الكتاب: صلاة الجماعة المؤلف: محمد ضياء الرحمن الأعظمي الناشر: مجلة الجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة   [ترقيم الكتاب موافق للمطبوع، ورقم الجزء هو رقم العدد من المجلة] ---------- صلاة الجماعة محمد ضياء الرحمن الأعظمي الكتاب: صلاة الجماعة المؤلف: محمد ضياء الرحمن الأعظمي الناشر: مجلة الجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة   [ترقيم الكتاب موافق للمطبوع، ورقم الجزء هو رقم العدد من المجلة] فقه السنة: صلاة الجماعة للدكتور محمد ضياء الرحمن الأعظمي أستاذ مساعد بكلية الحديث الشريف الأول: حكم صلاة الجماعة : عن أبي هريرة – رضي الله عنه - قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أثقل الصلاة على المنافقين، صلاة العشاء، وصلاة الفجر، ولو يعلمون ما فيهما لأتوهما ولو حبوا، ولقد هممت أن آمر بالصلاة فتقام، ثم آمر رجلا فيصلي بالناس ثم أنطلق معي برجال معهم حزم من حطب إلى قوم لا يشهدون الصلاة فأحرق عليهم بيوتهم بالنار". (إسناده صحيح) 1. وفي رواية عند أحمد: "لولا ما في البيوت من النساء والذرية لأقمت صلاة العشاء وآمر فتياني يحرقون ما في البيوت بالنار" 2. وفي إسناد أحمد: أبو معشر، وهو نجيح بن عبد الرحمن السندي المشهور بكنيته، ضعيف. وقوله: "حبواً" أي المشي على الأيدي والركب، وهو الزحف كما يزحف الصغير. خص النبي صلى الله عليه وسلم الصلاتين وهما العشاء والفجر وجعلهما ثقلاً على المنافقين لأن العشاء كانت وقت الإيواء إلى البيوت من العمل، وكانت ظلمة الليل تمنعهم من الخروج من البيت. وأما الفجر فلذة النوم تمنع من القيام وخاصة في البرد الشديد. وخص النبي صلى الله عليه وسلم المنافقين لأنهم ما كانوا يؤدون الصلاة على جهة الاحتساب فكلما وجدوا فرصة للغياب لم يفرطوا فيها، بل اغتنموها فكأن النبي صلى الله عليه وسلم شبه المؤمنين تاركي حضور الجماعة في صلاتي الفجر والعشاء بالمنافقين، وهددهم بالإحراق بالنار. واستدل بعض العلماء بهذا الحديث على وجوب صلاة الجماعة لأنها لو كانت سنة لما هدد النبي صلى الله عليه وسلم تاركها بالتحريق.   1 رواه البخاري (2/125 مع الفتح) ومسلم (1/145) وأبو داود (1/371-372) والنسائي (2/107) والترمذي (1/422-423) وأحمد (2/244، 292، 314، 319) . 2 أحمد (2/367) . الجزء: 60 ¦ الصفحة: 35 فتفرع عن ذلك عدة أقوال في حكم صلاة الجماعة منها: 1- أنها فرض على الأعيان: وهو رأي الأوزاعي، وأحمد، وداود الظاهري، بعض محدثي الشافعية كأبي ثور، وابن خزيمة، وابن المنذر، وابن حبان، ثم اختلف هؤلاء، فقال داود الظاهري: إنها شرط في صحة الصلاة، ففي المحلى "ولا تجزي صلاة فرض أحداً من الرجال، إذا كان بحيث يسمع الأذان أن يصليها إلا في المسجد مع الإمام، فإن تعمد ترك ذلك بغير عذر بطلت صلاته فإن كان بحيث لا يسمع الأذان ففرض عليه أن يصلي في جماعة مع واحد إليه فصاعداً ولابد، فإذا لم يفعل فلا صلاة له إلا أن لا يجد أحداً يصليها معه فيجزئه حينئذ إلا من له عذر فيجزئه حينئذ التخلف عن الجماعة"1. وذكر ابن عقيل من الحنابلة وجهاً في اشتراطها عن أحمد أيضاً قياساً على سائر واجبات الصلاة. والصحيح عنه أنها ليست شرطاً في صحة الصلاة بدليل عدم إنكار النبي صلى الله عليه وسلم على اللذين صليا في رحالهما. يقول ابن دقيق العيد: "ولما كان الوجوب قد ينفك عن الشرطية قال أحمد في أظهر قوليه بوجوبها على الأعيان بدون شرطية" 2. وكذلك انعقد الإجماع على أن من صلى في بيته وحده لا يجب عليه الإعادة. 2- وذهب الجمهور إلى أنها سنة مؤكدة. وهو رأي الأئمة الثلاثة: مالك والشافعي وأبي حنيفة، وبه قال الثوري: وللشافعي ومالك قول بأنها فرض كفاية. أدلة القائلين بوجوب الجماعة: 1- قوله تعالى: {وَإِذَا كُنْتَ فِيهِمْ فَأَقَمْتَ لَهُمُ الصَّلاةَ فَلْتَقُمْ طَائِفَةٌ مِنْهُمْ مَعَكَ وَلْيَأْخُذُوا أَسْلِحَتَهُم} (سورة النساء) . هذه الآية تختص بصلاة الخوف، فإذا لم يأذن الله أن نتخلف عن الجماعة في حالة الخوف، ففي الأمن أولى. قال ابن كثير: "وما أحسن ما استدل به من ذهب إلى وجوب الجماعة من هذه الآية الكريمة، حيث اغتفرت أفعال كثيرة لأجل الجماعة، فلولا أنها واجبة لما ساغ لك" 3.   1 المحلى (4/265) . 2 إحكام الأحكام (1/166) . 3 تفسير ابن كثير (2/354) . الجزء: 60 ¦ الصفحة: 36 وقال ابن قدامة: "ولو لم تكن واجبة لرخص فيها حالة الخوف، ولم يجز الإخلال بواجبات الصلاة من أجلها" 1. 2- ولأن النبي صلى الله عليه وسلم لم يرخص للأعمى أن يتخلف عن الجماعة مع عذره. قال أبو هريرة: "أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم رجل أعمى فقال: يا رسول الله: إنه ليس لي قائد يقودني إلى المسجد، فسأل رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يرخص له، فرخص له، فلما ولىَّ دعاه، فقال: "هل تسمع النداء؟ " قال: نعم. قال: "فأجب" 2. وعن عمرو بن أم مكتوم أنه قال لرسول الله صلى الله عليه وسلم: "إني ضرير البصر، شاسع الدار، لي قائد لا يلاومني، فهل لي رخصة أن أصلي في بيتي؟. قال: "هل تسمع النداء؟ " قال: نعم. قال: "فأجب، فإني لا أجد لك رخصة". وفي رواية "قال: يا رسول الله إن المدينة كثيرة الهوام والسباع، وأنا ضرير البصر، فهل تجد لي من رخصة؟. قال: "تسمع حي على الصلاة، حي على الفلاح؟ ". قال: نعم. فقال: "فحي هلا "، ولم يرخص" 3 قوله: يلاومني من الملاومة أي الموافقة والمناسبة. قال الخطابي: "هكذا يروى في الحديث بالواو، ولكن الصواب: يلايمني: أي يوافقني، وأما الملاومة فإنها من اللوم وليس هذا موضعه ". والهوام: هوام الأرض أي حشراتها. فحي هلا: حي بمعنى هلمَّ، وهلا: بمعنى عجل وأسرع. قال الخطابي: "وفي هذا دليل على أن حضور الجماعة واجب ولو كان ذلك ندباً لكان أولى من يسعه التخلف عنها أهل الضرر والضعف، ومن كان في مثل حال ابن أم مكتوم". وكان عطاء بن أبي رباح يقول: "ليس لأحد من خلق في الحضر، والقرية رخصة إذا سمع النداء في أن يدع الصلاة". وقال الأوزاعي: "لا طاعة للوالدين في ترك الجمعة والجماعات، سمع النداء أو لم يسمع". وكان أبو ثور يوجب الجماعة. واحتج هو وغيره ممن أوجبه بأن الله سبحانه وتعالى أمر أن يصلى جماعة في حال الخوف، ولم يعذر في تركها فعقل أنها في حال الأمن أوجب. وقال: "وأكثر أصحاب الشافعي على أن الجماعة فرض على الكفاية لا على الأعيان. وتأولوا حديث ابن أم مكتوم على أنه لا رخصة لك إن طلبت فضيلة الجماعة،   1 المغني (2/149) 2 رواه مسلم (1/452) والنسائي (2/109) 3 رواه أبو داود (1/375) والنسائي (2/110) وابن ماجة (1/260) الجزء: 60 ¦ الصفحة: 37 وإنك لا تحرز أجرها مع التخلف عنها بحال. واحتجوا في ذلك بقوله صلى الله عليه وسلم: "صلاة الجماعة تفضل صلاة الفذ بسبع وعشرين درجة". انتهى كلامه1. 2- حديث ابن عباس: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من سمع المنادي فلم يمنعه من اتباعه عذر، قال: وما العذر؟