الكتاب: عقود الزبرجد على مسند الإمام أحمد في إعراب الحديث المؤلف: عبد الرحمن بن أبي بكر، جلال الدين السيوطي (المتوفى: 911هـ) المحقق: حسن موسى الشاعر الناشر: مجلة الجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة   [ترقيم الكتاب موافق للمطبوع، ورقم الجزء هو رقم العدد من المجلة] ---------- عقود الزبرجد على مسند الإمام أحمد في إعراب الحديث السيوطي الكتاب: عقود الزبرجد على مسند الإمام أحمد في إعراب الحديث المؤلف: عبد الرحمن بن أبي بكر، جلال الدين السيوطي (المتوفى: 911هـ) المحقق: حسن موسى الشاعر الناشر: مجلة الجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة   [ترقيم الكتاب موافق للمطبوع، ورقم الجزء هو رقم العدد من المجلة] كتاب عقود الزبرجد على مسند الإمام أحمد في إعراب الحديث بسم الله الرحمن الرحيم [ مقدمة الكتاب] ربّ يسر وأتمم بخير فأنت كريم ... الحمد لله الذي خصّ هذه الأمة بالإسناد والإعراب، وصلى الله على سيدنا محمد والآل والأصحاب. وبعد: فقد أكثر العلماء قديماً وحديثاً من التصنيف في إعراب القرآن، ولم يتعرضوا للتصنيف في إعراب الحديث سوى إمامين: أحدهما الإمام أبو البقاء العكبري، فإنه لما ألّف إعراب القرآن المشهور1 أردفه بتأليف لطيف في إعراب الحديث، أورد فيه أحاديث كثيرة من مسند أحمد وأعربها، إلاّ أنه لاختصاره، ونزرة ما أورده فيه من النزر القليل، لا يروي الغليل، ولا يشفي العليل. والثاني الإمام جمال الدين بن مالك، فإنه ألّف في ذلك تأليفاً خاصاً بصحيح البخاري، يسمى "التوضيح لمشكلات الجامع الصحيح". وقد استخرت الله تعالى في تأليف كتاب في إعراب الحديث، مستوعب جامع، وغيث على رياض كتب المسانيد والجوامع هامع2، شامل للفوائد البدائع شافٍ. كافلٍ بالنقول والنصوص كاف، أنظم فيه كُلّ فريدة، وأسفر فيه النقاب عن وجه كل خريدة3 وأجعله على مسند أحمد مع ما أضمّه إليه من الأحاديث المزيدة، وأرتّبه على حروف المعجم في مسانيد الصحابة، وأنشيء له من بحار كتب العربية كلَّ سحابة. واعلم أن لي على كلّ كتاب من الكتب المشهورة في الحديث تعليقة، وهي الموطأ4،   1 مطبوع باسم "إملاء ما منّ به الرحمن". وقد حققه علي البجاوي وطبعه باسم "التبيان في إعراب القرآن". 2 هامع أي ماطر. 3 الخريدة: البكر التي لم تمسس. “القاموس) . 4 للسيوطي “تنوير الحوالك على موطأ الإمام مالك) مطبوع. الجزء: 63 - 64 ¦ الصفحة: 176 ومسند الشافعي1، ومسند أبي حنيفة2، والكتب الستة3 ولم يبق إلا مسند أحمد. ولم يمنعني من الكتابة عليه إلاّ كبر حجمه جداً، وعدم تداوله بين الطلبة كتداول الكتب المذكورة، وقدّرت التعليقة عليه تجيء في عدة مجلدّات، والتعاليق التي كتبتها لا تزيد التعليقة منها على مجلد. فلما شرح الله صدري لتصنيف هذا الكتاب، عرّفته بمسند أحمد، عوضاً مما كنت أرومه عليه من التعليقة، ولكونه جامعاً لغالب الحديث المتكلّم على إعرابه. فإن شئت فسّمه "عقود الزبرجد على مسند أحمد" وإن شئت فقل "عقود الزبرجد في إعراب الحديث" ولا تتقيدّ. والله أسأل أن يجعله خالصاً لوجهه الكريم، موجباً للفوز بجنات النعيم، إنه البرّ الرحيم ... مقدمة [في الاستشهاد بالحديث] اعلم أن كثيراً من الأحاديث روتها الرواةُ بالمعنى، فزادوا فيها ونقصوا، ولحنوا، وأبدلوا الفصيح بغيره، ولهذا تجد الحديث الواحد يروى بألفاظ متعددة، منها ما يوافق الإعراب والفصيح، ومنها ما يخالف ذلك4. وقد قال الحافظ فتح الدين بن سيد الناس5: "إذا ورد الحديث على وجهين ما يوافق الفصيح وما يخالفه، فالموافق للفصيح هو لفظ النبي صلى الله عليه وسلم لأنه لم يكن ينطق إلاّ بالفصيح".   1 للسيوطي "الشافي العيّ على مسند الشافعي". 2 للسيوطي "التعليقة المنيفة على مسند أبي حنيفة". 3 للسيوطي عليها: التوشيح على الجامع الصحيح، والديباج على صحيح مسلم بن الحجاج، ومرقاة الصعود إلى سنن أبي داود، وقوت المغتذي على جامع الترمذي، وزهر الربى على المجتبى، ومصباح الزجاجة على سنن ابن ماجة. 4 ذكر السيوطي رأيه هذا في كتابه الاقتراح، ثم نقل فيه كلام ابن الضائع وأبي حيان. انظر الاقتراح ص 16 _19. وراجع هذه المسألة بالتفصيل في كتابنا "النحاة والحديث النبوي ". 5 فتح الدين بن سيد الناس: الإمام العلامة فتح الدين محمد بن محمد بن محمد بن أحمد الأندلسي المصري الشافعي، ولد سنة 671 هـ لازم ابن دقيق العيد وتخرج عليه وأخذ العربية عن البهاء النحاس. صنف السيرة الكبرى والصغرى. مات فجأة سنة 734هـ. انظر طبقات الشافعية للسبكي 9/268 ذيل تذكرة الحفاظ 16، ذيل طبقات الحفاظ للسيوطي 350. الجزء: 63 - 64 ¦ الصفحة: 177 وقد نقل هذا الكلام عن المزني1. قال أبو عاصم العبادي2- من متقدمي أصحابنا- في طبقاته: "قال المزني: لا يروى في الحديث خطأ، فإن النبي صلى الله عليه وسلم أفصح العرب، فلا يجوز أن يروي خطأ". وقال أبو الحسن بن الضائع3- بالضاد المعجمة- في شرح الجمل4: "تجويز الرواية بالمعنى هو السبب عندي في ترك الأئمة كسيبويه وغيره الاستشهاد على إثبات اللغة بالحديث، واعتمدوا في ذلك على القرآن وصريح النقل عن العرب. ولولا تصريح العلماء بجواز النقل بالمعنى في الحديث لكان الأولى في إثبات فصيح اللغة كلام النبي صلى الله عليه وسلم، لأنه أفصح العرب". قال: "وابن خروف5 يستشهد بالحديث كثيراً فإن كان على وجه الاستظهار والتبرك بالمروي فحسن، وان كان يرى أن من قبله أغفل شيئاً وجب عليه استدراكه فليس كما رأى". وقال أبو حيان6 في شرح التسهيل7: "قد أكثر ابن مالك من الاستدلال بما وقع في الأحاديث على إثبات القواعد الكلية في لسان العرب، وما رأيت أحداً من المتقدمين والمتأخرين سلك هذه الطريقة غيره. على أن الواضعين الأوّلين لعلم النحو المستقرئين للأحكام من لسان العرب كأبي عمرو بن   1 أبو إبراهيم إسماعيل بن يحي بن إسماعيل المزني المصري (75 1_ 264 هـ) كان إماماً ورعاً زاهدا، معظما بين أصحاب الشافعي، حدّث عن الشافعي ونعيم بن حماد وغيرهما. من مصنفاته: المبسط، الجامع الكبير، الجامع الصغير، المختصر. أنظر: طبقات الشافعية للسبكي2 /93، طبقات الشافعي للأسنوي1 /34. 2 محمد بن أحمد بن محمد بن عبد الله بن عباد (375_8 45هـ) كان إماماً مفنناً مناظراً. من تصانيفه. المبسوط، طبقات الفقهاء. انظر: طبقات الشافعية للسبكي 4/ 104، طبقات الشافعية للأسنوي2/ 190. 3 أبو الحسن علي بن محمد المعروف بابن الضائع، بلغ الغاية في النحو ولازم الشلوبين، وفاق أصحابه بأسرهم. ومن مصنفاته: شرح جمل الزجاجي. توفى سنة 680هـ. انظر بغية الوعاة 2/ 204. 4 أنظر شرح الجمل لابن الضائع/ مخطوط بدار الكتب المصرية برقم 19 نحوجـ2 ورقة 72. 5 أبو الحسن علي بن محمد المعروف بابن خروف الأندلسي، أخذ النحو عن ابن طاهر المعروف بالِخدَبّ. أقرأ النحو بعدة بلاد. من مصنفاته: شرح كتاب سيبويه، شرح الجمل توفى سنة 609 هـ. انظر بغية الوعاة2 /203. 6 محمد بن يوسف بن علي بن يوسف بن حيان الأندلسي الغرناطي، نحوي عصره ومفسره ومحدثه ومقرئه ومؤرخه وأديبه من مصنفاته: البحر المحيط، التذييل والتكميل في شرح التسهيل، ارتشاف الضرب من لسان العرب، توفي سنة 745 هـ. انظر بغية الوعاة 1/ 280- هـ 28 7 أنظر التذييل والتكميل/ مخطوط بدار الكتب المصرية رقم 62 نحوجـ5 ورقة: 68 ا-. 17. الجزء: 63 - 64 ¦ الصفحة: 178 العلاء1، وعيسى بن عمر2، الخليل، وسيبويه من أئمة البصريين، والكسائي3، والفراء4، وعلي بن المبارك الأحمر5، وهشام الضرير6 من أئمة الكوفيين، لم يفعلوا ذلك. وتبعهم على هذا المسلك المتأخرون من الفريقين وغيرهم من نحاة الأقاليم، كنحاة بغداد وأهل الأندلس. وقد جرى الكلام في ذلك مع بعض المتأخرين الأذكياء فقال: إنما ترك العلماء ذلك لعدم وثوقهم أن ذلك لفظ الرسول صلى الله عليه وسلم، إذ لو وثقوا بذلك لجرى مجرى القرآن في إثبات القواعد الكلية. وإنما كان ذلك لأمرين: أحدهما: أن الرواة جوّزوا النقل بالمعنى فتجد قصة واحدة قد جرت في زمانه صلى الله عليه وسلم تقل بتلك الألفاظ جميعها. نحو ما روي من قوله "زوجتكها بما معك من القرآن" "ملكتكها بما معك", "خذها بما معك" وغير ذلك من الألفاظ الواردة في هذه القصة، فنعلم يقيناً أنه صلى الله عليه وسلم لم يلفظ بجميع هذه الألفاظ، بل لا نجزم أنه قال بعضها. إذ يحتمل أنه قال لفظاً مرادفاً لهذه الألفاظ غيرها، فأتت الرواة بالمرادف، ولم تأت بلفظه صلى الله عليه وسلم، إذ المعنى هو المطلوب، ولاسيما مع تقادم السماع، وعدم ضبطه بالكتابة، والاتكال على الحفظ، والضابط منهم من ضبط المعنى، وأما ضبط اللفظ فبعيد جداً، لاسيما في الأحاديث الطوال. وقد قال سفيان الثوري: إن قلت لكم إني أحدثكم كما سمعت فلا تصدقوني، إنما هو المعنى. ومن نظر في الحديث أدنى نظر علم العلم اليقين أنهم إنما يروون بالمعنى. الأمر الثاني: أنه وقع اللحن كثيراً فيما روي من الحديث، لأن كثيراً من الرواة كانوا غير عرب بالطبع، ولا يعلمون لسان العرب بصناعة النحو، فوقع اللحن في كلامهم، وهم لا يعلمون ذلك. وقد وقع في كلامهم وروايتهم غير الفصيح من لسان العرب، ونعلم قطعا غير شك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان أفصح الناس، فلم يكن ليتكلم إلاّ بأفصح اللغات وأحسن   1 أبو عمرو بن العلاء أحد القراء السبعة المشهورين، كان إمام أهل البصرة في القراءات والنحو واللغة مات سنة 54 1هـ. انظر بغية الوعاة 2/ 231. 2 عيسى بن عمر الثقفي مولى خالد بن الوليد إمام في النحو والعربية والقراءة، أخذ عن أبي عمرو بن العلاء وعبد الله بن أبي إسحاق. وصنف في النحو الإكمال والجامع، توفى سنة 49 1 هـ. انظر بغية الوعاة2/ 237. 3 علي بن حمزة الكسائي، إمام الكوفيين في النحو واللغة، وأحد القراء السبعة المشهورين توفى سنة 182هـ انظر بغية الوعاة2 /163. 4 يحي بن زياد أبو زكريا الفراء، كان أعلم الكوفيين بالنحو بعد الكسائي، أخذ عنه وعن يونس. من مصنفاته: معاني القرآن، المقصور والممدود، المذكر والمؤنث. مات سنة 207 هـ. بغية الوعاة 2/ 333. 5 علي بن المبارك الأحمر صاحب الكسائي، كان متقدماً في النحو، واسع الحفظ. مات سنة 194 هـ. بغية الوعاة2/ 158. 6 هشام بن معاوية الضرير النحوي الكوفي أحد أصحاب الكسائي. صنف مختصر النحو، الحدود، القياس. توفى 209 هـ. بغية الوعاة2/ 328. الجزء: 63 - 64 ¦ الصفحة: 179 التراكيب وأشهرها وأجزلها, وإذا تكلم بلغة غير لغته فإنما يتكلم بذلك مع أهل تلك اللغة على طريق الإعجاز، وتعليم الله ذلك له من غير معلم. وابن مالك قد أكثر من الاستدلال بما ورد في الأثر، متعقباً بزعمه على النحويين، وما أمعن النظر في ذلك. "وابن المصنف رحمه الله كأنه موافق لأبيه في استدلاله بما روي في الحديث، فإنه يذكره على طريقة التسليم". وقد قال لنا قاضي القضاة بدر الدين بن جماعة. وكان ممن أخذ عن ابن مالك- قلت له: يا سيدي هذا الحديث رواية الأعاجم، ووقع فيه من روايتهم ما يعلم أنه ليس من لفظ الرسول. فلم يجب بشيء. قال أبو حيان: "وإنما أمعنت الكلام في هذه المسألة لئلا يقول مبتديء: ما بال النحويين يستدلون بقول العرب وفيهم المسلم والكافر، ولا يستدلون بما روي في الحديث بنقل العدول كالبخاري ومسلم وأضرابهما. فمن طالع ما ذكرناه أدرك السبب الذي لأجله لم يستدل النحاة بالحديث". انتهى كلام أبي حيان. وقال القاضي عياض1 في شرح مسلم: قال الشعبي2: "إذا وقع في الحديث اللحن البينّ يعرب". وقاله أحمد بن حنبل. قال: "لأنهم لم يكونوا يلحنون". وقال النسائي:3 "إن كان شيئاً تقوله العرب فلا يغيّر، وإن لم يكن من لغة قريش، لأنه عليه الصلاة والسلام كان يكلم الناس بألسنتهم، وإن كان لا يوجد في كلام العرب فرسول الله صلى الله عليه وسلم لا يلحن".   1 القاضي عياض بن موسى اليحصبي عالم المغرب ولد بسبتة سنة 476 هـ. قال ابن خلكان: إمام الحديث في وقته وأعرف الناس بعلومه والنحو واللغة وكلام العرب وأيامهم وأنسابهم. ومن تصانيفه: "إكمال في شرح مسلم "، مشارق الأنوار في اقتفاء صحيح الآثار من الموطأ والصحيحين توفى سنة 544 هـ. انظر تذكرة الحفاظ للذهبي ص 304 ا-1307. 2 الشعبي علامة التابعين، عامر بن شراحيل الهمداني الكوفي، مولده في أثناء خلافة عمر، كان إماماً حافظاً فقيهاً متقناً ... انظر تذكرة الحفاظ للذهبي1 /79. 3 الإمام الحافظ أبو عبد الرحمن بن شعيب الخرساني صاحب السنن، ولد سنة 215 هـ وتوفى سنة 303 هـ. برع في الحديث وتفرد بالإتقان وعلو الإسناد. سكن مصر، وكان أفقه مشايخ مصر في عصره وأعلمهم بالحديث والرجال ... أنظر تذكرة الحفاظ للذهبي2 /698. الجزء: 63 - 64 ¦ الصفحة: 180 عُقُود الزّبَرجَدِ عَلىَ مُسنَد الإمام أَحمد في إعرَاب الحَدِيث تأليف: جلال الدين السيوطي تحقيق: الدكتور: حسن موسى الشاعرأستاذ مساعد بكلية اللغة العربية بالجامعة (1) تمهيد : أوَّلا: جلال الدين السيوطي1: لقد أعاننا السيوطي في معرفة سيرة حياته وشيوخه ومؤلفاته، إذ ترجم لنفسه في كتابه حُسن المحاضرة، عند الكلام على من كان بمصر من الأئمة المجتهدين. قال: "وإنما ذكرت ترجمتي في هذا الكتاب اقتداء بالمحدثين قبلي، فقلَّ أن ألفّ أحد منهم تاريخاً إلاّ ذكر ترجمته فيه ... ".   1 انظر ترجمة السيوطي ومؤلفاته: حسن المحاضرة للسيوطي1 /335-344. ترجمة جلال الدين السيوطي لتلميذه الداودي/ مخطوطة بمكتبة عارف حكمت رقم 173 مجاميع. البدر الطالع للشوكاني1/ 328. الضوء اللامع للسخاوي 4/ 65. الكواكب السائرة للغزي 1/ 226. شذرات الذهب لابن العماد 8/ 51. السيوطي وجهوده في الدراسات اللغوية- رسالة ماجستير أعدها الأستاذ محمد يعقوب تركستاني بجامعة أم القرى. فهرست مؤلفات السيوطي/ مخطوطة بمكتبة عارف حكمت رقم 173 مجاميع. مكتبة الجلال السيوطي- تأليف أحمد الشرقاوي جلال الدين السيوطي- بحوث ألقيت في الندوة التي أقامها المجلس الأعلى لرعاية الفنون والآداب والعلوم الاجتماعية/ الهيئة المصرية العامة للكتاب بالقاهرة 1978 م. الأعلام للزركلي 4/ 71. معجم المؤلفين- عمر كحالة5 /128. تدريب الراوي للسيوطي/ المقدمة. الجزء: 63 - 64 ¦ الصفحة: 168 حياته وشيوخه: هو أبو الفضل جلال الدين عبد الرحمن بن كمال الدين أبي بكر بن محمد بن سابق الدين ... الخضيري الأسيوطي الشافعي. نسب إلى أسيوط، مدينة معروفة بمصر. وأما نسبة "الخضيري" فيرجح السيوطي أنها نسبة إلى محلة ببغداد، وقد قيل إن جدّه الأعلى كان أعجمياً أومن الشرق. ولد السيوطي بعد المغرب ليلة الأحد مستهل رجب سنة 849هـ وتوفي والده سنة 855هـ وله من العمر خمس سنوات وسبعة أشهر، وكان قد وصل في حفظ القرآن الكريم إلى سورة التحريم، فنشأ يتيماً، وأسندت وصايته إلى جماعة منهم كمال الدين بن الهمام. حفظ القرآن الكريم وله دون ثماني سنين، ثم حفظ العمدة، ومنهاج الفقه والأصول، وألفية ابن مالك. وشرع يشتغل بالعلم من مستهلّ سنة 864 هـ فلازم كثيراً من شيوخ عصره، وأجيز بتدريس العربية في مستهل سنة 866هـ وبدأ بالتأليف في هذه السنة، فكان أول شيء ألفه شرح الاستعاذة والبسملة، وأوقف عليه شيخه علم الدين البلقيني فكتب عليه تقريظاً، ولازمه في الفقه إلى أن مات سنة 868هـ ولزم في الفقه أيضاً شيخ الإسلام شرف الدين المناوي آخر علماء الشافعية المتوفى سنة 871هـ وقرأ على الشمس السيرَامي صحيح مسلم إلاّ قليلاً منه، والشفا، وألفية ابن مالك، وقطعة من التسهيل وأجازه بالعربية وغيرها. ولزم في الحديث والعربية شيخه تقي الدين الشمنيّ الحنفي المتوفى سنة 872هـ فواظبه أربع سنين وكتب له تقريظا على شرح ألفية ابن مالك "البهجة المرضية" وعلى تأليفه "جمع الجوامع في العربية". ولزم شيخه العلامة محي الدين الكافيجي أربع عشرة سنة حتى مات وذلك من سنة 65 8ـ 879هـ وأخذ عنه التفسير والأصول والعربية والمعاني. وقد سافر السيوطي إلى بلاد الشام والحجاز واليمن والهند والمغرب، ولما حجّ شرب من ماء زمزم لأمور: منها أن يصل في الفقه إلى رتبة الشيخ سراج الدين البلقيني وفي الحديث إلى رتبة الحافظ ابن حجر. ولما بلغ السيوطي أربعين سنة ترك التدريس والإفتاء وتجردّ للعبادة، وشرع في تحرير مؤلفاته، ثم قطع صلته بالحياة العامة واعتكف بمنزله في جزيرة الروضة بالمنيل، ولم يتحول الجزء: 63 - 64 ¦ الصفحة: 169 عنها إلى أن مات في سحر ليلة الجمعة تاسع عشر جمادى الأولى سنة 911هـ رحمه الله تعالى. مصنفاته: قضى السيوطي حياته في تحصيل العلم والدرس والتصنيف، وتنوعت ألوان ثقافته حتى صار إماماً في كثير من العلوم. قال في كتاب حسن المحاضرة1: "ورزقت التبحر في سبعة علوم: التفسير والحديث والفقه والنحو والمعاني والبيان والبديع، على طريقة العرب والبلغاء لا على طريقة العجم وأهل الفلسفة، والذي أعتقده أن الذي وصلت إليه من هذه العلوم السبعة سوى الفقه والنقول التي اطلعت عليها فيها، لم يصل إليه ولا وقف عليه أحد من أشياخي، فضلاً عمنّ دونهم. وأما الفقه فلا أقول ذلك فيه، بل شيخي أوسع نظراً وأطول باعاً. ودون هذه السبعة في المعرفة: أصول الفقه والجدل والتصريف، ودونها الإنشاء والترسل والفرائض، ودونها القراءات- ولم آخذها عن شيخ- ودونها الطب. وأما علم الحساب فهو أعسر شيء عليّ وأبعده عن ذهني، وإذا نظرت في مسألة تتعلق به فكأنما أحاول جبلاً أحمله. "وقد كملت عندي آلات الاجتهاد بحمد الله تعالى، أقول ذلك تحدّثاً بنعمة الله تعالى لا فخراً، وأي شيء في الدنيا حتى يطلب تحصيله بالفخر، وقد أزف الرحيل، وبدأ المشيب، وذهب أطيب العمر. ولو شئت أن أكتب في كل مسألة مصنفاً بأقوالها وأدلتها النقلية والقياسية، ومداركها ونقوضها وأجوبتها، والموازنة بين اختلاف المذاهب فيها لقدرت على ذلك من فضل الله، لا بحولي ولا بقوتي فلا حول ولا قوة إلاّ بالله، ما شاء الله، لا قوة إلاّ بالله. "وقد كنت في مبادئ الطلب قرأت شيئاً في علم المنطق، ثم ألقى الله كراهته في قلبي، وسمعت أن ابن الصلاح أفتى بتحريمه فتركته لذلك، فعوّضني الله تعالى عنه علم الحديث الذي هو أشرف العلوم". وقد ترك السيوطي عدداً ضخماً من المصنفات في أكثر الفنون ما بين مجلدات ورسائل صغيرة وقد ذكر في كتابه حسن المحاضرة أن مؤلفاته إلى ذلك الوقت بلغت ثلاثمائة كتاب سوى ما غسله ورجع عنه2.   1 حسن المحاضرة 1/ 338. 2 حسن المحاضرة1 /338. الجزء: 63 - 64 ¦ الصفحة: 170 وللسيوطي رسالة خاصة فهرس فيها مؤلفاته ورتبها على الفنون1. وقد أحصيت مؤلفاته فيها فبلغت 552 مؤلَفاً. وقد عمل الأستاذ أحمد الشرقاوي إقبال كتاباً ضخماً لمؤلفات السيوطي رتبه على حروف المعجم وسماه "مكتبة الجلال السيوطي" قال في مقدمته: "أحصيت في هذا الفهرست التآليف السيوطية، فكانت 725 عدداً، أخرجت منها الطباعة نيفاً ومائتين ... " ثانيا: الكتب المصنفة في إعراب الحديث: النحاة والحديث: الحديث النبوي أصل من أصول النحو، ومصدر من مصادره السماعية، ولكن الناظر في كتب النحو يتملكه العجب وهو يرى قلة احتجاج النحاة بالحديث وكثرة استشهادهم بالشعر. وقد غلب هذا الاتجاه على النحاة الأوائل، وقلّدهم من جاء بعدهم. ثم اختلف موقف النحاة بعد, فمنهم من قويت عنايته بالحديث والاحتجاج به كابن الطراوة (528هـ) والزمخشري (538 هـ) والسهيلي (581هـ) وابن خروف (0 61 هـ) وابن يعيش (643 هـ) ، وبلغ الاهتمام بالحديث أوجَّهُ عند ابن مالك الأندلسي (672هـ) الذي يعدّ إمام الاحتجاج بالحديث النبوي. وقد لخصّ السيوطي مذهب ابن مالك في الاحتجاج فقال: "كان أمة في الاطلاع على الحديث، فكان أكثر ما يستشهد بالقرآن، فإن لم يكن فيه شاهد عدل إلى الحديث، فإن لم يكن فيه شاهد عدل إلى أشعار العرب"2. وهكذا مهّد ابن مالك السبيل لمن جاء بعده، فسار على دربه ابن هشام (761هـ) والدماميني (827 هـ) والأشموني (929هـ) وغيرهم. ومن النحاة من تزعّم منع الاحتجاج بالحديث، وأشهرهم اثنان: ابن الضائع (680 هـ) وأبو حيان الأندلسي (745هـ) ، وذلك لأمرين: أحدهما أن الرواة جوّزوا نقل   1 فهرست مؤلفات السيوطي/ مخطوط بمكتبة عارف حكمت رقم 173 مجاميع. 2 بغية الوعاة بتحقيق محمد أبو الفضل1 /134. الجزء: 63 - 64 ¦ الصفحة: 171 الحديث بالمعنى، والثاني أن كثيراً من رواة الحديث كانوا غير عرب بالطبع فوقع اللحن في نقلهم1. وقد رجَّح معظم المتأخرين مذهب ابن مالك في الاحتجاج بالحديث، وذلك لشدّة عناية المحدثين برواية الحديث وورعهم في نقله، وتمييز الأحاديث الصحيحة من غيرها، بعد الجهد العظيم الذي بذله علماء الحديث. ومن العجيب أن الإمام السيوطي، وهو صاحب المصنفات الكثيرة في الحديث، ذهب إلى عدم الاحتجاج بالحديث فيما خالف القواعد النحوية، وصحح مذهب ابن الضائع وأبي حيان. فقال في كتابه الاقتراح: وأما كلامه صلى الله عليه وسلم فيستدل منه بما ثبت أنه قاله على اللفظ المرويّ، وذلك نادر جدا، إنما يوجد في الأحاديث القصار على قلة أيضا فإن غالب الأحاديث مرويّ بالمعنى، وقد تداولتها الأعاجم والمولدون قبل تدوينها، فرووها بما أدّت إليه عباراتهم، فزادوا ونقصوا، وقدموا وأخروا، وأبدلوا ألفاظاً بألفاظ. ولهذا ترى الحديث الواحد في القصة الواحدة مرويّاً على أوجه شتى بعبارات مختلفة، ومن ثَمّ أنكر على ابن مالك إثباته القواعد النحوية بالألفاظ الواردة في الحديث"2. وكرر السيوطي هذا الرأي في كتابه همع الهوامع فقال: " ... وقد بيّنت في كتاب أصول النحو من كلام ابن الضائع وأبي حيان أنه لا يستدل بالحديث على ما خالف القواعد النحوية، لأنه مروي بالمعنى لا بلفظ الرسول، والأحاديث رواها العجم والمولدون لا من يحسن العربية، فأدوها على قدر ألسنتهم"3. كما ذكر السيوطي هذا الرأي أيضا في كتابه عقود الزبرجد حيث قال: "اعلم أن كثيراً من الأحاديث روتها الرواة بالمعنى، فزادوا فيها ونقصوا، ولحنوا وأبدلوا الفصيح بغيره، ولهذا تجد الحديث الواحد يروى بألفاظ متعددة، منها ما يوافق الإعراب والفصيح، ومنها ما يخالف ذلك". ثم ينقل السيوطي كلام ابن الضائع وأبي حيان في هذا المجال.   1 راجع موقف النحاة من الاحتجاج بالحديث في الفصل الثاني من كتابنا النحاة والحديث النبوي. 2 الاقتراح ص 16. 3 همع الهوامع2 /42بتحقيق د. عبد العال سالم. الجزء: 63 - 64 ¦ الصفحة: 172 التصنيف في إعراب الحديث: لقد كان لهذه المواقف المتضاربة من النحاة أن قلّ التصنيف في إعراب الحديث، فلا نجد كتباً متخصصة في إعراب الحديث غير ثلاثة كتب: الأول للعكبري، والثاني لابن مالك، والثالث للسيوطي. قال السيوطي في مقدمة كتابه "عقود الزبرجد": " ... وبعد فقد أكثر العلماء قديماً وحديثاً من التصنيف في إعراب القرآن ولم يتعرضوا للتصنيف في إعراب الحديث سوى إمامين: أحدهما الإمام أبو البقاء العكبري ... والثاني الإمام جمال الدين ابن مالك ... وقد استخرت الله تعالى في تأليف كتاب في إعراب الحديث مستوعب جامع ... " وفيما يلي وصف لهذه المصنفات: (1) إعراب الحديث النبوي- للإمام العكبري (538-616هـ) : أبو البقاء محب الدين عبد الله بن الحسن العكبري الأصل، البغدادي المولد والدار، الفقيه الحنبلي الحاسب الفرضي النحوي الضرير1. برع أبو البقاء في فنون كثيرة وله مصنفات عديدة منها: إعراب القرآن واللباب في علل البناء والإعراب، وشرح الإيضاح والتكملة لأبي علي الفارسي، وشرح المفصل للزمخشري وغيرها. وقد صنف أبو البقاء العكبري أول كتاب في إعراب الحديث2، وأعتمد في أخذ الأحاديث على كتاب جامع المسانيد لابن الجوزي (597هـ) الذي جمع فيه مصنفه غالب مسند أحمد وصحيح البخاري ومسلم والترمذي. قال أبو البقاء في مقدمته: "أما بعد فإن جماعة من طلبة الحديث التمسوا مني أن أملي مختصراً في إعراب ما يشكل من الألفاظ الواقعة في الأحاديث، وأن بعض الرواة قد يخطئ فيها، والنبي صلى الله عليه وسلم   1 أنظر ترجمته في: الذيل على طبقات الحنابلة لابن رجب 2/ 109، نكت الهميان للصمدي 178، الذيل على الروضتين لأبي شامة 199، أنباه الرواة للقفطي 2/ 116، وفيات الأعيان لابن خلكان 3/ 100، بغية الوعاة 2/ 38، شذرات الذهب5/ 67 معجم الأدلاء6/ 46، البداية والنهاية 13/ 85، الأعلام 4/ 208. 2 حققت هذا الكتاب مع دراسة بعنوان " النحاة والحديث النبوي " وحصلت بهما على درجة الدكتوراه من جامعة الأزهر لإشراف أستاذنا الدكتور أحمد كحيل. وقد طبعت الكتابين في عمان. الجزء: 63 - 64 ¦ الصفحة: 173 وأصحابه بريئون من اللحن، فأجبتهم إلى ذلك، واعتمدت على أتمّ المسانيد وأقربها إلى الاستعياب وهو جامع المسانيد للإمام الحافظ أبي الفرج عبد الرحمن بن الجوزي، رحمه الله، مرتّبة على حروف المعجم، والله الموفق للصواب". ومجموع الأحاديث التي تعرّض العكبري لإعرابها نحو 430 حديثاً، كان يستشهد عليها بالقرآن والشعر، وقد يتعرض للخلافات النحوية، وقد يذكر العكبري للرواية أكثر من إعراب. وإذا خرجت الرواية عن المألوف في كلام العرب ولم يجد لها وجها في قواعد النحاة حكم العكبري عليها باللحن. (2) إعراب الحديث- للإمام ابن مالك الأندلسي (600-672 هـ) : أبو عبد الله جمال الدين محمد بن عبد الله بن مالك الطائي الجياني النحوي اللغوي المقريء المحدث الفقيه الشافعي1. من أشهر مصنفاته: الكافية الشافية وشرحها، التسهيل وشرحه- لم يتم-، الخلاصة الألفية في النحو والصرف، شرح عمدة الحافظ وعدة اللافظ. وقد صنف ابن مالك كتاباً في إعراب الحديث سماه: "شواهد التوضيح والتصحيح لمشكلات الجامع الصحيح"2. وهو يقوم على إعراب مشكلات وقعت في صحيح البخاري. ويتضح فيه منهج ابن مالك في الاحتجاج بالحديث النبوي، واستنباط القواعد النحوية منه، ويستدل للأحاديث بالقرآن والشعر، ويخطِّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّيء النحوِيين في عدد من المسائل. وهو بذلك يتميز عن منهج العكبري الذي كان يلحّن الرواية أحيانا لمخالفتها قواعد النحاة. (3) إعراب الحديث- للإمام السيوطي (849 ـ ا 91هـ) : صنف السيوطي كتاباً ضخماً في إعراب الحديث سماه: "عقود الزبرجد على مسند الإمام أحمد" اعتمد فيه غالباً على مسند الإمام أحمد، وضمّ إليه كثيرا من كتب الحديث. قال في مقدمته: " ... وقد استخرت الله تعالى في تأليف كتاب في إعراب الحديث، مستوعب جامع ... وأجعله على مسند أحمد مع ما أضمه إليه من الأحاديث المزيدة، وأرتبه على حروف المعجم في مسانيد الصحابة، وأنشيء له من بحار كتب العربية كل سحابة ... "   1 انظر ترجمته في. بغية الوعاة 1/ 130، البداية والنهاية 13 /267، نفح الطيب بتحقيق محمد محي الدين 2/ 421، طبقات النحاة واللغويين لابن قاضي شهبة 133، التسهيل/ التمهيد. 2 حققه محمد فؤاد عبد الباقي، وطبع في القاهرة 1376 هـ 1977م. الجزء: 63 - 64 ¦ الصفحة: 174 وهكذا رتّب السيوطي كتابه على الطريقة التي رتب فيها العكبري كتابه. والسيوطي مطّلع على إعراب الحديث للعكبري وإعراب الحديث لابن مالك فينقل أقوالهما في إعراب الحديث ويزيد عليها بما يعنّ له وما يراه من الأقوال الأخرى. فيقول: "قد أوردت جميع كلام أبي البقاء معزوًّا إليه، ليعرف قدر ما زدته عليه، وتتبعت ما ذكره أئمة النحو في كتبهم المبسوطة من الأعاريب للأحاديث فأوردتها بنصهّا معزوّة إلى قائلها". والسيوطي- كعادته- جمَّاعة للآراء لا يكاد يغفِل عن نقل رأي منها له قيمته في إعراب الحديث، ولا نكاد نجد له دوراً في الإعراب إلاّ نادراً. وأهم المصادر التي اعتمد عليها السيوطي في إعراب الحديث: 1- إعراب الحديث للعكبري، وقد صرّح بنقله جميع كلامه. 2- إعراب الحديث لابن مالك. 3- شرح الطيبي على مشكاة المصابيح للتبريزي. 4- شروح صحيح البخاري للكرماني، والزركشي، والخطابي، وابن حجر. 5- شروح صحيح مسلم للقاضي عياض، والقرطبي، والنووي. 6- شرح الكافية الشافية لابن مالك. 7- أقوال النحاة واللغويين في مصنفاتهم كالزمخشري في المفصل، والرضي في شرح الكافية، والأندلسي في شرح المفصل، وابن يعيش في شرح المفصل، والجوهري في الصحاح، والزمخشري في الفائق، وابن الأثير في النهاية في غريب الحديث. وقد اعتمدت في تحقيق هذا الكتاب على ثلاث نسخ خطية، الأولى في دار الكتب المصرِية، والثانية في أيا صوفيا، والنسخة الثالثة في الخزانة العامة بالرباط. وقد بذلت جهداً كبيرا في تقويم النصّ والتعليق عليه، وتوثيق الآراء والنقول، وتخريج الأحاديث. وقد آثرت تقديم مادة الكتاب على طريقة النص المختار، واستبعدت الفروق بين النسخ، لعدم حاجة القاريء إليها، إلى أن يأذن الله بإتمام الكتاب، وإعادة طبعه كاملاً. ومن الله العون وبالله التوفيق ... الجزء: 63 - 64 ¦ الصفحة: 175 فصل [في عزو الأقوال إلى أصحابها] قد أوردت جميع كلام أبي البقاء معزوّا إليه، ليعُرف قدر ما زدته عليه، وتتبعت ما ذكره أئمة النحو في كتبهم المبسوطة من الأعاريب للأحاديث، فأوردتها بنصهّا معزوّة إلى قائلها، لأن بركة العلم عزو الأقوال إلى قائلها، ولأن ذلك من أداء الأمانة، وتجنب الخيانة، ومن أكبر أسباب الانتفاع بالتصنيف، لا كالسارق الذي خرج في هذه الأيام فأغار على عدة كتب من تصانيفي، وهي المعجزات الكبرى، والخصائص الصغرى، ومسالك الحنفاء، وكتاب الطيلسان وغير ذلك، وضمّ إليها أشياء من كتب العصريين، ونسب ذلك لنفسه من غير تنبيه على هذه الكتب التي استمد منها، فدخل في زمرة السارقين، وانطوى تحت ربقة المارقين، فنسأل الله تعالى حسن الإخلاص والخلاص، والنجاة يوم يقال للمعتدين لات حين مناص. وقد رمزت على كل حديث رمز من أخرجه من أصحاب الكتب الستة المشتهرة، وإن لم يكن فيها ولا في المسند صرّحت بذكر من أخرجه من أصحاب الكتب المعتبرة. الجزء: 63 - 64 ¦ الصفحة: 181 فائدة [هل يتعدى "سمع" إلى مفعولين؟] يتكرر كثيرا في الحديث قول الراوي "سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول " وقد اختلف هل يتعدّى "سمعت"1 إلى مفعولين؟ فجّوزه الفارسي2، لكن لابد أن يكون الثاني مما يُسْمَع، نحو: سمعت زيداً قال كذا. فلو قلت: سمعت زيداً أخاك، لم يجز.   1 فصّل البغدادي القول في استعمالات سمع في خزانة الأدب جـ 9ص 67 ا-173 بتحقيق هارون. 2 أبو علي الفارسي: الحسن بن أحمد عالم مشهور أخذ عن الزجاج وابن السراج، وعنه أخذ ابن جني، له مصنفات كثيرة منها: الإِيضاح والتكملة، والحجة، والبغداديات والتذكرة. توفى سنة 377 هـ. انظر بغية الوعاة 1/ 496 هـ 497. الجزء: 63 - 64 ¦ الصفحة: 181 والصحيح تعدّيه إلى مفعول واحد، وما وقع بعده منصوباً فعلى الحال، والأول على تقدير مضاف، أي سمعت قول رسول صلى الله عليه وسلم، لأن السمع لا يقع على الذوات، ثم بيّن هذا المحذوف بالحال المذكور، وهي يقول، وهي حال مبيّنة، ولا يجوز حذفها. وقال الزمخشري1 في قوله تعالى: {سَمِعْنَا مُنَادِياً} 2: تقول سمعت رجلاً يتكلم، فتوقع الفعل على الرجل، وتحذف المسموع، لأنك وصفته بما يسمع، أو جعلته حالا منه، فأغناك عن ذكره. ولولا الوصف أو الحال لم يكن منه بدّ وأن يقال: سمعت كلامه. وقال الطيبي3: الأصل في "سمعتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول ": سمعتُ قول رسول الله، فأخّر القول وجُعل حالاً ليفيد الإبهام والتبيين. وهو أوقع في النفس من الأصل.   1 محمود بن عمر أبو القاسم جار الله وفخر خوار زم ولد سنة 497 هـ. وجاور بمكة، من مصنفاته: الكشاف في التفسير، المفصل في النحو، الفائق في غريب الحديث، أساس البلاغة. توفى سنة 538 هـ. انظر بغية الوعاة 2/ 279-. 28. 2 آل عمران آية 93 1. انظر تفسير الكشاف 1/ 489. 3 الحسن بن محمد بن عبد الله الطيبي: كان آية في استخراج الدقائق من القرآن والسنن، مقبلاً على نشر العلم. من مصنفاته: شرح الكشاف، شرح مشكاة المصابيح. توفى سنة 743 هـ. انظر بغية الوعاة1 /522. الجزء: 63 - 64 ¦ الصفحة: 182 في قولنا "رضي الله عنه" و "رضوان الله عليه" ... فائدة [في قولنا "ضي الله عنه" و"رضوان الله عليه"] سئل الإمام أبو محمد بن السِّيد البَلْيوسي4 عن قولنا: "رضي الله عنه ورضوان الله عليه هل "عليه" هنا مبدلة من "عنه" كما يتبدل بعض الحروف من بعض، فيسوغ فيها على وعن، أم ليست مبدلة؟ فأجاب: ليست "على" هاهنا ببدل من "عن" التي حكم "رضي" أن يتعدى بها، بدليل أن "عليه" قد صارت خبراً عن المبتدأ، ولو كانت بدلاً من "عن" لكانت من صلة الرضوان، ولم يصح أن يكون خبرا عنه، وعن مضمنّة في الكلام، كأنه قال: رضوان الله عنه سابغ عليه، أو واقع عليه، ونحو ذلك.   4 عبد الله بن محمد بن السّيد عالم باللغة والنحو والأدب. ومن مصنفاته: شرح أدب الكاتب، شرح الموطأ، شرح ديوان المتنبي، إصلاح الخلل الواقع في الجمل. مات سنة 521 هـ. بغية الوعاة2 /55. الجزء: 63 - 64 ¦ الصفحة: 182 فائدة [ في إعراب غير ] سئل ابن الحاجب1 عن إعراب "غير" في قولهم: هذا الحديثُ لا نعلمُ أحداً رواه عن فلان غير فلان؟ أينصب غير أم يرفع؟. فأجاب بما نصّه: إن جعلت "نعلم" متعدياً إلى مفعولين أحدهما "أحداً" والثاني "رواه"، كما نقول: ما أظن أحداً رواه غيرُ فلان، وهو الظاهر، فالفصيح الرفع على البدل من الضمير المرفوع المستتر في "رواه" العائد على أحد، لأنه المنفي في لا نعلم. ويجوز نصبه على الاستثناء، وهي قراءة ابن عامر2، ولا يجوز أن يرفع على أن يكون فاعلاً برواه، لأن في "رواه" ضمير فاعل عائد على أحد، فلا يستقيم أن يرفع به فاعل آخر. فإن جعلت "نعلم" بمعنى نعرف المتعدي إلى واحد، كان "رواه" صفة له، كأنك قلت: لا نعرف راوياً غير فلان، تعينّ النصب، جعلته بدلاً أو استثناء، كقولك: ما أكرمت أحداً راوياً غير زيد. فلا يجوز في "غي" إلاَّ النصب. نقلته من خط ابن الضائع في تذكرته، وهو نقله من خط ابن الحاجب.   1 العلامة عثمان بن عمر المقرئ النحوي المالكي الأصولي الفقيه، من مصنفاته النحوية: الكافية وشرحها ونظمها، وفي التصريف الشافية وشرحها، وله الإيضاح في شرح المفصل، والأمالي في النحو. توفى سنة 646 هـ. أنظر بغية الوعاة 2/ 134. 2 في قوله تعالى {ما فعَلوه إلا قليل منهم} (سورة النساء66) . قرأ السبعة غير ابن عامر بالرفع، وقرأ ابن عامر بالنصب "قليلا" ... أنظر التصريح 1/ 350، تفسير القرطبي 5/ 270. الجزء: 63 - 64 ¦ الصفحة: 183 مُسند أُبَّيْ بن كَعْب رضي الله عنه في التميز ... عُقُودُ الزَّبَرجَد على مُسْنَدِ الإمَام أحمَد في إعْرَاب الحَدِيث تأليف: تحقيق: جلال الدين السيوطي الدكتور حسن موسى الشاعر أستاذ مساعد بكلية اللغة العربية بالجامعة ـ2ـ مُسند أُبَّيْ بن كَعْب رضي الله عنه 1ـ حديث "ففضت عرقا وكأنما أنظر إلى الله فَرَقا" 1 [في التمييز] 2. [عَرَقًا وفَرَقا] هما منصوبان على التمييز. فالأوّل محّوِل عن الفاعل، والأصل: ففاض عرقي، فحّول الإسناد إلى ضمير المتكلم، وانتصب عرقاَ على التمييز. قال ابن مالك في شرح التسهيل3: "ممّيز الجملة ما ذكر بعد جملة فعلية مبهمة النسبة. وإنما أطلق على هذا النوع بخصوصه مع أن كلّ تمييز فضلة يلي جملة، لأن لكلّ واحد من جزأي الجملة في هذا النوع قسطاً من الإبهام يرتفع بالتمييز، بخلاف غيره، فإن الإبهام في أحد جزأي جملته، فأطلق على مميزه مميّز مفرد، وعلى هذا النوع مميّز جملة. والأكثر أن يصلح لإسناد الفعل إليه مضافاً إلى المجهول فاعلا، كقولك في: طاب زيدٌ نفساً، و {اشْتَعَلَ   1 الحديث عن أبي وأوّله: "كنت في المسجد فدخل رجل يصلي فقرأ قراءة أنكرتها عليه.." انظر: مسند أحمد 15/27، 29 1. مسلم لشرح النووي: فضائل القرآن 6/151. 2 ما بين المعقوفتين زيادة للتوضيح. 3 شرح التسهيل لابن مالك مخطوط بدار الكتب المصرية برقم 10 نحوش ورقة 131 ومنه مصورة في الجامعة برقم 1411. الجزء: 65 - 66 ¦ الصفحة: 143 الرَّأْسُ شَيْباً} 1: طابت نفس زيد، واشتعل شيب الرأس". وقال الزمخشري في المفصّل2: هذه التمييزات مزالة عن أصلها، إذ الأصل وصف النفس بالطّيب، والعرق بالتصبب، والشيب بالاشتعال، وأن يقال: طابت نفسُه، وتصبب عرقهُ، واشتعل شيبُ رأسي، لأن الفعل في الحقيقة وصف في الفاعل. والسبب في هذه الإزالة قصدهم إلى ضرب من المبالغة والتأكيد. قال ابن يعيش في شرحه3: "ومعنى المبالغة أن الفعل كان مسنداً إلى جزء منه، فصار مسنداً إلى الجميع، وهو أبلغ في المعنى. والتأكيد أنه لما كان يفهم منه الإسناد إلى ما هو منتصب [به] ، ثم أسند في اللفظ إلى زيد تمكّن المعنى، ثم لما احتمل أشياء كثيرة، وهو أن تطيب نفسه بأن تنبسط ولا تنقبض، وأن يطيب لسانه بأن يعذب كلامه، وأن يطيب قلبه بأن يصفا انجلاؤه، بُيّن المراد من ذلك بالنكرة التي هي فاعل في المعنى، فقيل طاب زيدٌ نفساً، وكذا الباقي. فهذا معنى قوله: والسبب في هذه الإزالة قصدهم إلى ضرب من المبالغة والتأكيد". انتهى وأما الثاني فليس محّولاً عن شيء، وإنما هو مبيّن لجهة التشبيه، نحو: أنت الأسدُ شجاعةً، والبحرُ كرماً، والخليفةُ هيبةً. وفي أوّل هذا الحديث عند مسلم 4 "فسُقِطَ في نفسي من التكذيب ولا إذْ كنتُ في الجاهلية": [معنى سُقِط] قال القاضي عياض 5: "معنى سُقِطَ في نفسي لما أي أعزته حيرة ودهشة".   1 سورة مريم آية 4. 2 شرح المفصّل لابن يعيش 2/74. 3 شرح المفصل لابن يعيش 75/2. وابن يعيش هو موفق الدين يعيش بن علي بن يعيش الحلبي، كان من كبار أئمة العربية، ماهر في النحو والتصريف، تصدّر بحلب للإقراء زمانا. صنف: شرح المفصل، شرح تصريف ابن جني، مات سنة 643 هـ. انظر بغية الوعاة 2/ 351. 4 صحيح مسلم بشرح النووي- باب بيان أن القرآن على سبعة أحرف جـ6ص101. 5 القاضي عياض سبقت ترجمته في الحلقة الأولى، وكلامه هنا مذكور في شرح النووي على مسلم 6/102. الجزء: 65 - 66 ¦ الصفحة: 144 قال الهروي 1 في قوله تعالى: {وَلَمَّا سُقِطَ فِي أَيْدِيهِمْ} 2: "أي تحيّروا وندموا، يقال للنادي المتحيرّ على فِعْلٍ فعله: سُقط في يده. وهو كقوله: قد حصل في يده من هذا مكروه". انتهى. وقال أبو حيان في البحر3: "ذكر بعض النحويين أن قول العرب "سُقِطَ في يده" فعل لا يتصرف، فلا يستعمل منه مضارع ولا اسم فاعل ولا مفعول. وكان أصله متصرفاَ. تقول!: سَقَط الشيء إذا وقع من علو، فهو في الأصل متصّرف لازم ... وسُقط مبني للمفعول، والذي أوقع موقع الفاعل هو الجار والمجرور، كما تقول: جُلِسَ في الدار، وضحِكَ من زيد. وقيل: سُقِط يتضمن معقولاً وهو هاهنا المصدر الذي هو الإسقاط، كما يقال: ذُهِبَ بزيد". قال أبو حيان: "وصوابه وهو هنا ضمير المصدر الذي هو السقوط، لأن سُقِطَ ليس مصدره الإسقاط، وليس نفس المصدر هو المفعول الذي لم يُسَّم فاعلُه، بل هو ضميره4. وقوله: "ولا إذْ كُنْتُ في الجاهلية". قال أبو البقاء5: "تقديره ولا أشكل علىَّ حال القرآن إذْ أنا في الجاهلية كإشكال هذه القصّة علىَّ.   1 أبو عبيد أحمد به محمد بن عبد الرحمن الهروي، صاحب الغريبين على أبي سليمان الخطابي وأبي منصور الأزهري ومات سنة 401 هـ. انظر طبقات الشافعية للسبكي 4/ 84، بغية الوعاة 1/ 371. 2 سورة الأعراف آية 149. قال الأخفش في معاني القران 2/ 315 العرب تقول سًقط في يديه. وأًسْقط في أيديهم. وفي اللسان [مادة سقط] : قال الزجاج. يقال للرجل النادم على ما فعل الحسر على ما فرط منه: قد سُقط في يده وأسقط. وقال أبو عمرو: لا يقال اسْقط بالألف على ما يسمّ فاعله، وفي التنزيل "ولما سُقط في أيديهم"لما قال الفارسي: ضربوا لأكفّهم على أكفّهم من الندم. وقد قرئ: "سَقَط في أيديهم " كأنه أضمر الندم.. 3 البحر المحيط 4/393-349 وفيه زيادة وتفصيل. 4 مذهب الجمهور أن المجرور الحرف مفعول به في المعنى فصحّت نيابته عن الفاعل. وذهب ابن درستويه والسهيلى والرندي إلى أن النائب الضمير المصدر المفهوم من الفعل المستتر فيه، والتقدير: ولما سُقط هو أي السقوط. انظر التصريح على التوضيح 1/287. 5 هو أبو البقاء العكبري، وقد سبقت ترجمته في الحلقة الأولى. وكلامه هذا مذكور في الحديث رقم 5 من كتابه إعراب لحديث النبوي لتحقيق د. حسن الشاعر. الجزء: 65 - 66 ¦ الصفحة: 145 وقال التوُّرِبشْتي1 في شرح المصابيح: قيل فاعل "سقط " محذوف، أي فوقع في نفسي من التكذيب ما لمَ أقدر على وصفه، ولم أعهد بمثله ولا إذْ كنتُ في الجاهلية. وقال الطّيبىّ في شرح المشكاة2: "قد أحسن هذا القائل وأصاب في هذا التقدير، ويشهد له قوله: "فلما رأى رسولُ الله صلى الله عليه وسلم ما غشيني" أي من التكذيب. فَ "مِنْ" على هذا بيانية. والواو في "ولا إذْ كنتُ" لما تستدعى معطوفاَ عليه، و"لا" المؤكدة توجب أن يكون المعطوف عليه منفياً، وهو هذا المحذوف. وهذا أسدّ في العربية من جعل "ولا إذْ كنتُ" صفة لمصدر محذوف، كما قدّره المظهري3، حيث قال: "يعنى وقع في خاطري من تكذيب النبي صلى الله عليه وسلم في تحسينه لشأنهما تكذيب أكثر من تكذيبي إياه قبيل الإسلام، لأن واو العطف مانعة، ولو ذهب إلى الحال لجاز على التعسّف". قال: "وذكر المظهري أن "عرقاً وفرقاً" منصوبان على التمييز، والظاهر أن يكون "فرقاً" مفعولاً له، أوحالا، لأنه لا يجوز أن يقال: انظر فرقي". قال: "وقوله: "فَرَدَدْتُ إليه أنْ هَوِّن على أمتي". يجوز أن تكون "أنْ " مفسّرة4، لما في رددتُ من معنى القول، ويجوز أن تكون مصدرية، وإن كان مدخوله أمراً. وجوّز ذلك صاحب الكشاف نقلا عن سيبويه"5.   1 شهاب الدين فضل الله بن حسير التًوربثتي، محدث فقيه من أهل شيراز. شرح مصابيح السنة للبغوي شرحاً حسناً سمّاه انظر كتف الظنون 1698/2، طبقات الشافعية للسبكى 349/8، مرقاة المفاتيح للقاري 1/ 59. 2 مشكاة المصابيح للخطيب التبريزي، شرحها الطيبى شرحاً سماه " الكاشف عن حقائق السنن ". ورموزه هكذا: معارا السنن للخطابي (خط) شرح السنة للبغوي (حد) شرح صحيح مسلم للنووي (مح) والفائق للزمخشري (فا) ومفردات الرأب (غب) والنهاية لابن الأثير (نه) والتوربثتى (تو) والقاضي البيضاوي (قض) والمظهر (مظ) والأشرف (شف) . ومن هذا الشرح عدد من النسخ الخطية. وقد اعتمدت لا توثيق كلام الطيبي هنا على! 2 ورقة 46 ا-47 1 مخطوط في المكتبة المحمودية بالمدينة المنورة برقم 613. 3 هو مظهر الدين الحسين بن محمود بن الحسن الزيداني المتوفي سنة 727 هـ، له شرح على مصابيح السنة سماه "المفاتيح في شرح المصابيح ". انظر: كشف الظنون 2/ 1699. 4 انظر في "أنْ " المفسرة وشروطها مغني اللبيب ص 29 بتحقيق د. مازن المبارك، الطبعة الأولى. 5 قال سيبويه 3/ 162: وأما قوله: كتبت إليه أن أفعل، وأمرتُه أن قُمْ، فيكون على وجهين: على أن تكون "أن " التي تصب الأفعال ووصلتها بحرف الأمر والنهي ... والوجه الآخر: أن تكون بمنزلة أيْ.. الجزء: 65 - 66 ¦ الصفحة: 146 وقوله: "ولك بكُلِّ رَدَّةٍ مسألةٌ تسْألُنيها". " تَسْألُنيها" صفة مؤكدة لمسألة، كقوله تعالى: {وَلا طَائِرٍ يَطِيرُ بِجَنَاحَيْهِ} 1 أي مسألة ينبغي لك أن تسألها، وأنك لا تخيب فيها. انتهى2. 2- حديث اللُّقَطَة "فإنْ جاء صاحِبُها وإلاّ استَمْتِعْ بها"3. قال ابن مالك في توضيحه4: "تضمَّن هذا الحديث حذف جواب "إنْ " الأولى وحذف شرط "إنْ " الثانية، وحذف الفاء من جوابها، فإن الأصل: فإنْ جاء، صاحبُها أخذها وإلا يجئ فاسْتمتعْ بها". 3- حديث: "يغسلُ ما مَسَّ المرأةَ منه"5. قال أبو البقاء: -وهو أول حديث ذكره في إعرابه-: ""ما" بمعنى الذي، وفاعل "مسَّ " مضمر فيه يعود على الذي، والذي وصلتها مفعول "يغسل"، و" المرأةَ" مفعول "مسَّ ". ولا يجوز أن ترفع "المرأة" بمسَّ على معنى ما مسَّت المرأةُ لوجهين: أحدهما: أن تأنيث المرأة حقيقي، ولم يفصل بينها وبن الفعل فلا وجه لحذف التاء. والثاني: أن إضافة المسّ إلى الرجل وإلى أبعاضه حقيقة، قال تعالى: {أَوْ لامَسْتُمُ النِّسَاءَ} 6 وإضافة المسّ إليها في الجماع تجوّز". انتهى. 4- حديث موسى والخضر:7 قال أبو البقاء 8: "قوله: "أنَّى بأرضك السلام".   1 سورة الأنعام آية 38. 2 أي انتهى كلام الطيبي في شرح المشكاة. 3 الحديث في البخاري- كتاب اللقطة/ باب هل يأخذ اللقطة. انظر فتح الباري 5/ 91 مسند أحمد 5/ 126. 4 شواهد التوضيح والتصحيح ص 135. 5 قال أبي (سألت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قلت: الرجل يجامع أهله ولا ينزل. قال: يغسل ما مس المرأة منه ويتوضأ ويصلي) . انظر البخاري- كتاب الغسل- فتح الباري1/398، مسند أحمد 5/113. 6 النساء آية 43. 7 حديث طويل، وفيه "قام موسى النبي صلى الله عليه وسلم خطيبا في بني إسرائيل، فسئل: أيّ الناس أعلم؟ فقال: أنا أعلم ... ". البخاري: كتاب أحاديث الأنبياء باب حديث الخضر مع موسى عليهما السلام. فتح الباري 6/ 431. البخاري: كتاب التفسير باب سورة الكهف، كتاب العلم- باب ما يستحب للعالم إذا سئل أي الناس أعلم- فتح الباري1/217,والترمذي: أبواب تفسير القرآن 4/ 371، مسند أحمد 5/120. 8 إعراب الحديث النبوي- الحديث الثاني. الجزء: 65 - 66 ¦ الصفحة: 147 في "أنّى" ها هنا وجهان: أحدهما: من أين، كقوله تعالى: {أَنَّى لَكِ هَذَا} 1 فهي ظرف مكان. و"السلام" لما مبتدأ. والظرف خبر عنه. والثاني: هي بمعنى كيف، أي كيف بأرضك السلام؟ ووجه هذا الاستفهام أنه لما رأى ذلك الرجل في قفر من الأرض استبعد علمه بكيفية السلام. فأما قوله "بأرضك" فموضعه نصب على الحال من السلام، والتقدير: من أين استقرَّ السلام كائناً بأرضك؟ ". وقوله: "موسى بني إسرائيل": أي أنت موسى بني إسرائيل؟ فأنت مبتدأ، وموسى خبره. وقوله: "فكلموهم أن يحملوهما فعُرف الخضر فحملوهما". المعنى أن موسى والخضر ويوشع قالوا لأصحاب السفينة هل تحملوننا؟ فعرفوا الخضر فحملوهم. فجمع الضمير في "كلموهم " على الأصل، وثنّى "يحملوهما" لأنهما المتبوعان، ويوشع تبع لهما. ومثله قوله تعالى: {إِنَّ هَذَا عَدُوٌّ لَكَ وَلِزَوْجِكَ فَلا يُخْرِجَنَّكُمَا مِنَ الْجَنَّةِ فَتَشْقَى} 2 فثنى ثم وحد لما ذكرنا. وقوله: "قومٌ حملونا". أي هؤلاء قوم، أوهم قوم. فالمبتدأ محذوف. وقوم خبره. وقوله: "فأخذَ برأسه". في الباء وجهان أحدهما: هي زائدة، أي أخذ رأسه. والثاني: ليست زائدة، لأنه ليس المعنى أنه تناولت رأسه ابتداء، وإنما المعنى أنه جرّه إليه برأسه ثم اقتلعه. ولو كانت زائدة لم يكن لقوله "اقتلعه" معنى زائد على أخذه. وقوله: "لَوددْنا لو صبرَ". "لو" هنا بمعنى "أنْ " الناصبة للفعل3، كقوله تعالى: {وَدُّوا لَوْ تُدْهِنُ} 4 {وَدُّوا لَوْ تَكْفُرُون} 5. وقد جاء بأنْ لا قوله تعالى: {أَيَوَدُّ أَحَدُكُمْ أَنْ تَكُونَ لَه} 6. و"صبر" بمعنى   1 آل عمران آية 37. 2 سورة طه 117. 3 أي المصدرية. وأكثرهم لم يثبت ورود لو مصدرية. وممن أثبته الفراء والفارسي والعكبري وابن مالك. انظر مغني اللبيب ص 294. 4 سورة القلم آية 9. 5 1لنساء 89. 6 البقرة 266. الجزء: 65 - 66 ¦ الصفحة: 148 يصبر، أي وددنا أن يصبر". انتهى كلام أبى البقاء. قلت: وبقى فيه أشياء منها قوله: "موسى بني إسرائيل": فيه إضافة العلم وهو"موسى" إلى بني إسرائيل. والقاعدة النحوية أن العلم لا يضاف لاستغنائه بتعريف العلمية عن تعريف الإضافة، إلا أنه جاء إضافة العلم قليلاً في قول الشاعر: علا زيْدُنا يومَ النَّقا رأسَ زَيْدِكُم 1 فأوّل على أنه تُخُيّل فيه التنكير لوقوع الاشتراك في مسمَّى هذا اللفظ، وكذا يؤول في هذا الحديث. قال ابن الحاجب 2: "شرط الإضافة الحقيقية تجريد المضاف من التعريف". قال الرضي3: "فإن كان ذا لام حذفه لامه، وإن كان علماً نكّر بأن يجعل واحداً من جملة من سمّي بذلك اللفظ ... قال: وعندي أنه يجوز إضافة العلم مع بقاء تعريفه، إذ لا منع من اجتماع التعريفين كما في النداء، نحو: يا هذا، ويا عبد الله. وذلك إذا أضيف العلم إلى ما هو متصف به معنى، نحو: زيدُ الصدّق، ونحو ذلك. وإن لم يكن في الدنيا إلا زيد واحد. ومثله قولهم: مُضمرُ الحمراء4، وأنمارُ الشّاء وزيدُ الخيل5. فإن الإضافة فيها ليست للاشتراك المتفق … انتهى. وقوله: "ما نَقَصَ عِلْمي وعلمُك مِنْ عِلْمِ الله إلا كنقرةِ هذا العصُفورِ مِنْ هذا البحْر"   1 صدر بيت لرجل من طيء ـ وعجزه: بأبيض ماضي الشفرتين. ويوم النقا: يوم الحرب عند النقا وهو الكثيب من الرمل. انظر العينى على الأشمونى 2/243، شرح الكافية 1/ 274، مغنى اللبيب ص 53، حاشية الأمير 1/50، خزانة الأدب 2/224. 2 شرح الكافية 1/274. 3 العلامة رضي الدين محمد بن الحسن الاستراباذي المتوفي سنة 686 هـ. قال عنه السيوطي: صاحب شرح الكافية لابن الحاجب، الذي يؤلف عليها بل ولا في غالب كتب النحو مثلها جمعاً وتحقيقاً وحسن تعليل. انظر بغية الوعاة 1/576 وللرضي أيضا شرح قيم على الشافية لابن الحاجب. 4 مًضر الحمراء وربيعة الفرس وإياد الشمطاء وأنمار المضل أولاد نزار، وردت قصتهم في مجمع الأمثال للميداني عند ذكر المثل "إن العصا من العصبية" ج اص 14 لتحقيق محي الدين عبد الحميد. 5 زيد الخير هو ابن مهلهل بن زيد بن منهب الطائي النبهاني كان يدعى زيد الخيل لشجاعته فسماه النبي صلى الله عليه وسلم لما وفد عليه في سنة تسع من الهجرة زيد الخير لأنه بمعناه، وأثنى عليه، وأقطعه أرضين. انظر تاج العروس (مادة خيل) ، السيرة النبوية لابن هشام- القسم الثاني ص 577. الجزء: 65 - 66 ¦ الصفحة: 149 ليس هذا الاستثناء على ظاهره، لأن علم الله لا يدخله النقص، فقيل "نقص" بمعنى أخذ، وهو توجيه حسن، فيكون من باب التضمين1، ويكون التشبيه واقعاً على الآخذ لا على المأخوذ منه. وقيل المراد بالعلم المعلوم بدليل دخول حرف التبعيض، لأن العلم القائم بذات الله تعالى صفة قديمه لا تتبعض، والمعلوم هو الذي يتبعض. وقيل هو من باب قول الشاعر: ولا عَيْبَ فيهم غيرَ أنّ سيوفهُم بهنّ فُلولٌ مِنْ قِراع الكتائب 2 لأن نقر العصفور لا يُنقص البحر. وقيل "إلا" بمعنى "ولا"، أي ولا كنقرة هذا العصفور3. كما قيل بذلك في قوله تعالى: {لِئَلاَّ يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَيْكُمْ حُجَّةٌ إِلاَّ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْهُمْ} 4، أي ولا الذين ظلموا. لكن قال أبو حيان في البحر5: "إن إثبات "إلا" بمعنى "ولا" لا يقوم عليه دليل. وقوله: "إني على عِلْم من عِلْم الله". "على" هنا للاستعلاء المجازى. وقوله: "فبينما هُمْ في ظلِّ صَخْرة في مكانٍ ثَرْيان"6. قال ابن مالك في توضيحه7: " [ثَرْيان] ، هو بلا صرف، وفيه شاهد على أن منع أصرف، فَعْلان ليس مشروطا بأن يكون له مؤنث على فَعْلى، بل شرطه ألا تلحقه تاء التأنيث، ويستوي في ذلك مالا مؤنث له من قبل المعنى "لَحْيان"8 ومالا مؤنث له من قبل الوضع كـ"ثَرْيان"، وما له مؤنث على فَعْلى في اللغة المشهورةكـ"سَكْران"". انتهى. وقال الكرمانى9: "اللام في قوله (لَوَدِدْنا) جواب قسم محذوف. و (لوصَبَر) في تقدير   1 قال أبو هشام. قد يشربون لفظا معنى لفظ يعطونه حكمه، ويسمى ذلك تضميناً. انظر مغنى اللبيب ص 762 2 البيت للنابغة الذبياني في ديوانه ص 60- بتحقيق د. شكري فيصل. ويستدل به في علم البلاغة على تأكيد المدح بما يشبه الذم- انظر الإيضاح للقزوينى ص 524 بتحقيق د. خفاجي. والبيت من شواهد سيبويه 2/ 326 بتحقيق هارون، وهمع الهوامع 3/ 281 بتحقيق عبد العال سالم. وخزانة الأدب 3/327 بتحقيق هارون. 3 الكلام كلّه مأخوذ من ابن حجر في فتح الباري 1/ 220 بتصرف يسير، دون إشارة. 4 سورة البقرة: آية 150. 5 البحر المحيط 1/442. 6 ثريان: أي فيه بلل أوندى. 7 شواهد التوضيح والتصحيح ص 156. 8 لحيان: كبير اللحية. قال الأشموني 3/232: وفيه خلاف والصحيح منع صرفه. 9 صحيح البخاري بشرح الكرماني 2/145 الجزء: 65 - 66 ¦ الصفحة: 150 المصدر، أي والله لوددنا صبر موسى. وهذا حكم كلّ فعل وقع مصدّراً بلو بعد فعل المودّة. قال الزمخشرى في قوله تعالى: {وَدُّوا لَوْ تُدْهِنُ} 1ودّوا إدهانك2. و (يُقَصّ) بصيغة المجهول. و (مِنْ أمرهما) مفعول ما لم يسمّ فاعله". [انتهى كلام الكرمانى] . 5- حديث: "فُرِجَ سَقْفُ بيتي" 3 الحديث. وفيه "ثم جاء بطَسْتٍ مِنْ ذَهَب مملوءاً حِكْمةً وإيماناً فأفْرغَها في صدري". قال أبو البقاء4: ""مملوءًا" بالًنصب على الحال. وصاحب الحال "طَسْت" لأنه وإن كان نكرة فقد وصف بقوله "مِنْ ذَهَب" فقرب من المعرفة ويجوز أن يكون حالا من الضمير في الجار، لأن تقديره بطَسْتٍ كائنِ من ذهب أو مصوغ من ذهب، فنقل الضمير من اسم الفاعل إلى الجار. ولو روي بالجَر جاز على الصفة. وأما "حكمة وإيمانا" فمنصوبان على التمييز". قال: "والطَّسْت مؤنث ولكنه غير حقيقي، فيجوز تذكير صفته حملاً على معنى الإناء" انتهى. 6- حديث: "أتَدري أي آيةٍ في كتابِ الله مَعكَ أعْظَمُ" 5. قال أبو البقاء6: "لا يجوز في "أيّ" هاهنا إلا الرفع على الابتداء و"أعظم" خبره. و"تدرى" معلّق عن العمل7، لأن الاستفهام لا يعمل فيه الفعل الذي قبله، وهو كقوله تعالى: {لِنَعْلَمَ أَيُّ الْحِزْبَيْنِ أَحْصَى} 8". وفي حديث عمران بن حصين "أتدرون أيُّ يوم ذاك"9: "أيّ " مبتدأ، و"ذاك "   1 1لقلم:9. 2 الكشاف 4/ 142. 3 - الحديث: "فرج سقف بيتي وأنا بمكة فنزل جبريل ففرج صدري ثم غسله من ماء زمزم ثم جاء بطست من ذهب مملوءا حكمة وإيماناً فأفرغها في صدري ثم أطبقه". مسند أحمد 5/ 0122 البخاري: كتاب الصلاة- باب كيف فرضت الصلوات 1/458 من فتح الباري. 4 إعراب الحديث النبوي: 7. 5 - تكملة الحديث عن أبي قلت: "الله لا إله إلا هو الحي القيوم قال: فضرب في صدري وقال: ليهنك العلم أبا المنذر". مسند أحمد 5/143. مسلم: فضائل القرآن 6/93 بشرح النووي. أبو داود: ما جاء في آية الكرسي رقم الحديث1410. 6 إعراب الحديث النبوي: الحديث الثالث. 7 التعليق عن العمل يخص المتصرف من الأفعال القلبية، وهو إبطال عملها في اللفظ دون التقدير، لاعتراض ما له صدر الكلام بينها وبين معموليها. انظر: شذور الذهب365. 8 1لكهف:12. 9 مسند أحمد 4/ 435، وفي إعراب الحديث للعكبري برقم 323. الجزء: 65 - 66 ¦ الصفحة: 151 خبره. وقيل "ذاك " المبتدأ، و"أيّ " الخبر. ولا يجوز نصبه بتدرون البتة".انتهى. 7- حديث: "أنه سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن سورة وعده أن يعلمه إياها، فقال أبيّ: "فقلت: السورةَ التي قلت لي" 1. قال أبو البقاء2: "الوجه النصب على تقدير اذكر لي السورة، أو علمني. والرفع غير جائز إذ لا معنى للابتداء هنا". 8- حديث: "كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يعلمنا إذا أصْبَحْنا أصْبَحْنا على فِطْرَةِ لإسلام، وكلمة الإخلاص، وسنّة نبيّنا صلى الله عليه وسلم، وملّة أبينا إبراهيم حنيفاً مسلماً وما كان من المشرَكين" 3. قال أبو البقاء4: "تقديره: يعلّمنا إذا أصبحنا أن نقول أصبحنا على كذا، فحذف القول للعلم به، كما قال تعالى: {وَالْمَلائِكَةُ يَدْخُلُونَ عَلَيْهِمْ مِنْ كُلِّ بَابٍ سَلامٌ عَلَيْكُم} 5 أي يقولون سلام عليكم". قال الشيخ عز الدين بن عبد السلام6 في أماليه7: "على" إذا استعملت نحو قوله تعالى: {أُولَئِكَ عَلَى هُدىً مِنْ رَبِّهِمْ} 8 تدل على الاستقرار والتمكن من ذلك المعنى، لأن الجسم إذا علا شيئاً تمكن منه، واستقر عليه". 9- حديث "كأيّنْ تقرأ سورةَ الأحزاب أو كأيِّن تعدُّها؟ قال: ثلاثا وسبعين آية. قال: قط" 9. [كأيّن وقط] قال أبو البقاء10: "أمّا "كأيّنْ" فاسم بمعنى كم. وموضعها نصب بتقرأ أو تعد. وقوله   1 مسند أحمد 5/114 وفي آخر الحديث ( … فقرأت الفاتحة الكتاب، قال: هي هي، وهي السبع المثاني والقرآن العظيم) . 2 إعراب الحديث النبوي: 6. 3 - مسند أحمد 5/123. 4 إعراب الحديث: رقم 8. 5 الرعدة 23-24. 6 الشيخ عز الدين بن عبد السلام سلطان العلماء ولد سنة 577 هـ وبرع في الفقه والأصول والعربية ألقى التفسير بمصر دروساً، وهو أول من فعل ذلك. من مصنفاته: تفسير القران، القواعد الكبرى والصغرى توفي بمصر سنة 660 هـ. انظر حسن المحاضرة 314 ـ316. 7 الفوائد في مشكل القرآن للعز بن عبد السلام تحقيق د. رضوان الندوي ص 29. 8 البقرة: 5. 9 - مسند أحمد 5/ 132 الحديث عن زر بن حبش قال، قال لي أبي "كأيّن تقرأ سورة الأحزاب أو كأيّن تعدها؟ قال، قلت لي ثلاثاً وسبعين آية. فقال: قط، لقد رأيتها وإنها لتعادل سورة البقرة … " 10 إعراب الحديث: 9. الجزء: 65 - 66 ¦ الصفحة: 152 "ثلاثاً وسبعين" منصوب بتقدير أعدّها ثلاثاً وسبعين، فهو مفعول ثانٍ. وأما "قطّ" فاسم مبنى على الضم، وهو للزمان الماضي خاصة. ومنهم من يضمّ القاف، ومنهم من يفتح القاف ويخفف الطاء ويضمّها. ولا وجه لتسكينها هنا. والتقدير: ما كانت كذا قط". انتهى. قلت: في "كأيِّن" خمس لغات. قال ابن مالك في الكافية الشافية 1: وفي كأيِّنْ قيل كائِنْ وكَإنْ وهكذا كَيَن وكأيِنْ فاسْتَبِنْ وقال في شرحها: "أصلها "كأيِّنْ " وهي أشهرها، وبها قرأ السبعة إلا ابن كثير2. ويليها "كائِنْ" وبها قرأ ابن كثير، والبواقي لم يقرأ بشيء منها في السبع. وقرأ الأعمش3 وابن مُحيصن4 "وكأيِنْ" بهمزة ساكنة بعد الكاف وبعدها ياء مكسورة خفيفة، وبعدها نون ساكنة في وزن "كَعْيِنْ" ولا أعرف أحداً قرأ باللغتين الباقيتين". وقال ابن الأثير5في النهاية6 في هذا الحديث: "قوله "أقط " بألف الاستفهام. أي أحَسْب. قال: ومنه حديث حيْوة بن شُرَيح7: "لقيت عقبة بن مسلم8 فقلت له: بلغني أنك حدّثت عن عبد الله بن عمرو بن العاص أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يقول إذا دخل المسجد: "أعوذ بالله العظيم وبوجهه الكريم وسلطانه القديم من الشيطان الرجيم" 9 قال: أقط؟ قلت: نعم".   1 شرح الكافية الشافية 4/1702 وانظر في مغني اللبيب 203. 2 "وكأين من نبي … " آل عمران 146 وابن كثير هو عبد الله به كثير المكي من التابعين توفى بمكة سنة 120هـ. انظر البدور الزاهرة للمرحوم القاضي ص 8. 3 الأعمش. هو أبو محمد سليمان به مهران الأعمش الأسدي الكوفي الإمام الجليل كان ورعاً واسع الحفظ للقرآن، ولد سنة 60 هـ ومات سنة 148هـ. انظر: القراءات الشاذة للمرحوم القاضي ص 16-17. 4 ابن محيصن: هو محمد بن عبد الرحمن بن محيصن السهمي مولاهم المكي، مقروء أهل مكة مع ابن كثير. ثقة، روى له مسلم، وكان عالماً بالعربية كان له اختيار في القراءة على مذهب العربية فخرج به عن إجماع أهل بلده. مات سنة 23 اهـ انظر. القراءات الشاذة ص 11. 5 المبارك بن محمد أبو السعادات الجزري المشهور ببن الأثير، من مشاهير العلماء ولد سنة 544 هـ وانتقل إلى الموصل وأخذ النحو عن ابن الدهان وتنقل في الولايات وكتب في الإنشاء. ومن مصنفاته: النهاية في غريب الحديث، جامع الأصول من أحاديث الرسول، البديع في النحو. مات سنة 606 هـ. انظر: بغية الوعاة 2/ 274-275. 6 النهاية في غريب الحديث 4/ 79. 7 حيوة به شريح: شيخ الديار المصرية، روى عن عقبة بن مسلم وغيره. وثقه أحمد بن حنبل وغيره توفى سنة 158 هـ. انظر. تذكرة الحفاظ للذهبي 1/185-186. 8 عقبة بن مسلم التجيبي إمام المسجد العتيق بمصر. روى عن ابن عمر وغيره. توفى حوالي سنة 120هـ. انظر: تهذيب التهذيب 7/249-250 9 أبو داود كتاب الصلاة باب 18 رقم الحديث 466 تحقيق محمد محي الدين عبد الحميد. الجزء: 65 - 66 ¦ الصفحة: 153 وقال الأندلسي1 في شرح المفصَّل: "قط" مخففة ومشدّدة. فالمخففة معناها. حَسْب، وهي مسكنّة مبنيّة لوقوعها موقع فعل الأمر. والمشدّدة معناها ما مضى من الزمان. وبُنيت لأنها أشبهت الفعل الماضي، إذ لا تكون إلا له، ولأنها تضمنت معنى "في"، لأن حكم الظرف أن يحسن فيه "في"، ولماّ لم يحسن ظهوره هنا مع أنه اسم زمان دل على أنها مضمنة لها، وحرِّكت لالتقاء الساكنين، وضمّت لأنها أشبهت "مُنْذُ" لأنها في معناها، فإذا قلت: ما رأيتُه قطُّ، فمعناه: ما رأيته منذُ كنت. انتهى. 10- حديث: "أنهم جمعوا القرآن في مصاحف في خلافة أبي بكر، وكان رجال يكتبون، وُيمِلُّ عليهم.." 2. قال أبو البقاء3: "يُملُّ" لما بضمِ الياء لا غير، وماضيه أمَلَّ. وفي القرآن "أولا يَسْتطيع أنْ يُملَّ هو"4. وفيه لغة أخرى: أمْلى يُمْلي، ومنه قوله تعالى: {فَهِيَ تُمْلَى عَلَيْهِ} 5. قلت: ذكر أن أملَّ يُمِلّ لغة الحجازيين، وأمْلى يُمْلي لغة [تميم] 6. 11- حديث: "لمّا كان يومُ الفتْح قال رجل: لا قُريْشَ بعْدَ اليوم" 7.   1 القاسم بن أحمد اللورقي الأندلسي (575-661 هـ) إمام في العربية، عالم بالقراءات، يعرف الفقه والأصول. شرح المفصل في أربعة مجلدات، وسماه الموصّل. كما شرح الجزولية والشاطبية. انظر: بغية الوعاة 2/ 250، كثف الظنون 2/1770. 2 - مسند أحمد 5/134 والرواية فيه "ويملي عليهم". 3 إعراب الحديث: رقم 10. 4 البقرة آية 282. 5 الفرقان آية5. 6 قال أبو حيان: أملَّ وأملى لغتان الأولى لأهل الحجاز وبني أسد، والثانية لتميم. البحر المحيط 2/ 342. الجزء: 65 - 66 ¦ الصفحة: 154 [دخول لا النافية للجنس على المعرفة] قلت: هو من مشاهير الأحاديث التي تكلمت النحاة على تخريجها، لدخول "لا" فيه على المعرفة، وبنائها معها على الفتح، وذلك على خلاف القاعدة. ومثله قول عمر بن الخطاب "قضية ولا أبا حسنٍ لها" في أشياء أخر. ونسوق كلام النحاة في ذلك. قال ابن مالك في شرح الكافية: "يُتَأوَّل العلم بنكرة فيجعل اسم لا مركباً معها إن كان مفردًا, كقول الشاعر:   7 - مسند أحمد 5/135. الجزء: 65 - 66 ¦ الصفحة: 154 أرى الحاجاتِ عنْدَ أبي خُبيْبٍ نكِدْن ولا أميَّة في البلاد1 وكقول آخر: لا هَيْثَمَ الليلةَ للمطيِّ 2 ومنصوباً بها إن كان مضافاً، كقولهم: قضيةٌ ولا أبا حسن لها3. ولابدَّ من نزع الألف واللام مما هما فيه، ولذلك قالوا: ولا أبا حسنٍ، ولم يقولوا: ولا أبا الحسن. فلو كان المضاف مضافاً إلى ما يلازمه الألف واللام [كعبد الله] 4 لم يجز فيه هذا الاستعمال5. وللنحويين في تأويل العلم المستعمل هذا الاستعمال قولان: أحدهما أنه على تقدير إضافة "مِثْل" إلى العلم، ثم حُذف "مِثْل" فخلفه المضافُ إليه في الإعراب والتنكير. والثاني أنه على تقدير: لا واحد من مسمّيات هذا الاسم. وكلا القولين غير مرضي، أما الأول فيدل على فساده أمران: أحدهما التزام العرب تجرد المستعمل ذلك الاستعمال من الألف واللام، ولو كانت إضافة "مثل" منوية لم يحتج إلى ذلك. الثاني: إخبار العرب عن المستعمل ذلك الاستعمال بمثل، كقول الشاعر: تُبكّي على زيْدٍ ولا زيْدَ مِثْلهُ برئ من الحُمَّى سليمُ الجوانح6 فلو كانت إضافة "مثل" منوية لكان التقدير: ولا مثل زيد مثله. وذلك فاسد. وأما القول الثاني فضعفه بينِّ لأنه يستلزم أن لا يستعمل هذا الاستعمال إلاّ علم مشترك فيه كزيد، وليس ذلك لازماً، كقولهم: لا بَصْرَةَ لكم، ولا قُريْشَ بعد اليوم، وكقول   1 لفضالة بن شريك الأسدي، وقيل لابن الزبير الأسدي من أبيات يهجو بها عبد الله بن الزبير. وأبو خُبيب كنية عبد الله بن الزبير، وكان بخيلا. انظر: سيبويه 2/297, شرح أبيات سيبويه لابن السيرافي 1/ 569، الأصول لابن السراج 1/ 466، المقتضب للمبرد 4/ 362، همع الهوامع 2/ 195، شرح الأشموني 2/ 4. 2 شطر رجز لم يعرف قائله، وهو من شواهد سيبويه 2/ 296، والمقتضب 4/ 362، والأصول لابن السراج 1/ 465 وهمع الهوامع 2/ 195 والأشموني 2/ 4 وخزانة الأدب 2/ 57. 3 انظر سيبويه 297/2. وقال الأشمونى 2/ 4: هو نثر من كلام عمر في حقّ علي رضي الله عنهما كما في شرح الجامع، لشطر بيت، ولهذا لم يذكره العيني في شواهده، وصار مثلا يضرب عند الأمر العسير ... 4 أثبتها من شرح الكافية الشافية. 5 قال البغدادي لا الخزانة 4/58: رأيت في (تذكرة أبي حيان) ما نصّه: قال الفرّاء: من قال قضية ولا أبا حسن لها لا يقول ولا أبا الحسن، بالألف واللام، لأنها تمحض التعريف في ذا المعنى وتبطل مذهب التنكير. وقال: إنما أجزنا "لا عبدَ الله لك" بالنصب لأنه حرف مستعمل، يقال لكل أحد عبد الله، ولا نجيز لا عبدَ الرحمن ولا عبدَ الرحيم، لأن الاستعمال لم يلزم هذين كلزومه الأول وكان الكسائى يقيس عبد الرحمن وعبد العزيز على عبد الله، وما لذلك صحة. أهـ. 6 قائله مجهول، انظر: همع الهوامع 2/196، حاشية يس على التصريح 1/236. الجزء: 65 - 66 ¦ الصفحة: 155 النبي صلى الله عليه وسلم: "إذا هلك كسرى فلا كسرى بعده" 1. وإنما الوجه في هذا الاستعمال أن يكون على قصد: لا شيء يصدق عليه هذا الاسم كصدقه على المشهور به، فضمّن العلم هذا المعنى، وجُرِّد لفظُه مما ينافي ذلك. انتهى كلام ابن مالك في شرح الكافية. وقال في شرح التسهيل2: قد يؤوّل العلم بنكرة، فيركبّ مع "لا" إن كان مفرداً، وينصب بها إن لم يكن مفرداً، فالأوّل كقول النبي صلى الله عليه وسلم: "إذا هلك كسرى فلا كسرى بعده، وإذا هلك قيصر فلا قيصر بعده" وكقول الشاعر: أرى الحاجات عند أبي خُبيبٍ نكدْن ولا أميَّة بالبلاد3 وكقول الراجز: إنَّ لنا العُزَّى ولا عُزَّى لكم 4 والثاني نحو: "قضيةٌ ولا أبا حسنٍ لها". لما أوقعوا العلم موقع نكرة جرّدوه من الألف واللام إذ كانتا فيه، كقوله: ولا عُزَّى لَكم. أو فيما أضيف إليه كقولهم: ولا أبا حسن. فلو كان العلم "عبد الله" لم يعامل بهذه المعاملة للزوم الألف واللام، وكذا عبد الرحمن على الأصحّ لأن الألف واللام لا ينزعان منه إلا في النداء. وقدّر قوم العلم المعامل بهذه المعاملة مضافاً إليه ["مثل" ثم] 5 حذف مضافه وأقيم العلم مقامه في الإعراب والتنكير، كما فُعل بأيدي سبا في قولهم: "تفرّقوا أيدي سبا"6 يريدون مثل أيدي سبا، فحذفوا المضاف وأقاموا المضاف إليه مقامه في النصب على الحال. وقدّره آخرون بلا مسمَّى بهذا الاسم، أو بلا واحد من مسمّيات هذا الاسم. ولا يصحّ واحد من التقديرات الثلاثة على الإطلاق. أما الأول فممنوع من ثلاثة أوجه: أحدهما: ذكَر "مثْل" بعده كقول الشاعر:   1روى البخاري عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال "إذا هلك كسرى فلا كسرى بعده وإذا هلك قيصر فلا قيصر بعده " انظر فتح الباري 6/219. 2 شرح التسهيل لابن مالك مصور في الجامعة الإسلامية عن مخطوطة دار الكتب ورقة 75-76. 3 ما بين المعقوفتين من شرح التسهيل لابن مالك وقد مرّ ذكر البيت قريباً. 4 قاله أبو سفيان به حرب بعد انتهاء غزوة أحد، وهو يومئذ مع المشركين. انظر: فتح الباري 7/ 349 كتاب المغازي، ولم يذكر إنَّ في أوله. وذكره أبن مالك في شرح التسهيل 1/195 من المطبوع هكذا: إنّ لنا عُزّى ولا عزّى لكم. 5 ما بين المعقوفين من شرح التسهيل- المخطوط. 6 في القاموس (مادة سبأ) : تفرقوا أيدي سبا وأيادي سبا تبدّدوا. ضرب المثل بهم لأنه لما غرق مكانهم وذهبت جناتهم تبددوا في البلاد. الجزء: 65 - 66 ¦ الصفحة: 156 تبكى على زَيْدٍ ولا زيْدَ مِثْله فتقدير"مثل" قبل زيد مع ذكر"مثل" بعده وصفاً أو خبراً يستلزم وصف الشيء بنفسه، أو الاخبار عنه بنفسه وكلاهما ممتنع. الثاني: أن المتكلم بذلك إنما يقصد نفي مسمَّى العلم المقرون بلا، فإذا قدّر"مثل" لزم خلاف المقصود، لأن نفي مثل الشيء لا تعرّض فيه لنفي ذي المثل. الثالث: أن العلم المعامل بها قد يكون انتفاء مثله معلوماً لكل أحد فلا يكون في نفيه فائدة نحو: لا بصرة لكم. [وأما التقدير الثاني والثالث فلا يصح اعتبارهما مطلقا، فإنّ] 1 من الأعلام المعاملة بذلك ماله مسمّيات كثيرة كأبي حسن، وقيصر. فتقدير ما كان هكذا بلا مسمَّى لهذا الاسم أو بلا واحد من مسمّياته لا يصح لأنه كذب. فالصحيح أن لا يقدّر هذا النوع بتقدير واحد، بل يقدّر ما ورد منه بما يليق به وبما يصلح له، فيقدر"لا زيد مثله" بلا واحد من مسميات هذا الاسم مثله، ويقدّر"لا قُريش بعد اليوم" بلا بطن من بطون قريش بعد اليوم، ويقدّر"لا أبا حسن لها" و"لا كسرى بعده" و"لا قيصر بعده" بلا مثل أبي حسن، ولا مثل كسرى ولا مثل قيصر، وكذا لا أمية ولا عُزَّى. ولا يضرّ في ذلك عدم التعرّض لنفي المثل. فإن سياق الكلام يدلّ على القصد. انتهى. وقال الرضيّ2: أعلم أنه قد يؤول العلم المشتهر ببعض الخلال بنكرة فينصب بـ "لا" التبرئة، وينزع منه لام التعريف إن كان فيه، نحو: "لا حسنَ" لا الحسن البصري، و"لا صَعِقَ" في الصَّعق3. أو مما أضيف إليه نحو: "لا أمرأ قيس" و"لا ابنَ زبير". ولا تجوز هذه المعاملة في لفظي عبد الله وعبد الرحمن، إذ الله والرحمن لا يطلقان على غيره تعالى حتى يقدّر تنكرهما قال: لا هيثمَ الليلةَ للمطيّ وقال: أرى الحاجاتِ عند أبي خُبيبٍ نكدْنَ ولا أميةَ في البلاد   1 ما بين المعقوفتين من شرح التسهيل. 2 شرح الكافية 1/259-260. 3 الصَّعِق. الشديد الصوت. ولقب خويلد بن نُفيل، فارسي لبني كلاب (القاموس المحيط. صعق) . الجزء: 65 - 66 ¦ الصفحة: 157 ولتأويله بالمنكر وجهان: إما أن يقدر مضاف هو"مثل"، فلا يتعرف بالإضافة لتوغله في الإبهام، وإنما يجعل في صورة المنكر بنزع اللام، وإن كان المنفي في الحقيقة هو المضاف المذكور، الذي لا يتعرف بالِإضافة إلى أي معرف كان، لرعاية اللفظ وإصلاحه. ومن ثمّ قال الأخفش1 على هذا التأويل يمتنع وصفه لأنه في صورة النكرة، فيمتنع وصفه بمعرفة، وهو معرفة في الحقيقة فلا يوصف بنكرة. وإما أن يجعل العلم لاشتهاره بتلك الخلة كأنه اسم جنس موضوع لإفادة ذلك المعنى، لأن معنى "قضية ولا أبا حسن لها": ولا فَيْصلَ لها، إذ عليّ رضي الله عنه كان فيصلا في الحكومات على ما قال النبي صلى الله عليه وسلم: "أقضاكم عليّ"2 فصار اسمه كالجنس المفيد لمعنى الفصل والقطع، كلفظ الفيصل، وعلى هذا يمكن وصفه كالمنكر. وهذا كما قالوا: "لكل فرعون موسى"، أي لكل جبّار قهّار، فيصرف موسى وفرعون لتنكيرهما بالمعنى المذكور. انتهى. 12- حديث: "إن مَطْعَمَ ابْنِ آدمَ جُعِلَ مثلا للدُّنيا، وإنْ قزَّحَهُ3 وملَّحَهُ، فانظروا إلى ما يصير" 4. قلت: "ما" موصولة وعائدها محذوف، لأنه جُرّ بمثل الحرف الذي جرّ الموصول به، والتقدير: إلى ما يصير إليه، ونظر به يتعدى. 13- حديث: "جاءت الرّاجفةُ تتْبعُها الرادفة" 5. قلت: هذه الجملة الفعلية حال من الراجفة. وقوله: "جاء الموت بما فيه". جملة الجار والمجرور حال من الموت، والباء للمصاحبة.   1 أبو الحسن سعيد بن مسعدة، الأخفشي الأوسط، سكن البصرة وقرأ النحو على سيبويه دخل بغداد وناظر الكسائي. من مصنفاته: معاني القرآن. انظر بغية الشاة 1/ 590، معاني القرآن للأخفشي تحقيق د. فايز فارس جـ 1/ الدراسة. 2 قال عبد القادر البغدادي في تخريج أحاديث شرح الكافية ورقة 19: "أقضاكم علي" أخرجه ابن ماجة عن ابن عمر لكن بلفظ أرحم أمتي أبو بكر وأقضاهم على. وقال السخاوي في المقاصد: لم أقف على حديث "أقضاكم على" مرفوع. ويروي في المرفوع عن أنس "أقضى أمتي على". ما أورده البغوي في المصابيح وأخرجه الحاكم في مستدركه عن ابن مسعود قال: كنا نتحدث أن أقضى أهل المدينة علىّ. وقال إنه صحيح ولم يخرجاه. أقول وفي البخاري8/167 من فتح الباري، ومسند أحمد 5/113 قال عمر: " أقرؤنا أبي وأقضانا عليّ ". 3 قال ابن الأثيرفي النهاية 4/58: "وإن قزًحه وملّحه " أي توبله من القزح وهو التابل الذي يطرح في القدركالكموّن والكًزبرة ونحو ذلك. يقال: قزّحت القدر إذا تركت فيها الأبازير. 4 - مسند أحمد 5/136. 5 - مسند أحمد 5/136، وفي الترمذي: أبواب صفة القيامة 4/53 رقم الحديث 2574. الجزء: 65 - 66 ¦ الصفحة: 158 14- وقوله: "أرأيتَ إن جَعَلْتُ صَلاتي كلّها عليك". "أرأيت" هنا بمعنى أخبرني. وقوله: "إذنْ يكْفِيَك الله ما أهمّك مِنْ دنياك وآخرتِك"1. "إذن" هنا للجواب والجزاء معا، وهي ناصبة للفعل لاستيفائها الشروط من التصدّر وغيره 2. 15- حديث: "مثلي في النبيين كمثل رجل بنى دارا فأحْسَنها وأكْمَلَها وتركَ فيها مَوْضِعَ لَبِنَةٍ لم يَضَعْها، فجعل الناسُ يطوفون بالبنيان ويعجبون منه ويقولون: لو تمَّ موضعُ اللبنة" 3. قلت: "جعل" لها معان: أحدها: الشروع في الفعل، كأنشأ وطفق، ولها اسم مرفوع وخبر منصوب، ولا يكون غالبا إلا فعلا مضارعا مجرّدا من أنْ، وهي في هذا الحديث بهذا المعنى. قال ابن مالك4: وقد يجيء جملة فعلية مصدرة بإذا كقول ابن عباس: "فجعل الرجل إذا لم يستطع أن يخرج أرسل رسولا"5. الثاني: بمعنى اعتقد، فتنصب مفعولين نحو: {وَجَعَلُوا الْمَلائِكَةَ الَّذِينَ هُمْ عِبَادُ الرَّحْمَنِ إِنَاثاً} 6. الثالث: بمعنى صيرّ، فتنصب مفعولين أيضاً، نحو: {فَجَعَلْنَاهُ هَبَاءً مَنْثُوراً} 7. الرابع: بمعنى أوجد وخلق، فتتعدى إلى مفعول واحد، نحو: {وَجَعَلَ الظُّلُمَاتِ وَالنُّور} 8. الخامس: بمعنى أوجب، نحو: جعلتُ للعامل كذا. السادس: بمعنى ألقى، كجعلتُ بعض متاعي على بعض. 16- حديث: "قال مَعْبَد: أيْ رسولَ الله، يُخْشى علىَّ مِنْ شبهه" 9.   1 - عن أبي قال (قال رجل: يا رسول الله أرأيت إن جعلت صلاتي كلّها عليك. قال: إذاً يكفيك الله تبارك وتعالى ما من دنياك وآخرتك) . انظر: مسند أحمد 5/136. 2 شروط النصب بإذن ثلاثة: الأول: أن يكون الفعل مستقبلا، الثاني: أن تكون مصدرة. الثالث: أن لا يفصل بينها وبين الفعل بغير القسم. انظر شرح الأشموني 4/ 287 ـ 288. 3 ـ تكملته " فأنا في النبيين موضع تلك اللبنة" الترمذي: المناقب 5/246 رقم الحديث 3692. مسند أحمد 5/137. 4 انظر شواهد التوضيح ص 78. 5 البخاري: كتاب التفسير/ سورة الشعراء. انظر فتح الباري 8/501. 6 1لزخرف:19. 7 الفرقان: 23. 8 1لأنعام:1. 9- حديث طويل في مسند أحمد 5/137 ـ 138. الجزء: 65 - 66 ¦ الصفحة: 159 قال أبو البقاء 1: "أيْ" بفتح الهمزة وتخفيف الياء، مقلوب "يا" وهو حرف نداء. 17- حديث شرح الصدور2. قال أبو البقاء3: "قوله: فرجعتُ بها أغدو بها رقّةً على الصغير ورحمةً للكبير" تقديره ذا رقة وذا رحمة. وهو منصوب على أنه خبر أغدو، وهى من أخوات كان، فحذف المضاف ونصب المضاف إليه". قلت: ويجوز أن يكون النصب على الحال. 18- حديث: "إذا كان يومُ القيامة كنتُ إمام النبيين وخطيبهم وصاحب شفاعتهم غير فخر" 4. قلت: "كان" في أول الحديث تامة بمعنى وجد. و"يومُ القيامة" بالرفع فاعلها. و"كان" الثانية ناقصة. والتاء اسمها. و"إمام" خبرها وقوله "غير فخر" منصوب على الحال. قال التوربشتي: "إمام النبيين" بكسر الهمزة. والذي يفتحها وينصبه على الظرف لم يصب. وقال الرافعي في تاريخ قزوين5: "قوله وصاحب شفاعتهم" يجوز أن يقال معناه: وصاحب الشفاعة العامة بينهم. ويجوز أن يريد وصاحب الشفاعة لهم". 19- حديث: "يوشك الفراتُ أن يحْسرَ عنْ جبل من ذهب" 6. قال ابن مالك: "اقتران خبر "أوشك" بأنْ أكثر من تجريده منها، بعكس كاد، كقوله: ولو سُئِلَ الناسُ التراب لأوشكوا إذا قيل هاتوا أن يَملُّوا وَيمْنَعُوا 7   1 إعراب الحديث: رقم 11. 2 ـ حديث طويل عن أبي، انظر مسند أحمد 5/139. 3 إعراب الحديث: رقم 12. 4 - مسند أحمد 137/5، 138. وفي الترمذي: المناقب 5/247 برقم 3692 وفي ابن ماجة برقم4314. 5 التدوين في أخبار قزوين للإمام أبي القاسم عبد الكريم بن محمد الرافعي القزويني المتوفى السنة 623 هـ. انظر كشف الظنون 382-383. 6 ـ مسند أحمد 5/ 139-140. وفي البخاري. كتاب الفتن13 /78 من فتح الباري. وفي مسلم بشرح النووي: كتاب الفتن 18/19. 7 استشهد به ابن مالك في شرح عمدة الحافظ ص 817. وهو من شواهد الأشموني 1/261 وأوضح المسالك1/311 وهمع الهوامع 2/140. الجزء: 65 - 66 ¦ الصفحة: 160 ومثال التجريد قوله: يُوشِكُ مَنْ فَرَّ مِنْ مَنِيَّتِه في بَعْضِ غِرَاتِه يُوافِقُها 1 قال: "واختص كاد وأوشك باستعمال مضارعهما. وسائر أفعال المقاربة لزمت لفظ الماضي"2. قلت: ففي الحديث شاهد للأمرين معاً. 20- حديث: "صلّى بنا رسول الله صلى الله عليه وسلم الصُّبح فقال: شاهدٌ فلان؟ فقالوا: لا"3. قال أبو البقاء4: "يريد الهمزة فحذفها للعلم بها. وهو مرفوع بأنه خبر مقدّم. و"فلان" مبتدأ، ويجوز أن يكون "شاهد" مبتدأ لأن همزة الاستفهام فيه مرادة. ولو ظهرت لكان مبتدأ البتة، و"فلان" فاعل يسدّ مسدّ الخبر". انتهى. قلت: الحديث أخرجه أبو داود والنسائي وابن ماجه بلفظ "أشاهد" بإثبات الهمزة فعرف أن إسقاطها من تصرّف الرواة. وقوله: "صلّى بنا". قال الِطّيبي5: "أي أمَّنا. والباء إما للتعدية أي جعلنا مصلين خلفه، أو للحال أي صلى ملتبساً بنا". وقوله: "ولو يعلمون ما فيهما لأتوهما ولو حبْوا". يحتمِل أن يكون من باب حذف كان واسمها بعد لو وهو كثير، والتقدير: ولوكان الإتيان حبوًا. ذكره الطّيبي قال: "ويجوز أن يكون التقدير: ولو أتوهما حابين، تسمية بالمصدر مبالغة". قوله: "وإنّ الصف الأول على مثل صفّ الملائكة". قال الطيبي6: "قوله "على مثْل " خبر إنّ، والمتعلق كائن".   1 البيت لأمية بن أبي الصلت. وقد استشهد به ابن مالك في شرح الكافية 1/456 وفي شواهد التوضيح ص 144 وهو من شواهد سيبويه 3/ 161 والأشموني 1/ 262 وهمع الهوامع 2/ 135. 2 شرح عمدة الحافظ ص 823. 3 ـ مسند أحمد 5/140، 141. أبو داود: فضل صلاة الجماعة رقم522. 4 إعراب الحديث: رقم 13. 5 شرح مشكاة المصابيح مخطوط في المكتبة المحمودية برقم 613 ج 2 ورقة 3. 6 شرح مشكاة المصابيح جـ2 ورقة 3. الجزء: 65 - 66 ¦ الصفحة: 161 21 - حديث الصدقة1. قوله: "فلما جمع إليّ ماله لم أجد عليه فيه إلاّ ابنة مخاض، فأخبرته أنها صدقته فقال: ذاك ما لا لَبَنَ فيه ولا ظَهْر". قلت: الإشارة بذاك وهو صيغة المذكر إلى ابنة مخاض وهي مؤنث. وكذا ضمير "فيه" عائد إليه. لأنه قد ينزل المؤنث منزلة المذكر على إرادة معنى الشخص. وقوله: "وقد عرضتُ عليه ناقةً فتيةً سمينةً ليأخذها، فأبى وردّها عليّ، وها هي ذه قد جئتُك بها". قال ابن مالك في شرح التسهيل2: "تفصل هاء التنبيه من اسم الإشارة المجرد بأنا وأخواته كثيراً كقولك: ها أنا ذا، وها نحن أولاء إلى ها هن أولاء. ومنه قول السائل عن وقت الصلاة "ها أنا ذا يا رسول الله"3 وقوله تعالى: {هَا أَنْتُمْ أُولاءِ تُحِبُّونَهُمْ} 4"0 انتهى. وفي حديث جابر في الذي اخترط سيفه: "فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: فقال لي: مَنْ يمنَعُك منّي؟ قلت: الله. فها هو ذا جالساً"5. وفي حديث جُليبيب فقال: "يا رسول الله ها هو ذا إلى جنب سبعة قد قتلهم ثم قتلوه"6. وقال الأندلسي في شرح المفصل: "وأما قولهم "ها أنا" ونحوه، فـ"ها" عند سيبويه7داخله على الأسماء المضمرة. وعند الخليل8 مع الأسماء المبهمة في التقدير، على أنهم أرادوا أن يقولوا "هذا أنا" فجعلوا أنا بين ها وذا". وقال السيرافي9:" "ها" في هذه الحروف للتنبيه، والأسماء بعدها مبتدآت، والخبر أسماء الإشارة ذا ونحوه. وإن شئت جعلت أنت ونحوه الخبر والإشارة هي الاسم". قال:   1 - الحديث عن أبي، وفيه قال: "بعثتي رسول الله عليه وسلم مصدقاً على بلى وعذرة وجميع بني سعد … ) . مسند أحمد5/ 142. أبو داود: زكاة السائمة برقم 1521. 2 شرح التسهيل لابن مالك 1/375. 3 في البخاري السائل عن الساعة قال "ها أنا يا رسول الله" فتح الباري 1/142 وفي مسلم بشرح النووي 4 /115بريدة أن السائل عن وقت الصلاة قال "أنا يا رسول الله ". 4 آل عمران 119. 5 رواه البخاري في كتاب الجهاد وكتاب المغازي عن جابر برواية "فها هو ذا جالس" انظر فتح الباري 6/97، 7/ 426. 6 مسند أحمد 4/422. 7 كتاب سيبويه 2/353. 8 كتاب سيبويه 2/ 354. 9 كتاب سيبويه2 /353 الحاشية. والسيرافي هو أبو سعيد الحسن بن عبد الله بن المرِزبان نسب إلى سيراف مدية بفارس، كان إماماً في النحو والفقه واللغة والشعر أخذ النحو عن ابن السراج شرح كتاب سيبويه شرحاً لم يسبق إلى مثله، توفى سنة 368 هـ انظر بغية الوعاة 1/507. الجزء: 65 - 66 ¦ الصفحة: 162 "وإنما يقول القائل: "ها أنا ذا" إذا طُلب رجلٌ لم يُدْر أحاضر هو أم غائب، فيقول المطلوب: ها أنا ذا، أي الحاضر عندك". قال ابن الأنباري1: "إنما يجعلون المكنىّ بين "ها" و"ذا " إذا أرادوا القريب في الأخبار، فمعنى ها أنا ذا ألقى فلاناً: قد قرب لقائي إياه. قال: وقول العامة "هو ذا لقي فلاناً" خطأ عند جميعِ العلماء، لأن العرب إذا أرادت هذا المعنى قالوا: ها هو ذا يلقى فلاناً، وها أنا ذا ألقى فلاناً. وأنشد قول أمية: لبيكُما لبيكُما ها أنا ذا لديكمُا 2 وقال في موضع آخر: قولك "ها أنا ذا" إنما يقع جواباً لمن طلب إنساناً شك في أنه حاضر أم غائب، فتقول مجيباً له: "ها أنا ذا"، ولا تقول مبتدئا "ها أنا" فتعرف بنفسك، لأنك إذا أشرت إلى نفسك بـ "ذا" فالإخبار "أنا" بعده لا فائدة فيه". انتهى. قوله: "فإن تطوّعت بخير". هو على الأصل. وجاء قوله تعالى: {وَمَنْ تَطَوَّعَ خَيْراًً} 3بالنصب على إسقاط الخافض.   1أبو بكر محمد بن القاسم الأنباري، كان من أعلم الناس بالنحو واللغة والأدب. له مصنفات كثيرة منها: المذكر والمؤنث، الزاهر، شرح القصائد السبع الطوال، إيضاح الوقف والابتداء. توفي ببغداد سنة 328 هـ. انظر بغية الوعاة 1/212. 2كلام ابن الأنباري هنا مذكور في كتابه الزاهر 2/278-279 والبيت لأمية بن أبي الصلت. وانظر المذكر والمؤنث لابن الأنباري 738ـ 739. 3 البقرة: 158. الجزء: 65 - 66 ¦ الصفحة: 163 المراجع ... مراجع هذه الحلقة ا- الأصول في النحو: لأبى بكر بن السراج، تحقيق د. عبد الحسين الفتلي، الطبعة لأولى، مطبعة النجف1393 هـ 1973م. 2- إعراب الحديث النبوي: العكبري، تحقيق د. حسن موسى الشاعر، الطبعة الأولى, عمان 3- أوضح المسالك إلى ألفية ابن مالك: ابن هوام الأنصاري، تحقيق الشيخ محمد محمى الدين، الطبعة الخامسة- دار الجيل- بيروت 1399 هـ 1979 م. الجزء: 65 - 66 ¦ الصفحة: 163 4- الإيضاح: الخطيب القزويني، تحقيق د. محمد عبد المنعم خفاجي. 5- البحر المحيط: أبو حيان، مطبعة السعادة 1328 هـ. 6- البدور الزاهرة في القراءات العشر المتواترة: المرحوم عبد الفتاح القاضي، الطبعة الأولى، دار لكتاب العربي 1401 هـ1981 م. 7- بغية الوعاة: السيوطى: تحقيق محمد أبو الفضل إبراهيم- مطبعة عيسى الحلبي الطبعة الأولى 1384 هـ 1964 م. 8- تاج العروس: الزبيدي. 9- تخريج أحاديث شرح الكافية: عبد القادر البغدادي، مخطوطة مصورة بالجامعة الإسلامية برقم 266 عن شهيد علي. 10- تذكرة الحفاظ: الذهبي، مطبوعات دائرة المعارف العثمانية، نشر دار إحياء التراث العربي, بيروت. 11- التصريح على التوضيح: الشيخ خالد الأزهري. دار إحياء التراث العربية، عيسى الحلبي. 12- تهذيب التهذيب: ابن حجر, دار صادر عن الطبعة الأولى بحيدر آباد الدكن. 13- حاشية الأمير على مغني اللبيب. 14- حسن المحاضرة: السيوطي، تحقيق محمد أبو الفضل إبراهيم، الطبعة الأولى 1387 هـ 1967 م 15- خزانة الأدب: عبد القادر البغدادي، تحقيق عبد السلام هارون. 16- ديوان النابغة الذيباني، تحقيق د. شكر فيصل. 17- الزاهر: أبو بكر بن الأنباري، تحقيق د. حاتم الضامن, بغداد 1399 هـ 1979 م. 18- سنن أبي داود: تحقيق محمد محي الدين عبد الحميد. ومختصر سنن أبي داود للحافظ المنذري وعليه معالم السنن للخطابي، تحقيق أحمد شاكر ومحمد حامد الفقي. 19- سنن ابن ماجه: تحقيق محمد فؤاد عبد الباقي، طبعة عيسى الحلبي. 20- سنن الترمذي: تحقيق عبد الرحمن محمد عثمان, مطبعة الفجالة الجديدة. 21- السيرة النبوية: ابن هشام، تحقيق مصطفى السقا وجماعة، مطبعة الحلبي، الطبعة الثانية 1375 هـ 1955م. 22- شذور الذهب: ابن هشام الأنصاري، تحقيق محمد محي الدين عبد الحميد. 23- شرح أبيات سيبويه: ابن السيرافي، تحقيق د. محمد عاب سلطاني, دار المأمون للتراث، دمشق 1979 م. 24- شرح الأشموني على ألفية ابن مالك، ومعه حاشية الصبان، دار إحياء الكتب العربية. 25- شرح التسهيل: ابن مالك، مخطوط بدار الكتب المصرية برقم 15 ش نحو. ومنه مصورة بالجامعة الإسلامية برقم 1411. 26- شرح التسهيل: ابن مالك، الجزء الأول، تحقيق د. عبد الرحمن السيد، الطبعة الأولى 1394 هـ 1974م القاهرة. الجزء: 65 - 66 ¦ الصفحة: 164 27- شرح عمدة الحافظ وعدة اللافظ: ابن مالك، تحقيق عدنان الدوري، بغداد 1397 هـ1977 م. 28- شرح الكافية: الرضي. دارا لكتب العلمية, بيروت. 29- شرح الكافية الشافية: ابن مالك، تحقيق د. عبد المنعم هريدي, منشورات جامعة أم القرى. 30- شرح مشكاة المصابيح: الطيبي، مخطوط بالمكتبة المحمودية في المدينة المنورة، الجزء الأول برقم 548 والثاني برقم 613 والرابع برقم 945. 31- شرح المفصّل: ابن يعيش، إدارة الطباعة المنيرية. 32- شواهد التوضيح والتصحيح: ابن مالك، تحقيق محمد فؤاد عبد الباقي. 33- شواهد العينى على شرح الأشموني. 34- صحيح البخاري بشرح الكرماني، الطبعة الأولى 1933 ـ1938 م. 35- صحيح مسلم بشرح النووي, دار إحياء التراث العربي. 36- طبقات الشافعية: السبكي، تحقيق محمود الطناحي وعبد الفتاح الحلو, الطبعة الأولى. 37- فتح الباري بشرح صحيح البخاري: ابن حجر, دار المعرفة, بيروت. 38- الفوائد في مشكل القرآن: العز بن عبد السلام، تحقيق د. رضوان الندوي. 39- القاموس المحيط: الفيروز آبادي. 40- القراءات الشاذة: المرحوم عبد الفتاح القاضي. 41- الكتاب: سيبويه، تحقيق عبد السلام هارون. الهيئة المصرية العامة للكتاب. 42- كشف الظنون: حاجي خليفة، منشورات مكتبة المثنى, بيروت. 43- مجمع الأمثال: الميداني، تحقيق المرحوم محمد محي الدين عبد الحميد. 44- المذكر والمؤنث: ابن الأنباري، تحقيق د. طارق الجنابي، بغداد الطبعة الأولى 1978 م. 45- مرقاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح: علي بن سلطان القاري. 46- مسند الإمام أحمد بن حنبل. وبهامشه منتخب كنز العمال، بيروت 1398 هـ 1978م. 47- معاني القرآن: الأخفشي، تحقيق د. فايز فارس، الطبعة الثانية 1401 هـ 1981 م. 48- مغني اللبيب: ابن هشام، تحقيق د. مازن المبارك وزميله، الطبعة الأولى 1964م. 49- النهاية في غريب الحديث والأثر: ابن الأثير، تحقيق طاهر أحمد الزاوي وزميله، الطبعة الأولى1383 هـ 1963 م. 50- همع الهوامع: السيوطي، تحقيق د. عبد العالم سالم، دار البحوث العلمية- الكويت. الجزء: 65 - 66 ¦ الصفحة: 165 الباب الاول: مسند أًبيّ بن مالك 1 رضي الله عنه ... عقود الزبرجد على مسند الإمام أحمدفي إعراب الحديث تأليف: جلال الدين السيوطي تحقيق: الدكتور حسن موسى الشاعر أستاذ مساعد بكلية اللغة العربية بالجامعة مسند أًبيّ بن مالك 1 رضي الله عنه 22- حديث "مَنْ أَدْركَ والِدَيْهِ أو أَحَدَهُما ثُمَّ دَخَلَ النَّارَ مِنْ بَعْدُ فأبْعَدَهُ الله وأَسْحَقَه". قال ابن مالك في شرح الكافية 2: "إذا كان جواب الشرط ماضياً لفظاً لا معنى لم يجز اقترانه بالفاء إلا في وعد أو وعيد، لأنه إذا كان وعداً أو وعيداً حَسُنَ أن يقدَّر ماضي المعنى، فعومل معاملة الماضي حقيقة. مثاله قوله تعالى: {وَمَنْ جَاءَ بِالسَّيِّئَةِ فَكُبَّتْ وُجُوهُهُمْ فِي النَّارِ} 3. ويجوز أن تكون الفاء عاطفة، ويكون التقدير: ومن جاء بالسيّئة فكبّت وجوههم في النار فيقال لهم: هل تجزون؟ انتهى. والحديث من قبيل الوعيد، فلذلك اقترن بالفاء".   1 أبّي بن مالك القشيري، يقال أن له صحبة، عداده في أهل البصرة. انظر: الإصابة 1/ 32، الإستيعاب في هامش الإصابة 1/ 31. 22- الحديث في مسند أحمد 5/29. 2 شرح الكافية الشافية لابن مالك 3/1595. 3 النمل آية 90. الجزء: العدد 67 - 68 ¦ الصفحة: 99 الباب الثاني: مسند أحمر بن جَزْء 1 ... مسند أحمر بن جَزْء 1 23- حديث "إنْ كُنَّا لنأوي لِرسول الله صلى الله عليه وسلم [ممّا] ، يُجافي مِرْفَقَيه عَنْ جَنْبَيْه [إذا سجد] ". (إنْ) هنا المخففة من الثقيلة. واللام في لنأوي لام الإبتداء الفارقة بينها وبين إن النافية2. ومثله في حديث زياد بن لبيد 3 "ثَكِلَتْكَ أمُكً ابنَ أمّ لبيد إنْ كُنْتُ لأراك مِنْ أفقَهِ رَجُلٍ بِالمدينة"4. وفي حديث أبي سعيد] الخُدري ["إنْ كانَ النبي مِنَ الأنْبياء لَيُبْتَلَى بالْقَمْلِ حتّىِ يَقْتُلَه، وإنْ كان النبي من الأنبياء لَيُبْتَلى بالفقر، وإنْ كانوا لَيفْرحُونَ بِالبلاَء كما تفْرحُون بِالرَخاء" 5. وفي حديث سؤال القبر "قَدْ عَلِمْنا إنْ كُنْتَ لَمُؤْمناً" 6. وفى حديث أنس "إنَّكُم لَتَعْمَلُون أعمالاً هي أدقُّ في أعيُنِكُم مِنَ الشّعر إنْ كُنَّا لَنَعُدُّها على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم من المُوبقات"7. وفي حديث عائشة "إن كان رسولُ الله صلى الله عليه وسلم ليُصلّي الصُّبح" 8.   1 أحمر بن جزء وقيل جَزى السدوسي صاحب رسول الله وقيل مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم. قال البخاري: بصري له صحبة. أنظرْ الإصابة 1/35 الإستيعاب في هامش الإصابة 1/76، تهذيب التهذيب 1/190. 23- الحديث في مسند أحمد 4/342 وما بين المعقوفتين منه. وفى ابن ماجه بتحقيق عبد الباقي 1/287 قال المحقق في الحاشية (لنأوي) أي لنترحم لأجله صلى الله عليه وسلم مما يجد من التعب بسبب المجافاة الشديدة والمبالغة فيها. 2 مذهب سيبويه أن هذه اللام هي لام الإبتداء، وذهب الفارسي إلى أنها غيرها اجتلبت للفرق. انظر: الأشموني مع الصبان1/288. التصريح 1/232 وقد ذهب الكوفيون إلى أن (إن) إذا جاءت بعدها اللام تكون بمعنى (ما) واللام بمعنى (إلا) وذهب البصريون إلى أنها مخففة من الثقيلة، واللام بعدها لام التوكيد: الإنصاف مسألة 90. 3 زياد بن لبيد الأنصاري شهد العقبة وبدراً وكان عامل النبي صلى الله عليه وسلم على حضرموت. انظر الإصابة 1/540، الإستيعاب 1/545. 4 مسند أحمد 4/160. 5 مسند أحمد3/94. 6 البخاري: كناب الوضوء. فتح الباري 1/ 289. 7 فتح الباري 11/329. 8 مسند أحمد 6/179. الجزء: العدد 67 - 68 ¦ الصفحة: 100 وفي حديث بُريدة1 "بُعِثْتُ أنا والساعةَ جَميعاً إنْ كادَتْ لَتَسْبِقُتي" 2.   1بريدة بن الحُصيب الأسلمي: أسلم قبل بدر ولم يشهدها، وشهد الحديبية سكن المدينة ثم البصرة ثم مرو، وتوفي بها سنة 62 هـ. وهو آخر من توفي من الصحابة بخراسان. انظم: الإستيعاب1/ 177، تهذيب الأسماء واللغات 1/133. 2 مسند أحمد 5/348. الجزء: العدد 67 - 68 ¦ الصفحة: 101 الباب الثالث: مسند أسامة بن زَيْد 3رضي الله عنهما ... مسند أسامة بن زَيْد 3رضي الله عنهما 24- حديث "قُلتُ: يا رسولَ الله، إنَّكَ تَصومُ حتَّى لا تكاد تُفْطِرُ، وتُفْطِرُ حتى لا تكاد تصوم إلاّ يومين. قال: أيّ يومين؟ ". قال أبو البقاء4: "تقديره أيُّ يومين هما؟ فحذف الخبر للعلم به. ويجوز النصب على تقدير أيَّ يومين أصوم؟ أو أيَّ يومين أُديمُ صومهما؟ والرفع أقوى". انتهى. وفي رواية النسائي5 في هذا الحديث "حتى لا تكاد أن تفطِر" بإثْبات "أنْ"، وإسقاطها كما في رواية أحمد أفصح. 25- حديث "فقال عبد الله بن أُبيّ: لا أحسن من هذا". قال أبو البقاء6: "فيه وجهان: أحدهما: الرفع أنه خبر لا، والإسم محذوف، تقديره لا شَيء أحْسنُ من هذا. والثاني: النصب وفيه وجهان أحدهما: أنه صفة لاسم لا المحذوف، و (مِنْ) خبر لا، ويجوز أن يكون الخبر محذوفاً، وتكون (من) متعلقة بأحسن، أي لا شيء أحسنَ من كلام هذا في الكلام أو في الدنيا. والثاني: أن يكون منصوباً بفعل محذوف تقديره: ألا فعلتَ أحسنَ مِنْ هذا؟ وحذف همزة الإستفهام لظهور معناها". انتهى.   