفى بأن يجفو عليه ملاذه هاروت يعجز عن مواقع سحره ... وهو الإمام فمن ترى أستاذُه تالله ما علقت محاسنك امرءاً ... إلا وعز على الورى استنقاذه أغريت حبك بالقولب فأذعنت ... طوعاً وقد أودى بها استحواذه مال أتيتُ اللحظ من أبوابه ... جهدي فدام نفوذه ولواذه إياك من طمع المنى فعزيزه ... كذليله وغنيه شحاذه ذالية بن دريد استهوى بها ... قوم غداة نبت به بغداذه دانوا لزخرف قوله فتفرقت ... طمعاً به طرغاؤه وجذاذه من قدر الرزق السنى لك إنما ... قد كان ليس يضره إنفاذه الجزء: 7 ¦ الصفحة: 44 ؟ 1297 - أبو نصر 601 - 677 هـ؟ 1204 - 1278م ظافر بن نصر بن ظافر بن هلال، الشيخ جمال الدين أبو نصر، الحموي الأصل، المصري الشافعي. ولد بالقاهرة سنة إحدى وستمائة، وروى عن ابن باقا وغيره، وكان له فضل، ونظم ونثر، وولي وكالة بيت المال بالديار المصرية، كانت له مكانة عند السلطان الملك الصالح نجم الدين أيوب بحيث أنه كتب في وصيته إلى ولده باقراره على وكالة بيت المال، فلم يزل عليها حتى توفي سنة سبع وسبعين وستمائة. وكان له رئاسة وحشمة، غير أنه كان لا يقدر على إمساك الريح، وفشا حاله بذلك في مجالس الملوك وغيرهم، وعلموا عذره، رحمه الله تعالى. الجزء: 7 ¦ الصفحة: 45 ؟ 1298 - الأرفادي 627 - 694 هـ؟ 1229 - 1294م ظافر بن أبي غانم يحيى بن سيف بن طي بن محمد أبي سالم بن علي بن تغلب ابن سويد بن فهد الحلبي الأرفادي، وأرفاد قلعة: بين حلب وأعزاز. قال الحافظ البرزالي: هو شيخ حسن، طلب الحديث، وسمع من جماعة، وقرأ وحصل، وله نثر ونظم جيد، وكان بواب بباب القراطي من أبواب سور القاهرة، وكتب عنه قديماً أبو الفتح الأسوردي الصوفي وغيره، مولده لأربع عشرة ليلة خلت من شهر ربيع الأول سنة سبع وعشرين وستمائة بميافارقين، انتهى كلام البرزالي. قلت: وكانت وفاته في ليلة السبت السادس من المحرم سنة أربع وتسعين وستمائة بالقاهرة، ودفن من الغد بسفح المقطم. وقال الحافظ الذهبي: إنه توفي سنة ست وتسعين، والله أعلم. ومن شعره: ولقد ظننت بأننا ما نلتقي ... حتى رأيتك في المنام مضاجعي فوقعت في نومي لوجهك ساجداً ... ونثرت من فرح عليك مدامعي الجزء: 7 ¦ الصفحة: 46 ؟ 1299 - ابن ظهيرة ... - 743هـ؟ ... - ... - 1342م ظهيرة بن أحمد بن عطية بن ظهيرة، أبو بكر وأبو أحمد وأبو عبد الله القرشي المخزومي. قال القاضي تقي الدين الفاسي: سمع من الفخر التوزري الموطأ، وسمع من الرضى الطبري، ومن غيره، وسألت عنه حفيده شيخنا قاضي القضاة جمال الدين محمد بن عبد الله بن ظهيرة، فقال: كان رجلاً صالحاً عابداً، وأخبرني الوالد أنه كان مواظباً على الجماعة وله أوراد، ومن كثرة خيره خطبة الشيخ عبد الله الدلاصي لابنته، وكان يلازم مجلس حموه الشيخ نجم الدين الأصفوني، وكان كثير الصدقة، ومات في شوال سنة ثلاث وأربعين وسبعمائة عن نحو خمس وخمسين سنة. الجزء: 7 ¦ الصفحة: 47 1300 - ظهيرة بن حسين 745 - 819 هـ؟ 1344 - 1416م ظهيرة بن حسين بن علي بن أحمد بن عطية بن ظهيرة، القرشين المخزومي، المكي. ولد سنة خمس وأربعين وسبعمائة، وسمع بمكة من القاضي عز الدين بن جماعة أربعينه التساعيات وغيرها، وسمع من غيره، وأجاز له من شيوخ مصر الجزائري، وأبو الحرم القلانسي، وجماعة، وبدمشق، وبمكة، وروى عن القلانسي جزء الغطريف بسماعه له من ابن خطيب المزة، وأخذ عنه حافظ العصر قاضي القضاة شهاب الدين أحمد بن حجر لغرابة اسمه جزء الغطريف. مات في ليلة الخميس عاشر صفر سنة تسع عشرة وثمانمائة، رحمه الله. الجزء: 7 ¦ الصفحة: 48 حرف العين المهملة باب العين والباء الموحدة عامر بن عبد الله، أبو ثابت ملك الغرب، مذكور بكنيته يطلب في الكنى. 1301 - أبو سعيد الحراني 691 - 729 هـ؟ 1292 - 1338م عبادة بن عبد الغني، الإمام المفتي زين الدين أبو سعيد الحراني، المؤذن، الشروطي، الحنبلي. مولده سنة إحدى وتسعين وستمائة، واشتغل وبرع في الفقه وغيره، وكان أولاً قد طلب الحديث وقتاً، ودار على الشيوخ قليلاً، ونسخ أجزاء سنة بضع الجزء: 7 ¦ الصفحة: 49 وتسعين وستمائة، وتقدم في الفقه، وناظر وتميز وكان عنده صحيح مسلم عن القسم الإربلي، توفي سنة تسع وثلاثين وسبعمائة. ؟ 1302 - الأندلسي الأديب ... - 422هـ؟ ... - 1031م عبادة بن عبد الله بن ماء السماء، المفنن أبو بكر، شاعر الأندلس، ورأس الشعراء في الدولة العامرية، وهو صاحب الموشح ة: م ن ولى في أمة أمراً ولم يعدل ... يعزل إلا لحاظ الرشإ الأكحل جرت في حكمك ... في قتلى يا مسرف الجزء: 7 ¦ الصفحة: 50 فانصف فواجب ... أن ينصف المنصف وارأف فإن هذا ... المشوق لا يرأف عللي قلبي بذاك البارد السلسل ... ينجلي ما فؤادي من جوى مشعل إنما تبرز كي ... توقد نار الفتن صنما مصوراً من كل شيئ حسن إن رمى لم يخط من دون القلوب الجنن كيف لي مخلص من سهمك المرسل ... فصل واستبقني حياً ولا تقتل يا سنا الشمس ويا أبهى من الكوكب يا منى النفس ويا سؤلي ويا مطلبي ها أنا حل بأعدائك ما حل بي عذلي من ألم الهجران في معزلٍ ... والخلى في الحب لا يسل عمن بلي أنت قد صيرت بالحسن من الرشد غي الجزء: 7 ¦ الصفحة: 51 لم أجد في طرق حبك ذنباً علي فاتئد إن تشأ قتلي شيئاً فشي أجمل ووالني منك يا ذا المفضل فهي لي ... من حسنات الزمن المقبل ما اغتذى طرفي إلا بسنا ناظريك وكذا في الحب ما بي ليس يخفى عليك ولذا أنشد والقلب رهين لديك يا علي سلطت جفنيك على مقتلي ... فابق لي قلبي وجد بالفضل يا موئلي ؟ 1303 - الشيخ عبادة المالكي 778 - 846 هـ؟؟ 1376 - 1442م عبادة بن علي بن صالح بن عبد المنعم بن سراج بن نجم بن فضل بن فهد، شيخ الإسلام زين الدين بن نور الدين الزرزاري الأنصاري المالكي، شيخ المالكية بالديار المصرية في زمانه. الجزء: 7 ¦ الصفحة: 52 ولد في جمادى الأولى سنة ثمان وسبعين وسبعمائة بزرزا، وقرأ القرآن بها، ثم انتقل إلى القاهرة وحفظ بعض مختصرات في مذهبه، ثم أقبل على الاشتغال، واجتهد في ذلك بفكره الثاقب وذهنه المستقيم حتى صار إمام وقته، ورأساً في المعقول والمنقول، مع الصلابة في الدين والورع المتين، والزهد والصلاح، وطلب الحديث أيضاً في مبدأ أمره فسمع على جماعة منهم الإمام أبو إسحاق إبراهيم ابن أحمد التنوخي، والمسند أبو الحسن علي بن محمد بن أبي المجد، والحافظان أبو الفضل عبد الرحيم بن الحسين العراقي، وأبو الحسن علي بن أبي بكر الهيثمي، والمسند أبو علي محمد بن محمد بن اجلال، والعابد أبو الفرج عبد الرحمن بن أحمد ابن الشيخة، وأبو المعالي عبد الله بن عمر الحلاوي، والناج عبد الرحيم الجزء: 7 ¦ الصفحة: 53 ابن الفصيح، والشمس محمد بن المطريز، وحدث ودرس وأعاد وأفتى عدة سنين، وانتهت إليه رئاسة مذهب الإمام مالك بآخره، ولزم طريقة السلف من عدم اجتماعه بأرباب الدولة، وطرحه التكلف، وجاهد نفسه في الطاعات، وكتب الكثير بخطه الحسن، وتصدى للإقراء سنين، وانتفع به غالب الطلبة، ورحل إلى مكة المشرفة، والى اليمن، ثم ولي بعد ذلك تدريس المدرسة الأشرفية برسباي قرره بها واقفها المذكور بنفسه حين أحدث فيها بقية المذاهب بعد فراغها بمدة، ثم ولي تدريس الشيخونية فعند ذلك لازم الانشغال وكثر تردد الطلبة إلى دروسه، هذا مع الخلق الحسن، وفصاحة اللفظ، وطلاقة اللسان، وكان عفيفاً وقوراً، عاقلاً، ديناً خيراً، كثير الصمت قليل الكلام إلا فيما يعنيه، ولما توفي قاضي القضاة شمس الدين محمد البساطي المالكي طلب الشيخ عبادة للمنصب فأبى وامتنع أشد امتناع، لا كغيره، لسانه يقول لا وجميع أعضائه تقول نعم، وصمم على عدم القبول، فأمر الجزء: 7 ¦ الصفحة: 54 الملك الظاهر جقمق القاضي كمال الدين بن البارزي كاتب السر الشريف أن يطلبه إلى عنده ويكلمه في ذلك ويلح عليه ليقبل، وطلبه القاضي كمال الدين المذكور وكلمه في ذلك وأمعن حتى إنه قال له: السلطان يقول: أنا وليت السلطنة إلا غصباً لمصالح المسلمين، وأنت أيضاً تلي غصباً، فلما سمع الشيخ عبادة ذلك قال: حتى أستخير الله، وخرج من وقته واختفى أياماً، وسافر إلى دمياط إلى أن ولي قاضي القضاة بدر الدين محمد بن التنسي، فعند ذلك قدم إلى القاهرة، وتأكدت صحبته بالشيخ مدين، وصار لا يفارقه إلا نادراً، وأخذ في جهاد نفسه الزكية إلى أن تعلل ومات بكرة يوم الجمعة سابع شوال سنة ست وأربعين وثمانمائة، وصلى عليه بجامع الأزهر عقيب صلاة الجمعة، رحمه الله تعالى ورضي عنه، ونفعنا ببركته وبركة علومه. 1304 - أبو الفضل الدمشقي 578 - 656 هـ؟ 1182 - 1258م العباس بن سالم بن عبد الملك، الإمام العالم الفقيه المحدث أبو الفضل الدمشقي الحنفي. مولده سنة ثمان وسبعين وخمسمائة، سمع الحديث وحدث، وقرأ واشتغل، الجزء: 7 ¦ الصفحة: 55 وتفقه على مشايخ عصره، وسمع بدمشق من أبي علي حنبل بن عبد الله بن الفرج، وبحلب من الشريف أبي هاشم عبد المطلب بن الفضل الهاشمي، ورحل وكتب وحصل، وكان من أعيان فقهاء الحنفية، ديناً ورعاً متعهداً، ملازماً لطلب العلم إلى أن توفي بدمشق سنة ست وخمسين وستمائة، رحمه الله تعالى ودفن بمقابر الصوفية. 1305 - الملك الأفضل صاحب اليمن ... - 778هـ؟ ... - 1376م العباس بن علي بن داود بن يوسف بن عمر بن علي بن رسول، الملك الأفضل ابن الملك المجاهد بن الملك المؤيد بن الملك المظفر بن الملك المنصور، صاحب اليمن وابن صاحبها. ولي سلطنة اليمن بعد أبيه في جمادى الأولى سنة أربع وستين وسبعمائة، ولما الجزء: 7 ¦ الصفحة: 56 ملك اليمن خرج في أيامه ابن ميكائيل المتغلب على البلاد الشامية باليمن حرض والهجر وما يلي ذلك إلى صوب زبيد، فبعث إليه الأفضل عسكراً مع الأمير زياد، فحاربوا ابن ميكائيل حتى انهزم وزالت دولته بعد أن كانت قويت شوكته، وكان استولى على البلاد لعدم عناية الملك المجاهد بالبلاد المذكورة. ولما مات الملك المجاهد لم يكن حاضراً عنده من أولاده إلا الملك الأفضل هذا، وسئل في السلطنة فتوقف خوفاً من أخيه يحيى بن الملك المجاهد، لأنه الجزء: 7 ¦ الصفحة: 57 كان خرج عن طاعة أبيه. وقصد عدن للاستيلاء عليها، وكاد أن يتم أمره لولا تشاغل يحيى المذكور ومن معه بأكل بطيخ على باب عدن، وفي حال شغلهم وصل نذير من الملك المجاهد لأهل عدن فغلق بابها دون يحيى، فقصد يحيى غيرها، ولم يتم له أمر بعد أبيه، وتلاشى حاله حتى مات، ولما توجه الملك المجاهد إلى عدن بسبب ابنه يحيى المذكور كان ابنه الأفضل هذا معه، ولم يكن معه إذ ذاك خيمة ينزل فيها وربما استظل بالشجر، وذكر ذلك لأبيه فلم ينظر في حاله، فمات المجاهد في تلك السفرة، وتسلطن الأفضل هذا وعاد من عدن، فصار ينزل في خيام أبيه، ويضع أباه في تابوت تحت ظل الشجر، فسبحان من يغير ولا يتغير. وكان الأفضل سلطاناً مهاباً، كريماً جواداً، وله إلمام بالعلم والفضل، ومشاركة جيدة في عدة علوم وتواليف منها: كتاب العطايا السنية في ذكر أعيان اليمنية، وكتاب نزهة العيون في تاريخ طوائف القرون، ومختصر تاريخ ابن خلكان، وكتاب بغية ذوي الهمم في أنساب العرب والعجم، وكتاب في الألغاز الفقهية، وغير ذلك، وكان عنده بر وصدقة، وله مآثر حسنة: بنى مدرسة عظيمة بتعز، وله بمكة مدرسة معروفة به بالصفا. الجزء: 7 ¦ الصفحة: 58 وقيل: إن هذه التصانيف المذكورة إنما هي لقاضي تعز رضي الدين أبي بكر بن محمد بن يوسف النزاري الصبري عمل ذلك على لسان الأفضل، والله أعلم. واستمر الملك الأفضل في مملكة اليمن حتى مات في شعبان سنة ثمان وسبعين وسبعمائة، وتسلطن بعده ولده الملك الأشرف إسماعيل حتى مات في شهر ربيع الأول سنة ثلاث وثمانمائة بتعز، ودفن بمدرسته التي أنشأها كما تقدم ذكره في محله، إن شاء الله تعالى. ؟ 1306 - الملك الأمجد ... - 669هـ؟ ... - 1270م العباس بن محمد بن أيوب ، الملك الأمجد تقي الدين ابن الملك العادل. كان آخر إخوته وفاةً، وكان محترماً عند الملوك لا سيما عند الملك الظاهر بيبرس البندقداري، وكان لا يرتفع عليه أحد في مجلس ولا في موكب، وكان له فضل ومشاركة، وحدث عن الكندي، والبكري، وروى عنه الدمياطي، وابن الخباز، وجماعة، وكان دمث الأخلاق، حسن العشرة، حلو المجالسة، الجزء: 7 ¦ الصفحة: 59 رئيساً عاقلاً محترماً، توفي سنة تسع وستين وستمائة، ودفن بقاسيون بالتربة التي له، رحمه الله تعالى. ؟ 1307 - الخليفة السلطان المستعين بالله ... - 833هـ؟ - 1430م العباس، أمير المؤمنين، الخليفة المستعين بالله، أبو الفضل، سلطان الديار المصرية، ابن الخليفة المتوكل على الله أبي عبد الله محمد بن المعتضد بالله أبي بكر بن المستكفي بالله أبي الربيع سليمان بن الحاكم بأمر الله أبي العباس أحمد ابن الحسن بن أبي بكر بن علي القبي ابن الخليفة الراشد بالله منصور بن المسترشد بالله الفضل بن المستظهر بالله أحمد بن المقتدي بالله أبي القاسم عبد الله بن القائم بأمر الله عبد الله بن القادر بالله أحمد بن الأمير إسحاق ابن الخليفة المقتدر بالله جعفر ابن المعتضد بالله أحمد بن الأمير طلحة الموفق ابن الخليفة المتوكل على الله جعفر ابن المعتصم بالله محمد بن الرشيد هارون بن المهدي محمد بن أبي جعفر عبد الله المنصور بن محمد بن علي بن عبد الله بن العباس عم النبي صلى اله عليه وسلم الهاشمي العباسي. بويع المستعين بالله صاحب الترجمة بالخلافة بقلعة الجبل بعد وفاة والده - الجزء: 7 ¦ الصفحة: 60 بعهد منه إليه - في يوم الاثنين مستهل شعبان سنة ثمان وثمانمائة، وكان ذلك بعد موت أبيه بأربعة أيام، واستقر بالخلافة، وتجرد صحبة الملك الناصر فرج إلى البلاد الشامية غير مرة إلى أن خرج الملك الناصر فرج من الديار المصرية إلى البلاد الشامية - في سفرته الأخيرة - لقتال شيخ ونوروز ومن معهما في أواخر سنة أربع عشرة وثمانمائة، وكان المستعين بالله أيضاً صحبة الملك الناصر، وحضر معه القتال إلى أن انكسر الملك الناصر وتوجه نحو دمشق، وأحاط شيخ ونوروز على ثقل الملك الناصر فرج وعلى الخليفة هذا والقضاة، وتوجهوا الجميع إلى دمشق لقال الناصر وقاتلوه وهزموه، وانحاز بقلعة دمشق فحاصروه بها أياماً إلى أن ظفروا به وقتل - حسبما سنذكره في ترجمته إن شاء الله تعالى - فاجتمع رأي الأمراء الشاميين والمصريين على سلطنة الخليفة المستعين بالله لخمود الفتنة، فبايعوه بالسلطنة، فصار خليفة وسلطاناً، ولم يغير لقبه، واستقر الأمير شيخ المحمودي نظام مملكته، والأمير نوروز الحافظي نائب الشام وإليه مرجع البلاد الشامية في الولاية والعزل وغير ذلك، وصار المستعين بالله يعلم على المراسيم، وعاد إلى الديار المصرية وشيخ بخدمته، وسكن بقلعة الجبل، وسكن الأمير شيخ بباب السلسله الجزء: 7 ¦ الصفحة: 61 وصارت أمور المملكة بيد شيخ المذكور، والخليفة في السلطنة اسم والأمير شيخ معناه، وليت ذلك دام له، واستمر على ذلك إلى يوم الاثنين مستهل شعبان خلع من السلطنة بالأمير شيخ من غير أن يوافق المستعين على خلع نفسه، فأكره حتى خلع غصباً، فكانت مدة إقامة المستعين بالله هذا في السلطنة إلى أن خلع نفسه، فأكره حتى خلع غصباً، فكانت مدة إقامة المستعين بالله هذا في السلطنة إلى أن خلع ستة أشهر وخمسة أيام، واحتفظ به بقلعة الجبل، لكنهه كان مكرماً غير مهان. واستمر في الخلافة إلى يوم الخميس سادس عشر ذي الحجة سنة ست عشرة وثمانمائة استدعى الملك المؤيد هذا اليوم المذكور داود بن المتوكل على الله من داره فحضر إلى بين يدي الملك المؤيد بقلعة الجبل وقد حضر القضاة الأربعة، فعندما رآه المؤيد قام له وقد ألبسه خلعة الخلافة، وأجلسه بجانبه بينه وبين قاضي القضاة جلال الدين عبد الرحمن البلقيني، ثم دعا القضاة وانصرفوا، على أن المستعين هذا خلع واستقر داود في الخلافة عوضه ولقب بالمعتضد بالله. قال المقريزي: وكانت العادة أن يدعى على المنابر بذكر كنية الخليفة ولقبه، فمن حين منع المستعين بالله المذكور لم يذكر ذلك وإلى الآن، بل استمر الجزء: 7 ¦ الصفحة: 62 الخطباء يقولون: اللهم اصلح الخليفة، من غير أن يذكره، ومنهم من يقول: اللهم أيد الخلافة العباسية ببقاء مولانا السلطان، انتهى كلام المقريزي. قلت: واستمر المستعين بالله بعد ذلك بقلعة الجبل مدة يسيرة، وأرسل إلى الإسكندرية وسجن بها إلى أن مات الملك المؤيد في سنة أربع وعشرين وثمانمائة وتسلطن ولده الملك المظفر أحمد، ثم خلع بالملك الظاهر ططر، فلما كان يوم سادس عشرين ذي القعدة رسم الظاهر ططر أن يفرج عن المستعين بالله من محبسه، وأن يسكن حيث شاء بالإسكندرية، ويخرج راكباً لصلى الجمعة، ويتوجه حيث شاء، وأرسل إليه بفرس بسرج ذهب. وكنبوش زركش، وبقجة قماش، ورتب له على الثغر في كل يوم ثمانمائة درهم، ولم يزل على ذلك إلى أن توفي بالثغر في يوم الأربعاء العشرين من جمادى الآخرة سنة ثلاث وثلاثين وثمانمائة بالطاعون وهو في أوائل الكهولية، وخلف ولد اذكرا يسمى يحيى يأتي ذكره في محله إن شاء الله تعالى. الجزء: 7 ¦ الصفحة: 63 وكان المستعين رحمه الله خيراً ديناً، حشماً وقوراً كريماً، وعنده تواضع وسؤدد، خليقا للخلافة إلا أن المقادير لم تساعده، رحمه الله. ؟ 1308 - الشرائحي 748 - 820 هـ؟ 1347 - 1417م عبد الله بن إبراهيم بن خليل بن عبد الله بن محمود بن يوسف بن تمام، الحافظ جمال الدين أبو محمد الشرائحي البعلبكي الدمشقي. ولد سنة ثمان وأربعين وسبعمائة، وسمع بإفادة الشيخ عماد الدين بن بردس ابن إسماعيل بن سيف، وسمع على عمر بن أميلة، وأخذ عن جماعة من أصحاب الفخر، ثم من أصحاب ابن الفواس، وابن عساكر من أصحاب زينب بنت الكمال، ثم من أصحاب الحجار، وأكثر جداً من المسموع، وعرف العالي والنازل، وشارك في فنون الحديث، وقدم القاهرة في جفلة تيمورلنك في سنة ثلاث وثمانمائة، وحدث بالكثير من مسموعاته، ثم عاد إلى دمشق فأقام بها إلى أن توفي يوم الخميس ثالث المحرم سنة عشرين وثمانمائة. قال الشيخ تقي الدين المقريزي: وكان أمياً ضعيف النظر جداً، وقد خرج لجماعة من أقرانه ومن دونهم. انتهى. الجزء: 7 ¦ الصفحة: 64 1309 - ابن تاج الدين موسى 777 - 844 هـ؟ 1375 - 1440م عبد الله بن أبي الفرج بن موسى، الرئيس أمين الدين بن الرئيس سعد الدين ناظر الخاص بن الرئيس تاج الدين، الشهير بجده تاج الدين موسى. كان أمين الدين المذكور من أعيان القبطة، وكانت له رئاسة ضخمة في أيام والده سعد الدين ناظر الخاص، وتولى أمين الدين المذكور - بعد موت والده - نظر الإسطبلات السلطانية، ثم انحط قدره بعد حين، وتكسح في أواخر عمره. وكان يصحب جماعة من أكابر الدولة، وهم الطالبون له، وكان إذا دخل إليهم حمله بعض خدمه حتى يجلسه ثم يحمله عند ذهابه أيضاً ويركبه بغلته. وكان صحيح الإسلام، حج غير مرة، وانعزل عن أبناء جنسه، وكان له محاضرة حسنة، ومنادمة لطيفة، ومذاكرة جيدة بالشعر، ومعرفة بأيام الناس، وكان لا يتشبه بالأقباط في كلامهم الملحون الركيك بل يجيد ما يقول من الشعر وغيره، وكانت له مروءة ومكارم أخلاق مع خفة روح ودعابة. وكان يتردد إلي كثيراً، وكنت أنفعل المنادمة، ومن الناس من كان ينفر منه لما كان يعتريه من وجع الركبة، فنسأل الله العافية. الجزء: 7 ¦ الصفحة: 65 توفي أمين المذكور في يوم الأحد ثالث جمادى الآخرة سنة أربع وأربعين وثمانمائة. ؟ 1310 - البشبيشي 768 - 820 هـ؟ 1360 - 1417م عبد الله بن أحمد بن عبد العزيز بن موسى بن أبي بكر، الشيخ جمال الدين. ولد في ليلة الاثنين عاشر شعبان سنة اثنتين وستين وسبعمائة، وتفقه بالشيخ سراج الدين عمر بن الملقن، وأخذالعربية عن الشيخ شمس الدين الغماري، واختص به ولازمه، وبرع في الفقه والعربية واللغة، وكتب الخط المنسوب، وبرع في معرفة الوراقة، وكتب كتاباً جليلاً في الألفاظ المعربة، وكتاباً استوعب فيه أخبار قضاة مصر، وكتاباً في شواهد العربية وأوسع الكلام عليها، ونسخ بخطه كثيراً إلى أن توفي بالإسكندرية في رابع ذي القعدة سنة عشرين وثمانمائة رحمه الله تعالى. الجزء: 7 ¦ الصفحة: 66 ؟ 1311 - تقي الدين الصالحي 635 - 718 هـ؟ 1237 - 1318م عبد الله بن أحمد بن تمام بن حسان، الشيخ تقي الدين الصالحي الحنبلي. ؟ ذكره ابن حبيب في تاريخه، قال: سنة عشرة وسبعمائة، - فيها توفي الشيخ تقي الدين أبو محمد عبد الله بن أحمد بن تمام الصالحي الحنبلي، إمام قدوة. زهده ثابت. وغرس ورعه نابت. وبرق صلاحه متألق. ونهر عرفانه متدفق. كان معروفاً بحسن الأدب، متمسكاً بفروع القرب. طاف البلاد، واجتمع بالعلماء والعباد. وحج وجاور. وسابق إلى فعل الخير وبادر. وروى ما سمع من الأحاديث والأخبار، وأمل من نظمه في الورق أحسن مما غنته الورق على الأشجار. انتهى كلام ابن حبيب. قلت: وكان له نظم ونثر، ومن شعره من أبيات: تبدى فهو أحسن ما رأينا ... وألطف من تهيم له العقول الجزء: 7 ¦ الصفحة: 67 له قد يميل إذا تثنى ... كذاك الغصن من هيف يميل وخد ورده الجوزي غض ... وطرف لحظه سيف صقيل وكم لام العذول عليه جهلاً ... وآخر ما جرى: عشق العذول وكتب إليه العلامة شهاب الدين محمود بن سليمان الحلبي: كتمت شأن الهوى يوم النوى فنمى ... بسر ه م ن شؤني أي نمام كانت ليالي بيضاً في دنوهم ... فلا تسل بعدهم عن حال أيامي ضنيت وجدا بهم والناس تحسب بي ... سقماً فأبهم حالي عند لوامي وليس أصل ضنى جسمي النحيل سوى ... فرط اشتياقي إلى لقيا ابن تمام توفي الشيخ تقي الدين بدمشق في سنة ثمان عشرة وسبعمائة، عن ثلاث وثمانين سنة، قاله غير واحد، وهذا بخلاف ما ذكره ابن حبيب. انتهى. 1312 - ابن الأخرس ... - 670هـ؟ ... - 1271م عبد الله بن أحمد، الشيخ الأديب أبو جعفر القرموني المغربي، عرف بابن الجزء: 7 ¦ الصفحة: 68 الأخرس. كان أديباً فاضلاً، نحوياً، بحث في كتاب سيبويه وغيره على أبي الحسن الآمدي الحافظ. وكان له شعر كثير، من ذلك قوله: يا دارمية كلما دنت انقضت ... لمحبها من وصلها أشياء الله يعلم أنني بك هائم ... ويصدني من أن أزور حياء توفي بعد السبعين وستمائة، بمدينة فاس، رحمه الله تعالى. ؟ 1313 - ابن زنبور الوزير ... - 755هـ؟ ... - 1354م عبد الله بن أحمد بن إبراهيم، الوزير الصاحب علم الدين ابن تاج الدين الشهير بابن زنبور، القبطي المصري. كان وزيراً بالديار المصرية، ثم ولي نظر جيشها أيضاً والخاص، اجتمعت له هذه الوظائف الثلاث ة م عاً ولم تجتمع لأحد قبله، قلت: ولا من بعده، أعني الجزء: 7 ¦ الصفحة: 69 بذلك في وقت واحد، على أن سعد الدين بن غراب وليهم غير مرة في أوقات متعددة، وكذلك الصاحب بدر الدين حسن بن نصر الله الفوي، وكذلك جمال الدين يوسف البيري الأستادار ما خلا الجيش، انتهى. ولما اجتمعت هذه الوظائف لابن زنبور عظم في الدولة وضخم، ونالته السعادة، وكان سكنه بالبندقيين داخل القاهرة، وهو صاحب السبع قاعات وبانيهم، ولا زال في عزه حتى وقع بينه وبين الأمير صرغتمش الناصر - صاحب المدرسة الصليبية - وحشة، ولا زال صرغتمش به حتى قبض عليه ونكبه، وكان القبض عليه في يوم الخميس سابع عشرين شوال سنة ثلاث وخمسين وسبعمائة، واعتقله صرغتمش عنده تسعين يوماً، وأجرى عليه أنواع العقوبة كالمقارع وغيره، ثم نفي إلى قوص بعد أخذ سائر موجوده وذخائره وحواصله، وكان شيئاً كثيراً إلى الغاية، فمن جملة الجزء: 7 ¦ الصفحة: 70 ما أخذ له: أردبان لؤلؤ، وألفا ألف دينار، وقس على ذلك من القماش وغيره، واستقر في وظائف ه م ن بعده جماعة، فأخلع على القاضي الموفق كاتب المارديني بالوزارة، وعلى تاج الدين ابن الغنام ناظر الجيوش المنصورة، وعلى البدري كاتب يلبغا اليحياوي نائب الشام ناطر الخاص. واستمر ابن زنبور معتقلاً بقوص إلى أن توفي سنة خمس وخمسين وسبعمائة. وكان ابن زنبور هذا عنده رئاسة وكرم على ذويه، وكان جماعة للأموال والأملاك حتى صار يضرب بسعادته المثل، ومع هذا كان عنده تواضع وحشمة، وحلم، قيل إن المعمار هجاه فقال: ذا ابن زنبور الصاحب ... في الناس ياما أقوى اسموا يا ترى زنبور إيش كان ... زنبور أبوه وآلا أموا فبلغ ابن زنبور ذلك، فقل: ما قال وحش: سأل سؤال، ثم أنعم عليه، انتهى. ؟ 1314 - النسفي الحنفي ... - 701هـ؟ ... - 1301م عبد الله بن أحمد بن محمود، الإمام العلامة شيخ الإسلام حافظ الدين الجزء: 7 ¦ الصفحة: 71 أبو البركات النسفي الحنفي. أحد العلماء الزهاد، وصاحب التصانيف المفيدة في الفقه والأصول والعربية، وغير ذلك، نشأ على قدم هائل، وتفقه بجماعة من أعيان العلماء، حتى برع في الفقه والأصول والعربية واللغة، وروى الزيادات عن أحمد بن محمد العباسي، وتصدر للإفتاء والتدريس سنين عدية، وانتفع به غالب علماء عصره منهم: شمس الآية الكردري وغيره، وسمع منه الصغناقي، وانتهت إليه رئاسة الحنفية في زمانه علماً وعملاً، هذا مع الخلق الحسن، والتواضع الزائد، وفصاحة اللفظ، وطلاقة اللسان، ومحبته للفقراء والطلبة والإحسان إليهم، وأكب على الاشتغال والإشغال والتصنيف، ومن مصنفاته: المصفى شرح المنظومة، وشرح النافع وسماه المنافع، وله الكافي في شرح الوافي تصنيفه أيضاً، وله كتاب كنز الدقائق في الفقه، وله المنار في أصول الفقه، وله المنار في أصول الدين، وله العمدة في أصول الدين، اعتنى جماعة بشرحها، فشرحها المصنف شرحاً واسعاً مفيداً سماه الاعتماد في الاعتقاد، وشرحها الشيخ الأقشهري، والشيخ عز الدين البخاري شرحاً واسعاً مفيداً، وشرحها قاضي القضاة القونوي شرحا سماه الزبدة في شرح العمدة، وله شرحان على المنار في أصول الفقه اسم أحدهما الكشف، وهو الأكبر، والآخر ألطف منه، وله المدارك في تفسير القرآن الكريم في أربع الجزء: 7 ¦ الصفحة: 72 مجلدات، وله المستصفي شرح النافع أيضاً وله المستوفي، وله شرحان على الأخشيكتي المنتخب وآخر، وله تصانيف أخر غير ما ذكرنا. وكان إماماً عالاً، زاهداً خيراً، ديناً كريماً، متواضعاً، مترفعاً على الملوك، متواضعاً للفقراء، لا يتردد لأرباب الدولة، ولا يجتمع بهم إلا إذا أتوا إلى منزله، أثنى على علمه ودينه غير واحد من العلماء، ولم يزل على ما هو علي ه م ن العلم والعمل حتى أدركه أجله فمات ليلة الجمعة من شهر ربيع الأول سنة إحدى وسبعمائة، رحمه الله تعالى. ؟؟ 1315 - المنصور صاحب اليمن ... - 830هـ؟ ... - 1426م عبد الله بن أحمد بن إسماعيل بن العباس بن علي بن داود بن يحيى بن عمر ابن علي بن رسول، الملك المنصور صاحب اليمن، وابن صاحبها الملك الناصر، وابن صاحبها الملك الأشرف، وابن صاحبها الملك الأفضل. ولي السلطنة بعد موت أبيه، واستمر فيها إلى أن مات في جمادى الأولى سنة ثلاثين وثمانمائة، وأقيم بعده في مملكة اليمن أخوه الأشرف إسماعيل، فلم يتم الجزء: 7 ¦ الصفحة: 73 أمره، وخلع بعد مدة يسيرة، وأقيم بعده الملك الظاهر هزبر الدين يحيى ابن الأشرف إسماعيل في ثالث شهر رجب من السنة المذكورة، رحمه الله تعالى. ؟ 1316 - الشيخ عبد الله اليافعي 698 - 768 هـ؟ 1298 - 1366م عبد الله بن أسعد بن علي بن سليمان اليافعي اليمني، نزيل مكة، وشيخ الحرم، وإمام المسلكين، وشيخ الصوفية، عفيف الدين أبو السيادة. ولد سنة ثمان وتسعين وستمائة تقريباً، وحج في سنة اثنتي عشرة وسبعمائة، ثم عاد إلى اليمن، ثم حج في سنة ثمان عشرة وسبعمائة وسمع بها - بقراءته غالباً - على الشيخ رضي الدين الطبري الكتب الستة خلا سنن ابن ماجة، وسمع مسند الدارمي، ومسند الشافعي، وصحيح ابن حبان، والسيرة لابن إسحاق، والعوارف الجزء: 7 ¦ الصفحة: 74 للسهروردي، وعلوم الحديث لابن الصلاح، وعدة أجزاء على القاضي نجم الطبري قاضي مكة: مسند الشافعي، وفضائل القرآن لأبي عبيد، وتاريخ مكة للأزرقي وغير ذلك، وبحث عليه الحاوي الصغير في الفقه، والتنبيه، قال: وكان يقول في حال قراءتي عليه للحاوي: استفدت منك أكثر مما استفدت مني، قال: ويقول: قد قرأت هذا الكتاب مراراً فما فهمته مثل هذه المرة، ولما فرغت من قراءته قال في جماعة حاضرين: أشهدوا على أنه شيخي فيه، وجاءني في مكاني في ابتداء قراءتي عليه لأقرأه عليه، كل ذلك من التواضع وحسن الاعتقاد والمحبة في الله والوداد. انتهى. وكان الشيخ عبد الله اليافعي إماماً فقيهاً عارفاً بالعربية، واللغة، والأصلين، والفرائض، والحساب، والتصوف، والتسليك، وغير ذلك من فنون العلم، وكان له نظم جيد كثير دون منه ديواناً في نحو عشر كراريس كبار، وله تصانيف في فنون العلم منها: المرهم في أصول الدين، وقصيدة نحو ثلاثة آلاف بيت في العربية، وغيرها تشتمل على قريب عشرين علماً، وبعض هذه العلوم متداخل كالتصريف مع النحو، والقوافي مع العروض، ونحو ذلك، وكتاب في التاريخ بدأ فيه من أول الهجرة، وكتاب في أخبار الصالحين يسمى روض الرياحين، وذيل عليه ذيل يحتوي على مائتي حكاية، وكتاب سماه الإرشاد الجزء: 7 ¦ الصفحة: 75 والتطريز، والدرة المستحسنة في تكرار العمرة في السنة، وغير ذلك. وكان كبير الشأن، كثير العبادة والورع، وافر الصلاح والبركة، والإيثار للفقراء مع الانقباض عن أهل الدولة وعدم الالتفات إليهم البتة، والإنكار عليهم بكل ما تصل القدرة إليه، والحط على أرباب الوظائف، ولذلك نالته ألسنتهم ونسبوه إلى حب الظهور وأوسعوا في ذلك بسبب مقالة قالها، وهي قوله من قصيدة: ويا ليلة فيها السعادة والمنى ... لقد صغرت في جنبها ليلة القدر وحتى أن الضياء الحموي كفره بذلك، وتناول قوله غير واحد من علماء عصره، وذكروا لذلك مخرجاً، ثم وقع له مع جماعة من علماء عصره أمور، ثم إن الضياء الحموي رغب في الاجتماع بالشيخ عبد الله اليافعي والاستغفار في حقه فأبى الشيخ عبد الله إلا بشرط أن يطلع إلى المنبر في ويوم الجمعة وقت الخطبة ويعترف بالخطأ فيما نسبه إلى الشيخ. وقد ذكر الشيخ عبد الله جماعة من العلماء وأثنوا عليه كثيراً، منهم: الشيخ جمال الدين الأسنوي في طبقاته، فمما قاله: فضيل مكة وفاضلها، وعالم الأبطح وعاملها، إماماً يسترشد بعلومه ويقتدى، وعلماً يستضاء بأنواره، ويهتدى، ولد الجزء: 7 ¦ الصفحة: 76 قبل السبعمائة وبلغ الإحتلام سنة إحدى عشرة وكان في ذلك السن ملازماً لبيته، تاركاً لما يشتغل به الأطفال من اللعب، ولما رأى والده آثار الصلاح عليه ظاهره بعث به إلى عدن فقرأ بها القرآن، واشتغل بالعلم، وحج الفرض، وصحب شيخنا علي المعروف بالطواشي، وهو الذي سلكه الطريق، ثم عاد إلى مكة سنة ثمان عشرة وجاور بها، وتزوج وأقام بها مدة ملازماً للعلم، ثم ترك التزويج وتجرد عشرين سنة، وتردد في تلك المدة بين الحرمين، ورحل إلى الشام سنة أربع وثلاثين، وزار القدس والخليل، وأقام بالخليل نحو مائة يوم، ثم قصد الديار المصرية في تلك السنة مخفياً أمره، فزار الإمام الشافعي وغيره من المشايخ، وكان أكثر إقامته بالقرافة في مشهد ذي النون المصري، ثم حضر عند الشيخ حسين الحاكي في مجلس وعظه، وعند الشيخ عبد الله المنوفي بالصالحية، وعند الجويراوي بسعيد السعداء - وكان إذ ذاك شيخها - وزار الشيخ محمد المرشدي بمنية مرشد من الوجه البحري وبشره بأمور، ثم قصد الوجه القبلي مسافراً إلى الصعيد الأعلى، وعاد إلى الحجاز، وجاور بالمدينة مدة، ثم سافر إلى مكة، وتزوج وأولد عدة أولاد، ثم سافر إلى اليمن سنة ثمان وثلاثين وسبعمائة، هو وشيخه الشيخ علي الطواشي، ومع هذه الأسفار لم تفته الجزء: 7 ¦ الصفحة: 77 حجة في هذه السنين، ثم عاد إلى مكة، وأنشد لسان الحال: فألقت عصاها واستقر بها النوى ... كما قد عيناً بالإياب المسافر ؟ وعكف على التصنيف والإقراء، وصنف تصانيف كثيرة في أنواع من العلوم، انتهى كلام الإسناوي. قول الشيخ بدر الدين حسن بن حبيب في تاريخه: إمام علمه يقتبس. وبركته تلتمس، وبهديه يقتدى، ومن فضله يحتذى، كان فريداً في العلم والعمل، مصروفاً إليه وجه الأمل، ذا ورع انسقت عروضه، وزهر تشرقت شموسه وتعبد يعرفه أهل الحجى، وتهجد تشهد به نجوم الدجى، وتأليف وجمع. ونظم يطرب السمع، وفوائد يرحل إليها، وكرامات يعول في المهمات عليها. ومصنفات في الأصول والعربية والتصوف ومناقب يتشوف إلى سماعها العارفون أي تشوف. انتهى كلام ابن حبيب. قلت: ومناقب الشيخ عبد الله كثيرة، وفضائله غزيرة، وتوفي ليلة الأحد المسفر صباحها عن العشرين من جمادى الآخرة سنة ثمان وستين وسبعمائة بمكة، ودفن بالمعلاة بجوار الفضيل بن عياض، وبيعت حوائجه الحقيرة بأغلى الأثمان، بيع له مئزر عتيق بثلاثمائة درهم، وطاقية بمائة درهم، وقس على ذلك. الجزء: 7 ¦ الصفحة: 78 ولنذكر شيئاً من شعره، من ذلك قوله: يا غائباً وهو في قلبي يشاهده ... ما غاب من لم يزل في القلب مشهوداً إن فت عيني من رؤياك حظهما ... فالقلب قد نال حظاً منه محمودا وله قصيدة أولها: قفا حدثاني فالفؤاد عليل ... عسى منه يشفي بالحديث غليل أحاديث نجد عللاني بذكرها ... فقلبي إلى نجد أراه يميل بتذكار سعدى أسعداني فليس لي ... إلى الصبر عنها والسلو سبيل ؟ ولا تذاكرا إلى العامرية إنها بوله عقل ذكرها ويزيل ولكن بذكري عرضا عندها وإن ... تقل كيف هو قولا بذاك عليل فإن تعطفى يشفي وإن تتلقى ففي ... هواك المعنى المستهام قتيل ومنها: ألا يا رسول الله يا أكرم الورى ... ومن جوده خير النوال ينيل ومن كفه سيحون منها ودجلةٌ ... وجيحونٌ تجري والفرات ونيل مدحتك أرجو منك ما أنت أهله ... وأنت الذي في المكرمات أصيل فيا خير ممدوح أثب شر مادحٍ ... عطا مانح منه الجزاء جزيل الجزء: 7 ¦ الصفحة: 79 ؟ 1317 - الملك الظاهر صاحب اليمن ... - 842هـ؟ ... - 1438م عبد الله بن إسماعيل بن محمد بن أيوب بن الملك المسعود بن الملك الصالح، وهو أخو الملك المنصور محمود، والملك السعيد والد الكامل. كان ديناً جليلاً مهاباً عاقلاً، توفي سنة أربع وسبعين وستمائة، رحمه الله تعالى. 1319 - الملك الظاهر صاحب اليمن ... - 733هـ؟ ... - 1438م عبد الله، وقيل يحيى بن إسماعيل بن علي بن داود بن يوسف بن عمر بن علي بن رسول، الملك الظاهر هزبر الدين، صاحب اليمن، بن الملك الأشرف. ملك اليمن في شهر رجب سنة ثلاثين وثمانمائة، فأقام في الملك نحو اثنتي عشرة سنة، وضعفت مملكته، وخربت ممالك اليمن في أيامه لقلة محصوله بها من استيلاء العربان على أعمالها، ولم يزل على ذلك إلى أن توفي يوم الخميس سلخ شهر رجب سنة اثنتين وأربعين وثمانمائة، وملك بعده ابنه الملك الأشرف إسماعيل، وله من العمر نحو العشرين سنة، فساءت سيرته في الملك من سفك الدماء وأخذ الأموال وغير ذلك من أنواع الفساد، وقتل الأمير سيف الدين برقوق - القائم بدولتهم في عدة من الأتراك وغيرهم - انتهى. ؟ 1318 - الملك المسعود ... - 674 هـ؟ - 1275م عبد الله بن إسماعيل بن محمد بن أيوب بن الملك المسعود بن الملك الصالح، وهو أخو الملك المنصور محمود، والملك السعيد والد الكامل، الجزء: 7 ¦ الصفحة: 80 كان ديناً، جليلاً مهاباً عاقلاً، توفي سنة أربع وسبعين وستمائة، رحمه الله تعالى. ؟ 1319 - الملك الظاهر صاحب اليمن ... - 733هـ؟ ... - 1332م عبد الله بن أيوب بن يوسف بن عمر بن علي بن رسول، الملك الظاهر أسد الدين، صاحب اليمن، ابن الملك المظفر. كان وقع بينه ونبين الملك المجاهد نزاع وحروب على الملك، وآخر الحال ظفر به الملك المجاهد بالأمان، وحلف له، وأنزل ه م ن الدملوه، وبقي يركب في خدمته نحواً من شهر، ثم أمسكه الملك المجاهد وحبسه بقلعة تعز نحو شهرين، ثم خنقه وأظهر أنه مات حتف أنفه في سنة ثلاث وثلاثين وسبعمائة، رحمه الله تعالى. الجزء: 7 ¦ الصفحة: 81 ؟ 1320 - الخشوعي 573 - 658 هـ؟ 1177 - 1259م عبد الله بن بركات بن إبراهيم بن طاهر بن بركات، أبو محمد الخشوعي الدمشقي الرفا. ولد سنة ثلاث وسبعين وخمسمائة، سمع من أبيه، ويحيى الثقفي، والقاسم بن عساكر، وعبد الرزاق بن نصر الخشوعي، إسماعيل الجنزوي، وجماعة، وأجاز له أبو طاهر السلفي، وأبو موسى المديني، وأحمد بن سان الترك، وغيرهم، وروى عنه الدمياطي، وابن الخباز، وأبو المعالي ابن البالسي، وأبو الفدا ابن عساكر، وأبو الحسن الكندي، وأبو عبد الله الزراد، وأبو عبد الله التوزري، وحفيده علي بن محمد الخشوعي، ومحمد بن المحب، ومحمد بن المهتار، وآخرون، وهو من بيت الرواية والحديث، توفي سنة ثمان وخمسين وستمائة، رحمه الله. ؟ 1321 - ابن بكتمر الحاجب ... - 786هـ؟ ... - 1384م عبد الله بن بكتمر الحاجب، الأمير جمال الدين بن الأمير سيف الدين الجزء: 7 ¦ الصفحة: 82 كان المذكور من جملة أمراء الطبلخانات بالديار المصرية، وحاجباً بها واستمر على ذلك، وكان أولاً قد صار أمير مائة ومقدم ألف وحاجباً وثانياً في زمن أينبك البدري، ثم آل آمره إلى ما ذكرناه، وكان رأسا في رمي النشاب والبندق، عديم النظير فيهما، وكان خيراً ديناً، ورث السعاد ة م ن والده بكتمر الحاجب، وجده لأمه أقوش الأشرفي نائب الكرك، قلت: وبيتهم معروف بالرئاسة والحشمة، وقد انقرضوا ولم يبق منهم إلا من لا يذكر. توفي صاحب الترجمة في يوم الأربعاء خامس عشر جمادى الآخرة سنة ست وثمانين وسبعمائة بداره خارج باب النصر، أحد أبواب القاهرة، رحمه الله تعالى. ؟ 1322 - الوزير أمين الدين ابن تاج الرئاسة ... - 740هـ؟ ... - 1339م عبد الله بن تاج الرئاسة الصاحب الوزير الكبير أمين الدين القبطي الأسلمي، وزير الديار المصرية. الجزء: 7 ¦ الصفحة: 83 استسلمه بيبرس الجاشنكير بعد أن اختبأ نحو الشهر، هو والصاحب شمس الدين غبريال، فلما طال عليهما الأمر ظهرا وأسلما، وهو ابن أخت السديد الأعز وبه تدرب، ولما مات ولي أمين الدين هذا الاستيفاء عوضه، فنالته السعادة، وصار له ثروة كبيرة بحيث أنه وزر بعد ذلك ثلاث مرات وهو يتأسف على وظيفة الاستيفاء، ولي الوزارة أولاً مدة ثم عزل، ثم ولي ثانياً إلى أن عمل عليه وأخرج إلى طرابلس، ثم توجه إلى القدس واستمر إلى أن أمسك كريم الدين الكبير سنة ثلاث وعشرين وسبعمائة طلب إلى القاهرة، وعمل الوزير إلى أن كثر الطلب عليه دخل إلى الملك الناصر محمد بن قلاوون، وقال: يا خوند ما يمشي للوزير حال إلا أن يكون شخصاً من مماليك السلطان، فرسم السلطان للأمير مغلطاي الجمالي بالوزارة، فلما ولي مغلطاي الوزارة لزم المذكور بيته، ثم عمل بعد مدة ناظر الدولة، ثم عزل، ثم ولي نظر النظار بدمشق مكان الصاحب شمس الدين غبريال، فأقام بها يعمل الوزارة إلى أن أمسك الملك الناصر محمد بن قلاوون النشو ناظر الخاص سنة أربعين وسبعمائة طلب المذكور الجزء: 7 ¦ الصفحة: 84 إلى القاهرة للوزارة، ثم تكلم فيه جماعة من الكتاب، فأمسك وصودر قبل أن يلي الوزارة، هو وولده تاج الدين أ؛ مد نظر الدولة، وأخو كريم الدين مستوفي الصحبة، وبسط عليه العقاب إلى أن مات تحت العقوبة في سنة أربعين وسبعمائة، رحمه الله تعالى. ؟ 1323 - محيي الدين الأسدي الحنفي 639 - 727 هـ؟ 1241 - 1226م عبد الله بن جعفر بن علي بن صالح، الإمام العالم العلامة محيي الدين الأسدي الحنفي النحوي، يعرف بابن الصباغ. مولده سنة تسع وثلاثين وستمائة، وحفظ القرآن العزيز، وحفظ عدة مختصرات في مذهبه، وتفقه بعلماء عصره حتى برع في الفقه والأصول والنحو والتفسير والأدب واللغة، وكان إمام وقته، ألقى الكشاف دروساً غير مرة، وكان فيه خير وعبادة وزهد، وله جلالة ووقار، عرض عليه تدريس المستنصرية فأبى وامتنع وتعفف، وأجاز له الرضى الصاغاني، والموفق الكواشي، وبالعامة من ابن الخير، وكتب عنه العفيف المطري، وأجاز لابن رافع المفيد، وكان عالم الكوفة وفاضلها في زمانه، انتهت إليه رئاسة السادة الحنفية بها إلى أن توفي سنة سبع وعشرين وسبعمائة، وكانت جنازته مشهودة، رحمه الله تعالى الجزء: 7 ¦ الصفحة: 85 ؟ 1324 - زكي الدين الكاتب 607 - 683 هـ؟ 1210 - 1284م عبد الله بن حبيب، الشيخ زكي الدين الكاتب المجود. أوحد عصره في الخط المنسوب ببغداد، وكان شيخ الرباط إلى أن توفي سنة ثلاث وثمانين وستمائة، ورحمه الله تعالى، وله ست وسبعون سنة. ؟ 1325 - الأسد أبادي ... - 794هـ؟ ... - 1391م عبد الله بن خليل الأسد أبادي، الشيخ الصالح القدوة، المسلك الرباني جلال الدين، نزيل بيت المقدس. قرأت في تاريخ القاضي علاء الدين علي بن خطيب الناصرية الحلبي، قال: كان إماماً قدوة، ناسكاً، سالكاً طريق القوم رأساً فيها، انتهت إليه رئاسة هـ الشأن في زمانه، وكان فيه أثر هيبة المريدين الصادقين وكان ممن جمع بين علمي الظاهر والباطن، وأعاد وهو شاب في الفقه على مذهب الإمام الجزء: 7 ¦ الصفحة: 86 الشافعي بالمدرسة السلطانية ببغداد، ثم لما قدم الشيخ الإمام الرباني فريد عصره علاء الدين عليالعشقي البسطامي، - وعشق: بلدة من أعمال خراسان - إلى بغداد، نظر إليه نظر محبة، وتخرج به ونسلك طريقه وصار من مريديه: فلما توجه شيخه من بغداد نحو الشام لزيارة بيت المقدس، ترك الوظائف التي كانت بيده، ووقف كتبه على الطلبة، وتوجه في خدمته من بغداد على قدم التجريد والمجاهد وأقام في خدمة شيخه ببيت المقدس مشتغلاً بأنواع المجاهدات والرياضات ودخول الخلوات إلى أن علا شأنه، ولما قارب شيخه الوفاة قال لمريديه: إن الذي يقدم من السفر يقوم مقامه، وكان الشيخ جلال الدين عبد الله - المشار إليه - مسافراً، فساعة دخول الشيخ عبد الله إلى الزاوية خرج شيخه من العالم الدنياوي إلى العالم الأخراوي البرزخي، وقام مقام شيخه في تأديب المريدين وتهذيبهم وتسليكهم، وأوقع الله له القبول التام والمحبة من الخلق، والانقياد من الخاص والعام، وكان بهياً وسيماً ظاهر الوضأة، حسن الوجه متلألأ، عليه أنوار الولاية، كثير البشاشة واللطافة الجزء: 7 ¦ الصفحة: 87 والتواضع، ويتنازل م ع الأصاغر إلى مراتبهم. كريماً وصنف رسائل مفيدة نافعة، ثم قال: وقد رأيت الشيخ عبد الله المذكور مع والدي وأنا صغير في سنة خمس وثمانين وسبعمائة ببيت المقدس بزاويته، واجتمعت به، وحظيت ببركته، وأضافنا عنها، وقدم بعد ذلك إلى حلب، ثم سافر إلى القدس، واستمر بها إلى أن توفي ليلة الثلاثاء ثاني عشرين المحرم سنة أربع وتسعين وسبعمائة ببيت المقدس، ودفن بمقبرة ماملا في الضريح الذي كان اتخذه له تحت قدمي شيخه، تغمدها الله برحمته. انتهى كلام ابن خطيب الناصرية باختصار. ؟ 1326 - قاضي القرم ... - 780 ... 1378م عبد الله بن سعد بن عثمان، الشيخ ضياء الدين أبو محمد بن الشيخ سعد الدين العفيفي القزويني الشافعي، الشهير بقاضي القرم. الجزء: 7 ¦ الصفحة: 88 كان إماماً عالماً مفنناً، كثير الخير والدين، غزير الإحسان للصادر والوارد، توفي ثالث عشر ذي الحجة سنة ثمانين وسبعمائة عن نيف وستين سنة. 1327 - الوزير ابن الصنيعة ... - 734هـ؟ .. 1333م عبد الله بن الصنيعة، الصاحب الوزير شمس الدين المصري القبطي، المعروف بغبريال. كان أولاً كاتباً عند قراسنقر، ثم تنقلت به المباشرات إلى أن انتهى إلى الأمير تنكز نائب الشام، فجعله وزيراً بدمشق، وطالت أيامه، ونالته السعادة في مباشرته، وكانت أيامه قلائل كالأحلام، لأمنها وكثرة خيرها، وكان كلما انتشأ أحد من أمراء الديار المصرية خدمه وباشر تعلقاته حتى أنه لا يفوته إلا القليل، وكان هو والقاضي كريم الدين متعاضدين جداً، ثم نقل إلى القاهرة وولي نظر الدولة مع مغلطاي الجمالي - لما ولي الوزارة - ثم إنه سعى وعاد إلى دمشق، وأقام بها إلى سنة اثنتين وثلاثين وسبعمائة فتنكر الملك الناصر محمد بن قلاوون عليه، وتغير عليه أيضاً الأمير تنكز، فورد المرسوم بالقبض عليه، فأمسك بدمشق، وأخذ منه أربعمائة ألف درهم، ثم طلب إلى القاهرة وأخذ خطه بألف ألف درهم فأفرج عنه بعد أن وزن المبلغ المذكور ما خلا مائتي ألف درهم، فاستطلق له الجزء: 7 ¦ الصفحة: 89 قوصون ذلك من السلطان، ثم تغير عليه خاطر السلطان ثانياً، وقيل عنه إنه له ودائع في دمشق، فكتب السلطان إلى تنكز. فتبع ودائعه، فظهر له شيء كثير، ولما مات سنة أربع وثلاثين وسبعمائة طهر له أيضاً جمل ة م ستكثرة. 1328 - الشيخ عبد الله المنوفي ... - 749هـ؟ ... - 1348م عبد الله المنوفي، الشيخ الإمام العالم الصالح المعتقد أبو محمد، المعروف بالشيخ عبد الله المنوفي. كان مالكي المذهب، وكان عالماً صالحاً زاهداً، صاحب كرامات وأحوال، نشأ بالقاهرة، وحفظ القرآن العزيز، وتفقه واشتغل على علماء عصره، وبرع في مذهبه، وجمع بين علمي الطريقة والحقيقة، وصار إماماً عالماً، زاهداً ورعاً، متقشفاً، وكان للناس فيه اعتقاد حسن ومحبة وانقياد غله إلى الغاية، وكان يسكن الصحراء خارج القاهرة، وبها توفي سنة تسع وأربعين الجزء: 7 ¦ الصفحة: 90 وسبعمائة، ووافق يوم موته خروج الناس للإستسقاء فصلوا عله جميعهم، وكانت جنازته مشهودة. قلت: وقبره معروف يزار، رحمه الله تعالى، ونفعنا ببركته وبركة علومه في الدنيا والآخرة. ؟ 1329 - عفيف الدين 728 - 794 هـ؟ 1327 - 1391م عبد الله بن ظهيرة بن أحمد بن عطية بن ظهيرة المخزومي المكي ، عفيف الدين أبو محمد. ولد سنة ثمان وعشرين وسبعمائة بمكة، وهو والد القاضي جمال الدين ابن ظهيرة، وسمع صاحب الترجمة - في صغره ثم في كبره - على جماعة بمكة من كتب الحديث وغيرها، وحدث، وكان رجلاً صالحاً، كثير التلاوة والعبادة، توفي بمكة في نهار الخميس العشرين من شهر ربيع الأول سنة أربع وتسعين وسبعمائة، رحمه الله تعالى. الجزء: 7 ¦ الصفحة: 91 ؟ 1330 - شيخ الشيوخ شرف الدين؟ 608 - 678 هـ؟ 1211 - 1279م عبد الله بن عبد الله بن عمر بن علي محمد بن حمويه، شيخ الشيوخ شرف الدين أبو بكر بن شيخ الشيوخ تاج الدين الجويني الدمشقي الصوفي. ولد سنة ثمان وستمائة، وسمع من أبيه، ومن أبي القاسم بن صصرى، وأبي صادق، وابن صباح، وابن اللتي، وروى عنه: ابن الخباز، وابن العطار، والمزي، والبرزالي، وأجاز للحافظ الذهبي مروياته، وكان شيخاً جليلاً، محترماً بين الصوفية، توفي سنة ثمان وسبعين وستمائة، رحمه الله تعالى. ؟ 1331 - الدلاصي المصري 630 - 721 هـ؟ 1232 - 1321م عبد الله بن عبد الحق بن عبد الله بن عبد الأحد بن علي، الشيخ المقرئ الجزء: 7 ¦ الصفحة: 92 عفيف الدين أبو محمد المخزومي الدلاصي، مقرئ مكة. قرأ ختمة لنافع علي أبي محمد عبد الله الشاطبي، وسمع منه اليسير لأبي عمرو الداني، والموطأ رواية يحيى بن يحيى، كلا منهما عن أبي عبد الله بن سعادة، وتلا بالروايات على الكمال إبراهيم بن أحمد بن فارس التميمي في سنة أربع وستين وستمائة بدمشق، وسمع علي أبي الفضل عبد الله بن محمد الأنصاري - قارئ مصحف الذهب - الشاطبية عنه، وسمعها مع الرائية علي أبي اليمن بن عساكر عن السخاوي عن الناظم، وسمع علي أبي اليمن صحيح مسلم، والرسالة للقشيري وغير ذلك بمكة، وكان جاور بها غالب عمره، وتصدر للإقراء، وقرأ عليه جماعة منهم: أبو عبد الله الوادي آشي عدة ختمات. الجزء: 7 ¦ الصفحة: 93 قال الحافظ أبو عبد الله شمس الدين محمد الذهبي، في كتابه طبقات القراء: الإمام القدوة شيخ الحرم، كان من العلماء العالمين تفقه أولاً لمالك، ثم للشافعي، وكان ذا أوراد واجتهاد وأحوال. انتهى كلام الذهبي. قلت: وكانت وفاته ليلة الجمعة الرابع عشر من المحرم سنة إحدى وعشرين وسبعمائة بمكة، ودفن بالمعلاه، ومولده في أول شهر رجب سنة ثلاثين وستمائة، رحمه الله تعالى. 