، قال: خوف أو مرض، لم تقبل منه صلاته التي صلى". رواه أبو داود والدارقطني والحاكم2 كلهم بطرق عن أبي جناب، عن مغراء العبدي، عن عدي بن ثابت، عن سعيد بن جبير، عنه. قال أبو داود: "روى عن مغراء أبو إسحاق أيضاً". وسكت عليه الحاكم والذهبي. ومغراء: بفتح أوله وسكون المعجمة - أبو مخارق الكوفي ذكره ابن حبان في الثقات وطعن فيه عبد الحق وتكلم فيه الذهبي. قال ابن القطان: "أنكر على عبد الحق طعنه في حديثه، ولا يعرف فيه تجريح". وفيه يحيى بن أبي حية، أبو جناب الكلبي: قال الحافظ: "ضعفوه لكثرة تدليسه". وقال المنذري: "أبو جناب يحيى بن أبي حية الكلبي ضعيف، وأخرجه ابن ماجة بنحوه وإسناده أمثل وفيه نظر". انتهى. وحديث ابن ماجة الذي أشار إليه المنذري هو بلفظ "من سمع النداء فلم يجب فلا صلاة له إلا من عذر". رواه ابن ماجة والدارقطني والحاكم3 كلهم من طرق عن هشيم بن بشير عن شعبة، عن عدي بن ثابت، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس. كما رواه الحاكم أيضا بطريق عبد الرحمن بن غزوان أبي نوح المعروف بقراد عن شعبة. وقال: "هذا الحديث قد أوقفه غندر وأكثر أصحاب شعبة، وهو حديث صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه، وهشيم، وقراد أبو نوح ثقتان، فإذا وَصَلاه فالقول فيه قولهما". انتهى. ووافقه الذهبي وقال: الدارقطني بعد ذكر هذا الحديث بطريق هشيم بن بشير عن شعبة، حدثنا ابن مبشر وآخرون قالوا: أخبرنا عباس بن محمد الدوري حدثنا قراد عن شعبة بإسناده نحوه. ثم قال: "رفعه هشيم، وقراد شيخ من البصريين مجهول". انتهى.   مختصر المنذري (1/292) وهامش سنن أبي داود (1/374) أبو داود (1/374) والدارقطني (1/420) والحاكم (1/245) 11 ابن ماجة (1/260) والدارقطني (1/420) والحاكم (1/245) . الجزء: 60 ¦ الصفحة: 38 وقراد هذا الذي زعمه الدارقطني هنا أنه مجهول قد وثقه هو نفسه في الجرح والتعديل كما نقله عنه الحافظ في التهذيب1. قال الحافظ: "ورواه قاسم بن أصبغ في مسنده موقوفاً ومرفوعاً من حديث شعبة عن عدي بن ثابت به ولم يقل في المرفوع: "إلا من عذر". ثم ذكر كلام الحاكم وأنه أخرج في مستدركه بعض الشواهد، منها: عن أبي موسى الأشعري وهو من طريق أبي بكر بن عياش، عن أبي حصين عن أبي بردة عنه بلفظ: "من سمع النداء فارغا صحيحا فلم يجب فلا صلاة له". ثم قال: ورواه البزار من طريق قيس بن الربيع عن أبي حسين أيضاً. ورواه من طريق سماك عن أبي بردة عن أبيه موقوفاً". وقال البيهقي: "الموقوف أصح. ورواه العقيلي في الضعفاء من حديث جابر، وضعفه، ورواه ابن عدي من حديث أبي هريرة وضعفه". انتهى كلام الحافظ2. وقال الحاكم: "وقد صحت الرواية فيه عن أبي موسى عن أبيه (هكذا والصحيح عن أبي بردة بن أبي موسى عن أبيه) ". ووافق الذهبي على تصحيح الحديث3. قال الكاساني: "تجب الجمعة على الرجال العاقلين الأحرار القادرين عليها من غير حرج، فلا تجب على النساء والصبيان والمجانين والعبيد والمقعد ومقطوع اليد والرجل من خلاف والشيخ الكبير لا يقدر على المشي والمريض" انتهى 4 لأن هؤلاء من أصحاب الأعذار. 4- حديث جابر بن عبد الله: "لا صلاة لجار المسجد إلا في المسجد" وهو حديث مشهور بين الناس وليس له إسناد ثابت. فقد رواه الدارقطني5 عن جابر بن عبد الله وفيه: محمد بن سكين الشقري المؤذن. قال عنه الذهبي: لا يعرف وخبره منكر. وقال البخاري: في إسناد حديثه نظر. ورواه العقيلي في الضعفاء وضعفه. ورواه أيضاً هو والحاكم6. عن أبي هريرة: وفيه سليمان بن داود اليمامي قال عنه ابن معين: ليس بشيء. وقال البخاري: منكر الحديث. وقال ابن حبان متروك. ورواه ابن عدي في الكامل وضعفه، ورواه أيضا عن علي بن أبي طالب. وفيه الحارث الأعور وهو ضعيف جداً.   1 التهذيب (6/249) .1 2 انظر التلخيص الحبير (2/30) .2 3 انظر المستدرك (1/246) .3 4 البدائع (1/422) .4 5 الدارقطني (1/420) .5 6 المستدرك (1/246) .6 الجزء: 60 ¦ الصفحة: 39 وقال ابن الجوزي: رواه عمر بن راشد من حديث عائشة. قال ابن حبان: لا يحل ذكر عمر إلا على سبيل القدح فيه1. ذكر السيوطي في الجامع الصغير2، والعجلوني في كشف الخفاء3. وقالا: إنه ضعيف. هذه هي بعض ما روي في هذا الموضوع وإليكم الآن: وجهة نظر الجمهور القائلين بعدم وجوب الجماعة: نظر الجمهور إلى الأحاديث التي مر ذكرها، وإلى الأحاديث التي تفضل الجماعة على الفرد بدرجات فقالوا: نحمل هذه الأحاديث على تأكيد الجماعة وعدم التهاون فيها لأن قوله صلى الله عليه وسلم: "على صلاته وحده" يقتضي صحة صلاته منفردا لاقتضاء صيغة (أفعل) الاشتراك في أصل التفاضل فإن ذلك يقتضي أيضاً وجود فضيلة في صلاة المنفرد، وما لا يصح لا فضيلة فيه. قال الإمام الشافعي: "ومنعني أن أقول إن صلاة الرجل لا تجوز وحده وهو يقدر على الجماعة بحال تفضيل النبي صلى الله عليه وسلم صلاة الجماعة على صلاة المنفرد، ولم يقل لا تجزئ المنفرد صلاته، وأنا قد حفظنا أن قد فاتت رجالا معه الصلاة فصلوا بعلمه منفردين، وقد كانوا قادرين على أن يجمعوا، وأن قد فاتت الصلاة في الجماعة قوما فجاءوا المسجد فصلى كل واحد منهم منفردا، وقد كانوا قادرين على أن يجمعوا في المسجد، فصلى كل واحد منهم منفردا"4. قال القرطبي: ولا يقال إن لفظة (أفعل) قد ترد لإثبات صفة الفضل في إحدى الجهتين كقوله تعالى: {وَأَحْسَنُ مَقِيلاً} . لأنا نقول: إنما يقع ذلك على قلة حيث ترد صيغة (أفعل) مطلقة غير مقيدة بعدد معين، فإذا قلنا: هذا العدد أزيد من هذا بكذا فلابد من وجود أصل العدد. ولا يقال: يحمل المنفرد على المعذور لأن قوله: صلاة الفذّ صيغة عموم فيشمل من صلى منفرداً بعذر، وبغير عذر فحمله على المعذور يحتاج إلى دليل، وأيضاً ففضل الجماعة حاصل للمعذور5.   1 الموضوعات: (2/93) . وانظر المجروحين لابن حبان: (2/93) . 6/431: (مع فيض القدير) . 2 6/431: (مع فيض القدير) . كشف الخفاء (2/365) . 3 كشف الخفاء (2/365) . الأم (1/155) . 4 الأم (1/155) . 5 انظر فتح الباري (2/136) . الجزء: 60 ¦ الصفحة: 40 ويحتج على الظاهرية القائلين بالوجوب بحديث أبي هريرة أنه بمقتضى مذهبهم لا يدل على وجوب الجماعة في غير الفجر والعشاء، لأنهم يأخذون بالظاهر، فإذا ثبت أن الصلوات الأخرى غير واجبة، وجب أن نحمل حديث أبي هريرة على غير الوجوب أيضاً لأن الصلوات الأخرى لا يختلف حكمها. فإذا كان كذلك وجب تأويل حديث أبي هريرة حتى يصلح أن يكون حكمه مثل الصلوات الأخرى. وإليكم بعض هذه التأويلات نقلاً من الحافظ: 1- أن النبي صلى الله عليه وسلم هم بالتوجه إلى المتخلفين، فلو كانت الجماعة فرض عين ما هم بتركها إذا توجه. وتعقب بأن الواجب يجوز تركه لما هو أوجب منه كما أن تركه لهما حال التحريق لا يستلزم الترك مطلقا لإمكان أن يفعلها في جماعة آخرين قبل التحريق أو بعده. 2- إنها لو كانت شرطاً أو فرضاً لبين ذلك عند التوعد. يجاب بأن النبي صلى الله عليه وسلم قد دل على وجوب الحضور وهو كاف في البيان. قال ابن دقيق العيد: بأن البين قد يكون بالتنصيص وقد يكون بالدلالة. فلما قال: قد "هممت" دل على وجوب الحضور. 