الكتاب: مجمع الضمانات المؤلف: أبو محمد غانم بن محمد البغدادي الحنفي (المتوفى: 1030هـ) الناشر: دار الكتاب الإسلامي الطبعة: بدون طبعة وبدون تاريخ عدد الأجزاء: 1   [ترقيم الكتاب موافق للمطبوع] ---------- مجمع الضمانات غانم بن محمد البغدادي الكتاب: مجمع الضمانات المؤلف: أبو محمد غانم بن محمد البغدادي الحنفي (المتوفى: 1030هـ) الناشر: دار الكتاب الإسلامي الطبعة: بدون طبعة وبدون تاريخ عدد الأجزاء: 1   [ترقيم الكتاب موافق للمطبوع] [مُقَدِّمَةُ الْكِتَابِ] بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي مَنَّ عَلَيْنَا بِالْفَضْلِ وَالْعِرْفَانِ وَوَفَّقَنَا لِبَيَانِ مَا شَرَعَ فِي الظُّلْمِ وَالْعُدْوَانِ وَالصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ الْأَتَمَّانِ الْأَكْمَلَانِ عَلَى مَنْ أُنْزِلَ عَلَيْهِ الْقُرْآنُ تِبْيَانًا لِكُلِّ شَيْءٍ وَهُدًى لِلْإِنْسَانِ (وَبَعْدُ) فَيَقُولُ الْفَقِيرُ إلَى اللَّهِ الْهَادِي أَبُو مُحَمَّدِ بْنُ غَانِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ الْبَغْدَادِيُّ أَنَّ مَعْرِفَةَ مَسَائِلِ الضَّمَانَاتِ مِنْ أَهَمِّ الْمُهِمَّاتِ إذْ أَكْثَرُ الْمُنَازَعَاتِ فِيهَا تَقَعُ وَالْخُصُومَاتُ خُصُوصًا مَنْ تَقَلَّدَ الْقَضَاءَ وَالْإِفْتَاءَ فَهِيَ فِي حَقِّهِ فَرْضٌ بِلَا امْتِرَاءٍ فَإِنَّ الْخَطَأَ فِيهَا يُورِثُ حُزْنًا طَوِيلًا وَقَدْ وَرَدَ أَغَبَنُ النَّاسِ مَنْ ذَهَبَ دِينُهُ بِدُنْيَا غَيْرِهِ ثُمَّ أَنَّهُ لَا يَخْفَى وُجُوبُ مَعْرِفَتِهَا عَلَى كُلِّ مُسْلِمٍ تَقِيٍّ يَخَافُ عَلَى دِينِهِ وَيَخْشَى مَقَامَ رَبِّهِ لِيَحْتَرِزَ عَمَّا يَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ بِسَبَبِهِ حَقٌّ مِنْ حُقُوقِ الْعِبَادِ فَإِنَّهَا إذَا وَجَبَتْ فِي الذِّمَّةِ لَا يَبْرَأُ عَنْهَا إلَّا بِالْإِبْرَاءِ وَالِاسْتِحْلَالِ وَطَلَبِ الرِّضَا فِيمَا لَهُ وَمَا لَهَا نَسْأَلُ اللَّهَ الْعِصْمَةَ عَنْهَا وَعَنْ وَبَالِهَا وَقَدْ جَمَعَ بَعْضًا مِنْهَا بَعْضُ الْفُضَلَاءِ وَأَكْثَرُ مَنْ جَمَعَ مِنْهَا فِيمَا رَأَيْنَا صَاحِبُ الْفُصُولَيْنِ فَإِنَّهُ أَفْرَدَ لَهَا فَصْلًا وَذَكَرَ فِيهِ مِنْهَا طَرَفًا صَالِحًا أَصْلَحَ اللَّهُ شَأْنَهُ غَيْرَ أَنَّهُ لَمْ يَسْتَوْعِبْ الْأَبْوَابَ وَلَا أَتَمَّ الْكَلَامَ فِيمَا ذَكَرَ مِنْ الْأَبْوَابِ مَعَ أَنَّهُ ذَكَرَ بَعْضَ الْمَسَائِلِ فِي غَيْرِ الْمَوْضِعِ الَّذِي يَطْلُبُ مِنْهُ تَشْبِيهًا وَقِيَاسًا فَرَأَيْت أَنْ أُبْرِزَ فِي ذَلِكَ وُسْعِي وَمَقْدِرَتِي وَأَتَتَبَّعَ الْكُتُبَ الْمُعْتَبَرَةَ فِي الْفَتْوَى كَقَاضِي خَانْ وَالْهِدَايَةِ وَالصُّغْرَى وَالْخُلَاصَةِ وَغَيْرِ ذَلِكَ مِمَّا تَجِدُ فِي الْكِتَابِ الْمَسْطُورِ وَأَقُصُّ الْأَثَرَ وَأُجِيلُ الْفِكْرَ وَالنَّظَرَ وَلَا أَدَعُ صَغِيرَةً وَلَا كَبِيرَةً وَلَا رَابِطَةً وَلَا جُزْئِيَّةً تَعَلَّقَ بِهَا نَظَرِي أَوْ تَنَاوَلَهَا فِكْرِي إلَّا قَيَّدْتُهَا بِقَلَمِ التَّحْرِيرِ ذَاكِرًا كُلَّ مَسْأَلَةٍ فِي بَابِهَا مُورِدًا كُلَّ فَرْعٍ فِيمَا يَخْتَصُّ بِهِ مِنْ أَنْوَاعِهَا لِيَسْهُلَ الطَّلَبُ وَيَقِلَّ التَّعَبُ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 2 رَاجِيًا مِنْ اللَّهِ الْأَجْرَ الْجَزِيلَ وَالدُّعَاءَ مِمَّنْ انْتَفَعَ بِهَا وَلَوْ بِشَيْءٍ يَسِيرٍ غَيْرَ إنِّي تَرَكْت الْأَدِلَّةَ إلَّا الْيَسِيرَ مِنْهَا؛ لِأَنَّ هَذَا الْكِتَابَ لَيْسَ مَوْضِعَ تَحْقِيقٍ بَلْ الْوَاجِبُ فِيهِ عَلَيْنَا بَيَانُ الصَّحِيحِ وَالْأَصَحِّ وَالْمُفْتَى بِهِ مِنْ غَيْرِهِ عَلَى مَا ثَبَتَ وَتَقَرَّرَ فِي كُتُبِ السَّلَفِ الصَّالِحِينَ وَالْأَئِمَّةِ الْمَهْدِيِّينَ وَقَدْ تَكَرَّرَ ذِكْرُ بَعْضِ الْمَسَائِلِ لِغَرَضٍ دَعَا إلَى ذَلِكَ يَظْهَرُ عِنْدَ الطَّلَبِ وَالتَّأَمُّلِ فِي ذَلِكَ وَسَمَّيْنَا الْكِتَابَ (مَجْمَعَ الضَّمَانَاتِ) . وَالْمُنَاسَبَةُ لَيْسَتْ مِنْ الْمَخْفِيَّاتِ وَهُوَ مُشْتَمِلٌ عَلَى ثَمَانِيَةٍ وَثَلَاثِينَ بَابًا: (الْبَابُ الْأَوَّلُ) : فِي الزَّكَاةِ (الْبَابُ الثَّانِي) : فِي الْحَجِّ (الْبَابُ الثَّالِثُ) : فِي الْأُضْحِيَّةِ (الْبَابُ الرَّابِعُ) : فِي الْإِعْتَاقِ (الْبَابُ الْخَامِسُ) : فِي الْإِجَارَةِ وَيَشْتَمِلُ هَذَا الْبَابُ عَلَى قِسْمَيْنِ: الْأَوَّلُ: فِي الْمُسْتَأْجِرِ وَفِيهِ أَرْبَعَةُ أَنْوَاعٍ: النَّوْعُ الْأَوَّلُ: ضَمَانُ الدَّوَابِّ. الثَّانِي: ضَمَانُ الْأَمْتِعَةِ الثَّالِثُ: ضَمَانُ الْعَقَارِ. الرَّابِعُ: ضَمَانُ الْآدَمِيِّ. (الْقَسَمُ الثَّانِي) : فِي الْأَجِيرِ وَأَجِيرِهِ وَفِيهِ مُقَدِّمَةٌ وَتِسْعَةَ عَشَرَ نَوْعًا الْمُقَدِّمَةُ: فِي الْكَلَامِ عَلَى الْأَجِيرِ الْمُشْتَرَكِ وَالْخَاصِّ وَمَا يَضْمَنُ بِهِ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا بِطَرِيقِ الْإِجْمَالِ النَّوْعُ الْأَوَّلُ: ضَمَانُ الرَّاعِي وَالْبَقَّارِ الثَّانِي: ضَمَانُ الْحَارِسِ الثَّالِثُ: ضَمَانُ الْحَمَّالِ الرَّابِعُ: ضَمَانُ الْمُكَارِي الْخَامِسُ: ضَمَانُ النَّسَّاجِ السَّادِسُ: ضَمَانُ الْخَيَّاطِ السَّابِعُ: ضَمَانُ الْقَصَّارِ الثَّامِنُ: ضَمَانُ الصَّبَّاغِ التَّاسِعُ: ضَمَانُ الصَّائِغِ وَالْحَدَّادِ وَالصَّفَّارِ وَمَنْ بِمَعْنَاهُ وَالنَّقَّاشِ الْعَاشِرُ: ضَمَانُ الْفَصَّادِ وَمَنْ بِمَعْنَاهُ الْحَادِيَ عَشَرَ: ضَمَانُ الْمَلَّاحِ الثَّانِيَ عَشَرَ: ضَمَانُ الْخَبَّازِ وَالطَّبَّاخِ الثَّالِثَ عَشَرَ: ضَمَانُ الْعَلَّافِ وَالْوَرَّاقِ وَالْكَاتِبِ الرَّابِعَ عَشَرَ: ضَمَانُ الْإِسْكَافِ الْخَامِسَ عَشَرَ: ضَمَانُ النَّجَّارِ وَالْبَنَّاءِ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 3 السَّادِسَ عَشَرَ: ضَمَانُ الطَّحَّانِ السَّابِعَ عَشَرَ: ضَمَانُ الدَّلَّالِ الثَّامِنَ عَشَرَ: ضَمَانُ الْمُعَلِّمِ وَمَنْ بِمَعْنَاهُ التَّاسِعَ عَشَرَ: ضَمَانُ الْخَادِمِ (الْبَابُ السَّادِسُ) : فِي الْعَارِيَّةِ وَيَشْتَمِلُ عَلَى مُقَدِّمَةٍ وَخَمْسَةِ أَنْوَاعٍ: الْمُقَدِّمَةُ فِي الْكَلَامِ فِيهَا إجْمَالًا النَّوْعُ الْأَوَّلُ: ضَمَانُ الدَّوَابِّ الثَّانِي: ضَمَانُ الْأَمْتِعَةِ الثَّالِثُ: ضَمَانُ الْقِنِّ الرَّابِعُ: ضَمَانُ الْعَقَارِ الْخَامِسُ: ضَمَانُ الْمُسْتَعَارِ لِلرَّهْنِ (الْبَابُ السَّابِعُ) : فِي الْوَدِيعَةِ وَيَشْتَمِلُ عَلَى سِتَّةِ فُصُولٍ: الْفَصْلُ الْأَوَّلُ: فِي بَيَانِهَا وَمَا يَجُوزُ لِلْمُودِعِ أَنْ يَفْعَلَ وَمَا لَيْسَ لَهُ وَمَا يَصِيرُ بِهِ مُودِعًا الثَّانِي: فِيمَنْ يَضْمَنُ لِلْمُودِعِ بِالدَّفْعِ إلَيْهِ وَمَنْ لَا يَضْمَنُ الثَّالِثُ: فِي الْخَلْطِ وَالْإِتْلَافِ الرَّابِعُ: فِي الْهَلَاكِ بَعْدَ الطَّلَبِ وَالْجُحُودِ وَالرَّدِّ الْخَامِسُ: فِي مَوْتِ الْمُودِعِ مُجْهِلًا السَّادِسُ: فِي الْحَمَّامِيِّ وَالثِّيَابِيِّ (الْبَابُ الثَّامِنُ) فِي الرَّهْنِ وَيَشْتَمِلُ عَلَى تِسْعَةِ فُصُولٍ: (الْفَصْلُ الْأَوَّلُ) : فِيمَا يَصِحُّ رَهْنُهُ وَمَا لَا يَصِحُّ وَحُكْمُ الصَّحِيحِ وَالْفَاسِدِ وَالْبَاطِلِ الثَّانِي: فِيمَا يَصِيرُ بِهِ رَهْنًا وَمَا لَا يَصِيرُ الثَّالِثُ: فِيمَا يُبْطِلُ الرَّهْنَ الرَّابِعُ: فِي الزِّيَادَةِ فِي الرَّهْنِ وَالزِّيَادَةِ الْمُتَوَلِّدَةِ مِنْهُ وَاسْتِبْدَالِهِ وَتَعَدُّدِهِ الْخَامِسُ: فِي التَّعَيُّبِ وَالنُّقْصَانِ السَّادِسُ: فِي التَّصَرُّفِ وَالِانْتِفَاعِ بِالرَّهْنِ السَّابِعُ: فِي الْهَلَاكِ بَعْدَ الْإِبْرَاءِ وَالِاسْتِيفَاءِ الثَّامِنُ: فِي الرَّهْنِ الَّذِي يُوضَعُ عَلَى يَدِ عَدْلٍ التَّاسِعُ: فِي الْجِنَايَةِ عَلَى الرَّهْنِ وَالْجِنَايَةِ مِنْهُ (الْبَابُ التَّاسِعُ) : فِي الْغَصْبِ وَيَشْتَمِلُ عَلَى تِسْعَةِ فُصُولٍ أَيْضًا الْفَصْلُ الْأَوَّلُ: فِي بَيَانِهِ وَالْكَلَامِ فِي أَحْكَامِهِ وَأَحْكَامِ الْغَاصِبِ مِنْ الْغَاصِبِ وَغَيْرِ ذَلِكَ بِطَرِيقِ الْإِجْمَالِ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 4 الثَّانِي: إذَا ظُفِرَ بِالْغَاصِبِ فِي غَيْرِ بَلَدِ الْغَصْبِ الثَّالِثُ: فِيمَا يَصِيرُ بِهِ الْمَرْءُ غَاصِبًا وَضَامِنًا الرَّابِعُ: فِي الْعَقَارِ وَفِيهِ لَوْ هَدَمَ جِدَارَ غَيْرِهِ أَوْ حَفَرَ فِي أَرْضِهِ أَوْ طَمَّ بِئْرَهُ بِغَيْرِ إذْنِهِ وَنَحْوِ ذَلِكَ مِمَّا يَتَعَلَّقُ بِالْعَقَارِ الْخَامِسُ: فِي زَوَائِدِ الْغَصْبِ وَمَنَافِعِهِ السَّادِسُ: فِيمَا لَيْسَ بِمَالٍ وَمَا لَيْسَ بِمُتَقَوِّمٍ وَمَا يَقْرُبُ مِنْ ذَلِكَ كَالْمُدَبَّرِ وَأُمِّ الْوَلَدِ وَآلَاتِ اللَّهْوِ السَّابِعُ: فِي نُقْصَانِ الْمَغْصُوبِ وَتَغَيُّرِهِ بِنَفْسِهِ أَوْ بِفِعْلٍ وَمَا يَنْقَطِعُ بِهِ حَقُّ الْمِلْكِ عَنْ الْعَيْنِ وَيَنْتَقِلُ إلَى الْقِيمَةِ الثَّامِنُ: فِي اخْتِلَافِ الْغَاصِبِ وَالْمَغْصُوبِ مِنْهُ التَّاسِعُ: فِي بَرَاءَةِ الْغَاصِبِ وَمَا يَكُونُ رَدًّا لِلْمَغْصُوبِ وَمَا لَا يَكُونُ (الْبَابُ الْعَاشِرُ) : فِي التَّصَرُّفِ فِي مَالِ الْغَيْرِ بِإِذْنِهِ (الْبَابُ الْحَادِيَ عَشَرَ) : فِي إتْلَافِ مَالِ الْغَيْرِ وَإِفْسَادِهِ مُبَاشَرَةً وَتَسَبُّبًا وَيَشْتَمِلُ عَلَى أَرْبَعَةِ فُصُولٍ: الْفَصْلُ الْأَوَّلُ: فِي الْمُبَاشَرَةِ وَالتَّسَبُّبِ بِنَفْسِهِ وَيَدِهِ الثَّانِي: فِي الضَّمَانِ بِالسِّعَايَةِ وَالْأَمْرِ وَفِيمَا يَضْمَنُ الْمَأْمُورُ بِفِعْلِ مَا أَمَرَ بِهِ الثَّالِثُ: فِي الضَّمَانِ بِالنَّارِ الرَّابِعُ: فِيمَا يَضْمَنُ بِالْمَاءِ. (الْبَابُ الثَّانِيَ عَشَرَ) : فِي الْجِنَايَةِ وَيَشْتَمِلُ عَلَى سَبْعَةِ فُصُولٍ: الْفَصْلُ الْأَوَّلُ: فِي الْجِنَايَةِ بِالْيَدِ مُبَاشَرَةً وَتَسَبُّبًا الثَّانِي: فِيمَا يَحْدُثُ فِي الطَّرِيقِ فَيَهْلَكُ بِهِ إنْسَانٌ أَوْ دَابَّةٌ وَفِيهِ مَسَائِلُ الْآبَارِ وَالْأَنْهَارِ الثَّالِثُ: فِيمَا يَحْدُثُ فِي الْمَسْجِدِ فَيَهْلَكُ بِهِ شَيْءٌ وَمَا يَعْطَبُ بِالْجُلُوسِ فِيهِ الرَّابِعُ: فِي الْحَائِطِ الْمَائِلِ الْخَامِسُ: فِي جِنَايَةِ الْبَهِيمَةِ وَالْجِنَايَةِ عَلَيْهَا السَّادِسُ: فِي جِنَايَةِ الرَّقِيقِ وَالْجِنَايَةِ عَلَيْهِ السَّابِعُ: فِي الْجَنِينِ (الْبَابُ الثَّالِثَ عَشَرَ) فِي الْحُدُودِ وَفِيهِ ضَمَانُ جِنَايَةِ الزِّنَا وَضَمَانُ السَّارِقِ وَقَاطِعِ الطَّرِيقِ (الْبَابُ الرَّابِعَ عَشَرَ) : فِي الْإِكْرَاهِ (الْبَابُ الْخَامِسَ عَشَرَ) فِي الصَّيْدِ وَالذَّبَائِحِ (الْبَابُ السَّادِسَ عَشَرَ) فِي اللُّقَطَةِ وَاللَّقِيطِ (الْبَابُ السَّابِعَ عَشَرَ) فِي الْأَبْقِ (الْبَابُ الثَّامِنَ عَشَرَ) فِي الْبَيْعِ (الْبَابُ التَّاسِعَ عَشَرَ) فِي الْوَكَالَةِ وَالرِّسَالَةِ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 5 (الْبَابُ الْعِشْرُونَ) : فِي الْكَفَالَةِ (الْبَابُ الْحَادِي وَالْعِشْرُونَ) فِي الْحَوَالَةِ (الْبَابُ الثَّانِي وَالْعِشْرُونَ) فِي الشَّرِكَةِ وَيَشْتَمِلُ عَلَى خَمْسَةِ فُصُولٍ: الْفَصْلُ الْأَوَّلُ: فِي شَرِكَةِ الْأَمْلَاكِ الثَّانِي: فِي الْمُفَاوَضَةِ الثَّالِثُ: فِي الْعَنَانِ الرَّابِعُ: فِي الصَّنَائِعِ الْخَامِسُ: فِي الْوُجُوهِ (الْبَابُ الثَّالِثُ وَالْعِشْرُونَ) فِي الْمُضَارَبَةِ وَفِيهِ فَصْلَانِ: الْفَصْلُ الْأَوَّلُ: فِي الْمُضَارَبَةِ الثَّانِي: فِي الْمُبَاضَعَةِ (الْبَابُ الرَّابِعُ وَالْعِشْرُونَ) فِي الْمُزَارَعَةِ وَالْمُسَاقَاةِ وَالشُّرْبِ (الْبَابُ الْخَامِسُ وَالْعِشْرُونَ) فِي الْوَقْفِ (الْبَابُ السَّادِسُ وَالْعِشْرُونَ) فِي الْهِبَةِ (الْبَابُ السَّابِعُ وَالْعِشْرُونَ) فِي النِّكَاحِ وَالطَّلَاقِ (الْبَابُ الثَّامِنُ وَالْعِشْرُونَ) فِي الرَّضَاعِ (الْبَابُ التَّاسِعُ وَالْعِشْرُونَ) فِي الدَّعْوَى (الْبَابُ الثَّلَاثُونَ) فِي الشَّهَادَةِ وَفِي آخِرِهِ مَسْأَلَةِ الْقَاضِي إذَا أَخْطَأَ فِي قَضَائِهِ (الْبَابُ الْحَادِي وَالثَّلَاثُونَ) فِي الْإِقْرَارِ (الْبَابُ الثَّانِي وَالثَّلَاثُونَ) فِي الصُّلْحِ (الْبَابُ الثَّالِثُ وَالثَّلَاثُونَ) فِي السَّيْرِ (الْبَابُ الرَّابِعُ وَالثَّلَاثُونَ) فِي الْقِسْمَةِ (الْبَابُ الْخَامِسُ وَالثَّلَاثُونَ) فِي الْوَصِيِّ وَالْوَلِيِّ وَالْقَاضِي (الْبَابُ السَّادِسُ وَالثَّلَاثُونَ) فِي الْمَحْجُورِينَ وَالْمَأْذُونِينَ (الْبَابُ السَّابِعُ وَالثَّلَاثُونَ) فِي الْمُكَاتَبِ (الْبَابُ الثَّامِنُ وَالثَّلَاثُونَ) فِي الْمُتَفَرِّقَاتِ وَفِيهِ مَسَائِلُ نَفَقَاتِ الْأَقَارِبِ وَفِيهِ مَاتَ وَتَرَكَ طَعَامًا فَأَطْعَمَ الْكَبِيرُ مِنْ الْوَرَثَةِ الصَّغِيرَ يَضْمَنُ أَوَّلًا، وَكَذَا إنْفَاقُ الْوَارِثِ الْكَبِيرِ عَلَى الصَّغِيرِ مِنْهَا، وَفِيهِ حُكْمُ الْعِمَارَةِ فِي مِلْكِ الْغَيْرِ وَمَا يُوجِبُ الرُّجُوعَ وَمَا لَا يُوجِبُهُ وَفِيهِ الْغُرُورُ لَا يُوجِبُ الرُّجُوعَ إلَّا فِي مَسَائِلَ وَفِيهِ خَمْسَةٌ لَا يَرْجِعُونَ عِنْدَ الِاسْتِحْقَاقِ بِقِيمَةِ الْبِنَاءِ وَالْوَلَدِ وَفِيهِ الْوَلَدُ وَالْمَرْأَةُ لَا يَدْخُلَانِ فِي الْغَرَامَاتِ السُّلْطَانِيَّةِ وَفِيهِ حُكْمُ الْإِشَارَةِ وَفِيهِ تَبَرُّعُ الْمَرِيضِ عَلَى أَجْنَبِيٍّ أَوْ وَارِثِهِ وَفِيهِ قَالَ الْمَجْرُوحُ: لَمْ يَجْرَحْنِي فُلَانٌ وَفِيهِ تَبَرُّعٌ بِقَضَاءِ الدَّيْنِ عَنْ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 6 إنْسَانٍ وَفِيهِ ظَفْرُ الْمَدْيُونِ بِجِنْسِ حَقِّهِ أَوْ بِغَيْرِهِ إلَى غَيْرِ ذَلِكَ. [بَاب مَسَائِل الزَّكَاة] إذَا أَمَرَ أَحَدُ الشَّرِيكَيْنِ الْآخِرَ بِأَدَاءِ زَكَاةِ نَصِيبِهِ فَأَدَّى الْمَأْمُورُ بَعْدَ أَدَاءِ صَاحِبِهِ ضَمِنَ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ سَوَاءٌ عَلِمَ بِهِ أَوْ لَمْ يَعْلَمْ وَكَذَا الْوَكِيلُ بِأَدَاءِ الزَّكَاةِ إذَا أَدَّى بَعْدَ مَا أَدَّى الْمُوَكِّلُ ضَمِنَ عِنْدَهُ عَلِمَ بِهِ أَوْ لَمْ يَعْلَمْ وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ: إنْ عَلِمَ بِأَدَاءِ صَاحِبِهِ أَوْ مُوَكِّلِهِ ضَمِنَ وَإِلَّا لَا يَضْمَنُ مِنْ الْوَجِيزِ وَقَوْلُهُمَا رِوَايَةً عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ ذَكَرَهُ فِي الْخُلَاصَةِ. الْوَكِيلُ بِأَدَاءِ الزَّكَاةِ إذَا صَرَفَ إلَى وَلَدِهِ الْكَبِيرِ وَالصَّغِيرِ أَوْ امْرَأَتِهِ وَهُمْ مَحَاوِيجُ جَازَ وَلَا يَمْسِكُ لِنَفْسِهِ شَيْئًا مِنْ الْبَزَّازِيَّة. إذَا عَجَّلَ السَّاعِي الزَّكَاةَ فَدَفَعَهَا إلَى فَقِيرٍ فَأَيْسَرَ قَبْلَ تَمَامِ الْحَوْلِ أَوْ مَاتَ أَوْ ارْتَدَّ جَازَ وَلَمْ يَضْمَنْ السَّاعِي عِنْدَنَا خِلَافًا لِمَالِكٍ وَالشَّافِعِيِّ كَمَا فِي دُرَرِ الْبِحَارِ قَالَ فِي شَرْحِ الْمَجْمَعِ: إذَا لَمْ يَكُنْ الدَّفْعُ بِسُؤَالِ الْمَالِكِ أَوْ الْفَقِيرِ مِنْ السَّاعِي فَإِنْ كَانَ فَالضَّمَانُ عَلَى مَنْ سَأَلَهُ وَلَوْ دَفَعَ الْمَالِكُ الزَّكَاةَ إلَى الْفَقِيرِ بِنَفْسِهِ فَلِلْإِمَامِ أَخْذُهَا، ثَانِيًا فِي الْأَمْوَالِ الظَّاهِرَةِ إذَا لَيْسَ لَهُ وِلَايَةُ الدَّفْعِ إلَى الْفَقِيرِ فِي السَّائِمَةِ فَيَكُونُ فُضُولِيًّا فَيَضْمَنُهُ وَمِنْ ثَمَّةَ قِيلَ: الْأَوَّلُ نَفْلٌ وَالثَّانِي الزَّكَاةُ، وَقِيلَ: الْأَوَّلُ الزَّكَاةُ وَالثَّانِي سِيَاسَةٌ وَالْأَوَّلُ أَصَحُّ لِمَا بَيَّنَّا قَيْدَنَا بِقَوْلِنَا فِي الْأَمْوَالِ الظَّاهِرَةِ؛ لِأَنَّهُ لَوْ ادَّعَى الدَّفْعَ إلَى الْفَقِيرِ بِنَفْسِهِ فِي الْأَمْوَالِ الْبَاطِنَةِ وَهِيَ مَا عَدَا السَّائِمَةِ يُصَدَّقُ مَعَ الْيَمِينِ وَلَا يُؤْخَذُ مِنْهُ ثَانِيًا وَالْمَسْأَلَةُ مَسْطُورَةٌ فِي سَائِرِ الْكُتُبِ، وَقِيلَ: لَوْ عَلِمَ الْإِمَامُ أَنَّهُ دَفَعَ الزَّكَاةَ إلَى الْفَقِيرِ لَا يَأْخُذُ مِنْهُ ثَانِيًا مُطْلَقًا عَلَى مَا ذَكَرَ فِي الْوَجِيزِ. لَوْ هَلَكَ الْمَالُ بَعْدَ وُجُوبِ الزَّكَاةِ تَسْقُطُ الزَّكَاةُ. وَقَالَ الشَّافِعِيُّ: يَضْمَنُهُ وَقِيلَ: إنْ هَلَكَ بَعْدَ التَّمَكُّنِ مِنْ الْأَدَاءِ وَبَعْدَ طَلَبِ السَّاعِي يَضْمَنُهُ عِنْدَنَا أَيْضًا وَفِي الِاسْتِهْلَاكِ يَضْمَنُهُ بِالِاتِّفَاقِ مِنْ الْهِدَايَةِ. رَجُلٌ لَهُ أَلْفُ دِرْهَمٍ حَالَ عَلَيْهَا الْحَوْلُ ثُمَّ اشْتَرَى بِهَا عَبْدًا لِلتِّجَارَةِ فَمَاتَ الْعَبْدُ بَطَلَتْ عَنْهُ زَكَاةُ الْأَلْفِ؛ لِأَنَّهُ نَقَلَ مَالَ الزَّكَاةِ وَلَوْ كَانَ اشْتَرَى بِهَا عَبْدًا لِلْخِدْمَةِ لَا تَسْقُطُ بِهَلَاكِ الْعَبْدِ وَيَضْمَنُ قَدْرَ الزَّكَاةِ مِنْ الْخُلَاصَةِ. رَجُلَانِ دَفَعَا زَكَاتَهُمَا إلَى رَجُلٍ لِيُؤَدِّيَ عَنْهُمَا فَخَلَطَ الْمَأْمُورُ مَالَيْهِمَا فَتَصَدَّقَ ضَمِنَ الْوَكِيلُ مَالَيْهِمَا مِنْ ضَمَانِ الطَّحَّانِ مِنْ الْفُصُولَيْنِ. الْعَالِمُ إنْ سَأَلَ لِلْفُقَرَاءِ أَشْيَاءَ وَخَلَطَ الْأَمْوَالَ ثُمَّ دَفَعَهَا ضَمِنَهَا لِأَرْبَابِهَا وَلَا يُجْزِيهِمْ عَنْ الزَّكَاةِ إلَّا أَنْ يَأْمُرَهُ الْفُقَرَاءُ أَوَّلًا بِالْأَخْذِ لِيَصِيرَ وَكِيلًا عَنْهُمْ بِقَبْضِهِ فَيَصِيرُ خَالِطًا مَالَهُ بِمَالِهِ فَلَا يَضْمَنُهُ مِنْ أَمَانَاتِ الْأَشْبَاهِ. رَجُلٌ أَمَرَ آخَرَ بِأَدَاءِ زَكَاةِ مَالِهِ عَنْهُ مِنْ مَالِ نَفْسِهِ فَأَدَّى لَا يَرْجِعُ عَلَى آمِرِهِ بِلَا شَرْطِ الرُّجُوعِ مِنْ الْآمِرِ بِالْإِنْفَاقِ وَأَدَاءِ الدَّيْنِ مِنْ الْفُصُولَيْنِ وَفِيهِ عَنْ ظَهِيرِ الدِّينِ الْمَرْغِينَانِيِّ: الْأَمْرُ بِالْإِنْفَاقِ وَأَدَاءِ خَرَاجٍ وَصَدَقَاتٍ وَاجِبَةٍ لَا يُوجِبُ الرُّجُوعَ بِلَا شَرْطٍ إلَّا فِي رِوَايَةٍ عَنْ أَبِي يُوسُفَ اهـ. لَا يَحِلُّ الْأَكْلُ مِنْ الْغَلَّةِ قَبْلَ أَدَاءِ الْخَرَاجِ وَالْعُشْرِ إلَّا إذَا كَانَ عَازِمًا عَلَى الْأَدَاءِ وَإِنْ أَكَلَ قَبْلَهُ ضَمِنَ عُشْرَهُ وَفِي الْعَتَّابِيِّ عَنْ الْإِمَامِ الثَّانِي أَنَّهُ لَا يَضْمَنُ لَكِنْ بَعْدَمَا أَكَلَ مِنْ النِّصَابِ وَفِي رِوَايَةٍ أَنَّهُ يَتْرُكُ لَهُ مَا يَكْفِيهِ وَلِعِيَالِهِ وَإِنْ أَكَلَ فَوْقَ الْكِفَايَةِ ضَمِنَ مِنْ الْبَزَّازِيَّة. السُّلْطَانُ إذَا أَخَذَ الْخَرَاجَ مِنْ الْأَكَّارِ أَوْ الْمُسْتَأْجِرِ يَرْجِعُ عَلَى الجزء: 1 ¦ الصفحة: 7 الدُّهْقَانِ وَالْأَجِيرِ. إذَا اسْتَأْجَرَ الرَّجُلُ أَرْضًا لِيَزْرَعَهَا فَالْخَرَاجُ عَلَى رَبِّ الْأَرْضِ وَلَوْ قَالَ لَهُ رَبُّ الْأَرْضِ: أَدِّ عَنِّي مِنْ الْأُجْرَةِ فَأَدَّى جَازَ مِنْ الْأَجْرِ مِنْ الْخُلَاصَةِ. إذَا غَلَبَ عَلَى أَرْضِ الْخَرَاجِ الْمَاءُ أَوْ انْقَطَعَ عَنْهَا أَوْ اصْطَلَمَتْ الزَّرْعَ آفَةٌ فَلَا خَرَاجَ عَلَيْهِ لِفَوَاتِ التَّمَكُّنِ مِنْ الزِّرَاعَةِ وَهُوَ النَّمَاءُ التَّقْدِيرِيُّ الْمُعْتَبَرُ فِي الْخَرَاجِ وَإِنْ عَطَّلَهَا صَاحِبُهَا فَعَلَيْهِ الْخَرَاجُ كَمَا فِي الْهِدَايَةِ مِنْ السِّيَرِ. لَوْ أَبْرَأَ رَبُّ الدَّيْنِ الْمَدْيُونَ عَنْ الدَّيْنِ بَعْدَ الْحَوْلِ فَإِنْ كَانَ الْمَدْيُونُ فَقِيرًا لَا يَضْمَنُ رَبُّ الدَّيْنِ قَدْرَ الزَّكَاةِ بِالْإِجْمَاعِ وَإِنْ كَانَ غَنِيًّا فَفِيهِ رِوَايَتَانِ. اشْتَرَى أَرْضًا وَقَدْ بَقِيَ فِي السَّنَةِ مَا لَمْ يَتَمَكَّنُ فِيهِ مِنْ زِرَاعَتِهَا حَتَّى لَمْ يَجِبْ عَلَيْهِ الْخَرَاجُ فَأَخَذَهُ الْعَامِلُ مِنْهُ لَا يَرْجِعُ عَلَى الْبَائِعِ حَامِلُ الْبَرَاءَاتِ بِالْخَرَاجِ أَخَذَ مَا فِي الْبَرَاءَةِ مِمَّنْ وُجِدَ مِنْ أَهْلِ الْقَرْيَةِ لَيْسَ لِمَنْ أَخَذَ مِنْهُ أَنْ يَرْجِعَ عَلَى أَهْلِ الْقَرْيَةِ بِخِلَافِ الآكار عَلَى قَوْلِ السُّدِّيِّ وَكَذَا الْجِبَايَاتُ وَتَرْكُ النَّازِلِينَ وَنَحْوِهَا أَهْلُ قَرْيَةٍ نَصَّبُوا عَامِلًا بِالْإِنْفَاقِ لِيَجْبِيَ خَرَاجَهُمْ وَيَصْرِفَهُ إلَى الْوَالِي ثُمَّ تَوَارَى وَاحِدٌ مِنْهُمْ فَأَخَذَ خَرَاجَهُ مِنْ الْعَامِلِ فَلَهُ أَنْ يَرْجِعَ عَلَيْهِ. مَرِيضٌ لَهُ مِائَتَا دِرْهَمٍ وَعَلَيْهِ مِنْ الزَّكَاةِ مِائَتَا دِرْهَمٍ لَا يُعْطِيهَا وَلَوْ أَعْطَاهَا فَلِوَرَثَتِهِ أَنْ يَرْجِعُوا عَلَى الْفُقَرَاءِ بِثُلُثَيْهَا قَالَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: هَذَا قَضَاءٌ لَا دِيَانَةٌ إذْ قِيلَ إنَّهُ يُؤَدِّيهَا سِرًّا مِنْ الْوَرَثَةِ. وَمَنْ يُؤَخِّرُ الزَّكَاةَ لَيْسَ لِلْفَقِيرِ أَنْ يُطَالِبَهُ وَلَا يَأْخُذُ مَالَهُ بِغَيْرِ عِلْمِهِ وَيَضْمَنُهُ بِالْأَخْذِ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِي قَبِيلَةِ الْغَنِيِّ مَنْ هُوَ أَحْوَجُ مِنْهُ يَضْمَنُهُ بِأَخْذِهِ فِي الْحُكْمِ أَمَّا دِيَانَةٌ يُرْجَى أَنْ يَحِلَّ لَهُ ذَلِكَ. أَعْطَى نَصِيبَ شَرِيكِهِ مِنْ الْخَرَاجِ بِغَيْرِ إذْنِهِ فَهُوَ مُتَبَرِّعٌ قُنْيَةٌ. جَبَى الْعَامِلُ الْخَرَاجَ مِنْ الْأَكَّارِ لَمَّا لَمْ يَجِدْ رَبَّ الْأَرْضِ جَبْرًا فَلَهُ أَنْ يَرْجِعَ عَلَيْهِ لِأَنَّهُ مُضْطَرٌّ وَالْأَرْضُ فِي يَدِهِ فَلَمْ يَصِرْ مُتَبَرِّعًا وَعَنْ صَاحِبِ الْمُحِيطِ لَا يَرْجِعُ الآكار عَلَيْهِ فِي ظَاهِرِ الْمَذْهَبِ مِنْ الْقُنْيَةِ. [بَابُ مَسَائِلِ الْحَجِّ] ِّ إنْ أَصَابَ حَلَالٌ صَيْدًا ثُمَّ أَحْرَمَ فَأَرْسَلَهُ مِنْ يَدِهِ غَيْرُهُ يَضْمَنُهُ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَقَالَا: لَا يَضْمَنُهُ مِنْ الْهِدَايَةِ وَفِي شَرْحِ الْمَجْمَعِ قَيَّدَ بِقَوْلِهِ مِنْ يَدِهِ لِأَنَّهُ لَوْ أَرْسَلَهُ مِنْ مَنْزِلِهِ يَضْمَنُهُ بِالِاتِّفَاقِ. وَإِنْ أَصَابَ مُحْرِمٌ صَيْدًا فَأَرْسَلَهُ مِنْ يَدِ غَيْرِهِ لَا ضَمَانَ عَلَيْهِ بِالِاتِّفَاقِ فَإِنْ قَتَلَهُ آخَرُ فِي يَدِهِ فَعَلَى كُلٍّ مِنْهُمَا جَزَاؤُهُ وَيَرْجِعُ الْآخِذُ عَلَى الْقَاتِلِ بِمَا ضَمِنَ عِنْدَنَا خِلَافًا لِزُفَرَ مِنْ الْهِدَايَةِ وَفِي الْوَجِيزِ لَوْ كَانَ الْقَاتِلُ نَصْرَانِيًّا أَوْ صَبِيًّا فَلَا جَزَاءَ عَلَيْهِ وَيَرْجِعُ عَلَيْهِ الْآخِذُ بِقِيمَتِهِ وَفِيهِ أَيْضًا إنْ كَانَ الْمُحْرِمُ كَفَّرَ بِمَالِهِ يَرْجِعُ عَلَى الْقَاتِلِ بِهِ وَإِنْ صَامَ لَمْ يَرْجِعْ عَلَى الْقَاتِلِ بِشَيْءٍ اهـ. وَلَوْ حَلَقَ رَجُلٌ رَأْسَ مُحْرِمٍ بِغَيْرِ إذْنِهِ بِأَنْ كَانَ نَائِمًا أَوْ مُكْرَهًا فَعَلَى الْمَحْلُوقِ دَمٌ وَلَا يَرْجِعُ عَلَى الْحَالِقِ عِنْدَنَا، وَعِنْدَ زُفَرَ يَضْمَنُ الْحَالِقُ لِلْمَحْلُوقِ الدَّمَ مِنْ دُرَرِ الْبِحَارِ. الْحَاجُّ عَنْ الْغَيْرِ لَوْ بَدَا لَهُ فَرَجَعَ مِنْ بَعْضِ الطَّرِيقِ فَإِنَّهُ يَغْرَمُ مَا أَنْفَقَ عَلَى نَفْسِهِ مِنْ ذَلِكَ الْمَالِ هَذِهِ فِي الْوَصَايَا مِنْ قَاضِي خَانْ الْحَاجُّ عَنْ الْغَيْرِ لَوْ جَامَعَ قَبْلَ الْوُقُوفِ ضَمِنَ النَّفَقَةَ لِإِفْسَادِهِ الْحَجَّ بِخِلَافِ مَا إذَا فَاتَهُ حَيْثُ لَا يَضْمَنُ النَّفَقَةَ لِأَنَّهُ مَا فَاتَهُ بِاخْتِيَارِهِ وَإِذَا جَامَعَ بَعْدَ الْوُقُوفِ لَا يَفْسُدُ الْحَجُّ وَلَا يَضْمَنُ النَّفَقَةَ. وَلَوْ أَمَرَهُ رَجُلَانِ بِأَنْ يَحُجَّ عَنْ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 8 كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا فَأَحْرَمَ بِحَجَّةٍ عَنْهُمَا وَقَعَ عَنْهُ وَضَمِنَ لَهُمَا مَالَهُمَا وَلَوْ أَبْهَمَ الْإِحْرَامَ بِأَنْ نَوَى عَنْ أَحَدِهِمَا غَيْرَ مُعَيِّنٍ فَإِنْ مَضَى عَلَى ذَلِكَ فَكَذَلِكَ يَضْمَنُ وَإِنْ عَيَّنَ عَنْ أَحَدِهِمَا قَبْلَ الْمُضِيِّ جَازَ وَلَا يَضْمَنُ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ خِلَافًا لِأَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - مِنْ الْهِدَايَةِ وَالْمَأْمُورُ بِالْإِفْرَادِ بِحَجَّةٍ أَوْ عُمْرَةٍ لَوْ قَرَنَ فَهُوَ مُخَالِفٌ ضَامِنٌ لِلنَّفَقَةِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ خِلَافًا لَهُمَا وَلَوْ أَمَرَهُ بِالْحَجِّ فَاعْتَمَرَ وَحَجَّ مِنْ مَكَّةَ فَهُوَ مُخَالِفٌ. وَلَوْ أَمَرَهُ بِالْعُمْرَةِ فَاعْتَمَرَ وَحَجَّ مِنْ نَفْسِهِ لَمْ يَكُنْ مُخَالِفًا فَلَا يَضْمَنُ وَإِنْ حَجَّ أَوَّلًا ثُمَّ اعْتَمَرَ يَصِيرُ مُخَالِفًا فَيَضْمَنُ النَّفَقَةَ وَلَوْ أَحْرَمَ الْمَأْمُورُ ثُمَّ مَاتَ الْآمِرُ فَلِلْوَرَثَةِ أَنْ يَأْخُذُوا مَا بَقِيَ مِنْ الْمَالِ وَضَمِنَ مَا أَنْفَقَ مِنْهُ بَعْدَ مَوْتِهِ وَلَوْ رَجَعَ الْمَأْمُورُ عَنْ الطَّرِيقِ وَقَالَ مُنِعْت لَمْ يُصَدَّق إلَّا بِحُجَّةِ أَوْ أَمْرٍ ظَاهِرٍ وَيَضْمَنُ مَا أَنْفَقَ مِنْ الْوَجِيزِ. أُمِرَ بِحَجٍّ فَمَرِضَ فِي الطَّرِيقِ لَا يَدْفَعُ النَّفَقَةَ لِآخَرَ إلَّا بِإِذْنِ آمِرِهِ لَهُ. وَصِيٌّ دَفَعَ إلَى رَجُلٍ دَرَاهِمَ لِيَحُجَّ عَنْ الْمَيِّتِ فَمَرِضَ فِي الطَّرِيقِ فَدَفَعَ الدَّرَاهِمَ إلَى رَجُلٍ بِلَا أَمْرِ الْوَصِيِّ فَحَجَّ عَنْ الْمَيِّتِ لَا يَقَعُ عَنْ الْمَيِّتِ وَلَا عَنْ وَصِيِّهِ وَالْحَاجُّ الْأَوَّلُ وَالثَّانِي ضَامِنَانِ مِنْ الْفُصُولَيْنِ. لَوْ أَنْفَقَ الْمَأْمُورُ بِالْحَجِّ الْكُلَّ فِي الذَّهَابِ وَرَجَعَ مِنْ مَالِهِ ضَمِنَ الْمَالَ الْمَأْمُورُ إذَا أَمْسَكَ مُؤْنَةَ الْكِرَاءِ مَاشِيًا ضَمِنَ الْمَالَ لَيْسَ لِلْمَأْمُورِ الْأَمْرُ بِالْحَجِّ وَلَوْ مَرِضَ إلَّا إذَا قَالَ لَهُ الْآمِرُ: اصْنَعْ مَا شِئْت فَلَهُ ذَلِكَ مُطْلَقًا وَالْمَأْمُورُ إذَا أَمْسَكَ الْبَعْضَ وَحَجَّ بِالْبَقِيَّةِ جَازَ وَيَضْمَنُ مَا خَلَّفَ وَإِذَا أَنْفَقَ مِنْ مَالِهِ وَمَالِ الْمَيِّتِ فَإِنَّهُ يَضْمَنُ إلَّا إذَا كَانَ أَكْثَرُهَا مِنْ مَالِ الْمَيِّتِ وَكَانَ مَالُ الْمَيِّتِ يَكْفِي لِلْكِرَاءِ وَعَامَّةِ النَّفَقَةِ مِنْ الْأَشْبَاهِ. قَالَ: حَجَجْت عَنْ الْمَيِّتِ وَأَنْكَرَهُ الْوَرَثَةُ فَالْقَوْلُ لَهُ لِأَنَّهُ يُنْكِرُ حَقَّ الرُّجُوعِ عَلَيْهِ بِالنَّفَقَةِ. وَلَوْ كَانَ عَلَيْهِ دَيْنٌ فَقِيلَ لَهُ: حُجَّ عَنْ الْمَيِّتِ بِمَا عَلَيْك فَزَعَمَ أَنَّهُ حَجَّ عَنْهُ لَا يُصَدَّقُ إلَّا بِبَيِّنَةٍ لِأَنَّهُ ادَّعَى الْخُرُوجَ عَنْ عُهْدَةِ الْأَمَانَةِ وَالْوَرَثَةُ يُنْكِرُونَ مِنْ الْبَزَّازِيَّة. دَفَعَ إلَى آخَرَ ثَلَاثِينَ دِينَارًا لِيَحُجَّ عَنْهُ فَحَجَّ عَنْهُ بِذَلِكَ فَلَمَّا فَرَغَ أَنْفَقَ فِي الرُّجُوعِ مِنْ نَفْسِهِ ثَلَاثِينَ بَعْدَ نَفَاذِ ذَلِكَ فَإِنْ كَانَ هَذَا بِخُوَارِزْمَ فَلَا يَصِحُّ وَيَضْمَنُ الْمَأْمُورُ الْقِيمَةَ وَقَدْ مَرَّتْ عَنْ الْأَشْبَاهِ. [بَابُ مَسَائِلِ الْأُضْحِيَّةِ] رَجُلٌ اشْتَرَى أُضْحِيَّةً وَأَمَرَ رَجُلًا بِذَبْحِهَا وَقَالَ: تَرَكْت التَّسْمِيَةَ عَمْدًا ضَمِنَ الذَّابِحُ قِيمَةَ الشَّاةِ لِلْآمِرِ فَيَشْتَرِي الْآمِرُ بِقِيمَتِهَا شَاةً أُخْرَى وَيُضَحِّي وَيَتَصَدَّقُ بِلَحْمِهَا وَلَا يَأْكُلُ. رَجُلٌ دَعَا قَصَّابًا يُضَحِّي عَنْهُ فَضَحَّى الْقَصَّابُ عَنْ نَفْسِهِ فَهِيَ عَنْ الْآمِرِ وَلَا يَضْمَنُهُ. رَجُلٌ اشْتَرَى خَمْسَ شِيَاهٍ فِي أَيَّامِ النَّحْرِ فَأَرَادَ أَنْ يُضَحِّيَ بِوَاحِدَةٍ مِنْهَا لَكِنْ لَمْ يُعَيِّنْهَا فَذَبَحَ رَجُلٌ وَاحِدَةً مِنْهَا يَوْمَ الْأَضْحَى بِغَيْرِ أَمْرِ صَاحِبِهَا بِنِيَّةِ الْأُضْحِيَّةِ عَنْ صَاحِبِهَا كَانَ ضَامِنًا؛ لِأَنَّ صَاحِبَهَا لَمْ يَأْذَنْ لَهُ بِذَبْحِ هَذِهِ الشَّاةِ مِنْ قَاضِي خَانْ. ذَبَحَ أُضْحِيَّةَ الْغَيْرِ بِغَيْرِ إذْنِهِ فِي أَيَّامِ الْأُضْحِيَّةِ جَازَ اسْتِحْسَانًا وَلَا يَضْمَنُهُ لِأَنَّهُ لَمَّا تَعَيَّنَتْ صَارَ الْمَالِكُ مُسْتَغْنِيًا فَثَبَتَ الْإِذْنُ دَلَالَةً كَذَا فِي الْغَصْبِ مِنْ الصُّغْرَى قَالَ فِي الْأَشْبَاهِ أَطْلَقَهُ بَعْضُهُمْ وَقَيَّدَهُ بَعْضُهُمْ بِمَا إذَا أَضْجَعَهَا لِلذَّبْحِ اهـ. رَجُلَانِ غَلِطَا بِأُضْحِيَّتِهِمَا فَذَبَحَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا أُضْحِيَّةَ صَاحِبِهِ عَنْ نَفْسِهِ فَإِنْ رَضِيَا بِهِ يُجْزِيهِ عَنْ الْأُضْحِيَّةِ وَيَتَرَادَّانِ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 9 اللَّحْمَ وَإِنْ لَمْ يَرْضَيَا بِهِ يَجُوزُ لِكُلِّ وَاحِدٍ مَا ذَبَحَ بِنَفْسِهِ عَنْ الْأُضْحِيَّةِ وَيَضْمَنُ قِيمَتَهُ لِصَاحِبِهِ. رَجُلٌ ذَبَحَ أُضْحِيَّةَ غَيْرِهِ عَنْ نَفْسِهِ بِغَيْرِ أَمْرِهِ فَلِلْمَالِكِ أَنْ يُضَمِّنَهُ قِيمَتَهَا فَإِنْ ضَمِنَهُ يَجُوزُ عَنْ الذَّابِحِ دُونَ الْمَالِكِ وَإِنْ أَخَذَهَا مَذْبُوحَةً يُجْزِيهِ عَنْ الْمَالِكِ. وَلَوْ اشْتَرَى شَاةً شِرَاءً فَاسِدًا وَضَحَّى بِهَا فَلِلْمَالِكِ أَنْ يُضَمِّنَهُ قِيمَتَهَا أَوْ يَأْخُذُهَا مَذْبُوحَةً فَإِنْ أَخَذَهَا مَذْبُوحَةً فَعَلَى الْمُضَحِّي أَنْ يَتَصَدَّقَ بِقِيمَتِهَا مَذْبُوحَةً لَا حَيَّةً وَهُوَ الصَّحِيحُ لِأَنَّهُ أَبْرَأَهُ الْبَائِعُ وَإِنْ لَمْ يَأْخُذْهَا مَذْبُوحَةً وَلَكِنَّهُ صَالَحَهُ الْمُشْتَرِي عَلَى قِيمَتِهَا أَوْ بَاعَهَا مِنْهُ بِتِلْكَ الْقِيمَةِ يَتَصَدَّقُ بِقِيمَتِهَا حَيَّةً مِنْ الْوَجِيزِ. مَنْ أَتْلَفَ لَحْمَ أُضْحِيَّةِ غَيْرِهِ لِلْمَالِكِ أَنْ يُضَمِّنَهُ قِيمَتَهُ ثُمَّ يَتَصَدَّقَ بِهَا كَمَا لَوْ بَاعَ أُضْحِيَّتَهُ فَإِنَّهُ يَتَصَدَّقُ بِالثَّمَنِ مِنْ الْهِدَايَةِ. دَفَعَ إلَى رَجُلٍ عِشْرِينَ دِرْهَمًا لِيَشْتَرِيَ لَهُ بِهَا أُضْحِيَّةً فَاشْتَرَى بِخَمْسَةٍ وَعِشْرِينَ لَا يَلْزَمُ الْآمِرَ وَإِنْ اشْتَرَى بِتِسْعَةَ عَشَرَ مَا يُسَاوِي عِشْرِينَ لَزِمَ الْآمِرَ وَإِنْ كَانَتْ لَا تُسَاوِي لَا يَلْزَمُ مِنْ بُيُوعِ قَاضِي خَانْ. التَّوْكِيلُ بِشِرَاءِ الْأُضْحِيَّةِ يَتَقَيَّدُ بِأَيَّامِ النَّحْرِ قِيلَ: هَذَا مَرْوِيٌّ عَنْ أَبِي يُوسُفَ وَأَمَّا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ فَيُعْتَبَرُ الْإِطْلَاقُ كَمَا فِي وَكَالَةِ الصُّغْرَى. [بَابُ مَسَائِلِ الْعِتْقِ] وَمَنْ مَلَكَ ذَا رَحِمٍ مَحْرَمٍ مِنْهُ مَعَ آخَرَ بِشِرَاءٍ أَوْ هِبَةٍ أَوْ صَدَقَةٍ أَوْ وَصِيَّةٍ أَوْ اشْتَرَى نِصْفَهُ مِنْ سَيِّدِهِ أَوْ عَلَّقَ عِتْقَ عَبْدٍ بِشِرَاءِ نِصْفِهِ ثُمَّ اشْتَرَاهُ مَعَ آخَرَ عَتَقَ حِصَّتَهُ وَلَمْ يَضْمَنْ حِصَّةَ شَرِيكِهِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ عَلِمَ الشَّرِيكُ أَوْ لَمْ يَعْلَمْ فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ. وَفِي رِوَايَةِ الْحَسَنِ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ لَا ضَمَانَ فِيمَا إذَا عَلِمَ ذِكْرَهُ فِي الْإِيضَاحِ وَعِنْدَهُمَا يَضْمَنُ قِيمَةَ نَصِيبِ الشَّرِيكِ لَوْ غَنِيًّا وَيَسْعَى الْعَبْدُ لَوْ فَقِيرًا وَلَوْ وَرِثَ قَرِيبَهُ مَعَ آخَرَ بِأَنْ مَاتَتْ امْرَأَةٌ وَلَهَا عَبْدٌ هُوَ ابْنُ زَوْجِهَا وَتَرَكَتْ أَخًا مَعَ الزَّوْجِ فَوَرِثَ الْأَبُ نِصْفَ ابْنِهِ وَالْأَخُ نِصْفَهُ الْآخَرَ لَمْ يَضْمَنْهُ بِالْإِجْمَاعِ وَلَوْ بَاعَ أَحَدُ الشَّرِيكَيْنِ نَصِيبَهُ مِنْ قَرِيبِ الْعَبْدِ وَهُوَ مُوسِرٌ ضَمِنَ نَصِيبَ شَرِيكِهِ بِالْإِجْمَاعِ وَكَذَا لَوْ اشْتَرَى الْأَجْنَبِيُّ نِصْفَهُ أَوَّلًا ثُمَّ اشْتَرَى الْقَرِيبُ النِّصْفَ الْآخَرَ وَهُوَ مُوسِرٌ يَضْمَنُ نِصْفَ شَرِيكِهِ مِنْ الْوَجِيزِ. وَلَوْ أَعْتَقَ أَحَدُ الشَّرِيكَيْنِ نَصِيبَهُ مِنْ الْقِنِّ وَهُوَ مُوسِرٌ فَإِنَّ لِشَرِيكِهِ أَنْ يُضَمِّنَهُ قِيمَةَ نَصِيبِهِ وَلَهُ الْإِعْتَاقُ وَفُرُوعُهُ وَالِاسْتِسْعَاءُ فَإِنْ ضَمِنَ رَجَعَ الْمُعْتِقُ بِالضَّمَانِ عَلَى الْعَبْدِ وَالْوَلَاءُ كُلُّهُ لَهُ وَإِنْ أَعْتَقَ أَوْ اسْتَسْعَى فَالْوَلَاءُ بَيْنَهُمَا وَإِنْ كَانَ مُعْسِرًا فَلِلشَّرِيكِ الْإِعْتَاقُ وَالِاسْتِسْعَاءُ لَا الضَّمَانُ وَالْوَلَاءُ بَيْنَهُمَا فِي الْوَجْهَيْنِ هَذَا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَقَالَا: لَيْسَ لَهُ إلَّا الضَّمَانُ مَعَ الْيَسَارِ وَالسِّعَايَةِ مَعَ الْإِعْسَارِ وَلَا يَرْجِعُ الْمُعْتِقُ عَلَى الْعَبْدِ وَالْوَلَاءُ لِلْمُعْتِقِ مِنْ الْهِدَايَةِ. وَفِي الْأَشْبَاهِ أَحَدُ الشَّرِيكَيْنِ فِي الْعَبْدِ إذَا أَعْتَقَ نَصِيبَهُ بِلَا إذْنِ شَرِيكِهِ وَكَانَ مُوسِرًا فَإِنَّ لِشَرِيكِهِ أَنْ يُضَمِّنَهُ حِصَّتَهُ إلَّا إذَا أَعْتَقَ فِي مَرَضِهِ فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ عِنْدَ الْإِمَامِ خِلَافًا لَهُمَا كَذَا فِي عِتْقِ الظَّهِيرِيَّةِ اهـ. وَقَالَ فِي الْوَجِيزِ: وَإِنْ مَاتَ الْمُعْتِقُ وَالْعِتْقُ فِي صِحَّتِهِ يُؤْخَذُ الضَّمَانُ مِنْ مَالِهِ وَإِنْ كَانَ الْعِتْقُ فِي مَرَضِهِ فَعِنْدَهُمَا لَا شَيْءَ عَلَى وَرَثَتِهِ فِي مَالِهِ؛ لِأَنَّ الْعِتْقَ فِي الْمَرَضِ وَصِيَّةٌ كَالتَّدْبِيرِ وَعِنْدَ مُحَمَّدٍ وَهُوَ رِوَايَةٌ عَنْ أَبِي يُوسُفَ يُسْتَوْفَى مِنْ مَالِهِ لِأَنَّهُ ضَمَانُ إتْلَافٍ وَالْمَرِيضُ لَوْ أَتْلَفَ مَالَ إنْسَانٍ يَضْمَنُهُ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 10 وَأَنَّ مَاتَ السَّاكِتُ فَلِوَرَثَتِهِ أَنْ يَخْتَارُوا التَّضْمِينَ أَوْ السِّعَايَةَ أَوْ الْإِعْتَاقَ فَإِنْ اخْتَارَ بَعْضُهُمْ الْعِتْقَ وَبَعْضُهُمْ الضَّمَانَ فَلَهُمْ ذَلِكَ وَلَوْ اخْتَارَ السَّاكِتُ أَحَدَ هَذِهِ الثَّلَاثَةِ لَيْسَ لَهُ أَنْ يَخْتَارَ الْآخَرَ لِأَنَّهُ بِاخْتِيَارِ التَّضْمِينِ أَبْرَأَ الْعَبْدَ عَنْ السِّعَايَةِ وَبِاخْتِيَارِ السِّعَايَةِ صَارَ نَصِيبُهُ مُكَاتَبًا فَلَا يَمْلِكُ نَقْلَهُ إلَى الْمُعْتِقِ بِخِلَافِ الْوَرَثَةِ؛ لِأَنَّ مِلْكَ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ مُمَيَّزٌ عَنْ مِلْكِ الْآخَرِ فَصَارَ كَعَبْدٍ بَيْنَ جَمَاعَةٍ أَعْتَقَ أَحَدُهُمْ نَصِيبَهُ وَلَوْ أَعْتَقَ نَصِيبَهُ بِإِذْنِ الشَّرِيكِ فَلِشَرِيكِهِ الِاسْتِسْعَاءُ دُونَ التَّضْمِينِ وَالْأَصَحُّ أَنَّهُ لَا سِعَايَةَ لَهُ عَلَيْهِ عِنْدَهُمَا وَهَذَا بِنَاءً عَلَى أَنَّ عِنْدَهُ ضَمَانَ الْإِعْتَاقِ ضَمَانُ إتْلَافٍ لِأَنَّهُ بِالْإِعْتَاقِ أَتْلَفَ نَصِيبَ صَاحِبِهِ حَيْثُ يُفْسِدُ عَلَيْهِ بَابَ التَّصَرُّفَاتِ عَلَيْهِ وَعِنْدَهُمَا ضَمَانُ تَمَلُّكٍ لِأَنَّهُ يَتَمَلَّكُ نَصِيبَ صَاحِبِهِ بِالضَّمَانِ وَلِذَلِكَ قِيلَ عَلَى قَوْلِهِمَا يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ لَهُ حُكْمُ التَّضْمِينِ صَرَّحَ بِهِ فِي الْوَجِيزِ وَحَدُّ الْيَسَارِ أَنْ يَمْلِكَ مِنْ الْمَالِ قَدْرَ قِيمَةِ نَصِيبِ الْآخَرِ لَا يَسَارَ الْغَنِيِّ ذَكَرَهُ فِي الْهِدَايَةِ وَتُعْتَبَرُ قِيمَةُ الْعَبْدِ فِي الضَّمَانِ وَالسِّعَايَةِ يَوْمَ الْإِعْتَاقِ حَتَّى لَوْ أَعْتَقَ وَهُوَ مُوسِرٌ ثُمَّ أَعْسَرَ لَا يَبْطُلُ حَقُّ التَّضْمِينِ وَلَوْ أَعْتَقَ وَهُوَ مُعْسِرٌ فَأَيْسَرَ لَا يَثْبُتُ لِشَرِيكِهِ حَقُّ التَّضْمِينِ وَلَوْ اخْتَلَفَا فِي قِيمَةِ الْعَبْدِ يَوْمَ الْعِتْقِ يُقَوَّمُ الْعَبْدُ لِلْحَالِ فَإِنْ كَانَ هَالِكًا فَالْقَوْلُ لِلْمُعْتِقِ؛ لِأَنَّهُ مُنْكِرُ الزِّيَادَةِ وَلَوْ أَعْتَقَ عَبْدًا بَيْنَهُ وَبَيْنَ صَغِيرٍ يَسْتَأْنِي بُلُوغَ الصَّغِيرِ إنْ لَمْ يَكُنْ لِوَلِيٍّ أَوْ وَصِيٍّ وَإِنْ كَانَ فَلَهُ التَّضْمِينُ. أَوْ السِّعَايَةُ وَلَوْ دَبَّرَ أَحَدُ الشَّرِيكَيْنِ نَصِيبَهُ وَهُوَ مُوسِرٌ فَلِلْآخَرِ التَّضْمِينُ وَإِنْ شَاءَ أَعْتَقَ أَوْ اسْتَسْعَى. عَبْدٌ بَيْنَ رَجُلَيْنِ أَعْتَقَهُ أَحَدُهُمَا وَدَبَّرَهُ الْآخَرُ وَلَا يُعْلَمُ أَيُّهُمَا أَسْبَقُ أَوْ كَانَا مَعًا فَعِنْدَهُمَا الْعِتْقُ أَوْلَى فَإِنْ كَانَ الْمُعْتِقُ مُوسِرًا ضَمِنَ وَإِنْ كَانَ مُعْسِرًا يَسْعَى الْعَبْدُ وَأَمَّا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ فَلِلْمُدَبِّرِ أَنْ يُضَمِّنَ الْمُعْتِقَ رُبْعَ قِيمَةِ الْعَبْدِ وَيَسْعَى الْعَبْدُ فِي رُبْعِ قِيمَتِهِ وَيَرْجِعُ الْمُعْتِقُ بِمَا ضَمِنَ عَلَى الْعَبْدِ؛ لِأَنَّ لِلْمُدَبِّرِ الضَّمَانُ فِي حَالِ إنْ كَانَ التَّدْبِيرُ أَوَّلًا وَالسِّعَايَةُ فِي حَالِ إنْ كَانَ الْعِتْقُ أَوَّلًا فَيُنَصَّفُ مِنْ الْوَجِيزِ وَاعْلَمْ أَنَّهُمَا قَدْ اخْتَلَفَا فِي كَيْفِيَّةِ تَضْمِينِ الْمُعْتِقِ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ فَعِنْدَ أَبِي يُوسُفَ يَضْمَنُ قِيمَةَ شَرِيكِهِ قِنًّا وَعِنْدَ مُحَمَّدٍ قِيمَتُهُ مُدَبَّرًا ذَكَرَهُ فِي الْحَقَائِقِ. كَاتَبَ عَبْدَهُ فِي مَرَضِهِ وَلَا مَالَ لَهُ غَيْرَهُ ثُمَّ أَقَرَّ بِاسْتِيفَاءٍ بَدَلَ الْكِتَابَةِ جَازَ مِنْ الثُّلُثِ وَسَعَى الْعَبْدُ فِي ثُلُثَيْ قِيمَتِهِ. أَعْتَقَ أَحَدُ عَبْدَيْهِ فِي الصِّحَّةِ ثُمَّ مَرِضَ فَبَيَّنَ فِي كَثِيرِ الْقِيمَةِ فَالْعِتْقُ مِنْ جَمِيعِ الْمَالِ مِنْ إقْرَارِ الصُّغْرَى. مَنْ عَلَيْهِ كَفَّارَةٌ لَوْ قَالَ لِغَيْرِهِ أَعْتِقْ عَبْدَك عَنِّي بِأَلْفٍ فَفَعَلَ وَقَعَ عَنْ الْآمِرِ عِنْدَنَا وَتَلْزَمُهُ الْأَلْفُ وَقَالَ زُفَرُ يَقَعُ عَنْ الْمَأْمُورِ وَلَا يَلْزَمُ الْآمِرَ شَيْءٌ وَكَذَلِكَ لَوْ قَالَتْ حُرَّةٌ تَحْتَ عَبْدٍ لِمَوْلَاهُ أَعْتِقْهُ عَنِّي بِأَلْفٍ فَفَعَلَ يَقَعُ عَنْهَا وَيَفْسُدُ النِّكَاحُ خِلَافًا لِزُفَرَ وَإِنْ لَمْ يَذْكُرْ الْآمِرُ الْبَدَلَ بَلْ قَالَ أَعْتِقْهُ عَنِّي وَلَمْ يُسَمِّ مَا لَا يَقَعُ عَنْ الْمُعْتِقِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ حَتَّى لَا يَفْسُدَ النِّكَاحُ وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ: يَقَعُ عَنْ الْآمِرِ أَيْضًا وَمَحْمَلُ الْمَسْأَلَةِ الْهِدَايَةِ مِنْ النِّكَاحِ. عَبْدٌ دَفَعَ إلَى رَجُلٍ مَالًا وَقَالَ لَهُ اشْتَرِنِي مِنْ مَوْلَايَ وَاعْتِقْنِي قَالَ الْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ الْبَيْعُ بَاطِلٌ وَالْعِتْقُ مَرْدُودٌ وَلَا يَفْعَلُ هَذَا إلَّا فَاسِقٌ وَكَذَا قَالَ ابْنُ سِيرِينَ وَعَنْ إبْرَاهِيمَ النَّخَعِيِّ أَنَّ الْبَيْعَ وَالْعِتْقَ نَافِذَانِ وَعَلَى الْمُشْتَرِي الثَّمَنُ مَرَّةً أُخْرَى وَبِهِ نَأْخُذُ كَذَا فِي الصُّغْرَى. وَفِي الْخُلَاصَةِ مِنْ الْوَكَالَةِ عَبْدٌ دَفَعَ إلَى رَجُلٍ أَلْفَ دِرْهَمٌ وَأَمَرَهُ بِأَنْ يَشْتَرِيَ نَفْسَهُ لَهُ مِنْ مَوْلَاهُ فَذَهَبَ فَاشْتَرَى الجزء: 1 ¦ الصفحة: 11 إنْ لَمْ يُضِفْ يَكُونُ الشِّرَاءُ لَهُ وَإِنْ أَضَافَ إلَى الْعَبْدِ فَهُوَ إعْتَاقٌ وَمَا دَفَعَ مِنْ الْأَلْفِ فَهُوَ لِلْمَوْلَى وَعَلَى الْعَبْدِ أَلْفٌ آخَرُ ثَمَنُ الْعَبْدِ اهـ. عَبْدٌ بَيْنَ ثَلَاثَةٍ دَبَّرَهُ أَحَدُهُمْ وَهُوَ مُوسِرٌ ثُمَّ أَعْتَقَهُ الْآخَرُ وَهُوَ مُوسِرٌ فَأَرَادُوا الضَّمَانَ فَلِلسَّاكِتِ أَنْ يُضَمِّنَ الْمُدَبِّرَ وَلَا يُضَمِّنَ الْمُعْتِقَ وَلِلْمُدَبِّرِ أَنْ يُضَمِّنَ الْمُعْتِقَ ثُلُثَ قِيمَتِهِ مُدَبَّرًا وَلَا يُضَمِّنُهُ الثُّلُثَ الَّذِي ضَمِنَ وَيَكُونُ الْوَلَاءُ بَيْنَ الْمُعْتِقِ وَالْمُدَبِّرِ أَثْلَاثًا ثُلُثَاهُ لِلْمُدَبِّرِ وَالثُّلُثُ لِلْمُعْتِقِ وَهَذَا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَقَالَا: الْعَبْدُ كُلُّهُ لِلَّذِي دَبَّرَهُ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَيَضْمَنُ قِيمَتَهُ لِشَرِيكَيْهِ مُوسِرًا كَانَ أَوْ مُعْسِرًا وَقِيمَةُ الْمُدَبِّرِ ثُلُثَا قِيمَتِهِ قِنًّا مِنْ الْهِدَايَةِ وَقَالَ ابْنُ كَمَالٍ فِي الْإِيضَاحِ: وَقِيمَةُ الْمُدَبَّرِ نِصْفُ قِيمَتِهِ قِنًّا وَهُوَ الْأَصَحُّ وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ اهـ. وَإِنْ كَانَتْ أُمُّ وَلَدٍ بَيْنَهُمَا فَأَعْتَقَهَا أَحَدُهُمَا وَهُوَ مُوسِرٌ فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَقَالَا: يَضْمَنُ نِصْفَ قِيمَتِهَا مِنْ الْهِدَايَةِ وَقِيمَةُ أُمِّ الْوَلَدِ ثُلُثُ قِيمَتِهَا قِنَّةً ذَكَرَهُ فِي الْحَقَائِقِ. وَإِذَا أَعْتَقَ الْمَوْلَى الْمَأْذُونُ الْمَدْيُونَ وَهُوَ عَالِمٌ بِالدَّيْنِ لَا يَضْمَنُ جَمِيعَ الدَّيْنِ إنَّمَا يَضْمَنُ الْأَقَلَّ مِنْ قِيمَتِهِ وَمِنْ دُيُونِهِ كَمَا لَوْ لَمْ يَعْلَمْ وَلَوْ أَعْتَقَ الْعَبْدَ الْجَانِيَ وَهُوَ يَعْلَمُ بِالْجِنَايَةِ يَصِيرُ ضَامِنًا لِلْجَمِيعِ كَذَا فِي الصُّغْرَى مِنْ الْمَأْذُونِ وَتَمَامُ الْكَلَامِ عَلَيْهِمَا يَأْتِي فِي بَابِهِمَا إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى. الْعَبْدُ الْمُوصَى بِمَنْفَعَتِهِ أَبَدًا رَقَبَتُهُ لِلْوَارِثِ وَلَيْسَ لَهُ مِنْ مَنَافِعِهِ شَيْءٌ وَمَنَافِعُهُ لِلْمُوصَى لَهُ فَإِذَا مَاتَ الْمُوصَى لَهُ عَادَتْ مَنْفَعَتُهُ إلَى الْمَالِكِ وَلَوْ أَعْتَقَهُ نَفَذَ وَضَمِنَ قِيمَتَهُ يُشْتَرَى بِهَا خَادِمٌ كَذَا فِي الْأَشْبَاهِ مِنْ الْقَوْلِ فِي الْمِلْكِ ثُمَّ قَالَ فِيهِ: وَلَمْ أَرَ حُكْمَ كِتَابَتِهِ وَيَنْبَغِي أَنْ تَكُونَ كَإِعْتَاقِهِ وَلَا تَصِحُّ إلَّا بِالتَّرَاضِي اهـ. مَرِيضٌ وَهَبَ قِنًّا لِامْرَأَتِهِ فَأَعْتَقَتْهُ ثُمَّ مَاتَ الْمَرِيضُ نَفَذَ وَتَضْمَنُ الْقِيمَةَ إذْ التَّمْلِيكُ فِي الِابْتِدَاءِ صَحَّ لَكِنْ انْقَلَبَ وَصِيَّةً بَعْدَ ذَلِكَ قَالَ فِي الْوَاقِعَاتِ وَهُوَ الْمُخْتَارُ. مَرِيضٌ وَهَبَ لِمَرِيضٍ قِنًّا فَحَرَّرَهُ وَلَا مَالَ لَهُ سِوَاهُ فَمَاتَ الْوَاهِبُ ثُمَّ الْمَوْهُوبُ لَهُ فَالْقِنُّ يَسْعَى فِي ثُلُثَيْ قِيمَتِهِ لِوَرَثَةِ الْوَاهِبِ وَيَسْعَى فِي ثُلُثَيْ ثُلُثِ الْبَاقِي لِوَرَثَةِ الْمَوْهُوبِ لَهُ كَذَا فِي الْهِبَةِ مِنْ أَحْكَامِ الْمَرْضَى مِنْ الْفُصُولَيْنِ. وَفِي الْخُلَاصَةِ مِنْ الْقَضَاءِ الْأَمَةُ إذَا شَهِدَ رَجُلَانِ إنَّهَا حُرَّةٌ بِدُونِ دَعْوَاهَا أَوْ ادَّعَتْ يَضَعُهَا عَلَى يَدَيْ امْرَأَةِ عَدْلَةٍ حَتَّى تَظْهَرَ عَدَالَةُ الشُّهُودِ فَإِنْ ظَهَرَتْ الْعَدَالَةُ وَقُضِيَ بِعِتْقِهَا وَقَدْ أَخَذَتْ نَفَقَتَهَا أَشْهُرًا فِي مُدَّةِ الْمُسَاءَلَةِ رَجَعَ الْمَوْلَى عَلَيْهَا بِمَا أَنْفَقَ وَكَذَا بِمَا أَخَذَتْ بِغَيْرِ إذْنِ الْمَوْلَى وَمَا أَنْفَقَ عَلَيْهَا بِغَيْرِ الْقَضَاءِ فَهُوَ تَبَرُّعٌ وَلَوْ لَمْ يَظْهَرْ أَنَّهَا حُرَّةٌ لَكِنَّهَا اسْتَحَقَّتْ وَأُقِيمَتْ الْبَيِّنَةُ تُوضَعُ عَلَى يَدِ عَدْلٍ وَيُؤْمَرُ الَّذِي فِي يَدَيْهِ بِالْإِنْفَاقِ عَلَيْهَا فَإِنْ زُكِّيَتْ الْبَيِّنَةُ لَمْ يُرْجَعْ عَلَى الْمُسْتَحِقِّ بِالنَّفَقَةِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَعِنْدَهُمَا يُرْجَعُ اهـ. [بَابُ مَسَائِلِ الْإِجَارَةِ وَهِيَ عَلَى قِسْمَيْنِ] [الْقَسْم الْأَوَّل ضمان المستأجر وَفِيهِ أَرْبَعَة أَنْوَاع] [النَّوْع الْأَوَّل ضمان الدَّوَابّ] (بَابُ مَسَائِلِ الْإِجَارَةِ) وَهِيَ عَلَى قِسْمَيْنِ: الْأَوَّلُ: فِي ضَمَانِ الْمُسْتَأْجِرِ وَهُوَ أَنْوَاعٌ: الْأَوَّلُ: ضَمَانُ الدَّوَابِّ قَالَ فِي الْوَجِيزِ: أَصْلُهُ أَنَّ الْمُسْتَأْجِرِ إذَا خَالَفَ فِي الْمَشْرُوطِ لَهُ فَإِنْ كَانَ ضَرَرُ الْمَحْمُولِ مِثْلَ ضَرَرِ الْمَشْرُوطِ أَوْ أَقَلَّ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّ الرَّاضِيَ بِأَكْثَرِ الضَّرَرَيْنِ يَكُونُ رَاضِيًا بِأَقَلِّهِمَا أَوْ بِمَا يُمَاثِلُهُ دَلَالَةً وَإِنْ كَانَ أَكْثَرَ مِنْهُ ضَرَرًا فَإِنْ كَانَ مِنْ خِلَافِ جِنْسِهِ بِأَنْ حَمَلَ مَكَانَ الشَّعِيرِ الْحِنْطَةَ فَعَطِبَتْ الدَّابَّةُ ضَمِنَ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 12 وَلَا أَجْرَ لَهُ وَإِنْ كَانَ مِنْ جِنْسِهِ بِأَنْ حَمَلَ الْمُسَمَّى وَزَادَ عَلَيْهِ ضَمِنَ بِقَدْرِ الزِّيَادَةِ وَعَلَيْهِ الْأَجْرُ الْمُسَمَّى لِأَنَّهَا هَلَكَتْ بِفِعْلٍ مَأْذُونٍ وَغَيْرِ مَأْذُونٍ فَيَقْسِمُ عَلَى قَدْرِهِمَا اهـ. الْمَقْبُوضُ بِإِجَارَةٍ فَاسِدَةٍ فِي حُكْمِ الضَّمَانِ كَالْمَقْبُوضِ بِإِجَارَةٍ صَحِيحَةٍ قَالَ فِي الْأَصْلِ فِي آخِرِ بَابِ إجَارَةِ الدَّوَابِّ: لَا ضَمَانَ عَلَى الْمُسْتَأْجِرِ فِي الدَّابَّةِ إنْ هَلَكَتْ وَهِيَ فِي يَدِهِ عَلَى إجَارَةٍ فَاسِدَةٍ عَلَّلَ السَّرَخْسِيُّ فَقَالَ: لِأَنَّهُ مُسْتَعْمِلٌ لَهَا بِإِذْنِ الْمَالِكِ وَقَالَ صَاحِبُ الْمُحِيطِ: هُوَ أَمَانَةٌ فِي يَدِهِ فَإِذَا قَصَّرَ فِي حِفْظِهِ ضَمِنَ مِنْ الْقُنْيَةِ. وَفِي الْبَزَّازِيَّة الْعَيْنُ الْمُسْتَأْجَرَةُ أَمَانَةٌ إجْمَاعًا اهـ وَلَوْ اسْتَأْجَرَ لِلْحَمْلِ فَلَهُ أَنْ يَرْكَبْهَا وَلَوْ لِلرُّكُوبِ لَيْسَ لَهُ أَنْ يُحَمِّلَهَا وَلَوْ حَمَّلَ لَا يَسْتَحِقُّ الْأَجْرَ وَيَضْمَنُ بِهَلَاكِهَا وَالْفَرْقُ أَنَّ اسْمَ الْحَمْلِ يَقَعُ عَلَى الرُّكُوبِ يُقَالُ: حَمَّلَ فُلَانٌ دَابَّتَهُ إذَا رَكِبَهَا، فَدَخَلَ الرُّكُوبُ تَحْتَ اسْمِ الْحَمْلِ وَاسْمُ الرُّكُوبِ لَا يَقَعُ عَلَى الْحَمْلِ لَا يُقَالُ فُلَانٌ رَكِبَ دَابَّتَهُ إذَا حَمَّلَ عَلَيْهَا مِنْ الْفُصُولَيْنِ. وَلَوْ اسْتَأْجَرَ دَابَّةً أَوْ ثَوْبًا لَيْسَ لَهُ أَنْ يُؤَاجِرَهَا مِنْ غَيْرِهِ وَفِي الْعَبْدِ لَهُ ذَلِكَ وَإِجَارَةُ الْعَقَارِ قَبْلَ الْقَبْضِ مُخْتَلِفٌ فِيهَا كَبَيْعِهِ مِنْ الْقُنْيَةِ وَاعْلَمْ أَنَّ كُلَّ فِعْلٍ قِيلَ فِيهِ لَيْسَ لِلْمُسْتَأْجِرِ أَنْ يَفْعَلَهُ فَإِنَّهُ يَضْمَنُ مَا تَلِفَ بِفِعْلِهِ وَلَا تَظُنُّ أَنَّهَا مُنْحَصِرَةٌ بِالْمُسْتَأْجِرِ بَلْ هِيَ أَصْلٌ شَامِلٌ لِجَمِيعِ مَسَائِلِ الضَّمَانِ فِي جَمِيعِ الْأَبْوَابِ. وَلَوْ اسْتَأْجَرَ دَابَّةً لِلرُّكُوبِ فَإِنْ أَطْلَقَ فَلَهُ أَنْ يَرْكَبَ مَنْ شَاءَ لَكِنْ إذَا رَكِبَ بِنَفْسِهِ أَوْ أَرْكَبَ وَاحِدًا لَيْسَ لَهُ أَنْ يُرَكِّبَ غَيْرَهُ وَلَوْ قَالَ: عَلَى أَنْ يَرْكَبَهَا فُلَانٌ فَأَرْكَبَهَا غَيْرَهُ فَعَطِبَتْ كَانَ ضَامِنًا وَلَوْ اسْتَأْجَرَهَا لِلْحَمْلِ وَسَمَّى نَوْعًا وَقَدْرًا لِحَمْلِهِ عَلَيْهَا مِثْلُ أَنْ يَقُولَ: خَمْسَةُ أَقْفِزَةٍ حِنْطَةٍ فَلَهُ أَنْ يُحَمِّلَ مَا هُوَ مِثْلُ الْحِنْطَةِ فِي الضَّرَرِ أَوْ أَقَلُّ كَالشَّعِيرِ وَالسِّمْسِمِ وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يُحَمِّلَ مَا هُوَ أَضَرُّ كَالْمِلْحِ وَلَوْ اسْتَأْجَرَهَا لِيَحْمِلَ عَلَيْهَا قُطْنًا سَمَّاهُ فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَحْمِلَ مِثْلَ وَزْنِهِ حَدِيدًا. وَلَوْ اسْتَأْجَرَهَا لِيَحْمِلَ عَلَيْهَا مِقْدَارًا مِنْ الْحِنْطَةِ فَحَمَلَ عَلَيْهَا أَكْثَرَ مِنْهُ فَعَطِبَتْ ضَمِنَ مَا زَادَ الثِّقْلُ إلَّا إذَا كَانَ حَمْلًا لَا يُطِيقُهُ مِثْلُ تِلْكَ الدَّابَّةِ فَحِينَئِذٍ يَضْمَنُ كُلَّ قِيمَتِهَا مِنْ الْهِدَايَةِ قُلْتُ: وَإِنَّمَا يَضْمَنُ مَا زَادَ الثِّقَلَ فِيمَا إذَا كَانَتْ تُطِيقُ الْحَمْلَ إذَا حَمَّلَهَا الْمُسَمَّى وَالزِّيَادَةَ دَفْعَةً وَاحِدَةً أَمَّا لَوْ حَمَّلَ الْمُسَمَّى أَوَّلًا ثُمَّ حَمَّلَ الزِّيَادَةَ وَهَلَكَتْ ضَمِنَ كُلَّ الْقِيمَةِ لَوْ حَمَّلَ الزِّيَادَةَ عَلَى مَكَان حَمَّلَ عَلَيْهِ الْمُسَمَّى وَلَوْ حَمَّلَ فِي مَكَان آخَرَ جنانكه بفترك ابرآ ويخت ضَمِنَ قَدْرَ الزِّيَادَةِ أَيْضًا مِنْ الْفُصُولَيْنِ. وَفِي الْخُلَاصَةِ إذَا اسْتَأْجَرَ دَابَّةً لِيَحْمِلَ عَلَيْهَا عَشَرَةَ مَخَاتِيمَ حِنْطَةٍ فَحَمَلَ عَلَيْهَا عِشْرِينَ فَسَلِمَتْ فَعَلَيْهِ الْأَجْرُ تَامًّا فَإِنْ عَطِبَتْ بَعْدَمَا بَلَغَتْ فَعَلَيْهِ نِصْفُ قِيمَتِهَا وَالْأَجْرُ تَامٌّ وَهُوَ قَوْلُ أَبِي يُوسُفَ اهـ. وَإِنْ كَبَحَ الدَّابَّةَ بِلِجَامِهَا أَوْ ضَرَبَهَا فَعَطِبَتْ ضَمِنَ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَقَالَا: لَا يَضْمَنُ إذَا فَعَلَ فِعْلًا مُتَعَارَفًا مِنْ الْهِدَايَةِ. وَفِي الْحَقَائِقِ مَوْضِعُ الْخِلَافِ الضَّرْبُ فِي مَوْضِعٍ مُعْتَادٍ بِغَيْرِ إذْنِ صَاحِبِهَا إذْ فِي غَيْرِ الْمُعْتَادِ يَضْمَنُ اتِّفَاقًا وَلَوْ ضَرَبَهَا بِأَمْرِهِ وَفِي الضَّرْبِ الْمُعْتَادِ فِي الْمَوْضِعِ الْمُعْتَادِ بِأَمْرِهِ لَا يَضْمَنُ اتِّفَاقًا اهـ. وَإِنْ اسْتَأْجَرَهَا إلَى الْحِيرَةِ فَجَاوَزَ بِهَا إلَى الْقَادِسِيَّةِ ثُمَّ رَدَّهَا إلَى الْحِيرَةِ ثُمَّ نَفَقَتْ فَهُوَ ضَامِنٌ قِيلَ: تَأْوِيلُ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ إذَا اسْتَأْجَرَهَا ذَاهِبًا لَا جَائِيًا أَمَّا إذَا اسْتَأْجَرَهَا ذَاهِبًا وَجَائِيًا يَكُونُ بِمَنْزِلَةِ الْمُودِعِ إذْ خَالَفَ فِي الْوَدِيعَةِ ثُمَّ عَادَ إلَى الْوِفَاقِ قُلْتُ: يُرِيدُ أَنَّهُ لَا يَضْمَنُ. وَقِيلَ: الْجَوَابُ مُجْرَى عَلَى الْإِطْلَاقِ قُلْتُ: يُرِيدُ أَنَّهُ يَضْمَنُ مُطْلَقًا وَهَذَا الجزء: 1 ¦ الصفحة: 13 أَصَحُّ مِنْ الْهِدَايَةِ. وَفِي الْخُلَاصَةِ إذَا خَالَفَ مِنْ حَيْثُ الْمُجَاوَزَةُ عَنْ الْمَكَانِ بِأَنْ يُكَارِيَ دَابَّةً إلَى مَكَان مَعْلُومٍ فَجَاوَزَ ثُمَّ رَجَعَ فَعَطِبَتْ الدَّابَّةُ لَمْ يَضْمَنْ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ فِي قَوْلِهِ الْأَوَّلِ وَفِي قَوْلِهِ الْأَخِيرِ يَضْمَنُ مَا لَمْ يَدْفَعْ إلَى الْمَالِكِ وَهُوَ قَوْلِهِمَا وَهُوَ اخْتِيَارُ الْإِمَامِ السَّرَخْسِيِّ وَالْعَارِيَّةُ عَلَى هَذَا الْخِلَافِ بِخِلَافِ الْمُودِعِ إذَا خَالَفَ فِي الْوَدِيعَةِ ثُمَّ عَادَ إلَى الْوِفَاقِ حَيْثُ بَرِئَ عَنْ الضَّمَانِ وَقَالَ بَعْضُ مَشَايِخِنَا: إنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ الْوَدِيعَةِ وَالْإِجَارَةِ إلَّا أَنَّ الْوَدِيعَةَ مُطْلَقًا أَمَّا الْإِجَارَةُ عَلَى الذَّهَابِ دُونَ الْمَجِيءِ لَوْ اسْتَأْجَرَهَا ذَاهِبًا وَجَائِيًا لَا يَضْمَنُ كَالْوَدِيعَةِ وَهَذَا لَيْسَ بِصَحِيحٍ بَلْ بَيْنَ الْوَدِيعَةِ وَالْإِجَارَةِ فَرْقٌ عَلَى مَا ذَكَرْنَا وَكِتَابُنَا هَذَا لَا يَحْتَمِلُ الْفَرْقَ. اسْتَأْجَرَهَا لِيَرْكَبَهَا بِنَفْسِهِ فَأَرْكَبَهَا غَيْرَهُ ضَمِنَ وَالْأَجْرُ عَلَيْهِ. اسْتَأْجَرَ حِمَارًا وَقَبَضَهُ فَأَرْسَلَهُ فِي كَرْمِهِ وَتَرَكَهُ فَسُرِقَتْ بَرْدَعَتُه وَأَصَابَ الْحِمَارَ الْبَرْدُ فَمَرِضَ وَرَدَّهُ عَلَى صَاحِبِهِ فَمَاتَ مِنْ ذَلِكَ الْمَرَضِ إنْ كَانَ الْكَرْمُ حَصِينًا وَالْبَرْدُ بِحَالٍ لَا يَضُرُّ مَعَ الْبَرْدَعَةِ لَا شَيْءَ عَلَيْهِ مِنْ الضَّمَانِ فِي الْبَرْدَعَةِ وَالْحِمَارِ فَإِنْ كَانَ بِحَالٍ يَضُرُّهُ مَعَ الْبَرْدَعَةِ ضَمِنَ قِيمَةَ الْحِمَارِ دُونَ الْبَرْدَعَةِ وَإِنْ كَانَ الْكَرْمُ غَيْرَ حَصِينٍ إنْ كَانَ الْبَرْدُ بِحَالٍ يَضُرُّ بِالْحِمَارِ مَعَ الْبَرْدَعَةِ ضَمِنَ قِيمَتَهُمَا وَإِنْ كَانَ بِحَالٍ لَا يَضُرُّهُ بِهِ مَعَ الْبَرْدَعَةِ ضَمِنَ قِيمَةَ الْبَرْدَعَةِ دُونَ الْحِمَارِ وَعَلَيْهِ نُقْصَانُ الْحِمَارِ إلَى وَقْتِ الرَّدِّ إلَى صَاحِبِهِ لِأَنَّهُ بِمَنْزِلَةِ الْغَاصِبِ لِلْحِمَارِ حِينَ أَرْسَلَهُ فِي الْكَرْمِ فَإِذَا سَلَّمَهُ إلَى صَاحِبِهِ بَرِئَ مِنْ الضَّمَانِ قَالَ - رَحِمَهُ اللَّهُ -: ذَكَرَ الْحَصِينَ وَلَمْ يُفَسِّرْهُ فِي النَّوَازِلِ فَعَرَضْت عَلَى الْقَاضِي الْإِمَامِ فَقَالَ إنَّهُ يَكُونُ لَهُ حِيطَانٌ وَبَابٌ مُغْلَقٌ فَإِنْ عَدِمَ أَحَدُهُمَا فَهُوَ غَيْرُ حَصِينٍ وَالْمُرَادُ مِنْ الْحَائِطِ أَنْ يَكُونَ مُرْتَفِعًا بِحَيْثُ لَا يَقَعُ بَصَرُ الْمَارِّ عَلَى مَا فِي الْكَرْمِ اهـ. اسْتَأْجَرَ دَابَّةً لِيَحْمِلَ عَلَيْهَا شَعِيرًا كَيْلًا مَعْلُومًا فَحَمَلَ عَلَيْهَا قَدْرَهُ بُرًّا ضَمِنَ وَإِنْ نِصْفُهُ بُرًّا قَالَ السَّرَخْسِيُّ يَضْمَنُ وَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: لَا يَضْمَنُ وَهُوَ الِاسْتِحْسَانُ وَهُوَ الْأَصَحُّ وَلَوْ زَادَ وَبَلَغَ الْمَكَانَ ثُمَّ هَلَكَ ضَمِنَ قَدْرَ الزِّيَادَةِ لِأَنَّهُ صَارَ غَاصِبًا لِذَلِكَ الْقَدْرِ فَلَا يَبْرَأُ إلَّا بِالرَّدِّ عَلَى الْمَالِكِ وَلَوْ خَالَفَ فِي الْجِنْسِ بِأَنْ شَرَطَ بُرًّا فَحَمَلَ قَدْرَهُ شَعِيرًا فَفِي الْقِيَاسِ يَضْمَنُ وَفِي الِاسْتِحْسَانِ لَا لِأَنَّهُ أَخَفُّ فَإِنْ سَلِمَتْ لَزِمَ الْمُسَمَّى وَإِنْ عَطِبَتْ فَالْقِيمَةُ وَالْأَجْرُ وَإِنْ شَرَطَ شَعِيرًا فَحَمَّلَ قَدْرَهُ بُرًّا ضَمِنَ قِيمَتَهَا؛ لِأَنَّهُ أَثْقَلُ كَالْحَدِيدِ مَكَانَ الْبُرِّ كَمَا فِي الْبَزَّازِيَّة. وَمَنْ اكْتَرَى حِمَارًا بِسَرْجٍ فَنَزَعَ السَّرْجَ وَأَسْرَجَهُ بِسَرْجٍ يُسْرَجُ بِمِثْلِهِ الْحُمُرُ فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ إلَّا إذَا كَانَ زَائِدًا فِي الْوَزْنِ فَحِينَئِذٍ يَضْمَنُ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ مَا زَادَ الثِّقَلَ وَإِنْ أَوْكَفَهُ بِإِكَافٍ يُوكَفُ بِمِثْلِهِ الْحُمُرُ ضَمِنَ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ مِنْ الْهِدَايَةِ قَالَ فِي الْإِيضَاحِ يَضْمَنُ كُلَّ قِيمَتِهِ عِنْدَهُ فِي رِوَايَةِ الْجَامِعِ الصَّغِيرِ وَقَدْرَ مَا زَادَ فِي رِوَايَةِ الْأَصْلِ وَهُوَ قَوْلُهُمَا وَإِنْ كَانَ لَا يُوكَفُ أَصْلًا أَوْ لَا تُوكَفُ بِمِثْلِهِ الْحُمُرُ ضَمِنَ كُلَّ الْقِيمَةِ اتِّفَاقًا مِنْ الْحَقَائِقِ. اسْتَأْجَرَ دَابَّةً بِغَيْرِ لِجَامٍ أَوْ كَانَتْ مُلَجَّمَةً فَنَزَعَهُ وَأَبْدَلَهُ بِلِجَامٍ يُلْجَمُ بِهِ مِثْلُهَا لَا يَضْمَنُ وَإِنْ أَلْجَمَ بِلِجَامٍ لَا يُلْجَمُ بِهِ مِثْلُهَا ضَمِنَ مِنْ قَاضِي خَانْ. وَمَنْ اسْتَأْجَرَ دَابَّةً إلَى مِصْرٍ وَلَمْ يُسَمِّ مَا يَحْمِلُ عَلَيْهَا فَحَمَّلَ مَا يَحْمِلُ النَّاسُ أَيْ الْمُعْتَادُ فَنَفَقَتْ فِي الطَّرِيقِ فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّ الْعَيْنَ الْمُسْتَأْجَرَةَ أَمَانَةٌ فِي يَدِ الْمُسْتَأْجِرِ وَإِنْ كَانَتْ الْإِجَارَةُ فَاسِدَةً مِنْ الْهِدَايَةِ. لَوْ أَرْدَفَ الْمُسْتَأْجِرُ خَلْفَهُ آخَرَ بِغَيْرِ ذِكْرِهِ فِي الْعَقْدِ فَعَطِبَتْ الدَّابَّةُ فَعَلَيْهِ نِصْفُ قِيمَتِهَا وَعَلَيْهِ الْأَجْرُ كَامِلًا إنْ عَطِبَتْ بَعْدَ بُلُوغِ مَقْصِدِهِ وَلَوْ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 14 أَرْدَفَ اثْنَيْنِ ضَمِنَ ثُلُثَيْ قِيمَتِهَا وَقِسْ عَلَى هَذَا مِنْ دُرَرِ الْبِحَارِ وَلَا اعْتِبَارَ بِثِقَلِ الرَّدِيفِ وَخِفَّتِهِ؛ لِأَنَّ الدَّابَّةَ تَعْقِرُ بِحَمْلِ الرَّاكِبِ الْخَفِيفِ لِجَهْلِهِ بِالْفُرُوسِيَّةِ وَيَخِفُّ عَلَيْهَا رُكُوبُ الثَّقِيلِ لِعِلْمِهِ بِهَا وَهَذَا الْحُكْمُ إنَّمَا هُوَ إنْ كَانَتْ الدَّابَّةُ تُطِيقُ حَمْلَ الرَّدِيفِ وَإِنْ كَانَتْ لَا تُطِيقُ ضَمِنَ جَمِيعَ قِيمَتِهَا ذَكَرَهُ فِي الْإِيضَاحِ ثُمَّ الْمَالِكُ بِالْخِيَارِ إنْ شَاءَ ضَمَّنَ الْمُسْتَأْجِرَ وَلَا يَرْجِعُ عَلَى الرَّدِيفِ وَإِنْ شَاءَ ضَمَّنَ الرَّدِيفَ وَرَجَعَ عَلَى الْمُسْتَأْجِرِ وَإِنْ كَانَ مُسْتَعِيرًا لَا يَرْجِعُ عَلَيْهِ مِنْ الْبَزَّازِيَّة. وَفِي شَرْحِ الْمَجْمَعِ نَقْلًا عَنْ النِّهَايَةِ هَذَا إذَا كَانَ الرَّدِيفُ مُسْتَمْسِكًا بِنَفْسِهِ وَإِنْ كَانَ صَغِيرًا لَا يَسْتَمْسِكُ فَهُوَ كَالْحَمْلِ يَضْمَنُ بِقَدْرِ ثِقَلِهِ وَفِي ذِكْرِ الرَّدِيفِ احْتِرَازٌ عَمَّا إذَا حَمَلَهُ الرَّاكِبُ عَلَى عَاتِقِهِ فَإِنَّهُ يَضْمَنُ جَمِيعَ قِيمَتِهَا، وَإِنْ كَانَتْ الدَّابَّةُ تُطِيقُ حَمْلَهُمَا؛ لِأَنَّ ثِقَلَ الرَّاكِبِ مَعَ الَّذِي حَمَلَهُ عَلَى عَاتِقِهِ يَجْتَمِعَانِ فِي مَكَان وَاحِدٍ فَيَكُونُ أَشَقَّ عَلَى الدَّابَّةِ اهـ. إذَا رَكِبَ الدَّابَّةَ وَقَدْ لَبِسَ مِنْ الثِّيَابِ أَكْثَرَ مِمَّا كَانَ عَلَيْهِ حِينَ اسْتَأْجَرَ إنْ لَبِسَ مِثْلَ مَا يَلْبَسُ النَّاسُ لَا يَضْمَنُ وَإِنْ لَبِسَ مَا لَيْسَ يَلْبَسُ النَّاسُ يَضْمَنُ بِقَدْرِ مَا زَادَ مِنْ الْخُلَاصَةِ. اكْتَرَى دَابَّةً لِلْحَمْلِ فَوَضَعَ عَلَيْهَا الرَّاحِلَةَ ضَمِنَ؛ لِأَنَّ الرَّاحِلَةَ أَشَدُّ ضَرَرًا مِنْ الْبَزَّازِيَّة وَلَوْ حَمَلَ عَلَيْهَا مَعَ نَفْسِهِ شَيْئًا آخَرَ ضَمِنَ قَدْرَ الزِّيَادَةِ بِالْهَلَاكِ لَوْ رَكِبَ فِي غَيْرِ مَوْضِعِ الْحَمْلِ وَلَيْسَ مَعْنَاهُ أَنْ يُوزَنَ الرَّجُلُ وَالْحِمْلُ لِيُعْرَفَ الزِّيَادَةُ إذْ الْإِنْسَانُ لَا يُوزَنُ بِالْقَبَّانِ إنَّمَا مَعْنَاهُ أَنْ يُرْجَعَ إلَى أَهْلِ الْبَصِيرَةِ إنَّ هَذَا الْحِمْلَ مَا يَزِيدُ عَلَى رُكُوبِهِ فِي الثِّقَلِ وَلَوْ رَكِبَ فِي مَوْضِعِ الْحَمْلِ ضَمِنَ كُلَّ الْقِيمَةِ إذْ ثِقَلُ الرَّاكِبِ مَعَ ثِقَلِ الْحَمْلِ اجْتَمَعَا فِي مَحِلٍّ وَاحِدٍ فَيَكُونُ أَدَقَّ عَلَى الدَّابَّةِ هَذَا لَوْ تُطِيقُ الْحَمْلَ مَعَ الرُّكُوبِ أَمَّا لَوْ لَمْ تُطِقْ يَجِبْ كُلُّ الْقِيمَةِ فِي جَمِيعِ الْأَحْوَالِ. وَلَوْ اسْتَأْجَرَهَا لِلرُّكُوبِ فَحَمَلَ عَلَيْهَا صَبِيًّا صَغِيرًا فَعَثَرَتْ بِهِ ضَمِنَ إذْ الصَّبِيُّ الَّذِي لَا يَسْتَمْسِكُ عَلَى الدَّابَّةِ كَالْحَمْلِ فَلَا يَدْخُلُ تَحْتَ الرُّكُوبِ. وَلَوْ اسْتَأْجَرَهَا لِيَحْمِلَ عَلَيْهَا كَذَا فَزَادَ عَلَى الْمُسَمَّى وَسَلِمَتْ إلَى الْمَقْصِدِ فَلَمَّا وَضَعَ الْحِمْلَ جَاءَ بِهَا سَالِمَةً فَضَاعَتْ قَبْلَ الرَّدِّ عَلَى الْمَالِكِ ضَمِنَ مِنْ قِيمَتِهَا قَدْرَ الزِّيَادَةِ إذْ غَصَبَ مِنْهَا ذَلِكَ الْقَدْرَ فَلَا يَبْرَأُ إلَّا بِالرَّدِّ مِنْ الْفُصُولَيْنِ. اسْتَأْجَرَ دَابَّةً لِيَحْمِلَ عَلَيْهَا كَذَا قَفِيزًا مِنْ الشَّعِيرِ فَحَمَّلَ ذَلِكَ الْقَدْرَ حِنْطَةً يَضْمَنُ وَفِي عَكْسِهِ لَا يَضْمَنُ وَلَوْ اسْتَأْجَرَهَا لِيَحْمِلَ مِائَةً مِنْ الْقُطْنِ فَحَمَلَ مِثْلَ وَزْنِهِ حَدِيدًا أَوْ أَقَلَّ ضَمِنَ؛ لِأَنَّ حَمْلَ الْحَدِيدِ أَدَقُّ لِلدَّابَّةِ فَيَكُونُ أَضَرَّ بِهَا وَلَوْ اسْتَأْجَرَهَا لِيَحْمِلَ عَلَيْهَا عَشَرَةَ مَخَاتِيمَ فَجَعَلَ فِي جَوَالِقَ عِشْرِينَ وَأَمَرَ رَبَّ الدَّابَّةِ بِالْوَضْعِ فَوَضَعَ لَا ضَمَانَ عَلَى الْمُسْتَكْرِي وَلَوْ حَمَلَاهُ عَلَى الدَّابَّةِ يَضْمَنُ رُبْعَ قِيمَةِ الدَّابَّةِ بِخِلَافِ مَا لَوْ كَانَ فِي جَوَالِيقَ فَحَمَلَ كُلَّ وَاحِدٍ جُوَالِقًا لَمْ يَضْمَنْ الْمُسْتَأْجَرُ شَيْئًا لِأَنَّهُ يَجْعَلُ الْمُسْتَأْجِرَ حَامِلًا لِلْعُشْرِ الْمَأْذُونِ فِيهَا حَمْلًا لِفِعْلِهِ عَلَى الصَّلَاحِ وَفِي الْأَوَّلِ الْمَأْذُونِ فِيهِ غَيْرُ مُتَمَيِّزٍ عَمَّا لَيْسَ بِمَأْذُونٍ فِيهِ فَقَدْ حَمَلَ الْمُسْتَأْجِرُ عَشْرَةً نِصْفُهَا مَأْذُونٌ فِيهِ وَنِصْفُهَا غَيْرُ مَأْذُونٍ فِيهِ فَيَضْمَنُ نِصْفَ نِصْفِهِ مِنْ الْوَجِيزِ. اسْتَأْجَرَ دَابَّةً لِيَرْكَبَهَا إلَى مَكَانٍ مَعْلُومٍ فَلَمَّا سَارَ بَعْضَ الطَّرِيقِ جَحَدَ الْإِجَارَةَ وَادَّعَى أَنَّ الدَّابَّةَ لَهُ يَصِيرُ هُنَا غَاصِبًا حَتَّى لَوْ عَطِبَتْ بَعْدَ الْجُحُودِ قَبْلَ أَنْ يَرْكَبَهَا يَضْمَنُ قِيمَتَهَا وَإِنْ جَحَدَ ثُمَّ رَكِبَهَا بَعْدَ ذَلِكَ بَرِئَ عَنْ الضَّمَانِ فَكَانَ عَلَيْهِ جَمِيعُ الْأَجْرِ وَعِنْدَ أَبِي يُوسُفَ لَا لِأَنَّهُ صَارَ غَاصِبًا بِهِ. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 15 اسْتَأْجَرَهَا لِيَحْمِلَ عَلَيْهَا مِنْ هَذِهِ الْحِنْطَةِ فَحَمَلَ مِنْ غَيْرِهَا أَوْ حِنْطَةِ رَجُلٍ آخَرَ لَا يَكُونُ مُخَالِفًا. اسْتَأْجَرَهَا لِيَحْمِلَ عَلَيْهَا شَعِيرًا فَحَمَلَ فِي أَحَدِ الْجُوَالِقَيْنِ شَعِيرًا وَفِي الْآخَرِ حِنْطَةً فَعَطِبَتْ الدَّابَّةُ ضَمِنَ نِصْفَ قِيمَتِهَا وَعَلَيْهِ نِصْفُ الْآجِرِ لِأَنَّهُ فِي النِّصْفِ مُخَالِفٌ. اسْتَأْجَرَهَا لِيَحْمِلَ عَلَيْهَا عَشَرَةَ مَخَاتِيمَ فَحَمَلَ خَمْسَةَ عَشَرَ وَجَاءَ بِهَا سَلِيمَةً فَهَلَكَتْ قَبْلَ أَنْ يَرُدَّهَا إلَى صَاحِبِهَا إنْ كَانَتْ تُطِيقُ ذَلِكَ كَانَ عَلَيْهِ ثُلُثُ الْقِيمَةِ وَكَمَالُ الْأَجْرِ وَإِنْ كَانَتْ لَا تُطِيقُ ضَمِنَ جَمِيعَ الْقِيمَةِ وَلَا يَجِبُ الْأَجْرُ. نَزَلَ الْمُسْتَأْجِرُ عَنْ الدَّابَّةِ فِي سِكَّةٍ وَدَخَلَ الْمَسْجِدَ لِيُصَلِّي وَخَلَّى عَنْهَا فَضَاعَتْ كَانَ ضَامِنًا قَالُوا: هَذَا إذَا لَمْ يَرْبِطْهَا وَإِنْ رَبَطَهَا لَا يَضْمَنُ لِأَنَّهُ لَا بُدَّ لَهُ مِنْ ذَلِكَ قَالَ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ السَّرَخْسِيُّ: الصَّحِيحُ عِنْدِي أَنَّهُ إنْ غَيَّبَهَا عَنْ نَظَرِهِ ضَمِنَ وَإِنْ رَبَطَهَا بِشَيْءٍ كَمَا لَوْ نَزَلَ فِي الصَّحْرَاءِ مِنْ قَاضِي خَانْ. اسْتَأْجَرَهَا لِيُشَيِّعَ فُلَانًا فَحَبَسَهَا مِنْ الْغَدْوَةِ إلَى انْتِصَافِ النَّهَارِ ثُمَّ بَدَا لِفُلَانٍ أَنْ لَا يَخْرُجَ فَرَدَّ الدَّابَّةَ عِنْدَ الظَّهِيرَةِ إنْ كَانَ حَبَسَهَا قَدْرَ مَا كَانَ يَحْبِسُ النَّاسُ لَا يَضْمَنُ وَلَا أَجْرَ عَلَيْهِ وَإِنْ حَبَسَهَا أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ ضَمِنَ مِنْ الْخُلَاصَةِ. اسْتَأْجَرَهَا لِيَحْمِلَ عَلَيْهَا عَشَرَةَ مخاتيم فَحَمَلَ أَحَدَ عَشَرَ إنْ حَمَلَ عَلَيْهَا دُفْعَةً عَلَى الْمَكَانِ الَّذِي حَمَلَ الْعَشَرَةَ بِلَا إعَانَةِ الْمُؤَجِّرِ وَالدَّابَّةُ تُطِيقُ الزَّائِدَ فَبَلَغَتْ الْمَكَانَ الْمَشْرُوطَ فَعَلَيْهِ الْأَجْرُ وَيَضْمَنُ قَدْرَ الزِّيَادَةِ وَإِنْ لَمْ تَبْلُغْ وَعَطِبَتْ فَلَا أَجْرَ وَإِنْ لَا تُطِقْ فَكُلُّ الْقِيمَةِ عَلَيْهِ وَأَنَّ بِإِعَانَةِ الْمُؤَجِّرِ مَضَى حُكْمُهُ وَإِنْ فِي غَيْرِ الْمَكَانِ الَّذِي حَمَلَ الْعَشَرَةَ بِأَنْ عَلَّقَهُ مِنْ الْقَدْرِ الْمُعَرَّى مِنْ السَّرْجِ يَعْنِي بفترك ابرآ ويخت يَضْمَنُ الزَّائِدَ مُطْلَقًا وَإِنْ حَمَلَ الْعَشَرَةَ أَوَّلًا ثُمَّ حَمَلَ الزَّائِدَ يَضْمَنُ كُلَّ الْقِيمَةِ مِنْ الْبَزَّازِيَّة. اسْتَأْجَرَ حِمَارًا مِنْ كَسَّ إلَى بُخَارَى فَعَجَزَ الْحِمَارُ فِي الطَّرِيقِ وَمَالِكُهُ كَانَ بِبُخَارَى فَأَمَرَ الْمُكْتَرِي رَجُلًا لِيُنْفِقَ عَلَى الْحِمَارِ كُلَّ يَوْمٍ قَدْرًا مَعْلُومًا وَسَمَّى لَهُ الْأَجْرَ إلَى أَنْ يَصِلَ إلَى مَالِكِهِ فَأَمْسَكَ الْأَجِيرُ الْحِمَارَ أَيَّامًا وَأَنْفَقَ عَلَيْهِ فَهَلَكَ فِي يَدِهِ قَالُوا: إنْ كَانَ أَكْرَاهُ لِرُكُوبِ نَفْسِهِ ضَمِنَ وَلَوْ أَكْرَاهُ وَلَمْ يُسَمِّ الرَّاكِبُ فَلَا يَضْمَنُ لِأَنَّهُ لَوْ أَكْرَاهُ لِرُكُوبِ نَفْسِهِ لَيْسَ لَهُ أَنْ يُعِيرَ وَلَا أَنْ يُؤَجِّرَ فَلَيْسَ لَهُ الْإِيدَاعُ أَيْضًا وَإِذَا لَمْ يُسَمِّ الرَّاكِبُ كَانَ لَهُ الْإِعَارَةُ وَالْإِجَارَةُ فَلَهُ الْإِيدَاعُ. اسْتَأْجَرَ حِمَارًا إلَى بُخَارَى فَعَجَزَ عَنْ الْمُضِيِّ فَذَهَبَ وَتَرَكَهُ فَضَاعَ لَا يَضْمَنُ وَكَذَا لَوْ كَانَ صَاحِبُ الْحِمَارِ مَعَ الْحِمَارِ وَلَمْ يَكُنْ صَاحِبُ الْمَتَاعِ مَعَهُ فَمَرِضَ الْحِمَارُ فِي الطَّرِيقِ فَتَرَكَ الْحِمَارَ وَالْمَتَاعَ فَذَهَبَ فَضَاعَ لَا يَضْمَنُ ذَكَرَهُ فِي الْخُلَاصَةِ إذَا عَمِيَ الْحِمَارُ أَوْ عَجَزَ عَنْ الْمُضِيِّ فَبَاعَهُ الْمُسْتَأْجِرُ وَهَلَكَ ثَمَنُهُ فِي الطَّرِيقِ إنْ كَانَ فِي مَوْضِعٍ لَا يَصِلُ إلَى الْحَاكِمِ حَتَّى يَأْمُرَهُ بِالْبَيْعِ لَا ضَمَانَ عَلَيْهِ لَا فِي الْحِمَارِ وَلَا فِي ثَمَنِهِ وَإِنْ كَانَ فِي مَوْضِعٍ يَقْدِرُ عَلَى ذَلِكَ أَوْ يَسْتَطِيعُ إمْسَاكَهُ أَوْ رَدَّهُ أَعْمَى ضَمِنَ قِيمَتَهُ. اسْتَأْجَرَ حِمَارًا وَحَمَلَ عَلَيْهِ وَلَهُ حِمَارٌ آخَرُ حَمَلَ عَلَيْهِ أَيْضًا فَلَمَّا سَارَ بَعْضَ الطَّرِيقِ سَقَطَ حِمَارُهُ فَاشْتَغَلَ بِهِ فَذَهَبَ الْحِمَارُ الْمُسْتَأْجَرُ وَهَلَكَ فَلَوْ كَانَ بِحَالِ لَوْ اتَّبَعَ الْحِمَارَ الْمُسْتَأْجَرَ يَهْلَكُ حِمَارُهُ أَوْ مَتَاعُهُ لَمْ يَضْمَنْ وَإِلَّا ضَمِنَهُ؛ لِأَنَّ الْأَمِينَ إنَّمَا يَضْمَنُ بِتَرْكِ الْحِفْظِ إذَا كَانَ بِغَيْرِ عُذْرٍ لَوْ كَانَ الْمُسْتَأْجَرُ حِمَارَيْنِ فَاشْتَغَلَ بِحَمْلِ أَحَدِهِمَا فَضَاعَ الْآخَرُ لَوْ غَابَ عَنْ نَظَرِهِ ثُمَّ هَلَكَ ضَمِنَ الْمُسْتَأْجِرُ. لَوْ أَدْخَلَ الْحِمَارَ فِي سِكَّةٍ فِيهَا نَهْرٌ فَضَرَبَهُ فَوَقَعَ مَعَ الْحِمْلِ فِي النَّهْرِ فَاشْتَغَلَ بِقَطْعِ الْحَبْلِ فَهَلَكَ الْحِمَارُ إنْ كَانَ الْمَكَانُ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 16 ضَيِّقًا لَا يَسَعُ فِيهِ ذَلِكَ الْحِمْلَ ضَمِنَ وَإِنْ كَانَ بِحَالٍ يَقْدِرُ الْحِمَارُ عَلَى مُجَاوَزَتِهِ مَعَ ذَلِكَ الْحِمْلِ فَإِنْ عَنَّفَ عَلَيْهِ بِالضَّرْبِ حَتَّى وَثَبَ مِنْ ضَرْبِهِ ضَمِنَ وَإِلَّا فَلَا يَضْمَنُ. اسْتَأْجَرَ حِمَارًا لِيَنْقُلَ عَلَيْهِ الْحَطَبَ فَأَوْقَرَهُ بِمَا يُوقَرُ بِهِ مِثْلُهُ فَأَصَابَ الْحِمَارُ حَائِطًا أَوْ نَحْوَهُ فَوَقَعَ فِي النَّهْرِ إنْ كَانَ الْمُسْتَأْجِرُ سَاقَهُ سَوْقًا مُعْتَادًا فِي طَرِيقٍ يَسْلُكُهُ النَّاسُ وَلَمْ يُعَنِّفْ عَلَيْهِ بِالضَّرْبِ لَا يَضْمَنُهُ. اسْتَأْجَرَ حِمَارًا وَتَرَكَهُ عَلَى بَابِ الْمَنْزِلِ فَلَمَّا خَرَجَ لَمْ يَجِدْهُ إنْ كَانَ الْحِمَارُ غَابَ عَنْ بَصَرِهِ حِينَ دَخَلَ الْمَنْزِلَ ضَمِنَ وَإِلَّا لَا يَضْمَنُ إلَّا أَنْ يَكُونَ فِي مَوْضِعٍ لَا يُعَدُّ هَذَا الْقَدْرُ مِنْ الذَّهَابِ تَضْيِيعًا بِأَنْ كَانَ فِي سِكَّةٍ غَيْرِ نَافِذَةٍ أَوْ يَكُونُ فِي الْقُرَى مِنْ الْفُصُولَيْنِ وَفِيهِ أَيْضًا نَقْلًا عَنْ بَعْضِ الْفَتَاوَى رَبَطَ الْحِمَارَ الْمُسْتَأْجَرَ عَلَى بَابِ دَارِهِ ثُمَّ دَخَلَ دَارِهِ ثُمَّ خَرَجَ فَلَمْ يَجِدْهُ ضَمِنَ إنْ غَابَ عَنْ بَصَرِهِ حِينَ الدُّخُولِ مِنْ غَيْرِ فَصْلٍ. أَوْقَفَ الْمُسْتَأْجِرُ الْحِمَارَ لِيُصَلِّيَ الْفَجْرَ فَذَهَبَ أَوْ انْتَهَبَهُ إنْسَانٌ فَإِنْ رَآهُ يُنْتَهَبُ أَوْ يَذْهَبُ وَلَمْ يَقْطَعْ الصَّلَاةَ ضَمِنَ لِتَرْكِهِ الْحِفْظَ مَعَ الْقُدْرَةِ إذْ خَوْفُ ذَهَابِ الْمَالِ يُبِيحُ قَطْعَ الصَّلَاةِ وَلَوْ كَانَ دِرْهَمًا وَلَوْ كَانَ فِي بَوْلٍ أَوْ غَائِطٍ أَوْ حَدِيثٍ مَعَ غَيْرِهِ فَذَهَبَ الْحِمَارُ إنْ تَوَارَى عَنْ بَصَرِهِ وَضَاعَ ضَمِنَ مِنْ الْخُلَاصَةِ، وَلَوْ رَبَطَهُ فِي سَارِيَةٍ فِي الْبَلَدِ فِي سِكَّةٍ نَافِذَةٍ وَلَيْسَ لَهُ مَنْزِلٌ فِي تِلْكَ السِّكَّةِ وَلَا لِقَرِيبِهِ وَثَمَّةَ أَقْوَامٌ نِيَامٌ لَيْسُوا فِي عِيَالِ الْمُسْتَأْجِرِ وَلَا مِنْ أُجَرَائِهِ قَالُوا: لَوْ كَانَ الْمُسْتَأْجِرُ اسْتَحْفَظَهُمْ أَوْ بَعْضَهُمْ وَلَمْ يَشْتَرِطْ الرُّكُوبَ بِنَفْسِهِ وَكَانَ ذَلِكَ فِي مَوْضِعٍ لَا يُعَدُّ نَوْمُ الْحَافِظِ تَضْيِيعًا لَا يَضْمَنُ وَلَوْ شَرَطَ رُكُوبَهُ بِنَفْسِهِ ضَمِنَ مُطْلَقًا إذْ لَيْسَ لَهُ حِينَئِذٍ أَنْ يُودِعَ مِنْ أَجْنَبِيٍّ فَأَمَّا إذَا لَمْ يَشْتَرِطْ فَلَهُ الْإِيدَاعُ وَلَوْ لَمْ يَسْتَحْفِظْ ضَمِنَ عَلَى كُلِّ حَالٍ وَمِثْلُهُ اسْتَأْجَرَ حِمَارًا وَاسْتَأْجَرَ رَجُلًا لِيَحْفَظَهُ فَهَلَكَ فِي يَدِ الْأَجِيرِ ضَمِنَ الْمُسْتَأْجِرُ لَوْ شَرَطَ رُكُوبَهُ بِنَفْسِهِ وَإِلَّا فَلَا يَضْمَنُ لِمَا مَرَّ. اسْتَأْجَرَ حِمَارًا فَضَلَّ فِي الطَّرِيقِ فَتَرَكَهُ وَلَمْ يَطْلُبْهُ إنْ كَانَ ذَهَبَ مِنْهُ بِحَيْثُ لَا يَشْعُرُ وَهُوَ حَافِظٌ لَهُ فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ فَإِنْ عَلِمَ وَطَلَبَهُ وَلَمْ يَظْفَرْ بِهِ فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ وَكَذَا لَا ضَمَانَ عَلَيْهِ فِي تَرْكِ الطَّلَبِ إنْ كَانَ آيِسًا مِنْ وُجُودِهِ بَعْدَ أَنْ طَلَبَهُ فِي حَوَالَيْ الْمَكَانِ الَّذِي ضَلَّ فِيهِ فَإِنْ ذَهَبَ وَهُوَ يَرَاهُ حَتَّى غَابَ عَنْ بَصَرِهِ وَلَمْ يَمْنَعْهُ فَهُوَ ضَامِنٌ لِتَقْصِيرِهِ فِي حِفْظِهِ حَيْثُ لَمْ يَمْنَعْهُ وَعَلَى هَذَا لَوْ جَاءَ بِهِ إلَى الْخَبَّازِ وَاشْتَغَلَ بِشِرَاءِ الْخُبْزِ فَضَاعَ لَوْ غَابَ عَنْ بَصَرِهِ ضَمِنَ وَإِلَّا لَا يَضْمَنُ مِنْ الْفُصُولَيْنِ سِوَى الْمَنْقُولِ عَنْ الْخُلَاصَةِ. وَفِي الْبَزَّازِيَّة التَّقْيِيدُ بِالْبَصَرِ فِي النَّهَارِ وَاللَّيْلِ سَوَاءٌ إذْ يُرَى فِي النَّهَارِ مِنْ بُعْدٍ وَفِي اللَّيْلِ لَا وَفِي السَّفَرِ لَا ضَمَانَ فِي كُلِّ حَالٍ وَفِيهَا مِنْ الْمُتَفَرِّقَاتِ اسْتَأْجَرَ أَوْ اسْتَعَارَ دَابَّةً وَنَزَلَ فِي السِّكَّةِ وَدَخَلَ الْمَسْجِدَ لِيُصَلِّيَ وَاخْتَفَى عَنْهَا فَضَاعَتْ يَضْمَنُ إذَا لَمْ يَرْبِطْهَا فَإِنْ رَبَطَهَا لَا يَضْمَنُ لِأَنَّهُ لَا يَجِدُ بُدًّا مِنْ ذَلِكَ قَالَ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ: الصَّحِيحُ عِنْدِي أَنَّهُ إذَا غَيَّبَهَا عَنْ بَصَرِهِ يَضْمَنُ حَتَّى لَوْ كَانَ فِي الصَّحْرَاءِ وَنَزَلَ لِلصَّلَاةِ وَأَمْسَكَهَا فَانْفَلَتَتْ مِنْ يَدِهِ لَا يَضْمَنُ فَعُلِمَ أَنَّ الْمُعْتَبَرَ أَنْ لَا يُغَيِّبَهَا عَنْ بَصَرِهِ لِأَنَّهُ إذَا غَيَّبَهَا يَكُونُ تَارِكًا لِلْحِفْظِ وَإِنْ رَبَطَهَا وَهَلَكَتْ الدَّابَّةُ عِنْدَ الْمُسْتَأْجِرِ ثُمَّ اُسْتُحِقَّتْ لَهُ أَنْ يُضَمِّنَ أَيَّهمَا شَاءَ فَإِنْ ضَمَّنَ الْمُسْتَأْجِرَ رَجَعَ عَلَى الْآجِرِ وَإِنْ ضَمَّنَ الْآجِرَ لَا يَرْجِعُ عَلَى الْمُسْتَأْجِرِ مِنْ عَارِيَّةٍ الْوَجِيزُ. رَجُلٌ أَجَّرَ دَابَّةً عَلَى أَنْ يَكُونَ لَهُ الْخِيَارُ مِنْهَا سَاعَةً مِنْ النَّهَارِ وَرَكِبَهَا الْمُسْتَأْجِرُ فَسُرِقَتْ فَإِنَّهُ يَضْمَنُ قِيمَتَهَا وَلَا يَضْمَنُ الْأَجْرَ وَإِنْ كَانَ الْخِيَارُ لِلْمُسْتَأْجِرِ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 17 كَانَ عَلَيْهِ الْأَجْرُ وَلَا يَضْمَنُ قِيمَةَ الدَّابَّةِ. اسْتَأْجَرَ دَابَّةً لِيَرْكَبَهَا إلَى مَوْضِعِ كَذَا وَرَكِبَهَا فِي الْمِصْرِ فِي حَوَائِجِهِ وَلَمْ يَذْهَبْ إلَى ذَلِكَ الْمَكَانِ فَإِنَّهُ يَكُونُ مُخَالِفًا ضَامِنًا وَلَا أَجْرَ عَلَيْهِ مِنْ قَاضِي خَانْ. اسْتَأْجَرَ دَابَّةً لِيَرْكَبَهَا إلَى بَغْدَادَ فَبَدَا لِلْمُسْتَأْجِرِ أَنْ لَا يَخْرُجَ فَهَذَا عُذْرٌ يَعْنِي فِي فَسْخِ الْإِجَارَةِ وَكَذَا لَوْ بَدَا لَهُ فِي بَعْضِ الطَّرِيقِ فَإِنْ طَلَب مِنْهُ الْآجِرُ نِصْفَ الْأَجْرِ إنْ كَانَ النِّصْفُ الْبَاقِي مِنْ الطَّرِيقِ مِثْلَ الْأَوَّلِ فِي الصُّعُوبَةِ وَالسُّهُولَةِ فَلَهُ ذَلِكَ وَإِلَّا يَقْدِرُ بِقَدْرِهِ وَبَعْدَ ذَلِكَ إنْ كَانَ صَاحِبُ الدَّابَّةِ مَعَهُ يَدْفَعُ الدَّابَّةَ إلَيْهِ فَلَوْ لَمْ يَدْفَعْ وَرَكِبَ حَتَّى دَخَلَ الْمَدِينَةَ فَهَلَكَ ضَمِنَ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ صَاحِبُ الدَّابَّةِ مَعَهُ هَلْ يَضْمَنُ بِالرُّكُوبِ؟ قَدْ ذَكَرَ فِي فَصْلِ الدَّوَابِّ مِنْ الْخُلَاصَةِ. اسْتَأْجَرَهَا لِيَرْكَبَهَا فِي الْمِصْرِ فَذَهَبَ الْمَالِكُ إلَى مِصْرٍ آخَرَ فَأَخْرَجَهَا الْمُسْتَأْجِرُ إلَيْهِ فَهَلَكَتْ فِي الطَّرِيقِ ضَمِنَ لِصَيْرُورَتِهِ غَاصِبًا بِالْإِخْرَاجِ اسْتَأْجَرَهَا لِيَذْهَبَ إلَى مَكَانِ كَذَا فَذَهَبَ إلَى غَيْرِهِ ضَمِنَ وَلَا أَجْرَ سَلِمَتْ أَوْ هَلَكَتْ مِنْ الْبَزَّازِيَّة. الْمُسْتَأْجِرُ إذَا رَكِبَ الدَّابَّةَ عِنْدَ الرُّجُوعِ فَهَلَكَتْ لَمْ يَضْمَنْ اسْتِحْسَانًا وَلَوْ حَمَلَ عَلَيْهَا يَضْمَنُ وَلَوْ جَعَلَ يَسُوقُهَا لِيَرُدَّهَا فَهَلَكَتْ لَا يَضْمَنُ فَإِنْ بَلَغَهُ أَنَّ صَاحِبَهَا فِي مَوْضِعٍ آخَرَ فَسَاقَهَا إلَيْهِ فَعَطِبَتْ فَهُوَ ضَامِنٌ إذْ عَلَيْهِ الرَّدُّ إلَى الْمَوْضِعِ الَّذِي اسْتَأْجَرَ فِيهِ. اسْتَأْجَرَ دَابَّةً لِيَحْمِلَ عَلَيْهَا حِنْطَةً مِنْ مَوْضِعٍ إلَى مَنْزِلِهِ يَوْمًا إلَى اللَّيْلِ وَكَانَ يَحْمِلُ الْحِنْطَةَ إلَى مَنْزِلِهِ وَكُلَّمَا رَجَعَ كَانَ يَرْكَبُهَا فَعَطِبَتْ قَالَ أَبُو بَكْرٍ الرَّازِيّ: يَضْمَنُ؛ لِأَنَّهُ اسْتَأْجَرَهَا لِلْحَمْلِ دُونَ الرُّكُوبِ فَكَانَ غَاصِبًا فِي الرُّكُوبِ وَقَالَ الْفَقِيهُ أَبُو اللَّيْثِ: فِي الِاسْتِحْسَانِ لَا يَضْمَنُ؛ لِأَنَّ الْعَادَةَ جَرَتْ فِيمَا بَيْنَ النَّاسِ بِذَلِكَ فَصَارَ كَأَنَّهُ مَأْذُونٌ فِي ذَلِكَ بِطَرِيقِ الدَّلَالَةِ وَإِنْ لَمْ يَأْذَنْ لَهُ بِالْإِفْصَاحِ. اسْتَأْجَرَ حِمَارًا لِيَحْمِلَ عَلَيْهِ إلَى الْمَدِينَةِ فَحَمَلَ عَلَيْهِ وَسَارَ بِهِ فِي طَرِيقِ الْمَدِينَةِ ثُمَّ تَخَلَّفَ عَنْهُ لِحَاجَةِ الْبَوْلِ أَوْ الْغَائِطِ أَوْ لِحَدِيثٍ مَعَ غَيْرِهِ وَلَمْ يَبْعُدْ عَنْهُ الْحِمَارُ وَلَمْ يَتَوَارَ عَنْهُ فَضَاعَ فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ وَإِنْ تَوَارَى عَنْهُ ضَمِنَ لِأَنَّهُ تَضْيِيعٌ. اسْتَأْجَرَ حِمَارًا لِيَذْهَبَ بِهِ إلَى مَوْضِعٍ مَعْلُومٍ فَأُخْبِرَ أَنَّ فِي الطَّرِيقِ لُصُوصًا فَلَمْ يَلْتَفِتْ إلَى ذَلِكَ فَذَهَبَ فَأَخَذَهُ اللُّصُوصُ وَذَهَبُوا بِالْحِمَارِ إنْ كَانَ النَّاسُ يَسْلُكُونَ ذَلِكَ الطَّرِيقَ مَعَ هَذَا الْخَبَرِ بِدَوَابِّهِمْ وَأَمْوَالِهِمْ فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ وَإِلَّا ضَمِنَ مِنْ الْمُشْتَمِلِ عَنْ الْخُلَاصَةِ. زَرْعٌ بَيْنَ ثَلَاثَةٍ حَصَدُوهُ فَاسْتَأْجَرَ أَحَدُهُمْ حِمَارًا لِيَنْقُلَ الْحَصَائِدَ فَدَفَعَهُ إلَى شَرِيكِهِ لِيَنْقُلَهَا فَهَلَكَ عِنْدَهُ وَكَانَ الْعُرْفُ بَيْنَهُمْ أَنْ يَسْتَأْجِرَهُ أَحَدُهُمْ وَيَسْتَعْمِلَهُ هُوَ أَوْ شَرِيكُهُ لَا يَضْمَنُ الْمُسْتَأْجِرُ لِأَنَّهُ كَمُعِيرٍ مِنْ شَرِيكِهِ وَلِلْمُسْتَأْجِرِ أَنْ يُعِيرَ فِيمَا لَا يَتَفَاوَتُ فِيهِ النَّاسُ وَحَمْلُ الْحَصَائِدِ مِمَّا لَا يُتَفَاوَتُ فِيهِ كَذَا فِي ضَمَانِ الْمُكَارِي مِنْ الْفُصُولَيْنِ نَقْلًا عَنْ قَاضِي خَانْ ثُمَّ قَالَ: أَقُولُ عَلَى هَذَا يُرِيدُ قَوْلَهُ لِلْمُسْتَأْجِرِ أَنْ يُعِيرَ إلَخْ قَوْلِهِ وَكَانَ الْعُرْفُ بَيْنَهُمْ كَذَا إلَى آخِرِهِ مُسْتَدْرَكٌ لَا حَاجَةٍ إلَيْهِ اهـ قُلْتُ: وَالْأَمْرُ كَمَا قَالَ. الْقَرَوِيُّ اسْتَأْجَرَ حِمَارًا لِيَحْمِلَ عَلَيْهِ بُرًّا إلَى الْمَدِينَةِ فَفَعَلَ فَوَضَعَ عَلَيْهِ فِي الرُّجُوعِ قَفِيزَ مِلْحٍ بِلَا إذْنٍ فَمَرِضَ فَمَاتَ ضَمِنَ لِغَصْبِهِ وَلَا أَجْرَ إذْ لَا يَجْتَمِعَانِ قَالَ صَاحِبُ الْفُصُولَيْنِ: إذَا كَانَ الْحَمْلُ عَلَيْهِ فِي الرُّجُوعِ مُتَعَارَفًا يَنْبَغِي أَنْ لَا يَضْمَنَهُ. وَفِي الْخُلَاصَةِ اسْتَأْجَرَ حِمَارًا لِيَحْمِلَ عَلَيْهِ اثْنَيْ عَشَرَ وِقْرًا مِنْ التُّرَابِ إلَى أَرْضِهِ بِدِرْهَمٍ وَلَهُ فِي أَرْضِهِ لَبِنٌ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 18 فَكُلَّمَا عَادَ مِنْ أَرْضِهِ يَحْمِلُ عَلَيْهِ وِقْرًا مِنْ لَبِنٍ فَإِنْ هَلَكَ الْحِمَارُ فِي الرُّجُوعِ يَضْمَنُ قِيمَةَ الْحِمَارِ دُونَ الْأَجْرِ فَإِنْ سَلِمَ الْحِمَارُ حَتَّى تَمَّ الْعَمَلُ فَعَلَى الْمُسْتَأْجِرِ تَمَامُ الدَّرَاهِمِ فِي كُلِّ وُقْرٍ مِنْ التُّرَابِ نِصْفُ دَانَقٍ كَمَا إذَا اسْتَكْرَى دَابَّةً لِمَسِيرِ فَرْسَخٍ فَسَارَ سَبْعَةَ فَرَاسِخَ فَعَلَيْهِ مِنْ الْكِرَاءِ مِقْدَارُ مَا شُرِطَ وَفِيمَا زَادَ هُوَ غَاصِبٌ اهـ. اسْتَأْجَرَ حِمَارًا لِيَنْقُلَ مِنْ خَرِبَةٍ تُرَابًا فَانْهَدَمَتْ الْخَرِبَةُ فَهَلَكَ الْحِمَارُ فَلَوْ انْهَدَمَتْ بِفِعْلِ الْمُسْتَأْجِرِ ضَمِنَ لِصُنْعِهِ وَلَوْ انْهَدَمَتْ لِرَخَاوَةٍ فِيهَا لَا لِفِعْلِهِ وَلَمْ يَعْلَمْ الْمُسْتَأْجِرُ بِهِ وَلَمْ يَكُنْ أَوْقَفَ الْحِمَارَ عَلَى وَهْيِ الْخَرِبَةِ لَا يَضْمَنُ لِعَدَمِ تَقْصِيرِهِ ذَكَرَهُ فِي الْخُلَاصَةِ الْمُسْتَأْجِرُ لَا يَمْلِكُ أَنْ يَبْعَثَ الْمُسْتَأْجَرَ إلَى السَّرْحِ فَلَوْ فَعَلَ ضَمِنَ وَقِيلَ: لَوْ جَرَى الْعُرْفُ بِالْبَعْثِ فَلَهُ ذَلِكَ وَإِلَّا فَلَا ذَكَرَهُ فِي الْخُلَاصَةِ عَنْ الْمُحِيطِ وَقِيلَ: إنَّ لِلْمُسْتَأْجِرِ أَنْ يُؤَجِّرَ وَيُعِيرَ وَيُودِعَ، وَالْبَعْثُ إلَى السَّرْحِ إيدَاعٌ فَيَمْلِكُهُ قُلْتُ وَقَدْ مَرَّ أَنَّ الْمُسْتَأْجِرَ لَيْسَ لَهُ أَنْ يُؤَجِّرَ. وَفِي الْخُلَاصَةِ مِنْ الْعَارِيَّةِ: الْمُسْتَأْجِرُ يُؤَجِّرُ وَيُعِيرُ وَيُودِعُ وَلَمْ يَذْكُرْ حُكْمَ الرَّهْنِ وَيَنْبَغِي أَنْ يَرْهَنَ اهـ. اسْتَقْرَضَ مِنْ رَجُلٍ دَرَاهِمَ وَدَفَعَ إلَى الْمُقْرِضِ حِمَارَهُ لِيَسْتَعْمِلَهُ إلَى أَنْ يُوفِيَ دَيْنَهُ فَبَعَثَهُ الْمُقْرِضُ إلَى السَّرْحِ فَعَقَرَهُ الذِّئْبُ ضَمِنَ الْمُقْرِضُ إذْ الْمُقْرِضُ هُنَا بِمَنْزِلَةِ الْمُسْتَأْجِرِ إجَارَةً فَاسِدَةً فَلَا يَمْلِكُ بَعْثَهُ إلَى السَّرْحِ. أَمْسَكَ الْمُسْتَأْجِرُ بَعْدَ مُضِيِّ الْمُدَّةِ أَوْ تَرَكَهُ فِي دَارِ غَيْرِهِ ضَمِنَ إذْ الرَّدُّ يَجِبُ عَلَيْهِ بَعْدَ الْمُدَّةِ فَيَغْرَمُ بِالتَّرْكِ وَكَذَا تَرْكُهُ فِي دَارِ غَيْرِهِ، وَغَيْبَتُهُ عَنْهُ تَضْيِيعٌ مِنْ الْفُصُولَيْنِ وَفِي مُشْتَمِلِ الْهِدَايَةِ نَقْلًا عَنْ التَّجْرِيدِ لَيْسَ عَلَى الْمُسْتَأْجِرِ رَدُّ الْمُسْتَأْجَرِ عَلَى الْمَالِكِ وَعَلَى الَّذِي أَجَّرَهُ أَنْ يَقْبِضَ مِنْ مَنْزِلِ الْمُسْتَأْجِرِ وَإِنْ أَمْسَكَهَا فَهَلَكَتْ لَمْ يَضْمَنْ وَلَيْسَ هَذَا كَعَارِيَّةٍ ثُمَّ قَالَ نَقْلًا عَنْ الْأَجْنَاسِ: قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ: كُلُّ شَيْءٍ لِحَمْلِهِ مُؤْنَةٌ كَرَحَى الْيَدِ فَعَلَى الْمُؤَجِّرِ أَجْرُ الرَّدِّ وَعَلَيْهِ أَخْذُهُ وَلَيْسَ عَلَى الْمُسْتَأْجِرِ رَدُّهُ وَمَا لَا حِمْلَ لَهُ كَالثِّيَابِ وَالدَّابَّةِ فَعَلَى الْمُسْتَأْجِرِ رَدُّهُ اهـ. اسْتَأْجَرَ دَابَّةً لِيَرْكَبَهَا مُدَّةً فَانْقَضَتْ الْمُدَّةُ وَأَمْسَكَهَا فِي مَنْزِلِهِ وَلَمْ يَجِيء صَاحِبُهَا لِيَأْخُذَهَا حَتَّى نَفَقَتْ عِنْدَهُ لَا ضَمَانَ عَلَيْهِ لِأَنَّهُ لَا يَجِبُ عَلَى الْمُسْتَأْجِرِ الرَّدُّ وَمَعَ ذَلِكَ لَوْ سَاقَهَا لِلرَّدِّ إلَى مَالِكِهَا فَضَاعَتْ لَا يَضْمَنُ مِنْ الْبَزَّازِيَّة. اسْتَأْجَرَ دَابَّةً مِنْ مَكَانٍ مِنْ الْمِصْرِ ذَاهِبًا وَجَائِيًا فَعَلَى الْمُسْتَأْجِرِ أَنْ يَأْتِيَ بِهَا إلَى ذَلِكَ الْمَكَانِ الَّذِي قَبَضَ فِيهِ فَلَوْ أَمْسَكَهَا فِي بَيْتِهِ فَعَطِبَتْ ضَمِنَ وَلَوْ قَالَ: ارْكَبْ مِنْ هَذَا الْمَكَانِ وَارْجِعْ إلَى بَيْتِي فَلَيْسَ عَلَيْهِ الرَّدُّ إلَى بَيْتِ الْمُؤَجِّرِ وَلَوْ رَدَّ الْمُسْتَأْجِرُ الدَّابَّةَ مَعَ أَجْنَبِيٍّ فَعَطِبَتْ ضَمِنَ. لَوْ عَيَّنَ الْمُؤَجِّرُ الطَّرِيقَ عَلَى الْمُسْتَأْجِرِ فَأَخَذَ فِي طَرِيقٍ آخَرَ يُسَاوِيهِ فِي الْأَمْنِ لَا ضَمَانَ عَلَيْهِ وَإِنْ لَمْ يساوه فِي الْأَمْنِ ضَمِنَ. وَفِي الْخُلَاصَةِ لَوْ خَالَفَ بِأَنْ بَيَّنَ لَهُ طَرِيقًا فَأَخَذَ طَرِيقًا آخَرَ إنْ كَانَ يَسْلُكُهُ النَّاسُ لَا يَضْمَنُ فَإِنْ بَلَغَ فَلَهُ الْأَجْرُ وَإِنْ كَانَا فِي السُّلُوكِ سَوَاءً لَا يَضْمَنُ وَإِنْ كَانَ أَحَدُهُمَا أَبْعَدَ بِحَيْثُ يَتَفَاوَتُ فِي الطُّولِ وَالْعَرْضِ وَالسُّهُولَةِ وَالصُّعُوبَةِ ضَمِنَ وَإِنْ حَمَلَهُ فِي الْبَحْرِ ضَمِنَ وَإِنْ كَانَ يَسْلُكُهُ النَّاسُ وَإِذَا بَلَغَ يَجِبُ الْأَجْرُ فِي الْبَحْرِ وَغَيْرِهِ اهـ، وَلَوْ عَيَّنَ الرُّفْقَةَ فَذَهَبَ بِلَا رُفْقَةٍ لَوْ كَانَ الطَّرِيقُ مَخُوفًا لَا يَسْلُكُهُ النَّاسُ إلَّا بِالرُّفْقَةِ ضَمِنَ وَإِلَّا فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ. لَوْ قَالَ الْمُؤَجِّرُ لِلْمُسْتَأْجِرِ: ارْجِعْ مَعَ الْعِيرِ فَرَجَعَ مَعَ عِيرٍ آخَرَ لَمْ يَضْمَنْ إذْ لَمْ يُعَيِّنْ عِيرًا وَهَذَا يُشِيرُ إلَى أَنَّهُ لَوْ عَيَّنَ رُفْقَةً فَذَهَبَ بِلَا رُفْقَةٍ أَوْ مَعَ رُفْقَةٍ أُخْرَى يَنْبَغِي أَنْ يَضْمَنَ. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 19 اسْتَأْجَرَ ثَوْرًا لِيَطْحَنَ عَلَيْهِ عَشَرَةَ مَخَاتِيمَ بُرٍّ فَطَحَنَ أَحَدَ عَشَرَ مَخْتُومًا وَتَلِفَ أَوْ اسْتَأْجَرَهُ لِيَكْرُبَ عَلَيْهِ جَرِيبًا فَكَرَبَ جَرِيبًا وَنِصْفًا فَهَلَكَ ضَمِنَ كُلَّ قِيمَتِهِ إذْ الطَّحْنُ يَكُونُ شَيْئًا فَشَيْئًا فَلَمَّا طَحَنَ عَشَرَةً انْتَهَى الْعَقْدُ فَهُوَ فِي طَحْنِ الْحَادِيَ عَشَرَ مُخَالِفٌ مِنْ كُلِّ وَجْهٍ فَيَضْمَنُ كُلَّهَا. اسْتَأْجَرَهَا لِيَحْمِلَ عَلَيْهَا كَذَا قَفِيزًا مِنْ بُرٍّ فَحَمَلَ عَلَيْهَا شَعِيرًا مِثْلَ وَزْنِ الْبُرِّ ضَمِنَ إذْ الشَّعِيرُ بِمِثْلِ وَزْنِ الْبُرِّ يَكُونُ أَكْثَرَ كَيْلًا مِنْ الْبُرِّ فَيَأْخُذُ مِنْ ظَهْرِهَا أَكْثَرَ مِنْ الْبُرِّ فَيَكُونُ مُخَالِفًا صُورَةً وَمَعْنًى وَلَوْ اسْتَأْجَرَهَا لِيَحْمِلَ عَلَيْهَا كَذَا قَفِيزًا مِنْ شَعِيرٍ فَحَمَلَ بُرًّا بِمِثْلِ وَزْنِ الشَّعِيرِ لَا يَضْمَنُ. اسْتَأْجَرَهَا لِيَحْمِلَ بُرًّا أَوْ شَعِيرًا بِوَزْنٍ مَعْلُومٍ فَحَمَلَ لَبِنًا أَوْ حَدِيدًا بِمِثْلِ وَزْنِهِ ضَمِنَ إذْ الْحَدِيدُ وَاللَّبِنُ أَدَقُّ لِظَهْرِ الدَّابَّةِ وَكَذَا لَوْ حَمَلَ تِبْنًا أَوْ حَطَبًا أَوْ قُطْنًا بِمِثْلِ ذَلِكَ الْوَزْنِ ضَمِنَ لِأَنَّهَا تَأْخُذُ مِنْ ظَهْرِهَا مِنْ غَيْرِ مَوْضِعِ الْحَمْلِ فَيَكُونُ أَشَقَّ عَلَى الدَّابَّةِ وَلَوْ حَمَلَ مِنْ الْحَطَبِ أَوْ نَحْوِهِ أَقَلَّ وَزْنًا مِنْ بُرٍّ مُسَمًّى يَنْبَغِي أَنْ يَضْمَنَ لَوْ تَفَاوَتَا قَلِيلًا أَوْ كَثِيرًا بِأَنْ شَرَطَ مِنْ الْبُرِّ مَثَلًا مِائَةَ رِطْلٍ وَحَمَلَ مِنْ الْحَطَبِ وَنَحْوِهِ خَمْسِينَ فَلَوْ قِيلَ: لَا يَضْمَنُ لَا يَبْعُدُ وَيَنْبَغِي أَنْ يُعْتَبَرَ الضَّرَرُ. وَلَوْ اسْتَأْجَرَهَا لِيَحْمِلَ تِبْنًا أَوْ قُطْنًا أَوْ حَدِيدًا أَوْ حَطَبًا فَحَمَلَ بُرًّا أَوْ شَعِيرًا بِمِثْلِ وَزْنِ هَذِهِ الْأَشْيَاءِ لَا يَضْمَنُ إذْ ضَرَرُ الْبُرِّ وَالشَّعِيرِ دُونَ ضَرَرِ هَذِهِ الْجُمْلَةِ مِنْ الْفُصُولَيْنِ سِوَى مَسْأَلَةِ الْخُلَاصَةِ. اكْتَرَى دَابَّةً لِيَحْمِلَ عَلَيْهَا إنْسَانًا فَحَمَلَ امْرَأَةً لَا ثَقِيلَةً لَا يَضْمَنُ إلَّا إذَا كَانَتْ ثَقِيلَةً بِحَيْثُ لَا تَحْتَمِلُهَا الدَّابَّةُ فَيَضْمَنُ. وَلَوْ اسْتَأْجَرَ دَابَّةً يَطْحَنُ عَلَيْهَا كُلَّ شَهْرٍ بِعَشْرَةٍ وَلَمْ يُسَمِّ مَا يَطْحَنُ كُلَّ يَوْمٍ يَجُوزُ وَإِنْ طَحَنَ مَا يَخْرُجُ عَنْ الْعُرْفِ يَضْمَنُ. وَلَوْ اسْتَأْجَرَ دَابَّةً بِإِكَافٍ فَأَسْرَجَهَا لَا يَضْمَنُ اكْتَرَى عُرْيَانًا فَأَسْرَجَهُ فَرَكِبَهُ يَضْمَنُ إلَّا إذَا كَانَتْ الدَّابَّةُ لَا تُرْكَبُ إلَّا بِسَرْجٍ كَالْفَرَسِ فَأَسْرَجَهُ لَا يَضْمَنُ وَإِنْ اسْتَأْجَرَ لِيَرْكَبَ خَارِجَ الْمِصْرِ فَأَسْرَجَهُ لَا يَضْمَنُ وَكَذَا فِي الْمِصْرِ إنْ كَانَ الرَّجُلُ مِنْ الْأَشْرَافِ أَوْ مِنْ الْأَوْسَاطِ وَإِنْ كَانَ مِنْ الْأَسَافِلِ يَضْمَنُ مِنْ الْوَجِيزِ. وَفِي الْخُلَاصَةِ اسْتَأْجَرَ دَابَّةً بِإِكَافٍ فَأَوْكَفَهَا بِإِكَافٍ مِثْلِهِ أَوْ أَسْرَجَهَا مَكَانَ الْإِكَافِ لَا يَضْمَنُ وَلَوْ اسْتَأْجَرَهَا بِسَرْجٍ فَأَوْكَفَهَا بِإِكَافٍ يُوكَفُ مِثْلُهُ أَوْ بِسَرْجٍ لَا يُسْرَجُ مِثْلُهُ فَهَلَكَتْ ضَمِنَ كُلَّ قِيمَةِ الدَّابَّةِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَلَوْ اسْتَأْجَرَهَا عُرْيَانَةً فَأَسْرَجَهَا وَرَكِبَهَا ضَمِنَ قَالَ مَشَايِخُنَا: إنْ اسْتَأْجَرَهَا مِنْ بَلَدٍ إلَى بَلَدٍ لَا يَضْمَنُ وَإِنْ اسْتَأْجَرَهَا لِيَرْكَبَهَا فِي الْمِصْرِ إنْ كَانَ الْمُسْتَكْرِي مِنْ الْأَشْرَافِ لَا يَضْمَنُ وَإِنْ كَانَ مِنْ الْعَوَامّ الَّذِينَ يَرْكَبُونَ عُرْيَانًا فَكَمَا قُلْنَا: إنَّهُ يَضْمَنُ وَلَوْ تَكَارَى دَابَّةً وَلَمْ يَذْكُرْ السَّرْجَ وَالْإِكَافَ وَسَلَّمَهَا عُرْيَانَةً فَرَكِبَهَا بِهَذَا وَبِهَذَا إنْ كَانَ مِثْلُهُ يُرْكَبُ بِسَرْجٍ ضَمِنَ إذَا رَكِبَهَا بِإِكَافٍ وَإِنْ كَانَ يُرْكَبُ بِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا لَا يَضْمَنُ إذَا رَكِبَهَا بِهَذَا وَبِهَذَا قَالَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: تَأْوِيلُهُ إذَا رَكِبَ مِنْ بَلَدٍ إلَى بَلَدٍ اهـ. اسْتَكْرَى إبِلًا عَلَى أَنْ يَحْمِلَ عَلَى كُلِّ بَعِيرٍ مِائَةَ رَطْلٍ فَحَمَلَ مِائَةً وَخَمْسِينَ ثُمَّ أَتَى الْجَمَّالَ بِإِبِلِهِ فَأَخْبَرَهُ الْمُسْتَكْرِي أَنَّهُ لَيْسَ فِي كُلِّ حِمْلٍ إلَّا مِائَةُ رَطْلٍ فَحَمَلَ الْجَمَّالُ وَهَلَكَ بَعْضُ إبِلِهِ لَا يَضْمَنُ الْمُسْتَكْرِي إذْ مَالِكُ الْإِبِلِ هُوَ الَّذِي حَمَلَهُ فَيُقَالُ لَهُ: يَنْبَغِي أَنْ تَزِنَ أَوَّلًا. اسْتَأْجَرَ دَابَّةً لِيَرْكَبَ إلَى مَكَانِ كَذَا فَأَمْسَكَهَا فِي بَيْتِهِ لَا يَجِبُ الْأَجْرُ وَيَضْمَنُ لَوْ هَلَكَتْ مِنْ الْفُصُولَيْنِ وَفِيهِ أَيْضًا فِي ضَمَانِ الْمُكَارِي نَقْلًا عَنْ الذَّخِيرَةِ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 20 اسْتَأْجَرَهَا مِنْ بَلَدٍ إلَى بَلَدٍ فَأَمْسَكَهَا فِي بَيْتِهِ فَهَلَكَتْ فَلَوْ أَمْسَكَهَا قَدْرَ مَا يَمْسِكُ النَّاسُ لِيُهَيِّئُوا أُمُورَهُمْ لَا يَضْمَنُ وَيَجِبُ الْأَجْرُ وَلَوْ أَمْسَكَهَا أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ ضَمِنَ قُلْتُ: فَيَنْبَغِي أَنْ يُحْمَلَ الْإِمْسَاكُ فِي الْمَسْأَلَةِ الْمُتَقَدِّمَةِ عَلَى هَذَا اسْتَأْجَرَهَا لِيَرْكَبَهَا إلَى بَلَدٍ فَإِذَا دَخَلَهَا كَانَ لَهُ أَنْ يَأْتِيَ بِهَا إلَى مَنْزِلِهِ اسْتِحْسَانًا اسْتَأْجَرَ دَابَّةً لِيَرْكَبَهَا فِي الْمِصْرِ يَوْمًا إلَى اللَّيْلِ فَأَمْسَكَهَا وَلَمْ يَرْكَبْهَا كَانَ عَلَيْهِ الْأَجْرُ وَلَا يَضْمَنُ. اسْتَأْجَرَ دَابَّةً لِيَرْكَبَهَا فَأَمْسَكَهَا فِي بَيْتِهِ وَلَمْ يَرْكَبْ إنْ اسْتَأْجَرَهَا لِيَرْكَبَ خَارِجَ الْمِصْرِ إلَى مَكَان مَعْلُومٍ فَأَمْسَكَهَا لَا يَجِبُ الْأَجْرُ وَيَكُونُ ضَامِنًا وَإِنْ اسْتَأْجَرَهَا لِيَرْكَبَهَا فِي الْمِصْرِ يَوْمًا إلَى اللَّيْلِ فَأَمْسَكَهَا وَلَمْ يَرْكَبْهَا كَانَ عَلَيْهِ الْأَجْرُ وَلَمْ يَكُنْ ضَامِنًا مِنْ قَاضِي خَانْ. وَفِي الْخُلَاصَةِ اسْتَأْجَرَ دَابَّةً أَيَّامًا مَعْلُومَةً لِيَرْكَبَهَا فَرَكِبَهَا فِي الْمِصْرِ فَانْقَضَتْ الْمُدَّةُ فَأَمْسَكَهَا فِي الْبَيْتِ وَلَمْ يَجِيء صَاحِبُهَا يَأْخُذُهَا فَنَفَقَتْ فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّ مُؤْنَةَ الرَّدِّ عَلَى الْأَجِيرِ وَلَوْ اسْتَأْجَرَهَا إلَى مَوْضِعٍ يَذْهَبُ عَلَيْهَا وَيَجِيءُ فَإِنَّ عَلَى الْمُسْتَأْجِرِ أَنْ يَرُدَّهَا إلَى الْمَوْضِعِ الَّذِي اسْتَأْجَرَهَا مِنْهُ فَإِنْ ذَهَبَ بِهَا إلَى مَنْزِلِهِ فَنَفَقَتْ ضَمِنَ وَلَوْ قَالَ الْمُسْتَأْجِرُ: ارْجِعْ بِهَا إلَى مَنْزِلِي لَيْسَ عَلَيْهِ أَنْ يَرُدَّهَا إلَى رَبِّ الدَّابَّةِ بَلْ إلَى الْمَوْضِعِ الَّذِي اسْتَأْجَرَهَا مِنْهُ وَعَلَى رَبِّ الدَّابَّةِ أَنْ يَأْتِيَ مَنْزِلَ الْمُسْتَأْجِرِ فَيَقْبِضُهَا انْتَهَى. غُصِبَ الْحِمَارُ الْمُسْتَأْجَرُ وَالْمُسْتَأْجِرُ يَقْدِرُ أَنْ يُخَلِّصَهُ مِنْهُ بَعْدَ التَّبْيِينِ فَلَمْ يَفْعَلْ حَتَّى ضَاعَ لَمْ يَضْمَنْهُ. اسْتَأْجَرَ حِمَارًا وَذَهَبَ بِهِ مَعَ حِمَارِهِ إلَى الْبَلَدِ فَأَخَذَ الْعَوَانُ حِمَارَهُ الْمَمْلُوكَ فَاشْتَغَلَ بِتَخْلِيصِهِ مِنْ يَدِهِ وَتَرَكَ الْمُسْتَأْجَرَ وَضَاعَ لَا يَضْمَنُ إنْ كَانَ لَا يَعْرِفُ الْعَوَانَ وَقَالَ الْقَاضِي بَدِيعُ الدِّينِ: لَا يَضْمَنُ مُطْلَقًا وَفِي الْمُحِيطِ يَضْمَنُ. اسْتَأْجَرَ بَعِيرًا لِيَحْمِلَ عَلَيْهِ كَذَا مَنًّا وَيَرْكَبَهُ فَحَمَلَ عَلَيْهِ الْمُسَمَّى وَأَرْكَبَ غَيْرَهُ وَهُوَ يُطِيقُهُمَا فَعَطِبَتْ فَعَلَيْهِ نِصْفُ الْقِيمَةِ مِنْ الْقُنْيَةِ. وَلَوْ تَرَكَ عَلْفَ الدَّابَّةِ حَتَّى مَاتَتْ جُوعًا لَا يَضْمَنُ؛ لِأَنَّ عَلْفَهَا عَلَى مَالِكِهَا دُونَ الْمُسْتَأْجِرِ حَتَّى لَوْ شُرِطَ عَلَى الْمُسْتَأْجِرِ فَسَدَتْ الْإِجَارَةُ مِنْ الْقَاعِدَةِ السَّادِسَةِ مِنْ الْأَشْبَاهِ لَوْ رَدَّ الْمُسْتَأْجِرُ الْمُسْتَأْجَرَ إلَى دَارِ مَالِكِهِ بَرِئَ مِنْ الضَّمَانِ هَذِهِ فِي عَارِيَّةِ الْمَجْمَعِ. وَفِي الْبَزَّازِيَّة اسْتَأْجَرَ دَابَّةً ثُمَّ رَدَّهَا إلَى صَاحِبِهَا وَرَبَطَهَا فِي مَرْبِطِ صَاحِبِ الدَّابَّةِ أَوْ أَغْلَقَ عَلَيْهَا فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ إذَا ضَاعَتْ وَكَذَا كُلُّ شَيْءٍ إذَا رُدَّتْ إلَى صَاحِبِهَا يُفْعَلُ بِهَا ذَلِكَ الْفِعْلُ إنْ فَعَلَهُ الْمُسْتَأْجِرُ بَرِئَ مِنْ الضَّمَانِ وَلَوْ أَدْخَلَهَا وَلَمْ يَرْبِطْ وَلَمْ يُغْلِقْ وَضَاعَ يَضْمَنُ اهـ. اسْتَأْجَرَ دَابَّةً وَقَبَضَهَا وَلَمْ يُعَيِّنْ الرَّاكِبَ كَانَ لَهُ أَنْ يُؤَجِّرَهَا وَيُعِيرَهَا وَيُودِعَهَا مِنْ قَاضِي خَانْ. اسْتَأْجَرَ دَابَّةً إلَى مَكَّةَ فَأَمْسَكَهَا بِالْكُوفَةِ حَتَّى رَجَعَ ضَمِنَ لَوْ هَلَكَتْ وَلَا أَجْرَ مِنْ إجَارَةِ الْأَمْتِعَةِ مِنْ الْوَجِيزِ. اسْتَأْجَرَ حِمَارًا إلَى قَرْيَةٍ ذَاهِبًا وَجَائِيًا عَلَى أَنْ يَرْجِعَ فِي يَوْمِهِ وَلَمْ يَرْجِعْ فِيهِ وَرَجَعَ مِنْ الْغَدِ عَلَيْهِ نِصْفُ الْأَجْرِ لِلذَّهَابِ لَا لِلرُّجُوعِ إذْ خَالَفَ فِيهِ فَيَضْمَنُ لَوْ تَلِفَ كَذَا فِي الْفُصُولَيْنِ مِنْ ضَمَانِ الْمُكَارِي. الْمُسْتَأْجِرُ يَضْمَنُ بِالْمَوْتِ مُجْهِلًا كَالْمُودِعِ وَالْمُسْتَعِيرِ؛ لِأَنَّ الْعَيْنَ أَمَانَةٌ فِي يَدِهِ مِنْ الْبَزَّازِيَّة وَفِيهَا أَجْرُهَا وَلَمْ يُسَلِّمْ حَتَّى مَاتَ الْآجِرُ لَا يَمْلِكُ الْمُسْتَأْجِرُ الْحَبْسَ لِاسْتِيفَاءِ الْمُعَجَّلَةِ أَجْرَ دَارِهِ أَوْ عَبْدَهُ بِدَيْنٍ سَابِقٍ عَلَى الْآجِرِ لِلْمُسْتَأْجِرِ ثُمَّ فَسَخَا الْإِجَارَةَ فَأَرَادَ الْمُسْتَأْجِرُ حَبْسَ الْعَيْنِ بِهَذِهِ الْأُجْرَةِ فَلَهُ ذَلِكَ وَلَوْ كَانَتْ الْإِجَارَةُ فَاسِدَةً وَتَفَاسَخَا ثُمَّ أَرَادَ حَبْسَ الْعَيْنِ بِالدَّيْنِ السَّابِقِ لَا يَصِحُّ وَكَذَا لَا يَصِحُّ شَرْطُ الضَّمَانِ إنْ هَلَكَ عَلَى الجزء: 1 ¦ الصفحة: 21 الْمُسْتَأْجِرِ اهـ. مُسْتَأْجِرُ الدَّابَّةِ أَوْ مُسْتَعِيرُهَا إذَا نَوَى أَنْ لَا يَرُدَّهَا ثُمَّ نَدِمَ وَرَجَعَ عَنْ تِلْكَ النِّيَّةِ إنْ كَانَ سَائِرًا عِنْدَ النِّيَّةِ فَعَلَيْهِ الضَّمَانُ إذَا هَلَكَ بَعْدَ النِّيَّةِ أَمَّا إذَا كَانَ وَاقِفًا إذَا تَرَكَ نِيَّةَ الْخِلَافِ عَادَ إلَى الْوِفَاقِ هَذِهِ فِي الْوَدِيعَةِ مِنْ الْبَزَّازِيَّة وَالْخُلَاصَةِ. [النَّوْع الثَّانِي ضمان الْأَمْتِعَة] كُلُّ فِعْلٍ يَتَفَاوَتُ النَّاسُ فِيهِ تَفَاوُتًا فَاحِشًا كَاللُّبْسِ وَالرُّكُوبِ فَإِنْ أَطْلَقَ الْمُسْتَأْجِرُ فَلَهُ أَنْ يُلْبِسَ مَنْ شَاءَ وَكَذَا الرُّكُوبُ وَلَكِنْ إنْ لَبِسَهُ هُوَ أَوْ أَلْبَسَهُ وَاحِدًا فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يُلْبِسَهُ غَيْرَهُ وَإِنْ قَالَ: عَلَى أَنْ يُلْبِسَهُ غَيْرَهُ أَوْ قَالَ: عَلَى أَنْ يُلْبِسَهُ فُلَانًا فَأَلْبَسَهُ غَيْرَهُ فَتَخَرَّقَ كَانَ ضَامِنًا. كَذَا فِي الْهِدَايَةِ وَغَيْرِهَا. وَفِي الْخُلَاصَةِ مِنْ إجَارَةِ الدَّوَابِّ إذَا اسْتَأْجَرَ ثَوْبًا لِيَلْبَسَهُ فَأَلْبَسَهُ غَيْرَهُ فَهُوَ ضَامِنٌ إنْ أَصَابَهُ شَيْءٌ وَإِنْ لَمْ يُصِبْهُ فَلَا أَجْرَ عَلَيْهِ اهـ وَلَوْ اسْتَأْجَرَ ثَوْبًا لَيْسَ لَهُ أَنْ يُؤَجِّرَهُ مِنْ غَيْرِهِ كَمَا مَرَّ فِي الْفَصْلِ الْمُتَقَدِّمِ. اسْتَأْجَرَ مُرًّا أَوْ مِسْحَاةً لِيَعْمَلَ فِي كَرْمِهِ فَأَعَارَهُ جَارُهُ وَضَاعَ لَمْ يَضْمَنْهُ فِي مُدَّةِ الْإِجَارَةِ وَبَعْدَهَا يَضْمَنُهُ قَالَ: اسْتَأْذَنَا فَجَعَلَ الْمَرَّأَ وَالْمِسْحَاةَ مِمَّا لَا يَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ الْمُسْتَعْمَلِ مِنْ الْقُنْيَةِ. لَوْ اسْتَأْجَرَ ثَوْبًا يَلْبَسُهُ يَوْمًا إلَى اللَّيْلِ فَأَلْبَسَهُ غَيْرَهُ ضَمِنَ وَلَوْ سَلِمَ لَا يَجِبُ الْأَجْرُ وَلَوْ وَضَعَهُ فِي بَيْتِهِ حَتَّى مَضَى الْيَوْمُ يَجِبُ الْأَجْرُ وَلَا يَضْمَنُ لَوْ هَلَكَ وَكَذَا لَوْ تَخَرَّقَ بِلُبْسِهِ فِي الْمُدَّةِ وَكَذَا لَوْ سُرِقَ مِنْهُ لَا يَضْمَنُ وَلَوْ اسْتَأْجَرَهُ لِيَلْبَسَهُ وَيَذْهَبَ بِهِ إلَى مَوْضِعِ كَذَا فَلَبِسَهُ فِي بَيْتِهِ وَلَمْ يَذْهَبْ قَالَ بَعْضُهُمْ: لَا يَجِبُ الْأَجْرُ لِأَنَّهُ مُخَالِفٌ ضَامِنٌ وَقَالَ بَعْضُهُمْ: يَجِبُ إذْ الْأَجْرُ مُقَابِلٌ بِلُبْسٍ لَا بِذَهَابٍ فَلَا مُخَالَفَةَ إذْ لَا يُشْتَرَطُ فِي الثَّوْبِ بَيَانُ الْمَكَانِ وَإِنَّمَا يُشْتَرَطُ بَيَانُ الْوَقْتِ إذْ اللُّبْسُ فِي بَعْضِ الْأَوْقَاتِ قَدْ يَكُونُ أَضَرَّ وَعَلَى هَذَا لَوْ اسْتَأْجَرَ ثَوْبًا لِيَلْبَسَهُ وَبِسُورِ فُلَانٍ كَسَّ رودبجاي ديكررفت يَنْبَغِي أَنْ يَجِبَ الْأَجْرُ وَلَا يَضْمَنُ مِنْ الْفُصُولَيْنِ. وَفِي الْبَزَّازِيَّة اسْتَأْجَرَ قَمِيصًا لِيَلْبَسَهُ إلَى مَكَانٍ كَذَا فَلَبِسَهُ فِي الْمِصْرِ فِي حَوَائِجِهِ فَهُوَ مُخَالِفٌ لَا أَجْرَ عَلَيْهِ وَقَالَ الْفَقِيهُ: يَجِبُ الْأَجْرُ لِأَنَّهُ خِلَافٌ إلَى خَيْرٍ بِخِلَافِ الدَّابَّةِ فَإِنَّهُ خِلَافٌ إلَى شَرٍّ إذْ يُحْتَاجُ فِيهِ إلَى ذِكْرِ الْمَكَانِ وَفِي الثَّوْبِ إلَى ذِكْرِ الْوَقْتِ. اسْتَأْجَرَ دِرْعًا لِيَلْبَسَهُ يَوْمًا إلَى اللَّيْلِ إنْ ثَوْبَ بِذْلَةٍ لَهُ أَنْ يَلْبَسَهُ الْيَوْمَ وَكُلَّ اللَّيْلِ وَإِنْ ثَوْبَ صِيَانَةٍ يَلْبَسُهُ الْيَوْمَ وَأَوَّلَ اللَّيْلِ وَآخِرَهُ وَإِنْ لَبِسَ وَسَطَهُ وَتَخَرَّقَ ضَمِنَ. وَفِي الْوَجِيزِ اسْتَأْجَرَ ثَوْبًا لِيَلْبَسَهُ فَارْتَدَى بِهِ فَعَلَيْهِ الْأَجْرُ كَامِلًا وَإِنْ اتَّزَرَ بِهِ ضَمِنَهُ لَوْ تَخَرَّقَ وَإِنْ سَلِمَ فَعَلَيْهِ الْأَجْرُ؛ لِأَنَّ الِاتِّزَارَ فِي إفْسَادِ الثَّوْبِ فَوْقَ اللُّبْسِ فَلَمْ يَكُنْ مَأْذُونًا بِهِ وَالِارْتِدَاءُ دُونَهُ فَكَانَ مَأْذُونًا بِهِ. وَلَوْ اسْتَأْجَرَ دِرْعًا يَلْبَسُهُ فِي النَّهَارِ وَفِي أَوَّلِ اللَّيْلِ وَآخِرِهِ وَلَا يَنَامُ فِيهِ فَإِنْ نَامَ فِيهِ فَتَخَرَّقَ لَا مِنْ النَّوْمِ لَا ضَمَانَ عَلَيْهِ وَإِنْ تَخَرَّقَ مِنْ النَّوْمِ فَهُوَ ضَامِنٌ وَلَيْسَ عَلَيْهِ أَجْرُ تِلْكَ السَّاعَةِ وَعَلَيْهِ أَجْرُ مَا قَبْلَهَا وَمَا بَعْدَهَا وَإِنْ كَانَ ثَوْبَ بِذْلَةٍ لَهُ اللُّبْسُ فِي اللَّيَالِي وَعَلَيْهِ أَجْرُ مَا لِلْعُرْفِ وَأَمَّا ثَوْبُ التَّجَمُّلِ فَلَا يَلْبَسُهُ فِي النَّوْمِ بَلْ اللُّبْسُ الْمُعْتَادُ فِي النَّهَارِ وَفِي طَرَفَيْ اللَّيْلِ فَصَارَ وَقْتُ النَّوْمِ مُسْتَثْنًى فِيهَا عُرْفًا فَإِنْ فَعَلَ وَتَخَرَّقَ ضَمِنَ وَإِنْ سَلِمَ فَعَلَيْهِ الْأَجْرُ وَلَوْ لَبِسَتْهُ جَارِيَتُهُ بِغَيْرِ إذْنِهِ فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ لِأَنَّهُ لَمْ يُوجَدْ مِنْهُ خِيَانَةٌ اهـ. اسْتَأْجَرَ ثَوْبًا لِيَلْبَسَهُ يَوْمًا فَضَاعَ ثُمَّ وُجِدَ بَعْدَ ذَلِكَ لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ الْأَجْرُ إذَا صَدَّقَهُ الْمَالِكُ فَإِنْ لَبِسَهُ فِي يَوْمٍ آخَرَ ضَمِنَ بِمُضِيِّ الْمُدَّةِ مِنْ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 22 الْخُلَاصَةِ. اسْتَأْجَرَ فَاسَ الْقَصَّابِ فَأَخَذَهُ مِنْهُ الْعَوَانُ بِالْجِبَايَةِ وَلَمْ يُخَلِّصْهُ بِدَرَاهِمَ حَتَّى ضَاعَ لَمْ يَضْمَنْ مِنْ الْقُنْيَةِ. اسْتَأْجَرَتْ حُلِيًّا يَوْمًا إلَى اللَّيْلِ لِتَلْبَسَهُ فَحَبَسَتْهُ أَكْثَرَ مِنْ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ صَارَتْ غَاصِبَةً قَالُوا: هَذَا لَوْ حَبَسَتْهُ بَعْدَ الطَّلَبِ أَوْ حَبَسَتْهُ مُسْتَعْمِلَةً أَمَّا لَوْ حَبَسَتْهُ لِلْحِفْظِ لَا تَصِيرُ غَاصِبَةً قَبْلَ الطَّلَبِ إذْ الْعَيْنُ تَبْقَى أَمَانَةً فَلَا تُضْمَنُ إلَّا بِالِاسْتِعْمَالِ أَوْ بِمَنْعٍ بَعْدَ الطَّلَبِ كَالْوَدِيعَةِ، وَالْفَاصِلُ بَيْنَ إمْسَاكِ الْحِفْظِ وَإِمْسَاكِ الِاسْتِعْمَالِ أَنَّهُ لَوْ أَمْسَكَ فِي مَوْضِعٍ يُمْسَكُ لِلِاسْتِعْمَالِ فَهُوَ اسْتِعْمَالٌ وَلَوْ أَمْسَكَ فِي مَوْضِعٍ لَا يُمْسَكُ فِيهِ لِلِاسْتِعْمَالِ فَهُوَ حِفْظٌ فَعَلَى هَذَا لَوْ تَسَوَّرَتْ بِالْخَلْخَالِ أَوْ تَخَلْخَلَتْ بِسِوَارٍ أَوْ تَعَمَّمَ بِقَمِيصٍ أَوْ وَضَعَ الْعِمَامَةَ عَلَى عَاتِقِهِ فَهَذَا كُلُّهُ حِفْظٌ لَا اسْتِعْمَالٌ وَلَوْ أَلْبَسَتْ الْحُلِيَّ غَيْرَهَا فِي الْمُدَّةِ تَضْمَنُ لِتَفَاوُتِ النَّاسِ فِي لُبْسِ الْحُلِيِّ. اسْتَأْجَرَ قَبَّانًا لِيَزِنَ حِمْلًا وَكَانَ فِي عَمُودِ الْقَبَّانِ عَيْبٌ لَمْ يَعْلَمْ بِهِ الْمُسْتَأْجِرُ فَوَزَنَ بِهِ وَانْكَسَرَ فَلَوْ يُوزَنُ مِثْلُهُ بِمِثْلِ ذَلِكَ الْقَبَّانِ الْمَعِيبِ لَا يَضْمَنُ إذْ لَمْ يُوجَدْ مِنْهُ سَبَبُ تَلَفٍ وَلَوْ بِخِلَافِهِ ضَمِنَ وَيَنْبَغِي أَنْ يُقَالَ إذَا لَمْ يُعْلِمْ الْمُؤَجِّرُ الْمُسْتَأْجِرَ بِالْعَيْبِ فَقَدْ أَذِنَ لَهُ أَنْ يُوزَنَ بِهِ مَا يُوزَنُ بِهِ بِلَا عَيْبٍ فَلَا يَضْمَنُ بِوَزْنِ ذَلِكَ الْقَدْرِ. اسْتَأْجَرَ فَاسًا وَأَجِيرًا لِيَعْمَلَ بِهِ لَهُ فَدَفَعَهُ إلَيْهِ فَذَهَبَ بِهِ الْأَجِيرُ قِيلَ: يَضْمَنُ الْمُسْتَأْجِرُ إذْ خَالَفَ بِدَفْعِهِ وَقِيلَ: لَوْ اسْتَأْجَرَ الْفَاسَ أَوَّلًا ضَمِنَ لَا لَوْ اسْتَأْجَرَ الْأَجِيرَ أَوَّلًا. وَفِي الْخُلَاصَةِ الْمُخْتَارُ أَنَّهُ لَا يَضْمَنُ مُطْلَقًا انْتَهَى وَيَنْبَغِي أَنْ يُقَالَ لَوْ تَفَاوَتَ النَّاسُ فِي اسْتِعْمَالِ الْفَاسِ فَلَا بُدَّ لِصِحَّةِ الْإِجَارَةِ مِنْ تَعْيِينِ الْمُسْتَعْمِلِ كَمَا لَوْ اسْتَأْجَرَ دَابَّةً لِلرُّكُوبِ فَلَوْ عَيَّنَ نَفْسَهُ يَصِيرُ مُخَالِفًا بِدَفْعِهِ إلَيْهِ وَلَوْ لَمْ يُعَيِّنْ الْمُسْتَعْمِلَ عِنْدَ الْعَقْدِ فَلَوْ اسْتَعْمَلَ الْفَاسَ بِنَفْسِهِ أَوَّلًا ثُمَّ دَفَعَهُ إلَى الْأَجِيرِ ضَمِنَ عِنْدَ بَعْضِهِمْ قُلْتُ: لَا حَاجَةَ إلَى التَّقْيِيدِ عِنْدَ الْبَعْضِ عَلَى مَا صُحِّحَ فِي مَسْأَلَةِ الرُّكُوبِ وَلَوْ دَفَعَهُ إلَيْهِ قَبْلَ أَنْ يَسْتَعْمِلَهُ بِنَفْسِهِ فَلَيْسَ بِمُخَالِفٍ وَلَوْ اسْتَعْمَلَهُ الْمُسْتَأْجِرُ بَعْدَ ذَلِكَ هَلْ يَضْمَنُ؟ يَجِبُ أَنْ يَكُونَ فِيهِ اخْتِلَافُ الْمَشَايِخِ كَالْعَارِيَّةِ قُلْتُ: لَا حَاجَةَ إلَى ذَلِكَ أَيْضًا بَلْ يَضْمَنُ عَلَى مَا قُرِّرَ فِي مَسْأَلَةِ الرُّكُوبِ وَلَوْ لَمْ يَتَفَاوَتْ النَّاسُ فِي اسْتِعْمَالِ الْفَاسِ فَالْإِجَارَةُ تُصِحُّ عَيْنَ الْمُسْتَعْمِلِ أَوَّلًا وَلَا يَضْمَنُ الْمُسْتَأْجِرُ بِدَفْعِهِ إلَى الْأَجِيرِ سَوَاءٌ دَفَعَهُ قَبْلَ أَنْ يَسْتَعْمِلَهُ بِنَفْسِهِ أَوْ بَعْدَهُ. اسْتَأْجَرَ مُرًّا فَجَعَلَهُ فِي الطِّينِ ثُمَّ صَرَفَ وَجْهَهُ مِنْ الطِّينِ وَلَمْ يَبْرَحْ مَكَانَهُ ثُمَّ نَظَرَ إلَى الْمُرِّ وَلَمْ يَجِدْهُ فَلَوْ حَوَّلَ وَجْهَهُ عَنْ الْمُرِّ قَلِيلًا بِحَيْثُ لَا يُعَدُّ ذَلِكَ تَضْيِيعًا لَا يَضْمَنُ وَالْقَوْلُ قَوْلُهُ مَعَ يَمِينِهِ إنْ كَذَّبَهُ الْآجِرُ ذَكَرَهُ فِي الْخُلَاصَةِ وَإِلَّا يَضْمَنُ. اسْتَأْجَرَ جُوَالِقًا لِيَحْمِلَ فِيهِ شَيْئًا وَأَخَذَ الْجُوَالِقَ فَأَخَذَهُ السُّلْطَانُ لِيَحْمِلَ لَهُ حِمْلًا فَذَهَبَ الْحَمَّالُ وَاشْتَغَلَ بِمَا أَمَرَهُ بِهِ السُّلْطَانُ فَسُرِقَ الْجُوَالِقُ فَلَوْ لَمْ يَجِدْ الْحَمَّالُ بُدًّا مِنْ أَمْرِ السُّلْطَانِ وَخَافَ الْعُقُوبَةَ بِتَرْكِ ذَلِكَ لَمْ يَضْمَنْ لِأَنَّهُ مُضْطَرٌّ فَلَا يَجِبُ الْحِفْظُ وَلَوْ لَهُ بُدٌّ مِنْ أَنْ يَشْتَغِلَ بِذَلِكَ الْحَمْلِ ضَمِنَ بِتَرْكِ الْحِفْظِ. اسْتَأْجَرَ قِدْرًا لِيَطْبُخَ فِيهِ شَيْئًا فَطَبَخَ وَأَخَذَ الْقِدْرَ مَعَ مَا طَبَخَ فِيهِ لِيَخْرُجَ إلَى الدُّكَّانِ فَزَلَّ قَدَمُهُ وَانْكَسَرَ الْقِدْرُ ضَمِنَ الْقِدْرَ. حَمَّالٌ زَلَقَ رِجْلُهُ يَضْمَنُ وَقِيلَ: يَنْبَغِي أَنْ لَا يَضْمَنَ قِيَاسًا عَلَى مَنْ اسْتَأْجَرَتْ ثَوْبًا لِتَلْبَسَهُ فَتَخَرَّقَ مِنْ لُبْسِهَا فَإِنَّهَا لَا تَضْمَنُ مِنْ الْفُصُولَيْنِ. وَفِي الْقُنْيَةِ عَنْ صَاحِبِ الْمُحِيطِ وَالصَّحِيحُ عَدَمُ الضَّمَانِ وَكَذَا مَسْأَلَةُ الْقَصْعَةِ لَا يَضْمَنُ إنْ سَقَطَتْ حَالَ الِانْتِفَاعِ بِهَا انْتَهَى وَفِيهِ أَيْضًا مَنْ رَدَّ الْمُسْتَأْجَرَ وَمَا يَتَعَلَّقُ بِهِ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 23 لَوْ اسْتَأْجَرَ قِدْرًا لِلطَّبْخِ فَلَمَّا فَرَغَ حَمَلَهَا عَلَى حِمَارِهِ فَزَلَقَ الْحِمَارُ وَانْكَسَرَ الْقِدْرُ لَوْ يُطِيقُ الْحِمَارُ حَمْلَهَا لَا يَضْمَنُ وَإِلَّا ضَمِنَ انْتَهَى. وَفِي الْخُلَاصَةِ اسْتَأْجَرَ قِدْرًا فَلَمَّا فَرَغَ حَمَلَهَا عَلَى الْحِمَارِ وَذَهَبَ بِهَا إلَى صَاحِبِهَا فَزَلَقَ الْحِمَارُ فَانْكَسَرَتْ لَا يَضْمَنُ إنْ كَانَ حِمَارًا يُطِيقُ ذَلِكَ وَإِنْ كَانَ الرَّدُّ عَلَى الْمُؤَجِّرِ إلَّا أَنَّ الْعَادَةَ أَنَّ الْمُسْتَأْجِرَ يَحْمِلُ اهـ. اسْتَأْجَرَ خَيْمَةً لِيَنْصِبَهَا فِي بَيْتِهِ شَهْرًا فَنَصَبَهَا فِي الشَّمْسِ أَوْ فِي الْمَطَرِ وَأَنَّهُ يَضُرُّ يَضْمَنُ وَإِذَا سَلِمَتْ فَعَلَيْهِ الْأَجْرُ وَلَوْ أَخْرَجَهَا إلَى السَّوَادِ يَضْمَنُ مِنْ الْوَجِيزِ. وَفِي الْفُصُولَيْنِ أَجْرُ خَيْمَةٍ لِيَنْصِبَهَا فِي دَارِهِ فَنَصَبَهَا فِي دَارٍ أُخْرَى فِي قَبِيلَةٍ أُخْرَى مِنْ هَذَا الْمِصْرِ يَجِبُ الْأَجْرُ وَلَا يَضْمَنُ لِعَدَمِ التَّفَاوُتِ إلَّا إذَا أَخْرَجَهَا مِنْ الْمِصْرِ فَنَصَبَهَا هُنَاكَ فَلَا أَجْرَ سَلِمَتْ أَوْ لَا وَيَضْمَنُ لِمُخَالَفَةِ أَمْرِهِ حَيْثُ أَخْرَجَهَا مِنْ الْمِصْرِ فَتَضَرَّرَ بِهِ إذْ مُؤْنَةُ الرَّدِّ عَلَى الْمُؤَجِّرِ اهـ. اسْتَأْجَرَ خَيْمَةً إلَى مَكَّةَ لَهُ أَنْ يُؤَجِّرَهَا مِنْ آخَرَ لِأَنَّهُ لَا يَخْتَلِفُ مِنْ الْبَزَّازِيَّة. وَفِي الْحَقَائِقِ اسْتَأْجَرَ فُسْطَاطًا فَدَفَعَهُ إلَى غَيْرِهِ إجَارَةً أَوْ إعَارَةٌ فَهَلَكَ فِي يَدِ الثَّانِي يَضْمَنُ عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ وَلَا أَجْرَ عَلَيْهِ إذْ لَيْسَ لَهُ ذَلِكَ لِتَفَاوُتِ النَّاسِ فِي نَصْبِهِ وَعِنْدَ مُحَمَّدٍ لَا يَضْمَنُ وَلَهُ ذَلِكَ لِأَنَّهُ لِلسُّكْنَى كَالدَّارِ انْتَهَى وَوُضِعَ الْخِلَافُ بَيْنَ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ فِي الْوَجِيزِ وَفِيهِ أَيْضًا لَوْ اسْوَدَّ بِالسِّرَاجِ أَوْ بِإِيقَادِ النَّارِ لَا يَضْمَنُ إلَّا إذَا جَاوَزَ بِمَا هُوَ الْمَعْرُوفُ وَالْمُعْتَادُ وَفِيهِ أَيْضًا يَجُوزُ اسْتِئْجَارُ الْمِيزَانِ وَالْمِكْيَالِ وَالسَّرْجِ وَالْإِكَافِ وَلَا يَدْفَعُهُ إلَى غَيْرِهِ قُلْتُ: هَذَا إذَا عَيَّنَ الِاسْتِعْمَالَ بِنَفْسِهِ وَإِلَّا فَلَهُ ذَلِكَ قَبْلَ الِاسْتِعْمَالِ عَلَى مَا مَرَّ مِنْ الْقَاعِدَةِ فِي أَوَّلِ هَذَا النَّوْعِ فَهِيَ الْقَاعِدَةُ الْمُصَحَّحَةُ الْمُعْتَبَرَةُ فِيمَا يَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ الْمُسْتَعْمَلِ وَفِي قَاضِي خَانْ رَجُلٌ اسْتَأْجَرَ فُسْطَاطًا لَهُ أَنْ يُسْرِجَ فِيهِ وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَتَّخِذَهُ مَطْبَخًا فَإِنْ اتَّخَذَهُ مَطْبَخًا ضَمِنَ مَا انْتَقَصَ إلَّا إذَا كَانَ مُعَدًّا لِذَلِكَ بِأَنْ كَانَ مِنْ الْمُسَيَّحِ وَغَيْرِهِ. لَوْ انْكَسَرَ الْقُفْلُ مِنْ مُعَالَجَةِ الْمُسْتَأْجِرِ إيَّاهُ لِلْفَتْحِ لَا ضَمَانَ عَلَيْهِ لِأَنَّهُ مَأْذُونٌ فِيهَا مِنْ الْوَجِيزِ مِنْ بَابِ الْحُقُوقِ فِي الْإِجَارَةِ. اسْتَأْجَرَ رَحَى عَلَى أَنْ يَطْحَنَ فِيهَا حِنْطَةً فَطَحَنَ غَيْرَهَا إنْ كَانَ ضَرَرُ مَا طَحَنَ مِثْلَ الْحِنْطَةِ أَوْ دُونَهُ لَا يَكُونُ مُخَالِفًا وَإِنْ كَانَ فَوْقَهُ يَكُونُ مُخَالِفًا فَيُعْتَبَرُ فِيهِ أَحْكَامُ الْغَصْبِ مِنْ الْخُلَاصَةِ. [النَّوْع الثَّالِث ضمان الْعَقَار] مَا لَا يَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ الْمُسْتَعْمَلِ كَالسُّكْنَى التَّقْيِيدُ لَا يُقَيَّدُ فِيهِ لِعَدَمِ التَّفَاوُتِ فَإِذَا شُرِطَ سُكْنَى وَاحِدٍ فَلَهُ أَنْ يُسْكِنَ غَيْرَهُ كَمَا فِي الْهِدَايَةِ وَكُلُّ شَيْءٍ هُوَ مِنْ جُمْلَةِ السُّكْنَى وَمِنْ تَوَابِعِهِ وَمَرَافِقِهِ عُرْفًا وَعَادَةً يَدْخُلُ تَحْتَ الْعَقْدِ فَيَكُونُ لِلْمُسْتَأْجِرِ فِعْلُهُ إلَّا فِعْلًا يُوهِنُ الْبِنَاءَ وَيُفْسِدُهُ فَلَا يَدْخُلُ تَحْتَ الْعَقْدِ فَلَا يَكُونُ لَهُ فِعْلُهُ إلَّا بِالشَّرْطِ مِنْ الْوَجِيزِ اسْتَأْجَرَ بَيْتًا وَلَمْ يُسَمِّ مَا يُرِيدُ جَازَ وَلَهُ أَنْ يَسْكُنَ وَيُسْكِنَ غَيْرَهُ إذْ لَا تَفَاوُتَ فِي السُّكْنَى وَلَهُ أَنْ يَضَعَ فِيهِ مَتَاعَهُ لِأَنَّهُ مِنْ جُمْلَةِ السُّكْنَى وَلَهُ أَنْ يَرْبِطَ دَوَابَّهُ قَالُوا: هَذَا إذَا كَانَ فِيهِ مَوْضِعٌ مُعَدٌّ لِرَبْطِ الدَّوَابِّ وَإِلَّا فَلَيْسَ لَهُ ذَلِكَ. وَفِي الْخُلَاصَةِ وَلِلْمُسْتَأْجِرِ أَنْ يَرْبِطَ فِيهَا دَابَّتَهُ وَبَعِيرَهُ وَشَاتَهُ فَإِنَّهُ لَمْ يَكُنْ هُنَاكَ مَرْبِطٌ فَلَيْسَ لَهُ اتِّخَاذُ الْمَرْبِطِ وَفِي شَرْحِ الشَّافِي مَا ذُكِرَ فِي الْكِتَابِ عُرْفُ الْكُوفَةِ أَوْ الْمَنَازِلُ بِبُخَارَى فَإِنَّهَا تَضِيقُ عَنْ سُكْنَى النَّاسِ فَكَيْفَ الدَّوَابُّ وَمَرْبِطُ الدَّابَّةِ عَلَى بَابِ دَارِهِ وَلَوْ ضَرَبَتْ الدَّابَّةُ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 24 إنْسَانًا أَوْ هَدَمَتْ حَائِطًا لَمْ يَضْمَنْ اهـ. وَلَهُ أَنْ يَعْمَلَ فِيهِ مَا بَدَا لَهُ مَا لَا يَضُرُّ بِالْبِنَاءِ نَحْوُ الْوُضُوءِ وَغَسْلِ الثَّوْبِ وَأَمَّا مَا يَضُرُّ بِهِ كَرَحًى وَحَدَّادَةٍ وَقَصَّارَةٍ فَلَيْسَ لَهُ ذَلِكَ إلَّا بِرِضَا مَالِكِهِ، بَعْضُ مَشَايِخِنَا قَالُوا: أَرَادَ بِالرَّحَى رَحَى الْمَاءِ وَالثَّوْرَ لَا رَحَى الْيَدِ وَقَالَ بَعْضُهُمْ: يُمْنَعُ عَنْ الْكُلِّ وَبَعْضُهُمْ قَالُوا: لَوْ كَانَ رَحَى الْيَدِ يَضُرُّ بِالْبِنَاءِ يُمْنَعُ وَإِلَّا فَلَا وَبِهِ يُفْتَى وَأُمًّا كَسْرُ الْحَطَبِ فَقِيلَ: يَمْنَع مُطْلَقًا وَيُؤْمَر بِكَسْرِهِ خَارِجَ الدَّار لِأَنَّهُ يُوهِن الْبِنَاءَ لَا مَحَالَةَ وَقِيلَ: لَا يَمْنَعُ عَنْ الْمُعْتَادِ لِأَنَّهُ مِنْ السُّكْنَى فَلَوْ أَقْعَدَ فِيهِ قَصَّارًا أَوْ حَدَّادًا أَوْ عَمَلَ بِنَفْسِهِ ذَلِكَ ضَمِنَ قِيمَةَ الْمُنْهَدِمِ لِأَنَّهُ أَثَرُ فِعْلِهِ وَلَوْ لَمْ يَنْهَدِمْ شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ الْعَمَلِ يَجِبْ الْأَجْرُ اسْتِحْسَانًا لَا قِيَاسًا. وَفِي الْخُلَاصَةِ لَوْ أَقْعَدَ فِيهَا قَصَّارًا فَانْهَدَمَتْ مِنْ عَمَلِهِ ضَمِنَ وَلَا يَجِبُ الْأَجْرُ فِيمَا ضَمِنَ وَيَنْبَغِي أَنْ يَجِبَ فِيمَا لَمْ يَضْمَنْ وَهُوَ السَّاحَةُ وَلَوْ لَمْ يَنْهَدِمْ شَيْءٌ مِنْ الْقَصَّارَة لَا يَجِبْ الْأَجْرُ قِيَاسًا وَيُجِبْ الْمُسَمَّى اسْتِحْسَانًا. وَلَوْ اسْتَأْجَرَ حَانُوتَيْنِ مِنْ رَجُلٍ فَنَقَبَ أَحَدَهُمَا إلَى الْآخَرِ يَرْتَفِقُ بِذَلِكَ فَإِنَّهُ يَضْمَنُ مَا أَفْسَدَ مِنْ الْحَائِطِ وَيَضْمَنُ أَجْرَ الْحَانُوتَيْنِ بِتَمَامِهِ مِنْ الْفُصُولَيْنِ سِوَى الْمَنْقُولِ عَنْ الْخُلَاصَةِ. اسْتَأْجَرَ أَرْضًا لِيَزْرَعَهَا حِنْطَةً فَزَرَعَهَا رَطْبَةً ضَمِنَ مَا نَقَصَ؛ لِأَنَّ الرِّطَابَ أَضَرُّ بِالْأَرْضِ مِنْ الْحِنْطَةِ وَلَا أَجْرَ لِأَنَّهُ غَاصِبٌ لِلْأَرْضِ مِنْ الْهِدَايَةِ. اسْتَأْجَرَ بَيْتًا لِيُقْعِدَ فِيهِ قَصَّارًا فَأَرَادَ أَنْ يُقْعِدَ حَدَّادًا جَازَ إنْ كَانَتْ مَضَرَّتُهُمَا وَاحِدَةً أَوْ مَضَرَّةُ الْحَدَّادِ أَقَلَّ وَإِنْ كَانَتْ أَكْثَرَ لَا يَجُوزُ وَكَذَلِكَ الرَّحَى. لَوْ اسْتَأْجَرَهَا عَلَى أَنْ يُنْزِلَهَا وَحْدَهُ فَلَهُ أَنْ يُنْزِلَ امْرَأَتَهُ وَدَوَابَّهُ قِيلَ: هَذَا إذَا لَمْ يَكُنْ فِي الدَّارِ بِئْرُ بَالُوعَةٍ وَلَا بِئْرُ وُضُوءٍ فَإِنْ كَانَ يَنْبَغِي أَنْ لَا يَجُوزَ فَإِنَّهُ يَمْتَلِئُ بِئْرُ الْبَالُوعَةِ وَالْمَخْرَجُ أَسْرَعُ مِمَّا لَوْ سَكَنَ وَحْدَهُ فَكَانَ الشَّرْطُ مُفِيدًا مِنْ الْوَجِيزِ. الْمُسْتَأْجِرُ إجَارَةً فَاسِدَةً يَمْلِكُ الْإِجَارَةَ مِنْ غَيْرِهِ فِي الْأَصَحِّ كَمَا يَمْلِكُ فِي الْإِجَارَةِ الصَّحِيحَةِ مِنْ الصُّغْرَى. اسْتَأْجَرَ رَحَى عَلَى أَنْ يَطْحَنَ فِيهَا حِنْطَةً فَطَحَنَ غَيْرَهُ إنْ كَانَ ضَرَرُ مَا يَطْحَنُ مِثْلَ الْحِنْطَةِ أَوْ دُونَهُ لَا يَكُونُ مُخَالِفًا وَإِنْ كَانَ فَوْقَهُ يَكُونُ مُخَالِفًا فَيَتَعَيَّنُ فِيهِ أَحْكَامُ الْغَصْبِ. اسْتَأْجَرَ طَاحُونَةً إجَارَةً طَوِيلَةً ثُمَّ أَجَّرَهَا مِنْ غَيْرِهِ بِالْفَارِسِيَّةِ بِقُبَالَةِ دَارٍ وَأَذِنَ لَهُ بِالْعِمَارَةِ فَأَنْفَقَ فِي الْعِمَارَةِ هَلْ يَرْجِعُ عَلَيْهِ؟ نُظِرَ إنْ عَلِمَ أَنَّهُ مُسْتَأْجِرٌ وَلَيْسَتْ الطَّاحُونَةُ مِلْكًا لَهُ لَا يَرْجِعُ وَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ وَظَنَّهُ مَالِكًا يَرْجِعُ عَلَيْهِ هُوَ الْمُخْتَارُ مِنْ الْخُلَاصَةِ. وَفِي الْقُنْيَةِ إجَارَةُ الْعَقَارِ قَبْلَ قَبْضِهِ مُخْتَلَفٌ فِيهِ كَبَيْعِهِ. الْمُسْتَأْجِرُ إجَارَةً فَاسِدَةً لَوْ أَجَّرَ لِغَيْرِهِ إجَارَةً صَحِيحَةً يَجُوزُ فِي الصَّحِيحِ وَقِيلَ: لَا اسْتِدْلَالًا بِمَا لَوْ دَفَعَ إلَيْهِ دَارًا لِيَسْكُنَهَا وَيَرُمَّهَا وَلَا أَجْرَ لَهُ وَأَجَّرَ الْمُسْتَأْجِرُ مِنْ غَيْرِهِ وَانْهَدَمَتْ الدَّارُ مِنْ سُكْنَى الثَّانِي ضَمِنَ اتِّفَاقًا لِأَنَّهُ صَارَ غَاصِبًا وَأَجَابُوا عَنْهُ بِأَنَّ الْعَقْدَ فِي تِلْكَ الْمَسْأَلَةِ إعَارَةٌ لَا إجَارَةٌ مِنْ الْبَزَّازِيَّة وَفِيهَا لَوْ حَفَرَ بِئْرًا إنْ كَانَ مَأْذُونًا فِي الْحَفْرِ لَا يَضْمَنُ وَإِلَّا ضَمِنَ. اسْتَأْجَرَ دَارًا وَبَنَى حَائِطًا مِنْ تُرَابِهَا بِلَا أَمْرِ صَاحِبِهَا ثُمَّ أَرَادَ الْخُرُوجَ مِنْهَا وَأَخَذَ الْبِنَاءَ إنْ كَانَ مِنْ لَبِنٍ فَإِنَّهُ يَرْفَعُ الْبِنَاءَ وَيَدْفَعُ قِيمَةَ التُّرَابِ لِصَاحِبِهَا وَإِنْ كَانَ مِنْ الْجِصِّ لَا يَرْفَعُ لِأَنَّهُ لَوْ دَفَعَ عَادَ تُرَابًا وَلَا شَيْءَ لَهُ. اسْتَأْجَرَ أَرْضًا إجَارَةً طَوِيلَةً وَاشْتَرَى الْأَشْجَارَ لِتَصِحَّ الْإِجَارَةُ ثُمَّ أَثْمَرَتْ الْأَشْجَارُ ثُمَّ فَسَخَهَا فَالثِّمَارُ عَلَى مِلْكِ الْمُسْتَأْجِرِ وَلَوْ قَطَعَ الْأَشْجَارَ ثُمَّ تَفَاسَخَا فَهِيَ لِلْآجِرِ وَلَوْ أَتْلَفَهَا الْمُسْتَأْجِرُ فَعَلَيْهِ قِيمَتُهَا لِأَنَّهُ بَيْعٌ ضَرُورِيٌّ لِجَوَازِ الْإِجَارَةِ فَلَا يَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ أَحْكَامُ الْبَيْعِ الْبَاتِّ وَلَوْ أَتْلَفَ الْآجِرُ الْأَشْجَارَ فِي مُدَّةِ الْإِجَارَةِ فَالصَّحِيحُ أَنَّهُ لَا ضَمَانَ عَلَيْهِ لَكِنْ يُخَيَّرُ الْمُسْتَأْجِرُ فِي الْفَسْخِ لِأَنَّهُ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 25 عَيْبٌ وَلَوْ قَطَعَهَا الْمُسْتَأْجِرُ فِي مُدَّةِ الْإِجَارَةِ لَا يَضْمَنُ النُّقْصَانَ لَكِنْ يُخَيِّرُ الْآجِرُ. الْمُسْتَأْجِرُ إذَا أُخِذَ مِنْهُ الْجِبَايَةُ الرَّاتِبَةُ عَلَى الدُّورِ وَالْحَوَانِيتِ يَرْجِعُ عَلَى الْآجِرِ وَكَذَا الْأَكَّارُ فِي الْأَرْضِ وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى. الْمُسْتَأْجِرُ إذَا عَمَّرَ فِي الدَّارِ الْمُسْتَأْجَرَةِ عِمَارَةً بِإِذْنِ الْآجِرِ يَرْجِعُ بِمَا أَنْفَقَ وَإِنْ لَمْ يَشْرُطْ الرُّجُوعَ صَرِيحًا وَكَذَا الْقِيَمُ وَفِي التَّنُّورِ وَالْبَالُوعَةِ لَا يَرْجِعُ بِمُجَرَّدِ الْإِذْنِ إلَّا بِشَرْطِ الرُّجُوعِ؛ لِأَنَّ الْعِمَارَةَ لِإِصْلَاحِ مِلْكِهِ وَصِيَانَةِ دَارِهِ عَنْ الِاخْتِلَالِ فَرَضِيَ بِالْإِنْفَاقِ بِخِلَافِ التَّنُّورِ وَالْبَالُوعَةِ مِنْ الْقُنْيَةِ. شَرْطُ الْخِيَارِ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ فِي الْإِجَارَةِ جَائِزٌ فَلَوْ اشْتَرَطَ وَسَكَنَ فِي مُدَّةِ الْخِيَارِ سَقَطَ الْخِيَارُ وَلَوْ انْهَدَمَ مِنْ سُكْنَاهُ لَا يَضْمَنُ لِأَنَّهُ سَكَنَ بِحُكْمِ الْإِجَارَةِ اسْتَأْجَرَ أَرْضًا لِيُلَبِّنَ فِيهَا فَالْإِجَارَةُ فَاسِدَةٌ فَإِنْ كَانَ لِلتُّرَابِ قِيمَةٌ يَضْمَنُ قِيمَةَ التُّرَابِ وَاللَّبِنِ؛ لِأَنَّهُ كَانَ غَاصِبًا وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ قِيمَةٌ لَا شَيْءَ عَلَيْهِ وَاللَّبِنُ لَهُ فَإِنْ نَقَصَتْ الْأَرْضُ بِذَلِكَ ضَمِنَ نُقْصَانَهُ وَيَدْخُلُ أَجْرُ الْمِثْلِ فِي قِيمَةِ النُّقْصَانِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِيهِ نُقْصَانٌ لَا شَيْءَ عَلَيْهِ. وَلَيْسَ لِلْآجِرِ أَنْ يُدْخِلَ دَابَّتَهُ الدَّارَ الْمُسْتَأْجَرَةَ بَعْدَمَا سَكَنَ الْمُسْتَأْجِرُ وَضَمِنَ مَا عَطِبَتْ إلَّا إذَا فَعَلَ بِإِذْنِ الْمُسْتَأْجِرِ هَذَا إذَا أَجَّرَ كُلَّ الدَّارِ فَإِنْ لَمْ يُؤَجِّرْ صَحْنَ الدَّارِ لَهُ أَنْ يَرْبِطَ فِي الصَّحْنِ وَلَوْ بَنَى الْمُسْتَأْجِرُ التَّنُّورَ فِي الدَّارِ الْمُسْتَأْجَرَةِ فَاحْتَرَقَ شَيْءٌ مِنْ الدَّارِ لَمْ يَضْمَنْ الْمُسْتَأْجِرُ. اسْتَأْجَرَ مَنْزِلًا مُقْفَلًا فَقَالَ رَبُّ الْمَنْزِلِ: خُذْ الْمِفْتَاحَ وَافْتَحْهُ فَاسْتَأْجَرَ حَدَّادًا لِيَفْتَحَهُ فَالْأَجْرُ عَلَى الْمُسْتَأْجِرِ وَلَوْ انْكَسَرَ الْقُفْلُ بِمُعَالَجَةِ الْحَدَّادِ ضَمِنَ إلَّا إذَا عَالَجَ خَفِيفًا عَلَى أَنَّهُ لَمْ يَنْكَسِرْ بِفِعْلِهِ وَلَوْ انْكَسَرَ بِمُعَالَجَةِ الْمُسْتَأْجِرِ لَمْ يَضْمَنْ إذَا عَالَجَهُ بِمَا يُعَالَجُ مِثْلُهُ. اسْتَأْجَرَ بَيْتًا سَنَةً يَجْعَلُ فِيهِ التِّبْنَ فَجَاءَ الشِّتَاءُ وَوَكَفَ الْبَيْتُ بِمَاءِ الْمَطَرِ وَفَسَدَ التِّبْنُ لَا يَضْمَنُ صَاحِبُ الْبَيْتِ بِتَرْكِ التَّطْيِينِ لِلسَّطْحِ وَإِنْ مَضَتْ الْمُدَّةُ فِي التِّبْنِ وَالْفَاسِدُ فِيهِ يَلْزَمُهُ الْأَجْرُ. اسْتَأْجَرَ مِنْ أَرَاضِي الْجَبَلِ فَزَرَعَهَا وَلَمْ تُمْطِرْ وَلَمْ يَنْبُتْ حَتَّى مَضَتْ السَّنَةُ ثُمَّ مَطَرَتْ وَنَبَتَ فَالزَّرْعُ كُلُّهُ لِلْمُسْتَأْجِرِ وَلَيْسَ عَلَيْهِ كِرَاءُ الْأَرْضِ وَلَا نُقْصَانُهَا هَذِهِ الْجُمْلَةُ مِنْ الْخُلَاصَةِ مَا عَدَا مَسْأَلَةِ الْقُنْيَةِ. [النَّوْع الرَّابِع ضمان الْآدَمِيِّ] (النَّوْعُ الرَّابِعُ ضَمَانُ الْآدَمِيِّ) اسْتَأْجَرَ قِنًّا شَهْرًا فِي الْخِيَاطَةِ فَاسْتَعْمَلَهُ فِي اللَّبِنِ لِيُلَبِّنَهُ فَهَلَكَ ضَمِنَ وَلَوْ لَمْ يَهْلَكْ فِيهِ حَتَّى رَدَّهُ فِي الْخِيَاطَةِ فَهَلَكَ فِيهِ لَا يَضْمَنُ مِنْ الْفُصُولَيْنِ. اسْتَأْجَرَ عَبْدًا لِلْخِدْمَةِ فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يُسَافِرَ بِهِ إلَّا أَنْ يَشْتَرِطَ ذَلِكَ مِنْ الْهِدَايَةِ. اسْتَأْجَرَ عَبْدًا لِلْخِدْمَةِ لَهُ أَنْ يُؤَجِّرَهُ مِنْ غَيْرِهِ كَالدَّارِ؛ لِأَنَّ الْعَبْدَ عَاقِلٌ لَا يَنْقَادُ لِزِيَادَةِ خِدْمَةٍ غَيْرِ مُسْتَحَقَّةٍ وَفِي الدَّابَّةِ وَالثَّوَابِ لَيْسَ لَهُ ذَلِكَ كَمَا مَرَّ عَنْ الْقُنْيَةِ. اسْتَأْجَرَ عَبْدًا لِلْخِدْمَةِ مُدَّةً مَعْلُومَةً وَعَجَّلَ الْأُجْرَةَ ثُمَّ مَاتَ الْمُؤَجِّرُ كَانَ لِلْمُسْتَأْجِرِ أَنْ يُمْسِكَ الْعَبْدَ حَتَّى يَرُدَّ الْأَجْرَ عَلَيْهِ وَأَنَّ مَاتَ الْعَبْدُ فِي يَدِهِ لَا ضَمَانَ عَلَيْهِ وَيَرْجِعُ بِالْأَجْرِ وَقَوْلُهُ حَتَّى يَرُدَّ الْأَجْرَ عَلَيْهِ أَيْ حِصَّتَهُ فِيمَا بَقِيَ مِنْ الْمُدَّةِ مِنْ مُشْتَمِلِ الْأَحْكَامِ عَنْ مَجْمَعِ الْفَتَاوَى. لَيْسَ لِمُسْتَأْجِرِ الْعَبْدِ أَنْ يَضْرِبَهُ إلَّا بِإِذْنِ الْمَوْلَى عِنْدَ الْكُلِّ كَذَا فِي قَاضِي خَانْ مِنْ فَصْلِ الْبَقَّارِ قُلْتُ: فَيَضْمَنُ لَوْ عَطِبَ بِهِ. اسْتَأْجَرَ عَبْدًا سَنَةً وَقَبَضَهُ فَلَمَّا مَضَى نِصْفُ السَّنَةِ جَحَدَ الْإِجَارَةَ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 26 وَادَّعَاهُ لِنَفْسِهِ وَقِيمَةُ الْعَبْدِ يَوْمَ الْجُحُودِ أَلْفَانِ فَمَضَتْ السَّنَةُ وَقِيمَةُ الْعَبْدِ أَلْفُ دِرْهَمٍ ثُمَّ مَاتَ الْعَبْدُ فِي يَدِ الْمُسْتَأْجِرِ وَقِيمَتُهُ أَلْفٌ رَوَى هِشَامٌ عَنْ مُحَمَّدٍ أَنَّ عَلَيْهِ الْأَجْرَ وَيَضْمَنُ قِيمَةَ الْعَبْدِ بَعْدَ سَنَةٍ وَلَمْ يَذْكُرْ هِشَامٌ فِيهِ خِلَافًا وَذَكَرَ الْقُدُورِيُّ عَنْ أَبِي يُوسُفَ أَنَّ عَلَيْهِ الْأَجْرَ فِيمَا مَضَى قَبْلَ الْجُحُودِ وَلَيْسَ عَلَيْهِ أَجْرُ مَا بَعْدَهُ مِنْ قَاضِي خَانْ. وَفِي الْخُلَاصَةِ فَإِنْ قِيلَ: كَيْفَ يَجْتَمِعُ عَلَيْهِ الْأَجْرُ وَالضَّمَانُ؟ قِيلَ: لَا يَجْتَمِعَانِ هُنَا قَالَ هِشَامٌ: إنَّمَا لَزِمَهُ الْأَجْرُ هُنَا لِأَنَّهُ اسْتَعْمَلَهُ السَّنَةَ كُلَّهَا فَلَمَّا مَضَتْ السَّنَةُ كَانَ عَلَيْهِ أَنْ يَرُدَّ بَعْدَهَا فَلَمَّا لَمْ يَفْعَلْ صَارَ ضَامِنًا لِقِيمَتِهِ وَقَدْ كَانَ لَزِمَهُ الْأَجْرُ قَبْلَ أَنْ يَضْمَنَ الْقِيمَةَ هَذَا تَفْسِيرُ هِشَامٍ اهـ. رَجُلٌ لَهُ أَجِيرٌ غَيْرُ مُدْرِكٍ لَيْسَ لَهُ أَنْ يُؤَدِّبَهُ إذَا رَأَى مِنْهُ بَطَالَةً إلَّا أَنْ يَكُونَ أَبُوهُ أَذِنَ لَهُ فِي ذَلِكَ كَذَا فِي الْفَتَاوَى الصُّغْرَى قُلْتُ: فَيَنْبَغِي أَنْ يَضْمَنَ لَوْ أَدَّبَهُ بِغَيْرِ إذْنِ الْأَبِ وَلَوْ بِالضَّرْبِ الْمُعْتَادِ لَوْ عَطِبَ وَطَعَامُ الْعَبْدِ عَلَى الْمُسْتَأْجِرِ بِخِلَافِ عَلَفِ الدَّابَّةِ وَلِهَذَا لَوْ تَرَكَهَا بِلَا عَلَفٍ فَمَاتَتْ لَا يَضْمَنُ كَمَا مَرَّ عَنْ الْأَشْبَاهِ. [الْقِسْمُ الثَّانِي فِي الْأَجِيرِ وَفِيهِ مُقَدِّمَة وَتِسْعَة عَشْر نَوْعًا] [المقدمة فِي الْكَلَام عَلَى الْأَجِير الْمُشْتَرَك وَالْأَجِير الْخَاصّ] (الْقِسْمُ الثَّانِي فِي الْأَجِيرِ) الْأَجِيرُ عَلَى نَوْعَيْنِ: أَجِيرٌ مُشْتَرَكٌ وَأَجِيرٌ خَاصٌّ فَالْأَجِيرُ الْمُشْتَرَكُ هُوَ الَّذِي يَسْتَحِقُّ الْأُجْرَةَ بِالْعَمَلِ لَا بِتَسْلِيمِ النَّفْسِ كَالْقَصَّارِ وَالصَّبَّاغِ فَلَهُ أَنْ يَعْمَلَ لِلْعَامَّةِ وَمِنْ هَذَا يُسَمَّى مُشْتَرَكًا وَالْمَتَاعُ أَمَانَةٌ فِي يَدِهِ إنْ هَلَكَ بِغَيْرِ عَمَلِهِ لَمْ يَضْمَنْ وَلَا أَجْرَ لَهُ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَعِنْدَهُمَا إذَا هَلَكَ بِسَبَبٍ لَا يُمْكِنُ الِاحْتِرَازُ عَنْهُ كَالْعَدُوِّ الْمُكَابِرِ وَالْحَرِيقِ الْغَالِبِ لَا يَضْمَنُ لَهُمَا أَنَّ الْحِفْظَ مُسْتَحَقٌّ عَلَيْهِ إذْ لَا يُمْكِنُهُ الْعَمَلُ بِدُونِهِ فَإِذَا هَلَكَ بِسَبَبٍ يُمْكِنُ الِاحْتِرَازُ عَنْهُ كَانَ التَّقْصِيرُ مِنْ جِهَتِهِ وَلَهُ أَنَّ الْعَيْنَ أَمَانَةٌ فِي يَدِهِ؛ لِأَنَّ الْقَبْضَ بِإِذْنِهِ وَالْحِفْظَ مُسْتَحَقٌّ عَلَيْهِ تَبَعًا لَا مَقْصُودًا وَلِهَذَا لَا يُقَابِلُهُ الْأَجْرُ وَقِيلَ: قَوْلُهُ قَوْلُ عَلِيٍّ وَقَوْلُهُمَا قَوْلُ عَمْرٍو لِأَجْلِ اخْتِلَافِ الصَّحَابَةِ اخْتَارَ الْمُتَأَخِّرُونَ الْفَتْوَى بِالصُّلْحِ عَلَى النِّصْفِ كَمَا ذَكَرَهُ مُنْلَا خُسْرو وَغَيْرُهُ. وَفِي مُشْتَمِلِ الْهِدَايَةِ وَأَئِمَّةِ سَمَرْقَنْدَ كَانُوا يُفْتُونَ بِالصُّلْحِ وَالشَّيْخُ ظَهِيرُ الدِّينِ الْمَرْغِينَانِيُّ يُفْتِي بِقَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ. قَالَ صَاحِبُ الْعُدَّةِ: فَقُلْت لَهُ يَوْمًا مَنْ قَالَ مِنْهُمْ يُفْتِي بِالصُّلْحِ هَلْ يُوجِبُ إجْبَارَ الْخَصْمِ لَوْ امْتَنَعَ؟ قَالَ: كُنْت أُفْتِي بِالصُّلْحِ بِالْجَبْرِ فِي الِابْتِدَاءِ فَرَجَعْت لِهَذَا وَفِي فَوَائِدِ صَاحِبِ الْمُحِيطِ أَنَّهُ يُنْظَرُ إنْ كَانَ الْأَجِيرُ مُصْلِحًا لَا يَجِبُ الضَّمَانُ وَإِنْ بِخِلَافِهِ يَجِبُ الضَّمَانُ كَمَا هُوَ مَذْهَبُهُمَا وَإِنْ كَانَ مَسْتُورَ الْحَالِ يُؤْمَرُ بِالصُّلْحِ اهـ مَا فِي الْمُشْتَمِلِ وَإِنْ شُرِطَ عَلَيْهِ الضَّمَانُ إنْ كَانَ الشَّرْطُ فِيمَا لَا يُمْكِنُهُ الِاحْتِرَازُ عَنْهُ فَلَا يَجُوزُ بِالْإِنْفَاقِ وَإِنْ كَانَ فِيمَا يُمْكِنُ فَعَلَى الْخِلَافِ وَبِقَوْلِهِمَا يُفْتَى الْيَوْمَ لِتَغَيُّرِ أَحْوَالِ النَّاسِ وَبِهِ يَحْصُلُ صِيَانَةُ أَمْوَالِهِمْ كَذَا فِي الْإِيضَاحِ نَقْلًا عَنْ التَّبْيِينِ وَفِيهِ أَيْضًا نَقْلًا عَنْ الْخَانِيَّةِ وَالْمُحِيطِ أَنَّ الْفَتْوَى عَلَى قَوْلِهِمَا سَوَاءٌ شُرِطَ الضَّمَانُ عَلَيْهِمَا أَوْ لَمْ يُشْرَطْ قُلْتُ: وَهُوَ الَّذِي اخْتَارَهُ صَاحِبُ الْوُقَايَةِ. وَفِي الْفُصُولَيْنِ لَوْ شُرِطَ الضَّمَانُ عَلَيْهِ قِيلَ: يَضْمَنُهُ وِفَاقًا وَلَمْ يَتَعَرَّضْ ابْنُ نُجَيْمٍ لِلْخِلَافِ بَلْ قَالَ: يَضْمَنُ فِي اشْتِرَاطِ الضَّمَانِ عَلَيْهِ اتِّفَاقًا. قُلْتُ: وَلَعَلَّهُ اخْتَارَهُ ثُمَّ عِنْدَهُمَا إنْ شَاءَ ضَمِنَهُ مَعْمُولًا وَأَعْطَاهُ الْأَجْرَ وَإِنْ شَاءَ ضَمِنَهُ غَيْرَ مَعْمُولٍ وَلَا أَجْرَ لَهُ مِنْ الْوَجِيزِ قُلْتُ: يَعْنِي إذَا تَلِفَ بَعْدَ الْعَمَلِ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 27 وَفِي مُشْتَمِلِ الْهِدَايَةِ لَوْ قَالَ الْأَجِيرُ الْمُشْتَرِكُ: سُرِقَ أَوْ هَلَكَ صُدِّقَ مَعَ حَلِفِهِ عِنْدَهُ؛ لِأَنَّ يَدَهُ يَدُ أَمَانَةٍ عِنْدَهُ وَعِنْدَهُمَا يَضْمَنُ؛ لِأَنَّ يَدَهُ يَدُ ضَمَانٍ عِنْدَهُمَا فَلَا يُصَدَّقُ بِلَا بُرْهَانٍ قُلْتُ: إنَّمَا يَنْفَعُ الْبُرْهَانُ عِنْدَهُمَا فِيمَا لَا يُمْكِنُ الِاحْتِرَازُ عَنْهُ لِمَا مَرَّ فَلَا تَغْفُلُ وَلَا فَرْقَ بَيْنَ مَا إذَا دَفَعَ الْأَجْرَ أَوْ لَا غَيْرَ أَنَّهُ إذَا حَلَفَ يَسْتَرِدُّ مَا دَفَعَ وَإِنْ امْتَنَعَ الْخَصْمُ ذَكَرَهُ فِي الْبَزَّازِيَّة وَيَضْمَنُ بِالْإِنْفَاقِ مَا يَتْلَفُ بِعَمَلِهِ كَتَخْرِيقِ الثَّوْبِ مِنْ دَقِّهِ وَزَلْقِ الْحَمَّالِ إذَا لَمْ يَكُنْ مِنْ مُزَاحِمَةِ النَّاسِ وَانْقِطَاعِ الْحَبْلِ الَّذِي يَشُدُّ بِهِ الْمُكَارِي الْحِمْلَ وَغَرَقِ السَّفِينَةِ مِنْ مَدِّهَا. قَالَ فِي الْوَجِيزِ: الْأَجِيرُ الْمُشْتَرِكُ إنَّمَا يَضْمَنُ مَا جَنَتْ يَدُهُ بِشَرَائِطَ ثَلَاثَةٍ: أَحَدُهَا: أَنْ يَكُونَ فِي وُسْعِهِ دَفْعُ ذَلِكَ الْفَسَادِ حَتَّى لَوْ غَرِقَتْ السَّفِينَةُ مِنْ مَوْجٍ أَوْ جَبَلٍ صَدَمَهَا أَوْ زَلِقَ الْحَمَّالُ إذَا زَحَمَهُ النَّاسُ وَانْكَسَرَ الدَّنُّ أَوْ مَاتَ الْمَخْتُونُ مِنْ ذَلِكَ لَا يَضْمَنُ الثَّانِي أَنْ يَكُونَ مَحْمَلُ عَمَلِهِ مُسَلَّمًا إلَيْهِ بِالتَّخْلِيَةِ حَتَّى لَوْ كَانَ صَاحِبُ الْمَتَاعِ مَعَهُ أَوْ وَكِيلُهُ بِأَنْ كَانَ رَاكِبًا فِي السَّفِينَةِ فَانْكَسَرَتْ بِجَذْبِ الْمَلَّاحِ أَوْ كَانَ عَلَى الدَّابَّةِ فَعَطِبَتْ مِنْ سُوقِهِ أَوْ رَبِّ الْمَتَاعِ وَالْمُكَارِي رَاكِبِينَ أَوْ سَائِقِينَ أَوْ قَاعِدِينَ لَا يَضْمَنُ وَلَوْ كَانَ صَاحِبُ الْمَتَاعِ خَلْفَ الدَّابَّةِ وَلَا يَسُوقُهَا الْأَجِيرُ فَعَطِبَتْ فَهَلَكَ الْمَتَاعُ يَضْمَنُ. وَرُوِيَ عَنْ أَبِي يُوسُفَ لَوْ سُرِقَ الْمَتَاعُ مِنْ رَأْسِ الْحَمَّالِ وَرَبُّ الْمَالِ مَعَهُ لَا ضَمَانَ عَلَيْهِ، الثَّالِثُ أَنْ يَكُونَ الْمَضْمُونُ مِمَّا يَجُوزُ أَنْ يَضْمَنَ بِالْعَقْدِ قُلْتُ: وَهَذَا إشَارَةٌ إلَى مَا قَالَ صَاحِبُ الْهِدَايَةِ وَلَا يَضْمَنُ بَنِي آدَمَ مِمَّنْ غَرَقَ فِي السَّفِينَةِ يَعْنِي مِنْ مَدِّهِ أَوْ سَقَطَ مِنْ الدَّابَّةِ وَإِنْ كَانَ بِسَوْقِهِ وَقَوْدِهِ؛ لِأَنَّ الْوَاجِبَ ضَمَانُ الْآدَمِيِّ وَأَنَّهُ لَا يَجِبُ بِالْعَقْدِ وَإِنَّمَا يَجِبُ بِالْجِنَايَةِ وَالْأَجِيرُ الْخَاصُّ الَّذِي يَسْتَحِقُّ الْأَجْرَ بِتَسْلِيمِ نَفْسِهِ فِي الْمُدَّةِ وَإِنْ لَمْ يَعْمَلْ كَمَنْ اُسْتُؤْجِرَ شَهْرًا لِلْخِدْمَةِ أَوْ لِرَعْيِ الْغَنَمِ وَإِنَّمَا سُمِّيَ أَجِيرَ وَاحِدٍ لِأَنَّهُ لَا يُمْكِنُهُ أَنْ يَعْمَلَ لِغَيْرِهِ؛ لِأَنَّ مَنَافِعَهُ فِي الْمُدَّةِ صَارَتْ مُسْتَحَقَّةً لَهُ وَالْأَجْرُ مُقَابِلٌ لِلْمَنَافِعِ وَلِهَذَا يَبْقَى الْأَجْرُ مُسْتَحَقًّا وَإِنْ نَقَصَ الْعَمَلُ وَلَا ضَمَانَ عَلَى الْأَجِيرِ الْخَاصِّ وَلَا فِيمَا تَلِفَ مِنْ عَمَلِهِ اتِّفَاقًا إذَا لَمْ يَتَعَمَّدْ الْفَسَادَ ذَكَرَهُ فِي الْإِصْلَاحِ نَقْلًا عَنْ الْخَانِيَّةِ قَالَ فِي الْفُصُولَيْنِ نَقْلًا عَنْ التَّجْرِيدِ: الْأَجِيرُ الْخَاصُّ لَا يَضْمَنُ إلَّا بِالتَّعَدِّي وَعَلَى هَذَا تِلْمِيذُ الْقَصَّارِ وَسَائِرُ الصُّنَّاعِ وَأَجِيرُهُمْ لَمْ يَضْمَنُوا إلَّا بِالتَّعَدِّي وَفِيمَا لَمْ يَتَعَدَّوْا ضَمِنَ الْأُسْتَاذُ وَلَا يَرْجِعُ عَلَيْهِمْ اهـ. لَوْ هَلَكَ الْمَتَاعُ فِي يَدِ الْأَجِيرِ الْمُشْتَرَكِ ثُمَّ اسْتَحَقَّ عَلَيْهِ وَضَمِنَ الْقِيمَةَ لَا يَرْجِعُ عَلَى الْمُسْتَأْجِرِ بِهَا كَمَا فِي الْعَارِيَّةِ مِنْ الْقُنْيَةِ. [النَّوْع الْأَوَّل ضمان الرَّاعِي والبقار] ثُمَّ الْأُجَرَاءُ يَتَنَوَّعُونَ أَيْضًا بِتَنَوُّعِ الْعَمَلِ فَلْنَذْكُرْ مَسَائِلَ كُلِّ وَاحِدٍ فِي نَوْعٍ يَخْتَصُّ بِهِ تَسْهِيلًا لِلِاسْتِخْرَاجِ. (النَّوْعُ الْأَوَّلُ ضَمَانُ الرَّاعِي وَالْبَقَّارِ) الرَّاعِي قَدْ يَكُونُ أَجِيرَ وَحْدٍ بِأَنْ اسْتَأْجَرَهُ شَهْرًا لِيَرْعَى غَنَمَهُ بِدِرْهَمٍ أَوْ اسْتَأْجَرَهُ لِيَرْعَى غَنَمَهُ بِدِرْهَمٍ شَهْرًا وَشَرَطَ عَلَيْهِ أَنْ لَا يَرْعَى غَنَمَ غَيْرِهِ وَقَدْ يَكُونُ أَجِيرًا مُشْتَرَكًا بِأَنْ اسْتَأْجَرَهُ لِيَرْعَى غَنَمَهُ بِدِرْهَمٍ شَهْرًا وَلَا يُشْتَرَطُ أَنْ لَا يَرْعَى غَنَمَ غَيْرِهِ لِأَنَّهُ مَتَى قُدِّمَ ذِكْرُ الْعَمَلِ عَلَى الْوَقْتِ يَكُونُ أَجِيرًا مُشْتَرَكًا لِأَنَّهُ أَوْقَعَ الْعَقْدَ عَلَى الْوَقْتِ مِنْ الْوَجِيزِ. وَفِي الْفُصُولَيْنِ لَوْ قَالَ: اسْتَأْجَرْتُك لِرَعْيِ غَنَمِي هَذِهِ سَنَةً كَامِلَةً كُلُّ شَهْرٍ بِكَذَا يَكُونُ الرَّاعِي أَجِيرًا مُشْتَرَكًا إلَّا إذَا صَرَّحَ بِمَا هُوَ حُكْمُ أَجِيرِ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 28 وَحْدٍ بِأَنْ قَالَ: عَلَى أَنْ لَا تَرْعَى مَعَهَا غَنَمُ غَيْرِي فَحِينَئِذٍ يَكُونُ أَجِيرَ وَحْدٍ وَلَوْ أَوْرَدَ الْعَقْدَ عَلَى الْمُدَّةِ أَوَّلًا بِأَنْ قَالَ اسْتَأْجَرْتُك شَهْرًا بِكَذَا لِتَرْعَى غَنَمِي كَانَ أَجِيرَ وَحْدٍ إلَّا أَنْ يَذْكُرَ بَعْدَهَا مَا هُوَ حُكْمُ الْأَجِيرِ الْمُشْتَرَكِ بِأَنْ قَالَ: عَلَى أَنَّ لَك أَنْ تَرْعَى غَنَمَ غَيْرِي مَعَهَا فَحِينَئِذٍ يَصِيرُ مُشْتَرَكًا وَيَتَغَيَّرُ الْكَلَامُ بِآخِرِهِ وَكَذَا فِي كُلِّ مَنْ هُوَ فِي مَعْنَى الرَّاعِي اهـ فَإِنْ كَانَ الرَّاعِي أَجِيرَ وَحْدٍ فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يُؤَجِّرَ لِغَيْرِهِ وَلَوْ أَنَّهُ أَجَّرَ نَفْسَهُ مِنْ غَيْرِهِ وَرَعَى عَنْهُمَا اسْتَحَقَّ الْأَجْرَ كَامِلًا عَلَى كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا وَلَا يَتَصَدَّقُ بِشَيْءٍ وَيَأْثَمُ وَلَوْ مَاتَتْ شَاةٌ أَوْ أَكَلَهَا سَبُعٌ أَوْ غَرِقَتْ فِي نَهْرٍ سَاقَهَا مِنْهُ فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ وَلَا يَنْقُصُ مِنْ الْأَجْرِ بِحِسَابِهِ وَهُوَ مُصَدَّقٌ فِيمَا يَدَّعِي مِنْ الْهَلَاكِ مَعَ الْيَمِينِ وَلِرَبِّ الْغَنَمِ أَنْ يَزِيدَ عَلَيْهِ عَدَدًا وَالرَّاعِي يُطِيقُهُ وَعَلَيْهِ رَعْيُ أَوْلَادِهَا وَلَا يَسْقُطُ شَيْءٌ مِنْ أَجْرِهِ بِبَيْعِ بَعْضِهَا أَوْ هَلَاكِهِ وَأَمَّا إذَا كَانَ الرَّاعِي أَجِيرًا مُشْتَرَكًا فَلَيْسَ لِرَبِّ الْغَنَمِ أَنْ يَزِيدَ عَلَيْهِ وَلَا يَلْزَمُهُ رَعْيُ الْأَوْلَادِ وَمَا بِيعَ مِنْهَا أَوْ هَلَكَ سَقَطَ مِنْ أَجْرِهِ بِحِسَابِهِ وَلَوْ شَرَطَ عَلَيْهِ أَنْ يَرْعَى أَوْلَادَهَا صَحَّ اسْتِحْسَانًا؛ لِأَنَّ فِي فَصْلِ الْأَوْلَادِ مِنْ أُمِّهَا ضَرَرًا فَقُلْنَا بِصِحَّةِ هَذِهِ الْإِجَارَةِ مَعَ الْجَهَالَةِ دَفْعًا لِلضَّرَرِ عَنْ أَرْبَابِ الْغَنَمِ. وَلَوْ خَلَطَ الرَّاعِي الْمُشْتَرَكُ الْغَنَمَ فَالْقَوْلُ فِي التَّمْيِيزِ لِلرَّاعِي مَعَ يَمِينِهِ إنْ جَهِلَ صَاحِبُهُ وَإِنْ جَهِلَ هُوَ أَيْضًا ضَمِنَ قِيمَةَ الْكُلِّ مِنْ الْوَجِيزِ. وَفِي مُشْتَمِلِ الْهِدَايَةِ نَقْلًا عَنْ الْقُنْيَةِ وَلَدَتْ شَاةٌ أَوْ بَقَرَةٌ فِي يَدِ الْمُشْتَرَكِ فَتَرَكَ الْوَلَدَ فِي الْجَبَّانَةِ حَتَّى ضَاعَ لَمْ يَضْمَنْ لِأَنَّهُ لَيْسَ عَلَيْهِ رَعْيُ الْأَوْلَادِ إلَّا أَنْ يُشْرَطَ عَلَيْهِ بِخِلَافِ أَجِيرِ الْوَحْدِ اهـ. الرَّاعِي لَوْ كَانَ أَجِيرٌ وَحْدٍ فَمَاتَتْ مِنْ الْأَغْنَامِ وَاحِدَةٌ لَا يَنْقُصُ مِنْ الْأَجْرِ بِحِسَابِهَا؛ لِأَنَّ الْغَنَمَ لَوْ مَاتَتْ كُلُّهَا لَا يَنْقُصُ مِنْ الْأَجْرِ شَيْءٌ وَلَوْ ضَرَبَ شَاةً فَفَقَأَ عَيْنَهَا أَوْ كَسَرَ رِجْلَهَا ضَمِنَ؛ لِأَنَّ الْأَجِيرَ الْوَحْدَ يَضْمَنُ بِالْخِلَافِ وَقَدْ خَالَفَ؛ لِأَنَّ الضَّرْبَ غَيْرُ دَاخِلٍ فِي الْإِجَارَةِ وَإِنَّمَا يَدْخُلُ تَحْتَهَا الرَّعْيُ وَهُوَ يَتَحَقَّقُ بِدُونِ الضَّرْبِ كَالصِّيَاحِ وَالصَّفْقِ لِأَنَّ الْغَنَمَ فِي الْعَادَةِ تُسَاقُ كَذَلِكَ فَإِذَا ضَرَبَ بِالْخَشَبَةِ كَانَ ضَامِنًا وَلَوْ هَلَكَ شَيْءٌ مِنْهَا فِي السَّقْيِ وَالرَّعْيِ لَا يَضْمَنُ؛ لِأَنَّ الْأَجِيرَ الْوَحْدَ لَا يَضْمَنُ مَا لَمْ يُخَالِفْ وَأَنَّهُ لَمْ يُخَالِفْ لِأَنَّ السَّقْيَ دَاخِلٌ تَحْتَ الْعَقْدِ وَلَوْ كَانَ أَجِيرًا مُشْتَرَكًا فَمَاتَ مِنْ الْأَغْنَامِ لَا يَضْمَنُ بِالِاتِّفَاقِ إذْ الْمَوْتُ حَتْفَ أَنْفِهِ مِمَّا لَا يُمْكِنُ التَّحَرُّزُ عَنْهُ وَهَذَا لَوْ ثَبَتَ الْمَوْتُ بِتَصَادُقِهِمَا أَوْ بِالْبَيِّنَةِ فَأَمَّا إذَا ادَّعَى الرَّاعِي الْمَوْتَ وَجَحَدَ رَبُّ الْغَنَمِ فَعِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ الْقَوْلُ قَوْلُ الرَّاعِي لِأَنَّهُ أَمِينٌ وَعِنْدَهُمَا الْقَوْلُ قَوْلُ رَبِّ الْأَغْنَامِ ثُمَّ الْأَجِيرُ الْمُشْتَرَكُ لَوْ سَاقَ الْأَغْنَامَ فَهَلَكَ مِنْهَا لَا مِنْ سِيَاقِهِ بِأَنْ صَعِدَ الْجَبَلَ أَوْ مَكَانًا مُرْتَفِعًا فَتَرَدَّى مِنْهُ فَعَطِبَ فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ؛ لِأَنَّ الْهَلَاكَ مَا كَانَ مِنْ قِبَلِهِ وَعِنْدَهُمَا يَضْمَنُ لِإِمْكَانِ التَّحَرُّزِ عَنْهُ بِأَنْ لَا يَأْتِيَ هَذَا الْمَكَانَ أَوْ يَحْفَظُ عِنْدَ صُعُودِ الْجَبَلِ وَكَذَا لَوْ أَوْرَدَهَا نَهْرًا لِيَسْقِيَهَا فَغَرَقَ شَاةٌ مِنْهَا لَا يَضْمَنُ عِنْدَهُ وَعِنْدَهُمَا يَضْمَنُ وَكَذَا لَوْ أَكَلَ مِنْهَا سَبُعٌ أَوْ سُرِقَ فَعَلَى هَذَا الْخِلَافِ وَلَوْ سَاقَهَا إلَى الْمَاءِ لِيَسْقِيَهَا فَغَرِقَتْ ضَمِنَ بِلَا خِلَافٍ وَكَذَا لَوْ سَاقَهَا فَعَطِبَتْ مِنْهَا شَاةٌ بِسِيَاقِهِ بِأَنْ اسْتَعْجَلَ عَلَيْهَا فَعَثَرَتْ فَانْكَسَرَتْ رِجْلُهَا أَوْ انْدَقَّ عُنُقُهَا فَعَلَيْهِ الضَّمَانُ بِالِاتِّفَاقِ كَذَا فِي الْمُشْتَمِلِ نَقْلًا عَنْ الذَّخِيرَةِ قَالَ فِي الْفَتَاوَى الصُّغْرَى: أَمَّا إذَا هَلَكَتْ عِنْدَ السَّقْيِ بِآفَةٍ سَمَاوِيَّةٍ فَلَا يَضْمَنُ. وَفِي الْبَزَّازِيَّة لَوْ أَكَلَ الذِّئْبُ الْغَنَمَ وَالرَّاعِي عِنْدَهُ إنْ كَانَ الذِّئْبُ أَكْثَرَ مِنْ وَاحِدٍ لَا يَضْمَنُ لِأَنَّهُ كَالسَّرِقَةِ الْغَالِبَةِ وَإِنْ كَانَ وَاحِدًا الجزء: 1 ¦ الصفحة: 29 يَضْمَنُ لِأَنَّهُ يُمْكِنُ الْمُقَاوَمَةُ مَعَهُ فَكَانَ مِنْ جُمْلَةِ مَا يُمْكِنُ الِاحْتِرَازُ عَنْهُ بِخِلَافِ الزَّائِدِ عَلَى الْوَاحِدِ اهـ. الْبَقَّارُ لَوْ سَاقَ الْبَقَرَ فَتَنَاطَحَتْ فَقَتَلَ بَعْضُهَا بَعْضًا أَوْ وَطِئَ بَعْضُهَا بَعْضًا فِي سُوقِهِ أَوْ اسْتَعْجَلَهَا فِي السُّوقِ فَنَفَرَتْ بَقَرَةٌ مِنْهَا فَكُسِرَتْ رِجْلُهَا أَوْ سَاقَهَا فِي الْمَاءِ لِتَشْرَبَ فَغَرِقَتْ ضَمِنَ لَوْ كَانَ مُشْتَرَكًا وَإِنْ كَانَ خَاصًّا لَا يَضْمَنُ وَكَذَا لَوْ كَانَ الْبَقَرُ لِقَوْمٍ شَتَّى وَهُوَ أَجِيرُ وَحْدِهِمْ ضَمِنَ مَا تَلِفَ مِنْ سِيَاقِهِ مِنْ الْفُصُولَيْنِ. وَفِي الْمُشْتَمِلِ نَقْلًا عَنْ الذَّخِيرَةِ لَوْ حَدَثَتْ هَذِهِ الْعَوَارِضُ مِنْ سَوْقِهِ إنْ كَانَ الرَّاعِي مُشْتَرَكًا فَهُوَ ضَامِنٌ عَلَى كُلِّ حَالٍ لِأَنَّ هَذِهِ جِنَايَةٌ مِنْ يَدِهِ وَإِنْ كَانَ خَاصًّا إنْ كَانَتْ الْأَغْنَامُ لِوَاحِدٍ لَا يَضْمَنُ وَإِنْ كَانَتْ لِاثْنَيْنِ أَوْ ثَلَاثَةٍ ضَمِنَ وَصُورَةُ الْأَجِيرِ الْخَاصِّ فِي حَقِّ الِاثْنَيْنِ أَوْ الثَّلَاثَةِ أَنْ يَسْتَأْجِرَ رَجُلَانِ أَوْ ثَلَاثَةٌ رَاعِيًا شَهْرًا لِيَرْعَى غَنَمًا لَهُمَا أَوْ لَهُمْ فَقَدْ فُرِّقَ فِي حَقِّ الْأَجِيرِ الْخَاصِّ بَيْنَ مَا إذَا كَانَتْ الْأَغْنَامُ لِوَاحِدٍ وَبَيْنَ مَا إذَا كَانَتْ لِاثْنَيْنِ أَوْ ثَلَاثَةٍ يُحْفَظُ هَذَا جِدًّا وَفِيهِ أَيْضًا نَقْلًا مِنْ السِّيَرِ الْكَبِيرِ الْأَجِيرُ الْخَاصُّ لَوْ عَنَّفَ فِي السَّيْرِ فَحَدَثَتْ هَذِهِ الْعَوَارِضُ يَضْمَنُ مِنْ غَيْرِ فَصْلٍ أَوْ شَرَطَ الْمَالِكُ عَلَى الرَّاعِي أَنْ يَأْتِيَ بِسِمَةِ الْمَيِّتِ وَإِلَّا فَهُوَ ضَامِنٌ فَلَمْ يَأْتِ بِالسِّمَةِ لَمْ يَلْزَمْهُ الضَّمَانُ هَكَذَا ذَكَرَهُ فِي الْمَبْسُوطِ بِلَا خِلَافٍ وَذَكَرَ الْحَاكِمُ فِي مُخْتَصَرِهِ أَنَّهُ لَا يَضْمَنُ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ لِأَنَّهُ أَمِينٌ شَرْعًا كَالْمُودِعِ وَعِنْدَهُمَا يَضْمَنُ مِنْ الْوَجِيزِ. وَفِي الْبَزَّازِيَّةِ شَرَطَ عَلَى الرَّاعِي أَنْ يَأْتِيَ بِسَمْتِهَا وَإِلَّا فَهُوَ ضَامِنٌ لَا يَجِبُ عَلَيْهِ إتْيَانُ السِّمَةِ وَلَا يَضْمَنُ بِهَذَا الشَّرْطِ وَهَلْ يَفْسُدُ الْعَقْدُ بِهَذَا الشَّرْطِ ذَكَرَ أَبُو بَكْرٍ أَنَّ الشَّرْطَ فِي الْعَقْدِ يَفْسُدُ وَأَنَّ بَعْدَهُ لَا يَفْسُدُ الْعَقْدُ وَالشَّرْطُ فَاسِدٌ اهـ. إذَا كَانَ الرَّاعِي أَجِيرًا مُشْتَرَكًا فَرَعَاهَا فِي مَوْضِعٍ فَعَطِبَتْ وَاحِدَةٌ مِنْهَا أَوْ هَلَكَتْ بِآفَةٍ نَحْوُ الْغَرَقِ فِي الْمَاءِ وَاقْتِرَابِ سَبُعٍ أَوْ سُقُوطٍ مِنْ عُلُوٍّ وَمَا أَشْبَهَهُ فَقَالَ رَبُّ الْغَنَمِ: شَرَطْتُ عَلَيْك أَنْ تَرْعَى فِي مَوْضِعِ كَذَا وَكَذَا غَيْرُ مَوْضِعِ رَعْيٍ فِيهِ وَقَالَ الرَّاعِي شَرَطْت عَلَيَّ الرَّعْيَ فِي الْمَوْضِعِ الَّذِي رَعَيْتُهَا فِيهِ فَالْقَوْلُ لِرَبِّ الْأَغْنَامِ بِالْإِجْمَاعِ فَيَضْمَنُ الرَّاعِي إذْ الْإِذْنُ يُسْتَفَادُ مِنْ جِهَتِهِ وَالْبَيِّنَةُ بَيِّنَةُ الرَّاعِي حَتَّى لَا يَضْمَنَ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ لِأَنَّهُ هُوَ الْمُدَّعِي إذْ يَثْبُتُ مَا لَيْسَ بِثَابِتٍ وَكَذَا لَوْ كَانَ خَاصًّا وَاخْتَلَفَا عَلَى نَحْوِ مَا بَيَّنَّا فَالْقَوْلُ لِرَبِّ الْأَغْنَامِ مِنْ الْفُصُولَيْنِ. الرَّاعِي لَوْ خَالَفَ فِي الْمَكَانِ ضَمِنَ وَلَا أَجْرَ وَلَوْ سَلِمَتْ يَجِبُ الْأَجْرُ اسْتِحْسَانًا وَلَوْ اخْتَلَفَا فِي مَكَانِ الرَّعْيِ فَالْقَوْلُ قَوْلُ رَبِّ الْغَنَمِ وَيَضْمَنُ الرَّاعِي بِالْإِجْمَاعِ رَاعِي الرِّمَاكِ إذَا تُوهَقُ رُمْكَةٌ فَوَقَعَ الْوَهْقُ فِي عُنُقِهَا فَجَذَبَهَا فَمَاتَتْ عَامَّتُهُمْ عَلَى أَنَّهُ لَا يَضْمَنْ عَلَى كُلِّ حَالٍ وَإِذَا اخْتَلَفَا فِي الْعَدَدِ فَالْقَوْلُ قَوْلُ الرَّاعِي وَالْبَيِّنَةُ بَيِّنَةُ صَاحِبِ الْغَنَمِ وَلَيْسَ لِلرَّاعِ أَنْ يَشْرَبَ لَبَنَهَا مِنْ الْخُلَاصَةِ. سُئِلَ نَجْمُ الْأَئِمَّةِ الْحَكِيمِيُّ عَمَّنْ أَسْلَمَ أَفْرَاسَهُ إلَى الرَّاعِي لِيَحْفَظَهَا مُدَّةً مَعْلُومَةً وَدَفَعَ إلَيْهِ أُجْرَةَ الْحِفْظِ وَالرَّعْيِ وَاشْتَغَلَ الرَّاعِي بِمُهِمِّهِ وَتَرَكَ الْأَفْرَاسَ فَضَاعَتْ فَهَلْ يَضْمَنُ؟ فَقَالَ: لَا إنْ كَانَ ذَلِكَ مُتَعَارَفًا فِيمَا بَيْنَ رُعَاةِ الْخَيْلِ وَالْأَنْعُمِ. وَعَنْ أَبِي حَامِدٍ لَوْ قَالَ الْبَقَّارُ الْمُشْتَرَكُ: لَا أَدْرِي أَيْنَ ذَهَبَ الثَّوْرُ فَهَذَا إقْرَارٌ بِالتَّضْيِيعِ فِي زَمَانِنَا مِنْ الْقُنْيَةِ. السِّمَةُ لَا تَصْلُحُ لِلِاعْتِمَادِ وَلَا تَدْفَعُ الْيَمِينَ عَنْ الْأَجِيرِ. الرَّاعِي الْمُشْتَرَكُ وَمَنْ بِمَعْنَاهُ إذَا ادَّعَى الرَّدَّ أَوْ الْمَوْتَ فَمَنْ جَعَلَ الْعَيْنَ فِي يَدِهِ أَمَانَةً قَالَ بِعَدَمِ الضَّمَانِ كَالْإِمَامِ وَقُبِلَ قَوْلُهُ كَالْمُودِعِ وَمَنْ قَالَ بِالضَّمَانِ عَلَيْهِ كَصَاحِبَيْهِ لَمْ يُصَدِّقْهُ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 30 إلَّا بِبَيْتِهِ لَوْ شُرِطَ عَلَى الرَّاعِي ضَمَانُ مَا تَلِفَ فَسَدَ الْعَقْدُ إذْ الْعَقْدُ يَقْتَضِيهِ الرَّاعِي لَوْ خَلَطَ الْغَنَمَ بَعْضَهَا بِبَعْضٍ فَإِنْ كَانَ يَقْدِرُ عَلَى التَّمْيِيزِ لَا يَضْمَنُ وَيَكُونُ الْقَوْلُ قَوْلَهُ فِي تَعْيِينِ الدَّوَابِّ أَنَّهَا لِفُلَانٍ وَلَوْ لَمْ يُمْكِنُ التَّمْيِيزُ ضَمِنَ قِيمَتَهَا يَوْمَ الْخَلْطِ وَالْقَوْلُ فِي الْقِيمَةِ قَوْلُ الرَّاعِي وَلَوْ دَفَعَ غَنَمًا إلَى غَيْرِ مَالِكِهَا فَاسْتَهْلَكَهَا الْآخِذُ وَأَقَرَّ بِهِ الرَّاعِي ضَمِنَ الرَّاعِي لَا الْآخِذُ وَلَا يُصَدَّقُ الرَّاعِي فِي حَقِّ الْآخِذِ لَوْ أَقَرَّ وَقْتَ الدَّفْعِ أَنَّهَا لِلْآخِذِ. نَفَرَتْ بَقَرَةٌ مِنْ الْبَاقُورَةِ وَلَمْ يَتْبَعْهَا الرَّاعِي لِئَلَّا يَضِيعَ الْبَاقِي لَا يَضْمَنُ بِالْإِجْمَاعِ لَوْ خَاصًّا وَضَمِنَ عِنْدَهُمَا لَوْ مُشْتَرَكًا لَا عِنْدَهُ لِأَنَّهُ إنَّمَا يَضْمَنُ بِتَرْكِ الْحِفْظِ إذَا تَرَكَهُ بِغَيْرِ عُذْرٍ وَلَوْ تَرَكَهُ بِعُذْرٍ فَلَا يَضْمَنُ وَلَهُمَا أَنَّهُ تَرَكَهُ بِعُذْرٍ يُمْكِنُ التَّحَرُّزُ عَنْهُ مِنْ الْفُصُولَيْنِ. وَفِي الْمُشْتَمِلِ نَقْلًا عَنْ صَاحِبِ الذَّخِيرَةِ أَنَّهُ قَالَ: رَأَيْت فِي بَعْضِ النُّسَخِ لَا يَضْمَنُ فِيمَا نَدَّتْ لَوْ لَمْ يَجِدْ مَنْ يَبْعَثُهُ لِيَرُدَّهَا أَوْ يَبْعَثُهُ لِيُخْبِرَ صَاحِبَهَا بِذَلِكَ وَكَذَا لَوْ تَفَرَّقَتْ فِرَقًا وَلَمْ يَقْدِرْ عَلَى اتِّبَاعِ الْكُلِّ فَتَبِعَ الْبَعْضَ وَتَرَكَ الْبَعْضَ لَا يَضْمَنُ؛ لِأَنَّهُ تَرَكَ الْحِفْظَ بِعُذْرٍ وَعِنْدَهُمَا يَضْمَنُ لِأَنَّهُ تَرَكَ الْحِفْظَ بِعُذْرٍ يُمْكِنُ التَّحَرُّزُ عَنْهُ اهـ. وَفِي الْبَزَّازِيَّة إنَّمَا يَضْمَنُ عِنْدَهُمَا؛ لِأَنَّهُ طَمِعَ فِي الْأَجْرِ الْوَافِرِ بِتَقَبُّلِ الْكَثِيرِ وَلَا يَقْدِرُ عَلَى اتِّبَاعِ الْكُلِّ وَكَانَ مِنْ جِبَايَتِهِ حُكْمًا وَالْخَاصُّ لَا يَضْمَنُ إجْمَاعًا انْتَهَى. بَقَّارٌ لِقَرْيَةٍ لَهُمْ مَرْعَى مُلْتَفٌّ بِالْأَشْجَارِ لَا يُمْكِنُهُ النَّظَرُ إلَى الْكُلِّ فَضَاعَتْ بَقَرَةٌ لَا يَضْمَنُ وَلَوْ مَرَّتْ عَلَى قَنْطَرَةٍ فَدَخَلَتْ رِجْلُهَا فِي ثُقْبِهَا فَانْكَسَرَتْ أَوْ دَخَلَتْ فِي مَاءٍ عَمِيقٍ وَالْبَقَّارُ لَا يَعْلَمُ وَلَمْ يَسُقْهَا ضَمِنَ لَوْ أَمْكَنَهُ سُوقُهَا. أَهْلُ قَرْيَةِ عَادَتُهُمْ أَنَّ الْبَقَّارَ إذَا أَدْخَلَ السَّرْحَ فِي السِّكَكِ يُرْسِلُ كُلَّ بَقَرَةٍ فِي سِكَّةِ صَاحِبِهَا وَلَمْ يُسَلِّمْهَا إلَيْهِ فَفَعَلَ الرَّاعِي كَذَلِكَ فَضَاعَتْ بَقَرَةٌ قَبْلَ أَنْ تَصِلَ إلَى صَاحِبِهَا لَا يَضْمَنُ إذْ الْمَعْرُوفُ كَالْمَشْرُوطِ وَقِيلَ: لَوْ لَمْ يُعَدُّ ذَلِكَ خِلَافًا لَا يَضْمَنُ زَعَمَ الْبَقَّارُ أَنَّهُ أَدْخَلَ الْبَقَرَةَ فِي الْقَرْيَةِ وَلَمْ يَجِدْهَا صَاحِبُهَا ثُمَّ وَجَدَهَا بَعْدَ أَيَّامٍ قَدْ نَفَقَتْ فِي نَهْرِ الْجَبَّانَةِ قَالُوا: لَوْ كَانَ عَادَتُهُمْ أَنْ يَأْتِيَ الْبَقَّارُ بِالْبُقُورِ إلَى الْقَرْيَةِ وَلَمْ يُكَلِّفُوا بِأَنْ يُدْخِلَ كُلَّ بَقَرَةٍ فِي مَنْزِلِ رَبِّهَا صُدِّقَ الْبَقَّارُ مَعَ يَمِينِهِ فِي أَنَّهُ جَاءَ بِهَا إلَى الْقَرْيَةِ مِنْ الْفُصُولَيْنِ شَرَطَ الْبَقَّارُ أَنَّهُ يُدْخِلُ الْبَقَرَةَ فِي الْقَرْيَةِ وَيَبْرَأُ بِلَا تَسْلِيمٍ إلَى الْمَالِكِ فَفِي حَقِّ مَنْ سَمِعَ هَذَا الشَّرْطَ يَعْمَلُ فِيهِ لَا فِي حَقِّ مَنْ لَمْ يَسْمَعْ مِنْ الْبَزَّازِيَّةِ. وَفِي الْمُشْتَمِلِ عَنْ الْمُنْتَقَى أَنَّ الْبَقَّارَ إذَا شَرَطَ مَعَ أَصْحَابِ الْبُقُورِ أَنِّي إذَا أَدْخَلْت بَقَرَ الْقَرْيَةِ إلَى مَوْضِعِ كَذَا فَأَنَا بَرِيءٌ مِنْهَا جَازَ الشَّرْطُ فَهُوَ بَرِيءٌ فَإِنْ بَعَثَ بِبَقَرَةِ رَجُلٍ إلَى ذَلِكَ الْمَوْضِعِ وَلَمْ يَسْمَعْ ذَلِكَ الرَّجُلُ بِالشَّرْطِ الَّذِي كَانَ بَيْنَ الرَّاعِي وَبَيْنَ أَهْلِ الْقَرْيَةِ لَمْ يَبْرَأْ الْبَقَّارُ حَتَّى يَرُدَّهَا عَلَيْهِ وَإِنْ كَانَ قَدْ سَمِعَ الشَّرْطَ فَالشَّرْطُ جَارٍ عَلَيْهِ اسْتِحْسَانًا. وَعَنْ النَّوَازِلِ امْرَأَةٌ بَعَثَتْ بَقَرًا إلَى الْبَقَّارِ ثُمَّ جَاءَ الرَّسُولُ وَقَالَ لِلْبَقَّارِ: الْبَقَرُ لِي وَأَخَذَهُ مِنْهُ وَهَلَكَ فِي يَدِهِ فَإِنْ أَقَامَتْ بَيِّنَةً فَلَهَا أَنْ تَرْجِعَ عَلَى الْبَقَّارِ لِأَنَّهُ ظَهَرَ أَنَّ الْبَقَّارَ دَفَعَ مَالَهَا إلَى غَيْرِهَا بِغَيْرِ إذْنِهَا ثُمَّ لَا يَرْجِعُ الْبَقَّارُ عَلَى الرَّسُولِ إنْ كَانَ يَعْلَمُ أَنَّهُ لَهَا وَمَعَ ذَلِكَ دَفَعَ إلَيْهِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ يَعْلَمُ بِذَلِكَ يَرْجِعُ لِأَنَّهُ مَغْرُورٌ وَعَنْ فَوَائِدِ صَاحِبِ الْمُحِيطِ رَجُلٌ بَعَثَ بَقَرَةً إلَى الْبَقَّارِ عَلَى يَدَيْ رَجُلٍ فَجَاءَ إلَى الْبَقَّارِ وَقَالَ: إنَّ فُلَانًا بَعَثَ إلَيْك بِهَذِهِ الْبَقَرَةِ فَقَالَ الْبَقَّارُ: اذْهَبْ بِهَا فَإِنِّي لَا أَقْبَلُهَا فَذَهَبَ بِهَا فَهَلَكَتْ فَالْبَقَّارُ ضَامِنٌ لِأَنَّهُ لَمَّا جَاءَ إلَى الْبَقَّارِ فَقَدْ انْتَهَى الْأَمْرُ فَيَصِيرُ الْبَقَّارُ أَمِينًا وَلَيْسَ لِلْمُودِعِ أَنْ يُودِعَ اهـ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 31 قَالَ صَاحِبُ الْفُصُولَيْنِ: أَقُولُ فِيهِ نَظَرٌ إذْ يَنْبَغِي أَنْ لَا يَضْمَنُ إذْ لَمْ يَقْبَلْ فَلَا يَصِيرُ مُودِعًا وَيُؤَيِّدُهُ مَا فِي الذَّخِيرَةِ فِي ضَمَانِ الْمُودِعِ مِنْ أَنَّهُ لَوْ وَضَعَ ثَوْبًا عِنْدَ رَجُلٍ وَقَالَ هُوَ وَدِيعَةٌ عِنْدَك وَقَالَ الرَّجُلُ لَا أَقْبَلُ فَإِنَّهُ لَا يَضْمَنُ. الرَّاعِي لَوْ وَجَدَ فِي بَادِه كه بَقَرَةً لِغَيْرِهِ فَطَرَدَهَا بِقَدْرِ مَا تَخْرُجُ مِنْ بَادِه كه لَا يَضْمَنُ وَلَوْ سَاقَهَا بَعْدَ ذَلِكَ ضَمِنَ. أَهْلُ قَرْيَةٍ يَرْعَوْنَ دَوَابَّهُمْ النَّوْبَةَ فَضَاعَتْ بَقَرَةٌ فِي نَوْبَةِ أَحَدِهِمْ قِيلَ هُوَ ضَامِنٌ عِنْدَ مَنْ يُضَمِّنُ الْأَجِيرَ الْمُشْتَرَكَ وَقِيلَ لَا يَضْمَنُ وِفَاقًا لِأَنَّهُ مُعِينٌ لَا أَجِيرٌ إذْ لَوْ جُعِلَ أَجِيرًا كَانَ مُبَادَلَةُ مَنْفَعَةٍ بِمَنْفَعَةٍ مِنْ جِنْسِهَا وَذَلِكَ لَمْ يَجُزْ فَكَانَ مُعِينًا لَا أَجِيرًا وَالْمُعِينُ لَا يَضْمَنُ. وَفِي الْخُلَاصَةِ أَهْلُ قَرْيَةٍ يَرْعَوْنَ دَوَابَّهُمْ بِالنَّوْبَةِ فَذَهَبَتْ مِنْهَا بَقَرَةٌ فِي نَوْبَةِ أَحَدِهِمْ لَا يَضْمَنُ وَكُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ مُعِينٌ فِي رَعِيَّتِهِ كَذَا قَالَ أَبُو اللَّيْثِ بِخِلَافِ الْأَجِيرِ الْمُشْتَرَكِ حَيْثُ يَضْمَنُ عِنْدَهُمَا اهـ وَلَوْ كَانَتْ نَوْبَةُ أَحَدِهِمْ فَلَمْ يَذْهَبْ وَاسْتَأْجَرَ رَجُلًا لِيَحْفَظَهَا فَأَخْرَجَ الْبَاقُورَةَ إلَى الْمَفَازَةِ ثُمَّ رَجَعَ إلَى أَكْلِهِ يَعْنِي الْأَجِيرَ ثُمَّ عَادَ فَضَاعَتْ بَقَرَةٌ مِنْهَا فَلَوْ ضَاعَتْ بَعْدَمَا رَجَعَ الْأَجِيرُ عَنْ أَكْلِهِ لَمْ يَضْمَنْ أَحَدٌ وَلَوْ قَبْلَ ذَلِكَ يَضْمَنُ الْأَجِيرُ لَا صَاحِبُ النَّوْبَةِ إذْ لَهُ أَنْ يَحْفَظَ بِإِجْرَائِهِ لَكِنَّ هَذَا لَوْ لَمْ يُشْرَطْ عَلَيْهِ الْحِفْظُ بِنَفْسِهِ أَمَّا لَوْ شُرِطَ يَضْمَنُ بِالدَّفْعِ إلَى غَيْرِهِ قَالُوا إنَّمَا يَضْمَنُ الْأَجِيرُ هُنَا لَوْ لَمْ يَتْرُكْ مَعَ الدَّوَابِّ حَافِظًا مِنْ أَهْلِهِ فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ لَوْ تَرَكَهُ وَهَذَا أَيْضًا لَوْ لَمْ يُشْرَطْ عَلَيْهِ الْعَمَلُ بِنَفْسِهِ أَمَّا لَوْ شُرِطَ ضَمِنَ. وَلِلرَّاعِي أَنْ يَرُدَّ الْغَنَمَ مَعَ غُلَامِهِ أَوْ أَجِيرِهِ أَوْ وَلَدِهِ الْكَبِيرِ الَّذِي فِي عِيَالِهِ إذْ الرَّدُّ مِنْ الْحِفْظِ وَلَهُ الْحِفْظُ بِيَدِ مَنْ فِي عِيَالِهِ فَلَهُ الرَّدُّ إلَى مَنْ فِي عِيَالِهِ كَالْمُودِعِ فَلَوْ هَلَكَ فِي يَدِهِ حَالَةَ الرَّدِّ فَلَوْ كَانَ الرَّاعِي مُشْتَرَكًا لَا يَضْمَنُ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ مُطْلَقًا وَعِنْدَهُمَا يَضْمَنُ لَوْ أَمْكَنَ التَّحَرُّزُ عَنْهُ كَمَا لَوْ رَدَّ بِنَفْسِهِ وَلَوْ خَاصًّا لَا يَضْمَنُ مُطْلَقًا كَرَدِّهِ بِنَفْسِهِ وَشُرِطَ كَوْنُ الرَّادِّ كَبِيرًا يَقْدِرُ عَلَى الْحِفْظِ لِأَنَّهُ لَوْ كَانَ صَغِيرًا يَعْجَزُ عَنْ الْحِفْظِ يَكُونُ تَضْيِيعًا وَالْأَجِيرُ يَضْمَنُ بِالتَّضْيِيعِ وِفَاقًا وَشُرِطَ كَوْنُهُ فِي عِيَالِهِ وَإِلَّا كَانَ هُوَ وَالْأَجْنَبِيُّ سَوَاءً وَلَيْسَ لَهُ الرَّدُّ مَعَ الْأَجْنَبِيِّ وَكَذَا مَعَ مَنْ لَيْسَ فِي عِيَالِهِ. وَذَكَرَ الطَّوَاوِيسِيُّ لِلْأَجِيرِ الْمُشْتَرَكِ أَنْ يَرُدَّ مَعَ مَنْ لَيْسَ فِي عِيَالِهِ لَا لِلْخَاصِّ وَالْحَاكِمِ مِهْرَوَيْهِ سَوَّى بَيْنَهُمَا وَقَالَ: لَيْسَ لَهُمَا ذَلِكَ مِنْ الْفُصُولَيْنِ سِوَى مَسْأَلَةِ الْخُلَاصَةِ وَفِيهِ أَيْضًا عَنْ التَّجْرِيدِ لَوْ لَمْ يَكُنْ الْأَجِيرُ أَوْ الْوَلَدُ فِي عِيَالِهِ فَلَوْ بَعَثَهُ بِيَدِهِ فِي يَدِهِ قَالَ الطَّوَاوِيسِيُّ: لَوْ كَانَ الْبَقَّارُ مُشْتَرَكًا ضَمِنَ لَا لَوْ خَاصًّا وَقَالَ مِهْرَوَيْهِ: ضَمِنَا وَعَنْ الْأُسْرُوشَنِيِّ قَالَ الطَّوَاوِيسِيُّ: ضَمِنَ لَوْ خَاصًّا لَا لَوْ مُشْتَرَكًا ثُمَّ قَالَ: أَقُولُ الْأَوَّلُ أَقْرَبُ لِأَنَّ الْخَاصَّ يَدُهُ كَيَدِ الْمَالِكِ حَتَّى لَا يَضْمَنَ مَا تَلِفَ بِفِعْلِهِ بِلَا تَعَدٍّ بِخِلَافِ الْمُشْتَرَكِ. إذَا نَامَ الرَّاعِي حَتَّى ضَاعَ بَعْضُهَا إنْ نَامَ مُضْطَجِعًا كَانَ ضَامِنًا وَإِنْ نَامَ جَالِسًا وَغَابَ الْبَقَرُ عَنْ بَصَرِهِ كَانَ ضَامِنًا وَإِلَّا فَلَا مِنْ الْمُشْتَمِلِ. الْبَقَّارُ لَوْ تَرَكَ الْبَقَرَ عِنْدَ رَجُلٍ لِيَحْفَظَهَا وَرَجَعَ هُوَ إلَى الْقَرْيَةِ لِيُخْرِجَ مَا تَخَلَّفَ مِنْهَا أَوْ لِحَاجَةِ نَفْسِهِ فَضَاعَ بَعْضُهَا قَالُوا: إنْ لَمْ يَكُنْ الْحَافِظُ فِي عِيَالِهِ ضَمِنَ وَإِلَّا فَلَا مِنْ قَاضِي خَانْ الْبَقَّارُ لَوْ تَرَكَ الْبَاقُورَةَ بِيَدِ أَجْنَبِيٍّ لِيَحْفَظَهَا فَلَوْ تَرَكَهَا قَلِيلًا لِبَوْلٍ أَوْ أَكْلٍ أَوْ تَغَوُّطٍ أَوْ نَحْوِهِ لَا يَضْمَنُ إذْ هَذَا الْقَدْرُ عَفْوٌ مِنْ الْفُصُولَيْنِ. وَفِي الْبَزَّازِيَّةِ عَنْ الْمُحِيطِ تَرَكَ الْبَاقُورَةَ عَلَى يَدِ غَيْرِهِ لِيَحْفَظَهَا إذَا غَابَ لَا يَضْمَنُ إنْ يَسِيرًا كَأَكْلٍ وَغَائِطٍ وَبَوْلٍ وَفِي الدِّينَارِيِّ إنْ كَانَ هُوَ مِنْ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 32 عِيَالِهِ لَا يَضْمَنُ وَإِلَّا يَضْمَنُ. وَفِي فَوَائِدِ بُرْهَانِ الدِّينِ تَرَكَهَا فِي بَعْضِ النَّهَارِ عَلَى يَدِ زَوْجَتِهِ وَجَمَعَتْ اللَّيْلَةَ وَلَمْ يَدْرِ أَنَّ الضَّيَاعَ عِنْدَ أَيِّهِمَا كَانَ يَضْمَنُ اهـ مَا فِي الْبَزَّازِيَّةِ. الْبَقَّارُ إذَا غَابَ عَنْ الْبَاقُورَةِ فَوَقَعَتْ فِي زَرْعٍ فَأَفْسَدَتْهُ لَا يَضْمَنُ الْبَقَّارُ إذَا أَرْسَلَهَا فِي الزَّرْعِ أَوْ أَخْرَجَهَا الْقَرْيَةَ وَهُوَ يَذْهَبُ مَعَهَا حَتَّى وَقَفَتْ الْبَاقُورَةُ فِي الزَّرْعِ أَوْ أَتْلَفَتْ مَا لَا فِي سُنَنِهَا ضَمِنَ. وَلَيْسَ لِلرَّاعِي وَالْبَقَّارِ إنْزَاءُ الْفُحُولِ عَلَى الْإِنَاثِ وَلَوْ فَعَلَ ضَمِنَ مَا هَلَكَ فِيهِ وَلَوْ نَزَا الْفَحْلُ بِلَا إنْزَائِهِ لَا يَضْمَنُ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ مِنْ الْفُصُولَيْنِ. وَفِي الْمُشْتَمِلِ عَنْ الذَّخِيرَةِ إذَا خَافَ الرَّاعِي هَلَاكَ شَاةٍ فَذَبَحَهَا فَهُوَ ضَامِنٌ قِيمَتَهَا يَوْمَ الذَّبْحِ؛ لِأَنَّ الذَّبْحَ لَيْسَ مِنْ عَمَلِ الرَّعْيِ فِي شَيْءٍ فَلَا يَدْخُلُ تَحْتَ الْعَقْدِ قَالَ مَشَايِخُنَا: هَذَا إذَا كَانَتْ يُرْجَى حَيَاتُهَا أَوْ كَانَتْ مُشْكِلَ الْحَالِ يُرْجَى حَيَاتُهَا وَمَوْتُهَا أَمَّا إذَا تَيَقَّنَ مَوْتَهَا فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّ الْأَمْرَ بِالرَّعْيِ أَمْرٌ بِالْحِفْظِ وَالْحِفْظُ الْمُمْكِنُ حَالَ تَيَقُّنِ الْمَوْتِ الذَّبْحُ فَيَصِيرُ مَأْمُورًا بِالذَّبْحِ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ وَكَذَا الذَّبْحُ فِي الْبَقَرِ لِأَنَّ الذَّبْحَ فِي مِثْلِ هَذِهِ الْمَوَاضِعِ لِإِصْلَاحِ اللَّحْمِ فَأَمَّا الْحِمَارُ فَلَا يُذْبَحُ وَكَذَا الْبَغْلُ لِأَنَّ الذَّبْحَ لَا يُصْلِحُ لَحْمَهُمَا وَلَا يُذْبَحُ الْفَرَسُ أَيْضًا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ إذْ الصَّحِيحُ مِنْ مَذْهَبِهِ أَنَّ لَحْمَ الْفَرَسِ مَكْرُوهٌ كَرَاهَةَ تَحْرِيمٍ اهـ. وَفِي الْخُلَاصَةِ الرَّاعِي لَوْ خَافَ الْمَوْتَ عَلَى الشَّاةِ فَذَبَحَهَا لَا يَضْمَنُ وَكَذَا اسْتَحْسَنَ بَعْضُ مَشَايِخِنَا إذَا كَانَتْ بِحَيْثُ يَتَحَقَّقُ مَوْتَهَا اهـ. مَرِضَ عِنْدَ الْبَقَّارِ ثَوْرٌ لَا يُرْجَى حَيَاتُهُ فَجَاءَ بِهِ فَلَمْ يَجِدْ مَالِكَهُ فَسَلَّمَهُ إلَى أُمِّ الْمَالِكِ فَأَمَرَتْ قَصَّابًا فَذَبَحَهُ يُخَيَّرُ الْمَالِكُ فِي تَضْمِينِ أَيِّ الثَّلَاثَةِ شَاءَ إنْ لَمْ تَكُنْ الْأُمُّ فِي عِيَالِ الِابْنِ وَإِلَّا فَلَا ضَمَانَ عَلَى الْبَقَّارِ قَالَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - وَلَمْ يَذْكُرْ حُكْمَ الْقَصَّابِ وَالْأُمِّ وَذَلِكَ يَنْبَنِي عَلَى أَنَّ الْأَجْنَبِيَّ إذَا ذَبَحَ حَيَوَانًا مَأْكُولَ اللَّحْمِ فِي حَالٍ لَا يُرْجَى حَيَاتُهُ وَهُوَ مَذْكُورٌ فِي فَتَاوَى ظَهِيرِ الدِّينِ فَاخْتَارَ الصَّدْرُ الشَّهِيدُ فِي ذَبْحِ مِثْلِ هَذَا الْحَيَوَانِ الْمَرِيضِ إذَا كَانَ مَأْكُولَ اللَّحْمِ أَنَّ الْأَجْنَبِيَّ يَضْمَنُ بِخِلَافِ الْبَقَّارِ وَالرَّاعِي وَقَالَ أَبُو اللَّيْثِ: الْأَجْنَبِيُّ لَا يَضْمَنُ كَالْبَقَّارِ وَالرَّاعِي لِلْإِذْنِ دَلَالَةً فِي الذَّبْحِ فَأَمَّا فِي الْفَرَسِ وَالْبَغْلِ وَالْحِمَارِ فَيَضْمَنُ عِنْدَهُمْ هَذِهِ فِي الْقُنْيَةِ مِنْ الْغَصْبِ. وَلَوْ شُرِطَ عَلَى الرَّاعِي ذَبْحُ مَا خِيفَ هَلَاكُهُ فَلَمْ يَذْبَحْهُ فَهَلَكَ يَنْبَغِي أَنْ لَا يَضْمَنَ إذْ فِي هَذَا شَرْطٌ فِيمَا مَاتَ حَتْفَ أَنْفِهِ وَثَمَّةَ لَا يَضْمَنُ وَشَرْطُ الضَّمَانِ عَلَى الْأَمِينِ بَاطِلٌ كَذَا قَالَ الْأُسْرُوشَنِيُّ وَقَالَ عِمَادُ الدِّينِ فِي فُصُولِهِ: وَعِنْدِي أَنَّهُ يَصِحُّ هَذَا الشَّرْطُ لِمَا مَرَّ إنْ ذَبَحَ مِثْلَهُ مِنْ الْحِفْظِ وَكَأَنَّهُ شُرِطَ عَلَيْهِ غَايَةُ مَا فِي وُسْعِهِ مِنْ الْحِفْظِ فَيَجُوزُ فَلَوْ لَمْ يَذْبَحْ فَقَدْ قَصَّرَ فِي حِفْظٍ شُرِطَ عَلَيْهِ فَيَضْمَنُ وَخَرَجَ عَنْ هَذَا جَوَابُ مَا ذَكَرَهُ مِنْ اشْتِرَاطِ الضَّمَانِ عَلَى الْأَمِينِ قَالَ صَاحِبُ الْفُصُولَيْنِ أَقُولُ: الظَّاهِرُ أَنَّ الذَّبْحَ لَيْسَ مِنْ الرَّعْيِ فَلَا يَدْخُلُ تَحْتَ الْعَقْدِ فَهُوَ مُتَبَرِّعٌ فِي الْتِزَامِهِ فَلَا يَضْمَنُ وَأَقَلُّ مَا فِيهِ أَنَّهُ لَا يَخْلُو عَنْ الشَّكِّ فَلَا يَضْمَنُ بِالشَّكِّ. وَفِي الْمُشْتَمِلِ عَنْ فَوَائِدِ صَاحِبِ الْمُحِيطِ اخْتَلَفَ الْمَالِكُ مَعَ الرَّاعِي فَقَالَ الرَّاعِي: ذَبَحْتُهَا وَهِيَ مَيِّتَةٌ وَقَالَ الْمَالِكُ: ذَبَحْتَهَا وَهِيَ حَيَّةٌ فَالْقَوْلُ قَوْلُ الرَّاعِي. وَعَنْ النَّوَازِلِ لَوْ قَالَ الرَّاعِي: ذَبَحْتُهَا مَرِيضَةً وَقَالَ صَاحِبُهَا: مَا بِهَا مَرَضٌ فَالْقَوْلُ قَوْلُ رَبِّ الشَّاةِ وَيَضْمَنُ الرَّاعِي لِأَنَّهُ أَقَرَّ بِسَبَبِ الضَّمَانِ. وَفِي الْخُلَاصَةِ رَجُلٌ دَفَعَ بَقَرَةً إلَى رَجُلٍ بِالْعَلْفِ مُنَاصَفَةً وَهِيَ الَّتِي تُسَمَّى بِالْفَارِسِيَّةِ كاونيم سوو بِأَنْ دَفَعَ عَلَى الجزء: 1 ¦ الصفحة: 33 أَنَّ مَا يُحَصَّلُ مِنْ اللَّبَنِ وَالسَّمْنِ بَيْنَهُمَا نِصْفَانِ فَهَذَا فَاسِدٌ وَالْحَادِثُ كُلُّهُ لِصَاحِبِ الْبَقَرَةِ وَالْإِجَارَةُ فَاسِدَةٌ وَلَوْ أَكَلَ اللَّبَنَ مَعَ هَذَا وَالْبَعْضُ قَائِمٌ فَمَا كَانَ قَائِمًا يُرَدُّ عَلَى مَالِك الْبَقَرَةِ وَيُرَدُّ مِثْلُ مَا أَكَلَ مِنْ اللَّبَنِ وَالْمَصْلِ لِلَّذِي فَعَلَ وَلَهُ عَلَى الْمَالِكِ قِيمَةُ عَلَفِهَا وَأَجْرُ الْمِثْلِ فِي قِيَامِهِ عَلَيْهَا فَلَوْ أَنَّ الْمَدْفُوعَ إلَيْهِ دَفَعَ إلَى آخَرَ بِالنِّصْفِ فَهَلَكَ فَالْمَدْفُوعُ إلَيْهِ الْأَوَّلُ ضَامِنٌ وَلَوْ بَعَثَ الْمَدْفُوعُ إلَيْهِ الْبَقَرَةَ إلَى السَّرْحِ فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ اهـ وَكَذَا لَوْ دَفَعَ الدَّجَاجَ عَلَى أَنْ يَكُونَ الْبَيْضُ بَيْنَهُمَا وَالْحَادِثُ كُلُّهُ لِصَاحِبِ الدَّجَاجِ ذَكَرَهُ فِي الْبَزَّازِيَّةِ وَفِيهَا فِي الْمُتَفَرِّقَاتِ دَفَعَ غَنَمًا وَشَرَطَ لِلرَّاعِي مِنْ لَبَنِهَا وَجُبْنِهَا شَيْئًا مَعْلُومًا وَمَا بَقِيَ لِرَبِّ الْغَنَمِ فَهُوَ فَاسِدٌ وَيَضْمَنُ الرَّاعِي مَا فَسَدَ وَلَهُ عَلَى رَبِّ الْغَنَمِ أَجْرُ الْمِثْلِ وَكَذَا لَوْ جَعَلَ الصُّوفَ أَوْ اللَّبَنَ أَجْرًا اهـ. [النَّوْع الثَّانِي ضمان الْحَارِس] اسْتَأْجَرَ رَجُلًا لِحِفْظِ الْخَانِ فَسُرِقَ مِنْ الْخَانِ شَيْءٌ لَا ضَمَانَ عَلَيْهِ لِأَنَّهُ يَحْفَظُ الْأَبْوَابَ أَمَّا الْأَمْوَالُ فَإِنَّهَا فِي يَدِ أَرْبَابِهَا فِي الْبُيُوتِ وَرُوِيَ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ الْقَاضِي فِي حَارِسٍ يَحْرُسُ الْحَوَانِيتَ فِي السُّوقِ فَنُقِّبَ حَانُوتٌ فَسُرِقَ مِنْهُ شَيْءٌ أَنَّهُ ضَامِنٌ لِأَنَّهُ فِي مَعْنَى الْأَجِيرِ الْمُشْتَرَكِ؛ لِأَنَّ لِكُلِّ وَاحِدٍ حَانُوتًا عَلَى حِدَةٍ فَصَارَ بِمَنْزِلَةِ مَنْ يَرْعَى غَنَمًا لِكُلِّ إنْسَانٍ شَاةٌ وَنَحْوِ ذَلِكَ وَقَالَ الْفَقِيهُ أَبُو جَعْفَرٍ وَالْفَقِيهُ أَبُو بَكْرٍ الْحَارِسُ: أَجِيرٌ خَاصٌّ أَلَّا يُرَى أَنَّهُ لَوْ أَرَادَ أَنْ يَشْغَلَ نَفْسَهُ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ لَمْ يَكُنْ لَهُ ذَلِكَ فَلَا يَضْمَنُ الْحَارِسُ إذَا نُقِّبَ حَانُوتٌ؛ لِأَنَّ الْأَمْوَالَ مَحْفُوظَةٌ فِي يَدِ مُلَّاكِهَا وَهُوَ الصَّحِيحُ وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى مِنْ الْمُشْتَمِلِ. وَفِي الْخُلَاصَةِ حَارِسٌ يَحْرُسُ الْحَوَانِيتَ فِي السُّوقِ فَنُقِّبَ حَانُوتُ رَجُلٍ فَسُرِقَ مِنْهُ شَيْءٌ لَا يَضْمَنُ؛ لِأَنَّ الْأَمْوَالَ فِي يَدِ أَرْبَابِهَا وَهُوَ حَافِظُ الْأَبْوَابِ كَذَا قَالَ الْفَقِيهُ أَبُو جَعْفَرٍ وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى وَهَذَا قَوْلِهِمَا أَمَّا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ لَا يَضْمَنُ مُطْلَقًا وَإِنْ كَانَ فِي يَدِهِ لِأَنَّهُ أَجِيرٌ اهـ. الْخَانِي الْمُسْتَأْجَرُ لِحِفْظِ الْأَمْتِعَةِ لَيْلًا وَنَهَارًا ذَهَبَ إلَى الْحَمَّامِ بَعْدَ طُلُوعِ الْفَجْرِ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَتَرَكَهَا بِلَا حَافِظٍ مَفْتُوحَةً فَكَسَرَ السَّارِقُ مِغْلَاقَ الْأَنْبَارِ خَانَهُ وَسَرَقَ مَا فِيهِ لَا يَضْمَنُ لَيْلًا كَانَ أَوْ نَهَارًا وَلَوْ سَرَقَ مِنْ الْكَادِرِ الَّتِي فِي الصَّحْنِ يَضْمَنُ مِنْ الْقُنْيَةِ وَفِي الْوَدِيعَةِ مِنْ الْخُلَاصَةِ خَانٌ فِيهِ مَنَازِلُ وَبُيُوتٌ وَكُلُّ بَيْتٍ مُقْفَلٌ فِي اللَّيْلِ فَخَرَجَ مِنْ مُقْفَلٍ وَتَرَكَ بَابَ الْخَانِ مَفْتُوحًا فَجَاءَ سَارِقٌ وَنَقَّبَ بَيْتًا وَسَرَقَ مِنْهُ مَالًا فَإِنَّهُ لَا يَضْمَنُ فَاتِحُ الْبَابِ وَهُوَ يَظْهَرُ مِنْ بَابِ فَتْحِ الْقَفَصِ اهـ. [النَّوْع الثَّالِث ضمان الْحَمَّال] اسْتَأْجَرَ حَمَّالًا لِيَحْمِلَ لَهُ دَنًّا مِنْ الْفُرَاتِ فَوَقَعَ فِي بَعْضِ الطَّرِيقِ فَانْكَسَرَ فَإِنْ شَاءَ ضَمَّنَهُ قِيمَتَهُ فِي الْمَوْضِعِ الَّذِي حَمَلَهُ وَلَا أَجْرَ لَهُ وَإِنْ شَاءَ ضَمَّنَهُ قِيمَتَهُ فِي الْمَوْضِعِ الَّذِي انْكَسَرَ وَأَعْطَاهُ أَجْرَهُ بِحِسَابِهِ الْحَمَّالُ لَيْسَ لَهُ حَبْسُ الْحِمْلِ لِأَجْلِ الْأُجْرَةِ مِنْ الْهِدَايَةِ. وَلَوْ حَمَلَ مَتَاعًا عَلَى حَمَّالٍ وَصَاحِبُ الْمَتَاعِ مَعَهُ فَعَثَرَ الْحَمَّالُ وَسَقَطَ الْمَتَاعُ وَفَسَدَ فَهُوَ ضَامِنٌ لِأَنَّهُ مِنْ جِنَايَةِ يَدِهِ وَلَوْ اسْتَأْجَرَ حَمَّالًا لِيَحْمِلَ لَهُ زِقًّا مِنْ سَمْنٍ فَحَمَلَهُ صَاحِبُهُ وَالْحَمَّالُ لِيَضَعَاهُ عَلَى رَأْسِ الْحَمَّالِ فَوَقَعَ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 34 وَتَخَرَّقَ لَا يَضْمَنُ الْحَمَّالُ لِأَنَّهُ لَمْ يُسَلِّمْ السَّمْنَ لِأَنَّ السَّمْنَ فِي يَدِ صَاحِبِهِ بَعْدُ وَلَا ضَمَانَ عَلَى الْحَمَّالِ بِدُونِ التَّسْلِيمِ كَذَا رُوِيَ عَنْ أَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ وَلَوْ حَمَلَهُ الْحَمَّالُ ثُمَّ وَضَعَهُ فِي بَعْضِ الطَّرِيقِ ثُمَّ أَرَادَ رَفْعَهُ فَاسْتَعَانَ بِرَبِّ الزِّقِّ فَرَفَعَاهُ لِيَضَعَاهُ فَوَقَعَ وَتَخَرَّقَ فَالْحَمَّالُ ضَامِنٌ لِأَنَّهُ صَارَ فِي ضَمَانِهِ حِينَ حَمَلَهُ وَلَمْ يَبْرَأْ بَعْدُ لِأَنَّهُ لَمْ يُسَلِّمْهُ إلَى صَاحِبِهِ فَإِنْ حَمَلَهُ وَوَلَّى مِنْ بَيْتِ صَاحِبِهِ ثُمَّ أَنْزَلَهُ الْحَمَّالُ مَعَ صَاحِبِ الزِّقِّ مِنْ رَأْسِ الْحَمَّالِ فَوَقَعَ مِنْ أَيْدِيهِمَا فَالْحَمَّالُ ضَامِنٌ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَهُوَ قَوْلُ مُحَمَّدٍ أَوَّلًا ثُمَّ رَجَعَ مُحَمَّدٌ. وَقَالَ: لَا يَضْمَنُ؛ لِأَنَّ الزِّقَّ وَصَلَ إلَى يَدِ صَاحِبِهِ قَالَ الْفَقِيهُ أَبُو اللَّيْثِ: الْقِيَاسُ أَنْ يَضْمَنَ الْحَمَّالُ النِّصْفَ؛ لِأَنَّ الزِّقَّ وَقَعَ مِنْ فِعْلِهِمَا وَكَثِيرٌ مِنْ مَشَايِخِنَا أَفْتَوْا بِهِ كَذَا فِي الْمُشْتَمِلِ وَالْخُلَاصَةِ. وَفِي الْوَجِيزِ وَضَعَ الْخِلَافَ بَيْنَ أَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ وَعَلَّلَ لِأَبِي يُوسُفَ بِأَنَّ يَدَ الْحَمَّالِ كَانَتْ ثَابِتَةً عَلَى الْمَتَاعِ فَكَانَ مَضْمُونًا عَلَيْهِ وَبِإِنْزَالِهِمَا لَمْ تَزُلْ يَدُ الْحَمَّالِ فَلَا يَزُولُ الضَّمَانُ عَنْهُ اهـ وَإِذَا سُرِقَ الْمَتَاعُ مِنْ رَأْسِ الْحَمَّالِ وَرَبُّ الْمَتَاعِ مَعَهُ لَا يَضْمَنُ كَذَا رَوَى أَبُو يُوسُفَ وَقَدْ مَرَّتْ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ صَاحِبُهُ مَعَهُ لَا يَضْمَنُ أَيْضًا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ خِلَافًا لَهُمَا مِنْ الْمُشْتَمِلِ. أَمَرَ رَجُلًا أَنْ يَحْمِلَ الْحَقِيبَةَ إلَى مَكَانِ كَذَا فَانْشَقَّتْ بِنَفْسِهَا وَخَرَجَ مَا فِيهَا لَا يَضْمَنُ؛ لِأَنَّ التَّقْصِيرَ مِنْ قِبَلِ صَاحِبِ الْحَقِيبَةِ الْحَمَّالُ إذَا كَانَ يَحْمِلُهَا عَلَى عُنُقِهِ فَعَثَرَ وَأَهْرَقَ وَصَاحِبُهَا مَعَهُ فَهُوَ ضَامِنٌ وَلَوْ مِنْ مُزَاحِمَةِ النَّاسِ إيَّاهُ لَا يَضْمَنُ إجْمَاعًا وَلَوْ أَنَّهُ هُوَ الَّذِي زَحَمَ النَّاسَ حَتَّى انْكَسَرَ فَإِنَّهُ يَضْمَنُ وَصَاحِبُهُ بِالْخِيَارِ إنْ شَاءَ ضَمَّنَهُ وَقْتَ الْكَسْرِ وَيَحُطُّ عَنْهُ مِنْ الْأَجْرِ بِإِزَاءِ مَا حَمَلَ وَإِنْ شَاءَ ضَمَّنَهُ قِيمَتَهُ وَقْتَ الْحَمْلِ فِي ذَلِكَ الْمَكَانِ الَّذِي حَمَلَهُ مِنْ الْخُلَاصَةِ. وَفِي الْفُصُولَيْنِ اسْتَأْجَرَ حَمَّالًا لِيَحْمِلَ دَنًّا فَعَثَرَ وَانْكَسَرَ ضَمِنَ لِتَوَلُّدِهِ مِنْ فِعْلِهِ وَهُوَ الْعِثَارُ وَهَذَا لَوْ انْكَسَرَ فِي وَسَطِ الطَّرِيقِ أَمَّا لَوْ وَقَعَ بَعْدَمَا انْتَهَى إلَى الْمَقْصِدِ فَلَهُ الْأَجْرُ بِلَا ضَمَانٍ كَذَا عَنْ صَاعِدٍ الْقَاضِي لِأَنَّهُ حِينَ انْتَهَى لَمْ يَبْقَ الْحِمْلُ مَضْمُونًا عَلَيْهِ إذْ وَجَبَ لَهُ جَمِيعُ الْأَجْرِ فَصَارَ الْحِمْلُ مُسَلَّمًا إلَيْهِ أَيْ إلَى مَالِكِهِ حَتَّى لَا يَسْتَحِقَّ الْحَبْسَ بِأَجْرٍ وَالْمُتَوَلِّدُ مِنْ عَمَلٍ غَيْرِ مَضْمُونٍ لَا يَكُونُ مَضْمُونًا وَهَذَا بِخِلَافِ قَصَّارٍ قَصَّرَ الثَّوْبَ فَهَلَكَ عِنْدَهُ حَيْثُ لَا ضَمَانَ وَلَا أَجْرَ إذْ عَمَلُ الْقَصَّارِ إنَّمَا يُفْعَلُ لِلْمَالِكِ إذَا سَلَّمَ الثَّوْبَ إلَيْهِ وَلَمْ يُوجَدْ وَلَوْ انْكَسَرَ فِي وَسَطِ الطَّرِيقِ بِلَا عَمَلِهِ بِأَنْ أَصَابَهُ حَجَرٌ أَوْ كَسَرَهُ رَجُلٌ أَوْ نَحْوُهُ وَهُوَ عَلَى رَأْسِهِ لَا يَضْمَنُ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ خِلَافًا لَهُمَا ثُمَّ قَالَ نَقْلًا عَنْ الذَّخِيرَةِ: مَا حُكِيَ عَنْ صَاعِدٍ يُوَافِقُ قَوْلَ مُحَمَّدٍ آخِرًا أَمَّا عَلَى قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ أَوَّلًا يَجِبُ أَنْ يَضْمَنَ وَلَوْ انْتَهَى إلَى الْمَقْصِدِ قُلْتُ: وَهَذَا يُؤَيِّدُ مَا قُلْنَا فِي الْأَجِيرِ أَنَّ الْخِلَافَ بَيْنَ أَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ فِي مَسْأَلَةِ الزِّقِّ. اسْتَأْجَرَهُ لِيَحْمِلَ لَهُ طَعَامًا إلَى مَكَانِ كَذَا فَحَمَلَ إلَيْهِ ثُمَّ رَدَّهُ إلَى مَكَانِ حَمَلَ فِيهِ سَقَطَ الْأَجْرُ عِنْدَنَا خِلَافًا لِزُفَرَ وَيَصِيرُ غَاصِبًا بِرَدِّهِ كَمَا لَوْ سَلَّمَهُ إلَى حَقِيبَتِهِ ثُمَّ أَخَذَهُ. لَوْ انْقَطَعَ حَبْلُ الْحَمَّالِ وَسَقَطَ الْحِمْلُ ضَمِنَ وِفَاقًا لِشَدِّهِ بِحَبْلٍ لَمْ يَحْتَمِلْهُ فَكَأَنَّهُ أَسْقَطَهُ فَتَلِفَ مِنْ جِنَايَةِ يَدِهِ وَقَدْ مَرَّتْ عَنْ الْفُصُولَيْنِ لَوْ انْشَقَّتْ الْحَقِيبَةُ بِنَفْسِهَا وَخَرَجَ مَا فِيهَا ضَمِنَ الْحَمَّالُ كَانْقِطَاعِ الْحَبْلِ وَقَالَ الْفَقِيهُ أَبُو اللَّيْثِ: فِي قِيَاسِ قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ لَا يَضْمَنُ وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى مِنْ مُشْتَمِلِ الْهِدَايَةِ قَالَ فِي الْفُصُولَيْنِ: وَلَا يُشْبِهُ انْقِطَاعُ الْحَبْلِ إذْ التَّفْرِيطُ ثَمَّةَ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 35 مِنْ الْحَمَّالِ حَيْثُ شَدَّ بِحَبْلٍ وَاهٍ وَهُنَا مِنْ الْمَالِكِ حَيْثُ وَضَعَ مَتَاعَهُ فِي حَقِيبَةٍ وَاهِيَةٍ. [النَّوْع الرَّابِع ضمان الْمُكَارِي] لَيْسَ لِلْمُكَارِي حَبْسُ الْحِمْلِ لِلْأُجْرَةِ مِنْ الْهِدَايَةِ نَزَلَ الْحَمَّالُ فِي مَفَازَةٍ وَتَهَيَّأَ لَهُ الِانْتِقَالُ فَلَمْ يَنْتَقِلْ فَتَلِفَ الْمَتَاعُ بِسَرِقَةٍ أَوْ مَطَرٍ ضَمِنَ وَتَأْوِيلُهُ لَوْ كَانَ الْمَطَرُ أَوْ السَّرِقَةُ غَالِبًا لِأَنَّهُ حِينَئِذٍ يَصِيرُ مُضَيِّعًا. شُرِطَ عَلَى الْمُكَارِي أَنْ يَسِيرَ لَيْلًا وَالْمَالِكُ مَعَهُ يَسِيرَانِ لَيْلًا فَضَاعَتْ الدَّابَّةُ مَعَ الْحِمْلِ فَالْمُكَارِي لَوْ ضَيَّعَ بِتَرْكِ الْحِفْظِ ضَمِنَ وِفَاقًا وَلَوْ ضَاعَتْ بِلَا تَضْيِيعِهِ يَبْرَأُ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ خِلَافًا لَهُمَا. مُكَارِي اسْتَقْبَلَهُ اللُّصُوصُ فَطَرَحَ الْحِمْلَ وَذَهَبَ بِالْحِمَارِ لَوْ عَجَزَ عَنْ تَخْلِيصِ الْحِمْلِ مِنْهُمْ وَعَلِمَ أَنَّهُ لَوْ حَمَلَهُ أَخَذَ اللُّصُوصُ الْحِمْلَ أَوْ الْحِمَارَ لَا يَضْمَنُ إذْ لَمْ يَتْرُكْ الْحِفْظَ مَعَ الْقُدْرَةِ عَلَيْهِ. لَهُ أَجِيرَانِ يَعْمَلَانِ لَهُ بِبَقُورَةِ عَيَّنَ لِأَحَدِهِمَا بِقَرِينٍ وَلِلْآخَرِ بِقَرِينٍ فَاسْتَعْمَلَ أَحَدُهُمَا غَيْرَ مَا عُيِّنَ لَهُ فَهَلَكَ ضَمِنَ الْمُسْتَعْمِلُ وَهَلْ يَضْمَنُ الْآخَرُ بِالدَّفْعِ؟ قِيلَ: يَضْمَنُ وَقِيلَ: لَا يَضْمَنُ لِأَنَّهُ مُودِعٌ فِي الْبَقَرِ وَدَفَعَهُ إلَى مَنْ يَقُومُ عَلَى الدَّوَابِّ وَالْأَوَّلُ أَصَحُّ وَهُوَ ظَاهِرُ الرِّوَايَةِ وَبِهِ كَانَ يُفْتِي شَمْسُ الْأَئِمَّةِ السَّرَخْسِيُّ. الْأَجِيرُ لَوْ خَالَفَ ثُمَّ عَادَ إلَى الْوِفَاقِ لَا يَبْرَأُ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ مِنْ الْفُصُولَيْنِ وَفِيهِ أَيْضًا مِنْ إجَارَةِ الدَّوَابِّ أَجَّرَ حِمَارَهُ وَاسْتَأْجَرَ رَجُلًا لِيَذْهَبَ مَعَهُ وَقَالَ لَهُ: ارْجِعْ مَعَ الْعِيرِ فَبَلَغُوا الْمَقْصِدَ وَرَجَعَ الْعِيرُ وَتَخَلَّفَ الْأَجِيرُ وَاسْتَعْمَلَ الْحِمَارَ أَيَّامًا فِي عَمَلِ نَفْسِهِ ثُمَّ رَجَعَ مَعَ عِيرٍ آخَرَ فَأُغِيرَ عَلَى الْحِمَارِ ضَمِنَ الْأَجِيرُ إذْ خَالَفَ حِينَ اسْتَعْمَلَهُ وَالْأَجِيرُ لَوْ خَالَفَ ثُمَّ عَادَ لَا يَبْرَأُ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ فِي قَوْلِهِ الْأَخِيرِ وَفِي قَوْلِهِ الْأَوَّلِ وَهُوَ قَوْلُهُمَا يَبْرَأُ وَلَوْ لَمْ يَسْتَعْمِلْهُ يَبْرَأُ إذْ قَالَ مَعَ الْعِيرِ مُطْلَقًا وَقَدْ فَعَلَ انْتَهَى. صَاحِبُ الْحُمُولَةِ لَوْ قَالَ لِلْحَمَّالِ: أَمْسِكْ الْحُمُولَةَ حَتَّى أُعْطِيَك الْأَجْرَ فَسُرِقَتْ الْحُمُولَةُ لَا يَضْمَنُ الْحَمَّالُ فِي قَوْلِهِمْ كَذَا فِي ضَمَانِ الْقَصَّارِ مِنْ قَاضِي خَانْ وَفِيهِ مَسْأَلَةٌ عَنْ الْخُلَاصَةِ تَرَكْتُهَا لِمُرُورِهَا فِي الْمُسْتَأْجِرِ. لَوْ عَثَرَتْ الدَّابَّةُ الْمُسْتَأْجَرَةُ مِنْ سُوقِ الْمُكَارِي فَسَقَطَ الْحِمْلُ وَفَسَدَ الْمَتَاعُ وَصَاحِبُ الْمَتَاعِ رَاكِبٌ عَلَيْهَا لَا يَضْمَنُ الْمُكَارِي لِأَنَّهُ لَمْ يُخِلّ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْمَتَاعِ بِخِلَافِ مَا إذَا عَثَرَتْ بِسُوقِهِ وَسَقَطَ الْمَتَاعُ وَهَلَكَ وَصَاحِبُ الْمَتَاعِ يَسِيرُ مَعَهُ خَلْفَ الدَّابَّةِ فَإِنَّ الْأَجِيرَ يَضْمَنُ؛ لِأَنَّ الْهَلَاكَ حَصَلَ مِنْ جِنَايَةِ يَدِهِ وَمَحَلُّ الْعَمَلِ مُسَلَّمٌ إلَيْهِ وَلَوْ كَانَ عَلَى الدَّابَّةِ قِنٌّ صَغِيرٌ لِرَبِّ الْمَتَاعِ وَوَقَعَا مِنْ سُوقِهِ فَمَاتَ الْقِنُّ وَفَسَدَ الْحِمْلُ يَضْمَنُ الْحِمْلَ وَلَا يَضْمَنُ الْمَمْلُوكُ ثُمَّ إنَّمَا يَضْمَنُ الْحِمْلَ إذَا كَانَ الْمَمْلُوكُ مِمَّا لَا يَصْلُحُ لِلْحِفْظِ فَإِنْ كَانَ يَصْلُحُ لِحِفْظِ الْمَتَاعِ لَا يَضْمَنُ الْأَجِيرُ الْحِمْلَ لِأَنَّهُ فِي يَدِ الْعَبْدِ وَيَدُ الْعَبْدِ يَدُ الْمَالِكِ فَكَانَ بِمَنْزِلَةِ مَا لَوْ كَانَ عَلَى الدَّابَّةِ وَكِيلُ الْمَوْلَى وَلَوْ كَانَ رَبُّ الْمَالِ وَالْمُكَارِي رَاكِبَيْنِ أَوْ سَائِقَيْنِ أَوْ قَائِدَيْنِ فَعَثَرَتْ الدَّابَّةُ وَهَلَكَ الْمَتَاعُ الَّذِي عَلَيْهَا فَلَا ضَمَانَ عَلَى الْمُكَارِي وَقَدْ مَرَّتْ عَنْ الْمُشْتَمِلِ. وَفِي الْفُصُولَيْنِ وَكَذَا قِطَارٌ عَلَيْهَا حُمُولَةٌ وَالْمَالِكُ عَلَى بَعِيرٍ يَبْرَأُ الْحَمَّالُ إذْ يَدُ الْمَالِكِ ثَابِتَةٌ عَلَى الجزء: 1 ¦ الصفحة: 36 كُلِّ ذَلِكَ وَفِيهِ أَيْضًا عَنْ فَتَاوَى أَبِي اللَّيْثِ لَمَّا أَرَادَ الْمُكَارِي أَنْ يَضَعَ الزِّقَّ عَلَى الدَّابَّةِ أَخَذَ أَحَدَ الْعَدْلَيْنِ مِنْ جَانِبٍ وَرَمَى بِالْعَدْلِ الْآخَرِ مِنْ الْجَانِبِ الْآخَرِ فَانْشَقَّ الْعَدْلُ مِنْ رَمْيِهِ ضَمِنَ مَا تَلِفَ لِأَنَّهُ بِصُنْعِهِ اهـ. وَفِي الْهِدَايَةِ لَا يَضْمَنُ الْمُكَارِي بَنِي آدَمَ مِمَّنْ سَقَطَ عَنْ الدَّابَّةِ وَإِنْ كَانَ بِسُوقِهِ وُقُودِهِ؛ لِأَنَّ الْوَاجِبَ ضَمَانُ الْآدَمِيِّ وَأَنَّهُ لَا يَجِبُ بِالْعَقْدِ وَإِنَّمَا يَجِبُ بِالْجِنَايَةِ وَقَدْ مَرَّتْ لَوْ اسْتَأْجَرَ دَابَّةً لِحَمْلِ عَبْدٍ صَغِيرٍ أَوْ كَبِيرٍ فَلَا ضَمَانَ عَلَى الْمُكَارِي فِيمَا عَطِبَ مِنْ سِيَاقِهِ وَقِيَادِهِ اهـ. اسْتَأْجَرَ رَجُلًا لِيَحْمِلَ لَهُ شَيْئًا لَهُ حِمْلٌ وَمُؤْنَةٌ إلَى مَوْضِعٍ لِيَدْفَعَهُ إلَى رَجُلٍ فَوَجَدَ الرَّجُلَ غَائِبًا فَتَرَكَهُ عَلَى يَدَيْ رَجُلٍ لِيُوصِلَهُ إلَى ذَلِكَ الرَّجُلِ يَنْبَغِي أَنْ لَا يَضْمَنَ مِنْ وَدِيعَةٍ الْفُصُولَيْنِ وَمُشْتَمِلِ الْهِدَايَةِ وَعَنْ الثَّانِي إذَا عَثَرَتْ الدَّابَّةُ وَسَقَطَ الْمَتَاعُ فَلَا ضَمَانَ عَلَى الْمُكَارِي وَإِنْ مِنْ قُودِهِ أَوْ سُوقِهِ ذَكَرَهُ فِي الْبَزَّازِيَّةِ. اسْتَأْجَرَ رَجُلًا وَدَفَعَ إلَيْهِ حِمَارًا وَخَمْسِينَ دِرْهَمًا لِيَذْهَبَ إلَى بَلَدِ كَذَا وَيَشْتَرِيَ لَهُ شَيْئًا فَذَهَبَ الْأَجِيرُ فَأَخَذَ السُّلْطَانُ حُمُرَ الْقَافِلَةِ فَذَهَبَ بَعْضُ أَصْحَابِ الْحُمُرِ فِي طَلَبِ حُمُرِهِمْ وَلَمْ يَذْهَبْ هَذَا الْأَجِيرُ قَالُوا: إنْ كَانَ الَّذِينَ ذَهَبُوا فِي طَلَبِ حُمُرِهِمْ مِنْهُمْ مَنْ وَجَدَ حِمَارَهُ وَمِنْهُمْ مَنْ لَمْ يَجِدْ وَمَنْ وَجَدَهُ لَا يَأْخُذُهُ إلَّا بِمَشَقَّةٍ وَمُؤْنَةٍ لَا يَضْمَنُ الْأَجِيرُ بِتَرْكِ طَلَبِ الْحِمَارِ مِنْ قَاضِي خَانْ وَفِيهِ مِنْ الْغَصْبِ جَمَّالٌ أَرَادَ أَنْ يَعْبُرَ بِجَمَالِهِ فِي نَهْرٍ كَبِيرٍ يَحْوِي فِيهِ الْجَهْدَ كَمَا يَكُونُ فِي الشِّتَاءِ فَرَكِبَ بَعِيرًا وَأَدْخَلَهُ فِي النَّهْرِ وَسَائِرِ الْجِمَالِ عَقِيبَهُ فَسَقَطَ بَعِيرٌ وَتَلِفَ مَا عَلَيْهِ قَالَ الشَّيْخُ الْإِمَامُ أَبُو الْقَاسِمِ: إنْ كَانَ النَّاسُ يَسْلُكُونَ النَّهْرَ فِي مِثْلِ هَذَا الْوَقْتِ لَا يَضْمَنُ الْجَمَّالُ اهـ. اسْتَأْجَرَ حَمَّالًا لِيَحْمِلَ لَهُ طَعَامًا فِي طَرِيقِ كَذَا فَأَخَذَ فِي طَرِيقٍ آخَرَ فَهَلَكَ الْمَتَاعُ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ بَيْنَ الطَّرِيقَيْنِ تَفَاوُتٌ فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ وَإِنْ تَفَاوَتَا بِأَنْ كَانَ الْمَسْلُوكُ أَوْعَرَ أَوْ أَبْعَدَ أَوْ أَخْوَفَ بِحَيْثُ لَا يَسْلُكُهُ النَّاسُ يَضْمَنُ مِنْ الْإِيضَاحِ لِابْنِ كَمَالٍ وَلَوْ حَمَلَهُ فِي الْبَحْرِ يَضْمَنُ وَلَوْ فِيمَا يَحْمِلُهُ النَّاسُ وَإِنْ بَلَغَ فَلَهُ الْأَجْرُ مِنْ الْهِدَايَةِ. اسْتَأْجَرَهُ لِيَذْهَبَ بِطَعَامٍ إلَى فُلَانٍ بِالْبَصْرَةِ فَذَهَبَ فَوَجَدَ فُلَانًا مَيِّتًا فَرَجَعَ بِالطَّعَامِ فَهَلَكَ فِي الطَّرِيقِ لَا يَضْمَنُ عِنْدَ أَصْحَابِنَا الثَّلَاثَةِ مِنْ الْخُلَاصَةِ وَفِيهَا جَمَاعَةٌ أَجَّرَ كُلُّ وَاحِدٍ حِمَارَهُ مِنْ رَجُلٍ وَسَلَّمُوهُ إلَيْهِ ثُمَّ قَالُوا لِأَحَدِهِمْ: اذْهَبْ أَنْتَ مَعَهُ لِتَتَعَاهَدَ الْحُمُرَ فَإِنَّا لَا نَعْرِفُهُ فَذَهَبَ مَعَهُ فَقَالَ الْمُسْتَأْجِرُ لِلْمُتَعَاهِدِ: قِفْ هُنَا مَعَ الْحُمُرِ حَتَّى أَذْهَبَ بِحِمَارٍ وَاحِدٍ وَأَخَذَ الْجُوَالِقَ فَذَهَبَ وَلَمْ يَقْدِرْ عَلَيْهِ فَلَا ضَمَانَ عَلَى الْمُتَعَاهِدِ اهـ. اسْتَأْجَرَ مُكَارِيًا لِيَحْمِلَ عَصِيرًا عَلَى دَابَّتِهِ فَلَمَّا أَرَادَ أَنْ يَضَعَهُ عَلَيْهَا أَخَذَ الْجَوَالِيقَ مِنْ جَانِبٍ فَسَقَطَ الْعَدْلُ الْآخَرُ وَانْشَقَّ الزِّقُّ وَتَلِفَ مَا فِيهِ ضَمِنَ الْمُكَارِي مِنْ الْبَزَّازِيَّةِ. الْمُكَارِي كَانَ يَنْقُلُ الدِّبْسَ مِنْ الْقَرْيَةِ إلَى الْمِصْرِ فَنَزَلَ فِي الطَّرِيقِ وَنَامَ وَخَرَقَ الْكَلْبُ الزِّقَّ فَضَاعَ الدِّبْسُ لَا يَضْمَنُ إنْ كَانَ جَالِسًا. حَمَلَ الفاواذق خَابِيَةَ دِبْسٍ فَانْكَسَرَ الْقَبُّ وَانْكَسَرَتْ الْخَابِيَةُ يَضْمَنُ كَالْحَمَّالِ إذَا زَلِقَ وَكَذَا إذَا انْكَسَرَتْ لِخَرْقٍ فِي تَسْيِيرِهِ وَإِلَّا فَلَا وَلَوْ نَامَ الفاواذق فِي الْعَجَلَةِ فَأَصَابَتْ الدَّوَابُّ شَيْئًا أَوْ انْحَرَفَ الثَّوْرُ عَنْ الطَّرِيقِ فَأَتْلَفَ شَيْئًا ضَمِنَ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 37 لِأَنَّ سَيْرَ الثَّوْرِ مُضَافٌ إلَيْهِ وَلَوْ نَامَ فِيهَا الفاواذق فَانْقَلَبَتْ وَانْكَسَرَتْ الدَّوَّارَةُ أَوْ الْقَبُّ أَوْ سَائِرُ الْآلَاتِ لَمْ يَضْمَنْ مَالِكُهَا لِأَنَّ نَوْمَهُ مَأْذُونٌ فِيهِ عُرْفًا مِنْ الْقُنْيَةِ. أَرْكَبَ تِلْمِيذُ مُكَارِيَ الْحِمَارِ امْرَأَةً عَلَيْهِ بِغَيْرِ إذْنِهِ وَهَلَكَ الْحِمَارُ لَا ضَمَانَ عَلَى وَاحِدٍ مِنْهُمَا إذَا نَزَلَتْ وَسَلَّمَتْ الْحِمَارَ إلَى التِّلْمِيذِ لِأَنَّهُ مُودِعٌ عَادَ إلَى الْوِفَاقِ وَإِنْ هَلَكَ فِي حَالِ الرُّكُوبِ يُضَمِّنُ الْمُكَارِي أَيَّهمَا شَاءَ وَلَا يَرْجِعُ أَحَدُهُمَا عَلَى صَاحِبِهِ بِالْمَضْمُونِ وَعَلَى هَذَا الفاواذق إذَا حَمَلَ فِي الْعَجَلَةِ مَتَاعًا أَوْ إنْسَانًا هَذِهِ فِي الْغَصْبِ مِنْ الْقُنْيَةِ. اسْتَأْجَرَ حَمَّالًا لِيَحْمِلَ لَهُ عَلَى مَرْكَبِهِ حِمْلًا إلَى مَوْضِعِ كَذَا فَوَقَعَ الْمَحْمُولُ فِي بَعْضِ الطَّرِيقِ بِانْقِطَاعِ الْحَبْلِ فَانْكَسَرَ فَالْمَالِكُ يُخَيَّرُ إنْ شَاءَ ضَمَّنَ قِيمَتَهُ غَيْرَ مَحْمُولٍ وَلَا أَجْرَ وَإِنْ شَاءَ ضَمَّنَ قِيمَتَهُ مَحْمُولًا وَأَعْطَى الْأَجْرَ عِنْدَ عُلَمَائِنَا الثَّلَاثَةِ وَقَالَ زُفَرُ: يَضْمَنُهُ مَحْمُولًا بِلَا خِيَارٍ وَلَهُ أَجْرُ مَا حَمَلَ مِنْ شَرْحِ الْمَجْمَعِ. [النَّوْع الْخَامِس ضمان النَّسَّاج] دَفَعَ إلَى نَسَّاجٍ غَزْلًا لِيَنْسِجَهُ وَرَفَعَهُ النَّسَّاجُ إلَى آخَرَ لِيَنْسِجَهُ فَسُرِقَ مِنْ بَيْتِ الْآخَرِ فَلَوْ كَانَ أَجِيرُ الْأَوَّلِ بَرِئَا وَلَوْ أَجْنَبِيًّا ضَمِنَ النَّسَّاجُ الْأَوَّلُ لَا الْآخَرُ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَعِنْدَهُمَا ضَمَّنَ أَيَّهمَا شَاءَ كَاخْتِلَافِهِمْ فِي مُودِعِ الْمُودِعِ وَعَلَى قِيَاسِ مَا ذَكَرَ الْقُدُورِيُّ وَقَرَّرَهُ صَاحِبُ الْهِدَايَةِ إنَّ كُلَّ صَانِعٍ شُرِطَ عِلْمُهُ الْعَمَلَ بِنَفْسِهِ لَيْسَ لَهُ أَنْ يَسْتَعْمِلَ غَيْرَهُ فَهُنَا لَوْ شُرِطَ عَلَيْهِ النَّسْجُ بِنَفْسِهِ ضَمِنَ بِالدَّفْعِ إلَى الْآخَرِ وَلَوْ أَجِيرُهُ. غُلَامٌ رَابَهُ بافنده دادتا كارآموزداين بافنده بِهِ بافنده ديكردادتا كارآموزد ضَمِنَ إذْ الْإِجَارَةُ وَقَعَتْ عَلَى الْحِفْظِ مَقْصُودًا وَالْأَوَّلُ مُودِعٌ وَلَيْسَ لِلْمُودِعِ أَنْ يُودِعَ. نَسَّاجٌ تَرَكَ الْكِرْبَاسَ فِي بَيْتِ الطَّرَّازِ فَسُرِقَ لَيْلًا إنْ كَانَ الْبَيْتُ حَصِينًا تُمْسَكُ الثِّيَابُ فِي مِثْلِهِ لَا يَضْمَنُ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ حَصِينًا وَلَا تُمْسَكُ الثِّيَابُ فِي مِثْلِهِ إنْ رَضِيَ صَاحِبُ الْكِرْبَاسِ بِتَرْكِ الْكِرْبَاسِ فِيهِ لَا يَضْمَنُ وَإِنْ لَمْ يَرْضَ بِهِ ضَمِنَ. لَيْسَ عَلَى النَّسَّاجِ أَنْ يَبِيتَ فِي بَيْتِ الطَّرَّازِ لَكِنْ لَوْ أَغْلَقَ الْبَابَ فِي اللَّيْلِ وَذَهَبَ لَا يَضْمَنُ وَلَوْ سُرِقَ مِنْ بَيْتِ الطَّرَّازِ مَرَّةً أَوْ مَرَّتَيْنِ لَا يَخْرُجُ مِنْ كَوْنِهِ حَصِينًا إلَّا إذَا فَحَشَ بافنده ثَوْب رادر كَارِ خَانَهُ ماند وَشُبْ بِخَانِهِ رَفَّتْ وَأَغْلَقَ الْبَابَ وَذَلِكَ فِي وَقْتٍ غَلَبَهُ السُّرَّاقُ فَسُرِقَ الثَّوْبُ لَوْ كَانَ يُتْرَكُ مِثْلُهُ فِي مِثْلِهِ فِي هَذَا الزَّمَانِ لَا يَضْمَنُ وَإِلَّا ضَمِنَ مِنْ الْفُصُولَيْنِ. وَفِي مُشْتَمِلِ الْهِدَايَةِ عَنْ فَوَائِدِ الْمُحِيطِ دَفَعَ إلَى نَسَّاجٍ كِرْبَاسًا بَعْضُهُ مَنْسُوجٌ وَبَعْضُهُ غَيْرُ مَنْسُوجٍ لِيَنْسِجَ بَاقِيَهُ فَسُرِقَ مِنْ عِنْدِهِ ذَكَرَ الْفَقِيهُ أَبُو اللَّيْثِ فِي النَّوَازِلِ أَنَّ عِنْدَهُمَا يَضْمَنُ الْكُلَّ؛ لِأَنَّ الْأَجِيرَ الْمُشْتَرَكَ يَضْمَنُ مَا هَلَكَ عِنْدَهُ وَإِنْ كَانَ مِنْ غَيْرِ صُنْعِهِ فَالْمَنْسُوجُ مَعَ غَيْرِ الْمَنْسُوجِ كَشَيْءٍ وَاحِدٍ بِحُكْمِ الِاتِّصَالِ. وَعَنْ الذَّخِيرَةِ حَائِكٌ عَمِلَ ثَوْبًا فَتَعَلَّقَ الْمَالِكُ بِهِ لِيَأْخُذَهُ وَأَبَى الْحَائِكُ أَنْ يَدْفَعَهُ حَتَّى يَأْخُذَ الْأُجْرَةَ فَتَخَرَّقَ مِنْ يَدِ مَالِكِهِ لَا ضَمَانَ عَلَى الْحَائِكِ وَإِنْ تَخَرَّقَ مِنْ يَدِ الْحَائِكِ وَالْمَالِكِ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 38 فَعَلَى الْحَائِكِ نِصْفُ الضَّمَانِ. نَسَجَ ثَوْبًا وَتَرَكَهُ فِي بَيْتِهِ وَلَمْ يَرُدَّهُ عَلَى الْمَالِكِ فَسُرِقَ هَلْ يَضْمَنُ؟ فِيهِ اخْتِلَافُ الْمَشَايِخِ فَعَلَى قَوْلِ مَنْ يَقُولُ مُؤْنَةُ الرَّدِّ عَلَى الْأَجِيرِ الْمُشْتَرَكِ يَضْمَنُ إذَا تَمَكَّنَ مِنْ الرَّدِّ وَلَمْ يَرُدَّهُ وَعَلَى قَوْلِ مَنْ يَقُولُ لَا تَكُونُ مُؤْنَةُ الرَّدِّ عَلَيْهِ لَا يَضْمَنُ اهـ مَا فِي الْمُشْتَمِلِ وَعَنْ عِمَادِ الدِّينِ يَنْبَغِي أَنْ لَا يَضْمَنَ عَلَى الْقَوْلَيْنِ لَوْ لَمْ يَقْبِضْ الْأُجْرَةَ إذْ لَهُ الْحَبْسُ بِالْأَجْرِ فَلَمْ يَجِبْ عَلَيْهِ الرَّدُّ. قَالَ صَاحِبُ الْفُصُولَيْنِ: يَنْبَغِي أَنْ يَضْمَنَ عِنْدَهُمَا لَا عِنْدَهُ كَمَا مَرَّ فِي آخِرِ التَّصَرُّفَاتِ الْفَاسِدَةِ قُلْتُ: يُؤَيِّدُهُ قَوْلُ صَاحِبِ الْهِدَايَةِ كُلُّ صَانِعٍ لِعَمَلِهِ أَثَّرَ فِي الْعَيْنِ كَصَبَّاغٍ وَقَصَّارٍ فَلَهُ أَنْ يَحْبِسَ الْعَيْنَ حَتَّى يُسْتَوْفَى الْأَجْرُ وَلَوْ حَبَسَهُ فَضَاعَ لَا ضَمَانَ عَلَيْهِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَلَا أَجْرَ لَهُ وَعِنْدَهُمَا الْعَيْنُ كَانَتْ مَضْمُونَةً قَبْلَ الْحَبْسِ فَكَذَا بَعْدَهُ لَكِنَّهُ بِالْخِيَارِ إنْ شَاءَ ضَمِنَ قِيمَتَهُ مَعْمُولًا وَلَهُ الْأَجْرُ وَإِنْ شَاءَ ضَمِنَ قِيمَتَهُ غَيْرَ مَعْمُولٍ وَلَا أَجْرَ لَهُ اهـ وَذَكَرَ صَاحِبُ الْفُصُولَيْنِ قَبْلَ ذَلِكَ عَنْ أَبِي بَكْرٍ الْبَلْخِيّ لَوْ مَنَعَ الْحَائِكُ الثَّوْبَ بِالْأَجْرِ اخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِيهِ فَلَوْ اصْطَلَحَا عَلَى شَيْءٍ كَانَ حَسَنًا قُلْتُ: وَقَدْ مَرَّ أَنَّ الْمُتَأَخِّرِينَ اخْتَارُوا فِي الْأَجِيرِ الْمُشْتَرَكِ الْفَتْوَى بِالصُّلْحِ عَلَى النِّصْفِ فَيَنْبَغِي أَنْ يُفْتَى بِهِ وَمَا ذَهَبَ إلَيْهِ الْبَلْخِيّ قَرِيبٌ مِنْهُ. وَفِي الْبَزَّازِيَّةِ نَسَجَ الْحَائِكُ الثَّوْبَ فَجَاءَ بِهِ لِيَأْخُذَ الْأَجْرَ فَقَالَ رَبُّهُ: أَمْسِكْ حَتَّى أَفْرَغَ مِنْ الْعَمَلِ وَأُؤَدِّيَك الْأَجْرَ فَسُرِقَ مِنْهُ الثَّوْبُ فِي هَذَا الْحَالِ بَعْدَ ذَا الْمَقَالِ قَالَ الْعَتَّابِيُّ: لَا يَضْمَنُ فِي هَذَا الْحَالِ بَعْدَ ذَا الْمَقَالِ بِقَوْلِهِ أَمْسِكْ. وَفِي النَّوَازِلِ جَعَلَهُ عَلَى وَجْهَيْنِ وَقَالَ: أَرَادَ بِهِ أَخْذَهُ إمَّا أَنْ يَمْنَعَهُ الْحَائِكُ مِنْ الْأَخْذِ أَوْ لَا فَإِنْ كَانَ يَمْنَعُهُ قِيلَ: يَضْمَنُ وَقِيلَ: لَا وَلَوْ اصْطَلَحَا عَلَى شَيْءٍ فَحَسَنٌ وَإِنْ كَانَ لَا يَمْنَعُهُ فَقَوْلُ الْمُسْتَأْجِرِ: امْسِكْهُ إمَّا أَنْ يَكُونَ عَلَى وَجْهِ الرَّهْنِ وَإِمَّا أَنْ يَكُونَ عَلَى وَجْهِ الْأَمَانَةِ إنْ كَانَ الْأَوَّلُ هَلَكَ بِالْأَجْرِ وَإِنْ كَانَ الثَّانِي لَا يَضْمَنُ وَيَجِبُ الْأَجْرُ اهـ. دَفَعَ إلَى نَسَّاجٍ غَزْلًا لِيَنْسِجَهُ فَجَحَدَ النَّسَّاجُ الْغَزْلَ وَحَلَفَ ثُمَّ جَاءَ بِهِ مَنْسُوجًا فَإِنْ نَسَجَ قَبْلَ الْجُحُودِ فَلَهُ الْأَجْرُ وَإِنْ نَسَجَ بَعْدَ الْجُحُودِ فَالثَّوْبُ لَهُ وَهُوَ ضَامِنٌ لِغَزْلِ مِثْلِهِ؛ لِأَنَّ بِالْجُحُودِ صَارَ غَاصِبًا لِلْغَزْلِ وَبِالنَّسْجِ أَحْدَثَ صَنْعَةً مُتَقَوِّمَةً فَانْقَطَعَ حَقُّ الْمَالِكِ عَنْهُ إلَى ضَمَانِ مِثْلِهِ مِنْ الْوَجِيزِ. دَفَعَ إلَيْهِ غَزْلَ قَزٍّ لِيَنْسِجَهُ فَأَخَذَ الْحَائِكُ بَعْضَهُ وَجَعَلَ مَكَانَهُ غَزْلَ قُطْنٍ وَنَسَجَهُ قَالَ الْأُسْرُوشَنِيُّ: أَجَابَ وَالِدِي أَنَّ الثَّوْبَ لِلْحَائِكِ وَيَضْمَنُ لِلْمَالِكِ مِثْلَ غَزْلِهِ إذْ صَارَ غَاصِبًا بِخَلْطِ غَزْلِهِ بِغَزْلِ الْآخَرِ خَلْطًا يَتَعَذَّرُ تَمْيِيزُهُ أَوْ يَتَعَسَّرُ فَمَلَكَ الثَّوْبَ. دَفَعَ إلَيْهِ غَزْلًا وَشَرَطَ كردكه دَرِّ دوروز بافد ببافت وَهَلَكَ الثَّوْبُ بَعْدَهُ ضَمِنَ عَلَى مَا اخْتَارَهُ شَمْسُ الْإِسْلَامِ الْأُوزْجَنْدِيُّ لَوْ قَالَ رَبُّ الْغَزْلِ لِلنَّسَّاجِ: أَمْسِكْ الثَّوْبَ حَتَّى إذَا رَجَعْنَا مِنْ الْجُمُعَةِ مَرَرْت إلَى بَيْتِي وَأُوفِي أَجْرَك فَاخْتُلِسَ الثَّوْبُ مِنْ يَدِ الْحَائِكِ لَوْ دَفَعَ الثَّوْبَ إلَى رَبِّهِ أَوْ مَكَّنَهُ مِنْ أَخْذِهِ ثُمَّ رَبُّهُ أَعْطَاهُ الْحَائِكَ فَالثَّوْبُ رَهْنٌ بِأَجْرِهِ وَلَوْ أَعْطَاهُ عَلَى وَجْهِ الْوَدِيعَةِ يَبْرَأُ الْحَائِكُ وَلَهُ أَجْرُهُ كَمَا كَانَ. وَلَوْ خَالَفَ الْحَائِكُ فِي النَّسْجِ بِأَنْ أَمَرَهُ أَنْ يَنْسِجَ لَهُ ثَوْبًا سَبْعًا فِي أَرْبَعٍ فَنَسَجَ سِتًّا فِي أَرْبَعٍ أَوْ رَقِيقًا فَنَسَجَهُ صَفِيقًا أَوْ عَلَى الْعَكْسِ تُخُيِّرَ الْمَالِكُ إنْ شَاءَ تَرَكَ الثَّوْبَ عَلَيْهِ وَضَمَّنَهُ مِثْلَ غَزْلِهِ وَإِنْ شَاءَ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 39 أَخَذَ الثَّوْبَ وَأَعْطَاهُ أَجْرًا سَمَّاهُ لَا يُزَادُ فِي الزِّيَادَةِ لِتَبَرُّعِهِ وَيَنْقُصُ فِي النُّقْصَانِ لِنَقْصِ عَمَلِهِ مِنْ الْفُصُولَيْنِ. وَفِي الْخُلَاصَةِ دَفَعَ إلَى حَائِكٍ غَزْلًا وَأَمَرَهُ أَنْ يَنْسِجَ لَهُ ثَوْبًا سَبْعًا فِي أَرْبَعٍ فَنَسَجَ لَهُ ثَلَاثًا فِي أَرْبَعٍ إنْ شَاءَ ضَمَّنَهُ مِثْلَ غَزْلِهِ وَالثَّوْبُ لِلْحَائِكِ وَإِنْ شَاءَ أَخَذَ الثَّوْبَ وَأَعْطَاهُ الْأَجْرَ. قَالَ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ السَّرَخْسِيُّ: وَالْأَصَحُّ عِنْدِي أَنْ يُعْطِيَهُ أَجْرَ مِثْلِهِ لَا يُزَادُ عَلَى ثَلَاثَةِ أَرْبَاعِ الْمُسَمَّى وَمِنْ هَذَا الْجِنْسِ صَارَتْ وَاقِعَةُ صُورَتِهَا رَجُلٌ دَفَعَ إلَى نَسَّاجٍ نَوْعَيْنِ مِنْ الْغَزْلِ أَحَدُهُمَا أَرَقُّ مِنْ الْآخَرِ وفرمودش كه أَيْنَ بَارِّيك راششصدي باف وَأَيْنَ سيطبررا بانصدي فَخَلَطَ النَّسَّاجُ وَنَسَجَ أَحَدَهُمَا فِي الْآخَرِ صَارَ الْكِرْبَاسُ لِلنَّسَّاجِ لِلْخِلَافِ وَيَضْمَنُ لِلْحَائِكِ مِثْلَ غَزْلِهِ اهـ. نَسَّاجٌ كَانَ يَسْكُنُ مَعَ صِهْرِهِ ثُمَّ اكْتَرَى دَارًا وَانْتَقَلَ إلَيْهَا وَنَقَلَ الْمَتَاعَ وَتَرَكَ الْغَزْلَ فِي الدَّارِ الَّتِي انْتَقَلَ عَنْهَا قَالُوا إنْ لَمْ يَنْقُلْ الْغَزْلَ مِنْ الْمَكَانِ الَّذِي كَانَ فِيهِ إلَى بَيْتٍ آخَرَ مِنْ دَارِ صِهْرِهِ لَا يَضْمَنُ فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ لِمَا عُرِفَ مِنْ أَصْلِهِ أَنَّ سُكْنَاهُ فِي الدَّارِ لَا يَبْطُلُ مَا بَقِيَ لَهُ شَيْءٌ فِيهَا وَعِنْدَهُمَا يَضْمَنُ مِنْ قَاضِي خَانْ لَوْ نَسَجَ صَاحِبُ الثَّوْبِ بَعْضَ ثَوْبِهِ فِي يَدِ النَّسَّاجِ يَسْقُطُ مِنْ الْأَجْرِ بِحِصَّتِهِ وَقِيلَ: لَوْ عَمِلَ صَاحِبُ الثَّوْبِ بِجِهَةِ الْفَسْخِ يَنْفَسِخُ وَإِلَّا فَلَا وَالصَّحِيحُ الْأَوَّلُ مِنْ ضَمَانِ الْقَصَّارِ مِنْ الْفُصُولَيْنِ. لَوْ نَسَجَ الْحَائِكُ الثَّوْبَ رَدِيئًا مَعِيبًا فَإِنْ كَانَ فَاحِشًا فَإِنْ شَاءَ الْمَالِكُ ضَمَّنَهُ مِثْلَ غَزْلِهِ وَتَرَكَ الثَّوْبَ عَلَيْهِ وَإِنْ شَاءَ ضَمَّنَهُ النُّقْصَانَ مِنْ الْقُنْيَةِ. [النَّوْع السَّادِس ضمان الْخَيَّاط] دَفَعَ إلَى خَيَّاطٍ ثَوْبًا لِيَخِيطَهُ قَمِيصًا بِدِرْهَمٍ فَخَاطَهُ قَبَاءً فَإِنْ شَاءَ ضَمَّنَهُ قِيمَةَ الثَّوْبِ وَإِنْ شَاءَ أَخَذَ الْقَبَاءَ وَأَعْطَاهُ أَجْرَ مِثْلِهِ لَا يُجَاوِزُ بِهِ دِرْهَمًا قِيلَ: مَعْنَاهُ القرطق الَّذِي هُوَ ذُو طَاقٍ وَاحِدٍ لِأَنَّهُ يُسْتَعْمَلُ اسْتِعْمَالَ الْقَمِيصِ وَقَبْلُ هُوَ مَجْرَى عَلَى إطْلَاقِهِ. وَعَنْ أَبِي حَنِيفَةَ أَنَّهُ يَضْمَنُ مِنْ غَيْرِ خِيَارٍ وَلَوْ خَاطَهُ سَرَاوِيلَ وَقَدْ أَمَرَهُ بِالْقَبَاءِ قِيلَ يَضْمَنُ مِنْ غَيْرِ خِيَارٍ وَالْأَصَحُّ أَنَّهُ يُخَيَّرُ مِنْ الْهِدَايَةِ. دَفَعَ إلَيْهِ ثَوْبًا لِيَخِيطَهُ قَمِيصًا فَخَاطَهُ قَمِيصًا فَاسِدًا وَعَلِمَ بِهِ الْمَالِكُ وَلَبِسَهُ لَيْسَ لَهُ تَضْمِينُهُ إذْ لَبِسَهُ رِضًا وَلَوْ قَالَ لَهُ: اقْطَعْهُ حَتَّى يُصِيبَ الْقَدَمَ وَاجْعَلْ كُمَّهُ خَمْسَةَ أَشْبَارٍ وَعَرْضَهُ كَذَا فَجَاءَ بِهِ نَاقِصًا فَلَوْ كَانَ قَدْرَ أُصْبُعٍ وَنَحْوِهِ فَلَيْسَ بِشَيْءٍ وَإِنْ كَانَ أَكْثَرَ مِنْهُ فَلَهُ تَضْمِينُهُ مِنْ الْفُصُولَيْنِ وَفِيهِ أَيْضًا مِنْ ضَمَانِ الْقَصَّارِ كازري يادرزي جامه رادرد كَانَ ماند وَتَلِفَ لَوْ يُتْرَكُ مِثْلُهُ فِي مِثْلِ ذَلِكَ الزَّمَنِ عرعا لَا يَضْمَنُ وَإِلَّا ضَمِنَ اهـ. رَجُلٌ سَلَّمَ ثَوْبًا إلَى خَيَّاطٍ أَوْ قَصَّارٍ ثُمَّ وَكَّلَ رَجُلًا بِقَبْضِهِ فَرَفَعَ إلَيْهِ الْقَصَّارُ غَيْرَ ذَلِكَ الثَّوْبِ لَا ضَمَانَ عَلَى الْوَكِيلِ إذَا هَلَكَ الثَّوْبُ فِي يَدِهِ وَلِرَبِّ الثَّوْبِ أَنْ يَتْبَعَ الْقَصَّارَ بِثَوْبِهِ اهـ مِنْ الْخُلَاصَةِ. رَجُلٌ قَالَ لِلْخَيَّاطِ: اُنْظُرْ إلَى هَذَا الثَّوْبِ فَإِنْ كَفَانِي قَمِيصًا فَاقْطَعْهُ وَخِطْهُ بِدِرْهَمٍ فَقَالَ الْخَيَّاطُ: نَعَمْ وَقَطَعَهُ ثُمَّ قَالَ بَعْدَ مَا قَطَعَ: لَا يَكْفِيك الجزء: 1 ¦ الصفحة: 40 ضَمِنَ الْخَيَّاطُ قِيمَةَ الثَّوْبِ لِأَنَّهُ إنَّمَا أَذِنَ لَهُ بِشَرْطِ الْكِفَايَةِ وَلَوْ قَالَ لِلْخَيَّاطِ: اُنْظُرْ أَيَكْفِينِي قَمِيصًا فَقَالَ الْخَيَّاطُ: نَعَمْ يَكْفِيك فَقَالَ رَبُّ الثَّوْبِ: اقْطَعْهُ فَقَطَعَهُ فَإِذَا هُوَ لَا يَكْفِيهِ لَا يَضْمَنُ الْخَيَّاطُ شَيْئًا لِأَنَّهُ أَذِنَ لَهُ بِالْقَطْعِ مُطْلَقًا فَإِنْ قَالَ الْخَيَّاطُ: نَعَمْ فَقَالَ صَاحِبُ الثَّوْبِ: فَاقْطَعْهُ أَوْ اقْطَعْهُ إذَا فَقَطَعَهُ كَانَ ضَامِنًا إذَا كَانَ لَا يَكْفِيهِ لِأَنَّهُ عَلَّقَ الْإِذْنَ بِالشَّرْطِ. دَفَعَ إلَى خَيَّاطٍ كِرْبَاسًا فَخَاطَهُ قَمِيصًا وَبَقِيَتْ مِنْهُ قِطْعَةٌ فَسُرِقَتْ قَالُوا: ضَمِنَ الْخَيَّاطُ وَهَذِهِ مِنْ الْمَسَائِلِ الَّتِي أُفْتِيَ بِهَا عَلَى قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ أَمَّا عَلَى قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ مَا هَلَكَ بِلَا صُنْعِهِ لَا يَكُونُ ضَامِنًا؛ لِأَنَّ الْأَجِيرَ الْمُشْتَرَكَ لَا يَضْمَنُ مَا هَلَكَ فِي يَدِهِ لَا بِصُنْعِهِ عِنْدَهُ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانَ وَعَدَّ مَسَائِلَ لَيْسَتْ مِنْ هَذَا النَّوْعِ نَذْكُرُهَا فِي مَوَاضِعِهَا. وَفِي الْفُصُولَيْنِ إنَّمَا يَضْمَنُ لِأَنَّهُ أَثْبَتَ يَدَهُ عَلَى مَالِ الْغَيْرِ بِلَا إذْنِهِ إذْ الْمَالِكُ إنَّمَا سَلَّمَ إلَيْهِ لِلْقَطْعِ لَا غَيْرُ فَإِذَا قَطَعَ يَجِبُ عَلَيْهِ رَدُّ الزِّيَادَةِ وَلَمْ يَتَعَرَّضْ لِلْخِلَافِ. وَفِي الْبَزَّازِيَّةِ بَقِيَ عِنْدَ الْإِسْكَافِ وَالْخَيَّاطِ قِطْعَةُ صِرْمٍ أَوْ كِرْبَاسَ فَضَلَتْ مِنْ خُفٍّ أَوْ قَمِيصٍ فَضَاعَتْ لَا يَضْمَنُ وَلَمْ يَتَعَرَّضْ أَيْضًا لِلْخِلَافِ وَالتَّوْفِيقُ مُمْكِنٌ. لَوْ خَاطَ صَاحِبُ الثَّوْبِ بَعْضَ ثَوْبِهِ فِي يَدِ الْخَيَّاطِ فَإِنَّهُ يَسْقُطُ مِنْ الْأَجْرِ بِحِصَّتِهِ وَقِيلَ: لَوْ عَمِلَ الْمَالِكُ بِجِهَةِ الْفَسْخِ يَنْفَسِخُ وَإِلَّا فَلَا وَالصَّحِيحُ هُوَ الْأَوَّلُ مِنْ ضَمَانِ الْقَصَّارِ مِنْ الْفُصُولَيْنِ. وَمَنْ اسْتَأْجَرَ خَيَّاطًا لِخِيَاطَةِ ثَوْبٍ بِدِرْهَمٍ فَدَفَعَهُ إلَى مَنْ يَخِيطُهُ بِدِرْهَمٍ وَنِصْفٍ ضَمِنَ الْخَيَّاطُ الْأَوَّلُ لِلثَّانِي نِصْفَ دِرْهَمٍ مِنْ مُضَارَبَةٍ الْهِدَايَةِ. لَوْ فَرَغَ الْخَيَّاطُ مِنْ الْعَمَلِ وَبَعَثَ بِالثَّوْبِ عَلَى يَدِ ابْنِهِ الصَّغِيرِ إلَى مَالِكِهِ فَهَلَكَ فِي الطَّرِيقِ لَا يَضْمَنُ لَوْ عَاقِلًا يُمْكِنُهُ حِفْظُهُ وَإِلَّا ضَمِنَ مِنْ الْفُصُولَيْنِ. رَجُلٌ دَفَعَ إلَى خَيَّاطٍ ثَوْبًا وَالْمَدْفُوعُ إلَيْهِ أَجِيرٌ عِنْدَ الْخَيَّاطِ قَدْ أَمَرَهُ أَنْ يَتَقَبَّلَ عَلَيْهِ الْعَمَلَ فَلَهُ أَنْ يَأْخُذَ أَيَّهمَا شَاءَ بِالْعَمَلِ وَأَيُّهُمَا مَاتَ فَلَهُ أَنْ يَأْخُذَ الْآخَرَ بِذَلِكَ الْعَمَلِ وَلَهُ الْأَجْرُ وَعَلَيْهِ الضَّمَانُ فَإِنْ مَاتَ الْأُسْتَاذُ فَلَمْ يَأْخُذْ التِّلْمِيذُ بِالْعَمَلِ وَهُوَ حُرٌّ أَوْ عَبْدٌ مَأْذُونٌ حَتَّى هَلَكَ الثَّوْبُ فِي حَانُوتِ الْأُسْتَاذِ فَضَمَانُهُ عَلَى الْأُسْتَاذِ وَهَذَا عِنْدَهُمَا وَإِنْ شَاءَ رَبُّ الثَّوْبِ أَخَذَ بِهِ الْمُتَقَبِّلَ وَيَرْجِعُ هُوَ بِهِ فِي مَالِ الْأُسْتَاذِ فَإِذَا أَخَذَ بِالْعَمَلِ فَقَدْ بَرِئَ الْأُسْتَاذُ مِنْ الضَّمَانِ وَفِيهِ مَسْأَلَتَانِ مُحَرَّرَتَانِ فِي أَوَّلِ هَذَا النَّوْعِ نَقْلًا مِنْ الْفُصُولَيْنِ حَرَّرْتُهُمَا جَنْبَ الْمَسْأَلَةِ الْأُولَى وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. [النَّوْع السَّابِع ضمان الْقَصَّار] وَفِي الْفُصُولَيْنِ عَنْ فَتَاوَى أَبِي اللَّيْثِ قَصَّارٌ وَضَعَ الثَّوْبَ عَلَى جُبٍّ فِي الْحَانُوتِ وَأَقْعَدَ ابْنَ أَخِيهِ لِحِفْظِ الْحَانُوتِ وَغَابَ الْقَصَّارُ فَدَخَلَ ابْنُ أَخِيهِ الْحَانُوتَ الْأَسْفَلَ فَطَرَّ الطَّرَّارُ الثَّوْبَ قَالُوا إنْ كَانَ الْحَانُوتُ الْأَسْفَلُ بِحَالٍ لَوْ دَخَلَهُ إنْسَانٌ لَا يَغِيبُ عَنْ عَيْنَيْهِ الْمَوْضِعُ الَّذِي كَانَ فِيهِ الثَّوْبُ لَا يَجِبُ فِيهِ الضَّمَانُ قَالَ: أَعْنِي صَاحِبَ الْفُصُولَيْنِ وَهَذَا لَا يَصِحُّ عَلَى إطْلَاقِهِ بَلْ يَنْبَغِي أَنْ يَضْمَنَ لَوْ لَمْ يَكُنْ مِمَّنْ فِي عِيَالِهِ كَمَا يُؤَيِّدُهُ تَفْصِيلُ الضَّمِّ قُلْتُ وَهُوَ كَمَا قَالَ وَتَفْصِيلُ الضَّمِّ هُوَ قَوْلُهُ وَإِنْ كَانَ الْحَانُوتُ الْأَسْفَلُ بِحَالٍ لَوْ دَخَلَهُ إنْسَانٌ يَغِيبُ عَنْ عَيْنِهِ الْمَوْضِعُ الَّذِي فِيهِ الثَّوْبُ يُنْظَرُ إنْ كَانَ الصَّبِيُّ الَّذِي أَقْعَدَهُ الْقَصَّارُ ضَمِنَهُ إلَى الْقَصَّارِ أَبُوهُ أَوْ أُمُّهُ أَوْ وَصِيُّهُ أَوْ لَمْ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 41 يَكُنْ أَحَدٌ مِنْ هَؤُلَاءِ وَلَكِنَّ الْقَصَّارَ ضَمِنَهُ إلَى نَفْسِهِ ضَمِنَ الصَّبِيُّ إذْ ضَيَّعَ بِتَرْكِ حِفْظٍ لَزِمَهُ وَلَا يَضْمَنُ الْقَصَّارُ إذْ لَهُ الْحِفْظُ بِهَذَا الصَّبِيِّ الَّذِي فِي عِيَالِهِ وَيَقْدِرُ عَلَى الْحِفْظِ. وَقَالَ قَاضِي خَانَ فِي فَتَاوَاهُ وَهَذَا الْجَوَابُ إنَّمَا يَسْتَقِيمُ لَوْ كَانَ الصَّبِيُّ مَأْذُونًا؛ لِأَنَّ الصَّبِيَّ الْمَأْذُونَ يُؤَاخَذُ بِالضَّمَانِ بِتَضْيِيعِ الْوَدِيعَةِ أَمَّا الْمَحْجُورُ فَإِنَّهُ لَا يُؤَاخَذُ بِالِاسْتِهْلَاكِ لَهُ وَتَضْيِيعِهَا وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِي عِيَالِ الْقَصَّارِ وَلَا تِلْمِيذًا لَهُ وَلَا أَجِيرًا لَهُ إلَّا أَنَّ الْقَصَّارَ أَخَذَ بِيَدِهِ وَأَقْعَدَهُ لِيَحْفَظَ الْحَانُوتَ كَانَ الضَّمَانُ عَلَى الْقَصَّارِ لِأَنَّهُ لَمَّا اسْتَحْفَظَ مَنْ لَيْسَ فِي عِيَالِهِ صَارَ مُسْتَهْلِكًا لَهُ قَالَ صَاحِبُ الْفُصُولَيْنِ: لَمْ يَذْكُرْ هَلْ لَهُ الرُّجُوعُ عَلَى الصَّبِيِّ أَوْ لَا يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ لَهُ الرُّجُوعُ لَوْ مَأْذُونًا وَإِلَّا فَلَا وَإِنْ كَانَ الصَّبِيُّ بِحَيْثُ يَرَاهُ مَعَ دُخُولِهِ فَلَوْ مُنْضَمًّا إلَيْهِ بَرِئَا أَمَّا الْقَصَّارُ فَلِحِفْظِهِ بِيَدِ مَنْ فِي عِيَالِهِ وَأَمَّا الصَّبِيُّ فَلِأَنَّهُ لَمْ يَتْرُكْ الْحِفْظَ لَمَّا كَانَ بِحَيْثُ يَرَى الثَّوْبَ اهـ الْقَصَّارُ إذَا قَصَّرَ الثَّوْبَ بِالنَّشَاءِ وَالْبَيْضِ وَنَحْوِهِمَا كَانَ لَهُ حَبْسُ الثَّوْبِ لِلْأُجْرَةِ فَإِنْ حَبَسَ فَضَاعَ فَلَا غُرْمَ وَلَا أَجْرَ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَعِنْدَهُمَا الْعَيْنُ كَانَتْ مَضْمُونَةً قَبْلَ الْحَبْسِ فَكَذَا بَعْدَهُ لَكِنَّهُ بِالْخِيَارِ إنْ شَاءَ ضَمَّنَهُ قِيمَتَهُ غَيْرَ مَعْمُولٍ وَلَا أَجْرَ لَهُ وَإِنْ شَاءَ ضَمَّنَهُ قِيمَتَهُ مَعْمُولًا وَلَهُ الْأَجْرُ وَإِنْ قَصَّرَهُ بِالْمَاءِ الْقَرَاحِ فَهُوَ غَاسِلٌ لَا يَكُونُ لَهُ حَبْسُهُ مِنْ الْإِيضَاحِ إذَا شُرِطَ عَلَى الْقَصَّارِ أَنْ لَا يَخْرِقَهُ فَخَرَقَهُ يَضْمَنُ لِأَنَّهُ فِي وُسْعِهِ مِنْ نَوْعِ الْحِجَامِ مِنْ الْبَزَّازِيَّةِ. رَجُلٌ دَفَعَ إلَى قَصَّارٍ ثَوْبَ كِرْبَاسٍ لِيُقَصِّرَهُ فَذَهَبَ الْقَصَّارُ وَلَفَّ فِيهِ خُبْزًا وَحَمَلَهُ إلَى مَوْضِعٍ يُقَصِّرُ فِيهِ الثِّيَابَ فَسُرِقَ إنْ لَفَّ كَمَا يُلَفُّ الْمِنْدِيلُ عَلَى مَا يُجْعَلُ فِيهِ يَضْمَنُ وَإِنْ عَقَدَهُ بِأَنْ جَعَلَ الثَّوْبَ تَحْتَ إبْطِهِ وَبَسَّ الْخُبْزَ فِيهِ لَا يَضْمَنُ مِنْ الْغَصْبِ مِنْ الْخُلَاصَةِ. قَصَّارٌ دَفَعَ ثِيَابًا إلَى أَجِيرِهِ لِيُشَمِّسَهَا فِي الْمَقْصَرَةِ وَيَحْفَظَهَا فَنَامَ الْأَجِيرُ فَضَاعَ مِنْ الثِّيَابِ بَعْضُهَا وَلَا يَدْرِي مَتَى ضَاعَ قَالَ الْفَقِيهُ أَبُو جَعْفَرٍ: إذَا لَمْ يَعْلَمْ أَنَّهُ ضَاعَ حَالَ نَوْمِ الْأَجِيرِ ضَمِنَ الْقَصَّارُ وَإِنْ عَلِمَ أَنَّهُ ضَاعَ حَالَ نَوْمِ الْأَجِيرِ كَانَ لِصَاحِبِ الثَّوْبِ الْخِيَارُ إنْ شَاءَ ضَمَّنَ الْأَجِيرَ وَإِنْ شَاءَ ضَمَّنَ الْقَصَّارَ قَالَ الْفَقِيهُ أَبُو اللَّيْثِ: إنَّمَا قَالَ لَهُ أَنْ يُضَمِّنَ الْقَصَّارَ لِأَنَّهُ كَانَ يَمِيلُ فِي الْأَجِيرِ الْمُشْتَرَكِ إلَى قَوْلِهِمَا إذَا هَلَكَ فِي يَدِ الْأَجِيرِ الْمُشْتَرَكِ لَا يَفْعَلُهُ أَمَّا عَلَى قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ لَا يَضْمَنُ الْقَصَّارُ مَا هَلَكَ لَا بِصُنْعِهِ قَالَ وَبِهِ نَأْخُذُ وَالْفَتْوَى عَلَى قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ. قَصَّارٌ أَمَرَهُ صَاحِبُ الثَّوْبِ أَنْ يَمْسِكَ الثَّوْبَ بَعْدَ الْعَمَلِ حَتَّى يَنْقُدَهُ الْأَجْرَ فَهَلَكَ الثَّوْبُ عِنْدَ الْقَصَّارِ مِنْ غَيْرِ تَضْيِيعٍ لَا يَضْمَنُ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ. الْقَصَّارُ إذَا أَنْكَرَ أَنَّ عِنْدَهُ ثَوْبَ هَذَا الرَّجُلِ ثُمَّ أَقَرَّ وَقَدْ قَصَّرَهُ قَالُوا: إنْ قَصَّرَهُ قَبْلَ الْجُحُودِ كَانَ لَهُ الْأَجْرُ وَإِنْ قَصَّرَهُ بَعْدَ جُحُودِهِ ضَمِنَ وَلَا أَجْرَ لَهُ لِأَنَّهُ لَمَّا جَحَدَ صَارَ غَاصِبًا وَتَبْطُلُ الْإِجَارَةُ فَإِذَا قَصَّرَهُ بَعْدَ ذَلِكَ فَقَدْ قَصَّرَهُ بِغَيْرِ عَقْدٍ فَلَا يَسْتَوْجِبُ الْأَجْرَ. قَصَّارٌ رَهَنَ ثَوْبَ قِصَارَةٍ بِدَيْنِهِ عِنْدَ رَجُلٍ ثُمَّ افْتَكَّهُ وَقَدْ أَصَابَ الثَّوْبَ نَجَاسَةٌ عِنْدَ الْمُرْتَهِنِ فَكَلَّفَ مَالِكُهُ الْقَصَّارَ بِتَطْهِيرِهِ فَامْتَنَعَ الْقَصَّارُ عَنْ ذَلِكَ فَتَشَاجَرَا وَتَرَكَ الْمَالِكُ الثَّوْبَ عِنْدَ الْقَصَّارِ فَهَلَكَ عِنْدَهُ قَالُوا: إنْ كَانَتْ النَّجَاسَةُ لَا تُنْقِصُ قِيمَةَ الثَّوْبِ لَا يُعْتَبَرُ فَيَبْرَأُ الْقَصَّارُ وَإِنْ كَانَتْ النَّجَاسَةُ تُنْقِصُ قِيمَةَ الثَّوْبِ ضَمِنَ الْقَصَّارُ النُّقْصَانَ وَالثَّوْبُ أَمَانَةٌ لِأَنَّهُ لَمَّا افْتَكَّهُ عَادَ إلَى الْوِفَاقِ وَخَرَجَ عَنْ الضَّمَانِ بِالتَّخْلِيَةِ. تِلْمِيذُ الْقَصَّارِ أَوْ أَجِيرُهُ الْخَاصُّ إذَا الجزء: 1 ¦ الصفحة: 42 أَدْخَلَ نَارًا لِلسِّرَاجِ بِأَمْرِ الْأُسْتَاذِ فَوَقَعَتْ شَرَارَةٌ عَلَى ثَوْبٍ مِنْ ثِيَابِ الْقِصَارَةِ أَوْ أَصَابَهُ دُهْنُ السِّرَاجِ لَا يَضْمَنُ الْأَجِيرُ وَضَمِنَ الْأُسْتَاذُ لِأَنَّهُ أَدْخَلَ السِّرَاجَ بِإِذْنِهِ فَصَارَ فِعْلُ الْأَجِيرِ كَفِعْلِ الْأُسْتَاذِ وَلَوْ فَعَلَ الْأُسْتَاذُ ذَلِكَ كَانَ ضَامِنًا مِنْ قَاضِي خَانْ وَلَوْ لَمْ يَكُنْ مِنْ ثِيَابِ الْقِصَارَةِ ضَمِنَ الْأَجِيرُ ذَكَرَهُ فِي الْفُصُولَيْنِ وَلَوْ أَسْرَجَ الْقَصَّارُ السِّرَاجَ فِي الْحَانُوتِ فَاحْتَرَقَ بِهِ الثَّوْبُ عَنْ مُحَمَّدٍ أَنَّهُ يَضْمَنُ. تِلْمِيذُ الْأَجِيرِ الْمُشْتَرَكِ إذَا وَقَعَ مِنْ يَدِهِ سِرَاجٌ فَاحْتَرَقَ ثَوْبٌ مِنْ ثِيَابِ الْقِصَارَةِ فَالضَّمَانُ عَلَى الْأُسْتَاذِ وَلَوْ كَانَ الثَّوْبُ وَدِيعَةً عِنْدَ الْأُسْتَاذِ فَالضَّمَانُ عَلَى التِّلْمِيذِ وَلَوْ أَطْفَأَ السِّرَاجَ وَتَرَكَ الْمِسْرَجَةَ فِي الْحَانُوتِ فَبَقِيَ شَرَارَةٌ فَوَقَعَتْ عَلَى ثَوْبِ رَجُلٍ لَا يَضْمَنُ مِنْ الْخُلَاصَةِ. وَفِيهَا إذَا وَطِئَ تِلْمِيذُ الْأَجِيرِ الْمُشْتَرَكِ عَلَى ثَوْبٍ مِنْ ثِيَابِ الْقِصَارَةِ فَخَرَقَهُ يَضْمَنُ. وَفِي الْأَصْلِ لَوْ وَطِئَ ثَوْبًا لَا يُوطَأُ مِثْلُهُ يَضْمَنُ الْأَجِيرُ وَإِنْ كَانَ مِمَّا يُوطَأُ لَا يَضْمَنُ سَوَاءٌ كَانَ ثَوْبَ الْقِصَارَةِ أَوْ لَمْ يَكُنْ بِخِلَافِ مَا لَوْ حَمَلَ شَيْئًا فِي بَيْتِ الْقِصَارَةِ بِإِذْنِ الْأُسْتَاذِ فَسَقَطَ عَلَى ثَوْبٍ فَتَخَرَّقَ إنْ كَانَ مِنْ ثِيَابِ الْقِصَارَةِ لَا يَضْمَنُ الْأَجِيرُ وَيَضْمَنُ الْأُسْتَاذُ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مِنْ ثِيَابِ الْقِصَارَةِ ضَمِنَ الْأَجِيرُ اهـ. أَجِيرُ الْقَصَّارِ إذَا وَطِئَ مِنْ ثِيَابِ الْقِصَارَةِ لَا يُوطَأُ مِثْلُهُ فَانْتَقَصَ أَوْ تَخَرَّقَ ضَمِنَ الْأَجِيرُ لِأَنَّهُ لَمْ يُؤْذَنْ لَهُ فِي ذَلِكَ وَكَذَلِكَ لَوْ كَانَ الثَّوْبُ مِمَّا يُوطَأُ مِثْلُهُ إلَّا أَنَّهُ كَانَ وَدِيعَةً عِنْدَ الْقَصَّارِ لَيْسَ مِنْ ثِيَابِ الْقِصَارَةِ وَإِنْ كَانَ مِنْ ثِيَابِ الْقِصَارَةِ وَذَلِكَ ثَوْبٌ يُوطَأُ مِثْلُهُ لَا يَضْمَنُ الْأَجِيرُ لِأَنَّهُ مَأْذُونٌ فِي ذَلِكَ عَادَةً إنْ كَانَ مِنْ ثِيَابِ الْقِصَارَةِ وَيَضْمَنُ الْقَصَّارُ وَكَذَا لَوْ انْفَلَتَتْ الْمِدَقَّةُ مِنْ أَجِيرِ الْقَصَّارِ أَوْ تِلْمِيذِهِ فَوَقَعَتْ عَلَى ثَوْبٍ مِنْ ثِيَابِ الْقِصَارَةِ فَلَا ضَمَانَ عَلَى التِّلْمِيذِ وَإِنَّمَا الضَّمَانُ عَلَى الْأُسْتَاذِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مِنْ ثِيَابِ الْقِصَارَةِ كَانَ الضَّمَانُ عَلَى التِّلْمِيذِ وَلَوْ دَفَعَ الْمِدَقَّةَ عَلَى مَوْضِعِهَا ثُمَّ وَقَعَتْ بَعْدَ ذَلِكَ عَلَى شَيْءٍ آخَرَ فَالضَّمَانُ عَلَى الْأُسْتَاذِ لَا عَلَى التِّلْمِيذِ وَلَوْ أَصَابَتْ الْمِدَقَّةُ إنْسَانًا كَانَ الضَّمَانُ عَلَى التِّلْمِيذِ وَلَوْ انْكَسَرَ شَيْءٌ مِنْ عَمَلِ التِّلْمِيذِ مِنْ أَدَوَاتِ الْقِصَارَةِ مِمَّا يُدَقُّ بِهِ أَوْ يُدَقُّ عَلَيْهِ لَا يَضْمَنُ التِّلْمِيذُ وَإِنْ كَانَ مِمَّا لَا يُدَقُّ بِهِ أَوْ لَا يُدَقُّ عَلَيْهِ ضَمِنَ التِّلْمِيذُ. قَصَّارٌ اسْتَعَانَ بِرَبِّ الثَّوْبِ فِي دَقِّ الثَّوْبِ فَأَعَانَهُ فَتَخَرَّقَ الثَّوْبُ وَلَا يَدْرِي أَنَّهُ تَخَرَّقَ مِنْ دَقِّ الْقَصَّارِ أَوْ دَقِّ الْمَالِكِ رَوَى ابْنُ سِمَاعَةَ عَنْ مُحَمَّدٍ أَنَّ الْقَصَّارَ يَضْمَنُ جَمِيعَ النُّقْصَانِ وَجْهُ ذَلِكَ أَنَّ الْأَجِيرَ الْمُشْتَرَكَ ضَامِنٌ عِنْدَهُ مَا هَلَكَ بِغَيْرِ صُنْعِهِ فَإِذَا كَانَ الثَّوْبُ فِي ضَمَانِهِ كَانَ الضَّمَانُ عَلَيْهِ مَا لَمْ يَعْلَمْ أَنَّهُ تَخَرَّقَ مِنْ دَقِّ صَاحِبِ الثَّوْبِ وَرَوَى بِشْرٌ عَنْ أَبِي يُوسُفَ أَنَّ الْقَصَّارَ يَضْمَنُ نِصْفَ النُّقْصَانِ وَيُعْتَبَرُ فِيهِ الْأَحْوَالُ وَأَمَّا عَلَى قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ يَنْبَغِي أَنْ لَا يَجِبَ الضَّمَانُ فِي فِعْلِ الْقَصَّارِ؛ لِأَنَّ عِنْدَهُ الثَّوْبَ أَمَانَةٌ عِنْدَ الْقَصَّارِ وَلَيْسَ بِمَضْمُونٍ فَلَا يَجِبُ الضَّمَانُ بِالشَّكِّ أَوْ يَجِبُ عَلَيْهِ النِّصْفُ كَمَا قَالَ أَبُو يُوسُفَ اعْتِبَارًا لِلْأَحْوَالِ وَهُوَ اخْتِيَارُ الْفَقِيهِ أَبِي اللَّيْثِ مِنْ قَاضِي خَانْ وَإِذَا لَمْ يَتَخَرَّقْ الثَّوْبُ هَلْ يَسْقُطُ مِنْ الْأَجْرِ مِقْدَارُ مَا يَخُصُّ عَمَلُ الْمَالِكِ؟ ذَكَرَ فِي فَوَائِدِ صَاحِبِ الْمُحِيطِ أَنَّهُ يَسْقُطُ حِصَّةُ عَمَلِ الْمَالِكِ وَكَذَا كُلُّ أَجِيرٍ أَعَانَهُ الْمَالِكُ وَقِيلَ: لَوْ عَمِلَ الْمَالِكُ بِجِهَةِ الْفَسْخِ يَنْفَسِخُ وَإِلَّا فَلَا وَالصَّحِيحُ هُوَ الْأَوَّلُ وَأَنَّهُ يَسْقُطُ الْحِصَّةُ إذْ لَمْ يَنْقُلْ عَمَلَ الْمَالِكِ إلَى الْأَجِيرِ إذْ الْإِعَانَةُ لَا تَجْرِي فِي الْإِجَارَةِ بِخِلَافِ الْمُضَارَبَةِ. لَوْ دَفَعَ الْقَصَّارُ إلَى الجزء: 1 ¦ الصفحة: 43 صَاحِبِ الثَّوْبِ ثَوْبًا غَيْرَ ثَوْبِهِ خَطَأً أَوْ عَمْدًا فَقَطَعَهُ أَوْ خَاطَهُ ثُمَّ جَاءَ صَاحِبُهُ إنْ شَاءَ ضَمَّنَ الْقَصَّارَ وَرَجَعَ هُوَ عَلَى الْقَاطِعِ وَإِنْ شَاءَ ضَمَّنَ الْقَاطِعَ وَلَا يَرْجِعُ هُوَ عَلَى أَحَدٍ مِنْ الْخُلَاصَةِ. وَفِي الْبَزَّازِيَّةِ سُئِلَ مُحَمَّدٌ عَنْ قَصَّارٍ دُفِعَ إلَيْهِ الثَّوْبُ فَقَصَّرَهُ وَقَالَ: قَصَّرْتُهُ بِلَا أَجْرٍ فَضَاعَ قَالَ: عِنْدِي إنْ كَانَ الْقَصَّارُ قَصَرَ نَفْسَهُ لِلْقِصَارَةِ لَمْ أُصَدِّقْهُ وَأُضَمِّنُهُ كَمَا لَا أُصَدِّقُ رَبَّ الثَّوْبِ إذَا قَالَ: قَصَّرْتُهُ مَجَّانًا وَفِيهَا أَيْضًا لَوْ هَلَكَ الثَّوْبُ عِنْدَ الْقَصَّارِ بَعْدَ الْفَرَاغِ لَا أَجْرَ لَهُ لِأَنَّهُ لَمْ يُسَلِّمْ الْعَمَلَ وَلَمْ يَضْمَنْهُ لَوْ بِغَيْرِ فِعْلِهِ كَالْوَحْدِ وَعِنْدَهُمَا يَضْمَنُ صِيَانَةً لِأَمْوَالِ النَّاسِ اهـ أَقُولُ: وَقَدْ مَرَّ تَمَامُ الْكَلَامِ فِي الْوَحْدِ وَالْمُشْتَرَكِ فِي أَوَّلِ الْبَابِ فَلَا يُعَادُ. رَجُلٌ أَرْسَلَ رَسُولًا إلَى قَصَّارٍ لِيَسْتَرِدَّ مِنْهُ ثِيَابَهُ الْأَرْبَعَةَ فَلَمَّا جَاءَ بِهَا الرَّسُولُ إلَى الْمُرْسَلِ كَانَتْ الثِّيَابُ ثَلَاثَةً فَقَالَ الرَّسُولُ: دَفَعَ الْقَصَّارُ الثِّيَابَ إلَيَّ وَلَمْ يَعُدَّ عَلَيَّ قَالَ الْفَقِيهُ أَبُو بَكْرٍ الْبَلْخِيّ يُسْأَلُ صَاحِبُ الثِّيَابِ أَيُّهُمَا يُصَدِّقُ فَأَيُّهُمَا صَدَّقَهُ بَرِئَ ذَلِكَ عَنْ الْخُصُومَةِ وَأَيُّهُمَا كَذَّبَهُ فَإِنْ حَلَفَ بَرِئَ وَإِنْ نَكَلَ لَزِمَهُ مَا ادَّعَاهُ صَاحِبُ الثِّيَابِ فَإِنْ صَدَّقَ صَاحِبُ الثِّيَابِ الْقَصَّارَ كَانَ عَلَيْهِ لِلْقَصَّارِ أَجْرُ الثَّوْبِ الرَّابِعِ وَإِنْ كَذَّبَ الْقَصَّارَ فَحَلَفَ فَلِلْقَصَّارِ أَنْ يُحَلِّفَ صَاحِبَ الثِّيَابِ عَلَى مَا ادَّعَاهُ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرِ الثَّوْبِ الرَّابِعِ فَإِنْ حَلَفَ بَرِئَ. رَجُلٌ دَفَعَ إلَى قَصَّارٍ ثَوْبًا وَأَمَرَ رَجُلًا أَنْ يَقْبِضَ ثَوْبَهُ مِنْ الْقَصَّارِ فَدَفَعَ الْقَصَّارُ إلَيْهِ غَيْرَ ذَلِكَ الثَّوْبِ فَهَلَكَ فِي يَدِ الْوَكِيلِ قَالُوا: لَا شَيْءَ عَلَى الْوَكِيلِ وَلِرَبِّ الثَّوْبِ أَنْ يَتْبَعَ الْقَصَّارَ بِثَوْبِهِ قَالَ قَاضِي خَانْ: أَمَّا عَدَمُ وُجُوبِ الضَّمَانِ عَلَى الْوَكِيلِ فَمُشْكِلٌ إذَا كَانَ الثَّوْبُ الَّذِي دَفَعَهُ إلَيْهِ الْقَصَّارُ ثَوْبَ رَجُلٍ آخَرَ لِأَنَّهُ أَخَذَ ثَوْبَ غَيْرِهِ بِغَيْرِ إذْنِهِ فَإِنَّهُ ذَكَرَ فِي الْمُنْتَقَى أَنَّ الْقَصَّارَ لَوْ دَفَعَ إلَى صَاحِبِ الثَّوْبِ عَلَى ظَنِّ أَنَّهُ لَهُ كَانَ ضَامِنًا وَإِنْ كَانَ صَاحِبُ الثَّوْبِ دَفَعَ رَجُلًا إلَى الْقَصَّارِ لِيَأْخُذَ ثَوْبَهُ مِنْ الْقَصَّارِ فَدَفَعَ الْقَصَّارُ إلَيْهِ ثَوْبًا غَيْرَ ثَوْبِ الْمُرْسِلِ فَضَاعَ عِنْدَ الرَّسُولِ ذَكَرَ أَنَّ الثَّوْبَ الْمَدْفُوعَ إلَيْهِ لَوْ كَانَ لِلْقَصَّارِ لَا يَضْمَنُ الرَّسُولُ وَإِنْ كَانَ لِغَيْرِ الْقَصَّارِ كَانَ صَاحِبُ ذَلِكَ الثَّوْبِ بِالْخِيَارِ إنْ شَاءَ ضَمَّنَ الْقَصَّارَ وَإِنْ شَاءَ ضَمَّنَ الرَّسُولَ فَإِنْ ضَمَّنَ الْقَصَّارَ لَا يَرْجِعُ الْقَصَّارُ عَلَى الرَّسُولِ وَإِنْ ضَمَّنَ الرَّسُولَ يَرْجِعُ عَلَى الْقَصَّارِ. رَجُلٌ دَفَعَ إلَى قَصَّارٍ ثَوْبًا لِيُقَصِّرَهُ فَجَاءَ صَاحِبُ الثَّوْبِ يَطْلُبُ ثَوْبَهُ فَقَالَ الْقَصَّارُ: دَفَعْت ثَوْبَك إلَى رَجُلٍ ظَنَنْت أَنَّهُ ثَوْبُهُ كَانَ الْقَصَّارُ ضَامِنًا. وَلَوْ حَمَلَ أَجِيرُ الْقَصَّارِ ثَوْبًا مِنْ ثِيَابِ الْقِصَارَةِ فَعَثَرَ وَسَقَطَ لَا يَضْمَنُ الْأَجِيرُ وَيَضْمَنُ الْأُسْتَاذُ وَلَوْ كَانَ وَدِيعَةً كَانَتْ عِنْدَ صَاحِبِ الْبَيْتِ فَأَفْسَدَهَا ضَمِنَ وَكَذَا لَوْ عَثَرَ وَسَقَطَ عَلَيْهَا وَإِنْ كَانَ بِسَاطًا أَوْ وِسَادَةً اسْتَعَارَهُ لِلْبَسْطِ لَا يَضْمَنُ لَا رَبُّ الْبَيْتِ وَلَا أَجِيرُهُ؛ لِأَنَّ الْمَالِكَ أَذِنَ لَهُ فِي بَسْطِهِ. وَلَوْ عَلَّقَ الْقَصَّارُ ثَوْبًا عَلَى حَبْلٍ فِي الطَّرِيقِ لِيُجَفِّفَ الثَّوْبَ فَمَرَّتْ حُمُولَةٌ فَحَرَقَتْهُ كَانَ الضَّمَانُ عَلَى سَائِقِ الْحُمُولَةِ إذْ مَشْيُ الدَّابَّةِ يَنْتَقِلُ إلَى سَائِقِهَا دُونَ الْقَصَّارِ مِنْ قَاضِي خَانْ. وَفِي الْفُصُولَيْنِ يَضْمَنُ عِنْدَهُمَا الْقَصَّارُ لِإِمْكَانِ التَّحَرُّزِ عَنْهُ. الْقَصَّارُ إذَا لَبِسَ ثَوْبَ الْقِصَارَةِ ضَمِنَ مَا دَامَ لَابِسًا فَإِذَا نَزَعَهُ وَضَاعَ بَعْدَهُ لَا يَضْمَنُ مِنْ الْمُشْتَمِلِ. قَصَّارٌ أَقَامَ حِمَارًا عَلَى الطَّرِيقِ عَلَيْهِ ثِيَابٌ فَصَدَمَهُ رَاكِبٌ فَمَزَّقَ الثِّيَابَ يَضْمَنُ إنْ كَانَ يَضُرُّ الْحِمَارَ وَالثَّوْبَ وَإِلَّا فَلَا الجزء: 1 ¦ الصفحة: 44 وَفِي بَعْضِ الْفَتَاوَى لَا يَضْمَنُ هَذِهِ فِي الْجِنَايَاتِ مِنْ الْقُنْيَةِ ببراهن ديخته بكازرداد ونكفت كه ريخته است كازر ببراهن رابخم نهاد وببراهن سوخت وكازرندانست كه سوخته است ضَمِنَ الْقَصَّارُ وَلِتَعَلُّقِهِ بِفِعْلِهِ وَالْجَهْلُ لَيْسَ بِعُذْرٍ. شُرِطَ أَنْ يُقَصِّرَ بِنَفْسِهِ ضَمِنَ إنْ دَفَعَهُ إلَى غَيْرِهِ وَإِلَّا فَلَا وَكَذَا أَمْثَالُهُ وَهَذَا يُحْفَظُ جِدًّا وَلِلْأَجِيرِ أَنْ يَعْمَلَ بِنَفْسِهِ وَبِغَيْرِهِ إلَّا إذَا شُرِطَ بِنَفْسِهِ. قَصَّارَانِ يَتَقَبَّلَانِ الثِّيَابَ مِنْ النَّاسِ فَتَرَكَ أَحَدُهُمَا الْعَمَلَ وَدَفَعَ الثِّيَابَ إلَى الْآخَرِ وَذَهَبَ وَضَاعَ شَيْءٌ مِنْ الثِّيَابِ لَا يَضْمَنُ الدَّافِعُ بِدَفْعِهِ لِأَنَّهُمَا كَانَا شَرِيكَيْنِ فَكَانَ أَخْذُ أَحَدِهِمَا كَأَخْذِ شَرِيكِهِ. بَعَثَ ثَوْبَهُ بِيَدِ تِلْمِيذِهِ إلَى قَصَّارٍ فَقَالَ لِلْقَصَّارِ: إذَا أَصْلَحَتْهُ لَا تَدْفَعُهُ إلَى تِلْمِيذِي فَأَصْلَحَهُ فَدَفَعَهُ إلَى تِلْمِيذِهِ قِيلَ: لَوْ قَالَ التِّلْمِيذُ وَقْتَ دَفْعِهِ إلَى الْقَصَّارِ هَذَا لِفُلَانٍ بَعَثَ بِهِ إلَيْك وَصَدَّقَهُ الْقَصَّارُ ضَمِنَ الْقَصَّارُ لَا لَوْ لَمْ يَقُلْهُ أَوْ لَمْ يُصَدِّقْهُ كازري يادرزي جامه رادرد كَانَ ماند وَتَلِفَ لَوْ يُتْرَكُ مِثْلُهُ فِي مِثْلِ ذَلِكَ الزَّمَانِ عُرْفًا لَا يَضْمَنُ وَإِلَّا ضَمِنَ. بَعَثَ ثَوْبَهُ إلَى قَصَّارٍ فَقَالَ: اُقْصُرْهُ وَلَا تَضَعْ عَنْ يَدِكَ حَتَّى تَفْرُغَ مِنْهُ فَهَذَا لَيْسَ بِشَيْءٍ وَكَذَا لَوْ شَرَطَ الْقَصْرَ الْيَوْمَ أَوْ غَدًا وَلَمْ يَفْعَلْهُ فَطَالَبَهُ بِهِ رَبُّهُ مَرَّاتٍ فَفَرَّطَ حَتَّى سُرِقَ لَا يَضْمَنُ وَاسْتَفْتَيْت أَئِمَّةَ بُخَارَى عَنْ قَصَّارٍ شُرِطَ عَلَيْهِ أَنْ يَفْرُغَ الْيَوْمَ مِنْ الْعَمَلِ فَلَمْ يَفْرُغْ وَتَلِفَ فِي الْغَدِ أَجَابُوا يَضْمَنُ. وَلَوْ اخْتَلَفَا فَقَالَ رَبُّ الثَّوْبِ: بُدّ أَنَّ شَرْط دادم كدده روزا تَمَام كُنِّي وَقَدْ مَضَتْ الْمُدَّةُ ثُمَّ تَلِفَ الثَّوْبُ وَلِي عَلَيْك الضَّمَانُ وَقَالَ الْقَصَّارُ: لَا بَلْ دَفَعْت إلَيَّ مُطْلَقًا لِأُقَصِّرَ وَلَمْ تُعَيِّنْ مُدَّةً يَنْبَغِي أَنْ يُصَدَّقَ الْقَصَّارُ إذْ يُنْكِرُ الشَّرْطَ وَالضَّمَانَ وَالْآخَرُ يَدَّعِيهِ ثُمَّ لَوْ شُرِطَ عَلَيْهِ أَنْ يَفْرُغَ الْيَوْمَ أَوْ نَحْوَهُ مِنْ الْعَمَلِ وَلَمْ يَفْرُغْ فِيهِ وَقَصَّرَهُ بَعْدَ أَيَّامٍ يَنْبَغِي أَنْ لَا يَجِبَ الْأَجْرُ إذْ لَمْ يَبْقَ عَقْدُ الْإِجَارَةِ بِدَلِيلِ وُجُوبِ الضَّمَانِ عَلَى تَقْدِيرِ الْهَلَاكِ مِنْ الْفُصُولَيْنِ. لَوْ بَعَثَ الْقَصَّارُ بَعْدَ الْفَرَاغِ بِالثَّوْبِ عَلَى يَدِ ابْنِهِ الصَّغِيرِ إلَى مَالِكِهِ فَهَلَكَ فِي الطَّرِيقِ لَا يَضْمَنُ لَوْ كَانَ لَا يُمْكِنُهُ حِفْظُهُ وَإِلَّا ضَمِنَ وَإِذَا تَخَرَّقَ الثَّوْبُ مِنْ دَقِّ تِلْمِيذِ الْقَصَّارِ أَوْ أَجِيرِهِ لَا ضَمَانَ عَلَيْهِمَا إذَا دَقَّاهُ دَقًّا مُعْتَادًا بَلْ الضَّمَانُ عَلَى الْأُسْتَاذِ وَلَوْ دَقَّاهُ دَقًّا غَيْرَ مُعْتَادٍ ضَمِنَا وَوَلَدَا الْقَصَّارِ مِثْلُ تِلْمِيذِهِ فِي هَذَا الْحُكْمِ مِنْ الْمُشْتَمِلِ. وَفِي الْبَزَّازِيَّةِ أَجِيرُ الْقَصَّارِ لَا يَضْمَنُ مَا تَخَرَّقَ مِنْ عَمَلٍ مَأْذُونٍ إلَّا أَنْ يُخَالِفَ الْأُسْتَاذَ اهـ. [النَّوْع الثَّامِن ضمان الصَّبَّاغ] كُلُّ صَانِعٍ لِعَمَلِهِ أَثَرٌ كَالصَّبَّاغِ فَلَهُ أَنْ يَحْبِسَ الْعَيْنَ حَتَّى يُسْتَوْفَى الْأَجْرُ فَلَوْ حَبَسَهُ فَضَاعَ لَا ضَمَانَ عَلَيْهِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَعِنْدَهُمَا الْعَيْنُ كَانَتْ مَضْمُونَةً قَبْلَ الْحَبْسِ فَكَذَا بَعْدَهُ لَكِنَّهُ بِالْخِيَارِ إنْ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 45 شَاءَ ضَمَّنَهُ قِيمَتَهُ غَيْرَ مَعْمُولٍ وَلَا أَجْرَ لَهُ وَإِنْ شَاءَ ضَمَّنَهُ قِيمَتَهُ مَعْمُولًا وَلَهُ الْأَجْرُ مِنْ الْهِدَايَةِ. دَفَعَ إلَى صَبَّاغٍ إبْرَيْسَمًا لِيَصْبُغَهُ بِكَذَا ثُمَّ قَالَ: لَا تَصْبُغْهُ وَرُدَّهُ عَلَيَّ فَلَمْ يَدْفَعْهُ وَهَلَكَ لَا يَضْمَنُ إذْ الْمُسْتَأْجِرُ لَا يَتَمَكَّنُ مِنْ فَسْخِ الْإِجَارَةِ عِنْدَ الْعُذْرِ إلَّا بِقَضَاءٍ أَوْ رِضَا صَاحِبِهِ فِي الْأَصَحِّ وَلَمْ يُوجَدْ فَيَكُونُ الْعَقْدُ بَاقِيًا عَلَى الْأَصَحِّ وَفِي حُكْمِ هَذَا الْعَقْدِ أَنْ تَكُونَ الْعَيْنُ أَمَانَةً عِنْدَ الْأَجِيرِ فَلَا يُضَمِّنُهُ قِيمَتَهُ إلَّا بِالتَّقْصِيرِ. أَمَرَ رَجُلًا لِيَصْبُغَ ثَوْبَهُ بِزَعْفَرَانٍ أَوْ بِقَمٍّ فَصَبَغَهُ بِجِنْسٍ آخَرَ كَانَ لِرَبِّ الثَّوْبِ أَنْ يُضَمِّنَهُ قِيمَةَ ثَوْبِهِ أَبْيَضَ وَيَتْرُكَ الثَّوْبَ عَلَيْهِ وَإِنْ شَاءَ أَخَذَ الثَّوْبَ وَأَعْطَاهُ أَجْرَ مِثْلِهِ لَا يُزَادُ عَلَى الْمُسَمَّى وَإِنْ صَبَغَهُ بِجِنْسِ مَا أَمَرَهُ بِهِ إلَّا أَنَّهُ خَالَفَ فِي الْوَصْفِ بِأَنْ أَمَرَهُ أَنْ يَصْبُغَهُ بِرُبْعِ قَفِيزِ عُصْفُرٍ فَصَبَغَهُ بِقَفِيزِ عُصْفُرٍ وَأَقَرَّ بِذَلِكَ رَبُّ الثَّوْبِ خُيِّرَ رَبُّ الثَّوْبِ إنْ شَاءَ تَرَكَ الثَّوْبَ عَلَيْهِ وَأَخَذَ قِيمَةَ ثَوْبِهِ أَبْيَضَ وَإِنْ شَاءَ أَخَذَ الثَّوْبَ وَأَعْطَاهُ مَا زَادَ مِنْ الْعُصْفُرِ فِيهِ مَعَ الْأَجْرِ الْمُسَمَّى وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ هَذَا إذَا صَبَغَهُ بِرُبْعِ الْقَفِيزِ أَوْ لَا صَبَغَهُ بِثَلَاثَةِ أَرْبَاعِهِ فَيَكُونُ الْخِيَارُ عَلَى الْوَجْهِ الْمَذْكُورِ وَأَمَّا إذَا صَبَغَهُ ابْتِدَاءً بِقَفِيزِ عُصْفُرٍ بِضَرْبَةٍ وَاحِدَةٍ وَاخْتَارَ أَخْذَ الثَّوْبِ أَعْطَاهُ مَا زَادَ الصَّبْغُ فِيهِ وَلَا أَجْرَ لَهُ هَكَذَا ذَكَرَهُ الْقُدُورِيُّ أَمَّا عَلَى قَوْلِ مُحَمَّدٍ إذَا أَمَرَهُ أَنْ يَصْبُغَهُ بِمَنٍّ مِنْ عُصْفُرٍ بِدِرْهَمٍ فَصَبَغَهُ بِمَنَوَيْنِ بِضَرْبَةٍ وَاحِدَةٍ إنْ شَاءَ أَخَذَ قِيمَةَ ثَوْبِهِ أَبْيَضَ وَإِنْ شَاءَ أَخَذَ الثَّوْبَ وَأَعْطَاهُ دِرْهَمًا وَمَا زَادَ مِنْ الْعُصْفُرِ فِي ثَوْبِهِ وَرَوَى ابْنُ سِمَاعَةَ عَنْ مُحَمَّدٍ مَا يُوجِبُ التَّسْوِيَةَ فِي الْجَوَابِ بَيْنَ أَنْ يَصْبُغَهُ بِضَرْبَةٍ أَوْ ضَرْبَتَيْنِ قَاضِي خَانْ. دَفَعَ ثَوْبَهُ إلَيْهِ لِيَصْبُغَهُ بِعُصْفُرٍ مِنْ عِنْدِهِ فَصَبَغَهُ بِهِ إلَّا أَنَّهُ خَالَفَ فِي صَبْغِهِ مَا أَمَرَهُ بِهِ بِأَنْ أَشْبَعَ أَوْ قَصَّرَ فِي الْإِشْبَاعِ حَتَّى تَعَيَّبَ فَمَالِكُهُ بِالْخِيَارِ إنْ شَاءَ تَرَكَ الثَّوْبَ وَضَمَّنَهُ قِيمَتَهُ أَبْيَضَ أَوْ أَخَذَهُ بِأَجْرِ مِثْلِهِ لَا يُجَاوِزُ مَا سَمَّى مِنْ الْفُصُولَيْنِ. وَفِي الْخُلَاصَةِ الصَّبَّاغُ إذَا خَالَفَ فَصَبَغَ الْأَصْفَرَ مَكَانَ الْأَحْمَرِ إنْ شَاءَ ضَمَّنَهُ قِيمَةَ ثَوْبِهِ أَبْيَضَ وَإِنْ شَاءَ أَخَذَهُ وَأَعْطَاهُ مَا زَادَ الصَّبْغُ فِيهِ وَلَا أَجْرَ لَهُ وَلَوْ صَبَغَ أَرْدَأَ إنْ لَمْ يَكُنْ فَاحِشًا لَا يَضْمَنُ وَإِنْ كَانَ فَاحِشًا بِحَيْثُ يَقُولُ أَهْلُ تِلْكَ الصَّنْعَةِ: إنَّهُ فَاحِشٌ يَضْمَنُ قِيمَةَ ثَوْبِهِ أَبْيَضَ وَإِنْ أَمَرَهُ صَاحِبُ الثَّوْبِ أَنْ يُشْبِعَ صَبْغَهُ فَلَمْ يُشْبِعْهُ فَالْمَالِكُ بِالْخِيَارِ إنْ شَاءَ ضَمَّنَهُ قِيمَةَ ثَوْبِهِ أَبْيَضَ وَسَلَّمَ لَهُ الثَّوْبَ وَإِنْ شَاءَ أَخَذَهُ وَأَعْطَاهُ أَجْرَ مِثْلِهِ لَا يُزَادُ عَلَى الْمُسَمَّى اهـ. وَفِيهَا أَيْضًا الصَّبَّاغُ إذَا جَحَدَ الثَّوْبَ وَحَلَفَ ثُمَّ جَاءَ بِهِ مَصْبُوغًا إنْ صَبَغَ قَبْلَ الْجُحُودِ فَالْأَجْرُ لَازِمٌ وَإِنْ صَبَغَ بَعْدَ الْجُحُودِ فَرَبُّ الثَّوْبِ بِالْخِيَارِ إنْ شَاءَ أَخَذَ الثَّوْبَ وَأَعْطَاهُ مَا زَادَ الصَّبْغُ وَإِنْ شَاءَ تَرَكَهُ وَضَمَّنَهُ قِيمَةَ الثَّوْبِ أَبْيَضَ اهـ دَفَعَ إلَى صَبَّاغٍ إبْرَيْسَمًا وَقَالَ: إذَا صَبَغْته فَادْفَعْهُ إلَى مُعْتَمَدِي هَذَا فَصَبَغَهُ وَأَرْسَلَهُ بِيَدِ غَيْرِهِ إلَى الْمُعْتَمَدِ وَضَاعَ مِنْ الْمُعْتَمَدِ لَا ضَمَانَ عَلَى أَحَدٍ لِأَنَّهُ لَمَّا وَصَلَ إلَى الْمُعْتَمَدِ خَرَجَ الْمُرْسِلُ وَالرَّسُولُ مِنْ الضَّمَانِ مِنْ الْقُنْيَةِ. دَفَعَ ثَوْبًا إلَى صَبَّاغٍ لِيَصْبُغَهُ فَضَاعَ الثَّوْبُ وَقَدْ عَلَّقَهُ مَعَ غَيْرِهِ مِنْ الثِّيَابِ عَلَى خَشَبَةٍ مَعْرُوضَةٍ أَوْ حَبْلٍ مَجْدُودٍ هَلْ يَضْمَنُ؟ أَجَابَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ عَطَاءُ بْنُ حَمْزَةَ: إنْ كَانَ ذَلِكَ خَارِجَ الدُّكَّانِ يَضْمَنُ وَإِلَّا فَلَا مِنْ مُشْتَمِلِ الْأَحْكَامِ. [النَّوْع التَّاسِع ضمان الصَّائِغ والحداد والصفار وَمنْ بِمَعْنَاهُ وَالنَّقَّاش] الجزء: 1 ¦ الصفحة: 46 دَفَعَ ذَهَبًا إلَى صَائِغٍ لِيَتَّخِذَ لَهُ سِوَارًا مَنْسُوجًا لِنَسْجٍ لَا يَعْمَلُهُ هَذَا الصَّائِغُ فَأَصْلَحَ الذَّهَبَ وَطَوَّلَهُ وَدَفَعَهُ إلَى مَنْ يَنْسِجُهُ فَسُرِقَ مِنْ الثَّانِي قَالُوا: إنْ كَانَ الْأَوَّلُ دَفَعَ إلَى الثَّانِي بِغَيْرِ أَمْرِ الْمَالِكِ وَلَمْ يَكُنْ الثَّانِي أَجِيرًا لِلْأَوَّلِ وَلَا تِلْمِيذًا لَهُ كَانَ لِلْمَالِكِ أَنْ يُضَمِّنَ أَيًّا شَاءَ فِي قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ وَفِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ يَضْمَنُ الْأَوَّلُ أَمَّا الثَّانِي فَلَوْ سُرِقَ مِنْهُ بَعْدَ تَمَامِ الْعَمَلِ لَا يَضْمَنُ؛ لِأَنَّهُ لَمَّا فَرَغَ مِنْ الْعَمَلِ صَارَتْ يَدُهُ يَدَ وَدِيعَةٍ أَمَّا مَا دَامَ فِي الْعَمَلِ كَانَتْ يَدُهُ يَدَ ضَمَانٍ لِتَصَرُّفِهِ فِي مَالِ الْغَيْرِ بِغَيْرِ الْإِذْنِ وَعِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ مُودِعُ الْمُودِعِ لَا يَضْمَنُ مَا لَمْ يَتَصَرَّفْ فِي الْوَدِيعَةِ بِغَيْرِ إذْنِ مَالِكِهَا دَفَعَ خَاتَمَهُ إلَى نَقَّاشٍ لِيَنْقُشَ اسْمَهُ فِي فَصِّ خَاتَمِهِ فَنَقَشَ اسْمَ غَيْرِهِ يَضْمَنُ الْخَاتَمَ كِلَاهُمَا مِنْ ضَمَانِ النَّسَّاجِ مِنْ قَاضِي خَانْ وَفِي الْخُلَاصَةِ وَالْبَزَّازِيَّةِ غَلِطَ النَّقَّاشُ وَنَقَشَ فِي الْخَاتَمِ اسْمَ غَيْرِهِ وَلَمْ يُمْكِنْ إصْلَاحُهُ يَضْمَنُهُ عِنْدَ الثَّانِي وَعِنْدَ الْإِمَامِ لَا يَضْمَنَ بِكُلِّ حَالٍ اهـ. دَفَعَ حَدِيدًا إلَى حَدَّادٍ لِيَعْمَلَ لَهُ إنَاءً مِنْهُ فَأَفْسَدَهُ يَضْمَنُ حَدِيدًا مِثْلَهُ وَمَا لَا مِثْلَ لَهُ يَضْمَنُ قِيمَتَهُ كَذَا فِي بَابِ الِاسْتِصْنَاعِ مِنْ الْوَجِيزِ. دَفَعَ إلَى حَدَّادٍ حَدِيدًا يَصْنَعُهُ عَيْنًا سَمَّاهُ بِأَجْرٍ فَجَاءَ بِهِ عَلَى مَا أُمِرَ بِهِ أُمِرَ مَالِكُهُ بِقَبُولِهِ بِلَا خِيَارٍ وَلَوْ خَالَفَهُ جِنْسًا بِأَنْ أَمَرَهُ بِقَدُومٍ يَصْلُحُ لِلنِّجَارَةِ فَصَنَعَ قَدُومًا يَصْلُحُ لِكَسْرِ الْحَطَبِ يُخَيَّرُ مَالِكُهُ إنْ شَاءَ ضَمَّنَهُ مِثْلَ حَدِيدِهِ وَإِنْ شَاءَ أَخَذَ الْقَدُومَ وَأَعْطَاهُ الْأُجْرَةَ وَكَذَا حُكْمُ كُلِّ مَا يُسَلَّمُ إلَى كُلِّ صَانِعٍ. وَلَوْ أَحْرَقَتْ شَرَارَةُ ضَرْبِ الْحَدَّادِ ثَوْبَ مَارٍّ ضَمِنَ مِنْ الْفُصُولَيْنِ دَفَعَ شَبَهًا إلَى صَفَّارٍ لِيَضْرِبَ لَهُ طَشْتًا فَضَرَبَهُ كُوزًا كَانَ لَهُ الْخِيَارُ إنْ شَاءَ أَخَذَ الْكُوزَ وَأَعْطَاهُ أَجْرَ مِثْلِهِ لَا يَتَجَاوَزُ بِهِ مَا سَمَّى وَإِنْ شَاءَ ضَمَّنَهُ مِثْلَ ذَلِكَ الشَّيْءِ مِنْ اخْتِلَافِ الْأَجِيرِ مِنْ قَاضِي خَانْ. اسْتَأْجَرَ حَدَّادًا لِيَفْتَحَ لَهُ قُفْلًا فَانْكَسَرَ الْقُفْلُ مِنْ مُعَالَجَةِ الْحَدَّادِ عَلَى الْحَدَّادِ ضَمَانُهُ مِنْ الْوَجِيزِ. دَفَعَ سَيْفًا إلَى صَيْقَلِي لِيَصْقُلَهُ بِأَجْرٍ وَدَفَعَ الْجَفْنَ مَعَهُ فَسُرِقَ الْجَفْنُ لَا يَجِبُ عَلَيْهِ ضَمَانُهُ وَإِنْ كَانَ أَجِيرًا مُشْتَرَكًا لِأَنَّهُ مُنْفَصِلٌ عَنْ السَّيْفِ فَكَانَ أَمَانَةً فِي يَدِهِ فَإِذَا هَلَكَ فِي يَدِهِ لَا بِتَقْصِيرٍ مِنْهُ لَا يَضْمَنُ وَعَنْ مُحَمَّدٍ أَنَّهُ يَضْمَنُ مِنْ فَصْلِ الْخِيَاطَةِ مِنْ قَاضِي خَانْ. [النَّوْع الْعَاشِر ضمان الْفِصَاد وَمنْ بِمَعْنَاهُ] الْفَصَّادُ وَالْبَزَّاغُ وَالْحَجَّامُ وَالْخَتَّانَ لَا يَضْمَنُونَ بِسِرَايَةِ فِعْلِهِمْ إلَى الْهَلَاكِ إذَا لَمْ يُجَاوِزْ الْمَوْضِعَ الْمُعْتَادَ الْمَعْهُودَ الْمَأْذُونَ فِيهِ وَهِيَ مَعْرُوفَةٌ وَلَوْ شُرِطَ عَلَيْهِمْ الْعَمَلُ السَّلِيمُ عَنْ السِّرَايَةِ بَطَلَ الشَّرْطُ إذْ لَيْسَ فِي وُسْعِهِمْ ذَلِكَ قَالَ فِي الْفُصُولَيْنِ: هَذَا إذَا فَعَلُوا فِعْلًا مُعْتَادًا وَلَمْ يُقَصِّرُوا فِي ذَلِكَ الْعَمَلِ بِأَنْ قَالَ بِالْفَارِسِيَّةِ: برتست آنجه مصلحت آن كار وَتَمَام كردن أَمَّا لَوْ فَعَلُوا بِخِلَافِ ذَلِكَ ضَمِنُوا فَإِنْ قَطَعَ الْخَتَّانُ الْجِلْدَةَ وَالْحَشَفَةَ إنْ لَمْ يَمُتْ مِنْ ذَلِكَ كَانَ عَلَيْهِ كَمَالُ الدِّيَةِ وَإِنْ مَاتَ مِنْ ذَلِكَ كَانَ عَلَيْهِ نِصْفُ الدِّيَةِ وَإِنَّمَا وَجَبَ كَمَالُ الدِّيَةِ إذَا بَرِئَ وَالنِّصْفُ إذَا مَاتَ لِأَنَّهُ إذَا مَاتَ فَالتَّلَفُ عَلَيْهِ حَصَلَ بِفِعْلَيْنِ قَطْعُ الْجِلْدَةِ وَقَطْعُ الْحَشَفَةِ وَأَحَدُهُمَا مَأْذُونٌ فِيهِ وَالْآخَرُ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 47 لَا فَنِصْفُ الضَّمَانِ أَمَّا إذَا بَرِئَ فَقَطْعُ الْجِلْدَةِ مَأْذُونٌ فِيهِ فَجُعِلَ كَأَنَّهُ لَمْ يَكُنْ وَقَطْعُ الْحَشَفَةِ غَيْرُ مَأْذُونٍ فِيهِ فَوَجَبَ ضَمَانُ الْحَشَفَةِ كَامِلًا وَهُوَ الدِّيَةُ كَذَا فِي الْفَتَاوَى الصُّغْرَى وَقَدْ بَسَطَ فِيهِ الْكَلَامَ فِي الْفَرْقِ بِإِيرَادِ سُؤَالٍ وَجَوَابٍ فَمَنْ رَامَ الِاطِّلَاعَ فَعَلَيْهِ بِالْمُرَاجَعَةِ. اسْتَأْجَرَ حَجَّامًا لِيَقْلَعَ لَهُ سِنًّا فَقَلَعَ فَقَالَ صَاحِبُ السِّنِّ: مَا أَمَرْت بِقَلْعِ هَذَا كَانَ الْقَوْلُ قَوْلُهُ وَيَضْمَنُ الْقَالِعُ أَرْشَ السِّنِّ قَاضِي خَانْ وَلَوْ قَلَعَ مَا أَمَرَهُ فَانْقَلَعَ سِنٌّ آخَرُ مُتَّصِلٌ بِهَذَا السِّنِّ لَا يَضْمَنُ ذَكَرَهُ فِي الْخُلَاصَةِ. بَيْطَارٌ بَزَغَ دَابَّةً بِدَانَقٍ فَنَفَقَتْ أَوْ حَجَّامٌ حَجَّمَ عَبْدًا بِإِذْنِ مَوْلَاهُ فَهَلَكَ فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ كَذَا فِي الْمُشْتَمِلِ نَقْلًا عَنْ الْجَامِعِ الصَّغِيرِ. فَصَّادٌ جَاءَ إلَيْهِ عَبْدٌ فَقَالَ: افْصِدْنِي فَفَصَدَهُ فَصْدًا مُعْتَادًا فَمَاتَ بِهِ يَضْمَنُ قِيمَةَ الْقِنِّ وَتَكُونُ عَلَى عَاقِلَةِ الْفَصَّادِ لِأَنَّهُ خَطَأٌ وَكَذَا الصَّبِيُّ تَجِبُ دِيَتُهُ عَلَى عَاقِلَةِ الْفَصَّادِ وَلَوْ فَصَدَ نَائِمًا وَتَرَكَهُ حَتَّى مَاتَ بِسَيَلَانِهِ فَإِنَّهُ يُقَادُ. وَسُئِلَ الْحَلْوَانِيُّ عَنْ صَبِيَّةٍ سَقَطَتْ مِنْ السَّطْحِ فَانْتَفَخَ رَأْسُهَا فَقَالَ كَثِيرٌ مِنْ الْجَرَّاحِينَ: إنْ شَقَقْتُمْ رَأْسَهَا تَمُوتُ وَقَالَ وَاحِدٌ مِنْهُمْ: إنْ لَمْ تَشُقُّوهُ الْيَوْمَ تَمُوتُ وَأَنَا أَشُقُّهُ وَأُبْرِئُهَا فَشَقَّهُ ثُمَّ مَاتَتْ بَعْدَ يَوْمٍ أَوْ يَوْمَيْنِ هَلْ يَضْمَنُ فَتَأَمَّلَ مَلِيًّا ثُمَّ قَالَ: لَا يَضْمَنُ إنْ كَانَ الشَّقُّ بِإِذْنٍ وَكَانَ مُعْتَادًا وَلَمْ يَكُنْ فَاحِشًا خَارِجَ الرَّسْمِ فَقِيلَ لَهُ: إنَّمَا أَذِنُوا بِنَاءً عَلَى أَنَّهُ عِلَاجُ مِثْلِهَا فَقَالَ: ذَلِكَ لَا يُوقَفُ عَلَيْهِ فَاعْتُبِرَ نَفْسُ الْإِذْنِ قِيلَ لَهُ: فَلَوْ كَانَ قَالَ هَذَا الْجَرَّاحُ: إنْ مَاتَتْ مِنْ هَذَا الْجُرْحِ فَأَنَا ضَامِنٌ هَلْ يَضْمَنُ؟ قَالَ: لَا. إذَا أَخْطَأَ الْخَتَّانُ فَقَطَعَ الذَّكَرَ فِي الْخِتَانِ ضَمِنَ فُصُولَيْنِ. الْكَحَّالُ إذَا صَبَّ الدَّوَاءَ فِي عَيْنِ رَجُلٍ فَذَهَبَ ضَوْءُهَا لَا يَضْمَنُ كَالْخَتَّانِ إلَّا إذَا غَلِطَ فَإِنْ قَالَ رَجُلَانِ: إنَّهُ لَيْسَ بِأَهْلٍ وَهَذَا مِنْ خَرَقِ فِعْلِهِ وَقَالَ رَجُلَانِ: هُوَ أَهْلٌ لَا يَضْمَنُ وَإِنْ كَانَ فِي جَانِبِ الْكَحَّالِ وَاحِدٌ وَفِي جَانِبِ الْآخَرِ اثْنَانِ ضَمِنَ الْكَحَّالُ لَوْ قَالَ الرَّجُلُ لِلْكَحَّالِ: دَاوِ بِشَرْطِ أَنْ لَا يَذْهَبَ الْبَصَرُ فَذَهَبَ الْبَصَرُ لَا يَضْمَنُ مِنْ الْخُلَاصَةِ. يَدَّعِي عِلْمَ الطِّبِّ ضَمِنَ بِخَطَئِهِ وَزِيَادَتِهِ وَلَا فِي سِرَايَةٍ وَبِهِ لَوْ بَرِئَ هَذِهِ فِي الْجِنَايَاتِ مِنْ الْقُنْيَةِ. [النَّوْع الْحَادِي عَشْر ضمان الملاح] إذَا غَرِقَتْ السَّفِينَةُ فَلَوْ مِنْ رِيحٍ أَصَابَهَا أَوْ مَوْجٍ أَوْ جَبَلٍ صَدَمَهَا مِنْ غَيْرِ مَدِّ الْمَلَّاحِ وَفِعْلِهِ لَا يَضْمَنُ بِالِاتِّفَاقِ وَإِنْ كَانَ بِفِعْلِهِ يَضْمَنُ سَوَاءٌ خَالَفَ بِأَنْ جَاوَزَ الْعَادَةَ أَوْ لَمْ يُخَالِفْ لِأَنَّهُ أَجِيرٌ مُشْتَرَكٌ وَلَوْ دَخَلَهَا الْمَاءُ فَأَفْسَدَ الْمَتَاعَ فَلَوْ بِفِعْلِهِ وَمَدِّهِ يَضْمَنُ بِالِاتِّفَاقِ وَلَوْ بِلَا فِعْلِهِ إنْ لَمْ يُمْكِنْ التَّحَرُّزُ عَنْهُ لَا يَضْمَنُ إجْمَاعًا وَإِنْ كَانَ بِسَبَبٍ يُمْكِنُ التَّحَرُّزُ عَنْهُ لَا يَضْمَنُ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَعِنْدَهُمَا يَضْمَنُ وَهَذَا كُلُّهُ لَوْ لَمْ يَكُنْ رَبُّ الْمَتَاعِ أَوْ وَكِيلُهُ فِي السَّفِينَةِ فَلَوْ كَانَ لَا يَضْمَنُ فِي جَمِيعِ مَا مَرَّ إذَا لَمْ يُخَالِفْ بِأَنْ لَمْ يُجَاوِزْ الْمُعْتَادَ لِأَنَّ مَحَلَّ الْعَمَلِ غَيْرُ مُسَلَّمٍ إلَيْهِ كَذَا فِي الْفَتَاوَى الصُّغْرَى وَمَشَى عَلَيْهِ صَاحِبُ الْفُصُولَيْنِ وَكَذَا إذَا كَانَ بِأَمْرٍ لَا يُمْكِنُ التَّحَرُّزُ عَنْهُ فَإِنَّهُ لَا يَضْمَنُ ذَكَرَهُ فِي الْبَزَّازِيَّةِ وَفِيهَا نَقْلًا عَنْ الْمُنْتَقَى لَوْ كَانَتْ السُّفُنُ كَثِيرَةً وَصَاحِبُ الْمَتَاعِ أَوْ الْوَكِيلُ فِي إحْدَاهَا فَلَا ضَمَانَ عَلَى الْمَلَّاحِ فِيمَا ذَهَبَ مِنْ السَّفِينَةِ الَّتِي فِيهَا صَاحِبُ الْمَتَاعِ أَوْ وَكِيلُهُ وَضَمِنَ فِيمَا سِوَى الجزء: 1 ¦ الصفحة: 48 ذَلِكَ. وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ إذَا كَانَتْ السُّفُنُ تَنْزِلُ مَعًا وَتَسِيرُ مَعًا فَلَا ضَمَانَ عَلَى الْمَلَّاحِ فِيمَا هَلَكَ فَإِنَّهُنَّ كَسَفِينَةٍ وَاحِدَةٍ وَإِنْ تَقَدَّمَ بَعْضُهَا بَعْضًا فَكَوْنُ أَحَدِهِمَا فِي إحْدَاهُنَّ كَكَوْنِ أَحَدِهِمَا فِي كُلِّهِنَّ. وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ أَيْضًا فِي سَفِينَتَيْنِ مَقْرُونَتَيْنِ أَحَدُهُمَا فِي إحْدَاهُنَّ لَا ضَمَانَ عَلَى الْمَلَّاحِ وَكَذَا لَوْ غَيْرُ مَقْرُونَتَيْنِ وَيَسِيرَانِ مَعًا وَيَحْبِسَانِ مَعًا اهـ. اسْتَأْجَرَ سَفِينَةً مُعَيَّنَةً لِيَحْمِلَ عَلَيْهَا أَمْتِعَتَهُ هَذِهِ فَأَدْخَلَ الْمَلَّاحُ فِيهَا أَمْتِعَةً أُخْرَى بِغَيْرِ رِضَا الْمُسْتَأْجِرِ وَهِيَ تُطِيقُ ذَلِكَ وَغَرِقَتْ وَالْمُسْتَأْجِرُ مَعَهَا لَا يَضْمَنُ الْمَلَّاحُ. مَلَأَ سَفِينَةً مِنْ أَمْتِعَةِ النَّاسِ وَشَدَّهَا فِي الشَّطِّ لَيْلًا فَظَهَرَ فِيهَا ثَقْبٌ وَامْتَلَأَتْ مَاءً وَغَرِقَتْ وَهَلَكَتْ الْأَمْتِعَةُ لَا يَضْمَنُ إنْ كَانَتْ تُتْرَكُ هَذِهِ عَادَةً وَلَوْ قَالَ مَالِكُ الْأَمْتِعَةِ لِلْمَلَّاحِ: شُدَّ السَّفِينَةَ هُنَا فَلَمْ يَشُدَّ وَأَجْرَاهَا حَتَّى غَرِقَتْ مِنْ الْمَوْجِ يَضْمَنُ إنْ كَانَتْ تُشَدُّ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ مِنْ الْقُنْيَةِ. [النَّوْع الثَّانِي عَشْر ضمان الْخَبَّاز وَالطَّبَاخ] اسْتَأْجَرَ خَبَّازًا لِيَخْبِزَ لَهُ قَفِيزًا مِنْ دَقِيقٍ بِدِرْهَمٍ لَمْ يَسْتَحِقَّ الْأَجْرَ حَتَّى يُخْرِجَ الْخُبْزَ مِنْ التَّنُّورِ فَإِنْ احْتَرَقَ مِنْ غَيْرِ فِعْلِهِ بَعْدَمَا أُخْرِجَ فَإِنْ كَانَ فِي بَيْتِ الْمُسْتَأْجِرِ فَلَا أَجْرَ لَهُ لِأَنَّهُ صَارَ مُسَلِّمًا بِالْوَضْعِ فِي بَيْتِهِ وَلَا غُرْمَ لِأَنَّهُ لَمْ يُوجَدْ مِنْهُ الْجِنَايَةُ وَقَالَا: يَغْرَمُ مِثْلَ دَقِيقِهِ وَلَا أَجْرَ لَهُ لِأَنَّهُ مَضْمُونٌ عَلَيْهِ فَلَا يَبْرَأُ إلَّا بَعْدَ حَقِيقَةِ التَّسْلِيمِ وَإِنْ شَاءَ ضَمَّنَهُ الْخُبْزَ وَأَعْطَاهُ الْأَجْرَ وَإِنْ احْتَرَقَ قَبْلَ الْإِخْرَاجِ فَعَلَيْهِ الضَّمَانُ فِي قَوْلِ أَصْحَابِنَا جَمِيعًا لِأَنَّهُ مِمَّا جَنَتْهُ يَدَاهُ بِتَقْصِيرِهِ فِي الْقَلْعِ مِنْ التَّنُّورِ فَإِنْ ضَمَّنَهُ قِيمَتَهُ مَخْبُوزًا أَعْطَاهُ الْأَجْرَ وَإِنْ ضَمَّنَهُ دَقِيقًا لَمْ يَكُنْ لَهُ أَجْرٌ كَذَا فِي الْإِيضَاحِ نَقْلًا عَنْ غَايَةِ الْبَيَانِ. اسْتَأْجَرَهُ لِيَطْبُخَ طَعَامًا لِلْوَلِيمَةِ فَأَفْسَدَهُ بِأَنْ أَحْرَقَهُ أَوْ لَمْ يُنْضِجْهُ ضَمِنَ لِأَنَّهُ أَجِيرٌ مُشْتَرَكٌ فَيَضْمَنُ جِنَايَةَ يَدِهِ فَصُولَيْنِ. وَلَا ضَمَانَ عَلَى الْخَبَّازِ فِيمَا فَسَدَ لَا بِفِعْلِهِ مِنْ فَصْلِ الْخَيَّاطِ مِنْ قَاضِي خَانْ قُلْتُ: وَهَذَا عَلَى إطْلَاقِهِ إنَّمَا يَسْتَقِيمُ عَلَى قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَمَّا عَلَى قِيَاسِ قَوْلِهِمَا فَإِنْ كَانَ بِسَبَبٍ يُمْكِنُ التَّحَرُّزُ عَنْهُ يَنْبَغِي أَنْ يَضْمَنَ وَإِلَّا فَلَا. [النَّوْع الثَّالِث عَشْر ضمان الغلاف وَالْوَرَّاق وَالْكَاتِب] دَفَعَ مُصْحَفًا إلَى رَجُلٍ لِيَعْمَلَ لَهُ غِلَافًا أَوْ دَفَعَ سِكِّينًا إلَى رَجُلٍ لِيَعْمَلَ لَهُ نِصَابًا فَضَاعَ الْمُصْحَفُ أَوْ السِّكِّينُ لَا يَضْمَنُ لِأَنَّهُ اسْتَأْجَرَهُ لِيَعْمَلَ لَهُ غِلَافًا فِي الْمُصْحَفِ وَالسِّكِّينِ فَلَا يَكُونَانِ تَبَعًا لِلْغِلَافِ وَالنِّصَابِ فَكَانَا أَمَانَةً فِي يَدِهِ فَلَا يَضْمَنُ بِالْهَلَاكِ بِلَا تَقْصِيرٍ مِنْهُ. دَفَعَ مُصْحَفًا إلَى وَرَّاقٍ لِيَعْمَلَ لَهُ غِلَافًا وَدَفَعَ الْغِلَافَ مَعَهُ فَسُرِقَ الْغِلَافُ لَا يَضْمَنُ لِمَا مَرَّ وَعِنْدَ مُحَمَّدٍ يَضْمَنُ مِنْ فَصْلِ الْخَيَّاطِ مِنْ قَاضِي خَانْ. وَفِي الْبَزَّازِيَّةِ مِنْ الْمُتَفَرِّقَاتِ دَفَعَ إلَيْهِ مُصْحَفًا لِيُصْلِحَ لَهُ غِلَافًا أَوْ سَيْفًا لِلْقِرَابِ فَضَاعَ لَمْ يَضْمَنْ عِنْدَ مُحَمَّدٍ وَعِنْدَ الْإِمَامِ كَذَلِكَ إلَّا مَا هَلَكَ بِصُنْعِهِ أَوْ قَصَّرَ فِي حِفْظِهِ وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى وَعَنْ الثَّانِي دَفَعَ إلَيْهِ سَيْفًا لِيُصْلِحَ مِنْ جَفْنِهِ أَوْ مُصْحَفًا لِيُنَقِّطَهُ أَوْ ثَوْبًا فِي مِنْدِيلٍ لِيَرْفُوهُ فَضَاعَ نَصْلُهُ أَوْ غِلَافُهُ أَوْ مِنْدِيلُهُ لَا يَضْمَنُ اهـ. دَفَعَ مُصْحَفًا إلَى وَرَّاقٍ لِيُجَلِّدَهُ فَسَافَرَ بِهِ وَأَخَذَهُ اللُّصُوصُ أَجَابَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ بُرْهَانُ الدِّينِ أَنَّهُ يَضْمَنُ وَقَالَ نِظَامُ الدِّينِ: قَدْ أَجَبْت أَنَّهُ لَا يَضْمَنُ مُعْتَمِدًا عَلَى الجزء: 1 ¦ الصفحة: 49 ظَاهِرِ الْفِقْهِ أَنَّ الْمُودِعَ لَوْ سَافَرَ بِوَدِيعَةٍ لَا يَضْمَنُ وَلَا يُقَالُ إنَّهُ مُودِعٌ بِأَجْرٍ فَيَضْمَنُ إذْ الْأَجْرُ لَيْسَ عَلَى الْحِفْظِ إلَّا أَنَّهُ أَشَارَ إلَى فِقْهٍ حَسَنٍ إذْ الْوَدِيعَةُ بِلَا أَجْرٍ إنَّمَا لَا تُضْمَنُ إذْ لَيْسَ ثَمَّةَ عَقْدٌ حَتَّى يَتَعَيَّنَ مَكَانُ الْعَقْدِ لِلْحِفْظِ وَفِي الْوَدِيعَةِ بِأَجْرٍ إنَّمَا يَضْمَنُ لِتَعَيُّنِ مَكَانِ الْعَقْدِ لِلْحِفْظِ وَهُنَا مَا أَمَرَهُ بِالْحِفْظِ قَصْدًا بَلْ بِالْحِفْظِ ضِمْنًا فِي الْإِجَارَةِ وَفِيهَا يُعْتَبَرُ مَكَانُ الْعَقْدِ فَكَذَا مَا فِي ضِمْنِهَا فَلِذَا يَضْمَنُ فَصُولَيْنِ. دَفَعَ إلَى رَجُلٍ كَاغَدًا لِيَكْتُبَ لَهُ مُصْحَفًا وَيَنْقُطَهُ وَيَعْجُمَهُ وَيَعْشِرَهُ بِكَذَا مِنْ الْأُجْرَةِ فَأَخْطَأَ فِي بَعْضِ النُّقَطِ والعواشر قَالَ الْفَقِيهُ أَبُو جَعْفَرٍ: إنْ فَعَلَ ذَلِكَ فِي كُلِّ وَرَقَةٍ كَانَ الْمُسْتَأْجِرُ بِالْخِيَارِ إنْ شَاءَ أَخَذَهُ وَأَعْطَاهُ أَجْرَ مِثْلِهِ لَا يُجَاوِزُ بِهِ مَا سَمَّى وَإِنْ شَاءَ رَدَّهُ عَلَيْهِ وَاسْتَرَدَّ مِنْهُ مَا أَعْطَاهُ أَيْ ضَمَّنَهُ قِيمَةَ الْكَاغَدِ وَإِنْ وَافَقَهُ فِي الْبَعْضِ دُونَ الْبَعْضِ أَعْطَاهُ حِصَّةَ مَا وَافَقَ مِنْ الْمُسَمَّى وَبِمَا خَالَفَ أَعْطَاهُ أَجْرَ الْمِثْلِ مِنْ قَاضِي خَانْ. [النَّوْع الرَّابِع عَشْر ضمان الْإِسْكَاف] دَفَعَ صِرْمًا إلَى خَفَّافٍ لِيَخْرُزَ لَهُ خُفًّا فَفَضَلَ شَيْءٌ مِنْ الصِّرْمِ فَسُرِقَ قَالُوا: يَضْمَنُ مِنْ فَصْلِ الْخَيَّاطِ مِنْ قَاضِي خَانْ وَهِيَ مِنْ جُمْلَةِ الْمَسَائِلِ الَّتِي قَالَ قَاضِي خَانْ: قَدْ أَفْتَى فِيهَا عَلَى قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ وَأَمَّا عَلَى قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ لَا يَكُونُ ضَامِنًا؛ لِأَنَّ عِنْدَهُ الْأَجِيرَ الْمُشْتَرَكَ لَا يَضْمَنُ مَا هَلَكَ فِي يَدِهِ لَا بِصُنْعِهِ. دَفَعَ خُفَّهُ إلَى رَجُلٍ لِيُنَعِّلَهُ جَيِّدًا فَنَعَّلَ رَدِيئًا فَإِنْ شَاءَ ضَمَّنَهُ خُفَّهُ بِغَيْرِ نَعْلٍ وَلَا أَجْرَ لَهُ وَإِنْ شَاءَ أَخَذَهُ وَأَعْطَاهُ أَجْرَ الْمِثْلِ مِنْ الْوَجِيزِ. الْإِسْكَافُ إذَا أَخَذَ خُفًّا لِيُنْعِلَهُ فَلَبِسَهُ ضَمِنَ مَا دَامَ لَابِسًا فَإِذَا نَزَعَ ثُمَّ ضَاعَ لَا يَضْمَنُ. دَفَعَ جِلْدًا إلَى الْإِسْكَافِ لِيَخْرُزَ لَهُ خُفًّا وَسَمَّى الْأَجْرَ وَالْقَدْرَ وَالصِّفَةَ فَأَتَى بِهِ عَلَى وَفْقِ مَا أَمَرَ بِهِ بِلَا فَسَادِ أُمِرَ مَالِكُهُ بِالْقَبُولِ بِلَا خِيَارٍ وَلَوْ خَالَفَهُ ضَمَّنَهُ قِيمَةَ جِلْدِهِ إنْ شَاءَ أَوْ أَخَذَ الْخُفَّ وَأَعْطَاهُ أَجْرَ مِثْلِهِ مِنْ الْفُصُولَيْنِ. مَدَّ الْخَفَّافُ رِجْلَهُ فَخَرَجَتْ عَنْ الدُّكَّانِ إلَى الْمَمَرِّ وَغَرَزَ فِي خُفِّهِ الْأَشْفَى لِلتَّنْعِيلِ فَتَعَلَّقَ بِمُلَاءَةِ امْرَأَةٍ فَمَدَّتْهَا فَتَخَرَّقَتْ بِمَدِّهَا لَا يَضْمَنُ الْخَفَّافَ هَذِهِ فِي الْجِنَايَاتِ مِنْ الْقُنْيَةِ. دَفَعَ خُفَّهُ إلَى خَفَّافٍ لِيُصْلِحَهُ وَتَرَكَهُ فِي دُكَّانِهِ لَيْلًا فَسُرِقَ لَوْ فِي الدُّكَّانِ حَافِظٌ أَوْ فِي السُّوقِ حَارِسٌ لَا يَضْمَنُ وَإِلَّا ضَمِنَ وَكَانَ ظَهِيرُ الدِّينِ الْمَرْغِينَانِيُّ يُفْتِي بِالْبَرَاءَةِ مُطْلَقًا وَقِيلَ: يُعْتَبَرُ الْعُرْفُ لَوْ كَانَ الْعُرْفُ أَنْ يَتْرُكُوا الْأَشْيَاءَ فِي الْحَوَانِيتِ بِلَا حَارِسٍ وَلَا حَافِظٍ يَبْرَأُ لَا لَوْ كَانَ الْعُرْفُ بِخِلَافِهِ وَكَذَا لَوْ تَرَكَ بَابَ الدُّكَّانِ أَوْ الدَّارِ مَفْتُوحًا لَوْ كَانَ عُرْفُهُمْ كَذَلِكَ يَبْرَأُ وَلَوْ عَلَّقَ شَبَكَةً أَوْ نَحْوَهَا عَلَى الدُّكَّانِ وَذَهَبَ فَفِي الْيَوْمِ دُونَ اللَّيْلِ بِبُخَارَى لَيْسَ بِتَضْيِيعٍ وَفِي خُوَارِزْمَ فِي اللَّيْلِ وَالْيَوْمِ لَيْسَ بِتَضْيِيعٍ مِنْ وَدِيعَةِ الْفُصُولَيْنِ وَمُشْتَمِلِ الْهِدَايَةِ. خَفَّافٌ خَرَجَ إلَى الْقُرَى لِلْخَرْزِ فَوَضَعَ خُفًّا فِي دَارٍ لَوْ اتَّخَذَ الدَّارَ لِلسُّكْنَى بِأَيِّ طَرِيقٍ اتَّخَذَهُ لَمْ يَضْمَنْ إذْ تَرَكَهُ فِي بَيْتِهِ وَلَوْ وَضَعَهَا فِي دَارِ رَجُلٍ لَا يَسْكُنُ مَعَهُ ضَمِنَ إذْ أَوْدَعَ غَيْرَهُ مِنْ وَدِيعَةِ الْفُصُولَيْنِ. [النَّوْع الْخَامِس عَشْر ضمان النَّجَّار وَالْبِنَاء] أَمَرَ نَجَّارًا لِيَسْمُكَ لَهُ سَمْكَ الْبَيْتِ فَسَمَكَهُ وَقَامَ عَلَى حَالِهِ ثُمَّ سَقَطَ بِلَا فِعْلِهِ فَلَهُ الْأَجْرُ وَلَا ضَمَانَ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 50 عَلَيْهِ وَلَوْ سَقَطَ كَمَا قَامَ مِنْ عَمَلِهِ وَانْكَسَرَتْ الْأَجْذَاعُ فَلَا أَجْرَ وَلَا ضَمَانَ كَذَا فِي الْفُصُولَيْنِ وَالْمُشْتَمِلِ نَقْلًا عَنْ جَوَامِعِ الْفِقْهِ قُلْتُ: وَهَذَا مُشْكِلٌ بَلْ يَنْبَغِي أَنْ يَضْمَنَ فَإِنَّ الْأَجِيرَ الْمُشْتَرَكَ يَضْمَنُ مَا تَلِفَ بِعَمَلِهِ بِالِاتِّفَاقِ وَيُؤَيِّدُ مَا قُلْنَا قَوْلُ صَاحِبِ الْفُصُولَيْنِ بَعْدَ ذَلِكَ دروكر رَامِز ركردتا عِلْم كري كندو كرد وَخَرِبَ الْبَيْتُ بِفِعْلِهِ يَنْبَغِي أَنْ يَضْمَنَ إذْ الْأَجِيرُ الْمُشْتَرَكُ ضَامِنٌ لِمَا جَنَتْ يَدُهُ وِفَاقًا. اسْتَأْجَرَ نَجَّارًا لِيَهْدِمَ جِدَارَهُ وَهُوَ فِي طَرِيقٍ فَأَخَذَ فِي هَدْمِهِ فَسَقَطَ شَيْءٌ مِنْهُ عَلَى رَجُلٍ فَمَاتَ يَضْمَنُ النَّجَّارُ هَذِهِ فِي الْغَصْبِ مِنْ الْقُنْيَةِ قَالَ لِتِلْمِيذِهِ فِي تَسْوِيَةِ عَمَلٍ: خُذْ الْعِمَادَ فَأَخَذَهُ وَالْأُسْتَاذُ حَرَّكَ الْخَشَبَةَ الْمَغْرُوزَةَ بانح خادبود فَسَقَطَ السَّقْفُ وَفَرَّ إلَى الْخَارِجِ وَهَلَكَ التِّلْمِيذُ يَضْمَنُ إنْ كَانَ ذَلِكَ بِفِعْلِهِ وَلَمْ يَقْدِرْ عَلَى الِانْتِقَالِ وَالْفِرَارِ وَكَذَا لَوْ رَفَعُوا سَفِينَةً لِإِصْلَاحِهَا وَقَالُوا لِلتِّلْمِيذِ: ضَعْ الْعِمَادَ تَحْتَهَا فَوَضَعَهُ وَحَرَّكُوهَا بلح بوكابهاي فَسَقَطَتْ عَلَيْهِ يَضْمَنُونَ هَذِهِ فِي الْجِنَايَاتِ مِنْ الْقُنْيَةِ. رَجُلٌ اسْتَأْجَرَ أَرْبَعَةَ رَهْطٍ يَحْفِرُونَ لَهُ بِئْرًا فَوَقَعَتْ عَلَيْهِمْ مِنْ حَفْرِهِمْ وَمَاتَ أَحَدُهُمْ كَانَ عَلَى كُلِّ وَاحِدٍ مِنْ الثَّلَاثَةِ الْبَاقِينَ رُبْعُ الدِّيَةِ وَيَسْقُطُ رُبْعُهَا لِأَنَّ الْبِئْرَ وَقَعَتْ بِفِعْلِهِمْ وَكَانُوا مُبَاشِرِينَ وَالْمَيِّتُ مُبَاشِرٌ أَيْضًا فَتُوَزَّعُ الدِّيَةُ عَلَيْهِمْ أَرْبَاعًا فَيَسْقُطُ رُبْعُهَا وَيَجِبْ ثَلَاثَةُ أَرْبَاعِهَا هَذِهِ فِي الْجِنَايَةِ مِنْ قَاضِي خَانْ. [النَّوْع السَّادِس عَشْر ضمان الطَّحَّان] طَحَّانٌ خَرَجَ مِنْ الطَّاحُونَةِ لِيَنْظُرَ إلَى الْمَاءِ فَسُرِقَتْ الْحِنْطَةُ إنْ تَرَكَ الْبَابَ مَفْتُوحًا وَبَعُدَ مِنْ الطَّاحُونَةِ يَضْمَنُ هَذِهِ فِي الْوَدِيعَةِ مِنْ الْخُلَاصَةِ. حَمَلَ بُرَّ غَيْرِهِ إلَى الطَّاحُونَةِ وَوَضَعَهُ فِي صَحْنِهَا وَأَمَرَ الطَّحَّانَ أَنْ يُدْخِلَهُ فِي اللَّيْلِ فِي بَيْتِ الطَّاحُونَةِ فَلَمْ يَفْعَلْ حَتَّى نُقِّبَ وَسُرِقَ فَلَوْ عَلَى الصَّحْنِ حَائِطٌ مُرْتَفِعٌ قَدْرَ مَا لَا يُمْكِنُ أَنْ يُتَسَوَّرَ إلَّا بِسُلَّمٍ بَرِئَا فُصُولَيْنِ لَوْ سَالَ الْبُرُّ مِنْ دَلْوِ الطَّاحُونَةِ إلَى الْمَاءِ قَالُوا: لَا يَضْمَنُ صَاحِبُ الطَّاحُونَةِ؛ لِأَنَّ الْبُرَّ فِي يَدِ صَاحِبِهِ فَكَانَ عَلَيْهِ حِفْظُهُ وَتَعَاهُدُهُ قَالَ قَاضِي خَانْ: وَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ الْجَوَابُ عَلَى التَّفْصِيلِ إنْ اسْتَأْجَرَ الطَّاحُونَةَ لِيَطْحَنَ هُوَ بِهَا لَا يَضْمَنُ صَاحِبُ الطَّاحُونَةِ وَإِنْ اسْتَأْجَرَ الطَّحَّانَ لِيَطْحَنَ لَهُ فَطَحَنَ الطَّحَّانُ ضَمِنَ الطَّحَّانُ قُلْتُ: وَتَعْلِيلُهُمْ يَدُلُّ عَلَى مَا قَالَهُ الْقَاضِي وَالْمَسْأَلَةُ فِي فَصْلِ مَا يَكُونُ تَضْيِيعًا لِلدَّابَّةِ وَالْمَالِ مِنْ قَاضِي خَانْ مردي باسيابارآورد مزدداد طحان بوي سنك دا وَكَفَتْ كه آس كن خدا وندباردرد لَوْ كرد وسنك راكلو كاه فِرَاخ بوده است وطحان مي دانست وبعضي ازين باربآن طَرِيق هلاك شد يَضْمَنُ الطَّحَّانُ سَوَاءٌ عَلِمَ بِذَلِكَ أَوْ لَمْ يَعْلَمْ الطَّحَّانُ يَضْمَنُ بِالْخَلْطِ إلَّا فِي مَوْضِعٍ يَكُونُ مَأْذُونًا بِالْخَلْطِ عُرْفًا هَذِهِ فِي الزَّكَاةِ مِنْ الْخُلَاصَةِ. سُئِلَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 51 بُرْهَانُ الدِّينِ عَنْ طَاحُونَةٍ فُتِحَ مَوْضِعٌ مِنْهَا يُقَالُ لَهُ بِالْفَارِسِيَّةِ دَهَّانَة اونايزه فَضَاعَ مِنْهُ الْبُرُّ وَفِي الطَّاحُونَةِ قُبَاله دَار وَاسْتَادَ وكار كر هَلْ يَضْمَنُ وَمَنْ يَضْمَنُ قَالَ: يَضْمَنُ قُبَاله دَار مِنْ الْفُصُولَيْنِ لَمْ يُسَلِّمْ الطَّحَّانُ الدَّقِيقَ بَعْدَ الطَّحْنِ مَعَ الْقُدْرَةِ فَسُرِقَ مِنْهُ يَضْمَنُ بَعْدَ أَخْذِ الْأُجْرَةِ طَلَبَهُ الْمَالِكُ مِنْهُ أَوْ لَمْ يَطْلُبْ وَقَبْلَ أَخْذِ الْأُجْرَةِ لَا. الطَّحَّانُ طَحَنَ الْحِنْطَةَ خشكارا لَا يَضْمَنُ وَلَكِنْ يُؤْمَرُ بِطَحْنِهَا ثَانِيًا. قَالَ الطَّحَّانُ أَوْ الْخَفَّافُ أَوْ الْخَيَّاطُ: غَدًا أَعْمَلُهُ وَأَجِيءُ بِهِ فَلَمْ يَجِيء بِهِ غَدًا حَتَّى هَلَكَ يَضْمَنُ إنْ أَمْكَنَهُ تَسْلِيمُهُ وَإِلَّا فَلَا مِنْ الْقُنْيَةِ. [النَّوْع السَّابِع عَشْر ضمان الدَّلَّال وَمنْ بِمَعْنَاهُ] (النَّوْعُ السَّابِعَ عَشَرَ الدَّلَّالُ وَمَنْ بِمَعْنَاهُ) الدَّلَّالُ أَجِيرٌ مُشْتَرَكٌ حَتَّى لَوْ ضَاعَ مِنْ يَدِهِ شَيْءٌ بِلَا صُنْعِهِ لَا يَضْمَنُ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ صَرَّحَ بِهِ فِي الْمُشْتَمِلِ عَنْ الْفُصُولَيْنِ. أَخَذَ الدَّلَّالُ الثَّمَنَ لِيُسَلِّمَهُ إلَى صَاحِبِهِ أَوْ كَانَ يَمْسِكُهُ فَيَظْفَرُ بِصَاحِبِهِ فَيُسَلِّمُهُ فَضَاعَ مِنْهُ يُصَالَحُ بَيْنَهُمَا إلَى النِّصْفِ. رَجُلَانِ دَفَعَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا إلَى الدَّلَّالِ مَنًّا مِنْ الْإِبْرَيْسَمِ مَثَلًا بِصِفَةٍ وَاحِدَةٍ فَبَاعَ أَحَدُهُمَا وَدَفَعَ إلَى الْآخَرِ ثَمَنَهُ خَطَأً وَغَابَ وَلَا يَدْرِي بِهِ الدَّلَّالُ لَيْسَ لِلدَّلَّالِ أَنْ يَدْفَعَ ثَمَنَ إبْرَيْسَمِ الْغَائِبِ إلَيْهِ وَلَوْ ظَفِرَ بِهِ الْحَاضِرُ يَأْخُذُهُ وَلَوْ ضَمَّنَ صَاحِبُ الثَّمَنِ الْأَوَّلِ الدَّلَّالَ فَلَهُ أَنْ يَرْجِعَ بِهِ عَلَى الْآخِذِ إنْ ظَفِرَ بِهِ. شَيْخُ الْإِسْلَامِ السَّعْدِيُّ دَفَعَ إلَى دَلَّالٍ مَتَاعًا فَوَضَعَهُ فِي دُكَّانِ مَنْ لَيْسَ فِي عِيَالِهِ وَلَا يُرِيدُ شِرَاءَهُ فَضَاعَ يَضْمَنُ وَإِنْ كَانَ يُرِيدُ شِرَاءَهُ فَضَاعَ لَا يَضْمَنُ وَإِنْ كَانَ يُرِيدُ شِرَاءَهُ فَتَرَكَهُ عَلَيْهِ لِيَرَاهُ أَوْ لِيَرَاهُ غَيْرُهُ فَأَبَقَ أَوْ هَلَكَ الْمَتَاعُ فِي يَدِهِ لَا يَضْمَنُ. وَفِي الصُّغْرَى خِلَافُهُ عَلَى مَا يَأْتِي قَالَ أُسْتَاذُنَا الْقِيَاسَ أَنْ يَضْمَنَ لِأَنَّهُ أَمِينٌ فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يُودِعَ غَيْرَهُ إلَّا أَنَّ مَا أَجَابَ بِهِ شَيْخُ الْإِسْلَامِ أَحْسَنُ؛ لِأَنَّ دَفْعَ الْعَيْنِ إلَى الْمُسْتَامِ لِيَرَاهَا أَهْلُهُ أَوْ مَنْ لَهُ بِصَارَةٌ بِهِ وَيَضُمُّهُ أَمْرٌ مُعْتَادٌ مَعْهُودٌ فَكَانَ الدَّلَّالُ مَأْذُونًا فِيهِ دَلَالَةً وَكَذَا إذَا ذَهَبَ بِهِ الْمُسْتَامُ وَلَمْ يَظْفَرْ بِهِ الدَّلَّالُ لَا يَضْمَنُ يُقَالُ: أَخَذَ مِنْ الدَّلَّالِ عَيْنًا فَحَبَسَهَا لِيُرِيَهَا وَيَشْتَرِيَهَا وَتَرَكَهَا لَيْلًا فِي حَانُوتِهِ فَقَرَضَهَا الْفَارُ فَلِلْمَالِكِ تَضْمِينُ أَيِّهِمَا شَاءَ. دَلَّالٌ دَفَعَ ثَوْبًا إلَى ظَالِمٍ لَا يُمْكِنُ اسْتِرْدَادُهُ مِنْهُ وَلَا أَخْذُ الثَّمَنِ يَضْمَنُ إذَا كَانَ الظَّالِمُ مَعْرُوفًا بِذَلِكَ. السِّمْسَارُ الَّذِي يَدْفَعُ إلَيْهِ الْمُجَاهِرُونَ أَمْتِعَةً لِيَبِيعَهَا إذَا كَانَ لَهُ أَمِينٌ فِي قَبْضِ أَثْمَانِهَا فَخَانَ وَعَلِمَ السِّمْسَارُ خِيَانَتَهُ وَمَعَ هَذَا جَعَلَهُ أَمِينًا فِي قَبْضِ الْأَثْمَانِ فَمَاتَ وَلَمْ يَتْرُكْ شَيْئًا وَعَلَيْهِ بَقَايَا تِلْكَ الْأَثْمَانِ يَضْمَنُ السِّمْسَارُ قِيَاسًا عَلَى مَا إذَا تَرَكَ الزَّوْجُ الْوَدَائِعَ عِنْدَ زَوْجَتِهِ وَغَابَ وَكَانَتْ خَائِنَةً غَيْرَ أَمِينَةٍ فَرَجَعَ وَقَدْ هَلَكَتْ الْوَدَائِعُ يَجِبُ عَلَيْهِ الضَّمَانُ هَلَكَ الْمَتَاعُ فِي يَدِ الدَّلَّالِ فَسُئِلَ فَقَالَ: لَا أَدْرِي أَهَلَكَ عَنْ بَيْتِي أَمْ عَنْ كَتِفِي؟ لَا يَضْمَنُ مِنْ الْقُنْيَةِ. الدَّلَّالُ إذَا دَفَعَ الثَّوْبَ إلَى رَجُلٍ يُرِيدُ الشِّرَاءَ لِيَنْظُرَ فِيهِ ثُمَّ يَشْتَرِيَ فَأَخَذَ الرَّجُلُ الثَّوْبَ وَذَهَبَ وَلَمْ يَظْفَرْ بِهِ الدَّلَّالُ قَالُوا: لَا يَضْمَنُ الدَّلَّالُ لِأَنَّهُ مَأْذُونٌ بِهَذَا الدَّفْعِ عَادَةً قَالَ قَاضِي خَانَ: وَعِنْدِي إنَّمَا لَا يَضْمَنُ إذَا دَفَعَ إلَيْهِ الثَّوْبَ وَلَمْ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 52 يُفَارِقْهُ أَمَّا إذَا دَفَعَ الثَّوْبَ وَفَارَقَهُ يَضْمَنُ كَمَا لَوْ أَوْدَعَهُ الدَّلَّالُ عِنْدَ أَجْنَبِيٍّ أَوْ تَرَكَهُ عِنْدَ مَنْ لَا يُرِيدُ الشِّرَاءَ مِنْ الْإِجَارَةِ الْفَاسِدَةِ مِنْ قَاضِي خَانْ. قَدَّمَ الدَّلَّالُ الْمَتَاعَ لِلْخَزِينَةِ السُّلْطَانِيَّةِ أَوْ لِلْأُمَرَاءِ بِمَالٍ يُتَغَابَنُ فِيهِ فَأَخَذَ مِنْهُ بِذَلِكَ الْقَدْرِ يَضْمَنُ الدَّلَّالُ إذَا عَلِمَ تَمَامَ قِيمَتِهِ هَذِهِ فِي الْغَصْبِ مِنْ الْقُنْيَةِ. [ضمان الْبَيَّاع وَالسِّمْسَار] (الْبَيَّاعُ وَالسِّمْسَارُ) يَضْمَنُ كُلُّ وَاحِدٍ بِالْخَلْطِ مِنْ ضَمَانِ الطَّحَّانِ مِنْ الْفُصُولَيْنِ وَفِي الْأَمَانَاتِ مِنْ الْأَشْبَاهِ السِّمْسَارُ إذَا خَلَطَ أَمْوَالَ النَّاسِ وَأَثْمَانَ مَا بَاعَهُ ضَمِنَ إلَّا فِي مَوْضِعٍ جَرَتْ الْعَادَةُ بِالْإِذْنِ بِالْخَلْطِ أَقُولُ: وَالْمَفْهُومُ مِنْ كَلَامِ الْخُلَاصَةِ أَنَّ الْبَيَّاعَ وَالسِّمْسَارَ يَضْمَنُ مُطْلَقًا حَيْثُ قُيِّدَ الْإِذْنُ بِالْخَلْطِ عُرْفًا بِالطَّحَّانِ دُونَهُمَا قَالَ فِي كِتَابِ الزَّكَاةِ: رَجُلَانِ دَفَعَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا إلَى رَجُلٍ دَرَاهِمَ لِيَتَصَدَّقَ بِهَا عَنْ الزَّكَاةِ فَخَلَطَ الدَّرَاهِمَ ثُمَّ تَصَدَّقَ فَالْوَكِيلُ ضَامِنٌ وَكَذَا الْمُتَوَلِّي إذَا كَانَ فِي يَدِهِ أَوْقَافٌ مُخْتَلِفَةٌ وَقَدْ خَلَطَ غَلَّاتِهَا كَانَ ضَامِنًا وَكَذَا الْبَيَّاعُ وَالسِّمْسَارُ إذَا خَلَطَ أَمْوَالَ النَّاسِ وَالطَّحَّانُ إذَا خَلَطَ حِنْطَةَ النَّاسِ إلَّا فِي مَوْضِعٍ كَانَ الطَّحَّانُ مَأْذُونًا عُرْفًا اهـ. . إذَا أَمَرَ السِّمْسَارُ أَجِيرَهُ الْوَاحِدَ أَنْ يَحْمِلَ شَيْئًا إلَى مَكَانِ مَالِكِهِ فَوَقَعَ عَنْ ظَهْرِهِ يَجِبُ الضَّمَانُ عَلَى الْأُسْتَاذِ إنْ مَشَى مَشْيًا مُعْتَادًا كَذَا فِي مُشْتَمِلِ الْهِدَايَةِ نَقْلًا عَنْ فَوَائِدِ صَاحِبِ الْمُحِيطِ. دَفَعَ إلَى دَلَّالٍ ثَوْبًا لِيَبِيعَهُ فَدَفَعَهُ الدَّلَّالُ إلَى رَجُلٍ عَلَى سَوْمِ الشِّرَاءِ ثُمَّ نَسِيَهُ لَمْ يَضْمَنْ وَهَذَا إذَا أَذِنَ لَهُ الْمَالِكُ بِالدَّفْعِ لِلسَّوْمِ إذْ لَا تَعَدِّيَ فِي الدَّفْعِ حِينَئِذٍ أَمَّا إذَا لَمْ يَأْذَنْ لَهُ فِيهِ ضَمِنَ مِنْ الْفُصُولَيْنِ. دَلَّالٌ مَعْرُوفٌ بِيَدِهِ ثَوْبٌ تَبَيَّنَ أَنَّهُ مَسْرُوقٌ فَقَالَ: رَدَدْتُهُ عَلَى مَنْ أَخَذْتُهُ مِنْهُ يَبْرَأُ كَغَاصِبِ الْغَاصِبِ إذَا رَدَّ عَلَى الْغَاصِبِ بَرِئَ كَذَا فِي الْفُصُولَيْنِ عَنْ فَتَاوَى قَاضِي خَانْ وَظَهِيرِ الدِّينِ وَنُقِلَ عَنْ الذَّخِيرَةِ وَالْعُدَّةِ أَنَّهُ إنَّمَا يَبْرَأُ لَوْ أَثْبَتَ رَدَّهُ بِحُجَّةٍ لَا بِدُونِهَا كَمَا فِي الْخُلَاصَةِ. دَفَعَ إلَى دَلَّالٍ عَيْنًا لِيَبِيعَهُ فَعَرَضَهُ الدَّلَّالُ عَلَى صَاحِبِ الدُّكَّانِ وَتَرَكَهُ عِنْدَهُ فَهَرَبَ صَاحِبُ الدُّكَّانِ وَذَهَبَ بِالْمَتَاعِ يَضْمَنُ الدَّلَّالُ؛ لِأَنَّهُ لَا يَجُوزُ لِلدَّلَّالِ أَنْ يَتْرُكَ الْعَيْنَ عِنْدَ النِّسْيَانِ وَعَلَيْهِ أَنْ يَأْخُذَ إذَا عَرَضَ؛ لِأَنَّهُ أَمِينٌ وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يُودِعَ غَيْرَهُ كَذَا فِي تَصَرُّفِ الْفُضُولِيِّ مِنْ بُيُوعِ الصُّغْرَى. وَفِي الْفُصُولَيْنِ لَمْ يَضْمَنْ الدَّلَّالُ فِي الصَّحِيحِ؛ لِأَنَّهُ أَمْرٌ لَا بُدَّ مِنْهُ فِي الْبَيْعِ قُلْتُ: وَهَذَا عَلَى إطْلَاقِهِ مُشْكِلٌ إلَّا أَنْ يُحْمَلَ عَلَى أَنْ يَأْذَنَ لَهُ الْمَالِكُ بِذَلِكَ كَمَا مَرَّ فِي الدَّفْعِ لِلسَّوْمِ. دَفَعَ إلَى دَلَّالٍ ثَوْبًا لِيَبِيعَهُ ثُمَّ قَالَ الدَّلَّالُ: وَقَعَ الثَّوْبُ مِنْ يَدِي وَضَاعَ وَلَا أَدْرِي كَيْفَ ضَاعَ قَالَ أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ الْفَضْلِ: لَا ضَمَانَ عَلَيْهِ وَلَوْ قَالَ: نَسِيتُ لَا أَدْرِي فِي أَيِّ حَانُوتٍ وَضَعْتُهُ يَكُونُ ضَامِنًا مِنْ الْوَدِيعَةِ مِنْ قَاضِي خَانْ. رَجُلٌ دَفَعَ إلَى دَلَّالٍ ثَوْبًا لِيَبِيعَهُ عَلَى أَنَّ مَا زَادَ عَلَى كَذَا فَهُوَ لَهُ فَهُوَ إجَارَةٌ وَلَوْ ضَاعَ الثَّوْبُ مِنْ يَدِهِ يَضْمَنُ مِنْ الْبَزَّازِيَّةِ. رَجُلٌ بَعَثَ جَارِيَةً إلَى النَّخَّاسِ وَهُوَ بَيَّاعُ الرَّقِيقِ فَبَعَثَتْهَا امْرَأَةُ النَّخَّاسِ إلَى حَاجَةٍ لَهَا فَهَرَبَتْ قَالَ أَبُو بَكْرٍ الْبَلْخِيّ: الضَّمَانُ يَكُونُ عَلَى امْرَأَةِ النَّخَّاسِ لَا غَيْرُ فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ وَقَالَا صَاحِبُ الْجَارِيَةِ إنْ شَاءَ ضَمَّنَ النَّخَّاسَ وَإِنْ شَاءَ ضَمَّنَ امْرَأَتَهُ؛ لِأَنَّ النَّخَّاسَ أَجِيرٌ مُشْتَرَكٌ وَمِنْ مَذْهَبِ أَبِي حَنِيفَةَ أَنَّ الْأَجِيرَ الْمُشْتَرَكَ لَا يَصِيرُ ضَامِنًا لِمَا تَلِفَ فِي يَدِهِ مِنْ غَيْرِ فِعْلِهِ وَعَنْ صَاحِبَيْهِ يَكُونُ ضَامِنًا مِنْ الْغَصْبِ مِنْ قَاضِي خَانْ. النَّخَّاسُ إذَا هَلَكَ الْعَبْدُ فِي يَدِهِ لَا يَضْمَنُ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 53 لِأَنَّهُ أَجِيرٌ مُشْتَرَكٌ فَلَا يَضْمَنُ مَا هَلَكَ عِنْدَهُ بِلَا صَنْعَةٍ مِنْ قَاضِي خَانْ. أَتَتْ أَمَةٌ إلَى النَّخَّاسِ بِلَا إذْنِ مَوْلَاهَا طَالِبَةً لِلْبَيْعِ ثُمَّ ذَهَبَتْ وَلَا يَدْرِي أَيْنَ ذَهَبَتْ وَقَالَ النَّخَّاسُ: رَدَدْتُهَا عَلَيْك صَدَقَ لِأَنَّهَا أَتَتْ إلَيْهِ بِطَوْعِهَا فَكَانَتْ أَمَانَةً عِنْدَهُ وَتَفْسِيرُ ذَلِكَ أَنَّ النَّخَّاسَ لَمْ يَأْخُذْ الْأَمَةَ حَتَّى يَصِيرَ غَاصِبًا وَمَعْنَى الرَّدِّ أَنْ يَأْمُرَهَا بِالذَّهَابِ إلَى الْمَنْزِلِ فَكَانَ النَّخَّاسُ مُنْكِرًا لِلْغَصْبِ أَمَّا إذَا أَخَذَ النَّخَّاسُ الْجَارِيَةَ مِنْ الطَّرِيقِ أَوْ ذَهَبَ بِهَا مِنْ مَنْزِلِ مَوْلَاهَا لَا يُصَدَّقُ مَا لَمْ يُقِمْ الْبَيِّنَةَ كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ وَالْفُصُولَيْنِ مِنْ الْغَصْبِ. الْمَبِيعُ لَوْ رُدَّ بِعَيْبٍ بِقَضَاءٍ أَوْ بِغَيْرِهِ لَا تُسْتَرَدُّ الدَّلَالَةُ. الدَّلَّالُ لَوْ بَاعَ الْعَيْنَ بِنَفْسِهِ بِإِذْنِ مَالِكِهِ لَيْسَ لَهُ أَخْذُ الدَّلَالَةِ مِنْ الْمُشْتَرِي إذْ هُوَ الْعَاقِدُ حَقِيقَةً وَتَجِبُ الدَّلَالَةُ عَلَى الْبَائِعِ إذَا قَبِلَ بِأَمْرِ الْبَائِعِ وَلَوْ سَعَى الدَّلَّالُ بَيْنَهُمَا وَبَاعَ الْمَالِكُ بِنَفْسِهِ يُعْتَبَرُ الْعُرْفُ فَتَجِبُ الدَّلَالَةُ عَلَى الْبَائِعِ أَوْ عَلَى الْمُشْتَرِي أَوْ عَلَيْهِمَا بِحَسْبِ الْعُرْفِ. وَسُئِلَ بَعْضُهُمْ عَمَّنْ قَالَ لِلدَّلَّالِ: اعْرِضْ أَرْضِي عَلَى الْبَيْعِ وَبِعْهَا وَلَك أَجْرٌ كَذَا فَعَرَضَ وَلَمْ يَتِمَّ الْبَيْعُ ثُمَّ أَخَذَ دَلَّالٌ بَاعَ لِلدَّلَّالِ الْأَوَّلِ أَجْرًا بِقَدْرِ عَمَلِهِ وَعَنَائِهِ قَالَ أَبُو اللَّيْثِ هَذَا قِيَاسٌ وَلَا أَجْرَ لَهُ اسْتِحْسَانًا إذْ أَجْرُ الْمِثْلِ يُعْرَفُ بِالتُّجَّارِ وَهُمْ لَا يَعْرِفُونَ لِهَذَا الْأَمْرِ أَجْرًا وَبِهِ نَأْخُذُ. الدَّلَالَةُ فِي النِّكَاحِ قِيلَ: لَا يَجِبُ لَهَا أَجْرُ الْمِثْلِ إذْ لَمْ يَعْمَلْ شَيْئًا وَالزَّوْجُ إنَّمَا يَنْتَفِعُ بِالْعَقْدِ وَقِيلَ: يَجِبُ وَبِهِ يُفْتَى لِسَعْيِهَا فِي مُقَدَّمَاتِ النِّكَاحِ كَمَبِيعٍ وَيُعْتَبَرُ الْعُرْفُ فِي قَدْرِهِ مِنْ أَحْكَامِ الدَّلَّالِ مِنْ الْفُصُولَيْنِ. [النَّوْع الثَّامِن عَشْر ضمان الْمُعَلَّم وَمنْ بِمَعْنَاهُ] الْمُعَلِّمُ إذَا ضَرَبَ صَبِيًّا أَوْ الْأُسْتَاذُ الْمُحْتَرِفُ إذَا ضَرَبَ التِّلْمِيذَ قَالَ أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ الْفَضْلِ: إنْ ضَرَبَهُ بِأَمْرِ أَبِيهِ أَوْ وَصِيِّهِ ضَرْبًا مُعْتَادًا فِي الْمَوْضِعِ الْمُعْتَادِ لَا يَضْمَنُ وَإِنْ ضَرَبَهُ غَيْرَ مُعْتَادٍ ضَمِنَ فَإِنْ ضَرَبَهُ بِغَيْرِ أَمْرِ أَبِيهِ أَوْ وَصِيِّهِ فَمَاتَ ضَمِنَ تَمَامَ الدِّيَةِ فِي قَوْلِهِمْ سَوَاءٌ ضَرَبَهُ مُعْتَادًا أَوْ غَيْرَ مُعْتَادٍ مِنْ فَصْلِ الْبَقَّارِ مِنْ قَاضِي خَانْ. وَفِي الْأَشْبَاهِ مِنْ أَحْكَامِ الْمَحَارِمِ الْمُعَلِّمُ إذَا ضَرَبَ الْوَلَدَ بِإِذْنِ الْأَبِ لَمْ يَغْرَمْ إلَّا إنْ ضَرَبَهُ ضَرْبًا لَا يُضْرَبُ مِثْلُهُ وَلَوْ ضَرَبَهُ بِإِذْنِ الْأُمِّ غَرِمَ الدِّيَةَ إذَا هَلَكَ وَالْجَدُّ كَالْأَبِ إلَّا فِي اثْنَيْ عَشَرَ ذَكَرْنَاهَا فِي الْفَوَائِدِ مِنْ كِتَابِ الْفَرَائِضِ اهـ. وَفِي الْخُلَاصَةِ وَالْبَزَّازِيَّةِ ضَرَبَ الْأُسْتَاذُ أَوْ الْمُعَلِّمُ الصَّبِيَّ أَوْ الْعَبْدَ بِلَا إذْنِ الْمَوْلَى وَالْوَصِيَّ وَتَلِفَ ضَمِنَ وَإِلَّا فَلَا وَلَوْ ضَرَبَ الْأَبُ أَوْ الْوَصِيُّ الِابْنَ فَمَاتَ لَا يَضْمَنُ لِأَنَّهُمَا يَضْرِبَانِ لِأَنْفُسِهِمَا لِعَوْدِ الْمَنْفَعَةِ إلَيْهِمَا بِخِلَافِ الْمُعَلِّمِ وَالضَّرْبِ بِإِذْنِ مَنْ لَهُ الْوِلَايَةُ. وَفِي الْفَتَاوَى فِي ضَرْبِ الْأَبِ لَا يَضْمَنُ وَلَا يَرِثُ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَعِنْدَ أَبِي يُوسُفَ لَا يَضْمَنُ وَيَرِثُ وَتَجِبُ الْكَفَّارَةُ اهـ. مُعَلِّمٌ قَالَ لِصَبِيٍّ: خُذْ هَذَا الثَّوْبَ وَاجْعَلْهُ فِي نَقْبِ الْجِدَارِ فَفَعَلَ فَضَاعَ وَالثَّوْبُ لِغَيْرِهِ لَا ضَمَانَ عَلَى الْمُعَلِّمِ وَلَا عَلَى الصَّبِيِّ لِأَنَّهُ لَيْسَ بِتَضْيِيعٍ لِأَنَّهُمْ حَاضِرُونَ هَذِهِ فِي الْوَدِيعَةِ مِنْ الْخُلَاصَةِ. [النَّوْع التَّاسِع عَشْر ضمان الْخَادِم وَالظِّئْر] اسْتَأْجَرَ حُرًّا أَوْ عَبْدًا لِلْخِدْمَةِ فَوَقَعَ شَيْءٌ مِنْ يَدِهِ فَأَفْسَدَهُ لَا يَضْمَنُ إنْ كَانَ الْوَاقِعُ وَالْمَوْقُوعُ عَلَيْهِ مِلْكَ الْمُسْتَأْجِرِ لِأَنَّهُ أَجِيرٌ فِي حَقِّ الْوَاقِعِ وَالْمَوْقُوعِ عَلَيْهِ إذَا اُسْتُؤْجِرَ لِلْخِدْمَةِ أَمَّا لَوْ سَقَطَ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 54 عَلَى وَدِيعَةٍ كَانَتْ عِنْدَ رَبِّ الْبَيْتِ ضَمِنَ الْأَجِيرُ خَاصَّةً كَذَا فِي ضَمَانِ الْقَصَّارِ مِنْ الْفُصُولَيْنِ وَالصُّغْرَى. وَفِي الْخُلَاصَةِ لَوْ كَسَرَ الْغُلَامُ الْمُسْتَأْجَرُ شَيْئًا مِنْ مَتَاعِ الْبَيْتِ لَا يَضْمَنُ وَلَوْ وَقَعَ عَلَى وَدِيعَةٍ عِنْدَ الْمُسْتَأْجِرِ وَكَسَرَ ضَمِنَ. الْأَجِيرُ إذَا قَلَعَ الْأَشْجَارَ وَكَسَرَ الْأَغْصَانَ بَعْدَ مَا بَاعَ الْأَشْجَارَ فِي الْإِجَارَةِ الطَّوِيلَةِ لَا يَضْمَنُ وَلَوْ فَعَلَ الْمُسْتَأْجِرُ لَا يَضْمَنُ وَلَكِنْ لَيْسَ لَهُ أَنْ يَخْتَطِفَ ذَكَرَهُ فِي الْمَسَائِلِ الْمُتَفَرِّقَةِ مِنْ إجَارَةِ الْخُلَاصَةِ وَفِيهَا مِنْ اسْتِئْجَارِ الظِّئْرِ لَوْ ضَاعَ الصَّبِيُّ مِنْ يَدِهَا وَوَقَعَ فَمَاتَ أَوْ سُرِقَ شَيْءٌ مِنْ حُلِيِّ الصَّبِيِّ أَوْ ثِيَابِهِ فَلَا ضَمَانَ عَلَى الظِّئْرِ اهـ. [بَاب مَسَائِل الْعَارِيَّةِ] [مُقَدِّمَة فِي الْكَلَام فِي الْعَارِيَّةِ] (بَابُ مَسَائِلِ الْعَارِيَّةِ) (الْمُقَدِّمَةُ) . الْعَارِيَّةُ أَمَانَةٌ إنْ هَلَكَتْ مِنْ غَيْرِ تَعَدٍّ لَمْ يَضْمَنْ الْمُسْتَعِيرُ عِنْدَنَا خِلَافًا لِلشَّافِعِيِّ وَمَحَلُّ الْخِلَافِ أَنْ تَهْلِكَ فِي غَيْرِ حَالَةِ الِانْتِفَاعِ أَمَّا لَوْ هَلَكَتْ فِي حَالَةِ الِانْتِفَاعِ لَمْ يَضْمَنْ بِالْإِجْمَاعِ ذَكَرَهُ فِي الْحَقَائِقِ. وَاشْتِرَاطُ الضَّمَانِ عَلَى الْمُسْتَعِيرِ بَاطِلٌ هَذِهِ فِي الْكَفَالَةِ مِنْ الْهِدَايَةِ وَقِيلَ: إذَا شُرِطَ الضَّمَانُ عَلَى الْمُسْتَعِيرِ تَصِيرُ مَضْمُونَةً عِنْدَنَا فِي رِوَايَةٍ ذَكَرَهُ الزَّيْلَعِيُّ وَجَزَمَ بِهِ فِي الْجَوْهَرَةِ وَلَمْ يَقُلْ فِي رِوَايَةٍ لَكِنْ نُقِلَ بَعْدَهُ فَرْعُ الْبَزَّازِيَّةِ عَنْ الْيَنَابِيعِ ثُمَّ قَالَ: أَمَّا الْوَدِيعَةُ وَالْعَيْنُ الْمُؤَجَّرَةُ فَلَا يُضْمَنَانِ بِحَالٍ اهـ وَلَكِنْ فِي الْبَزَّازِيَّةِ قَالَ: أَعِرْنِي هَذَا عَلَى أَنَّهُ إنْ ضَاعَ فَأَنَا ضَامِنٌ لَهُ فَأَعَارَهُ وَضَاعَ لَمْ يَضْمَنْ مِنْ الْعَادَةِ الْمُطَّرِدَةِ مِنْ الْأَشْبَاهِ. وَفِي الْمُنْتَقَى إذَا قَالَ لِغَيْرِهِ: أَعِرْنِي ثَوْبَك فَأَنَا ضَامِنٌ لَهُ فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ وَهَذَا الشَّرْطُ بَاطِلٌ وَكَذَا الْحُكْمُ فِي سَائِرِ الْأَمَانَاتِ نَحْوُ الْوَدَائِعِ وَغَيْرِهَا اهـ. وَلَيْسَ لِلْمُسْتَعِيرِ أَنْ يُؤَجِّرَ؛ لِأَنَّ الشَّيْءَ لَا يَتَضَمَّنُ فَوْقَهُ فَإِنْ أَجَرَهُ فَعَطِبَ ضَمِنَ الْمُسْتَعِيرُ وَلَا يَرْجِعُ عَلَى الْمُسْتَأْجِرِ وَإِنْ شَاءَ الْمُعِيرُ ضَمَّنَ الْمُسْتَأْجِرَ وَيَرْجِعُ بِمَا ضَمِنَ عَلَى الْمُؤَجِّرِ إنْ لَمْ يَعْلَمْ أَنَّهُ كَانَ عَارِيَّةً فِي يَدِهِ وَإِذَا عَلِمَ لَا يَرْجِعُ مِنْ الْهِدَايَةِ قَالَ فِي الدُّرَرِ وَالْغُرَرِ لَوْ اسْتَعَارَ شَيْئًا فَأَجَرَهُ فَالْأُجْرَةُ لَهُ وَيَتَصَدَّقُ بِهَا كَمَا لَوْ غَصَبَ شَيْئًا فَأَجَرَهُ فَالْأُجْرَةُ تَكُونُ لِلْغَاصِبِ وَيَتَصَدَّقُ بِهَا لِحُصُولِهَا بِسَبَبٍ خَبِيثٍ. وَلِلْمُسْتَعِيرِ أَنْ يُعِيرَ إنْ لَمْ يُعَيِّنْ مَا يَنْتَفِعُ بِهِ سَوَاءٌ اخْتَلَفَ بِاخْتِلَافِ الْمُسْتَعْمَلِ كَرُكُوبِ الدَّابَّةِ أَوْ لَمْ يَخْتَلِفْ كَالْحَمْلِ عَلَيْهَا وَإِنْ عَيَّنَ الْمُنْتَفَعَ لَهُ أَنْ يُعِيرَ مَا لَا يَخْتَلِفُ مِنْ الْإِيضَاحِ وَالْإِصْلَاحِ. وَفِي الْخُلَاصَةِ رَجُلٌ اسْتَعَارَ مِنْ رَجُلٍ شَيْئًا فَأَعَارَهُ وَقَالَ: لَا تَدْفَعْ إلَى غَيْرِك فَدَفَعَ فَهَلَكَ ضَمِنَ فِيمَا يَتَفَاوَتُ وَفِيمَا لَا يَتَفَاوَتُ وَبِدُونِ النَّهْيِ يُعَارُ فِيمَا لَا يَتَفَاوَتُ كَالدَّارِ وَالْأَرْضِ وَفِيمَا يَتَفَاوَتُ لَا اهـ. وَأَمَّا الْإِيدَاعُ فَقَدْ اخْتَلَفَ مَشَايِخُ الْعِرَاقِ فِيهِ فَقِيلَ: يَمْلِكُهُ وَإِلَيْهِ مَالَ الْأَجَلُّ بُرْهَانُ الدِّينِ وَقَالَ بَعْضُهُمْ: لَا يَمْلِكُ قَالَ الْإِمَامُ ظَهِيرُ الدِّينِ: وَجَدْت الرِّوَايَةَ مَنْصُوصَةً أَنَّ الْمُسْتَعِيرَ لَا يَمْلِكُ الْإِيدَاعَ وَهَذَا الِاخْتِلَافُ بَيْنَهُمْ فِيمَا يَمْلِكُ الْإِعَارَةَ أَمَّا فِيمَا لَا يَمْلِكُ الْإِعَارَةَ لَا يَمْلِكُ الْإِيدَاعَ مِنْ الصُّغْرَى. ثُمَّ الْعَارِيَّةُ عَلَى أَرْبَعَةِ أَوْجُهٍ: أَحَدُهَا أَنْ تَكُونَ مُطْلَقَةً فِي الْوَقْتِ وَالِانْتِفَاعِ وَلِلْمُسْتَعِيرِ فِيهِ أَنْ يَنْتَفِعَ بِهِ أَيُّ نَوْعٍ شَاءَ فِي أَيِّ وَقْتٍ شَاءَ عَمَلًا بِالْإِطْلَاقِ مَا لَمْ يُطَالِبْهُ بِالرَّدِّ. وَالثَّانِي: أَنْ تَكُونَ مُقَيَّدَةً فِيهِمَا وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَتَجَاوَزَ فِيهِ مَا سَمَّاهُ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 55 عَمَلًا بِالتَّقْيِيدِ إلَّا إذَا كَانَ خِلَافًا إلَى مِثْلِ ذَلِكَ أَوْ خَيْرٍ مِنْهُ وَالْحِنْطَةُ مِثْلُ الْحِنْطَةِ. الثَّالِثُ: أَنْ تَكُونَ مُقَيَّدَةً فِي حَقِّ الْوَقْتِ مُطْلَقَةً فِي حَقِّ الِانْتِفَاعِ. الرَّابِعُ: عَكْسُهُ وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَتَعَدَّى إلَى مَا سِوَاهُ وَكَذَا لَوْ قُيِّدَ بِمَكَانٍ مِنْ مُشْتَمِلِ الْهِدَايَةِ. إذَا تَعَدَّى الْمُسْتَعِيرُ ثُمَّ أَزَالَهُ زَالَ الضَّمَانُ مِنْ الْأَشْبَاهِ. إذَا أَمْسَكَ الْعَارِيَّةَ بَعْدَ انْقِضَاءِ الْمُدَّةِ بِأَنْ اسْتَعَارَهُ إلَى اللَّيْلِ فَأَمْسَكَهُ إلَى الْغَدِ فَهَلَكَ فِيهِ قَالَ فِي الْكِتَابِ يَضْمَنُ وَاخْتَلَفَ الْمَشَايِخُ فِي ذَلِكَ مِنْهُمْ مَنْ قَالَ: إنَّمَا يَضْمَنُ لَوْ انْتَفَعَ بِهِ فِي الْيَوْمِ الثَّانِي كَالْمُودَعِ وَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ وَهُوَ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ السَّرَخْسِيُّ: إنَّهُ يَضْمَنُ عَلَى كُلِّ حَالٍ وَفَرَّقَ بَيْنَ الْإِعَارَةِ الْوَدِيعَةِ مِنْ وَجْهَيْنِ ذَكَرَهُمَا فِي الْفَتَاوَى الصُّغْرَى وَمَنْ رَامَ الِاطِّلَاعَ فَلْيُرَاجِعْ. وَفِي الْوَجِيزِ فَإِنْ أَمْسَكَهَا بَعْدَ الْوَقْتِ ضَمِنَ وَإِنْ لَمْ يَنْتَفِعْ بِهَا وَهُوَ الصَّحِيحُ؛ لِأَنَّهُ أَمْسَكَ مَالَ غَيْرِهِ لِنَفْسِهِ بِغَيْرِ إذْنِ صَاحِبِهِ اهـ. وَفِي الْخُلَاصَةِ لَوْ كَانَتْ الْعَارِيَّةُ مُقَيَّدَةً فِي الْوَقْتِ مُطْلَقَةً فِي غَيْرِهِ نَحْوُ أَنْ يُعِيرَ يَوْمًا فَهَذِهِ عَارِيَّةٌ مُطْلَقَةٌ إلَّا فِي حَقِّ الْوَقْتِ حَتَّى لَوْ لَمْ يَرُدَّهَا بَعْدَ مُضِيِّ الْوَقْتِ مَعَ الْإِمْكَانِ ضَمِنَ إذَا هَلَكَتْ سَوَاءٌ اسْتَعْمَلَهَا بَعْدَ الْوَقْتِ أَوْ لَا وَلَوْ كَانَتْ مُقَيَّدَةً فِي الْمَكَانِ فَحُكْمُهَا حُكْمُ الْمُطْلَقَةِ إلَّا مِنْ حَيْثُ الْمَكَانُ حَتَّى لَوْ جَاوَزَ ذَلِكَ الْمَكَانَ يَضْمَنُ وَكَذَا لَوْ خَالَفَ فِي الْمَكَانِ يَضْمَنُ وَإِنْ كَانَ هَذَا الْمَكَانُ أَقْرَبَ إلَيْهِ مِنْ الْمَكَانِ الْمَأْذُونِ فِيهِ. وَكَذَا لَوْ أَمْسَكَ الدَّابَّةَ فِي الْمَوْضِعِ الَّذِي اسْتَعْمَلَهَا وَلَمْ يَذْهَبْ إلَى الْمَوْضِعِ الَّذِي اسْتَعَارَهَا إلَيْهِ ضَمِنَ وَكَذَا فِي الْإِجَارَةِ وَلَوْ كَانَتْ الْعَارِيَّةُ مُقَيَّدَةً فِي الْحَمْلِ مُطْلَقَةً فِي غَيْرِهِ فَحُكْمُهَا حُكْمُ الْمُطْلَقَةِ إلَّا فِي الْحَمْلِ نَحْوَ أَنْ يُعِيرَ دَابَّتَهُ عَلَى أَنْ يَحْمِلَ عَلَيْهَا عَشَرَةَ مَخَاتِيمَ حِنْطَةٍ فَحَمَلَ عَلَيْهَا آجُرًّا أَوْ حَدِيدًا مِثْلَ وَزْنِ الْحِنْطَةِ يَضْمَنُ اهـ. وَفِي الْفُصُولَيْنِ لَوْ كَانَتْ الْعَارِيَّةُ مُؤَقَّتَةً فَأَمْسَكَهَا بَعْدَ الْوَقْتِ مَعَ إمْكَانِ الرَّدِّ ضَمِنَ وَإِنْ لَمْ يَسْتَعْمِلْهَا بَعْدَ الْوَقْتِ هُوَ الْمُخْتَارُ وَسَوَاءٌ كَانَ التَّوْقِيتُ نَصًّا أَوْ دَلَالَةً حَتَّى أَنَّ مَنْ اسْتَعَارَ قَدُومًا لِيَكْسِرَ حَطَبًا فَكَسَرَهُ فَأَمْسَكَ ضَمِنَ، وَلَوْ لَمْ يُوَقِّتْ وَقَالَ: احْمِلْ عَلَيْهَا بُرًّا فَمَكَثَ يَحْمِلُ بُرًّا أَيَّامًا يَبْرَأُ لِلْإِطْلَاقِ وَفِيهِ أَيْضًا وَكُلُّ فِعْلٍ هُوَ سَبَبٌ لِلضَّمَانِ لَوْ ادَّعَى الْمُسْتَعِيرُ أَنَّهُ فَعَلَهُ بِإِذْنِ الْمُعِيرِ وَكَذَّبَهُ ضَمِنَ الْمُسْتَعِيرُ إلَّا أَنْ يُبَرْهِنَ عَلَى الْإِذْنِ اهـ. لَوْ وَضَعَ الْمُسْتَعَارَ بَيْنَ يَدَيْهِ وَنَامَ لَا يَضْمَنُ؛ لِأَنَّ هَذَا حِفْظٌ عَادَةً لَكِنْ هَذَا إذَا نَامَ جَالِسًا لَا مُضْطَجِعًا مِنْ مُشْتَمِلِ الْهِدَايَةِ. وَفِي الْفُصُولَيْنِ لَوْ نَامَ مُضْطَجِعًا ضَمِنَ فِي الْحَضَرِ لَا فِي السَّفَرِ. الْعَبْدُ الْمَأْذُونُ يَمْلِكُ الْإِعَارَةَ وَكَذَا الصَّبِيُّ الْمَأْذُونُ مِنْ مُشْتَمِلِ الْهِدَايَةِ. وَفِي الْخُلَاصَةِ الصَّبِيُّ إذَا اسْتَعَارَ شَيْئًا كَالْقُدُومِ وَنَحْوِهِ فَأَعْطَاهُ وَكَانَ الشَّيْءُ لِغَيْرِ الدَّافِعِ فَهَلَكَ فِي يَدِهِ إنْ كَانَ الصَّبِيُّ الْأَوَّلُ مَأْذُونًا فَإِنَّهُ يَجِبُ الضَّمَانُ عَلَى الْأَوَّلِ دُونَ الثَّانِي وَإِنْ كَانَ ذَلِكَ الشَّيْءُ لِلْأَوَّلِ لَا يَضْمَنُ الثَّانِي اهـ. وَإِذَا هَلَكَتْ الْعَيْنُ الْمُسْتَعَارَةُ فِي يَدِ الْمُسْتَعِيرِ وَضَمِنَ الْمُسْتَعِيرُ لَا يَرْجِعُ عَلَى الْمُعِيرِ؛ لِأَنَّ الْقَبْضَ كَانَ لِنَفْسِهِ مِنْ كَفَالَةِ الْأَشْبَاهِ. وَفِي الْخُلَاصَةِ لَوْ هَلَكَ الْمُسْتَعَارُ بَعْدَ الِاسْتِعْمَالِ فَجَاءَ رَجُلٌ وَادَّعَى أَنَّهُ كَانَ لَهُ وَأَثْبَتَهُ بِالْحُجَّةِ فَإِنْ شَاءَ الْمُسْتَحِقُّ ضَمَّنَ الْمُسْتَعِيرَ ثُمَّ هُوَ لَا يَرْجِعُ عَلَى الْمُعِيرِ؛ لِأَنَّهُ ضَمِنَ بِفِعْلِ نَفْسِهِ وَإِنْ ضَمَّنَ الْمُعِيرَ فَلَا يَرْجِعُ عَلَى الْمُسْتَعِيرِ؛ لِأَنَّهُ يَمْلِكُهُ بِالضَّمَانِ فَقَدْ أَعَارَ مِلْكَ نَفْسِهِ وَفِي الْإِجَارَةِ إذَا ضَمِنَ الْمُسْتَأْجِرُ فَالْمُسْتَأْجَرُ يَرْجِعُ عَلَى الْآجِرِ وَأَعْطَاهُ الْأَجْرَ إلَى الْمَوْضِعِ الَّذِي نَفَقَتْ لِأَنَّهُ ضَمِنَ مَالَهُ بِالسَّلَامَةِ بِاشْتِرَاطِ الْبَدَلِ بِخِلَافِ الْمُعِيرِ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 56 لِأَنَّهُ مُتَبَرِّعٌ الْوَدِيعَةُ كَالْعَارِيَّةِ. إذَا طَلَبَ الْمُعِيرُ الْعَارِيَّةَ فَلَمْ يَرُدَّهَا عَلَيْهِ حَتَّى هَلَكَتْ يَضْمَنُ وَلَوْ قَالَ: دَعْهَا عِنْدِي فَتَرَكَهَا فَهَلَكَتْ لَا يَضْمَنُ. وَلَوْ طَلَبَ الْعَارِيَّةَ فَقَالَ الْمُسْتَعِيرُ: نَعَمْ أَدْفَعُ وَفَرَّطَ حَتَّى مَضَى شَهْرٌ ثُمَّ سُرِقَ إنْ كَانَ عَاجِزًا عَنْ الرَّدِّ وَقْتَ الطَّلَبِ لَا يَضْمَنُ وَإِنْ كَانَ قَادِرًا فَإِنْ أَظْهَرَ الْمُعِيرُ السُّخْطَ وَالْكَرَاهِيَةَ فِي الْإِمْسَاكِ أَوْ سَكَتَ يَضْمَنُ وَكَذَا إذَا لَمْ يُظْهِرْ السُّخْطَ وَالرِّضَا؛ لِأَنَّ الرِّضَا لَا يَثْبُتُ بِالشَّكِّ وَإِنْ صَرَّحَ بِالرِّضَا فَإِنْ قَالَ: لَا بَأْسَ لَا يَضْمَنُ وَإِنْ لَمْ يَطْلُبْ وَهُوَ لَمْ يَرُدَّهُ حَتَّى ضَاعَ إنْ كَانَتْ الْعَارِيَّةُ مُطْلَقَةً لَا يَضْمَنُ وَإِنْ كَانَتْ مُؤَقَّتَةً بِوَقْتٍ فَمَضَى الْوَقْتُ وَلَمْ يَرُدَّ يَضْمَنُ وَكَذَا إذَا كَانَتْ مُؤَقَّتَةً بِمَنْفَعَةٍ بِأَنْ اسْتَعَارَ قَدُومًا لِكَسْرِ الْحَطَبِ فَكَسَرَ وَلَمْ يَرُدَّ حَتَّى ضَاعَ ضَمِنَ اهـ. [النَّوْعُ الْأَوَّلُ ضَمَانُ الدَّوَابِّ] هَذَا هُوَ الْكَلَامُ الْكُلِّيُّ الْإِجْمَالِيُّ فِي الْعَارِيَّةِ وَأَمَّا التَّفْصِيلُ فَنَقُولُ: إنَّ مَسَائِلَ الْبَابِ تَتَنَوَّعُ فَلْنَذْكُرْ مَسَائِلَ كُلِّ نَوْعٍ عَلَى حِدَةٍ. (النَّوْعُ الْأَوَّلُ ضَمَانُ الدَّوَابِّ) اسْتَعَارَ دَابَّةً وَلَمْ يُسَمِّ شَيْئًا لَهُ أَنْ يَحْمِلَ وَيُعِيرَ غَيْرَهُ لِلْحِمْلِ وَلَهُ أَنْ يَرْكَبَ وَيُرْكِبَ غَيْرَهُ وَإِنْ كَانَ الرُّكُوبُ مُخْتَلِفًا لِأَنَّهُ لَمَّا أَطْلَقَ فَلَهُ أَنْ يُعَيِّنَ حَتَّى لَوْ رَكِبَ بِنَفْسِهِ لَيْسَ لَهُ أَنْ يُرْكِبَ غَيْرَهُ؛ لِأَنَّهُ تَعَيَّنَ رُكُوبُهُ وَإِذَا أَرْكَبَ غَيْرَهُ لَيْسَ لَهُ أَنْ يَرْكَبَ حَتَّى لَوْ فَعَلَهُ ضَمِنَ. اسْتَعَارَ دَابَّةً فَرَدَّهَا إلَى إصْطَبْلِ مَالِكِهَا فَهَلَكَتْ لَمْ يَضْمَنْ اسْتِحْسَانًا؛ لِأَنَّهُ أَتَى بِالتَّسْلِيمِ الْمُتَعَارَفِ لِأَنَّ رَدَّ الْعَوَارِيّ إلَى دَارِ الْمَالِكِ مُعْتَادٌ كَآلَةِ الْبَيْتِ. وَلَوْ اسْتَعَارَ دَابَّةً فَرَدَّهَا مَعَ عَبْدِهِ أَوْ أَجِيرِهِ لَمْ يَضْمَنْ وَالْمُرَادُ بِالْأَجِيرِ الْأَجِيرُ مُسَانَهَةً أَوْ مُشَاهَرَةً لِأَنَّهَا أَمَانَةٌ فَلَهُ أَنْ يَحْفَظَهَا بِيَدِ مَنْ فِي عِيَالِهِ كَمَا فِي الْوَدِيعَةِ بِخِلَافِ الْأَجِيرِ مُيَاوَمَةً؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ فِي عِيَالِهِ وَكَذَا إذَا رَدَّهَا مَعَ عَبْدِ رَبِّهَا أَوْ أَجِيرِهِ؛ لِأَنَّ الْمَالِكَ يَرْضَى بِهِ أَلَا يُرَى أَنَّهُ لَوْ رَدَّهَا إلَيْهِ فَهُوَ يَرُدُّهَا إلَى عَبْدِهِ وَقِيلَ: هَذَا فِي الْعَبْدِ الَّذِي يَقُومُ عَلَى الدَّوَابِّ وَقِيلَ فِيهِ وَفِي غَيْرِهِ وَهُوَ الْأَصَحُّ وَإِنْ رَدَّهَا مَعَ أَجْنَبِيٍّ ضَمِنَ وَدَلَّتْ الْمَسْأَلَةُ عَلَى أَنَّ الْمُسْتَعِيرَ لَا يَمْلِكُ الْإِيدَاعَ قَصْدًا كَمَا قَالَ بَعْضُ الْمَشَايِخِ وَقَالَ بَعْضُهُمْ: يَمْلِكُهُ؛ لِأَنَّهُ دُونَ الْإِعَارَةِ وَأَوَّلُوا هَذِهِ الْمَسْأَلَةَ بِانْتِهَاءِ الْإِعَارَةِ لِانْقِضَاءِ الْمُدَّةِ فَصَارَ مُودَعًا أَمِينًا عَنْهُ وَالْمُودَعُ لَا يَمْلِكُ الْإِيدَاعَ. وَلَوْ اسْتَعَارَ دَابَّةً إلَى الْحِيرَةِ فَجَاوَزَ بِهَا إلَى الْقَادِسِيَّةِ ثُمَّ رَدَّهَا إلَى الْحِيرَةِ فَنَفَقَتْ فَهُوَ ضَامِنٌ، هَذِهِ الْجُمْلَةُ مِنْ الْهِدَايَةِ إلَّا أَنَّ الْأَخِيرَةَ مِنْ الْإِجَارَةِ مِنْهَا. اسْتَعَارَ دَابَّةً لِلْحِمْلِ لَهُ أَنْ يُعِيرَ غَيْرَهُ؛ لِأَنَّ النَّاسَ لَا يَتَفَاوَتُونَ فِي الْحِمْلِ. وَلَوْ اسْتَعَارَهَا لِلرُّكُوبِ وَلَمْ يُعَيِّنْ الرَّاكِبَ كَانَ لَهُ أَنْ يُعِيرَهَا غَيْرَهُ قَبْلَ أَنْ يَرْكَبَ لَا بَعْدَهُ وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَرْكَبَ بَعْدَمَا رَكِبَ غَيْرُهُ فَإِنْ رَكِبَ نَصَّ الْبَزْدَوِيِّ أَنَّهُ يَضْمَنُ وَذَكَرَ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ وَخُوَاهَرْ زَادَهْ أَنَّهُ لَا يَضْمَنُ وَلَوْ اسْتَعَارَهَا لِيَرْكَبَهَا هُوَ لَا يُعِيرُ غَيْرَهُ مِنْ الصُّغْرَى. وَلَوْ رَدَّهَا إلَى أَحَدٍ مِمَّنْ فِي عِيَالِ الْمُعِيرِ فَضَاعَتْ لَا يَضْمَنُ وَكَذَا لَوْ رَدَّهَا إلَى مَرْبِطِهِ أَوْ إلَى مَنْزِلِهِ لَا يَضْمَنُ؛ لِأَنَّ هَذِهِ الْأَشْيَاءَ فِي يَدِهِ حُكْمًا فَحَصَلَ الرَّدُّ إلَى الْمَالِكِ مَعْنًى. اسْتَعَارَهَا لِيَرْكَبَهَا فَرَكِبَ وَأَرْكَبَ غَيْرَهُ فَعَطِبَتْ ضَمِنَ قِيمَتَهَا. اسْتَعَارَهَا لِيَحْمِلَ عَلَيْهَا عَشَرَةَ مَخَاتِيمَ حِنْطَةٍ فَحَمَلَ عَلَيْهَا خَمْسَةَ عَشَرَ مَخْتُومًا فَهَلَكَتْ الدَّابَّةُ يَضْمَنُ ثُلُثَ قِيمَتِهَا وَهَذَا بِخِلَافِ مَا إذَا اسْتَعَارَهَا لِيَطْحَنَ بِهَا الجزء: 1 ¦ الصفحة: 57 عَشَرَةَ مَخَاتِيمَ وَطَحَنَ أَحَدَ عَشَرَ فَعَطِبَتْ فَإِنَّهُ يَضْمَنُ جَمِيعَ قِيمَتِهَا وَالْفَرْقُ أَنَّ فِي الطَّحْنِ التَّلَفَ حَصَلَ مِنْ الْمَخْتُومِ الْحَادِيَ عَشَرَ لِأَنَّهَا فَرَغَتْ مِنْ طَحْنِ عَشَرَةٍ وَلَمْ يَتَّصِلْ بِهَا التَّلَفُ وَإِنَّمَا اتَّصَلَ بِالْحَادِيَ عَشَرَ وَهُوَ بِغَيْرِ إذْنِ صَاحِبِهَا وَفِي الْحِمْلِ التَّلَفُ حَصَلَ بِحِمْلِ الْكُلِّ؛ لِأَنَّ حِمْلَ الْكُلِّ وُجِدَ جُمْلَةً فَكَانَ التَّلَفُ مُضَافًا إلَى الْكُلِّ. اسْتَعَارَهَا إلَى مَوْضِعٍ فَرَكِبَهَا إلَى الْفُرَاتِ لِيَسْقِيَهَا وَجِهَةُ الْمَوْضِعِ مِنْ غَيْرِ جِهَةِ الْفُرَاتِ ضَمِنَ كَمَا لَوْ أَخْرَجَهَا لِلسَّقْيِ. هَلَكَتْ فِي يَدِ الْمُسْتَعِيرِ ثُمَّ اُسْتُحِقَّتْ لِلْمَالِكِ أَنْ يُضَمِّنَ أَيَّهمَا شَاءَ وَلَا يَرْجِعُ أَحَدُهُمَا عَلَى صَاحِبِهِ. رَجُلٌ طَلَبَ مِنْ رَجُلٍ ثَوْرًا عَارِيَّةً فَقَالَ لَهُ الْمُعِيرُ: أُعْطِيكَ غَدًا فَجَاءَ الْمُسْتَعِيرُ فِي الْغَدِ وَأَخَذَهُ بِغَيْرِ إذْنِ صَاحِبِهِ وَمَاتَ فِي يَدِهِ ضَمِنَ وَلَوْ رَدَّهُ فَمَاتَ عِنْدَهُ لَا يَضْمَنُ مِنْ الْخُلَاصَةِ وَفِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ قَالَ إبْرَاهِيمُ بْنُ يُوسُفَ فِيمَنْ اسْتَعَارَ مِنْ آخَرَ ثَوْرًا غَدًا فَأَجَابَهُ بِنَعَمْ فَجَاءَ الْمُسْتَعِيرُ غَدًا وَلَمْ يَجِدْ صَاحِبَ الثَّوْرِ فَأَخَذَ الثَّوْرَ مِنْ بَيْتِهِ وَاسْتَعْمَلَهُ فَعَطِبَ لَا يَكُونُ ضَامِنًا وَالْفَرْقُ بَيْنَهَا وَبَيْنَ الْمَسْأَلَةِ السَّابِقَةِ أَنَّ الْمُسْتَعِيرَ هُنَا أَخَذَ الثَّوْرَ مِنْ بَيْتِهِ غَدًا وَكَانَ صَاحِبُ الثَّوْرِ أَجَابَهُ بِنَعَمْ غَدًا وَثَمَّةَ قَالَ صَاحِبُ الثَّوْرِ: أُعْطِيكَ غَدًا فَهُوَ وَعَدَ لَهُ الْإِعْطَاءَ وَمَا أَعَارَهُ اهـ. اسْتَعَارَ دَابَّةً لِيُشَيِّعَ جِنَازَةً فَلَمَّا نَزَلَ لِصَلَاةِ الْجِنَازَةِ دَفَعَهَا إلَى رَجُلٍ لِيُصَلِّيَ لَمْ يَضْمَنْ وَصَارَ الْحِفْظُ بِنَفْسِهِ فِي هَذَا الْوَقْتِ مُسْتَثْنًى. نَزَلَ عَنْ الدَّابَّةِ لِصَلَاةٍ فِي الصَّحْرَاءِ وَأَمْسَكَهَا فَانْفَلَتَتْ لَمْ يَضْمَنْ إذَا لَمْ يُغَيِّبْهَا عَنْ بَصَرِهِ. اسْتَعَارَ دَابَّةً فَحَضَرَتْ الصَّلَاةُ فَدَفَعَهَا إلَى رَجُلٍ لِيُمْسِكَهَا حَتَّى يُصَلِّيَ ضَمِنَ لَوْ شَرَطَ رُكُوبَ نَفْسِهِ وَإِلَّا فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ فُصُولَيْنِ. إذَا كَانَ الرَّجُلُ عَلَى دَابَّةٍ بِإِعَارَةٍ فَنَزَلَ عَنْهَا فِي السِّكَّةِ وَدَخَلَ الْمَسْجِدَ لِيُصَلِّي فَخَلَّى عَنْهَا فَهَلَكَتْ فَهُوَ ضَامِنٌ سَوَاءٌ رَبَطَهَا أَوْ لَمْ يَرْبِطْ؛ لِأَنَّهُ لَمَّا غَيَّبَهَا عَنْ بَصَرِهِ فَقَدْ ضَيَّعَهَا حَتَّى لَوْ تَصَوَّرَ أَنَّهُ إذَا دَخَلَ الْمَسْجِدَ لَا تَغِيبُ عَنْ بَصَرِهِ لَا يَجِبُ الضَّمَانُ وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى مِنْ مُشْتَمِلِ الْهِدَايَةِ قَالَ فِي الْفُصُولَيْنِ: وَعَلَى هَذَا أَنَّهُ لَوْ دَخَلَ بَيْتَهُ وَتَرَكَهَا فِي السِّكَّةِ ضَمِنَ رَبَطَهَا أَوْ لَمْ يَرْبِطْ إذْ غَيَّبَهَا عَنْ بَصَرِهِ فَلَوْ تُصُوِّرَ أَنَّهُ إذَا دَخَلَ الْبَيْتَ لَا تَغِيبُ عَنْ بَصَرِهِ لَا يَضْمَنُ وَبِهِ يُفْتَى اهـ. وَفِي الْخُلَاصَةِ لَوْ نَزَلَ عَنْ الدَّابَّةِ وَدَخَلَ الْمَسْجِدَ وَتَرَكَهَا فِي سِكَّةٍ يَضْمَنُ إذَا هَلَكَتْ وَقِيلَ: لَوْ رَبَطَهَا ثُمَّ دَخَلَ لَا يَضْمَنُ وَالْأَصَحُّ أَنَّهُ يَضْمَنُ ذَكَرَهُ الْإِمَامُ السَّرَخْسِيُّ فِي نُسْخَتِهِ اهـ. اسْتَعَارَ فَرَسًا حَامِلًا لِيَرْكَبَهَا إلَى مَوْضِعِ كَذَا فَرَكِبَهَا فَأَرْدَفَ مَعَهُ آخَرُ فَأَسْقَطَتْ جَنِينًا فَلَا ضَمَانَ عَلَى الْمُسْتَعِيرِ لِلْجَنِينِ وَلَكِنْ إذَا نَقَصَتْ الْأُمُّ بِسَبَبِ ذَلِكَ فَعَلَيْهِ نِصْفُ النُّقْصَانِ وَهَذَا إذَا كَانَ الْفَرَسُ بِحَالٍ يُمْكِنُ أَنْ يَرْكَبَهُ اثْنَانِ فَأَمَّا إذَا كَانَ لَا يُمْكِنُ فَهُوَ إتْلَافٌ فَيَضْمَنُ الْمُسْتَعِيرُ جَمِيعَ النُّقْصَانِ وَلَوْ اسْتَعَارَ دَابَّةً وَفِي بَطْنِهَا وَلَدٌ فَزَلَقَتْ مِنْ غَيْرِ صُنْعِهِ وَأَسْقَطَتْ الْوَلَدَ لَا يَضْمَنُ الْمُسْتَعِيرُ وَلَوْ كَبَحَهَا بِاللِّجَامِ أَوْ فَقَأَ عَيْنَهَا يَضْمَنُ. اسْتَعَارَ ثَوْرًا يُسَاوِي خَمْسِينَ لِيَسْتَعْمِلَهُ فَقَرَنَهُ مَعَ ثَوْرٍ يُسَاوِي مِائَةً فَعَطِبَ الثَّوْرُ الْعَارِيَّةُ إنْ كَانَ النَّاسُ يَفْعَلُونَ مِثْلَ ذَلِكَ لَا يَضْمَنُ وَإِلَّا ضَمِنَ. إذَا رَبَطَ الْحِمَارَ الْمُسْتَعَارَ بِحَبْلٍ فَاخْتَنَقَ لَا يَضْمَنُ. اسْتَعَارَ دَابَّةً إلَى مَوْضِعٍ فَسَلَكَ طَرِيقًا لَيْسَ بِمَسْلُوكٍ ضَمِنَ إنْ عَطِبَ وَلَوْ عَيَّنَ طَرِيقًا فَسَلَكَ طَرِيقًا إنْ كَانَا سَوَاءً لَا يَضْمَنُ وَإِنْ كَانَ أَبْعَدَ أَوْ غَيْرَ مَسْلُوكٍ ضَمِنَ وَكَذَا إنْ كَانَا مُتَفَاوِتَيْنِ فِي الجزء: 1 ¦ الصفحة: 58 الْأَمْنِ. إذَا جَعَلَ الدَّابَّةَ الْمُسْتَعَارَةَ فِي الْمَرْبِطِ وَجَعَلَ عَلَى الْبَابِ خَشَبًا كَيْ لَا يَخْرُجَ الْحِمَارُ فَسُرِقَ إنْ اسْتَوْثَقَ بِوَثِيقَةٍ لَا يَقْدِرُ الْحِمَارُ عَلَى الذَّهَابِ لَا ضَمَانَ عَلَيْهِ. اسْتَعَارَ دَابَّةً مِنْ رَجُلٍ وَأَرْسَلَ آخَرَ لِيَقْبِضَهَا مِنْ الْمُعِيرِ فَرَكِبَهَا الْمَبْعُوثُ فِي الطَّرِيقِ فَهَلَكَتْ يَضْمَنُ الْمَبْعُوثُ وَلَا يَرْجِعُ عَلَى الْآخَرِ إذْ لَمْ يَكُنْ مَأْمُورًا مِنْ جِهَتِهِ وَهَذَا إذَا كَانَتْ تَنْقَادُ مِنْ غَيْرِ رُكُوبٍ وَإِنْ كَانَتْ لَا تَنْقَادُ إلَّا بِالرُّكُوبِ لَا يَضْمَنُ؛ لِأَنَّ الْمَالِكَ رَضِيَ بِرُكُوبِهَا حِينَ دَفَعَهَا إلَيْهِ ذَكَرَهُ فِي الْبَزَّازِيَّةِ. اسْتَعَارَ دَابَّةً وَبَعَثَ غُلَامَهُ إلَى الْمِصْرِ لِيَأْتِيَ بِهَا إلَيْهِ فَأَخَذَهَا الْغُلَامُ مِنْ الْمُعِيرِ لِيَأْتِيَ بِهَا إلَى مَوْلَاهُ فَعَمِلَ الْغُلَامُ بِالدَّابَّةِ قَبْلَ أَنْ يَأْتِيَ بِهَا إلَيْهِ فَهَلَكَتْ مِنْ عَمَلِهِ يَضْمَنُ الْعَبْدُ وَيَكُونُ فِي رَقَبَتِهِ يُبَاعُ فِيهِ فِي الْحَالِ. رَجُلٌ جَاءَ إلَى الْمُسْتَعِيرِ وَقَالَ: إنِّي اسْتَعَرْتُ الدَّابَّةَ الَّتِي هِيَ عِنْدَك مِنْ فُلَانٍ مَالِكِهَا فَأَمَرَنِي أَنْ أَقْبِضَهَا مِنْك فَصَدَّقَهُ وَدَفَعَهَا إلَيْهِ فَهَلَكَتْ عِنْدَهُ ثُمَّ أَنْكَرَ الْمُعِيرُ أَنْ يَكُونَ أَمَرَهُ بِذَلِكَ فَالْمُسْتَعِيرُ ضَامِنٌ وَلَا يَرْجِعُ عَلَى الَّذِي قَبَضَهَا مِنْهُ؛ لِأَنَّهُ صَدَّقَهُ فَإِنْ كَانَ كَذَّبَهُ أَوْ لَمْ يُصَدِّقْهُ وَلَمْ يُكَذِّبْهُ أَوْ صَدَّقَهُ وَشَرَطَ عَلَيْهِ الضَّمَانَ فَإِنَّهُ يَرْجِعُ مِنْ مُشْتَمِلِ الْهِدَايَةِ. اسْتَعَارَ دَابَّةً لِيَحْمِلَ عَلَيْهَا بُرًّا فَبَعَثَهَا مَعَ وَكِيلِهِ لِيَحْمِلَ الْبُرَّ عَلَيْهَا فَحَمَلَ الْوَكِيلُ بُرَّ نَفْسِهِ لَمْ يَضْمَنْ كَمَا فِي الصُّغْرَى وَالْفُصُولَيْنِ وَهَذَا عَجِيبٌ. رَجُلٌ أَرْسَلَ إلَى رَجُلٍ رَسُولًا لِيَسْتَعِيرَ دَابَّتَهُ إلَى الْحِيرَةِ فَقَالَ الرَّسُولُ: إنَّ فُلَانًا يَسْتَعِيرُ مِنْك الدَّابَّةَ إلَى الْمَدِينَةِ فَرَكِبَهَا الْمُسْتَعِيرُ وَبَدَا لَهُ أَنْ يَذْهَبَ إلَى الْمَدِينَةِ وَلَا يَشْعُرُ بِمَا قَالَ الرَّسُولُ لَمْ يَضْمَنْ وَلَوْ ذَهَبَ إلَى الْحِيرَةِ يَضْمَنُ وَلَا يَرْجِعُ عَلَى الرَّسُولِ بِمَا أَدَّى وَكَذَا الْإِجَارَةُ مِنْ الْخُلَاصَةِ. وَفِيهَا إذَا تَرَكَ الْمُسْتَعَارَ فِي الْمَسْرَحِ يَرْعَى إنْ كَانَتْ الْعَادَةُ هَكَذَا لَا يَضْمَنُ وَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ أَوْ كَانَتْ الْعَادَةُ مُشْتَرَكَةً يَضْمَنُ وَلَوْ جَعَلَهُ فِي الْقَرْيَةِ وَلَيْسَ لِلْقَرْيَةِ بَابٌ مَفْتُوحٌ لَا يَضْمَنُ إنْ نَامَ سَوَاءٌ نَامَ قَاعِدًا أَوْ مُضْطَجِعًا اهـ. أَرْسَلَهُ لِيَسْتَعِيرَ دَابَّةً إلَى دِرْغَمٍ فَقَالَ الرَّسُولُ لِرَبِّهَا: إنَّ فُلَانًا يَقُولُ لَك: أَعِرْنِي دَابَّتَك إلَى سريل ثُمَّ بَدَا لَهُ أَنْ يَرْكَبَ إلَى سريل وَهُوَ لَا يَشْعُرُ بِمَا فَعَلَ رَسُولُهُ فَرَكِبَهَا إلَى سريل لَمْ يَضْمَنْ وَلَوْ رَكِبَهَا إلَى دِرْغَمٍ ضَمِنَ وَلَا يَرْجِعُ عَلَى الرَّسُولِ بِمَا ضَمِنَ. لَوْ تَرَكَ الْمُسْتَعِيرُ الثَّوْرَ فِي الْمَسْرَحِ فَهَلَكَ لَوْ عَلِمَ أَنَّ الْمُعِيرَ يَرْضَى بِكَوْنِهِ فِي الْمَسْرَحِ وَحْدَهُ كَعَادَةِ بَعْضِ أَهْلِ الرَّسَاتِيقِ لَمْ يَضْمَنْ وَلَوْ لَمْ يَعْلَمْ بِأَنْ كَانَتْ الْعَادَةُ مُشْتَرَكَةً ضَمِنَ. تَرَكَ الثَّوْرَ فِي الْجَبَّانَةِ ضَمِنَ وَلَوْ كَانَتْ الْجَبَّانَةُ مَسْرَحَ هَذَا الثَّوْرِ لِلْمُعِيرِ وَكَانَ يَرْضَى بِكَوْنِهِ فِيهَا يَرْعَى وَحْدَهُ لَمْ يَضْمَنْ. رَدَّهُ الْمُسْتَعِيرُ إلَى بَقَّارٍ فِي مَرْعًى كَانَ الْمُعِيرُ يَرْعَاهُ فِيهِ وَيَرْضَى بِكَوْنِهِ فِيهِ وَحْدَهُ بِلَا حَافِظٍ لَمْ يَضْمَنْ. اسْتَعَارَ ثَوْرًا وَاسْتَعْمَلَهُ وَفَرَغَ وَلَمْ يَحُلَّ حَبْلَهُ فَذَهَبَ إلَى الْمَسْرَحِ فَاخْتَنَقَ بِهِ ضَمِنَ. اسْتَعَارَ دَابَّةً إلَى مَكَانٍ فَفِي أَيِّ طَرِيقٍ ذَهَبَ لَمْ يَضْمَنْ بَعْدَ أَنْ كَانَ طَرِيقًا يَسْلُكُهُ النَّاسُ وَلَوْ كَانَ طَرِيقًا لَا يَسْلُكُهُ النَّاسُ إلَى ذَلِكَ الْمَكَانِ ضَمِنَ إذْ مُطْلَقُ الْإِذْنِ يَنْصَرِفُ إلَى الْمُتَعَارَفِ مِنْ الْفُصُولَيْنِ. وَفِي الْخُلَاصَةِ اسْتَعَارَ دَابَّةً إلَى مَوْضِعِ كَذَا وَسَلَكَ طَرِيقًا لَيْسَ بِجَادَّةٍ يَضْمَنُ إنْ ضَاعَتْ أَوْ عَطِبَتْ وَلَوْ عَيَّنَ طَرِيقًا فَسَلَكَ طَرِيقًا آخَرَ إنْ كَانَا سَوَاءً لَا يَضْمَنُ وَإِنْ كَانَ أَبْعَدَ أَوْ غَيْرَ مَسْلُوكٍ يَضْمَنُ. بَعَثَ أَجِيرَهُ لِيَسْتَعِيرَ دَابَّةً فَأَعَارَهَا وَعَلَيْهَا مِسْحٌ فَسَقَطَ لَوْ سَقَطَ مِنْ عُنْفِ سَيْرِ الْأَجِيرِ ضَمِنَ الْأَجِيرُ خَاصَّةً اهـ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 59 قَالَ قَاضِي خَانْ: وَإِنْ لَمْ يُعَنِّفْ الدَّابَّةَ لَا يَكُونُ ضَامِنًا اهـ. اسْتَعَارَ دَابَّةً وَبَعَثَ قِنَّهُ لِيَأْتِيَ بِهَا فَرَكِبَهَا قِنُّهُ فَهَلَكَتْ بِهِ ضَمِنَ الْقِنُّ وَيُبَاعُ فِيهِ فِي الْحَالِ. لَوْ جَاءَ خَادِمُ الْمُعِيرِ فَدَفَعَ إلَيْهِ الْمُسْتَعِيرُ ثُمَّ أَنْكَرَ الْمُعِيرُ الْأَمْرَ لَمْ يَضْمَنْ إذْ الرَّدُّ عَلَى خَادِمِ الْمُعِيرِ كَالرَّدِّ عَلَى الْمُعِيرِ. اسْتَعَارَ دَابَّةً إلَى اللَّيْلِ وَتَلِفَتْ قَبْلَ اللَّيْلِ لَا يَضْمَنُ وَلَوْ تَلِفَتْ فِي الْيَوْمِ الثَّانِي قَالَ فِي الْكِتَابِ: ضَمِنَ قَالَ بَعْضُهُمْ: إنَّمَا يَضْمَنُ إنْ انْتَفَعَ بِهَا فِي الْيَوْمِ الثَّانِي حَتَّى يَصِيرَ غَاصِبًا وَإِلَّا فَلَا يَضْمَنُ وَقَالَ بَعْضُهُمْ ضَمِنَ عَلَى كُلِّ حَالٍ وَإِطْلَاقُ مُحَمَّدٍ يَدُلُّ عَلَيْهِ وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى. اسْتَعَارَ دَابَّةً وَعَيَّنَ جِهَةَ الِانْتِفَاعِ ثُمَّ خَالَفَ فَهُوَ عَلَى ثَلَاثَةِ أَوْجُهٍ: أَنْ يُخَالِفَ فِي الْمَعْنَى مَعَ اتِّحَادِ الْجِنْسِ، أَوْ يُخَالِفَ فِي الْجِنْسِ، أَوْ يُخَالِفَ فِي الْقَدْرِ. أَمَّا الْأَوَّلُ: وَهُوَ الْمُخَالَفَةُ فِي الْمَعْنَى مَعَ اتِّحَادِ الْجِنْسِ بِأَنْ اسْتَعَارَ دَابَّةً لِيَحْمِلَ عَلَيْهَا عَشَرَةَ مَخَاتِيمَ مِنْ هَذَا الْبُرِّ فَحَمَلَ عَلَيْهَا عَشَرَةَ مَخَاتِيمَ مِنْ بُرٍّ آخَرَ لَمْ يَضْمَنْ وَكَذَا لَوْ اسْتَعَارَهَا لِيَحْمِلَ عَلَيْهَا مِنْ بُرِّهِ فَحَمَلَ عَلَيْهَا مِثْلَهُ مِنْ بُرِّ غَيْرِهِ؛ لِأَنَّ مِثْلَ هَذَا التَّقْيِيدِ غَيْرُ مُفِيدٍ. وَأَمَّا الثَّانِي: وَهُوَ الْمُخَالَفَةُ فِي الْجِنْسِ بِأَنْ اسْتَعَارَ دَابَّةً لِيَحْمِلَ عَلَيْهَا عَشَرَةَ أَقْفِزَةِ بُرٍّ فَحَمَلَ عَشَرَةَ أَقْفِزَةِ شَعِيرٍ يَضْمَنُ قِيَاسًا إذْ خَالَفَ فِي الْجِنْسِ لَا اسْتِحْسَانًا؛ لِأَنَّهُ أَخَفُّ فَخَالَفَ إلَى خَيْرٍ حَتَّى لَوْ سَمَّى مِقْدَارًا مِنْ الْبُرِّ وَزْنًا فَحَمَلَ عَلَيْهَا مِثْلَ ذَلِكَ الْوَزْنِ مِنْ الشَّعِيرِ ضَمِنَ إذْ يَأْخُذُ مِنْ ظَهْرِ الدَّابَّةِ أَكْثَرَ مِمَّا يَأْخُذُ الْبُرُّ وَكَذَا لَوْ اسْتَعَارَهَا لِيَحْمِلَ عَلَيْهَا بُرًّا فَحَمَلَ حَطَبًا أَوْ قُطْنًا أَوْ تِبْنًا بِذَلِكَ الْوَزْنِ ضَمِنَ لِمَا مَرَّ وَكَذَا لَوْ حَمَلَ حَدِيدًا أَوْ آجُرًّا أَوْ حِجَارَةً بِوَزْنِ الْبُرِّ ضَمِنَ؛ لِأَنَّهُ مِمَّا يَدُقُّ ظَهْرَهَا فَيَكُونُ أَضَرَّ. وَأَمَّا الثَّالِثُ: وَهُوَ الْمُخَالَفَةُ فِي الْقَدْرِ بِأَنْ اسْتَعَارَهَا لِيَحْمِلَ عَلَيْهَا عَشَرَةَ مَخَاتِيمَ بُرٍّ فَحَمَلَ خَمْسَةَ عَشَرَ مَخْتُومًا فَلَوْ عَلِمَ أَنَّهَا لَا تُطِيقُ حَمْلَ هَذَا الْقَدْرِ ضَمِنَ كُلَّ قِيمَتِهَا لِلْإِتْلَافِ وَلَوْ عَلِمَ أَنَّهَا تُطِيقُ ضَمِنَ ثُلُثَهَا تَوْزِيعًا لِلضَّمَانِ عَلَى قَدْرِ مَا أُذِنَ وَغَيْرِهِ مِنْ الْفُصُولَيْنِ. وَفِي الْخُلَاصَةِ لَوْ كَانَتْ الْعَارِيَّةُ مُقَيَّدَةً فِي الْحِمْلِ مُطْلَقَةً فِي غَيْرِهِ فَحُكْمُهَا حُكْمُ الْعَارِيَّةِ الْمُطْلَقَةِ إلَّا فِي الْحِمْلِ نَحْوُ أَنْ يُعِيرَ دَابَّةً عَلَى أَنْ يَحْمِلَ عَلَيْهَا عَشَرَةَ مَخَاتِيمَ حِنْطَةٍ فَحَمَلَ عَلَيْهَا آجُرًّا أَوْ حَدِيدًا مِثْلَ وَزْنِ الْحِنْطَةِ يَضْمَنُ وَلَوْ حَمَلَ عَلَيْهَا عَشَرَةَ مَخَاتِيمَ شَعِيرًا أَوْ دُخْنًا أَوْ أُرْزًا إلَّا أَنَّهُ مِثْلُ وَزْنِ الْحِنْطَةِ ذَكَرَ الْإِمَامُ السَّرَخْسِيُّ أَنَّهُ يَضْمَنُ وَذَكَرَ الْإِمَامُ خُوَاهَرْ زَادَهْ أَنَّهُ لَا يَضْمَنُ وَهُوَ الْأَصَحُّ. وَلَوْ اسْتَعَارَ دَابَّةً لِيَحْمِلَ عَلَيْهَا عَشَرَةَ مَخَاتِيمَ حِنْطَةٍ فَحَمَلَ شَعِيرًا فَعَطِبَتْ يَضْمَنُ قِيمَتَهَا وَحُكْمُ الْإِجَارَةِ حُكْمُ الْعَارِيَّةِ وَلَوْ زَادَ فِي الْقَدْرِ فَذَكَرْنَا فِي كِتَابِ الْإِجَارَةِ قَالَ الْمُصَنِّفُ وَالْإِمَامُ السَّرَخْسِيُّ فِي نُسْخَتِهِ ذَكَرَ الْمَسْأَلَةَ عَلَى أَرْبَعَةِ أَوْجُهٍ: أَحَدُهَا أَنْ يَحْمِلَ عَلَيْهَا غَيْرَ مَا عَيَّنَهُ الْمَالِكُ لَكِنْ هُوَ مِثْلُ مَا عَيَّنَهُ فِي الْقَدْرِ بِأَنْ عَيَّنَ حِنْطَتَهُ فَحَمَلَ حِنْطَةَ غَيْرِهِ لَا يَضْمَنُ. وَالثَّانِي: أَنْ يُخَالِفَ فِي الْجِنْسِ بِأَنْ اسْتَعَارَ لِيَحْمِلَ عَلَيْهَا عَشَرَةَ مَخَاتِيمَ حِنْطَةٍ فَحَمَلَ عَلَيْهَا عَشَرَةَ مَخَاتِيمَ شَعِيرًا لَا يَضْمَنُ اسْتِحْسَانًا أَمَّا لَوْ سَمَّى قَدْرًا مِنْ الْحِنْطَةِ وَزْنًا فَحَمَلَ مِثْلَ ذَلِكَ الْوَزْنِ مِنْ الشَّعِيرِ يَضْمَنُ. وَالثَّالِثُ: أَنْ يُسَمِّيَ حِنْطَةً فَحَمَلَ عَلَيْهَا آجُرًّا مِثْلَ وَزْنِ الْحِنْطَةِ يَضْمَنُ وَكَذَا لَوْ حَمَلَ مِثْلَ وَزْنِ الْحِنْطَةِ تِبْنًا. وَالرَّابِعُ: أَنْ يُخَالِفَ فِي الْقَدْرِ بِأَنْ سَمَّى عَشَرَةَ مَخَاتِيمَ فَحَمَلَ خَمْسَةَ عَشَرَ يَضْمَنُ اهـ. اسْتَعَارَ ثَوْرًا لِيَكْرِبَ أَرْضَهُ وَعَيَّنَ الْأَرْضَ وَكَرَبَ أَرْضًا أُخْرَى فَعَطِبَ الثَّوْرُ يَضْمَنُ؛ لِأَنَّ الْأَرَاضِيَ تَخْتَلِفُ فِي الْكَرْبِ سُهُولَةً الجزء: 1 ¦ الصفحة: 60 وَصُعُوبَةً بِمَنْزِلَةِ مَنْ اسْتَعَارَ دَابَّةً لِيَذْهَبَ إلَى مَكَان مَعْلُومٍ فَذَهَبَ إلَى مَكَان آخَرَ بِتِلْكَ الْمَسَافَةِ كَانَ ضَامِنًا وَكَذَا لَوْ أَمْسَكَ الثَّوْرَ فِي بَيْتِهِ وَلَمْ يَكْرِبْ حَتَّى عَطِبَ لِعَدَمِ الرِّضَا مِنْ الْمَالِكِ بِالْإِمْسَاكِ كَذَا فِي الصُّغْرَى وَمُشْتَمِلِ الْهِدَايَةِ قَالَ صَاحِبُ الْفُصُولَيْنِ: أَقُولُ: يَنْبَغِي أَنْ لَا يَضْمَنَ لَوْ كَرَبَ مِثْلَ الْمُعَيَّنَةِ أَوْ أَرْخَى مِنْهَا كَمَا لَوْ اسْتَأْجَرَ دَابَّةً لِلْحَمْلِ وَسَمَّى نَوْعًا فَخَالَفَ لَا يَضْمَنُ لَوْ حَمَلَ مِثْلَ الْمُسَمَّى فِي الضَّرَرِ أَوْ أَخَفَّ مِنْهُ كَمَا لَوْ سَمَّى كُرَّ بُرٍّ فَحَمَلَ كُرَّ شَعِيرٍ أَوْ سِمْسِمٍ وَكَمَا لَوْ عَيَّنَ طَرِيقًا ثُمَّ سَلَكَ طَرِيقًا آخَرَ قُلْتُ: وَلِكَلَامِهِ وَجْهٌ وَلَكِنْ لَمْ يُنْقَلْ عَنْ السَّلَفِ. اسْتَعَارَ دَابَّةً ثُمَّ نَامَ فِي الْمَفَازَةِ وَالْمِقْوَدُ فِي يَدِهِ فَقَطَعَ إنْسَانٌ الْمِقْوَدَ وَذَهَبَ بِالدَّابَّةِ لَمْ يَضْمَنْ وَلَوْ مَدَّ الْمِقْوَدَ مِنْ يَدِهِ وَأَخَذَ الدَّابَّةَ وَهُوَ لَمْ يَشْعُرْ يَضْمَنُ وَقَالَ الصَّدْرُ الشَّهِيدُ: إنْ نَامَ جَالِسًا لَمْ يَضْمَنْ وَإِنْ نَامَ مُضْطَجِعًا ضَمِنَ كَمَا فِي الْخُلَاصَةِ وَالْوَجِيزِ قَالَ فِي الْبَزَّازِيَّةِ: وَهَذَا لَا يُنَاقِضُ مَا مَرَّ مِنْ أَنَّ نَوْمَ الْمُضْطَجِعِ فِي السَّفَرِ لَيْسَ بِتَرْكٍ لِلْحِفْظِ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ فِي نَفْسِ النَّوْمِ وَهَذَا فِي أَمْرٍ زَائِدٍ عَلَى النَّوْمِ. وَفِي الْفُصُولَيْنِ لَوْ نَامَ مُضْطَجِعًا فِي الْحَضَرِ ضَمِنَ وَإِلَّا فَلَا يَضْمَنُ اهـ. طَلَبَهَا فَقَالَ الْمُسْتَعِيرُ: نَعَمْ ادْفَعْ فَتَرَكَهُ وَفَرَّطَ فِي الدَّفْعِ حَتَّى سُرِقَتْ فَإِنْ كَانَ الْمُسْتَعِيرُ عَاجِزًا عَنْ الرَّدِّ عِنْدَ الطَّلَبِ لَمْ يَضْمَنْ وَإِنْ كَانَ قَادِرًا فَإِنْ نَصَّ الْمُعِيرُ عَلَى السُّخْطِ يَضْمَنُ كَذَا فِي مُشْتَمِلِ الْهِدَايَةِ. وَفِي الْفُصُولَيْنِ وَإِنْ لَمْ يُظْهِرْ لَا رِضًا وَلَا سُخْطًا يَضْمَنُ أَيْضًا وَوَجْهُهُ أَنَّ الرِّضَا لَا يَثْبُتُ بِالشَّكِّ وَإِنْ صَرَّحَ بِالرِّضَا لَا يَضْمَنُ ذَكَرَهُ قَاضِي خَانْ. نَامَ وَتَرَكَهَا نَاسِيًا ضَمِنَ. اسْتَعَارَ دَابَّةً إلَى مَوْضِعِ كَذَا فَلَهُ أَنْ يَذْهَبَ وَيَجِيءَ عَلَيْهَا فَإِنْ لَمْ يُسَمِّ مَوْضِعًا لَيْسَ لَهُ أَنْ يَخْرُجَ بِهَا مِنْ الْمِصْرِ مِنْ مُشْتَمِلِ الْهِدَايَةِ ثُمَّ لَوْ خَرَجَ بِهَا مِنْ الْمِصْرِ ضَمِنَ اسْتَعْمَلَهَا أَوْ لَمْ يَسْتَعْمِلْهَا لِأَنَّهَا بِمُجَرَّدِ الْخُرُوجِ تَصِيرُ عُرْضَةً لِلتَّلَفِ فَيَكُونُ إخْرَاجُهَا تَضْيِيعًا مَعْنًى مِنْ الْفُصُولَيْنِ. عَبْدٌ مَحْجُورٌ اسْتَعَارَ مِنْ مِثْلِهِ دَابَّةً وَهَلَكَتْ تَحْتَهُ ثُمَّ اُسْتُحِقَّتْ أَوْ كَانَتْ لِمَوْلَى الْمُعِيرِ لَهُ أَنْ يُضَمِّنَ الرَّاكِبَ وَلَيْسَ لِمَوْلَاهُ أَنْ يَرْجِعَ عَلَى الْمُعِيرِ وَإِنْ ضَمَّنَ الْمُسْتَحِقُّ الْمُعِيرَ يَرْجِعُ مَوْلَاهُ فِي رَقَبَةِ الرَّاكِبِ مِنْ الْوَجِيزِ. لِلْمُسْتَعِيرِ أَنْ يَرْكَبَ دَابَّةَ الْعَارِيَّةِ فِي الرُّجُوعِ. لَوْ ذَهَبَ إلَى مَكَان آخَرَ لَا إلَى الْمُسَمَّى ضَمِنَ وَلَوْ أَقْصَرَ وَكَذَا لَوْ أَمْسَكَهَا فِي بَيْتِهِ وَلَمْ يَذْهَبْ إلَى الْمُسَمَّى ضَمِنَ وَالْمُكْثُ الْمُعْتَادُ عَفْوٌ وَهَذَا بِخِلَافِ مَا لَوْ اسْتَعَارَهَا لِيَحْمِلَ بُرًّا فَحَمَلَ الْأَخَفَّ فَإِنَّهُ لَا يَضْمَنُ أُخْرَى بعاريت داد وَكَفَتْ كه زيادت أزجها رروزمدا رَوْجهَا رروزاين خربيار بانزده روزداشت خرمرد قِيمَتْ روز يَنْجُم ضَامِن شود. الْمُسْتَعِيرُ لَوْ خَالَفَ ثُمَّ وَافَقَ وَرَدَّهَا إلَى مَنْ فِي عِيَالِ الْمُعِيرِ يَنْبَغِي أَنْ يَضْمَنَ عَلَى مَا عَلَيْهِ الْفَتْوَى؛ لِأَنَّهُ لَا يَبْرَأُ بِالْعَوْدِ إلَى الْوِفَاقِ مَا لَمْ يُسَلِّمْهَا إلَى مَالِكِهَا مِنْ الْفُصُولَيْنِ. اسْتَعَارَ ثَوْرًا وَاسْتَعْمَلَهُ ثُمَّ فَرَغَ وَلَمْ يَحُلَّ الْحَبْلَ عَنْ الثَّوْرِ فَذَهَبَ الْبَقَرُ إلَى الْمَسْرَحِ فَصَارَ الْحَبْلُ فِي عُنُقِهِ فَشَدَّهُ وَمَاتَ يَضْمَنُ هَذِهِ فِي فَوَائِدِ الْإِمَامِ ظَهِيرِ الدِّينِ. وَفِي فَوَائِدِ شَيْخِ الْإِسْلَامِ. لَوْ رَبَطَ الْحِمَارَ الْمُسْتَعَارَ عَلَى الشَّجَرِ بِالْحَبْلِ الَّذِي عَلَيْهِ فَوَقَعَ فِي عُنُقِهِ فَتَخَنَّقَ وَمَاتَ لَا يَضْمَنُ؛ لِأَنَّ الرَّبْطَ مُعْتَادٌ لَا التَّخْلِيَةَ بِالْحَبْلِ ذَكَرَهُ فِي الْبَزَّازِيَّةِ. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 61 إذَا جَحَدَ الْعَارِيَّةَ أَوْ الْوَدِيعَةَ وَهِيَ مِمَّنْ يُحَوَّلُ عَنْ مَكَانِهِ يَضْمَنُ وَإِنْ لَمْ يُحَوِّلْهَا بِخِلَافِ مَا إذَا رَكِبَ دَابَّةَ غَيْرِهِ وَلَمْ يُحَوِّلْهَا عَنْ مَوْضِعِهَا حَتَّى عَقَرَهَا آخَرُ فَالضَّمَانُ عَلَى الَّذِي عَقَرَهَا دُونَ الَّذِي رَكِبَهَا مِنْ الْخُلَاصَةِ. دَفَعَ حِمَارَهُ إلَى آخَرَ فَغَابَ الْحِمَارُ فَقَالَ الْمُودَعُ لِصَاحِبِ الْحِمَارِ: خُذْ حِمَارِي فَانْتَفِعْ بِهِ حَتَّى أَرُدَّ عَلَيْك حِمَارَك فَضَاعَ فِي يَدِهِ ثُمَّ إنَّ الْمُودَعَ رَدَّ حِمَارَهُ لَا يَضْمَنُ؛ لِأَنَّهُ مَأْذُونٌ بِالْقَبْضِ هَذِهِ فِي الْوَدِيعَةِ مِنْ الْخُلَاصَةِ. اسْتَعَارَ مِنْ رَجُلٍ ثَوْرًا غَدًا إلَى اللَّيْلِ فَأَجَابَهُ بِنَعَمْ ثُمَّ جَاءَ وَلَمْ يَجِدْ الْمُعِيرُ فَأَخَذَ الثَّوْرَ مِنْ امْرَأَتِهِ وَاسْتَعْمَلَهُ فَعَطِبَ قَالُوا: يَكُونُ ضَامِنًا لِأَنَّ إعَارَةَ الدَّابَّةِ لَا تَكُونُ إلَى النِّسَاءِ وَإِنَّمَا لَهُنَّ مَا كَانَ مِنْ مَتَاعِ الْبَيْتِ. اسْتَعَارَ دَابَّةً عَلَى أَنْ يَذْهَبَ بِهَا حَيْثُ شَاءَ وَلَمْ يُسَمِّ مَكَانًا وَلَا وَقْتًا وَلَا مَا يَحْمِلُ عَلَيْهَا وَلَا مَا يَعْمَلُ بِهَا فَذَهَبَ الْمُسْتَعِيرُ إلَى الْحِيرَةِ أَوْ أَمْسَكَهَا بِالْكُوفَةِ شَهْرًا يَحْمِلُ عَلَيْهَا فَعَطِبَتْ الدَّابَّةُ لَا يَضْمَنُ فِي شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ لِإِطْلَاقِ الْعَارِيَّةِ. رَجُلٌ قَالَ لِغَيْرِهِ: أَعَرْتَنِي دَابَّتَك فَنَفَقَتْ وَقَالَ رَبُّ الدَّابَّةِ: لَا بَلْ غَصَبْتهَا فَإِنْ لَمْ يَكُنْ رَكِبَهَا كَانَ الْقَوْلُ قَوْلَ الْمُقِرِّ وَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ وَإِنْ كَانَ قَدْ رَكِبَهَا لَا يُقْبَلُ قَوْلُهُ وَيَكُونُ ضَامِنًا لِوُجُودِ سَبَبِ الضَّمَانِ وَهُوَ اسْتِعْمَالُ دَابَّةِ الْغَيْرِ. وَإِنْ قَالَ رَبُّ الدَّابَّةِ: آجَرْتُكَهَا وَقَالَ: لَا بَلْ أَعَرْتَنِي فَالْقَوْلُ قَوْلُ الرَّاكِبِ مَعَ يَمِينِهِ وَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ لِأَنَّهُمَا تَصَادَقَا عَلَى أَنَّ الرُّكُوبَ كَانَ بِإِذْنِ الْمَالِكِ. اسْتَعَارَ حِمَارًا فِي الرُّسْتَاقِ إلَى الْبَلَدِ فَلَمَّا أَتَى الْبَلَدَ لَمْ يَتَّفِقْ لَهُ الرُّجُوعُ إلَى الرُّسْتَاقِ فَوَضَعَ الْحِمَارَ فِي يَدِ رَجُلٍ لِيَذْهَبَ بِهِ إلَى الرُّسْتَاقِ وَيُسَلِّمَهُ إلَى صَاحِبِهِ فَهَلَكَ الْحِمَارُ فِي الطَّرِيقِ قَالُوا: إنْ كَانَ الشَّرْطُ فِي الْإِعَارَةِ أَنْ يَرْكَبَ الْمُسْتَعِيرُ بِنَفْسِهِ كَانَ ضَامِنًا بِالدَّفْعِ إلَى غَيْرِهِ وَإِنْ اسْتَعَارَ مُطْلَقًا لَا يَكُونُ ضَامِنًا لِأَنَّ فِي الْإِعَارَةِ الْمُطْلَقَةِ لِلْمُسْتَعِيرِ أَنْ يُعِيرَ غَيْرَهُ سَوَاءٌ كَانَتْ الْإِعَارَةُ فِيمَا يَتَفَاوَتُ النَّاسُ فِي الِانْتِفَاعِ كَالرُّكُوبِ أَوْ لَا يَتَفَاوَتُ كَالْحِمْلِ وَهَذَا عَلَى قَوْلِ مَنْ يَقُولُ: الْمُسْتَعِيرُ لَا يَمْلِكُ الْإِيدَاعَ وَلَوْ قَالَ الْمُعِيرُ: لَا تَدْفَعْ إلَى غَيْرِك كَانَ ضَامِنًا عَلَى كُلِّ حَالٍ إذَا دَفَعَ إلَى غَيْرِهِ. رَجُلٌ بَاعَ مِنْ آخَرَ عَصِيرًا فَأَعَارَهُ الْبَائِعُ حِمَارَهُ لِحَمْلِ الْعَصِيرِ فَلَمَّا حَمَلَ وَأَرَادَ سَوْقَ الْحِمَارِ قَالَ لَهُ الْبَائِعُ: خُذْ عِذَارَهُ وَسُقْهُ كَذَلِكَ وَلَا تَخَلَّ عَنْهُ فَإِنَّهُ لَا يَسْتَمْسِكُ إلَّا هَكَذَا فَقَالَ الْمُشْتَرِي: نَعَمْ فَأَخَذَ عِذَارَهُ ثُمَّ خَلَّى عَنْهُ بَعْدَ سَاعَةٍ وَتَرَكَ الْعِذَارَ فَأَسْرَعَ فِي الْمَشْيِ وَسَقَطَ وَانْكَسَرَ الْحِمَارُ كَانَ ضَامِنًا لِأَنَّهُ شَرَطَ شَرْطًا مُفِيدًا فَإِذَا خَالَفَهُ صَارَ غَاصِبًا. رَجُلٌ قَالَ لِغَيْرِهِ: أَعِرْنِي دَابَّتَك فَرْسَخَيْنِ أَوْ قَالَ إلَى فَرْسَخَيْنِ عَنْ مُحَمَّدٍ أَنَّهُ قَالَ: لَهُ فَرْسَخَانِ جَائِيًا وَذَاهِبًا اسْتِحْسَانًا قَالَ: وَكَذَلِكَ كُلُّ عَارِيَّةٍ تَكُونُ فِي الْمِصْرِ نَحْوُ التَّشْيِيعِ فِي الْجِنَازَةِ وَفِي الْقِيَاسِ هُوَ عَلَى الذَّهَابِ خَاصَّةً وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَرْجِعَ عَلَيْهَا. وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ إذَا اسْتَعَارَ دَابَّةً إلَى مَوْضِعِ كَذَا كَانَ لَهُ أَنْ يَذْهَبَ عَلَيْهَا وَيَجِيءَ وَقَدْ مَرَّتْ هَذِهِ الْجُمْلَةُ عَنْ قَاضِي خَانْ. أَخَذَ دَابَّةَ رَجُلٍ بِغَيْرِ أَمْرِهِ مِنْ بَيْتِهِ ثُمَّ رَدَّهَا إلَى بَيْتِهِ وَهَلَكَتْ لَمْ يَضْمَنْ مِنْ الْوَجِيزِ. اسْتَعَارَ مِنْ رَجُلٍ حِمَارًا فَقَالَ: لِي حِمَارَانِ فِي الْإِصْطَبْلِ خُذْ أَيَّهمَا شِئْت فَأَخَذَ أَحَدَهُمَا لَا يَضْمَنُ وَلَوْ قَالَ: خُذْ أَحَدَهُمَا وَاذْهَبْ بِهِ وَالْبَاقِي بِحَالِهِ ضَمِنَ مِنْ الْفُصُولَيْنِ وَالْخُلَاصَةِ. لَوْ أَمْسَكَ الدَّابَّةَ فِي الْمَوْضِعِ الَّذِي اسْتَعْمَلَهَا وَلَمْ يَذْهَبْ إلَى الْمَوْضِعِ الَّذِي اسْتَعَارَهَا إلَيْهِ ضَمِنَ كَذَا فِي الْإِجَارَةِ مِنْ الْخُلَاصَةِ. وَفِيهَا رَجُلٌ قَالَ لِآخَرَ: أَعَرْتَنِي دَابَّتَكَ فَنَفَقَتْ وَقَالَ الْآخَرُ: غَصَبْتهَا الجزء: 1 ¦ الصفحة: 62 لَا يَضْمَنُ إنْ لَمْ يَكُنْ رَكِبَهَا؛ لِأَنَّهُ لَمْ يُقِرَّ بِسَبَبِ الضَّمَانِ. وَلَوْ قَالَ آجَرْتهَا فَالْقَوْلُ قَوْلُ الرَّاكِبِ مَعَ يَمِينِهِ لِأَنَّهُمَا اتَّفَقَا عَلَى أَنَّ الرُّكُوبَ كَانَ بِإِذْنِهِ وَهُوَ يَدَّعِي عَلَيْهِ الْأَجْرَ وَهُوَ يُنْكِرُ وَهُوَ بِخِلَافِ الْعَيْنِ إذَا هَلَكَتْ فِي يَدِ رَجُلٍ وَقَالَ: وَهَبْتُهَا لِي وَقَالَ الْمَالِكُ: بِعْتهَا مِنْك يَكُونُ ضَامِنًا لِأَنَّ الْعَيْنَ مَالٌ مُقَوَّمٌ فَلَا يَسْقُطُ حَقُّ الْمَالِكِ عَنْ مَالِيَّتِهِ إلَّا بِإِسْقَاطِهِ أَمَّا الْمَنْفَعَةُ فَإِنَّمَا تَدْخُلُ حُكْمَ الْمَالِيَّةِ بِحُكْمِ الْإِجَارَةِ وَالرَّاكِبُ مُنْكِرٌ فَلَا يَضْمَنُ شَيْئًا اهـ. فَرَغَ مِنْ الِانْتِفَاعِ بِالدَّابَّةِ الْمُسْتَعَارَةِ فَأَرْسَلَهَا وَوَضَعَ عَلَيْهَا الْإِكَافَ وَنَامَ سَاعَةً فَضَاعَ ضَمِنَ. اسْتَعَارَ دَابَّةً فَسَكَتَ الْمَالِكُ قَالَ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ السَّرَخْسِيُّ: الْإِعَارَةُ لَا تَثْبُتُ بِالسُّكُوتِ مِنْ الْبَزَّازِيَّةِ. اسْتَعَارَ الْوَصِيُّ دَابَّةً لِعَمَلِ الصَّبِيِّ وَلَمْ يَرُدَّهَا بِاللَّيْلِ حَتَّى هَلَكَتْ فَالضَّمَانُ عَلَى الصَّبِيِّ قَالَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -: إنَّهَا عَجِيبَةٌ. اسْتَعَارَ دَابَّةً لِلْحِمْلِ فَلَهُ أَنْ يَرْكَبَهَا وَلَوْ اسْتَعَارَ لِيَحْمِلَ عَلَيْهَا كَذَا طُنًّا مِنْ الْحِنْطَةِ إلَى الْبَلَدِ وَهَلَكَتْ الْحِنْطَةُ فِي الطَّرِيقِ فَلَهُ أَنْ يَرْكَبَهَا إلَى الْبَلَدِ وَفِي الْعَوْدِ أَيْضًا إلَى مَنْزِلِ الْمُعِيرِ. اسْتَعَارَ دَابَّةً لِلْحِمْلِ إلَى مَكَانِ كَذَا وَقَالَ لَهُ الْمَالِكُ: ابْعَثْهَا مُطْلَقًا فَبَعَثَهَا عَلَى مَنْ لَيْسَ فِي عِيَالِهِ لَمْ يَضْمَنْ مِنْ الْقُنْيَةِ. رَجُلٌ اسْتَعَارَ مِنْ آخَرَ ثَوْرًا غَدًا فَأَجَابَهُ بِنَعَمْ فَجَاءَ الْمُسْتَعِيرُ غَدًا وَلَمْ يَجِدْ صَاحِبَ الثَّوْرِ فَأَخَذَ الثَّوْرَ مِنْ بَيْتِهِ وَاسْتَعْمَلَهُ فَعَطِبَ قَالَ إبْرَاهِيمُ بْنُ يُوسُفَ لَا يَكُونُ ضَامِنًا وَقَدْ مَرَّتْ. [النَّوْعُ الثَّانِي ضَمَانُ الْأَمْتِعَةِ] اسْتَعَارَ سِتْرَ الْأُذَيْنِ فَسُرِقَ السِّتْرُ مِنْ الْأُذَيْنِ لَا يَكُونُ ضَامِنًا؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَتْرُكْ الْحِفْظَ فَإِنْ لَمْ يَنْصِبْهُ فِي الْحَائِطِ كَانَ ضَامِنًا. رَجُلٌ دَخَلَ الْحَمَّامَ فَسَقَطَتْ قَصْعَةُ الْحَمَّامِ مِنْ يَدِهِ وَانْكَسَرَتْ فِي الْحَمَّامِ أَوْ انْكَسَرَ كُوزُ الْفُقَّاعِيِّ مِنْ يَدَيْهِ عِنْدَ الشُّرْبِ قَالَ الْفَقِيهُ أَبُو بَكْرٍ الْبَلْخِيّ: لَا يَكُونُ ضَامِنًا قِيلَ: هَذَا إذَا لَمْ يَكُنْ مِنْ سُوءِ إمْسَاكِهِ فَإِنْ كَانَ مِنْ سُوءِ إمْسَاكِهِ يَكُونُ ضَامِنًا. اسْتَعَارَ كِتَابًا فَضَاعَ ثُمَّ جَاءَ صَاحِبُ الْكِتَابِ يُطَالِبُهُ بِالرَّدِّ فَلَمْ يُخْبِرْهُ بِالضَّيَاعِ وَوَعَدَ بِالرَّدِّ ثُمَّ أَخْبَرَهُ بِالضَّيَاعِ قَالَ بَعْضُهُمْ إنْ لَمْ يَكُنْ آيِسًا مِنْ وُجُودِهِ لَا ضَمَانَ عَلَيْهِ وَإِنْ كَانَ آيِسًا مِنْ وُجُودِهِ يَكُونُ ضَامِنًا. وَفِي الْكِتَابِ قَالَ: يَكُونُ ضَامِنًا وَلَا تُقْبَلُ دَعْوَى الضَّيَاعِ مِنْهُ لِأَنَّهُ مُنَاقِضٌ قَالَ فِي الْبَزَّازِيَّةِ وَبِهِ يُفْتَى. اسْتَعَارَتْ امْرَأَةٌ سَرَاوِيلَ لِتَلْبَسَ فَلَبِسَتْ وَهِيَ تَمْشِي فَزَلَقَتْ رِجْلُهَا فَتَخَرَّقَ السَّرَاوِيلُ لَا ضَمَانَ عَلَيْهَا لِأَنَّهَا غَيْرُ مُضَيِّعَةٍ. اسْتَعَارَ شَيْئًا فَقَالَ لَهُ الْمُعِيرُ: لَا تَدْفَعْ إلَى غَيْرِك فَدَفَعَ وَهَلَكَ عِنْدَ الثَّانِي قَالَ الْفَقِيهُ أَبُو جَعْفَرٍ: يَضْمَنُ الْمُسْتَعِيرُ؛ لِأَنَّهُ دَفَعَ إلَيْهِ بِغَيْرِ إذْنِهِ وَقَالَ بَعْضُهُمْ: إنْ كَانَ الشَّيْءُ لَا يَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ الْمُسْتَعْمِلِ لَا يَضْمَنُ. اسْتَعَارَ حِمْلًا أَوْ فُسْطَاطًا وَهُوَ فِي الْمِصْرِ فَسَارَ بِهِ فَهَلَكَ عَنْ أَبِي يُوسُفَ لَا يَكُونُ ضَامِنًا. وَإِنْ اسْتَعَارَ ثَوْبًا أَوْ عِمَامَةً فَسَارَ بِهِ كَانَ ضَامِنًا. اسْتَعَارَ ثَوْبًا لِيَبْسُطَهُ فَوَقَعَ عَلَيْهِ مِنْ يَدِهِ شَيْءٌ أَوْ عَثَرَ فَوَقَعَ عَلَيْهِ فَتَخَرَّقَ لَا يَكُونُ ضَامِنًا مِنْ قَاضِي خَانْ. لَوْ اسْتَعَارَ مَرًّا لِيَسْقِيَ بِهِ أَرْضَهُ فَفَتَحَ النَّهْرَ وَوَضَعَ الْمَرَّ تَحْتَ رَأْسِهِ وَنَامَ مُضْطَجِعًا فَسُرِقَ لَا يَضْمَنُ؛ لِأَنَّهُ حَافِظٌ وَلِهَذَا لَوْ سُرِقَ مِنْ تَحْتِ رَأْسِ النَّائِمِ يُقْطَعُ وَإِنْ كَانَ فِي الصَّحْرَاءِ وَهَذَا فِي غَيْرِ السَّفَرِ فَإِنْ كَانَ فِي السَّفَرِ لَا يَضْمَنُ نَامَ قَاعِدًا أَوْ مُضْطَجِعًا وَالْمُسْتَعَارُ تَحْتَ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 63 رَأْسِهِ أَوْ مَوْضُوعٌ بَيْنَ يَدَيْهِ أَوْ بِحَوَالَيْهِ بِحَيْثُ يُعَدُّ حَافِظًا عَادَةً مِنْ الْخُلَاصَةِ. اسْتَعَارَ مَرًّا لِيَدُقَّ مَبْطَخَةً فَدَقَّهَا وَفَرَغَ ثُمَّ أَعَارَهُ مِنْ غَيْرِهِ وَضَاعَ يَضْمَنُ الْمَالِكُ أَيَّهمَا شَاءَ قَالَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -: الْمَرُّ وَالْمِسْحَاةُ مَا لَا يَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ الْمُسْتَعْمِلِ وَإِنَّمَا الضَّمَانُ لِكَوْنِ الْإِعَارَةِ بَعْدَ انْتِهَاءِ مُدَّتِهَا بِالْفَرَاغِ مِنْ الْعَمَلِ الَّذِي عَيَّنَهُ لِلِاسْتِعَارَةِ. اسْتَعَارَ كَنَدْرَةِ ثُمَّ أَعَارَهَا مِنْ غَيْرِهِ لَا يَضْمَنُ. اسْتَعَارَتْ مُلَاءَةً لِلْمُصِيبَةِ ثُمَّ خَرَجَتْ مِنْهَا إلَى مَكَانٍ آخَرَ فَتَخَرَّقَتْ تَضْمَنُ. اسْتَعَارَ فَاسًا وَضَرَبَ فِي الْحَطَبِ وَسُخْت شَدِّدْ رهيزم وتبرديكر كَرَفْتِ وَبِمَهْرِهِ آن تبرزد وَانْكَسَرَ يَضْمَنُ وَقِيلَ: إنْ كَانَ الضَّرْبُ مُعْتَادًا لَا يَضْمَنُ. اسْتَعَارَتْ مُلَاءَةً وَوَضَعَتْهَا فِي الْبَيْتِ وَالْبَابُ مَفْتُوحٌ فَصَعِدَتْ السَّطْحَ فَهَلَكَتْ قِيلَ: تَضْمَنُ وَقِيلَ: لَا تَضْمَنُ. اسْتَعَارَتْ طَشْتًا وَغَسَلَتْ فِيهِ بَلْخ بكبخ بإرباغ فَانْكَسَرَ إنْ كَانَ يُغْسَلُ مِثْلُهَا فِي مِثْلِهِ وَكَانَ الْغَسْلُ مُعْتَادًا لَا تَضْمَنُ. اسْتَعَارَ قِدْرًا لِلطَّبْخِ فَطَبَخَ فِيهَا مَرَقَةً وَنَقَلَهَا مِنْ الْكَانُونِ مَعَ الْمَرَقَةِ أَوْ أَخْرَجَهَا مِنْ الْبَيْتِ فَوَقَعَتْ مِنْ يَدِهِ وَانْكَسَرَتْ فَالصَّحِيحُ أَنَّهُ لَا يَضْمَنُ بِخِلَافِ الْحَمَّالِ إذَا زَلَقَ قُنْيَةَ. إذَا اسْتَعَارَتْ سَرَاوِيلَ فَزَلَقَتْ رِجْلُهَا فِي الْمَشْيِ فَتَخَرَّقَ لَا تَضْمَنُ. وَقَعَ مِنْ يَدِ رَبِّ الْبَيْتِ شَيْءٌ عَلَى وَدِيعَةٍ عِنْدَهُ فَأَفْسَدَهَا يَضْمَنُ وَإِنْ كَانَ بِسَاطًا أَوْ وِسَادَةً اسْتَعَارَهُ لِيَبْسُطَهُ لَمْ يَضْمَنْ هُوَ وَلَا أَجِيرُهُ بِخِلَافِ الْحَمَّالِ؛ لِأَنَّ فِعْلَهُ بِعِوَضٍ فَيَتَقَيَّدُ بِشَرْطِ السَّلَامَةِ بِخِلَافِ هَذَا. لَوْ رَدَّ الثَّوْبَ الْمُسْتَعَارَ فَلَمْ يَجِدْ الْمُعِيرُ وَلَا مَنْ فِي عِيَالِهِ فَأَمْسَكَهُ إلَى اللَّيْلِ وَهَلَكَ لَا يَضْمَنُ وَلَوْ وَجَدَ مَنْ فِي عِيَالِهِ وَلَمْ يَرُدَّهُ يَضْمَنُ مِنْ الْقُنْيَةِ. وَفِيهَا أَوْدَعَهُ أَجْنَاسًا وَغَابَ وَمَاتَ وَلَمْ يَجِدْ الْمُودَعُ وَارِثًا لَهُ سِوَى بِنْتِ ابْنِهِ الْمُرَاهِقَةِ يُعْذَرُ فِي الدَّفْعِ إلَيْهَا إذَا كَانَتْ تَقْدِرُ عَلَى الْحِفْظِ. اسْتَعَارَ مِنْشَارًا فَانْكَسَرَ فِي النَّشْرِ نِصْفَيْنِ فَدَفَعَهُ إلَى الْحَدَّادِ فَوَصَلَهُ بِغَيْرِ إذْنِ الْمُعِيرِ يَنْقَطِعُ حَقُّهُ وَعَلَى الْمُسْتَعِيرِ قِيمَتُهُ مُنْكَسِرًا وَكَذَا الْغَاصِبُ إذَا غَصَبَهُ مُنْكَسِرًا هَذِهِ فِي الْغَصْبِ مِنْ الْقُنْيَةِ. وَضَعَ الْمُسْتَعَارَ بَيْنَ يَدَيْهِ وَنَامَ لَا يَضْمَنُ؛ لِأَنَّ هَذَا حِفْظٌ عَادَةً لَكِنْ إذَا نَامَ جَالِسًا أَمَّا إذَا نَامَ مُضْطَجِعًا يَضْمَنُ. صَبِيٌّ اسْتَعَارَ مِنْ صَبِيٍّ شَيْئًا كَالْقَدُومِ أَوْ الْفَأْسِ وَنَحْوِهِ فَأَعْطَاهُ وَالْمُسْتَعَارُ لِغَيْرِ الْمُعْطِي فَهَلَكَ فِي يَدِ الصَّبِيِّ إنْ كَانَ الدَّافِعُ مَأْذُونًا لَا شَيْءَ عَلَى الْمُسْتَعِيرِ وَإِنَّمَا يَجِبُ الضَّمَانُ عَلَى الدَّافِعِ؛ لِأَنَّهُ إذَا كَانَ مَأْذُونًا صَحَّ مِنْهُ الدَّفْعُ فَكَانَ الْهَلَاكُ حَاصِلًا بِتَسْلِيطِهِ وَإِنْ كَانَ الدَّافِعُ مَحْجُورًا يَضْمَنُ هُوَ بِالدَّفْعِ وَيَضْمَنُ الثَّانِي بِالْأَخْذِ مِنْهُ؛ لِأَنَّ الْأَوَّلَ غَاصِبٌ وَالثَّانِي غَاصِبُ الْغَاصِبِ مِنْ الصُّغْرَى وَقَاضِي خَانْ وَلَوْ كَانَ ذَلِكَ الشَّيْءُ لِلْأَوَّلِ لَا يَضْمَنُ الْآخِذُ مِنْ مُشْتَمِلِ الْهِدَايَةِ قَالَ صَاحِبُ الْفُصُولَيْنِ: لَوْ أَرَادَ بِالْمَأْذُونِ مَأْذُونًا فِي التِّجَارَةِ لَا فِي هَذَا الدَّفْعِ يَنْبَغِي أَنْ يَضْمَنَ كُلٌّ مِنْهُمَا كَمَا فِي الْمَحْجُورِ إذْ الدَّافِعُ غَاصِبٌ حِينَئِذٍ فَإِنْ كَانَ مَأْذُونًا فِي التِّجَارَةِ لِعَدَمِ الْمِلْكِ وَالْإِذْنِ فِي الدَّفْعِ فَيَصِيرُ الْآخِذُ غَاصِبَ الْغَاصِبِ فَيَنْبَغِي أَنْ يَضْمَنَ كُلٌّ مِنْهُمَا وَلَوْ أَرَادَ الْإِذْنَ فِي الدَّفْعِ أَيْضًا يَنْبَغِي أَنْ لَا يَضْمَنَ الدَّافِعُ أَيْضًا لِإِذْنِ الْمَالِكِ اهـ. اسْتَعَارَ قِلَادَةَ ذَهَبٍ فَقَلَّدَهَا صَبِيًّا فَسُرِقَتْ فَإِنْ كَانَ الصَّبِيُّ يَضْبِطُ حِفْظَ مَا عَلَيْهِ لَا يَضْمَنُ وَإِلَّا يَضْمَنُ مِنْ الْوَجِيزِ. اسْتَعَارَ شَيْئًا فَدَفَعَهُ وَلَدُهُ الصَّغِيرُ الْمَحْجُورُ إلَى غَيْرِ مَالِكِهِ عَارِيَّةً ضَمِنَ الدَّافِعُ وَكَذَا الجزء: 1 ¦ الصفحة: 64 الْآخِذُ لِمَا مَرَّ. ادَّعَى الْمُسْتَعِيرُ الْإِذْنَ وَجَحَدَهُ الْمُعِيرُ ضَمِنَ الْمُسْتَعِيرُ إلَّا أَنْ يُبَرْهِنَ فُصُولَيْنِ. اسْتَعَارَ فَأْسًا أَوْ قَدُومًا لِيَكْسِرَ الْحَطَبَ فَوَضَعَهُ فِي الْبَيْتِ فَتَلَفَ بِلَا تَقْصِيرٍ يَضْمَنُ؛ لِأَنَّهُ أُذِنَ بِكَسْرٍ الْحَطَبِ لَا بِوَضْعِهِ فِي بَيْتِهِ وَقِيلَ: لَا يَضْمَنُ وَبِهِ أَفْتَى صَاحِبُ الْمُحِيطِ وَقَاضِي خَانْ وَبِالضَّمَانِ أَفْتَى الْإِمَامُ جَلَالُ الدِّينِ مِنْ مُشْتَمِلِ الْهِدَايَةِ. اسْتَعَارَ فَأْسًا وَدَفَعَهُ إلَى أَجِيرِهِ لِيَعْمَلَ بِهِ فَفَرَّ بِهِ يَنْبَغِي أَنْ لَا يَضْمَنَ كَمَا هُوَ الْمُخْتَارُ كَذَا فِي الْإِجَارَةِ مِنْ الْفُصُولَيْنِ وَمُشْتَمِلِ الْهِدَايَةِ. لَوْ جَاءَ خَادِمُ الْمُعِيرِ فَدَفَعَ إلَيْهِ الْمُسْتَعِيرُ ثُمَّ أَنْكَرَ الْمُعِيرُ الْأَمْرَ لَمْ يَضْمَنْ الْمُسْتَعِيرُ إذْ الرَّدُّ إلَى خَادِمِ الْمُعِيرِ كَالرَّدِّ إلَى الْمُعِيرِ ذَكَرَهُ فِي الْفُصُولَيْنِ قُلْتُ: إلَّا إذَا كَانَ شَيْئًا نَفْسِيًّا فَيَضْمَنُ كَمَا مَرَّ. كلندي عَارَيْت خواست تادرباغ كَارِ كَسَدِّ مُعِير كَفَتْ درباغ مكذا رَبًّا خَوْد بيار فَتَرَكَهُ ثَمَّةَ يَنْبَغِي أَنْ يَضْمَنَ. كلندي عَارَيْت خواست تااب رَادَا ردآب بِرّ بِسِتِّ وَوَضَعَهُ تَحْتَ رَأْسِهِ وَنَامَ فَسُرِقَتْ يَبْرَأُ إذْ النَّوْمُ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ لَيْسَ بِتَضْيِيعٍ. دَفَعَ الْمُسْتَعَارَ إلَى قِنِّ الْمُعِيرِ فَتَلَفَ فَلَوْ كَانَ عَقْدَ جَوْهَرٍ أَوْ شَيْئًا نَفِيسًا ضَمِنَ الْمُسْتَعِيرُ بِالدَّفْعِ إلَى قِنِّ الْمُعِيرِ مِنْ الْفُصُولَيْنِ. هَلَكَتْ الْعَارِيَّةُ فِي يَدِ الْمُسْتَعِيرِ ثُمَّ اُسْتُحِقَّتْ لَهُ أَنْ يَضْمَنَ أَيَّهمَا شَاءَ وَلَا يَرْجِعُ أَحَدُهُمَا عَلَى صَاحِبِهِ وَفِي الْإِجَارَةِ يَرْجِعُ الْمُسْتَأْجِرُ عَلَى الْآجِرِ دُونَ الْعَكْسِ. لَوْ رَدَّ الْعَارِيَّةَ إلَى أَحَدٍ مِمَّنْ فِي عِيَالِ الْمُعِيرِ فَضَاعَتْ لَا يَضْمَنُ إلَّا إذَا كَانَتْ شَيْئًا نَفِيسًا كَالْجَوْهَرِ فَرَدَّهَا إلَى هَؤُلَاءِ يَضْمَنُ مِنْ الْوَجِيزِ. وَفِي الْخُلَاصَةِ لَوْ رَدَّ الْعَارِيَّةَ مَعَ ابْنِهِ أَوْ عَبْدِهِ يَبْرَأُ مِنْ الضَّمَانِ كَمَا ذَكَرْنَا فِي الْوَدِيعَةِ وَكَذَا لَوْ رَدَّهَا إلَى عَبْدِ الْمُعِيرِ أَوْ أَجِيرِهِ أَوْ مَنْ فِي عِيَالِهِ يَبْرَأُ مِنْ الضَّمَانِ وَلَوْ كَانَتْ الْعَارِيَّةُ عَقْدَ جَوْهَرٍ أَوْ شَيْئًا نَفِيسًا فَدَفَعَ إلَى عَبْدِ الْمُعِيرِ أَوْ إلَى أَجِيرِهِ يَضْمَنُ انْتَهَى. أَعَارَتْ شَيْئًا مِنْ مَتَاعِ الْبَيْتِ بِغَيْرِ إذْنِ الزَّوْجِ فَإِنْ كَانَ كَمَا يَكُونُ فِي أَيْدِيهِنَّ عَادَةً فَضَاعَ لَمْ تَضْمَنْ وَلَوْ مِنْ غَيْرِهِ ضَمِنَتْ مِنْ الْفُصُولَيْنِ وَالْوَجِيزِ. وَفِي الْخُلَاصَةِ رَجُلٌ اسْتَعَارَ مِنْ امْرَأَةٍ شَيْئًا مِمَّا كَانَ مِنْ مِلْكِ الزَّوْجِ فَأَعَارَتْ فَهَلَكَ إنْ كَانَ شَيْئًا فِي دَاخِلِ الْبَيْتِ وَمَا يَكُونُ فِي أَيْدِيهِنَّ عَادَةً فَلَا ضَمَانَ عَلَى أَحَدٍ أَمَّا فِي الْفَرَسِ وَالثَّوْرِ فَيَضْمَنُ الْمُسْتَعِيرُ أَوْ الْمَرْأَةُ انْتَهَى. طَلَبَ الْمُعِيرُ الْعَارِيَّةَ فَفُرِّطَ فِي الدَّفْعِ فَهَلَكَتْ إنْ كَانَ قَادِرًا عَلَى الرَّدِّ وَقْت الطَّلَبِ ضَمِنَ وَإِلَّا فَلَا يَضْمَنُ مِنْ الْفُصُولَيْنِ. وَضَعَ الْعَارِيَّةَ ثُمَّ قَامَ وَتَرَكَهَا نَاسِيًا فَضَاعَتْ ضَمِنَ. إذَا كَانَتْ الْعَارِيَّةُ مُؤَقَّتَةً بِوَقْتٍ فَأَمْسَكَهَا بَعْدَ الْوَقْتِ فَهُوَ ضَامِنٌ وَيَسْتَوِي فِيهِ أَنْ تَكُونَ الْمُدَّةُ مُؤَقَّتَةً نَصًّا أَوْ دَلَالَةً حَتَّى أَنَّ مَنْ اسْتَعَارَ قَدُومًا لِيَكْسِرَ الْحَطَبَ فَكَسَرَ وَأَمْسَكَهَا حَتَّى هَلَكَ ضَمِنَ. وَلَوْ دَخَلَ مَنْزِلَ رَجُلٍ بِإِذْنِهِ وَأَخَذَ إنَاءً لِيَنْظُرَ إلَيْهِ فَوَقَعَ فَانْكَسَرَ لَا ضَمَانَ عَلَيْهِ وَإِنْ أَخَذَهُ بِغَيْرِ إذْنِهِ مِنْ مُشْتَمِلِ الْهِدَايَةِ. اسْتَعَارَ ثَوْبًا لِيَلْبَسَهُ هُوَ لَيْسَ لَهُ أَنْ يُعِيرَ غَيْرَهُ فَإِنْ فَعَلَ ضَمِنَ وَإِنْ لَمْ يُعَيِّنْ اللَّابِسَ لَهُ أَنْ يُعِيرَ غَيْرَهُ قَبْلَ أَنْ يَلْبَسَ فَإِنْ أَعَارَ بَعْدَمَا لَبِسَ ضَمِنَ وَكَذَا يَضْمَنُ إذَا لَبِسَ بَعْدَ مَا أَلْبَسَ غَيْرَهُ كَمَا فِي الْوَجِيزِ وَالْفُصُولَيْنِ وَفِي قَاضِي خَانْ فَإِنْ لَبِسَ بَعْدَمَا أَلْبَسَ غَيْرَهُ قَالَ الْإِمَامُ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 65 عَلِيُّ الْبَزْدَوِيُّ يَضْمَنُ إذَا هَلَكَ وَذَكَرَ الْإِمَامُ السَّرَخْسِيُّ وَالشَّيْخُ خُوَاهَرْ زَادَهْ أَنَّهُ لَا يَضْمَنُ وَكَذَلِكَ كُلُّ مَا يَتَفَاوَتُ النَّاسُ فِي الِانْتِفَاعِ بِهِ انْتَهَى. رَجُلَانِ يَسْكُنَانِ فِي بَيْتٍ وَاحِدٍ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا يَسْكُنُ فِي زَاوِيَةٍ مِنْهُ فَاسْتَعَارَ أَحَدُهُمَا مِنْ صَاحِبِهِ شَيْئًا ثُمَّ طَالَبَهُ الْمُعِيرُ بِالرَّدِّ فَقَالَ الْمُسْتَعِيرُ: قَدْ كُنْت وَضَعْتُهُ فِي الطَّاقِ الَّذِي يَكُونُ فِي زَاوِيَتِك قَالُوا: إنْ كَانَ الْبَيْتُ فِي أَيْدِيهِمَا لَا يَكُونُ الْمُسْتَعِيرُ رَادًّا وَلَا مُضَيِّعًا وَلَا يَكُونُ ضَامِنًا مِنْ قَاضِي خَانْ وَالْوَجِيزِ. اسْتَعَارَ ثَوْبًا مِنْ رَجُلٍ ثُمَّ طَلَبَ الْمُعِيرُ أَنْ يَرُدَّهُ فَقَالَ الْمُسْتَعِيرُ: نَعَمْ هُوَ ذَا أَدْفَعُهُ إلَيْك ثُمَّ فَرَّطَ فِي الدَّفْعِ حَتَّى مَضَى شَهْرٌ فَسُرِقَ مِنْ الْمُسْتَعِيرِ قَالُوا: إنْ كَانَ الْمُسْتَعِيرُ عَاجِزًا عَنْ الرَّدِّ وَقْتَ الطَّلَبِ لَا ضَمَانَ عَلَيْهِ وَإِنْ كَانَ قَادِرًا عَلَى الرَّدِّ فَإِنْ أَظْهَرَ الْمُعِيرُ السُّخْطَ وَالْكَرَاهِيَةَ فِي الْإِمْسَاكِ ضَمِنَ الْمُسْتَعِيرُ وَكَذَلِكَ إذَا لَمْ يُظْهِرْ السُّخْطَ وَلَا الرِّضَا لَا يَثْبُتُ بِالشَّكِّ وَإِنْ صَرَّحَ بِالرِّضَا لَا يَضْمَنُ مِنْ قَاضِي خَانْ. لَوْ أَخَذَ ثَوْرَ رَجُلٍ مِنْ بَيْتِهِ بِغَيْرِ أَمْرِهِ ثُمَّ رَدَّهُ إلَى بَيْتِهِ وَهَلَكَ لَمْ يَضْمَنْ مِنْ الْوَجِيزِ. وَلَوْ قَالَ لِآخَرَ: أَعَرْتُك هَذِهِ الْقَصْعَةَ مِنْ الثَّرِيدِ فَأَخَذَهَا وَأَكَلَهَا فَعَلَيْهِ مِثْلُهُ أَوْ قِيمَتُهُ وَهُوَ قَرْضٌ إلَّا إذَا كَانَ بَيْنَهُمَا مُبَاسَطَةً فَيَكُونُ ذَلِكَ دَلَالَةَ الْإِبَاحَةِ. وَفِي الْعُيُونِ قَالَ خَلَفُ بْنُ أَيُّوبَ: سَأَلْت مُحَمَّدًا عَنْ رَجُلٍ اسْتَعَارَ مِنْ رَجُلٍ رُقْعَةً رَقَّعَ بِهَا قَمِيصَهُ أَوْ خَشَبًا يُدْخِلُهُ فِي بَابِهِ قَالَ: لَا يَكُونُ هَذَا عَارِيَّةً وَهُوَ ضَامِنٌ لِذَلِكَ كُلِّهِ وَهُوَ بِمَنْزِلَةِ الْقَرْضِ فَإِنْ قَالَ: أَرُدُّهُ عَلَيْك فَهُوَ عَارِيَّةٌ مِنْ الْخُلَاصَةِ. وَفِيهَا إذَا جَحَدَ غَيْرُهُ الْعَارِيَّةَ أَوْ الْوَدِيعَةَ وَهِيَ مِمَّا يُحَوَّلُ عَنْ مَكَانِهَا يَضْمَنُ وَإِنْ لَمْ يُحَوِّلْهَا بِخِلَافِ مَا إذَا رَكِبَ دَابَّةَ غَيْرِهِ وَلَمْ يُحَوِّلْهَا عَنْ مَوْضِعِهَا حَتَّى عَقَرَهَا آخَرُ فَالضَّمَانُ عَلَى الَّذِي عَقَرَهَا دُونَ الَّذِي رَكِبَهَا. [النَّوْع الثَّالِث ضمان القن] اسْتَعَارَ عَبْدًا فَرَدَّهُ إلَى دَارِ الْمَالِكِ وَلَمْ يُسَلِّمْهُ لَمْ يَضْمَنْ؛ لِأَنَّهُ أَتَى بِالتَّسْلِيمِ الْمُتَعَارَفِ؛ لِأَنَّ رَدَّ الْعَوَارِيّ إلَى دَارِ الْمَالِكِ مُعْتَادٌ مِنْ الْهِدَايَةِ. اسْتَعَارَ قِنًّا لِيَخْدُمَهُ شَهْرًا فَهُوَ عَلَى الْمِصْرِ مِنْ الْفُصُولَيْنِ. اسْتَعَارَ قِنًّا لِيَخْدُمَهُ فَلَهُ أَنْ يُعِيرَهُ وَإِنْ عَيَّنَ نَفْسَهُ لِلْخِدْمَةِ لِعَدَمِ تَفَاوُتِ النَّاسِ فِي الِاسْتِخْدَامِ بِخِلَافِ لِبْسِ الثَّوْبِ مِنْ الْوَجِيزِ وَالْفُصُولَيْنِ. [النَّوْع الرَّابِع ضمان الْعَقَار] اسْتَعَارَ بَيْتًا لِيَسْكُنَهُ لَهُ أَنْ يُعِيرَ غَيْرَهُ وَإِنْ عَيَّنَ أَنْ يَسْكُنَهُ بِنَفْسِهِ لِعَدَمِ تَفَاوُتِ النَّاسِ فِي السُّكْنَى بِخِلَافِ اللِّبْسِ كَمَا فِي الْفُصُولَيْنِ وَالْوَجِيزِ. رَجُلٌ اسْتَعَارَ مِنْ آخَرَ أَرْضًا لِيَبْنِيَ فِيهَا وَيَغْرِسَ فِيهَا نَخِيلًا فَأَعَارَهَا صَاحِبُ الْأَرْضِ لِذَلِكَ ثُمَّ بَدَا لِلْمَالِكِ أَنْ يَأْخُذَ الْأَرْضَ كَانَ لَهُ ذَلِكَ سَوَاءٌ كَانَتْ الْإِعَارَةُ مُطْلَقَةً أَوْ مُؤَقَّتَةً إلَى عَشْرِ سِنِينَ أَوْ مَا أَشْبَهَ ذَلِكَ لِأَنَّهَا غَيْرُ لَازِمَةٍ ثُمَّ إنْ كَانَتْ الْإِعَارَةُ مُطْلَقَةً فَرَجَعَ الْمُعِيرُ لَا يَضْمَنُ لِلْمُسْتَعِيرِ شَيْئًا وَيَكُونُ لِلْمُسْتَعِيرِ غَرْسُهُ وَبِنَاؤُهُ عَلَى قَوْلِ ابْنِ أَبِي لَيْلَى وَالشَّافِعِيِّ يَضْمَنُ الْمُعِيرُ قِيمَةَ الْبِنَاءِ وَالْغَرْسِ قَائِمًا يَوْمَ الِاسْتِرْدَادِ وَلَوْ كَانَتْ الْإِعَارَةُ مُؤَقَّتَةً بِأَنْ قَالَ صَاحِبُ الْأَرْضِ: أَعَرْتُك هَذِهِ الْأَرْضَ عِشْرِينَ سَنَةً لِتَغْرِسَ فِيهَا أَوْ تَبْنِيَ فِيهَا ثُمَّ رَجَعَ عَنْ الْإِعَارَةِ قَبْلَ مُضِيِّ الْوَقْتِ كَانَ ضَامِنًا لِلْمُسْتَعِيرِ قِيمَةَ الْبِنَاءِ وَالْإِغْرَاسِ قَائِمَةً يَوْمَ الِاسْتِرْدَادِ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 66 عِنْدَنَا إلَّا أَنْ يَشَاءَ الْمُسْتَعِيرُ أَنْ يَرْفَعَ الْبِنَاءَ وَالْإِغْرَاسَ وَلَا يَضْمَنَ فَيَكُونُ لَهُ ذَلِكَ إذَا كَانَ قَلْعُ الْأَشْجَارِ وَرَفْعُ الْبِنَاءِ لَا يَضُرُّ بِالْأَرْضِ فَإِنْ كَانَ يَضُرُّ ذَلِكَ كَانَ لِصَاحِبِ الْأَرْضِ أَنْ يَتَمَلَّكَ الْبِنَاءَ وَالْغَرْسَ بِالْقِيمَةِ وَعَلَى قَوْلِ زُفَرَ لِلْمُسْتَعِيرِ أَنْ يَرْفَعَ الْبِنَاءَ وَالْغَرْسَ وَلَا يَضْمَنَ صَاحِبُ الْأَرْضِ كَمَا لَوْ كَانَتْ الْإِعَارَةُ مُطْلَقَةً مِنْ قَاضِي خَانْ. وَفِي الْهِدَايَةِ وَإِنْ كَانَ وَقْتَ الْعَارِيَّةِ وَرَجَعَ قَبْلَ الْوَقْتِ صَحَّ رُجُوعُهُ وَلَكِنَّهُ يُكْرَهُ وَيَضْمَنُ الْمُعِيرُ مَا نَقَصَ الْبِنَاءُ وَالْغَرْسُ بِالْقَلْعِ كَذَا ذَكَرَهُ الْقُدُورِيُّ فِي مُخْتَصَرِهِ وَمَا ذَكَرَهُ قَاضِي خَانْ مِنْ أَنَّهُ يَضْمَنُ قِيمَتَهُمَا وَيَكُونَانِ لَهُ مَرْوِيٌّ عَنْ الْحَاكِمِ الشَّهِيدِ ذَكَرَهُ فِي الْهِدَايَةِ أَيْضًا. لَوْ أَعَارَ دَارِهِ ثُمَّ رَبَطَ الْمُعِيرُ دَابَّتَهُ عَلَى بَابِ الدَّارِ فَضَرَبَتْ إنْسَانًا لَا يَضْمَنُ بِخِلَافِ الْمُؤَجِّرِ إذَا رَبَطَ دَابَّتَهُ بَعْدَمَا سَكَنَ الْمُسْتَأْجِرُ عَلَى مَا مَرَّ فِي الْإِجَارَةِ هَذِهِ فِي الْإِجَارَةِ مِنْ الْخُلَاصَةِ. لَوْ بَنَى الْمُسْتَعِيرُ حَائِطًا فِي الدَّارِ الْمُسْتَعَارَةِ يُقَالُ لَهُ بِالْفَارِسِيَّةِ: باخسه فَلَمَّا اسْتَرَدَّ الْمُعِيرُ الدَّارَ وَأَرَادَ الْمُسْتَعِيرُ أَنْ يَرْجِعَ عَلَيْهِ بِمَا أَنْفَقَ لَيْسَ لَهُ ذَلِكَ وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَهْدِمَ الْحَائِطَ إنْ كَانَ الْبِنَاءُ مِنْ تُرَابِ الْأَرْضِ مِنْ الْخُلَاصَةِ. [النَّوْع الْخَامِس ضمان الْمُسْتَعَار لِلرَّهْنِ] اسْتَعَارَ عَيْنًا لِيَرْهَنَهُ وَلَمْ يُسَمِّ مَا يَرْهَنُهُ فَلَهُ أَنْ يَرْهَنَ بِأَيِّ قَدْرٍ وَبِأَيِّ نَوْعٍ شَاءَ فَلَوْ هَلَكَ الْمُسْتَعَارُ فِي يَدِ الْمُرْتَهِنِ ضَمِنَ الْمُسْتَعِيرُ لِلْمُعِيرِ قَدْرَ مَا يَسْقُطُ بِهِ عَنْ الْمُسْتَعِيرِ مِنْ الدَّيْنِ وَكَذَلِكَ لَوْ دَخَلَهُ عَيْبٌ فَسَقَطَ بَعْضُ الدَّيْنِ يَضْمَنُ الرَّاهِنُ لِلْمُعِيرِ قَدْرَ ذَلِكَ. وَلَوْ أَنَّ الرَّاهِنَ عَجَزَ عَنْ فِكَاكِ الرَّهْنِ فَقَضَى الْمُعِيرُ دَيْنَ الرَّاهِنِ كَانَ لِلْمُعِيرِ أَنْ يَرْجِعَ عَلَى الْمُسْتَعِيرِ بِقَدْرِ مَا يَسْقُطُ مِنْ الدَّيْنِ عِنْدَ الْهَلَاكِ وَلَا يَرْجِعَ بِأَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ حَتَّى لَوْ كَانَتْ قِيمَةُ الرَّهْنِ أَلْفًا وَرَهَنَهُ بِأَلْفَيْنِ بِإِذْنِ الْمُعِيرِ وَافْتَكَّهُ الْمَالِكُ بِأَلْفَيْ دِرْهَمٍ لَا يَرْجِعُ عَلَى الرَّاهِنِ بِأَكْثَرَ مِنْ أَلْفٍ. وَلَوْ أَنَّ الْمُسْتَعِيرَ وَكَّلَ رَجُلًا بِقَبْضِ الرَّهْنِ مِنْ الْمُرْتَهِنِ وَالرَّدِّ عَلَى الْمُعِيرِ إنْ كَانَ الْوَكِيلُ فِي عِيَالِ الْمُسْتَعِيرِ جَازَ وَلَا يَضْمَنُ إنْ هَلَكَ الْمَالُ فِي يَدِ الْوَكِيلِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِي عِيَالِ الْمُوكِلِ فَهَلَكَ الْمَالُ فِي يَدِ الْوَكِيلِ لَمْ يَجُزْ. وَلَيْسَ لِلْمُسْتَعِيرِ أَنْ يَنْتَفِعَ بِالرَّهْنِ وَلَا أَنْ يَسْتَعْمِلَهُ قَبْلَ الرَّدِّ وَلَوْ بَعْدَ الْفِكَاكِ فَإِنْ فَعَلَ ضَمِنَ مِنْ قَاضِي خَانْ. قَالَ فِي الْهِدَايَةِ وَلَوْ اسْتَعَارَ عَبْدًا أَوْ دَابَّةً لِيَرْهَنَهُ فَاسْتَخْدَمَ الْعَبْدَ أَوْ رَكِبَ الدَّابَّةَ قَبْلَ أَنْ يَرْهَنَهُمَا ثُمَّ رَهَنَهُمَا بِمَالٍ مِثْلُ قِيمَتِهِمَا ثُمَّ قَضَى الْمَالَ وَلَمْ يَقْبِضْهُمَا حَتَّى هَلَكَا عِنْدَ الْمُرْتَهِنِ فَلَا ضَمَانَ عَلَى الرَّاهِنِ وَكَذَلِكَ إذَا افْتَكَّ الرَّهْنَ ثُمَّ رَكِبَ الدَّابَّةَ أَوْ اسْتَخْدَمَ الْعَبْدَ ثُمَّ عَطِبَ بَعْدَ ذَلِكَ بِغَيْرِ صُنْعِهِ لَا يَضْمَنُ انْتَهَى. وَإِنْ سَمَّى الْمُعِيرُ قَدْرًا أَوْ جِنْسًا فَخَالَفَهُ الْمُسْتَعِيرُ فَرَهَنَهُ بِأَقَلَّ مِمَّا سَمَّى أَوْ أَكْثَرَ أَوْ بِصِنْفٍ آخَرَ لَا يَجُوزُ وَيَصِيرُ ضَامِنًا وَالدَّلِيلُ فِي الْهِدَايَةِ. وَكَذَا لَوْ اسْتَعَارَهُ لِيَرْهَنَهُ عِنْدَ فُلَانٍ فَرَهَنَهُ عِنْدَ غَيْرِهِ أَوْ اسْتَعَارَهُ لِيَرْهَنَهُ بِالْكُوفَةِ فَرَهَنَهُ بِالْبَصْرَةِ لَا يَجُوزُ وَيَصِيرُ ضَامِنًا وَلِلْمُسْتَعِيرِ أَنْ يَأْخُذَهُ مِنْ الْمُرْتَهِنِ مِنْ قَاضِي خَانْ. وَلَوْ هَلَكَ الْمُسْتَعَارُ عِنْدَ الْمُسْتَعِيرِ قَبْلَ أَنْ يَرْهَنَهُ أَوْ بَعْدَمَا افْتَكَّهُ فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ مِنْ الْهِدَايَةِ. وَلَوْ اخْتَلَفَا فِي الْهَلَاكِ وَالنُّقْصَانِ فَقَالَ الْمَالِكُ: هَلَكَ عِنْدَ الْمُرْتَهِنِ وَقَالَ الْمُسْتَعِيرُ: هَلَكَ قَبْلَ أَنْ يَرْهَنَهُ أَوْ بَعْدَمَا افْتَكَّهُ كَانَ الْقَوْلُ قَوْلَ الْمُسْتَعِيرِ مَعَ يَمِينِهِ مِنْ قَاضِي خَانْ وَإِنْ اخْتَلَفَا فِي قَدْرِ مَا أَمَرَهُ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 67 بِالرَّهْنِ فَالْقَوْلُ لِلْمُعِيرِ؛ لِأَنَّ الْقَوْلَ قَوْلُهُ فِي إنْكَارِ أَصْلِهِ فَكَذَا فِي إنْكَارِ وَصْفِهِ وَلَوْ رَهَنَهُ الْمُسْتَعِيرُ بِدَيْنٍ مَوْعُودٍ وَهُوَ أَنْ يَرْهَنَهُ لِيُقْرِضَهُ كَذَا فَهَلَكَ فِي يَدِ الْمُرْتَهِنِ قَبْلَ الْإِقْرَاضِ وَالْمُسَمَّى وَالْقِيمَةُ سَوَاءٌ يَضْمَنُ الْمُرْتَهِنُ قَدْرَ الْمَوْعُودِ الْمُسَمَّى لِلرَّاهِنِ وَيَرْجِعُ الْمُعِيرُ عَلَى الرَّاهِنِ بِمِثْلِهِ مِنْ الْهِدَايَةِ. وَلَوْ هَلَكَ الْمُسْتَعَارُ فِي يَدِ الْمُرْتَهِنِ بَعْدَ قَضَاءِ دَيْنِهِ يُرَدُّ مَا قَبَضَ عَلَى الرَّاهِنِ وَيَدْفَعُ الرَّاهِنُ ذَلِكَ الْمِقْدَارَ عَلَى الْمُعِيرِ مِنْ الْوَجِيزِ. [بَاب فِي الْوَدِيعَة وَفِيهِ فُصُولٍ] [الْفَصْل الْأَوَّل بَيَان الْوَدِيعَة وَمَا يَجُوز لِلْمُودَعِ وَمَا لَا يَجُوز] (الْبَابُ السَّابِعُ فِي الْوَدِيعَةِ وَيَشْتَمِلُ عَلَى سِتَّةِ فُصُولٍ) (الْفَصْلُ الْأَوَّلُ فِي بَيَانِهَا وَمَا يَجُوزُ لِلْمُودَعِ أَنْ يَفْعَلَ وَمَا لَيْسَ لَهُ وَمَا يَصِيرُ بِهِ مُودَعًا) الْإِيدَاعُ تَسْلِيطُ الْغَيْرِ عَلَى حِفْظِ مَالِهِ الْوَدِيعَةُ مَا يُتْرَكُ عِنْدَ الْأَمِينِ وَهِيَ أَمَانَةٌ فِي يَدِ الْمُودَعِ إذَا هَلَكَتْ لَا يَضْمَنُهَا كَمَا فِي الْهِدَايَةِ وَغَيْرِهَا قَالَ فِي الْأَشْبَاهِ: الْوَدِيعَةُ أَمَانَةٌ إلَّا إذَا كَانَتْ بِأَجْرٍ فَمَضْمُونَةٌ ذَكَرَهُ الزَّيْلَعِيُّ انْتَهَى. وَاشْتِرَاطُ الضَّمَانِ عَلَى الْمُودَعِ بَاطِلٌ هَذِهِ فِي الْكَفَالَةِ مِنْ الْهِدَايَةِ. ثُمَّ الْوَدِيعَةُ تَارَةً تَقَعُ بِالْإِيجَابِ وَالْقَبُولِ صَرِيحًا كَقَوْلِهِ أَوْدَعْتُكَ وَقَبِلَ الْآخَرُ وَتَتِمُّ بِالْإِيجَابِ وَحْدَهُ فِي حَقِّ الْأَمَانَةِ لَا فِي حَقِّ وُجُوبِ الْحِفْظِ عَلَيْهِ حَتَّى لَوْ قَالَ لِلْغَاصِبِ: أَوْدَعْتُك الْمَغْصُوبَ بَرِئَ عَنْ الضَّمَانِ وَإِنْ لَمْ يَقْبَلْ حَتَّى لَوْ هَلَكَ عِنْدَهُ لَمْ يَضْمَنْ وَتَارَةً تَقَعُ بِالْكِتَابَةِ كَقَوْلِهِ لِآخَرَ أَعْطِنِي أَلْفَ دِرْهَمٍ أَوْ قَالَ: أَعْطِنِي هَذَا الثَّوْبَ الَّذِي فِي يَدِك فَقَالَ: أَعْطَيْتُك فَهَذَا عَلَى الْوَدِيعَةِ نَصَّ عَلَيْهِ فِي الْمُنْتَقَى مِنْ الْوَجِيزِ وَتَارَةً تَقَعُ دَلَالَةً فَلَوْ جَاءَ رَجُلٌ بِثَوْبٍ إلَى رَجُلٍ وَوَضَعَهُ بَيْنَ يَدَيْهِ وَقَالَ: هَذَا وَدِيعَةٌ عِنْدَك وَسَكَتَ الْآخَرُ صَارَ مُودَعًا فَلَوْ ذَهَبَ صَاحِبُ الثَّوْبِ ثُمَّ ذَهَبَ الْآخَرُ بَعْدَهُ وَتَرَكَ الثَّوْبَ ثَمَّةَ وَضَاعَ الثَّوْبُ كَانَ ضَامِنًا؛ لِأَنَّ هَذَا قَبُولٌ مِنْهُ لِلْوَدِيعَةِ عُرْفًا وَكَذَا لَوْ وَضَعَ صَاحِبُ الثَّوْبِ ثَوْبَهُ بَيْنَ يَدَيْهِ وَلَمْ يَقُلْ لَهُ شَيْئًا أَوْ الْمَسْأَلَةُ بِحَالِهَا كَانَ ضَامِنًا أَيْضًا؛ لِأَنَّ هَذَا إيدَاعٌ عُرْفًا. وَلَوْ قَالَ الْجَالِسُ: لَا أَقْبَلُ الْوَدِيعَةَ فَوَضَعَ الثَّوْبَ بَيْنَ يَدَيْهِ وَذَهَبَ وَضَاعَ الثَّوْبُ لَا يَضْمَنُ؛ لِأَنَّهُ صَرَّحَ بِالرَّدِّ فَلَا يَصِيرُ مُودَعًا بِدُونِ الْقَبُولِ وَلَوْ قَالَ: لَا أَقْبَلُ حَتَّى لَمْ يَصِرْ مُودَعًا وَمَعَ ذَلِكَ تَرَكَ الثَّوْبَ مَالِكُهُ فَذَهَبَ ثُمَّ رَفَعَهُ مَنْ لَمْ يَقْبَلْ وَأَدْخَلَهُ فِي بَيْتِهِ يَنْبَغِي أَنْ يَضْمَنَ لِأَنَّهُ لَمَّا لَمْ يَثْبُتْ الْإِيدَاعُ صَارَ غَاصِبًا بِرَفْعِهِ مِنْ الْفُصُولَيْنِ. وَضَعَ فِي بَيْتِهِ شَيْئًا بِغَيْرِ أَمْرِهِ فَلَمْ يَحْفَظْهُ حَتَّى ضَاعَ لَا يَضْمَنُ لِعَدَمِ الْتِزَامِهِ الْحِفْظَ مِنْ الْبَزَّازِيَّةِ. وَإِذَا قَالَ ضَعْهُ فِي هَذَا الْجَانِبِ مِنْ بَيْتِي إلَّا أَنِّي لَا أَلْزَمُ حِفْظَهُ يَصِيرُ مُودَعًا ذَكَرَهُ فِي الْقُنْيَةِ. وَفِيهَا عَنْ عَيْنِ الْأَئِمَّةِ الْكَرَابِيسِيِّ وَضَعَ عِنْدَهُ شَيْئًا وَقَالَ لَهُ: احْفَظْهُ حَتَّى أَرْجِعَ فَصَاحَ لَا أَحْفَظُهُ وَتَرَكَهُ صَاحِبُهُ صَارَ مُودَعًا وَيَضْمَنُ إنْ تَرَكَ حِفْظَهُ. وَعَنْ أَبِي الْفَضْلِ الْكَرْمَانِيُّ لَا يَصِيرُ مُودَعًا وَلَا يَضْمَنُ بِتَرْكِ الْحِفْظِ وَهَكَذَا فِي الْمُحِيطِ انْتَهَى أَقُولُ: وَبِقَوْلِ صَاحِبِ الْمُحِيطِ نَأْخُذُ. حَمَلَتْ زَوْجَةُ الِابْنِ إلَى دَارِ أَبِيهِ خَالِيَةً فَأَخَذَهَا إلَّا عَوْنَةً وَقَصَّرَ الصِّهْرُ فِي الْمَنْعِ مِنْهُمْ مَعَ قُدْرَتِهِ عَلَيْهِ يَضْمَنُ قَالَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -: فَقَدْ جَعَلَهُ مُودَعًا بِدُونِ تَصْرِيحٍ بِالْإِيدَاعِ دُونَ أَهْلِهِ وَخَدَمِهِ؛ لِأَنَّهُ الْقَيِّمُ فِي الدَّارِ وَالْمُتَصَرِّفُ فَتَعَيَّنَ لِلْحِفْظِ مِنْ الْقُنْيَةِ. قَامَ رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ الْمَجْلِسِ وَتَرَكَ كِتَابَهُ أَوْ مَتَاعَهُ فَالْبَاقُونَ مُودَعُونَ حَتَّى لَوْ قَامُوا جَمِيعًا وَتَرَكُوهُ فَضَاعَ ضَمِنُوا جَمِيعًا لِأَنَّ الْأَوَّلَ لَمَّا تَرَكَ عِنْدَهُمْ فَقَدْ اسْتَحْفَظَهُمْ فَإِذَا قَامُوا الجزء: 1 ¦ الصفحة: 68 فَقَدْ تَرَكُوا الْحِفْظَ الْمُلْتَزَمَ وَإِنْ قَامَ الْقَوْمُ وَاحِدًا بَعْدَ وَاحِدٍ كَانَ الضَّمَانُ عَلَى آخِرِهِمْ لِأَنَّ الْآخِرَ تَعَيَّنَ لِلْحِفْظِ فَتَعَيَّنَ لِلضَّمَانِ. وَلَوْ جَاءَ رَجُلٌ إلَى الْخَانِ بِدَابَّةٍ وَقَالَ لِصَاحِبِ الْخَانِ: أَيْنَ أَرْبِطُهَا؟ فَقَالَ صَاحِبُ الْخَانِ: ارْبِطْهَا هُنَاكَ فَرَبَطَ وَذَهَبَ ثُمَّ جَاءَ صَاحِبُ الدَّابَّةِ وَلَمْ يَجِدْ الدَّابَّةَ فَقَالَ صَاحِبُ الْخَانِ: إنَّ صَاحِبَك أَخْرَجَ الدَّابَّةَ لِيَسْقِيَهَا وَلَمْ يَكُ لِصَاحِبِ الدَّابَّةِ صَاحِبٌ كَانَ صَاحِبُ الْخَانِ ضَامِنًا؛ لِأَنَّ قَوْلَ صَاحِبِ الدَّابَّةِ أَيْنَ أَرْبِطُ الدَّابَّةَ؟ اسْتِيدَاعٌ عُرْفًا وَقَوْلُ صَاحِبِ الْخَانِ هُنَاكَ قَبُولٌ لِلْوَدِيعَةِ مِنْ قَاضِي خَانْ الْوَجِيزِ. وَلِلْمُودَعِ أَنْ يُسَافِرَ الْوَدِيعَةِ وَلَوْ كَانَ لَهَا حِمْلٌ وَمُؤْنَةٌ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ إذَا كَانَ الطَّرِيقُ آمِنًا وَقَالَا: لَيْسَ لَهُ ذَلِكَ إذَا كَانَ لَهَا حِمْلٌ وَمُؤْنَةٌ إلَّا إذَا كَانَ الِاسْتِحْفَاظُ بِأَجْرٍ فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يُسَافِرَ بِهَا؛ لِأَنَّهُ عَقْدُ مُعَاوَضَةٍ فَيَقْتَضِي التَّسْلِيمَ فِي مَكَانِ الْعَقْدِ فَيَتَعَيَّنُ لِلْحِفْظِ مِنْ الْهِدَايَةِ. وَفِي الْمُخْتَارِ وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يُسَافِرَ بِهَا فِي الْبَحْرِ وَلَمْ يَتَعَرَّضْ لِلْخِلَافِ وَإِطْلَاقُهُ يَدُلُّ عَلَى الْوِفَاقِ. وَلَيْسَ لِلْمُودَعِ أَنْ يُودِعَ بِلَا إذْنٍ وَلَا يُصَدِّقَ عَلَى دَعْوَى الْإِذْنِ إلَّا بِبَيِّنَةٍ وَالْوَضْعُ فِي حِرْزِ غَيْرِهِ إيدَاعٌ إلَّا إذَا اسْتَأْجَرَ الْحِرْزَ فَيَكُونُ حَافِظًا بِحِرْزِ نَفْسِهِ فَلَوْ أَوْدَعَهَا آخَرُ بِغَيْرِ إذْنٍ فَهَلَكَتْ فَلِلْمَالِكِ أَنْ يَضْمَنَ الْأَوَّلَ لَا الثَّانِي عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَقَالَا: لَهُ أَنْ يَضْمَنَ أَيَّهمَا شَاءَ فَإِنْ ضَمِنَ الْأَوَّلُ لَا يَرْجِعُ عَلَى الْآخَرِ وَإِنْ ضَمِنَ الْآخَرُ يَرْجِعُ عَلَى الْأَوَّلِ مِنْ الْهِدَايَةِ. وَلَيْسَ لِلْمُودَعِ أَنْ يُؤَاجِرَ الْوَدِيعَةَ وَيَرْهَنَ مِنْ عَارِيَّةٍ الْكَنْزِ. وَفِي الْعَارِيَّةِ مِنْ الْخُلَاصَةِ: الْوَدِيعَةُ لَا تُودَعُ وَلَا تُعَارُ وَلَا تُؤَاجَرُ وَلَا تُرْهَنُ فَإِنْ فَعَلَ شَيْئًا مِنْهَا ضَمِنَ اهـ. وَفِيهَا مِنْ الْوَدِيعَةِ الْمُودَعُ إذَا سَافَرَ إنَّمَا يَضْمَنُ إذَا كَانَ لَهُ حِمْلٌ وَمُؤْنَةٌ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ فَإِنْ كَانَ لَهُ بُدٌّ مِنْ السَّفَرِ لَا يَضْمَنُ وَإِنْ كَانَ لَهُ بُدٌّ مِنْ السَّفَرِ فَكَذَلِكَ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ لَا يَضْمَنُ اهـ. وَإِذَا شَرَطَ الْمُودِعُ شَرْطًا مُفِيدًا مِنْ كُلِّ وَجْهٍ يَتَقَيَّدُ بِهِ أَكَّدَ بِالنَّهْيِ أَوْ لَا فَلَوْ قَالَ: احْفَظْهَا فِي هَذِهِ الدَّارِ فَحَفِظَهَا فِي دَارٍ أُخْرَى ضَمِنَ؛ لِأَنَّ الدَّارَيْنِ يَتَفَاوَتَانِ فِي الْحِرْزِ فَيَتَقَيَّدُ بِالشَّرْطِ ذَكَرَهُ فِي الْهِدَايَةِ. وَفِي الْفُصُولَيْنِ وَقِيلَ: لَا يَضْمَنُ لَوْ أَحْرَزَ أَوْ سَوَاءٌ وَلَوْ أَكَّدَ بِالنَّهْيِ وَقِيلَ: يَضْمَنُ لَوْ لَمْ يَحْتَجْ فِي وَضْعِهَا دَارًا أُخْرَى لَا لَوْ احْتَاجَ إذْ التَّعْيِينُ يَلْغُو حِينَئِذٍ إذْ لَا يُطْلَبُ مِنْهُ حِفْظُ مَالِهِ بِطَرِيقٍ لَا يَقْدِرُ عَلَيْهِ اهـ. وَهَكَذَا لَوْ قَالَ: لَا تُسَافِرْ بِهَا فَسَافَرَ بِهَا ضَمِنَ؛ لِأَنَّ التَّقْيِيدَ مُفِيدٌ إذْ الْحِفْظُ فِي الْمِصْرِ أَبْلَغُ فَكَانَ صَحِيحًا مِنْ الْهِدَايَةِ. شَرَطَ شَرْطًا مُفِيدًا مِنْ وَجْهٍ لَا مِنْ وَجْهٍ تَقَيَّدَ بِهِ لَوْ أَكَّدَ وَإِلَّا لَا فَلَوْ عَيَّنَ بَيْتًا مِنْ دَارٍ فَحُفِظَ فِي بَيْتٍ آخَرَ مِنْهَا قِيلَ: لَوْ أَكَّدَ بِالنَّهْيِ كَقَوْلِهِ لَا تَحْفَظْ إلَّا فِي هَذَا الْبَيْتِ ضَمِنَ لَا لَوْ لَمْ يُؤَكِّدْ وَقِيلَ: لَا يَضْمَنُ لَوْ أَحْرَزَ أَوْ سَوَاءٌ وَلَوْ أَكَّدَ وَقِيلَ: لَا يَضْمَنُ مُطْلَقًا إذْ الْبَيْتَانِ فِي دَارٍ وَاحِدَةٍ قَلَّمَا يَتَفَاوَتَانِ فِي الْحِرْزِ مِنْ الْفُصُولَيْنِ قَالَ فِي الْهِدَايَةِ وَلَوْ كَانَ التَّفَاوُتُ بَيْنَ الْبَيْتَيْنِ ظَاهِرًا بِأَنْ كَانَتْ الدَّارُ الَّتِي فِيهَا الْبَيْتَانِ عَظِيمَةً وَاَلَّذِي نَهَاهُ عَنْ الْحِفْظِ فِيهِ عَوْرَةٌ ظَاهِرَةٌ صَحَّ الشَّرْطُ فَيَضْمَنُ وَإِلَّا لَمْ يَضْمَنْ؛ لِأَنَّ الْبَيْتَيْنِ مِنْ دَارٍ وَاحِدَةٍ لَا يَتَفَاوَتَانِ فِي الْحِرْزِ فَلَا يُفِيدُ الشَّرْطُ. وَفِي الْخُلَاصَةِ إذَا قَالَ الْمُودَعُ لِلْمُودِعِ: احْفَظْ الْوَدِيعَةَ فِي هَذَا الْبَيْتِ فَحَفِظَهَا فِي بَيْتٍ آخَرَ فِي تِلْكَ الدَّارِ فَهَلَكَتْ لَا يَضْمَنُ وَفِي بَعْضِ شُرُوحِ الْجَامِعِ الصَّغِيرِ لَوْ كَانَ ظَهْرُ الْبَيْتِ الْمَنْهِيِّ عَنْهُ إلَى السِّكَّةِ يَضْمَنُ وَلَوْ قَالَ لَهُ: احْفَظْهَا فِي هَذِهِ الدَّارِ فَحَفِظَهَا فِي دَارٍ أُخْرَى يَضْمَنُ وَلَوْ كَانَتْ الدَّارُ الْأُخْرَى مِثْلَ الْأُولَى أَوْ أَحْرَزَ مِنْهَا لَا يَضْمَنُ هَكَذَا ذَكَرَ الصَّدْرُ الشَّهِيدُ وَذَكَرَ الْإِمَامُ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 69 خُوَاهَرْ زَادَهْ فِي الْأَصْلِ أَنَّهُ يَضْمَنُ وَإِنْ كَانَتْ الثَّانِيَةُ أَحْرَزَ مِنْ الْأُولَى. وَلَوْ قَالَ: لَا تَضَعْهَا فِي الْحَانُوتِ فَوَضَعَهَا فَسُرِقَتْ لَيْلًا إنْ لَمْ يَكُنْ بَيْتُهُ أَحْرَزَ مِنْ الْحَانُوتِ أَوْ لَمْ يَكُنْ لَهُ مَكَانٌ آخَرُ أَحْرَزُ مِنْهُ لَا يَضْمَنُ وَإِلَّا ضَمِنَ اهـ وَلَوْ شَرَطَ شَرْطًا لَا يُفِيدُ أَصْلًا لُغِيَ أَكَّدَ أَوْ لَا كَتَعْيِينِ صُنْدُوقٍ بِبَيْتٍ وَلَوْ قَالَ: ضَعْهَا فِي كِيسِك فَوَضَعَ فِي صُنْدُوقِهِ لَمْ يَضْمَنْ وَلَوْ قَالَ: لَا تَضَعْ فِي الْحَانُوتِ فَإِنَّهُ مَخُوفٌ فَوَضَعَهَا فِيهِ لَمْ يَضْمَنْ لَوْ لَمْ يَكُنْ لَهُ مَوْضِعٌ آخَرُ أَحْرَزُ مِنْهُ وَإِذَا قَالَ لِلْمُودَعِ: لَا تُخْرِجْهَا مِنْ الْمِصْرِ فَخَرَجَ بِهَا ضَمِنَ إذْ الْحِفْظُ فِي الْمِصْرِ بَلَغَ فَيُقَيَّدُ إلَّا أَنْ يُضْطَرَّ أَوْ يَخَافَ التَّلَفَ فَلَوْ أَمْكَنَهُ الْحِفْظُ فِي الْمِصْرِ مَعَ السَّفَرِ بِأَنْ يَتْرُكَ قِنَّهُ فِي الْمِصْرِ الْمَأْمُورِ بِهِ فَإِنَّهُ يَضْمَنُ لَوْ سَافَرَ بِهَا وَأَمَّا إنْ احْتَاجَ إلَى نَقْلِ الْعِيَالِ أَوْ لَمْ يَكُنْ لَهُ عِيَالٌ فَسَافَرَ بِهَا لَا يَضْمَنُ وَهَذَا لَوْ عَيَّنَ الْمَكَانَ وَلَوْ لَمْ يُعَيِّنْ بِأَنْ قَالَ: احْفَظْ هَذَا وَلَمْ يَقُلْ فِي مَكَانِ كَذَا فَسَافَرَ فَلَوْ كَانَ الطَّرِيقُ مَخُوفًا ضَمِنَ بِالْإِجْمَاعِ وَإِلَّا لَا يَضْمَنُ بِالْإِجْمَاعِ إذَا لَمْ يَكُنْ لَهُ حِمْلٌ وَمُؤْنَةٌ فَلَوْ كَانَ لَهُ حِمْلٌ وَمُؤْنَةٌ وَقَدْ أُمِرَ بِالْحِفْظِ مُطْلَقًا لَوْ كَانَ لَا بُدَّ لَهُ مِنْ السَّفَرِ وَقَدْ عَجَزَ عَنْ حِفْظِهِ فِي الْمِصْرِ الَّذِي أُودِعَهُ فِيهِ لَمْ يَضْمَنْ بِالْإِجْمَاعِ وَلَوْ لَمْ يَكُنْ لَا بُدَّ لَهُ مِنْ السَّفَرِ فَكَذَلِكَ لَا يَضْمَنُ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ قَرِيبًا كَانَ أَوْ بَعِيدًا وَعِنْدَ أَبِي يُوسُفَ يَضْمَنُ لَوْ بَعِيدًا وَعِنْدَ مُحَمَّدٍ يَضْمَنُ فِي الْحَالَيْنِ مِنْ الْفُصُولَيْنِ. امْرَأَةٌ قَالَتْ لِأَكَّارِهَا: لَا تَطْرَحْ الْبُرَّ فِي مَنْزِلِك فَوَضَعَهُ الْأَكَّارُ فِي مَنْزِلِهِ فَجَنَى الْأَكَّارُ جِنَايَةً وَهَرَبَ فَرَفَعَ السُّلْطَانُ مَا كَانَ فِي مَنْزِلِهِ قَالَ الْفَقِيهُ أَبُو بَكْرٍ الْبَلْخِيّ: إنْ كَانَ مَنْزِلُهُ قَرِيبًا مِنْ مَوْضِعِ الْبَيْدَرِ فَلَا ضَمَانَ عَلَى الْأَكَّارِ؛ لِأَنَّ حِفْظَ الْكَدْسِ وَتَحْصِينَهُ يَكُونُ عَلَى الْأَكَّارِ فَإِذَا طَرَحَهُ فِي مَوْضِعِ الْكُدْسِ قَرِيبًا مِنْ الْبَيْدَرِ وَأَخَفَّ مُؤْنَةٍ لَا يَضْمَنُ. إذَا قَالَ الْمُودَعُ: وَضَعْت الْوَدِيعَةَ فِي مَكَانٍ حَصِينٍ وَنَسِيت قَالَ بَعْضُهُمْ: كَانَ ضَامِنًا؛ لِأَنَّهُ جَهِلَ الْأَمَانَةَ فَيَضْمَنُ كَمَا لَوْ مَاتَ مَجْهُولًا وَهُوَ كَرَجُلٍ عِنْدَهُ غَنَمٌ لِقَوْمٍ اخْتَلَطَتْ وَلَا يَعْرِفُهَا فَإِنَّهُ يَكُونُ ضَامِنًا وَقَالَ الْفَقِيهُ أَبُو اللَّيْثِ إنْ قَالَ: وَضَعْتُ الْوَدِيعَةَ فِي دَارِي وَنَسِيت الْمَكَانَ لَا يَكُونُ ضَامِنًا وَلَوْ قَالَ: لَا أَدْرِي وَضَعْتُهَا فِي دَارِي أَوْ فِي بَيْتٍ آخَرَ كَانَ ضَامِنًا وَهَكَذَا رُوِيَ عَنْ أَبِي يُوسُفَ. وَلَوْ قَالَ: وَضَعْت الْوَدِيعَةَ بَيْنَ يَدَيَّ فِي مَكَانٍ ثُمَّ قُمْت وَنَسِيتهَا أَوْ قَالَ: سَقَطَتْ مِنِّي قَالَ الْفَقِيهُ أَبُو بَكْرٍ الْبَلْخِيّ: يَضْمَنُ وَقَالَ الْفَقِيهُ أَبُو اللَّيْثِ: إنْ قَالَ سَقَطَتْ مِنِّي لَا يَضْمَنُ وَلَوْ قَالَ بِالْفَارِسِيَّةِ: بيفكندم يَكُونُ ضَامِنًا وَلَوْ قَالَ: بيفتاداز مِنْ لَا يَضْمَنُ وَقَالَ الْفَقِيهُ: قَدْ قَالَ بَعْضُ أَصْحَابِنَا: إذَا قَالَ: ذَهَبَتْ الْوَدِيعَةُ وَلَا أَدْرِي كَيْفَ ذَهَبَتْ كَانَ الْقَوْلُ قَوْلَهُ مَعَ يَمِينِهِ فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ وَبِهِ نَأْخُذُ وَفِي عُرْفِهِ لَا فَرْقَ بَيْنَ قَوْلِهِ بيفكندم أَوْ قَالَ: بيفتاداز مِنْ مِنْ أَنَّهُ لَا يَكُونُ ضَامِنًا عَلَى كُلِّ حَالٍ مِنْ قَاضِي خَانْ وَفِي مُشْتَمِلِ الْهِدَايَةِ. لَوْ قَالَ الْمُودَعُ: سَقَطَتْ الْوَدِيعَةُ أَوْ قَالَ بِالْفَارِسِيَّةِ: بيفتاداز مِنْ لَا يَضْمَنُ وَلَوْ قَالَ: سَقَطَتْ أَوْ قَالَ بيفكندم يَضْمَنُ كَذَا ذَكَرَهُ الْفَقِيهُ أَبُو اللَّيْثِ فِي فَتَاوِيهِ وَطَعَنُوا وَقَالُوا: مُجَرَّدُ الْإِسْقَاطِ لَيْسَ بِسَبَبِ الضَّمَانِ أَلَا يُرَى أَنَّهُ لَوْ أَسْقَطَهَا ثُمَّ رَفَعَهَا وَلَمْ يَبْرَحْ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 70 عَنْ ذَلِكَ الْمَكَانِ حَتَّى هَلَكَتْ لَا يَضْمَنُ فَهَاهُنَا لَا يَضْمَنُ بِمُجَرَّدِ قَوْلِهِ أَسْقَطْت بَلْ يُشْتَرَطُ أَنْ يَقُولَ مَعَ ذَلِكَ: أَسْقَطْت وَتَرَكْت أَوْ يَقُولَ: أَسْقَطْت وَذَهَبَتْ أَوْ يَقُولَ: أَسْقَطْت فِي الْمَاءِ أَوْ مَا أَشْبَهَ ذَلِكَ وَقَالُوا فِي قَوْلِهِ سَقَطَتْ يَنْبَغِي أَنْ يَضْمَنَ لِأَنَّهَا إنَّمَا سَقَطَتْ لِتَقْصِيرٍ مِنْ جِهَتِهِ. وَفِي فَتَاوَى ظَهِيرِ الدِّينِ إذَا قَالَ: سَقَطَتْ الْوَدِيعَةُ أَوْ قَالَ بيفكندم يَنْبَغِي أَنْ لَا يَضْمَنَ بِمُجَرَّدِ هَذَا الْقَوْلِ لِأَنَّ الْعَامَّةَ لَا يُفَرِّقُونَ بَيْنَ قَوْلِهِمْ بيفتادو بيفكندم انْتَهَى مَا فِي الْمُشْتَمِلِ. وَفِي الْفُصُولَيْنِ عَنْ الْخُلَاصَةِ لَوْ قَالَ أَسْقَطْتهَا لَا يَضْمَنُ لِأَنَّهُ بِالْإِسْقَاطِ إذَا لَمْ يَتْرُكْهَا وَلَمْ يَذْهَبْ لَمْ يَكُنْ مُتَعَدِّيًا وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى اهـ. وَلَوْ قَالَ الْمُودَعُ لَا أَدْرِي كَيْفَ ذَهَبَتْ قَالَ بَعْضُهُمْ يَكُونُ ضَامِنًا بِخِلَافِ مَا لَوْ قَالَ ذَهَبَتْ وَلَا أَدْرِي كَيْفَ ذَهَبَتْ وَقَالَ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ السَّرَخْسِيُّ الْأَصَحُّ أَنَّهُ لَا يَضْمَنُ عَلَى كُلِّ حَالٍ سَوَاءٌ قَالَ ذَهَبَتْ وَلَا أَدْرِي كَيْفَ ذَهَبَتْ أَوْ قَالَ: لَا أَدْرِي كَيْفَ ذَهَبَتْ وَلَمْ يَزِدْ عَلَيْهِ. رَجُلٌ عِنْدَهُ وَدِيعَةٌ فَقَالَ: لَا أَدْرِي أَضَاعَتْ أَمْ لَمْ تَضِعْ لَا يَضْمَنُ وَلَوْ قَالَ لَا: أَدْرِي أَضَيَّعْتهَا أَوْ لَمْ أُضَيِّعْ قَالُوا: يَكُونُ ضَامِنًا. وَلَوْ قَالَ: ضَاعَتْ الْوَدِيعَةُ عِنْدِي ثُمَّ قَالَ: رَدَدْت الْوَدِيعَةَ عَلَيْك يَضْمَنُ وَلَا يُقْبَلُ قَوْلُهُ فِي الرَّدِّ؛ لِأَنَّهُ مُتَنَاقِضٌ. رَجُلٌ أَوْدَعَ عِنْدَ رَجُلٍ زِنْبِيلًا فِيهِ الْآلَةُ ثُمَّ ادَّعَى أَنَّهُ كَانَ فِيهِ قَدُومٌ وَطَلَبَهُ مِنْهُ فَقَالَ الْمُودَعُ: لَا أَدْرِي مَا كَانَ فِيهِ قَالَ الْفَقِيهُ أَبُو جَعْفَرٍ: لَا ضَمَانَ عَلَيْهِ وَلَا يَمِينَ حَتَّى يُدَّعَى عَلَيْهِ أَنَّهُ رَفَعَهُ أَوْ ضَيَّعَهُ فَحِينَئِذٍ يَحْلِفُ فَإِنْ حَلَفَ بَرِئَ وَإِنْ نَكَلَ ضَمِنَ. نَجَّارٌ أَوْدَعَ كِيسًا فِيهِ دَرَاهِمُ عِنْدَ رَجُلٍ وَلَمْ يَزِدْ عَلَيْهِ ثُمَّ ادَّعَى صَاحِبُ الْوَدِيعَةِ الزِّيَادَةَ قَالُوا: لَا ضَمَانَ عَلَيْهِ وَلَا يَمِينَ حَتَّى يَدَّعِيَ عَلَيْهِ التَّضْيِيعَ أَوْ الْخِيَانَةَ وَنَحْوَ ذَلِكَ. وَعَنْ نُصَيْرٍ أَنَّهُ كَتَبَ إلَى ابْنِ شُجَاعٍ فِي مُودَعٍ يَقُولُ: دَفَنْت الْوَدِيعَةَ وَنَسِيت مَوْضِعَهَا فَأَجَابَ وَقَالَ: إنْ دَفَنَهَا فِي دَارِهِ لَا يَضْمَنُ وَإِنْ دَفَنَهَا فِي دَارِ غَيْرِهِ ضَمِنَ قِيلَ: وَإِنْ دَفَنَهَا فِي كَرْمِهِ فَسُرِقَ قَالَ: إنْ كَانَ لَهُ بَابٌ فَلَيْسَ بِتَضْيِيعٍ وَإِلَّا فَهُوَ تَضْيِيعٌ وَكَذَا الدَّارُ إذَا لَمْ يَكُنْ لَهَا بَابٌ مِنْ قَاضِي خَانْ إذَا قَالَ الْمُودَعُ: دَفَنْت الْوَدِيعَةَ فِي مَكَانِ كَذَا فَنَسِيت إنْ كَانَ دَارًا أَوْ كَرْمًا وَلَهُ بَابٌ لَا يَضْمَنُ وَلَوْ قَالَ: وَضَعْت الْوَدِيعَةَ بَيْنَ يَدَيَّ فِي دَارِي وَالْمَسْأَلَةُ بِحَالِهَا فَإِنْ كَانَتْ الْوَدِيعَةُ مِمَّا لَا يُحْفَظُ فِي عَرْصَةِ الدَّارِ وَعَرْصَةُ الدَّارِ لَا تُعَدُّ حِرْزًا لَهُ كَصُرَّةِ ذَهَبٍ وَنَحْوِهَا يَضْمَنُ وَإِذَا كَانَتْ مِمَّا تُعَدُّ الدَّارُ حِرْزًا لَهَا لَا يَضْمَنُ وَلَوْ قَالَ: لَا أَدْرِي وَضَعْتُهَا فِي دَارِي أَوْ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ يَضْمَنُ. وَلَوْ قَالَ: بِعْت الْوَدِيعَةَ وَقَبَضْت ثَمَنَهَا لَا يَضْمَنُ مَا لَمْ يَقُلْ دَفَعْتُهَا إلَيْهِ مِنْ الْخُلَاصَةِ. أُودِعَ عِنْدَهُ مَا وَقَعَ فِيهِ السُّوسُ فَلَمْ يَرُدَّهُ حَتَّى وَقَعَ فِيهِ السُّوسُ وَأَفْسَدَهُ لَا يَضْمَنُ. وَضَعَ الْوَدِيعَةَ فِي الدَّارِ وَخَرَجَ وَالْبَابُ مَفْتُوحٌ فَسُرِقَتْ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِي الدَّارِ أَحَدٌ وَالْمُودَعُ فِي مَوْضِعٍ يَسْمَعُ حِسَّ الدَّاخِلِ لَا يَضْمَنُ. مُودِعُ الْمُودَعِ لَا يَضْمَنُ مَا لَمْ يَتَصَرَّفْ فِيهَا بِغَيْرِ إذْنِ صَاحِبِهَا عِنْدَ الْإِمَامِ مِنْ الْبَزَّازِيَّةِ. الْمُودَعُ يَلْبَسُ الْوَدِيعَةَ وَيَنْزِعُهَا وَيَسْتَعْمِلُهَا كَثَوْبِ نَفْسِهِ فَهَلَكَ فِي غَيْرِ الِاسْتِعْمَالِ لَا يَضْمَنُ. أَوْدَعَهُ دَنَانِيرَ وَسَأَلَهُ أَنْ يُقْرِضَهُ دَرَاهِمَ فَوَضَعَ الْمُودَعُ الدَّنَانِيرَ فِي حِجْرِهِ لِيَحْمِلَ لَهُ الدَّرَاهِمَ ثُمَّ قَامَ وَنَسِيَهَا فَضَاعَتْ يَضْمَنُ. أَوْدَعَهُ سِكِّينًا فَجَعَلَهَا فِي سَاقِ خُفِّهِ لَا يَضْمَنُ إنْ لَمْ يُقَصِّرْ فِي الْحِفْظِ. الْمُودَعُ إذَا فَتَحَ الْكُورَةَ فِي الشِّتَاءِ وَتَرَكَهَا مَفْتُوحَةً فَهَلَكَتْ الْفَوَاكِهُ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 71 والبطاطيخ الْمُودَعَةُ يَضْمَنُ إنْ جُحِدَتْ فِي الْحَالِ وَإِلَّا فَلَا. أُودِعَ قَرَاطِيسَ فَوَضَعَهَا فِي الصُّنْدُوقِ ثُمَّ وَضَعَ فَوْقَهُ مَاءً لِيَشْرَبَهُ فَتَقَاطَرَ الْمَاءُ عَلَيْهَا فَهَلَكَتْ لَا يَضْمَنُ. وَضَعَ الْوَدِيعَةَ فِي دَارِهِ وَيَدْخُلُهَا أُنَاسٌ كَثِيرَةٌ فَضَاعَتْ فَإِنْ كَانَ شَيْئًا يُحْفَظُ فِي الدَّارِ مَعَ دُخُولِهِمْ لَا يَضْمَنُ وَالذَّهَبُ يُضْمَنُ. أُودِعَ عَامِلُ الْوَالِي مَالًا فَوَضَعَهُ فِي بَيْتِهِ ثُمَّ فِي أَيَّامِ السُّلْطَانِ نَقَلَ أَمْتِعَتَهُ وَتَرَكَ الْوَدِيعَةَ وَتَوَارَى فَأُغِيرَ عَلَى بَيْتِهِ الْوَدِيعَةِ يَضْمَنُ وَإِنْ تَرَكَ بَعْضَ أَمْتِعَتِهِ فِي بَيْتِهِ مِنْ الْقُنْيَةِ قَالَ فِي التَّتِمَّةِ: وَذَلِكَ؛ لِأَنَّ فِي تَضْيِيعِهِ مَالَ نَفْسِهِ لَا يَصِيرُ مَعْذُورًا فِي مَالِ غَيْرِهِ. وَلَوْ قَالَ: دَفَنْت الْوَدِيعَةَ فِي مَكَانٍ حَصِينٍ وَنَسِيت الْمَوْضِعَ فِيهِ اخْتِلَافُ الْمَشَايِخِ وَقَدْ مَرَّتْ وَلَوْ لَمْ يُبَيِّنْ الْمَكَانَ وَلَكِنَّهُ قَالَ سُرِقَتْ الْوَدِيعَةُ مِنْ الْمَكَانِ الْمَدْفُونِ فِيهِ لَا يَضْمَنُ. الْمُودَعُ إذَا دَفَنَ الْوَدِيعَةَ فِي الْأَرْضِ إنْ جَعَلَ هُنَاكَ عَلَامَةً لَا يَضْمَنُ وَإِلَّا ضَمِنَ وَفِي الْمَفَازَةِ يَضْمَنُ جَعَلَ هُنَاكَ عَلَامَةً أَوْ لَمْ يَجْعَلْ وَلَوْ دَفَنَ فِي الْكَرْمِ إنْ كَانَ حَصِينًا بِأَنْ كَانَ لَهُ بَابٌ مُغْلَقٌ لَا يَضْمَنُ وَقَدْ مَرَّتْ وَلَوْ وَضَعَهَا وَلَمْ يَدْفِنْهَا إنْ وَضَعَهَا فِي مَوْضِعٍ لَا يَدْخُلُ إلَيْهِ أَحَدٌ إلَّا بِالِاسْتِئْذَانِ لَمْ يَضْمَنْ فَإِنْ تَوَجَّهَتْ اللُّصُوصُ نَحْوَ الْمُودَعِ فِي الْمَفَازَةِ فَدَفَنَ الْوَدِيعَةَ كَيْ لَا تُؤْخَذَ مِنْهُ لِشِدَّةِ الْخَوْفِ فَلَمَّا رَجَعَ لَمْ يَظْفَرْ بِالْمَكَانِ الَّذِي دَفَنَهَا فِيهِ إنْ كَانَ يُمْكِنُ أَنْ يَجْعَلَ هُنَاكَ عَلَامَةً فَلَمْ يَفْعَلْ يَضْمَنُ وَإِذَا أَمْكَنَهُ الْعَوْدُ فِي أَقْرَبِ الْأَوْقَاتِ بَعْدَ انْقِطَاعِ الْخَوْفِ فَلَمْ يَعُدْ ثُمَّ جَاءَ وَلَمْ يَجِدْ الْوَدِيعَةَ يَضْمَنُ أَيْضًا فَإِنْ كَانَ رَبُّ الْوَدِيعَةِ مَعَهُ يَذْهَبَانِ جُمْلَةً فَلَمَّا تَوَجَّهَتْ اللُّصُوصُ قَالَ لَهُ مَالِكُهَا: ادْفِنْهَا فَدَفَنَهَا فَلَمَّا ذَهَبَتْ اللُّصُوصُ لَمْ تُوجَدْ لَا شَكَّ أَنَّهُ لَا يَضْمَنُ؛ لِأَنَّ الدَّفْنَ بِإِذْنِ الْمَالِكِ. وَإِذَا وَضَعَ الْوَدِيعَةَ فِي بَيْتٍ خَرَابٍ فِي زَمَانِ الْفِتْنَةِ فَإِنْ وَضَعَهَا عَلَى الْأَرْضِ يَضْمَنُ وَإِنْ جَعَلَهَا تَحْتَ التُّرَابِ لَا يَضْمَنُ مِنْ مُشْتَمِلِ الْهِدَايَةِ. سُوقِيٌّ قَامَ لِلصَّلَاةِ مِنْ الْحَانُوتِ وَفِي الْحَانُوتِ وَدَائِعُ فَضَاعَتْ الْوَدِيعَةُ لَمْ يَضْمَنْ صَاحِبُ الْحَانُوتِ لِأَنَّهُ حَافِظٌ بِجِيرَانِهِ فَلَمْ يَكُنْ مُضَيِّعًا وَلَا يَكُونُ هَذَا مِنْهُ إيدَاعًا لِلْوَدِيعَةِ بَلْ هُوَ حَافِظٌ بِنَفْسِهِ فِي الْحَانُوتِ وَحَانُوتُهُ مُحْرِزٌ مِنْ قَاضِي خَانْ. وَفِي الْفُصُولَيْنِ ذَكَرَ الصَّدْرُ الشَّهِيدُ مَا يَدُلُّ عَلَى الضَّمَانِ فَلْيُتَأَمَّلْ عِنْدَ الْفَتْوَى وَلَوْ لَمْ يَكُنْ لَهُ جَارٌ يَحْفَظُ يَضْمَنُ ذَكَرَهُ فِي الْوَجِيزِ. وَفِي الْفُصُولَيْنِ نَقْلًا عَنْ فَتَاوَى الْفَضْلِيِّ خَرَجَ إلَى الْجُمُعَةِ وَتَرَكَ بَابَ حَانُوتِهِ مَفْتُوحًا وَأَجْلَسَ عَلَى بَابِ الدُّكَّانِ ابْنًا صَغِيرًا لَهُ لَوْ كَانَ الصَّبِيُّ يَعْقِلُ الْحِفْظَ بَرِئَ وَإِلَّا ضَمِنَ. وَفِي فَتَاوَى ظَهِيرِ الدِّينِ بَرِئَ عَلَى كُلِّ حَالٍ إذْ تَرَكَهَا فِي الْحِرْزِ فَلَمْ يُضَيِّعْ انْتَهَى. رَجُلٌ دَفَعَ إلَى رَجُلٍ جَوَاهِرَ لِيَبِيعَهَا فَقَالَ الْقَابِضُ: أَنَا أُرِيهَا تَاجِرًا لِأَعْرِفَ قِيمَتَهَا فَضَاعَتْ الْجَوَاهِرُ قَبْل أَنْ يُرِيَهَا قَالَ الشَّيْخُ أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ الْفَضْلِ: إنْ ضَاعَتْ أَوْ سَقَطَتْ بِحَرَكَتِهِ يَكُونُ ضَامِنًا وَإِنْ سُرِقَتْ مِنْهُ أَوْ بِمُزَاحَمَةٍ أَصَابَتْهُ مِنْ غَيْرِهِ لَا يَضْمَنُ انْتَهَى. رَجُلَانِ ادَّعَى كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا عَلَى رَجُلٍ وَدِيعَةً وَيَقُولُ: أَوْدَعْت عِنْدَهُ كَذَا فَقَالَ الْمُودَعُ: لَا أَدْرِي أَيُّكُمَا اسْتَوْدَعَنِي فَإِنَّهُ يَحْلِفُ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا أَنَّهُ مَا أَوْدَعَهُ عِنْدَهُ فَإِنْ أَبَى أَنْ يَحْلِفَ أَعْطَى الْوَدِيعَةَ لَهُمَا وَيَضْمَنُ لَهُمَا مِثْلَهَا؛ لِأَنَّهُ أَتْلَفَ الْوَدِيعَةَ بِالتَّجْهِيلِ بِخِلَافِ مَا لَوْ قَالَ: ذَهَبَتْ الْوَدِيعَةُ وَلَا أَدْرِي كَيْفَ ذَهَبَتْ فَإِنَّهُ لَا يَضْمَنُ لِأَنَّ ذَهَابَهَا لَيْسَ بِفِعْلِهِ وَجَهْلُهُ عَائِدٌ إلَيْهِ مِنْ قَاضِي خَانْ. رَجُلٌ فِي يَدِهِ أَلْفٌ فَادَّعَى رَجُلَانِ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 72 كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا أَنَّهَا لَهُ أَوْدَعَهَا إيَّاهُ وَأَنْكَرَ حَلَفَ لِكُلِّ وَاحِدٍ عَلَى الِانْفِرَادِ وَبِأَيِّهِمَا بَدَأَ الْقَاضِي جَازَ فَإِنْ حَلَفَ لِأَحَدِهِمَا يَحْلِفُ لِلثَّانِي فَإِنْ حَلَفَ لَا شَيْءَ لَهُمَا وَإِنْ نَكَلَ لِلثَّانِي يَقْضِي لَهُ لِوُجُودِ الْحُجَّةِ وَإِنْ نَكَلَ لِلْأَوَّلِ لَا يَقْضِي لَهُ حَتَّى يَحْلِفَ لِلثَّانِي لِيَنْكَشِفَ وَجْهُ الْقَضَاءِ هَلْ هُوَ لَهُمَا أَوْ لِأَحَدِهِمَا بِخِلَافِ مَا إذَا أَقَرَّ لِأَحَدِهِمَا فَإِنَّهُ يُحْكَمُ بِهِ؛ لِأَنَّ الْإِقْرَارَ حُجَّةٌ مُوجِبَةٌ بِنَفْسِهِ وَالنُّكُولُ إنَّمَا يَصِيرُ حُجَّةً عِنْدَ الْقَضَاءِ فَلَوْ نَكَلَ لِلثَّانِي أَيْضًا بِالْأَلْفِ بَيْنَهُمَا نِصْفَيْنِ وَيَغْرَمُ أَلْفًا أُخْرَى بَيْنَهُمَا فَلَوْ قَضَى الْقَاضِي لِلْأَوَّلِ حِينَ نَكَلَ ذَكَرَ الْبَزْدَوِيُّ أَنَّهُ يَحْلِفُ لِلثَّانِي فَإِنْ نَكَلَ يَقْضِي بَيْنَهُمَا بِالْأَلْفِ لِأَنَّ الْقَضَاءَ لِلْأَوَّلِ لَا يُبْطِلُ حَقَّ الثَّانِي وَذَكَرَ الْخَصَّافُ أَنَّهُ نَفَذَ قَضَاؤُهُ لِلْأَوَّلِ لِمُصَادَفَتِهِ مَحَلَّ الِاجْتِهَادِ وَلِأَنَّ مِنْ الْعُلَمَاءِ مَنْ قَالَ: يَقْضِي لِلْأَوَّلِ وَلَا يَنْظُرُ لِكَوْنِهِ إقْرَارًا دَلَالَةً مِنْ الْهِدَايَةِ. امْرَأَةٌ عِنْدَهَا وَدِيعَةٌ فَأَوْدَعَتْهَا رَجُلًا ثُمَّ قَبَضَتْهَا وَأَوْدَعَتْ آخَرَ فَقَبَضَتْهَا وَفَقَدَتْ شَيْئًا مِنْهَا فَقَالَتْ: ذَهَبَ وَلَا أَدْرِي أَيُّكُمَا أَصَابَهُ وَقَالَا: لَا نَدْرِي مَا فِي وِعَائِك وَرَدَدْنَاهُ عَلَيْك فَهِيَ تَضْمَنُ لِرَبِّ الْمَتَاعِ قِيمَتَهُ لِتَعَدِّيهَا بِالْإِيدَاعِ وَلَوْ صَالَحَتْهُمَا عَلَى شَيْءٍ جَازَ الصُّلْحُ كَذَا فِي الْفُصُولَيْنِ مِنْ التَّصَرُّفَاتِ الْفَاسِدَةِ. وَلَوْ نَامَ الْمُودَعُ وَوَضَعَهَا تَحْتَ رَأْسِهِ أَوْ بِجَنْبِهِ يَبْرَأُ وَكَذَا لَوْ وَضَعَهَا بَيْنَ يَدَيْهِ وَهُوَ الصَّحِيحُ قَالُوا: إنَّمَا يَبْرَأُ فِي الْفَصْلِ الثَّانِي لَوْ نَامَ قَاعِدًا أَمَّا لَوْ نَامَ مُضْطَجِعًا يَضْمَنُ فِي الْحَضَرِ لَا فِي السَّفَرِ وَعَنْ الْبَعْضِ لَا يَضْمَنُ فِي الْوَجْهَيْنِ مِنْ مُشْتَمِلِ الْهِدَايَةِ وَالْفُصُولَيْنِ. وَفِي الْهِدَايَةِ مِنْ السَّرِقَةِ لَوْ نَامَ الْمُودَعُ وَالْمَتَاعُ تَحْتَهُ أَوْ عِنْدَهُ لَا يَضْمَنُ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ بِتَضْيِيعٍ انْتَهَى. وَضَعَ الْوَدِيعَةَ فِي كِيسِهِ أَوْ شَدَّهَا فِي التِّكَّةِ يَنْبَغِي أَنْ لَا يَضْمَنَ. جَعَلَ ثِيَابَ الْوَدِيعَةِ تَحْتَ جَنْبِهِ لَوْ قَصَدَ بِهِ التَّرَفُّقَ ضَمِنَ لَا لَوْ قَصَدَ الْحِفْظَ وَلَوْ جَعَلَ الْكِيسَ تَحْتَ جَنْبِهِ يَبْرَأُ مُطْلَقًا. جَعَلَ دَرَاهِمَ الْوَدِيعَةِ فِي خُفِّهِ ضَمِنَ فِي الْأَيْمَنِ لَا فِي الْأَيْسَرِ لِأَنَّهَا فِي الْيَمِينِ عَلَى شَرَفِ السُّقُوطِ عِنْدَ الرُّكُوبِ وَقِيلَ: يَبْرَأُ مُطْلَقًا وَكَذَا لَوْ رَبَطَهَا فِي طَرْفِ كُمِّهِ أَوْ عِمَامَتِهِ وَكَذَا لَوْ شَدَّ الدَّرَاهِمَ فِي مِنْدِيلٍ وَوَضَعَهَا فِي كُمِّهِ يَبْرَأُ. وَلَوْ أَلْقَى دَرَاهِمَ الْوَدِيعَةِ فِي جَيْبِهِ وَلَمْ تَقَعْ فِيهِ وَهُوَ يَظُنُّ أَنَّهَا وَقَعَتْ فِيهِ لَا يَضْمَنُ مِنْ الْفُصُولَيْنِ. وَفِي الْخُلَاصَةِ أَلْقَى دَرَاهِمَ الْوَدِيعَةِ فِي جَيْبِهِ وَلَمْ تَقَعْ فِي جَيْبِهِ وَهُوَ يَظُنُّ أَنَّهَا وَقَعَتْ فِيهِ فَضَاعَتْ يَضْمَنُ وَهَكَذَا فِي الْبَزَّازِيَّةِ وَلَمْ أَطَّلِعْ عَلَى وَجْهِ الْمُخَالَفَةِ. امْرَأَةٌ تَرَكَتْ وَلَدَهَا عِنْدَ امْرَأَةٍ بِأَلْفَيْ هَجّ دَارِي حَتَّى أَرْجِعَ فَذَهَبَتْ وَتَرَكَتْهُ فَوَقَعَ الصَّغِيرُ فِي النَّارِ فَعَلَيْهَا الدِّيَةُ لِلْأُمِّ وَسَائِرِ الْوَرَثَةِ إنْ كَانَ مِمَّنْ لَا يَحْفَظُ نَفْسَهُ وَلَوْ أُودِعَتْ صَبِيَّةً فَوَقَعَتْ فِي الْمَاءِ فَمَاتَتْ فَإِنْ غَابَتْ عَنْ بَصَرِهَا ضَمِنَتْ وَإِلَّا فَلَا ضَمَانَ مِنْ الْقُنْيَةِ. إذَا تَعَدَّى الْمُودَعُ فِي الْوَدِيعَةِ بِأَنْ كَانَتْ دَابَّةً فَرَكِبَهَا أَوْ ثَوْبًا فَلَبِسَهُ أَوْ عَبْدًا فَاسْتَخْدَمَهُ أَوْ شَيْئًا فَافْتَرَشَهُ أَوْ أَوْدَعَهَا غَيْرَهُ ثُمَّ زَالَ التَّعَدِّي وَرَدَّهَا إلَى يَدِهِ إلَى الْحَالَةِ الْأُولَى بَرِئَ عَنْ الضَّمَانِ عِنْدَنَا كَمَا فِي الْهِدَايَةِ وَقَاضِي خَانْ وَإِنَّمَا يَبْرَأُ فِي الصُّوَرِ الْمَذْكُورَةِ إذَا صَدَّقَهُ الْمَالِكُ فِي ذَلِكَ أَوْ أَقَامَ الْبَيِّنَةَ عَلَيْهِ وَقَالَ فِي مُشْتَمِلِ الْهِدَايَةِ وَالْفُصُولَيْنِ: الْمُودَعُ إذَا خَالَفَ فِي الْوَدِيعَةِ ثُمَّ عَادَ إلَى الْوِفَاقِ إنَّمَا يَبْرَأُ عَنْ الضَّمَانِ إذَا صَدَّقَهُ الْمَالِكُ فِي الْعَوْدِ فَإِنْ كَذَّبَهُ لَا يَبْرَأُ إلَّا أَنْ يُقِيمَ الْبَيِّنَةَ عَلَى الْعَوْدِ إلَى الْوِفَاقِ وَلَوْ كَانَ مَأْمُورًا بِالْحِفْظِ شَهْرًا فَمَضَى الجزء: 1 ¦ الصفحة: 73 شَهْرٌ ثُمَّ اسْتَعْمَلَ الْوَدِيعَةَ ثُمَّ تَرَكَ الِاسْتِعْمَالَ وَعَادَ إلَى الْحِفْظِ لَا يَبْرَأُ إذْ عَادَ وَأَمْرُ الْحِفْظِ غَيْرُ قَائِمٍ مِنْ الْفُصُولَيْنِ. قَوْمٌ دَفَعُوا إلَى رَجُلٍ دَرَاهِمَ لِيَرْفَعَ الْخَرَاجَ عَنْهُمْ فَأَخَذَهَا وَشَدَّهَا فِي مِنْدِيلِهِ فَوَضَعَهُ فِي كُمِّهِ فَدَخَلَ الْمَسْجِدَ فَذَهَبَتْ مِنْهُ الدَّرَاهِمُ وَلَا يَدْرِي كَيْفَ ذَهَبَتْ وَأَصْحَابُ الْمَالِ لَا يُصَدِّقُونَهُ قَالُوا: لَا ضَمَانَ عَلَيْهِ وَهُوَ كَمَا لَوْ قَالَ: ذَهَبَتْ الْوَدِيعَةُ وَلَا أَدْرِي كَيْفَ ذَهَبَتْ وَثَمَّةَ الْقَوْلُ قَوْلُهُ مَعَ الْيَمِينِ وَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ فَكَذَا هُنَا مِنْ قَاضِي خَانْ. إذَا جَعَلَ الْوَدِيعَةَ فِي جَيْبِهِ وَحَضَرَ مَجْلِسَ الْفِسْقِ وَسُرِقَتْ فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ مِنْ الْخُلَاصَةِ وَمُشْتَمِلِ الْهِدَايَةِ. جَعَلَ الْوَدِيعَةَ فِي جَيْبِهِ وَحَضَرَ مَجْلِسَ الْفِسْقِ فَضَاعَتْ بَعْدَمَا سَكِرَ بِسَرِقَةٍ أَوْ سُقُوطٍ أَوْ غَيْرِهِ قَالَ بَعْضُهُمْ: لَا يَضْمَنُ؛ لِأَنَّهُ حَفِظَهَا فِي مَوْضِعٍ يَحْفَظُ مَالَ نَفْسِهِ وَقَالَ بَعْضُهُمْ: هَذَا إذَا لَمْ يَزُلْ عَقْلُهُ أَمَّا إذَا زَالَ بِحَيْثُ لَا يُمْكِنُهُ حِفْظُ مَالِهِ يَصِيرُ ضَامِنًا لِأَنَّهُ عَجَزَ عَنْ الْحِفْظِ بِنَفْسِهِ فَيَصِيرُ مُضَيِّعًا أَوْ مُودِعًا غَيْرَهُ مِنْ قَاضِي خَانْ. اشْتَرَى بِطِّيخَةً وَتَرَكَهَا عِنْدَ الْبَائِعِ حَتَّى يَرْجِعَ ثُمَّ غَابَ وَخِيفَ عَلَيْهَا الْفَسَادُ فَلِلْبَائِعِ بَيْعُهَا دُونَ أَكْلِهَا بِشَرْطِ الضَّمَانِ مِنْ الْقُنْيَةِ. إذَا كَانَتْ الْوَدِيعَةُ شَيْئًا مِنْ الصُّوفِ وَالْمَالِكُ غَائِبٌ فَخِيفَ عَلَيْهَا الْفَسَادُ يَنْبَغِي أَنْ يَرْفَعَ الْأَمْرَ إلَى الْقَاضِي حَتَّى يَبِيعَهُ وَإِنْ لَمْ يَرْفَعْ حَتَّى فَسَدَ لَا ضَمَانَ عَلَيْهِ. وَلَوْ كَانَتْ الْوَدِيعَةُ حِنْطَةً فَأَفْسَدَتْهَا الْفَأْرَةُ وَقَدْ اطَّلَعَ الْمُودَعُ عَلَى ثُقْبٍ مَعْرُوفٍ فَإِنْ أَخْبَرَ صَاحِبَ الْحِنْطَةِ أَنَّ هَاهُنَا ثُقْبَ الْفَأْرَةِ لَا يَضْمَنُ وَإِنْ لَمْ يُخْبِرْ بَعْدَمَا اطَّلَعَ عَلَى ذَلِكَ وَلَمْ يَسُدَّهُ كَانَ ضَامِنًا. وَلَوْ كَانَتْ الْوَدِيعَةُ دَابَّةً فَأَصَابَهَا شَيْءٌ فَأَمَرَ الْمُودَعُ رَجُلًا لِيُعَالِجَهَا فَعَالَجَهَا فَعَطِبَتْ فِي ذَلِكَ فَصَاحِبُ الدَّابَّةِ بِالْخِيَارِ يُضَمَّنُ أَيَّهُمَا شَاءَ فَإِنْ ضَمِنَ الْمُودَعُ لَا يَرْجِعُ الْمُودَعُ عَلَى الَّذِي عَالَجَهَا بِأَمْرِهِ وَإِنْ ضَمِنَ الَّذِي عَالَجَهَا إنْ كَانَ الْمَأْمُورُ عَلِمَ وَقْتَ الْمُعَالَجَةِ أَنَّ الدَّابَّةَ لِغَيْرِ الَّذِي فِي يَدَيْهِ وَعَلِمَ أَنَّ صَاحِبَ الدَّابَّةِ لَمْ يَأْمُرْ الْمُودَعَ بِذَلِكَ لَا يَرْجِعُ وَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ أَنَّهَا لِغَيْرِهِ أَوْ ظَنَّ أَنَّهَا لَهُ كَانَ لَهُ أَنْ يَرْجِعَ عَلَى الْمُودَعِ لِأَنَّهَا كَانَتْ فِي يَدِ الْمُودَعِ وَالْيَدُ دَلِيلُ الْمِلْكِ مِنْ حَيْثُ الظَّاهِرُ. رَجُلٌ أَوْدَعَ عِنْدَ فامي ثِيَابًا فَوَضَعَهَا الفامي فِي حَانُوتِهِ وَكَانَ السُّلْطَانُ يَأْخُذُ النَّاسَ بِمَالٍ فِي كُلِّ شَهْرٍ جَعَلَهُ وَظِيفَةً عَلَيْهِمْ فَأَخَذَ السُّلْطَانُ ثِيَابَ الْوَدِيعَةِ مِنْ جِهَةِ الْوَظِيفَةِ وَرَهَنَهَا عِنْدَ غَيْرِهِ فَسُرِقَتْ قَالُوا: إنْ كَانَ الفامي لَا يَقْدِرُ عَلَى مَنْعِ السُّلْطَانِ مِنْ رَفْعِهَا لَا يَضْمَنُ؛ لِأَنَّهُ أَمِينٌ وَيَضْمَنُ الْمُودَعُ؛ لِأَنَّهُ مُرْتَهَنُ الْغَاصِبِ فَيُخَيَّرُ الْمَالِكُ إنْ شَاءَ ضَمِنَ السُّلْطَانُ وَإِنْ شَاءَ ضَمِنَ الْمُرْتَهِنُ مِنْ قَاضِي خَانْ. وَارِثُ الْمُودَعِ إذَا دَلَّ السُّلْطَانُ عَلَى الْوَدِيعَةِ لَا يَضْمَنُ وَالْمُودَعُ إذَا دَلَّ يَضْمَنُ وَفِي وَصَايَا الْجَامِعِ لِلْإِمَامِ خُوَاهَرْ زَادَهُ الْمُودَعُ إذَا دَلَّ إنْسَانًا عَلَى الْوَدِيعَةِ إنَّمَا يَضْمَنُ إذَا لَمْ يَمْنَعْ الْمَدْلُولَ عَلَيْهَا مِنْ الْأَخْذِ حَالَةَ الْأَخْذِ أَمَّا إذَا مَنَعَهُ لَا يَضْمَنُ خُلَاصَةً. رَجُلٌ فِي يَدَيْهِ مَالُ إنْسَانٍ فَقَالَ لَهُ السُّلْطَانُ الْجَائِرُ: إنْ لَمْ تَدْفَعْ إلَيَّ هَذَا الْمَالَ حَبَسْتُك شَهْرًا أَوْ ضَرَبْتُك ضَرْبًا لَا يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَدْفَعَ الْمَالَ فَإِنْ دَفَعَ كَانَ ضَامِنًا وَإِنْ قَالَ لَهُ: إنْ لَمْ تَدْفَعْ إلَيَّ الْمَالَ أَقْطَعْ يَدَك وَأَضْرِبْكَ خَمْسِينَ سَوْطًا فَدَفَعَ إلَيْهِ لَا يَكُونُ ضَامِنًا لِأَنَّ دَفْعَ مَالَ الْغَيْرِ إلَى الْجَائِرِ لَا يَجُوزُ إلَّا أَنْ يَخَافَ تَلَفَ عُضْوِهِ وَالضَّرْبُ الْمُتَوَالِي يُخَافُ مِنْهُ التَّلَفُ. رَجُلٌ رَفَعَ الْوَدِيعَةَ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 74 فَلَمْ يَمْنَعْهُ الْمُودَعُ قَالَ أَبُو الْقَاسِمِ: إنْ أَمْكَنَهُ دَفْعُهُ فَلَمْ يَدْفَعْ ضَمِنَ وَإِنْ لَمْ يَقْدِرْ عَلَى الدَّفْعِ بِأَنْ كَانَ يَخَافُ مِنْ إعَارَتِهِ وَضَرَرِهِ لَا يَضْمَنُ. الْمُودَعُ إذَا رَبَطَ سِلْسِلَةً عَلَى بَابِ خَزَائِنِهِ فِي خَانٍ بِحَبْلٍ وَلَمْ يُقَفِّلْهُ فَخَرَجَ فَسُرِقَتْ وَدِيعَتُهُ قَالُوا: إنْ عُدَّ هَذَا إغْفَالًا وَإِهْمَالًا كَانَ ضَامِنًا وَإِلَّا فَلَا. إذَا سُرِقَتْ الْوَدِيعَةُ مِنْ دَارِ الْمُودَعِ وَبَابُ الدَّارِ مَفْتُوحٌ وَالْمُودَعُ غَائِبٌ عَنْ الدَّارِ قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ سَلَمَةَ كَانَ ضَامِنًا قِيلَ: لَوْ أَنَّ صَاحِبَ الدَّارِ دَخَلَ كَرْمَهُ أَوْ بُسْتَانَه وَهُوَ مُتَلَازِقٌ بِالدَّارِ قَالَ: إنْ لَمْ يَكُنْ فِي الدَّارِ أَحَدٌ وَلَا يَسْمَعُ فِي مَوْضِعِ الْحِسِّ أَخَافُ أَنْ يَكُونَ ضَامِنًا؛ لِأَنَّ هَذَا تَضْيِيعٌ وَقَالَ أَبُو نَصْرٍ: إذَا لَمْ يَكُنْ أَغْلَقَ الْبَابَ فَسُرِقَتْ مِنْهَا الْوَدِيعَةُ لَا يَضْمَنُ يَعْنِي إذَا كَانَ فِي الدَّارِ حَافِظًا مِنْ قَاضِي خَانْ. وَفِي الْفُصُولَيْنِ عَنْ الْخِزَانَةِ خَرَجَ الْمُودَعُ وَتَرَكَ الْبَابَ مَفْتُوحًا ضَمِنَ لَوْ لَمْ يَكُنْ فِي الدَّارِ أَحَدٌ وَلَمْ يَكُنْ الْمُودَعُ فِي مَكَان يَسْمَعُ حِسَّ الدَّاخِلِ انْتَهَى. وَفِي الْخُلَاصَةِ مُودِعٌ غَائِبٌ عَنْ بَيْتِهِ وَدَفَعَ مِفْتَاحَ الْبَيْتِ إلَى غَيْرِهِ لَمْ يَجْعَلْ الْبَيْتَ فِي يَدِ غَيْرِهِ انْتَهَى. إذَا رَبَطَ الْمُودَعُ الدَّابَّةَ عَلَى بَابِ دَارِهِ وَتَرَكَهَا وَدَخَلَ الدَّارَ فَضَاعَتْ إنْ كَانَ بِحَيْثُ يَرَاهَا فَلَا ضَمَانَ وَإِنْ كَانَ لَا يَرَاهَا يَضْمَنُ إنْ كَانَ فِي الْمِصْرِ وَإِنْ كَانَ فِي الْقُرَى لَا يَضْمَنُ وَإِنْ رَبَطَهَا فِي الْكَرْمِ أَوْ عَلَى رَأْسِ الْمَبْطَخَةِ وَذَهَبَ قِيلَ إنْ غَابَتْ عَنْ بَصَرِهِ يَضْمَنُ وَقِيلَ: يُعْتَبَرُ الْعُرْفُ فِي هَذَا وَأَجْنَاسِهِ وَذَكَرَ فِي الْعُدَّةِ: لَوْ جَعَلَهَا فِي الْكَرْمِ فَضَاعَتْ إنْ كَانَ حَائِطُ الْكَرْمِ بِحَيْثُ لَا يَرَى الْمَارَّةُ مَا فِي الْكَرْمِ لَا يَضْمَنُ إذَا أَغْلَقَ الْبَابَ وَإِلَّا يَضْمَنُ مِنْ مُشْتَمِلِ الْهِدَايَةِ وَالْفُصُولَيْنِ. لَبِسَ ثَوْبَ الْوَدِيعَةِ وَدَخَلَ الْمُشَرَّعَةَ لِيَخُوضَ الْمَاءَ فَنَزَعَهُ وَوَضَعَهُ عَلَى أَلْوَاحِ الْمُشَرَّعَةِ فَلَمَّا انْغَمَسَ سُرِقَ الثَّوْبُ لَمْ يَضْمَنْ لِعَوْدِهِ إلَى الْوِفَاقِ بِنَزْعِهِ وَفِيهِ نَظَرٌ بِدَلِيلِ مَسْأَلَةِ الْمُحْرِمِ لَوْ لَبِسَ الْمِخْيَطَ فَنَزَعَهُ فَلَبِسَهُ ثَانِيًا لَوْ نَزَعَهُ عَلَى قَصْدِ اللِّبْسِ يَتَّحِدُ الْجَزَاءُ فَكَأَنَّهُ لَمْ يَنْزِعْ وَإِلَّا تَعَدَّدَ الْجَزَاءُ فَعَلَى هَذَا يَنْبَغِي أَنْ لَا يَبْرَأَ لِنَزْعِهِ عَلَى قَصْدِ اللِّبْسِ. الْمُودَعُ لَوْ لَبِسَ قَمِيصَ الْوَدِيعَةِ بِلَا إذْنٍ فَنَزَعَهُ بِاللَّيْلِ لِلنَّوْمِ فَسُرِقَ فَلَوْ مِنْ قَصْدِهِ لِبْسُهُ مِنْ الْغَدِ فَلَيْسَ يَعُودُ إلَى الْوِفَاقِ وَلَوْ قَصَدَ تَرْكَهُ لَا يَعُودُ إلَيْهِ فَيَبْرَأُ. جادر شِبْ وديعت رابربام بردوتستر وَنَشَرَهَا بِهِ فَهَبَّتْ رِيحٌ فَأَعَادَتْهَا إلَى مَا كَانَتْ فِيهِ مِنْ الْبَيْتِ قِيلَ: يَبْرَأُ وَقِيلَ: لَا وَهُوَ الظَّاهِرُ لِمَا مَرَّ مِنْ عَدَمِ الْقَصْدِ عَلَى تَرْكِ التَّعَدِّي. وَضَعَ طَبَقَ الْوَدِيعَةِ عَلَى رَأْسِ الْخَابِيَةِ لَوْ فِيهَا شَيْءٌ يَحْتَاجُ إلَى التَّغْطِيَةِ كَالدَّقِيقِ وَنَحْوِهِ ضَمِنَ؛ لِأَنَّهُ اسْتِعْمَالُ صِيَانَةٍ لِمَا فِيهَا. وَلَوْ وَضَعَ ثَوْبًا عَلَى عَجِينٍ ضَمِنَ لِلِاسْتِعْمَالِ. وَضَعَ الطَّشْتَ عَلَى رَأْسِ التَّنُّورِ ضَمِنَ لَوْ قَصَدَ التَّغْطِيَةَ وَإِلَّا لَا؛ لِأَنَّهُ مُسْتَعْمَلٌ فِي الْأَوَّلِ لَا فِي الثَّانِي مِنْ الْفُصُولَيْنِ وَفِي الْخُلَاصَةِ لَوْ وَضَعَ ثَوْبَ الْوَدِيعَةِ عَلَى الْعَجِينِ ضَمِنَ انْتَهَى. وَارِثُ الْمُودَعِ إذَا فَتَحَ بَابَ الْإِصْطَبْلِ أَوْ حَلَّ قَيْدَ الْعَبْدِ يَضْمَنُ مِنْ مُشْتَمِلِ الْهِدَايَةِ. الْمُودَعُ إذَا حَفِظَ الْوَدِيعَةَ فِي حِرْزٍ لَيْسَ فِيهِ مَالُهُ يَضْمَنُ وَالْمُرَادُ مِنْهُ حِرْزُ غَيْرِهِ أَمَّا إذَا اسْتَأْجَرَ بَيْتًا لِنَفْسِهِ وَحَفِظَ فِيهِ الْوَدِيعَةَ لَا يَضْمَنُ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِيهِ مَالُهُ. الْمُودَعُ إذَا اسْتَأْجَرَ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 75 بَيْتًا فِي الْمِصْرِ الَّذِي دَفَعَ إلَيْهِ فِيهِ وَسَافَرَ وَتَرَكَهَا فِيهِ لَمْ يَضْمَنْ. سَيَّبَ دَابَّةَ الْوَدِيعَةِ فِي الصَّحْرَاءِ هَلْ يَضْمَنُ إذَا تَلِفَتْ؟ لَا رِوَايَةَ لَهَا فِي الْكُتُبِ فَقِيلَ: يَضْمَنُ لِتَعَدِّيهِ بِالْإِرْسَالِ وَقَالَ بَعْضُ الْفُقَهَاءِ: لَا يَضْمَنُ إذْ لَوْ مَاتَتْ فِي الْإِصْطَبْلِ لَمْ يَضْمَنْ كَذَا هَذَا بِخِلَافِ مَا لَوْ ضَاعَتْ أَوْ أَكَلَهَا الذِّئْبُ حَيْثُ يَضْمَنُ لِلتَّضْيِيعِ. دَخَلَ الْمُودَعُ الْحَمَّامَ وَوَضَعَ دَرَاهِمَ الْوَدِيعَةِ مَعَ ثِيَابِهِ بَيْنَ يَدَيْ الثِّيَابِيِّ فَضَاعَتْ قَالَ قَاضِي خَانْ ضَمِنَ؛ لِأَنَّهُ إيدَاعٌ وَلَيْسَ لِلْمُودَعِ أَنْ يُودِعَ وَقَالَ صَاحِبُ الْمُحِيطِ يَنْبَغِي أَنْ لَا يَضْمَنَ؛ لِأَنَّهُ إيدَاعٌ ضِمْنِيٌّ وَإِنَّمَا يَضْمَنُ الْمُودَعُ بِالْإِيدَاعِ الْقَصْدِيِّ. وَضَعَ الْوَدِيعَةَ مَعَ ثِيَابِهِ عَلَى شَطِّ نَهْرٍ وَاغْتَسَلَ وَلَبِسَ ثِيَابَهُ وَنَسِيَ الْوَدِيعَةَ ضَمِنَ وَهَكَذَا لَوْ سُرِقَتْ حِينَ انْغَمَسَ ضَمِنَ. الْمُودَعُ غَسَلَ ثِيَابَ النَّاسِ وَوَضَعَهَا عَلَى سَطْحِهِ لِتَجِفَّ إنْ كَانَ لِلسَّطْحِ خُصٌّ لَمْ يَضْمَنْ وَقِيلَ: إنْ لَمْ يَكُنْ الْخُصُّ مُرْتَفِعًا يَضْمَنُ مِنْ مُشْتَمِلِ الْهِدَايَةِ وَالْفُصُولَيْنِ. أَوْدَعَ حَيَوَانًا وَغَابَ فَحَلَبَ الْمُودَعُ أَلْبَانَهَا فَخَافَ فَسَادَهَا وَهُوَ فِي الْمِصْرِ فَبَاعَ بِغَيْرِ أَمْرِ الْقَاضِي ضَمِنَ وَلَوْ بِأَمْرِهِ لَا يَضْمَنُ وَفِي الْمَفَازَةِ يَجُوزُ بَيْعُهُ كَذَا رَوَى ابْنُ رُسْتُمَ عَنْ مُحَمَّدٍ؛ لِأَنَّهُ لَوْ لَمْ يَبِعْ يَضِيعُ أَصْلًا وَلَا يُمْكِنُهُ الِاسْتِئْذَانُ مِمَّنْ يَلِي عَلَيْهِ مِنْ الْوَجِيزِ. أَوْدَعَ رَجُلًا عَبْدًا فَبَعَثَهُ الْمُودَعُ فِي حَاجَةٍ صَارَ غَاصِبًا لَهُ مِنْ الصُّغْرَى. إذَا جَعَلَ الْمُودَعُ خَاتَمَ الْوَدِيعَةِ فِي خِنْصَرِهِ أَوْ بِنْصِرِهِ يَضْمَنُ وَإِنْ جَعَلَهُ فِي الْوُسْطَى أَوْ السَّبَّابَةِ أَوْ الْإِبْهَامِ لَا يَضْمَنُ وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى وَلَوْ كَانَ الْمُودَعُ امْرَأَةً فَفِي أَيِّ أُصْبُعٍ لَبِسَتْهُ تَضْمَنُ. الْمُودَعُ إذَا بَعَثَ الْحِمَارَ أَوْ الْبَقَرَ إلَى السَّرْحِ يُعْتَبَرُ فِيهِ الْعُرْفُ وَالْعَادَةُ مِنْ مُشْتَمِلِ الْهِدَايَةِ. وَلَوْ أَوْدَعَ رَجُلًا فَصِيلًا فَأَدْخَلَهُ الْمُودَعُ فِي بَيْتِهِ فَعَظُمَ وَلَمْ يَقْدِرْ عَلَى إخْرَاجِهِ إلَّا بِقَلْعِ الْبَابِ فَالْمُودَعُ إنْ شَاءَ يُعْطِي صَاحِبَ الْفَصِيلِ قِيمَةَ فَصِيلِهِ يَوْمَ صَارَ الْفَصِيلُ بِحَالٍ لَا يُمْكِنُ إخْرَاجُهُ إلَّا بِقَلْعِ الْبَابِ وَإِنْ شَاءَ قَلَعَ بَابَهُ وَرَدَّ الْفَصِيلَ إلَى صَاحِبِهِ قَالَ: وَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ هَذَا الْجَوَابُ فِيمَا إذَا كَانَ نُقْصَانُ الْبَيْتِ بِإِخْرَاجِ الْفَصِيلِ أَكْثَرَ مِنْ قِيمَةِ الْفَصِيلِ أَمَّا إذَا كَانَتْ قِيمَةُ الْفَصِيلِ أَكْثَرَ مِنْ النُّقْصَانِ الَّذِي دَخَلَ فِي الْبَيْتِ لَوْ الْمُودَعُ قَلَعَ الْبَابَ فَإِنَّهُ يُؤْمَرُ صَاحِبُ الْفَصِيلِ أَنْ يَدْفَعَ نُقْصَانَ الْبَيْتِ إلَى الْمُودَعِ وَيُخْرِجَ الْفَصِيلَ وَهَذَا إذَا أَدْخَلَ الْمُودَعُ الْفَصِيلَ فِي بَيْتِهِ. وَلَوْ اسْتَعَارَ الْمُودَعُ بَيْتًا مِنْ غَيْرِهِ وَأَدْخَلَ فِيهِ الْفَصِيلَ فَإِنَّهُ يَقُولُ لِصَاحِبِ الْفَصِيلِ: إنْ أَمْكَنَك إخْرَاجُ الْفَصِيلِ فَأَخْرِجْهُ وَإِلَّا فَانْحَرْهُ وَاجْعَلْهُ إرْبًا إرْبًا دَفْعًا لِلضَّرَرِ عَنْ صَاحِبِ الْبَيْتِ وَلَوْ كَانَ مَكَانَ الْفَصِيلِ حِمَارًا أَوْ بَغْلًا فَإِنْ كَانَ ضَرَرُ قَلْعِ الْبَابِ فَاحِشًا فَكَذَلِكَ وَإِنْ كَانَ يَسِيرًا كَانَ لِصَاحِبِ الْحِمَارِ وَالْبَغْلِ أَنْ يَقْلَعَ الْبَابَ وَيَلْتَزِمَ ضَمَانَ نُقْصَانِ الْبَيْتِ لِنَقْلِ الدَّابَّةِ إلَى صَاحِبِهَا وَيَنْدَفِعُ الضَّرَرُ عَنْ صَاحِبِ الْبَيْتِ بِإِيجَابِ الضَّمَانِ مِنْ الْغَصْبِ مِنْ قَاضِي خَانْ. رَجُلٌ أَوْدَعَ عِنْدَ إنْسَانٍ أَلْفَ دِرْهَمٍ ثُمَّ إنَّ صَاحِبَ الْوَدِيعَةِ أَقْرَضَ الْوَدِيعَةَ مِنْ الَّذِي فِي يَدِهِ قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ: لَا يَخْرُجُ الْأَلْفُ مِنْ الْوَدِيعَةِ حَتَّى تَصِيرَ فِي يَدِ الْمُسْتَوْدَعِ حَتَّى لَوْ هَلَكَتْ قَبْلَ أَنْ تَصِلَ يَدُهُ إلَيْهَا لَا يَضْمَنُ وَكَذَلِكَ كُلُّ مَا كَانَ أَصْلُهُ أَمَانَةً وَكَذَا لَوْ قَالَ الْمُودَعُ لِصَاحِبِهَا ائْذَنْ لِي أَنْ أَشْتَرِيَ الْوَدِيعَةِ شَيْئًا وَأَبِيعَ؛ لِأَنَّهُ مُؤْتَمَنٌ مِنْ قَاضِي خَانْ. الْمُودَعُ إذَا خَافَ فِي الْوَدِيعَةِ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 76 ثُمَّ عَادَ إلَى الْوِفَاقِ بَرِئَ مِنْ الضَّمَانِ عِنْدَنَا بِخِلَافِ مَا إذَا جَحَدَ الْوَدِيعَةَ أَوْ مَنَعَ حَيْثُ لَا يَبْرَأُ إلَّا بِالرَّدِّ إلَى الْمَالِكِ وَفِي الْإِجَارَةِ وَالْإِعَارَةِ الْأَصَحُّ أَنَّهُ لَا يَبْرَأُ عَنْ الضَّمَانِ بِالْعَوْدِ إلَى الْوِفَاقِ. لَوْ حَمَلَ عَلَى دَابَّةِ الْوَدِيعَةِ فَحْلًا فَوَلَدَتْ فَهُوَ لِمَالِكِهَا وَلَوْ أَجَرَهَا فَالْأُجْرَةُ لَهُ مِنْ الْخُلَاصَةِ. وَدِيعَةٌ مَلْفُوفَةٌ فِي لِفَافَةٍ فَوَضَعَهَا تَحْتَ رَأْسِ ضَيْفِهِ بِاللَّيْلِ كَالْوِسَادَةِ لَا يَجِبُ الضَّمَانُ مَا دَامَ الْمُودَعُ حَاضِرًا مِنْ الْبَزَّازِيَّةِ. رَجُلٌ أَوْدَعَ عِنْدَ رَجُلٍ عَبْدًا فَبَعَثَهُ الْمُودَعُ فِي حَاجَتِهِ صَارَ غَاصِبًا مِنْ مُشْتَمِلِ الْأَحْكَامِ. [الْفَصْل الثَّانِي فِيمَنْ يَضْمَن الْمُودَع بالدفع إلَيْهِ وَمنْ لَا يَضْمَن] لِلْمُودِعِ أَنْ يَدْفَعَ الْوَدِيعَةَ إلَى مَنْ فِي عِيَالِهِ لِيَحْفَظَهَا كَزَوْجَتِهِ وَوَلَدِهِ وَوَالِدَيْهِ وَعَبْدِهِ وَأَمَتِهِ وَأَجِيرِهِ الْخَاصِّ وَهُوَ الَّذِي اسْتَأْجَرَهُ مُسَانَهَةً أَوْ مُشَاهَرَةً لِيَسْكُنَ مَعَهُ لَا مُيَاوَمَةً إذَا كَانَ الْمُودَعُ إلَيْهِ أَمِينًا غَيْرَ مُتَّهَمٍ يُخَافُ عَلَيْهِ مِنْ الْوَدِيعَةِ ذَكَرَهُ قَاضِي خَانْ فَإِذَا حَفِظَهَا بِزَوْجَتِهِ فِي بَيْتِهِ وَكَانَ يَعْلَمُ أَنَّهَا غَيْرُ أَمِينَةٍ فَضَاعَتْ يَضْمَنُ ذَكَرَهُ فِي الْخُلَاصَةِ قَالَ ابْنُ كَمَالٍ فِي الْإِيضَاحِ: الدَّفْعُ إلَى الْعِيَالِ إنَّمَا يَجُوزُ بِشَرْطِ الْأَمَانَةِ وَعِنْدَ تَحَقُّقِهَا لَا حَاجَةَ إلَى كَوْنِهِ عِيَالًا ثُمَّ قَالَ فِي الذَّخِيرَةِ: وَلَوْ دَفَعَهَا إلَى أَمِينٍ مِنْ أُمَنَائِهِ وَلَيْسَ فِي عِيَالِهِ يَجُوزُ وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى انْتَهَى قُلْتُ: وَيُؤَيِّدُهُ مَا فِي شَرْحِ الْمَجْمَعِ عَنْ مُحَمَّدٍ إذَا دَفَعَهَا إلَى أَمِينٍ مِنْ أُمَنَائِهِ مِمَّنْ يَثِقُ بِهِ فِي مَالِهِ وَلَيْسَ فِي عِيَالِهِ كَشَرِيكِهِ الْعِنَانِ وَعَبْدِهِ الْمَأْذُونِ لَا يَضْمَنُ وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى وَمَا فِي الْوَجِيزِ لَوْ دَفَعَ الْوَدِيعَةَ إلَى شَرِيكِهِ الْمُفَاوِضِ أَوْ الْعِنَانِ أَوْ عَبْدِهِ الْمَأْذُونِ فِي التِّجَارَةِ أَوْ عَبْدٍ مُعْتَزِلٍ عَنْ مَنْزِلِهِ فَضَاعَ لَمْ يَضْمَنْ وَكَذَا الصَّيْرَفِيَّانِ إذَا كَانَا شَرِيكَيْنِ فَوَضَعَ أَحَدُهُمَا الْوَدِيعَةَ فِي كِيسِ صَاحِبِهِ أَوْ صُنْدُوقِهِ وَأَمَرَ شَرِيكَهُ بِحِفْظِهَا فَحَمَلَ الْكِيسَ فَضَاعَ لَمْ يَضْمَنْ انْتَهَى. . وَفِي الْخُلَاصَةِ امْرَأَةٌ حَضَرَتْهَا الْوَفَاةُ وَعِنْدَهَا وَدِيعَةٌ فَدَفَعَتْهَا إلَى جَارَتِهَا فَهَلَكَتْ عِنْدَهَا إنْ لَمْ يَكُنْ وَقْتَ وَفَاتِهَا بِحَضْرَتِهَا أَحَدٌ مِنْ عِيَالِهَا لَا تَضْمَنُ انْتَهَى وَتَفْسِيرُ مَنْ فِي عِيَالِهِ فِي هَذَا الْحُكْمِ أَنْ يَكُونَ سَاكِنًا مَعَهُ سَوَاءٌ كَانَ فِي نَفَقَتِهِ أَوْ لَمْ يَكُنْ فَإِنَّ الِابْنَ إذَا كَانَ سَاكِنًا مَعَ وَالِدَيْهِ وَلَمْ يَكُنْ فِي نَفَقَتِهِمَا فَخَرَجَا مِنْ الْمَنْزِلِ وَتَرَكَا الْمَنْزِلَ عَلَى الِابْنِ فَضَاعَتْ الْوَدِيعَةُ الَّتِي كَانَتْ فِي الْمَنْزِلِ لَا يَضْمَنَانِ وَكَذَا لَوْ دَفَعَتْ الْمَرْأَةُ الْوَدِيعَةَ إلَى زَوْجِهَا لَا ضَمَانَ عَلَيْهَا وَكَذَا الْمُودَعُ إذَا دَفَعَ الْوَدِيعَةَ إلَى مَنْ يَعُولُهُ الْمُودَعُ لَا يَضْمَنُ مِنْ قَاضِي خَانْ قَالَ فِي الْفُصُولَيْنِ: الْعِبْرَةُ لِلْمُسَاكَنَةِ إلَّا فِي حَقِّ الزَّوْجِ وَالزَّوْجَةِ وَالْوَلَدِ الصَّغِيرِ وَالْقِنِّ فَلَا يَضْمَنُ بِالدَّفْعِ إلَى أَحَدِهِمْ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِي عِيَالِهِ وَنَفَقَتِهِ وَسُكْنَاهُ بِأَنْ كَانَ فِي مَحَلَّةٍ أُخْرَى وَهُوَ لَا يُنْفِقُ عَلَيْهِ لَكِنْ بِشَرْطِ أَنْ يَكُونَ الْوَلَدُ قَادِرًا عَلَى الْحِفْظِ انْتَهَى. وَمَنْ يُجْرَى عَلَيْهِ النَّفَقَةُ لَا يَكُونُ فِي عِيَالِهِ إذَا لَمْ يَكُنْ سَاكِنًا مَعَهُ ذَكَرَهُ قَاضِي خَانْ قَالَ فِي الْفُصُولَيْنِ لَوْ دَفَعَ إلَى مَنْ يَجِبُ عَلَيْهِ نَفَقَتُهُ كُلَّ شَهْرٍ ضَمِنَ فَلَيْسَ هَذَا كَمَنْ فِي عِيَالِهِ وَأَبَوَاهُ كَأَجْنَبِيٍّ حَتَّى يَشْتَرِطَ كَوْنَهُمَا فِي عِيَالِهِ انْتَهَى قُلْتُ: هَذَا إذَا لَمْ يَثِقْ بِهِمَا فِي مَالِهِ أَمَّا إذَا وَثِقَ بِهِمَا فِي مَالِ نَفْسِهِ فَيَنْبَغِي أَنْ لَا يَضْمَنَ عَلَى مَا مَرَّ. رَجُلٌ لَهُ امْرَأَتَانِ وَلِكُلِّ وَاحِدَةٍ ابْنٌ مِنْ غَيْرِهِ يَسْكُنُ مَعَهُ وَيُنْفِقُ عَلَيْهِمَا فَهُمَا فِي عِيَالِهِ مِنْ الْوَجِيزِ وَقَاضِي خَانْ فَإِنْ حَفِظَهَا بِغَيْرِ مَنْ فِي عِيَالِهِ أَوْ أَوْدَعَهَا غَيْرَهُ ضَمِنَ إلَّا عِنْدَ الضَّرُورَةِ بِأَنْ يَقَعَ فِي دَارِهِ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 77 حَرِيقٌ فَيُسَلِّمُهَا إلَى جَارِهِ أَوْ يَكُونَ فِي سَفِينَةٍ فَخَافَ الْغَرَقَ فَيُلْقِيهَا إلَى سَفِينَةٍ أُخْرَى وَلَا يُصَدَّقُ عَلَى ذَلِكَ إلَّا بِبَيِّنَةٍ مِنْ الْهِدَايَةِ وَكَذَا لَوْ خَرَجَ اللُّصُوصُ وَخَافَ عَلَيْهَا أَوْ مَا أَشْبَهَ ذَلِكَ فَدَفَعَهَا إلَى غَيْرِهِ لَا يَكُونُ ضَامِنًا مِنْ قَاضِي خَانْ. وَإِنْ وَقَعَتْ فِي الْبَحْرِ وَقْتَ إلْقَائِهَا إلَى سَفِينَةٍ أُخْرَى يَضْمَنُ لِحُصُولِ الْإِتْلَافِ بِفِعْلِهِ مِنْ شَرْحِ الْمَجْمَعِ. وَإِنَّمَا لَا يَضْمَنُ بِالدَّفْعِ إلَى أَجْنَبِيٍّ عِنْدَ الضَّرُورَةِ إذَا لَمْ يَجِدْ بُدًّا مِنْ الدَّفْعِ إلَى أَجْنَبِيٍّ أَمَّا إذَا وَجَدَ بُدًّا مِنْ الدَّفْعِ فَدَفَعَ ضَمِنَ فَلَوْ وَقَعَ الْحَرِيقُ فِي دَارِهِ فَإِنْ أَمْكَنَهُ أَنْ يُنَاوِلَهَا مَنْ فِي عِيَالِهِ فَنَاوَلَهَا أَجْنَبِيًّا ضَمِنَ قَالَ خُوَاهَرْ زَادَهْ: هَذَا إذَا أَحَاطَ الْحَرِيقُ بِالْمَنْزِلِ وَإِلَّا ضَمِنَ بِالدَّفْعِ إلَى أَجْنَبِيٍّ لِخَوْفِ الْحَرِيقِ وَإِذَا فَرَغَ مِنْ الْحَرِيقِ وَلَمْ يَسْتَرِدَّهَا بَعْدَ الْفَرَاغِ مِنْ ذَلِكَ ضَمِنَ وَكَذَا لَوْ دَفَعَهَا إلَى الْمَرْأَةِ ثُمَّ طَلَّقَهَا وَمَضَتْ الْعِدَّةُ فَلَمْ يَسْتَرِدَّهَا قَالَ صَاحِبُ الْمُحِيطِ: يَضْمَنُ إذْ يَجِبُ عَلَيْهِ الِاسْتِرْدَادُ وَقَالَ قَاضِي خَانْ: لَا يَضْمَنُ إذْ الْمُودَعُ إنَّمَا يَضْمَنُ بِالدَّفْعِ وَحِينَ دَفَعَ كَانَ غَيْرَ مَضْمُونٍ عَلَيْهِ فَلَا يَضْمَنُ بَعْدَهُ مِنْ الْفُصُولَيْنِ وَفِي الْخُلَاصَةِ. لَوْ قَالَ الْمُودَعُ: وَقَعَ الْحَرِيقُ فِي بَيْتِي فَدَفَعْت الْوَدِيعَةَ إلَى غَيْرِي بِالضَّرُورَةِ لَا يُصَدَّقُ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ. وَفِي الْمُنْتَقَى إنْ عُلِمَ أَنَّهُ وَقَعَ الْحَرِيقُ فِي بَيْتِهِ قَبْلَ قَوْلِهِ وَإِلَّا فَلَا انْتَهَى. أُحْرِقَ بَيْتُ الْمُودَعِ فَلَمْ يَنْقُلْ الْوَدِيعَةَ إلَى مَكَانٍ آخَرَ مَعَ إمْكَانِهِ يَضْمَنُ إذَا تَمَكَّنَ مِنْ حِفْظِهَا بِنَقْلِهَا إلَى مَكَان آخَرَ وَيُعْرَفُ مِنْ هَذَا كَثِيرٌ مِنْ الْمَسَائِلِ مِنْ الْقُنْيَةِ. وَلَوْ نَهَى الْمَالِكُ الْمُودَعَ أَنْ يَدْفَعَ الْوَدِيعَةَ إلَى أَحَدٍ مِمَّنْ فِي عِيَالِهِ فَدَفَعَهَا إلَى مَنْ لَا بُدَّ مِنْهُ لَمْ يَضْمَنْ كَمَا إذَا كَانَتْ الْوَدِيعَةُ دَابَّةً فَنَهَاهُ عَنْ الدَّفْعِ إلَى غُلَامِهِ وَكَمَا إذَا كَانَتْ شَيْئًا يُحْفَظُ عَلَى يَدِ النِّسَاءِ فَنَهَاهُ عَنْ الدَّفْعِ إلَى امْرَأَتِهِ وَإِنْ كَانَ لَهُ بُدٌّ يَضْمَنُ مِنْ الْهِدَايَةِ قَالَ: لَا تَدْفَعْهَا إلَى فُلَانٍ مِنْ عِيَالِك فَدَفَعَهَا وَلَا بُدَّ لَهُ مِنْهُ بِأَنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ عِيَالٌ سِوَاهُ لَمْ يَضْمَنْ وَإِنْ كَانَ لَهُ عِيَالٌ غَيْرُهُ ضَمِنَ؛ لِأَنَّهُ صَحَّ نَهْيُهُ إذْ النَّاسُ يَتَفَاوَتُونَ فِي الْحِفْظِ مِنْ الْوَجِيزِ قَالَ لَهُ: لَا تَدْفَعْهَا إلَى امْرَأَتِك أَوْ ابْنِك فَدَفَعَ لَوْ لَهُ بُدٌّ مِنْهُمْ بِأَنْ كَانَ لَهُ عِيَالٌ سِوَى الْمَنْهِيِّ عَنْهُ ضَمِنَ وَإِلَّا فَلَا قَالَ لَهُ: لَا تَدْفَعْ إلَى مَنْ فِي عِيَالِك فَإِنْ لَمْ يَجِدْ بُدًّا بِأَنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ بَيْتٌ حَصِينٌ لَمْ يَضْمَنْ بِدَفْعِهِ إلَيْهِمْ وَلَوْ كَانَتْ شَيْئًا يُمْسَكُ فِي الْبُيُوتِ فَقَالَ: لَا تَدْفَعْ إلَى زَوْجَتِك فَدَفَعَ لَمْ يَضْمَنْ وَكَذَا لَوْ قَالَ: لَا تَدْفَعْ الدَّابَّةَ إلَى غُلَامِك فَدَفَعَ لَمْ يَضْمَنْ مِنْ الْفُصُولَيْنِ. ثَلَاثَةٌ أَوْدَعُوا رَجُلًا مَالًا وَقَالُوا: لَا تَدْفَعْ إلَى أَحَدٍ مِنَّا حَتَّى نَجْتَمِعَ كُلُّنَا فَدَفَعَ نَصِيبَ أَحَدِهِمْ إلَيْهِ كَانَ ضَامِنًا فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ؛ لِأَنَّهُ لَا يَتَعَيَّنُ نَصِيبُهُ إلَّا بِالْقِسْمَةِ وَالْمُودَعُ لَا يَمْلِكُ الْقِسْمَةَ. رَجُلَانِ أَوْدَعَا رَجُلًا ثَوْبًا وَقَالَا: لَا تَدْفَعْ إلَّا إلَيْنَا جَمِيعًا فَدَفَعَ إلَى أَحَدِهِمَا كَانَ ضَامِنًا مِنْ قَاضِي خَانْ. وَإِذَا أَوْدَعَ رَجُلَانِ عِنْدَ آخَرَ مَا يُكَالُ أَوْ يُوزَنُ ثُمَّ حَضَرَ أَحَدُهُمَا يَطْلُبُ نَصِيبَهُ لَمْ يَدْفَعْ إلَيْهِ نَصِيبَهُ حَتَّى يَحْضُرَ الْآخَرُ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَقَالَا: يَدْفَعُ إلَيْهِ نَصِيبَهُ مِنْ الْهِدَايَةِ فَلَوْ دَفَعَ نَصِيبَهُ ضَمِنَ نَصِيبَ الْآخَرِ مِنْهُ وَهُوَ الرَّاجِحُ عِنْدَهُ خِلَافًا لَهُمَا وَلَوْ كَانَتْ الْوَدِيعَةُ مِنْ ذَوَاتِ الْقِيَمِ كَالثِّيَابِ وَالْعَبِيدِ ضَمِنَ اتِّفَاقًا مِنْ شَرْحِ الْمَجْمَعِ. رَجُلٌ أَوْدَعَ رَجُلًا أَلْفًا ثُمَّ قَالَ فِي غَيْبَةِ الْمُودَعِ: أَمَرْت فُلَانًا أَنْ يَقْبِضَ الْأَلْفَ الَّتِي هِيَ وَدِيعَةٌ لِي عِنْدَ فُلَانٍ فَلَمْ يَعْلَمْ الْمَأْمُورُ بِذَلِكَ إلَّا أَنَّهُ قَبَضَ الْأَلْفَ مِنْ الْمُودَعِ فَضَاعَتْ فَلِرَبِّ الْوَدِيعَةِ الْخِيَارُ إنْ شَاءَ ضَمَّنَ الْقَابِضَ وَإِنْ شَاءَ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 78 ضَمَّنَ الدَّافِعَ وَلَوْ كَانَ الْمُودَعُ مَا عَلِمَ بِالتَّوْكِيلِ وَالْأَمْرِ وَلَمْ يَعْلَمْ بِهِ الْمَأْمُورُ فَدَفَعَ الْمُودَعُ الْمَالَ إلَى الْمَأْمُورِ فَهُوَ جَائِزٌ وَلَا ضَمَانَ عَلَى أَحَدِهِمَا وَلَوْ لَمْ يَعْلَمْ أَحَدُهُمَا بِالْأَمْرِ فَقَالَ الْمَأْمُورُ لِلْمُودَعِ: ادْفَعْ إلَيَّ وَدِيعَةَ فُلَانٍ أَدْفَعْهَا إلَى صَاحِبِهَا أَوْ قَالَ: ادْفَعْهَا إلَيَّ تَكُونُ عِنْدِي لِفُلَانٍ فَدَفَعَ فَضَاعَتْ فَلِرَبِّ الْوَدِيعَةِ أَنْ يُضَمِّنَ أَيَّهُمَا شَاءَ فِي قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ هَذِهِ فِي الْوَكَالَةِ مِنْ قَاضِي خَانْ. وَكَّلَهُ بِقَبْضِ وَدِيعَتِهِ بِمَحْضَرِ الْمُودَعِ فَطَالَبَهُ بَعْدَ أَيَّامٍ فَامْتَنَعَ وَهَلَكَتْ يَضْمَنُ؛ لِأَنَّ الثَّابِتَ مُعَايَنَةً فَوْقَ الثَّابِتِ بِالْبَيِّنَةِ وَلَوْ أَثْبَتَ وَكَالَتَهُ بِالْبَيِّنَةِ فَامْتَنَعَ مِنْ الدَّفْعِ بَعْدَ الطَّلَبِ يَضْمَنُ فَهَذَا أَوْلَى مِنْ الْقُنْيَةِ. رَجُلٌ أَوْدَعَ رَجُلًا مَالًا وَقَالَ: إنْ مِتُّ فَادْفَعْهُ إلَى ابْنِي فَدَفَعَهُ إلَيْهِ وَلَهُ وَارِثٌ غَيْرُهُ ضَمِنَ حِصَّتَهُ وَلَوْ قَالَ: ادْفَعْهُ إلَى فُلَانٍ وَهُوَ غَيْرُ وَارِثٍ ضَمِنَ إنْ دَفَعَهُ إلَيْهِ هَذِهِ فِي الْوَجِيزِ مِنْ وَصَايَاهُ. الْعَبْدُ إذَا أَوْدَعَ عِنْدَ إنْسَانٍ شَيْئًا لَا يَمْلِكُ الْمَوْلَى أَخْذَ الْوَدِيعَةِ سَوَاءٌ كَانَ الْعَبْدُ مَأْذُونًا أَوْ مَحْجُورًا فَلَوْ أَنَّ الْمُودَعَ دَفَعَ الْوَدِيعَةَ إلَى مَوْلَاهُ إنْ لَمْ يَكُنْ عَلَى الْعَبْدِ دَيْنٌ جَازَ وَهَذِهِ فِي الْمَأْذُونِ مِنْ قَاضِي خَانْ وَفِي الْخُلَاصَةِ لَيْسَ لِلْمَالِكِ أَنْ يَقْبِضَ وَدِيعَةَ عَبْدِهِ مَأْذُونًا كَانَ أَوْ مَحْجُورًا مَا لَمْ يَحْضُرْ وَيُظْهِرْ أَنَّهُ مِنْ كَسْبِهِ لِأَنَّهُ يُحْتَمَلُ أَنَّهُ مَالُ الْغَيْرِ فِي يَدِ الْعَبْدِ وَدِيعَةً فَإِنْ ظَهَرَ أَنَّهُ لِلْعَبْدِ بِالْبَيِّنَةِ فَحِينَئِذٍ يَأْخُذُ انْتَهَى. وَمَنْ قَالَ: إنِّي وَكِيلٌ بِقَبْضِ الْوَدِيعَةِ فَصَدَّقَهُ الْمُودَعُ لَمْ يُؤْمَرْ بِالتَّسْلِيمِ إلَيْهِ كَذَا فِي الْوَكَالَةِ مِنْ الْهِدَايَةِ. وَفِي الْفُصُولَيْنِ لَوْ صَدَّقَهُ أَوْ كَذَّبَهُ أَوْ سَكَتَ لَا يُجْبَرُ بِالدَّفْعِ وَلَوْ دَفَعَهَا لَا يَسْتَرِدُّهَا فَلَوْ حَضَرَ رَبُّهَا وَكَذَّبَهُ فِي الْوَكَالَةِ لَا يَرْجِعُ الْمُودَعُ عَلَى الْوَكِيلِ لَوْ صَدَّقَهُ وَلَمْ يُشْتَرَطْ الضَّمَانُ عَلَيْهِ وَإِلَّا رَجَعَ بِعَيْنِهِ لَوْ قَائِمًا وَبِقِيمَتِهِ لَوْ هَالِكًا قَالَ صَاحِبُ الْفُصُولَيْنِ: أَقُولُ لَوْ صَدَّقَهُ وَدَفَعَ بِلَا شَرْطٍ يَنْبَغِي أَنْ يَرْجِعَ عَلَى الْوَكِيلِ لَوْ قَائِمًا إذْ غَرَضُهُ لَمْ يَحْصُلْ فَلَهُ نَقْضُهُ عَلَى قِيَاسِ مَا مَرَّ فِي الْهِدَايَةِ مِنْ أَنَّ الْمَدْيُونَ يَرْجِعُ بِمَا دَفَعَهُ إلَى وَكِيلٍ صَدَّقَهُ لَوْ بَاقِيًا كَذَا هُنَا وَفِيهِ أَيْضًا مِنْ شَرْحِ الْجَامِعِ الصَّغِيرِ لَوْ لَمْ يُؤْمَرْ بِدَفْعِ الْوَدِيعَةِ وَلَمْ يُسَلِّمْهَا فَتَلِفَتْ قِيلَ: لَا يَضْمَنُ وَكَانَ يَنْبَغِي أَنْ يَضْمَنَ إذْ الْمَنْعُ مِنْ الْوَكِيلِ بِزَعْمِهِ كَمَنْعٍ مِنْ الْمُودَعِ انْتَهَى. امْرَأَةٌ حَضَرَتْهَا الْوَفَاةُ فَدَفَعَتْ الْوَدِيعَةَ إلَى جَارَتِهَا لَمْ تَضْمَنْ لَوْ لَمْ يَكُنْ عِنْدَ وَفَاتِهَا أَحَدٌ مِمَّنْ فِي عِيَالِهَا. وَضَعَهَا عِنْدَ غَيْرِهِ وَلَمْ يُفَارِقْهُ حَتَّى تَلِفَتْ لَمْ يَضْمَنْ وَإِنَّمَا يَضْمَنُ لَوْ تَرَكَهَا عِنْدَهُ وَغَابَ. دَفَعَهَا إلَى أَجْنَبِيٍّ وَأَجَازَ الْمَالِكُ خَرَجَ مِنْ الْبَيْنِ كَأَنَّهُ دَفَعَ إلَى الْمَالِكِ مِنْ الْفُصُولَيْنِ. أَوْدَعَ رَجُلٌ عِنْدَ رَجُلَيْنِ شَيْئًا مِمَّا يُقَسَّمُ لَمْ يَجُزْ أَنْ يَدْفَعَهُ أَحَدُهُمَا إلَى الْآخَرِ وَلَكِنَّهُمَا يَقْتَسِمَانِ فَيَحْفَظُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا نِصْفَهُ وَلَوْ دَفَعَ يَضْمَنُ الدَّافِعُ وَلَا يَضْمَنُ الْقَابِضُ وَإِنْ كَانَ مِمَّا لَا يُقَسَّمُ جَازَ أَنْ يَحْفَظَ أَحَدُهُمَا بِإِذْنِ الْآخَرِ وَهَذَا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَعِنْدَهُمَا لِأَحَدِهِمَا أَنْ يَحْفَظَ بِإِذْنِ الْآخَرِ فِي الْوَجْهَيْنِ مِنْ الْهِدَايَةِ وَلَوْ اقْتَسَمَا مَا يُقَسَّمُ نِصْفَيْنِ ثُمَّ ضَاعَا لَمْ يَضْمَنَا ذَكَرَهُ فِي الْوَجِيزِ قُلْتُ: وَيَدُلُّ عَلَيْهِ عِبَارَةُ الْهِدَايَةِ أَيْضًا. وَلَوْ ادَّعَى عَبْدٌ مَحْجُورٌ أَيْ غَيْرُ مَأْذُونٍ بِأَخْذِ الْوَدِيعَةِ إلَى مِثْلِهِ فَهَلَكَتْ فَلِلْمَالِكِ أَنْ يُضَمِّنَ الْأَوَّلَ فَقَطْ بَعْدَ الْعِتْقِ وَلَا يُضَمِّنُ الثَّانِي أَصْلًا؛ لِأَنَّهُ مُودَعُ الْمُودَعِ وَهُوَ لَا يَضْمَنُ عِنْدَهُ بِلَا تَعَدٍّ وَعِنْدَ أَبِي يُوسُفَ يُخَيَّرُ فِي تَضْمِينِ أَيِّهِمَا شَاءَ بَعْدَ الْعِتْقِ ذَكَرَهُ فِي الْحَقَائِقِ وَفِي رِوَايَةٍ أُخْرَى عَنْ مُحَمَّدٍ لَهُ أَنْ يُضَمِّنَ الثَّانِي لِلْحَالِ وَإِنْ شَاءَ ضَمَّنَ الْأَوَّلَ فَقَطْ بَعْدَ الْعِتْقِ وَلَا الجزء: 1 ¦ الصفحة: 79 يُضَمِّنُ الثَّالِثَ أَصْلًا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَعِنْدَ أَبِي يُوسُفَ لَهُ أَنْ يُضَمِّنَ أَيَّ الثَّلَاثَةِ شَاءَ وَعِنْدَ مُحَمَّدٍ يُخَيَّرُ فِي تَضْمِينِ مَنْ شَاءَ مِنْ الْأَخِيرَيْنِ فِي الْحَالِ وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يُضَمِّنَ الْأَوَّلَ مَا لَمْ يُعْتَقْ مِنْ الْحَقَائِقِ وَالْمُجْمَعِ. الْمُودَعُ إذَا دَفَعَ الْوَدِيعَةَ إلَى غَيْرِهِ فَهَلَكَتْ عِنْدَ الثَّانِي إنْ لَمْ يُفَارِقْ الْأَوَّلَ لَا ضَمَانَ عَلَى وَاحِدٍ مِنْهُمَا وَإِنْ فَارَقَ ضَمِنَ الْأَوَّلُ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَلَا يَضْمَنُ الثَّانِي وَعِنْدَهُمَا يُضَمِّنُ أَيَّهُمَا شَاءَ لَكِنْ لَوْ ضَمَّنَ الْأَوَّلَ لَا يَرْجِعُ عَلَى الثَّانِي وَلَوْ ضَمَّنَ الثَّانِي لَا يَرْجِعُ عَلَى الْأَوَّلِ. وَلَوْ دَفَعَ الْمُودَعُ الْوَدِيعَةَ إلَى آخَرَ بِإِذْنِ الْمَالِكِ أَوْ بِغَيْرِ إذْنِهِ ثُمَّ أَجَازَ الْمَالِكُ خَرَجَ الْمُودَعُ مِنْ الْبَيْنِ كَأَنَّهُ دَفَعَ إلَى الْمَالِكِ هَذَا إذَا دَفَعَ إلَى الْغَيْرِ لِضَرُورَةٍ بِأَنْ احْتَرَقَ بَيْتُ الْمُودَعِ فَدَفَعَهَا إلَى جَارِهِ لَا يَضْمَنُ وَكَذَا فِيمَا يُشْبِهُ هَذَا مِنْ الْخُلَاصَةِ وَفِيهَا أَيْضًا دَفَعَ رَجُلٌ إلَى رَجُلٍ أَلْفَ دِرْهَمٍ وَقَالَ: ادْفَعْهُ إلَى فُلَانٍ بِالرَّيِّ فَمَاتَ فَدَفَعَهُ إلَى رَجُلٍ وَقَالَ لَهُ: ادْفَعْهُ إلَيْهِ فَضَاعَ مِنْهُ لَا يَضْمَنُ؛ لِأَنَّهُ وَصِيٌّ. رَجُلٌ دَفَعَ إلَى رَجُلٍ أَلْفَ دِرْهَمٍ وَقَالَ لَهُ: ادْفَعْهُ إلَى فُلَانٍ فَلَمْ يَدْفَعْهُ حَتَّى ضَاعَ لَمْ يَضْمَنْ؛ لِأَنَّهُ لَا يَجِبُ عَلَيْهِ ذَلِكَ انْتَهَى. لَوْ أَوْدَعَهُ بَقَرَةً وَقَالَ لَهُ: إنْ أَرْسَلْت ثِيرَانَك إلَى الْمَرْعَى لِلْعَلَفِ فَاذْهَبْ بِبَقَرَتِي أَيْضًا فَذَهَبَ بِهَا دُونَ ثِيرَانِهِ فَضَاعَتْ لَا يَضْمَنُ. أَوْدَعَ شَاةً فَدَفَعَهَا مَعَ غَنَمِهِ إلَى الرَّاعِي لِلْحِفْظِ فَسُرِقَتْ الْغَنَمُ يَضْمَنُ إذَا لَمْ يَكُنْ الرَّاعِي خَاصًّا لِلْمُودَعِ. سَلَّمَ الْمُودَعُ الدَّارَ الَّتِي فِي بَيْتٍ مِنْهَا الْوَدِيعَةُ إلَى آخَرَ لِيَحْفَظَهَا إنْ كَانَتْ الْوَدَائِعُ فِي بَيْتٍ مُغْلَقٍ حَصِينٍ لَا يُمْكِنُ فَتْحُهُ بِغَيْرِ مَشَقَّةٍ لَا يَضْمَنُ وَإِلَّا فَيَضْمَنُ مِنْ الْقُنْيَةِ. امْرَأَةٌ أَوْدَعَتْ رَجُلًا وَدِيعَةً كَانَتْ عِنْدَهَا لِغَيْرِهَا ثُمَّ قَبَضَتْهَا ثُمَّ أَوْدَعَتْهَا آخَرَ وَقَبَضَتْهَا مِنْهُ فَفُقِدَ مَتَاعٌ مِنْهَا فَقَالَتْ: ذَهَبَ بَيْنَكُمَا وَلَا أَدْرِي مَنْ أَصَابَهُ وَقَالَا: لَا نَدْرِي مَا كَانَ فِي وِعَائِك لَمْ نُفَتِّشْهُ وَرَدَدْنَاهُ عَلَيْك فَصَالَحْتهمَا مِنْ ذَلِكَ عَلَى مَالٍ مَعْلُومٍ قَالَ: هِيَ ضَامِنَةٌ لِصَاحِبِ الْمَتَاعِ قِيمَتَهُ وَالصُّلْحُ فِيمَا بَيْنَهُمَا جَائِزٌ ثُمَّ صُلْحُهَا لَا يَخْلُو إنْ كَانَ بَعْدَ مَا ضَمَّنَهَا الْمَالِكُ قِيمَةَ الْمَتَاعِ جَازَ عَلَى أَيِّ بَدَلٍ كَانَ وَإِنْ كَانَ قَبْلَ أَنْ يُضَمِّنَهَا صَالَحَتْهُمَا بِمِثْلِ قِيمَةِ الْمَتَاعِ أَوْ أَقَلَّ عَلَى قَدْرِ مَا يَتَغَابَنُ النَّاسُ فِيهِ جَازَ وَبَرِئَا عَنْ الضَّمَانِ لِلْمَتَاعِ حَتَّى لَوْ أَقَامَ صَاحِبُ الْمَتَاعِ بَعْدَ ذَلِكَ بَيِّنَةً عَلَى مَا ادَّعَى مِنْ الْمَتَاعِ لَمْ يَكُنْ لَهُ عَلَى الْمُودَعَيْنِ سَبِيلٌ وَلَوْ صَالَحَتْهُمَا عَلَى أَقَلِّ قَدْرِ مَا لَا يُتَغَابَنُ فِيهِ لَا يَجُوزُ الصُّلْحُ وَالْمَالِكُ بِالْخِيَارِ إنْ شَاءَ ضَمَّنَ الْمَرْأَةَ وَإِنْ شَاءَ ضَمَّنَ الْمُودَعَيْنِ إنْ قَامَتْ لَهُ بَيِّنَةٌ عَلَى الْمَتَاعِ فَإِنْ ضَمَّنَ الْمُودَعَيْنِ رَجَعَا عَلَى الْمَرْأَةِ بِمَا دَفَعَا إلَيْهَا وَإِنْ ضَمَّنَ الْمَرْأَةَ نَفَذَ الصُّلْحُ عَلَيْهِمَا وَالْعَارِيَّةُ كَالْوَدِيعَةِ وَكَذَا كُلُّ مَالٍ أَصْلُهُ أَمَانَةٌ كَالْمُضَارَبَةِ هَذِهِ فِي الصُّلْحِ مِنْ الْخُلَاصَةِ. وَلَوْ دَفَعَ الْمُودَعُ الْوَدِيعَةَ إلَى مَنْ فِي عِيَالِ رَبِّهَا ذَكَرَ الْقُدُورِيُّ وَالْفَقِيهُ أَبُو اللَّيْثِ وَشَمْسُ الْأَئِمَّةِ السَّرَخْسِيُّ أَنَّهُ يَضْمَنُ وَذَكَرَ الشَّيْخُ مُحَمَّدُ بْنُ الْفَضْلِ فِي شَرْحِ الْجَامِعِ الْكَبِيرِ أَنَّهُ لَا يَضْمَنُ مِنْ قَاضِي خَانْ قُلْتُ: وَالْفَتْوَى عَلَى أَنَّهُ يَضْمَنُ بِالدَّفْعِ إلَى مَنْ فِي عِيَالِ رَبِّهَا ذَكَرَهُ فِي الصُّغْرَى. رَجُلٌ غَابَ وَخَلَفَ عِنْدَ أَبِيهِ وَدِيعَةً فَجَاءَتْ امْرَأَةُ الِابْنِ وَطَلَبَتْ مِنْ الْوَدِيعَةِ النَّفَقَةَ فَدَفَعَ إلَيْهَا بِغَيْرِ أَمْرِ الْقَاضِي كَانَ ضَامِنًا مِنْ قَاضِي خَانْ. دَفَعَ الْوَدِيعَةَ إلَى الْمُودَعِ ثُمَّ اُسْتُحِقَّتْ لَمْ يَضْمَنْ الْمُودَعُ لِرَدِّهِ عَلَى مَنْ أَخَذَ مِنْهُ وَلَوْ قَالَ رَبُّهَا: ادْفَعْهَا إلَى فُلَانٍ فَدَفَعَهَا ثُمَّ اُسْتُحِقَّتْ فَلِلْمَالِكِ أَنْ يُضَمِّنَ أَيَّ الثَّلَاثَةِ شَاءَ مِنْ الْمُودِعِ وَالْمُودَعِ وَالْآخِذِ مِنْ الصُّغْرَى الجزء: 1 ¦ الصفحة: 80 وَالْفُصُولَيْنِ. [مطلب مُودَع الْغَاصِب] مُودِعُ الْغَاصِبِ إذَا رَدَّ الْمَغْصُوبَ إلَى الْغَاصِبِ فَإِنَّهُ يَبْرَأُ مِنْ الصُّغْرَى وَمُشْتَمِلِ الْهِدَايَةِ. وَلَوْ دَفَعَ الْوَدِيعَةَ إلَى وَارِثِ الْمُودِعِ بِغَيْرِ أَمْرِ الْقَاضِي وَفِي تَرِكَتِهِ دَيْنٌ مُسْتَغْرِقٌ لِلْوَدِيعَةِ ضَمِنَ مِنْ وَصَايَا الصُّغْرَى قُلْتُ: هَذَا إذَا لَمْ يَكُنْ الْوَارِثُ مُؤْتَمَنًا وَإِلَّا يَضْمَنُ ذَكَرَهُ فِي الْأَشْبَاهِ. رَجُلٌ دَفَعَ إلَى آخَرَ أَلْفًا وَقَالَ: هَذِهِ الْأَلْفُ لِفُلَانٍ فَإِذَا مِتُّ فَادْفَعْهَا إلَيْهِ فَمَاتَ يَدْفَعُهَا الْمَأْمُورُ إلَى فُلَانٍ كَمَا أَمَرَهُ. وَعَنْ أَبِي نَصْرٍ الدَّبُوسِيِّ مَرِيضٌ دَفَعَ إلَى رَجُلٍ دَرَاهِمَ وَقَالَ لَهُ: ادْفَعْهَا إلَى أَخِي أَوْ ابْنِي ثُمَّ مَاتَ وَعَلَى الْمَيِّتِ دَيْنٌ قَالَ: إنْ قَالَ: ادْفَعْهَا إلَى أَخِي أَوْ إلَى ابْنِي وَلَمْ يَزِدْ عَلَى هَذَا فَإِنَّ الْمَأْمُورَ يَدْفَعُهَا إلَى غُرَمَاءِ الْمَيِّتِ كَذَا فِي الْوَصَايَا مِنْ قَاضِي خَانْ. لَوْ قَضَى الْمُودَعُ الْوَدِيعَةِ دَيْنَ رَبِّهَا وَالدَّيْنُ مِنْ جِنْسِ الْوَدِيعَةِ قِيلَ: يَضْمَنُ وَقِيلَ: لَا يَضْمَنُ مِنْ الْفُصُولَيْنِ قَالَ فِي الْأَشْبَاهِ: ضَمِنَ عَلَى الصَّحِيحِ كَمَا فِي وَصَايَا الصُّغْرَى. رَجُلٌ فِي يَدَيْهِ أَلْفُ دِرْهَمٍ وَدِيعَةً لِرَجُلٍ فَمَاتَ وَعَلَيْهِ أَلْفُ دِرْهَمٍ دَيْنٌ مَعْرُوفَةٌ أَنَّهَا عَلَيْهِ وَتَرَكَ ابْنًا مَعْرُوفًا فَقَضَى الْمُسْتَوْدَعُ الْأَلْفَ لِلْغَرِيمِ لَمْ يَضْمَنْ؛ لِأَنَّ الْأَلْفَ لِلْمَيِّتِ وَقَدْ قَضَاهُ إلَى مَنْ لَهُ الْحَقُّ وَهُوَ غَرِيمُ الْمَيِّتِ وَلَيْسَ لِلِابْنِ مِيرَاثٌ حَتَّى يَقْضِيَ الدَّيْنَ هَذَا كُلُّهُ رِوَايَةٌ عَنْ هِشَامٍ عَنْ مُحَمَّدٍ وَذَكَرَ قَبْلَ ذَلِكَ لَوْ كَانَ عِنْدَ رَجُلٍ أَلْفُ دِرْهَمٍ لِرَجُلٍ فَقَضَاهَا الْمُودَعُ لِلَّذِي لَهُ الدَّيْنُ عَلَى الْمُودِعِ فَإِنْ شَاءَ الْمُودَعُ أَجَازَ الْقَضَاءَ وَإِنْ شَاءَ ضَمَّنَ الْمُودَعَ وَسَلَّمَ الْمَالَ لِلَّذِي قَبَضَ؛ لِأَنَّهُ مُتَطَوِّعٌ انْتَهَى. مُودِعٌ غَابَ عَنْ بَيْتِهِ فَقَالَ لَهُ رَجُلٌ أَجْنَبِيٌّ: إنَّ لِي فِي بَيْتِك شَيْئًا فَادْفَعْ إلَيَّ الْمِفْتَاحَ حَتَّى أَرْفَعَهُ وَسَلَّمَ إلَيْهِ الْمِفْتَاحَ فَلَمَّا عَادَ الرَّجُلُ إلَى بَيْتِهِ لَمْ يَجِدْ الْوَدِيعَةَ فِي مَوْضِعِهَا قَالَ الْإِمَامُ أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ الْفَضْلِ: لَا يَضْمَنُ الْمُودَعُ؛ لِأَنَّ بِدَفْعِ الْمِفْتَاحِ إلَيْهِ لَمْ يَصِرْ جَاعِلًا بَيْتَهُ فِي يَدِ الْأَجْنَبِيِّ. الْمُودَعُ إذَا قَالَ: دَفَعْت الْوَدِيعَةَ إلَى ابْنِي وَأَنْكَرَ الِابْنُ فَوَرِثَ الْأَبُ مَالَ ابْنِهِ كَانَ ضَمَانُ الْوَدِيعَةِ فِي تَرِكَةِ الِابْنِ. رَجُلٌ فِي يَدَيْهِ مَالُ إنْسَانٍ فَقَالَ لَهُ السُّلْطَانُ الْجَائِرُ: إنْ لَمْ تَدْفَعْ إلَيَّ هَذَا الْمَالَ حَبَسْتُك شَهْرًا أَوْ ضَرَبْتُك ضَرْبًا؛ لَا يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَدْفَعَ الْمَالَ إلَيْهِ فَإِنْ دَفَعَ كَانَ ضَامِنًا وَإِنْ قَالَ لَهُ: إنْ لَمْ تَدْفَعْ إلَيَّ الْمَالَ أَقْطَعْ يَدَك أَوْ أَضْرِبْك خَمْسِينَ سَوْطًا فَدَفَعَ إلَيْهِ لَا يَكُونُ ضَامِنًا؛ لِأَنَّ مَالَ الْغَيْرِ لَا يَجُوزُ دَفْعُهُ لِلْجَائِرِ إلَّا أَنْ يُخَافَ تَلَفُ عُضْوٍ وَالضَّرْبُ الْمُتَوَالِي يُخَافُ مِنْهُ التَّلَفُ مِنْ قَاضِي خَانْ وَلَوْ هَدَّدَ الْمُودَعَ بِإِتْلَافِ مَالِهِ إنْ لَمْ يَدْفَعْ إلَيْهِ فَدَفَعَ هَلْ يَضْمَنُ؟ كَانَتْ وَاقِعَةَ الْفَتْوَى وَذَكَرَ فِي وَصَايَا النَّوَازِلِ السُّلْطَانُ لَوْ طَلَبَ مِنْ الْوَصِيِّ بَعْضَ مَالِ الْيَتِيمِ وَهَدَّدَهُ فَلَوْ خَافَ عَلَى نَفْسِهِ الْقَتْلَ أَوْ تَلَفَ عُضْوٍ فَدَفَعَ لَمْ يَضْمَنْ وَلَوْ خَافَ الْحَبْسَ أَوْ الْقَيْدَ أَوْ أَنْ يَأْخُذَ مَالَهُ وَيَبْقَى قَدْرُ الْكِفَايَةِ فَدَفَعَ ضَمِنَ وَلَوْ خَشِيَ أَخْذَ مَالِهِ كُلِّهِ لَمْ يَضْمَنْ إنْ دَفَعَ وَهَذَا كُلُّهُ إذَا كَانَ الْوَصِيُّ هُوَ الَّذِي دَفَعَ وَإِنْ كَانَ الْجَائِرُ هُوَ الَّذِي أَخَذَ فَلَا ضَمَانَ عَلَى الْوَصِيِّ. أَوْدَعَ وَغَابَ فَأَقَامَ ابْنُهُ بَيِّنَةً أَنَّ أَبَاهُ مَاتَ وَلَا وَارِثَ لَهُ غَيْرُهُ وَأَخَذَ الْوَدِيعَةَ ثُمَّ جَاءَ أَبُوهُ حَيًّا يَضْمَنُ الِابْنُ أَوْ الشَّاهِدَيْنِ وَلَا يَضْمَنُ الْمُودَعُ مِنْ مُشْتَمِلِ الْهِدَايَةِ وَالْفُصُولَيْنِ وَفِي الْوَكَالَةِ بِالْخُصُومَةِ مِنْ الْهِدَايَةِ لَوْ ادَّعَى أَنَّهُ مَاتَ أَبُوهُ وَتَرَكَ الْوَدِيعَةَ مِيرَاثًا لَهُ لَا وَارِثَ غَيْرُهُ وَصَدَّقَهُ الْمُودَعُ أُمِرَ بِالدَّفْعِ إلَيْهِ اهـ. غَابَ الْمُودَعُ وَخَلَفَ امْرَأَتَهُ فِي مَنْزِلِهِ وَفِي الْمَنْزِلِ وَدَائِعُ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 81 النَّاسِ ثُمَّ رَجَعَ فَلَمْ يَجِدْهَا فَإِنْ كَانَتْ الْمَرْأَةُ أَمِينَةً فَلَا ضَمَانَ عَلَى الزَّوْجِ وَإِنْ كَانَتْ غَيْرَ أَمِينَةٍ وَعَلِمَ الزَّوْجُ بِذَلِكَ وَمَعَ هَذَا تَرَكَ الْوَدِيعَةَ مَعَهَا فَهُوَ ضَامِنٌ قَالَ صَاحِبُ الذَّخِيرَةِ: وَمِنْ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ اسْتَخْرَجْنَا جَوَابَ مَسْأَلَةٍ صَارَتْ وَاقِعَةَ الْفَتْوَى وَصُورَتُهَا تيمبان تُيَمّ رابغلام خودماند وَرَفَّتْ فَذَهَبَ الْغُلَامُ بِوَدَائِعِ النَّاسِ فَأُنْفِقَتْ أَجْوِبَةُ الْمُفْتِينَ لَهُ كه تيمبان يَضْمَنُ لَوْ عَلِمَ بِأَنَّ غُلَامَهُ سَارِقٌ وَلَيْسَ بِأَمِينٍ مِنْ مُشْتَمِلِ الْهِدَايَةِ وَالْفُصُولَيْنِ. مُودِع مَالِكٍ راكفت كه مِنْ بِبَاغٍ ميروم وديعت ترابهمسايه دِرْهَمٌ كَفَتْ بُدّه داد وَرَفَّتْ بازامد وديعت راازهمسايه كَرَفْتِ لَمْ يَضْمَنْ الْأَوَّلُ مِنْ الْفُصُولَيْنِ. أَجَرَ بَيْتًا مِنْ دَارِهِ وَدَفَعَ الْوَدِيعَةَ إلَى هَذَا الْمُسْتَأْجِرِ قَالَ أَبُو بَكْرٍ الْبَلْخِيّ: فَلَوْ لِكُلٍّ مِنْهُمَا مِفْتَاحٌ وَغَلَقٌ عَلَى حِدَةٍ ضَمِنَ كَمَا لَوْ دَفَعَ إلَى أَجْنَبِيٍّ يَسْكُنُ خَارِجَ الدَّارِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ كَذَلِكَ وَكُلٌّ مِنْهُمَا يَدْخُلُ عَلَى الْآخَرِ بِلَا إذْنٍ فِيهِ وَحِشْمَةٍ يَبْرَأُ لِوُجُودِ الْمُسَاكَنَةِ مِنْ قَاضِي خَانْ. مُرْدِي درخانة يكى كديور كندم نهادبا مَانَّتْ ثُمَّ أَنَّ الْمُودَعَ آجَرَ هَذَا الْبَيْتَ مِنْ رَجُلٍ وَسَلَّمَ وَانْتَقَلَ إلَى دَارٍ أُخْرَى يَنْبَغِي أَنْ لَا يَضْمَنَ إذَا لَمْ يَنْقُلْ الْحِنْطَةَ عَنْ مَوْضِعِهَا اسْتِدْلَالًا بِمَا ذَكَرَ فِي نَسَّاجٍ سَكَنَ مَعَ صِهْرِهِ ثُمَّ اكْتَرَى دَارًا وَنَقَلَ مَتَاعَهُ وَتَرَكَ الْغَزْلَ فِي الدَّارِ الَّتِي انْتَقَلَ عَنْهَا فَلَوْ لَمْ يَنْقُلْ الْغَزْلَ مِنْ الْمَكَانِ الَّذِي فِيهِ إلَى بَيْتٍ آخَرَ مِنْ دَارِ صِهْرِهِ وَلَا أَوْدَعَهُ لَا يَضْمَنُ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ؛ لِأَنَّ الْغَزْلَ بَقِيَ فِي الْمَكَانِ الَّذِي كَانَ فِيهِ سَاكِنًا فَيَبْقَى هُوَ سَاكِنًا فِيهِ لِمَا عُرِفَ مِنْ أَصْلِهِ إنَّ سُكْنَاهُ فِي دَارٍ لَا يَبْطُلُ مَا بَقِيَ فِيهَا مِنْ مَتَاعِهِ شَيْءٌ وَعِنْدَهُمَا يَضْمَنُ مُطْلَقًا مِنْ مُشْتَمِلِ الْهِدَايَةِ وَالْفُصُولَيْنِ. ادَّعَى رَجُلٌ أَنَّهُ اشْتَرَى الْوَدِيعَةَ مِنْ صَاحِبِهَا وَصَدَّقَهُ الْمُودَعُ لَمْ يُؤْمَرْ بِالدَّفْعِ إلَيْهِ مِنْ الْوَكَالَةِ بِالْخُصُومَةِ مِنْ الْهِدَايَةِ. لَوْ غَابَ رَبُّ الْوَدِيعَةِ وَلَا يُدْرَى أَحَيٌّ هُوَ أَمْ مَيِّتٌ يُمْسِكُهَا أَبَدًا حَتَّى يَعْلَمَ مَوْتَهُ فَإِنْ مَاتَ إنْ لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ دَيْنٌ مُسْتَغْرِقٌ يَرُدُّهَا عَلَى الْوَرَثَةِ وَإِنْ كَانَ يَدْفَعُهَا إلَى وَصِيَّةٍ مِنْ الْخُلَاصَةِ. [الْفَصْلُ الثَّالِثُ فِي الْخَلْطِ وَالِاخْتِلَاطِ وَالْإِتْلَافِ] إذَا خَلَطَ الْمُودِعُ الْوَدِيعَةَ بِمَالِهِ حَتَّى لَا يَتَمَيَّزَ ضَمِنَهَا ثُمَّ لَا سَبِيلَ لِلْمُودَعِ عَلَيْهَا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَقَالَا: إذَا خَلَطَهَا بِجِنْسِهَا شَرَكَهُ إنْ شَاءَ مِثْلَ أَنْ يَخْلِطَ الدَّرَاهِمَ الْبِيضَ بِالْبِيضِ وَالسُّودَ بِالسُّودِ وَالْحِنْطَةَ بِالْحِنْطَةِ وَالشَّعِيرَ بِالشَّعِيرِ وَخَلَطَ الْخَلَّ بِالزَّيْتِ وَكُلَّ مَائِعٍ بِغَيْرِ جِنْسِهِ يُوجِبُ انْقِطَاعَ حَقِّ الْمَالِكِ إلَى الضَّمَانِ وَهَذَا بِالْإِجْمَاعِ لِأَنَّهُ اسْتِهْلَاكٌ صُورَةً وَمَعْنًى لِتَعَذُّرِ الْقِسْمَةِ بِاعْتِبَارِ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 82 اخْتِلَافِ الْجِنْسِ وَمِنْ هَذَا الْقَبِيلِ خَلْطُ الْحِنْطَةِ بِالشَّعِيرِ فِي الصَّحِيحِ وَلَوْ خَلَطَ الْمَائِعَ بِجِنْسِهِ فَعِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ يَنْقَطِعُ حَقُّ الْمَالِكِ إلَى الضَّمَانِ وَعِنْدَ أَبِي يُوسُفَ يَجْعَلُ الْأَقَلَّ تَابِعًا لِلْأَكْثَرِ اعْتِبَارًا لِلْغَالِبِ أَجْزَاءً وَعِنْدَ مُحَمَّدٍ شَرِكَةً بِكُلِّ حَالٍ لِأَنَّ الْجِنْسَ لَا يَغْلِبُ الْجِنْسَ عِنْدَهُ وَنَظِيرُهُ خَلْطُ الدَّرَاهِمِ بِمِثْلِهَا إذَابَةً؛ لِأَنَّهُ يَصِيرُ مَائِعًا بِالْإِذَابَةِ وَإِذَا اخْتَلَطَتْ بِمَالِهِ مِنْ غَيْرِ فِعْلِهِ فَهُوَ شَرِيكٌ لِصَاحِبِهَا كَمَا إذَا انْشَقَّ الْكِيسَانِ فَاخْتَلَطَا وَهَذَا بِالِاتِّفَاقِ مِنْ الْهِدَايَةِ. قَالَ قَاضِي خَانْ: إذَا انْشَقَّ كِيسُ الْوَدِيعَةِ فِي صُنْدُوقِ الْمُودَعِ فَاخْتَلَطَتْ الْوَدِيعَةُ بِدَرَاهِمِهِ لَا يَضْمَنُ الْمُودَعُ وَيَكُونُ الْمُخْتَلَطُ مُشْتَرَكًا بَيْنَهُمَا بِقَدْرِ مِلْكِهِمَا فَإِنْ هَلَكَ بَعْدَ ذَلِكَ بَعْضُهَا هَلَكَ مِنْ مَالِهِمَا جَمِيعًا وَيُقَسَّمُ الْبَاقِي بَيْنَهُمَا عَلَى مَا كَانَ وَإِنْ فَعَلَ ذَلِكَ أَجْنَبِيٌّ أَوْ أَحَدٌ مِمَّنْ فِي عِيَالِ الْمُودَعِ لَا يَضْمَنُ الْمُودَعُ حُرًّا كَانَ الْخَالِطُ أَوْ عَبْدًا صَغِيرًا كَانَ أَوْ كَبِيرًا وَيَضْمَنُ الَّذِي خَلَطَ وَيَسْتَوِي فِيهِ الصَّغِيرُ وَالْكَبِيرُ وَلَا يَضْمَنُ أَبُوهُ لِأَجْلِهِ ذَكَرَهُ فِي الْخُلَاصَةِ الْوَدِيعَةُ إذَا كَانَتْ دَرَاهِمَ أَوْ دَنَانِيرَ أَوْ شَيْئًا مِمَّا يُكَالُ أَوْ يُوزَنُ فَأَنْفَقَ الْمُودَعُ طَائِفَةً مِنْهَا ضَمِنَ مَا أَنْفَقَ وَلَا يَضْمَنُ الْبَاقِي إنْ هَلَكَ فَإِنْ جَاءَ الْمُودَعُ بِمِثْلِ مَا أَنْفَقَ فَخَلَطَهُ بِالْبَاقِي كَانَ ضَامِنًا لِلْكُلِّ لِأَنَّ مَا جَاءَ بِهِ مَالُهُ فَصَارَ خَالِطًا مَالَهُ الْوَدِيعَةِ اهـ قَالَ فِي الْفُصُولَيْنِ: هَذَا إذَا لَمْ يَتَمَيَّزْ مَا خَلَطَ أَمَّا لَوْ تَمَيَّزَ بِعَلَامَةٍ أَوْ شَدَّهُ بِخِرْقَةٍ لَمْ يَضْمَنْ إلَّا مَا أَنْفَقَ. وَلَوْ أَخَذَ الْمُودَعُ بَعْضَ الْوَدِيعَةِ لِيُنْفِقَهَا فِي حَاجَةٍ ثُمَّ بَدَا لَهُ أَنْ لَا يُنْفِقَ فَرَدَّهُ إلَى مَوْضِعِهِ ثُمَّ ضَاعَتْ الْوَدِيعَةُ لَا يَضْمَنُ الْمُودَعُ مِنْ قَاضِي خَانْ أَصْلُ الْمَسْأَلَةِ الْمُودَعُ إذَا خَالَفَ الْوَدِيعَةِ ثُمَّ عَادَ إلَى الْوِفَاقِ بَرِئَ مِنْ الضَّمَانِ عِنْدَنَا بِخِلَافِ مَا إذَا جَحَدَهَا أَوْ مَنَعَهَا حَيْثُ لَا يَبْرَأُ إلَّا بِالرَّدِّ إلَى الْمَالِكِ عَلَى مَا ذَكَرَهُ فِي الْخُلَاصَةِ. إذَا وَقَعَ شَيْءٌ مِنْ يَدِ الْمُودَعِ عَلَى الْوَدِيعَةِ فَهَلَكَتْ يَضْمَنُ مِنْ الْأَشْبَاهِ. الصَّبِيُّ الَّذِي فِي عِيَالِ الْمُودَعِ لَوْ أَتْلَفَ الْوَدِيعَةَ يَضْمَنُ الصَّبِيُّ مِنْ الصُّغْرَى وَكَذَا قِنُّ الْمُودَعِ لَوْ أَتْلَفَ الْوَدِيعَةَ يَضْمَنُ الْقِنُّ فَيُبَاعُ فِيهَا لِلْحَالِ. وَلَوْ أَوْدَعَ رَجُلٌ عِنْدَ صَبِيٍّ أَوْ عَبْدٍ بِغَيْرِ إذْنِ الْوَلِيِّ وَالْمَوْلَى مَالًا فَأَتْلَفَاهُ يَضْمَنَانِ لِلْحَالِ عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ فَيُبَاعُ الْعَبْدُ فِيهِ وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ: يَضْمَنُ الْعَبْدُ بَعْدَ الْعِتْقِ وَلَا يَضْمَنُ الصَّبِيُّ أَصْلًا حُرًّا كَانَ أَوْ عَبْدًا أَوْ أَوْدَعَ دَابَّةً فَقَتَلَهَا الصَّبِيُّ يَضْمَنُ بِالْإِجْمَاعِ وَالْعَبْدُ يَشْمَلُ الْمُدَبَّرَ وَأُمَّ الْوَلَدِ وَالْمُكَاتَبَ فَيَضْمَنُ فِي الْحَالِ وَلَوْ كَانَا مَأْذُونَيْنِ بِأَخْذِ الْوَدِيعَةِ مِنْ جِهَةِ الْمَوْلَى وَالْوَالِدِ وَالْجَدِّ وَالْوَصِيِّ يَضْمَنَانِ فِي الْحَالِ بِالْإِجْمَاعِ وَأَمَّا الْمَأْذُونُ لَهُ فِي التِّجَارَةِ فَلَيْسَ بِمَأْذُونٍ بِأَخْذِ الْوَدِيعَةِ لِأَنَّهَا لَيْسَتْ مِنْ التِّجَارَةِ مِنْ الْحَقَائِقِ. إذَا أَوْدَعَ صَبِيٌّ مَحْجُورًا مِثْلَهُ وَهِيَ مِلْكُ غَيْرِهِ فَتَلِفَتْ فَلِلْمَالِكِ تَضْمِينُ الدَّافِعِ أَوْ الْأَخْذُ مِنْ كِتَابِ الْحَجْرِ مِنْ الْأَشْبَاهِ. إذَا وَقَعَ أَجِيرُ الْمُودَعِ عَلَى الْوَدِيعَةِ فَأَفْسَدَهَا ضَمِنَ الْأَجِيرُ مِنْ فَصْلِ الْقَصَّارِ مِنْ قَاضِي خَانْ. إذَا أَوْقَدَ أَجِيرٌ الْمُودَعِ أَوْ خَادِمُهُ وَلَوْ بِأَمْرِ الْمُودَعِ نَارًا فَوَقَعَتْ شَرَارَةٌ عَلَى الْوَدِيعَةِ ضَمِنَ الْأَجِيرُ وَالْخَادِمُ لَا الْمُودَعُ وَكَذَا لَوْ سَقَطَ شَيْءٌ مِنْ يَدِ الْخَادِمِ عَلَى الْوَدِيعَةِ فَأَفْسَدَهَا يَضْمَنُ الْخَادِمُ مِنْ إجَارَاتِ مُشْتَمِلِ الْهِدَايَةِ وَالْفُصُولَيْنِ. رَجُلٌ اسْتَقْرَضَ مِنْ رَجُلٍ عِشْرِينَ دِرْهَمًا فَأَعْطَاهُ الْمُقْرِضُ مِائَةَ دِرْهَمٍ وَقَالَ: خُذْ مِنْهَا عِشْرِينَ وَالْبَاقِي عِنْدَك وَدِيعَةً فَفَعَلَ ثُمَّ أَعَادَ الْعِشْرِينَ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 83 الَّتِي أَخَذَهَا فِي الْمِائَةِ ثُمَّ دَفَعَ إلَيْهِ رَبُّ الْمَالِ أَرْبَعِينَ دِرْهَمًا فَقَالَ: اخْلِطْهَا بِتِلْكَ الدَّرَاهِمِ فَفَعَلَ ثُمَّ ضَاعَتْ الدَّرَاهِمُ كُلُّهَا فَإِنَّهُ لَا يَضْمَنُ الْأَرْبَعِينَ وَيَضْمَنُ بِقِيمَتِهَا أَمَّا الْبَقِيَّةُ فَلِأَنَّ الْعِشْرِينَ قَرْضٌ وَالْقَرْضُ مَضْمُونٌ عَلَى الْمُسْتَقْرِضِ فَإِذَا خَلَطَ الْعِشْرِينَ الَّتِي هِيَ مِلْكُهُ الْوَدِيعَةِ صَارَ مُسْتَهْلِكًا لِلْوَدِيعَةِ وَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ فِي الْأَرْبَعِينَ لِأَنَّهُ خَلَطَ الْأَرْبَعِينَ بِإِذْنِ مَالِكِهَا. وَلَوْ اسْتَقْرَضَ مِنْ رَجُلٍ خَمْسِينَ دِرْهَمًا فَأَعْطَاهُ سِتِّينَ غَلَطًا فَأَخَذَ مِنْهَا الْعَشَرَةَ لِيَرُدَّهَا عَلَى صَاحِبِهَا فَهَلَكَتْ فِي الطَّرِيقِ كَانَ عَلَيْهِ خَمْسَةُ أَسْدَاسِ الْعَشَرَةِ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ الْقَدْرَ قَرْضٌ وَالْبَاقِي وَدِيعَةٌ وَكَذَا لَوْ هَلَكَ الْبَاقِي يَضْمَنُ خَمْسَةَ أَسْدَاسِهِ. وَلَوْ دَفَعَ إلَى رَجُلٍ عَشَرَةَ دَرَاهِمَ وَقَالَ: ثَلَاثَةٌ مِنْ هَذِهِ الْعَشَرَةِ لَك وَالسَّبْعَةُ الْبَاقِيَةُ سَلِّمْهَا إلَى فُلَانٍ فَهَلَكَتْ الدَّرَاهِمُ فِي الطَّرِيقِ يَضْمَنُ الثَّلَاثَةَ لِأَنَّهَا كَانَتْ هِبَةً فَاسِدَةً وَلَوْ كَانَ مَكَانُ الْهِبَةِ وَصِيَّةً مِنْ الْمَيِّتِ لَمْ يَضْمَنْ؛ لِأَنَّ وَصِيَّةَ الْمَشَاعِ جَائِزَةٌ وَلَا يَضْمَنُ السَّبْعَةَ فِي الْهِبَةِ وَالْوَصِيَّةِ جَمِيعًا لِأَنَّهَا أَمَانَةٌ فِي يَدِهِ. دَفَعَ إلَى رَجُلٍ عَشَرَةَ دَرَاهِمَ وَقَالَ: خَمْسَةٌ مِنْهَا هِبَةٌ لَك وَخَمْسَةٌ مِنْهَا وَدِيعَةٌ عِنْدَك فَاسْتَهْلَكَ الْقَابِضُ مِنْهَا خَمْسَةً وَهَلَكَتْ الْخَمْسَةُ الْبَاقِيَةُ ضَمِنَ الْقَابِضُ سَبْعَةً وَنِصْفًا لِأَنَّ الْخَمْسَةَ الْمَوْهُوبَةَ مَضْمُونَةٌ عَلَى الْقَابِضِ لِأَنَّهَا هِبَةٌ فَاسِدَةٌ فَالْخَمْسَةُ الَّتِي اسْتَهْلَكَهَا كُلَّهَا صَارَتْ مَضْمُونَةً بِالِاسْتِهْلَاكِ فَيَضْمَنُ هَذِهِ الْخَمْسَةَ وَالْخَمْسَةُ الَّتِي ضَاعَتْ نِصْفُهَا مِنْ الْهِبَةِ مَضْمُونٌ وَنِصْفُهَا أَمَانَةٌ فَيَضْمَنُ نِصْفَهَا وَهُوَ اثْنَانِ وَنِصْفٌ فَلِذَلِكَ يَضْمَنُ سَبْعَةً وَنِصْفًا. رَجُلٌ أَجْلَسَ عَبْدَهُ فِي حَانُوتِهِ وَفِي الْحَانُوتِ وَدَائِعُ فَسُرِقَتْ ثُمَّ وَجَدَ الْمَوْلَى بَعْضَهَا فِي يَدِ عَبْدِهِ وَقَدْ أَتْلَفَ الْبَعْضَ فَبَاعَ الْمَوْلَى الْعَبْدَ فَإِنْ كَانَ لِصَاحِبِ الْوَدِيعَةِ بَيِّنَةٌ عَلَى أَنَّ الْعَبْدَ سَرَقَ الْوَدِيعَةَ وَأَتْلَفَهَا فَصَاحِبُ الْوَدِيعَةِ بِالْخِيَارِ إنْ شَاءَ أَجَازَ الْبَيْعَ وَأَخَذَ الثَّمَنَ وَإِنْ شَاءَ نَقَضَ الْبَيْعَ ثُمَّ بِيعَ فِي دَيْنِهِ؛ لِأَنَّهُ ظَهَرَ أَنَّ الْمَوْلَى بَاعَ عَبْدًا مَدْيُونًا وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ بَيِّنَةٌ فَلَهُ أَنْ يُحَلِّفَ مَوْلَاهُ عَلَى الْعِلْمِ فَإِنْ حَلَفَ لَا يَثْبُتُ الدَّيْنُ وَإِنْ نَكَلَ فَهُوَ عَلَى وَجْهَيْنِ إنْ أَقَرَّ الْمُشْتَرِي بِذَلِكَ كَانَ هَذَا وَمَا لَمْ يَثْبُتْ الدَّيْنُ بِالْبَيِّنَةِ سَوَاءٌ وَإِنْ أَنْكِرْ الْمُشْتَرِي لَيْسَ لِصَاحِبِ الْوَدِيعَةِ أَنْ يَنْقُضَ الْبَيْعَ لَكِنْ يَأْخُذُ الثَّمَنَ مِنْ الْمَوْلَى؛ لِأَنَّ الدَّيْنَ ظَهَرَ فِي حَقِّ الْمَوْلَى دُونَ الْمُشْتَرِي مِنْ قَاضِي خَانْ. [الْفَصْلُ الرَّابِعُ فِي الْهَلَاكِ بَعْدَ الطَّلَبِ وَالْجُحُودِ وَالرَّدِّ] طَلَبَ الْوَدِيعَةَ صَاحِبُهَا فَحَبَسَهَا عَنْهُ وَهُوَ يَقْدِرُ عَلَى تَسْلِيمِهَا ضَمِنَهَا مِنْ الْهِدَايَةِ. طَلَبَهَا صَاحِبُهَا فَقَالَ الْمُسْتَوْدَعُ: لَا يُمْكِنُنِي أَنْ أُحْضِرَهَا السَّاعَةَ فَتَرَكَ وَرَجَعَ ثُمَّ هَلَكَتْ لَا يَضْمَنُ لِأَنَّهُ لَمَّا طَلَبَ مِنْهُ الْوَدِيعَةَ عَزَلَهُ عَنْ الْحِفْظِ ثُمَّ لَمَّا تَرَكَ وَرَجَعَ كَانَ ذَلِكَ ابْتِدَاءَ إيدَاعٍ مِنْ قَاضِي خَانْ وَلَوْ كَانَ الَّذِي طَلَبَ وَكِيلُ الْمَالِكِ يَضْمَنُ؛ لِأَنَّ التَّرْكَ مِنْ الْمَالِكِ إيدَاعٌ ابْتِدَاءً وَالْوَكِيلُ لَا يَمْلِكُ الْإِيدَاعَ فَيَضْمَنُ إذَا لَمْ يَدْفَعْ مَعَ الْقُدْرَةِ عَلَى الدَّفْعِ مِنْ مُشْتَمِلِ الْهِدَايَةِ. وَلَوْ قَالَ: احْمِلْ إلَيَّ الْيَوْمَ وَدِيعَتِي فَقَالَ: أَفْعَلُ وَلَمْ يَحْمِلْهَا إلَيْهِ الْيَوْمَ حَتَّى مَضَى الْيَوْمُ وَهَلَكَتْ عِنْدَهُ لَا يَضْمَنُ لِأَنَّهُ لَا يَجِبُ عَلَى الْمُودَعِ نَقْلُ الْوَدِيعَةِ إلَى صَاحِبِهَا. طَلَبَهَا صَاحِبُهَا وَقَدْ هَاجَتْ الْفِتْنَةُ فَقَالَ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 84 الْمُودِعُ: لَا أَصِلُ إلَيْهَا السَّاعَةَ فَأُغِيرُ عَلَى تِلْكَ النَّاحِيَةِ فَقَالَ الْمُودَعُ: أُغِيرُ عَلَى الْوَدِيعَةِ أَيْضًا قَالَ الشَّيْخُ أَبُو بَكْرٍ الْبَلْخِيّ: إنْ كَانَتْ الْوَدِيعَةُ بَعِيدَةً مِنْ الْمُودَعِ لَا يَقْدِرُ عَلَى دَفْعِهَا لِذَلِكَ أَوْ لِضِيقِ الْوَقْتِ فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ وَيَكُونُ الْقَوْلُ قَوْلَهُ مِنْ قَاضِي خَانْ قَالَ صَاحِبُ الْفُصُولَيْنِ: أَقُولُ قَدْ مَرَّ أَنَّهُ لَوْ طَلَبَهَا وَقَالَ: لَا يُمْكِننِي إحْضَارُهَا الْآنَ فَهَذَا ابْتِدَاءُ إيدَاعٍ إلَخْ فَعَلَى هَذَا يَنْبَغِي أَنْ لَا يَضْمَنَ هُنَا أَيْضًا وَإِنْ قَرُبَتْ وَاتَّسَعَ الْوَقْتُ لِأَنَّ تَرْكَهَا ابْتِدَاءُ إيدَاعٍ وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ يَنْبَغِي أَنْ تَتَّحِدَ الْمَسْأَلَتَانِ حُكْمًا انْتَهَى. رَجُلٌ أَوْدَعَ عِنْدَ رَجُلٍ وَدِيعَةً فَقَالَ لَهُ فِي السِّرِّ: مَنْ أَخْبَرَك بِعَلَامَةِ كَذَا وَكَذَا فَادْفَعْ إلَيْهِ الْوَدِيعَةَ فَجَاءَ رَجُلٌ وَبَيَّنَ تِلْكَ الْعَلَامَةَ فَلَمْ يُصَدِّقْهُ الْمُودَعُ وَلَمْ يَدْفَعْ حَتَّى هَلَكَتْ الْوَدِيعَةُ قَالَ أَبُو الْقَاسِمِ: لَا ضَمَانَ عَلَى الْمُودَعِ؛ لِأَنَّهُ يُتَصَوَّرُ أَنْ يَأْتِيَ غَيْرُ رَسُولِهِ بِتِلْكَ الْعَلَامَةِ. رَجُلٌ خَاصَمَ رَجُلًا وَادَّعَى عَلَيْهِ أَلْفَ دِرْهَمٍ فَأَنْكَرَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ ثُمَّ إنَّ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ أَخْرَجَ أَلْفًا وَوَضَعَهَا فِي يَدِ إنْسَانٍ حَتَّى يَأْتِيَ الْمُدَّعِي بِالْبَيِّنَةِ فَلَمْ يَأْتِ بِالْبَيِّنَةِ فَاسْتَرَدَّ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ الْأَلْفَ وَأَبَى الْأَمِينُ أَنْ يَرُدَّهُ عَلَيْهِ ثُمَّ تَلِفَتْ الْأَلْفُ قَالَ أَبُو بَكْرٍ: إنْ وَضَعَ الْمُدَّعِي وَالْمُدَّعَى عَلَيْهِ الْأَلْفَ عِنْدَهُ لَا يَضْمَنُ الْأَمِينُ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ لَهُ أَنْ يَدْفَعَ إلَى أَحَدِهِمَا فَإِنْ كَانَ صَاحِبُ الْمَالِ هُوَ الَّذِي وَضَعَ وَحْدَهُ ضَمِنَ لِأَنَّهُ صَارَ غَاصِبًا بِالْمَنْعِ عَنْهُ. عَبْدٌ جَاءَ بِوَقْرٍ مِنْ الْحِنْطَةِ إلَى بَيْتِ رَجُلٍ وَصَاحِبُ الْبَيْتِ غَائِبٌ فَسَلَّمَ الْوَقْرَ إلَى امْرَأَتِهِ وَقَالَ: هَذَا لِمَوْلَايَ بَعَثَهُ إلَى زَوْجِك وَدِيعَةً وَغَابَ الْعَبْدُ فَلَمَّا أَخْبَرَتْ الْمَرْأَةُ زَوْجَهَا بِذَلِكَ لَامَهَا عَلَى الْقَبُولِ وَأَرْسَلَ إلَى مَوْلَى الْعَبْدِ أَنْ ابْعَثْ مَنْ يَحْمِلُ هَذَا الْوَقْرَ فَإِنِّي لَا أَقْبَلُ فَأَجَابَ مَوْلَى الْعَبْدِ وَقَالَ: إنَّهُ يَكُونُ عِنْدَك أَيَّامًا ثُمَّ أَحْمِلُهُ فَلَا تَدْفَعْ إلَى عَبْدِي ذَلِكَ ثُمَّ طَلَبَهُ الْمَوْلَى وَأَرَادَ أَنْ يَأْخُذَهُ فَقَالَ: لَا أَدْفَعُهُ إلَّا إلَى الْعَبْدِ الَّذِي حَمَلَهُ إلَى بَيْتِي ثُمَّ سُرِقَ الْوَقْرُ قَالُوا: إنْ كَانَ صَاحِبُ الْبَيْتِ صَدَّقَ الْعَبْدَ فِيمَا قَالَ الْعَبْدُ أَنَّهُ لِمَوْلَايَ بَعَثَهُ وَدِيعَةً ضَمِنَ بِالْمَنْعِ عَنْ الْمَوْلَى وَإِنْ لَمْ يُصَدِّقْ وَقَالَ: لَا أَدْرِي أَنَّهُ لِمَوْلَى الْعَبْدِ أَوْ هُوَ غَصْبٌ فِي يَدِ الْعَبْدِ أَوْ وَدِيعَةٌ لِإِنْسَانٍ آخَرَ وَتَوَقَّفَ فِي الرَّدِّ لِيَعْلَمَ ذَلِكَ لَا يَضْمَنُ بِالْمَنْعِ عَنْ الْمَوْلَى. قَالَ رَبُّ الْوَدِيعَةِ: لِلْمُودِعِ إذَا جَاءَ أَخِي فَرُدَّ عَلَيْهِ الْوَدِيعَةَ فَلَمَّا طَلَبَهَا أَخُوهُ مِنْهُ قَالَ لَهُ الْمُودَعُ: عُدْ إلَيَّ بَعْدَ سَاعَةٍ لِأَدْفَعَهَا إلَيْك فَلَمَّا عَادَ إلَيْهِ قَالَ: إنَّهَا كَانَتْ هَلَكَتْ لَا يُصَدَّقُ؛ لِأَنَّهُ مُتَنَاقِضٌ وَيَكُونُ ضَامِنًا. قَالَ الشَّيْخُ الْإِمَامُ مُحَمَّدُ بْنُ الْفَضْلِ إذَا طَلَبَ مِنْ الْمُودَعِ وَدِيعَتَهُ فَقَالَ: اُطْلُبْهَا غَدًا فَأُعِيدَ الطَّلَبُ فِي الْغَدِ فَقَالَ: قَدْ ضَاعَتْ رُوِيَ عَنْ أَصْحَابِنَا أَنَّهُ يُسْأَلُ الْمُودَعُ مَتَى ضَاعَتْ؟ إنْ قَالَ: ضَاعَتْ بَعْدَ إقْرَارِي لَا يَضْمَنُ وَإِنْ قَالَ كَانَتْ ضَائِعَةً وَقْتَ إقْرَارِي لَا يُقْبَلُ قَوْلُهُ؛ لِأَنَّهُ مُتَنَاقِضٌ وَيَكُونُ ضَامِنًا؛ لِأَنَّ قَوْلَهُ اُطْلُبْهَا غَدًا إنَّمَا يُقَالُ لِلشَّيْءِ الْقَائِمِ مِنْ قَاضِي خَانْ. قَرَوِيٌّ تَرَكَ عِمَامَتَهُ عِنْدَ مِصْرِيٍّ وَقَالَ لَهُ: إذَا بَعَثْت إلَيْك مَنْ يَقْبِضُ عِمَامَتِي فَادْفَعْهَا إلَيْهِ فَجَاءَ إلَيْهِ بَعْدَ أَيَّامٍ مَنْ يَقْبِضُهَا فَلَمْ يَدْفَعْ حَتَّى ضَاعَتْ يَضْمَنُ لِأَنَّهُ بِالْمَنْعِ صَارَ غَاصِبًا إلَّا إذَا كَذَّبَهُ أَنَّهُ أَرْسَلَهُ مِنْ الْخُلَاصَةِ. لَوْ دَفَعَ ثَوْبَ إنْسَانٍ فِي حِجْرِهِ يَصِيرُ مُتَعَدِّيًا بِالِامْتِنَاعِ عَنْ التَّسْلِيمِ إذَا طُولِبَ هَذِهِ فِي جِنَايَةِ الْهِدَايَةِ. رَجُلٌ جَاءَ إلَى رَجُلٍ بِرِسَالَةٍ مِنْ رَجُلٍ أَنْ ادْفَعْ إلَى هَذَا خَمْسَمِائَةِ دِرْهَمٍ فَقَالَ: لَا أَدْفَعُهَا إلَيْك حَتَّى أَلْقَاهُ فَيَأْمُرُنِي بِالْمُوَاجَهَةِ ثُمَّ قَالَ لِلرَّسُولِ بَعْدَ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 85 ذَلِكَ لَقِيتُهُ فَأَمَرَنِي بِدَفْعِهَا إلَيْك ثُمَّ أَبَى أَنْ يَدْفَعَ قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ الْفَضْلِ: لَهُ أَنْ لَا يَدْفَعَ الْمَالَ إلَّا أَنْ يَكُونَ الْمَالُ عَلَيْهِ دَيْنًا لِلْآمِرِ فَيَلْزَمُهُ الدَّفْعُ فِي الدَّيْنِ وَلَا يُصَدَّقُ فِي النَّهْيِ بَعْدَ الْإِقْرَارِ بِالْأَمْرِ وَهُوَ رَجَعَ إلَى صِحَّةِ التَّصْدِيقِ فِي الدَّيْنِ وَفَسَادِهِ فِي الْوَدِيعَةِ مِنْ قَاضِي خَانْ. رَسُولُ الْمُودِعِ إذَا جَاءَ إلَى الْمُودَعِ وَطَلَبَ الْوَدِيعَةَ فَقَالَ: لَا أَدْفَعُ إلَّا إلَى الَّذِي جَاءَ بِهَا فَلَمْ يَدْفَعْ إلَيْهِ حَتَّى سُرِقَتْ يَضْمَنُ قَالَ: وَهَذَا عَلَى رِوَايَةِ أَبِي يُوسُفَ وَفِي ظَاهِرِ الْمَذْهَبِ لَا يَضْمَنُ مِنْ الْخُلَاصَةِ. طَلَبَ مِنْ الْمُودَعِ الْوَدِيعَةَ فَقَالَ: لَا أَدْفَعُ وَادَّعَى الْمُودَعُ أَنَّهُ بَاعَهَا مِنْهُ أَوْ وَهَبَهَا مِنْهُ وَأَنْكَرَهُ الْمَالِكُ وَهَلَكَتْ فِي يَدِ الْمُودَعِ لَا يَضْمَنُ. قَالَ لِلْمُودِعِ: ادْفَعْهَا إلَى أَيْ وُكَلَائِي شِئْت فَطَلَبَهَا أَحَدُ وُكَلَائِهِ فَلَمْ يُعْطِهِ لِيُعْطِيَهَا إلَى وَكِيلٍ آخَرَ لَا يَضْمَنُ بِالْمَنْعِ مِنْ أَحَدِ وُكَلَائِهِ مِنْ الْبَزَّازِيَّةِ. طَلَبَهَا رَسُولُ الْمُودِعِ فَقَالَ الْمُودَعُ: لَا أَدْفَعُ إلَّا إلَى مَنْ جَاءَ بِهَا وَلَمْ يَدْفَعْ إلَى رَسُولِهِ ضَمِنَ لَوْ صَدَّقَهُ لَا لَوْ كَذَّبَهُ أَنَّهُ رَسُولُهُ وَفِيهِ نَظَرٌ بِدَلِيلِ أَنَّ الْمُودَعَ لَوْ صَدَّقَ أَنَّهُ وَكِيلٌ بِقَبْضِهَا لَا يُؤْمَرُ بِدَفْعِهَا إلَيْهِ وَفَرَّقَ بَيْنَهُمَا بِأَنَّ الرَّسُولَ يَنْطِقُ عَلَى لِسَانِ الْمُرْسِلِ وَلَا كَذَلِكَ الْوَكِيلُ. قَالَ لَهُ: رَبُّهَا ادْفَعْهَا إلَى قِنِّي هَذَا فَطَلَبَهَا قِنُّهُ فَأَبَى أَوْ قَالَ غَدًا يَضْمَنُ. أَمَرَهُ بِدَفْعِهَا إلَى فُلَانٍ فَأَتَاهُ وَقَالَ إنَّ فُلَانًا اسْتَوْدَعَك هَذَا فَقَبِلَهُ ثُمَّ رَدَّهُ عَلَى الْوَكِيلِ فَلِلْمَالِكِ أَنْ يُضَمِّنَ أَيَّهمَا شَاءَ إذْ الْوَكِيلُ حِينَ أَضَافَ الْإِيدَاعَ إلَى مُوكِلِهِ فَقَدْ جَعَلَ نَفْسَهُ رَسُولًا وَبِتَبْلِيغِ الرِّسَالَةِ يَخْرُجُ مِنْ الْوَسَطِ فَكَانَ هُوَ فِي الِاسْتِرْدَادِ وَالْأَجْنَبِيُّ سَوَاءً. طَلَبَهَا رَبُّهَا فَقَالَ: أَعْطَيْتُكَهَا ثُمَّ قَالَ بَعْدَ أَيَّامٍ: لَمْ أُعْطِكَهَا وَلَكِنْ تَلِفَتْ ضَمِنَ وَلَمْ يُصَدَّقْ لِلتَّنَاقُضِ مِنْ الْفُصُولَيْنِ. طَلَبَ وَدِيعَةً فَجَحَدَ وَقَالَ: لَمْ تَدْعُنِي يَكُونُ ضَامِنًا وَإِنْ جَحَدَهَا فِي وَجْهِ الْمُودِعِ بِأَنْ قَالَ لَهُ إنْسَانٌ: مَا حَالُ وَدِيعَةِ فُلَانٍ عِنْدَك فَجَحَدَ أَوْ جَحَدَ فِي وَجْهِ الْمُودِعِ مِنْ غَيْرِ أَنْ يُطَالِبَهُ بِالرَّدِّ بِأَنْ قَالَ: مَا حَالُ وَدِيعَتِي عِنْدَك وَجَحَدَ قَالَ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ السَّرَخْسِيُّ: فِيهِ خِلَافٌ عَنْ أَبِي يُوسُفَ وَزُفَرَ عَلَى قَوْلِ زُفَرَ يَكُونُ ضَامِنًا لَا عَلَى قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ انْتَهَى وَذَكَرَ النَّاطِفِيُّ إذَا جَحَدَ الْمُودَعُ الْوَدِيعَةَ بِحَضْرَةِ صَاحِبِهِ يَكُونُ ذَلِكَ فَسْخًا لِلْوَدِيعَةِ حَتَّى لَوْ نَقَلَهَا الْمُودَعُ مِنْ الْمَوْضِعِ الَّذِي كَانَ فِيهِ حَالَةَ الْجُحُودِ يَضْمَنُ وَإِنْ لَمْ يَنْقُلْهَا عَنْ ذَلِكَ الْمَكَانِ بَعْدَ الْجُحُودِ فَهَلَكَتْ لَا يَضْمَنُ مِنْ قَاضِي خَانْ قَالَ فِي الْأَشْبَاهِ الْمُودَعُ إذَا جَحَدَهَا ضَمِنَهَا إلَّا إذَا هَلَكَتْ قَبْلَ النَّقْلِ كَمَا فِي الْأَجْنَاسِ. وَفِي الْفُصُولَيْنِ نَقْلًا عَنْ فَتَاوَى رَشِيدِ الدِّينِ وَلَوْ قُلْنَا بِوُجُوبِ الضَّمَانِ فِي الْوَجْهَيْنِ فَلَهُ وَجْهٌ قُلْتُ: وَلَيْسَ بِبَعِيدٍ. جَحَدَ الْوَدِيعَةَ ثُمَّ ادَّعَى ضَيَاعَهَا لَيْسَ لَهُ أَنْ يُحَلِّفَ الْمَالِكَ عَلَى الْعِلْمِ مِنْ الْقُنْيَةِ. طَلَبَهَا رَبُّهَا فَجَحَدَ فَأَقَامَ بَيِّنَةً أَنَّهُ اسْتَوْدَعَهُ كَذَا ثُمَّ أَقَامَ الْمُودَعُ الْبَيِّنَةَ أَنَّهَا ضَاعَتْ عِنْدَهُ لَا تُقْبَلُ بَيِّنَتُهُ وَيَكُونُ ضَامِنًا وَكَذَا لَوْ أَقَامَ الْبَيِّنَةَ أَنَّهُ رَدَّهَا قَبْلَ الْجُحُودِ وَقَالَ: إنَّمَا غَلِطْت فِي الْجُحُودِ أَوْ نَسِيت أَوْ ظَنَنْت أَنِّي رَدَدْتُهُ حِينَ دَفَعْتَهُ إلَيَّ وَأَنَا صَادِقٌ فِي قَوْلِي هَذَا قُبِلَتْ بَيِّنَتُهُ فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ مِنْ قَاضِي خَانْ. وَفِي الْفُصُولَيْنِ لَوْ جَحَدَ الْوَدِيعَةَ ثُمَّ ادَّعَى الرَّدَّ أَوْ التَّلَفَ لَمْ يُصَدَّقْ وَلَوْ قَالَ: لَيْسَ لَهُ عَلَيَّ شَيْءٌ ثُمَّ ادَّعَى رَدًّا أَوْ تَلَفًا صُدِّقَ انْتَهَى. إذَا غَابَ الْمُودَعُ فَطَلَبَتْ امْرَأَةُ الْغَائِبِ النَّفَقَةَ مِنْ الْوَدِيعَةِ فَجَحَدَ الْوَدِيعَةَ ثُمَّ أَقَرَّ بِهَا وَقَالَ: قَدْ ضَاعَتْ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 86 كَانَ ضَامِنًا. وَلَوْ جَحَدَ الْمُودَعُ الْوَدِيعَةَ ثُمَّ أَقَامَ الْبَيِّنَةَ عَلَى هَلَاكِهَا قَبْلَ الْجُحُودِ إنْ قَالَ: لَيْسَ لَك عِنْدِي وَدِيعَةٌ قُبِلَتْ بَيِّنَتُهُ وَيَبْرَأُ عَنْ الضَّمَانِ مِنْ قَاضِي خَانْ. رَجُلٌ أُودَعَ رَجُلًا عَبْدًا فَجَحَدَهُ الْمُودَعُ وَمَاتَ فِي يَدِهِ ثُمَّ أَقَامَ الْمُودَعُ الْبَيِّنَةَ عَلَى قِيمَتِهِ يَوْمَ الْجُحُودِ قَضَى بِقِيمَتِهِ يَوْمَ الْإِيدَاعِ أَوْ قَالَ: لَمْ تَسْتَوْدِعنِي ثُمَّ ادَّعَى الرَّدَّ أَوْ الْهَلَاكَ لَا يُصَدَّقُ وَلَوْ قَالَ: لَيْسَ لَهُ عَلَيَّ شَيْءٌ ثُمَّ ادَّعَى الرَّدَّ أَوْ الْهَلَاكَ يُصَدَّقُ. وَفِي الْأَجْنَاسِ إذَا جَحَدَ الْوَدِيعَةَ إنَّمَا يَضْمَنُ إذَا نَقَلَ الْوَدِيعَةَ عَنْ الْمَوْضِعِ الَّذِي كَانَتْ فِيهِ قَبْلَ جُحُودِهِ وَهَلَكَتْ فَإِنْ لَمْ يَنْقُلْهَا وَهَلَكَتْ لَا يَضْمَنُ. وَفِي الْمُنْتَقَى إذَا كَانَتْ الْوَدِيعَةُ مِمَّا يُحَوَّلُ يَضْمَنُ بِالْجُحُودِ وَإِنْ لَمْ يُحَوِّلْهَا. لَوْ جَحَدَ الْوَدِيعَةَ فِي وَجْهِ الْعَدُوِّ بِحَيْثُ كَانَ يَخَافُ عَلَيْهَا التَّلَفَ إنْ أَقَرَّ ثُمَّ هَلَكَتْ لَا يَضْمَنُ كَذَا رُوِيَ عَنْ أَبِي يُوسُفَ. لَوْ جَحَدَهَا ثُمَّ أَخْرَجَهَا بِعَيْنِهَا وَأَقَرَّ بِهَا وَقَالَ لِصَاحِبِهَا: اقْبِضْهَا فَقَالَ صَاحِبُهَا: دَعْهَا وَدِيعَةً عِنْدَك إنْ تَرَكَهَا وَدِيعَةً عِنْدَهُ وَهُوَ قَادِرٌ عَلَى حِفْظِهَا وَأَخْذِهَا إنْ شَاءَ فَهُوَ بَرِيءٌ وَهِيَ وَدِيعَةٌ وَإِنْ كَانَ لَا يَقْدِرُ عَلَى أَخْذِهَا فَهُوَ عَلَى الضَّمَانِ الْأَوَّلِ وَكَذَا لَوْ قَالَ لَهُ: اعْمَلْ بِهَا مُضَارَبَةً وَهَذَا كُلُّهُ فِي الْمَنْقُولِ وَأَمَّا فِي الْعَقَارِ فَلَا يَضْمَنُ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ آخِرًا وَقَالَ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ الْحَلْوَانِيُّ: فِيهِ رِوَايَتَانِ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ وَمِنْ الْمَشَايِخِ مَنْ قَالَ فِي الْعَقَارِ يَضْمَنُ بِالْجُحُودِ بِالْإِجْمَاعِ مِنْ الْخُلَاصَةِ وَلَوْ كَانَتْ الْوَدِيعَةُ عَقَارًا هَلْ يَضْمَنُ بِالْجُحُودِ؟ قِيلَ: يَضْمَنُ وِفَاقًا وَقِيلَ: لَا عِنْدَ الْحَسَنِ وَقِيلَ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ رِوَايَتَانِ مِنْ الْفُصُولَيْنِ وَسَتَقِفُ فِي الْغَصْبِ عَلَى بَيَانِ مَا يَضْمَنُ بِهِ الْعَقَارَ وَمَا لَا يَضْمَنُ. إذَا قَالَ الْمُودَعُ: بَعَثْت بِهَا إلَيْك مَعَ رَسُولِي وَسَمَّى بَعْضَ مَنْ فِي عِيَالِهِ فَهُوَ كَقَوْلِهِ رَدَدْتُهَا عَلَيْك يَكُونُ الْقَوْلُ قَوْلَهُ مَعَ الْيَمِينِ وَإِنْ قَالَ: بَعَثْت بِهَا إلَيْك مَعَ أَجْنَبِيٍّ كَانَ ضَامِنًا إلَّا أَنْ يُقِرَّ صَاحِبُ الْوَدِيعَةِ أَنَّهَا وَصَلَتْ إلَيْهِ وَلَوْ قَالَ الْمُودَعُ: بَعَثْت بِهَا إلَيْك مَعَ هَذَا الْأَجْنَبِيِّ أَوْ اسْتَوْدَعْتُهَا إلَيْهِ ثُمَّ رَدَّهَا عَلَيَّ فَضَاعَتْ عِنْدِي لَا يُصَدَّقُ وَيَصِيرُ ضَامِنًا إلَّا أَنْ يُقِيمَ الْبَيِّنَةَ عَلَى ذَلِكَ فَيَبْرَأُ عَنْ الضَّمَانِ مِنْ قَاضِي خَانْ. رَدَّهَا إلَى بَيْتِ صَاحِبِهَا أَوْ إلَى أَحَدٍ مِمَّنْ فِي عِيَالِهِ قِيلَ: يَضْمَنُ وَبِهِ يُفْتَى إذْ لَمْ يَرْضَ بِغَيْرِهِ وَقِيلَ: لَا يَضْمَنُ وَبِهِ يُفْتَى إذْ الرَّدُّ إلَى مَنْ فِي عِيَالِ الْمَالِكِ رَدٌّ إلَى الْمَالِكِ مِنْ وَجْهٍ وَلَا مِنْ وَجْهٍ وَالضَّمَانُ لَمْ يَكُنْ وَاجِبًا فَلَا يَجِبُ بِالشَّكِّ مِنْ الْفُصُولَيْنِ. قَالَ فِي الْأَشْبَاهِ لَوْ رَدَّ الْوَدِيعَةَ إلَى عَبْدِ رَبِّهَا لَمْ يَبْرَأْ سَوَاءٌ كَانَ يَقُومُ عَلَيْهَا أَوْ لَا وَهُوَ الصَّحِيحُ وَاخْتُلِفَ الْإِفْتَاءُ فِيمَا إذَا رَدَّهَا إلَى دَارِ مَالِكِهَا وَإِلَى مَنْ فِي عِيَالِهِ انْتَهَى. [الْفَصْلُ الْخَامِسُ فِي مَوْتِ الْمُودَعِ مُجْهِلًا] (الْفَصْلُ الْخَامِسُ فِي مَوْتِ الْمُودَعِ مُجْهِلًا) إذَا مَاتَ الْمُودَعُ مُجْهِلًا لِوَدِيعَةٍ ضَمِنَهَا وَمَعْنَى مَوْتِهِ مُجْهِلًا أَنْ لَا يُبَيِّنَ حَالَ الْوَدِيعَةِ وَكَانَ يَعْلَمُ أَنَّ وَارِثَهُ لَا يَعْلَمُهَا أَمَّا إذَا عَرَفَ الْوَارِثُ الْوَدِيعَةَ وَالْمُودَعُ يَعْلَمُ أَنَّهُ يَعْلَمُ وَمَاتَ وَلَمْ يُبَيِّنْ فَلَا تَجْهِيلَ وَلَمْ يَضْمَنْ كَذَا فِي الْأَشْبَاهِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْفُصُولَيْنِ فَإِنْ قَالَ الْوَارِثُ: أَنَا عَلِمْت الْوَدِيعَةَ وَأَنْكَرَ الطَّالِبُ إنْ فَسَّرَهَا وَقَالَ: كُنْت كَذَا وَكَذَا وَأَنَا عَلِمْتُهَا وَهَلَكَتْ صُدِّقَ كَمَا إذَا كَانَتْ الْوَدِيعَةُ عِنْدَهُ فَقَالَ: هَلَكَتْ مِنْ مُشْتَمِلِ الْهِدَايَةِ وَالْفُصُولَيْنِ وَمَعْنَى ضَمَانِهَا صَيْرُورَتُهَا دَيْنًا فِي تَرِكَتِهِ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 87 وَكَذَا كُلُّ شَيْءٍ أَصْلُهُ أَمَانَةٌ يَصِيرُ دَيْنًا فِي التَّرِكَةِ بِالْمَوْتِ عَنْ تَجْهِيلٍ مِنْ الْأَشْبَاهِ وَالْفُصُولَيْنِ إلَّا إذَا كَانَ الْمُودَعُ صَبِيًّا مَحْجُورًا فَمَاتَ مُجْهِلًا لِمَا أُودِعَ عِنْدَهُ فَإِنَّهُ لَا يَضْمَنُ وَكَذَا إذَا مَاتَ وَارِثُ الْمُودِعِ مُجْهَلًا لِمَا أُودِعَ عِنْدَ مُورِثِهِ لَا يَضْمَنُ وَكَذَا إذَا مَاتَ الْإِنْسَانُ مُجْهَلًا لِمَا أَلْقَتْهُ الرِّيحُ فِي بَيْتِهِ وَكَذَا إذَا مَاتَ مُجْهَلًا لِمَا وَضَعَهُ مَالِكُهُ فِي بَيْتِهِ بِغَيْرِ عِلْمِهِ لَا يَضْمَنُ مِنْ الْأَشْبَاهِ. قَالَ رَبُّهَا مَاتَ مُجْهَلًا وَقَالَتْ الْوَرَثَةُ: كَانَتْ مُعَرَّفَةً وَقَائِمَةً ثُمَّ هَلَكَتْ بَعْدَ مَوْتِهِ صُدِّقَ رَبُّهَا هُوَ الصَّحِيحُ إذْ الْوَدِيعَةُ صَارَتْ دَيْنًا فِي الظَّاهِرِ فِي التَّرِكَةِ فَلَا تُصَدَّقُ الْوَرَثَةُ مِنْ الْخُلَاصَةِ وَالْفُصُولَيْنِ وَفِي قَاضِي خَانْ قَالَ ابْنُ شُجَاعٍ: عَلَى قِيَاسِ قَوْلِ أَصْحَابِنَا يَجِبُ أَنْ يَكُونَ الْقَوْلُ قَوْلَ الطَّالِبِ وَيَجِبُ الضَّمَانُ فِي مَالِ الْمَيِّتِ وَعَلَى قِيَاسِ قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ يَجِبُ أَنْ يَكُونَ الْقَوْلُ قَوْلَ الْوَرَثَةِ مَعَ الْيَمِينِ لِأَنَّ الْوَارِثَ قَائِمٌ مَقَامَ الْمُورِثِ انْتَهَى. وَلَوْ قَالَ وَرَثَتُهُ: رَدَّهَا فِي حَيَاتِهِ أَوْ تَلِفَتْ فِي حَيَاتِهِ لَمْ تُصَدَّقْ بِلَا بَيِّنَةٍ لِمَوْتِهِ مُجْهِلًا فَتَقَرَّرَ الضَّمَانُ مِنْ الْفُصُولَيْنِ وَلَوْ بَرْهَنُوا أَنَّ الْمُودَعَ قَالَ فِي حَيَاتِهِ: رَدَدْتُهَا تُقْبَلُ إذْ الثَّابِتُ بِبَيِّنَةٍ كَالثَّابِتِ بِعِيَانٍ وَبِدُونِ الْبَيِّنَةِ لَمْ يُقْبَلْ قَوْلُهُمْ كَذَا فِي الْأَشْبَاهِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْفُصُولَيْنِ. أَوْدَعَ نَحْوَ عِنَبٍ أَوْ بِطِّيخٍ وَغَابَ فَمَاتَ الْمُودَعُ ثُمَّ قَدِمَ الْمُودِعُ بَعْدَ مُدَّةٍ يَعْلَمُ أَنَّ تِلْكَ الْوَدِيعَةَ لَا تَبْقَى فِي تِلْكَ الْمُدَّةِ فَهِيَ دَيْنٌ فِي مَالِ الْمَيِّتِ لِأَنَّهُ لَا يَعْلَمُ حَالَهَا وَلَعَلَّ الْمُودَعَ أَتْلَفَهَا مِنْ مُشْتَمِلِ الْهِدَايَةِ وَالْفُصُولَيْنِ. لَوْ جُنَّ الْمُودَعُ جُنُونًا مُطْبَقًا فَلَمْ تُوجَدْ الْوَدِيعَةُ صَارَتْ دَيْنًا فِي مَالِهِ وَيُدْفَعُ إلَيْهِ مِنْ مَالِهِ وَيَأْخُذُ بِهَا ضَمِينًا ثِقَةً مِنْ الْمَدْفُوعِ إلَيْهِ حَتَّى لَوْ أَفَاقَ الْمُودَعُ وَقَالَ: ضَاعَتْ أَوْ رَدَدْتُهَا أَوْ لَا أَدْرِي أَيْنَ هِيَ يَحْلِفُ عَلَى ذَلِكَ فَإِنْ حَلَفَ يَرْجِعُ بِهَا عَلَى الْمَدْفُوعِ إلَيْهِ. رَجُلَانِ أَوْدَعَا أَلْفًا عِنْدَ رَجُلٍ فَمَاتَ الْمُودَعُ وَتَرَكَ ابْنًا فَادَّعَى أَحَدُهُمَا أَنَّ الِابْنَ اسْتَهْلَكَهَا بَعْدَ مَوْتِ أَبِيهِ وَقَالَ الْآخَرُ: لَا أَدْرِي مَا صَنَعْت فَلَا شَيْءَ لِمُدَّعِي الِاسْتِهْلَاكِ عَلَى الِابْنِ وَلِلْآخَرِ خَمْسُمِائَةٍ فِي مَالِ الْأَبِ وَلَا يُشْرِكُهُ صَاحِبُهُ مِنْ الْوَجِيزِ. وَلَوْ قَالَ الْمُودَعُ لِرَبِّ الْوَدِيعَةِ: قَدْ رَدَدْت بَعْضَهَا وَمَاتَ كَانَ الْقَوْلُ قَوْلَ صَاحِبِ الْوَدِيعَةِ فِيمَا أَخَذَ مَعَ يَمِينِهِ؛ لِأَنَّ الْوَدِيعَةَ صَارَتْ دَيْنًا مِنْ حَيْثُ الظَّاهِرُ فَيَكُونُ الْقَوْلُ قَوْلَ صَاحِبِ الْوَدِيعَةِ فِي مِقْدَارِ مَا أَخَذَ مَعَ يَمِينِهِ. رَجُلٌ أَوْدَعَ عِنْدَ أَحَدِ شَرِيكَيْ الْمُفَاوَضَةِ وَدِيعَةً ثُمَّ مَاتَ الْمُودَعُ مِنْ غَيْرِ بَيَانٍ كَانَ الضَّمَانُ عَلَيْهِمَا فَإِنْ قَالَ الشَّرِيكُ الْحَيُّ: ضَاعَتْ فِي يَدِ شَرِيكِي فِي حَيَاتِهِ لَمْ يَكُ مُصَدَّقًا؛ لِأَنَّهُ بَعْدَ الْمَوْتِ صَارَ أَجْنَبِيًّا فَلَا يُقْبَلُ قَوْلُهُ أَنَّهَا ضَاعَتْ وَلِأَنَّ قَبُولَ قَوْلِ أَحَدِهِمَا كَانَ بِمَكَانِ الْمُفَاوَضَةِ وَلَمْ يَبْقَ بَعْدَ الْمَوْتِ. رَجُلٌ أَوْدَعَ عِنْدَ إنْسَانٍ جَارِيَةً قَالَ النَّاطِفِيُّ إنْ رَأَوْهَا حَيَّةً بَعْدَ مَوْتِهِ لَا ضَمَانَ عَلَيْهِ وَإِنْ لَمْ يَرَوْهَا حَيَّةً بَعْدَ مَوْتِهِ وَقَالَتْ: وَرَثَتُهُ قَدْ مَاتَتْ أَوْ رَدَّهَا عَلَيْهِ فِي حَالِ حَيَاتِهِ أَوْ هَرَبَتْ لَا يُقْبَلُ قَوْلُهُمْ لِأَنَّهُمْ يَدْفَعُونَ الضَّمَانَ عَنْ أَنْفُسِهِمْ. وَرَوَى ابْنُ رُسْتُمَ عَنْ مُحَمَّدٍ رَجُلٌ دَفَعَ إلَى رَجُلٍ أَلْفًا لِيَشْتَرِيَ لَهُ وَيَبِيعَ فَمَاتَ الرَّجُلُ وَلَا يَدْرِي مَا فَعَلَ وَتَرَكَ رَقِيقًا يَصِيرُ الْمَالُ دَيْنًا فِي مَالِ الْمَيِّتِ وَلَا يُقْبَلُ قَوْلُ الْوَرَثَةِ أَنَّ أَبَاهُمْ قَدْ رَدَّهَا إلَى صَاحِبِهَا مِنْ قَاضِي خَانْ. الْمُودَعُ وَالْمُضَارِبُ وَالْمُسْتَبْضِعُ وَالْمُسْتَعِيرُ وَكُلُّ مَنْ كَانَ الْمَالُ أَمَانَةً فِي يَدِهِ إذَا مَاتَ قَبْلَ الْبَيَانِ وَلَا تُعْرَفُ الْأَمَانَةُ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 88 بِعَيْنِهَا فَإِنَّهُ يَكُونُ دَيْنًا عَلَيْهِ فِي تَرِكَتِهِ؛ لِأَنَّهُ صَارَ مُسْتَهْلِكًا لِلْوَدِيعَةِ بِالتَّجْهِيلِ وَلَا يُصَدَّقُ وَرَثَتُهُ عَلَى الْهَلَاكِ أَوْ التَّسْلِيمِ إلَى رَبِّ الْمَالِ وَلَوْ عَيَّنَ الْمَيِّتُ الْمَالَ حَالَ حَيَاتِهِ أَوْ عَلِمَ بِذَلِكَ فَيَكُونُ أَمَانَةً فِي يَدِ وَصِيِّهِ أَوْ فِي يَدِ وَارِثِهِ كَمَا لَوْ كَانَ فِي يَدِهِ وَيُصَدَّقَانِ عَلَى الْهَلَاكِ وَالدَّفْعِ إلَى صَاحِبِهِ كَمَا يُصَدَّقُ الْمَيِّتُ حَالَ حَيَاتِهِ مِنْ مُشْتَمِلِ الْأَحْكَامِ. (مَطْلَبٌ فِي الِاخْتِلَافِ) أَصْلُهُ أَنَّ الْمُودَعَ مُصَدَّقٌ فِي دَعْوَى مَا يُوجِبُ بَرَاءَتَهُ عَنْ الضَّمَانِ لِأَنَّهُ أَمِينٌ وَالْأَمِينُ غَيْرُ ضَمِينٍ إلَّا إذَا أَقَرَّ بِمَا يُوجِبُ الضَّمَانَ وَهُوَ أَخْذُ مَالِ الْغَيْرِ ثُمَّ ادَّعَى مَا يُبَرِّئُهُ وَهُوَ الْإِذْنُ فَلَا يُصَدَّقُ إلَّا بِحُجَّةٍ فَلَوْ قَالَ رَجُلٌ لِغَيْرِهِ: اسْتَوْدَعْتَنِي أَلْفًا فَضَاعَتْ وَقَالَ الطَّالِبُ: كَذَبْت بَلْ غَصَبْتهَا مِنِّي كَانَ الْقَوْلُ قَوْلَ الْمُسْتَوْدَعِ وَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ وَلَوْ قَالَ الْمُسْتَوْدَعُ: أَخَذْتُهَا مِنْك وَدِيعَةً وَقَالَ صَاحِبُ الْمَالِ: بَلْ غَصَبْتَهَا كَانَ ضَامِنًا؛ لِأَنَّهُ أَقَرَّ بِأَخْذِ مَالِ الْغَيْرِ ثُمَّ ادَّعَى مَا يُبَرِّئُهُ وَهُوَ الْإِذْنُ فَلَا يُصَدَّقُ بِدُونِ الْبَيِّنَةِ وَالْإِقْرَارُ بِالْإِيدَاعِ لَا يَكُونُ إقْرَارًا بِالْأَخْذِ؛ لِأَنَّهُ يَتِمُّ الْإِيدَاعُ بِدُونِ الْأَخْذِ مِنْ قَاضِي خَانْ وَالْخُلَاصَةِ. وَلَوْ قَالَ رَبُّ الْمَالِ: أَقْرَضْتُكَهَا قَرْضًا وَقَالَ الْمُسْتَوْدَعُ: بَلْ وَضَعْتَهَا عِنْدِي وَدِيعَةً أَوْ قَالَ: أَخَذْتَهَا مِنْك وَدِيعَةً وَقَدْ ضَاعَتْ قُبِلَ قَوْلُهُ وَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ مِنْ قَاضِي خَانْ. وَلَوْ قَالَ: رَدَدْت الْوَدِيعَةَ فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ مَعَ يَمِينِهِ وَإِنْ كَانَ مُدَّعِيًا لِلرَّدِّ صُورَةً؛ لِأَنَّهُ يُنْكِرُ الضَّمَانَ مِنْ دَعْوَى الْهِدَايَةِ. قَالَ فِي الْأَشْبَاهِ: الْقَوْلُ لِلْمُودِعِ فِي دَعْوَى الرَّدِّ وَالْهَلَاكِ إلَّا إذَا قَالَ: أَمَرْتَنِي بِدَفْعِهَا إلَى فُلَانٍ فَدَفَعْتُهَا إلَيْهِ وَكَذَّبَهُ رَبُّهَا فِي الْأَمْرِ فَالْقَوْلُ لِرَبِّهَا اهـ. وَفِي الْوَجِيزِ لَوْ قَالَ الْمُسْتَوْدَعُ: أَمَرْتَنِي أَنْ أَدْفَعَ الْوَدِيعَةَ إلَى فُلَانٍ وَكَذَّبَهُ الْمَالِكُ ضَمِنَ إلَّا بِبَيِّنَةٍ وَلَوْ قَالَ: بَعَثْت بِهَا مَعَ رَسُولِي أَوْ أَحَدٍ مِنْ عِيَالِهِ فَالْقَوْلُ لَهُ مَعَ يَمِينِهِ اهـ. ادَّعَى الْمُودَعُ الرَّدَّ أَوْ الْهَلَاكَ وَادَّعَى رَبُّهَا الْإِتْلَافَ فَالْقَوْلُ لِلْمُودَعِ مَعَ يَمِينِهِ وَلَوْ بَرْهَنَا تُقْبَلُ بَيِّنَةُ الْمُودَعِ أَيْضًا مِنْ الْفُصُولَيْنِ وَالْوَجِيزِ وَقِيلَ: تُقْبَلُ بَيِّنَةُ الْمَالِكِ؛ لِأَنَّهُ يُثْبِتُ الضَّمَانَ. وَلَوْ ادَّعَى دَفْعَهَا إلَى أَجْنَبِيٍّ لِلضَّرُورَةِ كَحَرْقٍ وَنَحْوِهِ لَا يُصَدَّقُ إلَّا بِبَيِّنَةٍ. . وَلَوْ قَالَ: أَوْدَعْتهَا عِنْدَ أَجْنَبِيٍّ ثُمَّ رَدَّهَا عَلَيَّ فَهَلَكَتْ عِنْدِي وَكَذَّبَهُ الْمَالِكُ ضَمِنَ إلَّا أَنْ يُبَرْهِنَ. إذَا أَقَرَّ بِوُجُوبِ الضَّمَانِ عَلَيْهِ ثُمَّ ادَّعَى الْبَرَاءَةَ فَلَا يُصَدَّقُ إلَّا بِبَيِّنَةٍ وَكَذَا لَوْ قَالَ: بَعَثْت بِهَا إلَيْك مَعَ أَجْنَبِيٍّ وَالْمُودَعُ يُنْكِرُ وَكَذَا لَوْ دَفَعَهَا إلَى رَسُولِ الْمَالِكِ فَأَنْكَرَ الْمَالِكُ الرِّسَالَةَ ضَمِنَ وَصُدِّقَ الْمَالِكُ وَلَمْ يَرْجِعْ بِمَا ضَمِنَ عَلَى الرَّسُولِ لَوْ صَدَّقَهُ أَنَّهُ رَسُولُهُ وَلَمْ يَشْتَرِطْ عَلَيْهِ الرُّجُوعَ إلَّا أَنْ يَكُونَ الْمَدْفُوعُ قَائِمًا فَيَرْجِعُ مِنْ الْفُصُولَيْنِ وَإِنْ كَذَّبَهُ أَنَّهُ رَسُولُهُ وَدَفَعَ إلَيْهِ أَوْ لَمْ يُصَدِّقْهُ وَلَمْ يُكَذِّبْهُ أَوْ صَدَّقَهُ وَشَرَطَ عَلَيْهِ الرُّجُوعَ يَرْجِعُ الْمُودَعُ بِمَا ضَمِنَ عَلَى الرَّسُولِ فِي هَذِهِ الْوُجُوهِ الثَّلَاثَةِ مِنْ الْوَجِيزِ. رَجُلٌ أَوْدَعَ رَجُلًا أَلْفَ دِرْهَمٍ وَلَهُ عَلَى الْمُسْتَوْدَعِ أَلْفُ دِرْهَمٍ دَيْنٌ فَأَعْطَاهُ الْمُسْتَوْدَعُ أَلْفَ دِرْهَمٍ ثُمَّ اخْتَلَفَا بَعْدَ أَيَّامٍ فَقَالَ الطَّالِبُ: أَخَذْتُ الْوَدِيعَةَ فَالدَّيْنُ عَلَيْك وَقَالَ الْمُسْتَوْدَعُ: أَعْطَيْت الْقَرْضَ فَضَاعَتْ الْوَدِيعَةُ كَانَ الْقَوْلُ قَوْلَ الْمُسْتَوْدَعِ وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ هُوَ الدَّافِعُ مِنْ قَاضِي خَانْ. لَوْ قَالَ الْمَالِكُ: ادْفَعْ الْوَدِيعَةَ إلَى فُلَانٍ فَقَالَ الْمُودَعُ: دَفَعْتُهَا إلَيْهِ وَكَذَّبَهُ فُلَانٌ وَقَالَ: لَمْ تَدْفَعْ إلَيَّ وَقَالَ رَبُّهَا: لَمْ تَدْفَعْ إلَيْهِ فَالْقَوْلُ لِلْمُودَعِ فِي حَقِّ بَرَاءَتِهِ لَا فِي حَقِّ إيجَابِ الضَّمَانِ عَلَى فُلَانٍ أَيْ يُصَدَّقُ الْمُسْتَوْدَعُ مَعَ يَمِينِهِ وَلَا الجزء: 1 ¦ الصفحة: 89 يَضْمَنُ فُلَانٌ أَيْضًا مِنْ الْفُصُولَيْنِ وَالْوَجِيزِ. لَوْ أَمَرَ الْمَالِكُ الْمُودَعَ بِصَرْفِ الْوَدِيعَةِ إلَى دَيْنِهِ فَقَالَ الْمُودَعُ: سُرِقَتْ فَأَنْكَرَ رَبُّهَا صُدِّقَ الْمُودَعُ فِي بَرَاءَةِ نَفْسِهِ لَا عَلَى رَبِّ الدَّيْنِ حَتَّى يَبْقَى دَيْنُهُ عَلَى رَبِّهَا كَمَا كَانَ مِنْ الْفُصُولَيْنِ. لَوْ قَالَ الْمُودِعُ لِلْمَالِكِ: وَهَبْتُهَا إلَيَّ أَوْ بِعْتَهَا مِنِّي وَأَنْكَرَ رَبُّهَا ثُمَّ هَلَكَتْ لَمْ يَضْمَنْ كَذَا فِي الْفُصُولَيْنِ وَمُشْتَمِلِ الْهِدَايَةِ نَقْلًا عَنْ الْعُدَّةِ. لَوْ قَالَ الْمُودِعُ: تَلِفَتْ الْوَدِيعَةُ مُنْذُ عَشَرَةِ أَيَّامٍ وَبَرْهَنَ رَبُّهَا أَنَّهَا كَانَتْ عِنْدَهُ مُنْذُ يَوْمَيْنِ فَقَالَ الْمُودَعُ: وَجَدْتُهَا فَتَلِفَتْ يُقْبَلُ وَلَمْ يَضْمَنْ وَلَوْ قَالَ: أَوَّلًا لَيْسَ عِنْدِي وَدِيعَةٌ ثُمَّ قَالَ: وَجَدْتُهَا فَضَاعَتْ يَضْمَنُ مِنْ مُشْتَمِلِ الْهِدَايَةِ وَالْفُصُولَيْنِ. طَلَبَ الْمَالِكُ الْوَدِيعَةَ فَقَالَ الْمُودَعُ: أَنْفَقْتُهَا عَلَى أَهْلِك بِأَمْرِك وَقَالَ الْأَهْلُ: نَعَمْ أَمَرْتَهُ بِالْإِنْفَاقِ عَلَيْنَا وَكَذَّبَهُ صَاحِبُ الْوَدِيعَةِ يَضْمَنُ مِنْ مُشْتَمِلِ الْهِدَايَةِ. [الْفَصْلُ السَّادِسُ فِي الْحَمَّامِيِّ وَالثِّيَابِيِّ] (الْفَصْلُ السَّادِسُ فِي الْحَمَّامِيِّ وَالثِّيَابِيِّ) لَا ضَمَانَ عَلَى الْحَمَّامِيِّ وَالثِّيَابِيِّ إلَّا بِمَا يَضْمَنُ الْمُودَعُ ذَكَرَهُ فِي الْأَشْبَاهِ. وَفِي الْخُلَاصَةِ عَنْ الْمُحِيطِ أَنَّ الْفَتْوَى عَلَى قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ أَنَّ الثِّيَابِيَّ لَا يَضْمَنُ إلَّا بِمَا يَضْمَنُ الْمُودَعُ اهـ قُلْتُ: هَذَا إذَا لَمْ يَسْتَأْجِرْ الْحَمَّامِيُّ لِحِفْظِ ثَوْبِهِ أَمَّا لَوْ اسْتَأْجَرَهُ لِحِفْظِ ثَوْبِهِ وَشَرَطَ عَلَيْهِ الضَّمَانَ قِيلَ: يَضْمَنُ وِفَاقًا وَقِيلَ: الشَّرْطُ وَعَدَمُهُ سَوَاءٌ ذَكَرَهُ فِي الْفُصُولَيْنِ نَقْلًا عَنْ الذَّخِيرَةِ. وَفِي الْخُلَاصَةِ لَوْ دَفَعَ إلَى صَاحِبِ الْحَمَّامِ وَاسْتَأْجَرَهُ وَشَرَطَ عَلَيْهِ الضَّمَانَ إذَا تَلَفَ قَالَ الْفَقِيهُ أَبُو بَكْرٍ: يَضْمَنُ الْحَمَّامِيُّ إجْمَاعًا وَكَانَ يَقُولُ: لَا يَجِبُ عَلَيْهِ الضَّمَانُ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ إذَا لَمْ يَشْتَرِطْ عَلَيْهِ الضَّمَانَ وَالْفَقِيهُ أَبُو جَعْفَرٍ سَوَّى بَيْنَهُمَا وَكَانَ يَقُولُ بِعَدَمِ الضَّمَانِ قَالَ الْفَقِيهُ أَبُو اللَّيْثِ: وَبِهِ نَأْخُذُ وَنَحْنُ نُفْتِي بِهِ أَيْضًا وَفِيهَا أَيْضًا رَجُلٌ دَخَلَ حَمَّامًا وَقَالَ لِصَاحِبِهِ: احْفَظْ هَذِهِ الثِّيَابَ فَلَمَّا خَرَجَ لَمْ يَجِدْ ثِيَابَهُ لَا ضَمَانَ عَلَى صَاحِبِ الْحَمَّامِ إنْ سُرِقَ أَوْ ضَاعَ وَهُوَ لَا يَعْلَمُ بِهِ فَإِنْ شَرَطَ عَلَيْهِ الضَّمَانَ إذَا هَلَكَ يَضْمَنُ فِي قَوْلِهِمْ جَمِيعًا؛ لِأَنَّ الْأَجِيرَ الْمُشْتَرَكَ إنَّمَا لَا يَضْمَنُ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ إذَا لَمْ يَشْتَرِطْ عَلَيْهِ الضَّمَانَ أَمَّا إذَا شَرَطَ يَضْمَنُ وَقَالَ الْفَقِيهُ أَبُو اللَّيْثِ: الشَّرْطُ وَعَدَمُهُ سَوَاءٌ؛ لِأَنَّهُ أَمِينٌ وَاشْتِرَاطُ الضَّمَانِ عَلَى الْأَمِينِ بَاطِلٌ اهـ وَلَوْ لَمْ يَشْرِطْ عَلَيْهِ الضَّمَانَ وَقَدْ اسْتَأْجَرَهُ لِلْحِفْظِ يَنْبَغِي أَنْ لَا يَضْمَنَ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ خِلَافًا لَهُمَا لِأَنَّ الْأَجِيرَ الْمُشْتَرَكَ لَا يَضْمَنُ عِنْدَهُ بِلَا صُنْعٍ وَالتَّفْصِيلُ الْمُخْتَارُ مِنْ ضَمَانِ الْأَجِيرِ وَكَذَا الثِّيَابِيُّ إنَّمَا يَضْمَنُ بِمَا يَضْمَنُ بِهِ الْمُودَعُ إذَا لَمْ يُشْتَرَطْ لَهُ بِإِزَاءِ الْحِفْظِ أَجْرٌ أَمَّا لَوْ شُرِطَ لَهُ بِإِزَاءِ حِفْظِ الثِّيَابِ أَجْرٌ فَحِينَئِذٍ يَكُونُ الِاخْتِلَافُ فِيهِ كَالِاخْتِلَافِ فِي الْحَمَّامِيِّ لَا ضَمَانَ عَلَيْهِ فِيمَا سُرِقَ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ خِلَافًا لَهُمَا لِأَنَّهُمَا أَجِيرٌ مُشْتَرَكٌ مِنْ مُشْتَمِلِ الْهِدَايَةِ وَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ الْجَوَابُ فِي مَسْأَلَةِ الثِّيَابِيِّ عِنْدَهُمَا عَلَى التَّفْصِيلِ إنْ كَانَ الثِّيَابِيُّ أَجِيرَ الْحَمَّامِيِّ يَأْخُذُ كُلَّ يَوْمٍ أَجْرًا مَعْلُومًا بِهَذَا الْعَمَلِ لَا يَكُونُ ضَامِنًا عِنْدَ الْكُلِّ بِمَنْزِلَةِ تِلْمِيذِ الْقَصَّارِ وَالْمُودَعِ ذَكَرَهُ قَاضِي خَانْ فِي مَسَائِلِ الْأَجِيرِ الْمُشْتَرَكِ فِي الْحَمَّامِ مِنْ فَتَاوَاهُ. رَجُلٌ دَخَلَ الْحَمَّامَ وَكَانَ صَاحِبُ الْحَمَّامِ جَالِسًا لِأَجْلِ الْقِلَّةِ فَوَضَعَ صَاحِبُ الثَّوْبِ ثَوْبَهُ بِمَرْأَى الْعَيْنِ وَلَمْ يَقُلْ بِلِسَانِهِ شَيْئًا وَدَخَلَ الْحَمَّامَ ثُمَّ لَمْ يَجِدْهُ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لِلْحَمَّامِ ثِيَابِيٌّ يَضْمَنُ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 90 صَاحِبُ الْحَمَّامِ؛ لِأَنَّ وَضْعَ الثِّيَابِ بِمَرْأَى الْعَيْنِ مِنْهُ اسْتِحْفَاظًا وَإِنْ كَانَ لِلْحَمَّامِ ثِيَابِيٌّ فَإِنْ كَانَ الثِّيَابِيُّ حَاضِرًا لَا يَضْمَنُ صَاحِبُ الْحَمَّامِ شَيْئًا لِأَنَّ هَذَا اسْتِحْفَاظًا مِنْ الثِّيَابِيِّ مِنْ قَاضِي خَانْ قَالَ فِي الْوَجِيزِ: فَيَضْمَنُ الثِّيَابِيُّ مِثْلَ مَا يَضْمَنُ الْمُودَعُ اهـ وَفِي الْخُلَاصَةِ وَالْفُصُولَيْنِ إلَّا إذَا نَصَّ رَبُّ الثَّوْبِ عَلَى اسْتِحْفَاظِ الْحَمَّامِيِّ بِأَنْ قَالَ: أَيْنَ أَضَعُ؟ فَيَصِيرُ الْحَمَّامِيُّ مُودَعًا حِينَئِذٍ قَالَ فِي الْوَجِيزِ: فَيَضْمَنُ الْحَمَّامِيُّ مِثْلَ مَا يَضْمَنُ الْمُودَعُ وَإِنْ كَانَ الثِّيَابِيُّ غَائِبًا وَيَضَعُ الثِّيَابَ بِمَرْأَى الْعَيْنِ مِنْ صَاحِبِ الْحَمَّامِ كَانَ اسْتِحْفَاظًا مِنْ صَاحِبِ الْحَمَّامِ فَحِينَئِذٍ يَضْمَنُ صَاحِبُ الْحَمَّامِ بِالتَّضْيِيعِ حِينَئِذٍ. رَجُلٌ دَخَلَ الْحَمَّامَ وَنَزَعَ ثِيَابَهُ بِمَحْضَرٍ مِنْ صَاحِبِ الْحَمَّامِ فَلَمَّا خَرَجَ لَمْ يَجِدْ ثِيَابَهُ وَوَجَدَ صَاحِبَ الْحَمَّامِ نَائِمًا قَالُوا: إنْ كَانَ نَائِمًا قَاعِدًا لَا يَكُونُ ضَامِنًا؛ لِأَنَّهُ مُسْتَيْقِظٌ حُكْمًا فَلَمْ يَكُ تَارِكًا لِلْحِفْظِ وَإِنْ كَانَ نَائِمًا مُضْطَجِعًا وَاضِعًا جَنْبَهُ عَلَى الْأَرْضِ كَانَ ضَامِنًا؛ لِأَنَّهُ تَارِكٌ لِلْحِفْظِ مِنْ قَاضِي خَانْ وَقِيلَ: لَا إذْ نَوْمُ الْمُسْتَعِيرِ وَالْمُودَعِ عِنْدَ الْأَمَانَةِ مُضْطَجِعًا يُعَدُّ حِفْظًا عَادَةً مِنْ مُشْتَمِلِ الْهِدَايَةِ وَالْفُصُولَيْنِ وَيُؤَيِّدُهُ مَا فِي الْهِدَايَةِ مِنْ السَّرِقَةِ وَلَوْ نَامَ الْمُودَعُ وَالْمَتَاعُ تَحْتَهُ أَوْ عِنْدَهُ لَا يَضْمَنُ لِأَنَّهُ لَيْسَ بِتَضْيِيعٍ اهـ. وَفِي الْخُلَاصَةِ لَوْ نَامَ الثِّيَابِيُّ فَسُرِقَتْ الثِّيَابُ إنْ نَامَ قَاعِدًا لَا يَضْمَنُ وَإِنْ نَامَ مُضْطَجِعًا يَضْمَنُ. الثِّيَابِيُّ إذَا خَرَجَ مِنْ الْحَمَّامِ فَضَاعَ ثَوْبٌ إنْ تَرَكَهُ ضَائِعًا ضَمِنَ وَإِنْ أَمَرَ الْحَلَّاقَ أَوْ الْحَمَّامِيَّ أَوْ مَنْ فِي عِيَالِهِ أَنْ يَحْفَظَ لَا يَضْمَنُ وَتَفْسِيرُ الْعِيَالِ مَرَّ. رَجُلٌ خَرَجَ مِنْ الْحَمَّامِ فَقَالَ كَانَ فِي جَيْبِي دَرَاهِمُ إنْ لَمْ يُقِرَّ الثِّيَابِيُّ لَا ضَمَانَ عَلَيْهِ أَصْلًا وَإِنْ أَقَرَّ إنْ تَرَكَهُ ضَائِعًا ضَمِنَ وَإِنْ لَمْ يُضَيِّعْهُ فَجَوَابُ أَبِي حَنِيفَةَ وَجَوَابُهُمَا وَجَوَابُ الصُّلْحِ قَدْ ذَكَرْنَاهُ فِي حَبْسِ الْقَصَّارِ اهـ أَقُولُ: وَنَحْنُ قَدْ ذَكَرْنَا الْأَجْوِبَةَ فِي الْأَجِيرِ الْمُشْتَرَكِ مِنْ كِتَابِنَا هَذَا إنْ شِئْتَ رَاجِعْ. دَخَلَ الْحَمَّامَ وَرَجُلٌ جَالِسٌ فَنَزَعَ ثِيَابَهُ وَتَرَكَهَا عِنْدَهُ وَلَمْ يَقُلْ لَهُ احْفَظْ وَلَا الرَّجُلُ قَالَ: لَا أَحْفَظُ وَلَمْ يَقُلْ أَيْضًا لَا أَقْبَلُ فَهُوَ مُودَعٌ يَضْمَنُ لَوْ ضَيَّعَهُ وَكَذَا لَوْ نَزَعَ الثِّيَابَ حَيْثُ يَرَى الْحَمَّامِيُّ وَهُوَ يَنْظُرُ إلَيْهِ فَخَرَجَ آخَرُ وَلَبِسَهُ وَالْحَمَّامِيُّ يَرَاهُ أَوْ ضَيَّعَهُ يَضْمَنُ مِنْ إجَارَةِ الْبَزَّازِيَّةِ فِي الْمُتَفَرِّقَاتِ. رَجُلٌ دَخَلَ الْحَمَّامَ وَوَضَعَ ثِيَابَهُ عِنْدَ صَاحِبِ الْحَمَّامِ فَخَرَجَ رَجُلٌ مِنْ الْحَمَّامِ وَلَبِسَ ثِيَابَهُ وَلَمْ يَدْرِ أَنَّهُ ثِيَابُهُ أَوْ ثِيَابُ غَيْرِهِ ثُمَّ خَرَجَ صَاحِبُ الثِّيَابِ وَقَالَ: لَيْسَتْ هَذِهِ ثِيَابِي وَقَالَ الْحَمَّامِيُّ: خَرَجَ رَجُلٌ مِنْ الْحَمَّامِ وَلَبِسَ الثِّيَابَ فَظَنَنْت أَنَّهَا ثِيَابُهُ كَانَ ضَامِنًا؛ لِأَنَّهُ تَرَكَ الْحِفْظَ مِنْ قَاضِي خَانْ. وَفِي الْخُلَاصَةِ لَبِسَ ثَوْبًا بِمَرْأَى عَيْنِ الثِّيَابِيِّ فَظَنَّ أَنَّهُ ثَوْبُهُ فَإِذَا هُوَ ثَوْبُ الْغَيْرِ ضَمِنَ هُوَ الْأَصَحُّ اهـ. رَجُلٌ دَخَلَ وَقَالَ لِصَاحِبِ الْحَمَّامِ: احْفَظْ الثِّيَابَ فَلَمَّا خَرَجَ لَمْ يَجِدْ ثِيَابَهُ فَإِنْ أَقَرَّ صَاحِبُ الْحَمَّامِ أَنَّ غَيْرَهُ رَفَعَهَا وَهُوَ يَرَاهُ وَيَظُنُّ أَنَّهُ رَفَعَ ثِيَابَهُ فَهُوَ ضَامِنٌ؛ لِأَنَّهُ تَرَكَ الْحِفْظَ وَلَمْ يَمْنَعْ الْقَاصِدَ وَهُوَ يَرَاهُ وَإِنْ أَقَرَّ أَنِّي رَأَيْت أَحَدًا رَفَعَ ثِيَابَك إلَّا أَنِّي ظَنَنْت أَنَّ الرَّافِعَ أَنْتَ فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ لَا يَصِيرُ تَارِكًا لِلْحِفْظِ لَمَّا ظَنَّ أَنَّ الرَّافِعَ هُوَ وَإِنْ سُرِقَ وَهُوَ لَا يَعْلَمُ فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ إنْ لَمْ يَذْهَبْ عَنْ ذَلِكَ الْمَوْضِعِ وَلَمْ يُضَيِّعْ كَذَا فِي قَاضِي خَانْ مِنْ الْإِجَارَةِ وَمُشْتَمِلِ الْهِدَايَةِ وَالْفُصُولَيْنِ مِنْ الْوَدِيعَةِ قَالَ فِي الْمُشْتَمِلِ وَالْفُصُولَيْنِ وَهَذَا قَوْلُ الْكُلِّ إذْ صَاحِبُ الْحَمَّامِ مُودَعٌ فِي حَقِّ الثِّيَابِ إذَا لَمْ يُشْرَطْ لَهُ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 91 بِإِزَاءِ حِفْظِ الثِّيَابِ شَيْءٌ أَمَّا إذَا شُرِطَ بِإِزَاءِ حِفْظِ الثِّيَابِ أُجْرَةٌ وَكَانَ لَهُ أُجْرَةٌ بِإِزَاءِ الِانْتِفَاعِ بِالْحَمَّامِ وَالْحِفْظِ فَحِينَئِذٍ يَكُونُ عَلَى الِاخْتِلَافِ وَإِنْ دُفِعَ إلَى جامه دَارٌ فَعَلَى الِاخْتِلَافِ لَا ضَمَانَ عَلَيْهِ فِيمَا سُرِقَ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ خِلَافًا لَهُمَا؛ لِأَنَّهُ أَجِيرٌ مُشْتَرَكٌ اهـ. وَفِي الْبَزَّازِيَّةِ وَضَعَ بِمَرْأَى الْحَمَّامِيِّ وَلَيْسَ لَهُ ثِيَابِي لَا يَضْمَنُ الْحَمَّامِيُّ؛ لِأَنَّهُ مُودَعٌ فَإِنَّ الْأَجْرَ بِمُقَابَلَةِ الْحَمَّامِ إلَّا أَنْ يُشْتَرَطَ الْأَجْرُ بِإِزَاءِ الْحَمَّامِ وَالْحِفْظِ وَلَوْ قَالَ لَهُ: أَيْنَ أَضَعُ ثِيَابِي؟ فَأَشَارَ إلَى مَوْضِعٍ صَارَ مُودَعًا وَلَا يَضْمَنُ إلَّا بِمَا يَضْمَنُ الْمُودَعُ عَلَى قَوْلِ الْإِمَامِ وَبِهِ يُفْتِي وَغَيْرُهُ لَمْ يَجْعَلْهُ اسْتِحْفَاظًا بِهَذَا الْقَدْرِ اهـ. امْرَأَةٌ دَخَلَتْ الْحَمَّامَ وَدَفَعَتْ ثِيَابَهَا إلَى الْمَرْأَةِ الَّتِي تَمْسِكُ الثِّيَابَ فَلَمَّا خَرَجَتْ لَمْ تَجِدْ ثَوْبًا مِنْ ثِيَابِهَا قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ الْفَضْلِ إنْ كَانَتْ هَذِهِ أَوَّلَ مَرَّةٍ دَخَلَتْ الْحَمَّامَ فَلَا ضَمَانَ عَلَى الثِّيَابِيَّةِ فِي قَوْلِهِمْ إذَا لَمْ تَعْلَمْ أَنَّهَا تَحْفَظُ الثِّيَابَ بِأَجْرٍ لِأَنَّهَا إذَا دَخَلَتْ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَلَمْ تَعْلَمْ بِذَلِكَ وَلَمْ تَشْرِطْ لَهَا الْأَجْرَ عَلَى الْحِفْظِ كَانَ ذَلِكَ إيدَاعًا وَالْمُودَعُ لَا يَضْمَنُ عِنْدَ الْكُلِّ إلَّا بِالتَّضْيِيعِ وَإِنْ كَانَتْ الْمَرْأَةُ دَخَلَتْ الْحَمَّامَ قَبْلَ هَذَا وَكَانَتْ تَدْفَعُ ثِيَابَهَا إلَى هَذِهِ الْمَاسِكَةِ وَتُعْطِيهَا الْأُجْرَةَ عَلَى حِفْظِ الثِّيَابِ كَانَتْ الْمَسْأَلَةُ عَلَى الِاخْتِلَافِ عَلَى قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ لَا تَضْمَنُ لِمَا هَلَكَ فِي يَدَيْهَا مِنْ غَيْرِ صُنْعِهَا وَعَلَى قَوْلِهِمَا يَجِبُ الضَّمَانُ عَلَى الثِّيَابِيَّةِ قَالَ قَاضِي خَانْ: وَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ الْجَوَابُ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ عِنْدَهُمَا عَلَى التَّفْصِيلِ إنْ كَانَ الثِّيَابِيُّ أَجِيرًا لِحَمَّامِيٍّ يَأْخُذُ مِنْهُ كُلَّ يَوْمٍ أَجْرًا مَعْلُومًا لِهَذَا الْعَمَلِ لَا يَكُونُ ضَامِنًا عِنْدَ الْكُلِّ بِمَنْزِلَةِ تِلْمِيذِ الْقَصَّارِ وَالْمُودَعِ. امْرَأَةٌ دَخَلَتْ وَوَضَعَتْ ثِيَابَهَا فِي بَيْتِ الْمَسْلَخِ وَالْحَمَّامِيَّةِ تَنْظُرُ إلَيْهَا فَدَخَلَتْ الْحَمَّامَ ثُمَّ دَخَلَتْ الحمامية بَعْدَ الْمَرْأَةِ فِي الْحَمَّامِ لِتُخْرِجَ الْمَاءَ لِتَغْسِلَ بِهِ صَبِيَّ ابْنَتِهَا وَابْنَتُهَا مَعَ صَبِيِّهَا فِي دِهْلِيزِ الْحَمَّامِ فَضَاعَتْ ثِيَابُ الْمَرْأَةِ قَالُوا: إنْ غَابَتْ الثِّيَابُ عَنْ عَيْنِ الْمَرْأَةِ وَعَيْنِ ابْنَتِهَا ضَمِنَتْ الحمامية وَإِلَّا فَلَا تَضْمَنُ؛ لِأَنَّ لَهَا أَنْ تَحْفَظَ الثِّيَابَ بِيَدِ ابْنَتِهَا فَإِذَا لَمْ تَغِبْ عَنْ نَظَرِهَا أَوْ نَظَرِ ابْنَتِهَا لَا تَضْمَنُ مِنْ إجَارَةِ قَاضِي خَانْ. رَجُلٌ دَخَلَ الْحَمَّامَ وَقَالَ: لِلْحَمَّامِيِّ أَيْنَ أَضَعُ ثَوْبِي فَأَشَارَ الْحَمَّامِيُّ إلَى مَوْضِعٍ فَوَضَعَ ثَمَّةَ وَدَخَلَ الْحَمَّامَ ثُمَّ خَرَجَ آخَرُ وَرَفَعَ الثَّوْبَ فَلَمْ يَمْنَعْهُ الْحَمَّامِيُّ لَمَّا ظَنَّ أَنَّهُ الْمَالِكُ ضَمِنَ الْحَمَّامِيُّ فِي الْأَصَحِّ إذْ أَنَّهُ قَصَّرَ فِيمَا اسْتَحْفَظَهُ وَهَذَا يُخَالِفُ مَا مَرَّ مِنْ أَنَّ الْحَمَّامِيَّ لَا يَضْمَنُ إذَا ظَنَّ أَنَّ الرَّافِعَ صَاحِبُ الثَّوْبِ مِنْ مُشْتَمِلِ الْهِدَايَةِ وَالْفُصُولَيْنِ. وَفِي أَوَّلِ كِتَابِ الْوَدِيعَةِ مِنْ قَاضِي خَانْ رَجُلٌ جَاءَ إلَى خَانٍ بِدَابَّةٍ وَقَالَ لِصَاحِبِ الْخَانِ: أَيْنَ أَرْبِطُهَا فَقَالَ لَهُ صَاحِبُ الْخَانِ: ارْبِطْ هُنَاكَ فَرَبَطَ وَذَهَبَ ثُمَّ جَاءَ صَاحِبُ الدَّابَّةِ وَلَمْ يَجِدْهَا فَقَالَ صَاحِبُ الْخَانِ: إنَّ صَاحِبَك أَخْرَجَ الدَّابَّةَ لِيَسْقِيَهَا وَلَمْ يَكُ لِصَاحِبِ الدَّابَّةِ صَاحِبٌ كَانَ صَاحِبُ الْخَانِ ضَامِنًا؛ لِأَنَّهُ اسْتِيدَاعٌ عُرْفًا. وَكَذَلِكَ رَجُلٌ دَخَلَ الْحَمَّامَ وَقَالَ لِصَاحِبِ الْحَمَّامِ: أَيْنَ أَضَعُ الثِّيَابَ؟ فَقَالَ صَاحِبُ الْحَمَّامِ فِي ذَلِكَ الْمَوْضِعِ فَهُوَ وَالْأَوَّلُ سَوَاءٌ اهـ. دَخَلَ الْحَمَّامَ وَأَخَذَ فِنْجَانَه وَأَعْطَاهَا غَيْرَهُ فَوَقَعَتْ مِنْ الثَّانِي وَانْكَسَرَتْ لَا ضَمَانَ عَلَى الْأَوَّلِ وَلَا عَلَى الثَّانِي هَذِهِ فِي الْغَصْبِ مِنْ الْخُلَاصَةِ. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 92 [بَاب مَسَائِل الرَّهْن وَفِيهِ تِسْعَة فُصُولٍ] [الْفَصْل الْأَوَّل فِيمَا يَصِحّ رَهْنه وَمَا لَا يَصِحّ وَحُكْم الصَّحِيح وَالْفَاسِد وَالْبَاطِل] الْبَابُ الثَّامِنُ فِي مَسَائِلِ الرَّهْنِ وَيَشْتَمِلُ هَذَا الْبَابُ عَلَى تِسْعَةِ فُصُولٍ) . (الْفَصْلُ الْأَوَّلُ فِيمَا يَصِحُّ رَهْنُهُ وَمَا لَا يَصِحُّ وَحُكْمُ الصَّحِيحِ وَالْفَاسِدِ وَالْبَاطِلِ) الرَّهْنُ لَا يَلْزَمُ وَلَا يَدْخُلُ فِي ضَمَانِ الْمُرْتَهِنِ إلَّا بِالْقَبْضِ وَيَكْتَفِي فِي الْقَبْضِ بِالتَّخْلِيَةِ فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ لَا يَثْبُتُ الْقَبْضُ فِي الْمَنْقُولِ إلَّا بِالنَّقْلِ. وَالْأَوَّلُ أَصَحُّ وَيَمْنَعُ التَّسْلِيمَ كَوْنُ الرَّاهِنِ أَوْ مَتَاعِهِ فِي الدَّارِ الْمَرْهُونَةِ وَكَذَا مَتَاعُهُ فِي الْوِعَاءِ الْمَرْهُونِ وَيَمْنَعُ تَسْلِيمَ الدَّابَّةِ الْمَرْهُونَةِ الْحِمْلُ عَلَيْهَا فَلَا يَتِمُّ حَتَّى يُلْقَى الْحِمْلُ؛ لِأَنَّهُ شَاغِلٌ لَهَا بِخِلَافِ مَا إذَا رَهَنَ الْحِمْلَ دُونَهَا حَيْثُ يَكُونُ رَهْنًا تَامًّا إذَا دَفَعَهَا إلَيْهِ؛ لِأَنَّ الدَّابَّةَ مَشْغُولَةٌ بِهِ فَصَارَ هَذَا كَمَا إذَا رَهَنَ مَتَاعًا فِي دَارٍ أَوْ وِعَاءً دُونَ الدَّارِ وَالْوِعَاءُ بِخِلَافِ مَا إذَا رَهَنَ سَرْجًا عَلَى الدَّابَّةِ أَوْ لِجَامًا فِي رَأْسِهَا وَدَفَعَ الدَّابَّةَ مَعَ السَّرْجِ وَاللِّجَامِ حَيْثُ لَا يَكُونُ رَهْنًا حَتَّى يَنْزِعَهُ مِنْهَا ثُمَّ يُسَلِّمَهُ إلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ مِنْ تَوَابِعِ الدَّابَّةِ بِمَنْزِلَةِ الثَّمَرَةِ لِلنَّخِيلِ مِنْ الْهِدَايَةِ. وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ إذَا رَهَنَ دَارًا وَهُمَا فِيهَا فَقَالَ: سَلَّمْت إلَيْك لَا يَتِمُّ الرَّهْنُ مَا لَمْ يَخْرُجْ مِنْ الدَّارِ ثُمَّ يَقُولُ: سَلَّمْت إلَيْك. وَلَوْ رَهَنَ صُوفًا عَلَى ظَهْرِ غَنَمٍ لَا يَصِيرُ قَابِضًا حَتَّى يَجُزَّ وَيَقْبِضَ. وَلَوْ رَهَنَ بَيْتًا مُعَيَّنًا مِنْ دَارٍ أَوْ طَائِفَةً مُعَيَّنَةٍ مِنْهَا وَسَلَّمَ جَازَ مِنْ قَاضِي خَانْ وَقَدْرُ الدَّيْنِ مِنْ الرَّهْنِ مَضْمُونٌ عِنْدَ عُلَمَائِنَا إنْ هَلَكَ بِلَا صُنْعِ الْمُرْتَهِنِ وَالْفَضْلُ أَمَانَةٌ لَا يَضْمَنُ إلَّا بِمَا تُضْمَنُ بِهِ الْوَدِيعَةُ صَرَّحَ بِهِ فِي الْفُصُولَيْنِ وَغَيْرِهِ فَلَوْ هَلَكَ الرَّهْنُ عِنْدَ الْمُرْتَهِنِ بِلَا صُنْعٍ وَلَا تَضْيِيعٍ مِنْهُ كَانَ مَضْمُونًا بِالْأَقَلِّ مِنْ قِيمَتِهِ وَمِنْ الدَّيْنِ فَلَوْ كَانَ الدَّيْنُ وَقِيمَتُهُ سَوَاءً صَارَ الْمُرْتَهِنُ مُسْتَوْفِيًا لِدَيْنِهِ حُكْمًا وَلَوْ كَانَتْ قِيمَتُهُ أَقَلَّ رَجَعَ الْمُرْتَهِنُ بِالْفَضْلِ وَإِذَا كَانَتْ قِيمَتُهُ أَكْثَرَ فَالْفَضْلُ أَمَانَةٌ وَعِنْدَ زُفَرَ الرَّهْنُ مَضْمُونٌ بِالْقِيمَةِ حَتَّى لَوْ هَلَكَ وَقِيمَتُهُ يَوْمَ رَهَنَ أَلْفٌ وَخَمْسُمِائَةٍ وَالدَّيْنُ أَلْفٌ رَجَعَ الرَّاهِنُ عَلَى الْمُرْتَهِنِ بِخَمْسِمِائَةٍ ذَكَرَهُ فِي الْهِدَايَةِ وَالْمُعْتَبَرُ قِيمَتُهُ يَوْمَ الْقَبْضِ لَا يَوْمَ الْهَلَاكِ بِالِاتِّفَاقِ حَتَّى لَوْ كَانَتْ قِيمَتُهُ يَوْمَ الْقَبْضِ أَلْفًا وَقَدْ رُهِنَ بِهَا وَكَانَتْ يَوْمَ الْهَلَاكِ خَمْسَمِائَةٍ بِتَرَاجُعِ السِّعْرِ ذَهَبَ بِالدَّيْنِ كُلِّهِ وَالْمَسْأَلَةُ مَشْهُورَةٌ وَفِي رَهْنِ الْقُدُورِيِّ رَهَنَ عَبْدًا قِيمَتُهُ أَلْفٌ بِأَلْفٍ فَسَلَّمَهُ إلَى الْمُرْتَهِنِ ثُمَّ اسْتَعَارَهُ مِنْ الْمُرْتَهِنِ ثُمَّ رَدَّهُ إلَى الْمُرْتَهِنِ وَقِيمَتُهُ خَمْسُمِائَةٍ فَهَلَكَ عِنْدَ الْمُرْتَهِنِ يَهْلِكُ بِجَمِيعِ الدَّيْنِ وَمَشَى عَلَيْهِ صَاحِبُ الْفُصُولَيْنِ قَالَ فِي الصُّغْرَى: اُعْتُبِرَ قِيمَتُهُ فِي الرَّهْنِ يَوْمَ الْقَبْضِ الْأَوَّلِ بِخِلَافِ الْغَصْبِ وَسَنَذْكُرُهَا فِي بَابِهِ. وَفِي الْأَشْبَاهِ مِنْ الْقَوْلِ فِي ثَمَنِ الْمِثْلِ أَنَّ الْمُعْتَبَرَ قِيمَتُهُ يَوْمَ الْهَلَاكِ لِقَوْلِهِمْ إنَّ يَدَهُ يَدُ أَمَانَةٍ فِيهِ حَتَّى كَانَتْ نَفَقَتُهُ عَلَى الرَّاهِنِ فِي حَيَاتِهِ وَكَفَنُهُ عَلَيْهِ إذَا مَاتَ اهـ. وَلَوْ شَرَطَ فِي الرَّهْنِ أَنْ يَكُونَ أَمَانَةً جَازَ الرَّهْنُ وَبَطَلَ الشَّرْطُ ذَكَرَهُ فِي الْوَجِيزِ وَقَاضِي خَانْ. رَجُلٌ أَرَادَ أَنْ يَدْفَعَ رَهْنًا بِمَالٍ عَلَيْهِ فَقَالَ الْمُرْتَهِنُ لِلرَّاهِنِ: آخُذُهُ عَلَى أَنَّهُ إنْ ضَاعَ ضَاعَ بِغَيْرِ شَيْءٍ فَقَالَ الرَّاهِنُ: نَعَمْ فَالرَّهْنُ جَائِزٌ وَالشَّرْطُ بَاطِلٌ إنْ ضَاعَ ذَهَبَ بِالْمَالِ وَالْمَقْبُوضُ بِحُكْمِ الرَّهْنِ الْفَاسِدِ مَضْمُونٌ نَصَّ عَلَيْهِ فِي الْجَامِعِ الصَّغِيرِ ذَكَرَهُ فِي الْوَجِيزِ. وَفِي الْخُلَاصَةِ مِنْ النِّكَاحِ الرَّهْنُ الْفَاسِدُ وَهُوَ رَهْنُ الْمَشَاعِ لَوْ هَلَكَ فِي يَدِ الْمُرْتَهِنِ يَهْلِكُ أَمَانَةً عَنْ الْكَرْخِيِّ. وَفِي الْجَامِعِ الْكَبِيرِ عَلَى أَنَّهُ كَالرَّهْنِ الْجَائِزِ اهـ وَفِي الجزء: 1 ¦ الصفحة: 93 فَصْلِ التَّصَرُّفَاتِ الْفَاسِدَةِ مِنْ الْفُصُولَيْنِ وَمَا قَبَضَ بِرَهْنٍ فَاسِدٍ ضَمِنَ بِالْأَقَلِّ مِنْ قِيمَتِهِ وَمِنْ الدَّيْنِ كَصَحِيحِهِ وَقِيلَ: لَا يَضْمَنُ وَالْمَقْبُوضُ بِحُكْمِ الرَّهْنِ الْبَاطِلِ لَيْسَ بِمَضْمُونٍ بِالْإِجْمَاعِ اهـ. قَالَ فِي الْهِدَايَةِ: وَالرَّهْنُ بِالدَّرْكِ بَاطِلٌ فَلَوْ قَبَضَهُ قَبْلَ الْوُجُوبِ فَهَلَكَ عِنْدَهُ يَهْلِكُ أَمَانَةً اهـ رَهْنُ الدَّرْكِ أَنْ يَبْتَاعَ زَيْدٌ مِنْ عَمْرٍو دَارًا فَيَرْهَنُ بَكْرٌ عِنْدَ زَيْدٍ شَيْئًا بِمَا يُدْرِكُهُ فِي هَذَا الْبَيْعِ ذَكَرَهُ فِي الْإِصْلَاحِ وَالْإِيضَاحِ. وَفِي فَتَاوَى قَاضِي خَانَ وَعَنْ مُحَمَّدٍ إذَا اشْتَرَى الْمُسْلِمُ خَلًّا وَأَعْطَى بِالثَّمَنِ رَهْنًا فَضَاعَ الرَّهْنُ فِي يَدِهِ ثُمَّ ظَهَرَ أَنَّهُ كَانَ خَمْرًا يَضْمَنُ الرَّهْنَ وَلَوْ اشْتَرَى عَبْدًا وَرَهَنَ بِثَمَنِهِ رَهْنًا فَضَاعَ ثُمَّ ظَهَرَ أَنَّهُ كَانَ حُرًّا لَا يَضْمَنُ الْمُرْتَهِنُ شَيْئًا؛ لِأَنَّهُ بَاطِلٌ وَالْأَوَّلُ فَاسِدٌ وَلَوْ اشْتَرَى مِنْ رَجُلٍ بِدَرَاهِمَ بِعَيْنِهَا وَأَعْطَى بِهَا رَهْنًا كَانَ بَاطِلًا لِأَنَّهَا لَا تَتَعَيَّنُ وَإِنَّمَا يَجِبُ مِثْلُهَا فِي الذِّمَّةِ وَالرَّهْنُ غَيْرُ مُضَافٍ إلَى مَا فِي الذِّمَّةِ انْتَهَى. الْأَجَلُ فِي الرَّهْنِ يُفْسِدُهُ ذَكَرَهُ فِي الْأَشْبَاهِ. زَعَمَ الرَّاهِنُ هَلَاكَهُ عِنْدَ الْمُرْتَهِنِ وَسُقُوطَ الدَّيْنِ وَزَعَمَ الْمُرْتَهِنُ أَنَّهُ رَدَّهُ إلَيْهِ بَعْدَ الْقَبْضِ وَهَلَكَ فِي يَدِ الرَّاهِنِ فَالْقَوْلُ لِلرَّاهِنِ؛ لِأَنَّهُ يَدَّعِي الرَّدَّ الْعَارِضَ وَهُوَ يُنْكِرُ فَإِنْ بَرْهَنَا فَلِلرَّاهِنِ أَيْضًا وَيَسْقُطُ الدَّيْنُ لِإِثْبَاتِهِ الزِّيَادَةَ وَإِنْ زَعَمَ الْمُرْتَهِنُ أَنَّهُ هَلَكَ فِي يَدِ الرَّاهِنِ قَبْلَ قَبْضِهِ فَالْقَوْلُ لِلْمُرْتَهَنِ لِإِنْكَارِهِ دُخُولَهُ فِي ضَمَانِهِ وَإِنْ بَرْهَنَا فَلِلرَّاهِنِ لِإِثْبَاتِهِ الضَّمَانَ. أَذِنَ لِلْمُرْتَهَنِ فِي الِانْتِفَاعِ بِالرَّهْنِ ثُمَّ هَلَكَ الرَّهْنُ فَقَالَ الرَّاهِنُ: هَلَكَ بَعْدَ تَرْكِ الِانْتِفَاعِ وَعَوْدِهِ لِلرَّهْنِ وَقَالَ الْمُرْتَهِنُ: هَلَكَ حَالَ الِانْتِفَاعِ فَالْقَوْلُ لِلْمُرْتَهَنِ لِاتِّفَاقِهِمَا عَلَى زَوَالِ الرَّهْنِ فَلَا يُصَدَّقُ الرَّاهِنُ فِي الْعَوْدِ إلَّا بِحُجَّةٍ. رَهَنَ عَبْدًا يُسَاوِي أَلْفًا بِأَلْفٍ فَوَكَّلَ الْمُرْتَهِنَ بِالْبَيْعِ فَقَالَ الْمُرْتَهِنُ: بِعْتُهُ بِنِصْفِهَا وَقَالَ الرَّاهِنُ: لَا بَلْ مَاتَ عِنْدَك يَحْلِفُ الرَّاهِنُ بِاَللَّهِ مَا يَعْلَمُ أَنَّهُ بَاعَهُ وَلَا يَحْلِفُ بِاَللَّهِ لَقَدْ مَاتَ عِنْدَهُ فَإِذَا حَلَفَ سَقَطَ الدَّيْنُ إلَّا أَنْ يُبَرْهِنَ عَلَى الْبَيْعِ. أَذِنَ الرَّاهِنُ لِلْمُرْتَهَنِ فِي لِبْسِ ثَوْبٍ مَرْهُونٍ يَوْمًا فَجَاءَ بِهِ الْمُرْتَهِنُ مُتَخَرِّقًا وَقَالَ: تَخَرَّقَ فِي لِبْسِ ذَلِكَ الْيَوْمِ وَقَالَ: مَا لَبِسْته فِي ذَلِكَ الْيَوْمِ وَلَا تَخَرَّقَ فِيهِ فَالْقَوْلُ لِلرَّاهِنِ وَإِنْ أَقَرَّ الرَّاهِنُ بِاللِّبْسِ فِيهِ وَلَكِنْ قَالَ: تَخَرَّقَ قَبْلَ اللِّبْسِ أَوْ بَعْدَهُ فَالْقَوْلُ لِلْمُرْتَهَنِ أَنَّهُ أَصَابَهُ فِي اللِّبْسِ لِاتِّفَاقِهِمَا عَلَى خُرُوجِهِ مِنْ الضَّمَانِ وَكَانَ الْقَوْلُ لِلْمُرْتَهَنِ فِي قَدْرِ مَا عَادَ مِنْ الضَّمَانِ إلَيْهِ بِخِلَافِ أَوَّلِ الْمَسْأَلَةِ لِعَدَمِ الِاتِّفَاقِ ثَمَّةَ عَلَى الْخُرُوجِ مِنْ الضَّمَانِ لِعَدَمِ اعْتِرَافِ الرَّاهِنِ بِالْخُرُوجِ مِنْ الْبَزَّازِيَّةِ. وَلَا يَجُوزُ رَهْنُ الْمُشَاعِ عِنْدَنَا وَلَوْ مِنْ شَرِيكِهِ سَوَاءٌ كَانَ مِمَّا يَحْتَمِلُ الْقِسْمَةَ أَوْ لَا يَحْتَمِلُهَا. وَلَا يَجُوزُ رَهْنُ ثَمَرَةٍ عَلَى رُءُوسِ النَّخْلِ وَلَا زَرْعٌ فِي الْأَرْضِ دُونَ الْأَرْضِ وَلَا رَهْنُ النَّخِيلِ فِي الْأَرْضِ دُونَهَا لِأَنَّ الْمَرْهُونَ مُتَّصِلٌ بِمَا لَيْسَ بِمَرْهُونٍ خِلْقَةً فَكَانَ فِي مَعْنَى الشَّائِعِ وَكَذَا رَهْنُ الْأَرْضِ بِدُونِ النَّخِيلِ أَوْ دُونَ الزَّرْعِ وَالنَّخِيلُ دُونَ الثَّمَرِ. وَعَنْ أَبِي حَنِيفَةَ أَنَّ رَهْنَ الْأَرْضِ بِدُونِ الشَّجَرِ جَائِزٌ لِأَنَّ الشَّجَرَ اسْمٌ لِلنَّابِتِ فَيَكُونُ اسْتِثْنَاءُ الْأَشْجَارِ بِمَوَاضِعِهَا بِخِلَافِ مَا إذَا رَهَنَ الدَّارَ دُونَ الْبِنَاءِ إذْ الْبِنَاءُ اسْمٌ لِلْمَبْنِيِّ فَيَصِيرُ رَاهِنًا جَمِيعَ الْأَرْضِ وَهِيَ مَشْغُولَةٌ بِمِلْكِ الرَّاهِنِ وَلَوْ رَهَنَ النَّخِيلَ بِمَوَاضِعِهَا جَازَ؛ لِأَنَّ هَذِهِ مُجَاوَرَةٌ وَهِيَ لَا تَمْنَعُ الصِّحَّةَ وَلَوْ كَانَ فِيهِ ثَمَرٌ يَدْخُلُ فِي الرَّهْنِ تَبَعًا وَكَذَا يَدْخُلُ الزَّرْعُ وَالرُّطَبَةُ فِي رَهْنِ الْأَرْضِ وَيَدْخُلُ الْبِنَاءُ وَالْغَرْسُ فِي رَهْنِ الْأَرْضِ وَالدَّارِ وَلَا يَدْخُلُ الْمَتَاعُ فِي رَهْنِ الدَّارِ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 94 مِنْ غَيْرِ ذِكْرٍ وَلَوْ رَهَنَ الدَّارَ بِمَا فِيهَا جَازَ وَلَوْ اسْتَحَقَّ بَعْضَ الرَّهْنِ إنْ كَانَ الْبَاقِي يَجُوزُ ابْتِدَاءُ الرَّهْنِ عَلَيْهِ وَحْدَهُ بَقِيَ رَهْنًا بِحِصَّتِهِ وَإِلَّا بَطَلَ كُلُّهُ كَذَا فِي الْهِدَايَةِ. الشُّيُوعُ الطَّارِئُ يُبْطِلُ الرَّهْنَ فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ أَنَّهُ لَا يُبْطِلُ. وَصُورَتُهُ الرَّاهِنُ إذَا وَكَّلَ الْعَدْلَ بِبَيْعِ الرَّهْنِ مُجْتَمِعًا أَوْ مُتَفَرِّقًا كَيْفَ شَاءَ فَبَاعَ بَعْضَ الرَّهْنِ بَطَلَ فِيمَا بَقِيَ وَإِنْ اُسْتُحِقَّ شَيْءٌ مُقَدَّرٌ يَبْقَى الرَّهْنُ صَحِيحًا فِيمَا بَقِيَ وَيَكُونُ الْبَاقِي مَحْبُوسًا بِجَمِيعِ الدَّيْنِ فَإِنْ هَلَكَ الْبَاقِي وَفِي قِيمَتِهِ وَفَاءٌ بِجَمِيعِ الدَّيْنِ فَإِنَّهُ يَهْلِكُ بِحِصَّتِهِ مِنْ الدَّيْنِ مِنْ قَاضِي خَانْ. وَلَا يَصِحُّ الرَّهْنُ بِالْأَعْيَانِ الَّتِي هِيَ أَمَانَةٌ كَالْوَدَائِعِ وَالْعَوَارِيّ وَالْمُضَارَبَاتِ وَمَالِ الشَّرِكَةِ وَكَذَلِكَ لَا يَصِحُّ بِالْأَعْيَانِ الْمَضْمُونَةِ بِغَيْرِهَا كَالْمَبِيعِ فِي يَدِ الْبَائِعِ؛ لِأَنَّ الضَّمَانَ لَيْسَ بِوَاجِبٍ فَإِذَا هَلَكَتْ الْعَيْنُ لَمْ يَضْمَنْ الْبَائِعُ شَيْئًا لَكِنَّهُ يُسْقِطُ الثَّمَنَ وَهُوَ حَقُّ الْبَائِعِ فَلَا يَصِحُّ الرَّهْنُ مِنْ الْهِدَايَةِ. فَإِذَا رَهَنَ الْمُودَعُ بِعَيْنِ الْوَدِيعَةِ رَهْنًا أَوْ الْمُسْتَعِيرُ بِالْعَارِيَّةِ يَكُونُ بَاطِلًا حَتَّى لَوْ هَلَكَ الرَّهْنُ عِنْدَ الْمُرْتَهِنِ يَهْلِكُ بِغَيْرِ شَيْءٍ وَكَذَا لَوْ رَهَنَ الْمُسْتَأْجِرُ بِالْعَيْنِ الَّذِي اسْتَأْجَرَهُ أَوْ أَخَذَ الْمُسْتَأْجِرُ مِنْ الْآجِرِ رَهْنًا بِالْعَيْنِ الَّذِي اسْتَأْجَرَهُ قَبْلَ التَّسْلِيمِ كَانَ بَاطِلًا وَكَذَا إذَا بَاعَ عَيْنًا وَأَعْطَى بِالْمَبِيعِ رَهْنًا لِلْمُشْتَرِي قَبْلَ التَّسْلِيمِ كَانَ بَاطِلًا فِيمَا ذَكَرَهُ الْكَرْخِيُّ وَالْقُدُورِيُّ فَإِنْ هَلَكَتْ عِنْدَ الْمُرْتَهِنِ قَبْلَ تَسْلِيمِ الْمَبِيعِ تَهْلِكُ بِغَيْرِ شَيْءٍ وَإِنْ هَلَكَتْ بَعْدَ تَسْلِيمِ الْمَبِيعِ تَهْلِكُ بِالْقِيمَةِ كَضَمَانِ الْغَصْبِ لِأَنَّ الْمَبِيعَ غَيْرُ مَضْمُونٍ عَلَى الْبَائِعِ قَبْلَ التَّسْلِيمِ حَتَّى لَوْ هَلَكَتْ فِي يَدِهِ يَنْفَسِخُ الْبَيْعُ وَلَا يَجِبُ شَيْءٌ عَلَى الْبَائِعِ وَذَكَرَ الْفَقِيهُ أَبُو اللَّيْثِ: إذَا اشْتَرَى الرَّجُلُ سَيْفًا وَأَخَذَ مِنْ الْبَائِعِ رَهْنًا بِالسَّيْفِ فَهَلَكَ عِنْدَهُ كَانَ عَلَيْهِ الْأَقَلُّ مِنْ قِيمَةِ الرَّهْنِ وَمِنْ قِيمَةِ السَّيْفِ مِنْ قَاضِي خَانْ. وَفِي الْوَجِيزِ الرَّهْنُ بِالْمَبِيعِ فِي يَدِ الْبَائِعِ مُنْعَقِدٌ فَاسِدًا حَتَّى لَوْ هَلَكَ فِي يَدِهِ يَضْمَنُ الْأَقَلَّ مِنْ قِيمَتِهِ وَمِنْ قِيمَةِ الْمَبِيعِ وَذَكَرَ الْقُدُورِيُّ أَنَّهُ لَوْ هَلَكَ ذَهَبَ بِغَيْرِ شَيْءٍ اهـ. وَفِي الْأَشْبَاهِ مِنْ الْقَوْلِ فِي الدَّيْنِ قَوْلُ أَصْحَابِنَا لَا يَصِحُّ الرَّهْنُ بِالْأَمَانَاتِ شَامِلٌ لِلْكُتُبِ الْمَوْقُوفَةِ فَلَا يَنْعَقِدُ بِهَا رَهْنٌ وَالرَّهْنُ بِالْأَمَانَاتِ بَاطِلٌ فَإِذَا هَلَكَ لَمْ يَجِبْ شَيْءٌ بِخِلَافِ الرَّهْنِ الْفَاسِدِ فَإِنَّهُ مَضْمُونٌ كَالصَّحِيحِ اهـ. وَيَصِحُّ الرَّهْنُ بِالْأَعْيَانِ الْمَضْمُونَةِ بِعَيْنِهَا وَهِيَ أَنْ تَكُونَ مَضْمُونًا بِالْمِثْلِ أَوْ بِالْقِيمَةِ عِنْدَ هَلَاكِهَا مِثْلُ الْمَغْضُوبِ وَبَدَلِ الْخُلْعِ وَالْمَهْرِ وَبَدَلِ الصُّلْحِ عَنْ دَمِ الْعَمْدِ لِأَنَّ الضَّمَانَ مُتَقَرِّرٌ ذَكَرَهُ فِي الْهِدَايَةِ. وَكَذَا لَوْ كَانَ الْقَتْلُ خَطَأً فَأَخَذَ الْوَلِيُّ مِنْ الْعَاقِلَةِ رَهْنًا بِالدِّيَةِ بَعْدَ قَضَاءِ الْقَاضِي جَازَ وَكَذَا الرَّجُلُ إذَا جَرَحَ غَيْرَهُ جِرَاحَةً لَا يُسْتَطَاعُ فِيهَا الْقِصَاصُ وَقَضَى الْقَاضِي بِالْأَرْشِ لِلْمَجْرُوحِ فَأَخَذَ بِالْأَرْشِ رَهْنًا أَوْ قَطَعَ يَدَ رَجُلٍ خَطَأً وَقَضَى الْقَاضِي بِنِصْفِ الدِّيَةِ عَلَى الْعَاقِلَةِ فَأَخَذَ الْمَقْطُوعُ يَدُهُ رَهْنًا مِنْ الْعَاقِلَةِ جَازَ وَكَذَا يَصِحُّ الرَّهْنُ بِالدَّيْنِ أَيِّ دَيْنٍ كَانَ مِنْ قَاضِي خَانْ. وَلَا يَصِحُّ الرَّهْنُ بِمَا ذَابَ لَهُ عَلَى فُلَانٍ وَيَصِحُّ بِالدَّيْنِ الْمَوْعُودِ وَهُوَ أَنْ يَقُولَ: رَهَنْتُك هَذَا لِتُقْرِضَنِي أَلْفَ دِرْهَمٍ فَلَوْ هَلَكَ يَهْلِكُ بِمَا سَمَّى مِنْ الْمَالِ بِمُقَابَلَتِهِ مِنْ الْهِدَايَةِ. وَفِي الْوَجِيزِ رَهَنَ قَلْبَ فِضَّةٍ عَلَى أَنْ يُقْرِضَهُ دِرْهَمًا فَهَلَكَ قَبْلَ أَنْ يُقْرِضَهُ يُعْطِيهِ دِرْهَمًا وَلَوْ رَهَنَهُ عَلَى أَنْ يُقْرِضَهُ وَلَمْ يُسَمِّ الْقَرْضَ يُعْطِيهِ الْمُرْتَهِنُ مَا شَاءَ وَلَا يُصَدَّقُ فِي أَقَلَّ مِنْ دِرْهَمٍ اسْتِحْسَانًا وَلَوْ قَالَ: أَمْسِكْهُ رَهْنًا بِدَرَاهِمَ يَلْزَمُهُ ثَلَاثَةٌ وَلَوْ قَالَ: أَمْسِكْهُ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 95 رَهْنًا بِنَفَقَةٍ يُعْطِيهَا إيَّاهُ وَرَوَى الْمُعَلَّى عَنْ أَبِي يُوسُفَ لَوْ قَالَ رَجُلٌ لِرَجُلٍ: أَقْرِضْنِي وَخُذْ هَذَا الرَّهْنَ وَلَمْ يُسَمِّ الْقَرْضَ وَأَخَذَ الرَّهْنَ فَضَاعَ وَلَمْ يُقْرِضْهُ أَنَّهُ قَالَ: عَلَيْهِ قِيمَةُ الرَّهْنِ وَلَوْ رَهَنَ ثَوْبًا فَقَالَ: أَمْسِكْهُ بِعِشْرِينَ فَهَلَكَ الثَّوْبُ عِنْدَ الْمُرْتَهِنِ قَبْلَ أَنْ يُعْطِيَهُ شَيْئًا فَعَلَيْهِ قِيمَةُ الثَّوْبِ إلَّا أَنْ يُجَاوِزَ قِيمَتُهُ عِشْرِينَ اهـ قَالَ ابْنُ كَمَالٍ فِي الْإِيضَاحِ أَنَّ الرَّهْنَ الْمَقْبُوضَ بِالدَّيْنِ الْمَوْعُودِ إنَّمَا يَهْلِكُ بِمَا سَمَّى مِنْ الْمَالِ بِمُقَابَلَتِهِ إذَا لَمْ يَكُنْ الدَّيْنُ أَكْثَرَ مِنْ الْقِيمَةِ وَإِنْ كَانَ أَكْثَرَ فَلَا يَكُونُ مَضْمُونًا بِالدَّيْنِ بَلْ بِالْقِيمَةِ وَإِنَّمَا لَمْ يَذْكُرْ هَذَا الْقِسْمَ لِأَنَّ الظَّاهِرَ أَنْ لَا يَكُونَ الدَّيْنُ أَكْثَرَ مِنْ قِيمَةِ الرَّهْنِ وَإِنْ كَانَ عَلَى سَبِيلِ الْقُدْرَةِ فَحُكْمُهُ يُعْلَمُ مِمَّا سَبَقَ فَاعْتَمَدَ عَلَى ذَلِكَ. وَفِي الْخُلَاصَةِ رَجُلٌ قَالَ لِآخَرَ: أَقْرِضْنِي فَقَالَ: لَا أُقْرِضُك إلَّا بِرَهْنٍ فَرَهَنَهُ رَهْنًا ثُمَّ ضَاعَ الرَّهْنُ قَبْلَ أَنْ يُقْرِضَهُ وَلَمْ يَكُنْ سَمَّى الْقَدْرَ قَالَ: يُعْطِيهِ مَا شَاءَ وَلَوْ قَالَ: أَنَا أُعْطِيكَ فَلْسًا قَالَ مُحَمَّدٌ: لَا يُصَدَّقُ فِي أَقَلَّ مِنْ دِرْهَمٍ اهـ. سَأَلَ مِنْ الْبَزَّازِ ثَوْبًا لِيُرِيَهُ غَيْرَهُ ثُمَّ يَشْتَرِيَهُ فَقَالَ الْبَزَّازُ: لَا أَدْفَعُهُ إلَيْك إلَّا بِرَهْنٍ فَرَهَنَ عِنْدَهُ مَتَاعًا فَهَلَكَ فِي يَدِهِ وَالثَّوْبُ قَائِمٌ فِي يَدِ الرَّاهِنِ أَوْ الْمُرْتَهِنِ لَا يَضْمَنُ الْبَزَّازُ مِنْ الْقُنْيَةِ. غَصَبَ مِنْ الْمُرْتَهِنِ الدَّارَ الْمَرْهُونَةَ فَهُوَ كَالْهَلَاكِ إلَّا إذَا كَانَ الرَّاهِنُ أَبَاحَ لَهُ الِانْتِفَاعَ فَغَصَبَ مِنْهُ فِي حَالَةِ الِانْتِفَاعِ فَلَهُ أَنْ يُطَالِبَ الرَّاهِنَ بِالدَّيْنِ. غَصَبَ دَارًا مَرْهُونَةً فَأَتْلَفَ جُزْءًا مِنْهَا أَوْ كُلَّهَا وَالْمُرْتَهِنُ يَسْكُنُ مَعَهُ وَهُوَ مَأْذُونٌ لَهُ فِي الِانْتِفَاعِ فَمَا هَلَكَ يَهْلِكُ مِنْ الرَّاهِنِ وَإِنْ لَمْ يَأْذَنْ لَهُ فِي الِانْتِفَاعِ أَوْ أَخْرَجَهُ الْغَاصِبُ عَنْهَا فَمَا هَلَكَ يَضْمَنُهُ الْمُرْتَهِنُ. رَهَنَ دَارًا مَخْدَعًا وَمَشْتَاتَا فَارِغَيْنِ وَقَيْطُونًا مَشْغُولًا بِمَتَاعِ الرَّاهِنِ قِيمَتُهَا ثَلَاثُونَ بِعَشَرَةٍ وَقَبَضَهَا الْمُرْتَهِنُ وَهَلَكَتْ بِالْغَرَقِ لَا يَضْمَنُ الْمَشْغُولَ أَصْلًا وَلَا الزِّيَادَةَ فِيمَا يُقَابِلُ الْفَارِغَ لِأَنَّهُ إنَّمَا يَضْمَنُ مَا هُوَ مَقْبُوضٌ بِعَقْدٍ فَاسِدٍ أَوْ صَحِيحٍ لَا غَيْرِ الْمَقْبُوضِ. وَالْمَقْبُوضُ عَلَى سَوْمِ الرَّهْنِ إذَا لَمْ يُبَيِّنْ الْمِقْدَارَ الَّذِي بِهِ رَهَنَهُ وَلَيْسَ فِيهِ دَيْنٌ لَا يَكُونُ مَضْمُونًا