1332 - بهاء الدين بن عقيل 698 - 769 هـ؟ 1298 - 1367م عبد الله بن عبد الرحمن بن عبد الله بن محمد بن محمد بن عقيل، العلامة قاضي القضاة بهاء الدين أبو محمد الحلبي البالسي الأصل، القرشي الهاشمي الشافعي، المعروف بابن عقيل، الفقيه النحوي نزيل القاهرة. ومولد سنة ثمان وتسعين وستمائة في المحرم وينتهي نسبه إلى عقيل بن أبي طالب، ثم قدم القاهرة وتفقه بها، ولازم الاشتغال إلى أن صار إماماً بارعاً مفنناً ولازم الشيخ أبا حيان في ابتداء أمره حتى صار من أعيان تلامذته، وشهد له بالفضل حتى أنه قال مرة: ما تحت خضراء السماء أنحى من ابن عقيل. الجزء: 7 ¦ الصفحة: 94 ثم اشتغل على القونوي في العربية أيضاً والفقه، وعلى القزويني، وولي عنه الحكم، وأخذ القراءات السبع عن الشيخ تقي الدين بن الصايغ، وأخذ عن القونوي أيضاً الأصول والخلاف والمنطق، وسمع من التحصيل جملة كبيرة، وقرأ عليه تلخيص المفتاح في المعاني والبيان، ولازم الشيخ زين الدين مدة، ثم ولي قضاء القضاة بالديار المصرية في يوم الخميس ثامن جمادى الأولى سنة تسع وخمسين وسبعمائة، عوضاً عن العز بن جماعة، وسبب ذلك أن الشيخ بهاء الدين هذا كان يلي الحكم نيابة عن ابن جماعة مدة ثم عزله ابن جماعة بما وقع منه في حق القاضي موفق الدين الحنبلي في جمع حضره أعيان العلماء، فجرى البحث بين موفق الدين المذكور وبين بهاء الدين هذا حتى أدى إلى الإساءة، فند ذلك غضب عز الدين بن جماعة لرفيقه وعزل الشيخ بهاء الدين، وذلك في صفر سنة أربع وأربعين وسبعمائة. وكان الشيخ بهاء الدين إماماً، عالماً بالفقه والعربية والمعاني والبيان والتفسير والأصول، قارئاً بالسبع، حسن الخط، إلا أنه كان قوي النفس، فلذلك جرى منه في حق موفق الدين ما ذكرناه، فلما عزل بهاء الدين فغضب له الأمير صرغتمش وولاه القضاء وعزل ابن جماعة، فباشر الشيخ بهاء الدين القضاء نحو ثمانين يوماً وعزل، وأعيد ابن جماعة، وذلك بعد أن أمسك الأمير صرغتمش. قال الأسنوي في طبقاته: وطرأت في تلك الأيام اللطيفة أمور غريبة علم الناس فيها مقدار الرجلين، ثم قل: وكان الشيخ بهاء الدين حاد المزاج والخلق الجزء: 7 ¦ الصفحة: 95 بحيث يؤديه ذلك غالباً إلى ما لا يليق، ثم قال: وقرأ بالسبع على ابن الصايغ، ودرس بالمدرسة القطبية العتيقة بالقاهرة، ودرس التفسير بالجامع الطولوني، ودرس الفقه بجامع القلعة، ثم درس في آخر عمره بالزاوية الكبرى بالجامع العتيق بمصر، وهو المكان الذي كان الشافعي يدرس فيه، وشرح الألفية لابن مالك، والتسهيل. شرحين حسنين متوسطين، وشرع في تفسير مطول وصل فيه إلى أثناء سورة النساء، انتهى كلام الإسنوي باختصار. قلت: وسمع الشيخ بهاء الدين على جماعة من مشايخ عصره منهم: الشيخ شرف الدين بن الصابوني، وقاضي القضاء بدر الدين بن جماعة، والحجار، وست الوزراء، وخلائق، وأملى على أولاد قاضي القضاة جلال الدين شرحاً على ألفية بن مال، وشرحاً لتسهيل ابن مالك أيضاً، وصنف في الفقه مختصراً من الرافعي لم يفته شيئاً من مسائله ولا من خلاف المذهب، وضم إليه زوائد الروضة والتنبيه على ما خالف النووي. الجزء: 7 ¦ الصفحة: 96 والشيخ بهاء الدين هذا هو حمو الشيخ سراج الدين عمر البلقيني، وجد ولديه العلامة بدر الدين محمد، وقاضي القضاة جلال الدين عبد الرحمن. قلت: وكانت وفاة الشيخ بهاء الدين المذكور في ليلة الأربعاء الثالث والعشرين من شهر ربيع الأول سنة تسع وستين وسبعمائة، ودفن بالقرافة قريباً من تربة الشافعي رضي الله عنه، انتهى. ؟ 1333 - تقي الدين بن جبارة ... - 699هـ؟ ... - 1299م عبد الله بن عبد الوالي بن جبارة بن عبد الوالي، الإمام تقي الدين الحنبلي ابن الفقيه، القدسي الصالحي. كان إماماً تقياً، مدرساً عارفاً بمذهب ه، م تبحراً في الفرائض والجبر والمقابلة، توفي سنة تسع وتسعين وستمائة، رحمه الله. الجزء: 7 ¦ الصفحة: 97 ؟ 1334 - ابن عبد الظاهر 620 - 692 هـ؟ 1223 - 1293م عبد الله بن عبد الظاهر بن نشوان بن عبد الظاهر، القاضي محيي الدين ابن القاضي رشيد الدين، السعدي المصري. ولد في ليلة السبت تاسع المحرم سنة عشرين وستمائة بالقاهرة، ونشأ بها، واشتغل وتفقه، ومهر في الإنشاء والأدبيات وغير ذلك، وسمع من ابن الجميز، وابن المقير، وجعفر الحمداني، وعبد الله بن إسماعيل بن رمضان، وابن الأستاذ قاضي حلب، ويوسف بن المحيل، وجماعة. قال الشهاب محمود في تاريخه: كان أوحد عصره، بل كان أوحد كل عصر في الإنشاء والتصرف في إنشاء كتبه، وتقاليده، وكتبه، وضرب به المثل، وشهرته شهرة ما في أيدي الناس من كلامه يغني عن ذكري لك في هذا المختصر، وكان له النظم الرائق الطائل الجامع لأنواع المحاسن، كتبت منه كثيراً، وسمعت منه كثيراً من لفظه، وبيني وبينه مكاتبات بالشعر من قصائد وألغاز وغير ذلك، انتهى كلام الشهاب محمود. الجزء: 7 ¦ الصفحة: 98 وذكره الحافظ أبو محمد البرزالي وأثنى عليه، وقال: وأجاز له جماعة، وهو كبير، من بغداد: إبراهيم بن الخير، وأبو المنى، وعبد العزيز الزبيدي، وخلق كثير، أزيد ممن مائتي شيخ، انتهى. قلت: وهو والد القاضي فتح الدين محمد صاحب ديوان الإنشاء. وتوفي القاضي محيي الدين في سنة اثنتين وتسعين وستمائة، رحمه الله. ومن شعره قوله: لقد قال كعب في النبي قصيدة ... وقلنا عسى في مدحها نتشارك فأن شملتنا بالجوائز رحمة ... كرحمة كعب فهو كعب مبارك وله أيضاً في غير المعنى: بدر إذا عاين بدر الدجى ... يقول: يا بشراي هذا غلام بخده الحسن غدا مودعاً ... أما ترى الخال عليه ختام وله: ؟ سلفتنا على العقول السلافة ... فتقاضت ديونها بلطافة ضيفتنا بالنشر والبشر واليس ... ر، ألا هكذا تكون الضيافة الجزء: 7 ¦ الصفحة: 99 وله: كم قلت لما بت أرشف ريقه ... وأرى نقي الدر ثغر منتقا بالله يا ذاك اللما مترويا ... كرر علي حديث جيران النقا وله: لئن جاد لي بالوصل منه خياله ... وأصبح مجهوداً رقيب ولاثم إلا أنها الأقسام تحرم ساهراً ... وآخر يأتي رزقه وهو نائم وله: يا قاتلي بجفون ... قتيلها ليس يقبر إن صبروا عنك قلبي ... فهو القتيل المصبر وله في أعور هجو: وأعور العين ظل يكشفها ... بلا حياء منه ولا خيفة وكيف تلقى الحياء عند فتى ... عورته لا تزال مكشوفة 1335 - نقي الدين السروجي 627 - 693 هـ؟ 1229 - 1294م عبد الله بن علي بن منجد بن ماجد بن بركات، البارع المفنن تقي الدين السروجي، الشاعر الأديب البليغ المشهور. الجزء: 7 ¦ الصفحة: 100 مولده في سنة سبع وعشرين وستمائة بسروج. قال الشيخ صلاح الدين في الوافي: أخبرني العلامة أثير الدين أبو حيان، قال: كان رجلاً خيراً عفيفاً، تالياً للقرآن، عنده حظ جيد من النحو واللغة والأدب، متقللاً من الدنيا، يغلب عليه حب الجمال - يعني النظر إلى وجه المليح - مع العفة التامة والصيانة، نظم كثيراً، وغنى شعره المغنيون والقينات، وكان يذكر أنه يكرر عل المفضل والمتنبي والمقامات، ويستحضر حظاً كبيراً من صحاح الجوهري، وكان مأمون الصحبة، طاهر اللسان، يتفقد أصحابه، لا يكاد يظهر إلا يوم الجمعة، وكان لي به اختلاط ومحبة، ولي فيه اعتقاد، ودفن لما مات بمقبرة الفخري - بجوار من كان يهواه - ظاهر الحسينية، وهو أحد من تألمت لفقده، لعزة وجود مثله في الصحبة رحمه الله وكن يكره أن يخبر أحداً باسمه ونسبه، لأنه كان يقول لي: مع الأصحاب ثلاث رتب: أول ما اجتمع بهم يقولون: الشيخ تقي الدين، جاء الشيخ تقي الدين، راح الشيخ تقي الدين، فإذا طال الأمر قالوا: راح التقي، جاء التقي، صبرت عليهم، وعلمت أنهم أخوا في الملل، فإذا قالوا: راح السروجي، فذلك آخر عهدي بصحبتهم، انتهى. وقال القاضي شهاب الدين محمود: كن يكره مكاناً فيه امرأة، ومن دعاه يقول: شرطي معروف أن لا تحضر امرأة، قال: كنا يوماً في دعوة بعض الجزء: 7 ¦ الصفحة: 101 الأصحاب، فكان مما حضر شواء فأدخل إلى النساء ليقطعوه ويضعوه في الصحون، فجعل يتبرم لذلك ويقول: أفيه الساعة يلوثنه بأيديهن. وقال الشيخ أثير الدين أبو حيان: لما مات قال والد محبوبه: والله ما أدفنه إلا في تربة ولدي - يعني محبوبه الذي كان يهواه الشيخ تقي الدين في حياته - وقال: فإنه كان يهواه في حياته، فلا أفرق بينهما في الدنيا ولا في الآخرة، لما كان يعتقد من عفافه، وتوفي بالقاهرة في رابع شهر رمضان سنة ثلاث وتسعين وستمائة، رحمه الله. ومن شعره، أنشدنا المعمر الرحلة عز الدين عبد الرحيم بن الفرات الحنفي إجازة، أنشدني البارع صلاح الدين الصفدي إجازة أنشدني العلامة أثير الدين أبو حيان قال: أنشدني المذكور لنفسه. أنعم بوصلك لي فهذا وقته ... يكفي من الهجران ما قد ذقته يا من شغلت بحبه عن غيره ... وسلوت كل الناس حين عشقته أنفقت عمري في هواك وليتني ... أعطي وصولاً بالذي أنفقه كم جال في ميدان حبك فارس ... بالصدق فيك إلى رضاك سبقته الجزء: 7 ¦ الصفحة: 102 أنت الذي جمع المحاسن وجهه ... لكي عليه تصبري فرقته قال الوشاة قد ادعى بك نسبة ... فسررت لما قلت قد صدقته بالله إن سألوك عني قل لهم ... عبدي وملك يدي وما أعتقته أو قيل مشتاق إليك فقل لهم ... أدري بذا وأنا الذي شوقته يا حسن طيف من خيالك زارني ... من فرحتي بلقاه من حققته فمضى وفي قلبي عليه حسرة ... لو كان يمكنني الرقاد لحقته وله بالسند المذكور: في الجانب الأيمن من خدها ... نقطة مسك أشتهي شمها حسبته لما بدا خالها ... وجدتها من حسنه عمها وله أيضاً: دنيا المحب ودينه أحبابه ... فإذا جفوه تقطعت أسبابه وإذا أتاهم في المحبة صادقاً ... كشف الحجاب له وعز جنابه ومتى سقوه شراب أنس منهم ... رقت معانيه وراق شرابه ؟ وإذا تهتك لا يلام لأنه سكران عشقٍ لا يفيد عتابه بعث السالم مع النسيم رسالةً ... فأتاه في طي النسيم جوابه ؟ قصد الحمى وأتاه بجهد في السرى حتى بدت أعلامه وقبابه الجزء: 7 ¦ الصفحة: 103 ورأى لليلي العامرية منزلاً ... بالجود يعرف والندا أصحابه فيه الأمان لمن ناف من الردى ... والخير قد ظفرت به طلابه قد أشرعت بيض الصوارم والقنا ... من حوله فهو المنيع حجابه ؟ وعلى حماه جلالةٌ من أهله فلذاك طارقة العيون تهابه كم قلبت فيه القلوب على الثرى ... شوقاً إليه وقبلت أعتابه قد أخصبت منه الأباطح والربا ... للزائرين وفتحت أبوابه وله موشحة: بالروح أفديك يا حبيبي ... إن كنت ترضى بها فداك فداوني اليوم يا طبيبي ... فالقلب قد ذاب من جفاك يا طلعة البدر إن تجلى ... وإن تثنى فغصن بان بالوصل طوبى لمن تملا ... ونال من هجرك الأمان قل لي نعم قد تعبت من لا ... وضاع مني بها الزمان وارجع إلى الله من قريب ... فبعض ما قد جرى كفاك من دمع عيني ومن نحيبي ... وادي الحمى لبنت الأراك الجزء: 7 ¦ الصفحة: 104 والله ما كنت في حسابي ... وإنما عشقك انفاق ولا أنا من ذوي التصابي ... فلم دمي في الهوى يراق وكلت بي تقضي عذابي ... بالصد والهجر والفراق ثلاثة قد غدت نصيبي ... يا ليتها لا غدت عداك فإن تكن ترتضي الذي بي ... فإن كل المنى رضاك إن طال شوق وزاد وجدي ... فإنني عاشق صبور اسمع حديثي بقيت بعدي ... أنا وحق النبي غيور ما ارتضى أن يكون ضدي ... يمشي حواليك أو يدور ؟ ولا أرى أن يكون رقيبي ملازمي عندما أراك يسعى إلى الناس في مغيبي ... يقول هذا يحب ذاك جميع ما تشتهي ترضى ... غلى إحضاره إليك وذاك شيء أراه فرضاً ... بالله قل لي وما عليك أبق وخذ ما تريد فضا ... فحاصل كله لديك الجزء: 7 ¦ الصفحة: 105 فأنت يا نزهتي وطيبي ... عن صحبتي مالك انفكاك وما ابن عمي وما نسيبي ... يسري إلى مهجتي سراك قلت: وشعر الشيخ تقي الدين السروجي كثير، وفضله غزير، ولكن يطول الشرح في استيعاب جميع محاسنه، وفيما ذكرناه كفاية، رحمه الله. ؟ 1336 - قاضي القضاة جمال الدين المارديني الحنفي 719 - 769 هـ؟ 1319 - 1367م عبد الله بن علي بن عثمان بن مصطفى بن إبراهيم بن سليمان، الإمام العلامة قاضي القضاة جمال الدين أبو محمد بن قاضي القضاة علاء الدين أبي الحسن، المارديني الحنفي. مولده سنة تسع عشرة وسبعمائة، وقيل سنة خمس عشرة، وتفقه على والده وغيره، وبرع في الفقه والأصول والعربية، وشارك في فنون كثيرة، وكان من جملة محفوظاته الهداية في الفقه حتى أنه كان يمليها في دروسه من صدره، الجزء: 7 ¦ الصفحة: 106 وكمل شرح أبيه لها، ولما مات أبوه اجتمع رأي كثير من فقهاء السادة الحنفية على أن يكون قاضيهم، وطلبوا ذلك من الأمير شيخو فأجابهم لذلك فاستدعاه وقد أتقن أمره مع أمراء الدولة، وكلم الملك الناصر حسن في ذلك، فأرسل يطلبه، وأخلع عليه في المحرم سنة خمسين وسبعمائة، فنزل إلى المدرسة الصالحية على العادة وسكنها بعياله مدة حياته، وحسنت سيرته، فلما قدم قاضي القضاة زين الدين عمر بن البسطامي من الحج ترك له قاضي القضاة جمال الدين هذا التدريس بالجامع الطولوني من تلقاء نفسه، فازداد الناس له حباً، ثم تزوج بصالحة بنت قاضي القضاة عز الدين عبد العزيز بن جماعة، واعتضد به، فصار القضاة الثلاثة النفي والشافعي وموفق الدين الحنبلي شيئاً واحداً، وكلمتهم متفقة، فباشر المذكور القضاء بحشمة ورئاسة، وتصدى للإفتاء والتدريس والإقراء مدة طويلة من حياة والده إلى أن مات، وأكثر من الأفضال على طائفة الفقهاء، فكان يعود على فقيرهم بما يقيم به حاله، ويكرم غنيهم، ويجاوز عن مسيئهم، ويدعوهم إلى الاجتماع على طعامه، هـ مع الكرم والوجاهة العظيمة، والحرمة الزائدة عند أرباب الدولة، والمعرفة التامة بالأحاكم، وحسن السير، والعفة والتواضع، والشدة على أرباب الشوكة من الأمراء والوزراء ونحوهم، وعدم الترداد إليهم. قال المقريزي بعد أن أثنى عليه: حتى صارت محبته ديانة، ورويته عبادة، لما اجتمع فيه من خلال الخير وصفات الكمال، فتراه متواضعاً مع الفقراء، مكرماً للفقهاء وأرباب الفضائل، انتهى كلام المقريزي باختصار. الجزء: 7 ¦ الصفحة: 107 قلت: وكان له تواليف مفيدة، وعبادة، وأوراد، ولم يزل على ذلك إلى أن مات في ليلة الجمعة حادي عشر شعبان سنة تسع وستين وسبعمائة، ودفن من الغد بتربة والده وجده خارج باب النصر من القاهرة، رحمه الله تعالى. ؟ 1337 - تاج الدين السنجاري الحنفي 722 - 800 هـ؟ 1322 - 1397م عبد الله بن علي بن عمر، الشيخ الإمام العلامة تاج الدين أبو محمد السنجاري الحنفي، المعروف بقاضي صور بفتح الصاد المهملة، وصور بلدة بين حصن كيفا وبين ماردين بديار بكر بن وائل. مولده بسنجار سنة اثنتين وعشرين وسبعمائة، وتفقه بها، وبالموصل، وماردين، وكان إماماً عالماً بارعاً مفنناً في الفقه والأصلين والعربية واللغة، وأفتى ودرس سنين، وقدم إلى دمشق وأخذ عن العلامة علاء الدين القونوي الحنفي، ثم قدم إلى القاهرة فأخذ عن شمس الدين محمد الأصفهاني، وبرع، وأفتى بها أيضاً، ودرس، وألف عدة كتب من ذلك: كتاب البحر الحاوي في الفتاوى، ونظم كتاب المختار في الفقه، ونظم السراجية في الفرائض، ونظم كتاب سلوان المطاع لابن ظفر، وناب في الحكم بالقاهرة ودمشق، وولي وكالة بيت المال بدمشق إلى أن توفي آخر سنة ثمانمائة، عن نيف وثمانين سنة، وكان من محاسن الدنيا ديناً وخيراً وعلماً وكرماً، رحمه الله تعالى. الجزء: 7 ¦ الصفحة: 108 ؟ 1338 - الورن .. - 677هـ؟ ... - 1278م عبد الله بن عمر بن نصر الله، الأديب الفاضل الحكيم موفق الدين أبو محمد الأنصاري، المعروف بالورن. كان قادراً على النظم، ل ه م شاركة في الطب والوعظ والفقه، وكان حلو النادرة، لا تمل مجالسته، أقام ببعلبك مدة، وخمس مقصورة ابن دريد مرئية في الحسين رضي الله عنه وتوفي سنة سبع وسبعين وستمائة. ومن شعره: أنا أهوى حلو الشمائل ألمى ... مشهد الحسن جامع الأهواء آية النمل قد بدت فوق خديه ... فهيموا يا معشر الشعراء وله أيضاً: يا سعد إن لاحت هضاب المنحني ... وبدت أثيلاتٌ هناك تبين عرج عل الوادي فإن ظباءه ... للحسن في حركاتهن سكون وله أيضاً: لله أيامنا والشمل منتظم ... نظماً به خاطر التفريق ما شعرا ؟ والهف نفسي على عيش ظفرت به قطعت مجموعه المختار مختصرا الجزء: 7 ¦ الصفحة: 109 وله: حار في لطفه النسيم فأضحى ... رائحاً نحوه اشتياقاً وغادي مذ رأى الظبي منه طرفاً وجيداً ... هام وجداً عليه في كل وادي ؟ 1339 - جمال الدين ابن العديم ... - 783هـ؟ ... - 1381م عبد الله بن عمر بن أبي جرادة، قاضي القضاة جمال الدين الحلبي الحنفي الشهير بابن العديم قاضي حماه. كان إماماً فقيهاً عالماً، قام مدة طويلة يفتي ويدرس بعباده وغيرها إلى أن مات في رابع عشر ذي الحجة سنة ثلاث وثمانين وسبعمائة بمكة المشرفة ودفن بالمعلاة، رحمه الله تعالى. 1340 - البيضاوي ... - 685هـ؟ ... - 1286م عبد الله بن عمر، العلامة ناصر الدين البيضاوي الشيرازي الشافعي، قاضي شيراز وعالم أذربيجان وتلك النواحي. الجزء: 7 ¦ الصفحة: 110 كان إماماً بارعاً مصنفاً، فريد عصره، ووحيد دهر، أثنى على علمه وفضله غير واحد، ومن مصنفاته: المنهاج في أصول الفقه، وهو مشهور، وله منهاج خر في أصول الدين، ومنهاج أيضاً في الفروع، وقد شرحه أيضاً، وله شرح التنبيه في أربع مجلدات، وله الغاية القصوى في دراية الفتوى، وله تفسير القرآن العظيم، وشرح المنتخب، والكافية في المنطق، وله الطوالع، وشرح المحصول، وغير ذلك من التصانيف، وتصدى عدة سنين للفتيا والتدريس، وانتفع به الناس وبتصانيفه إلى أن مات بتبريز في سنة خمس وثمانين وستمائة، وقد أوصى القطب الشيرازي أن يدفن إلى جانبه، رحمهما الله تعالى. ؟ 1341 - ابن المهندس 691 - 777 هـ؟ 1292 - 1375م عبد الله بن محمد بن إبراهيم بن غنايم بن وافد بن سعيد، الشيخ صلاح الدين أبو محمد بن المحدث شمس الدين أبي عبد الله الصالحي الحنفي، الشهير بابن المهندس. الجزء: 7 ¦ الصفحة: 111 مولده بعد التسعين وستمائة تخميناً، وسمع بالشام ومصر والحجاز، وجمع وحدث وكتب، وحج غير مرة، واستوطن حلب وسكنها إلى أن توفي بها في سنة سبع وسبعين وسبعمائة، وكان يعني بجمع المواعظ والخطب، وكان يعظ الناس، رحمه الله تعالى. ؟ 1342 - قاضي القضاة شمس الدين الأذرعي الحنفي 595 - 673 هـ؟ 1198 - 1274م عبد الله بن محمد بن عطاء بن حسن بن عطاء ، قاضي القضاة شمس الدين أبو محمد الأذرعي الحنفي. ولد سنة خمس وتسعين وخمسمائة وحفظ بعض مختصرات في مذهبه، وتفقه على مشايخ عصره حتى برع في المذهب وأفتى ودرس، وصار مشاراً إليه في عصره، وكان ديناً خيراً، حسن العشرة، وسمع من حنبل وابن طبرزد والكندي وابن ملاعب، وروى عنه قاضي القضاة شمس الدين الحريري الجزء: 7 ¦ الصفحة: 112 وبن العطار وغيرهما، وولي عدة تداريس، وناب في الفضاء عن صدر الدين ابن سني الدولة، ثم ولي قضاء القضاة الحنفية بدمشق لما جدد الملك الظاهر بيبرس أربع مذاهب في سادس جمادى الأولى سنة أربع وستين وستمائة، وحمدت سيرته، ولقد صدع بالحق لما حصلت الحوطة على البساتين بحضور الملك الظاهر بيبرس وقال: لا يحل لمسلم أن يتعرض لهذه الأملاك فإنها بيد أصحابها ويدهم عليها ثابتة، فغضب الملك الظاهر من كلامه وقام، ثم قال: إذا كنا ما نحن مسلمين ايش قعودنا، فأخذ الأمراء في التلطف به، وقالوا: لم يقل عن مولانا السلطان، حتى سكن حنقه، فلما سكن غضبه أعجبه كلامه، وقال: اثبتوا كتبنا عند هـ القاضي لما تحقق من صلابته في الدين، ونبل في عينيه. ولما جاء مرسوم الملك الظاهر إلى دمشق بتولي أربع قضاة وتولوا كان لقب الثلاثة شمس الدين وهم: قاضي القضاة شمس الدين بن خلكان، وصاحب الترجمة، وقاضي القضاة شمس الدين عبد الرحمن بن الشيخ أبي عمر الحنبلي، فقال بعض الشعراء: أهل دمشق استرابوا ... من كثرة الحكام إذ هم جميعاً شموس ... وحالهم في ظلام وقال غيره: بدمشق إن قد ... ظهرت للناس عام الجزء: 7 ¦ الصفحة: 113 فلما ولي شمس ... قاضياً صارت ظلام توفي المذكور في سنة ثلاث وسبعين وستمائة، رحمه الله ؟ 1343 - عفيف الدين الطبري 723 - 787 هـ؟ 1323 - 1385م عبد الله بن محمد بن محمد بن أحمد بن عبد الله، الشيخ عفيف الدين أبو محمد ابن القاضي زين الدين أبي طاهر بن قاضي القضاة جمال الدين أبي عبد الله بن الحافظ محب الدين الطبري المكي الشافعي. ولد في المحرم سنة ثلاث وعشرين وسبعمائة بمكة، وسمع على والده، وعلى عيسى الحجي، وعلى جلال الدين محمد الآقشهري، وبلال الحبشي، والجمال المصري، وقرأ بنفسه على القطب بن مكرم، وعثمان بن الصفي، والجمال بن الصبيح، وجماعة، وسافر إلى الهند، وسمع بالمدينة، وأسمع وخطب في الحجاز والهند، وحكم ببلاد جبلة، ثم عاد إلى الحجاز، ومات بالمدينة في حادي عشر الجزء: 7 ¦ الصفحة: 114 جمادى الأولى سنة سبع وثمانين وسبعمائة، رحمه الله تعالى. ؟ 1344 - ابن القيسراني 623 - 703 هـ؟ 1226 - 1303م عبد الله بن محمد بن أحمد بن خالد بن نصر، الصاحب فتح الدين بن القيسراني المخزومي الحلبي، ثم الدمشقي، نزيل القاهرة. ولد سنة ثلاث وعشرين وستمائة، كان إماماً فاضلاً، بارعاً، أديباً، ولي الوزارة في دولة الملك السعيد بن الملك الظاهر بيبرس، وسمع أبا القاسم بن رواحة، وابن الجميزي، ويوسف الشاوي، وابن خليل، وأحمد بن الحباب، وجماعة، وتفقه، وشارك في الأدب، وعني بالحديث، وجمع وألف كتاباً في معرفة الصحابة. الجزء: 7 ¦ الصفحة: 115 وكان له نظم ونثر، وخرج لنفسه إجازة أربعين حديثاً، وروى عنه الدمياطي من نظمه، وأخذ عنه الحافظ فتح الدين بن سيد الناس، والبرزالي، والذهبي. ومن شعره: بوجه معذبي آيات حسن ... فقل ما شئت فيه ولا تحاشي ونسخة حسنه قرنت فصحت ... وها خط الكمال على الحواشي ؟ 1345 - ابن مفلح 757 - 834 هـ؟ 1356 - 1430م عبد الله بن محمد بن مفلح بن محمد بن مفرج، العلامة شرف الدين بن القاضي شمس الدين، المقدسي الأَصل، ثم الدمشقي الصالح الحنبلي، المعروف بابن مفلح. ولد في ربيع الأول سنة سبع وخمسين وسبعمائة، كان بارعاً في الفقه والعربية، كثير الاستحضار لفروع مذهبه، جيد الحافظة، ناب في الحكم الجزء: 7 ¦ الصفحة: 116 مدة بدمشق، وعين لقضاء الحنابلة بدمشق غير مرة، وكان جده لأمه قاضي القضاة جمال الدين المرداوي، وكان ديناً مشكور السير ة، م لازماً لفعل الخير إلى أن توفي بصالحية دمشق في يوم الجمعة ثامن ذي القعدة سنة أربع وثلاثين وثمانمائة، رحمه الله تعالى. ؟ 1346 - المرجاني ... - 699هـ؟ ... - 1299م عبد الله بن محمد، الشيخ الإمام العالم القدوة أبو محمد القرشي التونسي، شيخ المغرب، المعروف بالمرجاني. كان رأساً في العلم والعمل، بارعاً في التفسير، مقدماً في الوعظ والتذكير وافر الجلالة والحرمة، كان أحد مشايخ الإسلام وأكابر الصوفية. الجزء: 7 ¦ الصفحة: 117 قال اليافعي رحمه الله: بلغني عنه أنه قيل له: قال فلان: رأيت عموداً من نور ممتداً من السماء إلى فم الشيخ أبي محمد المرجاني في حال كلامه فلما سكت ارتفع ذلك العمود، فتبسم وقال: ما عرف، بل لما ارتفع العمود سكت، قال اليافعي رحمه الله: قلت: إنه كان يتكلم بالأسرار عن مدرس الأنوار، فلما انقطع المدد بالنور الممدود انقطع النطق بالكلام، انتهى. قلت: وكانت وفاته. بتونس من بلاد الغرب في الثاني والعشرين من ربيع الآخر سنة تسع وستمائة، رحمه الله، ونفعنا ببركته. ؟ 1347 - قاضي القضاة موفق الدين الحنبلي 690 - 769 هـ؟ 1291 - 1367م عبد الله بن محمد بن عبد الملك بن عبد الباقي، قاضي القضاة موفق الدين أبو محمد الحجازي المقدسي الحنبلي، قاضي قضاة الديار المصرية. ولي القضاء نحواً من ثلاثين سنة إلى أن توفي بالقاهرة في يوم الخميس سابع الجزء: 7 ¦ الصفحة: 118 عشر من المحرم سنة تسع وستين وسبعمائة، وولي بعده القضاء قاضي القضاة ناصر الدين نصر الله العسقلاني الحنبلي، رحمه الله تعالى. ؟ 1348 - ابن خليل المكي الشافعي 694 - 777 هـ؟ 1294 - 1375م عبد الله بن محمد بن عبد الله بن أبي بكر بن خليل بن إبراهيم بن يحيى بن أبي عبد الله بن فارس بن عبد الله بن يحيى بن إبراهيم بن سعيد بن طلحة بن موسى ابن إسحاق بن محمد عبد الله بن محمد بن عبد الرحمن بن أبان بن عثمان بن عفان رضي الله عنه، الشيخ بهاء الدين أبو محمد رضي الدين القرشي الأموي العثماني العسقلاني المكي، المعروف بابن خليل. الجزء: 7 ¦ الصفحة: 119 ولد بمكة سنة أربع وتسعين وقيل سنة خمس وتسعين وستمائة، وسمع بها على يحيى بن محمد بن علي الطبري، وعلى المجد أحمد بن ديلم الشيبي، وعلى التوزري، وغيره، وسمع بدمشق وحلب عن جماعة، وقدم القاهرة في سنة إحدى وعشرين وسبعمائة فسمع بها من جماعة، وأخذ العلم بها عن العلامة القونوي الأصبهاني، وابن حيان، والنقي السبكي، وقرأ على النقي الصائغ بالروايات، وكان قرأ قبله بمكة، وصحب الشيخ ياقوت مدة، وتجرد وساح بديار مصر سنين لا يعرف له مقر، ثم قدم القاهرة وانقبض عن الناس، ولوطف حتى أسمع كثيراً من مسموعاته، وكان يجلس للسماع يومين في الجمعة: يوم الجمعة ويوم الثلاثاء، وكانت تعتريه بعض الأحيان حالة بحضرة الناس ينال فيها كثيراً من الشيخ الجزء: 7 ¦ الصفحة: 120 إبراهيم الجعبري ومن أحمد بن إبراهيم الجعبري، ثم يلعن إبراهيم المذكور حتى ينقطع نفسه، ويلعن أيضاً القطب الهرماس ويقول: اقتلوا الهرماس الذهبي الخناس. وكان يتقوت من معاليم وظائفه: مشيخة الخانقاة الكريمية بالقرافة وغير ذلك، وكان يأتيه من غلة ماله بوادي مرو من أراضي مكة. وكان حسن القراءة، جيد المعرف لها، حلو المذاكرة، حافظاً، فقيهاً مقرئاً، نحوياً، يحفظ المحرر للرافعي، وكان منقطعاً عن الناس، صالحاً، عابداً زاهداً، محباً للخمول. قال الحافظ أبو عبد الله الذهبي في حقه: المقرئ المحدث الإمام القدوة الرباني الصالح، قرا بالروايات، وعني بالحديث، ورحل فيه، انتهى كلام الذهبي باختصار. وقال الشريف أبو المحاسن محمد بنعلي الحسيني في ذيل طبقات الحافظ الذهبي: الشيخ الإمام الحافظ القدوة العالم البارع الرباني المقرئ. انتهى. الجزء: 7 ¦ الصفحة: 121 وقال الشيخ شهاب الدين أحمد بن لؤلؤ بن النقيب: رجلان من أهل عصرنا، أحدهما يؤثر الخمول جهده وهو الشيخ عبد الله بن خليل المكي، وآخر يؤثر الظهور جهده وهو الشيخ عبد الله اليافعي، انتهى. قلت: توفي صاحب الترجمة بسطح الجامع الحاكي من القاهرة في يوم الأحد ثاني جمادى الأولى سنة سبع وسبعين وسبعمائة، ودفن بالقرافة، وكانت جنازته مشهودة، رحمه الله تعالى. ؟ 1349 - مؤلف المختار في الفقه 599 - 683 هـ؟ 1202 - 1284م عبد الله بن محمود بن مودود بن محمود، العلامة شيخ الإسلام مجد الدين أبو الفضل الموصلي الحنفي البلدجي، مؤلف المختار للفتوى في فقه السادة الحنفية. قال أبو العلاء الفرضي: كانت ولادته بالموصل في يوم الجمعة سلخ شوال سنة تسع وتسعين وخمسمائة، وكان شيخاً فقيهاً، عالماً فاضلاً الجزء: 7 ¦ الصفحة: 122 مدرساً عارفاً بالمذهب، وكان قد تولى القضاء بالكوفة ثم عزل ورجع إلى بغدادي، ورتب مدرساً بمشهد الإمام أبي حنيفة رضي الله عنه، ولم يزل يفتي ويدرس إلى أن مات ببغداد بكرة يوم السبت تاسع عشر المحرم سنة ثلاث وثمانين وستمائة، انتهى كلام الفرضي. قال الحافظ تقي الدين بن رافع، وضبط الدمياطي بلدجى. وقال شيخنا الحافظ المزي: بلدجى الموصلي أبو الفضل. وقال الحافظ الدمياطي: إبراهيم الثناء الحنفي الملقب مجد الدين بن الإمام شهاب، الفقيه العلامة المفتي، نزيل بغداد، سمع بالمدرسة الصارمية من المؤمل ابن عمر بن محمد بن طبرزد، وببغداد من أبي الفرج محمد بن عبد الرحمن بن أبي العز الواسطي، وبي الحسن علي بن أبي بكر بن روزبة القلانسي صحيح البخاري، ومن الشيخ شهاب الدين السهروردي، وأبي النجا عبد الله بن عمر بن للتي، وأبي نصر بن عبد الرزاق الجيلي، وعثمان بن إبراهيم السبتي، وعبد الكريم ابن عبد الرحمن بن الحسين بن المبارك، وفتيان بن أحمد بن سمينة، ومن أبي المجد محمد بن محمد بن أبي بكر الكرابيسي، وأجاز له جماعة من أهل خراسان منهم: المؤيد بن محمد الطوسي، ومنصور بن علي، وأبو بكر القاسم بن عبد الله بن العطار، وأبو المظفر عبد الرحيم بن أبي سعد بن عبد الكريم السمعاني، ومن بغداد: عبد العزيز الأخضر، وعبد الوهاب بن سكينة، وحنبل، ومن الموصل: الجزء: 7 ¦ الصفحة: 123 صاحب جامع الأصول المبارك بن محمد بن محمد بن عبد الكريم، وأخوه علي ابن محمد، وأبو الفتح محمد بن عيسى بن ترك الخاص، ومن غيرها: أبو محمد عبد القادر ابن عبد الله الرهاوي، وقرأ على أبي عمرو بن الحاجب، ومحيي الدين بن أبي العز، انتهى كلام ابن رافع. قلت: أثنى على علمه، وغزير فضله، ودقيق نظره، وجودة فكره جماعة كثيرة، وكان إمام عصره، ووحيد دهره، وآخر من كان يرحل إليه من الآفاق، تفقه به جماعة من أعيان السادة الحنفية، وحدث، روى عنه الحافظ شرف الدين عبد المؤمن الدمياطي، وذكره في معجم شيوخه، ولما ولي مشيخة مشهد الإمام أبي حنيفة رضي الله عنه أكب على الاشتغال والإشغال والتصنيف والتأليف، وانتفع به عامة الطلبة وسائر المذاهب. ومن تأليفه: المختار للفتوى وكتاب الاختيار لتعليق المختار وكتاب المشتمل على مسائل المختصر وله عدة تصانبف أخرى. وكان إماماً ورعاً، ديناً خيراً، مترفعاً على الملوك والأعيان، متواضعاً للفقراء والطلبة، وعنده مروءة وتعصب للفقراء، رحمه الله تعالى. الجزء: 7 ¦ الصفحة: 124 1350 - جمال الدين الأقفهسي ... - 823هـ؟ - 1420م عبد الله بن مقداد بن إسماعيل، قاضي القضاة جمال الدين الأقفهسي المالكي قاضي قضاة الديار المصرية. نشأ بالقاهرة، وطلب العلم وتفقه بالشيخ خليل وغيره إلى أن برع في الفقه والأصول، وأفتى ودرس مدة سنين، وناب في الحكم عن قاضي القضاة علم الدين سليمان البساطي المالكي من سنة ثمان وسبعين وسبعمائة إلى أن استبد بالقضاء بعد موت قاضي القضاة نور الدين علي بن يوسف بن الجلال في الأيام الناصرية فرج في ثالث جمادى الآخرة سنة ثلاث وثمانمائة فأقام في المنصب أربعة الجزء: 7 ¦ الصفحة: 125 أشهر وعشرة أيام، وصرف في ثالث عشرين من شهر رمضان من السنة بابن خلدون، ثم ولي ثانياً وأقام خمس سنين وثمانية أشهر ويومين، ومات في رابع عشر جمادى الأولى سنة ثلاث وعشرين وثمانمائة عن نحو ثمانين سنة، ومات وقد صار المعول على فتاويه، وكان مشكور السيرة في أحكامه، ديناً خيراً. وتولى بعده قاضي القضاة شمس الدين محمد البساطي المالكي، رحمهما الله تعالى. 1351 - المستعصم بالله 609 - 656 هـ؟ 1212 - 1258م عبد الله بن منصور بن محمد بن أحمد بن الحسن، الخليفة أمير المؤمنين المستعصم بالله أبو أحمد الشهيد بن الخليفة المستنصر بالله بن الخليفة الظاهر بن الجزء: 7 ¦ الصفحة: 126 الخليفة الناصر بن المستضيء بن المستنجد بالله البغدادي العباسي الهاشمي، آخر خلفاء بغداد والعراق. وكان مبدأ ملكهم من سنة اثنتين وثلاثين ومائة إلى سنة ست وخمسين وستمائة، أعني سنة قتل المستعصم هذا. ومولده في سنة تسع وستمائة، وأمه أم ولد حبشية، بويع بالخلافة بعد وفاة أبيه، وكان مليح الخط، قرأ القرآن على الشيخ علي بن النيار الشافعي وعملت دعوة عظيمة يوم ختمه وأعطي الشيخ علي المذكور من الذهب ستة آلاف دينار، وخلع يوم خلافته ثلاثة عشر ألف وسبعمائة وخمسين خلعة، هكذا ذكر الشيخ صلاح الدين بن أيبك في تاريخه وغيره، وروى عنه بالإجازة في خلافته محيي الدين الجوزي، ونجم الباذرائي، وكان حليماً كريماً، سليم الباطن حسن الديانة، متمسكاً بالسنة، ولكنه لم يكن كما كان عليه أبوه وجده من الحزم والتيقظ، وكان أمر دولته إلى دواداره، وإلى إقبال الشرابي، ثم ركب إلى وزيره العلقمي الرافضي، فأساء التدبير وأفسد نظام ملكه، وصار يحسن له جمع الأموال والاقتصار على بعض العساكر، وكان فيه شح وقلة معرفة وعدم تدبير، ثم ظهر منه تغير على وزيره العلقمي المذكور ففطن العلقمي لذلك، فكاتب الجزء: 7 ¦ الصفحة: 127 هولاكو بقدومه إلى بغداد، وأخذها، فكتب إليه هولاكو يقول: إن عساكر بغداد كثيرة فإن كنت صادقاً فيما قلته وداخلاً تحت طاعتنا ففرق عساكر بغداد، فإذا فعلت ذلك حضرنا، فلما وقف العلقمي على كتاب هولاكو دخل إلى الخليفة هذا وقال له إن جندك كثيرون وعليك كلف كثيرة والعدو قد رجع إلى بلاده، وعندي من الرأي أن تعطي دستوراً لخمسة عشر ألف فارس من عسكرك وتوفر معلومهم، فأجابه المستعصم إلى ذلك، وعرض العسكر ونقى منهم خمسة عشر ألفاً، نقاوة العسكر، ومنعهم من الإقامة ببغداد وأعمالها فتفرقوا في البلاد، ثم عمل بعد أشهر مثل ما عمل وأعطى دستوراً لعشرين ألف فارس، ثم بعث إلى هولاكو يعلمه يما فعل، فعند ذلك تحقق هولاكو صدق مقالته وقصد بغداد، حتى قدمها في نحو مائتي ألف فارس، وطلب الخليفة المستعصم بالله هذا، فطلع الخليفة إليه ومعه القضاة والمدرسون والأعيان في نحو سبعمائة نفس، فلما وصلوا إلى الحربية جاء أمر هولاكو بحضور الخليفة وحده ومعه سبعة عشر نفساً، فساقوا مع الخليفة، وأنزلوا من بقي عن خيولهم، وضربوا رقابهم، ووقع السيف في بغداد، وصار القتل فيها أربعين يوماً، وأنزلوا الخليفة في خيمة وحده، والسبعة عشر في خيمة أخرى، ثم إن هولاكو أحضر الخليفة المستعصم المذكور وولده ووضعهما في عدلين، وأمر التتار برفسهما حتى ماتا وعفى أثرهما، الجزء: 7 ¦ الصفحة: 128 ثم قتل هولاكو ولد الخليفة الآخر عبد الرحمن بن المستعصم، وأبقى ابنه الآخر الصغير مبارك وأخواته فاطمة وخديجة ومريم في أسر التتار، كل ذلك في آخر المحرم سنة ست وخمسين وستمائة، ثم أطلق هولاكو السبعة عشر وأعطاهم نشانه بإشارة الوزير اللعين العلقمي. وقيل: إن هولاكو كان قصد دخل بغداد، وتخلية الخليفة إلى حال سهيله، فما تركه العلقمي يفعل ذلك، وقال له: المصلحة قتل الخليفة وإلا ما يصفو لك ملك العراق. قلت: وذهب في هذه السن ة م ن الخلق أمم لا تحصى تحت السيف حتى قيل إن القتلى كانت تزيد على ألف ألف، واستغنى التتار إلى الأبد، ومن ثم أخذ أمر بغداد في انحطاط، بل وسائر ممالك العراق. وكانت خلافة المستعصم بالله ستة عشرة سنة وشهوراً، وانقضت الخلافة ببغداد وزالت أيامهم من العراق. انتهى. وفي هذا المعنى يقول بعضهم:؟ خلت المنابر والأسرة منهم فعليهم حتى الممات سلام انتهى. ؟ 1352 - ابن تاج الدين موسى ... - 776هـ؟ ... - 1374م عبد الله بن موسى بن أبي شاكر بن سعيد الدولة، الصاحب فخر الدين بن الجزء: 7 ¦ الصفحة: 129 تاج الدين موسى بن سعد الدين القبطي، المعروف بابن تاج الدين. كان أولاً يتعانى الخدم الديوانية في بيوت الأمراء إلى أن صار صاحب ديوان الأتابك يلبغا العمري الخاصكي، فظهر له في مباشرته عنده حذق ومعرفة تامة بأمور ديوانه، فلما أمسك يلبغا وقتل في ليلة الأحد عاشر شهر ربيع الآخر سنة ثمان وستين وسبعمائة خلع عليه الملك الأشرف شعبان بن حسين بالوزارة ونظر الخاص بعد إمساك الصاحب علم الدين بن قروينة، ثم عزل، ثم ولي إلى أن باشر الوزر بديار مصر ثلاث مرات، وتوفي يوم الجعة عاشر ذي القعدة سنة ست وسبعين وسبعمائة، وكان أبوه إذ ذاك حياً. انتهى. ؟ 1353 - قاضي القضاة تقي الدين الكفري الحنفي 746 - 803 هـ؟ 1345 - 1400م عبد الله بن يوسف بن أحمد بن الحسين بن سليمان بن فزارة بن بدر بن الجزء: 7 ¦ الصفحة: 130 ابن يوسف، قاضي القضاة تقي الدين أبو الفتح بن قاضي القضاة جمال الدين أبي المحاسن بن قاضي القضاة شرف الدين الكفري الحنفي. مولده بدمشق، وسمع من زينب بنت الخباز، وجماعة، خرج له عنهم أربعون حديثاً حدث بها، وتفقه بوالده وبغيره، وبرع في الفقه والأصول والعربية وغير ذلك، وتولى قضاء القضاة الحنفية بدمشق هو وأبوه وجده وأخوه زين الدين أبو هريرة عبد الرحمن، وكان مشكور السيرة، محمود الطريقة في أحكامه وعفافه، وهو من بيت علم وفضل ورئاسة، مات في العشرين من ذي القعدة سنة ثلاث وثمانمائة في أسر تيمورلنك لعنه الله، وقيل إنه مات في ذي الحجة من السنة رحمه الله تعالى. 1354 - ابن هشام النحوي 708 - 716 هـ؟ 1308 - 1359م عبد الله بن يوسف بن أحمد بن هشام، الشيخ الإمام العلامة جمال الدين الجزء: 7 ¦ الصفحة: 131 أبو محمد الأنصاري النحوي الشافعي، ثم الحنبلي. مولده في ذي القعدة سنة ثمان وسبعمائة، وسمع من قاضي القضاة بدر الدين محمد بن جماعة، ولازم الشيخ شهاب الدين عبد اللطيف بن المرحل، وتلا بالسبع على شمس الدين محمد بن السراج، وتفقه بجماعة من مشايخ عصره، وأتقن العربية حتى صار فارس ميدانها، والمقدم في السبق على أقرانه، وبرع أيضاً في الفقه والأصول. وأما العربية فكان هو المشار إليه فيها في زمانه، والمعول على كلامه، وله فيها التصانيف المفيدة الجيدة من ذلك: شرح ألفية ابن مالك المسمى بالتوضيح، وشرح بانت سعاد، ومغني اللبيب عن كتب الأعاريب، وغير ذلك. قلت: وتصانيفه في غاية الجودة، وذوقه في العربية ورده كلام من تقدمه من النحاة في الطبقة العليا من الحسن والقوة، توفي ليلة الجمعة الخامس من ذي القعدة سنة إحدى وستين وسبعمائة، وقال المقريزي: في يوم الثلاثاء ثاني ذي القعدة من السنة. الجزء: 7 ¦ الصفحة: 132 1355 - ابن ريشة ... - 790هـ؟ ... - 1388م عبد الله بن ريشة، أمين الدين القبطي الأسلمي، ناظر الدولة. كان المذكور من أعيان الكتبة الأقباط، وباشر في عدة خدم بالطالع والنازل حتى ولي نظر الدولة، واستمر إلى أن توفي ليلة الأربعاء سادس جمادى الأولى سنة تسعين وسبعمائة. 1356 - الشيخ درويش ... - 773هـ؟ ... - 1371م عبد الله درويش، الشيخ الفقير الصالح أبو محمد المجذوب. تسلك على يد الشيخ يوسف العجمي بزاويت ه م ن القرافة، وأقام بها في الحلوة أياماً، ثم خرج وقد صار مجذوباً، وأقام بباب القرافة، واشتهر ذكره، وقصد الناس زيارته من كل جهة، وتبركوا بإشارته ودعائه، وتناقلوا عنه الجزء: 7 ¦ الصفحة: 133 كرامات خوارق، وبقي له قدم في الولاية لما شاهدوا الناس له من الكشف حتى قال فيه الشيخ يحيى الصنافيري: ليس في جندي مثل درويش، ولم يزل درويش على جذبته إلى أن مات في سابع عشرين شهر رجب سنة ثلاث وسبعين وسبعمائة، ودفن خارج باب القرافة، وقبره هناك يزار، رحمه الله. 1357 - تاج الدين المخزومي 680 - 743 هـ؟ 1281 - 1342م عبد الله الباقي بن عبد المجيد بن عبد الله بن أبي المعالي متى بن أحمد بن محمد ابن عيسى بن يوسف، الشيخ تاج الدين المخزومي المكي. ولد بمكة المشرفة لمضي اثنتي عشرة ليلة من شهر رجب سنة ثمانين وستمائة. الجزء: 7 ¦ الصفحة: 134 كان إماماً فاضلاً، أديباً بليغاً، قدم إلى القاهرة ثم رحل إلى دمشق، وأقام بها مدة سبع سنين يقرئ الطلبة المقامات الحريرية والعروض وغير ذلك من علوم الأدب، ثم سافر إلى اليمن، ثم عاد إلى القاهرة وولي تدريس المشهد النفيس وشهادة البيمارستان المنصوري، ثم توجه إلى طرابلس ودمشق فلم تطل مدته، ومات سنة ثلاث وأربعين وسبعمائة، رحمه الله. ومن شعره: لا أعرف النوم في حالي جفا ورضىً ... كأن جفني مطبوع على السهد فليلة الوصل تمضي كلها سمراً ... وليلة الهجر لا أغفى من الكمد وله أيضاً: لعل رسولاً من سعاد يزور ... فيشفي ولو أن الرسائل زور يخبرنا عن غادة الحي هل ثوت ... وهل ضربت بالرقمتين خدور وهل سنحت في الروض غزلان عالجٍ ... وهل أثله بالساريات مطير ديار لسلمى جادها واكف الحيا ... إذا ذكرت خلت الفؤاد يطير الجزء: 7 ¦ الصفحة: 135 كأن غنا الورقاء من فوق دوحها ... قنان وأوراق الغصون ستور تمايل فيها الغصن من نشوة الصبا ... كأن عليه بالسلاف تدير وهي أطول من ذلك أضربنا عنها للإطالة، انتهى. 1358 - ناظر الجيش 790 - 854 هـ؟ 1388 - 1450م عبد الباسط بن خليل بن إبراهيم، القاضي زين الدين، ناظر الجيوش المنصورة بالديار المصرية. هو دمشقي الأصل والمولد والمنشأ، مصري الدار والوفاة. أخبرني من لفظه المقر الأشرف القاضي الكمال محمد بن البارزي - كاتب السر الشريف - أنه سأله في مرض موته عن مولده فقال: في سنة تسعين وسبعمائة أو في التي قبلها، انتهى. الجزء: 7 ¦ الصفحة: 136 قلت: ونشأ المذكور بدمشق بخدمة القاضي بدر الدين محمد بن موسى ابن محمد بن الشهاب محمود - كاتب سر دمشق المعروف بابن الشهاب محمود، ثم اتصل بخدمة الملك المؤيد شيخ المحمودي - قبل أن يتسلطن وهو يومئذ نائب الشام - ولا زال في ركابه حتى قدم معه إلى الديار المصرية بعد قتل الملك الناصر فرج بن برقوق وسلطته الخليفة المستعين بالله العباس في سنة خمس عشرة وثمانمائة، واستمر عنده إلى أن تسلطن الأمير شيخ المحمودي المذكور ولقب بالملك المؤيد، قربه وأدناه ورقاء حتى صار ناظر الخزانة الشريفة وكاتبها. وكان لما قدم إلى القاهرة سكن بجورانا بالبندقيين، وتنقل في عدة أماكن إلى أن سألنا أن يسكن في دار لنا بالحارة فأجبناه إلى ذلك، وسكن بها سنين إلى أن اشترى بيت تنكز وعمره تجديداً، وانتقل إليه، وشرع في عمارة مدرسته التي تجاه داره المذكورة، وكلها في أواخر سنة ثلاث وعشرين وثمانمائة. ولما ولاه الملك المؤيد نظر الخزانة استقلها في نفسه، ولم يسعه طلب وظيفة أعظم منها لوجود من هو أعظم منه من جماعة الملك المؤيد، ولبعده عن العلوم والمباشرة، فأخذ هو يسير على قاعدة عظماء الدولة في الحشم والخدم والمماليك من سائر الأجناس والندماء والأصحاب، ونزل الملك المؤيد إليه بدارنا غير مرة. الجزء: 7 ¦ الصفحة: 137 وصار السلطان يخلع عليه الخلع السنية كالكوامل السمور وغيرها، وركب بسرج ذهب وكنبوش زركش وغير مرة. وكان عنده شمم فصار لا يسلم على أحد إلا نادراً، فلزمته العامة وصاروا يقولون: يا باسط خذ عبدك، فشكاهم إلى الملك المؤيد فتوعدهم المؤيد بكل سوء، فصاروا يقولون: يا جبال ... يا رمال ... يا الله ... يا لطيف، فلما رأى ذلك منهم، وعلم أنه لا يقدر عليهم ذل لهم وصار يسلم عليهم ويرحب بهم، فسكتوا عنه وأحبوه بعد ذلك. ولا زال عبد الباسط هذا آية في الدولة المؤيدية إلى أن أثرى ونالته السعادة، وعمر هذه الأملاك، وأنشأ القيسارية المعروفة بالباسطية بالماطيين داخل باب زويلة التي كانت مدرسة لفيروز الطواشي، وكان فيروز المذكور وقف عليها عدة أوقاف - يأتي ذكر ذلك كله في ترجمة فيروز - كل ذلك في الدولة المؤيدية، وهو كاتب الخزانة لا غير. واستمر على ذلك إلى أن مات الملك المؤيد شيخ في محرم سنة أربع وعشرين وثمانمائة وتسلطن من بعده ولده الملك المظفر أحمد بن شيخ، ثم خلع المظفر بالملك الظاهر ططر، وقدم من الشام إلى القاهرة، وعبد الباسط على ما هو عليه إلى الجزء: 7 ¦ الصفحة: 138 يوم الاثنين سابع ذي القعدة من سنة أربع وعشرين أخلع عليه ططر في نظر الجيش بعد عزل القاضي كمال الدين محمد بن البارزي عنها، فلم تطل مدة ططر ومات، وتسلطن ابنه الملك الصالح محمد، ثم خلع بعد مدة يسيرة بالملك الأشرف برسباي الدقماقي، فعند ذلك أخذ الزيني عبد الباسط يتقرب إليه بالتقادم الهائلة والتحف الظريفة، وفتح له أبواباً في جمع الأموال، وإنشاء العمائر، وكان عند الملك الأشرف بعيض طمع، فطال عبد الباسط بذلك واستطال حتى صار هو المشار إليه والمعول عليه في الدولة، ونالته السعادة، ورأى من الوجاهة والحرمة ما لم ينله أحد في زمانه. على أنه كان في الغالب لا يسلم من معاند عند الملك الأشرف لكنه كان لا يظهر ذلك عنه لكل أحد لما كان يبذله من الأموال والهدايا والتحف، والمعاندون له أولهم عظيم الدولة الأشرفية الأمير جانبك الأشرفي الدوادار الثاني، فلا زال عبد الباسط يخدمه ويتقرب إليه حتى أراحه الله منه بالموت، فنبز له القاضي بدر الدين محمد بن مزهر كاتب السر، فصار حال عبد الباسط معه في شدة ورخاء إلا أن صوته في قول ضعيف، ثم نبز له الأمير صفي الجزء: 7 ¦ الصفحة: 139 الدين جوهر القنقباوي الخازندار وعظم في الدولة وصار أمور المملكة بيده، فخضع له عبد الباسط ودار معه حيثما أداره جوهر المذكور، كل ذلك لا يظهر عنه أنه انحط قدره عند السلطان. ولا زال يتستر بقبوله كل ما أمره به الملك الأشرف من الكلف والوظائف التي عجز أربابها عن القيام بكلفها إلى أن مات الملك الأشرف، برسباي في سنة إحدى وأربعين وثمانمائة، وتسلطن ولده الملك العزيز يوسف، وكثر الكلام بين المماليك الأشرفية في تفرقة الإقطاعات، حصل لعبد الباسط المذكور بعض إهانة من بعض الخاصكية الأشرفية، بالكلام، فالتجأ إلى الأمير الكبير جقمق العلائي، ثم مضت أيام وخلع الملك العزيز يوسف وتسلطن الملك الظاهر جقمق، فأخلع على عبد الباسط باستمراره في وظيفة نظر الجيش، فباشرها أشهراً، وقبض الملك الظاهر جقمق عليه وحبسه بالمقعد على باب البحرة المطل على الحوش السلطاني بقلعة الجبل في يوم الخميس ثامن عشرين ذي الحجة من سنة اثنتين وأربعين وثمانمائة، وصمم على أنه يأخذ منه ألف ألف دينار، فأخذ القاضي كمال الدين البارزي كاتب السر يتكلم في أمره وساعده أيضاً جماعة الجزء: 7 ¦ الصفحة: 140 من أعيان الدولة، ولا زالوا بالسلطان حتى أخذ منه مائتي ألف دينار وخمسين ألف دينار بعد أن نقل إلى البرج بقلعة الجبل، وأهين باللفظ غير مرة، ثم أطلق واستمر بالقلعة، ورسم له بالتوجه إلى الحجاز، فأخذ في تجهيز أمره حتى انتهى حاله طلبه الملك الظاهر من نائب القلعة في يوم الثلاثاء ثماني عشر شهر ربيع الآخر سنة ثلاث وأربعين، فدخل إله ومعه أعيان أهل الدولة، فأخلع عليه السلطان وعلى عتيقة جانبك الإستادار، ونزلا من القلعة إلى مخيم عبد الباسط بالريدانية خارج القاهرة، واجتمع عليه أولاده وعياله وحواشيه، وسافر بهم الجميع إلى مكة في يوم الاثنين ثامن عشر إلى أن وصل إلى مكة وأقام بها إلى سنة أربع وأربعين وثمانمائة رسم له بالعود إلى الشام، فتوجه إلى دمشق وأقام بها سنيات، وقدم إلى القاهرة بإذن، فكان يوم قدومه يوماً مشهوداً، وطلع إلى السلطان بالحوش السلطاني وقبل الأرض، وأخلع عليه كاملية صوف أبيض بفرو سمور، وعلى أولاده، ونزل إلىداره، ثم قدم تقدمة هائلة - ذكرناها في الحوادث - وأقام بالقاهرة مدة، ثم عاد إلى دمشق بعد أن أنعم عليه السلطان بإمرة عشرين بها، واستمر بدمشق سنيات، ثم قدم إلى القاهرة ثانياً واستوطنها وحج في الرجبية في سنة ثلاث وخمسين وثمانمائة، وعاد بعد الحج إلى القاهرة في سنة أربع وخمسين، واستمر بها حتى مرض أشهراً ومات وقت المغرب من يوم الثلاثاء رابع شوال سنة أربع وخمسين وثمانمائة، وصلى عليه من الغد بمصلاة باب النصر، ودفن بتربته التي أنشأها بالصحراء، رحمه الله. الجزء: 7 ¦ الصفحة: 141 وكان جميلاً وسيماً، ذا شكالة حسنة ووجه مليح، وكان للطول أقرب رأيته بلحية سوداء ثم بيضاء، فكان في كليهما مليحاً صبيحاً. وكان صاحب دهاء ومعرفة ورأي وتدبير، عارفاً بأمور دنياه، عالي الهمة، مقداماً، مبذلاً للأموال في نفوذ كلمته وإظهار حرمته، لا يلتفت إلى ما يتلفه من الأموال في هذا المعنى. وكان صاحب معروف وصدقات وكرم وإنعام على حواشيه ومن يلوذ به، على أن سيئاته لهم كانت أضعاف حسناته لشراسة خلقه وبذاءة لسانه، وسوء بادرته، وحدة مزاجه، مع ظلم وعسف، وسطوة وجبروت، وخفة وطيش، بحيث إنه كان إذا تغير على أحد لا يمنعه منه إلا ذهاب روحه، وكان يعاقب على الذئب الخفيف الألف عصاه فما دونها، وقتل من خدمه جماعة تحت العقوبة، يعرف ذلك من له به إلمام وصحبة، هذا مع التكبر والتعاظم على من دونه، والتواضع والانخفاض لمن هو فوقه، مع أنه كان إذا حنق يتساوى عنده الكبير والصغير، غير أنه كان إذا راق مزاجه يتدارك أمره مع الكبير ويبذل له ما قل وما جل، ولا يزال به حتى يسترضيه، وأما الصغير فحاله موقوف معه إلى يوم القيامة. وكان متجملاً في ملبسه ومركبه وحواشيه وذويه، مغرماً بالأشياء الحسنة من كل صنف، جماعة الجياد الحيل والتحف. الجزء: 7 ¦ الصفحة: 142 وكان يحب الدعابة في مجلسه والسفه، بحيث إن جلساءه كانوا يصفعون بعضهم بعضاً بحضرته، وربما شاركهم هو في ذلك، وكان مزحه مع ندمائه يؤدي إلى العقوبة والنكاية والبهدلة، وكان يكره المذاكرة بالشعر والأدب وأيام الناس، وما كان ينقضي مجلسه إلا بما ذكرناه لبعده عن سائر العلوم، وعدم إلمامه بكل فن، مع أنه كان حاذقاً ذكياً فطناً إلا أنه كان قد صرف جميع حواسه وهمته إلى أمور دنياه حتى نال من السعادة والوجاهة ووفور الحرمة ما لم ينله غيره في زمانه. وكان مهاباً، ذا حرمة وناموس على حواشيه، أقام بطالاً هذه المدة الطويلة وهو على ما هو عليه من الحرمة والعظمة والوجاهة. وعمر في أيامه عدة عمائر في سائر البلاد من جوامع ومساجد ومآثر لا حاجة في ذكرها لأنها منسوبة له، ولا نعلم أحداً سُمي باسمه من قبله، فمهما كان لاسمه منسوباً فهو له، ولا حاجة في الإطالة، رحمه الله تعالى، وعفا عنا وعنه. 1359 - عالم تيمورلنك 770 - 805 هـ؟ 