3- قال الباجي وغيره: إن الخبر ورد مورد الزجر، وحقيقته غير مرادة، وإنما المراد المبالغة ويرشد إلى ذلك وعيدهم بالعقوبة التي يعاقب بها الكفار. وقد انعقد الإجماع على منع عقوبة المسلمين بذلك. وأجيب بأن المنع وقع بعد نسخ التعذيب بالنار وكان قبل ذلك جائزاً بدليل حديث أبي هريرة قال: بعثنا رسول الله صلى الله عليه وسلم في بعث فقال: "إن وجدتم فلاناً وفلانا فاحرقوهما بالنار". ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم حين أردنا الخروج: "إني أمرتكم أن تحرقوا فلاناً وفلانا، وإن النار لا يعذب بها إلا الله فإن وجدتموهما فاقتلوهما". رواه البخاري في الجهاد في باب لا يعذب بعذاب الله، وأصحاب السنن، إلا أن هذا الحكم كان خاصا بالكفار. 4- أن النبي صلى الله عليه وسلم ترك تحريقهم بعد التهديد فلو كان واجباً ما عفا عنهم. قال القاضي عياض: ليس في الحديث حجة لأنه صلى الله عليه وسلم هم ولم يفعل وزاد النووي: ولو كان فرض عين لما تركهم. الجزء: 60 ¦ الصفحة: 41 وأجاب ابن دقيق العيد فقال: هذا ضعيف لأنه لا يهم إلا بما يجوز له فعله، وأما الترك فلا يدل على عدم الوجوب لاحتمال أن يكون انزجروا بذلك وتركوا التخلف الذي ذمهم بسببه وقد جاء في بعض الطرق بيان سبب الترك وهو فيما رواه أحمد من طريق سعيد المقبري عن أبي هريرة بلفظ: "لولا ما في البيوت من النساء والذرية لأقمت صلاة العشاء وأمرت فتياني يحرقون". الحديث 1. 5- قالوا: إن المراد بالتهديد قوم تركوا الصلاة رأساً لا مجرد الجماعة وهو متعقب بأن في رواية مسلم "لا يشهدون الصلاة" أي لا يحضرون، وفي رواية أحمد "لا يشهدون العشاء في الجميع". أي في الجماعة. 6- إن هذا التهديد ورد في حق المنافقين لتركهم الجماعة. تعقب باستبعاد الاعتناء بتأديب المنافقين على تركهم الجماعة مع العلم بأنه لا صلاة لهم، وبأنه صلى الله عليه وسلم كان معرضاً عنهم وعن عقوبتهم مع علمه بطويتهم، وقد قال: "لا يتحدث الناس أن محمدا يقتل أصحابه". وتعقب هذا التعقيب ابن دقيق العيد بأنه لا يتم إلا إن ادعي أن ترك معاقبة المنافقين كان واجباً عليه ولا دليل على ذلك وليس في إعراضه عنهم ما يدل على وجوب ترك عقوبتهم2. قال الحافظ بعد نقل هذه الاحتمالات: والذي يظهر لي أن الحديث ورد في المنافقين لقوله في صدر الحديث: "ليس صلاة أثقل على المنافقين من الفجر والعشاء … ". وبقوله: "لو يعلم أحدكم" لأن هذا الوصف لائق بالمنافقين لا بالمؤمن الكامل، لكن المراد به نفاق المعصية، لا نفاق الكفر بدليل قوله في رواية عجلان: "لا يشهدون العشاء في الجميع". وقوله في حديث أسامة: "لا يشهدون الجماعة" وأصرح من ذلك قوله في رواية يزيد بن الأصم عن أبي هريرة عند أبي داود: "ثم آتي قوما يصلون في بيوتهم ليست بهم علة". فهذا يدل على أن نفاقهم نفاق معصية لا كفر، لأن الكافر لا يصلي في بيته إنما يصلي في المسجد رياء وسمعة، فإذا خلا في بيته كان كما وصفه الله به من الكفر والاستهزاء. انتهى3. وأجاب الجمهور عن حديث ابن أم مكتوم وغيره من أصحاب الأعذار بأن النبي صلى الله عليه وسلم لم يجد لهم رخصة تحصل لهم فضيلة الجماعة من غير حضورها، وليس معناه إيجاب الحضور   1 هذه الزيادة لا تصح وقد سبق بيانه. 2 إحكام الأحكام: (1/ 165) . 3 فتح الباري: (2/127) . الجزء: 60 ¦ الصفحة: 42 على الأعمى، بدليل أنه صلى الله عليه وسلم رخص لعتبان بن مالك - رضي الله عنه - حين قال: يا رسول الله إن السيول تحول بيني وبين مسجد قومي، فأحب أن تأتيني في مكان من بيتي أتخذه مسجداً. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "سنفعل". فلما دخل النبي صلى الله عليه وسلم قال: "أين تريد؟ ". فأشار إلى ناحية من البيت فقام رسول الله صلى الله عليه وسلم فصففنا خلفه، فصلى بنا ركعتين. وفي رواية إن عتبان بن مالك كان يؤم قومه وهو أعمى، وأنه قال لرسول الله صلى الله عليه وسلم: إنها تكون الظلمة، والسيل، وأنا رجل ضرير البصر، فصل يا رسول الله في بيتي مكاناً أتخذه مصلى … الخ1. وقالوا أيضاً: إن النبي صلى الله عليه وسلم لم يأمر رجلين صليا في رحالهما بإعادة الصلاة، ولم يبين لهما أن حضور الجماعة واجب وهذا وقت بيانه. ثم الاستدلال بحديثي الأعمى وأبي هريرة على وجوب مطلق الجماعة ففيه نظر، لأن الدليل أخص من الدعوى إذ غاية ما في ذلك وجوب حضور جماعة النبي صلى الله عليه وسلم في مسجده لسامع النداء. وكان من جملة أدلتهم أيضاً حديث أبي موسى الأشعري مرفوعاً وهو "إن أعظم الناس في الصلاة أجرا أبعدهم إليها ممشى، والذي ينتظر الصلاة يصليها مع الإمام أعظم أجرا من الذي يصلي ثم ينام" 2. وأيضا حديث أبي هريرة بهذا المعنى3. وأما حديث ابن عباس المتقدم بلفظ "من سمع النداء فلم يأت الصلاة فلا صلاة له إلا من عذر". فإن المراد به كاملة على أن في إسناده يحيى بن أبي حية أبو جناب ضعيف كما سبق. والله تعالى أعلم بالصواب.   1 رواه البخاري (2/157 مع الفتح) ومسلم (1/455) والنسائي (2/80) . 2 رواه البخاري (2/136 مع الفتح) ومسلم (1/460) . 3 رواه أبو داود (1/377) وابن ماجة (1/257) وأحمد (2/350، 428) بطرق عن ابن أبي ذئب، عن عبد الرحمن بن مهران، عن عبد الرحمن بن سعد، عن أبي هريرة مرفوعا: ولفظه "الأبعد فالأبعد من المسجد أعظم أجرا" وعبد الرحمن بن مهران –الهاشمي مولاهم- قال عنه الحافظ في التقريب: مجهول. وقال الخزرجي في الخلاصة: وثقه ابن حبان. أقول لأنه مشى على قاعدته وهي توثيق المجاهيل، فإنه لم يرو عنه إلا ابن أبي ذئب. الجزء: 60 ¦ الصفحة: 43 الثاني: كيف تحصل فضيلة الجماعة؟ تحصل فضيلة الجماعة بالاثنين وأكثر لأن النبي صلى الله عليه وسلم أطلق في قوله: "أفضل صلاة المرء في بيته إلا المكتوبة". فسوى الجماعات في الفضل سواء كثرت أم قلت. الجزء: 60 ¦ الصفحة: 43 وقد روى ابن أبي شيبة بإسناد صحيح عن إبراهيم النخعي أنه قال: إذا صلى الرجل مع الرجل فهما جماعة، لهم التضعيف خمسا وعشرين1 انتهى. ولكنه لا ينفي مزيد الفضل إذا كان أكثر، لاسيما مع وجود النص المصرح به وهو ما رواه أحمد وأصحاب السنن وصححه ابن خزيمة وغيره من حديث أبي بن كعب مرفوعا: "صلاة الرجل مع الرجل أزكى من صلاته وحده وصلاته مع الرجلين أزكى من صلاته مع الرجل وما أكثر فهو أحب إلى الله" 2. والصحيح أن الجماعة تحصل باثنين لما رواه مالك بن الحويرث قال: أتيت النبي صلى الله عليه وسلم أنا وصاحب لي، فلما أردنا الإقفال من عنده قال: "إذا حضرت الصلاة فأذنا، ثم أقيما وليؤمكما أكبركما" 3. وقد بوب البخاري في صحيحه: الاثنان فما فوقهما جماعة. وهذه ترجمة مأخوذة من حديث ورد من طرق ضعيفة منها في ابن ماجه من حديث أبي موسى الأشعري وفي معجم البغوي من حديث الحكم بن عمير، وفي أفراد الدارقطني من حديث عبد الله بن عمر، وفي البيهقي من حديث أنس، وفي الأوسط للطبراني وعند أحمد من حديث أبي أمامة: "أنه رأى رجلا يصلي وحده فقال: ألا رجل يتصدق على هذا فيصلي معه؟ فقام رجل يصلي معه فقال: "هذان جماعة" والقصة المذكورة دون قوله "هذان جماعة" أخرجها أبو داود والترمذي من وجه آخر صحيح4. وقال الإمام النووي: "قال أصحابنا: أقل الجماعة اثنان إمام ومأموم، فإذا صلى رجل برجل، أو بامرأته، أو أمته، أو بنته أو غيرهم أو بغلامه، أو بسيدته أو بغيرهم حصلت لهما فضيلة الجماعة التي هي خمس أو سبع وعشرون درجة، وهذا لا خلاف فيه، ونقل الشيخ أبو حامد وغيره فيه الإجماع" 5. وذلك بدون تفريق ما بين الفرض والنفل. وذهب الإمام أبو حنيفة وأصحابه إلى أنه لا تنعقد الجماعة بصبي، وذهب هو في رواية، والإمام مالك إلى الصحة في النافلة دون الفرض.   1 المصنف (2/531) . 2 أحمد (5/140) وأبو داود (1/376) والنسائي (2/105) . 3 رواه البخاري (2/111 مع الفتح) ومسلم (1/465) وأبو داود (1/396) والترمذي (1/399) والنسائي (2/77) . 4 انظر فتح الباري (2/142) . 5 انظر شرح المهذب (4/81) . الجزء: 60 ¦ الصفحة: 44 وعموم الأحاديث قاضية على هذا الخلاف، لأن النبي صلى الله عليه وسلم لم يبين بأن الجماعة لا تنعقد مع صبي فالأمر على الأصل حتى يثبت بالدليل ما يخالفه. الجزء: 60 ¦ الصفحة: 45 الثالث: العدد الصحيح لمضاعفة فضل صلاة الجماعة على الفذ قال الترمذي: عامة من روى هذا الحديث قالوا خمساً وعشرين إلا ابن عمر فإنه قال: سبعا وعشرين. قال الحافظ: لم يختلف عليه في ذلك إلا ما وقع عند عبد الرزاق1عن عبد الله العمري عن نافع فقال فيه: خمس وعشرون. لكن العمري ضعيف. ووقع عند أبي عوانه في مستخرجه من طريق أبي أسامة عن عبيد الله بن عمر عن نافع فإنه قال فيه: بخمس وعشرين وهي شاذة مخالفة لرواية الحفاظ من أصحاب عبيد الله وأصحاب نافع وإن كان راويها ثقة2. وأما ما وقع عند مسلم من رواية الضحاك ابن عثمان عن نافع بلفظ بضع وعشرين فليست مغايرة لرواية الحفاظ لصدق البضع على السبع وأما غير ابن عمر، فصح عن أبي سعيد، وأبي هريرة، وابن مسعود، عند أحمد وابن خزيمة، وعن أبي بن كعب عند ابن ماجة، والحاكم، وعن عائشة وأنس عند السراج، وورد أيضاً من طرق ضعيفة عن معاذ وصهيب وعبد الله بن زيد بن ثابت وكلها عند الطبراني، واتفق الجميع على خمس وعشرين سوى رواية أبي فقال: أربع أو خمس على الشك وسوى رواية أبي هريرة عند أحمد فقال فيها: سبع وعشرون، وفي إسنادها شريك القاضي وفي حفظه ضعف، وفي رواية لأبي عوانة بضعا وعشرين، وليست مغايرة أيضا لصدق البضع على الخمس، فرجعت الروايات كلها إلى الخمس والسبع إذاً لا أثر للشك، واختلف في أيهما أرجح فقيل: رواية الخمس لكثرة رواتها، وقيل رواية السبع لأن فيها زيادة من عدل حافظ3.   1 المصنف: (1/524) إلا أنه رواه عن عبيد الله بن عمر العمري: (وهو ابن حفص بن عاصم بن عمر بن الخطاب) وهو ثقة غير أن أخاه عبد الله بن عمر ضعيف. 2 أقول: ومن أصحاب عبيد الله، شعيب، رواه البخاري عنه، ويحيى بن سعيد الأنصاري رواه مسلم والدارمي وابن ماجة، وأبو أسامة وابن نمير رواه عنهما مسلم، وأيوب بن أبي تميمة السختياني عند البيهقي، وعبدة عند الترمذي وعبد الوهاب بن عبد المجيد عند ابن خزيمة، هؤلاء كلهم رووا عن عبيد الله بن عمر. فقالوا: خمس وعشرون إلا الضحاك عند مسلم فقال: بضع وعشرون. ولقد استقصيت هذه الطرق في كتابي أبو هريرة في ضوء مروياته (غير مطبوع) . 3 ذكرت أحاديث بعض هؤلاء في الجزء المطبوع من: أبو هريرة في ضوء مروياته ص 134- 137. الجزء: 60 ¦ الصفحة: 45 ثم قال: وقد جمع بين روايتي الخمس والسبع بوجوه: منها: أن ذكر القليل لا ينفي ذكر الكثير، وهذا قول من لا يعتبر مفهوم العدد. ومنها: أن النبي صلى الله عليه وسلم أخبر بالخمس ثم أعلمه الله تعالى بزيادة الفضل، فأخبره بالسبع وتعقب بأنه يحتاج إلى التاريخ وبأن دخول النسخ في الفضائل مختلف فيه. ومنها: الفرق باعتبار قرب المسجد وبعده. ومنها: بحال المصلي كأن يكون أعلم وأخشع. ومنها: إيقاعها في المسجد وغيره. ومنها: الفرق بالمنتظر للصلاة وغيره. ومنها: الفرق بإدراك كلها أو بعضها. ومنها: الفرق بكثرة الجماعة وقلتهم. وقد رجح الحافظ دخول مفهوم الخمس تحت مفهوم السبع. وقال: الحكمة في هذا العدد الخاص غير محققة المعنى، ونقل الطيبي عن التوربشتي ما حاصله: إن ذلك لا يدرك بالرأي بل مرجعه إلى علم النبوة التي قصرت علوم الألباب عن إدراك حقيقتها كلها. انتهى كلام الحافظ من الفتح. وقد أطال الحافظ الكلام في هذا الحديث وبيان المفهوم المراد من العدد، فمن أحب الإطلاع عليه فليرجع إليه. والذي يظهر لي أن بيان فضائل الأعمال بالأعداد أمر معروف وشائع في الشريعة الإسلامية في مثل فضائل التسبيح والتهليل والتحميد وهو أمر متعارف أيضا بين الناس في المسابقة والمناقشة لتعيين أجر معدود لمن فعل كذا ولمن فعل كذا ... والله تعالى أعلم بالصواب وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين وإلى حلقة أخرى إن شاء الله تعالى. تصحيح جاء في العدد 58 في مقال (صلاة المسافر) ص 77 أن أنس بن مالك هو خادم رسول الله صلى الله عليه وسلم. والصواب أنه أنس بن مالك الكعبي، وليس له في كتب الحديث إلا هذا الحديث الذي ذكر في المقال.. فليتنبه. الجزء: 60 ¦ الصفحة: 46 فقه السُّنّةِ: صَلاة الجَمَاعَة للدكتور محمد ضياء الرحمن الأعظمي أستاذ مساعد بكلية الحديث الشريف الرخصة في إعادة الجماعة لمن صلاها منفردا : 1- حديث أبى ذر الغفاري: قال: قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم: "كيف أنت إذا كانت عليك أمراء يميتون الصلاة، أو قال: يؤخرون الصلاة عن وقتها؟. قلت: ما تأمرني؟. قال: "صل الصلاة لوقتها، فإن أدركتها معهم فصل، فإنها لك نافلة" 1. وفي رواية مسلم: عن أبي العالية البراء قال: أخر زياد الصلاة، فأتاني عبد الله بن الصامت، فألقيت له كرسيا فجلس عليه، فذكرت له صنع زياد فعض على شفتيه، وضرب على فخذي، وقال: إني سألت أبا ذر كما سألتني فضرب فخذي كما ضربت فخذك، وقال: إني سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم كما سألتني فضرب فخذي كما ضربت فخذك. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم "الصلاة لوقتها فما أدركت معهم فصل، ولا تقل إني قد صليت فلا أصلى". قال النووي: وفيه دليل على أن الإمام إذا أخر الصلاة عن أول وقتها، يستحب للمأموم أن يصليها في أول الوقت منفرداً، ثم يصليها مع الإمام. فيجمع فضيلتي أول الوقت والجماعة. 2- حديث ميمون الأودي: قال: قدم علينا معاذ بن جبل اليمن رسولُ رسولِ الله صلى الله عليه وسلم إلينا، قال: فسمعت تكبيره مع الفجر، رجل أجش الصوت قال: فألقيت عليه محبتي فما فارقته حتى دفنته بالشام ميتا. ثم نظرت إلى أفقه الناس بعده، فأتيت ابن مسعود فلزمته حتى مات. قال: قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم كيف بكم "إذا أتت عليكم أمراء يصلون الصلاة لغير ميقاتها؟ " قلت: فما   1 رواه مسلم: (5/147مع النووي) وأبو داود (1/248مع المنذري) والترمذي (1/524مع التحفة) والنسائي (2/75) وابن ماجه (1/398) كلهم عن عبد الله بن الصامت، عن أبي ذر رضي الله عنه. الجزء: 61 ¦ الصفحة: 47 تأمرني إن أدركني ذلك يا رسول الله؟ قال: "صل الصلاة لميقاتها، واجعل صلاتك معهم سبحة 1.. سبحة: أي نافلة. أجش الصوت: أي غليظ الصوت بغنة0 وقد روى مثل هذا الأسود، وعلقمة، عن ابن مسعود في سياق أطول من هذا وهو الآتي. وعمرو بن ميمون الأودي أبو عبد الله، ويقال أبو يحي، مخضرم مشهور وثقه ابن معين، والنسائي. وهذا الحديث لم أجد من أخرجه غير أبي داود. 3- حديث ابن مسعود: قال: قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لعلكم ستدركون أقواما يصلون الصلاة لغير وقتها، فان أدركتموه فصلوا الصلاة لوقتها وصلوا معهم، اجعلوها سبحة". رواه النسائي وابن ماجه 2 من حديث أبي بكر بن عياش عن عاصم، عن زر، عن ابن مسعود. ورواه مسلم 3 من حديث إبراهيم عن الأسود، وعلقمة قالا: أتينا عبد الله بن مسعود في داره في سياق أطول من الحديث المذكور أعلاه. وأما قول المنذري: أخرج البخاري ومسلم والترمذي من حديث أبي عمرو، سعد ابن إياس الشيباني عن ابن مسعود فهو في سياق آخر. 4- حديث محجن: قال: أنه كان في مجلس مع النبي صلي الله عليه وسلم فأذن بالصلاة، فقام رسول الله صلى الله عليه وسلم فصلى ورجع، ومحجن في مجلسه، فقال له رسول الله صلي الله عليه وسلم: "ما منعك أن تصلي مع الناس، ألست برجل مسلم؟ ". قال: بلى يا رسول الله، ولكني قد صليت في أهلي، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إذ جئت المسجد وكنت قد صليت، فأقيمت الصلاة، فصل مع الناس وإن كنت قد صليت".   1 رواه أبو داود: (1/248) قال المنذري: حسن. 2 النسائي: (2/75) وابن ماجه: (1/398) . 3 مسلم: (5/15-16) . الجزء: 61 ¦ الصفحة: 48 رواه مالك في الموطأ، والنسائي، وأحمد في مسنده، والحاكم في المستدرك1، بطرق عن زيد بن أسلم، عن بسر بن محجن، عن أبيه. قوله: بسر: بضم الموحدة، وسكون المهملة، كذا قال مالك في روايته عن زيد بن أسلم. وقال الثوري عن زيد بن أسلم عن بشر- بكسر الموحدة، وبالشين المعجمة. والصواب ما قاله مالك. نص على ذلك أبو نعيم، وابن عبد البر، وابن حبان، وغيرهم. وهكذا رواه أحمد في مسنده عنه أيضا. وبسر هذا تابعي مشهور، جزم بذلك البخاري والجمهور، وذكره البغوي وغيره في الصحابة. وأخرجوا من طريق ابن إسحاق، عن عمران بن أبي أنس، عن حنظلة بن علي، عن بسر بن محجن، قال: صليت الظهر في منزلي ثم خرجت بإبل لي لأضربها فمررت برسول الله صلي الله عليه وسلم وهو يصلي في مسجده ... الخ. ذكره الحافظ في الإصابة 2، في القسم الرابع وهو خاص بمن ذكر في الصحابة علي سبيل الوهم والغلط. ولذا عقب بعد ذكر الإسناد بقوله: وقد سقط من الإسناد قوله عن أبيه. وقال الحاكم: هذا حديث صحيح. وقال الذهبي: تفرد عن محجن ابنه. ولكن عرفت أن ابن محجن وهو بسر من التابعين الثقات. فلا يضر تفرده. 5- حديث يزيد بن الأسود: قال: شهدت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم حجته، فصليت معه صلاة الصبح في مسجد الخيف، فلما قضى صلاته انحرف، فإذا هو برجلين في آخر القوم لم يصليا معه، فجيء بهما ترعد فرائصهما، فقال: ما منعكما أن تصليا معنا؟. فقالا: يا رسول الله إنا كنا قد صلينا في رحالنا. قال: "فلا تفعلا، إذا صليتما في رحالكما، ثم أتيتما مسجد الجماعة فصليا معهم فإنها لكما نافلة". رواه أبو داود، والترمذي، والنسائي، وأبو داود الطيالسي، وأحمد، وابن أبي شيبة، والحاكم 3 بطرق عن يعلى بن عطاء عن جابر بن يزيد بن الأسود عن أبيه. قال الترمذي حسن صحيح.   1 مالك: (1/405مع الزرقاني) والنسائي (2/112) وأحمد (4/34) والحاكم (1/244) 2 الإصابة (1/181) . 3 أبو داود (1/299) والترمذي (2/3) وأبو داود الطيالسي (1247) وأحمد (4/160) وابن أبي شيبة (2/274) والحاكم (1/244-245) . الجزء: 61 ¦ الصفحة: 49 ونسب الحافظ في التلخيص1، لابن حبان والدارقطني أيضا، ونقل تصحيحه عن ابن السكن ثم قال: قال الشافعي في القديم: إسناده مجهول. قال البيهقي: لأن يزيد بن الأسود ليس له راو غير ابنه، وهو جابر، ولا لابنه جابر راو غير يعلى. إلا أن الحافظ استبعد هذا الطعن. فقال: يعلى بن عطاء من رجال مسلم، وجابر وثقه النسائي وغيره، وقد وجدنا لجابر بن يزيد راويا غير يعلى، أخرجه ابن مندة في المعرفة من طريق بقية، عن إبراهيم بن ذي حماية، عن عبد الملك بن عمير، عن جابر. انتهى. أقول: بقية وهو ابن الوليد والمعروف أنه مدلس، إلا أنه صرح بالسماع في رواية الدارقطني 2 عن إبراهيم. ثم تواتر هذا الحديث عن يعلى بن عطاء. قال الحاكم 3 روي عنه شعبة، وهشام بن حسان، وغيلان بن جامع، وأبو خالد الدالاني، وأبو عوانة، وعبد الملك بن عمير، ومبارك ابن فضالة، وشريك بن عبد الله، وغيرهم، وقد احتج مسلم بيعلى بن عطاء، انتهى. ووافق علي ذلك الذهبي. ويبدو من هذا أن عبد الملك بن عمير روى مرة عن جابر مباشرة، ومرة عن يعلى بن عطاء عن جابر. وعبد الملك هذا رمى بالاختلاط لكبر سنه لأنه عاش مائة وثلاث سنين. وأخرج له الشيخان من رواية القدماء عنه في الاحتجاج، ومن رواية بعض المتأخرين عنه في المتابعات. 6- حديث يزيد بن عامر: قال: جئت والنبي صلي الله عليه وسلم في الصلاة فجلست، ولم أدخل معهم في الصلاة، فانصرف علينا رسول الله صلي الله عليه وسلم فرأى يزيداً جالساً فقال: "ألم تسلم يا يزيد؟ ". قالت: بلى يا رسول الله قد أسلمت. قال: "فما منعك أن تدخل مع الناس في صلاتهم؟ ". قال: إني كنت قد صليت في منزلي، وأنا أحسب أن قد صليتم. فقال:" إذا جئت إلى الصلاة فوجدت الناس فصل معهم، وإن كنت قد صليت تكن لك نافلة، وهذه مكتوبة"، رواه أبو داود 4.   1 التلخيص: (2/29) . 2 الدارقطني: (1/412) . 3 المستدرك: (1/245) . (1/300-301) . الجزء: 61 ¦ الصفحة: 50 قال النووي في الخلاصة: إسناده ضعيف، نقل عنه الحافظ الزيلعي في نصب الراية1، ولم يبين موضع الضعف. وبيّن ذلك الحافظ في التهذيب، فقال: فيه نوح بن صعصعة حجازي جعله الدارقطني مجهولا، لأنه لم يرو عنه سوى سعيد بن السائب الطائفي ولم يوثق. وقال في التقريب: هو مستور. وقد ذهب البعض إلى أن يزيد بن الأسود، ويزيد بن عامر رجل واحد. ومنهم من قال: قصة محجن شبيهة بقصة يزيد بن عامر ليتسنى له تضعيف قصة محجن، لأن في قصة يزيد: نوح بن صعصعة ضعيف. 7- حديث أبي أيوب الأنصاري: سأل رجل من بني أسد بن خزيمة أبا أيوب الأنصاري، فقال: يصلى أحدنا في منزله الصلاة، ثم يأتي المسجد، وتقام الصلاة، فأصلي معهم، فأجد في نفسي من ذلك شيئا. فقال أبو أيوب: سألنا عن ذلك النبي صلى الله عليه وسلم فقال: "فذلك له سهم جمع". رواه أبو داود مرفوعا، ومالك موقوفا، والبيهقي بوجهين2، قال المنذري: فيه رجل مجهول. وهو الصواب فإني لم أجد من سمى هذا الرجل من بني أسد بن خزيمة. قوله: سهم جمع: أي يضعف له الأجر فيكون له سهمان منه قاله ابن وهب وقال غيره: جمع هنا أي الجيش كقوله تعالى: {سَيُهْزَمُ الْجَمْعُ} . قال بن عبد البر: أي له أجر الغازي في سبيل الله. والأول أشبه بالصواب. وقد أوصى المنذر بن الزبير لفلان كذا، ولفلان كذا، ولفلان سهم جمع، فسئل عن ذلك فقال: نصيب رجلين. هذه الأحاديث تدل علي جواز إعادة الصلاة بالجماعة لمن صلاها في منزله منفردا. وهو أمر متفق لدى جمهور العلماء على سبيل الاختيار والإيثار لإدراك فضيلة الجماعة. وقد خالفه في ذلك بعض من لا يعتد بقولهم. وكانت حجتهم حديث ابن عمر مرفوعا "لا تصلوا صلاة في يوم مرتين ". رواه أبو داود، والنسائي، وأحمد، والدارقطني، وابن حبان، وبن أبي شيبة3. كلهم بطرق عن عمرو بن شعيب، عن سليمان بن يسار مولى ميمونة. وسياق الحديث:   (2/150) . 