13 أسامة بن زيد بن حارثة، أمه أم أيمن حاضنة النبي صلى الله عليه وسلم. أسلم بمكة وهاجر إلى المدينة، وأمّره رسول الله على جيش عظيم قبل أن يبلغ العشرين من عمره، فمات النبي صلى الله عليه وسلم س قبل أن يتوجه فأنفذه أبو بكر. واعتزل أسامة الفتن بعد مقتل عثمان إلى أن مات في أواخر خلافة معاوية سنة 54 هـ. انظر: الإصابة 1/46 الإستيعاب 1/34، الأعلام 1/ 291. 24- مسند أحمد 5/ 201 والرواية فيه " لا تكاد أن تفطر.. حتى لا تكاد أن تصل". 4 إعراب الحديث لأبي البقاء العكبري: الحديث رقم 14. 5 سنن النسائي 4/202 والرواية فيه انك تصوم حتى لا تكاد تفطر وتفطر حتى لا تكاد أن تصوم". 25- عن أسامة " أن النبي صلى الله عليه وسلم ركب على حمار على إكاف على قطيفة .... وأردف أسامة وراءه يعود سعد بن عبادة قبل وقعة بدر، فسار حتى مرّ بمجلس فيه عبد الله به أبي بن سلول … فسلم النبي صلى الله عليه وسلم ووقف ونزل فدعاهم إلى الله فقرأ عليهم القرآن فقال عبد الله بن أبي: يا أيها المرء إنه لا أحسن مما تقول، إن كان حقاً فلا تؤذنا به في مجلسنا.. قال سعد: يا رسول الله اعف عنه واصفح، فلقد أعطاك الله ما أعطاك، ولقد اجتمع أهل هذه البحيرة على أن يتّوجوه فيعصبوه ... " مسند أحمد 5/203. البخاري: كتاب المرضى ب عيادة المريض (فتح الباري) 10/122. 6 إعراب الحديث: الحديث رقم 15. الجزء: العدد 67 - 68 ¦ الصفحة: 101 قال القاضي عياض1: "وروي (لأحْسَنُ مِنْ هذا) بالقصر من غير ألف. قال: وهو عندي أظهر، وتقديره: أحسنُ مِنْ هذا أن تقعدَ في بيتك ولا تأتنا". ثم قال أبو البقاء: "وفيه ولقد اصطلح أهْلُ هذه البُحَيرةِ أن يتوّجوه فيعصبونه بِالعصابة. الوجه في رفع (فيعصبونه) أن يكون في الكلام مبتدأ محذوف تقديره: فهم يعصبونه، أو فإذا هم يعصبونه. ولو روي (يعصبوه) 2 بحذف النون لكان معطوفاً على (يتوّجوه) . وهو صحيح المعنى". انتهى. وقوله في أول الحديث "ركب على حمارٍ على إكافٍ على قطيفةٍ"3. قال الكرماني4: "فان قلت: قال النحاة لا تتعدد صِلاتُ الفعل بحرف واحد. قلت: الثالث بدل عن الثاني، وهو عن الأول. فهما في حكم الطرح5 قال6: وقوله إنْ كان حقّاً يصحّ تعلّقه بما قبله، وهو (أحسنُ مما تقول) وبما بعده وهو (لاتؤذنا به في مجالسنا) ". 26- حديث "قَدْ كُنْتُ أنهاكَ عَنْ حُبِّ يَهود". قال الكرماني7: "هذا اللفظ مع اللام ودون اللام معرفة. والمراد به اليهوديون، ولكنهم حذفوا ياء النسبة، كما قالوا: زنجي وزنج، للفرق بين المفرد والجماعة. وقال السَّخاوي8في شرح المفصَّل: " (يهود) و (مجوس) علمان، ودخول الألف واللام فيهما في قولهم: اليهود والمجوس، كان لمّا حذفت ياء النسبة عوضاً منها. يدل على ذلك قول الشاعر:   1 سبقت ترجمته في الحلقة الأولى ص 180/ مجلة الجامعة الإسلامية العددان 63، 64. 2 رواية البخاريَ (فيعصبوه) . انظر فتح الباري 10/ 122. 3 الأكاف: ما يوضع على الدابة كالبرذعة والقطيفة. كساء- فتح الباري 10/122. 4 هو محمد بن يوسف بن علي الشيخ شمس الدين الكرماني الإمام العلامة في الفقه والحديث والتفسير والأصول والمعاني والعربية. ومن تصانيفه. شرح البخاري، أنموذج الكشاف. مات سنة 786 هـ انظر. بغية الوعاة 1/279. 5 البخاري بشرح الكرماني 20/ 191. 6 البخاري بشرح الكرماني 20/ 192. 26- الحديث عن أسامة " دخلت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم على عبد الله بن أبيّ في مرضه نعوده، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: قد كنت أنهاك عن حبّ يهود ". مسند أحمد 5/ 201. أبو داود- كتاب الجنائز 4/ 275 حديث رقم 2967. 7 البخاري بشرح الكرماني 2/150. 8 علي بن محمد بن عبد الصمد الإمام علم الدين أبو الحسن السخاوي النحوي المقريء الشافعي، كان إماماًَ علامة بصيراً بالقراءات وعللها، إماماً في النحو واللغة والتفسير. من مصنفاته: شرحان على المفصل، سفر السعادة وسفير الإفادة شرح الشاطبية. مات بدمشق سنة 643 هـ بغية الوعاة 2/192. الجزء: العدد 67 - 68 ¦ الصفحة: 102 فَرَّتْ يَهودُ وأَسْلمتْ جِيرانَها ... صَمِّي لما فَعَلَتْ يهودُ صمامِ1 وقال في موضع آخر: اختلف في (يهود) فمن قال بأنه أعجمي صرفه لأنه من الأعجمي الذي تكلمت به العرب وأدخلت فيه الألف واللام، فكان مثل الدّيباج والإبْريسَم2. وأما قول الشاعر: فرَّت يهودُ .... البيت. فيهود فيه اسم قبيلة، والمانع له من الصرف التأنيث والعلمية. ومن قال إنه عربي، وأنه من هاد يهود إذا رجع، لم يصرف إذا سمي به، لأنه على مثال (يقوم) . 27- حديث قال: "رُويداً أَيُّها الناسُ عليكُم السَّكينة". قال أبو البقاء3: "الوجه أن ينصب (السكينة) على الإغراء، أي الزموا السكينة كقوله تعالى: {عَلَيِكُم أَنفُسَكُم} 4. ولا يجوز الرفع لأنه يصير خبراً، وعند ذلك لا يحسن أن تقول (رويداً أيُّها النّاس) لأنه لا فائدة فيه". انتهى. وقال الرضى5: " (رُويداً) في الأصل تصغير (إرْواداً) مصدر (أَرْوِدْ) أي أرفُق، تصغير الترخيم، أي أرفُق رِفْقاً. وإن كان تصغيراً قليلاً. ويجوز أن يكون تصغير (رَوْد) بمعنى الرفق، عدّي إلى المفعول به مصدراً أو اسم فعل لتضمنه الإمهال وجعله بمعناه. ويجيء على ثلاثة أقسام: أولها: المصدر، وهو أصل الباقيين، نحو (رُويدَ زَيْدٍ) بالإضافة إلى المفعول، كـ {ضَرْبَ الرِّقابِ} 6 و (رُويداً زَيْد اً) كضرْباً زَيْداً. الثاني: أن يجعل المصدر بمعنى اسم الفاعل، إما صفة للمصدر نحو (سِرْ سَيرْاً رُوَيْداً) أي مروداً، أو حالاً، نحو (سيروا رُويداً) أي مُرْوِدين. ويجوز أن يكون صفة مصدر   1 قائله الأسود بن يعفر. قال العيني:" (يهود) لا يجوز إدخال الألف واللام عليها في مثل هذا، اللهم إلا إذا كاد يهود جمع يهودي حينئذ يجوز أن تقول اليهود كما تقول الروم "0 وقال أبو علي الفارسي:" صَمام اسم للفعل ويقال صمام هي الحية.. ويقال الضمير في (صمي) يعود إلى الأذن أي صمي يا أذن لما فعلت يهود، وصمام اسم للفعل مثل نزالِ ... انظر المقاصد النحوية على هامش الخزانة 4/112-113، المسائل العسكرية 227. 2 إبريسم: الحرير (القاموس المحيط) . 27- عن أسامة " كنت رديف رسول الله صلى الله عليه وسلم عشية عرفة فلما وقعت الشمس دفع رسول الله صلى الله عليه وسلم، فلما سمع حطمة الناس خلفة قال: رويداً أيها الناس، عليكم السكينة ". مسند أحمد 5/202. 3 إعراب الحديث رقم 16. 4 المائدة آية 105. 5 أنظر: شرح الكافية للرضى 2/ 70- ا 7. 6 سورة محمد آية 4. الجزء: العدد 67 - 68 ¦ الصفحة: 103 محذوف. وقوله تعالى: {أَمْهِلْهُم رُويداً} 1 يحتمل المصدر وصفة المصدر والحال. الثالث: أن يُنقل المصدر إلى اسم الفعلِ لكثرة الإستعمال، بأن يُقام المصدر مُقام الفعل، ولا يقدَّر الفعل قبله، نحو (رُويدَ زَيْداًَ) بنصب (زيداًَ) . وإنما فتح رعاية لأصل الحركة الإعرابية. وقولهم (رُويدَكَ زَيْداً) يحتمل أن يكون اسم فعل والكاف حرف، وأن يكون مصدراً مضافاً إلى الفاعل كما مرّ. انتهى. وقال الزمخشري في المفصَّل2: "في (رُويد) أربعة أوجه هو في أحدها مبني وهو إذا كان اسماً للفعل، وهو فيما عداه معرب، وذلك أن يقع صفة كقولك: ساروا سيراً رُويداًَ. وحالاً كقولك: ساروا رُوَيْداً. ومصدرا في معنى إرواداً مضافاً كقولك: رُويدَ زَيْدٍ". انتهى. 28- حديث " قُلتُ: يا رسولَ الله الصَّلاة. قال: الصلاةُ أمامَك ". قال أبو البقاء3: "الوجه النصب على تقدير: أتريد الصلاة، أو أتصلي الصلاة؟ " انتهى. وقال القاضي عياض: "هو بالنصب على الإغراء. ويجوز الرفع على إضمار فعل، أي حانت الصلاة، أو حضرت. وقوله (الصلاةُ) بالرفع و (أمامكَ) خبره". وقال ابن مالك4: "يجوز في قوله (يا رسول الله الصلاة) النصب بإضمار فعل ناصب تقديره اذكر أو أقم أو نحو ذلك. والرفع بإضمار حضرت أو حانت أو نحو ذلك". 29- حديث "أَلاَّ شَقَقْتَ عَنْ قَلْبِه".   1 سورة الطارق آية 17. 2 انظر: شرح المفصّل لابن يعيش 4/39. 28- عن كريب أنه سأل أسامة قال، قلت:" أخبرني كيف صنعتم عشية ردفت رسول الله صلى الله عليه وسلم ... " مسند أحمد 5/200،202،208. البخاري: كتاب الحج- فتح الباري 3/ 519. مسلم: باب الإفاضة 9/ 32. أبو داود: باب الدفع من عرفة برقم 1840، 1844. 3 إعراب الحديث رقم 17. 4 شواهد التوضيح والتصحيح ص 158. 29- عن أسامة بن زيد قال:" بعثنا رسول الله صلى الله عليه وسلم سرية إلى الحرقات فنذروا بنا فهربوا، فأدركنا رجلاً فلمّا غشيناه قال لا إله إلا الله، فضربناه حتى قتلناه، فعرض في نفسي من ذلك شيء فذكرته لرسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: من لك بلا إله إلا الله يوم القيامة، قال، قلت: يا رسول الله إنما قالها مخافة السلاح والقتل، فقال: ألا شققت عن قلبه .... " مسند أحمد 5/207. وفي مسلم 2/ 99 برواية " أفلا شققت ... " وكذلك في أبي داود: على ما يقاتل المشركون برقم 2528. وفي فتح الباري 7/513 باختلاف الرواية. الجزء: العدد 67 - 68 ¦ الصفحة: 104 قلت: أَلاّ بفتح الهمزة والتشديد حرف للتحضيض مثل هلاّ. وذكر المالقي1 في رصف المباني2: "أنها الأصل، وهلاّ مبدلة منها، أبدلت الهاء من الهمزة. قال: ولا تنعكس القضية لأن إبدال الهمزة هاء أكثر من إبدال الهاء همزة، والحمل على الأكثر أولى". 30- حديث "إن رَجُلاً قال: يا رسول الله، إني أَعْزِلُ عَن امرأتي. قال: ولمَ؟ قال: شَفَقاً على وَلَدِها. فقال: إنْ كان ذلك فَلا، ما ضارَ ذلك فارسَ والرُّوم". قال أبو البقاء3: "التقدير: فلا تعزل لأجل هذا الغرض، [فإن فارس والروم يَطؤون نساءهم وهُنَّ يُرْضِعْنَ فما يضرّهم [4. فلا هي تمام الجواب، ثم قال: ما ضارَ ذلك فارس". 31- حديث "لَمْ يَأتِني جبريلُ منذُ ثلاث". قال أبو البقاء5: "هو بضم الذال، و (ثلاثٌ) بالرفع لا غير، لأنه ذكر ذلك لقدر مدّة الإنقطاع، أي أمدُ ذلك ثلاثُ ليال6. ومنذُ لها موضعان: أحدهما: أن تكون للحاضر بمعنى (في) ، فتكون حرف جر تجرّ ما بعدها، كقولك: أنت عندنا منذُ اليوم أي في اليوم. والثاني: أن تذكر لبيان المدّة، [ثمّ ينظر فيه، فإن ذكر بعدها المدة من أولها إلى آخرها رفعت المدّة] 7 لا غير، كقولك: ما رأيته منذُ يومان، وإنْ ذكرتها لابْتداء مدة الإنقطاع كقولك: ما رأيته منذُ يومُ الجمعة، رفعت أيضاً، على تقدير أولُ ذلك يومُ الجمعة. ويجوز الجرّ على ضعف بمعنى (مِنْ) ". انتهى. 32- حديث "قُمتُ على باب الجَنَّةِ فإذا عامَّةُ مَنْ دخَلَها المساكينُ وإذا أَصْحابُ الجدُ محبوسون".   1 هو أبو جعفر أحمد بن عبد النور المالقى، كان عالماً بالنحو. شرح الجزولية. وله رصف المباني في حروف المعاني. مات سنة 702 هـ. بغية الوعاة 1/331-332. 2 رصف المباني ص 84 الطبعة الأولى. 30- مسلم: باب حكم العزل 10/18. مسند أحمد 5/203. 3 إعراب الحديث رقم 18. 4 ما بين المعقوفتين من إعراب الحديث للعكبرى. 31- عن أسامة بن زيد قال:" دخلت على رسول الله صلى الله عليه وسلم وعليه الكآبة، فسألته ما له، فقال: لم يأتني جبريل منذ ثلاث.." مسند أحمد 5/203. 5 إعراب الحديث رقم 19. 6 انظر الخلاف في منذ: الإنصاف مسألة 56. مغني اللبيب 372. 7 ما بين المعقوفتين من إعراب الحديث للعكبرى. 32- الحديث عن أسامة، وتكملته ".. إلا أصحاب النار فقد أمر بهم إلى النار، وقمت على باب النار فإذا عامة من يدخلها النساء ". انظر: مسند أحمد 5/205. البخاري: كتاب النكاح 9/298- مسلم بشرح النووي 17/53. الجزء: العدد 67 - 68 ¦ الصفحة: 105 قال أبو البقاء1: " (إذا) هنا للمفاجأة، وهي ظرف مكان2والجيّد هنا أن ترفع (المساكين) على أنه خبر (عامة من يدخلها) وكذلك رفع (محبوسون) على أنه الخبر. و (إذا) ظرف للخبر. ويجوز أن تنصب (محبوسين) على الحال، وتجعل (إذا) خبراً. والتقدير: فبالحضرة أصحاب الجدّ. فيكون (محبوسين) حالاً، والرفع أجود. والعامل في الحال (إذا) أو ما يتعلق به من الإستقرار. و (أصحاب) صاحب الحال". انتهى. 33- حديث الطاعون "وإذا وَقَع بِأرْض واَنتُم بِها فَلا تَخْرُجوا، لا يُخرجكم إلاّ فراراً منه". قال النووي3: "روي (إلا فراراً) بالرفع والنصب، وكلاهما مشكل [من حيث العربية والمعنى. قال القاضي: وهذه الرواية ضعيفة عند أهل العربية مفسدة للمعنى] 4 لأنّ ظاهرها المنع من الخروج لكل سبب إلا للفرار، وهذا ضد المراد. وقال بعضهم لفظة (إلا) هنا غلط من الراوي، وصوابه حذفها، كما هو المعروف في الروايات. ووجّه طائفة النصب فقالوا: هو حال، وكلمة (إلا) للإيجاب لا للإستثناء. وتقديره لا تخرجوا إذا لم يكن خروجكم إلا فراراً منه". وقوله في الرواية الأخرى "إذا سمعتمُ به بأرض". قال الطيبي5: "الباء الأولى زائدة على تضمّن سمعتم معنى أخبرتم و (بأرض) حال، أي واقعاً في أرض". 34- حديث "إنَّما يرحمُ الله مِنْ عِبادِه الرُّحماء".   1 إعراب الحديث رقم 20. (إذا) ظرف مكان عند المبرد، وهى حرف عند الأخفش، وظرف زمان عند الزجاج. انظر: مغني اللبيب 92 بحث إذا. 33- في المسند هـ/202 " ... فإذا سمعتم به بأرض فلا تقدموا عليه، وإذا وقع بأرض وأنتم بها فلا تخرجوا فراراً منه، قال أبو النضر في حديثه: لا يخرجكم إلا فراراً منه ". وانظر: مسلم باب الطاعون والطيرة 14/ 0204 البخاري 12/ 344 باختلاف الرواية. 3 شرح مسلم للنووي 14/207. والملاحظ أن السيوطي تصرف في كلام النووي. 4 ما بين المعقوفتين من شرح النووي. وفي النسخ بعده (لأن ظاهره) . 5 شرح مشكاة المصابيح- مخطوط في المكتبة المحمودية جـ 2ورقة 47. 34- عن أسامة بن زيد قال:" أرسلت ابنة النبي صلى الله عليه وسلم أن ابني يقبض فائتنا.. فأخذ الصبي ونفسه تقعقع، قال: فدمعت عيناه، فقال سعد: يا رسول الله ما هذا؟ قال: هذه رحمة جعلها الله في قلوب عباده، وإنما يرحم الله من عباده الرحماء ". انظر: مسند أحمد 5/ 204، 0205 البخاري 13/ 434. مسلم: كتاب الجنائز 6/ 224 0 أبو داود: باب البكاء على الميت برقم 2996. الجزء: العدد 67 - 68 ¦ الصفحة: 106 قال أبو البقاء1: "يجوز في (الرحماء) النصب على أن تكون (ما) كافّة كقوله تعالى: {إنِّما حَرَّم عَليْكُم المَيْتَة} 2، والرفع على تقديرِ] إنّ [، الذي يرحمه الله، وأفرد على معنى الجنس، كقوله تعالى: {كَمَثلِ الذيِ اسْتَوْقَدَ ناراًَ} ثم قال: {ذَهَبَ اللَّهُ بِنُورِهِمْ} 3. قال: وقد أفردت هذه المسألة بالكلام، وذكرت في (ما) وجوهاً كثيرة في جزء مفرد4. وقال غيره5: (مِنْ) في قوله (مِنْ عِبادِه) بيانيّة، وهي حال من المفعول قدّمت". الجزء: العدد 67 - 68 ¦ الصفحة: 107 الباب الرابع: مسند أسامة بن شريك 6رضي الله عنه ... مسند أسامة بن شريك 6رضي الله عنه 35- حديث "أَتيتُ النبيّ صلى الله عليه وسلم وأصحابُه عِنْدَه كأنَّما على رؤوسِهم الطَّير". قالت أبو البقاء7: "يجوز أن تجعل (ما) كافّة فترفع الطير بالإبتداء، و (على رؤوسهم) الخبر. وبطل عمل (كأنّ) بالكفّ. ويجوز أن تجعل (ما) زائدة وتنصب الطير بكأنّ، و (على رؤوسهم) خبرها. قال: وفيه "فإنَّ الله لم يَضعْ داء إلاّ وضَعَ له دواء غيرَ داء واحد الهرم". قال: لا يجوز في (غير) هنا إلاّ النصب على الإستثناء من داء. أمّا (الهرم) لما فيجوز فيه الرفع على تقدير هو، والجر على البدل من (داء) المجرور بغير، والنصب على إضمار أعنى". وقوله "فكان أُسامةُ يقول حين كَبِر: ترون لي من دواء".   1 إعراب الحديث رقم 21. 2 البقرة: آية173. 3 البقرة: آية 17. 4 أورد ابن رجب المسألة في ترجمته لأبى البقاء. انظر: الذيل على طبقات الحنابلة2/117- 120. وقد حققها الأستاذ ياسين السواس ونشرها ضمن (مسائل نحو مفردة) في مجلة معهد المخطوطات مجلد 26 جـ 2 ص 625. 5 انظر: فتح الباري لابن حجر 3/158. 6 أسامة بن شريك الثعلبي، كوفي له صحبة ورواية. انظر: الإصابة 1/46 الاستيعاب 1/36. 35- عن أسامة بن شريك:" أتيت النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه عنده كأنما على رؤوسهم الطير، قال: فسلمت عليه فقعدت، قال فجاءت الأعراب فسألوه، فقالوا: يا رسول الله نتداوى؟ قال: نعم تداووا فإن الله لم يضع داء إلا وضع له دواء غير داء واحد الهرم. قال، وكان أسامة حين كبر يقول: هل ترون لي من دواء الآن؟ قال: وسألوه عن أشياء: هل علينا حرج في كذا وكذا؟ قال: عياد الله، وضع الله الحرج إلاّ امرأ اقتضى امرأ مسلماً ظلماً فذلك حرج وهلك. قالوا: ما خير ما أعطى الناس يا رسول الله؟ قال: خلق حسن ". انظر: مسند أحمد 4/278 0 أبو داود: كتاب الطب رقم 3706 باختلاف الرواية فيه. الترمذي: أبواب الطب رقم2109. سنن ابن ماجه بتحقيق عبد الباقي 2/1137 رقم 3436. 7 إعراب الحديث للعكبري برقم 22. الجزء: العدد 67 - 68 ¦ الصفحة: 107 [قال أبو البقاء] : "يجوز في (ترون) فتح التاء وضمهّا، والتقدير أترون؟ ولكنه حذف همزة الإستفهام لظهور معناها. ولابدَّ من تقديرها لأمرين: أحدهما أنه تحقق1 أنهم لم يعرفوا له دواء. والثاني أنه زاد فيه (مِنْ) ، و (مِنْ) تزاد في النفي والإستفهام والنهي". انتهى. قلت: وقوله "يا رسولَ الله نَتَداوى؟ " قال: "نعم" على حذف همزة الإستفهام، أي أنتداوى؟. وقوله (وسألو عن أشياء، علينا حرج في كذا وكذا؟) على حذف الهمزة أيضاً، أي أعلينا؟ وقوله (قال: عباد الله) على حذف حرف النداء؟ أي يا عباد الله. وقوله "وضَعَ الله الحرَجَ إلاّ امرأ اقْتَرض2 مسلماً ظلماً فذلك الذي حَرجِ" فيه حذف المستثنى منه، أي عن عباده إلا امرأ، أو عنكم. وقوله "قالوا: ما خير ما أعُطى الناس؟ ". (ما) الأولى استفهامية لا غير. والثانية إمّا موصولة أو نكرة موصوفة. وجملة (أعُطى الناس) صلة أو صفة. وعائد الموصول أو الموصوف محذوف والتقدير: أي شيء خير الذي أعطيه الناس؟ أو خير شيء أعُطيه الناس؟   في إعراب الحديث للعكبرى (لم يحقق) . 2 قال الخطابي في معالم السنن 2/433:" اقترض معناه اغتاب، وأصله من القرض وهو القطع ". وفي المسند 4/278 (اقتضى) . وحَرج أي حَرُم. الجزء: العدد 67 - 68 ¦ الصفحة: 108 الباب الخامس: مسند أُسامة بن عُمَيْر الهُذَليّ أَبي الملَيح3 رضي الله عنهما ... مسند أُسامة بن عُمَيْر الهُذَليّ أَبي الملَيح3 رضي الله عنهما 36- حديث "فَأَمَر رسولُ الله صلى الله عليه وسلم مُنادِيَه أن الصلاة في الرّحال". قال أبو البقاء4: "يجوز في (أنّ) الفتح على تقدير: ينادى بأنّ الصلاة في الرحال، أي ينادى بذلك. والكسر على تقدير: فقال إنَّ الصلاة، لأن النداء قول. ومنه قوله تعالى {فَنادَتهُ الملائِكَةُ} ثم قال: {إِنَّ اللَّهَ يُبَشِّرُكِ} 5، قرىء بالفتح والكسر"6.   13 أساَمة بن عمير الهذلي، بصري له صحبة ورواية، لم يرو عنه غير ابنه أبى المليح. انظر الاستيعاب 1/36. الإصابة 1/47. 36- الحديث " إنّ يوم حنين كان مطيراً فأمر النبي صلى الله عليه وسلم مناديه أن الصلاة في الرحال ". مسند أحمد 5/74. 4 إعراب الحديث للعكبرى رقم 13. 5 آل عمران: 39 6 قرأ ابن عامر وحمزة (إنّ الله) ، بالكسر، وقرأ الباقون (أنَ الله) ، بالفتح. انظر: السبعة في القراءات لابن مجاهد 205 الجزء: العدد 67 - 68 ¦ الصفحة: 108 الباب السادس: مسند أبي رافع1 مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم ... مسند أبي رافع1 مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم واسمه أسلم رضي الله عنه 37- حديث "فقال أفّ لك" وفى حديث ابن عباس "فجاء ينفضُ ثَوبه ويقول: أفّ وتُف". قال الشيخ بهاء الدين بن النحاس2 في التعليقة: " (أف) اسم أتضجر أو تضجرت. وفيه سبع لغات: ضمّ الفاء وفتحها وكسرها من غير تنوين، وبتنوين، هذه ست،. والسابعة (أفّي) بألف ممالة بعد الفاء وهي التي تخلصها العامة ياء". وعن ابن القطاع3 إف بكسر الهمزة. وحكاها أيضاً ابن سيدة4 في المحكم، وهي مبنية على كل لغة لكونها اسم فعل. وحكى الأزهري5 عن ابن الأنباري (أفّي لك) بإضافته إلى ياء المتكلم، فمن ضمّ فللإتباع، ومن كسر فعلى أصل التقاء الساكنين، ومن فتح فطلباً للتخفيف، والتنوين فيها في جميع الأحوال للتنكير6. قال الزمخشري: "وتلحق به التاء منوّناً".   1 أسلم مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم، أبو رافع غلبت كنيته عليه، زوجه النبي صلى الله عليه وسلم سلمى مولاته، فولدت له عبيد الله بن أبى رافع، مات أبو رافع بالمدينة في خلافة علي بن أبى طالب. انظر: الاستيعاب 1/ 061 الإصابة 4/68. 37- الحديث عن أبى رافع وأوله " كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا صلى العصر ربما ذهب إلى بني عبد الأشهل فبينا رسول صلى الله عليه وسلم مسرعاً إلى المغرب إذ مر بالبقيع، فقال: أف لك أف لك، مرتين ... " مسند أحمد 6/392. أما حديث ابن عباس فأوله:" عن عمرو بن ميمون قال: إني لجالس إلى ابن عباس إذ أتاه تسعة رهط ... فقال ابن عباس: بل أقوم معكم ... قال فابتدأوا فتحدثوا فلا ندري ما قالوا، قال فجلس ينفض ثوبه ويقول أف وتف ... " مسند أحمد 1/ 331. 2 محمد بن إبراهيم بهاء الدين بن النحاس الحلبي النحوي شيخ الديار المصرية في علم اللسان، تخرج به جماعة من الأئمة والفضلاء. له شرح على المقرب يسمى التعليقة.- مات سنة 698 هـ. بغية الوعاة 1/13. 3 علي بن جعفر المعروف بابن القطاع الصقلي. كان إمام وقته بمصر في علم العربية وفنون الأدب. من مصنفاته: الأفعال، أبنية الأسماء. مات سنة 515 هـ. بغية الوعاة 2/153. 4 علي بن أحمد بن سيدة اللغوي النحوي الأندلسي أبو الحسن الضرير. من مصنفاته: المحكم، المخصص، شرح إصلاح المنطق. مات سنة 458 هـ. انظر: بغية الوعاة 2/143. 5 محمد بن أحمد بن الأزهر.. الأزهري اللغوي أبو منصور. أخذ عن نفطويه وابن السراج والهروى. من تصانيفه التهذيب في اللغة. ولد سنة 282 هـ وتوفى سنة 370 هـ. انظر: بغية الوعاة 1/19. 6 في تهذيب اللغة 15/ 588-589: قال ابن الأنباري:" من قال (افّأ لك) نصبه على مذهب الدعاء، كما يقال: ويلاً للكافرين. ومن قال (أف لك) رفعه باللام كما يقال: ويل للكافرين. ومن قال (أفٍّ لك) خفضه على التشبيه بالأصوات كما يقال صهٍٍٍ ومهٍ. ومن قال (أفّي لك) إضافة إلى نفسه ... " الجزء: العدد 67 - 68 ¦ الصفحة: 109 قال ابن يعيش1: "وأما (أفة) بتاء التأنيث فلا أعرفها، وإن كانت وردت فما أقلّها، وإن كان القياس لا يأباها". وقال السَّخاوي: "هي اسم للفعل. قال أبو علي: وهو في الأصل مصدر من قولهم أًفَّةً وتُفَّةً أي نَتَناً. فلما صار إسماً للفعل الذي هو أتكرّه وأتضجر بُني، ويخفف فيقال (أفْ) بسكون الفاء، ومنهم من يفتحها مع التخفيف". قال الجوهري2:"ويقال أُفّاً وتُفَّاً وهو إتباع له" 3. وقال ابن سيدة: "الأُفّ الوسخ الذي حول الظفر، والتُّفّ الذي فيه، وقيل الأُف وسخ الأذن، والتفّ وسخ الأظفار، ثم استعمل ذلك عند كل شيء يتضجر منه. وقيل الأًفّ القلة، والتفّ منسوق على أُفّ ومعناه كمعناه"4. انتهى. 38- حديث "إنّا آلَ مُحَمَّدٍ لا تَحِلُّ لَنا الصَّدَقَة". قال أبو البقاء5: " (آلَ) منصوب بإضمار أعني أو أخصّ، وليس بمرفوع على أنه خبر إنّ، لأنّ ذلك معلوم لا يحتاج إلى ذكره. وخبر إن قوله (لا تحل لنا الصدقة) ومنه قول الشاعر: نَحْنُ بَني ضَبَّةَ أصحابُ الجَمَل6. وهو كثير في الشعر". انتهى.   1 انظر: شرح المفصّل لابن يعيش 4/ 70. 2 إسماعيل بن حماد الجوهري كان إماماً في اللغة والأدب، طوًف كثيراً، وقرأ على الفارسي والسيرافي. من مصنفاته الصحاح في اللغة، توفى سنة 392 هـ. انظر: بغية الوعاة 1/446. 3 الصحاح: مادة (أفف) . 4 انظر: الفاخر ص 48. وقد نقله عن الأصمعي. وقد ورد هذا الكلام أيضاً في اللسان من غير نسبة إلى ابن سيدة، وزاده بعده: (أف) كلمة تضجر، وفيها عشر لغات: أُف له وأُفِّ وأُفُّ وأُفاً وأُفٍ وأُف، وفي التنزيل {ولا تقل لهما أُفٍ ولا تنهَرْهما} ، وأفِّى ممال وأفَئ وأفَة وأُفْ خفيفة من أفّ المشددة، وقد جمعها جمال الدين بن مالك هذه العشر في بيت واحد وهو قوله: أفً ثلّث، ونون إن أردْتَ، وقل ... أفَّى وأفِّي وأفْ وأفَّة تُصب وفي القاموس المحيط (أف) ولغاتها أربعون ... وقال الشيخ خالد في التصريح 1/ 44:" وفي أف أربعون لغة ذكرها في الإرتشاف ... " 38- عن ابن أبي رافع عن أبيه " أن النبي صلى الله عليه وسلم بعث رجلاً من بنى مخزوم على الصدقة، فقال: ألا تصحبني تصيب؟ قال، قلت: حتى أذكر ذلك لرسول الله صلى الله عليه وسلم، فذكرت ذلك فقال: إنّا آل محمد لا تحل لنا الصدقة، وإنّ مولى القوم من أنفسهم ". مسند أحمد 6/ 390. 5 إعراب الحديث للعكبرى رقم 24. 6 هذا من رجز للأعرج المعنّى كما في حماسة أبى تمام 1/ 169 بتحقيق د. عسيلان. وقال الشنقيطي في الدرر اللوامع 1/146 هذا الرجز لرجل من بني ضبة، يقال له الحارث، قاله في وقعة الجمل. وقد ورد الشاهد دون نسبة في شذور الذهب 219، شرح الأشموني 479، همع الهوامع 3/ 30. الجزء: العدد 67 - 68 ¦ الصفحة: 110 وقال الشيخ بهاء الدين بن النحاس في التعليقة: "هذا الاسم المنصوب يشبه المنادى وليس بمنادى، وهو منصوب بفعل مضمر لا يجوز إظهاره، كما لم يجز ظهوره مع المنادى، وموضع هذا الإسم مع الفعل الناصبة نصب على الحال، لأنه لما كان في التقدير: إنّا أخصّ أو أعني، فكأنه قال إنّا نفعل كذا مخصوصين من بين الناس أو معنيين، فالحال من فاعل نفعل لا من اسم إنّ، لئلا يبقى الحال بلا عامل، وأكثر الأسماء دخولاً في هذا الباب (بنو فلان) نحو: نَحْنُ بَني ضَبَّةَ أَصْحابُ الجَمَلْ و (مَعْشَر) مضافة نحو "إنّا معاشِرَ الأنبياء لا نُورث"1، وإنَّا معاشِرَ الصعَّاليكِ لا طاقةَ لنا بالمروءة، وأهلُ البيت نحو "رَحْمَةُ الله وبركاتُه عَليكُم أهل البَيت"2 و (آلُ فلان) نحو قولهم: نحْنُ آلَ فلانٍ كُرَماء"3 انتهى. وقال الشيخ جمال الدين بن هشام4 في تذكرته من ألغاز باب الإبتداء: نَحْنُ بَناتِ طارقْ ... نَمشى على النَّمارِقْ5 (بَناتِ) بالنصب على الإختصاص، والخير نمشي. 39- حديث "أما إِنَّكَ لَوْ سَكَتَّ لناولتني ذراعاً فَذِراعاً ما سَكَتَّ". قال الطيّبي في شرح المشكاة6: "الفاء فيه للتعاقب، كما في قوله (الأمثل فالأمثل) 7. و (ما) في (ما سكتّ) للمدة".   1مسند أحمد 2/463. 2 هود: 73. 3 قال سيبويه:" وأكثر الأسماء دخولاً في هذا الباب بنو فلان، ومعشر مضافة، وأهل البيت، وآل فلان ". الكتاب 2/ 236 (بتحقيق هارون) . 4 جمال الدين عبد الله بن يوسف بن هشام الأنصاري، العلامة المشهور، له مصنفات كثيرة منها: أوضح المسالك، شذور الذهب، مغني اللبيب، التذكرة. توفى سنة 761 هـ. انظر: بغية الوعاة 2/68. 5 من رجز لهند بنت طارق بن بياضة الإِيادية قالته في حرب الفرس لإِياد، وتمثلت به هند بنت عتبة يوم أحد. انظر: الروض الأنف 5/ 455. 39- الحديث عن أبي رافع مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:" أهديت له شاة فجعلها في القدر فدخل رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: ما هذا يا أبا رافع؟ فقال: شاة أهديت لنا يا رسول الله فطبختها في القدر. فقال: ناولني الذراع يا أبا رافع. فناولته الذراع. ثم قال: ناولني الذراع الآخر، فناولته الذراع الآخر. ثم قال: ناولني الذراع الآخر. فقال: يا رسول الله إنما للشاة ذراعان. فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: أما أنك لو سكتّ لناولتني ذراعاً فذراعاً ما سكتّ … " مسند أحمد 6/ 392. مشكاة المصابيح 1/57. 6 شرح المشكاة للطيبي مجلد (ورقة 200) . 7 مسند أحمد 1/172، 174. الجزء: العدد 67 - 68 ¦ الصفحة: 111 40- حديث "لا أُلفِينَّ أحَدَكُمْ مُتَّكِئاً عَلى أريكَتِه". قال القرطبي1 في المفهم: "أي لا يفعلنّ أحدكم ذلك فأجده على تلك الحال. وهذا مثل قول العرب: لا أرينَّك ها هنا 2 أي لا تكن هنا فأراك". وقد تكرر مثل هذا في الحديث، ومنه حديث أبي هريرة "لا أُلفِينَّ أحَدكُمْ يجيء يَوْمَ القِيامَةِ عَلى رَقَبتِه بعيرٌ له رُغَاء" 3. وقال زين العرب 4 في شرح المصابيح: " (مُتَّكِئاً) مفعول ثان". وقال الطّيبي في شرح المشكاة5: "نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم نفسه عن أن يجدهم على هذه الحالة، والمراد نهيهم عن أن يكونوا عليها، فإنهم إذا كانوا عليها وجدهم كذلك، فهو من باب إطلاق المسبب على السبب". قوله (يَأتيه الأمر ُمِنْ أمري مِما أمرْتُ به أو نَهيتُ عَنْهُ فيقولُ: لا أَدري) . قال المُظهري6: " (مما أمًرْتُ بِه) بدل من أمري. وقال الطّيبي: "يجوز أن يُراد بقوله (الأمر مِنْ أمري) الأمر الذي هو بمعنى الشأن. ويكون (مما أمرت به أو نهيتُ عنه) بياناً للأمر الذي هو الشأن لأنه أعمّ من الأمر والنهى. وقوله (فيقول لا أدري) مرتب على يأتيه، والجملة كما هي حال أخرى من المفعول، ويكون النهي منصبّاً على المجموع، أي لا ألفينَّ أحدكم وحاله أنه متكىء ويأتيه الأمر فيقول لا أدري". انتهى.   40الترمذي: أبواب العلم 4/ 144 رقم 2800. أبو داود: لزوم السنة رقم 4441. مشكاة المصابيح: كتاب الإيمان 1/57. 1 أب والعباس أحمد بن عمر بن إبراهيم القرطبي المتوفى سنة 656 هـ له شرح على مختصره لصحيح مسلم ذكر فيه أنه لما رتبه وبوبه وشرح غريبه ونبه على نكت من إعرابه وعلى وجوه الاستدلال بأحاديثه وسماه (المفهم لما أشكل من تلخيص كتاب مسلم) . كشف الظنون 1/557. 2 انظر: سيبويه 3/ 151 (هارون) . 3 مسلم: كتاب الإمارة 12/ 216. 4 علي بن عبد الله بن أحمد المعروف بزين العرب شرح مصابيح السنة للإمام حسين بن مسعود البغوى المتوفى سنة 516 هـ. أنظر: كشف الظنون 2/1698. 5 شرح مشكاة المصابيح- مخطوط مجلد 1ورقة 150. وقد سبقت ترجمة الطيبي في الحلقة الأولى. 6 مظهر الدين الحسين بن محمود بن الحسن الزيداني المتوفى سنة 727 هـ له شرح على مصابيح السنة سماه (المفاتيح في المصابيح) . انظر:. كشف الظنون 2/ 1699، الأعلام 2/ 259. الجزء: العدد 67 - 68 ¦ الصفحة: 112 الباب السابع: مسند أًسَيد بن حُضَير1 رضي الله عنه ... مسند أًسَيد بن حُضَير1 رضي الله عنه 41- حديث "بينَما هو يقرأ في الليل سورة البَقرةِ وفَرسُه مربوطةٌ إذْ جالست الفرسُ فسكتَ فسكَنتْ " إلى أن قال " فلمَّا أصبح حدَّثَ النبيَّ صلى الله عليه وسلم فقال: اقرأْ يا بْنَ حُضَير، اقرأْ يا بْنَ حُضَير. فقال: أشفقت يا رسولَ الله أن تَطأ يحي". قوله (اقرأ) ليس أمراً له بالقراءة في الحال، وإنّما هو تصوير لتلك الحالة، فهو كحكاية الأمر في الحال الماضية. قال النووي2: " (اقرأ) معناه كان ينبغي أن تستمر على القراءة وتغتنم ما حصل لك من نزول السكينة والملائكة، فتستكثر من القراءة التي هي سببه". وقال الطيبي3: "يريد أن (اقرأ) لفظ أمر طلب للقراءة في الحال، ومعناه تحضيض وطلب للإستزادة في الزمان الماضي، أي هلاّ زدت. كأنه صلى الله عليه وسلم استحضر تلك الحالة العجيبة الشأن فأمره تحريضاً عليه. والدليل على أن المراد من الأمر الإستزادة وطلب دوام القراءة والنهى عن قطعها قوله في الجواب (أَشفقتُ يا رسول الله) أي خفت إن دُمْتُ عليها أن تطأ الفرسُ ولدي يحي". انتهى   1 أسيد بن حضير الأنصاري الأشهلي، أحد النقباء ليلة العقبة، أسلم على يد مصعب بن عمير، وكان ممن ثبت يوم أحد. توفى سنة عشرين أو إحدى وعشرين. انظر: الإِصابة 1/ 64. 41- الحديث في البخاري: كتاب فضائل القرآن 9/63. مسلم: باب نزول السكينة لقراءة القرآن 6/83. مشكاة المصابيح: كتاب فضائل القرآن 1/ 654. 2 صحيح مسلم بشرح النووي 6/83. 3 شرح المشكاة م 2 ورقة 12 الجزء: العدد 67 - 68 ¦ الصفحة: 113 الباب الثامن: مسند أسَيْد بن ظُهير4 رضي الله عنه ... مسند أسَيْد بن ظُهير4 رضي الله عنه 42- حديث "الصلاةُ في مسجدِ قباء كَعمْرة". قال أبو البقاء5: "الجيّد في (قباء) الصرف، ووزنه فُعال، ومنهم أن لا يصرفه ويجعله اسماً للبقعة مؤنثاً".   4 أسيد بن ظهير الأنصاري الحارثى، له ولأبيه صحبة، مات في خلافة عبد الملك بن مروان.. انظر: ألإصابة 1/ 64. 42- الترمذي: أبواب الصلاة 1/204 برقم 323. 5 إعراب الحديث للعكبرى رقم 25. الجزء: العدد 67 - 68 ¦ الصفحة: 113 الباب التاسع: مسند الأسود بن سريع1 رضي الله عنه ... مسند الأسود بن سريع1 رضي الله عنه 43- حديث "هاتِ ما امْتَدَحْتَ بِهِ رَبَّك". قال الرِضى2: " (هاتِ) من أسماء الأفعال. هاتِ بمعنى أَعْطِ، ويتصرّف بحسب المأمور إفراداً وتثنيةً وجمعاً وتذكيراً وتأنيثاً. تقول: هاتِ، هاتِيا، هاتُوا، هاتِي، هاتِيا، هاتِين. وتصرّفه دليل فعليته، تقول هاتِ لا هاتيت، وهاتِ إنْ كان بك مهاتاة، وما أُهاتيك أي ما أعاطيك" 3. قال الجوهري: "لا يقال منه هاتَيْتُ ولا يُنْهَى منه4. فهو على ما قال ليس بتام التصرف". وقال الخليل: "أصل هاتِ آت من آتى يُؤتي إيتاء، فقلبت الهمزة هاء5. ومن قال هو اسم فعل6 قال لحوق الضمائر به لقوة مشابهته لفظاً للأفعال. ويقول في نحو مهاتاة وهاتيت إنه مشتق من هاتي كأحاشي من حاشى، وبَسْمَلَ من بِسم الله". انتهى.   1 الأسود بن سريع التميمي السعدي الشاعر المشهور، غزا مع النبي صلى الله عليه وسلم، نزل البصرة وكان قاصاً شاعراً محسناً، وهو أول من قصّ في مسجد البصرة قيل مات سنة 42 هـ. انظر الإستيعاب 1/72. الإصابة 1/ 59. 43- الحديث عن الأسود بن سريع، وأوله قال:" يا رسول الله إني قد حمدت ربي بمحامد 000 " انظر: مسند أحمد 3/435. 2 شرح الكافية للرضى 2/70. 3 في بعض النسخ (أعطيك) . وفي شرح الكافية للرضى 2/ 75 (كما أعاطيك) ، وفي الصحاح (هيت) : (وما أهاتيك كما تقول ما أعاطيك) . 4 في بعض النسخ (ولا يبني منه) . وفي الصحاح (ولا ينهي بها) . 5 انظر: الصحاح (مادة هيت) 1/271. وفي تاج العروس (هتي: هات) : يقال هاتى يهاتى مهاتاة، الهاء فيها أصلية، ويقال بل مبدلة من الألف المقطوعة في آتى يؤاتي، لكن العرب قد أماتت كل شيء من فعلها غير الأمر في هات. ولا يقال منه هاتيت ولا ينهى بها. وأنشد ابن برى لأبى نخلة: قل لفًراتٍ وأَبي فُرات ... ولسعيدٍ صاحبِ السوآتِ هاتوا كما كنا لكم نُهاتي 6 ذهب الزمخشري إلى أن (هات وتعال) اسما فعلين للأمر. قال ابن يعيش:" (هات) هو اسم لأعطني وناولني ونحوهما.." شرح المفصل لابن يعيش 4/25، 30. الجزء: العدد 67 - 68 ¦ الصفحة: 114 الباب العاشر: مسند الأشْعَث بن قَيْس الكندي7 رضي الله عنه ... مسند الأشْعَث بن قَيْس الكندي7 رضي الله عنه 44- حديث "لا يَشْكرُ الله مَنْ لا يَشْكُر النّاس".   7 الأشعث بن قيس الكندي، قدم على رسول الله صلى الله عليه وسلم سنة عشر في وفد كندة، وكان رئيسهم فأسلموا. وكان في الإسلام وجيهاً في قومه، إلاّ أنه ارتد بعد النبي صلى الله عليه وسلم، فأسر وأحضر إلى أبي بكر فأسلم وأطلقه وزوجه أخته أم فروة. ولما استخلف عمر خرج الأشعث مع سعد إلى العراق وشهد القادسية والمدائن وجلولاء ونهاوند. قيل مات سنة 42 هـ. أنظر: الاستيعاب 1/103. الإصابة 1/66. 44- مسند أحمد 5/211، 212. الجزء: العدد 67 - 68 ¦ الصفحة: 114 قال أبو البقاء1: "الرفع في (يشكر) في الموضعين لا يجوز غيره لأنّه خبر وليس بنهي ولا شرط. و (مَنْ) بمعنى الذي". انتهى. وقال ابن الأثير في النهاية2: "معناه إنّ الله لا يقبل شكر العبد على إحسانه إليه إذا كان العبد لا يشكر إحسان الناس ويكفر معروفهم، لاتصال أحد الأمرين بالأخر. وقيل معناه إنّ مَنْ كان مِنْ طبعه وعادته كفران نعمة الناس وترك الشكر لهم كان من عادته وطبعه كفر نعمة الله وترك الشكر له. وقيل معناه إنّ من لا يشكر الناس كمن لا يشكر الله وإن شكره. كما تقول: لا يحبّني من لا يحبّك. أي إنّ محبّتك مقرونة بمحبتي، فمن أحبني يحبك، ومن لم يحبّك فكأنه لم يحبّني. وهذه الأقوال مبنيّة على الرفع في اسم الله تعالى ونصبه". انتهى. وقال الحافظ أبو الفضل العراقي3 في أماليه: "المعروف المشهور في الرواية النصب في اسم الله تعالى، وفي الناس، ويشهد لذلك حديث النّعمان بن بشير " ومَنْ لَمْ يَشْكُرْ لِلناسِ لَمْ يَشْكُر الله" 4، رواه عبد الله بن أحمد في زوائد المسند. وذكر القاضي أبو بكر بن العربي5 أنّه روى برفعهما ونصبهما، ورفع أحدهما ونصب الآخر، فهذه أربعة أوجه". انتهى. 45- حديث "كانَ بَيْني وبَين رَجُلٍ خُصومةٌ في شيء فاخْتَصَمْنا إلى النبيّ صلى الله عليه وسلم، فقال: شاهِداك أو يَمينه". قال القاضي عياض: "كذا الرواية، وارتفع (شاهداك) بفعل مضمر"، قال سيبويه6:   1 إعراب الحديث للعكبرى رقم 26. 2 النهاية في غريب الحديث 2/493. 3 أبو الفضل عبد الرحيم بن الحسين زين الدين العراقي ولد سنة 725 هـ قدم القاهرة وهو صغير، كان حافظ العصر. من مؤلفاته: التقييد والإيضاح على مقدمة ابن الصلاح، الألفية في الحديث، تخريج أحاديث الأحياء، تكملة شرح الترمذي. مات سنة 806 هـ. انظر: طبقات الحفاظ للسيوطي 539، ذيل تذكرة الحفاظ ص220-239. 4 الحديث في الترمذي 3/248 برقم 2021. 5 العلامة الحافظ القاضي أبو بكر محمد بن عبد الله بن محمد المعافرى الإشبيلى المالكي، ولد سنة 468 هـ وتوفى بفاس سنة 543 هـ. من مصنفاته: العواصم من القواصم، أحكام القرآن، عارضة الأحوذي في شرح الترمذي. انظر: تذكرة الحفاظ 4/ 1470. الأعلام للزركلي 6/230. 45- مسند أحمد 5/ 211. البخاري: كتاب الرهن 5/145، كتاب الشهادات 5/280. مسلم 2/158. 6 في سيبويه بتحقيق هارون 1/141: شاهداك أي ما ثبت لك شاهداك. وفي طبعة بولاق 1/71: أي شاهداك ما يثبت لك، أو ما يثبت لك شاهداك. الجزء: العدد 67 - 68 ¦ الصفحة: 115 "معناه ما قال شاهداك". قلت: أو على أن التقدير لك إقامة شاهديك أو طلب يمينه فحذف الإقامة والطلب وأقيم المضاف إليهما مقامه فارتفع، وحذف الخبر للعلم به. وقال الكرماني1: "أي المثبت أو الحجة شاهداك، أو شاهداك هو المطلوب". قوله "لَفِيَّ والله نَزَلَتْ". قال ابن مالك2: "فيه شاهد على توسّط القسم بين جزأي الجواب، وعلى أنّ اللام يجب وصلها بمعمول الفعل الجوابي المقدّم، وخلو الفعل منها ومن قبول قد إن كان ماضياً، كما يجب خلوّ المضارع منها ومن قبول نون التوكيد إذا قدّم معموله، كقوله تعالى: {ولَئِنْ مُتُّمْ أو قُتِلْتُم لإلَى الله تحْشرون} " 3. 46- حديث "فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: بَيّنَتك أَنها بيرك وإلاّ فَيَمينه". قال أبو البقاء4: " (بيّنَتَك) بالنصب على تقدير هات أو أحضر، و (أنّها) بالفتح لا غير، والكسر خطأ فاحش، وقوله (وإلاّ فيمينه) يجوز فيه النصب على تقدير: وإلا فاسْتَوفِ يَمينَه، والرفع على تقدير: وإلاّ فَلَك يمينه، على الإبتداء والخبر". وقال الكرمانى 5: "يجوز في (بيّنتك) الرفع أي المطلوب بيّنتك".   صحيح البخاري بشرح الكرمانى 11/197 وفيه: قال سيبويه:" معناه ما يثبت لك شاهداك، أو معناه ما يثبت لك شهادة شاهديك فحذف المضاف وأقيم المضاف إليه مقامه ". 2 شواهد التوضيح والتصحيح 169. 3 آل عمران: 158. 46- الحديث عن الأشعث بن قيس، وفيه " ... خاصمتُ ابنَ عمّ لي إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم في بئر كانت لي في يده فجحدني، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: بينتك أنها بيرك وإلاً فيمينه.." مسند أحمد 5/212. البخاري: كتاب التفسير 8/213 وفيه (بينتُك أو يمينه) . 4 إعراب الحديث للعكبرى رقم 27. وانظر: أمالي السهيلي 107. 5 صحيح البخاري بشرح الكرمانى/ كتاب الإيمان والنذور 23/121 وفيه: (بيّنتَك بالنصب، أي أحضر أو اطلب بينتَك، وبالرفع أي المطلوب بينتُك أو يمينه إنْ لم تكن لك بيّنة) . الجزء: العدد 67 - 68 ¦ الصفحة: 116 الباب الحادي عشر: مسند الأغَرّ المُزَنيِّ 6 رضي الله عنه ... مسند الأغَرّ المُزَنيِّ 6 رضي الله عنه 47- حديث "إنَّه لَيُغانُ على قلبي".   6 الأغرّ بن يسار المُزني- ويقال الجُهني- من المهاجرين، كانت له صحبة. انظر: الإصابة 1/70. 47- عن الأغر المزني، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:" إنّه ليغان على قلبي وانّي لأستغفر الله في كل يوم مائة مرة ". انظر: مسلم 23/17. قال القاضي:" قيل المراد الفترات والغفلات عن الذكر الذي كان شأنه الدوام عليه ". وفي أبي داود: باب الإستغفار رقم 1459. قال الخطابي 2/151:" يغان معناه يغطي ويلبّس على قلبي، وأصله من الغين ". الجزء: العدد 67 - 68 ¦ الصفحة: 116 قال الطيبي1: "اسم إنّ ضمير الشأن، والجملة بعده خبر له، ومفّسره، والفعل مسند إلى الظرف، وموضعه رفع بالفاعليّة"2.   1 في شرح المشكاة مجلد 2 ورقة 191. 2 أي نائب فاعل ليُغان. الجزء: العدد 67 - 68 ¦ الصفحة: 117 الباب الثاني عشر: مسند أميَّة بن مَخْشِيّ الخُزاعي3 رضي الله عنه ... مسند أميَّة بن مَخْشِيّ الخُزاعي3 رضي الله عنه 48- حديث "بِسمِ الله أَوَّلَه وآخِرَه". قال أبو البقاء4: "الجيد النصب فيهما، والتقدير عند أوله وعند آخره، فحذف عند وأقام المضاف إليه مقامه. ويجوز أن يكون التقدير ألاقي بالبسملة أوّله وأخره، ويجوز الجر على تقدير في أوله وآخره".   أمية بن مخشي الخزاعي، ويقال الأزدي، صحب النبي صلى الله عليه وسلم ثمّ سكن البصرة وأعقب بها. وقال البخاري وابن السكن:" له صحبة وحديث واحد "، انظر: الإصابة 1/80. 48- عن أمية بن مخشي، وفيه " ... أن رجلاً كان يأكل والنبي صلى الله عليه وسلم ينظر فلم يسمّ حتى كان في آخر طعامه لقمة قال: بسم الله أوله وآخره. فقال النبي صلى الله عليه وسلم: والله ما زال الشيطان يأكل معه حتى سمّى فلم يبق في بطنه شيء إلا قاءه ". مسند أحمد 4/336. أبو داود: باب التسمية على الطعام برقم 3621. 4 إعراب الحديث للعكبرى رقم 28. الجزء: العدد 67 - 68 ¦ الصفحة: 117 مراجع الحلقة - الإستيعاب في أسماء الأصحاب للحافظ القرطبي/ في هامش الإصابة- دار الكتاب العربي-بيروت. - الإصابة في تمييز الصحابة: ابن حجر العسقلاني، دار الكتاب العربي، بيروت. - إعراب الحديث النبوي: العكبرى، تحقيق د. حسن موسى الشاعر، الطبعة الأولى، عمان 1981. - الأعلام: الزركلي، دار العلم للملايين- بيروت ط 6 عام 1984م. - أمالي السهيلي، تحقيق د. محمد البنا، الطبعة الأولى 1390 هـ 1971م. - الإنصاف: ابن الأنبارى، تحقيق محمد محيى الدين عبد الحميد، القاهرة. - بغية الوعاة: السيوطي، تحقيق محمد أبو الفضل إبراهيم، مطبعة الحلبي، الطبعة الأولى1384 هـ 1964م. - تاج العروس: الزبيدي. - تذكرة الحفاظ: الذهبي، مطبوعات دائرة المعارف العثمانية، نشر دار إحياء التراث العربي- بيروت. - التصريح على التوضيح: الشيخ خالد الأزهري، دار إحياء الكتب العربية. - تهذيب الأسماء واللغات: النووي، إدارة الطباعة المنيرية. - تهذيب التهذيب: ابن حجر، دار صادر، عن الطبعة الأولى بحيدر آباد. - تهذيب اللغة: الأزهري، تحقيق إبراهيم الأبياري، دار الكاتب العربي 1967 م. - حماسة أبى تمام: تحقيق د. عبد الله عسيلان. - الدرر اللوامع: الشنقيطي، الطبعة الأولى 1328 هـ. - ذيل تذكرة الحفاظ للذهبي: تأليف تلميذه أبى المحاسن الحسيني، دار إحياء التراث العربي- بيروت. - الذيل على طبقات الحنابلة: ابن رجب، تصحيح محمد حامد الفقي 1372 هـ 1952م. - رصف المباني في شرح حروف المعاني: المالقي، تحقيق د. أحمد الخراط، دمشق 1395 هـ، 1975م - الروض الأنف:. السهيلي، تحقيق عبد الرحمن الوكيل، القاهرة. - السبعة في القراءات: ابن مجاهد، تحقيق د. شوقي ضيف، دار المعارف بمصر الطبعة الثانية. - سنن ابن ماجة: تحقيق محمد فؤاد عبد الباقي، مطبعة عيسى الحلبي. - سنن الترمذي: تحقيق عبد الرحمن عثمان، مطبعة الفجالة الجديدة. - سنن النسائي (المجتبى) ومعه زهر الربى للسيوطي، المكتبة التجارية، الطبعة الأولى 1348 هـ، 1930م. الجزء: العدد 67 - 68 ¦ الصفحة: 118 -شرح الأشموني، تحقيق محيي الدين عبد الحميد، الطبعة الأولى 1375 هـ 1955م. - شرح شذور الذهب: ابن هشام، تحقيق محمد محيي الدين، الطبعة التاسعة. - شرح الكافية: رضى الدين، دار الكتب العلمية، بيروت. - شرح الكافية الشافية: ابن مالك، تحقيق د. عبد المنعم هريدي، منشورات جامعة أم القرى. - شرح مشكاة المصابيح: الطيبي- مخطوط بالمكتبة المحمودية في المدينة المنورة. - شرح المفصّل: ابن يعيش، إدارة الطباعة المنيرية. - شواهد التوضيح والتصحيح: ابن مالك، تحقيق محمد فؤاد عبد الباقي، القاهرة. - الصحاح: الجوهري، تحقيق أحمد عبد الغفور عطار، 1402هـ 1982م. -صحيح البخاري بشرح الكرماني، دار إحياء التراث العربي، طبعة ثانية- 1401هـ 1981م. - صحيح مسلم بشرح النووي، دار إحياء التراث العربي. - طبقات الحفاظ: السيوطي، تحقيق علي محمد عمر، مكتبة وهبة، الطبعة الأولى 1393هـ، 1973م. -الفاخر: المفضل بن سلمة، تحقيق عبد العليم الطحاوي، الطبعة الأولى 1380 هـ 1960م. - فتح الباري بشرح صحيح البخاري: ابن حجر، دار المعرفة- بيروت. - الكتاب: سيبويه، تحقيق عبد السلام هارون، الهيئة المصرية العامة للكتاب. - الكتاب: سيبويه، طبعة بولاق. - كشف الظنون: حاجي خليفة، منشورات مكتبة المثنى- بيروت. - لسان العرب: ابن منظور، دار صادر- بيروت. -مجلة معهد المخطوطات- الكويت، مجلد 26 جـ 2. - مختصر سنن أبي داود: الحافظ المنذري، وعليه معالم السنن للخطابي تحقيق أحمد شاكر ومحمد حامد الفقى. - المسائل العسكرية: أبو علي الفارسي، تحقيق د. محمد الشاطر، مطبعة المدني الطبعة الأولى 1403هـ 1982م. -مسند الإمام أحمد بن حنبل وبهامشه منتخب كنز العمال- بيروت. - مشكاة المصابيح: الخطيب التبريزي، تحقيق ناصر الدين الألباني، منشورات المكتب الإسلامي بدمشق، الطبعة الأولى 1380هـ 1961م. - معالم السنن: الخطابي، بهامش مختصر سنن أبي داود. - مغني اللبيب: ابن هشام، تحقيق د. مازن المبارك وزميله، الطبعة الأولى 1964م. - المقاصد النحوية: العيني، بهامش خزانة الأدب للبغدادي- بولاق. - النهاية في غريب الحديث والأثر: ابن الأثير، تحقيق طاهر الزاوي وزميله، الطبعة الأولى. - همع الهوامع: السيوطي، تحقيق د. عبد العال سالم، دار البحوث العلمية، الكويت. الجزء: العدد 67 - 68 ¦ الصفحة: 119 عُقُودُ الزّبَرْجَدِ عَلَى مُسْنَدِ الإمَام أحمَدَ فِي إعرَاب الحَدِيثِ تأليف: جلال الدين السيوطي تحقيق: الدكتور حسن موسى الشاعر أستاذ مشارك بكلية اللغة العربية بالجامعة مسند أنس بن مالك 1 (رضي الله عنه) 49- حديث الشفاعة، قوله: "يُجْمَعُ المُؤْمِنُونَ يَوْمَ القيامة فَيُلْهَمُونَ ذلك". قال أبو البقاء2: (ذلك) إشارة إلى المذكور بعده، وهو حديث الشفاعة. ويجوز أن يكون قد جرى ذكره قبل، فأشار بذلك إليه، ثم ذكر بعد منه طائفة. وقوله: "فيقولون لو اسْتَشْفَعْنا على رَبِّنا". عدّى (استشفعنا) بعلى، وهي في الأكثر تتعدّى بإلى، لأن معنى استشفعت توسلت، فتتعدى بإلى، ومعناها أيضاً استعنت، يقال: استشفعتُ إليه واستعنتُ عليه، وتحمّلت3 عليه بمعنى واحد. ومن هذا قول الشاعر:   1 أنس بن مالك بن الخضر الأنصاري الخزرجى خادم رسول الله صلى الله عليه وسلم وأحد المكثرين من الرواية عنه. خدمه عشرين سنين شهد الفتوح ثم قطن البصرة، وكان أخر الصحابة موتاً بالبصرة. أنظر: الِإصابة 1/ 084 الأعلام 2/ 24. 