1368 - 1402م عبد الجبار بن نعمان بن ثابت الخوارزمي الحنفي، الشيخ الإمام العلامة صاحب تيمورلنك وعالمه. الجزء: 7 ¦ الصفحة: 143 مولده في حدود سنة سبعين وسبعمائة، كان إماماً عالماً، بارعاً مفنناً، متقنا للفقه والأصلين، والمعاني والبيان والعربية واللغة، وانتهت إليه الرئاسة في أصحاب تيمور، كان هو عظيم الدولة التمرية، ولما قدم تيمور إلى البلاد الشامية كان عبد الجبار هذا معه، وجالس علماء البلاد الشامية وباحث هم، ورآه غير واحد ممن أدركناهم من الفقهاء وغيرهم، وكان فصيحاً باللغات الثلاثة: العربية والعجمية والتركية، وكان له ثروة وعظمة ووجاهة وحرمة زائدة إلى الغاية، وكان ينفع المسلمين في غالب الأحيان عند تيمور لعنه الله، وكان يتبرم من صحبة تيمور ولم يسعه إلا موافقته، ولم يزل عنده حتى مات في ذي القعدة سنة خمس وثمانمائة، رحمه الله تعالى. 1360 - ابن سبعين ... - 668هـ؟ ... - 1269م عبد الحق بن إبراهيم بن محمد بن نصر بن محمد بن نصر بن محمد بن سبعين، الجزء: 7 ¦ الصفحة: 144 قطب الدين أبو محمد المرسي المرقوطي الصوفي. كان صوفياً على قاعدة الفلاسفة ويميل إلى الزندقة، وله كلام في العرفان وتصانيف، وله مريدون وأتباع يعرفون بالسبعينية، وغالب كلامه محشو بكلام الفلاسفة. قال الحافظ شمس الدين محمد أبو عبد الله الذهبي: ذكر شيخنا قاضي القضاة تقي الدين بن دقيق العبد قال: جلست مع ابن سبعين من ضحوة إلى قريب الظهر وهو يسرد كلاماً تعقل مفرداته ولا تعقل مركباته، قال الذهبي: واشتهر عنه أنه قال: لقد تحجر ابن آمنة واسعاً بقوله: لا نبي بعدي، فإن كان ابن سبعين قال هذا فقد خرج به من الإسلام، مع أن هذا الكلام هو أهون وأخف من قوله في رب العالمين أنه حقيقة الموجودات - تعالى الله عن ذلك علواً كبيراً -، وحدثني فقير صالح أنه صحب فقراء من السبعينية فكانوا يهونون الجزء: 7 ¦ الصفحة: 145 له ترك الصلاة وغير ذلك، قال: وسمعت ابن سبعين فصد بمكة وترك الدم يخرج حتى تصفي، ومات بمكة في ثامن عشرين شوال سنة ثمان وستين وستمائة، وله خمس وخمسون سنة، انتهى كلام الذهبي باختصار. قلت: هو زنديق فيلسوفي بلاد مدافعة، وإن كان ما ذكره الذهبي من قتله لنفسه حقاً فهوا أيضاً في جهنم، لأنا نفرض أنه كان صحيح الإسلام وكل ما نسب إليه كذب، فقد قتل نفسه فهو عاص بلا شك، وبالجملة فإنه كان أخبث الناس وأسوأهم حالاً واعتقاداً، عليه من الله ما يستحقه. وقال الشيخ صلاح الدين الصفدي: وقد اجتمعت بأصحاب أصحابه فرأيتهم ينقلون عن أولئك أن ابن سبعين كان يعرف السيمياء والكيمياء، وأنهم كانوا يقولون: أنفق فينا ثمانين ألف دينار، وأنه كان لا ينام كل ليلة حتى يكرر على ثلاثين سطراً من كلام غيره، وأنه لما خرج من وطنه كان ابن ثلاثين سنة، وخرج في خدمته جماعة من الطلبة والأتباع وفيهم الشيوخ، وأنهم لما أبعدوا بعد عشرة أيام أدخلوه الحمام ليزيل وعثاء السفر، فدخلوا في خدمته، واحضروا له قيماً يحك رجليه، فسألهم عن وطنهم لما استغربهم، فقالوا له: من الجزء: 7 ¦ الصفحة: 146 فلانة، فقال لهم من البلد التي ظهر فيها هذا الزنديق ابن سبعين، فأومأ إليهم أن لا يتكلموا، وقال هو: نعم، وأخذ يسبه ويلعنه كثيراً، وهو يقول له استقص في الحك، ودام القيم يزيد في اللعن والذم إلى أن عرفه بعض مريديه فسكت. قلت: وهذا أيضاً مما يدل على صدق ما قيل في حقه لعظم الإشاعة في زمانه من مبدأ أمره إلى أن مات، خزاه الله، وقابله بأفعاله القبيحة. ؟؟ 1361 - ابن تيمية 627 - 682 هـ؟ 1229 - 1283م عبد الحليم بن عبد السلام بن تيمية، أبو محمد، وقيل أبو المحاسن الحراني الحنبلي، أحد علماء الحنابلة. ولد بحران في ثاني عشر شوال سنة سبع وعشرين وستمائة، وسمع من عماد ابن منيع، وسرايا بن معالي، وأسعد بن أبي النهم، وإبراهيم بن الزيات، وعبد الرزاق بن أحمد بن أبي الوفاء، والمرجا بن شقيرة، وعلوان بن جميع، وصدقة بن الطواجهيلي، وأحمد بن سلامة النجار، وجماعة غيرهم، وسمع، الجزء: 7 ¦ الصفحة: 147 من والده، وابن اللتي، وابن الأميري القزويني، وابن رواحة، وابن خليل، وسماعه من ابن اللتي بحلب، وتفقه وبرع في الفقه، وتميز في عدة فنون من الفضائل، ودرس ببلده وأفتى وخطب ووعظ وفسر، وولى هذه المناصب عقيب موت والده، وعمره خمس وعشرون سنة إلى أن نزح عن البلد وهاجر إلى دمشق واستوطنها، بعد استيلاء التتار على حران. وكان أبوه مجد الدين من العلماء الأعلام، وهو والد الشيخ الإمام العلامة تقي الدين أحمد بن عبد الحليم بن تيمية الإمام المشهور. ولعبد الحليم هذا إجازة من ابن الزبيدي، والسهروردي، وعمر بن كرم، وعبد اللطيف بن الطبري، وعز الدين بن الأثير، وابن الأنجب الحمامي وأبو صالح نصر بن الحنبلي، وأجازه الموفق عبد اللطيف البغدادي سنة ثمان وعشرين وستمائة، ومن ابن العماد، وعيسى من الإسكندرية، ومن جماعة من ديار مصر ودمشق وحلب. مات في ليلة الأحد، وقيل ليلة الاثنين سلخ ذي الحجة سنة اثنتين وثمانين وستمائة، ودفن بمقابر الصوفية بدمشق، رحمه الله تعالى وعفا عنه. الجزء: 7 ¦ الصفحة: 148 ؟ 1362 - الخسروشاهي 580 - 652 هـ؟ 1184 - 1254م عبد الحميد بن عيسى بن عمويه بن يونس بن خليل، الإمام العلامة شمس الدين أبو محمد الخسر وشاهي التبريزي. ولد سنة ثمانين بخسروشاه، كان إماماً في المعقول، وسمع من المؤيد الطوسي، وبرع في الكلام وتفنن، ودرس وأقرأ، واشتغل عليه زين الدين ابن المرحل وغيره، وتنقل في عدة بلاد إلى أن توفي سنة اثنتين وخمسين وستمائة بدمشق، رحمه الله تعالى، وعفا عنه. ؟ 1363 - ابن أبي الحديد 586 - 655 هـ؟ 1190 - 1257م عبد الحميد بن هبة الله بن محمد بن محمد بن أبي الحديد، عز الدين أبو حامد المدائني المعتزلي، الفقيه الشاعر، أخو موفق الدين. الجزء: 7 ¦ الصفحة: 149 ولد سنة ست وثمانين وخمسمائة، وهو معدود من الشعراء، وله ديوان شعر بأيدي الناس، روى عنه الدمياطي، وله مصنفات منها: كتاب الفلك الدائر في المثل السائر صنفه في ثلاثة عشر يوماً، وكتب إليه أخوه موفق الدين يقول: المثل السائر يا سيدي ... صنفت فيه الفلك الدائرا لكن هذا فلك دائر ... أصبحت فيه المثل السائرا توفي سنة خمس وخمسين وستمائة، رحمه الله تعالى، وعفا عنه. ؟ 1364 - النشتبري 537 - 649 هـ؟ 1142 - 1251م عبد الخالق بن الأنجب بن المعمر بن الحسن، الفقيه الملقب بالحافظ أبو محمد ضياء الدين العراقي النشتبري بنون بعدها شين معجمة وتاء مثناة من فوق مفتوحة ومكسورة وياء موحدة ساكنة المارديني، نزيل دنيسر وماردين. الجزء: 7 ¦ الصفحة: 150 سمع ببغداد من ابن شاتبك وغيره، وبدمشق ومصر، وكان مولده سنة سبع وثلاثين وخمسمائة، وكان فقيهاً، عالماً مفنناً، وروى عنه الحافظ شرف الدين الدمياطي، ومجد الدين بن العديم، وابن الطاهر، وجماعة، وتوفي سنة تسع وأربعين وستمائة، رحمه الله تعالى. ؟ 1365 - أبو الحسن الموصلي 604 - 680 هـ؟ 1207 - 1281م عبد الدائم بن محمود بن مودود بن محمود بن بلدجي، تقدم ذكر أخيه عبد الله مصنف كتاب المختار في الفقه، ويأتي ذكر والده وأخوته أيضاً في محلهم، الشيخ الإمام أبو الحسن الموصلي، المحدث الحنفي. كان إماماً عالماً، فقيهاً، معدوداً من أعيان السادة الحنفية، مولده بالموصل في سنة أربع وستمائة، اسمعه أبوه الكثير، وطاف به على المشايخ، واستجاز له جماعة من المشايخ، ولإخوته، وتفقه بوالده وغيره، وبرع في الفقه والعربية والأصلين، وتصدر للإقراء والتدريس مدة سنين وحدث، سمع منه أبو العلاء الفرضي، وذكره في معجم شيوخه، قال: كان فقيهاً، عالماً فاضلاً، مفتياً، مدرساً، عارفاً بالمذهب، مكثراً، زاهداً عابداً من الحديث والرئاسة. الجزء: 7 ¦ الصفحة: 151 قلت: كانت وفاته بالموصل في يوم الاثنين ثالث شعبان سنة ثمانين وستمائة، ودفن بمقبرة قضيب البان ظاهر الموصل، قاله الحافظ عبد القادر في طبقاته، رحمه الله تعالى. 1366 - ابن قنينو الإربلي 638 - 717 هـ؟ 1240 - 1317م عبد الرحمن بن إبراهيم قنينو، الملقب بدر الدين أبو محمد الإربلي، الشاعر المشهور. كان فقيهاً أديباً نحوياً، مدح الملوك والأكابر، وله النظم الرائق، من ذلك:؟ ومدامةً حمراء تش - به خد من أهوى ودمعي؟ يسعى بها قمراً أع - ز علي من نظري وسمعي وله أيضاً: وغريرة هيفاء باهرة السنا ... طوع العناق مريضة الأجفان غنت وماس قوامها فكأنما ... الورقاء تسجع فوق غصن البان الجزء: 7 ¦ الصفحة: 152 توفي بإربل في سنة سبع عشرة وسبعمائة عن تسع وسبعين سنة، رحمه الله تعالى. ؟ 1367 - تاج الدين الفزاري 624 - 690 هـ؟ 1227 - 1291م عبد الرحمن بن إبراهيم بن سباع بن ضياء، الإمام العلامة مفتي الإسلام فقيه الشام تاج الدين أبو محمد الفزاري البدري، المصري الأصل، الدمشقي الشافعي، الفركاح. ولد في شهر ربيع الأول سنة أربع وعشرين وستمائة. قال ابن أيبك الصفدي: تفقه في صغره على الشيخ عز الدين بن عبد السلام، والشيخ تقي الدين بن الصلاح، وبرع في المذهب وهو شاب، وجلس للإشغال وله بعض وعشرين سنة، ودرس في سنة ثمان وأربعين، وكتب في الفتاوى الجزء: 7 ¦ الصفحة: 153 وقد كمل الثلاثين، ولما قدم النووي من بلده أحضروه ليشتغل عليه، حمل همه وبعث به إلى مدرس الرواحية ليصبح له بها بيت ويرتفق بمعلومها، وكانت الفتاوى تأتيه من الأقطار، وإذا سافر لزيارة القدس يترامى أهل البر على ضيافته، وكان أكبر من الشيخ محيي الدين النووي بسبع سنين، وهو أفقه نفساً وأزكى، وأقوى مناظرة من الشيخ محي الدين بكثير، وقيل إنه كان يقول: إيش قال النووي في مزبلته - يعني الروضة - وكان الشيخ عز الدين ابن عبد السلام يسميه الدويك لحسن بحثه، انتهى كلام الصفدي باختصار. قال الحافظ أبو عبد الله الذهبي: وسمع البخاري من ابن الزبيدي، وسمع من ابن باسويه، وابن المنجا، وابن اللتي، ومكرم بن أبي طاهر، وابن الصلاح، والسخاوي، وتاج الدين بن حمويه، والزين أحمد بن عبد الملك، وخرج له البرزالي عشرة أجزاء صغار عن مائة نفس، وسمع منه ولده الشيخ برهان الدين، وابن تيمية، والمزي، والقاضي ابن صصرى، وكمال الدين بن الزملكاني، الجزء: 7 ¦ الصفحة: 154 وابن العطار، وكمال الدين الشهبي، والمجد الصيرفي، وأبو الحسن الختمي، والشمس محمد بن رافع الرحبي، وعلاء الدين المقدسي، والشريف بن سيده، وزكي الدين زكريا، وتخرج به جماعة من القضاة والمدرسين والمفتيين، ودرس، وناظر، وصنف، وانتهت عليه رئاسة المذهب، كما انتهت إلى ولده. كان ممن بلغ رتبة الاجتهاد، ومحاسنة كثيرة، وكان يلثغ بالراء غينا، وكان لطيف اللحية، قصيراً، حلو الصورة، ظاهر الدم، مفركح الساقين بهما حتف ما، انتهى كلام الذهبي. قيل: إنه كان يركب البغلة ويحف به أَصحابه، ويخرج معهم إلى الأماكن النزهة، ويباسطهم، وله في النفوس صورة عظيمة لدينه وعلمه وتواضعه وخيره، وكان مفرط الكرم، وله تصانيف، من ذلك: الإقليد في شرح التنهيه، وكشف القناع في حل السماع، وكان له يد في النظم والنثر وعدة علوم، ولم يزل ملازماً للاشتغال والإشغال إلى أن توفي سنة تسعين وستمائة، وقد عاش ستا وستين سنة وثلاثة أشهر، ودفن بمقابر باب الصغير بدمشق، وشيعه خلق كثير، رحمه الله تعالى. الجزء: 7 ¦ الصفحة: 155 ومن شعره ما كتبه لزين الدين عبد الملك بن العجمي، ملغزاً في اسم بيدرا: يا سيداً ملأ الآفاق قاطبةً ... بكل فن من الألغاز مبتكر ما اسم مسماه بدر وهو مشتمل ... عليه في اللفظ إن حققت في النظر ؟ وأن تكن مسقطاً ثانية مقتصراً عليه في الحذف أضحى واحد البدر وله أيضاً دوبيت: ما أطيب ما كنت من الوجد لقيت ... إذ أصبح بالحبيب صبا وأبيت ؟ واليوم صحا قلبي من سكرته ما أعرف في الغرام من أين أتيت انتهى. الجزء: 7 ¦ الصفحة: 156 ؟ 1386 - البسطامي 653 - 728 هـ؟ 1255 - 1327م عبد الرحمن بن أبي بكر محمد بن محمود، الشيخ الإمام كمال الدين أبو القاسم البسطامي الحنفي، الفقيه المحدث. ولد سنة ثلاث وخمسين وستمائة بحلب، وسمع من النجيب عبد اللطيف بإفادة خاله أبي العباس أحمد بن موسى بن محمود الحنفي، وحدث عنه، وتفقه على جماعة من مشايخ عصره حتى برع في الفقه وغيرهن ودرس، وأفتى، وناب في الحكم، وتصدر للإقراء والإشغال سنين عديدة. قال الحافظ عبد القادر: وسمعت منه وتفقهت به، وكان عفيفاً، ديناً عالماً، مات في ليلة يسفر صباحها عن سابع شهر رجب سنة ثمان وعشرين وسبعمائة بالمدرسة الفارقانية من القاهرة، ودفن بالقرافة بتربة قاضي القضاة شمس الدين السروجي، في جوار ضريح الإمام الشافعي رضي الله عنه، وهو والد الجزء: 7 ¦ الصفحة: 157 شيخنا قاضي القضاة زين الدين أبي جعفر عمر، انتهى كلام الحافظ عبد القادر، رحمه الله تعالى. 1369 - العضد ... - 753هـ؟ ... - 1352م عبد الرحمن بن أحمد بن عبد الغفار، الشيخ الإمام العلامة وحيد دهره وفريد عصره زين الدين، المعروف بالعضد، الفقيه المفنن الحنفي المصنف. كان إماماً عالماً بارعاً، وله اليد الطولى في علمي المعقول والمنقول، وتولى قضاء القضاة بمملكة بو سعيد ملك التتار، بل كان هو المشار إليه بتلك الممالك، والمعول على فتواه وحكمه، وتصدى للإقراء والفتيا والتصنيف عدة سنين، ومن مصنفاته شرح المختصر، والمواقف والجواهر، وغير ذلك في عدة فنون، وكان إماماً باراً متقناً، يضرب بعلمه المثل، وكان كريماً عفيفاً جواداً، حسن السير ة، م شكور الطريقة إلى أن توفي سنة ثلاث وخمسين وسبعمائة، ووجد الناس عليه كثيراً، رحمه اله تعالى. الجزء: 7 ¦ الصفحة: 158 ؟ 1370 - أبو حبيب عبد الرحمن بن أحمد، الشيخ أبو حبيب المغربي. ولد بالمحمدية، وتأدب بالأندلس، دخلها صغيراً مع أبيه، وكان من صالحي الأمة وعبادها وزهادها، وكان فقيهاً بارعا. بارزا في الأدب وصناعة الشعر، ذكياً حاذقاً مفننا، ومن شعره: أضحى عذولي فيه من عشاقه ... لما بدا كالبدر في إشرافه وغدا يلوم ولومه لي غيرة ... منه عليه ليس من إشفاقه قمر تنافست الجوانح والصبا ... في حبة لتفوز عند عناقه في خده نور تفتح ورده ... ألحاظه منعته من عشاقه الجزء: 7 ¦ الصفحة: 159 1371 - ابن الفاقوسي ... - 682هـ؟ ... - 1283م عبد الرحمن بن أحمد بن العباس بن أحمد بن بشر، جمال الدين أبو الفرج المصري ثم الدمشقي، المعروف بابن الفاقوسي، إمام المدرسة المجاهدية. روى عن ابن الحرستاني، وابن ملاعب، وابن البن، وروى عنه البرزالي، والمزي، وابن تيمية، وكان فهي نباهة، وخطه جيد، توفي سنة اثنتين وثمانين وستمائة عن نحو خمس وسبعين سنة، رحمه الله تعالى. ؟ 1372 - تاج الدين الأذرعي 759 - 838 هـ؟ 1358 - 1434م عبد الرحمن بن أحمد بن حمدان بن أحمد، القاضي تاج الدين بن القاضي شهاب الدين الأذرعي الحلبي الشافعي، قاضي دمنهور. ولد بحلب في مستهل المحرم سنة تسع وخمسين وسبعمائة، وسمع الحديث وتفقه بحلب، ثم قدم القاهرة واستوطنها سنين ثم ولي قضاء دمنهور دهراً إلى أن توفي بها في يوم الاثنين ثاني عشر شعبان سنة ثمان وثلاثين وثمانمائة. وكان عنده فضيلة وأدب، وله نظم ونثر. الجزء: 7 ¦ الصفحة: 160 أخبرني الشيخ تقي الدين المقريزي قال: أخبرني عن أبيه أنه أخبره أنه رأى في منامه رجلاً واقفاً أمامه وأنشده: كيف نرجو استجابةً لدعاء ... قد سددنا طريقه بالذنوب قال: فنشده ارتجالاً: كيف لا يستجيب ربي دعائي ... وهو سبحانه دعاني إليه مع رجائي لفضله وابتهالي ... واتكالي في كل خطب عليه انتهى. ؟ 1373 - ابن الشيخة 715 - 799 هـ؟ 1315 - 1369م عبد الرحمن بن أحمد بن مبارك بن حماد، الشيخ المعمر المسند المعتقد، زين الدين أبو الفرج، المعروف بابن الشيخة. كان شافعي المذهب، وكان عنده فضل ودين متين، ولد في سنة خمس الجزء: 7 ¦ الصفحة: 161 عشرة وسبعمائة، وأخذ الفقه عن السبكي، وسمع الكثير وأسمع، وكان للناس فيه اعتقاد حسن، توفي تاسع عشرين شهر ربيع الآخر سنة تسع وتسعين وسبعمائة. رحمه الله تعالى. ؟ 1374 - ابن عياش المقرئ 772 - 853 هـ؟ 1370 - 1449م عبد الرحمن بن أحمد بن محمد بن محمد بن يوسف بن علي بن عياش، الشيخ المقرئ المسند المعمر زين الدين أبو محمد ابن الشيخ المقرئ الزاهد شهاب الدين، الشهير بابن عياش. ولد بدمشق في شهر ربيع الأول سنة اثنتين وسبعين وسبعمائة، وأخذ عن أبيه القراءات السبع إفراداً، وقرأ عليه ختمة جامعة للقراءات العشرة، بما تضمنه كتاب ورقات المهرة في تتمة قراءات الأئمة العشرة تأليف والده العلامة الجزء: 7 ¦ الصفحة: 162 شهاب الدين بن عياش، وقرأ على الشيخ شمس الدين محمد بن أحمد العسقلاني القراءات العشرة، فساوى والده في علو السند، وذلك لما رحل إلى القاهرة في سنة إحدى وتسعين وسبعمائة بجامع ابن طولون وبظاهره، ثم رحل إلى مكة المشرفة واستوطنها، وانتصب بها لإقراء القرآن العظيم بالقراءات في المسجد الحرام كل يوم، وانتفع به عامة الناس، وصار رحلة في زمانه، وتردد إلى المدينة النبوية وجاور بها غير مرة، وتصدى بها للإقراء، واستمر فيها سنين، ثم عاد إلى مكة واستمر بها أيضاً ملازماً للإشعال إلى أن قدر الله لي بالمجاورة بمكة المشرفة في سنة اثنتين وخمسين وثمانمائة وجدته قد عجز عن الحركة إلا بكلفة زائدة، فأردت زيارته والقراءة عليه غير مرة، فلم يقدر الله بالاجتماع، وعدت إلى القاهرة في موسم سنة ثلاث وخمسين وثمانمائة ثم ورد علي خبر موته بمكة في السنة المذكورة: رحمه الله تعالى. ؟ 1375 - ابن رجب ... 5 79هـ؟ ... - 1392م عبد الرحمن بن أحمد بن رجب، ويقال لرجب عبد الرحمن بن الحسن بن الجزء: 7 ¦ الصفحة: 163 محمد بن أبي البركات مسعود، الشيخ الإمام العلامة الحافظ زين الدين أبو الفرج ابن الإمام المقرئ المحدث شهاب الدين أبي العباس البغدادي، ثم الدمشقي الحنبلي. سمع من محمد بن الخباز، وإبراهيم بن داود العطار، والميدومي، والترمذي، وشرع في شرح البخاري فوصل إلى الجنائز، وكتب طبقات الحنابلة ذيل به على كتاب القاضي أبي يعلى محمد بن الحسين الفرا، وكان أحد الأئمة العلماء الزهاد العاملين إلى أن مات في شهر رجب سنة خمس وتسعين وسبعمائة بدمشق، ودفن بمقابر باب الصغير، رحمه الله تعالى. ؟ 1376 - أبو شامة شارح الشاطبية 599 - 665 هـ؟ 1202 - 1266م عبد الرحمن بن إسماعيل بن إبراهيم بن عثمان، العلامة ذو الفنون شهاب الدين الجزء: 7 ¦ الصفحة: 164 أبو القاسم، القدسي الأَصل الدمشقي الشافعي، الفقيه المقرئ النحوي، المعروف بأبي شامة. ولد بدمشق في إحدى الربيعين سنة تسع وتسعين وخمسمائة، وقرأ القراءات على الشيخ علم الدين السخاوي، وسمع بالإسكندرية من أبي القاسم عيسى بن عبد العزيز، وغيره، وعني بالحديث، ودأب وحصل، وقرأ بنفسه، وكتب الكثير من العلوم، ودرس وأفتى، وبرع في العربية، وصنف كتباً كثيرة، من ذلك شرحاً نفيساً للشاطبية، واختصر تاريخ دمشق مرتين الأولى في خمسة عشر مجلداً والثانية في خمسة، وشرح القصائد النبوية للسخاوي في مجلد، وله كتاب الروضتين في أخبار الدولتين النورية والصلاحية، يعني نور الدين الشهيد والسلطان صلاح الدين يوسف بن أيوب، وكتاب الذيل عليهما، وكتاب شرح الحديث المقتفي في مبعث المصطفى، وكتاب ضوء الساري في معرفة الباري، والمحقق في علم الأصول فيما يتعلق بأفعال الرسول، والباعث على إنكار البدع والحوادث، وكتاب السواك، وكشف حال بني عبيد، والأصول من الأصول، ومفردات القراء، ومقدمة في النحو، ونظم مفصل الزمخشري، وكان له يد في النظم والنثر. الجزء: 7 ¦ الصفحة: 165 ومن شعره في السبعة الذين يظلهم الله بظله يوم لا ظل إلا ظله. إمام محب ناشئ متصدق ... وباكٍ مصل خائف سطوة الباس يظلهم الله الجليل بظله ... إذا كان يوم العرض لا ظل للناس أشرت بألفاظ تدل عليهم ... فيذكرهم بالنظم من بعضهم ناس وله أيضاً في المعنى: وقال النبي المصطفى إن سبعةً ... يظلهم الله العظيم بظله محب عفيف ناشئ متصدق ... وباكٍ مصل والإمام بعدله توفي المذكور في تاسع شهر رمضان سنة خمس وستين وستمائة، رحمه الله تعالى. 1377 - رشيد الدين النابلسي ... - 619هـ؟ - 1222م عبد الرحمن بن بدر بن الحسن بن الفرج بن بكار، الشيخ رشيد الدين النابلسي، الأديب البليغ. كان شاعراً مفلقاً، مدح الملك الناصر صاحب الشام وأولاده، ومدح الملوك والأكابر. الجزء: 7 ¦ الصفحة: 166 قال الشيخ شهاب الدين أحمد القوصي في معجمه: أنشدني لنفسه سنة سبع وتسعين وخمسمائة فيمن اسمه بدر: يا من عيون الآنام ترقبه ... رقبة شهر الصيام والفطر ؟ وإنما يرقب الهلال فلم ترقب بعد الكمال يا بدري ومن شعره قصيدة لها أربع قوافي: كم الحشى معذب، موجع ... على المدى. صب الفؤاد مغرم بناره ملتهب. ملذع ... ما خمدا. أواره والضرم حكم فيه أشنب. ممنع ... من الفدا. فهو الأسير المسلم مبتعد مجتنب. مودع ... تعمدا. وهو القريب الأمم زمانه تعتب. وولع ... قد أكمدا. من عز فهو يحكم ما الحب إلا لهب. ومدمع ... تجدداً. ولوعة وسقم يا هل إليه سبب. ممتع ... يولي بدا. من لبه مخترم ما أنا إلا أشعب. وأطمع ... فيما عدا. فما إليه سلم وهي تسعة وعشرون بيتاً، كلها على هذا النمط، توفي بعد الستمائة رحمه الله. الجزء: 7 ¦ الصفحة: 167 ؟ 1378 - ابن الكويز 805 - 877 هـ؟ 1402 - 1472م عبد الرحمن بن داود بن عبد الرحمن، الأمير زين الدين إستادار العالية، ابن القاضي علم الدين كاتب السر، ابن الرئيس زين الدين، الكركي الأَصل، المصري المولد والدار، الشهير بابن الكويز. مولده ... ونشأ على زي الجند إلى أن استقر في الدولة الأشرفية برسباي من جملة الدوادارية الصغار، وكان أبوه علم الدين إذ ذاك كاتب السر الشريف، ثم لما مات أبوه علم الدين استمر على وظيفته دهراً طويلاً إلى أن أخلع عليه الملك الأشرف برسباي باستقراره في نيابة الإسكندرية، بعد موت الأمير آقباي اليشبكي الجاموس وذلك في أوائل ذي القعدة سنة أربعين وثمانمائة، فتوجه إليها وباشر نيابتها إلى أن عزله الملك الظاهر جقمق بالأمير تمرباي في سنة اثنتين وأربعين وثمانمائة، وقدم المذكور إلى القاهرة وأقام بها ملازماً لداره إلى أن طلبه الملك الظاهر جقمق وولاه الأستادارية، بعد عزل الجزء: 7 ¦ الصفحة: 168 الأمير قيزطوغان العلاني في حدود سنة ست وأربعين وثمانمائة تقريباً، واستقر معه زين الدين يحيى قريب ابن أبي الفرج ناظر الديوان المفرد، فلم ينتج أمر عبد الرحمن هذا في الإستادارية وعزل زين الدين يحيى المذكور في إحدى الجمادين من سنة ست وأربعين وثمانمائة، ونكب نكبة خفيفة، واستمر بطالاً إلى سنة ثلاث وخمسين وثمانمائة خلع عليه باستقراره في إستادارية السلطان بدمشق على كره منه، فتوجه إلى دمشق وباشر الإستادارية بها أياماً قلائل، وكتب بالقبض عليه وضربه وحبسه بقلعة دمشق، وامتحن وصودر وآل أمره إلى الإفراج عنه وعوده إلى القاهرة على حمل عشرة آلاف دينار، فلم يسعه إلا أن التجأ لأبي الخير النحاس، وصار ملازماً لخدمته، ويركب وينزل أمامه، فحسن حاله بذلك يسيراً، فغلب خموله على سعد أبي الخير النحاس، وقبض السلطان عليه ووقع ما حكيناه في غير موضع، فعاد أمر عبد الرحمن هذا إلى أسوأ ما كان أولاً، ومقته أهل الدولة لتقربه لأبي الخير النحاس ولانضمامه عليه، واستمر ممقوتاً إلى يومنا هذا. ؟ 1379 - أبو شعرة 788 - 844 هـ؟ 1386 - 1440م عبد الرحمن بن سليمان بن أبي الكرم بن سليمان، الشيخ الإمام المحدث الفاضل الجزء: 7 ¦ الصفحة: 169 زين الدين أبو الفرج الدمشقي الحنبلي، المعروف بأبي شعرة. مولده بدمشق في شعبان سنة ثمان وثمانين وسبعمائة، وسمع على عبد القادر ابن إبراهيم الأرموي، وعائشة بنت ابن عبد الهادي، وعبد الله بن الشرائحي، وغيرهم، وتخرج بالحافظ شهاب الدين بن حجى، وبرع في الفقه، وتنقل للعبادة، وجلس للوعظ، وكان بارعاً في التفسير، كثير الاستحضار له، ورزق في وعظه حظاً، وعلا اسمه فيه وبعد صيته، وصار له أتباع وتلامذة، فحسد وعودي حتى أوذى ورمى بما يرمي به أوباش الحنابلة، وأظنه برئ مما قيل في حقه9، وجاور بمكة أولى وثانية، ووعظ فيها بمكة حتى وعظ في جوف البيت الحرام، وكان يزدحم الخلق عليه هناك، ويحصل بكلامه تأثير في القلوب، حكى لي غير واحد من أهل مكة أنه كان يحصل في مواعيده الفوائد الجليلة في علوم عديدة، والطيبة التامة لأرباب التصوف، وكان على كلامه رونق، فإنه كان بارعاً في الفقه وفروعه، مستحضراً لمذهب غيره مع اطلاعه الواسع لمذاهب السلف ومعرفة أحوال القوم، وكان محدثاً عارفاً بعلوم الحديث كالجرح والتعديل وغيره، وله مشاركة في النحو والأصول والتصوف، هذا مع العبادة والأوراد الهائلة، واستمر على ذلك إلى أن توفي بدمشق في ليلة السبت سابع عشر شوال سنة أربع وأربعين وثمانمائة، رحمه الله تعالى. الجزء: 7 ¦ الصفحة: 170 ؟ 1380 - سراج الدين الحراني ... - 643هـ؟ .. - 1245م عبد الرحمن بن شحاتة، المحدث الحراني، الشيخ الإمام سراج الدين، ومن شعره: عانقته من فوق أثوابه ... فازداد ما ألقى من البلوى فقلت نح الثوب يا سيدي ... لست أحب الخبز بالحلوى توفي بميافارقين سنة ثلاث وأربعين وستمائة. ؟ 1381 - الطباطبي المؤذن ... - 794هـ؟ .. - 1391م عبد الرحمن بن عبد الكافي الطباطبي، الشريف المؤذن. الجزء: 7 ¦ الصفحة: 171 كان قد حظي عند الملك الظاهر برقوق وتمكن عنده. حدثني الشيخ تقي الدين المقريزي قال: حدثني شمس الدين محمد بن عبد الله العمري - موقع الدست - قال: كنت في خدمة القاضي جمال الدين محمود العجمي قاضي قضاة الحنفية وناظر الجيش فركب يوماً وأنا معه إلى دار الشريف عبد الرحمن هذا، فتلقاه الشريف وأدخله إلى داره، واستعظم مجيئه إلى عنده، فبالغ محمود في التأدب معه، وقال له: يا سيد أنا استغفر الله مما وقع مني، فقال الشريف: وما الخبر يا سيدي؟ قال: لما دخلت البارحة إلى السلطان وجئت أنت وجلست فوقي أنفقت من هذا في سري، وقلت: كيف يجلس هذا فوقي ومحلي من الدولة ما يعرف؟ وشق على ذلك وقمت، ولم يشعر أحد من خلق الله بشيء من ذلك، بل كان مما حدثت به نفسي، فلما نمت رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم في النوم، وهو يقول لي: يا محمود تستقل ابني أن تجلس تحته، فاستغفرتن مما وقع مني، وقد جيئنك تائباً، وأسألك الدعاء، فبكى الجميع، وكانت ساعة عظيمة، انتهى. قلت: وكانت وفاة الشريف عبد الرحمن هذا في ثامن شوال سنة أربع وتسعين وسبعمائة، رحمه الله تعالى. الجزء: 7 ¦ الصفحة: 172 ؟ 1382 - ابن مكانس ... - 794هـ؟ ... - 1391م عبد الرحمن بن عبد الرزاق بن إبراهيم، الرئيس فخر الدين أبو الفرج، وقيل أبو الفضل، ابن شمس الدين ابن علم الدين، الشهير بابن مكانس القبطي، الحنفي، الأديب الشاعر. مولده بالقاهرة ونشأ بها، وتعانى قلم الديونة، وغلب عليه الأدب حتى صار بارعاً فيه إلى الغاي ة، م ع المشاركة الجيدة في أنواع الأدبيات، ثم ولي نظر الدولة بديار مصر مدة طويلة، ثم صار وزيراً بدمشق، فباشرها مدة إلى أن طلب إلى القاهرة ليستقر بها وزيراً فأسقى في الطريق فدخل القاهرة ميتاً، وقيل مات بعد أيام في خامس عشر ذي الحجة سنة أربع وتسعين وسبعمائة. الجزء: 7 ¦ الصفحة: 173 قال المقريزي بعد أن أثنى على أدبه وفضله: إلا أنه كان لعرافة آبائه في النصرانية يستخف بالإسلام وأهله ويخرج ذلك في أساليب من سخفه وهزله، أخبرني البدر محمد بن إبراهيم البشتكي - وكان قد عاشره دهراً طويلاً - أنه سمع المؤذن وهو يقول في آذانه: وأشهد أن محمداً رسول الله، فقال هذا: محضر له ثمانمائة سنة نودي فيه الشهادة وما ثبت، ومات عنده عدة بنات نصارى، عامله الله بما يستحقه. انتهى كلام المقريزي. قلت: وهذا شأن سائر أقباط مصر قديماً وحديثاً إلا أن فخر الدين هذا كان قد انسلخ من أبناء جنسه بما استعمل عليه من الفضيلة والأدب والشعر الرائق. ومن شعره الرائق لما صادره الملك الظاهر برقوق ورسم بتعليقه منتكساً فقال: وما تعلقت بالسرياق منتكساً ... لحرمة أوجبت تعذيب ناسوتي لكنني مذ نفثت السحر من أدبي ... علقت تعليق هاروت وماروت وله لما صودر أيضاً. رب خذ بالعدل قوماً ... أهل ظلم متوالِ كلفوني بيع خيلي ... برخيص وبغالي الجزء: 7 ¦ الصفحة: 174 وله قصيدة: يا سرحة الشاطئ المنساب كوثره ... على اليواقيت في أشكال حصباء حلت عليك عزاليها السحاب إذا ... نور الثريا استهلت ذات أنواء وإن تبسم فيك النور من جدلٍ ... سقاك من كل غيم كل بكاء رحماك بالوارف المعهود منك فكم ... لنا بظلك من أهواء وأهواء ومنها: فاستمهدت دومها المخضل وافترشت ... نجم الثريا ورقت عن شاغل الماء لا يدرك الطرف أقصاها على كلل ... حتى تعود له لحظات حولاء ومنها: مالت على النهر إذ جاش الحرير به ... كأنها إذن مالت لإصغاء باكرتها في سراة من أصاحبنا ... لا ينطوون على حقد وشحناء تداعبوا بمعاني شعرهم فإذا ... ود الأحبة في ألفاظ أعداء من كل شيخ مجون في شباب فتح ... يقرى المجون بقلب غير نساء على الحدائق والآفاق ينفحنا ... ريح البنفسج لا نشر الخزاماءِ أما أنا لست نواحاً على طللٍ ... ولا خليط ولا نداب أحياء تركته لأناس كالتيوس غنوا ... عن المدام بدر الإبل والشاء الجزء: 7 ¦ الصفحة: 175 يغرون للشعر لكن من جهالتهم ... لم يفرقوا بين أبطاء وأقواء من كل ألكن عند البحث منقطع ... كأنه وأصل والشعر كالداءِ انتهى ذكر القصيدة باختصار. ومن مقاطيعه الرائقة الرشيقة قوله: بأبي عقيقة مرشفاً ... برت وكانت قيل عقت فلثمتها ورشفتها ... وقطعتها من حيث رقت وله أيضاً: زارت معطرة الشذا ملفوفة ... كي تختفي فأبى شذا العطر يا معشر الأدباء هذا وقتكم ... فتناظموا في اللف والنشر وله: يقول معذبي إذا همت وجداً ... نجد خلت فيه الشعر غلاً أتعرف خده للعشق أهلاً ... فقلت لهم نعم أهلاً وسهلاً وله مداعبة: قلت يا لائمي على بذل مالي ... في هوى الحب دع كلام الفشار فعلي فلس ذا يناح ويبكي ... لا على درهم ولا دينار وله أيضاً: سكر الشيخ وطابا ... واشتهى الشيخ الشبابا الجزء: 7 ¦ الصفحة: 176 حسب الخمرة صاباً ... وجد الراح شرابا وله في ابن النشو الوزير: أنشأ القطيم النشو لما ارتقى ... وزارة زادته في وزره بالجامع العمري سبلاً وقد ... قالت لنا عنه بنوا مصره هذا سبيل حاله فاسد و ... زيره يرشح من قعره وله أيضاً: بحق الله دع ظلم المعنى ... ومتعه كما يهوى بأنسك وكف الهجر يا محبوب عمن ... بيومك رحت تهجره وأمسك وله أيضاً: بالله إن رأيت عاذلي فيه أقبلا ... وسألا عن حالتي غالطهما وقل سلا وله زجل، وهو من أحسن ما قيل: قد هوى قلبي معيشق ... حبشي أسمر أهيف يخجل الغصن الرشيق ... كيف لا تعشق ونتلف أي قمر أي غصن يانع ... نسأل الله السلامة الجزء: 7 ¦ الصفحة: 177 بلعوط جفتا بدائع ... وعذار في الخد لامه الغزال لو عبد طائع ... والغزالة لو غلامه يتخاطرد أعن نشق ... في وصالو أو نيف ما نقول لك شيء سوى الحق ... قد قتلتني ذا الوصيف ذا الوصيف وصفوا كمل ... من تجنيه يا للا سلام بجبين كنو هليل ... وخصير وشد بنكام لو رأيت هذا الغزيل ... بالذي عنف وقد لام ؟ كنت تدري بأنك أحمق ... وملآن فضول مطفف لا تعنف حتى تعشق ... فإذا عشقت عنف دا إلا دلى قد جرى لي ... في هوى ذا البدر قصة من لذيذ عشقي حلالي ... في الهوى شرب ألف غصة بقوام يحكى العوالي ... كلما غاب جاء برقصه أي قوام خلص ممشق ... كنوا الأسمر مثقف وهو إلا أسمر محقق ... إلا إذا سوى أظرف الجزء: 7 ¦ الصفحة: 178 يوم وهو جاني سكيرين ... بقوام يميل من الراح وبقى يحجل مسيكين ... ويقول لي كلت تفاح قلت تكذب يا مليعين ... هات فيمك لي وقل أح جاب فيمه مسكو بعبق ... ريحته عنبر وقرقف قلت دي ريحة رحيق ... وإلا تفاح يا مقيصف فغضب غضبة مدلل ... ونفر عني نفور ريم ورأيتو قد عليل ... وتدلت لوخراطيم صرت أعبد صدغو المبلبل ... والميم منو يحاميم واعتذر وراس مطرق ... ونا نحلف بلف مصحف ما نقول لك إلا نشفق ... لا تقوم يا بدر تضعف يوم وهو جاني بضجة ... وجبين معقود وعابس وقال والله ما أنت حجة ... في الهوى يا ابن مكانس تبقى تشكي لاي من جه ... وآخرو ما قلت أمس قلت يا حبي لا تفلق ... على عبدك وتوقف الجزء: 7 ¦ الصفحة: 179 أنا ممن قال أصدق ... وسيظهر لك وتعرف وبقيت نحلف لهو ... وألا يصنع بي ويفعل فعلم قولي وصدقو ... صار بغيب بي ويخجل قلت يا من أنا برقوا ... على ذا القول لا تعول إذا كلام واحد مزوق ... من وجد عقلو خفيف بالحسد قلبو تمزق ... ومن الغيرا تنشف رب بقى حسنو ما أحلاه ... ألا هو فيه فرد شي مر حصل عرف أني بنهواه ... فبقى يعجب وينفر وإذا ردت أني بسلاه ... نلقي قلبي ما يصبر وهو راده والله يعشق ... وناعن عشقو ما ننكف ألا هو شيطان مزندق ... يبقى ينكر ذا ويحلف مطلبي وصلوا وضبطو ... عني هذا أي مهلك قد ملك قلبي وحطو ... في يدي أو جسمي ملك بلحاظو وبشرطو ... ألا كان الشرط أملك الجزء: 7 ¦ الصفحة: 180 أي شريط زانوه ودقق ... صانع الجمال وظرف للهوى طريق مطرق ... ينهب العقول ويخطف والنبي زاد بو هيامى ... ولا تسمع لوم لائم وظهر للناس سقامى ... وبقيت في دمعي عائم ونفر عني منامي ... ولا تنفعني التمائم قال لي حبي أنت بك رق ... حتى حالك ما بيعرف قم نجيب طبيب حويدق ... ويبان ضرك ويكشف جب لي طبيب ملاطف ... جس نبض جس حاذق والطيب في طبوعارف ... والتقى فيه عرق خافق التفت لمن هو واقف ... قال لو هذا الشب عاشق ودواه نومو مطبق ... مع حبيبو في لحيف ويبات ليلة ويعرق ... لا نقوع ولا سفيف الجزء: 7 ¦ الصفحة: 181 صرت نا نريد تغيب ... حتى ننفى ذا الشناعة قلت لو أسمع يا طبيب ... خل عنك ذي الخلاعة أنا إلا ما أنا طيب ... وأرى الموت كل ساعة أنا كل الليل أفلق ... وبقيت أصفر نحيف ودموع عيني تغرق ... وأنا من جفني أرعف والطبيب فهم مرامي ... وبقي يبسم ويضحك أنت حببت تنفي كلامي ... قمت واثبتو بشرحك ألانا تعمل طريق ... لدواك عاجل وما أظرف إن نار العشق تحرق ... من يكون مثلك رهيف إن تريد تفيق وتبرأ ... لا تدع أحد يطبك الحبيب بطبك أدري ... فشفاك من عند حبك عنقو ونام لبكرا ... ويكون في الليل شريك الجزء: 7 ¦ الصفحة: 182 ما لسان ثغرو المروق ... ورضاب ذاك الرشيف وانتشق بعد الرحيق ... ورد خديه المضعف قمت نا سمعت قولو ... نمت ليلى مع حبيبي وشفى قلبي غليلو ... حين غفل عني رقيبي وكثر عندي قليلو ... واستقليت فيه ذنوبي صرت نا نبوس وننشق ... وعليه قلبي يشفشف وإن تريد نقول لك الحق ... تم شي آخر ما يوصف هكذا هو في الأزجال ... لا تقول لي صابرو لا كان لم يكن عباد لي خال ... لا ولا عمى ابن قزمان ألا ريت حبي إذا مال ... فضح الرماح والأغصان صرت مركب حسنو موسق ... جيت أنا وأكللت مكنف وأضاء ذهني وأشرق ... جا الزجل صنيع ظريف وقال في حسن خواتمه: وا سوأتاه إذا وقفت بموقف ... ما تخجل فيه سوى الأقدار وسواد وجهي عند أخذ صحيفتي ... وتطلعي فيها شبيه القار الجزء: 7 ¦ الصفحة: 183 1383 - أبو الفضل اللمغاني الحنفي 564 - 649 هـ؟ 1168 - 1251م عبد الرحمن بن عبد السلام بن إسماعيل بن عبد الرحمن بن الحسن بن اللمغاني، العلامة أبو الفضل البغدادي الحنفي، الفقيه العالم. ولد سنة أربع وستين وخمسمائة، وقرأ القرآن العزيز، وحفظ عدة مختصرات، ومهر وبرع، وناظر، ودرس، وأفتى، وناب في الحكم والقضاء عن قاضي القضاة محمود بن أحمد الزنجاني، وغيره من القضاة، وولى التدريس بجامع السلطان، ثم بمشهد أبي حنيفة رضي الله عنه، ثم ولى قضاء القضاة ببغداد وخوطب بأقضى القضاة، واستناب نواباً في الحكم، وولى تدريس المستنصرية، وحدث عن والده وغيره، وكان إمام وقته، وعلام زمانه، انتهت إليه رئاسة السادة الحنفية في زمانه، تصدى للإقراء والإشغال والتصنيف سنين، وانتفع به جماعة كثيرة ببلده إلى أن توفي سنة تسع وأربعين وستمائة، قاله الشريف عز الدين. الجزء: 7 ¦ الصفحة: 184 وقال الحافظ الدمياطي: يوم الجمعة ضاحي نهار الثالث عشر من شهر رجب سنة أربعين وستمائة، رحمه الله تعالى. ؟ 1384 - ابن الشيخ عبد الله اليافعي 751 - 797 هـ؟ 1350 - 1394م عبد الرحمن بن عبد الله بن أعد بن علي اليمني اليافعي، المقدم ذكر والده، الشيخ القدوة الزاهد زين الدين ابن الإمام الصالح الزاهد العالم عبد الله اليافعي المتقدم ذكره. مولده في ليلة الخميس حادي عشرين شوال سنة إحدى وخمسين وسبعمائة بمكة، وسمع بها من أبيه وغيره، ورحل إلى دمشق وسمع بها من ابن أميلة وغيره، وسمع بالقاهرة من الشيخ عبد الله بن خليل المكي وجماعة أخر، وحفظ القرآن وأتقنه، ثم حفظ الحاوي الصغير، واشتغل بالعلم بذكاء مفرط حتى برع وتفقه، ثم تزهد وصحب الصالحين ببلاد كثيرة وانقطع إليهم، وعظم قدره واشتهر أمره، وكان أبوه ينوه بذكره، وظهر له كرامات خارقة، وتجرد سنين. الجزء: 7 ¦ الصفحة: 185 قال الشيخ تقي الدين الفاسي في تاريخه: ومن أحواله الجميلة فيما بلغني أنه كان جالساً في الدكة التي إلى جانب كتاب القروي بالجانب الشامي من المسجد الحرام، فذكر له شخص كان عنده شيئاً من كرامات الصالين، وأحب أن يرى منه شيئاً، فقال الشيخ عبد الرحمن صاحب الترجمة: ومنهم من يقول لهذا القنديل - وأشار إلى قنديل أمامه في الرواق - أنزل، فنزل القنديل إلى الأرض بالمسجد، ومنهم من يقول له اطلع، فارتفع القنديل حتى صار معلقاً في موضعه، والشيخ عبد الرحن هذا جالس في الدكة لم يتحرك ولم يقم من موضعه هذا معنى ما بلغني عنه، انتهى كلام الفاسي باختصار. قلت: وله كرامات غير ذلك، نفعنا الله ببركته، وله نظم جيد إلى الغاية من ذلك قوله من قصيدة: معالم القلب لم تترك لنا شجنا ... مذ أبصر العين من ذاك الجناب سنا يشكو الجوى والنوى من لم ينل شيئاً ... من الهوى غير دعوى أورثته عنا الجزء: 7 ¦ الصفحة: 186 وكانت وفاة الشيخ عبد الرحمن اليافعي في أثناء سنة سبع وتسعين وسبعمائة على قدم التجرد ببلاد الجزيرة، برحبة مالك بن طوق رحمه الله تعالى. ؟ 1385 - بهاء الدين العمراني 723 - 762 هـ؟ 1323 - 1360م عبد الرحمن بن عبد اللطيف بن حسان، قاضي القضاة بهاء الدين أبو محمد بن قاضي القضاة اليمني سراج الدين أبي محمد العمراني اليمني الشافعي، سبط قاضي مكة نجم الدين محمد الطبري. مولده بمكة في سنة نيف وعشرين وسبعمائة وقرأ القراءات بالسبع، وسمع الحديث بمكة والمدينة، وتفقه وبرع في الفقه وغيره، وقال الشعر، وناب في الحكم بمكة، وحدث بسماعه عن الطبري والجلال الإقشهري وعثمان بن الصيفي، وكان يقال إنه أذكى أهل زمانه، وكان أبوه وجده قضاة اليمن ووزراءها، ولما توفي خاله القاضي شهاب الدين أحمد بن نجم الدين محمد الطبري في آخر شعبان سنة ستين وسبعمائة، ولي القضاء بعد وفاته حتى عزل بالتقى محمد الحرازي في الحجة منها، وكان مشكور السيرة، توفي بمنى ليلة الثاني عشر من ذي الحجة سنة اثنتين وستين وسبعمائة، وحمل إلى مكة ودفن بالمعلاة، رحمه الله تعالى. الجزء: 7 ¦ الصفحة: 187 ؟ 1386 - ابن بنت الأعز ... - 695 هـ؟ ... - 1295م عبد الرحمن بن عبد الوهاب بن خلف بن بدو العلامي بتخفيف اللام نسبة إلى قبيل ة م ن لخم، قاضي القضاة تقي الدين ابن قاضي القضاة تاج الدين، الشهير بابن بنت الأعز، الشافعي المصري، قاضي قضاة الديار المصرية. قال الأسنوي في طبقاته: هو من بيت لم يزل فيهم مع توالي الأعصار وتصرف الليل والنهار - أعلام علم ودين، وأرباب قدم وتمكين إلى أن نشأ المذكور فوقع في طريق العجار منادهم، وأوفد في علم العلم نارهم، كان فقيهاً إماماً، بارعاً، شاعراً، خيراً ديناً، مربياً للطلبة، متواضعاً كريماً، تفقه على والده وعلى ابن عبد السلام، تولى الوزارة والقضاء، ومشيخة الشيوخ، فسار أحسن سيرة، ما يرضاه عالم العلانية والسريرة، وأضيف إليه: تدريس الجزء: 7 ¦ الصفحة: 188 الصالحية والشريفية بالقاهرة، والمشهد النفيس، وخطابة جامع الأزهر، وامتحن محنة شديدة في أول الدولة الأشرفية، وعمل على تلافه بالكلية، وذلك بسعاية الوزير ابن السلعوس الدمشقي، لأنه كان يصحب الأشرف قبل سلطنته وكان قاضي القضاة يقوم عليه لظلمه وحنقه، وتكلم مع والده المنصور بسببه، فمنعه السلطان الاجتماع بولده، مع ميله إليه، ولزم الإقامة بالشام، فلما مات الملك المنصور في السادس من ذي القعدة سنة تسع وثمانين وستمائة، وهو في المخيم بمسجد التين بظاهر القاهرة على قصد فتح عكا من أيدي الفرنج، وتملك ولده الأشرف خليل، وكان ابن السلعوس في الحجاز، فأرسل إليه الأشرف يعرفه بما اتفق ويستدعيه للوزارة، فاجتمع إذ ذاك بابن الحولي قاضي القضاة بالشام، وكان معه في الحجاز، فعرفه الحال وسأله أن يحضر معه إلى مصر قاضياً، فخاف غائلة ابن بنت الأعز، فاعتذر إليه، وكان ابن جماعة نائبه بالقدس الجزء: 7 ¦ الصفحة: 189 الشريف فعينه، وقال أنه رجل عاقل يسوس، فلما عاد من الحجاز عمل على إفساد صورة ابن بنت الأعز، فنجاه الله تعالى منه، وآل الأمر إلى عزله عن القضاء وتفويضه إلى ابن جماعة في أوائل سنة تسعين، فأقام المذكور معزولاً بالقرافة بقاعة تدريس الشافعي، ثم حج في سنة اثنتين وتسعين، فاتفق قتل الأشرف في ثالث المحرم سنة ثلاث - قبل وصول الركب - وتولى الناصر محمد وعمره تسع سنين، فقام بالنيابة عنه كتبغا، فقبض على الوزير المذكور - يعني ابن السلعوس - وعوقب بالمقارع حتى مات، ونقل ابن جماعة إلى قضاء الشام وأعيد ابن بنت الأعز هذا إلى حاله، فبقي بعد ذلك قليلاً، وتوفي كهلاً في سادس عشر جمادى الأولى سنة خمس وتسعين وستمائة، وتولى بعده ابن دقيق العيد. انتهى كلام الأسنوي. قلت: ولما حج وزار قبر النبي صلى الله عليه وسلم أنشد عند الحجرة النبوية قصيدته التي مطلعها: الناس بين مرجزٍ ومقصدٍ ... ومطول في مدحه ومجود الجزء: 7 ¦ الصفحة: 190 ومخبر عمن روى ومعبر ... عما رواه من العلا والسؤدد وهي طويلة جداي. انتهى. 1387 - وجيه الدين الطبري 712 - 763 هـ؟ 1312 - 1361م عبد الرحمن بن عثمان بن أحمد بن محمد بن إبراهيم بن أبي بكر، الشيخ وجيه الدين ابن الشيخ نجم الدين أبي عمرو ابن الشيخ صفي الدين أبي محمد الطبري المكي الشافعي سبط الإمام رضي الدين الطبري المكي الشافعي سبط الإمام رضي الدين الطبري. ولد سنة اثنتي عشرة وسبعمائة، وحضر على جديه وسمع منهما، ومن والده، وداوم على السماع إلى سنة ستين، وتفقه، واشتغل، وحدث إلى أن توفي بمكة في سنة ثلاث وستين وسبعمائة، رحمه الله تعالى. ؟ 1388 - قاضي القضاة زين الدين التفهني الحنفي 764 - 835 هـ؟ 1362 - 1431م عبد الرحمن بن علي بن عبد الرحمن ، قاضي القضاة زين الدين أبو هريرة الجزء: 7 ¦ الصفحة: 191 التفهني المصري الحنفي، قاضي قضاة الديار المصرية. قال المقريزي: ولد سنة بضع وستين وسبعمائة تخميناً في حالة ضعة، وقد قام بأمره أخوه الذي عرف بعد ذلك بشمس الدين، وصار من قضاة دمياط، وأوقف عبد الرحمن هذا عنده في طاحون بناحية تفهنا، ثم قدم شمس الدين القاهرة وأقرأ بعض أولاد الأجناد، فقدم عليه أخوه عبد الرحمن هذا وهو صغير مع أمه، فنزل من جملة كتاب السبيل بجامع الطولوني، ثم صار عريف الكتاب، ثم أقرأ هو أيضاً بعض أولاد الأجناد بتلك الجهة، وحفظ كتاب القدوري في مذهبه، انتهى كلام المقريزي باختصار. قلت: ثم طلب العلم ولازم خدمة العلامة بدر الدين محمود الكلستاني. - قبل أن يلي كتابة السر - وأخذ عنه وعن غيره من علماء عصره حتى برع في الفقه والأصلين والعربية والتفسير، وتصدر للإفتاء والتدريس سنين، وناب في الحكم مدة طويلة، ثم ترك ذلك دهراً، ودرس بالصرغتمشية بالصليبة، الجزء: 7 ¦ الصفحة: 192 ثم ولي القضاء استقلالاً بالديار المصرية في يوم الجمعة سادس ذي القعدة سنة اثنتي وعشرين وثمانمائة، عوضاً عن قاضي القضاة شمس الدين محمد الديري الحنفي برغبته، فباشر التفهني القضاء مدة إلى أن صرف بقاضي القضاة بدر الدين محمود العيني في يوم الخميس سابع عشر شهر ربيع الآخر سنة تسع وعشرين وثمانمائة وخلع عليه باستقراره شيخ شيوخ خانقاة شيخو، بعد موت العلامة سراج الدين عمر قاري، الهداية، فدام المذكور معزولاً إلى أن أعيد إلى القضاء بعد عزل العيني في يوم الخميس سادس عشرين صفر سنة ثلاث وثلاثين وثمانمائة، واستقر صدر الدين أحمد بن العجمي في مشيخة خانقاة شيخو عوضه، واستمر في المنصب إلى أن مرض، وطال مرضه وعزل بالعيني ثم مات بعد ذلك بأيام يسيرة في ليلة الأحد ثامن شوال سنة خمس وثلاثين بالقاهرة. وكان فقيهاً عالماً، متبحراً في المذهب، بصيراً في الأحكام إلا أنه كان سيئ الخلق، وله بادرة، ويقوم في حظ نفسه، وربما خاصم بعض من تحاكم عنده لغرض ما، وكان يظهر عليه الغضب بسرعة، فكان إذا حنق اصفر وجهه وارتعد، وكان في إحدى عينيه خلل، وكانت لحيته صفراء غير نقية البياض، قيل إنه كان يبخرها قديماً بكبريت حتى تبيض بسرعة، وواقعته مع الميموني الجزء: 7 ¦ الصفحة: 193 مشهور ة م ن حكمه بسفك دمه، وعقد بسبب ذلك مجالس، والميموني يحاججه عن نفسه ويقول له: اتق الله يا عبد الرحمن، أنسيت قبقابك الزحاف وعميمتك القطن، فلما يسمع التفهني هذا ذلك يرجف ويقول حكمت بسفك دمك، والتفت إلى قاضي القضاة شهاب الدين بن حجر لينفذ، فقال له ابن حجر على مهل حتى يسكن غضب قاضي القضاة، فعند ذلك انفض المجلس ونجا الله الميموني من يده إلى أن مات الميموني المذكور بأجله وثبت جنونه، وله أشياء من هذه المقولة، عفا الله عنه وغفر له. 1389 - زين الدين الفارسكوري ... - 808هـ؟ ... - 1405م عبد الرحمن بن علي بن خلف، الشيخ زين الدين أبو المعالي الفارسكوري الشافعي، أحد فضلاء الشافعية. كان بارعاً في الفقه والحديث والعربية، وكتب على شرح العمدة لابن دقيق العيد فوائد جليلة، وعلق غير ذلك، تولى قضاء المدينة النبوية في سنة اثنتين وتسعين وسبعمائة، ثم صرف عنها قبل توجهه إليها، ودرس بالمنصورية بالقاهرة بعد قاضي القضاة صدر الدين المناوي، وكان ديناً خيراً، الجزء: 7 ¦ الصفحة: 194 توفي ليلة الأحد سادس عشرين شهر رجب سنة ثمان وثمانمائة، عن خمس وخمسين سنة، رحمه الله. ؟ 1390 - قاضي دمشق ركن الدين دخان الحنفي 780 - 839 هـ؟ 1378 - 1435م عبد الرحمن بن علي بن محمد، السيد الشريف قاضي القضاة ركن الدين الدمشقي الحنفي، المعروف بدخان. مولده في حدود الثمانين وسبعمائة بدمشق تخميناً، ونشأ بها وطلب العلم، وناب في الحكم بها سنين، ودرس وأفتى إلى أن ولاه الملك الأشرف برسباي قاضي القضاة الحنفية بدمشق بعد ابن الكشك، وهو ممن ولي المنصب بغير رشوة في زماننا هذا، وحمدت سيرته. الجزء: 7 ¦ الصفحة: 195 قلت: ولا نعلم أحداً من قضاة الحنفية ولي القضاء بالديار المصرية غير واحد ولله الحمد، واستمر قاضي القضاة ركن الدين هذا في المنصب إلى أن توفي بدمشق في ليلة الأحد سابع عشر المحرم سنة تسع وثلاثين وثمانمائة. وكان فقيهاً عالماً، ماهراً، عارفاً بفروع مذهبه، وله مشاركة في غير ذلك، وعنده دين وعفة، رحمه الله تعالى. ؟ 1391 - زين الدين الزرندي الحنفي قاضي المدينة 746 - 817 هـ؟ 1345 - 1414م عبد الرحمن بن علي بن يوسف بن الحسن بن محمد، قاضي القضاة زين الدين بن نور الدين، أبو الفرج المدني الزرندي الحنفي. مولده في ذي القعدة سنة ست وأربعين وسبعمائة بالمدينة النبوية، وسمع على قاضي القضاة عز الدين عبد العزيز جماعة، والصلاح العلالي، وأجاز له الزبير الأسواني، وهو آخر من حدث عنه، وتفقه، وبرع في الفقه وغيره، ولي قضاء الحنفية بالمدينة النبوية - على ساكنها أفضل الصلاة والسلام - نحواً من ثلاث وثلاثين سنة مع حسبتها، وحمدت سيرته لعفته ولدينه، وكان عنده فضيلة ومشاركة في عدة علوم، ولم يزل بالمدينة إلى أن توفي بها في شهر ربيع الأول سنة سبع عشرة وثمانمائة، رحمه الله. الجزء: 7 ¦ الصفحة: 196 1392 - الزين القبابي 749 - 838 هـ؟ 1348 - 1434م عبد الرحمن بن عمر بن عبد الرحمن بن حسين بن يحيى بن عبد المحسن، الشيخ المسند المعمر الرحلة زين الدين أبو زيد ابن العلامة نجم الدين أبي حفص القبابي المقدسي الحنبلي. ولد في ثالث عشر شعبان سنة تسع وأربعين وسبعمائة، وسمع الحديث من المشايخ، وحدث عن جماعة تضمنتهم مشيخته التي خرجها الحافظ قاضي القضاة شهاب الدين أحمد بن حجر رحمه الله تعالى وتوفي بالقدس في يوم الثلاثاء سابع شهر ربيع الآخر سنة ثمان وثلاثين وثمانمائة. ونسبته بالقبابي إلى القباب الكبرى من قرى أشمون الرمان بالوجه الشرقي من أعمال القاهرة، رحمه الله تعالى. 1393 - قاضي القضاة جلال الدين البلقيني 762 - 824 هـ؟ 1360 - 1421م عبد الرحمن بن عمر بن رسلان بن نصير، قاضي القضاة جلال الدين أبو الفضل ابن شيخ الإسلام سراج الدين، البلقيني الشافعي. الجزء: 7 ¦ الصفحة: 197 مولده بالقاهرة في جمادى الأولى سنة اثنتين وستين وسبعمائة، هكذا سمعته من لفظه غير مرة، ومه بنت قاضي القضاة بهاء الدين بن عقيل الشافعي النحوي، ونشأ بالقاهرة، وحفظ القرآن العزيز، وعدة متون في عدة علوم، وتفقه بوالده وغيره حتى برع في الفقه والأصول والعربية والتفسير والمعاني والبيان، وأفتى ودرس في حياة والده، وتولى قضاء العسكر بالديار المصرية في إحدى الجمادين سنة أربع وثمانمائة في حياة والده، عوضاً عن قاضي القضاة ناظر الدين محمد الصالحي، فاستمر مدة وعزل، وأعيد ناظر الدين الصالحي في ثالث عشرين شوال سنة خمس وثمانمائة فلم تطل مدة الصالحي وعزل، وأعيد جلال الدين المذكور إلى القضاء حتى صرف بشمس الدين الأخنائي في يوم الخميس سادس عشرين شعبان سنة ست وثمانمائة، ثم أعيد بعد مدة واستمر إلى أن عزل بشمس الدين الأخنائي أيضاً في خامس عشرين جمادى الآخرة سنة سبع وثمانمائة، فاستمر مصروفاً إلى أن أعيد في ثالث عشرين ذي الحجة من السنة فباشر إلى نصف صفر سنة ثمان وثمانمائة عزل بالأخنائي أيضاً، ثم أعيد في ربيع الأول منها، واستمر إلى أن انكسر الملك الناصر فرج من الأمير بن شيخ ونورزو ودخل دمشق، صرف من قبل الأميرين المذكورين بقاضي القضاة شهاب الدين الباعوني أياماً بدمشق، ثم أعيد في أوائل سنة خمس عشرة الجزء: 7 ¦ الصفحة: 198 وثمانمائة، واستمر بعد ذلك قاضياً سنين إلى أن عزله الملك المؤيد شيخ بقاضي القضاة شمس الدين محمد الهروي في جمادى الأولى سنة إحدى وعشرين وثمانمائة، فاستمر مصروفاً أشهراً، وأعيد فيشهر ربيع الأول سنة اثنتين وعشرين وثمانمائة، ودام قاضياً إلى أن توفي الملك المؤيد شيخ في محرم سنة أربع وعشرين وتسلطن من بعده ولده الملك المظفر أ؛ مد أبو السعادات وتوجه به مدبر مملكته الأمير ططر إلى البلاد الشامية سافر قاضي القضاة جلال الدين المذكور صحبة العسكر من جملة القضاة على العادة، وتسلطن ططر في مستهل شهر رمضان بدمشق وعاد إلى الديار المصرية عاد قاضي القضاة مريضاً في محفة إلى القاهرة، فدخلها صحبة السلطان وهو شديد المرض في ليلة الأربعاء ثالث شوال من سنة أربع وعشرين وثمانمائة، فاستمر مريضاً إلى أن توفي ليلة الخميس بعد عشاء الآخرة بساعة الحادي عشر من شوال المذكور من السنة المذكورة، وصلى عليه من الغد بالجامع الحاكمي، ثم أعيد إلى مدرسة والده بحارة بهاء تسعين تجاه داره ودفن بها على والده، وكانت جنازته مشهودة إلى الغاية، وحمل نعشه على رؤوس الأَصابع. وكان رحمه الله إماماً بارعاً، مفنناً، فقيهاً، نحوياً، أصولياً، مفسراً، عارفاً بالفقه ودقائقه، ذكياً، مستحضراً لفروع مذهبه، مستقيم الذهن، الجزء: 7 ¦ الصفحة: 199 جيد القصور، حافظاً، فصيحاً، بليغاً، جهوري الصوت، مليح الشكل، للطول أقرب، أبيض مشرباً بحمرة، صغير اللحية مدورها، منور الشيبة جميلاً، وسيماً ديناً، عفيفاً عماً يرمي به قضاة السوء. وأنا أعرف بأموره من غيري فإنه كان تأهل بكريمتي، وما نشأت إلا عنده، وقرأت عليه غالب القرآن الكريم، وهو أنه لما كان يتوجه إلى منزه يأخذني صحبته إلى حيث سار، فإذا أقمنا بالمكان المذكور يطلبني ويقول لي: اقرأ الماضي من محفوظك، فأقرأ عليه ما شاء الله أن أقرأه، ثم يقول لي بعد الفراغ: الذي فاتك اليوم من الكتاب أخذته من درس الماضي. وكان رحمه الله مهاباً، جليلاً، معظماً عند السلاطين والملوك، حلو المحاضرة، رقيق القلب، سريع الدمعة، وكان عنده بادرة وحدة مزاج إلا أنها كانت تزول بسرعة، ويأتي بعد ذلك من محاسنه ما ينسي معه كل شيء. قال الشيخ تقي الدين أحمد المقريزي: وفيها - يعني سنة أربع وعشرين وثمانمائة - توفي قاضي القضاة جلال الدين أبو الفضل عبد الرحمن بن الجزء: 7 ¦ الصفحة: 200 شيخ الإسلام سراج الدين عمر البلقيني الشافعي في ليلة الخميس حادي عشر شوال، وله ثلاث وستون سنة، ولم يخلف بعده مثله لكثرة علومه بالفقه وأصوله، وبالحديث، والتفسير، والعربية، مع المعرفة والنزاهة عما يرمى به قضاة السوء، وجمال الصورة، وفصاحة العبارة، وبالجملة فلقد كان يتجمل به الوقت. انتهى كلام المقريزي باختصار. قلت: ومدح قاضي القضاة جلال الدين المذكور جماعة من العلماء والشعراء، من ذلك ما أنشدني قاضي القضاة جلال الدين أبو السعادات محمد بن ظهيرة قاضي مكة وعالمها من لفظه لنفسه بمكة المشرفة سنة اثنتين وخمسين وثمانمائة: هنيئاً لكم يا أهل مصر جلالكم ... عزيز فكم من شبهة قد جلا لكم ولولا اتقاء الله جل جلاله ... لقلت لفرط الحب جل جلالكم ؟ وقال القاضي علاء الدين ابن خطيب الناصرية الحلبي الشافعي: أنشدني شيخنا قاضي القضاة جلال الدين أبو الفضل عبد الرحمن ابن شيخنا شيخ الإسلام الجزء: 7 ¦ الصفحة: 201 سراج الدين أبي حفص عمر البلقيني الشافعي لنفسه بحلب يوم الأربعاء سادس عشرين جمادى الآخرة سنة سبعة عشر وثمانمائة في أسماء البكائين: ألا إن أهل الخير بالخير ذكرهم ... يفوح كفيح المسك بل هو أعطر فمن ذاك قوم قد بكوا من فراقهم ... لجيش رسول الله والخير يذكر فصخر بن سلمان وعمرو بن عتمة ... وعليه زيد فضلهم ليس ينكر كذلك عبد الله نجل معقل ... كذا ابن عمير سالم الفضل يشكر كذا أبو ليلى لمازن ينتمي ... وعرباً ضمهم بالخير فيهم يسطر قال: وروى عنه والده شيخ الإسلام عمر البلقيني من شعره، قرأت بخط شيخنا العلامة ولي الدين أبي زرعة العراقي، قال: أنشدنا شيخنا شيخ الإسلام الجزء: 7 ¦ الصفحة: 202 سراج الدين البلقيني أن ابنه الشيخ جلال الدين أنشد السلطان الملك الظاهر برقوق لنفسه، يعزيه عن ابنه بحضوره، وأنشد فيهما أبو زرعة من لفظه، أنت المظفر حقاً ... وللمعالي ترقى وأجر من مات تلقى ... تعش أنت وتبقى فقلت له نروي هذا عنكم عن والدكم فتكون من رواية الآباء عن الأبناء، فقال نعم، انتهى كلام ابن خطيب الناصرية. قلت: ونظم قاضي القضاة جلال الدين بالفقيري بالنسبة إلى مقامه وغزير علمه، رحمه الله تعالى. 1394 - قاضي القضاة محب الدين ابن العديم الحنفي 614 - 677 هـ؟ 1217 - 1278م عبد الرحمن بن عمر بن أحمد بن هبة الله بن أبي جرادة، قاضي القضاة والصاحب مجد الدين أبو المجد بن الصاحب العلامة كمال الدين أبي القسم، المعروف بابن العديم العقيلي الحلبي الحنفي. ولد سنة ثلاث عشرة أو أربع عشرة وستمائة تخميناً، وسمع من ثابت الجزء: 7 ¦ الصفحة: 203 ابن شرف حضوراً، ومن عم أبيه القاضي هبة الله، وسمع من أبي محمد عبد الرحمن ابن عبد الله بن علوان، وأبي حفص السهروردي، وعبد الرحمن بن نصلا، وابن شداد، والحاكم، وعبد اللطيف بن يوسف، وابن روزبة، وابن اللتي، وأبي الحسن بن الأثير، وجماعة بحلب وحماة، وجماعة بمكة، وجماعة بدمشق، وجماعة ببغداد، وجماعة بمصر، وجماعة بالإسكندرية، وقرأ بالسبع على الفاسي، وخرج له ابن الظاهري معجماً في مجلدة، وأجاز له المؤيد الطوسي. وكان صدراً معظماً، ذا دين وتعبد وأوراد، وسيرة حميدة لولا ما كان فيه من التيه، وكان إماماً عالماً مفتياً، مدرساً عارفاً بالمذهب، أديباً شاعراً، وهو أول حنفي ولي خطابة جامع الحاكم، ودرس بالظاهرية بالقاهرة، وحضره السلطان الملك الظاهر بيبرس وهو لم يأت بعد، وطلبه، فقيل: حتى ينهي ورد الضحى، ثم جاء وقد تكامل الناس، فقام كلهم ولم يقم هو لأحد، ثم ولي قضاء دمشق، فقدمها وهو على زي الوزراء والرؤساء، ولم يعبأ بالمنصب ولا غير زيه، ولا وسع كمه، وكان يتواضع مع الصالحين ويعتقد فيهم، ودرس بدمشق في عدة مدارس، وسمع منه: ابن الظاهري، والدمياطي، وشرف الدين الحسن الصيرفي، وقطب الدين القسطلاني، وبهاء الدين يوسف ابن العجمي، وابن العطار، وابن جعوان، وجماعة، وأجاز للحافظ الذهبي، وتوفي يوم سادس عشر شهر ربيع الآخر سنة سبع وسبعين الجزء: 7 ¦ الصفحة: 204 وستمائة، ودفن بتربته قبالة جوسق ابن العديم عند زاوية الحريري، وكان يوماً مشهوداً. ورثاه الشعراء، منهم العلامة شهاب الدين محمود بقصيدتين إحديهما أولها: أقم يا ساري الخطب الذميم ... فقد أدركت مجد بني عديم ؟ 1395 - ابن خلدون 732 - 808 هـ؟ 1331 - 1405م عبد الرحمن بن محمد بن محمد بن محمد بن الحسن بن محمد بن جابر بن محمد بن إبراهيم بن محمد بن عبد الرحمن، قضي القضاة ولي الدين أبو زيد الحضرمي الأشهيلي، المعروف بابن خلدون. مولده في يوم الأربعاء أول شهر رمضان سنة اثنتين وثلاثين وسبعمائة بمدينة تونس ببلاد المغرب، ونشأ بها، وطلب العلم، وقرأ وحفظ الجزء: 7 ¦ الصفحة: 205 القرآن العزيز، وقرأه على الأستاذ أبي عبد الله محمد بن سعد بن تراك الأنصاري بالقراءات السبع إفراداً وجمعاً في إحدى وعشرين ختمة، ثم جمعها في ختمة واحدة، ثم قرأ ختمة برواية يعقوب جمعاً بين الروايتين عنه، وعرض عليه قصيدتي الشاطبي اللامية والرائية، وكتاب النفطي لأحاديث الموطأ لابن عبد البر، ودرس كتاب التسهيل في النحو لابن مالك، ومختصر ابن الحاجب الفقهي، وأخذ العربية عن أبيه، وأبي عبد الله محمد بن الشواش الزرزالي، وأبي العباس أحمد بن القصار، وأبي عبد الله محمد بن بحر ولازم مجلسه وأشار عليه بحفظ الشعر، فحفظ: المعلقات، وحماسة الأعلم، وشعر حبيب بن أوس، وقطعة من شعر المتنبي، وكتاب سقط الزند لأبي العلاء المعري، وسمع صحيح مسلم بتونس إلا فوتاً يسيراً من كتاب الصيد، وسمع موطأ مالك على أبي عبد الله محمد بن جابر بن سلطان القيسي الوادياشي وأجازه إجازة عامة، وأخذ الفقه بتونس عن أبي عبد الله محمد بن عبد الله الجياني وأبي القاسم محمد بن القصير، وقرأ عليه كتاب التهذيب لأبي سعيد البرادعي، وعليه تفقه، وانتاب مجلس قاضي الجماعة أبي عبد الله محمد بن عبد السلام، وأفاد منه وسمع عليه، وأخذ عن أبي عبد الله محمد بن سليمان البسطي، وأبي محمد عبد المهيمن الحضرمي، وأبي العباس أحمد الزواوي، واستفاد من القاسم عبد الله بن يوسف المالقي، وجماعة أخرى، واستمر بالمغرب إلى أن كان طاعون الجمادين سنة الجزء: 7 ¦ الصفحة: 206 تسع وأربعين وسبعمائة، ومات بواه، فاستدعاه أبو محمد بن تافراكين - المستبد إذ ذاك بتونس - إلى كتابة العلامة عن سلطانه أبي إسحاق إبراهيم ابن السلطان أبي بكر خامس عشر الملوك الحفصيين بتونس، فكتب العلامة عن السلطان، وهي: الحمد لله والشكر لله، بقلم غليظ، ثم انصرف عن تونس عام ثلاث وخمسين وقدم على أبي عنان فارس بن علي بن عثمان، فنالته السعادة عنده وعظم، ثم حصل له محنة عند موت فارس المذكور ولحق بالسلطان أبي سالم، فلما غلب على الملك رعى له السابقة وولاه كتابة الإنشاء، فصدر عنه أكثرها بالكلام المرسل الذي كان انفرد به، حاكى فيها طريقة عبد الحميد بن يحيى الكاتب، ثم تنقل عنه الجزء: 7 ¦ الصفحة: 207 عند عدة ملوك إلى أن خرج من تونس منتصف شعبان سنة أربع وثمانين فوصل ثغر الإسكندرية يوم عيد الفطر ودخل القاهرة في عشر ذي القعدة من السنة واستوطن القاهرة، وتصدر للإقراء بجامع الأزهر مدة، واشتغل وأفاد، ثم صحب الأمير علاء الدين الطنبغا الجوباني فأوصله إلى الملك الظاهر برقوق فولاه تدريس المدرسة القمحية بجوار جامع عمرو بن العاص رضي الله عنه، ثم ولاه الملك الظاهر برقوق قضاء القضاة المالكية بديار مصر في يوم الاثنين تاسع عشر جمادى الآخرة سنة ست وثمانين وسبعمائة، فباشر بحرمة وافرة، وعظمة زائدة، وحمدت سيرته، ودفع رسائل أكابر الدولة وشفاعات الأعيان، فأخذوا في التكلم في أمره ولا زالوا بالسلطان حتى عزله في يوم السبت سابع جمادى الأولى سنة سبع وثمانين وسبعمائة بقاضي القضاة جمال الدين عبد الرحمن بن خير، فلزم المذكور داره إلى أن أعيد إلى القضاء بعد مدة طويلة في يوم الخميس النصف من شهر رمضان سنة إحدى وثمانمائة، واتفق عبد توليته بمدة يسيرة موت الملك الظاهر برقوق في شوال من السنة فصرف أيضاً في يوم الخميس ثاني عشر المحرم من سنة ثلاث وثمانمائة، وخرج مع السلطان الملك الناصر فرج إلى البلاد الشامية، لقتال تيمور دمشق وأحاط بها نزل إليه المذكور من سور دمشق بحبل وخالط عساكر يتمور لنك بطالاً إلى أن ملك تيمور وطلب منهم يوصلوه بتيمور، فساروا به إليه، فأمر بإحضاره فحضر، فأعجبه حسن هيئته وجمال صورته، وخلبه بعذوبة منطقه ودهاه بكثرة مقالاته بإطرائه، فأجلسه واستدناه، الجزء: 7 ¦ الصفحة: 208 وشكر له سعيه، وحظي عنده إلى أن أطلقه وزوده، وعاد إلى القاهرة بعد عود تيمور خذاه الله إلى بلاده، ولما وصل إلى القاهرة سعى فولى القضاء مرة ثالثة في يوم السبت ثالث شهر رمضان سنة ثلاث، واستمر إلى أن عزل في رابع عشرين شهر رجب سنة أربع وثمانمائة، ثم أعيد في يوم الخميس لأربع بقين من ذي الحجة من السنة، ثم صرف يوم الاثنين سابع شهر ربيع الأول سنة ست، ثم أعيد في شعبان سنة سبع وثمانمائة، ثم صرف سادس عشرين ذي القعدة منها، ثم أعيد في شعبان سنة ثمان وثمانمائة، فلم تطل مدته ومات وهو قاض فجاة في يوم الأربعاء لأربع بقين من شهر رمضان سنة ثمان وثمانمائة، ودفن بمقابر الصوفية خارج باب النصر، وله من العمر ست وسبعون سنة وخمسة وعشرون يوماً. ف سادس عشرين ذي القعدة منها، ثم أعيد في شعبان سنة ثمان وثمانمائة، فلم تطل مدته ومات وهو قاض فجاة في يوم الأربعاء لأربع بقين من شهر رمضان سنة ثمان وثمانمائة، ودفن بمقابر الصوفية خارج باب النصر، وله من العمر ست وسبعون سنة وخمسة وعشرون يوماً. وكان له نظم ونثر من ذلك من قصيدة طويلة جداً: أسرفن في هجري وفي تعذيبي ... وأطلقن موقف عبرتي ولعيبي وأبين يوم البين موقف ساعةٍ ... لوداع مشغوف الفؤاد كئيب وشعره كله منه هذا النمط، رحمه الله ما كان أحبه في المنصب. الجزء: 7 ¦ الصفحة: 209 ؟ 1396 - تقي الدين ناظر الجيش 726 - 786 هـ؟ 1326 - 1384م عبد الرحمن بن محمد بن يوسف بن أحمد بن عبد الدائم، القاضي تقي الدين ابن القاضي محب الدين التيمي الشافعي، ناظر الجيوش المنصورة، وابن ناظرها. هو من بيت رئاسة وفضل باشر نظر الجيش بتجمل وحشمة إلى أن غضب عليه الملك الظاهر برقوق بسبب إقطاع زامل أمير آل فضل وضربه بالدواة، ثم أمر به فضرب بين يديه نحو ثلاثمائة عصاة، وكان ترفاً، فحمل في محفة إلى داره بالقاهرة فلزم الفراش حتى مات في ليلة الخميس سادس عشر جمادى الأولى. قاله المقريزي. وقاضي القضاة بدر الدين محمود العيني رحمه الله: في يوم الاثنين ثالث عشر جمادى الأولى غضب السلطان علي القاضي تقي الدين الجزء: 7 ¦ الصفحة: 210 عبد الرحمن بن محب الدين ناظر الجيش وضربه بالعصي تحت رجليه وعلى سائر بدنه تقدير مائة وخمسين عصاة، فأقام في بيته يومين ومات يوم الأربعاء خامس عشر الشهر المذكور، انتهى كلام العيني. قلت: اختلفا في عدة الضرب واتفقا على الوقعة، وبالجمل ة م ات صاحب الترجمة قتيلاً رحمه الله تعالى وذلك في سنة ست وثمانين وسبعمائة، وولي من بعده نظر الجيش موفق الدين أبو الفرج مضافاً على ما بيده من نظر الخاص واستيفاء الصحبة، انتهى. ؟ 1397 - ناصر الدين المدني ... - 826هـ؟ ... - 1423م عبد الرحمن بن محمد بن صالح، قاضي القضاة ناصر الدين المدني. ولي قضاء المدينة مدة سنين إلى أن توفي ليلة السبت رابع عشر صفر سنة ست وعشرين وثمانمائة، رحمه الله تعالى. وكان فاضلاً، مشكور السيرة، عفيفاً، انتهى. الجزء: 7 ¦ الصفحة: 211 ؟ 1398 - ابن قدامة شمس الدين الحنبلي ... - 682هـ؟ ... - 1283م عبد الرحمن بن محمد بن أحمد بن قدامة، العلامة شمس الدين أبو محمد ابن الشيخ أبي عمرو الدمشقي الحنبلي. هو أول من ولي قضاء الحنابلة بدمشق ثم تركه ووليه ابنه نجم الدين القضاء وتدريس الأشرفية بالجبل، وقد سمع الحديث وأكثر، وكان من علماء المسلمين وأكثرهم ديانة في عصر ه م ع هدى وصلاح، وسمت حسن، وخشوع ووقار، وكانت وفاته في ليلة الثلاثاء سلخ شهر ربيع الآخر سنة اثنتين وثمانين وستمائة، ودفن بمقبرة والده، عن خمس وثمانين سنة رحمه الله تعالى. الجزء: 7 ¦ الصفحة: 212 ؟ 1399 - ابن الخراط 777 - 840 هـ؟ 1375 - 1436م عبد الرحمن بن محمد بن سلمان، الشيخ زين الدين المروزي الشافعي، الحموي الأَصل الحلبي، الشهير بابن الخراط نزيل القاهرة، أحد أعيان موقعي الدست. مولده بحماة في سنة سبع وسبعين وسبعمائة، ونشأ بحلب وتفقه بها، وبرع في الأدب، واتصل بخدمة نائبها الأمير جكم من عوض، وله فيه غرر مدائح، ثم ولي في الدولة المؤيدة شيخ كتابة سر طرابلس، ثم عزل عنها، وولي كتابة الإنشاء بالقاهرة، واستمر على ذلك إلى أن توفي ليلة الثلاثاء ثاني المحرم سنة أربعين وثمانمائة. وكان فاضلاً، أديباً بليغاً، كان يسلك في نظمه الفحولية وطريقة السلف من القوة والحماسة، ومدح الملك الأشرف بقصيدة عندما أسر الأشرف ملك قبرس جينوس الفرنجي، وأنشدها بحضرته في أعيان الدولة، وخلع عليه، وذكرنا الجزء: 7 ¦ الصفحة: 213 القصيدة، في ترجمة الملك الأشرف، وأجاب الشيخ زين الدين المذكور أهل المغرب، لما أرسلوا لطلب نجدة من الملك الأشرف برسباي، بقصيدة طنانة سمعتها من لفظه، ثم قال والله ما يقدر أحد يجيب مثل هذه القصيدة، وبلغ ما قاله الحافظ شهاب الدين قاضي القضاة شيخ الإسلام ابن حجر فقال: نعم، صدق، هكذا حكى لي الشيخ زين الدين من لفظه. ومن شعره في مليح على شفته أثر بياض: لا والذي صاغ فوق الثغر خاتمه ... ما ذاك صدع بياض في عقائقه وإنما البرق للتوديع قبله ... أبقى به لمعة من نور بارقه ومن شعره أيضاً يمدح المقر لناصري محمد بن البارزي كاتب السر الشريف بديار مصر رحمه الله تعالى: على فتر الأجفان صدغك مرسل ... على يده أي العذار منزل ؟؟ إلى أسود أو أحمر خالك الذي بخدك لكن للقلوب مضلل؟ بني جمال سار في شمس خده ومن ظل جفني بالغمام مظلل كليم الهوى قلبي ولحظك ساحر ... عليه بصدغي سالفيك يخبل قد استخدم الأرواح تصرف حيث شاء ... ويجمعها من ند خالك مندل الجزء: 7 ¦ الصفحة: 214 أيا بابلي الطرف قلبي مشوش ... لصدغك كل فوق حمر مبلبل عتابك لي والخد تحت عذاره ... وما في اللمى كل رحيق مسلسل ؟ ألا فاشف قلبي بالشفاء فإنه عن الريق منها بالحيا معلل قتلت شهيداً بالعيون وليتني ... بلذتها أحيا مراراً وأفتل كفى عند قاضي الحسن خدك شاهداً ... على سهم جفن من دمي يتنصل ويا قمراً قد تم في ليل شعره ... بلا غيبة للبدر وجهك أجمل ويا مائل الأعطاف ميل تدلل ... بلا حسد للغصن قدك أعدل حميت جنا الأعطاف بدرى فكم على ... موائدها شمس الضحى تتطفل وهب نسيم من ثناياك بارد ... بجفنك أضحى ناعساً يتكسل فلله قد بالشبيبة ناعم ... وخد بحيات القلوب مخول طويل بسوداء القلوب مظفر ... على لون حظي دائماً يتحيل ربيب بحجر الحسن طال دلاله ... فويلاه حتى شعره يتدلل رتعت غزال من رقيبك في حمى ... كليب وطرفي بالدموع المهلهل غزال بديع الإلتفات إذا رنا ... قضى منه بالإيجاب والسلب أكحل ؟ لئن كان منه الخد ناراً فخصره سراط من الأخرى أرق وأنحل فمكمول ذاك الطرف سلسل أدمعي ... فصح حديث الدمع عنه السلسل الجزء: 7 ¦ الصفحة: 215 بعثت من الهجران هل لي مسرة ... عليه إلى جنات وصل مدخل له شعراً من محاسن وجهه ... بمعنى حلاها يطرب المتأمل فنامى عذار في الرياض نسيبه ... وفي الحسن ناشئ جفنه يتغزل غسلت مقائي الدمع قول عواذلي ... سلوت وأن العار بالدمع يغسل تقول وشاة الحب من قل صادقاً ... بأنك تهوى والوشاة تتقول أيعلم ما أخفيت من سرحبه ... ودمعك ستر دون سرك مسبل تنقل تنل عز في كمال ورفعة ... وتكتمل الأقمار إذ تنتقل ولا بد تجلو الوجه منك ببذله ... فلا عار أن يجلو المهند صيقل أأسأل وابن البارزي محمد ... جواد كفى بالجود من ليس يسأل وله أيضاً بليق هزلي، عارض به بليق الشيخ سراج الدين عمر بن مولاهم الذي أوله: من قال نا جندي خلق لقد صدق عندي قباء من عهد نوحعلى الفتوحلو صادفو شمس السطوحكان احترق من تحت ذاك البغلطاققباء مشاقكأنوا لا بالبصاققد التزق وفوق خلعه من قشيرما فيه حريرلو يغسلو لكان يعيرمع المرق الجزء: 7 ¦ الصفحة: 216 كلوتتى طار شحمهاعنه لحمهاولا بقي من رسمهاغير الورق فيها كلاليب من حديدفي سير قديدوشربه ذاك الصديدمن العرق وفوقها مثل اسم شاشاكتب ولاشأيضاً ولا ذاك القماشما فيه رمق ولي حياصة لا صباغولا دباغما ظن في سوق المصاغلها حلق والخف عندي في كمينمدة سنينكعبو مع الساق اليمينقد انفتق ولو شراريب طوالفجل الرمالوكل ما عندي يقالشلق ملق لها مهاميز من عظامطوال عظامأفسدت في ذاك النظاملمن سبق والسيف عندي في جفيرقدة فطييا ليته جلد الحميرأومن ورق تركاش منهت بالعقبيصلح حطبوفيه عشر فردات قصبلأجل السبق والقوس عندي في انكسارلا للحصاريصلح لإكديش أو حمارإذا نهق الجزء: 7 ¦ الصفحة: 217 ورمح أخضر سيسبانبلا سناننطعن رقاق التركمانما ينخرق ولي دبيهيس منقصهقطعه عصهونا كذا جندي خصهواسمى طشق قرقل مع بركستوانلهم زمانلو صادفو البندق لكانمنو مرق يصلح لأجناد ضعافوقمت المصافأجل من فهيم يخافمن طلطلق ولي فرس عاوز عليقبئس الرفيقيا ويحو إن كان الطريقفيها زلق من التجاريد والسفرظهرو انعقروقد بقي كلو حفرحلق حلق والسرج عندي من عظامبلا لحامأيضاً ويا ذاك الحزامبلا حلق وعندي إكديش حقيرشيخ كبيرسابقت بو عرج الحميرما قد سبق وبغل للمهتار عجببلا ذنبوالسرج لما ينقلبتلقاه ورق ولو طواله حبل ليفولي حريفيشين شهوتنا رغيفعلى طبق الجزء: 7 ¦ الصفحة: 218 وجارنا شعبان قطوعأفلاس وجوعبكى علينا بالدمعحتى انفلق انتهى بليق ابن مولاهم، وأما بليق صاحب الترجمة فهو هذا: من قال نا فقيه بشر ... لقد فشر عندي جلود بلا ورقكتب عتقمن درسها قلبي احترقبنار فكر ؟ مرقعة من النطوع إيش ذا القطوع أصولها مع الفروع كلو هدر كتاب هو طيف الخياليوم الجدالولي عليه شروح طوالفيها قصر ولي دوامن الصدفعلى الصدفتحبيرها عندي سرفمن النهر وفي الدوا لي ممسحةمن مرشحةمن فوق عقور مفتحةلا من طور ولي سكيكين من جريدلا من حديدأو من نعال خبل البريدمما انكسر ولي قليم سلوى قصبموصول شعبيا نفس من بوقد كتبكتب سير الجزء: 7 ¦ الصفحة: 219 ومرملة قطعة جرابفيها ترابمن الأقاليم الخرابسحق القذر ؟ ولي قميص كلواهباً من الصبا لو مر بو ريح الصبا كان انتشر؟ ولي جنيدة من خليع كاتب وضيع كأنها ريح الربيع وقت السحر وكود باني من خرقكنو طبققد احترق من الشفقلا من شرر وطيلساني من ضبابعلى ذهابوقد حكى أزر القحابيوم المطر ولي مداس من العتققد انفتقيرقعو من لو لصقمن السفر ولي بويت في مدرسةملان فسهبقدر بخش الخنفسةمن الصغر ؟ ومفرشة من نارية هي عارية منها دموعي جارية من الصدر ؟ لها حروف كالمبضعيفي أضلعيوكم لها في إصبعيشيء كالإبر ولي وسادة من حجرنومي هجرفكم برأسي من أثرمنو ظهر الجزء: 7 ¦ الصفحة: 220 وجيرتي فيها جموعذووا قطوعبكوا دماً يدل الدموععلى الجزر ًفكم بهم فقي حماردرسو فشاروآخر إذا زال النهاردرسو شمر وبحثهم في الدروسشبه التيوسدروسهم من الدروسبلا أثر إن درسوا يد لوتوالا يسكتواكيف في الدروس لا يحرثواوهم بقر يتباحثوا بظلفهمعن حتفهمفي نحوهم وصرفهمإلى سقر فرأسهم بال مداسأكسير نعاسلا يدروا أحكام القياسولا الأثر لا يعرفوا يا الندامجرداوبحثهم لا مبتداولا خبر لا يعرفوا مسيئلةمكللةالأعياط وقوقلةوفيه نظر معلومنا معلوم خرايا ليت جراثلاث فليسات من كراأو بالكسر ولي عظيم قالوا فرسقد انتكسوكلما سقتوا انتحسمن السفر الجزء: 7 ¦ الصفحة: 221 لا يستفين من الهزالكنو خلالوفيه عرج من العقالأو من حمر تعد من ضعفو الضلوععطش وجوعظهر على ظهرو طلوععجر عجر ولي سريج بلا لببقطعة خشبمالوا حديد ولا عقبقوسوا ظهر ولي غلام اسمو قدارأبلم حمارإذا دعوتو للقمارقام لي قمر ؟ جرايته عندي صحيح ضراط وريح إذا انسطل يبقى طريح أعمى البصر لكنني فقى كماجخرا الدجاجونظم شعري في ازدواجكمنوا بعر فضلى على تصنيف عمرجندي مصرمن قال نافقيه بشرلقد فشر انتهت، وأشار بقوله تصنيف عمر إلى البليق المتقدم ذكره: من قال نا جندي خلق لقد صدق، رحمه الله تعالى. ؟ 1400 - القيرواني 685 - 732 هـ؟ 1286 - 1331م عبد الرحمن بن محمد بن علي، الشيخ أبو زيد الأنصاري الأسدي القيرواني، الجزء: 7 ¦ الصفحة: 222 المعمر المحدث، صاحب تاريخ القيروان. ولد بها في سنة خمس وثمانين وستمائة، وأخذ عن عبد الرحمن بن طلحة، وعبد السلام بن عبد الغالب الصوفي، وطائفة، وأجاز له ابن رواح، وابن الجميزي، وسبط السلفي، وجماعة، وخرج له أربعين تساعيات بالإجازة، سمع محمد بن جابر الوادي آشي. وكان إماماً فاضلاً، مؤرخاً، توفي ببلده سنة اثنتين وثلاثين وسبعمائة، رحمه الله تعالى وعفا عنه. ؟ 1401 - ابن النقاش 747 - 719 هـ؟ 1346 - 1416م عبد الرحمن بن محمد بن علي بن عبد الواحد بن يوسف بن عبد الرحيم، الشيخ زين الدين أبو هريرة ابن الشيخ شمس الدين أبي أمامة، المعروف بابن النقاش، الدكالي الأصل المصري الشافعي، خطيب جامع ابن طولون. ولد في رابع عشر ذي الحجة سنة سبع وأربعين وسبعمائة، واسمع على محمد الجزء: 7 ¦ الصفحة: 223 ابن إسماعيل الأيوبي، وأبي الحرم القلانسي، ومحمد بن إبراهيم البياني، ودرس وأفتى عدة سنين، وخطب بجامع أحمد بن طولون ووعظ، وكان لوعظه تأثير في النفوس، ويصدع بالنكير في خطبته ووعظه، وكان محبباً للأكابر، محظوظاً منهم، وللناس فيه اعتقاد وحسن ظن مع النزاهة والديانة، وعظم بآخره في الدولة، واشتهر ذكره إلى أن توفي يوم الخميس عاشر ذي الحجة سنة تسع عشرة وثمانمائة، وكانت جنازته مشهودة، رحمه الله تعالى. 1402 - قاضي القضاة جمال الدين ابن خير المالكي 721 - 791 هـ؟ 1321 - 1389م عبد الرحمن بن محمد بن محمد بن سليمان بن خير ، قاضي القضاة جمال الدين أبو القاسم الأنصاري الإسكندري المالكي. ولد بالإسكندرية في يوم الأحد سابع عشر جمادى الأولى سنة إحدى وعشرين وسبعمائة وبها نشأ، وسمع من الوادي آشي وغيره، وأخذ الفقه عن أبيه، الجزء: 7 ¦ الصفحة: 224 وعن تقي الدين ابن عرام، وجلس مع الشهود، ووقع للقضاة زماناً، وبرع في الفقه والأصول، وشارك في الحديث والنحو وغيرهما، مع الخير والديانة، ثم ناب في الحكم بالثغر مدة إلى أن قدم إلى القاهرة وولي قضاء القضاة المالكية بها في جمادى الأولى سنة ثلاث وثمانين وسبعمائة، عوضاً عن قاضي القضاة علم الدين سليمان ابن خالد البساطي بعد عزله، وحمدت سيرته لحزمه في أموره كلها ولعفته حتى إنه لم يقبل لأحد هدية منذ ولي القضاء، وصار يتشدد في ذلك إلى الغاية، ويتحرى في أمر الشهود والسجلات لمعرفته بالشروط والصناعة، واستمر على ذلك حتى وقع بين العلامة أكمل الدين شيخ خانقاه شيخون وبين الشيخ شمس الدين الركراكي مدرس المالكية بالشيخونية، وعزله الشيخ أكمل الدين عن التدريس، فشق ذلك على الملك الظاهر برقوق ولم يسعه مخالفة الشيخ أكمل الدين بعد أن بعث الظاهر إلى الشيخ أكل الدين بإعادته فلم يوافق أكمل الدين وثم الركراكي معزولاً، وبلغ الخبر قاضي القضاة جمال الدين هذا فكتب قصة وبعث بها إلى السلطان يسأله فيها تقريره في التدريس المذكور الشاغر عن الركراكي بالشيخونية، فغضب الملك الظاهر من ذلك وعزله في الحال بقاضي القضاة أبي زيد بن خلدون في ويوم السبت سابع عشر جمادى الآخرة سنة ست وثمانين وسبعمائة، ثم أعيد بعد ابن خلدون مرة ثانية في يوم السبت الجزء: 7 ¦ الصفحة: 225 سابع جمادى الأولى سنة سبع وثمانين وسبعمائة، فسار أيضاً على سيرته الحسنة إلى أن توفي قاضياً في يوم الأربعاء سابع عشر شهر رمضان سنة إحدى وتسعين وسبعمائة، وولي بعده تاج الدين بهرام بن عبد الله بن عبد العزيز الدميري، رحمه الله. ؟ 1403 - قاضي القضاة تقي الدين الزبيري 734 - 813 هـ؟ 1333 - 1410م عبد الرحمن بن محمد بن عبد الناصر بن هبة الله بن عبد الرحمن بن محمد بن عبد الناصر بن محمد بن المنعم بن طاهر بن أحمد بن مسعود بن داود ابن يوسف ، قاضي القضاة تقي الدين أبو محمد الزبيري المحلي، يعرف بابن تاج الرئاسة، والزبيري نسبة إلى محلة الزبير من قرى الغربية من أعمال القاهرة. الجزء: 7 ¦ الصفحة: 226 وبتلك النواحي نشأ وطلب العلم، وسمع على أبي الفتح الميدوي وغيره، وقرأ على أبيه القراءات وغيره، وتفقه بجماعة، ثم قدم القاهرة، وتزوج بابنة قاضي القضاة موفق الدين عبد الله الحنبلي، وباشر توقيع الحكم مدة طويلة، ثم ناب في الحكم عن القضاة بالقاهرة دهراً، وعلا سنة، وعرف بين الناس، واستمر على ذلك إلى أن طلبه الملك الظاهر برقوق في يوم الخميس ثالث عشرين جمادى الأولى سنة تسع وتسعين وسبعمائة على حين غفلة وفوض إليه قضاء القضاة الشافعية، عوضاً عن قاضي القضاة صدر الدين المناوي بحكم عزله وحنق السطلان عليه، فباشر المذكور القضاء، وحسنت سيرته لتواضعه ومعرفته بالشروط والأحكام، ولعفته أيضاً عن كل قبيح، ودام إلى أن صرف بصدر الدين المناوي في خامس عشر شهر رجب سنة إحدى وثمانمائة، فلزم المذكور داره، وترك ركوب البغلة، وصار يمشي في الطرقات، وترك الاحتشام إلى أن توفي يوم الأحد أول شهر رمضان سنة ثلاث عشرة وثمانمائة عن ثمانين سنة وقد هرم، رحمه الله، ودفن بتربة الصوفية خارج باب النصر. الجزء: 7 ¦ الصفحة: 227 ؟ 1404 - زين الدين الرشيدي 741 - 803 هـ؟ 1340 - 1400م عبد الرحمن بن محمد بن إبراهيم بن لاجين، الشيخ زين الدين أبو محمد الرشيدي الشافعي. مولد سنة إحدى وأربعين وسبعمائة بالقاهرة، وسمع بها من عبد الرحمن ابن عبد الهادي، ومن الميدومي، وابن أميلة، والبياني، وحدث وتفقه، وبرع في علم الحساب ومعرفة الفرائض والجبر والمقابلة، وكتب حجاميع مفيدة، وكانت له يد طولى في معرفة الميقات وولي رئاستهم، ثم ولي خطابة جامع أمير حسين بحكر جوهر النوبي، وكان لقراءته بالقراءات ولنغمه حلاوة، وشجاوة حتى توفي يوم الثلاثاء ثاني جمادى الآخرة سنة ثلاث وثمانمائة، رحمه الله تعالى. ؟؟ 1405 - ابن الديري 817 - 856 هـ؟ 1414 - 1452م عبد الرحمن بن محمد بن عبد الله بن سعد بن أبي بكرن القاضي أمين الدين الجزء: 7 ¦ الصفحة: 228 ابن قاضي القضاة شمس الدين، وأخو شيخ الإسلام قاضي القضاة سعد الدين الديري العبسي المقدسي الحنفي ناظر الحرمين: المقدس والخليل عليه السلام. مولده بالقدس في شعبان سنة سبع عشرة وثمانمائة، هذا أملى علي من لفظه، ونشأ بالقدس، ثم تحول إلى القاهرة صغيراً مع والده لما ولي القضاء بعد موت قاضي القضاة ناصر الدين محمد بن العديم في سنة تسع عشرة وثمانمائة وحفظ القرآن العزيز وبعض مختصرات في مذهبه، وتفقه بأخيه سعد الدين المذكور، وغلب عليه الأدب، وقال الشعر الجيد، وولي نظر الحرمين بعد وفاة خليل السخاوي، واستمر إلى أن عزل بواقعة حصلت بينه وبين تمراز من بكتمر المؤيد المصارع نائب القدس في سنة اثنتين وخمسين وثمانمائة، وامتحن وأهين بواسطة أبي الخير النحاس، ثم أيعد بعد مدة إلى نظر الحرمين بعد أحمد بن محاسن أحد أعوان أبي الخير النحاس في سنة أربع وخمسين بعد القبض على أبي الخير النحاس ونفيه إلى طرسوس، وتوجه إلى القدس وباشر النظر، وابتهج الناس به لولا ما فيه من طيش وخفة. الجزء: 7 ¦ الصفحة: 229 وقد حكى لي تمراز عنه أموراً غريبة من خفته وزهوه وسرعة حركته ما هو أعجب من أن يحكى، من ذلك أنه قال: كان إذا ركب عبد الرحمن المذكور يتزي بزي الأمراء ويشد في وسطه تركاشاً، ولما يخرج إلى الصيد يخرج معه بعض مماليكه وبيده طير وكلابزية بين يديه، قال تمراز: ولما وقع الكلام بيني وبينه لبس قرقلا وألبس مماليكه وحاربني، ثم حكى لي عنه أشياء كثيرة من هذا النمط، وما أظنه يكذب، فإنه صاحبنا ويتكلم في بعض الأحيان بكلام يقارب هذه الفعال، على أنه حلو المحاضرة لولا ما يجازف من إطراء نفسه، ويذاكر بالشعر، وله كرم وأفضال على ذويه، وربما يتحمل من الديون جملاً بسبب ذلك، وله نظم رائق، أنشدني كثيراً من شعره، من ذلك قوله: وتوفى على نظر القدس الشريف به في أوائل ذي الحجة سنة ست وخمسين وثمانمائة رحمه الله. الجزء: 7 ¦ الصفحة: 230 ؟ 1406 - ابن الأتابك منكلي بغا ... - 796هـ؟ ... - 1393م عبد الرحمن بن الأتابك منكلي بغا الشمسي، الأمير زين الدين، ابن أخت الملك الأشرف شعبان بن حسين، وأخي خوند هاجر بنت منكلي بغا زوجة الملك الظاهر برقوق. كان من جملة الأمراء بالديار المصرية إلى أن توفي بالقاهرة في عاشر شعبان سنة ست وتسعين وسبعمائة، رحمه الله. ؟؟ 1407 - الفلك المسيري .. - 643هـ؟ ... - 1245م عبد الرحمن بن هبة الله، أبي بكر بن فلك الدين، الوزير الصاحب المعروف بالفلك المسيري. كان رئيساً كبيراً، وافر الحرمة، ظاهر الحشمة والنعمة، كثير التيه الجزء: 7 ¦ الصفحة: 231 والصلف، ولاه الملك الأشرف موسى شاه أرمن الوزارة، ثم في سنة أربع وثلاثين وستمائة صادره واحتاط على موجوده لكونه نقل عنه أنه يكاتب أخاه الملك الكامل محمد سلطان الديار المصرية، ثم أطلقه. وكان للفلك المسيري عند الأشرف حظ كبير مع أنه كان يستجهله، قيل: إنه خرج يوماً من عند الأشرف ثم عاد، فقال له الأشرف: أين كنت؟ فقال: يا مولانا السلطان سيرت الدواب إلى الإسطبل، فقال له: عجب ما رحت معها. وفيه يقول القائل: ايش هو فلك وايش هي مسيرحتى يجي منها وزيروالله ولا راعي حمير ؟ كنت أجعلك اسمك معار ما تعربهوالمال بالفول تحسبهوالسرج بالصاد تكتبه ما أجهلك لو كان في الدنيا خبيركان يركبك فوق الحميروالبوق خلفك والنفير ؟ وأنا أركلك خلي القياد والفضولكم ذا تخاصم كم تصولوتدعي أنك رسول من أرسلك الجزء: 7 ¦ الصفحة: 232 لو كنت أملك يا قبقأمرك جملتك في الحلقعريان وفي عنقك شلق وأنا اندلك وقيل إنه كان له مملوك مليح يسمى أزبك، فقال فيه العز القليوبي دوبيت: البدر بدا من صدغه في فلك ... والقلب غدا من حسنه في شرك ؟ تحت الفلك الخلق كثير لكن ما مثلك يا أزبك تحت الفلك فلما سمع الملك الأشرف البيتين ضحك ثم قال: فوق الفلك، وتوفي الفلك المسيري سنة ثلاث وأربعين وستمائة، وقيل سنة خمس. ومسير بليدة بالغربية بالوجه البحري من أعمال القاهرة. انتهى. ؟ 1408 - شيخ شيوخ الظاهرية برقوق 813 - 880 هـ؟ 1410 - 1475م عبد الرحمن بن يحيى بن يوسف، الشيخ الإمام العالم الفاضل البارع الجزء: 7 ¦ الصفحة: 233 عضد الدين ابن العلامة الشيخ سيف الدين السيرامي الحنفي، شيخ شيوخ المدرسة الظاهرية برقوق، وابن شيخها. ولد بالقاهرة بقاعة المشيخة بالمدرسة المذكورة في أوائل شوال سنة ثلاث عشرة وثمانمائة تقريباً، ونشأ بها، وتفقه بوالده، وبالعلامة الشيخ تقي الدين الشمني، وبغيرهما، وحفظ القرآن العزيز، واشتغل وحصل، وتولى المشيخة بعد وفاة والده الشيخ نظام الدين المذكور في سنة ثلاث وثلاثين وثمانمائة بالمدرسة المذكورة، وتصدر للتدريس بها، وبرع في الفقه والأصول والعربية والمعاني والبيان، وتنفع به كثير من الطلبة، هذا مع الذكاء المفرط، والقريحة الوقادة، والحافظة الجيدة إلى الغاية، والبشاشة والحشمة، والاتضاع، وطلاقة الوجه، على أنه خير دين محتجب عن الناس، قليل الاجتماع بأكابر الدولة إلا لضرورة أكيدة تبعثه على ذلك، على كره منه، واستمر على ذلك إلى أن صار معدوداً من أعيان السادة الحنفية. الجزء: 7 ¦ الصفحة: 234 1409 - الفخر البعلبكي 611 - 688 هـ؟ 1214 - 1289م عبد الرحمن بن يوسف بن محمد، الشيخ الإمام العالم الزاهد فخر الدين أبو محمد البعلي الأنصاري. كان من خيار المشايخ علماً وعملاً وصلاحاً، ... ... وسلامة باطن، وحسن سمت، وصفاء قلب ... ... وتلاوة القرآن، سمع الكثير وأسمع، وكان شيخ دار الحديث النورية، ومسجد ابن عروة، وشيخ الصدرية، ولد سنة إحدى عشرة وستمائة وتوفي سنة ثمان وثمانين وستمائة بمسجد ابن كثير، ودفن بالقرب من قبر الشيخ الموفق بسفح قاسيون رحمه الله تعالى. الجزء: 7 ¦ الصفحة: 235 1410 - نجم الدين الأصفوني 699 - 751 هـ؟ 1299 - 1350م عبد الرحمن بن يوسف بن إبراهيم بن محمد بن إبراهيم، العلامة نجم الدين أبو محمد وأبو القاسم القرشي الأصفوني المولد والمنشأ، نزيل مكة وعالمها ومفتيها. وأصفون من عمل القوصية من صعيد مصر، ولد بها في سنة تسع وتسعين وستمائة، وحفظ القرآن العزيز، وتفقه بالبهاء القفطي بإسنا، وقرأ عليه أيضاً الأصول والعربية والفرائض والجبر والمقابلة وغير ذلك، وأذن له في الفتوى والتدريس، وقرأ أيضاً على قاضي قنا محيي الدين يحيى بن صحارى القرشي، وأذن له أيضاً في الفتوى والتدريس، وقرأ القراءات السبع على سراج الدين أبي بكر بن عثمان الشافعي، وسمع الحديث على القاضي عماد الدين محمد بن سالم وغيره، وبرع وأفتى ودرس وأقرأ، وانتفع به كثير، وحج مراراً آخرها في سنة ثلاث وثلاثين وسبعمائة، وأقام بها واستوطنها، وسمع بها من عيسى الحجي، ومحمد الجزء: 7 ¦ الصفحة: 236 ابن الصفي الطبري، وأخيه عثمان، والزين الطبري، وعبد الوهاب الواسطي، والمعظم عيسى الأيوبي، وحدث بها عن عيسى بالأحاديث التساعية والثمانية رواية عمة أبيه مؤنسة خاتون عنها، سمعها منه ابن شكر وأجاز له، وتصدر بمكة إلى أن توفي يوم الثلاثاء ثالث عشر ذي الحجة بمنى، وقيل ثاني عشر، سنة إحدى وخمسين وسبعمائة، وقد قارب السبعين سنة، وحمل ودفن بالمعلاة. وكان عليه مدار الفتوى بمكة، وصنف عدة تصانيف، من ذلك كتاب اختصر فيه الروضة للنووي، وكتاب مسائل الدورية في الفقه، وهي من طريق الجبر والمقابلة، وكان له عبادة وأوراد، رحمه الله تعالى. ؟ 1411 - قاضي القضاة زين الدين. الكفري الحنفي 750 - 811 هـ؟ 1349 - 1408م عبد الرحمن بن يوسف بن أحمد بن الحسن بن سليمان بن فزارة بن بدر ابن محمد بن يوسف ، قاضي القضاة زين الدين أبو هريرة الكفري الحنفي. الجزء: 7 ¦ الصفحة: 237 ولد سنة خمسين وسبعمائة تقريبا، وأحضر على محمد بن إسماعيل بن الخباز، وسمع على بشر بن إبراهيم بن محمود الجلي، وتفقه بعلماء عصره حتى برع في الفقه والأصلين والعربية، وشارك في عدة فنون، وأفتى ودرس، وتولى قضاء القضاة بدمشق، هو وأبوه وأخوه وجده، وهو بيت علم وفضل ورئاسة، ثم قدم القاهرة بعد سنة ثلاث وثمانمائة، وولي قضاءها مدة، وحمدت سيرته، وأفتى ودرس بها، ولازم الاشتغل والإشغال إلى أن توفي بالقاهرة ثالث شهر ربيع الآخر سنة إحدى عشرة وثمانمائة، رحمه الله تعالى. ؟ 1412 - ابن البارزي 608 - 638 هـ؟ 1211 - 1284م عبد الرحيم بن إبراهيم بن هبة الله بن المسلم بن هبة الله بن حسان، قاضي القضاة نجم الدين أبو محمد ابن قاضي القضاة شرف الدين، الجهيني الحموي الشافعي، المعروف بابن البارزي، قاضي حماة، وابن قاضيها. الجزء: 7 ¦ الصفحة: 238 ولد بها في سنة ثمان وستمائة، كان إماماً عالماً فاضلاً، بارعاً، فقيهاً، أصولياً، نحوياً أديباً، شاعراً، له خبرة جيدة بالعقليات ونظر في الفنون، وسمع من القاسم بن رواحة وغيره، وحدث عن موسى بن الشيخ عبد القادر، وسماعه من موسى المذكور بدمشق، وحكم بحماة نيابة عن والده قديماً، ثم استقل بها من عبده، ولم يتناول للقضاء رزقاً، وعزل عن القضاء قبل موته بأعوام، وكان مشكور الأحكام، وافر الديانة، محباً للفقراء والصالحين، ودرس وأفتى، وتصدى للاشتغال والتصنيف، وخرج له الأصحاب في المذهب، ثم توجه إلى الحج فأدركته المنية فحمل إلى المدينة ودفن بها في البقيع سنة ثلاث وثمانين وستماية. ومن شعره، وهو تشبيه سبعة أشياء بسبعة: يقطع بالسكين بطيخة ضحىً ... على طبق في مجلس لأصاحبه كبرق ببدر قد شمساً أهلةً ... لدى هالةٍ في الأفق بين كواكبه قلت: وهذا يشبه قول ابن قلاقس الإسكندري: أتانا الغلام ببطيخةٍ ... وسكينة قد أجيدت صقالاً الجزء: 7 ¦ الصفحة: 239 فقطع بالبرق شمس الضحا ... وأهدى لكل هلالٍ هلالاً ومن عشر القاضي نجم الدين المذكور ما كتبه إلى الملك المنصور قلاوون: إذا شمت من تلقاء أرضكم برقاً ... فلا أضلعي تهذي ولا أدمعي ترقا وإن ناح فوق البان ورق حمائم ... سحيراً فنوحي في الدجى علم الورقا فأرقوا القلب في ضرام غرامه ... حريقاً وأجفاني بأدمغها غرقا سميري من سعد خذا نحو أرضهم ... يمينا ولا تستبعدا نحوها الطرقا وعرجا على أفق توشح شيحه ... بطيب الشذا المكي كرم بها أفقا فإن بها المغنى الذي بترابه ... وذكراه يستشفي لقلبي ويسترقا ومن دونه عرب يرون نفوس منْ ... يلوذ بمغناهم حلالاً لهم طلقا بأيديهم بيض بها الموت أحمر ... وسمر لدى هيجائهم تحمل الزرقا وقولا محب بالشام غدا لقىً ... لفرقة قلب بالحجاز غدا ملقى تعلقكم في عنفوان شبابه ... ولم يسل عن ذاك الغرام وقد أنقى وكان يمنى النفس بالقرف فاغتدى ... بلا أمل إذ لا يؤمل أن يبقى الجزء: 7 ¦ الصفحة: 240 1413 - ابن البازري ... - 765هـ؟ ... - 1363م عبد الرحيم بن إبراهيم بن هبة الله بن عبد الرحيم بن إبراهيم بن هبة الله بن المسلم ابن هبة الله بن حسان بن محمد بن منصور بن أحمد، قاضي القضاة نجم الدين أبو محمد بن شمس الدين أبي طاهر ابن قاضي القضاة شرف الدين أبي القاسم ابن قاضي القضاة نجم الدين أبي محمد - المتقدم ذكره - ابن شمس الدين البارزي الجهني الشافعي، قاضي حماة. ولد ... هو من بيت علم وفضل ورئاسة، ناب في الحكم عن جده، ثم استقل بقضاء حما ة م ن بعده ستا وعشرين سنة إلى أن توفي سنة خمس وستين وسبعمائة، تقدم ذكر جماعة من آبائه وأقربه، ويأتي ذكر جماعة أخر من ذريته وآبائه وأقاربه كل واحد في محله إن شاء الله تعالى. انتهى. الجزء: 7 ¦ الصفحة: 241 ؟ 1414 - جمال الدين الإسنوي 704 - 772 هـ؟ 1304 - 1370م عبد الرحيم بن الحسن بن علي بن عمر بن إبراهيم بن علي بن جعفر بن سليمان بن الحسن بن الحسين بن عمر بن الحكم بن عبد الرحمن بن عبد الله بن محمد ابن عبد الرحمن بن الحكم بن عبد الملك بن مروان بن الحكم بن أبي العاص بن أمية بن عبد شمس بن عبد مناف، الشيخ الإمام العلامة جمال الدين أبو محمد القرشي الأموي الإسنوي الشافعي. ولد بإسنا من أعلا صعيد مصر في أواخر سنة أربع وسبعمائة، وبها حفظ القرآن، وحفظ التنبيه في الفقه في ستة أشهر، ومات أبوه سنة ثماني عشرة وسبعمائة، فأقام بعد موته بإسنا مدة، ثم قدم القاهرة في سنة إحدى وعشرين، وتفقه على القطب محمد بن عبد الصمد بن عبد القادر السنباطي، والجمال أحمد ابن محمد الوجيزي، والمجد أبي بكر بن إسماعيل بن عبد العزيز السنكلوني، والعلاء علي بن إسماعيل بن يوسف القونوي، وتقي الدين علي بن عبد الكافي الجزء: 7 ¦ الصفحة: 242 ابن علي السبكي، وأخذ الأصلين من العلاء القونوي، وتقي الدين السبكي، وبدر الدين محمد بن أعد التستري، وأخذ النحو عن: أبي الحسن علي بن أحمد الأنصاري، وأثير الدين أبي حيان الأندلسي، وسمع الحديث من ذي النون يونس بن إبراهيم بن عبد القوي العسقلاني، وأبي علي حسين بن أسد بن الأثير، وأبي الفضل عبد المحسن بن أحمد الصابوني، وأبي محمد بن عبد القادر بن عبد العزيز بن عيسى بن الملك العادل أبي بكر الأيوبي، والعلامة شمس الدين أبي عبد الله محمد بن القماح، وغيرهم، وبرع في الفقه، والأصلين، والعربية، والعروض، والتاريخ، والحديث، والتفسير، مع العفاف والنسك ومكارم الأخلاق، وتفقه به جماعة الأئمة، منهم: أولاد العلاء القونوي الثلاثة: محب الدين محمود وبدر الدين حسن، وصدر الدين عبد الكريم، وبهاء الدين علي بن محمد الأقفهسي، والجمال إبراهيم الأسيوطي، وبرهان الدين إبراهيم ابن موسى الإبناسي، والسراج عمر بن الملقن، والشهاب أحمد بن القماح، والزيني أبو بكر المراغي، في آخرين لا يحصون، وحدث، وسمع عليه جماعة كثيرة، وكتب وصنف، ومن مصنافته: كتاب الهداية إلى أوهام الكفاية لابن الرفعة، مجلدان، وكتاب شرح منهاج البيضاوي مجلد، وكتاب التصحيح الجزء: 7 ¦ الصفحة: 243 والتنقيح فيما يتعلق بالتنبيه، والمهمات على الرافعي في شعر مجلدات، وشرح المنهاج في الفقه، والمنهاج في الأصول، والكوكب الدري فيما يبنى من المسائل الفقهية على القواعد العربية، وشرح عروض ابن الحاجب، وله الطبقات، وكتاب الأشباه والنظائر، وكتاب الجمع والفرق، وغير ذلك، وتولى نظر دار الطراز والحسبة ووكالة بيت المال، ودرس بالملكية والاقبغاوية والفارسية، وتدريس التفسير بالجامع الطولوني، وأعاد بالناصرية، ودرس بالصالحية، والمنصورية، وكن له نظم ونثر ليس بذاك، من ذاك يمدح كتاب الرافعي في الفقه: يا من سما نفساً إلى نيل العلا ... ونحا إلى العلم العزيز الرافع ؟ قلد سمى المصطفى ونسيبه والزم مطالعة العزيز الرافعي الجزء: 7 ¦ الصفحة: 244 توفي ليلة الأحد ثامن عشر جمادى الأولى سنة اثنتين وسبعين وسبعمائة بالقاهرة فجأة، وصلى عليه قاضي القضاة بهاء الدين أبو البغاء بالجامع الحاكمي، ودفن بتربته بالقرب من جوشن خارج باب النصر، رحمه الله تعالى. ؟ 1415 - الحافظ زين الدين العراقي 725 - 806 هـ؟ 1325 - 1403م عبد الرحيم بن الحسين بن عبد الرحمن بن إبراهيم بن أبي بكر بن إبراهيم، الحافظ زين الدين أبو الفضل العراقي المصري الشافعي. مولده بالقاهرة في الحادي والعشرين من جمادى الأولى سنة خمس وعشرين وسبعمائة بمنشية المهراني على شاطئ النيل، وحفظ القرآن الكريم، وطلب العلم، ثم طلب الحديث بنفسه، فسمع بالقاهرة: على أبي علي عبد الرحيم عبد الله بن يوسف الأنصاري الشهير بابن شاهد الجيش، وعلي أبي الفتح محمد ابن محمد بن إبراهيم الميدومي، وأبي القاسم محمد بن محمد بن محمد بن سيد الناس، ومحمد بن إسماعيل بن عبد العزيز، وسنجر بن عبد الله الجاولي، الجزء: 7 ¦ الصفحة: 245 وعلي بن أحمد بن عبد المحسن بن الرفعة، في خلق كثير يطول الشرح في ذكرهم، وبمصر: من أبي الفرج عبد الرحمن بن محمد بن عبد الهادي المقدسي، ومحمد ابن علي بن عبد العزيز بن المظفر، وأحمد بن محمد بن الحسن الرصدي الشهير بابن الحرايري، ومحمد بن أحمد بن أبي الربيع الدلاصي، في آخرين، وبمكة من: الفقيه أحمد بن قاسم بن عبد الرحمن الجزائري، وأحمد بن علي بن يوسف إمام الحنفية بها، والفقيه خليل بن عبد الرحمن بن محمد إمام المالكية بها، في آخرين، وبالمدينة من الشيخ عفيف الدين عبد الله بن أحمد بن محمد الطبري في آخرين، وبدمشق من: أبي عبد الله محمد بن إسماعيل بن إبراهيم بن الخباز الأنصاري، وأبي بكر بن عبد العزيز أحمد بن رمضان، ويحيى بن عبد الله بن مروان الفارقي - وحديثه عزيز -، ومحمد بن إسماعيل بن عمر بن الحموي، ومحمد بن محمد ابن عبد الغني الخراساني، في خلق آخرين، وبصالحية دمشق، من: أبي العباس أحمد بن عبد الرحمن بن محمد المرداوي، وعبد الله بن محمد بن إبراهيم المقدسي، ومحمد بن موسى بن إبراهيم الشقراوي، وفي آخرين، وبحلب من: سليمان بن إبراهيم بن المطوع، وعبد الله بن محمد بن إبراهيم المقدسي ابن المهندس، وبقية السلف جمال الدين إبراهيم بن الشهاب محمود، في آخرين، وبحماة من قاضيها نجم الدين عبد الرحيم بن إبراهيم بن هبة الله البارزي، وعبد الله بن داود بن سليمان السلمي، في آخرين، وبحمص من عمر بن أحمد بن عمر النقي، في آخرين، وبطرابلس من العلامة صدر الدين محمد بن أبي بكر بن عباس الخابوري، وغيره، وبصفد من عمر بن حمزة بن يونس، وست الفقهاء بنت أحمد بن محمد العباسي، وببعلبك من: أحمد بن علي بن الحسن بن عمرون، وأحمد بن عبد الكريم بن أبي بكر، وعبد القادر بن علي السبع البعلبكيين، في آخرين، وبنابلس من: محمد بن الجزء: 7 ¦ الصفحة: 246 عثمان بن عبد الرحمن بن عبد المنعم بن نعمة، وإبراهيم بن عبد الله بن أحمد الزيادي وغيرهم، وببيت المقدس: منه، ومن قاسم بن سليمان الأذرعي، وطاهر ابن أحمد المقدسي، الحافظ صلاح الدين بن خليل بن كيكلدي العلائي، في آخرين، وبغزة من سليمان ومحمد ابني سالم بن عبد الناصر، في آخرين وبالإسكندرية من محمد بن محمد بن أبي الحسين بن أبي الليث، ومحمد بن أحمد ابن هبة الله القرشي المعروف بابن البوري، ومحمد بن محمد بن عبد الكريم ابن عطاء، والشريف عبد الرحمن بن عمر بن محمد البرساني، في آخرين، وبغيرها من البلاد، يجمعها الأربعون البلدانية التي خرجها، لكنه لم يكملها، بقي عليه منها أربعة بلاد. وكان اشتغاله أولاً بعلم القراءات، ثم مال إلى الحديث، فقرأ بنفسه في سنة اثنتين وأربعين وسبعمائة، وأخذ عن الشيخ شهاب الدين أحمد بنابي الفرج ابن البابا، وهو أول شيخ قرأ عليه الحديث، ثم أخذ علم الحديث أيضاً عن الشيخ علاء الدين بن عثمان بن مصطفى التركماني الحنفي، وتخرج به، وانتفع به، وسمع عليه صحيح البخاري مع ابن شاهد الجيش، ثم لما رحل إلى الشام في سنة أربع وخمسين أخذ عن حافظ العصر الشيخ تقي الدين أبي الحسن علي بن عبد الكافي السبكي، والشيخ صلاح الدين خليل بن كيكلدى العلائي، الجزء: 7 ¦ الصفحة: 247 ووصفاه بالفهم والمعرفة والإتقان، ووصفه أيضاً أئمة العصر بالحفظ والتحقيق، كالعز بن جماعة، وجمال الدين الإسنوي، وغيرهما، وأخذ عنه من الأئمة الحفاظ: الحافظ نور الدين الهيثمي صاحب التصانيف المشهورة، والحافظ شهاب الدين بن حجر، والحافظ برهان الدين إبراهيم الحلبي سبط بن العجمي، وحافظ مكة جال الدين محمد بن ظهيرة، والشيخ كمال الدين محمد بن موسى الدميري، والبرهان إبراهيم الإبناسي، والزين عبد الرحمن علي الفارسكوري، وغيرهم. وكان كثير الحج والمجاورة بمكة المشرفة، وولي قضاء المدينة الشريفة على ساكنها أفضل الصلاة والسلام مدة، ثم عزل وعاد إلى القاهرة في الدولة الظاهرية برقوق، واستمر ملازماً للتصنيف والإشغال، ودرس بالمدرستين الكاميلية والفاضلية، وصنف كتباً كثيرة منها: تخرج أحاديث الإحياء في أربع مجلدات كبار، أكمل مسودته قديماً سنة إحدى وخمسين وسبعمائة، أخبار الأحياء بأخبار الإحياء، واختصره في مجلدة ضخمة سماه المغني عن حمل الأسفار في تخريج ما في الإحياء من الأخبار، ونظم علوم الحديث لابن الصلاح وشرحه، ونظم منهاج البيضاوي في الأصول، وغير ذلك. ومن نظمه، أنشدنا حافظ العصر قاضي القضاة شهاب الدين أبو الفضل أحمد بن حجر إجازة أنشدنا الحافظ زين الدين العراقي لنفسه إجازة - إن لم يكن سماعاً - فيمن كان يشبه النبي صلى الله عليه وسلم: وسبعة شبهوا بالمصطفى قِسَما ... لهم بذلك قدرٌ قد زكا ونما الجزء: 7 ¦ الصفحة: 248 سبط النبي، أبو سفيان، سائبهم ... وجعفر وابنه ذو الجود كذا فثما وله أيضاً في غير المعنى: ؟ انفقوا لله جودا ... من سجد ليس بمغبون لن تنالوا البر حتى ... تنفقوا مما تحبون وله في أسماء الصحابة العشرة رضي الله عنهم: وأفضل أصحاب النبي مكانةً ... ومنزلةً من بشروا بجنان ؟ سعيد، زبير، سعد، عثمان، عامرٌ علي، ابن عوف، طلحة، العمران توفي الحافظ زين الدين رحمه الله في نصف ليلة الأربعاء ثامن شعبان سنة ست وثمانمائة بالقاهرة. أخبرني غير واحد من تلامذته أنه كان معتدل القامة، للطول أقرب، مليح الوجه، منور الشيبة، كث اللحية، كثير السكون، طارحاً للتكلف، شديد الجزء: 7 ¦ الصفحة: 249 الحياء، غزير العلم، مقداماً، كريماً، يصدع في كلام أرباب الشوكة، وكان لا يهاب سلطاناً في قول الحق، على انه كان حلو المحاضرة، خفيف الروح لطيف الطبع. ولما مات رثاه شيخ الإسلام الحافظ شهاب الدين بن حجر بقصيدة أولها: مصاب لم ينفس للخناق ... أصار الدمع جار للماقِ والعراقي نسبه إلى العرق - معروف ذلك - قال الأصمعي: كانت العراق تسمى آران شهر فعربوها فقالوا العراق. انتهى. ؟ 1416 - ابن الحاجب ... - 850هـ؟ ... - 1446م عبد الرحيم بن محمد بن عبد الله، المعروف بابن الحاجب. الجزء: 7 ¦ الصفحة: 250 هو من بيت رئاسة وحشمة، ونسبتهم إلى الأمير بكتمر، ودارهم معروفة خارج باب النصر من القاهرة، وكانت له وجاهة عند أرباب الدولة ليست بذاك، وهو آخر البيت، مات في حدود الخمسين وثمانمائة بالقاهرة، وخلف بعده ابنه عبد الرحمن فلم تطل مدة حيات ه م ن بعده، ومات بالطاعون في سنة ثلاث وخمسين وثمانمائة، وكلاهما خلف ولداً ذكراً، رحمهما الله، ولعبد الرحيم صاحب الترجمة أخبار جمة في الوسوسة وتطهير الثياب والأواني خارجة عن الحد مضحكة. انتهى. ؟ 1417 - السمهودي .... - 720هـ؟ ... - 132م عبد الرحيم بن محمد بن يوسف المسهودي. كان فقيهاً شافعياً، أديباً نحوياَ شاعراً، رحل إلى دمشق، وتفقه بالشيخ محي الدين النووي. الجزء: 7 ¦ الصفحة: 251 وكان ظريفاً خفيف الروح، جارياً على مذهب الشعراء في حب الشباب والشراب والطرب، وكان ضيق الخلق قليل الرزق، وله خطب ورسائل، وكان يقرئ النحو والعروض، ومن شعره: قال لي من هويت شبه مقامي ... وقد امتز بالجمال دلالاً قلت غصن على كثيب مهيل ... صافحته يد النسيم فمالا ومن شعره قصيدة يمدح بها صاحب اليمن، منها: هم القصد أن حلوا بنعمان أو ساروا ... وإن عدلوا في منحة الصب أو جاروا تعشقتهم لا الوصل أرجو، ولا الجفا ... أخاف، وأهل الحب في الحب أطوار وآثرتهم بالروح وهي حبيبة ... إلى وفى أهل المحبة إيثار وهل سحر ولي بنعمان عائدٌ ... فكل ليالينا بنعمان أسحارُ توفي بسمهود في سنة عشرين وسبعمائة. 1418 - ابن الفرات 759 - 851 هـ؟ 1358 - 1447م عبد الرحيم بن محمد بن عبد الرحيم بن علي بن الحسين، الشيخ الإمام المحدث المعمر المسند الرحلة القاضي عز الدين ابن القاضي ناصر الدين الحنفي، أحد نواب الحكم، المعروف بابن الفرات. الجزء: 7 ¦ الصفحة: 252 مولده سنة تسع وخمسين وسبعمائة بالقاهرة، وسمع بها من والده، والحسين ابن عبد الرحمن بن سباع التكريتي، والقاضي إسماعيل بن إبراهيم الحنفي، وأجاز له القاضي عز الدين ابن جماعة، والشيخ صلاح الدين خليل بن أيبك الصفدي، وأحمد بن النجم، وابن قاضي الجبل، وابن الجوخي، وتاج الدين السبكي، وابن أميلة، والبياني، والصلاح بن أبي عمر، وابن السيوفي، وشمس الأئمة الكرماني، ومحمود التيمي، وست العرب، والبرهان القيراطي، وخلق سواهم، يجمعهم مشيخة تخريج الإمام المحدث الرحال المفيد سراج الدين عمر بن فهد، وحدث سنين، وتفرد بأشياء عوالي، وسمع منه الأعيان والفضلاء، وصار رحلة زمانه، وأجاز لي بجميع مسموعاته ومروياته، وكان له معرفة تامة بالفقه والأحكام، وناب في الحكم بالقاهرة سنين إلى أن توفي بالقاهرة في أواخر ذي الحجة سنة إحدى وخمسين وثمانمائة. وكان خيراً ديناً، ساكناً، متجمعا عن الناس، مشكور السيرة، رحمه الله تعالى. الجزء: 7 ¦ الصفحة: 253 ؟ 1419 - الصاحب تاج الدين بن الهيصم ... - 834هـ؟ ... - 1430م عبد الرزاق بن إبراهيم، الصاحب تاج الدين، المعروف بابن الهيصم، القبطي المصري. يقال: إن ه م ن ذرية المقوقس، مولده بالقاهرة، ونشأ بها، وتعانى قلم الديونة على عادة الكتاب، تنقل في عدة خدم حتى ولي كتابة المماليك السلطانية في الدولة الناصرية فرج، وهو ممن كان سبباً في نكبة جال الدين يوسف الإستادار، وتولي الإستادرية من بعده في سنة اثنتي عشرة وثمانمائة، ثم ولي بعد ذلك الوزر، ووقع له أمور فيهما وحوادث، ونكب غير مرة إلى أن عزله الملك المؤيد شيخ، ولزم داره مدة سنين إلى أن ولاه الملك الأشرف برسباي نظر ديوان المفرد، مع الزيني عبد القادر بن عبد الغني بن أبي الفرج الإستادار، فلم ينتج أمره، وعزل، وتعطل إلى أن مات يوم الخميس العشرين من ذي الحجة سنة أربع وثلاثين وثمانمائة. وكان شيخاً، للطول أقرب، وبإحدى عينيه خلل وعنده إقدام وجرأة، مع ظلم وعسف، لم تشكر سيرته في ولاياته، وهو جد الصاحب جمال الدين الجزء: 7 ¦ الصفحة: 254 يوسف بن كاتب جكم ناظر الخاص لأمه، وعم الصاحب الوزير أمين الدين إبراهيم بن الهيصم، وكلاهما في وظيفتة إلى يومنا هذا انتهى. ؟ 1420 - ابن الفُوَطي 642 - 723 هـ؟ 1244 - 1323م عبد الرزاق بن أحمد بن محمد بن أحمد بن الصابوني، الشيخ الإمام المحدث العلامة الإخباري الفيلسوف الأديب كمال الدين الشيباني البغدادي، المعروف بابن الفوطي، صاحب التصانيف. ولد سنة اثنتين وأربعين وستمائة. قال الحافظ أبو عبد الله الذهبي: أفردت له ترجمة في جزء، وذكر أنه من ولد معن بن زائد الشيباني، متولي العراق على عهد المنصور العباسي، الجزء: 7 ¦ الصفحة: 255 أسر المذكور في كائنة بغداد، ثم صار للنصير الطوسي سنة ستين، فاشتغل بعلوم الوائل وبالآداب والنظم والنثر، ومهر في التاريخ، وله يد بيضاء في ترصيع التراجم، وذهن سيال، وقلم سريع، وخط بديع إلى الغاية، قيل: إنه كتب من ذلك الخط الرائق الفائق أربع كراريس في يوم وكتب وهو نائم على ظهره، وله بصر بالمنطق وفنون الحكمة، باشر كتب خزانة الرصد أزيد من عشرة أعوام بمراغة، ولهج بالتاريخ، واطلع على كتب نفيسة، ثم تحول إلى بغداد وصار خازن كتب المستنصرية، فأكب على التصنيف، وصنف تاريخاً كبيراً جداً، وآخر دونه سماه: مجمع الآداب في معجم الأسماء على معجم الألقاب في خمسين مجلداً، المجلد عشرون كراساً، وصنف كتاب درة الأصداف في غرر الأوصاف، مرتب على وضع الوجود من المبدأ إلى المعاد، يكون عشرين مجلداً، وكتاب تلقيح الأفهام في المختلف والمؤتلف، مجدولاً، والتاريخ من الحوادث من آدم إلى خراب بغداد، والدرر الناصعة في شعراء المائة السابعة، قال: ومشايخي الذين أروي عنهم ينيفون على الخمسمائة الجزء: 7 ¦ الصفحة: 256 شيخ، من هم: الصاحب محي الدين ابن الجوزي، والأمين مبارك بن المستعصم بالله، حدثنا عن أبيه بمراغة، وخلف ولدين، وله شعر كثير بالعربي والعجمي. انتهى كلام الذهبي. قلت: وكانت وفاته في سنة ثلاث وعشرين وسبعمائة، رحمه الله تعالى. 1421 - الصاحب تاج الدين ابن كاتب المناخ ... - 827هـ؟ ... - 1424م عبد الرزاق بن عبد الله بن عبد الوهاب، الصاحب الوزير تاج الدين بن شمس الدين بن علم الدين، الشهير بابن كاتب المناخ، وزير الديار المصرية ووالد الصاحب كريم الدين عبد الكريم بن عبد الرزاق. الجزء: 7 ¦ الصفحة: 257 كان رئيساً، عاقلاً، عارفاً بالكتابة والمباشرة، باشر عند جماعة من الأمراء والأعيان إلى أن استقر في استيفاء ديوان المفرد، ثم نقل إلى نظر الديوان بعد عزل تاج الدين عبد الرزاق بن الهيصم - المقدم ذكره - في يوم الاثنين ثالث عشرين محرم سنة أربع وعشرين وثمانمائة فلما أخلع عليه مدير المملكة الأمير ططر وخرج من بين يديه يريد النزول إلى داره ومشى حتى صار في وسط الدهليز من القصر طلب، ونزعت عنه الخلعة، وأفيض عليه تشريف الوزر، وهو يمتنع الامتناع الكلي، فلم يلتفت إليه، وألبس الخلعة ونزل إلى داره وزيراً، عوضاً عن الصاحب بدر الدين حسن بن نصر الله الفوي بحكم عزله، فباشر الصاحب تاج الدين الوزر إلى يوم الاثنين من شهر ذي الحجة سنة خمس وعشرين عجز عن القيام بكلف الدولة واختفى من يومه، فخلع على الأمير أرغون شاة النوروزي الأعور واستقر في الوزر عوضه مضافاً إلى الإستدارية، واستمر تاج الدين المذكور مختفياً إلى عاشر ذي الحجة من السنة ظهر وطلع إلى القلعة، وعفى السلطان عنه، ولزم داره بطالاً على مال حمله إلى الخزانة الشريفة، وتولى الجزء: 7 ¦ الصفحة: 258 ولد الصاحب كريم عبد الكريم الوزر في حياته في يوم سابع عشرين شوال من سنة ست وعشرين وثمانمائة. قيل: إن الصاحب كريم لما نزل إلى داره وعليه خلعة الوزر قلعها، ثم دخل إلى والده الصاحب تاج الدين هذا ليقبل يده، فقال له الصاحب تاج الدين: يا ولدي أنا لما وليت الوزر كان معي نيف على خمسين ألف دينار غرمتها وركبتني الديون، وأنت رجل فقير تسد من أين؟ فقال له ولده عبد الكريم: أسد من أضلاع المسلمين، فصاح الصاحب تاج الدين عليه وقال: اخرج من وجهي. قلت: وباشر الصاحب كريم الدين رحمه الله الوزر سنين عديدة وسار فيها أحسن سيرة بالنسبة إلى غيره انتهى. واستمر الصاحب تاج الدين بطالاً إلى أن توفي يوم الجمعة حادي عشرين جمادى الأولى سنة سبع وعشرين وثمانمائة. وكان رجلاً طالاً جسيماً، وعنده حشمة ورئاسة وسلامة باطن، وأمه أم ولد رومية، وكذلك كان الصاحب كريم كانت أمه أم ولد، ولهذا كانا يتجنبان الأقباط وليس في دورهما من النسوة النصارى أحد، وهذا بخلاف أبناء جنسهما من الأقباط والكتبة فإنهم غالب من يكون عندهم من النسوة من أقاربهم وإلزامهم نصارى، ولهذا يكونون بالبعد عن الإسلام في الباطن فنسأل الله الثبات على الدين. انتهى. الجزء: 7 ¦ الصفحة: 259 ؟ 1422 - عز الدين المقدسي ... - 678هـ؟ ... - 1279م عبد السلام بن أحمد بن غانم بن علي بن إبراهيم بن عساكر بن الحسين، الشيخ الإمام الواعظ عز الدين أبو محمد الأنصاري المقدمي المطيبي المغلي. كان إماماً واعظاً، أديباً فصيحاً، وكان في وعظه ينسج على منوال ابن الجوزي، وكان له قبول من الناس، وقد تكلم مرة تجاه الكعبة المعظمة وفي الحضرة عن يمينه الشيخ تاج الدين الفزاري والشيخ تقي الدين ابن دقيق العيد وابن العجيل وغيرهم من سادات العباد والعلماء فأجاد وأفاد، ونقل هذا المجلس بحروفه جماعة من العلماء. وكان سبب مرض موته أنه وقع من مكان مرتفع فتوجه قليلاً ومات يوم الأربعاء ثامن عشر شوال سنة ثمان وسبعين وستمائة، رحمه الله تعالى. 1423 - الشريف 776 - 859 هـ؟ 1374 - 1455م عبد السلام بن أحمد بن عبد المنعم بن أحمد بن محمد بن كندوم بن عمر بن الجزء: 7 ¦ الصفحة: 260 أبي الخير سعيد بن أبي سعيد القيلوي بن محمد بن المحسن بن يحيى بن جعفر بن محمد بن علي الأشقر بن جعفر بن علي الزكي بن أبي جعفر محمد بن علي الجواد ابن علي الرضى بن موسى الكاظم بن جعفر الصادق بن محمد الباقر بن زين العابدين علي ابن الحسين بن علي بن أبي طالب سبط رسول الله صلى الله عليه وسلم، كذا نقلته من خطه، الشيخ الإمام العالم العلامة ... الدين، البغدادي الأصل والمولد، المصري الدار، الحنفي. مولده ببغداد سنة ست وسبعين وسبعمائة، ونشأ بها، وحفظ القرآن العظيم، وطلب العلم، وتفقه بعلماء عصره، وسمع الكثير ببغداد، وبرع في الفقه والأصول والعربية والمعاني والبيان وغيرها، ورحل إلى البلاد، وحدث، وتصدى للإفتاء والتدريس بمصر عدة سنين، وانتفع به الطلبة. مع الديانة والصيانة، والدين المتين، وسلامة البطن، ودماثة الأخلاق، وطرح التكلف، والتقشف، والاتضاع والكرم. الجزء: 7 ¦ الصفحة: 261 1424 - عبد السلام القليبي ... - 658هـ؟ ... - 1260م عبد السلام بن سلطان، الشيخ الإمام العارف بالله القدوة الفقيه الفاضل الزاهد صاحب الكرامات تقي الدين أبو محمد، المغربي الأصل والمولد، القليبي الدار والوفاة، المالكي، قيل: إنه كان من ذرية العباس بن مرداس السلمي، رضي الله عنه. قدم من المغرب إلى القاهرة وسكنها مدة، ثم انتقل إلى قليب بجزيرة بني نصر من الوجه البحري من أعمال القاهرة، تجاه النحرارية. وكان فقيهاً عالماً، عارفاً بالله، وله كرامات مشهورة عنه، قرأت في كتاب مصباح الظلام في المستغيثين بخير الأنام في اليقظة والمنام تصنيف الشيخ الإمام القدوة شمس الدين أبي عبد الل ه م حمد بن موسى بن النعمان المراكشي الهنتان الجزء: 7 ¦ الصفحة: 262 ي رحمه الله قال: سمعت الشيخ الفقيه الإمام العالم العامل العارف بالله تقي الدين أبا محمد عبد السلام القليبي يقول معنى لا لفظاً: كان أخي به خنازير في حلقه، فرأى النبي صلى الله عليه وسلم في المنام، فقال: يا رسول الله ما ترى ما حل بي؟ فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: قد أجبت سؤالك، فشفى منها ببركة النبي صلى الله عليه وسلم. وكانت وفاة الشيخ عبد السلام بقليب في ثامن ذي الحجة سنة ثمان وخمسين وستمائة، وقبره يزار بقليب رحمه الله تعالى. ؟ 1425 - ابن تيمية 590 - 652 هـ؟ 1194 - 1254م عبد السلام بن عبد الله بن أبي القاسم الخضر بن محمد بن علي الشيخ الإمام العالم العلامة مجد الدين أبو البركات ابن تيمية الحراني الحنبلي. جد الشيخ تقي الدين بن تيمية. الجزء: 7 ¦ الصفحة: 263 ولد في حدود التسعين وخمسمائة، وتفقه في صغره على عمه الخطيب فخر الدين، ورحل إلى بغداد وهو ابن بضع عشرة سنة في صحابة ابن عمه وسمع بها وبحران، وروى عنه الدمياطي وشهاب الدين بن عبد الحليم وجماعة، وكان إماماً حجة، بارعاً في الفقه والحديث، وله يد طولى في التفسير، ويد طولى ومعفرة تامة بالأصول واطلاع على مذاهب الناس، وله ذكاء مفرط، ولم يكن في زمانه مثله، وله مصنفات نافعة كالأحكام وشرح الهداية، وبيض منه ربعه الأول، وصنف أرجوزة في القراءات، وكتاباً في أصول الفقه. قال الحافظ أبو عبد الله الذهبي: وحدثني الشيخ تقي الدين بن تيمية قال: كان الشيخ جمال الدين بن مالك يقول: أُلين للشيخ مجد الدين الفقه كما أُلين لداود الحديد، وشيخه في الفرائض والعربية أبو البقاء، وشيخه في القراءات عبد الواحد، وشيخه في الفقه أبو بكر بن غنيمة صاحب ابن المنى، وحكى البرهان الراعي أنه اجتمع به فأورد نكته عليه، فقال مجد الدين: الجواب عنها من مائة وجه، الأول كذا، والثاني كذا، وسردها إلى آخرها، ثم قال للبرهان: قد رضينا منك بالإعادة، فخضع له البرهان وانبهر، انتهى. الجزء: 7 ¦ الصفحة: 264 قلت: توفي الشيخ مجد الدين المذكور بحران سنة اثنتين وخمسين وستمائة. رحمه الله تعالى. ؟ 1426 - الزواوي المقرئ 589 - 681 هـ؟ 1193 - 1282م عبد السلام بن علي بن عمر بن سيد الناس، العلامة زين الدين أبو محمد الزواوي المالكي المقرئ، شيخ القراء والمالكية بالشام. ولد بظاهر بجاية بالغرب سنة تسع وثمانين وخمسمائة، وقدم القاهرة سنة أربع عشرة وستمائة، وقرأ على المشايخ حتى برع في المذهب، وأفتى ودرس، وكان ممن جمع بين العلم والعمل، وولي قضاء المالكية بدمشق في سنة أربع وستين وستمائة على كره منه، وكان يخدم نفسه، ويحمل الحطب على يده مع جلالة قدره، ثم عزل نفسه عن القضاء لما مات رفيقه القاضي شمس الدين الجزء: 7 ¦ الصفحة: 265 ابن عطاء، واستمر على ذلك إلى أن توفي سنة إحدى وثمانين وستمائة بدمشق، وحضر جنازته نائب الشام حسام الدين لاجين، رحمه الله تعالى. ؟ 1427 - أمين الدين أبو اليمن 614 - 686 هـ؟ 1217 - 1287م عبد الصمد بن عبد الوهاب بن الحسن بن محمد بن هبة الله بن عساكر، الإمام الزاهد المحدث أمين الدين أبو اليمن الدمشقي الشافعي. ولد بدمشق في يوم الاثنين لاثني عشرة خلت من شهر ربيع الأول من سنة أربع عشرة وستمائة، وسمع من والده وجده زين الدين أبي البركات زين الأمناء، وابن البن، والشيخ موفق الدين، والحسن بن صصري، وابن صباح، والقاضي أبي نصر الشيرازي، والعز الإربلي، وأبي القسم بن رواحة، وسيف الدولة محمد بن عشائر، وعبد الله بن عبد الحق الحلي، وغيرهم، ورحل إلى البلاد وجاور بمكة أكثر عمره، بالمدينة، وكان كثير التلاوة عابداً زاهداً، خيراً ديناً، وهو من بيت العلم والحديث والفضل. الجزء: 7 ¦ الصفحة: 266 وكان عارفاً بالأدب، جيد النظم، من شعره: يا جيرة بني الحجون إلى الصفا ... شوق إليكم مجمل ومفصل أهوى دياركم ولي بربوعها ... وجد سطا وعهد أول ويزيدني فيها العذول صبابة ... فيظل يغريني إذا ما يعذل ويقول لي لو قد تبدلت الهوى ... فأقول قد عز العداة تبدل بالله قل لي كيف تحسن سلوتي ... عنها وحسن تصبري هل يجمل قال الشهاب محمود في تاريخه: طلب الأمير علم الدين الدواداري رحمه الله تعالى أن أكتب على لسانه أبياتاً إلى الشيخ أمين الدين عبد الصمد المذكور، وكان بينهما مودة وصحبة أيام مجاورته بمكة المشرفة شرفها الله تعالى فكتبت إليه:؟ أترى يرجع عهد العلم وزمان الوصل في ذي سلم انتهى كلام الشهاب محمود باختصار. وهذا مطلع القصيدة وهي عدة أبيات على هذا النمط. توفي الشيخ أمين الدين في سلخ جمادى الأولى سنة ست وثمانين وستمائة بالمدينة الشريفة على ساكنها أفضل الصلاة والسلام. وقال الشهاب محمود: توفي في العشر الأوسط من جمادى الأولى سنة الجزء: 7 ¦ الصفحة: 267 سبع وثمانين وستمائة، ودفن بالبقيع. وقيل غير ذلك في وفاته، رحمه الله تعالى. ؟ 1428 - عز الدين البلقيني ... - 822 هـ؟ .. - 1409م عبد العزيز بن أبي بكر بن مظفر بن نصير، القاضي عز الدين البلقيني الشافعي، أحد خلفاء الحكم بالقاهرة. كان فقيهاً بارعاً في الفقه والأصول والعربية، وكان له دربة بالأحكام، ناب في الحكم من سنة إحدى وتسعين وسبعمائة إلى أن توفي يوم الجمعة لسبع بقين من جمادى الأولى سنة اثنتين وعشرين وثمانمائة، رحمه الله تعالى. ؟ 1429 - أبو فارس المريني ... - 774هـ؟ ... - 1372م عبد العزيز، أبو فارس بن أبي العباس أحمد، ملك الغرب وصاحب فاس. الجزء: 7 ¦ الصفحة: 268 مذكور في الكنى يطلب هناك. 1430 - أبو فارس الحفصي ... - 837هـ؟ ... - 1433م عبد العزيز أبو فارس بن أبي العباس أحمد ملك الغرب صاحب تونس مذكور في الكنى أيضاً يطلب في محله. 1431 - الديريني ... - 699هـ؟ ... - 1299م عبد العزيز بن احمد، الشيخ الإمام العالم الصالح القدوة المسلك عز الدين الدميري الأصل الشافعي، المعروف بالديريني، صاحب الكرامات. قل الشيخ صلاح الدين: أخبرني العلامة أثير الدين أبو حيان من لفظه، قال: كان المذكور رجلاً متقشفاً من أهل العلم، يتبرك الناس به، رأيته الجزء: 7 ¦ الصفحة: 269 مراراً، وزرته بالقاهرة، وكان كثير الأسفار في قرى مصر، يفيد الناس وينفعهم، وله نظم كثير في عدة فنون، ومشاركة في علوم شتى، أنشدنا له بعض الفقراء، قال أنشدنا الشيخ عز الدين عبد العزيز لنفسه: وعن صحبة الإخوان والكيمياء خذ ... يميناً فما من كيمياء ولا خل لقد درت أطراف البلاد بأسرها ... وعانيت من شغل وعانيت من شكل فلم أر أحلى من تفرد ساعة ... مع الله خالي البال والسر والشغل ؟ أناجيه في سري وأتلو كتابه فأشهد ما يسلي عن المال والأهل ثم قال: وأخبرني شهاب الدين أحمد بن منصور المعروف بابن الجباس وكان من تلامذته، قال: أخبرني الشيخ عز الدين رحمه الله قال: رأيت في النوم من يسألني: ما المحبة؟ فأجبته: المحبة بيان لها منها وشغل لها عنها، فلما استيقظت نظمت هذا المعنى في أربعة أبيات: تحدث بأسرار المحبة أوصفها ... فآثارها فيها بيان لها عنها شواهدها تبدو وإن كان سرها ... خفياً فقد بانت وإن لم تبينها لقد جليت حتى طمعنا بنيلها ... وجلت فلا تدري العقول لها كنها ؟ لنا من سناها حيرة وهداية ... وذلك وإذلال وشغل بها عنها الجزء: 7 ¦ الصفحة: 270 وأخبرني شهاب الدين المذكور: أن الشيخ عز الدين نظم أيضاً وجيز الغزالي في غريب الخمسة آلاف بيت على حرف الراء، وأنشدني شهاب الدين المذكور من أوله جملة من كتاب الطهارة، وهو نظم متمكن، قال: أنشدني الشيخ عز الدين رحمه الله لنفسه: تطهرنا بالماء خص فإن بقي ... على أصله فالطهر باق بلا نكر ؟ سوى رافع الأحداث مستعملاً على ال ... جديد لنقل المنبع من حدث يجري ومن كونه مستعملاً في عبادة ... فإن فقدا فالطهر حققه عن نشر وإن فقدت أحداهما فتردد ... كذا في اجتماع منه يكثر في النهر انتهى ما أورده الشيخ صلاح الدين عن العلامة أثير الدين أبي حيان. قلت وللشيخ عز الدين عبد العزيز المذكور كرامات وأحوال، وللناس فيه اعتقاد جيد إلى الغاية، وقبره يزار بديرين من الغربية من أعمال القاهرة. وكان له معرفة جيدة بالفقه، ومشاركة في عدة فنون من العلوم، وله قدرة على نظم العلم وغيره، نظم من عدة فنون، وكان رحمه الله تعالى ممن جمع بين العلم والعمل. الجزء: 7 ¦ الصفحة: 271 1432 - الملك المنصور ... - 809هـ؟ ... - 1406م عبد العزيز بن برقوق بن أنص ، الملك المنصور عز الدين أبو العز بن الملك الظاهر أبي سعيد بن الأمير سيف الدين أنص الجركسي، أحد مقدمي الألوف، كان في الدولة الصالحية حاجي. جلس الملك المنصور على تخت الملك بعد أن اختفى أخوه الملك الناصر فرج ابن برقوق وترك ملكه وقت عشاء الآخر ة م ن ليلة الاثنين سادس عشرين شهر ربيع الأول سنة ثمان وثمانمائة بعهد من أبيه، فإنه جعله ولي العهد من بعد أخيه فرج، ولقب بالملك المنصور، وكنوه أبا العز، وقد ناهز الاحتلام، ومولده بعد التسعين وسبعمائة بسنيات بقلعة الجبل، ونشأ بها، وأمه أم ولد تركية تسمى قنقباي، وتم أمره، واستمر في المملكة وليس له فيها إلا مجرد الاسم لا غير إلى ليلة الجمعة رابع جمادى الآخرة من سنة ثمان وثمانمائة ظهر الناصر فرج من بيت الأمير سودون الحمزاوي وتلاحق به كثير من الأمراء والمماليك السلطانية، ولم يطلع الفجر حتى ركب الملك الناصر بآلة الحرب وساد بمن اجتمع عليه يريد الطلوع إلى قلعة الجبل فمنعه من ذلك: سودون المحمدي، وإينال باي أمير الجزء: 7 ¦ الصفحة: 272 آخور، وبيبرس ويشبك بن ازدمر، وسودون المارديني، وقاتلوه ساعة ثم انهزموا، وملك الملك الناصر قلعة الجبل، وأحضر القضاة والخليفة، وخلع الملك المنصور عبد العزيز، وعاد الملك الناصر فرج إلى ملكه، ولما عاد الناصر إلى السلطنة أخذ يسكن روع الملك المنصور، وأحسن إليه، ورسم له أن يسكن بقلعة الجبل على ما كان عليه أولاً، وأجري عليه رواتبه على العادة وزيادة. واستمر المنصور عبد العزيز على ذلك إلى يوم الجمعة حادي عشرين صفر من سنة تسع وثمانمائة حمل إلى الإسكندرية هو وأخوه الأصغر إبراهيم ابن برقوق، وتوجه معهما الأمير قطلوبغا الكركي، أحد مقدمي الألوف، والأمير إينال حطب، أحد مقدمي الألوف أيضاً، ورسم لهما الملك الناصر بالإقامة بالإسكندرية حتى يرد عليهم المرسوم الشريف بطلبهم إلى القاهرة، فتوجهوا الجميع إلى الإسكندرية أقاموا بها، ورتب للمنصور وأخيه إبراهيم في كل يوم خمسة آلاف درهم برسم النفقة، ولكل من الأميرين ألف درهم في كل يوم، فلم تطل مدة الملك المنصور بالإسكندرية ومات بها في ليلة الاثنين سابع شهر ربيع الآخر من سنة تسع وثمانمائة، ثم مات عقب موته أخوه إبراهيم من ليلته، ودفنا من الغد بالإسكندرية، ولهج الناس بأنهما ماتا مسمومين. قلت: ومما يؤيد ذلك موت قطلوبغا الكركي أيضاً بعد قدومه من الإسكندرية بمدة يسيرة، فإنه قدم إلى القاهرة مريضاً وتعلل إلى أن مات. انتهى. ثم نقلا من الإسكندرية على ظهر النيل إلى القاهرة ودفنا بتربة أبيهما الملك الظاهر برقوق بالصحراء في ثمن عشرين الشهر، بعد أن صلى عليهما تحت القلعة، الجزء: 7 ¦ الصفحة: 273 ثم مضى بهما إلى التربة المذكورة وخلفهما النساء والجواري مسببات، فكان هذا اليوم من الأيام المهولة إلى الغاية، وكانت مدة إقامة الملك المنصور في الملك شهرين وعشرة أيام وخلع، رحمه الله تعالى. 1433 - صفي الدين الحلي 678 - 750 هـ؟ 1279 - 1349م عبد العزيز بن سرايا بن علي بن أبي القاسم بن أحمد بن نصر بن أبي العز ابن سرايا بن باقي بن عبد الله، الشيخ الإمام العلامة الشاعر الأديب البليغ صفي الدين أبو المحاسن الطائي السنبسي الشاعر المشهور. وكناه البرزالي أبا الفضل، وقال: سألته عن مولده فقال: في جمادى الآخرة سنة ثمان وسبعين وستمائة. وقال الشيخ صلاح الدين خليل الصفدي: مولده في يوم الجمعة خامس شهر ربيع الآخر سنة سبع وسبعين وستمائة ثم قال: ونظم الشعر وله سبع سنين، فلما بلغ الحلم اشتغل بالعربية والأدب، ثم بلغ الرئاسة ورحل إلى البلاد الجزء: 7 ¦ الصفحة: 274 ودخل إلى القاهرة وكتب عنه بها أبو محمد الحلبي، أبو الفتح بن سيد الناس، وأبو العباس أحمد بن يعقوب بن الصابوني، وأقام بها أكثر من سنة، وحضر بين يدي السلطان وقدم له تقدمة فأجازه وأضعف له الإحسان وخلع عليه وأكرمه، فمدحه بقصيدة جلية، ورحل إلى بغداد، وكتب عنه بها ابن المطري، ودخل حلب ودمشق وجال البلاد، وتوجه إلى ماردين ومدح سلطانها. وتقدم في علم الأدب والشعر، وله النظم الرائق الفائق في النهاية، ومدح النبي صلى الله عليه وسلم بقصيدة، وهي المعروفة بالبديعية وهي ميمية، وله ديوان شعر كبير، وطارح أهل زمانه في الشعر وطارحوه وثنوا على فضيلته في ذلك، وكان شيعياً، وقد أنفق غالب مدائحه في ملوك ماردين بني أرتق، وكان يتردد إلى حماة ويمتدح ملكها المؤيد والأفضل ولده، وكانا يعظمانه، وهو من الشجعان الأبطال قتل خاله، وكان فيه آثار الجراحة، وأنشدني إجازة لنفسه يفتخر. سوابقنا والنقع والسير والظبي ... وأحسابنا والحلم والبأس والبر هبوب الصبا والليل والبرق والفضا ... وشمس الضحى والطود والنار والبحر انتهى كلام الصفدي باختصار. وقال أبو محمد الحسن بن حبيب:؛ شاعر المشرق، ورحلة المشيم والمعرق، تقدم على كثير من الأول، وبين تقصير أرباب السبع الطول، وبرع في فنون الأدب، وجمع أشتات أقوال العرب، وسار في الأقطار ذكره، واشتهر في الأمصار نظمه ونثره، وكان حسن الأخلاق، مديد الأوراق، جميل المحاضرة بديع المحاورة، ذا نسب ورئاسة، وكسب وحماسة وفضائل عديدة. ومصنفات الجزء: 7 ¦ الصفحة: 275 مفيدة، رحل إلى البلاد والبقاع، وخالط أهل الصغار والنزاع، وارتفع بحسن السلوك، واجتمع بالأكابر والملوك، وأظهر أسرار ما لديه من حقائق الدقائق، فقيل له إن المغارب أصبحت حواسد ما نالت منك المشارق. ومدحه الشيخ الإمام البليغ جمال الدين أبو بكر محمد بن نباتة: يا سائلي عن رتبة الحلي في ... نظم القريض راضياً بي أحكم للشعر حليان وذاك راجح ... ذهب الزمان به وهذا قيم وقال ابن أيبك: ودخل مصر أيام الملك الناصر في سنة ست وعشرين وسبعمائة تقريباً، وأظنه دخلها مرتين، واجتمع بالقاضي علاء الدين بن الأثير كاتب السر ومدحه، وأقبل عليه، واجتمع بالشيخ فتح الدين ابن سيد الناس وغيره، وأثنى عليه فضلاء الديار المصرية، وأما شمس الدين عبد اللطيف فإنه كان يظن أنه لم ينظم الشعر أحد مثله لا في المتقدمين ولا في المتأخرين مطلقاً، ورأيت عنده قطعة وافرة من كلامه بخطه، نقلت منها أشياء، واجتمعت به بالباب، وبزاعة من بلاد حلب في مستهل ذي الحدة سنة إحدى وثلاثين وسبعمائة، وأجاز لي بخطه جميع ماله من نظم ونثر وتأليف مما الجزء: 7 ¦ الصفحة: 276 سمعته منه وما لم أسمعه، وما لعله يتفق له بعد ذلك التاريخ على أحد الرأيين وما يجوز له أن يرويه سماعاً وإجازةً، وأنشدني من لفظه لنفسه في التاريخ: للترك ما لي ترك ... ما دين حبي شرك حواجب وعيون ... لها بقلبي فتك كالقوس تصمي وهذي ... تشكي المحب وتشكو قلت: ومن شعر الشيخ صفي الدين قوله: أستطع الأخبار من نحوكم ... وأسأل الأرواح حمل السلام وكلما جاء غلام لكم ... أقول يا بشراي هذا غلام وله: لما رأيت بني الزمان وما بهم ... خل وفي للشدائد أصطفي يقنت أن المستحيل ثلاثة ... الغول والعنقاء والخل الوفي وله أيضا: لحا الله المزين إذ تعدى ... وجاء لقلع ضرسك بالمحال الجزء: 7 ¦ الصفحة: 277 أعاق الظبي في كلتا يديه ... وسلط كلبتين على غزال وله أيضاً: من نفحة الصور أو من نفحة الصور ... أحييت يا ريح ميتاً غير مقبور أومن شذا نسمة الفردوس حين سرت ... على بليل من الأزهار ممطور أم روض رسمك أعدى عطر نفحته ... على النسيم بنشر فيه منشور والريح قد أطلقت فيه العنان به ... والغصن ما بين تقديم وتأخير في روضة نصبت أغصانها وغدا ... ذيل الصبا بني مرفوع ومجرور قد جمعت جمع تصحيح جوانبها ... والماء يجمع فيها جمع تكسير والريح ترقم في أمواجها شبكاً ... والغيم يرسم أنواع التصاوير والماء ما بين مصروف وممتنع ... والظل ما بين ممدود ومقصور والنرجس الغض لم تغضض نواظره ... فزهره بين منفض ومزرور كأنه ذهب من فوق أعمدة ... من الزمرد في أوراق كافور والأقحوان زها بين البهار بها ... شبه الدراهم ما بين الدنانير وقد قطعنا التصابي حين ساعدنا ... عصر الشباب بحور غير مبرور وزامر القوم يطربنا ويسرنا ... بالنفخ في الناي لا بالنفخ في الصور وقد ترنم شاد صوته غرد ... كأنه ناطق من حلق شحرور شاد أنامله ترضى الأنام له ... إذا شدا وأجاب اليم بالزير الجزء: 7 ¦ الصفحة: 278 ومنها بعد أبيات كثيرة:: لصاحب التاج والقصر المشيد ومن ... أتى بعدل برحب الأرض منشور الصالح الملك المشكور نائله ... ورب نائل ملك غير مشكور ومن شعره أيضاً: كيف الضلال وصبح وجهك مشرق ... وشذاك في الأكوان مسك يعبق يا من إذا سفرت محاسن وجهه ... ظلت به حدق الحلائق تحدق أوضحت عذري في هواك بواضح ... ماء الحيا بأديمه يترقرق فإذا العذول رأى جمالك قال لي ... عجباً لقلبك كيف لا يتمزق يا آسراً قلب المحب فدمعه ... والنوم منه مُطْلَقِّ ومُطْلَّقُ أغنيتني بالفكر فيك عن الكرى ... يا آسري فأنا الغني المملق ومنها: لم أنس ليلة زارني ورقيبه ... يبدي الرضا وهو المغيظ المحنق حتى إذا عبث الكرى بجفونه ... كأن الوسادة ساعدي والمرفق عانقته وضممته فكأنما ... من ساعدي ممنطق ومطوق حتى بدا فلق الصبح فراعه ... إن لصباح هو العدو الأزرق الجزء: 7 ¦ الصفحة: 279 قلت: وشعر الشيخ صفي الدين كثير، وفضله غزير، ومحاسنه كثيرة، وكان محظوظاً من ملوك زمانه إلى أن توفي ببغداد في محرم سنة خمسين وسبعمائة رحمه الله. 1434 - المنوفي الطباطبي 583 - 703 هـ؟ 1187 - 1303م عبد العزيز بن عبد الغني بن سرور، الشيخ الصالح المعتقد الشريف عز الدين أبو فارس، المعروف بالمنوفي الطباطبي، نسبه للشريف إبراهيم طباطبا. الجزء: 7 ¦ الصفحة: 280 كان يسكن بمدينة مصر القديمة، وللناس فيه اعتقاد جيد، وعمر مائة وعشرين سنة، وكان صحيح العقل والحواس، وكانت وفاته بمصر ليلة الاثنين خامس عشر ذي الحجة سنة ثلاث وسبعمائة، ودفن بالقرافة، وكان من أصحاب الشيخ أبي الحجاج الأقصري، رحمه الله تعالى. ؟ 1435 - ابن الصيقل الحراني 594 - 687 هـ؟ 1197 - 1287م عبد العزيز بن عبد المنعم بن علي بن الصيقل، المسند عز الدين أبو العز الحراني، مسند الديار المصرية بعد أخيه. ولد بحران سنة أربع وتسعين وخمسمائة وحدث سنة تسع وثلاثين وستمائة، روى عن يوسف بن كامل، وضياء بن الخريف وأبي الفرج محمد هبة الله بن الجزء: 7 ¦ الصفحة: 281 الوكيل، وأبي حامد بن جوالق، وسعيد بن محمد بن محمد بن محمد بن عطاف، وأبي علي يحيى بن الربيع الفقيه، وابن طبرزد، واحمد بن الحسن العاقولي، وابن الحصر، وعزيزة بنت الطراح، وعبد القادر الرهاوي، وجماعة، وبالإجازة عن ابن كليب، وتفرد في وقته، ورحل إليه. وكان من التجار المعروفين كأخيه، ثم افتقر، روى عنه: ابن الخباز، والدمياطي، وابن الزراد، وأبو محمد الحارثي، والمزي، وأبو حيان، وأبو عمر ابن الظاهري، والبززالي، وفتح الدين بن سيد الناس، وخلق، وهو أكبر شيخ لقيه المزي والبرزالي، توفي سنة ست وثمانين وستمائة، رحمه الله تعالى. 1436 - رفيع الدين الجيلي ... - 642هـ؟ ... - 1244م عبد العزيز عبد الواحد بن إسماعيل، قاضي القضاة دمشق، رفيع الدين أبو حامد الجبلي الشافعي، صاحب الأفعال القبيحة المشهورة. كان فقيهاً شافعياً فاضلاً، مناظراً، متكلماً، متفلسفاً، قدم الشام وولي قضاء بعلبك أيام صاحبها الملك الصالح إسماعيل ووزيره أمين الدولة السامري، الجزء: 7 ¦ الصفحة: 282 فلما ملك الصالح المذكور دمشق ولاء قضاء دمشق، فاتفق هو والوزير المذكور في الباطن على المسلمين، وكان عنده شهود زور ومن يدعى زوراً فيحضر الرجل المتمول إلى مجلسه ويدعي عليه المدعي بألف دينار وألفين، فينكر، فيحضر الشهود، فيلزمه ويحكم عليه، فيصالح غريمه على النصف أو أكثر أو أقل، فاستبيحت أموال الناس. قال العلامة أبو المظفر بن قرغلي صاحب مرآة الزمان: حدثني جماعة من الأعيان أنه كان فاسد العقيدة، دهرياً، مستهتراً بأمور الشرع، يجئ إلى الصلاة وهو سكران، وأن داره كانت مثل الحانة. انتهى. وقال الحافظ أبو عبد الله الذهبي: بلغني أن الناس استغاثوا إلى الصالح من الرفيع، فخاف الوزير وعجل بهلاكه ليمحو التهمة عنه، وقيل إن السلطان كان عارفاً بأموره والله أعلم وقبض على أعوان الرفيع وكبيرهم الموفق حسين ابن الرواس الواسطي وسجنوا، ثم عذبوا بالضرب والعصر والمصادرة، ولم يزل ابن الرواس في العذاب والمصادرة إلى أن فقد. وفي ثاني عشر ذي الحجة سنة اثنتين وأربعين وستمائة أخرج الرفيع من داره وحبس بالمقدمية، ثم أخرج ليلاً فسجن في مغارة بنواحي البقاع، وقيل ألقي من شاهق، وقيل بل خنق. الجزء: 7 ¦ الصفحة: 283 قال ابن واصل: حكى لي ابن صبيح بالقاهرة أنه ذهب بالرفيع إلى رأس شاهق، فعرف إني أريد أرميه، فقال: بالله عليك عني أصلي ركعتين، فأمهلته حتى صلاهما ثم رميته فهلك. ولما كثرت الشكاوي عليه أمر الوزير بكشف ما حمله إلى الخزانة، وكان الوزير لا يحمل إلى الخزانة إلا القليل، فقال الرفيع الأمور عندي مضبوطة، فخافه الوزير، وخوف السلطان من أمره ومن عاقبته، فقال: أنت جئت به وأنت تتولى أمره أيضاً، فأهلكه الوزير. وقال ابن أبي أصيبعة: كان من الأكابر المتميزين في الحكمة والطب وأصول الدين والفقه، وكان فقهيهاً في المدرسة العذراوية، وله مجلس للمشتغلين عليه وحكى من أمره ما حكى وقال: إنه لما دفع تحطم في نزوله كأنه تعلق في بعض المواضع بثيابه، قال: فبقينا نسمع أنينه نحو ثلاثة أيام، وكلما مر يوم يضعف ويخفت حتى تحققنا موته، ورجعنا عنه، قال: ومن أعجب ما يحكى أن القاضي رفيع الدين هذا وقف على نسخة من هذا الكتاب - يعني تاريخ الأطباء - وما كنت ذكرته في تلك النسخة، وطالعه، فلما وقف على أخبار السهروردي تأثر من ذلك فقال: ذكرت هذا وغيره أفضل منه ما ذكرته، وأشار إلى نفسه، ثم قال: وإيش كان من حال شهاب الدين إلا أنه قتل في آخر أمره، وقدر الله أن رفيع الدين قتلى أيضاً. الجزء: 7 ¦ الصفحة: 284 وذكر ابن أبي أصيبعة قصيدة مدحه بها أولها: م جد وسعد دائم وعلا ... أبد الزمان ورفعة وسناء ببقاء مولانا رفيع الدين ... ذي الجود العميم ومن له النعماء انتهى. ؟ 1437 - ابن القيسراني ... - 709 ... - 1309م عبد العزيز بن محمد وقيل عبد السلام بن عبد الله بن محمد بن محمد بن خالد ابن محمد بن نصر، القاضي عز الدين أوب محمد بن شرف الدين أبي عبد الله بن الصاحب فتح الدين أبي بكر بن الصاحب عز الدين أبي حامد المخزومي الحلبي، كاتب الإنشاء بالديار المصرية، المعروف بابن القيسراني. كانت له همة عالية، وفضل غزير، وذات لطيفة، نفس شريفة، ونظم ونثر. ودرس بالفخرية على مذهب الشافعي رضي الله عنه، وسمع ابن دقيق العيد، وغيره من الأعيان، وتوفي سنة تسع وسبعمائة. ومن شعره قوله: ولو أن لي وقتاً أبث صبابتي ... وشوق إلى رؤياك كنت بثثته وكن لضيق الوقت والطرس دون أن ... أبث غراماً في هواك ورثته الجزء: 7 ¦ الصفحة: 285 1438 - البازغاني 627 - 684 هـ؟ 1229 - 1285م عبد العزيز بن عبد السيد بن عبد العزيز بن محمود، الشيخ الإمام العالم الزاهد أبو خليفة البازغاني الخوارزمي الحنفي. ولد سنة سبع وعشرين وستمائة، وتفقه وبرع في المذهب، وأفتى ودرس، وسمع وحدث. قال أبو العلاء في معجمه: حدث لنا بكتاب زاد الأئمة في فضائل خصيصة الأئمة سماعاً من مصنفه الإمام أبي الرجاء مختار بن محمود بن محمد الغزميني الحنفي، وقال: كان إماماً فاضلاً فقيهاً زاهداً، عابداً، متبحراً في العلوم، مات في القدس رحمه الله سنة أربع وثمانين وستمائة، رحمه الله تعالى. ؟ 1439 - سلطان العلماء ابن عبد السلام 578 - 660 هـ؟ 1182 - 1261م عبد العزيز بن عبد السلام بن أبي القاسم بن الحسن، شيخ الإسلام عز الدين أبو محمد السلمي الدمشقي الشافعي. الجزء: 7 ¦ الصفحة: 286 ولد سنة سبع أو ثمان وسبعين وخمسمائة، وحضر أبا الحسن أحمد بن الموازيني، والخوشعي، وسمع عبد اللطيف بن إسماعيل الصوفي، والقسم بن عساكر، وابن طبرزد، وحنبل المكير، وبن الحرستاني وغيرهم، وخرج له الدمياطي أربعين حديثاً عوالي، روى عنه: الشيخ تقي الدين بن دقيق العيد، والدمياطي، وأبو الحسين اليونيني، وغيرهم، وتفقه على الإمام فخر الدين بن عساكر، وقرأ الأصول والعربية، ودرس وأفتى، وصنف، وبرع في المذهب، وبلغ رتبة الاجتهاد، وقصده الطلبة من البلاد، وتخرج به أئمة، وله الفتاوي السديدة. وكان ناسكاً، ورعاً، آمراً بالمعروف، نهاء عن المنكر، ولي خطابة دمشق بعد الدولعي، فلما تملك الصالح إسماعيل دمشق وأعطى الفرنج صفد والشقيف قال ابن عبد السلام فيه على المنبر، وترك الدعاء له، فعزله وحبسه، ثم أطلقه فنزح إلى مصر، فلما قدمها تلقاه الصالح نجم الدين وبالغ في احترامه. الجزء: 7 ¦ الصفحة: 287 واتفق موت قاضي القضاة شرف الدين ابن عين الدولة فولى بدر الدين السنجاوي قضاء القاهرة وولي الشيخ عز الدين هذا قضاء مصر القديمة والوجه القبلي مع خطابة جامع مصر، ثم إن بعض غلمان وزير الصلاح وهو معين الدين ابن الشيخ بنى بنياناً على سطح مسجد مصر وجعل فيه طبلخاناة فأنكر عز الدين ذلك ومضى بجماعته وهدم البنيان، وعلم أن السلطان والوزير يغضبان فأشهد عليه بإسقاط عدالة الوزير وعزل نفسه عن القضاء، فعظم ذلك على السلطان وقيل له: اعزله عن الخطابة وإلا شنع عليك على المنبر كما فعل في دمشق فعزله، فأقام في بيته يشغل الناس. وكان مع شدته فيه حسن محاضرة بالنادرة والشعر، وكان يحضر السماع ويتواجد. قال الشيخ عبد الله اليافعي: وهذا من أقوى الحجج على من ينكر الرقص من الفقهاء على أهل السماع من الفقراء، انتهى كلام اليافعي. قلت: ليس في هذا حجة على من ينكر السماع من الفقهاء، وقد أنكر السماع جماعة من العلماء الأعلام فلا يلتفت إلى هذا القول. انتهى. قلت: ولما كان بدمشق سمع من الحنابلة أذى كثيراً. ومن مصنفاته: القواعد الكبرى، والقواعد الصغرى، ومقاصد الرعاية، واختصر نهاية المطالب، وغير ذلك الجزء: 7 ¦ الصفحة: 288 وكان عالماً، بارعاً مفنناً، شاع ذكره وعلا صيته حتى قيل في المثل: أنت من العوام ولو كنت ابن عبد السلام. ويقال إنه لما حضر بيعة الملك الظاهر بيبرس قال له: يا ركن الدين أنا أعرفك مملوك البندقداري، فما بايعه، حتى أحضر من يشهد له أنه خرج من ملكه إلى رق الملك الصالح وأعتقه، ولما مرض أرسل إليه السلطان يقول عين مناصبك لمن تريد من أولادك، فقال: ما فيهم من يصلح، وهذه المدرسة الصالحية تصلح للقاضي تاج الدين، ففوضت إليه بعد موته، ولما مات شهد الملك الظاهر بيبرس جنازته والخلائق، وكانت وفاته في سنة ستين وستمائة، رحمه الله تعالى. 1440 - قاضي القضاة عز الدين الحنبلي 770 - 846 هـ؟ 1386 - 1442م عبد العزيز بن علي بن أبي العز بن عبد العزيز، قاضي القضاة عز الدين البكري التميمي القرشي الحنبلي البغدادي. ولد ببغداد سنة سبعين وسبعمائة، وتفقه بها على مشايخ عصره، ثم قدم دمشق سنة خمس وتسعين واستوطنها مدة، ثم عاد إلى بغداد صحبة الركب العراقي الجزء: 7 ¦ الصفحة: 289 بعد ما حج، وولي قضاءها في سنة اثنتي عشرة وثمانمائة فدام في المنصب نحواً من سنتين وثمانية أشهر وعزل، وقدم دمشق ثانياً، وصحب والدي رحمه الله ولزمه، وتوجه إلى القدس وتولى قضاءها مدة، ثم صرف، وقدم القاهرة سنة خمس عشرة وثمانمائة وسكنها إلى أن بنى الملك المؤيد شيخ جامعه بخط باب زويلة جعله مدرس الحنابلة بالجامع المذكور في سنة اثنتين وعشرين وثمانمائة، فاستمر في التدريس إلى سابع عشر سنة ثلاث وعشرين وثمانمائة خلع عليه باستقراره قاضي القضاة الحنابلة بدمشق، فتوجه إلى دمشق وباشر القضاء بها إلى نصف جمادى الآخرة من سنة أربع وعشرين وثمانمائة صرف، وقدم القاهرة ودام بها إلى أن خلع عليه بقضاء قضاة الحنابلة بالديار المصرية، عوضاً عن قاضي القضاة محب الدين أحمد ابن نصر الله البغدادي في يوم الاثنين ثالث عشر جمادى الآخرة سنة تسع وعشرين وثمانمائة، فباشر القضاء بعفة وتواضع زائد إلى الغاية حتى إنه كان يمشي في الأسواق على قدميه ويتعاطى حوائجه من الحوانيت بنفسه، وكان في الغلاب يأتيني ماشياً من المدرسة الصالحية إلى منزلي، وصار يظهر الناس من الجودة وسلامة الباطن والتواضع ويمعن في ذلك، فعند ذلك تكلم أرباب الدولة في عود قاضي القضاة محب الدين إلى المنصب، وطلبه السلطان وأخلع عليه باستقراره الجزء: 7 ¦ الصفحة: 290 قاضي القضاة الحنابلة على عادته وذلك في يوم الثلاثاء ثاني عشر صفر سنة ثلاثين وثمانمائة، واستمر عز الدين هذا مصروفاً إلى سنة خمس وثلاثين أعيد إلى قضاء دمشق في ثامن عشر ذي القعد ة م نها، فاستمر في القضاء مدة وصرف إلى أن مات في ... وكان فقيهاً بارعاً، مشاركاً في عدة علوم وله مصنفات كثيرة، وعنده دهاء ومعرفة غير أنه كان يقصد ما يفعله من التقشف والتواضع، وكان رقيقاً، معتدل القامة، ذا لحية بيضاء كبيرة، وكان خفي الصوت يتكلم على هينة بتأمل، وله عدة مصنفات، من ذلك: كتاب عدة الناسك في معرفة المناسك، والخلاصة في الفقه مختصر المغني لابن قدامة أربع مجلدات، وشرح الخرقي في الفقه مجلدان، وجنة السائرين الأبرار، وجنة المتوكلين الأخيار يشتمل على تفسير القرآن من آيات الصبر والتوكل مجلد، والقمر المنير في أحاديث البشير النذير، وله غير ذلك، رحمه الله تعالى. ؟ 