2 أبو داود مع المنذري، الطبعة الباكستانية. (1/ 301) ومالك (1/408) والبيهقي (2/ 300) . 3 أبو داود (1/301) والنسائي (2/114) ، وأحمد (2/ 19، 41) والدا رقطني (1/ 415) ، وابن حبان (موارد الظمآن 121) وابن أبى شيبة (2/276) . الجزء: 61 ¦ الصفحة: 51 يقول سليمان، أتيت علي ابن عمر وهو بالبلاط، والقوم يصلون في المسجد، قلت ما يمنعك أن تصلي مع الناس، أو القوم؟. قال: إني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "لا تصلوا صلاة في يوم مرتين ". قال المنذري: وفي إسناده عمرو بن شعيب، وقد تقدم الكلام عليه، وهو محمول على صلاة الاختيار، دون ماله سبب، كالرجل يصلي ثم يدرك جماعة فيصلي معهم. وقد كان صلى ليدرك فضيلة الجماعة، جمعا بين الأحاديث. أقول: إن النقاد اتفقوا على أن عمرو بن شعيب إذا حدث عن سعيد بن المسيب، أو سليمان بن يسار مولى ميمونة، أو عروة، فهو ثقة عن هؤلاء. نص على ذلك إسحاق بن منصور، ويحي بن معين وغيرهما. وقال ابن حبان: عمرو بن شعيب في نفسه ثقة يحتج بخبره إذا روى عن غير أبيه1. وقد صحح النووي إسناد هذا الحديث وذكروا عدة تأويلات، منها: (1) المنع من أداء الصلاة مرتين اختيارا من غير سبب. (2) المنع لمن صلى الفرض مرتين بنية الفرض. وهو تأويل الإمام أحمد بن حنبل وإسحاق بن راهويه، فإنهما قالا: أن يصلى الرجل صلاة مكتوبة عليه، ثم يقوم بعد الفراغ منها فيعيدها علي جهة الفرض، وأما من صلى الثانية مع الجماعة علي أنها نافلة اقتداء بالنبي صلي الله عليه وسلم في أمره بذلك فليس ذلك من إعادة الصلاة في يوم مرتين، لأن الأولى فريضة، والثانية نافلة فلا إعادة حينئذ. كذا نقل الشيخ عبيد الله المباركفوري2. (3) يحمل حديث ابن عمر على من صلى بالجماعة في المرة الأولى، والأحاديث الأخرى على من صلى منفردا. والحمل على هذا واجب لما روى مالك في الموطأ3 عن نافع عن ابن عمر أن رجلا سأله فقال: إني أصلي في بيتي ثم أدرك الصلاة مع الإمام فأصلي معه؟. قال: نعم. قال: فأيهما أجعل صلاتي؟. قال ابن عمر: ليس ذلك إليك إنما ذلك إلى الله.   1 انظر تهذيب التهذيب (8/ 49) ونصب الراية (2/148) . 2 انظر المرعاة: (2/ 140) . 3 الموطأ: (1/406) . الجزء: 61 ¦ الصفحة: 52 قال البيهقي: فهذا يدل على أن ما رواه عنه سليمان محمول على ما إذا صليت في جماعة1، وقال السيوطي: وإلى هذا التأويل أشار المصنف (أي النسائي) في الترجمة (وهي سقوط الصلاة عمن صلى مع الإمام في المسجد جماعة) وبوب أبو داود بلفظ: إذا صلى جماعة، ثم أدرك جماعة هل يعيد الصلاة؟ فكأن ابن عمر خص النهي الوارد في حديثه لمن صلى الأولى بالجماعة فلا يعيد، وأما من صلى الأولى منفردا فلا حرج في إعادتها بالجماعة.   1 انظر التلخيص للحافظ (2/29) ، وزهر الربى للسيوطي (2/144مع سنن النسائي) . الجزء: 61 ¦ الصفحة: 53 مذاهب العلماء في الصلوات التي تجوز إعادتها : الأول: تجوز إعادة الصلوات الخمس: وبه قال الشافعي وأحمد، واستدلوا في ذلك بعموم الأحاديث الواردة في الباب، ولأن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "إذا صلى أحدكم في رحله، ثم أدرك الإمام فليصل معه". فلم يستثن صلاة دون صلاة. وكذلك الصلوات التي لها سبب لا يدخل فيها الكراهة. قال النووي في شرح مسلم2 معلقا على حديث أبي ذر:"وفي هذا الحديث أنه لا بأس بإعادة الصبح والعصر والمغرب كباقي الصلوات، لأن النبي صلى الله عليه وسلم أطلق الأمر بإعادة الصلاة، ولم يفرق بين صلاة، وصلاة. وهذا هو الصحيح في مذهبنا. ثم قال: ولنا وجه أنه لا يعيد الصبح والعصر لأن الثانية نفل، ولا تنفل بعدهما، ووجه أنه لا يعيد المغرب لئلا تصير شفعا وهو ضعيف". وقال في شرح المهذب:3 وفي وجه شاذ يعيد الظهر والعشاء فقط "ثم قال:" لما والمذهب استحباب الإعادة مطلقا. ومن صرح بتصحيحه الشيخ أبو حامد، ونقل أنه ظاهر نصه في الجديد، والقديم، وصححه أيضا القاضي أبو الطيب، والبندنيجي، والماوردي، والمحاملي، وابن الصباغ، والبغوي، وخلائق كثيرون لا يحصون، ونقله الرافعي عن الجمهور: هذا هو المذهب الصحيح عند الشافعي وينبغي ذكر هذا الرأي عند الإطلاق. وأما أحمد فقد قال ابن قدامة عنه في المغني4: إن من صلى فرضه ثم أدرك تلك الصلاة في   2 شرح النووي: (5/148) . 3 شرح المهذب: (4/121) . 4 المغني (2/92) . الجزء: 61 ¦ الصفحة: 53 جماعة استحب له إعادتها، أي صلاة كانت بشرط أن تقام وهو في المسجد، أو يدخل المسجد وهم يصلون وهذا قول الحسن والشافعي وأبي ثور. وسئل الإمام أحمد عن إعادة المغرب: فقال: نعم إلا أنه يشفع. ونقل ابن قدامة عن الشافعي مثله ودليله في ذلك ما رواه صلة، عن حذيفة أنه لما أعاد المغرب قال: ذهبت أقوم في الثالثة فأجلسني. (وهذا يحتمل أنه أمره بالاقتصار على ركعتين لتكون شفعا، ويحتمل أنه أمره بالصلاة مثل صلاة الإمام) . ثم قال ابن قدامة:"إن هذه الصلاة نافلة، ولا يشرع التنفل بوتر، فكان زيادة ركعة أولى من نقصانها لئلا يفارق إمامه قبل إتمام صلاته " انتهى. أقول: هذا الأثر أخرجه عبد الرزاق في المصنف1 وابن أبي شيبة2 عن الثوري عن جابر، عن سعيد بن عبيد، عن صلة بن زفر العبسي. وجابر هذا هو ابن يزيد بن الحارث الجعفي. وقال الحافظ: ضعيف، وصلة بن زفر من الثقات. وروى ابن أبي شيبة أيضا عن علي أنه قال: يشفع بركعة يعني إذا أعاد المغرب3. وفيه: الحارث الأعور وهو كذاب. وذكر بعض الآثار الأخرى من التابعين وأتباعهم. الثاني: يكره المغرب فقط وهو قول الإمام مالك: واستدل في ذلك بأثر ابن عمر، رواه عن نافع عنه قال: من صلى المغرب، أو الصبح، ثم أدركها مع الإمام فلا يعد لهما4 ورواه5 عن ابن جريح عن نافع. ثم قال مالك في الموطأ أيضا: "ولا أري بأسا أن يصلى مع الإمام من كان يصلي في بيته إلا صلاة المغرب فإنه إذا أعادها كانت شفعا" انتهى.   1 مصنف عبد الرزاق: (2/ 422) . 2 ابن أبي شيبة: (2/276) . 3 المصدر السابق. 4 الموطأ: (1/408) . 5 مصنف عبد الرزاق: (2/422) . الجزء: 61 ¦ الصفحة: 54 وقد علل محمد بن الحسن عدم إعادة المغرب بأن الإعادة نافلة، ولا تكون النافلة وترا. قال ابن عبد البر: هذه العلة أحسن من تعليل مالك. وكان أبو قلابة أيضا يكره إعادة المغرب. ذكره عبد الرزاق في المصنف. وأما ابن قدامة فنقل عن مالك إعادة المغرب إن صلى وحده، وعدم الإعادة إذا صلاها بالجماعة. وهذا يخالف ما رواه الأئمة المالكية. ففي المدونة1 " إذا دخل الرجل المسجد، وقد صلى وحده في بيته فليصل مع الناس إلا المغرب فإنه إن كان قد صلاها ثم دخل المسجد فأقام المؤذن صلاة المغرب فليخرج " ومثله في حاشية الدسوقي 2 وفي شرح الزرقاني على الموطأ 3. الثالث: لا يعيد من الصلوات إلا الظهر والعشاء: وهو رأي الإمام أبي حنيفة وصاحبيه. والضابط في ذلك ما ذكره الإمام الطحاوي في شرح معاني الآثار 4 " كل صلاة يجوز التطوع بعدها فلا بأس من إعادَتها على أنها نافلة له، غير المغرب، لأنها إن أعيدت كانت تطوعا، والتطوع لا يكون وترا، إنما يكون شفعا". ثم قال: واحتجوا في ذلك بما تواترت به الروايات عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في نهيه عن الصلاة بعد العصر حتى تغرب الشمس. ثم قال: وهذه ناسخة (لأحاديث الباب) . واستدل الشيخ ابن الهمام في شرح فتح القدير 5 بحديث رواه الدارقطني عن ابن عمر وهو أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "إذا صليت في أهلك، ثم أدركت الصلاة فصلها إلا الفجر والمغرب ". قال عبد الحق: تفرد برفعه سهل بن صالح الأنطاكي وكان ثقة. وإذا كان كذلك فلا يضر وقف من وقفه لأن زيادة الثقة مقبولة. وإذا ثبت هذا فلا يخفى وجه تعليل إخراجه الفجر، بما يلحق به العصر. انتهى كلامه.   