الكتاب: معجم تصحيح لغة الإعلام العربي المؤلف: عبد الهادي أبو طالب   [الكتاب مرقم آليا غير موافق للمطبوع] ---------- معجم تصحيح لغة الإعلام العربي عبد الهادي أبو طالب الكتاب: معجم تصحيح لغة الإعلام العربي المؤلف: عبد الهادي أبو طالب   [الكتاب مرقم آليا غير موافق للمطبوع] كتاب معجم تصحيح لغة الإعلام العربي - للأستاذ الدكتور عبد الهادي بوطالب- مقدمة المؤلف يعنى هذا المعجم بتصحيح بعض أخطاء لغة الإعلام العربي، والمراد بالإعلام مدلوله الشامل لكل ما يُنشر ويُكتَب ويُبَثُّ عبر الإذاعة والتلفزة، وما تنطق به الألسنة وما لا تخلو منه بعض الكتب من أخطاء لغوية. خاصة منها الأخطاء الشائعة التي تُنوسي بتكرارها صحيح اللغة وصوابها بحيث أصبح معها الخطأ المشهور أكثر انتشارا من الصواب المهجور. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 1 ويعتمد الكتاب في تصحيح هذه الأخطاء على أن تطبيق القواعد أفضل وأولى من استعمال الشاذ حتى لا تصبح اللغة لغتين. لذا أرجو أن يقبل مني علماء اللغة العربية هذا التوجه الذي أعتبره وحده الكفيل بالحفاظ على وحدة اللغة العربية من خلال وحدة قواعدها النحوية والصرفية، وألا يردوا عليَّ بأن الخطأ موجود في الشاذ من اللغة. أقول هذا وأنا أستحضر أن اللغة العربية نشأت من مجموعة اللهجات العربية التي فرَّقتها، لكن جمعها القرآن الكريم الذي وحَّدها على لغة قريش وقال عنها إنها لسان عربي مبين. ولست ضد اقتباس اللغة الجزء: 1 ¦ الصفحة: 2 العربية كلماتٍ من لغات أخرى، بشرط أن يكون "المولَّد" مسايرا لبِنْيَات اللفظ العربي ومتقيِّدا بأوزان الأفعال المعروفة. وقد تحدث عن المولَّد بتفصيل السيوطي في الجزء الأول من كتابه "المُزْهِر" ص.304، وذكر الكثير من الألفاظ المولَّدة التي جاءت إلى اللغة العربية من الفارسية، والرومية، والحبشية، والسريانية، والعبرية، والتركية القديمة. وجاء بعضها في القرآن فأصبحت بذلك كلمات عربية فصيحة. اللغات الحضارية القديمة والحديثة لا تتعدد فيها التعابير الدالة على المعنى الواحد ولا تختلف أشكالها، وتقدِّمها الجزء: 1 ¦ الصفحة: 3 المعاجم في صيغة واحدة لأن اللغة لا يمكن أن تكون لغات. ولابد أن تَرْقَى اللغة العربية إلى هذا المستوى. وفي جميع أقطار العالم تتأسس جمعيات للحفاظ على اللغة الوطنية وتحصينها من تسرب الدخيل إليها. توجد هذه الجمعية في فرنسا مثلا لحماية الفرنسية من غزو الإنجليزية، لأن حماية اللغة من الأخطاء والدخيل حماية للسيادة اللغوية التي هي جزء من السيادة الوطنية. وفي كل أمة تحترم نفسها يعمل علماء اللغة على حماية لغتهم الوطنية من الفساد والتشويه. وقد أُثِر عن أحد أعضاء الكونغريس الأميريكي كان تقدم إلى هذا الجزء: 1 ¦ الصفحة: 4 المجلس بمقترح قانون للحفاظ على الإنجليزية أنه برّره بقوله: "إننا نضع القوانين لمعاقبة الجريمة والقتل والفساد فلماذا لا نصنع القوانين لمعاقبة الذين يفسدون اللغة ويقتلونها؟ ". واقتصر هذا الكتاب على تصحيح بعض الأخطاء كنماذج يمكن أن يقيس عليها باحثون لغويون في تصحيح ما لم يصححه هذا الكتاب من أخطاء ضاق عنها حجمه المحدود، وآمل أن يتمموا بذلك الجهد المتواضع الذي قمت به. د. عبد الهادي بوطالب حرف الهمزة (أ) همزة القطع وهمزة الوصل الجزء: 1 ¦ الصفحة: 5 وتَرِدان في أول الكلمة. مثال همزة الوصل: ارتباط، (و) ارتفاع (و) امتثال. وهمزة القطع: إنصات، (و) إقطاع، (و) إنقاذ. ولا تُكتب همزة الوصل تحت ألف الكلمة بل ولا تضبط بالكسرة وتبقى بدون شكل هكذا: ارتباط، ارتفاع، امتثال. بينما تُكتب همزة القطع بالكسرة ويُنطق بها: إنصات، إقطاع، إنقاذ. لذا لا يصح أن توضع الهمزة تحت النشرة الاقتصادية على شاشة التلفزة، ويكتب العنوان هكذا: النشرة الإقتصادية، أو ينطق بها المذيع كما ينطق بهمزة القطع أو يكتبها له المحرر بهمزة القطع. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 6 وإنما يقال ويُنطَق على هذا الشكل: النشرة الاِقتصادية والتعليم الاِبتدائي، والشؤون الاِجتماعية، بينما تُكتب همزة القطع بكسرها ويُنطَق بها هكذا: النشرة الإخبارية، وبرامج الإعلانات، والإشهار. قرأت في جريدة عربية يومية كبرى محترمة عنوانا كبيرا مكتوبا في سطرين واسعين: المكتبة الإفتراضية على شبكة الإنترنيت. أين نحن من ثروة الإعلام والإتصال والصواب هو الاِفتراضية، والاِتصال بدون همزة قطع، وبكسر همزة الوصل. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 7 تماما كما نحن نقول الحملة الاِنتخابية، ولائحة الاِستفتاء، والاستقبالات الملكية. والاِحتفالات بالأعياد والمرحلة الاِنتقالية والعمليات الاِستشهادية، وإني في الاِنتظار، وسأحضر في الاِستقبال. ولا يجوز أن يقال في ختام البرقيات. وتقبلوا فائق الإحترام، وعظيم الإعتبار وبالغ الإمتنان. كما لا يقال عملية إنتقائية، وأداة إستفهام، ومرحلة الإمتحانات. فكل ذلك وما شابهه لا تُنطق فيه الهمزة ولا تُكتب. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 8 أَحادي وأَحادية: يُنطَق بهما بفتح الهمزة والصواب هو ضمها، أي أُحادي وأُحاديَّة. كما تُضَم الهمزة في ميزان فُعالي وفُعالية، فنقول ثُنائي، وثُنائيَّة، وثُلاثي، وثُلاثية، ورُباعي، وخُماسي، وسُداسي، وسُباعي، وثُماني، وتُساعي، وعُشاري. والمؤنث من هذه الألفاظ يأتي على وزن فُعالية. نقول ثُنائية الإشكالية، أي ثُنائية ذات شِقَّيْن. والمخَطَّط الثُّنائي أي مُخطَّط سنتين. والمخطط الثُّلاثي، أي لثلاث سنوات. والخطة الرُّباعية، أي خطة أربع سنوات. وهكذا دَوالَيْك إلى العُشاري والعُشارية. وكلها تضم همزتها، فلِم نقول إذن الجزء: 1 ¦ الصفحة: 9 الأحادية بفتح الهمزة؟ لذا علينا أن نقول: أُحاديَّة القطبية العالمية بضم الهمزة ولا يجوز فتحها. ونقول أُحاديُّ اللغة أي ذو لغة واحدة. والطريق الأُحاديُّ أي المنفرد أو طريق ذو مسلك واحد. والخط الحديديُّ الأُحادي، أي الخط المنفرد. كما نقول الأُحاديَّة هي نقيض التعددية. والياء التي تُختَم بها هذه الكلمة هي ياء النسبة. وبدون نسبة بالياء يصبح الأُحاديّ أُحاد. ونقول جاءوا أُحادَ أي واحدا بعد الآخر. وتُمنع صيغة فُعال هذه من الصرف فلا يجوز أن نقول جاءوا أحادًا بالتنوين. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 10 أَحَدي وأَحَديّة لكن يمكن أن نفتح الحاء ونقول أَحَدي، وأَحَدِيّة، نسبة إلى لفظ أَحَد. (قل هو الله أحَد) . وحينئذ يجوز أن نقول أَحَديَّة القُطبية، بفتح الهمزة ولكن بدون مدّ الحاء. حتى لا يصبح اللفظ فُعاليا بضم الحرف الأول من الكلمة (الذي يسمى فاء الكلمة) . وجاء في أدعية بعض الصوفية: "يا أَحَدُ، يا صَمَدُ، يا من هو موصوفٌ بالأَحَديَّة والأَزَليَّة والأَبَديَّة". ويجمع أَحَد على آحاد. وهي ما يقابل العشرات والمآت والآلاف. ولا تُمنع هذه الصيغة من الصرف فيقال جاءوا آحاداً. وجاء ذكر ذلك في هذين البيتين لشاعر عربي قديم الجزء: 1 ¦ الصفحة: 11 قال ينصح أبناءه بالاتحاد والابتعاد عن الفُرْقة: … كونوا جميعا يا بَنِيَّ إذا انْبَرى … … … خَطْبٌ ولا تَتَفرَّقوا أفْرادا … … تأْبَى العِصَيُّ إذا اجتمعْن تَكسُّرا … … … وإذا افْتَرقْنْ تكسَّرتْ آحَادا كما تأتي كلمة آحاد جمعا ليوم الأحد. فنقول تُغلَق المكاتبُ والمدارسُ في عالم الغرب في آيام الآحاد. وتُفتَح في أيام الآحاد ملاعبُ الكرة. نسمع المذيع يقول إليكم آذان الظهر، وآذان العصر، أو يُكْتَب على الشاشة الآذان. وهذا خطأ. والصواب الأذان بدون مدّ. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 12 آذان وأذان نداء المؤذن للصلاة يسمى الأَذان بفتح الهمزة بدون مدّ. أما الآذان فجمع أذُن. فنقول يُسمَع الأَذان بآذَان مفتوحة وقلوب خاشعة. ويتوجه المصلون لأداء الصلاة وليس لآدائها. وكما جمعنا في هذه الجملة بين الأذان والآذان للتفريق بينهما فعل الشاعر أحمد شوقي ذلك فقال: … … فلا الأَذانُ أَذانٌ في منارَته … … … إذا تعالَى ولا الآذانُ آذانُ أَذَّن العصرُ وأَذَّنت العِشاءُ الصواب أَذَّن المؤذن بالعصر، أو بالعشاء (أو بفعل المجهول أُذّن بالعصر، أو بالعشاء) . وأَذَّن تفيد أَعْلَمَ بالشيء فالأذان هو الإعلام الجزء: 1 ¦ الصفحة: 13 بالصلاة. لذلك تأتي الباء بعد فعل أَذَّن. ويستعمل بدل أَذّن أو أُذِّن فعل نادى أو نودِي فنقول نادى المؤذن. ونقول عندئذ للصلاة، وليس بالصلاة. لأن النداء يكون لشيء وليس به. وفي القرآن الكريم: "يا أيها الذين آمنوا إذا نُودي للصلاة من يوم الجمعة فاسْعَوا إلى ذكر الله". اُذْنٌ مُصغية لا صاغية وشاع تعبير "لا يلقى أُذنا صاغية" والصواب مُصْغِية. فعل صغا الثلاثي المجرد يعني مال إلى. وفي القرآن الكريم: "إن تتوبا إلى الله فقد صغَتْ قُلوبُكما" أي مالت القلوب برضاها. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 14 كما جاء بصيغة صَغِيَ يَصْغَى في قوله تعالى: "ولِتَصْغَى إليه أفئدةُ الذين لا يؤمنون بالآخرة". أما في معنى الاستماع فيُستعمَل الرباعي: أَصْغَى يُصْغِي إصغاءً. واسم الفاعل المذكر "مُصْغٍ" والمؤنث مُصْغِية (أذُن مُصْغِية) . وأصغى لا يعني مجرد الاستماع، ولكن حسن الاستماع والاهتمام يما يُسمَع. وجاء في بعض المعاجم العربية الحديثة تعبير: "كلنا آذان صاغية". وذلك تَبَنٍّ لخطأ شائع. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 15 أُرْتِجَ على، لا أُرْتُجَّ في ندوة حضرتها بالمشرق العربي وتوقف فيها محاضر بعجز لسانه عن النطق لعارض ألمّ به سمعت بعض المشاركين المثقفين يقولون: "إنما اُرْتُجَّ عليه". والأفصح المشهور المعتمد في المعاجم العربية هو أُرْتِجَ على الخطيب. أي استعصى عليه الكلام. والفعل الثلاثي من هذه المادة هو رَتَجَ (البابَ) يَرتُجُ رَتْجاً. إذا أغلقه إغلاقا محكما. والمِرْتاج (اسم آلة) هو ما يُغلَق به الباب حتى لا يتمكن كل واحد بسهولة من فتحه. وفعله الرباعي أرْتَجَ يُرْتِجُ إرْتاجا. ومنه تعبير أُرتِجَ على الخطيب، أي استعصى عليه النطق حتى لم الجزء: 1 ¦ الصفحة: 16 يعد قادرا على الكلام مثَلُه في ذلك مثل الباب المرْتَج الذي يستعصي فتحه. أزْمة وأَزَمات فيُنطَق الزاي بالسكون في المفرد، وبالفتح في الجمع على وزن فَعْلة وفَعَلات. وبعض المتحدثين ينطقون بالزاي مفتوحة فيهما وهو خطأ شائع خاصة في المشرق العربي. لكن توجد في العربية صيغة فَعَلة في المفرد ويبقى فتح عين الكلمة (الحرف الثاني منها) ملازما للجمع. فحينئذ يقِلُّ الخطأ وذلك على سبيل المثال كلمتا نَسَمة، وجَلَبة وعَقَبة. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 17 اسْتَيْقَظَ لا اسْتَيقضَ شاهدت على شاشة التلفزة المغربية القناة الأولى برنامج ألف لام لتعليم اللغة العربية. وهو برنامج ذو بيداغوجية مفيدة موفَّقة يستحق العاملون فيه التشجيع بيد أنني لاحظت أنه في سياق جملة كُتِبت على الشاشة ونطق بها المعلمون والمعلمات ليلقنوها للمشاهدين جاء فعل استيقظ، فنطقوا ظاءَه ضاداً بل وأكثر من ذلك كتبوه على الشاشة ضادا (استيقض) . نؤكد على وجوب تدريب النشء منذ التعليم الإعدادي على النطق بحروف الكلمات كما يجب تجنبا للالتباس الذي يحدث في المعنى بسبب عدم التمييز بين التاء والثاء، والضاد والظاء، الجزء: 1 ¦ الصفحة: 18 والدال، والذال. أُطُر لا "كَوادِر" في المشرق العربي يستعمِل الإعلامُ كلمةَ الكَوادِر (جمعا لكلمة كادر) للدلالة على كبار العاملين في المكاتب والإمارات والوزارات ومرافق الدولة والقطاع الخاص. وهي كلمة فرنسية (Cadre) لا ضرورة لاستعمالها لوجود نظيرها في العربية الذي هو إطار ويجمع على أُطُر. ونقول "أُطُر التعليم، وأُطُر وزارة كذا، وأُطُر المهندسين، وأُطُر الأطباء". يُطلِق البعض كلمة مَلاك (بفتح الميم) للدلالة على الإطار. فهما بذلك مترادفان. ولكن كلمة مَلاك غير شائعة. وأصل الإطار هو ما يحيط بالشئ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 19 من خارجه: "إِطار الصورة". و"إِطار العَجَلة"، و"إِطار النظَّارة". والفعل هو أطَّر يُؤطِّر. والمصدر هو تأطير. وبذلك تطور المعنى وامتد إلى تعابير مقبولة. كأن نقول: "الأحزاب تقوم بتأطير الشعب". وتُستعمَل كلمة إطار مرادفة لكلمة نِطاق ونقول: "وفي هذا الإطار نُدخِل هذا المثال". كما نقول: "وفي هذا النِّطاق جرى حادث كذا". أما المَلاك فهو قِوام الشئ وأساسه وعنصره الجوهري. وكل ذلك ينطبق على الأُطُر وخاصة منها ذات الكفاءة. ونقول: "القلب مَلاك الجسد" أي لا يقوم الجسد إلا به. كما لا تقوم الدولة إلا الجزء: 1 ¦ الصفحة: 20 بأُطُرها أو مَلاكاتها (جمع مَلاك) . لذا مع وجود هذين التعبيرين لا ضرورة تفرض استعمال كلمة كادر الأجنبية (مفردا) وكوادر (جمعا) . وأُفضل استعمال الأُطُر (لشيوع هذه الكلمة) على كلمة مَلاك وهي قليلة الاستعمال. والذين أدخلوا كلمة "كوادر" الفرنسية إلى العربية اقتصروا على جمعها. ولا يستعملون مفردها. وجمع كادِر على كوادر يُعترَض عليه لأن جمع فواعل يأتي في اللغة لجمع فاعِلة المؤنث لا لفاعل المذكر. فنقول شواعر العرب للدلالة على النساء. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 21 وفي القرآن الكريم: "والقواعد من النساء". وفيه أيضا: "ولا تُمسكوا بِعِصَم الكوافر"، أي الكافرات. لكن "كوادر" تستعمل في المذكر والمؤنث، وفواعل تستعمل في اللغة العربية للمؤنث أكثر مما تستعمل للمذكر بشروط مفصلة في كتب اللغة، إذ نقول عن الرجال: "الجنود البواسل" وهذا قليل في الاستعمال. وزن أفعال لا يُمنع من الصرف أصبح شائعا على الألسنة في لغة الإعلام: "وهذا التصريح فتح آفاقَ للتفاهم". و"هناك أشياءُ أخرى"، وأسماءُ تُذْكَر". و"مَردُّ هذا لأسبابَ أخرى". "وتقدم المحلِّل بآراءَ جَيِّدة". و"قد تمَّ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 22 هذا في أجواءَ غير عادية". "ولأغراضَ خاصة". والصواب فتْح هذه الكلمات وتنوينها، وأن نقول: لأسبابٍ أخرى، وتقدم المحلل بآراءٍ جيدة، وتم هذا في أجواءٍ غير عادية، ولأغراضٍ خاصة. ونقول ألفاظٌ، وأعمالٌ، وأوزانٌ، وأشعارٌ، وأولادٌ في حالة الرفع - ونفتح آخر هذه الكلمات مع التنوين في حالة النصب، ونكسر آخرها مع تنوينه في حالة الكسر: مثال: أوزاناً، وأوزانٍ. إن الجمع لا يُمنع من الصرف إلا إذا كان على وزن أفاعل (أفاضل) أو وزن فعائِل (منائر) أو وزن مَفاعِل (مدارس) أو فواعِل (شوارع) أو أفاعِيل (أناشيد) أو الجزء: 1 ¦ الصفحة: 23 مَفاعيل (مصابيح) أو فعاليل (عصافير) أو فواعِيل (نواعير) . وحينئذ لا يحمل التنوين ولا الكسرة في حالة الجر. أما وزن أفعال فيبقى مصروفا بالتنوين. وتدخل على آخره الضمة في حالة الرفع، والفتحة في حالة النصب، والكسرة في حالة الجر. جاء في القرآن الكريم: "إن هي إلا أسماءٌ سميتموها" وجاء أيضا، "ولا يتخذ بعضنا بعضا أرباباً من دون الله". وأيضا: "وأتوا على قوم يعكِفون على أصنامٍ لهم". وجاءت صيغ منتهى الجموع ممنوعةً من الصرف في القرآن: "ولي فيها مآربُ أخرى". وتتخذون مصانعَ لعلكم تخلُدون". "وأرسل عليهم الجزء: 1 ¦ الصفحة: 24 طيرا أبابيلَ ترميهم بحجارة من سِجِّيل". وأيضا: "يعملون له ما يشاء من محاريبَ وتماثيلَ" بدون تنوين في آخر كلمات أبابيل، ومحاريب، وتماثيل، وبفتح آخر الكلمتين محاريب وتماثيل وفتحه بدلا من كسره، لأن حالة المنع من الصرف تنوب فيها الفتحة عن الكسرة. وجاء في شعر المتنبي قوله: كيف الرجاءُ من الخطوب تخلُّصا … … … من بَعدِ ما أَنشَبْنَ فيَّ مَخالِبَا ونصبنني غرض الرُّماة تُصيبني … … … مِحَن أشدُّ من السيوف مَضَارِبَا الجزء: 1 ¦ الصفحة: 25 لكن إذا أُدخل على هذه الأوزان أل للتعريف، أو أضيفت إلى معرَّف بأَلْ تصبح مصروفة تُرفع بالضمة وتُنصب بالفتحة وتُجَرُّ بالكسرة بدون تنوين. فنقول: ذهبت إلى المدارس، وصلَّيت في المساجد، وطفت على مدارس التعليم، وصليت في مساجد المدينة بكسر الحرف الأخير في جميع هذه الكلمات.. ونقول توصلت برسائلَ (بفتح اللام بدلا عن الكسرة) . ولكن نقول توصلت برسائلِ الاستدعاء بكسر اللام بسبب الإضافة. ومن الأخطاء التي يقع فيها الإعلام كلمة جرائم. فيقول البعض "وسيُدان ميلوسوفتش بجرائمَ حربٍ"، والصواب كسر الميم الجزء: 1 ¦ الصفحة: 26 (بجرائم) ، لأن الكلمة أضيفت إلى حرب. لكن عندما لا تضاف ولا تعرَّف بأل تُمنع من الصرف وتنوب الفتحة عن الكسرة فنقول: "حكام إسرائيل مسؤولون عن جرائمَ ارتكبوها ضد شعب فلسطين". أَفْعل وفُعْلَى للتفضيل يشيع استعمال أفعل التفضيل المعرَّف بالألف واللام وصفا للمذكر والمؤنث بدون تفريق بينهما. فيقال الدولة الأعظم، والقوة الأكبر، والفكرة الأفضل. وجميع ذلك -ومثله كثير- خطأ. لأن صيغة الأفعل للمذكر وصيغة المؤنث هي فُعْلَى (بضم الحرف الأول وتسكين الثاني وفتح الثالث مع الإمالة (أو الألف المقصورة) . وعلى ذلك الجزء: 1 ¦ الصفحة: 27 فالصواب هو الدولة العُظْمَى (لا الأعظم) ، والقوة الكُبْرَى (لا الأكبَر) ، والفكرة الفُضْلَى (لا الأفضل) ، والمؤسسة العُلْيا (لا الأعلى) . كما نقول الأوَّل (المذكَّر) والأُولَى (المؤنث) ، والآخَر (المذكَّر) والأُخْرى (المؤنث) . وفي المثنَّى نقول: الدولتان العُظْمَيَان، والكُبْرَيَان، والسيدتان الفُضْلَيَان. ومن الخطأ أن نضيف تاء للتأنيث كما نسمعه في المذياع والتلفزة إذ يقال (العُظْمَيَتَان) و (الكُبْرَيَتَان) . لأننا بذلك ندخل تاء التأنيث بدون فائدة لأن التأنيث موجود في صيغة الكُبْرَييْن (كما هو موجود الجزء: 1 ¦ الصفحة: 28 في المفرد (كبرى أو صغرى أو عظمى) حيث لا تقول كُبْرَيَةٌ أو صُغْرَيَةٌ أو عُظْمَيَةٌ. وفي الجمع تجمع فُعْلى (صيغة المؤنث) على فُعْلَيات فنقول الدُّور الكُبْرَيَات، والنساء الفُضْلَيات. ونقول أيضا الحد الأقصى، والمرتبة القُصْوى، والحد الأَدْنَى، والدرجة الدُّنْيا. وجاء في القرآن: "سبحان الذي أسرى بعبده ليلا من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى". "وإذ أنتم بالعُدْوة الدُّنْيَا وهم بالعدوة القُصْوى". الجزء: 1 ¦ الصفحة: 29 وهذه القاعدة تنطبق على صيغة التفضيل المعرَّف بأل. أما أفعل بدون أل فإذا كان مضافا إلى نكرة فيبقى مذكرا مفردا ولا يطابق موصوفه ويتبع بكلمة مِنْ. نقول: الحرير أغلى من القطن، والشمس أكبر من الأرض، والجبال أعلى من السهول. وهذان التعبيران أجمل من التعبير السابق، وهاتان النظريتان أهمُّ من غيرهما. وجاء في القرآن: "قل إن كان آباؤكم وأبناؤكم وإخوانكم وأزواجُكم وعشيرتُكم وأموالٌ اقْتَرَفْتُمُوها وتجارةٌ تخشَوْن كَسادها ومَساكِنُ ترضَوْنها أحبَّ إليكم من الله ورسوله". إن أحبّ في هذه الآية بقيت مفردة الجزء: 1 ¦ الصفحة: 30 رغم أنها جاءت بعد مفردات وجموع ولم تطابق أيا منها. أكْفاء لا أَكِفَّاء ويتردد على بعض الألسنة جمع لفظ كُفْء على أكِفّاء. والصواب أَكْفاء (بسكون الكاف) . والكُفء هو المماثل لغيره. وفي القرآن الكريم: "ولم يكن له كُفُؤا أحد". وهو في الآية بضم الفاء لكن تُسكَّن فاؤه كما تُضَم. والكفاءة تعني المقدرة. ونقول:" خبير ذو كفاءة". ونقول: "يجب إسناد الوظائف إلى ذوي الكفاءات". ويحسن التفريق بين الكَفاءة والكِفاية. والبعض لا يفرق بينهما. والكِفاية مصدر كفى يكفي. ونقول "ما قاله فيه كفاية" وجاء في القرآن الجزء: 1 ¦ الصفحة: 31 لفظ كفى دائما بمعنى الكفاية من ذلك قوله تعالى:" فَسَيكْفيكهم الله" وقوله:"وكَفَى بالله حسيبا". وقوله:"أليس الله بكافٍ عبدَه". ومنشأ الخطأُ في استعمال أكِفّاء هو وجود هذا الوزن (أَفْعِلاء) في كلمات أخرى، كأغْنِياء، وأحِبَّاء، وأَصْفِياء، وأَصْدِقاء. لكن جمع أفْعِلاء يأتي لجمع فعيل: (غَنيّ، حَبيب، صَفيّ، صديق) ومن يَجْهَلْ هذه القاعدة يَقَعْ في الالتباس الذي يترتب عليه الخطأ. "أو" و"أم" لا تُستعمل كلمة "أو" بعد أداة الاستفهام (هل) وهمزة الاستفهام (أَ) : "هل جاء فلان أو فلان؟ "، أو "أَجاء فلان الجزء: 1 ¦ الصفحة: 32 أو فلان؟ " بل الصواب هو: "هل جاء فلان أَمْ فلان؟ " و" أَجاء محمد أمْ أحمد؟ " و"أَحضَر إدريس أَمْ رشيد؟ " و"هل الساعة التاسعةُ أَم العاشرة؟ ". أمْ هذه هي حرف للمعادلة بين شيئين وحرف عطف متصل. وفي القرآن: "أَقريب أَمْ بعيد ما تُوعدون". وأيضا: "هل يستوي الأعمى والبصير أَمْ هل تستوي الظلمات والنور". أَنْ وإنْ بفتح الهمزة أو كسرها وسكون النون كثيرا ما يقع خطأ في كلمتي "أن" و "إن" إذا سبقتهما ما يفتح همزتهما فيقال: "ما أَن سمعت الأمُّ بكاءَ طفلها حتى سارعت إليه". والصواب هو: "ما إن سمعت" بكسر الجزء: 1 ¦ الصفحة: 33 الهمزة لأن إن مكسورة الهمزة التي تأتي بعد ما النافية تكون زائدة إذا تبعتها جملة فعلية. والمعنى على ذلك "في اللحظة التي سمعتْ، وبمجرد ما سمعتْ". أما "أن" المفتوحة فلا تكون زائدة بل لها أثر يظهر على بنية الكلمة وهو غير موجود في التعبير. لذا يبقى الصواب هو "ما إن" ونقول "ما إن وقف القطار حتى ازدحم الركاب على الصعود إليه". "وما إن طلع الفجر حتى أذن المؤذن". وجاء في شعر عربي قديم: … … ما إن ندِمت على سكوتي مرةً … … … ولقد نَدِمت على الكلام مِرار الجزء: 1 ¦ الصفحة: 34 ولو حُذفت إن لما تغير المعنى. إذا المراد ما ندمت على سكوتي مرة. استعمال كلمة "أوْ" بدَل "بل" يرتكب المذيع والكاتب خطأ فيبادران إلى إصلاحه مستعملَيْن كلمة "أَوْ" ويقولان: "وهذا الكلام المبهَم، أو المقصود إبهامه" ويقصدان إصلاح كلمة المبهم بأنها ليست مرادة بل المراد هو "المقصود إبهامه". أو يقول البعض أو على الأصح "المقصود إبهامه". كما يحدث أن يخطئ المذيع في تلاوة المكتوب وينتبه فيبادر إلى الإصلاح ويستعمل حرف أو. كأن يكون في النص: "وسينعقد المؤتمر" فيقول هو أو انعقد المؤتمر. ويقصد أن يقول: الجزء: 1 ¦ الصفحة: 35 الصحيح هو انعقد المؤتمر لا أنه سينعقد. والصواب في هذه التعبيرات وضع حرف "بل" بدل "أو" إذ بل -كما تقول قواعد النحو- تفيد الإضراب والإلغاء: "جاء الرجل بل المرأة". و"هذه الكلمة مرفوعة بل منصوبة". ولا يصح أن نقول أو المرأة، أو منصوبة. لأن التعبير بأو يحدث التباسا في المعنى يفهم منه أن الأمرين معا جائزان أو واردان. فكثر استعمال "أو" للتخيير. واستعمال أو للإبطال ترجمة حرفية لنظيرتها (ou) في الفرنسية. وهي تفيد -من بين ما تفيده- الإبطال والتصحيح، ولكن كلمة أو في العربية تفيد التخيير في غالب الجزء: 1 ¦ الصفحة: 36 استعمالها، وتأتي قليلا للإبطال. ولرفع الإشكال يحسن استعمال حرف "بل" الذي يفيد الإبطال وإلغاء ما سبق ذكره. وعلى هذا نقول: "طلبت منه أن يحضر عندي على الساعة العاشرة، بل التاسعة": ولو قلنا أو التاسعة فقد يعني ذلك أن المطلوب للحضور مخَيَّر بين الساعتين. لذلك نوصي باستعمال بل: ونقول: "أخطأ، بل أجرم"، و"نسي بل كذب" و"ادّعى النسيان". و"كان الموعد صباحا بل ليلا". وفي القرآن الكريم: "وقالوا اتخذ الرحمن ولدا سبحانه بل عباد مُكْرَمون". "ولا تقولوا لمن يُقتل في سبيل الله أموات، بل أحياءٌ عند ربهم الجزء: 1 ¦ الصفحة: 37 يُرزَقون". "إن هم إلا كالأنعام بل هم أضلّ". أوْقَع اللاعب الإصابة وشاع في لغة الإعلام الرياضية وقَّع اللاعبُ الإصابةَ أو كانت الإصابة من توقيع اللاعب. والمراد منه أن الإصابة منسوبة إليه كما لو كانت تحمل توقيعه بمعنى أنه فاعلها والمسؤول عنها. وأُفضِّل على "وقَّع" فعل "أَوْقَع" التي تفيد إحداث الشيء وجعْلَه ووضْعَه موضعَه. ونقول: "أَوْقَع اللاعبُ الإصابة". و"كانت الإصابة من إيقاعه". فاللاعب يُوقِع الكرة في المرمى ولا يُوقّعها. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 38 الأوّل وأوَّلَ يقول البعض: قام الرئيس بزيارته أولَ مِنْ أمس، يقصدون في اليوم السابق ليوم أمس. والصواب حذف مِن فنقول أوّلَ أَمْس، أو أمسِ الأول، أو ما قبل الأمس. وقد جاء في قول الشاعر: وأعلم ما في اليوم والأَمْسِ قَبْلَه … … … ولكنني عن علم ما في غدٍ عَم الأَوَّلي الأصل فيه أنه كلمة أَوَّل ومعه ا يا ء النسبة. لكنه يفيد غير ما تفيده كلمة الأول. الأوَّلي ومؤنثه الأوّلية. يعنيان الأصلي والأصلية، أي السابق على غيره وما جاء بعده متفرع عنه. وهو البداية. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 39 ونقول طلب أوَّلي، بمعنى أنه البداية وسيتلوه طلب آخر. ويقول المحامي للقاضي: "نتقدم لهذه المحكمة بدَفْع أوَّلي، لحجة الخصم". بدلا من دفع أوَّل. وإذا كان للإعلامي من تعاليق على الحدث ينوي تقديمها أَوّلا بأول فإنه يعلن عن تقديمه الأوَّل بأنه تقديم أوَّلي. والأوَّليات تعني المعطيات الأولى التي يتضمنها بحث أو تعليق ويتفرع عنها ويضاف إليها غيرها. والأوَّليات هي غير الأوْلويّات التي تعني الأسبقيات التي تتقدم في الترتيب وتسبق في الخيارات، وتعلو على غيرها. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 40 فنقول مثلا حدد المخطط الاقتصادي أولويّات جاهزةً للتنفيذ. والحكومة تطبق المخطط على حسب ترتيب أولويّاته. ولفظ الأولويَّات يأتي من لفظ أَوْلَى التي تعني الأفضل والأَجدر. ويقال: "كان الأَوْلى أن يفعل كذا". ولا يقال كان الأولى لو فعل كذا. وفي القرآن: "فأولى لهم طاعة وقول معروف". إيّا أخذ يشيع في الاستعمال "هذا الكتابُ إيَّاه قرأته". و"هذا الموضوعُ إيّاه طرحه باحث آخر". وهذا خطأ، فلا تأتي إيّا -وهي ضمير منفصل يقع موقع النصب- نعتا أو توكيدا لاسم مرفوع، لأنها ضمير منفصل في موضع النصب. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 41 إيَّاي، وإيَّانَا، وإيَّاكَ، وإيَّاكِ، وإيَّاكُمَا، وإيَّاكُمْ، وإيَّاكُنَّ، وإيَّاهُ، وإيَّاهَا، وإيَّاهُمَا، وإيَّاهُمْ، وإيَّاهُنَّ، لا تقع جميعُها إلا في موضع النصب. ففي سورة الفاتحة نقرأ "إيَّاكَ نعبد وإيَّاكَ نستعين". فالأولى مفعول به لفعل نعبد، والثانية مفعول به لفعل نستعين. وفي القرآن أيضا: "وإيَّاي فاتَّقون" "وإيَّايَ فارْهَبون" "نحن نرزقكم وإيَّاهُمْ" "أَمَرَ أن لا تعبدوا إلا إيَّاه". وفي المثل العربي: "إيّاكَ أعْني واسمعي يا جارة". ونقول أعطيتك إيَّاه فتأتي إيَّاه في موضع النصب الجزء: 1 ¦ الصفحة: 42 مفعولا به ثانيا لأعطى التي تنصب مفعولين. ويقصد من يقولون: هذا الكتابُ إيَّاه استعمالَ كلمة إيَّاه للتوكيد. والصواب في هذه الحالة التوكيد بالاسْم أو العين، فنقول: الكتابُ نَفْسُه، أو عَيْنُه. ولا نقول إيَّاه. وتوكيد المرفوع بإياه خطأ شائع بالأخص في لبنان. ويروج في الأحاديث والكتب والإعلام السمعي والإعلام المرئي وينطق به خطأ حتى بعض الجامعيين. أَيُّ وأَيَّةُ تأتي أَيُّ أداةَ استفهام فنقول: "أيَّ كتاب تدرس؟ " وجاءت في القرآن الكريم في عدة آيات منها قوله تعالي: "قل أيُّ شيء أكبرُ شهادة قُل الجزء: 1 ¦ الصفحة: 43 الله". وتأتي أيّ أداةَ شرط جازمةً للفعلين المضارعين بعدها فنقول: "أياًّ تذهبْ أُرافِقْك". وقد جزمت هنا فعلي الشرط والجزاء. وقد تزاد بعدها "ما" فنقول: "أيُّما رجل فعل كذا فهو مسؤول عن عمله". وجاءت في القرآن الكريم في حالة النصب: "أيّاً ما تدعو فله الأسماءُ الحُسنى". وتأتي مفيدةً للإطلاق في الزمان أو المكان أو غيرهما. فنقول: "اجلِسْ في أيِّ مقعدٍ تشاء". و"مُرَّ عليّ في أيّ وقت تريد". وفي القرآن الكريم: "وما تدري نفسٌ بأيِّ أرض تموت"، وقوله تعالى: "في أيِّ صورةٍ ما شاء ركَّبك". الجزء: 1 ¦ الصفحة: 44 وتأتي صفةً للدلالة على الكمال فنقول: "إنه لعالمٌ أيُّ عالم" و"له شَأْنُ أيُّ شأْن". وتكون للنداء في صيغة "أيُّها" يتبعها المعرَّف بأل: ووردت على هذه الصيغة كثيرا في القرآن الكريم: "يا أيُّها الناس" "يا أيُّها الذين آمنوا". أما عن التذكير والتأنيث للكلمة فقد اتفق اللغويون على تذكير أيُّها، وتأنيثها (أيتهما) في صيغة النداء لتصبحا مطابقتين للاسم الذي يأتي بعدهما تذكيرا أو تأنيثا: "أيُّها الرجلُ" و"أيتها المرأة". و"أيُّها السادةُ" و"أيَّتُها السيداتُ". وآيات القرآن شاهدة على ذلك منها قوله الجزء: 1 ¦ الصفحة: 45 تعالى: "يا أيُّها الرسول بلّغْ ما أُنزِل إليك من ربك". و"يا أيتها النفسُ المطْمَئِنَّة ارجعي إلى ربِّك راضيةً مَرْضِية". "يا أيها النبي جاهد الكُفّار والمنافقين". و"ثُمَّ أذَّن مُؤَذِّنٌ أيَّتُها الْعِيرُ إنكم لَسارقون". وأرى أنه بعد أن وردت أيُّ في صيغة النداء مذكَّرة في نداء المذكّر، ومؤنَّثة في نداء المؤنث مما يفيد أنها قابلة للتذكير والتأنيث، فإن من الأفضل جعل جواز التذكير والتأنيث قاعدة تصبح به اللغة أكثر وضوحا وأجلى دَلالة، بدون أن يكون هذا واجبا، أي أني أقترح وجوب التذكير (حيث يجب الجزء: 1 ¦ الصفحة: 46 التذكير) والتأنيث (حيث يجب التأنيث) في صيغة النداء فقط. أما فيما عداها فيجوز أن نذَكِّر ونؤنث على حسب ما يأتي بعدها. وقد أقرت هذا بعض المجامع اللغوية، واتبعته المعاجم الحديثة. وعلى ذلك نقول: "أيُّ رجل، وأيّةُ امرأة". و"أيُّ خطاب، وأيَّةُ فكرة". وفي كتاباتي لا أتقيد بذلك بل أستعمل الوجهين، لكني لا أجعل من التذكير أو التأنيث واجبا بل أراه جائزا فقط. وذلك في غير صيغة النداء التي التزم فيها اللسان العربي بالتذكير في موضعه والتأنيث في موضعه. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 47 حرف الباء (ب) الباء "الطُّفَيْلِيَّة" يُقْحَم حرف الباء غلطا بعد بعض الأفعال فيُقال: "علِمَ بأن الخبر قد شاع" و "قال بأن الاحتفال وقع يوم كذا" و"ذكر بأنه توصل بالاستدعاء" أو "ادعى بأنه لم يتوصل به" و"أخبر بأن فلانا كان حاضرا" "وشَهِدَ بِأَنَّ" "وشَهِدَ بِأَنْ" كما تُقْحَم الباء بعد أفعال أخرى. والصواب حذف الباء. فنقول: "علم أن الخبر شاع" و"قال إن الاحتفال" و"ذكر أنه توصل" و"ادعى أنه لم يتوصل" و"أخبر أن فلانا" "وشَهِدَ أَنَّ" "وشَهِدَ أَنْ". الجزء: 1 ¦ الصفحة: 48 وفي المشرق العربي يجري كثيرا على الألسنة والأقلام إقحام الباء بعد كلمة تفكير وما اشتق منه فيقال: "فكرتُ بكَ". و"إني أفكر بالقيام بهذا الأمر". و"لي تفكير بخصوص كذا" والصواب في جميع ذلك استعمال "في" بدلا من الباء. وقد جاء في القرآن: "أَوَ لَمْ يتفكروا في أنفسهم" "ويتفكرون في خلق السموات والأرض". ولأن الباء تُقْحَمُ خطأ بدون موجب فقد أطلقتُ عليها الباء الطُّفَيْلِيّة. لكن الباء لابُدَّ منها في "أقرَّ بأنه". "واعترف بأنه". "وآمن بأنه أخطأ"، لأنها هنا تقوم بتعددية الفعل. وإذا كان الفعل غير لازم الجزء: 1 ¦ الصفحة: 49 أي متعديا فلا لزوم لاستعمالها وهو ما جاء في القرآن: "فاعلم أنه لا إله إلا الله" "وأيوب إذ نادى ربه أني مسَّني الضر" ونقول في الشهادتين: "أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمدا رسول الله" ولا نقول: " أشهد بأن لا إله إلا الله، وبأن محمدا رسول الله". باء التعويض أو البدَلية تفيد الباء – أحيانا- التعويض عن الشيء. وحينئذ يوضع المعوَّض عنها إِثْرها فنقول استبدل الكتاب بالجريدة. أي جعَل الكتاب عوضا عن الجريدة، ولو عكسنا وقلنا "استبدل الجريدة بالكتاب لكان المعنى جعل الجريدة عوضا عن الكتاب. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 50 والكثيرون لا يميزون في ذلك فيضعون الباء في غير مكانها. وقد جاء في القرآن: "أتستَبْدِلون الذي هو أدنى بالذي هو خير؟ " أي "هل تأخذون الأدنى عوضا عما ما هو خير منه؟ ". ونقول: "استبدل الخمر بالماء" نعني به من يُدْمِنُ على تناول الخمر حتى تصبح عنده عوضا عن الماء. ونقول المريض يستبدل التيمم بالوضوء، ولو عكسنا وقلنا: "يستبدل الوضوء بالتيمم لكان المفهوم هو أنه يتوضأ بدلا عن التيمم. وهذا غير ما يفعله المريض. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 51 الباب مذكر لا مؤنث يستعمل البعض خطأ لفظ الباب على أنه مؤنث. والأصح تذكيره. فنقول: "وصل النزاع الفلسطيني الإسرائيلي إلى الباب المسدود. لا المسدودة" وفي القرآن: "ادخلوا عليهم الباب فإذا دخلتموه" ولم يقل دخلتموها. ويقال: "هذا بَابٌ يَعْسُرُ سَدُّهُ" ويقال في لغة السياسة والاقتصاد: "سياسة الباب المفتوح" كما كان يطلق على القصر العثماني باستنبول اسم "الباب العالي". بَتَّ (تاء مُثَنَّاة) وبَثَّ (تاء مثلثة) بَتَّ، يبُتُّ بَتّاً وبَتَّةً وبتَاتاً الشيءَ قطَعه واسْتَأْصَلَه. (والتاء في ذلك كله مُثَنَّاة) . ونقول: الجزء: 1 ¦ الصفحة: 52 "بتَّ فُلانٌ علاقَتَه بصاحبه أي قَطَعها وأنهاها". و"بَتَّ القاضي الحكمَ في القضية المعروضة عليه" أي حكم فيها وأنهاها. ويقال: "بتَّ في الأمر" أي اتخذ فيه قراراً باتّاً أي قاطعا وحاسما. ونقول: "بَتَّ الصيامَ من الليل" أي نواه جزما. ومن هذه المادة جاءت كلمة "بَتاتاً" فنقول: "لا تراجُعَ في هذا القرار بَتاتاً" أي بصفة نهائية قاطعة. والطلاق الباتُّ هو الذي لا رجعة فيه. ومن نفس المادة جاءت كلمة أَلْبتَّة. وهي تفيد قطعاً ولا رجعة في الأمر. ونقول: "هذا أمرٌ لا أهتمُّ به أَلْبَتَّة" أي مطلقا وبصفة الجزء: 1 ¦ الصفحة: 53 نهائية. وكلمة أَلْبتّةَ همزتُها قطعية أي يُنطق بها، وتُنصَبُ دائما على المصدر هكذا: "أَلْبَتَّةَ". وذلك على أرجح الأقوال فيها. وانْبَتَّ الحبلُ يَنْبَتُّ انبِتاتاً انقطع. ونقول: "انبتَّتْ علاقتُهما انبِتاتاً ولم يعُدْ بينهما اتّصال". والمُنْبَتُّ هو من انقطع به الطريقُ وضلَّ وضاع. ومن أمثال العرب: "هو كالمُنْبَتِّ لا أرضاً قَطَعَ ولا ظَهْراً أَبْقَى". ويُضْرَب لمن لا يتقدم في أمر، ويسير بدون فائدة، ولا يريح نفسه بأخذ خيار واحد. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 54 بَثَّ يَبُثُّ بَثّاً (تاءٌ مثلَّثة) فرَّقَ ونَشَر وأذَاع وأشاع ونقول: "بَثّ فلانٌ السِّرَّ أي فضحه وأشاعه بين الناس. وبثَّت الشرطةُ أعوانَها لمتابعة الناس" أي نشرتهم ليطَّلعوا ويسمعوا. ونقول: "البَثّ الإذاعي أو التلفزيوني". و"تَبُثّ الإذاعةُ أو التلفزةُ البرنامجَ في ساعة كذا" ونقول: "أجهزة البث". وبَثَّ بمعنى نَشَرَ هو ما جاء في قوله تعالى: "وخلق منها زوجها وبَثَّ منهما رجالاً كثيرا ونِساءاً". وفي قوله تعالى: "ومِنْ آياته خَلْقُ السموات والأرض وما بَثَّ فيهما من دابة". الجزء: 1 ¦ الصفحة: 55 والمَبْثوث هو المنثور المطروح. وجاء في القرآن: "يوم يكون الناس كالفراش المَبْثوث". ويطلق البَثّ على شدة الحُزن. وجاء في قوله تعالى: "إنما أَشْكو بَثِّي وحُزْنيَّ إلى الله". البَرد القارس لا القارص لا معنى لوصف البرد بالقارص (بالصاد) : فالفعل من اسم الفاعل هذا هو قَرَصَ يقرُصُ قَرْصا: إذا لَوَى عليه بأُصْبُعه وآلمه. ويقال أيضا قَرَصَ العجينَ إذا ضغط عليه ليبسطه ويسْهُلَ جمعُه. أما البرد فيكون قارسا (بالسين) عندما يشتدُّ حتى يعجز من يعمل بيديه عن استعمالهما ونقول: "قرسَ البردُ يديه". الجزء: 1 ¦ الصفحة: 56 وفعله الرباعي أقرَسَ يُقرِسُ يفيد نفس المعنى. ونقول: "أقرسَ البردُ أصابعَه" فالبرد مُقْرِس، كما نقول قارِس، ونقول: "يومٌ قارسٌ، أي شديد البرد". بَلْهَ فعل كذا يشيع هذا التعبير الخاطئ في لغة الإعلام فيقال لم يفعل كذا، بَلْهَ فَعَل كذا. والصواب استعمال بَلْ. أما بَلْهَ فهي اسم فعل أمرٍ بمعنى دَعْ، واتْرُكْ. وهي تجر الاسم بعدها. ويقال: "تتشابك العروبة والإسلام في نفوس بعض المفكرين، بَلْهَ جمهورِ (بكسر الراء) العرب المسلمين: أي أنهما يتداخلان في نظر المثقفين، دَعْكَ عن الجمهور، فإنهما عنده الجزء: 1 ¦ الصفحة: 57 أكثر تشابكا وتداخلا. ابقَوْا معنا (بفتح القاف) عندما يقطع التلفزيون الحديث عن موضوع ليقدِّم بدلا عنه فاصلا إشهاريا (مثلا) يتوجه المشرف على البرنامج بهذا الطلب إلى المشاهدين قائلا: "سنعود إليكم بعد الفاصل فابقُوا (بضم القاف) معنا". وهذا خطأ صوابه فابقَوْا (بفتح القاف) معنا. وسمعت في بعض المحطَّات هذا التعبير: "لن يتخَلُّوا عن مواقفهم" والصواب "لن يتخَلَّوْا" ويقال: "خمسون شخصا لَقَوْا (بفتح القاف) حتفهم. والصواب لَقُوا (بضم القاف) . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 58 كما يقال: نَسَوْا والصواب نَسُوا، وخَشَوْا والصواب خَشُوا وفي عَمِيَ نقول عَمُوا (بالضم) ولا نقول عَمَوْا (بالفتح) . وقد جاء في القرآن الكريم: "وإذا لَقُوا (بضم القاف) الذين آمنوا قالوا آمنا. وإذا خَلَوْا (بفتح اللام) إلى شياطينهم قالوا إنا معكم". وجاء في القرآن الكريم أيضا: "نَسُوا الله (بضم السين) فأنْساهم أَنفُسَهم". وفيه أيضا: "وحَسِبوا ألاَّ تكون فتنةٌ فَعَمُوا (بضم الميم) وصَمُّوا". وضبْطُ هذه الأفعال بحركات مختلفة يخضع لقاعدة صرفية لها تفاصيلها في كتب قواعد الصرف. وهي هنا أفعال الجزء: 1 ¦ الصفحة: 59 ناقصة آخرها حرف علة. وهي مسندة لضمائر الرفع فَلْيُرجَع إليها للإحاطة لأننا نصحح الأخطاء ولا نعلِّم قواعد النحو والصرف وإن كنا نشير أحيانا إليها باختصار شديد حتى لا نخلط بين التصحيح والتعليم. البَوَّابة ودخلت في لغة الإعلام والسياسة كلمة البَوَّابَة فيقال: "المغرب بوّابَة لأوروبا". و"بَوَّابَةٌ على المحيط الأطلسي". و"الفقيه الفلاني دخل الاجتهادَ في الفقه من بَوَّابَةِ تَخَصُّصِهِ في الشريعة" و"دخل السياسةَ من بَوَّابَةِ النضال الوطني". الجزء: 1 ¦ الصفحة: 60 والأصل في البَوَّابَة أنها الباب الكبير، أو مدخل العمارة الكبيرة، وحارسها يُطْلَقُ عليه الْبَوّاب. حرف التاء (ت) تَجارب لا تَجارُب ويتسرَّب إلى العربية من لهجاتها المحلية كلمات يَنطِق بها البعضُ خطأً كما يُنطَق بها في اللهجات التي يصفها البعض بالعامية. ومن بينها كلمة تجارُب (بضم الراء) كما يُنطَق بها في اللهجة المصرية. وهي جمع تجرِبة (بكسر الراء) ولا يأتي الجمع من تجرِبة على وزن تفاعُل (تجارُب) لكن من ينطقون بالكلمة مضمومة الراء في الجمع يقولون خطأ كذلك "تجرُبة" في المفرد. والصواب تجرِبة الجزء: 1 ¦ الصفحة: 61 (على وزن تفعِلة كتَكْمِلة) وتجارِب (على وزن تفاعِل) . واللهجة المصرية تميل في عدد من الكلمات إلى وضع الضمة بدلا من الكسرة أو الفتحة. إذ يقال التُّجارة (بضم التاء) بدلا من التِّجارة (بكسر التاء) . كما تضع اللهجة المصرية الضمة بدل الفتحة على أول الكلمة في لفظ خَسارة، إذ يقال خُسارة. وتجرِبة بكسر الراء على وزن تَفْعِلة مصدر قياسي مثَلها مثَل تعبِئة، وتقوية، وتزكية. لكن صيغ مصدر فعل هَلَك على وزن تهلُكة بضم اللام. وهذا نادر: "ولا تُلقوا بأيديكم إلى التهلُكة" (قرآن كريم) . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 62 لكن وزن تَهلِكة بكسر اللام ورد في مصدر هلك أيضا. ولأن مصدر تفعُلة نادر فقد سماه بعض النحاة اسم مصدر وليس مصدراً فهذا وزنه هو تَفْعِلة. وقرأ الخليل بن أحمد الفراهيدي مؤلف أول معجم عربي اسمه "العين" وواضع علم العروص التهلُكة في الآية أعلاه بكسر اللام. تساقُطات ورَذَاذ شاعت كلمة تساقُطات في النشرة الجوية للدلالة على نزول أمطار غير غزيرة. ولم يدخل هذا اللفظ المعاجم العربية، ولا أعلم أنه أقرته مجامع اللغة العربية لحد الآن للدلالة على المطر الخفيف. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 63 نعم إن فعل تَساقَط مَصُوغٌ على وزن تَفَاعَلَ الذي يفيد التتابع والتنامي. وبالتالي إذا قلنا تَساقَط المطرُ فذلك يعني أن المطر امتد سقوطه وتتابع وتنامى، أي كَثُر. وهو بذلك يدل على الكثرة لا على خفة المطر وقلته. ونقول: "تساقَط الشخصُ وهو ماشٍ على قدميه" أي زلَّت قدماه وانهار، أي سقط على الأرض. وعليه فالصواب: "سقطت أمطار" ونُتبع الأمطار بنعت يكشف حجمها. فنقول "سقطت أمطارٌ غزيرةٌ، أو منهمرةٌ، أو خفيفةٌ. أو سقطت قطَراتٌ مَطَرِيَّة". الجزء: 1 ¦ الصفحة: 64 ويحسن عند استعمال تساقطات أن نَنعَتها على الأقل بنعت "مَطَرِيَّة" ليُفهم المراد منها. لكني أوصي بعدم استعمالها لما ذكرتُه من قبل. والأحسن القول: نزلت أمطار. والعرب يطلقون على المطر الخفيف اسم كلمة رَذَاذ. ونقول. "هذا الرَّذاذ يُنذِر بمطر مُنْهمِر". كما يُطلق لفظ غَيْث على المطر المفيد للحرث. لأنه يُغيث الله به عباده إذ ينعمون بآثاره الطيبة. وهو أيضا غَوْثٌ من الله. وفي القرآن: "وهو الذي يُنَزِّل الغَيْثَ من بعد ما قَنَطوا وينشرُ رحمَته". ومن أقوال العرب: "وأول الغَيْث قَطْرٌ ثم الجزء: 1 ¦ الصفحة: 65 يَنْهَمِر". وهو نصف بيت شعري. ومن دقائق اللغة العربية أن الغيث يُستعمَل في خير ما يَنزِل من السماء. أما استعمال "مطر" بصيغة الإفراد فكثيرا ما يأتي للدلالة على الماء الذي يأتي بالفيضانات والكوارث. ولا يفيد هذا المعنى بصيغة الجمع. فالأمطار على ذلك غير المطر. الأمطار محمودة العاقبة. والمطر له عواقب وخيمة. وفي القرآن الكريم: "فأمطرنا عليهم مَطَرًا فساء مطر الْمُنْذَرين". وفيه أيضا: "وأمطرنا عليهم حِجارة من سِجِّيل". الجزء: 1 ¦ الصفحة: 66 ويقال على سبيل المجاز: "أمْطَرَ فلانٌ فلانا بوابل من الشتائم" و"أَمْطَرَه لَوْما ونقدا". وبعض المعاجم ذكرت خلاف ما ذكرته أعلاه. لكن منهجيتي في كتابة هذه الحلقات هو اعتماد الأصوب والأرجح بدلا من استعمال الشاذ والضعيف. كما ينبغي تجنب المترادف حتى تتوحد اللغة العربية على كلمات واحدة. خاصة وكل مترادف له ما يميزه عما يبدو أنه نظيره. وقد أنكر بعض علماء اللغة وجود المترادف. التضافر والتظافر ينطق من لا يميزون بين الضاد والظاء بالكلمتين أعلاه بضاد مُعجمَة ولا ينطقون بالظاء المُشالة، أو يستعملون إحدى الجزء: 1 ¦ الصفحة: 67 الكلمتين بدلا عن الأخرى. والصواب التفريق بينهما. ضفَر يَضْفِر ضَفْرا الشَّعَرَ ونحوَه جَمَعَه وضمَّ بعضَه إلى بعض وجعله ضَفائِر وهذا جمعٌ مفردُه ضَفِيرة، أي الخَصْلة من الشعَر المضفورة برَبْطها مع الضفائر المماثلة. وعلى ذلك فالمعنى هو الربط والجمع بإحكام. من أجل ذلك نقول: "تضافرت الجهود". و"تضافرت الأدلة على إدانة المتهم". و"وقف الشعب متضافرا ضد كذا". أما تظافر (بالظاء المُشالة) فاشتقاق كلماتها من الظَّفَر أي النصر والحصول على المراد. وتُستَعْمَل في تبادل النُّصرة، فنقول: "تظافرت شعوب الجزء: 1 ¦ الصفحة: 68 المغرب العربي على مواجهة الاستعمار الفرنسي وانتصرت عليه". أي تناصرت وتعاونت وساعد بعضُها بعضا. وأظفار اليد تتعاون فيما بينها لمساعدة الكف على اللمس والحركة. تقييم وتقويم فعلا الكلمتين هما قيَّم، وقوَّم. وقوَّم تفيد إعطاء قيمة أو ثمن للشيء. ويأتي فعل قوَّم بمعنى أصلحَ المعوجَّ أو عدَّله ليصبح أو يعود مستقيما لا عِوَجَ فيه. ومصدره تقويم. وجاء في القرآن الكريم:" لقد خلقنا الإنسان في أحسن تقويمٍ ثم رددناه أسفلَ سافلين". الجزء: 1 ¦ الصفحة: 69 وفي خطبة عمر جاء فوله:"إن رأيتم فيَّ اعْوِجاجاً فقوِّموني". وردَّ عليه من قال:"والله لو رأينا فيك اعْوِجاجا لقوَّمناك بسيوفنا". والمعاجم الحديثة تعطي لكلمة التقويم (بالواو) معاني شتى: فهو "سجلّ يبين أيام السنة موزعةً على شهورها، مع ذكر أيام العطل وأوقات الصلاة إلى غير ذلك". فنقول:" التقويم الميلادي، والتقويم الهجري". والتقويم الجغرافي هو خريطة للأقطار يُعنَى فيها خاصة بذكر طول البلدان وعرضها وخصائصها الجغرافية. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 70 والمعاجم مُحدَثها وقديمها مُجمِعة على أن قيَّم (بالياء) يعني قدَّر القيمة. ومصدرها التقييم. بعض الألسنة والأقلام لا تفرق بين الكلمتين وتعتبرهما مترادفتين. ولأن منهجيتي في هذه التصحيحات هو التفريق بين ما يبدو مترادفا ليبقى كلُّ لفظ معيَّن دالاّ على معنى معين فإني أميز بينهما. لذا أنصح باستعمال لفظ التقويم في تعديل المعوَجّ، وفي إعطاء القيمة المادية ثمنا أو سعرا. وتخصيص كلمة التقييم للدلالة على فحص لمحتوى شيء أو عمل ما واستخلاص سلبياته وإيجابياته، ونقده، أي تمحيصه للحكم له أو عليه. نقول: "قام الجزء: 1 ¦ الصفحة: 71 الناقد بتقييم الكتاب". وهكذا نقول:"قام البرلمان بتقييم عمل الحكومة طيلة الدورة التشريعية، وطلب إلى الحكومة أن تقوم بتقويم سياستها الاقتصادية". ونقول:" قامت الحكومة بتقويم سياستها النقدية، بعد أن قام البرلمان بتقييم لهذه السياسة ونصح بتقويمها حفاظا على استقرار العُمْلة". تَكَاتُفٌ، وتكاثُفٌ الفعل من تكاتُف هو تَكاتَفَ يَتكاتَفُ تَكاتُفا القَوْمُ إذا تضامنوا وتَقَوَّت روابطهم وتساعدوا وتلاقَوْا في علاقة مرتبطة متلاصقة تلاصق أجزاء الكَتِف (لاحظوا أن تاءها مثناة) . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 72 ونقول: "تَتَكاتَفُ فصائل الشعوب في السّرَّاء والضَّراء، لكن تكون في حالة الخطر أشدَّ تكاتُفا". والفعل الثلاثي هو كتَف يَكْتِف كَتْفاً الشخص شدَّ يديه إلى خلفه وأَوْثقَه. ونقول: "اسْتَسْلَم الجنديُّ في ساحة الحرب فأخذوه وكَتَفُوه وأسَرُوه". وجميع المشتقات تدل على الربط الشديد الذي يصعب فَكُّه. وأقول دائما: إن اطراد المعنى المشترك في اشتقاقات الكلمات ذاتِ الأسرة الاشتقاقية الواحدة من فرائد اللغة العربية. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 73 أما تكاثُف بالثاء المثلثة، فالمعنى المشترك بين مشتقاته هو الكَثْرة، وغِلَظ الجسم، وتداخل أجزاء الشيء الواحد. كثَفَ يَكْثُفُ كَثافةً الشيءُ غلُظ وتداخل ونقول: "كثُف السحابُ مؤْذِنا بنزول المطر". كما نقول: "تكاثَف السحابُ، أو الضَّبابُ". ونقول: "تزايدت كَثافة السكان" أي ارتفع حجمهم. ونقول: "يتلَقَّى التلاميذ قُبَيْلَ الامتحانات دروسا مُكَثَّفة". من أجل ذلك كله يبدو لنا الفرق بين التَّكاتُف الدال على شدة الترابط، والتكاثف الدال على الغِلَظ والتداخل بين الأجزاء. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 74 لذا ينبغي نطق التاء في تكاتف بنقطتين، وفي التكاثف بثلاث نقط، وعدم خلطهما لا لفظا ولا معنى. حرف الثاء (ث) الثاء والتاء قلَّ أن يُنطق في المغرب العربي بالثاء المثلَّثة، أي ذات النقط الثلاث. بل يُنطق بها تاءً مثناة أي ذات نقطتين، ويَغْلِب على الألسنة النطق بالتاء في موضع الثاء حتى لا تكاد الثاء تُستعمَل إطلاقا. أما في المشرق العربي فالمثقفون في أغلبيتهم يحرصون على النطق بكل واحدة منهما كما يجب أن يُنطَق بها. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 75 ويترتب على عدم التمييز بين الحرفين التباسٌ يؤدي إلى نطق بعض الكلمات التي تتضمن أحد الحرفين خطأً. ثَمَّةَ، هناك ثَمَّة اسم إشارة للمكان البعيد. و"هناك" مرادفة لها. فالجمع بينهما في تعبير واحد تكرار لا مبرر له. لكني سمعت في بعض محطات الإذاعة من يجمع بينهما في نسَق واحد، فيقول: "وثَمّتَ هناك ما يدُلّ على ذلك". ولفظ ثَمةَ لا يتغير لأنه ظرف مكان مبني على الفتح. فتبقى التاء الأخيرة منه مفتوحة. ولهذا اللفظ مرادف آخر هو ثَمَّ. وقد جاء في القرآن الكريم: "وإذا رأيت ثَمَّ رأيتَ نعيما ومُلْكا كبيرا". الجزء: 1 ¦ الصفحة: 76 وقد يأتي قبل ثَمَّ حرف مِن (وهي حرف جر) ، لكن لكون ثَمَّ مبنيا على الفتح لا تعمل فيه مِنْ: ونقول: "ومِنْ ثَمَّ حصل ما حصل". فيصبح معناها لهذا السبب حصل ما حصل. ولا علاقة بين ثَمَّ (بفتح الثاء والميم المفتوحة المشدَّدة) وبين ثُمَّ (بضم الثاء وفتح الميم المشدَّدة) فهذا حرف عطف يدل على الترتيب والتراخي (تباعد الفرق الزمني) . ومثالها من القرآن قوله تعالى: "وبدأ خَلْق الإنسان مِنْ طين، ثم جَعَل نسْلَه من سُلالةٍ من ماءٍ مَهِين، ثم سَوَّاه ونفخ فيه من روحه". حرف الجيم (ج) جَرْح وجُرْح الجزء: 1 ¦ الصفحة: 77 الجَرْح (بفتح الجيم) غير الجُرح بضم الجيم. الجَرْح مصدر جَرَحَ يَجْرَح جَرْحا إذا أحدث شَقّا في البدن. ويُستعمَل كذلك في الشَّق المعنوي فنقول: "جَرَحَ كِبرياءَه" أي أهانه. و"جَرَح عواطفَه" أي أساء إليه بقول أو فعل يجعلان عواطفه تتألم. ويأتي بمعنى كسَبَ وفَعَل الشيءَ. وفي القرآن الكريم: "وهو الذي يَتوفَّاكم بالليل ويعلم ما جَرَحْتُم بالنهار". والمصدر من هذه الأفعال جميعها هو الجَرْح (بفتح الجيم) نقول: "قام الجَرَّاح بجَرْح المريض". و"ارتكب الجاني جُنْحَة الجَرْح". و"جَرَح فلانٌ أُصْبُعَه الجزء: 1 ¦ الصفحة: 78 جَرْحا بدون انتباه". فأما الجُرْح (بضم الجيم) فهو ما يتركه الجَرح من أثر على موضع الجَرْح: نقول: "أصيب أحد المتظاهرين بجُرْح أثناء المواجهة مع رجال الأمن". و"تُسَبِّب حوادثُ السير الموتَ أو الجُرح". ويُجمع الجُرح على جُروح: "دخل المستشفى وهو مُصاب بجُروح". جَسُّ النَّبَض، والصواب النَّبْض بسكون الباء لا بفتحها سمعت في بعض الندوات بالمشرق العربي من يضع الفتحة فوق باء كلمة نبْض بدلا من السكون. وهو خطأ لا سند له. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 79 الفعل هو نَبَض يَنْبِض نَبْضا (بسكون الباء) ونَبَضاناً العِرْقُ إذا تحرك وضرب فهو نابضٌ (النَّبْض إذن مصدر) . ويُطلَق على الحركة النابضة لفظ نَبْض فيقال:" جسَّ الطبيبُ نبْضَه" كما يسمى المَنْبِض. ونقول "قلبٌ نابضٌ بالحركة"، و "فكرٌ نابضٌ بالعطاء"، و "فلانٌ نبْضُ الفؤاد"، أي ذو ذكاء متوقِّد. جَلَبَة (بفتح الجيم واللام) وتعني الصِّياح والهَرْج. ومثل نَسَمة فإن جَلَبة تُجمَع على جلَب (بحذف تاء التأنيث) وعلى جَلَبات. ونقول "وقع انفجارٌ هزَّ المدينة وعَلَتْ من بعيد جَلَبةٌ وضوضاء" أو جَلَبٌ في الجزء: 1 ¦ الصفحة: 80 صيغة الجمع. جمع المقصور وتثنيته جاء في قواعد النحو أن: (1) المقصور مثل (فتْوَى، ومُسْتَوى، ومُشْتَرَى) يُثنّى بزيادة ألف ونون في حالة الرفع، وياء ونون في حالتي النصب والجر مع قلب الألف ياء إن كانت رابعة فصاعدا وردِّها إلى أصلها إن كانت ثالثة. (2) والمقصور يُجمَع جمعَ مذكَّرٍ سالما بزيادة واو ونون، أو ياء ونون في آخره، مع حذف ألفه وإبقاء الفتحة قبل الواو أو الياء. (3) ويُجمع المقصور جمعَ مؤنث سالما بزيادة ألف وتاء في آخره. ويُتَّبع في جمعه ما اتُّبِع في تثنيته. وفيما يلي أمثلة: الجزء: 1 ¦ الصفحة: 81 جمع المؤنث وجمع المنسوب بالياء لا يفرق البعض بين طريقة جمع المؤنث (أي جمع كلمة مفردها مؤنث) وبين طريقة جمع المؤنث المنسوب مفرده بياء النسب ويجهلون الفرق بينهما. وفيما يلي نمثل لذلك بأربع كلمات يجريها البعض على الألسنة كما لو كان لها معنى واحد. المثال الأول: حاجات وحاجِيات الحاجات جمع حاجة (وهو جمع قياسي، أي يدخل في قاعدة جمع المفرد المؤنث بالتاء جمعا سالما على الصيغة المذكورة: حاجات. والحاجة ما يتوقف عليه الإنسان ويحتاج إليه. ونقول في ذلك: "لي عندك حاجةٌ أرجو منك قضاءها". ونقول: "ينطق الجزء: 1 ¦ الصفحة: 82 بعض المذيعين بأخطاء لغوية هي في حاجة إلى التصحيح". ومن الأمثال أو الحكم المشهورة:"الحاجة أمّ الاختراع"، وقولهم: "الحاجة تُفَتِّق الحيلة". وهما مثلان حديثان قد يكونان ترجمتين لشبيهتهما في لغات أجنبية تقول: "الضرورة أم الصناعة". وفي جمع الحاجة على حاجات جاء قول المتنبي يخاطب سيف الدولة ويستجدي عطاءه: … "وفي النفس حاجاتٌ وفيكَ فَطانةٌ … … … … سكوتي بيانٌ عندها وخِطابُ" وجاء في القرآن الكريم: "إلاّ حاجةً في نفس يعقوب قضاها". وجاء فيه أيضا: "ولكم فيها منافعُ ولتبلغوا عليها حاجةً في صدوركم". الجزء: 1 ¦ الصفحة: 83 كما جاء في القرآن: "ولا يجدون في صدورهم حاجةً مما أُوتوا". ويُنسَب إلى لفظ الحاجة بياء النسب فنقول الحاجي. ونجمعه على حاجيات. لكنني أرى أن الحاجي غير الحاجة، إذا الحاجي اسم صفة والحاجة لا تفيد الوصف. وعليه، وحتى لا نقع في المترادف الذي لا يقول به بعض علماء اللغة -وأنا منهم- أرى أن نفرق بين الحاجة والحاجي وبالتالي بين الحاجات والحاجيات. وقد نبهت بعض معاجم اللغة العربية الحديثة إلى أن عدم التفريق بينهما مستحدَث في العربية وليس أصيلا. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 84 أقترح أن نفرق بينهما في الاستعمال. فنقول مثلا: "في السوق من البضاعة ما يكفي حاجات السكان". ونقول:"هذا يدخل في الحاجيات التي يصعب قضاؤها في الوقت الراهن". الحاجيات بالمعنى الذي حددتُه غير الحاجات. وهذا يساعد على توحيد اللغة وتدقيق دلالات ألفاظها، وتميز مفرداتها بعضها عن بعض، في سعي مني إلى إبعاد فوضى الاستعمال عن اللغة العربية. وهي فوضى لا يوجد لها نظير في لغات أخرى وأتمنى أن تنتهي هذه الفوضى. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 85 أنا أختلف في المنهج مع من قد يَرُدُّون عليّ فيقولون إنهم عثروا في معاجم اللغة على ما يفيد تطابق معنى الحاجات مع الحاجيات. فهذا هو الذي أدعو إلى تغييره وإنقاذ اللغة من فوضاه. المثال الثاني: إمكانات وإمكانيات كل ما ذكرته أعلاه عن حاجات وحاجيات ينطبق على إمكانات وإمكانيات. فحينما نتحدث عن إمكانات حاضرة مشاهَدة أو مُتَحدَّثا عنها، علينا أن نستعمل المصدر العاري عن النسبة (إمكان، وإمكانات) . وحين نتحدث عما من شأنه أن يدخل في الإمكان والإمكانات مما هو مُفْتَرَض إلحاقه بهما أو نسبته إليهما نقول الجزء: 1 ¦ الصفحة: 86 الإمكانيات. المثال الثالث: ضرورة، ضرورات ضروري، ضروريات الضرورة ليست في نظري هي الحاجة التي يفيد لفظها ما يحتاج المرء إليه. بل الضرورة هي الحاجة المُلحَّة التي لا غنى عنها. (هكذا أفرق فيما يخصني بين المترادفات إغناء وتدقيقا لمعاني اللغة) . وتجمع الضرورة على ضرورات: ونقول في أحكام الشرع: "الضَّرورات تُبيح المحظورات". فلا يُفطِر الإنسان في رمضان إلا للضرورة وليس لمجرد الحاجة إلى الطعام أو الشراب. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 87 وإذا تجاوزت الحاجة الشدة المحتمَلة: نسميها الضرورة وننعتها بوصف كاشف، فنقول: "فعَل ذلك تحت ضغط الضرورة القُصوى". وما نصفه في الأحكام بالشرعي يصبح ضَرورة لأنه لا تجوز مخالفته. فنقول: "هذا الحكم معلوم من الدين بالضَّرورة". ونقول: "يُكَفَّر من أنكر ما هو معلوم من الدين بالضرورة"، أي ما ورد بشأنه حكم شرعي ثابت الدلالة، أي دلالته قطعية غير محتملة للتأويل. أما الضَّروري فيعني ما تمس إليه الحاجة ولا يمكن الاستغناء عنه. ويقابله الكَمَالي. ونقول: "كانت السيارة مطلبا كماليا وأصبحت اليوم ضرورية". الجزء: 1 ¦ الصفحة: 88 وكما نبهنا إليه في مثالي الحاجات، والحاجيات، والإمكان والإمكانيات يحسن التفريق أيضا بين الضرورات، والضروريات: الصيغة الأولى للدلالة على اسم يصبح في الصيغة الثانية صفة عندما تختمه بياء النسب. المثال الرابع: سُلوكات وسُلوكيات السلوكات جمع سلوك. والسلوكيات جمع سلوكي. ويجري على هذه الكلمة ما يجري على الأمثلة الثلاثة السابقة. جمع سُلوك على سُلوكات مثله مثل جمع شرح، على شُروح، وشُروحات. وجمع فَهم على فُهومات. وجمع سلوكي على سلوكيات، مثل جمع ضروري على ضروريات، وبَديهي على بديهيات. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 89 لكن لا بد أن نلاحظ للتفريق بين الجمعين وجودَ ياء النسب في المفرد. وعلى ذلك نقول: "هذا الشخص ذو سلوكات غريبة" ونقول: "وللمذاهب الباطنية سلوكيات تنفرد بها" ونقول فلان يتظاهر بحسن سُلوكه أو سُلوكاته ... لكنه ينتمي إلى مجموعة تُنسَب إليها سلوكياتٌ مذهبيةٌ مُريبة. الجملة المعترَضة، والإضافة، والنسبة بالياء تَرِد أخطاء على بعض الألسنة والأقلام في استعمال الجملة الاعتراضية (أو الجملة المُعْتَرَضة) بوضعها في غير موضعها، وفي الإضافة بدون وجود مضاف إليه، وفي النسبة بالياء إلى مفرد مؤنث بالتاء. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 90 وفيما يلي أمثلة لذلك: الجملة المعترَضة توضع الجملة المعترَضة في غير موضعها فتفصل خطأ بين المضاف والمضاف إليه ويقال مثلا: "لا يمكن تصورُ - ولو بمجرد التفكير - هذا الوضع"، إذ نلاحظ في هذا التعبير الخاطئ أن كلمة تصوُّرُ بقيت بدون تنوين، لأن المراد الإضافة. وجاءت إثرها الجملة الاعتراضية (ولو بمجرد التفكير) . ثم تلاهما المضاف إليه (هذا الوضع) الواقع في محل جر لأن المضاف إليه إما مجرور أو في محل جر. وهذا تحريف واضح للقواعد النحوية. وصواب العبارة أن يقال: "لا يمكن تصور هذا الوضع ولو بمجرد الجزء: 1 ¦ الصفحة: 91 التفكير". وتأتي الجملة الاعتراضية في غير موضعها خطأ أيضا حينما تفصل بين حرف الجر والمجرور. فيقال مثلا: "لا على مستوى الواقع ولا على -وهذا هو الأهم- مستوى التطبيق". والصواب أن تأتي هذه الجملة في النهاية وليس في الوسط حتى لا يُفصل بين حرف الجر والمجرور، ويقال إذن: لا على مستوى الواقع ولا على مستوى التطبيق وهذا (أو هذا الأخير) هو الأهم. كما يقال أيضا: "وجهت التشريفات (أو المراسم) دعوةً -هذه المرة- من الملك أو الرئيس نفسِه" فهنا يحسن اجتناب الفصل وتأخير "هذه المرة" إلى ما بعد عبارة "الملك (أو الجزء: 1 ¦ الصفحة: 92 الرئيس) نفسه". جَنوب (بفتح الجيم لا بضمها) يَضُمُّ البعض في المشرق العربي خاصةً الجيمَ في كلمة الجَنوب وهو خطأ. والجنوب الجهة المقابلة للشَّمال. ويطلق أيضا على الريح التي تَهُبّ من ناحية الجَنوب ونقول: "هَبَّت الرياحُ جَنوبا". ونَنْسُب إلى الجَنوب بياء النسب فنقول جَنوبي: "أمريكا الجَنوبية" "دولة جَنوبيِّ إفريقيا" وفي كل ذلك لا نضع الضمة على الجيم. أما الجُنوب (بضم الجيم) فهو جمع جَنْب، أي الناحية، أو الجهة. وورد في القرآن مفردُ جَنْب في قوله تعالى: "يا حَسْرتَا على ما فَرَّطْتُ في جَنْب الجزء: 1 ¦ الصفحة: 93 الله". أي في جانبه وحقه. جَنوبِيَّ لا جنوبَيْ كثيرا ما نسمع ونقرأ كلمة جَنوبِيَّ محرَّفة، ويُنطق بها خطأ جَنوبَيْ في صيغة المثنى مما قد يبدو معه أن المقصود هو جَنوبان (مثنى جنوب) ، والصحيح هو جَنوبِيَّ فنقول يوجد هذا الشيء جَنوبِيَّ البيت، أو العالم الثالث يقع جنوبِيَّ الكرة الأرضية وهو منصوب على الظرفية المكانية. حرف الحاء (ح) حافَة (بفتح الفاء) وحافَّة (بتشديد الفاء المفتوحة) سمعت في بعض الإذاعات بالمشرق العربي استعمال كلمة الحافَّة (بفتح الفاء وتشديدها) في هذا التعبير: "انزلَقَ إلى الجزء: 1 ¦ الصفحة: 94 حافَّة الهاوية" والصواب النطق بالفاء المفتوحة مخفَّفة. ويُنطق بالكلمة في بعض اللهجات كذلك. والمدُّ في حافة أصله واو، والفعل الذي جاءت منه هو حاف يحوف، والأصل حَوف، والحافَة هي الجانب أو الناحية. والسير عليهما ينبغي أن يكون بحذر بخلاف السير في الوسَط. أما الهاوية ففعلها هَوَى يَهْوِي هُوِيا وهَوَيانا. ويعني سقط من علو. والهاوية هي الحفرة العميقة التي يَهْلِك ويُصابُ من يقع فيها. وأُطْلِقَت في القرآن على جهنم فقد جاء فيه: "وأما من خَفَّتْ موازينُهُ فأمُّهُ هاوية. وما أدْراك ما هِيهْ. نار الجزء: 1 ¦ الصفحة: 95 حامية". أما الحافَّة (بتشديد الفاء) ففعلها حَفَّ يحُفُّ إذا أحاط بالشيء. والحافَّة هي طرف الشيء بدون أن يكون هو المحيط بالهوَّة أو الهاوية. ولذلك نقول "سقط من حافَة الهاوية ووقع فيها" أي في الهاوية. الحَدَب ليس هو الحدْب من كل حَدَب (بفتح الدال) يقال "جاءوا من كل حَدَب" بفتح الحاء والدال. لكن سمعت في بعض الإذاعات والتلفزات بالمشرق العربي من يسكِّن الدال. وهو خطأ. الحَدَب هو الغليظ المرتفع من الأرض. يقال "جاءوا من كل حَدَب" أي كل مكان. وفي القرآن الكريم: "وهم من كل حَدَب يَنْسِلون" أي الجزء: 1 ¦ الصفحة: 96 يُسْرِعون من كل مرتفَع. وكثيرا ما يُعطف بالواو لفظ صَوْب على لفظ حَدَب. ويقال "جاءوا من كل حَدَب وصَوْب". والصَّوْب هو الاتجاه أو الجهة، أي جاءوا من كل مكان، وكل اتجاه أو جهة. وأظن أن صَوْب إنما يستعمل في هذا التعبير بعد حَدَب للدلالة على التعميم. ويُحتفَظ بالتعبير كما هو فيتقدم الحَدَب ويُعطَف عليه بصَوْب، حتى يكاد يشبه المثل الذي لا يتغير لا شكله ولا لفظه ولا ترتيب كلماته. ومصدر حَدَب فِعْله هو حَدِب (بكسر الدال) يَحْدَب حَدَبا أي عطَف. ونقول: "علينا أن يشمل حَدَبنا (أي عطفنا) الطبقة الجزء: 1 ¦ الصفحة: 97 المحرومة". حرَص (بفتح الراء) لا حَرِص بكسرها حَرَص بفتح الراء يَحْرِص ينطق بها البعض في الماضي بكسر الراء. والأصوب فتح الراء في الماضي وكسرها في المضارع. مثلما نقول ضرَبَ يَضْرِب. وذكَر هذا الخطأ الكسائي (في القرن الثاني الهجري) في كتابه المعنوَن: "ما تَلْحنُ فيه العوام". وما يزال هذا اللحن شائعا إلى اليوم. وقد جاء في القرآن بصيغة الماضي مفتوح الراء: "ولن تستطيعوا أن تعدلوا بين النساء ولو حَرَصْتُم". وفي قوله تعالي: "وما أكثر الناس ولو حَرَصْتَ بمؤمنين". وجاء مكسور الراء في صيغة المضارع الجزء: 1 ¦ الصفحة: 98 في قوله تعالى: "إن تحرِصْ على هُداهم فإن الله لا يهدي من يُضل وما لهم من ناصرين". وجاء مكسور الراء على صيغة الأمر في الحكمة القائلة: "احْرِصْ على الموت تُوهَبْ لك الحياة". ومصدره الحِرْص (بكسر الحاء) . ومنه جاء وصف حريص على الشيء. ونقرأ في القرآن: "لقد جاءكم رسولٌ من أنفُسِكم عزيزٌ عليه ما عَنِتُّمْ حريصٌ عليكمْ بالمؤمنين رؤوفٌ رحيم". حُزْمَة (بضم الحاء لا حَزْمَة بفتحها) الحُزْمة ما جُمِع ورُبط من كل شيء. ونقول: "حُزْمَة من الحَطَب". و"حُزْمَة من الأوراق". ولا نقول: "حُزْمَة من الناس" الجزء: 1 ¦ الصفحة: 99 بل مجموعة. وفي جمع معاني هذه الكلمة تبقى الحاء مضمومة لا مفتوحة، وتُجمَع جمعا قياسيا على حُزَم (وزن فُعَل جمعا لفُعْلة) كنُخْبة ونُخَب وجُرْعَة وجُرَع، وعُقْدَة وعُقَد. وتطلق الحُزمة في ترجمة لنظيرتها بالإنجليزية (Package) كما تترجم هذه الكلمة إلى رُزْمة. وتنشر بعض الصحف ضمن أبوابها تحت عنوان حزمة أخبار، وأنصح بأن توضع الضمة على الحاء حتى لا ينطق بها القارئ بالفتح. والمتفاوضون الفلسطينيون رددوا "قبولهم لخطة ميتشيل على أن يكون التعامل معها رُزْمة أو حُزْمة واحدة". حَسْب وحَسَب الجزء: 1 ¦ الصفحة: 100 حَسْب وحَسَب يتردد على ألسنة بعض العاملين في الإذاعة والتلفزة المغربيتين قولهم: "وإليكم أذان الصلاة حسْب (بسكون السين) توقيت الرباط وسلا" والصواب حَسَب (بفتح السن) . لكلٍّ من حَسْب وحَسَب معنى. حَسْبُ تفيد معنى كافٍ أو يكفي. وفي القرآن الكريم: "حَسْبُنا اللهُ ونعم الوكيل" وقد تكرر هذا التعبير في آيات أخرى. وحسْب (بالسكون) تأتي بمعنى لا غير تُبْنَى على الضم في آخرها فنقول: "حصل التلميذ في الامتحان على نقطتين فَحَسْبُ، أو وَحَسْبُ". الجزء: 1 ¦ الصفحة: 101 أما حَسَب (بفتح السين) فمعناها بمقدار، أو بمقتضى حساب كذا. وفعلها هو حسَبَ يَحْسُبُ حِساباً وحُسْباناً أي عَدَّ وأحصى. وعلى ذلك فَحسَب أي بمقدار، ومقتضى حساب، هو الألْيَق بالتوقيت. فنقول: "إليكم أذان الصلاة حسَبَ التوقيت الفلاني". وتدخل أحيانا على حَسَب حرف الباء، أو على، أو ترتبط بها كلمة ما. فنقول: "وقع ذلك بَحَسَب ما بلغني، أو على حَسَبِ ما بلغني. أو حسَبَما بلغني". لم تفرق بعض المعاجم -وهي قليلة- بين ضبط سين هذه الكلمة، وأجازت ضبطه بالسكون أو الفتح. ومنهجيتي في هذه الحلقات تفضل أن نضبط الجزء: 1 ¦ الصفحة: 102 الكلمات ضبطا واحدا ما أمكن تحديدا للفوضى اللغوية التي تعانيها العربية. حِقْبة (بكسر الحاء لا حُقْبة أو حَقْبة) الحِقْبة مدة من الزمن لا حدَّ لها بقِصَر أو طول. وجمعها جمعا قياسيا هو حِقَب، إذ وزن فِعْلة (في المفرد) يأتي على فِعَل. مثال نِعْمة ونِعَم، وبِدْعَة وبِدَع، وعِبْرة وعِبَر. وتجمع على غير قياس أيضا على حُقُوب. ويرادفها الحُقُب أي المدة من الزمان بدون تحديد لمداها. وجمعها أحْقاب وحِقاب. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 103 حَلْبة وحَلَبات والحلْبة بسكون اللام في المفرد وبفتحها في الجمع على وزن فَعْلة وفَعَلات (بفتح العين) هي: ميدان سباق الخيل. وموضع يُخصَّص للملاكمة أو المصارعة. ويقال حَلْبة الرقص للمكان المخصَّص للراقصين والراقصات. ويقال فلان فارس حَلْبة الفن أو الشعر أو الكتابة، أي أنه يتميز عمن ينافسه في هذه المجالات ويفوقه. الحَلْقة كلمة الحَلْقة (بفتح الحاء وسكونٍ على اللاَّم) التي ينطق بها الإعلام محرَّفة فيضع الفتحة على اللام في المفرد بدلا من السكون. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 104 الحلْقة على وزن فَعْلَة وجمعها فَعَلات بفتح الحرف الثاني منها. وهذا هو سبب الخطأ الذي يقع فيه بعض الإعلاميين الذين يجهلون هذه القاعدة فيظنون أن الكلمة مفتوحة اللام سواء في المفرد أو الجمع. إنه لا يمكن أن نقول في المفرد حلَقة لمجرد أننا نقول في الجمع حلَقات لأن صيغة المفرد تتغير في الجمع. وأنبه إلى أننا لا نقول أعطى فلانٌ لفلان ضَرَبة (بفتح الراء) بل ضَرْبَة بسكون الراء، ونجمعها على ضَرَبات (بفتح الراء) . ونقول لطْمة (سكون الطاء) ونجمعها على لطَمات، وفتْرة (بالسكون) زَمَنيَّة، ونجمعها على الجزء: 1 ¦ الصفحة: 105 فَتَرات. كما نقول نظْرة ونجمعها على نظَرات. وجاء في الحكمة العربية المشهورة "رُبَّ أَكْلةٍ حرَّمتْ أَكَلات". وما أكثر الأمثلة على جمع فَعْلَة على فَعَلات. أذكر أنه في حلْقة من حلَقات "برنامج الشريعة والحياة" التي يقدمها على شاشة التلفزة العلامة يوسف القرضاوي كان المُشْرِف على البرنامج يقدمه بعبارة ضيف الحلَقة (بفتح اللام) . وكان الشيخ القرضاوي يهمس له بتصحيح خطئه ويقول الحلْقة (بسكون اللام) ، ولكن مقدم البرنامج ظل مصرا على فتح لام حلقة. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 106 وتكرر الخطأ من المشرف على البرنامج. وتكرر التصحيح بدون جدوى من الشيخ. ولم ينفع الشيخَ إلا أن يسكت سكْتَة (وليس سَكَتة) نهائية عن الخطأ الذي لم ينفع فيه إصلاح. ولا تجمع فَعْلة على فَعْلات (بالسكون) إلا في حالتين: الأولى: عندما يكون الحرف الثاني (عين الكلمة) مُعتلاّ أي يوجد فيه أحد أحرف العلة الثلاثة (الألف، والواو، والياء) لأن حروف العلة تَسْتَثْقِلُ وجود حركة الفتح عليها. لذا يقال: ثَوْرة، وثَوْرات، وعَوْرة وعَوْرات، وهَيْبة وهَيْبات، وهَيْئَة وهَيْآت. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 107 أما إذا كان حرف العلة موجودًا في لام الكلمة أي في آخرها فتبقى القاعدة كما هي ويقال حينئذ ثَرْوة بالسكون وثَرَوات بالفتح، ونَشْوَة ونَشوَات، ورَمْية ورَمَيات. الحالة الثانية: هي حالة ضرورة الشعر للحفاظ على الميزان. وشاهدُ ذلك قول الشاعر: … … وحُمِّلت زَفْرات الضحى فأطَقْتُها … … ومالي بزَفْرات العَشيِّ يدان حُمَم (بضم الحاء وفتح الميم) يقع الخطأ في ضبط هذه الكلمة عند الحديث عن ثورة البُرْكان وقذْفِه بحُمَمه، فيُنطق بالحاء مفتوحة أو مكسورة والصواب ضمها. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 108 والبُرْكان كلمة معرَّبة مأخوذة من لفظة (Volcan) ويُطلق عليه أيضا جبل النار. وله فوهة تخرج منها مواد متفجرة من بطن الأرض، قد تكون رمادا أو فحما أو مواد ملتهبة أو غازات أو بخارا. وعلى هذه المواد يطلق لفظ حُمَم. ومفرده حُمَمَة (بضم الحاء وفتح الميمين) . وجمع الحاء مع الميمين في كلمة واحدة يدل في الغالب على ما فيه حرارة كالحُمَّى والحمَّام والحَمَّة حيث تكون مياهها المعدنية حارة أي ساخنة. وورد لفظ حميم بمعنى ساخن في قوله تعالى:" لا يذوقون فيها بردا ولا شرابا إلا حميما". الجزء: 1 ¦ الصفحة: 109 والفعل هو حَمَّ يَحُمُّ حمَّا الماءَ إذا سخَّنه. واطراد معنى مشترك في المشتقات ذات الأسرة اللغوية الواحدة تختص به اللغة العربية بين اللغات. حَوالَيْ (بفتح الحاء واللام وتسكين الياء) منصوبة على الظرفية. وما بعدها يأتي مضافا إليها مجرورا. وتفيد الإحاطة بالشيء والالتفاف حوله. فنقول:"رأيت الناس حوالَيْه" أي محيطين به. و"حضر الاجتماعَ حوالَيْ مائة شخص". و"نجح في المباراة حوالَيْ عشرةِ أفراد". أي ما يقرب من العدد المذكور. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 110 ولا تتغير صيغة حوالَيْ. ولا يجوز غيرُ ذلك كما يجري خطأً على بعض الألسنة والأقلام، حيث يُخضِعها البعض لحركات الإعراب مع أنها ظرف غير مُنْصَرِف فيقول:"جاء حواليُّ خمسةِ أشخاص". و "لم تتسع القاعة إلا لحواليِّ مائة شخص". وهكذا. وكل ذلك خطأ. وجاء في بعض المعاجم اللغوية أنه توجد إلى جانب كلمة حوالَيْ كلمات "حَوَالَ" (بفتح الحاء والواو ونصب اللام آخر الكلمة) ، وحَوْلَيْ (بفتح الحاء وسكون الواو ونصب اللام، وتسكين الياء) وأنهما تستعملان استعمال حَوالَيْ. والأحسن استعمال كلمة حَوالَيْ لشيوعها وانتشارها، الجزء: 1 ¦ الصفحة: 111 ولكن مع تجنب الأخطاء التي تقع فيها. حرف الخاء (خ) اختلفوا في الشيء، لا اختلفوا عليه يشيع في الاستعمال تعبير "اختلَفوا على" والأصح هو: اختلَفوا في الأمر، بدلا مما يجري على بعض الألسنة:" اختلفوا على الأمر" فقد جاء فعل اختلف في القرآن الكريم 27 مرة مَتْلُوّاً دائما بحرف الجر: "في" ولم يرد مرة واحدة متلوا بحرف "على". وعن القاعدة اللغوية والنحوية المشهورة القائلة:"إن حروف الجر ينوب بعضها عن بعض"، نقول إن هذه القاعدة ينبغي حذفها من بين القواعد لأنها لا تساعد على تدقيق معاني اللغة. وكيف يمكن أن الجزء: 1 ¦ الصفحة: 112 نستسيغها في تعابير مثل هذه: "نزل من أعلى إلى تحت" فهل يمكن أن نقول في هذا المثال: "نزل إلى أعلى من تحت؟ ". و "دخلت إلى الدار من الباب". فهل يسوغ القول:"دخلت من الدار إلى الباب"؟. ونزيد توضيحا لهشاشة هذه القاعدة فنقول إن فعل اختلف لا يأتي بعده حرف "على" عوضا عن "في". كما أن عبارة اختلف إلى المكان: أي تردد عليه جاء فيها حرف "إلى" ولا يصح فيها وضع لا حرف "في" ولا حرف "على". كما أن تعبير:"عدل في الأمر" يفيد غير ما يفيده تعبير:" عدل عن الأمر". فالأول يعني قضى بالعدل في الأمر. والثاني يعني الجزء: 1 ¦ الصفحة: 113 تجاوز هذا الأمر وابتعد عنه لأن حرف "عن" يفيد التجاوز. ويجب التقيد بوضع حروف الجر مواضعها. فنقول:"هذا الأمر تترتب عليه نتائج وخيمة"، ولا نقول عنه. وإذا أردنا استعمال حرف عنه فلنستعمل تعبير: "هذا الأمر تنتج عنه نتائج". وإذا أردنا استعمال عليه فلنقل: "تنعكس عليه نتائج". ولكل مقام مقال. كما أن لكل تعبير حرفَ الجر الخاصَّ به. خَصْلة (بفتح الخاء) الخَصْلة هي خُلُق في الإنسان سواء كان حسنا أو قبيحا. والنطق بالخاء مضمومةً غير صحيح. لأن الخُصلة تعني قطعة من الشَّعَر. وتجمع على خُصَل. وهو جمع قياسي الجزء: 1 ¦ الصفحة: 114 إذ فُعْلة (بضم فاء الكلمة وسكون عينها) تجمع على فُعَل (بضم فاء الكلمة وفتح عينها) . وتُجمع الخَصلة (بفتح الخاء) جمع تكسير على خِصال (بكسر الخاء) . ونقول: "في فلان خَصْلة ذميمة هي أنه لا يكتم سرا". و"في الآخر خَصْلَة حميدة هي الوفاء لأصحابه". و"فلان ذو خِصال حميدة". وفي الحديث: "يشيب ابن آدم وتَشِبُّ فيه خَصْلتان: الحرص على الدنيا وطول الأمل". وجاء في الحديث أيضا: "وكانت فيه خَصْلةٌ من خِصال النفاق". الجزء: 1 ¦ الصفحة: 115 الخِطبة (بكسر الخاء) غير الخُطوبة خَطَب (بفتح الخاء والطاء) يخطُب (بضم الطاء) خِطْبةً (بكسر الخاء) الرجلُ فلانةً من أهلها إذا طلبها للزواج. وهو بذلك خطيب أو خاطب. والمطلوب زواجُها يقال عنها خطيبة ونقول: "أقيمت حفلة خِطْبة (بكسر الخاء) فلان إلى فلانة أو إلى أهلها". وجاءت صِيغة الخِطبة في الآية القائلة: "ولا جُناحَ عليكمْ فيما عرَّضْتُمْ به من خِطْبة النساء أو أكْنَنْتُم في أنفسِكم". وجاء في بعض المعاجم ضم الخاء في خطبة بهذا المعنى، لكن الخُطبة (بالضم) شائعة في الكلام الذي ينطق به الخطيب. والخطبة (بالكسر) في طلب الزواج. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 116 أما الخُطوبة فلها معنى آخر. إذ تَدُلُّ على الفترة التي تعقُب خِطبة المرأة وتمتد إلى الزواج. خُطَّة (بضم الخاء) وخِطَّة بكسرها ويدلاَّن معا على النهج والطريقة. لكن الأكثر استعمالا هو ضم الخاء. والمغاربة لا ينطقون بها مكسورة الخاء إلا نادرا. لكن في المشرق العربي تُسْتَعمَل مضمومة الخاء في الأغلب وقليلا مكسورة الخاء. ونقول: "وضع الخبراء خُطَّة اقتصادية لخمس سنوات". ونختصر هذا التعبير فنقول: "وضع الخبراء خُطَّة خُماسية"، أو "خطة خَمْسية". أي تُنفَّذ في خمس سنوات. وبضم الخاء تجمع جمعا قياسيا الجزء: 1 ¦ الصفحة: 117 على خُطَط (بضم الخاء وفتح الطاء) (على وزن فُعْلة وفُعَل) كقُبْلة وقُبَل، وصُدْفة وصُدَف، ونُكْتة ونُكَت. أما خِطَّة بكسر الخاء فجمعها خِطَط، بكسر الخاء وفتح الطاء. وهو جمع قياسي (على وزن فِعْلة وفِعَل) كحِصَّة وحِصَص، وعِبْرة وعِبَر. ومن الخطأ زيادة ألف المد في الجمع، فلا يقال خِطاط لا في جمع خُطّة ولا في جمع خِطّة. وأفضِّل أن تتوحد لغة الإعلام على استعمال الخُطة بضم الخاء فقط، في سعي مني إلى توحيد استعمال الكلمات العربية ما أمكن، خاصة ولم ترد كلمة خِطة (بكسر الكاف) في جميع معاجم اللغة. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 118 خلا أداة من أدوات الاستثناء الثمان. وهي تنصب الاسم الذي يأتي بعدها (وهو المستثنَى) . وقد جاء في شعر لَبيد: … ألا كلُّ شيء ما خلا اللَّهَ باطلُ … … … … … وكلُّ نعيمٍ لا مَحالةَ زائلُ ويُنسَب إلى سيبويه أنه قال يجوز جرّ ما بعد خلا وعدا. وأتى اللغويون والنحاة بالشاهد على ذلك من بيت شعر جاء فيه صاحبه يفخر بنفسه وقبيلته ويقول واستعمل عدا وجرَّ ما بعدها: … أبَحْنا حيَّهم قتْلا وأسْرا … … … … … عدا الشَّمْطاءِ والطفلِ الصغيرِ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 119 وهذا الشاعر غير معروف. ولعله كما أباح هو وقبيلته القتل والأسر قد أباح لنفسه أيضا استعمال "عدا" في موضع "سِوى" فجرَّ ما بعدها خطأ. لذلك لا يُعتدُّ به، والصواب أن "عدا" تنصب ما بعدها. ولا يُعدَل عن هذه القاعدة لمجرد أن شاعرا مجهولا قال خلاف ذلك. وتُقْحم خطأً بعض حروف الجر إثر عدا ويقال. "وعدا عن ذلك لا شيء يستحق الذكر" فتأتي عدا في غير موضعها ويُفْصَل بينها وبين مفعولها. والصواب:" وعدا ذلك لا شيء يستحق الذكر". الجزء: 1 ¦ الصفحة: 120 ومن الأخطاء المتصلة بخلا ما سمعته على لسان مقدِّم نشرة الأخبار في قناة تلفزية محترمة:"جاء ذلك خَلا إلقاء كلمة بالمناسبة" يقصد "خلال الإلقاء". وآمل أن يكن مرد هذا الخطأ إلى السرعة التي تلقى بها الأنباء أحيانا، إذ لا علاقة بين خَلا وخِلال. حرف الدال (د) دَلالة ودِلالة يقع خطأ في ضبط الدال المشددة، فيكسرها البعض ويفتحها البعض، ولكل منهما معنى خاص به. فالدَّلالة بفتح الدال آتية من فعل دَلَّ بمعنى أشار وأَرشد. فنقول: "دلَّه على الطريق" أي أرشده إليه. واسم الفاعل من فعل دَلَّ هو الدَّالُّ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 121 (بتشديد اللام) . وقد ورد في القول المشهور: "الدَّالُّ على الخير كفاعله". وجاء في القرآن في ذكر سليمان: "ما دَلَّهُم على موتِه إلا دَابَّةُ الأرضِ تأكل مِنْساتَه". أما في الدَّلالة (بفتح الدال وتشديده) فقد قيل: "دَلالة المَبنَى تدلُّ على دَلالة المعنى". وبعض المعاجم اللغوية ذكرت كلمة دِلالة (بكسر الدال) مع كلمة دَلالة مصدرين ولكن منهجيتي تجعلني أنصح بالاقتصار على استعمال الدَّلالة بالفتح في الإشارة والإرشاد، واستعمال كلمة الدِّلالة (بكسر الدال) لبيان حِرْفة الدَّلال أو أجرته. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 122 والدَّلاَّل هو من يحترف الوساطة بين البائع والمشتري، أو من يُعلِن عن الأثمان في سوق الدِّلالة. وفي المعنى الأول يصبح مقتربا من كلمة سمسار، أي الذي يتوسط لإنجاز صفقة البيع. دَقْرَطَة لا دَمَقْرَطَة أصبح شائعا خطأ دَمَقْرَطة، إذ يقال "دَمَقْرَطة" المؤسسات، والنُّظم. وهي ترجمة حرفية لنظيرة هذه الكلمة في اللغات الأخرى. ولا بأس في ذلك ما دامت كلمة الديمقراطية مستعملة في العربية. بيد أن دَمَقْرطَة بهذا الميزان لا تدخل في الأوزان العربية. إذ ليس منها وزن فَعَلْلَلَ. والقواعد النحوية تقول: إن مزيد الجزء: 1 ¦ الصفحة: 123 الفعل الرباعي بما يجعل منه خمسة أحرف له وزنان: إما بزيادة التاء في أوله حيث يصبح الرباعي بَعْثَر، أو زَلْزَل مثَلاً خماسيا فنقول: "تَبَعْثَرت الأوراق، وتَزَلْزَلت الأرض والجبال". وهذا هو وزن تَفَعْلَلَ. وإما بزيادة حرفين، ولهذا وزنان: زيادة الهمزة والنون: افْرَنْقَع أي تَفرَّق، ووزنه افْعَلْلَلَ ورباعيُّه هو فَرْقَع أي فَرَّق. ووزنه فَعْلَلَ. أو زيادة الهمزة والتضعيف: "اقْشَعَرَّ". ووزنه على هذا هو افْعَلَلَّ. وليس للرباعي المزيد بحرفين إلا هذا الوزنان أو الصيغتان. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 124 وبناء على ذلك فميزان فَعَلْلَلَ غريب عن العربية ولم يرِدْ في كلام العرب. فكيف إذن نشتق المصدر من كلمة الديمقراطية ونحافظ على وزنه العربي؟ أجاب النُّحاة على ذلك بوجوب حذف حروف الزيادة من الكلمة. وهي الحروف المضمَّنة في جُملة سألتمونيها. أي السين، والهمزة، والتاء، والميم، والنون، والهاء. وهي التي تُحذف من الكلمة لتبقى موازين الأفعال والمصادر في صيغ الموازين العربية الصحيحة. وفي استخراج مصدر من كلمة الديمقراطية لا تُحذف إلا الميم، لأنها وحدها في الكلمة من حروف الزوائد. أما الدال، والميم، والقاف، الجزء: 1 ¦ الصفحة: 125 والراء، والطاء، فليست من حروف الزوائد. وتثبت في المصدر والفعل ولا تُحذف فيهما. وعلى ذلك يكون الصواب هو "دَقْرَطَة"، في المصدر، و"دَقْرَطَ" في الفعل الرباعي ونقول: "الدستور دَقْرَط مؤسسات الحكم". و"نحن في حاجة إلى دَقْرَطة أكثر للمؤسسات". وميزان دَقْرطة (العربي الفصيح) أسهل على النطق من ميزان "دَمَقْرَطة" غير العربي الذي يَثْقل النطقُ به على اللسان لتوالي فتحتين على فاء (أول) الكلمة، وعينها. (ثانيها) (دَمَـ) . وكثرة استعمال لفظ "دقرطة" سيزيد نطقه سهولة. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 126 وفي الفعل الخماسي نضيف حرف التاء في أول الكلمة، فنقول "تَدَقْرَطَت النظم بكثرة في هذا العصر". كما نقول: تَدَحْرَجَ وتَزَلْزَلَ وتَعَوْلَمَ، وتَقَوْقَعَ. الدَّوْلَتِيّ هذه نسبة بالياء غريبة إلى كلمة دولة، يستعملها خطأ إعلاميون وأساتذة جامعيون يقصدون بها التفريق بين النسبة إلى دَولةٍ بالمفرد ودُوَلٍ بالجمع،+ ويظنون أنهم يُحسنون صنعا وهم يُفسدون قواعد اللغة. التاء الموجودة في كلمة دولة حرف تأنيث زائدة تُحذَف عند النسب. ونقول في النسبة إلى مكَّة مَكِّي، ولا نقول مكَّتِيّ. وفي النسبة إلى لَفْظة الجزء: 1 ¦ الصفحة: 127 نقول لفظي ولا نقول لَفْظَتيّ، كما نقول لفظي نسبة إلى لَفْظ. وإذا كان يراد التفريق بين النسبة إلى دَوْلة والنسبة إلى دُوَل بالجمع، فلنخصص لفظ دَوْلي (بفتح الدال وتسكين الواو) للنسبة إلى المفرد (دَوْلة) ، و"دُوَلي" بالنسبة للجمع (دُوَل) . والمعروف أن أغلبية النحاة ينصحون بنسبة الجمع إلى مفرده. (وهؤلاء هم البصريون) . ومنهم من يجيز النسبة إلى الجمع (وهم الكوفيون) . ولضرورة التفريق يحسن أن نأخذ بقاعدة الكوفيين فننسب إلى الجمع عندما نريد الحديث عن عدد من الدُّول. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 128 كما نقول بالنسبة للقانون الصادر عن دولة وطنية واحدة هذا قانون دوْلي ((National، وهذا قانون دُوَلي (International) أي قانون مجموعة دول أو منظمات دولية. وعلى ذكر النسبة نذكِّر بأن النسبة في قواعد اللغة تأتي بالياء كما تأتي بالإضافة، لكن أصبحت النسبة بالياء في لغة الإعلام طاغية على النسبة بالإضافة حتى لتكادُ هذه الأخيرة تُنْسَى. ومن أجل إيثار بعض اللغويين النسبةَ بالياء على النسبة بالإضافة أطلقوا على اتحاد المغرب الكبير اسم الاتحاد الْمَغاربي بصيغة الجمع، مع أن المغرب كان دائما مفردا يطلق على الجزء: 1 ¦ الصفحة: 129 المملكة المغربية. ويوجد لما عداه من الأقطار اسم خاص به: الجزائر، تونس، ليبيا، موريتانيا. وتاريخيا لم يُعرَف قط جمع "المغارب" حتى يُنسَب إليه المغاربي. وقد ورد هذا الجمع في القرآن بالنسبة لجهات الغروب كما وردت المشارق بالنسبة لجهات الشروق، وذلك في قوله تعالى:" فلا أقسم برب المشارق والمغارب". ولأقطار المشرق العربي تجمعات عربية ولم يُسَمَّ مجموعُها باسم المشارق. ولم يُنسبْ إليها بصيغة المشارقي. وإنما يقال المشرق العربي لا غير. فلْنعدلْ عن اسم المغاربي إلى اتحاد المغرب العربي، أو اتحاد المغرب الجزء: 1 ¦ الصفحة: 130 الكبير. حرف الراء (ر) رُجْحان (بضم الراء وسكون الجيم) لا بفتحهما في برنامج تلفزي خليجي سمعت أحد المناظرين يقول: "أخذ يبدو أن هناك رَجَحَاناً لتوسيع مفهوم الإرهاب إلى حد إدماج مقاومة الاحتلال فيه". والصواب رُجْحَان. رَجَحَ يَرْجَحُ رُجوحاً ورُجْحاناً ورَجاحةً فهو راجح الشيءُ ثَقُل، أو اكتمل، أو زاد على غيره، أو غلب على غيره وفاقه. ونقول: "رجَحت إحدى كَفَّتي الميزان على الأخرى". والراجح هو ما يزيد من الأحكام قيمةً على سائرها. فنقول: "يعمل الفقهاء بالراجح لا بالمرجوح ويفضلون الأرجح (أي الجزء: 1 ¦ الصفحة: 131 الأكثر قيمة) أي يقدِّمونه في الاستِدْلال على الراجح". ولم يَرِدْ في مصدر رَجَح رَجَحان. وإنما جاء في كلمات هَذَيَان، وغثَيَان، وشَنَآن على سبيل المثال. رَدَح لا رَدْح تُحرَّف هذه الكلمة فيسكَّن دالها والصواب فتحه. والرَّدَح هو المدة الطويلة ونقول: "حصل هذا منذ رَدَحٍ من الزمان". ولا يوجد لهذه الكلمة فعل أو مصدر فهي يتيمة لا مشتقَّات لها. الرَّعاع: السافلون من الناس الذين لا يتميزون بميزة يفضُلون بها غيرهم. والبعض يضُم أوَّلها (العين) خطأ. وقد جاءت مفتوحة في الحديث: الجزء: 1 ¦ الصفحة: 132 رَعاع (بفتح العين) "إني أخاف عليكم رَعاع الناس". وتُستعمل الرَّعاع للتحقير. مثلها مثل الغوغاء. وتأتي مؤنثا رَعاعة بمعنى قليل العقل والفهم. وبهذا المعنى تطلق على النَّعامة المشهورة بقلة الفهم حيث تضع رأسها في التراب متوهمة بذلك أنها اختفت عن الأنظار. وهذا ما يشار إليه بتعبير سياسة النَّعامة. ريم وريمة رِيم هو ولد الغزال الذكر، ومؤنثه ريمة، أي ابنة الظبي (الغزال) . وأصلهما رِئْمٌ ورِئْمةٌ فوقع التسهيل في الهمزة بنطقها وكتابتها ياء. وتسهيل الهمزة وارد في اللغة. وفي جميع الأحوال لا ينبغي أن يُطلَق لفظ ريم (أو رئم) الجزء: 1 ¦ الصفحة: 133 ريم وريمةعلى الذكر والأنثى. فلكل منهما إطلاقه الخاص. وقد بدأ أحمد شوقي قصيدته الميمية التي عارض بها قصيدة البردة للبوصيري بهذا البيت: رِيمٌ على القاع بين الْبان والعَلَم أحَلَّ سفْكَ دمي في الأَشْهُر الحُرُمِ ولم يقل أحلَّتْ. والقصيدة كانت تغنيها أم كلثوم. البعض يسمي البنت رِيم غلطا فيحسن تجنب ذلك فالذكر ذكرٌ والأنثى أنثى. وريم المذكر غير ريمة المؤنث. الزَّخْم بسكون الخاء تستعمل كلمة الزَّخْم بمعنى قوة الدفع. وترد في هذا التعبير وأمثاله: "وقع ذلك تحت زَخْم الأحداث المتوالية". لكن الجزء: 1 ¦ الصفحة: 134 حرف الزاي (ز) الزَّخْم بسكون الخاء سمعت الكثيرين ينطقونها بفتح الخاء (زَخَم) . وفعل زَخْم (بالسكون) غير فعل زَخَم (بالفتحة) . الأول لازم متعدٍّ. يقال زَخَم الشيءُ إذا اندفع بقوة وشدة. وزخَمَ الشيءَ إذا دفعه دافعٌ بقوة وشدة. أما الزَّخَم (بالفتح) ففعله لازم. زَخِم يزْخَم زَخَما. الشيءُ تغيرت رائحته. واللحمُ إذا تغير وأصبح كريها. ونقول:" نشمُّ من هذا الماء الراكد زَخَما" والزَّخَمة هي الرائحة الكريهة. اسم مُعْرَبٌ يضاف إليه ما بعده مجرورا. مَثَله في ذلك مَثَل "نَحْو". وهو أيضا يدل على التقريب. وأصله مقدار الجزء: 1 ¦ الصفحة: 135 زُهاء (بضم الزاي) الشيء. لكنه يُستعمَل في التقريب مَثلَه مَثَل حَوالَيْ، ونَحْو. نقول: "يُقدَّر عددُهم بزُهاء ألف". وقد جاء في الحديث:" سُأل رسول الله: كم كانوا؟ فقيل: زُهاءَ ثلاثمائة"، أي قَدْر ثلاثمائة. وجاء في بعض المعاجم اللغوية كسر الزاي منه، لكن فتحها خطأ، والأفضل النطق بالضم لشيوعها. وتُطْلق كلمة زُهاء أيضا على العدد الكثير. وقد جاءت بهذا المعنى في الحديث:" إذا سمعتم الناس يأتون من قِبَل المشرق أُولي زُهاء يُعجَب الناس من زِيِّهم فقد أظلَّت الساعة". وأُولي زُهاء تعني: أولِي عدد كثير. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 136 حرف السين (س) الأسبق والسابق يقال في المشرق العربي الرئيس الأسبق، والوزير الأسبق. والصواب السابق. ولا يقال الأسبق إلا عندما يُقصَد به من تعدَّى غيره في السبق. وهذا ليس هو المقصود. لذا يحسن أن نقول مثلا عند ذكر شخصين متباريين في السِّباق: "كلٌّ من محمد وإدريس سابق، ولكن إدريس هو الأسبق. وعلى ذلك يحسن أن نقول الرئيس السابق والوزير السابق. سَجْن وسِجْن السَّجْن بفتح السِّين وتشديدها مصدر سَجَنَ يَسجُن سَجْنا إذا حَبَسَ في مكان. وعلى ذلك لا نقول: "حكمت عليه المحكمة بسنةٍ سِجْنا (بكسر السين) بل سَجْنا بفتحها الجزء: 1 ¦ الصفحة: 137 ووُضع في السِّجْن (بالكسر) تنفيذا لهذا الحكم. وجاء في القرآن الكريم في قصة يوسف: "ربِّ السِّجْنُ أحبُّ إليَّ مما يدعونَني إليه". وجاء أيضا: "فلبِثَ في السِّجْنِ بِضعَ سنين". وجمع السِّجن هو سُجون ونقول: "إدارة السُّجون". سُكَّان المغرب وسكان الإمارات العربية وليس ساكِنة المغرب ولا ساكنة الإمارات ومما أدخله في اللغة هذا النوع من الشطط اللغوي الذي نوالي تصحيحه تغيير كلمة "السكان" إلى كلمة "الساكنة" ويقولون: "جرى إحصاءٌ أخيرٌ لساكنة المغرب أظهر أنها بلغت 30 مليون نَسَمة" كما تحول تعبير الجزء: 1 ¦ الصفحة: 138 "سكان المعمور" إلى تعبير "ساكنة المعمور". وهكذا دواليك. وليس وراء الترجمة في هذا التحول إلا سببٌ وحيد هو أن السكان جمع تكسير، والساكنة مفرد مؤنث يقابلها في الفرنسية كلمة مفردة مؤنثة (La population) . والمفروض أن كلمة الساكنة هي مؤنث "ساكن" وهو الثابت الذي لا يتحرك. ونقول "لا يُحَرِّك ساكنا" أي لا يفعل شيئا لأن عكس السكون هو الحركة. ونقول: "أحصى عليه حَرَكاتِه وسَكَناتِه" أي راقبه بدقة في جميع أحواله وتصرفاته. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 139 وقد جاء في القرآن الكريم: "ألَمْ تَرَ إلى رَبِّك كيف مَدَّ الظِّلَّ ولو شاء لجعَلَه ساكِنا" و"اللغة مجموعة كلمات تحمل إما الحركة وإما السكون". سَواء وسِواء سمعت بعض المتحدثين يكسرون السين في كلمة سَواء. وفَتحُها هو الصواب. فقد وردت خمس مرات في القرآن في آيات شتى دائما بفتح السين: "سَواءٌ عليهم أأنْذرتهم أمْ لم تُنذرهم لا يؤمنون" "سَواءٌ عليهم استغفرت لهم أم لم تستغفر لهم". ومصدر فعل ساوَى (بين الشيئين) هو مساواة، وليس سِواءا (بكسر السين) . ولم تذكره معاجم اللغة وإن كان مصدر فاعل هو مفاعلة أو الجزء: 1 ¦ الصفحة: 140 فِعال. سِوى البعض يذكر المستثنَى الذي يأتي بعد سِوى مرفوعا أو منصوبا والصواب جَرُّه بالإضافة. سمعت من يقول:"ولم يكن قصده سوى التفكيرُ في الموضوع". وبعضهم يقيس عملها على عمل أداة الاستثناء الأخرى "إلاَّ" فينصب ما بعدها ويقول:"سوى التفكيرَ" يقصد إلا التفكيرَ. ما يأتي إثْر سوى من الأسماء يُجَرُّ. مَثَلها في ذلك مَثَل أداة استثناء أخرى هي "غير". فنقول: "ولم يكن قصده سوى التفكيرِ" (بكسر الراء) أو غيرَ التفكيرِ (بكسر الراء) . وقد يضاف إلى سِوى جملة مصدرية فنقول: "لا أعيب عليه سوى أنه مُهمِل" أي الجزء: 1 ¦ الصفحة: 141 سوى إهمالِه. ونقول:"لا أطلب منه سوى أن يقول الحقيقة" أي سوى قولِ الحقيقة. ويجري على غير ما يجري على سِوى. لكن يقع خطأٌ في التركيب اللغوي حينما يُقحَم حرف جر بين سوى والمضاف: كأن يقال خطأ: "لم أعثر في الكتاب سوى على خطأ واحد" والصواب إسقاط حرف على. كما يُقْحَم خطأ بعد سِوى حرف الجر "في" ويقال:"لم أخسر في سوى صفقتين" والصواب حذف "في" لأن سِوى وغير يضافان إلى الاسم. والمضاف إليه لا يجوز أن يكون حرفا. إن عملية الإضافة تتم بين اسمين يسمى أولهما مضافا إليه، ويسمى الثاني مضافا. والمضاف دائما الجزء: 1 ¦ الصفحة: 142 مجرور إذا كان مفردا وليس جملة أو شبيها بها. سوف يكون. ولن يكون، و سوف لن يكون سوف أداة تسبق الفعل المضارع فتخصصه للاستقبال البعيد. نقول: "سوف أراك الشهرَ المقبل". أما الاستقبال القريب فتستعمل له أداة "سَـ" "سأسافر" أي في زمن قريب. بعض المعاجم لا تحدد فرقا بينهما. ومنهجيتي هي العدول عن المترادف لتكون اللغة واحدة لا لغتين أو لغات. وتقتضي البلاغة أحيانا أن يعبَّر بأحدهما عوضا عن الآخر بحسب اعتبار المتكلم الذي يريد أن يقول: إن البعيد قريب، أو إن القريب بعيد. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 143 ففي القرآن الكريم: "ولسوف يُعطيك ربك فترضَى"، وجاء فيه: "وسَيعلم الذين ظلموا أيَّ منقلَب ينقلبون". فالتعبير الأول بسوف يفيد المستقبل البعيد، لكن المراد به المستقبل القريب، والتعبير الثاني بالسين يبدو بعيدا وهو في الحقيقة قريب. والبعد والقرب مسافتان نسبيتان. فما يراه البعض قريبا يراه البعض بعيدا. وجاء في القرآن: "إنهم يَرَوْنه بعيدا ونراه قريبا". ويدخل في هذا اعتبارُ ما هو متوقَّع (أو مؤكَّدٌ) أي حصولُه في المستقبل فيصبح أمرا واقعا أو وَقَع فعلا". وفي هذا تُسْتَعْمَل صيغة الماضي لا الجزء: 1 ¦ الصفحة: 144 المستقبل. لأن المتوقَّع كالواقع. وهذه قاعدة بلاغية. مثال ذلك قول الله في كتابه: "اقتربت الساعة وانشَقَّ القمر". أي وسوف ينشقُّ القمر، ولكن لتأَكُّد الوقوع استُعمِل الماضي. وكثيرة هي القواعد البلاغية التي يُعطَى فيها لمقاييس الزمان أبعاد مغايرة. كأن نتحدث عن الماضي بصيغة المضارع في المستقبل. ويسمَّى هذا فعل المضارع المتجدِّد الذي يأتي في صيغة الحاضر المستمر. ويمثلون لذلك بهذا البيت الشعري الشاهد، أي الذي هو من بين شواهد اللغة وهو: أَوَ كُلَّما وردتْ عُكاظَ قبيلةٌ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 145 بعثوا إليَّ عريفَهم يَتَوَسَّمُ؟ فالشاعر هنا استعمل المضارع في صيغة الحاضر بعد ذكره الماضي في عبارة بعثوا. لأن هذا التوسم يقع ويتجدد كلما وردت قبيلةٌ على عكاظ. فلم ينحصر في زمان. واقتضى هذا استعمال فعل المضارع المتجدد. أفضل وأنصح أن تستعمل السين (سَـ) للمستقبل القريب، وسوف للمستقبل البعيد. ففي ذلك إغناء للغة الضاد وتدقيق للمفاهيم. وعندما نريد نفي الفعل المضارع ونصبه نستعمل تعبير: "لن يكون هذا الأمر". ولن حرف نصب واستقبال، ولا نحتاج إلى أن نضيف بعد حرف لن عبارة "في المستقبل"، حتى لا يكون في الجزء: 1 ¦ الصفحة: 146 الكلام حَشْو. سوف لن يكون لكن ماذا عن التعبير الشائع سوف لن يكون؟ هذا التعبير أيضا خطأ، لأنه يجمع بين أداتين (سوف، ولن) وكلتاهما تفيد الاستقبال. فهو حشْوٌ بمعنى زائد. وفي كلمة الحشو نقول: "بعض الكُتَّاب يستعملون الحَشْوَ والتكرار فيما يكتبون". "وللحشو علاقة بالتكرار الذي لا فائدة فيه ولا ضرورة له". والتعريف المأثور عن الحشو هو: "الكلام الذي يتضمن لفظا زائدا على أصل المعنى من غير أن تحمِل الزيادةُ فائدةً". كأن نقول: "طلع فوق"، و"نزل تحت". ففوق وتحت حشوٌ لأنها مفهومتان من طَلَع ومن نَزَل. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 147 و"سوف لن" خير مثال للحشو. إذ "سوف" تفيد الاستقبال، و"لن" أداة استقبال أيضا. وبذلك تكرر الاستقبال مرتين بدون أن تحمل الزيادة فائدة. لأن المعنى يستقيم بالاقتصار على "سوف" أو على "لن". وبما أن "لن" تفيدُ النفي والاستقبال وينصب الفعل المضارع بعدها فلنقل إذن: "ولن يكونَ هذا الأمرُ" بدلا من: "وسوف لن يكون". ومن أمثلة الحشو ما يجري على بعض الألسنة إذ يقال: "وهذا حشو زائد". ولفظ زائد هنا هو الحشوُ بعينه. فيحسن القول: "وهذا حشو"، بدون إضافة زائد، لأن زائد هو زائد. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 148 وأصل الحَشْو من فعل حَشا يحشُو حَشْواً إذا ملأ. نقول: "حشا الوسادةَ بالقطن أو بالصوف". والحَشْو ما حُشِي به (أي مُلئ) به الشيءُ. والمحشِيُّ هو طعام يُلَفُّ فيه لحم في أوراق من الدوالي ونحوها. ويمكن أن يكون الحشو ترجمة لكلمة (Remplissage) الفرنسية التي تعني المَلْء. فنقول: "عدد الجريدة احتوى على كثير من الحشو"، أي مواضيع أو عبارات لا فائدة فيها وإنما هي لملء الفراغ. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 149 حرف الشين (ش) شِرْيَان (بكسر أوله (الشين) وتسكين ثانيه (الراء) وهو أنبوب يحمل الدم من القلب إلى الجسم. وجمعه شَرَايين. ونقول يعاني من تصلب الشرايين. ويأتي استعماله قليلا في المفرد. ويجوز فتح الشين في المفرد: شَرْيان، لكن الغلط الشائع هو فتح الشين والراء معا. ومرد هذا الغلط إلى جمعه على شرايين، إذ الفتح في صيغة الجمع للشين والراء. والصواب هو شَرْيان أو شِرْيان. والشّرْيَانات هي عروق دقيقة في جسم الإنسان ينساب فيها الدم. شَغَب مصدر شغَب بمعنى أحدث فتنة أتى في العربية على وزنين: فعْل (شَغْب) وفَعَل (شَغَب) فنقول: "قامت مظاهرات شَغَب أو شَغْب في الجزء: 1 ¦ الصفحة: 150 الشوارع". ولكن استعمال شغب (بفتح الغين) أكثر شيوعا. لذا أنصح باستعماله وهجر شغْب (بالسكون) لتوحيد اللغة ما أمكن. شَمال (بفتح الشين) وشِمال (بالكسر) الشَّمال (بفتح الشين) الجهة التي تقابل الجَنوب. وكسر الشين خطأ يجري على الألسنة في المشرق العربي. والشمال أيضا هو الريح التي تَهُبّ من هذه الجهة. أما الشِّمال (بكسر الشين) فهو ما يقابل اليمين. ويُطلق عليه اليسار أيضا. وجاء في القرآن: "عن اليمين وعن الشِّمال عِزين" وتحدث القرآن عن "أصحاب اليمين، وأصحاب الشِّمال". الجزء: 1 ¦ الصفحة: 151 حرف الصاد (ص) رجلٌ صبور وامرأة صبور من القواعد اللغوية أن صيغة فَعول التي تفيد المبالغة لا تؤنث. فنقول: "رجل صَبورٌ وامرأة صَبورٌ". وذلك بشرط أن يذكر قبلها الموصوف كما هو في هذين المثالين. كما أن هذه القاعدة تطبق في وزن فَعِيل بمعنى مفعول كجريح وقتيل. فنقول: "رجل جريح أو قتيل" و"امرأة جريح أو قتيل" فإذا لم يذكر الموصوف فالواجب هو تذكير المذكر (جريح) وتأنيث المؤنث (جريحة) ليلاّ يقع الالتباس. ونقول: "رأيت جريحا أي رجلا جريحا" و"شاهدت قتيلة (أي امرأة) بين القتلى". حرف العين (ع) عَبْوَة لا عُبُوَّة الجزء: 1 ¦ الصفحة: 152 سمعت ضمن أخبار الحرب التي شنتها إسرائيل على فلسطين هذا التعبير "استُشْتهِد فلسطينيان في اصطدامهما بعُبُوَّة ناسفةٍ وضعتها إسرائيل على الطريق" والصواب عُبوة (بضم العين وسكون الباء) . وبعض المعاجم الحديثة ذكرت عُبُوَّة بضم العين والباء وتشديد الواو. ولم تقر المجامع اللغوية ذلك. (عُبْوة على وزن فُعْلة) آتية من فعل عبا يَعْبو عَبْواً ولا يوجد في الفعل والمصدر تشديد الواو. والبعض يحرف الكلمة فينطق بالعين مفتوحة في حين أن العَبْوة هي نور الشمس. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 153 عَتْبٌ أو عِتابٌ لا عَتَب (بفتح التاء) فعل عَتَبَ يَعْتِب له مصدران هما عَتْبٌ (بسكون التاء) وعِتاب. وهذه الصيغة تأتي مصدرا لعاتب يُعاتب عِتابا ومعاتَبةً. أما صيغة العَتَب (بفتح التاء) فلم ترد إلا في لفظ العَتَبة التي تدل على ما تحت الباب أو بقربها ويجتازها من يدخل البابَ للخروج منها. ونقول: "وصل إلى عَتَبة الباب أو اجتازها" وتفيد كلمة العَتَبة معنى نقطة البداية. فيقال مثلا:"نحن على عَتَبة الدخول المدرسي" أو "على عَتَبة شهر رمضان". الجزء: 1 ¦ الصفحة: 154 العُدّة بضم العين والعِدَّة بكسرها كثيرا ما يقع الخلط بين الكلمتين خاصة في المشرق العربي. ولكل منهما معناه. فالعُدَّة (بضم العين) هي الاستعداد، أو ما يُعَدُّ (أي: يُهيّأ) لأمرٍ ما. وقد امتد هذا المعنى إلى ما يُعَدُّ للحرب من أسلحة وعَتاد وتجهيزات. ونقول: "كان العدو أكثر منا عَددا وعُدَّة". وما لا بد أن يتوفر عليه أصحاب المهن لإنجاز عملهم من أدوات هو أيضا العُدَّة: "عُدَّة النجار والحداد". ومن هنا جاء التعبير المشهور: "أَعِدَّ للأمر عُدّته" بضم العين، أي هيِّئْ ما يلزم للأمر. وسمعت في بعض المحطات الفضائية: "أعدت إسرائيل لحرب الجزء: 1 ¦ الصفحة: 155 فلسطين عِدّتها" بكسر العين وهو خطأ. إذ العِدَّة بكسر العين هي مقدار ما يُعَدّ، أي العدد أو المقدار: "كانت عِدَّة العصابة المجرمة كبيرة". أو نقول: "لا نعلم بالضبط عِدَّتهم" فتأتي بمعنى العدد المبهَم. والعِدّة شرعا هي المدة التي حددها الشرع للمرأة لتبقى بدون زواج "نقول عِدّةَ المطلقة". و"عِدّة من توفَّى عنها زوجها" و"عِدّة الحامل وضع حملها". وفي القرآن الكريم جاء ذكر العُدة (بضم العين) في قوله تعالى: "ولو أرادوا الخروج لأعَدُّوا له عُدة". كما ورد ذكر العِدة (بالكسر) بالمعاني التي أشرنا إليها الجزء: 1 ¦ الصفحة: 156 في قوله تعالى "فمن كان منكم مريضا أو على سفر فعِدَّةٌ من أيام أُخَر" وفي قوله: "إذا طلّقتم النساء فطلِّقوهنّ لعِدَّتهنّ وأحْصُوا العِدّة". ولنضف هنا ونحن نتحدث عن عبارة "أعد للأمر عُدته" عبارةً تشابها يقع فيها الخطأ أيضا هي: أعدّ للأمر أُهْبَتَه لا أَهِبّته فعل تأهَّب يعني استعدّ. فنقول: "استعدَّ للأمر أو تأهَّب له". ونقول: "فلان يتأهَّب لسفر طويل". ومصدره التأهُّب. ونقول إن الجيش في حالة تأَهُّب (أي استعداد) للحرب" والأُهْبة (بضم الهمزة وسكون الهاء) هي الاستعداد. وكما نقول: "أخذ للأمر الجزء: 1 ¦ الصفحة: 157 عُدّته". نقول "أخذ للأمر أُهْبَته". وتعني الكلمة الاقتراب من الموعد المحدد: "فلان على أُهْبَة سفر". أي على وشك أن يسافر. وتجمع الأُهْبَة (جمعا قياسيا) على أُهَب. وجاء هذا الجمع في بيت شعر لابن الرومي هجا به طالبا خطف طفلا فقال: … … رَوَّع طفلا لم يكن ترويعُه … … … من المداراة ولا أَخْذ الأُهَب العرقلة هي الصعوبة أو الأمر الصعب. وفعلها رباعي هو عَرْقَل يُعرْقِل عَرْقَلَة، فهي إذن مصدر عَرْقَلَ. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 158 عَراقِل لا عراقيل (بالياء) وكلمة عرقلة لا تحتوي على حرف مد، وبالتالي لا يمكن جمعها على عراقيل بالياء، ومع ذلك ذكرتها بعض المعاجم بالياء وهذا أحد أخطاء المعاجم. ومن بينها ما يُخطِئ. إنها على وزن دَحْرَجَة، وَوَسْوَسَة، وعَجْرَفة، وهي مصادر لا تحتوي على حرف مد. ولا تزاد الياء إلا في جمع المفرد الذي يحتوي على حرف المد: الألف، كمسمار، وجمعه مسامير، أو الواو، كعصفور، وجمعه عصافير، أو الياء كقنديل، وجمعه قناديل. أما عرقلة فلا يوجد بها حرف مد. ولا توجد في العربية كلمات عَرْقال، أو عُرْقول، أو عِرْقيل حتى تجمع على عراقيل. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 159 لكن جاء في معاجم اللغة ذكر العراقيل بهذه الصيغة للدلالة على المصائب والشدائد. ولم تذكر هذه المعاجم مفردها ربما لأنها لا مفرد لها. كما ذكرت المعاجم أن كلمة عرقيل تفيد أصْفَر البَيْض. وكيفما كان الحال فإذا أردنا أن نجمع العرقلة فلا جمع لها إلا عراقل بدون ياء. عِصْمة بكسر العين لا بفتحها ويراد بها الْمَلَكَة التي تعصِم (أي تمنع) من الوقوع في الإثم والمعصية. اسم المفعول أو كلمة "معصوم" عن الخطأ أصله من العَصْم أي المنع والوقاية. فالأنبياء والرسل معصومون. ويقال في حق المرأة العفيفة صاحبة الجزء: 1 ¦ الصفحة: 160 العِصْمة. وكان هذا أحد ألقاب السيدة أم كلثوم المصرية. ويراد بالعِصْمة أيضا رباط الزوجية إذا ملك أحد الزوجين حق حله فنقول: "شرطت الزوجة في عقد النكاح أن تكون عِصْمتُها بيدها". وتجمع العِصْمة على عِصَم قياسا. فوزن فِعْلة يجمع على فِعَل: مِحْنة ومِحَن. وصِيغة وصيَغ. وبِدْعة وبِدَع. وجاء في القرآن الكريم: "ولا تُمسكوا بعِصَم الكوافر". تكاد تُجمِع المجامع اللغوية على أن لفظ "عضو" اسمٌ مذكَّر لا مؤنَّث له من لفظه. وأصل العُضْو هو عُضْو الجسد. وجمعه أعضاء. فالرأس عضوٌ، واليد الجزء: 1 ¦ الصفحة: 161 عُضوٌ لا عُضْوةٌ عضوٌ (لا عُضْوة) والرِّجْل عضو، والمرأة عضو لا عضوة، كما أن الأذن عضو، والأنف عضو من الأعضاء. وأصبح للفظ العضو معنى "مُشْتَرِك في مؤسسة"، كجمعية، أو نادٍ، أو حزب، أو مجلس. وفي ذلك نقول: "فلانٌ عضوٌ في البرلمان، وفلانة عضو في حزب كذا". ومنه اشْتُقَّت كلمة العُضْوية، أي صفة العُضو ذكرا كان أو أنثى. فنقول: "فلان يتَمَتَّع وفلانة تتمتَّع بعُضْوية المجلس" ونقول: "هناك شروط للحصول على العُضْوية في ....... ) . لكن يَرِد على بعض الألسنة والأقلام استعمال "عُضْوة" في حق المرأة. فهل هذا خطأ؟ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 162 إن مجمع اللغة العربية بالقاهرة أجاز استعمال "عُضْوة" في حق المؤنث. والبتُّ في هذا الخلاف يعود إلى النساء. هل يُرِدن المساواة بالرجل؟ فيفضِّلْن أن يتساوى الرجل والمرأة في إطلاق العضو المذكّر عليهما معا. أم يُرِدْن التميز؟ بإطلاق العُضْو على الرجل والعُضْوة على المرأة؟ في لغات أخرى يقوم جدال حول ما ينبغي أن يطلق على النساء من أسماء ونعوت. هل يقال مثلا الوزير، والنائب، والعضو للجنسين، أم يُميَّز بين الوزير والوزيرة، والنائب والنائبة، والرئيس والرئيسة، والسفير والسفيرة؟. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 163 البعض وجد لهذا الخلاف تسوية توفيقية، فالمرأة إذا كانت زوجة لرئيس أو سفير، يُطْلَق عليها السيدة الرئيسة، والسيدة السفيرة. وإذا كانت هي التي تمارس إحدى هذه الوظائف يُطْلَق عليها السيدة الرئيس، والسيدة السفير. وهكذا دَوَالَيْك. العَقار (بفتح العين) هو كل ملك ثابت كالأرض والدار والمباني. ولا ينطق به المغاربة إلا مفتوح العين. لكن سمعت نطقه بالكسر على ألسنة بعض الإعلاميين في إذاعات المشرق العربي وتلفزاته. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 164 ونقول "بنك عَقاري". و"تختلف نسبة الضريبة على العَقار عن نسبتها في أرباح التجارة والصناعة والخدمات". ويجمع العقار على عَقَارات. أما العِقار بكسر العين فهو مصدر عاقَر الخمرَ إذا داوم عليها (عقارا ومُعاقرة) . والعُقار بضم القاف هو الخمر. ونقول: "حرَّم الإسلامُ شربَ العُقار". عَقْد وعِقد لا يفرِّق العديدون بين الكلمتين. العَقْد (بفتح العين) هو نقيض الحل. عقد الحبل عَقْدا، وحله حَلاًّ. وكتب العدلُ عَقْدَ الزواج. وعَقْد العمل المبرم بين المشغِّل والعامل. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 165 ويطلق العَقْد (بفتح العين) على عدد العشرة فنقول فلان بلغ العَقْد الرابع من عمره، أي بلغ سن الأربعين. أو هو في العَقد الخامس (أي بلغ الخمسين) . ويجمع على عُقود والعقد أيضا هو الوثيقة التي تدون فيها شروط الصفقة، ويأتي بمعنى العهد ففي القرآن الكريم: "يا أيها الذين آمنوا أَوْفُوا بالعُقود". أما عِقْد (بكسر العين) فهو الخيط الذي تُربَط فيه الجواهر أو الأصداف أو قطع الخَزَف ويحيط بالعنق ويعلقه عادة النساء للزينة. ويسمَّى أيضا القِلاَدة. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 166 أطلق ابن عبد ربه الأندلسي على كتابه المشهور اسم "العِقْد الفريد"، أي قِلادة العنق الفريدة، معتبرا أن المعلومات التي وردت في كتابه هي بمثابة جواهر لا مثيل لها جُمعت في عِقدها أي كتابه. وحين نُشيد بشخص غير عادي أو أفضل من غيره نشبهه بالجوهرة التي تعلو على الجواهر وتوضع في وسط العِقد حتى تتميز عن غيرها وتُلفِت الأنظار إليها فنقول فلان "واسطة العِقْد". عَلاقة لا عِلاقة ينطق البعض كلمة علاقة بكسر العين. وهو خطأ. فنحن نقول عَلاقة بين دولتين. عَلاقة تعاون وتكامل. العَلاقات الديبلوماسية، عَلاقات حسن الجزء: 1 ¦ الصفحة: 167 الجوار، وتعني جميعُها رابطة تربط بين طرفين أو أكثر. أما العِلاقة (بكسر العين) فتعني ما يُعَلَّق به الشيء. ونقول: إن السيف مربوط بعِلاقته. ونقول: عِلاقة السوط، أو عِلاقة الشجر. ولا علاقة بين العَلاقة والعِلاقة. على وَشْك (بسكون الشين لا بفتحها) فعل وشَك (بضم الشين) يُوشَك (بفتح الشين) وَشْكا ووشاكة إذا قرُب. ومصدر وشْك (بسكون الشين) هو الذي يدخل عليه حرف على فنقول: "على وَشْك". سمعت من يفتح شين هذا المصدر ويقول: "أنا على وشَك أن أنتهي". وهذا خطأ. لكن الفعل الرباعي من وَشَك هو أوْشَك أن الجزء: 1 ¦ الصفحة: 168 يفعل كذا والمضارع منه يُوشِك. ومصدره إيشاك بمعنى القرب. وهو من أفعال المقاربة التي ترفع المبتدأ وتنصب الخبر. ونقول: "يُوشك فصلُ الصيف أن ينتهي" و"فصلُ الصيف على وشْك الانتهاء". وفي الحديث: "الراعي حول الحِمى يُوشِك أن يقع فيه". وتأتي أنْ بعد فعل أوشَكَ يوشِك كما رأينا في المثالين السابقين. أما بعد فعل كاد (وهو أيضا من أفعال المقاربة) فأنصح ألا تُستَعمَل بعده "أَنْ". ففي القرآن: " يكاد سَنا بَرْقٍه يذهبُ بالأبصار". وإن كان ورد استعمالها في المقولة المشهورة: "كاد المُريبُ أن يقول خذوني". الجزء: 1 ¦ الصفحة: 169 ومما أخذ يشيع على الألسنة والأقلام استعمال كلمة "الْكاد" ويقولون: "وبالْكادِ حصل منه على وعد". وفي هذا التعبير أدخلت أل التعريفية على الفعل (كاد) وهي لا تدخل إلا على الاسم والأحسن استعمال "بصعوبة" بدلا من بالكاد. عِنان وعَنان عِنان (بكسر العين) هي غير عَنان بفتحها. العِنان. أصْله اللِّجَام الذي تُمسَك به الدابة، لكنه يُستعمل استعمالا أوسع فيقال: "أطلق لنفسه العِنان في الحديث". أي سمح لنفسه بالتحدث بحرية. و"أرخى له العِنان في العطاء" أي وسَّع عليه. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 170 أما العَنَان (بفتح العين) فهو سحاب السماء. أو ما ارتفع من السماء. ونقول: "الطائرات المحلِّقة في عَنَان السماء". و"ارتفع الدخان إلى عَنَان السماء". عُنْجُهِيّة (بضم العين والجيم لا بفتحهما) سمعت مقدِّمَ برنامج يُبثُّ من قناة خليجية ذائعة الصِّيت يقول في الإعلان عن برنامجه ويعيد القول في نفس البرنامج: "العالم متضايقٌ من عَنْجَهِية (بفتح العين والجيم) الولايات المتحدة الأميريكية" والصواب عُنْجُهِيَّة. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 171 وتعني كلمة العُنجُهِيَّة: الكِبْرَ والتَّعاظُم والتَّطاوُل على الغير. ونقول مثلا: "فلان تعامل مع أصدقائه بالعُنْجُهِيَّة فهجروه". ولم تذكر جميعُ معاجم اللغة هذه الكلمة، لكنها فصيحة وشائعة الاستعمال. ويُشبهها في نفس الميزان كلمةُ "عُنْصُرِيَّة"، مع فارق أن العُنْصُرِيَّة نسبةٌ بياء النسب إلى عُنْصُر. بينما لا يوجد في اللغة لا كلمة عُنْجُه، ولا فعل عَنْجَهَ. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 172 عِيَان (بكسر العين) لا عَيَان بالفتح عِيَان مصدر فعل عايَن وهو على وزن فِعال. ويفتح البعض العين خطأ. كما أن مصدره الآخر هو معايَنَة وهو قياسي كما نقول قِتال، ومقاتلة، وكِفاح ومكافحة، وجِهاد ومجاهدة. ونقول: "هذا الأمر واضح للعِيَان"، أي للنظر بالعين. ونقول. "شاهِدُ عِيَان"، أي أن الشاهد حضر الحدث وشاهده بعينه، ويقال: "الشاهد العِيَاني" أي الذي شهد بما رأى. ومن الأمثال العربية المشهورة: "وليس الخَبَر كالعِيَان". وشهادة العِيَان أفضل وأقوى حُجَّةً من شهادة السَّمَاع. وقال الشاعر: … … يا بْنَ الكِرام ألاَ تَدْنُو فَتُبْصِرَ ما الجزء: 1 ¦ الصفحة: 173 … … … قد حدَّثُوك فمَا راءٍ كمَنْ سمِعا اعذِرونا (لا اعذُرونا) وفي نفس القناة يقول مقدم برنامج آخر عندما يضطر إلى قطع برنامجه: "سنعود إليكم بعد هذا الفاصل: فاعذُرونا" والصواب بكسر الذال. عذَرَه يعذِر عُذْرا أو مَعْذِرة إذا رفع عنه اللومَ وقَبِل العُذْرَ. واسم الفاعل عاذِر واسم المفعول معذور. وبهذه المناسبة نشير إلى أن مُقَدِّم هذا البرنامج مصرٌّ على النطق بالحلْقة بفتح اللام وهو خطأ سبق أن نبهنا عليه. كما أننا نبهنا على كلمة الوحْدة التي ما يزال بعض إعلاميّى التلفزة المغربية ينطقون بها بفتح الجزء: 1 ¦ الصفحة: 174 الحاء، ويقولون مثلا: "والآن نعود إلى الاتصال بوحَدَتنا الإعلامية في مراكش". والصواب حلْقة، ووحْدة كما نقول ضَرْبَة، ولا نقول ضَرَبَة، وأكْلَة لا أكَلَة. وهذا بالرغم من جَمْع هذه الكلمات وأمثالها على فَعَلات بفتح العين، إذ هي تتغير من السكون في المفرد إلى الفتح في الجمع. حرف الغين (غ) الغِذاء، والغَداء، والعَشاء والعِشاء لا بد من التمييز بين هذه الكلمات في النطق وفي المعنى. الغِذاء (بالدال المعجمة وكسرها) هو ما يساعد على نماء الجسم من طعام وشراب. ونقول: "لا غنى للجسم عن الغِذاء" و"الغِذاء الجزء: 1 ¦ الصفحة: 175 ضروريٌّ للحياة". ومنه التغذية التي هي إعطاء الغِذاء للجسم. ونقول: "تشكو بعض شعوب العالم من الجوع، وأخرى من نقص التغذية، وطائفة أخرى من سوء التغذية". والغَداء (بفتح الغين والدال المُهمَلة أي التي لا تحمل النقطة) هو الأَكْلة التي تُقَدَّم في ظُهْر اليوم. ويقابلها في المساء وَجْبة العَشاء (بفتح العين) أي الطعام المتناوَل في وقت العِشاء (بكسر العين) . العِشاء (بكسر العين) هو بداية أول ظلام الليل، أي المساء. ونقول صلاة العِشاء (بكسر العين) لأنها تُؤدَّى في بداية أول ظلام الليل بعد صلاة المغرب، أي الجزء: 1 ¦ الصفحة: 176 وقت غروب الشمس. وعلى ذلك نقول: "نتناول العَشاء قبل أو بعد العِشاء". ويُطلَق على صلاتي المغرب والعِشاء بصيغة المثَنَّى لفظ العِشاءَيْن. وقد غَلَبَتْ في هذه التثنية العِشاءُ على المغرب. غزالة أو غَزال، لا غِزْلان وكما نبهنا إلى خطأ إطلاق اسم "ريم" على الإناث ننبه هنا إلى أنه لا يصح إطلاق اسم غِزلان على مفرد سواء كان ذكرا أو أنثى، فغِزْلان (بكسر الغين) جمع غزال المذكر وغزالة المؤنث. ولا ينبغي إطلاق هذه الصيغة على مفرد أنثى والصواب غزال للمذكر وغزالة للمؤنث، كما أنه من الخطأ الذي يَرِد على بعض الجزء: 1 ¦ الصفحة: 177 الألسنة نطق الجمع بضم الغين (غُزْلان) . حرف الفاء (ف) يفْترشون الأرض ويَلْتَحِفُون السماءَ هذا تعبير عربي جميل يُستعمَل في تشخيص حالة الفقراء المعدِمين أو المنكوبين الذين لا يجدون لهم فِراشا ينامون عليه، ولا غطاءً (أو لِحافا) يقيهم من البرد. افتَرشَ الشيءَ إذا جعله فِراشا. والْتَحفَ الغِطاءَ إذا جعله له لِحافا (بكسر اللام) . واللِّحاف كل ما يغطي الجسم وخاصة عند النوم. ونَصِفُ من يتغطى باللِّحاف بأنه مُلْتَحِف. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 178 وعبارة يفترش الأرض ويلتحِف السماءَ تعني أن من يفعل ذلك هو في حالة اضطرار بفقد الفراش والغطاء مما يفيد أنه ينام في العَراء معرضا للبرد. فالفِراش هو الأرض التي ينام عليها، واللِّحاف هو السماء التي ينام تحتها. وقد سمعت -في محطة تلفزية خليجية- مراسلَها في أفغانستان وهو ينطق الفاء قافا في كلمة يلتحفون، أي أنه يقول يلتحقون السماء. فتْوَى وفَتْوَيان وفَتْوَيَات وليس فتوتَيْن أو فتْوتيات. ويقاس على ذلك كل ما هو على صيغتهما مما توجد فيه ألف المد المقصورة في حرفه الرابع كنَجْوى، وعَدْوى، وشَكْوى. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 179 فَرَض وافْتَرَض يقع التباس في التفريق بين فعلي فَرَض وافْتَرض ومشتقات هاتين الكلمتين كمفروض ومفْتَرَض، ولكلِّ معناه وموضع استعماله. فَرَضَ يَفْرِض فَرْضا إذا أوجب فعلَ شيء. فنقول:"فرض الله علينا صومَ رمضان" و "صومُ رمضان مفروضٌ على المؤمنين كما أن الصلاة مفروضةٌ عليهم". ونقول:"الصلاة فَرْضٌ" وفي القرآن الكريم:"ما كان على النبيِّ من حَرَجٍ فيما فَرَضَ الله له". أما افْتَرَض فتعني اعتبر الأمر مُسلَّما به، أو اعتقد أو ظن أن الشيء واقع أو مُسَلَّم به. ويقال:"نقول هذا على سبيل الافتراض لأنه الجزء: 1 ¦ الصفحة: 180 لا يوجد على وقوع هذا الشيء دليل". أما الخطأ فهو في استعمال أحدهما مكان الآخر. وهذا يقع كثيرا. فيقال مثلا:" هذا أمر مفتَرَضٌ ولا مناصَ منه" والصواب مفروض. ويقال: " قال ذلك لأنه فَرَضَ أن يكون ذلك قد وقع". والصواب لأنه افْتَرض. فرْضية (بسكون الراء لا بفتحها) فعل فرَض يَفرِض مصدره فَرْض بسكون الراء لا بفتحها. والأصل فيه أن يُطلق على ما لا يُستغنَى عنه أو ما لا يجوز تركه. فنقول: "الصلوات الخمس فَرْضٌ (أو واجب) على المسلمين". والجمع فُروض. (جمع فَعْل على فُعول قياسي مطرد بشروط يوجد تفصيلها في الجزء: 1 ¦ الصفحة: 181 كتب القواعد اللغوية) . ثم أدخلت ياء النسب وتاء التأنيث على فرْض فأصبحت الكلمة فرْضية بسكون الراء كما هي في المصدر قبل النسبة. ومن معاني فَرض فَرْضا احتمال الشيء. وهنا تُستعمل مرادفة لافترض. ويقال: "لم يقع هذا الأمر، إلا أن الكثيرين فرضوا (أو افترضوا) وقوعه". ونقول: "على فرْض (بسكون الراء) وقوع هذا الأمر فإن هذا لا يترتب عليه كذا أو كذا". ومن قواعد علم المنطق أخذ الفرْض في الاعتبار. وهو يعني تصور أمر أو فكرة أو قضية ووضعها للنظر قبل التحقق من صدقها أو خطئها أو استحالة وقوعها، ثم اختبارها عن الجزء: 1 ¦ الصفحة: 182 طريق الملاحظة والتجربة لإثبات صحتها أو عدم صحتها. وعليها نطلق كلمة الفرْضية (بسكون الراء) كما هي في المصدر: (الفرْض) . ونقول إذن: "هذه مجرد فَرْضية لا فرَضية (بفتح الراء) ، أو هذا مجرد فرْض لم يقم عليها أو عليه دليل". وفي علم الفلسفة نطلق فَرْضية على قضية مسلَّمة أو موضوعة للاستدلال بها على غيرها. وفي جميع استعمال اشتقاقات فعل فَرَض فَرْضا نجد أن تسكين الراء ثابت مما يجعل كلمة فَرَضية (بفتح الراء) خطأ شائعا خاصة على ألسنة بعض المثقفين في المشرق والمغرب العربيين على السواء. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 183 لكن توجد أيضا كلمة فريضة بمعنى واجبة ونقول: "الصلاة فريضة بين الفرائض الأخرى" وجاء في القرآن الكريم: " فما اسْتَمْتَعتُم به مِنْهنَّ فأتوهن أجورهن فريضة. ولا جُناح عليكم فيما تراضيتم به من بعد الفريضة". وتُطْلَق الفريضة أيضا على نِسَب الميراث التي فرضها الله للورثة في تركة الهالك. وعلم الفرائض هو علم قَسْم التَّركة بين الورثة حسبما جاء به الشرع. ويقال عن الفقيه الذي يتقن هذا العلم "فَرَضي" بفتح الراء. وفي هذا وحده تفتح الراء. لأن الفَرَضي منسوب إلى الفريضة. أَيْ قَسْم التركة. والنسبة إلى الجزء: 1 ¦ الصفحة: 184 فَعيلة هي فَعَلى (بفتح الفاء والعين) بشرط أن يكون المنسوب إليه صحيح عَيْنِ الكلمة وغير مضَعَّف. فنقول في النسبة إلى حنيفة حَنَفي، وإلى قبيلة قَبَلي. وإلى طبيعة طَبَعي، وإلى بَديهة بَدَهي، وإلى عَقيدة عَقَدي، وإلى صحيفة صَحَفِي. ٌّ وجميعها بفتح ثاني (عين) الكلمة لكن إذا نسبنا إلى الصحافة قلنا صَحَافِيٌّ. لكنه شاع في الاستعمال طبيعي وبديهي وغيرهما على وزن فَعِيلي بدون إدخال أي تغيير على المنسوب إليه. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 185 وتقول كتب اللغة والنحو إن هذه أيضا لغة. إلا أني أفضل أن لا نغير هذه الكلمات وأمثالَها إلى وزن فَعَلي، لاستعمال الشائع المشهور وتفضيله على الصواب المهجور. في حالة وقَع كذا وفي حالةِ ثبَت في هذين التعبيرين خطأ شائع يستعمل فيه المضاف قبل المضاف إليه. لكن المضاف إليه ليس اسما بل فعلا في صيغة الماضي. ولا ينَوَّنُ المضاف تطبيقا لقاعدة أن المضاف لا يُنوَّن عند الإضافة. في حين أنه لا يوجد بعده مضاف إليه لأنه يكون اسما وهنا هو فِعْلا "وقع" و "ثبت". الجزء: 1 ¦ الصفحة: 186 وصواب العبارتين: "في حالةِ وُقوع وفي حالة ثُبوتِ" والالتباس جاء من عبارة: "فيما إذا وقع وفيما إذا ثبت" وهي لا علاقة لها من حيث قواعد اللغة بعبارتي" في حالةِ وقع: "وفي حالةِ ثَبَتَ". حرف القاف (ق) قال أَن شاع في الاستعمال قلت له أَن (بفتح الهمزة) فلانا رجع من سفره، وقال له أَنه كلمني بصراحة. ويقول الكاتب أَنه سيُصدِر كتابا آخر. والصواب كسر الهمزة إذا وردت بعد القول وما اشتُقَّ منه. ففي القرآن: "قال إني عبد الله". و"قُلْ إِن الخاسرين الذين خسِروا أنفسَهم وأهليهم يوم القيامة". و"قولِهم إِنا الجزء: 1 ¦ الصفحة: 187 قتلنا المسيح عيسى بن مريم رسول الله" "وإذا قيل إِن وعد الله حق" و"فقولي إِني نذرت للرحمن صوما". وقد يعترض عليَّ بعض اللغويين فيقول إِن قبيلة سُلَيم العربية (قبيلة الخنساء الشاعرة العربية الصحابية) كانت تنطق بهمزة إنَّ الواقعة بعد القول ومشتقاته مكسورةً ومفتوحة. ولكن كما سبق أن قلت في مقدمة هذا الكتاب إنني أستبعد استعمال اللهجة الشاذة حرصا مني على توحيد اللغة العربية على قواعد نحوية واحدة. قال بأَن ويقال خطأ أيضا قلت له بأَني مستعد لمساعدته. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 188 وإقحام الباء في هذا التركيب لا معنى له. فالصواب قلت له إني مستعد. وكثيرا ما تُقْحم الباء في تراكيب لغوية على سبيل الخطأ. وأنا أطلِقُ عليها نعت الطُّفَيْلِية أي التي تدخل الكلمات بدون دعوة ولا استئذان، كالطُّفَيْلي الذي يحضر الدعوات والولائم بدون أن يدعوه أو يأذن له رب البيت. وقد تحدثنا عن هذه الباء فيما سلف. قَبول (بفتح القاف لا بضمها) نفس الخطأ الذي يقع في كلمة الجَنوب يقع في كلمة القَبول (بفتح القاف) وهو الصحيح. ويقع بعض المتحدثين في المشرق العربي في الخطأ فيَضُمُّون القاف. يقال: "إما الجزء: 1 ¦ الصفحة: 189 القَبول وإما الرفض" و"أُجرِي امتحان القَبول في وظيفة التعليم". وجاء في بعض معاجم اللغة العربية ذكر القبول بضم القاف، لكن فتح القاف هو الأصوب. ففي القرآن:"فَتَقَبَّلها ربُّها بقَبول حسنٍ وأنْبَتَها نَباتا حَسَنا". الاقتناع والقَناعة ومما شاع خطأ في المشرق والمغرب استعمال كلمة قَناعة بدلا من اقتناع فيقال: "هذه هي قَناعتي". أي ما أنا متيقِّن منه. و"أجمع الحاضرون على القَناعة بما تحدث به الخطيب". و"إني أتحدث عن هذا الموضوع بكل قَناعة". والصواب ما يلي: الجزء: 1 ¦ الصفحة: 190 فعل قَنِع يَقْنَع قَناعة. يعني أن الشخص رضِي بما أُعْطِي وقَبِله. ولا علاقة للفظ قَناعة بالاقتناع الذي يعني الإيمان بالشيء، والتأكد من صحته، واعتقاده. وفعله رباعي: أقْنَع يُقنِع إقناعا، أي جعل الشخص يقتنع أي يتأكد من ...... ونقول "فلان أقْنَع فلانا برأيه في الموضوع"، و"سامعُه اقْتَنَع". ومن المستعمل المشهور: "أقنعتُه بالحجة والدليل حتى اقتنع وسلَّم بالأمر". أما في القَناعة فقد وردت عن العرب الحكمة القائلة: "القناعة كنز لا ينفد" (أو لا يفنى ولا ينقضي) . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 191 والقانع هو الراضي بما عنده. وهذا النوع من الناس لا يمد يده للسؤال وطلب العطاء. وإليه أشار القرآن: "وأطعموا القانعَ والمُعْترّ". من أجل ما سبق يحسن أن نقول: "إن لي اقتناعا بما تقول". وأما لي قَناعة فهذه يقولها من يرضى بما عنده ويكتفي. ويقال: "الحمد لله إني لا أطمع لأن الله أعطاني القَناعة". قُصارَى الجَهد لا قَصارَى في مناظرة بين أساتذة جامعيين قدمتها قناة تلفزيونية عربية تبثُّ من لندن نطق أحدهم بكلمة قُصارى محرفة إذ نطقها بفتح القاف، بعد أن تقدمه محاور ونطقها بالضم كما يجب أن تُنطَق، فلم الجزء: 1 ¦ الصفحة: 192 يسع الذي نطق بالضم في البداية إلا أن "يصحح" وينطقها بالفتح وتوالت الكلمة بخطأها طيلة الندوة. قُصارَى بضم القاف تستعمل في هذا التعبير وأمثاله: "بذلَ قُصارَى جهده للإصلاح"، أي أشد الجَهد وأقصاه. كما نقول: "بذل غاية الجهد للإصلاح". وتأتي الكلمة بمعنى حَسْب، أي كفى. ونقول: "قُصاراك أن تفعل كذا". قضية زادت المخاطِرَ بَلَّة الأصل في هذا التعبير هو المثل العربي: "زاد الطينُ بَلَّة" أو فلان زاد الطينَ بَلَّة. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 193 والبَلَّة هي التَنَدِّي بالماء ونحوِه من السوائل. وهي صالحة للاستعمال مع الطين الذي ينشر الوَحَلَ إذا تبلَّل، أي أصابه الماء فيسبب حرجا في المشي عليه. وكلما زاد بَلّةً زاد إحراجا. لذلك يُضرَب المثل لزيادة الأمر الصعب أو القبيح. والأحسن استعمال المثَل كما هو. أو يُقال: "ازدادت المخاطرُ تفاحشا، أو تفاقما، أو حِدَّة" ونترك البَلَّة للطين. القِمار (بكسر القاف وليس بضمها) القِمار هو لُعبة المراهنة على المال بقصد الربح. ويعرف بلعب القِمار. ويضم المشارقةُ خاصة القاف والصواب الكسر. لأن أصله فعل الجزء: 1 ¦ الصفحة: 194 قامَر على وزن فاعَل. وله مصدران: فِعال، ومُفاعلة كقِتال، ومُقاتلة، وشِجار، ومُشاجرة، ونِضال، ومُناضلة، وعِقاب، ومُعاقبة. ووزنا فِعال ومفاعلة يدلان على اشتراك شخصين أو أكثر في العمل الواحد. ولعبة القمار لا يمارسها شخص وحده. وقد يمارسها شخص بواسطة آلة تشارك في العملية. فاللفظ إذن قِمار بالكسر لا بالضم. وجاء في الحديث عن أبي هريرة: "من قال تَعالَ أُقاَمِرْك فليتصدقْ بقدر ما أراد أن يجعله خطَرا في القِمار". والمقامرة والتقامر يعنيان أيضا القِمار. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 195 وجاء في القرآن لفظ مرادف للقِمار هو المَيْسِر: "يسألونك عن الخمر والمَيْسِر". قُمَاش (بضم القاف) القُمَاش هو كل ما يُنسَج من الحرير والقطن وغيرهما. وجمعه أَقمِشة. ويُنطق في المغرب العربي خاصة بكسر القاف. والصواب ضمه كما ينطق به المشارقة. والقَمَّاش بفتح القاف وتشديد الميم هو بائع القُمَاش. القُوى (بضم القاف لا بكسرها) يقال خطأ في لغة الإعلام الرياضي: "ألعاب القِوَى" (بكسر القاف) والصواب ضمه لأنه جمع قُوَّة بضم القاف. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 196 ونقول "قُوى الشر والطغيان". و"قُوَى الفساد". و"ميزان القُوَى". وهذا جمع تكسير. ولأن المفرد قُوَّة ولأن اللفظ مؤنث فإنه يجمع أيضا جمع المؤنث على قُوَّات (دائما بضم القاف) ونقول القُوَّات المسلحة، والقُوَّات الجوية، والقُوَّات البحرية، والقوَّات الاحتياطية. وجاء في القرآن: "عَلَّمَه شديد القُوَى" بضم القاف. قِيد أنمُلة لا قَيْد يقال: "لم يتزحزح عن موقفه قِيدَ أُنملة أو قِيد شعرة؟ بمعنى مقدار. والكلمة بهذا المعنى مكسورة القاف. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 197 أما القَيْد بفتح القاف فهو ما تُربَط به دابة من حبل ونحوه، أو ما يوضع على يد المجرم من رباط حديدي لإمساكه والحيلولة بينه وبين الإفلات. فلا ينبغي الخلط. لكن الشائع هو نطق الكلمة خطأ بفتح القاف. حرف الكاف (ك) كِلاهما يفعل، وكِلْتاهما تفعل كلا اسم مقصور لفظه مفرد مذكَّر مُثَنّى. ولفظ كلتا كذلك مؤنث مُثَنّى. والفعل أو الوصف الآتيان بعدهما يبقيان في صيغة المفرد. لا يجوز أن نقول كِلا الرجلين حضرا، وكِلْتا المرأتين حضرتا، ولا أن نقول كِلا الرجلين كانا حاضرَيْن، أو كِلْتا المرأتين كانتا حاضِرَتَيْن. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 198 بل الصواب هو: "كِلا الرجلين حضر" (بالمفرد) وكِلْتا المرأتين حضرتْ" (بالمفرد) "وكِلا الرجلين كان حاضرا" "وكِلْتا المرأتين كانت حاضرة". وفي القرآن الكريم جاء: "كِلْتا الجنَّتَين آتتْ أُكلَها" ولم يقل "آتتا". ومن ذلك ما جاء في هذا البيت: كِلانا ينادي يا نِزارُ وبَيْنَنا قَناً مِنْ قَنا الْخَطِّيِّ أو منْ قَنا الْهِندِ وفي هذا البيت الذي يُرْوى عن عبد الله بن معاوية بن جعفر ابن أبي طالب: كلانا غَنِيٌّ عن أخِيه حياتَهُ ونحن إذا مُتْنا أشدُّ تَغَانِيا الجزء: 1 ¦ الصفحة: 199 كُوليس وكَوَاليس "كوليس" مفردةً وكواليس جمعا دخلتا اللغة العربية من الفرنسية (Coulisse) وأثبتتهما المعاجم العربية الحديثة. و"كوليس" المفرد غير شائع في الاستعمال، وإنما الشائع هو كواليس جمعا. والكواليس هي أماكن على المسرح لا يراها المشاهدون. ويكون فيها الممثِّلون قبل أن يظهروا على المسرح. وتطورت الكلمة لِتدلَّ على قاعة خلفية مجاورة لمكان الاجتماع يتفق فيها المجتمعون على ما ينبغي أن يُعرض على المؤتمِرين. إنها كالمطبخ بالنسبة للبيت. ثم أصبحت تدل على الممرات المؤدية إلى مكان الاجتماع، وعلى ما يُهَيَّأ في الخفاء الجزء: 1 ¦ الصفحة: 200 قبل الإعلان عنه. ونقول بمقتضى ذلك. "فلان يعرف ما يجري في كواليس السياسة". ونقول: "هذا الأمر غير مؤكد الوقوع، لكن يجري الحديث عنه الآن في الكواليس وربما يظهر للوجود قريبا". يمكن تعويض هذه الكلمات بعدة كلمات عربية تقترب منها على حسب السياق الذي تُسْتَعْمَل فيه. فكواليس السياسة يمكن التعبير عنها بخبايا السياسة، أو بكلمة دِهْليز وجمعها دهاليز. وهو المدخل بين الباب والدار. فنقول ظهر للعموم ما كان يجري في دهاليز السياسة، أو بكلمة مُنْعطَفات (مفرد مُنعَطَف) ونقول: "هذا فقط حديث المُنعطَفات". الجزء: 1 ¦ الصفحة: 201 ومُنعطَف الطريق، هو مُنحناه ونقول: "اختفى عند مُنْعَطَف الطريق". كِيَان (بكسر الكاف ودون شدة على الياء) ويخطئ من يفتح الكاف. وهو مصدر من مصادر كان التي هي كَوْن، وكِيَان، وكَيْنُونة. لكنه يعني أيضا هيئة، أو بِنْية، أو مؤسسة. وغالبا ما يراد منه التنقيص من الأهمية. فنقول الكِيَان الصهيوني تجنبا لكلمة دولة. ويعني ذلك عدم الاعتراف بإسرائيل. ويقال الكِيَانات المصطنعة، والكِيَانات الضعيفة أو الهشة. حرف اللام (ل) لا يجب أن نقول كذا الجزء: 1 ¦ الصفحة: 202 وهذا تعبير آخر يشيع فيه الخطأ إذ يقول البعض: "لا يجب أن نشتغل بهذا الموضوع" بدلا من القول: "يجب ألاَّ نشتغل بهذا الموضوع". والفرق بين التعبيرين واضح: إن تعبير "يجب ألاَّ نفعلَ كذا" يعني تركَ الفعل وجوبا والنهيَ عنه. بينما تعبير: "لا يجب أن نفعل" يعني أن الفعل المتحدَّث عنه غير واجب بل هو جائز أو مقبول. لَغَط كذلك أتى في العربية مصدران لفعل لَغَط هما لَغْط (بسكون الغاء) ولَغَط (بفتحها) وهما يعنيان النطق بأصوات مختلفة غير واضحة لا تفهم. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 203 والأكثر شيوعا هو لغَط (بفتح العين) فمن الأمثال:"من كثُر لغَطُه كثُر غَلَطُه". وأفضِّل استعمال الشائع المشهور الذي هو اللَّغَط (بفتح اللام والغين) . لَغْم لا لَغَم ومما يجري خطأ على الألسنة فتح الغَين في لَغْم وجمعه ألغام. واللَّغْم ما يُملأ بمواد متفجرة تتفرقع عند مسه أو بالضغط عليه أو بتوقيته. فنقول: "عثرت الشرطة على لَغْمٍ كان على وشك الانفجار". أو "اكتشف الجيش حقل ألغام". ويقال "لَغْمٌ موقوت" أي يتفجر في وقت معين. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 204 وأعتقد أن هذا الخطأ (أي وضع حركة الفتح على عين الكلمة بدلا من السكون) يُرتكَب في اللهجة العربية السورية التي كثيرا ما تفتح فيها عين الكلمة (أي وسطها) إذا كانت اسما ثلاثيا ساكن الوسط. فيفتح وسطها بدلا من السكون. فيقال "العَصَر" (بدلا من العَصْر) و"الظُّهَر" (بدلا من الظُّهْر) كما يقال "القَصَر" (بدلا من القَصْر) . واللَّغْم بفتح اللام (ودائما بسكون الغين) يأتي مصدرا فِعلُه هو لغَمَ يَلْغَم لَغْما بمعنى أخبر بدون علم ولا يقين. كما يقال: "لغم البعير" أي ألقى بِلُغامه أي زَبَده. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 205 لَقُوا والتقَوْا تختلف الألسنة في النطق بفعل لقِيَ (بكسر القاف) وفعل الْتقَى (بفتح القاف) في صيغة الجمع بواو المذكر فيقال لَقَوْا والْتَقُوا والصحيح العكس وهو لَقُوا والْتَقَوْا. فعل لقِي تُقلَب ياؤه مع الواو ويُضَمُّ القاف: وفي القرآن الكريم: "وإذا لقُوا الذين آمنوا قالوا آمنا". أما فعل الْتقَى (بفتح القاف) فلا تتغير فتحته مع واو الجمع فنقول: "الطلبة الْتَقَوْا مع أستاذهم". وقد فصَّلت كتبُ النحو القواعدَ الضابطة لاستعمال الفعل المعتلِ آخرُه فلْيرجع إليها من يريد معرفتها. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 206 الْتقاه - والْتقَى به، والْتَقَى معه تَعِجُّ الإذاعات والتلفزات والكتب بأخطاء في استعمال هذه الأفعال. والأصوب اتِّباع الطرائق التالية: إن الأفصح في استعمال التقى هو الربط بواو العطف فنقول: "الْتقَى فلانٌ وفلانٌ على رأي واحد" مثلما نقول: "اجتمع فلانٌ وفلانٌ في مأدُبة واحدة". لكن يجوز استعمال الباء أو مع فنقول: "التقى فُلانٌ بفُلان، أو التقى فُلان مع فُلان" مثلما نقول: "اشترك فلان مع فلان في شركة واحدة" ونقول: "تباحث فلان مع فلان في أمر يهُمهما". الجزء: 1 ¦ الصفحة: 207 لكن أخذ يشيع على الألسنة والأقلام: "التقى فلانٌ فلاناً" وهذا خطأ. ففعل التقى لازم بينما فعل لقِيَ متعدٍّ. ولذلك يجوز: "لقِيَ فلان فلانا على الطريق". أما التقاه فلم ترد في اللغة إلا بمعنى رآه. حرف الميم (م) ما سماها وما وصفها شاع في لغة الإعلام هذا التركيب:" انتقد المتحدث ما سماها بالخطأ الشنيع" و "ما وصفها بالجرائم". والخطأ في التركيب الأول واضح. فضمير "ها" يستعمل في الغيبة لذِكْرِ مؤنث. ولفظ الخطأ مذكر. وفي التركيب الثاني استُعمِل لفظ "وصفها" مقرونا بالجرائم. وكان الأولى أن يقال: الجزء: 1 ¦ الصفحة: 208 "انتقد المتحدث ما سماه بالجرائم، وما وصفه بالخطأ الشنيع". والأحسن استبعاد ضمير "ها" من هذين التعبيرين وأمثالهما واستبداله بموصول ما الذي يصلح للمفرد والمثنى والجمع ويعود عليه الضمير بهاء المفرد. لذلك ينبغي توحيد التعبير باستعمال "ما" بدلا من "ها"، واختيار لفظ سَمَّى للأسماء، ولفظ وَصَف للنعوت والأوصاف. وعلى ذلك نقول: "وانتقد المتحدث ما سماه الخطأ، وما وصفه بالشنيع". أو استعمال عبارة:"ما أطْلَق عليه اسم الخطأ". و "ما وصفه بالشنيع". إذ كلمة أطلق عليه تصلح للأسماء والنعوت. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 209 مباشِر لا مباشَر سمعت محاضرا عربيا يقول في اجتماع أكاديمي: "تكلم بأسلوب مباشَر (بفتح الشين) ، يقصد مباشِر. ولعل الخطأ جاء من الخلط بين اسم الفاعل (المباشِر) والمصدر (مباشَرة) واسم المفعول (مباشَر) . ولكل من هذه الكلمات موضعه. نقول: "تحدث إليّ بأسلوب مباشِر" "تحدث إليَّ مباشَرةً". ويقال أيضا: "باشَرَ العلميةَ الجراحيةَ أمهرُ الجرَّاحين". "وباشر الزوجُ زوجته". وفي القرآن: "ولا تُباشِروهن وأنتم عاكفون في المساجد". الجزء: 1 ¦ الصفحة: 210 ونقول برنامج مباشِر يقدمه التلفزيون، ورقم الهاتف المباشِر، وكلها تفيد الدلالة على ما ينجز حالا وبدون واسطة. مبارَيَانِ لا مبارتَان ولامبارتَيْن تطبيقا للقواعد النحوية المعروفة، فإن لفظ مباراة إذا أريد تثنيته أي جعله في صيغة المثنى، يُثنَّى بقلب الألف المقصورة إلى ياء وإدخال ألف المثنى أو يائه بعدها. ونقول سجل المنتخَب المغربي تفوقا في مباريَيْن متتاليتين. ولا تصح تثنيته بإدخال تاء التأنيث (مبارتَيْن) فالتأنيث هنا جاء بالألف المقصورة الدالة عليه. وليس بحرف التاء. … الجزء: 1 ¦ الصفحة: 211 وهكذا نقول: شَكْوَيَيْن، في وزن الثلاثي، ومثل ذلك فيما زاد على الثلاثي: كمباراة ومناجاة، ومضاهاة، ومشترى، ومنتدى (مُشْترَيات، ومُنْتدَيات) . مبارَيات (بالجمع) وتُتَّبع القاعدةُ في الجمع فنقول مُبارَيَات، ومُشْترَيَات، ومُنتدَيَات. وفي تثنية مصطفى نقول مصطفَيَانِ في حالة الرفع، ومُصْطَفَيَيْنِ في حالتي النصب والجر. وفي جمع مصطفى نقول مُصْطَفَوْن في حالة الرفع ومصطَفَيْنَ في حالتي النصب والجر. وقد جاء في القرآن الكريم: "وإنهم عندنا لمن المصطفَيْنَ الأخيارِ". مَبيع لا مُباع الجزء: 1 ¦ الصفحة: 212 هو أيضا اسم مفعول من فعل باع يبيع بيعا. واسم الفاعل منه بائع ونقول: "أحصى التاجر مَبيعَ متجره السنوي". كما نقول: "قائمة المَبيعات والمشْتَرَيات". ولا يجوز استعمال لفظ الْمُباع عوضا عن المَبيع. كما لا تُستَعْمل في العربية كلمة "مَبْيُوع" التي تُسْتَعمل في اللهجة الدارجة، احتراما للقاعدة النحوية المعروفة التي لا داعي لتفصيلها هنا لأن هذه الحلقات لا تتغيَّى تلقين قواعد النحو والصرف إلا عند الضرورة. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 213 مُتِمّ (بضم الميم وكسر التاء) ومَتَمّ (بفتح الميم والتاء) نقول: "وقع هذا في مُتِمّ الشهر المنصرم". ويعني في اليوم الذي يُتمُّ الشَّهرَ أي في آخره. والفعل أَتَمَّ الرباعي متعدٍّ وينصب مفعولا به. وجاء في القرآن: "وواعدنا موسى ثلاثين ليلة وأتْمَمْنَاها بعشر". وفيه أيضا: "اليومَ أكمَلْتُ لكم دينكم وأَتْمَمْتُ عليكم نعمتي". وأيضا: "ويأبى الله إلاّ أن يُتِمَّ نورَه". ورد فعل أتمَّ في القرآن في صيغة الأمر: أتْمِمْ في مخاطبة المفرد: "ربنا أَتْمِم لنا نورنا". وبصيغة الجمع: "ثم أتِمُّوا الصيامَ إلى الليل". الجزء: 1 ¦ الصفحة: 214 أما كلمة مُتِمٌّ فقد جاءت في قوله تعالى: "يريدون ليطفئوا نور الله بأفواههم والله مُتِمٌّ نورَه ولو كره الكافرون". ولم ترد كلمة مَتَمّ بفتح الميم وكسر التاء مصدرا ولا تستعمل إلا للدلالة على المكان، أي موضع التمام ومكانه. وهذا غير ما تفيده كلمة مُتِمّ الشهر أي يوم نهايته. مُتمنَّيات (بفتح النون لا بكسرها) ونسمع في الإذاعات والتلفزات العربية: "ولكم منا أصدق المتمنِّيات" بكسر النون. والصواب فتح النون لأن المفرد هو مُتمنَّى أي ما يتمناه الشخص لغيره أو لنفسه. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 215 أما المتمنِّيات بكسر النون فهو يعني النساء التي يتمنَّيْن (جمع المؤنت السالم) . مِثْل هذا الشيء نسمع ونقرأ على سبيل المثال هذا التعبير: "العالم يستنكر بشدة مِثْل هذه المجزرة" وذلك في الحديث عن مجزرة نابلس التي قامت بها إسرائيل. ولا معنى لتقديم مِثْل على اسم الإشارة والجمع بينهما. والصواب: "العالم يستنكر بشدة هذه المجزرة". ذلك لأن مِثْلَ الشيء ليس هو الشيء نفسه أو ذاته، بل هو ما يماثله أو يُشبهه. وعلى ذلك لو تحدثنا عن مثل هذا الشيء لكنا لم نتحدث عن الشيء نفسه. وهذا غير المقصود. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 216 وكذلك يقال خطأً: "عار عليه أن يَصدُر منه مِثْلُ ذلك الكلام" على معنى "عار عليه أن يصدر منه ذلك الكلام". كما يقال: "يتكرر مثل هذا الخطأ في نفس التعبير" والصواب "يتكرر هذا الخطأ لا مِثْلُه". وإذا أردنا أن نتحدث عن تكرار ما بشبه هذا الخطأ إذ ذاك نقول: "ويتكرر مثل هذا الخطأ". بـ إذ مثل الشيء ليس هو الشيء نفسه بل هو ما يُشبهه. وفي ذلك جاء شطر بيت شعري يقول: "ومثل الشيء منجذب إليه" ولم يقل هو نفسه. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 217 ويقال في اللغة الفرنسية: "ما كل مِثالٍ هو مثالي". فالأمثلة والأمثال تتقارب وتتشابه لكن لا تؤلف وحدة مندمجة. ويقولون في اللغة الفرنسية: "من يتماثلون (أو يتشابهون) يجتمعون" أي يَلْتَقُون على مواطن الشَّبَه لكن لا يندمجون إلى حد أن يصبح الشبيه هو نفس مثيله. كما تقول في قواعد البلاغة: "المشَبَّه لايقْوَى قوة المشبَّه به". فإذا قلنا مثلا: "لون وجه فلان كنور الشمس" فإنه لا يعني أن نوره في قوة نور الشمس. ومن مجموع ذلك يتبين أن مثيل الشيء غيره. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 218 أَرُدُّ سبب هذا الخطأ الشائع بكثرة في لغة الإعلام إلى ترجمة كلمتين من الفرنسية والإنجليزية إلى العربية: الكلمة الفرنسية هي: Tel"" في المذكر أو Telle"" في المؤنث. والكلمة الإنجليزية هي: Such"" ولهما استعمالان: اسم الإشارة، وشبه الشيء. لذا يقع الالتباس عند الترجمة إلى العربية. إذ أغلبية الأنباء تصدر بلغات أجنبية ويقع هذا الخطأ في الترجمة. وقد جاء في القرآن الكريم ذكر مِثْل التي تفيد المشابَهة مع وجود المقارَبة. وذلك كقوله تعالي: "ما نَنسخْ من آيةٍ أو نُنْسِها نأتِ بخير منها أو مِثْلِها" الجزء: 1 ¦ الصفحة: 219 وقوله: "وجزاء سيِّئةٍ سيّئةٌ مِثْلُها" وقوله: "أم يقولون افتراه قل فأتوا بسورةٍ مِثْلِه". وبعض المعاجم الحديثة أدخلت تعبير مثل "هذا الشيء" خطأً وكان عليها أن تتلافاه. ومن أمثال العرب: "مِثْل النَّعامة لا طيرٌ ولا جمل". وهذا شطر بيت شعري. مَثَلُه كَمَثَلُ هذه صيغة أخرى تستعمل للتشبيه، يفتح فيها الميم والثاء من كلمة مَثَل بخلاف سابقتها (مِثْل) . والمثَل هو نظير الشيء وشِبْهه. وقد ورد هذا التعبير كثيرا في آيات القرآن الكريم. ومن بينها قوله تعالى: "فمَثَلُه كَمَثَل الكَلْب إن تحمِلْ عليه الجزء: 1 ¦ الصفحة: 220 يَلْهث أو تتركْه يَلْهَثْ". "فمثَله كمثَل صَفْوانٍ عليه تراب". "مَثَلهم كَمَثَل الذي استَوْقَد نارا". ويلاحَظ في هذه الآيات تكرار لفظ المثل (بفتح الميم والثاء) مسبوقا بكاف التشبيه لكن ورد في آيات أخرى الاقتصار على لفظ مَثل مبدوءا بحرف كاف التشبيه بدون تكرار لفظ مَثَل وذلك في قوله تعالى: "إنما مَثَل الحياة الدنيا كماء أنزلناه من السماء" وهذا يعني "مَثَل ماءٍ أنزلناه" وقوله: "مَثَل الذين كفروا بربهم أعمالُهم كَرَمادٍ" (أي مَثَل رماد) وقوله: "واضرب لهم مَثَل الحياة الدنيا كماءٍ أنزلناه من الجزء: 1 ¦ الصفحة: 221 السماء". وأقترح أن لا يعوض في هذه التراكيب لفظ مِثْل بلفظ مَثَل اتباعا لنهج القرآن وتوحيدا للغة العربية. وقد يردُّ عليَّ البعض فيقول ولماذا لا نقول في هذه التراكيب مِثْلُه مِثْلُ كذا لأنه لم يرد في المعاجم اللغوية التفريق بينهما، وأقول رغم ذلك يحسن التفريق بين التعبيرين لتوحيد اللغة ما أمكن ولنبتعد بها عن الفوضى. وهذا هو منهجي في هذا الكتاب. وما دمنا نتحدث عن المِثْل والمَثَل فلْنذكر أن المثل بفتح الميم والثاء يطلق على "جملة مفيدة من المقولات تُقتَطع من كلام وتُنقَل مما وردت فيه إلى مشابهه الجزء: 1 ¦ الصفحة: 222 بدون تغيير". ومن هذه الأمثال العربية مثال: الجارَ قبل الدار" ولا يجوز النطق بالجار مرفوعا لأنه مفعول به منصوب بتقدير فعل احترِم الجارَ. والأمثال لا يتغير فيها لا لفظها ولا شكل حروفها. ومن أمثال العرب: "الصيفَ ضيَّعْتِ اللَّبَنَ (بفتح الفاء دائما في آخر كلمة الصيف على أنه ظرف زمان) وبكسر التاء في ضيَّعْتِ لأن الخطاب في الأصل كان موجها لأنثى. والمطلوب المحافظة على المَثَل كما كُتب أو نُطق به من صاحبه. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 223 والمِثْل، والمَثَل، والمِثال ليس لها معنى واحد. فالمِثال هو القالَب الذي يُقدَّر على مِثْله ونقول: "أعطى مثالا ساميا". و"فلان تلميذ فلان يُعمَل على مثاله" (ولا نقول على مَثَله بالفتح أو مِثْله بالكسر والسكون) . ونقول: "ضرب مثلا" ولا نقول مثالا. ففي القرآن الكريم: "وضرَب لنا مثَلا ونسِيَ خَلْقه". وحينما نتحدث عن المَثَل بمعنى المقولة العربية نقول: "أورد مَثَلا من أمثال العرب"، ولا نقول من أمثلتهم. فهذا جمع مثال، ونقول: "فلان أصبح في الذكاء مَضْرِب الأمثال" أي يُضرَب به الْمَثل. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 224 وهكذا تتحدد معاني الكلمات أكثر، وتزداد دلالتها وضوحا. وإن ورد خلاف ذلك في بعض المعاجم فلْنهْجُره لتستقيم لغتنا ويسهل فهمُها أكثر. وستكون لي فرصة توضيح للمنهجية التي التزمتُ بها في هذه الحلقات بعد وصولها نهايتها، حيث سأكتب عن هذه المنهجية مؤخَّرة، وليست مقدَّمة أو مقدِّمة. مختلِف، ومختلَف فيه أو عليه لا يفرق الكثيرون بين مختلِف (بكسر اللام) ومختلَف (بفتح اللام) ويضعون كل واحد منهما موضع الآخر. والصواب كسر اللام حين يكون اللفظ دلالة على اسم فاعل وفتحها حين يكون دالا على اسم مفعول. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 225 والأصل في ذلك أن فعل اختلف لازم ويمكن تعديته بحرف من حروف الجر. والتعدية بحرف الجر (من) أو (على) مثلا قاعدة لغوية. وقد وضحنا هذا في حرف الخاء عندما تحدثنا عن اختلف فيه واختلف عنه، ونعود إلى ذلك فيما يلي: نقول: "اختلف الأمرُ". فالأمر مختلِفٌ. ونقول:" يختلِف النهارُ عن الليل والليلُ عن النهار". ونقول:"كلٌّ منهما مُختلِفٌ عن الآخر" لكن عندما نقول:" اختُلِف في صحة هذا الخبر" نقول:" الخبر مختلَف في صحته أو عدمها". الجزء: 1 ¦ الصفحة: 226 وقد جاء في القرآن الكريم:" وما اختلف فيه إلا الذين أوتوه". والفعل هنا لازم فنقول:" الذين أوتوه مختلِفون فيه" وجاء لفظ مختلِف بكسر اللام في آيات عديدة من القرآن عندما يكون لازما. وذلك مثلا في قوله تعالى:"يخرج من بطونها شرابٌ مختلِف ألوانُه"، وقوله: " والسماء ذات الحُبُك إنكم لفي قول مختلِف". وورد في القرآن استعمال مختلِف في صيغة الجمع كقوله: "يتساءلون عن النبإ العظيم الذي هم فيه مختلِفون". وكثيرا ما يقع الخطأ عندما يأتي لفظ مختلِف مضافا إلى ما بعده كمختلِف الأمور، ومختلِف الحاجات، ومختلِف الجزء: 1 ¦ الصفحة: 227 الأدوار، ومختلِف المذاهب. وفي جميع هذه الأمثلة وأمثالِها يُكسَر اللام لأن فعلها (اختلف) لازم. مديرون لا مُدَراء يَجْمَع البعض في المشرق العربي خاصة لفظ مدير على مُدراء. (جمع تكسير) . والصواب جمعه جمع المذكر السالم "مديرين، ومديرون" كما يقال في المغرب العربي. وزن فُعَلاء يأتي جمعا لفعيل إذا كان وصفا وليس لمُفعِل الذي هو وزن مُدير. فنقول في جمع ظَريف، وبَخيل، وعَميل، وقَريب، وعَظيم: ظُرَفاء، وبُخَلاء، وعُمَلاء، وقُرَباء وعُظَماء. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 228 أما وزن مُفعِل كَـ: مُسْلِم، ومُؤْمِن، ومُرْشِد، ومُنْشدِ ومُبْدِئ، ومُعيد فيُجمع جمع المذكر السالم -في حالة الرفع- على مسلمون، ومؤمنون، ومُرشِدون، ومُنشِدون، ومُبْدِئون، ومُعِيدون. وإذن فمدير يجمع على مديرون في حالة الرفع، ومديرين في حالتي النصب والجر. وقد تَسرَّب جمع مدير على مُدراء إلى بعض المعاجم الحديثة وهو خطأ يحسن العدول عنه إلى جمع مديرين. مَرُوم من فعل رام بمعنى طلبَ الشيءَ وقَصَدَه. اسم الفاعل رائِم واسم الفعل مَرُوم. ونقول: "شارك في المباراة ورامَ الفوزَ فيها فلم ينجح". الجزء: 1 ¦ الصفحة: 229 ويأتي الفعل مبنيا للمجهول في قولنا مثلا: "كلُّ شيء على ما يُرام". ولا ينبغي أن تُحدِث هذه الصيغة التباسا فنقول: "هذا مُرام" بل "هذا مَرُوم" أي مقصودٌ ومطلوب. فمُرام اسم مفعول من أَرَام لا رام. وأرام يُريم (الرباعي) لا وجود له في العربية. مُزايَدَة لا مُزاوَدة ويقال في المشرق العربي: "هذا الموضوع أصبحت عليه مُزاوَدةٌ بين فلان وفلان" أي أن كل واحد منهما يُزايِد على الآخر. كما تقع المزايدة في سوق الدِّلالة بين المشترين. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 230 والواو في كلمة مُزَاودة لا مكان لها. فالفعل هو زاد يزيد زَيْدا وزِيَادة (بالياء) ونقول: "ازدياد المولود" لا ازْدِوَاده. واسم زَيْد آت من فعل زاد يزيد زَيْداً. وعكس المزايدة هو المناقصة. وفي علم الصرف فإن الفعل الْمَزيد ما دخلته حروف الزيادة. وعكسه هو الفعل المجرَّد (أي الخالي من أحرف الزيادة) التي جمعها سيبويه في عبارة "سألْتُمونيها". مزدوِج بكسر الواو مزدوِج اسم فاعل من ازدوج اللازم الذي يفيد أن الشيء أصبح اثنين. واسم الفاعل الآتي من الفعل اللازم لابد أن يكون مكسور عين الكلمة، (أي الواو الجزء: 1 ¦ الصفحة: 231 هنا) ، لأن الفعل الثلاثي لازدوج هو زَوَجَ. ونقول:"فلان ازدوجت لغتُه" فهو مزدوِج اللغة بكسر الواو لا بفتحها. وشاع استعمال "الازدواجية" وهو استعمال جيد فنقول:"الغرب يطبق حقوق الإنسان بازدواجية المعايير" و "أمريكا تطبق الشرعية الدولية بازدواجية المعايير" ونقول أيضا: "إن الاتفاقية نصت على استبعاد ازدواجية الضريبة" أي دفعها في أكثر من بلد. مما يعني "أنه يكفي أداء الضريبة في بلد واحد حتى لا يكلَّف دافعَها دفعُها في بلاده وفي بلاد أجنبية". الجزء: 1 ¦ الصفحة: 232 ويعجبني ما جاء في بعض المعاجم من التفريق بين كلمتي "الازدواجية والثنائية". فنقول ازدواجية اللغة للدلالة على معنى، وثنائية اللغة للدلالة على معنى آخر. ازدواجية اللغة تعني الجمع في الحديث والكتابة بين اللغة العربية الفصيحة واللهجة الدارجة. فاللغة واحدة لكن الدارجة ازدوجت مع الفصيحة. فنقول: "هو مزدوِج اللغة"، أي يجمع بين العربية الفصيحة واللهجة الدارجة أي يُشرِكهما. أما ثنائية اللغة فتعني استعمال لغتين مختلفتين منفصلة إحداهما عن الأخرى. ونقول هو ثنائي أو ثلاثي أو رباعي اللغة بمعنى أنه يملك أكثر الجزء: 1 ¦ الصفحة: 233 من لغة. أي أنه متكون باللغة العربية والإنجليزية والفرنسية والإسبانية (مثلا) . وقد قلت إن التفريق بين الكلمتين يعجبني لأنه يتفق مع منهجيتي في فهم اللغة على أساس أن لكل لفظ معنى يَخصُّه ويميزه عن غيره. وإمعان البحث في جذور الكلمات واشتقاقاتها يضمن وجود فروق بين المترادف. فما على الباحث إلا أن يُجهد فكره ليكتشف هذه الفروق وهو ما يغني اللغة العربية. مستحِقَّات ومستحَقَّات فعل استحَقَّ يأتي لازما لا يتطَلَّب مفعولا ويأتي متعديا. الفعل اللازم استحَقَّ الشيءُ اسم الفاعل منه هو مُستَحِقّ (بكسر الحاء) . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 234 والفعل المتعدي استحَقَّ الشيءَ اسم المفعول منه هو مُستحَقّ. مثال الفعل اللازم: استَحقّ الدَّيْنُ أي وصل ميعادُ دفعه. واستحق الأجلُ المضروب أي حان أو وصل. فالدَّيْن مُسْتَحِقّ (بكسر الحاء) والأجل مُستحِقّ (بكسر الحاء كذلك) . وجمع التأنيث هو مستحِقّات بكسر الحاء وجوبا لأن فعله لازم لا يأتي منه إلا اسم الفاعِل الذي هو مستحِقّ. ومثال الفعل المتعدي هو استحقّ الشَّيْءَ. كأن نقول: "فلان استحقَّ الشكرَ والثناءَ على عمله الطيب". ونقول أيضا: "استحق المُصابُ الشفقةَ والعطفَ". ونقول: "عمِل عملا استحقّ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 235 عليه الإثمَ". وجاء في القرآن: "فإن عُثِر على أنهما استَحقَّا إثْما". وعلى ذلك فمُستحِقّ (اسم فاعل من فعل استحقَّ اللازم) صحيح، كما أن مُستحَقّ (اسم مفعول من استحق المتعدي صحيح كذلك) . لكن يجب عدم الخلط بينهما فلكل منهما موضع استعماله. نقول: "هذه ديون مُستحِقّة (بكسر الحاء) وجمعها مُستحِقّات (بكسر الحاء) بمعنى جاء أجلها. ونقول قوبل عمل فلان بعواطِف شكر مُستحَقّ (بفتح الحاء) أو بمستحَقّات الشكر والثناء والتنويه (بفتح الحاء) أي بما يستحقه من هذه الأشياء. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 236 ولا يجوز وضع العبارتين في سياق واحد. بل على الكاتب والمتحدث أن يضعا كلا منهما حيث يجب وضعه. وعلى ذكر مادة حَقَّ نبادر إلى تصحيح استعمال فعل حَقَّ (مفتوح الحاء) في هذا التعبير وأمثاله: حَقَّ لك أن تفعل كذا، والصواب بناؤه للمجهول فنقول حُقَّ لك. وجاء في القرآن: "وأَذِنَتْ لربها وحُقَّتْ". لكن تُستعمل حَقّ بفتح الحاء عند مجيء على بعدها فنقول: "حَقَّ عليك أن تفعل". الجزء: 1 ¦ الصفحة: 237 مسترَدَّات (بفتح الراء) لا بكسرها ويقول البعض مستردّات (بكسر الراء) ، بينما الفعل استردَّ يسترِدُّ اسْتِرْدادا متعدي ينصب مفعولا به. نقول: "استردّ عافيتَه" إذا استرجعها. "واستردَّ دَينَه" إذا قبضه من المَدين. "واستردَّ أنفاسَه" إذا استراح بعد تعب. والْمُسْتَرَدَّات كثيرا ما تطلق في اللغة الحديثة على ما يُستخلَص من الديون. فنقول: "كان استرجاع بعض المسترَدَّات مشكوكا فيه". أمُسَوَّدة أم مُسْوَدَّة؟ أمُبيَّضَة أم مُبْيَضَّة المراد بكلمة المسودة الرسالة التي تُكتَب بداية ثم تصحَّح أو يضاف إليها لتصبح نهائية ويطلق عليها حينئذ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 238 المبيضة. ولا يوجد اتفاق بين العارفين بالعربية على ضبط شكل كلمة المسودة، وكلمة المبيضة، بل يختلف الاستعمال بينهما أو تُذكَران على أنهما مترادفتان. ومن يَقُلْ مسودة ومبيضة يَعْنِ بهما كلمتين محذوفتي المنعوت وهو لفظ رسالة، بينما يفرق البعض بين المسَوَّدة والمبيّضة، فالأولى هي الرسالة التي يسوّد كاتبُها ورقتَها بداية، وعندما تُصَحَّح تصبح تحمل كلمة مبيَّضَة. فالمُسوَّدة بهذه التفرقة هي الرسالة المبتدَأة القابلة للتغيير والتصحيح، والمبيضة هي الرسالة النهائية التي تمت مراجعتها وأنا أنصح باعتماد هذا الجزء: 1 ¦ الصفحة: 239 التفريق. لكن يبقى بعد ذلك ضبط الكلمتين. وأستحسن أن نأخذ الكلمتين من فعل بَيّضَ الشيْءَ إذا جعله أبيض، وسوَّد إذا جعله أسود، ونقول المسوَّدة، والمبيَّضة. أما المُسْوَدَّة والمُبيضَّة فاشتقاقهما من فعلي اسوَدَّ الشيءُ (فعل لازم) إذا صار أسود، وابيضَّ إذا صار أبيض. والمراد تسويد الرسالة أو تبيضها. فاسم المفعول بذلك أكثر دلالة على فعل الكاتب. وجاء في القرآن الكريم فعل ابْيَضَّ واسْوَدَّ لازمين في قوله تعالى: "يوم تَبْيَضُّ وجوه وتَسْوَدُّ وجوه". الجزء: 1 ¦ الصفحة: 240 مُشْتَرَيات (بفتح الراء لا بكسرها) يشيع هذا الخطأ في المشرق العربي خاصة. وقد سمعته حتى في محطة "البيبيسي" البريطانية التي ما تزال تعتبر أكثر المحطات الإذاعية العالمية محافظةً على اللغة العربية، لكنها هي أيضا أخذت تخطئ في بعض الكلمات والتعابير التي ترد على لسان بعض مراسليها عبر العالم لا على لسان أو أقلام محرريها الفصحاء. ومفرد مُشْترَيَات هو مُشْتَرَى (بفتح الراء) وهو على وزن مُفْتعَل (بفتح العين) اسم مفعول من فعل اشتَرَى. أي الشيء الذي يُشْتَرَى. وأما المشترِيات (بكسر الراء) فهو جمع مؤنث للفظ مُشترِية أي المرأة التي تشتري. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 241 ونقول: "في هذا الصباح جاءت مُشْتَرِياتٌ إلى السوق وحَصَدْنَ جميع ما عُرض فيها من مُشْترَيَات". مُشين وصوابه مَشين فعله شان يشين شَيْناً وهو متعدٍّ بمعنى عاب الشيءَ وشوّهه وعكسه زان يزين زَيْنا واسم الفاعل منه شائن، واسم المفعول مَشِين. ونقول. "صدر من فلان فعلٌ مَشِينٌ" (أي مُسْتَقْبَح) . ونقول أيضا: "فعله شائن" من شانَ الفعلُ إذا قَبُح. وفي بعض اللهجات العربية وخاصة بالعراق يقال: شِين (بكسر الشين) للحكم على شيء أو أشياء بالقبح. كما نقول في لهجة المغرب "حْشُومة" أي شيء يُحتشَم من فعله. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 242 ولا يصح القول: "هذا عمل مُشين" بضم الميم لأنه لا يوجد في اللغة الفعل الرباعي "أشان". ونقيس على لفظ مشين ما يشابهه في الكلمات التالية وهي في صيغة اسم مفعول. فنقول: "مَدينٌ من دان يَدِين. أما المُدَان فهو الشخص الذي أُدين على ذنب أو جريمة. أو هو الفعل المُدان. ومن المعروف الحكمة القائلة: "كما يَدين الفتى يُدان". ونقول مَضْيَق وصوابها في فصيح اللغة مَضيق. ونقول: "مَضيق جبل طارق". والمدينة المعروفة بشمال المغرب باسم المَضْيَق يحسن أن تدعى "المَضيق". الجزء: 1 ¦ الصفحة: 243 مَشُوب من فعل شابَ يشُوبُ شَوْبا بمعنى خلَطَ الشيءَ بالشيء نقول: "شاب اللبنَ بالماء" ونقول: "هذه الأدلة تَشُوبها بعضُ الشُّبُهات". والشَّوْب (صيغة المصدر) خَلْطُ شيءٍ بآخر. وفي القرآن الكريم: "ثم إنَّ لهم علينا لَشَوْباً من حَميم". ونقول: "لغة الإعلام مَشُوبةٌ ببعض الأخطاء اللغوية". ومن التعبيرات اللغوية: "هذا الكلام لا شائبةَ فيه" أي صادق وواضح. وشائبة مؤنث اسم الفاعل شائب، وفعله هو شاب يشوب أي خلط ويخلط. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 244 إن اسم الفاعل شائبة ليس مؤنث شائب بمعنى من كَبِر وظهر عليه الشّيْب. فالشَّيْب غير الشَّوْب، أي الخلط والمزج. مَصُوغ من فعل صاغ يصُوغ صَوْغاً وصِيَاغةً. والفعل ثلاثي أجوف حرفُ عِلَّته واو. وهو على شكل مَقُول، ومَصُون، ومَلُوم. اسم الفاعل من صاغ هو صائغ واسم المفعول هو مَصُوغ. والفعل يفيد صُنْعَ شيءٍ على مثالٍ مُعَيّن. والأصلُ فيه صَوْغُ الحُلِيّ. ونقول: "صاغ الصائغُ من الذهب عِقْدا". وصاغ المعدِنَ إذا صبَّه ووضعه في قالَب أو على شكل خاص. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 245 ويستعمل فعل صاغ وما يأتي منه في الحديث عن الموسيقى، فنقول: "صاغ الموسيقي (أو الموسيقار) فلان ألحانه على ألحان الآخر". ودخلت الكلمة في قواعد الصرف إذ يقال: "جاءت صياغة هذه الكلمة على وزن كذا أو كذا". ويُجمَع اسم الفاعل (صائغ) على صَاغَة وصُوَّاغ: وسُوق صَوْغ الحُلِيّ (أو صياغته) أو بيعه ذهبا أو فضة أو غيرهما تسمى سوق الصَّاغَة. (وهو مستعمل كثيرا في المغرب) . لكن يطلق لفظ الصَّاغَة أيضا على من يصنعون الكلام ويبرعون في صَوْغ البيان فنقول: "فلان من صَاغَة الكلام" أي من المُبدِعين في الأدب شعرا الجزء: 1 ¦ الصفحة: 246 أو نثرا. أما المَصُوغ (اسم المفعول) فيُستعمَل في جميع هذه المعاني: "هذا الحُلِيّ مَصُوغٌ من ذهب خالص رفيع" ونقول: "هذا أسلوب جيد كلماتُه مَصوغةٌ بدقة وحسن بيان". مَصُون لا مُصَان صان يصون صَوْنا - كقال يقول قَوْلا اسم المفعول منه مَصُون. ويخطئ البعض فيقول مُصان. وهذا فعله رباعي، وصيغة الرباعي هذه لا وجود لها في اللغة. صان الشيءَ يَصُونُه صَوْنا وصيانه إذا حفظه. واسم الفاعل منه صائنٌ واسم المفعول مَصُونٌ. ونقول: "يمكنك أن تثق بي إن سرَّنا سيبقى مَصُونا عندي". الجزء: 1 ¦ الصفحة: 247 ونقول: "المال الذي أَوْدَعتَه عندي سيبقَى مَصُونا" ونقول: "عِرْض مَصُون" أي محفوظ. واشتهر تعبير: "الحرَم المَصون" أي الزوجة الفاضلة المحافظة على شرفها وعرضها. ويذكر هذا التعبير للتبجيل (التعظيم) . مَعيب هو أيضا اسم مفعول من فعل عاب يعيب عيبا. واسم الفاعل منه عائبٌ. نقول: "هذا عمل مَعيبٌ في حد ذاته"، كما نقول مَشين. مُعَدَّات لا مُعِدَّات من الخطأ استعمال لفظ مُعِدات (بكسر العين) لما يُعَدُّ أي يهيأ. فنقول "المُعَدَّات الحربية". و"هيَّأ قبل سفره المُعَدَّات الضرورية"، أي الأشياء التي الجزء: 1 ¦ الصفحة: 248 أُعِدَّت من قبل. ومُعَدَّات اسم مفعول. أما المعِدَّات فاسم فاعل. ولا يمكن أن تُعِدّ نفسَها، بل لابد أن يُعِدَّها فاعل. هو مُعِدُّها، وهي مُعَدَّة منه، أي مُهيَّأة منه. مُعْدِم (بكسر الدال) استمعت إلى برامج إذاعية وتلفزية تحدث فيها مثقفون وإعلاميون عن وضعية شعب أفغانستان المزرية ووصفه بعضهم بالفقير المُعْدَم، والبعض الآخر بالمعدوم. وهم يريدون أن يقولوا عنه إنه في حالة الفقر المعدِم (بكسر الدال) . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 249 مُعْدِم اسم فاعل من الفعل الرباعي أَعْدَم الشخصُ يُعْدِم إعداما إذا أصبح فقيرا. ويأتي وصفه للفقر في حالة تفاحشه:" فقرٌ مُعدِم" بمعنى يؤدي إلى الموت جوعا. أما المُعدَم بفتح الدال فهو من نُفِّذ فيه الموت (أو الإعدام) . والمعدوم هو غير الموجود. ونقول:" أصبحت هذه السلعة مَعْدومة (أو مُنْعدِمة) في السوق. ونستعمل كلمة عديم (صيغة فعيل تعني مفعولا) بمعنى معدوم فنقول في مدح شخص:" إنه عديم النظير" أي لا نظير له، أو نظيره غير موجود. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 250 مَعِيش لا مُعاش اسم مفعول من عاش يعيش عَيْشا. والياء هي أصل الألف في عاش. اسم المفعول هذا مفتوح الحرف الأول (الميم) والياء فيه أصلية. لذا لا يجوز النطق به مُحرَّفا على صيغة مُعاش (بضم الميم) . الأصل في كلمة مُعاش أن يكون فعلها رباعيا: أعاش يُعيش فهو مُعاش. كما يقال أراد الشيءَ يريده فالشيء مُراد. وأعاد الكلام يعيده فالكلام مُعاد. ونقول: "هذا كلامٌ مُعاد". ومما قرأناه لشاعر عربي قوله: … "ما أُرانا نقولُ إلا مُعاراً أو مُعاداً من لفْظنا مَكْرُورا" الجزء: 1 ¦ الصفحة: 251 وأعاش الرباعي متعدٍّ ينصب مفعولا به. ويعني جَعَلَه يعيش فنقول: "أعاشك الله طويلا". ونقول: "لئن أعاشني الله طويلا لأفعلنَّ كذا وكذا". ومن هذا الفعل الرباعي يمكن أن تُستعمَل كلمة مُعاش، لكنها غير ملائمة لجملة: "هذا الواقع مَعيش". أو "في الواقع المَعيش". والمَعيشة (وجمعها معايِش ومعائش) هو ما تقوم به الحياة من مأكل ومشرب وما يساعد على العيش. وفي القرآن الكريم: "نحن قَسَمْنا بينهم مَعِيشَتَهم في الحياة الدنيا". الجزء: 1 ¦ الصفحة: 252 وجاء اللفظ على صيغة جمع التكسير في القرآن أيضا: "ولقد مكَّنَّاكم في الأرض وجعلنا لكم فيها مَعَايِش". مُغرِيات بكسر الراء لا بفتحها المُغرِيات اسم فاعل من أغرى يُغرِي إغراءً. أي حرَّض، وحثَّ. ونقول: "أغراه بقبول الوظيفة". أي حثَّه على قبولها. و"أغراه بتناول الخمر" أي زيَّن له شربَها. و"أغراه بقبض الرشوة حبُّ المال". وتأتي أغرى بمعنى وعد بالشيء. ويُجمَع بين العبارتين فنقول: "حمله على فعل كذا بالوعد والإغراء". وعكس الإغراء هو التحذير. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 253 وجاء في النحو أن الإغراء هو حث المخاطَب على أمر محمود ليفعله، وأن صيغته تأتي بالاقتصار على المُغرَى بفعله ونصبه على أنه مفعول به. فنقول: "الصدقَ فيما تقول" على تقدير فعل الْزَم. والمعنى الزَم الصدقَ فيما تقول. ويمكن أن يُعدَّد في الجملة ما يحث المتكلمُ السامعَ والقارئَ على فعله فنقول: "الصدقَ والجدَّ والصَّبرَ. أي الزم فعل هذه الخصال الثلاث وجميعُها مفعول به منصوب بفعل الزم المقدَّر. أما عكس الإغراء وهو التحذير فله نفس الصيغة ويُنصَب مفعولا به على تقدير احذر. نقول: "الكسلَ والكذبَ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 254 والتهاونَ". على تقدير فعل احذر أي احذرها جميعها. والمغري هو الشيء الذي يُغْري أو من يُغْري، والجمع هو مُغْرِيات أي ما يُستعمَل للإغراء. فنقول: "كثرت المُغْريات في هذا العصر" أي الأشياء التي تُغري، أي تحث على عمل كذا. وغالبا ما نستعمل كلمة المُغْريات بمعنى المُلْهِيات (بكسر الهاء اسم فاعل) ونقول بسَبَب اختراع بعض المغريات وكثرة المُلْهِيات قلّ إقبال التلاميذ على الدرس أو المطالعة (مثلا) . ومن ذلك يتبين أن نطق المغريات بفتح الراء خطأ لا مبرر له ولا أساس. ومثل هذا الخطأ يبدو لنا شنيعا لو نطقنا الجزء: 1 ¦ الصفحة: 255 كلمة المضحِكات بفتح الحاء وأنشدناها بالفتح مُحرَّفة في البيت الشعري التالي: … وكم ذا بمصر من المضحكات (لا المضحَكات) … … … … ولكنه ضَحكٌ كالْبُكَا مُفاد لا مَفاد لا يوجد فعل فاد يَفيد (الثلاثي المجرد) حتى يمكن أن نأخذ منه تعبير مَفاد (بفتح الميم على وزن مَفْعَل) . وإنما يوجد فعل أَفاد يُفيد (الرباعي) . وعلى ذلك نقول مُفاد كما نقول مُراد (فعله أراد) . ومُعاد (فعله أعاد) ومُقام (فعله أقام) بينما الكثيرون يقولون:"تلقيت رسالة مَفادُها كذا" و"بلغتني أخبار مَفادُها كذا" والصواب ضم الميم. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 256 مَقُول - لا مُقال الفعل قال واسم المفعول منه على صيغة مَفْعول أي مَقْوُول. لكن القاعدة أن تُخفّف هذه الصيغة فنقول عوضا عنها مَقُول. ولمن أراد أن يعرف لماذا تحولت صيغة "مقْوُول" الثقيلة لاجتماع واويين فيها أن يعود إلى قواعد اللغة العربية في مصادرها. والذي يهمنا هو أن اسم المفعول من قال هو مَقُول، وأنه من الخطأ أن نقول هذا كلام مُقال. كما نقول هذا الكلام مُعاد لأن فعل قال ثلاثي مجرد، وفعل أعاد رباعي فاسم المفعول الآتي منه هو مُعاد. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 257 سمعت في بعض القنوات الفضائية: "هذا كلام مُقالٌ (بضم الميم) ومُعاد". والخطأ آت من أن من يرتكبه يخطر بباله أن الفعل رباعي. لكن فعل "أقال" يعني عَزَل من المنصب، أو أعفى من المهمة، أو ساعد على النهوض. وذلك في قولنا: "سقط أحد المارَّة على الرصيف. فأقاله من عَثْرته أحد المارين". ومن أدعية بعض المؤمنين قولهم متوجهين إلى الله: "يا مُثَبِّت الخطوات، يا مُقِيل العَثَرات". ومن الدعاء المطلوب أن تدعو لغيرك به فتقول له: "أقال اللهُ عَثْرَتَك". أي نجاك الله من الوقوع في القبائح والفواحش. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 258 ونقول: "أفَضلُ مَقُولٍ هو المُفيد" (نقصد بمَقُول الكلام) . ويُستعْمَل المقُول مؤنثا فنقول: "أُثِرت عن الحكيم فلان مَقولةٌ جامعةٌ مفيدة هي. ونأتي بالعبارة كما استعملها صاحبها وأصبحت بعده شائعة. وعلى ذلك نقول: "مَقُولاتُ الحكماء حافلةٌ بالعِبَر". أما قال يَقيل فتفيد: نام في وسط النهار. ومصدره قَيْل (بفتح القاف وسكون الياء) وقَيْلُولَة. وقد أصبح هذا المصدر (قَيْلُولة) اسما يدل على النوم في وسط النهار. وجاء في الحديث: "قِيلُوا (أي ناموا في وسط النهار) فإن الشياطين لا تَقيل". الجزء: 1 ¦ الصفحة: 259 مُلغَى لا لاغ يشيع على الألسنة والأقلام استعمال لاغ بمعنى باطل بدلا من مُلغىً. وهذا هو الصحيح. لاغٍ اسم الفاعل من لَغا يلْغُو (اللازم) . الشخصُ أخطأ أو قال كلاما لا فائدة فيه. وفاعل ذلك هو اللاَّغي. والمصدر منه اللَّغْو. ومن ذلك كتاب: "لَغْو الصيف". وجاء في الحديث الذي يُردّد على سمع المصلين يوم الجمعة قبل الخطبة: "إذا قلتَ لصاحبكَ أنْصِت (وفي رواية أخرى صَهْ أي اسكتْ) والإمام يخطبُ يومَ الجمعة فقد لغَوْتَ، ومن لَغَا فلا جُمُعَة له". الجزء: 1 ¦ الصفحة: 260 أما الفعل الرباعي من هذه المادة فهو ألْغَى يُلْغِي إلغاءَ الشيءَ أبطله أو أسقطه من الحساب. واسم الفاعل منه مُلْغٍ واسم المفعول منه مُلْغىً. وعليه نقول: "ألغى المتعاقدان العَقْد فهو مُلْغًى (لا لاغ) و"الحكم الصادر من المحكمة الابتدائية صار مُلْغىً من محكمة الاستئناف". كما نقول ألغى الموعدَ، أو ألغى السفرَ. ومع ذلك أرى مناسبا استعمال "لاغٍ" من فعل لغا اللازم في حالة واحدة. هي حالة انتهاء شيء تلقائيا أي من ذاته دون فعل فاعل فنقول: "وصلت العقدةُ نهايتَها وأصبحت لاغِيَة" أو "هذا الحكم أصبح لاغِيا الجزء: 1 ¦ الصفحة: 261 بالتقادم". مَلومٌ ومُلاَم ورد اسم المفعول هذا من فعلين: ثلاثي (لامه لَوْما ومَلاماً ومَلامَةً) . واسم مفعوله هو مَلُوم على غرار مَقُول ومَصُون. وجاء ذلك في قول الشاعر: … أُكابدُ حُبّا مُضْنِياً لا أُطيقُهُ … … … وإني على بَوْحي به لَمَلُومُ ومن فعل رباعي هو (ألامَ، يُليم، إيلاما) واسم مفعوله هو مُلام. وقد قال الشاعر العربي مَعقل بن خُوَيلد الهُذَلي: … حمدتُ الله أنْ أمْسَى رَبيعٌ … … … بدار الهُون مَلْحيّاً مُلاما الجزء: 1 ¦ الصفحة: 262 وجاء في القرآن اسم الفاعل (مُليم) من أَلاَم: "فالْتَقَمه الحوتُ وهو مُليم" أي وهو آت بما يُلام عليه. مَنُوط اسم مفعول من ناط ينُوط نَوْطا: إذا علَّق به الشيءَ وعَهِد به إليه. فنقول: "ناطت به الحكومةُ مهمةَ البحث في الحادث". وفعله الرباعي هو أناط يُنيط إناطةً. واسم الفاعل منه هو مُنيط، واسم المفعول مُناط. وعلى ذلك يمكن أن نقول: مَنوط (من الفعل الثلاثي) ، ومُناط (من الفعل الرباعي) . وفي المثل العربي: "كُلُّ شاةٍ من رِجْلها سَتُنَاط". الجزء: 1 ¦ الصفحة: 263 لكن بعض الباحثين اللغويين فضل استعمال الفعل الثلاثي واسم المفعول منه (منوط) وأنا متفق مع هؤلاء. وبهذه المناسبة نصحح خطأ مشهورا يقع في كلمة ناط فيقال: "نُطْتُ فلانا بهذا الأمر" أي كلفته به. والصواب هو: "نُطْتُ الأمرَ بفلان" أي عهدتُ بالأمر إليه. لأننا نعهد -كما جاء في بعض كتب اللغة- بالأمر إلى الإنسان لتدبيره وتسويته وحلّه إذا كان مشكلة، ولا نعهد بالإنسان إلى الأمر. مَهيب يجري عليها ما يجري على مَعيش. وفعلها هو هاب يهاب هَيْبة. واسم الفاعل هائبٌ واسم المفعول مَهيبٌ (كما هو عليه مَعيش سابق الجزء: 1 ¦ الصفحة: 264 الذكر) . ونقول: "فلان مَهِيب الجانب" أو مَهِيب الطلعة (أي الوجه) ، أي أنه يفرضَ الخوف أو الاحترام. ومن الخطأ الفادح أن يقال: مُهاب. لكن ورد في اللغة لفظ "مَهُوب". وأنصح بأن تهجر هذه الصيغة وأن تلتقي الألسنة والأقلام على "مَهيب" في نطاق المنهجية التي أنصح باتباعها حتى لا تتعدد كلمات اللغة الدالة على المعنى الواحد. مُهِمَّة (بضم الميم لا بفتحها) و (بكسر الهاء لا بفتحها) يدأ يشيع في لغة الإعلام ضبط الميم بفتحها في كلمة مُهِمّة وفتح الهاء (مَهَمَّة) والصواب ضم الميم وكسر الهاء (مُهِمَّة) . وهي الجزء: 1 ¦ الصفحة: 265 مذكر مُهِمّ. إذ نقول "أمر مُهِمٌّ"، و"قضية مُهِمَّة" وفعلها رباعي (أَهَمّ) وهو مُتعَدٍّ يتطلَّب مفعولا به. نقول: "أهمَّه الأمرُ" أي أخذ باهتمامه "أهَمَّ المعلّمَ (مفعول به مقدم) شأْنُ (فاعل مؤخر) تلميذِه فأعطاه عناية خاصة". ونقول "مُهِمَّة التعليم حرفة شريفة". و"مُهِمّة الصحافة أصبحت خطيرة". ونجمع المُهِمّة على مُهِمَّات (جمع المؤنث السالم) ، أو على مَهامّ (جمع تكسير) . ونقول:"مَهامّ الأمور". و"مَهامّ الحكومة". و"مَهامّ المنصب الحكومي". الجزء: 1 ¦ الصفحة: 266 ونقول:"فلان مكلف بمُهِمّة في ديوان الوزير". و"بعثه الوزير في مُهِمّة". و"جاءت البعثة في مُهِمّة استطلاعية". أو"حضرت اللجنة للقيام بمُهمَّة تحقيق". أما المَهمّة على وزن مَفْعَلَة وتجمع على مَهَمَّات، فتعني موضع الاهتمام والقصد. ونقول "هذه القضية لا مَهَمَّة لي بها" أي ليست من اهتماماتي، ولا مما يشغلني، أو لا غرض لي بها، ولا أقصدها أو أرغب فيها. حرف النون (ن) نبَعَ يَنْبَع (بفتح الباء) لا يَنْبُع في أغلبية الأفعال التي يكون ثانيها أو آخرها حرف حلْق يَطَّرِد فتح ثاني الفعل ببعض الشذوذ. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 267 وآخر الكلمة في فعل نَبَع هو حرف العين. وهي من حروف الحلق، أي مَخْرَجُها عند النطق بها هو الحلْق. ففعله المضارع مفتوح العين: نبعَ ينبَع، لا ينبُع، كما يَرِدُ خطأً على بعض الألسنة. ومَثَله مَثَل شَرَح، يشرَح (حرف الحاء من حروف الحلق) ونَصَح ينصَح. نَجَوَا لا نَجَيا، ودَعَوَا لا دَعَيا يُرتكَب هذا الخطأ في فعلي "نجا" و"دعا" في حالة التثنية، فنسمع في بعض الإذاعات والتلفزات استعمال نجَيَا، ودَعَيَا والصواب نَجَوَا ودَعَوَا. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 268 نجا ينجو فعل معتل اللام (الآخر) بالواو التي يجب أن تبقى في حالة التثنية ونقول: "وقع حادث سير اصطدام سيارتين، فمات ثلاثة ركاب والراكبان الباقيان نجوا". أما إذا كان الفعل معتلا بالياء فتبقى الياء في صيغة المثنى. ونقول نسِيَا ورضِيا. وجاء في القرآن الكريم: "فلَمَّا أَثْقَلَتْ دَعَوَا اللهَ ربَّهما لئِن آتَيْتَنا صالحاً لنكونَنَّ من الشاكرين". كما جاء في قوله تعالى: "فَلمَّا بلغا مَجْمَع بَيْنِهما نسِيَا حُوتهما". الجزء: 1 ¦ الصفحة: 269 نَحْو تفيد كلمة "نَحْو" نفسَ ما تفيده كلمة حَوَالَيْ عندما تدل على العدد القريب. فنقول: "حضر الاجتماعَ حوالَيْ مائةِ شخص أو نحو ُ مائة شخص" أي ما يقارب هذا العدد زيادة أو نقصا. إلا أن كلمة نَحْو مُعْرَبة تعتريها حركات الإعراب الثلاثة: الضم والفتح والجر. ويضاف إليها بالجر ما بعدها. وهكذا نقول:" حضر الاجتماعَ نحوُ (فاعل مرفوع) ألفِ شخص". و "يظهر لي أن نحوَ ألفِ شخص كانوا حاضرين"، أو "كانوا يُقدَّرون بنحوِ ألفِ شخص". الجزء: 1 ¦ الصفحة: 270 وأصل "نَحْو" هو اتجاه:" سار على هذا النحوِ"، أي على هذا الاتجاه. كما يقال:" نحا على نحوٍ لم يُسبَق إليه" ويُستعمَل ظرفا لا يتغير. فنقول:"سرت نحوَه". ويجمع "نَحْو" قياسا على أنحاء. ونقول:"أصبحت التلفزة تغطي أنحاء العالم". و "جاء الناس إلى هذا الحفل من جميع أنحاء البلاد". أو "من أنحاء كثيرة" (بالتنوين والكسر) لأنه اسم جنس مصروف. والنَّحْو علم قواعد اللغة العربية. ومن يعرف هذا العلم ويصبح قادرا على تلقينه وتدريسه فهو نَحْوي (بسكون الحاء) كما هو الحال في كلمة نَحْو) . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 271 وسمعت في المشرق العربي أساتذة محترمين ينطقون بالحاء مفتوحة ويقولون: نَحَوي وهو خطأ. نَسَمة (بفتح النون والسين) وتعني كل كائن حي فيه روح. وتجمع على نَسَمٍ (بحذف تاء التأنيث) وعلى نَسَمات فنقول مثلا: "سكان القرية ألفُ نَسَمة". "وسكان الصين يزيدون على مليار نَسَمة" "ونَسَمات العالم تتنامى بامتداد السنين والقرون". نُكْتة بضم النون وتسكين الكاف وتُطلَق على نقطة سوداء توجد في بياض، أو بيضاء في سواد. كما تُطْلَق على تعبير لطيف أو حكاية مختصرة تحتوي على دُعابة أو ترويح للنفس وتحدث انبساطا لدى الجزء: 1 ¦ الصفحة: 272 السامع. ونقول: "فلان له براعة في حديث النُّكْتة" وتجمع على نُكت أو نُكات بضم النون أو كسره (نِكات) . والتنكيت هو الإتيان بطُرْفةٍ مستَمْلَحة. وهو أيضا القَدْح البريئ. نون النِّسْوة يخطئ من يقول أو يكتب: "النساء تتظاهرن في الشارع" أو "البنات تَتَبرَّجْنَ في الشارع". والصواب استعمال ياء الغيبة في أول الفعل فنقول يتظاهرن، ويتبرجن، ويتفَوَّقْن على الرجال، لأن التأنيث يوجد في النون المسمى نون النسوة الواقع في آخر الفعل فلا يتكرر التأنيث مرتين. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 273 وقد جاء في القرآن الكريم: "والوالدات يُرْضِعْن أولادهن حوْلين كامليْن" نَوَّه ومشتقَّاته الفعل المجرد من هذه المادة هو نَاهَ يَنُوه نَوْها إذا ارتفع نقول: "ناهَ النباتُ أو الجدارُ" إذا ارتفع. ونوَّه على وزن فَعَّل يتبعه حرف الباء فنقول: "نوَّهَ بفلان" أي رفع ذكرَه. كما نقول: "أَشادَ به" ونقول: "نوَّهت لجنة الامتحان بأطروحة الطالب وأعطته نقطة جيدة استحق بها الدكتوراه". لكن البعض يستعمل نَوَّه ومشتقاته في معنى ذَكَر أو أعلن ويُتبِعه بحرف عنه: فيقول: "الموضوع الذي نوَّهنا عنه فيما سبق" الجزء: 1 ¦ الصفحة: 274 وهذا خطأ. حرف الهاء (هـ) الهَضَبة والصواب الهضْبة يُفْتح خطأ حرف الضاد من كلمة الهَضبة. ويتكرر ذلك في لغة الإعلام خاصة عند الحديث عن هضْبة الجُولان. والصواب هو هَضْبة وجمعها هَضَبات. وهذا يندرج في قاعدة جمع فَعْلة على فَعَلات كما سبق ذكره. هكذا أفكار وهكذا أحاديث في لغة الإعلام بالمشرق العربي تَرِد كلمة "هكذا" بمعنى عِدَّة أو جملة أعداد. وتُصاغ الجملة على هذا النحو: "وتخلَّلَت الجلسةَ هكذا أحاديثُ شيِّقة". و"استعرض المجتمعون هكذا ذكرياتٍ" أي عِدّةَ أحاديث، وعِدَّةَ ذكريات..ويقول بعض الجزء: 1 ¦ الصفحة: 275 المحاضرين "اسمحوا لي أن أتقدم أمامكم بهكذا محاور لمناقشتها". واستعمال هكذا على هذا النحو خطأ. لأن "هكذا" كلمة واحدة مركبة من هاء التنبيه في أولها، وكاف التشبيه في وسطها، واسم الإشارة (ذا) في آخرها. وهي تفيد: على هذا النحو أو هذا الشكل. وعندما نسرد تصريحا نطق به ناطق أو كتبه كاتب، ونريد أن نركِّز على كلمة أو جملة وردت فيه فإننا نذكرها ونضع بين هلالين كلمة "هكذا" ونقصد إبراز الكلمة السابقة لهكذا ونعني بها "بهذا اللفظ أو هذه العبارة". الجزء: 1 ¦ الصفحة: 276 مثال ذلك: "وسمَّى مقاومةَ الفدائيين الفلسطينيين إرهابا (هكذا) " وتدل إضافة الكلمة على استنكار ما قبلها وتقييمه خلقيا أو التحفظ عليه. وقد ورد استعمال "هكذا" بمعنى "على هذا النحو" أو "على هذا الشكل" في قوله تعالى عند ذكر قصة ملكة سبأ (بلقيس) والنبي سليمان: "فلما جاءت قيل أهكذا عرشُكِ قالت كأنه هو". لكن كلمة كذا (بدون هاء التنبيه) تُستعمل للدلالة على الشيء المجهول عدده أو نوعه أو ما لا يراد ذكره. فيقال: فعلتُ كذا وكذا. كما يقال: "اشتريتُ كذا كتابا" أي عددا من الكتب. و"رحلت كذا رحَلات". الجزء: 1 ¦ الصفحة: 277 وتأتي كلمة هكذا بمعنى "عدد من" على ألسنة بعض الإخوة العراقيين خاصة، ولعل استعمال هكذا بمعنى جملة أو عدد آت من اللهجة العراقية. الهَنات (بفتح الهاء لا بكسرها) وهي جمع هَنة (بفتح الهاء) . ويكسرها البعض خطأ. كما تُجمع هَنة على هَنوات. وهذه قليلة الاستعمال. وجاءت بجمع المؤنث في قول الشاعر: … … … أرى ابنَ نزار قد جفاني ومَلَّني … … … … على هَنَوَاتٍ شأنُها مُتَتَابِعُ وتعني كلمة الهَنة والهَنات والهَنوات الأشياء الحقيرة التافهة سواء كانت خيرا أو شرا. ووردت جمعا على هَنات في قول الشاعر لبيد ابن أبي الجزء: 1 ¦ الصفحة: 278 ربيعة: أكرمتُ عِرضي أن يُنال بنَجْوَةٍ … … … … إن البريئ من الهَنات سعيدُ ونقول: "لا أحد يسْلَم من الهَنات أو كُبْريات الهَفَوات". الهِواية (بكسر الهاء) ويفتح البعض الهاء أو يضمها خطأ والصواب كسرها. والهِوَاية عمل يُشغَف به المرء ويقضي أوقات فراغه في ممارسته دون أن يحترفه. فنقول: إن هِوَاية فلان هي الموسيقى. أما فلان الآخر فهو يزاول هِواية جمع الطوابع البريدية. وفلان أصبح شَغوفا بهواية الرسم. وليس لكلمة الْهَواية (بفتح الهاء) ولا بضمها (الهُوايَة) دلالة لغوية. ويطلق على من له هِواية اسم الجزء: 1 ¦ الصفحة: 279 الهاوي وجمعه هُوَاة (بضم الهاء ودون تشديد على الواو) فنقول فلان هاوي الموسيقى، أو هاوي السباحة، أو هاوي حل لغز الكلمات المسهَّمة. وهم جميعا هُوَاة. الهُويَّة بضم الهاء لا يصح في لفظ الهوية فتح الهاء. وهو خطأ شائع على ألسنة الكثيرين في المغرب العربي والمشرق العرب على السواء. أصل الهُوية هي كلمة هُو (بضم الهاء ولا أحد ينطق بها بفتحها) . والأصل فيها السؤال: من هو فلان؟ والجواب هو كذا وكذا. وما يجيء في الجواب هو هُوية الشخص: اسمه، وجنسيته، ووطنه وخصائصه. ونقول إذن هُوية شخص، وهُوية شعب، وورقة الجزء: 1 ¦ الصفحة: 280 التعريف، أو ورقة الهُوية. فليتذكر الإعلامي لفظ هُو حين ينطق بالهُوية. لأن الهُوية ليست إلا هُو مع ياء النسبة. أما الهَوية (بفتح الهاء) فلا وجود لها في العربية وبالتالي لا دلالة لها. وتوجد كلمة الهاوية (بفتح الهاء) وهي تعني الحفرة العميقة، والأُخدود. وجاء إطلاقها في القرآن على جهنم:" وأما من حفّتْ موازينه فأمه هاوية. وما أدراك ماهية، نار حامية". حرف الواو (و) إقحام واو العطف بدون موجب يجري على الألسنة والأقلام إقحام واو العطف في تركيب بعض الجمل دون أن يكون ما يوجب ذلك. وذلك في: الجزء: 1 ¦ الصفحة: 281 سبق وَأن. - حصل وَأن. - خصوصا وَأنّ. - لابد وَأنه. وهذا على سبيل المثال فقط. سبق وَأَنْ كأن يقال: "سبق وَأَنْ تحدثتُ في هذا الموضوع". و"سبق لي وَأَنْ زرت هذا البلد". والواو في هذين التركيبين مُقْحَمة بدون موجب. فعل سبق لازم. نقول: "سبق العدَّاءُ المغربي في الجولة الأولى". ونقول: "سبق فلانٌ على قرنائه". وهو أيضا متعدٍّ أي يَنْصِب مفعولا به يأتي بعده كأن نقول: "سبق العدَّاءُ منافسَه" ونقول في صيغة اللازم: "سبق لسانُه" بمعنى أخطأ. و"سبقت قدمُه. أي زلَّت". الجزء: 1 ¦ الصفحة: 282 ومن أمثال العرب في صيغة المتعدي: "سبق السيف العَذَل". فالفعل هنا متعدٍّ والفاعل هو السيف والعَذَل هو المفعول به. وعندما تأتي أَنْ المصدرية بعد فعل سَبَقَ فإن المصدر يقوم مقام الفاعل. فنقول: "سبق أن وقع الأمر" أي سبق وقوعُ الأمر. "سبق لي أن تحدثت إليه" أي سبق لي التحدثُ إليه. لذلك فلا مكان للواو بين فعل سبق وأَنْ المصدرية، وإلا أصبح المعنى: سبق ووُقوعُ الأمر. وهو خطأ واضح. ولا يستقيم المعنى إلا بحذف الواو المقحَمة خطأ. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 283 حصل وَأَنْ يجري على هذا التعبير ما يجري على "سبقَ وَأَنْ" فلابد من حذف الواو. فعل حصل -على عكس فعل سبق- لم يرد في اللغة إلا لازما. وعليه نقول: "حصل الشيءُ" بمعنى وقع وحدث. ويأتي بمعنى سبق، فنقول: "حصل أن جاء متأخرا". كما يأتي فعل حصل بمعنى أدرك ونال. كأن نقول: "حصل على شهادة التخصص في الطب سنة كذا". لكن لا نقول حصل وَأَنْ حدَثَ هذا الشيء. لأن حصل هي حدث فيكون في الكلام حشْوٌ من جهة، ولأن الواو مُقْحَمة بدون موجب بين حصل وَأَنْ المصدرية. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 284 خصوصا وَأَنَّ وهو خطأ ثالث يجري على بعض الألسنة والأقلام، ويجري عليه ما يجري على مثالي: سَبَق، وحَصَل. يقال خطأ: "أنا مستاء من تصرفه خصوصا وأن ي نبهته مرارا". إن كلمة خصوصا في هذا التركيب مفعول مطلق منصوب بتقدير أخُصّ خصوصا. وكل الأسماء التي تأتي بعد فعل خصَّ ومشتقاته تُنصَب على أنها مفعول مطلق وقد يُحذف المفعول المطلق، ولكن يبقى عملُه. وكما نقول: "صبرا جميلا" بتقدير اصْبِر. وحمدا لله بتقدير فعل أحْمُدُ، أو احمدْ، وشكرا لله بتقدير فعل شكر. نقول خصوصا، وخاصة، وبالأخص. ويأتي المفعول المطلق بعدها منصوبا الجزء: 1 ¦ الصفحة: 285 بتقدير خَصَّ أو أَخُصُّ. ولكن لا تُقْحَم الواو التي لا تفيد معنى بل تشوّش على المعنى. لا بد وَأَن في هذا التركيب أُقْحِمت الواو خطأ كذلك والصواب حذفها. يقول الشابّي في قصيدته المشهورة. … ولابُدَّ للَّيل أن يَنْجَلي … … ولابُدَّ أن يستجيبَ القدَر وكلمة "بُدّ" تعني المهرَب، فنقول: "هذا الأمر لابدَّ منه". أي لا مهرب منه، أو لا يمكن تجنبه والابتعاد عنه. وفي شطر بيت شعري جاء: "لابُدَّ مما ليس منه بُدُّ". الجزء: 1 ¦ الصفحة: 286 بدلا من إقحام الواو بين لابدّ وبين أَنْ يحسن وضع حرف الجر: "مِن" فنقول: "لابدَّ من أن يحصل هذا الأمر". ولا يردُّ عليَّ من يذهب باحثا عن الشذوذ أو غير المشهور فيقول: "إنه رُوي عن أبي سعيد السِّيرافي أنه قال: "تجئ الواو بمعنى مِنْ نقلا عن سيبويه". فهذا كلام غير دقيق والنسبة فيه للمجهول. إني أفضل أن نتجنب التنقيب المجهِد عن شاذّ اللغة لنثَبِّت الأخطاء، فهذا لا يخدم اللغة العربية بل يزيد تعلُّمَها واستيعابها تعقيدا أكثر مما هي عليه. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 287 الوتيرة والوثيرة نفس الخطأ يقع بعدم التمييز بين التاءين (المثنَّاة والمثَلَّثة) وذلك في كلمتي الوتيرة والوثيرة. الوتيرة: اسم من وَتَرَ يَتِرُ وَتْراً إذا جعل على القوس أو آلة الطرب وتَراً أي واحدا من الخيوط المفتولة التي تُلمَس فيُسمَع لها صوت أو نغمة. ونقول في معنى آخر: وتَرَ الصلاةَ أو أَوْتَرَها إذا صلاها وِتْراً. والوِتْر من الأعداد هو العدد الفردي الذي لا ينقسم على اثنين. ومقابله العدد الشَّفْعي الذي يقبل القِسْمةَ على اثنين. ومن ذلك صلاة الشَّفْع، وصلاة الوِتْر. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 288 وفي القرآن الكريم: "والفَجْر، ولَيال عَشْر، والشَّفْعِ والوِتْر". وتوترت العلاقة إذا ساءت. والوتيرة هي مقياس للسرعة، وطريقة مطَّرِدة. ونقول: "استمرَّ في عمله على هذه الوتيرة". و"فُلانٌ يعمل بوتيرة سريعة، وصديقه يعمل بوتيرة بطيئة". أما الْوَثِيرة (بتاء مثلثة) فهو وصف مؤنث، والمذكر هو وَثِير. ويوصف به الفراش الناعم على أنه الْمُريح عند النوم عليه: ونقول: "فراشٌ وثير" أي ليّن أي يحلو النوم فيه ونقول: "فُرُشٌ وَثيرة" بنفس المعنى. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 289 أحض الإذاعيين على النطق بحروف الدال والذال والتاء والثاء، والضاد والظاء كما ينبغي أن يُنطق بها. وأرجو من المعلمين أن يُنَشِّؤوا الأطفال في التعليم الإعدادي على حسن النطق بهذه الحروف، ومعلمي القرآن على تربية النشء على النطق الصحيح. فبذلك تُتَلافى الأخطاء التي لا تُميِّز بين اختلاف النطق ويترتب عليها الخطأ في التعبير والدَّلالة. وجود (أو حضور) لا تواجُد يطغى على الإعلام استعمال كلمة التواجد في موضع كلمة الوجود أو الحضور ونسمع ونقرأ: "سينعقد الاجتماع في الساعة الثالثة بعد الظهر من يوم كذا. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 290 والمطلوب من المدعوِّين التَّواجُد بعين المكان في هذا الموعد بالضبط". في المعاجم اللغوية الأصيلة لا نجد استعمال تواجُد بمعنى الحضور. بل يستعمل لمعنى إظهار الوجدان أي إظهار الفرح أو الحزن، أو إبداء آثار اللذة أو الألم. وهو ما تفيده كلمة الوِجْدان التي تعني ضروب الحالات النفسية الباطنية. وكثيرا ما يستعمل الصوفيون هذه الكلمة "إنه يذكر الله في تَواجُد عميق". وفعل تَواجَد بهذا المعنى لازم يقال: تواجد الشخصُ تواجُداً إذا أظْهَر مشاعرَ نفسه الباطنية. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 291 وتذكر المعاجم الحديثة كلمة التَّوَاجُد بوصفها كلمة مُحْدَثَة: أي أُدخِلت إلى العربية حديثا. ولأن هذه الكلمة ترجمة حرفية لنظيرتها في الفرنسية se trouver، فإني أنصح بتركها إذا كان المراد منها الحضور: وعلى ذلك نقول: "والرجاء الحضور (أو الوجود) في الموعد بالضبط" لا التواجُد. أو نقول: "والرجاء من المدعوين أن يُوجَدوا في الموعد". وبذلك يكون للوجود معناه وللتواجد معناه بدون خلط أو التباس. وعلى ذكر وَجَد نصحح أيضا كلمات من هذه المادة تُستعمَل خطأ: "يوجَد بيننا كثيرون يعتقدون كذا" والفعل يُوجد الجزء: 1 ¦ الصفحة: 292 زائد. وكلمة بيننا تغني عنه لأن "بين" تدل على مطلق الوجود. كما أنه من الخطأ القول: "لم يكن موجودا في بيته عندما جئت لزيارته". والصواب "لم يكن في بيته". الوَحَدَة نسمع في الإذاعة والتلفزة هذا الخطأ: الوحَدة العسكرية، والوحَدة الإعلامية. والصواب هو تسكين حرف الحاء من كلمة الوحدة . وجمعها على فَعَلات. ويحسن أن نذكر أن الإعلام لا يخطئ حين يتحدث عن الوحْدة الوطنية والوحْدة الترابية بتسكين حرف الحاء، فلم لا يتجنب الإعلام هذا الخطأ حين يتحدث عن الوحْدة العسكرية، والوحْدة الإعلامية؟ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 293 وَسَط ووَسْط لا يفرق الكثيرون بينهما ويستعملونهما كما لو كانا يعنيان شيئا واحدا لكن اللغة العربية الفصيحة تُفرِّق. الوسَط (بفتح السين) هو المكان الواقع بين الطرفين. ووسْط (بسكون السين) هو ظرف (مكاني) ونقول: "جلس وسْطَ القوم". و"حفر بئرا وسْطَ الحديقة". وقد جاءت كلمة وسَط في القرآن الكريم: وجعلناكم أمّةً وسَطاً". وإلى الأمر الواقع بين شيئين (بدون تطرف) أشار شاعر عربي في حكمته القائلة: خيرُ الأمورِ الوسَطُ حُبُّ التَّناهي غلَطُ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 294 وَضَح (بفتح الواو والضاد) الصُّبْح أو النهار. وَضَحُ الصُّبحِ هو وقت ظهور الصباح بعد انكشاف ظلام الليل. ووَضَحُ النهار هو وقت ظهور وقت النهار ببزوغ الشمس واضحة للعيان (أي للمعاينة بالبصر) وبعض المتحدثين يخطئون فلا يفتحون الواو والضاد. وتختلف ألسنتهم على تشويه الكلمة فيضع البعض على الواو الضمة أو الكسرة ويسكِّن البعض الضاد والصواب هو الوَضَح. وفعله وضَح يضِح ضَحة (بدون واو كما هو الشأن في سَعة (من وسِع) ودَعَة (من وَدَع) . كما أن مصدره هو وُضوح. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 295 ويطلق الوَضَح أيضا على الطريق المستقيم الذي يسهل السير عليه. ويُعبَّر عن هذا النوع من الطريق بالمَحَجَّة. وفي الحديث: "عليكم بالْمَحَجَّة البيضاء لا يزيغ عنها إلا هالك". وعلى ذلك نقول: "حُجَّة فلان واضحة كوَضَح الصبح أو وَضَح النهار". كما يُطلق الوَضَح على البياض الناصع فهو بذلك لا يشوبه لون آخر يفقد به وضوحه. وفي معنى الجلاء والوضوح يقال أيضا وضَح الوجهُ أي بان حسنه. وَفَيَات لا وَفِيات ومن الأخطاء الشائعة التي يُكْسَر في جمعها ما يُفْتَحُ في مفردها كلمة وفَيَات جمعا لوفاة. ولا مبرر لكسر الجزء: 1 ¦ الصفحة: 296 فائها. (عين الكلمة) . ومن كتب التراجم المشهورة كتاب ابن خَلِّكان الذي سماه: "وفَيات الأعيان، وأنباء أبناء الزمان". إلا أننا نسمع في الإعلام المسموع كلمة وَفِيَات. ومن الغريب أن إحدى الصحف التي تنشر أخبار من يُتوفَّى تحت عنوان وَفِيات، خططت لهذا الباب عنوانا وشكلته بوضع الكسرة تحت الفاء ووضع الخطاط على الياء الشدة والفتحة فجاء العنوان هو: الوفِيَّات. ولم يدر في ذهن الخطاط أن الوفِيّات تعني السيدات اللواتي يتميزن بالوفاء. ولا علاقة للوفاء بالوفاة إلا في نظر بعض المتشائمين الذين يقولون إن خَصْلة الجزء: 1 ¦ الصفحة: 297 الوفاء توفاها الله وماتت (رحمها الله) . كلمات وتراكيب مصرية المَشْوار تُستعمَل هذه الكلمة في الإعلام كثيرا للدلالة على الطريق، أو المسار. وهي مأخوذة من العامية المصرية. ولم تدخل معاجم اللغة الفصحى. ويقال "ما يزال أمامنا مَشْوار طويل" ومن أغرب ما عرفته عن هذه الكلمة ما قال لي عنها أحد الزملاء الأساتذة المصريين (الذي أقرَّ معي بأنها ليست عربية) من أنه يظنها محرفة عن كلمة "مارْشْوار" الفرنسية. لكن أخبرته أن هذه الكلمة ليست فرنسية ولا توجد في المعاجم الفرنسية. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 298 توجد كلمات في الفرنسية على صيغة "مارْشْوار" هي مثلا كلمة "دُورْتْوار" (Dortoir) التي تعني قاعة النوم المشتركة التي تُخصَّص في الداخليات المدرسية للتلاميذ ليناموا فيها. وكلمة "بَّارْلْوار" (Parloir) التي تعني مكانا مخصَّصا للحديث كالمكان المخصص لزائري السجناء للتحدث إليهم وهم وراء القضبان. وعليه فالأصوب أن نقول: "ما يزال أمامنا طريق طويل" أو "أمامنا مَسارٌ صعب". ساعَتَها ولِوَحْدِها / ساعَتها في اللهجة العامية المصرية يقال: "سَاعِتْها حصل كذا" و"سَاعِتْها فكرتُ في كذا" بكسر العين وتسكين الجزء: 1 ¦ الصفحة: 299 التاء وخَتْم الكلمة بضمير"ها". والتعبير الأول يفيد "في تلك الساعة حصل كذا" والثاني: "في الحين فكرت في"، أو "تسارعتُ إلى التفكير في". والتعبير بساعَتَها يعود فيه الضمير إلى غير المذكور. ولا تقره اللغة العربية. فالضمير يعود إلى مذكور قبله إذا كان واحدا، وإلى أقرب مذكور إذا تعدد المذكور، أو إلى مذكور بعده أو متأخر عنه وهذا قليل الاستعمال، إذ لا يوجد إجماع على ذلك من علماء اللغة. ولكن وردت إعادة الضمير في القرآن على مذكور بعده في سورة طه في الآية: "فأوْجَسَ في نفسه خِيفةً موسى". الجزء: 1 ¦ الصفحة: 300 والغالب في الاستعمال هو: "فأوجس موسى في نفسه خِيفة". وقد قيل إن الضمير عاد على ما بعده في الآية الكريمة للحفاظ على السجع. وهو نهاية الجمل الواردة في سورة طه بالألف المقصورة لتبقى الآيات على نغمة واحدة: موسى، وطغَى إلى آخره. وقد اطَّرد في سورة طه السجع على هذا النحو. وهو من الإعجاز البياني للقرآن الكريم. أما عن ساعَتَها وهو تفصيح لكلمة ساعِتْها المصرية فالصواب استعمال التعابير التالية: حينَئذ، ويومئذ، أو حينذاك، أو آنذاك، وما شابهها. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 301 لِوَحْدِها أو لِوَحْدِنا في الأغاني المصرية الجميلة أغنية يتردد فيها: "عايْشِين لِوَحْدِنا" وأخرى تقول: "بَاحِبَّكْ لِوَحْدَك". والتعبيران يَرِدان -لا محالة- في لغة الأشرطة المصرية ويؤخذان على أنهما عربيان فصيحان. لكن استعمال الإعلام العربي الفصيح لهما خطأٌ يجب تصحيحه. إذ يقال "جلستُ وَحْدي" بدون لام. و"نعيش وَحْدَنا" (أو مع بعضِنا) . و"أحبُّكِ وَحْدَكِ". ولفظ وَحْد يأتي منصوبا إما لأنه مفعول مطلق لفعل: وحَد يَحِد وَحْدا، وإما لأنه حال: جلست وحْدي (أي منفردا) . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 302 وقد يتعدى بعَلَى فنقول: "جلس عَلَى وَحْدِه" وفي الغالب يبقى في صيغة المفرد لا يُثنَّى ولا يُجمع. ولذلك أوصي توحيدا للغتنا أن نقتصر على تعبير: "جلست وحْدي" بدون إدخال أي حرف جر عليه لا اللام ولا على وذلك بغرض توحيد اللغة، وبدون تثنية. ولو أن التثنية جاء في بعض اللهجات أو اللغات. فلا نقول جلسا وحدَيْهِما وهو صواب، ولكن الأصوب أن نقول جلسا وحدهما، وجلسوا وحدهم. لكن تجوز إضافة وحْد بصيغة المفرد في التعابير التالية أو ما شابهها فنقول: "هو نسيج وَحْدِه"، وهي "نسيج وَحْدِها"، وهما نسيج وَحْدِهما، الجزء: 1 ¦ الصفحة: 303 وهم نسيج وَحْدِهم، وهنّ نسيج وحدِهن. وهكذا. وتعني هذه التعابير أن المتحدَّث عنه لا نظير له، وأنه متميز بسمات الخير التي لا يضاهيه أو يفوقه فيها غيرُه. وتُستعمَل كلمة النسيج في الغالب في الثوب، لأنه إن كان نسيجا ممتازا فلا يُنسَج على مِنْواله غيرُه. والمِنْوال هو الخشبة التي يحوك عليها الحائك الثوبَ، أي ينسج عليها الثوب. وكلمة مِنْوال تعني أيضا نفس النَّسَق والأسلوب، ونقول: "إن الكاتب في كتابه الجديد نسج على منوال الكاتب الفلاني". أي على طريقته ومنهجيته وأسلوبه. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 304 ويمكن استعمال كلمة طِينة في نفس المعنى ونفس السِّياق: "فلان ينتمي في أفكاره إلى طِينة المفكرين العَلْمانيين". وتستعمِل اللغةُ الفرنسية كذلك اسمَ كلمة النسيج (ETOFFE) للدلالة على الثوب أو القُماش، والطريقة والأسلوب. تراكيب غير دقيقة في الحديث عن الانتفاضة وإسرائيل لاشك في أن انتفاضة فلسطين تحظى من الرأي العام العربي والإسلامي بالدعم والتشجيع والإعجاب والإكبار، وأن تصرفات إسرائيل العدوانية ضدها تقابلها أغلبية العالم بالشجب والتنديد والاستنكار. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 305 والمفروض أن يعكس الإعلام العربي الإسلامي الموقفين ليكون معبرا صادقا عن المشاعر العربية الإسلامية وصوتا ملتزِما واضح التعبير لا يشوبه تشويش أو تأويل مشبوه. لكن تراكيب إعلامية تنساب عبر الإعلام المكتوب، والسمعي، والبصري، تتناقض مع طبيعة هذه المشاعر. وأنا على يقين من أن ذلك يعود إلى وكالات الإعلام العالمي الخاضع لسلطة إسرائيل التي تتحكَّم في توجهه، وأن وكالات الإعلام العربية تنقل منها أو تترجم عنها حرفيا دون تمحيص. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 306 لذا أخصص فصلين من هذا الكتاب لتصحيح بعض تراكيب الإعلام العربي في هذا المجال الحساس: العمليات الانتحارية يستعمل البعض هذا التركيب للدلالة على العمليات التي يتسابق فيها الفلسطينيون للموت لأنهم استحبُّوه على الحياة وآمنوا أن الموت في سبيل الله جزءٌ من عقيدتهم فما لانوا ولا ضعُفوا ولا استكانوا، وإنما استرخصوا الروح طلبا للشهادة وفداءً لوطنهم لتحريره من الاحتلال. والصواب استعمال نعت الاستشهادية بدلا عن الانتحارية التي تُستعمَل في حق "الكاميكاز" الذين لا تحركهم عقيدة دينية. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 307 وعمليات التسابق إلى الموت في خضم الانتفاضة البَطَلة يراد بها وجه الله الذي حض المسلمين على القتال والموت في سبيله ليكونوا من الشهداء المغفور لهم بحكم وعده لهم بدخول الجنة بعد تكفير جميع ذنوبهم. وفي ذلك وردت آيات عديدة في القرآن الكريم نقتصر منها على هاتين الآيتين:"ولا تحسبن الذين قُتِلوا في سبيل الله أمواتا بل أحياء عند ربهم يُرزَقون فرِحين بما آتاهم الله من فضله ويستبشرون بالذين لم يَلْحَقوا بهم من خلفِهم ألاَّ خوف عليهم ولا هم يحزنون". وقوله تعالى: "إن الله اشترى من المؤمنين أنفسَهم الجزء: 1 ¦ الصفحة: 308 وأموالَهم بأن لهم الجنة يقاتِلون في سبيل الله فَيَقتُلون ويُقتَلون وعدا عليه حقا". والسين والتاء في الاستشهاد تدل على الطلب، أي طلب الشهادة. وقد أجمع علماء الدين على أن الشهيد مغفور الذنوب ومخلد في الجنة تحقيقا لوعد الله. ولا كذلك المنتحر الذي ينحر نفسه وهو غير مؤمن بالله. وقد أجمع علماء الدين على أن المنتحر مُدبِر ولا حظَّ له في الثواب. وإذا كان الشهيد يُدفَن في ثيابه ودون غسل لأنه طاهر ويصلَّى عليه صلاة الشهداء، فإن المنتحِر لا يصلَّى عليه ولا يُدفَن في مقابر المسلمين، وذنبه بقتل نفسه غير الجزء: 1 ¦ الصفحة: 309 مغفور. وبعض العَلْمانيين العرب قد يصعب عليهم الإيمان بفضل الشهادة ويتحاشون هذا التعبير، فلْيقولوا على الأقل "العمليات الفدائية" احتراما لمشاعر المسلمين، وتجنبا لغمط حقوق الشهداء. الأراضي الخاضعة والأراضي التابعة تَصِف بعض أجهزة الإعلام الأراضيَ الفلسطينية الواقعةَ تحت الاحتلال الإسرائيلي بوصف التابعة لإسرائيل. والأجهزة التي تقع في هذا الخطأ أغلبها ملتزمة بنصرة القضية الفلسطينية، لكنها تنقل حرفيا عن أجهزة الإعلام العالمية المزورة للحقائق، أو تحرر الخبر بدون قصد ولا تروٍّ في تدقيق دلالاته. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 310 والأليق القول:" دمرت إسرائيل مباني في الأراضي التابعة للسلطة الفلسطينية. وفجر شهيد فلسطيني قنبلة في الأرض الخاضعة لإسرائيل". بتهمة وبدعوى وبحجة مما يستعمله الإعلام العربي خطأ في الحديث عن الانتفاضة وإسرائيل تعبيرات "بتهمة" و"بدعوى" و"بحجة". وتَرِدُ هذه التعابيرُ وأمثالُها على ألسنة إعلاميين ملتزمين بإسناد القضية الفلسطينية ولكنها توضع في غير موضعها، مما يعني أنهم يستعملونها بدون تدقيق. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 311 الاتهام، وبتُهمة نسمع ونقرأ هذا التعبير: "اتهم الفلسطينيون إسرائيل بأنها وراء عملية اغتيال الشهيد فلان". في حين أن الاتهام هو نسبة عمل إلى الغير دون ثبوت دليل. والمفروض أن يصدر هذا في مصادر إعلام غير ملتزمة بإسناد الفلسطينيين، إما لأن هذه المصادر ضد الفلسطينيين، أو لأنها محايدة حيادا إيجابيا لصالح إسرائيل. نقبل أن نسمع صياغة الخبر على هذا النحو من إعلام الولايات المتحدة الأميريكية أو بعض مصادر الإعلام الغربي، ولكنه غير مقبول من مصادر الإعلام العربي الملتزم، إذ أن اغتيال نشطاء المقاومة بالمروحيات والصواريخ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 312 الإسرائيلية يتجاوز التهمة إلى حد اليقين بارتكاب جريمة القتل. كما نسمع أيضا من بعض هذه المصادر الأخيرة: "صرح الرئيس الفلسطيني أنه يُدين إسرائيل بتهمة الاغتيال". والإدانة تكون بالجرائم، ولا تكون بمجرد التهمة بها. بدعوى، وبحجة وتستعمل الكلمتان أحيانا في معنى واحد، بينما لكل منهما دلالة خاصة. الدعوى -مَثَلها مَثَل التهمة- تحتمل الصدق والكذب إلى أن يقوم الدليل على ثبوت واحد منهما. أما الحجة فتعني التأكد من الأمر. فهي في مقابل الدعوى والادعاء. لكننا نسمع ونقرأ هذين التركيبين المستعملين من البعض الجزء: 1 ¦ الصفحة: 313 في غير معنَيَيْهما، كأن يقال: "نفى الفلسطينيون مسؤوليتهم عن البدء بإطلاق النار بدعوى أن إسرائيل كانت هي البادئة بالعنف" و"نفت إسرائيل عن نفسها هذه الدعوى بحجة أنها إنما لجأت إلى إطلاق النار دفاعا عن النفس" ولو وضعت كلمة "بحجة" بدلا عن "بدعوى" في الجملة الأولى ووضعت كلمة "بدعوى" عوضا عن "بحجة" في الجملة الثانية لكان ذلك أنسب، إذا كان الإعلام ملتزما منضبطا بتأييد الفلسطينيين وعاملا على ترويج خطابهم بصدق وأمانة. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 314 بذريعة وبتَعِلَّة وفي اللغة العربية كلمتان للدلالة على حقيقة طبيعة ما ينسب إلى الغير. ويفهم منهما معناهما الدال على التستر وراء الأعذار الواهية لتبرير عمل لا يقبل التبرير. كأن نقول."قتل الجيش الإسرائيلي فلسطينيا بذريعة أنه كان يُحضِّر لتفجير". أو نقول: بتَعِلَّة أنه كان يُحضِّر لتفجير. والذريعة في اللغة هي سبب يُلجَأ إليه للتملص من المسؤولية. فنقول: "قال إنه إنما سرق بذريعة شدة الحاجة". وقال: "إن حكم القضاء عليه كان خطأ بذريعة أنه مظلوم". و"انقطع عن الدراسة بذريعة رُسوبه في الامتحان". الجزء: 1 ¦ الصفحة: 315 ولو وضعنا مكان كلمة الذّريعة كلمة "بتعِلَّة" لاستقام الكلام. فالتعِلَّة في اللغة هي الجهْد في البحث عن علةٍ ما لتبرير أمر. وفِعْلُ تَعلَّل بالشيء يعني أن العِلّة أو السبب الذي يُجهد المرء نفسَه لتقديمهما غير مؤكدَيْن أو غير صحيحَيْن: "تعلّل التلميذ بالمرض لتبرير غيابه عن المدرسة. قَبْر الانتفاضة أو إقبارها يُستعمَل لفظ قَبْر مضافا إلى الانتفاضة على الشكل التالي:"يعمل "شارون" على قَبْر الانتفاضة" أي إيقافها والقضاء عليها. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 316 وبالرغم من أن المعاجم اللغوية تتحدث عن وجود فعل ثلاثي لهذه المادة: قَبَر / يَقْبُر / قَبْرا، وأنه يستعمل للدلالة على دفن الميت، وعلى إخفاء الأمر حتى لا يبقى له أثر، فإني أفضل أن نترك الفعل الثلاثي للدلالة على دفن الميت، وأن نستعمل للدلالة على إخفاء الأمر الفعل الرباعي: أقبر / يُقبر / إقبارا. فنقول:" أقبر الموظفُ الملفَّ". ونقول:" هذه القضية أُقْبِرت ولم تعُدْ تُذكَر". ونقول:"شارون يعمل على إقبار الانتفاضة". الجزء: 1 ¦ الصفحة: 317 بهذا التمييز الذي أنصح به يكون لفظ القبْر الدال على مكان دفن الميت مشتقا من الفعل الثلاثي وجمعه قبور. والمقْبَرة: المكان الذي تجتمع فيه القبور مشتقة كذلك من الفعل الثلاثي. وجاء في القرآن الكريم:"وأن الله يبعث من في القبور". وقوله تعالى: "ألهاكم التكاثر حتى زرتم المقابر". ومع ذلك يبقى استعمال "أقبر" في الدفن المادي صوابا بمقتضى أنه جاء استعماله كذلك في القرآن:"ثم أماته فأقبره". ولكني أفضل التمييز بين الكلمات حتى يكون لكل كلمة معنى خاص بها وهذه منهجيتي في هذه الحلقات التي يتألف منها هذا الجزء: 1 ¦ الصفحة: 318 الكتاب. أخطاء ناتجة عن تعريب كلمات فرنسيَّة للإعلام العالمي أكثر من لغة. وأكثر اللغات انتشارا هي الإنجليزية. وتأتي الفرنسية بين اللغات متوسطة الانتشار، لا تحتل مكان الصدارة ولا تأتي في آخر القائمة. والإعلام العالمي يُترجم إلى العربية في غالب الأحيان ما تبثُّه مصادر الإعلام العالمي باللغتين المذكورتين. والترجمة تُخضِع أحيانا تراكيبَ اللغة العربية لتراكيب اللغات المترجَم عنها، بل تذهب أحيانا إلى ترجمة سوابق الكلمات (Préfixe) ولواحقها (Suffixe) وإخضاع بنية الكلمة العربية إلى ذلك. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 319 وهذا الاتجاه الذي أصبح سائدا ليس ترجمة حتى لو أضفنا إلى كلمة ترجمة نعت حرفية، بل هو شَطَط لغوي غير مقبول. ومما يدخل في هذا الشطط جعل ما هو مؤنث في اللغة المترجم عنها مؤنثا في العربية كذلك، وما هو مذكر في اللغة المترجَم عنها مذكرا كذلك، مما يُحدِث خَلْطا مَشينا في العربية. وسنعطي فيما يلي أمثلة عن هذا الخلط غير المقبول. المشكلُ يَفرض نَفْسَه إنه ترجمة حرفية للتركيب الفرنسي: "Le problème se pose" وقد أصبحت المشكلة (بصيغة التأنيث) هي المشكل (بصيغة التذكير) ، لمجرد أن المشكلة في الفرنسية تصاغ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 320 بصيغة التذكير (le problème) . وكاد تأنيث الكلمة (المشكلة) يضيع تحت هذا التأثير أو هذا الخلْط الذي لا داعي له. لم يكن معروفا في اللغة العربية الحديث عن قَضية مُشْكِلَةٍ بلفظ المشكل، بل دائما بلفظ مشكلة: " مشكلة إصلاح التعليم" "مشكلة ضحايا السير" "مشكلة انقطاع الكهرباء". أما المشكل في الفقه فهو الذي يوصَف به الخُنْثَى. وهو إنسان يجمع بين خاصِيات الذكورة والأنوثة. وإذا كان لا يتمحَّص لنوع منهما يُنعَت بالمُشكل لأنه يبقى لغزا لا هو ذكر ولا هو أنثى. وقد قرأنا في كتاب الشيخ خليل الجامع لأحكام الفقه الجزء: 1 ¦ الصفحة: 321 : "إن بال الخُنْثى فلا إشكال". أي أن بوله من الذكر، أو بوله من الفرج يجعلانه يتمحص بدون إشكال للذكورة أو الأنوثة". وأما تعبير "يفرض نفسه" فهو ترجمة من الفرنسية لتعبير."se pose" وهو في الفرنسية فعل ضميري "Pronominal"أي فعل يُصَرَّف مع ضمير الفاعل ويسبق فيه حرفُ (se) ضميرَ الغيبة في المفرد. فترجمه مرتكبو الشطط اللغوي بكلمة "نفسَه". ومن الأفضل أن يقال في العربية: "المشكلة مطروحة". ونقول بناء على ذلك: "المشكلة النَّوَوية" "ومشكلة التسلح النووي"، "ومشكلة الصراع العربي الإسرائيلي"، "والمشكلة الجزء: 1 ¦ الصفحة: 322 الأفغانية". وليس المشكل الأفغاني كما يُعَبَّر عنه هذه الأيام في لغة الإعلام. ومما هو مشهور في الاستعمال للدَّلالة على ما كان لعلي ابن أبي طالب من مؤهلات فكرية وعلمية لحل المشكلات المقولة: "مُشْكِلةٌ ولا أبا حَسنٍ لها" أي مشكلة لا يوجد شخص مؤهّل لحلها وتدبير شأنها، من نوع أبي الحسن علي ابن أبي طالب (رضي الله عنه) . ومن باب إخضاع تراكيب العربية لتراكيب الفرنسية استحداث كلمة "السَّكَن" بلفظ المذكر لترجمة كلمة "Habitat" الفرنسية. وهي لفظ مذكر. واللغة العربية تسمّي السَّكَن مَسْكَنا أي مكان الجزء: 1 ¦ الصفحة: 323 السكنى. وهو أوضح دَلالة من كلمة السَّكَن. وقد جاء لفظ السَّكَن في القرآن: "والله جعل لكم من بيوتكم سَكَنا" لكن ليس بمعنى المسكن أو البيت، بل بمعنى المكان الآمن الموفر للراحة والاطمئنان والعيش الكريم. وإخضاع الكلمات العربية لتذكير ما هو مذكر أو تأنيث ما هو مؤنث في الفرنسية على سبيل التبعية لهذه الأخيرة إنما يوجد في اللغة الفرنسية. أما في اللغة الإنجليزية فلا يوجد ما يفرق بين المؤنث والمذكر فلهما صيغة واحدة. لذلك يشيع هذا التعسف على ألسنة العارفين بالفرنسية في المغرب العربي. ولا يوجد نظيره في الجزء: 1 ¦ الصفحة: 324 المشرق العربي في أغلبية أقطاره لدى العارفين بالإنجليزية. خاتمة ما أكثر الأخطاء التي تجري على الألسنة والأقلام ويضيق حجم هذا المعجم عن تصحيحها! ويمكن القول إنها لا تُعدّ ولا تحصى. وأعترف أن تكاثرها أرغمني على الاقتصار على ما جاء منها هذا المعجم، مفضلا الاختصار حتى لا يصبح موسوعة لغوية لا يستفيد منها إلا النخبة والخواص. لذا أؤكد على أن ما صححه هذا المعجم من أخطاء لا يعدو أن يكون نماذج يمكن لباحثين لغويين آخرين أن ينسجوا على منوال هذا الكتاب ليصححوا ما لم يصححه. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 325 وأود في ختام حلقات هذا المعجم أن أؤكد على الخواطر التالية: اعتمدت في منهجية الكتاب على التمييز بين معاني المترادفات، لتدقيق معاني المفردات حتى يُستعمل كلُّ مترادف للدلالة على مفهوم خاص متميز، وحتى تتحقق وحدة اللغة كما هو شأن اللغات الحية الأخرى. إنني على سبيل المثال لا أعتبر أن الفرح يعبر عنه بكلمات السرور، والاغتباط، والابتهاج، والجَدل، وما إلى ذلك من المترادفات، بل أعطي لهذه الكلمات مدلولا خاصا أستنبطه مما يوجد في جذر الكلمة من معنى مشترك تلتقي عليه المشتقاة مثال ذلك: أن الفعل الثلاثي الجزء: 1 ¦ الصفحة: 326 "عَبَر" المركّب من حرف العين والباء والراء يوحي بأن اجتماع هذه الحروف الثلاثة في الكلمة الواحدة يعني التجاوز، فيقال عبر النهر إذا تجاوز شاطئه الأدنى إلى الشاطئ الآخر. وعليه فالتعبير يعني تجاوز المفكّر فيه إلى النطق به، والعِبرة (بكسر العين) تعني تجاوز الحدث إلى استخلاص دروسه. ومن هنا أقول إن العَبْرة (بفتح العين) ليست هي فقط الدمعة، بل الدمعة التي تسيل على جزء من الخد بعد أن تجتاز المآقي، وأن العبير ليس هو العِطر، وإنما هو العِطر حين يجتاز قاروته ويفوح. وهكذا دواليك. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 327 بتتبعي للأخطاء اللغوية انتهيت إلى أن السبب في ذلك هو اعتماد المنهجية الجديدة في تعليم اللغة، إذ أصبح التلميذ لا يدرس قواعد اللغة نحوا وصرفا كمادة خاصة، ولكن يلقنها له المعلم من خلال قراءة نص في مادة التلاوة (أو المطالعة) . وهذا لا يكفي لامتلاك قواعد اللغة التي تقي من يدرسها ارتكاب الخطأ. يوضع شكل الكلمات في اللغات الأجنبية بجانب الحرف جزءا من الكلمة، بينما لا تُشْكَل كلمات اللغة العربية، فينطق بها كل واحد كما تيسر له. وقضية الشكل مطروحة للنقاش وينصح بعض اللغويين بإدخال الشكل، وهو توجه سديد، لكن الجزء: 1 ¦ الصفحة: 328 من شأنه أن يقطع الصلة بين الأجيال والتراث العربي غير المشكول، إذ ستصبح ناشئتنا العربية عاجزة عن قراءة ما يزخر به تراثنا وجميعه غير مشكول. مما ساعد على تفشي الأخطاء ميل الإعلام (صحيفة، وكتابا، وإذاعة، وتلفزيونا) إلى استعمال اللهجات المحلية (أو القُطْرية) بدلا من الفصحى، ولهجاتنا لا تتقيد بقواعد الفصحى. وحين ينطق المتحدث باللغة التي تزاوج بين الفصحى واللهجة، يغلب عليه أن ينطق بالكلمة الفصيحة كما ينطق بها في اللهجة، فينصب (مثلا) الكلمة في محل الرفع، أو يرفعها في محل النصب، أو يلجأ إلى الجزم الجزء: 1 ¦ الصفحة: 329 (السكون) عملا بمدأ من جزم سلِم، لكنه لا يسلم من الخطأ وهو لا يدري. يقول العراقيون (مثلا) لن يخرجون لأن اللهجة العراقية تثبت النون في جميع حالات الإعراب، والمغربي يقول لم يَقْرَوْ ولن يَقْرَوْ، فيستعمل الدارجة المغربية مقرونة بأدوات الإعراب في الفصحى. هذه بعض الأفكار التي أطرحها للعناية بها من لدن الباحثين اللغويين المتخصصين، مهيبا بهم أن يفكروا فيها ويختاروا لها حلولها، إنقاذا للغتنا، وضبطا لتعليمها، ومساعدة لها على المزيد من الانتشار. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 330