1441 - عز الدين المارديني ... - 749هـ؟ ... - 1348م عبد العزيز بن علي بن عثمان، الشيخ عز الدين أبو محمد بن نور الدين بن الجزء: 7 ¦ الصفحة: 291 العلامة فخر الدين أبي عمرو المارديني الحنفي، أخو قاضي القضاة جمال الدين. هو من بيت علم وفضل ورئاسة، وكان عز الدين فقيهاً فاضلاً، درس بالمهندارية وغيرها، وأفاد وسمع الحديث، وكتب بخطه الكثير، وكان عالماً عاملاً ورعاً مات سنة تسع وأربعين وسبعمائة في حياة أبيه، رحمه الله تعالى. 1442 - عز الدين التاجر الكارمي ... - 713هـ؟ ... - 1313م عبد العزيز بن قيصور، الخواجا عز الدين التاجر الكارمي، الحلبي الأصل المصري الدار الإسكندري. كان أبو ه م ن يهود حلب ويعرف بالحموي، ثم أسلم في دولة الملك الظاهر بيبرس هو وأخوه، ومات في أول الدولة المنصورية قلاوون، ولما مات جمع ولده عز الدين هذا جميع ما يملكه وتوجه إلى بغداد، وكان ذلك دون الخمسمائة وألف درهم، وجفل من بغداد إلى البصرة، ثم إلى الصين، وخرج منه خمس مرات، ثم دخل إلى بلاد الهند، ثم عاد إلى عدن، وأخذ صاحب منه الجزء: 7 ¦ الصفحة: 292 جملة مستكثر، ثم قدم إلى الديار المصرية في سنة أربع وسبعمائة ومعه من العروض ما قيمته ألف ألف دينار، فأقام بالقاهرة مدة، ثم توجه إلى ثغر الإسكندرية فتوفي بها في شهر رمضان سنة ثلاثة عشرة وسبعمائة، وكان خيراً ديناً، وله بر وصدقات، رحمه الله تعالى. 1443 - شيخ شيوخ حماة 586 - 662 هـ؟ 1190 - 1263م عبد العزيز بن محمد بن عبد المحسن بن محمد بن منصور بن خلف، قاضي القضاة، وشيخ شيوخ حماة، شرف الدين أبو محمد الأنصاري الأوسي، الدمشقي الأصل والمولد، الحموي الدار والوفاة، الشافعي المعروف بابن الرفا، وبشيخ شيوخ حماة، قاضي حماة ورئيسها. مولده ضحى يوم الأربعاء ثاني عشرين جمادى الأولى سنة ست وثمانين وخمسمائة، وسافر مع والده إلى بغداد، فسمع بها من جماعة منهم: عبد المنعم جزء ابن عرفة، ومن عبد الواحد بن أحمد بن أبي المجد الحربي مسند الإمام أحمد، ومن عبد الوهاب بن سكينة، وأبي علي يحيى بن سليمان، وعلي بن أحمد ابن يعيش، وبدمشق: من أبي اليمن الكندي وقرأ عليه القراءات وكثيراً من الجزء: 7 ¦ الصفحة: 293 كتب الأدب، وسمع أيضاً من أبيه، وأبي المجد محمد بن الحسين القرويني، وعبد اللطيف بن يوسف البغدادي، وغيرهم، وحدث بحماة ودمشق والقاهرة وبعلبك، سمع منه الأئمة والأعيان كأبي عبد الله محمد اليونيني، والحافظ زكي الدين البرزالي، وكان أكبر سناً منه، وعز الدين محمد بن أحمد بن القاضي الفاضل، وأبو الحسين علي بن محمد اليونيني، وأبو العباس الظاهري، وابن خلف الدمياطي، والشريف عز الدين، وشرف الدين الغزاوي، وأحمد بن فرج، وقاضيا القضاة بدر الدين بن جماعة وشرف الدين عبد الغني بن يحيى ابن أبي بكر الحراني الحنبلي، وخلق سواهم. قال الحافظ أبو عبد الله الذهبي في تاريخه: وتفقه وبرع في العلم والأدب والشعر، وكان من أذكياء بني آدم المعدودين، وله محفوظات كثيرة، انتهى. وذكره الصاحب أبو القاسم عمر بن أحمد بن عبد الله بن أبي جرادة في تاريخه، قال: أصله من كفر طاب، وولد بدمشق، وخدم عند صاحب بعلبك، ثم ولي وزارة الملك المظفر صاحب حماة إلى أن مات، وولي الوزارة لابنه وفوض إليه التدبير وكان قبل وزارته بحماة شيخ الشيوخ بها، وهو من الفضلاء النبلاء الرؤساء الفقهاء، روى الحديث عن ابن كليب، وشيخنا ابن طبرزد، وله شعر حسن، أنشدني منه عدة مقاطيع، وأخبرني أن أصله من كفر طاب، وأن أهل كفر طاب كانوا من تنوخ وبهز، وسكن عندهم جماعة من الأوس، وكانوا يكرمونهم إلى أن اتفق هجمة الروم لكفر طاب، انتهى كلام ابن العديم باختصار. الجزء: 7 ¦ الصفحة: 294 وقال العلامة شهاب الدين محمود في تاريخه: وكانت له الوجاهة عند الملوك، والمنزلة الرفيعة في الدول، واليد الطولى في النظم والنثر، والتنوع في الفضائل، وهو القائل: لها معاطف تغريني برقتها ... ولينها أن أقاسي قلبها القاسي باتت موسدةً رأس على يدها ... عطفاً وكانت يدي منها على راسي وله أيضاً: إن قوماً يلحون في حب سعدى ... لا يكادون يفقهون حديثا سمعوا وصفها ولاموا عليها ... أخذوا طيباً وأعطوا خبيثا وله أيضاً: لا تنس وجدي بك يا شادنا ... في حبه أنسيت أحبابي مالي على هجرك من طافةٍ ... فهل إلى وصلك من باب وله ملغزا في جمزة: من لي عن سميه ... سما به سفك دمه تصحيفه في خده ... وفي فؤادي وفمه وكان الشيخ شرف الدين المذكور من أصحاب الملك الناصر يوسف بن محمد الجزء: 7 ¦ الصفحة: 295 ابن غازي صاحب حماة، وكان الناصر يعظمه ويكرمه، ويقع بينه وبينه مكاتبات كثيرة، وسافر في خدمته إلى الديار المصرية، ولما توجه الملك الناصر إلى حلب أرسل كاتبه فحضر إلى عنده، أقام بالخدمة الناصرية، ثم عزم على العود إلى حماة فخرج الملك الناصر لوداعه، وأبعد عن البلد فأقسم على أن يرجع، فأنشد الملك الناصر: يا من يعز علينا أن نفارقهم ... وجداننا كل شي بعدهم عدم فقال الشيخ شرف الدين مجيباً: إذا ترحلت عن قوم وقد قدروا ... أن لا تفارقهم فالراحلون هم فقال السلطان: والله لتعودن، فعاد معه وأقام عشرين يوماً أخرى. والبيتان للمتنبي. واتفق أن الملك الناصر المذكور كان بعمان، أنشده الشيخ شرف الدين المذكور: أفدي حبيباً منذ واجهته ... عن وجه بدر التم أغناني في خده خالان لولاهما ... ما بت مفتوناً بعمان فأعجبا الملك الناصر وطرب بهما، وكرر إنشادهما، ولب كتاب الإنشاء وقال: مثل هذا يكون معاني الشعر، فقال كمال الدين بن العجمي: أحد كتاب الدرج، يا مولانا هاذان البيتان ما تخدم فيهما النورية ولا يتفق أن يكون المراد إلا اسم المكان، ودخول حرف الجر مانع من غرضه وإلا قال بعمين، الجزء: 7 ¦ الصفحة: 296 فلما كان من العد اجتمع السلطان بشيخ الشيوخ وأخبره بما قال ابن العجمي، فقال له: يا مولانا هذا إنكار من لم يعرف القرآن ولا يعرف كلام العرب، قال الله تعالى: " إن هذان لساحران " وقال بعض العرب: إن أباها وأبا أباها البيت. وهذا جائز أن تنوب ألفاً، تمشي في الأحوال الثلاثة عند بني الهجم وبني العشر وبين الحارث، فسر الملك الناصر بذلك. انتهى. قلت: ومن شعره أيضاً: وغمام معربد ببروق وزمجرة ... وغادر الروض ناظراً بعيون مخضره وله: يا نظرة ما جلت لي حسن طلعته ... حتى انقضت وأذابتني على وجل عاتبت إنسان عيني في تسرعه ... فقال لي: الإنسان من عجل وله أيضاً: قلت وقد عقرب صدغاً له ... عن مشقة الحاجب لم يحجب فدست يا رب الجمال الذي ... ألف بين النون والعقرب وله أيضاً: أفدي حبيباً رزقت منه ... عطف محب على حبيب بوجنة ما أتم ربحي ... وقد غدا وردها نصيبي الجزء: 7 ¦ الصفحة: 297 وله أيضاً: مرضت ولي جيرة كلهم ... عن الرشد في صحبتي حائد فأصبحت في النقص مثل الذي ... ولا صلةٌ لي ولا عائد وله أيضاً: قالوا ما في جلق نزهة ... ننسيك من أنت به مغرا يا عاذلي دونك من لحظه ... سهماً ومن عارضه سطرا السهم وسطرا من متنزهات دمشق. وله أيضاً: سبحان مورثه من حسن يوسف ما ... لم يبقى في الحجر لي والصبر من حصص أقام للشعراء العذر عارضه ... فكم لهم في دبيب النمل من قصص وله أيضاً: ولقد عجبت لعاذلي في حبه ... لما دجى ليل العذار المظلم أوما درى من سنني وطريقتي ... أني أميل مع السواد الأعظم وله أيضاً: سألته من ريقه شربةً ... أطفئ بها من كيدي حره فقال أخشى يا شديد الظما ... أن نتبع الشربة بالجره الجزء: 7 ¦ الصفحة: 298 انتهى ما أوردنا ه م ن شعر شيخ الشيوخ المذكور، وتوفي ليلة الجمعة ثامن شهر رمضان سنة اثنتين وستين وستمائة بحماة، رحمه الله تعالى. 1444 - ضياء الدين الطوسي ... - 706هـ؟ ... - 1306م عبد العزيز بن محمد بن علي، الشيخ الإمام العالم ضياء الدين أبو محمد، الفقيه الشافعي، الطوسي، مدرس النجيبية، وشارح الحاوي، ومختصر ابن الحاجب. كان إماماً بارعاً، فاضلاً، مصنفاً، ذا شيبة نيرة، ودين متين، الجزء: 7 ¦ الصفحة: 299 توفي يوم الأربعاء بعد مرجعه من الحمام تاسع عشرين جمادى الأولى سنة ست وسبعمائة، ودفن بمقابر الصفوفية، رحمه الله تعالى. 1445 - عز الدين بن جماعة 694 - 767 هـ؟ 1294 - 1365م عبد العزيز بن محمد بن إبراهيم بن سعد الله بن جماعة بن علي بن جماعة بن حازم بن صخر بن عبد الله بن إبراهيم، قاضي القضاة عز الدين أبو عمر بن قاضي القضاة بدر الدين، الحموي الأصل، الدمشقي الشافعي، المعروف بابن جماعة. مولده بدمشق في تاسع المحرم سنة أربع وتسعين وستمائة بقاعة العادلية بدمشق، وأجاز له في صغره أبو العز عبد الرحمن بن عبد اللطيف بن وردية المكبر، والرشيدي بن أبي القاسم، وإسماعيل بن الطبال، وجماعة من بغداد، ومن دمشق أحمد بن عبد السلام بن أبي عصرون، وعمر بن إبراهيم الرسعني، وآخرون، ومن بعلبك عبد الخالق بن علوان، وزينب بنت عمر الكندي، وغيرها، الجزء: 7 ¦ الصفحة: 300 ومن نابلس عبد الخالق بن بدران، وبالقاهرة النجم أحمد بن حمدان، وأخوه شبيب، وغازي المشطوبي وجعفر الإدريسي، والبوصيري ناظم البردة، ومن الغرب أبو جعفر أحمد بن الزبير الغرناطي، وحضر بدمشق على أبي حفص عمر ابن القواس الجزء الأول من معجم ابن جميع، وعلى أبي الفضل أحمد بن عساكر جزء البيتوتة، وعلى العز إسماعيل بن عمر، وعلى الحسن بن علي الخلال، وسمع بالقاهرة من أبيه، ومن أبي المعالي الأبرقوهى جزء بن الطلابة، وعلى محمد بن الحسين الفوي الخلعيات عن ابن عماد، وعلى الحافظ شرف الدين الدمياطي، وجماعة، بعد ذلك بطلبه من القاهرة وإسكندرية ودمشق ومكة، وشيوخه بالسماع وبالإجازة يزيدون على ألف وثلاثمائة شيخ، وأخذ الفقه عن الشيخ جمال الدين بن الوجيزي، وأخذ الأصليين عن الشيخ علاء الدين الباجي وغيره، والعربية عن العلامة أبي حيان، وبرع وأفتى ودرس بأماكن منها: الزاوية المعروفة بالخشابية بمصر، ودرس الحديث والفقه بجامع ابن طولون، وبدار الحديث الكاملية وغيرها، وصنف عدة تصانيف منها شرحه على المنهاج ولم يكمل، والمناسك على مذاهب الأربعة مجلدان، والمناسك الصغرى، وتخرج الجزء: 7 ¦ الصفحة: 301 أحاديث الرافعي ولم يبيضه، وسيرة كبرى وصغرى، وله نظم ونثر، وتصدر واشتغل وانتفع به الطلبة. وتولى قضاء الديار المصرية في حياة شيوخه بعد عزل جلال الدين القزويني في ثامن جمادى الآخرة سنة ثمان وثلاثين وسبعمائة، وحسنت سيرته، واستمر على ذلك إلى أن عزل سنة تسع وخمسين وسبعمائة بابن عقيل، ثم أعيد بعد ثمانين يومناً، ثم أعرض عن ذلك، وثقلوا عليه بالعود بحيث أن الأتابكي يلبغا مدبر الممالك حضر إليه في منزله وبالغ في سؤاله في العود فأبى وصمم على المنع، فلما تحقق يلبغا عدم قبوله سأله في تعيين قاض عوضه فأشار إلى أبي البقاء السبكي فولي عوضه في شهر جمادى الأولى سنة ست وستين وسبعمائة، وتوجه إلى الحجاز وزار المدينة النبوية على ساكنها أفضل الصلاة والسلام، ثم عاد إلى مكة فتوفي بها بعد ثلاثة عشر يوماً في يوم الاثنين حادي عشر جمادى الآخرة سنة سبع وستين وسبعمائة، ودفن بالمعلاه بجوار الفضيل بن عياض رحمه الله تعالى. 1446 - ابن الصائغ ... - 674هـ؟ ... - 1275م عبد العزيز بن محمد بن عبد القادر بن عبد الله بن خليل بن مقلد، الشيخ الجزء: 7 ¦ الصفحة: 302 الإمام عماد الدين الأنصاري الدمشقي، المعروف بابن الصائغ. كان مدرساً بالعذراوية، وشاهداً بالخزانة بالقلعة، وكان يعرف الحساب جيداً، وله سماع ورواي ة، م ات سنة أربع وسبعين وستمائة بدمشق، ودفن بقاسيون، رحمه الله تعالى. ؟ 1447 - ابن وداعة ... - 666هـ؟ ... - 1267م عبد العزيز بن منصور بن محمد بن محمد، الصاحب عز الدين، المعروف بابن وداعة الحلبي. قال الشهاب محمود في تاريخه: كان بداية أمره خطيباً بجبلة من أعمال الساحل، ثم اتصل بالملك الناصر صلح الدين يوسف وصار من خواصه، ولما ملك دمشق ولاه شد الدواوين، وكان عز الدين المذكور يظهر النسك، ولما انقضت الدولة الناصرية وافتضت المملكة إلى الملك الظاهر بيبرس البندقداري ولاه وزارة الشام، فلما ولي الأمير جمال الدين أقوش النجيبي الجزء: 7 ¦ الصفحة: 303 نيابة الشام حصل بينهما وحشة، فإن الأمير أقوش كان من أهل السنة وابن وداعة المذكور عنده تشيع، فكان الأمير أقوش في كل وقت يسمعه من الكلام ما يؤلمه، فكتب عز الدين المذكور إلى الملك الظاهر يذكر أن الأموال تنكر ويساق إلى الباقي، وتحتاج الشام إلى مشد تركي شديد البأس والمهابة، وتكون الولايات والعزل راجعة إليه، وكان قصده بذلك رفع يد الأمير أقوش عن ذلك، وتوهم أن المشد الذي يتولى يكون بحكمه، وكان في الشد حسام الدين المسعودي، وهو شيخ عاقل، فرتب الملك الظاهر في الشد الأمير علاء الدين كشتغدي الشقيري، فلم يلبث أن وقع بين عز الدين وبين كشتغدي المذكور أيضاً وصار كشتغدي يهينه بأنواع الهوان، فيشكو ما يلقي إلى الأمير أقوش، فيقول له أنت طلبت مشداً تركياً، ثم إن كشتغدي الشقيري كتب في حق عز الدين إلى الملك الظاهر وأوغر صدره عليه، فورد عليه الجواب بمصادرته، فأخذ خطه بجملة عظيمة يقصر عنها ماله، وأفض به الحال إلى أن ضربه وعصره وعلقه، وجرى عليه من المكاره مالاً يوصف وباع موجوده وأماكن كان وقفها، ثم طلب إلى الديار المصرية فتوجه إليها، وحدثته نفسه بالعود إلى رتبته فأدركته منيته بالديار المصرية، ولم يخلف ولداً، ولا رزقه الله عمرة، وله وقف على وجوه البر، وبنى الجزء: 7 ¦ الصفحة: 304 بجبل قاسيون تربة ومسجداً عمارة حسنة، وتوفي سنة ست وستين وستمائة رحمه الله. ؟ 1448 - سبط ابن الجوزي ... - 666هـ؟ ... - 1267م عبد العزيز بن يوسف بن قزاغلي، الإمام عز الدين بن العلامة أبي المظفر سبط ابن الجوزي صاحب مرآة الزمان. مولده بدمشق، وتفقه وبرع في المذهب، وعد من الفقهاء الحنفية، ودرس بالعزية التي تعرف بالميدان الكبير بعد والده، وكان ذكياً وله ف هم جيد وتصور صحيح، واشتغال كبير، تفقه على والده وغيرهن وبرع في الفقه، وشارك في عدة علوم، ومات سلخ شوال سنة ست وستين وستمائة، ودفن عند والده، رحمهما الله تعالى. الجزء: 7 ¦ الصفحة: 305 ؟ 1449 - تاج الدين الأسلمي ... - 860هـ؟ ... - 456م عبد العظيم بن صدقة، الملقب تاج الدين القبطي الأسلمي، ناظر ديوان المفرد. ولي المذكور عدة وظائف بالطالع والنازل، وقاسى خطوب الدهر ألواناً، وهو معدود من الكتاب عند أبناء جنسه، وكان هو وزين الدين يحيى - قريب ابن أبي الفرح - إستادار زماننا هذا في أيام خمول هم ا كفرسي رهان، وكان يقع بينهما في تلك الأيام مقالات ومفاوضات وكل منهما كان يسعى على الآخر ويرافع فيه ويعزله، وكان الغالب في الغالب عبد العظيم هذا إلى أن تعلق زين الدين يحيى بأذيال الأمير قيزطوغان العلائي - لما ولى الإستادارية - وصار زين الدين المذكور ناظر ديوان المفرد، فمن يومئذ تأخر عبد العظيم هذا وتقدم زين الدين إلى أن صار كل منهما إلى ما آل أمره إليه، وتقهقر عبد العظيم في الدولة إلى أن بقي من مخاميل الأقباط الذين عليهم الغلاسة بالقناطير، فإنه كان في أيام سعادته وولايته وثروته دنساً مظلماً ليس عليه نورانية الإسلام: فلما عزل وافتقر زادت دناسته أضعاف ما كانت عليه أولاً، وهو حي يرزق: إلى يومنا هذا، عامله الله بعدله. الجزء: 7 ¦ الصفحة: 306 1450 - ابن أبي الأصبع 585 - 654 هـ؟ 1189 - 1256م عبد العظيم بن عبد الواحد بن ظافر بن عبد الله بن محمد، الإمام المفنن البارع الأديب البليغ زكي الدين أبو محمد، المعروف بابن أبي الأصبع العدواني المصري، الشاعر المشهور، صاحب التصانيف في الأدب وغيره. وله الشعر الرائق الفائق إلى الغاية، من ذلك قوله: تصدق بوصلي إن دمعي سائل ... وزود فؤادي نظرة فهو راحل جعلتك بالتمييز نصباً لناظري ... فلم لا رفعت الهجر والهجر فاعل وله قصيدة يمدح بها الملك الأشرف موسى شاه أرمن: فضحت الحيا والبحر جوداً فقد بكى ال؟؟ ... حياء من حياء منك والنظم البحر عيونٌ معانيها صحاحٌ وأعين ال؟ ... ملاح مراض في لواحظها كسر هي السحر فاعجب لأمرئ جاء يب؟ ... تغي عواطف من موسى وصنعته السحر الجزء: 7 ¦ الصفحة: 307 قال زكي الدين: وقع لي في هذه الأبيات ست عشر ضرباً من البديع: اتفقت فيه الاستعارة في ثلاثة مواضع في افتضاح الحياء وبكائه وحيائه والمبالغة إذ جعلت الممدوح يفضح الحياء والبحر بجوده، والتفسير في قولي جوداً، وقولي من حياء منك، ولإغراق لما في جملة القافية من زيادة المبالغة، والترشيح بذكر الاستعارة الأولى للاستعارة الثانية، والتجنيس بين الحياء والحياء، والتورية في قول النظم الحبر، والترشيح للنورية بذكر البكاء فإن ذكره هو الذي رشح النورية، وصحة التقسيم في حصر القسمين الذي يضرب بهما المثل في الجود ولا ثالث لهما، والتصدير كون البحر مذكوراً في صدر البيت وهو قافيته والتعليل في كون العلة في بكاء الحياء والنظام البحر فضحهما بجوده، والتسهيم في كون صدر البيت نقيض العجز ويدل عليه، وحسن النسق في كون جمل البيت معطوف بعضها على بعض بأصح ترتيب، والإرداف لأني عبرت عن عظم الجود ببكاء الحياء من الحياء والنظام البحر، فهذا ما في تفاصيل البيت، وأما ما في جملة فبالمساواة لكون لفظه تالياً لمعناه وائتلاف لفظه مع معناه في كون ألفاظ البيت متلائمة مختارة لا يصلح موضع كل لفظة غيرها، ولم يحصل فيه من تعقيد السبك والتقديم والتأخير وسوء الجواز ما يوجب له الاشتغال، والإبداع لكون كل لفظة من مفرداته تتضمن نوعاً أو نوعين من البديع، انتهى ما قاله زكي الدين عن نفسه. الجزء: 7 ¦ الصفحة: 308 قلت: وكانت وفاته سنة أربع وخمسين وستمائة، ولما مات حضر السراج الوراق مع عفيف الدين بن عدلان وأبي الحسين الجزار قبر الزكي المذكور، فقال السراج وقد كانا كتماه: إن ذلك اليوم مأتم زكي الدين، وكتماه قصيدتين في رثاه: ماذا أقول وقول وقد أتاك مرثياً ... ملك النحاة وسيد الشعراء رثياك بالدر النظيم فهذه ... الدال قانية وذى للراءِ ؟ ومدحنا نثر العقيق مدمعاً إذ كنت لم تتصف بنظم رثاء يا من طوى بفضائل وفواضل ... ذكرين للطائي بعد الطائي ؟ غادرتني وأنا الحبيب مودةً صباً قد استغذيت ما بكاء فسقاك فضل الله فيض عطائه ... فلقد أقمت قيامة الشعراء انتهى. ؟ 1451 - الحافظ المنذري 581 - 656 هـ؟ 1185 - 1258م عبد العظيم بن عبد القوي بن عبد الله بن سلامة بن سعد بن سعيد، الإمام الحافظ زكي الدين أبو محمد المنذري الدمشقي ثم المصري الشافعي. الجزء: 7 ¦ الصفحة: 309 ولد سنة إحدى وثمانين وخمسمائة غرة شعبان بالقاهرة، وقرأ القرآن على الأرتاحي، وتفقه على أبي القاسم عبد الرحمن بن محمد القرشي، وتأدب على أبي الحسين بن يحيى النحوي، وسمع من أبي عبد الله الأرتاحي، وعبد المجيد بن زهر، وإبراهيم بن البتيت، ومحمد بن سيد المأموني، والمطهر بن أبي بكر البيسقي، وربيعة اليمني الحافظ، وأبي القاسم عبد الرحمن بن عبد الله، وأبي الجود غياث بن فارس، والحافظ بن الفضل، وبه تخرج وهو شيخه، وبمكة من يونس الهاشمي، وأبي عبد الله بن البنا، وبالمدينة من جعفر بن محمد بن أموسان، ويحيى بن عقيل بن رفاعة، وبدمشق من ابن طبرزد، ومحمد بن الزيف، والخضر بن كامل، والكندي، وعبد الجليل بن مندوبه، وسمع بحران والرها وإسكندرية وأماكن. وخرج لنفسه معجماً كبيراً. وقال الحافظ أبو عبد الله الذهبي: وروى عنه الدمياطي، والشريف عز الدين وأبو الحسين ابن اليونيني، والشيخ محمد القزاز، والفخر إسماعيل بن عساكر، وسنجر الدواداري، وقاضي القضاة تقي الدين بن دقيق العيد، وإسحق بن الوزيرين والعماد محمد بن الجرائدي، وأحمد الدفوفي، ويوسف بن الختني، وطائفة، ودرس بالجامع الظافري بالقاهرة، ثم ولي مشيخة الكاملية للحديث وانقطع بها نحواً من عشرين سنة منكباً على التصنيف والتخريج والإفادة الرواية، انتهى. قال الحافظ شرف الدين الدمياطي: هو شيخي أتيته مبتدئاً فارقته معيداً، انتهى. الجزء: 7 ¦ الصفحة: 310 قال الذهبي: ووقع بينهما كما جرت العادة بها بين المتناظرين في الطلب والاشتغال، رحمهما الله تعالى: وكانت وفاة الحافظ زكي الدين المنذري سنة ست وخمسين وستمائة، ورثاه السراج الوراق بقصيدة أولها. ؟ ما اقتضى حظنا بقاءك فينا ليتنا فيك ليتنا لو كفنيا رحمه الله تعالى وعفا عنه. ؟ 1452 - ابن نوح ... - 708هـ؟ ... - 1308م عبد الغفار بن أحمد بن عبد المجيد الدوري الأصل، الأقصري المولد، القوسي الدار، الشيخ عبد الغفار الشهير بابن نوح. صحب الشيخ أبا العباس الملثم، والشيخ عبد العزيز المتوفي، وتجرد وتعبد، وسمع من الدمياطي بالقاهرة وحدث عنه بقوص، وسمع بمك ة م ن محب الدين الطبري، وصنف كتاباً سماه الوحيد في التوحيد، وكان له شعر وقدرة على الكلام، وحال في السماع، له كرامات، وكان ينكر كثيراً من المنكرات الجزء: 7 ¦ الصفحة: 311 ويأمر بالمعروف بفصاحة لسان وقوة جنان، وله بظاهر قوص ربط، وكان النصارى قد أحضروا إلى قوص مرسوماً بفتح الكنائس بها، فقام شخص في السحر وقرأ " إن تنصروا الله ينصركم ويثبت أقدامكم " وقال: يا أصحابنا الصلاة في هذه الكنائس، فلم يأت الظهر إلى وقد هدمت ثلاث عشرة كنيسة ونسب ذلك إليه، ثم إن الرشيدي إستادار سلار توجه إلى قوص - وكان بخدمته نصراني - فتكلم في القضية، فاجتمع العوام ورجموه إلى أن وصل الرجم إلى حرافة الرشيدي، فاتهم الشيخ أيضاً بذلك، ثم بعد أيام حضر أمير إلى قوص وأمسك جماعة من الفقراء وضربهم، وأخذ الشيخ عبد الغفار هذا معه إلى القاهرة ورسم له بأن يقيم بمصر، فحصل بعد أيام للرشيدي مرض، واستمر في أسوأ حال حتى توفي. وكان للشيخ عبد الغفار - صاحب الترجمة - شعر جيد، من ذلك قوله: أنا أفتى أن ترك الحب ذنب ... آثم في مذهبي من لا يحب ذق على أمري مرارات الهوى ... فهو عذب وعذاب الحب عذب كل قلب ليس فيه ساكن ... صبوة عذريةٌ ما ذاك قلب الجزء: 7 ¦ الصفحة: 312 توفي الشيخ عبد الغفار المذكور بمصر في سنة ثمان وسبعمائة، رحمه الله تعالى ونفعنا ببركته. ؟ 1453 - ابن الهيصم ... - 813هـ؟ ... - 1410م عبد الغني بن الهيصم، وقيل إن اسم الهيصم إبراهيم، الرئيس مجد الدين، ناظر الحواص، الشهير بابن الهيصم، وهو أخو الصاحب تاج الدين عبد الرزاق المتقدم ذكره، يقال إن الهيصم من ذرية المقوقس. نشأ مجد الدين هذا بالقاهرة، ومهر في قلم الديونة والحساب، وكتب في عدة جهات إلى أن ولي استيفاء الديوان المفرد، ثم استقر به الملك الناصر فرج بن برقوق في وظيفة نظر الخاص، بعد القبض على جمال الدين يوسف البيري الأستادار في يوم الثلاثاء رابع جمادى الأولى سنة اثنتي عشرة وثمانمائة، فاستمر المذكور في وظيفة الخاص إلى أن توفي ليلة الأربعاء عشرين شعبان سنة ثلاث عشرة وثمانمائة. الجزء: 7 ¦ الصفحة: 313 قال المقريزي رحمه الله: وكان من ظلمة الأقباط. انتهى. قلت: وهذا والد الصاحب أمين الدين إبراهيم بن عبد الغني بن الهيصم - وزير زماننا هذا - ذكرناه في حرف الهمزة في مكانه. 1454 - ابن أبي الفرج 784 - 821 هـ؟ 1382 - 1418م عبد الغني بن عبد الرزاق بن أبي الفرج بن نقولا الأرمني الأصل القبطي، الأمير فخر الدين بن الوزير تاج الدين، الشهير بابن أبي الفرج. قال الشيخ تقي الدين المقريزي: كان جده من جملة نصارى الأرمن وأسلم، وكان أبوه ممن ولي الوزارة والإستادارية، ومولد فخر الدين هذا في شوال سنة أربع وثمانين وسبعمائة، وعرف الحساب، وكتب الخط الجيد، ولما نقل أبوه من ولاية قطيا إلى الوزارة في الأيام الظاهرية برقوق ولاه موضعه بقطيا، وحملت إليه الخلعة في أول يوم من جمادى الأولى سنة إحدى وثمانمائة فباشر ولاية قطيا ونظرها مدة وزارة أبيه، ثم صرف عنها وأعيد إليها عدة مرات في الأيام الناصرية فرج، ثم ولي كشف الشرقية في سنة ثلاث عشرة وثمانمائة، فوضع السيف في العرب، وأسرف في سفك الدماء وأخذ الجزء: 7 ¦ الصفحة: 314 الأموال، وتجاوز عن الحد والمقدار في الظلم، ثم طلب الزيادة في الظلم والفساد وبذل للناصر أربعين ألف دينار، فولاه وظيفة الأستادارية، عوضاً عن تاج الدين عبد الرزاق بن الهيصم في يوم الثلاثاء ثالث عشر شهر ربيع الآخرة سنة أربع عشرة وثمانمائة، فوضع يده في الناس بأخذ أموالهم بغير شبهة من شبهة الظلمة حتى داخل الرعب كل بريء، وكثر الشناعة عليه وساءت القالة فيه، فصرف في ذي الحجة من السنة وسر الناس بعزله سروراً كثيراً، وعوقب عقوبة لم تعهد مثلها في الكثرة حتى أيس منه كل أحد ورق له أعداؤه، وهو في ذلك يظهر من قوة النفس وشدة الجلد مالاً يوصف، ثم خلى عنه وعاد إلى ولاية قطيا، ثم صرف عنها، وخرج مع الناصر إلى دمشق من غير وظيفة، وشهد واقعته بها، فلما قتل الناصر تعلق بحواشي الأمير شيخ وقدم معهم إلى القاهرة وأعيد إلى كشف الوجه البحري. انتهى كلام المقريزي باختصار. قلت: واستمر فخر الدين المذكور في كشف الوجه البحري إلى أن قبض الملك المؤيد شيخ على الأمير بدر الدين حسن بن محب الدين في ثامن شهر ربيع الآخر سنة تسع عشرة وثمانمائة ورسم بإرسال تشريف الأستادارية إلى فخر الدين هذا - وهو بالبحيرة - فحمل إليه، وقدم فخر الدين إلى القاهرة في يوم خامس عشرين شهر ربيع الآخر المذكور، واستقر أستاداراً على ما بيده الجزء: 7 ¦ الصفحة: 315 من كشف الوجه البحري، وسلمه ابن محب الدين وأمره بعقوبته، فعوقب ابن محب الدين المذكور وصودر وأخذت منه أموال لا تحصى. واستمر فخر الدين في الأستادارية، وعظم أمره. وزادت حرمته، وظهر من الملك المؤيد إقبال زائد إليه لكثرة ما يحمله لخزانته من الأموال والتقادم والتحف، لكنه أخرب من مدته اليسيرة كثيراً من بلاد الصعيد، وأفتى بالقتل خلائق من مشايخ عربانها، ثم سافر المذكور إلى البحيرة وعاد في يوم السبت ... ذي القعدة من سنة تسع عشرة، ففي يوم قدومه أخلع عليه خلعة الوزارة مضافاً إلى الأستادارية، بعد موت تقي الدين عبد الوهاب بن أبي شاكر، فباشر الوظيفتين مدة، ثم بلغه عن الملك المؤيد ما داخله الخوف منه، فاختفى وفر إلى بغداد وأقام بها مدة، ثم قدم بعد أن أرسل إليه الملك المؤيد أماناً، وأعيد إلى الأستادارية، واستمر أستاداراً إلى أن توفي يوم الاثنين نصف شوال سنة إحدى وعشرين وثمانمائة، وجفن بمدرسته التي أنشأها بين السورين بظاهر القاهرة، وصولح السلطان على تركته بمائتي مثقال. الجزء: 7 ¦ الصفحة: 316 قال المقريزي: وكان جباراً قاسياً، شديداً جلداً، عبوساً، بعيداً عن الترف، قتل من عباد الله ما لا يحصى، وخرب إقليم مصر بكماله، وأفقر أهله ظلماً وعتواً وفساداً في الأرض ليرضي سلطانه فأخذه الله أخذاً وبيلاً، انتهى كلام المقريزي. قلت: لا ينكر عليه ما كان يفعله من الظلم والجور، فإنه كان من بيت ظلم وعسف، وكان عنده جبروت الأرمن، ودهاء النصارى، وشيطته الأقباط، وظلم المكسة، فإن أصله من الأرمن، وربي مع النصارى وتدرب بالأقباط، ونشأ مع المكسة بقطيا، فاجتمع فيه من قلة الدين وخصائل السوء ما لا يوصف كثرة، لعمري هو أحق بقول القائل: مساوئ لو قسمن على الغوني ... لما مهرن إلا بالطلاق قيل إنه لما دفن بمدرسته سمعه جماعة من الصوفية وغيرهم وهو يصيح في قبره، وتداول هذا الخبر على أفواه الناس، قلت: وما خفاهم أعظم إن شاء الله تعالى، فلله الحمد والمنة بهلاك مثل هذا الظالم في عنفوان شبيبته إذ لو طال عمره لكان ظلمه وجوره يملأ الأقطار. وهو بن الوزير تاج الدين عبد الرزاق، وأخو ناصر الدين محمد الجزء: 7 ¦ الصفحة: 317 الأستادار - الذي هو الآن نقيب الجيوش المنصورة - ووالد زين الدين عبد القادر الأستادار، وقريب زين الدين يحيى أستادار زماننا هذا، فنسأل الله تعالى أن يلحق به من بقي من أقاربه وذريته فإنهم شر عصابة وعار على بني آدم، آمين. انتهى. ؟ 1455 - شرف الدين الحراني 646 - 709 هـ؟ 1248 - 1309م عبد الغني بن يحيى بن محمد بن أبي بكر بن عبد الله بن نصر بن أبي بكر بن محمد، قاضي القضاة شرف الدين أبو محمد بن بدر الدين أبي زكريا بن قاضي القضاة شمس الدين الحراني الحنبلي. ذكره الذهبي في معجمه، وأثنى عليه، وذكره أيضاً ابن رافع في معجمه وقال: سمع بدمشق من شيخ الشيوخ، ومن النجيب عبد اللطيف الحراني، والشيخ شمس الدين محمد بن إبراهيم المقدسي، وأجاز له عقيب ولادته: الشيخ مجد الدين عبد السلام بن تيمية، وأخوه عبد القادر، وعيسى الحافظ، وجماعة، وحدث مراراً بالقاهرة ودمشق، وسمع منه أبو حيان وذكره في معجمه. الجزء: 7 ¦ الصفحة: 318 قال البرزالي في تاريخه: إنه خرج من حران سنة ست وخمسين وستمائة فأقام بدمشق سنين، وتوجه إلى مصر واستمر بها، وولي نظر الخزانة، ثم ولي منصب الحكم بالديار المصرية على مذهب أحمد بن حنبل، ودرس بالناصرية والصالحية، وكان مشكور السيرة، مليح الهيئة بشوش الوجه، مولده في ليلة الثلاثاء رابع عشر شهر رمضان سنة ست وأربعين وستمائة، وتوفي ليلة الجمعة رابع عشر شهر ربيع الأول سنة تسع وسبعمائة، ودفن من الغد بالقرافة، رحمه الله تعالى. ؟ 1456 - ابن الملك المغيث 642 - 737 هـ؟ 1244 - 1337م عبد القادر بن عبد العزيز بن عيسى بن أبي بكر بن محمد بن أيوب بن شادي ابن مروان الإمام العالم الفقيه المحدث أسد الدين أبو محمد بن الملك المغيث ابن الملك المعظم بن الملك العادل الأيوبي الحنفي. كان من فقهاء أولاد السلاطين، ومن بيت علم وفضل، مولده بالكرك سنة اثنتين وأربعين وستمائة، وتفقه على مذهب الإمام الأعظم أبي حنيفة رضي الله عنه وبرع وسمع الكثير، وحدث، وسمع سيرة ابن هشام من أبي عبد الله محمد ابن إسماعيل المقدسي، وسمع من محمد وبعد المجيد ابني عبد الهادي، الجزء: 7 ¦ الصفحة: 319 وإبراهيم ابن خليل الدمشقي، وابن عبد الواحد، وعبد اللطيف الحراني، وحدث، وسمع منه الحافظ عبد القادر الحنفي - صاحب الطبقات - وغيره، وكتب وحصل وأفاد، وأقرأ، وكان من محاسن الدنيا ديناً وعلماً وتواضعاً وبراً وإحساناً إلى أن توفي يوم سلخ شهر رمضان سنة سبع وثلاثين وسبعمائة. وحمل إلى بيت المقدس ودفن به، رحمه الله تعالى. ؟ 1457 - ابن أبي الفرج ... - 833هـ؟ ... - 1429م عبد القادر بن عبد الغني بن عبد الرزاق بن أبي الفرج بن نقولا الأرمني الأصل القبطي، الأمير زين الدين بن الأمير فخر الدين المقدم ذكره أنفاً ابن الصاحب تاج الدين، الشهير بابن أبي الفرج. مولده بالقاهرة في أوائل القرن تخميناً، ونشأ بها، وباشر بعد موت والده الجزء: 7 ¦ الصفحة: 320 عدة جهات إلى أن ولي شد الخاص وأستادارية المقام الناصري محمد بن السلطان الملك الأشرف برسياي في ثالث عشر جمادى الأولى سنة ثمان وعشرين وثمانمائة، واستمر على ذلك إلى يوم الخميس عاشر شعبان من السنة طلب وأخلع عليه باستقراره أستاداراً، عوضاً عن الصاحب بدر الدين حسن بن نصر الله الفوي، بحكم عجزه عن القيام بالكلف السلطانية، فباشر عبد القادر هذا وظيفة الأستادارية مدة سنين، وقاس فيها من الذل والهوان والعجز ما لا يوصف، وافتقر، واستعفى منها غير مرة، والملك الأشرف لا يرق لحاله، وأخرب في أيام مباشرته بلاداً كثيرة حتى يقوم بما عليه من الجوامك والكلف، ثم إن الملك الأشرف رحمه وعزله بالأمير آقبغا الجمالي الكاشف في يوم السبت خامس عشرين شهر ربيع الآخر سنة ثلاث وثلاثين وثمانمائة، ورسم عليه وطولب بالحساب غير مرة، وبينا هو في ذلك إذا خلصه الله بالموت بالطاعون في يوم الأربعاء سابع عشرين جمادى الآخرة من سنة ثلاث وثلاثين وثمانمائة. وكان شاباً جميلاً، خفيف اللحية، جسيماً، متواضعاً، قضى عمره بالكد والقهر والخوف، وهو أصلح حالاً من أبيه وجده، بل بالنسبة إليهما الجزء: 7 ¦ الصفحة: 321 كان صالحاً، على أنه كان متأصلاً في الظلم والعسف ويعرف طرق ذلك جيداً لكن لم تنله السعادة في مباشرته، رحمه الله تعالى. ؟ 1458 - محيي الدين الشريف 791 - 827 هـ؟ 1389 - 1423م عبد القادر بن أبي الفتح محمد بن أبي المكارم أحمد بن أبي عبد الله محمد بن محمد بن عبد الرحمن، القاضي محيي الدين الشريف الحسني الفاسي الأصل المكي الحنبلي، ابن السيد شهاب الدين، وأخو قاضي القضاة سراج الدين عبد اللطيف الحنبلي. ولد في سنة إحدى وتسعين وسبعمائة، قاله الشيخ تقي الدين الفاسي في تاريخه، ورأيت حاشية بخط صاحبنا الإمام المحدث الفاضل سراج الدين عمر بن فهد رأيت باسمه استدعاء مؤرخاً في العشر الأخير من شهر ربيع الآخر سنة ثمان وثمانين وسبعمائة. انتهى. قلت: وقرا وتفقه على مذهب الإمام أحمد بن حنبل رضي الله عنه، وناب في الحكم من أخيه شقيقه القاضي سراج الدين عبد اللطيف المذكور في سنة الجزء: 7 ¦ الصفحة: 322 عشرة وثمانمائة، وتوفي بمكة في يوم الأربعاء الثاني والعشرين من شعبان سنة سبع وعشرين وثمانمائة، ودفن بالمعلاه، رحمه الله تعالى. 1459 - تاج الدين العقيلي 623 - 693 هـ؟ 1226 - 1294م عبد القادر بن محمد بن أبي المكارم عبد الرحمن بن علوي بن المعلي بن علوي ابن جعفر، القاضي تاج الدين بن القاضي عز الدين، العقيلي السنجاري الحنفي. ولد بدمشق في شهر رجب سنة ثلاث وعشرين وخمسمائة، وتوفي سنة ست وتسعين وستمائة، هكذا وجدته في تاريخ الشيخ صلاح الدين الصفدي بخطه، ولعله وهم لأني وقفت على ترجمة المذكور في غير تاريخ الصفدي فوجدت مولده في شهر رجب سنة ثلاث وعشرين وستمائة، ووفته في ثامن عشرين شعبان سنة ست وتسعين وستمائة، ووفاته في ثامن عشرين شعبان سنة ست وتسعين وستمائة، كما ذكر الصفدي لكن الصفدي لم يذكر شعبان انتهى. قال: وقرأ واشتغل وتفقه، وبرع في المذهب، وولي قضاء الحنفية بحلب، ونظر الأوقف والمدرسة العصرونية، وأفتى ودرس، وقدم دمشق في آخر عمره، وحدث بها بالمائة البخاري، ورجع إلى حلب وتوفي بها. الجزء: 7 ¦ الصفحة: 323 وكان سمع في مبدأ أمره من ابن الزبيدي الصحيح، وسمع من الإمامين جمال الدين الحصيري وتقي الدين ابن الصلاح وغيرهم، انتهى. ؟ 1460 - محيي الدين المقريزي 677 - 732 هـ؟ 1288 - 1331م عبد القادر بن محمد بن تميم، الفقيه المحدث محيي الدين المقريزي البعلبكي الحنبلي، جد الشيخ تقي الدين المقريزي المؤرخ. تفقه وسمع ببلده من زينب بنت كندي، وبدمشق من ابن عساكر وابن القواص، وبالقاهرة من البهاء بن القيم وسبط زيادة، وبحلب، وبالحرمين. وكتب وحصل، وصار شيخ دار الحديث للبهاء بن عساكر، توفي سنة اثنتين وثلاثين وسبعمائة عن خمسين سنة، رحمه الله تعالى. ؟ 1461 - ابن عبد القادر 757 - 793 هـ؟ 1356 - 1391م عبد القادر بن محمد بن عبد القادر، قاضي القضاة شرف الدين بن شمس الدين الحنبلي النابلسي، المعروف بابن عبد القادر. الجزء: 7 ¦ الصفحة: 324 أخذ عن أبيه وغيره من مشايخ القدس ودمشق والقاهرة، وبرع في مذهبه، وشارك في عدة علوم، وتولى قضاء الحنابلة بدمشق، وحمدت سيرته إلى أن توفي سنة ثلاث وتسعين وسبعمائة، وولي من بعده قاضي القضاة علاء الدين ابن منجا، رحمه الله تعالى. ؟ 1462 - الحافظ شمس الدين صاحب الطبقات 696 - 774 هـ؟ 1393 - 1472م عبد القادر بن محمد بن محمد بن نصر اله بن سالم بن أبي الوفا القرشي المصري الحنفي، الشيخ الإمام العلامة الحافظ المتقن شمس الدين أبو محمد. مولده في العشرين من شعبان سنة ست وتسعين وستمائة، وسمع من أبي الحسن ابن الصواف مسموعه من النسائي، ومن العماد بن السكري مشيخة ابن الجميزي، ومن الشريف عز الدين الحسين صحيح مسلم، ومن حسن بن عمر الكردي والمرسوي أيضاً الموطأ لمالك رواية يحيى بن بكير، ومن الحجار ووزيره صحيح الجزء: 7 ¦ الصفحة: 325 البخاري، ومن الرشيد ابن المعلم ثلاثيات البخاري، ومن المعلم بن النصير بن أمين الدولة، والشريف علي بن عبد العظيم الزينبي، والكمال عبد الرحيم، وعلي بن عمر الداني، ويوسف بن عمر الختني، وأبي الحسين علي بن قريش، وعبد الله بن علي الصنهاجي، ومؤنسة ست الأجناس، وخلق كثير سواهم، وأخذ من الرضى الطبري، وأجاز له الدمياطي، وحفظ القرآن العظيم، وتفقه وبرع، وتصدر للإقراء، وأفتى ودرس، وجمع وصنف، وله تواليف عدة من ذلك: كتاب البستان في مناقب النعمان، وكتاب الطرق والرسائل إلى معرفة أحاديث خلاصة الدلائل، وكتاب طبقات الحنفية سماه الجواهر المضية في طبقات الحنفية، وتخريج أحاديث الهداية للفرغاني، وتخريج أحاديث معاني الآثار للطحاوي، وكتب وفيات من سنة مولده إلى سنة ستين عول فيها على وفيات ابن الحسين بن أيبك. وكان ذا عناية بالفقه والحديث، وله مشاركة جيدة في عدة علوم، ولديه فضيلة، ودرس وأفتى سنين، وسمع منه الفضلاء، وتفقه به جماعة من الأعيان، وانتفع به الطلبة، وكان خطه في غاية الحسن على طريق السلف، وتوفي بعد أن تغير وأضر في شهر ربيع الأول سنة أربع وسبعين وسبعمائة، وقال المقريزي في سنة خمس وسبعين، والله أعلم. الجزء: 7 ¦ الصفحة: 326 1463 - جمال الدين الزهيري ... - 740هـ؟ ... - 1339م عبد القاهر بن محمد بن عبد الواحد بن محمد بن إبراهيم بن موسى بن جعفر ابن بسر، الأديب جمال الدين أبو محمد وأبو بكر الزهيري، التبريزي الأصل، الحراني، الدمشقي المنشأ، الشافعي، الأديب الشاعر. أصل ه م ن بخارى، وقدم مع والده وعمره ست سنين، وكان أبوه فقيهاً تاجراً استوطن دمشق ومات عن نيف وثلاثين سنة، وبقي جمال الدين هذا في حجر ابن عم أبيه شرف الدين محمد الخجندي التاجر، وقرأ القرآن على الشيخ يحيى السلاوي، وجود على الشيخ زين الدين بن عمرو، وقرأ التنبيه، وتفقه بقاضي القضاة بدر الدين بن جماعة، وتردد إلى حلقه الشيخ تاج الدين الفزاري، وجود المنسوب على الشيخ شمس الدين حسين السهروردي، وقرأ مقدمة ابن الحاجب، وبرع في الإنشاء والأدب، ومات في تاسع عشر جمادى الآخرة سنة أربعين وسبعمائة بثغر دمياط، ودمياط بالدال المهملة. الجزء: 7 ¦ الصفحة: 327 ومن شعره قوله: ؟ وجدي وتصبري قليلٌ وكثير ... والقلب ومدمعي طليق وأسير والكون وحسنكم جليل وحقير ... والعبد وأنتم غني وفقير انتهى، رحمه الله تعالى. ؟ 1464 - البجائي 743 - 816 هـ؟ 1342 - 1413م عبد القوي بن محمد بن عبد القوي البجائي، المغربي الأصل والمولد والمنشأ، نزيل مكة، أبو محمد المالكي. حدثني ولده الشيخ قطب الدين أبو الخير من لفظه قال: مولد والدي في سنة ثلاث وأربعين وسبعمائة ببجاية من بلاد الغرب، ورحل من بلده وعمره ثمانية عشر سنة، وقدم إلى القاهرة، وحج في سنة أربع وستين، ثم عاد إلى القاهرة، ثم حج حجة ثانية وعاد إلى القاهرة، وسكن بالجامع الأزهر، ثم حج في سنة الجزء: 7 ¦ الصفحة: 328 سبعين، ووطن بمكة إلى أن مات وليلة الأربعاء ثالث شوال سنة ست عشرة وثمانمائة بمكة، ودفن بالمعلاه، انتهى. وقال الشيخ تقي الدين الفاسي: قدم إلى ديار مصر في شبيبته فخذ بها عن الشيخ يحيى الرهوني وغيره من علماء عصره، ثم انتقل إلى مكة وأخذ بها عن الشيخ موسى المراكشي وغيره، وسمع بها من النشاوري، وسعد الدين الأسفراييني وغيرهما، ودرس بالحرم الشريف، وأفتى باللفظ قليلاً تورعاً، وكان ذا معرفة بالفقه، ويستحضر كثيراً من الأحاديث والحكايات والأشعار المستحسنة، وله حظ من العبادة والخير، رحمه الله تعالى. ؟ 1465 - النشادر عبد القوي المعروف بالنشادر، صاحب أبي الحسن علي الحصري المعروف بالقواس. الجزء: 7 ¦ الصفحة: 329 كانا يتجاريان في ميدان الخلاعة، ويتجاذبان أعنة المجون، وينظمان البلاليق المطبوعة، ولهما مدائح كثيرة في الملك العزيز بن صلاح الدين، وفي أولاد الملك العادل. وله أيضاً يمدح الملك الأشرف موسى شاه أرمن صاحب ميافارقين: بي أسمر يحكي الأسمر ... عنج أحور الهلال يبدو في سعدو ... والجمال الباهر عبدو وقد رقم في صفحة خدو ... طراز عنبر أي رشيق حلو القامة ... لو ترى فوق خدو شامة قد رشق قلبي صصامة ... بها نقير قد رماني حكم المقدور ... في هوى ذي الظبي اليعفور قد تركني هايم مهجور ... وما أعذر ردني حبه نتقلا ... يحمر هجرو والذلا قاتل الله نور الفلا ... بها تهجر الجزء: 7 ¦ الصفحة: 330 قلت لو محبوب زرني ... قال لي أيا زول عني الوصال بيش تطلب مني ... وتتأمر أعديم تطلب بالأشعار ... الوصال يا مل ه م حتار لك قطاع أو عندك دينار ... مليح أصفر قلت لو بنى تنهزا ... والنبي ليس عندي رزا غير عنقي نعطيك وزا ... ونتمسخر هز خصرو وأبرز ردفو ... وانبرم وعطاني كتفو وجعلني نجر خلفو ... ونتعتر قلت لو محبوبي أتوقف ... الذهب نعطيك والقرقف بنوال الملك الأشرف ... عليك ننصر ولد سيف الدين العادل ... الهمام الليث الباسل الفقير يعطي والسائل ... وما يضجر 1466 - زين الدين السبكي ... - 734هـ؟ ... - 1333م عبد الكافي بن علي بن تمام بن يوسف، القاضي زين الدين بن القاضي ضياء الدين الأنصاري الخزرجي السبكي الشافعي. الجزء: 7 ¦ الصفحة: 331 مولده بسبك، وتفقه بها، وقدم القاهرة، وناب في الحكم، وحسنت سيرته، وكان خبيراً بالأحكام وسمع الكثير، وروى، وكان له نظم ونثر، مات بالمحل ة م ن قرى الغربية من أعمال القاهرة في سنة أربع وثلاثين وسبعمائة، رحمه الله تعالى. ؟ 1467 - ابن الغنام ... - 823هـ؟ ... - 1420م عبد الكريم بن أبي شاكر بن عبد الله بن غنام، الصاحب الوزير كريم الدين القبطي المصري، المعروف بابن الغنام، وزير الديار المصرية. ولي الوزر أولى وثانية، وبنى مدرسة بالقرب من جامع الأزهر وبه تعرف، ثم عزل وتعطل مدة، وعمر دهراً طويلاً إلى أن توفي بالقاهرة في رابع عشرين شوال سنة ثلاث وعشرين وثمانمائة، وقد أناف على المائة سنة وحواسه سليمة. الجزء: 7 ¦ الصفحة: 332 1468 - ابن عبد العزيز ناظر الجيش 736 - 807 هـ؟ 1335 - 1404م عبد الكريم بن أحمد بن عبد العزيز بن عبد الكريم بن أبي طالب بن علي بن سيدهم، القاضي كريم الدين ناظر الجيوش، المعروف بابن عبد العزيز، النستراوي الأصل المصري. ولد سنة ست وثلاثين وسبعمائة بنستراوة من المزاحميتين من أعمال القاهرة. وقدم القاهرة على عمه بدر الدين حسن بن عبد العزيز بن عبد الكريم - وهو يباشر بديوان الجيش - فنشأ تحت كنفه، وورثه لما مات في سنة أربع وسبعين، وخدم في ديوان الجيش إلى أن ولي صحابة الديوان، ثم ولي نظر الجيش، عوضاً عن جمال الدين محمود العجمي خامس عشر صفر سنة اثنتين وتسعة وسبعمائة، فباشر الجيش مدة وعزل، واستمر بطالاً إلى أن مات في آخر شهر ربيع الأول سنة سبع وثمانمائة. وكان سمع من جمال الدين بن نباتة، وعمه بدر الدين، وابن النوري بالإسكندرية، وسمع عليه صهره شيخنا حافظ العصر شهاب الدين بن حجر قليلاً. الجزء: 7 ¦ الصفحة: 333 قال المقريزي: وكان رئيساً محباً في أهل الخير، وكان جارنا مدة، ثم صارت بيننا وبينه صهاره رحمه الله فما كان أكثر رياضة أخلاقه، وملاحة وجهه، وعذوبة كلامه، انتهى. ؟ 1469 - ابن كاتب جكم ... - 833هـ؟ ... - 1429م عبد الكريم بن بكرة، القاضي كريم الدين بن سعد الدين، ناظر الخواص القبطي المصري، المعروف بابن كاتب جكم. مولده بالقاهرة، وبها نشأ، وعرف قلم الديونة، وتنقل في عدة خدم، وباشر في دواوين الأمراء، واتصل بخدمة الملك الأشرف برسباي، - لما كان دوادارا - فلما تسلطن أخلع عليه باستقراره في نظر الدولة، فباشر وظيفة النظر مدة، وأخلع عليه باستقراره في نظر الخاص، عوضاً عن الصاحب بدر الدين حسن بن نصر الله الفوي بحكم انتقال بدر الدين إلى الأستادارية عوضاً عن ولده صلاح الدين محمد بحكم عزله وذلك في يوم الاثنين ثاني عشر الجزء: 7 ¦ الصفحة: 334 جمادى الأولى سنة ثمان وعشرين وثمانمائة، واستقر في نظر الدول ة م ن بعده القاضي أيمن الدين إبراهيم بن عبد الغني بن الهيصم، فباشر كريم الدين المذكور الخاص مدة سنين، ونالته السعادة، وعظم أو ثرى، ومشى حال الخاص في أيامه حتى قيل إنه منذ ولي الخاص إلى أن توفي لم يبطل الواصل عنه يوماً واحداً مبالغة. وكان مشكور السيرة، متواضعاً، كريماً، وعنده معرفة وعقل، وصارت له منزلة عند الملك الأشرف إلى أن توفي بالقاهرة في ليلة الجمعة سادس عشرين شهر ربيع الأول سنة ثلاث وثلاثين وثمانمائة، بغير طاعون، بل بمرض تمادى به أشهراً، وتولى الخاص من بعده ابنه سعد الدين إبراهيم المقدم ذكره في محله، ويأتي ذكر ولده الصاحب جمال الدين يوسف ناظر الخواص في موضعه إن شاء الله تعالى. ؟ 1470 - كريم الدين الآملي ... - 710هـ؟ ... - 1310م عبد الكريم بن حسن، الشيخ كريم الدين الآملي، ينتمي إلى سعد الدين حمويه. الجزء: 7 ¦ الصفحة: 335 كان شيخ خانقاة سعيد السعداء بالقاهرة، وكان من كبار القوم، وكان له صورة كبيرة عند الأعيان. وكان الشيخ تقي الدين أحمد بن تيمية كثير الحظ عليه. قال الحافظ أبو عبد الله الذهبي: أثبت الصوفية فسقه من ستة عشر وجهاً، ومات في شوال سنة عشرة وسبعمائة، وولي مكانه بدر الدين بن جماعة. انتهى. 1471 - الحافظ قطب الدين الحنفي 664 - 735 هـ؟ 1265 - 1334م عبد الكريم بن عبد النور بن منير، الشيخ الإمام الحافظ المتقن مفيد الديار المصرية قطب الدين أبو علي الجلقي ثم المصري الحنفي. مولده سنة أربع وستين وستمائة، وحفظ القرآن الكريم وتلاه بالسبع على أبي طاهر إسماعيل المليجي، صاحب أبي الجود، وتلا على خاله الزاهد الشيخ نصر المنجي، وبخاله المذكور كانت شهرته، وانتفع بصحبته، وسمع عن العز الحراني، وغازي، وابن خطيب المزة، والقاضي شمس الدين ابن العماد الجزء: 7 ¦ الصفحة: 336 وطبقتهم، وشرح شطر صحيح البخاري، وتاريخ مصر في عد ة م جلدات بيض أوائله وغير ذلك، وهذا مع الحفظ والذكاء، والبصر بالرجال، والمشاركة في الفقه وغير ذلك، وحج مرات، وروى الكثير لكنه قليل في سعد ما سمع، وعلق عن الحافظ الذهبي في تاريخه، وما عنده عنه إلا الإجازة، وكان فيه تواضع وحسن سيرة، ولعل شيوخه تبلغ ألفاً، خرج لنفسه أربعين تساعيات، أخذ عنه المحدثون النقي بن رافع، وابن أيبك الدمياطي، وعمر بن العجمي، والحافظ علاء الدين مغلطاي، وابن السروجي، وعدة كثيرة، وتوفي بالقاهرة سنة خمس وثلاثين وسبعمائة، رحمه الله تعالى. ؟ 1472 - ابن مكانس ... - 803هـ؟ ... - 1400م عبد الكريم بن بعد الرزاق، الصاحب كريم الدين أبو الفضائل القبطي المصري، المعروف بابن مكانس، وزير الديار المصرية، وناظر خاصها. الجزء: 7 ¦ الصفحة: 337 مولده بمصر، وتنقل في الخدم الديوانية إلى أن اتصل بخدمة الأمير يلبغا الناصري في الدولة الأشرفية شعبان، بن حسين واستمر عنده حتى قتل الملك الأشرف شعبان وصار تدبير المملكة للأمير بن بركة وبرقوق، قام بنو مكانس كريم الدين هذا وأخوه فخر الدين عبد الرحمن وزين الدين نصر الله بمرافعة الوزير شمس الدين عبد الله المقسي فقبض برقوق عليه، وتولى كريم الدين المذكور الحوطة على حواصله، وتولى عوضه ناظر الخواص في يوم الاثنين ثامن عشر جمادى الأولى سنة ثمانين وسبعمائة مضافاً لما بيده من الوزارة، فباشر كريم الدين هذا مدة، وغضب عليه برقوق في تاسع شعبان منها وأمر به وبفخر الدين عبد الرحمن فألقيا في الأرض وضربا، فقال شهاب الدين أحمد بن العطار في المعنى: تاسع شعبان تولى بني ... مكانس برقوق بالضرب فصاح فخر الدين من قلبه ... بالأرض والصاحب بالجنب وسبب قبض برقوق عليه أنه لما ولي الوزر والخاص أخذ في تجديد مظالم كان أبطلها الأتابكي يلبغا العمري الخاصكي - يعني أستاذ برقوق - الجزء: 7 ¦ الصفحة: 338 من ذلك أنه ألزم جمالة الحجاز بإحضار أوراق الجمال التي معهم ليعرف المكس من ذلك، وكان يلبغا قد أبطل المكس من مكة والمدينة، فكثرة القالة فيه فأمسك بهذا المقتضى، وتولى تاج الدين الملكي الوزارة، وأعيد شمس الدين عبد الله المفسي إلى نظر الخاص، وتسلم الحاج سيف الدين المقدم بني مكانس، ثم أفرج عنهم في يوم الخميس سادس عشرين ذي الحجة سنة ثمانين. واستمر كريم الدين هذا بطالاً إلى يوم الأربعاء سابع عشرين ذي القعدة سنة إحدى وثمانين وسبعمائة طلب الأمير بركة الوزراء البطالين وهم: كريم الدين ابن الرويهب، وكريم الدين بن الغنام، وكريم الدين بن مكانس هذا، فعري ابن الرويهب من ثيابه ليضرب ثم ألبسها من غير ضرب ومر بنفيه إلى طرسوس، وضرب كريم الدين صاحب الترجمة بالمقارع نحو العشرين شيباً، وكتب ابن الغنام خطبه بأن كل ما يملكه يكون للسلطان، فتعصب له الأمير أيتمش حتى أخرج إلى القدس من غير أن يؤخذ منه شيء، وقام يلبغا الناصري مع ابن مكانس هذا وأطلقه، ولزم داره إلى أن قتل بركة سعى في نظر الخاص فأجيب وولي في نصف جمادى الآخرة سنة ثلاث وثمانين وسبعمائة، وقبض على شمس الدين عبد الله المقسي، ثم أخذ الوزر أيضاً ثانياً، فلما استقر في وظيفتي الوزر والخاص فتك أيضاً في الناس، وساءت سيرته، وأخذ أموال تجار الكارم، وظلم وأفحش، فعزل من الخاص بسعد الدين ابن البقري في يوم الخميس ثالث شهر رمضان من السنة، وأبقيت معه الوزارة، وجعل الجزء: 7 ¦ الصفحة: 339 الأمير جاركس الخليلي، - مشير الدولة - لا يتصرف الوزر إلا بأمره، فدام الأمر على ذلك إلى يوم الأربعاء سادس عشرين ذي القعدة قبض على بني مكانس الثلاثة، ولبس علم الدين سن إبره الوزارة، واستمر ابن مكانس في الترسيم إلى أن هرب من ميضأة جامع الصالح - خارج باب زويلة - واختفى مدة، ثم ظهر ودام معزولاً إلى أن صار يلبغا الناصري مدبر المملكة بالديار المصرية - بعد خلع برقوق وحبسه بالكرك - في سنة إحدى وتسعين وسبعمائة فصار ابن مكانس هذا عند يلبغا كمشير المملكة، وجرى على عادته في التهور وسرعة الحركة إلى أن زالت دولة الناصري، وتخومل إلى أن مات بعد خطوب قاساها في يوم الثلاثاء رابع عشرين جمادى الآخرة سنة ثلاث وثمانمائة. وكان من أعاجيب الزمان من خفة العقل والطيش وسرعة الحركة وكثرة التقلب، يقال إنه لما أعيد إلى الوزارة قال لبعض من مع ه م ن حواشيه وهو نازل في موكبه بالخلعة إلى داره والناس بين يديه: يا فلان ما هذه الركبة غالية بعلقة مقارع. 1473 - ابن كتب المناخ ... - 852هـ؟ ... - 1448م عبد الكريم بن عبد الرزاق بن عبد الله بن عبد الوهاب، الصاحب كريم الدين الجزء: 7 ¦ الصفحة: 340 ابن الصاحب تاج الدين بن شمي الدين بن علم الدين، الشهير بابن كاتب المناخ، القبطي الأصل المصري. ولد بالقاهرة، وأمه أم ولد رومية، ونشأ بها تحت كنف والده، وعرف قلم الديونة بحسب الحال، وخدم في عدة جهات، وباشر عند جماعة من أعيان الأمراء، ثم ولي نظر الديوان المفرد، ثم ولي الوزر بعد عزل الأمير أرغون شاه النوروزي الأعور - في حياة والده - وبعد استعفاء والده من الوزر بأشهر، فإن والده كان عزل عن الوزر بأرغون شاه في يوم الاثنين ثامن ذي الحجة سنة خمس وعشرين وثمانمائة، وكان لبس الصاحب كريم الدين هذا للوزر في ثامن عشرين شوال سنة ست وعشرين وثمانمائة. أخبرني الصاحب كريم الدين قال: لما وليت الوزر دخلت إلى والدي أسلم عليه، فقال لي: يا عبد الكريم أنا وليت الوزر ومعي خمسين ألف دينار، وأنت تعلم كيف خرجت منها فقيراً لا أملك شيئاً، فأنت من أين تسد؟ فقلت: يا سيدي من أضلاع المسلمين، على سبيل المداعبة، فصاح من كلامي واستغاث، انتهى. قلت: ولما ولي الصاحب كريم الدين الوزر نالته السعادة في مباشرته، وقام بالكلف السلطانية أتم قيام، فطالت أيامه، ثم أضيف إليه نظر ديوان المفرد مدة، ثم عزل عن النظر وانفرد بالوزر إلى بعد سنة ثلاث وثلاثي الجزء: 7 ¦ الصفحة: 341 ن وثمانمائة أضيف إليه الأستادارية على كره منه بعد أقبغا الجمالي، فباشرهما معاً مدة، ثم استعفى من الأستادراية فأعفى واستقل بالوزر مدة كما كان أولاً إلى أن أخلع عليه الملك الأشرف برسباي باستقراره في كتابة السر بالديار المصرية مضافاً على الوزر، بعد موت القاضي شهاب الدين أحمد بن السفاح في أوائل سنة ست وثلاثين وثمانمائة تخميناً، فباشرهما أشهراً، وعزل عن كتابة السر بالقاضي كما الدين محمد بن البارزي، وأبقى معه الوزر، ودام على ذلك مدة، وقبض عليه وصودر وعوقب بالمقارع، وعزل بالصاحب أمين الدين إبراهيم بن عبد الغني بن الهيصم ناظر الدولة، ثم أفرج عنه بعد أن حمل إلى الخزانة الشريفة نحو، العشرين ألف دينار. واستمر بطالاً مدة إلى أن أخلع عليه باستقراره ملك الأمراء بالوجه القبلي، فتوجه إلى الصعيد، وباشر الشف، وهو على ري المباشرين إلى أن طلب إلى القاهرة وأخلع عليه بنظر بندر جدة، وجعل مشد جدة معه الأمير يلخجا الساقي - أحمد أمراء العشرات ورأس نوبة - فتوجه المذكور إلى جدة، وعاد إلى القاهرة بعد موسم سنة ثمان وأربعين وثمانمائة، وقد تولى الوزر من بعده جماعة كثيرة: الصاحب أمين الدين إبراهيم بن الهيصم، ثم الصاحب جمال الدين يوسف بن كاتب جكم، ثم التاج الخطير، ثم الأمير غرس الدين خليل بن الجزء: 7 ¦ الصفحة: 342 شاهين - نائب الإسكندرية - ثم عبد الباسط بغير خلعة، فلما وصل الوزر إلى عبد الباسط وعجز عن القيام بكلف الدولة أخذ في السعي لعود الصاحب كريم الدين هذا إلى وظيفة الوزر، ولا زال به حتى أذعن ولبس، واستقر الصاحب أمين الدين بن الهيصم ناظر الدولة معه على عادته أولاً، واستمر من حينئذ وذلك سنة تسع وثلاثين إلى أن استعفى من الوزر في الدولة الظاهرية جقمق، فأعفي في يوم الاثنين ثامن جمادى الآخرة سنة إحدى وخمسين وثمانمائة، بحكم تعلله ولزومه للفراش أشهراً، وولي الوزر الصاحب أمين الدين إبراهيم بن الهيصم ثانياً. واستمر الصاحب كريم الدين المذكور مريضاً وعوفي وانتكس غير مرة إلى أن مات في يوم الأحد حادي عشرين شهر ربيع الآخر سنة اثنتين وخمسين وثمانمائة، وكثر أسف الناس عليه، ودفن بالصحراء بتربته التي جددها بجوار تربة الأمير بجاس. الجزء: 7 ¦ الصفحة: 343 وكان لا بأس به في أيام عمله لقلة ظلمه بالنسبة إلى غير ه م ن الظلمة، وكان صحيح الإسلام لكون أن أمه كانت أم ولد كما تقدم. وكذلك جدته لأبيه كانت أيضاً أم ولد رومية، وكان يتجنب النسوة النصارى، وكان جميع زوجاته من المسلمات، فلهذا المقتضى كان لا يفعل ما تفعله الأقباط من طريقتهم السيئة كالغناشية ومواسم النصارى وغير ذلك، وكان طوالاً، رقيقاً، عاقلاً، ساكناً، صاحب رأي وتدبير، ومعرفة تامة بتنفيذ أمور الدولة وما يتعلق بها، وكان عنده سياسة وفطنة ونهضة مع معرفة بأخذ خواطر الناس وقضاء حوائجهم رحمه الله تعالى وعفا عنه. 1474 - كريم الدين الموصلي 632 - ... هـ؟ 1334 - ... م عبد الكريم بن محمود مودود بن بلدجي، الشيخ الإمام كريم الدين أبو الفضل الموصلي البغدادي الحنفي. تقدم ذكر أخويه عبد الله وعبد الدائم، وباقي ذكر والده محمود إن شاء الله تعالى. الجزء: 7 ¦ الصفحة: 344 مولده في سنة ثنتين وثلاثين وستمائة بالموصل، وتفقه على أبيه وغيره، وبرع في المذهب، ودرس بمشهد لإمام أبي حنيفة رضي الله عنه، وكان من الفقهاء العلماء المفسرين. ؟ 1475 - كريم الدين الكبير ... - 724هـ؟ ... - 1323م عبد الكريم بن هبة الله بن السديد، الرئيس الجليل كريم الدين أبو الفضائل القبطي المصرين المعروف بكريم الدين الكبير، ناظر الخواص. كان وكيل الملك الناصر محمد بن قلاوون وناظر خواصه ومدبر مملكته، بلغ فوق ما يبلغه الوزراء، ونال فوق ما يناله غير ه م ن أعيان الدولة. قال الصفدي: أسلم كهلاً أيام بيبرس الجاشنكير، وكان كاتبه، وكان لا يصرف على السلطان شيئاً يطلبه إلا يقلم القاضي كريم الدين هذا، وكان الناصر إذ ذاك تحت حجر الجاشنكير، يقال: إنه طلب مرة وزة، الجزء: 7 ¦ الصفحة: 345 ولم يكن كريم الدين حاضراً، فلم تصرف له ولما انقضت دولة الجاشنكير على ما ذكرناه، ورد السلطان من الكرك طلبة كثيراً، واختفى كريم الدين المذكور مدة ثم طلع مع الأمير طغاي الكبير، فأرقفه طغاي ثم دخل إلى السلطان وهو يضحك وقال له: إن حضر كريم الدين إيش تعطيني؟ ففرح وقال: أعندك هو؟ أ؛ ضره، فخرج وأحضره، وقال له: مهما قل لك السلطان قل له السمع والطاعة، ودعني أرجو أمرك، فلما تمثل بين يدي السلطان قال له - بعد أن استشاط غضباً - أخرج وأحمل ألف ألف دينار، فقال: نعم، وأراد الخروج، فقال له السلطان: لا كثير أجمل خمسمائة ألف دينار، فقال له كما قال أولاً، ولا زال السلطان ينقص من نفسه إلى أن ألزمه بمائة ألف دينار، فلما خرج على أن يحمل مائة ألف دينار قال له طغاي المذكور: لا تصقع ذقنك وتحضر الجميع لآن، ولكن هات منها عشرة آلاف دينار وأدخل بها على السلطان، وصار يأتيه بالنقدة من ثلاث آلاف دينار إلى ما دونها، ولما بقي بعضها أخذ طغاي والقاضي فخر الدين ناظر الجيش في إصلاح أمره، ولا زال حتى أنعم عليه السلطان بما بقي عليه واستخدمه ناظر الخاص، وهو أول من باشر هذه الوظيفة بتجمل، ولم تكن تعرف أولاً. الجزء: 7 ¦ الصفحة: 346 ثم تقدم عند السلطان وأحبه محبة لم يحبها لآخر مثله، وكان يخلع عليه أطلس أبيض، والفوقاني بطرز، والتحتاني بطرز، والقبع زركش، على ما استفاض، والخزائن جميعها عنده في بيته، وإذا أراد السلطان شيئاً أرسل إليه مملوكاً إلى بيته واستدعى منه ما يريده، وكان يخلع على الأمراء الطبلخانات من عنده، وقيل إن السلطان نزل يوماً من الصيد فقال له يا قاض اعرض أنت صيود الأمراء فإن لي ضرورة، ودخل الدهليز، ووقف القاضي كريم الدين على باب الدهليز وبقي الأمراء يحضرون صيودهم على طبقاتهم بين يديه وهو يخلع عليهم. وحج هو والخوند طغاي - زوجة السلطان - واحتفل بأمرها وكان كل سماط من الغداء والعشاء يحضر لها فيه أصناف البقول طرية والجبن المقلي سخناً، وكان قد أخذ معه الأبقار الحلابة، وحمل الخضر في مزارعها بالطين على الجمال. وكان يخدم كل أحد من الأمراء الكبار المشايخ والخاصكية وأرباب الوظائف والجمدارية الصغار وكل أحد حتى الأوجافية، وكان يركب في خدمته سبعون مملوكاً بكنابيش عمل الدار وطروز ذهب، الأمراء تركب في خدمته. وقيل إن السلطان طلبه يوماً إلى الدور فدخل وبقيت خزندارة خوند تروح وتجيء مرات فيما تطلبه خوند طغاي، وطال الأمر، فقال له السلطان: يا قاض الجزء: 7 ¦ الصفحة: 347 إيش حاجته لهذا التطويل؟ بنتك ما تختبي منك، ادخل إليها أبصر ما تريده افعله فقام ودخل إليها، وسير من قال لها: أبوك هنا ابصري له ما يأكل، فأخرجت له طعاماً، وقام السلطان إلى كرمة في الدور قطع منها عنباً وأحضره، وهو ينفخه من الغبار، وقال: يا قاض كل من عنب دورنا، وكان إذا أراد أن يعمل سوءاً ويراه قد أقبل يقول: جاء القاضي، ويدع ما كان يريد يفعله، فيحدثه كريم الدين في إبطال ما كان قد هم به من الشر، ومدة حياته لم ير من السلطان إلا خيراً. وأما مكارمه فتخرج عن الحد، وقيل إنه كان قليل يحاسب صيرفية فيجد في الوصولات وصولات ليست بخطه، ثم بعد حين وقع بالمزور، فقال له ما حملك على هذا؟ فقال: الحاجة، فقال له: كلما احتجت إلى شيء اكتب به خطك على عادتك على هذا الصيرفي، ولكن ارفق فإن علينا كلف كثيرة. قال: وهو الذي صدق أخبار البرامكة. ومن رئاسته أنه كان إذا قال: نعم، كانت نعم، وإذا قال: لا، فهي لا، وهذه تمام الرئاسة، وقدم من الثغر نوبة حريق القاهرة ونسبت إلى النصارى فغوت به الغوغاء ورجموه فغضب السلطان وقطع أيدي أربعة، ثم إنه مرض في ذلك العام الماضي قبل هذه الواقعة، ولما عوفي زينت القاهرة، وتزاحم الخلق، واختنق رجل، وقيل إنه شرب مرة دواء فجمع كل ما دخل الجزء: 7 ¦ الصفحة: 348 القاهرة ومصر من الورد وحمل إلى داره، وبسط إلى كراسي بيت الماء، وداس الناس ما داسوه، وأخذوا ما فضل أباعه الغلمان للبيمارستان بمبلغ ثلاثة آلاف درهم. وكان وقوراً، عاقلا، داهية، جزل الرأي، بعيد الغور، عمر بالزريبة جامعاً، وعمر في طريق الرملة البيارات، وأصلح الطرق، وعمر جامع القبيبات والقابون ووقف عليهما وقفاً. ثم انحرف عنه السلطان ونكبه، وأقام في بيت الأمير أرغون النائب ثلاثة أيام، وكان الأمير قجليس يروح ويجئ اله في الرسائل عن السطلان، ثم أمر بنزوله إلى القرافة، ثم إنه أخرج إلى الشوبك، ثم إلى القدس، ثم طلب إلى مصر وجهز إلى أسوان، وبعد قليل أصبح مشنوقاً بعمامته. وكان يحترم العلماء، وسمع البخاري، وقيل إنه لما أحس بقتله صلى ركعتين وقال: هاتوا عشنا سعداء ومتنا شهداء. وكان الناس يقولون: ما عمل أحد مع أحد ما عمله السلطان مع كريم الدين، أعطاه الدنيا والآخرة، رحمه الله تعالى. وكانت واقعته سنة أربع وعشرين وسبعمائة، ومناقبه كثيرة إلى الغاية، ومكارمه جزيلة لا تحصى، وهذا نموذج منها. ومن مدح شرف الدين القدسي فيه قوله: الجزء: 7 ¦ الصفحة: 349 إذا ما بار فضلك عند قوم ... قصدت هم ولم تظفر بطائل فخلهم خلاك الذم واقصد ... كريم الدين فهو أبو الفضائل انتهى كلام الشيخ صلاح الدين بن أيبك الصفدي باختصار، رحمه الله تعالى. 1476 - كمال الدين الطبري قاضي مكة ... - 656هـ؟ ... - 1208م عبد الكريم بن يحيى بن عبد الرحمن بن علي بن الحسين بن علي، قاضي مكة، كمال الدين أبو محمد وأبو أحمد قاضي مكة أبي القاسم الشيباني الطبري المكي الشافعي. قال القاضي تقي الدين الفاسي في تاريخه: وجدت خطه على مكتوب ثبت عليه في سادس عشر المحرم سنة اثنتين وثلاثين وستمائة، ولا أدري هل هذه السنة ابتداء ولايته أو قبلها، وأظنه استمر حتى عزل في شوال سنة خمس وأربعين وستمائة، كذا وجدت بخط الشيخ أبي العباس الميورقي في تاريخ عزله، وولي لعزله القاضي عمران الفهري - الآتي ذكره - فدل على أنه كان حاكماً في هذه السنة وكان محققاً حاكماً في سنة خمس وثلاثين، وسبع وثلاثين، وثمان وثلاثين، الجزء: 7 ¦ الصفحة: 350 وسنة أربعين وسنة أربع وأربعين وخمس وأربعين، ومات في شهر ربيع الأول سنة ست وخمسين وستمائة، كذا وجدت وفاته في تعاليق أبي العباس الميورقي، انتهى كلام الفاسي. ورأيت بخط صاحبنا الإمام الفاضل المحدث سراج الدين عمر بن فهد قال: رأيت بخط أبي العباس الميورقي ما صورته: سمعت على ابن عبد الله ابن عم قاضي الحرمين الشريفين عز الدين أبي المعالي يحيى بن عبد الرحمن بن علي بن الحسين بن علي بن علي الطبري الشيباني يقول: كان أولاد القاضي أبي المعالي يحيى ثلاثة: القاضي كمال الدين عبد الكريم، والقاضي جمال الدين عبد الله، والقاضي عمر ونائب الحكم عن القاضي عمران بن ثابت القرشي قاضي الحرمين منذ نحو أربع وعشرين سنة، عام سبعين وستمائة. وتوفي القاضي عبد الكريم وخلف ستة أولاد: محمود، ومحمد، وعلي، وإدريس، وحسن، وأبو المنصور، رحمه الله تعالى. ؟ 1477 - الوزير ابن الرويهب ... - 748هـ؟ ... - 1382م عبد الكريم بن الرويهب، الصاحب الوزير كريم الدين القبطي المصري، الجزء: 7 ¦ الصفحة: 351 وزير الديار المصرية. وزر ثلاث مرات، ولم يرزق السعادة في وزارته، وحصل له محن، ونكب غير مرة، ثم عزل ولزم داره إلى أن توجه إلى بلاد الصعيد بسبب رزق له فمرض بها، وانحدر في مركب عائداً إلى القاهرة فمات بها في سابع عشرين شهر رمضان سنة أربع وثمانين وسبعمائة. وكان خاملاً في ولايته، غير مشكور السيرة في مباشرته. ؟ 1487 - معين الدين بن العجمي 812 - 863 هـ؟ 1409 - 1458م عبد اللطيف بن أبي بكر بن سليمان، القاضي معين الدين بن القاضي شرف الدين الحلبي الأصل، المصري المولد والمنشأ، الشافعي، نائب كاتب السر بالديار المصرية، وكانت سر حلب، وابن كاتب سرها، المعروف بابن العجمي، وبابن شرف الدين الأشقر، يأتي ذكر والده في الكنى إن شاء الله تعالى. الجزء: 7 ¦ الصفحة: 352 مولده بالقاهرة في سنة اثنتي عشرة وثمانمائة تخميناً، ونشأ بها تحت كنف والده، وحفظ القرآن العزيز، وصلى بالناس في سنة أربع وعشرين، وحفظ عدة مختصرات، وتفقه على الشيخ شرف الدين السبكي، وقرأ المعقول على شيخنا العلامة تقي الدين الشمني، وعلى الشيخ شمس الدين الورمي، وكتب الخط المنسوب، وشارك في الفقه والعربية، وتدرب بوالده وغيره، وكتب في التوقيع بديوان الإنشاء بالديار المصرية، وخدم عند الأمير تمراز القرمشي رأس نوبة النواب، ثم ولي كتابة سر حلب بعد عزل والده في أواخر الدولة الأشرفية برسباي، فباشر كتابة سر حلب على أحسن وجه، وحظي عند نائبها الأمير تغري برمش بن أحمد، واستمر إلى أن توفي الملك الأشرف وخرج تغري برمش المذكور عن طاعة الملك الظاهر جقمق فعرف المذكور كيف سار في تلك الأيام المفتنة حتى طلب إلى الديار المصرية وعزل عن كتابة سر حلب، وعاد إلى توقيع الدست بالقاهرة، واستمر على ذلك إلى أن توفي والده القاضي شرف الدين الأشقر في شهر رمضان سنة أربع وأربعين وثمانمائة وأخلع عليه واستقر عوضه في نيابة كتابة السر بالديار المصرية. الجزء: 7 ¦ الصفحة: 353 ؟ 1479 - سراج الدين الفيومي ... - 801هـ؟ ... - 1399م عبد اللطيف بن أحمد، الشيخ سراج الدين المصري الفيومي الشافعي، نزيل حلب. تفقه بالقاهرة على شيخ الإسلام سراج الدين عمر البلقيني وغيره، ثم رحل إلى حلب فولي بها قضاء العسكر، ثم عزل عنها، وكان فقيهاً، مشاركاً، بارعاً في الفرائض، وله نظم ونثر، وخمس البردة. ومن شعره في مدح النحو وذم المنطق: دع منطقاً فيه الفلاسفة الأولى ... ضلت عقولهم ببحر مغرق واجنح إلى نحو البلاغة واعتبر ... إن البلاء موكل بالمنطق وله فيها يحيض من الحيوان الناطق والصامت: المرأة والخفاش ثم الأرنب ... والضبع الرابع ثم الراب وفي كتاب الحيوان يذكر ... للجاحظ انقل عن ه م ا لا ينكر الجزء: 7 ¦ الصفحة: 354 قتل المذكور في سنة إحدى وثمانمائة خارج دمشق، وهو قاصد الديار المصرية، رحمه الله. 1480 - القاضي تقي الدين .... - 803هـ؟؟ ... - 1400م عبد اللطيف بن أحمد بن عمر ، القاضي تقي الدين أبو محمد، الشيخ شمس الدين أبي العباس ابن الإمام المفتي تقي الدين أبي جعفر الأنصاري الإسنائي الشافعي، ابن أخت الشيخ جمال الدين عبد الرحيم الإسنوي. كان فقيهاً مشاركاً، ناب في الحكم بالقاهرة ومصر وأعمال الإطفيحية إلى أن مات في القاهرة في يوم السبت ثالث شهر رجب سنة ثلاث وثمانمائة، رحمه الله تعالى. ؟ 1481 - شمس الدين العجمي ... - 731هـ؟ ... - 1330م عبد اللطيف بن خليفة، القاضي شمس الدين العجمي، أخو وزير غازان نجيب الدولة. الجزء: 7 ¦ الصفحة: 355 قدم إلى القاهرة واستوطنها، وكان فاضلاً بارعاً في المنطق والمعاني والبيان، وكان معدوداً من أعيان الحنفية، وكان بينه وبين الشيخ علاء الدين القونوي شيخ سعيد السعداء صحبة أكيدة، وكان يسكن بداره على بركة الفيل خارج القاهرة فلما كان يوم الاثنين سلخ المحرم سنة إحدى وثلاثين وسبعمائة وجدوه غريقاً ببكرة الفيل تحت داره، رحمه الله تعالى. ؟ 1482 - نجيب الدين أبو الفرج 587 - 672 هـ؟ 1191 - 1273م عبد اللطيف بن عبد المنعم بن علي بن نصر بن منصور بن هبة، الشيخ الجليل مسند الديار المصرية نجيب الدين أبو الفرج بن الإمام الواعظ أبو محمد ابن الصيقل النميري الحراني الحنبلي التاجر السفار. ولد سنة سبع وثمانين وخمسمائة بحران، اسمعه أبوه ببغداد من: عبد المنعم بن كليب، وأبي الطاهر المبارك بن العطوس، وأبي الفرج ابن الجوزي، وأبي القاسم بن السبط، وأبي الفرج بن ملاح الشط، وابن سكينة، وعبد الله بن مسلم بن جوالق، وعبد الملك بن مراهب الوراق، وطائفة سواهم، وأجاز له الجزء: 7 ¦ الصفحة: 356 من أصبهان: أبو جعفر الطرسوسي، ومسعودالجمال، وخليل الرازاني، وأبو المكارم اللبان، وروى الكثير ببغداد، ودمشق ومصر، وانتهى إليه علو الإسناد، ورحل إليه من البلاد، وازدحم عليه الطلبة والثقات، وألحق الأحفاد بالأجداد، وكان يجهز البز ويتكسب بالمتاجر، وله وجاهة وحرمة وافرة عند الدولة، ثم انقطع لرواية الحديث، وولي مشيخة دار الحديث الكاملية بالقاهرة إلى أن مات سنة اثنتين وسبعين وستمائة. وخرج له الشريف عز الدين مشيخة في خمسة أجزاء، وخرج له ثمانيات في أربعة أجزاء، وخرج له ابن الظاهري الموافقات في ثلثاه عشر جزءاً، والإبدال والعوالي في أربعة أجزاء، والمصافحات في جزءين، وغير ذلك وكان سينا صحيح السماع، وجرت عليه محنة من الدولة ولطف الله به، وروى عنه: الدمياطي، وابن الظاهري، وقاضي القضاة نجم الدين، وابن جماعة وقاضي القضاة سعد الدين والد الشيخ كمال الدين بن الشريشي، والشيخ نصر المنيجي، والعفيف أبو بكر الصوفي، ومحمد بن الشرف الميدومي، والصفي محمد، والأرموي، وخلق كثير بمصر والشام وغيرهما، رحمه الله تعالى. الجزء: 7 ¦ الصفحة: 357 ؟ 1483 - مجد الدين بن تيمية ... - 699هـ؟ ... - 1299م عبد اللطيف بن عبد العزيز، الشيخ مجد الدين بن تيمية الحراني الحنبلي العدل. روى عن جده، وعن عيسى بن سلامة، وابن عبد الدائم، وخطب بحران، وكان خيراً عدلاً، توفي سنة تسع وتسعين وستمائة، رحمه الله تعالى. ؟ 1481 - محيي الدين السلمي 628 - 695 هـ؟ 1230 - 1295م عبد اللطيف بن عبد العزيز بن عبد السلام، الفقيه محيي الدين بن الشيخ عز الدين بن عبد السلام السلمي الدمشقي الشافعي. ولد سنة ثمان وعشرين وستمائة، وكان أفضل إخوته، توفي سنة خمس وتسعين وستمائة رحمه الله تعالى. ؟ 1485 - بلبان الكردي ... - 736هـ؟ ... - 1335م عبد اللطيف، الشيخ سيف الدين، شيخ زاوية السعودي بالقاهرة، كان يعرف ببلبان الكردي. الجزء: 7 ¦ الصفحة: 358 سمع من: المعين أحمد بن علي بن يوسف الدمشقي، وأبي إسحاق إبراهيم ابن عمر بن مضر وغيرهما، وخرجت له مشيخة لطيفة، وكتب خطاً حسناً متوسطاً، ومات بعد الثلاثين وسبعمائة، رحمه الله تعالى. ؟ 1486 - الشريف قاضي مكة الحنبلي 779 - 853 هـ؟ 1377 - 1449م عبد اللطيف بن محمد أبي الفتح بن أبي المكارم احمد بن أبي عبد الله محمد بن محمد بن عبد الرحمن، السيد الشريف الحسني، قاضي القضاة سراج الدين، الفاسي الأصل، المكي الحنبلي. ولد بمكة في شعبان سنة تسع وسبعين وسبعمائة، ونشأ بها، وتفقه على مذهب الإمام أحمد بن حنبل، وولي قاضي القضاة الحنابلة بمكة، وإمام مقام الحنابلة بالمسجد الحرام، وهو أول قاضي حنبلي ولي بمكة المشرفة، هكذا حدثني من لفظه، قلت: وطالت مدة ولايته بمكة، فإنه ولي القضاء بمكة في حدود سنة ثمان وثمانمائة أو بعدها بيسير إلى أن توفي بمكة في سنة ثلاث وخمسين وثمانمائة. وكان رحمه الله سيداً نبيلاً، كريماً جواداً، مفرط الكرم، متواضعاً، ذا شيبة نيرة ووقار، محبباً للناس، رحل إلى بلد المشرق على القان معين الدين شاه الجزء: 7 ¦ الصفحة: 359 رخ بن تيمور غير مرة، وعلى ابنه ألوغ بك صاحب سمرقند، وكان يعظمانه ويهبان له الألوف من الذهب، وقيل إنه في بعض سفراته رجع إلى مكة بنحو العشرين ألف دينار فلم تأت عليها السنة حتى ذهبت منه وفرقها في المآكل والمشارب، مع عفة عن المنكرات وعن ما يرمي به قضاة السوء من الرشوة وغير ذلك، بل كان لفرط كرمه يهب لمن يأتي إليه في حاجة أو في محاكمة. ولما جاورت بمكة المشرفة في عام اثنتين وخمسين وثمانمائة صحبني المذكور، وبقي بيننا صحبة أكيدة ومحبة زائدة، وغالب ما تحققت ه م ن أحوال ملوك الشرق إنما هو مما حكاه لي عنهم، رحمه الله تعالى. وكان شيخاً طوالاً، ضخماً، ساكناً، خيراً، ديناً، إلا أنه كان قليل البضاعة. رحمه الله وعفا عنه. 1487 - مقدم المماليك ... - 861هـ؟ ... - 1456م عبد اللطيف بن عبد الله المنجكي العثماني، الأمير زين الدين الطواشي الرومي ، مقدم المماليك السلطانية في الدولة الظاهرية جقمق. الجزء: 7 ¦ الصفحة: 360 أصله من خدام الست فاطمة بنت الأمير منجك، ابتاعته وأعتقته، ثم خدم بعد موتها عند الأمير الكبير الطنبغا العثماني، فعرف بالعثماني، ثم انتقل إلى خدمة الأمير جقمق الأرغون شاوي الدوادار نائب الشام إلى أن قتله الملك الظاهر ططر، واستخدم عبد اللطيف هذا وجعله من جملة جمداوية السلطان الخاص، فاستمر المذكور على ذلك سنين وهو ملازم لخدم الفقراء القادرية إلى أن وقع بين الفقراء القادرية والرفاعية كلام في أواخر الدولة الأشرفية برسباي، فشكاه الشيخ حسن نديم الأشرف إليه، فطلبه الملك الأشرف وقال له: أنت جمدار السلطان أم نقيب الفقراء؟ وضربه بالعصى. أخرجه من الجمدارية، ومات الملك الأشرف بعد مدة وآل الأمر إلى الملك الظاهر جقمق فولاه مقدم المماليك السلطانية، بعد القبض على الأمير خشقدم اليشبكي مقدم المماليك وحبسه بثغر الإسكندرية، فاستمر عبد اللطيف في تقدمة المماليك سنين، وحج أمير الركب الأول أولى وثانية، ثم عزل بالطواشي جوهر النوروزي الحبشي الجزء: 7 ¦ الصفحة: 361 نائب مقدم المماليك، في سنة اثنتين وخمسين وثمانمائة، واستمر بطالاً بالقاهرة، ويتردد إلى ثغر دمياط لعمارته هناك ثم يعود إلى القاهرة إلى أن. ؟ 1488 - ابن الصابوني 657 - 736 هـ؟ 1259 - 1335م عبد المحسن بن أحمد بن محمد بن علي، الشيخ المسند أمين الدين أبو الفضل ابن شهاب الدين بن الحافظ جمال الدين أبي حامد، المعروف بابن الصابوني. ولد سنة سبع وخمسين وستمائة، وتوفي ليلة السبت سادس جمادى الأولى سنة ست وثلاثين وسبعمائة، وصلى عليه من الغد، ودفن بالقرافة، رحمه الله تعالى. ؟ 1489 - الملك السعيد فتح الدين .... - 683هـ؟ ... - 1284م عبد الملك بن إسماعيل ، الملك السعيد فتح الدين ابن الملك الصالح ابن الملك العادل. الجزء: 7 ¦ الصفحة: 362 كان صاحب الترجمة من خيار الأمراء، محترماً، جليلاً، رئيساً، فاضلاً، سمع الحديث على المشايخ، وروى موطأ يحيى بن بكير عن مكرم بن أبي الصقر، وسمع ابن اللتي وغيره، ومات في ليلة الاثنين ثالث شهر رمضان سنة ثلاث وثمانين وستمائة، ودفن من الغد بتربة أم الصالح. ؟ 1490 - الملك القاهر 622 - 676 هـ؟ 1225 - 1277م عبد الملك بن عيسى بن أبي بكر بن أيوب ، الملك القاهر بهاء الدين ابن الملك المعظم بن الملك العادل. ولد سنة اثنتين وعشرين وستمائة، وسمع من ابن اللتي وغيره، وحدث، وكان شجاعاً مقداماً، حسن الأخلاق، سليم الصدر، تعانى زي الأعراب في مركبه ولباسه وخطابه، وكان يتبادى. قال الشيخ قطب الدين اليونيني: حدثني تاج الدين نوح بن شيخ السلامية الجزء: 7 ¦ الصفحة: 363 أن الأمير عز الدين أيدمر العلائي نائب صفد حدثه قال: كان الظاهر مولعاً بالنجوم فأخبر أنه يموت في هذه السنة بالسم ملك، فوجم لذلك، وكان عنده حسد لمن يوصف بالشجاعة، وكان القاهر هـ مع الظاهر بيبرس نوبة الأبلستين وفعل فيها أفاعيل عجيبة، وبين يوم المصاف حتى تعجب الناس منه، فحسده الظاهر، وكان حصل له ندم لتوغله في بلاد الروم، فحدثه القاهر بما فيه نوع إنكار عليه، فأثر عنده، فتخيل في ذهنه أنه إذا سمه كان هو الذي ذكره المنجمون، فأحضره عنده في يوم الخميس ثالث عشر المحرم سنة ست وسبعين وستمائة لشرب القمز، وجعل السقية في ورقة في جيبه، وللسلطان ثلاث هنابات مختصة به، كل هناب مع ساق، فمن أكرمه السلطان ناوله هناباً منها، فاتفق قيام القاهر إلى بيت الماء، فجعل السلطان الورقة في الهناب وأمسكه بيده، وجاء القاهر فناوله الهناب، فقبل الأرض وشربه، وقام السلطان إلى بيت الماء، فأخذ الساقي الهناب من يد القاهر وملأه على العادة وقد بقي فيه بقية جيدة. ووقف حتى أتى السلطان فناوله الهناب فشربه، وهو لا يشعر، فلما شربه أفاق على نفسه وعلم أنه شرب من ذلك الهناب فيه آثار السم، فتخيل الجزء: 7 ¦ الصفحة: 364 وحصل له وعك وتمرض حتى مات بعد أيام قلائل كما ذكرناه في ترجمته وأما القاهر صاحب الترجمة فإن ه م ات من الغد، ودفن في يومه، رحمه الله، فانظر إلى الجزاء كيف يكون من جنس العمل، فسبحان الحي الذي لا يموت انتهى. ؟ 1991 - عبد المنعم البغدادي ... - 807هـ؟؟ ... - 1404م عبد المنعم بن محمد بن داود، وقيل ابن سليمان، الشيخ الإمام الفقيه الحنبلي البغدادي، نزيل القاهرة. قدم من بغداد وأخذ الفقه عن قاضي القضاة موفق الدين، وعن غيره، وبرع في الفقه وغيره، وتصدر للإفتاء والتدريس عدة سنين، وتعين لقضاء الجزء: 7 ¦ الصفحة: 365 الحنابلة، وتولى إفتاء دار العدل، وتدريس مدرسة أم السلطان الأشرف شعبان ابن حسين - بخط التبانة - عوضاً عن الشيخ بدر الدين حسن النابلسي - بعد موته - في أوائل جمادى الآخرة سنة اثنتين وسبعين وسبعمائة، ودام على ملازمة الاشتغال والإشغال إلى أن توفي يوم السبت ثامن عشر شوال سنة سبع وثمانمائة، وقد انتهت إليه رئاسة الحنابلة، رحمه الله تعالى. ؟ 1492 - قطب الدين أبو البركات 603 - 687 هـ؟ 1206 - 1288م عبد المنعم بن يحيى بن إبراهيم بن علي بن جعفر بن عبد الله بن محمد بن سعيد ابن إبراهيم بن سعيد بن إبراهيم بن عبد الرحمن بن عوف القرشي الزهري، الشيخ قطب الدين أبو البركات، خطيب القدس أربعين سنة. كان من الصلحاء الكبار، وكان مجموعاً عن الناس، حسن الهيئة، عزيز النفس، يفتي الناس، ويذكر التفسير من حفظه في المحراب بعد صلاة الصبح، وقد سمع الكثير من الحديث، وكان من الأخيار. مولده سنة ثلاث وستمائة، وتوفي ليلة السابع من شهر رمضان سنة سبع الجزء: 7 ¦ الصفحة: 366 وثمانين وستمائة، وولي خطابة القدس من بعد بدر الدين بن جماعة. انتهى. ؟ 1493 - الحافظ الدمياطي 613 - 705 هـ؟ 1216 - 1305م عبد المؤمن بن خلف بن أبي الحسن بن شرف بن الخضر بن موسى، الشيخ الإمام الحافظ شرف الدين أبو محمد الدمياطي النوبي الشافعي، أحد الأئمة الأعلام والحفاظ الثقات. ولد سنة ثلاث عشرة وستمائة بتونة وهي بليدة في مجيرة تنيس من عمل دمياط، قال الأبيوردي والإربلي: في سنة عشرة وستمائة، واشتغل بدمياط وتفقه به على الأخوين الإمامين: أبي المكارم عبد الله، وأبي عبد الله الحسين ابني الحسين بن منصور بن أبي عبد الله السعدي، وسمع بها منهما، الجزء: 7 ¦ الصفحة: 367 ومن الشيخ أبي عبد الله محمد بن موسى بن النعمان، وهو الذي أرشده إلى طلب الحديث، وكان قد حفظ التنبيه في الفقه، والنحول في أصول الفقه للغزالي. ثم انتقل إلى القاهرة واجتمع بالحافظ أبي محمد عبد العظيم المنذري وجالسه مدة سنين، وأخذ عنه علم الحديث، وكتب عنه جملة كبيرة، وأقبل على هذا الشأن، وكان ول طلبه للحديث سنة ست وثلاثين وستمائة، وتميز في حياة شيخه أبي محمد عبد العظيم المذكور، وكان من نبلاء أصحابه، وكان شيخه يثني عليه، وقرأ القرآن العزيز بالروايات على الشيخ كمال الدين أبي الحسن علي بن شجاع القرشي وسمع منه ومن ابن الجميزي، وابن الصواف، وابن المقير، والشاوي، وعبد العزيز بن عبد المنعم بن البقار، وابن الحباب، وابن عمه أبي إبراهيم بن عبد الرحمن، وعبد الكريم بن عبد الرحمن بن أبي القاسم الراني - آخر من حدث بالديار المصرية عن خطوب الموصلي - والحسين بن محمد الكندي، وغيرهم من أصحاب السلفي والبوصيري وابن ياسين. ثم رحل إلى الإسكندرية فسمع بها من جماعة من أصحاب السلفي منهم: الفارس، وأبو منصور ظافر بن ظاهر، وابن الجيلي، وابن رواح، والسبط، ومنصور بن سدان الدماغ، وعلى بن مختار، ومحمد بن يحيى بن ياقوت، وأبو البركات هبة الله بن محمد بن حسين بن مفرج المقدسي ابن الواعظ، ومظفر بن الجزء: 7 ¦ الصفحة: 368 الفوي، وأبو بكر محمد بن الحسن السفاقسي، ومحمد بن عبد الرحمن بن عبد الملك بن محارب وغيرهم. وحج فسمع بمكة من: الإمام أبي عبد الله المرسي، وأبي الحسن محمد بن الأنجب البقال، والزعفراني، وعبد الرحمن بن فتوح، وأبي النعمان يسير بن حامد بن سليمان الجعفري، وغيرهم. ثم رحل إلى دمشق فسمع بها من: أحمد بن الفرج بن السلمة، وإسماعيل ابن أحمد العراقي، وملى بن علان، ومحمد وعبد الحميد ابني عبد الهادي بن يوسف، ومحمد بن منقذ القدسيين، والكفر طابي، وعبد الله بن الخشوعي، وأبي البركات عمر بن عبد الوهاب البرادعي، وأحمد بن يوسف بن ديري، وعلي ابن السني، والبلداني، ومحمد اليونيني، وإبراهيم بن خليل، ومظفر بن محمد الأنصاري بن الشيرجي، والقوصي في آخرين. وبمعرة النعمان من: قاضيها أحمد بن مدرك بن سعيد، وأخيه أبي الكسور سعد، وأبي الفتح مظفر بن محمد بن سعيد بن مدرك بن علي التنوخي. وبحماة من إبراهيم بن بعد الله بن إبراهيم التنوخي، وصفية القرشية. وبحلب من: ابن خليل وأكثر عنه وانقطع إليه مدة، وأخيه يونس، وابن رواحة، وصقر، وأبي الطيب أحمد بن محمد بن يوسف الحنفي، وعمر الجزء: 7 ¦ الصفحة: 369 ابن محسن، وأبي المعالي محمد بن محمد بن عبد الله بن الطرسوسي، وابني أحمد ابن العديم. ثم توجه إلى بغداد، فسمع بالموصل من القاضي أبي علي الحسن ابن عبد القاهر بن السهروردي، وبي البركات عمار، وأبي حامد محمد ابن الحسن بن علي العبسي، وعبد الكريم بن محمد علوان بن مهاجر، وغيرهم. وسمع بماردين من: الحافظ أبي محمد، وبحران من: عبد القادر ابن عبد الله بن تيمية، والخياط. ثم رحل ودخل بغداد، وحدث قديماً سنة ثلاث وأربعين، وسمع منه فيها بعض الحبيبين وفي سنة ست وخمسين سمع منه علي بن المظفر الكندي، وفي سنة إحدى وستين أبو الحسين اليونيني، وأبو المحاسن يوسف بن أحمد اليغموري، وبعد ذلك الميدومي والإربلي هو أحمد بن يونس بن بركة، والفرضي، والمزي، وأبو حيان، الجزء: 7 ¦ الصفحة: 370 وأبو محمد الحلبي، والبرازلي، والذهبي، وابن سيد الناس، وخلق، وكتب عنه أبو حامد بن الصابوني، ومات قبله بسنتين. وكتب بخطه كثيراً من الكتب والأجزاء ورزق السعادة في إسناده، وازحم الناس على إقرائه بعلم الأنساب، واشتهر بالفضائل ورحل إلى العراق والحجاز والشام وديار بكر، وجمع الجموع الحسنة، وتولي المناصب بالشام ومصر، وأملى وانتفع به الناس. قال الإسنوي في طبقاته: كان إمام أهل الحديث في زمانه، وكان فقيهاً اصولياً، نحوياً، لغوياً، أديباً، شاعراً، انتهى. وقال الحافظ أبو عبد الله الذهبي في طبقات القراء: أراني إجازته في مجلدة بتلاوته على الكمال الضرير، واستغرق في الحديث زمانه، وسمعت الحافظ أبا الحجاج القضاعي يقول: لم ألق أحداً أضبط من الدمياطي، ودخل بغداد مرتين، وحدث هناك في المرة الأخيرة وأملى، ورزق وافراً، وخرج أربعين حديثاً لأمير المؤمنين آخر خلف بني العباس ببغداد المستعصم أبي أحمد عبد الله ابن المستنصر، وصنف تصانيف مفيدة منها: المعجم بالسماع، ومعجم بالإجازة، ونص في معجمه على أنه يشتمل على ألف شيخ ومائتي شيخ وخمسين شيخاً، وله الأربعون المتباينة الإسناد لأعناد الجياد والأربعون الموافقات، والأربعون، الجزء: 7 ¦ الصفحة: 371 التساعيات المطلقة، وقبائل الأوس، وقبائل الخزرج، وكتاب أخبار بني عبد المطلب بن عبد مناف، أخبار بني نوفل، أخبار بني جمح، أخبار بني سهم بن عمرو بن هصص، وكتاب المحاسن البغدادية، وكتاب كشف المغطى في تبين الصلاة الوسطى صنفه بحلب ثم لما دخل بغداد غيره فنقص منه وزاد وحرره، وهو كتاب نفيس، وله حواشي على البخاري بهوامش على نسخته، وكذا على مسلم، وله سيرة النبي صلى الله عليه وسلم في مجلدة، وكتاب فضل الخيل، وقد سمعت أنا هذا الكتاب بقراءة الحافظ قطب الدين الخيضري في أربع مجالس آخرها في سلخ شعبان سنة خمس وأربعين وثمانمائة بالقاهرة في منزل المسمع بحارة برجوان على الشيخ الإمام العلامة المحدث عمدة المؤرخين تقي الدين أحمد بن علي بن عبد القادر المقريزي الشافعي بسماعة جميعه على الشيخ المسند الجزء: 7 ¦ الصفحة: 372 ناصر الدين محمد بن علي بن يوسف بن الطبردار الحراوي بسماعه جميع ه م ن مؤلفه الحافظ أبي محمد الدمياطي صاحب الترجمة، عفا الله عنه. قلت: وتوفي الحافظ شرف الدين الدمياطي المذكور فجأة بالقاهرة بعد أن صلى العصر غشي عليه في موضعه فحمل إلى منزله فمات من ساعته في يوم الأحد خامس عشر ذي القعدة سنة خمس وسبعمائة. ومن شعره: أنشدنا الشيخ تقي الدين المقريزي إجازةً، قال: أنشدنا ناصر الدين محمد بن الطبردار إجازةً، قال: أنشدنا الحافظ شرف الدين عبد المؤمن الدمياطي لنفسه إجازةً إن لم يكن سماعاً:؟ روينا بإسناد عن ابن مغفل حديثاً صحيحاً صح من علة القدح بأن رسول الله حين مسيره ... لثامنة وافته من ليلة الفتح 1494 - الأستاذ صفي الدين .... - 693هـ؟ ... - 1293م عبد المؤمن بن فاخر، الإمام العالم المجود الأستاذ صفي الدين عبد المؤمن، إمام أهل عصره في ضرب العود والموسيقى. الجزء: 7 ¦ الصفحة: 373 قال العز الأربلي الطبيب: كان المذكور كثير الفضائل، يعرف علوماً كثيرة منها: العربية، ونظم الشعر، والإنشاء، وكان فيه غاية، وعلم التاريخ، وعلم الخلاف، والموسيقى، ولم يكن في زمانه من يكتب الخط المنسوب سوى الشيخ زكي الدين لا غير وهو بعده، وفاق في فنه الأوائل والأواخر، وبه تقدم عند الخليفة، وكانت آدابه كثيرة، وحرمته وافرة، وأخلاقه حسنة طيبة، ثم قال بعد كلام كثير: واجتمعت به في مدينة تبريز في شهور سنة تسع وثمانين وستمائة، وأخبرني صفي الدين المذكور قال: وردت إلى بغداد صبياً، وأثبت فقيهاً بالمستنصرية، شافعياً أيام المستنصر، واشتغلت بالمحاضرات، والآداب، والعربية، وتجويد الخط، فبلغت منه غاية ليس فوقها غاية، ثم اشتغلت بضرب العود، فكانت قابليتي فيه أعظم من الخط، لكنني اشتهرت بالخط ولم أعرف بغيره في ذلك الوقت. ثم إن الخلافة وصلت إلى المستعصم فعمر خزانتي كتب متقابلتين برواق عزيز، وأمر أن يختار لهما كاتبان يكتبان ما يجده، ولم يكن في ذلك الوقت أفضل من الشيخ زكي الدين، وكنت دونه في الشهرة، فرتبنا في ذلك، ولم يعلم الخليفة أنني أحسن الضرب بالعود، وكانت ببغداد مغنية تعرف بلحاظ فائقة الجمال تغني جيداً، فأحبها الخليفة وأجزل لها العطاء، فكثر خدامها وجواريها وأملاكها، فاتفق أنها غنت يوماً بين يديه بلحن طيب الجزء: 7 ¦ الصفحة: 374 غريب، فسألها عن ذلك فقالت: هذا الصفي الدين المجود، فقال الخليفة علي به، فأحضرت وضربت بالعود بين يديهن فأعجبه ذلك، وأمرني بملازمة مجلسه، ورسم لي برزق وافر جزيل، غير ما كان ينعم به علي، وصرت أسفر بين يديه، وأقضي للناس عنده حوائج كثيرة، وكان لي مرتب في الديوان كل سنة خمسة آلاف دينار، يكون عنها دراهم مبلغ ستين ألف درهم، وأحصل في قضاء أشغال الناس مثلها، وأكثر منها، وحضرت بين يدي هولاكو وغنيته، وأضعف ما كان لي من الرواتب أيام المستعصم، واتصلت بخدمة الصاحب علاء الدين عطا ملك الجويني وأخيه شمس الدين، ووليت لهما كتابة الإنشاء ببغداد، ورفعاني إلى رتبة المنادمة، وضاعفا علي الإنعام، وبعد موت علاء الدين وقتل شمس الدين زالت سعادتي وتقهقرت إلى وراء في عمري ورزقي وعيشي، وعلتني الديون، وصار لي أولاد وأولاد أولاد، وكبرت سني، وعجزت عن السعي، انتهى كلام العز الإربلي. وقال الشريف صفي الدين ابن الطقطقي: مات صفي الدين عبد المؤمن محبوساً على دين كان لمجد الدين عبد الحكيم غلام ابن الصباغ، وكان مبلغ الدين ثلاثمائة دينار، وحبسه القاضي في مدرسة الخل، وكانت وفاته يوم الأربعاء ثامن عشرين صفر سنة ثلاث وتسعين وستمائة، وكان ينفق أمواله على الملاذ، ويبالغ في عمل الحضرات البديعة، وكان يكون ثمن المشموم والفاكهة الجزء: 7 ¦ الصفحة: 375 أربعة آلاف در هم، وكان يتنعم كثيراً، انتهى كلام الشريف. قلت: وهو الأستاذ المعروف، صاحب الأدوار في صناعة الطبقة والطنين وضرب العود وعلمه، وهو صاحب التصانيف البارعة لفي الموسيقى، وبه يضرب المثل في هذا الشأن، وهو أشهر مما يحكى عنه، وكان قدم إلى دمشق صحبة الوزير عطا ملك بتجمل زائد وثروة كبير، ورأى صفي الدين في هذا الفن من الحظ ما لم يره غيره بعد إسحاق بن إبراهيم الموصلي، نديم الرشيد هارون، إلا أن صفي الدين هذا كان تسيء التدبير، مسرفاً على الأموال، تلافاً، وذكره الشهاب محمود وأثنى على فضله وكثرة علومه ورئاسته واتصاله بالخلفاء والملوك، وأثبت شيئاً من إنشائه ونظمه في تاريخه رحمه الله تعالى، وعفا عنه. 1495 - أوحد الدين كاتب السر ... - 786هـ؟ ... - 1384م عبد الواحد بن إسماعيل بن ياسين، القاضي أوحد الدين بن القاضي تاج الدين الجزء: 7 ¦ الصفحة: 376 الحنفي، المصري المولد والدار والوفاة، كاتب السر الشريف بالديار المصرية. كان فقيهاً، عالماً فاضلاً، وله مشاركة في عدة علوم، ودربة ومعرفة بفنون شتى، وكان رئيساً نبيلاً، ولاه الملك الظاهر برقوق كتابة السر بالديار المصرية في تاسع شوال سنة أربع وثمانين وسبعمائة، بعد عزل القاضي بدر الدين محمد بن فضل الله، فباشر الوظيفة بحرمة وافرة، وحسنت سيرته، وعظم وضخم، فعاجلته الممنية، ومات بالقاهرة فييوم السبت ثاني ذي الحجة في سنة ست وثمانين وسبعمائة، وأعيد القاضي بدر الدين بن فضل الله إلى كتابة السر بعد موته، ومات عن سبع وثلاثين سنة في عنفوان شبيبته، وهو سبط قاضي القضاة جمال الدين بن التركماني الحنفي. قال قاضي القضاة بدر الدين محمود العينين رحمه الله: وكان ذا فضيلة وعرفان، وحسن سياسة وإحسان، ورياضة وأخلاق، وجميل إرفاق، وحذق في أمور الدنيا وأحوالها، وصدق في أعمال الآخرة وأقوالها، وكانت له مشاركة في كل منظوم ومنثور، انتهى كلام العيني باختصار. وأثنى عليه غير واحد ممن رآه وصبحه، وكان مليح الشكل، بهي الهيئة، متجملاً رئيساً، رحمه الله تعالى. الجزء: 7 ¦ الصفحة: 377 ؟ 1496 - ابن وهبان قاضي القضاة أمين الدين قبيل 730 - 768هـ؟ 1329 - 1366م عبد الوهاب بن أحمد بن وهبان، قاضي القضاة أمين الدين أبو محمد الدمشقي الحنفي، قاضي القضاة حماة. مولده قبيل الثلاثين وسبعمائة، ونشأ بحماة، وتفقه بها على علماء عصره، وبرع في الفقه، والأصول، والعربية، واللغة، والقراءات، والأدب، ودرس وأفتى عدة سنين، وجمع وكتب وألف، وولي قضاة حماة في سنة ستين وسبعمائة، وحمدت سيرته إلى أن عزل في سنة اثنتين وستين، ثم أعيد في سنة ثلاث وستين، واستمر قاضياً إلى أن توفي بها في ذي الحجة سنة ثمان وستين وسبعمائة. وكان مشكور السيرة، عفيفاً، ديناً، عالماً رحمه الله تعالى. الجزء: 7 ¦ الصفحة: 378 1497 - خطيب النيرب 619 - 694 هـ؟ 1222 - 1294م عبد الوهاب بن أحمد بن سحنون، الخطيب البارع مجد الدين الدمشقي الحنفي ، خطيب النيرب، وروى عن خطيب مراد، وكان له شعر وأدب وفضائل. كان من فضلاء السادة الحنفية وأذكيائهم، أفتى ودرس مدة طويلة، ودرس بالدامغانية، وعاش خمساً وسبعين سنة، وكان طبيباً ببيمارستان الجبل، وتوفي سنة أربع وتسعين وستمائة. ومن شعره في ضوبى: بأبي غزال جاء يحمل مشعلاً ... يكسو الدجا بملاء ثوب أصفر وكأنه غصن عليه باقةٌ ... من نرجس أو زهرة من نوفر الجزء: 7 ¦ الصفحة: 379 ؟ 1498 - ابن بنت الأعز 614 - 665 هـ؟ 1217 - 1266م بعد الوهاب بن خلف بن دبر العلامي الشافعي، قاضي القضاة تاج الدين أبو محمد، المعروف بابن بنت الأعز. ولد سنة أربع عشرة وستمائة، وقيل سنة أربع وستمائة، وروى عن جعفر الهمداني وغيره، وكان إماماً فاضلاً، عالماً متبحراً في المذهب، وولي المناصب الجليلة: كنظر الدواوين والوزر، وقضاء القضاة، ودرس: بالصلاحية، وقبة الشافعي رضي الله عنه، وتقدم في الدولة، وكانت له الحرمة الوافرة عند الملك الظاهر بيبرس، وكان ذا ذهن ثاقب، وحدس صائب، وسعد وعزم مع النزاهة المفرطة، والصلابة في الدين، وحسن الطريقة، والتثبت في الأحكام، وتولية الأكفاء، ولا يراعي أحداً ولا يداهنه، ولا يقول شهادة مريب، وكان قوي النفس، يرتفع على الصاحب بهاء الدين بن حنا وغيره. الجزء: 7 ¦ الصفحة: 380 وهو والد قاضي القضاة صدر الدين عمر قاضي الديار المصرية، ووالد قاضي القضاة تقي الدين عبد الرحمن الذي وزر أيضاً، ووالد القاضي العلامة علاء الدين أحمد الذي دخل اليمن والشام. ولما زاد قاضي القضاة تاج الدين هذا في التثبت في الأحكام شكا الأمير أيدغدي العزيز إلى الملك الظاهر منه، ورفع قصة من بيت الملك الناصر يوسف أنهم ابتاعوا دار القاضي برهان الدين السنجاري في حياته وبعد وفاته ادعى الورثة وقفيتها، وجرى بسبب ذلك أمور، فقال الأمير جمال الدين أيدغدي المذكور: نترك نحن مذهب الشافعي لك ونولي في مذهب من يحكم بين الناس، فأمر الملك الظاهر بتولية القضاة الأربع، ولم يكن قبل ذلك إلا قاض واحد من مذهب واحد. وكان في ابتداء الإسلام الحكم بالديار المصرية لجماعة من الصحابة والتابعين إلى أن ظهر مذهب الإمام الأعظم أبي حنيفة رضي الله عنه فصار حكم الديار المصرية بل وسائر الأقطار للقضاة الحنفية شرقاً وغرباً إلى أن ملك الفاطميون الديار المصرية وأبطلوا سائر المذاهب وأظهروا التشيع، وولوا من اختاروه من الشيعة، واستمر ذلك سنين إلى أن زالت دولتهم وملك الديار المصرية بنو أيوب، وكانوا أكراداً شافعية فأقاموا من مذهبهم قاضياً، وكانت القاهرة الجزء: 7 ¦ الصفحة: 381 قد خربت وتلاشى أمرها إلى الغاية، وخرب غالب قراها وأعمالها، وملكت الفرنج بيت المقدس وغالب السواحل سنين عديدة، فلما تسلطن السلطان صلاح الدين يوسف على أنه نائب لنور الدين الشهيد وأخذ في عمل مصالح الديار المصرية، وفتح الفتوحات الهائلة، وقويت شوكته بحسب الحال، ثم ملك من بعده جماعة من بني أيوب إلى أن زالت دولتهم وملكت الأتراك، وآل الأمر إلى سلطنة السلطان الملك الظاهر بيبرس ورتب القضاة الأربع في سنة أربع وستين أو التي قبلها فكان انفراد السادة الشافعية بالحكم في الديار المصرية مائة سنة من سلطنة الملك المنصور أسد الدين شيركوه في سنة أربع وستين وخمسمائة إلى سلطنة الملك الظاهر بيبرس وتولية القضاة الأربعة في سنة أربع وستين وستمائة. انتهى. قلت: ولما ولى الملك الظاهر القضاة الأربعة قال علم الدين بن شكر - وقد التقى مع قاضي القضاة تاج الدين المذكور في بعض الأماكن - ما مات حتى رأيتك صاحب ربع، انتهى. وكانت وفاته سنة خمس وستين وستمائة، رحمه الله تعالى. الجزء: 7 ¦ الصفحة: 382 ؟ 1499 - ابن أبي شاكر 770 - 819 هـ؟ 