49- حديث الشفاعة حديث طويل وفيه "يجمع المؤمنون يوم القيامة فيلهمون ذلك فيقولون لو استشفعنا على ربنا فأراحنا من مكاننا هذا فيأتون آدم … فيقول لهم: لست هناكم، ويذكر ذنبه الذي أصابه فيستحي ربّه عز وجل من ذلك ... "أنظر: البخاري: كتاب التوحيد 13/477. مسلم 3/54 مسند أحمد 3/116 مشكاة المصابيح 3/69. 2 إعراب الحديث- لأبي البقاء العكبري, رقم29 3 في بعض النسخ (وتحيلت عليه) . الجزء: 69 - 70 ¦ الصفحة: 106 إذا رَضيَتْ عَلىَّ بنو قُشَيرٍ ... لَعمرُ أبيكَ أعجبني رضاها [1 فعدّاه بعلى. قال أبو عبيدة2: "إنما ساغ ذلك لأن معناه أقبلت علىّ". انتهى. قلت: في رواية للبخاري "لو استشفعنا إِلى ربّنا" بإلى على الأصل. قال الكرماني3: وجواب "لو" محذوف، أو هي للتمني. وقال الطيبي4: "لو" هي المتضمنة للتمني والطلب. وقوله (فَيُريحَنا) منصوب بأن المقدّرة بعد الفاء الواقعة جواباً للو5. وقوله: (أأنت آدم) من باب: أنا أبو النجم وشِعْري شِعْري6 ثم قال أبو البقاء: وقوله: "لَسْتُ هُنَاكمُ": (هنا) في الأصل ظرف مكان وقد استعملت للزمان، ومعناها هاهنا عند، أي لست عند حاجتكم أنفعكم، والكاف والميم لخطاب الجماعة. وقوله: "فيستحي ربَّه من ذلك" الأصل فيستحي من ربّه فحذف (من) للعلم بها، كقوله تعالى: {وَاخْتَارَ مُوسَى قَوْمَهُ سَبْعِينَ رَجُلاً} 7 أي من قومه. ويجوز أن لا يكون فيه حذف، ويكون المعنى يخشى ربَّه أو يخاف ربَّه، لأن الاستحياء والخشية بمعنى واحد. وقوله: "ولكن ائتوا موسى عَبْدٌ" تقديره: هو عبد. ولو نصب جاز على البدل أو على الحال، والرفع أفخم. وقوله: "ائتوا عيسى عَبْد الله" الرفعِ فيه أجود كما رفع ما قبله على التعظيم، ويجوز النصب على الصفة. وقوله: "ائتوا محمداً صلى الله عليه وسلم عَبْداً غفر الله له" فنصب هاهنا على البدل أو الحال أو على إضمار أعني، ولو رفع كما رفع (عَبْدٌ كلّمه الله) لجاز. وقوله:   1 هذا البيت من قصيدة قالها القُحيف العقيلي، وهو شاعر إسلامي مقل، يمدح بها حكيم بن المسيب القشيري. انظر: المقتضب 2/ 320 مغني اللبيب 153. خزانة الأدب 10/132 وما بعدها. قال ابن جني: "ذهب الكسائي إلى أنه عدّى رضيت بعلى لما كان ضد سخطت، وسخطت مما يعدّى بعلى. وكان أبو علي يستحسنه من الكسائي ". الخصائص 2/289. 2 هو معمر بن المثنى اللغوي البصري، مولى بني تيم، أخذ عن يونس وأبي عمر. وهو أول من صنف في غريب الحديث. ومن مصنفاته: المجاز في غريب القرآن، معاني القرآن، نقائض جرير والفرزدق. توفي سنة 210 هـ. انظر: بغية الوعاة 2/294 3 صحيح البخاري بشرح الكرماني 25/203. 4 شرح مشكاة المصابيح للطيبي، مخطوط في المكتبة المحمودية جـ4 ورقة 201. 5 الفاء واقعة في جواب لو على جعل لو للطلب، فإن جعلت شرطية فجوابها مقدر، كما أشار الكرماني. 6 قائله أبو النجم العجلي. انظر ديوانه ص 99. همع الهوامع 1/207. معاهد التنصيص 1/ 26. قال البغدادي في خزانة الأدب 1/ 439: استشهد به على أن عدم مغايرة الخبر للمبتدأ إنما هو للدلالة على الشهرة، أي شعري الآن هو شعري المشهور المعروف بنفسه لا شيء آخر 7 الأعراف 155. الجزء: 69 - 70 ¦ الصفحة: 107 "أنتظر أُمتِي تَعْبُرُ الصِّراط" التقدير: أنتظر أمتي أن تعبر، فأن والفعل في تقدير مصدر موضعه نصب بدلاً من أمتي بدل اشتمال، ولما حذف (أن) رفع الفعل، ونصبه جائز1. وقوله: "فالخَلْقُ مُلْجَموُنَ في العَرَق" يجوز أن يكون المعنى أنهم في العرق ملجمون بغيره، فيكون (في العرق) خبراًَ عن الخلق، و (مُلْجَمون) خبراً آخر. ويجوز أن يكون (في) بمعنى الباء، ويكون العرق ألجمهم. هذا كلُّه كلام أبي البقاء وقوله: "فَاحْمَدُهُ بِمَحامِدَ لا أقدر عليه الآن". قال النووي2: هكذا هو في الأصول "لا أقدر عليه" وهو صحيح، ويعود الضمير في (عليه) إلى الحمد. وقوله في الرواية الأخرى: "لستُ لها". قال الطيبي3: اللام متعلقة بمحذوف. واللام هي التي في قولك: أنت لهذا الأمر، أي كائن له ونختص به. وعلى هذا قوله: "أنا لها" وقوله: "ليس ذلك لك". 50- حديث الغار، قوله: "إِنَّهُ كانَ لي والدان فكُنْتُ أَحْلِبُ لَهمُا في إنائِهما فآتيهما، فإذا وَجْدتُهما راقِدَيْن قُمْتُ عَلى رُؤُوسِهما كرَاهِيةَ أنّ أَرُدِّ سِنَتَهمُا في رُؤوسهما حتّى يستيقظان متى استيقظا". قال أبو البقاء4: هكذا وقع في هذه الرواية "حتى يستيقظان" بالنون، وفيه عدة أوجه: أحدها: أن يكون ذلك من سهو الرواة، وقد وقع ذلك منهم كثيراً، والوجه حذفها   1 قال ابن مالك لا شرح الكافية الشافية 3/1559: "وأما بقاء النصب بعد حذف (أنْ) في غير ذلك فضعيف قليل، ولا يقبلُ منه إلا ما نقله عدل، ولا يقاس عليه. ومما نُقِل فقبُل قول بعض العرب: خد اللصَّ قبل يأخَذَك ". 2 صحيح مسلم بشرح النووي3/62. 3 شرح مشكاة المصابيح جـ4 ورقة 203. 50- حديث الغار، وأوله (إن ثلاثة نفر فيما سلف من الناس انطلقوا يرتادون لأهلهم فأخذتهم السماء فدخلوا غاراً..) مسند أحمد 3/ 0142 البخاري: باب حديث الغار 6/505 باختلاف الرواية 4 إعراب الحديث رقم 31. والرواية التي وجهها العكبري اعتمد فيها على كتاب جامع المسانيد لابن الجوزي، وأما رواية المسند 3/142 فهي (حتى يستيقظا ... ) ، وهي متفقة مع القاعدة ولا تحتاج إلى توجيه. وبذلك نرى أن السيوطي يلفق بين الكتب دون إشارة. الجزء: 69 - 70 ¦ الصفحة: 108 بحتى، لأن معناها إلى أن يستيقظا1، وتتعلق بقمت. والثاني: أن يكون ذلك على ما جاء في شذوذ الشعر، كقوله: أَنْ تقرآنِ عَلى أسْماء وَيحكُما ... مِنيّ السَّلامَ وأَنْ لا تُخْبِرا أَحَدا2 والثالث: أن يكون على حذف مبتدأ، أي حتى هما يستيقظان. وقوله: "متى استيقظ" تقديره: سقيتهما. ويجوز أن يكون المعنى أؤخر أو أنتظر أي وقت استيقظا. انتهى. 51- حديث الأوعية، قوله: "فالرصاص والقارورة، قال: ما بأس بهما". قال أبو البقاء3: جعل اسم (ما) نكرة والخبر جار ومجرور، والأكثر في كلامهم أن يقدّم هاهنا الخبر، فيقال: ما بهما بأس. وتقديم المبتدأ جائز4 لأن البأس مصدر، وتعريف المصدر وتنكيره متقاربان. وقد قالوا: "لا رجلٌ في الدار". فرفعوا بلا النكرة. و (ما) قريب منها. ويجوز أن يحمل (ما) على (لا) . 52- حديث "لا تَزالُ جَهَنَّمُ تقول "هَلْ مِنْ مَزيد" حتى يَضَعَ فيها رَبُّ العِزَّةِ قَدَمه، فتقول: "قَطْ قَطْ وعِزَّتِك". قال الأندلسي5 في شرح المفصّل: (قَطْ) المخففة معناها حَسْب، وهي مبنية على   1 ذهب الكوفيون إلى أن (حتى) لا تكون حرف نصب ينصب الفعل من غير تقدير أن.. وذهب البصريون إلى أن الفعل بعدها منصوب بتقدير (أن) ... انظر: الإنصاف مسألة 83. 2 هذا ثالث ثلاثة أبيات لا يعرف قائلها ,والشاهد فيها قوله (أن تقرآن) حيث أهمل (أن) ولم تنصب. قال ابن مالك: جاء على لغة من يرفع الفعل بعد (أن) حملاً على (ما) أختها. انظر: شواهد توضيح ص 180. شرح ابن يعيش 7/ 15.مغني اللبيب ص 28.شرح أبيات مغني اللبيب 1/ 135.حاشية الصبان 3/ 287.الإنصاف مسألة 77. 51 – سُئل أنس عن الشرب في الأوعية فقال:"نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم المزفتة , وقال كل مسكر حرام. قال , قلت: وما المزفتة؟ قال: المقيّرة. قال , قلت: فالرصاص والقارورة؟ قال: ما بأس بهما ... "مسند أحمد 3/ 112. 3 إعراب الحديث النبوي رقم 34. 4 في النسخ (غير جائز) والصحيح أنه جائز كما علّله هنا وذكره في إعراب الحديث. ومن مسوّغات الابتداء بالنكرة أيضاً هنا غير ما ذكره وقوعها في سياق النفي. 2 5- الحديث في البخاري 11/545 كتاب الأيمان والنذور ب الحلف بعزة الله. مسلم 17/183. 5 القاسم بن أحمد بن الموفّق، علم الدين اللورقي الأندلسي، إمام في العربية، عالم بالقراءات. صنف: شرح المفصل في أربعة مجلدات، شرح الجزولية، شرح الشاطبية. مات سنة 661 هـ بدمشق انظر: بغية الوعاة 2/250. الجزء: 69 - 70 ¦ الصفحة: 109 السكون لوقوعها موقع فعل الأمر، وتدخلها نون الوقاية حرصاً على إبقاء سكونها. قال: امتلأ الحَوْضُ وقال قَطْني1 وربما حذفت نون الوقاية منها، مثله في عني ومني 2. وإنما لم تُبنَ حَسْب وإن كانت في معناها لأنها لم توضع في أول أحوالها وضع الفعل كما فُعل بقط، لأنك تصرفها فتقول أحسبني الشيء إحساباً، وهذا حَسْبُك أي كافيك، فلما تصرّف بهذه الوجوه دون قَط أُعرب ولم يُبْنَ، وتنون قَطْ هذه في التنكير لأنها بمنزلة صَهْ ومَهْ. 53- حديث "قوموا فلأصلّي لكم". قال أبو البقاء3: لم يقل (بكم) لأنه أراد من أجلكم لتقتدوا بي. انتهى. وقال إن مالك في التوضيح4: يروي قوله (فلأصلّي) بحذف الياء وبثبوتها مفتوحة وساكنة، واللام عند ثبوت الياء مفتوحة لام كي، والفعل بعدها منصوب بأن مضمرة، وأن الفعل في تأويل مصدر مجرور، واللام ومصحوبها خبر مبتدأ محذوف، والتقدير: قوموا فقيامكم لأصلي لكم. ويجوز على مذهب الأخفش5 أن تكون الفاء زائدة، واللام متعلقة بقوموا، واللام عند حذف الياء لام الأمر، ويجوز فتحها على لغة سُليم، وتسكينها بعد الفاء   1 قال في الصحاح (مادة قطط) : قط: إذا كانت بمعنى حسب وهو الاكتفاء فهي مفتحة ساكنة الطاء، تقول: ما رأيتُه إلاّ مرة واحدة فقطْ. فإذا أضفت قلت قَطْكَ هذا الشيء، أي حسبك، وقطني وقطي وقطْ. قال الراجز: امتلأ الحوضُ وقال قطني ... مهلاً رويداً قد ملأتَ بطني انظر: الخصائص لابن جني 1/32، الأشموني والصبان 1/125. 2 ومن حذف نون الوقاية منهما قول الشاعر: أيّها السائل عنهُم وعني ... لستُ من قيسٍ ولا قيسُ مِني انظر: الأشموني والصبان 1/ 124. 53- عن أنه (أن جدته مُليكة دعت رسول الله صلى الله عليه وسلم لطعام صنعته له، فأكل منه ثم قال: قوموا فلأصلي لكم ... ) مسند أحمد 3/131. وانظر: البخاري 1/488 كتاب الصلاة ب الصلاة على الحصير. مسلم 5/163. أبو داود 1/166 (تحقيق محي الدين) . 3 إعراب الحديث رقم 35. 4 شواهد التوضيح والتصحيح ص 186. 5 سعيد بن مسعدة، الأخفش الأوسط، قرأ النحو على سيبويه وكان أسنّ منه، دخل بغداد لينتقم لأستاذه سيبويه من الكسائي، ولكن الكسائي قرّبه، فأقام ببغداد، ومات سنة 210 هـ تقريباً ومن مصنعاته: معاني القرآن، المسائل، الأوسط في النحو. انظر: بغية الوعاة 1/590. الجزء: 69 - 70 ¦ الصفحة: 110 والواو وثُمّ على لغة قريش، وحذف الياء علامة الجزم. وأمر المتكلم نفسه بفعل مقرون باللام1 فيصح قليل في الاستعمال، ومنه قوله تعالى: {وَلْنَحْمِلْ خَطَايَاكُمْ} 2. وأمّا في رواية من أثبت الياء ساكنة فيحتمل أن تكون اللام لام كي وسكنت الياء تخفيفاً، وهي لغة مشهورة، أعني تسكين الياء المفتوحة، ومنه قراءة الحسن {وذروا ما بَقِيْ من الرّبا} 3 وقرىء {فَنَسيْ} 4و {ثانيْ اثنين} 5 بالسكون. ويحتمل أن تكون اللام لام الأمر وثبتت الياء في الجزم إجراء للمعتل مجرى الصحيح، كقراءة قُنْبُل6.. {إنه من يتقيْ ويصبر} 7. وقال الزركشي8: قال ابن السّيد9: يرويه كثير من الناس بالياء، ومنهم من يفتح اللام ويسكن الياء ويتوهمونه قَسَما، وذلك غلط، لأنه لا وجه للقسم، ولو كان لقال فلأصلينّ، بالنون. وإنما الرواية الصحيحة (فلأصلّ) على معنى الأمر. والأمر إن كان للمتكلم والغائب كان باللام أبدا، وإذا كان للمخاطب كان بلام وغير لام. قوله: "وصَفَفْتُ أنا واليتيم وراءه".   1 قال الأشموني 4/3: وأما اللام فجزمها لفعلي التكلم مبنيين للفاعل جائز في السعة لكنه قليل، ومنه "قوموا فلأصلّ لكم" {ولنحمل خطاياكم} وأقل منه جزمها فحل الفاعل المخاطب كقراءة أبي وأنا {فبذلك فلتفرحوا} وقوله عليه الصلاة والسلام "لتأخذوا مصافكم" والأكثر الاستغناء عن هذا بفعل الأمر. 2 العنكبوت:12. 3 البقرة: 278. قال العكبري: الجمهور على فتح الياء، وقد قرىء شاذاً بسكونها، ووجهه أنه خفّف بحذف الحركة عن الياء بعد الكسرة. انظر: إملاء ما منّ به الرحمن 1/117، الدر المصون للسمين الحلبي 2/637. 4 طه: 115. 5 التوبة: 40. وانظر: إملاء ما منّ به الرحمن 1/15. 6 هو محمد بن عبد الرحمن المكي المخزومي، روي القراءة على ابن كثير بإسناد. توفي بمكة سنة 291 هـ. انظر: البدور الزاهرة ص 8. 7 يوسف: 90. وأنظر: السبعة في القراءات لابن مجاهد ص 351. 8 محمد بن عبد الله بن بهادر الزركشي، بدر الدين عالم بفقه الشافعية والأصول، تركي الأصل، مصري المولد والوفاة، له مصنفات كثيرة منها: البرهان في علوم القران، التنقيح لألفاظ الجامع الصحيح. توفي سنة 794 هـ. انظر: البرهان في علوم القرآن- المقدمة 1/ 5 الأعلام 6/ 60. وكلام الزركشي في كتابه شرح البخاري 2/ 22. 9 عبد الله بن محمد به السِّيد البطليوسي، كان عالماً باللغات والآداب، أقرأ النحو واجتمع إليه الناس. من مصنفاته: شرح أدب الكاتب، شرح الموطأ، شرح سقط الزند، إصلاح الخلل الواقع في الجمل. توفي سنة 521 هـ ببلنسية. انظر: بغية الوعاة 2 / 55- 56. الجزء: 69 - 70 ¦ الصفحة: 111 قال الزركشي1: بنصب اليتيم ورفعه. ويروى "وصففت واليتيم" من غير توكيد. والأول أفصح، إذ لا يعطف غالباً على الضمير المرفوع إلاّ مع التأكيد، كقوله تعالى: {اسْكُنْ أَنْتَ وَزَوْجُكَ الْجَنَّةَ} 2. 54- حديث "مرّ النبي بِتمْرَةٍ مسقوطة" 3. قال الكرماني4: القياس أن يقال سَاقطة، لكنه قد يجعل اللازم كالمتعدّي بتأويل، كقراءة من قرأ {وعُموا وصُمّوا} 5 بلفظ المجهول. التيمي6: هي كلمة غريبة لأن المشهور أن (سقط) لازم، على أن العرب قد تذكرِ الفاعل بلفظ المفعول وبالعكس إذا كان المعنى مفهوماً. ويجوز أن يقال جاء (سُقِط) متعدياَ أيضاً بدليل قوله تعالى: {سُقِطَ فِي أَيْدِيهِم} 7. قال الخطابي8: "يأتي المفعول بمعنى الفاعل كقوله تعالى: {كَانَ وَعْدُهُ مَأْتِيّاً} 9 أي آتيا". [انتهى] . وقال ابن مالك10: (مسقوطة) بمعنى مُسقَطة، ونظيره مرقوق بمعنى مُرَقّ أي مسترق، عن ابن جني11، ومثله أيضاً رجل مفؤود أي جبان، ولا فعل له، [إنما يقال فُئد 1 شرح صحيح البخاري (التنقيح لألفاظ الجامع الصحيح) 2/ 22 الطبعة الأولى. 2 البقرة:35. 3 عن أنس قال: "مرّ النبي صلى الله عليه وسلم بتمرةٍ مسقوطةٍ فقال: لولا أن تكون صدقة لأكلتها". البخاري: كتاب البيوع. باب ما يتنزه من الشبهات. فتح الباري 4/293. 4 صحيح البخاري بشرح الكرماني 9/187. 5 المائدة: 71. وهي قراءة إبراهيم النخعي كما سيأتي. 6 شيخ الإسلام أبو القاسم إسماعيل بن محمد بن الفضل الأصبهاني الحافظ الكبير صاحب الترغيب والترهيب، رحل إلى بغداد ونيسابور، وجاورسنة. مات سنة 535 هـ. انظر: تذكرة الحفاظ للذهبي ص 1277. 7 الأعراف: 149. 8 حَمدَ بن محمد بن إبراهيم أبو سليمان الخطابي، كان حجة صدوقاً، روى عنه أبو عبد الله الحاكم وغيره. ومن مصنفاته: غريب الحديث، شرح البخاري، شرح أبي داود. مات ببست سنة 388 هـ. انظر: بغية الوعاة 1/547. 9 مريم:61. 10 شواهد التوضيح والتصحيح ص 197. 11 عثمان بن جني، من أحذق العلماء بالنحو والتصريف، لزم أبا علي الفارسي، ولما مات أبو علي تصدّر ابن جني مكانه ببغداد. من مصنفاته: الخصائص، سر صناعة الإعراب، المنصف شرح تصريف المازني، المحتسب في إعراب الشواذ. مات سنة 392 هـ. انظر: بغية الوعاة 2/ 132. الجزء: 69 - 70 ¦ الصفحة: 112 بمعنى مرض فؤاده لا بمعنى جبن. وكما جاء مفعول ولا فعل له جاء فُعِلَ ولا مفعول له [1كقراءة النخعي {ثم عُمُوا وصُمُّوا} ولم يجيء مَعْمِيّ ولا مَصمُوم استغناء بأعْمى وأَصَمّ. 55 - : حديث "ما صَلَّيْتُ ورَاء إمامٍ قَطّ أَخَفَّ صَلاةً". قال الكرماني2: (أخفّ) صفة للإِمام. و (صلاة) تمييز له. وقوله: "وإنْ كانَ لَيَسْمَعُ بكاء الصبي" أصله: وإنّه كان، مخفف وفيه ضمير الشأن. 56- حديث: "إن النبيَّ صلى الله عليه وسلم وأَبا بكرٍ وعمرَ كانوا يَفْتَتِحُونَ الصَّلاةَ بالحمدُ لله ربّ العالمين". قال الزركشي3 والكرماني4: (الحمدُ) بضم الدال على سبيل الحكاية. 57- حديث: "لقد رأيتُ الآنَ مُنْذُ صَلَّيْتُ لَكمُ الَجنَّةَ والنّار". قال الكرماني5: فإن قلت (الآن) للحال، و (رأيتُ) للماضي، فكيف يجتمعان؟ قلت: دخول (قد) عليه قرّبه إلى الحال. فإن قلت: فما قولك في (صَلَّيتُ) فإنه للمضيّ البتة؟ قلت: قال ابن الحاجب: كل مخبر أو منشئ فقصده الحاضر، فمثل (صليت) يكون للماضي الملاصق للحاضر. أو أريد بالآن ما يقال عرفاً إنه الزمان الحاضر، لا اللحظة الحاضرة الغير المنقسمة المسماة بالحال. فإن قلت: (منذ) 6 حرف أو اسم؟ قلت: جاز   1 ما بين المعقوفين ساقط من النسخ، وهو مثبت في شواهد التوضيح لابن مالك ص 197. 55- الحديث عن أنس "ما صليت وراء إمام قط أخفّ صلاة من النبي صلى الله عليه وسلم، وإن كان ليسمع بكاء الصبي فيخفف مخافة أن تفتن أمه"،. البخاري/ فتح الباري 2/ 201. 2 صحيح البخاري بشرح الكرماني 5/86. 56- البخاري: كتاب الآذان والجماعة باب ما يقال بعد التكبير، فتح الباري 2/ 226. مسند أحمد 3/ 101، 203. 3 شرح صحيح البخاري 2/177. 4 صحيح البخاري بشرح الكرماني 5/ 111. 57- عن أنس قال:"صلى لنا النبي صلى الله عليه وسلم ثم رقا المنبر فأشار بيديه قِبَل قبلة المسجد ثم قال: لقد رأيت الآن- منذ صليت لكم الصلاة- الجنة والنار ممثلتين في قبلة هذا الجدار، فلم أرَ كاليوم في الخير والشر- ثلاثاً". البخاري: كتاب الأذان. فتح الباري 2/232. مسند أحمد 3/162. 5 صحيح البخاري بشرح الكرماني 5/116. 6 أنظر الخلاف في مذ ومنذ: الإنصاف مسألة 56، شرح جمل الزجاجي لابن عصفور 2/53. الجزء: 69 - 70 ¦ الصفحة: 113 الأمران. فإن كان اسماً فهو مبتدأ وما بعده خبر، والزمان مقدّر قبل (صليت) . وقال الزجاج1بعكس ذلك2. قوله: "فَلَمْ أَرَ كالْيَومِ في الخير والشرّ". قال الطيبي3: الكاف في موضع الحال. وذو الحال المفعول به، وهو الجنة والنار. والمعنى: لم أر الجنة والنار في الخير والشر يوماً من الأيام مثل ما رأيت اليوم. أي رأيتها رؤية جليّة ظاهرة مثبتاً4 في مثل هذا الجدار، ظاهراً خيرها وشرّها. ونحوه قولِ الشاعر: حتى إذا الكلاّبُ قالَ لها ... كاليومِ مَطْلوباً ولا طَلَبا5 58- حديث "يُؤْتَي بالرَّجلِ يَوْمَ القِيامةِ مِنْ أَهلِ الجنَّة، فيقولُ له: يا بْنَ آدم كيفَ وَجَدْتَ مَنْزِلَك؟ فيقول: أيْ رب خيْرَ مَنزِل". قال أبو البقاء6: النصب هو الوجه، أي وجدته خيرَ منزل. 59- حديث "إن رسول الله صلى الله عليه وسلم صَعِدَ أُحُداً فَتَبِعَه أبو بكر وعمرُ وعثمانُ فرَجَفَ بهم، فقال: اسكُنْ نَبيٌّ وصدّيقٌ وشَهيدان".   1 إبراهيم بن السرّي أبو إسحاق الزجاج، كان يخرط الزجاج ثم مال إلى النحو فلزم المبرد، وكان يعلّم بالأجرة من تصانيفه: معاني القرآن، الاشتقاق، خلق الإنسان. مات سنة311 هـ انظر. بغية الوعاة 1/ 411. 2 أي إذا ولي منذ اسم مرفوع، فتعرب منذ ظرفاً في موضع الخبر المرفوع بعدها مبتدأ. وهذا مذهب الأخفش والزجاج وطائفة من البصريين. أنظر الجني الداني ص465، مغني اللبيب 373. 3 شرح مشكاة المصابيح للطيبي جـ3 ورقة 230 مخطوط في المكتبة المحمودية. 4 كذا في النسخ. وفي بعض نسخ شرح المشكاة (مثلها في قبل هذا الجدار) . 5 قائله أوس بن حجر. والبيت من القصيدة الأولى في الديوان ص 3. والرواية في النسخ المخطوطة (مطلوباً ولا طالباً) . والكلاب صاحب كلاب الصيد. واستشهد له الزمخشري على حذف الفعل جوازاً والتقدير: لم أر كاليوم ... انظر: شرح ابن يعيش 01/125 الإيضاح في شرح المفصل 1/248. وفي أمالي ابن الشجري 1/ 361. أراد قال للبقر والكلاب لم أر كاليوم مطلوباً ولا طالبا فحذف النافي والمنفي اللذين هما لم أر. فلذلك جاء بحرف النفي مع المعطوف في قوله (ولا طلبا) لأنه عطفه على ما عمل فيه فعل منفي. ووضع المصدر الذي هو طلب، موضع اسم المفاعل الذي هو طالبا ... 58- الحديث عن أنس في مسند أحمد 3/208. 6 إعراب الحديث برقم 51. 59- الحديث في البخاري- كتاب فضائل أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم- باب مناف عثمان7/53. الجزء: 69 - 70 ¦ الصفحة: 114 قال أبو البقاء1: تقديره عليك نبيٌّ. وقد جاء مفسّراً في حديث آخر2. 60- حديث "لا عَدْوَى ولا طِيْرة". قال ابن مالك في شرح التسهيل: "أكثر ما يحذف الحجازيون خبر لا مع إلاّ نحو: لا إله إلاّ الله". ومن حذفه دون إلاّ قوله تعالى: {قَالُوا لا ضَيْر} 3 وقوله صلى الله عليه وسلم: "لا ضَرَرَ ولا ضِرار" 4 و "لا عدوى ولا طيرة" 5. 61- حديث "إنّه الإيمان حُبّ الأنْصارِ وإنَّهُ النِّفاقُ بُغْضُهم". قال أبو البقاء6: " (إنَّ) المؤكدة، والهاء فيها ضمير الشأن مثل قوله تعالى: {فَإِنَّهَا لا تَعْمَى الأبْصَارُ} 7 وليست ضميراً عائداً على مذكور قبله، إذ ليس في الكلام ذلك. و "الإِيمان حبّ الأنصار" مبتدأ وخبر، وهو خبر إن كأنه قال: إنّ الأمر والشأن الإِيمان حبّ الأنصار. ويروى (آية الإيمان) وهو ظاهر". انتهى. وقال الحافظ ابن حجر8: " (آية) بهمزة ممدودة وياء تحتية مفتوحة وهاء تأنيث. و (الإِيمان) مجرورة بالإضافة. هذا هو المعتمد في ضبط هذه الكلمة في جميع الروايات في الصحيحين والسنن والمستخرجات والمسانيد. والآية العلامة".   57 إعراب الحديث برقم 52. (2) عن سهل بن سعد (ارتج أحد وعليه النبي صلى الله عليه وسلم وأبو بكر وعمر وعثمان فقال النبي صلى الله عليه وسلم: اثبت أحد ما عليك إلاّ نبي وصديق وشهيدان) . مسند أحمد 5/ 331. 60- البخاري: كتاب الطب، باب الفأل- فتح الباري 1/ 214. مسلم 41/213. مسند أحمد 3/ 130، 154. 3 الشعراء 50. 4 مسند أحمد 5/327. 5 مسند أحمد 1/174 , 2/153 , 3/130 ,173. 61- البخاريَ: الكتاب الإيمان 1/ 62. ومسلم 2/ 63 مسند أحمد 3/ 130، 134. وفي هذه المصادر جميعها (آية الإيمان.. وآية النفاق..) أما (إنه الِإيمان. وإنّه النفاق..) فهي رواية كتاب جامع المسانيد لابن الجوزي الذي اعتمد عليه العكبري في إعراب الحديث 6 إعراب الحديث رقم 53. 7 سورة الحج. آية 46. 8 هو أحمد بن علي بن محمد العسقلاني ابن حجر، حافظ الإسلام في عصره، كان فصيح اللسان عارفاً بأيام المتقدمين وأخبار المتأخرين. له تصانيف كثيرة منها: الدرر الكامنة فِي أعيان المائة الثامنة، لسان الميزان، تقرب التهذيب، الإصابة، فتح الباري شرح صحيح البخاري. الأعلام 1/178. الجزء: 69 - 70 ¦ الصفحة: 115 قال: "وما ذكره أبو البقاء من أنه بهمزة مكسورة ونون مشدّدة وهاء، و (الإيمان) بالرفع، تصحيف منه" 1. قلت: ويؤيد ذلك أن في رواية النسائي2 "حبّ الأنصار آية الإيمان". و (الأنصار) أصله جمع ناصر كأصحاب وصاحب. أو جمع نصير كأشراف وشريف. صار علماً عليهم بتسمية النبي صلى الله عليه وسلم. 62- حديث "إنّي لأوَّلُ الناسِ تَنْشَقُ الأرض عن جُمْجُمَتي يَوْمَ القِيامةِ ولا فَخْرٌ". كان مقتضى اللفظ (عن جمجمته) لكنه جاء على نسق الضمير في (إني) على حدّ قول الشاعر: أنا الرَّجُلُ الضَّرْبًّ الذي تَعْرِفُونَني3 وقوله: "ولا فخر". قال الطيبي4: حال مؤكدة، أي أقول هذا ولا فخر. 63- حديث "إنَّ الشَّيْطانَ يَجْري مِن ابْنِ آدمَ مَجْرَى الدَّم". قال الطيبي5: "عدّى (يجري) بمن على تضمنه معنى6 التمكن، أي يتمكن من الإنسان في جريانه مجرى الدم. وقوله (مجرى الدم) يجوز أن يكون مصدراًَ ميمياً، وأن يكون اسم مكان".   65 انظر: فتح الباري 1/63. أقول والتصحيف إن وجد فهو من جامع المسانيد وليس من العكبري. وقد أشار العكبري إلى رواية المشهورة. 66 سنن النسائي 8/ 116. 62- الحديث في مسند أحمد 3/144. 3 صدر بيت لطرفة بن العبد، من معلقته المشهورة، وعجزه: خشاش كرأس الحيةِ المتوقِد انظر: شرح القصائد السبع لابن الأنباري صر 212، همع الهوامع 1/298 ديوان طرفة بن العبد بشرح الأعلم ص 42. والرواية فيها (تعرفونه) . والرجل الضرّب أي الخفيف من الرجال اللطيف. والخشاش: الماضي في الأمور. 4 شرح مشكاة المصابيح للطيبي- مخطوط بالمكتبة المحمودية جـ4 ورقة 249. 63- البخاري- كتاب الاعتكاف باب هل يدرأ المعتكف عن نفسه- فتح الباري 4/282. مسند أحمد 3/ 156 , 285. 5 شرح مشكاة المصابيح جـ1 ورقة 84 مخطوط بالمكتبة المحمودية. 6 في شرح المشكاة (على التضمين بمعنى التمكن) . الجزء: 69 - 70 ¦ الصفحة: 116 64- حديث "إِن اسْتَطَعْتَ أَنْ تُصْبحَ وتُمسِيَ لَيْسَ في قَلْبِكَ غِشٌّ لأَحَدٍ مِن المسُلمين فَافْعَل". قال الطيبي1: (تصبح) أي تدخل في وقت الصبح. و (ليس) حال تنازع فيه الفعلان2. والمراد بهما الديمومة. وقوله (فافعل) جزاء. كناية عما سبق في الشرط من المعنى. أي إن فعلت ما نصحتك به فقد أتيت بأمر عظيم. 65- حديث "قَدِمَ عَليٌّ على النبيِّ خيالها من اليمن، فقال: بِما أَهْلَلْتَ؟ ". قال ابن مالك في توضيحه3: شذ ثبوت الألف في (بما أهللت) لأن (ما) استفهامية مجرورة، فحقّها أن تحذف ألفها فرقاً بينها وبين الموصولة. هذا هو الكثير نحو {لِمَ تَلْبِسُون} 4 و {بِمَ يَرْجِعُ الْمُرْسَلُونَ} 5 و {فِيمَ أَنْتَ مِنْ ذِكْرَاهَا} 6. ونظير هذا الحديث قوله صلى الله عليه وسلم: "ليأتينّ علَى الناَس زمان لا يبالي المرء مما أخذ المال أمن حلال أم من حرام" 7. وقول سهل بن سعد وقد امتروا في المنبر ممّ عوده "إني لأعرف مما عوده" 8. ونظير ثبوت الألف في الأحاديث المذكورة ثبوتها في {عَمَّا يتساءلون} 9 في قراءة عكرمة وعيسى. ومن ثبوتها في الشعر قول حسان: على ما قام يَشْتمُني لئيمِّ ... كخِنْزيرٍ تَمرّغَ في رَمادِ10   64- الترمذي- أبواب العلم 4/ 151 رقم 2819 0 الجامع الكلب للسيوطي 1/960. 1 شرح مشكاة المصابيح جـ1 ورقة 156- 157. 2 أي تصبح وتمسي، فذهب البصريون إلى أن الثاني أولى بالعمل من الأول لقربه، وذهب الكوفيون إلى أن الأوّل أولى بالعمل لسبقه. انظر: شرح الأشموني 2/ 101، الإنصاف مسألة 13، التبيين للعكبري ص252 65- البخاريَ- كتاب الحج، باب ومن أهلّ في زمن النبي صلى الله عليه وسلم3/416. 3 شواهد التوضيح والتصحيح 160. 4 آل عمران: آية 71. 5 النمل: آية 35. 6 النازعات: آية 43. 7 فتح الباري شرح البخاري 4/313. 8 فتح الباري شرح البخاري 2/397. 9 النبأ: آية 1. 10 البيت لحسان بن ثابت. قال ابن الشجري: "ومن العرب من يثبت الألف فيقول لما تفعل كذا، وفيما جئت، وعلى ما تسبني؟ ". انظر: ديوان حسان بن ثابت ص 79، أمالي ابن الشجري 2/233. شرح ابن يعيش4/9. مغني اللبيب 331. حاشية الصبان 4/ 216. الجزء: 69 - 70 ¦ الصفحة: 117 وقول عمر بن أبي ربيعة: عَجَبا ما عَجبْتُ ممّا لو ابْصَر ... ْتَ خَليلي ما دُونه لَعجِبْتا لمقالِ الصًّفِيِّ فِيمَ التَجنّي ... ولما قد دعوتَنا وهَجَرْتا 1 وفي عدول حسّان عن (علام يقوم يشتمني) وعدول عمر عن (ولماذا) مع إمكانهما دليل على أنهما مختاران لا مضطران2 66- حديث "ولا تَنْقُشُوا في خَواتيمكم عربي". قالت أبو البقاء3: "إنما رفع (عَربي) لأنه حكاية لقوله (محمد رسول الله) فهو على الحكاية. أي لا تنقشوا ما صورته عربي". قلت: رواه النسائي4 بلفظ (عربياً) بالنصب. ويمكن أن يكون في رواية أحمد منصوباً، ولكنه كتب بغير ألف، كما قدرناه في موضع آخر من هذا الكتاب. 67- حديث "وايم الذي نَفْسي بيده لو رَأَيْتم ما رَأَيتُ لَضحِكْتُم قليلاً ولَبكيتم كثيراً". قال ابن يعيشْ في شرح المفصل5: " (اَيْمُن الله) اسم مفرد موضوع للقسم مأخوذ من اليمن والبركة، كأنهم أقسموا بيمن الله وبركته، وهو مرفوع بالابتداء وخبره محذوف للعلم به، كما كان كذلك في لَعَمْرُ الله. وتقديره: آيْمن الله قسمي أو يميني ونحوهما. وفتحت الهمزة منه لأنه غير متمكن، لا يستعمل إلا في القسم وحده، فضارع الحرف بقلة تمكنه، ففتح تشبيهاً بالهمزة اللاحقة لام التعريف، وذلك فيه دون بناء الاسم لشبه الحرف، ويؤكد   1 ديوان عمر بن أبىِ ربيعة ص 73 طبعة صادر. 2 مذهب ابن مالك أن الضرورة هي ما ليس للشاعر عنه مندوحة وهدا نحالف لمذهب الجمهور في الضرورة وأنها ما وقع في الشعر دون النثر سواء كان عنه مندوحة أو لا وقد نقل البغدادي الردّ على ابن مالك في هذا الرأي في خزانة الأدب 1/ 30-34. 66- عن أنس "لا تستضيئوا بنار المشركين ولا تنقشوا في خواتيمكم عربياً". مسند أحمد 3/ 99. أما رفع (عربي) فهي رواية جامع المسانيد لابن الجوزي التي أعتمد عليها العكبري في الِإعراب. انظر: تخريج الحديث من جامع المسانيد- في حاشية إعراب الحديث للعكبري- رقم الحديث 32. 3 إعراب الحديث للعكبري رقم 32. 4 سنن النسائي 8/177. 67- الحديث عن أنر، وتكملته … قالوا:" يا رسول الله وما رأيت؟ قال: رأيت الجنة والنار". مسند أحمد 3/ 102. 5 شرح المفصل لابن يعيش 9/92. الجزء: 69 - 70 ¦ الصفحة: 118 حال هذا الاسم في مضارعته الحرف أنهم قد تلاعبوا به فقالوا مرة اَيْمُن الله، بالفتح، ومرة اِيمُن الله بكسر الهمزة، ومرة اَيْمُ الله بحذف النون، ومرّة اِيمُ الله بالكسر، ومرة مُ الله، ومرة مَ الله، ومرة مُنِ ربي، ومرة مُنُ ربي"1. وقال في النهاية2: " (ايمُ الله) من ألفاظ القسم، كقولك: لَعمُر الله وعَهْدُ الله. وفيها لغات كثيرة: وتفتح همزتها وتكسر، وهمزتها همزة وصل، وقد تقطع". انتهى. 68- حديث "إنه أنزلت عليَّ آنفا سورة" وفي حديث جرير "ذكرك آنفا". قال أبو البقاء3: " (آنفا) منصوب على الظرف، تقديره ذكرك زماناً آنفا، أي قريباً من وقتنا، حذف الموصوف وأقام الصفة مقامه. ويجوز أن يكون حالاً من ضمير الفاعل، أي ذكرك مستأنفاً لذكرك. ومنه قوله تعالى: {مَاذَا قَالَ آنِفاً} " 4. انتهى. ومثله حديث "إلاّ الدَّيْن سارَّني به جبريلُ آنفا" 5. وحديث "هل قرأَ أَحدٌ منكم معي آنفا" 6 وحديث "عرضت علي الجنة والنار آنفا في عرض هذا الحائط" 7. وقال أبو حيان8: " (آنفا) منصوب على الحال، تقديره مؤتنفاً مبتدئاً. قالَ: وأعربه الزمخشري9 ظرفاً، أي الساعة، ولا أعلم أحداً من النحويين عدّه من الظروف". انتهى.   1 في القاموس المحيط مادة (يمن) : أَيْمن الله وأيمُ الله وبكَسر أولها وأَيْمَنُ الله بفتح الميم والهمزة وتكسر, واِيمِ الله بكسر الهمزة والميم، وقيل ألفه ألف وصل، وهيْمُ الله بفتح الهاء وضم الميم، وأم الله مثلثة الميم، وإِم الله بكسر همزة وضم الميم وفتحها، ومُن الله بضمّ الميم وكسر النون، ومُن الله مثلثة الميم والنون، ومُ الله مثلثة , ولَيْمُ الله، ولَيْمنُ الله اسم وضع للقسم. والتقدير ايمُنُ الله قسمي. 2 النهاية في غريب الحديث والأثر 5/ 302. وانظِر الإنصاف مسألة 59. 68- حديث أنه في مسند أحمد 3/102 وحديث جرير في مسند أحمد 4/359. 3 إعراب الحديث رقم 96. 4 سورة محمد: آية 16. قال أبو البقاء: (آنفا) ظرف أي وقتاَ مؤتنفا. وقيل هو حال من الضمير في قال، أي مؤتنفاً إملاء ما منَ به الرحمن 2/237. 5 عن عبد الله بن جحش أن رجلاً جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم قال:" يا رسول الله ماذا لي إن قتلت في سبيل الله؟ قال: الجنة. فلما ولَّى قال إلاّ الذين، سارني به جبريل آنفا" مسند أحمد 4/139،140. 6 مسند أحمد 2/284. 7 مسند أحمد 3/162. 8 البحر المحيط 8/79. 9 تفسير الكشاف 3/ 534. الجزء: 69 - 70 ¦ الصفحة: 119 69- حديث "تلك صلاةُ المنافقِ، يَجْلسُ يرقُبُ الشَّمْسَ حتى إِذا اصْفَرَّتْ قام فنَقَر أَرْبَعاً لا يذكر الله فيها إلاّ قليلا". قال الطيبي: (تلك) إشارة إلى ما في الذهن من الصلاة المخصوصة، والخبر بيان ما في الذهن. و (يجلس … ) إلى آخره جملة مستأنفة بيان للجملة السابقة. ويجوز أن تكون حالاً. و (الشمس) مفعول (يرقب) ، و (إذا) ظرف معمول بدل اشتمال من الشمس، كقوله تعالى: {وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ مَرْيَمَ إِذِ انْتَبَذَتْ} 1.يعني يرقب وقت اصفرار الشمس. وعلى هذا (قام) استئناف. ويجوز أن يكون (إذا) للشرط، و (قام) جزاؤه. والشرطية استئنافية. وقال الشيخ ولي الدين العراقي2: "الإشارة بـ (تلك) إلى صلاة العصر التي تؤخر إلى اصفرار الشمس، وكأنه كان تقدم ذكرها من لفظ النبي صلى الله عليه وسلم أو بحضرته، فأعاد الإشارة إليه". 70- حديث "يَتْبَعُ الميّتَ ثلاثٌ أَهْلُه ومالهُ وعَملُه، فيرجعُ اثنان ويبقى واحد". قال أبو البقاء3: الوجه أن يقال (ثلاثة) ، لأن الأشياء المذكورة مذكرات كلها، ولذلك قال: "فيرجع اثنان ويبقى واحدا" فذكرّ. والأشبه أنه من تغيير الرواة من هذا الطريق. ويحتمل أن يكون الوجه فيه ثلاث عُلَق، والواحدة عُلْقة، لأن كلاًّ من هذه المذكورات علقة، ثم إنّه ذكرّ بعد ذلك حملاً على اللفظ بعد أن حمل الأوّل على المعنى. ومنه قوله تعالى: {وَمَنْ يَقْنُتْ مِنْكُنَّ لِلَّهِ وَرَسُولِهِ وَتَعْمَلْ صَالِحاً} 4 بتأنيث الأول وتذكير الثاني.   69- مسلم بشرح النووي 5/123. مسند أحمد 3/ 185. وفي مشكاة المصابيح: كتاب الصلاة- باب تعجيل الصلوات. 1 مريم: آية 16. 2 هو الإمام الحافظ المحدث الفقيه الأصولي أبو زرعة أحمد بن الحافظ الكبير أبي الفضل عبد الرحيم بن الحسين، ولد سنة 762 هـ واعتنى به والده، وكان إماماً. من مصنفاته: شرح سنن أبي داود- ولم يتم، شرح البهجة في الفقه، حاشية على الكشاف. مات سنة 826 هـ.. أنظر: طبقات الحفاظ للسيوطي ص 543. ذيل تذكرة الحفاظ 284-1 29. 70- البخاري: كتاب الرقاق- باب سكرات الموت 11/ 362. مسلم 18/ 95 0 الترمذي: أبواب الزهد 4/17. مسند أحمد 3/ 110 والرواية فيه (الثلاث) وهي متفقة مع إعراب العكبري. 3 إعراب الحديث للعكبري رقم 33. 4 سورة الأحزاب: آية 31- قال العكبري {ومن يقنت} يقرأ بالياء حملاً على لفظ مَنْ، وبالتاء على معناها ومثله {وتعمل صالحاً} . ومنهم من قرأ الأولى بالتاء والثانية بالياء. انظر: إملاء ما منّ به الرحمن 2/192. الجزء: 69 - 70 ¦ الصفحة: 120 قلت: رواه البُخاري ومسلم والترمذي والنسائي بلفظ (ثلاثة) ، وكذا هو في النسخة التي عندي من المسند1. 71- حديث "لا يُؤْمِنُ أَحَدُكُم حتّى يحبَّ لأخيه ما يحبُّ لِنَفْسِه". قال الحافظ ابن حجر2: " (يحبَّ) بالنصب، لأن (حتى) جارة، فأَنْ بعدها مضمرة، ولا يجوز الرفع على أن (حتى) عاطفة، لأن المعنى غير صحيح، إذ عدم الإيمان ليس سبباً للمحبّة". 72- حديث "سألتُ الله عز وجل أَيّما إنسانٍ مِنْ أُمّتي دَعَوْتُ عليه أن يَجْعلَها له مغفرة". قال أبو البقاء3: " (أيّما) يجوز النصب على معنى سببته، وما بعده تفسيرٌ له، والرفع على الابتداء وما بعده خبر". 73- حديث "كان يَدْخُلُ الخَلاء". قال ابن الحاجب وغيره 4 هو منصوب على الظرفية، لأن (دخل) من الأفعال اللازمة، بدليل أن مصدره على فُعول، وما كان مصدره على فُعول فهو لازم. ولأنه نقيض خرج، وهو لازم فيكون هو أيضاً كذلك. واختار قومٌ أنه مفعول به. وعن سيبويه5 أنه منصوب بإسقاط الخافض. وجعله   1 الرواية في النسخة المطبعة من المسند 3/ 115 (ثلاث) . 71- البخاري: كتاب الإيمان- باب من الإيمان أن يحب لأخيه ما يحبّ لنفسه. 2 فتح الباري 1/57. 72- مسند أحمد 3/141. 3 إعراب الحديث رقم 37. 73- عن أنس "كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يدخل الخلاء فأحمل أنا وغلام نحوي إداوة من ماء وعنزة فيستنجي بالماء" مسند أحمد 3/ 171. وفي البخاري: كتاب الوضوء "كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا دخل الخلاء قال: اللهم إني أعوذ بك من الخبث والخبائث" فتح الباري 1/242. 4 قال الرضي: اعلم أن دخلت وسكنت ونزلت تنصب على الظرفية كل مكان دخلت عليه، مبهماً كان أولا، نحو: دخلت الدار … انظر شرح الكافية 1/186. 5قال سيبويه: وأما دخلته دخولاً وولَجته ولوجاً فإنما هي ولَجْتُ فيه ودخلتُ فيه، ولكنه ألقى (في) استخفافاً.. أنظر: الكتاب 4/10. الجزء: 69 - 70 ¦ الصفحة: 121 الجرمي1 من الأفعال المتعدية تارة بنفسها وتارة بحرف الجر. وقال أبو حيان: " (دخل) يتعدّى عند سيبويه لظرف الزمان المختص الحقيقي بغير واسطة في، فإن كان مجازياً تعدّى إليه بواسطة في، نحو: دخلتُ في الأمر"2. 74- حديث "لَغَدْوةٌ في سَبيل الله أو رَوْحَةٌ خَير من الدنيا وما فيها". قال الزركشي: (الغدوة) بالفتح المرة من غدا يغدو. و (روحة) بالفتح المرة من راح يروح. أي الخرجة الواحدة في هذا الوقت من أول النهار وآخره في الجهاد. أي ثواب ذلك في الجنة خير من الدنيا. 75- حديث "مَنْ نَسِىَ صَلاةً أَوْ نامَ عَنْها". قال الطيبي3: ضمت (نام) معنى غفل، أي غفل عنها يا حال نومه. قوله: "فكفّارتها". قال الطيبي: "الكفارة عبارة عن الفعلة أو الخصلة التي من شأنها أن تكفّر الخطيئة، وهي فعّالة للمبالغة كقتّالة وضرّابة، وهي من الصفات الغالبة في الاسمية". 76- حديث "العيادَةُ فُواقُ ناقَة".   1 صالح بن إسحاق أبو عمر الجرمي البصري. كان فقهياً عالماَ بالنحو واللغة، ديناَ ورعاً أخذ النحو عن الأخفش ويونس واللغة عن الأصمعي وأبي عبيدة. له من التصانيف: التنبيه وكتاب السِّيرَ، وغريب سيبويه. مات سنة 225 هـ. بغية الوعاة 2/ 8-9. 2 قال الأشموني 2/ 126 في نحو دخلت البيت وسكنتُ الدار: انتصابه على المفعول به بعد التوسع بإسقاط الخافض هذا مذهب الفارسي والناظم، ونسبه لسيبويه وقيل منصوب على المفعول به حقيقة، وأن نحو دخل متعد بنفسه، وهو مذهب الأخفش. وقيل على الظرفية تشبيهاً له بالمبهم، ونسبه الشلوبين إلى الجمهور. 74- البخاري: كتاب الجهاد- باب الغدوة والروحة 6/13. مسلم: كتاب الإمارة- باب فضل الغدوة والروحة في سبيل الله 13/26 مسند أحمد 3/132-141. 75- عن أنس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "من نسي صلاة أو نام عنها فكفّارتها أن يصليها إذا ذكرها" مسلم بشرح النووي 5/193. مسند أحمد 3/100 0 البخاري: كتاب المواقيت 2/ 70. 3 شرح مشكاة المصابيح- مخطوط المحمودية جـ1 ورقة 242. 76- الحديث في ضعيف الجامع الصغير للسيوطي برقم 3903. وفي مشكاة المصابيح. كتاب الجنائز- باب عيادة المريض برقم1590. الجزء: 69 - 70 ¦ الصفحة: 122 قال الطيبي1: (فُواق) خبر المبتدأ، أيَ زمان العيادة مقدار فواق 2 ناقة. 77- حديث "لَبَّيْكَ عُمْرةً وحَجًّا". قال أبو البقاء3: النصب بفعل محذوف تقديره أريد عمرةً وحجا، أو نويت عمرةً وحجا. 78- حديث "كان النبي صلى الله عليه وسلم يُصَلّي في نَعْلَيه". قال ابن مالك4: (في) هنا بمعنى باء المصاحبة، كقوله تعالى: {فَخَرَجَ عَلَى قَوْمِهِ فِي زِينَتِه} 5. 79- حديث الإِسراء، قوله: "قالوا مَرْحَباً بِه وأَهْلاً". هما منصوبان بفعل مضمر وجوباً، أي صادفت رُحباً، بضم الراء، أي سعة، ووجدت أهلاً، فاستأنس. وقال القاضي عياض6 والنووي: " (مرحبا) نصب على المصدر، وهو لفظ استعملته العرب وأكثرت منه، تريد به البرّ وحسن اللقاء. ومعناه صادفت رُحباً وسعةًَ وبِرّاً". وقال الزركشي7: "هو منصوب بفعل لا يظهر. وقيل على المصدر. وقال الفراء: معناه رحب الله بك، كأنه وضع موضع الترحيب"8.   1 شرح مشكاة المصابيح جـ2 ورقة 60. 2 الفواق ما بين الحلبتين من الوقت، أو ما بين فتح يدك وقبضها على الضرع (القاموس المحيط) 77- مسند أحمد 3/99. مسلم 8/216. 3 إعراب الحديث النبوي برقم 38. 78- البخاري: كتاب الصلاة- باب الصلاة في النعال 1/ 494. مسند أحمد 3/100. 4 شواهد التوضيح ص 196. 5 القصص: آية 79. 79- حديث طويل ورد بروايات مختلفة. انظر: البخاري: كتاب بدء الخلق- باب ذكر الملائكة 6/ 302، كتاب مناقب الأنصار- باب المعراج 7/ 201، كتاب الصلاة- باب كيف فرضت الصلاة في الإسراء 1/458. مسلم بشرح النووي 2/210 وما بعدها. 6 قال القاضي عياض:.. معناها صادفت رحباً أي سعة. نصبت على المفعول، وقيل على المصدر، أي رحب الله بك مرحباً، ووضع موضع الترحيب- وهو مذهب الفراء. انظر: مشارق الأنوار 1/285 طبع المكتبة العتيقة- دار التراث. 7 شرح صحيح البخاري للزركشي جـ2 ص 3. 8 في بعض النسخ (الرحب) . الجزء: 69 - 70 ¦ الصفحة: 123 قوله: "فلمّا مرَّ جِبرْيلُ بالنبي صلى الله عليه وسلم بإِدريس". قال الكرماني1: "الباء الأولى للمصاحبة، والثانية للإِلصاق". قوله: "ونعْمَ المجَيء، جاء". قال المظهري2: "المخصوص بالمدح محذوف، وفيه تقديم وتأخير، تقديره: جاء فنعم المجيء مجيئه". وقال ابن مالك في توضيحه3: فيه شاهد على الاستغناء بالصلة عن الموصول، أو بالصفة عن الموصوف، في باب نِعْمَ، لأنها تحتاج إلى فاعل هو المجيء، وإلى مخصوص معناها، وهو مبتدأ مخبر عنه بنِعْم وفاعلها، وهو في هذا الكلام وشبهه موصول أو موصوف بجاء، والتقدير: ونعْمَ المجيء الذي جاء، أو نعم مجيء جاء. وكونه موصولاً أجود لأنه مخبر عنه، وكون المخبر عنه معرفة أولى من كونه نكرة. قوله: "أَصَبْتَ الفِطْرةَ أَنْتَ وأُمَّتُك" 4. قال الكرماني5: "فإن قلت كيف تقدّر العامل هنا، إذ لا يصح أن يقال أصبت أمتُك؟ قلت: يقدر على وجه ينصبُّ إلى صحة المعنى، كما يقال في قوله تعالى: {اسْكُنْ أَنْتَ وَزَوْجُكَ} "6 إن تقديره: ولتسكن زوجُك. قوله: "قَدْ والله راوَدْتُ بني إسرائيل". قال الكرماني7: فإن قلت (قد) حرف لازم دخوله على الفعل. قلت: هو داخل عليه، والقسم مقحم بينهما لتأكيده. قوله: "بيت المقدس".   1 صحيح البخاري بشرح الكرماني جـ4 ص 5. 2 هو مظهر الدين الحسين بن محمود بن الحسن الزيداني المتوفي سنة 727 هـ، له شرح على مصابيح السنة سماه (المفاتيح في شرح المصابيح) . انظر: كشف الظنون 2/ 1699. 3 شواهد التوضيح ص 110. 4 البخاري: كتاب الأشربة- باب شرب اللبن. 5 البخاري بشرح الكرماني 2/158. 6 البقرة: آية 35. 7 البخاريَ بشرح الكرماني 25/208. الجزء: 69 - 70 ¦ الصفحة: 124 قال أبو علي الفارسي: لا يخلو إما أن يكون مصدراً أو مكاناً، فإن كان مصدراً كان كقوله تعالى: {إِلَيْهِ مَرْجِعُكُم} 1ونحوه من المصادر. وإن كان مكاناً فمعناه بيت المكان الذي جعل فيه الطهارة، أو بيت مكان الطهارة". وقال الزجاج: "أي بيت المكان الذي يطهر فيه من الذنوب". قوله: "فإذا أنا بابني الخالة". قال الأزهري2: "قال ابن السكيت3: يقال هما ابنا عمّ ولا يقال ابنا خال، ويقال هما ابنا خالة ولا يقال ابنا عمة"4. قوله: "إذا هو قد أُعطي شَطر الحسن". قال الطيبي5: "بدل من الأول في معنى بدل الاشتمال". قوله: "مسنداً ظهره". قال الطيبي6: "منصوب على الحال. وروي بالرفع على حذف المبتدأ". قوله: "يدخلُه كلَّ يَوْمٍ سبعون ألفَ مَلَكٍ إذا خرجوا منه لم يعودوا فيه آخر ما عليهم". قال النووي7: "قال صاحب المطالع8: (آخر) برفع الراء ونصبها، فالنصب على الظرف، والرفع على تقدير ذلك آخر ما عليهم من دخوله. قال: والرفع أَوْجَه". قوله: "كُتبت له حسنة". قال الطيبي9: " (كتبت) مبني للمفعول، والضمير فيه راجع إلى قوله (حسنة) . و (حسنةً) وضعت موضع المصدر، أي كتبت الحسنة كتابة واحدة، وكذا (عشرا) وكذا (شيئاً) منصوبان على المصدر".   1 الأنعام: آية 60. يونس: آية 4 2 تهذيب اللغة 7/ 559. 3 إصلاح المنطق ص 312. 4 من قوله (بيت المقدس) إلى هنا، الكلام كفُه في مسلم بشرح النووي 2/ 211 وما بعدها. 5 شرح مشكاة المصابيح جـ4 ورقة 266 مخطوط. 6 مسلم بشرح النووي 2/ 225. 7 مسلم بشرح النووي 2/ 225. 8 مطالع الأنوار على صحاح الآثار: في فتح ما استغلق من كتاب الموطأ ومسلم والبخاري، في غريب الحديث، لابن قرقول إبراهيم بن يوسف المتوفى سنة 569 هو وضعه على منوال مشارق الأنوار للقاضي عياض. انظر: كشف الظنون 2/ 1715. 9 شرح مشكاة المصابيح للطيبي- مخطوط جـ4 ورقة 266. الجزء: 69 - 70 ¦ الصفحة: 125 قوله: "فشُقّ من النَّحرْ إلى مَراقِّ البطن". قال الجوهري1:" [مراق [، لا واحد لها". وقال الواحدي2: "واحدها مَرَق". 80- حديث "رُصُّوا صُفُوفَكُم وقارِبوا بَيْنَها وحاذُوا بالأَعْناق، فوالذي نَفْسي بيده إني لأرى الشَّيطانَ يَدْخُلُ مِنْ خَلَلِ الصفّ كأَنَّها الحَذَف" 3. قال المظهري في شرح المصابيح: الضمير في (كأنها) راجع إلى مقدر، أي جعل نفسه شاة أو ما عزة كأنها الحذف. وقال الطيبي في شرح المشكاة4: الضمير إذا وقع بين شيئين أحدهما مذكر والآخر مؤنث يجوز تذكيره وتأنيثه، كما في قولهم: من كانت أمَّك، ومن كان أمَّك5. وهنا الحَذَف مؤنث، والشيطان شُبّه بها، فيجوز تأنيث الضمير باعتبار الحَذَف وتذكيره باعتبار الشيطان. 