1 المدونة: (1/ 87) . 2 حاشية الدسوقي: (1/ 296) . 3 شرخ الزرقاني: (1/408) 4 شرح معاني الآثار: (1/ 364) . 5 شرح فتح القدير: (1/337) . الجزء: 61 ¦ الصفحة: 55 ولم أجد هذا الحديث في سنن الدارقطني في مظانه، وكذلك لم أقف على من رفعه في الكتب، وقد سبق ذكره موقوفا على ابن عمر عند مالك. ثم ظفرت بكلام الشيخ عبيد الله المباركفوري في المرعاة 1 أنه نسب الوهم إلى الملا علي القاري في المرقاة لأنه أيضا ممن نسب هذا الحديث إلى الدارقطني مرفوعا ونص المباركفوري: " لم أجد هذا الحديث في سنن الدارقطني لا مرفوعا، ولا موقوفا، والظاهر أنه من وهم القاري ". وأما سهل بن صالح الأنطاكي هذا فهو أبو سعيد البزار قال فيه أبو حاتم: ثقة، وقال النسائي: لا بأس به، وذكره ابن حبان في الثقات وقال: ربما أخطأ. وأما صلاة المغرب: ففي الهداية " في ظاهر الرواية التنفل بالثلاث مكروه، وفي جعلها أربعا مخالفا لإمامه (قال الشيخ ابن همام) احتراز عما روي عن أبي يوسف أنه يدخل معه ويتمها أربعا ". وحديث يزيد بن الأسود متأخر عن أحاديث النهي عن الصلوات في الأوقات المكروهة بالتأكيد، لوقوعه في حجة الوداع، ثم فيه نص صريح بصلاة الصبح. قال الخطابي: " وظاهر الحديث حجة على جماعة من منع عن شيء من الصلوات كلها، ألا تراه يقول: " إذا صلى أحدكم في رحله ثم أدرك الإمام فليصل معه" ". ولم يستثن صلاة دون صلاة. ثم قال: فأما نهيه صلى الله عليه وسلم بعد الصبح حتى تطلع الشمس، وبعد العصر حتى تغرب، فقد تأولوه على وجهين: أحدهما: أن ذلك على معني إنشاء الصلاة ابتداء من غير مناسب، فأما إذا كان لها سبب مثل أن يصادف قوما يصلون جماعة، فإنه يعيدها معهم ليحرز الفضيلة. والوجه الآخر: أنه منسوخ، وذلك أن حديث يزيد بن الأسود متأخر لأن في قصته أنه شهد مع رسول الله صلى الله عليه وسلم حجة الوداع. وفي قوله صلى الله عليه وسلم "أنها نافلة" دليل على صلاة التطوع جائزة بعد الفجر قبل طلوع الشمس إذا كان لها سبب. انتهى2.   1 المرعاة: (2/120) . 2معالم السنن مع مختصر المنذري: (1/300) من الطبعة الباكستانية. الجزء: 61 ¦ الصفحة: 56 وقال السندي معلقا على حديث جابر بن يزيد بن الأسود في حاشية النسائي 1 " هذا تصريح في عموم الحكم في أوقات الكراهة أيضا، ومانع عن تخصيص الحكم بغير أوقات الكراهة لاتفاقهم علي أنه لا يصح استثناء المورد من العموم، والمورد صلاة الفجر ". وقال: " ولا يمكن أن يتوهم نسخ هذا الحكم لكون ذلك في حجة الوداع ". وقد زعم بعض العلماء أن في حديث يزيد بن الأسود اضطرابا لا يصلح أن يكون حجة في الباب وملخص قوله: أنه ورد في كتابي الآثار لمحمد وأبي يوسف، وفي كتابي البدائع والمبسوط وغيرهما أن تلك الحادثة كانت في صلاة الظهر. ولكن الذي يبدو من دراسة هذه الأحاديث أن القصة التي وقعت في صلاة الظهر هي قصة بسر بن محجن الدئلي كما في بعض الروايات. فقد روى الإمام الطحاوي في شرح معاني الآثار 2 بطريق ابن أبي داود قال: ثنا يحيى بن صالح الوُحَاظِي قال: ثنا سليمان بن بلال قال ثنا زيد بن أسلم، عن بسر بن محجن الدئلي عن أبيه قال: صليت في بيتي الظهر والعصر. الخ. وروي أحمد في مسنده 3 بسياق آخر قال ثنا يعقوب، ثنا أبي، عن ابن إسحاق، قال حدثني عمران بن أبي أنس، عن حنظلة بن علي الأسلمي، عن رجل من بني الديل قال: صليت الظهر في بيتي، ثم خرجت بأباعر لي لأصدرها، إلي الراعي، فمررت برسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يصلي بالناس الظهر، فمضيت فلم أصل معه، فلما أصدرت أباعري، ورجعت ذكر ذلك لرسول الله (صلي الله عليه وسلم) فقال لي: ما منعك يا فلان أن تصلي معنا حين مررت بنا. قال: فقلت يارسول الله إني كنت قد صليت في بيتي. قال: وإن. قال الهيثمي في مجمع الزوائد، رواه أحمد ورجاله موثقون 4. وأما من اعتذر عن إعادة صلاة المغرب بحجة أنها تطوع، والتطوع لا يكون وترا. فيجاب أن صلاة الوتر من باب التطوع وهو نظير في الموضوع. والشارع لم يخصص شيئا من عموم قوله فتخصيص شيء بالقياس بدون حاجة لا يجوز والله تعالى أعلم بالصواب.   1 النسائي: (2/113) . 2 شرح معاني الآثار: (1/363) . 3 أحمد: (4/215) . 4 مجمع الزوائد: (2/44) . الجزء: 61 ¦ الصفحة: 57 المسألة الثانية: أي الصلاتين تكون مكتوبة؟ . القول الأول: أن الأولى هي المكتوبة. وبه قال الجمهور من الفقهاء وهو مذهب أبي حنيفة وأحمد، وأظهر القولين عند الشافعي كما نص على ذلك الإمام النووي في روضة الطالبين 1 وشرح المهذب 2 وشرح مسلم 3 وذكر أقوال العلماء الشَافعية في هذه المسألة عند شرحه لحديث أبي ذر في صحيح مسلم 4 فبلغت أربعة وهي: أن الفرض هي الأولى للحديث ولأن الخطاب سقط بها، والثاني: أن الفرض أكملها، والثالث كلاهما فرض، والرابع الفرض أحدهما علي الإيهام، يحتسب الله تعالى بأيهما شاء وأما الحنفية فلا خلاف عندهم في فرضية الأولى ولذا وقع الخلاف في إعادة صلاتي العصر والفجر لأجل النهي عن التطوع بعدهما. واستدل هؤلاء بالأحاديث التي مر ذكرها وهي حديث أبي ذر، وأبي مسعود، ويزيد ابن الأسود، ومحجن الدئلي وغيرها. لأنه وقع التصريح في هذه الأحاديث بأن الثانية تكون نافلة. قال ابن قدامة: ولأن الأولى وقعت فريضة، وأسقطت الفرض، بدليل أنها لا تجب ثانيا، وإذا برئت الذمة بالأولى، استحال كون الثانية فريضة، وجعل الأولى نافلة. قال حماد، وقال إبراهيم: إذا نوى الرجل صلاة، وكتبتها الملائكة فمن يستطيع أن يحولها فما صلى بعدها فهو تطوع 5. القول الثاني: الثانية هي مكتوبة، إذا صلى الأولي فرادي. وهو قول الشافعي في القديم. واستدل له بحديث يزيد بن عامر الذي وقع فيه التصريح بأن الثانية مكتوبة. يجاب عن هذا بان حديث يزيد بن عامر ضعيف وسبق بيان ذلك والشيخ الألباني صحح هذا الحديث في حاشية المشكاة 6 مع وجود رجل مستور فيه، وهو نوح بن صعصعة. وحديث يزيد بن الأسود أولى منه وأثبت.   1 روضة الطالبين: (1/344) . 2 شرح المهذب: (4/123) . 3 شرح مسلم: (4/16) . 4 شرح مسلم: (5/148) . 5 انظر المغني: (2/94) . 