1368 - 1416م عبد الوهاب بن عبد اله بن موسى بن أبي شاكر بن أحمد بن شرف الدولة ابن الشيخ سيف الدولة، الصاحب الوزير تقي الدين بن الوزير فخر الدين ابن الوزير تاج الدين بن علم الدين بن تاج الدين، القبطي الأصل، المصري الحنفي. مولده بالقاهرة وبها نشأ، وتعالى قلم الديونة، وتفقه على مذهب الإمام الأعظم أبي حنيفة رضي الله عنه، وكان صحيح الإسلام، وتولى في الدولة الناصرية فرج بن برقوق نظر الديوان المفرد، ثم نظر الخاص، ثم عزل في الدولة المؤيدة شيخ عن نظر الخاص وولي أستادارية المقام الصارمي إبراهيم بن الملك المؤيد شيخ، ثم ولي الوزارة بالديار المصرية إلى أن توفي بالقاهرة في يوم الخميس حادي عشر ذي القعدة سنة تسع عشرة وثمانمائة. وكان رحمه الله حسن الإسلام، جيد الاعتقاد في الفقهاء والصالحين، وكان يتجنب النسوة النصارى ويكره دخولهن إلى داره، وهذا أمر عظيم. الجزء: 7 ¦ الصفحة: 383 في الأقباط، ومن فعل ذلك منهم يكون قوي الإيمان، وكان فيها الخير، وعمر مدرسة بين السورين ظاهر القاهرة، ووقف عليها عدة أوقاف، وعمر الرباط بمكة مقابلة باب جياد - أحد بواب المسجد الحرام - ولم يكمله، وكمله فخر الدين بن أبي الفرج، انتهى. 1500 - عبد الوهاب الجيلي 522 - 593 هـ؟ 1128 - 1196م عبد الوهاب بن الشيخ عبد القادر بن الجبلي الكيلاني الحنبلي. قرأ الفقه على والده الشيخ عبد القادر الكيلاني حتى برع فيه، ودرس بمدرسة والده في حياته وقد نيف على العشرين سنة، وكان أمير أولاد الشيخ عبد القادر، وكان فقيهاً فاضلاً، مشاركاً، حسن الكلام في مسائل الخلاف، له لسان فصيح في الوعظ، ولوعظه تأثير في القلوب، وكان عنده مروءة وكرم، وتوفي بعد الستمائة، رحمه الله تعالى، وعفا عنه. الجزء: 7 ¦ الصفحة: 384 ؟ 1501 - تاج الدين السبكي 728 - 771 هـ؟ 1327 - 1369م عبد الوهاب بن علي بن عبد الكافي بن علي تمام، قاضي القضاة تاج الدين أبو نصر بن قاضي القضاة تقي الدين أبي الحسن بن زين الدين بن ضياء الدين الأنصاري الخزرجي السبكي الشافعي، قاضي القضاة دمشق. كان إماماً عالماً، بارعاً، فقيها، نحوياً، أصولياً، مولده سنة ثمان وعشرين وسبعمائة، وسمع من القدسي وطبقته بمصر، ومن بنت الكيال، وابن تمام، والمزي، وأجاز له الحجار، وعني بالرواية، وسمع كثيراً، وأخذ عن والده، والشيخ أثير الدين أبي حيان، وغيرهما، وسمع الحديث على الحافظ شمس الدين الذهبي وتخرج، وكان ذكياً، صحيح الذهن وبرع في الفقه وغيره، وأفتى ودرس، وولي قضاء دمشق أربع مرات، وتولي خطابة الجامع الأموي بدمشق، وصنف عدة مصنفات من ذلك: مختصر ابن الحاجب، وشرح الجزء: 7 ¦ الصفحة: 385 منهاج البيضاوي، وجمع الجوامع في الأصول، والتوشيح في الفقه، وطبقات الشافعية في ثلاث مصنفات: كبرى ووسطى وصغرى، وكتاب الأشباه والنظائر، وغير ذلك، وكن له نظم ونثر وإنشاء، توفي بالدهشة ظاهر دمشق في يوم الثلاثاء سابع ذي الحجة سنة إحدى وسبعين وسبعمائة، ودفن بسفح قاسيون عن أربع وأربعين سنة، رحمه الله تعالى. ؟ 1502 - ظهير الدين الصاغاني 646 - 752 هـ؟ 1248 - 1325م عبد الوهاب بن عمر بن عبد المنعم بن هبة الله بن أمين الدولة، الشيخ ظهير الدين الصاغاني الحنفي الحلبي. قال الحافظ أبو عبد الله الذهبي بعد أن ذكر نسبه: الإمام الصاغاني الزاهد الحنفي النحوي ظهير الدين الصوفي، مولده في شهر رجب سنة ست وأربعين وستمائة، وسمع من حسنه الحرانية، وأجازك له شعيب الزعفراني، وأبو الحسن ابن الجميزي، وحدث، وأخذ عنه ابن طغريل وجماعة. انتهى كلام الذهبي باختصار. الجزء: 7 ¦ الصفحة: 386 قلت: كان رحمه الله من أعيان فقهاء السادة الحنفية، ذكره الحافظ عبد القادر في طبقاته وأثنى عليه، وتوفي بحلب في صفر سنة خمس وعشرين وسبعمائة، رحمه الله تعالى. 1503 - ابن فضل الله 623 - 717 هـ؟ 1226 - 1317م عبد الوهاب بن فضل الله بن المجلي بن دعجان بن خلف، القاضي شرف الدين أبو محمد القرشي العمري، نسبته إلى عمر بن الخطاب رضي الله عنه. مولده في ثالث ذي الحجة سنة ثلاث وعشرين وستمائة بدمشق، كان إماماً فقيهاً، كاتباً بليغاً، أديباً مترسلاً، كتب المنسوب الفائق، وتنقل في الخدم حتى صار صاحب ديوان الإنشاء بالديار المصرية مدة طويلة، ومكان مخاديمه يعظمونه ويحترمونه مثل: حسام الدين لاجين، والملك الأشرف خليل ابن قلاوون، والملك الناصر محمد بن قلاوون، وكان الأمير تنكز نائب الشام في كل قليل يذكره، ويجعل أفعاله قواعد يمشى عليها، وكان كاملاً في فنه، أحسن من كتب عن ملوك الأتراك، وكان يدور في كلامه ويتحيل حتى يخرج عن ثقل الإعراب وما يلحن، وهو أول كاتب سر ولي بديار مصر الجزء: 7 ¦ الصفحة: 387 من بني فضل الله، وهو أن الملك الأشرف خليل بن قلاوون لما تغير على كاتب سره عماد الدين إسماعيل بن أحمد بن الأثير قال لنائبه الأمير بدر الدين بيدرا: انظر لي غيره، وكان الأمير لاجين السلاح دار حاضراً، فذكر شرف الدين المذكور وأثنى عليه، فأحضره السلطان على البريد من دمشق في ذي الحجة سنة اثنتين وتسعين وستمائة وأخلع عليه، واستقر به في كتابة السر بالديار المصرية، ودام على ذلك حتى نقله الملك الناصر محمد بن قلاوون إلى كتابة سر دمشق عوضاً عن أخيه يحيى، وولي عوضه القاضي علاء الدين بن الأثير. قال الشيخ صلاح الدين الصفدي: حكى لي القاضي شهاب الدين بن القيسراني قال: كنت يوماً أقرأ البريد على الأمير تنكز فتحرك على دائر المكان طائر فالتفت إلي يسيراً ورجع إلي وقال: كنت يوماً بالمرج وشرف الدين بن فضل الله يقرأ علي بريداً جاء من السطلان، والصبيان قد رموا حلة على عصفور، فاشتغلت بالنظر إليها فبطل القراءة وأمسكني، وقال: يا خوند إذا قرأت عليك كتاب السلطان اجعل بالك كله مني، ويكون ذهنك كله عندي، لا تشتغل بغيري أبداً، وأفهمه لفظة لفظة. انتهى. وكان في مبدأ أمره يلبس القماش الفاخر، ويأكل الأطعمة المنوعة الفاخرة، ويعمل السماعات المليحة، ويعاشر الفضلاء مثل بدر الدين بن مالك وغيره، ثم الجزء: 7 ¦ الصفحة: 388 انسلخ من ذلك كله لما دخل الدولة، وقتر على نفسه، واختصر في ملبسه، وانجمع عن الناس انجماعاً كلياً، وكان قد سمع في الكهولة من ابن عبد الدائم، وأجاز له ابن مسلمة وغيره، وكان السلطان الملك الناصر محمد بن قالاوون قد نقله من مصر إلى الشام عوضاً عن أخيه محيي الدين يحيى، لأن الملك الناصر كان قد وعد القاضي علاء الدين بن الأثير لما كان معه في الكرك بالمنصب، فأقام بدمشق إلى سنة سبع عشرة وسبعمائة، وتوفي رحمه الله في شهر رمضان من السنة وخلف نعمة طائلة. ورثاه القاضي شهاب الدين محمود وهو بمصر بقصيدة أولها: لتبك المعالي والعلا الشرف الأعلى ... وتبك الورى الإحسان والحلم والفضلا ومن شعره يمدح الملك المنصور قلاوون الصالحي الألفي. تهب الألوف ولا تهاب لهم ... ألفاً إذا لاقيت في الصف ألف وألف من ندى ووغى ... فلأجل ذا سموك بالألفي وله لما ختن الملك الناصر محمد بن قلاوون: لم يروع له الختان جناناً ... قد أصاب الحديد منه حديداً الجزء: 7 ¦ الصفحة: 389 مثلما تنقص المصابيح بالقط ... فتزداد في الضياء وقودا ولما توفي تولي بعده كتابة سر دمشق العلامة شهاب الدين أبو الثناء محمود، وكان من كتاب الدرج بالقاهرة، رحمه الله تعالى. 1504 - النشو ... - 740هـ؟ ... - 1339م عبد الوهاب بن فضل الله، القاضي شرف الدين ناظر الخواص، المعروف بالنشو. كان هو ووالده وأخوته يخدمون الأمير بكتمر الحاجب، فلما انفصلوا من عنده أقاموا بطالين مدة، ثم استخدم النشو هذا الأمير أيدغمش أمير آخور، فقام بخدمته إلى أن جمع الملك الناصر محمد بن قلاوون في بعض لأيام كتاب الأمراء فرآه السلطان وهو واقف وراء الجماعة وهو شاب طويل نصراني حلو الجزء: 7 ¦ الصفحة: 390 الوجه فاستدعاه وقال له: إيش اسمك؟ قال: النشو، فقال: أنا أجعلك نشوى، ورتبه مستوفياً في الجيزة، وأقبلت سعادته، فأرضاه فيما ندبه إليه وملأ عينه، ثم إنه نقله إلى استيفاء الدولة، فباشر ذلك مدة حتى استسلمه على يد الأمير بكتمر الساقي، وسلم إليه ديوان سيدي أنوك ابن الملك الناصر إلى أن توفي القاضي فخر الدين ناظر الجيش نقل الملك الناصر شمس الدين موسى من نظر الخاص إلى نظر الجيش، وولي النشو هذا نظر الخاص على ما بيده من ديوان ابن السلطان، وحج مع السلطان في تلك السنة يعني سنة اثنتين وثلاثين وسبعمائة. قال ابن أيبك: ولما كان في الاستيفاء وهو نصراني كانت أخلاقه حسنة، وفيه بشر وطلاقة وجه وتسرع لقضاء حوائج الناس، وكان الناس يحبونه، فلما تولي الخاص وكثر الطلب عليه، وزاد السلطان في الإنعامات والعمائر وبالغ في أثمان المماليك وزوج بناته واحتاج إلى الكلف العظيمة المفرطة الخارجة عن الحد ساءت أخلاق النشو وأنكر من يعرفه، وفتحت أبواب المصادرات للكتاب، ولمن كان معه مال، وكان الناس يقومون معه الجزء: 7 ¦ الصفحة: 391 ويقعون إلى أن ازداد الشر أضعافه، وهلك أناس كثيرو، وسلب جماعة نعمهم، وزاد الأمر إلى أن دخل الأمير بشتك والأمير قوصون وجماعة من الخاصكية، ومعهم عبد المؤمن إلى السلطان، فلما حضروا أجلسهم، وأخرج عبد المؤمن سكينة عظيمة من غلافها، فارتاع السلطان، فقال عبد المؤمن: أنا الساعة أخرج إلى النشو وأضربه بهذه السكينة وأنت تشنقني وأريح الناس من هذا الظالم، فقال: يا أمراء متى قتل هذا بغتةً راح مالي، ولكن اصبروا حتى نبرم الحال في أمره، فلما كان ليلة الاثنين ثاني صفر سنة أربعين وسبعمائة اجتمع السلطان به وقال له: نريد غداً نمسك فلاناً فاطلع أنت من سحر لتروح تحتاط عليه، واحضر جماعتك ليتوجه كل واحد منهم إلى جهة أعينها له، فلما كان باكر النهار طلع إليه ودخل واجتمع به وقرر معه الأمر، وقال له: أخرج حتى أخرج أنا وأعمل على إمساكه، فخرج وقعد على باب الخزانة، وقال السلطان لبشتك: أخرج إلى النشو وامسكه، فخرج إليه وأمسكه، وأمسك أخاه رزق الله، وصهره، وأخاه الآخر، وجماعتهم، وعبيدهم، ولم ينج منهم إلا المخلص أخو النشو، فإنه كان في بعض الديرة فجهز إليه من الجزء: 7 ¦ الصفحة: 392 أمسكه وأحضره، وجهز رزق الله إلى بيت الأمير قوصون، فلما أصبح وجدوه قد ذبح نفسه، وأما النشو فتسلمه الأمير برسبغا الحاجب ابن الأمير بشتك وعوقب هو وأخوه المخلص ووالدتهما وعبدهم، وماتت والدته وأخوه المخلص تحت العقوبة في المعاصير والمقارع، ثم إن السلطان رق على النشو ورفع عنه العقوبة، ورتب له الجرائحية والشراب والفراريج، فاستشعروا رضى السلطان عليه، فأعيدت عليه العقوبة ومات تحتها. وقيل إن الذي أخذ منه ومن أخوته وأمه وأخته وصهره وعبيدهم بلغ ثلاثمائة ألف دينار مصرية. وفي إمساكه نظم القاضي علاء الدين بن فضل الله صاحب ديوان الإنشاء: في يوم الاثنين ثاني الشهر من صفر ... نادى البشير إلى أن أسمع الفلكا يا أهل مصر نجا موسى ونيلكم ... وفي فرعون وهو النشو قد هلكا ؟ 1505 - قاضي القضاة بدر الدين الإخنائي 720 - 789 هـ؟ 1320 - 1377م عبد الوهاب بن محمد بن محمد بن عيسى بن أبي بكر بن عيسى، قاضي القضاة بدر الدين الإخناء السعدي المالكي. الجزء: 7 ¦ الصفحة: 393 ولد في حدود سنة عشرين وسبعمائة، وتفقه بجماعة من العلماء، وتولى نظر الخزانة الخاص، ثم ولاه الملك الأشرف شعبان بن حسين قضاء القضاة المالكية في يوم الخميس حادي عشرين شهر رجب سنة سبع وسبعين وسبعمائة، بعد موت قاضي القضاة برهان الدين إبراهيم بن محمد بن أبي بكر الإخنائي، وكان ضعيفاً فجاء التشريف وألقي عليه على لحافه، فلما عوفي من مرضه لبس التشريف وباشر القضاء أحسن مباشرة إلى أن صرف بعلم الدين سيلمان بن خالد بن نعيم البساطي في سابع عشرين ذي القعدة سنة ثمان وسبعين وسبعمائة، ثم أعيد في صفر سنة تسع وسبعين فباشر القضاء ثانياً إلى أن صرف بالبساطي في يوم الاثنين ثالث شهر رجب من السنة ولزم داره إلى أن توفي بالقاهرة في شهر ربيع الأول سنة تسع وثمانين وسبعمائة. وكان خيراً ديناً مشكور السيرة في أحكامه، رحمه الله تعالى. 1506 - أيمن الدين الطرابلسي الحنفي 773 - 809 هـ؟ 1371 - 1416م عبد الوهاب بن محمد بن أبي بكر، قاضي القضاة أمين الدين ابن قاضي القضاة شمس الدين الطرابلسي الحنفي. الجزء: 7 ¦ الصفحة: 394 ولد بالقاهرة في يوم الثلاثاء ثامن عشرين شهر ربيع الآخر سنة ثلاث وسبعين وسبعمائة، ونشأ بها تحت كنف والده، وبه تفقه وبغيره، وتولي قضاء العسكر مدة، ثم قضاء القضاة الحنفية بالديار المصرية بعد موت قاضي القضاة جمال الدين يوسف الملطي في ثاني عشر جمادى الآخرة سنة ثلاث وثمانمائة، فسار على سيرة أبيه في العفة والديانة إلى أن صرف في سادس عشرين شهر رجب سنة خمس وثمانمائة بقاضي القضاة كمال الدين عمر بن العديم قاضي حلب، فباشر كمال الدين إلى أن توفي سنة إحدى عشرة وثمانمائة، وتولي من بعده ابنه ناصر الدين محمد مدة يسيرة، وصرف وأعيد صاحب الترجمة في رابع شهر رجب من السنة، فباشر مدة يسيرة هو أيضاً، وصرف بناصر الدين محمد ابن العديم المذكور إلى أن توفي سنة تسع عشرة وثمانمائة، وقد تجاوز الأربعين سنة. الجزء: 7 ¦ الصفحة: 395 وكان مشكور السيرة، وولي مشيخة الشيخونية بعد عزله ثاني مرة، رحمه الله تعالى. 1507 - نظام الدين الخيمي الحنفي 638 - 720 هـ؟ 1240 - 1320م عبد الوهاب بن محمد بن محمد بن محمد بن عثمان، الشيخ الإمام الفقيه النحوي نظام الدين، البلخي الأصل، الخيمي المولد، الحنفي، إمام المدرسة الأشرفية. مولده في نصف شهر ربيع الأول سنة ثمان وثلاثين وستمائة، تفقه على أبيه وغيره، وحدث عن والده بجزء ابن نجيد. قال الحافظ عبد القادر في طبقاته: وكان عنده نباهة وقوة ذهن، مع كبر سن، وهو من بيت علم، كان أبوه من كبار فقهاء السادة الحنفية، ثم قال: وحدث عن والده بجزء ابن نجيد، وسمعته عليه، وكان فقيهاً فاضلاً، انتهى كلام عبد القادر. الجزء: 7 ¦ الصفحة: 396 قلت: كان المذكور معدوداً من أعيان الحنفية، وأفتى ودرس سنين، وأثنى عليه جماعة من العلماء، وتوفي بالمدرسة الأشرفية خارج القاهرة في سابع عشر شهر رجب سنة عشرين وسبعمائة، وكانت جنازته مشهودة، رحمه الله تعالى وعفا عنه. 1508 - قاضي شهبة 653 - 726 هـ؟ 1255 - 1326م عبد الوهاب بن محمد بن عبد الوهاب بن الشيخ كمال الدين الأسدي الشافعي الدمشقي، الشهير بابن قاضي شهبة. مولده في سنة ثلاث وخمسين وستمائة، كان فقيهاً عالماً، فاضلاً، بارعاً، تصدر للإفتاء والتدريس مدة طويلة، وانتفع به كثير من الطلبة إلى أن توفي بدمشق في سنة ست وعشرين وسبعمائة، ودفن بمقابر باب الصغير. الجزء: 7 ¦ الصفحة: 397 1509 - تاج الدين بن نصر الله 760 - 820 هـ؟ 1359 - 1417م عبد الوهاب بن نصر الله بن الحسن، القاضي تاج الدين، الفوي الأصل ثم المصري الحنفي، أخو الصاحب بدر الدين حسن بن نصر الله، ووالد القاضي شرف الدين وغيره، مولده سنة ستين وسبعمائة بفوه، وقدم القاهرة واشتغل، وتفقه بجماعة من فقهاء السادة الحنفية، وناب في الحكم سنين، وولي عدة وظائف جليلة: كنظر الأحباس، ووكالة بيت المال، ونظر الكسوة، وتوقيع الدست، وخدم عند عدة من أكابر الأمراء بالديار المصرية. وكان له وجاهة ووقار في الدولة، وكان جارنا، ونعم الجار كان إلى أن توفي ليلة السبت ثالث عشر جمادى الآخرة سنة عشرين وثمانمائة، وخلف عدة أولاد ذكور وإناث، رحمه الله تعالى وعفا عنه. الجزء: 7 ¦ الصفحة: 398 1510 - الوزير الشيخ الخطير ... - 865هـ؟ ... - 1460م عبد الوهاب بن الشمس نصر الله بن الوجيه توما، الوزير تاج الدين القبطي الأسلمي، الشهير بالشيخ الخطير، وهو لقب لوالده الشمس نصر الل ه م ولده بالقاهرة، وبها نشأ على دين النصرانية، وبرع في قلم الديونة والمباشرة، وخدم في عدة جهات، ثم أكره حتى أظهر الإسلام، واتصل بخدمة الملك الأشرف برسباي لما كان أميراً، فلما آل أمره إلى السلطنة رقي تاج الدين المذكور حتى جعله ناظر الإسطبل السلطاني، بعد القاضي بدر الدين محمد ابن مزهر لما ولي كتابة السر بالديار المصرية، ثم أضاف إليه التحدث في إقطاع المقام الناصري محمد بن الملك الأشرف برسباي، ثم من بعده لأخيه الملك العزيز يوسف، ثم أضاف إليه عدة جهات أخر، وكان الأشرف ظنيناً بمعرفته ومباشرته إلى أن استعفى الصاحب جمال الدين يوسف بن كريم الدين ابن كاتب جكم عن الوزر وأعفى، طلبه الملك الأشرف في يوم الثلاثاء ثامن عشر جمادى الآخرة سنة ثمان وثلاثين وثمانمائة وفوض عليه خلعة الوزر، عوضاً عن الصاحب جمال الدين المذكور، فلما ولي التاج هذا الوزر باشر بعجز وتعب وقلة سعادة مع طيش وخفة وحدة مزاج وصياح، قيل إنه كان الجزء: 7 ¦ الصفحة: 399 يوماً في دست مباشرته بقاعة فتح الله الصغيرة فازدحم الناس بالقاعة المذكورة لقضاء حوائجهم على العادة من غير زيادة ازدحام، فلما نظر ذلك ضاق خلقه وأمرهم بالذهاب فلم يلتفتوا لقوله، فإنه كان غير مهاب في الأعين فقام على الفور على باب القاعة وجمع ما كان بباب القاعة من الزراميج والقباقيب في ذيله بالنجاسات والوسخ وخرج بهم إلى الباب البراني وأرماهم من ذيله ثم عاد وقعد في مرتبته، فعند ذلك خرج كل واحدٍ إلى أخذ مداسه، واستراح، وله من هذه الأشياء يطول الشرح في ذكرها، واستمر في الوزر إلى أن استعفى غير مرة، وظهر عنه لكل أحد عدم تدبيره وقلة معرفته وعجزه، وفهم السلطان عنه ذلك وعزله عن الوزر، ولزم داره وتخومل إلى أن مات الملك الأشرف برسباي في ذي الحجة سنة إحدى وأربعين وثمانمائة، وآل الأمر بعد ذلك إلى سلطنة الملك الظاهر جقمق قبض عليه وصادره، وامتحن في أيامه ثم ترك بطالاً مخمولاً متعوساً مبعوداً لبغض الناس له، لذميم خلقه، وشراسة خلقه، ولقلة دينه، وكثرة ميله إلى دين النصرانية، يعلم ذلك بمجرد رؤية وجهه، وصفته شيخ قصير، أصفر الوجه، تعلوه ظلمة، وعمامته كعمامة النصارى في ترتيبها غير أنها مبيضة في الظاهر، وهو إلى الآن من جملة الأحياء في حكم الأموات نكالاً من الله. الجزء: 7 ¦ الصفحة: 400 ؟ 1511 - الوزير علم الدين بن القسيس ... - 791هـ؟ ... - 1388م عبد الوهاب بن القسيس، الوزير الصاحب علم الدين القبطي، عرف بكاتب سيدي. كان أولاً يلي ديوان المرتجع إلى أن ولاه الملك الظاهر برقوق الوزارة، بعد موت الوزير شمس الدين إبراهيم كاتب أرنان، في سادس عشرين شعبان سنة تسع وثمانين وسبعمائة، فباشر الوزر بكون وقلة ظلم إلى أن عزل وقبض عليه في يوم السبت رابع شهر رمضان سنة تسعين وسبعمائة بالوزير كريم الدين عبد الكريم ابن شاكر بن الغنام وتسلمه، وكان صاحب الترجمة هو الظالم، فإنه أراد في أيام عمله أن يتسلم ابن الغنام ويصادره، فبادر ابن الغنام وسعى في الوزر وتسلمه وصادره، ثم أطلقه فلزم داره حتى مات في أول المحرم سنة إحدى وتسعين وسبعمائة، وكان كاتباً مطيعاً، عفا الله عنه. الجزء: 7 ¦ الصفحة: 401 ؟ 1512 - تاج الدين اليماني الفقيه المؤرخ 680 - 743 هـ؟ 1281 - 1342م عبيد الله بن عبد المجيد بن عبد الله بن أبي المعالي متَّ - بتاء مثناه من فوق مشددة - ابن أحمد، الشيخ تاج الدين أبو المحاسن المخزومي اليمني. مولده في شهر رجب سنة ثمانين وستمائة بعدن، هكذا ذكره الجندي في تاريخ اليمن وهو أعرف بأحوال اليمنيين من غيره. وقال البرزالي: ولد بمكة، وتابعه جماعة على ذلك. كان إماماً فقيهاً عالماً، وله مكارم ومعرفة بفنون، وله تواليف كثيرة، وله نظم، وترسل، وخطب، ونثر جيد، وفصاحة، وبلاغة، ومصنفات كثيرة، من ذلك: مختصر الصحاح، وشرح ألفاظ الشفاء للقاضي عياض، وتاريخه المسمى ببهجة الزمن في تاريخ اليمن، وغير ذلك، ورحل، وقدم دمشق الجزء: 7 ¦ الصفحة: 402 في نيابة الأفرم، ونالته السعادة، وأشغل الطلبة بها مدة طويلة في علوم شتى، ثم عاد إلى اليمن ونال بها أيضاً رئاسة وسعادة عند صاحبها الملك المؤيد بن الملك المظفر، ثم وزر له، واستمر على ذلك إلى أن مات المؤيد حصل له نكبة وصودر وجرت عليه خطوب من الملك المجاهد بن المؤيد، ثم عاد إلى الحجاز ثانياً، فإنه كان أقام به أولاً ثمان سنين، وأقام به مدة، ثم قصد الديار المصرية في سنة ثلاثين وسبعمائة فحسن أمره بها، وولي تدريس المشهد النفيس، وشهادة البيمارستان المنصوري بالقاهرة، ثم رحل إلى القدس وتولى تصديراً، ثم عاد إلى القاهرة في آخر سنة إحدى وأربعين وسبعمائة، ودفن بمقبرة الصوفية، وقيل توفي بالقدس، والأول أرجح، رحمه الله تعالى. ومن شعره: لعل رسولاً من سعاد يزور ... فيشفي ولو أن الرسائل زور يخبرنا عن غادة الحي هل ثوت ... وهل ضربت بالرقمتين خدود وهل سنحت في الروض غزلان عالج ... وهل أثله بالساريات مطير ديار لسلمى جادها وأكف الحيا ... إذ ذكرت خلت الفؤاد يطير كأن غنا الورقاء م فوق دوحها ... قيان وأوراق الغصون ستور الجزء: 7 ¦ الصفحة: 403 تمايل فيها الغصن من نشوة الصبا ... كأن عليه للسلاف غدير متى أطلعت فيه الغمائم أنجما ... تلوح ولكن الأكف تغور 1513 - قاضي القرم بعد 710 - 780هـ؟ بعد 1310 - 1378م عبيد الله بن محمد بن عثمان، شيخ الشيوخ ضياء الدين بن سعد الدين، وكان يقال له ضياء العفيفي القزويني الشافعي القرمي، المعروف بقاضي القرم. ولد في سنة بضع عشرة وسبعمائة، وأخذ عن والده، وعن القاضي عضد الدين عبد الرحمن في صباه، وسمع من العفيف المطري، وبرع في العلم قديماً حتى كان الشيخ سعد الدين عمر بن مسعود التفتازاني أحد من قرأ عليه وحضر دروسه، ثم قدم القاهرة وعظم عند الملك الأشرف شعبان بن حسين، وتولي تدريس الشافعية بخانقاة شيخو بعد الشيخ بهاء الدين السبكي، ثم ولي مشيخة الخانقاة الركنية بيبرس الجاشنكير، ولما انشأ الملك الأشرف شعبان مدرسته الجزء: 7 ¦ الصفحة: 404 بالصوه - تحت قلعة الجبل تجاه الطبلخاناة السلطانية - ولاه مشيختها وعزل نظام الدين إسحاق. قلت،: وقد أخرب الملك الناصر فرج هذه المدرسة المذكورة، وهي إلى، بيمارستان الملك المؤيد شيخ، انتهى. ولما توجه الملك الأشرف من القلعة إلى بركة الحاج يريد الحج في يوم الاثنين رابع عشر شوال سنة ثمان وسبعين وسبعمائة، دخل قبل توجهه إلى البركة مدرسته المذكورة قبل أن يكمل بناؤها وإما كمل قاعة المشيخة لا غير، وسكنها الشيخ ضياء الدين المذكور واستدعى القضاة الأربع ومد لهم سماطاً عظيماً، وجلس السلطان والشيخ إلى جانبه، فتقدم خادم الخدام الشيخ محمد بن النجار القرافي وأخذ الششني، فمد السلطان يده حينئذ وأكل، ثم جيء بعد السماط بتوقيع الشيخ بمشيخة الشيوخ، وقرأه القاضي فخر الدين محمد القاياتي قاضي مصر، ثم خرج السلطان إلى بركة الحجاج، وكان من أمره ما ذكرناه، ولما قتل الملك الأشرف تسلطن من بعده ولده الملك المنصور علي وقام بتدبير الأمير قرطاي وغيره من الأمراء أخرج الشيخ ضياء الدين من المدرسة الأشرفية إخراجاً مزعجاً، وسكن البيبرسية على عادته أولاً، ولازم التدريس والإقراء، وانتفع به الطلبة، بعلمه وجاهه، وكانت الطلبة تقرأ عليه دواماً حتى في حال ركوبه ومسيره، وكان يقول: أنا حنفي الأصول، شافعي. الجزء: 7 ¦ الصفحة: 405 الفروع، وكان متضلعاً من العلوم والفنون، يقرئ في غالب الأوقات بلا مطالعة، وكان يستحضر مذهب السادة الحنفية ويفتي فيه، كما يفتي في مذهبه، هذا مع الدين المتين، وكثرة الخير، وقلة الشر، وسلامة الباطن. قال المقريزي: وكانت لحيته طويلة جداً بحيث تصل إلى قدميه، وكان رجلاً تاماً إلى الطول أميل، وإذا نام جعل لحيته في كيس، وكانت العامة إذا رأته حين يمر في الأسواق سبحت الله تعالى، وكان إذا سمع قولهم يقول: هؤلاء مؤمنون حقاً، ولم يزل على حاله حتى توفي بالقاهرة يوم الاثنين ثالث عشرين ذي الحجة سنة ثمانين وسبعمائة، وهو أحد من أخذت عنه. انتهى كلام المقريزي باختصار، رحمه الله تعالى. ؟ 1514 - البارشاه السمرقندي ... - 701هـ؟ ... - 1301م عبيد الله بن محمد، الشيخ الإمام العابد الزاهد العلامة ركن الدين البارشاه السمرقندي الحنفي، نزيل دمشق، ومدرس الظاهرية، ثم النورية. كان من أئمة المذهب، مكباً على المطالعة والأشغال مع أوراد هائلة، كان يصلي في اليوم والليل ة م ائة ركعة دوماً مع تأني وخشوع وله حلقة بالجامع يقرئ الجزء: 7 ¦ الصفحة: 406 الطلبة، وأقام مدة طويلة على ذلك، وانتفع بعلمه ودينه جماعة كبيرة، واستمر على ذلك إلى أن مات خنقاً في سنة إحدى وسبعمائة، أصبح ميتاً ملقى في بركة الظاهرية، فمس طي الحوراني قيم الظاهرية وضرب، فأقر بقتله فشنق في التاريخ. انتهى. ؟؟ 1515 - تقي الدين الإسعردي 622 - 629 هـ؟ 1225 - 1293م عبيد الله بن محمد بن عباس بن محمد بن موهوب، الحافظ المفيد تقي الدين أبو القاسم الإسعردي. ؟ ولد سنة اثنتين وعشرين وستمائة بإسعرد، وقدم إلى الديار المصرية في صباه مع أبيه، وسمع من: علي بن مختار، والحسن بن دينار، ويوسف بن المخيلي، وابن رواح، وابن المقير، وسبط السلفي، وجماعة بالثغر، وجماعة بدمشق، وكتب الكثير، وبرع في الحديث والرجال، والتجريح، والعالي والنازل، وخرج لجماعة، وقرأ الكثير، وكان من العارفين مع الثقة والصدق، وسمع منه: ابن الظاهري وولداه، والحراني وولداه، والمزي، وابن منير الحلبي، وابن سيد الناس، والبرزالي، وخلق، وتوفي سنة اثنتين وتسعين وستمائة، رحمه الله تعالى وعفا عنه. الجزء: 7 ¦ الصفحة: 407 باب العين والتاء المثنا ة م ن فوق 1516 - تقي الدين العدوي ... - 722هـ؟ ... - 1322م عتيق بن عبد الرحمن بن أبي الفتح، الشيخ المحدث الزاهد تقي الدين أبو بكر القرشي العدوي العمري، المصري، الصوفي، المالكي، شيخ خانقاه ابن الخليل. كان فيه دين وتعبد، مع علم وفضيلة، سمع بمصر والشام والحجاز، وجاوز بمكة مرة، وحدث عن: النجيب عبد اللطيف، وعبد الله بن علاق، ومرض بالفالج مدة، وهو في عشر الثمانين، وكتب عنه الطلبة، وتوفي سنة اثنتين وعشرين وسبعمائة، رحمه الله تعالى، وعفا عنه. الجزء: 7 ¦ الصفحة: 409 باب العين والثاء المثلثة 1518 - فخر الدين البرماوي ... - 816هـ؟ ... - 1413م عثمان بن إبراهيم بن أحمد، الشيخ الإمام فخر الدين البرماوي الشافعي، شيخ القراء بالمدرسة الظاهرية برقوق. كان إماماً بارعاً في معرفة القراءات، عالماً بالفقه والحديث والعربية، تصدر للإقراء عدة سنين إلى أن توفي فجأة بعد خروج ه م ن الحمام في يوم الاثنين تاسع عشر شعبان سنة ست عشرة وثمانمائة. والبرماوي نسبة إلى برمة، بلدة بالغربية من أعمال القاهرة بالوجه، البحري، وإليها ينتسب جماعة كثيرة من الفقهاء وغيرهم، رحمه الله تعالى. الجزء: 7 ¦ الصفحة: 411 ؟ 1519 - العلامة فخر الدين التركماني الحنفي 660 - 731 هـ؟ 1261 - 1330م عثمان بن إبراهيم بن مصطفى بن سليمان، الشيخ الإمام العلامة فخر الدين أبو عمرو المارديني الحنفي، الشهير بالتركماني. كان إماماً عالماً بارعاً مفنناً، تصدر للإفتاء والتدريس سنين، وكان معظماً عند الملوك، درس بمدرسة الملك المنصور قلاوون بالقاهرة مدة طويلة وشرح الجامع الكبير، وسمع من: أحمد بن عبد الكريم بن غازين وشاكر الله ابن السمعة، وعمر بن عبد العزيز بن رشيق، وغيرهم، وكان من أوعية العلم، مقدماً على أقرانه، فصيح العبارة، عالماً باللغة والعربية والمعاني والبيان، معدوداً من أعيان السادة الحنفية. قال الحافظ عبد القادر الحنفي في طبقاته، عثمان بن مصطفى بن إبراهيم بن سليمان بعكس ما ذكرناه وأظنه وهم في ذلك، أو غلط الكاتب في النسب، قال: الإمام العلامة شيخ الحنفية في زمنه، والد سيدنا ومولانا قاضي الجزء: 7 ¦ الصفحة: 412 القضاة علاء الدين أبي الحسن علي، والعلامة تاج الدين أبي العباس أحمد، ثم قال: وهو أيضاً جد سيدنا قاضي القضاة جمال الدين أبو محمد عبد الله بن علي، وعبد العزيز بن علي، ومحمد بن أحمد، بيت علماء فضلاء أئمة، انتهت إليهم الرئاسة، وسمع الإمام فخر الدين من الدمياطي، وحدث وأفتى، ودرس، وتخرج عليه الخلق من الطلبة، وشرح الجامع الكبير بكماله، وتفقهت عليه، وقرأت عليه قطع ة م ن الهداية بالجامع الحاكي وغيره، انتهى كلام الحافظ عبد القادر. قلت: وكانت وفاته ليلة السبت حادي عشر شهر رجب سنة إحدى وثلاثين وسبعمائة، رحمه الله تعالى وعفا عنه. ؟ 1520 - فخر الدين الزرعي ... - 778هـ؟ ... - 1376م عثمان بن أحمد بن أحمد بن عثمان، قاضي القضاة فخر الدين أبو عمرو بن الجزء: 7 ¦ الصفحة: 413 قاضي القضاة صدر الدين أبي المعالي بن القاضي شهاب الدين بن القاضي فخر الدين الزرعي الشافعي، قاضي قضاة حلب. انتقل إليها من قضاء طرابلس، وطالت مدته فيها، حكمها نحواً من إحدى وعشرين سنة، وكان مشكور السيرة، عالماً، فاضلاً، فقهياً، ورئيساً، توفي بحلب في شعبان سنة ثمان وسبعين وسبعمائة، رحمه الله تعالى. ؟ 1521 - أبو العباس الظاهري 670 - 730 هـ؟ 1271 - 1329م عثمان بن أحمد بن محمد بن عبد الله، الشيخ الإمام أبو العباس الظاهري الحنفي. تفقه على والده، وعلى عمه إبراهيم، وأحضره والده على أبي الفتح عبد اللطيف ابن عبد المنعم الحراني، وعبد الله بن علاق، وأسمعه من عبد العزيز بن عبد المنعم الحلاوي، والإمام أبي بكر محمد بن إبراهيم المقدس، سمع الكثير، وكتب بخطه، وقرأ بنفسه على البرزالي. قال الحافظ عبد القادر الحنفي: ذكر لي والده في سنة خمس وثمانين أن كثرة شيوخ إلى ستمائة شيخ، ثم ازدادوا بعد ذلك، مولده في صفر سنة سبعين الجزء: 7 ¦ الصفحة: 414 وستمائة، وقيل في المحرم، ومات رحمه الله في ليلة يسفر صباحها عن سادس شهر رجب سنة ثلاثين وسبعمائة، بزاوية والده خارج باب البحر، سمعت منه الكثير، وأجاز لي غير مرة، وكتب لي بخطه. انتهى كلام الحافظ عبد القادر، رحمه الله تعالى. ؟ 1522 - ابن جوشن ... - 707هـ؟ ... - 1307م عثمان بن جوشن، الشيخ الصالح فخر الدين المسعوي. كان له فضيلة ومشاركة، وللناس فيه اعتقاد حسن، ويقصد للزيارة والتبرك به إلى أن توفي سنة سبع وسبعمائة، ودفن بتربته خارج باب النصر، المعروفة بتربة جوشن، وجلس أحد أولاد ه م كانه، رحمه الله تعالى. ؟ 1523 - فخر الدين الكرادي الأشقر ... - 791هـ؟ ... - 1389م عثمان بن سليمان بن رسول بن يوسف بن خليل بن نوح، الشيخ الإمام الجزء: 7 ¦ الصفحة: 415 فخر الدين الكرادي - بتخفيف الراء المهملة - الحنفي، المعروف بالأشقر، إمام الملك الظاهر برقوق. أصله من البلاد الشمالية، واشتغل بها، ثم قدم القاهرة في عنفوان شبابه في الدولة الأشرفية شعبان بن حسين، واشتغل بها على علماء عصره، وبرع في مذهبه، وشارك في غيره، وصحب الملك الظاهر برقوق في أيام إمرته، وقيل قبل أن يتأمر، فلما تسلطن الظاهر برقوق عرف له الصحبة وقرره إماماً عنده، وتقدم في دولته، ثم ولاه قضاء العسكر ومشيخة الخانقاة البيبرسية إلى أن توفي يوم الخميس رابع عشرين شهر ربيع الآخر سنة إحدى وتسعن وسبعمائة. وكان حسن الهيئة، مشاركاً في الفضائل، وهو والد القاضي محب الدين ناظر الجيوش المنصورة المعروف بابن الأشقر، وقد سألت ولده القاضي محب الدين المذكور عن أصله، فقال: أصلنا من بلاد القرم، وكان جدي عالماً مفنتاً، وكان والد جدي ملكاً بتلك البلاد، رحمه الله تعالى. ؟ 1524 - ابن تولوا الفهري 605 - 658 هـ؟ 1208 - 1286م عثمان بن سعيد بن عبد الرحمن بن أحمد تولوا، الأديب الشاعر معين الدين أبو عمرو الفهري المصري. الجزء: 7 ¦ الصفحة: 416 ولد بتنيس سنة خمس وستمائة، وسمع بدمشق من القاضي أبي نصر بن الشيرازي وغيره، وكان أحد الشعراء في عصره، وعليه تخرج الحكيم شمس الدين محمد بن دانيال، وبه تأدب، وله معه حكايات، وكان يسخر به ويهزأ، ويضحك منه الناس، توفي سنة خمس وثمانين وستمائة، رحمه الله تعالى. ومن شعره: جمعك بين الكثيب والغصن ... فرق بين الجفون والوسين يا فتنةً ما وقيت صرعتها ... مع حذري دائماً من الفتن ؟؟ باللفظ واللحظ كم ترى أبداً تسحر بي دائماً وتسحرني وقد ألفت الغرام فيك كما ... فرقت بين الحياة والبدن وله: يا أهل مصر وجدت أيديكم ... عن بسطها بالنوال منقبضة فمذ عدمت الغذاء عندكم ... أكلت كتبي كأنني أرضه الجزء: 7 ¦ الصفحة: 417 ؟ 1525 - العلامة فخر الدين الضرير إمام جامع الأزهر 725 - 804 هـ؟ 1325 - 1401م عثمان بن عبد الرحمن بن عثمان، الشيخ الإمام المقرئ الضرير فخر الدين، إمام جامع الأزهر، ومقرئ الديار المصرية. ولد سنة خمس وعشرين وسبعمائة بمدينة بلبيس، وقرأ القرآن الكريم بالقراءات السبع، والعشر، والشواذ، على جماعة منهم: الكفتي، والحكري، وغيرهما، وأدب الأطفال بمدينة بلبيس دهراً، ثم قدم القاهرة في سنة أربع وأربعين، وأم بالجامع الأزهر زماناً، وأخذ الناس عنه القراءات، ورحلوا إليه من الأقطار، وتخرج به خلائق، وكان خبيراً بالقراءات، عارفاً بتعليقها، صبوراً على الإقراء، خيراً، ديناً، هيناً، معتقداً، تخشع القلوب لقراءته ولنداوة صوته، ولم يزل على ذلك حتى توفي بالقاهرة في يوم الأحد ثاني ذي القعدة سنة أربع وثمانمائة، عن ثمانين سنة. الجزء: 7 ¦ الصفحة: 418 قال المقريزي: أخبرني شيخنا المسند المعمر أبو عبد الله محمد بن ضرغام أن الشيخ فخر الدين هذا قدم عليه من بلبيس إلى القاهرة في سنة سبع وأربعين وسبعمائة زائراً، وأخبره أن الجان تقرأ عليه القرآن وقد أخبرته أنه يحدث في الناس بديار مصر وباء عظيم في سنة تسع وأربعين وسبعمائة، فكان كذلك، وحدث الفناء الكبير، انتهى. ؟ 1526 - قاضي القضاة فخر الدين ابن خطيب جبرين 662 - 739 هـ؟ 1263 - 1338م عثمان بن علي بن عثمان بن إسماعيل بن إبراهيم بن يوسف بن يعقوب بن علي ابن هبة الله بن ناجية ، قاضي القضاة فخر الدين أبو عمرو بن الخطيب زين الدين أبي الحسن الطائي الحلبي الشافعي، المعروف بابن خطيب جبرين، قاضي حلب. مولده في العشرين الأواخر من شهر ربيع الآخر سنة اثنتين وستين وستمائة، بالحسينية ظاهر القاهرة، واشتغل بحلب، وتفقه بها، وبرع في الفقه، والأصول، والنحو والأدب، والحديث والقراءات، وغير ذلك. الجزء: 7 ¦ الصفحة: 419 قال الأسنوي في طبقات الشافعية له: كان إماماً، عالماً بالفقه والأصول، توفي بالقاهرة بالمدرسة المنصورية ليلة السبت السابع والعشرين من المحرم سنة تسع وثلاثين وسبعمائة، ودفن بمقابر الصوفية، رحمه الله تعالى. وقال الشيخ صلاح الدين الصفدي: كان ينوب للقاضي الشافعي والحنفي، ويحكم لكل منهما بمذهبه، وعنده دين، وبيده سبحة كلما خلا من الكلام سبح بها، كان تلا بالسبع على شمس الدين الخابوري، والبدر التاذفي، وابن بهرام، والكمال الغرناطي، وتفقه بقاضي حلب شمس الدين بن بهرام، وقاضي حماة شرف الدين بن البارزي، وأخذ عن ابن ملي علم الكلام، وتصدر وأقرأ، وتخرج لبه القراء والفقهاء، واشتهر اسمه، وكان عاقلاً ذكياً، قرأت عليه وانتفعت به، وصنف وشرح الشامل الصغير، وشرح التعجيز، ومختصر ابن الحاجب، والبديع لابن الساعاتي، وله نظم في الفرائض وشرحه في مجلد، ومصنف في المناسك، وفي اللغة، وشرح الحاوي في الفقه فيما أظن، تلا عله بالسبع محتسب حلب نجم الدين ابن السفاح الحلبي، والشيخ علي السرميني، وجمال الدين يوسف بن الحسن التركماني، وأحمد بن يعقوب ولم يكمل، وتولى قضاء القضاة الشافعية بحلب سنة ست وثلاثين وسبعمائة، ثم طلبه السلطان وطلب ولده، فروعهما الحضور قدامه لكلام أغلظه لهما، فنزلا مرعوبين ومرضا بالبيمارستان المنصوري بالقاهرة، ومات ولده قبله، وتوفي هو بعده بيوم أو يومين، وكانت مدة مرضهما دون الجمعة، وذلك في سنة ثمان وثلاثين وسبعمائة. الجزء: 7 ¦ الصفحة: 420 قلت: وهذا بخلاف ما أثبته الإسنوي من وفاته سنة تسع وثلاثين وسبعمائة، كما تقدم انتهى. ؟ 1527 - ابن الحاجب النحوي 570 - 646 هـ؟ 1174 - 1248م عثمان بن عمر بن أبي بكر بن يونس، العلامة المحقق جمال الدين أبو عمرو، المعروف بابن الحاجب الكردي، الدويني الأصل، الإسنائي المولد، المقرئ، النحوي، الأصولي، الفقيه المالكي، صاحب التصانيف المشهورة به. ولد سنة سبعين، أو إحدى وسبعين وخمسمائة، وكان أبوه جندياً كردياً، حاجباً للأمير عز الدين موسك، واشتغل في صغره بالقاهرة، وحفظ القرآن، وأخذ بعض القرآن عن الشاطبي، وسمع منه التيسير، وقرأ بطرق المبهج على أبي الفضل محمد بن يوسف الغزنوي، وقرأ بالسبع على أبي الجود، وسمع من البوصير، وابن ياسين، ودخل دمشق فسمع من، القاسم بن عساكر، الجزء: 7 ¦ الصفحة: 421 وحماد الحراني، وبنت سعد الخير، وجماعة، وتفقه على أبي المنصور الأبياري وغيره، وتأدب على الشاطبي، وابن البنا، ولزم الاشتغال حتى برع في الأصول والعربية، وكان من أذكياء العالم، ثم قدم دمشق ودرس بجامعها في زاوية المالكية، وأخذ الفضلاء عنه، وكان الأغلب عليه النحو، وصنف في الفقه مختصراً، وخالف النحاة، وأورد عليه الإشكالات، والزامات معجمه تعز الإجابة عنها. قال الحافظ أبو عبد الله الذهبي: ثم نزح عن دمشق هو والشيخ عز الدين ابن عبد السلام في دولة الملك الصالح إسماعيل، عندما أنكرا عليه، ودخلا مصر وتصدر بالمدرسة الفاضلية، ولازمه الطلبة، وانتقل إلى الإسكندرية، فلم تطل مدته هناك، وتوفي بها في سادس عشرين شوال سنة ست وأربعين وستمائة. وحدث عنه: المنذري، والدمياطي، والجمال الفاضل، وأبو محمد الجزائري، وأبو علي بن الجلال، وأبو الفضل الإربلي، وأبو الحسن بن البقال، وطائفة بالإجازة منهم: قاضي القضاة ابن الخويي، والعماد بن البالسي، وكتب المنسوب الفائق، وله شعر، انتهى كلام الذهبي. الجزء: 7 ¦ الصفحة: 422 قلت: ومن شعره: كنت إذا ما أتيت غيا ... أقول بعد المشيب أرشد فصرت بعد ابيضاض شيبي ... أسوأ ما كنت وهو أسود وله في المعميات: ربما عالج الحروف رجال ... في القوافي فتلتوي وتلين طاوعتهم وعين وعين ... وعصتهم نون ونون ونون قال الشيخ صلاح الدين: كتب هذان البيتان إلى حاذق بإخراج المعميات فأقام ستة أشهر ينظر فيها إلى أن كشفهما، ثم حلف بأيمان مغلظة أنه لا ينظر بعد ذلك في معمى أبداً، ولم يذكر تفسيرهما أصلاً، فأضربت عن النظر فيهما لما تبين من عسرهما من سياق الحكاية، ثم بعد أربعين سنة خطر لي بالليل أن أنظر فيهما، فظهر لي أمرهما وأنه إنما أراد قوله طاوعتهم عين وعين وعين يعني .... يدٍ وغدٍ وددٍ لأنها عينات مطاوعة في القوافي، مرفوعة كانت أو منصوبة أو مجرورة، وكل واحد منها عين لأنها عين الكلمة، لأن وزن غدٍ فع ووزن يدفع ووزن ددفع، وأراد بقوله وعصتهم نون ونون ونون: الحوت لأنه يسمى نوناً، والدواة لأنها تسمى نوناً، والنون الذي هو الحرف، وكلها نونات غير مطاوعة في القوافي، إذ لا يتم واحد منها مع الآخر، ثم نظم ذلك - عفا الله عنه - في بيتين على وزن السؤال، فقال: أي غدٍ مع يدٍ ددٍ ذو حروف ... لها وعت في الورى وهو عيون وداواة والحوت والنون نونا ... ت عصتهم وأمرها مستبين الجزء: 7 ¦ الصفحة: 423 قلت: كان الشيخ صلاح الدين لم يظهر ل ه م عنى هـ المعمى إلا لما وقف على هذين البيتين، والله أعلم. ؟ 1528 - فخر الدين أمير آل فضل ... - 787هـ؟ ... - 1385م عثمان بن قارا بن مهنا بن عيسى بن مهنا، الأمير فخر الدين، أمير عرب آل فضل. مات في شهر ربيع الأول سنة سبع وثمانين وسبعمائة، واستقر عوضه في إمرة العرب الأمير نعير بن حبار، واسم نعير محمد. ؟ 1529 - قرايلك ... - 839هـ؟ ... - 1435م عثمان ابن قطلوبك، والتركمان يقولون قطبك ابن طور على، الأمير فخر الدين، التركي الأصل، التركماني، الشهير بقرايلك صاحب آمد وماردين وغيرهما، ومتملك غالب ديار بكر بن وائل. الجزء: 7 ¦ الصفحة: 424 كان أبوه من جملة الأمراء في الدولة الأرتفية - أصحاب ماردين - ثم انتمى عثمان هذا لتيمورلنك وصار من أعوانه، ودخل معه البلاد الشامية، لما طرقها تيمور في سنة ثلاث وثمانمائة، ثم رجع إلى بلاده واستولى على آمد، وولاه الملك الناصر فرج نيابة الرها لما قتل جكم وبعث برأسه إلى الملك الناصر، فقوي بذلك وضخم، وصار أمره في نمو إلى أن تجرد السلطان الملك المؤيد شيخ إلى البلاد الشرقية وتوجه إلى ابلستين وعاد إلى كختا وكركر، رحل قرا يوسف ابن قرا محمد صاحب تبريز وبغداد إلى جهة قرايلك هذا. فجهز قرايلك قصاده إلى السلطان وترامى عليه، وكان من جملة كلامه يقول: أن ليس لي ذنب عند السلطان إلا اتحادي لابن نعير، فكان قرايلك قبل تاريخه اتحد ابن نعير لما توجه إلى قتال الأمير حديثة بن سيف المتولي الإمرة من قبل السلطان الملك المؤيد، فلهذا اعتذر قرايلك بما ذكرنا، ولا زالت قصاده تلح على السلطان حتى أرسل يقول: إن لم يعف عني السلطان لا أجد لي بداً إلا موافقة قرا يوسف وانتمائي إيه، فأجابه السلطان إلى ذلك، وجهز إلى قرا يوسف يستعطفه عليه ويأمره بالرجوع عنه وتم الشر والفتن بين قرا يوسف وقرايلك حتى توجه قرايلك هـ إلى أرزنكان، وفيها بيرعمر نائب قرا يوسف الجزء: 7 ¦ الصفحة: 425 فخرج إليه بيرعمر وتقاتلا قتالاً شديداً بالقرب منها، فانكسر بيرعمر وقتل، وجهز قرايلك رأسه إلى الملك المؤيد شيخ. ولما مات قرا يوسف استمرت العداوة بين قرايلك وبين بني قرا يوسف، وتوجه قرايلك إلى أرزنكان وحاصرها ثم أخذها، ووقائعه مع إسكندر بن قرا يوسف مشهورة، طال ذلك بينهما سنين، وكان قرايلك من رجال الدنيا قوة وشجاعة وإقداماً، قتل عدة ملوك مثل الأمير جكم من عوض نائب حلب الملقب بالملك العادل قتل بسهم أصابه في المعركة، ومثل القاضي برهان الدين أحمد صاحب سيواس، ومثل بيرعمر المذكور، وغيرهم. ولما تسلطن الملك الأشرف برسباي وطالت أيامه وقع بينه وبين قرايلك المذكور، وجهز السلطان الملك الأشرف لقتاله عسكراً غير مرة، وأخذت الرها منه، وقبض على ابنه هابيل، وحبس بقلعة الجبل إلى أن توفي، ثم تجرد هو بنفسه في سنة ست وثلاثين وثمانمائة، وتوجه حتى وصل إلى آمد ونزل عليها، وحصرها نيفاً على ثلاثين يوماً، ثم رحل عنها بعد أن وقع الصلح بينه ويبن قرايلك هذا، وأرسل إليه بخلعة وفرس بسرج ذهب وكنبوش زركش مع القاضي شرف الدين أبو بكر الأشقر، نائب كاتب السر. واستمر قرايلك بديار بكر على حاله إلى سنة تسع وثلاثين سار إسكندر ابن قرا يوسف من تبريز لقتاله هارباً من أميرزه شاه بن تيمور، إلى أن نزل الجزء: 7 ¦ الصفحة: 426 بالقرب من أرز الروم، فبلغ قرايلك هذا فجهز ابنه علي بك ومعه فرقة من العسكر وهو تابعهم، فالتقوا هم وإسكندر فاستظهر عسكر قرايلك في أول الأمر، ثم إن إسكندر ثبت وحمل بمن معه حملة رجل واحد على عسكر قرايلك فكسرهم، وذلك خارج أرز الروم، وساق إسكندر خلفهم، فقصد عسكر قرايلك أرز الروم ليتحصنوا بها فحيل بنيهم وبينها، فرمى قرايلك بنفسه إلى خندق القلعة ليفوز بمهجته وعليه آلة الحرب، فوق على حجر فشرخ دماغه، ثم حمل وعلق إلى القلعة بحبال، فدام بها أياماً قلائل ومات في العشر الأول من صفر سنة تسع وثلاثين وثمانمائة، بعد أن دام في الإمرة نيفاً عن خمسين سنة، ودفن خارج أرز الروم. فتتبع إسكندر بن قرا يوسف قبره حتى عرفه ونبش عليه وأخرجه وقطع رأسه ورأس ولديه وثلاثة رؤوس أخر من أمرائه، ممن ظفر بهم إسكندر في المعركة. وأرسل الجميع مع قاصد إلى الملك الأشرف برسباي سلطان الديار المصرية، فجهز نائب حلب صحبة القاصد المذكور الأمير شاهين الإيدكاري أحد حجاب حلب، فوصل بهم شاهين المذكور إلى الديار المصرية في يوم الأربعاء سابع عشر شهر ربيع الآخر من السنة، وكان الملك الأشرف قد خرج من القاهرة ليتصيد بالجوارح، فقدم من الغد في يوم الخميس، وأحضر شاهين المذكور رأس قرايلك وولديه وبقية الرؤوس بين يديه فرآهم، الجزء: 7 ¦ الصفحة: 427 ثم أمر بهم فطيف بهم على رماح، وقد زينت القاهرة لذلك فرحاً بموتهم، ثم علقت على باب زويله ثلاثة أيام ثم دفنت. قلت: وينبغي لكل مسلم أن يفرح بموت مثل هـ الظالم المصر على إثارة الفتن والشرور، ولقد قتل في أيامه من الخلائق ما لا يدخل تحت الحصر لطول مدته، وكثرة حروبه مع جماعة من الملوك، وتداول ذلك منه سنين حتى ملك غالب ديار بكر بالقتال والحروب، وأفنى أهله قتلاً وسبياً وجوعاً، عامله الله بعدله وألحق به من بقي من ذريته ليستريح كل أحد من هذه السلالة الملعونة. بمحمد وآله. ؟ 1530 - فخر الدين بن البارزي 668 - 730 هـ؟ 1269 - 1329م عثمان بن محمد بن عبد الرحيم، الإمام العلامة قاضي القضاة فخر الدين أبو عمرو الحموي الشافعي قاضي حلب، المعروف بابن البارزي. مولده سنة ثمان وستين وستمائة، لحق جده وأخذ عنه، وعن عمه قاضي القضاة الجزء: 7 ¦ الصفحة: 428 شرف الدين وتفقه به، وبرع وأفتى ودرس وناب في الحكم بحماة، ثم ولي قضاء حمص، ثم رجع إلى حماة وولي خطابتها ونيابة القضاء، ثم ولي قضاء حلب استقلالاً، وحمدت سيرته، وكان عنده دين وعدل وصرامة وجودة سيرة، وكان يحفظ الحاوي وينزله على الرافعين وحج غير مرة، وحدث بمسند الشافعي عن ابن النصيب، وتفقه به جماعة. قلت: وهو من بيت العلم والفضل والأدب والرئاسة قديماً وحديثاً، توفي بحماة بعد أن توضأ وجلس مجلس حكمه ينتظر إقامة صلاة العصر وذلك في صفر سنة ثلاثين وسبعمائة بحلب، رحمه الله تعالى. ؟ 1531 - صاحب صهيون ... - 691هـ؟ ... - 1292م عثمان بن منكورس بن خمارتكين، الأمير مظفر الدين صاحب صهيون. كان جده خمارتكين عتيق مجاهد الدين، صاحب صرخد، وملك مظفر الدين هذا صهيون بعد موت والده سنة ست وعشرين وستمائة، وكان عارفاً، يقظاً، حازماً، مهاباً، طالت أيامه وعمر تسعين سنة أو أكثر، وكان بيده صهيون وبرزية وبكسراسل، وكان قد رتب أن لا يحضر أحد من نواحي صهيون وبلادها الشكوى إلا بهدية على قدر الحاج ة م ن راس الغنم إلى الجدي إلى الجزء: 7 ¦ الصفحة: 429 الدجاجة إلى الخبز إلى الخضر، فكان يجتمع ل ه م ن هذا في اليوم شيء له صورة، ويفرق آخر النهار في بيوت أولاده، وجمع من ذلك أموالاً كثيرة، واستمر على ذلك إلى أن توفي سنة تسع وخمسين وستمائة، ودفن بقلعة صهيون. وولي صهيون بعده ابنه سيف الدين محمد، فلما ولي جمع أهله وأخوته وشرع في عمل الموكبة، وجمع المطربين من الرجال والنساء، ولم يزل في إنفاق ما ورثه من أبيه في القصف واللهو إلى أن توفي سنة إحدى وسبعين وستمائة بصهيون، وملكها الملك الظاهر بيبرس البندقداري من بعده، ووجه أولاده إلى الشام وأعطاهم أخبازاً من الأربعين إلى العشرة، واستمرت صهيون بأيدي ملوك مصر إلى يومنا هذا، وقد انحط قدرها حتى إنه يليها الأجناد. ؟ 1532 - صاحب مراكش وفاس ... - 731هـ؟ ... - 1330م عثمان بن يعقوب بن عبد الحق، السلطان أبو سعيد المريني المغربي ، صاحب مراكش وفاس وغير ذلك. الجزء: 7 ¦ الصفحة: 430 ملك بعد أخيه أبي يعقوب يوسف، وامتدت أيامه، واتسعت ممالكه، وكانت دولته اثنتين وعشرين سنة، وتوفي سنة إحدى وثلاثين وسبعمائة، وله بضع وستون سنة، وملك أخوه يوسف قبله خمساً وعشرين سنة لكن كان بينهما الملكان عامر وسليمان. وكان عثمان صاحب الترجمة ذا حلم وسكون، وإهمال للجهاد، وله نظر في العلوم، ولم تحمد أيامه وحصل فيها غلاة وفتن، وخالف عليه ابنه عمر وتملك سجلماسة، وجرت أمور وخطوب. ولما مات عثمان هذا ملك بعده ولده الفقيه العالم السلطان العادل أبو الحسن علي، فعظم شأنه، وهابته الملوك لكمال سؤدده، وشدة هيبته، رحمه الله تعالى. الجزء: 7 ¦ الصفحة: 431