81- حديث "ما مِنْ أَحدٍ يومَ القِيامة غَنِيّ ولا فَقير إلاّ وَدَّ أَنما كان أُوتي مِنَ الدّنيا قوتا". قال أبو البقاء6: (مِنْ) زائدة. و (غني) بالرفع صفة لأحد على الموضع، لأن الجار والمجرور7 في موضع رفع. ونظيره قوله تعالى: {مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ} 8 بالرفعٍ على الموضع وبالجر على اللفظ. ويجوز في الحديث (غنيٍ ولا فقيرٍ) بالجر على اللفظ أيضاً. 1 الصحاح (مادة رقّ) : مراقُّ البطن ما رقّ منه ولان، ولا واحد له. 2 علي بن أحمد الإمام أبو الحسن الواحدي، إمام مصنف مفسرّ نحوي، أتقن الأصول على الأئمة، صنّف: البسيط والوسيط، والوجيز في التفسير، أسباب النزول، شرح ديوان المتنبي. مات سنة 468 هـ. انظر بغية الوعاة 2/ 145. 80- مسند أحمد 3/ 260. سنن أبي داود: تسوية الصفوف برقم 667 (تحقيق الشيخ محيي الدين) 3 قال في النهاية 1/356: الحَذَف هي الغنم الصّغار الحجازية، واحدتها حَذَفة بالتحريك. وقيل: هي صغار جُرْدّ ليس لها آذان ولا أذناب يجُاء بها من جُرَش اليمن. 4 شرح مشكاة المصابيح للطيبي جـ2 ورقة 6. 5 قال بعض العربْ من كانت أًمك. حيث أوفي مَنْ على مؤنث.. قالوا: من كان أُمك … انظر: الكتاب لسيبويه 1/51 تحقيق هارون. 81- مسند أحمد 3/117. 6 إعراب الحديث النبوي برقم 44. 7 الصحيح أن المجرور وحده في محل رفع. 8 الأعراف: آية 59. قرأ الكسائي وحده {ما لكم من إله غيره} خفضاً، وقرأ الباقون رفعاً. انظر: السبعة في القراءات ص 284. الجزء: 69 - 70 ¦ الصفحة: 126 82- حديث "كان لا تشاء أَنْ تَراه مِنَ الليل مُصَلِّياً إلاّ رأَيْتَه". قال المظهري: " (لا) بمعنى ليس، أو بمعنى لم، أي لست تشاء أولم تكن تشاء، أو تقديره لا زمان تشاء". وقال الطيبي1: "لعل هذا التركيب من باب الاستثناء على البدل، وتقديره على الإثبات أن يقال: إن تشأ رؤيته متهجداً رأيته متهجداً، وإن تشأ رؤيته نائماً رأيته نائماً، يعني كان أمره قصداً لا إسراف ولا تقصير". 83- حديث "الصَّلاةَ وما مَلكَتْ أَيْمانكُم". هو منصوب على الإغراء. قال ابن مالك في شرح الكافية2: "معنى الإغراء إلزام المخاطب العكوف على ما يحمد العكوف عليه من مواصلة ذوي القربى والمحافظة على عهود المعاهدين، ونحو ذلك. كقولك لمن تغريه برعاية الخلة وهي المودّة: الخلّةَ الخلِّةَ. أي إلزام الخلة. والثاني من الاسمين بدل من اللفظ بالفعل. وكذا المعطوف كقولك لمن تغريه بالذبّ والحميّة: الأهلَ والولدَ. أي الزم الذبّ عنهم. وقد يجاء باسم المغرى به مع التكرار مرفوعاً، قال الشاعر: إِن قَوْماً مِنْهمُ عُميرٌ وأشبا ... هـ عُمَيْرٍِ ومنهُمُ السَّفّاحُ لجَديرونَ بِالوفاء إذا قا ... ل أَخُو النًجدةِ السِّلاحُ السِّلاحُ"3 84- حديث "اللهمَّ إنّي أَشْهَدُ أَنَّك أَنْتَ الله لا إِلهَ إِلاّ أَنْتَ أَحَداً صَمَدا ". قال الطيبي4: " (أحداً صمداً) منصوبان على الاختصاص، كقوله: {شَهِدَ اللَّهُ أَنَّهُ لا   82- عن أنس "كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يفطر من الشهر حتى نطن أن لا يصوم منه، ويصوم حتى نظن أن لا يفطر منه شيئاً، وكان لا تشاء أن تراه من الليل مصلياً إلاّ رأيته، ولا نائماً إلّا رأيته". البخاري: كتاب التهجد 3/12. 1 شرح مشكاة المصابيح للطيبي جـ2 ورقة 24. 83- عن أنس "كانت عامة وصية رسول الله صلى الله عليه وسلم حين حضره الموت. الصلاة وما ملكت أيمانكم ... " مسند أحمد 3/117 ابن ماجه 1/618، 2/901. 2 شرح الكافية الشافية لابن مالك 3/1380. 3 البيتان من البحر الخفيف، ولم يعرف قائلهما. انظر: الأشموني مع الصبان 3/193. همع الهوامع 3/28.معاني القران للفراء 3/269. 84- الحديث في مشكاة المصابيح: كتاب الدعوات- باب أسماء الله تعالى- برقم 2293. 4 شرح مشكاة المصابيح جـ2 ورقة 186. الجزء: 69 - 70 ¦ الصفحة: 127 إِلَهَ إِلاَّ هُوَ} إلى قوله: {قَائِماً بِالْقِسْطِ} 1. وروي مرفوعان معرّفان صفتان لله"2. 85- حديث "إنَّ الحَمْدَ لله وسُبْحانَ الله ولا إِله إِلاّ الله والله أَكْبرُ تُساقِطُ ذُنَوبَ العَبْدِ كما يتساقطُ وَرَقُ الشجَّر". قال الطيبي3: (تُساقط) بضم التاء. وقوله: (كما يتساقط) إن جعل صفة مصدر محذوف لم تبق المطابقة بين المصدرين4، وإن جعل حالاً من الذنوب استقام، ويكون تقديره: تساقط الذنوب، مشبهاً تساقطها بتساقط الورق. 86- حديث "قُلت: يا رسولَ الله وَلَدَتْ أُمُّ سُلَيم، قال: الله أكبر، ما وَلَدَت؟ قلت: غُلاماً. قال: الحَمْدُ لله، هاتِه". سئل أبو محمد بن السِّيد البطليوسي عن قولهم: "ما ولد لفلان؟ ولم يقولوا: مَنْ ولد لفلان؟ فأجاب بأن هذا توهمّ من السائل، وأن (مَن) أكثر استعمالاً وأذهب في القياس". انتهى. وقوله: (غلاماً) بالنصب لأنه جواب ما المنصوبة بولدت، على حدّ قوله تعالى: {مَاذَا أَنْزَلَ رَبُّكُمْ؟ قَالُوا: خَيْرا} 5. وقوله: (هاته) يحتمل أن تكون هاء السكت، وأن تكون هاء المفعول، فيستدل به على أن (هات) فعل. وقوله في الطريق الآخر "لعلّ أم سُلَيم ولدت" 6.   1 آل عمران: آية 18. 2 كذا ورد النص في النسخ المخطوطة، وفيه إشارة إلى الحديث عن بريدة قال سمع النبي صلى الله عليه وسلم رجلاً يقول:" اللهمّ إنّي أسألك بأني أشهد أنك أنت الله الذي لا إله إلاّ أنت الأحدُ الصمدُ … ". مسند أحمد 5/350-360. 85- الترمذي. أبواب الدعوات 5/203 برقم 3599. مشكاة المصابيح: كتاب الدعوات- باب ثواب التسبيح. برقم 2318. 3 شرح مشكاة المصابيح 2/ 191. 4 أي مصدر تُساقط مساقطة ومصدر يتساقط تساقط فالتقدير يكون: تُساقط الذنوبُ مساقطةً مشبهةً تساقط ورق الشجر. فتخالف المصدران. 86- مسند أحمد 3/181. 5 سورة النحل. آية 30. 6 الطريق الآخر للحديث في مسند أحمد 3/196. الجزء: 69 - 70 ¦ الصفحة: 128 الظاهر أن (لعل) للاستفهام كقوله تعالى: {وَمَا يُدْرِيكَ لَعَلَّهُ يَزَّكَّى} 1. وقال النبي صلى الله عليه وسلم لبعض الأنصار وقد خرج إليه مستعجلاً: "لعلَّنا أعجلناك" 2. 87- حديث "إنّ رَجُلَين مِنْ أَصْحاب النبيِّ صلى الله عليه وسلم خرَجا مِنْ عند رسول الله صلى الله عليه وسلم في ليلة مُظلمة ومعهما مِثلُ المِصباحَينِ يُضيئانِ بًينَ أيديهما". قال الكرماني3: "قال الزمخشري4: (أضاء) إما متعدّ بمعنى نوّر، وإما غير متعدّ بمعنى لَمعَ". قال5: "فقوله: (بين أيديهما) مفعول فيه إن كان فعل الإضاعة لازماً، ومفعول به إن كان متعدياًَ". 88- حديث "أما تَرْضَى أَنْ تكونَ لهم الدُّنيا ولَنا الآخِرة". ليست (أما) هذه الاستفتاحية، وإنما هي (ما) النافية دخلت عليها همزة الاستفهام. ولهذا قال عمر في الجواب: "بلى". ومثله حديث "أما يخشى أحدُكم إذا رفع رأسه في الصلاة أن لا يرجع إليه بصره" 6. وحديث "أما يخشى الذي يرفع رأسه قبل الإمام أن يحوّل الله رأسه رأس حمار" 7. وحديث "أنه رأى رجلاً شعثاً فقال: أما كان يجد هذا ما يسكِّن به رأسه" 8. قالت ابن هشام في المغني9: زاد المالقي10 لِـ (أَمَا) معنى ثالثاً، وهو أن تكون حرف عرض بمنزلة لولا، فتختص بالفعل، نحو: أما تقوم، أما تقعد، وقد يُدّعى في ذلك أن   1 عبس: آية 3. 2 البخاريَ 1/ 284. مسند أحمد 3/ 21. 87- البخاري: كتاب الصلاة 1/57. 3 صحيح البخاري بشرح الكرماني 4/126. 4 الكشاف 1/42. 5 أي الكرماني. 88- مسند أحمد 3/ 140، مسلم بشرح النووي 10/87 وهذا جزء من حديث قاله النبي صلى الله عليه وسلم لعمر بن الخطاب رضي الله عنه. 6 مسند أحمد 5/92. 7 البخاري 2/182 مسلم 4/151. مسند أحمد 2/472. 8 مسند أحمد 3/357. 9 مغني اللبيب لابن هشام ص 57. 10 رصف المباني للمالقي ص 96. الجزء: 69 - 70 ¦ الصفحة: 129 الهمزة للاستفهام التقريري مثلها في: ألم، وألا، وأنّ (ما) نافية. 89- حديث "لما ثَقُلَ رسَولُ الله صلى الله عليه وسلم جَعلَ يتغشَّاه الكَرْب. فقالت فاطمة: واكَرْبَ أَبَتاه. فلما مات قالت: يا أَبتاه، أجاب ربّاً دَعاه، يا أبتاه مِنْ رّبه ما أدناه". قال الزركشي: "رواه مبارك بن فضالة عن ثابت (واكرباه) ". وقال الطيبي1: " (يا أبتاه) أصله يا أبي، فالتاء بدل من الياء لأنهما من حروف الزوائد، والألف للندبة لمدّ الصوت، والهاء للسكت". قال: وقوله: " (مَنْ جَنّةُ الفِرْدَوس) وقع مَنْ موصولة، وفي بعض النسخ وقعت جارة. والأول أنسب لأنه من وادي قولهم: وامَنْ حفر بئر زمزماه"2. 90- حديث "لمَّا قَدِمَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم المدينةَ أَتاه المهاجرون فقالوا: يا رسولَ الله ما رأينا قوماً أَبْذَلَ مِنْ كثيرٍ ولا أَحْسَنَ مواساةً من قليلٍ من قَوْمٍ نَزَلْنا بَيْنَ أَظْهُرِهم". قال الطيبي: الجاران والمجروران- أعنى قوله: (من كثير ومن قليل) - متعلقان بالبذل والمواساة. وقوله (من قوم) صلة لأبذل وأحسنَ على سبيل التنازع، وقوم هو المفضّل. 91- حديث "إِذا تَزَوَّجَ الْعَبْدُ فَقَد اسْتكْمَلَ نِصْفَ دينه فَلْيَتَّقِ الله في النِّصفِ الآخر". قال الطيبي: قوله: (فقد استكمل) يحتمل أن يكون جواباً للشرط، و (فليتق الله) عطف عليه. ويجوز أن يكون الجواب الثاني والأول عطف على الشرط، فعلى هذا السبب مركب والمسبب مفرد. فالمعنى أنه معلوم أن التزوج نصف الدين، فمن حصّل هذا فعليه بالنصف الباقي. وهذا أبلغ لما يؤذن أنه مقرر ومعلوم أن التزوج يحصّن نصف الدين. وعلى الوجه الآخر إعلام بذلك فلا يكون مقرراً. وعلى الأوّل السبب مفرد والمسبب مركب. وفيه إعلام أن التزوج سبب لاستكمال نصف الدين المترتب عليه تقوى الله تعالى.   89- البخاريَ: كتاب المغازي- باب مرضه النبي صلى الله عليه وسلم ووفاته 8/ 149 وفيه "يا أبتاه مَنْ جنة الفردوس مأواه ... " 1 شرح مشكاة المصابيح للطيبىِجـ4 ورقة 287. 2 المندوب وهو المتفجع عليه أو المتوجع منه لا يكون نكرة كرجل، ولا مبهماًَ كأي واسم الإشارة والموصول، إلاّ ما صلته مشهورة فيندب نحو: وامنْ حفر بئر زمزماه، فإنه بمنزلة (واعبد المطلباه) .. انظر: أوضح المسالك 4/ 52-53. 90- الترميذي: أبواب صفة القيامة 4/65. 91- صحيح الجامع الصغيِر 1/176 برقم 443. مشكاة المصابيح: كتاب النكاح برقم 3096. الجزء: 69 - 70 ¦ الصفحة: 130 92- حديث "اللهُمَّ إِنَّكَ إنْ تَشأْ لا تُعْبَد بَعْدَ اليوم". قلت: الفصيح في مثل هذا جزم (تعبدْ) جواباً للشرط، وجملة الشرط وجوابه خبر إنّ. ومثله قوله تعالى: {إِنَّكَ إِنْ تَذَرْهُمْ يُضِلُّوا عِبَادَكَ وَلا يَلِدُوا} 1. وقد يرفع2 كقول الشاعر: يا أقرعُ بْنَ حابسٍ يا أقرعُ ... إنّك إنّ يُصْرَعْ أخوك تُصْرَعُ3 وقال الكرماني4: "مفعول (إن تشأْ) محذوف، وهو نحو: إنّ تشأْ هلاكَ المؤمنين. إذ (لا تعُبدْ) في حكم المفعول، والجزاء محذوف". 93- حديث "مَنْ يَشْتري العبد؟ فقال: يا رسول الله، إذن والله تجِدَني كاسدا". فيه الفصل بين إذن والفعل بالقسم وهو شائع مغتفر5. 94- حديث "لَوْ خَرَجْتُم إِلى ذَوْدٍ لَنا فَشَرِبْتُم مِنْ أَلْبانِها". قلت: فيه حذف جواب لو، أي لنفعكم أو لشفيتم. قال ابن يعيش6: "قد يحذف جواب (لو) كثيراً. قال تعالى: {وَلَوْ تَرَى إِذْ وُقِفُوا   92- مسند أحمد 3/152 البخاري: كتاب التفسير- باب قوله {سيهزم الجمع ويولون الدّبر} 8/617. مسلم بشرح النووي12/48. 1 نوح: آية 27. 2 وعليه قراءة طلحة بن سليمان وهي قراءة شاذة {أينما تكونوا يدركُكُم الموت} . الأشموني 4/ 019 التصريح 2/249. 3 قاله جرير بن عبد الله البجلي وقيل عمر بن خثارم البجلي. والشاهد فيه (تصرعُ) الثاني حيث جاء مرفوعاًَ، وهو ساد مسدّ جواب الشرط. انظر: الكتاب لسيبويه 1/67. شرح أبيات سيبويه لا بن السيرافي 2/121-122. العيني على الأشمويى 4/18. شرح الكافية الشافية لابن مالك جـ3 ص1590. 4 صحيح البخاري شرح الكرماني 15/157 ببعض اختلاف. 93- مسند أحمد 3/161. (إذن) تنصب الفعل المضارع بثلاثة شروط: كونه مستقبلاً، أن تكون مصدرّة، أن يليها الفعل ويغتفر الفصل بالقسم وبلا النافية خاصة، لأن القسم تأكيد لربط إذن. انظر: همع الهوامع 4/ 105. 94- عن أنس قال: "أسلم ناس من عرينة فاجتووا المدينة فقال لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم: لو خرجتم إلى ذود لنا فشربتم من ألبانها.." مسند أحمد 3/ 205 وفي البخاريَ بروايات مختلفة: كتاب الوضوء- باب أبواب أبوال الإِبل 1/335. وفي ابن ماجه: باب أبوال الإِبل رقم 3503. 6 شرح المفصل لابن يعيش جـ9 ص 7-9. الجزء: 69 - 70 ¦ الصفحة: 131 عَلَى النَّارِ} 1 الجواب محذوف تقديره أي لرأيت سوء منقلبهم، {وَلَوْ أَنَّ قُرْآناً سُيِّرَتْ بِهِ الْجِبَال} 2 أي لكان هذا القرآن. ومن ذلك (لَوْ ذاتُ سِوارٍ لَطَمْتني) 3لم يأت بجواب، والمراد لانتصفْتُ. وذلك كلّه للعلم بموضعه. وقال أصحابنا إن حذف الجواب في هذه الأشياء أبلغ في المعنى من إظهاره، لأن الإِبهام أوقع في النفس". 95- حديث "إنه صلى الله عليه وسلم أُتي بالبُراقِ فاسْتَصْعَبَ عليه، فقال له جبريل: أبمحمد تفعلُ هذا؟ فو الله مَا رِكِبَكَ أَحدٌ قطُّ أكرم على الله منه. قالت: فأرْفَض عَرَقا". ] عرقا [هو منصوب على التمييز المحوّل عن الفاعل. 96- حديث "آتي بابَ الجنَّةِ فأَسْتَفتحُ، فيقولُ الخازِنُ: مَنْ؟ فأقول: مُحَمّد. فيقول: بِكَ أُمِرْتُ أَنْ لا أفتح لأحدٍ قَبْلَك". قال الطيبي4: " (بك) متعلق بأمرت، والباء للسببيّة قدّمت للتخصيص. المعنى: بسببك أمرت بأن لا أفتح لغيرك لا بشيء آخر. ويجوز أن يكون صلة للفعل، و (أن لا أفتح) بدلاً من الضمير المجرور، أي أمرت بأن لا أفتح لأحدٍ غيرك". اهـ. 97- حديث "وإذا صلَّى جالِساً فصلُّوا جُلوساً أجمعون". قال الزركشي5:] أجمعون [هو تأكيد لضمير الفاعل في قوِله (فصلوا) . ويروى (أجمعين) وفيه وجهان، أحدهما: أن يكون حالاً أي مجتمعين، أو تأكيداًَ لقوله (جلوساً) . ولا يجيء عند البصريين لأن ألفاظ التأكيد معارفْ.   1 الأنعام: آية 27. 2 الرعد: آية 31. 3 مثل قاله حاتم الطائي حين لطمته جارية وهو مأسور في بعض أحياء العرب. أنظر: التصريح 2/ 259، الصبان والأشموني 4/39. ويروى أيضاً (لو غير ذات سوار لطمتني) انظر: مجمع الأمثال 2/ 174 ,202. 95- مسند أحمد 3/164. 96- مسند أحمد 3/136. مسلم بشرح النووي 3/73. 4 شرح مشكَاة المصابيح للطيبي جـ4 ورقهَ 244. 97- مسند أحمد 3/110-162 البخاري: كتاب الصلاة- باب إنما جعل الإمام ليؤتم به 2/173. مسلم بشرح النووي 4/131. أبو داود: الإِمام يصلي من قعود. 5 شرح صحيح البخاري للزركشي 2/155. الجزء: 69 - 70 ¦ الصفحة: 132 98- حديث "مَنْ صَلَّى الضُّحى ثنْتي عَشْرةَ رَكْعَةً بَنَى الله له قَصْراً في الجنّة". قال الحافظ زين الدين العراقي1 في شرح الترمذي: "يحتمل أن يكون (الضحى) مفعول صلَّى، أقي صلاة الضحى. و (ثنتي عشرة) تمييز. ويحتمل أن يكون مفعول صلّى قوله (ثنتي عشرة ركعة) وأن يكون (الضحى) ظرفاً، أي من صلِّى وقت الضّحى". 99- حديث "إنّي لأَخْشاكُم لله". قال الطيبي2: (لله) مفعوٍل لأخشاكم. وأفَعْلَ لا يعمل في الظاهر إلاّ في الظرف. قال: "وقوله: "ولكنّي أصومُ وأفْطِر" المستدرك منه مقدّر، أي أخشاكم لله فينبغي أن أقوم في العبادة إلى أقصى غايتها، لكني أقصد فيها فأصوم وأفطر وأصلي وأنام. وقوله: "فَمَنْ رَغِبَ عن سُنّتي" الفاء متعلقة بمحذوف، أي لكني أفعل ذلك لأبين للناس الطريقة المثلى والسنة العظمى، فمن رغب عنها فليس مني. و (مِنْ) في (مِنّي) إيصالية كما في قوله تعالى: {الْمُنَافِقُونَ وَالْمُنَافِقَاتُ بَعْضُهُمْ مِنْ بَعْض} 3. وقوله: "مَنْ لم يوتر فليس منّا" 4 أي فليس بمتصل بنا وبهدينا وطريقتنا. وقول الشاعر: فإني لستُ منك ولسمتَ منّي"5 انتهى.   98- الترمذي: باب لا جاء في صلاة الضُحى 1/295 برقم 471. 1 هو الحافظ أبو الفضل عبد الرحيم بن الحسين زين الدين العراقي المتوفى سنة 806 هـ من مؤلفاته: التقييد والإيضاح على مقدمة ابن الصلاح. وقد مرت ترجمته في الحلقة السابقة. 99- عن أنس "جاء ثلاثة رهط إلى بيوت أزواج النبي صلى الله عليه وسلم يسألونا عن عبادة النبي صلى الله عليه وسلم فلما أًخبروا كأنهم تقالّوها … فجاء رسول الله صلى الله عليه وسلم- فقال … أما والله إني لأخشاكم لله وأتقاكم له لكنَي أصوم وأفطر وأصلّي وأرقد وأتزوج من النساء فمن رغب عن سنتي فليس مني". البخاري: كتاب النكاح- باب الترغيب في النكاح 9/104. وانظر. مسند أحمد 3/ 285 باختلاف. 2 شرح مشكاة المصابيح جـ1 ورقة 139. 3 التوبة. آية 67 4 مسند أحمد 2/443 , 5/ 385. 5 عجز بيت للنابغة الذبياني وصدره: إذا حاولتَ في أسد فجوراً.. وبعده: فهم درعي التي استلأمتُ فيها ... إلي يوم النِّسار وهم مجنّي من قصيدة قالها النابغة لما قتلت بنو عبس نضلة الأسدي، وقتلت بنو أسد منهم رجلين. والمخاطب بهذا الشعر عينية بن حصن الفزاري، لأنه أراد أن يقطع الحلف الذي بين بني أسد وبني ذبيان، والفجور أراد به نقض ما بين عيينة وبني أسد من الأمان والحلف. واللأمة: الدرع. واستلأمت: لبست الدرع. والمجن: الترس. الجزء: 69 - 70 ¦ الصفحة: 133 100- حديث "أنه صلى الله عليه وسلم قال: يا معاذ بْنَ جَبَل". هو بنصب (ابن) لا غير، ويجوز في (معاذ) الضمّ والفتح. قال ابن مالك في شرح الكافية 1: "يجوز في العلم المضموم في النداء أن يفتح إذا وصف بابن متصل مضافاً إلى علم نحو: يا زَيْدَ بْنَ عَمْرو. ولا يمتنع الضمّ، وهو عند المبردّ أولى من الفتحً". وقال الأبَّدَي2 في شرح الجزولية: الضمّ على أصله يا النداء، ونصب الابن على النعت، لأنه لا يستعمل في الخبر إلاّ نعتاً فكذا يكون في النداء، والفتح على التركيب وجعلهما اسماً واحداً، وكأن حرف الإعراب على هذا في آخر النعت. وقوله: "ما مِنْ أحدٍ يَشْهَدُ أًنْ لا إِله إلاّ الله وأنّ محمداً رسول الله صِدْقا مِنْ قلبه إلاّ حرَّمَه الله على النار". قال الكرماني3: "هو استثناء من أعمّ الصفات، أي ما أحد يشهد كائناً بصفة إلاّ بصفة التحريم". وقوله: "أَفَلا أً خبرُ بِه الناسَ فيَسْتبْشِروا".   أنظر: ديوان النابغة الذبياني ص 123- طبعة دار صادر- بيروت شرح أبيات سيبويه لابن السيرافي- تحقيق د. محمد علي سلطاني 2/335. وقد أستشهد سيبويه بالبيت على حذف ياء المتكلم تشبيهاً بياء القاضي، قال سيبويه 4/186: (ودلك قولك هذا غلامْ وأنت تريد هذا غلامي،.. وقال النابغة: إذا حاولت في أسدٍ فجوراً ... فإني لستُ منكَ ولست منْ يريد منيّ. وقال النابغة. وهم وردوا الجفار على تميمٍ ... وهم أصحابُ يوم عكاظ إنْ يريد. إنّي سمعنا ذلك ممن يرويه عن العرب الموثوق بهم. وترك الحذف أقيس … ) 100- الحديث عن أنس: "أن نبي الله صلى الله عليه وسلم كان في بعض أسفاره، ورديفه معاذ بن جبل، ليس بينهما غير أخرة الرحل، إذا قال نبي الله صلى الله عليه وسلم يا معاذ بن جبل … ". مسند أحمد 3/ 260 البخاري: كتاب العلم- باب من خصّ بالعلم قوماً 1/226. مسلم بشرح النووي 1/230. 1 شرح الكافية الشافية لابن مالك 3/1297. 2 هو علي بن محمد بن محمد بن عبد الرحيم الخشني الأبذي أبو الحسن، كان نحوياً ذاكراً للخلاف في النحو، من أهل المعرفة كتاب سيبويه، أقرأ بمالقة ثم انتقل إلى غرناطة فأقرأ بها إلى أن مات سنة. 680هـ. انظر: بغية الوعاة 2/ 199 3 البخاري بشرح الكرماني 2/155. الجزء: 69 - 70 ¦ الصفحة: 134 هو منصوب في جواب العرض. وروي (فيستبشرون) بالرفع، أي فهم يستبشرون، كقوله تعالى: {وَلا يُؤْذَنُ لَهُمْ فَيَعْتَذِرُونَ} 1. [مسند أنس بن مالك يتبع في العدد القادم .... ]   1 المرسلات: آية 36. الجزء: 69 - 70 ¦ الصفحة: 135 عقود الزبرجد على مسند الإمام أحمد في إعراب الحديث تأليف: تحقيق: جلال الدين السيوطي الدكتور حسن موسى الشاعر أستاذ مشارك بكلية اللغة العربية بالجامعة-5- [تابع- مسند أنس بن مالك- رضي الله عنه] 101- حديث "مَنْ كَذَبَ عَليَّ مُتَعمِّداً فَلْيَتبَوّأ مَقْعَدَهُ مِن النّار" i قال في النهاية: "تكَررت هذه اللفظة في الحديث ومعناها لينزل منزله من النار. يقال: بوّأه الله منزلا، أي أسكنه إياه، وتبوأت منزلا اتخذته"ii. ا. هـ. وقال الخطّابي: "لفظهُ أمر ومعناه الخبر، كقوله تعالى: {مَنْ كَانَ فِي الضَّلالَةِ فَلْيَمْدُدْ لَهُ الرَّحْمَنُ مَدّاً} iii. يريد أن الله يبوّئه مقعده من النار. وقال ابن بطّال: "هو بمعنى الدعاء أي بوأه الله"iv. وقال الطيبي: "الأمر بالتبوّؤ تهكم وتغليظ". وقال الكرماني: "يحتمل أن يكون الأمر على حقيقته بأن يكون معناه: من كذب فليأمر نفسه بالتبوّؤ ويلزم عليهv. قال: "فلقوله " فليتبوأ " توجيهات أربعة"vi.   iالبخاري: كتاب العلم – باب إثم من كذب على النبي صلى الله عليه وسلم 1/200. مسلم بشرح النووي 1/67. مسند أحمد 3/98، 113. ابن ماجة برقم 32، 33. iiالنهاية في غريب الحديث 1/159. iiiمريم: أية 75. iv علي بن خلف بن عبد الملك بن بطال، أبو الحسن، عالم بالحديث من أهل قرطبة له شرح البخاري. توفي سنة 449هـ. انظر: الأعلام 4/ 285. v العبارة في الكرماني "ويَلْزَم عليه في قوله (فليتبوأ) توجيهات أربعة" وهذا أولى. والمراد بالتوجيهات الأربعة أقوال العلماء المذكورين في شرح الكرماني، وهم الخطابي وابن بطال والطيبي والكرماني. فعبارة السيوطي غير دقيقة. vi صحيح البخاري بشرح الكرماني 2/113. الجزء: 73 - 74 ¦ الصفحة: 43 قال الحافظ ابن حجر: "وأولها أولاها"i قال الطيبي: "فيه إشارة إلى معنى القصد في الذنب وجزائه، أي كما أنه قصد في الكذب التعمد، فليقصد في جزائه التبوّؤ"ii. 102 حديث (لا يُؤْمِنُ أحدكم حتى أكون أَحَبَّ إليه مِنْ وَلَدِه ووالِده والناسِ أجمعين) iii. قال الكرماني: "أحبّ " أفعل التفضيل بمعنى المفعولiv: وهو مع كثرته على خلاف القياس، إذ القياس أن يكون بمعنى الفاعل، وفصل بينه وبين معموله بقوله "إليه"، لأن الممتنع الفصل بأجنبي، مع أن الظرف يتوسع فيه"v. 103 حديث (سُئِلَ عَنْ وَقْتِ صَلاةِ الصُّبْحِ فأَمَرَ بلالا حينَ طَلَعَ الفَجْرُ فَأَقامَ الصَّلاةَ، ثم أسفر الغدَ) vi. قال أبو البقاء: "هو منصوب على الظرف، أي أسفر بالصلاة في الغد"vii. 104 حديث (بُعثتُ أنا والساعةَ كهاتين) viii. قال أبو البقاء: "لا يجوز فيه إلا النصب، والواو فيه بمعنى مع، والمراد به المقاربة،   iفتح الباري 1/ 201. ii انظر كلام الطيبي في صحيح البخاري بشرح الكرماني 2 /113- نقلاً عن شرح مشكاة المصابيح للطيبي- مخطوط بالمكتبة المحمودية بالمدينة المنورة ج 1 ورقة 162. iii مسند أحمد 3/177،207 البخاري: كتاب الِإيمان- باب حب الرسول من الإيمان 1/58. مسلم بشرح النووي 2/15. ابن ماجة برقم 67. iv قال الصبان 3/ 55: "أفعل التفضيل فيه [أي أحبّ] مصوغ من فعل المفعول، ففيه شذوذ من هذه الجهة، إلا على قول من يجعل المصوغ منه مقيسا عند أمن اللبس. وكذا من جهة صوغه من زائد على الثلاثي إن كان من أحب الرباعي فإن كان من حب الثلاثي فلا شذوذ فيه..". وقال الرضي في شرح الكافية 2/214: "وقياسه- أي اسم التفضيل- أن يكون لتفضيل الفاعل على غيره في الفعل ... وقد استعملوا في المفعول أيضا على غير قياس نحو: أعذر، وأشهر، وألوم، وأشغل أي أكثر معذورية ومشهورية وملكية ومشغولية، ومنه أعنى في قول سيبويه: وهم بشأنه أعنى". وانظر: شرح المفصل لابن يعيش 6/ 94. v البخاري بشرح الكرماني 1/97. viتكملته (.. ثم قال: أين السائل عن وقت صلاة الغداة، ما بين هاتين أو قال هذين وقت) هذه رواية جامع المسانيد التي اعتمد عليها العكبري في إعراب الحديث، والرواية في مسند أحمد3 /113 " أسفر من الغد ". vii إعراب الحديث النبوي لأبي البقاء العكبري- برقم 45. viiiالحديث عن أنس قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "بعثت أنا والساعة كهاتين، وأشار بالوسطى والسبابه". وفي رواية أخرى: "وضم السبابة والوسطى". مسلم: كتاب الفتن 18/ 90- البخاري: كتاب الرقاق. فتح الباري 11 /347. مسند أحمد 3/ 131 الجزء: 73 - 74 ¦ الصفحة: 44 ولو رفع لفسد المعنى، [لأنه كان يكون تقديره: بُعثتُ أنا وبعثت الساعة، وهذا فاسد في المعنى] إذ لا يقال بُعثت الساعة، ولا في الوقوع لأنها لم توجد بعد"i. انتهى. وفي حديث آخر (بُعِثْتُ والسّاعةَ كهاتين) ii. قال ابن السِّيد في مسائله: "النصب والرفع جائزان في "الساعة"؛ النصب على تأويل مع، والرفع بالعطف على الضمير في "بُعِثَت" والنصب فيه أحسن، لأن المضمر المرفوع يقبح العطف عليه حتى يؤكد. ألا ترى أنه يقبح أن تقول: قمتُ وزيدiii. وهذا مشهور عند النحويينiv تغني شهرته عن الإطالة فيه"v. وقال القاضي عياض في الحديث الأول: "الأحسن رفع الساعة عطفاً على ما لم يسمّ فاعله في "بُعثتُ"، ويجوز النصب على المفعول معه، أي بعثت مع الساعة، كقولهم: جاء البردُ والطيالسةَvi، أو على فعل مضمر يدلّ عليه الحال، أي فأعدّوا الطيالسةvii. ويقدّر هنا فانتظروا الساعة". وقال القرطبى: "قد اختار بعضهم النصب بناءً على التشبيه، أي إن التشبيه وقع بملاصقة الأصبعين واتصالهما، واختار آخرون الرفع بناء على أن التشبيه وقع بالتفاوت الذي بين رؤوسهما"viii. وقوله: "كهاتين" حال، أي مقترنين. قال القرطبي: "فعلى النصب يقع التشبيه بالضم، وعلى الرفع يحتمل هذا ويحتمل أن يقع بالتقارب الذي بينهما في الطول". 105 حديث (فَلَمَّا نَظَرُوا إلَيْه قالُوا: مُحَمّدٌ والخَميس) ix.   i إعراب الحديث النبوي برقم 46، وما بين القوسين منه. iiصحيح البخاري كتاب التفسير- سورة النازعات- فتح الباري 8/ 691 iii في النسخ الخطية: "قمتُ أنا وزيد" والصواب ما أثبته. ivقال ابن مالك في شرح الكافية الشافية 3/ 1244: "إن كان المعطوف عليه ضميرا متصلاً مرفوعاً فالجيد الكثير أن يؤكد قبل العطف بضمير رفع منفصل كقوله تعالى: {قَالَ لَقَدْ كُنْتُمْ أَنْتُمْ وَآبَاؤُكُمْ فِي ضَلالٍ مُبِينٍ} ". v كتاب المسائل والأجوبة لابن السّيد البطليوسي المتوفى سنة 521 هـ. viالطيالسة جمع طَيْلسان وهو فارسي معرَّب، نوع من اللباس. vii أي مفعول به على رأي الزجاج. وانظر الخلاف في ناصب المفعول معه- التصريح 1/ 344 viiiأحمد بن عمر بن إبراهيم القرطبي فقيه مالكي من رجال الحديث. مولده بقرطبة كان مدرساً بالإسكندرية وتوفي بها سنة 656 هـ من كتبه: المفهم لما أشكل من تلخيص كتاب مسلما. انظر الأعلام1/186. ix حديث عن أنس (أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أتى خيبر ليلاً … فلما أصبح خرجت اليهود بمساحيهم ومكاتلهم، فلما رأوه قالوا: محمد والله، محمد والخميس ... ) البخاري: كتاب المغازي باب غزوة خيبر7/467 كتاب الخوف باب التبكير 2/438. مسند أحمد 3/111، 163. الجزء: 73 - 74 ¦ الصفحة: 45 قال في النهاية: " "محمدٌ" خبر مبتدأ محذوف، أي هذا محمد"i. وقال الكرماني: "أي جاء محمد"ii. وقال الزركشي: "والخميس" بالرفع عطفاً على محمد، وبالنصب على المفعول معه"iii. 106 – حديث (جاءَ أَعْرابيٌّ فَبال في المسْجِدِ، فقال الصَّحابةُ: مَهْ مَهْ) iv. قال الجوهري: "هي كلمة مبنيَّة على السكون، وهي اسم سمي به الفعل، والمعنى اكفف. يقال مَهْمَهْتُه إذا زجرتُه، فإن وصلت نوّنت فقلت: مَهٍ مَهٍ"vvi. وقال الداودي: "أصل هذه الكلمة ما هذا، كالإنكار، فطرحوا بعض اللفظ فقالوا "مه "، فصّيروا الكلمتين كلمة"vii. 107- حديث "ثلاثٌ مَنْ كُنَّ فيه وَجَدَ حَلاوةَ الإيمان" viii. قال الكرماني: " "ثلاث" مبتدأ. وجاز الابتداء بالنكرة لأن التنوين عوض من المضاف إليه، فالتقدير ثلاث خصال، أو لأنه صفة موصوف محذوف، وهو مبتدأ بالحقيقة أي خصال ثلاث، أو لأن الجملة الشرطية صفة، والخبر على هذا التقدير هو "أن يكون"، إذ على التقديرين الأولين الشرطية خبر، و"أن يكون " هو بدل من ثلاث أو بيان. فأما "مَنْ" فهو مبتدأ، والشرط والجزاء معاً خبره، أو الشرط فقط على اختلاف فيهix.   i النهاية في غريب الحديث والأثر 2/ 79 ii صحيح البخاري بشرح الكرمايى 4/32 iiiشرح صحيح البخاري للزركشي2/16 iv مسند أحمد 3/191 v الصحاح للجوهري 6/ 2250 vi قال الرضي في شرح الكافية 2/69: "وأما التنوين اللاحق لبعض هذه الأسماء فعند الجمهور للتنكير ... وقال ابن السكيت والجوهري: دخولها فيما تدخل عليه منها دليل كونه موصولاً بما بعده وحذفه دليل الوقف.." وقال الأشموني 3/207: "وذهب قوم إلى أن أسماء الأفعال كلها معارف ما نون منها وما لم ينون". viiأحمد بن نصر الداودي الأسدي المالكي، أبو جعفر، محدّث فقيه متكلم، سكن طرابلس الغرب وتوفي بتلمسان. من مصنفاته: النامي في شرح الموطأ، النصيحة في شرح البخاري، توفي سنة 402 هـ انظر. معجم المؤلفين 2/ 194 viii الحديث عن أنس عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "ثلاث من كنَّ فيه وجد حلاوة الإيمان: أن يكون الله ورسوله أحب إليه مما سواهما، وأن يحب المرء لا يحبه إلا لله، وأن يكره أن يعودوا الكفر كما يكره أن يُقذف في النار" مسند أحمد 3/103، 248، 288. البخاري: كتاب الإيمان. باب حلاوة الإيمان. فتح الباري 1/ 60 ix إذا وقع اسم الشرط مبتدأ فقيل خبره فعل الشرط وحده وفيه ضميره وقيل فعل الجواب لأن الفائدة به تمّت، وقيل مجموعها. قال أبن هشام: والصحيح الأول وإنما توقفت الفائدة على الجواب من حيث التعلق فقط لا من حيث الخبرية. انظر: مغنى اللبيب- الباب الرابع ص 519- 520 همع الهوامع 4/341. الجزء: 73 - 74 ¦ الصفحة: 46 و "مَنْ" إما شرطية وإما موصولة متضمنة لمعنى الشرط، و"وجد" بمعنى أصاب، ولهذا عُدّي لمفعول واحد. وقوله "كنّ " أي حصلن، فهي تامة. وقوله "أن يكون الله ورسوله أحب إليه": "أحبَّ" منصوب خبر "يكون". فإن قلت: لِم ما ثنّي "أحب" حتى يطابق خبر "يكون" اسمها؟ قلت "أفَعْلَ" إذا استعمل بـ "مِنْ " فهو مفرد مذكر لا غير، ولا تجوز المطابقة. وقوله "وأن يحبّ المرء" بنصب "المرءَ" لأنه مفعول، وفاعله الضمير الراجع إلى "مَنْ ". و"لا يحبه إلا للهِ" جملة حالية تحتمل بياناً لهيئة الفاعل أو المفعول، أوكليهما معاً. قوله "أن يعود في الكفر" فإن قلت: المشهور عاد إليه معدَّى بكلمة الانتهاءi لا بآلة الظرف. قلت: قد ضمّن فيه معنى الاستقرار، كأنه قال: يعود مستقراً فيه"ii. انتهى. 108 – حديث "إذا جاء أحَدُكُم الصلاةَ فلْيمْض على هَيْئَتِه، فلْيُصلِّ ما أدرك ولْيقْضِ ما سُبقه" iii. قال أبو البقاء: "هكذا ضبطوه على ما لم يسمَّ فاعله، والوجه فيه أنه أراد سُبِق به، فحذف حرف الجر، وعدّي الفعل بنفسه، وهو كثير في اللغة"iv. 109 - حديث "ما مِنْ مُسْلِم يغرسُ غرساً أو يَزْرَعُ زَرْعاً فيأكل منه إنسان أو طيرٌ أو بهيمةٌ إلا كانت له صدقة" v. قال الطيبي: "الرواية برفع "صدقة" على أن "كانت" تامة"vi. 110- حديث "ما أعددت لها مِنْ كبير عملٍ صلاةٍ ولا صَوْم" vii.   iالمقصود بكلمة الانتهاء (إلى) وبآلة الظرف (في) . ii صحيح البخاري بشرح الكرماني 1/ 100 iii مسند أحمد 3/106، 243. iv إعراب الحديث النبوي- برقم 47 v البخاري- كتاب المزارعة- باب فضل الزرع والغرس- فتح الباري 5/3. مسلم 10/ 214 مسند أحمد 3/ 229، 243. مشكاة المصابيح- كتاب الزكاة باب فضل الصدقة. viشرح مشكاة المصابيح. الطيبي، مخطوط بالمكتبة المحمودية الجزء الثاني ورقة 104 vii الحديث عن أنس وفيه ".. فصلى رسول الله فلما فرغ من صلاته قال: أين السائل عن الساعة؟ فقال: أنا يا رسول الله. قال: وما أعددت لها؟ قال: ما أعددت لها من كبير عمل صيام ولا صلاة إلا أني أحب الله ورسوله.." مسلم 16/187. مسند أحمد3/104 الجزء: 73 - 74 ¦ الصفحة: 47 قال أبو البقاء: "يروونه بالجر على البدل من "عمل"، أو من "كبير""i. 111- حديث "إنَّ الله تعالى لَغنيٌّ أنْ يُعذِّبَ هذا نَفْسه" ii. قلت: هو على تقدير عن. 112 – حديث "يا أَنْجَشَة رُويدَكَ سَوْقَكَ بالقَوارير" iii. قال أبو البقاء: "الوجه النصب برُويد، والتقدير: أمهل سوقَك، والكاف حرف للخطاب وليست اسماً و "رويد" يتعدّى إلى مفعول واحد"iv. وقال ابن مالك في توضيحه: " "رويد" هنا اسم فعل بمعنى أرود، أي أمهل، والكاف المتصلة به حرف خطاب، وفتحة داله بنائية. ولك أن تجعل "رويد" مصدراً مضافاً إلى الكاف، ناصباً "سوقك" وفتحة داله على هذا إعرابية"v.وقال النووي: " "رويدك" منصوب على الصفة لمصدر محذوف أي [سُقْ] سوقاً رويداً، ومعناه الأمر بالرفق [بهن] ، و "سَوْقك" منصوب بإسقاط الجارِّ، أي ارفق في سوقك بالقوارير"vi. وقال الأندلسي في شرح المفصل: "تلحق الكاف "رويد" إذا كان اسم فعل، وإذا كان مصدراً، لما فيها من معنى الأمر في هذين الوجهين، والكاف في الأمر حرف خطاب بمنزلتها في "ذاك" وإنما دخلت لتبيّن من تعني إذا خفت اللبس بمن لا تعني؛ وتحذفها إذا لم تخف لبسا".   i إعراب الحديث النبوي. رقم 48 ii عن أنس قال: "رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم رجلاً يهادي بين ابنيه، قال: ما هذا؟ قالوا: نذر أن يمشي فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن الله عز وجل لغني أن يعذب هذا نفسه، فأمره فركب ". مسند أحمد 3/106. وفي البخاري ي كتاب الأيمان والنذور باب النذر فيما لا يملك فتح الباري 11/ 585 " إن الله لغني عن تعذيب هذا نفسه"، وكذلك الراوية في سنن أبي داود 3/ 235 كتاب الأيمان والنذور. iii عن أنس "أن النبي صلى الله عليه وسلم أتى على أزواجه وسوَّاق يسوق بهن يقال له أنجشة، فقال. ويحك يا أنجشة رويدك سوقك بالقوارير..". مسند أحمد 3/ 186، 107- البخاري: كتاب الأدب،10/538. مسلم: كتاب الفضائل 15/ 80 بروايات مختلفة. ivإعراب الحديث النبوي- برقم 49 v شواهد التوضيح والتصحيح ص 205 vi صحيح مسلم بشرح النووي 15/ 80 وما بين المعقوفات منه. الجزء: 73 - 74 ¦ الصفحة: 48 وذهب بعض النحويين إلى أن هذه الكاف في موضع رفع، ومنهم من قال هي في موضعِ نصب. والقولان باطلان، أما الأول فلأن الكاف لو كانت فاعلة لما جاز حذفها، وأيضا فإن جميع هذه الأسماء التي في معنى الأمر، لا يبرز منها الفاعل نحو: حَذار زيداً. وأما الثاني فلأن "إرواد" الذي هو الأصل لا يتعدّى إلا إلى واحد، ولو كانت الكاف منصوبة لكنت عديته إلى مفعولين. ثم الذي يدلّ على أن الكاف لا موضع لها من الإِعراب أصلاً أنها لو كان لها محل لكنت تؤكدّها فتقول رويدك نفسُك، بالرفع إن كانت مرفوعة، وبالنصب إن كانت منصوبة، وبالجرّ إن كانت مجرورة. وحيث لم يجز ذلك دلّ على أنها حرف. وإن كان "رُوَيد" مصدراً وأضفته إلى الكاف، فالكاف هنا اسم لأنك تقيم الظاهر مقامه، فتقول: رُويدَك، مثل: رُويدَ زَيْدٍ، لأن المصدر يضاف، فعلى هذا الوجه تقول رُويدَك نفسِك، فتؤكد الكاف لأنه اسم، ويجوز أن ترفع التأكيد على أن تجعله للضمير المرفوع. وأما قول العرب: رُويدَك نَفْسَك، في الأمر، فإن الكاف حرف خطاب، و"نفسك" مفعول. انتهى. 113 - حديث "ما مِنْ رجل مُسْلم يموتُ له ثلاثةٌ مِنْ وَلَدِه لم يَبْلُغوا الحِنْثَ إلا أدْخَلَ الله عزّ وجَلَّ أبوَيْهمُ الجَنّةَ بفضْل رحمتِه إياهم" i. قال أبو البقاء: " "من" زائدة، و "رجل" مبتدأ: [وما بعده] ، إلى قوله "لم يبلغوا الحنث" صفة للمبتدأ. والخبر قوله "إلا أدخل الله أبويهم الجنة". فإن قيل الخبر هنا جملة وليس فيها ضمير يعود منها إلى المبتدأ، فالجواب: إن الرجل المسلم الذي هو المبتدأ هو أحد أبوي المولود، وهو المذكور في خبر المبتدأ، فقد وضع الظاهر موضع المضمر لغرض، وهو إضافة الأمii إليه، فهو كقوله تعالى: {إِنَّهُ مَنْ يَتَّقِ وَيَصْبِرْ فَإِنَّ اللَّهَ لا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ} iii iv. وقال الحافظ ابن حجر: "الضمير في "رحمته" راجع إلى الله. وفي "إياهم" إلى الأولاد، أي بفضل رحمة الله للأولاد"v.   i البخاري: كتاب الجنائز- باب فضل من مات له ولد فاحتسب. فتح الباري 3/118. iiفي النسخ المخطوطة "اللام" والتصويب من إعراب الحديث للعكبري. iiiسورة يوسف: آية 90. iv إعراب الحديث النبوي- برقم50. v فتح الباري 3/ 121. الجزء: 73 - 74 ¦ الصفحة: 49 وقال ابن التين: "قيل إن الضمير في "رحمته" للأب في قوله "ما من رجل مسلم" لكونه كان يرحمهم في الدنيا، فيجازى بالرحمة في الآخرة"i. قال ابن حجر: "والأوّل أولى، ويؤيده أن في رواية ابن ماجة "بفضل رحمة الله إياهم". وقال الكرماني: الظاهر أن المراد بقوله "إياهم" جنس المسلم الذي مات أولاده، لا الأولاد، أي بفضل رحمة الله لمن مات لهم. قال: وإنما جمع باعتبار أنه نكرة في سياق النفي يفيد العموم"ii. وقال ابن حجر: "وهذا الذي زعم أنه ظاهر ليس بظاهر، بل في غير هذه الطريق ما يدلّ على أن الضمير للأولاد؛ ففي حديث عمرو بن عبْسةiii عند الطبرانيiv "إلا ادْخَلَهُ الله بِرَحْمتِه هو وإياهُم الجنّة" v. وفي حديث أبي ثعلبة الأشجعيvi عنده "أَدْخَلَهُ الله الجنَّةَ بفَضْل رحمتِه إياهما". قاله بعد قوله "مَنْ ماتَ لَهُ وَلَدان" فوضح بذلك أن الضمير في قوله "إياهَم" للأولاد لا للآباء. 114 - حديث "أتانا رسول الله صلى الله عليه وسلم في دارنا فاسْتَسْقى، فَحَلبْنا لَه شاةً لنا ثُمّ شُبْتُه مِنْ ماءِ بِئْرِنا" vii. قال الكرماني: "فإن قلت استعمل هنا بـ "مِنْ " وروي في موضع آخر بالباء. قلت: المعنيان صحيحان، وقد يقوم حرف الجرّ مقام أخيه"viii. قوله: "ثم قال: الأَيْمَنون الأَيْمَنون". قال الزركشي: "كذا بالرفع بتقدير مبتدأ مضمر، أي المقدّم".   i الإمام عبد الواحد بن التين السفاقسي. له شرح على صحيح البخاري. انظر: كشف الظنون 1/546. ii صحيح البخاري بشرح الكرماني 7/58. iii عمرو بن عبسة بن خالد السلميّ، قيل أسلم قديماً بمكة ثم رجع إلى بلاده فأقام بها إلى أن هاجر بعد خيبر وقبل الفتح فشهدها. يقال مات بحمص في أواخر حلافة عثمان. انظر: الإصابة 3/ 705. iv سليمان بن أحمد الطبراني من كبار المحدثين، أصله من طبرية، له ثلاثة معاجم في الحديث، ومصنفات أخرى. توفي سنة 360 هـ انظر: الأعلام 3/ 121. v فتح الباري 3/ 121. viأبو ثعلبة الأشجعي، قال عنه البخاري له صحبة. انظر: الإصابة 4/ 29. viiالبخاري: كتاب الهبة- باب من استسقى. فتح الباري 5/ 201. وتكملته ".. فأعطيته، وأبو بكر عن يساره وعمر تجاهه وأعرابي عن يمينه، فلما فرغ قال عمر: هذا أبو بكر، فأعطى الأعرابيّ فضله ثم قال: الأيمنون الأيمنون..". viii صحيح البخاري بشرح الكرماني 11/114. الجزء: 73 - 74 ¦ الصفحة: 50 115- حديث "وإنْ وَجَدْناهُ لَبَحْرا" i. قال الخطابي: " "إنْ " هنا نافية، واللام في "لبحرا" بمعنى إلا، أي ما وجدناه إلا بحرا، والعرب تقول: إنْ زيدٌ لعاقلٌ، أى ما زيدٌ إلا عاقل، والبحر من نعوت الخيل. قال الأصمعيii: فرسٌ بحر إذا كان واسع الجري"iii. قلت: هذا الذي أعربه الخطابي مذهب كوفي، وذلك لأنه أخذ عن ثعلبiv، وهو من أئمة الكوفيين. والبصريون يقولون في هذا: إنّ "إنْ" مخففة من الثقيلة، واللام لام الابتداء دخلت للفرق بين "إنْ" المخففة و"إنْ" النافيةv قال أبو حيان: "الكوفيون يرون أنّ "إنْ" هي النافية، واللام بمعنى إلا وهذا باطل، لأن اللام لا تعرف في كلامهم بمعنى إلا"vi. وقال ابن مالك: "قولهم إن اللام بمعنى "إلا" دعوى لا دليل عليها، ولو كانت بمعنى "إلا" لكان استعمالها بعد غير "إنْ" من حروف النفي أولى، لأنها أنصّ على النفي من "إنْ"، فكان يقال: لم يقمْ لزيدٌ، ولن يقعدَ لعمروٌ، بمعنى لم يقمْ إلا زيدٌ، ولن يقعد إلا عمرو. وفي عدم استعمال ذلك دليل على أن اللام لم يقصد بها إيجاب، وإنما قصد بها التوكيد كما قصد مع التشديد". 116- حديث "إذا أَقْرَضَ أَحَدُكُم قَرْضاً فأَهْدى إليه أو حَمَلَهُ فلا يَقْبَلْها" vii. قال الطيبي: "القَرْض" اسم للمصدر، والمصدر في الحقيقة الإقراض، ويجوز أن يكون هاهنا بمعنى المقروض، فيكون مفعولا ثانياً لأقرض، والأوّل مقدّر كقوله تعالى:   i عن أنس قال: "كان فزع بالمدينة، فاستعار النبي صلى الله عليه وسلم فرساً من أبي طلحة، يقال له المندوب، فركبه فلما رجع قال: ما رأينا من شيء، وإن وجدناه لبحرا". البخاري: كتاب الهبة 5/ 240. كتاب الجهاد 6/58، 66. ii عبد الملك بن قريب الأصمعي الباهلي، أحد أئمة العلم باللغة والشعر والبلدان، طاف كثيراً في البوادي وحفظ كثيراً من الشعر، له مصنفات كثيرة منها: الإبل، الأضداد، الخيل. توفي بالبصرة سنة 216 هـ. انظر: الأعلام 4/ 162. iii انظر: فتح الباري 5/ 241. iv أحمد بن يحي ثعلب إمام الكوفيين في النحو واللغة كان ثقة حجة صالحاً ديِّناً مشهوراً بالحفظ ورواية الشعر. من مصنفاته: المصون، معاني القرآن، المجالس. توفي سنة 1 29 هـ. انظر: إنباه الرواة1/ 173 بغية الوعاة 1/ 396. v انظر الخلاف في الإنصاف مسألة 90، مغنى اللبيب 256. vi انظر: ارتشاف الضرب 2/ 151 بتحقيق د. النماس. viiالحديث لا مشكاة المصابيح- كتاب البيوع- باب الربا. برقم 2831 ورواه ابن ماجة- كتاب الصدقات برقم 2432. الجزء: 73 - 74 ¦ الصفحة: 51 {مَنْ ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللَّهَ قَرْضاً حَسَناً} i والضمير الفاعل في "فأهدى" عائد إلى المفعول المقَدّر. والضمير في "لا يقبلها" راجع إلى مصدر أهدى. وقوله "فأهدى" عطف على الشرط، وجوابه "فلا". 117 – حديث "هذا جَبَلٌ يُحبُّنا ونُحِبُّه" ii. قال الأندلسي: "قال سيبويه: حدثنا يونسiii أن العرب تقول "هذا أنت تقول كذا". لم يُرد بقوله "هذا أنت" أن يعرفه بنفسه، ولكنه أراد أن ينبهه، كأنه قال: الحاضر عندنا أنت، والحاضر القائل كذا وكذا [أنت] "iv. قال السيرافي: "وقولهم "هذا زيدٌ يفعل كذا": "يفعل" في موضع الحال عند البصريين، هذا زيدٌ فاعلاً. وعند الكوفين هو منصوب على أنه خبر هذا". انتهى. وفي حديث الشفاعة: "هذه الأنبياء قد جاءتك يسألون". وفي حديث النحر: "هذا يومٌ يُشتهى فيه اللحم" v وقوله: "اللهمّ إنَّي أحرّم ما بين جبليها مثل ما حرّم به إبراهيم مكة" قال الكرماني: فإن قلت لفظ "به" زائد. قلت: لا، بل "مثل" منصوب بنزع الخافض، أي أحرّم بمثل ما حرّم به، أو معناه أحرّم بهذا اللفظ وهو"أحرّم" مثل ما حرّم به إبراهيم"vi. 118 – حديث "مِنَ السُّنَّةِ إذا تَزوَّجَ البكرَ أقَام عِنْدَها سَبْعاً" vii. قال الطيبي: "يجوز أن يكون قوله "من السنة" خبراً، وما بعده في تأويل المبتدأ، أي من السنة إقامة الرجل عند البكر إذا تزوجها سبعاً".   i سورة البقرة: آية 245 ii عن أنس قال: "قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لأبي طلحة التمس غلاماً من غلمانكم يخدمني … ثم أقبل حتى إذا بدا له أحد قال: هذا جبل يحبنا ونحبه، فلما أشرف على المدينة قال: "اللهم إني أحرِّم ما بين جبليها مثل ما حرّم به إبراهيم مكة، اللهم بارك لهم في مدّهم وصاعهم". البخاري كتاب الأطعمة- باب الحيس- فتح الباري 9/ 554. وقد رويَ الحديث بروايات متعددة مختلفة منها: البخاري6/87. مسند أحمد 3/243، 149، 159. iii يونس بن حبيب الضبي، غلب عليه النحو، وروى عنه سيبويه كثيرا. كانت حلقته بالبصرة ينتابها الأدباء. توفي سنة 182 هـ انظر: إنباه الرواة 4/ 74. iv الكتاب لسيبويه 2/ 355 بتصرف يسير. v مسند أحمد 3/117 viصحيح البخاري بشرح الكرماني 20/48. vii البخاري- كتاب النكاح 9/314. مشكاة المصابيح/ كتاب النكاح باب القسم برقم 3233. الجزء: 73 - 74 ¦ الصفحة: 52 119 – حديث "قوموا إلى جَنَّةٍ عَرْضُها السماوات والأرض" i. قال الطيبي: "عدّاه بـ "إلى" لإرادة معنى المسارعة، كما في قوله تعالى: {وَسَارِعُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ} ii 120 – حديث "لم يُصَدَّقْ نَبِيّ من الأنبياء ما صدقت" iii. قال الطيبي: " "ما" فيه مصدرية"iv. 121 - حديث "قولُ أُمّ حارثة لرسول الله صلى الله عليه وسلم: قد عَرَفْتَ مَنْزِلَةَ حارثة منيّ فإنْ يكُ في الجَنَّةِ اصبر ْوأحتسب، وإن تكن الأخرى ترى ما أصنع" v. قال ابن مالك: "حقّ الفعل إذا دخلت عليه "إنْ" وكان ماضياً بالوضع، أو بمقارنته "لم" أن ينصرف إلى الاستقبال نحو {إِنْ أَحْسَنْتُمْ أَحْسَنْتُمْ لأَنْفُسِكُم} vi {فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا فَأْذَنُوا} vii. وإن كان قبل دخول "إنْ" صالحاً للحال والاستقبال تخلّص له بدخولها، نحو {إِنْ تَجْتَنِبُوا كَبَائِرَ مَا تُنْهَوْنَ عَنْهُ نُكَفِّرْ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ} viii. وقد يراد المضيّ بما دخلت عليه "إنْ" فلا يتأثر بها، ويستوي في ذلك الماضي بالوضع نحو {إِنْ كَانَ قَمِيصُهُ قُدَّ مِنْ قُبُلٍ} ix والمضارع نحو {إِنْ يَسْرِقْ فَقَدْ سَرَقَ أَخٌ لَهُ مِنْ قَبْلُ} x. ومنه "فإن يكُ في الجنةِ أصْبرْ وأحْتسِب". والأصل "يكون" ثم جزم فصار "يكنْ" ثم حذف نونه لكثرة الاستعمال فصار "يكُ".   iمسند أحمد 3/136. مسلم 13/45. مشكاة المصابيح برقم 3810. ii سورة آل عمران: آية 133. iii عن أنس قال النبي صلى الله عليه وسلم: "أنا أول شفيع في الجنّة، لم يصدق نبي من الأنبياء ما صُدّقتً ... " مسلم بشرح النووي 3/73. صحيح الجامع الصغير برقم 1471. iv شرح مشكاة المصابيح مجلد 4 ورقة 244. v البخاري- كتاب الرقاق- باب صفة الجنة والنار 11/ 415. مسند أحمد 3/ 124 وتكملته: "فقال: ويحك أو هبلت أو جنة واحدة هي؟ إنها جنان كثيرة، وإنه لفي جنة الفردوس". وانظر: البخاري/ كتاب المغازي 7/ 304، كتاب الجهاد 6/ 26 وفيه: "أن أم حارثة بن سراقة أتت النبي صلى الله عليه وسلم فقالت: يا نبي الله ألا تحدثني عن حارثة، وكان قتل يوم بدر أصابه سهم غرب..". vi سورة الإسراء: آية 7. vii سورة البقرة: آية 279. viiiسورة النساء: آية 31. ixسورة يوسف: آية 26. xسورة يوسف: آية 77. الجزء: 73 - 74 ¦ الصفحة: 53 وهذا الحذف جائز لا واجب. ولذلك جاء الوجهان في كتاب الله نحو {وَلَمْ يَكُ مِنَ الْمُشْرِكِينَ} i {وَلَمْ يَكُنْ جَبَّاراً عَصِيّاً} ii. ولو ولي الكاف ساكن عادت النون نحو {لَمْ يَكُنِ اللَّهُ لِيَغْفِرَ لَهُمْ} iii ولوجوب عود النون قبل الساكن لم يجئ الفعلان في الحديث المذكوِر بالحذف، بل حذفت نون الأول لعدم ساكن بعده، وثبتت نون الثاني لإيلائه ساكنا. ولا يستصحب الحذف قبل ساكن إلا في ضرورة، كقول الشاعر: فَإنْ لَمْ تَكُ المِرْآةُ أبْدَتْ وَسامَةً فَقدْ أَبْدتِ المِرْآةُ جَبْهَةَ ضَيْغَم iv و"ترى" من قول أم حارثة "وإن تكن الأخرى ترى ما أَصنع" مضارع راء بمعنى رأى، والكلام عليه كالكلام على قول أبي جهل "متى يراك الناس"v. وكما جُوّز رفع "يراك" لإهمال "متى" وتشبيهها بـ "إذا"، كذلك يجوز رفع "يرى" لأنه جواب، والجواب قد يرفع، وإن كان الشرط مجزوم اللفظ، كقراءة طلحة بن سليمانvi {أَيْنَمَا تَكُونُوا يُدْرِكُكُمُ الْمَوْتُ} vii وكقول الراجز: إنّك إنْ يُصْرَعْ أخوُكَ تصْرَعُ"viii ix. انتهى. وقوله: "أصابهُ سَهْم غَرْب"x.   i سورة النحل: آية 120. iiسورة مريم: آية 14. iii سورة النساء: آية 137. iv قائله الخنجر بن صخر الأسدي، فكأنه نظر وجهه في المرآة فلم يره حسناً فتسلى بأنه يشبه الأسد في شجاعته. انظر: الأشموني 1/ 245. خزانة الأدب 9/ 304. همع الهوامع 1/108. شفاء العليل في إيضاح التسهيل 1/326. شواهد التوضيح 176. vالبخاري: كتاب المغازي 7/ 282 وانظر شواهد التوضيح ص 17. viطلحة بن سليمان السمان، مقرئ مصدّر، له شواذ تروى عنه. انظر: غاية النهاية في طبقات القراء1/ 341. viiسورة النساء: آية 78. وقراءة طلحة بن سليمان شاذة. انظر: البحر المحيط 3/ 299. القرطبي 5/ 282. الدرّ المصون 43/4. التبيان للعكبري 1/374. viiiرجز من شواهد سيبويه 3/67 ونسبه إلى جرير بن عبد الله البجلي، ومطلعه: يا أقرَعُ بن حابسٍ يا أقرعُ وقيل قائله عمرو بن خثارم البجلي يخاطب الأقرع بن حابس في منافرة بين بجيلة وكلب. انظر: شرح أبيات سيبويه للسيرافي 2/122، خزانة الأدب للبغدادي 8/ 20 شرح الأشموني 4/18، شرح أبيات مغني اللبيب للبغدادي 7/ 180. ixشواهد التوضيح 174. xسهم غَرب أي لا يعرف راميه. يقال سَهْم غَرْب بفتح الراء وسكونها وبالإضافة وغير الإضافة. وقيل هو بالسكون إذا أتاه من حيث لا يدري، وبالفتح إذا رماه فأصاب غيره. انظر: النهاية لابن الأثير 3/ 350. غريب الحديث للخطابي 1/ 221. الجزء: 73 - 74 ¦ الصفحة: 54 يروى بالإضافة وعدمها على الصفة لسهم، ونظيره من ذلك "غرّة عبد أو أمة"i و"برد حِبَرة"ii و"حلة سِيَراء"iii. قوله: "أوَ هَبِلْتِ أوَ جَنَّةٌ واحدةٌ هي؟ ". قال الرافعي في تاريخ قزوين: "الواو فيهما مفتوحة، وهي واو الابتداء دخلت عليها همزة الاستفهام، الأولى على التوبيخ، والثانية على الإنكار"iv. قوله: "إنها جنان". قال الطيبي: "هو ضمير مبهم تفسيره ما بعده، ويجوز أن يكون الضمير للشأن". 122 – حديث "كتابُ الله القِصاصُ" v. قال الزركشي: "مرفوعان على الابتداء والخبر. ويجوز نصبهما على وجهين أحدهما: أنه مما وضع فيه المصدر موضع الفعل، أي كتب الله القصاص، كقوله تعالى: {كِتَابَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ} vi. والثاني: أنه إغراء، ويكون القصاص بدلا، أو منصوباً بفعل، أو مرفوعاً خبرِ مبتدأ محذوف. ولا يجوز هذا الوجه في الآية، أعني يمتنع أن يكون "كتاب الله" منصوباً بـ "عليكم" المتأخر عنه. 123 – حديث "فكُنّا نَراهُ يَمْشي بَين أظهرنا رَجُلاً مِنْ أَهْل الجنَّة" vii. قال النووي: "روي "رجلا" و"رجلٌ" وكلاهما صحيح، الأوّل على البدل من الهاء في نراه، والثاني على الاستئناف"viii.   i عن أبي هريرة: "أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قضى في جنين امرأة منِ بني لحيان بغرة عبد أو أمة". البخاري: كتاب الديات 12/ 252. ii عن عائشة: "أن رسول الله صلى الله عليه وسلم حين توفي سجي ببُردْ حِبرَة". البخاري: كتاب اللباس 10/ 276. وبرد حِبَرة على الوصف والإضافة: برد يمان مخطط. انظر: النهاية 1/328. iii عن علي بن أبي طالب: "أهدى إليَّ النبي صلى الله عليه وسلم حلّة سيراء فلبستها، فرأيت الغضب في وجهه، فشققتها بين نسائي". البخاري 5/229، 9/512، 10/296. قيل هي ثياب فيها خطوط من حرير. ivعبد الكريم بن محمد الرافعي، القزويني، فقيه من كبار الشافعية. من مصنفاته: التدوين في أخبار قزوين، المحرر في الفقه، فتح العزيز في شرح الوجيز للغزالي في الفقه. توفي سنة 623 هـ. انظر: الأعلام 4/ 55. v عن أنس "أن الربيّع ابنة النضر كسرت ثنية جارية فطلبوا الأرش وطلبوا العفو، فأبوا، فأتوا النبي صلى الله عليه وسلم فأمرهم بالقصاص ... فقال: كتاب الله القصاص، فرضي القوم وعفوا ... " البخاري- كتاب الصلح 5/306. مسند أحمد 3/128، 167 سنن أبي داود- باب القصاص من السنّ 4/197 vi سورة النساء: آية 24 vii مسلم بشرح النووي 2/ 135 viiiمسلم بشرح النووي 2/ 135 الجزء: 73 - 74 ¦ الصفحة: 55 124 – حديث "إنّ حَقاً على الله أَنْ لا يرتَفعَ شيءٌ مِن الدُّنيا إلا وَضَعه" i. قال الطيبي: " "على الله" متعلق بـ "حقاً"، و"أنْ لا يرتفع" خبر إنّ، و"أَنْ" مصدرية فتكون معرفة والاسم نكرة من باب القلب، أي إن عدم الارتفاع حقّ على الله. ويمكن أن يقال "على الله" صفة "حقاً" أي حقاً ثابتاً على الله تعالى". 125 – حديث "انْطَلِقُوا باسمِ الله وبِالله على مِلَّةِ رَسولِ الله" ii. قال الطيبي: "ليس الجارَّان متعلقين بالفعل، بل هما حالان، كأنه قال انطلقوا متبركين باسم الله مستعينين بالله ثابتين على ملة رسول الله". 126 – حديث "هؤلاء خطباء أمتك الذين يقولون [ما لا يفعلون] " iii. قال الطيبي: "الذين" بدل من قوله "خطباء"، ويجوز أن يكون صفة له، لأنه لا توقيتiv فيه على عكس قوله: ولقد أمرُّ على اللئيم يَسُبُّنيv. ويجوز أن يكون منصوباً على الذم وهو الأوجه. 127 - حديث "إنَّ الله لا يَظْلِمُ مؤمِناً حَسَنَة يُعطَى بها في الدنيا ويُجْزَى بها في الآخرة" vi. قال الطيبي: "لا يظلم" أي لا ينقص، وهو يتعدى إلى مفعولين أحدهما: "مؤمناً" والآخر "حسنة". والباء في قوله "يعطى بها" إن حملت على السببية فيحتاج إلى مقدر أي   iالحديث عن أنس وأوله: "كانت ناقة لرسول الله صلى الله عليه وسلم تسمى العضباء، وكانت لا تسبق، فجاء أعرابي على قعود له فسبقها ... " البخاري- كتاب الرقاق- باب التواضع 11/ 340. مسند أحمد 3/103 iiعن أنس بن مالك: "أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: انطلقوا باسم الله وبالله وعلى ملة رسول الله ... " سنن أبي داود- كتاب الجهاد 3/38. مشكاة المصابيح- كتاب الجهاد- باب القتال في الجهاد برقم 3956. iiiالحديث عن أنس وأوله: "مررت ليلة أسري بي بقوم تقرض شفاههم ... " مشكاة المصابيح- كتاب الأدب- باب البيان والشعر، برقم 4801 الجامع الكبير للسيوطي 1/741. مسند أحمد 3/ 120، 180، 231 باختلاف. iv هكذا في النسخ المخطوطة ولم يظهر لي المراد، وقد رجعت إلى نسختين خطيتين من شرح الطيبي فلم أجد فيه العبارة. v البيت من البحر الكامل، وعجزه: فمضيت ثمّت قلتُ لا يعنيني وهو من شواهد سيبويه 3/24 منسوب لرجل من بني سلول. وفي الأصمعيات ص 126 مع أبيات قائلها شمر بن عمرو الحنفي. وانظر: شرح جمل الزجاجي لابن عصفور 1/ 250، مغنى اللبيب 107، 480، الأشموني 3/ 60 والشاهد فيه أن جملة (يسبني) وقعت صفة للئيم لأنه معرف بـ "أل" الجنسية فقرب من النكرة فجاز نعته بالنكرة، ويجوز أن تكون الجملة حالا. viمسلم بشرح النووي 17/ 149. صحيح الجامع الصغير برقم 1849. الجزء: 73 - 74 ¦ الصفحة: 56 يعطي بسببها حسنة، وإن حملت على البدل فلا. وأما الباء في "يجزى بها" فهي للسببية"i. قوله (وأمّا الكافرُ فَيُطْعَمُ بحَسَناتِه) قال: "اعلم أن "أما" التفصيلية تقتضي التعدد لفظاً أو تقديرا، وقرينتها هنا الكلام السابق، والقرينتان واردتان على التقابل، فيقدر في كلّ من القرينتين ما يقابل الأخرى". 128 – حديث "دَخَلَ رَجُلٌ والنبي صلى الله عليه وسلم مُتِّكِيٌ بَين ظَهرانَيْهم" ii. قال في الفائق: "يقال أقام فلان بين أظهر قومه، وبين ظهرانيهم، أي بينهم، وإقحام لفظ الظهر ليدل على أن إقامته بينهم على سبيل الاستظهار بهم، والاستناد إليهم، وكأن معنى التثنية فيه أن ظهراً منهم قدّامه وآخر وراءه، فهو مكنوف من جانبيه. هذا أصله ثم كثر حتى استعمل في الإقامة بين القوم مطلقا، وإن لم يكن مكنوفا. وأما زيادة الألف والنون بعد التثنية فإنما هي للتأكيد، كما تزاد في نحو"نفساني" في النسبة إلى النفس، ونحوه"iii. وقال القاضي عياض: "قال الأصمعي: العرب تقول "نحنُ بَيْنَ ظَهْرَيْكُم" على لفظ الاثنين، و"ظهرانيْكم". قال الخليل: أي بينكم. قال غيره: والعرب تضع الاثنين موضع الجمع". وقال الكرماني: "النون مفتوحة لا غير"iv. قوله (قال: اللهمّ نَعَمْ) . قال الكرماني: "الجواب هو "نعم"، وذكر لفظ "اللهمّ" للتبرك، وكأنه استشهد بالله في ذلك تأكيداً لصدقه"v. وقال المُطَرِّزي في المعرب: "قد يؤتي بـ"اللهم" توكيداً للجواب، ودليلاً على الندرة"vi.   i شرح مشكاة المصابيح- مخطوط في المكتبة المحمودية ج- 4 ورقة 121. iiعن أنس قال: "بينما نحن جلوس مع النبي صلى الله عليه وسلم في المسجد، دخل رجل على جمل فأناخه في المسجد، ثم عقله، ثم قال لهم: أيكم محمد؟ والنبي صلى الله عليه وسلم متكئ بين ظهرانيهم … قال: أنشدك بالله آالله أمرك أن نصلي الصلوات الخمس في اليوم والليلة؟ قال اللهم نعم … ". البخاري- كتاب العلم 1/148. مسند أحمد 3/168. iii الفائق في غريب الحديث للزمخشري 1/ 41 ببعض اختلاف في الترتيب وانظر الكلام أيضاً في صحيح البخاري بشرح الكرماني 2/17. iv صحيح البخاري بشرح الكرماني 2/17. v صحيح البخاري بشرح الكرماني 2/18. vi ناصر بن عبد السيّد الخوارزمي المطرزي، أديب عالم باللغة، من فقهاء الحنفية. من مصنفاته: الإيضاح في شرح مقامات الحريري، المصباح في النحو، المعرب في اللغة شرحه ورتبه في كتابه المُغرب في ترتيب المعرب. توفي سنة 610 هـ. انظر: الأعلام 7/348. الجزء: 73 - 74 ¦ الصفحة: 57 وقال الطيبي: "قد يؤتى بـ "اللهمّ" قبل "إلا" إذا كان المستثنى عزيزاً نادراً، وكان قصدهم الاستظهار بمشيئة الله في إثبات كونه ووجوده، أي إنه بلغ من الندرة حدّ الشذوذ". وقوله (أنشدك بالله) . أي أسألك بالله. 129 – حديث "عُرِضَتْ علىَّ أجور أمتي حتى القذاةُ يخرجها الرجلُ من المسجد" i. قال الشيخ ولي الدين العراقي: ""القذاةُ" بالرفع عطفاً على قوله "أجور أمتي". ويجوز فيه الجر بتقدير: حتى أجرِ القذاةِ، ثمِ حذف المضاف وأبقى المضاف إليه على إعرابه. ويجوز فيه النصب بتقدير: حتى رأيت القذاة". وقال الطيبي: "لابدّ هنا من تقدير مضاف، أي أجور أعمال أمتي وأجر القذاة، أو أجر إخراج القذاة. ويحتمل الجرّ و"حتى" بمعنى إلى. وحينئذ التقدير: إلى أجر إخراج القذاة. و"يخرجها من المسجد" جملة مستأنفة للبيان. والرفع عطفاً على أجور، والتقدير ما مرَّ. و"حتى" يحتمل أن تكون هي الداخلة على الجملة فحينئذ التقدير: حتى أجر القذاة يخرجها. على الابتداء والخبر"ii. 130- حديث "شَهدْتُ وليمَتَيْن مِنْ نِساءِ رسول الله صلى الله عليه وسلم، فما أطعمنا خُبزاً ولا لحماً. قلت: فمه؟ قال: الحَيْس iii"iv. قال أبو البقاء: "أراد "فما" ولكنه حذف الألف وجعل الهاء بدلا منها، كما قالوا "هنه" في "هنا". ولا يقال إنه حذف الألف لكونه استفهاما كما حذفت في قوله تعالى: {مِمَّ خُلِقَ} v لأن ذلك إنما يجيء في المجرور، فأما المنصوب والمرفوع فلا"vi.   i الترمذي: أبواب فضائل القرآن 4/250 برقم 3083. سنن أبي داود: كنس المسجد 1/126. مشكاة المصابيح: كتاب الصلاة- باب المسجد. ii شرح مشكاة المصابيح للطيبي مخطوط في المكتبة المحمودية- ج اورقة 262. iii الحيس: تمر ينزع نواه ويدق مع أقط ويعجنان بالسمن- (المصباح المنير- الحيس) . iv130- مسند أحمد 3/99. vسورة الطارق: آية 5. viإعراب الحديث النبوي- برقم 36. الجزء: 73 - 74 ¦ الصفحة: 58 131- حديث "لقد اخفتُ في الله وما يُخافُ أَحد" i. قال الطيبي: ""أخفت" ماضي مجهول من أخاف بمعنى خوّف. وقوله "وما يُخاف أحد" حال، أي خُوّفت في دين الله وحدي. وقوله: "ولقد أتت عليّ ثلاثون من بين ليلة ويوم" تأكيد للشمول، أي ثلاثون يوماً وليلة متواترات لا ينقص منها شيء من الزمان"ii. 132- حديث "أما إنَّ كُلَّ بناء وبَالٌ على صاحِبه إلا ما لا إلا ما لا" iii. قال الحافظ أبو الفضل العراقي: "يعني إلا ما لابدَّ منه". 133- حديث "الدجّال، وإنَّ بين عَيْنَيْه مكتوب كافر" وفي نسخة "مكتوباً كافر" iv. قال ابن مالك في توضيحه: "إِذا رفع "مكتوب" جعل اسم إنّ محذوفاً، وما بعد ذلك جملة من مبتدأ وخبر في موضع رفع خبراَ لإنّ، والاسم المحذوف إما ضمير الشأن وإما ضمير عائد على الدجّال. ونظيره - إن كان المحذوف ضمير الشأن - قوله صلى الله عليه وسلم في بعض الرِوايات: "وإنّ لنفسك حقّ " v وقوله صلى الله عليه وسلم - بنقل من يوثق بنقله -: "إن من أشد الناس عذابا يوم القيامة المصورون" vi، وقول بعض العرب: "إنّ بك زيدٌ مأخوذ". رواه سيبويهvii عن الخليل. ومنه قول رجل للنبي صلى الله عليه وسلم: "لعلّ نزعها عرق"viii أي لعلَّها. ونظائره في الشعر كثيرة. وإذا كان الضمير ضمير الدّجال فنظيره رواية الأخفش: "إنّ بك مأخوذ أخواك" والتقدير: إنّك بك مأخوذ أخواك، ونظيره من الشعر قوله: فليتَ دفعتَ الهمَّ عنّي ساعة فبتنا على ما خيّلتْ ناعِمَي بالِix   i131- الترمذي: أبواب صفة القيامة 4/ 59 برقم 2590 مسند أحمد 3/ 120، 286 الحديث عن أنس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لقد أخفتُ في الله وما يخاف أحد، ولقد أذيت في الله وما يؤذى أحد، ولقد أتيت عليَّ ثلاثون من بين يوم وليلة ومالي ولبلال طعام يأكله ذو كبدٍ إلا شيء يواريه إبط بلال". قال الترمذي: "ومعنى هذا الحديث حين خرج النبي صلى الله وسلم هارباً من مكة ومعه بلال، إنما كان مع بلال من الطعام ما يحمل تحت إبطه". ii شرح مشكاة المصابيح للطيبي- ج-4 ورقة 138. iiiسنن أبي داود 4/360 باب ما جاء في البناء. ivالبخاري: كتاب الفتن- باب ذكر الدجال- فتح الباري 13/ 91. v البخاري: كتاب التهجد- فتح الباري 3/ 38 والرواية في الأصل "حقاً" وفي رواية أخرى في الشرح "حق. viمسلم: كتاب اللباس والزينة 14/ 92. viiالكتاب 2/ 134. viii البخاري: كتاب الطلاق. باب إذا عرّض بنفي الولد. فتح الباري 9/ 442. ixالبيت لعدي بن زيد العبّادي في ديوانه 162. وانظر خزانة الأدب 10/ 445، مغنى اللبيب 321. الجزء: 73 - 74 ¦ الصفحة: 59 أراد فليتك. ومثله قول الآخر: فلو كُنْتُ ضَبيّاً عَرَفتَ قَرابَتي ولكنَّ زنْجيٌ عَظيمُ المشافِرi أراد: ولكنك زنجي. ويروِى "ولكن زنجياً" على حذف الخبر. ومن روى "مكتوباً" فيحتمل أن يكون اسم إن محذوفاً على ما تقررّ في رواية الرفع، و"كافر" مبتدأ، وخبره "بين عينيه " و"مكتوبا" حال، أو يجعل "مكتوبا" اسم إنّ و"بين عينيه" خبرا و"كافر" خبر مبتدأ، والتقدير: هو كافر. ويجوز رفع "كافر" وجعله ساداً مسدّ خبر إنّ، كما يقال: إن قائماً الزيدان. وهذا مما انفرد به الأخفش"ii. انتهى. 134- حديث "هل مِنْ أَحَدٍ يَمشي على الماء إلا ابْتَلَّتْ قَدَماه" iii. قال الطيبي: "استثناء من أعمّ عام الأحوال، تقديره: يمشي في حال من الأحوال إلا في حال ابتلال قدميه"iv. 135- حديث "مَنْ عالَ جاريتن حتّى تَبْلُغا جاء يَوْمَ القيامة أنا وهو كهاتين" v. قال الشيخ أكمل الدينvi في شرح المشارق: "في الكلام تقديم وتأخير، فإن في "جاء" ضميراً يعود إلى "مَنْ". وقوله "هو" تأكيد له وقوله "أنا" معطوف عليه. وتقديره: هو وأنا، ثم قدّم إما لكونه صلى الله عليه وسلم أصلا في تلك الخصلة، أو قدّم في الذكر لشرفه". قلت: ليس هذا الإعراب بسديد لأن تقديم المعطوف على المعطوف عليه لا يجوز، والأولى أن يجعل "أنا" مبتدأ، و"هو" معطوف عليه، و"كهاتين" الخبر. والجملة حالية بدون الواو نحو: {اهْبِطُوا بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوّ} vii.   iالبيت من البحر الطويل، وهو من شاهد سيبويه 2/136 نسبه للفرزدق، يهجو رجلا من ضبة، نفاه عن ضبة ونسبه إلى الزنج. والمشافر: جمع مشفر وهو شفة البعير. وانظر: خزانة الأدب 10/ 444. مغنى اللبيب 323، همع الهوامع 2/163. ii شواهد التوضيح ص148. iiiتكملته: "كذلك صاحب الدنيا لا يسلم من الذنوب" مشكاة المصابيح- كتاب الرقاق برقم 5205 الفتح الكبير للسيوطي 292/3- عن شعب الإيمان للبيهقي. iv شرح مشكاة المصابيح ج-4 ورقة 132. قال الطيبي في شرح المشكاة: وحاصل معناه: هل يتحقق المشي على الماء مع عدم الابتلال؟ ولذا صح الجواب بلا. vمسلم بشرح النووي 16/ 180. vi الشيخ أكمل الدين محمد بن محمد بن محمود البابرتي الحنفي، له شرح على كتاب مشارق الأنوار للإمام الصغاني، سماه تحفة الأبرار في شرح مشارق الأنوار، وله مصنفات أخرى. توفى بمصر سنة 786 هـ. انظر: الأعلام 7/42. كشف الظنون 2/ 1688 الدرر الكامنة 4/250. vii سورة البقرة: آية 36. الجزء: 73 - 74 ¦ الصفحة: 60 136- حديث "إنّ رَجُلاً قال: يارسول الله كيف يحشرُ الكافر على وَجْهه يَوْمَ القيامة؟ قال: أليس الذي أمشاه على رجليه في الدنيا قادرٌ على أن يُمشيه على وجهه يوم القيامة" i. قال الطيبي: "قادر" مرفوع على أنه خبر "الذي" واسم "ليس" ضمير الشأن"ii. 137- حديث "لِكُلِّ أمة أمينٌ وإنَّ أميننا أيتها الأمة أبو عبيدة" iii. قال القاضي: "هو بالرفع على النداء، والأفصح أن يكون منصوباً على الاختصاص"iv. 138- حديث "قول سُراقة: يانَبِيَّ الله مُرْنِي بمَ شِئْت" v. قال ابن مالك: "فيه شاهد على إجراء "ما" الموصولة مجرى "ما" الاستفهامية في حذف ألفها إذا جُرّت، لكن بشرط كون الصلة "شاء" وفاعلها"vi. 139 – حديث "لا تُشَدِّدوا على أَنْفُسِكُم فَيُشدِّدَ الله عليكم" vii. قال الطيبي: ""فيشدّد" نُصِبَ على جواب النهي. والفاء في قوله "فإن قوماً" سبب للفعل المنهي المسبب عنه الشدّة. والفاء في قوله "فتلك بقاياهم" للتعقيب. و"تلك" إشارة إلى ما في الذهن من تصوّر جماعة باقية من أولئك المشددين. و"الخبر" بيان له. كما في قوله تعالى: {هَذَا فِرَاقُ بَيْنِي وَبَيْنِك} viii"ix.   i البخاري- كتاب التفسير 8/ 492 والرواية فيه "قادراً". مسلم بشرح النووي 17/148 والرواية فيه "قادراً". مشكاة المصابيح: كتاب أحوال القيامة. باب الحشر برقم 5537. ii شرح مشكاة المصابيح ج 4 ورقة 196. iii137- البخاري 7/ 93. مسند أحمد 3/ 189. iv قال في فتح الباري 7/93: "صورته صورة النداء، لكن المراد فيه الاختصاص ... " وقال الأشموني 3/ 186: "اعلم أن المخصوص- وهو الاسم الظاهر الواقع بعد ضمير يخصه أو يشارك فيه- على أربعة أنواع: الأول أن يكون أيّها وأيتها، فلهما حكمهما في النداء وهو الضم، ويلزمهما الوصف باسم محلا بـ "أل" لازم الرفع نحو: أنا أفعل كذا أيها الرجلُ، واللهم اغفر لنا أيتها العصابةُ ... ". v البخاري: كتاب مناقب الأنصار- باب هجرة النبي صلى الله عليه وسلم إلى المدينة 7/ 249 والرواية فيه: "مرني بما شئت". وكذلك مسند أحمد 3/211. vi شواهد التوضيح ص 195. vii سنن أبي داود- باب في الحسد 4/277- مشكاة المصابيح: كتاب الإيمان- باب الاعتصام بالكتاب والسنة برقم 181. الحديث عن أنس وفيه: ".. إن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يقول: لا تشددوا على أنفسكم فيشدد الله عليكم، فإن قوما شددوا على أنفسهم فشدد الله عليهم، فتلك بقاياهم في الصوامع والديار..". viii سورة الكهف: آية 78. ix شرح مشكاة المصابيح ج1 ورقة 158. الجزء: 73 - 74 ¦ الصفحة: 61 140- حديث "أَصْبَحَ رَسول الله صلى الله عليه وسلم عَروساً" i. قال الزركشي: ""العروس" نعت يستوي فيه الرجل والمرأة، يقع عليهما مدّة بناء الرجل بها"ii. 141- حديث "قال النبي صلى الله عليه وسلم يوْمَ بَدر: مَنْ يَنْظُرُ ما فَعَلَ أبو جهل؟ فانْطَلَقَ ابن مسعودٍ فَوجَدَهُ قد ضَربه ابنا عفراءَ حتى بَرَد، فأخذَ بِلحْيته فقال: أَنْتَ أبا جهل؟ " iii. قال الزركشي: "كذا الرواية في البخاري من رواية زهير، وهو يصح على النداء، أي أنت المقتول الذليل يا أبا جهل، على جهة التقريع والتوبيخ". قال القاضي: "أو على لغة القصر في الأب، ويكون خبر المبتدأ". وقال الداودي: "يحتمل معنيين أحدهما: أن يكون استعمل اللحن ليغيظ أبا جهل كالمصغر له، أو يريد أعني أبا جهل". وردّهما السفاقسيiv لأن تغييظه في مثل هذه الحالة لا معنى له، ثم النصب بإضمار "أعني"v إنما يكون إذا تكررت النعوت. قال الزركشي: "ولا يردّان، أما الأول فإنه أبلغ في التهكم. وأما الثاني فليس التكرار شرطاً في القطع عند جمهور النحويين، وإن أوهمته عبارة ابن مالك في كتبه"vi. قال القاضي: "ورواه الحُميديvii: "أنت أبو جهل" وكذا ذكره البخاري من رواية يونس".   i البخاري: كتاب الصلاة- باب ما يذكر في الفخذ ا/480. مسند أحمد 3/102، 168. ii في الصحاح (عرس) : العروس: نعت يستوي فيه الرجل والمرأة ماداما في إعراسهما. iii البخاري: كتاب المغازي- باب قتل أبي جهل. فتح الباري 7/293، 321 مسند أحمد 3/ 115، 129. والرواية فيه "أنت أبو جهل". iv هو الإمام عبد الواحد بن التين السفاقسي، له شرح على صحيح البخاري. v أي قطع النعت إلى الرفع على أنه خبر لمبتدأ محذوف، وإلى النصب على أنه مفعول به لفعل محذوف. ولكني أرى أن الداودي لم يقصد هنا قطع النعت بل أراد النصب على الاختصاص بإضمار أعني. vi قال المرادي في شرح ألفية ابن مالك 3/152: "قد يوهم كلام الناظم أن القطع مشروط بتكرار النعوت، كما أوهمه كلام غيره، وليس ذلك بشرط". وقال الرضي في شرح الكافية 1/316: "وشرط الزجاجي في القطع تكرر النعت، والآية {وَامْرَأَتُهُ حَمَّالَةَ الْحَطَبِ} ردّ عليه ... ". vii الحافظ محمد بن فتوح الحُميدي. مؤرخ محدث أندلسي، صاحب ابن حزم وتلميذه، رحل إلى مصر ودمشق ومكة وتوفي ببغداد سنة 488 هـ من مصنفاته: جذوة المقتبس، الجمع بين الصحيحين. انظر: الأعلام 6/327. الجزء: 73 - 74 ¦ الصفحة: 62 142- حديث "مَنْ أجوَدُ جُوداً" i. قال الطيبيii: "مَنْ" الاستفهامية مبتدأ. و"أجود" خبره، و"جودا" تمييز مزال عن الأصل. وفيه وجهان: أحدهما: أن "أجود" أفْعَل من الجودة، أي أحسن جودا وأبلغه. والثاني: أنه من الجود الكرم، أي من الذي جوده أجود، فيكون إسنادا مجازياً، كما في قولك: جِدْ جدَةً. وقوله: "الله أجودُ جوداً ثم أنا أجود بني آدم، وأجوده من بعدي رجل علم عِلْماً فنشره" الضمير في "أجوده" راجع إلى بني آدم، على تأويل الإنسان أو للجود. 143- حديث أُحد، قوله "لا تشرفْ يُصيبُكَ سَهم" iii. قال الزركشي: "كذا لهم بالرفع، وهو الصواب. وعند الأصيلي "يُصبْكَ" بالجزم، وخطّؤوه، وهو قلب للمعنى إذ لا يستقيم أن تقول: إن لا تشرف يصبك، ولكن جوّزه الكوفيون"iv قوله (تَنْقُزان القِرَب) . بضم القاف. قال القاضي عياض: "ضبطه الشيوخ، بنصب الباء، وفيه بُعد، إلا على تقدير نزع الخافض أي بالقرب. وقيل صوابه بالرفع على الابتداء، كأنه قال: والقِرَبُ على متونهما. وروي "تُنْقِزان" بضم التاء وكسر القاف، ويستقيم على هذا نصب "القِرَب" أي إنهما لسرعتهما في السيّر تتحرك القرب على ظهورهما وتضطرب"v.   i الحديث عن أنس، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (هل تدرون من أجود جودا..) مشكاة المصابيح: كتاب العلم برقم 259 قال الشيخ الألباني في حاشيته 1/86 قال الهيثمي في مجمع الزوائد 1/166 وفيه سويد بن عبد العزيز وهو متروك الحديث. ii شرح مشكاة المصابيح للطيبي- مخطوط ج- 1 ورقة 186. iii عن أنس "لما كان يوم أحد انهزم الناس عن النبي صلى الله عليه وسلم ... فأشرف النبي صلى الله عليه وسلم ينظر إلى القوم، فيقول أبو طلحة: يانبي الله، بأبي أنت وأمي لا تشرف يصيبك سهم من سهام القوم، نحري دون نحرك، ولقد رأيت عائشة بنت أبي بكر وأم سليم وإنهما لمشمرتان أرى خدم سوقِهما تنقزان القرب على متونهما، تفرغانه في أفواه القوم ... ". البخاري: كتاب مناقب الأنصار 7/128، كتاب المغازي 7/361. وقال عياض: "قيل معنى تنقزان تثبان. والنقز: الوثب والقفز، كناية عن سرعة السير". البخاري- كتاب الجهاد 6/79 ivقال ابن مالك في الألفية: وشرط جزم بعد نهي أن تضع "إن" قبل "لا" دون تخالف يقع قال المرادي: "يعني إن شرط جزم الجواب بعد النهي أن يصح إقامة شرط منفي مقامه ... هذا مذهب الجمهور. وأجاز الكسائي جزم جواب النهي مطلقا، ولا يشترط تقدير "إن" قبل "لا" ... وقد نسب ذلك إلى الكوفيين. واستدل الكسائي بالقياس على النصب ... وبالسماع قول النبي صلى الله عليه وسلم: "فلا يقربن مسجدنا يؤذنا بريح الثوم " وقوله عليه السلام: "لا ترجعوا بعدي كفاراً يضرب بعضكم رقاب بعض" وقول أبي طلحة لرسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا تشرف يصبك سهم". توضيح المقاصد 4/213-214 وانظر الأشموني والصبان 3/311. أمالي السهيلي 85، 118. v مشارق الأنوار 2/ 24. الجزء: 73 - 74 ¦ الصفحة: 63 144- حديث "أَقْر قَوْمَكَ السَّلامَ فَإنَّهم ما علمتُ أعِفَّةٌ صُبُر" i. قال أبو البقاء: "أعفة" مرفوع، خبر إنّ. وفي "ما" وجهان أحدهما: هي مصدرية، والتقدير إنهم في علمي أعفّة. والثاني: زمانية تقديره إنهم مدّة علمي فيهم أعفة. ولا يجوز النصب بـ"علمت" لأنه لا يبقى لـ"إنّ" خبر"ii. 145- حديث "هذا أَوَّلُ طَعامٍ أَكَلَهُ أَبوكِ مِنْ ثلاثةِ أَيَّام" iii. قال أبو البقاء: "هكذا في هذه الرواية. ودخول "من" لابتداء غاية الزمان جائز عند الكوفيين ومنعه أكثر البصريين". قال: "والأقوى عندي مذهب الكوفيين". قال: "وفي بعض الروايات "منذ ثلاث" وهذا لا خلاف في جوازه"iv. انتهى. وقال ابن مالك في شرح التسهيل: "هذا الحديث من الأدلة على استعمال "من" لابتداء غاية الزمان. وكذا قوله في حديث الاستسقاء: "فمُطِرنا مِنْ جُمعةٍ إلى جمعة"v وقول أنس: "فلم أَزَلْ أحبُّ الدُّباءَ من يومئذٍ"vi وقول عائشة: "لم يجلسْ عندي من يومِ قيل فيَّ ما قيل"vii. وكلّها في صحيح البخاري"viii. انتهى. 146 - حديث نكاح زينب، قوله "فلما رأَيْتُها عَظمَتْ في صَدْري حتَّى ما أستطيع أَنْ أَنْظُرَ إليها أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم ذكرها" ix. قال أبو البقاء: "أنَّ" بالفتح، وتقديره لأن النبي صلى الله عليه وسلم ذكرها"x.   i عن أنس أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لأبي طلحة: "أقرئ قومك السلام فإنهم ما علمت أعفّه صبر". مسند أحمد 3/ 150. iiإعراب الحديث النبوي برقم 54. iii عن أنس بن مالك: "أن فاطمة ناولت رسول الله صلى الله عليه وسلم كسرة من خبز شعير فقال: هذا أول طعام أكله أبوك من ثلاثة أيام". مسند أحمد 3/213 iv إعراب الحديث النبوي- برقم 56 v البخاري- فتح الباري 2/ 509 viالبخاري- فتح الباري 9/ 563. والدباء: القرع (القاموس المحيط) viiالبخاري- فتح الباري 5/ 271. viiiفصل ابن مالك في هذه المسألة في كتابه شواهد التوضيح ص 129- 132 فجعل المبحث الثامن والأربعين في استعمال "من" في ابتداء غاية الزمان، واستدل بشواهد من القرآن والحديث والشعر. ix مسند أحمد 3/195 x إعراب الحديث النبوي برقم 57 الجزء: 73 - 74 ¦ الصفحة: 64 147 - حديث "أنه صلى الله عليه وسلم رمى الجَمْرةَ ثُمَّ نَحَرَ البُدْن، والحَجَّامُ جالس، ثم حَلَق أَحدَ شقيه الأيمنَ" i. قال أبو البقاء: "الأيمن" بالنصب بدل من "أحد"، أو على إضمار أعني. والرفع جائز على تقدير هو الأيمن"ii. 148 - حديث الجمل "فلما نَظَر الجَمَلُ إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم أَقْبَلَ نَحْوَهُ حتى خَرَّ ساجداً بين يديه، فأخذ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم بِناصيته أذلّ ما كانت قط حتى أدخله في العمل" iii. فيه استعمال "قط " غير مسبوقة بنفي، وقد كثر ذلك في الحديث. وقال ابن مالك في التوضيح: "في حديث حارثة بن وهبiv "صلى بنا النبي صلى الله عليه وسلم ونحن أكثر ما كنا قط"v، فيه استعمال "قط" غير مسبوقة بنفي، وهو مما خفي على كثير من النحويين، لأن المعهود استعمالها لاستغراق الزمان الماضي بعد نفي نحو: ما فعلت ذلك قط، وقد جاءت في هذا الحديث دون نفي، وله نظائر"vi. انتهى. وفي حديث جابرvii "ما من صاحبِ إبلٍ لا يَفْعَلُ فيها حقَّها إلا جاءت يوم القيامة أكثر ما كانت قط"viii. وفي حديث سمرة بن جندبix في صلاة الكسوف "فقام بنا كأطولِ ما قام بنا في صلاةٍ قط، ثم ركع كأطول ما ركعَ بنا في صلاة قط، ثم سجَدَ بنا كأطولِ ما سجد بنا في صلاة قط"x.   i147- مسند أحمد 3/208. ii إعراب الحديث النبوي برقم 58. iii مسند أحمد 3/158. ivحارثة بن وهب الحزاعي، أخو عبيد الله بن عمر بن الخطاب لأمه له في الصحيحين أربعة أحاديث ويعد في الكوفيين. انظر: الإصابة 1/ 299، الاستيعاب 1/ 284. v صحيح البخاري- فتح الباري 3/ 509 كتاب الحج- باب الصلاة بمنى. viشواهد التوضيح 193. vii جابر بن عبد الله الأنصاري، أحد المكثرين عن النبي صلى الله عليه وسلم شهد العقبة وكثيراً من الغزوات مع النبي صلى الله عليه وسلم قيل مات سنة 74 هـ أنظر الاصابة 1/ 214-215. viiiمسند أحمد 3/321. ix سمرة بن جندب الفزاري، كان من الحفاظ المكثرين عن رسول الله صلى الله عليه وسلم كانت وفاته بالبصرة سنة 58 هـ انظر: الاستيعاب 2/ 75-77 الإصابة 2/ 77. x مسند أحمد 5/16. الجزء: 73 - 74 ¦ الصفحة: 65 149 - حديث "أصابت الناس سنَةٌ على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم" i. قال الأبذي في شرح الجزولية: "إطلاق السّنة على عام القحط من باب العَلَم بالغلبة. ومثله في حديث سعد "وسألتُه أن لا يُهلك أمتي بالسنة فأعطانيها"ii قوله (فادع الله يَغِثْنا) . قال الزركشي: "بفتح الياء وبالجزم على الجواب، ومنهم من ضمّ الياء ورفع الفعل، من الإغاثة والغوث وهو الإجابة. وروى في الموطأ "يَغيثُنا" بفتح الياء وبالرفع. وعلى هذا فجواب الأمر محذوف أيَ يُحْيِكiii ويُحْيِ الناس"iv. وقوله "اللهمّ اسقنا" يجوز فيه قطع الهمزة ووصلها، لأنه ورد في القرآن ثلاثياً ورباعياًv. قوله (ما نرى في السماء من سحاب ولا قَزَعةً) . قال الزركشي: "بالنصب والجر"vi. قوله (فمطرنا يومنا ذلك، ومن الغد) . قال الكرماني: "مِنْ" إما بمعنى في، وإما تبعيضية"vii. قوله (والذي يليه حتى الجمعةُ الأخرى) . قال الكرماني: "هوَ مثل "أكلتُ السمكة حتى رأسُِها، في جواز الحركات الثلاث في مدخولها، وجاء عليها الروايات"viii.   i حديث الاستسقاء ورد بروايات مختلفة في كتب الحديث، انظر: البخاري كتاب الجمعة- باب الاستسقاء في الخطبة يوم الجمعة 2/413. باب الاستسقاء في المسجد الجامع 2/501، 512 مسلم بشرح النووي 6/ 191. مسند أحمد 3/256. مشكاة المصابيح كتاب الفصائل- باب في المعجزات برقم 5902. وقد اختلفت النسخ المخطوطة من عقود الزبرجد في ترتيب فقرات الحديث، ولكن الكلام فيها واحد. iiمسند أحمد 1/175. iiiوردت في بعض النسخ "يحبك ويحب الناس" وروايات أخرى. والتصويب من شرح البخاري للزركشي. iv شرح صحيح البخاري للرركثي 2/66. v في قوله تعالى: {نُسْقِيكُمْ مِمَّا فِي بُطُونِهِ} النحل: آية 66 قرأ ابن كثير وأبو عمرو وحمزة والكسائي: {نُسْقِيكُمْ} بضم النون وفي المؤمنين آية 21 مثله. وقرأ ابن عامر ونافع وعاصم في رواية أبي بكر {نَسْقِيكُمْ} بفتح النون انظر: السبعة في القراءات لابن مجاهد ص 374. vi شرح صحيح البخاري 2/ 66. vii صحيح البخاري بشرح الكرماني 6/ 41. viiiصحيح البخاري بشرح الكرماني 6/ 41. الجزء: 73 - 74 ¦ الصفحة: 66 قوله (وساَل الوادي قناة) . قال الكرماني: " [قَناةُ] علم لبقعة غير منصرف مرفوع بأنه بدل عن الوادي. وفي بعض الروايات "قناةً"، بالنصب والتنوين، فهو بمعنى البئر المحفورة، أي سال الوادي مثل القناة. وفي بعضها "وادي قناة" بإضافة الوادي إليها"i.وقال الرضيّ الشاطبيii: "الفقهاء يقولونه بالنصب والتنوين، يتوهمونه قناة من القنوات، وليس كذلك"iii وقال الطيبي: "قناة" نصب على الحال أو المصدر، على حذف المضاف وإقامة المضاف إليه مقامه، أي مثل القناة أو سيلان القناة في الدوام والاستمرار والقوة والمقدار"iv. قوله (ورسول الله صلى الله عليه وسلم قائماً يخطب) . قال الزركشي: "كذا بنصب قائماً على الحال من "يخطب". ويروى بالرفع على الخبر"v. قوله "اللهمَّ حَوالَيْنا". قال الزركشي: "هو ظرف متعلق بمحذوف، أي أمطر حوالينا"vi. وقال الكرماني: "هو ظرف، أي أمطر في الأماكن التي في حولنا ولا تمطر علينا"vii. وقال الحافظ ابن حجر: "فيه حذف تقديره: اجعل أو أمطر"viii. وقال الطيبي: "حوله وحوليه وحواليه بمعنى، وإنما أوثر "حوالينا" لمراعاة الازدواج مع قوله علينا، نحو {وَجِئْتُكَ مِنْ سَبَأٍ بِنَبَأٍ} ix"x. قوله (ولا علينا) .   i صحيح البخاري بشرح الكرماني 6/ 41. ii محمد بن علي بن يوسف، رضي الدين الأنصاري الشاطبي، عالم باللغة، له تصانيف منها حواش على صحاح الجوهري وغيره توفي بالقاهرة سنة 684 هـ وهو أستاذ أبي حيان النحوي. انظر: الأعلام 6/283. iii عن فتح الباري 2/506. ivشرح مشكاة المصابيح: مخطوط ج 4 ورقة 278. vشرح صحيح البخاري للزركشي 2/66. viشرح صحيح البخاري للزركشي 2/67. vii صحيح البخاري بشرح الكرماني 6/106. viii فتح الباري بشرح صحيح البخاري 2/ 505. ixسورة النمل: آية 22. x شرح مشكاة المصابيح/ مخطوط ج 4 ورقة 278. الجزء: 73 - 74 ¦ الصفحة: 67 قال الطيبي: "عطف جملة على جملة، أي أمطر حوالينا ولا تمطر علينا. ولو لم تكن الواو لكان حالا". قال: "وفي إدخال الواو هنا معنى لطيف، وذلك أنه لو أسقطها كان مستقيا للآكام وما معها فقط، ودخول الواو ويقتضي أن طلب المطر على المذكورات ليس مقصودا لعينه، ولكن ليكون وقاية من أذى المطر، فليست الواو مخلصة للعطف، ولكنها للتعليل، وهو كقولهم "تجوعُ الحُرَّةُ ولا تأكلُ بثَدْيَيها"i، فإن الجوع ليس مقصوداً لعينه، ولكن لكونه مانعاً عن الرضاع بأجرة، إذ كانوا يكرهون ذلك"ii. قوله (قال فَأَقْلَعَتْ) . قال الكرماني: "فإن قلت: فما وجه تأنيث الفعل؟ قلت: تأنيثه إما باعتبار السحابة، أو باعتبار السحاب"iii. قوله (فادع الله يَحْبسها عنا) . قال ابن مالك: "يجوز في "يحبسها" الجزم على جعله جواباً للدعاء، لأن المعنى إن تدعه يحبسْها، وهو أجود، والرفع على الاستئناف أي فهو يحبسُها والنصب على إضمار "أَنْ " كأنه قال ادع الله أن يحبسَها، ومثله قراءة الأعمش iv {وَلا تَمْنُنْ تَسْتَكْثِرُ} v وقول بعض العرب "خذ اللّصَّ قبلَ يأخذَك vi "vii. وقال الطيبي: "الضمير فيه للسحاب فإنها جمع سحابة"viii. قوله "اللهمّ أغِثنا". قال القرطبي: "كذا رويناه بالهمزة، وهي للتعدية، ومعناه هب لنا غيثاً. وقال بعضهم: صوابه "غِثنا" لأنه من "غاث". قال وأما "أغثنا" فإنه من الإغاثة وليس من طلب الغيث"ix. قال القرطبي: "والصواب الأول".   i انظر في هذا المثل: الفاخر للمفضل بن سلمه ص 109. iiشرح مشكاة المصابيح/ مخطوط ج 4 ورقة 278. وانظر: فتح الباري 2/ 505. iii صحيح البخاري شرح الكرماني 6/108. ivالأعمش هو أبو محمد سليمان بن مهران الأعمش الأسدي الكوفي، الإمام الجليل، كان ورعاً واسع الحفظ للقرآن. مات سنة 148هـ. انظر القراءات الشاذة للمرحوم القاضي ص 6 ا-17. vسورة المدثر: آية 6. وفي المحتسب 2/337: قرأ الحسن "ولا تمنن تستكثر" جزماً، وقرأ الأعمش "تستكثر" نصباً. وانظر: القرطبي 19/69. viالأشموني 3/315، توضيح المقاصد للمرداوي 4/223. vii شواهد التوضيح 179. viii شرح المشكاة- ج4 ورقة 278- والمقصود الضمير في "يحبسها". ix انظر كلام القاضي عياض على هذه المسألة في صحيح مسلم بشرح النووي 6/ 191. الجزء: 73 - 74 ¦ الصفحة: 68 150 – حديث "أنّ رجلا قال يارسول الله: متى الساعةُ قائمة" i. قال الزركشي: "يجوز في "قائمة" الرفع والنصب". 151- حديث "لا يتمنَّينَّ أَحَدُكُم الموتَ لِضُرٍّ نَزَلَ به، فإنْ كان لابُدَّ مُتمنّياً" ii. قال الكرماني: "قوله "لابدّ" حال، وتقديره: إن كان أحدكم فاعلا حالة كونه لابدّ له من ذلك"iii. 152 - حديث "إذا تقرَّبَ إليَّ العَبْدُ شِبراً تَقرَّبتُ إليه ذِراعاً، وإذا تَقَرّب إليَّ ذِراعاً تَقَرّبت منه باعاً" iv. قال الكرماني: "فإن قلت استعمل التقربّ أولاً بـ "إلى"، وثانياً بمن، فما الفرقُ بينهما؟ قلت: الأصل "مِنْ" واستعمالها بـ "إلى" لقصد معنى الانتهاء، والصلات تختلف بحسب المقصود"v. 153- حديث "لا تقومُ السَّاعَةُ على أحدٍ يقولُ الله الله"vi. قال النووي: "هو برفع اسم الله تعالى. وقد يغلط فيه بعض الناس فلا يرفعه"vii. وقال القرطبي: "صوابه بالنصب، وكذلك قيدناه عن محققي من لقيناه، ووجهه أن هذا مثل قول العرب: "الأسدَ الأسدَ" و"الجدارَ الجدارَ" إذا حذروا من الأسد المفترس والجدار المائل. وهو منصوب بفعل مضمر تقديره احذر. وقد قيده بعضهم "الله الله " بالرفع على الابتداء وحذف الخبر، وفيه بعد". انتهى. 154- حديث "نَهى عن بَيْعِ الثِّمارِ حتّى تُزْهي، قيل: وما تُزهي؟ " viii. قال الطيبي: "يجوز أن يكون "تزهي" حكاية قول الرسول صلى الله عليه وسلم. أي ما معنى قولك   iالبخاري- كتاب الأدب باب ما جاء في قول الرجل ويلك 3/553. iiالبخاري- كتاب الدعوات، باب الدعاء بالموت والحياة 11/150. مسند أحمد 3/ 104، 247 iiiصحيح البخاري بشرح الكرمايى 22/133. iv البخاري- كتاب التوحيد، باب ذكر النبي صلى الله عليه وسلم وروايته عن ربه 13/ 311 مسند أحمد 3/127، 130، 272. v رواية الكرماني 25/228: "إذا تقرب العبد إليّ شراً تقربت إليه ذراعاً وإذا تقرب مني ذراعاً تقربت منه باعاً". viصحيح مسلم بشرح النووي 2/178. مسند أحمد 3/162. viiصحيح مسلم بشرح النووي 2/178. viiiالبخاري- كتاب البيوع- باب إذا باع الثمار قبل أن يبدو صلاحها فتح الباري 4/398، وتكملته، "قال: حتى تحمر، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أرأيت إذا منع الله الثمرة بم يأخذ أحدكم مال أخيه؟ ". وانظر: مشكاة المصابيح/ كتاب البيوع- باب المنهي عنها من البيوع. برقم 2840. الجزء: 73 - 74 ¦ الصفحة: 69 "حتى تزهي"؟ أو وضع الفعل موضع المصدر، أي قيِل ما الزهو، ونحوه قول الشاعر: وقالوا ما تشاءُ فقُلْتُ ألهوi 155- حديث "نَهى عن بَيْعِ الحَبِّ حتَى يفرك" ii. قال البيهقي iii في سننه iv: "إن كان بخفض الراء على إضافة الإفراك إلى الحب وافق رواية من قال: "حتى يشتد". وإن كان بفتح الراء ورفع الياء على إضافة الفرك إلى ما لم يسمّ فاعلُه خالف رواية من قال فيه: "حتى يشتد" واقتضى تنقيته عن السنبل حتى يجوز بيعه. قال: "ولم أر أحداً من محدّثي زماننا ضبط ذلك، والأشبه أن يكون "يَفرِك" بخفض الراء [لموافقة] معنى من قال فيه:"حتى يشتد". قوله: "أرأيت إنْ مَنَعَ الله الثَمرةَ، بِمَ يأخُذُ أَحدُكُم مالَ أخيه؟ " v. قال الكرماني: "أرأيت" في معنى أخبرني. وفيه نوعان من التصرّف: إطلاق الرؤية وإرادة الإخبار، وإطلاق الاستفهام وإرادة الأمر"vi. وقال أبو حيان: "كون "أرأيت" بمعنى أخبرني نصَّ عليه سيبويهvii وغيره، وهو تفسير معنى لا تفسير إعراب، لأن أخبرني يتعدّى بعن، و"أرأيت" يتعدّى بنفسه لمفعول صريح، وإلى جملة استفهامية هي في موضع المفعول الثاني، ويقع بعده جملة الشرط، ويتنازع هو وفعل الشرط في ما بعده، فأعمل الثاني على رأي البصريين، وحذف مفعول "أرأيت" الأول، ومفعوله الثاني هو جملة الاستفهام، وربط هذه الجملة الاستفهامية بالمفعول المحذوف في "أرأيت" مقدّر، وجواب الشرط محذوف لدلالة ما قبله عليه، تقديره فأخبروني". انتهى. وقال الطيبي: "أرأيت" معناه أخبرني من إطلاق السبب على المسبّب، لأن مشاهدة   i من البحر الوافر، قائله عروة بن الورد العبسي من قصيدة يتحسر فيها على سلمى التي سباها وتزوجها ثم اختارت أهلها عليه. وعجزه: إلى الإصباح آثر ذي أثير، انظر: ديوان عروة بن الورد 35، ابن يعيش 2/ 95، همع الهوامع 13/1. قال في الهمع: "فإنه نزل فيه ألهو منزلة اللهو ... " ii مسند أحمد 3/ 161. iii أحمد بن الحسين، أبو بكر البيهقي الشافعي، من أئمة الحديث، له مصنفات كثيرة منها: السنن الكبرى في عشر مجلدات، السنن الصغرى، الأسماء والصفات، الترغيب والترهيب. توفي سنة 458 هـ. أنظر: الأعلام 1/ 116. iv السنن الكبرى 5/303. v هذا الجزء تكملة للحديث السابق ذي الرقم 154. vi صحيح البخاري بشرح الكرماني 10/57. vii الكتاب سيبويه 1/ 239. الجزء: 73 - 74 ¦ الصفحة: 70 الأشياء طريق إلى الإخبار عنها، والهمزة فيه مقرّرة، أي قد رأيت ذلك فأخبرني به". قوله: "بمَ يأخُذُ أحَدُكُم". قال الطيبي: "مثل قولهم "فيمَ" و"علامَ" و"حتّامَ" في حذف الألف عند دخول حرف الجر على ما الاستفهامية. ولما كانت ما الاستفهامية متضمنة للهمزة، ولها صدر الكلام ينبغي أن يقدّر أبم يأخذ، والهمزة للإنكار، فالمعنى لا ينبغي أن يأخذ أحدكم مال أخيه عفواً. 156 - حديث "إن رجلاً جاء إلى الصلاة وقد حَفَزَه النَّفس، فقال: الله أَكْبر، الحمدُ للهِ حَمْداً كثيراً طيبّاً" i. قال البيضاوي: "حمداً" نصب بفعل مضمر دلّ عليه الحمد، ويحتمل أن يكون بدلا منه جارياً على محلّه. و"طيبّاً" وصف له"ii. وقوله: "لم يقُل بأساً". قال الطيبي: "يجوز أن يكون مفعولا به، أي لم يتفوَّه بما يؤخذ عليه، أو مفعولا مطلقاً، أي لم يقل قولا يشدّد عليه. و (أيُّهم يرفعُها) : مبتدأ وخبر في موضع نصب، أي يبتدرونها ويستعجلونها أيهم يرفعها"iii. 157 - حديث "مُرَّ على النبيّ صلى الله عليه وسلم بجنازة فأَثْنَوا عليها خيراً، فقال: وَجَبَتْ، ثم مُرَّ بأخرى فأثنوا عليها شراً، فقال: وجَبَتْ، فقيل: يا رسول الله، قلت لهذا وجَبَتْ ولهذا وجَبَتْ. قال: شهادةُ القوم، المؤمنون شُهداءُ الله في الأرض" iv. قال الكرماني: "شهادةُ القوم" مبتدأ، وخبره محذوف، أي موجبة شرعاً أو معرفة لثبوتها. وروي بالنصب، أي وجبت بشهادتهم"v.   iالحديث عن أنس، وتكملته (مباركاً فيه، فلما قضى رسول الله صلى الله عليه وسلم صلاته قال: أيكم المتكلم بالكلمات، فأرمَّ القوم، فقال: أيكم المتكلم بها فإنه لم يقل بأساً فقال رجل: جئت وقد حفزني النفس فقلتها، فقال: لقد رأيت اثني عشر ملكاً يبتدرونها أيهم يرفعها) . مسلم: كتاب المساجد، باب ما يقال بين تكبيرة الإحرام والقراءة 5/97. سنن أبي داود: كتاب الصلاة، باب ما يستفتح به الصلاة من الدعاء1/203. مسند أحمد 3/106، 67 1، 252. ii عبد الله بن عمر الشيرازي، ناصر الدين البيضاوي، قاض مفسر، من مصنفاته: تفسير البيضاوي، منهاج الوصول إلى علم الأصول. توفي بشيراز سنة 685 هـ. انظر: الأعلام 4/ 110. iii شرح مشكاة المصابيح/ مخطوط ج1 ورقة 278. iv البخاري: كتاب الشهادات 5/ 252. مسند أحمد 3/ 186، 197، 245. v صحيح البخاري بشرح الكرمايى 11/165. الجزء: 73 - 74 ¦ الصفحة: 71 وقال عياض: "ضبطه بعضهم "شهادةُ" بالرفع، على خبر مبتدأ مضمر، أي هي، ثم استأنف الكلام فقال "القومُ المؤمنون شهداءُ الله في الأرض". وضبطه بعضهم "شهادة القوم" على الإضافة، فـ"المؤمنون" رفع بالابتداء، و"شهداءُ" خبره. و"القوم" خفض بالإضافة. و"شهادة" على هذا خبر مبتدأ محذوف، أي سبب قولي هذا شهادة القوم. ورواه بعضهم "المؤمنين" نعت للقوم، ويكون "شهداء" على هذا خبر مبتدأ محذوف أي هم شهداء الله. ويصح نصب "شهادة" بمعنى من أجل شهادة القوم. ومن روى "القومُ" مرفوعاً كان مبتدأ، و"المؤمنون"وصفهم".انتهى. وقال السُهيليi: "إن كانت الرواية بتنوين الشهادة فهو على إضمار المبتدأ، أي هي شهادة، و"القوم" رفع بالابتداء، و"المؤمنون" نعت له أو بدل، وما بعده خبر. وفي هذا ضعف لأن المعهود من كلام النبوة حذف المنعوت نحو "المؤمنون تتكافأ دماؤهم"ii و"المؤمنون هينون لينون"iii و"المؤمنُ غِرٌّ كريم"iv. لأن الحكم متعلّق بالصفة فلا معنى للموصوف". قال: "ويحتمل وجهاً آخر، وهو أن يرتفع "القوم" بالشهادة لأنها مصدر، ويرتفع "المؤمنون" بالابتداء، إذ قد أجازوا إعمال المصدر عمل الفعل، فلا بُعد في عمله هنا في القومِ منوّنا، كما تقول: يعجبني ضربٌ زيدٌ عمراً. ويحتمل وجهاً ثالثاً، وهو أن يكون "القوم" فاعلا بإضمار فعل، كأنه قال هذه شهادة، ثم قال "القوم" أي شهد القوم"v. انتهى. 