6 المشكاة: (1/364) . الجزء: 61 ¦ الصفحة: 58 وحاول الشيخ الشوكاني الجمع بين الحديثين فقال في نيل الأوطار 1: " وعلي فرض صلاحية حديث يزيد بن عامر للاحتجاج به، فالجمع بينه وبين حديث الباب ممكن، بحمل حديث الباب على من صلى الصلاة الأولى في جماعة، وحمل هذا على من صلى منفردا كما هو الظاهر من سياق الحديثين". إلا أنه جمع بعيد فإن من صلى الأولى منفردا بنية الفرض كيف تنقلب إلي النافلة وقد انتهى منها. ثم يجب أن ينتهي هذا الخلاف فإن الحديث ضعيف والقول الراجح عند الشافعي هو أن الأولى هي المكتوبة. الثالث: التفويض إلى الله سبحانه وتعالى في قبول ما شاء من الصلاتين. وهو المشهور من مذهب المالكية. واستدل هؤلاء بأثر ابن عمر- رضي الله عنه- رواه مالك في الموطأ 2 عن نافع، أن رجلا سأل عبد الله بن عمر: فقال: إني أصلي في بيتي ثم أدرك الصلاة مع الإمام أفأصلي معه؟. فقال عبد الله بن عمر: نعم، فقال الرجل: أيهما أجعل صلاتي؟. فقَال له ابن عمر: أو ذاك إليك؟. إنما ذلك إلى الله يجعل أيهما شاء. وذكر الزرقاني: روى ابن أبي ذئب، عن نافع، أن ابن عمر قال: إن صلاته هي الأولى. وقوله هذا مخالف لرواية مالك. فكأن ابن عمر شك في أول الأمر، ثم بان له أن الأولى هي الفرض فرجع من شكه إلي اليقين، ولا يقال عكس هذا. فمن المحال أن يرجع إنسان من اليقين إلى الشك. إلا أن المذهب المختار عندهم هو هذا. قال ابن عبد البر: حسب النظر الفقهي الدنيوي الفريضة هي الصلاة الأولى، وأما باعتبار الأخرى فالأمر مفوض إلى الله تعالى- ولهذا لا يجوز لمن صلى في بيته ثم أتى المسجد، فأقيمت الصلاة أن يتقدمهم لأنه لا يدري أيتهما صلاته. وهذا هو مذهب المدونة وعليه العلماء المالكية راجع التفاصيل في حاشية الدسوقي 3   1 نيل الأوطار: (3/ 114) . 2 الموطأ: (1/406) . 3 حاشية الدسوقي: (2/297-298) . الجزء: 61 ¦ الصفحة: 59 وبعد هذه الدراسة المستفيضة لا يشك أحد في أن الفرض هو الأولى وتقع الثانية نافلة. والله تعالى أعلم بالصواب. الجزء: 61 ¦ الصفحة: 60 الخامس: حضور النساء في الجماعة : لا خلاف بين العلماء بأن حضور النساء وشهودهن الجماعة ليس فرضا لما صح من الآثار بأن نساء النبي صلى الله عليه وسلم كن في حجرهن ولا يخرجن إلى المسجد. واختلفوا في أي الأمرين يكون أفضل لهن أصلاتهن في بيوتهن، أم في المساجد في الجماعات؟. القول الأول: أن الأفضل حضورهن في الجماعات في المساجد بناء على عموم قول النبي صلى الله عليه وسلم: "إن صلاة الجماعة تفضل صلاة المنفرد بسبع وعشرين درجة". وهو مذهب أهل الظاهر. قال الإمام ابن حزم: وهذا عموم لا يجوز أن يخص منه النساء من غيرهن 1. وقد قال قبل هذا: فإن استأذن الحرائر، أو الإماء، بعولتهن أو ساداتهن في حضور الصلاة في المسجد ففرض عليهم الإذن لهن، ولا يخرجن إلا تفلات غير متطيبات ولا متزينات فإن تطيبن أو تزين لذلك، فلا صلاة لهن، ومنعهن حينئذ فرض 2. القول الثاني: إن صلاتهن في البيت أفضل وهو مذهب الجمهور من الفقهاء. وقد وردت في ذلك عدة أحاديث منها: (1) "إذا استأذن نساؤكم بالليل إلى المسجد فأذنوا لهن". (رواه الجماعة إلا ابن ماجة عن ابن عمر) ، وفي لفظ عند أحمد وأبي داود:" لا تمنعوا النساء أن يخرجن إلي المسجد وبيوتهن خير لهن " هذه الزيادة أخرجها أيضا ابن خزيمة في صحيحه. (2) عن أم سلمة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " خير مساجد النساء قعر بيوتهن". رواه أحمد وأبو يعلي والطبراني في الكبير وفيه: ابن لهيعه وفيه كلام 3. (3) عن أم حميد امرأة أبي حميد الساعدي أنها جاءت النبي صلى الله عليه وسلم فقالت: "يا رسول الله إني أحب الصلاة معك". قال: "قد علمت أنك تحبين الصلاة معي وصلاتك في بيتك خير   1 المحلى: (4/277) . 2 المحلى: (4/265) . 3 انظر مجمع الزوائد: (2/32) . الجزء: 61 ¦ الصفحة: 60 من صلاتك في حجرتك، وصلاتك في حجرتك خير من صلاتك في دارك وصلاتك في دارك خير من صلاتك في مسجد قومك، وصلاتك في مسجد قومك خير من صلاتك في مسجدي". قالت:" فأمرت فبني لها مسجد في أقصى بيتها وأظلمه فكانت تصلي فيه حتى لقيت الله عز وجل". رواه أحمد ورجاله رجال الصحيح غير عبد الله بن سويد الأنصاري وثقه ابن حبان. (4) حديث ابن مسعود: قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:" صلاة المرأة في بيتها أفضل من صلاتها في حجرتها وصلاتها في مخدعها أفضل من صلاتها في بيتها". رواه أبو داود، وسكت عليه المنذري، قال النووي إسناده علي شرط مسلم 1. المخدع: البيت الصغير داخل البيت الكبير. هذه هي بعض الأحاديث التي رويت في هذا الموضوع وقد ذكر الهيثمي في مجمع الزوائد الأحاديث الأخرى والآثار من الصحابة. استدل جمهور الفقهاء بهذه الأحاديث بأن صلاة المرأة في بيتها أفضل من صلاتها في المسجد إلا أنه لم يكره أحد العلماء حضورهن الصلوات بالجماعات لما ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه أذن للنساء في الحضور في صلاة الجماعة. وكانت النساء في عهد النبي صلى الله عليه وسلم يحضرن الجماعة. وقد استدل الإمام البخاري بحديث عائشة: اعتم رسول الله صلى الله عليه وسلم في العشاء حتى ناداه عمر: قد نام النساء والصبيان ... كانوا حضورا في المسجد وبوب على هذا الحديث بقوله: باب خروج النساء إلي المسجد بالليل والغلس. وقال العلماء إنهن إذا طلبن الإذن من أزواجهن للخروج إلى المسجد فعلى الأزواج أن لا يمنعوهن، وقد شدد البعض فقال يجب عليهن إذنهن للخروج وهو مخالف للنص وإلا لا معنى للإذن إذا. إلا أنههم شرطوا أن لا يخرجن متطيبات فعلى الرجال أن يمنعوا النساء إذا خرجن متطيبات. وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:" أيما امرأة أصابت بخورا فلا تشهدن معنا العشاء الآخرة". رواه مسلم وأبو داود والنسائي وأحمد 2.   1 انظر شرح المهذب: (4/83) . 2 مسلم: طبعة فؤاد (1/328) وأبو داود (4/402) والنسائي (8/154) وأحمد (2/304) . الجزء: 61 ¦ الصفحة: 61 وقد أحدثت النساء في زمن عائشة- رضي الله عنها- ما أزعجته، فقالت:" لو أدرك رسول الله صلى الله عليه وسلم ما أحدثت النساء لمنعهن كما منعت نساء بني إسرائيل". رواه الشيخان. قال الحافظ ابن حجر: وتمسك بعضهم بقول عائشة في منع النساء مطلقا وفيه نظر. إذ لا يترتب على ذلك تغير الحكم إنها علقته على شرط لم يوجد بناء على ظن ظنته فقالت:" لو رأى لمنع", فيقال عليه: لم ير، ولم يمنع، وإن كلامها يشعر بأنها كانت ترى المنع. وقال: وأيضا فالأحداث إنما وقع من بعض النساء لا من جميعهن، فان تعين المنع فليكن لمن أحدثت 1. قال الشوكاني: وقد حصل من الأحاديث المذكورة في هذا الباب أن الإذن للنساء من الرجال إلي المساجد إذا لم يكن في خروجهن ما يدعو إلي الفتنة من طيب أو حلى أو أي زينة واجب علي الرجال، وأنه لا يجب مع ما يدعو إلي ذلك ولا يجوز، ويحرم عليهن الخروج لقوله: "فلا تشهدن " وصلاتهن على كل حال في بيوتهن أفضل من صلاتهن في المساجد.2 وقوله: واجب علي كل الرجال فيه نظر لأن قول النبي صلى الله عليه وسلم: "لا تمنعوا إماء الله مساجد الله ". نهي تنزيه لأن حق الزوج في ملازمة المسكن واجب فلا تتركه للأفضلية. قال به النووي 3. والحمد لله رب العالمين.   1 انظر فتح الباري: (2/350) . 2 انظر نيل الأوطار: (3/162) . 3 انظر شرح المهذب: (4/83) . الجزء: 61 ¦ الصفحة: 62