158 - حديث سؤال القبر، قوله: "إنَّ العَبْدَ إذا وُضِعَ في قَبْرِه" vi.   i عبد الرحمن بن عبد الله، أبو القاسم السّهيلي، إمام في اللغة والنحو والحديث، نظر في كتاب سيبويه على بن الطراوة وسمع منه كثيرا، وله تآليف جليلة، منها: الروض الأنف، نتائج الفكر، أمالي السهيلي. توفي بمراكش سنة 581 هـ. انظر: إشارة التعيين 182. إنباه الرواه 2/ 162. ii مسند أحمد 1/119، 2/0211 الفتح الكبير 3/252. iii الفتح الكبير 3/232. iv مسند أحمد 2/394. v انظر: أمالي السهيلي ص 87. vi عن أنس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "إن العبد إذا وضع في قبره، وتولى عنه أصحابه، إنه ليسمع قرع نعالهم، أتاه ملكان فيقعدانه، فيقولان: ما كنت تقول في هذا الرجل؟ لمحمد صلى الله عليه وسلم. فأما المؤمن فيقول: أشهد أنه عبد الله ورسوله، فيقال: انظر إلى مقعدك من النار. قد أبدلك الله به مقعدا من الجنة، فيراهما جميعا، قال قتادة: وذكر لنا أنه يفسح له في قبره … وأما المنافق والكافر، فيقال له: ما كنت تقول في هذا الرجل؟ فيقول: لا أدري، كنت أقول ما يقول الناس. فيقال: لا دريت ولا تليت. ويضرب بمطارق من حديد ضربة، فيصيح صيحة يسمعها من يليه غير الثقلين". البخاري: كتاب الجنائز باب ما جاء في عذاب القبر 3/232. مسلم 17/203. مسند أحمد 3/126. مشكاة المصابيح: باب إثبات عذاب القبر رقم 126 مع اختلاف الروايات. الجزء: 73 - 74 ¦ الصفحة: 72 قال الطيبي: "شرط، "أتاه" جزاؤه، والجملة خبر إنَّ. و"إنّه i ليسمع قرع نعالهم"ii إما حال، بحذف الواو، كأحد الوجهين في قوله تعالى: {وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ تَرَى الَّذِينَ كَذَبُوا عَلَى اللَّهِ وُجُوهُهُمْ مُسْوَدَّة} iii أي ووجوههم، ونحو: كلّمته فوهُ إلىِ فيّiv، ذكره شارح اللبابv. أو يكون جواباً للشرط على إضمار الفاء، فيكون "أتاه" حالاَ من فاعل "يسمع" و"قد" مقدّرة. ويحتمل أن يكون "إذا" ظرفاً محضاً، وقوله "إنّه" تأكيد لقوله "إن العبد" كقوله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ إِنَّا لا نُضِيع} vi في أحد الوجهين. قوله (فيُقْعِدانه) . قال التوربشتيvii: "في حديث البراءviii "فيُجْلِسانِه"ix وهو أولى اللفظين بالاختيار، لأن الفصحاء إنما يستعملون القعود في مقابلة القيام، فيقولون القيام والقعود، ولا تسمعهم يقولون القيام والجلوس، يقال قعد الرجل عن قيامه، وجلس عن ضجعه واستلقائه. وحكي أن النضر بن شميلx دخل على المأمونxi عند مقدمه مرو، فمثل وسلّم، فقال له المأمون: اجلس، فقال: يا أمير المؤمنين: أمضطجع فأجلس؟ قال: فكيف أقول؟ قال: قُل اقعد. فعلى هذا المختار من الروايتين هو الإجلاس، لما أشرنا إليه من دقيق المعنى   i"إنه" رويت بإثبات الواو قبلها وحذفها. والإعراب هنا على رواية حذف الواو. ii شرح مشكاة المصابيح- مخطوط ج1 ورقة 125. iii سورة الزمر: آية 60. iv قال سيبويه 1/ 391: "قولك: كلمته فاه إلى فيّ، وبايعته يداً بيد، كأنه قال مشافهة، وبايعته نقدا. أي كلمته في هذه الحال. وبعض العرب يقول: كلمته فوه إلى فيّ، كأنه يقول: كلمته وفوه إلى فيّ، أي وهذه حاله". وانظر شرح اللباب في علم الإعراب للسيرافي الغالي، دراسة وتحقيق محمد المهدي عمّار، رسالة ماجستير في الجامعَة الإسلامية، المجلد الثاني ص – 533- 535. v اللباب في النحو تأليف تاج الدين محمد بن محمد بن أحمد بن السيف المعروف بالفاضل الاسفرايني، توفي سنة 684هـ وشارح اللباب هو محمد بن مسعود بن محمود السيرافي الغالي، كان حياً سنة 712 هـ وقد قام ثلاثة من طلاب الدراسات العليا في الجامعة الإسلامية بتحقيق هذا الشرح، نالوا به الماجستير. viسورة الكهف: آية 30. viiشهاب الدين فضل الله بن حسن التوربشتي، محدث فقيه من أهل شيراز. من مصنفاته: الميسر في شرح مصابيح السنة للبغوي توفي سنة 661هـ انظر الأعلام 5/152. viii البراء بن عازب الأنصاري الأوسي، له ولأبيه صحبة، روي عنه أنه غزا مع الرسول صلى الله عليه وسلم أربع عشرة غزوة، قيل مات سنة 72 هـ. انظر: الإصابة 1/ 146- 147. ix حديث البراء في مسند أحمد 4/287. وكلام التوربشتي هنا منقول عن شرح المشكاة للطيبي- مخطوط ج- 1 ورقة 125. x النضر بن شميل التميمي، من أهل مرو، صاحب غريب وشعر وفقه ومعرفة بأيام الناس ورواية الحديث. وهو من أصحاب الخليل بن أحمد. توفي سنة 203 هـ انظر: إنباه الرواة 3/348. xiهو الخليفة العباسي عبد الله بن هارون الرشيد، سابع الخلفاء العباسيين، كان عالماً كبيراً، قرّب العلماء والفقهاء والمحدثين والمتكلمين وأهل اللغة، حصلت في أيامه المحنة بخلق القرآن، توفي سنة 218 هـ. انظر. الأعلام 4/ 142. الجزء: 73 - 74 ¦ الصفحة: 73 وفصيح الكلام، وهو الأحقّ والأجدر ببلاغة الرسول صلى الله عليه وسلم. ولعلّ من روى "فيقعدانه" ظن أن اللفظين ينزلان من المعنى منزلة واحدة. ومن هذا الوجه أنكر كثير من السلف رواية الحديث بالمعنى، خشية أن يزلّ في الألفاظ المشتركة فيذهب عن المعنى المراد جانباً". انتهىi قوله: "قد بَدَّلَكَ الله بهِ مَقْعَداً في الجنَّة". فيه دخول الباء على المتروك، واشتهر أنه المعروف لغة.   i انتهى كلام التوربشتي كما في شرح المشكاة. وقد عقَّب عليه الطيبي في شرح المشكاة ج1 ورقة 125 بقوله: "أقول: لا ارتياب أن الجلوس والقعود مترادفان، وأن استعمال القعود مع القيام، والجلوس مع الاضطجاع مناسبة لفظية، ونحن نقول بموجبه إذا كانا مذكورين معاً، كقوله تعالى: {الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللَّهَ قِيَاماً وَقُعُوداً وَعَلَى جُنُوبِهِمْ} وكقوله تعالى: {دَعَانَا لِجَنْبِهِ أَوْ قَاعِداً أَوْ قَائِماً فَلَمَّا} لكن لم قلت إنه إذا لم يكن أحدهما مذكورا كان كذلك، ألا ترى إلى حديث جبرائيل عليه السلام "حتى جلس إلى النبي صلى الله عليه وسلم" بعد قوله: "إذا طلع علينا" ولا خفاء أنه عليه السلام لم يضطجع بعد الطلوع عليهم. وكذلك لم يرد في هذا الحديث الاضطجاع ليوجب أن تذكر معه الجلوس. وأما الترجيح بما رواه عن النضر. وهو من رواة العربية، على رواية الشيخين العالميين التقيين، فبعيد عن مثله، وهو من مشاهير المحدثين. الجزء: 73 - 74 ¦ الصفحة: 74 [ رأي أبي حيان في دخول الباء على المتروك ] قال أبو حيان في شرح التسهيل: "هذه المسألة غلط فيها كثير من المصنفين في العلوم، ومن الشعراء، فيدخلون الباء على مالا يصح دخولها عليه في لسان العرب، وينصبون ما تدخل عليه في لسان العرب، ففي المنهاج لأبي زكريا النووي: "ولو أبدل ضادا بظاء لم يصحّ في الأصحّ"1. يعني في قوله: {وَلا الضَّالِّينَ} 2 ولو جرى كلامه على اللسان العربي لقال: "ولو أبدل ظاء بضاد" أي جعل بدل الضاد ظاء، فالمنصوب هو الذي يصير عوضا، وما دخلت عليه الباء هو الذي يكون معوَّضاً منه. وهذا جار في هذه المادة من أَبْدَل وبدَّل وتبدَّل، المنصوب هو المعوّض الحاصل، وما دخلت عليه الباء هو المعوّض منه الذاهب. فإذا قلت: أبدلتُ ديناراً بدرهمٍ، فمعناه   1مغني المحتاج إلى معرفة معاني ألفاظ المنهاج للشيخ الشربيني 1/158 على متن المنهاج للنووي. قال الشيخ الشربيني في مغني المحتاج: فإن قيل كان الصواب أن يقول: ولو أبدل ظاء بضاد، إذ الباء مع الإبدال تدخل على المتروك لا على المأتي به كما قال تعالى: {ومن يَتبدل الكفر بالإيمان} قال تعالى: {وبدّلناهم بجنتيهم جنتين} أجيب بأن الباء في التبديل والإبدال إذا اقتصر فيهما على المتقابلين، ودخلت على أحدهما إنما تدخل على المأخوذ لا على المتروك. فقد نقل الأزهري عن ثعلب: بدلت الخاتم بالحلقة، إذا أذبته وسويته حلقة، وبدلت الحلقة بالخاتم، إذا أذبتها وجعلتها خاتماً. وأبدلت الخاتم بالحلقة إذا نحيت هذا وجعلت هذه مكانه. قال السبكي بعد نقله بعض ذلك عن الواحدي عن ثعلب عن الفراء: ورأيت في شعر الطفيل بن عمرو الدوسي لما أسلم في زمن النبي صلى الله عليه وسلم: فألهمني هُدايَ الله عنه وبدَّلَ طالعي نحسي بسعدي ومنشأ الاعتراض توهم أن الإبدال المساوي للتبديل كالاستْبدال والتبدّل، فإن ذنيك تدخل الباء فيهما على المتروك. قال شيخنا: وبذلك علم فساد ما اعترض به على الفقهاء من أن ذلك لا يجوز. 2 سورة الفاتحة: من الآية 7. الجزء: 73 - 74 ¦ الصفحة: 74 اعتضتُ ديناراً عوض الدرهم، فالدينار هو الحاصل المعوّض، والدرهم هو الخارج عنك المعوّض منه. وهذا عكس ما يفهم العامة، وكثير ممّن يعاني العلوم. وعلى ما ذكرناه جاء كلام العرب، قال الشاعر: تَضْحَكُ منيّ أُخْتُ ذاتِ النِّحْييَنi. أبْدَلَكِ الله بلوْنٍ لَوْنين سَوادَ وَجْهٍ وَبيَاضَ عينين ألا ترى كيف أدخل على المعوَّض منه الباء، وهو قوله "بلونٍ" ونصب "لونين" وهو المعوّض. وقال تعالى: {وَمَنْ يَتَبَدَّلِ الْكُفْرَ بِالإِيمَانِ} ii. وقال تعالى: {وَبَدَّلْنَاهُمْ بِجَنَّتَيْهِمْ جَنَّتَيْنِ ذَوَاتَيْ أُكُلٍ خَمْطٍ وَأَثْلٍ} iii وقال تعالى: {أَتَسْتَبْدِلُونَ الَّذِي هُوَ أَدْنَى بِالَّذِي هُوَ خَيْرٌ} iv وقال تعالى: {وَإِنْ تَتَوَلَّوْا يَسْتَبْدِلْ قَوْماً غَيْرَكُمْ} v أي يستبدل بكم قوما غيركم. وقال تعالى: {عَسَى رَبُّنَا أَنْ يُبْدِلَنَا خَيْراً مِنْهَا} vi تقديره: أن يبدلنا بها خيراً منها، فحذف "بها" أي بالجنة التي طيف بها. وقال تعالى: {فَأَرَدْنَا أَنْ يُبْدِلَهُمَا رَبُّهُمَا خَيْراً مِنْهُ زَكَاةً} vii أي يبدلهما به. وعلى هذا نظم علماء الشعراء، قال أبو تمام viii: تبدَّلَ غاشيهِ بريم مُسَلِّمٍ تَردَّى رداءَ الحُسْنِ وَشْيا مُنَمْنَما وبالحَلْي إنْ قامت ترُّنمَ فوقها حماما إذا لاقى حماماً ترنَّما وبِالخَدْلَةِ السّاقِ المخدَّمةِ الشَّوى قَلائصُ يَتْلُون العَبَنَّى المُخَدَّماix   i أبيات من الرجز، لم أعرف قائلها. وقد استدل بها أبو حيان في البحر المحيط 6/ 514. وقصة ذات النحيين مشهورة في كتب الأمثال، يقال أشغل من ذات النحيين. انظر: الفاخر ص- 86، مجمع الأمثال للميداني 1/376. وفي الحماسة لأبي تمام 2/ 426 وردت هذه الأبيات دون نسبة: مِنْ أَيِّنا تَضحَك ذاتُ الحِجْلَيْن أَبْدَلَها الله بلَوْنٍ لَوْنَينِ سَوادَ وَجْهٍ وبَياضَ عَيْنين iiسورة البقرة: آية 108. iii سورة سبأ: آية 16. iv سورة البقرة: آية 61. v سورة محمد: آية 38. vi سورة القلم: آية 32. vii سورة الكهف: آية 81. viiiهو حبيب بن أوس الطائي، الشاعر الأديب المشهور، في شعره قوة وجزالة، وهو صاحب ديوان الحماسة، وله الوحشيات. وديوانه مطبوع. توفي سنة 231 هـ. انظر: الأعلام 2/ 165. ix من قصيدة مشهورة لأبي تمام في ديوانه بشرح الخطيب التبريزي 3/232 0 الخدلة الساق: الممتلئة الساق- الشوى: الأطراف كاليدين والرجلين. والمخدّم: الذي فيه الخَدَمة وهو الخلخال. والعبنّى: الجمل الضخم الشديد. المخدّم من الإبل: الذي قد شدَّت في أرساغه سيور إلى نعاله. الجزء: 73 - 74 ¦ الصفحة: 75 وقد يجوز حذف حرف الجر لدلالة المعنى على العوض والمعوّض منه، قال تعالى: {فَأُولَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ} i أي بسيئاتهم حسنات. وقال تعالى: {فَبَدَّلَ الَّذِينَ ظَلَمُوا قَوْلاً غَيْرَ الَّذِي قِيلَ لَهُمْ} ii وقال تعالى: {يَوْمَ تُبَدَّلُ الأَرْضُ غَيْرَ الأَرْضِ} iii أي بغير الأرض. وقد يقع موقع الباء التي تدخل على المعوّض منه "بعد" وهي دالّة على سبق المعوّض منه وذهابه بالعوض، قال الشاعر: وبُدِّلْتُ قَرْحاً دامياً بَعْدَ صِحَّةٍ لَعلَّ منايانا تَحوَّلْنَ أبْؤُساiv معناه: وبدّلت قرحاً دامياً بعد صحة أي عُوّضت بدل الصحة قرحاً. وأصل أبدل وبدّل أن يتعدّى لاثنين منصوبين ولثالث بالباء، ألا ترى كيف صرّح بذلك في قوله: أَبدلكِ الله بلَونٍ لَوْنينْ وفي قوله: {وَبَدَّلْنَاهُمْ بِجَنَّتَيْهِمْ جَنَّتَيْنِ} v وقد جرت عادة النحويين أن يقولوا: "أبدلت كذا بكذا" ولا يذكرون المفعول الأوّل، وأيضا فليس المعنى عليه، لأنك إذا قلت: أبدلت هذا الحرف بهذا الحرف، لا يريدون أبدلتك هذا الحرف بهذا الحرف، على أنه لا يبعد أن يكون أصله هكذا، ثم حذف المفعول الأوّل، وكثر حذفه في اصطلاحهم حتى صار نسياً لا يراد معناه بوجه. انتهى.   i سورة الفرقان: آية 70 iiسورة البقرة: آية 59 iii سورة إبراهيم: آية 48 iv البيت لامرىء القيس في ديوانه ص-107 بتحقيق أبي الفضل إبراهيم، من قصيدة مطلعها: ألمّا على الربع القديم بعسعسا كأني أنادي أو أكلّم أخرسا ivسورة سبأ: آية 16. الجزء: 73 - 74 ¦ الصفحة: 76 رسالة الإمام ابن لب الغرناطي في مسألة تعيين محل دخول الباء ... [رسالةi الإمام ابن لبّ الغرناطي في مسألة تعيين محل دخول الباء] وقد ألف في هذه المسألة الإمام أبو سعيد فرج بن قاسم بن لُبَ الغرناطيii رسالة حسنة، ولا بأس بإيرادها هنا لتستفاد، قال: الحمد لله الذي جعل العلوم الشرعية مناهل صافيةً تورد، ومصابيح نيِّرةً توقد، وقيّض لها حملة مجالسها عليهم تُعقد، وأحاديثها لديهم تنشد، وزيفها لديهم ينقد، وضالتها عليهم تنشد، والصلاة والسلام على نبيِّه ورسوله أفضل صلاة تامة، وأزكى سلام سرمديّ مؤبَّد. وبعد فإني سئلت عن مسألة تعيين محل دخول الباء من مفعولي بدَّل وأبدلiiiوما يراجع إليهما في المادّة. وكان الذي حمل السائل على السؤال عن ذلك أنه سمع بعض علماء اللسان ينكر مثل قول القائل: فعمّا قليل يبدّل العُسْرُ باليُسْر، يزعم أنه لحن، خارج عن كلام العرب، وأن صواب الكلام يبدّل اليُسر بِالعسر، أَي يجعل اليُسر بديل العُسْرِ وعِوَضه. قال: فإنما تدخل الباء بعد هذا الفعل أبدا على المتروك، ويجرّد الحاصل منها، فهو الذي يقام مقام الفاعل على اللزوم. فصوّبت للسائل ذلك المقال، وأنكرت ذلك الإنكار. فسألني تقييد المسألة ببسط وبيان، فقلت في الجواب، والله سبحانه المستعان:   iقام بتحقيق هذه الرسالة الأخ الدكتور عياد الثبيتي، ونشرها في مجلة معهد المخطوطات العربية بالكويت- المجلد التاسع والعشرون/ الجزء الأول ص – 163، لعام 405اهـ/ 1985، معتمداً على كتاب عقود الزبرجد للسيِوطي. iiهو أبو سعيد فرج بن قاسم بن أحمد بن لبّ الغرناطي المالكي، من أكابر علماء المالكية، وقلَ من لم يأخذ عنه في الأندلس في وقته ومن مصنفاته: شرح جمل الزجاجي، شرح تصريف التسهيل، الباء الموحدهَ، القصيدة النونية، الفتاوى. توفي سنة 782 هـ. انظر: الإحاطة في أخبار غرناطة 4/ 233، الكتيبة الكامنه 67، نفح الطيب 5/ 512، بغية الوعاة 2/243، الديباج المذهب 2/ 139. iii كان المرحوم عباس حسن، عضو مجمع اللغة العربية في القاهرة قد قدم إلى لجنة الأصول، مذكرة عرض فيها لطائفة من أقوال اللغويين، التي تفيد عدم لزوم دخول الباء على المتروك، كما تقتضي القاعدة المشهورة، فكان قرار اللجنة ما يلي (ينص كثير من اللغويين على أن "باء البدل" لا تدخل إلا على المتروك … وهناك من ثقاتهم من يقول إنها كذلك تدخل على المأخوذ، كما جاء في المصباح المنير ومختار الصحاح وتاج العروس. وترى اللجنة أن "باء البدل " يجوز دخولها على المتروك أو على المأخوذ، والمدار في تعيين ذلك السياق) . وعرض قرار اللجنة على مجلس المجمع بالجلسة الثانية والعشرين من الدورة الثامنة والثلاثين فلم ير المجلس داعياً لوضعه. انظر: كتاب الألفاظ والأساليب ص 36-37 الصادر عن مجمع اللغة العربية في القاهرة سنة 1977 م. وقد أشار المرحوم عباس حسن إلى هذه المسألة أيضاً في باب حروف الجر من كتاب النحو الوافي ج 2 ص 491 الحاشية. الجزء: 73 - 74 ¦ الصفحة: 77 إن لأفعال هذه المادة في الاستعمال أربعة أوجهi: أحدها: أن يقصد بالتبديل أو الإبدال تغيير الشيء بنقله وتحويله، فيتعدى إلى اسمين منقول ومنقول إليه، ومحل دخول الباء في هذا الوجه إنما هو العوض الحاصل، ويجرّد المتروك لأنه المغيّر، فإنما تريد أخلفت هذا بذاك ونسخته به، وعلى هذا يصح ما أنكره المنكر. قال ثعلب: "التبديل تغيير الصورة إلى غيرها"ii وقال الفراء: "كل ما غيّر عن حاله فهو مبدَّل، وقد يجوز التخفيف"iii وقال ابن النحاسiv: "بدّلت خاتمي أي غيّرته"v وقال الزمخشري في قوله تعالىِ: {يَوْمَ تُبَدَّلُ الأَرْضُ غَيْرَ الأَرْضِ} vi: "التبديل هو التغيير، كقولك: بدّلتُ الحلْقة خاتما، إذا أذبتها وسويتها خاتما، فنقلتها من شكل إلى شكل، قال: فهو تغيير في الصفات. قال: وقد يكون في الذوات كقولك: بدّلتُ الدراهم دنانير"vii. وقال في قوله تعالى: {بَدَّلُوا نِعْمَتَ اللَّهِ كُفْراً} viii: "كأنهم غّيروا شكرها الواجب عليهم إلى الكفر، لما وضعوا الكفر مكانه"ix. ومما يدخل تحت ترجمة التغيير قوله تعالى: {لا مُبَدِّلَ لِكَلِمَاتِهِ} x {فَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّتِ اللَّهِ تَبْدِيلاً} xi {لا تَبْدِيلَ لِكَلِمَاتِ اللَّهِ} xii {يُرِيدُونَ أَنْ يُبَدِّلُوا كَلامَ اللَّهِ} xiii {ائْتِ بِقُرْآنٍ غَيْرِ هَذَا أَوْ بَدِّلْهُ قُلْ مَا يَكُونُ لِي أَنْ أُبَدِّلَهُ مِنْ تِلْقَاءِ نَفْسِي} xiv {فَمَنْ بَدَّلَهُ بَعْدَ مَا سَمِعَهُ فَإِنَّمَا إِثْمُهُ عَلَى الَّذِينَ يُبَدِّلُونَهُ} xv {أَنْ يُبَدِّلَ دِينَكُمْ} xvi.   i وانظر في استعمالات "بدّل" دراسات لأسلوب القرآن الكريم للمرحوم الشيخ عضيمة القسم الثالث ج2 ص 327 وما بعدها. ii انظر قول ثعلب في تاج العروس مادة (بدل) . وفي إعراب القرآن للنحاس 1/228: قال أحمد بن يحيى: يقال بدّلت الشيء أي غيّرته ولم أزل عينه، وأبدلته: أزلت عينه وشخصه، كما قال: عزل الأمير للأمير المبدل. وانظر: تفسير القرطبي 1/ 410. iii معاني القرآن للفراء2/ 529. ivأحمد بن محمد بن إسماعيل، أبوجعفر النحاس، كان من أهل العلم بالفقه والقرآن، سمع من الزجاج وأخذ عنه النحو من مصنفاته: إعراب القرآن، تفسير كتاب سيبويه، التفاحة في النحو. توفي سنة 338 هـ. انظر أنباه الرواة 1/136. v إعراب القرآن لابن النحاس 2/373. vi سورة إبراهيم: آية 48. viiالكشاف للزمخشري 2/ 384 طبعة الحلبي. viii سورة إبراهيم: آية 28. ix الكشاف 2/377. xسورة الأنعام: آية 34. xiسورة فاطر: آية 43. xii سورة يونس: آية 64. xiii سورة الفتح: آية 15. xivسورة يونس: آية 15. xvسورة البقرة: آية 181. xviسورة غافر: آية 26. الجزء: 73 - 74 ¦ الصفحة: 78 ومما جاء من هذا مع دخول الباء على الحاصل قول حبيب: بِسَيْبِ ابب العبّاسِ بُدّلَ ازلُنا بخفْضٍ، وصِرْنا بَعْدَ جَزْرٍ إلى مَدِّ i فأدخل الباء على الحاصل حين رفع المتروك. ومنه قول أبي الطيّبii: أبْلَى الأجِلَّةَ مُهْري عند غيرِكُمُ وبُدِّلَ العُذْرُ بالفُسطاطِ والرَّسَنُ iii يقول: طال مقامي عند غيركم لأنه أكرمني، ولم يسأم مثواي عنده، حتى بلي جُلُّ مهري بطول مكثه على ظهره، وتعوّض منزل الفسطاط من عذاره ورسنه. وقوله أيضا من قصيدة يمدح بها كافوراiv، وكان أسود: مَنْ لبيضِ المُلوكِ أنْ تُبْدل اللو نَ بِلَوْنِ الأستاذ والَسَحْناءِ v يقولَ: من للبيض من الملوك أن يُبدلوا ألوانهم بلون هذا الممدوح وسحنائه. ومنه قول المعرّي: يقولُ إنَّ زماناً يَسْتقيدُ لهم حتى يُبَدَّل من بُؤْسٍ بنعماءِvi أي حتى يعوَّض من هذه بهذه. وقد يدخل هذا البيت في الوجه الثالث بعد هذا بتقدير حتى يبدلهمvii   iالبيت لأبي تمام في ديوانه بشرح الخطيب التبريزي 2/ 064 السيب: العطاء. الأزل: الضيق. iiأحمد بن الحسين، أبو الطيب المتنبي، الشاعر العربي المشهور، ولد بالكوفة ونشأ بالشام واتصل بسيف الدولة فمدحه وحظي عنده، ثم ذهب إلى مصر ومدح كافورا الإخشيدي، ثم رجع إلى العراق وزار بلاد فارس وقُتل وهو عائد سنة 354 هـ. له ديوان مطبوع اعتنى بشرحه كثير من العلماء. iiiالأجلة: جمع جُلّ وهو ما يتجلّل به الفرس. يقول لقد طال بمصر مقامي لإكرام مثواي حتى بليت أجلة فرسي وعذره ورسنه فبُدّل بغيرها. والبيت من قصيدة مشهورة في ديوانه 4/238 بشرح العكبري. هذا، وأنا أرى أن ابن لب لم يوفق في توجيه هذا البيت لمراده، لأن الباء في الفسطاط بمعنى "في" وليست باء البدل كما زعم، إذ كيف يعوض الفسطاط بدل العذار والرسن! هذا فضلاً عن أنه خالف الجمهور في الاحتجاج بأشعار المتأخريِن عن عصور الاحتجاج. iv كافور الإخشيدي: والي مصر كان عبداً حبشيا اشتراه الإخشيدي ملك مصر سنة 312 هـ فنسب إليه وأعتقه ثم صار ملك مصر وكان ذكياً حسن السياسة. توفي سنة 357 هـ. v البيت للمتنبي في ديوانه 1/ 35 والسحناء: الهيئة. viأحمد عبد الله بن سليمان، التنحي المعرّي، شاعر فيلسوف، كان عالما باللغة. مصنفاته الشعرية: اللزوميات، سقط الزند. ومن مصنفاته الأدبية: شرح ديوان المتنبي شرح ديوان البحتري، رسالة الغفران. توفي سنة 449 هـ. viiاللزوميات لأبي العلاء المعرّي 1/57. الجزء: 73 - 74 ¦ الصفحة: 79 ومن هذا الوجه البيت الواقع في السِّير، وقصيدة عديّ بن زيد العبّاديi وهو قوله: وبُدِّلَ الفَيْجُ بالزُّرافةِ والـ أيامُ جُوْنٌ جَمٌّ عَجائِبُهاii وذلك أن الفيج في البيت هو المنفرد في مشيه، والزّرافة الجماعة، يعني بها الكتائب التي ذكر في القصيدة قبل هذا في قوله: ساقتْ إليها الأسبابُ جُنْدَ بني الـ أحرار فُرسانُها مواكبُها حتى رآها الأقوالُ من طَرَفِ الـ مَنْقَلِ مُخْضرَّةً كتائِبُهاiii ويريد بالفيج سيف بن ذي يزن الحميرىiv، لأنه خرج بنفسه حتى قدم على قيصر فشكا إليه حال أهل اليمن، فلم يشكه، فأتى النعمان فذهب معه فأدخله على كسرى فشكا إليه، فأصحبه جيشا، كما ذكر صاحب السيَّر. فبدَّل الواحد بالجماعة. وإنْ أراد بالفيج معنى الرسول، كما قال بعض اللغويين، فإن سيفاً كان رسول أهل اليمن. ثم قد يأتي محل الباء مجرداً منصوباً وهو كثير، كقوله تعالى: {يَوْمَ تُبدَّلُ الأرْضُ غَير الأرْض} v وكقوله: {بَدَّلُوا نِعْمَةَ الله كُفْرا} vi وقوله: {فأولئك يُبدِّلُ الله سَيّئاتِهم حَسنَات} vii. قال الغزنويviii في الآية الأولى: "غير" مفعول ثانٍ، أو يقدر بغير الأرض.   i عديّ بن زيد العبادي التميمي، شاعر من دهاة الجاهلية من أهل الحيرة، يحسن العربية والفارسية والرمي، اتخذه كسرى ترجماناً بينه وبين العرب، سجنه النعمان بن المنذر وقتله في سجنه بالحيرة، نحو سنة 35 قبل الهجرة. انظر الأعلام 4/ 220. ii الأبيات لعدي بن زيد في ديوانه ص 47. وفي السيرة النبوية لابن هشام 1/62 خبر خروج سيف بن ذي يزن. وتروَى الأبيات ببعض اختلاف، ففي النسخ "والأيام صوب" وفي السيرة النبوية "جُوْن" أي سود. iii الأقوال: الملوك. والمنقل: الطريق المختصر. وقوله من طرق المنقل أي من أعالي حصونها. ومخضرَّة كتائبها: يعني من الحديد. وفي النسخ المخطوطة "ساقت أليها الأحرار". iv الملك سيف بن ذي يزن من ملوك العرب اليمانيين ودهاتهم، وكان الحبشة قد ملكوا اليمن وقتلوا أكثر ملوكها فنهض سيف وقصد قيصر ملك الروم، وشكا إليه ما أصاب اليمن فلم يلتفت إليه، فقصد النعمان بن المنذر عامل كسرى على الحيرة والعراق فأوصله إلى كسرى، فبعث معه جيشاً إلى اليمن، فقتلوا ملك الحبشة ودخلوا صنعاء، وبقي سيف بن ذي يزن ملكاً نحو خمس وعشرين سنة، ثم قتل بصنعاء نحو سنة 50 قبل الهجرة. v سورة إبراهيم: آية 48. vi سورة! إبراهيم: آية 28. vii سورة الفرقان: آية 70. viii لعلّه: عالي بن إبراهيم بن إسماعيل الغزنوي، تاج الشريعة، فقيه حنفي مفسر، أقام في حلب، من كتبه "تفسير التفسير" في مجلدين، قيل أبدع فيه. توفي سنة 382 هـ انظر. الأعلام 3/249. الجزء: 73 - 74 ¦ الصفحة: 80 وقد كثر هذا في استعمال النحاة، في كلام سيبويه وغيره. قال سيبويه: مصليق ومصاليقi، أبدلوا السن صادا. وقال في لغة من يقول في الفصد الفزد: إِن تحركت الصّاد لم تبدلii فهذا مثل الآية: {ويَومَ تُبدَّلُ الأرْض} لكنه حذف الثاني اختصارا. وهو قد يحذف كما قيل في قوله تعالى: {إِنِّي أَخَافُ أَنْ يُبَدِّلَ دِينَكُمْ} iii قال مكيiv: "أن يبدّل دينكم بما أتاكم به". وفي قوله تعالى: {وَإِذَا شِئْنَا بَدَّلْنَا أَمْثَالَهُمْ تَبْدِيلاً} v قال الغزنوي: أي أمثالهم ممن يكفر النعم بمن يشكرها. وهو أحد وجهي الآية. الوجه الثاني: أن يقصد بالتبديل أو الإبدال جعل شيء مكان شيء وبدلا منه. فأصل الاستعمال في هذا الوجه تجريد الحاصل ودخول الباء على المتروك، لأنك تريد جعلت هذا بديل هذا وعوضاً منه. فمن هذا قول امرىء القيس vi: سَنُبْدِلُ إنْ أبْدلْتِ بالودّ آخَرَاvii وقول معن بن أوسviii: وكنتُ إذا ما صاحبٌ رامُ ظنّةً وبدل سُوءاً بالذي كان يفْعلُ قلبتُ لَهُ ظهْر المِجَنِّ ولَمْ أدُمْ على ذاك إلا ريثما أتحوّلُix والغالب على هذا الوجه في الاستعمال جرّ المتروك بمن، فتقول: أبدلت كذا من كذا. وعليه جرت عادة النحويين في باب البدل. أو يأتي بـ "مكان" أو "بعد" كقوله تعالى: {وَإِذَا   i الكتاب 4/478 وفيه "صويق ومصاويق". ii الكتاب4/478. iiiسورة غافر: أية 26. iv مكي بن أبي طالب الأندلسي القيسي، مقرئ عالم بالتفسير والعربية، له مصنفات كثيرة منها: مشكل إعراب القرآن، الكشف عن وجوه القراءات، التبصيرة في القراءات السبع. توفي في قرطبة سنة 437 هـ. الأعلام 7/286. vسورة الإنسان: آية 28. viامرؤ القيس بن حُجْر الكندي، من أهل نجد، من الطبقة الأولى، أشعر شعراء الجاهلية، وصاحب المعلقة المشهورة التي مطلعها: قفا نبك من ذكرى حبيب ومنزل ... vii هدا عجز بيت لامرئ القيس، وصدره: أأسماء أمسى ودّها قد تغيرا. وهو في ديوانه بتحقيق محمد أبو الفضل إبراهيم ص 61. viiiمعن بن أوس صحابي، شاعر مجيد، من مخضرمي الجاهلية والإسلام. مات في المدينة سنة 64 هـ انظر: الحماسة لأبي تمام بتحقيق د. عسيلان 1/563. الأعلام 7/273. ixالبيتان من البحر الطويل من قصيدة لمعن بن أوس في حماسة أبي تمام 1/563-564، وفي خزانة الأدب 8/292 والرواية فيهما "رام ظنتي، وبلّ سوءاً بالذي كنت أفعلُ ". وقلب له ظهر المجن أي عاداه. الجزء: 73 - 74 ¦ الصفحة: 81 بَدَّلْنَا آيَةً مَكَانَ آيَةٍ} i وقوله: {ثُمَّ بَدَّلَ حُسْناً بَعْدَ سُوءٍ} ii. وقد يحذف اختصاراً كقوله تعالى: {وَإِذَا شِئْنَا بَدَّلْنَا أَمْثَالَهُمْ تَبْدِيلاً} iii على أحد الوجهين فيها، أي أهلكناهم وجئنا بأمثالهم في الخلق غير عاصين، فالتقدير بدّلنا منهم أمثالهم. الوجه الثالث: أن ترد البنية مؤدّية معنى أعطى مُعطَى شيئا عوض شيء، وذلك المعطى هو محل تعاقب العوضين، فيطلب الفعل ثلاثة يتعدى إليها، إلى الآذن المأخوذ منه بنفسه، والى المعطى المأخوذ كذلك، وإلى المتروك بالباء. كقوله تعالى: {وبَدَّلْناهُمْ بِجنَّتيْهم جنَّتين} iv، وكقول القائل: أبْدلكِ الله بلوْنٍ لَوْنينْ سوادَ وَجْهٍ وبَياضَ عَيْنين وقام مقام الباء في هَذا ما يؤدي معناهاv كقوله تعالى: {وليُبدِّلنَّهم مِنْ بَعْد خَوْفِهم أمْنا} vi. ومنه قول القائل: وبُدّلتُ قرْحا دامياً بعد صحّةٍ وقد تحذف الباء مع محلها اختصاراً لفهم المعنى، كقوله تعالى: {عَسَى رَبُّنَا أَنْ يُبْدِلَنَا خَيْراً مِنْهَا} vii. أي أن يبدلنا بها خيراً منها. وقد يضمّن الفعل في هذا الوجه معنى النقل والتحويل، فيتعدى تعدّيه، ومنه قول حبيب بعد قوله: بسيب أبي العباس ............... البيت المتقدم. غَنِيتُ بهِ عَمَّنْ سِواهُ وبُدِّلتْ عِجافاً ركابي عن سُعَيْدٍ إلى سَعْدِviii أي نقلَت عن هذا إلى هذا. ولا يمتنع في هذا الوجه أن تقول: بدّلتك من كذا بكذا.   i سورة النحل: آية 101. iiسورة النمل: آية 11. iiiسورة الِإنسان: آية 28. ivسورة سبأ: آية 16. v وهو كلمة (بعد) في الآية وبيت الشعر. vi سورة النور: آية 55. viiسورة القلم: آية 32. viii قال الخطيب التبريزي في شرح ديوان أبي تمام 2/ 65: هذا مثل، أي تحوّل من هلكة إلى نجاة لقولهم في المثل: انًج سعد فقد هلك سُعيد. والعجاف: المهزولة. الجزء: 73 - 74 ¦ الصفحة: 82 فتدخل الباء على العوض الحاصل، أي جعلتك تتعّوض كما سيأتي في مثل: تَعَوَّضَ بالحِجارة مِنْ حُجورِi. وقد تقدم الكلام في بيت المعري: حتى تبَّدل مِنْ بُؤسٍ بِنَعْماءِ الوجه الرابع: أن يقصد معنى التعوض أو الاستعاضة، فيكون المعنى أخذت كذا عن كذا أو استخذته، فيتعدى الفعل في هذا الوجه إلى شيئين ينصب أحدهما وهو الحاصل المأخوذ، ويجرّ المتروك بالباء وهو المأخوذ عنه. كقوله تعالى: {ومَنْ يتَبدَّل الكُفْرَ بالإِيمان} ii أي يتعوض، وكقوله: {ولا أنْ تبدَّلَ بهنَّ مِنْ أزواج} iii و"من" زائدة دخلت على المنصوب. وكقوله تعالى: {أَتَسْتَبْدِلُونَ الَّذِي هُوَ أَدْنَى بِالَّذِي هُوَ خَيْرٌ} iv أي تستعيضون. وقد يغني عن الباء ما يؤدي معناها، كقوله تعالى: {وَإِنْ أَرَدْتُمُ اسْتِبْدَالَ زَوْجٍ مَكَانَ زَوْجٍ} v وقد تحذف مع مجرورها، كقوله تعالى: {وَيَسْتَبْدِلْ قَوْماً غَيْرَكُمْ} vi أي بكم. وربما جرّ الحاصل بالباء والمتروك بمن عند قصد التعوّض، ومنه قول المعري: إذا الفتى ذَمَّ عَيْشاً في شَبيبتِه فما يقولُ إذا عَصْرُ الشَّباب مضى وقد تعوَّضْتُ مِنْ كُلً بمشبهه فما وجدت لأيّامِ الصبا عوضا vii ومنه قول القائل يرثي ابناً صغيراً. تعوّضَ بالحجارَةِ مِنْ حُجُور وبانَ عن الُّترْيبِ إلى الُّترابِviii   i صدر بيت لم أهتد إلى قائله، وسيأتي ذكر البيت قريباً. ii سورة البقرة: آية 108. iii سورة الأحزاب: آية 52. ivسورة البقرة: آية 61. vسورة النساء: آية 20. viسورة محمد: آية 38. viiالبيتان لأبي العلاء المعري من البحر البسيط في ديوانه سقط الزند 2/655، من قصيدة مطلعها: منكِ الصدود ُومني بالصدود رضا مَن ذاَ علي بهذا في هوا كِ قَضَى انظر: القصيدة في شروح سقط الزند 2/ 654 viiiمن البحر الوافر، لم أهتد إلى قائله، وفي النسخ المخطوطة "وبات" ولكن المعنى يقتضي ما أثبته "وبانَ". الجزء: 73 - 74 ¦ الصفحة: 83 ومن أبيات الحماسة: وهَلْ هي إلا مِثْلُ عِرْسٍ تبَدّلتْ على رَغْمِها مِنْ هاشمٍ في مُحاربi يعني أنها نكحت في هاشم وفارقتهم فنكحت في محارب. وجاء بـ"في" في موضع الباء لمقاربة ما بينهما، والفعل في هذا الوجه مطاوع الفعل في الوجه الذي قبله. تقول: أبدلت الشيء بالشيء، فتبدَّله. فهذه أربعة أوجه على أربعة مقاصد، تتعيّن الباء في المقصد الأوّل المعوّض الحاصل، ويجوز دخولها عليه في بعض المواضع في الثالث والرابع على ما ظهر من التفصيل. ثم قد يمكن ردّ ما ذكر من أمثلة الباء في الوجه الثاني إلى الوجه الثالث بحذف المفعول الأول، كأنه قال في بيت امرىء القيس: سنبدل محلك من نفوسنا إن أبدلت موضعنا من نفسك. وكأنه قال في بيت معن بن أوس: وبدَّلَ سُوءاً بالذي كان يَفْعَلُ ومما يحتمل التنزيل على الوجهين الأول والثاني قوله تعالى: {فَبَدَّلَ الَّذِينَ ظَلَمُوا قَوْلاً غَيْرَ الَّذِي قِيلَ لَهُمْ} ii. قال الزمخشري: أي وضعوا مكان "حطة" قولا غيرهاiii. فأشار معنى الوجه الثاني. كما قال تعالى: {وَإِذَا بَدَّلْنَا آيَةً مَكَانَ آيَةٍ} iv. وقال الغزنوي: "قولا" مفعول ثانٍ، أو قالوا قولا. فأرشد بجعله مفعولا ثانيا إلى كونه داخلا في الوجه الأولّ، بحذف أول المفعولين اختصاراً. ويكون هذا الثاني على إضمار الباء أو دونها، أي بدّلوا القول الذيِ أمروا به بقول غيره، أو بدّلوا القول قولا غيره، كما قال تعالى: {بَدَّلُوا نِعْمَتَ اللَّهِ كُفْراً} v. وأرشد بجعله على إضمار فعل والقول إلى أنهما كلامان بتفصيل بعد إجمال، أي بدّلوا وغيّروا قالوا قولا غير الذي قيل لهم. فإن اطرد التأويل فيما يجد من أمثلة الباء في الوجه الثاني خرج ذلك عن مداخل الباء.   i البيت من البحر الطويل، لإسماعيل بن عمار الأسدي، وهو ثاني بيتين في ديوان الحماسة 2/ 210 بتحقيق د. عسيلان، وقبله قوله: بكت دار ُبشرٍ شجوها إذ تبدَّلتْ هلال بن مرزوقٍ ببشر ِبن غالب i سورة البقرة: آية 59. ii الكشاف 1/283. iv سورة النحل: آية 101. vسورة اإبراهيم: آية 28. الجزء: 73 - 74 ¦ الصفحة: 84 ثم يتعلق بهذه الأوجه مسألة في الإبدال والتبديل بالنظر إلى افتراقهما أو اتفاقهما في المعنى. وقد فرّق ثعلب بينهما فقال: الإبدال: تنحية جوهرة واستئناف أخرى. وأنشد لأبي النجمi: عَزْلَ الأَمير لِلأْمير المُبْدَلَii قال: ألا تراه نحّى جسماً وجعل مكانه آخر. والتبديل: تغيير الصورة إلى غيرها والجوهرة بعينهاiii وهو نحو قول الفرّاء، قال في التفسيرiv بدّلت معناه غيّرت، وكل ما غيّر عن حاله فهو مبدَّل، بالتشديد، وقد يجوز بالتخفيف، وليس بالوجه. وإذا جعلت الشيء مكان الشيء قلت أبدلته، كقولك: أبدل هذا الدرهم، أي أعطني مكانه، وبدّلْ جائز فهما متقاربان. قال الفارسي: "بدّل وأبدل متقارِبان كنزّل وأنزل. وقال في تفرقة من فرَّق ليست بشيء. قال تعالى: {وَلَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْناً} فالخوف ليس بقائم في حال الأمان، يريد على قراءة التثقيل. وقد تأوّلها الفراء على معنى: يجعل سبيل الخوف أمنا. وقال الزمخشري في قوله تعالى: {بدَّلوا نِعْمةَ اللهِ كُفْراً} أي شُكْر نعمة الله لما وضعوا الكفر مكان الشكر الذي وجب عليهم، فكأنهم غيّروا الشكر إلى الكفر وبدّلوه تبديلاv. يعني إنّ ما يقوم مقام الشيء بأن يجعل محله كأنه هو بضرب من التغيير. وذكر المطرّزvi عن ثعلب عن سلمة بن عاصم النحوي عن الفراء: أبدلت الخاتم   i أبو النجم العجلي هو الفضل بن قدامة، كان ينزل بسواد الكوفة أيام هشام بن عبد الملك، وهو من الرجّاز الفحول، وكانت وفاته آخر دولة بني أمية. iiديوان أبي النجم العجلي- ص 304، صنعه علاء الدين آغا، منشورات الناجي الأدبي بالرياض. iiiفي النسخ المخطوطة "بغيرها" والصواب ما أثبته لأن المصنف سيذكره بعد قليل، وانظر: كلام ثعلب أيضاً في تاج العروس للزبيدي (مادة بدل) . iv قال الفراء في قوله تعالى: {وَلَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْناً} : قرأها عاصم بن أبي النجود والأعمش "ولِيُبدَلنَهم" بالتشديد، وقرأ الناس "وليُبْدِلنهَّم" خفيفة، وهما متقاربان. وإذا قلت للرجل قد بُدّلت فمعناه غُيّرت وغُيرّت حالك ولم يأت مكانك آخر، فكل ما غير عن حاله فهو مبدّل بالتشديد. وقد يجوز مُبْدَل بالتخفيف، وليس بالوجه، وإذا جعلت الشيء مكان الشيء قلت: قد أبدلته، كقولك: أَبْدلْ لي هذا الدرهم، أي أعطني مكانه، وبدِّل جائزة. فمن قال {وَلَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْناً} فكأنه جعل سبيل الخوف أمنا، ومن قال "وليُبْدلنهّم " بالتخفيف قال: الأمن خلاف الخوف، فكأنه جعل مكان الخوف أمنا، أي ذهب بالخوف وجاء بالأمن. وهذا من سعة العربية. وقال أبو النجم: عزل الأمير للأمير المبدلِ. انظر: معاني القرآن للفراء2/258-259. vتفسير الكشاف 2/ 377. viمحمد بن عبد الواحد أبو عمر الزاهد غلام ثعلب، من مصنفاته: اليواقيت، شرح الفصيح، غريب مسند أحمد ... مات ببغداد سنة 345 هـ. انظر بغية الوعاة 1/164. الجزء: 73 - 74 ¦ الصفحة: 85 بالحلقة إذا نحيت هذا وجعلت هذا مكانه. وبدّلت الخاتم [بالحلقة] ، إذا أذبته وسويته [حلقة] ، وبدّلت الحلقة بالخاتم إذا أذبتها وجعلتها خاتماً. قال ثعلب: وحقيقته أن بدّلت إذا غيّرت الصورة إلى صورة غيرها والجوهرة بعينها. وأبدلت إذا نحيت الجوهرة وجعلت مكانها جوهرة أخرى، ومنه قوله: نحَّى السَّديس وانْتحى لِلْمعدلِ عَزْلَ الأمير للأمير المُبْدَلِi قال: ألا ترى أنه قد نحّى جسما وجعل مكانه جسماً غيره. قال المطرّز: عرضت الكلام على المّبردii فاستحسنه. وقال لي: قد بقيت لي عليه فاصلة أخرى على أحمد بن يحي. قلت: وماهي؟ أعزّك الله. قال: هي أن العرب قد جعلت بدّلت بمعنى أبدلت، وهو قوله تعالى: {فَأُولَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ} iii [ألا ترى أنه قد أزال السيئات وجعل مكانها حسنات] . قال: وأما شرط أحمد بن يحي فهو معنى قوله تعالى: {بَدَّلْنَاهُمْ جُلُوداً غَيْرَهَا} iv. فهذه [هي] الجوهرة بعينها، وتبديلها تغيير صورتها إلى غيرها، لأنها كانت ناعمة فاسودّت بالعذاب فردّت صورة جلودهم الأولى كلما نضجت تلك الصورة، فالجوهرة واحدة والصور مختلفةv. وفي كلام الفراء في ما مثّل به دخول الباء على الحاصل، وتوجّه الفعل على المتروك، كما جعله أبو النجم مبدلا. انتهى الكلام على أقسام المسألة، والحمد لله وحده. وقد وقفت على فصل في هذا الغرض لأثير الدين أبي حيّان مجتلب من شرحه لتسهيل ابن مالك، رأيت تقييده هنا، وبيان ما فيه، بحول الله تعالى. وساق كلام أبي حيان الذي قدّمته أوّل الحديث برّمته، ثم قال:   iلأبي النجم العجلي، وقد سبق ذكره قريباً. iiأبو العباس محمد بن يزيد الأزدي المعروف بالمبرد، إمام العربية ببغداد في زمنه وأحد أئمة الأدب والأخبار. من مصنفاته: الكامل، المذكر والمؤنث، المقتضب. مات ببغداد سنة 286 هـ. iii سورة الفرقان: آية 70. ivسورة النساء: آية 56. vانظر كلام ثعلب والمطرز في تاج العروس للزبيدي/ مادة بدل. الجزء: 73 - 74 ¦ الصفحة: 86 [ردّ ابن لُب على كلام أبى حيان] وقد اجتمعت فيه أشياء جملة: التهجّم بالتخطئة، وعدم اطراد العلة، والقصور في الاطلاع، وخلط الأقسام في الاستدلال، والتناقض في المقال. أما التخطئة بالتهجم فلأنه غلّط كثيراً من المصنفين في العلوم والشعراء وهم في ذلك على صواب. وأما انكسار العلة فلأنه جعل علة دخول الباء كون المحل معوضاً منه ذاهبا، وعلة التجرد منها كونه عوضا حاصلا، وقد ظهر مما تقدم نقلا من كلام الأئمة وسماعا من كلام العرب أن التبديل يكون بمعنى التغيير، وبمعنى القلب والتحويل. ومن المعلوم أن المغير والمحّول إنما هو المعوض منه الذاهب، وقد سلفت شواهد ذلك. وكيف يطرد له ذلك في مثل قوله تعالى: {يَوْمَ تُبَدَّلُ الأَرْضُ غَيْرَ الأَرْضِ} i وإنما معناه تحول هذه الأرض إلى غيرها، أو تغير حالها. ومثل ذلك قول جريرii: أبُدِّلَ الليلُ لا تَسْري كواكِبُه أمْ طالَ حتى حَسِبْتُ النَّجْم حَيْراناiii أي أبدّل الليل غير الليل، لأنه قد عاد له بقوله: "أم طال" أي أم بقي لكنه طال. وأما القصور في الاطلاع فلأنه لم يقف على كلام الأئمة في معنى التغيير والقلب على شهرته وكثرة شواهده. وقد استشهد بطريقته بنظم بعض علماء الشعر كأبيات حبيب، وغابت منه شواهد القرآن، ومن شعر حبيب وأبي الطيب والمعري وغيرهم ما هو كثير صريح في خلاف قوله. وأما خلطه الأقسام فلأنه جعل أبدل وبدّل وتبدل واستبدل المتوجه على العوض خاصة. وعليهما مع محلهما الذي تعاقبا عليه، كلّ ذلك على سواء في التعدي الذي وصفه. وقد ظهر في التقييد بون ما بين بدّل وأبدل وسائر الأبنية سماعاً من العرب، ونقلا من كلام علماء اللسان. وكذلك البون الذي بين بدّل وأبدل متوجهن على العوضين خاصة، أو عليهما مع محلهما.   i سورة إبراهيم: آية 48. iiجرير بن عطية بن الخَطَفي اليربوعي التميمي، من شعراء الدولة الأموية، أشعر أهل عصره، ولد ومات باليمامة، وكان شاعراً هجاء لم يثبت أمامه إلا الفرزدق والأخطل. وله ديوان مطبوع. توفي سنة 110 هـ. iii البيت في ديوان جرير بشرح ابن حبيب 1/163. الجزء: 73 - 74 ¦ الصفحة: 87 وتأمل هنا كلام الزمخشري في قوله تعالى: {وَلا تَتَبَدَّلُوا الْخَبِيثَ بِالطَّيِّبِ} i قال: وقيل هو أن يعطي رديئا ويأخذ جيدا. وعن السُّدّيii أن يجعل شاة مهزولة مكان سمينة، يعني الوصي في مال اليتيم. قال: وهذا ليس بتبدّل إنما هو تبديلiii، يقول: إن المعنى على هذا القول لا تبدلوا خبيثكم بطيب اليتامى. والآية إنما فيها التبديل. وقد يتضمن معنى الأخذ لما يأخذ بما يترك، والوصيّ لم يأخذ الخبيث إنما أخذ الطيب. وفي هذا الكلام من الزمخشري تسليم دخول الباء مع التبديل على المأخوذ الحاصل. وأردت الفرق بين التبدل والتبديل في ذلك، ولم يتفق للمقيد مثال من السماع في محل النزاع إلا آية. آخر كلامه، وهي حجة لخصومه. وأما التناقض فلأنه ساق كلامه على التزام دخول الباء على العوض الذاهب وتجريد الحاصل، ثم ختمه بقوله تعالى: {يَوْمَ تُبَدَّلُ الأَرْضُ غَيْرَ الأَرْضِ} iv وقال: أي بغير الأرض، جاعلاً الآية من القبيل الذي ذكر، وألزم فيها ما التزم، وهي على العكس من قوله، وصريحة في مخالفة رأيه، وشاهدة على تقديرِه للباء لصحة مذهب من صرّح بتخطئته. وليتأمل مأخذه في الآية: {فَبَدَّلَ الَّذِينَ ظَلَمُوا قَوْلاً غَيْرَ الَّذِي قِيلَ لَهُمْ} v حيث جعل المفعولين مذكورين على سقوط الباء من "قول" وهو المفعول الثاني عنده، و"غير" هو الأول، فإنه مأخذ بعيد. وقد مرّ من كلام غيره فيها ما هو جلّي ظاهر. وهكذا طريقته في تقدير الآية: {يُبدِّلُ الله يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ} vi أي بسيئاتهم، فإنه مع كونه على مخالفة مقتضى الآية الأخرى: {يوْم تُبدَّلُ الأرْضُ} مخالف لكلام الأئمة واستعمالهم، ودعوى وضع الشيء غير موضعه. فليتأمل أيضا عدم استبعاده في إبدال الحروف بعضها من بعض أن يكون الأصل: أبدلتك هذا الحرف بهذا الحرف، وإنه لبعيد. والذي لا يبعد في ذلك الغرض أن يقدر أبدلت الكلمة هذا الحرف في هذا الآخر، لأن الكلمة هي محل التعاقب، وهذا الوجه الذي أشار إليه هو الذي طرقت احتماله إلى ما جاء من بدّل أو أبدل مع الباء داخلة على العوض الذاهب في الوجه الثاني كما سبق. وهنا انتهى القول في المسألة، والحمد لله وحده.   iسورة النساء: آية 2. iiإسماعيل بن عبد الرحمن السدّي، تابعي، حجازي الأصل، سكن الكوفة. قيل فيه صاحب التفسير والمغازي والسير ... توفي سنة 128 هـ. انظر: الأعلام 1/317. iiiانظر كلام الزمخشري في الكشاف 1/495 ivسورة إبراهيم: آية 48 vسورة البقرة: آية 59 viسورة الفرقان: آية 70 الجزء: 73 - 74 ¦ الصفحة: 88 [ رجع السيوطي إلى حديث سؤال القبر ] قوله (فذكر لنا أنه يُفسحُ له في قبره سبعون ذراعاً) i قلت: كذا في الرواية "سبعون" بالواو، على أنه النائب عن الفاعل. قال الشيخ بهاء الدينii في التعليقة: "إذا اجتمع فضلات وليس فيها مفعول مُسَرَّحiii، اختلف النحاة فيها، فمنهم من قال: يجوز إقامة أيها شئت على السواء، ومنهم من قال برجحان بعضها. ثم اختلفوا؛ فقال المغاربة وبعض المشارقة المصدر المختص أرجح، وعللوه بأن الفعل وصل إليه بنفسه، ولا كذلك المفعول المقيد". وقال ابن معطiv: "المفعول المقيد أولى ثم بعده المصدر. ثم لم يتعرضوا لما بعد ذلك. والذي ظهر لي أن الأولى إقامة المفعول المقيد، ثم ظرف المكان، ثم ظرف الزمان، ثم المصدر المختص. وذلك المفعول المقيد لا يحتاج إلى مجاز في كونه مفعولا به، وغيره يحتاج إلى التوسّع فيه بجعله مفعولا، فكان المفعول المقيد أولى من غيره لذلك". انتهى. وقال الطيبي: "الأصل يفسح له قبره مقدار سبعين ذراعاً، فجعل القبر ظرفاً للسبعين، وأسند الفعل إلى سبعين مبالغة"v. قوله (فيقال له: لا دَرَيْتَ ولا تَلَيْت) vi. قال أبو البقاء: "لا درَيت " بفتح الراء لا غير، من دَرى يدري، مثل رمى يرمي"vii. انتهى. وقال الخطابي: "قوله "ولا تليت" هكذا يرويه المحدثون، وهو غلط، والصواب "ولا ائتَلَيْت" على وزن افتعلت، من قولك ما ألوت هذا الأمر، أي ما استطعته"viii.   iالرواية في صحيح مسلم بشرح النووي 17/203. iiمحمد بن إبراهيم بهاء الدين بن النحاس الحلبي النحوي، شيخ الديار المصرية في علم اللسان، تخرّج به جماعة من الأئمة والفضلاء، له شرح على المقرّب يسمى التعليقة. مات سنة 698 هـ. iiiمسرّح أي غير مقيد بحرف جر، فإذا وجد المفعول به فلا يجوز أن ينوب غيره عن الفاعل، وأجاز الكوفيون إقامة غير المفعول به مع وجوده. وإن لم يوجد المفعول به فقال الجزولي تساوت البقية، واختار أبن عصفور إقامة المصدر وأبو حيان طرف المكان وابن معط المجرور. انظر: التصريح على التوضيح 1/ 291. iv يحيى بن عبد المعطي بن عبد النور الزواوي، عالم بالعربية والأدب، أقام في القاهرة ودرس بها، من مصنفاته الدرة الألفية في علم العربية، الفصول الخمسون. توفى سنة 628 هـ. vشرح مشكاة المصابيح. مخطوط ج1 ورقة 129. viلنظر في "لا دريت ولا تليت" الفاخر 38، الزاهر 1/268. vii إعراب الحديث النبوي، الحديث رقم 83. viii غريب الحديث للخطابي 3/263. الجزء: 73 - 74 ¦ الصفحة: 89 وقال صاحب الفائق: "معناه ولا اتَّبعت الناس بأن تقول شيئا يقولونه، وقيل لا قرأت، فقلبت الواو ياء للمزاوجةi"ii وقال ابن بطال: "الكلمة من بنات الواو، لأنها من تلاوة القرآن، لكنها لما كانت مع "دريت" تكلم بها بالياء ليزدوج الكلام، ومعناه الدعاء عليه، أي لا كنت داريا ولا تاليا". وقال ابن بريiii: "من روى "تليت" فأصله "ائتليت" بالهمز، فحذفت تخفيفا، فذهبت همزة الوصل، وسهلت لمزاوجة "دريت". وقال الطيبي: "يجوز أن يكون من قولهم: تلا فلان تلو غير عاقل، إذا عمل عمل الجهّال، أي لا علمت ولا جهلت، يعني هلكت فخرجت من القبيلين"iv. وقال الجوهرى: "اتْلَت الناقةُ إذا تلاها ولدها. ومنه قولهم: لا دريت ولا أتْليت، يدعو عليه بأن لا تُتْلى إبله، أي لا يكون لها أولاد"v. وقال الأزهرى: "يروى "ولا ائْتليْت " يدعو عليه"vi. وفي فتح الباري: "قال ثعلب "ولا تليت" أصله تلوت، أي لا فهمت ولا قرأت القرآن. والمعنى لا دريت ولا اتبعت من يدري. وإنما قاله بالياء لمؤاخاة "دريت"vii. وقال ابن السكيتviii: "قوله "ولا تليت" إتباع ولا معنى له. وقيل صوابه "ولا ائْتَليْت " بزيادة همزة قبل المثناة بوزن افتعلتix [من قولهم: ما ألوت أي ما استطعت، حكى ذلك عن الأصمعي] وبه جزم الخطابي.   i في الفائق "للازدواج ". ii الفائق في غريب الحديث للزمخشري 1/153. iii عبد الله بن برّي بن عبد الجبار المقدسي الأصل، المصري، من علماء العربية النابهين، ولد ونشأ وتوفى بمصر سنة 582 هـ من مصنفاته: شرح شواهد الايضاح، حواشي على صحاح الجوهري. انظر: الأعلام 4/73. ivشرح مشكاة المصابيح ج1 ورقة 126. v الصحاح مادة (تلا) . viقال الأزهري في تهذيب اللغة 14/ 320: وكان يونس يقول إنما هو ولا أتليت في كلام العرب، معناه ألا يُتلي إبله، أي لا يكون لها أولاد تتلوها. وقال غيره إنها هو لا دريت ولا اتّليت على افتعلت، من ألوت أي أطقت واستطعت، كأنه قال لا دريت ولا استطعت vii فتح الباري لابن حجر 3/ 239 وما بين المعقوفات منه. viiiيعقوب بن إسحاق أبو يوسف بن السكيت، كان عالما بنحو الكوفيين وعلم القرآن واللغة والشعر، راوية، ثقة، أخذ عن البصريين والكوفيين، وله تصانيف كثيرة في النحو ومعاني الشعر وتفسير دواوين العرب. توفى سنة 244هـ. انظر بغية الوعاة 2/349. ix قال ابن السكيت في إصلاح المنطق ص ا 32: وقولهم "لا دريت ولا تليت" لما يدعو عليه بأن لا تُتلي إبله، أي لا يكون لها أولاد. عن يونس. ويقال "لادريت ولا ائتليت" هي افتعلت من قولك: ما ألوت هذا ولا استطعته، أي ولا استطعت. وقال: بعضهم يقول: "لا دريت ولا تليت" تزويجا للكلام. الجزء: 73 - 74 ¦ الصفحة: 90 وقال الفرّاء: "أي قصّرت، كأنه قيل: لا دريت ولا قصّرت في طلب الدراية، ثم أنت لا تدري". وقال الأزهري: "الألو" يكون بمعنى الجهد، وبمعنى التقصير، وبمعنى الاستطاعة" وحكى ابن قتيبة i [عن يونس بن حبيب] أن صواب الرواية "ولا أتليت " بزيادة ألف وتسكين المثناة، كأنه يدعو عليه بأن لا يكون له من يتبعه، وهو من الإتلاء. يقال: ما أتْلت إبله أي لم تلد أولاداً يتبعونها. وقال: قول الأصمعي أشبه بالمعنى، أي لا دريت ولا استطعت أن تدريii قوله (يَسْمعُها مَنْ يليه غيرَ الثقلين) . قال الطيبي: "غير" منصوب على الاستثناء"iii. 159- حديث (اعتدلوا في السجود ولا يَبْسُط أحدُكم ذراعيه انبساط الكلب) iv. قال القرطبي: "هو مصدر على غير حدّه، وفعله ينبسط، لكن لما كان انبسط من بسط جاء المصدر عليه، كقوله تعالى: {وَاللَّهُ أَنْبَتَكُمْ مِنَ الأَرْضِ نَبَاتاً} v" وقال الكرماني: " أي لا يبسط فينبسط انبساط الكلب، مثل قوله تعالى: {وَاللَّهُ أَنْبَتَكُمْ مِنَ الأَرْضِ نَبَاتاً} . وقال بعضهم انبسط بمعنى بسط، كقوله اقتطع وقطع"vi. وروي "ولا ينبسط". 160- حديث (جاء رَجُلٌ فقال: يارسول الله إني أصبتُ حدّاً فأقِمْهُ عليّ) vii. قال الطيبي: "فإن قلت: ما الفرق بين معنى "على" في قوله "فأقمه عليّ" و"في" في قوله "فأقمْ فيّ كتاب الله"؟ قلت: الضمير في قوله "فأقمه" يرجع إلى الحد، فحسن لذلك   i عبد الله بن مسلم بن قتيبة الدينوري، من أئمة الأدب واللغة، له مصنفات كثيرة منها: أدب الكاتب، المعارف، الشعر والشعراء، تأويل مشكل القرآن. توفي ببغداد سنة 276 هـ. ii انتهى الكلام من فتح الباري 3/ 239. وانظر غريب الحديث لابن قتيبة1/326 ولكن يبدو أن السيوطي أخذ عن فتح الباري لا عن غريب الحديث لابن قتيبة لاختلاف في الكلام. iiiشرح مشكاة المصابيح ج1 ورقة 127. iv مسند أحمد 3/ 115 البخاري: كتاب الأذان. باب لا يفترش ذراعيه في السجود. فتح الباري 2/ 301. v سورة نوح: آية 17 انبساط اسم مصدر زادت حروفه عن فعله، ونبات اسم مصدر نقصت حروفه عن فعله. vi صحيح البخاري بشرح الكرماني 5/ 174. viiالبخاري: كتاب الحدود- باب إذا أقرّ بالحد ولم يبين- فتح الباري 12/133. الجزء: 73 - 74 ¦ الصفحة: 91 معنى الاستعلاء. و"كتاب الله" في قوله "فأقمْ فيّ كتاب الله" يراد به الحكم، فهو يوجب "في" بمعنى الاستقرار فيه، وكونه ظرفا مستقرا فيه أحكام الله ... " i 161- حديث (ليس في الخَضْراوات صَدَقة) ii. قال ابن فلاحiii في المغني: "فَعْلاء أفعْل نحو حمراء وصفراء لا يجمع بالألف والتاء، كما لم يجمع مذكرّها بالواو والنون، لأن المؤنث تابع للمذكر في الجواز والمنع، ولأن الصفة ثقيلة لكونها مشتقة من الفعل، وهذا الجمع ثقيل، فجمعها يوجب زيادة في الثقل، فلذلك رفض جمعها. قال: وأما "الخضراوات" في هذا الحديث فإنه كالاسم، إذ كان صفة غالبة لا يذكر معها الموصوف". انتهى. وقال ابن الأثير في النهاية: "قياس ما كان على هذا الوزن من الصفات أن لا يجمع هذا الجمع، وإنما يجمع به ما كان اسماً لا صفة نحو: صحراء وخنفساء. قال: وإنما جمع هذا الجمع لأنه قد صار اسماً لهذه البقول لا صفة. تقول العرب لهذه البقول "الخضراء" لا تريد لونها. قال: ومنه الحديث "أتي بقدر فيها خَضِرات"iv بكسر الضاد، أي بقول، واحدها خضِرَة"v. وقال الرضي: "أجاز ابن كيسان جمع فَعْلاء أفْعل وفَعْلى فَعْلان بالألف والتاء، ومنعه الجمهور. فإن غلبت الاسمية على أحدهما جاز اتفاقا كقوله عليه السلام: "ليس في الخضراوات صدقة"vi. 162- حديث (اطلبوا العلم ولو بالصين) vii. قال الرضي: "قد تدخل الواو على أن المدلول على جوابها بما تقدم، ولا تدخل إلا   i شرح مشكاة المصابيح ج1 ورقة 233. ii161- سنن الدارقطني 2/95 باب ليس في الخضراوات صدقة. وقد ضعّفه أبو الطيب العظيم آبادي في التعليق المغني على الدارقطني. كما ضعّفه الترمذي- باب ما جاء في زكاة الخضراوات برقم 633. ورواه السيوطي في الجامع الكبير 1/682 واستشهد به المبرد في المقتضب 2/217، وابن يعيش في شرح المفصل 5/61. iii منصور بن فلاح بن محمد، أبو الخير، تقي الدين نحوي يمني. من مؤلفاته الكافي في أصول الفقه، والمغني في النحو أربع مجلدات. توفي سنة 680 هـ. الأعلام 7/303. iv البخاري- كتاب الآذان باب ما جاء في الثوم 2/ 339. v النهاية في غريب الحديث 2/ 41. viشرح الكافية 2/187. viiالحديث ضعِّفه الشيخ الألباني- انظر ضعيف الجامع الصغير برقم 1005، 1006. مشكاة المصابيح بتحقيق الألباني- برقم 218 الحاشية. الجزء: 73 - 74 ¦ الصفحة: 92 إذا كان ضد الشرط المذكور أولى بذلك المقدّم، الذي هو كالعوض عن الجزاء من ذلك الشرط، كقولك: أكرمه وإنْ شتمني. فالشتم بعيد من إكرامك الشاتم، وضدّه وهو المدح أولى بالإكرام. وكذلكَ قوله "اطلبوا العلم ولو بالصين". والظاهر أن الواو الداخلة على كلمة الشرط في مثله اعتراضية. ونعني بالجملة الاعتراضية ما يتوسط بين أجزاء الكلام متعلقاً به معنى مستأنفاً لفظاً على طريق الالتفات، كقوله: فأنت طلاقٌ - والطلاقُ أَليَّة-i وقوله: يرى كُلَّ مَنْ فيها- وحاشاكَ- فانياii وقد يجيء بعد تمام الكلام، كقوله عليه السلام "أنا سيّد ولد آدم ولا فخر"iii فتقول في الأوّل: زيدٌ وإن كان غنياً بخيل، وفي الثاني: زيدٌ بخيل وإن كان غنياً. فجواب الشرط في مثله مدلول الكلام، أي إذا كان غنياً فهو بخيل، فكيف إذا افتقر، والجملة كالعوض من الجواب المقدّر، كما تقرر، ولو أظهرته لم تذكر الجملة المذكورة ولا الواو الاعتراضية، لأن جواب الشرط ليس جملة اعتراضية. وقال الجنزيiv: هو واو العطف، والمعطوف عليه محذوف، وهو ضدّ الشرط المذكور، الذي قلنا إنه [هو] الأولى بالجزاء المذكور. فالتقدير عنده: زيدٌ إن لم يكن غنياً وإن كان غنياً فبخيل. وقد تقرر أنه يجوز حذف المعطوف عليه مع القرينة، لكن يلزمه أن يأتي بالفاء في الاختيار، فتقول: زيدٌ وإن كان غنياً فبخيل، لأن الشرط لا يلغى بين المبتدأ والخبر اختيارا. وأما على ما اخترنا من أن الواو اعتراضية فيجوز، لأن الاعتراضية تفصل بين أي جزأين من الكلام كانا بلا تفصيل إذا لم يكن أحدهما حرفا. وعن الزمخشري أن الواو في مثله للحال، فيكون الذي هو كالعوض عن الجزاء عاملا في الشرط نصبا على أنه حال، كما عمل جواب "متى" عند بعضهم في "متى" النصب على أنه   i من الطويل، وعجزه: ثلاثا ومن يَخْرَقْ أعَقُّ وأظلَمُ. وهذا البيت ثاني ثلاثة أبيات قيل كتب بها الرشيد إلى القاضي أبي يوسف يسأله عن حكم الطلاق فيها. انظر المسألة في خزانة الأدب 3/ 459 وما بعدها، مغني اللبيب ص 54، تذكرة النحاة لأبي حيان ص 148. iiعجز بيت للمتنبي في مدح كافور، وصدره: وتحتقرُ الدنيا احتقار مُجرب. انظر: العرف الطيب شرح حيوان أبي الطيب- 475. iii مسند أحمد 1/281، 3/2، 144. iv في بعض النسخ " الجزي" وفي شرح الكافية الجنزي، وهو عمر بن عثمان بن الحسين بن شعيب الجنزي، أبوحفص، إمام في النحو والأدب، قدم بغداد وصحب الأئمة، وكان حسن السيرة، صنف تفسيراً لم يتم. مات سنة 550 هـ. انظر: بغية الوعاة 2/221. الجزء: 73 - 74 ¦ الصفحة: 93 ظرفه، ومعنى الحال والظرف متقاربان. ولا يصح اعتراض الجنزي عليه، فإن معنى الاستقبال الذي في "إنْ" يناقض معنى الحال الذي في الواو، لأن حالية الحال باعتبار عامله مستقبلاً كان العامل أو ماضيا نحو: اضربه غدا مجرداً، وضربته أمس مجردا، واستقبالية شرط "إنْ" باعتبار زمان المتكلم، فلا تناقض بينهما"i. انتهى. وقال أبو حيان: "الذي يظهر لي أن الواو الداخلة على الشرط في مثل: أقوم وإنْ قُمتَ، وأَضْربُ زيدا وانْ أحسن إليك، للعطف، لكنها لعطف حال على حال محذوفة يتضمنها السابق، تقديره: أقومُ على كل حال وإنْ قمت، أَضربُ زيداً على كل حال وإن أحسن إليك، أي وفي هذه الحال. وكذلك حكمنا إذا دخلت على نحو "أعطوا السائل ولو جاء على فرس"ii "رُدّوا السائل ولو بِظِلْف"iii "أولمْ ولو بشاة"iv. المعنى: أعطوه كائنا مِنْ مَنْ كان ولو جاء..، أوْلم على كل حال ولو بشاة، ردّوه بشيء ولو بظلف. ولا تجيء هذه الحال إلا منبهة على ما كان يتوهم أنه ليحس مندرجاً تحت عموم الحال المحذوفة فأدرج تحته، ألا ترى أنه لا يحسن: أعطي السائل ولو كان فقيراً، ولا أضرب زيداً وإن ما.." انتهى. ومن أمثلة ذلك حديث "لا تمنع المرأة زوجها وإن كانت على ظهر قَتَب"v وحديث "إذا أراد أحدكم من امرأته حاجة فليأتها ولو كانت على تنُّور" vi وحديث "إنّ الله يحبُّ السَّماحة ولو على تمرات، ويحب الشَّجاعة ولو على قتل حية" vii وحديث "بعْها وِلو بضَفير" viii وحديث "أَلا خمرْتَهُ ولو أن تَعْرُضَ عليه عوداً" ix وحديث "تصدَّقْنَ ولو من حُليّكن" x. قال الطيبي: "لو" في هذا الحديث للمبالغة". وحديث "إذا صلى أحدُكم فليستتر لصلاته ولو بسهم" xi.   iشرح الكافية للرضي 2/257. ii الفتح الكبير 1/199، الجامع الكبير للسيوطي 1/ 120. iii صحيح الجامع الصغير رقم 3496. مسند أحمد 4/ 70. iv صحيح البخاري/ كتاب النكاح- فتح الباري 9/ 116. vالجامع الكبير للسيوطي 1/906. والقتب: الرحل الصغير على قدر سنام البعير. viصحيح الجامع الصغير رقم 298. مسند أحمد 4/23 وفي النسخ المخطوطة "وإن كانت.." والتنوّر: الفرن. vii تذكرة الموضوعات- الفتني ص 64. وهو حديث موضوع. قاله الصغاني [طبعة بيروت] . viiiمسند أحمد 4/117. والضفير: الحبل. ixمسلم بشرح النووي 13/183، باب استحباب تغطية الإناء- وخمرته: أي غطيته. x مسلم بشرح النووي 7/ 88. xi مسند أحمد 3/404. الجزء: 73 - 74 ¦ الصفحة: 94 وحديث "إذا أتى أحدكم أهلَه فلْيُطْرِفْهم ولو حجارة" i. وحديث "لا تشْتره وان أعطاكه بدرهم" ii. وحديث "اغتسل يوم الجمعة ولو كأساً بدينار" iii. وحديث "التمس ولو خاتما من حديد" iv قال التوربشتى: "هذا للمبالغة". وحديث "اعتزلوهم ولو أن تعضَّ بأصل شجرة" v. قال الطيبي: "هذا شرط تعقب به الكلام تتميماً ومبالغة، أي اعتزل الناس اعتزالاً لا غاية بعده، ولو قنعت فيه بعضّ أصل الشجر فإنه خير لك". وحديث "تسّحروا ولو بجرعة من ماء" vi. وحديث "تعشوا ولو بكفّ من حَشَف" vii. وحديث "لا تحقرن من المعروف شيئاً ولو أن تُعْطى صِلَة الحبْل، ولو أن تعطي شِسْع النَّعل، ولو أن تُفْرغ من دلوك في إناء المستسقي، ولو أن تنحيّ الشيء من طريق الناس يؤذيهم، ولو أن تلقى أخاك ووجهك إليه منطلق، ولو أن تأتي أخاك فتسلم عليه، ولو أن تؤنس الوحشان في الأرض" viii. وحديث "من بنى لله مسجدا ولو مفْحص قطاة بنى الله له بيتا في الجنة" ix. وحديث "بلّغوا عني ولو آية" x. وحديث "أفي الوضوء إسراف؟ قال نعم وإنْ كُنت على نهر جارٍ" xi.   iفي الفتح الكبير 1/ 140 "إذا قدم أحدكم على أهله من سفر فليُهد لأهله، فليُطْرفهم ولو كان حجارة". iiالبخاري/ كتاب الهبة. فتح الباري 5/ 235. مسند أحمد 1/ 40 وفيه "لا تبتعه ... ". iiiالجامع الكبير للسيوطي 1/125. iv صحيح الجامع الصغير برقم 1252 مسند أحمد 5/ 336 0 البخاري كتاب اللباس 10/323. v سنن ابن ماجه- كتاب الفتن 2/1317. vi ضعيف الجامع الصغير برقم 2432. viiضعيف الجامع الصغير برقم 2446. viii مسند أحمد 3/483 0 الجامع الكبير للسيوطي 1/883. ixصحيح الجامع الصغير برقم 6604، مسند أحمد 1/ 241. xصحيح الجامع الصغير برقم 2834. xi مسند أحمد 2/ 221. ابن ماجه- كتاب الطهارة 1/147. الجزء: 73 - 74 ¦ الصفحة: 95 163 - حديث (اتخذ خاتماً من فضّة نقشُه محمدٌ رسولُ الله) i. قال الكرماني: "نقشه" مبتدأ، و"محمد رسول الله" جملة خبره. فإن قلت: أين العائد في الجملة إلى المبتدأ؟ قلت: إذا كان الخبر عن المبتدأ فلا حاجة إلى العائد، هو في تقدير المفرد، أي الكلمة مثلا، كأنه قال: نقشه هذه الكلمة، وإعراب أمثاله يكون بحسب المنقول لا بحسب المنقول إليه"ii. وقال الحافظ زين الدين العراقي: "قوله "رسولُ الله" صفة لقوله "محمد" لا خبر له، ويكون خبر المبتدأ محذوفاً، أي صاحبه أو مالكه رسول الله"iii. 164 - حديث (كان أبو طلْحةَ أكثرَ أنصاريّ بالمدينة مالا) iv. قال الزركشي: "نصب "أكثر" نصب خبر كان، و"مالا" نصبٌ على التمييز". وقال الكرماني: "فإن قلت: القياس يقتضي أن يقال أكثر الأنصار. قلت: أراد التفضيل على التفصيل، أي أكثر من كل واحد من الأنصار"v. قوله (وكان أحبّ الأموال إليه بَيْرُحا) . قال التيمي: "بيرُحا" بالرفع اسم كان، و"أحبَ" بالنصب خبرها، ويحوز العكس"vi.   i163- مسند أحمد 3/198. البخاري. كتاب العلم/ باب ما يذكر في المناولة 1/155. لبخاري: كتاب اللباس/ باب نقش الخاتم 10/323. ii صحيح البخاري بشرح الكرماني 2/23. iiiأبو الفضل عبد الرحيم بن الحسين، زين الدين العراقي، كان حافظ العصر. من مصنفاته: التقييد والإيضاح على مقدمة ابن الصلاح، تكملة شرح الترمذي. توفي سنة 806 هـ. انظر: طبقات الحفاظ للسيوطي 539. iv الحديث عن أنس وفيه (كان أبو طلحة أكثر أنصاريّ بالمدينة مالاً، وكان أحبّ أمواله إليه بيرحاء فقال يارسول الله إن الله تعالى يقول "لن تنالوا البّر حتى تنفقوا مما تحبون" "وإن أحبّ أموالي إليّ بيرحاء وإنها صدقة لله أرجو برّها وذخرها فضعها يارسول الله حيث شئت. فقال: بخ، ذلك مال رابح ... ) . البخاري: كتاب الوكالة 4/493 كتاب الزكاة 3/ 325. مسلم 7/ 84 فضل النفقة على الأقربين. مسند أحمد 3/ 141. v صحيح البخاري بشرح الكرماني 10/ 146. vi في النسخ "التميمي" والتصويب من شرح الكرماني 8/ 4. والتيمي هو إسماعيل بن محمد بن الفضل التيمي الأصفهاني، الملقب بقوام السنة، من أعلام الحفاظ، كان إماماً في التفسير والحديث واللغة. من مصنفاته: الجامع في التفسير، الترغيب والترهيب، شرح الصحيحين، إعراب القرآن. وتوفي سنة 535 هـ. انظر: الأعلام 1/323. الجزء: 73 - 74 ¦ الصفحة: 96 قال الزركشي: "والأوّل أحسن، لأن المحدّث عنه "بيرحا" فينبغي أن تكون هي الاسم". ثم قال التيمي: "وجاء مقصوراً، كذا المحفوظ، ولا يظهر فيه إعراب". قال الكرماني: "أي فهو كلمة واحدة، لا مضاف ومضاف إليه. قال: ويجوز أن يمدّ في اللغة"i. وقال عياض: "رواية المغاربة بضم الراء في الرفع وبفتحها في النصب وبكسرها في الجر مع الإضافة إلى حاء على حرف المعجم"ii. قوله (بخ) . قال الداودي: "هي كلمة تقال عند المدح، وللرفق بالشيء، وتكرّر للمبالغة". وقال النووي: "قال أهل اللغة يقال "بخ" بإسكان الخاء وتنوينها مكسورة"iii. وحكى القاضي عياض الكسر بلا تنوين. وحكى الأصمعيiv التشديد فيه. قال القاضي: "وروي بالرفع. وإذا كررت فالاختيار تحريك الأوّل منوّناً وإسكان الثاني". وقال ابن دريد: "معناه تعظيم الأمر وتفخيمه. وسكنت الخاء فيه كسكون اللام في هَلْ وبَلْ. ومن نوّنه شبّهه بالأصوات كصه ومه". وقال ابن السكيت: "بخ بخ وبه به بمعنى واحد"vvi قوله (ذلك مالٌ رابح) . معناه ذو ربح، كـ"الابن" و"تامر"vii. وقيل: هو فاعل بمعنى مفعول أي مربوح فيه.   iشرح صحيح البخاري 8/ 4. يعني ليس "بير" مضافاً و"حا" مضافا إليه. iiقال القاضي عياض في مشارق الأنوار 1/ 115: (بيرحا) اختلف الرواة في هذا الحرف وضبطه فرويناه بكسر الباء وضم الراء وفتحها والمد والقصر، وبفتح الباء والراء معا، ورواية الأندلسيين والمغاربة بيرحا بضم الراء وتصريف حركات الإعراب في الراء، وكذا وجدتها بخط الأصيلي، وقالوا إنها بير مضافة إلى حاء.. iiiصحيح مسلم بشرح النووي 7/ 85. ivفي شرح النووي "الأحمر" بدل الأصمعي. vإصلاح المنطق لابن السكيت 292. وابن السكيّت هو يعقوب بن إسحاق، روى عن الأصمعي وأبي عبيدة والفراء وغيرهم. كان عالما بنحو الكوفية، وعلم القرآن واللغة والشعر. مات سنة 244 هـ. بغية الوعاة 2/ 349. viمن قوله "قال النووي" إلى هنا- الكلام مأخوذ من النووي 7/ 85-88. ومن شرح الكرماني. viiلابن وتامر من صيغ النسب السماعية أي صاحب لبن وتمر. انظر سيبويه 3/381 الأشموني 4/200. الجزء: 73 - 74 ¦ الصفحة: 97 165 - حديث (أنّه رأى عبد الرَّحمن بن عَوْف وعليه وضَرٌ من صُفْرة، فقال: مَهْيَم) i. قال أبو البقاء: " [مهيم] هو اسم للفعل، والمعنى ما يمّمْت، أي ماقصدت؟ وقيل تقديره ما وراءك؟ " ii انتهى. وقال ابن الجوزي: "معناه ما حالك؟ " iii. وقال ابن مالك في التوضيح: "مهيم" اسم فعل بمعنى أخبرني"iv. وقيل هي كلمة يمانيةv وفي حديث البخاري في قصة إبراهيم وسارة "فأتته وهو قائم يصلى، فأومأ بيده مهيا"vi وفي رواية ابن السكنvii: "والقياس مَهْين بالنون بدلاً من الميم". قال الزركشي: "وكأنه لما سمعه منوّناً ظن التنوين نوناً". 166 - حديث "فرأيت الماء ينبعُ من تحت أصابعه حتى توضؤوا مِنْ عند آخرهم" viii. قال العلامة شمس الأئمة الكرماني في شرح البخاري: "حتى" للتدريج. و"من" للبيان، أي توضأ الناس، حتى توضأ الذين هم عند آخرهم وهو كناية عن جميعهم. و"عند" بمعنى في. لأن "عند" وإن كانت للظرفية الخاصة، لكن المبالغة تقتضي أن تكون لمطلق الظرفية، فكأنه قال الذين هم في آخرهم"ix. وقال النووي: "مِنْ" في "مِنْ عند آخرهم" بمعنى إلى، وهي لغة.   i البخاري- كتاب مناقب الأنصار 7/ 112- مسند أحمد 3/ 190. ii إعراب الحديث النبوي رقم 39. iii عبد الرحمن بن علي بن محمد القرشي البغدادي أبو الفرج علامة عصره في التاريخ والحديث له مصنفات كثيرة منها: تلبيس إبليس، المنتظم في تاريخ الملوك والأمم، صيد الخاطر، جامع المسانيد. توفي سنة 597 هـ. ivشواهد التوضيح 216. v الفائق للزمخشري 4/ 65. vi البخاري- كتاب الأنبياء، والرواية فيه "مهيم" قال ابن حجر 6/ 394: في رواية المستملي "مهيا" وفي رواية ابن السكن "مهين" بنون وهي بدل الميم، وكان المستملي لما سمعها بنون ظنها نون تنوين. ويقال: إن الخليل أول من قال هذه الكلمة ومعناها: ما الخبر؟. vii سعيد بن عثمان بن السكن البغدادي، من حفاظ الحديث، نزل بمصر وتوفي بها سنة 353 هـ. انظر: الأعلام 3/98. viii عن انس وأوله (رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم وحانت صلاة العصر، فالتمس الناس الوضوء فلم يجدوه ... ) البخاري- كتاب الوضع- باب التماس الوضوء إذا حانت الصلاة- فتح الباري 1/ 271. ix صحيح البخاري بشرح الكرماني ج3 ص 5. الجزء: 73 - 74 ¦ الصفحة: 98 قال الكرماني: "وُرود "مِنْ" بمعنى إلى شاذ لم يقع في فصيح الكلام، ثم إنّ "إلى" لا يجوز أن تدخل على عند. ثم إن ما بعد "إلى" مخالف لما قبلها، فيلزم خروج "من عند آخرهم" عنه. وقال التيميi: "المعنى توضؤوا كلّهم حتى وصلت النوبة إلى الآخر". وقال الحافظ ابن حجر: "ما قاله الكرماني في تعقبه على النووي من أن "إلى" لا تدخل على "عند" لا يلزم مثله في "من" إذا وقعت بمعنى إلى. وعلى توجيه النووي يمكن أن يقال "عند" زائدة"ii. وقال الكرماني في موضع آخر في هذا الحديث: "كلمة "من" هنا بمعنى إلى، وهي لغة، والكوفيونiii يجيزون مطلقاً وضع حروف الجر بعضها مقام بعض". 167 - حديث (نزلت على رسول الله صلى الله عليه وسلم {لِيَغْفِرَ لَكَ اللَّهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِكَ وَمَا تَأَخَّرَ} iv مرجعه من الحديبية) v. قال أبو البقاء: "بالنصب للمرجع، مصدر مثل الرجوع، والتقدير: نزلت عليه وقت رجوعه، فحذف المضاف وأقام المضاف إليه مقامه"vi. 168 - حديث "إن الله تعالى وكّل بالرحم ملكاً يقول: أيْ ربّ نُطْفة، أيْ ربّ علقة، أيْ رب مُضْغة" vii. قال الكرماني: " [نُطفة] بالرفع خبر مبتدأ محذوف، أي هذه نطفة. وبالنصب أي جعلت أنا المنيَّ نطفة في الرحم، أو صار نطفة، أو خلقت أنا نطفة. وقوله: "فإذا أراد أن   iفي النسخ المخطوطة "التميمي"، والتصويب من شرح الكرماني 3/6 والكلام منه. ii فتح الباري بشرح صحيح البخاري 1/ 271. iii الصبّان 2/ 210: "اعلم أن مذهب البصريين أن حروف الجر لا ينوب بعضها عن بعض قياساً ... وجوّز الكوفيون، واختاره بعض المتأخرين نيابة بعضها عن بعض قياسا". وانظر التصريح للشيخ خالد 2/ 4-7. ivسورة الفتح آية 2. v167- مسند أحمد 3/215، 134. vi إعراب الحديث النبوي رقم 40. vii68 1- البخاري- كتاب الحيض- باب مخلقة وغير مخلقة418/1، كتاب الأنبياء 6/363- كتاب القدر 11/477 مسلم بشرح النووي 16/ 195. الجزء: 73 - 74 ¦ الصفحة: 99 يقضي خلقه قال أذكر أم أنثى شقيّ أم سعيد؟ " فإن قلت: "ذكر" مبتدأ أو خبر؟ قلت: مبتدأ. وقد تخصصّ بثبوت أحدهما إذ السؤال فيه عن التعيين، فصلح الابتداء به. وروي "أذكراً" بالنصب أي أتريد أو أتخلق؟ فإن قلت: أم المتصلة ملزومة بهمزة الاستفهام فأين هي؟ قلت: مقدّرة وجوباً، ووجودها في قرينتها يدل عليه"i. 169ii - حديث "عَجبتُ للمؤمن إنّ الله تعالى لم يَقْض له قضاء إلا كان خيراً له". قال أبو البقاء: "الجيد "إنّ" بالكسر على الاستئناف. ويجوز الفتح على معنى في أن الله، أومن أن الله"iii. 170- حديث (مُرَّ على النبي صلى الله عليه وسلم ببدنة، فقال: ارْكَبْها، قالوا: إنها بَدَنَة. قال: وإِنْ) iv. قال النووي: "هكذا في جميع النسخ "وإنْ" فقط، أي وإن كانت بدنة"v. 171- حديث (قَدِمَ النبيُّ صلى الله عليه وسلم المدينة وأنا ابن عشر، وكُنَّ أًمَّهاتي يَحْثُثْنني على خدمته) الحديثvi. قال أبو البقاء: "النون في "كنّ" حرف يدل على جمع المؤنث، وليست اسما مضمراً، لأن "أمهاتي" هو اسم كان، فلا يكون لها اسمان، ونظير النون هنا الواو في قوله: أكلوني البراغيث، والنون في قول الشاعر: ولكنْ دِيافيٌ أبوه وأمّهُ بِحَوْرانَ يعْصِرْن السَّليطَ أقاربهvii وقوله في الحديث (الأيمن فالأيمن) منصوب بفعل محذوف تقديره: قدّموا الأيمن فالأيمن"viiiانتهى.   iالكلام كلّه مر شرح الكرماني 3/187. ii مسند أحمد 3/117. iii إعراب الحديث النبوي برقم 41. iv مسند أحمد 3/167، 141. مسلم 9/ 75. vصحيح مسلم بشرح النووي 9/ 75. viالحديث عن أنس في البخاري كتاب المساقاة 5/ 30. مسند أحمد 3/ 110. صحيح مسلم بشرح النووي 13/ 200. vii البيت للفرزدق من أبيات يهجو بها عمرو بن عفراء الضبي. والديافيّ: منسوب إلى دياف، وهي قرية بالشام يسكنها النبط، يذكر أنه نبطي غير خالص العربية. وحوران: منطقة، جنوب الشام. والسليط: الزيت. انظر الشاهد في: الكتاب لسيبويه 2/40، شرح أبيات سيبويه 1/ 491 بتحقيق د/ محمد سلطاني. خزانة الأدب 5/ 234، ابن يعيش 3/ 89. viii إعراب الحديث النبوي- برقم 43. الجزء: 73 - 74 ¦ الصفحة: 100 وقال ابن مالك في توضيحه: "اللغة المشهورة تجريد الفعل من علامة تثنية وجمع عند تقديمه على ما هو مسند إليه، استغناء بما في المسند إليه من العلامات نحو: حضر أخواك، وانطلق عبيدُك وتبعهم إماؤك، ومن العرب من يقول: حضر أخواك وانطلقوا عبيدُك وتبعتهم إماؤك. والسبب في هذا الاستعمال أن الفاعل قد يكون غير قابل لعلامة تثنية ولا جمع كـ"من" فإذا قصدت تثنيته أو جمعه، والفعل مجرد، لم يُعلم القصد. فأراد أصحاب هذه اللغة تمييز فعل الواحد عن غيره. فوصلوه عند قصد التثنية والجمع بعلامتيهما، وجرّدوه عند قصد الإفراد، فرفعوا اللبس، ثم التزموا ذلك فيما لا لبس فيه ليجري الباب على سنن واحد. وعلى هذه اللغة قول من روى "كُنّ نساءُ المؤمنات يشهدن مع رسول الله صلى الله عليه وسلم صلاة الفجر"i وقول أنس "فكنّ أمهاتي يحثثنني" وقوله صلى الله عليه وسلم "يتعاقبوِن فيكم ملائكة" ii، وقول الشاعر: رأيْنَ الغواني الشيبَ لاحَ بعارضي فَأعْرضْنَ عنّي بالخدُودِ النَّواضرِiii"iv انتهى. وقال النووي: "ضبط "الأيمن فالأيمن" بالنصب على تقدير: أعط الأيمن، وبالرفع على تقدير: الأيمنُ أحقّ"v. وقال الزركشي: "يجوز رفعه على الابتداء وخبره محذوف، أي أولى، والنصب بتقدير اسقوا". 172- حديث (دخل رسول الله صلى الله عليه وسلم المسجدَ وحبلٌ ممدودٌ بين ساريتين) الحديثvi. قال ابن مالك في توضيحه: "لا يمتنع الابتداء بالنكرة على الإطلاق، بل إذا لم يحصل بالابتداء بها فائدة، نحو: رجلٌ تكلّم، وغلامٌ احتلم، وامرأةٌ حاضت. فمثل هذا   i البخاري- كتاب مواقيت الصلاة- باب وقت الفجر 2/ 54. ii البخاري- كتاب مواقيت الصلاة- باب فضل صلاة العصر 2/33. iiiمن البحر الطويل، وقائله أبو عبد الرحمن محمد بن عبد الله العتبي من ولد عتبة بن أبي سفيان، والغواني جمع غانية وهي المرأة التي غنيت بجمالها. والبيت من شاهد الأشموني 2/47، ابن مالك في الكافية الشافية 582، ابن عقيل في المساعد 1/393. ivشواهد التوضيح 191. v صحيح مسلم بشرح النووي 13/202، وهذا الجزء تتمة الحديث السابق ( ... فشرب رسول الله، فقال عمر: أعط أبا بكر، فناول الأعرابي وقال: الأيمن فالأيمن) . vi عن أنس (دخل رسول الله صلى الله عليه وسلم المسجد وحبل ممدود بين ساريتين، فقال: ما هذا؟ قالوا لزينب تصلي فإذا كسلت أو فترت أمسكت به، فقال: حلّوه، ليصلّ أحدكم نشاطه … ) مسلم 6/72. مسند أحمد 3/ 101 البخاري كتاب التهجد 3/36. أبو داود: النعاس في الصلاة. الجزء: 73 - 74 ¦ الصفحة: 101 من الابتداء بالنكرة يمنع لخلوّه من الفائدة، إذ لا تخلو الدنيا من رجل يتكلم ومن غلام يحتلم ومن امرأة تحيض. فلو اقترن بالنكرة قرينة تتحصّل بها الفائدة، جاز الابتداء بها. فمن القرائن التي تتحصل بها الفائدة الاعتماد على واو الحال كقولك: انطلقتُ وسبعٌ في الطريق، وأتيتُ فلانا ورجلٌ يخاصمُه. ومنه {وَطَائِفَةٌ قَدْ أَهَمَّتْهُمْ أَنْفُسُهُمْ} i ومنه "دخل رسول الله صلى الله عليه وسلم وحبلٌ ممدود" وقول عائشة "دخل رسوله الله صلى الله عليه وسلم وبُرْمَةٌ على النار"ii ومنه قول الشاعر: سريْنا ونجمٌ قد أضاء فمذ بدا مُحيّاك أخفى ضَوؤه كُلَّ شارقiii وكذا الاعتماد على "إذا" المفاجأة، نحو: انطلقتُ فإذا سبعٌ في الطريق، ومنه قول بعض الصحابة "إذا رجُلٌ يصلي"iv. انتهى. قوله: "ليُصلِّ أحدُكم نشاطه". قال أبو البقاء: "أي مدة نشاطه، فحذف الظرف وأقام المصدر مقامه"v. وقال الأشرفيvi في شرح المصابيح: "يجوز أن يكون "نشاطه" بمعنى الوقت، وأن يراد به الصلاة التي نشط لها". وقال الطيبي: "يجوز أن يكون نصبه على المصدر من حيث المعنى، يعني انشطوا في صلاتكم النشاط الذي يليق بحالكم"vii. 173 - حديث "ذَهبْتُ بعَبْد الله بنْ أبي طلْحة إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم حين وُلد، ورسولُ الله صلى الله عليه وسلم في عباءة يهْناviii بعيراً له، فقال: هل معك تمر؟ فقلت: نعم. فناولته تمرات فألقاهنّ في فيه، فلاكهن ثم فغر فا الصبيّ فمجهّ في فيه، فجعل الصبيّ يتلمظه، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: حب الأنصار التمر" ix.   iسورة آل عمران: آية 154. ii البخاري- كتاب النكاح- باب الحرة تحت العبد 9/138. iii من البحر الطويل، ولم ينسب لقائل. والسرى: السير ليلا. والمحيّا: الوجه والبيت من شواهد الأشموني 1/ 206 مغني اللبيب 523، تخليص الشواهد لابن هشام 193. ivشواهد التوضيح 45. v إعراب الحديث النبوي برقم 44. viالشيخ أبو عبد الله إسماعيل بن محمد بن عبد الملك بن عمر المدعو بالأشرف له شرح على مصابيح السنة للِإمام البغوي المتوفي سنة 516 هـ. vii شرح مشكاة المصابيح ج2 ورقة 24. viiiيهنأ بعيرا: أي يطليه بالقطران. ix مسلم بشرح النووي 14/123. الجزء: 73 - 74 ¦ الصفحة: 102 قال النووي: [حبّ] روي بضمّ الحاء وكسرها. فالكسر بمعنى المحبوب كالذِّبح بمعنى المذبوح. وعلى هذا فالباء مرفوعة، أي محبوبُ الأنصار التمر. وأما من ضمّ الحاء فهو مصدر، وفي الباء على هذا وجهان: النصب وهو الأشهر، والرفع؛ فمن نصب فتقديره: انظر حُبَّ الأنصار التمر، فينصب التمر أيضاً. ومن رفع قال هو مبتدأ حذف خبره، أي حبّ الأنصار التمر لازم، أو هكذا، أو عادة من صغرهم"i. 174- حديث "لبَّيْك حقَّاً حقَّا، تعبُّداً ورقاً" ii. قال في النهاية: "حقا" مصدر مؤكد لغيرهiii، أي إنه أكّد به معنى ألْزَمُ طاعتك، الذي دلّ عليه لبّيْك، كما تقول: هذا عبْدُ الله حقاً، فتؤكده به. وتكريره لزيادة التأكيد. و"تعبّداً" مفعول له"iv. 175- حديث "أما إنكم في صلاة ما انتظرتموها" v. قال ابن مالك في شرح الكافية: "يجوز كسر "إنّ" بعد "أَما" مقصوداً بها معنى "ألا" الاستفتاحية. وإن قصد بها معنى حقا فتحت"vi. وقال في شرح التسهيل: "روى سيبويه نحو أما إنك ذاهب، بالكسر على جعل "أما" استفتاحية بمنزلة ألا، والفتح على جعل "أما" بمعنى حقا. وتكون "أما" مع الفتح على مرادفة الاستفتاح أيضاً، وما بعدها مبتدأ خبره محذوف، كأنه قال أما معلوم أنك ذاهب. وقد يقع بين "أما" و"إن" يمين فيجوز أيضا الفتح على مرادفة "أما" "حقا"، والكسر على مرادفتها "ألا" ذكر ذلك سيبويهvii". انتهى. 176- حديث "حَسْبُك مِنْ نساء العالمين مَرْيَمُ بنتُ عِمْران" الحديثviii. قال الطيبي: "حَسبُك" مبتدأ، و"من نساء العالمين" متعلق به، و"مريم" خبره.   iشرح صحيح مسلم للنووي 14/123. iiالجامع الكبير للسيوطي 1/638. iii المصدر المؤكد لغيره هو الواقع بعد جملة تحتمل غيره فتصير به نصا. انظر التفصيل في الأشموني والصبان 2/119. iv النهاية في غريب الحديث 1/413. vالبخاري- كتاب مواقيت الصلاة 2/ 51. vi شرح الكافية الشافية لابن مالك 1/487. vii الكتاب لسيبويه 3/ 122. viii الترمذي- أبواب المناقب5/367 صحيح الجامع الصغير برقم 3138. الجزء: 73 - 74 ¦ الصفحة: 103 والخطاب إما عام أو لأنس. أي كافيك معرفتك فضلهن من معرفة سائر النساء"i. 177 - حديث "وما رياضُ الجنة؟ قال: حلق الذكر" ii. قلت: في النهايةiii "حِلَق" بكسر الحاء وفتح اللام. جمع حَلْقة، مثل قَصْعة وقصَع. وقال الجوهريiv: "جمع الحَلقة حَلَق بفتح الحاء على غير قياس. وحكى عن أبي عمرو أن الواحد حَلَقة بالتحريك والجمع حَلَق بالفتح. وقال ثعلب: "كلّهم يجيزه على ضعفه". وقال أبو عمرو الشيبانيv: "ليس في الكلام حَلَقة بالتحريك إلا جمع حالق". 178 - حديث "يقولُ الله لأهْوَن أهل النار عذاباً يوم القيامة، لو أنَّ لك ما في الأرْض مِنْ شيء" vi. قال الطيبي: "أي لو ثبت. لأن "لو" يقتضي الفعل الماضي، وإذاَ وقعت "أن" المفتوحة بعد "لو" كان حذف الفعل واجباً، لأن ما في "أن" من معنى التحقيق والثبات مُنزَّل منزلة الفعل المحذوف. وقوله: "فأَبَيْت إلا أنْ تُشرك بي" استثناء مفرّغ. وإنما حذف المستثنى منه مع أنه كلام موجبvii لأنّ في الإباء معنى الامتناع، فيكون نفيا معنى، أي ما اخترت إلا الشرك"viii. 179 - حديث (مرَّ على امْرأة وهى تبكي على قبر، فقال لها: اتّقي الله واصْبري، فقالت له: إليْك عنّي، فإنك لاتُبالي مُصيبتي) ix. "إليك" اسم فعل بمعنى تنحَّ. وفي حديث المغيرة بن شعبة "أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أكل طعاماً ثم أقيمت الصلاة، [فقام] وقد كان توضأ قبل ذلك. فأتيته بماء ليتوضأ منه فانتهرني   iشرح مشكاة المصابيح 4/ 321. ii عن أنس (أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: إذا مررتم برياض الجنة فارتعوا، قالوا: وما رياض الجنة؟ قال: حلق الذكر) . مسند أحمد 3/ 0150 الترمذي 5/ 194. iii النهاية في غريب الحديث 1/426. ivالصحاح (حلق) . v إسحاق بن مرار أبو عمرو الشيباني الكوفي، كان راوية أهل بغداد، واسع العلم باللغة والشعر، ثقة في الحديث، عالماً بكلام العرب من مصنفاته: كتاب الجحيم، النوادر، غريب الحديث. مات سنة 206 هـ. بغية الوعاة 1/ 440. viالحديث عن أنس، وتكملته (.. كنت تفتدي به، فيقول نعم. فيقول: قد أردت منك ما هو أهون من هذا وأنت في صلب آدم أن لا تشرك بي فأبيت إلا أن تشرك بي) مسند أحمد 3/ 129 0 البخاري 6/363، 11/416. vii شرط الاستثناء المفرّغ أن يكون الكلام غير موجب. قال ابن هشام: فأما ما قوله تعالى: {وَيَأْبَى اللَّهُ إِلا أَنْ يُتِمَّ نُورَهُ} فحمل "يأبى" على لا يريد، لأنهما بمعنى- انظر: أوضح المسالك 2/253. viii شرح مشكاة المصابيح ج4 ورقة 227. ix البخاري- كتاب الجنائز- باب زيارة القبور 3/148. مسلم 6/ 227. الجزء: 73 - 74 ¦ الصفحة: 104 وقال: وراءك" i وفي حديث أبي هريرة "أقيمت الصلاةُ وعُدّلت الصفوفُ قياماً فخرج إلينا رسول الله صلى الله عليه وسلم، فلما قام في مُصلاّه ذكر أنه جُنُب، فقال لنا مكانكم، ثم رجع فاغتسل" ii. قال الزمخشري في المفصّل: "من أسماء الفعل: دُونَك زيدا أي خذه، وعندك عمراً أي الزمه، ومكانكiii إذا قلت تأخر وحذّرته شيئاً خلفه، وأمامك إذا حذَّرته من بين يديه شيئاً، أو أمرته أن يتقدّم، ووراءك أي انظر إلى خلفك إذا أبصرته شيئاً"iv. وقال الأندلسي: "موضع هذا الباب للمبالغة، لأن من شأن العرب إذا أرادت معنى زائداً على ما يعطيه اللفظ غّيرته وأزالته عن موضعه المعهود، كما تراهم يفعلون في ضارب وضرّاب وراحم ورحمان. وفيه أيضاً اختصار وإيجاز إلا أنه لا يخلو عن توسّع وتجوّز. أما الاختصار فلأن الأصل في قولك: "دونك زيدا": خُذ من دونك زيداً، فحذف حرف الجر والفعل، وضمّن الظرف معناهما. وأما التجّوز فلأنهم حذفوا أحد اللفظين وجعلوا الآخر نائباً منابه وسادا مسدّه. وإقامة الشيء مقام غيره وحلوله في غير محلّه تجّوز وتوسّع. ثم الألفاظ المستعملة فيه ثلاثة ضروب: عليك وإليك، وظروف المكان نحو عندك ووراءك وأمامك وباقي أسماء الجهات الست، ومصادر نحو حِذْرَك وحذارك. ثم قولك "أمامك" يحتمل وجهين: أن يريد ادْنُ، أو احذر. فإن أردت ادْنُ فلا يتعدّى، وإن أردت احذر تعدّى. فيكون اللفظ واحداً والمراد به مختلف، والقرائن هي الفارقة المفهمة. ويقال في إعرابه إغراء، وفي المنصوب به منصوب بالإِغراء. وإذا ارتفع ما بعد هذه الحروف أو الظروف خرجت عن الإغراء، كقولك: عليك الدَّينُ، وأمامك الجزاءُ. ومن أحكام هذا الأصل أن لا يُغْري به غائب. فمن ذلك: عليك عمراً، ووراءك انظرv وهو ظرف. ومكانك أي الزمه- وهو ظرف. وإليك بمعنى تنح. ووراءك انظر. وهذه المجرورات بمنزلة صَهْ ومَهْ، ولا يقع إلا في الأمر. أما ما روي أنه إذا قيل إليك، فقال: إليَّ، فهذا شاذ مخالف لقياس العرب، ولا يجوز علىَّ زيداً ولا دوني عمراً، إلا أن يريد بعليّ أوْلِني، فيقول: عليّ زيداً، فتوسعت العرب في هذا، فعدَّته مرة إلى المتكلم بحرف الجر، ومرّة إلى المخاطب. ولم يقع توسّع في دونك وعندك. فلا يقولون دوني ولا عندي". انتهى.   i مسند أحمد 4/253. ii البخاري- كتاب الغسل- باب إذا ذكر في المسجد أنه جنب 1/383. iiiفي المفصل "ومكانك وبعدك إذا قلت تأخر" قال أبن يعيش: وقالوا بعدك ووراءك إذا قلت به تأخر وحذرته شيئاً من خلفه 4/74. iv شرح المفصل 4/74. v في بعض النسخ "المطر". الجزء: 73 - 74 ¦ الصفحة: 105 وقال الرضي: "من أسماء الأفعال الظروف وشبهها. فعندك ودونك ولديك بمعنى خُذ. والأصل: عندك زيدٌ فخذه، وكذا لديك زيدٌ ودونك زيدٌ، برفع ما بعدها على الابتداء. فاقتصر من الجملة الاسمية والفعلية بعدها على الظرف، فكثر استعماله حتى صار بمعنى خُذ فعمل عمله. وهذه الظروف مبنية على الفتح لأنه الحركة التي استحقها في الأصل حين كانت ظروفاً، فوراءك أي تأخر، وأمامك أي تقدّم أو احذر من جهة أمامك. ويجوز أن يقال هما باقيان على الظرفية، إذ هما لا ينصبان مفعولا، كعندك ولديك، فيكون التقدير استقرّ وراءك وأمامك. وكذا مكانك أي الزم مكانك. ويقال: عليك زيداً أي خذه. كان الأصل عليك أخذه. ويقال إليك عني، والأصل ضمّ عملكi إليك وتنحّ عني، فاختصر كما ذكرنا"ii.   i في الرضي "علقك". ii شرح الكافية للرضي 2/ 75. الجزء: 73 - 74 ¦ الصفحة: 106 مراجع الحلقة - الإحاطة في أخبار غرناطة: لسان الدين بن الخطيب، تحقيق محمد عبد الله عنان، مكتبة الخانجي بالقاهرة- الطبعة الأولى 1397هـ 1977م. - ارتشاف الضرب: أبو حيان النحوي الأندلسي- تحقيق د. مصطفى النماس. - الاستيعاب في أسماء الأصحاب: الحافظ القرطبي/ في هامش الإصابة- دار الكتاب العربي- بيروت. - إشارة التعيين في تراجم النحاة واللغويين: عبد الباقي اليماني، تحقيق د. عبد المجيد دياب، الطبعة الأولى1406هـ 1986م. - الإصابة في تمييز الصحابة: ابن حجر العسقلاني، دار الكتاب العربي، بيروت. - إصلاح المنطق: ابن السكيت، تحقيق أحمد شاكر وعبد السلام هارون، دار المعارف بمصر، الطبعة الثالثة. - الأصمعيات: الأصمعي، تحقيق أحمد شاكر وعبد السلام هارون، الطبعة الخامسة- بيروت. لبنان. - إعراب الحديث النبوي: أبو البقاء العكبري، تحقيق د. حسن موسى الشاعر. - إعراب القرآن: أبو جعفر النحاس، تحقيق د. زهير غازي زاهد، الطبعة الثانية 1405هـ 1985م. - الأعلام: الزركلي، دار العلم للملايبين، بيروت، الطبعة السادسة 1984م. - أمالي السهيلي: تحقيق د. محمد إبراهيم البنا، الطبعة الأولى 1390هـ 1970م. - إنباه الرواة: القفطي، تحقيق محمد أبو الفضل إبراهيم، 1406هـ- 1986م. - الإنصاف في مسائل الخلاف: الأنباري، تحقيق المرحوم الشيخ محي الدين عبد الحميد. - أوضح المسالك: ابن هشام الأنصاري، تحقيق المرحوم الشيخ محي الدين عبد الحميد. - البحر المحيط: أبو حيان، مطبعة السعادة 1328هـ. - بغية الوعاة: السيوطي، تحقيق محمد أبو الفضل إبراهيم، مطبعة الحلبي، الطبعة الأولى 1384هـ 1964م. - تاج العروس: الزبيدي، دار ليبيا للنشر والتوزيع. - التبيان في إعراب القرآن: العكبري، تحقيق علي محمد اليحاوي، مطبعة عيسى الحلبي. الجزء: 73 - 74 ¦ الصفحة: 107 - تخليص الشواهد وتلخيص الفوائد: ابن هشام الأنصاري، تحقيق د. عباس الصالحي، دار الكتاب العربي، الطبعة الأولى 1406هـ 1986م. - تذكرة الموضوعات: الفتني، بيروت. - تذكرة النحاة: أبو حيان، تحقيق د. عفيف عبد الرحمن، الطبعة الأولى 1406هـ 1986م. - التصريح على التوضيح: الشيخ خالد الأزهري، دار إحياء الكتب العربية. - تهذيب اللغة: الأزهري، تحقيق إبراهيم الأبياري، دار الكتاب العربي 1967م. - توضيح المقاصد والمسالك: المرادي، تحقيق د. عبد الرحمن سليمان، الطبعة الثانية. - الجامع الكبير: السيوطي، نسخة مصورة عن مخطوطة دار الكتب- الهيئة المصرية العامة للكتاب. - الجامع لأحكام القرآن: القرطبي، طبعة دار الكتب المصرية- القاهرة. - الحماسة: أبو تمام، تحقيق د. عبد الله عسيلان، 1451هـ 1981م. - خزانة الأدب: البغدادي، تحقيق عبد السلام هارون. - دراسات لأسلوب القرآن الكريم: المرحوم الشيخ محمد عبد الخالق عضيمة. - الدّر المصون في علوم الكتاب المكنون: السمين الحلبي، تحقيق د. أحمد الخراط، دار القلم، دمشق. - الديباج المذهب: ابن فرحون المالكي، تحقيق د. محمد الأحمدي أبو النور، مكتبة التراث- القاهرة. - ديوان أبي تمام بشرح الخطيب التبريزي: تحقيق محمد عبده عزام، دار المعارف بمصر، الطبعة الثانية. - ديوان أبي النجم العجلي: شرح علاء الدين آغا، النادي الأدبي- الرياض 1401هـ 1981م. - ديوان امرىء القيس: تحقيق محمد أبو الفضل إبراهيم، دار المعارف بمصر، الطبعة الثالثة. - ديوان جرير بشرح ابن حبيب: تحقيق نعمان محمد طه، دار المعارف. - ديوان عدي بن زيد العبادي: تحقيق محمد جبار المعيبد، بغداد 1965م. - ديوان عروة بن الورد: دار صادر، بيروت 1384هـ 1964م. - الزاهر: أبو بكر الأنباري، تحقيق د. حاتم الضامن، دار الرشيد 1399هـ 1979م. - السبعة في القراءات: ابن مجاهد، تحقيق د. شوقي ضيف، دار المعارف بمصر، الطبعة الثانية. - سنن ابن ماجه: تحقيق محمد فؤاد عبد الباقي. الجزء: 73 - 74 ¦ الصفحة: 108 - سنن أبي داود: تحقيق محمد محمي الدين عبد الحميد. - سنن الترمذي: تحقيق عبد الرحمن عثمان، مطبعة الفجالة الجديدة. - سنن الدارقطني: ومعه التعليق المغني على الدارقطني لأبي الطيب العظيم آبادي. - السنن الكبرى: البيهقي، طبعة دار المعرفة بيروت عن الطبعة الأولى بحيدر آباد 1352هـ. - السيرة النبوية: ابن هشام، تحقيق مصطفى السقا وزميليه، الطبعة الثانية 1375هـ 1955م. - شرح أبيات سيبويه- ابن السيرافي، تحقيق د. محمد علي سلطاني، دار المأمون للتراث دمشق 1979م. - شرح أبيات مغني اللبيب: عبد القادر البغدادي، تحقيق عبد العزيز رباح وزميله، دار المأمون للتراث، دمشق. - شرح الأشموني على ألفية ابن مالك، مع حاشية الصبان. - شرح جمل الزجاجي: ابن عصفور، تحقيق د. صاحب أبو جناح. - شرح ديوان أبي الطيب المتنبي المنسوب للعكبري، تحقيق مصطفى السقا وجماعة 1391هـ 1971م. - شرح الكافية:- الرضي. - شرح الكافية الشافية:- ابن مالك، تحقيق د. عبد المنعم هريدي، منشورات جامعة أم القرى. - شرح اللباب للإِسفراييني: السيرافي الفالي، تحقيق ثلاثة من طلاب الدراسات العليا في الجامعة الإسلامية- رسالة ماجستير. - شرح مشكاة المصابيح: الطيبي، مخطوط بالمكتبة المحمودية في المدينة المنورة. - شرح المفصل: ابن يعيش، إدارة الطباعة المنيرية. - شروط سقط الزند للمعري: تحقيق مصطفى السقا وجماعة، عن طبعة دار الكتب 1365هـ. - شفاء العليل في إيضاح التسهيل: السلسيلي، تحقيق د. عبد الله البركاتي، الطبعة الأولى. - شواهد التوضيح والتصحيح لمشكلات الجامع الصحيح: ابن مالك، تحقيق محمد فؤاد عبد الباقي. - الصحاح: الجوهري، تحقيق أحمد عبد الغفور عطار، 1402هـ 1982م. - صحيح البخاري بشرح ابن حجر "فتح الباري"، دار المعرفة، بيروت. - صحيح البخاري بشرح الزركشي "التنقيح لألفاظ الجامع الصحيح"، الطبعة الأولى 1351هـ 1932م. الجزء: 73 - 74 ¦ الصفحة: 109 - صحيح البخاري بشرح الكرماني، دار إحياء التراث العربي، بيروت، الطبعة الثانية 1401هـ 1981م. - صحيح الجامع الصغير: السيوطي، تحقيق ناصر الدين الألباني، المكتب الإسلامي، بيروت، الطبعة الثانية 1399هـ 1979م. - صحيح مسلم بشرح النووي: دار إحياء التراث العربي. - ضعيف الجامع الصغير: السيوطي، تحقيق ناصر الدين الألباني، المكتب الإسلامي. - طبقات الحفاظ: السيوطي، تحقيق علي محمد عمر، مكتبة وهبة، الطبعة الأولى 1393هـ 1973م. - العرف الطيب شرح ديوان أبي الطيب: ناصيف اليازجي، دار العلم- بيروت. - غاية النهاية في طبقات القراء: ابن الجزري، نشر برجستراسر، عن الطبعة الأولى 1351هـ 1932م- دار الكتب العلمية. - غريب الحديث: الخطابي، تحقيق عبد الكريم العزباوي، منشورات جامعة أم القرى 1402 هـ 1982 م. - غريب الحديث: ابن قتيبة، تحقيق د. عبد الله الجبوري، بغداد، الطبعة الأولى 1397هـ 1977م. - الفائق في غريب الحديث: الزمخشري، تحقيق علي البجاوي وزميله، مطبعة عيسى الحلبي، الطبعة الثانية. - الفاخر: المفضل بن سلمة، تحقيق عبد العليم الطحاوي، الهيئة المصرية العامة للكتاب 1974م. - الفتح الكبير وضمّ الزيادة إلى الجامع الصغير للسيوطي، ترتيب الشيخ يوسف النبهاني، طبعة الحلبي بمصر 1350هـ. - القاموس المحيط: الفيروز آبادي. - الكتاب: سيبويه، تحقيق عبد السلام هارون. - كتاب الألفاظ والأساليب: صادر عن مجمع اللغة العربية في القاهرة سنة 1977م. - الكتيبة الكامنة: لسان الدين بن الخطيب، تحقيق د. إحسان عباس، دار الثقافة بيروت. - الكشاف: الزمخشري، طبعة الحلبي. - كشف الظنون: حاجي خليفة، منشورات مكتبة المثنى- بيروت. - اللزوميات: أبو العلاء المعري، تحقيق أمين الخانجي، القاهرة. الجزء: 73 - 74 ¦ الصفحة: 110 - مجلة معهد المخطوطات العربية بالكويت/ المجلد التاسع والعشرون- الجزء الأول عام 1405هـ 1985م. - مجمع الأمثال: الميداني، تحقيق محمد محي الدين عبد الحميد. - المحتسب: ابن جني، المجلس الأعلى للشؤون الإسلامية. - المساعد على تسهيل الفوائد: ابن عقيل، تحقيق د. محمد كامل بركات، منشورات جامعة أم القرى. - مسند الإمام أحمد بن حنبل: وبهامشه منتخب كنز العمال. - مشارق الأنوار: القاضي عياض، طبع المكتبة العتيقة بتونس. - مشكاة المصابيح: التبريزي، تحقيق ناصر الدين الألباني، منشورات المكتب الإِسلامي بدمشق. - المصباح المنير: الفيومي. - معاني القرآن: الفرّاء، عالم الكتب، الطبعة الثانية 1980م. - معجم المؤلفين: عمر رضا كحالة- بيروت- دار إحياء التراث العربي. - مغني اللبيب: ابن هشام، تحقيق د. مازن المبارك وزميله، الطبعة الأولى، دمشق. - مغني المحتاج إلى معرفة معاني ألفاظ المنهاج- الشيخ محمد الشربيني الخطيب، على متن المنهاج للنووي- مصطفى البابي الحلبي 1377هـ 1958م. - المقتضب: المّبرد، تحقيق الشيخ محمد عبد الخالق عضيمة. - النحو الوافي: عباس حسن- دار المعارف بمصر. - نفح الطيب: المقري، تحقيق د. إحسان عباس، دار صادر- بيروت 1388هـ 1968م. - النهاية في غريب الحديث والأثر: ابن الأثير، تحقيق طاهر الزاوي وزميله. - همع الهوامع: السيوطي. تحقيق د. عبد العال سالم مكرم، دار البحوث العلمية، الكويت. الجزء: 73 - 74 ¦ الصفحة: 111