عَلَى أَصَحِّ الرِّوَايَتَيْنِ مِنْ الْقُنْيَةِ وَفِيهَا عَنْ الْمُحِيطِ قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَأَبُو يُوسُفَ وَمُحَمَّدٌ يُعْطِيهِ الْمُرْتَهِنُ مَا شَاءَ. وَعَنْ مُحَمَّدٍ: لَا أَسْتَحْسِنُ أَقَلَّ مِنْ دِرْهَمٍ وَعَنْ أَبِي حَنِيفَةَ فِي رِوَايَةٍ إذَا ضَاعَ فَعَلَيْهِ قِيمَتُهُ اهـ وَفِي فَصْلِ التَّصَرُّفَاتِ الْفَاسِدَةِ مِنْ الْفُصُولَيْنِ: الْمَقْبُوضُ عَلَى سَوْمِ الرَّهْنِ مَضْمُونٌ بِالْأَقَلِّ مِنْ قِيمَتِهِ وَمِنْ الدَّيْنِ وَقِيلَ: مَضْمُونٌ بِقِيمَتِهِ اهـ. رَجُلٌ رَهَنَ عِنْدَهُ إنْسَانٌ ثَوْبًا مِنْ غَيْرِ أَنْ يَكُونَ عَلَيْهِ دَيْنٌ فَقَالَ: أَرْجِعُ إلَيْك وَآخُذُ مِنْكَ شَيْئًا فَضَاعَ الثَّوْبُ عِنْدَ الْمُرْتَهِنِ ذَكَرَ أَبُو يُوسُفَ فِي الْأَمَالِي أَنَّهُ يُعْطِيهِ الْمُرْتَهِنُ مَا شَاءَ فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ وَكَذَلِكَ قُلْنَا. رَجُلٌ دَفَعَ إلَى آخَرَ جَارِيَةً وَقَالَ: بِعْهَا وَلَك أَجْرٌ وَلَمْ يُسَمِّ الْأَجْرَ فَضَاعَ الرَّهْنُ رُوِيَ عَنْ مُحَمَّدٍ أَنَّهُ لَا يَضْمَنُ مِنْ قَاضِي خَانْ. وَفِي الْأَشْبَاهِ الْمَقْبُوضُ عَلَى سَوْمِ الرَّهْنِ إذَا لَمْ يُبَيِّنْ الْمِقْدَارَ لَيْسَ بِمَضْمُونٍ فِي الْأَصَحِّ. وَفِي الْوَجِيزِ الرَّهْنُ بِالدَّيْنِ الَّذِي سَيَجِبُ كَالرَّهْنِ بِالْأُجْرَةِ بَاطِلٌ اهـ. وَلَوْ قَالَ لِآخَرَ: مَا بَايَعْت فُلَانًا فَثَمَنُهُ عَلَيَّ وَأَعْطَاهُ بِهِ رَهْنًا قَبْلَ الْمُبَايَعَةِ لَا يَجُوزُ وَلَوْ قَالَ لِآخَرَ: ضَمِنْت مَالَكَ عَلَى فُلَانٍ إذَا حَلَّ الْأَجَلُ وَأَعْطَى بِذَلِكَ رَهْنًا جَازَ وَلَوْ قَالَ: إذَا قَدِمَ فُلَانٌ فَأَنَا ضَامِنٌ لَك مَا عَلَيْهِ وَأَعْطَاهُ رَهْنًا لَا يَجُوزُ الرَّهْنُ مِنْ قَاضِي خَانْ. وَلَا يَجُوزُ رَهْنُ الْحُرِّ وَالْمُدَبَّرِ وَأُمِّ الْوَلَدِ وَالْمُكَاتَبِ وَلَا يَجُوزُ الرَّهْنُ بِالْكَفَالَةِ بِالنَّفْسِ وَكَذَا لَا يَجُوزُ بِالْقِصَاصِ فِي النَّفْسِ وَمَا دُونَهَا الجزء: 1 ¦ الصفحة: 96 لِتَعَذُّرِ الِاسْتِيفَاءِ وَلَا يَجُوزُ بِالشُّفْعَةِ؛ لِأَنَّ الْمَبِيعَ غَيْرُ مَضْمُونٍ عَلَى الْمُشْتَرِي وَلَا بِالْعَبْدِ الْجَانِي وَالْعَبْدِ الْمَدْيُونِ؛ لِأَنَّهُ غَيْرُ مَضْمُونٍ عَلَى الْمَوْلَى فَإِنَّهُ لَوْ يَهْلِكُ لَا يَجِبُ عَلَيْهِ شَيْءٌ وَلَا بِأَجْرِ النَّائِحَةِ وَالْمُغَنِّيَةِ حَتَّى لَوْ ضَاعَ لَمْ يَكُنْ مَضْمُونًا وَلَا يَجُوزُ لِلْمُسْلِمِ أَنْ يَرْهَنَ خَمْرًا أَوْ يَرْتَهِنَهُ مِنْ مُسْلِمٍ أَوْ ذِمِّيٍّ لِتَعَذُّرِ الْإِيفَاءِ وَالِاسْتِيفَاءِ فِي حَقِّ الْمُسْلِمِ ثُمَّ الرَّاهِنُ إذَا كَانَ ذِمِّيًّا فَالْخَمْرُ مَضْمُونٌ عَلَيْهِ لِلذِّمِّيِّ كَمَا إذَا غَصَبَهُ وَإِنْ كَانَ الْمُرْتَهِنُ ذِمِّيًّا لَمْ يَضْمَنْهَا كَمَا لَا يَضْمَنُهَا بِالْغَصْبِ مِنْهُ بِخِلَافِ مَا إذَا جَرَى ذَلِكَ فِيمَا بَيْنَهُمْ لِأَنَّهَا مَالٌ فِي حَقِّهِمْ أَمَّا الْمَيْتَةُ فَلَيْسَتْ بِمَالٍ عِنْدَهُمْ فَلَا يَجُوزُ رَهْنُهَا وَارْتِهَانُهَا فِيمَا بَيْنَهُمْ كَمَا لَا يَجُوزُ فِيمَا بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ. وَلَوْ شَرَى عَبْدًا وَرَهَنَ بِثَمَنِهِ عَبْدًا أَوْ خَلًّا أَوْ شَاةً مَذْبُوحَةً ثُمَّ ظَهَرَ الْعَبْدُ حُرًّا وَالْخَلُّ خَمْرًا وَالشَّاةُ مَيْتَةً فَالرَّهْنُ مَضْمُونٌ؛ لِأَنَّهُ رَهَنَهُ بِدَيْنٍ وَاجِبٍ ظَاهِرًا وَكَذَا إذَا قَتَلَ عَبْدًا وَرَهَنَ بِقِيمَتِهِ رَهْنًا ثُمَّ ظَهَرَ أَنَّهُ حُرٌّ وَهَذَا كُلُّهُ ظَاهِرُ الرِّوَايَةِ. وَكَذَا إذَا صَالَحَ عَلَى إنْكَارٍ وَرَهَنَ بِمَا صَالَحَ عَلَيْهِ رَهْنًا ثُمَّ تَصَادَقَا أَنْ لَا دَيْنَ فَالرَّهْنُ مَضْمُونٌ وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ خِلَافُهُ وَكَذَا قِيَاسُهُ فِيمَا تَقَدَّمَ مِنْ جِنْسِهِ مِنْ الْهِدَايَةِ. الرَّهْنُ الْمَضْمُونُ مَضْمُونٌ فِي قَوْلِ مُحَمَّدٍ وَكَذَلِكَ عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ وَعَنْهُ فِي رِوَايَةٍ لَا يَكُونُ مَضْمُونًا قَالُوا: لَا خِلَافَ فِيهِ إنْ تَصَادَقَا أَنَّهُ لَا دَيْنَ ثُمَّ هَلَكَ الرَّهْنُ يَكُونُ مَضْمُونًا. رَجُلٌ رَهَنَ عَبْدًا بِكُرِّ حِنْطَةٍ وَقَبَضَ الْعَبْدَ فَمَاتَ فِي يَدِهِ ثُمَّ تَبَيَّنَ أَنَّهُ لَيْسَ لِلْمُرْتَهَنِ عَلَى الرَّاهِنِ شَيْءٌ مِنْ الْحِنْطَةِ يَرْجِعُ الرَّاهِنُ عَلَى الْمُرْتَهِنِ بِقِيمَةِ كُرِّ حِنْطَةٍ وَلَا يَرْجِعُ بِقِيمَةِ الْعَبْدِ. رَهَنَ شَيْئًا ثُمَّ تَبَيَّنَ أَنَّهُ لَيْسَ بِمَالٍ فَالرَّهْنُ مَضْمُونٌ وَكَذَا لَوْ اشْتَرَى شَيْئًا وَأَعْطَى بِالثَّمَنِ رَهْنًا ثُمَّ اُسْتُحِقَّ الْمَبِيعُ فَالرَّهْنُ مَضْمُونٌ وَكَذَا لَوْ اسْتَهْلَكَ شَاةً مَذْبُوحَةً وَرَهَنَ بِالضَّمَانِ شَيْئًا ثُمَّ ظَهَرَ أَنَّهَا كَانَتْ مَيْتَةً فَالرَّهْنُ مَضْمُونٌ. رَجُلٌ عَلَيْهِ أَلْفُ دِرْهَمٍ فَصَالَحَهُ عَلَى خَمْسِمِائَةٍ وَأَعْطَاهُ رَهْنًا بِخَمْسِمِائَةٍ فَهَلَكَ الرَّهْنُ ثُمَّ تَصَادَقَا أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ دَيْنٌ كَانَ عَلَى الْمُرْتَهِنِ أَنْ يَرُدَّ عَلَى الرَّاهِنِ خَمْسَمِائَةٍ. الْمُودَعُ إذَا ادَّعَى هَلَاكَ الْوَدِيعَةِ وَصَاحِبُهَا يَدَّعِي عَلَيْهِ الْإِتْلَافَ فَتَصَالَحَا عَلَى مَالٍ وَأَعْطَاهُ رَهْنًا فَهَلَكَ الرَّهْنُ لَا يَضْمَنُ الْمُرْتَهِنُ فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ وَفِي قَوْلِ مُحَمَّدٍ يَضْمَنُ. وَلَوْ ادَّعَى صَاحِبُ الْمَالِ الْوَدِيعَةَ وَجَحَدَ الْمُودَعُ الْإِيدَاعَ فَتَصَالَحَا عَلَى شَيْءٍ جَازَ الصُّلْحُ فِي قَوْلِهِمْ وَكَذَا لَوْ ادَّعَى صَاحِبُ الْمَالِ الْإِيدَاعَ وَالِاسْتِهْلَاكَ وَالْمُودَعُ يُقِرُّ الْوَدِيعَةِ وَلَمْ يَدَّعِ الرَّدَّ وَالْهَلَاكَ وَتَصَالَحَا عَلَى شَيْءٍ جَازَ الصُّلْحُ فِي قَوْلِهِمْ. وَلَوْ قَالَ الْمُودَعُ: هَلَكَتْ الْوَدِيعَةُ أَوْ قَالَ: رَدَدْت وَسَكَتَ صَاحِبُ الْمَالِ أَوْ قَالَ: لَا أَدْرِي فَاصْطَلَحَا عَلَى شَيْءٍ لَا يَجُوزُ الصُّلْحُ فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ وَيَجُوزُ فِي قَوْلِ مُحَمَّدٍ وَلَوْ قَالَ الْمُودَعُ: ضَاعَتْ الْوَدِيعَةُ أَوْ رَدَدْت وَقَالَ لِصَاحِبِ الْمَالِ إنَّك اسْتَهْلَكْتَهَا فَاصْطَلَحَا عَلَى شَيْءٍ لَا يَجُوزُ الصُّلْحُ فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ الْأَوَّلِ وَيَجُوزُ فِي قَوْلِ مُحَمَّدٍ وَأَبِي يُوسُفَ الْآخَرِ وَفِي كُلِّ مَوْضِعٍ يَجُوزُ الصُّلْحُ إذَا أَعْطَى بِبَدَلِ الصُّلْحِ رَهْنًا جَازَ الرَّهْنُ وَفِيمَا لَا يَجُوزُ الصُّلْحُ لَا يَجُوزُ الرَّهْنُ وَذَكَرَ الشَّيْخُ خُوَاهَرْ زَادَهْ الْفَتْوَى فِي الصُّلْحِ عَلَى قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ. وَلَوْ سَقَطَ الْقَطْعُ عَنْ السَّارِقِ بِوَجْهٍ وَقَضَى الْقَاضِي بِضَمَانِ السَّرِقَةِ فَأَخَذَ الْمَسْرُوقُ مِنْهُ بِالْمَالِ رَهْنًا جَازَ وَكَذَا الْمَوْلَى إذَا أَخَذَ مِنْ مُكَاتِبِهِ رَهْنًا بِبَدَلِ الْكِتَابَةِ جَازَ. وَلَوْ اسْتَأْجَرَ دَارًا أَوْ شَيْئًا وَأَعْطَى بِالْأَجْرِ رَهْنًا الجزء: 1 ¦ الصفحة: 97 جَازَ فَإِنْ هَلَكَ الرَّهْنُ بَعْدَ اسْتِيفَاءِ الْمَنْفَعَةِ يَصِيرُ مُسْتَوْفِيًا لِلْأَجْرِ وَإِنْ هَلَكَ قَبْلَ اسْتِيفَاءِ الْمَنْفَعَةِ بَطَلَ وَيَجِبُ عَلَى الْمُرْتَهِنِ رَدُّ قِيمَةِ الرَّهْنِ. وَلَوْ اسْتَأْجَرَ خَيَّاطًا لِيَخِيطَ لَهُ ثَوْبًا وَأَخَذَ مِنْ الْخَيَّاطِ رَهْنًا بِالْخِيَاطَةِ جَازَ وَإِنْ أَخَذَ الرَّهْنَ بِخِيَاطَةِ هَذَا الْخَيَّاطِ بِنَفْسِهِ لَا يَجُوزُ. وَكَذَا لَوْ اسْتَأْجَرَ إبِلًا إلَى مَكَّةَ فَأَخَذَ مِنْ الْجَمَّالِ بِالْحُمُولَةِ رَهْنًا جَازَ وَإِنْ أَخَذَ بِحُمُولَةِ هَذَا الرَّجُلِ بِنَفْسِهِ أَوْ بِدَابَّةٍ بِعَيْنِهَا لَا يَجُوزُ. وَلَوْ اسْتَعَارَ الرَّجُلُ شَيْئًا لَهُ حِمْلٌ وَمُؤْنَةٌ فَأَخَذَ الْمُعِيرُ مِنْ الْمُسْتَعِيرِ رَهْنًا بِرَدِّ الْعَارِيَّةِ جَازَ وَإِنْ أَخَذَ مِنْهُ رَهْنًا بِرَدِّ الْعَارِيَّةِ بِنَفْسِهِ لَا يَجُوزُ وَلَوْ أَخَذَ رَهْنًا مِنْ الْمُسْتَعِيرِ بِالْعَارِيَّةِ لَا يَجُوزُ لِأَنَّهَا أَمَانَةٌ وَقَدْ مَرَّ وَكَذَا الرَّهْنُ بِدَيْنِ الْقِمَارِ أَوْ بِدَمِ الْمَيْتَةِ أَوْ الدَّمِ أَوْ الرَّهْنِ بِثَمَنِ الْخَمْرِ مِنْ الْمُسْلِمِ لِمُسْلِمٍ أَوْ ذِمِّيٍّ بِثَمَنِ الْخِنْزِيرِ بَاطِلٌ مِنْ قَاضِي خَانْ. وَيَصِحُّ الرَّهْنُ بِرَأْسِ مَالِ السَّلَمِ وَبِثَمَنِ الصَّرْفِ وَالْمُسَلَّمِ فِيهِ خِلَافًا لِزُفَرَ وَإِنْ هَلَكَ الرَّهْنُ بِثَمَنِ الصَّرْفِ وَرَأْسُ مَالِ الْمُسَلَّمِ فِي مَجْلِسِ الْعَقْدِ تَمَّ الصَّرْفُ وَالسَّلَمُ وَصَارَ الْمُرْتَهِنُ مُسْتَوْفِيًا لِدَيْنِهِ لِتَحَقُّقِ الْقَبْضِ حُكْمًا وَإِنْ افْتَرَقَا قَبْلَ هَلَاكِ الرَّهْنِ بَطَلَا لِفَوَاتِ الْقَبْضِ حَقِيقَةً وَحُكْمًا وَيُرَدُّ الرَّهْنُ عَلَى الرَّاهِنِ وَإِنْ هَلَكَ لَرَهَنَ بِالْمُسَلَّمِ فِيهِ يَصِيرُ الْمُرْتَهِنُ مُسْتَوْفِيًا لِلْمُسَلَّمِ فِيهِ فَلَمْ يَبْقَ السَّلَمُ. وَلَوْ تَفَاسَخَا السَّلَمَ وَبِالْمُسَلَّمِ فِيهِ رَهْنٌ يَكُونُ ذَلِكَ رَهْنًا بِرَأْسِ الْمَالِ حَتَّى يَحْبِسَهُ؛ لِأَنَّهُ بَدَلُهُ فَصَارَ كَالْمَغْصُوبِ إذَا هَلَكَ وَبِهِ رَهْنٌ يَكُونُ رَهْنًا بِقِيمَتِهِ وَلَوْ هَلَكَ الرَّهْنُ بَعْدَ التَّفَاسُخِ يَهْلِكُ بِالطَّعَامِ الْمُسَلَّمِ فِيهِ؛ لِأَنَّهُ رَهَنَهُ بِهِ وَإِنْ كَانَ مَحْبُوسًا بِغَيْرِهِ كَمَا لَوْ بَاعَ عَبْدًا وَسَلَّمَ الْمَبِيعَ وَأَخَذَ بِالثَّمَنِ رَهْنًا ثُمَّ تَقَايَلَا الْبَيْعَ لَهُ أَنْ يَحْبِسَهُ لِأَخْذِ الْمَبِيعِ؛ لِأَنَّ الثَّمَنَ بَدَلُهُ وَلَوْ هَلَكَ الْمَرْهُونُ يَهْلِكُ بِالثَّمَنِ لِمَا بَيَّنَّا مِنْ الْهِدَايَةِ. وَلَوْ أَقْرَضَ الرَّجُلُ كُرًّا مِنْ طَعَامٍ وَأَخَذَ مِنْ الْمُسْتَقْرِضِ رَهْنًا بِالطَّعَامِ ثُمَّ أَنَّ الْمُسْتَقْرِضَ اشْتَرَى الطَّعَامَ الَّذِي فِي ذِمَّتِهِ بِالدَّرَاهِمِ وَدَفَعَ إلَيْهِ الدَّرَاهِمَ وَبَرِئَ مِنْ الطَّعَامِ ثُمَّ هَلَكَ الرَّهْنُ عِنْدَ الْمُرْتَهِنِ فَإِنَّهُ يَهْلِكُ بِالطَّعَامِ الَّذِي كَانَ قَرْضًا إذَا كَانَتْ قِيمَةُ الرَّهْنِ مِثْلَ الطَّعَامِ وَيَجِبُ عَلَى الْمُرْتَهِنِ رَدُّ مَا قَبَضَ مِنْ الدَّرَاهِمِ وَكَذَا الرَّجُلُ إذَا أَسْلَمَ إلَى رَجُلٍ فِي طَعَامٍ وَأَخَذَ بِالْمُسْلَمِ فِيهِ رَهْنًا يُسَاوِي الطَّعَامَ ثُمَّ تَصَالَحَا عَلَى رَأْسِ الْمَالِ وَلَمْ يَقْبِضْ رَبُّ السَّلَمِ رَأْسَ الْمَالِ مِنْ الْمُسْلَمِ إلَيْهِ حَتَّى هَلَكَ الرَّهْنُ فَإِنَّهُ يَهْلِكُ بِالطَّعَامِ مِنْ قَاضِي خَانْ. وَإِذَا تَقَابَضَا الرَّهْنَ ثُمَّ تَنَاقُضَاهُ بِالتَّرَاضِي وَهَلَكَ الرَّهْنُ عِنْدَ الْمُرْتَهِنِ يَهْلِكُ مَضْمُونًا وَالرَّهْنُ بَاقٍ مَا بَقِيَ الْقَبْضُ مِنْ الْبَزَّازِيَّةِ. وَيَجُوزُ لِلْأَبِ أَنْ يَرْهَنَ بِدَيْنٍ عَلَيْهِ عَبْدًا لِابْنِهِ الصَّغِيرِ اسْتِحْسَانًا وَالْوَصِيُّ بِمَنْزِلَةِ الْأَبِ فِي هَذَا. وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ وَزُفَرَ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ ذَلِكَ مِنْهُمَا وَهُوَ الْقِيَاسُ اعْتِبَارًا لِحَقِيقَةِ الْإِيفَاءِ وَإِذَا جَازَ الرَّهْنُ يَصِيرُ الْمُرْتَهِنُ مُسْتَوْفِيًا دَيْنَهُ لَوْ هَلَكَ فِي يَدِهِ وَيَصِيرُ الْأَبُ وَالْوَصِيُّ مُوفِيًا لَهُ وَيَضْمَنُ لِلصَّبِيِّ؛ لِأَنَّهُ قَضَى دَيْنَهُ بِمَالِهِ وَإِذَا رَهَنَ الْأَبُ مِنْ نَفْسِهِ أَوْ مِنْ ابْنٍ لَهُ صَغِيرٍ أَوْ عَبْدٍ لَهُ تَاجِرٍ لَا دَيْنَ عَلَيْهِ جَازَ وَلَوْ ارْتَهَنَهُ الْوَصِيُّ مِنْ نَفْسِهِ أَوْ مِنْ هَذَيْنِ أَوْ رَهَنَ عَيْنًا لَهُ مِنْ الْيَتِيمِ بِحَقٍّ لِلْيَتِيمِ عَلَيْهِ لَمْ يَجُزْ لِأَنَّهُ وَكِيلٌ مَحْضٌ وَالْوَاحِدُ لَا يَتَوَلَّى طَرَفَيْ الْعَقْدِ فِي الرَّهْنِ بِخِلَافِ الْأَبِ لِوُفُورِ شَفَقَتِهِ فَنَزَلَ مَنْزِلَةَ شَخْصَيْنِ وَأُقِيمَتْ عِبَارَتُهُ مَقَامَ عِبَارَتَيْنِ فِي هَذَا الْعَقْدِ كَمَا فِي بَيْعِهِ مَالَ الصَّغِيرِ مِنْ نَفْسِهِ فَتَوَلَّى طَرَفَيْ الْعَقْدِ. وَلَوْ رَهَنَ الْوَصِيُّ مِنْ ابْنِهِ الْكَبِيرِ أَوْ مِنْ أَبِيهِ أَوْ عَبْدِهِ الَّذِي الجزء: 1 ¦ الصفحة: 98 عَلَيْهِ دَيْنٌ يَصِحُّ لِأَنَّهُ لَا وِلَايَةَ لَهُ عَلَيْهِمْ. وَإِنْ اسْتَدَانَ الْوَصِيُّ لِلْيَتِيمِ فِي كِسْوَتِهِ وَطَعَامِهِ فَرَهَنَ بِهِ مَتَاعًا لِلْيَتِيمِ جَازَ لِأَنَّ الِاسْتِدَانَةَ جَائِزَةٌ لِلْحَاجَةِ وَالرَّهْنُ يَقَعُ إيفَاءً لِلْحَقِّ فَيَجُوزُ وَكَذَلِكَ لَوْ اتَّجَرَ لِلْيَتِيمِ فَارْتَهَنَ أَوْ رَهَنَ. وَإِذَا رَهَنَ الْأَبُ مَتَاعَ الصَّغِيرِ فَأَدْرَكَ الِابْنُ وَمَاتَ الْأَبُ لَيْسَ لِلِابْنِ أَنْ يَسْتَرِدَّهُ حَتَّى يَقْضِيَ الدَّيْنَ وَلَوْ كَانَ الْأَبُ رَهَنَهُ بِدَيْنِ نَفْسِهِ فَقَضَاءُ الِابْنِ رَجَعَ بِهِ فِي مَالِ الْأَبِ وَكَذَلِكَ إذَا هَلَكَ قَبْلَ أَنْ يَفْتَكَّهُ. وَلَوْ رَهَنَهُ بِدَيْنٍ عَلَى نَفْسِهِ وَبِدَيْنٍ عَلَى الصَّغِيرِ جَازَ لِاشْتِمَالِهِ عَلَى أَمْرَيْنِ جَائِزَيْنِ فَلَوْ هَلَكَ ضَمِنَ الْأَبُ حِصَّتَهُ مِنْ ذَلِكَ لِلْوَلَدِ وَكَذَلِكَ الْوَصِيُّ وَكَذَلِكَ الْجَدُّ أَبُو الْأَبِ إنْ لَمْ يَكُنْ الْأَبُ أَوْ وَصِيُّ الْأَبِ. وَلَوْ رَهَنَ الْوَصِيُّ مَتَاعَ الْيَتِيمِ فِي دَيْنٍ اسْتَدَانَهُ عَلَيْهِ وَقَبَضَ الْمُرْتَهِنُ ثُمَّ اسْتَعَارَهُ الْوَصِيُّ لِحَاجَةِ الْيَتِيمِ فَضَاعَ فِي يَدِ الْوَصِيِّ فَإِنَّهُ خَرَجَ مِنْ الرَّهْنِ وَهَلَكَ مِنْ مَالِ الْيَتِيمِ؛ لِأَنَّ فِعْلَ الْوَصِيِّ كَفِعْلِهِ بِنَفْسِهِ بَعْدَ الْبُلُوغِ؛ لِأَنَّهُ اسْتِعَارَةٌ لِحَاجَةِ الصَّبِيِّ وَالْحُكْمُ فِيهِ هَذَا وَالْمَالُ دَيْنٌ عَلَى الْوَصِيِّ وَهُوَ الْمُطَالَبُ بِهِ ثُمَّ يَرْجِعُ بِذَلِكَ عَلَى الصَّبِيِّ لِأَنَّهُ غَيْرُ مُتَعَدٍّ فِي هَذِهِ الِاسْتِعَارَةِ إذْ هِيَ لِحَاجَةِ الصَّبِيِّ وَإِنْ كَانَ عَلَى الْمَيِّتِ دَيْنٌ فَرَهَنَ الْوَصِيُّ بَعْضَ التَّرِكَةِ عِنْدَ غَرِيمٍ مِنْ غُرَمَائِهِ لَمْ يَجُزْ وَلِلْآخَرِينَ أَنْ يَرُدُّوهُ فَإِنْ قَضَى بَيْنَهُمْ قَبْلَ أَنْ يَرُدُّوهُ جَازَ وَلَوْ لَمْ يَكُنْ لِلْمَيِّتِ غَرِيمٌ آخَرُ جَازَ الرَّهْنُ وَبِيعَ فِي دَيْنِهِ مِنْ الْهِدَايَةِ. رَجُلٌ تَزَوَّجَ امْرَأَةً بِأَلْفٍ وَرَهَنَ عِنْدَهَا بِالْمَهْرِ عَيْنًا تُسَاوِي أَلْفًا فَهَلَكَ الرَّهْنُ عِنْدَهَا يَهْلِكُ بِصَدَاقِهَا وَإِنْ طَلَّقَهَا قَبْلَ الدُّخُولِ بِهَا كَانَ عَلَيْهَا رَدُّ نِصْفِ الصَّدَاقِ عَلَى الزَّوْجِ كَمَا لَوْ اسْتَوْفَتْ صَدَاقَهَا ثُمَّ طَلَّقَهَا قَبْلَ الدُّخُولِ بِهَا هَذَا إذَا طَلَّقَهَا بَعْدَ الْهَلَاكِ فَإِنْ طَلَّقَهَا قَبْلَ الدُّخُولِ بِهَا ثُمَّ هَلَكَ الرَّهْنُ عِنْدَهَا لَا شَيْءَ عَلَيْهَا؛ لِأَنَّ بِالطَّلَاقِ قَبْلَ الدُّخُولِ أَوَّلًا سَقَطَ مِنْ الزَّوْجِ نِصْفُ الْمَهْرِ بِغَيْرِ عِوَضٍ فَيَبْقَى الرَّهْنُ رَهْنًا بِمَا بَقِيَ وَهُوَ نِصْفُ الصَّدَاقِ فَإِذَا هَلَكَ الرَّهْنُ بَعْدَ ذَلِكَ يَهْلِكُ بِمَا بَقِيَ عَلَى الزَّوْجِ فَلَا يَجِبُ عَلَى الْمَرْأَةِ شَيْءٌ. وَلَوْ تَزَوَّجَ امْرَأَةً وَلَمْ يُسَمِّ لَهَا مَهْرًا وَرَهَنَ عِنْدَهَا عَيْنًا بِمَهْرِ الْمِثْلِ فَمَلَكَ الرَّهْنَ يَهْلِكُ بِمَهْرِ الْمِثْلِ وَتَصِيرُ مُسْتَوْفِيَةً مَهْرَ الْمِثْلِ فَإِنْ طَلَّقَهَا قَبْلَ الدُّخُولِ بِهَا بَعْدَ ذَلِكَ كَانَ عَلَيْهَا رَدُّ مَا زَادَ عَلَى مُتْعَةِ مِثْلِهَا كَمَا لَوْ اسْتَوْفَتْ مَهْرَ مِثْلِهَا ثُمَّ طَلَّقَهَا قَبْلَ الدُّخُولِ بِهَا وَالرَّهْنُ قَائِمٌ وَوَجَبَتْ لَهَا الْمُتْعَةُ ثُمَّ فِي الْقِيَاسِ لَيْسَ لَهَا أَنْ تَحْبِسَ الرَّهْنَ بِالْمُتْعَةِ وَهُوَ قَوْلُ أَبِي يُوسُفَ الْآخَرُ وَفِي الِاسْتِحْسَانِ وَهُوَ قَوْلُ مُحَمَّدٍ وَأَبِي يُوسُفَ الْأَوَّلُ لَهَا أَنْ تَحْبِسَ الرَّهْنَ بِالْمُتْعَةِ وَالْحَاصِلُ أَنَّ الرَّهْنَ بِمَهْرِ الْمِثْلِ يَصِيرُ رَهْنًا بِالْمُتْعَةِ فِي الِاسْتِحْسَانِ وَهُوَ قَوْلُ مُحَمَّدٍ وَأَبِي يُوسُفَ الْأَوَّلُ وَفِي الْقِيَاسِ وَهُوَ قَوْلُ أَبِي يُوسُفَ الْآخَرُ لَا يَصِيرُ رَهْنًا بِالْمُتْعَةِ مِنْ قَاضِي خَانْ وَلَا يَصِحُّ رَهْنُ الْمَشْغُولِ بِحَقِّ الْغَيْرِ حَتَّى لَوْ هَلَكَ ذَهَبَ بِغَيْرِ شَيْءٍ ذَكَرَهُ فِي الْوَجِيزِ. اسْتَقْرَضَ مِنْ رَجُلٍ خَمْسِينَ دِرْهَمًا فَقَالَ الْمُقْرِضُ إنَّهَا لَا تَكْفِيك وَلَكِنْ ابْعَثْ إلَيَّ رَجُلًا حَتَّى أَبْعَثَ إلَيْك مَا يَكْفِيك فَدَفَعَ إلَيْهِ رَهْنًا فَضَاعَ فِي يَدِهِ عَنْ أَبِي يُوسُفَ أَنَّهُ قَالَ: عَلَى الْمُرْتَهِنِ الْأَقَلُّ مِنْ قِيمَةِ الرَّهْنِ وَمِنْ خَمْسِينَ دِرْهَمًا يَعْنِي يَكُونُ رَهْنًا بِخَمْسِينَ مِنْ الْوَجِيزِ قَاضِي خَانْ. أَعْتَقَ مَا فِي بَطْنِ جَارِيَتِهِ ثُمَّ رَهَنَهَا عَنْ أَبِي يُوسُفَ: الرَّهْنُ جَائِزٌ فَإِنْ وَلَدَتْ وَلَدًا فَنَقَصَتْهَا الْوِلَادَةُ لَا يَذْهَبُ مِنْ الدَّيْنِ شَيْءٌ بِنُقْصَانِ الْوِلَادَةِ مِنْ قَاضِي خَانْ. وَلَوْ رَهَنَ الدَّرَاهِمَ وَالدَّنَانِيرَ وَالْمَكِيلَ وَالْمَوْزُونَ بِجِنْسِهَا فَهَلَكَتْ هَلَكَتْ بِمِثْلِهَا الجزء: 1 ¦ الصفحة: 99 مِنْ الدَّيْنِ وَإِنْ اخْتَلَفَا فِي الْجَوْدَةِ لِأَنَّهُ لَا عِبْرَةَ بِالْجَوْدَةِ عِنْدَ الْمُقَابَلَةِ بِجِنْسِهَا وَهَذَا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ؛ لِأَنَّ عِنْدَهُ يَصِيرُ مُسْتَوْفِيًا بِاعْتِبَارِ الْوَزْنِ دُونَ الْقِيمَةِ وَعِنْدَهُمَا يَضْمَنُ الْقِيمَةَ مِنْ خِلَافِ جِنْسِهِ وَيَكُونُ رَهْنًا مَكَانَهُ. وَفِي الْجَامِعِ الصَّغِيرِ فَإِنْ رَهَنَ إبْرِيقَ فِضَّةٍ وَزْنُهُ عَشْرَةٌ بِعَشْرَةٍ فَضَاعَ فَهُوَ بِمَا فِيهِ قَالَ: مَعْنَاهُ أَنْ يَكُونَ قِيمَتُهُ مِثْلَ وَزْنِهِ أَوْ أَكْثَرَ هَذَا الْجَوَابُ فِي الْوَجْهَيْنِ بِالِاتِّفَاقِ؛ لِأَنَّ الِاسْتِيفَاءَ عِنْدَهُ بِاعْتِبَارِ الْوَزْنِ وَعِنْدَهُمَا بِاعْتِبَارِ الْقِيمَةِ وَهِيَ مِثْلُ الدَّيْنِ فِي الْأَوَّلِ وَزِيَادَةٌ عَلَيْهِ فِي الثَّانِي فَيَصِيرُ بِقَدْرِ الدَّيْنِ مُسْتَوْفِيًا فَإِنْ كَانَتْ قِيمَتُهُ أَقَلَّ مِنْ الدَّيْنِ فَهُوَ عَلَى الْخِلَافِ الْمَذْكُورِ مِنْ الْهِدَايَةِ. لَوْ رَهَنَ مَا يُقَسَّمُ عِنْدَ رَجُلَيْنِ جَازَ وَعَلَيْهِمَا أَنْ يَقْتَسِمَا وَلَوْ دَفَعَ أَحَدُهُمَا كُلَّهُ إلَى الْآخَرِ ضَمِنَ نِصْفَهُ وَهَذَا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَقَالَا: لَا يَضْمَنُ وَلَوْ كَانَ مِمَّا لَا يُقَسَّمُ لَا يَضْمَنُ اتِّفَاقًا كَمَا فِي دُرَرِ الْبِحَارِ. وَإِنْ رَهَنَ عَيْنًا وَاحِدَةً عِنْدَ رَجُلَيْنِ بِدَيْنٍ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا عَلَيْهِ جَازَ وَجَمِيعُهَا رَهْنٌ عِنْدَ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا فَإِنْ تَهَايَآ فَكُلُّ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا فِي نَوْبَتِهِ كَالْعَدْلِ فِي حَقِّ الْآخَرِ وَالْمَضْمُونُ عَلَى كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا حِصَّتُهُ فَإِنْ أَعْطَى أَحَدَهُمَا دَيْنَهُ كَانَ كُلُّهُ رَهْنًا فِي يَدِ الْآخَرِ حَتَّى يَسْتَوْفِيَ دَيْنَهُ. وَإِنْ رَهَنَ رَجُلَانِ بِدَيْنٍ عَلَيْهِمَا لِرَجُلٍ رَهْنًا وَاحِدًا فَهُوَ جَائِزٌ وَالرَّهْنُ رَهْنٌ بِكُلِّ الدَّيْنِ وَلِلْمُرْتَهَنِ أَنْ يُمْسِكَهُ حَتَّى يَسْتَوْفِيَ جَمِيعَ الدَّيْنِ فَإِنْ أَقَامَ الرَّجُلَانِ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا الْبَيِّنَةَ عَلَى رَجُلٍ أَنَّهُ رَهَنَهُ عَبْدَهُ الَّذِي فِي يَدِهِ وَقَبَضَهُ فَهُوَ بَاطِلٌ فَلَوْ هَلَكَ يَهْلِكُ أَمَانَةً؛ لِأَنَّ الْبَاطِلَ لَا حُكْمَ لَهُ وَلَوْ مَاتَ الرَّاهِنُ وَالْعَبْدُ فِي أَيْدِيهِمَا فَأَقَامَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا الْبَيِّنَةَ عَلَى مَا وَصَفْنَاهُ كَانَ فِي يَدِ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا نِصْفُهُ رَهْنًا يَبِيعُهُ بِحَقِّهِ اسْتِحْسَانًا وَهُوَ قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ وَفِي الْقِيَاسِ هَذَا بَاطِلٌ وَهُوَ قَوْلُ أَبِي يُوسُفَ مِنْ الْهِدَايَةِ. وَفِي قَاضِي خَانْ لَوْ ارْتَهَنَ رَجُلَانِ مِنْ رَجُلٍ رَهْنًا بِدَيْنٍ لَهُمَا عَلَيْهِ وَهُمَا شَرِيكَانِ فِيهِ أَوْ لَا شَرِكَةَ بَيْنَهُمَا فَهُوَ جَائِزٌ إذَا قَبِلَا وَلَوْ قَبِلَ أَحَدُهُمَا دُونَ الْآخَرِ لَا يَصِحُّ وَلَوْ قَضَى الرَّاهِنُ دَيْنَ أَحَدِهِمَا وَقَدْ قَبِلَا لَا يَكُونُ لَهُ أَنْ يَسْتَرِدَّ نِصْفَ الرَّهْنِ وَلَوْ رَهَنَ مِنْهُمَا وَقَالَ: رَهَنْت النِّصْفَ مِنْ هَذَا وَالنِّصْفَ مِنْ هَذَا الْآخَرِ لَا يَجُوزُ اهـ. وَفِي الْهِدَايَةِ مِنْ الْهِبَةِ وَلَوْ رَهَنَ شَيْئًا مِنْ رَجُلَيْنِ وَنَصَّ عَلَى الْإِبْعَاضِ لَا يَجُوزُ اهـ وَإِنْ شَرَطَا فِي الرَّهْنِ أَنْ يَكُونَ فِي يَدِ الرَّاهِنِ لَا يَصِحُّ الرَّهْنُ وَإِنْ قَبَضَهُ الْمُرْتَهِنُ مِنْ الْوَجِيزِ. رَجُلٌ رَهَنَ شَيْئًا بِدَيْنٍ مُؤَجَّلٍ وَسَلَّطَ الْعَدْلَ عَلَى بَيْعِهِ إذَا حَلَّ الْأَجَلُ فَلَمْ يَقْبِضْ الْعَدْلُ الرَّهْنَ حَتَّى حَلَّ الدَّيْنُ فَالرَّهْنُ بَاطِلٌ مِنْ قَاضِي خَانْ. وَلَوْ قَالَ: رَهَنْتُك هَذَيْنِ الْعَبْدَيْنِ بِأَلْفٍ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا بِخَمْسِمِائَةٍ فَقَبِلَ الْمُرْتَهِنُ أَحَدَهُمَا بِخَمْسِمِائَةٍ جَازَ الرَّهْنُ فِيهِ مِنْ مُشْتَمِلِ الْهِدَايَةِ. وَلَوْ رَهَنَ الْوَصِيُّ بَعْضَ التَّرِكَةِ عِنْدَ غَرِيمِ الْمَيِّتِ جَازَ إنْ كَانَتْ الْوَرَثَةُ كُلُّهُمْ صِغَارًا أَوْ كِبَارًا غَيْبًا وَإِنْ كَانَ بَعْضُهُمْ كِبَارًا غَيْبًا جَازَ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَعِنْدَهُمَا لَا يَجُوزُ إلَّا عَلَى الصِّغَارِ خَاصَّةً. وَلَوْ اسْتَدَانَ لِنَفَقَةِ الْوَرَثَةِ وَنَوَائِبِهِمْ وَرَهَنَ بِهِ يَجُوزُ عَلَى الصِّغَارِ خَاصَّةً دُونَ الْكِبَارِ وَلَوْ اسْتَدَانَ لِنَفَقَةِ رَقِيقِهِمْ وَدَوَابِّهِمْ وَرَهَنَ بِهِ جَازَ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ عَلَى الصِّغَارِ وَالْكِبَارِ حُضُورًا أَوْ غَيْبًا وَعِنْدَهُمَا لَا يَجُوزُ إلَّا عَلَى الْغَائِبِ أَوْ الصِّغَارِ وَلَا يَجُوزُ رَهْنُهُ عَلَى الْكُلِّ. رَهَنَ الْعَبْدَ التَّاجِرَ وَارْتِهَانُهُ جَائِزٌ وَيَبْقَى رَهْنُهُ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 100 وَارْتِهَانُهُ بَعْدَ الْحَجْرِ كَالْمُكَاتِبِ إذَا عَجَزَ. الْمُكَاتِبُ كَالْحُرِّ فِي الرَّهْنِ وَالِارْتِهَانِ وَهُوَ الصَّحِيحُ. الذِّمِّيُّ فِي الرَّهْنِ وَالِارْتِهَانِ كَالْمُسَلَّمِ وَالْمُسْتَأْمَنِ فِيهِمَا كَالذِّمِّيِّ مِنْ الْوَجِيزِ. رَجُلٌ رَهَنَ جَارِيَةً ذَاتَ زَوْجٍ بِغَيْرِ إذْنِ الزَّوْجِ صَحَّ الرَّهْنُ وَلَيْسَ لِلْمُرْتَهَنِ أَنْ يَمْنَعَ الزَّوْجَ مِنْ غَشَيَانِهَا فَإِنْ مَاتَتْ مِنْ غَشَيَانِهَا كَانَتْ كَأَنَّهَا مَاتَتْ بِآفَةٍ سَمَاوِيَّةٍ فَيَسْقُطُ دَيْنُ الْمُرْتَهِنِ اسْتِحْسَانًا وَالْقِيَاسُ أَنْ لَا يَسْقُطَ؛ لِأَنَّ الزَّوْجَ إنَّمَا وَطِئَهَا بِتَسْلِيطِ الْمَوْلَى فَصَارَ كَأَنَّ الرَّاهِنَ وَطِئَهَا. وَلَوْ رَهَنَ الْمُودَعُ الْوَدِيعَةَ فَهَلَكَتْ عِنْدَ الْمُرْتَهِنِ فَجَاءَ الْمَالِكُ ضَمِنَ الرَّاهِنُ أَوْ الْمُرْتَهِنُ وَلَا يَنْفُذُ الرَّهْنُ لِأَنَّ الضَّمَانَ بِالدَّفْعِ وَعَقْدُ الرَّهْنِ كَانَ قَبْلَهُ فَلَا يَكُونُ مَالِكًا وَقْتَ الرَّهْنِ فَلَا يَجُوزُ كَمَا لَوْ رَهَنَ عَبْدًا لِغَيْرِهِ ثُمَّ أَنَّ الرَّاهِنَ اشْتَرَى الْعَبْدَ مِنْ مَوْلَاهُ وَدَفَعَهُ إلَى الْمُرْتَهِنِ فَإِنَّهُ لَا يَكُونُ رَهْنًا عِنْدَ الْمُرْتَهِنِ؛ لِأَنَّ الرَّاهِنَ مَلَكَهُ بَعْدَ الرَّهْنِ فَلَا يَكُونُ مَالِكًا وَقْتَ الرَّهْنِ مِنْ قَاضِي خَانْ. وَالرَّهْنُ جَائِزٌ فِي الْخَرَاجِ هَذِهِ فِي كِفَايَةِ الْهِدَايَةِ. وَلَوْ رَهَنَ شَيْئًا مِنْ إنْسَانٍ وَسَلَّمَهُ إلَيْهِ ثُمَّ رَهَنَهُ مِنْ آخَرَ لَمْ يَصِحَّ الثَّانِي هَذِهِ فِي جِنَايَاتِ الْهِدَايَةِ. رَهْنُ الْمُصْحَفِ جَائِزٌ عِنْدَنَا خِلَافًا لِأَحْمَدَ مِنْ دُرَرِ الْبِحَارِ. [الْفَصْلُ الثَّانِي فِيمَا يَصِيرُ بِهِ رَهْنًا وَمَا لَا يَصِيرُ] رَجُلٌ دَفَعَ إلَى رَجُلٍ ثَوْبَيْنِ وَقَالَ: خُذْ أَيَّهُمَا شِئْت رَهْنًا بِدَيْنِي فَأَخَذَهُمَا فَضَاعَا فِي يَدِهِ عَنْ مُحَمَّدٍ أَنَّهُ لَا يَذْهَبُ مِنْ الدَّيْنِ شَيْءٌ وَجَعَلَ هَذَا بِمَنْزِلَةِ رَجُلٍ عَلَيْهِ عِشْرُونَ دِرْهَمًا فَدَفَعَ الْمَدْيُونُ إلَى الطَّالِبِ مِائَةَ دِرْهَمٍ وَقَالَ: خُذْ مِنْهَا عِشْرِينَ دِرْهَمًا فَقَبَضَهَا فَضَاعَتْ فِي يَدِهِ قَبْلَ أَنْ يَأْخُذَ مِنْهَا عِشْرِينَ دِرْهَمًا ضَاعَتْ مِنْ مَالِ الْمَدْيُونِ وَالدَّيْنُ عَلَيْهِ عَلَى حَالِهِ وَلَوْ دَفَعَ إلَيْهِ ثَوْبَيْنِ وَقَالَ: خُذْ أَحَدَهُمَا رَهْنًا بِدَيْنِك فَأَخْذُهُمَا وَقِيمَتُهُمَا سَوَاءٌ قَالَ مُحَمَّدٌ: يَذْهَبُ نِصْفُ قِيمَةِ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا بِالدَّيْنِ إنْ كَانَ مِثْلَ الدَّيْنِ. وَرَوَى ابْنُ سِمَاعَةَ عَنْ مُحَمَّدٍ رَجُلٌ عَلَيْهِ دَيْنٌ فَقَضَى بَعْضَهُ ثُمَّ دَفَعَ إلَى الدَّائِنِ عَبْدًا وَقَالَ: هَذَا رَهْنٌ عِنْدَك بِشَيْءٍ إنْ كَانَ بَقِيَ لَك فَإِنِّي لَا أَدْرِي أَبَقِيَ لَك شَيْءٌ مِنْ الْمَالِ أَوْ لَمْ يَبْقَ فَهُوَ جَائِزٌ وَهُوَ رَهْنٌ بِمَا بَقِيَ إنْ كَانَ قَدْ بَقِيَ مِنْهُ شَيْءٌ وَإِنْ كَانَ لَمْ يَبْقَ مِنْهُ شَيْءٌ وَهَلَكَ الْعَبْدُ عِنْدَ الْمُرْتَهِنِ فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَأْخُذْ الْعَبْدَ عَلَى شَيْءٍ مُسَمًّى. وَلَوْ أَنَّ الْمَدْيُونَ قَضَى الدَّيْنَ ثُمَّ دَفَعَ إلَيْهِ مَالًا وَقَالَ: خُذْ هَذَا رَهْنًا بِمَا كَانَ فِيهَا مَنْ زَيْفٍ أَوْ سَتُّوقٍ فَهُوَ رَهْنٌ جَائِزٌ بِمَا كَانَ سُتُّوقًا وَلَا يَكُونُ رَهْنًا بِمَا كَانَ زَيْفًا؛ لِأَنَّ قَبْضَ الزُّيُوفِ اسْتِيفَاءٌ فَلَا يُتَصَوَّرُ الرَّهْنُ بَعْدَ الِاسْتِيفَاءِ بِخِلَافِ السَّتُّوقِ. رَجُلٌ اشْتَرَى ثَوْبًا بِعَشَرَةِ دَرَاهِمَ وَلَمْ يَقْبِضْ الْمُشْتَرِي الثَّوْبَ الْمَبِيعَ وَأَعْطَاهُ ثَوْبًا آخَرَ حَتَّى يَكُونَ رَهْنًا بِالثَّمَنِ قَالَ مُحَمَّدٌ: لَمْ يَكُنْ هَذَا رَهْنًا وَلِلْمُشْتَرِي أَنْ يَسْتَرِدَّ الثَّوْبَ الثَّانِي فَإِنْ هَلَكَ الثَّوْبُ الثَّانِي عِنْدَ الْبَائِعِ وَقِيمَتُهُمَا سَوَاءٌ يَهْلِكُ بِخَمْسَةِ دَرَاهِمَ؛ لِأَنَّهُ كَانَ مَضْمُونًا. رَجُلٌ لَهُ عَلَى رَجُلٍ مِائَةُ دِرْهَمٍ فَأَعْطَاهُ الْمَدْيُونُ ثَوْبًا وَقَالَ: خُذْ هَذَا رَهْنًا بِبَعْضِ حَقِّك فَقَبَضَ وَهَلَكَ قَالَ زُفَرُ: يَهْلِكُ بِالْقِيمَةِ وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ: يَذْهَبُ بِمَا شَاءَ الْمُرْتَهِنُ وَيَرْجِعُ عَلَى الرَّهْنِ بِفَضْلِ دَيْنِهِ مِنْ قَاضِي خَانْ. وَمَنْ اشْتَرَى شَيْئًا بِدَرَاهِمَ فَدَفَعَ إلَى الْبَائِعِ ثَوْبًا وَقَالَ: امْسِكْ هَذَا الثَّوْبَ حَتَّى أُعْطِيَك الثَّمَنَ فَالثَّوْبُ رَهْنٌ وَقَالَ زُفَرُ: لَا يَكُونُ رَهْنًا وَمِثْلُهُ عَنْ أَبِي يُوسُفَ وَإِذَا الجزء: 1 ¦ الصفحة: 101 قَالَ: امْسِكْهُ بِدَيْنِك أَوْ مِمَّا لَك كَانَ رَهْنًا اتِّفَاقًا مِنْ الْهِدَايَةِ. رَهَنَ ثَوْبًا قِيمَتُهُ خَمْسَةٌ بِخَمْسَةِ دَنَانِيرَ وَقَضَى دِينَارَيْنِ ثُمَّ قَالَ يَكُونُ الرَّهْنُ رَهْنًا بِمَا بَقِيَ مِنْ الدَّيْنِ فَهُوَ رَهْنٌ بِالْخَمْسَةِ حَتَّى لَوْ هَلَكَ يَرْجِعُ عَلَيْهِ الرَّاهِنُ بِدِينَارَيْنِ مِنْ الْقُنْيَةِ. رَجُلٌ عَلَيْهِ أَلْفُ دِرْهَمٍ عِلَّةً لِرَجُلٍ فَقَالَ لِلدَّائِنِ: امْسِكْ هَذِهِ الْأَلْفَ الْوَضَحَ بِحَقِّك وَاشْهَدْ لِي بِالْقَبْضِ كَانَ هَذَا اقْتِضَاءً وَكَذَا لَوْ قَالَ: اشْهَدْ لِي بِالْقَبْضِ فَقَالَ صَاحِبُ الدَّيْنِ: اعْطِنِي حَتَّى أَشْهَدَ لَك، فَقَالَ: امْسِكْ هَذِهِ الْأَلْفَ الْوَضَحَ وَاشْهَدْ لِي بِالْقَبْضِ وَلَوْ قَالَ: خُذْ هَذِهِ الْأَلْفَ الْوَضَحَ حَتَّى آتِيَك بِحَقِّك وَاشْهَدْ لِي بِالْقَبْضِ فَأَخَذَ فَهُوَ رَهْنٌ وَلَا يَكُونُ اقْتِضَاءً. رَجُلٌ رَهَنَ عِنْدَ رَجُلٍ ثَوْبَيْنِ عَلَى عَشَرَةِ دَرَاهِمَ وَقَالَ أَحَدُهُمَا: رَهْنٌ لَك بِعَشَرَةٍ أَوْ قَالَ: خُذْ أَيَّهمَا شِئْت رَهْنًا بِدَيْنِك قَالَ أَبُو يُوسُفَ: هَذَا بَاطِلٌ فَإِنْ ضَاعَا جَمِيعًا لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ شَيْءٌ وَدَيْنُهُ عَلَى حَالِهِ. رَجُلٌ أَرَادَ أَنْ يَدْخُلَ خَانًا فَلَمْ يَدَعْهُ صَاحِبُ الْخَانِ حَتَّى دَفَعَ إلَيْهِ ثَوْبًا فَهَلَكَ عِنْدَهُ رُوِيَ عَنْ عِصَامِ بْنِ يُوسُفَ أَنَّهُ إنْ رَهَنَهُ بِأُجْرَةِ الْبَيْتِ فَالرَّهْنُ بِمَا فِيهِ وَإِنْ أَخَذَ مِنْهُ الرَّهْنَ لِخَوْفِ السَّرِقَةِ ضَمِنَ صَاحِبُ الْخَانِ وَقَالَ الْفَقِيهُ أَبُو اللَّيْثِ: عِنْدِي لَا يَضْمَنُ صَاحِبُ الْخَانِ فِي الْوَجْهَيْنِ إذَا لَمْ يَكُنْ الدَّافِعُ مُكْرَهًا فِي الدَّفْعِ مِنْ قَاضِي خَانْ. رَجُلٌ تَقَاضَى دَيْنَهُ مِنْ مَدْيُونِهِ فَلَمْ يَقْضِهِ فَرَفَعَ الْعِمَامَةَ مِنْ رَأْسِهِ رَهْنًا بِدَيْنِهِ لَمْ يَجُزْ أَخْذُهُ فَإِنْ هَلَكَتْ هَلَكَتْ بِالدَّيْنِ كَالرَّهْنِ مِنْ الْفُصُولَيْنِ وَالْوَجِيزِ. وَفِي الْخُلَاصَةِ رَبُّ الدَّيْنِ إذَا تَقَاضَى الْمَدْيُونَ فَلَمْ يَقْضِهِ فَرَفَعَ الْعِمَامَةَ مِنْ رَأْسِهِ وَقَالَ اقْضِ دَيْنِي حَتَّى أَرُدَّهَا عَلَيْك فَذَهَبَ بِهَا فَجَاءَ الْمَدْيُونُ بَعْدَ أَيَّامٍ بِدَيْنِهِ وَقَدْ هَلَكَتْ الْعِمَامَةُ تَهْلِكُ بِهَلَاكِ الرَّهْنِ قَالَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: هَكَذَا ذَكَرُوا وَهَذَا يَسْتَقِيمُ إذَا أَمْكَنَهُ اسْتِرْدَادُهَا فَتَرَكَهَا عِنْدَهُ أَمَّا إذَا عَجَزَ وَتَرَكَهَا بِعَجْزِهِ فَفِيهِ نَظَرٌ انْتَهَى. أَخَذَ عَيْنَ آخَرَ فَقَالَ: لَا أَدْفَعُهُ إلَيْك حَتَّى تُعْطِنِي عَيْنِي فَتَنَازَعَا فَوُضِعَتْ عَلَى يَدِ عَدْلٍ فَهَلَكَتْ الْعَيْنَانِ لَا يَضْمَنُ إلَّا إذَا كَانَ الْعَيْنُ غَصْبًا؛ لِأَنَّهُ حِينَئِذٍ يَصِحُّ الرَّهْنُ بِهِ مِنْ الْفُصُولَيْنِ. وَلَوْ زَوَّجَ الرَّاهِنُ الْجَارِيَةَ الْمَرْهُونَةَ بِغَيْرِ إذْنِ الْمُرْتَهِنِ جَازَ النِّكَاحُ وَلِلْمُرْتَهِنِ أَنْ يَمْنَعَ الزَّوْجَ مِنْ غَشَيَانِهَا فَإِنْ غَشِيَهَا الزَّوْجُ يَصِيرُ الْمَهْرُ رَهْنًا مَعَ الْجَارِيَةِ؛ لِأَنَّهُ بَدَلُ جُزْءٍ مِنْ أَجْزَائِهَا فَيَتَعَلَّقُ بِهِ حَقُّ الْمُرْتَهِنِ بِمَنْزِلَةِ الْوَلَدِ وَقَبْلَ الْغَشَيَانِ لَا يَكُونُ الْمَهْرُ رَهْنًا لِأَنَّ الْمَهْرَ لَا يَتَأَكَّدُ قَبْلَ الدُّخُولِ فَإِنْ مَاتَتْ الْجَارِيَةُ مِنْ غَشَيَانِهَا كَانَ الْمُرْتَهِنُ بِالْخِيَارِ إنْ شَاءَ ضَمِنَ الرَّاهِنُ؛ لِأَنَّ الْهَلَاكَ حَصَلَ بِتَسْلِيطِهِ وَإِنْ شَاءَ ضَمِنَ الزَّوْجُ كَمَا لَوْ قَتَلَهَا الزَّوْجُ ثُمَّ يَرْجِعُ الزَّوْجُ عَلَى الْمَوْلَى إذَا لَمْ يَعْلَمْ بِالرَّهْنِ وَكَتَمَ عَنْهُ الْمَوْلَى؛ لِأَنَّهُ صَارَ مَغْرُورًا مِنْ جِهَتِهِ وَإِنْ أَعْلَمَهُ بِذَلِكَ لَا يَرْجِعُ بِذَلِكَ عَلَى الْمَوْلَى لِأَنَّهُ لَمْ يَصِرْ مَغْرُورًا مِنْ جِهَتِهِ مِنْ قَاضِي خَانْ. [الْفَصْلُ الثَّالِثُ فِيمَا يَبْطُلُ بِهِ الرَّهْنُ] الشُّيُوعُ الطَّارِئُ يُبْطِلُ الرَّهْنَ فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ، وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ لَا يُبْطِلُهُ، وَصُورَتُهُ الرَّاهِنُ إذَا وَكَّلَ الْعَدْلَ بِبَيْعِ الرَّهْنِ مُجْتَمِعًا أَوْ مُتَفَرِّقًا كَيْفَ شَاءَ فَبَاعَ بَعْضَ الرَّهْنِ بَطَلَ فِيمَا بَقَّى عَنْ أَبِي يُوسُفَ أَنَّهُ لَا يَبْطُلُ، وَلَوْ اسْتَحَقَّ بَعْضَ الرَّهْنِ فَإِنْ كَانَ الْمُسْتَحَقُّ شَائِعًا يَبْطُلُ الرَّهْنُ، وَإِنْ اُسْتُحِقَّ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 102 شَيْءٌ مُقَدَّرٌ يَبْقَى الرَّهْنُ صَحِيحًا فِيمَا بَقِيَ، وَيَكُونُ الْبَاقِي مَحْبُوسًا بِجَمِيعِ الدَّيْنِ فَإِنْ هَلَكَ الْبَاقِي وَفِي قِيمَتِهِ وَفَاءٌ بِجَمِيعِ الدَّيْنِ فَإِنَّهُ يَهْلَكُ بِحِصَّتِهِ مِنْ الدَّيْنِ لَا غَيْرَ مِنْ قَاضِي خَانْ. وَفِي الْوَجِيزِ وَلَوْ ارْتَهَنَ دَابَّتَيْنِ فَاسْتُحِقَّتْ إحْدَاهُمَا لَمْ يُفْتِك الْأُخْرَى إلَّا بِجَمِيعِ الدَّيْنِ، وَإِنْ هَلَكَتْ هَلَكَتْ بِحِصَّتِهَا. وَلَوْ رَهَنَ عَبْدَيْنِ بِأَلْفٍ قِيمَتُهُمَا سَوَاءٌ ثُمَّ قَالَ الرَّاهِنُ لِلْمُرْتَهِنِ: إنِّي قَدْ احْتَجْت إلَى أَحَدِ الْغُلَامَيْنِ فَرُدَّهُ عَلَيَّ فَفَعَلَ فَالثَّانِي رَهَنَ بِالْأَلْفِ كُلِّهَا، وَإِنْ مَاتَ مَاتَ بِحِصَّتِهِ انْتَهَى. وَأَمَّا إذَا أَعَارَهُ الْمُرْتَهِنُ لِلرَّاهِنِ لِيَخْدُمَهُ أَوْ لِيَعْمَلَ لَهُ عَمَلًا فَقَبَضَهُ لَمْ يَبْطُلْ الرَّهْنُ، وَلَكِنْ يَخْرُجُ مِنْ ضَمَانِ الْمُرْتَهِنِ فَإِنْ هَلَكَ فِي يَدِ الرَّاهِنِ هَلَكَ بِغَيْرِ شَيْءٍ، وَلِلْمُرْتَهِنِ أَنْ يَسْتَرْجِعَهُ إلَى يَدِهِ؛ لِأَنَّ عَقْدَ الرَّهْنِ بَاقٍ إلَّا فِي حُكْمِ الضَّمَانِ فِي الْحَالِ، وَإِذَا بَقِيَ الرَّهْنُ فَإِذَا أَخَذَهُ عَادَ الضَّمَانُ، وَكَذَا لَوْ أَعَارَهُ أَحَدُهُمَا أَجْنَبِيًّا بِإِذْنِ الْآخَرِ سَقَطَ حُكْمُ الضَّمَانِ، وَيَبْقَى عَقْدُ الرَّهْنِ فَلِكُلٍّ مِنْهُمَا أَنْ يَرُدَّهُ رَهْنًا كَمَا كَانَ، وَهَذَا بِخِلَافِ الْإِجَارَةِ وَالْبَيْعِ وَالْهِبَةِ مِنْ أَجْنَبِيٍّ إذَا بَاشَرَهَا أَحَدُهُمَا بِإِذْنِ الْآخَرِ حَيْثُ يَخْرُجُ عَنْ الرَّهْنِ فَلَا يَعُودُ إلَّا بِعَقْدٍ مُبْتَدَأٍ حَتَّى لَوْ مَاتَ الرَّاهِنُ قَبْلَ الرَّدِّ إلَى الْمُرْتَهِنِ يَكُونُ الْمُرْتَهِنُ أُسْوَةً لِلْغُرَمَاءِ مِنْ الْهِدَايَةِ. وَفِي التَّصَرُّفَاتِ الْفَاسِدَةِ مِنْ الْفُصُولَيْنِ لَوْ بَاعَ الْمُرْتَهِنُ أَوْ الرَّاهِنُ الرَّهْنَ بِإِذْنِ الْآخَرِ يَخْرُجُ مِنْ أَنْ يَكُونَ رَهْنًا وَيَكُونَ الثَّمَنُ رَهْنًا مَكَانَ الْعَيْنِ قَبَضَهُ الْمُشْتَرِي أَوْ لَا قَالَ قَاضِي خَانْ: الثَّمَنُ رَهْنٌ سَوَاءٌ شُرِطَ فِي عَقْدِ الرَّهْنِ أَنْ يُبَاعَ بِدَيْنِهِ أَوْ لَمْ يُشْرَطْ. وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ أَنَّهُ يَكُونُ رَهْنًا لَوْ شُرِطَ أَنْ يُبَاعَ بِدَيْنِهِ، وَإِلَّا فَلَا، وَالصَّحِيحُ هُوَ الْأَوَّلُ، وَكَذَا لَوْ بَاعَ الْعَدْلُ الرَّهْنَ يَخْرُجُ مِنْ أَنْ يَكُونَ رَهْنًا، وَيَصِيرَ الثَّمَنُ رَهْنًا مَكَانَ الْأَوَّلِ مَقْبُوضًا كَانَ الثَّمَنُ أَوْ لَمْ يَكُنْ، وَإِذَا نَوَى كَانَ مِنْ مَالِ الْمُرْتَهِنِ، وَكَذَا لَوْ قَتَلَ الْعَبْدَ الرَّاهِنُ وَغَرِمَ الْقَاتِلُ قِيمَتَهُ، وَكَذَا لَوْ قَتَلَهُ عَبْدٌ فَدَفَعَ بِهِ يَكُونُ الْمَدْفُوعُ رَهْنًا مَكَانَ الْأَوَّلِ مِنْ الْهِدَايَةِ. وَلَوْ أَجَّرَهُ أَحَدُهُمَا بِإِذْنِ الْآخَرِ أَوْ بِدُونِهِ ثُمَّ أَجَازَ صَحَّتْ الْإِجَارَةُ، وَبَطَلَ الرَّهْنُ، وَلِلرَّاهِنِ أَجْرُهُ، وَلِلْعَاقِدِ قَبْضُهُ، وَلَا يَعُودُ رَهْنًا بِمُضِيِّ مُدَّةِ الْإِجَارَةِ مِنْ الْفُصُولَيْنِ، وَلَا يَصِيرُ الْأَجْرُ مَرْهُونًا مَكَانَ الرَّهْنِ إلَّا إذَا شَرَطَ الْمُرْتَهِنُ عِنْدَ الْإِجَارَةِ أَنْ يَكُونَ الْأَجْرُ مَرْهُونًا عِنْدَهُ ذَكَرَهُ فِي الْوَجِيزِ، وَلَوْ اسْتَأْجَرَهُ مُرْتَهِنُهُ جَازَ، وَبَطَلَ الرَّهْنُ لِوُجُودِ الْقَبْضِ لِلْإِجَارَةِ حَتَّى لَا يَكُونَ لِلْمُرْتَهِنِ أَنْ يَعُودَ فِي الرَّهْنِ ذَكَرَهُ قَاضِي خَانْ فَيُهْلِكُ أَمَانَةً لَوْ لَمْ يَحْبِسْهُ عَنْ رَاهِنِهِ بَعْدَ مُضِيِّ الْإِجَارَةِ مِنْ الْفُصُولَيْنِ. لَوْ أَجَّرَ الْمُرْتَهِنُ الرَّهْنَ مِنْ الرَّاهِنِ لَا تَصِحُّ الْإِجَارَةُ وَيَكُونُ لِلْمُرْتَهِنِ أَنْ يَعُودَ فِي الرَّهْنِ، وَيَأْخُذَهُ وَإِنْ أَجَّرَهُ الْمُرْتَهِنُ مِنْ أَجْنَبِيٍّ بِغَيْرِ إذْنِ الرَّاهِنِ لَا يَبْطُلُ الرَّهْنُ، وَلِلْمُرْتَهِنِ أَنْ يُعِيدَهُ فِي الرَّهْنِ، وَكَذَا لَوْ أَجَّرَهُ الرَّاهِنُ بِغَيْرِ إذْنِ الْمُرْتَهِنِ كَانَتْ الْإِجَارَةُ بَاطِلَةً، وَلَا يَبْطُلُ الرَّهْنُ وَكَانَ لِلْمُرْتَهِنِ أَنْ يُعِيدَهُ فِي الرَّهْنِ، وَإِنْ أَجَازَا جَمِيعًا خَرَجَ مِنْ الرَّهْنِ، وَالْأُجْرَةُ لِلرَّاهِنِ مَتَى مَا حَصَلَ الْإِذْنُ مِنْهُ، وَإِلَّا فَهِيَ لِلَّذِي أَجَّرَهُ وَيَتَصَدَّقُ بِهَا مِنْ قَاضِي خَانْ. وَلَوْ أَجَّرَهُ الْمُرْتَهِنُ مِنْ أَجْنَبِيٍّ سَنَةً بِغَيْرِ أَمْرِ الرَّاهِنِ فَانْقَضَتْ السَّنَةُ ثُمَّ أَجَازَ الرَّاهِنُ لَمْ يَصِحَّ وَلِلْمُرْتَهِنِ أَنْ يُعِيدَهُ فِي الرَّهْنِ، وَإِنْ أَجَازَ بَعْدَ مُضِيِّ سِتَّةِ أَشْهُرٍ جَازَتْ، وَنِصْفُ الْأَجْرِ لِلْمُرْتَهِنِ يَتَصَدَّقُ بِهِ، وَنِصْفُهُ لِلرَّاهِنِ، وَلَيْسَ لِلْمُرْتَهِنِ أَنْ يُعِيدَهُ فِي الرَّهْنِ. رَجُلَانِ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا أَلْفُ دِرْهَمٍ عَلَى رَجُلٍ فَارْتَهَنَا مِنْهُ أَرْضًا لَهُ بِدَيْنِهِمَا، وَقَبَضَاهَا ثُمَّ قَالَ أَحَدُهُمَا: إنَّ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 103 الْمَالَ الَّذِي لَنَا عَلَى فُلَانٍ بَاطِلٌ، وَالْأَرْضُ فِي أَيْدِينَا تَلْجِئَةً قَالَ أَبُو يُوسُفَ: بَطَلَ الرَّهْنُ وَقَالَ مُحَمَّدٌ: لَا يَبْطُلُ الرَّهْنُ، وَيَبْرَأُ مِنْ حِصَّتِهِ، وَالرَّهْنُ بِحَالِهِ مِنْ الْوَجِيزِ. لَوْ اُسْتُحِقَّ الرَّهْنُ بَعْدَ هَلَاكِهِ فِي يَدِ الْمُرْتَهِنِ فَإِنْ ضَمِنَ الْمُسْتَحَقَّ الرَّاهِنُ لَا يَبْطُلُ الرَّهْنُ، وَإِنْ ضَمِنَ الْمُرْتَهِنُ يَبْطُلُ الرَّهْنُ ذَكَرَهُ قَاضِي خَانْ وَغَيْرُهُ فَيَرْجِعُ الْمُرْتَهِنُ عَلَى الرَّاهِنِ بِقِيمَةِ الرَّهْنِ، وَبِالدَّيْنِ صَرَّحَ بِهِ فِي الْوَجِيزِ وَالْهِدَايَةِ. وَكَذَا لَوْ اسْتَعَارَ عَيْنًا لِيَرْهَنَهُ، وَقَدْ سَمَّى لَهُ الْمُعِيرُ قَدْرًا أَوْ جِنْسًا أَوْ مَكَانًا أَوْ مُرْتَهِنًا فَخَالَفَ الْمُسْتَعِيرُ وَهَلَكَ الرَّهْنُ عِنْدَ الْمُرْتَهِنِ فَالْمُعِيرُ بِالْخِيَارِ إنْ شَاءَ ضَمَّنَ الْمُسْتَعِيرَ، وَيَتِمُّ عَقْدُ الرَّهْنِ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْمُرْتَهِنِ، وَإِنْ شَاءَ ضَمَّنَ الْمُرْتَهِنَ، وَيَرْجِعُ الْمُرْتَهِنُ بِمَا ضَمِنَ، وَبِالدَّيْنِ عَلَى الرَّاهِنِ مِنْ الْهِدَايَةِ. رَجُلٌ لَهُ دَيْنٌ عَلَى رَجُلٍ، وَبِهِ رَهْنٌ عِنْدَهُ ثُمَّ إنَّهُمَا تَنَاقَضَا عَقْدَ الرَّهْنِ، وَلَمْ يَأْخُذْ الْمُرْتَهِنُ دَيْنَهُ فَهَلَكَ الرَّهْنُ عِنْدَهُ فَإِنَّهُ يَهْلَكُ بِالدَّيْنِ، وَيَبْقَى الرَّهْنُ مَا بَقِيَ قَبْضُ الْمُرْتَهِنِ مِنْ قَاضِي خَانْ. وَفِي الْهِدَايَةِ لَوْ تَفَاسَخَا الرَّهْنَ لِلْمُرْتَهِنِ حَبْسُهُ مَا لَمْ يَقْضِ الدَّيْنَ أَوْ يُبْرِئْهُ وَلَا يَبْطُلُ الرَّهْنُ إلَّا بِالرَّدِّ عَلَى الرَّاهِنِ عَلَى وَجْهِ الْفَسْخِ لِأَنَّهُ يَبْقَى مَضْمُونًا مَا بَقِيَ الْقَبْضُ وَالدَّيْنُ، وَلَوْ هَلَكَ فِي يَدِهِ سَقَطَ الدَّيْنُ إذَا كَانَ بِهِ وَفَاءٌ بِالدَّيْنِ لِبَقَاءِ الدَّيْنِ انْتَهَى. وَفِي فَصْلِ التَّصَرُّفَاتِ الْفَاسِدَةِ مِنْ الْفُصُولَيْنِ لَا يَبْطُلُ الرَّهْنُ بِالتَّفَاسُخِ قَبْلَ رَدِّهِ فَيَضْمَنُ بِالْأَقَلِّ مِنْ قِيمَتِهِ وَمِنْ الدَّيْنِ، وَلِلْمُرْتَهِنِ حَبْسُهُ بَعْدَ الْفَسْخِ انْتَهَى. وَلَوْ سَلَّمَ الْمُرْتَهِنُ الرَّهْنَ إلَى رَاهِنِهِ لِيَبِيعَهُ بَطَلَ الرَّهْنُ، وَلَيْسَ لَهُ اسْتِرْدَادُهُ، وَالْأَصَحُّ بَقَاءُ الرَّهْنِ لِأَنَّهُ كَالْإِعَارَةِ مِنْ رَاهِنِهِ، وَهِيَ لَا تُبْطِلُ الرَّهْنَ، وَلَكِنْ يُبْطِلُ ضَمَانَهُ حَتَّى يُهْلِكَ أَمَانَةً فِي تِلْكَ الْحَالَةِ لِزَوَالِ يَدِ الِاسْتِيفَاءِ مِنْ التَّصَرُّفَاتِ الْفَاسِدَةِ مِنْ الْفُصُولَيْنِ. وَلَا يَبْطُلُ الرَّهْنُ بِمَوْتِ الرَّاهِنِ، وَلَا بِمَوْتِ الْمُرْتَهِنِ، وَلَا بِمَوْتِهِمَا، وَيَبْقَى رَهْنًا عِنْدَ الْوَرَثَةِ، وَلَوْ وَضَعَ الرَّهْنَ عَلَى يَدِ عَدْلٍ فَمَاتَ الْعَدْلُ لَا يَبْطُلُ الرَّهْنُ، وَيُوضَعُ الرَّهْنُ عَلَى يَدِ عَدْلٍ آخَرَ عَنْ تَرَاضٍ مِنْهُمَا فَإِنْ اخْتَلَفَا وَضَعَهُ الْقَاضِي عَلَى يَدِ عَدْلٍ. وَإِذَا اسْتَأْجَرَ دَارًا أَوْ شَيْئًا، وَأَعْطَى بِالْأَجْرِ رَهْنًا جَازَ فَإِنْ هَلَكَ بَعْدَ اسْتِيفَاءِ الْمَنْفَعَةِ يَصِيرُ مُسْتَوْفِيًا لِلْأَجْرِ، وَإِنْ هَلَكَ قَبْلَ اسْتِيفَاءِ الْمَنْفَعَةِ بَطَلَ الرَّهْنُ، وَيَجِبُ عَلَى الْمُرْتَهِنِ رَدُّ قِيمَةِ الرَّهْنِ، وَلَوْ أَذِنَ الْمُرْتَهِنُ لِلرَّاهِنِ أَنْ يَزْرَعَ الْأَرْضَ الْمَرْهُونَةَ فَزَرَعَ أَوْ يَسْكُنَ الدَّارَ الْمَرْهُونَةَ بِإِذْنِ الْمُرْتَهِنِ لَا يَبْطُلُ الرَّهْنُ وَلَهُ أَنْ يَسْتَرِدَّ الرَّهْنَ فَيَعُودَ رَهْنًا، وَمَا دَامَ فِي يَدِ الرَّاهِنِ لَا يَكُونُ فِي ضَمَانِ الْمُرْتَهِنِ رَجُلٌ غَصَبَ مِنْ آخَرَ عَبْدًا فَرَهَنَهُ بِدَيْنِهِ عِنْدَ رَجُلٍ، وَهَلَكَ الْعَبْدُ عِنْدَ الْمُرْتَهِنِ كَانَ لِلْمَالِكِ الْخِيَارُ إنْ شَاءَ ضَمَّنَ الْغَاصِبَ، وَإِنْ شَاءَ ضَمَّنَ الْمُرْتَهِنَ فَإِنْ ضَمَّنَ الْغَاصِبَ تَمَّ الرَّهْنُ، وَإِنْ ضَمَّنَ الْمُرْتَهِنَ كَانَ لِلْمُرْتَهِنِ أَنْ يَرْجِعَ عَلَى الرَّاهِنِ بِمَا ضَمِنَ، وَيَبْطُلَ الرَّهْنُ، وَلَوْ كَانَ الْغَاصِبُ دَفَعَ الْعَبْدَ الْمَغْصُوبَ إلَى رَجُلٍ وَدِيعَةً ثُمَّ رَهَنَهُ بَعْدَ ذَلِكَ مِنْ الْمَدْفُوعِ إلَيْهِ فَهَلَكَ الرَّهْنُ ثُمَّ جَاءَ صَاحِبُ الْعَبْدِ، وَضَمَّنَ الْغَاصِبَ أَوْ الْمَدْفُوعَ إلَيْهِ فَرَجَعَ عَلَى الرَّاهِنِ جَازَ الرَّهْنُ فِي الْوَجْهَيْنِ وَلَا يَبْطُلُ. لَوْ أَوْدَعَ الْمُرْتَهِنُ الرَّهْنَ عِنْدَ إنْسَانٍ بِإِذْنِ الرَّاهِنِ فَهُوَ رَهْنٌ عَلَى حَالِهِ إنْ هَلَكَ فِي يَدِ الْمُودَعِ يَسْقُطُ الدَّيْنُ بِهَلَاكِهِ، وَلَوْ رَهَنَهُ الْمُرْتَهِنُ بِإِذْنِ الرَّاهِنِ مِنْ غَيْرِهِ، وَسَلَّمَهُ إلَيْهِ يَخْرُجُ مِنْ الرَّهْنِ الْأَوَّلِ مِنْ قَاضِي خَانْ قَالَ فِي الْفُصُولَيْنِ: وَصَارَ كَأَنَّ الْمُرْتَهِنَ الْأَوَّلَ اسْتَعَارَ مَالَ الرَّاهِنِ الْأَوَّلِ لِلرَّهْنِ فَرَهَنَهُ. وَلَوْ رَهَنَهُ مُرْتَهِنُهُ بِلَا إذْنِ رَاهِنِهِ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 104 لَمْ يَجُزْ، وَلِلرَّاهِنِ إبْطَالُهُ، وَلَوْ هَلَكَ فَالرَّاهِنُ الْأَوَّلُ لَوْ شَاءَ ضَمَّنَ الْأَوَّلَ، وَضَمَانُهُ ضَمَانُ رَهْنٍ، وَيَهْلَكُ فِي يَدِ الثَّانِي بِدَيْنِ الضَّامِنِ إذْ مِلْكُهُ بِضَمَانِهِ فَكَأَنَّهُ رَهَنَ مِلْكَ نَفْسِهِ، وَلَوْ ضَمَّنَ الثَّانِيَ فَضَمَانُهُ ضَمَانُ رَهْنٍ عِنْدَ الْأَوَّلِ، وَيَبْطُلُ الرَّهْنُ عِنْدَ الثَّانِي، وَيَرْجِعُ الثَّانِي عَلَى الْأَوَّلِ بِمَا ضَمِنَ بِدَيْنِهِ انْتَهَى. رَجُلَانِ رَهَنَا مَتَاعًا بِدَيْنٍ عَلَيْهِمَا فَادَّعَى الْمُرْتَهِنُ الرَّهْنَ عَلَيْهِمَا فَجَحَدَا فَأَقَامَ الْبَيِّنَةَ عَلَى أَحَدِهِمَا عَلَى هَذَا الْوَجْهِ فَإِنَّهُ يُسْتَحْلَفُ الْآخَرُ بِاَللَّهِ مَا رَهَنَهُ فَإِنْ نَكَلَ يَثْبُتُ الرَّهْنُ عَلَيْهِمَا عَلَى أَحَدِهِمَا بِالْبَيِّنَةِ، وَعَلَى الْآخَرِ بِالنُّكُولِ فَإِنْ حَلَفَ رَدَّ الْمُرْتَهِنُ الرَّهْنَ عَلَيْهِمَا؛ لِأَنَّ الرَّهْنَ لَمْ يَثْبُتْ فِي نَصِيبِ الْحَالِفِ فَيَتَعَذَّرُ الْقَضَاءُ بِالرَّهْنِ فِي نَصِيبِ الْآخَرِ لِأَنَّهُ شَائِعٌ. وَلَوْ كَانَ الرَّاهِنُ وَاحِدًا، وَالْمُرْتَهِنُ اثْنَيْنِ فَقَالَ أَحَدُهُمَا: ارْتَهَنْت أَنَا وَصَاحِبِي هَذَا الْعَبْدَ مِنْك بِمِائَةِ دِرْهَمٍ، وَأَقَامَ الْبَيِّنَةَ وَالْمُرْتَهِنُ الْآخَرُ يَجْحَدُ، وَيَقُولُ: لَمْ يَرْتَهِنْ وَالرَّاهِنُ يَجْحَدُ الرَّهْنَ فَعَنْ أَبِي يُوسُفَ فِيهِ رِوَايَتَانِ: فِي رِوَايَةٍ يَرُدُّ الرَّهْنَ، وَفِي رِوَايَةٍ الْعَبْدُ كُلُّهُ يَكُونُ رَهْنًا لِلْمُدَّعِي بِحِصَّتِهِ مِنْ الدَّيْنِ، وَلَا يَبْطُلُ الرَّهْنُ بِجُحُودِ صَاحِبِهِ، وَهُوَ قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ. وَقَالَ مُحَمَّدٌ: أَقْضِي بِبَيِّنَةِ الْمُدَّعِي رَهْنًا، وَأَجْعَلُهُ فِي يَدِ الَّذِي أَقَامَ الْبَيِّنَةَ فَإِذَا قَضَى الرَّاهِنُ لِلْمُرْتَهِنِ الَّذِي أَقَامَ الْبَيِّنَةَ مَا لَهُ أَخْذُ الرَّهْنِ، وَإِنْ هَلَكَ الرَّهْنُ يَذْهَبُ مِنْ الدَّيْنِ بِنَصِيبِ الَّذِي أَقَامَ الْبَيِّنَةَ مِنْ قَاضِي خَانْ. وَلَوْ أَقَرَّ الرَّاهِنُ بِالْمَرْهُونِ لِرَجُلٍ لَمْ يُصَدَّقْ، وَلَا يَبْطُلُ الرَّهْنُ، وَالْمُقَرُّ لَهُ إنْ شَاءَ أَدَّى الْمَالَ، وَقَبَضَ الرَّهْنَ، وَيَرْجِعُ بِمَا قَضَى عَلَى الرَّاهِنِ، وَإِنْ شَاءَ ضَمَّنَ الرَّاهِنَ قِيمَتَهُ، وَلِلْمُقَرِّ لَهُ أَنْ يَسْتَحْلِفَ الْمُرْتَهِنَ عَلَى عِلْمِهِ مِنْ الْوَجِيزِ. وَلَوْ صَبَغَ الرَّاهِنُ ثَوْبَ الرَّهْنِ بِعُصْفُرٍ خَرَجَ مِنْ الرَّهْنِ، وَضَمِنَ قِيمَتَهُ، وَلَوْ كَانَ الثَّوْبُ وَالْعُصْفُرُ رَهْنًا كَانَ لِلْمُرْتَهِنِ أَنْ يُضَمِّنَهُ قِيمَةَ الثَّوْبِ، وَعُصْفُرَ مِثْلِهِ، وَإِنْ شَاءَ رَضِيَ بِأَنْ يَكُونَ الْمَصْبُوغُ رَهْنًا فِي يَدِهِ مِنْ غَصْبِ الْوَجِيزِ. رَجُلٌ رَهَنَ عِنْدَ رَجُلٍ مُصْحَفًا وَأَمَرَهُ بِالْقِرَاءَةِ مِنْهُ إنْ قَرَأَ مِنْهُ صَارَ عَارِيَّةً حَتَّى لَا يَضْمَنُ؛ لِأَنَّ الْحُكْمَ فِي الرَّهْنِ الْحَبْسُ فَإِذَا اسْتَعْمَلَهُ لَهُ بِإِذْنِهِ تَغَيَّرَ حُكْمُهُ وَيَبْطُلُ الرَّهْنُ، وَلَوْ فَرَغَ مِنْ الْقِرَاءَةِ ثُمَّ هَلَكَ يَهْلَكُ بِالدَّيْنِ، وَكَذَا لَوْ رَهَنَ خَاتَمًا، وَأَذِنَ لَهُ أَنْ يَجْعَلَهُ فِي الْخِنْصَرِ فَهَلَكَ يَهْلَكُ بِالدَّيْنِ، وَكَذَا إذَا رَهَنَ ثَوْبًا، وَأَمَرَهُ بِاللُّبْسِ أَوْ دَابَّةً، وَأَذِنَ لَهُ بِالرُّكُوبِ مِنْ الْخُلَاصَةِ. [الْفَصْل الرَّابِع فِي الزِّيَادَة فِي الرَّهْن وَاسْتِبْدَاله وتعدده] الْفَصْلُ الرَّابِعُ فِي الزِّيَادَةِ فِي الرَّهْنِ، وَالزِّيَادَةِ الْمُتَوَلِّدَةِ مِنْهُ، وَاسْتِبْدَالِهِ، وَتَعَدُّدِهِ يَجُوزُ الزِّيَادَةُ فِي الرَّهْنِ عِنْدَ عُلَمَائِنَا الثَّلَاثَةِ خِلَافًا لِزُفَرَ، وَحُكْمُهَا حُكْمُ الْأَصْلِ مَحْبُوسَةٌ مَضْمُونَةٌ كَالْأَصْلِ، وَيُقْسَمُ الدَّيْنُ عَلَى قِيمَةِ الْأَصْلِ يَوْمَ قَبْضِهِ، وَعَلَى قِيمَةِ الزِّيَادَةِ يَوْمَ قُبِضَتْ حَتَّى لَوْ كَانَتْ قِيمَةُ الزِّيَادَةِ يَوْمَ قَبْضِهَا خَمْسَمِائَةٍ، وَقِيمَةُ الْأَصْلِ يَوْمَ الْقَبْضِ أَلْفًا وَالدَّيْنُ أَلْفًا يُقْسَمُ الدَّيْنُ أَثْلَاثًا فِي الزِّيَادَةِ ثُلُثُ الدَّيْنِ، وَفِي الْأَصْلِ ثُلُثَا الدَّيْنِ اعْتِبَارًا بِقِيمَتِهِمَا فِي وَقْتَيْ الِاعْتِبَارِ مِنْ الْهِدَايَةِ. وَلَا يَجُوزُ الزِّيَادَةُ فِي الدَّيْنِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ خِلَافًا لِأَبِي يُوسُفَ فَلَوْ رَهَنَ عَبْدًا قِيمَتُهُ أَلْفَانِ بِأَلْفِ دِرْهَمٍ ثُمَّ اسْتَقْرَضَ مِنْ الْمُرْتَهِنِ أَلْفًا أُخْرَى عَلَى أَنْ يَكُونَ الْعَبْدُ رَهْنًا بِهِمَا جَازَ عِنْدَهُ، وَيَكُونُ رَهْنًا بِهِمَا، وَلَا يَجُوزُ عِنْدَهُمَا وَيَكُونُ رَهْنًا بِالْأَلْفِ خَاصَّةً، وَلَوْ هَلَكَ يَهْلَكُ بِهَا لَا بِهِمَا، وَلَوْ قَضَى الْأَلْفَ الْأُولَى لِلرَّاهِنِ أَنْ يَسْتَرِدَّهُ عِنْدَهُمَا. وَالزِّيَادَةُ الْمُتَوَلِّدَةُ مِنْ الرَّهْنِ كَالْوَلَدِ وَاللَّبَنِ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 105 وَالصُّوفِ وَالثَّمَرِ تَكُونُ رَهْنًا مَعَ الْأَصْلِ عِنْدَنَا، وَلِلْمُرْتَهِنِ أَنْ يُمْسِكَ الْكُلَّ حَتَّى يَسْتَوْفِيَ حَقَّهُ، وَعِنْدَ الشَّافِعِيِّ - رَحِمَهُ اللَّهُ - الزَّوَائِدُ لَا تَدْخُلُ تَحْتَ حُكْمِ الرَّهْنِ، وَلِلرَّاهِنِ أَخْذُهُ شَيْئًا فَشَيْئًا، وَالزِّيَادَةُ الْغَيْرُ مُتَوَلِّدَةٍ مِنْهُ كَأَجْرِهِ، وَكَسْبِهِ، وَغَلَّةُ الْعَقَارِ لَا تَصِيرُ رَهْنًا اتِّفَاقًا ذَكَرَهُ فِي الْحَقَائِقِ ثُمَّ إذَا صَارَتْ الزِّيَادَةُ رَهْنًا عِنْدَنَا يُقْسَمُ الدَّيْنُ عَلَى قِيمَةِ الْأَصْلِ يَوْمَ الْقَبْضِ، وَعَلَى قِيمَةِ الزِّيَادَةِ يَوْمَ الْفِكَاكِ لَا قَبْلَهُ ذَكَرَهُ فِي الْوَجِيزِ حَتَّى لَوْ هَلَكَ النَّمَاءُ قَبْلَ الْفِكَاكِ حَالَ قِيَامِ الْأَصْلِ هَلَكَ بِغَيْرِ شَيْءٍ ذَكَرَهُ قَاضِي خَانْ وَغَيْرُهُ. وَإِنْ هَلَكَ الْأَصْلُ، وَبَقِيَ النَّمَاءُ يَوْمَ الْفِكَاكِ فَمَا أَصَابَ الْأَصْلَ يَسْقُطُ مِنْ الدَّيْنِ بِقَدْرِهِ، وَمَا أَصَابَ النَّمَاءَ افْتَكَّهُ الرَّاهِنُ، وَصُوَرُ الْمَسَائِلِ عَلَى هَذَا الْأَصْلِ تُخَرَّجُ ذَكَرَهُ فِي الْهِدَايَةِ، وَلَوْ هَلَكَ النَّمَاءُ بَعْدَ هَلَاكِ الْأَصْلِ بِقِسْطِهِ مِنْ الدَّيْنِ حَتَّى لَوْ كَانَتْ قِيمَةُ الْأَصْلِ يَوْمَ الْقَبْضِ أَلْفًا، وَقِيمَةُ الْوَلَدِ يَوْمَ الْفِكَاكِ أَلْفًا فَالدَّيْنُ بَيْنَهُمَا نِصْفَانِ وَلَوْ انْتَقَصَتْ قِيمَةُ الْوَلَدِ بِالْعَيْبِ أَوْ بِتَغَيُّرِ السِّعْرِ فَصَارَتْ تُسَاوِي خَمْسَمِائَةٍ فَالدَّيْنُ بَيْنَهُمَا أَثْلَاثًا ثُلُثَاهُ فِي الْأُمِّ، وَثُلُثُهُ فِي الْوَلَدِ، وَلَوْ زَادَتْ قِيمَةُ الْوَلَدِ فَصَارَتْ تُسَاوِي أَلْفَيْنِ فَثُلُثَا الدَّيْنِ فِي الْوَلَدِ، وَثُلُثُهُ فِي الْأُمِّ. وَلَوْ ارْتَهَنَ أَمَتَيْنِ قِيمَتُهُمَا سَوَاءٌ فَوَلَدَتْ إحْدَاهُمَا وَقِيمَةُ الْوَلَدِ مِثْلُ قِيمَةِ الْأُمِّ فَمَاتَتْ الْأُمُّ سَقَطَ رُبْعُ الدَّيْنِ، وَيُفَكُّ الْوَلَدُ بِرُبْعِ الدَّيْنِ وَاَلَّتِي لَمْ تَلِدْ بِنِصْفِ الدَّيْنِ مِنْ الْوَجِيزِ. وَإِذَا، وَلَدَتْ الْمَرْهُونَةُ وَلَدًا ثُمَّ إنَّ الرَّاهِنَ زَادَ عَبْدًا مَعَ الْوَلَدِ، وَقِيمَةُ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا أَلْفٌ فَالْعَبْدُ رَهْنٌ مَعَ الْوَلَدِ خَاصَّةً يُقْسَمُ مَا فِي الْوَلَدِ عَلَيْهِ، وَعَلَى الْعَبْدِ الزِّيَادَةُ، وَلَوْ كَانَتْ الزِّيَادَةُ مَعَ الْأُمِّ يُقْسَمُ الدَّيْنُ عَلَى قِيمَةِ الْأُمِّ يَوْمَ الْعَقْدِ، وَعَلَى قِيمَةِ الزِّيَادَةِ يَوْمَ الْقَبْضِ فَمَا أَصَابَ الْأُمَّ قُسِمَ عَلَيْهَا وَعَلَى وَلَدِهَا مِنْ الْهِدَايَةِ. رَجُلٌ رَهَنَ عِنْدَ إنْسَانٍ عَبْدًا بِأَلْفٍ ثُمَّ جَاءَ الرَّاهِنُ بِجَارِيَةٍ وَقَالَ خُذْهَا مَكَانَ الْعَبْدِ فَإِنَّهُ يَصِحُّ ذَلِكَ إذَا قَبَضَ الثَّانِي فَالْأَوَّلُ رَهْنٌ مَا دَامَ فِي يَدِهِ يَهْلَكُ بِالدَّيْنِ إنْ هَلَكَ، وَالثَّانِي أَمَانَةٌ يَهْلَكُ بِغَيْرِ شَيْءٍ فَإِذَا قَبَضَ الثَّانِي يَخْرُجُ الْأَوَّلُ مِنْ أَنْ يَكُونَ رَهْنًا رُدَّ الْأَوَّلُ عَلَى الرَّاهِنِ أَوْ لَمْ يُرَدَّ، وَيَكُونُ الثَّانِي رَهْنًا لَوْ هَلَكَ يَهْلَكُ بِقِيمَةِ نَفْسِهِ لَا بِقِيمَةِ الْأَوَّلِ مِنْ قَاضِي خَانْ قَالَ فِي الْهِدَايَةِ: فَإِنْ رَهَنَ عَبْدًا يُسَاوِي أَلْفًا بِأَلْفٍ ثُمَّ أَعْطَاهُ عَبْدًا آخَرَ قِيمَتُهُ أَلْفٌ مَكَانٍ الْأَوَّلِ فَالْأَوَّلُ رَهْنٌ حَتَّى يَرُدَّهُ إلَى الْأَوَّلِ، وَالْمُرْتَهِنُ فِي الْآخَرِ أَمِينٌ حَتَّى يَجْعَلَهُ مَكَانَ الْأَوَّلِ ثُمَّ قِيلَ: يُشْتَرَطُ تَجْدِيدُ الْقَبْضِ، وَقِيلَ: لَا يُشْتَرَطُ انْتَهَى. رَجُلٌ عَلَيْهِ دَيْنٌ، وَبِهِ كَفِيلٌ فَأَخَذَ الطَّالِبُ مَعَ الْكَفِيلِ رَهْنًا، وَمِنْ الْمَدْيُونِ رَهْنًا أَحَدُهُمَا بَعْدَ الْآخِرِ، وَبِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْ الرَّهْنَيْنِ وَفَاءً بِالدَّيْنِ فَهَلَكَ أَحَدُ الرَّهْنَيْنِ عِنْدَ الْمُرْتَهِنِ قَالَ زُفَرُ: أَيُّهُمَا هَلَكَ هَلَكَ بِكُلِّ الدَّيْنِ. وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ: إنْ كَانَ الرَّاهِنُ الثَّانِي عَلِمَ بِالرَّهْنِ الْأَوَّلِ فَإِنَّ الرَّهْنَ الثَّانِيَ يَهْلَكُ بِنِصْفِ الدَّيْنِ، وَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ بِذَلِكَ يَهْلَكُ بِجَمِيعِ الدَّيْنِ، وَذُكِرَ فِي كِتَابِ الرَّهْنِ أَنَّ الثَّانِيَ يَهْلَكُ بِنِصْفِ الدَّيْنِ، وَلَمْ يَذْكُرْ الْعِلْمَ وَالْجَهْلَ وَالصَّحِيحُ مَا ذُكِرَ فِي كِتَابِ الرَّهْنِ؛ لِأَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مُطَالَبٌ بِجَمِيعِ الدَّيْنِ فَيُجْعَلُ الرَّهْنُ الثَّانِي زِيَادَةً فِي الرَّهْنِ فَيُقْسَمُ الدَّيْنُ عَلَى الرَّهْنِ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 106 الْأَوَّلِ، وَالثَّانِي عَلَى قَدْرِ قِيمَتِهِمَا فَإِنْ اسْتَوَتْ قِيمَتُهُمَا فَأَيُّهُمَا هَلَكَ يَهْلَكُ بِنِصْفِ الدَّيْنِ مِنْ قَاضِي خَانْ. [الْفَصْلُ الْخَامِسُ فِي التَّعَيُّبِ وَالنُّقْصَانِ] لَوْ رَهَنَ قَلْبَ فِضَّةٍ، وَزْنُهُ عَشَرَةُ دَرَاهِمَ، وَقِيمَتُهُ عَشَرَةٌ بِعَشَرَةٍ فَانْكَسَرَ عِنْدَ الْمُرْتَهِنِ، وَنَقَصَتْ قِيمَتُهُ بِالْكَسْرِ فَعِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ كَمَا فِي الدُّرَرِ إنْ شَاءَ الرَّاهِنُ افْتَكَّهُ بِمَا فِيهِ، وَإِنْ شَاءَ ضَمَّنَ الْمُرْتَهِنَ قِيمَتَهُ مِنْ جِنْسِهِ أَوْ خِلَافِ جِنْسِهِ، وَتَكُونُ رَهْنًا عِنْدَ الْمُرْتَهِنِ، وَالْمَكْسُورُ لِلْمُرْتَهِنِ بِالضَّمَانِ، وَعِنْدَ مُحَمَّدٍ إنْ شَاءَ افْتَكَّهُ نَاقِصًا، وَإِنْ شَاءَ جَعَلَهُ بِالدَّيْنِ، وَإِنْ كَانَتْ قِيمَتُهُ أَقَلَّ مِنْ وَزْنِهِ بِأَنْ كَانَتْ ثَمَانِيَةً مَثَلًا يَضْمَنُ الْمُرْتَهِنُ قِيمَتَهُ جَيِّدًا مِنْ خِلَافِ جِنْسِهِ أَوْ رَدِيئًا مِنْ جِنْسِهِ، وَيَكُونُ رَهْنًا عِنْدَهُ، وَهَذَا بِالِاتِّفَاقِ، وَإِنْ كَانَتْ قِيمَتُهُ أَكْثَرَ مِنْ وَزْنِهِ بِأَنْ كَانَتْ اثْنَيْ عَشَرَ مَثَلًا فَعِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ يَضْمَنُ الْمُرْتَهِنُ جَمِيعَ قِيمَتِهِ وَيَكُونُ رَهْنًا عِنْدَهُ، وَعِنْدَ أَبِي يُوسُفَ يَضْمَنُ خَمْسَةَ أَسْدَاسِ قِيمَتِهِ، وَيَكُونُ خَمْسَةُ أَسْدَاسِ الْمَكْسُورِ مِلْكًا لَهُ بِالضَّمَانِ، وَسُدُسُهُ يُفْرَزُ حَتَّى لَا يَبْقَى الرَّهْنُ شَائِعًا، وَيَكُونُ السُّدُسُ مَعَ قِيمَةِ خَمْسَةِ أَسْدَاسِ الْمَكْسُورِ رَهْنًا مِنْ الْهِدَايَةِ، وَلَمْ يُبَيِّنْ مَذْهَبَ مُحَمَّدٍ بَلْ قَالَ فِي بَيَانِ قَوْلِ مُحَمَّدٍ: نَوْعٌ طَوِيلٌ يُعْرَفُ فِي مَوْضِعِهِ فَيَقُولُ عَلَى مَا فِي الْمَجْمَعِ مَعَ زِيَادَةِ شَرْحٍ، وَإِظْهَارٍ لِمَا أُضْمِرَ. وَقَالَ مُحَمَّدٌ: إنْ نَقَصَ الْكَسْرُ سُدُسًا أَوْ أَقَلَّ أُجْبِرَ الرَّاهِنُ عَلَى الْفِكَاكِ بِجَمِيعِ الدَّيْنِ، وَإِنْ كَانَ النُّقْصَانُ أَزْيَدَ مِنْ السُّدُسِ إنْ شَاءَ افْتَكَّهُ بِجَمِيعِ الدَّيْنِ، وَإِنْ شَاءَ جَعَلَهُ بِالدَّيْنِ. وَلَوْ كَانَ الْقَلْبُ الْمَرْهُونُ بِعَشَرَةٍ، وَزْنُهُ اثْنَيْ عَشَرَ دِينَارًا، وَقِيمَتُهُ ثَلَاثَةَ عَشَرَ فَانْكَسَرَ فَعِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ إنْ شَاءَ افْتَكَّهُ بِجَمِيعِ الدَّيْنِ، وَإِنْ شَاءَ ضَمَّنَ الْمُرْتَهِنَ خَمْسَةَ أَسْدَاسِ قِيمَتِهِ، وَجَعَلَهَا مَعَ سُدُسِهِ رَهْنًا، وَعِنْدَ أَبِي يُوسُفَ يَضْمَنُ الْمُرْتَهِنُ عَشَرَةَ أَجْزَاءِ الْقِيمَةِ مِنْ ثَلَاثَةَ عَشَرَ، وَاعْتَبَرَ مُحَمَّدٌ النُّقْصَانَ فَإِنْ كَانَ دِينَارًا أَوْ أَقَلَّ أُجْبِرَ الرَّاهِنُ عَلَى الْفِكَاكِ بِجَمِيعِ الدَّيْنِ، وَإِنْ كَانَ النُّقْصَانُ أَكْثَرَ مِنْ دِينَارٍ إنْ شَاءَ افْتَكَّهُ بِجَمِيعِ الدَّيْنِ، وَإِنْ شَاءَ جَعَلَ خَمْسَةَ أَسْدَاسٍ فَقَطْ رَهْنًا، وَاسْتَرَدَّ السُّدُسَ قَالَ فِي الْحَقَائِقِ: وَجُمْلَةُ مَسْأَلَةِ الْقَلْبِ عَلَى ثَلَاثِينَ فَصْلًا تُعْرَفُ مِنْ الزِّيَادَاتِ، وَجَامِعِ الْمَحْبُوبِي فَمَنْ أَرَادَ أَنْ يُحَقِّقَهَا فَلْيَطْلُبْهَا مِنْ مَوْضِعِهَا. وَلَوْ رَهَنَ عَبْدًا فَاعْوَرَّ فَقَالَ الرَّاهِنُ: كَانَتْ قِيمَتُهُ يَوْمَ الرَّهْنِ أَلْفًا، وَذَهَبَ بِالِاعْوِرَارِ خَمْسُمِائَةٍ نِصْفُ الدَّيْنِ، وَقَالَ الْمُرْتَهِنُ: كَانَتْ قِيمَتُهُ يَوْمَ الرَّهْنِ خَمْسَمِائَةٍ، وَذَهَبَ بِالِاعْوِرَارِ رُبْعُ الدَّيْنِ كَانَ الْقَوْلُ قَوْلَ الرَّاهِنِ مَعَ يَمِينِهِ؛ لِأَنَّ الظَّاهِرَ أَنَّهُ لَا يُرْهَنُ بِالْأَلْفِ إلَّا مَا يُسَاوِي أَلْفًا أَوْ أَكْثَرَ، وَالْبَيِّنَةُ أَيْضًا بَيِّنَتُهُ. إذَا أَبَقَ الْعَبْدُ الْمَرْهُونُ بَطَلَ الدَّيْنُ فَإِنْ عَادَ الْعَبْدُ مِنْ الْإِبَاقِ يَعُودُ رَهْنًا، وَيَسْقُطُ مِنْ الدَّيْنِ بِقَدْرِ نُقْصَانِ الْإِبَاقِ إنْ كَانَ ذَلِكَ مِنْ أَوَّلِ مَرَّةٍ مِنْ قَاضِي خَانْ، وَلَوْ أَبَقَ قَبْلَ ذَلِكَ لَا يَنْقُصُ مِنْ الدَّيْنِ شَيْءٌ ذَكَرَهُ فِي الْفُصُولَيْنِ، وَجَعَلَ الْآبِقَ عَلَى الْمُرْتَهِنِ إنْ لَمْ يَكُنْ قِيمَتُهُ أَكْثَرَ مِنْ الدَّيْنِ، وَإِنْ كَانَتْ أَكْثَرَ مِنْهُ فَعَلَى الْمُرْتَهِنِ بِقَدْرِ الْمَضْمُونِ، وَعَلَى الرَّاهِنِ بِقَدْرِ الزِّيَادَةِ مِنْ الْإِيضَاحِ. رَهَنَ قُمَاشًا بإفشاخ سَقَطَ مِنْ الدَّيْنِ بِقَدْرِ النُّقْصَانِ مِنْ الْفُصُولَيْنِ وَلَوْ غَلَبَ الْمَاءُ عَلَى الْأَرْضِ الْمَرْهُونَةِ لَا يَبْطُلُ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 107 الدَّيْنُ، وَلَكِنْ يَسْقُطُ مِنْهُ بِقَدْرِ النُّقْصَانِ مِنْ الْوَجِيزِ. وَلَوْ رَهَنَ عَصِيرًا فَتَخَمَّرَ ثُمَّ صَارَ خَلًّا كَانَ رَهْنًا عَلَى حَالِهِ وَيَسْقُطُ مِنْ الدَّيْنِ قَدْرُ مَا نَقَصَ عَنْ الْعَصِيرِ كَيْلًا أَوْ وَزْنًا مِنْ الْوَجِيزِ، وَالْإِيضَاحِ قَالَ قَاضِي خَانْ وَعَنْ مُحَمَّدٍ: لَهُ تَرْكُهُ بِالدَّيْنِ. وَلَوْ رَهَنَ شَاةً قِيمَتُهَا عَشَرَةٌ بِعَشَرَةٍ فَمَاتَتْ فَدُبِغَ جِلْدُهَا فَصَارَ يُسَاوِي دِرْهَمًا كَانَ رَهْنًا بِدِرْهَمٍ مِنْ الْهِدَايَةِ. قَالَ فِي الْوَجِيزِ، وَإِنْ دُبِغَ بِشَيْءٍ لَهُ قِيمَةٌ فَإِنَّهُ يَسْتَحِقُّ الْمُرْتَهِنُ الْحَبْسَ بِمَا زَادَ الدِّبَاغُ فِيهِ ثُمَّ قِيلَ: يَبْطُلُ الرَّهْنُ الْأَوَّلُ فِي حَقِّ الْجِلْدِ وَيَصِيرُ الْجِلْدُ رَهْنًا بِمَا زَادَ الدَّبَّاغُ فِيهِ، وَقِيلَ: يَبْقَى الرَّهْنُ الْأَوَّلُ بِدَيْنِهِ وَبِقِيمَةِ الدَّبَّاغِ انْتَهَى. لَوْ رَهَنَ فَرْوًا قِيمَتُهُ أَرْبَعُونَ بِعَشَرَةٍ فَأَفْسَدَهُ السُّوسُ حَتَّى صَارَتْ قِيمَتُهُ عَشَرَةً يَفْتَكُّهُ الرَّاهِنُ بِدِرْهَمَيْنِ وَنِصْفٍ، وَيَسْقُطُ ثَلَاثَةُ أَرْبَاعِ الدَّيْنِ؛ لِأَنَّ كُلَّ رُبْعٍ مِنْ الدَّيْنِ فِي مُقَابَلَةِ رُبْعٍ مِنْ الرَّهْنِ، وَهُوَ أَنْ يُرَبَّعَ الدَّيْنُ وَقَدْ بَقِيَ مِنْ الْفَرْوِ رُبْعُهُ فَيَبْقَى مِنْ الدَّيْنِ أَيْضًا رُبْعُهُ مِنْ الْبَزَّازِيَّةِ. حَمَّامِيٌّ وَضَعَ الْمُصْحَفَ الرَّهْنَ فِي صُنْدُوقِهِ وَوَضَعَ عَلَيْهِ قَصْعَةَ مَاءٍ لِلشُّرْبِ فَانْكَبَّ الْمَاءُ عَلَى الْمُصْحَفِ فَهَلَكَ يَضْمَنُ ضَمَانَ الرَّهْنِ لَا الزِّيَادَةَ وَالْمُودَعُ لَا يَضْمَنُ شَيْئًا مِنْ الْقُنْيَةِ. إذَا اُنْتُقِصَ الرَّهْنُ عِنْدَ الْمُرْتَهِنِ مِنْ حَيْثُ السِّعْرُ لَا يَذْهَبُ شَيْءٌ مِنْ الدَّيْنِ عِنْدَنَا وَإِنْ انْتَقَصَ نُقْصَانَ قَدْرٍ أَوْ وَقْتٍ بِأَنْ كَانَ قَلْبًا فَانْكَسَرَ، وَانْتَقَصَتْ قِيمَتُهُ يَذْهَبُ قَدْرُ النُّقْصَانِ مِنْ الدَّيْنِ عِنْدَ الْكُلِّ مِنْ قَاضِي خَانْ فَلَوْ رَهَنَ عَبْدًا يُسَاوِي أَلْفًا بِأَلْفٍ مُؤَجَّلٍ فَصَارَتْ قِيمَتُهُ مِائَةً بِتَرَاجُعِ السِّعْرِ فَبَاعَهُ الْمُرْتَهِنُ بِأَمْرِ الرَّاهِنِ بِالْمِائَةِ، وَقَبَضَ ثَمَنَهُ رَجَعَ بِمَا بَقِيَ، وَهُوَ تِسْعُمِائَةٍ؛ لِأَنَّ الدَّيْنَ لَا يَسْقُطُ بِنُقْصَانِ السِّعْرِ وَإِذَا كَانَ بَاقِيًا، وَقَدْ أَمَرَ الرَّاهِنُ أَنْ يَبِيعَهُ بِمِائَةٍ يَكُونُ الْبَاقِي فِي ذِمَّتِهِ كَمَا لَوْ اسْتَرَدَّهُ وَبَاعَهُ بِنَفْسِهِ كَمَا فِي الْهِدَايَةِ. رَهَنَ شَجَرَةَ الْفِرْصَادِ فَذَهَبَ وَقْتُ الْأَوْرَاقِ، وَانْتَقَصَ ثَمَنُهُ قَالَ الْإِمَامُ الْإِسْكَافُ: يَذْهَبُ مِنْ الدَّيْنِ بِحِصَّةِ النُّقْصَانِ إلَّا أَنْ يَكُونَ النُّقْصَانُ فِي نَفْسِ الْفِرْصَادِ لِتَنَاثُرِ الْأَوْرَاقِ، وَقَالَ الْفَقِيهُ لَا يَسْقُطُ شَيْءٌ لِأَنَّهُ كَتَرَاجُعِ السِّعْرِ، وَقَوْلُ الْإِسْكَافِ هُوَ الصَّوَابُ لِأَنَّهُ بَعْدَ ذَهَابِ وَقْتِهَا لَا قِيمَةَ لَهَا أَصْلًا فَصَارَ كَالْهَلَاكِ انْتَهَى. [الْفَصْلُ السَّادِسُ فِي التَّصَرُّفِ وَالِانْتِفَاعِ بِالرَّهْنِ] إعْتَاقُ الرَّاهِنِ وَتَدْبِيرُهُ وَاسْتِيلَادُهُ يَنْفُذُ وَيَخْرُجُ الْقِنُّ مِنْ الرَّهْنِ، وَيَضْمَنُ الْمَوْلَى الْقِيمَةَ لَوْ مُوسِرًا، وَتَكُونُ رَهْنًا مَكَانَهُ إنْ كَانَ الدَّيْنُ مُؤَجَّلًا، وَطُولِبَ بِأَدَائِهِ، وَإِنْ كَانَ الْمَوْلَى مُعْسِرًا اسْتَسْعَى الْمُرْتَهِنُ الْمُدَبَّرَ وَأُمَّ الْوَلَدِ فِي جَمِيعِ الدَّيْنِ، وَيَسْعَى الْمُعْتَقُ فِي الْأَقَلِّ مِنْ الدَّيْنِ وَمِنْ قِيمَتِهِ، وَهُوَ يَرْجِعُ بِمَا سَعَى عَلَى الْمَوْلَى خَاصَّةً كَمَا فِي الْهِدَايَةِ وَالْوَجِيزِ. رَوَى إسْمَاعِيلُ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ لَوْ أَعْتَقَ الرَّاهِنُ الْعَبْدَ الْمَرْهُونَ بِإِذْنِ الْمُرْتَهِنِ، وَالرَّاهِنُ مُعْسِرٌ لَا شَيْءَ عَلَى الْعَبْدِ انْتَهَى. وَلَوْ كَانَ الْعَبْدُ الْمَرْهُونُ عَارِيَّةً فَأَعْتَقَهُ جَازَ ثُمَّ الْمُرْتَهِنُ إنْ شَاءَ ضَمَّنَ الْمُعِيرَ قِيمَتَهُ، وَيَكُونُ رَهْنًا عِنْدَهُ إلَى أَنْ يَقْبِضَ دَيْنَهُ فَيَرُدَّهَا إلَى الْمُعِيرِ مِنْ الْهِدَايَةِ. وَتَوَقَّفَ بَيْعُ الرَّاهِنِ الرَّهْنَ عَلَى إجَازَةِ الْمُرْتَهِنِ فَإِنْ أَجَازَ جَازَ، وَصَارَ ثَمَنُهُ رَهْنًا كَمَا فِي الْهِدَايَةِ. وَإِعَارَةُ الرَّاهِنِ الرَّهْنَ وَإِجَارَتُهُ وَهِبَتُهُ وَرَهْنُهُ لَا يَنْفُذُ بِغَيْرِ إذْنِ الْمُرْتَهِنِ، وَقَدْ مَرَّتْ. وَلَيْسَ لِلْمُرْتَهِنِ أَنْ يَبِيعَ الرَّهْنَ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 108 إلَّا بِتَسْلِيطٍ مِنْ الرَّاهِنِ، وَلَهُ أَنْ يَبِيعَ مَا يَخَافُ فَسَادَهُ مِنْ الْأَصْلِ، وَالنَّمَاءُ بِإِذْنِ الْقَاضِي، وَيُمْسِكُ ثَمَنَهُ رَهْنًا، وَإِنْ بَاعَ بِغَيْرِ أَمْرِ الْقَاضِي كَانَ ضَامِنًا كَمَا فِي قَاضِي خَانْ، وَالْبَزَّازِيَّةِ مِنْ مُشْتَمِلِ الْهِدَايَةِ. لِلْمُرْتَهِنِ بَيْعُ الرَّهْنِ بِإِجَازَةِ الْحَاكِمِ، وَأَخْذُ دَيْنِهِ إذَا كَانَ الرَّاهِنُ غَائِبًا لَا يُعْرَفُ مَوْتُهُ وَلَا حَيَاتُهُ انْتَهَى. وَلَيْسَ لِلْمُرْتَهِنِ أَنْ يَرْهَنَ الرَّهْنَ ذَكَرَهُ فِي الْفُصُولَيْنِ، وَقَدْ مَرَّتْ وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يُؤَجِّرَ وَيُعِيرَ فَإِنْ فَعَلَ كَانَ مُتَعَدِّيًا، وَلَا يَبْطُلُ عَقْدُ الرَّهْنِ بِالتَّعَدِّي وَلِلْمُرْتَهِنِ أَنْ يَحْفَظَ الرَّهْنَ بِنَفْسِهِ وَزَوْجَتِهِ وَوَلَدِهِ الَّذِي فِي عِيَالِهِ وَخَادِمِهِ الَّذِي هُوَ فِي عِيَالِهِ، وَإِنْ حُفِظَ بِغَيْرِ مَنْ فِي عِيَالِهِ أَوْ أَوْدَعَهُ ضَمِنَ، وَهَلْ يَضْمَنُ الثَّانِي؟ فَهُوَ عَلَى الْخِلَافِ وَقَدْ بَيَّنَ فِي الْوَدِيعَةِ، وَإِذَا تَعَدَّى الْمُرْتَهِنُ فِي الرَّهْنِ ضَمِنَهُ ضَمَانَ الْغَصْبِ بِجَمِيعِ قِيمَتِهِ مِنْ الْهِدَايَةِ. وَلَوْ أَعَارَ الْمُرْتَهِنُ الرَّهْنَ فَهَلَكَ فِي يَدِ الْمُسْتَعِيرِ ضَمِنَ سَوَاءٌ هَلَكَ فِي حَالَةِ الِاسْتِعْمَالِ أَوْ غَيْرِهَا. لَوْ خَالَفَ ثُمَّ عَادَ فَهُوَ رَهْنٌ عَلَى حَالِهِ فَلَوْ ادَّعَى الْوِفَاقَ، وَكَذَّبَهُ رَاهِنُهُ صُدِّقَ رَاهِنُهُ إذَا أَقَرَّ بِسَبَبِ الضَّمَانِ مِنْ ضَمَانِ الْمُودَعِ مِنْ الْفُصُولَيْنِ. وَلَيْسَ لِلْمُرْتَهِنِ أَنْ يُسَافِرَ بِالرَّهْنِ فِي قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ فَإِنْ فَعَلَ كَانَ ضَامِنًا مِنْ قَاضِي خَانْ، وَنَقَلَ صَاحِبُ الْفُصُولَيْنِ عَنْ الْعُدَّةِ أَنَّ الْمُرْتَهِنَ لَوْ سَافَرَ بِالرَّهْنِ أَوْ انْتَقَلَ عَنْ الْبَلَدِ لَمْ يَضْمَنْ، وَكَذَا الْعَدْلُ الَّذِي فِي يَدِهِ الرَّهْنُ ثُمَّ قَالَ: يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ مَا ذُكِرَ فِي الْعُدَّةِ قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ. وَلَيْسَ لِلْمُرْتَهِنِ أَنْ يَنْتَفِعَ بِالرَّهْنِ لَا بِالِاسْتِخْدَامِ، وَلَا بِسُكْنَى إلَّا أَنْ يَأْذَنَ لَهُ الْمَالِكُ ذَكَرَهُ فِي الْهِدَايَةِ. وَفِي الْخُلَاصَةِ، وَلَيْسَ لِلْمُرْتَهِنِ أَنْ يَتَصَرَّفَ بِشَيْءٍ فِي الرَّهْنِ غَيْرَ الْإِمْسَاكِ لَا يَبِيعُ وَلَا يُؤَاجِرُ، وَلَا يُعِيرُ، وَلَا يَلْبَسُ، وَلَا يَسْتَخْدِمُ فَإِنْ فَعَلَ كَانَ مُتَعَدِّيًا، وَلَا يَبْطُلُ الرَّهْنُ اهـ. لَوْ أَجَّرَ الْمُرْتَهِنُ الرَّهْنَ مِنْ أَجْنَبِيٍّ بِلَا إجَازَةِ الرَّاهِنِ فَالْغَلَّةُ لِلْمُرْتَهِنِ، وَيَتَصَدَّقُ بِهَا عِنْدَ الْإِمَامِ وَمُحَمَّدٍ كَالْغَاصِبِ يَتَصَدَّقُ بِالْغَلَّةِ أَوْ يَرُدُّهَا عَلَى الْمَالِكِ، وَإِنْ أَجَّرَهُ بِإِذْنِ الرَّاهِنِ بَطَلَ الرَّهْنُ، وَالْأَجْرُ لِلرَّاهِنِ، وَإِنْ أَتْلَفَ الْمُرْتَهِنُ الْغَلَّةَ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ ضَمِنَهَا، وَلَا يَضْمَنُ إنْ هَلَكَ لِأَنَّهُ وَكِيلٌ لِلْمَالِكِ، وَإِنْ اسْتَعْمَلَ الرَّهْنَ بِلَا إذْنِ الرَّاهِنِ وَهَلَكَ حَالَةَ الِاسْتِعْمَالِ ضَمِنَ كُلَّ قِيمَتِهِ، وَصَارَ هُنَا مَكَانَهُ كَمَا إذَا أَتْلَفَهُ أَجْنَبِيٌّ، وَضَمِنَ الْقِيمَةَ وَلَا يَسْقُطُ شَيْءٌ مِنْ الدَّيْنِ، وَلَوْ تَلِفَ بَعْدَ الِاسْتِعْمَالِ شَيْءٌ يَسْقُطُ الدَّيْنُ بِخِلَافِ التَّلَفِ حَالَ الِاسْتِعْمَالِ بِإِذْنِ الرَّاهِنِ، وَكَذَا لَوْ أَعَارَهُ الرَّاهِنُ أَوْ الْمُرْتَهِنُ مِنْ أَجْنَبِيٍّ بِإِذْنِ الْآخَرِ، وَهَلَكَ فِي يَدِ الْأَجْنَبِيِّ لَا يَسْقُطُ شَيْءٌ مِنْ الدَّيْنِ. أَلْقَى الْمُرْتَهِنُ الْخَاتَمَ الْمَرْهُونَ فِي كِيسِهِ الْمُتَخَرِّقِ، وَضَاعَ بِالسُّقُوطِ ضَمِنَ كُلَّ الْفَاضِلِ مِنْ الدَّيْنِ أَيْضًا. قَالَ الرَّاهِنُ لِلْمُرْتَهِنِ: أَعْطِهِ الدَّلَّالَ لِلْبَيْعِ، وَخُذْ حَقَّك فَدَفَعَهُ إلَى الدَّلَّالِ، وَهَلَكَ فِي يَدِهِ لَا يَضْمَنُ الْمُرْتَهِنُ. وَلَوْ أَجَّرَ الْمُرْتَهِنُ الْعَيْنَ أَوْ قَطَعَ الثَّمَرَ بِغَيْرِ إذْنِ الْحَاكِمِ يَضْمَنُ. وَلَوْ كَانَ الرَّهْنُ شَاةً أَوْ بَقَرَةً يُخَافُ عَلَيْهَا الْهَلَاكُ فَذَبَحَهَا الْمُرْتَهِنُ ضَمِنَ قِيَاسًا، وَالْحَاصِلُ أَنَّ كُلَّ تَصَرُّفٍ يُزِيلُ الْعَيْنَ عَنْ مِلْكِ الرَّاهِنِ كَالْبَيْعِ لَا يَمْلِكُهُ الْمُرْتَهِنُ، وَلَوْ فَعَلَهُ ضَمِنَ، وَإِنَّ فِيهِ حِفْظَ الْمَالِ عَنْ الْفَسَادِ إلَّا إذَا كَانَ بِأَمْرِ الْحَاكِمِ وَكُلُّ تَصَرُّفٍ لَا يُزِيلُ الْعَيْنَ لِلْمُرْتَهِنِ أَنْ يَفْعَلَهُ، وَإِنْ بِغَيْرِ أَمْرِ الْقَاضِي إذَا كَانَ فِيهِ حِفْظٌ أَوْ تَحْصِينٌ مِنْ الْبَزَّازِيَّةِ. وَلَوْ انْتَفَعَ الْمُرْتَهِنُ بِالرَّهْنِ بِغَيْرِ إذْنِ الرَّاهِنِ يَصِيرُ غَاصِبًا حَتَّى لَوْ هَلَكَ حَالَةَ الِاسْتِعْمَالِ يَضْمَنُ قِيمَتَهُ، وَيَكُونُ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 109 رَهْنًا مَكَانَهُ إذَا كَانَ الدَّيْنُ مُؤَجَّلًا، وَإِنْ تَرَكَ الِانْتِفَاعَ فَهُوَ رَهْنٌ عَلَى حَالِهِ مِنْ الْوَجِيزِ وَالْفُصُولَيْنِ. وَإِنْ اسْتَعَارَ الْمُرْتَهِنُ الرَّهْنَ مِنْ الرَّاهِنِ لِيَعْمَلَ بِهِ فَهَلَكَ قَبْلَ أَنْ يَأْخُذَ فِي الْعَمَلِ هَلَكَ عَلَى ضَمَانِ الرَّهْنِ لِبَقَاءِ يَدِ الْمُرْتَهِنِ، وَكَذَا إذَا هَلَكَ بَعْدَ الْفَرَاغِ مِنْ الْعَمَلِ لِارْتِفَاعِ يَدِ الْعَارِيَّةِ، وَلَوْ هَلَكَ حَالَةَ الْعَمَلِ هَلَكَ بِغَيْرِ ضَمَانٍ لِثُبُوتِ يَدِ الْعَارِيَّةِ بِالِاسْتِعْمَالِ، وَهِيَ مُخَالِفَةٌ لِيَدِ الرَّهْنِ فَانْتَفَى الضَّمَانُ، وَكَذَا إذَا أَذِنَ الرَّاهِنُ الْمُرْتَهِنَ بِالِاسْتِعْمَالِ لِمَا بَيَّنَّا مِنْ الْهِدَايَةِ. الْمُرْتَهِنُ إذَا رَكِبَ الدَّابَّةَ الْمَرْهُونَةَ بِإِذْنِ الرَّاهِنِ فَعَطِبَتْ فِي رُكُوبِهِ يَضْمَنُ قِيمَتَهَا، وَإِنْ عَطِبَتْ بَعْدَ مَا نَزَلَ عَنْهَا سَلِيمَةً هَلَكَتْ رَهْنًا، وَإِنْ رَكِبَهَا الرَّاهِنُ بِإِذْنِ الْمُرْتَهِنِ أَوْ بِغَيْرِ إذْنِهِ فَعَطِبَتْ لَا يَسْقُطُ الدَّيْنُ مِنْ قَاضِي خَانْ الْمُرْتَهِنُ لَوْ رَكِبَ الدَّابَّةَ لِيَرُدَّهَا عَلَى رَبِّهَا فَهَلَكَتْ فِي الطَّرِيقِ لَمْ يَضْمَنْ لَوْ سَلِمَتْ مِنْ رُكُوبِهِ، وَلَا يُصَدَّقُ إلَّا بِبَيِّنَةٍ عَلَى سَلَامَتِهَا مِنْ الْفُصُولَيْنِ. وَلَوْ كَانَ الرَّهْنُ ثَوْبًا فَلَبِسَهُ الْمُرْتَهِنُ بِإِذْنِ الرَّاهِنِ، وَهَلَكَ فِي اسْتِعْمَالِهِ لَا يَسْقُطُ الدَّيْنُ؛ لِأَنَّ اسْتِعْمَالَ الْمُرْتَهِنِ بِإِذْنِ الرَّاهِنِ كَاسْتِعْمَالِ الرَّاهِنِ، وَلَوْ هَلَكَ بِاسْتِعْمَالِ الرَّاهِنِ لَا يَسْقُطُ شَيْءٌ مِنْ الدَّيْنِ، وَإِنْ اسْتَرَدَّهُ الْمُرْتَهِنُ بَعْدَ لُبْسِ الرَّاهِنِ فَهَلَكَ يَهْلَكُ بِالدَّيْنِ. وَلَوْ كَانَ الرَّهْنُ ثَوْبًا فَجَاءَ الرَّاهِنُ يَفُكُّهُ وَبِهِ خَرْقٌ فَقَالَ الرَّاهِنُ: حَدَثَ هَذَا فِي يَدِ الْمُرْتَهِنِ قَبْلَ لُبْسِهِ أَوْ بَعْدَمَا نَزَعَ الثَّوْبَ مِنْ نَفْسِهِ، وَقَالَ الْمُرْتَهِنُ: لَا بَلْ حَدَثَ فِي اللُّبْسِ كَانَ الْقَوْلُ قَوْلَ الْمُرْتَهِنِ، وَالْبَيِّنَةُ بَيِّنَةَ الرَّاهِنِ، وَلَوْ قَالَ الرَّاهِنُ: لَمْ يَلْبَسْهُ الْمُرْتَهِنُ، وَتَخَرَّقَ عِنْدَهُ، وَقَالَ الْمُرْتَهِنُ: لَبِسْتُهُ فَتَخَرَّقَ كَانَ الْقَوْلُ قَوْلَ الرَّاهِنِ مِنْ قَاضِي خَانْ. ارْتَهَنَ عِمَامَةً قِيمَتُهَا نِصْفُ دِرْهَمٍ، وَدِرْهَمَ فِضَّةٍ بِدِرْهَمٍ فَهَلَكَتْ الْفِضَّةُ، وَلَبِسَ الْعِمَامَةَ حَتَّى تَخَرَّقَتْ فَالْفِضَّةُ تَذْهَبُ بِثُلُثَيْ الدَّيْنِ، وَيَضْمَنُ قِيمَةَ الْعِمَامَةِ نِصْفَ دِرْهَمٍ يُحْسَبُ لَهُ فِيهَا دَانَقَانِ وَيَرُدُّ دَانَقًا عَلَى الرَّاهِنِ مِنْ الْفُصُولَيْنِ. لَوْ رَهَنَ ثَوْبًا يُسَاوِي عِشْرِينَ دِرْهَمًا بِعَشَرَةِ دَرَاهِمَ فَلَبِسَهُ الْمُرْتَهِنُ بِإِذْنِ الرَّاهِنِ فَانْتَقَصَ مِنْهُ سِتَّةُ دَرَاهِمَ ثُمَّ لَبِسَهُ مَرَّةً أُخْرَى بِغَيْرِ إذْنِ الرَّاهِنِ، وَانْتَقَصَ أَرْبَعَةُ دَرَاهِمَ ثُمَّ هَلَكَ الثَّوْبُ، وَقِيمَتُهُ عِنْدَ الْهَلَاكِ عَشَرَةٌ قَالُوا: يَرْجِعُ الْمُرْتَهِنُ عَلَى الرَّاهِنِ بِدِرْهَمٍ وَاحِدٍ، وَيَسْقُطُ مِنْ دَيْنِهِ تِسْعَةُ دَرَاهِمَ وَوَجْهُ ذَلِكَ أَنَّ الدَّيْنَ إذَا كَانَ عَشَرَةَ دَرَاهِمَ وَقِيمَةُ الثَّوْبِ يَوْمَ الرَّهْنِ عِشْرُونَ كَانَ نِصْفُ الثَّوْبِ مَضْمُونًا بِالدَّيْنِ، وَنِصْفُهُ أَمَانَةً، وَصَارَ كُلُّ دِرْهَمَيْنِ رَهْنًا بِدِرْهَمٍ فَإِذَا انْتَقَصَ مِنْ الثَّوْبِ بِلُبْسِهِ بِإِذْنِ الرَّاهِنِ سِتَّةٌ لَا يَسْقُطُ شَيْءٌ مِنْ الدَّيْنِ؛ لِأَنَّ لُبْسَ الْمُرْتَهِنِ بِإِذْنِ الرَّاهِنِ كَلُبْسِ الرَّاهِنِ فَلَا يَكُونُ مَضْمُونًا عَلَى الْمُرْتَهِنِ، وَمَا انْتَقَصَ بِلُبْسِهِ بِغَيْرِ إذْنِ الرَّاهِنِ، وَهُوَ أَرْبَعَةُ دَرَاهِمَ مَضْمُونٌ عَلَى الْمُرْتَهِنِ فَمَا وَجَبَ عَلَى الْمُرْتَهِنِ، وَهُوَ أَرْبَعَةُ دَرَاهِمَ تَصِيرُ قِصَاصًا بِقَدْرِهَا مِنْ الدَّيْنِ فَإِذَا هَلَكَ الثَّوْبُ، وَقِيمَتُهُ بَعْدَ النُّقْصَانِ عَشَرَةٌ نِصْفُهَا مَضْمُونَةٌ، وَنِصْفُهَا أَمَانَةٌ فَبِقَدْرِ الْمَضْمُونِ يَصِيرُ الْمُرْتَهِنُ مُسْتَوْفِيًا دَيْنَهُ، وَبَقِيَ مِنْ دَيْنِهِ دِرْهَمٌ وَاحِدٌ فَلِهَذَا يَرْجِعُ عَلَى الرَّاهِنِ بِدِرْهَمٍ وَاحِدٍ. رَهَنَ جَارِيَةً فَأَرْضَعَتْ صَبِيًّا لِلْمُرْتَهِنِ لَمْ يَسْقُطْ شَيْءٌ مِنْ دَيْنِهِ؛ لِأَنَّ لَبَنَ الْآدَمِيِّ غَيْرُ مُتَقَوِّمٍ. وَلَوْ كَانَتْ شَاةً فَشَرِبَ الْمُرْتَهِنُ لَبَنَهَا كَانَ مَحْسُوبًا عَلَيْهِ مِنْ الدَّيْنِ؛ لِأَنَّ لَبَنَ الشَّاةِ مُتَقَوِّمٌ مِنْ قَاضِي خَانْ. رَهَنَ ضَيْعَةً فِي الشِّتَاءِ تَشْتَمِلُ عَلَى أَشْجَارٍ مُثْمِرَةٍ وَأَبَاحَ لَهُ أَكْلَ الثِّمَارِ فَلَمَّا الجزء: 1 ¦ الصفحة: 110 أَيْنَعَ الثِّمَارُ فِي الصَّيْفِ أَكَلَهَا بِنَاءً عَلَى تِلْكَ الْإِبَاحَةِ لَا شَيْءَ عَلَيْهِ، وَلَا يَسْقُطُ مِنْ دَيْنِهِ شَيْءٌ مِنْ الْقُنْيَةِ. رَهَنَ شَاةً، وَأَبَاحَ لِلْمُرْتَهِنِ أَنْ يَشْرَبَ لَبَنَهَا كَانَ لِلْمُرْتَهِنِ أَنْ يَشْرَبَ وَيَأْكُلَ وَلَا يَأْكُلَ ضَامِنًا، وَلَا يَسْقُطُ شَيْءٌ مِنْ الدَّيْنِ لِأَنَّهُ أَتْلَفَهُ بِإِذْنِ الْمَالِكِ فَإِنْ لَمْ يَفْتَكَّ الشَّاةَ حَتَّى مَاتَتْ فِي يَدِ الْمُرْتَهِنِ قُسِمَ الدَّيْنُ عَلَى قِيمَةِ الشَّاةِ، وَعَلَى قِيمَةِ اللَّبَنِ الَّذِي شَرِبَ فَمَا أَصَابَ الشَّاةَ يَسْقُطُ ذَلِكَ الْقَدْرُ مِنْ الدَّيْنِ، وَمَا أَصَابَ اللَّبَنَ أَخَذَهُ الْمُرْتَهِنُ مِنْ الرَّاهِنِ؛ لِأَنَّ شُرْبَ اللَّبَنِ بِإِذْنِ الرَّاهِنِ كَشُرْبِ الرَّاهِنِ لَا يَسْقُطُ قَدْرُ حِصَّتِهِ مِنْ الدَّيْنِ كَمَا لَوْ أَتْلَفَ الرَّاهِنُ عُضْوًا مِنْ أَعْضَائِهَا كَانَ لِلْمُرْتَهِنِ أَنْ يَرْجِعَ عَلَى الرَّاهِنِ بِحِصَّةِ ذَلِكَ مِنْ الدَّيْنِ وَكَذَلِكَ وَلَدُ الشَّاةِ إذَا أَذِنَ لَهُ الرَّاهِنُ فِي أَكْلِهِ وَكَذَا جَمِيعُ الثِّمَارِ الَّتِي تَحْدُثُ عَلَى هَذَا الْقِيَاسِ. وَلَوْ رَهَنَ خَاتَمًا فَلَبِسَ الْمُرْتَهِنُ الْخَاتَمَ فِي خِنْصَرِهِ الْيُمْنَى أَوْ الْيُسْرَى فَهَلَكَ الْخَاتَمُ كَانَ ضَامِنًا لِأَنَّهُ اسْتِعْمَالٌ وَفِيمَا سِوَى الْخِنْصَرِ مِنْ الْأَصَابِعِ لَا يَضْمَنُ لِأَنَّ ذَلِكَ حِفْظٌ، وَهُوَ مَأْمُورٌ بِالْحِفْظِ فَيَكُونُ رَهْنًا بِمَا فِيهِ. وَكَذَا الطَّيْلَسَانُ إنْ لَبِسَهُ الْمُرْتَهِنُ لُبْسًا مُعْتَادًا ضَمِنَ، وَإِنْ وَضَعَهُ عَلَى عَاتِقِهِ لَا يَضْمَنُ لِأَنَّهُ حِفْظٌ. وَلَوْ رَهَنَ سَيْفَيْنِ أَوْ ثَلَاثَةً فَتَقَلَّدَهَا لَا يَضْمَنُ فِي الثَّلَاثَةِ، وَضَمِنَ فِي السَّيْفَيْنِ؛ لِأَنَّ الْعَادَةَ جَرَتْ بَيْنَ الشُّجْعَانِ بِتَقَلُّدِ سَيْفَيْنِ فِي الْحَرْبِ، وَلَمْ تَجْرِ بِتَقَلُّدِ الثَّلَاثَةِ. وَإِنْ لَبِسَ الْخَاتَمَ فِي خِنْصَرِهِ فَوْقَ خَاتَمٍ لَا يَضْمَنُ إلَّا إذَا كَانَ اللَّابِسُ مِمَّنْ يَتَخَتَّمُ بِخَاتَمَيْنِ فَيَضْمَنُ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ اسْتِعْمَالٌ وَزِينَةٌ وَالْأَوَّلُ حِفْظٌ مِنْ الْهِدَايَةِ وَقَاضِي خَانْ. تَخَتَّمَ بِهِ الْمُرْتَهِنُ بِإِذْنٍ فَتَلِفَ فَالدَّيْنُ عَلَى حَالِهِ إذْ الْخَاتَمُ صَارَ عَارِيَّةً فَخَرَجَ مِنْ أَنْ يَكُونَ رَهْنًا، وَلَوْ أَخْرَجَهُ مِنْ الْأُصْبُعِ ثُمَّ هَلَكَ هَلَكَ بِالدَّيْنِ لِلْعَوْدِ هَذَا لَوْ أَمَرَهُ بِالتَّخَتُّمِ فِي الْخِنْصَرِ، وَلَوْ أَمَرَهُ بِالتَّخَتُّمِ فِي الْبِنْصِرِ يَهْلَكُ بِالدَّيْنِ إذْ لَا عَارِيَّةَ لِلْأَمْرِ بِالْحِفْظِ لَا بِالِاسْتِعْمَالِ هُوَ الصَّحِيحُ، وَلَوْ أَمَرَهُ بِالتَّخَتُّمِ فِي الْخِنْصَرِ فَلَا فَرْقَ بَيْنَ أَمْرِهِ بِجَعْلِ الْفَصِّ فِي جَانِبِ الْكَفِّ، وَعَدَمِ الْأَمْرِ بِهِ مِنْ الْفُصُولَيْنِ. وَلَوْ كَانَ الْمُرْتَهِنُ امْرَأَةً فَتَخَتَّمَتْ بِهِ فِي أَيِّ مَوْضِعِ أُصْبُعٍ كَانَتْ ضَمِنَتْ لِأَنَّ النِّسَاءَ يَتَخَتَّمْنَ بِجَمِيعِ أَصَابِعِهِنَّ كَمَا فِي الْغَصْبِ مِنْ الصُّغْرَى. الْمُرْتَهِنُ إذَا أَمْسَكَ الْعَيْنَ فِي مَوْضِعٍ لَا يُمْسَكُ فِيهِ لِلِاسْتِعْمَالِ فَهُوَ حِفْظٌ فَلَا يَضْمَنُ فَلَوْ تَعَمَّمَ الْمُرْتَهِنُ الْقَمِيصَ الْمَرْهُونَ أَوْ وَضَعَ الْعِمَامَةَ عَلَى الْعَاتِقِ أَوْ الْمَرْأَةُ تَسَوَّرَتْ بِالْخَلْخَالِ أَوْ تَخَلْخَلَتْ بِالسِّوَارِ، وَهَلَكَ لَا تَضْمَنُ، وَلَوْ تَسَوَّرَتْ بِالسِّوَارِ وَتَخَلْخَلَتْ بِالْخَلْخَالِ تَضْمَنُ مِنْ الْوَجِيزِ. وَلَوْ كَانَ الرَّهْنُ مُصْحَفًا فَأَذِنَ لَهُ الرَّاهِنُ بِالْقِرَاءَةِ فَهَلَكَ قَبْلَ أَنْ يَفْرُغَ مِنْ الْقِرَاءَةِ لَا يَضْمَنُ الْمُرْتَهِنُ، وَالدَّيْنُ عَلَى حَالِهِ، وَإِنْ هَلَكَ بَعْدَ الْفَرَاغِ مِنْ الْقِرَاءَةِ يَهْلَكُ بِالدَّيْنِ مِنْ قَاضِي خَانْ. وَلَوْ أَجَازَ الرَّاهِنُ لِوَلَدِ الْمُرْتَهِنِ أَنْ يَتَعَلَّمَ مِنْهُ فَذَهَبَ الصَّبِيُّ إلَى الْمُعَلِّمِ، وَنَسِيَ عِنْدَهُ فَضَاعَ لَمْ يَضْمَنْ لِأَنَّهُ إيدَاعُ الصَّبِيِّ وَكَانَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ عَلَاءُ الدِّينِ السَّمَرْقَنْدِيُّ عَلَى أَنَّهُ يَضْمَنُ، وَيَقُولُ: لَيْسَ هَذَا إيدَاعَ الصَّبِيِّ بَلْ هُوَ كَمَا لَوْ أَتْلَفَهُ صَبِيٌّ هُوَ فِي عِيَالِهِ إذْ تَرْكُهُ هُنَاكَ تَضْيِيعٌ بِخِلَافِ تَلَفِهِ حَالَةَ الِاسْتِعْمَالِ مِنْ الْفُصُولَيْنِ. [الْفَصْلُ السَّابِعُ فِي الْهَلَاكِ بَعْدَ الْإِبْرَاءِ وَالِاسْتِيفَاءِ] الرَّهْنُ بَعْدَ الْهِبَةِ وَالْإِبْرَاءِ أَمَانَةٌ اسْتِحْسَانًا لَا يَضْمَنُ إلَّا بَعْدَ التَّعَدِّي وَبَعْدَ الْإِيفَاءِ مَضْمُونٌ فَلَوْ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 111 ، وَهَبَ الْمُرْتَهِنُ الدَّيْنَ مِنْ الْمَدِينِ أَوْ أَبْرَأَهُ عَنْهُ ثُمَّ هَلَكَ الرَّهْنُ فِي يَدِهِ بِلَا حَبْسِهِ يَهْلَكُ بِغَيْرِ شَيْءٍ اسْتِحْسَانًا خِلَافًا لِزُفَرَ، وَكَذَا إذَا ارْتَهَنَتْ الْمَرْأَةُ رَهْنًا بِالصَّدَاقِ فَأَبْرَأَتْهُ أَوْ وَهَبَتْهُ مِنْ الزَّوْجِ وَارْتَدَّتْ وَالْعِيَاذُ بِاَللَّهِ تَعَالَى قَبْلَ الدُّخُولِ أَوْ اخْتَلَعَتْ مِنْهُ عَلَى صَدَاقِهَا ثُمَّ هَلَكَ الرَّهْنُ فِي يَدِهَا يَهْلَكُ بِغَيْرِ شَيْءٍ، وَلَمْ تَضْمَنْ لِسُقُوطِ الدَّيْنِ كَمَا فِي الْإِبْرَاءِ مِنْ الْهِدَايَةِ. وَلَوْ حَبَسَهُ ضَمِنَ قِيمَتَهُ بِالْإِجْمَاعِ ذَكَرَهُ فِي الْفُصُولَيْنِ. وَلَوْ اسْتَوْفَى الْمُرْتَهِنُ الدَّيْنَ كُلَّهُ أَوْ بَعْضَهُ بِإِيفَاءِ الرَّاهِنِ أَوْ بِإِيفَاءِ مُتَطَوِّعٍ ثُمَّ هَلَكَ فِي يَدِهِ يَهْلَكُ بِالدَّيْنِ، وَيَجِبُ عَلَيْهِ رَدُّ مَا قَبَضَ إلَى مَنْ قَبَضَهُ مِنْهُ، وَهُوَ مَنْ عَلَيْهِ الدَّيْنُ أَوْ الْمُتَطَوِّعُ مِنْ الْهِدَايَةِ، وَعِنْدَ زُفَرَ لَوْ تَبَرَّعَ أَجْنَبِيٌّ بِأَدَاءِ الدَّيْنِ ثُمَّ هَلَكَ الرَّهْنُ فِي يَدِ الْمُرْتَهِنِ يَرُدُّ مَا قَبَضَ إلَى الرَّاهِنِ لَا إلَى الْمُتَطَوِّعِ مِنْ الْمَجْمَعِ. وَلَوْ اشْتَرَى الْمُرْتَهِنُ بِالدَّيْنِ عَيْنًا أَوْ صَالَحَ عَنْهُ عَلَى عَيْنٍ ثُمَّ هَلَكَ الرَّهْنُ فِي يَدِهِ يَهْلَكُ بِالدَّيْنِ وَكَذَا إذَا أَحَالَ الرَّاهِنُ الْمُرْتَهِنَ بِالدَّيْنِ عَلَى غَيْرِهِ ثُمَّ هَلَكَ الرَّهْنُ بَطَلَتْ الْحَوَالَةُ، وَيَهْلَكُ بِالدَّيْنِ، وَكَذَا لَوْ تَصَادَقَا عَلَى أَنْ لَا دَيْنَ ثُمَّ هَلَكَ الرَّهْنُ يَهْلَكُ بِالدَّيْنِ مِنْ الْهِدَايَةِ. رَهَنَ عَبْدًا يُسَاوِي أَلْفًا بِأَلْفٍ ثُمَّ تَصَادَقَا عَلَى أَنْ لَا دَيْنَ إنْ كَانَ التَّصَادُقُ بَعْدَمَا هَلَكَ الرَّهْنُ فَعَلَى الْمُرْتَهِنِ رَدُّ الْأَلْفِ لِأَنَّهُ حَالَ الْهَلَاكِ كَانَ مَضْمُونًا بِأَلْفٍ ظَاهِرًا فَجُعِلَ اسْتِيفَاءً حُكْمًا، وَيُعَدُّ كَالِاسْتِيفَاءِ الْحَقِيقِيِّ، وَلَوْ وُجِدَ التَّصَادُقُ قَبْلَ الْهَلَاكِ قَالَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ: اخْتَلَفَ الْمَشَايِخُ فِيهِ. وَقَالَ الْحَلْوَانِيُّ: نَصَّ مُحَمَّدٍ فِي الْجَامِعِ أَنَّهُ يَهْلَكُ أَمَانَةً. وَكَذَا إذَا رَهَنَ عَبْدًا بِكُرِّ حِنْطَةٍ وَمَاتَ الْعَبْدُ ثُمَّ تَصَادَقَا إنَّ الْكُرَّ لَمْ يَكُنْ فَعَلَى الْمُرْتَهِنِ قِيمَةُ الْكُرِّ لِمَا ذَكَرْنَا إنَّهُ صَارَ مُسْتَوْفِيًا، وَعَنْ الثَّانِي - رَحِمَهُ اللَّهُ - أَنَّهُ لَا شَيْءَ عَلَى الْمُرْتَهِنِ؛ لِأَنَّ التَّصَادُقَ حُجَّةٌ فِي حَقِّهِنَّ، وَقَدْ تَصَادَقَا عِنْدَ الْهَلَاكِ أَنَّ الدَّيْنَ لَمْ يَكُنْ وَاسْتِيفَاءُ الدَّيْنِ، وَلَا دَيْنَ لَا يُتَصَوَّرُ مِنْ الْبَزَّازِيَّةِ. وَفِي الْفُصُولَيْنِ وَالْوَجِيزِ لَوْ تَصَادَقَا أَنْ لَا دَيْنَ، وَالرَّهْنُ قَائِمٌ فِي يَدِ الْمُرْتَهِنِ ثُمَّ هَلَكَ فِي يَدِ الْمُرْتَهِنِ يُرَدُّ عَلَى الرَّاهِنِ قَدْرُ الدَّيْنِ، وَلَوْ تَصَادَقَا عَلَى أَنْ لَا دَيْنَ بَعْدَ هَلَاكِهِ قِيلَ: يَهْلَكُ أَمَانَةً، وَقِيلَ: يَضْمَنُ اهـ. رَجُلٌ عَلَيْهِ دَيْنٌ وَبِهِ رَهْنٌ، وَكَفِيلٌ كَفَلَ بِإِذْنِ الْمَدْيُونِ فَقَضَى الْكَفِيلُ دَيْنَ الطَّالِبِ ثُمَّ هَلَكَ الرَّهْنُ عِنْدَ الطَّالِبِ ذُكِرَ فِي النَّوَازِلِ أَنَّ الْكَفِيلَ يَرْجِعُ عَلَى الْأَصِيلِ بِمَا كَفَلَ؛ لِأَنَّ الرَّهْنَ إذَا هَلَكَ وَبِهِ وَفَاءٌ بِالدَّيْنِ يَصِيرُ الطَّالِبُ قَابِضًا دَيْنَهُ بِقَبْضِ الرَّهْنِ فَإِذَا أَخَذَ الْمَالَ مِنْ الْكَفِيلِ يَصِيرُ قَابِضًا بَعْدَ الِاسْتِيفَاءِ إلَّا أَنَّ الْكَفِيلَ إنَّمَا دَفَعَ الْمَالَ إلَى الطَّالِبِ بِإِذْنِ الْأَصِيلِ فَهُوَ سَفِيرٌ مَحْضٌ فِي ذَلِكَ فَلَا يَكُونُ لَهُ أَنْ يُخَاصِمَ الطَّالِبَ، وَلَكِنَّهُ يُخَاصِمُ الْأَصِيلَ، وَيَرْجِعُ عَلَيْهِ لِأَنَّهُ دَفَعَ الْمَالَ بِأَمْرِهِ وَهُوَ كَمَا لَوْ بَاعَ شَيْئًا، وَأَخَذَ كَفِيلًا بِالثَّمَنِ بِأَمْرِ الْمُشْتَرِي يَرْجِعُ عَلَى الْبَائِعِ بِمَا دَفَعَ الْكَفِيلُ إلَيْهِ مِنْ قَاضِي خَانْ. رَهَنَ ثَوْبَيْنِ بِعَشَرَةٍ قِيمَةُ أَحَدِهِمَا تِسْعَةٌ، وَالْآخَرُ سِتَّةٌ فَاقْتَضَى أَرْبَعَةَ دَرَاهِمَ ثُمَّ هَلَكَ الَّذِي قِيمَتُهُ سِتَّةٌ يُفْتِك الثَّوْبَ الْبَاقِيَ بِدِرْهَمَيْنِ وَلَوْ هَلَكَ الَّذِي قِيمَتُهُ تِسْعَةٌ أَخَذَ الْبَاقِيَ بِغَيْرِ شَيْءٍ مِنْ الْوَجِيزِ. [الْفَصْلُ الثَّامِنُ فِي الرَّهْنِ الَّذِي يُوضَعُ عَلَى يَدِ عَدْلٍ] لَوْ اتَّفَقَ الرَّاهِنُ وَالْمُرْتَهِنُ عَلَى وَضْعِ الرَّهْنِ عَلَى يَدِ عَدْلٍ جَازَ، وَيَتِمُّ الرَّهْنُ بِقَبْضِ الْعَدْلِ ذَكَرَهُ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 112 فِي الْإِصْلَاحِ، وَلَيْسَ لِلْمُرْتَهِنِ، وَلَا لِلرَّاهِنِ أَنْ يَأْخُذَهُ مِنْهُ، وَقَبْضُ الْعَدْلِ يَكُونُ بِمَنْزِلَةِ قَبْضِ الْمُرْتَهِنِ فَلَوْ هَلَكَ فِي يَدِهِ هَلَكَ فِي ضَمَانِ الْمُرْتَهِنِ، وَلَوْ دَفَعَ الْعَدْلُ الرَّهْنَ إلَى الرَّاهِنِ أَوْ الْمُرْتَهِنِ ضَمِنَ، وَإِذَا ضَمِنَ الْعَدْلُ قِيمَةَ الرَّهْنِ بَعْدَمَا دَفَعَ إلَى أَحَدِهِمَا، وَقَدْ اسْتَهْلَكَهُ الْمَدْفُوعُ إلَيْهِ أَوْ هَلَكَ فِي يَدِهِ لَا يَقْدِرُ أَنْ يَجْعَلَ الْقِيمَةَ رَهْنًا فِي يَدِهِ لَكِنْ يَتَّفِقُ الرَّاهِنُ وَالْمُرْتَهِنُ عَلَى أَنْ يَأْخُذَاهَا مِنْهُ، وَيَجْعَلَاهَا رَهْنًا عِنْدَهُ أَوْ عِنْدَ غَيْرِهِ، وَإِنْ تَعَذَّرَ اجْتِمَاعُهُمَا يَرْفَعُ أَحَدُهُمَا إلَى الْقَاضِي لِيَفْعَلَ كَذَلِكَ، وَلَوْ فَعَلَ ثُمَّ قَضَى الرَّاهِنُ الدَّيْنَ، وَقَدْ ضَمِنَ الْعَدْلُ الْقِيمَةَ بِالدَّفْعِ إلَى الرَّاهِنِ فَالْقِيمَةُ سَالِمَةٌ لَهُ، وَإِنْ كَانَ ضَمِنَهَا بِالدَّفْعِ إلَى الْمُرْتَهِنِ فَالرَّاهِنُ يَأْخُذُ الْقِيمَةَ مِنْهُ كَمَا يَأْخُذُ الرَّهْنَ إذَا كَانَ قَائِمًا مِنْ الْهِدَايَةِ. قَالَ فِي الْوَجِيزِ: ثُمَّ إنَّ الْعَدْلَ إذَا كَانَ دَفَعَ الرَّهْنَ إلَى الْمُرْتَهِنِ عَلَى وَجْهِ الْأَمَانَةِ، وَهَلَكَ فِي يَدِهِ لَا يَرْجِعُ بِقِيمَتِهِ عَلَيْهِ، وَإِنْ دَفَعَهُ رَهْنًا بِأَنْ قَالَ: هَذَا رَهْنُك خُذْهُ وَاحْبِسْهُ يَرْجِعُ عَلَيْهِ بِالْقِيمَةِ اهـ. وَلَوْ، وَكَّلَ الرَّاهِنُ الْعَدْلَ بِبَيْعِ الرَّهْنِ عِنْدَ حُلُولِ الدَّيْنِ جَازَ فَلَوْ بَاعَهُ الْعَدْلُ، وَسَلَّمَ الثَّمَنَ إلَى الْمُرْتَهِنِ ثُمَّ اُسْتُحِقَّ أَوْ رُدَّ عَلَيْهِ بِعَيْبٍ بِقَضَاءِ قَاضٍ فَإِنَّ الْمُشْتَرِيَ يَرْجِعُ بِالثَّمَنِ عَلَى الْعَدْلِ ثُمَّ الْعَدْلُ بِالْخِيَارِ إنْ شَاءَ رَجَعَ عَلَى الْمُرْتَهِنِ بِالثَّمَنِ، وَيَعُودُ دَيْنُ الْمُرْتَهِنِ عَلَى حَالِهِ، وَإِنْ شَاءَ عَلَى الرَّاهِنِ مِنْ قَاضِي خَانْ قَالَ فِي الْهِدَايَةِ: وَلَوْ كَانَ التَّوْكِيلُ بَعْدَ عَقْدِ الرَّهْنِ غَيْرَ مَشْرُوطٍ فِي الْعَقْدِ فَمَا لَحِقَ الْعَدْلَ مِنْ الْعُهْدَةِ يَرْجِعُ بِهِ عَلَى الرَّاهِنِ قَبَضَ الْمُرْتَهِنُ الثَّمَنَ أَمْ لَا لِأَنَّهُ لَمْ يَتَعَلَّقْ بِهَذَا التَّوْكِيلِ حَقُّ الْمُرْتَهِنِ فَلَا رُجُوعَ عَلَيْهِ كَمَا فِي الْكَفَالَةِ الْمُنْفَرِدَةِ عَنْ الرَّهْنِ اهـ. وَلَوْ بَاعَ الْعَدْلُ، وَلَمْ يُسَلِّمْ الثَّمَنَ إلَى الْمُرْتَهِنِ فَاسْتُحِقَّ الْمَبِيعُ أَوْ رُدَّ بِعَيْبٍ بِقَضَاءٍ فَإِنَّ الْعَدْلَ لَا يَرْجِعُ عَلَى الْمُرْتَهِنِ. وَلَوْ قَالَ الْعَدْلُ: بِعْت الرَّهْنَ، وَسَلَّمْت الثَّمَنَ وَأَنْكَرَ الْمُرْتَهِنُ ذَلِكَ كَانَ الْقَوْلُ قَوْلَ الْعَدْلِ وَيَبْطُلُ دَيْنُ الْمُرْتَهِنِ، وَلِلْعَدْلِ الْمُسَلَّطِ عَلَى بَيْعِ الرَّهْنِ بَيْعُ مَا يَحْدُثُ مِنْ الرَّهْنِ مِنْ وَلَدٍ أَوْ ثَمَرٍ لِأَنَّهُ تَبَعٌ لِلْأَصْلِ. وَلَوْ أَنَّ الْعَدْلَ بَاعَ الرَّهْنَ فِي حَيَاتِهِ، وَتَصَادَقُوا عَلَى بَيْعِهِ إلَّا أَنَّ الرَّاهِنَ يَقُولُ بَاعَهُ بِمِائَةٍ وَالدَّيْنُ وَقِيمَةُ الرَّهْنِ مِائَةٌ أَيْضًا، وَصَدَّقَهُ الْعَدْلُ فِي ذَلِكَ، وَقَالَ الْمُرْتَهِنُ: بَاعَهُ بِخَمْسِينَ دِرْهَمًا كَانَ الْقَوْلُ قَوْلَ الْمُرْتَهِنِ مَعَ يَمِينِهِ، وَالْبَيِّنَةُ بَيِّنَةَ الرَّاهِنِ. رَجُلٌ رَهَنَ عِنْدَ رَجُلٍ جَارِيَةً تُسَاوِي أَلْفًا بِأَلْفٍ مُؤَجَّلَةٍ إلَى شَهْرٍ، وَجَعَلَ رَجُلًا مُسَلَّطًا عَلَى بَيْعِهَا إذَا حَلَّ الْأَجَلُ فَلَمَّا حَلَّ الْأَجَلُ جَاءَ الْمُرْتَهِنُ بِجَارِيَةٍ، وَطَلَبَ مِنْ الْعَدْلِ بَيْعَهَا فَقَالَ الرَّاهِنُ: لَيْسَتْ هَذِهِ جَارِيَتِي إنْ تَصَادَقَ الرَّاهِنُ وَالْمُرْتَهِنُ أَنَّ الْمَرْهُونَةَ كَانَتْ قِيمَتُهَا أَلْفَ دِرْهَمٍ، وَالدَّيْنُ أَلْفَ دِرْهَمٍ فَإِنْ كَانَتْ الْجَارِيَةُ الَّتِي جَاءَ بِهَا الْمُرْتَهِنُ تُسَاوِي أَلْفَ دِرْهَمٍ إلَّا أَنَّ الرَّاهِنَ أَنْكَرَ أَنْ تَكُونَ هَذِهِ تِلْكَ الْجَارِيَةَ أَوْ قَالَ: لَا أَدْرِي كَانَ الْقَوْلُ قَوْلَهُ مَعَ يَمِينِهِ عَلَى الْعِلْمِ فَإِنْ حَلَفَ لَا يُجْبَرُ الْعَدْلُ عَلَى الْبَيْعِ، وَيَأْمُرُ الْقَاضِي الرَّاهِنَ بِالْبَيْعِ فَإِنْ امْتَنَعَ الرَّاهِنُ لَا يُجْبَرُ الرَّاهِنُ، وَلَكِنْ يَبِيعُهُ الْقَاضِي كَمَا لَوْ مَاتَ الْعَدْلُ، وَإِذَا بَاعَ الْقَاضِي كَانَتْ الْعُهْدَةُ عَلَى الرَّاهِنِ. وَإِنْ نَكَلَ يُجْبَرُ الْعَدْلُ عَلَى بَيْعِهَا، وَإِذَا بَاعَ الْعَدْلُ كَانَتْ الْعُهْدَةُ عَلَى الْعَدْلِ وَيَرْجِعُ الْعَدْلُ عَلَى الرَّاهِنِ، وَإِنْ جَاءَ الْمُرْتَهِنُ بِجَارِيَةٍ قِيمَتُهَا خَمْسُمِائَةٍ فَقَالَ الرَّاهِنُ: لَيْسَتْ هَذِهِ الْجَارِيَةُ جَارِيَتِي، وَقَالَ الْمُرْتَهِنُ: هَذِهِ تِلْكَ الْجَارِيَةُ، وَانْتَقَصَ سِعْرُهَا كَانَ الْقَوْلُ قَوْلَ الرَّاهِنِ وَيَحْلِفُ فَإِنْ حَلَفَ تُجْعَلُ الْجَارِيَةُ هَالِكَةً بِالدَّيْنِ فِي زَعْمِهِ ثُمَّ يَرْجِعُ إلَى الجزء: 1 ¦ الصفحة: 113 الْعَدْلِ إنْ أَقَرَّ الْعَدْلُ بِمَا قَالَ الْمُرْتَهِنُ يُقَالُ لَهُ: بِعْهَا لِلْمُرْتَهِنِ فَإِذَا بَاعَ دُفِعَ الثَّمَنُ إلَى الْمُرْتَهِنِ فَإِنْ كَانَ فِيهِ بَقِيَّةٌ لَا يَرْجِعُ الْمُرْتَهِنُ بِبَقِيَّةِ دَيْنِهِ عَلَى الرَّاهِنِ إلَّا إذَا أَقَامَ الْمُرْتَهِنُ الْبَيِّنَةَ عَلَى مَا قَالَ فَيَرْجِعُ بِبَقِيَّةِ دَيْنِهِ عَلَى الرَّاهِنِ هَذَا إذَا تَصَادَقَا أَنَّ قِيمَةَ الْجَارِيَةِ كَانَتْ أَلْفًا، وَإِنْ اخْتَلَفَا فَقَالَ الرَّاهِنُ: كَانَتْ قِيمَتُهَا أَلْفًا، وَهَذِهِ غَيْرُ تِلْكَ الْجَارِيَةِ، وَقَالَ الْمُرْتَهِنُ: مَا رَهَنْتَنِي إلَّا جَارِيَةً قِيمَتُهَا خَمْسُمِائَةٍ كَانَ الْقَوْلُ قَوْلَ الْمُرْتَهِنِ فَإِنْ صَدَّقَهُ الْعَدْلُ يُجْبَرُ عَلَى الْبَيْعِ فَإِنْ كَانَ الثَّمَنُ أَنْقَصَ مِنْ الدَّيْنِ يَرْجِعُ بِبَقِيَّةِ دَيْنِهِ عَلَى الرَّاهِنِ، وَإِنْ امْتَنَعَ الْعَدْلُ مِنْ بَيْعِهَا يُجْبَرُ الرَّاهِنُ عَلَى بَيْعِهَا أَوْ يَبِيعُهَا الْقَاضِي، وَالْعُهْدَةُ عَلَى الرَّاهِنِ، وَبَقِيَّةُ الدَّيْنِ كَذَلِكَ يَكُونُ عَلَى الرَّاهِنِ مِنْ قَاضِي خَانْ. [الْفَصْلُ التَّاسِعُ فِي الْجِنَايَةِ عَلَى الرَّاهِنِ وَالْجِنَايَةِ مِنْهُ] جِنَايَةُ الرَّاهِنِ عَلَى الرَّهْنِ مَضْمُونَةٌ، وَجِنَايَةُ الْمُرْتَهِنِ عَلَى الرَّهْنِ تَسْقُطُ مِنْ دَيْنِهِ بِقَدْرِهَا إنْ كَانَ الضَّمَانُ عَلَى صِفَةِ الدَّيْنِ فَإِذَا اسْتَهْلَكَ الرَّاهِنُ الرَّهْنَ فَإِنْ كَانَ الدَّيْنُ حَالًّا أُخِذَ مِنْهُ كُلُّ الدَّيْنِ وَإِنْ كَانَ مُؤَجَّلًا أُخِذَ مِنْهُ قِيمَتُهُ فَتَكُونُ رَهْنًا مَكَانَهُ إلَى حُلُولِ الْأَجَلِ. وَلَوْ اسْتَهْلَكَهُ أَجْنَبِيٌّ فَالْمُرْتَهِنُ هُوَ الْخَصْمُ فِي تَضْمِينِهِ فَيَأْخُذُ الْقِيمَةَ، وَتَكُونُ رَهْنًا فِي يَدِهِ، وَالْوَاجِبُ عَلَى هَذَا الْمُسْتَهْلَكُ قِيمَتُهُ يَوْمَ هَلَكَ فَإِنْ كَانَتْ يَوْمَ هَلَكَ خَمْسَمِائَةٍ، وَيَوْمَ رُهِنَ أَلْفًا غَرِمَ خَمْسَمِائَةٍ وَكَانَتْ رَهْنًا، وَيَسْقُطُ مِنْ الدَّيْنِ خَمْسُمِائَةٍ إذْ الْمُعْتَبَرُ فِي ضَمَانِ الرَّهْنِ الْقِيمَةُ يَوْمَ الْقَبْضِ لَا يَوْمَ الْفِكَاكِ. وَلَوْ اسْتَهْلَكَهُ الْمُرْتَهِنُ وَكَانَ الدَّيْنُ مُؤَجَّلًا غَرِمَ الْقِيمَةَ، وَكَانَتْ رَهْنًا فِي يَدِهِ حَتَّى يَحِلَّ الْأَجَلُ فَإِذَا حَلَّ الدَّيْنُ، وَهُوَ عَلَى صِفَةِ الْقِيمَةِ اسْتَوْفَى الْمُرْتَهِنُ مِنْهَا قَدْرَ حَقِّهِ، وَرَدَّ الْفَضْلَ إنْ كَانَ، وَتُعْتَبَرُ قِيمَتُهُ يَوْمَ الْقَبْضِ مِنْ الْهِدَايَةِ قَالَ قَاضِي خَانْ: وَإِنْ كَانَتْ قِيمَتُهُ يَوْمَ الْقَبْضِ أَلْفًا، وَقَدْرُهُنَّ بِأَلْفٍ وَتَرَاجَعَتْ إلَى خَمْسِمِائَةٍ غَرِمَ بِالِاسْتِهْلَاكِ خَمْسَمِائَةٍ، وَيَسْقُطُ مِنْ الدَّيْنِ خَمْسُمِائَةٍ اهـ. وَمَنْ رَهَنَ عَبْدًا يُسَاوِي أَلْفًا بِأَلْفٍ إلَى أَجَلٍ فَنَقَصَ مِنْ السِّعْرِ فَرَجَعَتْ قِيمَتُهُ إلَى مِائَةٍ ثُمَّ قَتَلَهُ رَجُلٌ خَطَأً، وَغَرِمَ قِيمَتَهُ مِائَةً ثُمَّ حَلَّ الْأَجَلُ فَإِنَّ الْمُرْتَهِنَ يَقْبِضُ الْمِائَةَ قَضَاءً عَنْ حَقِّهِ، وَلَا يَرْجِعُ عَلَى الرَّاهِنِ بِشَيْءٍ، وَإِنْ قَتَلَهُ عَبْدٌ قِيمَتُهُ مِائَةٌ فَدَفَعَ بِهِ يُجْبَرُ الرَّاهِنُ عَلَى افْتِكَاكِهِ بِجَمِيعِ الدَّيْنِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ. وَقَالَ مُحَمَّدٌ: هُوَ مُخَيَّرٌ إنْ شَاءَ افْتَكَّهُ بِجَمِيعِ الدَّيْنِ، وَإِنْ شَاءَ تَرَكَهُ عَلَى الْمُرْتَهِنِ، وَلَوْ كَانَ الْعَبْدُ تَرَاجَعَ سِعْرُهُ حَتَّى صَارَ يُسَاوِي مِائَةً ثُمَّ قَتَلَهُ عَبْدٌ يُسَاوِي مِائَةً فَدَفَعَ بِهِ فَهُوَ عَلَى هَذَا الْخِلَافِ مِنْ الْهِدَايَةِ. الشَّاةُ الْمَرْهُونَةُ إذَا وَلَدَتْ وَلَدًا عِنْدَ الْمُرْتَهِنِ، وَاسْتَهْلَكَهَا الْمُرْتَهِنُ أَوْ وَلَدُهَا كَانَ عَلَيْهِ قِيمَةُ مَا اسْتَهْلَكَ، وَيَكُونُ الضَّمَانُ رَهْنًا عِنْدَهُ يَفْتَكُّهُ الرَّاهِنُ بِقِسْطِهِ مِنْ الدَّيْنِ، وَإِنْ كَانَ الرَّاهِنُ هُوَ الَّذِي اسْتَهْلَكَ الْوَلَدَ أَوْ الزِّيَادَةَ يَضْمَنُ أَيْضًا كَمَا ضَمِنَ الْمُرْتَهِنُ فَلَوْ هَلَكَ الضَّمَانُ عِنْدَ الْمُرْتَهِنِ يَهْلَكُ هَدَرًا لِأَنَّ الضَّمَانَ قَائِمٌ مَقَامَ الْوَلَدِ، وَالْوَلَدُ لَوْ هَلَكَ عِنْدَ الْمُرْتَهِنِ يَهْلَكُ هَدَرًا فَكَذَلِكَ الضَّمَانُ. وَلَوْ رَهَنَ حَيَوَانًا مِنْ غَيْرِ بَنِي آدَمَ فَجَنَى الْبَعْضُ عَلَى الْبَعْضِ تَكُونُ الْجِنَايَةُ هَدَرًا وَيَصِيرُ كَأَنَّهُ هَلَكَ بِآفَةٍ سَمَاوِيَّةٍ مِنْ قَاضِي خَانْ. قَالَ فِي الْوَجِيزِ: ارْتَهَنَ دَابَّتَيْنِ فَقَتَلَتْ إحْدَاهُمَا الْأُخْرَى ذَهَبَ مِنْ الدَّيْنِ بِحِسَابِهَا. وَلَوْ كَانَ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 114 الرَّهْنُ عَبْدَيْنِ فَقَتَلَ أَحَدُهُمَا الْآخَرَ أَوْ جَنَى أَحَدُهُمَا عَلَى الْآخَرِ فِيمَا دُونَ النَّفْسِ قَلَّ الْأَرْشُ أَوْ كَثُرَ لَا تُعْتَبَرُ الْجِنَايَةُ، وَيَسْقُطُ دَيْنُ الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ بِقَدْرِهِ وَلَوْ كَانَا جَمِيعًا رُهِنَا بِأَلْفٍ فَقَتَلَ أَحَدُهُمَا الْآخَرَ فَلَا دَفْعَ وَلَا فِدَاءَ، وَيَبْقَى الْبَاقِي رَهْنًا بِسَبْعِمِائَةٍ وَخَمْسِينَ. وَلَوْ رَهَنَ عَبْدًا وَدَابَّةً فَجِنَايَةُ الدَّابَّةِ عَلَى الْعَبْدِ هَدَرٌ وَجِنَايَةُ الْعَبْدِ عَلَى الدَّابَّةِ مُعْتَبَرَةٌ حَسَبَ جِنَايَةِ الْعَبْدِ عَلَى عَبْدٍ آخَرَ مِنْ قَاضِي خَانْ. رَهَنَ كُرَّ شَعِيرٍ وَغُلَامًا، وَبِرْذَوْنًا قِيمَةُ كُلِّ وَاحِدٍ مِائَةٌ، وَقَبَضَ الْمُرْتَهِنُ فَأَقْضَمَ الْغُلَامُ الْبِرْذَوْنَ الشَّعِيرَ فَجِنَايَةُ ثُلُثِ الْعَبْدِ عَلَى ثُلُثِ الرَّهْنِ مُهْدَرَةٌ، وَجِنَايَةُ ثُلُثَيْ الْعَبْدِ مُعْتَبَرَةٌ فَتَكُونُ فِي عِتْقِ الْعَبْدِ ذَكَرَهُ فِي الْوَجِيزِ نَقْلًا عَنْ الْمُنْتَقَى. جِنَايَةُ الْعَبْدِ الرَّهْنَ عَلَى الرَّاهِنِ فِي نَفْسِهِ جِنَايَةٌ تُوجِبُ الْمَالَ، وَعَلَى مَالِهِ هَدَرٌ فِي قَوْلِهِمْ جَمِيعًا، وَجِنَايَتُهُ عَلَى الْمُرْتَهِنِ فِيمَا دُونَ النَّفْسِ أَوْ فِي مَالِهِ هَدَرٌ فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - قَلَّتْ قِيمَةُ الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ أَوْ كَثُرَتْ وَعِنْدَ أَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ مُعْتَبَرَةٌ فَإِنْ اجْتَمَعَ الرَّاهِنُ وَالْمُرْتَهِنُ عَلَى الدَّفْعِ دَفَعَاهُ بِالْجِنَايَةِ إلَى الْمُرْتَهِنِ، وَيَبْطُلُ الدَّيْنُ مِنْ قَاضِي خَانْ فَإِنْ قَالَ الْمُرْتَهِنُ: لَا أَطْلُبُ الْجِنَايَةَ فَهُوَ رَهْنٌ عَلَى حَالِهِ انْتَهَى، وَالْخِلَافُ إنَّمَا هُوَ فِي رَهْنِ جَمِيعِهِ مَضْمُونٌ بِأَنْ كَانَتْ قِيمَتُهُ مِثْلَ الدَّيْنِ أَوْ أَقَلَّ فَأَمَّا إذَا كَانَ بَعْضُهُ مَضْمُونًا، وَبَعْضُهُ أَمَانَةً بِأَنْ كَانَتْ قِيمَتُهُ ضِعْفَ الدَّيْنِ فَإِنَّ جِنَايَتَهُ عَلَى الْمُرْتَهِنِ مُعْتَبَرَةٌ اتِّفَاقًا فَيُقَالُ لِلرَّاهِنِ: إنْ شِئْت ادْفَعْهُ بِالْجِنَايَةِ، وَإِنْ شِئْت افْدِهِ فَإِنْ دَفَعَهُ، وَقَبِلَ الْمُرْتَهِنُ بَطَلَ الدَّيْنُ كُلُّهُ، وَصَارَ الْعَبْدُ لِلْمُرْتَهِنِ، وَإِنْ اخْتَارَ فِدَاءَهُ فَنِصْفُ الْفِدَاءِ عَلَى الرَّاهِنِ، وَنِصْفُهُ عَلَى الْمُرْتَهِنِ فَمَا كَانَ حِصَّةَ الْمُرْتَهِنِ يَبْطُلُ، وَمَا كَانَ حِصَّةُ الرَّاهِنِ يُفْدَى وَالْعَبْدُ رَهْنٌ عَلَى حَالِهِ ذَكَرَهُ فِي الْحَقَائِقِ وَمَشَى عَلَيْهِ ابْنُ كَمَالٍ فِي الْإِيضَاحِ. وَفِي الْوَجِيزِ فَإِنْ كَانَ فِي قِيمَتِهِ فَضْلٌ عَنْ الدَّيْنِ فَجِنَايَتُهُ عَلَى الْمُرْتَهِنِ، وَرَقِيقُهُ مُعْتَبَرَةٌ بِالْإِجْمَاعِ انْتَهَى. وَفِي الْهِدَايَةِ: وَجِنَايَةُ الرَّهْنِ عَلَى مَالِ الْمُرْتَهِنِ لَا تُعْتَبَرُ بِالِاتِّفَاقِ إذَا كَانَتْ قِيمَتُهُ وَالدَّيْنُ سَوَاءً لِأَنَّهُ لَا فَائِدَةَ لِاعْتِبَارِهِ لِأَنَّهُ لَا يَتَمَلَّكُ الْعَبْدَ، وَهُوَ الْفَائِدَةُ، وَإِنْ كَانَتْ الْقِيمَةُ أَكْثَرَ مِنْ الدَّيْنِ فَعَنْ أَبِي حَنِيفَةَ أَنَّهُ يُعْتَبَرُ بِقَدْرِ الْأَمَانَةِ وَعَنْهُ أَنَّهُ يُعْتَبَرُ جِنَايَةُ الرَّهْنِ عَلَى ابْنِ الرَّاهِنِ، وَابْنِ الْمُرْتَهِنِ كَالْجِنَايَةِ عَلَى الْأَجْنَبِيِّ انْتَهَى الْعَبْدُ الْمُرْتَهَنُ إذَا قَتَلَ الرَّاهِنَ أَوْ الْمُرْتَهِنَ أَوْ غَيْرَهُمَا عَمْدًا يُقْتَصُّ مِنْهُ، وَيَبْطُلُ الدَّيْنُ مِنْ قَاضِي خَانْ وَغَيْرِهِ. ، وَإِذَا قَتَلَ الْعَبْدُ الرَّهْنُ قَتِيلًا خَطَأً فَضَمَانُ الْجِنَايَةِ عَلَى الْمُرْتَهِنِ وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَدْفَعَ لِأَنَّهُ لَا يَمْلِكُ التَّمْلِيكَ فَإِنْ فَدَاهُ الْمُرْتَهِنُ بَقِيَ الدَّيْنُ عَلَى حَالِهِ، وَلَا يَرْجِعُ عَلَى الرَّاهِنِ بِشَيْءٍ مِنْ الْفِدَاءِ لِأَنَّ الْجِنَايَةَ حَصَلَتْ فِي ضَمَانِهِ فَكَانَ عَلَيْهِ إصْلَاحُهَا وَلَوْ أَبَى الْمُرْتَهِنُ أَنْ يَفْدِيَ قِيلَ لِلرَّاهِنِ: ادْفَعْ الْعَبْدَ أَوْ افْدِهِ بِالدِّيَةِ فَإِنْ اخْتَارَ الدَّفْعَ سَقَطَ الدَّيْنُ لِأَنَّهُ اسْتَحَقَّ لِمَعْنًى فِي ضَمَانِ الْمُرْتَهِنِ فَصَارَ كَالْهَلَاكِ. وَكَذَلِكَ إنْ فَدَى يَسْقُطُ الدَّيْنُ لِأَنَّ الْعَبْدَ كَالْحَاصِلِ لَهُ بِعِوَضٍ كَانَ عَلَى الْمُرْتَهِنِ، وَهُوَ الْفِدَاءُ بِخِلَافِ وَلَدِ الرَّهْنِ إذَا قَتَلَ إنْسَانًا أَوْ أَهْلَكَ مَالًا فَإِنَّ الرَّاهِنَ يُخَاطَبُ بِالدَّفْعِ أَوْ الْفِدَاءِ، وَإِنْ فَدَى فَهُوَ رَهْنٌ مَعَ أُمِّهِ عَلَى حَالِهِمَا مِنْ الْهِدَايَةِ قَالَ ابْنُ كَمَالٍ فِي الْإِيضَاحِ: إنَّمَا يَسْقُطُ الدَّيْنُ بِتَمَامِهِ إذَا كَانَ أَقَلَّ مِنْ قِيمَةِ الرَّهْنِ أَوْ مُسَاوِيًا أَمَّا إذَا كَانَ أَكْثَرَ يَسْقُطُ مِنْ الدَّيْنِ مِقْدَارُ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 115 قِيمَةِ الْعَبْدِ وَلَا يَسْقُطُ الْبَاقِي، وَإِنَّمَا لَمْ يَذْكُرْ فِي الْمَتْنِ هَذَا لِأَنَّ الظَّاهِرَ أَنْ لَا يَكُونَ الدَّيْنُ أَكْثَرَ مِنْ قِيمَةِ الرَّهْنِ انْتَهَى. وَفِي الْوَجِيزِ فَإِنْ هَلَكَ الرَّهْنُ فِي يَدِ الْمُرْتَهِنِ بَعْدَمَا فَدَاهُ الرَّاهِنُ يُرَدُّ عَلَى الرَّاهِنِ الْفِدَاءَ انْتَهَى. ، وَلَوْ كَانَتْ قِيمَةُ الْعَبْدِ أَلْفَيْنِ، وَهُوَ رَهْنٌ بِأَلْفٍ قَدْ جَنَى الْعَبْدُ خَطَأً يُقَالُ لَهُمَا: افْدِيَا؛ لِأَنَّ النِّصْفَ مِنْهُ مَضْمُونٌ وَالنِّصْفَ أَمَانَةٌ، وَالْفِدَاءُ فِي الْمَضْمُونِ عَلَى الْمُرْتَهِنِ، وَفِي الْأَمَانَةِ عَلَى الرَّاهِنِ فَإِنْ أَجْمَعَا عَلَى الدَّفْعِ دَفَعَاهُ، وَبَطَلَ دَيْنُ الْمُرْتَهِنِ، وَالدَّفْعُ لَا يَجُوزُ فِي الْحَقِيقَةِ مِنْ الْمُرْتَهِنِ لِمَا بَيَّنَّاهُ، وَإِنَّمَا مِنْهُ الرِّضَا بِهِ فَإِنْ تَشَاحَّا فَالْقَوْلُ لِمَنْ قَالَ: أَنَا أَفْدِي رَاهِنًا كَانَ أَوْ مُرْتَهِنًا، وَكَذَا فِي جِنَايَةِ وَلَدِ الرَّهْنِ، وَإِذَا قَالَ الْمُرْتَهِنُ: أَنَا أَفْدِي لَهُ ذَلِكَ، وَإِنْ كَانَ الْمَالِكُ يَخْتَارُ الدَّفْعَ وَلَوْ أَبَى الْمُرْتَهِنُ أَنْ يَفْدِيَ، وَفَدَاهُ الرَّاهِنُ فَإِنَّهُ يُحْتَسَبُ عَلَى الْمُرْتَهِنِ نِصْفُ الْفِدَاءِ مِنْ الدَّيْنِ؛ لِأَنَّ سُقُوطَ الدَّيْنِ أَمْرٌ لَازِمٌ فَدَى أَوْ دَفَعَ فَلَمْ يُجْعَلْ الرَّاهِنُ فِي الْفِدَاءِ مُتَطَوِّعًا ثُمَّ يُنْظَرُ إنْ كَانَ نِصْفُ الْفِدَاءِ مِثْلَ الدَّيْنِ أَوْ أَكْثَرَ بَطَلَ الدَّيْنُ، وَإِنْ كَانَ أَقَلَّ سَقَطَ مِنْ الدَّيْنِ بِقَدْرِ نِصْفِ الْفِدَاءِ، وَكَانَ الْعَبْدُ رَهْنًا بِمَا بَقِيَ، وَلَوْ كَانَ الْمُرْتَهِنُ فَدَى، وَالرَّاهِنُ حَاضِرٌ فَهُوَ مُتَطَوِّعٌ. وَإِنْ كَانَ غَائِبًا لَمْ يَكُنْ مُتَطَوِّعًا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ مِنْ الْهِدَايَةِ، وَلَهُ أَنْ يَرْجِعَ عَلَى الرَّاهِنِ بِدَيْنِهِ وَنِصْفِ الْفِدَاءِ لَكِنَّهُ يَحْبِسُ الْعَبْدَ رَهْنًا بِالدَّيْنِ، وَلَيْسَ لَهُ حَبْسُ الْعَبْدِ بِنِصْفِ الْفِدَاءِ بَعْدَ قَضَاءِ الدَّيْنِ ذَكَرَهُ فِي الْحَقَائِقِ، وَعِنْدَ أَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ وَزُفَرَ وَالْحَسَنِ: الْمُرْتَهِنُ مُتَطَوِّعٌ فِي الْوَجْهَيْنِ مِنْ الْهِدَايَةِ فَلَا يَرْجِعُ عَلَى الرَّاهِنِ إلَّا بِدَيْنِهِ خَاصَّةً ذَكَرَهُ فِي الْحَقَائِقِ قَالَ فِي الْوَجِيزِ: وَلَوْ دَفَعَهُ الرَّاهِنُ فَلِلْمُرْتَهِنِ إذَا حَضَرَ أَنْ يَبْطُلَ دَفْعُهُ، وَيَفْدِي عَنْهُ انْتَهَى. وَلَوْ اسْتَهْلَكَ الْعَبْدُ الْمَرْهُونُ مَالًا يَسْتَغْرِقُ رَقَبَتَهُ فَإِنْ أَدَّى الْمُرْتَهِنُ الدَّيْنَ الَّذِي لَزِمَ الْعَبْدُ فَدَيْنُهُ عَلَى حَالِهِ كَمَا فِي الْفِدَاءِ، وَإِنْ أَبَى قِيلَ لِلرَّاهِنِ: بِعْهُ فِيهِ إلَّا أَنْ يُؤَدِّيَ عَنْهُ فَإِنْ أَدَّى بَطَلَ دَيْنُ الْمُرْتَهِنِ كَمَا ذَكَرْنَا فِي الْفِدَاءِ، وَإِنْ لَمْ يُؤَدِّ، وَبِيعَ الْعَبْدُ يَأْخُذُ صَاحِبُ دَيْنِ الْعَبْدِ دَيْنَهُ؛ لِأَنَّ دَيْنَ الْعَبْدِ مُقَدَّمٌ عَلَى دَيْنِ الْمُرْتَهِنِ فَإِنْ فَضَلَ شَيْءٌ وَدَيْنُ غَرِيمِ الْعَبْدِ مِثْلُ دَيْنِ الْمُرْتَهِنِ أَوْ أَكْثَرَ فَالْفَضْلُ لِلرَّاهِنِ، وَبَطَلَ دَيْنُ الْمُرْتَهِنِ لِأَنَّ الرَّقَبَةَ اُسْتُحِقَّتْ بِمَعْنًى هُوَ فِي ضَمَانِ الْمُرْتَهِنِ فَأَشْبَهَ الْهَلَاكَ، وَإِنْ كَانَ دَيْنُ الْعَبْدِ أَقَلَّ مِنْهُ يَسْقُطُ مِنْ دَيْنِ الْمُرْتَهِنِ بِقَدْرِ دَيْنِ الْعَبْدِ، وَمَا فَضَلَ مِنْ دَيْنِ الْعَبْدِ يَبْقَى رَهْنًا كَمَا كَانَ ثُمَّ إنْ كَانَ دَيْنُ الْمُرْتَهِنِ قَدْ حَلَّ أَخْذُهُ، وَإِنْ كَانَ لَمْ يَحِلَّ أَمْسَكَهُ حَتَّى يَحِلَّ، وَإِنْ كَانَ ثَمَنُ الْعَبْدِ لَا يَفِي بِدَيْنِ الْغَرِيمِ أَخَذَ الْغَرِيمُ الثَّمَنَ، وَلَمْ يَرْجِعْ عَلَى أَحَدٍ بِمَا بَقِيَ حَتَّى يُعْتَقَ الْعَبْدُ ثُمَّ إذَا أَدَّى بَعْدَهُ لَا يَرْجِعُ عَلَى أَحَدٍ لِأَنَّهُ وَجَبَ عَلَيْهِ بِفِعْلِهِ مِنْ الْهِدَايَةِ. وَفِي الْوَجِيزِ الْعَبْدُ لَوْ أَتْلَفَ مَتَاعًا لِرَجُلٍ يُبَاعُ فِيهِ فَإِنْ بَقِيَ مِنْ ثَمَنِهِ شَيْءٌ فَهُوَ لِلْمُرْتَهِنِ. وَفِيهِ أَيْضًا لَوْ أَقَامَ الرَّاهِنُ الْبَيِّنَةَ أَنَّهُ رَهَنَهُ عَبْدًا يُسَاوِي أَلْفَيْنِ بِأَلْفٍ، وَقَبَضَهُ الْمُرْتَهِنُ، وَأَنْكَرَ الْمُرْتَهِنُ، وَلَا يَدْرِي الْعَبْدُ يَضْمَنُ الْمُرْتَهِنُ قِيمَتَهُ كُلَّهَا النِّصْفُ يَسْقُطُ بِدَيْنِهِ، وَيُؤْخَذُ بِالنِّصْفِ، وَكَذَلِكَ لَوْ سَكَتَ الْمُرْتَهِنُ، وَلَمْ يُقِرَّ وَلَمْ يَجْحَدْ، وَإِنْ قَالَ الْمُرْتَهِنُ: يُسَاوِي خَمْسَمِائَةٍ لَا يُسْمَعُ قَوْلُهُ انْتَهَى. الْعَبْدُ الرَّهْنُ إذَا قُتِلَ عَمْدًا لَيْسَ لِلرَّاهِنِ أَنْ يَسْتَوْفِيَ الْقِصَاصَ إلَّا أَنْ يَكُونَ الْمُرْتَهِنُ مَعَهُ فَإِذَا اجْتَمَعَا فَلِلرَّاهِنِ أَنْ يَسْتَوْفِيَ الْقِصَاصَ فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ، وَتَكُونُ الْقِيمَةُ رَهْنًا مَكَانَ الْعَبْدِ مِنْ قَاضِي خَانْ. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 116 [بَاب فِي مَسَائِل الْغَصْب وَفِيهِ تِسْعَة فُصُولٍ] [الْفَصْل الْأَوَّل بَيَان الْغَصْب وَأَحْكَام الْغَاصِب مِنْ الْغَاصِب وَغَيْر ذَلِكَ] الْبَابُ التَّاسِعُ فِي مَسَائِلِ الْغَصْبِ، وَيَشْتَمِلُ عَلَى تِسْعَةِ فُصُولٍ أَيْضًا. (الْفَصْلُ الْأَوَّلُ فِي بَيَانِهِ، وَالْكَلَامِ فِي أَحْكَامِهِ، وَأَحْكَامِ الْغَاصِبِ مِنْ الْغَاصِبِ، وَغَيْرِ ذَلِكَ بِطَرِيقِ الْإِجْمَالِ) الْغَصْبُ شَرْعًا هُوَ أَخْذُ مَالٍ مُتَقَوِّمٌ مُحْتَرَمٍ بِلَا إذْنِ مَنْ لَهُ الْإِذْنُ عَلَى وَجْهٍ يُزِيلُ يَدَهُ بِفِعْلٍ فِي الْعَيْنِ وَخَرَجَ بِالْقَيْدِ الْأَوَّلِ الْحُرُّ، وَالْمَيْتَةُ فَلَا يَتَحَقَّقُ الْغَصْبُ فِيهِمَا، وَبِالثَّانِي خَمْرُ الْمُسْلِمِ فَلَا يَتَحَقَّقُ فِيهِ، وَبِالثَّالِثِ مَالُ الْحَرْبِيِّ. وَاحْتُرِزَ بِالرَّابِعِ عَنْ الْوَدِيعَةِ، وَتَقْيِيدِ الْخَامِسِ بِقَوْلِنَا بِفِعْلٍ فِي الْعَيْنِ لَا بُدَّ مِنْهُ عَلَى أَصْلِ الشَّيْخَيْنِ وَبِدُونِهِ وَيَنْطَبِقُ الْحَدُّ عَلَى قَوْلِ مُحَمَّدٍ فَإِنَّ الشَّيْخَيْنِ اعْتَبَرَا فِي الْغَصْبِ إزَالَةَ الْيَدِ الْمُحِقَّةِ بِإِثْبَاتِ الْيَدِ الْمُبْطَلَةِ بِفِعْلٍ فِي الْعَيْنِ وَمُحَمَّدٌ اكْتَفَى بِإِثْبَاتِ الْيَدِ الْمُبْطَلَةِ، وَيَتَفَرَّعُ عَلَى هَذَا مَسَائِلُ مِنْهَا: إنَّ زَوَائِدَ الْمَغْصُوبِ لَا تَكُونُ مَضْمُونَةً عِنْدَنَا خِلَافًا لِلشَّافِعِيِّ لِتَحَقُّقِ إثْبَاتِ الْيَدِ الْمُبْطَلَةِ دُونَ إزَالَةِ الْيَدِ الْمُحِقَّةِ، وَمِنْهَا أَنَّ الْعَقَارَ لَا يُغْصَبُ عِنْدَهُمَا لِعَدَمِ تَحَقُّقِ الْإِزَالَةِ بِفِعْلٍ فِيهِ؛ لِأَنَّ يَدَ الْمَالِكِ لَا تَزُولُ إلَّا بِإِخْرَاجِهِ عَنْهُ، وَهُوَ فِعْلٌ فِيهِ لَا فِي الْعَقَارِ خِلَافًا لِمُحَمَّدٍ لِتَحَقُّقِ مُطْلَقِ الْإِزَالَةِ وَالْإِثْبَاتِ فِيهِ. وَمِنْهَا أَنَّ اسْتِخْدَامَ الْقِنِّ، وَحَمْلَ الدَّابَّةِ غَصْبٌ لَا الْجُلُوسُ عَلَى الْبِسَاطِ إذْ فِي الْأَوَّلَيْنِ أُثْبِتَتْ فِيهِ الْيَدُ الْمُتَصَرِّفَةُ، وَمِنْ ضَرُورَتِهِ إزَالَةُ يَدِ الْمَالِكِ بِخِلَافِ الْأَخِيرِ فَإِنَّ الْجُلُوسَ عَلَيْهِ لَيْسَ بِتَصَرُّفٍ فِيهِ مِنْ الْإِيضَاحِ وَالْإِصْلَاحِ. وَفِي الْخُلَاصَةِ: الْغَصْبُ عِبَارَةٌ عَنْ إيقَاعِ الْفِعْلِ فِيمَا يُمْكِنُ نَقْلُهُ بِغَيْرِ إذْنِ صَاحِبِهِ عَلَى وَجْهٍ يَتَعَلَّقُ بِهِ الضَّمَانُ أَمَّا مِنْ غَيْرِ فِعْلٍ فِي الْمَحَلِّ فَلَا يَصِيرُ غَاصِبًا حَتَّى لَوْ مَنَعَ رَجُلًا مِنْ دُخُولِ دَارِهِ أَوْ لَمْ يُمَكِّنْهُ مِنْ أَخْذِ مَالِهِ لَا يَكُونُ غَاصِبًا بِذَلِكَ، وَكَذَلِكَ لَوْ مُنِعَ الْمَالِكُ عَنْ الْمَوَاشِي حَتَّى ضَاعَتْ الْمَوَاشِي لَا يَضْمَنُ، وَلَوْ نَقَلَهَا عَنْ مَوْضِعِهَا يَصِيرُ غَاصِبًا انْتَهَى. وَحُكْمُ الْغَصْبِ الْإِثْمُ، وَيَجِبُ عَلَى الْغَاصِبِ رَدُّ الْمَغْصُوبِ لَوْ كَانَ قَائِمًا فِي مَكَانِ غَصْبِهِ لِتَفَاوُتِ الْقِيَمِ بِاخْتِلَافِ الْأَمْكِنَةِ، وَأُجْرَةُ الرَّدِّ عَلَى الْغَاصِبِ هَذِهِ فِي عَارِيَّةِ الْهِدَايَةِ، وَإِنْ كَانَ هَالِكًا وَلَوْ بِآفَةٍ سَمَاوِيَّةٍ أَوْ عَجَزَ عَنْ رَدِّهِ بِأَنْ كَانَ عَبْدًا فَأَبَقَ، وَنَحْوُهُ فَعَلَيْهِ مِثْلُهُ لَوْ كَانَ مِثْلِيًّا كَالْمَكِيلِ وَالْمَوْزُونِ وَالْعَدَدِيِّ الْمُتَقَارِبِ وَالْمُرَادُ بِالْمَوْزُونِ مَا لَا تُخْرِجُهُ الصَّنْعَةُ عَنْ بَيْعِهِ بِحَسَبِ الْوَزْنِ بِأَنْ يَكُونَ مُقَابَلَتُهُ بِالثَّمَنِ مَبْنِيًّا عَلَى الْوَزْنِ فَمِثْلُ الْقَمْقَمَةِ، وَالْقَدْرُ لَيْسَ مِنْهُ فَإِنْ انْقَطَعَ الْمِثْلُ بِأَنْ كَانَ عَيْنًا فَانْقَطَعَ عَنْ أَيْدِي النَّاسِ فَعَلَيْهِ قِيمَتُهُ يَوْمَ الْخُصُومَةِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ، وَيَوْمَ الْغَصْبِ عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ، وَيَوْمَ الِانْقِطَاعِ عِنْدَ مُحَمَّدٍ، وَلَوْ صَبَرَ الْمَالِكُ إلَى أَنْ يُوجَدَ جِنْسُهُ لَهُ ذَلِكَ، وَلَوْ لَمْ يَنْصَرِمْ بِالْكُلِّيَّةِ، وَلَكِنْ بَقِيَ مِنْهُ نَاقِصُ الصِّفَةِ كَانَ الْمَالِكُ بِالْخِيَارِ إنْ شَاءَ أَخَذَ نَاقِصًا، وَإِنْ شَاءَ عَدَلَ إلَى الْقِيمَةِ هَذِهِ فِي جِنَايَةِ الْهِدَايَةِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مِثْلِيًّا كَالْمَزْرُوعَاتِ، وَالْحَيَوَانَاتِ وَالْعَدَدِيَّاتِ الْمُتَفَاوِتَةِ أَيْ الَّذِي تَتَفَاوَتُ آحَادُهُ فِي الْقِيمَةِ لَا الَّذِي تَتَفَاوَتُ أَنْوَاعُهُ دُونَ آحَادِهِ كَبَاذِنْجَانٍ فَإِنَّهُ مِثْلِيٌّ ذَكَرَهُ فِي الْفُصُولَيْنِ فَعَلَيْهِ قِيمَتُهُ يَوْمَ غَصْبِهِ، وَيُقَوَّمُ بِالنَّقْدِ الْغَالِبِ هَذِهِ فِي زَكَاةِ الْهِدَايَةِ. فَلَوْ غَصَبَ فُلُوسًا فَكَسَدَتْ ثُمَّ اسْتَهْلَكَهَا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ عَلَيْهِ مِثْلُ الَّتِي كَسَدَتْ، وَلَا يَضْمَنُ قِيمَتَهَا، وَلَا مِثْلَهَا مِنْ الَّذِي أَحْدَثُوهُ، وَعِنْدَ أَبِي يُوسُفَ عَلَيْهِ قِيمَتُهَا مِنْ الذَّهَبِ أَوْ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 117 الْفِضَّةِ يَوْمَ الْغَصْبِ، وَقَالَ مُحَمَّدٌ: عَلَيْهِ الْقِيمَةُ فِي آخِرِ يَوْمٍ كَانَتْ رَائِجَةً فَكَسَدَتْ لَكِنَّ وَالِدِي - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - كَانَ يُفْتِي بِقَوْلِ مُحَمَّدٍ رِفْقًا بِالنَّاسِ فَنُفْتِي كَذَلِكَ، وَالْعَدَدِيُّ كَالْفُلُوسِ مِنْ غَيْرِ تَفَاوُتٍ مِنْ الصُّغْرَى. وَاللَّحْمُ يُضْمَنُ بِالْمِثْلِ هَذِهِ فِي السَّلَمِ مِنْ الْهِدَايَةِ. وَفِي الْفُصُولَيْنِ عَنْ الْقَاضِي ظَهِيرِ الدِّينِ اللَّحْمُ يُضْمَنُ بِالْقِيمَةِ لَوْ مَطْبُوخًا بِالْإِجْمَاعِ، وَكَذَا لَوْ نِيئًا وَهُوَ الصَّحِيحُ انْتَهَى. وَفِي الصُّغْرَى اللَّحْمُ مِثْلِيٌّ عِنْدَهُمَا خِلَافًا لِأَبِي حَنِيفَةَ، وَالْفُولُ مِنْ ذَوَاتِ الْأَمْثَالِ انْتَهَى. وَفِي الْقُنْيَةِ فِي كَوْنِ الْغَزْلِ مِثْلِيًّا رِوَايَتَانِ كَالْإِبْرَيْسَمِ، وَالدِّبْسُ مِنْ ذَوَاتِ الْقِيَمِ فَلَوْ أَتْلَفَ دِبْسَ غَيْرِهِ فَعَلَيْهِ قِيمَتُهُ؛ لِأَنَّ كُلَّ مَا كَانَ مِنْ صُنْعِ الْعِبَادِ لَا يُمْكِنُ فِيهِ عَادَةُ الْمُمَاثَلَةِ لِتَفَاوُتِهِمْ فِي الصِّنَاعَةِ انْتَهَى. وَالْمَاءُ قِيَمِيٌّ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ مِثْلِيٌّ عِنْدَ مُحَمَّدٍ، وَالْكَاغِدِ مِثْلِيٌّ، وَالْخُبْزُ قِيَمِيٌّ هُوَ الصَّحِيحُ، وَمِثْلِيٌّ بِإِطْلَاقِ لَفْظِ الطَّحَاوِيِّ. كُلُّ مَا يُكَالُ أَوْ يُوزَنُ، وَلَيْسَ فِي تَبْعِيضِهِ مَضَرَّةٌ غَيْرُ الْمَصْنُوعِ فَهُوَ مِثْلِيُّ، وَكَذَا الْعَدَدِيُّ الْمُتَقَارِبُ كَجَوْزٍ وَبَيْضٍ وَنَحْوِهِمَا ذَكَرَهُ فِي الْفُصُولَيْنِ. وَاسْتِيفَاءُ الْكَلَامِ فِي الْمِثْلِيِّ وَالْقِيَمِيِّ عَلَى التَّفْصِيلِ يَحْتَاجُ إلَى بَسْطٍ وَتَطْوِيلٍ وَقَدْ أَتَى صَاحِبُ الْفُصُولَيْنِ بِمَا يُغْنِي فَلْيُرْجَعْ إلَيْهِ وَقْتَ الْحَاجَةِ. وَإِنْ ادَّعَى الْهَلَاكَ، وَأَنْكَرَ الطَّالِبُ حَبَسَهُ الْحَاكِمُ حَتَّى يُعْلَمَ أَنَّهَا لَوْ كَانَتْ بَاقِيَةً لَأَظْهَرَهَا ثُمَّ قَضَى عَلَيْهَا بِبَدَلِهَا وَإِذَا قَضَى عَلَيْهِ بِالْبَدَلِ مَلَكَهَا عِنْدَنَا خِلَافًا لِمَالِكٍ وَالشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ ذَكَرَهُ فِي دُرَرِ الْبِحَارِ، وَإِنْ اخْتَلَفَا فِي الْقِيمَةِ فَالْقَوْلُ لِلْغَاصِبِ مَعَ يَمِينِهِ إنْ لَمْ يُقِمْ الْمَالِكُ حُجَّةً عَلَى الزِّيَادَةِ فَإِنْ ظَهَرَتْ الْعَيْنُ بَعْدَ الْقَضَاءِ وَالضَّمَانِ، وَقِيمَتُهَا أَكْثَرُ مِمَّا ضَمِنَ، وَقَدْ ضَمِنَهَا بِقَوْلِ الْمَالِكِ أَوْ بِبَيِّنَةٍ أَقَامَهَا الْمَالِكُ عَلَى قِيمَتِهَا أَوْ بِنُكُولِ الْغَاصِبِ عَنْ الْيَمِينِ فَلَا خِيَارَ لِلْمَالِكِ، وَهُوَ لِلْغَاصِبِ إذْ مَلَكَهَا لَمَّا ضَمِنَهَا، وَقَدْ كَانَ الضَّمَانُ بِقَوْلِ الْمَالِكِ فَتَمَّ الْمِلْكُ لِلْغَاصِبِ بِسَبَبٍ اتَّصَلَ بِهِ رِضَا الْمَالِكِ حَيْثُ ادَّعَى هَذَا الْمِقْدَارَ ذَكَرَهُ فِي الْإِيضَاحِ، وَإِنْ كَانَ ضَمَانُ الْقِيمَةِ بِقَوْلِ الْغَاصِبِ مَعَ يَمِينِهِ فَالْمَالِك بِالْخِيَارِ إنْ شَاءَ أَمْضَى الضَّمَانَ، وَإِنْ شَاءَ أَخَذَ الْعَيْنَ، وَرَدَّ الْعِوَضَ، وَلَوْ ظَهَرَتْ الْعَيْنُ وَقِيمَتُهَا مِثْلُ مَا ضَمِنَهُ أَوْ دُونَهُ فِي هَذَا الْفَصْلِ الْأَخِيرِ فَكَذَلِكَ الْجَوَابُ فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ، وَهُوَ الْأَصَحُّ خِلَافًا لِمَا قَالَهُ الْكَرْخِيُّ إنَّهُ لَا خِيَارَ لَهُ مِنْ الْهِدَايَةِ. غَصَبَ جَارِيَةً وَعَيَّبَهَا، وَاخْتَلَفَا فِي الْقِيمَةِ فَقَالَ صَاحِبُهَا: كَانَتْ قِيمَتُهَا أَلْفَيْنِ، وَقَالَ الْغَاصِبُ: كَانَتْ قِيمَتُهَا أَلْفًا، وَحَلَفَ عَلَى ذَلِكَ فَقَضَى الْقَاضِي عَلَى الْغَاصِبِ بِأَلْفٍ لَا يَحِلُّ لِلْغَاصِبِ أَنْ يَسْتَخْدِمَهَا، وَلَا يَطَأَهَا، وَلَا يَبِيعَهَا إلَّا أَنْ يُعْطِيَهُ قِيمَتَهَا تَامَّةً فَإِنْ أَعْتَقَهَا الْغَاصِبُ بَعْدَ الْقَضَاءِ بِالْقِيمَةِ النَّاقِصَةِ يَجُوزُ عِتْقُهُ، وَعَلَيْهِ تَمَامُ الْقِيمَةِ مِنْ قَاضِي خَانْ. غَصَبَ الْعَبْدَ الْمَدْيُونَ، وَمَاتَ عِنْدَهُ فَلِأَرْبَابِ الدُّيُونِ مُطَالَبَتُهُ مِنْ الْقُنْيَةِ. وَلَوْ غَصَبَ الْمَغْصُوبَ مِنْ الْغَاصِبِ فَالْمَالِكُ بِالْخِيَارِ إنْ شَاءَ ضَمَّنَ الْغَاصِبَ، وَإِنْ شَاءَ ضَمَّنَ غَاصِبَ الْغَاصِبِ إلَّا فِي الْوَقْفِ إذَا غَصَبَ مِنْ الْغَاصِبِ وَكَانَ الثَّانِي أَمْلَأَ مِنْ الْأَوَّلِ فَإِنَّ الْمُتَوَلِّي إنَّمَا يُضَمِّنُ الثَّانِي مِنْ الْأَشْبَاهِ فَإِنْ ضَمِنَ الْأَوَّلُ يَرْجِعُ بِمَا ضَمِنَ عَلَى الثَّانِي، وَإِنْ ضَمِنَ الثَّانِي لَا يَرْجِعُ عَلَى الْأَوَّلِ. وَكَذَا السَّارِقُ مِنْ الْغَاصِبِ لَا يَرْجِعُ بِمَا ضَمِنَ، وَلَوْ اخْتَارَ الْمَالِكُ تَضْمِينَ أَحَدِهِمَا لَا يَبْرَأُ الْآخَرُ عِنْدَهُمَا خِلَافًا لِأَبِي يُوسُفَ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 118 مِنْ الْوَجِيزِ وَفِي مُشْتَمِلِ الْهِدَايَةِ لَيْسَ لِلْمَالِكِ أَنْ يَأْخُذَ بَعْضَ الضَّمَانِ مِنْ الْأَوَّلِ، وَالْبَعْضَ مِنْ الثَّانِي وَلَكِنْ يُخَيَّرُ فِي تَضْمِينِ أَحَدِهِمَا فَإِنْ اخْتَارَ تَضْمِينَ الْأَوَّلِ، وَرَضِيَ بِهِ الْغَاصِبُ أَوْ لَمْ يَرْضَ وَلَكِنْ حَكَمَ الْحَاكِمُ بِالْقِيمَةِ عَلَى الْأَوَّلِ فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَرْجِعَ، وَيُضَمِّنَ الثَّانِيَ، وَإِنْ لَمْ يَرْضَ بِهِ الْأَوَّلُ، وَلَمْ يَحْكُمْ بِهِ الْحَاكِمُ كَانَ لَهُ أَنْ يَرْجِعَ وَيُضَمِّنَ الثَّانِيَ، وَإِنْ اخْتَارَ الْأَوَّلَ، وَلَمْ يُعْطِهِ شَيْئًا، وَهُوَ مُفْلِسٌ فَالْحَاكِمُ يَأْمُرُ الْأَوَّلَ بِقَبْضِ مَالِهِ عَلَى الثَّانِي، وَيُعْطِيهِ لَهُ فَإِنْ أَبَى فَالْمَالِكُ يُحْضِرُهُمَا ثُمَّ تُقْبَلُ مِنْهُ الْبَيِّنَةُ عَلَى الْغَاصِبِ الثَّانِي لِلْغَاصِبِ الْأَوَّلِ، وَيَأْخُذُ ذَلِكَ مِنْ الثَّانِي فَيَقْضِيهِ انْتَهَى. غَاصِبُ الْغَاصِبِ إذَا رَدَّهُ عَلَى الْغَاصِبِ بَرِئَ مِنْ الضَّمَانِ كَمَا لَوْ رَدَّهُ عَلَى الْمَالِكِ، وَعَنْ خَلَفِ بْنِ أَيُّوبَ، وَأَبِي مُطِيعٍ أَنَّهُ لَا يَبْرَأُ بِالرَّدِّ عَلَى الْغَاصِبِ قَالَ صَاحِبُ الْجَامِعِ الْأَصْغَرِ: وَعِنْدِي أَنَّهُ إنْ كَانَ يَرْجُوَانِهِ يُرِيدُ رَدَّهُ عَلَى صَاحِبِهِ رَجَوْت أَنْ يَبْرَأَ مِنْ الصُّغْرَى. إذَا غَصَبَ الرَّجُلُ مِنْ آخَرَ جَارِيَةً فَغَصَبَهَا مِنْهُ آخَرُ فَأَبَقَتْ فَرَجَعَ الْغَاصِبُ الْأَوَّلُ إلَى الْقَاضِي، وَتَصَادَقُوا عَلَى الْأَمْرِ عَلَى وَجْهِهِ فَإِنَّ لِلْغَاصِبِ الْأَوَّلِ أَنْ يُضَمِّنَ الْغَاصِبَ الثَّانِيَ قِيمَةَ الْجَارِيَةِ أَلَا تَرَى أَنَّ لَهُ أَنْ يَسْتَرِدَّهَا فَإِذَا دَفَعَ الثَّانِي الضَّمَانَ إلَى الْأَوَّلِ بَرِئَ كَمَا لَوْ رَدَّ عَيْنَهَا مِنْ الْخُلَاصَةِ. غَاصِبُ الْغَاصِبِ إذَا اسْتَهْلَكَ الْغَصْبَ أَوْ هَلَكَ عِنْدَهُ فَأَدَّى الْقِيمَةَ إلَى الْأَوَّلِ بَرِئَ عَنْ الضَّمَانِ، وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ أَنَّهُ لَا يَبْرَأُ، وَلَوْ رَدَّ الثَّانِي عَيْنَ الْغَصْبِ عَلَى الْأَوَّلِ بَرِئَ عِنْدَ الْكُلِّ. وَلَوْ أَقَرَّ الْغَاصِبُ الْأَوَّلُ أَنَّهُ أَخَذَ الْقِيمَةَ مِنْ الثَّانِي لَمْ يَصِحَّ إقْرَارُهُ عَلَى الْمَغْصُوبِ مِنْهُ، وَكَانَ لِلْمَغْصُوبِ مِنْهُ أَنْ يُضَمِّنَ الثَّانِيَ إلَّا أَنْ يُقِيمَ الثَّانِي الْبَيِّنَةَ عَلَى مَا ادَّعَى، وَكَذَا لَوْ كَانَ مَكَانَ الثَّانِي غَاصِبُ الْمُودَعِ مِنْ قَاضِي خَانْ. وَلَوْ كَانَ الْغَصْبُ كيليا أَوْ وَزْنِيًّا فَاسْتَهْلَكَهُ الثَّانِي فَأَخَذَ الْأَوَّلُ قِيمَتَهُ دَرَاهِمَ أَوْ دَنَانِيرَ لَا يَبْرَأُ الثَّانِي لِأَنَّهُ بَيْعٌ وَلَيْسَ لَهُ إلَّا قَبْضُ عَيْنِهِ أَوْ بَدَلِهِ مِنْ الْقُنْيَةِ. لَوْ بَاعَ غَاصِبُ الْغَاصِبِ، وَقَبَضَ ثَمَنَهُ لَيْسَ لِلْغَاصِبِ الْأَوَّلِ أَخْذُ الثَّمَنِ مِنْهُ لِأَنَّهُ لَيْسَ بِمَالِكٍ وَلَا نَائِبِهِ وَلَيْسَ لَهُ إجَازَةُ الْبَيْعِ مِنْ الْفُصُولَيْنِ. وَلَوْ اخْتَارَ الْمَالِكُ تَضْمِينَ أَحَدِ الْغَاصِبَيْنِ لَيْسَ لَهُ أَنْ يُطَالِبَ الْآخَرَ هَذِهِ فِي كَفَالَةِ الْهِدَايَةِ. وَفِي الْفُصُولَيْنِ لِلْمَالِكِ أَنْ يُضَمِّنَ كُلًّا مِنْهُمَا نِصْفَ قِيمَتِهِ، وَإِذَا ضَمَّنَ أَحَدَهُمَا يَبْرَأُ الْآخَرُ أَمَّا لَوْ اخْتَارَ تَضْمِينَ أَحَدِهِمَا فَهَلْ يَبْرَأُ الْآخَرُ حَتَّى لَوْ تَوِيَ الْمَالُ عِنْدَ مَنْ اخْتَارَهُ هَلْ يَرْجِعُ عَلَى الْآخَرِ؟ فِيهِ رِوَايَتَانِ انْتَهَى. وَلَوْ أَنَّ رِجَالًا غَصَبُوا مِنْ رَجُلٍ حَبَّةً مِنْ الْحِنْطَةِ فَبَلَغَ ذَلِكَ قَفِيزَ حِنْطَةٍ قَالَ أَبُو يُوسُفَ: إذَا غَصَبَ قَوْمٌ مِنْ رَجُلٍ شَيْئًا لَهُ قِيمَةٌ أُضَمِّنُهُمْ قِيمَتَهُ، وَلَوْ جَاءَ رَجُلٌ مِنْهُمْ بَعْدَ رَجُلٍ لَمْ أُضَمِّنْهُ شَيْئًا. رَجُلٌ غَصَبَ مَالًا فَغَصَبَهُ مِنْ الْغَاصِبِ رَجُلٌ لَهُ عَلَى الْمَغْصُوبِ مِنْهُ دَيْنٌ مِنْ جِنْسِ الْغَصْبِ كَانَ الْمَغْصُوبُ مِنْهُ بِالْخِيَارِ إنْ شَاءَ ضَمَّنَ الْأَوَّلَ، وَإِنْ شَاءَ ضَمَّنَ الثَّانِيَ؛ لِأَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا غَاصِبٌ فَإِنْ ضَمَّنَ الْأَوَّلَ لَا يَبْرَأُ الْمَغْصُوبُ مِنْهُ عَمَّا عَلَيْهِ مِنْ الدَّيْنِ، وَإِنْ ضَمَّنَ الثَّانِيَ بَرِئَ الْأَوَّلُ مِنْ قَاضِي خَانْ. وَفِي الْخُلَاصَةِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِمَاعَةَ أَنَّ تَضْمِينَ أَحَدِهِمَا إنَّمَا يُوجِبُ الْبَرَاءَةَ لِلْآخَرِ إذَا رَضِيَ مَنْ اخْتَارَ تَضْمِينَهُ بِذَلِكَ أَوْ قَضَى عَلَيْهِ الْقَاضِي أَمَّا بِدُونِ الْقَضَاءِ وَالرِّضَا لَا يَبْرَأُ الْغَاصِبُ انْتَهَى. رَجُلٌ عَلَيْهِ دَيْنٌ فَأَخَذَ غَيْرُ صَاحِبِ الدَّيْنِ مِنْ الْمَدْيُونِ شَيْئًا، وَدَفَعَهُ إلَى الجزء: 1 ¦ الصفحة: 119 صَاحِبِ الدَّيْنِ فَالْأَوَّلُ غَاصِبٌ، وَالثَّانِي غَاصِبُ الْغَاصِبِ فَإِنْ اخْتَارَ تَضْمِينَ الْآخِذِ لَمْ يَصِرْ قِصَاصًا بِدَيْنِهِ، وَإِنْ اخْتَارَ صَاحِبُ الدَّيْنِ يَصِيرُ قِصَاصًا؛ لِأَنَّ الْآخِذَ بِمَنْزِلَةِ الْمُعِينِ لَهُ عَلَى أَخْذِ حَقِّهِ، وَالْفَتْوَى عَلَى هَذَا الْقَوْلِ مِنْ قَاضِي خَانْ. وَلَوْ بَاعَ الْغَاصِبُ الْمَغْصُوبَ فَالْمَالِكُ مُخَيَّرٌ فِي تَضْمِينِ مَنْ شَاءَ فَإِنْ ضَمَّنَ الْمُشْتَرِيَ رَجَعَ بِمَا ضَمِنَ عَلَى الْبَائِعِ هَذِهِ فِي الْمَأْذُونِ مِنْ الْهِدَايَةِ. وَفِي الْخُلَاصَةِ: لَوْ بَاعَ الْغَاصِبُ فَالْمَالِكُ بِالْخِيَارِ يُضَمِّنُ أَيَّهمَا شَاءَ فَإِنْ ضَمَّنَ الْغَاصِبَ جَازَ بَيْعُهُ وَالثَّمَنُ لَهُ، وَإِنْ ضَمَّنَ الْمُشْتَرِيَ رَجَعَ عَلَى الْبَائِعِ بِالثَّمَنِ، وَبَطَلَ الْبَيْعُ، وَلَا يَرْجِعُ بِمَا ضَمَّنَ عَلَيْهِ قَالَ: تَأْوِيلُهُ إذَا بَاعَ الْغَاصِبُ، وَسَلَّمَ أَمَّا بِدُونِ التَّسْلِيمِ فَلَا يَجِبُ الضَّمَانُ انْتَهَى. غَصَبَ عَبْدًا فَبَاعَهُ فَضَمَّنَهُ الْمَالِكُ قِيمَتَهُ بَعْدَ بَيْعِهِ فَإِنْ رُدَّ عَلَيْهِ بَعْدَ الضَّمَانِ بِعَيْبٍ كَانَ لَهُ أَنْ يَرُدَّهُ عَلَى الْمَالِكِ، وَيَسْتَرِدَّ الْقِيمَةَ هَذِهِ فِي الْمَأْذُونِ مِنْ الْهِدَايَةِ. وَلَوْ وَهَبَ الْغَاصِبُ الْمَغْصُوبَ مِنْ إنْسَانٍ أَوْ أَعَارَهُ فَهَلَكَ فِي يَدِهِ فَضَمَّنَهُ الْمَالِكُ لَمْ يَرْجِعْ بِالْقِيمَةِ عَلَى الْغَاصِبِ، وَلَوْ رَهَنَهُ أَوْ أَجَّرَهُ أَوْ أَوْدَعَهُ مِنْ إنْسَانٍ، وَهَلَكَ عِنْدَهُ فَضَمَّنَهُ الْمَالِكُ يَرْجِعُ بِالْقِيمَةِ عَلَى الْغَاصِبِ مِنْ الْوَجِيزِ. الْغَاصِبُ إذَا أَجَّرَ الْمَغْصُوبَ فَالْأَجْرُ لَهُ فَإِنْ تَلِفَ الْمَغْصُوبُ مِنْ هَذَا الْعَمَلِ أَوْ تَلِفَ لَا مِنْهُ، وَضَمِنَهُ الْغَاصِبُ لَهُ الِاسْتِعَانَةُ بِأَجْرِهِ فِي أَدَاءِ الضَّمَانِ، وَتَصَدَّقَ بِالْبَاقِي إذَا كَانَ فَقِيرًا فَإِذَا كَانَ غَنِيًّا لَيْسَ لَهُ أَنْ يَسْتَعِينَ بِالْغَلَّةِ فِي أَدَاءِ الضَّمَانِ فِي الصَّحِيحِ. وَلَوْ كَانَتْ دَابَّةٌ فَأَخَذَ أَجْرَهَا ثُمَّ بَاعَهَا، وَأَخَذَ ثَمَنَهَا وَتَلِفَ الثَّمَنُ ثُمَّ مَاتَتْ عِنْدَ الْمُشْتَرِي، وَضَمَّنَ الْمَالِكُ الْمُشْتَرِيَ، وَرَجَعَ الْمُشْتَرِي عَلَى الْغَاصِبِ لَيْسَ لَهُ الِاسْتِعَانَةُ فِي أَدَاءِ الضَّمَانِ بِالْأَجْرِ. وَلَوْ أَوْدَعَهُ الْغَاصِبُ عِنْدَ رَجُلٍ، وَهَلَكَ عِنْدَهُ فَالْمَغْصُوبُ مِنْهُ بِالْخِيَارِ إنْ شَاءَ ضَمَّنَ الْغَاصِبَ، وَلَا يَرْجِعُ هُوَ عَلَى الْمُودَعِ، وَإِنْ شَاءَ ضَمَّنَ الْمُودَعَ، وَيَرْجِعُ الْمُودَعُ عَلَى الْغَاصِبِ بِمَا ضَمِنَ، وَلَوْ اسْتَهْلَكَهُ الْمُودَعُ فَالْجَوَابُ عَلَى قَلْبِ هَذَا، وَقَرَارُ الضَّمَانِ عَلَى الْمُودَعِ، وَكَذَا لَوْ أَجَّرَهُ الْغَاصِبُ أَوْ رَهَنَهُ فَهَلَكَ كَانَ لِلْمَغْصُوبِ مِنْهُ أَنْ يُضَمِّنَ أَيَّهمْ شَاءَ فَإِنْ ضَمَّنَ الْغَاصِبَ لَا يَرْجِعُ الْغَاصِبُ عَلَى الْمُسْتَأْجِرِ، وَلَا عَلَى الْمُرْتَهِنِ، وَلَكِنْ يَسْقُطُ دَيْنُهُ بِهَلَاكِ الرَّهْنِ فِي يَدِ الْمُرْتَهِنِ، وَإِنْ ضَمَّنَ الْمُرْتَهِنَ أَوْ الْمُسْتَأْجِرَ يَرْجِعُ عَلَى الْغَاصِبِ بِمَا ضَمِنَ إلَّا إذَا اسْتَهْلَكَهُ فَلَا يَرْجِعُ عَلَى أَحَدٍ، وَلَوْ أَعَارَهُ الْغَاصِبُ فَهَلَكَ عِنْدَهُ كَانَ الْمَغْصُوبُ مِنْهُ بِالْخِيَارِ، وَأَيًّا يَضْمَنُ لَا يَرْجِعُ عَلَى صَاحِبِهِ، وَلَوْ اسْتَهْلَكَهُ الْمُسْتَعِيرُ فَقَرَارُ الضَّمَانِ عَلَيْهِ مِنْ الْخُلَاصَةِ. إذَا غَصَبَ جَارِيَةً فَأَوْدَعَهَا فَأَبَقَتْ فَضَمَّنَهُ الْمَالِكُ قِيمَتَهَا مَلَكَهَا الْغَاصِبُ فَلَوْ أَعْتَقَهَا الْغَاصِبُ صَحَّ، وَلَوْ ضَمَّنَهَا الْمُودَعَ فَأَعْتَقَهَا لَمْ يَجُزْ، وَلَوْ كَانَتْ مَحْرَمًا مِنْ الْغَاصِبِ عَتَقَتْ عَلَيْهِ لَا عَلَى الْمُودَعِ إذَا ضَمِنَهَا؛ لِأَنَّ قَرَارَ الضَّمَانِ عَلَى الْغَاصِبِ لِأَنَّ الْمُودَعَ، وَإِنْ جَازَ تَضْمِينُهُ فَلَهُ الرُّجُوعُ بِمَا ضَمِنَ عَلَى الْغَاصِبِ، وَهُوَ الْمُودِعُ لِكَوْنِهِ عَامِلًا لَهُ فَهُوَ كَوَكِيلِ الشِّرَاءِ، وَلَوْ اخْتَارَ الْمُودَعُ بَعْدَ تَضْمِينِهِ أَخْذَهَا بَعْدَ عَوْدِهَا، وَلَا يَرْجِعُ عَلَى الْغَاصِبِ لَمْ يَكُنْ لَهُ ذَلِكَ، وَإِنْ هَلَكَتْ فِي يَدِهِ بَعْدَ الْعَوْدِ مِنْ الْإِبَاقِ كَانَتْ أَمَانَةً لَهُ، وَلَهُ الرُّجُوعُ عَلَى الْغَاصِبِ بِمَا ضَمِنَ، وَكَذَا إذَا ذَهَبَتْ عَيْنُهَا، وَلِلْمُودَعِ حَبْسُهَا عَنْ الْغَاصِبِ حَتَّى يُعْطِيَهُ مَا ضَمَّنَهُ الْمَالِكُ فَإِنْ هَلَكَتْ بَعْدَ الْحَبْسِ هَلَكَتْ بِالْقِيمَةِ، وَإِنْ ذَهَبَتْ عَيْنُهَا بَعْدَ الْحَبْسِ لَمْ يَضْمَنْهَا كَالْوَكِيلِ بِالشِّرَاءِ لِأَنَّ الْفَائِتَ وَصْفٌ، وَلَا يُقَابِلُهُ شَيْءٌ، وَلَكِنْ يَتَخَيَّرُ الْغَاصِبُ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 120 إنْ شَاءَ أَخَذَهَا، وَأَدَّى جَمِيعَ الْقِيمَةِ. وَإِنْ شَاءَ تَرَكَ كَمَا فِي الْوَكِيلِ بِالشِّرَاءِ وَلَوْ كَانَ الْغَاصِبُ أَجَّرَهَا أَوْ رَهَنَهَا فَهُوَ الْوَدِيعَةُ سَوَاءٌ، وَإِنْ أَعَارَهَا أَوْ وَهَبَهَا فَإِنْ ضَمَّنَ الْغَاصِبَ كَانَ الْمِلْكُ لَهُ، وَإِنْ ضَمَّنَ الْمُسْتَعِيرَ أَوْ الْمَوْهُوبَ لَهُ كَانَ الْمِلْكُ لَهُمَا لِأَنَّهُمَا لَا يَسْتَوْجِبَانِ الرُّجُوعَ عَلَى الْغَاصِبِ فَكَانَ قَرَارُ الضَّمَانِ عَلَيْهِمَا فَكَانَ الْمِلْكُ لَهُمَا، وَلَوْ كَانَ مَكَانَهُمَا مُشْتَرٍ فَضَمِنَ سُلِّمَتْ الْجَارِيَةُ لَهُ، وَكَذَلِكَ غَاصِبُ الْغَاصِبِ إذَا ضَمِنَ مَلَكَهَا لِأَنَّهُ لَا يَرْجِعُ عَلَى الْأَوَّلِ فَتُعْتَقُ عَلَيْهِ لَوْ كَانَتْ مَحْرَمَةً مِنْهُ وَإِنْ ضَمِنَ الْأَوَّلُ مَلَكَهَا فَتُعْتَقُ عَلَيْهِ لَوْ كَانَتْ مَحْرَمَةً، وَلَوْ كَانَتْ أَجْنَبِيَّةٌ فَلِلْأَوَّلِ الرُّجُوعُ بِمَا ضَمِنَ عَلَى الثَّانِي لِأَنَّهُ مَلَكَهَا فَيَصِيرُ الثَّانِي غَاصِبًا مِلْكَ الْأَوَّلِ، وَكَذَا لَوْ أَبْرَأَهُ الْمَالِكُ بَعْدَ التَّضْمِينِ أَوْ وَهَبَهَا لَهُ كَانَ لَهُ الرُّجُوعُ عَلَى الثَّانِي، وَإِذَا ضَمَّنَ الْمَالِكُ الْأَوَّلَ، وَلَمْ يُضَمِّنْ الْأَوَّلُ الثَّانِيَ حَتَّى ظَهَرَتْ الْجَارِيَةُ كَانَتْ مِلْكًا لِلْأَوَّلِ فَإِنْ قَالَ: أَنَا أُسَلِّمُهَا لِلثَّانِي، وَأَرْجِعُ عَلَيْهِ لَمْ يَكُنْ لَهُ ذَلِكَ؛ لِأَنَّ الثَّانِيَ قَدَرَ عَلَى رَدِّ الْعَيْنِ فَلَا يَجُوزُ تَضْمِينُهُ، وَإِنْ رَجَعَ الْأَوَّلُ عَلَى الثَّانِي ثُمَّ ظَهَرَتْ كَانَتْ لِلثَّانِي كَذَا فِي الْأَشْبَاهِ مِنْ الْقَوْلِ فِي الْمِلْكِ نَقْلًا عَنْ شَرْحِ الزِّيَادَاتِ لِقَاضِي خَانْ. وَفِي الْوَجِيزِ مِنْ كِتَابِ الِاسْتِحْقَاقِ نَقْلًا عَنْ الْمُنْتَقَى قَالَ أَبُو يُوسُفَ: إذَا أَدَّى الْغَاصِبُ قِيمَةَ الْجَارِيَةِ الْمَغْصُوبَةِ ثُمَّ اسْتَوْلَدَهَا ثُمَّ اُسْتُحِقَّتْ فَلَهُ أَنْ يَرْجِعَ بِقِيمَةِ الْوَلَدِ عَلَى الْمَوْلَى انْتَهَى. وَلَوْ كُفِّنَ الْغَاصِبُ بِثَوْبِ الْغَصْبِ مَيِّتًا قَالُوا: إنْ شَاءَ أَخَذَ صَاحِبُ الثَّوْبِ قِيمَةَ الثَّوْبِ، وَإِنْ شَاءَ نُبِشَ الْقَبْرُ فَيَأْخُذُ ثَوْبَهُ قَالَ الْفَقِيهُ أَبُو اللَّيْثِ: إنْ كَانَ الْمَيِّتُ تَرَكَ مَالًا يُعْطَى قِيمَةَ الثَّوْبِ مِنْ ذَلِكَ الْمَالِ، وَكَذَا لَوْ ضَمِنَ مُتَبَرِّعٌ قِيمَةَ الثَّوْبِ لَا يَكُونُ لِصَاحِبِ الثَّوْبِ أَنْ يَنْبُشَ مِنْ قَاضِي خَانْ. ، وَفِيهِ أَيْضًا رَجُلٌ غَصَبَ عَبْدًا أَوْ دَابَّةً، وَغَابَ الْمَغْصُوبُ مِنْهُ فَطَلَبَ الْغَاصِبُ مِنْ الْقَاضِي أَنْ يَقْبَلَ مِنْهُ الْمَغْصُوبَ أَوْ يَأْذَنَ لَهُ بِالْإِنْفَاقِ لِيَرْجِعَ بِذَلِكَ عَلَى الْمَالِكِ لَا يُجِيبُهُ الْقَاضِي لِذَلِكَ، وَيَتْرُكُهُ عِنْدَ الْغَاصِبِ وَنَفَقَتُهُ تَكُونُ عَلَى الْغَاصِبِ، وَلَوْ قَضَى الْقَاضِي بِالْإِنْفَاقِ عَلَى الْمَغْصُوبِ لَا يَجِبُ عَلَى الْمَغْصُوبِ مِنْهُ شَيْءٌ، وَإِنْ رَأَى الْقَاضِي الْمَصْلَحَةَ فِي أَنْ يَبِيعَ الْعَبْدَ أَوْ الدَّابَّةَ بِأَنْ كَانَ الْغَاصِبُ مَخُوفًا وَيُمْسِكُ الثَّمَنَ لِصَاحِبِ الدَّابَّةِ فَعَلَ ذَلِكَ. رَجُلٌ ابْتَلَعَ دُرَّةَ رَجُلٍ يَضْمَنُ قِيمَتَهَا وَلَا يَنْتَظِرُ إلَى أَنْ تَخْرُجَ مِنْهُ، وَلَوْ مَاتَ، وَتَرَك مَالًا يُعْطَى الضَّمَانَ مِنْ تَرِكَتِهِ، وَإِنْ لَمْ يَدَعْ مَالًا لَا يُشَقُّ بَطْنُهُ انْتَهَى. وَلَوْ قَتَلَ الْعَبْدُ الْمَغْصُوبُ عَبْدًا لِرَجُلٍ فِي يَدِ الْغَاصِبِ فَدُفِعَ الْقَاتِلُ مَكَانَهُ تَخَيَّرَ الْمَغْصُوبُ مِنْهُ بَيْنَ أَنْ يَأْخُذَ الْمَدْفُوعَ مَكَانَهُ، وَبَيْنَ أَنْ يُطَالِبَ الْغَاصِبَ بِقِيمَةِ الْمَقْتُولِ هَذِهِ فِي الرَّهْنِ مِنْ الْهِدَايَةِ. [الْفَصْلُ الثَّانِي إذَا ظَفِرَ بِالْغَاصِبِ فِي غَيْرِ بَلَدِ الْغَصْبِ] ِ رَجُلٌ غَصَبَ مِنْ رَجُلٍ دَرَاهِمَ أَوْ دَنَانِيرَ فِي بَلْدَةٍ فَطَالَبَهُ الْمَالِكُ فِي بَلْدَةٍ أُخْرَى كَانَ عَلَيْهِ أَنْ يُسَلِّمَهَا وَلَيْسَ لِلْمَالِكِ أَنْ يُطَالِبَهُ بِالْقِيمَةِ، وَإِنْ اخْتَلَفَ السِّعْرُ. وَلَوْ غَصَبَ عَيْنًا فَلَقِيَهُ الْمَغْصُوبُ مِنْهُ فِي بَلْدَةٍ أُخْرَى، وَالْمَغْصُوبُ فِي يَدِ الْغَاصِبِ فَإِنْ كَانَتْ الْقِيمَةُ فِي هَذَا الْمَكَانِ مِثْلَ الْقِيمَةِ فِي مَكَانِ الْغَصْبِ أَوْ أَكْثَرَ فَلِلْمَالِكِ أَنْ يَأْخُذَ الْغَصْبَ وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يُطَالِبَهُ بِالْقِيمَةِ، وَإِنْ كَانَ السِّعْرُ فِي الجزء: 1 ¦ الصفحة: 121 هَذَا الْمَكَانِ أَقَلَّ مِنْ السِّعْرِ فِي مَكَانِ الْغَصْبِ كَانَ الْمَالِكُ بِالْخِيَارِ إنْ شَاءَ أَخَذَ الْقِيمَةَ عَلَى سِعْرِ مَكَانِ الْغَصْبِ، وَإِنْ شَاءَ انْتَظَرَ حَتَّى يَأْخُذَ الْمَغْصُوبَ فِي بَلْدَةِ الْغَصْبِ، وَلَوْ كَانَ الْعَيْنُ الْمَغْصُوبُ قَدْ هَلَكَ، وَهُوَ مِنْ ذَوَاتِ الْأَمْثَالِ فَإِنْ كَانَ السِّعْرُ فِي الْمَكَانِ الَّذِي الْتَقَيَا مِثْلَ السِّعْرِ فِي مَكَانِ الْغَصْبِ أَوْ أَكْثَرَ يَبْرَأُ بِرَدِّ الْمِثْلِ. وَإِنْ كَانَ السِّعْرُ فِي هَذَا الْمَكَانِ أَقَلَّ فَالْمَالِكُ بِالْخِيَارِ إنْ شَاءَ أَخَذَ قِيمَةَ الْعَيْنِ فِي مَكَانِ الْغَصْبِ، وَإِنْ شَاءَ أَخَذَ الْمِثْلَ فِي الْحَالِ، وَإِنْ شَاءَ انْتَظَرَ، وَلَوْ كَانَتْ الْقِيمَةُ فِي مَكَانِ الْخُصُومَةِ أَكْثَرَ يُخَيَّرُ الْغَاصِبُ إنْ شَاءَ أَعْطَاهُ مِثْلَهُ فِي مَكَانِ الْخُصُومَةِ، وَإِنْ شَاءَ أَعْطَاهُ قِيمَتَهُ حَيْثُ غَصَبَ إلَّا أَنْ يَرْضَى الْمَغْصُوبُ مِنْهُ بِالتَّأْخِيرِ، وَإِنْ كَانَتْ الْقِيمَةُ فِي الْمَكَانَيْنِ سَوَاءً كَانَ لِلْمَغْصُوبِ مِنْهُ أَنْ يُطَالِبَهُ بِالْمِثْلِ مِنْ قَاضِي خَانْ، وَلَوْ كَانَتْ مِنْ ذَوَاتِ الْقِيَمِ فَلِلْمَالِكِ قِيمَةُ بَلَدِ الْغَصْبِ يَوْمَ الْخُصُومَةِ مِنْ الْفُصُولَيْنِ. وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ رَجُلٌ غَصَبَ مِنْ رَجُلٍ حِنْطَةً بِمَكَّةَ وَحَمَلَهَا إلَى بَغْدَادَ قَالَ: عَلَيْهِ قِيمَتُهَا بِمَكَّةَ، وَلَوْ غَصَبَ غُلَامًا بِمَكَّةَ فَجَاءَ بِهِ إلَى بَغْدَادَ قَالَ: إنْ كَانَ صَاحِبُهُ مِنْ أَهْلِ مَكَّةَ عَلَيْهِ قِيمَتُهُ، وَإِنْ كَانَ مِنْ غَيْرِ أَهْلِهَا أَخَذَ غُلَامَهُ. غَصَبَ سَفِينَةً فَوَجَدَ رَبَّهَا فِي وَسَطِ الْبَحْرِ لَا يَسْتَرِدُّهَا مِنْ الْغَاصِبِ وَلَكِنْ يُؤَاجِرُهَا مِنْهُ إلَى السَّاحِلِ. وَكَذَا الرَّجُلُ إذَا غَصَبَ دَابَّةً فَوَجَدَهَا الْمَالِكُ مَعَ الْغَاصِبِ فِي الْمَفَازَةِ فَإِنَّ الْمَالِكَ لَا يَسْتَرِدُّهَا مِنْهُ، وَلَكِنْ يُؤَاجِرُهَا إلَى الْمَأْمَنِ مِنْ قَاضِي خَانْ. رَجُلٌ غَصَبَ دَوَابَّ بِالْكُوفَةِ فَرَدَّهَا بِخُرَاسَانَ هَذَا بِمَنْزِلَةِ غَصْبِ الْعَيْنِ فَيُنْظَرُ إلَى قِيمَتِهَا فِي الْمَوْضِعِ الَّذِي غَصَبَهَا، وَفِي مَوْضِعِ الرَّدِّ إلَى آخِرِهِ مِنْ الْخُلَاصَةِ. مُؤْنَةُ الرَّدِّ عَلَى الْغَاصِبِ سَوَاءٌ غَيَّبَ الْمَغْصُوبَ أَوْ غَابَ الْمَالِكُ عَنْهُ، وَإِنْ أَتَى بِأَضْعَافِ قِيمَتِهِ مِنْ الْقُنْيَةِ. [الْفَصْلُ الثَّالِثُ فِيمَا يَصِيرُ بِهِ الْمَرْءُ غَاصِبًا وَضَامِنًا] لَوْ اسْتَخْدَمَ مَمْلُوكَ رَجُلٍ بِغَيْرِ إذْنِهِ أَوْ أَرْسَلَهُ فِي حَاجَتِهِ أَوْ رَكِبَ دَابَّتَهُ أَوْ حَمَلَ عَلَيْهَا شَيْئًا، وَسَاقَهَا فَهَلَكَتْ فَهُوَ ضَامِنٌ مِنْ الْوَجِيزِ. اسْتَخْدَمَ عَبْدَ غَيْرِهِ بِغَيْرِ إذْنِ مَوْلَاهُ فَهَلَكَ أَوْ أَبَقَ حَالَةَ الِاسْتِعْمَالِ ضَمِنَ سَوَاءٌ عَلِمَ أَنَّهُ عَبْدٌ أَوْ لَا، وَكَذَا لَوْ قَالَ الْعَبْدُ: اسْتَعْمِلْنِي فَأَنَا حُرٌّ فَهَلَكَ أَوْ أَبَقَ يَضْمَنُ مِنْ مُشْتَمِلِ الْهِدَايَةِ. رَجُلٌ بَعَثَ غُلَامًا صَغِيرًا فِي حَاجَتِهِ بِغَيْرِ إذْنِ أَهْلِ الْغُلَامِ فَرَأَى الْغُلَامُ غِلْمَانًا يَلْعَبُونَ فَانْتَهَى إلَيْهِمْ، وَارْتَقَى سَطْحَ بَيْتٍ فَوَقَعَ فَمَاتَ يَضْمَنُ الَّذِي بَعَثَهُ فِي حَاجَتِهِ لِأَنَّهُ صَارَ غَاصِبًا بِالِاسْتِعْمَالِ. رَجُلٌ قَالَ لِعَبْدِ الْغَيْرِ: ارْتَقِ هَذِهِ الشَّجَرَةَ، وَانْثُرْ الْمِشْمِشَ لِتَأْكُلَ أَنْتَ فَفَعَلَ، وَوَقَعَ مِنْ الشَّجَرَةِ فَمَاتَ لَا يَضْمَنُ لِأَنَّهُ اسْتَعْمَلَهُ فِي أَمْرِ نَفْسِهِ مِنْ قَاضِي خَانْ، وَلَوْ قَالَ: لِنَأْكُلْ ضَمِنَ النِّصْفَ ذَكَرَهُ فِي مُشْتَمِلِ الْهِدَايَةِ. فَمَنْ جَاءَ إلَى مَنْ يَكْسِرُ الْحَطَبَ فَطَلَبَ مِنْهُ الْقَدُومَ، وَكَسَرَ الْحَطَبَ فَضَرَبَ بَعْضَ الْمَكْسُورِ مِنْ الْحَطَبِ فِي عَيْنِهِ لَا يَضْمَنُ رَبُّ الْحَطَبِ شَيْئًا إذْ لَمْ يَأْمُرْهُ بِالْكَسْرِ، وَلَمْ يَسْتَعْمِلْهُ، وَإِنَّمَا فَعَلَهُ الْقِنُّ بِاخْتِيَارِهِ. اسْتَخْدَمَ قِنَّ غَيْرِهِ بِلَا أَمْرِهِ أَوْ قَادَ دَابَّتَهُ أَوْ سَاقَهَا أَوْ حَمَلَ عَلَيْهَا شَيْئًا أَوْ رَكِبَهَا ضَمِنَ هَلَكَ فِي تِلْكَ الْخِدْمَةِ أَوْ غَيْرِهَا مِنْ الْفُصُولَيْنِ. رَجُلٌ أَوْدَعَ عَبْدَهُ عِنْدَ رَجُلٍ فَبَعَثَهُ فِي حَاجَتِهِ صَارَ غَاصِبًا مِنْ الْخُلَاصَةِ. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 122 وَلَوْ غَصَبَ عَبْدَ مَحْجُورٍ مِثْلَهُ فَمَاتَ مَعَهُ ضَمِنَهُ؛ لِأَنَّ الْمَحْجُورَ مُؤَاخَذٌ بِأَفْعَالِهِ فَإِنْ كَانَ الْغَصْبُ ظَاهِرًا يُبَاعُ فِيهِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ ظَاهِرًا بَلْ أَقَرَّ بِهِ لَا يُؤَاخَذُ فِي الْحَالِ بَلْ يُؤَاخَذُ بَعْدَ الْعِتْقِ هَذِهِ فِي الْجِنَايَةِ مِنْ الْهِدَايَةِ. لَوْ جَلَسَ عَلَى بِسَاطِ غَيْرِهِ أَوْ هَبَّتْ الرِّيحُ بِثَوْبٍ فَأَلْقَتْهُ فِي حِجْرِ إنْسَانٍ لَا يَصِيرُ غَاصِبًا مَا لَمْ يَنْقُلْهُ أَوْ يُمْسِكْهُ لِنَفْسِهِ مِنْ الْوَجِيزِ. نَامَ عَلَى فِرَاشِ إنْسَانٍ أَوْ جَلَسَ عَلَى بِسَاطِهِ لَا يَكُونُ غَاصِبًا لِأَنَّ فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ غَصْبُ الْمَنْقُولِ لَا يَتَحَقَّقُ بِدُونِ النَّقْلِ وَالتَّحْوِيلِ فَلَا يَضْمَنُ إذَا لَمْ يَهْلِكْ بِفِعْلِهِ. وَكَذَلِكَ رَجُلٌ اسْتَأْجَرَ أَرْضَ إنْسَانٍ لِيَزْرَعَ فِيهَا حِنْطَةً فَزَرَعَ الْمُسْتَأْجِرُ الْأَرْضَ حِنْطَةً وَحَصَدَهَا وَدَاسَهَا فَمَنَعَهُ الْآجِرُ أَنْ يَرْفَعَهَا حَتَّى يُعْطِيَهُ الْأَجْرَ فَهَلَكَتْ الْحِنْطَةُ فِي مَوْضِعِهَا لَا يَضْمَنُ الْآجِرُ لِأَنَّهُ لَمْ يُحَوِّلْهَا عَنْ مَكَانِهَا. وَذَكَرَ النَّاطِفِيُّ رَجُلٌ رَكِبَ دَابَّةَ رَجُلٍ بِغَيْرِ إذْنِهِ ثُمَّ نَزَلَ فَمَاتَتْ يَضْمَنُ فِي رِوَايَةِ الْأَصْلِ. وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ أَنَّهُ لَا يَضْمَنُ، وَعَنْهُ أَنَّهُ يَضْمَنُ قَالَ النَّاطِفِيُّ: الصَّحِيحُ عَلَى قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ أَنَّهُ لَا يَضْمَنُ حَتَّى يُحَوِّلَهَا عَنْ مَوْضِعِهَا. رَجُلٌ قَعَدَ عَلَى ظَهْرِ دَابَّةٍ لِرَجُلٍ، وَلَمْ يُحَرِّكْهَا، وَلَمْ يُحَوِّلْهَا عَنْ مَوْضِعِهَا حَتَّى جَاءَ آخَرُ وَعَقَرَ الدَّابَّةَ فَالضَّمَانُ عَلَى الَّذِي عَقَرَ دُونَ الَّذِي رَكِبَ، وَلَمْ تَهْلِكْ مِنْ رُكُوبِهِ، وَإِنْ كَانَ الَّذِي رَكِبَ الدَّابَّةَ جَحَدَهَا، وَمَنَعَهَا عَنْ صَاحِبِهَا قَبْلَ أَنْ تُعْقَرَ، وَلَمْ يُحَرِّكْهَا فَجَاءَ رَجُلٌ، وَعَقَرَهَا فَلِصَاحِبِهَا أَنْ يُضَمِّنَ أَيَّهمَا شَاءَ، وَكَذَا إذَا دَخَلَ الرَّجُلُ دَارَ إنْسَانٍ، وَأَخَذَ مَتَاعًا، وَجَحَدَهُ فَهُوَ ضَامِنٌ، وَإِنْ لَمْ يُحَوِّلْهُ، وَلَمْ يَجْحَدْ فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ إلَّا أَنْ يَهْلَكَ بِفِعْلِهِ أَوْ يُخْرِجَهُ مِنْ الدَّارِ. رَجُلٌ أَصَابَ فِي زَرْعِهِ ثَوْرَيْنِ فَسَاقَهُمَا إلَى مَرْبِطِهِ، وَظَنَّ أَنَّهُمَا لِأَهْلِ الْقَرْيَةِ فَإِذَا هُمَا لِغَيْرِ أَهْلِ قَرْيَتِهِ فَأَرَادَ أَنْ يَرْبِطَهُمَا فَدَخَلَ أَحَدُهُمَا الْمَرْبِطَ فَهَرَبَ الْآخَرُ فَتَبِعَهُ، وَلَمْ يَظْفَرْ بِهِ قَالَ الشَّيْخُ مُحَمَّدُ بْنُ الْفَضْلِ: إذَا لَمْ يَقْدِرْ عَلَى أَنْ يُشْهِدَ عَلَى نَفْسِهِ أَنَّهُ أَخَذَهُمَا لِيَرُدَّهُمَا عَلَى صَاحِبِهِمَا لَا يَضْمَنُ إلَّا أَنْ تَكُونَ نِيَّتُهُ عِنْدَ الْأَخْذِ أَنْ يَمْنَعَهُمَا مِنْ صَاحِبِهِمَا فَيَضْمَنُ هَذَا إذَا كَانَ فِي اللَّيْلِ فَإِذَا كَانَ فِي النَّهَارِ، وَكَانَ الثَّوْرُ لِغَيْرِ أَهْلِ قَرْيَتِهِ كَانَ حُكْمُهُ حُكْمَ اللُّقَطَةِ، وَإِنْ تَرَكَ الْإِشْهَادَ مَعَ الْقُدْرَةِ عَلَى أَنَّهُ أَخَذَهُ لِيَرُدَّهُ عَلَى صَاحِبِهِ ضَمِنَ وَإِنْ عَجَزَ عَنْ الْإِشْهَادِ كَانَ عُذْرًا، وَإِنْ كَانَ الثَّوْرُ لِأَهْلِ قَرْيَتِهِ فَأَخْرَجَهُ مِنْ زَرْعِهِ، وَسَاقَهُ ضَمِنَ لِأَنَّ مَا يَكُونُ لِأَهْلِ الْقَرْيَةِ لَا يَكُونُ لَهُ حُكْمُ اللُّقْطَةِ فِي النَّهَارِ إنَّمَا يَكُونُ لَهُ حُكْمُ اللُّقَطَةِ فِي اللَّيْلِ أَمَّا فِي النَّهَارِ فَحُكْمُهُ حُكْمُ الْغَصْبِ فَيَضْمَنُ أَشْهَدَ أَوْ لَمْ يُشْهِدْ قَالَ: وَمِقْدَارُ مَا يُخْرِجُهُ عَنْ مِلْكِهِ لَا يَكُونُ مَضْمُونًا عَلَيْهِ، وَإِنْ سَاقَهُ، وَرَاءَ ذَلِكَ بِنَفْسِ السَّرْحِ يَصِيرُ غَاصِبًا، وَيَصِيرُ مَضْمُونًا عَلَيْهِ إلَّا إذَا سَاقَهُ إلَى مَوْضِعٍ يَأْمَنُ مِنْهُ مِنْ قَاضِي خَانْ. وَفِي الْفُصُولَيْنِ، وَقَالَ مَشَايِخُنَا: يَضْمَنُ، وَبِهِ يُفْتَى. وَكَذَا لَوْ حَبَسَ دَابَّةً، وَجَدَهَا فِي كَرْمِهِ قَدْ أَفْسَدَتْ كَرْمَهُ فَهَلَكَتْ ضَمِنَ. وَكَذَا لَوْ أَخْرَجَهَا عَنْ زَرْعِ الْغَيْرِ ضَمِنَ انْتَهَى. وَفِي مُشْتَمِلِ الْهِدَايَةِ عَنْ الْبَزَّازِيَّةِ لَوْ أَخْرَجَ دَابَّةَ الْغَيْرِ عَنْ زَرْعِ الْغَيْرِ لَا يَضْمَنُ إذَا لَمْ يُسْقِهَا بَعْدَ الْإِخْرَاجِ وَعَنْ أَبِي سَلَمَةَ أَنَّهُ يَضْمَنُ. رَجُلٌ رَفَعَ قَلَنْسُوَةً مِنْ رَأْسِ رَجُلٍ وَوَضَعَهَا عَلَى رَأْسِ رَجُلٍ آخَرَ فَطَرَحَهَا الرَّجُلُ مِنْ رَأْسِهِ فَضَاعَتْ قَالُوا إنْ كَانَتْ الْقَلَنْسُوَةُ بِمَرْأَى الْعَيْنِ مِنْ صَاحِبِهَا، وَأَمْكَنَهُ رَفْعُهَا مِنْ ذَلِكَ الْمَوْضِعِ لَا يَضْمَنُ الطَّارِحُ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ بِمَنْزِلَةِ الرَّدِّ عَلَى الْمَالِكِ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 123 كَذَلِكَ يَضْمَنُ. زِقُّ سَمْنٍ انْشَقَّ فَمَرَّ بِهِ رَجُلٌ، وَأَخَذَهُ ثُمَّ تَرَكَهُ قَالُوا: إنْ لَمْ يَكُنْ الْمَالِكُ حَاضِرًا يَضْمَنُ، وَإِنْ كَانَ الْمَالِكُ حَاضِرًا لَا يَضْمَنُ؛ لِأَنَّ هَذَا لَيْسَ بِتَضْيِيعٍ هَذَا إذَا أَخَذَ الزِّقَّ فَإِنْ لَمْ يَأْخُذْهُ، وَلَمْ يُرِقْ مِنْهُ لَا يَضْمَنُ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ الْمَالِكُ حَاضِرًا، وَعَلَى هَذَا إذَا سَقَطَ شَيْءٌ مِنْ إنْسَانٍ فَرَآهُ رَجُلٌ. لَوْ غَصَبَ جَارِيَةً فَزَنَى بِهَا ثُمَّ رَدَّهَا عَلَى الْمَوْلَى فَظَهَرَ بِهَا حَبَلٌ عِنْدَ الْمَوْلَى لِأَقَلَّ مِنْ سِتَّةِ أَشْهُرٍ مِنْ وَقْتِ الْغَصْبِ رَدَّ الْغَاصِبُ قِيمَتَهَا يَوْمَ الْغَصْبِ مِنْ قَاضِي خَانْ. وَفِي الْهِدَايَةِ وَمَنْ غَصَبَ جَارِيَةً، وَزَنَى بِهَا ثُمَّ رَدَّهَا فَحَبِلَتْ وَمَاتَتْ فِي نِفَاسِهَا يَضْمَنُ قِيمَتَهَا يَوْمَ عَلِقَتْ وَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ فِي الْحُرَّةِ، وَهَذَا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَقَالَا: لَا يَضْمَنُ فِي الْأَمَةِ أَيْضًا انْتَهَى، وَفِي مَوْضِعٍ آخَرَ رَجُلٌ غَصَبَ جَارِيَةً فَزَنَتْ عِنْدَهُ ثُمَّ رَدَّهَا عَلَى الْمَالِكِ فَوَلَدَتْ عِنْدَهُ فَمَاتَتْ فِي نِفَاسِهَا، وَمَاتَ الْوَلَدُ أَيْضًا كَانَ عَلَى الْغَاصِبِ قِيمَتُهَا فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ، وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ: لَيْسَ عَلَيْهِ إلَّا نُقْصَانُ الْحَبَلِ انْتَهَى. غَصَبَ حُرًّا عَلَيْهِ ثَوْبٌ لَا يَضْمَنُ ثَوْبَهُ لِأَنَّهُ تَحْتَ يَدِهِ، وَلَوْ قِنًّا ضَمِنَ ثَوْبَهُ أَيْضًا تَبَعًا. غَصَبَ قِنًّا مَعَهُ مَالُ مَوْلَاهُ يَصِيرُ غَاصِبًا لِلْمَالِ، وَلَوْ أَبَقَ فَغَاصِبُهُ ضَمِنَ الْمَالَ، وَقِيمَتَهُ مِنْ الْفُصُولَيْنِ. رَجُلٌ غَصَبَ عَبْدًا وَشَرَدَ الْعَبْدُ وَقَتَلَ نَفْسَهُ ضَمِنَ الْغَاصِبُ قِيمَةَ الْعَبْدِ كَمَا لَوْ قَتَلَهُ غَيْرُ الْعَبْدِ عِنْدَ الْغَاصِبِ كَانَ لَهُ أَنْ يُضَمِّنَ الْغَاصِبَ. رَجُلٌ غَصَبَ مِنْ رَجُلٍ جَارِيَةً، وَغَيَّبَهَا فَأَقَامَ الْمَغْصُوبُ مِنْهُ بَيِّنَةً أَنَّهُ غَصَبَ مِنْهُ جَارِيَتَهُ، وَلَمْ يَذْكُرُوا صِفَةَ الْجَارِيَةِ، وَلَا قِيمَتَهَا قَالَ فِي الْكِتَابِ: يُحْبَسُ حَتَّى يَجِيءَ بِهَا، وَتُرَدَّ عَلَى صَاحِبِهَا قَالَ أَبُو بَكْرٍ الْبَلْخِيّ: تَأْوِيلُ الْمَسْأَلَةِ أَنَّ الشُّهُودَ شَهِدُوا عَلَى إقْرَارِ الْغَاصِبِ بِذَلِكَ لِأَنَّ الْإِقْرَارَ الثَّابِتَ بِالْبَيِّنَةِ كَالْإِقْرَارِ مُعَايَنَةً فَأَمَّا الشَّهَادَةُ عَلَى فِعْلِ الْغَصْبِ لَا تُقْبَلُ مَعَ جَهَالَةِ الْمَغْصُوبِ؛ لِأَنَّ الْغَصْبَ إثْبَاتُ الْمِلْكِ لِلْمُدَّعِي فِي الْمَغْصُوبِ، وَلَا وَجْهَ لِلْقَضَاءِ بِالْمَجْهُولِ وَكَذَا لَا بُدَّ مِنْ الْإِشَارَةِ إلَى مَا هُوَ الْمَقْصُودُ بِالدَّعْوَى فِي الشَّهَادَةِ. وَقَالَ الشَّيْخُ الزَّاهِدُ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ السَّرَخْسِيُّ: الْأَصَحُّ أَنَّ هَذِهِ الدَّعْوَى وَالشَّهَادَةَ صَحِيحَةٌ لِمَكَانِ الضَّرُورَةِ فَإِنَّ الْغَاصِبَ يَكُونُ مُمْتَنِعًا عَنْ إحْضَارِ الْمَغْصُوبِ عَادَةً وَالشُّهُودُ عَلَى الْغَصْبِ قَلَّمَا يَقِفُونَ عَلَى أَوْصَافِ الْمَغْصُوبِ، وَإِنَّمَا يَتَأَتَّى مِنْهُمْ مُعَايَنَةُ فِعْلِ الْغَصْبِ فَسَقَطَ اعْتِبَارُ عِلْمِهِمْ بِأَوْصَافِ الْمَغْصُوبِ لِمَكَانِ الضَّرُورَةِ فَثَبَتَ بِشَهَادَتِهِمْ فِعْلُ الْغَصْبِ فِي مَحَلٍّ هُوَ مَالٌ مُتَقَوِّمٌ، وَيَصِيرُ ثُبُوتُ ذَلِكَ بِالْبَيِّنَةِ كَالثُّبُوتِ بِإِقْرَارِهِ فَيُحْبَسُ حَتَّى يَجِيءَ بِهَا، وَيَرُدَّهَا عَلَى صَاحِبِهَا فَإِنْ قَالَ الْغَاصِبُ: قَدْ مَاتَتْ الْجَارِيَةُ أَوْ بِعْتُهَا، وَلَا أَقْدِرُ عَلَيْهَا فَإِنَّ الْقَاضِيَ لَا يُعَجِّلُ بِالْقَضَاءِ بِالْقِيمَةِ؛ لِأَنَّ الْقَضَاءَ بِالْقِيمَةِ يَنْتَقِلُ فِي حَقِّ الْمَغْصُوبِ مِنْهُ عَنْ الْعَيْنِ إلَى الْقِيمَةِ فَيَتَلَوَّمُ زَمَانًا، وَذَلِكَ مُفَوَّضٌ إلَى رَأْيِ الْقَاضِي، وَهَذَا إذَا لَمْ يَرْضَ الْمَغْصُوبُ مِنْهُ بِالْقَضَاءِ بِالْقِيمَةِ فَأَمَّا إذَا رَضِيَ فَإِنَّهُ يَقْضِي وَلَا يَتَلَوَّمُ هَذِهِ الْجُمْلَةُ مِنْ قَاضِي خَانْ. وَفِي الْفُصُولَيْنِ نَقْلًا عَنْ كِتَابِ الْخُلَاصَةِ لِلْمُفْتِينَ: وَمِمَّا يُخْتَبَرُ بِهِ الْفَقِيهُ لَوْ سُئِلَ عَمَّنْ أَخَذَ حِمَارَ غَيْرِهِ بِلَا إذْنِهِ فَاسْتَعْمَلَهُ ثُمَّ رَدَّهُ إلَى مَوْضِعٍ أَخَذَهُ مِنْهُ، وَكَانَ مَعَهُ جَحْشٌ فَأَكَلَهُ الذِّئْبُ ضَمِنَ لَوْ سَاقَ الْجَحْشَ مَعَهُ لَا لَوْ لَمْ يَتَعَرَّضْ لَهُ بِشَيْءٍ بِأَنْ سَاقَ الْأُمَّ فَانْسَاقَ الْجَحْشُ مَعَهَا ذَاهِبًا وَجَائِيًا. رَكِبَ دَابَّةَ غَيْرِهِ ثُمَّ نَزَلَ وَتَرَكَهَا فِي مَكَانِهَا كَانَ ضَامِنًا فِي قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ وَلَا يَكُونُ ضَامِنًا عِنْدَ زُفَرَ. رَجُلٌ مَاتَ وَعَلَيْهِ دَيْنٌ وَلَهُ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 124 دَيْنٌ عَلَى رَجُلٍ فَأَخَذَ صَاحِبُ دَيْنِ الْمَيِّتِ مِنْ الْمَدْيُونِ مِثْلَ حَقِّهِ اخْتَلَفَ الْمَشَايِخُ فِيهِ قَالَ الشَّيْخُ الْإِمَامُ أَبُو نَصْرٍ: صَاحِبُ دَيْنِ الْمَيِّتِ يَكُونُ غَاصِبًا، وَيَصِيرُ مَا أَخَذَ قِصَاصًا بِدَيْنِهِ لِأَنَّهُ أَخَذَ مَالَ الْمَيِّتِ بِغَيْرِ إذْنِهِ، وَقَالَ بَعْضُهُمْ: لَا يَكُونُ غَاصِبًا، وَهُوَ الصَّحِيحُ لِأَنَّهُ أَخَذَ بِإِذْنِ الشَّرْعِ إلَّا أَنَّ الْمَأْخُوذَ يَصِيرُ مَضْمُونًا عَلَيْهِ فَيَكُونُ قِصَاصًا بِدَيْنِهِ كَمَا لَوْ ظَفِرَ بِمَالِ الْمَدْيُونِ فِي حَيَاتِهِ مِنْ جِنْسِ دَيْنِهِ. رَجُلٌ قَالَ: إذَا تَنَاوَلَ فُلَانٌ مَالِي فَهُوَ لَهُ حَلَالٌ فَتَنَاوَلَ فُلَانٌ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَعْلَمَ بِإِبَاحَتِهِ قَالَ أَبُو نَصْرٍ: يَجُوزُ ذَلِكَ، وَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ. وَلَوْ قَالَ: كُلُّ إنْسَانٍ تَنَاوَلَ مِنْ مَالِي فَهُوَ لَهُ حَلَالٌ قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ سَلَمَةَ: لَا يَجُوزُ، وَإِنْ تَنَاوَلَ ضَمِنَ. وَقَالَ أَبُو نَصْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ سَلَّامٍ هُوَ جَائِزٌ وَأَبُو نَصْرٍ جَعَلَ هَذَا إبَاحَةً، وَالْإِبَاحَةُ لِلْمَجْهُولِ جَائِزَةٌ وَمُحَمَّدُ بْنُ سَلَمَةَ جَعَلَهُ إبْرَاءً عَمَّا تَنَاوَلَهُ وَالْإِبْرَاءُ لِلْمَجْهُولِ بَاطِلٌ، وَالْفَتْوَى عَلَى قَوْلِ أَبِي نَصْرٍ، وَلَوْ قَالَ لِآخَرَ: جَمِيعُ مَا تَأْكُلُ مِنْ مَالِي فَقَدْ جَعَلْتُك فِي حِلٍّ مِنْهُ يَكُونُ الْأَكْلُ حَلَالًا فِي قَوْلِهِمْ جَمِيعًا، وَلَوْ قَالَ: جَمِيعُ مَا تَأْكُلُ مِنْ مَالِي فَقَدْ أَبْرَأْتُك ذُكِرَ عَنْ بَعْضِهِمْ: إنَّهُ لَا يَصِحُّ هَذَا الْإِبْرَاءُ. رَجُلٌ قَالَ لِآخَرَ: أَنْتِ فِي حِلٍّ مِمَّا أَكَلْت مِنْ مَالِي أَوْ أَخَذْت أَوْ أَعْطَيْت حَلَّ لَهُ الْأَكْلُ، وَلَا يَحِلُّ لَهُ الْأَخْذُ وَالْإِعْطَاءُ. رَجُلٌ قَالَ: أَذِنْت لِلنَّاسِ فِي ثَمَرِ نَخِيلِي فَمَنْ أَخَذَ شَيْئًا فَهُوَ لَهُ فَبَلَغَ النَّاسَ، وَأَخَذُوا مِنْ ذَلِكَ شَيْئًا فَهُوَ لَهُمْ؛ لِأَنَّ هَذِهِ إبَاحَةٌ. رَجُلٌ قَالَ: أَبَحْت لِفُلَانٍ أَنْ يَأْكُلَ مِنْ مَالِي، وَفُلَانٌ لَا يَعْلَمُ ذَلِكَ قَالَ الْفَقِيهُ أَبُو بَكْرٍ الْبَلْخِيّ إنَّهُ لَا يُبَاحُ لَهُ الْأَكْلُ لِأَنَّ الْإِبَاحَةَ إطْلَاقٌ، وَهُوَ لَا يَثْبُتُ قَبْلَ الْعِلْمِ، وَعَنْ الْبَعْضِ الْإِبَاحَةُ تَثْبُتُ قَبْلَ الْعِلْمِ مِنْ قَاضِي خَانْ. غَصَبَ ثَوْبًا، وَلَبِسَهُ فَمَدَّهُ مَالِكُهُ، وَالْغَاصِبُ لَا يَعْلَمُ أَنَّهُ الْمَالِكُ فَتَخَرَّقَ لَا يَضْمَنُ لَوْ تَخَرَّقَ مِنْ مَدِّهِ. وَلَوْ قَالَ الْمَالِكُ: رُدَّ ثَوْبِي فَأَبَى فَمَدَّهُ مَدًّا لَا يُمَدُّ مِثْلُهُ فَتَخَرَّقَ مِنْ شَدِّهِ لَا يَضْمَنُ الْغَاصِبُ أَيْضًا كَتَخْرِيقٍ بِسِكِّينٍ، وَلَوْ مَدَّهُ مَدًّا مُتَعَارَفًا ضَمِنَ الْغَاصِبُ نِصْفَ الْقِيمَةِ لِأَنَّهُ مِنْ جِنَايَتِهِمَا، وَهَذَا لِأَنَّ الْإِبَاءَ وَالْإِمْسَاكَ، وَلَوْ لَمْ يُوضَعْ لِلْمَدِّ وَلَكِنْ بَعْدَ مَا طَلَبَهُ مَالِكُهُ فَمَنَعَهُ قَاصِدًا بِاللُّبْسِ مُدَّةً فَتَلِفَ بِمَدِّهِمَا. وَلَوْ كَانَ الثَّوْبُ مِلْكًا لِمَنْ لَبِسَهُ فَمَدَّهُ رَجُلٌ مَدًّا يُمَدُّ مِثْلُهُ أَوَّلًا فَعَلَيْهِ جَمِيعُ الْقِيمَةِ؛ لِأَنَّ التَّخْرِيقَ يُضَافُ إلَى مَدِّهِ لِأَنَّهُ بِسَبَبِ مَدِّهِ تَخَرَّقَ. مِنْ الْفُصُولَيْنِ. تَشَبَّثَ بِثَوْبٍ فِي يَدِ رَجُلٍ فَجَذَبَهُ صَاحِبُ الثَّوْبِ فَتَخَرَّقَ قَالَ مُحَمَّدٌ: يَضْمَنُ الْمُتَشَبِّثُ نِصْفَ قِيمَتِهِ، وَإِنْ كَانَ الَّذِي جَذَبَهُ هُوَ الْمُتَشَبِّثُ الَّذِي لَيْسَ لَهُ الثَّوْبُ يَضْمَنُ جَمِيعَ الْقِيمَةِ. جَلَسَ عَلَى ثَوْبِ رَجُلٍ، وَصَاحِبُ الثَّوْبِ لَا يَعْلَمُ بِهِ فَقَامَ صَاحِبُ الثَّوْبِ فَانْشَقَّ الثَّوْبُ مِنْ جُلُوسِ الْجَالِسِ كَانَ عَلَى الْجَالِسِ نِصْفُ ضَمَانِ الشَّقِّ، وَعَنْ مُحَمَّدٍ فِي رِوَايَةٍ يَضْمَنُ الشَّقَّ، وَالِاعْتِمَادُ عَلَى ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ. رَجُلٌ لَهُ كُرَّانِ مِنْ حِنْطَةٍ غَصَبَ رَجُلٌ أَحَدَهُمَا، وَذَهَبَ بِهِ ثُمَّ إنَّ الْمَغْصُوبَ مِنْهُ أَوْدَعَ الْغَاصِبَ الْكُرَّ فَخَلَطَهُ الْغَاصِبُ بِكُرِّ الْغَصْبِ ثُمَّ ضَاعَ الْكُلُّ ذَكَرَ فِي النَّوَادِرِ أَنَّ الْغَاصِبَ يَضْمَنُ الْكُرَّ الَّذِي غَصَبَ وَلَا يَضْمَنُ الْوَدِيعَةَ. رَجُلٌ فِي يَدِهِ دَرَاهِمُ يَنْظُرُ إلَيْهَا فَوَقَعَ بَعْضُهَا عَلَى دَرَاهِمِ غَيْرِهِ، وَاخْتَلَطَتْ كَانَ الَّذِي وَقَعَ الدَّرَاهِمُ مِنْ يَدِهِ غَاصِبًا ضَامِنًا، وَهَذِهِ جِنَايَةٌ مِنْهُ، وَإِنْ لَمْ يَتَعَمَّدْ مِنْ قَاضِي خَانْ. لَوْ مَنَعَ رَجُلًا مِنْ دُخُولِ بَيْتِهِ أَوْ لَمْ يُمَكِّنْهُ مِنْ أَخْذِ مَالَهُ لَمْ يَصِرْ غَاصِبًا، وَلَوْ حَالَ بَيْنَ إنْسَانٍ وَبَيْنَ أَمْلَاكِهِ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 125 حَتَّى تَلِفَتْ لَمْ يَضْمَنْ، وَلَوْ فَعَلَ ذَلِكَ فِي الْمَنْقُولِ ضَمِنَ مِنْ الْفُصُولَيْنِ لَوْ أُبْعِدَ الْمَالِكُ عَنْ الْمَوَاشِي لَا يَضْمَنُ ذَكَرَهُ فِي الْهِدَايَةِ، وَلَوْ مَنَعَهَا مِنْهُ ضَمِنَ ذَكَرَهُ فِي الْفُصُولَيْنِ. إذَا تَنَاوَلَ مَالَ الْغَيْرِ حَالَةَ الْمَخْمَصَةِ يَضْمَنُ هَذِهِ فِي اللُّقَطَةِ مِنْ الْهِدَايَةِ. رَجُلٌ قَطَعَ يَدَ عَبْدِهِ ثُمَّ غَصَبَهُ رَجُلٌ فَمَاتَ فِي يَدِ الْغَاصِبِ مِنْ الْقَطْعِ ضَمِنَ الْغَاصِبُ قِيمَتَهُ مَقْطُوعَ الْيَدِ، وَلَوْ أَنَّ السَّيِّدَ قَطَعَ يَدَهُ فِي يَدِ الْغَاصِبِ فَمَاتَ مِنْهُ فِي يَدِ الْغَاصِبِ لَمْ يَضْمَنْ الْغَاصِبُ هَذِهِ فِي جِنَايَةِ الْهِدَايَةِ. غَصَبَ عُجُولًا فَأَتْلَفَهُ حَتَّى يَبِسَ ضَرْعُ أُمِّهِ يَضْمَنُ الْعِجْلَ دُونَ نُقْصَانِ الْبَقَرَةِ مِنْ الْقُنْيَةِ. إذَا غَصَبَ عَبْدًا، وَمَعَهُ مَالُ الْمَوْلَى فَإِنَّهُ يَصِيرُ غَاصِبًا لِلْمَالِ أَيْضًا حَتَّى لَوْ أَبَقَ الْعَبْدُ يَضْمَنُ الْغَاصِبُ الْمَالَ، وَقِيمَةَ الْعَبْدِ مِنْ مُشْتَمِلِ الْأَحْكَامِ. [الْفَصْل الرَّابِع فِي الْعَقَار وَفِيهِ لَوْ هَدَمَ جِدَار غَيْره أَوْ حَفَرَ فِي أَرْضه] ِ أَوْ طَمَّ بِئْرَهُ بِغَيْرِ إذْنِهِ قَدْ مَرَّ فِي أَوَّلِ الْبَابِ أَنَّ الْعَقَارَ لَا يَتَحَقَّقُ فِيهِ الْغَصْبُ عِنْدَ الشَّيْخَيْنِ خِلَافًا لِمُحَمَّدٍ فَإِذَا غَصَبَ عَقَارًا فَهَلَكَ فِي يَدِهِ بِأَنْ انْهَدَمَ بِآفَةٍ سَمَاوِيَّةٍ أَوْ جَاءَ سَيْلٌ فَذَهَبَ بِالْبِنَاءِ أَوْ أَشْجَارِهِ أَوْ غَلَبَ السَّيْلُ عَلَى أَرْضٍ فَبَقِيَتْ تَحْتَ الْمَاءِ لَا يَضْمَنُهُ عِنْدَهُمَا. وَقَالَ مُحَمَّدٌ: يَضْمَنُهُ، وَهُوَ قَوْلُ أَبِي يُوسُفَ أَوَّلًا، وَبِهِ قَالَ الشَّافِعِيُّ، وَدَلِيلُ كُلِّ مَذْكُورٌ فِي الْهِدَايَةِ قَالَ فِي الْأَشْبَاهِ: الْعَقَارُ لَا يُضْمَنُ إلَّا فِي مَسَائِلَ إذَا جَحَدَهُ الْمُودَعُ، وَإِذَا بَاعَهُ الْغَاصِبُ، وَسَلَّمَهُ، وَإِذَا رَجَعَ الشُّهُودُ بِهِ بَعْدَ الْقَضَاءِ انْتَهَى، وَزِيدَ رَابِعَةٌ وَهِيَ مَا إذَا كَانَ الْعَقَارُ وَقْفًا فَإِنَّهُ يُفْتَى بِضَمَانِهِ كَمَا ذَكَرَهُ فِي الْفُصُولَيْنِ نَقْلًا عَنْ فَوَائِدِ ظَهِيرِ الدِّينِ إِسْحَاقَ وَأَجْمَعُوا أَنَّهُ لَوْ أَتْلَفَهُ مِنْ سُكْنَاهُ يَضْمَنُ، وَكَذَا لَوْ قَطَعَ الْأَشْجَارَ ضَمِنَ مَا قَطَعَ بِالْإِجْمَاعِ ذَكَرَهُ فِي الْخُلَاصَةِ فَأَجْمَعُوا أَنَّهُ يَضْمَنُ مَا نَقَصَهُ مِنْهُ بِفِعْلِهِ، وَسُكْنَاهُ لِأَنَّهُ إتْلَافٌ، وَالْعَقَارُ يُضْمَنُ بِهِ كَمَا إذَا نَقَلَ تُرَابَهُ، وَأَمَّا مَنَافِعُهُ فَعِنْدَ الشَّافِعِيِّ هِيَ مَضْمُونَةٌ اسْتَعْمَلَهُ أَوْ عَطَّلَهُ فَيَجِبُ الْأَجْرُ. وَقَالَ مَالِكٌ: إنْ عَطَّلَهُ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ، وَإِنْ اسْتَعْمَلَهُ يَجِبُ أَجْرُ الْمِثْلِ وَعِنْدَنَا لَا تُضْمَنُ الْمَنَافِعُ فِي الْفُصُولَيْنِ ذَكَرَهُ فِي الْهِدَايَةِ قُلْتُ: إلَّا فِي ثَلَاثٍ فَإِنَّهَا تُضْمَنُ فِيهَا وَيَجِبُ أَجْرُ الْمِثْلِ: مَالُ الْيَتِيمِ، وَمَالُ الْوَقْفِ، وَالْمُعَدُّ لِلِاسْتِغْلَالِ إلَّا إذَا سَكَنَ الْمُعَدُّ لِلِاسْتِغْلَالِ بِتَأْوِيلِ مِلْكٍ أَوْ عَقْدٍ كَبَيْتٍ سَكَنَهُ أَحَدُ الشَّرِيكَيْنِ فِي الْمِلْكِ أَمَّا الْوَقْفُ إذَا سَكَنَهُ أَحَدُهُمَا بِالْغَلَبَةِ بِدُونِ إذْنِ الْآخَرِ سَوَاءٌ كَانَ مَوْقُوفًا لِلسُّكْنَى أَوْ لِلِاسْتِغْلَالِ فَإِنَّهُ يَجِبُ الْأَجْرُ، وَيُسْتَثْنَى مِنْ مَالِ الْيَتِيمِ مَسْأَلَةٌ: سَكَنَتْ أُمُّهُ مَعَ زَوْجِهَا فِي دَارِهِ بِلَا أَجْرٍ لَيْسَ لَهُمَا ذَلِكَ، وَلَا أَجْرَ عَلَيْهِمَا، وَلَا تَصِيرُ الدَّارُ مُعَدَّةً لِلِاسْتِغْلَالِ بِإِجَارَتِهَا إنَّمَا تَصِيرُ مُعَدَّةً إذَا بَنَاهَا لِذَلِكَ أَوْ اشْتَرَاهَا لَهُ وَبِإِعْدَادِ الْبَائِعِ لَا تَصِيرُ مُعَدَّةً فِي حَقِّ الْمُشْتَرِي وَإِذَا أَجَّرَ الْغَاصِبُ مَا مَنَافِعُهُ مَضْمُونَةٌ مِنْ مَالِ يَتِيمٍ أَوْ وَقْفٍ أَوْ مُعَدٍّ فَعَلَى الْمُسْتَأْجِرِ الْمُسَمَّى لَا أَجْرَ الْمِثْلِ، وَلَا يَلْزَمُ الْغَاصِبَ أَجْرُ الْمِثْلِ إنَّمَا يَرُدُّ مَا قَبَضَهُ مِنْ الْمُسْتَأْجِرِ مِنْ الْأَشْبَاهِ. وَفِي الْفُصُولَيْنِ عَنْ الذَّخِيرَةِ مَنْ زَرَعَ أَرْضَ غَيْرِهِ بِلَا أَمْرِهِ يَجِبُ الثُّلُثُ أَوْ الرُّبْعُ عَلَى مَا هُوَ عُرْفُ الْقَرْيَةِ، وَفِيهِ رِوَايَةُ كِتَابِ الْمُزَارَعَةِ كَذَا أَجَابَ عَلِيٌّ السُّغْدِيُّ. سُئِلَ شَيْخ الْإِسْلَامِ وَبُرْهَانُ الدِّينِ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 126 كه مَعْهُود سِتّ كه ايشان غَلَّهُ بكارند، وَحُصّه زُمَيْن سه يك يَا جَهَار يك بدهند كسى بِهِ وَجْه كديورى كَشَتِّ غَلَّهُ وَاجِب شودياني أَجَابَ شود انْتَهَى. لَوْ أَخَذَ مِنْ أَرْضِ إنْسَانٍ تُرَابًا قَالُوا: إنْ كَانَ لِذَلِكَ التُّرَابِ قِيمَةٌ فِي ذَلِكَ الْمَوْضِعِ يَضْمَنُ قِيمَةَ التُّرَابِ سَوَاءٌ تَمَكَّنَ بِهِ النُّقْصَانُ بِالْأَرْضِ أَوْ لَمْ يَتَمَكَّنْ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لِلتُّرَابِ قِيمَةٌ فِي ذَلِكَ الْمَوْضِعِ يُنْظَرُ إنْ انْتَقَصَتْ بِهِ الْأَرْضُ ضَمِنَ النُّقْصَانَ، وَإِلَّا فَلَا، وَلَا يُؤْمَرُ بِالْكَبْسِ، وَقَالَ بَعْضُهُمْ: يُؤْمَرُ بِذَلِكَ مِنْ قَاضِي خَانْ. غَصَبَ أَرْضًا فِيهَا زَرْعٌ نَابِتٌ وَهُوَ قَصِيلٌ فَهَلَكَ الْقَصِيلُ أَوْ يَبِسَ لَمْ يَضْمَنْ بِالْغَصْبِ، وَالْمَنْقُولُ إنَّمَا يُضْمَنُ بِالنَّقْلِ، وَلَمْ يُوجَدْ. وَكَذَا لَوْ غَصَبَ كَرْمًا، وَفِيهِ أَشْجَارٌ فَيَبِسَتْ لَا يَضْمَنُ الْأَشْجَارَ لِمَا مَرَّ، وَلَوْ قَلَعَ الْأَشْجَارَ ضَمِنَ فَلَوْ قَلَعَ الْأَشْجَارَ آخَرُ، وَهَدَمَ الْبِنَاءَ آخَرُ يَضْمَنُ هُوَ لَا الْغَاصِبُ. هَدَمَ بَيْتًا يَضْمَنُ قِيمَتَهُ مَبْنِيًّا لَا قِيمَةَ الْعَرْصَةِ؛ لِأَنَّهَا قَائِمَةٌ، وَالْغَصْبُ لَا يَجْرِي فِي الْعَقَارِ. غَصَبَ أَرْضًا فَزَرَعَهَا قُطْنًا فَزَرَعَهَا رَبُّهَا شَيْئًا آخَرَ لَا يَضْمَنُ الْمَالِكُ. وَلَوْ غَصَبَ مَرْبِطًا فَشَدَّ بِهِ دَابَّةً فَأَخْرَجَهَا الْمَالِكُ ضَمِنَ. وَلَوْ أَدْخَلَ دَابَّةً فِي دَارِ غَيْرِهِ فَأَخْرَجَهَا رَبُّ الدَّارِ لَا يَضْمَنُ إذْ الدَّابَّةُ تَضُرُّ بِالدَّارِ فَلَهُ دَفْعُ الضَّرَرِ بِالْإِخْرَاجِ مِنْ الْفُصُولَيْنِ. غَصَبَ أَرْضًا فَبَنَى فِيهَا أَوْ غَرَسَ قِيلَ لَهُ: اقْلَعْ الْبِنَاءَ أَوْ الْغَرْسَ وَرُدَّهَا فَإِنْ كَانَتْ الْأَرْضُ تَنْقُصُ بِالْقَلْعِ فَلِلْمَالِكِ أَنْ يَضْمَنَ لَهُ قِيمَةَ الْبِنَاءِ وَالْغَرْسِ مَقْلُوعًا، وَيَكُونُ لَهُ قِيمَتُهُ مَقْلُوعًا مَعْنَاهُ قِيمَةُ شَجَرٍ أَوْ بِنَاءٍ أَمَرَ بِقَلْعِهِ فَتُقَوَّمُ الْأَرْضُ بِدُونِ الشَّجَرِ وَالْبِنَاءِ، وَتُقَوَّمُ وَبِهَا شَجَرٌ وَبِنَاءٌ لِصَاحِبِهَا أَنْ يَأْمُرَهُ بِقَلْعِهِ فَيَضْمَنُ فَضْلَ مَا بَيْنَهُمَا مِنْ الْهِدَايَةِ. وَفِي الْفُصُولَيْنِ لَوْ كَانَتْ قِيمَةُ الْبِنَاءِ أَكْثَرَ يَتَمَلَّكُ الْغَاصِبُ الْأَرْضَ بِقِيمَتِهَا كَذَا عَنْ الْكَرْخِيِّ، وَلَيْسَ لِلْمَالِكِ أَخْذُهَا. قَالَ فِي الْعُدَّةِ: وَقَدْ أَفْتَى الْبَعْضُ بِقَوْلِ الْكَرْخِيِّ فَإِنَّهُ حَسَنٌ، وَنَحْنُ نُفْتِي بِجَوَابِ الْكِتَابِ اتِّبَاعًا لِأَشْيَاخِنَا فَإِنَّهُمْ كَانُوا لَا يَتْرُكُونَ جَوَابَ الْكِتَابِ انْتَهَى. رَجُلٌ قَلَعَ تَالَّةً مِنْ الْأَرْضِ، وَرَجُلٌ غَرَسَهَا فِي نَاحِيَةٍ أُخْرَى مِنْ تِلْكَ الْأَرْضِ فَكَبِرَتْ كَانَتْ الشَّجَرَةُ لِلْغَارِسِ، وَعَلَيْهِ قِيمَةُ التَّالَّةِ يَوْمَ قَلْعِ التَّالَّةِ، وَيُؤْمَرُ الْغَاصِبُ بِقَلْعِ الشَّجَرَةِ فَإِنْ كَانَ الْقَلْعُ يَضُرُّ بِالْأَرْضِ كَانَ لِصَاحِبِ الْأَرْضِ أَنْ يُعْطِيَهُ قِيمَةَ الشَّجَرَةِ مَقْلُوعَةً. رَجُلٌ بَنَى حَائِطًا فِي أَرْضِ الْغَصْبِ مِنْ تُرَابِ هَذِهِ الْأَرْضِ قَالَ الْفَقِيهُ أَبُو بَكْرٍ الْبَلْخِيّ: الْحَائِطُ لِصَاحِبِ الْأَرْضِ لَا سَبِيلَ لِلْبَانِي عَلَيْهِ لِأَنَّهُ لَوْ أُمِرَ بِنَقْضِ الْحَائِطِ يَصِيرُ تُرَابًا كَمَا كَانَ، وَهَكَذَا قَالَ أَبُو الْقَاسِمِ، وَعَنْ غَيْرِهِمَا: رَجُلٌ بَنَى حَائِطًا فِي كَرْمِ رَجُلٍ بِغَيْرِ أَمْرِ صَاحِبِ الْكَرْمِ إنْ لَمْ يَكُنْ لِلتُّرَابِ قِيمَةٌ فَإِنَّ الْحَائِطَ يَكُونُ لِصَاحِبِ الْكَرْمِ، وَيَكُونُ الْبَانِي مُتَبَرِّعًا بِعَمَلِهِ، وَإِنْ كَانَ لِلتُّرَابِ قِيمَةٌ فَإِنَّ الْحَائِطَ يَكُونُ لِلْبَانِي، وَعَلَيْهِ قِيمَةُ التُّرَابِ. وَعَنْ مُحَمَّدٍ رَجُلٌ هَدَمَ لِآخَرَ بَيْتًا مَبْنِيًّا، وَقِيمَةُ الْبِنَاءِ سِوَى الْأَرْضِ مِائَةُ دِرْهَمٍ، وَقِيمَةُ التُّرَابِ الْمَهْدُومِ ثَلَاثُونَ دِرْهَمًا قَالَ: صَاحِبُ الْبِنَاءِ بِالْخِيَارِ إنْ شَاءَ ضَمَّنَهُ مِائَةَ دِرْهَمٍ، وَيَصِيرُ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 127 تُرَابُ الْبِنَاءِ وَنَقْضُهُ لِلْهَادِمِ، وَإِنْ شَاءَ ضَمَّنَهُ سَبْعِينَ دِرْهَمًا، وَلَيْسَ لِلْهَادِمِ مِنْ تُرَابِهِ شَيْءٌ. وَعَنْ ابْنِ مُقَاتِلٍ رَجُلٌ هَدَمَ حَائِطَ رَجُلٍ قَالَ: يُقَوَّمُ الْحَائِطُ مَبْنِيًّا فَإِنْ كَانَتْ قِيمَةُ الْحَائِطِ مِائَةَ دِرْهَمٍ، وَقِيمَةُ تُرَابِهِ عَشَرَةً يَضْمَنُ الْهَادِمُ تِسْعِينَ دِرْهَمًا، وَالتُّرَابُ لِصَاحِبِ الْأَرْضِ، وَلَوْ قَالَ صَاحِبُ الْحَائِطِ: لَا أُرِيدُ أَخْذَ تُرَابِ الْحَائِطِ، وَادْفَعْهُ إلَى الْهَادِمِ كَانَ لَهُ ذَلِكَ، وَيُضَمِّنُهُ مِائَةَ دِرْهَمٍ مِنْ قَاضِي خَانْ. رَجُلٌ هَدَمَ بَيْتَهُ فَأَلْقَى تُرَابًا كَثِيرًا بِزِيقِ الْجِدَارِ الَّذِي بَيْنَهُ وَبَيْنَ جَارِهِ، وَوَضَعَ فَوْقَهُ لَبِنًا كَثِيرًا حَتَّى مَالَ الْحَائِطُ أَوْ هُدِمَ بِنَقْضِهِ إنْ كَانَ اللَّبِنُ مُشْرِفًا عَلَى الْحَائِطِ مُتَّصِلًا بِحَيْثُ دَخَلَ الْوَهْنُ فِي الْحَائِطِ مِنْ ثِقَلِهِ فَهُوَ ضَامِنٌ. رَجُلٌ هَدَمَ دَارِهِ فَانْهَدَمَ بِذَلِكَ مَنْزِلُ جَارِهِ لَا يَضْمَنُ مِنْ الْخُلَاصَةِ. حَفَرَ بِئْرًا فِي أَرْضِ غَيْرِهِ ضَمِنَ النُّقْصَانَ، وَقَالَ بَعْضُهُمْ: يُؤْمَرُ بِكَبْسٍ لَا بِنُقْصَانٍ. وَلَوْ هَدَمَ جِدَارَ غَيْرِهِ لَمْ يُجْبَرْ عَلَى بِنَائِهِ فَيُخَيَّرُ الْمَالِكُ إنْ شَاءَ ضَمَّنَهُ قِيمَتَهُ وَالنَّقْضُ لِلضَّامِنِ أَوْ أَخَذَ النَّقْضَ، وَقِيمَةَ النُّقْصَانِ وَقَالَ بَعْضُهُمْ: لَوْ كَانَ قَدِيمًا لَا يُؤْمَرُ بِالْإِعَادَةِ وَلَوْ جَدِيدًا يُؤْمَرُ. وَفِي فَتَاوَى الْقَاضِي ظَهِيرِ الدِّينِ لَوْ هَدَمَ جِدَارَ غَيْرِهِ فَلَوْ كَانَ مِنْ خَشَبٍ ضَمِنَ قِيمَتَهُ، وَلَوْ مِنْ طِينٍ فَلَوْ عَتِيقًا فَكَذَلِكَ وَلَوْ جَدِيدًا يُؤْمَرُ بِإِعَادَتِهِ مِنْ الْفُصُولَيْنِ. لَوْ هَدَمَ حَائِطَ رَجُلٍ أَوْ كَسَرَهُ قَالَ بَعْضُ الْعُلَمَاءِ: إنْ كَانَ الْحَائِطُ حَدِيثًا كَانَ عَلَى الْهَادِمِ إعَادَةُ الْحَائِطِ بِالْمَدَرِ إنْ كَانَ مِنْ الْمَدَرِ وَالْحَجَرِ وَالْخَشَبِ إنْ كَانَ مِنْ ذَلِكَ، وَلَا يَضْمَنُ النُّقْصَانَ، وَإِنْ كَانَ الْحَائِطُ عَتِيقًا قَالَ: خَلَفَ عَلَيْهِ النُّقْصَانَ كَذَا فِي دَعَاوَى قَاضِي خَانَ مِنْ بَابِ الْيَمِينِ. حَفَرَ بِئْرًا فِي فِنَاءِ مَسْجِدٍ أَوْ هَدَمَ حَائِطَ الْمَسْجِدِ يُؤْمَرُ بِالتَّسْوِيَةِ، وَلَا يُقْضَى بِالنُّقْصَانِ. وَكَذَا مَنْ حَفَرَ فِي فِنَاءِ قَوْمٍ يُؤْمَرُ بِالتَّسْوِيَةِ. وَلَوْ هَدَمَ جِدَارَ رَجُلٍ أَوْ حَفَرَ بِئْرًا فِي مِلْكِهِ ضَمِنَ النُّقْصَانَ مِنْ الْفُصُولَيْنِ. قَالَ فِي الْأَشْبَاهِ نَقْلًا عَنْ كَرَاهِيَةِ الْخَانِيَّةِ مَنْ هَدَمَ حَائِطَ غَيْرِهِ فَإِنَّهُ يَضْمَنُ النُّقْصَانَ، وَلَا يُؤْمَرُ بِالْعِمَارَةِ إلَّا فِي حَائِطِ الْمَسْجِدِ انْتَهَى. حَفَرَ بِئْرًا فِي مِلْكِهِ فَطَمَّهَا رَجُلٌ بِتُرَابِهَا قَالَ الْكَرْخِيُّ: أُقَوِّمُهَا مَحْفُورَةً وَغَيْرَ مَحْفُورَةٍ فَيَغْرَمُ فَضْلَ مَا بَيْنَهُمَا، وَلَوْ طَرَحَ فِيهَا تُرَابًا أُجْبِرَ عَلَى إخْرَاجِهِ. نَزَحَ مَاءَ بِئْرِ رَجُلٍ حَتَّى يَبِسَتْ لَمْ يَضْمَنْ إذْ مَالِكُ الْبِئْرِ لَا يَمْلِكُ الْمَاءَ بِخِلَافِ مَا لَوْ غَصَبَ مَاءً مِنْ الْجُبِّ فَإِنَّهُ يُؤْمَرُ بِإِمْلَائِهِ لِأَنَّهُ مِلْكُهُ. وَلَوْ هَدَمَ جِدَارَ غَيْرِهِ ثُمَّ بَنَاهُ مِنْ تُرَابٍ كَمَا هُوَ أَوْ كَانَ مِنْ خَشَبٍ فَبَنَاهُ مِنْ خَشَبِهِ بَرِئَ لَا لَوْ بَنَاهُ بِخَشَبٍ آخَرَ إذْ الْخَشَبُ لَيْسَ بِمِثْلِيٍّ فَلَا إعَادَةَ لِلْأَوَّلِ مِنْ الْفُصُولَيْنِ. وَلَوْ عَلِمَ أَنَّ الثَّانِيَ أَجْوَدُ مِنْ الْأَوَّلِ يَبْرَأُ ذَكَرَهُ فِي مُشْتَمِلِ الْهِدَايَةِ وَعَزَاهُ إلَى الْبَزَّازِيَّةِ. وَلَوْ حَفَرَ بِئْرًا فِي دَارِ غَصْبٍ، وَرَضِيَ بِهِ الْمَالِكُ، وَأَرَادَ الْغَاصِبُ الطَّمَّ يُمْنَعُ عِنْدَنَا خِلَافًا لِلشَّافِعِيِّ مِنْ الْفُصُولَيْنِ. غَصَبَ أَرْضًا فَبَذَرَهَا حِنْطَةً ثُمَّ اخْتَصَمَا قَبْلَ أَنْ يَنْبُتَ قَالَ مُحَمَّدٌ: إنْ شَاءَ صَاحِبُ الْأَرْضِ تَرَكَهَا حَتَّى يَنْبُتَ ثُمَّ يُقَالُ لِلْغَاصِبِ: اقْلَعْ زَرْعَك، وَإِنْ شَاءَ أَعْطَاهُ مَا زَرَعَ فِيهِ فَتُقَوَّمُ الْأَرْضُ لَيْسَ فِيهَا بَذْرٌ، وَتُقَوَّمُ، وَبِهَا بَذْرٌ مُسْتَحَقُّ الْقَلْعِ فَأَعْطَاهُ مَا بَيْنَهُمَا مِنْ قَاضِي خَانْ، وَذَكَرَ الْمُعَلَّى عَنْ أَبِي يُوسُفَ أَنَّهُ يُعْطِيهِ مِثْلَ بَذْرِهِ ذَكَرَهُ فِي الْوَجِيزِ. غَصَبَ أَرْضَ خَرَاجٍ فَزَرَعَهَا كَانَ الْخَرَاجُ عَلَى رَبِّ الْأَرْضِ، وَذَكَرَ فِي السِّيَرِ الْكَبِيرِ إنْ انْتَقَصَتْ الْأَرْضُ بِفِعْلِ الْغَاصِبِ مِنْ غَيْرِ زِرَاعِهِ يَضْمَنُ النُّقْصَانَ لِرَبِّ الْأَرْضِ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 128 وَلَا خَرَاجَ عَلَى رَبِّ الْأَرْضِ، وَإِنْ لَمْ يَنْقُصْهَا فَالْخَرَاجُ عَلَى رَبِّ الْأَرْضِ، وَإِنْ نَقَصَتْهَا الزِّرَاعَةُ كَانَ ذَلِكَ عَلَى رَبِّ الْأَرْضِ قَلَّ النُّقْصَانُ أَوْ كَثُرَ كَذَا فِي قَاضِي خَانْ عَنْ السِّيَرِ الْكَبِيرِ. وَقَعَ الْحَرِيقُ فِي مَحَلِّهِ فَهَدَمَ رَجُلٌ بَيْتَ جَارِهِ حَتَّى لَا يَحْتَرِقَ بَيْتُهُ يَضْمَنُ قِيمَةَ بَيْتِ الْجَارِ كَمُضْطَرٍّ أَكَلَ فِي الْمَفَازَةِ طَعَامَ غَيْرِهِ يَضْمَنُ قِيمَتَهُ كَذَا فِي مُشْتَمِلِ الْهِدَايَةِ عَنْ الْبَزَّازِيَّةِ قُلْتُ: إلَّا إذَا هَدَمَهَا بِإِذْنِ السُّلْطَانِ فَلَا يَضْمَنُ كَمَا فِي الْأَشْبَاهِ مِنْ فَنِّ الْأَلْغَازِ. غَصَبَ ديرة، وَحَفَرَهَا حَوْضًا ضَمِنَ ضَمَانَ الْإِتْلَافِ وَقَالَ شَرَفُ الْأَئِمَّةِ الْمَكِّيُّ: ضَمَانُ النُّقْصَانِ وَعَنْ سَيْفِ الْأَئِمَّةِ السَّائِلِيِّ يُؤْمَرُ بِالْكَبْسِ وَيَضْمَنُ إنْ نَقَصَ مِنْ الْقُنْيَةِ. أَحْضَرَ فِعْلَةً لِهَدْمِ جِدَارِهِ فَهَدَمَهُ آخَرُ بِلَا إذْنِهِ لَمْ يَضْمَنْ اسْتِحْسَانًا مِنْ الْفُصُولَيْنِ. غَصَبَ آجُرًّا وَلَبِنًا فَبَنَى بِهِ أَسَاسَ حَائِطٍ، وَنَحْوَ ذَلِكَ فَإِنَّهُ يَنْقَطِعُ حَقُّ الْمَالِكِ عَنْ الْعَيْنِ، وَيَضْمَنُ قِيمَتَهُ مِنْ الْوَجِيزِ. غَصَبَ أَرْضًا فَزَرَعَهَا وَنَبَتَ فَلِلْمَالِكِ أَنْ يَأْمُرَ الْغَاصِبَ بِقَلْعِهِ، وَلَوْ أَبَى فَلِلْمَالِكِ قَلْعُهُ فَإِنْ لَمْ يَحْضُرْ الْمَالِكُ حَتَّى أَدْرَكَ الزَّرْعُ فَهُوَ لِلْغَاصِبِ، وَلِلْمَالِكِ تَضْمِينُ نُقْصَانِ أَرْضِهِ مِنْ الْفُصُولَيْنِ. حَفَرَ قَبْرًا فَدَفَنَ فِيهِ آخَرُ مَيِّتًا فَإِنْ كَانَ فِي أَرْضٍ مَمْلُوكَةٍ فَلِلْمَالِكِ النَّبْشُ عَلَيْهِ، وَإِخْرَاجُهُ وَلَهُ التَّسْوِيَةُ وَالْبِزْرُ فَوْقَهُ، وَإِنْ كَانَ فِي أَرْضٍ مُبَاحَةٍ أَوْ مَوْقُوفَةٍ ضَمِنَ الْحَافِرُ قِيمَةَ حَفْرِهِ مِمَّنْ دَفَنَ فِيهِ. حَفَرَ بِئْرًا فِي مِلْكِ غَيْرِهِ فَوَقَعَ فِيهَا إنْسَانٌ ضَمِنَهُ، وَلَوْ فِي مِلْكِهِ لَا يَضْمَنُهُ مِنْ الْأَشْبَاهِ. وَلَوْ قَالَ الْغَاصِبُ: غَصَبْتُك أَرْضًا، وَبَنَيْت فِيهَا، وَقَالَ الْمَغْصُوبُ مِنْهُ: بَلْ غَصَبْتنِي الْأَرْضَ مَبْنِيَّةً فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ، وَالْبَيِّنَةُ بَيِّنَةُ الْغَاصِبِ، وَكَذَلِكَ النَّخْلُ وَالشَّجَرُ فِي الْأَرْضِ. وَلَوْ اخْتَلَفَا فِي مَتَاعٍ فِي الدَّارِ أَوْ آجُرٍّ أَوْ خَشَبٍ مَوْضُوعٍ فِيهَا فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْغَاصِبِ، وَالْبَيِّنَةُ بَيِّنَةُ الْمُدَّعِي. [الْفَصْلُ الْخَامِسُ فِي زَوَائِدِ الْغَصْبِ وَمَنَافِعِهِ] ِ زَوَائِدُ الْمَغْصُوبِ مُتَّصِلَةً كَانَتْ كَالسِّمَنِ، وَالْجَمَالِ أَوْ مُنْفَصِلَةً كَالْوَلَدِ وَاللَّبَنِ، وَالثَّمَرِ أَمَانَةٌ فِي يَدِ الْغَاصِبِ إنْ هَلَكَتْ فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ إلَّا إذَا تَعَدَّى فِيهَا أَوْ طَلَبَهَا رَبُّهَا فَمَنَعَهَا إيَّاهُ فَيَضْمَنُ كَمَا فِي الْهِدَايَةِ. وَلَوْ ازْدَادَتْ قِيمَتُهُ فِي سِعْرٍ أَوْ بِزْرٍ أَوْ انْتَقَصَتْ ثُمَّ هَلَكَ عِنْدَهُ ضَمِنَ قِيمَتَهُ وَقْتَ الْغَصْبِ فِي قَوْلِهِمْ جَمِيعًا، وَلَوْ لَمْ يَهْلَكْ، وَرَدَّهُ عَلَى صَاحِبِهِ إنْ كَانَ النُّقْصَانُ فِي الْبِزْرِ ضَمِنَ قِيمَةَ النُّقْصَانِ، وَلَوْ كَانَ النُّقْصَانُ فِي السِّعْرِ لَا يَضْمَنُ وَلَوْ اسْتَهْلَكَهُ بَعْدَ النُّقْصَانِ ضَمِنَ قِيمَتَهُ يَوْمَ الْغَصْبِ، وَإِنْ اسْتَهْلَكَهُ بَعْدَ الزِّيَادَةِ نَحْوُ أَنْ يَبِيعَهُ وَيُسَلِّمَهُ إلَى الْمُشْتَرِي فَهَلَكَ فِي يَدِ الْمُشْتَرِي فَالْمَغْصُوبُ مِنْهُ بِالْخِيَارِ إنْ شَاءَ ضَمَّنَ الْغَاصِبَ قِيمَتَهُ وَقْتَ الْغَصْبِ، وَجَازَ الْبَيْعُ، وَالثَّمَنُ لِلْغَاصِبِ، وَإِنْ شَاءَ ضَمَّنَ الْمُشْتَرِيَ قِيمَتَهُ وَقْتَ الْقَبْضِ، وَبَطَلَ الْبَيْعُ، وَلَهُ أَنْ يَرْجِعَ عَلَى الْغَاصِبِ بِالثَّمَنِ، وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يُضَمِّنَ الْغَاصِبَ وَقْتَ التَّسْلِيمِ فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ مِنْ الْخُلَاصَةِ. وَفِي الْوَجِيزِ إنْ اسْتَهْلَكَ الْمُتَّصِلَةَ فِي غَيْرِ الْآدَمِيِّ لَا يَضْمَنُ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ خِلَافًا لَهُمَا، وَهُوَ الصَّحِيحُ اهـ. وَلَوْ غَصَبَ شَاةً فَسَمِنَتْ ثُمَّ ذَبَحَهَا ضَمِنَ قِيمَتَهَا يَوْمَ الْغَصْبِ ذَكَرَهُ فِي الْفُصُولَيْنِ. وَإِنْ غَصَبَ عَبْدًا أَوْ أَمَةً قِيمَتُهَا أَلْفٌ مَثَلًا فَازْدَادَتْ عِنْدَهُ زِيَادَةً مُتَّصِلَةً كَالسِّمَنِ وَالْجَمَالِ حَتَّى صَارَ قِيمَتُهَا أَلْفَيْنِ فَقَتَلَهَا الجزء: 1 ¦ الصفحة: 129 هُوَ أَوْ غَيْرُهُ خَطَأً فَالْمَالِكُ مُخَيَّرٌ إنْ شَاءَ ضَمَّنَ الْغَاصِبَ أَلْفًا قِيمَتَهُ يَوْمَ الْغَصْبِ حَالَّةً فِي مَالِهِ، وَإِنْ شَاءَ ضَمَّنَ عَاقِلَةَ الْقَاتِلِ أَلْفَيْنِ قِيمَتَهُ يَوْمَ الْقَتْلِ فِي ثَلَاثِ سِنِينَ كَمَا فِي الْوَجِيزِ وَإِنْ بَاعَ الزِّيَادَةَ الْمُنْفَصِلَةَ، وَسَلَّمَهَا ضَمِنَهَا كَمَا فِي الْهِدَايَةِ؛ لِأَنَّهَا كَانَتْ أَمَانَةً فِي يَدِهِ، وَبِالتَّسْلِيمِ إلَى الْغَيْرِ صَارَ مُتَعَدِّيًا، قُيِّدَ بِالتَّسْلِيمِ؛ لِأَنَّهَا لَوْ تَلِفَتْ بَعْدَ الْبَيْعِ قَبْلَ التَّسْلِيمِ لَا يَضْمَنُ اتِّفَاقًا كَمَا قَرَرْنَاهُ فِي الشَّرْحِ مِنْ الْحَقَائِقِ وَشَرْحِ الْمَجْمَعِ قَالَ فِي الْوَجِيزِ: وَإِنْ بَاعَ الزَّوَائِدَ الْمُنْفَصِلَةَ، وَسَلَّمَهَا إلَى الْمُشْتَرِي فَالْمَالِكُ مُخَيَّرٌ إنْ شَاءَ ضَمَّنَ الْغَاصِبَ، وَإِنْ شَاءَ ضَمَّنَ الْمُشْتَرِيَ قِيمَتَهَا يَوْمَ الْبَيْعِ وَالتَّسْلِيمِ اهـ وَلَا يَضْمَنُ الْغَاصِبُ الزَّوَائِدَ الْمُتَّصِلَةَ بِالْبَيْعِ وَالتَّسْلِيمِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ خِلَافًا لَهُمَا نَصَّ عَلَيْهِ فِي دُرَرِ الْبِحَارِ، وَالْمَجْمَعِ فَإِذَا غَصَبَ أَمَةً قِيمَتُهَا أَلْفٌ مَثَلًا فَزَادَتْ عِنْدَهُ زِيَادَةً مُتَّصِلَةً كَالسِّمَنِ وَالْجَمَالِ حَتَّى صَارَتْ قِيمَتُهَا أَلْفَيْنِ فَبَاعَهَا يُخَيَّرُ الْمَالِكُ إنْ شَاءَ ضَمَّنَ الْغَاصِبَ قِيمَتَهَا يَوْمَ الْغَصْبِ، وَهِيَ أَلْفٌ أَوْ الْمُشْتَرِيَ قِيمَتَهَا يَوْمَ قَبْضِهَا، وَهِيَ أَلْفَانِ وَلَهُ أَنْ يُضَمِّنَ الْبَائِعَ قِيمَتَهَا أَلْفَيْنِ عِنْدَهُمَا لَا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ كَمَا فِي الْفُصُولَيْنِ. وَمَنَافِعُ الْغَصْبِ لَا تُضْمَنُ عِنْدَنَا سَوَاءٌ اسْتَوْفَاهَا الْغَاصِبُ أَوْ عَطَّلَهُ، وَلَمْ يَسْتَعْمِلْهُ فَإِذَا اسْتَعْمَلَ عَبْدًا أَوْ حُرًّا قَهْرًا أَوْ أَمْسَكَهُ زَمَانًا، وَلَمْ يَسْتَعْمِلْهُ لَا يَضْمَنُ شَيْئًا عِنْدَنَا خِلَافًا لِلشَّافِعِيِّ مِنْ الْحَقَائِقِ. وَلَوْ اسْتَعْمَلَ الْمَغْصُوبَ بِأَنْ كَانَ عَبْدًا فَأَجَّرَهُ فَالْأُجْرَةُ لَهُ، وَلَا تَطِيبُ لَهُ فَيَتَصَدَّقُ بِهَا. وَكَذَا لَوْ رَبِحَ بِدَرَاهِمِ الْغَصْبِ كَانَ الرِّبْحُ لَهُ، وَيَتَصَدَّقُ بِهِ، وَلَوْ دَفَعَ الْغَلَّةَ إلَى الْمَالِكِ حَلَّ لِلْمَالِكِ تَنَاوُلُهَا كَمَا فِي الْهِدَايَةِ. وَفِي الْأَشْبَاهِ مَنَافِعُ الْغَصْبِ لَا تُضْمَنُ إلَّا فِي ثَلَاثٍ: مَالِ الْيَتِيمِ، وَمَالِ الْوَقْفِ وَالْمُعَدِّ لِلِاسْتِغْلَالِ، وَقَدْ اسْتَوْفَيْنَا الْكَلَامَ فِيهَا فِي الْفَصْلِ السَّابِقِ لِكَثْرَةِ وُقُوعِهَا فِي الْعَقَارِ فَلْيُرَاجَعْ. [الْفَصْل السَّادِس فِيمَا لَيْسَ بِمَالِ وَمَا لَيْسَ بِمُتَقَوِّمِ وَمَا يَقْرَب مِنْ ذَلِكَ كالمدبر] ِ، وَأُمِّ الْوَلَدِ، وَآلَاتِ اللَّهْوِ قَدْ مَرَّ فِي أَوَّلِ الْبَابِ أَنَّ الْغَصْبَ لَا يَتَحَقَّقُ فِي الْحُرِّ، وَالْمَيِّتِ، وَخَمْرِ الْمُسْلِمِ لَكِنْ ذُكِرَ فِي الْفُصُولَيْنِ لَوْ غَصَبَ حُرًّا صَغِيرًا يَضْمَنُ إلَّا إذَا مَاتَ حَتْفَ أَنْفِهِ وَأَمَّا إذَا غَرِقَ أَوْ حُرِقَ أَوْ قَتَلَهُ قَاتِلٌ ضَمِنَ اهـ وَكَذَا لَوْ قَتَلَ الصَّبِيُّ نَفْسَهُ ضَمِنَ الْغَاصِبُ ذَكَرَهُ فِي مُشْتَمِلِ الْهِدَايَةِ، وَفِي قَاضِي خَانْ مِنْ الْجِنَايَاتِ رَجُلٌ غَصَبَ صَبِيًّا حُرًّا فَغَابَ الصَّبِيُّ عَنْ يَدِهِ فَإِنَّ الْغَاصِبَ يُحْبَسُ حَتَّى يَجِيءَ بِهِ أَوْ يُعْلَمَ أَنَّهُ مَاتَ، وَلَوْ قُتِلَ الصَّبِيُّ فِي يَدِهِ أَوْ أَكَلَهُ سَبُعٌ أَوْ سَقَطَ مِنْ حَائِطٍ ضَمِنَ الْغَاصِبُ وَإِنْ مَاتَ مِنْ مَرَضٍ أَوْ حُمَّى لَا يَضْمَنُ. وَفِي الْغَصْبِ مِنْهُ رَجُلٌ خَدَعَ صَبِيَّةً، وَذَهَبَ بِهَا إلَى مَوْضِعٍ لَا يُعْرَفُ قَالَ مُحَمَّدٌ: يُحْبَسُ حَتَّى يَأْتِيَ بِهَا أَوْ يُعْلَمَ أَنَّهَا قَدْ مَاتَتْ، وَفِي الْأَشْبَاهِ مِنْ الْقَاعِدَةِ السَّابِعَةِ: الْحُرُّ لَا يَدْخُلُ تَحْتَ الْيَدِ فَلَا يَضْمَنُ بِالْغَصْبِ. وَلَوْ غَصَبَ صَبِيًّا فَمَاتَ فِي يَدِهِ فَجْأَةً أَوْ بِحُمَّى لَمْ يَضْمَنْ، وَلَا يَرِدُ مَا قَالُوا لَوْ مَاتَ بِصَاعِقَةٍ أَوْ بِنَهْشَةِ حَيَّةٍ أَوْ بِنَقْلِهِ إلَى أَرْضٍ مَسْبَعَةٍ أَوْ إلَى أَرْضِ الصَّوَاعِقِ أَوْ إلَى مَكَان يَغْلِبُ فِيهِ الْحُمَّى وَالْأَمْرَاضُ فَإِنَّ دِيَتَهُ عَلَى عَاقِلَةِ الْغَاصِبِ لِأَنَّهُ ضَمَانُ إتْلَافٍ، لَا ضَمَانَ غَصْبٍ، وَالْحُرُّ يُضْمَنُ بِالْإِتْلَافِ، وَالْعَبْدُ يُضْمَنُ بِهِمَا، وَالْمُكَاتَبُ كَالْحُرِّ لَا يُضْمَنُ بِالْغَصْبِ، وَلَوْ صَغِيرًا الجزء: 1 ¦ الصفحة: 130 وَأُمُّ الْوَلَدِ كَالْحُرِّ، وَتَمَامُهُ فِي شَرْحِ الزَّيْلَعِيِّ قَبْلَ بَابِ الْقِسْمَةِ انْتَهَى، وَفِيهِ مِنْ أَحْكَامِ الصِّبْيَانِ وَقَدْ سُئِلْت عَمَّنْ أَخَذَ ابْنَ إنْسَانٍ صَغِيرًا، وَأَخْرَجَهُ مِنْ الْبَلَدِ هَلْ يَلْزَمُهُ إحْضَارُهُ إلَى أَبِيهِ؟ فَأَجَبْت بِمَا فِي الْخَانِيَّةِ رَجُلٌ غَصَبَ صَبِيًّا حُرًّا فَغَابَ الصَّبِيُّ عَنْ يَدِهِ فَإِنَّ الْغَاصِبَ يُحْبَسُ حَتَّى يَجِيءَ بِهِ أَوْ يُعْلَمَ أَنَّهُ مَاتَ انْتَهَى. لَوْ بَعَثَ صَغِيرًا إلَى حَاجَةٍ بِغَيْرِ إذْنِ أَهْلِهِ فَارْتَقَى فَوْقَ بَيْتٍ مَعَ الصِّبْيَانِ، وَوَقَعَ، وَمَاتَ ضَمِنَ، وَكَذَا لَوْ أَدْخَلَ صَبِيًّا بَيْتَهُ فَسَقَطَ عَنْ الْبَيْتِ ضَمِنَ مِنْ الْفُصُولَيْنِ. وَلَوْ غَصَبَ الْمُسْلِمُ خَمْرَ الذِّمِّيِّ أَوْ خِنْزِيرَهُ وَأَتْلَفَهَا ضَمِنَ قِيمَتَهَا ذَكَرَهُ فِي الْوَجِيزِ قُلْتُ: إلَّا أَنْ يَكُونَ إمَامًا لَا يَرَى ذَلِكَ فَلَا يَضْمَنُ كَمَا فِي قَاضِي خَانْ مِنْ السِّيَرِ. وَكَذَا إذَا كَانَ يُظْهِرُ بَيْعَهَا بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ فَلَا ضَمَانَ فِي إرَاقَتِهَا ذَكَرَهُ فِي الْأَشْبَاهِ مِنْ أَحْكَامِ الذِّمِّيِّ. وَلَوْ أَتْلَفَ مَيْتَةَ الذِّمِّيِّ لَا يَضْمَنُ اتِّفَاقًا كَمَا فِي شَرْحِ الْمَجْمَعِ، وَلَوْ أَتْلَفَهَا الْمُسْلِمُ لَمْ يَضْمَنْ كَمَا فِي الْهِدَايَةِ. وَلَوْ غَصَبَ الذِّمِّيُّ خِنْزِيرَ الذِّمِّيِّ، وَأَتْلَفَهَا ضَمِنَ مِثْلَهَا فَإِنْ أَسْلَمَا أَوْ أَسْلَمَ أَحَدُهُمَا قَبْلَ الْقَضَاءِ بِالضَّمَانِ أَوْ بَعْدَهُ بَطَلَ الضَّمَانُ، وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَعِنْدَهُمَا، وَهُوَ رِوَايَةٌ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ إنْ أَسْلَمَ الْغَاصِبُ يُنْتَقَلُ إلَى الْقِيمَةِ، وَإِنْ أَسْلَمَ الْمَغْصُوبُ مِنْهُ يَبْطُلُ مِنْ الْوَجِيزِ. وَفِي الْمَجْمَعِ لَوْ أَسْلَمَ الْمُتْلِفُ بَعْدَ إتْلَافِهَا يُبْرِيهِ أَبُو يُوسُفَ وَأَوْجَبَ مُحَمَّدٌ الْقِيمَةَ، وَالْقَوْلَانِ رِوَايَتَانِ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ اهـ، وَمَشَى عَلَيْهِ فِي دُرَرِ الْبِحَارِ فَالِاعْتِمَادُ عَلَيْهِ. وَلَوْ غَصَبَ مِنْ مُسْلِمٍ خَمْرًا فَخَلَّلَهَا بِشَيْءٍ لَا قِيمَةَ لَهُ سَوَاءٌ كَانَ مَالًا كَمَا إذَا أَلْقَى حَنْظَلَةً أَوْ شَيْئًا يَسِيرًا مِنْ الْمِلْحِ بِحَيْثُ لَا قِيمَةَ لَهُ أَوْ لَمْ يَكُنْ كَمَا إذَا شَمَّسَهَا ذَكَرَهُ فِي الْإِيضَاحِ، وَالْإِصْلَاحِ فَلِلْمَالِكِ أَنْ يَأْخُذَ بِغَيْرِ شَيْءٍ وَإِنْ اسْتَهْلَكَهَا الْغَاصِبُ بَعْدَ التَّخْلِيلِ ضَمِنَهَا وَإِنْ خَلَّلَهَا بِذِي قِيمَةٍ كَالْمِلْحِ الْكَثِيرِ، وَالْخَلِّ مَلَكَهَا الْغَاصِبُ، وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَعِنْدَهُمَا أَخَذَهَا الْمَالِكُ، وَأَعْطَى مَا زَادَ الْمِلْحُ فِيهِ إنْ كَانَ التَّخْلِيلُ بِالْمِلْحِ قَالَ فِي الْهِدَايَةِ: وَمَعْنَاهُ هُنَا أَنْ يُعْطِيَهُ مِثْلَ وَزْنِ الْمِلْحِ مِنْ الْخَلِّ، وَإِنْ أَرَادَ الْمَالِكُ تَرْكَهُ وَتَضْمِينَهُ فَلَهُ ذَلِكَ فِي رِوَايَةٍ. وَفِي رِوَايَةٍ لَا ذَكَرَهُ فِي الْوَجِيزِ، وَقِيلَ: لَيْسَ لَهُ ذَلِكَ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَعِنْدَهُمَا لَهُ ذَلِكَ ذَكَرَهُ فِي الْهِدَايَةِ، وَإِذَا كَانَ بِالْخَلِّ فَكَذَا عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ، وَعِنْدَ مُحَمَّدٍ إنْ صَارَ خَلًّا مِنْ سَاعَتِهِ يَصِيرُ مِلْكًا لِلْغَاصِبِ، وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ، وَإِنْ صَارَ خَلًّا بَعْدَ زَمَانٍ بِأَنْ كَانَ الْمُلْقَى فِيهِ خَلًّا قَلِيلًا فَهِيَ بَيْنَهُمَا عَلَى قَدْرِ كَيْلِهِمَا، وَقَالَ الْفَقِيهُ أَبُو اللَّيْثِ: وَبِهِ نَأْخُذُ ذَكَرَهُ فِي الْإِيضَاحِ، وَالْإِصْلَاحِ. وَفِي الْوَجِيزِ قِيلَ: يَشْتَرِكَانِ فِيهِمَا بِالْإِجْمَاعِ، وَهُوَ الْأَظْهَرُ وَلَا ضَمَانَ عَلَى الْغَاصِبِ فِي الِاسْتِهْلَاكِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ لِأَنَّهُ أَهْلَكَ مِلْكَ نَفْسِهِ، وَعِنْدَ مُحَمَّدٍ لَا يَضْمَنُ بِالِاسْتِهْلَاكِ فِي الْوَجْهِ الْأَوَّلِ وَيَضْمَنُ فِي الْوَجْهِ الثَّانِي، وَعِنْدَ بَعْضِ الْمَشَايِخِ: لِلْمَالِكِ أَنْ يَأْخُذَ الْخَلَّ فِي الْوُجُوهِ كُلِّهَا بِغَيْرِ شَيْءٍ، وَقَدْ كَثُرَتْ فِيهِ أَقْوَالُ الْمَشَايِخِ ذَكَرَهُ فِي الْهِدَايَةِ. أَرَادَ إنْسَانٌ صَبَّ خَمْرِ نَفْسِهِ فَأَخَذَهَا آخَرُ فَتَخَلَّلَتْ عِنْدَهُ فَالْخَلُّ لِلْآخِذِ كَمَا فِي قَاضِي خَانْ وَالْفُصُولَيْنِ. وَلَوْ غَصَبَ جِلْدَ مَيْتَةٍ مِنْ مُسْلِمٍ فَدَبَغَهُ بِمَا لَا قِيمَةَ لَهُ كَالتُّرَابِ، وَالشَّمْسِ أَخَذَهُ الْمَالِكُ بِلَا شَيْءٍ، وَلَوْ أَتْلَفَهُ الْغَاصِبُ ضَمِنَ قِيمَتَهُ مَدْبُوغًا اتِّفَاقًا ذَكَرَهُ فِي الْوَجِيزِ وَقِيلَ: يَضْمَنُ قِيمَتَهُ طَاهِرًا غَيْرَ مَدْبُوغٍ ذَكَرَهُ فِي الْهِدَايَةِ، وَإِنْ هَلَكَ عِنْدَهُ فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ بِالْإِجْمَاعِ ذَكَرَهُ فِي الْوَجِيزِ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 131 وَلَوْ دَبَغَهُ بِشَيْءٍ لَهُ قِيمَةٌ كَالْقَرَظِ وَالْعَفْصِ لِلْمَالِكِ أَنْ يَأْخُذَهُ، وَيَرُدَّ عَلَيْهِ مَا زَادَ الدِّبَاغُ فِيهِ فَيُقَوَّمُ ذَكِيًّا غَيْرَ مَدْبُوغٍ وَمَدْبُوغًا فَيَضْمَنُ فَضْلَ مَا بَيْنَهُمَا، وَلِلْغَاصِبِ أَنْ يَحْبِسَهُ حَتَّى يَسْتَوْفِيَ حَقَّهُ، وَلَوْ هَلَكَ فِي يَدِهِ لَا يَضْمَنُ بِالْإِجْمَاعِ، وَلَوْ اسْتَهْلَكَهُ الْغَاصِبُ فَكَذَلِكَ لَا يَضْمَنُ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَعِنْدَهُمَا يَضْمَنُ الْجِلْدَ مَدْبُوغًا وَيُعْطِيهِ الْمَالِكُ مَا زَادَ فِيهِ، وَلَوْ اسْتَهْلَكَهُ غَيْرُ الْغَاصِبِ ضَمِنَهُ اتِّفَاقًا ذَكَرَهُ فِي شَرْحِ الْمَجْمَعِ، وَإِنْ أَرَادَ الْمَالِكُ أَنْ يَتْرُكَهُ عَلَى الْغَاصِبِ وَيُضَمِّنَهُ قِيمَتَهُ فِي هَذَا الْوَجْهِ قِيلَ: لَيْسَ لَهُ ذَلِكَ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَعِنْدَهُمَا لَهُ، وَمَحَلُّ الْمَسْأَلَةِ الْهِدَايَةِ. وَمَنْ كَسَرَ مِعْزَفًا أَوْ بَرْبَطًا أَوْ طَبْلًا أَوْ طُنْبُورًا أَوْ مِزْمَارًا أَوْ دُفًّا سَوَاءٌ كَانَتْ لِمُسْلِمٍ أَوْ كَافِرٍ يَضْمَنُ ذَكَرَهُ فِي الْإِيضَاحِ. وَفِي الْإِصْلَاحِ يَضْمَنُ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ قِيمَتَهُ خَشَبًا أَلْوَاحًا وَقَالَا: لَا يَضْمَنُ أَصْلًا، وَعَلَى هَذَا النَّرْدُ، وَالشِّطْرَنْجُ ذَكَرَهُ فِي الْحَقَائِقِ وَالْفَتْوَى عَلَى قَوْلِهِمَا، وَالِاخْتِلَافُ فِي الطَّبْلِ وَالدُّفِّ الَّذِي يُضْرَبُ لِلَّهْوِ فَأَمَّا طَبْلُ الْغُزَاةِ وَالدُّفُّ الَّذِي يُبَاحُ ضَرْبُهُ فِي الْعُرْسِ فَيُضْمَنُ بِالْإِتْلَافِ بِلَا خِلَافٍ. وَلَوْ أَتْلَفَ صَلِيبًا عَلَى نَصْرَانِيٍّ يَضْمَنُ قِيمَتَهُ صَلِيبًا لِأَنَّهُ مُقَرٌّ عَلَى ذَلِكَ كَمَا فِي الْهِدَايَةِ بِخِلَافِ الْمَعَازِفِ فَإِنَّهَا كَبِيرَةٌ فِي الْأَدْيَانِ كُلِّهَا وَلَمْ يُقَرُّوا عَلَيْهَا ذَكَرَهُ فِي الْإِيضَاحِ، وَعَلَى هَذَا الِاخْتِلَافِ لَوْ أَهْرَقَ لِمُسْلِمٍ سَكَرًا وَهُوَ النِّيءُ مِنْ مَاءِ الرُّطَبِ إذَا اشْتَدَّ أَوْ مُنَصَّفًا، وَهُوَ مَا ذَهَبَ نِصْفُهُ بِالطَّبْخِ يَضْمَنُ قِيمَتَهُمَا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ، وَفِي الْمَطْبُوخِ أَدْنَى طَبْخَةٍ، وَهُوَ الْبَاذَقُ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ رِوَايَتَانِ وَقَالَا: لَا يَضْمَنُ، وَالْفَتْوَى عَلَى قَوْلِهِمَا. وَمَنْ غَصَبَ أُمَّ وَلَدٍ أَوْ مُدَبَّرَةً فَمَاتَتْ فِي يَدِهِ ضَمِنَ قِيمَةَ الْمُدَبَّرَةِ، وَلَمْ يَضْمَنْ قِيمَةَ أُمِّ الْوَلَدِ، وَعِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ يَضْمَنُ قِيمَتَهُمَا مِنْ الْهِدَايَةِ وَاخْتَلَفَ الْمَشَايِخُ فِي قِيمَةِ أُمِّ الْوَلَدِ وَالْمُدَبَّرِ، وَالْكَلَامُ فِيهِ مَرَّ فِي مَسَائِلِ الْعِتْقِ فَلَا نُعِيدُهُ. وَلَوْ غَصَبَ مُدَبَّرًا فَأَبَقَ عِنْدَهُ، وَضَمِنَ قِيمَتَهُ لَا يَتَمَلَّكُهُ الْغَاصِبُ فَإِذَا وَجَدَهُ فَلَهُ أَنْ يَسْتَسْعِيَهُ هَذِهِ فِي كِتَابِ الْعَبْدِ الْمُشْتَرَكِ مِنْ الْهِدَايَةِ. وَلَوْ جَنَى الْمُدَبَّرُ فِي يَدِ الْغَاصِبِ غَرِمَ الْمَوْلَى الْأَقَلَّ مِنْ قِيمَتِهِ، وَمِنْ أَرْشِ الْجِنَايَةِ، وَيَرْجِعُ بِهِ عَلَى هَذَا الْغَاصِبِ مِنْ الْوَجِيزِ. وَالْمُكَاتَبُ مَضْمُونٌ بِالْغَصْبِ هَذِهِ فِي الْبُيُوعِ مِنْ قَاضِي خَانْ وَفِيهِ أَيْضًا لَوْ اسْتَهْلَكَ عَلَى رَجُلٍ جَارِيَةً مُغَنِّيَةً يَضْمَنُ قِيمَتَهَا غَيْرَ مُغَنِّيَةٍ. وَلَوْ شَقَّ خَمْرَ الْمُسْلِمِ لِإِرَاقَتِهَا نَهْيًا عَنْ الْمُنْكَرِ لَا يَضْمَنُهُ عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ خِلَافًا لِمُحَمَّدٍ مِنْ الْمَجْمَعِ قَالَ قَاضِي خَانْ: وَلَوْ شَقَّ زِقًّا فِيهِ خَمْرٌ لِمُسْلِمٍ مِنْ هَؤُلَاءِ الْفَسَقَةِ الَّذِينَ يَحْمِلُونَهَا لِلشُّرْبِ إنْ فَعَلَ بِإِذْنِ الْإِمَامِ لَا يَضْمَنُ، وَبِغَيْرِ إذْنِ الْإِمَامِ يَضْمَنُ الزِّقَّ قُلْتُ: وَهَذَا مُوَافِقٌ لِمَا ذَكَرَهُ صَاحِبُ الْهِدَايَةِ فِي وُجُوبِ الضَّمَانِ عَلَى كَاسِرِ الْمَعَازِفِ عَنْ الْإِمَامِ مِنْ أَنَّ الْأَمْرَ بِالْمَعْرُوفِ بِالْيَدِ إلَى الْأُمَرَاءِ لِقُدْرَتِهِمْ وَبِاللِّسَانِ إلَى غَيْرِهِمْ. وَفِي السِّيَرِ مِنْ قَاضِي خَانْ لَوْ شَقَّ زِقًّا لِمُسْلِمٍ فِيهِ الْخَمْرُ لَا يَضْمَنُ الْخَمْرَ؛ لِأَنَّهَا لَيْسَتْ بِمَالٍ مُتَقَوِّمٍ فِي حَقِّ الْمُسْلِمِ، وَيَضْمَنُ الزِّقَّ لِأَنَّهُ مَالٌ مُتَقَوِّمٌ إلَّا أَنْ يَكُونَ إمَامًا يَرَى ذَلِكَ مُبَاحًا فَلَا يَضْمَنُ اهـ. وَفِي الْأَشْبَاهِ مِنْ أَحْكَامِ الذِّمِّيِّ إتْلَافُ خَمْرِ الْمُسْلِمِ لَا يُوجِبُ الضَّمَانَ وَلَوْ كَانَ الْمُتْلِفُ ذِمِّيًّا بِخِلَافِ خَمْرِ الذِّمِّيِّ إلَّا أَنْ يُظْهِرَ بَيْعَهَا بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ أَوْ يَكُونَ الْمُتْلِفُ إمَامًا يَرَى ذَلِكَ، وَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ إظْهَارُ شُرْبِهَا كَإِظْهَارِ بَيْعِهَا فِي عَدَمِ وُجُوبِ الضَّمَانِ، وَلَوْ أَرَهُ الْآنَ اهـ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 132 [الْفَصْل السَّابِع فِي نقصان الْمَغْصُوب وتغيره بِنَفْسِهِ أَوْ بِفِعْلِ] ٍ، وَمَا يَنْقَطِعُ بِهِ حَقُّ الْمَالِكِ عَنْ الْعَيْنِ، وَيَنْتَقِلُ إلَى الْقِيمَةِ النُّقْصَانُ بِتَرَاجُعِ السِّعْرِ غَيْرُ مَضْمُونٍ عَلَى الْغَاصِبِ إذَا كَانَ الرَّدُّ فِي مَكَانِ الْغَصْبِ كَمَا فِي الْهِدَايَةِ وَقَاضِي خَانْ، وَأَمَّا النُّقْصَانُ بِفَوَاتِ الْوَصْفِ أَوْ الْجُزْءِ فَهُوَ مَضْمُونٌ عَلَيْهِ لِأَنَّهُ دَخَلَ جَمِيعُ أَجْزَائِهِ فِي ضَمَانِهِ بِالْغَصْبِ فَمَا تَعَذَّرَ رَدُّ عَيْنِهِ يَجِبُ رَدُّ قِيمَتِهِ، وَهَذَا فِي غَيْرِ الرِّبَوِيِّ، وَأَمَّا فِي الرِّبَوِيَّاتِ لَا يُمْكِنُهُ تَضْمِينُ النُّقْصَانِ مَعَ اسْتِرْدَادِ الْأَصْلِ لِأَنَّهُ يُؤَدِّي إلَى الرِّبَا ذَكَرَهُ فِي الْهِدَايَةِ قُلْتُ: فَيُخَيَّرُ بَيْنَ أَخْذِهِ، وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ، وَبَيْنَ تَضْمِينِ مِثْلِهِ أَوْ خِلَافِ جِنْسِهِ. قَالَ فِي الْوَجِيزِ: وَإِنْ كَانَ النُّقْصَانُ بِفَوَاتِ الْوَصْفِ فِي الْأَمْوَالِ نَحْوُ إنْ غَصَبَ حِنْطَةً فَعَفَنَتْ عِنْدَهُ أَوْ انْكَسَرَتْ الدَّرَاهِمُ وَالدَّنَانِيرُ أَوْ غَصَبَ خَلًّا فَصَبَّ فِيهِ مَاءً فَالْمَالِكُ بِالْخِيَارِ إنْ شَاءَ أَخَذَهُ، وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ، وَإِنْ شَاءَ تَرَكَهُ، وَضَمَّنَهُ قِيمَةَ مِثْلِهِ، وَإِنْ كَانَ فِضَّةً فَتَهَشَّمَ فِي يَدِهِ فَإِنْ شَاءَ أَخَذَهُ، وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ وَإِنْ شَاءَ ضَمَّنَهُ قِيمَتَهُ مِنْ خِلَافِ جِنْسِهِ، وَكَذَلِكَ آنِيَةُ الصُّفْرِ، وَالنُّحَاسِ، وَالشَّبَهِ إنْ كَانَ يُبَاعُ وَزْنًا وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مِنْ الْأَمْوَالِ الرِّبَوِيَّةِ فَنُقْصَانُ الْوَصْفِ كَذَهَابِ السَّمْعِ، وَالْبَصَرِ، وَنِسْيَانِ الْحِرْفَةِ مَضْمُونٌ عَلَيْهِ، وَكَذَا لَوْ حَدَثَ بِهِ عَيْبٌ يُنْقِصُ قِيمَتَهُ كَالْإِبَاقِ، وَالْجُنُونِ، وَالسَّرِقَةِ فِي الْعَبْدِ وَالْجَارِيَةِ، وَالزِّنَا يَكُونُ مَضْمُونًا عَلَيْهِ فَيُقَوَّمُ الْعَبْدُ صَحِيحًا، وَيُقَوَّمُ بِهِ الْعَيْبُ، وَالنَّقْصُ فَيَضْمَنُ مَا بَيْنَهُمَا لِصَاحِبِهِ انْتَهَى. وَفِي الْخُلَاصَةِ إذَا غَصَبَ جَارِيَةً، وَأَبَقَتْ فِي يَدِ الْغَاصِبِ أَوْ سَرَقَتْ أَوْ زَنَتْ، وَلَمْ تَكُنْ فَعَلَتْ قَبْلَ ذَلِكَ فَعَلَى الْغَاصِبِ مَا انْتَقَصَ بِسَبَبِ الْإِبَاقِ، وَالسَّرِقَةِ وَالزِّنَا، وَكَذَا مَا أَحْدَثَ مِنْ النُّقْصَانِ مِنْ عَوَرٍ أَوْ شَلَلٍ فَإِنَّهُ يَضْمَنُ النُّقْصَانَ، وَلَوْ حَبِلَتْ فِي يَدِ الْغَاصِبِ مِنْ الزِّنَا أَخَذَهَا الْمَالِكُ، وَنُقْصَانَ ذَلِكَ فَإِنْ زَالَ الْعَيْبُ فِي يَدِ الْمَوْلَى رَدَّ مَا أَخَذَ بِسَبَبِ النُّقْصَانِ عَلَى الْغَاصِبِ، وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ: يُنْظَرُ إلَى نَقْصِهَا بِالْحَبَلِ، وَأَرْشِ عَيْبِ الزِّنَا فَيَضْمَنُ الْأَكْثَرَ، وَيَدْخُلُ الْأَقَلُّ فِيهِ، وَعَنْ مُحَمَّدٍ يَضْمَنُ الْأَمْرَيْنِ، وَهُوَ الْقِيَاسُ انْتَهَى. رَجُلٌ غَصَبَ عَبْدًا قَارِئًا أَوْ خَبَّازًا أَوْ نَحْوَ ذَلِكَ فَنَسِيَ الْعَمَلَ عِنْدَ الْغَاصِبِ ضَمِنَ الْغَاصِبُ فَضْلَ مَا بَيْنَهُمَا مِنْ قَاضِي خَانْ، وَلَوْ كَانَ شَابًّا فَصَارَ شَيْخًا أَوْ كَانَتْ شَابَّةً فَصَارَتْ عَجُوزًا ضَمِنَ النُّقْصَانَ فَإِنَّ الشُّيُوخَةَ عَيْبٌ فِي الرَّقِيقِ كَمَا فِي الصُّغْرَى، وَالْوَجِيزِ. وَلَوْ غَصَبَ غُلَامًا أَمْرَدَ فَالْتَحَى عِنْدَهُ فَلَيْسَ بِعَيْبٍ فَلَا يَضْمَنُ شَيْئًا، وَإِنْ كَانَتْ جَارِيَةً نَاهِدَةَ الثَّدْيِ فَانْكَسَرَ ثَدْيُهَا فَهَذَا عَيْبٌ يَضْمَنُ النُّقْصَانَ كَمَا فِي الصُّغْرَى. وَلَوْ غَصَبَ عَصِيرًا فَصَارَ خَلًّا أَوْ عِنَبًا فَصَارَ زَبِيبًا أَوْ لَبَنًا فَصَارَ رَائِبًا أَوْ رُطَبًا فَصَارَ تَمْرًا فَالْمَالِكُ بِالْخِيَارِ إنْ شَاءَ أَخَذَ عَيْنَهُ، وَلَا شَيْءَ لَهُ، وَإِنْ شَاءَ ضَمَّنَهُ مِثْلَهُ مِنْ الْوَجِيزِ. غَصَبَ غُلَامًا صَغِيرًا أَوْ جَارِيَةً فَكَبِرَا عِنْدَهُ أَخَذَهُمَا الْمَالِكُ، وَلَا شَيْءَ لِلْغَاصِبِ مِنْ النَّفَقَةِ، وَكَذَا سَائِرُ الْحَيَوَانَاتِ كَمَا فِي الصُّغْرَى. غَصَبَ عَبْدًا حَسَنَ الصَّوْتِ فَتَغَيَّرَ صَوْتُهُ عِنْدَ الْغَاصِبِ كَانَ لَهُ النُّقْصَانُ. وَلَوْ كَانَ الْعَبْدُ مُغَنِّيًا فَنَسِيَ ذَلِكَ عِنْدَ الْغَاصِبِ لَا يَضْمَنُ الْغَاصِبُ شَيْئًا. غَصَبَ عَصًا فَكَسَرَهُ أَوْ ثَوْبًا فَخَرَقَهُ ضَمِنَ النُّقْصَانَ، وَلَوْ كَانَ الْكَسْرُ فَاحِشًا بِأَنْ صَارَتْ حَطَبًا أَوْ وَتِدًا لَا يُنْتَفَعُ بِهِ مَنْفَعَةَ الْعَصَا أَوْ كَانَ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 133 الْخَرْقُ فَاحِشًا كَانَ لَهُ أَنْ يُضَمِّنَهُ قِيمَتَهُ وَالْخَرْقُ الْفَاحِشُ عِنْدَ الْبَعْضِ مَا يُنْقِصُ أَكْثَرَ مِنْ نِصْفِ الْقِيمَةِ، وَلَوْ شَقَّ الثَّوْبَ نِصْفَيْنِ كَانَ لَهُ الْخِيَارُ إنْ شَاءَ ضَمَّنَهُ النُّقْصَانَ، وَإِنْ شَاءَ تَرَكَ الثَّوْبَ عَلَيْهِ، وَضَمَّنَهُ الْقِيمَةَ مِنْ قَاضِي خَانْ. غَصَبَ ثَوْبًا فَخَرَقَهُ إنْ كَانَ الْخَرْقُ يَسِيرًا أَخَذَهُ الْمَالِكُ، وَضَمَّنَهُ نُقْصَانَهُ، وَإِنْ كَانَ فَاحِشًا يَصِيرُ بِالْخِيَاطَةِ مُنْتَفَعًا بِهِ انْتِفَاعَ الثَّوْبِ فَلَهُ الْخِيَارُ إنْ شَاءَ أَخَذَهُ، وَضَمَّنَهُ النُّقْصَانَ، وَإِنْ شَاءَ تَرَكَهُ عَلَيْهِ بِالْقِيمَةِ، وَإِنْ كَانَ بِحَالٍ لَا يُنْتَفَعُ بِهِ انْتِفَاعَ الثَّوْبِ، وَلَا يَصْلُحُ بِالْخِيَاطَةِ يَضْمَنُ قِيمَتَهُ بِلَا خِيَارٍ مِنْ الْخُلَاصَةِ. وَفِي الصُّغْرَى اخْتَلَفَ الْمَشَايِخُ فِي الْخَرْقِ الْيَسِيرِ، وَالْفَاحِشِ قَالَ بَعْضُهُمْ: مَا أَوْجَبَ نُقْصَانَ رُبْعِ الْقِيمَةِ فَصَاعِدًا فَهُوَ فَاحِشٌ، وَمَا دُونَهُ يَسِيرٌ، وَالْيَسِيرُ مَا يُصْلَحُ، وَالصَّحِيحُ أَنَّ الْفَاحِشَ مَا يَفُوتُ بِهِ بَعْضُ الْعَيْنِ، وَبَعْضُ الْمَنْفَعَةِ وَالْيَسِيرُ مَا يَفُوتُ بِهِ بَعْضُ الْمَنْفَعَةِ انْتَهَى، وَقِيلَ: الْيَسِيرُ مَا لَا يَفُوتُ بِهِ شَيْءٌ مِنْ الْمَنْفَعَةِ، وَإِنَّمَا يُدْخِلُ نُقْصَانًا فِي الْمَنْفَعَةِ قَالَ فِي الْهِدَايَةِ وَهُوَ الصَّحِيحُ فَعَلَى هَذَا الْكَسْرُ الْيَسِيرُ أَنْ يَأْخُذَ مِنْهُ شَطْبَةً حَتَّى لَا يَفُوتُ شَيْءٌ مِنْ مَنَافِعِ الْعَصَا حَتَّى لَوْ شَقَّهُ بِنِصْفَيْنِ طُولًا أَوْ عَرْضًا حَتَّى فَاتَ بَعْضُ الْمَنَافِعِ يَكُونُ اسْتِهْلَاكًا مِنْ، وَجْهٍ نُقْصَانًا مِنْ، وَجْهٍ فَيَكُونُ لَهُ الْخِيَارُ. وَلَوْ حُمَّتْ الْأَمَةُ فِي يَدِ الْغَاصِبِ ثُمَّ رَدَّهَا عَلَى الْمَوْلَى فَمَاتَتْ مِنْ تِلْكَ الْحُمَّى لَمْ يَضْمَنْ الْغَاصِبُ إلَّا نُقْصَانَ الْحُمَّى فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ، وَلَوْ ابْيَضَّتْ عَيْنَاهَا فَأَخَذَ الْمَالِكُ نُقْصَانَ الضَّمَانِ ثُمَّ انْجَلَتْ رَدَّ الْمَوْلَى ضَمَانَ النُّقْصَانِ. وَلَوْ حَبِلَتْ فِي يَدِ الْغَاصِبِ مِنْ زَوْجٍ كَانَ لَهَا عِنْدَ الْمَوْلَى أَوْ أَحْبَلَهَا الْمَوْلَى لَا يَضْمَنُ الْغَاصِبُ، وَإِنْ مَاتَتْ عِنْدَهُ بِالْوِلَادَةِ وَإِنْ حَبِلَتْ مِنْ زِنًا فَرَدَّهَا، وَرَدَّ أَرْشَ الْحَبَلِ مَعَهَا ثُمَّ، وَلَدَتْ، وَسَلِمَتْ يُنْظَرُ إلَى أَرْشِ الْحَبَلِ وَعَيْبِ الزِّنَا فَإِنْ كَانَ عَيْبُ الزِّنَا أَكْثَرَ مِنْ عَيْبِ الْحَبَلِ، وَجَبَ عَلَيْهِ أَنْ يُتَمِّمَ ضَمَانَ عَيْبِ الزِّنَا وَإِنْ كَانَ عَيْبُ الْحَبَلِ أَكْثَرَ يَرُدُّ الْفَضْلَ مِنْ نُقْصَانِ عَيْبِ الزِّنَا، وَعَيْبُ الْحَبَلِ قَدْ زَالَ مِنْ قَاضِي خَانْ. وَلَوْ غَصَبَ جَارِيَةً مَحْمُومَةً أَوْ حُبْلَى أَوْ بِهَا مَرَضٌ فَمَاتَتْ مِنْ ذَلِكَ فِي يَدِ الْغَاصِبِ يَضْمَنُ قِيمَتَهَا، وَبِهَا ذَلِكَ الْعَيْبُ. وَمَنْ غَصَبَ جَارِيَةً، فَوَلَدَتْ عِنْدَهُ مِنْ الزِّنَا رَدَّهَا، وَرَدَّ مَا نَقَصَتْهُ الْوِلَادَةُ وَيُجْبَرُ النُّقْصَانُ بِالْوِلْدَانِ كَانَ فِي قِيمَتِهِ وَفَاءٌ بِالنُّقْصَانِ، وَيَسْقُطُ ضَمَانُهُ عَنْ الْغَاصِبِ خِلَافًا لِزُفَرَ ذَكَرَهُ فِي الْهِدَايَةِ، وَكَذَا بِالْعِدَّةِ ذَكَرَهُ فِي الْمُخْتَارِ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِيهِ وَفَاءٌ لَا يُجْبَرُ، وَلَوْ مَاتَتْ الْأُمُّ، وَبَقِيَ الْوَلَدُ يَضْمَنُ قِيمَةَ الْأُمِّ ذَكَرَهُ فِي الْهِدَايَةِ قُلْتُ: إلَّا نُقْصَانَ الْحُمَّى، وَنُقْصَانَ عَيْبِ الزِّنَا كَمَا فِي قَاضِي خَانْ. وَفِي الْخُلَاصَةِ فَلَوْ رَدَّهَا الْغَاصِبُ حَامِلًا فَمَاتَتْ مِنْ الْوِلَادَةِ، وَبَقِيَ وَلَدُهَا فِي يَدِ الْغَاصِبِ فَإِنَّ الْغَاصِبَ يَضْمَنُ قِيمَتَهَا يَوْمَ الْغَصْبِ فَلَمْ يُجْبَرْ شَيْءٌ مِنْ الْأُمِّ بِالْوَلَدِ، وَلَوْ رَدَّهَا حَامِلًا عَلَى الْمَالِكِ فَجُلِدَتْ فَمَاتَتْ بِالْجَلْدِ يَضْمَنُ النُّقْصَانَ بِالْإِجْمَاعِ انْتَهَى. وَلَوْ جَنَتْ فِي يَدِ الْغَاصِبِ جِنَايَةً فَقُتِلَتْ بِهَا فِي يَدِ الْمَالِكِ أَوْ دَفَعَتْ بِهَا بِأَنْ كَانَتْ الْجِنَايَةُ خَطَأً يَرْجِعُ عَلَى الْغَاصِبِ بِكُلِّ الْقِيمَةِ مِنْ الْهِدَايَةِ. ، وَإِنْ سَرَقَتْ عِنْدَهُ ثُمَّ رَدَّهَا عَلَى الْمَالِكِ فَقُطِعَتْ عِنْدَهُ يَضْمَنُ نِصْفَ قِيمَتِهَا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَقَالَا: يَضْمَنُ نُقْصَانَ السَّرِقَةِ مِنْ الْوَجِيزِ. غَصَبَ غُلَامًا فَعَلَّمَهُ حِرْفَةً فَأَضْنَاهُ التَّعْلِيمُ ضَمِنَ النُّقْصَانَ مِنْ الْهِدَايَةِ. وَلَوْ غَسَلَ ثَوْبًا غَصَبَهُ فَلِلْمَالِكِ أَخْذُهُ بِلَا شَيْءٍ، وَكَذَا حَيَوَانٌ كَبِرَ عِنْدَ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 134 غَاصِبِهِ، وَزَادَتْ قِيمَتُهُ أَوْ جَرِيحٌ فَدَوَاهُ غَاصِبُهُ فَبَرِئَ أَوْ أَرْضٌ فِيهَا زَرْعٌ أَوْ نَخْلٌ فَسَقَى، وَأَنْفَقَ عَلَيْهِ لِأَنَّهُ مَا أَحْدَثَ عَلَيْهِ عَيْنًا مُتَقَوِّمًا إنَّمَا أَظْهَرَ أَصْلَهُ، وَنَمَاءَ مِلْكِهِ مِنْ الْفُصُولَيْنِ قَالَ قَاضِي خَانْ. وَلَوْ غَصَبَ نَخْلًا أَوْ زَرْعًا فَسَقَاهُ، وَأَنْفَقَ عَلَيْهِ حَتَّى انْتَهَى أَوْ عَبْدًا جَرِيحًا فَدَاوَاهُ فَلَا شَيْءَ لَهُ وَكَذَا لَوْ قَصَّرَ الثَّوْبَ الْمَغْصُوبَ أَوْ فَتْلُهُ لَا شَيْءَ لَهُ، وَلَوْ خَرَقَ ثَوْبًا فَرَفَاهُ يُقَوَّمُ صَحِيحًا وَيُقَوَّمُ مَرْفُوًّا فَيَضْمَنُ مَا بَيْنَهُمَا انْتَهَى. وَإِذَا غَصَبَ كُدْسًا فَدَاسَهُ يُقْضَى عَلَيْهِ بِقِيمَةِ الْجُلِّ، وَعَلَيْهِ الْبُرُّ. وَلَوْ أَحْرَقَ كُدْسَ إنْسَانٍ يَضْمَنُ قِيمَتَهُ، وَيُنْظَرُ إنْ كَانَ الْبُرُّ أَقَلَّ قِيمَةً مِنْهُ فِي السُّنْبُلِ إذَا كَانَ خَارِجًا فَعَلَيْهِ الْقِيمَةُ، وَإِنْ كَانَ الْخَارِجُ أَكْثَرَ فَعَلَيْهِ مِثْلُهُ، وَعَلَيْهِ فِي الْجُلِّ الْقِيمَةُ. وَإِذَا تَغَيَّرَتْ الْعَيْنُ الْمَغْصُوبَةُ بِفِعْلٍ حَتَّى زَالَ اسْمُهَا، وَأَعْظَمُ مَنَافِعِهَا زَالَ مِلْكُ الْمَغْصُوبِ مِنْهُ عَنْهَا، وَمَلَكَهَا الْغَاصِبُ، وَضَمِنَهَا، وَلَا يَحِلُّ لَهُ الِانْتِفَاعُ بِهَا حَتَّى يُؤَدِّيَ بَدَلَهَا كَمَنْ غَصَبَ شَاةً وَشَوَاهَا أَوْ طَبَخَهَا أَوْ حِنْطَةً فَطَحَنَهَا أَوْ حَدِيدَةً فَاِتَّخَذَهَا سَيْفًا أَوْ صُفْرًا فَعَمِلَهُ آنِيَةً أَوْ بُرًّا فَزَرَعَهُ، وَكَذَا لَوْ أَدْخَلَ اللَّوْحَ الْمَغْصُوبَ فِي سَفِينَةٍ أَوْ خَاطَ بِالْخَيْطِ الْمَغْصُوبِ بَطْنَ جَارِيَتِهِ أَوْ عَبْدِهِ مِنْ الْهِدَايَةِ، وَكَذَا لَوْ كَانَ دَقِيقًا فَخَبَزَهُ أَوْ زَيْتُونًا أَوْ عِنَبًا فَعَصَرَهُ أَوْ قُطْنًا فَغَزَلَهُ أَوْ غَزْلًا فَنَسَجَهُ ذَكَرَهُ فِي الْمَجْمَعِ وَكَذَا لَوْ حَضَنَ الْبَيْضَةَ الْمَغْصُوبَةَ دَجَاجَةٌ فَأَفْرَخَتْ أَوْ جَعَلَ الْخُوصَ زِنْبِيلًا ذَكَرَهُ فِي الْفُصُولَيْنِ وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ أَنَّهُ لَا يَنْقَطِعُ حَقُّ الْمَالِكِ وَلَهُ أَنْ يَأْخُذَهُ، وَيُضَمِّنَهُ النُّقْصَانَ فِي غَيْرِ الرِّبَوِيِّ فَإِنَّهُ إنْ شَاءَ أَخَذَهُ بِلَا تَضْمِينِ نُقْصَانٍ مِنْ الْهِدَايَةِ. غَصَبَ بَيْضَةً وَأَوْدَعَهُ الْمَغْصُوبُ مِنْهُ بَيْضَةً أُخْرَى فَحَضَنَتْ دَجَاجَةٌ عَلَيْهِمَا فَخَرَجَتْ فَرْخَتَانِ فَرْخَةُ الْوَدِيعَةِ لِصَاحِبِ الْوَدِيعَةِ، وَفَرْخَةُ الْغَصْبِ لِلْغَاصِبِ، وَعَلَيْهِ ضَمَانُ الْبَيْضَةِ الَّتِي غَصَبَ مِنْ قَاضِي خَانْ. وَفِي الْخُلَاصَةِ رَجُلٌ غَصَبَ بَيْضَتَيْنِ فَحَضَنَ أَحَدَهُمَا تَحْتَ دَجَاجَةٍ لَهُ، وَحَضَنَتْ دَجَاجَةٌ أُخْرَى لَهُ عَلَى الْبَيْضَةِ الْأُخْرَى فَخَرَجَتْ مِنْ كُلِّ بَيْضَةٍ فَرْخَةٌ فَالْفَرْخَتَانِ لَهُ، وَعَلَيْهِ الْبَيْضَتَانِ، وَلَوْ كَانَ مَكَانَ الْغَصْبِ وَدِيعَةٌ فَاَلَّتِي حَضَنَتْ الدَّجَاجَةُ لِصَاحِبِ الْبَيْضَةِ انْتَهَى. غَصَبَ سَاجَةً فَأَدْخَلَهَا فِي بِنَائِهِ أَوْ جَعَلَهَا بَابًا مَلَكَهَا بِالْقِيمَةِ، وَيَنْقَطِعُ حَقُّ الْمَالِكِ عَنْهَا ذَكَرَهُ فِي الْوَجِيزِ، وَكَذَا لَوْ بَنَى عَلَيْهَا قَالَ الْفَقِيهُ أَبُو جَعْفَرٍ وَالْكَرْخِيُّ: إنَّمَا لَا يُنْقَضُ الْبِنَاءُ إذَا بَنَى فِي حَوَالِي السَّاجَةِ إمَّا إذَا بَنَى عَلَيْهَا نَفْسَهَا يُنْقَضُ، وَالْأَصَحُّ أَنَّهُ يُنْقَضُ مُطْلَقًا مِنْ الْهِدَايَةِ، وَكَلَامُ قَاضِي خَانْ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْبَانِيَ إنَّمَا يَمْلِكُ السَّاجَةَ إذَا كَانَتْ قِيمَةُ الْبِنَاءِ أَكْثَرَ لَا مُطْلَقًا حَيْثُ قَالَ: وَمَنْ غَصَبَ سَاجَةً فَأَدْخَلَهَا فِي بِنَائِهِ فَإِنَّهُ يَتَمَلَّكُ السَّاجَةَ، وَعَلَيْهِ قِيمَتُهَا فَإِنْ كَانَتْ قِيمَةُ السَّاجَةِ، وَالْبِنَاءِ سَوَاءً فَإِنْ اصْطَلَحَا عَلَى شَيْءٍ جَازَ، وَإِنْ تَنَازَعَا يُبَاعُ الْبِنَاءُ عَلَيْهِمَا، وَيُقْسَمُ الثَّمَنُ بَيْنَهُمَا عَلَى قَدْرِ مَالِهِمَا ثُمَّ عَقَّبَهُمَا بِمَائِلٍ لَيْسَ هَذَا مَحَلُّهَا ثُمَّ قَالَ: وَإِنْ تَنَازَعَا، وَأَحَدُهُمَا نَصِيبُهُ أَكْثَرَ فَلِصَاحِبِ أَكْثَرِ الْمَالَيْنِ أَنْ يَتَمَلَّكَ الْآخَرَ بِقِيمَتِهِ فَإِنْ كَانَتْ قِيمَتُهُمَا سَوَاءً يُبَاعُ عَلَيْهِمَا وَيَقْتَسِمَانِ الثَّمَنَ انْتَهَى كَلَامُهُ فَتَأَمَّلْ يَظْهَرُ لَك مَرَامُهُ. وَفِي الْخُلَاصَةِ لَوْ غَصَبَ سَاجَةً، وَأَدْخَلَهَا فِي بِنَائِهِ يَنْقَطِعُ حَقُّ الْمَالِكِ. وَقَالَ الْكَرْخِيُّ: إنْ كَانَتْ قِيمَةُ الْبِنَاءِ أَكْثَرَ يَنْقَطِعُ قَالَ - رَحِمَهُ اللَّهُ -: وَبَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ أَفْتَوْا بِقَوْلِ الْكَرْخِيِّ، وَأَنَّهُ حَسَنٌ، وَنَحْنُ نُفْتِي بِجَوَابِ الْكِتَابِ اتِّبَاعًا لِشُيُوخِنَا فَإِنَّهُمْ لَا يُطْلِقُونَ جَوَابَ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 135 الْكِتَابِ، وَأَجْمَعُوا أَنَّهُ لَوْ غَصَبَ لَوْحًا فَأَدْخَلَهُ فِي السَّفِينَةِ أَوْ إبْرَيْسَمًا فَخَاطَ بَطْنَ نَفْسِهِ أَوْ بَطْنَ عَبْدِهِ يَنْقَطِعُ حَقُّ الْمَالِكِ، وَلَوْ غَصَبَ خَمْرًا فَخَلَّلَهَا فَالْمَالِكُ يَأْخُذُهَا بِغَيْرِ شَيْءٍ هَذَا إذَا خَلَّلَهَا بِشَيْءٍ لَا قِيمَةَ لَهُ كَمَا إذَا خَلَّلَهَا بِالنَّقْلِ مِنْ الظِّلِّ إلَى الشَّمْسِ، وَمِنْ الشَّمْسِ إلَى الظِّلِّ أَمَّا إذَا خَلَّلَهَا بِإِلْقَاءِ الْمِلْحِ فِيهَا فَقَدْ اخْتَلَفَ الْمَشَايِخُ، وَلَوْ خَلَّلَهَا بِإِلْقَاءِ الْخَلِّ فِيهَا إنْ صَارَ خَلًّا مِنْ سَاعَتِهِ يَنْقَطِعُ حَقُّ الْمَالِكِ بِالْإِجْمَاعِ، وَإِنْ صَارَ خَلًّا بَعْدَ مُضِيِّ الزَّمَانِ فَعَلَى قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ كَذَلِكَ، وَعَلَى قَوْلِهِمَا بَقِيَ مُشْتَرَكًا بَيْنَهُمَا عَلَى مِقْدَارِ الْخَلِّ. وَلَوْ غَصَبَ جِلْدَ مَيْتَةٍ فَدَبَغَهَا فَالْمَالِكُ يُعْطِيهِ مَا زَادَ الدِّبَاغُ فِيهِ، وَيَأْخُذُ الْجِلْدَ فَإِنْ أَتْلَفَهُ الْغَاصِبُ فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ قَالَ - رَحِمَهُ اللَّهُ -: هَذَا مَا ذُكِرَ فِي نَظْمِ الزُّبَدِ انْتَهَى. الْخَشَبُ إذَا كَسَرَهُ الْغَاصِبُ فَاحِشًا لَا يَمْلِكُهُ مِنْ الْأَشْبَاهِ. غَصَبَ فِضَّةً أَوْ ذَهَبًا، وَضَرَبَهَا دَرَاهِمَ أَوْ دَنَانِيرَ أَوْ آنِيَةً لَمْ يَزُلْ مِلْكُ مَالِكِهَا عَنْهَا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ فَيَأْخُذَهَا، وَلَا شَيْءَ لِلْغَاصِبِ وَقَالَا: يَمْلِكُهُ الْغَاصِبُ، وَعَلَيْهِ مِثْلُهُ ذَكَرَهُ فِي الْهِدَايَةِ، وَكَذَا النُّحَاسُ إذَا كَانَ الْمَعْمُولُ مِنْهُ يُبَاعُ وَزْنًا ذَكَرَهُ قَاضِي خَانْ. وَمَنْ غَصَبَ ثَوْبًا فَصَبَغَهُ أَحْمَرَ أَوْ سَوِيقًا فَلَتَّهُ بِسَمْنٍ فَصَاحِبُهُ بِالْخِيَارِ إنْ شَاءَ ضَمَّنَهُ قِيمَةَ ثَوْبٍ أَبْيَضَ وَمِثْلَ السَّوِيقِ وَسَلَّمَهُ لِلْغَاصِبِ، وَإِنْ شَاءَ أَخَذَهُمَا، وَغَرِمَ مَا زَادَ الصَّبْغُ وَالسَّمْنُ فِيهِمَا، وَقَالَ أَبُو عِصْمَةَ: إنْ شَاءَ رَبُّ الثَّوْبِ بَاعَهُ، وَيَضْرِبُ بِقِيمَتِهِ أَبْيَضَ وَصَاحِبُ الصَّبْغِ بِمَا زَادَ الصَّبْغُ فِيهِ، وَالصُّفْرَةُ كَالْحُمْرَةِ، وَلَوْ صَبَغَهُ أَسْوَدَ فَهُوَ نُقْصَانٌ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَعِنْدَهُمَا زِيَادَةٌ، وَقِيلَ: هَذَا اخْتِلَافُ عَصْرٍ وَزَمَانٍ وَقِيلَ: إنْ كَانَ ثَوْبًا يُنْقِصُهُ السَّوَادُ فَهُوَ نُقْصَانٌ، وَإِنْ كَانَ ثَوْبًا يَزِيدُ فِيهِ السَّوَادُ فَهُوَ كَالْحُمْرَةِ، وَقَدْ عُرِفَ فِي غَيْرِ هَذَا الْمَوْضِعِ، وَإِنْ كَانَ ثَوْبًا تُنْقِصُهُ الْحُمْرَةُ بِأَنْ كَانَتْ قِيمَتُهُ ثَلَاثِينَ دِرْهَمًا فَتَرَاجَعَتْ بِالصَّبْغِ إلَى عِشْرِينَ فَعَنْ مُحَمَّدٍ أَنَّهُ يُنْظَرُ إلَى ثَوْبٍ يَزِيدُ فِيهِ الْحُمْرَةُ فَإِنْ كَانَتْ الزِّيَادَةُ خَمْسَةً يَأْخُذُ ثَوْبَهُ، وَخَمْسَةَ دَرَاهِمَ؛ لِأَنَّ إحْدَى الْخَمْسَتَيْنِ جُبِرَتْ بِالصَّبْغِ مِنْ الْهِدَايَةِ. وَلَوْ غَصَبَ اللَّبَنَ فَاسْتَخْرَجَ سَمْنَهُ يَمْلِكُهُ هَذِهِ فِي الْهِبَةِ مِنْهَا. نَقَشَ بَابًا مَقْلُوعًا لِرَجُلٍ بِالنَّقْرِ فَإِنَّهُ يَمْلِكُ الْبَابَ بِقِيمَتِهِ؛ لِأَنَّ صَاحِبَهُ لَوْ أَخَذَهُ لَمْ يُعْطِهِ شَيْئًا. ، وَلَوْ غَصَبَ إنَاءَ فِضَّةٍ فَنَقَشَهُ بِالنَّقْرِ فَهُوَ كَالْبَابِ لِمَا قُلْنَا مِنْ قَاضِي خَانْ وَفِي كُلِّ مَوْضِعٍ يَنْقَطِعُ حَقُّ الْمَالِكِ فَالْمَالِكُ أَحَقُّ بِذَلِكَ الشَّيْءِ مِنْ الْغُرَمَاءِ حَتَّى يَسْتَوْفِيَ حَقَّهُ كَمَا فِي الْفُصُولَيْنِ، وَالْهِدَايَةِ. غَصَبَ ثَوْبًا فَقَطَعَهُ، وَخَاطَهُ مَلَكَهُ بِالْقِيمَةِ، وَكَذَا لَوْ لَبَّدَ صُوفًا، وَلَوْ قَطَعَهُ، وَلَمْ يَخِيطُهُ فَلِلْمَالِكِ أَخْذُهُ، وَكَذَا لَوْ غَصَبَ نَخْلًا فَشَقَّهُ جُذُوعًا لِأَنَّهُ تَفْرِيقٌ لِلْأَجْزَاءِ. وَلَوْ غَصَبَ حِمَارًا أَوْ بَغْلًا، وَقَطَعَ يَدَهُ أَوْ رِجْلَهُ مَلَكَهُ، وَعَلَيْهِ قِيمَتُهُ صَحِيحًا. وَلَوْ غَصَبَ شَاةً فَذَبَحَهَا، وَسَلَخَهَا أَوْ غَزْلًا فَسَدَاهُ أَوْ لَبَنًا فَطَبَخَهُ مَضِيرَةٌ أَوْ خُبْزًا فَثَرَدَهُ أَوْ لَحْمًا فَجَعَلَهُ إرَبًا إرَبًا أَوْ دَرَاهِمَ أَوْ دَنَانِيرَ فَكَسَرَهَا لَا يَنْقَطِعُ حَقُّ الْمَالِكِ، وَكَذَا لَوْ غَصَبَ قُطْنًا فَحَلَجَهُ لَا يَنْقَطِعُ حَقُّ الْمَالِكِ لِقِيَامِ عَيْنِهِ بِخِلَافِ مَا لَوْ دَاسَ بُرًّا حَيْثُ يُقْضَى لِمَالِكِهِ بِالْبُرِّ، وَالتِّبْنُ لِلْغَاصِبِ، وَهُوَ ضَامِنٌ لِقِيمَةِ الْجُلِّ. وَلَوْ غَصَبَ أُرْزًا فَقَشَّرَهُ أَوْ بُرًّا، وَاِتَّخَذَهُ كِشْكًا لَا يَنْقَطِعُ حَقُّ الْمَالِكِ لِقِيَامِ الْعَيْنِ مِنْ الْفُصُولَيْنِ. وَفِي إقْرَارِ الْوَجِيزِ عَنْ الْمُنْتَقَى قَالَ مُحَمَّدٌ: لَوْ قَالَ الْغَاصِبُ: غَصَبْتُك ثَوْبًا فَقَطَعْته، وَخَطَّتْهُ بِغَيْرِ أَمْرِك، وَقَالَ الْمَغْصُوبُ مِنْهُ: بَلْ غَصَبْتنِي الْقَمِيصَ فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ، وَالْبَيِّنَةُ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 136 بَيِّنَةُ الْغَاصِبِ انْتَهَى. وَلَوْ قَطَعَ عُضْوًا كَالْيَدِ وَالرِّجْلِ مِنْ حَيَوَانٍ مَأْكُولٍ فَالْمَالِكُ بِالْخِيَارِ إنْ شَاءَ ضَمَّنَهُ قِيمَتَهُ، وَسَلَّمَهُ لَهُ، وَإِنْ شَاءَ أَخَذَهُ وَضَمَّنَهُ نُقْصَانَهُ كَمَا فِي الْهِدَايَةِ. وَكَذَا لَوْ ذَبَحَهَا أَوْ سَلَخَهَا، وَجَعَلَهَا عُضْوًا عُضْوًا، وَعَنْ الْفَقِيهِ أَبِي اللَّيْثِ أَنَّهُ إذَا أَخَذَهَا لَيْسَ لَهُ أَنْ يُضَمِّنَهُ النُّقْصَانَ، وَالْفَتْوَى عَلَى ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ. وَإِنْ قَطَعَ عُضْوًا يَدًا أَوْ رِجْلًا مِنْ حَيَوَانٍ لَا يُؤْكَلُ إنْ شَاءَ ضَمَّنَهُ الْقِيمَةَ، وَإِنْ شَاءَ أَمْسَكَهُ، وَلَا يَرْجِعُ عَلَى الْغَاصِبِ بِشَيْءٍ بِخِلَافِ مَا لَوْ كَانَ الْمَغْصُوبُ عَبْدًا أَوْ أَمَةً فَقَطَعَ يَدَهَا أَوْ رِجْلَهَا حَيْثُ لِلْمَالِكِ أَنْ يُمْسِكَهَا، وَيُضَمِّنَهُ النُّقْصَانَ؛ لِأَنَّ الْآدَمِيَّ لَا يَصِيرُ مُسْتَهْلَكًا بِذَلِكَ وَإِنْ انْقَطَعَ الْعُضْوُ مِنْ مَأْكُولٍ كَالشَّاةِ، وَالْجَزُورِ فَفِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ هَذَا، وَالْأَوَّلُ سَوَاءٌ لِلْمَالِكِ أَنْ يُضَمِّنَهُ جَمِيعَ الْقِيمَةِ، وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يُضَمِّنَهُ النُّقْصَانَ، وَيُمْسِكَ الدَّابَّةَ هَكَذَا ذَكَرَ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ السَّرَخْسِيُّ. وَكَذَا إذَا ذَبَحَ شَاةً فَلِصَاحِبِهَا أَنْ يُضَمِّنَهُ جَمِيعَ الْقِيمَةِ، وَإِنْ شَاءَ أَخَذَ الْمَذْبُوحَةَ، وَلَا شَيْءَ لَهُ. وَكَذَا لَوْ ذَبَحَ حِمَارَ غَيْرِهِ لَيْسَ لَهُ أَنْ يُضَمِّنَهُ النُّقْصَانَ فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ، وَلَكِنَّهُ يُضَمِّنُهُ جَمِيعَ الْقِيمَةِ، وَعَلَى قَوْلِ مُحَمَّدٍ لِلْمَالِكِ أَنْ يُمْسِكَ الْحِمَارَ الْمَذْبُوحَ، وَيُضَمِّنَهُ النُّقْصَانَ، وَكَذَا الْمَقْطُوعُ الْيَدُ أَوْ الرِّجْلُ، وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ فِي الْمُنْتَقَى إذَا قَتَلَ ذِئْبًا مَمْلُوكًا أَوْ أَسَدًا مَمْلُوكًا لَا يَضْمَنُ شَيْئًا، وَيَضْمَنُ فِي الْقِرْدِ لِأَنَّ الْقِرْدَ يَكْنُسُ الْبَيْتَ، وَيَخْدُمُ. وَلَوْ غَصَبَ مُصْحَفًا فَنَقَطَهُ قَالُوا: هَذِهِ زِيَادَةٌ فَصَاحِبُ الْمُصْحَفِ بِالْخِيَارِ إنْ شَاءَ أَعْطَاهُ مَا زَادَ ذَلِكَ فِيهِ، وَإِنْ شَاءَ ضَمَّنَهُ قِيمَتَهُ غَيْرَ مَنْقُوطٍ، وَرَوَى الْمُعَلَّى عَنْ أَبِي يُوسُفَ أَنَّ صَاحِبَهُ يَأْخُذُهُ بِغَيْرِ شَيْءٍ مِنْ قَاضِي خَانْ قَالَ فِي الْوَجِيزِ مُسْتَدِلًّا لِمَا رُوِيَ عَنْ أَبِي يُوسُفَ: لِأَنَّهُ لَا قِيمَةَ لِلنَّقْطِ بِعَيْنِهِ، وَإِنَّمَا الْمُتَقَوِّمُ الصِّفَةُ، وَلَا تُقَوَّمُ إلَّا بِالْعَقْدِ انْتَهَى. وَفِي الْخُلَاصَةِ مَا يُوجِبُ الْمِلْكَ، وَالضَّمَانَ إذَا غَيَّرَهُ مِنْ حَالِهِ خَمْسَةَ عَشَرَ مِنْهَا إذَا غَصَبَ كِرْبَاسًا فَخَاطَهُ قَمِيصًا أَوْ حَدِيدًا فَصَاغَهُ إنَاءً أَوْ سَيْفًا أَوْ سِكِّينًا فَعَلَيْهِ مِثْلُهُ أَوْ غَصَبَ حِنْطَةً فَطَحَنَهَا فَعَلَيْهِ مِثْلُهَا أَوْ سَاجَةً فَأَدْخَلَهَا فِي بِنَائِهِ فَعَلَيْهِ الْقِيمَةُ أَوْ غَصَبَ لَحْمًا فَطَبَخَهُ مَرَقَةً، وَيَضْمَنُ الْمِثْلَ أَوْ الْقِيمَةَ عَلَى اخْتِلَافِ الرِّوَايَاتِ أَوْ غَصَبَ شَاةً فَذَبَحَهَا، وَسَلَخَهَا فَجَعَلَهَا إرَبًا إرَبًا مَلَكَهَا وَعَلَيْهِ قِيمَتُهَا حَيَّةً أَوْ غَصَبَ حِمَارًا أَوْ بَغْلًا وَقَطَعَ يَدَهُمَا أَوْ أَرْجُلَهُمَا مَلَكَهُمَا، وَعَلَيْهِ قِيمَتُهُمَا صَحِيحًا أَوْ غَصَبَ حُبُوبًا فَبَذَرَهَا فِي أَرْضِهِ أَوْ غَصَبَ عَصِيرًا فَصَارَ عِنْدَهُ خَمْرًا أَوْ خَمْرَةً فَخَلَّلَهَا أَوْ غَزْلًا فَنَسَجَهُ أَوْ قُطْنًا فَغَزَلَهُ أَوْ دَقِيقًا فَخَبَزَهُ، وَمَا يَلْحَقُ بِهِ أَوْ غَصَبَ بَيَاضًا فَكَتَبَ عَلَيْهِ أَوْ بَيْضَةً فَحَضَنَهَا تَحْتَ دَجَاجَةٍ، وَأَرْبَعَةَ عَشَرَ لَا تُوجِبُ الْمِلْكَ مِنْهَا إذَا غَصَبَ شَاةً فَذَبَحَهَا وَسَلَخَهَا كَانَ لِلْمَغْصُوبِ مِنْهُ أَنْ يَسْتَرِدَّهَا وَيُضَمِّنَهُ النُّقْصَانَ، وَإِنْ شَاءَ تَرَكَهَا، وَأَخَذَ قِيمَتَهَا حَيَّةً، وَمِنْهَا إذَا قَطَعَ ثَوْبَ غَيْرِهِ أَوْ غَصَبَ قَلْبَ فِضَّةٍ فَكَسَرَهُ إنْ شَاءَ أَخَذَهُ مَكْسُورًا، وَلَا يُضَمِّنُهُ وَإِنْ شَاءَ تَرَكَهُ عَلَيْهِ، وَأَخَذَ قِيمَةَ الْقَلْبِ مِنْ الذَّهَبِ، وَلَا يُضَمِّنُهُ مِنْ الدَّرَاهِمِ أَوْ غَصَبَ نُقْرَةَ فِضَّةٍ فَسَبَكَهَا لَمْ يَمْلِكْهَا، وَيَأْخُذُهَا صَاحِبُهَا. وَلَوْ ضَرَبَهَا دَرَاهِمَ فَكَذَلِكَ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَرَدَّهَا عَلَى صَاحِبِهَا، وَمِنْهَا إذَا غَصَبَ ثَوْبًا فَصَبَغَهُ يُعْطِيهِ الْمَالِكُ مَا زَادَ الصَّبْغُ فِيهِ، وَلَا يَمْلِكُهُ الْغَاصِبُ، وَلَوْ هَبَّتْ الرِّيحُ بِثَوْبِ إنْسَانٍ، وَأَلْقَتْهُ فِي صِبْغِ الْغَيْرِ فَهُوَ عَلَى هَذَا أَوْ غَصَبَ عَبْدًا فَأَبَقَ لَمْ يَمْلِكْهُ فَصَاحِبُهُ بِالْخِيَارِ إنْ شَاءَ مَكَثَ حَتَّى يَرْجِعَ، وَإِنْ شَاءَ رَجَعَ إلَى الْقَاضِي الجزء: 1 ¦ الصفحة: 137 حَتَّى يُضَمِّنَهُ أَوْ غَصَبَ غَزْلًا فَسَدَاهُ أَوْ مَحْلُوجًا فَنَدَفَهُ أَوْ قُطْنًا فَحَلَجَهُ أَوْ دَقِيقًا أَوْ سَوِيقًا فَلَتَّهُ بِسَمْنِ أَوْ أَرْضًا فَبَنَى فِيهَا أَوْ زَرَعَ أَوْ غَرَسَ أَوْ لَبَنًا فَطَبَخَهُ مَضِيرَةً أَوْ غَصَبَ خُبْزًا فَثَرَدَهُ أَوْ لَحْمًا فَجَعَلَهُ إرَبًا إرَبًا أَوْ دَرَاهِمَ أَوْ دَنَانِيرَ فَكَسَرَهَا انْتَهَى. غَصَبَ دُودَ الْقَزِّ وَرَبَّاهَا فَالْفَلِيقُ لِلْغَاصِبِ، وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ، وَعَلَيْهِ قِيمَتُهَا عِنْدَ مُحَمَّدٍ قَالَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -: وَالْفَتْوَى فِي زَمَانِنَا بِقَوْلِ مُحَمَّدٍ. عَجَنَ الْغَاصِبُ الدَّقِيقَ يَنْقَطِعُ حَقُّ الْمَالِكِ. جَعَلَ الْأُرْزَ أَبْيَضَ يَنْقَطِعُ حَقُّ الْمَالِكِ ذَكَرَهُ شَرَفُ الْأَئِمَّةِ الْمَكِّيُّ، وَفِي فَتَاوَى الْعَصْرِ لَا يَنْقَطِعُ. جَشَّ الْحِنْطَةَ وَالدُّخْنَ يَنْقَطِعُ، وَقِيلَ: لَا يَنْقَطِعُ، وَعَلَى هَذَا لَوْ جَعَلَ السِّمْسِمَ أَبْيَضَ. لَوْ غَصَبَ تُرَابًا، وَأَضْجَعَ عَلَيْهِ بَقَرَةً حَتَّى صَارَ سِرْقِينًا فَالسِّرْقِينُ لِصَاحِبِ الْبَقَرَةِ، وَعَلَيْهِ قِيمَةُ التُّرَابِ. وَلَوْ غَصَبَ بَابًا مَعَ الْعِضَادَتَيْنِ وَرَكَّبَهُ فِي دَارِهِ يَنْقَطِعُ بِالْقِيمَةِ. وَقِصَارَةُ الثَّوْبِ بالنشاستج، وَالْغِرَاءِ كَصَبْغِهِ وَوَشْمِهِ بِالطَّاهِرِ كَصَبْغِهِ، وَبِالنَّجِسِ لَهُ تَنْقِيصٌ. غَصَبَ قِرْطَاسًا، وَكَتَبَهُ يَنْقَطِعُ، وَصْلُ غُصْنِهِ بِشَجَرَةٍ غَيْرِ بَلْخٍ كَوَفْيِك فَأَثْمَرَ الْوَصْلُ فَالثَّمَرُ وَالشَّجَرُ لِصَاحِبِهَا. وَلَوْ غَصَبَ النَّجَّارُ خَشَبَةً، وَأَدْرَجَهَا فِي بِنَاءِ مَالِكِهِ بِغَيْرِ إذْنِهِ لَا يَمْلِكُهُ النَّجَّارُ، وَلَا رَبُّ الدَّارِ. مَا يَغْصِبُهُ الْأَتْرَاكُ مِنْ الْجُذُوعِ وَالْعَوَارِضِ، وَسَائِرِ الْأَخْشَابِ، وَيَكْسِرُونَهَا كَسْرًا اسْتِفْحَاشًا لَا يَنْقَطِعُ حَقُّ الْمَالِكِ، وَإِنْ ازْدَادَتْ قِيمَتُهَا بِالْكَسْرِ. غَصَبَ بِطِّيخَةً، وَقَطَعَ مِنْهَا شَرِيدَةً لَا يَنْقَطِعُ حَقُّ مَالِكِهَا، وَلَوْ جَعَلَهَا كُلَّهَا شرائد يَنْقَطِعُ لِزَوَالِ اسْمِهَا. قَتَلَ عَبْدَ إنْسَانٍ، وَضَمِنَ قِيمَتَهُ لَا يَمْلِكُهُ بِأَدَاءِ الضَّمَانِ حَتَّى لَا يَكُونَ عَلَيْهِ الْكَفَنُ فَإِنَّ الْمَضْمُونَ إذَا كَانَ مَالًا يَمْلِكُهُ بِالضَّمَانِ مِنْ الْقُنْيَةِ. جَزَّ صُوفَ غَنَمِ إنْسَانٍ غَصْبًا قَالَ أَبُو نَصْرٍ: يُنْظَرُ إنْ لَمْ يُنْقِصْ مِنْ قِيمَةِ الْغَنَمِ شَيْئًا كَانَ عَلَى الْغَاصِبِ مِثْلُ صُوفِهِ، وَإِنْ نَقَصَ كَانَ الْمَالِكُ بِالْخِيَارِ إنْ شَاءَ أَخَذَ نُقْصَانَ الْغَنَمِ، وَالصُّوفُ لِلْغَاصِبِ، وَإِنْ شَاءَ أَخَذَ مِثْلَ صُوفِهِ، وَقَدْرَ نُقْصَانِ الْغَنَمِ لَا مِنْ جِهَةِ الصُّوفِ. رَجُلٌ حَمَّلَ دَابَّةَ إنْسَانٍ بِغَيْرِ إذْنِهِ حَتَّى تَوَرَّمَ ظَهْرُ الدَّابَّةِ فَشَقَّهُ صَاحِبُهَا قَالَ الْفَقِيهُ أَبُو اللَّيْثِ: يَتَلَوَّمُ إنْ انْدَمَلَ لَا ضَمَانَ، وَإِنْ نَقَصَ إنْ كَانَ مِنْ الشَّقِّ فَكَذَلِكَ، وَإِنْ كَانَ مِنْ الْوَرَمِ يَضْمَنُ الْغَاصِبُ، وَكَذَا إذَا مَاتَتْ، وَإِنْ اخْتَلَفَا فَالْقَوْلُ قَوْلُ الَّذِي اسْتَعْمَلَ الدَّابَّةَ مَعَ يَمِينِهِ إنْ حَلَفَ بَرِئَ عَنْ الضَّمَانِ لِلدَّابَّةِ، وَلَا يَبْرَأُ عَنْ ضَمَانِ النُّقْصَانِ. غَصَبَ غُلَامًا قِيمَتُهُ خَمْسُمِائَةٍ فَخَصَاهُ فَبَرَأَ، وَصَارَ يُسَاوِي أَلْفَ دِرْهَمٍ كَانَ صَاحِبُهُ بِالْخِيَارِ إنْ شَاءَ ضَمَّنَهُ خَمْسَمِائَةٍ قِيمَتَهُ يَوْمَ خَصَاهُ، وَدَفَعَ إلَيْهِ الْغُلَامَ وَإِنْ شَاءَ أَخَذَ الْغُلَامَ، وَلَا شَيْءَ لَهُ، وَلَا عَلَيْهِ مِنْ قَاضِي خَانْ، وَقِيلَ: يُقَوَّمُ الْعَبْدُ لِلْعَمَلِ قَبْلَ الْخَصِيِّ، وَيُقَوَّمُ بَعْدَ الْخَصِيِّ فَيَرْجِعُ بِنُقْصَانِ مَا بَيْنَهُمَا ذَكَرَهُ فِي الْوَجِيزِ. وَلَوْ قَتَلَ الْعَبْدَ الْمَغْصُوبَ عَبْدٌ لِرَجُلٍ فَدَفَعَ الْقَاتِلُ مَكَانَهُ يَتَخَيَّرُ الْمَغْصُوبُ مِنْهُ بَيْنَ أَنْ يَأْخُذَ الْمَدْفُوعَ مَكَانَهُ، وَبَيْنَ أَنْ يُطَالِبَ الْغَاصِبَ بِقِيمَةِ الْمَقْتُولِ هَذِهِ فِي الرَّهْنِ مِنْ الْهِدَايَةِ. غَصَبَ عَبْدًا فَأَبَقَ مِنْهُ، وَلَمْ يَكُنْ أَبَقَ قَبْلُ قَطُّ فَرُدَّ عَلَى الْمَالِكِ مِنْ مَسِيرَةِ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ فَالْجُعْلُ عَلَى الْمَوْلَى، وَلَا يَرْجِعُ عَلَى الْغَاصِبِ، وَلَكِنَّهُ يَرْجِعُ عَلَى الْغَاصِبِ بِمَا نَقَصَهُ الْإِبَاقُ مِنْ قِيمَتِهِ مِنْ قَاضِي خَانْ. أَبَقَتْ الْجَارِيَةُ فِي يَدِ الْغَاصِبِ أَوْ زَنَتْ أَوْ سَرَقَتْ، وَلَمْ تَكُنْ فَعَلَتْ قَبْلُ ضَمِنَ مَا نَقَصَ بِسَبَبِ ذَلِكَ. وَكَذَا لَوْ كَانَ الْعَبْدُ كَاتِبًا فَنَسِيَ ضَمِنَ النُّقْصَانَ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 138 مِنْ مُشْتَمِلِ الْهِدَايَةِ. إذَا غَصَبَ بِزْرًا فَغَرَسَهُ فَأَنْبَتَهُ مَلَكَهُ بِالْقِيمَةِ، وَلَا يَحِلُّ لَهُ الِانْتِفَاعُ بِهِ قَبْلَ أَدَاءِ الضَّمَانِ. لَوْ غَزَلَتْ الْمَرْأَةُ قُطْنَ زَوْجِهَا بِلَا إذْنِهِ إنْ كَانَ الزَّوْجُ بَائِعَ الْقُطْنِ كَانَ الْغَزْلُ لَهَا، وَعَلَيْهَا الْقُطْنُ لِلزَّوْجِ لِأَنَّهُ اشْتَرَى الْقُطْنَ لِلتِّجَارَةِ فَكَانَ النَّهْيُ ثَابِتًا مِنْ حَيْثُ الظَّاهِرُ فَتَصِيرُ غَاصِبَةً، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ بَائِعَ الْقُطْنِ فَاشْتَرَى قُطْنًا، وَجَاءَ إلَى مَنْزِلِهِ فَغَزَلَتْهُ الْمَرْأَةُ كَانَ الْغَزْلُ لِلزَّوْجِ، وَلَا شَيْءَ لَهَا مِنْ الْأُجْرَةِ لِأَنَّهُ إنَّمَا جَاءَ بِهِ إلَى الْمَنْزِلِ لِتَغْزِلَهُ الْمَرْأَةُ تَطَوُّعًا فَهُوَ بِمَنْزِلَةِ مَا لَوْ خَبَزَتْ مِنْ دَقِيقِ الزَّوْجِ أَوْ طَبَخَتْ قِدْرَ اللَّحْمِ جَاءَ بِهِ الزَّوْجُ فَإِنَّ الطَّعَامَ يَكُونُ لِلزَّوْجِ وَتَكُونُ الْمَرْأَةُ مُتَطَوِّعَةً. وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ فِي الْمُنْتَقَى رَجُلٌ اشْتَرَى قُطْنًا، وَأَمَرَ امْرَأَتَهُ أَنْ تَغْزِلَهُ فَغَزَلَتْهُ كَانَ الْغَزْلُ لِلزَّوْجِ، وَإِنْ وَضَعَ الْقُطْنَ فِي بَيْتِهِ، وَلَمْ يَقُلْ شَيْئًا فَغَزَلَتْهُ الْمَرْأَةُ كَانَ الْغَزْلُ لَهَا، وَلَا شَيْءَ عَلَيْهَا وَهُوَ بِمَنْزِلَةِ طَعَامٍ وُضِعَ فِي بَيْتِهِ فَأَكَلَتْهُ الْمَرْأَةُ مِنْ قَاضِي خَانْ. غَصَبَ تَالَّةً صَغِيرَةً فَغَرَسَهَا فِي مِلْكِهِ فَأَدْرَكَتْ فِي أَرْضِهِ فَلِرَبِّ التَّالَّةِ قِيمَتُهَا لَا النَّخْلَةُ، وَلَوْ غَرَسَ تَالَّةً فَلَمْ تَزْدَدْ فَلَوْ لَمْ تَنْبُتْ فَلَا شَكَّ إنَّهَا لِرَبِّهَا، وَلَوْ نَبَتَتْ، وَلَمْ تَزْدَدْ يَنْبَغِي أَنْ تَكُونَ لِرَبِّهَا أَيْضًا مِنْ الْفُصُولَيْنِ. عَرَجَ الْحِمَارُ الْمَغْصُوبُ فِي يَدِ الْغَاصِبِ إنْ كَانَ يَمْشِي مَعَ الْعَرَجِ ضَمِنَ النُّقْصَانَ، وَإِنْ كَانَ لَا يَمْشِي فَهُوَ بِمَنْزِلَةِ الْقَطْعِ، وَقَدْ ذُكِرَ فِي الْجِنَايَاتِ مِنْ الْخُلَاصَةِ. [الْفَصْلُ الثَّامِنُ فِي اخْتِلَافِ الْغَاصِبِ وَالْمَغْصُوبِ مِنْهُ] ُ غَصَبَ دَابَّةً فَهَلَكَتْ، وَأَقَامَ صَاحِبُهَا بَيِّنَةً أَنَّهَا هَلَكَتْ عِنْدَ الْغَاصِبِ مِنْ رُكُوبِهِ وَأَقَامَ الْغَاصِبُ بَيِّنَةً أَنَّهُ رَدَّهَا، وَمَاتَتْ عِنْدَ صَاحِبِهَا كَانَتْ بَيِّنَةُ صَاحِبِهَا أَوْلَى، وَيَقْضِي عَلَى الْغَاصِبِ بِالْقِيمَةِ، وَكَذَا لَوْ شَهِدَ شُهُودُ صَاحِبِهَا أَنَّ الْغَاصِبَ قَتَلَهَا أَوْ كَانَ الْمَغْصُوبُ دَارًا فَأَقَامَ صَاحِبُهَا بَيِّنَةً أَنَّ الْغَاصِبَ هَدَمَ الدَّارَ، وَأَقَامَ الْغَاصِبُ بَيِّنَةً أَنَّهُ رَدَّهَا عَلَى صَاحِبِهَا كَانَتْ بَيِّنَةُ صَاحِبِهَا أَوْلَى، وَلَوْ أَقَامَ صَاحِبُهَا الْبَيِّنَةَ أَنَّهَا مَاتَتْ عِنْدَ الْغَاصِبِ، وَأَقَامَ الْغَاصِبُ الْبَيِّنَةَ أَنَّهُ رَدَّهَا فَمَاتَتْ عِنْدَ صَاحِبِهَا قَالَ أَبُو يُوسُفَ: بَيِّنَةُ صَاحِبِهَا أَوْلَى. وَقَالَ مُحَمَّدٌ: يَقْضِي بِبَيِّنَةِ الْغَاصِبِ. وَذَكَرَ هِشَامٌ فِي نَوَادِرِهِ: رَجُلٌ غَزَلَ قُطْنَ غَيْرِهِ ثُمَّ اخْتَلَفَا فَقَالَ صَاحِبُ الْقُطْنِ: غَزَلْت بِإِذْنِي وَالْغَزْلُ لِي، وَقَالَ الْآخَرُ: غَزَلْته بِغَيْرِ إذْنِكَ فَالْغَزْلُ لِي، وَلَكَ مِثْلُ قُطْنِك كَانَ الْقَوْلُ قَوْلَ صَاحِبِ الْقُطْنِ مِنْ قَاضِي خَانْ، وَلَوْ أَقَامَ الْمَالِكُ الْبَيِّنَةَ أَنَّهُ غَصَبَهَا، وَنَقَصَتْ عِنْدَهُ، وَأَقَامَ الْغَاصِبُ الْبَيِّنَةَ عَلَى أَنَّهُ رَدَّهَا فَعِنْدَ مُحَمَّدٍ لَا يَضْمَنُ، وَعِنْدَ أَبِي يُوسُفَ يَضْمَنُ، وَفَرَّقَ مُحَمَّدٌ بَيْنَ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ، وَبَيْنَ مَا تَقَدَّمَ مِنْ الْخُلَاصَةِ. وَفِيهَا أَيْضًا أَقَامَ الْمَغْصُوبُ مِنْهُ الْبَيِّنَةَ أَنَّ قِيمَةَ الْمَغْصُوبِ كَذَا فَأَقَامَ الْغَاصِبُ الْبَيِّنَةَ عَلَى أَنَّهَا كَذَا فَبَيِّنَةُ الْمَالِكِ أَوْلَى فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لِلْمَالِكِ بَيِّنَةٌ فَأَرَادَ الْغَاصِبُ إقَامَةَ الْبَيِّنَةِ فَقَالَ الْمَالِكُ: أُحَلِّفُهُ وَلَا أُرِيدُ الْبَيِّنَةَ لَهُ ذَلِكَ. أَقَامَ الْمَغْصُوبُ مِنْهُ الْبَيِّنَةَ فَشَهِدَ أَحَدُهُمَا بِالْقِيمَةٍ، وَالْآخَرُ عَلَى إقْرَارِ الْغَاصِبِ بِالْقِيمَةٍ لَا تُقْبَلُ. جَاءَ الْغَاصِبُ بِثَوْبٍ، وَقَالَ: أَنَا غَصَبْت هَذَا فَقَالَ الْمَالِكُ: لَا بَلْ غَصَبْت ثَوْبًا آخَرَ غَيْرَ هَذَا الثَّوْبِ هَرَوِيًّا أَوْ مَرْوِيًّا فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْغَاصِبِ. ادَّعَى عَلَى آخَرَ أَنَّهُ غَصَبَ مِنْهُ جُبَّةً مَحْشُوَّةً فَقَالَ: غَصَبْت الظِّهَارَةَ، وَلَا غَيْرَ فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ، وَلَوْ قَالَ: غَصَبْتُك الجزء: 1 ¦ الصفحة: 139 الْجُبَّةَ ثُمَّ قَالَ: الْحَشْوُ لِي وَالْبِطَانَةُ لِي أَوْ قَالَ: غَصَبْتُك الْخَاتَمَ إلَّا أَنَّ الْفَصَّ لِي أَوْ قَالَ غَصَبْتُكَ هَذِهِ الدَّارَ ثُمَّ قَالَ: الْبِنَاءُ لِي أَوْ قَالَ: غَصَبْتُك الْأَرْضَ ثُمَّ قَالَ: الْأَشْجَارُ لِي لَمْ يُصَدَّقْ فِي هَذَا كُلِّهِ انْتَهَى. لَوْ اخْتَلَفَا فِي عَيْنِ الْمَغْصُوبِ أَوْ صِفَتِهِ أَوْ فِي قِيمَتِهِ، وَقْتَ الْغَصْبِ فَالْقَوْلُ لِلْغَاصِبِ. وَلَوْ كَفَلَ رَجُلٌ بِقِيمَةٍ الْمَغْصُوبِ، وَاخْتَلَفُوا فِي الْقِيمَةِ فَالْقَوْلُ لِلْكَفِيلِ، وَلَا يُصَدَّقُ وَاحِدٌ مِنْهُمَا عَلَيْهِ، وَلَوْ قَالَ الْغَاصِبُ: رَدَدْت الْمَغْصُوبَ، وَقَالَ الْمَالِكُ: لَا بَلْ هَلَكَ عِنْدَكَ فَالْقَوْلُ لِلْمَالِكِ مِنْ الْوَجِيزِ. رَجُلَانِ خَاصَمَا رَجُلًا فِي جَارِيَةٍ، وَأَقَامَ أَحَدُ الْمُدَّعِيَيْنِ الْبَيِّنَةَ أَنَّ ذَا الْيَدِ غَصَبَ مِنِّي هَذِهِ الْجَارِيَةَ فِي وَقْتِ كَذَا، وَأَقَامَ الْمُدَّعِي الْآخَرُ الْبَيِّنَةَ أَنَّ ذَا الْيَدِ غَصَبَ مِنِّي هَذِهِ الْجَارِيَةَ وَوَقَّتَ وَقْتًا بَعْدَ وَقْتِ الْأَوَّلِ فَهِيَ لِلثَّانِي عَلَى قِيَاسِ قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ، وَعَلَى الْغَاصِبِ قِيمَتُهَا لِلْأَوَّلِ، وَفِي قِيَاسِ قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ الْجَارِيَةُ لِلْأَوَّلِ، وَلَا يَضْمَنُ الْغَاصِبُ لِلثَّانِي شَيْئًا مِنْ قَاضِي خَانْ. لَوْ قَالَ الْغَاصِبُ: غَصَبْتُك ثَوْبًا فَقَطَعْته، وَخَطَّتْهُ بِغَيْرِ أَمْرِك، وَقَالَ الْمَغْصُوبُ مِنْهُ: بَلْ غَصَبْتنِي الْقَمِيصَ قَالَ مُحَمَّدٌ: الْقَوْلُ قَوْلُ الْمَغْصُوبِ مِنْهُ، وَالْبَيِّنَةُ بَيِّنَةُ الْغَاصِبِ كَذَا فِي إقْرَارِ الْوَجِيزِ، وَقَدْ مَرَّتْ. [الْفَصْل التَّاسِع فِي بَرَاءَة الْغَاصِب وَمَا يَكُون ردا لِلْمَغْصُوبِ وَمَا لَا يَكُون] ُ رَجُلٌ غَصَبَ ثَوْبًا أَوْ دَابَّةً أَوْ دَرَاهِمَ فَأَبْرَأَهُ الْمَالِكُ مِنْهَا يَبْرَأُ الْغَاصِبُ عَنْ ضَمَانِ الْغَصْبِ، وَيَصِيرُ الْمَغْصُوبُ أَمَانَةً فِي يَدِهِ. وَكَذَا لَوْ قَالَ الْمَغْصُوبُ مِنْهُ: حَلَلْتُهُ مِنْ الْغَصْبِ بَرِئَ الْغَاصِبُ عَنْ الضَّمَانِ فَإِنْ كَانَ الْمَغْصُوبُ مُسْتَهْلَكًا بَرِئَ الْغَاصِبُ عَنْ ضَمَانِ الْقِيمَةِ لِأَنَّهُ أَبْرَأَهُ عَنْ الدَّيْنِ، وَالدَّيْنُ يَقْبَلُ الْإِبْرَاءَ فَأَمَّا إذَا كَانَ الْمَغْصُوبُ قَائِمًا كَانَ التَّحْلِيلُ إبْرَاءً لَهُ عَنْ سَبَبِ الضَّمَانِ فَتَصِيرُ الْعَيْنُ أَمَانَةً فِي يَدِهِ عِنْدَنَا، وَعَلَى قَوْلِ زُفَرَ لَا يَبْرَأُ عَنْ ضَمَانِ الْغَصْبِ. إذَا أَتَى بِقِيمَةٍ الْمَغْصُوبِ الْمُسْتَهْلَكِ قَالَ أَبُو نَصْرٍ: يَرْفَعُ الْأَمْرَ إلَى الْقَاضِي حَتَّى يَأْمُرَهُ بِالْقَبُولِ فَيَبْرَأُ، وَقَالَ: نُصَيْرٌ كَانُوا يَقُولُونَ فِي الْغَصْبِ الْوَدِيعَةِ إذَا وُضِعَ بَيْنَ يَدَيَّ الْمَالِكِ بَرِئَ، وَفِي الدَّيْنِ لَا يَبْرَأُ إلَّا أَنْ يَضَعَهُ فِي يَدِهِ أَوْ فِي حِجْرِهِ فَقَدْ بَرِئَ وَلَوْ لَمْ يَقُلْ لِصَاحِبِ الثَّوْبِ أَنَّهُ ثَوْبُهُ فَوَضَعَهُ فِي حِجْرِهِ، وَرَمَاهُ ثُمَّ جَاءَ آخَرُ فَرَفَعَهُ قَالَ أَبُو بَكْرٍ الْبَلْخِيّ: أَخَاف أَنْ لَا يَبْرَأَ لِأَنَّهُ رُبَّمَا يَقَعُ عِنْدَ صَاحِبِ الثَّوْبِ إنَّهَا، وَدِيعَةٌ، وَلَا يَعْلَمُ أَنَّهُ ثَوْبُهُ، وَالْمُخْتَارُ لِلْفَتْوَى أَنَّهُ يَبْرَأُ لِأَنَّهُ رَدَّ عَيْنِ مَالِهِ عَلَيْهِ أَلَا يَرَى أَنَّ الْغَاصِبَ لَوْ أَطْعَمَ الْمَالِكُ الطَّعَامَ الْمَغْصُوبَ بَرِئَ عَنْ الضَّمَانِ، وَلَوْ كَانَ الْغَصْبُ مُسْتَهْلَكًا فَأَعْطَاهُ الْقِيمَةَ فَلَمْ يَقْبَلْ، وَلَمْ يَرْفَعْ الْأَمْرَ إلَى الْقَاضِي وَوَضَعَ الْقِيمَةَ بَيْنَ يَدَيْ الْمَالِكِ لَا يَبْرَأُ وَإِنْ وَضَعَهُ فِي يَدِهِ أَوْ فِي حِجْرِهِ يَبْرَأُ. غَصَبَ مِنْ صَبِيٍّ شَيْئًا ثُمَّ دَفَعَهُ إلَيْهِ فَإِنْ كَانَ الصَّبِيُّ مِنْ أَهْلِ الْحِفْظِ بِأَنْ كَانَ يَعْقِلُ الْأَخْذَ، وَالْإِعْطَاءَ صَحَّ، وَإِلَّا فَلَا، وَيَكُونُ بِمَنْزِلَةِ مَا لَوْ رَفَعَ السَّرْجَ عَنْ ظَهْرِ دَابَّةِ الْغَيْرِ ثُمَّ أَعَادَهُ إلَى ظَهْرِ الدَّابَّةِ لَا يَصِحُّ فَإِنْ كَانَ الْغَاصِبُ اسْتَهْلَكَ الْغَصْبَ حَتَّى ضَمِنَ الْقِيمَةَ فَدَفَعَ الْقِيمَةَ إلَى الصَّبِيِّ إنْ كَانَ الصَّبِيُّ مَأْذُونًا فِي التِّجَارَةِ صَحَّ، وَبَرِئَ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مَأْذُونًا لَا يَبْرَأُ الْغَاصِبُ مِنْ الضَّمَانِ؛ لِأَنَّ دَفْعَ الْقِيمَةِ بِتَضْمِينِ مَعْنَى التَّمْلِيكِ. غَصَبَ عَبْدًا ثُمَّ قَالَ لَهُ الْمَالِكُ: اذْهَبْ بِهِ إلَى مَوْضِعِ كَذَا فَبِعْهُ فَذَهَبَ بِهِ الْغَاصِبُ إلَى ذَلِكَ الْمَوْضِعِ فَعَطِبَ فِي الطَّرِيقِ كَانَ الْغَاصِبُ ضَامِنًا عَلَى حَالِهِ فَلَوْ أَنَّ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 140 الْغَاصِبَ اسْتَأْجَرَ الْعَبْدَ الْمَغْصُوبَ مِنْ الْمَالِكِ يَبْنِي لَهُ حَائِطًا مَعْلُومًا فَإِنَّ الْعَبْدَ يَكُونُ فِي ضَمَانِهِ حَتَّى يَأْخُذَ فِي عَمَلِ الْحَائِطِ فَإِذَا أَخَذَ فِي عَمَلِ الْحَائِطِ بَرِئَ عَنْ الضَّمَانِ، وَكَذَا إذَا اسْتَأْجَرَهُ مِنْ الْمَالِكِ لِلْخِدْمَةِ مِنْ قَاضِي خَانْ وَقِيلَ: لَوْ اسْتَأْجَرَهُ لِلْخِدْمَةِ يَبْرَأُ لِلْحَالِ ذَكَرَهُ فِي الْوَجِيزِ. وَفِي الْفُصُولَيْنِ الْمَالِكُ لَوْ أَجَّرَ الْقِنَّ مِنْ الْغَاصِبِ بَرِئَ بِنَفْسِ الْعَقْدِ لَا لَوْ أَعَارَهُ مِنْهُ حَتَّى لَوْ هَلَكَ قَبْلَ اسْتِعْمَالِهِ ضَمِنَ انْتَهَى. وَفِي الْخُلَاصَةِ مِنْ الْإِجَارَةِ لَوْ اغْتَصَبَ دَابَّةً ثُمَّ آجَرَهُ إيَّاهَا رَبُّهَا إلَى الْكُوفَةِ بِعَشَرَةِ دَرَاهِمَ جَازَ، وَيَبْرَأُ مِنْ الضَّمَانِ انْتَهَى. غَصَبَ دَابَّةً ثُمَّ رَدَّهَا إلَى مَرْبِطِ الْمَالِكِ لَا يَبْرَأُ عَنْ الضَّمَانِ وَقَالَ زُفَرُ: يَبْرَأُ. نَزَعَ خَاتَمًا مِنْ أُصْبُعِ نَائِمٍ ثُمَّ أَعَادَهُ إلَى أُصْبُعِهِ قَبْلَ أَنْ يَنْتَبِهَ النَّائِمُ بَرِئَ عَنْ الضَّمَانِ فِي قَوْلِهِمْ، وَلَوْ انْتَبَهَ النَّائِمُ ثُمَّ نَامَ فَأَعَادَهُ إلَى أُصْبُعِهِ لَا يَبْرَأُ فِي قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ، وَيَبْرَأُ فِي قَوْلِ زُفَرَ. وَعَنْ مُحَمَّدٍ فِي الْمُنْتَقَى إذَا أَخَذَ رَجُلٌ خَاتَمًا مِنْ أُصْبُعِ نَائِمٍ أَوْ دَرَاهِمَ مِنْ كِيسِهِ أَوْ خُفًّا مِنْ رِجْلِهِ ثُمَّ أَعَادَهُ إلَى مَكَانِهِ، وَهُوَ نَائِمٌ أَوْ لَمْ يُعِدْهُ حَتَّى انْتَبَهَ مِنْ نَوْمِهِ ثُمَّ نَامَ نَوْمَةً أُخْرَى فَأَعَادَهُ إلَى مَوْضِعِهِ فَإِنْ أَعَادَهُ فِي مَجْلِسِهِ ذَلِكَ اسْتَحْسَنْت أَنْ لَا أُضَمِّنَهُ، وَإِلَّا ضَمَّنْتُهُ، وَكَذَا لَوْ أَعَادَ الْخَاتَمَ إلَى أُصْبُعٍ أُخْرَى، وَلَمْ يَذْكُرْ فِي هَذِهِ الْمَسَائِلِ قَوْلًا لِأَبِي حَنِيفَةَ قَالَ: وَالصَّحِيحُ مِنْ مَذْهَبِهِ أَنَّهُ لَا يَضْمَنُ إلَّا بِالتَّحْوِيلِ، وَذَكَرَ فِي جَمِيعِ التَّفَارِيقِ إذَا نَزَعَ مِنْ أُصْبُعِ نَائِمٍ خَاتَمًا ثُمَّ أَعَادَهُ فِيهَا عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ تُعْتَبَرُ النَّوْمَةُ الْأُولَى، وَعِنْدَ مُحَمَّدٍ يُعْتَبَرُ الْمَجْلِسُ اسْتِحْسَانًا مِنْ قَاضِي خَانْ. أَخْرَجَ خَاتَمًا مِنْ أُصْبُعِ نَائِمٍ ثُمَّ رَدَّهُ إلَى كُمِّهِ أَوْ سَبَّابَتِهِ أَوْ غَيْرِهَا غَيْرِ الْأُصْبُعِ الَّتِي كَانَ فِيهَا ضَمِنَ ذَكَرَهُ فِي الْفُصُولَيْنِ. لَوْ زَوَّجَ الْمَالِكُ الْأَمَةَ الْمَغْصُوبَةَ مِنْ الْغَاصِبِ لَمْ يَبْرَأْ لِلْحَالِ فِي قِيَاسِ قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ خِلَافًا لِأَبِي يُوسُفَ، وَهِيَ فَرْعُ مَا لَوْ تَزَوَّجَ الْمُشْتَرِي أَمَةً اشْتَرَاهَا قَبْلَ الْقَبْضِ يَصِيرُ بِهِ قَابِضًا عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ لَا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ. وَلَوْ غَصَبَ ثَوْبًا، وَكَسَاهُ الْمَالِكَ أَوْ طَعَامًا فَقَدَّمَهُ بَيْنَ يَدَيْ الْمَالِكِ لِيَأْكُلَهُ وَهُوَ لَا يَعْلَمُ بِهِ بَرِئَ. وَكَذَا لَوْ لَبِسَ الْمَالِكُ الْمَغْصُوبَ أَوْ كَانَ طَعَامًا فَأَكَلَهُ أَوْ عَبْدًا فَاسْتَخْدَمَهُ، وَلَا يَعْلَمُ بِهِ يَبْرَأُ الْغَاصِبُ عَنْ الضَّمَانِ ذَكَرَهُ فِي الْوَجِيزِ. بَقَرَةٌ غَصَبَهَا رَجُلٌ آخَرُ مِنْ الْغَاصِبِ الْأَوَّلِ ثُمَّ سَرَقَهَا الْمَالِكُ مِنْ غَاصِبِ الْغَاصِبِ لِعَجْزِهِ عَنْ الِاسْتِرْدَادِ مِنْهُ مُجَاهَرَةً بِنَفْسِهِ أَوْ بِقَضَاءِ الْقَاضِي بِالْبَيِّنَةِ ثُمَّ إنَّ غَاصِبَ الْغَاصِبِ اسْتَرَدَّهَا بِالسَّلْطَنَةِ، وَعَجَزَ الْمَالِكُ عَنْ مُخَاصَمَتِهِ لَيْسَ لَهُ حَقُّ مُخَاصَمَةِ الْغَاصِبِ الْأَوَّلِ بِرَدِّ الْمَغْصُوبِ أَوْ الْقِيمَةِ. وَلَوْ أَقَامَ الْغَاصِبُ الْبَيِّنَةَ إنَّهُ رَدَّ الدَّابَّةَ الْمَغْصُوبَةَ عَلَى الْمَالِكِ، وَأَقَامَ الْمَالِكُ الْبَيِّنَةَ أَنَّهَا مَاتَتْ عِنْدَ الْغَاصِبِ بِرُكُوبِهِ فَعَلَى الْغَاصِبِ قِيمَتُهَا مِنْ الْخُلَاصَةِ. وَلَوْ غَصَبَ حِمَارًا ثُمَّ جَاءَ بِهِ، وَأَدْخَلَهُ فِي إصْطَبْلِ الْمَالِكِ، وَأَخْبَرَهُ فَقَالَ: نَعَمْ مَا فَعَلْت لَا يَبْرَأُ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ، وَيَبْرَأُ عِنْدَ مُحَمَّدٍ؛ لِأَنَّ الْإِجَازَةَ لَا تَلْحَقُ الْأَفْعَالَ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ، وَتَلْحَقُ عِنْدَ مُحَمَّدٍ مِنْ الْقُنْيَةِ. غَصَبَ عِنَبًا فَحَلَّلَهُ مَالِكُهُ مِنْ كُلِّ حَقٍّ هُوَ لَهُ قِبَلَهُ قَالَ أَئِمَّةُ بَلْخِي: التَّحْلِيلُ يَقَعُ عَلَى مَا هُوَ وَاجِبٌ فِي الذِّمَّةِ لَا عَلَى عَيْنٍ قَائِمَةٍ هَذِهِ فِي الْهِبَةِ مِنْ الْقُنْيَةِ. أَقَامَ الْبَيِّنَةَ عَلَى إبْرَائِهِ عَنْ الْمَغْصُوبِ لَا يَكُونُ إبْرَاءً عَنْ قِيمَةِ الْمَغْصُوبِ، وَإِنَّمَا هُوَ إبْرَاءٌ عَنْ الضَّمَانِ لِلرَّدِّ لَا عَنْ ضَمَانِ الْقِيمَةِ؛ لِأَنَّ حَالَ قِيَامِهِ الرَّدُّ وَاجِبٌ عَلَيْهِ لَا قِيمَتُهُ فَكَانَ إبْرَاءً عَمَّا لَيْسَ بِوَاجِبٍ هَذِهِ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 141 فِي الدَّعْوَى مِنْ الْخُلَاصَةِ. إذَا أَحْدَثَ الْمَالِكُ فِي الْغَصْبِ حَدَثًا يَصِيرُ بِهِ غَاصِبًا لَوْ فِي مِلْكِ الْغَيْرِ كَانَ قَابِضًا، وَبَرِئَ الْغَاصِبُ كَاسْتِخْدَامٍ وَلُبْسٍ وَأَكْلٍ، وَهُوَ يَعْرِفُهُ أَوْ لَا ذَكَرَهُ فِي الْفُصُولَيْنِ. لَوْ اسْتَأْجَرَ الْمَالِكُ الْغَاصِبَ لِيَعْلَمَ الْعَبْدُ الْمَغْصُوبُ عَمَلًا مِنْ الْأَعْمَالِ أَوْ يَغْسِلَ الثَّوْبَ الْمَغْصُوبَ لَا يَبْرَأُ، وَلَوْ اسْتَأْجَرَهُ لِلْحِفْظِ لَمْ يَجُزْ. وَلَوْ، وَكَّلَ الْغَاصِبُ بِبَيْعِ الْمَغْصُوبِ لَمْ يَبْرَأْ عَنْ الضَّمَانِ حَتَّى يَبِيعَ وَيُسَلِّمَ ذَكَرَهُ فِي الْوَجِيزِ. رَجُلٌ غَصَبَ دَارًا، وَاسْتَأْجَرَهَا مِنْ الْمَغْصُوبِ مِنْهُ وَالدَّارُ لَيْسَتْ بِحَضْرَتِهِمَا حِينَ اسْتَأْجَرَهَا فَإِذَا سَكَنَهَا أَوْ قَدَرَ عَلَى ذَلِكَ بَرِئَ الْغَاصِبُ عَنْ ضَمَانِهَا. وَلَوْ غَصَبَ أَمَةً فَتَزَوَّجَهَا الْمَغْصُوبُ مِنْهُ مِنْ الْغَاصِبِ بَرِئَ مِنْ ضَمَانِهَا مِنْ الْخُلَاصَةِ قُلْتُ: وَقَدْ مَرَّ آنِفًا أَنَّهُ لَا يَبْرَأُ الْغَاصِبُ بِتَزَوُّجِ الْأَمَةِ عَنْ ضَمَانِهَا فِي الْحَالِ فِي قِيَاسِ قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ فَتَأَمَّلْ. لَوْ قَالَ الْمَالِكُ لِلْغَاصِبِ: أَوْدَعْتُك الْمَغْصُوبَ لَا يَبْرَأُ إذْ لَمْ يُوجَدْ الْإِبْرَاءُ، وَلَوْ انْتَفَعَ الْغَاصِبُ بِهِ فَأَمَرَهُ الْمَالِكُ بِحِفْظِهِ لَمْ يَبْرَأْ مَا لَمْ يَحْفَظْ إذْ الْأَمْرُ بِالْحِفْظِ، وَعَقْدُ الْوَدِيعَةِ لَا يُنَافِيَانِ الضَّمَانَ، وَلَوْ بَاعَ الْمَالِكُ الْمَغْصُوبَ لَا يَبْرَأُ عَنْ الضَّمَانِ مَا لَمْ يُسَلِّمْهُ، وَلَوْ رَدَّ الْمَغْصُوبَ عَلَى مَالِكِهِ فَلَمْ يَقْبَلْهُ فَجَاءَ بِهِ إلَى بَيْتِهِ فَهَلَكَ بَرِئَ عَنْ الضَّمَانِ مِنْ الْفُصُولَيْنِ، وَفِي قَاضِي خَانْ مِنْ الْبُيُوعِ إنَّمَا لَمْ يَضْمَنْ بِالْحَمْلِ إلَى مَنْزِلِهِ إذَا لَمْ يَضَعْهُ عِنْدَ الْمَالِكِ فَأَمَّا إذَا، وَضَعَ عِنْدَ الْمَالِكِ بِحَيْثُ تَنَالُهُ يَدُهُ ثُمَّ حَمَلَهُ مَرَّةً أُخْرَى إلَى مَنْزِلِهِ فَضَاعَ كَانَ ضَامِنًا أَمَّا إذَا كَانَ فِي يَدِهِ فَقَالَ لِلْمَالِكِ: خُذْهُ، وَلَمْ يَقْبَلْ يَصِيرُ أَمَانَةً فِي يَدِهِ اهـ. لَوْ غَصَبَ سَرْجًا مِنْ ظَهْرِ دَابَّةٍ ثُمَّ أَعَادَهُ إلَى ظَهْرِهَا لَا يَبْرَأُ عَنْ الضَّمَانِ. وَلَوْ غَصَبَ الدَّرَاهِمَ مِنْ كِيسِ رَجُلٍ ثُمَّ رَدَّهَا فِي الْكِيسِ، وَصَاحِبُهَا لَا يَعْلَمُ يَبْرَأُ. غَصَبَ شَيْئًا، وَقَبَضَ لِلْحِفْظِ فَأَجَازَ الْمَالِكُ حِفْظَهُ كَمَا أَخَذَ بَرِئَ مِنْ الضَّمَانِ فَإِنْ انْتَفَعَ بِهِ فَأُمِرَ بِالْحِفْظِ لَا يَبْرَأُ، وَعَلَى هَذَا لَوْ أَوْدَعَ الرَّجُلُ مَالَ الْغَيْرِ فَأَجَازَ الْمَالِكُ يَبْرَأُ عَنْ الضَّمَانِ مِنْ الْخُلَاصَةِ. غَصَبَ حَطَبًا، وَاسْتَأْجَرَ الْمَغْصُوبَ مِنْهُ فَأَوْقَدَهُ فِي قِدْرِ الْغَاصِبِ، وَلَمْ يَعْلَمْ الْمَغْصُوبُ مِنْهُ بِأَنَّهُ حَطَبُهُ فَالْقِيَاسُ أَنْ يَبْرَأَ كَمَا لَوْ غَصَبَ طَعَامًا ثُمَّ أَطْعَمَهُ الْمَالِكَ قَالَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - فِي الْأَصْلِ: أَتْلَفَهُ الْمَالِكُ فِي مَقْصُودِهِ مِنْ الطَّعَامِ وَلَا كَذَلِكَ فِي الْفَرْعِ فَافْتَرَقَا مِنْ الْقُنْيَةِ. لَوْ غَصَبَ فَأَجَازَ الْمَالِكُ قَبْضَهُ بَرِئَ، وَكَذَا لَوْ أَوْدَعَ مَالَ غَيْرِهِ فَأَجَازَ الْمَالِكُ بَرِئَ إذْ الْإِذْنُ انْتِهَاءً كَالْأَمْرِ ابْتِدَاءً. الْإِجَازَةُ تَلْحَقُ الْعُقُودَ لَا الْأَفْعَالَ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَتَلْحَقُهُمَا عِنْدَ مُحَمَّدٍ فَلَوْ رَدَّ الْغَاصِبُ مَا غَصَبَهُ عَلَى أَجْنَبِيٍّ فَأَجَازَ الْمَالِكُ قَبْضَ ذَلِكَ الْأَجْنَبِيِّ بَرِئَ عَنْ الضَّمَانِ عِنْدَ مُحَمَّدٍ لَا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ. وَفِي الذَّخِيرَةِ أَنَّ الْإِجَازَةَ تَلْحَقُ الْأَفْعَالَ مِنْ غَيْرِ خِلَافٍ، وَهُوَ الْأَصَحُّ مِنْ الْفُصُولَيْنِ. وَفِي الْأَشْبَاهِ الْإِجَازَةُ لَا تَلْحَقُ بِالْإِتْلَافِ فَلَوْ أَتْلَفَ مَالَ غَيْرِهِ تَعَدِّيًا فَقَالَ الْمَالِكُ: أَجَزْت، وَرَضِيت لَمْ يَبْرَأْ مِنْ الضَّمَانِ اهـ. لَوْ وَهَبَ الْغَاصِبُ الْغَصْبَ مِنْ الْمَالِكِ، وَسَلَّمَهُ أَوْ بَاعَهُ مِنْهُ، وَسَلَّمَهُ وَهُوَ لَا يَعْلَمُ بِهِ بَرِئَ. غَصَبَ بُرًّا فَطَحَنَهُ، وَخَبَزَهُ، وَأَطْعَمَهُ مَالِكُهُ أَوْ تَمْرًا فَنَبَذَهُ، وَسَقَاهُ إيَّاهُ أَوْ كِرْبَاسًا فَقَطَعَهُ وَخَاطَهُ وَأَعْطَاهُ إيَّاهُ لَمْ يَبْرَأْ إذْ مَلَكَهُ زَالَ بِمَا فَعَلَ. لَبِسَ ثَوْبَ غَيْرِهِ بِلَا أَمْرِهِ حَالَ غَيْبَتِهِ ثُمَّ رَدَّهُ إلَى مَكَانِهِ لَا يَبْرَأُ، وَهُوَ الصَّحِيحُ. أَخَذَ ثَوْبًا مِنْ بَيْتِهِ بِلَا أَمْرِهِ فَلَبِسَهُ ثُمَّ رَدَّهُ إلَى بَيْتِهِ بَرِئَ اسْتِحْسَانًا. وَكَذَا لَوْ أَخَذَ دَابَّةً مِنْ دَارِ رَبِّهَا ثُمَّ رَدَّهَا إلَى مَكَانِهَا بَرِئَ. وَلَوْ أَخَذَهَا مِنْ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 142 يَدِ رَبِّهَا غَصْبًا ثُمَّ رَدَّهَا إلَى دَارِ رَبِّهَا، وَرَبَطَهَا عَلَى مُعَلَّقِهَا، وَلَمْ يَجِدْ رَبَّهَا، وَلَا خَادِمَهُ ضَمِنَ. قَصَّابٌ كوسفنديكي را بِغَلَطِ بردو بيجوبان دَادَ خداوند كوسفند كَفَتْ كه كوسفند مِنْ جه كَرُدَّى كَفَتْ بجوبان دادم كَفَتْ روبكوكه كوسفند فُلَانٌ است جون بيايدبوي دهي فَذَهَبَ قِيلَ: لَا يَبْرَأُ مِنْ الْفُصُولَيْنِ. قَالَ الْمَالِكُ لِلْغَاصِبِ: ضَحِّ بِهَا فَإِنْ هَلَكَتْ قَبْلَ التَّضْحِيَةِ ضَمِنَهَا، وَإِنْ بَعْدَهُ لَا يَضْمَنُ مِنْ الْأَشْبَاهِ. غَصَبَ مِنْ قِنٍّ شَيْئًا ثُمَّ رَدَّهُ عَلَيْهِ بَرِئَ، وَلَوْ مَحْجُورًا، وَإِنْ اسْتَهْلَكَهُ فَرَدَّ قِيمَتَهُ فَلَوْ مَأْذُونًا صَحَّ، وَلَوْ مَحْجُورًا لَا يَصِحُّ. غَصَبَ شَيْئًا مِنْ الصَّاحِي فَرَدَّهُ عَلَيْهِ، وَهُوَ سَكْرَانُ بَرِئَ لَا لَوْ أَخَذَهُ، وَهُوَ يَقْظَانُ فَرَدَّهُ، وَهُوَ نَائِمٌ مِنْ الْفُصُولَيْنِ. وَفِي الْأَشْبَاهِ مِنْ فَنِّ الْأَلْغَازِ أَيُّ غَاصِبٍ لَا يَبْرَأُ بِالرَّدِّ عَلَى الْمَالِكِ فَقُلْ: إذَا كَانَ الْمَالِكُ لَا يَعْقِلُ اهـ غَصَبَ شَيْئًا ثُمَّ حَمَلَهُ إلَى الْمَغْصُوبِ مِنْهُ، وَأَبَى الْمَالِكُ أَنْ يَقْبَلَهُ مِنْهُ فَحَمَلَهُ الْغَاصِبُ إلَى مَنْزِلِهِ فَضَاعَ عِنْدَهُ لَا يَضْمَنُ قَالَ أَبُو بَكْرٍ: قِيلَ لَهُ لِمَ لَا يَكُونُ غَصْبًا جَدِيدًا قَالَ: إنَّمَا يَصِيرُ بِمَنْزِلَةِ غَصْبِ جَدِيدٍ لَوْ وَضَعَهُ عِنْدَهُ ثُمَّ حَمَلَهُ مَرَّةً أُخْرَى أَمَّا إذَا كَانَ فِي يَدِ الْغَاصِبِ لَمْ يَضَعْهُ مِنْ يَدِهِ، وَأَبَى أَنْ يَقْبَلَهُ فَهَذَا عَلَى الْأَمَانَةِ هَذِهِ فِي الْبُيُوعِ مِنْ الْخُلَاصَةِ، وَقَدْ مَرَّتْ آنِفًا. غَصَبَ دَابَّةً فَلَقِيَهَا صَاحِبُهَا فِي الْمَفَاوِزِ الْمُهْلِكَةِ، وَلَمْ يَسْتَرِدَّهَا لَمْ يَبْرَأْ ذَكَرَهُ فِي الصُّغْرَى. رَجُلٌ أَخَذَ مِنْ كِيسِ رَجُلٍ فِيهِ أَلْفُ دِرْهَمٍ خَمْسَمِائَةٍ فَذَهَبَ بِهَا ثُمَّ رَدَّهَا بَعْدَ أَيَّامٍ وَوَضَعَهَا فِي الْكِيسِ الَّذِي أَخَذَهَا مِنْهُ فَإِنَّهُ يَضْمَنُ الْخَمْسَمِائَةِ الَّتِي أَخَذَهَا لَا غَيْرَ، وَلَا يَبْرَأُ بِهَذَا الرَّدِّ مِنْ قَاضِي خَانْ. وَفِيهِ لَوْ غَصَبَ دَابَّةً فَمَاتَ الْمَغْصُوبُ مِنْهُ فَجَاءَ الْوَارِثُ، وَاسْتَعَارَ مِنْ الْغَاصِبِ دَابَّةً لِيَرْكَبَهَا فَأَعَارَهَا الْغَاصِبُ إيَّاهُ فَعَطِبَتْ تَحْتَهُ بَرِئَ الْغَاصِبُ. [بَاب فِي التَّصَرُّفِ فِي مَالِ الْغَيْرِ بِلَا إذْنٍ] الْبَابُ الْعَاشِرُ فِي التَّصَرُّفِ فِي مَالِ الْغَيْرِ بِلَا إذْنٍ لَا يَجُوزُ التَّصَرُّفُ فِي مَالِ الْغَيْرِ بِلَا إذْنٍ، وَلَا دَلَالَةٍ إلَّا فِي مَسَائِلَ الْأُولَى يَجُوزُ لِلْوَلَدِ وَالْوَالِدِ الشِّرَاءُ مِنْ مَالِ الْمَرِيضِ مَا يَحْتَاجُ إلَيْهِ بِغَيْرِ إذْنِهِ. وَالثَّانِيَةُ: إذَا أَنْفَقَ الْمُودَعُ عَلَى أَبَوَيْ الْمُودِعِ بِغَيْرِ إذْنِهِ، وَكَانَ فِي مَكَانٍ لَا يُمْكِنُ اسْتِطْلَاعُ رَأْيِ الْقَاضِي لَمْ يَضْمَنْ اسْتِحْسَانًا. وَالثَّالِثَةُ: مَاتَ بَعْضُ الرُّفْقَةِ فِي السَّفَرِ فَبَاعُوا قُمَاشَهُ وَعُدَّتَهُ وَجَهَّزُوهُ بِثَمَنِهِ وَرَدُّوا الْبَقِيَّةَ إلَى الْوَرَثَةِ أَوْ أُغْمِيَ عَلَيْهِ فَأَنْفَقُوا عَلَيْهِ مِنْ مَالِهِ لَمْ يَضْمَنُوا اسْتِحْسَانًا وَهِيَ وَاقِعَةُ أَصْحَابِ مُحَمَّدٍ مِنْ الْأَشْبَاهِ. وَمَنْ طَبَخَ لَحْمَ غَيْرِهِ أَوْ طَحَنَ حِنْطَتَهُ أَوْ رَفَعَ جَرَّتَهُ فَانْكَسَرَتْ أَوْ حَمَلَ عَلَى دَابَّتِهِ فَعَطِبَتْ كُلُّ ذَلِكَ بِلَا أَمْرِ الْمَالِكِ يَكُونُ ضَامِنًا وَلَوْ، وَضَعَ الْمَالِكُ اللَّحْمَ فِي الْقِدْرِ، وَالْقِدْرُ عَلَى الْكَانُونِ فَأَوْقَدَ رَجُلٌ النَّارَ فَطَبَخَهُ أَوْ جَعَلَ الْحِنْطَةَ فِي دَوْرَقٍ، وَرَبَطَ الدَّابَّةَ عَلَيْهِ فَسَاقَهَا رَجُلٌ فَطَبَخَهَا أَوْ رَفَعَ الْجَرَّةَ، وَأَمَالَهَا إلَى نَفْسِهِ فَأَعَانَهُ عَلَى رَفْعِهَا رَجُلٌ فَانْكَسَرَتْ فِيمَا بَيْنَهُمَا أَوْ حَمَلَ عَلَى دَابَّتِهِ فَسَقَطَ فِي الطَّرِيقِ فَحَمَلَ رَجُلٌ مَا سَقَطَ عَلَى دَابَّتِهِ فَعَطِبَتْ لَا يَضْمَنُ الرَّجُلُ فِي هَذِهِ الصُّوَرِ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 143 اسْتِحْسَانًا لِوُجُودِ الْإِذْنِ دَلَالَةً مِنْ أُضْحِيَّةِ الْهِدَايَةِ. ذَبَحَ شَاةً، وَعَلَّقَهَا لِلسَّلْخِ فَسَلَخَهَا رَجُلٌ ضَمِنَ. وَلَوْ أَحْضَرَ فَعَلَةً لِهَدْمِ دَارِهِ فَهَدَمَهُ آخَرُ بِلَا إذْنٍ لَا يَضْمَنُ اسْتِحْسَانًا إذْ الْأَصْلُ فِي جِنْسِهَا أَنَّ كُلَّ عَمَلٍ لَا يَتَفَاوَتُ فِيهِ النَّاسُ يَثْبُتُ الِاسْتِعَانَةُ فِيهِ لِكُلِّ أَحَدٍ دَلَالَةً وَمَا يَتَفَاوَتُ فِيهِ النَّاسُ لَا تَثْبُتُ الِاسْتِعَانَةُ لِكُلِّ أَحَدٍ، وَمِنْ هَذِهِ الْمَسَائِلِ شَدُّ الْوَزْعِ لِيَسْقِيَ زَرْعَهُ فَفَتَحَ رَجُلٌ فُوَّهَةَ الْأَرْضِ فَسَقَاهَا يَبْرَأُ كَذَا فِي الْحَجِّ مِنْ أَحْكَامِ الْمَرْضَى مِنْ الْفُصُولَيْنِ. رَجُلٌ رَكِبَ دَابَّةَ الْغَيْرِ بِغَيْرِ أَمْرِهِ فَمَاتَتْ الدَّابَّةُ اخْتَلَفَتْ الرِّوَايَاتُ، وَالصَّحِيحُ أَنَّهُ لَا يَضْمَنُ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ حَتَّى يُحَوِّلَهَا عَنْ مَوْضِعِهَا كَذَا فِي شَرْحِ الشَّافِي، وَفِي نُسْخَةِ الْإِمَامِ السَّرَخْسِيِّ قَالَ: عِنْدَ زُفَرَ لَا ضَمَانَ عَلَيْهِ، وَعِنْدَ أَبِي يُوسُفَ يَضْمَنُ. رَجُلٌ حَمَلَ عَلَى دَابَّةِ غَيْرِهِ بِغَيْرِ أَمْرِهِ فَتَوَرَّمَ ظَهْرُ الْحِمَارِ فَشَقَّ صَاحِبُ الْحِمَارِ ذَلِكَ الْوَرَمَ فَانْتَقَصَ مِنْ ذَلِكَ قِيمَةُ الْحِمَارِ إنْ انْدَمَلَ مِنْ غَيْرِ نُقْصَانٍ لَا ضَمَانَ عَلَيْهِ، وَإِنْ انْتَقَصَ لَا يَخْلُو إنْ انْتَقَصَ مِنْ الْوَرَمِ ضَمِنَ النُّقْصَانَ، وَإِنْ انْتَقَصَ مِنْ الشَّقِّ لَا يَضْمَنُ وَكَذَا لَوْ مَاتَ الْحِمَارُ، وَإِنْ اخْتَلَفَا فَقَالَ الْغَاصِبُ: مَاتَ مِنْ الشَّقِّ، وَقَالَ صَاحِبُهُ: مَاتَ مِنْ الْوَرَمِ فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْغَاصِبِ مَعَ يَمِينِهِ مِنْ الْخُلَاصَةِ مِنْ كِتَابِ الْغَصْبِ. وَفِيهَا دَخَلَ دَارَ رَجُلٍ وَأَخْرَجَ مِنْهَا ثَوْبًا، وَوَضَعَهُ فِي مَنْزِلٍ آخَرَ مِنْهَا فَضَاعَ الثَّوْبُ إنْ لَمْ يَكُنْ بَيْنَ الْبَيْتَيْنِ تَفَاوُتٌ فِي الْحِرْزِ لَا يَضْمَنُ، وَإِنْ كَانَ بَيْنَهُمَا تَفَاوُتٌ يَضْمَنُ انْتَهَى. دَخَلَ دَارَ إنْسَانٍ، وَأَخَذَ مَتَاعًا مِنْ بَيْتٍ، وَحَوَّلَهُ إلَى بَيْتٍ آخَرَ مِنْ تِلْكَ الدَّارِ أَوْ إلَى صَحْنِ الدَّارِ، وَصَاحِبُ الدَّارِ مَعَ غِلْمَانِهِ يَسْكُنُ فِي تِلْكَ الدَّارِ فَهَلَكَ الْمَتَاعُ فِي الْقِيَاسِ يَكُونُ ضَامِنًا، وَفِي الِاسْتِحْسَانِ إنْ كَانَ هَذَا الْمَوْضِعُ مِثْلَ الْأَوَّلِ لَا يَضْمَنُ. رَجُلٌ صَلَّى فَوَقَعَتْ قَلَنْسُوَتُهُ بَيْنَ يَدَيْهِ فَنَحَّاهَا رَجُلٌ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ إنْ وَضَعَهَا حَيْثُ لَا تُسْرَقُ لَمْ يَضْمَنْ، وَإِنْ كَانَ أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ يَضْمَنُ. رَجُلٌ بَعَثَ رَجُلًا إلَى مَاشِيَةٍ لِيَأْتِيَ بِهَا فَرَكِبَ الْمَأْمُورُ دَابَّةَ الْآمِرِ فَعَطِبَتْ الدَّابَّةُ قَالَ أَبُو بَكْرٍ الْبَلْخِيّ: إنْ كَانَ بَيْنَهُمَا انْبِسَاطٌ فِي أَنْ يَفْعَلَ فِي مَالِهِ مِثْلَ هَذَا لَا يَضْمَنُ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ ضَمِنَ. قَطَعَ تَالَّةً مِنْ أَرْضٍ فَغَرَسَهَا فِي نَاحِيَةٍ أُخْرَى مِنْ تِلْكَ الْأَرْضِ قَالَ الشَّيْخُ الْإِمَامُ أَبُو نَصْرٍ: الشَّجَرَةُ تَكُونُ لِلْغَارِسِ، وَعَلَيْهِ قِيمَةُ التَّالَّةِ لِلْمَالِكِ يَوْمَ الْقَطْعِ، وَيُؤْمَرُ بِالْقَلْعِ، وَإِنْ كَانَ الْقَلْعُ يَضُرُّ الْأَرْضَ كَانَ لِصَاحِبِ الْأَرْضِ أَنْ يُعْطِيَ لِلْغَاصِبِ قِيمَةَ شَجَرَةٍ لَيْسَ لَهَا حَقُّ الْقَرَارِ. رَفَعَ قَلَنْسُوَةً مِنْ رَأْسِ إنْسَانٍ، وَضَعَهَا عَلَى رَأْسِ رَجُلٍ آخَرَ فَطَرَحَهَا الرَّجُلُ عَنْ رَأْسِهِ قَالُوا: إنْ كَانَتْ الْقَلَنْسُوَةُ بِمَرْأَى الْعَيْنِ مِنْ صَاحِبِهَا، وَأَمْكَنَهُ رَفْعُهَا مِنْ ذَلِكَ الْمَوْضِعِ لَا يَضْمَنُ الطَّارِحُ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ بِمَنْزِلَةِ الرَّدِّ عَلَى الْمَالِكِ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ كَذَلِكَ يَكُونُ ضَامِنًا مِنْ قَاضِي خَانْ قَالَ فِي الْخُلَاصَةِ: وَلَمْ يَذْكُرْ حُكْمَ الَّذِي رَفَعَ الْقَلَنْسُوَةَ، وَحُكْمُهُ حُكْمُ الطَّارِحِ انْتَهَى. دَخَلَ مَنْزِلَ رَجُلٍ بِأَمْرِهِ، وَأَخَذَ إنَاءً مِنْ بَيْتِهِ بِغَيْرِ إذْنِهِ يَنْظُرُ فِيهِ فَوَقَعَ مِنْ يَدِهِ فَانْكَسَرَ قَالَ النَّاطِفِيُّ: لَا يَضْمَنُ مَا لَمْ يَحْجُرْ عَلَيْهِ صَاحِبُ الْبَيْتِ لِأَنَّهُ مَأْذُونٌ دَلَالَةً، وَلَوْ أَنَّهُ أَخَذَ سَوِيقًا يَبِيعُهُ فِي إنَاءٍ فَأَخَذَهُ إنْسَانٌ بِغَيْرِ إذْنِهِ لِيَنْظُرَ فِيهِ فَوَقَعَ مِنْ يَدِهِ، وَانْكَسَرَ يَكُونُ ضَامِنًا لِأَنَّهُ غَيْرُ مَأْذُونٍ بِذَلِكَ دَلَالَةً بِخِلَافِ الْأَوَّلِ لِأَنَّ الْإِذْنَ بِدُخُولِ الْمَنْزِلِ إذْنٌ بِذَلِكَ دَلَالَةً. سَكْرَانُ لَا يَعْقِلُ وَهُوَ نَائِمٌ وَوَقَعَ ثَوْبُهُ فِي الطَّرِيقِ فَأَخَذَ رَجُلٌ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 144 ثَوْبَهُ لِيَحْفَظَهُ لَا يَضْمَنُ، وَإِنْ أَخَذَ الثَّوْبَ مِنْ تَحْتَ رَأْسِهِ أَوْ أَخَذَ خَاتَمًا مِنْ يَدِهِ أَوْ كِيسًا مِنْ وَسَطِهِ أَوْ دِرْهَمًا مِنْ كُمِّهِ لِيَحْفَظَهُ لِأَنَّهُ خَافَ ضَيَاعَهُ ضَمِنَ؛ لِأَنَّ الْمَالَ كَانَ مَحْفُوظًا بِصَاحِبِهِ مِنْ قَاضِي خَانْ. أَخَذَ ثَوْبًا مِنْ دَارِ إنْسَانٍ فَوَضَعَهُ فِي مَنْزِلٍ آخَرَ، وَضَاعَ ضَمِنَ لَوْ تَفَاوَتَا فِي الْحِرْزِ، وَإِلَّا فَلَا مِنْ الْفُصُولَيْنِ. إذَا تَصَرَّفَ فِي مِلْكِ غَيْرِهِ ثُمَّ ادَّعَى إنَّهُ كَانَ بِإِذْنِهِ فَالْقَوْلُ لِلْمَالِكِ إلَّا إذَا تَصَرَّفَ فِي مَالِ امْرَأَتِهِ فَمَاتَتْ، وَادَّعَى إنْ كَانَ بِإِذْنِهَا، وَأَنْكَرَ الْوَارِثُ فَالْقَوْلُ لِلزَّوْجِ ذَكَرَهُ فِي الْأَشْبَاهِ. مَيِّتٌ دُفِنَ فِي أَرْضِ إنْسَانٍ بِغَيْرِ إذْنِ الْمَالِكِ كَانَ الْمَالِكُ بِالْخِيَارِ إنْ شَاءَ رَضِيَ بِذَلِكَ، وَإِنْ شَاءَ أَمَرَ بِإِخْرَاجِ الْمَيِّتِ، وَإِنْ شَاءَ سَوَّى الْأَرْضَ، وَزَرَعَ فَوْقَهَا؛ لِأَنَّ الْأَرْضَ ظَاهِرَهَا، وَبَاطِنَهَا مَمْلُوكَةٌ لَهُ مِنْ وَقْفِ قَاضِي خَانْ. جَمَاعَةٌ فِي بَيْتِ إنْسَانٍ أَخَذَ وَاحِدٌ مِنْهُمْ مِرْآتَهُ وَنَظَرَ فِيهَا، وَدَفَعَهَا إلَى آخَرَ فَنَظَرَ فِيهَا ثُمَّ ضَاعَتْ لَمْ يَضْمَنْ قَالَ - رَحِمَهُ اللَّهُ -: لِوُجُودِ الْإِذْنِ فِي مِثْلِهِ دَلَالَةً حَتَّى لَوْ كَانَ شَيْئًا يَجْرِي الشُّحُّ بِاسْتِعْمَالِهِ يَكُونُ غَاصِبًا. رَفَعَ قَدُومَ النَّجَّارِ، وَهُوَ يَرَاهُ، وَلَمْ يَمْنَعْهُ فَاسْتَعْمَلَهُ وَانْكَسَرَ يَضْمَنُ. نَجْمُ الْأَئِمَّةِ الْبُخَارِيُّ أَخَذَ أَحَدُ الشَّرِيكَيْنِ حِمَارَ صَاحِبِهِ الْخَاصَّ، وَطَحَنَ بِهِ بِغَيْرِ إذْنِهِ فَأَكَلَ الْحِمَارُ الْحِنْطَةَ فِي الرَّحَى، وَمَاتَ لَمْ يَضْمَنْ لِوُجُودِ الْإِذْنِ دَلَالَةً فِي ذَلِكَ قَالَ - رَحِمَهُ اللَّهُ -: فَلَمْ يُعْجِبْنَا ذَلِكَ لِاعْتِقَادِنَا الْعُرْفَ بِخِلَافِهِ لَكِنْ عُرِفَ بِجَوَابِهِ هَذَا أَنَّهُ لَا يَضْمَنُ فِيمَا يُوجَدُ الْإِذْنُ دَلَالَةً، وَإِنْ لَمْ يُوجَدْ صَرِيحًا حَتَّى لَوْ فَعَلَ الْأَبُ بِحِمَارِ وَلَدِهِ ذَلِكَ أَوْ عَلَى الْعَكْسِ أَوْ أَحَدُ الزَّوْجَيْنِ بِحِمَارِ الْآخَرِ، وَمَاتَ لَا يَضْمَنُ لِوُجُودِ الْإِذْنِ دَلَالَةً. وَلَوْ أَرْسَلَ جَارِيَةَ زَوْجَتِهِ فِي شَأْنِ نَفْسِهِ بِغَيْرِ إذْنِهَا وَأَبَقَتْ لَا يَضْمَنُ، وَبِضَرْبِ عَبْدِ الْغَيْرِ لَا يَصِيرُ غَاصِبًا مِنْ الْقُنْيَةِ. سُئِلَ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ الْأُوزْجَنْدِيُّ عَمَّنْ اسْتَعْمَلَ عَبْدَ الْغَيْرِ أَوْ جَارِيَةَ الْغَيْرِ، وَأَبَقَ فِي حَالَةِ الِاسْتِعْمَالِ فَهُوَ ضَامِنٌ بِمَنْزِلَةِ الْغَاصِبِ إذَا أَبَقَ مِنْ يَدِهِ، وَمَنْ اسْتَعْمَلَ عَبْدًا مُشْتَرَكًا بَيْنَهُ وَبَيْنَ غَيْرِهِ بِغَيْرِ حَضْرَةِ صَاحِبِهِ فَمَاتَ فِي خِدْمَتِهِ لَا يَضْمَنُ، وَفِي الدَّابَّةِ لَا يَضْمَنُ، وَذَكَرَ صَاحِبُ الْمُحِيطِ اسْتِعْمَالَ عَبْدِ الْغَيْرِ يُوجِبُ الضَّمَانَ سَوَاءٌ عَلِمَ أَنَّهُ عَبْدُ الْغَيْرِ أَوْ لَمْ يَعْلَمْ، وَكَذَا لَوْ قَالَ الْعَبْدُ: إنِّي حُرٌّ فَاسْتَعْمِلْنِي فِي عَمَلِ كَذَا فَاسْتَعْمَلَهُ، وَهَلَكَ الرَّجُلُ ثُمَّ ظَهَرَ إنَّهُ عَبْدٌ يَضْمَنُ قِيمَةَ الْعَبْدِ سَوَاءٌ عَلِمَ أَوْ لَمْ يَعْلَمْ، وَهَذَا إذَا اسْتَعْمَلَهُ فِي عَمَلِ نَفْسِهِ أَمَّا إذَا اسْتَعْمَلَهُ فِي عَمَلِ غَيْرِهِ فَإِنَّهُ لَا يَضْمَنُ كَمَا إذَا قَالَ لِعَبْدِ الْغَيْرِ: ارْتَقِ الشَّجَرَةَ، وَانْثُرْ الْمِشْمِشَ لِتَأْكُلَهُ أَنْتَ فَسَقَطَ لَا ضَمَانَ عَلَيْهِ، وَلَوْ قَالَ لِتَأْكُلَ أَنْتَ وَأَنَا يَضْمَنُ. غُلَامٌ حَمَلَ كُوزَ مَاءٍ لِيَنْقُلَ الْمَاءَ إلَى بَيْتِ الْمَوْلَى بِإِذْنِ الْمَوْلَى فَدَفَعَ رَجُلٌ كُوزَهُ لِيَحْمِلَ مَاءً لَهُ مِنْ الْحَوْضِ بِغَيْرِ إذْنِ الْمَوْلَى فَهَلَكَ الْعَبْدُ فِي الطَّرِيقِ قَالَ صَاحِبُ الْمُحِيطِ: مَرَّةً يَضْمَنُ نِصْفَ قِيمَةِ الْعَبْدِ ثُمَّ قَالَ فِي الْمَرَّةِ الثَّانِيَةِ يَضْمَنُ كُلَّ قِيمَةِ الْعَبْدِ؛ لِأَنَّ فِعْلَهُ صَارَ نَاسِخًا لِفِعْلِ الْمَوْلَى فَيَصِيرُ غَاصِبًا كُلَّ الْعَبْدِ. لَوْ اسْتَعْمَلَ عَبْدَ الْغَيْرِ فَهَلَكَ الْعَبْدُ بَعْدَمَا فَرَغَ مِنْ الِاسْتِعْمَالِ قَالَ: يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ الْجَوَابُ فِيهِ كَالْجَوَابِ فِيمَا إذَا غَصَبَ دَابَّةَ رَجُلٍ مِنْ الْإِصْطَبْلِ ثُمَّ رَدَّهَا إلَى الْإِصْطَبْلِ لَا إلَى الْمَالِكِ، وَفِيهِ رِوَايَتَانِ فِي رِوَايَةٍ يَبْرَأُ عَنْ الضَّمَانِ، وَفِي رِوَايَةٍ لَا يَبْرَأُ وَكَذَلِكَ فِي مَسْأَلَةِ الْعَبْدِ إنْ اسْتَعْمَلَهُ فِي غَيْبَةِ الْمَالِكِ، وَإِنْ اسْتَعْمَلَهُ بِحَضْرَةِ الْمَوْلَى فَمَا لَمْ يَرُدَّهُ عَلَى الْمَالِكِ لَا يَبْرَأُ عَنْ الضَّمَانِ إجْمَاعًا كَمَا لَوْ غَصَبَهُ مِنْ يَدِ الْمَالِكِ. إذَا اسْتَخْدَمَ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 145 عَبْدَ رَجُلٍ بِغَيْرِ إذْنِهِ أَوْ قَادَ دَابَّتَهُ أَوْ سَاقَهَا أَوْ حَمَلَ عَلَيْهَا شَيْئًا أَوْ رَكِبَهَا فَهُوَ ضَامِنٌ مِنْ عَطْبٍ فِي تِلْكَ الْخِدْمَةِ أَوْ غَيْرِهَا مِنْ مُشْتَمِلِ الْأَحْكَامِ مِنْ الْغَصْبِ أَقُولُ: وَقَدْ مَرَّ مِنْ هَذَا النَّوْعِ فِي الْغَصْبِ كَثِيرٌ. [بَاب فِي إتْلَاف مَال الْغَيْر وَإِفْسَاده مُبَاشَرَة وتسببا وَفِيهِ أَرْبَعَة فُصُولٍ] [الْفَصْلُ الْأَوَّلُ فِي الْمُبَاشَرَةِ وَالتَّسَبُّبِ بِنَفْسِهِ وَيَدِهِ] الْبَابُ الْحَادِيَ عَشَرَ فِي إتْلَافِ مَالِ الْغَيْرِ وَإِفْسَادِهِ مُبَاشَرَةً وَتَسَبُّبًا، وَيَشْتَمِلُ عَلَى أَرْبَعَةِ فُصُولٍ الْفَصْلُ الْأَوَّلُ فِي الْمُبَاشَرَةِ وَالتَّسَبُّبِ بِنَفْسِهِ وَيَدِهِ الْمُبَاشِرُ ضَامِنٌ، وَإِنْ لَمْ يَتَعَدَّ وَالْمُتَسَبِّبُ لَا إلَّا إذَا كَانَ مُتَعَدِّيًا فَلَوْ حَفَرَ بِئْرًا فِي مِلْكِهِ فَوَقَعَ فِيهَا إنْسَانٌ لَمْ يَضْمَنْهُ وَلَوْ فِي غَيْرِ مِلْكِهِ ضَمِنَهُ ذَكَرَهُ فِي الْأَشْبَاهِ. إذَا انْقَلَبَ النَّائِمُ عَلَى مَتَاعٍ وَكَسَرَهُ يَجِبُ الضَّمَانُ هَذِهِ فِي بَيَانِ أَنَّ النَّائِمَ كَالْمُسْتَيْقِظِ مِنْهُ. وَضَعَ شَيْئًا عَلَى طَرِيقِ الْعَامَّةِ فَعَثَرَ بِهِ إنْسَانٌ فَسَقَطَ، وَهَلَكَ ذَلِكَ الشَّيْءُ مِنْ غَيْرِ قَصْدٍ مِنْهُ يَضْمَنُ، وَهُوَ الصَّحِيحُ. وَضَعَ زِقًّا فِي الطَّرِيقِ فَعَثَرَ بِهِ إنْسَانٌ فَشَقَّهُ يَضْمَنُ إنْ كَانَ وَضَعَهُ بِعُذْرٍ وَإِلَّا فَلَا. وَفِي الْمُحِيطِ: إنْ كَانَ أَبْصَرَهُ، وَعَثَرَ عَلَيْهِ يَضْمَنُ، وَإِلَّا فَلَا مِنْ جِنَايَاتِ الْقُنْيَةِ. رَمَى سَهْمًا إلَى هَدَفٍ فِي مِلْكِهِ فَتَجَاوَزَهُ، وَأَتْلَفَ شَيْئًا لِغَيْرِهِ ضَمِنَ. رَجُلٌ تَقَدَّمَ إلَى خَزَّافٍ يَبِيعُ الْخَزَفَ فَأَخَذَ غَضَارَةً بِإِذْنِهِ لِيَنْظُرَ فِيهَا فَوَقَعَتْ مِنْ يَدِهِ عَلَى غَضَارَاتٍ أُخَرَ فَانْكَسَرَتْ لَا يَضْمَنُ قِيمَةَ الَّتِي أَخَذَهَا لِأَنَّهُ أَخَذَهَا بِإِذْنِهِ، وَيَضْمَنُ قِيمَةَ مَا سِوَاهَا لِأَنَّهُ تَلِفَ بِفِعْلِهِ بِغَيْرِ إذْنِهِ. لَوْ شَقَّ زِقَّ غَيْرِهِ، وَفِيهِ سَمْنٌ جَامِدٌ فَأَصَابَتْهُ الشَّمْسُ فَذَابَ اخْتَلَفُوا فِيهِ، وَذَكَرَ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ السَّرَخْسِيُّ أَنَّهُ لَا يَضْمَنُ. رَجُلٌ دَفَعَ الدِّرْهَمَ إلَى نَاقِدٍ لِيَنْقُدَهُ فَغَمَزَ الدِّرْهَمَ فَكَسَرَهُ قَالُوا: يَكُونُ ضَامِنًا إلَّا إذَا قَالَ لَهُ الْمَالِكُ: اغْمِزْ وَهَذَا إذَا كَانَ الْمَكْسُورُ لَا يَرُوجُ رَوَاجَ الصِّحَاحِ، وَيَبْيَضُّ بِالْكَسْرِ. رَجُلٌ أَتْلَفَ مِنْ رَجُلٍ أَحَدَ مِصْرَاعَيْ بَابٍ أَوْ أَخَذَ زَوْجَيْ خُفٍّ أَوْ مُكْعِب كَانَ لِلْمَالِكِ أَنْ يُسَلِّمَ إلَيْهِ الْآخَرَ، وَيُضَمِّنُهُ قِيمَتَهُمَا. تَعَلَّقَ بِرَجُلٍ، وَخَاصَمَهُ فَسَقَطَ مِنْ الْمُتَعَلَّقِ بِهِ شَيْءٌ فَضَاعَ قَالُوا: يَضْمَنُ الْمُتَعَلِّقُ، وَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ الْجَوَابُ عَلَى التَّفْصِيلِ إنْ سَقَطَ بِقُرْبٍ مِنْ صَاحِبِهِ، وَهُوَ يَرَاهُ، وَأَمْكَنَهُ أَخْذُهُ لَا يَكُونُ ضَامِنًا وَإِلَّا كَانَ ضَامِنًا. رَجُلٌ حَرَقَ صَكَّ رَجُلٍ أَوْ دَفْتَرَ حِسَابِهِ تَكَلَّمُوا فِيمَا يَجِبُ عَلَيْهِ، وَإِنْ أَصَحَّ مَا فِيهِ يَضْمَنُ قِيمَةَ الصَّكِّ مَكْتُوبًا مِنْ قَاضِي خَانْ، وَقِيلَ: يَضْمَنُ قِيمَتَهُ بِمَا يَتَقَوَّمُ بِهِ عِنْدَ مَالِكِ الصَّكِّ؛ لِأَنَّ الْمُعْتَبَرَ الْقِيمَةُ عِنْدَ التَّلَفِ كَإِتْلَافِ خَمْرِ الذِّمِّيِّ ذَكَرَهُ فِي مُشْتَمِلِ الْهِدَايَةِ قَالَ فِي الْوَجِيزِ: وَعَامَّةُ مَشَايِخِنَا عَلَى إنَّهُ يَضْمَنُ قِيمَةَ الصَّكِّ وَالدَّفْتَرِ مَكْتُوبًا لَا مَا يُنْتَفَعُ بِهِ انْتَهَى. لَوْ صَبَّ زَيْتًا أَوْ دُهْنًا لِإِنْسَانٍ، وَقَالَ: كَانَ نَجِسًا قَدْ مَاتَتْ فِيهِ فَأْرَةٌ صُدِّقَ مَعَ يَمِينِهِ وَلَوْ اسْتَهْلَكَ لَحْمَ إنْسَانٍ، وَقَالَ: هُوَ مَيْتَةٌ لَا يُصَدَّقُ، وَيَضْمَنُ هَذِهِ فِي الْإِقْرَارِ مِنْ الْوَجِيزِ. وَلَوْ أَتْلَفَ الْمَوْلَى لِمُكَاتَبِهِ مَالًا غَرِمَ لِأَنَّهُ صَارَ كَالْأَجْنَبِيِّ كَمَا فِي الْهِدَايَةِ، وَغَيْرِهَا لَوْ أَتْلَفَ مَالَ إنْسَانٍ غَيْرِهِ ثُمَّ قَالَ الْمَالِكُ: رَضِيتُ بِمَا صَنَعْت أَوْ أَجَزْتُ مَا صَنَعْت لَا يَبْرَأُ مِنْهُ كَمَا فِي الْبَزَّازِيَّةِ ذَكَرَهُ فِي مُشْتَمِلِ الْهِدَايَةِ. الْمُتْلَفُ بِلَا غَصْبٍ تُعْتَبَرُ قِيمَتُهُ يَوْمَ التَّلَفِ، وَلَا خِلَافَ فِيهِ كَذَا فِي الْأَشْبَاهِ مِنْ الْقَوْلِ فِي ثَمَنِ الْمِثْلِ. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 146 رَجُلٌ صَبَّ مَاءً عَلَى حِنْطَةٍ فَنَقَصَتْ ثُمَّ جَاءَ آخَرُ فَصَبَّ عَلَيْهَا أَيْضًا حَتَّى زَادَتْ فِي النُّقْصَانِ رُوِيَ عَنْ مُحَمَّدٍ أَنَّ الثَّانِيَ يَضْمَنُ قِيمَتَهَا يَوْمَ صَبَّ عَلَيْهَا الْمَاءَ، وَبَرِئَ الْأَوَّلُ. رَجُلٌ أَحْمَى تَنُّورَهُ بِقَصَبٍ أَوْ حَشِيشٍ، وَأَنْفَقَ عَلَيْهِ فَجَاءَ آخَرُ فَصَبَّ فِيهِ الْمَاءَ قَالُوا: يُنْظَرُ إلَى قِيمَةِ التَّنُّورِ مَسْجُورًا، وَغَيْرَ مَسْجُورٍ فَيَغْرَمُ فَضْلَ مَا بَيْنَهُمَا، وَقِيلَ: يُنْظَرُ إلَى أُجْرَتِهِ مَسْجُورًا، وَغَيْرَ مَسْجُورٍ فَيَضْمَنُ الْفَضْلَ، وَكَذَا الرَّجُلُ إذَا فَتَقَ قَمِيصَ إنْسَانٍ يُنْظَرُ إلَى قِيمَتِهِ مَخِيطًا، وَغَيْرَ مَخِيطٍ فَيَضْمَنُ الْفَضْلَ، وَكَذَا إذَا نَزَعَ بَابَ دَارِ إنْسَانٍ عَنْ مَوْضِعِهِ أَوْ بَالَ فِي بِئْرِ مَاءِ الْوُضُوءِ أَوْ حَلَّ سَرْجَ إنْسَانٍ، وَكَذَا كُلُّ مَا كَانَ مُؤَلَّفًا مُرَكَّبًا إذَا نَقَضَ تَرْكِيبَهُ، وَلَوْ أَفْسَدَ عَلَى آخَرَ تَأْلِيفَ حَصِيرِهِ قَالَ الْفَقِيهُ أَبُو اللَّيْثِ: إنْ أَمْكَنَ إعَادَتُهُ أَمَرَ بِإِعَادَتِهِ كَمَا كَانَ، وَإِنْ لَمْ يُمْكِنْ سَلَّمَ إلَيْهِ الْمَنْقُوضَ، وَيَأْخُذُ مِنْهُ قِيمَةَ الْحَصِيرِ صَحِيحًا، وَكَذَلِكَ كُلُّ مَا يُمْكِنُ إعَادَتُهُ كَمَا كَانَ. وَلَوْ حَلَّ سِلْسِلَةَ ذَهَبٍ كَانَ عَلَيْهِ قِيمَتُهَا مِنْ الْفِضَّةِ. وَكَذَا الرَّجُلُ إذَا شَدَّ أَسْنَانَ عَبْدِهِ بِذَهَبٍ فَرَمَى بِهَا رَجُلٌ. وَلَوْ حَلَّ سُدَى حَائِكٍ، وَنَشَرَهُ يُنْظَرُ إلَى قِيمَتِهِ سُدًى، وَإِلَى قِيمَتِهِ غَيْرَ سُدًى فَيَضْمَنُ الْفَضْلَ، وَكَذَا لَوْ أَخَذَ نَعْلَ رَجُلٍ مِنْ نِعَالِ الْعَرَبِ فَحَلَّ شِرَاكَهُ يُقَوَّمُ النَّعْلُ مُشَرَّكَةً وَغَيْرَ مُشَرَّكَةٍ فَيَضْمَنُ الْفَضْلَ مِنْ قَاضِي خَانْ. وَفِي الْخُلَاصَةِ أَفْسَدَ تَأْلِيفَ حَصِيرِ رَجُلٍ إنْ كَانَ يُمْكِنُ إعَادَتُهَا كَمَا كَانَتْ أُمِرَ بِالْإِعَادَةِ كَمَنْ أَخَذَ سُلَّمَ إنْسَانٍ، وَفَرَّقَ أَسْنَانَهُ، وَلَوْ حَلَّ شِرَاكَ نَعْلِ رَجُلٍ إنْ كَانَ النَّعْلُ مِثْلَ الَّذِي يَسْتَعْمِلُهُ الْعَوَامُّ لَا شَيْءَ عَلَيْهِ اهـ. هَدَمَ جِدَارَ غَيْرِهِ تُقَوَّمُ دَارُهُ مَعَ جُدْرَانِهَا وَتُقَوَّمُ بِدُونِ هَذَا الْجِدَارِ فَيَضْمَنُ فَضْلَ مَا بَيْنَهُمَا. إنْ هَدَمَ حَائِطَ الْمَسْجِدِ يُؤْمَرُ بِتَسْوِيَتِهِ وَإِصْلَاحِهِ وَفِي حَائِطِ الدَّارِ يَضْمَنُ النُّقْصَانَ، وَعَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْفَضْلِ إنْ هَدَمَ حَائِطًا مُتَّخَذًا مِنْ خَشَبٍ أَوْ عَتِيقًا مِنْ رَهْصٍ يَضْمَنُ قِيمَتَهُ، وَإِنْ كَانَ حَدِيثًا يُؤْمَرُ بِإِعَادَتِهِ كَمَا كَانَ. وَفِي دُرَرِ الْبِحَارِ: الْغَضَّةُ يُؤَاخَذُ فِي هَدْمِ الْحَائِطِ بِالْبِنَاءِ لَا بِالنُّقْصَانِ. وَفِي الْمُحِيطِ يُؤَاخَذُ بِالْقِيمَةِ، وَقِيلَ: بِالْبِنَاءِ. قَطَعَ أَغْصَانَ شَجَرَةِ غَيْرِهِ إنْ كَانَ النُّقْصَانُ فَاحِشًا يَضْمَنُ قِيمَةَ الشَّجَرَةِ، وَإِلَّا فَالنُّقْصَانَ. حَفَرَ حَفِيرَةً فِي أَرْضِ غَيْرِهِ فَأَضَرَّ بِالْأَرْضِ فَعِنْدَ عُلَمَائِنَا يَلْزَمُهُ النُّقْصَانُ، وَقِيلَ: يُؤْمَرُ بِالْكَبْسِ، وَعَنْ مُحَمَّدٍ حَفَرَ بِئْرًا فِي سِكَّةٍ غَيْرِ نَافِذَةٍ يُؤْخَذُ بِالطَّمِّ دُونَ نُقْصَانِ الْأَرْضِ وَفِي الدَّارِ وَالْأَرْضِ يُؤْخَذُ بِالطَّمِّ، وَإِنْ نَقَصَتْ فَالنُّقْصَانُ قَالَ - رَحِمَهُ اللَّهُ -: لِأَنَّ نُقْصَانَ السِّكَّةِ وَالطَّرِيقِ يُجْبَرُ بِالطَّمِّ، وَنُقْصَانَ الْأَرْضِ وَالدَّارِ لَا يُجْبَرُ بِهِ لِأَنَّهُ قَدْ يَنْقَلِبُ بِالطَّمِّ سَبْخَةً وَيَخْرُجُ عَنْ صَلَاحِيَّةِ الْبِنَاءِ وَالزَّرْعِ مُدَّةً مَدِيدَةً وَفِي الْحَفْرِ فِي فِنَاءِ الدَّارِ كَلَامٌ أَنَّهُ كَالْأَرْضِ أَمْ كَالطَّرِيقِ. وَلَوْ أَلْقَى نَجَاسَةً فِي بِئْرٍ خَاصَّةٍ يَضْمَنُ النُّقْصَانَ دُونَ النَّزْحِ، وَفِي الْبِئْرِ الْعَامَّةِ يُؤْمَرُ بِنَزْحِهَا؛ لِأَنَّ لِلْهَادِمِ نَصِيبًا فِي الْعَامَّةِ وَيَتَعَذَّرُ تَمْيِيزُ نَصِيبِ غَيْرِهِ عَنْ نَصِيبِهِ فَلَا يُحْكَمُ بِالضَّمَانِ بِخِلَافِ الْخَاصَّةِ مِنْ الْقُنْيَةِ مِنْ الْغَصْبِ. قَصَّارٌ أَوْقَفَ دَابَّةً فِي الطَّرِيقِ، وَعَلَيْهَا ثِيَابٌ فَصَدَمَهَا رَاكِبٌ، وَمَزَّقَ بَعْضَ الثِّيَابِ الَّتِي كَانَتْ عَلَى الدَّابَّةِ قَالَ الشَّيْخُ أَبُو بَكْرٍ الْبَلْخِيّ: إنْ رَأَى الرَّاكِبُ الدَّابَّةَ الْوَاقِفَةَ ضَمِنَ، وَإِنْ لَمْ يُبْصِرْ لَا يَضْمَنُ وَلَوْ مَرَّ رَجُلٌ عَلَى ثَوْبٍ مَوْضُوعٍ فِي الطَّرِيقِ، وَهُوَ لَا يُبْصِرُهُ فَتَخَرَّقَ لَا يَضْمَنُ. رَجُلٌ كَسَرَ دِرْهَمَ رَجُلٍ فَوَجَدَ دَاخِلَهُ فَاسِدًا أَوْ كَسَرَ جَوْزًا فَوَجَدَ دَاخِلَهُ فَاسِدًا قَالُوا: لَا يَضْمَنُ. رَجُلَانِ مَعَ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 147 أَحَدِهِمَا سَوِيقٌ، وَمَعَ الْآخَرِ زَيْتٌ أَوْ سَمْنٌ فَاصْطَدَمَا فَانْصَبَّ زَيْتُ هَذَا أَوْ سَمْنُهُ فِي سَوِيقِ ذَلِكَ قَالَ: صَاحِبُ السَّوِيقِ يَضْمَنُ لِصَاحِبِ الزَّيْتِ أَوْ السَّمْنِ مِثْلَ زَيْتِهِ أَوْ سَمْنِهِ لِأَنَّ صَاحِبَ السَّوِيقِ اسْتَهْلَكَ سَمْنَ هَذَا أَوْ زَيْتَهُ وَلَمْ يَسْتَهْلِكْ صَاحِبُ الزَّيْتِ سَوِيقَهُ؛ لِأَنَّ هَذَا زِيَادَةٌ فِي السَّوِيقِ مِنْ قَاضِي خَانْ. رَجُلٌ دَفَعَ غُلَامَهُ إلَى آخَرَ مُقَيَّدًا بِالسِّلْسِلَةِ، وَقَالَ: اذْهَبْ بِهِ إلَى بَيْتِك مَعَ السِّلْسِلَةِ فَذَهَبَ بِهِ بِدُونِ السِّلْسِلَةِ فَأَبَقَ الْعَبْدُ لَا يَضْمَنُ هَذِهِ فِي الْغَصْبِ مِنْ الْخُلَاصَةِ وَفِيهَا زِقٌّ انْفَتَحَ فَمَرَّ رَجُلٌ فَأَخَذَهُ ثُمَّ تَرَكَهُ إنْ كَانَ الْمَالِكُ حَاضِرًا لَا يَضْمَنُ، وَإِنْ كَانَ غَائِبًا يَضْمَنُ، وَكَذَا لَوْ تَعَلَّقَ رَجُلٌ بِآخَرَ فَسَقَطَ مِنْهُ شَيْءٌ بِتَعَلُّقِهِ إنْ وَقَعَ بِحَضْرَةِ الْمَالِكِ لَا يَضْمَنُ اهـ. وَثَبَ مِنْ حَائِطٍ فِي الطَّرِيقِ فَنَفَرَتْ الدَّابَّةُ وَأَلْقَتْ جَرَّةَ دِبْسٍ عَلَيْهَا، وَهَلَكَ لَا يَضْمَنُ، وَكَذَا لَوْ صَاحَ عَلَى دَابَّةٍ فَنَفَرَتْ، وَأَلْقَتْ حَمْلَهَا، وَهَلَكَ قَالَ بَهَاءُ الدِّينِ الْإِسْبِيجَابِيُّ: يَضْمَنُ الْوَاثِبُ وَالصَّائِحُ قِيمَةَ الْهَالِكِ. جَاءَ رَاعِي أَحْمِرَةٍ بِهَا لِيَعْبُرَهَا، وَجَاءَ مِنْ جَانِبٍ آخَرَ صَبِيٌّ غَيْرُ بَالِغٍ مَعَ الْعَجَلَةِ فَقَالَ لَهُ الرَّاعِي: أَمْسِكْ الثَّوْرَ مَعَ الْعَجَلَةِ حَتَّى تَمُرَّ الْأَحْمِرَةُ فَلَمْ يُمْكِنْهُ إمْسَاكُهُ فَمَضَى، وَوَقَعَ الْحِمَارُ فِي النَّهْرِ لَمْ يَضْمَنْ، وَكَذَا الرَّاعِي إذَا لَمْ يُمْكِنْهُ إمْسَاكُ الْحِمَارِ، وَإِلَّا يَضْمَنُ. أَصَابَتْ الْعَجَلَةُ صَبِيًّا فَكَسَرَتْ رِجْلَهُ وَصَاحِبُهَا رَاكِبٌ عَلَيْهَا، وَقَالَ: كُنْت نَائِمًا فَعَلَيْهِ أَرْشُ الْكَسْرِ مِنْ الْقُنْيَةِ مِنْ الْجِنَايَاتِ. لَوْ حَلَّ قَيْدَ عَبْدِ غَيْرِهِ أَوْ رِبَاطَ دَابَّتِهِ أَوْ فَتَحَ بَابَ إصْطَبْلِهَا أَوْ قَفَصَ طَائِرِهِ فَذَهَبَ لَا يَضْمَنُ ذَكَرَهُ فِي الْوُقَايَةِ. وَلَوْ أَمَرَ عَبْدَ غَيْرِهِ بِالْإِبَاقِ أَوْ قَالَ: اُقْتُلْ نَفْسَك فَفَعَلَ يَضْمَنُ الْآمِرُ قِيمَتَهُ مِنْ الدُّرَرِ وَالْغُرَرِ. وَفِي الصُّغْرَى لَوْ حَلَّ قَيْدَ عَبْدٍ آبِقٍ لِغَيْرِهِ فَذَهَبَ الْعَبْدُ لَمْ يَضْمَنْ إلَّا أَنْ يَكُونَ الْعَبْدُ مَجْنُونًا فَحِينَئِذٍ يَضْمَنُ. وَلَوْ كَانَ الْعَبْدُ الْمَجْنُونُ مُقَيَّدًا فِي بَيْتٍ مُغْلَقٍ فَحَلَّ رَجُلٌ قَيْدَهُ، وَفَتَحَ آخَرُ الْبَابَ فَذَهَبَ فَالضَّمَانُ عَلَى الْفَاتِحِ. وَلَوْ فَتَحَ بَابَ قَفَصٍ فَطَارَ الطَّيْرُ مِنْهُ لَمْ يَضْمَنْ. وَقَالَ مُحَمَّدٌ: يَضْمَنُ وَعَلَى هَذَا الْخِلَافِ إذَا حَلَّ رِبَاطَ الدَّابَّةِ أَوْ فَتَحَ الْبَابَ. وَلَوْ فَتَحَ رِبَاطَ الزِّقِّ فَإِنْ كَانَ مَا فِيهِ ذَائِبًا ضَمِنَ، وَلَوْ كَانَ جَامِدًا فَذَابَ بِالشَّمْسِ لَمْ يَضْمَنْ انْتَهَى. وَفِي الْفُصُولَيْنِ عَنْ فَوَائِدِ صَاحِبِ الْمُحِيطِ إنَّمَا لَا يَضْمَنُ فِي الْجَامِدِ إذَا لَمْ يَنْقُلْهُ أَمَّا لَوْ نَقَلَهُ إلَى مَوْضِعٍ آخَرَ يَضْمَنُ. وَفِي أُصُولِ الْفِقْهِ كُلُّ مَا كَانَ الْغَالِبُ فِيهِ اللُّبْثُ لَمْ يُضْمَنْ كَفَتْحِ بَابِ قَفَصٍ، وَحَلِّ قَيْدِ عَبْدٍ، وَمَا كَانَ الْغَالِبُ فِيهِ أَنْ لَا يَلْبَثَ ضُمِنَ كَشَقِّ زِقٍّ، وَقَطْعِ حَبْلِ قِنْدِيلٍ، وَكَانَ أَبُو الْقَاسِمِ الصَّفَّارُ يَقُولُ: يَضْمَنُ فِي الْكُلِّ انْتَهَى. وَفِي الْخُلَاصَةِ مِنْ الْغَصْبِ وَأَجْمَعُوا أَنَّهُ لَوْ شَقَّ الزِّقَّ فَسَالَ الدُّهْنُ وَالدُّهْنُ سَائِلٌ أَوْ قَطَعَ الْحَبْلَ حَتَّى تَلِفَ الْقِنْدِيلُ ضَمِنَ انْتَهَى. مَنْ رَأَى الْغَيْرَ يَشُقُّ زِقَّهُ فَسَكَتَ حَتَّى سَالَ مَا فِيهِ يَضْمَنُ الشَّاقُّ هَذِهِ فِي النِّكَاحِ مِنْ الْخُلَاصَةِ. وَفِي قَاضِي خَانْ لَوْ كَانَ الْمَمْلُوكُ ذَاهِبَ الْعَقْلِ لَا يُؤْمَنُ أَنْ يُلْقِيَ نَفْسَهُ فِي الْبِئْرِ، وَنَحْوُ ذَلِكَ فَهُوَ ضَامِنٌ لَهُ لِأَنَّهُ لَا يَعْقِلُ انْتَهَى. لَوْ كَانَتْ الدَّابَّةُ مَرْبُوطَةً، وَالْبَابُ مُغْلَقٌ فَحَلَّ حَبْلَهَا، وَفَتَحَ الْبَابَ آخَرُ ضَمِنَ الْفَاتِحُ وَكَذَا الْقَائِمُ. وَلَوْ حَلَّ قِطَارَ إبِلٍ لَمْ يَضْمَنْ إذْ لَمْ يَغْصِبْ إبِلًا. وَفِي الْخُلَاصَةِ مِنْ الْغَصْبِ رَجُلٌ جَاءَ إلَى حِمَارٍ مَشْدُودٍ فِي سِكَّةٍ فَحَلَّهُ فَغَابَ الْحِمَارُ لَا يَضْمَنُ، وَعَنْ مُحَمَّدٍ أَنَّهُ يَضْمَنُ. جَاءَ إلَى قِطَارِ إبِلٍ فَحَلَّ بَعْضَهَا لَيْسَ عَلَيْهِ شَيْءٌ انْتَهَى. لَوْ نَفَّرَ طَيْرَ إنْسَانٍ عَمْدًا ضَمِنَ لَا لَوْ لَمْ يَقْصِدْ، وَإِنْ دَنَا مِنْهُ. حَلَّ سَفِينَةً الجزء: 1 ¦ الصفحة: 148 مَرْبُوطَةً فِي يَوْمِ رِيحٍ إنْ ثَبَتَتْ بَعْدَ الْحَلِّ أَقَلَّ الْقَلِيلِ ثُمَّ سَارَتْ، وَغَرِقَتْ لَا يَضْمَنُ ذَكَرَهُ فِي الْغَصْبِ مِنْ الْفُصُولَيْنِ وَالْخُلَاصَةِ قُلْتُ: وَتَحْقِيقُ هَذَا النَّوْعِ مِنْ الْمَسَائِلِ السَّبَبِيَّةِ مَحَلُّهُ الْأُصُولُ. عَثَرَ فِي زِقِّ إنْسَانٍ، وَضَعَهُ فِي الطَّرِيقِ ضَمِنَهُ إلَّا إذَا وَضَعَهُ لِغَيْرِ ضَرُورَةٍ ذَكَرَهُ فِي الْأَشْبَاهِ. وَلَوْ حَمَلَ حِمْلًا فِي الطَّرِيقِ فَوَقَعَ عَلَى شَيْءٍ فَأَتْلَفَهُ ضَمِنَ لِأَنَّهُ أَثَرُ فِعْلِهِ أَصْلُهُ مَنْ وَضَعَ فِي طَرِيقٍ لَا يَمْلِكُهُ شَيْئًا فَتَلِفَ بِهِ شَيْءٌ ضَمِنَ. أَلْقَى قِشْرًا فِي الطَّرِيقِ فَزَلَقَتْ بِهِ دَابَّةٌ ضَمِنَ إذْ لَمْ يُؤْذَنْ فِيهِ فَيَضْمَنُ مَا تَوَلَّدَ مِنْهُ. وَضَعَ شَيْئًا فِي الطَّرِيقِ فَتَلِفَ بِهِ شَيْءٌ بَرِئَ لَوْ قَعَدَ بِإِذْنِ السُّلْطَانِ، وَإِلَّا ضَمِنَ. الْمَارُّ فِي الطَّرِيقِ لَوْ أَصَابَ شَيْئًا ضَمِنَ لِلْإِذْنِ بِوَصْفِ السَّلَامَةِ. وَضَعَ خَابِيَةً عَلَى بَابِ دُكَّانِهِ فَجَاءَ رَجُلٌ بِوَقْرِ شَوْكٍ عَلَى حِمَارٍ فَصَدَمَهَا بَغْتَةً، وَهُوَ يَقُولُ: إلَيْك إلَيْك قِيلَ: ضَمِنَ وَقِيلَ: ضَمِنَ لَوْ عَلِمَ ذَلِكَ، وَإِلَّا فَلَا. الْبَيَّاعُ لَوْ وَضَعَ خَابِيَةً مِنْ السقراط عَلَى الشَّارِعِ، وَرَجَعَ الفاواذق بِالْعَجَلَةِ إلَى السِّكَّةِ فَانْكَسَرَتْ تِلْكَ الْخَابِيَةُ، وَكَانَتْ فِي غَيْرِ جَانِبِهِ فَلَمْ يَرَهَا ضَمِنَ مِنْ الْفُصُولَيْنِ. ازْدَحَمُوا يَوْمَ الْجُمُعَةِ فَدَفَعَ بَعْضُهُمْ بَعْضًا فَوَقَعَ عَلَى زُجَاجِ الْخَزَّافِ وَقُدُورِهِ فَانْكَسَرَتْ يَضْمَنُ الدَّافِعُ إنْ انْكَسَرَتْ بِقُوَّةِ دَفْعِهِ. قَطَعَ شَجَرَةً فَوَقَعَتْ عَلَى شَجَرَةِ جَارِهِ فَانْكَسَرَتْ يَضْمَنُ كَذَا فِي الْغَصْبِ مِنْ الْقُنْيَةِ. رَجُلَانِ وَضَعَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا جَرَّةً فِي الطَّرِيقِ فَتَدَحْرَجَتْ إحْدَاهُمَا عَلَى الْأُخْرَى فَانْكَسَرَتَا جَمِيعًا يَغْرَمُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا جَرَّةَ صَاحِبِهِ وَعَنْ مُحَمَّدٍ رَجُلٌ وَضَعَ فِي الطَّرِيقِ جَرَّةً فِيهَا رُبٌّ أَوْ لَيْسَ فِيهَا شَيْءٌ وَرَجُلٌ آخَرُ وَضَعَ جَرَّةً أُخْرَى فِي الطَّرِيقِ فَتَدَحْرَجَتْ إحْدَاهُمَا فَأَصَابَتْ الْأُخْرَى فَانْكَسَرَتَا جَمِيعًا قَالَ: يَضْمَنُ صَاحِبُ الْجَرَّةِ الْقَائِمَةِ الَّتِي لَمْ تَتَدَحْرَجْ قِيمَةَ الْجَرَّةِ الَّتِي تَدَحْرَجَتْ، وَمِثْلُ مَا كَانَ فِيهَا مِنْ الرُّبِّ؛ لِأَنَّهَا بِمَنْزِلَةِ حَجَرٍ وُضِعَ فِي الطَّرِيقِ فَمَا عَطِبَ بِهِ يَضْمَنُ فَأَمَّا الَّتِي تَدَحْرَجَتْ فَإِنَّهَا حِينَ تَدَحْرَجَتْ عَنْ مَوْضِعِهَا فَتَدَحْرَجَ صَاحِبُهَا عَنْ الضَّمَانِ. وَلَوْ أَنَّ رَجُلًا اغْتَرَفَ مِنْ الْحَوْضِ الْكَبِيرِ بِجَرَّةٍ فَوَضَعَهَا عَلَى الشَّطِّ ثُمَّ جَاءَ آخَرُ، وَفَعَلَ مِثْلَ ذَلِكَ فَتَدَحْرَجَتْ الْأَخِيرَةُ، وَصَدَمَتْ الْأُولَى فَانْكَسَرَتَا قَالَ بَعْضُهُمْ: يَضْمَنُ صَاحِبُ الْأَخِيرَةِ قِيمَةَ الْجَرَّةِ الْأُولَى لِصَاحِبِهَا، وَقَالَ بَعْضُهُمْ: يَضْمَنُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا قِيمَةَ جَرَّةِ صَاحِبِهِ، وَالْأَصْلُ فِي هَذِهِ الْمَسَائِلِ أَنَّ فِي كُلِّ مَوْضِعٍ كَانَ لِلْوَاضِعِ حَقُّ الْوَضْعِ فِي ذَلِكَ الْمَكَانِ لَا يَضْمَنُ عَلَى كُلِّ حَالٍ إذَا تَلِفَ بِذَلِكَ الْوَضْعِ شَيْءٌ سَوَاءٌ تَلِفَ وَهُوَ فِي مَكَانِهِ أَوْ بَعْدَ مَا زَالَ عَنْ مَكَانِهِ كَمَا لَوْ وَضَعَ جَرَّةً عَلَى حَائِطٍ فَسَقَطَتْ عَلَى شَيْءٍ فَأَتْلَفَتْهُ لَا يَضْمَنُ الْوَاضِعُ إذَا كَانَ لَهُ حَقُّ الْوَضْعِ، وَفِي كُلِّ مَكَان لَمْ يَكُنْ لِلْوَاضِعِ حَقُّ الْوَضْعِ إذَا عَطِبَ فِي الْمَوْضُوعِ شَيْءٌ إنْ عَطِبَ، وَالْمَوْضُوعُ فِي مَكَانِهِ لَمْ يَزَلْ يَضْمَنُ الْوَاضِعُ فَإِنْ عَطِبَ بَعْدَمَا زَالَ الْمَوْضُوعُ عَنْ مَكَانِهِ إنْ زَالَ بِمُزِيلٍ نَحْوُ أَنْ يَضَعَ جَمْرَةً عَلَى الطَّرِيقِ فَهَبَّتْ بِهَا الرِّيحُ، وَأَزَالَتْهَا عَنْ مَكَانِهَا فَأَحْرَقَتْ شَيْئًا لَا يَضْمَنُ الْوَاضِعُ، وَكَذَا لَوْ، وَضَعَ حَجَرًا فِي الطَّرِيقِ فَجَاءَ السَّيْلُ، وَدَحْرَجَهُ فَكَسَرَ شَيْئًا لَا يَضْمَنُ الْوَاضِعُ؛ لِأَنَّ جِنَايَتَهُ زَالَتْ بِالْمَاءِ وَالرِّيحِ وَإِنْ كَانَ الزَّوَالُ عَنْ الْمَوْضِعِ الَّذِي كَانَ فِيهِ لَا بِمُزِيلٍ كَأَنْ وَضَعَ جَرَّةً فِي الطَّرِيقِ ثُمَّ جَاءَ آخَرُ وَوَضَعَ جَرَّةً أُخْرَى فِي الطَّرِيقِ فَتَدَحْرَجَتْ إحْدَاهُمَا عَلَى الْأُخْرَى فَانْكَسَرَتَا قَالَ أَبُو يُوسُفَ: يَضْمَنُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا جَرَّةَ صَاحِبِهِ، وَعَنْهُ فِي رِوَايَةٍ يَضْمَنُ صَاحِبُ الْجَرَّةِ الْقَائِمَةِ فِي مَوْضِعِهَا قِيمَةَ الْجَرَّةِ الَّتِي زَالَتْ عَنْ مَوْضِعِهَا؛ لِأَنَّ جِنَايَةَ صَاحِبِ الْأُولَى قَدْ زَالَتْ، وَإِنْ دَحْرَجَتْهَا الجزء: 1 ¦ الصفحة: 149 الرِّيحُ، وَنَحَّتْهَا عَنْ مَوْضِعِهَا فَعَطِبَ بِهَا شَيْءٌ لَا يَضْمَنُ لِمَا قُلْنَا بِخِلَافِ مَا لَوْ تَدَحْرَجَتْ بِنَفْسِهَا. وَضَعَ فِي الطَّرِيقِ جَرَّةً مَمْلُوءَةً مِنْ الزَّيْتِ أَوْ غَيْرِهِ ثُمَّ جَاءَ آخَرُ، وَوَضَعَ بِجَنْبِ هَذِهِ الْجَرَّةِ جَرَّةً أُخْرَى فَسَالَ مِنْ الْأُولَى شَيْءٌ، وَابْتَلَّ الْمَكَانُ فَوَقَعَتْ عَلَى الْأُخْرَى فَكُسِرَتْ قَالَ مُحَمَّدٌ: أَوَّلًا لَا أَدْرِي هَذَا ثُمَّ قَالَ: لَا يَضْمَنُ صَاحِبُ الْأُولَى. أَرْبَابُ السُّفُنِ إذَا أَوْقَفُوهَا عَلَى الشَّطِّ فَجَاءَتْ سَفِينَةٌ فَأَصَابَتْ السَّفِينَةَ الْوَاقِفَةَ فَانْكَسَرَتْ السَّفِينَةُ الْوَاقِفَةُ كَانَ ضَمَانُ الْوَاقِفَةِ عَلَى صَاحِبِ السَّفِينَةِ الْجَائِيَةِ فَإِنْ انْكَسَرَتْ الْجَائِيَةُ لَا يَضْمَنُ صَاحِبُ الْوَاقِفَةِ لِأَنَّ الْإِمَامَ أَذِنَ لِأَرْبَابِ السُّفُنِ بِإِيقَافِ السُّفُنِ عَلَى الشَّطِّ فَلَا يَكُونُ تَعَدِّيًا. رَجُلٌ مَرَّ فِي سُوقِ الْمُسْلِمِينَ فَتَعَلَّقَ ثَوْبُهُ بِقُفْلِ حَانُوتِ رَجُلٍ فَتَخَرَّقَ قَالَ الشَّيْخُ أَبُو الْقَاسِمِ: إنْ كَانَ الْقُفْلُ فِي مِلْكِهِ لَا يَضْمَنُ، وَإِنْ كَانَ فِي غَيْرِ مِلْكِهِ ضَمِنَ ثُمَّ قَالَ: وَهُنَا شَيْءٌ آخَرُ إنَّهُ إذَا تَعَلَّقَ ثَوْبُهُ بِذَلِكَ فَجَرَّ ثَوْبَهُ فَتَخَرَّقَ بِجَرِّهِ لَا يَضْمَنُ صَاحِبُ الْقُفْلِ، وَإِنْ كَانَ ثَوْبُهُ تَعَلَّقَ بِالْقُفْلِ لِأَنَّهُ إذَا جَرَّ الثَّوْبَ فَهُوَ الَّذِي أَتْلَفَهُ. رَجُلٌ دَقَّ فِي دَارِهِ شَيْئًا فَسَقَطَ مِنْ ذَلِكَ فِي دَارِ جَارِهِ شَيْءٌ، وَتَلِفَ كَانَ ضَمَانُ ذَلِكَ عَلَى الَّذِي دَقَّ فِي دَارِهِ. رَجُلٌ دَخَلَ بَيْتَ رَجُلٍ فَأَذِنَ لَهُ صَاحِبُ الدَّارِ فِي الْجُلُوسِ عَلَى وِسَادَتِهِ فَجَلَسَ عَلَيْهَا فَإِذَا تَحْتَهَا قَارُورَةٌ فِيهَا دُهْنٌ لَا يَعْلَمُ بِهِ فَانْدَفَعَتْ الْقَارُورَةُ فَذَهَبَ الدُّهْنُ فَضَمَانُ الدُّهْنِ، وَضَمَانُ مَا تَخَرَّقَ مِنْ الْوِسَادَةِ وَالْقَارُورَةِ عَلَى الْجَالِسِ، وَلَوْ كَانَتْ الْقَارُورَةُ تَحْتَ مَلَاءَةٍ قَدْ غَطَّتْهَا فَأَذِنَ لَهُ بِالْجُلُوسِ عَلَى الْمَلَاءَةِ لَا يَضْمَنُ الْجَالِسُ قَالَ الْفَقِيهُ: فِي الْوِسَادَةِ لَا يَضْمَنُ عِنْدَ الْبَعْضِ أَيْضًا وَهُوَ أَقْرَبُ إلَى الْقِيَاسِ؛ لِأَنَّ الْوِسَادَةَ لَا تُمْسِكُ الْجَالِسَ كَمَا لَا تُمْسِكُهُ الْمَلَاءَةُ، وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى، وَإِنْ أَذِنَ لَهُ بِالْجُلُوسِ عَلَى سَطْحٍ فَانْخَسَفَ بِهِ فَوَقَعَ عَلَى مَمْلُوكِ الْآذِنِ ضَمِنَ الْجَالِسُ. رَجُلٌ قَطَعَ أَشْجَارَ كَرْمٍ لِإِنْسَانٍ كَانَ عَلَيْهِ قِيمَتُهَا، وَطَرِيقُ مَعْرِفَةِ الْقِيمَةِ أَنْ يُقَوَّمَ الْكَرْمُ مَعَ الْأَشْجَارِ الْقَائِمَةِ، وَيُقَوَّمَ مَقْطُوعَ الْأَشْجَارِ فَمَا بَيْنَهُمَا يَكُونُ قِيمَةَ الْأَشْجَارِ فَإِذَا عُرِفَتْ قِيمَةُ الْأَشْجَارِ بَعْدَ ذَلِكَ يُخَيَّرُ الْمَالِكُ إنْ شَاءَ دَفَعَ الْأَشْجَارَ الْمَقْطُوعَةَ إلَى الْقَاطِعِ، وَضَمَّنَهُ تِلْكَ الْقِيمَةَ، وَإِنْ شَاءَ أَمْسَكَ الْمَقْلُوعَةَ، وَيَرْفَعُ مِنْ قِيمَةِ الْأَشْجَارِ قِيمَةَ الْمَقْطُوعَةِ، وَيُضَمِّنُهُ الْبَاقِيَ. رَجُلٌ قَطَعَ شَجَرَةً مِنْ دَارِ رَجُلٍ بِغَيْرِ إذْنِهِ يُخَيَّرُ صَاحِبُهَا فَإِنْ شَاءَ تَرَكَ الشَّجَرَةَ عَلَى الْقَاطِعِ، وَضَمَّنَهُ قِيمَةَ الشَّجَرَةِ قَائِمَةً لِأَنَّهُ أَتْلَفَ عَلَيْهِ شَجَرَةً قَائِمَةً، وَطَرِيقُ مَعْرِفَةِ تِلْكَ الْقِيمَةِ أَنْ تُقَوَّمَ الدَّارُ مَعَ الشَّجَرَةِ قَائِمَةً، وَتُقَوَّمَ بِغَيْرِ شَجَرَةٍ فَيَضْمَنُ فَضْلَ مَا بَيْنَهُمَا، وَإِنْ أَمْسَكَ الشَّجَرَةَ، وَضَمَّنَهُ قِيمَةَ النُّقْصَانِ كَانَ لَهُ ذَلِكَ لِأَنَّهُ أَتْلَفَ عَلَيْهِ الْقِيَامَ وَطَرِيقُ مَعْرِفَةِ ذَلِكَ أَنَّهُ إذَا ظَهَرَتْ قِيمَةُ الشَّجَرَةِ الْقَائِمَةِ بِالطَّرِيقِ الَّذِي قُلْنَا فَبَعْدَ ذَلِكَ تَنْظُرُ إلَى تِلْكَ الْقِيمَةِ، وَإِلَى قِيمَةِ الشَّجَرَةِ الْمَقْطُوعَةِ فَفَضْلُ مَا بَيْنَهُمَا قِيمَةُ نُقْصَانِ الْقَطْعِ وَإِنْ كَانَتْ قِيمَتُهَا مَقْطُوعَةً، وَقِيمَتُهَا غَيْرَ مَقْطُوعَةٍ سَوَاءٌ فَلَا شَيْءَ عَلَى الْقَاطِعِ لِأَنَّهُ لَمْ يُتْلِفْ شَيْئًا. رَجُلٌ لَهُ شَجَرَةُ الْجَوْزِ أَخْرَجَتْ جَوْزًا صِغَارًا رَطْبَةً فَأَتْلَفَ إنْسَانٌ تِلْكَ الْجَوْزَاتِ كَانَ عَلَيْهِ نُقْصَانُ الشَّجَرَةِ؛ لِأَنَّ تِلْكَ الْجَوْزَاتِ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهَا قِيمَةٌ، وَلَيْسَتْ بِمَالٍ حَتَّى لَا تُضْمَنُ بِالْإِتْلَافِ لَكِنْ إذَا لَمْ تَكُنْ عَلَى الشَّجَرَةِ فَأَمَّا إذَا كَانَتْ عَلَى الشَّجَرَةِ فَإِتْلَافُهَا وَقَطْعُهَا يُنْقِصُ قِيمَةَ الشَّجَرَةِ فَلْيُنْظَرْ أَنَّ الشَّجَرَةَ بِدُونِ تِلْكَ الْجَوْزَاتِ بِمَاذَا تُشْتَرَى، وَمَعَ تِلْكَ الْجَوْزَاتِ بِمَاذَا تُشْتَرَى فَيَضْمَنُ فَضْلَ مَا بَيْنَهُمَا وَكَذَلِكَ رَجُلٌ كَسَرَ غُصْنًا مِنْ أَغْصَانِ الشَّجَرَةِ الْقَائِمَةِ تُقَوَّمُ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 150 الشَّجَرَةُ مَعَ الْغُصْنِ، وَتُقَوَّمُ بِدُونِ الْغُصْنِ فَيَضْمَنُ فَضْلَ مَا بَيْنَهُمَا. كَسَرَ رَجُلٌ غُصْنًا لِرَجُلٍ أَوْ حَرَقَ ثَوْبَهُ ضَمِنَ النُّقْصَانَ، وَلَوْ كَانَ الْكَسْرُ فَاحِشًا كَانَ لِلْمَالِكِ أَنْ يُضَمِّنَهُ، وَيُسَلِّمَ إلَيْهِ، وَكَذَلِكَ الْحَرْقُ إذَا كَانَ فَاحِشًا هَذِهِ الْجُمْلَةُ مِنْ غَصْبِ قَاضِي خَانْ وَمَعْرِفَةُ الْفَاحِشِ وَالْيَسِيرِ مَرَّتْ مِنَّا فِي الْغَصْبِ. لَوْ اسْتَهْلَكَ عَلَى رَجُلٍ جَارِيَةً مُغَنِّيَةً يَضْمَنُ قِيمَتَهَا غَيْرَ مُغَنِّيَةٍ هَذِهِ فِي الْبُيُوعِ مِنْ قَاضِي خَانْ. وَكَذَا لَوْ اسْتَهْلَكَ إنَاءَ فِضَّةٍ، وَعَلَيْهِ تَمَاثِيلُ فَعَلَيْهِ قِيمَتُهُ غَيْرَ مُصَوَّرَةٍ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لِلتَّمَاثِيلِ رُءُوسٌ فَعَلَيْهِ قِيمَتُهُ مُصَوَّرَةً. وَلَوْ قَتَلَ فَاخِتَةً أَوْ حَمَامَةً تَفَرَّقُوا فَعَلَيْهِ قِيمَتُهَا مُقَرْقِرَةً، وَلَوْ كَانَتْ حَمَامَةٌ تَجِيءُ مِنْ وَاسِطَ لَا يَضْمَنُ قِيمَتَهَا عَلَى تِلْكَ الصِّفَةِ، وَكَذَا فِي الْحَمَامَةِ الطَّيَّارَةِ يَضْمَنُ قِيمَتَهَا طَائِرَةً، وَكَذَا الْجَارِيَةُ إذَا كَانَتْ حَسَنَةَ الصَّوْتِ لَكِنَّهَا لَا تُغَنِّي فَهِيَ عَلَى حُسْنِ الصَّوْتِ كَذَا فِي الْغَصْبِ مِنْ الْخُلَاصَةِ. وَفِي الْقُنْيَةِ مِنْ الْغَصْبِ أَلْقَى هِرَّةً فِي بَيْتِ حَمَامِ الْغَيْرِ، وَلَمْ يَجِدْ مَخْرَجًا فَقَتَلَتْ الْحَمَامَ بِأَسْرِهَا، وَهِيَ طَيَّارَةٌ بلح تغحند سادر غوش وَإِنَّهَا غَالِيَةُ الْقِيمَةِ عِنْدَ مَنْ يُطَيِّرُونَهَا يَضْمَنُ قِيمَتَهَا عَلَى هَذِهِ الصِّفَةِ انْتَهَى. جَلَسَ عَلَى ثَوْبِ رَجُلٍ بِغَيْرِ أَمْرِهِ فَقَامَ رَبُّ الثَّوْبِ وَتَخَرَّقَ يَضْمَنُ الْجَالِسُ ذَكَرَهُ فِي الْوَجِيزِ، وَقَدْ مَرَّتْ مِنَّا فِي الْغَصْبِ مَعَ مَا فِيهَا مِنْ التَّفْصِيلِ. أَرَادَ نَقْضَ جِدَارٍ مُشْتَرَكٍ فَمَنَعَهُ جَارُهُ فَقَالَ النَّاقِضُ: ائْذَنْ لِي فَمَا خَرِبَ مِنْ دَارِكَ فَأَنَا ضَامِنٌ لَهُ فَأَذِنَ لَهُ بَعْدَ الشَّرْطِ فَنَقَضَهُ، وَخَرِبَ مِنْ دَارِهِ شَيْءٌ بِنَقْضِهِ لَا يَضْمَنُ إنْ لَمْ تَكُنْ مُبَاشَرَةٌ. وَفِي فَتَاوَى الْفَضْلِيِّ مِثْلُهُ لَكِنَّهُ قَالَ: لَمْ يَضْمَنْ شَيْئًا مُطْلَقًا كَمَا لَوْ قَالَ: ضَمِنْتُ لَك مَا يَهْلَكُ مِنْ مَالِكَ لَا يَصِحُّ، وَكَذَا لَوْ بَنَى حَمَّامًا، وَعَمَّرَهُ وَقَالَ: إنْ لَحِقَك مِمَّا صَنَعْت خَرَابُ دَارِك فَعَلَيَّ ضَمَانُهُ. شَرَفُ الْأَئِمَّةِ الْفَضْلِيُّ هَدَمَ جِدَارَهُ فَسَقَطَ عَلَى جِدَارِ جَارِهِ فَهَدَمَ لَا يَضْمَنُ، وَلَوْ أَذِنَ لِجَارِهِ فِي هَدْمِ جِدَارٍ مُشْتَرَكٍ بِشَرْطِ أَنْ يُنْصِبَ الْأَخْشَابَ فَلَمْ يَفْعَلْ ضَمِنَ كَذَا فِي فَتَاوَى الْفَضْلِيِّ. وَقَالَ السُّغْدِيُّ: لَا يَضْمَنُ عَلَى كُلِّ حَالٍ. فَتَحَ رَأْسَ مُجَمَّدَةِ غَيْرِهِ، وَتَرَكَهَا مَفْتُوحَةً فَأَذَابَتْهَا الشَّمْسُ لَا يَضْمَنُ. مَرَّ بِالرَّمَثِ تَحْتَ الْقَنْطَرَةِ فَكَسَرَ أُسْطُوَانَاتِهَا، وَخَرِبَتْ الْقَنْطَرَةُ يَضْمَنُ. اشْتَرَى مُدَّهِنَةٌ، وَبَنَى فِيهَا خِرَاسًا وَمِدَقَّةً، وَفِي جِوَارِهَا مَكْتَبٌ فَسَقَطَ مِنْ دَقِّ الْحِنْطَةِ وَالْأُرْزِ يَضْمَنُ صَاحِبُ الْمَدْهَنَةِ قَالَ - رَحِمَهُ اللَّهُ -: لِأَنَّ التَّلَفَ لَمَّا حَصَلَ بِذَلِكَ كَانَ مُبَاشَرَةً لَا تَسَبُّبًا، وَلَا يُشْتَرَطُ التَّعَدِّي فِي الْمُبَاشَرَةِ. قَصَّارٌ يَدُقُّ الثِّيَابَ فِي حَانُوتِهِ فَانْهَدَمَ حَائِطُ الْجَارِ يَضْمَنُ لِأَنَّهُ مُبَاشَرَةٌ. حَفَرَ مَحْظُورَةً فِي أَرْضِ الْغَيْرِ، وَجَعَلَ فِيهَا جَوْزًا، وَسَقَى صَاحِبُ الْأَرْضِ أَرْضَهُ، وَلَمْ يَعْلَمْ فَهَلَكَ فِيهِ اخْتِلَافٌ، وَالْأَصَحُّ أَنَّهُ يَضْمَنُ. اتَّخَذَ قالبزا، وَوَضَعَ عَلَى مَوَاضِعِ الْبُذُورِ مَدَرَانِ لِئَلَّا يُخْرِجَهَا الْحَمَامُ أَوْ لَا يُفْسِدُهَا الْمَطَرُ فَأَزَالَهَا إنْسَانٌ فَهَلَكَ الْبُذُورُ فَإِنْ أَزَالَهَا فِي غَيْرِ وَقْتِهِ، وَالْتَزَمَ الْحِفْظَ يَضْمَنُ وَإِلَّا فَلَا، وَتَفْسِيرُ الضَّمَانِ أَنْ تُقَوَّمَ الْأَرْضُ مَعَ الْبُذُورِ، وَتُقَوَّمَ بِدُونِهَا فَيَرْجِعُ بِفَضْلِ مَا بَيْنَهُمَا. وَإِنْ فَتَحَ كُوَّةَ بَيْتٍ فِيهِ بطاطيخ أَوْ ثِمَارٌ فَهَلَكَتْ بِالْبَرْدِ إنْ تَلِفَتْ فِي الْحَالِ يَضْمَنُ وَإِلَّا فَلَا كَمَا لَوْ حَلَّ السَّفِينَةَ الْمَشْدُودَةَ بِالشَّطِّ. وَلَوْ أَمْسَكَ رَجُلًا حَتَّى جَاءَ آخَرُ فَأَخَذَ مِنْهُ مَالًا لَا يَضْمَنُ الْمُمْسِكُ هَذِهِ الْجُمْلَةُ فِي الْقُنْيَةِ مِنْ الْغَصْبِ. رَجُلٌ دَخَلَ دَارَ رَجُلٍ بِأَمْرِهِ فَعَثَرَ عَلَى جَرَّةٍ فَانْكَسَرَتْ لَا يَضْمَنُ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 151 وَلَوْ عَثَرَ عَلَى صَبِيٍّ فَقَتَلَهُ يَضْمَنُ. رَجُلٌ قَعَدَ عَلَى ثَوْبِ رَجُلٍ وَهُوَ لَا يَعْلَمُ فَقَامَ فَتَخَرَّقَ ضَمِنَ الَّذِي قَعَدَ عَلَى الثَّوْبِ، وَلَمْ يَذْكُرْ قَدْرَ الضَّمَانِ مِنْ الْمُخَرَّقِ. وَفِي الْعُيُونِ يَضْمَنُ نِصْفَ الشَّقِّ، وَسَوَاءٌ عَلِمَ بِجُلُوسِهِ أَوْ لَمْ يَعْلَمْ، وَعَلَى هَذَا رَجُلٌ، وَضَعَ رِجْلَهُ عَلَى مُكْعِب غَيْرِهِ فَرَفَعَ رِجْلَهُ فَتَخَرَّقَ الْمُكَعَّبُ، وَكَذَا مَنْ تَشَبَّثَ بِثَوْبِ إنْسَانٍ، وَجَذَبَهُ صَاحِبُ الثَّوْبِ. رَجُلٌ يَمْشِي، وَمَعَهُ زُجَاجَةُ دُهْنٍ فَاسْتَقْبَلَهُ رَجُلٌ فَاصْطَدَمَا فَانْكَسَرَتْ الزُّجَاجَةُ، وَأَصَابَ الدُّهْنُ ثَوْبَ الْقَابِلِ فَفَسَدَ ثَوْبُهُ إنْ مَشَى صَاحِبُ الزُّجَاجَةِ فَهُوَ ضَامِنٌ، وَإِنْ مَشَى الْآخَرُ إلَيْهِ لَا يَضْمَنُ، وَإِنْ مَشَيَا مَعًا، وَهُمَا يَرَيَانِ ذَلِكَ لَمْ يَضْمَنْ أَحَدُهُمَا لِصَاحِبِهِ شَيْئًا، وَإِنْ رَأَى أَحَدُهُمَا دُونَ الْآخَرِ فَالضَّمَانُ عَلَى الرَّائِي مِنْ الْخُلَاصَةِ. رَجُلٌ طَرَحَ لَبَنًا أَوْ أَلْقَى تُرَابًا كَثِيرًا فَوَهَنَ جِدَارُ جَارِهِ حَتَّى انْهَدَمَ الْحَائِطُ فَإِنْ دَخَلَ الْوَهَنُ فِي الْحَائِطِ مِنْ ثِقَلِهِ ضَمِنَ مِنْ الْوَجِيزِ مِنْ الْغَصْبِ. دَارَانِ مُتَلَاصِقَانِ جَعَلَ أَحَدُ صَاحِبَيْهِمَا دَارِهِ إصْطَبْلًا، وَكَانَ فِي الْقَدِيمِ سَكَنًا، وَفِي ذَلِكَ ضَرَرٌ عَلَى صَاحِبِ الدَّارِ الْأُخْرَى قَالَ أَبُو الْقَاسِمِ: إنْ كَانَ وُجُوهُ الدَّوَابِّ إلَى الْجِدَارِ لَا يُمْنَعُ، وَإِنْ كَانَ حَوَافِرُهَا إلَيْهِ فَلِلْجَارِ مَنْعُهُ، وَهَذَا خِلَافُ مَا فِي الْكِتَابِ أَنَّ مَنْ تَصَرَّفَ فِي مِلْكِهِ لَيْسَ لِلْآخَرِ مَنْعُهُ، وَإِنْ كَانَ يَتَضَرَّرُ بِذَلِكَ التَّصَرُّفِ ثُمَّ إذَا خَرِبَ دَارُ الْجَارِ، وَعَلِمَ أَنَّهَا خَرِبَتْ بِسَبَبِ الْإِصْطَبْلِ هَلْ يَضْمَنُ صَاحِبُ الْإِصْطَبْلِ؟ قَالَ ظَهِيرُ الدِّينِ: لَا يَضْمَنُ؛ لِأَنَّ فِعْلَ الدَّوَابِّ لَا يُضَافُ إلَيْهِ فَلَوْ ضَمِنَ إنَّمَا يَضْمَنُ بِالتَّسَبُّبِ، وَهُوَ إدْخَالُ الدَّوَابِّ فَإِذَا لَمْ يَكُنْ مُتَعَدِّيًا فِي ذَلِكَ لَا يَضْمَنُ بِخِلَافِ مَا لَوْ سَاقَ الدَّابَّةَ إلَى زَرْعِ غَيْرِهِ لِأَنَّهُ فِي السَّوْقِ مُتَعَدٍّ فَيَضْمَنُ مِنْ كِتَابِ الْقِسْمَةِ مِنْ الصُّغْرَى، وَفِي قِسْمَةِ الْأَشْبَاهِ لِلْإِنْسَانِ التَّصَرُّفُ فِي مِلْكِهِ، وَإِنْ تَأَذَّى جَارُهُ فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ فَلَهُ أَنْ يَجْعَلَ فِيهَا سُورًا أَوْ حَمَّامًا، وَلَا يَضْمَنُ مَا تَلِفَ بِهِ اهـ. أَشْرَفَتْ سَفِينَةٌ عَلَى الْغَرَقِ فَأَلْقَى بَعْضُهُمْ حِنْطَةَ غَيْرِهِ فِي الْمَاءِ حَتَّى خَفَّتْ ضَمِنَ قِيمَتَهَا فِي تِلْكَ الْحَالِ مِنْ غَصْبِ الْقُنْيَةِ. رَجُلٌ مَشَى عَلَى الطَّرِيقِ فَوَقَعَ عَلَى امْرَأَةٍ فَوَقَعَتْ الْمَرْأَةُ عَلَى رَجُلٍ أَوْ مَتَاعٍ فَأَفْسَدَتْهُ ضَمِنَ الرَّجُلُ وَالْمَرْأَةُ الدِّيَةَ. لَوْ اتَّخَذَ رَجُلٌ بِئْرًا فِي مِلْكِهِ أَوْ بَالُوعَةً فَوَهَنَ مِنْهَا حَائِطُ جَارِهِ، وَطَلَبَ مِنْهُ جَارُهُ تَحْوِيلَهُ لَمْ يَجِبْ عَلَيْهِ فَإِنْ سَقَطَ الْحَائِطُ مِنْ ذَلِكَ لَا يَضْمَنُ وَالشَّيْخُ الْإِمَامُ ظَهِيرُ الدِّينِ كَانَ يُفْتِي بِجَوَابِ ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ، وَأَصْلُ هَذَا فِي مَنَاقِبِ أَبِي حَنِيفَةَ مِنْ الْخُلَاصَةِ. هَدَمَ بَيْتَ نَفْسِهِ فَانْهَدَمَ بِهِ بَيْتُ جَارِهِ، وَطَلَبَ مِنْهُ جَارُهُ قِيمَةَ الْبِنَاءِ لَا يَضْمَنُ. لَوْ قَطَعَ شَجَرَةً مِنْ بُسْتَانٍ أَوْ دَارٍ أَوْ ضَيْعَةٍ وَأَتْلَفَهَا مَاذَا يَلْزَمُهُ قِيلَ: مَا قَطَعَ مِنْ بُسْتَانٍ وَدَارٍ يَلْزَمُهُ نُقْصَانُهَا، وَمَا قَطَعَ مِنْ الْأَرْضِ يَلْزَمُهُ قِيمَةُ الْحَطَبِ. أَتْلَفَ شَجَرَةً مِنْ ضَيْعَةٍ، وَلَمْ يَنْقُصْ شَيْءٌ مِنْ قِيمَةِ الضَّيْعَةِ قِيلَ: يَجِبُ قِيمَةُ الشَّجَرَةِ مَقْلُوعَةً، وَقِيلَ: قِيمَتُهَا ثَابِتَةٌ. شَجَرَةٌ نَوَّرَتْ فَنَفَضَهَا رَجُلٌ حَتَّى تَنَاثَرَ نُورُهَا يَضْمَنُ نُقْصَانَ الشَّجَرَةِ كَمَا مَرَّ فِي الْجَوْزَاتِ الصِّغَارِ. قَطَعَ غُصْنَ رَجُلٍ فَنَبَتَ مَكَانَهُ آخَرُ لَا يَبْرَأُ، وَكَذَا الزَّرْعُ وَالْبَقْلُ. ضَرَبَ رَجُلًا فَأُغْمِيَ عَلَيْهِ، وَلَمْ يُمْكِنْهُ الْبَرَاحُ فَأُخِذَ ثَوْبُهُ لَا يَضْمَنُ، وَلَوْ مَاتَ ضَمِنَ مَالَهُ، وَثِيَابَهُ أَيْضًا إذَا ضَاعَتْ. ضَرَبَهُ فَسَقَطَ مَغْشِيًّا عَلَيْهِ، وَسَقَطَ مِنْهُ شَيْءٌ قَالَ مُحَمَّدٌ: يَضْمَنُ مَا مَعَهُ وَمَا عَلَيْهِ مِنْ مَالٍ وَثِيَابٍ لِأَنَّهُ مُسْتَهْلِكٌ. خَرَقَتْ إحْدَى الْمَرْأَتَيْنِ أُذُنَ الْأُخْرَى الْمُسْتَأْجَرَةِ فَسَقَطَ الْقُرْطُ فَضَاعَ لَمْ تَضْمَنْ قُلْتُ يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 152 الْجَوَابُ عَلَى نَحْوِ مَا مَرَّ عَنْ قَاضِي خَانْ فِيمَنْ تَعَلَّقَ بِرَجُلٍ فَسَقَطَ مِنْهُ شَيْءٌ. أَلْقَاهُ فِي حَوْضٍ أَوْ نَهْرٍ وَمَعَهُ دَرَاهِمُ فَسَقَطَتْ فِي الْحَوْضِ فَلَوْ سَقَطَتْ عِنْدَ إلْقَائِهِ ضَمِنَ؛ لِأَنَّهُ بِفِعْلِهِ لَا لَوْ سَقَطَتْ وَقْتَ خُرُوجِهِ عَنْ الْمَاءِ فَإِنَّهُ بِفِعْلِ مَالِكِهَا. فَرَّ مِنْ ظَالِمٍ فَأَخَذَهُ رَجُلٌ حَتَّى أَدْرَكَهُ الظَّالِمُ وَغَرَّمَهُ أَوْ طَلَبَهُ ظَالِمٌ فَدَلَّ رَجُلٌ عَلَيْهِ فَأَخَذَ مَالَهُ، فِي قِيَاسِ قَوْلِ مُحَمَّدٍ يَضْمَنُ الْآخِذُ وَالدَّالُّ لِلسَّبَبِيَّةِ لَا عَلَى قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ وَبِهِ يُفْتَى. أَلْقَى شَاةً مَيِّتَةً فِي نَهْرِ طَاحُونَةٍ فَسَالَ بِهَا إلَى الطَّاحُونَةِ ضَمِنَ لَوْ كَانَ النَّهْرُ يَحْتَاجُ لِكَرْيٍ وَإِلَّا فَلَا، وَيَنْبَغِي أَنْ يُقَالَ: لَوْ اسْتَقَرَّتْ فِي الْمَاءِ كَمَا أَلْقَاهَا ثُمَّ ذَهَبَتْ لَمْ يَضْمَنْ عَلَى كُلِّ حَالٍ إذْ ذَهَابُهَا بَعْدَ ذَلِكَ يُضَافُ إلَى الْمَاءِ لَا إلَى الْمُلْقِي، وَلِذَا أَمْثِلَةٌ: مِنْهَا أَرْسَلَ دَابَّتَهُ فَأَصَابَتْ شَيْئًا بِفَوْرِهَا ضَمِنَ لَا لَوْ وَقَفَتْ سَاعَةً ثُمَّ سَارَتْ وَسَنَذْكُرُهَا فِي مَوَاضِعِهَا. رَفَعَ الْحَشِيشَ عَنْ رَأْسِ الْمُجَمَّدَةِ حَتَّى ذَابَ الْجَمَدُ أَجَابَ بَعْضُهُمْ لَا يَضْمَنُ كَسَمْنٍ جَامِدٍ قَالَ الْأُسْرُوشَنِيُّ: وَكَانُوا يُفْتُونَ بِضَمَانِهِ لَكِنَّهُ أَجَابَ بِعَدَمِهِ إذْ تَلِفَ لَا بِفِعْلِهِ. مردى سوارخ ميوه حانه كَسِيِّ كَشَادِّ سرماد رامد وميوها فسرد لَوْ كَانَ الْبَرْدُ غَالِبًا بِحَيْثُ ينجمد الثِّمَارُ إذَا فَتَحَ النَّقْبَ وَمَضَى عَلَى ذَلِكَ زَمَانٌ وَلَمْ يَعْلَمْ بِهِ رَبُّ الْبَيْتِ يَنْبَغِي أَنْ يَضْمَنَ وَقِيلَ يَنْبَغِي أَنْ لَا يَضْمَنَ عَلَى كُلِّ حَالٍ إذَا تَلِفَ بِفِعْلِ غَيْرِهِ كَسَمْنٍ جَامِدٍ وَفِيهِ خِلَافُ مُحَمَّدٍ. فَتَحَ فَمَ بِئْرِ الْبُرِّ وَتَرَكَهُ كَذَلِكَ حَتَّى أَخَذَ الْآخِذُ بُرَّهُ لَا يَضْمَنُ الْفَاتِحُ. نَقَبَ حَائِطًا فَغَابَ فَدَخَلَ مِنْهُ رَجُلٌ فَسَرَقَ لَا يَضْمَنُ النَّاقِبُ وَبِهِ يُفْتَى؛ لِأَنَّهُ سَبَبٌ وَالسَّارِقُ مُبَاشِرٌ وَقَالَ بَعْضُهُمْ ضَمِنَ مِنْ الْفُصُولَيْنِ نَقَبَ حَائِطَ إنْسَانٍ بِغَيْرِ إذْنِ مَالِكِهِ فَسُرِقَ شَيْءٌ لَمْ يَضْمَنْ النَّاقِبُ. رَجُلٌ خَرَجَ مِنْ خَانٍ لَيْلًا وَخَلَّى الْبَابَ مَفْتُوحًا فَسُرِقَ مِنْ الْخَانِ شَيْءٌ لَمْ يَضْمَنْ. لَوْ أَخَذْت أَغْصَانُ شَجَرَةِ رَجُلٍ هَوَاءَ دَارِ آخَرَ فَقَطَعَ رَبُّ الدَّارِ الْأَغْصَانَ فَإِنْ كَانَتْ الْأَغْصَانُ يُمْكِنُ صَاحِبُهَا أَنْ يَشُدَّهَا وَيُفَرِّغَ هَوَاءَ دَارِهِ ضَمِنَ الْقَاطِعُ وَإِنْ لَمْ يُمْكِنْ شَدُّهَا بِأَنْ كَانَتْ غِلَاظًا لَا يَضْمَنُ إذَا قَطَعَ مِنْ مَوْضِعٍ لَوْ رَفَعَ إلَى الْحَاكِمِ أَمَرَ بِالْقَطْعِ مِنْ ذَلِكَ الْمَوْضِعِ مِنْ كِتَابِ الْحِيطَانِ مِنْ الْخُلَاصَةِ. شَقَّ رَاوِيَةَ إنْسَانٍ فَسَالَ مَا فِيهَا ضَمِنَ مَا شَقَّ مِنْهَا وَمَا سَالَ وَمَا عَطِبَ بِالسَّائِلِ مِنْهَا فَإِنْ سَاقَ صَاحِبُ الرَّاوِيَةِ وَهُوَ يَعْلَمُ بِذَلِكَ فَمَا سَالَ بَعْدَ ذَلِكَ الْآنَ لَا يَضْمَنُ. وَكَذَا لَوْ شَقَّ مَا حَمَلَهُ الْحَمَّالُ فَسَالَ يَضْمَنُ فَإِنْ ذَهَبَ الْحَمَّالُ وَهُوَ يَعْلَمُ بِذَلِكَ لَا يَضْمَنُ الشَّاقُّ مَا سَالَ بَعْدَ ذَلِكَ مِنْ غَصْبِ الصُّغْرَى. وَلَوْ شَقَّ الرَّاوِيَةَ فَسَالَ مَا فِيهَا حَتَّى مَالَ إلَى الْجَانِبِ الْآخَرِ وَوَقَعَ فَانْخَرَقَ ضَمِنَ الشَّاقُّ قِيمَتَهُمَا جَمِيعًا وَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ صَاحِبُ الْبَعِيرِ لَوْ عَلِمَ بِذَلِكَ وَسَاقَ الْبَعِيرَ مَعَ ذَلِكَ فَلَا يَجِبُ ضَمَانُ مَا يَحْدُثُ بَعْدَ السَّوْقِ عَلَى الشَّاقِّ، وَلَوْ شَقَّهَا صَغِيرٌ أَوْ قَالَ صَاحِبُهَا رَضِيت مَا صَنَعْت ثُمَّ سَاقَ الْبَعِيرَ فَزَلِق بِمَا سَالَ مِنْهُ لَا يَضْمَنُ كَمَا فِي إجَارَاتِ قَاضِي خَانْ. هَشَّمَ طَشْتَ آخَرَ وَهُوَ مِمَّا يُبَاعُ وَزْنًا فَمَالِكُهُ مُخَيَّرٌ إنْ شَاءَ أَمْسَكَ الطَّشْتَ وَلَا شَيْءَ لَهُ أَوْ دَفَعَهُ وَأَخَذَ قِيمَةَ السَّلِيمِ، وَكَذَا كُلُّ إنَاءٍ مَصْنُوعٍ وَلَوْ مِمَّا لَا يُبَاعُ وَزْنًا كَسَيْفٍ فَكَسَرَهُ ضَمِنَ نُقْصَانَهُ وَلَوْ أَتْلَفَ الْمَكْسُورَ آخَرُ ضَمِنَ حَدِيدًا مِثْلَهُ. سُئِلَ صَاحِبُ الْمُحِيطِ عَمَّنْ كَسَرَ قُمْقُمَةً قَالَ: لَوْ تُبَاعُ وَزْنًا لَمْ يَضْمَنْ وَلَوْ كَانَتْ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 153 تُبَاعُ عَدَدًا ضَمِنَ النُّقْصَانَ مِنْ الْفُصُولَيْنِ. كَسَرَ إبْرِيقَ فِضَّةٍ لِرَجُلٍ أَوْ صَبَّ الْمَاءَ فِي طَعَامِهِ وَأَفْسَدَهُ فَالْمَالِكُ بِالْخِيَارِ إنْ شَاءَ أَمْسَكَ وَلَا شَيْءَ وَإِنْ شَاءَ دَفَعَ إلَيْهِ الْإِبْرِيقَ وَالطَّعَامَ وَضَمَّنَهُ قِيمَةَ الْإِبْرِيقِ مِنْ خِلَافِ الْجِنْسِ وَضَمَّنَهُ مِثْلَ ذَلِكَ الطَّعَامِ وَلَيْسَ لَهُ تَضْمِينُ النُّقْصَانِ مِنْ بَابِ الْيَمِينِ مِنْ دَعَاوَى قَاضِي خَانْ. هَشَّمَ إبْرِيقَ فِضَّةٍ لِرَجُلٍ فَهَشَّمَهُ آخَرُ أَيْضًا أَوْ صَبَّ الْمَاءَ عَلَى حِنْطَةِ رَجُلٍ فَنَقَصَتْ ثُمَّ صَبَّ آخَرُ أَيْضًا حَتَّى زَادَ النُّقْصَانُ ضَمِنَ الثَّانِي وَبَرِئَ الْأَوَّلُ مِنْ غَصْبِ الْوَجِيزِ. وَلَوْ صَبَّ مَاءً مِنْ الْجُبِّ لِإِنْسَانٍ يُؤْمَرُ بِإِمْلَائِهِ؛ لِأَنَّهُ مِلْكُهُ وَالْمَاءُ مِثْلِيٌّ، مِنْ الْفُصُولَيْنِ. مَرَّ بِحِمَارٍ عَلَيْهِ حَطَبٌ وَهُوَ يَقُولُ: إلَيْك إلَيْك إلَّا أَنَّ الْمُخَاطَبَ لَمْ يَسْمَعْ ذَلِكَ حَتَّى أَصَابَ ثَوْبَهُ وَتَخَرَّقَ يَضْمَنُ وَإِنْ سَمِعَ إلَّا إنَّهُ لَمْ يَتَهَيَّأْ لَهُ التَّنَحِّي بِطُولِ الْمُدَّةِ فَكَذَلِكَ، وَأَمَّا إذَا أَمْكَنَهُ وَلَمْ يَتَنَحَّ لَا يَضْمَنُ مِنْ جِنَايَاتِ الصُّغْرَى وَلَا فَرْقَ فِي هَذَا بَيْنَ الْأَصَمِّ وَغَيْرِهِ. وَلَوْ وَضَعَ ثَوْبَهُ فِي بَيْتِ الْغَيْرِ فَرَمَى بِهِ مَالِكُ الْبَيْتِ ضَمِنَ كَمَا فِي مُشْتَمِلِ الْهِدَايَةِ مِنْ الْجِنَايَاتِ إذْ لَا ضَرَرَ مِنْ الثَّوْبِ فِي الْبَيْتِ بِخِلَافِ الدَّابَّةِ كَمَا يَأْتِي فِي الْجِنَايَاتِ وَفِيهِ أَيْضًا أَقَامَ حِمَارًا عَلَى الطَّرِيقِ وَعَلَيْهِ ثَوْبٌ فَأَصَابَ رَاكِبٌ الثَّوْبَ وَخَرَقَهُ، إنْ كَانَ الرَّاكِبُ يُبْصِرُ الثَّوْبَ وَالْحِمَارَ يَضْمَنُ، وَإِنْ كَانَ لَا يُبْصِرُ لَا يَضْمَنُ وَكَذَا إذَا كَانَ الثَّوْبُ فِي الطَّرِيقِ وَالنَّاسُ يَمُرُّونَ عَلَيْهِ وَهُمْ لَا يُبْصِرُونَهُ لَا يَضْمَنُونَ اهـ. لَوْ دَفَعَ دَرَاهِمَ نَبَهْرَجَةً إلَى إنْسَانٍ لِيَنْظُرَ فِيهَا فَكَسَرَهَا لَا يَضْمَنُ؛ لِأَنَّهُ لَا قِيمَةَ لِهَذِهِ الصَّنْعَةِ مِنْ بُيُوعِ قَاضِي خَانْ مِنْ فَصْلِ قَبْضِ الثَّمَنِ. إصْطَبْلٌ مُشْتَرَكٌ بَيْنَ اثْنَيْنِ وَلِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا بَقَرَةٌ فَدَخَلَ أَحَدُهُمَا الْإِصْطَبْلَ وَشَدَّ بَقَرَةَ الْآخَرِ حَتَّى لَا تَضْرِبَ بَقَرَتَهُ فَتَحَرَّكَتْ الْبَقَرَةُ وتخنقت بِالْحَبْلِ وَمَاتَتْ لَا ضَمَانَ عَلَيْهِ إذَا لَمْ يَنْقُلْهَا مِنْ مَكَان إلَى مَكَان آخَرَ، هَذِهِ فِي الْغَصْبِ مِنْ الْخُلَاصَةِ. [الْفَصْل الثَّانِي فِي الضَّمَان بِالسِّعَايَةِ وَالْأَمْر وَفِيمَا يَضْمَن الْمَأْمُور] (الْفَصْلُ الثَّانِي فِي الضَّمَانِ بِالسِّعَايَةِ وَالْأَمْرِ، وَفِيمَا يَضْمَنُ الْمَأْمُورُ بِفِعْلِ مَا أُمِرَ بِهِ) لَوْ سَعَى إلَى سُلْطَانٍ ظَالِمٍ حَتَّى غَرَّمَ رَجُلًا فَلَوْ بِحَقٍّ، نَحْوُ إنْ كَانَ يُؤْذِيهِ وَعَجَزَ عَنْ دَفْعِهِ إلَّا بِسَعْيِهِ أَوْ فَاسِقًا لَا يَمْتَنِعُ بِالْأَمْرِ بِالْمَعْرُوفِ فَفِي مِثْلِهِ لَا يَضْمَنُ وَالسِّعَايَةُ الْمُوجِبَةُ لِلضَّمَانِ أَنْ يَتَكَلَّمَ بِكَذِبٍ يَكُونُ سَبَبًا لِأَخْذِ الْمَالِ مِنْهُ أَوْ لَا يَكُونُ قَصْدُهُ إقَامَةَ الْحِسْبَةِ كَمَا لَوْ قَالَ عِنْدَ السُّلْطَانِ أَنَّهُ وَجَدَ مَالًا وَقَدْ وَجَدَ الْمَالَ أَوْ قَالَ قَدْ وَجَدَ كَنْزًا أَوْ لُقَطَةً فَظَهَرَ كَذِبُهُ ضَمِنَ إلَّا إذَا كَانَ السُّلْطَانُ عَادِلًا لَا يُغَرِّمُ بِمِثْلِ هَذِهِ السِّعَايَةِ أَوْ قَدْ يُغَرِّمُ وَقَدْ لَا يُغَرِّمُ بَرِئَ السَّاعِي. لَوْ قَالَ عِنْدَ السُّلْطَانِ: إنَّ لِفُلَانٍ فَرَسًا جَيِّدًا أَوْ أَمَةً جَيِّدَةً وَالسُّلْطَانُ يَأْخُذُ فَأَخَذَ ضَمِنَ. وَلَوْ كَانَ السَّاعِي قِنًّا ضَمِنَ بَعْدَ عِتْقِهِ، وَسَوَاءٌ أَخْبَرَ السَّاعِي عِنْدَ السُّلْطَانِ أَوْ عِنْدَ غَيْرِهِ لَوْ كَانَ ذَلِكَ الْغَيْرُ يَقْدِرُ عَلَى أَخْذِ الْمَالِ مِنْهُ وَيَعْجِزُ عَنْ دَفْعِهِ ضَمِنَ السَّاعِي، مِنْ الْفُصُولَيْنِ. لَا حَاجَةَ فِي دَعْوَى السِّعَايَةِ إلَى ذِكْرِ اسْمِ قَابِضِ الْمَالِ وَنَسَبِهِ؛ لِأَنَّهُ جَعَلَ آلَةَ التَّضْمِينِ السِّعَايَةَ، أَمَّا لَوْ قَالَ فُلَانٌ عمر ردومر تاريان كرد بذمرا ظَالِمًا فَإِنَّ بِمُجَرَّدِ هَذَا لَا تَصِحُّ الدَّعْوَى، وَكَذَا لَوْ ادَّعَى أَنَّهُ أَخَذَهُ فُلَانٌ بِغَيْرِ حَقٍّ، وَكَذَا لَوْ ادَّعَى أَنَّهُ ارْتَشَى لَا يَصِحُّ أَيْضًا بِدُونِ التَّفْسِيرِ فَإِنْ فَسَّرَ عَلَى الْوَجْهِ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 154 يُسْمَعُ وَإِلَّا فَلَا. رَجُلٌ فَرَّ مِنْ ظَالِمٍ فَأَخَذَهُ إنْسَانٌ حَتَّى أَدْرَكَهُ الظَّالِمُ فَأَخَذَهُ عَلَى قَوْلِ مُحَمَّدٍ يَضْمَنُ كَفَاتِحِ الْقَفَصِ وَالْفَتْوَى فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ عَلَى هَذِهِ الرِّوَايَةِ بِخِلَافِ مَسْأَلَةِ السِّعَايَةِ، وَكَذَا لَوْ رَجُلٌ يَطْلُبُ رَجُلًا فَأَخَذَهُ وَأَخْسَرَهُ هَلْ يَضْمَنُ الدَّالُّ عَلَى هَذَا وَالسِّعَايَةُ الْمُوجِبَةُ لِلضَّمَانِ أَنْ يَقُولَ شَيْئًا هُوَ سَبَبٌ لِأَخْذِ الْمَالِ وَهُوَ لَا يَكُونُ بِهِ قَاصِدَ الْحِسْبَةِ فَإِنْ كَانَ قَاصِدَ الْحِسْبَةِ لَا يَكُونُ سِعَايَةً وَتَفْسِيرُ السِّعَايَةِ قَالَ شَمْسُ الْإِسْلَامِ لَوْ قَالَ عِنْدَ ظَالِمٍ فُلَانٌ وَجَدَ مَالًا أَوْ أَصَابَ مِيرَاثًا أَوْ قَالَ عِنْدَهُ مَالُ فُلَانٍ الْغَائِبِ أَوْ إنَّهُ يُرِيدُ الْفُجُورَ بِأَهْلِي فَإِنْ كَانَ السُّلْطَانُ مِمَّنْ يَأْخُذُ الْمَالَ بِهَذِهِ الْأَسْبَابِ كَانَ ذَلِكَ سَعْيًا مُوجِبًا لِلضَّمَانِ إذَا كَانَ كَاذِبًا فِيمَا قَالَ وَإِنْ كَانَ صَادِقًا فِيمَا قَالَ إلَّا أَنَّهُ لَا يَكُونُ مُتَظَلِّمًا وَلَا مُحْتَسِبًا فِي ذَلِكَ فَكَذَلِكَ وَإِنْ قَالَ إنَّهُ ضَرَبَنِي أَوْ ظَلَمَنِي وَهُوَ كَاذِبٌ فِي ذَلِكَ كَانَ ضَامِنًا اهـ. لَوْ وَقَعَ فِي قَلْبِهِ أَنَّهُ يَجِيءُ إلَى امْرَأَتِهِ أَوْ أَمَتِهِ فَرَفَعَ إلَى السُّلْطَانِ فَغَرَّمَهُ وَظَهَرَ كَذِبُهُ لَمْ يَضْمَنْ السَّاعِي عِنْدَ الشَّيْخَيْنِ وَضَمِنَ عِنْدَ مُحَمَّدٍ وَبِهِ يُفْتَى لِغَلَبَةِ السِّعَايَةِ فِي زَمَانِنَا. وَفِي فَتَاوَى الدِّينَارِيِّ قَالَ لِلسُّلْطَانِ فُلَانٌ يازن فُلَانٌ فَاحِشه ميكند وَقَوْم ملامت ميكنند بازغى ايستد فَغَرَّمَهُ السُّلْطَانُ لَا يَضْمَنُ الْقَائِلُ كه أَمَرَ معروفست غَمَزَنِي ذَكَرَهُ فِي الْفُصُولَيْنِ. قَالَ فِي الْوُقَايَةِ لَوْ سَعَى بِغَيْرِ حَقٍّ يَضْمَنُ عِنْدَ مُحَمَّدٍ زَجْرًا لَهُ وَبِهِ يُفْتَى اهـ. ذَكَرَ الْبَزْدَوِيُّ أَنَّهُ لَوْ سَعَى إلَى السُّلْطَانِ فَغَرَّمَهُ رُوِيَ عَنْ بَعْضِ عُلَمَائِنَا أَنَّهُمْ أَفْتَوْا بِضَمَانِ السَّاعِي وَبَعْضُهُمْ فَرَّقُوا بَيْنَ سُلْطَانٍ وَسُلْطَانٍ بِأَنَّهُ إذَا كَانَ مَعْرُوفًا بِتَغْرِيمِ مَنْ سَعَى إلَيْهِ ضَمِنَ وَإِلَّا فَلَا قَالَ: وَنَحْنُ لَا نُفْتِي بِهِ فَإِنَّهُ خِلَافُ أُصُولِ أَصْحَابِنَا إذْ السَّعْيُ سَبَبٌ مَحْضٌ لِلْإِهْلَاكِ إذْ السُّلْطَانُ يُغَرِّمُهُ اخْتِيَارًا لَا طَبْعًا وَلَكِنْ نَكِلُ الرَّأْيَ إلَى الْقَاضِي إذْ الْمَوْضِعُ مُجْتَهَدٌ فِيهِ. اشْتَرَى شَيْئًا فَقِيلَ لَهُ شَرَيْته بِثَمَنٍ غَالٍ فَسَعَى الْمُشْتَرِي الْبَائِعَ عِنْدَ ظَالِمٍ فَأَخْسَرَهُ ضَمِنَ إنْ كَانَ كَاذِبًا لَا لَوْ صَادِقًا. وَفِي فَتَاوَى الْقَاضِي ظَهِيرِ الدِّينِ فِي الْوَصَايَا ادَّعَى عَلَيْهِ سَرِقَةً وَقَدَّمَهُ إلَى السُّلْطَانِ يَطْلُبُ مِنْهُ ضَرْبَهُ حَتَّى يَفِرَّ فَضَرَبَهُ مَرَّةً أَوْ مَرَّتَيْنِ وَحَبَسَهُ فَخَافَ مِنْ التَّعْذِيبِ وَالضَّرْبِ فَصَعَدَ السَّطْحَ لِيَنْفَلِتَ فَسَقَطَ عَنْ السَّطْحِ فَمَاتَ وَقَدْ غَرَّمَهُ فِي هَذَا الْأَمْرِ فَظَهَرَتْ السَّرِقَةُ عَلَى يَدِ غَيْرِهِ فَلِلْوَرَثَةِ أَخْذُ مُدَّعِي السَّرِقَةِ بِدِيَةِ مُورِثِهِمْ وَبِغَرَامَةٍ أَدَّاهَا إلَى السُّلْطَانِ مِنْ الْفُصُولَيْنِ وَفِيهِ اسب يكى رااولاغي كرفتند خداوند اسب ديكرى نمود اسب خودرا خَلَاص كَرِدِّ قِيلَ أَجَابَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ بُرْهَانُ الدِّينِ أَنَّهُ يَضْمَنُ وَلَوْ كَانَ الرِّوَايَةُ بِخِلَافِهِ وَهِيَ أَنَّهُ إذَا دَلَّ الْمُودِعُ سَارِقًا ضَمِنَ لِالْتِزَامِهِ الْحِفْظَ بِخِلَافِ غَيْرِ الْمُودِعِ فَاعْتَبَرَهَا بِمَسْأَلَةِ السِّعَايَةِ بِغَيْرِ حَقٍّ اهـ. اشْتَرَى جَارِيَةً بِغَيْبَةِ النَّخَّاسِ وَمَضَتْ مُدَّةٌ فَأَخْبَرَهُ بِهَذَا إنْسَانٌ فَأَخَذَ النِّخَاسَةَ يَضْمَنُ قُلْتُ وَهَذِهِ وَاقِعَةٌ فِي زَمَانِنَا فِي دِيَارِنَا فَإِنَّ الظَّلَمَةَ يَأْخُذُونَ الدَّامِغَانِ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 155 مِنْ جَمِيعِ السِّلَعِ فَمَنْ أَخْبَرَهُمْ بِبَيْعٍ أَوْ شِرَاءٍ حَتَّى أَخَذُوا الدَّامِغَانِ أَوْ الْجِبَايَةَ مِنْهُ يَضْمَنُ وَلِلْمَظْلُومِ أَنْ يَرْجِعَ عَلَيْهِ. أَخْبَرَ الظَّلَمَةُ أَنَّ لِفُلَانٍ حِنْطَةً فِي مَطْمُورَةٍ فَأَخَذُوهَا مِنْهُ فَلَهُ أَنْ يَرْجِعَ بِهَا عَلَى الْمُخْبِرِ، وَكَذَا إذَا عَلِمَهَا الظَّالِمُ لَكِنْ أَمَرَهُ السَّاعِي بِالْأَخْذِ يَضْمَنُ. شَكَا عِنْدَ الْوَالِي بِغَيْرِ حَقٍّ وَأَتَى بِقَائِدٍ فَضَرَبَ الْمَشْكُوَّ عَلَيْهِ فَكَسَرَ سِنَّهُ أَوْ يَدَهُ يَضْمَنُ الشَّاكِي أَرْشَهُ كَالْمَالِ، وَقِيلَ: إنَّ مَنْ حُبِسَ بِسِعَايَةٍ فَهَرَبَ وَتَسَوَّرَ جِدَارَ السِّجْنِ فَأَصَابَ بَدَنَهُ تَلَفٌ يَضْمَنُ السَّاعِي فَكَيْفَ هَاهُنَا فَقِيلَ أَتُفْتِي بِالضَّمَانِ فِي مَسْأَلَةِ الْهَرَبِ قَالَ لَا وَلَوْ مَاتَ الْمَشْكُوُّ عَلَيْهِ بِضَرْبِ الْقَائِدِ لَا يَضْمَنُ الشَّاكِي؛ لِأَنَّ الْمَوْتَ فِيهِ نَادِرٌ فَسِعَايَتُهُ لَا تُقْضَى إلَيْهِ غَالِبًا. قَالَ لِغَيْرِهِ: ادْفَعْ هَذِهِ الْقُمْقُمَةَ إلَى أَحَدٍ مِنْ الصَّفَّارِينَ لِيُصْلِحَهَا فَدَفَعَهَا إلَى أَحَدٍ وَنَسِيَهُ لَمْ يَضْمَنْ كَالْمُودَعِ إذَا نَسِيَ الْوَدِيعَةَ أَنَّهَا فِي أَيِّ مَوْضِعٍ وَمِثْلُهُ فِي فَتَاوَى صَاعِدٍ. ادْفَعْ هَذَا الْغَزْلَ إلَى نَسَّاجٍ وَلَمْ يُعَيِّنْهُ وَلَمْ يَقُلْ: إلَى مَنْ شِئْت فَدَفَعَ وَهَرَبَ الْمَدْفُوعُ إلَيْهِ لَا يَضْمَنُ كَذَا فِي الْغَصْبِ مِنْ الْقُنْيَةِ. قَوْمٌ وَقَعَتْ بِهِمْ الْمُصَادَرَةُ فَأَمَرُوا رَجُلًا بِأَنْ يَسْتَقْرِضَ لَهُمْ مَالًا يُنْفَقُ فِي هَذِهِ الْمُؤْنَاتِ فَفَعَلَ فَالْمُقْرِضُ يَرْجِعُ عَلَى الْمُسْتَقْرِضِ، وَالْمُسْتَقْرِضُ هَلْ يَرْجِعُ عَلَى الْآخَرِينَ؟ إنْ شَرَطَ الرُّجُوعَ يَرْجِعُ وَبِدُونِ الشَّرْطِ هَلْ يَرْجِعُ اخْتَلَفَ الْمَشَايِخُ فِيهِ هَذِهِ فِي الْوَصَايَا مِنْ الْخُلَاصَةِ. رَجُلٌ قَالَ لِغَيْرِهِ: كُلْ هَذَا الطَّعَامَ فَإِنَّهُ طَيِّبٌ فَأَكَلَهُ فَإِذَا هُوَ مَسْمُومٌ فَمَاتَ لَا يَضْمَنُ كَمَا لَوْ قَالَ لِغَيْرِهِ اُسْلُكْ هَذَا الطَّرِيقَ فَإِنَّهُ آمِنٌ فَسَلَكَ فَأَخَذَهُ اللُّصُوصُ لَا يَضْمَنُ كَمَا فِي قَاضِي خَانْ مِنْ الْغَصْبِ. وَلَوْ قَالَ لَهُ لَوْ مَخُوفًا: وَأُخِذَ مَالَكَ فَأَنَا ضَامِنٌ يَضْمَنُ ذَكَرَهُ فِي الْفُصُولَيْنِ عَنْ فَوَائِدِ ظَهِيرِ الدِّينِ، ثُمَّ قَالَ: فَصَارَ الْأَصْلُ أَنَّ الْمَغْرُورَ إنَّمَا يَرْجِعُ عَلَى الْغَارِّ لَوْ حَصَلَ الْغُرُورُ فِي ضِمْنِ الْمُعَاوَضَةَ، أَوْ ضَمِنَ الْغَارُّ صِفَةَ السَّلَامَةِ كَمَا لَوْ قَالَ الطَّحَّانُ لِرَبِّ الْبُرِّ: اجْعَلْهُ فِي الدَّلْوِ فَجَعَلَهُ فِيهِ فَذَهَبَ مِنْ الثُّقْبِ إلَى الْمَاءِ وَالطَّحَّانُ كَانَ عَالِمًا بِهِ يَضْمَنُ إذْ غَرَّهُ فِي ضِمْنِ الْعَقْدِ، وَهُوَ يَقْتَضِي السَّلَامَةَ ثُمَّ قَالَ نَقْلًا عَنْ الْمُحِيطِ مَا ذُكِرَ مِنْ الْجَوَابِ فِي قَوْلِهِ فَإِنْ أُخِذَ مَالُكَ فَأَنَا ضَامِنٌ مُخَالِفٌ لِمَا ذَكَرَهُ الْقُدُورِيُّ فَقَدْ ذَكَرَ أَنَّ مَنْ قَالَ لِغَيْرِهِ: مَنْ غَصَبَك مِنْ النَّاسِ، أَوْ مَنْ بَايَعْت مِنْ النَّاسِ فَأَنَا ضَامِنٌ لِذَلِكَ فَهُوَ بَاطِلٌ اهـ. رَجُلٌ قَالَ لِآخَرَ: اُخْرُقْ ثَوْبَ فُلَانٍ فَخَرَقَهُ فَالضَّمَانُ عَلَى الَّذِي خَرَقَهُ لَا عَلَى الْآمِرِ مِنْ الْخُلَاصَةِ مِنْ الْغَصْبِ. رَجُلَانِ عَلَى شَطَّيْ نَهْرٍ فَقَالَ أَحَدُهُمَا: ارْمِ بِفَاسِي إلَيَّ فَرَمَاهُ فَضَاعَ فِي الْمَاءِ يَضْمَنُ إذَا كَانَتْ قُوَّتُهُ لَوْ رَمَى يُوَصِّلُهُ إلَى الشَّطِّ وَإِلَّا فَلَا. أَمَرَ غَيْرَهُ أَنْ يَنْظُرَ إلَى خَابِيَةٍ هَلْ صَارَ خَلًّا فَنَظَرَ وَسَالَ فِيهَا مِنْ أَنْفِهِ دَمٌ وَقَدْ صَارَ خَلًّا يَضْمَنُ النُّقْصَانَ مَا بَيْنَ طَهَارَتِهِ وَنَجَاسَتِهِ مِنْ الْقُنْيَةِ مِنْ الْغَصْبِ. الْحُرُّ الْبَالِغُ إذَا أَمَرَ عَبْدًا صَغِيرًا، أَوْ كَبِيرًا مَأْذُونًا فِي التِّجَارَةِ، أَوْ مَحْجُورًا عَلَيْهِ لِيَقْتُلَ رَجُلًا خَطَأً فَقَتَلَ يُخَاطَبُ مَوْلَى الْمَأْمُورِ بِالدَّفْعِ، أَوْ الْفِدَاءِ، وَكَذَا فِي كُلِّ مَوْضِعٍ لَا يَكُونُ مُوجِبًا لِلْقِصَاصِ ثُمَّ يَرْجِعُ مَوْلَى الْعَبْدِ بِأَقَلَّ مِنْ قِيمَتِهِ وَمِنْ دِيَةِ الْمَقْتُولِ عَلَى الْآمِرِ فِي مَالِهِ وَلِهَذَا لَوْ تَلِفَ فِي حَالِ اسْتِعْمَالِهِ يَضْمَنُ كَذَا فِي الْجِنَايَاتِ مِنْ الْخُلَاصَةِ. رَجُلٌ قَالَ لِصَبِيٍّ مَحْجُورٍ اصْعَدْ هَذِهِ الشَّجَرَةَ وَانْفُضْ لِي ثِمَارَهَا فَصَعِدَ الصَّبِيُّ وَسَقَطَ وَهَلَكَ كَانَ عَلَى عَاقِلَةِ الْآمِرِ دِيَةُ الصَّبِيِّ، وَكَذَا لَوْ أَمَرَهُ بِحَمْلِ شَيْءٍ، أَوْ كَسْرِ حَطَبٍ يَضْمَنُ. وَلَوْ قَالَ اصْعَدْ هَذِهِ الشَّجَرَةَ وَانْفُضْ الثِّمَارَ وَلَمْ يَقُلْ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 156 اُنْفُضْ لِي فَفَعَلَ الصَّبِيُّ ذَلِكَ فَعَطِبَ اخْتَلَفَ الْمَشَايِخُ فِيهِ وَالصَّحِيحُ أَنَّهُ يَضْمَنُ سَوَاءٌ قَالَ اُنْفُضْ لِي الشَّجَرَةَ، أَوْ قَالَ اُنْفُضْ وَلَمْ يَقُلْ لِي. رَجُلٌ رَأَى صَبِيًّا عَلَى حَائِطٍ، أَوْ شَجَرَةٍ فَصَاحَ بِهِ الرَّجُلُ وَقَالَ لَهُ قَعْ فَوَقَعَ الصَّبِيُّ وَمَاتَ ضَمِنَ الْقَائِلُ دِيَتَهُ، وَلَوْ قَالَ لَا تَقَعْ فَوَقَعَ وَمَاتَ لَا يَضْمَنُ. وَلَوْ أَنَّ بَالِغًا أَمَرَ صَبِيًّا بِتَخْرِيقِ ثَوْبِ إنْسَانٍ، أَوْ بِقَتْلِ دَابَّتِهِ فَضَمَانُ ذَلِكَ فِي مَالِ الصَّبِيِّ ثُمَّ يَرْجِعُ بِهِ عَلَى الْآمِرِ، وَكَذَا لَوْ أُمِرَ بِقَتْلِ رَجُلٍ فَقَتَلَهُ كَانَ عَلَى عَاقِلَةِ الصَّبِيِّ الدِّيَةُ ثُمَّ تَرْجِعُ عَلَى عَاقِلَةِ الْآمِرِ عَلِمَ الصَّبِيُّ بِفَسَادِ الْأَمْرِ، أَوْ لَمْ يَعْلَمْ، وَلَوْ أَنَّ عَبْدًا مَأْذُونًا أَمَرَ صَبِيًّا بِتَخْرِيقِ ثَوْبِ إنْسَانٍ قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ يَضْمَنُ الْآمِرُ. وَلَوْ أَمَرَهُ بِقَتْلِ رَجُلٍ فَفَعَلَ لَا يَضْمَنُ الْآمِرُ. وَلَوْ أَمَرَ صَبِيًّا بَالِغًا بِقَتْلِ إنْسَانٍ فَقَتَلَهُ وَجَبَتْ الدِّيَةُ عَلَى عَاقِلَةِ الْقَاتِلِ وَلَا يُرْجَعُ بِذَلِكَ عَلَى عَاقِلَةِ الْآمِرِ، وَلَوْ أَمَرَ صَبِيًّا بَالِغًا لَا يَضْمَنُ الْآمِرُ. وَلَوْ أَمَرَ بَالِغٌ بَالِغًا بِذَلِكَ كَانَ الضَّمَانُ عَلَى الْقَاتِلِ وَلَا شَيْءَ عَلَى الْآمِرِ. لَوْ أَنَّ عَبْدًا مَحْجُورًا بَالِغًا أَمَرَ عَبْدًا مِثْلَهُ بِقَتْلِ رَجُلٍ، أَوْ كَانَ الْآمِرُ بَالِغًا وَالْمَأْمُورُ صَغِيرًا فَفَعَلَ يَرْجِعُ بِالضَّمَانِ عَلَى الْآمِرِ بَعْدَ الْعِتْقِ، وَلَوْ أَنَّ صَغِيرًا حُرًّا أَمَرَهُ عَبْدٌ مَحْجُورٌ صَغِيرٌ بِذَلِكَ فَفَعَلَ ضَمِنَ الصَّغِيرُ وَلَا يَرْجِعُ عَلَى الْعَبْدِ الْآمِرِ هَاهُنَا وَإِنْ أُعْتِقَ الْآمِرُ. وَلَوْ ضَرَبَ الْمُعَلِّمُ أَوْ الْأُسْتَاذُ الصَّبِيَّ أَوْ التِّلْمِيذَ بِأَمْرِ الْأَبِ فَمَاتَ لَا يَضْمَنُ مِنْ جِنَايَاتِ قَاضِي خَانْ وَالْأَخِيرَةُ مَرَّتْ فِي مَسَائِلِ الْإِجَارَةِ مُفَصَّلَةً فَلْيُطْلَبْ مِنْهَا. وَفِي الْجِنَايَاتِ مِنْ الْخُلَاصَةِ لَوْ كَانَ الْآمِرُ عَبْدًا إنْ كَانَ مَأْذُونًا وَهُوَ صَغِيرٌ، أَوْ كَبِيرٌ وَالْمَأْمُورُ مَأْذُونٌ، أَوْ مَحْجُورٌ صَغِيرٌ، أَوْ كَبِيرٌ يُخَاطَبُ مَوْلَى الْمَأْمُورِ بِالدَّفْعِ، أَوْ الْفِدَاءِ ثُمَّ يَرْجِعُ بِأَقَلِّ مِنْ قِيمَةِ الْمَأْمُورِ وَأَرْشُ الْجِنَايَةِ فِي رَقَبَةِ الْآمِرِ كَذَا فِي الزَّكَاةِ مِنْ الْخُلَاصَةِ. أَمَرَهُ أَنْ يُؤَدِّيَ زَكَاةَ مَالِهِ عَنْ نَفْسِهِ، أَوْ قَالَ هَبْ لِفُلَانٍ شَيْئًا، أَوْ قَالَ عَوِّضْ الْوَاهِبَ لِي عَنْ هِبَتِهِ مِنْ مَالِكٍ، أَوْ أَنْفِقْ عَلَى عِيَالِي، أَوْ مَنْ فِي فِنَاءِ دَارِي مِنْ مَالِك وَلَا خَلَطَ بَيْنَهُمَا وَلَا شَرَطَ الرُّجُوعَ، قَالَ الْإِمَامُ السَّرَخْسِيُّ: يَرْجِعُ الْمَأْمُورُ فِي ذَلِكَ كُلِّهِ عَلَى الْآمِرِ وَقَالَ الْإِمَامُ خُوَاهَرْ زَادَهْ لَا يَرْجِعُ بِغَيْرِ شَرْطٍ وَفِي الْجِبَايَاتِ وَالْمُؤَنِ الْمَالِيَّةِ إذَا أَمَرَ غَيْرَهُ بِأَدَائِهَا قَالَ الْإِمَامُ الْبَزْدَوِيُّ يَرْجِعُ الْمَأْمُورُ عَلَى الْآمِرِ بِغَيْرِ شَرْطٍ، وَكَذَا فِي كُلِّ مَا كَانَ مُطَالَبًا بِهِ مِنْ جِهَةِ الْعِبَادِ حِسًّا وَالرَّجُلُ إذَا أَخَذَهُ السُّلْطَانُ لِيُصَادِرَهُ فَقَالَ لِرَجُلٍ خَلِّصْنِي، أَوْ أَسِيرٌ فِي يَدِ الْكَافِرِ إذَا قَالَ لِغَيْرِهِ ذَلِكَ فَدَفَعَ الْمَأْمُورُ مَالًا وَخَلَّصَهُ مِنْهُ قَالَ بَعْضُهُمْ لَا يَرْجِعُ الْمَأْمُورُ فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ إلَّا بِشَرْطِ الرُّجُوعِ وَقَالَ بَعْضُهُمْ فِي الْأَسِيرِ يَرْجِعُ بِلَا شَرْطٍ لَا فِي الْمُصَادَرَةِ وَالْإِمَامُ السَّرَخْسِيِّ عَلَى أَنَّهُ يَرْجِعُ فِيهِمَا بِلَا شَرْطِ الرُّجُوعِ كَمَا فِي الْمَدْيُونِ إذَا أَمَرَ آخَرَ أَنْ يَقْضِيَ دَيْنَهُ عَنْهُ اهـ. وَفِيهَا مِنْ الْإِجَارَةِ رَجُلٌ اسْتَأْجَرَ حِمَارًا مِنْ بُخَارَى إلَى نَسَفَ فَلَمَّا سَارَ بَعْضَ الطَّرِيقِ عَيِيَ الْحِمَارُ فِي الطَّرِيقِ يُقَالُ لَهُ بِالْفَارِسِيَّةِ فروماند وَكَانَ صَاحِبُ الْحِمَارِ بِنَسْفٍ فَأَمَرَ هُوَ رَجُلًا بِأَنْ يُنْفِقَ عَلَى الْحِمَارِ وَبَيَّنَ لَهُ الْأُجْرَةَ فَفَعَلَ، إنْ كَانَ الْمَأْمُورُ يَعْلَمُ أَنَّ الْآمِرَ لَيْسَ بِصَاحِبِ الْحِمَارِ لَا يَرْجِعُ عَلَى أَحَدٍ إلَّا أَنْ يَكُونَ الْآمِرُ ضَمِنَ لَهُ وَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ يَرْجِعُ عَلَى الْآمِرِ انْتَهَى وَتَمَامُ الْكَلَامِ عَلَى هَذَا النَّوْعِ مِنْ الْمَسَائِلِ يَأْتِي فِي بَابِ الْوِكَالَةِ فَلْيُطْلَبْ هُنَاكَ. رَجُلٌ دَفَعَ إلَى آخَرَ مُرًّا قَالَ لَهُ اسْقِ بِهِ أَرْضِي وَلَا تَسْقِ بِهِ أَرْضَ غَيْرِي فَسَقَى بِهِ أَرْضَ الْآمِرِ ثُمَّ سَقَى أَرْضَ غَيْرِهِ فَضَاعَ الْمُرَّانِ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 157 ضَاعَ قَبْلَ أَنْ يَفْرُغَ مِنْ السَّقْيِ الثَّانِي ضَمِنَ وَإِنْ ضَاعَ بَعْدَ مَا فَرَغَ لَا يَضْمَنُ هَذِهِ فِي الْوَدِيعَةِ مِنْ الْخُلَاصَةِ. قَالَ لِآخَرَ: ادْفَعْ إلَى هَذَا الرَّجُلِ دِينَارًا فَدَفَعَ بِحَضْرَتِهِ لَا يَرْجِعُ عَلَى الْآمِرِ إلَّا إذَا كَانَ بَيْنَ الْآمِرِ لِلْمَأْمُورِ. أَخَذَ وَعْظًا وَقَالَ لِجَارِهِ: اخْتِنْ وَلَدِي مَعَ وَلَدِك تاهرجه خَرَجَ كنى مِنْ حِصَّتِهِ خودبدهم فَفَعَلَ فَاِتَّخَذَ ضِيَافَةً فَلَهُ أَنْ يَرْجِعَ عَلَى الْآمِرِ إنْ كَانَ ابْنُهُ صَغِيرًا وَإِنْ كَانَ بَالِغًا لَا يَرْجِعُ إلَّا أَنْ يَقُولَ الْأَبُ عَلَى أَنِّي ضَامِنٌ مِنْ وِكَالَةِ الْقُنْيَةِ. إذَا أَمَرَ إنْسَانًا بِأَخْذِ مَالِ الْغَيْرِ فَالضَّمَانُ عَلَى الْآخِذِ؛ لِأَنَّ الْأَمْرَ لَمْ يَصِحَّ وَفِي كُلِّ مَوْضِعٍ لَا يَصِحُّ الْأَمْرُ لَا يَجِبُ الضَّمَانُ عَلَى الْآمِرِ. الْجَابِي لَوْ أَمَرَ الْعَوَانَ بِالْأَخْذِ فَفِيهِ نَظَرٌ بِاعْتِبَارِ الظَّاهِرِ لَا يَجِبُ عَلَى الْجَابِي الضَّمَانُ وَإِنَّمَا يَجِبُ عَلَى الْآخِذِ، وَبِاعْتِبَارِ السَّعْيِ يَجِبُ عَلَى الْجَابِي فَيُتَأَمَّلُ فِي ذَلِكَ عِنْدَ الْفَتْوَى قَالَ أُسْتَاذُنَا: الْفَتْوَى عَلَى أَنَّ الْآخِذَ ضَامِنٌ عَلَى كُلِّ حَالٍ ثُمَّ هَلْ يَرْجِعُ عَلَى الْآمِرِ أَمْ لَا إنْ كَانَ دَفَعَ الْمَأْخُوذُ إلَى الْآمِرِ رَجَعَ وَإِنْ هَلَكَ عِنْدَهُ، أَوْ اُسْتُهْلِكَ لَا يَرْجِعُ فَإِنْ أَنْفَقَهُ فِي حَاجَةِ الْآمِرِ بِأَمْرِهِ فَهُوَ بِمَنْزِلَةِ الْمَأْمُورِ بِالْإِنْفَاقِ مِنْ مَالِ نَفْسِهِ فِي حَاجَةِ الْآمِرِ عَلَى التَّفْصِيلِ الَّذِي فِي كِتَابِ الْوَكَالَةِ مِنْ الصُّغْرَى قُلْتُ وَاَلَّذِي فِي الْوَكَالَةِ أَنَّهُ لَوْ أَمَرَ بِإِنْفَاقِ مَالِهِ فِي حَوَائِجِهِ رَجَعَ عَلَى الْآمِرِ وَإِنْ لَمْ يُشْتَرَطْ الرُّجُوعُ. وَأَمَّا الْجَابِي لَوْ أَرَى الْعَوَانَ بَيْتَ الْمَالِكِ وَلَمْ يَأْمُرْ بِشَيْءٍ، أَوْ الشَّرِيكُ أَرَى الْعَوَانَ بَيْتَ شَرِيكِهِ حَتَّى أَخَذَ الْمَالَ، أَوْ أَخَذَ مِنْ بَيْتِهِ رَهْنًا بِالْمَالِ الْمَطْلُوبِ لِأَجْلٍ مِلْكِهِ وَضَاعَ الرَّهْنُ فَلَا يَضْمَنُ وَاحِدٌ مِنْهُمَا مِنْ الْجَابِي وَالشَّرِيكِ بِلَا شُبْهَةٍ، إذْ لَمْ يُوجَدْ مِنْهُمَا أَمْرٌ وَلَا حَمْلٌ، وَدَفْعُ الْعَوَانِ مُمْكِنٌ وَأَمَّا دَفْعُ السُّلْطَانِ فَلَا يُمْكِنُ كَمَا فِي الْفُصُولَيْنِ عَنْ الْمُحِيطِ وَفِيهِ نَقْلًا عَنْ فَوَائِدِ صَدْرِ الْإِسْلَامِ طَاهِرِ بْنِ مُحَمَّدٍ لَوْ كَانَ الْآمِرُ سَاكِنًا فِي الدَّارِ، أَوْ اسْتَأْجَرَهُ عَلَى الْحَفْرِ رَجَعَ الْحَافِرُ بِمَا ضَمِنَ عَلَى الْآمِرِ. زَنَى مردى راكفت كه أَيْنَ خاكرا ازين خَانَهُ بيرون انداز فَأَلْقَاهُ ثُمَّ حَضَرَ زَوْجُ الْمَرْأَةِ فَقَالَ: إنِّي وَضَعْت كَذَا ذَهَبًا فِي ذَلِكَ التُّرَابِ فَلَوْ ثَبَتَ ضَمِنَ الْمَأْمُورُ. وَفِيهِ عَنْ عَدِّهِ خَرَقَ ثَوْبَ إنْسَانٍ بِأَمْرِ غَيْرِهِ ضَمِنَ الْمُخْرِقُ لَا الْآمِرُ وَاَلَّذِي يَضْمَنُ بِالْأَمْرِ السُّلْطَانُ، أَوْ الْمَوْلَى إذَا أَمَرَ قِنَّهُ وَفِيهِ عَنْ الذَّخِيرَةِ ضَمِنَ الْآمِرُ لَوْ سُلْطَانًا لَا لَوْ غَيْرُهُ إذْ أَمْرُ السُّلْطَانِ إكْرَاهٌ إذْ الْمَأْمُورُ يَعْلَمُ عَادَةً أَنَّهُ يُعَاقِبُهُ إنْ لَمْ يَمْتَثِلْ أَمْرَهُ بِخِلَافِ غَيْرِ السُّلْطَانِ فَيَضْمَنُ السُّلْطَانُ لَا مَأْمُورُهُ، وَفِيهِ عَنْ السِّيَرِ الْكَبِيرِ أَنَّ مُجَرَّدَ أَمْرِ الْإِمَامِ لَيْسَ بِإِكْرَاهٍ لَوْ كَانَ الْمَأْمُورُ لَا يَخَافُ مِنْهُ لَوْ لَمْ يَمْتَثِلْ أَمْرَهُ وَفِيهِ وَمِنْ النَّاسِ مَنْ جَعَلَ مُجَرَّدَ أَمْرِهِ إكْرَاهًا، وَلَوْ كَانَ الْمَأْمُورُ لَا يَخَافُ مِنْهُ لَوْ لَمْ يَمْتَثِلْ وَذُكِرَ فِي الْأَشْبَاهِ أَنَّ الْأَبَ أَيْضًا يَضْمَنُ بِأَمْرِ ابْنِهِ. لَوْ أَمَرَ قِنَّ غَيْرِهِ بِإِتْلَافِ مَالِ رَجُلٍ يَغْرَمُ مَوْلَاهُ ثُمَّ يَرْجِعُ بِهِ عَلَى آمِرِهِ؛ لِأَنَّهُ مُسْتَعْمِلٌ لِلْقِنِّ فَصَارَ غَاصِبًا، وَلَوْ أَمَرَهُ بِإِبَاقٍ، أَوْ قَالَ لَهُ اُقْتُلْ نَفْسَك فَفَعَلَ يَضْمَنُ الْآمِرُ قِيمَتَهُ، وَلَوْ أَمَرَهُ بِإِتْلَافِ مَالِ مَوْلَاهُ فَأَتْلَفَهُ لَمْ يَضْمَنْ الْآمِرُ مِنْ الْفُصُولَيْنِ قُلْتُ: فَعُلِمَ مِمَّا تَقَرَّرَ أَنَّ الْآمِرَ لَا يَضْمَنُ بِالْأَمْرِ إلَّا فِي سِتَّةٍ: الْأُولَى: إذَا كَانَ الْآمِرُ السُّلْطَانَ. الثَّانِيَةُ: إذَا كَانَ مَوْلًى لِلْمَأْمُورِ. الثَّالِثَةُ: إذَا كَانَ أَبًا لِلْمَأْمُورِ. الرَّابِعَةُ: إذَا كَانَ الْمَأْمُورُ صَبِيًّا الجزء: 1 ¦ الصفحة: 158 وَالْآمِرُ بَالِغًا وَلَمْ يَتَعَرَّضْ لِهَذَا الْقَيْدِ فِي الْأَشْبَاهِ وَلَا بُدَّ مِنْهُ يُرْشِدُك إلَيْهِ مَا نَقَلْنَاهُ عَنْ قَاضِي خَانْ آنِفًا. السَّادِسَةُ: إذَا أَمَرَهُ بِحَفْرِ بَابٍ فِي حَائِطِ الْغَيْرِ فَالضَّمَانُ عَلَى الْحَافِرِ وَيَرْجِعُ بِهِ عَلَى الْآمِرِ ثُمَّ وَجَدْتُ أُخْرَى وَهِيَ جَاءَ بِدَابَّةٍ إلَى النَّهْرِ لِيَغْسِلَهَا فَقَالَ لِرَجُلٍ أَدْخِلْهَا النَّهْرَ فَأَدْخَلَهَا فَغَرِقَتْ وَكَانَ الْآمِرُ سَائِسَ الدَّابَّةِ لِرَجُلٍ آخَرَ وَلَمْ يَعْلَمْ الْمَأْمُورُ بِذَلِكَ فَلَوْ كَانَ الْمَاءُ بِحَالٍ لَا يُدْخِلُ النَّاسُ دَوَابَّهُمْ فِيهِ ضَمِنَ رَبُّهَا أَيَّهُمَا شَاءَ فَلَوْ ضَمِنَ الْمَأْمُورُ وَرَجَعَ عَلَى السَّائِسِ كَمَا فِي الْفُصُولَيْنِ فَيَصِيرُ الْمُسْتَثْنَى سَبُعًا، ثُمَّ وَجَدْتُ أُخْرَى وَهِيَ صَاحِبُ حَانُوتٍ أَمَرَ أَجِيرًا لَهُ لِيُرْسِلَ لَهُ الْمَاءَ فِي طَرِيقِ الْمُسْلِمِينَ فَفَعَلَ وَعَطِبَ بِهِ إنْسَانٌ عَنْ أَبِي يُوسُفَ يَضْمَنُ الْآمِرُ، وَلَوْ أَمَرَهُ بِالْوُضُوءِ فَتَوَضَّأَ كَانَ الضَّمَانُ عَلَى الْأَجِيرِ؛ لِأَنَّ مَنْفَعَةَ الْوُضُوءِ تَكُونُ لِلْمُتَوَضِّئِ وَمَنْفَعَةَ الْإِرْسَالِ تَكُونُ لِلْآمِرِ كَمَا فِي آخِرِ الْإِجَارَةِ مِنْ قَاضِي خَانْ وَفِيهِ مِنْ الْجِنَايَاتِ لَوْ أَمَرَ أَجِيرًا، أَوْ سَقَّاءً بِرَشِّ الْمَاءِ فِي فِنَاءِ دُكَّانِهِ فَعَطِبَ بِهِ إنْسَانٌ ضَمِنَ الْآمِرُ لَا الرَّاشُّ انْتَهَى ثُمَّ وَجَدْتُ أُخْرَى وَهِيَ لَوْ أَمَرَ آخَرَ بِذَبْحِ هَذِهِ الشَّاةِ فَذَبَحَهَا ثُمَّ ظَهَرَ أَنَّ الشَّاةَ لِغَيْرِهِ يَضْمَنُ الْمَأْمُورُ وَيَرْجِعُ عَلَى الْآمِرِ، فَقَوْلُ بَعْضِهِمْ: الْآمِرُ لَا يَضْمَنُ بِالْأَمْرِ إلَّا فِي خَمْسَةٍ لَيْسَ حَصْرًا يُعْتَدُّ بِهِ كَمَا تَرَى إذْ قَدْ بَلَغَتْ ثَمَانِيًا. لَوْ أَرَاهُ قَوْسًا وَقَالَ لَهُ: مُدَّهُ فَمَدَّهُ فَانْكَسَرَ لَا يَضْمَنُ، وَلَوْ لَمْ يَكُنْ بِأَمْرِهِ ضَمِنَ، وَلَوْ دَفَعَ إلَيْهِ دِرْهَمًا لِيَنْقُدَهُ فَغَمَزَهُ فَانْكَسَرَ فَهُوَ عَلَى هَذَا وَقَدْ مَرَّ. دَفَعَ إلَيْهِ قِنًّا مُقَيَّدًا بِسِلْسِلَةٍ وَقَالَ لَهُ: اذْهَبْ بِهِ إلَى بَيْتِك مَعَ هَذِهِ السِّلْسِلَةِ فَذَهَبَ بِهِ بِلَا سِلْسِلَةٍ فَأَبَقَ الْقِنُّ لَمْ يَضْمَنْ إذْ أُمِرَ بِشَيْئَيْنِ وَقَدْ أَتَى بِأَحَدِهِمَا. دَفَعَ بَعِيرَهُ إلَى رَجُلٍ لِيُكْرِيَهُ وَيَشْتَرِيَ لَهُ شَيْئًا بِكِرَائِهِ فَعَمِيَ الْبَعِيرُ فَبَاعَهُ وَأَخَذَ ثَمَنَهُ فَهَلَكَ، لَوْ كَانَ فِي مَوْضِعٍ يَقْدِرُ عَلَى الرَّفْعِ إلَى الْقَاضِي، أَوْ يَسْتَطِيعُ إمْسَاكَهُ، أَوْ رَدَّهُ أَعْمَى ضَمِنَ وَإِلَّا فَلَا يكى رامال دادكه بِفُلَانِ كَسَّ جون خَطّ بُسْتَانِيّ بِدَهِي فَدَفَعَهُ بِلَا خَطٍّ ضَمِنَ. يكى راعينى دادكه بيش فُلَان أمانت نه وى درخانه خودنهاد حَتَّى هَلَكَ ذَكَرَ فِي الْمَبْسُوطِ مَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ لَا يَضْمَنُ إذْ قَالَ: لَوْ أَعْطَى رَجُلًا قَلْبَ فِضَّةٍ وَقَالَ: ارْهَنْهُ لِي عِنْدَ فُلَانٍ بِعَشْرَةٍ وَقِيمَتُهُ عِشْرُونَ فَأَمْسَكَهُ الْمَأْمُورُ عِنْدَهُ فَأَعْطَاهُ عَشْرَةً وَقَالَ: رَهَنْته كَمَا قُلْت وَلَمْ يَقُلْ رَهَنْته عِنْدَ آخَرَ ثُمَّ هَلَكَ الْقَلْبُ عِنْدَهُ فَلَوْ تَصَادَقَا عَلَى ذَلِكَ رَجَعَ بِالْعَشَرَةِ عَلَى الْآمِرِ وَكَانَ أَمِينًا فِي الْقَلْبِ إذْ الرَّهْنُ مِنْ نَفْسِهِ لَمْ يَجُزْ فَهَذَا أَمِينٌ أَمَرَهُ أَنْ يُودِعَ عِنْدَ آخَرَ فَلَمْ يَفْعَلْ، أَوْ أَمَرَهُ أَنْ يَبِيعَ فَلَمْ يَبِعْ فَلَا يَصِيرُ مُخَالِفًا وَرَجَعَ إذْ أُقْرِضَ وَهُوَ مُقِرٌّ بِهِ. أَمَرَ تِلْمِيذَهُ بِالْبَيْعِ وَتَسْلِيمِ الثَّمَنِ إلَى فُلَانٍ فَبَاعَ وَأَمْسَكَ الثَّمَنَ لَمْ يَضْمَنْ إذْ الْوَكِيلُ لَا يَلْزَمُهُ إتْمَامُ مَا تَبَرَّعَ بِهِ. دَفَعَ إلَى آخَرَ أَلْفًا فَقَالَ: ادْفَعْهُ إلَى فُلَانٍ الْيَوْمَ وَلَمْ يَدْفَعْهُ لَا يَضْمَنُ؛ لِأَنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ ذَلِكَ مِنْ الْفُصُولَيْنِ. وَلَوْ أَمَرَ غَيْرَهُ بِأَنْ يَتَصَدَّقَ بِأَلْفٍ مِنْ مَالِهِ عَلَى جِنْسٍ فَتَصَدَّقَ الْمَأْمُورُ عَلَى غَيْرِهِمْ يَضْمَنُ الْمَأْمُورُ. أَمَرَهُ بِأَنْ يَتَصَدَّقَ بِشَيْءٍ مِنْ مَالِهِ وَدَفَعَ إلَيْهِ فَتَصَدَّقَ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 159 الْمَأْمُورُ عَلَى أَبِ نَفْسِهِ، أَوْ ابْنِهِ جَازَ إجْمَاعًا كَذَا فِي قَاضِي خَانْ مِنْ الْوَصَايَا. لَهُمَا دَيْنٌ عَلَى خَزِينَةِ السُّلْطَانِ، أَوْ الدِّيوَانِ وَلَا يُسْتَخْلَصُ إلَّا بِالرِّشَا وَالْهَدَايَا لِلسُّعَاةِ فِيهِ فَأَمَرَ أَحَدُهُمَا صَاحِبَهُ بِهِمَا عَلَى أَنْ يُعْطِيَ لَهُ بِحِصَّتِهِ يَصِحُّ وَيَرْجِعُ. قَالَ لِآخَرَ: هَبْ لِفُلَانٍ عَنِّي أَلْفَ دِرْهَمٍ فَوَهَبَ كَانَتْ الْهِبَةُ مِنْ الْآمِرِ وَلَا يَرْجِعُ الْمَأْمُورُ عَلَى الْآمِرِ وَلَا عَلَى الْقَابِضِ، وَلِلْآمِرِ أَنْ يَرْجِعَ فِي الْهِبَةِ وَالدَّافِعُ مَمْنُوعٌ. وَلَوْ قَالَ: هَبْ لِفُلَانٍ أَلْفَ دِرْهَمٍ عَلَى أَنِّي ضَامِنٌ فَفَعَلَ جَازَتْ الْهِبَةُ وَيَضْمَنُ الْآمِرُ لِلْمَأْمُورِ وَيَرْجِعُ الْآمِرُ فِي الْهِبَةِ دُونَ الدَّافِعِ هَذِهِ فِي الْوَكَالَةِ مِنْ الْقُنْيَةِ قُلْتُ وَبَعْضُ هَذِهِ الْمَسَائِلِ يُطْلَبُ مِنْ الْوَكَالَةِ مِنْ كِتَابِنَا هَذَا. جَمَاعَةٌ أَجَّرَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ حِمَارَهُ مِنْ رَجُلٍ وَسَلَّمَ إلَيْهِ الْحُمُرَ ثُمَّ قَالَ أَصْحَابُ الْحُمُرِ لِوَاحِدٍ مِنْهُمْ اذْهَبْ أَنْتَ مَعَهُ تَتَعَاهَدُ الْحُمُرَ فَإِنَّا لَا نَعْرِفُهُ فَذَهَبَ الرَّجُلُ مَعَ الْمُسْتَأْجَرِ فَقَالَ لَهُ الْمُسْتَأْجَرُ: قِفْ هُنَا حَتَّى أَذْهَبَ أَنَا بِالْحِمَارِ وَأَحْمِلَ الْجُوَالِقَ وَأَجِيءَ إلَيْك فَذَهَبَ الْمُسْتَأْجَرُ بِالْحِمَارِ وَلَمْ يَقْدِرْ عَلَيْهِ قَالُوا: لَا يَضْمَنُ الْمُتَعَاهِدُ؛ لِأَنَّ أَصْحَابَهُ أَمَرُوهُ بِتَعَاهُدِ مَا كَانَ فِي يَدِ غَيْرِهِمْ فَلَمْ يَكُنْ ذَلِكَ إيدَاعًا مِنْ الْإِجَارَةِ مِنْ قَاضِي خَانْ. أَمَرَ رَجُلًا بِضَرْبِ قِنِّهِ عَشْرَةَ أَسْوَاطٍ فَضَرَبَهُ أَحَدَ عَشَرَ سَوْطًا فَمَاتَ ضَمِنَ نِصْفَ قِيمَتِهِ إذْ الْمُعْتَبَرُ فِي الْقَتْلِ عَدَدُ الْجِنَايَةِ وَهَذَا الْفِقْهُ وَهُوَ أَنَّ الْقَلِيلَ مِنْ الْجِرَاحَةِ فِي الْقَتْلِ مُهْلِكٌ وَالْأَكْثَرَ فِي غَيْرِ الْقَتْلِ غَيْرُ مُهْلِكٍ فَاعْتُبِرَ فِيهِ عَدَدُ الْجِنَايَةِ مِنْ الْفُصُولَيْنِ. وَفِي الْأَشْبَاهِ مِنْ الْجِنَايَاتِ لَوْ أَمَرَهُ أَنْ يَضْرِبَ عَبْدَهُ عَشْرَةَ أَسْوَاطٍ فَضَرَبَهُ أَحَدَ عَشَرَ فَمَاتَ رَفَعَ عَنْهُ مَا نَقَصَتْهُ الْعَشَرَةُ وَضَمِنَ مَا نَقَصَهُ الْأَخِيرُ فَيَضْمَنُهُ مَضْرُوبًا بِعَشْرَةِ أَسْوَاطٍ وَنِصْفِ قِيمَتِهِ انْتَهَى. رَجُلَانِ فِي سَفِينَةٍ مَعَهُمَا مَتَاعٌ ثَقُلَتْ السَّفِينَةُ فَقَالَ أَحَدُهُمَا لِصَاحِبِهِ: أَلْقِ مَتَاعَك عَلَى أَنْ يَكُونَ مَتَاعِي بَيْنَك وَبَيْنِي أَنْصَافًا قَالَ مُحَمَّدٌ هَذَا فَاسِدٌ وَضَمِنَ مَالِكُ الْمَتَاعِ نِصْفَ قِيمَةِ مَتَاعِهِ مِنْ مُشْتَمِلِ الْهِدَايَةِ. قَالَ فِي الْأَشْبَاهِ عَنْ الْقُنْيَةِ: إذَا خِيفَ الْغَرَقُ فَاتَّفَقُوا عَلَى إلْقَاءِ بَعْضِ الْأَمْتِعَةِ فَأَلْقَوْا فَالْغُرْمُ بِعَدَدِ الرُّءُوسِ؛ لِأَنَّهَا لِحِفْظِ الْأَنْفُسِ انْتَهَى. قَالَ لِرَجُلٍ: اُقْتُلْ عَبْدِي لَمْ يَحِلَّ قَتْلُهُ، وَلَوْ قَتَلَهُ لَمْ يَضْمَنْ وَإِنْ قَتَلَ إنْسَانًا بِأَمْرِهِ يَضْمَنُ الدِّيَةَ كَمَا فِي مُشْتَمِلِ الْهِدَايَةِ. وَفِي الْمَجْمَعِ لَوْ قَالَ: اُقْتُلْنِي فَفَعَلَ اُقْتُصَّ مِنْهُ وَمَضَى فِي آخَرَ خِلَافًا لِزُفَرَ وَيَجِبُ فِي مَالِهِ الدِّيَةُ فِي أُخْرَى انْتَهَى. وَذَكَرَ هِشَامٌ عَنْ مُحَمَّدٍ: رَجُلٌ قَالَ لِغَيْرِهِ اقْطَعْ يَدِي فَقَطَعَ لَا شَيْءَ عَلَيْهِ. وَلَوْ قَالَ: اُقْتُلْنِي فَقَتَلَهُ فَعَلَيْهِ الدِّيَةُ بِالْإِجْمَاعِ، وَلَوْ قَالَ: اُقْتُلْ ابْنِي، أَوْ اقْطَعْ يَدَايَ وَهُوَ صَغِيرٌ، أَوْ قَالَ اُقْتُلْ أَخِي وَهُوَ وَارِثُهُ فَقَتَلَهُ لَا يَقْتَصُّ مِنْ الْقَاتِلِ وَيَجِبُ عَلَيْهِ الدِّيَةُ، وَلَوْ قَالَ: اُقْتُلْ عَبْدِي، أَوْ اقْطَعْ يَدَهُ فَفَعَلَ لَا يَضْمَنُ شَيْئًا مِنْ الْوَجِيزِ وَفِيهِ عَنْ الْفَتَاوَى لَوْ قَالَ لِآخَرَ: بِعْتُك دَمِي بِفَلْسٍ، أَوْ بِأَلْفٍ فَقَتَلَهُ يُقْتَصُّ بِهِ انْتَهَى. رَجُلٌ قَالَ لِآخَرَ: احْفِرْ لِي بَابًا فِي هَذَا الْحَائِطِ لِغَيْرِهِ ضَمِنَ الْحَافِرُ وَيَرْجِعُ عَلَى الْآمِرِ، وَكَذَا لَوْ قَالَ: احْفِرْ فِي حَائِطِي وَكَانَ سَاكِنًا فِي تِلْكَ الدَّارِ؛ لِأَنَّهُمَا مِنْ عَلَامَاتِ الْمِلْكِ، وَكَذَا لَوْ اسْتَأْجَرَهُ عَلَى ذَلِكَ. وَلَوْ قَالَ لَهُ احْفِرْ وَلَمْ يَقُلْ لِي وَلَا قَالَ فِي حَائِطِي وَلَمْ يَكُنْ سَاكِنًا فِيهَا وَلَمْ يَسْتَأْجِرْهُ عَلَيْهِ لَا يَرْجِعُ عَلَى الْآمِرِ كَذَا فِي الْجِنَايَاتِ مِنْ الْخُلَاصَةِ. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 160 [الْفَصْلُ الثَّالِثُ فِيمَا يُضْمَنُ بِالنَّارِ وَمَا لَا يُضْمَنُ] (الْفَصْلُ الثَّالِثُ فِيمَا يُضْمَنُ بِالنَّارِ وَمَا لَا يُضْمَنُ) رَجُلٌ أَرَادَ أَنْ يَحْرِقَ حَصَائِدَ أَرْضِهِ فَأَوْقَدَ النَّارَ فِي حَصَائِدِهِ فَذَهَبَتْ النَّارُ إلَى أَرْضِ جَارِهِ فَأَحْرَقَ زَرْعَهُ لَا يَضْمَنُ إلَّا أَنْ يَعْلَمَ أَنَّهُ لَوْ أَحْرَقَ حَصَائِدَهُ تَتَعَدَّى النَّارُ إلَى زَرْعِ جَارِهِ؛ لِأَنَّهُ إذَا عَلِمَ كَانَ قَاصِدًا إحْرَاقَ زَرْعِ الْغَيْرِ. قَالُوا: إنْ كَانَ زَرْعُ غَيْرِهِ يَبْعُدُ عَنْ حَصَائِدِهِ الَّتِي أَحْرَقَهَا وَكَانَ يَأْمَنُ أَنْ يَحْتَرِقَ زَرْعُ جَارِهِ وَلَا يَطِيرُ شَيْءٌ مِنْ نَارِهِ إلَّا شَرَارَةٌ، أَوْ شَرَارَتَانِ فَحَمَلَتْ الرِّيحُ نَارَهُ مِنْ أَرْضِهِ إلَى أَرْضِ جَارِهِ فانحرق زَرْعُ الْجَارِ وَكُنْهُ لَا يَضْمَنُ فَإِذَا كَانَ أَرْضُ جَارِهِ قَرِيبًا مِنْ أَرْضِهِ بِأَنْ كَانَ الزَّرْعَانِ مُلْتَصِقَيْنِ، أَوْ قَرِيبَيْنِ مِنْ الِالْتِصَاقِ عَلَى وَجْهِ أَنَّ نَارَهُ تَصِلُ إلَى زَرْعِ جَارِهِ يَضْمَنُ صَاحِبُ النَّارِ زَرْعَ الْجَارِ وَكَذَلِكَ رَجُلٌ لَهُ قُطْنٌ فِي أَرْضِهِ، وَأَرْضِ جَارِهِ لَاصِقَةٌ بِأَرْضِهِ، فَأَوْقَدَ النَّارَ مِنْ طَرَفِ أَرْضِهِ إلَى جَانِبِ الْقُطْنِ فَأَحْرَقَتْ ذَلِكَ الْقُطْنَ كَانَ ضَمَانُ الْقُطْنِ عَلَى الَّذِي أَوْقَدَ النَّارَ؛ لِأَنَّهُ إذَا عَلِمَ أَنَّ نَارَهُ تَتَعَدَّى إلَى الْقُطْنِ كَانَ قَاصِدًا إحْرَاقَ الْقُطْنِ. رَجُلٌ، أَوْقَدَ تَنُّورَهُ نَارًا فَأَلْقَى فِيهِ مِنْ الْحَطَبِ مَا لَا يَحْتَمِلُهُ التَّنُّورُ فَاحْتَرَقَ بَيْتُهُ وَتَعَدَّى إلَى دَارِ جَارِهِ فَأَحْرَقَ يَضْمَنُ صَاحِبُ التَّنُّورِ. رَجُلٌ مَرَّ بِنَارٍ فِي مِلْكِهِ، أَوْ فِي غَيْرِ مِلْكِهِ فَوَقَعَتْ شَرَارَةٌ مِنْ النَّارِ عَلَى ثَوْبِ إنْسَانٍ، قَالَ الشَّيْخُ الْإِمَامُ أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ الْفَضْلِ: يَضْمَنُ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَتَخَلَّلْ بَيْنَ حَمْلِ النَّارِ وَالْوُقُوعِ عَلَى الثَّوْبِ وَاسِطَةٌ، فَيَكُونُ مُضَافًا إلَيْهِ، حَتَّى لَوْ طَارَتْ الرِّيحُ بِشَرَرٍ مِنْ النَّارِ فَأَلْقَتْهُ عَلَى ثَوْبِ إنْسَانٍ لَا يَضْمَنُ؛ لِأَنَّهُ غَيْرُ مُضَافٍ إلَيْهِ. هَكَذَا ذَكَرَ فِي النَّوَادِرِ عَنْ أَبِي يُوسُفَ. وَقَالَ بَعْضُ الْعُلَمَاءِ: إنْ مَرَّ بِالنَّارِ فِي مَوْضِعٍ لَهُ حَقُّ الْمُرُورِ فِي ذَلِكَ الْمَوْضِعِ فَالْجَوَابُ فِيهِ يَكُونُ عَلَى التَّفْصِيلِ إنْ وَقَعَتْ مِنْهُ شَرَارَةٌ يَضْمَنُ وَإِنْ هَبَّتْ بِهِ الرِّيحُ لَا يَضْمَنُ وَهَذَا أَظْهَرُ وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى وَهَكَذَا لَوْ وَضَعَ جَمْرَةً فِي الطَّرِيقِ فَاحْتَمَلَ بِهِ شَيْءٌ ضَمِنَ. وَلَوْ هَبَّتْ بِهِ الرِّيحُ إلَى مَوْضِعٍ آخَرَ فَأَحْرَقَتْ شَيْئًا فِي غَيْرِ الْمَوْضِعِ الَّذِي وَضَعَهَا فِيهِ. قَالَ الشَّيْخُ الْأَجَلُّ السَّرَخْسِيُّ: إذَا وَضَعَ الْجَمْرَةَ فِي الطَّرِيقِ فِي يَوْمِ الرِّيحِ يَكُونُ ضَامِنًا، وَذَكَرَ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ الْحَلْوَانِيُّ فِي كِتَابِ السِّيَرِ إذَا وَضَعَ جَمْرَةً فِي الطَّرِيقِ، أَوْ مَرَّ بِنَارٍ فِي مِلْكِهِ أَنَّهُ لَا يَضْمَنُ وَأَطْلَقَ الْجَوَابَ فِيهِ وَذَكَرَ النَّاطِفِيُّ: أَوْقَدَ نَارًا فِي طَرِيقِ الْعَامَّةِ فَجَاءَ الرِّيحُ وَنَقَلَهَا إلَى دَارِ رَجُلٍ آخَرَ وَأَحْرَقَهَا لَا يَضْمَنُ فَعَلَّلَ وَقَالَ: لِأَنَّ جِنَايَتَهُ قَدْ زَالَتْ وَذَكَرَ فِي الْجِنَايَاتِ مَسْأَلَةً تَدُلُّ عَلَى صِحَّةِ مَا قَالَ النَّاطِفِيُّ أَنَّ جِنَايَتَهُ قَدْ زَالَتْ. حَدَّادٌ ضَرَبَ حَدِيدًا عَلَى حَدِيدٍ مَحْمِيٍّ فَانْتُزِعَتْ شَرَارَةٌ مِنْ ضَرْبِهِ فَوَقَعَتْ عَلَى ثَوْبِ رَجُلٍ يَمُرُّ فِي الطَّرِيقِ فَأَحْرَقَتْ ثَوْبَهُ ضَمِنَ الْحَدَّادُ. وَذَكَرَ النَّاطِفِيُّ: حَدَّادٌ يَجْلِسُ فِي دُكَّانٍ اتَّخَذَ فِي حَانُوتِهِ كِيرًا يَعْمَلُ بِهِ، وَالْحَانُوتُ إلَى جَانِبِ طَرِيقِ الْعَامَّةِ فَأَوْقَدَ الْحَدَّادُ كِيرَهُ نَارًا عَلَى حَدِيدٍ لَهُ ثُمَّ أَخْرَجَ حَدِيدَهُ فَوَضَعَهُ عَلَى عِلَّاته وَطَرَقَهَا بِمِطْرَقَةٍ فَتَطَايَرَ مَا يَتَطَايَرُ مِنْ الْحَدِيدَةِ الْمُحْمَاةِ وَخَرَجَ ذَلِكَ مِنْ حَانُوتِهِ وَقَتَلَ رَجُلًا، أَوْ فَقَأَ عَيْنَ رَجُلٍ، أَوْ أَحْرَقَ ثَوْبَ إنْسَانٍ، أَوْ قَتَلَ دَابَّتَهُ كَانَ ضَمَانُ مَا تَلِفَ بِذَلِكَ مِنْ الْمَالِ وَالدَّابَّةِ فِي مَالِ الْحَدَّادِ دِيَةُ الْقَتِيلِ وَالْعَيْنِ تَكُونُ عَلَى عَاقِلَتِهِ؛ لِأَنَّ مَا طَارَ مِنْ دَقِّ الْحَدِيدِ وَضَرْبِهِ فَهُوَ كَجِنَايَتِهِ بِيَدِهِ لَا عَنْ قَصْدِهِ، وَلَوْ لَمْ يَدُقَّ الْحَدَّادُ لَكِنْ احْتَمَلَتْ الرِّيحُ عَنْ بَعْضِ النَّارِ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 161 مِنْ كِيرِهِ، أَوْ بِحَدِيدَةٍ مُحْمَاةٍ وَأَخْرَجَتْهُ إلَى طَرِيقِ الْمُسْلِمِينَ فَقَتَلَتْ إنْسَانًا، أَوْ أَحْرَقَتْ ثَوْبَ إنْسَانٍ، أَوْ قَتَلَتْ دَابَّةً كَانَ هَدَرًا هَذِهِ الْجُمْلَةُ مِنْ قَاضِي خَانْ. اسْتَأْجَرَ أَرْضًا، أَوْ اسْتَعَارَهَا فَأَحْرَقَ الْحَصَائِدَ وَأُحْرِقَ شَيْءٌ فِي أَرْضٍ أُخْرَى فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ غَيْرُ مُتَعَدٍّ فِي هَذَا التَّسَبُّبِ فَأَشْبَهَ حَافِرَ الْبِئْرِ فِي دَارِ نَفْسِهِ، وَقِيلَ هَذَا إذَا كَانَتْ الرِّيَاحُ هَادِئَةً ثُمَّ تَغَيَّرَتْ أَمَّا إذَا كَانَتْ مُضْطَرِبَةً يَضْمَنُ؛ لِأَنَّ مُوقِدَ النَّارِ يَعْلَمُ أَنَّهَا لَا تَسْتَقِرُّ فِي أَرْضِهِ هَذِهِ، فِي آخِرِ الْإِجَارَةِ مِنْ الْهِدَايَةِ. أَوْقَدَ نَارًا فَأَحْرَقَتْ دَارَ جَارِهِ لَمْ يَضْمَنْ لَوْ أَوْقَدَ نَارًا يُوقَدُ مِثْلُهَا وَأَطْلَقَ الْجَوَابَ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ السَّرَخْسِيُّ وَقَالَ لَا يَضْمَنُ. أَوْقَدَ نَارًا فِي مِلْكِهِ يَوْمَ الرِّيحِ لِيَخْبِزَ فَاحْتَرَقَ الْحَشِيشُ وَسَرَتْ النَّارُ إلَى الْأَكْدَاسِ وَاحْتَرَقَتْ لَوْ كَانَتْ الرِّيحُ تَهُبُّ إلَى جَانِبِ الْكُدْسِ ضَمِنَ وَإِلَّا فَلَا إذْ لِلْإِنْسَانِ الْإِيقَادُ فِي مِلْكِ نَفْسِهِ لَكِنْ يُشْتَرَطُ السَّلَامَةُ مِنْ الْفُصُولَيْنِ. أَمَرَ ابْنَهُ الْبَالِغَ لِيُوقِدَ نَارًا فِي أَرْضِهِ فَفَعَلَ وَتَعَدَّتْ إلَى أَرْضِ جَارِهِ فَأَتْلَفَتْ شَيْئًا يَضْمَنُ الْأَبُ؛ لِأَنَّ الْأَمْرَ قَدْ صَحَّ فَانْتَقَلَ فِعْلُ الِابْنِ إلَيْهِ كَمَا لَوْ بَاشَرَهُ الْأَبُ. أَمَرَ صَبِيًّا لِيَأْتِيَ لَهُ بِالنَّارِ مِنْ بَاغِ فُلَانٍ فَجَاءَ بِهَا وَسَقَطَتْ مِنْهُ عَلَى حَشِيشٍ وَتَعَدَّتْ إلَى الْكُدْسِ فَاحْتَرَقَ يَضْمَنُ الصَّبِيُّ وَيَرْجِعُ بِهِ عَلَى الْآمِرِ، مِنْ جِنَايَاتِ الْقُنْيَةِ. وَفِيهَا دَارٌ بَيْنَ شَرِيكَيْنِ لِأَحَدِهِمَا فِيهَا أَنْعَامٌ بِإِذْنِ شَرِيكِهِ وَأَذِنَ الْآخَرُ لِرَجُلٍ بِالسُّكْنَى فِيهَا فَسَكَنَ وَأَوْقَدَ فِيهَا نَارًا فَاحْتَرَقَتْ الدَّارُ وَالْأَنْعَامُ فَعَلَيْهِ قِيمَةُ الْأَنْعَامِ وَالدَّارِ فِي الْإِيقَادِ الْمُعْتَادِ قُلْت هَكَذَا وَجَدْتُهُ مَكْتُوبًا لَكِنْ تَقْيِيدُهُ بِالْإِيقَادِ الْمُعْتَادِ أَوْقَعَ لِي شُبْهَةً فِيهِ. حَمَلَ قُطْنًا إلَى النَّدَّافِ فَلَقِيَتْهُ فِي السِّكَّةِ امْرَأَةٌ تَحْمِلُ قَبَسًا مِنْ النَّارِ فَأَخَذَتْ النَّارُ قُطْنًا فَأَحْرَقَتْهُ لَمْ يَضْمَنْ إنْ كَانَ ذَلِكَ مِنْ حَرَكَةِ الرِّيحِ وَإِلَّا يُنْظَرُ إنْ كَانَتْ الْمَرْأَةُ هِيَ الَّتِي مَشَتْ إلَى الْقُطْنِ ضَمِنَتْ وَإِنْ مَشَى صَاحِبُ الْقُطْنِ إلَى النَّارِ لَمْ تَضْمَنْ. رَجُلَانِ كَانَا يَدْبُغَانِ جُلُودًا فِي حَانُوتٍ وَاحِدٍ فَأَذَابَ أَحَدُهُمَا شَحْمًا فِي مِرْجَلٍ نُحَاسٍ فَصَبَّ فِيهِ مَاءً لِيَسْكُنَ فَالْتَهَبَ الشَّحْمُ وَأَصَابَ السَّقْفَ فَاحْتَرَقَ مَتَاعُ صَاحِبِهِ وَأَمْتِعَةُ الْجِيرَانِ لَمْ يَضْمَنْ انْتَهَى. رَجُلٌ أَحْرَقَ كُدْسًا لِرَجُلٍ قَالَ مُحَمَّدٌ: لَوْ كَانَتْ قِيمَةُ الْبُرِّ فِي السُّنْبُلِ أَكْمَلَ مِنْ قِيمَتِهِ لَوْ كَانَ خَارِجًا عَنْ السُّنْبُلِ كَانَ عَلَيْهِ الْجُلُّ مِنْ قَاضِي خَانْ فِي الْفَصْلِ الْأَوَّلِ مِنْ الْغَصْبِ. لَوْ وَقَعَتْ جَمْرَةٌ مِنْ يَدِهِ عَلَى الطَّرِيقِ ثُمَّ مِنْ الْأَرْضِ أَصَابَتْ ثَوْبَ إنْسَانٍ فَاحْتَرَقَ يَضْمَنُ مِنْ الْخُلَاصَةِ. [الْفَصْلُ الرَّابِعُ فِيمَا يُضْمَنُ بِالْمَاءِ وَمَا لَا يُضْمَنُ] (الْفَصْلُ الرَّابِعُ فِيمَا يُضْمَنُ بِالْمَاءِ وَمَا لَا يُضْمَنُ) لَوْ صَبَّ الْمَاءَ فِي مِلْكِهِ وَخَرَجَ عَنْ صَبِّهِ ذَلِكَ إلَى مِلْكِ غَيْرِهِ فَأَفْسَدَ شَيْئًا فَالْقِيَاسُ أَنْ لَا يَكُونَ ضَامِنًا؛ لِأَنَّ صَبَّ الْمَاءِ فِي مِلْكِهِ مُبَاحٌ لَهُ مُطْلَقًا، وَمِنْ الْمَشَايِخِ مَنْ قَالَ: إذَا صَبَّ الْمَاءَ فِي مِلْكِهِ وَهُوَ يَعْلَمُ أَنَّهُ يَتَعَدَّى إلَى أَرْضِ جَارِهِ يَكُونُ ضَامِنًا؛ لِأَنَّ الْمَاءَ سَيَّالٌ فَإِذَا كَانَ يَعْلَمُ عِنْدَ الصَّبِّ أَنَّهُ يَسِيلُ إلَى مِلْكِ جَارِهِ يَكُونُ ضَامِنًا كَمَا لَوْ صَبَّ الْمَاءَ فِي مِيزَابِهِ وَتَحْتَ الْمِيزَابِ مَتَاعُ غَيْرِهِ فَفَسَدَ بِهِ كَانَ ضَامِنًا وَذَكَرَ الْفَقِيهُ أَبُو جَعْفَرٍ إذَا سَقَى أَرْضَ نَفْسِهِ فَتَعَدَّى إلَى أَرْضِ جَارِهِ قَالَ هَذِهِ الْمَسْأَلَةُ عَلَى وُجُوهٍ إنْ أَجْرَى الْمَاءَ فِي أَرْضِهِ إجْرَاءً لَا يَسْتَقِرُّ فِي أَرْضِهِ وَإِنَّمَا يَسْتَقِرُّ فِي أَرْضِ جَارِهِ كَانَ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 162 ضَامِنًا وَإِنْ كَانَ الْمَاءُ يَسْتَقِرُّ فِي أَرْضِهِ ثُمَّ يَتَعَدَّى إلَى أَرْضِ جَارِهِ بَعْدَ ذَلِكَ إنْ تَقَدَّمَ إلَيْهِ جَارُهُ بِالسَّكْرِ وَالْإِحْكَامِ فَلَمْ يَفْعَلْ كَانَ ضَامِنًا اسْتِحْسَانًا وَيَكُونُ هَذَا بِمَنْزِلَةِ الْإِشْهَادِ عَلَى الْحَائِطِ الْمَائِلِ وَإِنْ لَمْ يَتَقَدَّمْ إلَيْهِ جَارُهُ بِالسَّكْرِ وَالْإِحْكَامِ حَتَّى تَعَدَّى الْمَاءُ إلَى أَرْضِ جَارِهِ لَا يَضْمَنُ، وَإِنْ كَانَ أَرْضُهُ فِي صَعْدَةٍ وَأَرْضُ جَارِهِ فِي هَبْطَةٍ حَتَّى يَعْلَمَ أَنَّهُ إذَا سَقَى أَرْضَهُ يَتَعَدَّى إلَى أَرْضِ جَارِهِ كَانَ ضَامِنًا وَيُؤْمَرُ بِوَضْعِ الْمُسَنَّاةِ حَتَّى يَصِيرَ مَانِعًا وَيُمْنَعُ مِنْ السَّقْيِ قَبْلَ أَنْ يَضَعَ الْمُسَنَّاةَ. وَفِي الْفَصْلِ الْأَوَّلِ لَا يُمْنَعُ مِنْ السَّقْيِ، قَالَ فِي الْخُلَاصَةِ: مِنْ الشِّرْبِ وَإِنْ لَمْ تَكُنْ أَرْضُهُ فِي صَعْدَةٍ لَا يُمْنَعُ قَالَ وَالْمَذْكُورُ فِي عَامَّةِ الْكُتُبِ أَنَّهُ إذَا سَقَى غَيْرَ مُعْتَادٍ ضَمِنَ وَإِنْ كَانَ مُعْتَادًا لَا يَضْمَنُ انْتَهَى. وَلَوْ كَانَ فِي أَرْضِهِ ثُقْبٌ، أَوْ حَجَرٌ فَإِنْ عَلِمَ بِذَلِكَ وَلَمْ يَسُدَّهُ حَتَّى فَسَدَتْ أَرْضُ جَارِهِ كَانَ ضَامِنًا وَإِنْ كَانَ لَا يَعْلَمُ لَا يَكُونُ ضَامِنًا وَذَكَرَ النَّاطِفِيُّ إذَا سَقَى أَرْضَهُ فَخَرَجَ الْمَاءُ إلَى أَرْضِ غَيْرِهِ لَا يَضْمَنُ، وَلَوْ صَبَّ الْمَاءَ إلَى أَرْضِهِ صَبًّا خَرَجَ مِنْهَا إلَى أَرْضِ غَيْرِهِ كَانَ ضَامِنًا. رَجُلٌ يَسْقِي أَرْضَهُ مِنْ نَهْرِ الْعَامَّةِ وَكَانَ عَلَى نَهْرِ الْعَامَّةِ أَنْهَارٌ صِغَارٌ مَفْتُوحَةٌ فُوَّهَاتُهَا فَدَخَلَ الْمَاءُ فِي الْأَنْهَارِ الصِّغَارِ فَفَسَدَتْ بِذَلِكَ أَرْضُ قَوْمٍ قَالَ الشَّيْخُ الْأَجَلُّ ظَهِيرُ الدِّينِ يَكُونُ ضَامِنًا كَأَنَّهُ أَجْرَى الْمَاءَ فِيهَا هَذِهِ الْجُمْلَةُ سِوَى الْمَنْقُولِ مِنْ الْخُلَاصَةِ مِنْ قَاضِي خَانْ مِنْ الْجِنَايَاتِ. أَجْرَى الْمَاءَ فِي النَّهْرِ مَا لَمْ يَتَحَمَّلْ النَّهْرُ فَدَخَلَ دَارَ إنْسَانٍ بِغَيْرِ نَقْبٍ ضَمِنَ مَا أَتْلَفَهُ، وَلَوْ دَخَلَهُ مِنْ جُحْرٍ، وَلَوْلَا الْجُحْرُ لَمَا دَخَلَ وَالْجُحْرُ خَفِيٌّ لَمْ يَضْمَنْ. انْشَقَّ النَّهْرُ وَخَرَّبَ بَعْضَ الْأَرْضِ لَا يُؤْخَذُونَ بِضَمَانِ الْأَرْضِ مِنْ الْفُصُولَيْنِ. وَفِي الْخُلَاصَةِ مِنْ الشِّرْبِ نَهْرٌ يَجْرِي فِي أَرْضِ قَوْمٍ فَانْفَتَقَ النَّهْرُ وَخَرِبَ وَخَرَّبَ بَعْضَ أَرْضِ قَوْمٍ لِأَصْحَابِ الْأَرَضِينِ أَنْ يَأْخُذُوا أَصْحَابَ النَّهْرِ بِعِمَارَةِ النَّهْرِ دُونَ عِمَارَةِ الْأَرْضِ انْتَهَى. سَقَى أَرْضَهُ وَأَرْسَلَ الْمَاءَ إلَى النَّهْرِ حَتَّى جَاوَزَ أَرْضَهُ وَقَدْ كَانَ طَرَحَ رَجُلٌ أَسْفَلُ مِنْهُ فِي النَّهْرِ تُرَابًا فَمَال الْمَاءُ عَنْ النَّهْرِ وَغَرَّقَ قَصِيلًا ضَمِنَ مَنْ أَحْدَثَ فِي النَّهْرِ لَا مَنْ أَرْسَلَ الْمَاءَ لَوْ لَهُ حَقٌّ فِي النَّهْرِ، وَلَمْ يَعْرِفْ عَمَّا حَدَثَ فِيهِ. سَقَى أَرْضَهُ فَانْبَثَقَ الْمَاءُ مِنْ أَرْضِهِ فَأَفْسَدَ أَرْضَ جَارِهِ، أَوْ زَرْعَهُ لَمْ يَضْمَنْ، وَلَوْ أَرْسَلَ الْمَاءَ فَأَفْسَدَهُ ضَمِنَ مِنْ الْفُصُولَيْنِ. أَلْقَى شَاةً مَيِّتَةً فِي نَهْرِ الطَّاحُونَةِ فَسَالَ بِهَا الْمَاءُ إلَى الطَّاحُونَةِ فَخَرِبَتْ الطَّاحُونَةُ إنْ كَانَ النَّهْرُ لَا يَحْتَاجُ إلَى الْكَرْيِ لَا يَضْمَنُ وَإِنْ كَانَ يَحْتَاجُ وَعَلِمَ أَنَّهَا خَرِبَتْ مِنْ ذَلِكَ يَضْمَنُ. رَجُلٌ قَلَعَ شَجَرَةً لَهُ عَلَى ضِفَّةِ نَهْرٍ فَانْقَلَعَ النَّهْرُ وَأَخَذَ التُّرَابَ وَأَلْقَاهُ فِي مَوْضِعِ شَجَرَتِهِ حَتَّى سَوَّاهُ وَتَرَكَهُ، ثُمَّ إنَّ أَرْبَابَ النَّهْرِ اسْتَأْجَرُوا رَجُلًا لِيَكْنِسَ النَّهْرَ فَأَجْرَى فِيهِ الْمَاءَ لِيَبْتَلَّ النَّهْرُ حَتَّى يَسْهُلَ كَرْيُهُ فَأَرْسَلَ الْمَاءَ فِي النَّهْرِ وَنَامَ فِي الطَّرِيقِ وَكَانَ ذَلِكَ فِي اللَّيْلِ فَلَمَّا انْتَبَهَ وَجَدَ الْمَاءَ قَدْ خَرَجَ مِنْ مَوْضِعِ قَلْعِ الشَّجَرَةِ وَغَرَّقَ كُدْسَ حِنْطَةٍ لِرَجُلٍ أَمَّا الْأَجِيرُ فَلَا يَضْمَنُ، وَأَمَّا قَالِعُ الشَّجَرَةِ يَكْفِهِ النَّهْرُ حَتَّى سَاوَتْ جَانِبَ النَّهْرِ يَضْمَنُ. سَكَرَ النَّهْرَ الْمُشْتَرَكَ فَانْشَقَّ الْمَاءُ وَخَرَّبَ قَصْرَ رَجُلٍ ضَمِنَ وَقَدْ ذُكِرَ قَبْلَ هَذَا إذَا كَانَ السَّكْرُ بِالتُّرَابِ أَمَّا إذَا كَانَ السَّكْرُ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 163 بِالْخَشَبِ وَالْحَشِيشِ لَهُ ذَلِكَ بِإِذْنِ الشُّرَكَاءِ وَبِغَيْرِ إذْنِهِمْ. وَفِي فَتَاوَى الْبَقَّالِي لَوْ فَتَحَ الْمَاءَ وَتَرَكَهُ فَازْدَادَ الْمَاءُ، أَوْ فَتَحَ النَّهْرَ وَلَيْسَ فِيهِ مَاءٌ ثُمَّ جَاءَ الْمَاءُ لَمْ يَضْمَنْ وَعَلَيْهِ الِاعْتِمَادُ وَإِنَّمَا يَضْمَنُ إذَا أَرْسَلَ الْمَاءَ عَلَى وَجْهٍ لَا يَحْتَمِلُهُ النَّهْرُ، وَقَدْ ذَكَرْنَا أَنَّهُ إذَا سَقَى غَيْرَ مُعْتَادٍ يَضْمَنُ، وَتَفْسِيرُ الضَّمَانِ أَنْ تَقُومَ الْأَرْضُ مَزْرُوعَةً وَغَيْرَ مَزْرُوعَةٍ فَيَضْمَنُ الْفَضْلَ. وَلَوْ سَدَّ أَنْهَارَ الشُّرَكَاءِ حَتَّى امْتَلَأَ النَّهْرُ وَانْبَثَقَ وَغَرَّقَ قُطْنَ رَجُلٍ، أَوْ أَرْسَلَ الْمَاءَ فِي النَّهْرِ وَعَلَى النَّهْرِ أَنْهَارٌ صِغَارٌ مَفْتُوحَةُ الْفُوَّهَاتِ فَدَخَلَ الْمَاءُ فِي الْفُوَّهَاتِ وَأَفْسَدَ زَرْعَ غَيْرِهِ ضَمِنَ فِي الْوَجْهَيْنِ مِنْ الْخُلَاصَةِ فِي الشِّرْبِ. سَقَى أَرْضَهُ، وَلَمْ يَسْتَوْثِقْ فِي سَدِّ الشِّقِّ حَتَّى أَفْسَدَ الْمَاءُ الشِّقَّ وَأَخْرَبَ أَرْضَ جَارِهِ ضَمِنَ إذَا كَانَ النَّهْرُ مُشْتَرَكًا وَقَصَّرَ فِي السَّدِّ. لَهُ نَهْرٌ لَمْ يَحْفَظْ شَطَّهُ فَازْدَادَ الْمَاءُ وَغَرِقَتْ أَرْضُ جَارِهِ لَمْ يَضْمَنْ. فَتَحَ الْمَاءَ إلَى كَرَدَّتِهِ وَاشْتَغَلَ بِعَمَلٍ آخَرَ فَلَمْ يَشْعُرْ بِهِ حَتَّى امْتَلَأَتْ وَتَجَاوَزَ الْمَاءُ الحجاوم وَأَفْسَدَ زَرْعَ جَارِهِ ضَمِنَ، وَلَوْ مَلَأَهَا حَتَّى خَرَجَ الْمَاءُ ضَمِنَ وَإِنْ كَانَ غَائِبًا هَذَا إذَا كَانَ أَرْضُ السَّاقِي بِحَالٍ لَا يَسْتَقِرُّ الْمَاءُ فِيهَا فَإِذَا اسْتَقَرَّ فِيهَا ثُمَّ خَرَجَ لَا يَضْمَنُ. جَدْوَلٌ مُشْتَرَكٌ بَيْنَ الْجِيرَانِ عَلَى رَأْسِهِ رَاقُودٌ يَفْتَحُهُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْ الشُّرَكَاءِ وَيَسْقِي أَرْضَهُ وَيَسُدُّهُ عَقِيبَ السَّقْيِ بِهِ جَرَتْ عَادَتُهُمْ فَتَرَكَهُ أَحَدُهُمْ مَفْتُوحًا بَعْدَ السَّقْيِ حَتَّى غَرِقَتْ أَرْضُ بَعْضِهِمْ لَا يَضْمَنُ لِمَا كَانَ لَهُ حَقُّ الْفَتْحِ وَالسَّقْيِ مِنْ الْقُنْيَةِ فِي الشِّرْبِ. سَقَى أَرْضَهُ فَخَرَجَ الْمَاءُ مِنْهَا إلَى غَيْرِهَا فَأَفْسَدَتْ مَتَاعًا، أَوْ زَرْعًا، أَوْ كِرَابًا لَا يَكُونُ ضَامِنًا؛ لِأَنَّهُ مُتَصَرِّفٌ فِي مِلْكِهِ فَيُبَاحُ لَهُ مُطْلَقًا. لَوْ حَفَرَ نَهْرًا فِي غَيْرِ مِلْكِهِ فَانْبَثَقَ الْمَاءُ مِنْ ذَلِكَ النَّهْرِ وَغَرَّقَ أَرْضًا، أَوْ قَرْيَةً كَانَ ضَامِنًا؛ لِأَنَّهُ سَيَّلَ الْمَاءَ فِي غَيْرِ مِلْكِهِ فَيَضْمَنُ. وَلَوْ رَشَّ الطَّرِيقَ فَعَطِبَ إنْسَانٌ بِذَلِكَ كَانَ ضَامِنًا، هَذَا إذَا رَشَّ كُلَّ الطَّرِيقِ وَإِنْ رَشَّ بَعْضَهُ فَمَرَّ إنْسَانٌ فِي الْمَوْضِعِ الَّذِي رُشَّ وَلَمْ يَعْلَمْ بِذَلِكَ فَعَطِبَ كَانَ ضَامِنًا وَإِنْ عَلِمَ بِذَلِكَ فَمَرَّ فِيهِ مَعَ الْعِلْمِ لَا يَكُونُ ضَامِنًا، هَكَذَا قَالَ مَشَايِخُنَا، وَفِي الْكِتَابِ أَطْلَقَ الْجَوَابَ وَأَوْجَبَ الضَّمَانَ عَلَى الَّذِي رَشَّ وَإِنْ مَرَّتْ دَابَّةٌ فَعَطِبَتْ يَضْمَنُ عَلَى كُلِّ حَالٍ أَيْ سَوَاءٌ رَشَّ الْبَعْضَ، أَوْ الْكُلَّ مِنْ قَاضِي خَانْ. قَالَ فِي الْفُصُولَيْنِ: لَوْ تَعَدَّى بِرَشِّهِ ضَمِنَ وَإِلَّا فَلَا يَضْمَنُ بِأَنْ رَشَّ هُوَ كَالْعَادَةِ لِدَفْعِ الْغُبَارِ، وَلَوْ رَأَى سَائِقُ الدَّابَّةِ الْمَاءَ قَدْ رُشَّ فَسَاقَهَا لَمْ يَضْمَنْ الرَّاشُّ، وَلَوْ لَمْ يَرَهُ، أَوْ كَانَ بِاللَّيْلِ ضَمِنَ كَذَا أَفْتَى بَعْضُهُمْ. وَلَوْ صَبَّ فِيهِ مَاءً فانجمد فَزَلِقَ بِهِ إنْسَانٌ، أَوْ ذَابَ ثُمَّ زَلِقَ ضَمِنَ. وَلَوْ رَشَّ فِيهِ الْمَاءَ فَجَاءَ رَجُلٌ بِحِمَارَيْنِ فَتَقَدَّمَ صَاحِبُهُمَا إلَى أَحَدِهِمَا يَقُودُهُ فَتَبِعَهُ الْحِمَارُ الْآخَرُ فَزَلِقَ فَلَوْ كَانَ سَائِقًا لَمْ يَضْمَنْ الرَّاشُّ إذْ التَّلَفُ يُضَافُ إلَى سَوْقِهِ انْتَهَى. وَحَارِسُ السُّوقِ إذَا رَشَّ الْمَاءَ يَضْمَنُ مَا عَطِبَ بِهِ عَلَى كُلِّ حَالٍ هَذَا كُلُّهُ فِي طَرِيقِ الْعَامَّةِ وَأَمَّا فِي السِّكَّةِ الْغَيْرِ نَافِذَةٍ إذَا رَشَّ فِيهَا مَنْ هُوَ مِنْ أَهْلِهَا لَا يَكُونُ ضَامِنًا مِنْ جِنَايَاتِ قَاضِي خَانْ. رَمَى الثَّلْجَ فِي طَرِيقٍ فَسَقَطَ عَلَيْهِ إنْسَانٌ ضَمِنَ، وَكَذَا لَوْ رَمَاهُ فِي مَمَرِّ الدَّوَابِّ لِلْإِذْنِ فِي الْإِلْقَاءِ بِشَرْطِ السَّلَامَةِ، وَكَذَا فِي سِكَّةٍ نَافِذَةٍ، وَأَمَّا فِي غَيْرِ النَّافِذَةِ فَلَوْ رَمَاهُ فِيهَا أَصْحَابُ الدُّورِ فَهَلَكَ إنْسَانٌ لَمْ يَضْمَنُوا وَقَدْ ذَكَرَ الْقَاضِي ظَهِيرُ الدِّينِ الصَّحِيحُ أَنَّهُ لَا يَضْمَنُ فِي النَّافِذَةِ وَغَيْرِهَا مِنْ الْفُصُولَيْنِ. لَوْ أَخَذَ الْجَمَلَ فِي طَرِيقِ الْبَهَائِمِ إلَى شِرْبِ الْمَاءِ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 164 فَزَلِقَتْ فِيهَا بَهِيمَةٌ لَا يَضْمَنُ. نَقَبَ مَوْضِعًا مِنْ حَوْضٍ لِسَقْيِ الْمَاءِ فَوَقَعَ فِيهِ أَعْمَى فَتَلِفَ فَعَلَيْهِ الضَّمَانُ كَمَنْ وَضَعَ قَنْطَرَةً عَلَى نَهْرِ الْعَامَّةِ وَهَلَكَ بِهَا شَيْءٌ يَضْمَنُ، وَقَالَ الْقَاضِي بَدِيعُ الدِّينِ لَا يَضْمَنُ؛ لِأَنَّهُ مَأْذُونٌ بِرَفْعِ الْمَاءِ وَلَا يَتَهَيَّأُ لَهُ إلَّا بِالنَّقْبِ مِنْ جِنَايَاتِ الْقُنْيَةِ. أَرْسَلَ فِي أَرْضِهِ مَاءً لَا تَحْتَمِلُهُ أَرْضُهُ فَتَعَدَّى إلَى أَرْضِ غَيْرِهِ فَأَفْسَدَ مَا فِيهَا مِنْ الزَّرْعِ كَانَ ضَامِنًا وَإِنْ كَانَ يَعْلَمُ أَنَّ أَرْضَهُ تَحْتَمِلُ ذَلِكَ الْمَاءَ لَا يَضْمَنُ مِنْ فَصْلِ النَّارِ مِنْ قَاضِي خَانْ. صَبِيٌّ بَالَ عَلَى سَطْحٍ فَنَزَلَ مِنْ الْمِيزَابِ وَأَصَابَ ثَوْبًا فَأَفْسَدَهُ غَرِمَ الصَّبِيُّ مِنْ الْفُصُولَيْنِ رُوِيَ عَنْ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - أَنَّهُ قَضَى عَلَى مَنْ صَبَّ الْمَاءَ الْحَارَّ عَلَى رَأْسِ إنْسَانٍ حَتَّى ذَهَبَ سَمْعُهُ وَبَصَرُهُ وَعَقْلُهُ وَشَعْرُهُ بِأَرْبَعِ دِيَاتٍ، وَلَوْ مَاتَ مِنْ ذَلِكَ لَمْ يَجِبْ إلَّا دِيَةٌ وَاحِدَةٌ ذَكَرَهُ فِي الْوَجِيزِ مِنْ الْجِنَايَاتِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. [بَاب فِي مَسَائِل الْجِنَايَاتِ وَفِيهِ سَبْعَة فُصُولٍ] [الْفَصْلُ الْأَوَّلُ فِي الْجِنَايَةِ بِالْيَدِ مُبَاشَرَةً وَتَسَبُّبًا] (الْبَابُ الثَّانِي عَشَرَ فِي مَسَائِلِ الْجِنَايَاتِ) الْجِنَايَةُ لُغَةً: اسْمٌ لِمَا يَجْتَنِيه الْمَرْءُ مِنْ شَرٍّ اكْتَسَبَهُ. وَفِي الشَّرْعِ: اسْمٌ لِفِعْلٍ مُحَرَّمٍ سَوَاءٌ كَانَ فِي مَالٍ، أَوْ فِي نَفْسٍ لَكِنْ فِي عُرْفِ الْفُقَهَاءِ يُرَادُ بِإِطْلَاقِ اسْمِ الْجِنَايَةِ فِعْلٌ مُحَرَّمٌ فِي النَّفْسِ وَالْأَطْرَافِ ذَكَرَهُ فِي إيضَاحِ الْإِصْلَاحِ آخِذًا مِنْ التَّبْيِينِ وَيَشْتَمِلُ هَذَا الْبَابُ عَلَى سَبْعَةِ فُصُولٍ (الْفَصْلُ الْأَوَّلُ فِي الْجِنَايَةِ بِالْيَدِ مُبَاشَرَةً وَتَسَبُّبًا) الْمُبَاشِرُ ضَامِنٌ وَإِنْ لَمْ يَتَعَمَّدْ وَلَمْ يَتَعَدَّ، وَالْمُتَسَبِّبُ لَا يَضْمَنُ إلَّا أَنْ يَتَعَدَّ، فَلَوْ رَمَى سَهْمًا إلَى هَدَفٍ فِي مِلْكِهِ فَأَصَابَ إنْسَانًا ضَمِنَ. وَلَوْ حَفَرَ بِئْرًا فِي مِلْكِهِ فَوَقَعَ فِيهَا إنْسَانٌ لَمْ يَضْمَنْ، وَلَوْ فِي غَيْرِ مِلْكِهِ ضَمِنَ. وَلَوْ سَقَطَ إنْسَانٌ مِنْ حَائِطٍ عَلَى إنْسَانٍ فِي الطَّرِيقِ فَقَتَلَهُ كَانَ ضَامِنًا دِيَةَ الْمَقْتُولِ بِمَنْزِلَةِ نَائِمٍ انْقَلَبَ عَلَى إنْسَانٍ فَقَتَلَهُ فَإِنَّهُ يَكُونُ ضَامِنًا. وَلَوْ مَاتَ السَّاقِطُ بِمَنْ كَانَ فِي الطَّرِيقِ فَإِنْ كَانَ ذَلِكَ مَاشِيًا فِي الطَّرِيقِ فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ غَيْرُ مُتَعَدٍّ فِي الْمَشْيِ فِي الطَّرِيقِ فَلَا يُمْكِنُهُ التَّحَرُّزُ عَنْ سُقُوطِ غَيْرِهِ عَلَيْهِ وَإِنْ كَانَ ذَلِكَ الرَّجُلُ وَاقِفًا فِي الطَّرِيقِ قَائِمًا، أَوْ قَاعِدًا، أَوْ نَائِمًا كَانَ دِيَةُ السَّاقِطِ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ مُتَعَدٍّ فِي الْوُقُوفِ فِي الطَّرِيقِ وَالْقُعُودِ وَالنَّوْمِ فَيَكُونُ ضَامِنًا لِمَا تَلِفَ بِهِ وَإِنْ كَانَ ذَلِكَ فِي مِلْكِهِ لَا ضَمَانَ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ لَا يَكُونُ مُتَعَدِّيًا فِي الْوُقُوفِ وَالنَّوْمِ فِي مِلْكِهِ وَعَلَى الْأَعْلَى ضَمَانُ الْأَسْفَلِ، وَإِنْ مَاتَ الْأَسْفَلُ بِهِ فِي الْأَحْوَالِ كُلِّهَا؛ لِأَنَّ الْأَعْلَى مُبَاشِرٌ قَتْلَ الْأَسْفَلِ وَفِي الْمُبَاشَرَةِ الْمِلْكُ وَغَيْرُ الْمِلْكِ سَوَاءٌ كَأَنْ نَامَ فِي مِلْكِهِ فَانْقَلَبَ عَلَى إنْسَانٍ فَقَتَلَهُ كَانَ ضَامِنًا؛ لِأَنَّهُ مُبَاشِرٌ فِي قَتْلِهِ مِنْ قَاضِي خَانْ. وَلَوْ رَمَى شَخْصًا يَظُنُّهُ صَيْدًا فَإِذَا هُوَ آدَمِيٌّ، أَوْ حَرْبِيًّا فَإِذَا هُوَ مُسْلِمٌ وَجَبَتْ الدِّيَةُ، وَكَذَا لَوْ أَغْرَقَ صَبِيًّا فِي الْبَحْرِ تَجِبُ الدِّيَةُ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَقَالَا يُقْتَصُّ مِنْهُ. وَإِذَا الْتَقَى صَفَّانِ مِنْ الْمُسْلِمِينَ وَالْمُشْرِكِينَ فَقَتَلَ مُسْلِمٌ مُسْلِمًا ظَنَّ أَنَّهُ مُشْرِكٌ فَلَا قَوَدَ وَتَجِبُ الدِّيَةُ هَذَا إذَا كَانُوا مُخْتَلِطِينَ وَإِنْ كَانَ فِي صَفِّ الْمُشْرِكِينَ لَا تَجِبُ الدِّيَةُ لِسُقُوطِ عِصْمَتِهِ بِتَكْثِيرِ سَوَادِهِمْ. وَمَنْ شَجَّ نَفْسَهُ وَشَجَّهُ رَجُلٌ وَعَقَرَهُ أَسَدٌ وَأَصَابَتْهُ حَيَّةٌ فَمَاتَ مِنْ ذَلِكَ فَعَلَى الْأَسَدِ ثُلُثُ الدِّيَةِ؛ لِأَنَّ فِعْلَ الْحَيَّةِ وَالْأَسَدِ جِنْسٌ وَاحِدٌ لِكَوْنِهِ هَدَرًا الجزء: 1 ¦ الصفحة: 165 فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ فَصَارَ كَأَنَّهُ تَلِفَ بِثَلَاثَةِ أَفْعَالٍ فَيَكُونُ التَّالِفُ بِكُلِّ وَاحِدٍ ثُلُثَهُ فَيَجِبُ عَلَيْهِ ثُلُثُ الدِّيَةِ. وَمَنْ شَهَرَ عَلَى رَجُلٍ سِلَاحًا لَيْلًا، أَوْ نَهَارًا، أَوْ شَهَرَ عَصًا لَيْلًا فِي مِصْرٍ، أَوْ نَهَارًا فِي طَرِيقٍ فِي غَيْرِ مِصْرٍ فَقَتَلَهُ الْمَشْهُورُ عَلَيْهِ عَمْدًا فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ مِنْ الْهِدَايَةِ، وَلَوْ شَهَرَ عَلَيْهِ عَصًا نَهَارًا فِي مِصْرٍ فَقَتَلَهُ قُتِلَ بِهِ ذَكَرَهُ فِي الْإِصْلَاحِ. وَإِنْ شَهَرَ الْمَجْنُونُ عَلَى غَيْرِهِ سِلَاحًا، أَوْ الصَّبِيُّ فَقَتَلَهُ الْمَشْهُورُ عَلَيْهِ فَعَلَيْهِ الدِّيَةُ فِي مَالِهِ. وَقَالَ الشَّافِعِيُّ: لَا شَيْءَ عَلَيْهِ. لَوْ ضَرَبَ الشَّاهِرُ الْمَشْهُورَ عَلَيْهِ بِسِلَاحٍ فِي الْمِصْرِ فَانْصَرَفَ فَقَتَلَهُ الْمَشْهُورُ عَلَيْهِ اُقْتُصَّ مِنْ الْمَشْهُورِ عَلَيْهِ وَمَنْ دَخَلَ عَلَى غَيْرِهِ لَيْلًا وَأَخْرَجَ السَّرِقَةَ فَاتَّبَعَهُ رَبُّ الْمَالِ وَقَتَلَهُ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ إذَا كَانَ لَا يَتَمَكَّنُ مِنْ الِاسْتِرْدَادِ إلَّا بِالْقَتْلِ، وَلَوْ شَهَرَ الْأَبُ عَلَى ابْنِهِ سِلَاحًا وَلَا يُمْكِنُ دَفْعُهُ إلَّا بِقَتْلِهِ لَا بَأْسَ بِقَتْلِهِ مِنْ الْهِدَايَةِ. أَرَادَ أَنْ يُكْرِهَ غُلَامًا، أَوْ امْرَأَةً عَلَى فَاحِشَةٍ فَلَمْ يَسْتَطِيعَا دَفْعَهُ إلَّا بِالْقَتْلِ فَدَمُهُ هَدَرٌ كَمَا فِي مُشْتَمِلِ الْهِدَايَةِ عَنْ الْمُنْيَةِ. وَفِي الْوَجِيزِ لَوْ قَطَعَ الْوَالِدُ الْأُصْبُعَ الزَّائِدَ مِنْ وَلَدِهِ لَا يَضْمَنُ وَإِنْ قَطَعَ غَيْرَهُ ضَمِنَ عَنْ مُحَمَّدٍ لَوْ اجْتَمَعَ الصِّبْيَانُ، أَوْ الْمَجَانِينُ عَلَى رَجُلٍ يُرِيدُونَ قَتْلَهُ وَأَخْذَ مَالَهُ وَلَا يَقْدِرُ عَلَى دَفْعِهِمْ إلَّا بِالْقَتْلِ لَيْسَ لَهُ أَنْ يَقْتُلَهُمْ، وَلَوْ قَتَلَهُمْ ضَمِنَ دِيَتَهُمْ اهـ قُلْتُ وَهَذَا مُشْكِلٌ يَظْهَرُ بِالتَّأَمُّلِ. وَلَوْ رَمَى رَجُلًا عَمْدًا فَنَفِدَ السَّهْمُ مِنْهُ إلَى آخَرَ فَمَاتَا فَعَلَيْهِ الْقِصَاصُ لِلْأَوَّلِ وَالدِّيَةُ لِلثَّانِي عَلَى عَاقِلَتِهِ؛ لِأَنَّ الْأَوَّلَ عَمْدٌ وَالثَّانِيَ أَحَدُ نَوْعَيْ الْخَطَأِ. وَمَنْ لَهُ الْقِصَاصُ فِي الطَّرَفِ إذَا اسْتَوْفَاهُ ثُمَّ سَرَى إلَى النَّفْسِ وَمَاتَ الْمُقْتَصُّ مِنْهُ يَضْمَنُ الْمُقْتَصُّ دِيَةَ النَّفْسِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ، وَقَالَا: لَا يَضْمَنُ كَالْإِمَامِ والبزاغ وَالْحَجَّامِ وَالْمَأْمُورِ بِقَطْعِ الْيَدِ مِنْ الْهِدَايَةِ. وَلَوْ قُتِلَ الرَّجُلُ عَمْدًا وَلَهُ وَلِيٌّ وَاحِدٌ فَلَهُ أَنْ يَقْتُلَ الْقَاتِلَ قِصَاصًا سَوَاءٌ قَضَى الْقَاضِي، أَوْ لَمْ يَقْضِ وَيَقْتُلَ بِالسَّيْفِ وَيَضْرِبَ عِلَاوَتَهُ. وَلَوْ أَرَادَ أَنْ يَقْتُلَهُ بِغَيْرِ السَّيْفِ مُنِعَ مِنْ ذَلِكَ، وَلَوْ فَعَلَ ذَلِكَ يُعَزَّرُ إلَّا أَنَّهُ لَا ضَمَانَ عَلَيْهِ وَصَارَ مُسْتَوْفِيًا حَقَّهُ وَلَا ضَمَانَ عَلَى ذَلِكَ هَذَا إذَا قَتَلَ وَالْأَمْرُ ظَاهِرٌ فَإِذَا قَتَلَ فَقَالَ الْوَلِيُّ كُنْت أَمَرْته لَا يُصَدَّقُ فِي ذَلِكَ وَيَجِبُ الْقِصَاصُ عَلَى الْقَاتِلِ. رَجُلٌ أَرَادَ أَنْ يَحْلِقَ لِحْيَةَ رَجُلٍ لَيْسَ لَهُ أَنْ يَقْتُلَهُ، وَلَوْ أَرَادَ أَنْ يَقْلَعَ سِنَّهُ لَهُ أَنْ يَقْتُلَهُ هَذَا إذَا قَلَعَ أَمَّا إذَا جَاءَ بِالْمِبْرَدِ لِبَرْدِ سِنِّهِ فَقَتَلَهُ فَعَلَيْهِ الضَّمَانُ. لَوْ ضَرَبَ إنْسَانًا ضَرْبَةً لَا أَثَرَ لَهَا فِي النَّفْسِ لَا يَضْمَنُ شَيْئًا. رَجُلٌ صَاحَ عَلَى آخَرَ فَمَاتَ مِنْ صَيْحَتِهِ تَجِبُ الدِّيَةُ. رَجُلٌ أَعْطَى صَبِيًّا سِلَاحًا لِيَمْسِكَهُ فَعَطِبَ الصَّبِيُّ بِذَلِكَ تَجِبُ دِيَةُ الصَّبِيِّ عَلَى عَاقِلَةِ الْمُعْطِي، وَلَوْ لَمْ يَقُلْ لَهُ أَمْسِكْهُ الْمُخْتَارُ أَنَّهُ يَضْمَنُ، وَكَذَا لَوْ قَالَ لِلصَّبِيِّ اصْعَدْ هَذِهِ الشَّجَرَةَ وَانْفُضْ ثِمَارَهَا فَصَعِدَ وَسَقَطَ ضَمِنَ الْآمِرُ. وَلَوْ دَفَعَ السِّلَاحَ إلَى الصَّبِيِّ فَقَتَلَ الصَّبِيُّ نَفْسَهُ، أَوْ غَيْرَهُ لَا يَضْمَنُ الدَّافِعُ بِالْإِجْمَاعِ مِنْ الْخُلَاصَةِ. وَضَمَانُ الصَّبِيِّ إذَا مَاتَ مِنْ ضَرْبِ أَبِيهِ، أَوْ وَصِيِّهِ تَأْدِيبًا عَلَيْهِمَا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ خِلَافًا لَهُمَا هَذِهِ فِي الدَّعْوَى مِنْ الْمَجْمَعِ قَالَ فِي الْأَشْبَاهِ الْوَاجِبُ لَا يَتَقَيَّدُ بِوَصْفِ السَّلَامَةِ وَالْمُبَاحُ يَتَقَيَّدُ بِهِ فَلَا ضَمَانَ لَوْ سَرَى قَطْعُ الْقَاضِي إلَى النَّفْسِ، وَكَذَا إذَا مَاتَ الْمُعَزَّرُ، وَكَذَا إذَا سَرَى الْفَصْدُ إلَى النَّفْسِ وَلَمْ يَتَجَاوَزْ الْمُعْتَادَ لِوُجُوبِهِ بِالْعَقْدِ، وَلَوْ قَطَعَ الْمَقْطُوعُ يَدُهُ يَدَ قَاطِعِهِ فَسَرَتْ ضَمِنَ الدِّيَةَ؛ لِأَنَّهُ مُبَاحٌ فَيَتَقَيَّدُ وَضَمِنَ لَوْ عَزَّرَ زَوْجَتَهُ فَمَاتَتْ وَمِنْهُ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 166 الْمُرُورُ فِي الطَّرِيقِ مُقَيَّدٌ بِوَصْفِ السَّلَامَةِ وَمِنْهُ ضَرْبُ الْأَبِ ابْنَهُ، أَوْ الْأُمِّ، أَوْ الْوَصِيِّ تَأْدِيبًا وَمِنْ الْأَوَّلِ ضَرْبُ الْأَبِ ابْنَهُ، أَوْ الْأُمِّ، أَوْ الْوَصِيِّ، أَوْ الْمُعَلِّمِ بِإِذْنِ الْأَبِ تَعْلِيمًا فَمَاتَ لَا ضَمَانَ فَضَرْبُ التَّأْدِيبِ مُقَيَّدٌ لِكَوْنِهِ مُبَاحًا وَضَرْبُ التَّعْلِيمِ لَا لِكَوْنِهِ وَاجِبًا وَمَحَلُّهُ فِي الضَّرْبِ الْمُعْتَادِ أَمَّا فِي غَيْرِهِ فَيَجِبُ الضَّمَانُ فِي الْكُلِّ وَخَرَجَ عَنْ الْأَصْلِ الثَّانِي مَا إذَا وَطِئَ زَوْجَتَهُ فَأَفْضَاهَا وَمَاتَتْ فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ مَعَ كَوْنِهِ مُبَاحًا لِكَوْنِ الْوَطْءِ أَخَذَ مُوجِبَهُ وَهُوَ الْمَهْرُ فَلَمْ يَجِبْ بِهِ آخَرُ وَتَمَامُهُ فِي التَّعْزِيرِ مِنْ الزَّيْلَعِيِّ اهـ. وَفِي قَاضِي خَانْ لَوْ ضَرَبَ الرَّجُلُ وَلَدَهُ الصَّغِيرَ فِي تَعْلِيمِ الْقُرْآنِ فَمَاتَ قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ: يَضْمَنُ الْوَالِدُ دِيَتَهُ وَلَا يَرِثُهُ، وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ: لَا يَضْمَنُ وَيَرِثُهُ، وَإِنْ ضَرَبَ الْمُعَلِّمُ بِإِذْنِ الْوَالِدِ لَا يَضْمَنُ الْمُعَلِّمُ اهـ. وَلَوْ رَمَى مُسْلِمًا فَارْتَدَّ وَالْعِيَاذُ بِاَللَّهِ تَعَالَى ثُمَّ وَقَعَ بِهِ السَّهْمُ فَعَلَى الرَّامِي الدِّيَةُ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَقَالَا لَا شَيْءَ عَلَيْهِ. وَلَوْ رَمَى وَهُوَ مُرْتَدٌّ فَأَسْلَمَ ثُمَّ وَقَعَ بِهِ السَّهْمُ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ فِي قَوْلِهِمْ جَمِيعًا، وَكَذَا إذَا رَمَى حَرْبِيًّا فَأَسْلَمَ كَمَا فِي الْهِدَايَةِ. وَلَوْ ارْتَدَّ مَنْ قُطِعَتْ يَدُهُ عَمْدًا ثُمَّ أَسْلَمَ ثُمَّ مَاتَ، أَوْجَبَ مُحَمَّدٌ أَرْشَهَا وَهُمَا دِيَتُهُ مِنْ الْمَجْمَعِ. وَلَوْ شَجَّ رَجُلًا مُوضِحَةً فَذَهَبَ بِهَا سَمْعُهُ وَبَصَرُهُ يَجِبُ أَرْشُ الْمُوضِحَةِ فِي الْمُوضِحَةِ وَدِيَةُ النَّفْسِ فِي السَّمْعِ وَالْبَصَرِ وَلَا يَدْخُلُ أَرْشُ الْمُوضِحَةِ فِيهَا. وَلَوْ شَجَّهُ مُوضِحَةً فَذَهَبَ بِهَا شَعْرُ رَأْسِهِ يَجِبُ دِيَةً كَامِلَةً لِلشَّعْرِ وَيَدْخُلُ أَرْشُ الْمُوضِحَةِ فِيهَا. وَلَوْ شَجَّهُ مُوضِحَةً فَذَهَبَ بِهَا عَقْلُهُ كَانَ عَلَيْهِ دِيَةُ النَّفْسِ لِأَجْلِ الْعَقْلِ وَيَدْخُلُ فِيهَا أَرْشُ الْمُوضِحَةِ وَفِي شَعْرِ الرَّأْسِ وَاللِّحْيَةِ إذَا ذَهَبَ وَلَمْ يَنْبُتْ دِيَةُ النَّفْسِ. وَإِنْ حَلَقَ لِحْيَةَ إنْسَانٍ فَنَبَتَ بَعْضُهَا دُونَ بَعْضٍ يَجِبُ حُكُومَةُ عَدْلٍ، وَكَذَا فِي لِحْيَةِ الْكَوْسَجِ إذَا كَانَتْ الشُّعُورُ طَاقَاتٍ مُتَفَرِّقَةً وَإِنْ سُتِرَتْ وَهِيَ رَقِيقَةٌ فَفِيهَا دِيَةٌ وَإِنْ كَانَتْ شَعَرَاتٌ عَلَى الذَّقَنِ لَا شَيْءَ فِيهَا، وَإِنْ حَلَقَ الشَّارِبَ فَلَمْ يَنْبُتْ يَجِبُ حُكُومَةُ عَدْلٍ وَيُؤَجَّلُ حَالِقُ الرَّأْسِ وَاللِّحْيَةِ وَالشَّارِبِ سَنَةً فَإِنْ لَمْ تَنْبُتْ تَجِبُ الدِّيَةُ فَإِنْ أُجِّلَ فِي الرَّأْسِ، أَوْ اللِّحْيَةِ وَمَاتَ الْمَجْنِيُّ عَلَيْهِ قَبْلَ الْحَوْلِ وَقَبْلَ النَّبَاتِ لَا شَيْءَ عَلَيْهِ فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ وَقَالَ صَاحِبَاهُ فِيهِ حُكُومَةُ عَدْلٍ وَفِي قَطْعِ الْأَنْفِ دِيَةُ النَّفْسِ، وَكَذَا إذَا قَطَعَ الْمَارِنَ وَهُوَ مَا لَانَ مِنْ الْأَنْفِ وَإِنْ قَطَعَ نِصْفَ قَصَبَةِ الْأَنْفِ لَا قِصَاصَ فِيهِ وَفِيهِ دِيَةُ النَّفْسِ. وَلَوْ ضَرَبَ أَنْفَ رَجُلٍ فَلَمْ يَجِدْ رِيحًا طَيِّبًا وَلَا نَتِنًا فَفِيهِ حُكُومَةُ عَدْلٍ وَفِي بَعْضِ الرِّوَايَاتِ فِيهَا الدِّيَةُ وَذَهَابُ الشَّمِّ بِمَنْزِلَةِ ذَهَابِ السَّمْعِ وَفِي قَطْعِ كُلِّ الذَّكَرِ دِيَةٌ كَامِلَةٌ وَكَذَلِكَ الْحَشَفَةُ وَحْدَهَا وَإِنْ ضَرَبَهُ عَلَى الظَّهْرِ فَفَاتَتْ مَنْفَعَةُ الْجِمَاعِ، أَوْ صَارَ أَحْدَبَ يَجِبُ دِيَةُ النَّفْسِ. وَلَوْ طَعَنَهُ بِرُمْحٍ، أَوْ غَيْرِهِ فِي الدُّبُرِ فَلَا يَسْتَمْسِكُ الطَّعَامَ فِي جَوْفِهِ فَعَلَيْهِ دِيَةٌ كَامِلَةٌ، وَكَذَا لَوْ ضَرَبَهُ فَسَلِسَ بَوْلُهُ وَلَا يَسْتَمْسِكُ الْبَوْلَ فَفِيهَا الدِّيَةُ وَإِنْ أَفْضَى امْرَأَةً فَلَا يَسْتَمْسِكُ الْبَوْلَ فَفِيهَا الدِّيَةُ وَإِنْ كَانَتْ تَسْتَمْسِكُ فَهِيَ جَائِفَةٌ يَجِبُ ثُلُثُ الدِّيَةِ وَفِي الْعَيْنَيْنِ وَالْحَاجِبَيْنِ وَالشَّفَتَيْنِ وَثَدْيَيْ الْمَرْأَةِ وَحَلَمَتَيْهَا الدِّيَةُ، وَكَذَا فِي الْيَدَيْنِ وَالرِّجْلَيْنِ وَالْأُذُنَيْنِ وَاللَّحْيَيْنِ وَالْأَلْيَتَيْنِ إذَا لَمْ يَبْقَ عَلَى عَظْمِ الْوَرِكِ لَحْمٌ فَإِنْ بَقِيَ مِنْ اللَّحْمِ شَيْءٌ فَفِيهِ حُكُومَةُ عَدْلٍ وَفِي أَشْفَارِ الْعَيْنَيْنِ الدِّيَةُ وَفِي أَحَدِهِمَا نِصْفٌ وَفِي كُلِّ شَفْرٍ رُبُعُ الدِّيَةِ وَفِي أَصَابِعِ الْيَدِ الدِّيَةُ وَفِي كُلِّ أُصْبُعٍ عُشْرُ الدِّيَةِ وَفِي كُلِّ مَفْصِلٍ ثُلُثٌ مِنْ عُشْرِ الدِّيَةِ إلَّا الجزء: 1 ¦ الصفحة: 167 الْإِبْهَامَ وَفِي كُلِّ مَفْصِلٍ مِنْ الْإِبْهَامِ نِصْفُ عُشْرِ الدِّيَةِ وَفِي كُلِّ سِنٍّ نِصْفُ عُشْرِ الدِّيَةِ وَإِنْ كَانَ الْأَسْنَانُ اثْنَيْنِ وَثَلَاثِينَ فَذَهَبَ الْكُلُّ فَفِيهَا دِيَةٌ وَثَلَاثَةُ أَخْمَاسِ الدِّيَةِ. وَفِي اعْوِجَاجِ الْوَجْهِ وَقَطْعِ فَرْجِ الْمَرْأَةِ إنْ مَنَعَ الْوَطْءَ، أَوْ ضُرِبَ عَلَى الظَّهْرِ فَانْقَطَعَ مَاؤُهُ فَفِي جَمِيعِ ذَلِكَ دِيَةٌ كَامِلَةٌ وَاخْتَلَفُوا فِي حُكُومَةِ الْعَدْلِ وَالْفَتْوَى عَلَى أَنَّهُ يُقَوِّمُ عَبْدًا بِلَا هَذَا الْأَثَرِ ثُمَّ مَعَهُ فَقَدْرُ التَّفَاوُتِ بَيْنَ الْقِيمَتَيْنِ هُوَ حُكُومَةُ الْعَدْلِ وَإِنْ قَطَعَ بَعْضَ اللِّسَانِ فَمُنِعَ الْكَلَامَ يَجِبُ فِيهِ الدِّيَةُ وَإِنْ مُنِعَ بَعْضَ الْكَلَامِ دُونَ الْبَعْضِ تُقْسَمُ دِيَةُ اللِّسَانِ عَلَى الْحُرُوفِ الَّتِي تَتَعَلَّقُ بِاللِّسَانِ فَيَجِبُ الدِّيَةُ بِقَدْرِ مَا فَاتَ مِنْ الْحُرُوفِ. وَلَوْ شَجَّ دَامِيَةً، أَوْ بَاضِعَةً، أَوْ مُتَلَاحِمَةً، أَوْ سَمْحًا فَأَخْطَأَ فَفِيهَا حُكُومَةُ عَدْلٍ، وَفِي الْمُوضِحَةِ نِصْفُ عُشْرِ الدِّيَةِ لَوْ خَطَأً، وَفِي الْمُنَقِّلَةِ عُشْرُ الدِّيَةِ أَلْفُ دِرْهَمٍ وَكَذَلِكَ فِي الْهَاشِمَةِ، وَفِي الْآمَّةِ ثُلُثُ الدِّيَةِ، وَفِي الْجَائِفَةِ ثُلُثُ الدِّيَةِ إذَا وَصَلَتْ إلَى الْجَوْفِ وَلَمْ تَنْفُذْ فَإِذَا نَفَذَتْ وَرَاءَهُ فَفِيهَا ثُلُثَا الدِّيَةِ. وَلَوْ حَلَقَ رَأْسَ شَابٍّ فَنَبَتَ أَبْيَضَ لَا شَيْءَ عَلَيْهِ فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ. وَكَذَا إذَا قَطَعَ الرِّجْلَ وَبِهِ أَخَذَ الْفَقِيهُ، وَفِي قَطْعِ الْيَدِ الشَّلَّاءِ حُكُومَةُ عَدْلٍ، وَكَذَا فِي قَطْعِ الرِّجْلِ الْعَرْجَاءِ حُكُومَةُ عَدْلٍ. وَلَوْ قَطَعَ الْيَدَ مِنْ نِصْفِ السَّاعِدِ كَانَ عَلَيْهِ فِي الْكَفِّ مَعَ الْأَصَابِعِ دِيَةُ الْيَدِ، وَفِي نِصْفِ السَّاعِدِ حُكُومَةُ عَدْلٍ. وَلَوْ قَطَعَ أَظَافِرَ الْيَدَيْنِ، أَوْ الرِّجْلَيْنِ رَوَى الْحَسَنُ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ أَنَّ فِيهِ حُكُومَةَ عَدْلٍ، وَفِي الْخُصْيَيْنِ وَالْعَيْنَيْنِ حُكُومَةُ عَدْلٍ، وَفِي ذَكَرِ الْمَوْلُودِ إنْ تَحَرَّكَ يَجِبُ الْقِصَاصُ فِي الْعَمْدِ وَالدِّيَةُ فِي الْخَطَأِ، وَإِنْ لَمْ يَتَحَرَّكْ كَانَ فِيهِ حُكُومَةُ عَدْلٍ وَتَجِبُ الدِّيَةُ فِي لِسَانِ الصَّبِيِّ إذَا اسْتَهَلَّ وَإِنْ لَمْ يَسْتَهِلَّ كَانَ فِيهِ حُكُومَةُ عَدْلٍ، وَكَذَا فِي لِسَانِ الْأَخْرَسِ يَجِبُ حُكُومَةُ الْعَدْلِ، وَإِذَا دَفَعَ امْرَأَةً وَهِيَ بِكْرٌ فَسَقَطَتْ وَذَهَبَتْ عُذْرَتُهَا كَانَ عَلَيْهِ مِثْلُ مَهْرِ مِثْلِهَا. وَلَوْ ضَرَبَ سِنَّ إنْسَانٍ فَتَحَرَّكَ فَأُجِّلَ فَإِنْ اخْضَرَّ أَوْ احْمَرَّ يَجِبُ دِيَةُ السِّنِّ خَمْسَمِائَةٍ، وَإِنْ اصْفَرَّ اخْتَلَفَ الْمَشَايِخُ فِيهِ وَالصَّحِيحُ أَنَّهُ لَا يَجِبُ شَيْءٌ، وَلَوْ اسْوَدَّ يَجِبُ دِيَةُ السِّنِّ إذَا فَاتَتْ مَنْفَعَةُ الْمَضْغِ وَإِنْ لَمْ تَفُتْ إلَّا أَنَّهُ مِنْ الْأَسْنَانِ الَّتِي تُرَى حَتَّى فَاتَ جَمَالُهُ فَكَذَلِكَ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ وَاحِدٌ مِنْهُمَا فَفِيهِ رِوَايَتَانِ وَالصَّحِيحُ أَنَّهُ لَا يَجِبُ شَيْءٌ، وَإِنْ قَلَعَ سِنَّ بَالِغٍ فَنَبَتَ لَا شَيْءَ عَلَيْهِ، وَكَذَا سِنُّ الصَّبِيِّ إذَا نَبَتَ لَا شَيْءَ عَلَيْهِ. وَلَوْ نَزَعَ سِنَّ رَجُلٍ فَانْتَزَعَ الْمَنْزُوعُ سِنُّهُ سِنَّ النَّازِعِ قِصَاصًا فَنَبَتَتْ سِنُّ الْأَوَّلِ كَانَ عَلَى النَّازِعِ الثَّانِي أَرْشُ سِنِّ النَّازِعِ الْأَوَّلِ خَمْسَمِائَةٍ؛ لِأَنَّهُ لَمَّا نَبَتَ سِنُّ الْأَوَّلِ تَبَيَّنَ أَنَّ الْقِصَاصَ لَمْ يَكُنْ، وَلَوْ نَبَتَ سِنُّهُ أَعْوَجَ كَانَ فِيهِ حُكُومَةُ عَدْلٍ. وَلَوْ نَبَتَ نِصْفُ السِّنِّ كَانَ عَلَيْهِ نِصْفُ أَرْشِهَا. وَلَوْ عَضَّ يَدَ رَجُلٍ فَانْتَزَعَ صَاحِبُ الْيَدِ يَدَهُ وَقَلَعَ سِنَّ الْعَاضِّ لَا ضَمَانَ عَلَيْهِ فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ. وَقَالَ ابْنُ أَبِي لَيْلَى عَلَيْهِ دِيَةُ السِّنِّ. وَلَوْ عَضَّ ذِرَاعَ رَجُلٍ فَجَذَبَهُ مِنْ فِيهِ فَسَقَطَ بَعْضُ أَسْنَانِ الْعَاضِّ وَذَهَبَ لَحْمُ ذِرَاعِ الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ قَالَ مُحَمَّدٌ لَا يَضْمَنُ الْأَسْنَانَ وَيَضْمَنُ الْعَاضُّ أَرْشَ ذِرَاعِ الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ. وَلَوْ تَنَازَعَ رَجُلَانِ فِي حَبْلٍ وَاحِدٍ كُلٌّ مِنْهُمَا أَخَذَ طَرَفَهُ يَجْذِبَانِ فَجَاءَ رَجُلٌ وَوَضَعَ السِّكِّينَ عَلَى الْوَسَطِ وَقَطَعَ الْحَبْلَ فَسَقَطَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْ جَانِبِهِ وَمَاتَ لَيْسَ عَلَى الْقَاطِعِ شَيْءٌ؛ لِأَنَّهُ قَصَدَ الصُّلْحَ دُونَ الْهَلَاكِ هَذِهِ الْجُمْلَةُ مِنْ قَاضِي خَانْ. وَفِي الْوَجِيزِ نَقْلًا عَنْ الْمُنْتَقَى رَجُلَانِ مَدَّا حَبْلًا فَانْقَطَعَ الْحَبْلُ فَسَقَطَا وَمَاتَا إنْ سَقَطَا عَلَى الْقَفَا الجزء: 1 ¦ الصفحة: 168 لَا ضَمَانَ فِيهِمَا، وَإِنْ سَقَطَا عَلَى الْوَجْهِ فَدِيَةُ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا عَلَى صَاحِبِهِ، وَإِنْ سَقَطَ أَحَدُهُمَا عَلَى الْقَفَا وَالْآخَرُ عَلَى الْوَجْهِ هُدِرَ دَمُ السَّاقِطِ عَلَى الْقَفَا وَوَجَبَتْ دِيَةُ السَّاقِطِ عَلَى الْوَجْهِ، وَإِنْ قَطَعَ أَجْنَبِيٌّ الْحَبْلَ حَتَّى سَقَطَا وَمَاتَا ضَمِنَ الْقَاطِعُ اهـ. وَهَكَذَا فِي الْخُلَاصَةِ وَمُشْتَمِلِ الْهِدَايَةِ نَقْلًا عَنْ الْمُخْتَارِ فَلَمْ أَدْرِ مِنْ أَيْنَ ذَهَبَ قَاضِي خَانْ إلَى مَا ذَهَبَ وَلَعَلَّهُ اطَّلَعَ عَلَى رِوَايَةٍ فِي الْمَذْهَبِ فَاخْتَارَهَا وَإِلَيْهَا ذَهَبَ ثُمَّ إنِّي اطَّلَعْت عَلَى شَاهِدٍ مِنْ قَاضِي خَانْ عَلَى مَا ظَنَنْت بِهِ قَالَ فِي فَصْلٍ آخَرَ مِنْ الْجِنَايَاتِ مِنْدِيلٌ، أَوْ حَبْلٌ طَرَفَاهُ فِي يَدِ رَجُلَيْنِ يَتَجَاذَبَانِ فَانْقَطَعَ الْمِنْدِيلُ، أَوْ الْحَبْلُ فَسَقَطَا وَمَاتَا قَالَ أَبُو يُوسُفَ إنْ سَقَطَا عَلَى قَفَاهُمَا هُدِرَ دَمُهُمَا؛ لِأَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مَاتَ بِفِعْلِ نَفْسِهِ، وَإِنْ سَقَطَا عَلَى وَجْهِهِمَا فَدِيَةُ كُلٍّ عَلَى الْآخَرِ؛ لِأَنَّهُ مَاتَ بِصُنْعِ الْآخَرِ، وَإِنْ سَقَطَ أَحَدُهُمَا عَلَى وَجْهِهِ وَالْآخَرُ عَلَى قَفَاهُ وَجَبَتْ دِيَةُ السَّاقِطِ عَلَى الْوَجْهِ دُونَ الْمُسْتَلْقِي، وَإِنْ قَطَعَ أَجْنَبِيٌّ هَذَا الْحَبْلَ فَوَقَعَا عَلَى قَفَاهُمَا يَضْمَنُ الْقَاطِعُ دِيَتَهُمَا وَقِيمَةَ الْحَبْلِ، وَلَوْ وَقَعَا عَلَى وُجُوهِهِمَا قَالَ مُحَمَّدٌ فَذَاكَ لَا يَكُونُ مِنْ قَطْعِ الْحَبْلِ، وَلَوْ وَقَعَا عَلَى قَفَاهُمَا ذَكَرَ ابْنُ رُسْتُمَ أَنَّهُ لَا ضَمَانَ عَلَى قَاطِعِ الْحَبْلِ اهـ. رَجُلَانِ اصْطَدَمَا فَمَاتَا إنْ وَقَعَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا عَلَى وَجْهِهِ لَا شَيْءَ عَلَى وَاحِدٍ مِنْهُمَا، وَإِنْ وَقَعَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا عَلَى قَفَاهُ فَعَلَى عَاقِلَةِ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا دِيَةُ صَاحِبِهِ، وَإِنْ وَقَعَ أَحَدُهُمَا عَلَى قَفَاهُ وَالْآخَرُ عَلَى وَجْهِهِ فَدَمُ الَّذِي وَقَعَ عَلَى وَجْهِهِ هَدَرٌ وَدِيَةُ الْآخَرِ عَلَى عَاقِلَةِ صَاحِبِهِ. صَبِيَّتَانِ وَقَعَتْ إحْدَاهُمَا عَلَى الْأُخْرَى فَزَالَتْ بَكَارَةُ إحْدَاهُمَا بِفِعْلِ الْأُخْرَى يَجِبُ مَهْرُ الْمِثْلِ عَلَى الصَّبِيَّةِ مِنْ الْخُلَاصَةِ. وَفِيهَا أَنَّ الْمَجْنُونَ إذَا قَصَدَ قَتْلَ إنْسَانٍ فَقَتَلَهُ الْمَصُولُ عَلَيْهِ يَضْمَنُ الدِّيَةَ. رَجُلٌ أَرَادَ أَنْ يَضْرِبَ بِالسَّيْفِ فَأَخَذَ آخَرُ السَّيْفَ بِيَدِهِ فَجَذَبَ صَاحِبُ السَّيْفِ سَيْفَهُ مِنْ يَدِهِ فَقَطَعَ نِصْفَ أَصَابِعِهِ إنْ كَانَ مِنْ الْمَفَاصِلِ فَعَلَيْهِ الْقِصَاصُ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مِنْ الْمَفَاصِلِ فَعَلَيْهِ دِيَةُ الْأَصَابِعِ. وَلَوْ قَطَعَ ظُفْرَ غَيْرِهِ إنْ نَبَتَ كَمَا كَانَ فَلَا شَيْءَ عَلَى الْقَاطِعِ، وَإِنْ لَمْ يَنْبُتْ، أَوْ نَبَتَ مُتَعَيِّبًا فَفِيهِ حُكُومَةُ الْعَدْلِ لَكِنْ فِي الْمُتَعَيِّبِ دُونَ مَا لَمْ يَنْبُتْ وَلَيْسَ فِيهِ أَرْشٌ مُقَدَّرٌ وَلَا قِصَاصٌ. وَلَوْ ضَرَبَ امْرَأَةً حَتَّى صَارَتْ مُسْتَحَاضَةً يَجِبُ الدِّيَةُ. وَفِي الْخِزَانَةِ يُنْتَظَرُ حَوْلٌ إنْ بَرِئَتْ لَا يَجِبُ شَيْءٌ، وَإِنْ لَمْ تَبْرَأْ فَعَلَيْهِ الدِّيَةُ، وَفِي الضِّلْعِ إذَا كُسِرَتْ حُكُومَةُ الْعَدْلِ، وَفِي الصُّلْبِ إذَا دُقَّ لَكِنْ يَقْدِرُ عَلَى أَنْ يُجَامِعَ فَفِيهِ حُكُومَةُ عَدْلٍ. رَجُلَانِ فِي بَيْتٍ وَلَيْسَ مَعَهُمَا أَحَدٌ وَوُجِدَ أَحَدُهُمَا مَقْتُولًا قَالَ أَبُو يُوسُفَ أُضَمِّنُهُ الدِّيَةَ، وَقَالَ مُحَمَّدٌ لَا أُضَمِّنُهُ لَعَلَّهُ قَتَلَ نَفْسَهُ مِنْ الْخُلَاصَةِ. ضَرَبَ رَجُلًا فَصُمَّتْ إحْدَى أُذُنَيْهِ يَجِبُ نِصْفُ الدِّيَةِ، وَإِنْ لَمْ يَذْهَبْ الزِّينَةُ كَمَا إذَا ذَهَبَ ضَوْءُ إحْدَى الْعَيْنَيْنِ. فِي شَرْحِ الطَّحَاوِيِّ لَا نَعْلَمُ فِيمَنْ اطَّلَعَ عَلَى بَيْتِ غَيْرِهِ فَفُقِئَتْ عَيْنُهُ شَيْئًا مَنْصُوصًا عَنْ أَصْحَابِنَا وَمَذْهَبُهُمْ أَنَّهُ هَدَرٌ وَقَالَ أَبُو بَكْرٍ الرَّازِيّ هَذَا لَيْسَ بِشَيْءٍ وَيَلْزَمُهُ حُكْمُ الْجِنَايَةِ وَقَالَ الشَّافِعِيُّ هُوَ هَدَرٌ لِقَوْلِهِ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - «مَنْ اطَّلَعَ عَلَى دَارِ قَوْمٍ بِغَيْرِ إذْنِهِمْ فَفَقَئُوا عَيْنَهُ فَلَا دِيَةَ وَلَا قِصَاصَ» وَعِنْدَنَا هُوَ مَحْمُولٌ عَلَى مَا إذَا لَمْ يُمْكِنْهُ دَفْعُهُ لَا بِفَقْءِ الْعَيْنِ وَهُوَ هَدَرٌ بِالْإِجْمَاعِ. وَفِي كَنْزِ الرُّءُوسِ: إذَا نَظَرَ فِي بَابِ دَارِ إنْسَانٍ فَفَقَأَ عَيْنَهُ صَاحِبُ الدَّارِ لَا يَضْمَنُ إنْ لَمْ يُمْكِنْهُ تَنْحِيَتُهُ مِنْ غَيْرِ فَقْءِ الْعَيْنِ، وَإِنْ أَمْكَنَهُ يَضْمَنُ. وَقَالَ الشَّافِعِيُّ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 169 لَا يَضْمَنُ فِي الْوَجْهَيْنِ. وَلَوْ أَدْخَلَ رَأْسَهُ فَرَمَاهُ صَاحِبُ الدَّارِ فَفَقَأَ عَيْنَهُ لَا يَضْمَنُ بِالْإِجْمَاعِ؛ لِأَنَّهُ شَغَلَ مِلْكَهُ كَمَا لَوْ قَصَدَ أَخْذَ ثِيَابِهِ فَدَفَعَهُ حَتَّى قَتَلَهُ لَمْ يَضْمَنْ وَإِنَّمَا الْخِلَافُ فِيمَا لَوْ نَظَرَ مِنْ خَارِجِهَا. انْفَلَتَتْ فَأْسٌ مِنْ قَصَّابٍ كَانَ يَكْسِرُ الْعَظْمَ فَأَتْلَفَتْ عُضْوَ إنْسَانٍ يَضْمَنُ وَهُوَ خَطَأٌ وَالدِّيَةُ فِي مَالِهِ؛ لِأَنَّهُ لَا عَاقِلَةَ لِلْعَجَمِ. امْرَأَةٌ غَطَّتْ قِدْرَ أُخْرَى تَغْلِي فَانْصَبَّ شَيْءٌ مِنْ شِدَّةِ غَلَيَانِهَا وَأَحْرَقَ رِجْلَ صَبِيٍّ تَضْمَنُ الْمُغَطِّيَةُ. أَبُو الْفَضْلِ صَغِيرَانِ يَلْعَبَانِ فَصَرَعَ أَحَدُهُمَا صَاحِبَهُ فَانْكَسَرَ فَخِذُهُ وَلَمْ يَنْجَبِرْ حَتَّى لَا يُمْكِنَهُ الْمَشْيُ فَعَلَى أَقْرِبَاءِ الصَّبِيِّ مِنْ جِهَةِ أَبِيهِ خَمْسُمِائَةِ دِينَارٍ. أَبُو بَكْرٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ - صِبْيَانٌ يَرْمُونَ لَعِبًا فَأَصَابَ سَهْمُ أَحَدِهِمْ عَيْنَ امْرَأَةٍ وَهُوَ ابْنُ تِسْعِ سِنِينَ، أَوْ نَحْوَهُ فَالدِّيَةُ فِي مَالِ الصَّبِيِّ وَلَا شَيْءَ عَلَى الْأَبِ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ مَالٌ فَنَظِرَةٌ إلَى مَيْسَرَةٍ، قَالَ أَبُو اللَّيْثِ: وَإِنَّمَا أَوْجَبَ الدِّيَةَ فِي مَالِ الصَّبِيِّ؛ لِأَنَّهُ لَا يَرَى لِلْعَجَمِ عَاقِلَةً، وَأَمَّا إذَا كَانَ لِلصَّبِيِّ عَاقِلَةٌ وَثَبَتَ بِالْبَيِّنَةِ فَعَلَى عَاقِلَتِهِ. وَلَوْ شَهِدَ الصِّبْيَانُ، أَوْ أَقَرَّ الصَّبِيُّ لَمْ يَجِبْ عَلَى أَحَدٍ شَيْءٌ. نَزَعَ سِنَّ امْرَأَةٍ فَتُجَنُّ يَوْمًا وَتُفِيقُ يَوْمًا فَحُكُومَةُ عَدْلٍ مِنْ الْقُنْيَةِ. وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ رَجُلَانِ مَدَّا شَجَرَةً فَوَقَعَتْ عَلَيْهِمَا فَقَتَلَتْهُمَا فَعَلَى عَاقِلَةِ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا نِصْفُ دِيَةِ صَاحِبِهِ. رَجُلٌ أَخَذَ بِيَدِ رَجُلٍ فَجَذَبَ الْآخَرُ يَدَهُ مِنْ يَدِهِ فَانْفَلَتَتْ يَدُهُ قَالَ مُحَمَّدٌ إنْ أَخَذَهَا لِلْمُصَافَحَةِ فَلَا شَيْءَ عَلَى الْآخِذِ، وَإِنْ أَخَذَهَا لِيَغْمِزَهَا ضَمِنَ الْآخِذُ أَرْشَ الْيَدِ. وَلَوْ قَلَعَ سِنَّ رَجُلٍ خَطَأً فَأَثْبَتَهَا مَكَانَهَا غَرِمَ أَرْشَهَا وَكَذَلِكَ الْأُذُنُ؛ لِأَنَّهَا لَا تَعُودُ إلَى حَالَتِهَا الْأُولَى وَلِهَذَا لَوْ قَلَعَ أَسْنَانَ هَذَا الْمَقْلُوعِ ثَانِيًا لَا شَيْءَ عَلَيْهِ، وَلَوْ نَبَتَتْ بِنَفْسِهَا صَحِيحَةً لَا يَضْمَنُ شَيْئًا، وَلَوْ نَبَتَتْ عَلَى عَيْبٍ فَحُكُومَةُ عَدْلٍ عَنْ مُحَمَّدٍ رَجُلٌ قَلَعَ سِنَّ صَبِيٍّ، أَوْ حَلَقَ رَأْسَ امْرَأَةٍ فَصَالَحَ الْجَانِي أَبَ الصَّبِيِّ، أَوْ الْمَرْأَةَ عَلَى الدَّرَاهِمِ ثُمَّ نَبَتَ السِّنُّ وَالشَّعْرُ يَرُدُّ الدَّرَاهِمَ وَكَذَلِكَ إذَا كُسِرَتْ فَجُبِرَتْ فَصَالَحَهُ مِنْهُمَا ثُمَّ صَحَّتْ، وَفِي قَلْمِ الْأَظْفَارِ إذَا لَمْ تَنْبُتْ قِيلَ: يَجِبُ كَمَالُ الدِّيَةِ وَقِيلَ: لَا يَجِبُ، وَإِنْ نَبَتَ أَصْفَرَ، أَوْ أَعْوَجَ فَفِيهِ حُكُومَةُ عَدْلٍ، وَإِنْ حَلَقَ نِصْفَ اللِّحْيَةِ، أَوْ الرَّأْسِ قِيلَ: يَجِبُ نِصْفُ الدِّيَةِ وَقِيلَ يَجِبُ كَمَالُ الدِّيَةِ. وَلَوْ حَلَقَ الشَّارِبَ فَالْأَصَحُّ أَنَّ فِيهِ حُكُومَةَ عَدْلٍ، وَلَوْ سَلَخَ جِلْدَةَ الْوَجْهِ لَا رِوَايَةَ فِيهِ عَنْ أَصْحَابِنَا وَعَلَى قَوَاعِدِ الْمَذْهَبِ يَجِبُ كَمَالُ الدِّيَةِ. حَلَقَ رَأْسَ رَجُلٍ، أَوْ لِحْيَتَهُ فَقَالَ كَانَ أَصْلَعَ، أَوْ كَوْسَجًا لَمْ يَكُنْ فِي عَارِضِهِ شَعْرٌ فَأُجِّلَ سَنَةً فَلَمْ يَنْبُتْ فَعَلَيْهِ الدِّيَةُ بِقَدْرِ مَا زَعَمَ الْحَالِقُ أَنَّهُ كَانَ فِي رَأْسِهِ، أَوْ فِي لِحْيَتِهِ مِنْ الشَّعْرِ، وَكَذَلِكَ فِي الْحَاجِبَيْنِ وَالْأَشْفَارِ كَانَ الْقَوْلُ قَوْلَهُ مَعَ يَمِينِهِ وَعَلَى الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ الْبَيِّنَةُ. وَلَوْ مَاتَ الْمَحْلُوقُ قَبْلَ الْحَوْلِ وَلَمْ يَنْبُتْ الشَّعْرُ لَا شَيْءَ عَلَيْهِ. لَوْ نَتَفَ بَعْضَ لِحْيَةِ رَجُلٍ يُسْتَأْنَى حَوْلَانِ فَإِنْ الْتَأَمَتْ لَمْ يَجِبْ شَيْءٌ، وَإِنْ لَمْ تَلْتَئِمْ فَقِيمَةُ الدِّيَةِ عَلَى مَا ذَهَبَ وَعَلَى مَا بَقِيَ فَيَجِبُ بِحِسَابِهِ مِنْ الْوَجِيزِ. قَالَ فِي الْهِدَايَةِ الْأَصْلُ فِي الْأَطْرَافِ أَنَّهُ إذَا فَوَّتَ جِنْسَ مَنْفَعَةٍ عَلَى الْكَمَالِ، أَوْ أَزَالَ جَمَالًا مَقْصُودًا فِي الْآدَمِيِّ عَلَى الْكَمَالِ يَجِبُ كُلُّ الدِّيَةِ لِإِتْلَافِهِ النَّفْسَ مِنْ وَجْهٍ وَهُوَ مُلْحَقٌ بِالْإِتْلَافِ مِنْ كُلِّ وَجْهٍ تَعْظِيمًا لِلْآدَمِيِّ فَلَوْ ضَرَبَ إنْسَانًا فَذَهَبَ ذَوْقُهُ وَجَبَتْ الدِّيَةُ. وَلَوْ ضَرَبَ عُضْوًا فَذَهَبَتْ مَنْفَعَتُهُ فَفِيهِ دِيَةٌ كَامِلَةٌ كَالْيَدِ إذَا شُلَّتْ وَالْعَيْنِ إذَا ذَهَبَ ضَوْءُهَا. وَلَوْ ضَرَبَ صُلْبَ غَيْرِهِ فَانْقَطَعَ مَاؤُهُ، أَوْ احْدَوْدَبَ يَجِبُ الدِّيَةُ وَهَذِهِ مَرَّتْ، وَلَوْ زَالَتْ الحدوبة الجزء: 1 ¦ الصفحة: 170 لَا شَيْءَ عَلَيْهِ، وَفِي عَيْنِ الصَّبِيِّ وَلِسَانِهِ إذَا لَمْ يَعْلَمْ صِحَّتَهُ حُكُومَةُ عَدْلٍ، وَكَذَا لَوْ اسْتَهَلَّ الصَّبِيُّ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ بِكَلَامٍ وَإِنَّمَا هُوَ مُجَرَّدُ صَوْتٍ، وَمَعْرِفَةُ الصِّحَّةِ فِيهِ بِالْكَلَامِ، وَفِي الْعَيْنِ بِمَا يُسْتَدَلُّ بِهِ عَلَى النَّظَرِ، وَفِي الذَّكَرِ بِالْحَرَكَةِ اهـ قُلْتُ وَهَذَا مُخَالِفٌ لِمَا مَرَّ عَنْ قَاضِي خَانْ أَنَّهُ يَجِبُ الدِّيَةُ بِالِاسْتِهْلَالِ، وَفِي قَلْعِ سِنٍّ سَوْدَاءَ حُكُومَةُ عَدْلٍ مِنْ مُشْتَمِلِ الْهِدَايَةِ. وَلَوْ قَطَعَ أُصْبُعَ رَجُلٍ مِنْ الْمَفْصِلِ الْأَعْلَى فَشُلَّ مَا بَقِيَ مِنْ الْأَصَابِعِ وَالْيَدِ كُلِّهَا يَجِبُ الدِّيَةُ فِي الْمَفْصِلِ الْأَعْلَى، وَفِيمَا بَقِيَ حُكُومَةُ عَدْلٍ، وَكَذَلِكَ لَوْ كَسَرَ سِنَّ رَجُلٍ فَاسْوَدَّ مَا بَقِيَ وَلَمْ يَحْكِ مُحَمَّدٌ خِلَافًا وَيَنْبَغِي أَنْ يَجِبَ الدِّيَةُ فِي السِّنِّ كُلِّهِ. وَلَوْ شَجَّ رَجُلًا فَالْتَحَمَتْ وَلَمْ يَبْقَ لَهَا أَثَرٌ وَنَبَتَ الشَّعْرُ سَقَطَ الْأَرْشُ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ عَلَيْهِ أَرْشُ الْأَلَمِ وَهُوَ حُكُومَةُ عَدْلٍ وَقَالَ مُحَمَّدٌ عَلَيْهِ أُجْرَةُ الطَّبِيبِ وَثَمَنُ الدَّوَاءِ مِنْ الْهِدَايَةِ. وَلَوْ قَطَعَ أُصْبُعًا فَشُلَّتْ أُخْرَى يَجِبُ عَلَيْهِ أَرْشُ الْأُصْبُعَيْنِ فِي مَالِهِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَعِنْدَهُمَا يُقْتَصُّ لِلْأُولَى وَيَغْرَمُ دِيَةَ الْأُخْرَى. وَلَوْ ضَرَبَ الْأُذُنَ فَيَبِسَتْ فَفِيهَا حُكُومَةُ عَدْلٍ مِنْ الْوَجِيزِ، وَإِنْ قَطَعَ ثَدْيِ الرَّجُلِ، أَوْ حَلَمَتَهُ فَفِيهَا حُكُومَةُ عَدْلٍ هَذِهِ فِي أَحْكَامِ الْأُنْثَى مِنْ الْأَشْبَاهِ. قَمَطَ رَجُلًا وَطَرَحَهُ فَقَتَلَهُ سَبُعٌ لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ قَوَدٌ وَلَا دِيَةٌ وَلَكِنْ يُعَزَّرُ وَيُحْبَسُ حَتَّى يَمُوتَ. وَعَنْ أَبِي حَنِيفَةَ عَلَيْهِ الدِّيَةُ، وَلَوْ قَمَطَ صَبِيًّا وَأَلْقَاهُ فِي الشَّمْسِ، أَوْ فِي يَوْمٍ بَارِدٍ حَتَّى مَاتَ فَعَلَى عَاقِلَتِهِ الدِّيَةُ. إذَا شَقَّ رَجُلٌ بَطْنَ رَجُلٍ وَأَخْرَجَ أَمْعَاءَهُ ثُمَّ ضَرَبَ رَجُلٌ عُنُقَهُ بِالسَّيْفِ عَمْدًا فَالْقَاتِلُ هُوَ الَّذِي ضَرَبَ الْعُنُقَ وَيُقْتَصُّ إنْ كَانَ عَمْدًا، وَإِنْ كَانَ خَطَأً تَجِبُ الدِّيَةُ وَعَلَى الَّذِي شَقَّ ثُلُثُ الدِّيَةِ، وَإِنْ كَانَ الشَّقُّ نَفَذَ إلَى الْجَانِبِ الْآخَرِ فَثُلُثَا الدِّيَةِ هَذَا إذَا كَانَ يَعِيشُ بَعْدَ شَقِّ الْبَطْنِ يَوْمًا، أَوْ بَعْضَ يَوْمٍ، وَإِنْ كَانَ لَا يَعِيشُ وَلَا يُتَوَهَّمُ مِنْهُ الْحَيَاةُ مَعَهُ وَلَا يَبْقَى مَعَهُ إلَّا اضْطِرَابُ الْمَوْتِ فَالْقَاتِلُ هُوَ الَّذِي شَقَّ الْبَطْنَ وَيُقْتَصُّ فِي الْعَمْدِ وَتَجِبُ الدِّيَةُ فِي الْخَطَأِ وَاَلَّذِي ضَرَبَ الْعُنُقَ يُعَزَّرُ، وَكَذَا لَوْ جَرَحَ رَجُلًا جِرَاحَةً مُثْخِنَةً لَا يُتَوَهَّمُ الْعَيْشُ مَعَهَا وَجَرَحَهُ آخَرُ جِرَاحَةً أُخْرَى فَالْقَاتِلُ هُوَ الَّذِي جَرَحَ الْجِرَاحَةَ الْمُثْخِنَةَ هَذَا إذَا كَانَ الْجِرَاحَتَانِ عَلَى التَّعَاقُبِ فَإِنْ كَانَتَا مَعًا فَكِلَاهُمَا قَاتِلَانِ، وَكَذَا لَوْ جَرَحَهُ رَجُلٌ عَشْرَ جِرَاحَاتٍ وَالْآخَرُ جَرَحَهُ وَاحِدَةً فَكِلَاهُمَا قَاتِلَانِ؛ لِأَنَّ الْمَرْءَ قَدْ يَمُوتُ بِجُرْحَةٍ وَاحِدَةٍ وَيَسْلَمُ مِنْ الْكَثِيرِ. رَجُلٌ قَتَلَ آخَرَ وَهُوَ فِي النَّزْعِ قُتِلَ، وَإِنْ كَانَ يَعْلَمُ أَنَّهُ لَا يَعِيشُ. رَجُلٌ قَالَ لِآخَرَ: بِعْتُك دَمِي بِأَلْفٍ، أَوْ بِأَفْلُسٍ فَقَتَلَهُ لَا يَجِبُ الْقِصَاصُ وَتَجِبُ الدِّيَةُ. وَفِي التَّجْرِيدِ لَا تَجِبُ الدِّيَةُ فِي أَصَحِّ الرِّوَايَتَيْنِ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ وَهُوَ قَوْلُهُمَا، وَفِي رِوَايَةٍ تَجِبُ، وَلَوْ قَالَ لَهُ اقْطَعْ يَدِي فَقَطَعَ لَا شَيْءَ عَلَيْهِ، وَكَذَا فِي جَمِيعِ الْأَطْرَافِ، وَلَوْ قَالَ لِآخَرَ اقْطَعْ يَدِي عَلَى أَنْ تُعْطِيَنِي هَذَا الثَّوْبَ وَهَذِهِ الدَّارَ فَفَعَلَ لَا قِصَاصَ عَلَيْهِ وَعَلَيْهِ خَمْسَةُ آلَافِ دِرْهَمٍ وَبَطَلَ الصُّلْحُ، وَلَوْ قَالَ لِآخَرَ: اجْنِ عَلَيَّ فَرَمَاهُ بِحَجَرٍ فَجَرَحَهُ جُرْحًا لَا يَعِيشُ مِنْ مِثْلِهِ فَهَذَا قَاتِلٌ وَلَا يُسَمَّى جَانِيًا وَعَلَيْهِ الدِّيَةُ. وَلَوْ جَرَحَهُ بِالْحَجَرِ جُرْحًا يَعِيشُ مِنْ مِثْلِهِ لَا يُسَمَّى قَاتِلًا، وَلَوْ مَاتَ مِنْ ذَلِكَ لَا شَيْءَ عَلَى الْجَانِي، وَمِنْ هَذَا الْجِنْسِ صَارَتْ وَاقِعَةً وَهِيَ رَجُلٌ قَالَ لِآخَرَ: ارْمِ إلَيَّ اقْبِضْهُ وَاكْسِرْهُ فَرَمَاهُ فَأَصَابَ عَيْنَهُ فَذَهَبَ ضَوْءُهَا لَا يَضْمَنُ شَيْئًا مِنْ الْخُلَاصَةِ. وَفِي الْقُنْيَةِ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 171 لَا شَكَّ فِي وُجُوبِ الدِّيَةِ إنَّمَا الْكَلَامُ فِي وُجُوبِ الْقِصَاصِ؛ لِأَنَّهُ قَالَ فِي الْكِتَابِ إذَا تَضَارَبَا بِوَكْزٍ يُقَالُ لَهُ بِالْفَارِسِيَّةِ مَشَتْ زِدْنَ فَذَهَبَ عَيْنُ أَحَدِهِمَا يَجِبُ الْقِصَاصُ إذَا أَمْكَنَ؛ لِأَنَّهُ عَمْدٌ، وَإِنْ قَالَ كُلٌّ مِنْهُمَا لِلْآخَرِ ده ده اهـ. قَمَطَ صَبِيًّا فَأَلْقَاهُ فِي الشَّمْسِ حَتَّى مَاتَ ضَمِنَ. أَوْقَعَ إنْسَانًا فِي الْبَحْرِ فَسَبَحَ سَاعَةً ثُمَّ غَرِقَ لَا يَضْمَنُ مِنْ مُشْتَمِلِ الْهِدَايَةِ ذَكَرَهُ فِي الْوَجِيزِ. رَجُلٌ ضَرَبَ سِنَّ رَجُلٍ فَاسْوَدَّ فَجَاءَهُ آخَرُ وَنَزَعَهَا كَانَ عَلَى الْأَوَّلِ أَرْشٌ تَامٌّ خَمْسُمِائَةٍ وَعَلَى الثَّانِي حُكُومَةُ عَدْلٍ، وَفِي الْعَيْنِ الْحَوْلَاءِ الشَّدِيدَةِ الْحَوَلِ بِحَيْثُ يَضُرُّ بِبَصَرِهِ حُكُومَةُ عَدْلٍ. وَلَوْ سَقَى إنْسَانًا سُمًّا فَمَاتَ فَلَوْ، أَوْجَرَهُ إيجَارًا تَجِبُ الدِّيَةُ، وَإِنْ دَفَعَهُ إلَيْهِ فِي شَرْبَتِهِ وَمَاتَ لَا تَجِبُ الدِّيَةُ بَلْ يُحْبَسُ وَيُعَزَّرُ. رَجُلٌ رَأَى رَجُلًا يَزْنِي بِامْرَأَتِهِ، أَوْ بِامْرَأَةِ آخَرَ وَهُوَ مُحْصَنٌ فَصَاحَ بِهِ فَلَمْ يَهْرُبْ فَقَتَلَهُ لَا شَيْءَ عَلَيْهِ، وَكَذَا لَوْ قَتَلَ قَاطِعَ الطَّرِيقِ لَا شَيْءَ عَلَيْهِ، وَكَذَا لَوْ قَتَلَ الْمُسْلِمُ مُرْتَدًّا، أَوْ مُرْتَدَّةً لَا شَيْءَ عَلَيْهِ، وَكَذَا لَوْ شَهِدَ الشُّهُودُ عَلَى رَجُلٍ بِالزِّنَا وَالْإِحْصَانِ فَحُبِسَ لِيُرْجَمَ غَدًا فَقَتَلَهُ رَجُلٌ لَا شَيْءَ عَلَيْهِ. رَجُلٌ دَفَعَ إلَى الصَّبِيِّ سِكِّينًا فَضَرَبَ الصَّبِيُّ نَفْسَهُ، أَوْ غَيْرَهُ بِغَيْرِ إذْنٍ لَمْ يَضْمَنْ الدَّافِعُ شَيْئًا، وَفِي جِنَايَاتِ الْحَسَنِ إنْ قَتَلَ الصَّبِيُّ غَيْرَهُ كَانَ عَلَى عَاقِلَةِ الصَّبِيِّ دِيَةُ الْمَقْتُولِ ثُمَّ تُرْجَعُ عَلَى عَاقِلَةِ الدَّافِعِ بِالدِّيَةِ وَذَكَرَ فِي الْمُنْتَقَى: رَجُلٌ أَعْطَى صَبِيًّا عَصًا أَوْ شَيْئًا مِنْ السِّلَاحِ، وَقَالَ: امْسِكْهُ لِي فَعَطِبَ الصَّبِيُّ بِذَلِكَ فَدِيَةُ الصَّبِيِّ عَلَى عَاقِلَةِ الدَّافِعِ. وَلَوْ دَفَعَ السِّلَاحَ إلَى الصَّبِيِّ وَلَمْ يَقُلْ أَمْسِكْهُ لِي فَعَطِبَ الصَّبِيُّ بِذَلِكَ اخْتَلَفَ الْمَشَايِخُ فِيهِ. رَجُلٌ جَذَبَ وَلَدًا صَغِيرًا مِنْ يَدِ وَالِدِهِ وَالْأَبُ يُمْسِكُهُ حَتَّى مَاتَ الصَّغِيرُ قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ: دِيَةُ الصَّغِيرِ عَلَى الْجَاذِبِ وَيَرِثُهُ وَالِدُهُ، وَإِنْ جَذَبَاهُ حَتَّى مَاتَ كَانَتْ الدِّيَةُ عَلَيْهِمَا وَلَا يَرِثُهُ. وَلَوْ أَزَالَ عُذْرَةَ أَجْنَبِيَّةٍ بِحَجَرٍ أَوْ نَحْوِهِ كَانَ عَلَيْهِ مَهْرُ مِثْلِهَا صَغِيرَةً كَانَتْ، أَوْ كَبِيرَةً، وَلَوْ أَنَّ بِكْرًا دَفَعَتْ بِكْرًا أُخْرَى فَزَالَتْ عُذْرَتُهَا قَالَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ - عَلَى الدَّافِعَةِ مَهْرُ الْمِثْلِ قَالَ: بَلَغَنَا عَنْ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - فِي جَارِيَتَيْنِ تَدَافَعَتَا فَزَالَتْ عُذْرَةُ إحْدَاهُمَا تَضْمَنُ الْأُخْرَى مَهْرَ مِثْلِهَا. وَلَوْ حَفَرَ بِئْرًا فَأَرْسَلَ فِيهَا رَجُلًا فَغَرِقَ فِي الْمَاءِ قَالَ مُحَمَّدٌ إنْ كَانَ عُمْقُ الْبِئْرِ أَطْوَلَ مِنْ الرَّجُلِ ضَمِنَ الْحَافِرُ، وَإِنْ كَانَ إلَى صَدْرِ الرَّجُلِ لَمْ يَضْمَنْ مِمَّا يَحْدُثُ فِي الطَّرِيقِ مِنْ الْوَجِيزِ. وَلَوْ أَدْخَلَ إنْسَانًا بَيْتًا وَسَدَّ عَلَيْهِ الْبَابَ حَتَّى مَاتَ جُوعًا لَمْ يَضْمَنْ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَعِنْدَهُمَا عَلَيْهِ الدِّيَةُ. وَلَوْ دَفَنَهُ حَيًّا فِي قَبْرٍ فَمَاتَ قَالَ مُحَمَّدٌ يُقْتَصُّ مِنْهُ مِنْ الْوَجِيزِ، وَفِي قَاضِي خَانْ رَجُلٌ حَبَسَ رَجُلًا وَطَيَّنَ عَلَيْهِ الْبَابَ حَتَّى مَاتَ جُوعًا قَالَ مُحَمَّدٌ يُعَاقَبُ الرَّجُلُ وَيَجِبُ الدِّيَةُ عَلَى عَاقِلَتِهِ انْتَهَى. وَضَعَ سِكِّينًا فِي يَدِ صَبِيٍّ فَقَتَلَ بِهِ نَفْسَهُ لَمْ يَضْمَنْ، وَلَوْ عَثَرَ بِهِ فَمَاتَ ضَمِنَ. صَبِيٌّ قَائِمٌ عَلَى سَطْحٍ فَصَاحَ بِهِ رَجُلٌ فَفَزِعَ الصَّبِيُّ فَوَقَعَ وَمَاتَ ضَمِنَ عَاقِلَةُ الصَّائِحِ دِيَتَهُ، وَكَذَا صَبِيٌّ فِي الطَّرِيقِ فَمَرَّتْ بِهِ دَابَّةٌ فَصَاحَ بِهَا رَجُلٌ فَوَطِئَتْهُ الدَّابَّةُ فَمَاتَ ضَمِنَ عَاقِلَةُ الصَّائِحِ دِيَتَهُ. وَلَوْ أَدْخَلَ نَائِمًا، أَوْ صَبِيًّا، أَوْ مُغْمًى عَلَيْهِ فِي بَيْتِهِ فَسَقَطَ فِي الْبَيْتِ قَالَ مُحَمَّدٌ ضَمِنَ فِي الْمُغْمَى عَلَيْهِ وَالصَّبِيِّ لَا فِي النَّائِمِ مِنْ الْفُصُولَيْنِ. وَفِي الْأَشْبَاهِ مِنْ بَيَانِ أَنَّ النَّائِمَ كَانَ كَالْمُسْتَيْقِظِ مِنْ رَفْعِ النَّائِمِ وَوَضْعِهِ تَحْتَ جِدَارٍ فَسَقَطَ عَلَيْهِ الْجِدَارُ فَمَاتَ لَا يَلْزَمُهُ الضَّمَانُ. ضَرَبَ غَيْرَهُ فَسَقَطَ مَيِّتًا ضَمِنَ مَالَهُ وَثِيَابَهُ إذَا الجزء: 1 ¦ الصفحة: 172 ضَاعَتْ. ضَرَبَ غَيْرَهُ فَأُغْمِيَ عَلَيْهِ وَلَمْ يُمْكِنْهُ الْبَرَاحُ فَأُخِذَ ثَوْبُهُ لَا يَضْمَنُ الضَّارِبُ كَذَا فِي الْغَصْبِ مِنْ الْقُنْيَةِ. سَقَى رَجُلًا سُمًّا حُكِيَ عَنْ الْفَقِيهِ أَبِي اللَّيْثِ إنْ دَفَعَ إلَيْهِ فِي شَرْبَتِهِ حَتَّى شَرِبَهُ فَمَاتَ لَا شَيْءَ عَلَيْهِ وَيَرِثُ، وَكَذَا لَوْ قَالَ: كُلْ هَذَا الطَّعَامَ فَإِنَّهُ طَيِّبٌ فَأَكَلَهُ فَإِذَا هُوَ مَسْمُومٌ فَمَاتَ لَا يَضْمَنُ مِنْ الْخُلَاصَةِ. صِبْيَانٌ اجْتَمَعُوا يَلْعَبُونَ فِي مَوْضِعٍ وَيَرْمُونَ فَأَصَابَ سَهْمُ أَحَدِهِمْ عَيْنَ امْرَأَةٍ وَذَهَبَتْ وَالصَّبِيُّ ابْنُ تِسْعِ سِنِينَ، أَوْ نَحْوِ ذَلِكَ قَالَ الْفَقِيهُ أَبُو بَكْرٍ أَرْشُ عَيْنِ الْمَرْأَةِ فِي مَالِ الصَّبِيِّ وَلَا شَيْءَ عَلَى الْأَبِ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ مَالٌ فَنَظِرَةٌ إلَى مَيْسَرَةٍ قَالَ الْفَقِيهُ أَبُو اللَّيْثِ إنَّمَا، أَوْجَبَ الدِّيَةَ فِي مَالِ الصَّبِيِّ؛ لِأَنَّهُ لَا يَرَى لِلْعَجَمِ عَاقِلَةً ثُمَّ إنَّمَا تَجِبُ الدِّيَةُ إذَا ثَبَتَ رَمْيُهُ بِشَهَادَةِ الشُّهُودِ لَا بِإِقْرَارِ الصَّبِيِّ بِوُجُودِ سَهْمٍ فِيهَا؛ لِأَنَّ إقْرَارَهُ عَلَى نَفْسِهِ بَاطِلٌ. وَجِنَايَةُ الصَّبِيِّ الْمُقِرِّ وَالْمَجْنُونِ عَمْدًا، أَوْ خَطَأً إذَا بَلَغَتْ خَمْسَمِائَةِ دِرْهَمٍ تَكُونُ عَلَى الْعَاقِلَةِ وَمَا كَانَ أَقَلَّ مِنْ ذَلِكَ تَكُونُ فِي مَالِ الْجَانِي حَالًا مِنْ قَاضِي خَانْ. وَلَوْ أَنَّ رَجُلًا مَعَهُ جُرِحَ بِهِ رَمَقٌ حَمَلَهُ إنْسَانٌ إلَى أَهْلِهِ فَمَكَثَ يَوْمًا، أَوْ يَوْمَيْنِ ثُمَّ مَاتَ لَا يَضْمَنُ الَّذِي حَمَلَهُ فِي قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ، وَفِي قِيَاسِ أَبِي حَنِيفَةَ يَضْمَنُ؛ لِأَنَّ يَدَهُ بِمَنْزِلَةِ الْمَحَلَّةِ، مِنْ الْهِدَايَةِ. مَرَّ رَجُلٌ فِي مَحَلَّةٍ فَأَصَابَهُ سَهْمٌ، أَوْ حَجَرٌ لَا يَدْرِي مِنْ أَيِّ مَوْضِعٍ أَصَابَهُ فَمَاتَ مِنْ ذَلِكَ فَعَلَى أَهْلِ الْمَحَلَّةِ الْقَسَامَةُ وَالدِّيَةُ، مِنْ مُشْتَمِلِ الْهِدَايَةِ. وَلَوْ وُجِدَ قَتِيلٌ فِي دَارٍ مُشْتَرَكَةٍ نِصْفُهَا لِرَجُلٍ وَعُشْرُهَا لِرَجُلٍ وَلِآخَرَ مَا بَقِيَ فَالدِّيَةُ عَلَى رُءُوسِ الرِّجَالِ بِمَنْزِلَةِ الشُّفْعَةِ كَمَا فِي الْهِدَايَةِ. لَوْ تَضَارَبَا بِالْوَكْزِ يُقَالُ لَهُ بِالْفَارِسِيَّةِ: مَشَتْ زِدْنَ فَذَهَبَتْ عَيْنُ أَحَدِهِمَا يُقَادُ لَوْ أَمْكَنَ؛ لِأَنَّهُ عَمْدٌ، وَإِنْ قَالَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا لِلْآخَرِ: ده ده، وَكَذَا لَوْ بَارَزَا فِي خَانِقَاهُ عَلَى وَجْهِ التَّعْلِيمِ، أَوْ الْمُلَاعَبَةِ فَأَصَابَتْ الْخَشَبَةُ عَيْنَهُ فَذَهَبَتْ يُقَادُ لَوْ أَمْكَنَ. إذَا دَخَلَ مُسْلِمَانِ دَارَ الْحَرْبِ بِأَمَانٍ فَقَتَلَ أَحَدُهُمَا صَاحِبَهُ عَمْدًا، أَوْ خَطَأً فَعَلَيْهِ الدِّيَةُ فِي مَالِهِ وَعَلَيْهِ الْكَفَّارَةُ فِي الْخَطَأِ، وَإِنْ كَانَا أَسِيرَيْنِ فَقَتَلَ أَحَدُهُمَا صَاحِبَهُ، أَوْ قَتَلَ مُسْلِمٌ تَاجِرٌ أَسِيرًا فَلَا شَيْءَ عَلَى الْقَاتِلِ إلَّا الْكَفَّارَةُ فِي الْخَطَأِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَقَالَا: فِي الْأَسِيرَيْنِ عَلَيْهِ الدِّيَةُ فِي الْخَطَأِ وَالْعَمْدِ كَذَا فِي السِّيَرِ، مِنْ الْهِدَايَةِ. أَرَادَ صَبِيًّا، أَوْ امْرَأَةً فَقَتَلَاهُ فَدَمُهُ هَدَرٌ لَوْ عَجَزَ عَنْ دَفْعِهِ إلَّا بِقَتْلِهِ، مِنْ الْفُصُولَيْنِ. قَالَ: اُقْتُلْ ابْنِي وَهُوَ صَغِيرٌ فَقَتَلَ يَجِبُ الْقِصَاصُ وَهِيَ رِوَايَةٌ عَنْ أَبِي يُوسُفَ وَرَوَى هِشَامٌ عَنْ مُحَمَّدٍ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ أَنَّهُ قَالَ تَجِبُ الدِّيَةُ. وَفِي الْكِفَايَةِ جَعَلَ الْأَخَ كَالِابْنِ وَقَالَ الْقِيَاسُ أَنْ يَجِبَ الْقِيَاسُ فِي الْكُلِّ، وَفِي الِاسْتِحْسَانِ تَجِبُ الدِّيَةُ. وَلَوْ قَالَ: اُقْتُلْ أَبِي فَقَتَلَهُ تَجِبُ الدِّيَةُ. وَلَوْ قَالَ: اقْطَعْ يَدَهُ فَقَطَعَ يَجِبُ الْقِصَاصُ، وَلَوْ قَالَ: اُقْتُلْ عَبْدِي، أَوْ اقْطَعْ يَدَهُ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ، مِنْ الْخُلَاصَةِ. وَلَا قِصَاصَ عَلَى قَاطِعِ يَدِ الْخُنْثَى الْمُشْكِلِ، وَلَوْ عَمْدًا، وَلَوْ كَانَ الْقَاطِعُ امْرَأَةً وَلَا تُقْطَعُ يَدُهُ إذَا قَطَعَ يَدَ غَيْرِهِ عَمْدًا وَعَلَى عَاقِلَتِهِ أَرْشُهَا، وَإِذَا قَتَلَ خَطَأً وَجَبَتْ دِيَةُ الْمَرْأَةِ وَيُوقَفُ الْبَاقِي إلَى التَّبْيِينِ، وَكَذَا فِيمَا دُونَ النَّفْسِ كَذَا فِي الْأَشْبَاهِ مِنْ أَحْكَامِ الْخُنْثَى. إذَا خَرَجَ رَأْسُ الْمَوْلُودِ فَقَطَعَ إنْسَانٌ أُذُنَهُ وَلَمْ يَمُتْ فَعَلَيْهِ دِيَتُهَا، وَإِنْ قَطَعَ رَأْسَهُ فَعَلَيْهِ الْغُرَّةُ هَذِهِ فِي فَنِّ الْأَلْغَازِ مِنْهُ. قَالَ الْمَجْرُوحُ: لَمْ يَجْرَحْنِي فُلَانٌ صَحَّ إقْرَارُهُ حَتَّى لَوْ مَاتَ لَيْسَ لِلْوَرَثَةِ عَلَى فُلَانٍ سَبِيلٌ كَذَا فِي الْهِبَةِ مِنْ أَحْكَامِ الْمَرْضَى مِنْ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 173 الْفُصُولَيْنِ، وَفِي الْمَسْأَلَةِ تَفْصِيلٌ يُذْكَرُ فِي الْمُتَفَرِّقَاتِ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى. إذَا قَالَ الْمَجْرُوحُ: قَتَلَنِي فُلَانٌ ثُمَّ مَاتَ لَمْ يُقْبَلْ قَوْلُهُ فِي حَقِّ فُلَانٍ وَلَا بَيِّنَةُ الْوَارِثِ أَنَّ فُلَانًا آخَرَ قَتَلَهُ بِخِلَافِ مَا إذَا قَالَ: جَرَحَنِي فُلَانٌ ثُمَّ مَاتَ فَبَرْهَنَ ابْنُهُ أَنَّ فُلَانًا آخَرَ جَرَحَهُ تُقْبَلُ كَمَا فِي شَرْحِ الْمَنْظُومَةِ كَذَا فِي الْأَشْبَاهِ وَقَدْ تَعَقَّبَهُ خُوَاهَرْ زاده الرُّومِيُّ قَائِلًا: هَذِهِ الْمَسْأَلَةُ لَيْسَتْ فِي مَنْظُومَةِ النَّسَفِيِّ وَلَمْ أَقِفْ فِي مَشَاهِيرِ شُرُوحِهَا عَلَى هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ، وَإِنَّمَا هِيَ فِي مَنْظُومَةِ ابْنِ وَهْبَانَ وَشَرَحَهَا نَقْلًا عَنْ الظَّهِيرِيَّةِ، وَفِيهَا نَقْلًا عَنْ مَجْمُوعِ النَّوَازِلِ لَكِنَّ الْمُصَنِّفَ قَدْ صَرَفَهَا فَضَلَّ وَأَضَلَّ كَثِيرًا فَإِنَّهُمْ قَالُوا فِي الْمَسْأَلَةِ: فَأَقَامَ ابْنُهُ الْبَيِّنَةَ عَلَى ابْنِ آخَرَ أَنَّهُ جَرَحَهُ خَطَأً تُقْبَلُ بَيِّنَتُهُ وَوَجْهُهُ أَنَّ الْبَيِّنَةَ قَامَتْ عَلَى حِرْمَانِ الْوَلَدِ عَنْ الْإِرْثِ فَقُبِلَتْ، فَلَمَّا أَجَزْنَا ذَلِكَ فِي الْمِيرَاثِ جَعَلْنَا الدِّيَةَ عَلَى عَاقِلَتِهِ، وَالْمَسْأَلَةُ فِي الْمُحِيطِ الْبُرْهَانِيِّ أَيْضًا فَمَدَارُ قَبُولِ الْبَيِّنَةِ عَلَى كَوْنِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ ابْنًا آخَرَ لِلْجَرِيحِ يَدَّعِي حِرْمَانَهُ لَا عَلَى إيقَاعِ الدَّعْوَى بِقَوْلِهِ جَرَحَنِي كَمَا تَوَهَّمَهُ، وَلِذَلِكَ قَالُوا فِي تَعْلِيلِ الْمَسْأَلَةِ الْمُتَقَدِّمَةِ عَلَى هَذِهِ: لِأَنَّ هَذَا حَقُّ الْأَبِ، وَقَدْ أَكْذَبَ الْأَبُ الْبَيِّنَةَ بِقَوْلِهِ: قَتَلَنِي فُلَانٌ كَذَا فِي مَجْمُوعِ النَّوَازِلِ وَغَيْرِهِ، انْتَهَى. أَقُولُ: وَالْحَقُّ عَلَى مَا ظَهَرَ لَنَا فِي يَدِ الرُّومِيِّ. إذَا وُجِدَ الْقَتِيلُ فِي مَحَلَّةٍ لَا يُعْلَمُ مَنْ قَتَلَهُ اُسْتُحْلِفَ خَمْسُونَ رَجُلًا مِنْهُمْ يَخْتَارُهُمْ الْوَلِيُّ بِاَللَّهِ مَا قَتَلْنَاهُ وَلَا عَلِمْنَا لَهُ قَاتِلًا، فَإِذَا حَلَفُوا قُضِيَ عَلَى أَهْلِ الْمَحَلَّةِ بِالدِّيَةِ وَمَنْ أَبَى مِنْهُمْ حُبِسَ حَتَّى يَحْلِفَ بِخِلَافِ النُّكُولِ فِي الْأَمْوَالِ، ثُمَّ هَذَا الَّذِي ذَكَرْنَا إذَا ادَّعَى الْوَلِيُّ الْقَتْلَ عَلَى أَهْلِ الْمَحَلَّةِ، أَوْ ادَّعَى عَلَى بَعْضِهِمْ لَا بِأَعْيَانِهِمْ، أَوْ ادَّعَى عَلَى بَعْضِهِمْ بِأَعْيَانِهِمْ، وَإِنْ ادَّعَى عَلَى وَاحِدٍ مِنْ غَيْرِهِمْ سَقَطَ عَنْهُمْ، وَالْفَرْقُ أَنَّ وُجُوبَ الْقَسَامَةِ عَلَيْهِمْ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ الْقَاتِلَ مِنْهُمْ، فَتَعْيِينُهُ وَاحِدًا مِنْهُمْ لَا يُنَافِي فِي ابْتِدَاءِ الْأَمْرِ أَنَّهُ مِنْهُمْ بِخِلَافِ مَا إذَا عَيَّنَ مِنْ غَيْرِهِمْ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ يُنَافِي أَنَّ الْقَاتِلَ لَيْسَ مِنْهُمْ، وَهُمْ إنَّمَا يَغْرَمُونَ إذَا قَالَ: الْقَاتِلُ مِنْهُمْ، وَلِأَنَّ أَهْلَ الْمَحَلَّةِ لَا يَغْرَمُونَ بِمُجَرَّدِ ظُهُورِ الْقَتِيلِ بَيْنَ أَظْهُرِهِمْ إلَّا بِدَعْوَى الْوَلِيِّ، فَإِذَا ادَّعَى الْقَتْلَ عَلَى غَيْرِهِمْ امْتَنَعَ دَعْوَاهُ عَلَيْهِمْ وَسَقَطَ لِفَقْدِ شَرْطِهِ وَلَا قَسَامَةَ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ بِقَتِيلٍ؛ لِأَنَّهُ مَنْ فَاتَتْ حَيَاتُهُ بِسَبَبِ مُبَاشَرَةِ حَيٍّ وَهَذَا مَيِّتٌ حَتْفَ أَنْفِهِ فَلَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ بِهِ أَثَرٌ يُسْتَدَلُّ بِهِ عَلَى كَوْنِهِ قَتِيلًا حَتَّى يَجِبَ الْقَسَامَةُ وَالدِّيَةُ، وَذَلِكَ بِأَنْ يَكُونَ بِهِ جِرَاحَةٌ، أَوْ أَثَرُ ضَرْبٍ، أَوْ خَنْقٍ، وَكَذَا إذَا كَانَ خَرَجَ الدَّمُ مِنْ عَيْنِهِ، أَوْ أُذُنِهِ؛ لِأَنَّهُ لَا يَخْرُجُ مِنْهَا إلَّا بِفِعْلٍ مِنْ جِهَةِ الْحَيِّ عَادَةً بِخِلَافِ مَا إذَا خَرَجَ مِنْ فِيهِ، أَوْ دُبُرِهِ، أَوْ ذَكَرِهِ؛ لِأَنَّ هَذَا الدَّمَ يَخْرُجُ مِنْ هَذِهِ الْمُخَارِقِ عَادَةً بِغَيْرِ فِعْلِ أَحَدٍ، وَقَدْ ذَكَرْنَاهُ فِي الشَّهِيدِ. وَلَوْ وُجِدَ بَدَنُ الْقَتِيلِ، أَوْ أَكْثَرُ مِنْ نِصْفِ الْبَدَنِ وَمَعَهُ الرَّأْسُ فِي مَحَلَّةٍ فَعَلَى أَهْلِهَا الْقَسَامَةُ وَالدِّيَةُ، وَإِنْ وُجِدَ نِصْفُهُ مَشْقُوقًا بِالطُّولِ، أَوْ وُجِدَ أَقَلُّ مِنْ النِّصْفِ وَمَعَهُ الرَّأْسُ، أَوْ وُجِدَ يَدُهُ، أَوْ رِجْلُهُ، أَوْ رَأْسُهُ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِمْ؛ لِأَنَّ هَذَا الْحُكْمَ عَرَفْنَاهُ بِالنَّصِّ وَقَدْ وَرَدَ بِهِ فِي الْبَدَنِ إلَّا أَنَّ لِلْأَكْثَرِ حُكْمَ الْكُلِّ تَعْظِيمًا لِلْآدَمِيِّ بِخِلَافِ الْأَقَلِّ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ بِبَدَنٍ وَلَا مُلْحَقٍ بِهِ فَلَا تُجْرَى فِيهِ الْقَسَامَةُ وَالْأَصْلُ فِيهِ أَنَّ الْمَوْجُودَ الْأَوَّلَ إنْ كَانَ بِحَالٍ لَوْ وَجَدَ الْبَاقِيَ تُجْرَى فِيهِ الْقَسَامَةُ لَا تَجِبُ فِيهِ، وَإِنْ كَانَ بِحَالٍ لَوْ وَجَدَ الْبَاقِيَ لَا تُجْرَى فِيهِ الْقَسَامَةُ تَجِبُ، وَصَلَاةُ الْجِنَازَةِ فِي هَذَا مُنْسَحِبَةٌ عَلَى هَذَا الْأَصْلِ؛ لِأَنَّهَا لَا تَتَكَرَّرُ. وَلَوْ وُجِدَ فِيهِمْ جَنِينٌ، أَوْ سِقْطٌ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 174 لَيْسَ فِيهِ أَثَرُ الضَّرْبِ فَلَا شَيْءَ عَلَى أَهْلِ الْمَحَلَّةِ؛ لِأَنَّهُ لَا يُفَرَّقُ الْكَبِيرُ حَالًا وَإِنَّ بِهِ أَثَرَ الضَّرْبِ وَهُوَ تَامُّ الْخَلْقِ وَجَبَتْ الْقَسَامَةُ وَالدِّيَةُ عَلَيْهِمْ؛ لِأَنَّ الظَّاهِرَ أَنَّ تَامَّ الْخَلْقِ يَنْفَصِلُ حَيًّا، وَإِنْ كَانَ نَاقِصَ الْخَلْقِ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِمْ؛ لِأَنَّهُ يَنْفَصِلُ مَيِّتًا لَا حَيًّا، وَإِذَا وُجِدَ الْقَتِيلُ عَلَى دَابَّةٍ يَسُوقُهَا رَجُلٌ فَالدِّيَةُ عَلَى عَاقِلَتِهِ دُونَ أَهْلِ الْمَحَلَّةِ؛ لِأَنَّهُ فِي يَدِهِ فَصَارَ كَمَا إذَا كَانَ فِي دَارِهِ، وَكَذَا إذَا كَانَ رَاكِبَهَا، أَوْ قَائِدَهَا فَإِنْ اجْتَمَعُوا فَعَلَيْهِمْ؛ لِأَنَّ الْقَتِيلَ فِي أَيْدِيهِمْ فَصَارَ كَمَا إذَا وُجِدَ فِي دَارِهِمْ. وَإِنْ مَرَّتْ دَابَّةٌ بَيْنَ قَرْيَتَيْنِ وَعَلَيْهَا قَتِيلٌ فَهُوَ عَلَى أَقْرَبِهِمَا إذَا كَانَ بِحَيْثُ يَبْلُغُ أَهْلَهُ الصَّوْتُ وَإِلَّا لَا شَيْءَ عَلَيْهِمَا، وَإِنْ وُجِدَ الْقَتِيلُ فِي دَارِ إنْسَانٍ فَالْقَسَامَةُ عَلَيْهِ وَالدِّيَةُ عَلَى عَاقِلَتِهِ وَلَا يَدْخُلُ السُّكَّانُ فِي الْقَسَامَةِ مَعَ الْمُلَّاكِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ، وَهُوَ قَوْلُ مُحَمَّدٍ وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ: هِيَ عَلَيْهِمْ جَمِيعًا، ثُمَّ إنَّ الْقَسَامَةَ وَالدِّيَةَ إنَّمَا تَجِبُ عَلَى أَهْلِ الْخِطَّةِ دُونَ الْمُشْتَرِينَ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ الْكُلُّ مُشْتَرِكُونَ؛ لِأَنَّ الضَّمَانَ إنَّمَا يَجِبُ بِتَرْكِ الْحِفْظِ مِمَّنْ لَهُ وِلَايَةُ الْحِفْظِ وَإِنْ بَقِيَ وَاحِدٌ مِنْ أَهْلِ الْخِطَّةِ فَكَذَلِكَ يُغْنِي عَنْ أَهْلِ الْخِطَّةِ، وَإِنْ لَمْ يَبْقَ وَاحِدٌ مِنْهُمْ بِأَنْ بَاعُوا كُلُّهُمْ فَهُوَ عَلَى الْمُشْتَرِينَ بِالِاتِّفَاقِ. وَإِنْ وُجِدَ قَتِيلٌ فِي دَارٍ فَالْقَسَامَةُ عَلَى رَبِّ الدَّارِ وَهَذَا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ لَا قَسَامَةَ عَلَى الْعَاقِلَةِ؛ لِأَنَّ رَبَّ الدَّارِ أَخَصُّ بِهِ مِنْ غَيْرِهِ فَلَا يُشَارِكُهُ غَيْرُهُ فِيهَا كَأَهْلِ الْمَحَلَّةِ لَا يُشَارِكُهُمْ فِيهَا عَوَاقِلُهُمْ، وَإِنْ وُجِدَ الْقَتِيلُ فِي دَارٍ مُشْتَرَكَةٍ نِصْفُهَا لِرَجُلٍ وَعُشْرُهَا لِرَجُلٍ وَلِآخَرَ مَا بَقِيَ فَهُوَ عَلَى رُءُوسِ الرِّجَالِ؛ لِأَنَّ صَاحِبَ الْقَلِيلِ يُزَاحِمُ صَاحِبَ الْكَثِيرِ فِي التَّدْبِيرِ فَكَانُوا سَوَاءً فِي الْحِفْظِ وَالتَّقْصِيرِ. وَمَنْ اشْتَرَى دَارًا فَلَمْ يَقْبِضْهَا حَتَّى وَجَدَ فِيهَا قَتِيلًا فَهُوَ عَلَى عَاقِلَةِ الْبَائِعِ وَإِنَّ فِي الْبَيْعِ خِيَارًا لِأَحَدِهِمَا فَهُوَ عَلَى عَاقِلَةِ الَّذِي فِي يَدِهِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - وَقَالَا: إنْ لَمْ يَكُنْ فِيهِ خِيَارٌ فَعَلَى عَاقِلَةِ الْمُشْتَرِي، وَإِنْ كَانَ فِيهِ خِيَارٌ فَعَلَى عَاقِلَةِ الَّذِي تَصِيرُ لَهُ، وَإِنْ وُجِدَ الْقَتِيلُ فِي سَفِينَةٍ فَالْقَسَامَةُ عَلَى كُلِّ مَنْ فِيهَا مِنْ الرُّكَّابِ وَالْمَلَّاحِينَ؛ لِأَنَّهَا فِي أَيْدِيهِمْ وَاللَّفْظُ يَشْمَلُ أَرْبَابَهَا حَتَّى تَجِبَ عَلَى الْأَرْبَابِ الَّذِينَ فِيهَا وَعَلَى السُّكَّانِ، وَكَذَا عَلَى مَنْ يَمُدُّهَا، الْمَالِكُ وَغَيْرُ الْمَالِكِ فِي ذَلِكَ سَوَاءٌ، وَكَذَلِكَ الْعَجَلَةُ؛ لِأَنَّ السَّفِينَةَ تُنْقَلُ وَتُحَوَّلُ فَيُعْتَبَرُ فِيهَا الْيَدُ دُونَ الْمِلْكِ كَمَا فِي الدَّابَّةِ بِخِلَافِ الْمَحَلَّةِ وَالدَّارِ. وَإِنْ وُجِدَ فِي مَسْجِدِ مَحَلَّةٍ فَالْقَسَامَةُ عَلَى أَهْلِهَا؛ لِأَنَّ التَّدْبِيرَ فِيهِ إلَيْهِمْ، وَإِنْ وُجِدَ فِي الْمَسْجِدِ الْجَامِعِ، أَوْ الشَّارِعِ الْأَعْظَمِ فَلَا قَسَامَةَ وَالدِّيَةُ عَلَى بَيْتِ الْمَالِ، وَكَذَلِكَ الْجُسُورُ الْعَامَّةُ. وَلَوْ وُجِدَ فِي السُّوقِ إنْ كَانَ مَمْلُوكًا فَعِنْدَ أَبِي يُوسُفَ يَجِبُ عَلَى السُّكَّانِ وَعِنْدَهُمَا عَلَى الْمَالِكِ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مَمْلُوكًا كَالشَّوَارِعِ الْعَامَّةِ الَّتِي بُنِيَتْ فِيهَا فَعَلَى بَيْتِ الْمَالِ. وَلَوْ وُجِدَ فِي السِّجْنِ فَالدِّيَةُ عَلَى بَيْتِ الْمَالِ وَعَلَى قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ: الدِّيَةُ وَالْقَسَامَةُ عَلَى أَهْلِ السِّجْنِ، وَإِنْ وُجِدَ فِي بَرِّيَّةٍ لَيْسَ بِقُرْبِهَا عِمَارَةٌ فَهُوَ هَدَرٌ وَتَفْسِيرُ الْقُرْبِ مَا ذَكَرْنَا مِنْ اسْتِمَاعِ الصَّوْتِ وَهَذَا إذَا لَمْ تَكُنْ مَمْلُوكَةً لِأَحَدٍ أَمَّا إذَا كَانَتْ مَمْلُوكَةً فَالْقَسَامَةُ وَالدِّيَةُ عَلَى عَاقِلَتِهِ. وَإِنْ وُجِدَ بَيْنَ قَرْيَتَيْنِ كَانَ عَلَى أَقْرَبِهِمَا وَقَدْ ذَكَرْنَاهُ، وَإِنْ وُجِدَ فِي وَسَطِ الْفُرَاتِ يَمُرُّ بِهِ الْمَاءُ فَهُوَ هَدَرٌ، وَإِنْ كَانَ مُحْتَبِسًا بِالشَّاطِئِ فَهُوَ عَلَى أَقْرَبِ الْقُرَى مِنْ ذَلِكَ الْمَكَانِ عَلَى التَّفْسِيرِ الَّذِي تَقَدَّمَ. وَإِذَا الْتَقَى قَوْمٌ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 175 بِالسُّيُوفِ فَأَجْلَوْا عَنْ قَتِيلٍ فَهُوَ عَلَى أَهْلِ الْمَحَلَّةِ؛ لِأَنَّ الْقَتِيلَ بَيْنَ أَظْهُرِهِمْ وَالْحِفْظُ عَلَيْهِمْ إلَّا أَنْ يَدَّعِيَ الْأَوْلِيَاءُ عَلَى أُولَئِكَ، أَوْ عَلَى رَجُلٍ مِنْهُمْ بِعَيْنِهِ فَلَمْ يَكُنْ عَلَى أَهْلِ الْمَحَلَّةِ شَيْءٌ وَلَا عَلَى أُولَئِكَ حَتَّى يُقِيمُوا الْبَيِّنَةَ؛ لِأَنَّ بِمُجَرَّدِ الدَّعْوَى لَا يَثْبُتُ الْحَقُّ إنَّمَا يَسْقُطُ بِهِ الْحَقُّ عَنْ أَهْلِ الْمَحَلَّةِ؛ لِأَنَّ قَوْلَهُ حُجَّةٌ عَلَى نَفْسِهِ. وَإِنْ وُجِدَ قَتِيلٌ فِي مُعَسْكَرٍ أَقَامُوا بِفَلَاةٍ مِنْ الْأَرْضِ لَا مِلْكَ لِأَحَدٍ فِيهَا فَإِنْ وُجِدَ فِي خِبَاءٍ، أَوْ فُسْطَاطٍ فَعَلَى مَنْ يَسْكُنُهَا الدِّيَةُ وَالْقَسَامَةُ، وَإِنْ كَانَ خَارِجًا مِنْ الْفُسْطَاطِ فَعَلَى أَقْرَبِ الْأَخْبِيَةِ اعْتِبَارًا لِلْيَدِ عِنْدَ انْعِدَامِ الْمِلْكِ. وَإِنْ كَانَ الْقَوْمُ لَقُوا قِتَالًا وَوُجِدَ قَتِيلٌ بَيْنَ أَظْهُرِهِمْ فَلَا قَسَامَةَ وَلَا دِيَةَ؛ لِأَنَّ الظَّاهِرَ أَنَّ الْعَدُوَّ قَتَلَهُ فَكَانَ هَدَرًا، وَإِنْ لَمْ يَلْقَوْا عَدُوًّا فَعَلَى مَا بَيَّنَّاهُ، وَإِنْ كَانَ لِلْأَرْضِ مَالِكٌ فَالْعَسْكَرُ كَالسُّكَّانِ فَيَجِبُ عَلَى الْمَالِكِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ خِلَافًا لِأَبِي يُوسُفَ وَقَدْ ذَكَرْنَاهُ. وَمَنْ جُرِحَ فِي قَبِيلَةٍ فَنُقِلَ إلَى أَهْلِهِ فَمَاتَ مِنْ تِلْكَ الْجِرَاحَةِ فَإِنْ كَانَ صَاحِبَ فِرَاشٍ حَتَّى مَاتَ فَالْقَسَامَةُ وَالدِّيَةُ عَلَى الْقَبِيلَةِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - لَا قَسَامَةَ وَلَا دِيَةَ؛ لِأَنَّ الَّذِي حَصَلَ فِي الْقَبِيلَةِ وَالْمَحَلَّةِ مَا دُونَ النَّفْسِ فَلَا قَسَامَةَ فِيهِ وَصَارَ كَمَا إذَا لَمْ يَكُنْ صَاحِبَ فِرَاشٍ. وَلَوْ أَنَّ رَجُلًا مَعَهُ جُرِحَ بِهِ رَمَقٌ حَمَلَهُ إنْسَانٌ إلَى أَهْلِهِ فَمَكَثَ يَوْمًا، أَوْ يَوْمَيْنِ ثُمَّ مَاتَ لَمْ يَضْمَنْ الَّذِي حَمَلَهُ فِي قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ، وَفِي قِيَاسِ قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - يَضْمَنُ؛ لِأَنَّ يَدَهُ بِمَنْزِلَةِ الْمَحَلَّةِ، وَلَوْ وَجَدَ الرَّجُلُ قَتِيلًا فِي دَارِ نَفْسِهِ فَدِيَتُهُ عَلَى عَاقِلَتِهِ لِوَرَثَتِهِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - وَقَالَا وَزُفَرَ لَا شَيْءَ فِيهِ كَالْمُكَاتَبِ إذَا وَجَدَ قَتِيلًا فِي دَارِ نَفْسِهِ فَإِنَّهُ هَدَرٌ بِالِاتِّفَاقِ. وَلَوْ أَنَّ رَجُلَيْنِ كَانَا فِي بَيْتٍ وَلَيْسَ مَعَهُمَا ثَالِثٌ فَوُجِدَ أَحَدُهُمَا مَذْبُوحًا قَالَ أَبُو يُوسُفَ يَضْمَنُ الْآخَرُ الدِّيَةَ. وَقَالَ مُحَمَّدٌ: لَا يَضْمَنُ. وَلَوْ وُجِدَ قَتِيلٌ فِي قَرْيَةٍ لِامْرَأَةٍ فَعِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - وَمُحَمَّدٍ الْقَسَامَةُ عَلَيْهَا تُكَرَّرُ عَلَيْهَا الْأَيْمَانُ وَالدِّيَةُ عَلَى عَاقِلَتِهَا وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - الْقَسَامَةُ عَلَى الْعَاقِلَةِ أَيْضًا، وَقَالَ الْمُتَأَخِّرُونَ إنَّ الْمَرْأَةَ تَدْخُلُ مَعَ الْعَاقِلَةِ فِي التَّحَمُّلِ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ؛ لِأَنَّا أَنْزَلْنَاهَا قَاتِلَةً وَالْقَاتِلَةُ تُشَارِكُ الْعَاقِلَةَ. وَلَوْ وُجِدَ رَجُلٌ قَتِيلًا فِي أَرْضِ رَجُلٍ إلَى جَانِبِ قَرْيَةٍ لَيْسَ صَاحِبُ الْأَرْضِ مِنْ أَهْلِهَا قَالَ هُوَ عَلَى صَاحِبِ الْأَرْضِ؛ لِأَنَّهُ أَحَقُّ بِنُصْرَةِ أَرْضِهِ مِنْ أَهْلِ الْقَرْيَةِ هَذِهِ الْجُمْلَةُ، مِنْ الْهِدَايَةِ. [الْفَصْل الثَّانِي فِيمَا يَحْدُثُ فِي الطَّرِيق فيهلك بِهِ إنْسَان أَوْ دَابَّة] (الْفَصْلُ الثَّانِي فِيمَا يَحْدُثُ فِي الطَّرِيقِ فَيَهْلَكُ بِهِ إنْسَانٌ، أَوْ دَابَّةٌ، وَفِيهِ مَسَائِلُ الْآبَارِ وَالْأَنْهَارِ) رَجُلٌ وَضَعَ فِي الطَّرِيقِ حَجَرًا، أَوْ جِذْعًا، أَوْ بَنَى فِيهِ بِنَاءً، أَوْ أَخْرَجَ مِنْ حَائِطِهِ جِذْعًا، أَوْ صَخْرَةً شَاخِصَةً، أَوْ أَشْرَعَ كَنِيفًا، أَوْ جَنَاحًا، أَوْ مِيزَابًا، أَوْ ظُلَّةً فَعَطِبَ بِهِ إنْسَانٌ كَانَ ضَامِنًا فَإِنْ عَثَرَ بِمَا أَحْدَثَهُ فِي الطَّرِيقِ رَجُلٌ فَوَقَعَ عَلَى آخَرَ فَمَاتَ كَانَ الضَّمَانُ عَلَى الَّذِي أَحْدَثَهُ فِي الطَّرِيقِ وَصَارَ كَأَنَّهُ دَفَعَ الَّذِي عَثَرَ بِهِ؛ لِأَنَّهُ مَدْفُوعٌ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ وَالْمَدْفُوعُ كَالْآلَةِ. وَلَوْ نَحَّى رَجُلٌ شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ عَنْ مَوْضِعِهِ فَعَطِبَ بِذَلِكَ إنْسَانٌ كَانَ الضَّمَانُ عَلَى الَّذِي نَحَّاهُ وَيَخْرُجُ الْأَوَّلُ مِنْ الضَّمَانِ، وَإِنْ سَقَطَ الْمِيزَابُ عَلَى أَحَدٍ فَقِيلَ: يُنْظَرُ إنْ أَصَابَهُ الطَّرَفُ الَّذِي فِي الْحَائِطِ لَا ضَمَانَ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 176 فِيهِ؛ لِأَنَّهُ وَضَعَ ذَلِكَ الطَّرَفَ فِي مِلْكِهِ فَلَمْ يَكُنْ مُتَعَدِّيًا، وَإِنْ أَصَابَهُ الطَّرَفُ الْخَارِجُ مِنْ الْحَائِطِ ضَمِنَ صَاحِبُ الْمِيزَابِ؛ لِأَنَّهُ مُتَعَدٍّ فِيهِ حَيْثُ شَغَلَ بِهِ هَذَا الطَّرِيقَ، وَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ أَيَّهُمَا أَصَابَهُ فَفِي الْقِيَاسِ لَا شَيْءَ عَلَيْهِ لِوُقُوعِ الشَّكِّ فِي الضَّمَانِ، وَفِي الِاسْتِحْسَانِ يَضْمَنُ النِّصْفَ مِنْ قَاضِي خَانْ، وَكَذَا لَوْ أَصَابَهُ الطَّرَفَانِ جَمِيعًا وَجَبَ النِّصْفُ ذَكَرَهُ فِي الْهِدَايَةِ. وَلَوْ سَقَطَ الْجَنَاحُ، أَوْ الْكَنِيفُ وَأَتْلَفَ إنْسَانًا ثُمَّ عَثَرَ رَجُلٌ بِنَقْضِ الْجَنَاحِ وَرَجُلٌ بِالْقَتِيلِ فَعَطِبَا كَانَ ضَمَانُ الْكُلِّ عَلَى صَاحِبِ الْجَنَاحِ وَالْكَنِيفِ هَذِهِ فِي آخِرِ فَصْلِ الْحَائِطِ الْمَائِلِ مِنْ قَاضِي خَانْ. وَفِي الْخُلَاصَةِ إخْرَاجُ الْجَنَاحِ والجرصن وَالْمِيزَابِ إنْ كَانَ يَضُرُّ بِالْمُسْلِمِينَ لَا يَسَعُهُ، وَإِنْ كَانَ لَا يَضُرُّ يَسَعُهُ أَنْ يَفْعَلَ وَعَلَيْهِ ضَمَانُ مَا عَطِبَ بِهِ سَوَاءٌ أَضَرَّ بِالْمُسْلِمِينَ، أَوْ لَمْ يَضُرَّ، وَلَوْ فَعَلَ بِإِذْنِ الْإِمَامِ لَا يَضْمَنُ، انْتَهَى. وَعَنْ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - إذَا كَانَ الطَّرِيقُ غَيْرَ نَافِذٍ فَلِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْ أَصْحَابِ الطَّرِيقِ أَنْ يَضَعَ فِيهِ خَشَبَهُ وَيَرْبِطَ فِيهِ الدَّابَّةَ وَيَتَوَضَّأَ فِيهِ، وَإِنْ عَطِبَ بِذَلِكَ إنْسَانٌ لَا يَضْمَنُ. وَكَذَا لَوْ أَلْقَى فِيهِ طِينًا، أَوْ تُرَابًا لَا يَضْمَنُ فَإِنْ بَنَى فِيهِ بَيْتًا، أَوْ حَفَرَ بِئْرًا فَعَطِبَ بِهِ إنْسَانٌ كَانَ ضَامِنًا وَلِكُلٍّ مِنْ صَاحِبِ الدَّارِ الِانْتِفَاعُ بِفِنَاءِ دَارِهِ مِنْ إلْقَاءِ الطِّينِ وَالْحَطَبِ وَرَبْطِ الدَّابَّةِ وَبِنَاءِ الدُّكَّانِ وَالتَّنُّورِ بِشَرْطِ السَّلَامَةِ وَذَكَرَ الشَّيْخُ خُوَاهَرْ زَادَهْ إذَا أَحْدَثَ فِي سِكَّةٍ غَيْرِ نَافِذَةٍ يُنْظَرُ إنْ أَحْدَثَ مَا لَا يَكُونُ مِنْ جُمْلَةِ السُّكْنَى فَتَلِفَ بِهِ إنْسَانٌ وَجَبَ الضَّمَانُ وَيَسْقُطُ مِنْ ذَلِكَ قَدْرُ حِصَّةِ نَفْسِهِ وَيَضْمَنُ حِصَّةَ شُرَكَائِهِ، وَإِنْ أَحْدَثَ مَا هُوَ مِنْ جُمْلَةِ السُّكْنَى كَوَضْعِ الْمَتَاعِ وَرَبْطِ الدَّابَّةِ لَا يَكُونُ ضَامِنًا؛ لِأَنَّ لَهُ أَنْ يَفْعَلَ ذَلِكَ. لَوْ كَانَتْ الدَّارُ بَيْنَ شَرِيكَيْنِ فَفَعَلَ أَحَدُهُمَا فِيهَا مَا كَانَ مِنْ جُمْلَةِ السُّكْنَى كَوَضْعِ الْمَتَاعِ وَرَبْطِ الدَّابَّةِ جَازَ كَمَا لَوْ سَكَنَ مِنْ قَاضِي خَانْ. وَفِي الْخُلَاصَةِ لَوْ وَضَعَ خَشَبَةً فِي سِكَّةٍ غَيْرِ نَافِذَةٍ، أَوْ رَشَّ الْمَاءَ فَعَطِبَ بِهِ إنْسَانٌ لَمْ يَضْمَنْ. وَفِي الْفَتَاوَى أَنَّهُ يَضْمَنُ مُطْلَقًا، وَفِي بَابِ النُّونِ إنَّمَا يَضْمَنُ إذَا رَشَّ كُلَّ الطَّرِيقِ، وَفِي بَابِ السِّينِ إنْ لَمْ يَرَهُ يَضْمَنُ، وَإِنْ رَآهُ لَا يَضْمَنُ قَالَ وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى انْتَهَى. وَلَوْ كَنَسَ الطَّرِيقَ فَعَطِبَ بِمَوْضِعِ كَنْسِهِ إنْسَانٌ، أَوْ دَابَّةٌ لَا يَضْمَنُ شَيْئًا؛ لِأَنَّهُ لَمْ يُحْدِثْ فِي الطَّرِيقِ شَيْئًا وَإِنَّمَا كَنَسَ الطَّرِيقَ كَيْ لَا يَتَضَرَّرَ الْمَارَّةُ بِالْغُبَارِ. وَلَوْ جَمَعَ الْكُنَاسَةَ فِي الطَّرِيقِ فَقُتِلَ بِهِ إنْسَانٌ ضَمِنَ ذَكَرَهُ فِي الْهِدَايَةِ. وَلَوْ وَضَعَ فِي الطَّرِيقِ خَشَبَةً ثُمَّ بَاعَ الْخَشَبَةَ مِنْ رَجُلٍ وَبَرِئَ إلَيْهِ مِنْهَا فَتَرَكَهَا الْمُشْتَرِي فِي مَكَانِهَا حَتَّى عَطِبَ بِهَا إنْسَانٌ، أَوْ دَابَّةٌ كَانَ الضَّمَانُ عَلَى الْبَائِعِ الَّذِي وَضَعَ لَا عَلَى الْمُشْتَرِي؛ لِأَنَّ الْبَائِعَ كَانَ مُتَعَدِّيًا فِي الْوَضْعِ، وَخُرُوجُ الْخَشَبَةِ مِنْ مِلْكِهِ لَا يَكُونُ فَوْقَ عَدَمِ الْمِلْكِ فِي الْخَشَبَةِ وَذَلِكَ لَا يَمْنَعُ وُجُوبَ الضَّمَانِ فَإِنْ أَلْقَى خَشَبَةً لِغَيْرِهِ فِي الطَّرِيقِ فَعَطِبَ بِهَا إنْسَانٌ كَانَ ضَامِنًا، وَكَذَلِكَ الرَّجُلُ لَوْ أَشْرَعَ جَنَاحًا مِنْ دَارِهِ إلَى الطَّرِيقِ ثُمَّ بَاعَ الدَّارَ فَأَصَابَ الْجَنَاحُ إنْسَانًا فَقَتَلَهُ يَضْمَنُ بَائِعُ الدَّارِ مِنْ قَاضِي خَانْ. وَفِي الْهِدَايَةِ لَوْ تَعَمَّدَ الرَّجُلُ الْمُرُورَ عَلَى الْخَشَبَةِ فَعَطِبَ فَلَا ضَمَانَ عَلَى الَّذِي وَضَعَهَا وَقِيلَ هَذَا إذَا أَخَذَتْ بَعْضَ الطَّرِيقِ، وَإِذَا أَخَذَتْ جَمِيعَ الطَّرِيقِ ضَمِنَ؛ لِأَنَّهُ مُضْطَرٌّ فِي الْمُرُورِ انْتَهَى. رَجُلٌ اسْتَأْجَرَ إنْسَانًا لِيَشْرَعَ لَهُ جَنَاحًا فِي فِنَاءِ دَارِهِ، أَوْ حَانُوتِهِ فَفَعَلَ وَهَلَكَ بِالْجَنَاحِ شَيْءٌ إنْ كَانَ الْمُسْتَأْجِرُ أَخْبَرَ الْأَجِيرَ أَنَّ لَهُ حَقَّ إشْرَاعِ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 177 الْجَنَاحِ يَضْمَنُ الْأَجِيرُ سَوَاءٌ سَقَطَ قَبْلَ الْفَرَاغِ مِنْ الْعَمَلِ، أَوْ بَعْدَهُ ثُمَّ يَرْجِعُ بِمَا ضَمِنَ عَلَى الْمُسْتَأْجِرِ، وَإِنْ أَخْبَرَهُ الْمُسْتَأْجِرُ أَوَّلَ الْأَمْرِ أَنَّهُ لَيْسَ لَهُ حَقُّ الْإِشْرَاعِ فِي الْقَدِيمِ، أَوْ لَمْ يُخْبِرْهُ بِذَلِكَ إلَّا أَنَّ الْأَجِيرَ عَلِمَ بِذَلِكَ إنْ سَقَطَ الْجَنَاحُ قَبْلَ فَرَاغِ الْأَجِيرِ مِنْ الْبِنَاءِ يَضْمَنُ الْأَجِيرُ بِمَا عَطِبَ وَلَا يَرْجِعُ عَلَى الْمُسْتَأْجِرِ قِيَاسًا وَاسْتِحْسَانًا، وَإِنْ سَقَطَ الْجَنَاحُ بَعْدَ الْفَرَاغِ مِنْ الْبِنَاءِ ضَمِنَ الْأَجِيرُ لِمَا عَطِبَ بِهِ ثُمَّ يَرْجِعُ عَلَى الْمُسْتَأْجِرِ اسْتِحْسَانًا، وَفِي الْقِيَاسِ لَا يَرْجِعُ مِنْ قَاضِي خَانْ. وَفِي الْهِدَايَةِ لَوْ اسْتَأْجَرَ رَبُّ الدَّارِ فَعَلَةً لِإِخْرَاجِ الْجَنَاحِ، أَوْ الظُّلَّةِ فَوَقَعَ فَقَتَلَ إنْسَانًا قَبْلَ أَنْ يَفْرُغُوا مِنْ الْعَمَلِ فَالضَّمَانُ عَلَيْهِمْ، وَإِنْ سَقَطَ بَعْدَ فَرَاغِهِمْ فَالضَّمَانُ عَلَى رَبِّ الدَّارِ. وَلَوْ اسْتَأْجَرَهُ لِيَبْنِيَ لَهُ فِي فِنَاءِ دُكَّانِهِ فَقُتِلَ بِهِ إنْسَانٌ بَعْدَ فَرَاغِهِ فَالضَّمَانُ عَلَى الْآمِرِ اسْتِحْسَانًا، وَلَوْ أَمَرَ بِالْبِنَاءِ فِي وَسَطِ الطَّرِيقِ فَالضَّمَانُ عَلَى الْأَجِيرِ لِفَسَادِ الْأَمْرِ وَإِلْقَاءِ التُّرَابِ وَاِتِّخَاذِ الطِّينِ فِي الطَّرِيقِ بِمَنْزِلَةِ إلْقَاءِ الْحَجَرِ وَالْخَشَبَةِ انْتَهَى. أَمَرَ أَجِيرًا أَنْ يَحْفِرَ لَهُ فِي الطَّرِيقِ بِئْرًا وَأَعْلَمَهُ بِأَنَّهُ طَرِيقُ الْعَامَّةِ ضَمِنَ الْأَجِيرُ، وَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ ضَمِنَ الْآمِرُ انْتَهَى. لَوْ وَضَعَ قَنْطَرَةً عَلَى نَهْرٍ خَاصٍّ لِأَقْوَامٍ مَخْصُوصِينَ فَمَشَى عَلَيْهَا إنْسَانٌ فَانْخَسَفَتْ بِهِ وَانْفَعَلَ بِهَا وَمَاتَ إنْ تَعَمَّدَ الْمُرُورَ عَلَيْهَا لَا يَضْمَنُ الْوَاضِعُ، وَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ الْمَارُّ بِهِ ضَمِنَ كَمَا لَوْ وَضَعَ الْخَشَبَةَ فِي الطَّرِيقِ فَمَرَّتْ بِهَا دَابَّةٌ لَا بِسَوْقِ أَحَدٍ فَعَطِبَتْ كَانَ ضَامِنًا قَالُوا إنْ كَانَتْ الْخَشَبَةُ صَغِيرَةً بِحَيْثُ لَا يُوطَأُ عَلَى مِثْلِهَا لَا يَضْمَنُ وَاضِعُهَا؛ لِأَنَّ الْوَطْءَ عَلَى مِثْلِ هَذِهِ الْخَشَبَةِ بِمَنْزِلَةِ الزَّلَقِ، أَوْ التَّعَلُّقِ بِالْحَجَرِ الْمَوْضُوعِ فِي الطَّرِيقِ عَمْدًا وَذَلِكَ لَا يُوجِبُ الضَّمَانَ، وَإِنْ كَانَتْ الْخَشَبَةُ كَبِيرَةً وَيُوطَأُ عَلَى مِثْلِهَا يَضْمَنُ وَاضِعُهَا هَذَا إذَا كَانَ النَّهْرُ خَاصًّا لِأَقْوَامٍ مَخْصُوصِينَ، وَإِنْ كَانَ النَّهْرُ لِعَامَّةِ الْمُسْلِمِينَ فَفِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ يَكُونُ ضَامِنًا وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ أَنَّهُ لَا يَكُونُ ضَامِنًا. وَلَوْ مَرَّ فِي الطَّرِيقِ وَهُوَ يَحْمِلُ حِمْلًا فَوَقَعَ عَلَى إنْسَانٍ فَأَتْلَفَهُ كَانَ ضَامِنًا. وَلَوْ عَثَرَ إنْسَانٌ بِالْحِمْلِ الْوَاقِعِ فِي الطَّرِيقِ ضَمِنَ أَيْضًا؛ لِأَنَّهُ هُوَ الَّذِي وَضَعَ الْحِمْلَ فِي الطَّرِيقِ مِنْ قَاضِي خَانْ. وَلَوْ حَفَرَ بِئْرًا فِي الْمَفَازَةِ فِي مَوْضِعٍ لَيْسَ بِمَمَرٍّ وَلَا طَرِيقٍ لِإِنْسَانٍ بِغَيْرِ إذْنِ الْإِمَامِ فَوَقَعَ فِيهَا إنْسَانٌ لَا يَضْمَنُ الْحَافِرُ، وَكَذَلِكَ لَوْ قَعَدَ إنْسَانٌ فِي الْمَفَازَةِ، أَوْ نَصَبَ خَيْمَةً فَعَثَرَ بِهَا رَجُلٌ لَا يَضْمَنُ الْقَاعِدُ، وَلَوْ كَانَ ذَلِكَ فِي الطَّرِيقِ ضَمِنَ ذَكَرَهُ قَاضِي خَانْ. قَالَ فِي الْهِدَايَةِ وَمَنْ حَفَرَ بِئْرًا فِي طَرِيقِ الْمُسْلِمِينَ، أَوْ وَضَعَ حَجَرًا فَتَلِفَ بِهِ إنْسَانٌ فَدِيَتُهُ عَلَى عَاقِلَتِهِ، وَإِنْ تَلِفَتْ بَهِيمَةٌ فَضَمَانُهَا فِي مَالِهِ ثُمَّ قَالَ بَعْدَ ذَلِكَ. وَفِي الْجَامِعِ الصَّغِيرِ فِي الْبَالُوعَةِ يَحْفِرُهَا الرَّجُلُ فِي الطَّرِيقِ فَإِنْ أَمَرَهُ سُلْطَانٌ بِذَلِكَ، أَوْ أَجْبَرَهُ عَلَيْهِ لَمْ يَضْمَنْ، وَإِنْ كَانَ بِغَيْرِ أَمْرِهِ فَهُوَ مُتَعَدٍّ، وَكَذَا الْجَوَابُ عَلَى هَذَا التَّفْصِيلِ فِي جَمِيعِ مَا فَعَلَ فِي طَرِيقِ الْعَامَّةِ مِمَّا ذَكَرْنَاهُ وَغَيْرِهِ، وَكَذَلِكَ إنْ حَفَرَ فِي مِلْكِهِ لَمْ يَضْمَنْ، وَكَذَلِكَ إذَا حَفَرَ فِي فِنَاءِ دَارِهِ وَقِيلَ هَذَا إذَا كَانَ الْفِنَاءُ مَمْلُوكًا لَهُ، أَوْ كَانَ لَهُ حَقُّ الْحَفْرِ فِيهِ، أَمَّا إذَا كَانَ لِجَمَاعَةِ الْمُسْلِمِينَ، أَوْ مُشْتَرَكًا بِأَنْ كَانَ فِي سِكَّةٍ غَيْرِ نَافِذَةٍ فَإِنَّهُ يَضْمَنُهُ وَهَذَا صَحِيحٌ انْتَهَى. وَفِي إيضَاحِ الْإِصْلَاحِ فِي فَصْلِ مَا يَحْدُثُ فِي الطَّرِيقِ أَنَّ الضَّمَانَ فِي جَمِيعِ مَا ذُكِرَ إنَّمَا يَكُونُ إذَا لَمْ يَأْذَنْ بِهِ الْإِمَامُ انْتَهَى. إذَا اجْتَمَعَ الْمُبَاشِرُ وَالْمُسَبِّبُ أُضِيفَ الْحُكْمُ إلَى الْمُبَاشِرِ فَلَا ضَمَانَ عَلَى حَافِرِ الْبِئْرِ تَعَدِّيًا بِمَا تَلِفَ بِإِلْقَاءِ غَيْرِهِ هَذِهِ فِي الْقَاعِدَةِ الْأَخِيرَةِ، مِنْ الْأَشْبَاهِ. وَإِذَا حَفَرَ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 178 بِئْرًا تَعَدِّيًا ثُمَّ مَاتَ فَوَقَعَ فِيهَا إنْسَانٌ بَعْدَ مَوْتِهِ كَانَتْ الدِّيَةُ عَلَى عَاقِلَةِ الْحَافِرِ. وَلَوْ حَفَرَ بِئْرًا تَعَدِّيًا فَأَعْتَقَهُ مَوْلَاهُ ثُمَّ مَاتَ الْعَبْدُ فَوَقَعَ إنْسَانٌ فِيهَا فَالدِّيَةُ عَلَى عَاقِلَةِ الْمَوْلَى هَاتَانِ فِي الْفَرَائِضِ مِنْهُ. جَعَلَ قَنْطَرَةً عَلَى نَهْرٍ عَامٍّ بِإِذْنِ رَجُلٍ مِنْ عُرْضِ النَّاسِ دُونَ إذْنِ الْإِمَامِ فَهَلَكَ بِهَا دَابَّةٌ، الْآذِنُ يَضْمَنُ الْبَانِيَ وَلَا يَعْمَلُ إذْنُهُ فِي حَقِّهِ وَلَا فِي حَقِّ غَيْرِهِ. احْتَفَرَ بِئْرًا فِي طَرِيقِ مَكَّةَ، أَوْ غَيْرِهِ مِنْ الْفَيَافِي فِي غَيْرِ مَمَرِّ النَّاسِ فَوَقَعَ فِيهَا إنْسَانٌ لَمْ يَضْمَنْ وَذَكَرَهُ فِي الْأَصْلِ وَلَمْ يُقَيِّدْهُ بِغَيْرِ مَمَرِّ النَّاسِ فَقَالَ إذَا احْتَفَرَ بِئْرًا فِي طَرِيقِ مَكَّةَ، أَوْ غَيْرِهِ مِنْ الْفَيَافِي فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ فِي ذَلِكَ بِخِلَافِ الْأَمْصَارِ أَلَا تَرَى أَنَّهُ لَوْ ضَرَبَ هُنَاكَ فُسْطَاطًا، أَوْ اتَّخَذَ تَنُّورًا لِلْخُبْزِ، أَوْ رَبَطَ الدَّابَّةَ لَمْ يَضْمَنْ مَا أَصَابَ ذَلِكَ؟ قَالَ: وَتَعْلِيلُ الْقَاضِي صَدْرِ الْإِسْلَامِ فِي شَرْحِهِ أَنَّ الطَّرِيقَ الَّتِي فِي الْفَيَافِي لَهَا حُكْمُ الْفَيَافِي؛ لِأَنَّ لَهُمْ أَنْ يَمُرُّوا فِي مَوْضِعٍ آخَرَ كَمَا يَمُرُّونَ فِيهَا فَلَمْ يَتَعَيَّنْ الْمُرُورُ بِخِلَافِ طُرُقِ الْأَمْصَارِ، وَفِيمَا بَيْنَ الْأَرْضِ؛ لِأَنَّهُ لَا يُبَاحُ الِانْتِفَاعُ لَهُ إلَّا بِالْمُرُورِ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ حَافِرَ الْبِئْرِ فِي طَرِيقِ الْمَفَازَةِ وَغَيْرِهَا لَا يَضْمَنُ قَالَ - رَحِمَهُ اللَّهُ -: التَّقْيِيدُ فِي غَيْرِ الْمَمَرِّ صَحِيحٌ فَإِنَّهُ نَصُّ شَمْسِ الْأَئِمَّةِ السَّرَخْسِيِّ فَقَالَ وَهَذَا إذَا كَانَ فِي غَيْرِ الْمَحَجَّةِ فَأَمَّا إذَا احْتَفَرَ فِي مَحَجَّةِ الطَّرِيقِ فَهُوَ ضَامِنٌ لِمَا يَقَعُ فِيهِ وَهَكَذَا فَصْلُ الْجَوَابِ فِي الْمُحِيطِ فِي نَصْبِ الْفُسْطَاطِ فِي طَرِيقِ مَكَّةَ، أَوْ فِي طَرِيقٍ آخَرَ وَالْحَفْرُ لِلْمَاءِ وَلِلسَّيْلِ سَوَاءٌ. لَوْ وَضَعَ الْبَائِعُ خَابِيَةً مِنْ السقراط عَلَى الشَّارِعِ وَرَجَعَ الفاواذق بِالْعَجَلَةِ إلَى السِّكَّةِ فَانْكَسَرَتْ تِلْكَ الْخَابِيَةُ وَكَانَتْ فِي غَيْرِ جَانِبِهِ وَمَا رَآهَا يَضْمَنُ. وَلَوْ وَضَعَ خَابِيَةً عَلَى بَابِ دُكَّانٍ فَجَاءَ رَجُلٌ بِوَقْرِ حِمَارٍ شَوْكٍ فَصَدَمَهَا بَغْتَةً وَهُوَ يَقُولُ: كوست كوست يَعْنِي إلَيْك إلَيْك فَكَسَرَهَا يَضْمَنُ،. وَفِي الْمُحِيطِ يُعَزَّرُ وَلَمْ يَضْمَنْ إذَا لَمْ يَعْلَمْ ذَلِكَ وَإِلَّا فَيَضْمَنُ. وَفِيهِ وَإِنْ حَفَرَ بِئْرًا فِي الطَّرِيقِ ثُمَّ كَبَسَهَا إنْ كَبَسَهَا بِالتُّرَابِ، أَوْ بِالْجِصِّ، أَوْ بِمَا هُوَ مِنْ أَجْزَاءِ الْأَرْضِ ثُمَّ جَاءَ آخَرُ وَفَرَّغَهَا ثُمَّ وَقَعَ فِيهَا إنْسَانٌ وَمَاتَ ضَمِنَ الثَّانِي، وَلَوْ كَانَ الْأَوَّلُ كَبَسَ الْبِئْرَ بِالطَّعَامِ، أَوْ بِمَا هُوَ لَيْسَ مِنْ أَجْزَاءِ الْأَرْضِ يَضْمَنُ الْأَوَّلُ؛ لِأَنَّ فِي الْوَجْهِ الْأَوَّلِ بَعْدَ الْكَبْسِ لَا يَبْقَى بِئْرًا، وَفِي الْوَجْهِ الثَّانِي بَقِيَ بِئْرًا، وَكَذَا لَوْ حَفَرَ بِئْرًا فِي الطَّرِيقِ وَغَطَّى رَأْسَهَا ثُمَّ جَاءَ آخَرُ وَرَفَعَ الْغِطَاءَ ثُمَّ وَقَعَ فِيهَا إنْسَانٌ ضَمِنَ الْأَوَّلُ، وَلَوْ احْتَفَرَ الرَّجُلُ نَهْرًا فِي مِلْكِهِ فَعَطِبَ بِهِ إنْسَانٌ، أَوْ دَابَّةٌ لَمْ يَضْمَنْ، وَكَذَا لَوْ جَعَلَ عَلَيْهِ جِسْرًا، أَوْ قَنْطَرَةً فِي أَرْضِهِ، وَإِنْ حَفَرَ نَهْرًا فِي غَيْرِ مِلْكِهِ فَهُوَ بِمَنْزِلَةِ الْبِئْرِ وَيَكُونُ ضَامِنًا، وَكَذَا لَوْ جَعَلَ عَلَيْهِ جِسْرًا، أَوْ قَنْطَرَةً فِي غَيْرِ مِلْكِهِ. وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ أَنَّهُ لَا يَضْمَنُ إنْ أَحْدَثَ فِي غَيْرِ مِلْكِهِ إذَا كَانَ لَا يَتَضَرَّرُ بِهِ غَيْرُهُ؛ لِأَنَّهُ مُحْتَسِبٌ يَنْتَفِعُ النَّاسُ بِمَا أَحْدَثَهُ، وَفِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ يَكُونُ ضَامِنًا إلَّا إذَا فَعَلَ ذَلِكَ بِإِذْنِ الْإِمَامِ كَمَا لَوْ حَفَرَ بِئْرًا فِي الْمَوْضِعِ الَّذِي يَحْتَاجُ إلَيْهِ النَّاسُ يَكُونُ ضَامِنًا لِمَا عَطِبَ إذَا لَمْ يَفْعَلْ بِإِذْنِ الْإِمَامِ، وَإِنْ مَشَى عَلَى جِسْرٍ إنْسَانٌ مُتَعَمِّدًا فَانْخَسَفَ بِهِ لَا يَضْمَنُ وَاضِعُ الْجِسْرِ؛ لِأَنَّهُ لَمَّا مَرَّ مُتَعَمِّدًا كَانَ التَّلَفُ مُضَافًا إلَيْهِ. رَجُلٌ حَفَرَ بِئْرًا فِي مِلْكِهِ ثُمَّ سَقَطَ فِيهَا إنْسَانٌ، وَفِيهَا إنْسَانٌ، أَوْ دَابَّةٌ فَقَتَلَ السَّاقِطُ ذَلِكَ الْإِنْسَانَ، أَوْ الدَّابَّةَ كَانَ السَّاقِطُ ضَامِنًا، وَإِنْ كَانَ الْبِئْرُ كَانَ الضَّمَانُ عَلَى حَافِرِ الْبِئْرِ فِيمَا أَصَابَ السَّاقِطَ وَالْمَسْقُوطَ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّ الْحَافِرَ إذَا كَانَ مُتَعَدِّيًا فِي الْحَفْرِ كَانَ بِمَنْزِلَةِ الدَّافِعِ لِمَنْ سَقَطَ فِي الْبِئْرِ وَالسَّاقِطُ بِمَنْزِلَةِ الْمَدْفُوعِ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 179 فَيَكُونُ تَلَفُ الْكُلِّ مُضَافًا إلَى الْحَافِرِ أَمَّا إذَا حَفَرَ فِي مِلْكِهِ فَسُقُوطُهُ لَا يَكُونُ مُضَافًا إلَى غَيْرِهِ فَكَانَ تَلَفُ الْمَسْقُوطِ عَلَيْهِ مُضَافًا إلَى السَّاقِطِ كَرَجُلٍ تَرَدَّى مِنْ جَبَلٍ عَلَى رَجُلٍ فَقَتَلَهُ يَضْمَنُ دِيَةَ الْقَتِيلِ. رَجُلٌ حَفَرَ بِئْرًا فِي الطَّرِيقِ فَأَلْقَى نَفْسَهُ فِيهَا مُتَعَمِّدًا لَا يَضْمَنُ الْحَافِرُ، وَإِنْ لَمْ يُوقِعْ فِيهَا نَفْسَهُ فَسَقَطَ وَسَلِمَ مِنْ السُّقُوطِ وَمَاتَ فِيهَا جُوعًا، أَوْ غَمًّا لَا يَضْمَنُ الْحَافِرُ فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ إنْ مَاتَ فِيهَا جُوعًا فَكَذَلِكَ، وَإِنْ مَاتَ فِيهَا غَمًّا بِأَنْ أَثَّرَ الْغَمُّ فِي قَلْبِهِ قَبْلَ الْوُقُوعِ فَمَاتَ مِنْ ذَلِكَ ضَمِنَ الْحَافِرُ وَقَالَ مُحَمَّدٌ يَضْمَنُ الْحَافِرُ فِي الْوُجُوهِ كُلِّهَا؛ لِأَنَّ الْمَوْتَ حَصَلَ بِسَبَبِ الْوُقُوعِ فِي الْبِئْرِ. رَجُلٌ حَفَرَ بِئْرًا فِي الطَّرِيقِ فَجَاءَ آخَرُ وَحَفَرَ مِنْهَا طَائِفَةً فِي أَسْفَلِهَا ثُمَّ وَقَعَ فِيهَا إنْسَانٌ فَمَاتَ فِي الْقِيَاسِ الْأَوَّلِ وَبِهِ أَخَذَ مُحَمَّدٌ كَانَ الْأَوَّلُ كَالدَّافِعِ لِمَنْ وَقَعَ فِي الْقَعْرِ الَّذِي حَفَرَهُ صَاحِبُهُ فِي أَسْفَلِهَا، وَفِي الِاسْتِحْسَانِ يَجِبُ الضَّمَانُ عَلَيْهِمَا؛ لِأَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مُتَعَدٍّ فِي الْحَفْرِ. وَلَوْ حَفَرَ بِئْرًا فِي الطَّرِيقِ ثُمَّ جَاءَ آخَرُ وَوَسَّعَ رَأْسَهَا فَسَقَطَ فِيهَا إنْسَانٌ وَمَاتَ كَانَ الضَّمَانُ عَلَيْهِمَا أَنْصَافًا قَالُوا تَأْوِيلُ الْمَسْأَلَةِ أَنَّ الثَّانِيَ وَسَّعَ رَأْسَهَا بِحَيْثُ يَعْلَمُ أَنَّ السَّاقِطَ إنَّمَا وَضَعَ قَدَمَهُ فِي مَوْضِعٍ بَعْضُهُ مِنْ حَفْرِ الْأَوَّلِ وَبَعْضُهُ مِنْ حَفْرِ الثَّانِي، فَأَمَّا إذَا وَسَّعَ الثَّانِي رَأْسَهَا بِحَيْثُ يَعْلَمُ أَنَّهُ إنَّمَا وَضَعَ قَدَمَهُ فِي الْمَوْضِعِ الَّذِي حَفَرَهُ الثَّانِي كَانَ الضَّمَانُ عَلَى الثَّانِي. رَجُلٌ حَفَرَ بِئْرًا فِي الطَّرِيقِ وَعِنْدَ الطَّرِيقِ حَجَرٌ وَضَعَهُ إنْسَانٌ فِي الطَّرِيقِ فَجَاءَ إنْسَانٌ وَتَعَقَّلَ بِالْحَجَرِ وَسَقَطَ فِي الْبِئْرِ وَمَاتَ فِيهَا كَانَ الضَّمَانُ عَلَى وَاضِعِ الْحَجَرِ؛ لِأَنَّهُ بِمَنْزِلَةِ الدَّافِعِ، وَإِنْ لَمْ يَضَعْ الْحَجَرَ إنْسَانٌ وَجَاءَ بِهِ سَيْلٌ عِنْدَ الْبِئْرِ كَانَ الضَّمَانُ عَلَى حَافِرِ الْبِئْرِ. رَجُلٌ حَفَرَ بِئْرًا فِي الطَّرِيقِ فَجَاءَ رَجُلٌ وَسَقَطَ فَتَعَلَّقَ هَذَا الرَّجُلُ بِرَجُلٍ آخَرَ وَتَعَلَّقَ الثَّانِي بِآخَرَ وَوَقَعُوا جَمِيعًا وَمَاتُوا إنْ لَمْ يُعْلَمْ كَيْفَ مَاتُوا وَلَمْ يَقَعْ بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ فَدِيَةُ الْأَوَّلِ عَلَى الْحَافِرِ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ لِمَوْتِهِ سَبَبٌ سِوَى الْوُقُوعِ فِي الْبِئْرِ وَدِيَةُ الثَّانِي تَكُونُ عَلَى الْأَوَّلِ؛ لِأَنَّ الْأَوَّلَ هُوَ الَّذِي دَفَعَهُ حَيْثُ جَرَّهُ إلَى نَفْسِهِ وَدِيَةُ الثَّالِثِ تَكُونُ عَلَى الثَّانِي لِهَذَا الْمَعْنَى، وَإِنْ كَانَ بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ فِي الْبِئْرِ وَلَا يُعْلَمُ كَيْفَ حَالُهُمْ فَفِي الْقِيَاسِ وَهُوَ قَوْلُ مُحَمَّدٍ دِيَةُ الْأَوَّلِ تَكُونُ عَلَى عَاقِلَةِ الْحَافِرِ وَدِيَةُ الثَّانِي عَلَى عَاقِلَةِ الْأَوَّلِ وَدِيَةُ الثَّالِثِ عَلَى عَاقِلَةِ الثَّانِي وَذَكَرَ فِي الْكِتَابِ أَنَّ فِيهَا قَوْلًا آخَرَ قِيلَ ذَلِكَ قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ قَالَا دِيَةُ الْأَوَّلِ تَكُونُ أَثْلَاثًا ثُلُثُهَا عَلَى الْحَافِرِ وَثُلُثُهَا هَدَرٌ وَثُلُثُهَا عَلَى الثَّانِي وَدِيَةُ الثَّانِي نِصْفُهَا هَدَرٌ وَنِصْفُهَا عَلَى الْأَوَّلِ وَدِيَةُ الثَّالِثِ كُلُّهَا عَلَى الثَّانِي وَوَجْهُهُ مَذْكُورٌ فِي الْكِتَابِ. رَجُلٌ حَفَرَ بِئْرًا فِي الطَّرِيقِ فَسَقَطَ فِيهَا إنْسَانٌ وَمَاتَ فَقَالَ الْحَافِرُ أَنَّهُ أَلْقَى نَفْسَهُ فِيهَا وَكَذَّبَتْهُ الْوَرَثَةُ فِي ذَلِكَ كَانَ الْقَوْلُ قَوْلَ الْحَافِرِ فِي قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ الْآخَرِ وَهُوَ قَوْلُ مُحَمَّدٍ؛ لِأَنَّ الظَّاهِرَ أَنَّ الْبَصِيرَ يَرَى مَوْضِعَ قَدَمِهِ، وَإِنْ كَانَ الظَّاهِرُ أَنَّ الْإِنْسَانَ لَا يُوقِعُ نَفْسَهُ، وَإِذَا وَقَعَ الشَّكُّ لَا يَجِبُ الضَّمَانُ بِالشَّكِّ. رَجُلٌ اسْتَأْجَرَ أَرْبَعَةَ رَهْطٍ يَحْفِرُونَ لَهُ بِئْرًا فَوَقَعَتْ عَلَيْهِمْ مِنْ حَفْرِهِمْ وَمَاتَ أَحَدُهُمْ كَانَ عَلَى كُلِّ وَاحِدٍ مِنْ الثَّلَاثَةِ رُبُعُ الدِّيَةِ وَيَسْقُطُ رُبُعُهَا؛ لِأَنَّ الْبِئْرَ وَقَعَ بِفِعْلِهِمْ وَكَانُوا مُبَاشِرِينَ وَالْمَيِّتُ مُبَاشِرٌ أَيْضًا فَتُوَزَّعُ الدِّيَةُ عَلَيْهِمْ أَرْبَاعًا فَيَسْقُطُ رُبُعُهَا وَيَجِبُ ثَلَاثَةُ أَرْبَاعِهَا هَذِهِ الْجُمْلَةُ مِنْ قَاضِي خَانْ. وَمَنْ جَرَحَ إنْسَانًا فَوَقَعَ فِي بِئْرٍ حَفَرَهَا غَيْرُهُ فِي قَارِعَةِ الطَّرِيقِ وَمَاتَ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 180 فَالدِّيَةُ عَلَيْهِمَا هَذِهِ فِي جِنَايَةِ الْبَهِيمَةِ، مِنْ الْهِدَايَةِ. وَلَوْ حَفَرَ بِئْرًا فَأَرْسَلَ فِيهَا رَجُلًا فَغَرِقَ فِي الْمَاءِ قَالَ مُحَمَّدٌ إنْ كَانَ عُمْقُ الْبِئْرِ أَطْوَلَ مِنْ الرَّجُلِ ضَمِنَ الْحَافِرُ، وَإِنْ كَانَ إلَى صَدْرِ الرَّجُلِ لَمْ يَضْمَنْ، مِنْ الْوَجِيزِ. وَلَوْ حَفَرَ بِئْرًا فِي سُوقِ الْعَامَّةِ، أَوْ بَنَى فِيهِ دُكَّانًا فَعَطِبَ بِهِ شَيْءٌ إنْ فَعَلَ ذَلِكَ بِإِذْنِ الْإِمَامِ لَا يَكُونُ ضَامِنًا بِغَيْرِ إذْنِهِ يَكُونُ ضَامِنًا مِنْ قَاضِي خَانْ. دَارٌ بَيْنَ ثَلَاثَةٍ فَحَفَرَ أَحَدُهُمْ فِيهَا بِئْرًا، أَوْ بَنَى حَائِطًا بِغَيْرِ إذْنِ صَاحِبَيْهِ فَعَطِبَ بِهِ إنْسَانٌ فَعَلَيْهِ ثُلُثُ الدِّيَةِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَقَالَا عَلَيْهِ نِصْفُ الدِّيَةِ ذَكَرَهُ فِي الْهِدَايَةِ. وَضَعَ شَيْئًا فِي الطَّرِيقِ لِلْبَيْعِ فَتَلِفَ بِهِ شَيْءٌ بَرِئَ لَوْ قَعَدَ بِإِذْنِ السُّلْطَانِ وَإِلَّا ضَمِنَ. أَلْقَى قِشْرًا فِي الطَّرِيقِ فَزَلِقَتْ بِهِ دَابَّةٌ ضَمِنَ إذْ لَمْ يُؤْذَنْ فِيهِ فَيَضْمَنُ مَا تَوَلَّدَ مِنْهُ، مِنْ الْفُصُولَيْنِ. أَلْقَى حَجَرًا فِي فِنَاءِ دَارِهِ لِأَجْلِ الثَّلْجِ وَغَيْرِهِ فَقُتِلَ بِهِ إنْسَانٌ وَهَلَكَ إذَا كَانَ بِإِذْنِ الْإِمَامِ لَا يَضْمَنُ وَبِغَيْرِ إذْنِهِ ضَمِنَ، وَفِي الْمُنْتَقَى لَا يَضْمَنُ مُطْلَقًا. الْهَلَاكُ بِالثَّلْجِ الْمَرْمِيِّ إذَا زَلِقَ بِهِ إنْسَانٌ، أَوْ دَابَّةٌ إنْ لَمْ تَكُنْ السِّكَّةُ نَافِدَةً لَا ضَمَانَ عَلَى الرَّامِي، وَإِنْ كَانَتْ نَافِدَةً ضَمِنَ الرَّامِي وَقَالَ الْفَقِيهُ أَبُو اللَّيْثِ لَا يَجِبُ الضَّمَانُ مُطْلَقًا نَافِدَةً كَانَتْ، أَوْ غَيْرَ نَافِدَةٍ قَالَ: وَجَوَابُ مُحَمَّدٍ فِي دِيَارِهِمْ؛ لِأَنَّ الثَّلْجَ يَقِلُّ هُنَاكَ، أَوْ لَا يَكُونُ، وَفِي إلْقَاءِ الطِّينِ، أَوْ الْحَطَبِ، وَرَبْطُ الدَّابَّةِ لَا يَتَفَاوَتُ بَيْنَ بَلْدَةٍ وَبَلْدَةٍ. رَجُلٌ أَمَرَ رَجُلًا بِوَضْعِ الْحَجَرِ فِي الطَّرِيقِ فَعَطِبَ بِهِ الْآمِرُ ضَمِنَ الْوَاضِعُ، وَكَذَا لَوْ قَالَ لَهُ أَشْرِعْ جَنَاحًا مِنْ ذَلِكَ، أَوْ ابْنِ دُكَّانًا عَلَى بَابِك فَعَطِبَ بِهِ الْآمِرُ، أَوْ غُلَامُهُ، وَكَذَا لَوْ بَنَى الْآمِرُ لِلْمَأْمُورِ بِأَمْرِهِ ثُمَّ عَطِبَ بِهِ الْآمِرُ ضَمِنَ، مِنْ الْخُلَاصَةِ. [الْفَصْل الثَّالِث فِيمَا يَحْدُثُ فِي الْمَسْجِد فيهلك بِهِ شَيْء وَمَا يَعْطَب بِالْجُلُوسِ فِيهِ] (الْفَصْلُ الثَّالِثُ فِيمَا يُحْدَثُ فِي الْمَسْجِدِ فَيَهْلِكُ بِهِ شَيْءٌ وَمَا يُعْطَبُ بِالْجُلُوسِ فِيهِ) أَهْلُ الْمَسْجِدِ إذَا احْتَفَرُوا بِئْرًا فِي الْمَسْجِدِ لِمَاءِ الْمَطَرِ، أَوْ وَضَعُوا فِيهِ جُبًّا يُصَبُّ فِيهِ الْمَاءُ، أَوْ طَرَحُوا فِيهِ الْبَوَارِيَ وَالْحَشِيشَ، أَوْ الْحَصَى، أَوْ رَكَّبُوا فِيهِ بَابًا، أَوْ عَلَّقُوا فِيهِ الْقَنَادِيلَ، أَوْ ظَلَّلُوهُ فَعَطِبَ بِذَلِكَ شَيْءٌ لَا ضَمَانَ عَلَيْهِمْ؛ لِأَنَّ أَهْلَ الْمَسْجِدِ فِيمَا هُوَ مِنْ تَدْبِيرِ الْمَسْجِدِ بِمَنْزِلَةِ الْمُلَّاكِ، وَكَذَا لَوْ فَعَلَ ذَلِكَ غَيْرُهُمْ بِأَمْرِهِمْ، وَإِنْ فُعِلَ بِغَيْرِ أَمْرِهِمْ كَانَ ضَامِنًا لِمَا عُطِبَ بِهِ فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ. وَقَالَ صَاحِبَاهُ: لَا يَضْمَنُ اسْتِحْسَانًا إذْ الْمَسْجِدُ لِلْعَامَّةِ إلَّا فِي حَفْرِ الْبِئْرِ وَمَا لَا يَكُونُ مِنْ بَابِ التَّمْكِينِ لِإِقَامَةِ الصَّلَاةِ وَلِأَبِي حَنِيفَةَ أَنَّ لِأَهْلِ الْمَسْجِدِ اخْتِصَاصًا بِالتَّدْبِيرِ فِي هَذِهِ الْبُقْعَةِ وَلِهَذَا كَانَ فَتْحُ الْبَابِ وَإِغْلَاقُهُ وَنَصْبُ الْمُؤَذِّنِ وَالْإِمَامِ إلَيْهِمْ لَا إلَى غَيْرِهِمْ. وَلَوْ قَعَدَ الرَّجُلُ فِي الْمَسْجِدِ لِلْحَدِيثِ، أَوْ نَامَ، أَوْ قَامَ لِغَيْرِ الصَّلَاةِ فَمَرَّ بِهِ إنْسَانٌ فَعَطِبَ كَانَ ضَامِنًا لِمَا عَطِبَ فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ كَمَا لَوْ قَعَدَ فِي الطَّرِيقِ، وَعَلَى قَوْلِ صَاحِبَيْهِ لَا يَكُونُ ضَامِنًا كَمَا لَوْ كَانَ جَالِسًا فِي الصَّلَاةِ، وَقِيلَ عَلَى قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ: إنَّمَا يَضْمَنُ إذَا كَانَ الْجَالِسُ مَشْغُولًا بِعَمَلٍ لَا يَكُونُ لَهُ اخْتِصَاصٌ بِالْمَسْجِدِ كَدَرْسِ الْفِقْهِ وَقِرَاءَةِ الْحَدِيثِ أَمَّا إذَا كَانَ مُعْتَكِفًا، أَوْ كَانَ جَالِسًا لِانْتِظَارِ الصَّلَاةِ لَا يَكُونُ ضَامِنًا عِنْدَ الْكُلِّ، وَقِيلَ: إذَا لَمْ يَكُنْ فِي الصَّلَاةِ يَكُونُ ضَامِنًا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَهُوَ الصَّحِيحُ؛ لِأَنَّ الْمُنْتَظِرَ لِلصَّلَاةِ لَا يَكُونُ فِي الصَّلَاةِ فَكَانَ جُلُوسُهُ مُبَاحًا مُقَيَّدًا بِشَرْطِ السَّلَامَةِ كَالْمَشْيِ فِي الطَّرِيقِ وَنَحْوِ ذَلِكَ كَذَا فِي قَاضِي خَانْ. وَفِي الْهِدَايَةِ لَوْ جَلَسَ رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ الْمَسْجِدِ فِي الْمَسْجِدِ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 181 فَعَطِبَ بِهِ رَجُلٌ لَمْ يَضْمَنْ إنْ كَانَ فِي الصَّلَاةِ، وَإِنْ كَانَ فِي غَيْرِ الصَّلَاةِ ضَمِنَ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَقَالَا لَا يَضْمَنُ عَلَى كُلِّ حَالٍ، وَإِنْ كَانَ جَالِسًا لِلْقِرَاءَةِ، أَوْ لِلتَّعْلِيمِ، أَوْ لِلصَّلَاةِ، أَوْ نَامَ فِيهِ فِي أَثْنَاءِ الصَّلَاةِ، أَوْ فِي غَيْرِ الصَّلَاةِ، أَوْ مَرَّ فِيهِ مَارٌّ، أَوْ قَعَدَ فِيهِ لِحَدِيثٍ فَهُوَ عَلَى هَذَا الْخِلَافِ، وَأَمَّا الْمُعْتَكِفُ فَقَدْ قِيلَ عَلَى هَذَا الْخِلَافِ وَقِيلَ لَا يَضْمَنُ بِالِاتِّفَاقِ، وَإِنْ جَلَسَ مِنْ غَيْرِ عَشِيرَةِ الْمَسْجِدِ رَجُلٌ فِيهِ فِي الصَّلَاةِ فَتَعَقَّلَ بِهِ إنْسَانٌ يَنْبَغِي أَنْ لَا يَضْمَنَ اهـ. وَفِي الْخُلَاصَةِ مَسْجِدٌ لِعَشِيرَةٍ عَلَّقَ مِنْهُمْ رَجُلٌ فِيهِ قِنْدِيلًا، أَوْ بَسَطَ حَصِيرًا فَعَطِبَ إنْسَانٌ لَا يَضْمَنُ، وَإِنْ فَعَلَ ذَلِكَ رَجُلٌ مِنْ غَيْرِ الْعَشِيرَةِ ضَمِنَ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ خِلَافًا لَهُمَا. وَلَوْ فَعَلَ رَجُلٌ مِنْ غَيْرِ الْعَشِيرَةِ بِإِذْنِ وَاحِدٍ مِنْ الْعَشِيرَةِ لَا يَضْمَنُ إنْ كَانَ الْجَالِسَ فِي الصَّلَاةِ، وَإِنْ كَانَ فِي غَيْرِ الصَّلَاةِ يَضْمَنُ وَعِنْدَهُمَا لَا يَضْمَنُ مُطْلَقًا اهـ. [الْفَصْلُ الرَّابِعُ فِي الْحَائِطِ الْمَائِلِ] رَجُلٌ مَالَ حَائِطُ دَارِهِ إلَى الطَّرِيقِ، أَوْ إلَى مِلْكِ إنْسَانٍ فَسَقَطَ وَأَتْلَفَ إنْسَانًا، أَوْ مَالًا إنْ سَقَطَ قَبْلَ الْمُطَالَبَةِ وَالْإِشْهَادِ لَا ضَمَانَ عَلَيْهِ، وَإِنْ طُولِبَ بِنَقْضِهِ وَأُشْهِدَ عَلَيْهِ فَلَمْ يَنْقُضْهُ فِي مُدَّةٍ يَقْدِرُ عَلَى نَقْضِهِ حَتَّى سَقَطَ ضَمِنَ مَا أَتْلَفَ مِنْ نَفْسٍ، أَوْ مَالٍ وَشَرْطُ وُجُوبِ الضَّمَانِ الْمُطَالَبَةُ بِالْإِصْلَاحِ وَالتَّفْرِيغِ وَلَا يُشْتَرَطُ الْإِشْهَادُ وَإِنَّمَا ذُكِرَ الْإِشْهَادُ لِيَتَمَكَّنَ مِنْ إثْبَاتِهِ عِنْدَ إنْكَارِهِ فَإِنْ كَانَ الْحَائِطُ مَائِلًا إلَى الطَّرِيقِ فَأَيُّ النَّاسِ أَشْهَدَ عَلَى صَاحِبِهِ فَهُوَ إشْهَادٌ وَيَسْتَوِي فِيهِ الْمُسْلِمُ وَالذِّمِّيُّ رَجُلًا كَانَ، أَوْ امْرَأَةً حُرًّا كَانَ، أَوْ مُكَاتَبًا، وَإِنْ كَانَ إلَى دَارِ إنْسَانٍ فَالْمُطَالَبَةُ إلَى مَالِكِ الدَّارِ خَاصَّةً، وَإِنْ كَانَ فِيهَا سُكَّانٌ كَالْمُسْتَعِيرِ وَالْمُسْتَأْجِرِ كَانَ لَهُمْ أَنْ يُطَالِبُوهُ وَتَصِحُّ الْمُطَالَبَةُ بِالتَّفْرِيغِ عِنْدَ الْقَاضِي وَغَيْرِهِ، أَوْ لَمْ يَكُنْ هُنَاكَ أَحَدٌ وَشَرْطُهَا أَنْ يَكُونَ مِمَّنْ يُتَمَكَّنُ مِنْ نَقْضِهِ وَتَفْرِيغِ الْهَوَاءِ وَمَنْ لَا يَتَمَكَّنُ مِنْ نَقْضِهِ لَا تَصِحُّ الْمُطَالَبَةُ مِنْهُ كَالْمُرْتَهِنِ وَالْمُسْتَأْجِرِ وَالْمُودِعِ وَسَاكِنِ الدَّارِ وَتَصِحُّ مِنْ الرَّاهِنِ لِقُدْرَتِهِ عَلَى ذَلِكَ بِوَاسِطَةِ الْفِكَاكِ وَمِنْ الْوَصِيِّ وَأَبِ الصَّبِيِّ وَأُمِّهِ فِي حَائِطِ الصَّبِيِّ لِقِيَامِ الْوِلَايَةِ وَالضَّمَانِ فِي مَالِ الْيَتِيمِ، وَمِنْ الْمُكَاتَبِ وَمِنْ الْعَبْدِ التَّاجِرِ سَوَاءٌ كَانَ عَلَيْهِ دَيْنٌ أَوْ لَمْ يَكُنْ، ثُمَّ التَّالِفُ بِالسُّقُوطِ إنْ كَانَ مَالًا فَهُوَ فِي عُنُقِ الْعَبْدِ، وَإِنْ كَانَ نَفْسًا فَهُوَ عَلَى عَاقِلَةِ الْمَوْلَى وَتَصِحُّ مِنْ أَحَدِ الْوَرَثَةِ فِي نَصِيبِهِ. وَإِنْ كَانَ لَا يَتَمَكَّنُ مِنْ نَقْضِ الْحَائِطِ وَحْدَهُ لِتَمَكُّنِهِ مِنْ إصْلَاحِ نَصِيبِهِ بِطَرِيقِهِ وَهُوَ الْمُرَافَعَةُ إلَى الْقَاضِي وَصُورَةُ الْإِشْهَادِ وَالْمُطَالَبَةِ أَنْ يَقُولَ الرَّجُلُ اشْهَدُوا أَنِّي تَقَدَّمْت إلَى هَذَا الرَّجُلِ فِي هَدْمِ حَائِطِهِ هَذَا كَذَا فِي النِّهَايَةِ قَالَ قَاضِي خَانْ وَصُورَةُ الْإِشْهَادِ إذَا كَانَ مَائِلًا إلَى الطَّرِيقِ أَنْ يَقُولَ لَهُ وَاحِدٌ أَنَّ حَائِطَك هَذَا مَائِلٌ، أَوْ مَخُوفٌ، أَوْ مُنْصَدِعٌ فَاهْدِمْهُ، وَإِنْ كَانَ مَائِلًا إلَى مِلْكٍ يَقُولُ لَهُ ذَاكَ صَاحِبُهُ، وَلَوْ قِيلَ لَهُ: إنَّ حَائِطَك مَائِلٌ يَنْبَغِي لَك أَنْ تَهْدِمَهُ كَانَ ذَلِكَ مَشُورَةً لَا يَكُونُ طَلَبًا وَإِشْهَادًا اهـ. وَفِي الْإِيضَاحِ وَيَصِحُّ الطَّلَبُ بِكُلِّ لَفْظٍ يُفْهَمُ مِنْهُ طَلَبُ النَّقْضِ اهـ. وَتُعْتَبَرُ الْقُدْرَةُ مَعَ التَّفْرِيغِ مِنْ وَقْتِ الْإِشْهَادِ إلَى وَقْتِ السُّقُوطِ مِنْ غَيْر زَوَالِ الْقُدْرَةِ فِيمَا بَيْنَ ذَلِكَ فَلَوْ سَقَطَ بَعْدَ الْإِشْهَادِ وَهُوَ فِي طَلَبِ مَنْ يَنْقُضُهُ مِنْ الْعُمَّالِ لَا يَضْمَنُ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يُقَصِّرْ، ذَكَرَهُ فِي الصُّغْرَى الجزء: 1 ¦ الصفحة: 182 وَلَوْ بَاعَ الدَّارَ بَعْدَ مَا أَشْهَدَ عَلَيْهِ وَقَبَضَ الْمُشْتَرِي بَرِئَ مِنْ الضَّمَانِ؛ لِأَنَّ الْجِنَايَةَ مِنْ تَرْكِ الْهَدْمِ مَعَ تَمَكُّنِهِ وَقَدْ زَالَ تَمَكُّنُهُ بِالْبَيْعِ وَلَا ضَمَانَ عَلَى الْمُشْتَرِي؛ لِأَنَّهُ لَمْ يُشْهِدْ عَلَيْهِ، وَلَوْ أَشْهَدَ بَعْدَ شِرَائِهِ كَانَ ضَامِنًا ذَكَرَهُ فِي الْهِدَايَةِ بِخِلَافِ مَا إذَا أَشْرَعَ كَنِيفًا، أَوْ جَنَاحًا، أَوْ مِيزَابًا، أَوْ خَشَبَةً فِي الطَّرِيقِ ثُمَّ بَاعَ الدَّارَ، أَوْ بَاعَ الْخَشَبَةَ ثُمَّ تَلِفَ بِذَلِكَ إنْسَانٌ، أَوْ مَالٌ حَيْثُ كَانَ ضَامِنًا؛ لِأَنَّ ثَمَّةَ مُجَرَّدِ إخْرَاجِ الْكَنِيفِ وَوَضْعِ الْحَجَرِ فِي الطَّرِيقِ جِنَايَةٌ فَلَا تَبْطُلُ بِالْبَيْعِ ذَكَرَهُ قَاضِي خَانْ، وَلَوْ أَجَّلَهُ صَاحِبُ الدَّارِ، أَوْ فَعَلَ ذَلِكَ سَاكِنُوهَا فَذَلِكَ جَائِزٌ فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ فِيمَا تَلِفَ بِالْحَائِطِ؛ لِأَنَّ الْحَقَّ لَهُمْ بِخِلَافِ مَا إذَا مَالَ إلَى الطَّرِيقِ فَأَجَّلَهُ الْقَاضِي، أَوْ مَنْ أَشْهَدَ عَلَيْهِ حَيْثُ لَا يَصِحُّ؛ لِأَنَّ الْحَقَّ لِجَمَاعَةِ النَّاسِ وَلَيْسَ إلَيْهِمَا إبْطَالُ حَقِّهِمْ فَيَضْمَنُ، وَلَوْ بَنَى الْحَائِطَ مَائِلًا فِي الِابْتِدَاءِ قَالُوا يَضْمَنُ مَا تَلِفَ بِسُقُوطِهِ مِنْ غَيْرِ إشْهَادٍ؛ لِأَنَّ الْبِنَاءَ تُعَدُّ ابْتِدَاءً كَمَا إذَا أَشْرَعَ الْجَنَاحَ كَمَا فِي الْهِدَايَةِ وَتَثْبُتُ الْمُطَالَبَةُ بِشَهَادَةِ رَجُلٍ، أَوْ رَجُلٍ وَامْرَأَتَيْنِ وَتَثْبُتُ أَيْضًا بِكِتَابِ الْقَاضِي إلَى الْقَاضِي. وَلَوْ كَانَ صَاحِبُ الْحَائِطِ الْمَائِلِ عَاقِلًا فَأُشْهِدَ عَلَيْهِ ثُمَّ جُنَّ جُنُونًا مُطْبِقًا، أَوْ ارْتَدَّ وَالْعِيَاذُ بِاَللَّهِ تَعَالَى وَلَحِقَ بِدَارِ الْحَرْبِ وَقَضَى الْقَاضِي بِلِحَاقِهِ ثُمَّ عَادَ مُسْلِمًا فَرُدَّتْ عَلَيْهِ الدَّارُ ثُمَّ سَقَطَ الْحَائِطُ بَعْدَ ذَلِكَ وَأَتْلَفَ إنْسَانًا كَانَ هَدَرًا لَمَّا أَنَّهُ لَمْ يَبْقَ لَهُ وِلَايَةُ الْإِصْلَاحِ بَعْدَ الرِّدَّةِ وَالْجُنُونِ فَلَا يَعُودُ بَعْدَ ذَلِكَ، وَكَذَا لَوْ أَفَاقَ الْمَجْنُونُ، وَكَذَا لَوْ بَاعَ الدَّارَ بَعْدَ مَا أُشْهِدَ عَلَيْهِ ثُمَّ رُدَّتْ عَلَيْهِ بِعَيْبٍ بِقَضَاءٍ، أَوْ بِغَيْرِهِ، أَوْ بِخِيَارِ رُؤْيَةٍ، أَوْ بِخِيَارِ شَرْطٍ لِلْمُشْتَرِي ثُمَّ سَقَطَ الْحَائِطُ وَأَتْلَفَ شَيْئًا كَانَ ضَامِنًا؛ لِأَنَّ خِيَارَ الْبَائِعِ لَا يُبْطِلُ وِلَايَةَ الْإِصْلَاحِ فَلَا يُبْطِلُ الْإِشْهَادَ، وَلَوْ أَسْقَطَ الْبَائِعُ خِيَارَهُ وَأَوْجَبَ الْبَيْعَ بَطَلَ الْإِشْهَادُ؛ لِأَنَّهُ أَزَالَ الْحَائِطَ عَنْ مِلْكِهِ. وَلَوْ كَانَ الْحَائِطُ الْمَائِلُ رَهْنًا فَأَشْهَدَ عَلَى الْمُرْتَهِنِ ثُمَّ سَقَطَ فَأَتْلَفَ شَيْئًا كَانَ هَدَرًا؛ لِأَنَّ الْمُرْتَهِنَ لَا يَمْلِكُ الْإِصْلَاحَ وَالْمَرَمَّةَ بِخِلَافِ الْإِشْهَادِ عَلَى الرَّاهِنِ حَيْثُ يَضْمَنُ. وَلَوْ كَانَ الْحَائِطُ مِيرَاثًا لِوَرَثَةٍ فَأَشْهَدَ عَلَى بَعْضِ الْوَرَثَةِ الْقِيَاسُ أَنْ لَا يَجِبَ الضَّمَانُ بِسُقُوطِهِ؛ لِأَنَّ أَحَدَ الْوَرَثَةِ لَا يَمْلِكُ نَقْضَ الْحَائِطِ، وَفِي الِاسْتِحْسَانِ يَضْمَنُ هَذَا الْوَارِثُ الَّذِي أُشْهِدَ عَلَيْهِ بِحِصَّةِ نَصِيبِهِ لِتَمَكُّنِهِ مِنْ إصْلَاحِهِ كَمَا ذَكَرْنَاهُ عَنْ الْهِدَايَةِ آنِفًا. وَلَوْ كَانَتْ الدَّارُ الصَّغِيرُ فَأَشْهَدَ عَلَى الْأَبِ، أَوْ الْوَصِيِّ صَحَّ؛ لِأَنَّهُمَا يَمْلِكَانِ الْإِصْلَاحَ فَإِنْ سَقَطَ وَأَتْلَفَ شَيْئًا كَانَ الضَّمَانُ عَلَى الصَّغِيرِ؛ لِأَنَّ الْأَبَ وَالْوَصِيَّ يَقُومَانِ مَقَامَهُ فَكَانَ الْإِشْهَادُ عَلَيْهِمَا كَالْإِشْهَادِ عَلَى الِابْنِ بَعْدَ الْبُلُوغِ فَإِنْ مَاتَ الْأَبُ، أَوْ الْوَصِيُّ بَعْدَ الْإِشْهَادِ عَلَيْهِمَا بَطَلَ الْإِشْهَادُ حَتَّى لَوْ سَقَطَ بَعْدَ ذَلِكَ وَأَتْلَفَ شَيْئًا كَانَ هَدَرًا. رَجُلٌ مَاتَ وَتَرَكَ جِدَارًا مَائِلًا إلَى الطَّرِيقِ وَلَمْ يَتْرُكْ شَيْئًا سِوَى هَذِهِ الدَّارِ وَعَلَيْهِ دَيْنٌ أَكْثَرُ مِنْ قِيمَةِ الدَّارِ وَتَرَكَ ابْنًا لَا وَارِثَ لَهُ سِوَاهُ فَإِنَّ الْإِشْهَادَ يَكُونُ عَلَى الِابْنِ، وَإِنْ لَمْ يَمْلِكْهَا الِابْنُ فَإِنْ سَقَطَ بَعْدَ مَا أَشْهَدَ عَلَى الِابْنِ فَإِنْ تَلِفَ إنْسَانٌ كَانَتْ الدِّيَةُ عَلَى عَاقِلَةِ الْأَبِ لَا عَلَى عَاقِلَةِ الِابْنِ. إذَا أُشْهِدَ عَلَى الرَّجُلِ فِي حَائِطٍ مِنْ دَارٍ فِي يَدِهِ فَلَمْ يَهْدِمْهُ حَتَّى سَقَطَ عَلَى رَجُلٍ فَقَتَلَهُ فَأَنْكَرَتْ الْعَاقِلَةُ أَنْ تَكُونَ الدَّارُ لَهُ وَقَالُوا لَا نَدْرِي أَنَّ الدَّارَ لَهُ، أَوْ لِغَيْرِهِ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِمْ إلَّا أَنْ تَقُومَ الْبَيِّنَةُ عَلَى أُمُورٍ ثَلَاثَةٍ: الْأَوَّلُ: عَلَى أَنَّ الدَّارَ لَهُ. وَالثَّانِي: أَنَّهُ أُشْهِدَ عَلَيْهِ فِي هَدْمِ الْحَائِطِ. وَالثَّالِثُ: إنَّ الْمَقْتُولَ مَاتَ بِسُقُوطِ الْحَائِطِ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 183 عَلَيْهِ فَإِنْ أَقَرَّ ذُو الْيَدِ أَنَّ الدَّارَ لَهُ لَمْ يُصَدَّقْ عَلَى الْعَاقِلَةِ وَلَا يَجِبُ الضَّمَانُ عَلَيْهِ قِيَاسًا؛ لِأَنَّهُ لَوْ أَقَرَّ لَا يُصَدَّقُ بِوُجُوبِ الدِّيَةِ عَلَى الْعَاقِلَةِ وَالْمُقِرُّ عَلَى الْغَيْرِ إذَا صَارَ مُكَذَّبًا فِي إقْرَارِهِ لَا يَضْمَنُ شَيْئًا، وَفِي الِاسْتِحْسَانِ عَلَيْهِ دِيَةُ الْقَتِيلِ إنْ أَقَرَّ بِالْإِشْهَادِ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ أَقَرَّ عَلَى نَفْسِهِ بِالتَّعَدِّي فَإِذَا تَعَذَّرَ الْإِيجَابُ عَلَى الْعَاقِلَةِ بِطَرِيقِ التَّحَمُّلِ يَجِبُ عَلَيْهِ كَمَنْ أَخْرَجَ جَنَاحًا مِنْ دَارٍ فِي يَدِهِ فَوَقَعَ عَلَى إنْسَانٍ فَقَتَلَهُ فَقَالَتْ عَاقِلَتُهُ: لَيْسَتْ الدَّارُ لَهُ وَإِنَّهُ إنَّمَا أَخْرَجَ الْجَنَاحَ بِأَمْرِ صَاحِبِ الدَّارِ وَذُو الْيَدِ يُقِرُّ أَنَّ الدَّارَ لَهُ فَإِنَّهُ يَضْمَنُ الدِّيَةَ فِي مَالِهِ فَكَذَلِكَ هَاهُنَا. وَإِنْ كَانَ الرَّجُلُ عَلَى حَائِطٍ لَهُ وَالْحَائِطُ مَائِلٌ، أَوْ غَيْرُ مَائِلٍ فَسَقَطَ الْحَائِطُ بِالرَّجُلِ مِنْ غَيْرِ فِعْلِهِ وَأَصَابَ إنْسَانًا فَقَتَلَهُ كَانَ ضَامِنًا لِمَا هَلَكَ بِالْحَائِطِ إنْ كَانَ أُشْهِدَ عَلَيْهِ فِي الْحَائِطِ وَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ فِيمَا سِوَاهُ، وَإِنْ كَانَ هُوَ سَقَطَ عَلَى إنْسَانٍ دُونَ الْحَائِطِ فَقَدْ مَرَّتْ فِي الْفَصْلِ الْأَوَّلِ مِنْ الْبَابِ. وَإِذَا أُشْهِدَ عَلَى الْحَائِطِ الْمَائِلِ عَبْدَانِ، أَوْ كَافِرَانِ، أَوْ صَبِيَّانِ ثُمَّ أُعْتِقَ الْعَبْدَانِ، أَوْ أَسْلَمَ الْكَافِرَانِ، أَوْ بَلَغَ الصَّبِيَّانِ ثُمَّ سَقَطَ الْحَائِطُ فَأَصَابَ إنْسَانًا فَقَتَلَهُ يَضْمَنُ صَاحِبُ الْحَائِطِ، وَكَذَا لَوْ سَقَطَ قَبْلَ عِتْقِ الْعَبْدَيْنِ وَإِسْلَامِ الْكَافِرَيْنِ وَبُلُوغِ الصَّبِيَّيْنِ ثُمَّ شَهِدَا جَازَتْ شَهَادَتُهُمَا؛ لِأَنَّهُمَا مِنْ أَهْلِ الْأَدَاءِ. لَقِيطٌ لَهُ حَائِطٌ مَائِلٌ فَأُشْهِدَ عَلَيْهِ فَسَقَطَ الْحَائِطُ فَأَتْلَفَ إنْسَانًا كَانَتْ دِيَةُ الْقَتِيلِ فِي بَيْتِ الْمَالِ؛ لِأَنَّ مِيرَاثَهُ يَكُونُ لِبَيْتِ الْمَالِ فَجِنَايَتُهُ تَكُونُ فِيهِ، وَكَذَا الْكَافِرُ إذَا أَسْلَمَ وَلَمْ يُوَالِ أَحَدًا فَهُوَ كَاللَّقِيطِ. حَائِطٌ مَائِلٌ إلَى دَارِ قَوْمٍ فَأَشْهَدَ عَلَيْهِ الْقَوْمُ، أَوْ وَاحِدٌ مِنْهُمْ ثُمَّ سَقَطَ وَأَتْلَفَ شَيْئًا مِنْ الْقَوْمِ، أَوْ غَيْرِهِمْ كَانَ ضَامِنًا، وَكَذَا الْعُلُوُّ إذَا وَهَى، أَوْ تَصَدَّعَ فَأَشْهَدَ أَهْلُ السُّفْلِ عَلَى أَهْلِ الْعُلُوِّ، وَكَذَلِكَ الْحَائِطُ أَعْلَاهُ لِرَجُلٍ وَأَسْفَلُهُ لِآخَرَ وَهَذَا خِلَافُ الْحَائِطِ إذَا كَانَ مَائِلًا إلَى الطَّرِيقِ فِي حُكْمَيْنِ أَحَدُهُمَا أَنَّ الْإِشْهَادَ عَلَى الْمَائِلِ إلَى مِلْكِ إنْسَانٍ يَكُونُ مِنْ الْمَالِكِ لَا مِنْ غَيْرِهِ، وَفِي الطَّرِيقِ يَصِحُّ مِنْ كُلِّ أَحَدٍ وَالثَّانِي أَنَّ فِي الْمَائِلِ إلَى الطَّرِيقِ لَا يَصِحُّ التَّأْجِيلُ وَالْإِبْرَاءُ مِنْ الَّذِي أَشْهَدَ. حَائِطٌ مَائِلٌ بَيْنَ شَرِيكَيْنِ أُشْهِدَ عَلَى أَحَدِهِمَا فَهُوَ بِمَنْزِلَةِ الْحَائِطِ الْمُشْتَرَكَةِ بَيْنَ الْوَرَثَةِ وَقَدْ ذَكَرْنَا حُكْمَهُ فَهَاهُنَا كَذَلِكَ. حَائِطٌ لِرَجُلٍ بَعْضُهُ مَائِلٌ إلَى الطَّرِيقِ وَبَعْضُهُ مَائِلٌ إلَى دَارِ قَوْمٍ وَأَشْهَدَ عَلَيْهِ أَهْلُ الدَّارِ كَانَ صَاحِبُ الْحَائِطِ ضَامِنًا؛ لِأَنَّ الْحَائِطَ وَاحِدٌ فَصَحَّ الْإِشْهَادُ مِنْ أَهْلِ الدَّارِ فِيمَا كَانَ مَائِلًا إلَى مِلْكِهِمْ، وَفِيمَا كَانَ مَائِلًا إلَى الطَّرِيقِ فَأَهْلُ الدَّارِ أَشْهَدُوا عَلَيْهِ الْعَامَّةَ فَصَحَّ إشْهَادُهُمْ، وَإِنْ كَانَ الَّذِي أَشْهَدَ عَلَى صَاحِبِ الْحَائِطِ مِنْ غَيْرِ أَهْلِ الدَّارِ صَحَّ إشْهَادُهُ فِيمَا كَانَ مَائِلًا إلَى الطَّرِيقِ فَإِذَا صَحَّ الْإِشْهَادُ فِي الْبَعْضِ صَحَّ فِي الْكُلِّ. حَائِطٌ بَعْضُهُ صَحِيحٌ وَبَعْضُهُ وَاهٍ فَأُشْهِدَ عَلَيْهِ فَسَقَطَ الْوَاهِي وَغَيْرُ الْوَاهِي وَقَتَلَ إنْسَانًا يَضْمَنُ صَاحِبُ الْحَائِطِ إلَّا أَنْ يَكُونَ الْحَائِطُ طَوِيلًا بِحَيْثُ وَهَى بَعْضُهُ وَلَمْ يه بَعْضُهُ فَحِينَئِذٍ يَضْمَنُ مَا أَصَابَ الَّذِي يَهِي؛ لِأَنَّ الْحَائِطَ إذَا كَانَ بِهَذِهِ الصِّفَةِ كَانَ بِمَنْزِلَةِ حَائِطَيْنِ أَحَدُهُمَا صَحِيحٌ وَالْآخَرُ وَاهٍ فَالْإِشْهَادُ يَصِحُّ فِي الْوَاهِي لَا فِي الصَّحِيحِ. حَائِطَانِ أَحَدُهُمَا مَائِلٌ وَالْآخَرُ صَحِيحٌ فَأُشْهِدَ عَلَى الْمَائِلِ ثُمَّ وَقَعَ الصَّحِيحُ بِنَفْسِهِ وَلَمْ يَقَعْ الْمَائِلُ وَأَتْلَفَ إنْسَانًا كَانَ هَدَرًا. عَبْدٌ تَاجِرٌ لَهُ حَائِطٌ مَائِلٌ فَأُشْهِدَ عَلَيْهِ فَسَقَطَ الْحَائِطُ وَأَتْلَفَ إنْسَانًا كَانَتْ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 184 الدِّيَةُ عَلَى عَاقِلَةِ مَوْلَاهُ سَوَاءٌ كَانَ عَلَى الْعَبْدِ دَيْنٌ، أَوْ لَمْ يَكُنْ، وَإِنْ أَتْلَفَ مَالًا كَانَ ضَمَانُ الْمَالِ فِي عُنُقِ الْعَبْدِ دَيْنًا يُبَاعُ فِيهِ، وَإِنْ أُشْهِدَ عَلَى الْمَوْلَى صَحَّ الْإِشْهَادُ أَيْضًا؛ لِأَنَّهُ لَوْ لَمْ يَكُنْ عَلَى الْعَبْدِ دَيْنٌ فَالْحَائِطُ يَكُونُ لِمَوْلَاهُ، وَإِنْ كَانَ عَلَيْهِ دَيْنٌ كَانَ لِمَوْلَاهُ وِلَايَةُ الِاسْتِخْلَاصِ بِأَنْ يَقْضِيَ الدَّيْنَ مِنْ مَالِ نَفْسِهِ فَيَكُونُ الْمَوْلَى بِمَنْزِلَةِ الْمَالِكِ. سُفْلٌ لِرَجُلٍ وَعُلُوٌّ لِآخَرَ وَهِيَ الْكُلُّ وَأُشْهِدَ عَلَيْهِمَا ثُمَّ سَقَطَ الْعُلُوُّ وَقَتَلَ إنْسَانًا كَانَ الضَّمَانُ عَلَى صَاحِبِ الْعُلُوِّ؛ لِأَنَّ الْعُلُوَّ غَيْرُ مَدْفُوعٍ بَلْ سَقَطَ بِنَفْسِهِ فَصَحَّ الْإِشْهَادُ فِيهِ عَلَى صَاحِبِهِ فَمَا هَلَكَ بِالْعُلُوِّ يَضْمَنُهُ صَاحِبُهُ. رَجُلٌ أُشْهِدَ عَلَى حَائِطٍ لَهُ مَائِلٍ إلَى الطَّرِيقِ ثُمَّ سَقَطَ الْحَائِطُ عَلَى إنْسَانٍ وَقَتَلَهُ ثُمَّ عَثَرَ رَجُلٌ بِنَقْضِ الْحَائِطِ فَعَطِبَ وَعَثَرَ رَجُلٌ بِالْقَتِيلِ وَعَطِبَ كَانَ ضَمَانُ الْقَتِيلِ الْأَوَّلِ وَضَمَانُ مَنْ هَلَكَ بِنَقْضِ الْحَائِطِ عَلَى صَاحِبِ الْحَائِطِ وَضَمَانُ مَنْ هَلَكَ بِالْقَتِيلِ الْأَوَّلِ لَا يَكُونُ عَلَى صَاحِبِ الْحَائِطِ؛ لِأَنَّ رَفْعَ الْقَتِيلِ مِنْ الطَّرِيقِ وَرَفْعَ النَّقْضِ يَكُونُ إلَى صَاحِبِ الْحَائِطِ. حَائِطٌ لِرَجُلٍ سَقَطَ قَبْلَ الْإِشْهَادِ ثُمَّ أُشْهِدَ عَلَى صَاحِبِهِ فِي رَفْعِ النَّقْضِ عَنْ الطَّرِيقِ فَلَمْ يَرْفَعْ حَتَّى عَثَرَ بِهِ آدَمِيٌّ، أَوْ دَابَّةٌ فَعَطِبَ كَانَ ضَامِنًا. حَائِطٌ مَائِلٌ لِرَجُلٍ أُشْهِدَ عَلَيْهِ فَسَقَطَ عَلَى حَائِطٍ لِرَجُلٍ آخَرَ فَهَدَمَهُ كَانَ صَاحِبُهُ بِالْخِيَارِ إنْ شَاءَ ضَمَّنَهُ قِيمَةَ الْحَائِطِ وَتَرَكَ النَّقْضَ لَهُ، وَإِنْ شَاءَ أَخَذَ النَّقْضَ وَلَا شَيْءَ لَهُ فَمَنْ عَثَرَ بِنَقْضِ الْحَائِطِ الثَّانِي فَدَمُهُ هَدَرٌ؛ لِأَنَّ نَقْضَ الْحَائِطِ الثَّانِي فِي مِلْكِ صَاحِبِهِ لَا يَمْلِكُ صَاحِبُ الْأَوَّلِ رَفْعَهُ، وَلَوْ كَانَ الْأَوَّلُ أَخْرَجَ جَنَاحًا يَضْمَنُ الْأَوَّلُ مَنْ عَثَرَ بِالثَّانِي وَعَطِبَ، وَإِنْ كَانَ لَا يَمْلِكُ رَفْعَهُ، وَلَوْ كَانَ الثَّانِي مِلْكَ صَاحِبِ الْحَائِطِ الْأَوَّلِ أَيْضًا يَضْمَنُ صَاحِبُ الْحَائِطِ مَنْ عَثَرَ بِالثَّانِي؛ لِأَنَّهُ يَمْلِكُ رَفْعَهُ عَنْ الطَّرِيقِ، هَذِهِ الْجُمْلَةُ مِنْ قَاضِي خَانْ. وَفِي الْوَجِيزِ لَوْ سَقَطَ الْحَائِطُ عَلَى حَائِطِ إنْسَانٍ آخَرَ فَسَقَطَ الثَّانِي عَلَى رَجُلٍ فَقَتَلَهُ ضَمِنَهُ صَاحِبُ الْأَوَّلِ. وَلَوْ عَثَرَ بِتُرَابِ الْحَائِطِ الثَّانِي فَتَلِفَ لَا يَضْمَنُ انْتَهَى. وَإِذَا كَانَ الْحَائِطُ بَيْنَ خَمْسَةِ رِجَالٍ فَأُشْهِدَ عَلَى أَحَدِهِمْ فَقَتَلَ إنْسَانًا ضَمِنَ خُمُسَ الدِّيَةِ، وَإِنْ كَانَ بَيْنَ ثَلَاثَةٍ كَانَ عَلَيْهِ ثُلُثُهَا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَقَالَا عَلَيْهِ نِصْفُ الدِّيَةِ، مِنْ الْهِدَايَةِ. [الْفَصْل الْخَامِس فِي جِنَايَة الْبَهِيمَة وَالْجِنَايَة عَلَيْهَا] (الْفَصْلُ الْخَامِسُ: فِي جِنَايَةِ الْبَهِيمَةِ وَالْجِنَايَةِ عَلَيْهَا) الرَّاكِبُ ضَامِنٌ لِمَا وَطِئَتْ الدَّابَّةُ وَلِمَا أَصَابَتْ بِيَدِهَا، أَوْ رِجْلِهَا، أَوْ رَأْسِهَا، أَوْ كَدَمَتْ، أَوْ خَبَطَتْ، وَكَذَا إذَا صَدَمَتْ وَلَا يَضْمَنُ مَا نَفَحَتْ بِرِجْلِهَا، أَوْ ذَنَبِهَا، وَإِنْ أَوْقَفَهَا فِي الطَّرِيقِ ضَمِنَ النَّفْحَةَ أَيْضًا؛ لِأَنَّهُ مُتَعَدٍّ بِالْإِيقَافِ. وَإِنْ أَصَابَتْ بِيَدِهَا أَوْ رِجْلِهَا حَصَاةً، أَوْ نَوَاةً أَوْ أَثَارَتْ غُبَارًا أَوْ حَجَرًا صَغِيرًا فَفَقَأَتْ عَيْنَ إنْسَانٍ أَوْ أَفْسَدَتْ ثَوْبَهُ لَمْ يَضْمَنْ، وَإِنْ كَانَ حَجَرًا كَبِيرًا ضَمِنَ وَقِيلَ لَوْ عَنَّفَ فِي الدِّيَةِ ضَمِنَ ذَلِكَ كُلَّهُ ذَكَرَهُ فِي الْوَجِيزِ وَالْمُرْتَدِفُ فِيمَا ذَكَرْنَا كَالرَّاكِبِ فَإِنْ رَاثَتْ، أَوْ بَالَتْ فِي الطَّرِيقِ وَهِيَ تَسِيرُ فَعَطِبَ بِهِ إنْسَانٌ لَمْ يَضْمَنْ، وَكَذَا إذَا، أَوْقَفَهَا لِذَلِكَ؛ لِأَنَّ بَعْضَ الدَّوَابِّ لَا يَفْعَلُ ذَلِكَ إلَّا بَعْدَ الْوُقُوفِ، وَإِنْ أَوْقَفَهَا لِغَيْرِ ذَلِكَ فَبَالَتْ، أَوْ رَاثَتْ فَعَثَرَ إنْسَانٌ بِرَوْثِهَا، أَوْ بَوْلِهَا ضَمِنَ وَالسَّائِقُ ضَامِنٌ لِمَا أَصَابَتْ بِيَدِهَا، أَوْ رِجْلِهَا وَالْقَائِدُ ضَامِنٌ لِمَا نَفَحَتْ بِيَدِهَا دُونَ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 185 رِجْلِهَا هَكَذَا ذَكَرَهُ الْقُدُورِيُّ فِي مُخْتَصَرِهِ وَإِلَيْهِ مَالَ بَعْضُ الْمَشَايِخِ وَقَالَ أَكْثَرُ الْمَشَايِخِ أَنَّ السَّائِقَ لَا يَضْمَنُ النَّفْحَةَ أَيْضًا، وَإِنْ كَانَ يَرَاهَا إذْ لَيْسَ عَلَى رِجْلِهَا مَا يَمْنَعُهَا بِهِ فَلَا يُمْكِنُهُ التَّحَرُّزُ عَنْهُ بِخِلَافِ الْكَدْمِ لِإِمْكَانِ كَبْحِهَا بِلِجَامِهَا وَبِهَذَا يَنْطِقُ أَكْثَرُ النُّسَخِ وَهُوَ الْأَصَحُّ. وَفِي الْجَامِعِ الصَّغِيرِ كُلُّ شَيْءٍ ضَمِنَهُ الرَّاكِبُ ضَمِنَهُ السَّائِقُ وَالْقَائِدُ إلَّا أَنَّهُ يَكُونُ عَلَى الرَّاكِبِ الْكَفَّارَةُ فِيمَا وَطِئَتْهُ الدَّابَّةُ بِيَدِهَا، أَوْ رِجْلِهَا وَلَا كَفَّارَةَ عَلَيْهِمَا وَلَا عَلَى الرَّاكِبِ فِيمَا وَرَاءَ الْإِيطَاءِ، وَكَذَا يَتَعَلَّقُ بِالْإِيطَاءِ فِي حَقِّ الرَّاكِبِ حِرْمَانُ الْمِيرَاثِ وَالْوَصِيَّةِ دُونَ السَّائِقِ وَالْقَائِدِ، وَلَوْ كَانَ رَاكِبٌ وَقَائِدٌ وَسَائِقٌ قِيلَ: لَا ضَمَانَ عَلَى السَّائِقِ فِيمَا وَطِئَتْ الدَّابَّةُ وَقِيلَ الضَّمَانُ عَلَيْهِمَا، مِنْ الْهِدَايَةِ. وَلَوْ خَرَجَ اللُّعَابُ مِنْ فَمِهَا وَهِيَ تَسِيرُ، أَوْ سَالَ عَرَقُهَا فَأَصَابَ إنْسَانًا وَأَفْسَدَ شَيْئًا لَا يَضْمَنُ الرَّاكِبُ. وَلَا يَضْمَنُ السَّائِقُ وَالْقَائِدُ فِي مِلْكِهِ إلَّا فِيمَا أَوْطَأَتْ الدَّابَّةُ بِيَدٍ أَوْ رِجْلٍ ذَكَرَهُ قَاضِي خَانْ. وَفِي الْوَجِيزِ لَوْ رَكِبَ دَابَّةً فِي مِلْكِهِ فَمَا تَوَلَّدَ مِنْ سَيْرِهَا لَمْ يَضْمَنْ إلَّا فِي وَطْءِ الدَّابَّةِ انْتَهَى. وَإِنْ كَانَ رَاكِبًا فِي مِلْكِ غَيْرِهِ فَإِنَّهُ يَضْمَنُ مَا جَنَتْ دَابَّتُهُ كَيْفَمَا كَانَ وَاقِفَةً، أَوْ سَائِرَةً وَطِئَتْ، أَوْ نَفَحَتْ، أَوْ كَدَمَتْ. وَإِنْ كَانَ رَاكِبًا فِي طَرِيقِ الْمُسْلِمِينَ وَالدَّابَّةُ وَاقِفَةٌ يَضْمَنُ مَا وَطِئَتْ بِرِجْلِهَا، أَوْ كَدَمَتْ بِفَمِهَا، أَوْ نَفَحَتْ بِذَنَبِهَا، وَكَذَلِكَ لَوْ أَوْقَفَهَا عَلَى بَابِ الْمَسْجِدِ فَهُوَ بِمَنْزِلَةِ الطَّرِيقِ إلَّا إذَا جَعَلَ الْإِمَامُ لِلْمُسْلِمِينَ عِنْدَ بَابِ الْمَسْجِدِ مَوْضِعًا يَقِفُ فِيهِ دَوَابُّهُمْ فَمَا حَدَثَ مِنْ الْوُقُوفِ غَيْرُ مَضْمُونٍ وَلَكِنْ لَوْ سَاقَ الدَّابَّةَ، أَوْ قَادَهَا، أَوْ سَارَ فِيهِ عَلَى الدَّابَّةِ يَضْمَنُ، وَعَلَى هَذَا وُقُوفُ الدَّابَّةِ فِي سُوقِ الْخَيْلِ وَالدَّوَابِّ، انْتَهَى. وَكَذَا لَوْ، أَوْقَفَهَا فِي الْفَلَاةِ لَا يَضْمَنُ. وَلَوْ أَوْقَفَهَا فِي طَرِيقِ مَكَّةَ إنْ أَوْقَفَهَا فِي الْمَحَجَّةِ فَهُوَ كَالْوُقُوفِ فِي الطَّرِيقِ، وَإِنْ، أَوْقَفَهَا فِي غَيْرِ الْمَحَجَّةِ فِي نَاحِيَةٍ مِنْهُ فَهُوَ كَالْوُقُوفِ فِي الْفَلَاةِ، وَإِنْ أَوْقَفَهَا فِي مِلْكِهِ لَا ضَمَانَ عَلَيْهِ بِحَالٍ، وَكَذَا لَوْ كَانَ فِي مِلْكٍ بَيْنَهُ وَبَيْنَ غَيْرِهِ ذَكَرَهُ قَاضِي خَانْ، وَفِيهِ مِنْ فَصْلِ مَا يَحْدُثُ فِي الْمَسْجِدِ لَوْ أَوْقَفَ دَابَّتَهُ فِي السُّوقِ مَوْضِعَ الْإِيقَافِ لِلدَّابَّةِ لِبَيْعِ مَا وَقَفَ فِي ذَلِكَ الْمَوْضِعِ أَنْ عَيَّنُوا ذَلِكَ الْمَوْضِعَ بِإِذْنِ السُّلْطَانِ فَمَا عَطِبَ بِهِ لَا يَكُونُ ضَامِنًا، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ ذَلِكَ بِإِذْنِ السُّلْطَانِ كَانَ ضَامِنًا؛ لِأَنَّ السُّلْطَانَ إذَا أَذِنَ فِي ذَلِكَ يَخْرُجُ مِنْ حُكْمِ الطَّرِيقِ. وَفِي الْفُصُولَيْنِ لَوْ، أَوْقَفَهَا فِي سُوقِ الدَّوَابِّ فَأَتْلَفَتْ لَمْ يَضْمَنْ. وَلَوْ أَوْقَفَهَا عَلَى بَابِ السُّلْطَانِ، أَوْ عَلَى بَابِ الْمَسْجِدِ الْأَعْظَمِ، أَوْ مَسْجِدٍ آخَرَ ضَمِنَ إلَّا إذَا جَعَلَ الْإِمَامُ لِلْمُسْلِمِينَ مَوْقِفًا يُوقِفُونَ دَوَابَّهُمْ فَلَا يَضْمَنُ انْتَهَى. وَفِي مُشْتَمِلِ الْهِدَايَةِ عَنْ الْعِمَادِيَّةِ لَوْ أَوْقَفَ دَابَّتَهُ عَلَى الطَّرِيقِ وَلَمْ يَشُدَّهَا فَسَارَتْ عَنْ ذَلِكَ الْمَكَانِ وَأَتْلَفَتْ شَيْئًا لَا يَضْمَنُ؛ لِأَنَّهُ لَا يُمَكِّنْهَا مِنْ ذَلِكَ فَصَارَتْ بِمَنْزِلَةِ دَابَّةٍ مُنْفَلِتَةٍ. وَفِي الْخُلَاصَةِ إذَا أَوْقَفَ دَابَّةً فِي سُوقِ الدَّوَابِّ لَا ضَمَانَ عَلَى صَاحِبِهَا، وَلَوْ أَوْقَفَ الدَّابَّةَ عَلَى بَابِ السُّلْطَانِ يَضْمَنُ مَا أَصَابَتْ انْتَهَى. وَمَنْ سَاقَ دَابَّةً فَوَقَعَ السَّرْجُ عَلَى رَجُلٍ فَقَتَلَهُ ضَمِنَ، وَكَذَا عَلَى هَذَا سَائِرُ أَدَوَاتِهِ كَاللِّجَامِ وَنَحْوِهِ، وَكَذَا مَا يُحْمَلُ عَلَيْهَا ذَكَرَهُ فِي الْهِدَايَةِ، وَكَذَا لَوْ سَقَطَ ذَلِكَ فِي الطَّرِيقِ فَعَثَرَ بِهِ إنْسَانٌ وَمَاتَ يَضْمَنُ السَّائِقُ، وَإِنْ كَانَ مَعَهُ قَائِدٌ كَانَ الضَّمَانُ عَلَيْهِمَا؛ لِأَنَّ هَذَا مِمَّا يُمْكِنُ الِاحْتِرَازُ عَنْهُ بِأَنْ يَشُدَّ الْحِمْلَ عَلَى الْبَعِيرِ عَلَى وَجْهٍ لَا يَسْقُطُ ذَكَرَهُ قَاضِي خَانْ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 186 وَلَوْ نَظَرَتْ الدَّابَّةُ وَانْفَلَتَتْ مِنْهُ فَمَا أَصَابَتْ فِي فَوْرِهَا لَمْ يَضْمَنْ ذَكَرَهُ فِي الْوَجِيزِ. رَجُلٌ سَاقَ دَابَّةً وَعَلَيْهَا سَرْجٌ فَوَقَعَ السَّرْجُ عَلَى رَجُلٍ فَقَتَلَهُ ضَمِنَ السَّائِقُ كَمَا فِي حَمْلِ الشَّيْءِ، مِنْ الْخُلَاصَةِ. وَمَنْ قَادَ قِطَارًا فَهُوَ ضَامِنٌ لِمَا أَوْطَأَ فَإِنْ وَطِئَ بَعِيرٌ إنْسَانًا ضَمِنَ بِهِ الدِّيَةَ عَلَى الْعَاقِلَةِ، وَإِنْ أَتْلَفَ مَالًا فَعَلَيْهِ الضَّمَانُ مِنْ مَالِهِ، وَإِنْ كَانَ مَعَهُ سَائِقٌ فَالضَّمَانُ عَلَيْهِمَا، وَكَذَا إذَا كَانَ السَّائِقُ فِي جَانِبٍ مِنْ الْإِبِلِ أَمَّا إذَا تَوَسَّطَهَا وَأَخَذَ بِذِمَامٍ وَاحِدٍ يَضْمَنُ مَا عَطِبَ بِمَا هُوَ خَلْفَهُ وَيَضْمَنَانِ مَا تَلِفَ بِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ كَمَا فِي الْهِدَايَةِ، وَفِي قَاضِي خَانْ لَوْ قَادَ قِطَارًا فِي الطَّرِيقِ فَأَوْطَأَ أَوَّل الْقِطَارِ، أَوْ آخِرَهُ بِيَدَيْهِ، أَوْ رِجْلِهِ، أَوْ صَدَمَ يَضْمَنُ الْقَائِدُ مَا عَطِبَ بِهِ، وَإِنْ كَانَ مَعَهُ سَائِقٌ كَانَ ضَمَانُ ذَلِكَ عَلَيْهِمَا. وَمَا أُفْسِدَ بِنَفْحَةِ الرِّجْلِ وَالذَّنَبِ يَكُونُ عَلَى السَّائِقِ خَاصَّةً، وَإِنْ كَانَ مَعَهُمَا ثَالِثٌ يَسُوقُ الْإِبِلَ وَسَطَ الْقِطَارِ وَأَحْيَانًا يَتَأَخَّرُ وَأَحْيَانًا يَتَقَدَّمُ وَهُوَ يَسُوقُ فَهُوَ بِمَنْزِلَةِ السَّائِقِ؛ لِأَنَّ السَّائِقَ قَدْ يَتَقَدَّمُ وَقَدْ يَتَأَخَّرُ وَقَدْ يَكُونُ فِي وَسَطِ الْقِطَارِ فَهُوَ سَائِقٌ عَلَى كُلِّ حَالٍ وَالرَّاكِبُ وَالسَّائِقُ وَالْقَائِدُ وَالرَّدِيفُ فِيمَا أَوْطَأَتْ الدَّابَّةُ سَوَاءٌ، انْتَهَى. وَإِنْ رَبَطَ رِجْلَ بَعِيرٍ إلَى الْقِطَارِ وَالْقَائِدُ لَا يَعْلَمُ فَوَطِئَ إنْسَانًا فَقَتَلَهُ فَعَلَى عَاقِلَةِ الْقَائِدِ الدِّيَةُ ثُمَّ يَرْجِعُونَ بِهَا عَلَى عَاقِلَةِ الرَّابِطِ قَالُوا هَذَا إذَا رَبَطَهُ وَالْقِطَارُ يَسِيرُ أَمَّا إذَا رَبَطَهُ وَالْإِبِلُ قِيَامٌ ثُمَّ قَادَهَا ضَمِنَ الْقَائِدُ بِلَا رُجُوعٍ كَمَا فِي الْهِدَايَةِ، وَإِنْ كَانَ الْقَائِدُ يَعْلَمُ بِرَبْطِ الْبَعِيرِ فَكَذَلِكَ يَضْمَنُ الْقَائِدُ بِلَا رُجُوعٍ ذَكَرَهُ قَاضِي خَانْ. وَمَنْ سَارَ عَلَى دَابَّتِهِ فِي الطَّرِيقِ فَضَرَبَهَا رَجُلٌ، أَوْ نَخَسَهَا فَنَفَحَتْ رَجُلًا أَوْ ضَرَبَتْهُ بِيَدِهَا، أَوْ نَفَرَتْ فَصَدَمَتْهُ فَقَتَلَتْهُ كَانَ الضَّمَانُ عَلَى النَّاخِسِ دُونَ الرَّاكِبِ وَالْوَاقِفُ فِي مِلْكِهِ وَاَلَّذِي يَسِيرُ فِي ذَلِكَ سَوَاءٌ. وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ أَنَّهُ يَجِبُ الضَّمَانُ عَلَى النَّاخِسِ وَالرَّاكِبِ نِصْفَيْنِ، وَإِنْ نَخَسَهَا بِإِذْنِ الرَّاكِبِ كَانَ ذَلِكَ بِمَنْزِلَةِ فِعْلِ الرَّاكِبِ لَوْ نَخَسَهَا وَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ فِي نَخْسِهَا؛ لِأَنَّهُ أَمَرَ بِمَا يَمْلِكُهُ. وَلَوْ وَطِئَتْ رَجُلًا فِي سَيْرِهَا وَقَدْ نَخَسَهَا النَّاخِسُ بِإِذْنِ الرَّاكِبِ فَالدِّيَةُ عَلَيْهِمَا جَمِيعًا إذَا كَانَتْ فِي فَوْرِهَا الَّذِي نَخَسَهَا، وَإِنْ لَمْ تَكُنْ فِي فَوْرِهَا ذَلِكَ فَالضَّمَانُ عَلَى الرَّاكِبِ ثُمَّ قِيلَ يَرْجِعُ النَّاخِسُ عَلَى الرَّاكِبِ بِمَا ضَمِنَ فِي الْإِيطَاءِ؛ لِأَنَّهُ فَعَلَهُ بِأَمْرِهِ وَقِيلَ لَا يَرْجِعُ وَهُوَ الْأَصَحُّ فِيمَا أَرَاهُ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَأْمُرْهُ بِالْإِيطَاءِ وَالنَّخْسُ يَنْفَصِلُ عَنْهُ وَصَارَ كَمَا إذَا أَمَرَ صَبِيًّا يَسْتَمْسِكُ عَلَى الدَّابَّةِ بِتَسْيِيرِهَا فَوَطِئَتْ إنْسَانًا وَمَاتَ حَتَّى ضَمِنَ عَاقِلَةُ الصَّبِيِّ فَإِنَّهُمْ لَا يَرْجِعُونَ عَلَى الْآمِرِ؛ لِأَنَّهُ أَمَرَهُ بِالتَّسْيِيرِ وَالْإِيطَاءُ يَنْفَصِلُ عَنْهُ. وَكَذَا إذَا نَاوَلَهُ سِلَاحًا فَقَتَلَ بِهِ آخَرَ حَتَّى ضَمِنَ لَا يَرْجِعُ عَلَى الْآمِرِ وَمَنْ قَادَ دَابَّتَهُ فَنَخَسَهَا غَيْرُهُ فَانْفَلَتَتْ مِنْ يَدِ الْقَائِدِ فَأَصَابَتْ فِي فَوْرِهَا فَهُوَ عَلَى النَّاخِسِ، وَكَذَا إذَا كَانَ لَهَا سَائِقٌ فَنَخَسَهَا غَيْرُهُ وَالنَّاخِسُ إذَا كَانَ عَبْدًا فَالضَّمَانُ فِي رَقَبَتِهِ، وَإِذَا كَانَ صَبِيًّا فَفِي مَالِهِ، وَلَوْ نَخَسَهَا شَيْءٌ مَنْصُوبٌ فِي الطَّرِيقِ فَالضَّمَانُ عَلَى مَنْ نَصَبَ ذَلِكَ الشَّيْءَ، مِنْ الْهِدَايَةِ. وَلَوْ كَانَ لِلدَّابَّةِ سَائِقٌ وَقَائِدٌ فَنَخَسَهَا رَجُلٌ بِغَيْرِ إذْنِ أَحَدِهِمَا فَنَفَحَتْ إنْسَانًا كَانَ ضَمَانُ النَّفْحِ عَلَى النَّاخِسِ خَاصَّةً؛ لِأَنَّ السَّائِقَ وَالْقَائِدَ لَا يَضْمَنَانِ النَّفْحَ، وَإِذَا كَانَ النَّخْسُ بِأَمْرِ أَحَدِهِمَا لَا يَجِبُ الضَّمَانُ عَلَى أَحَدٍ ذَكَرَهُ قَاضِي خَانْ. وَفِي الْخُلَاصَةِ إنْ كَانَتْ الدَّابَّةُ تَسِيرُ وَعَلَيْهَا رَجُلٌ فَنَخَسَهَا آخَرُ فَأَلْقَتْ الرَّجُلَ إنْ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 187 كَانَ النَّخْسُ بِإِذْنِهِ لَا يَجِبُ عَلَى النَّاخِسِ شَيْءٌ، وَإِنْ كَانَ بِغَيْرِ إذْنِهِ فَعَلَيْهِ كَمَالُ الدِّيَةِ، وَإِنْ ضَرَبَتْ النَّاخِسَ فَمَاتَ فَدَمُهُ هَدَرٌ، وَإِنْ أَصَابَتْ رَجُلًا بِالذَّنَبِ، أَوْ الرِّجْلِ، أَوْ كَيْفَمَا كَانَ إنْ كَانَ بِغَيْرِ إذْنِ الرَّاكِبِ فَالضَّمَانُ عَلَى النَّاخِسِ، وَإِنْ كَانَ بِإِذْنِهِ فَالضَّمَانُ عَلَيْهِمَا إلَّا فِي النَّفْحَةِ بِالرِّجْلِ وَالذَّنَبِ فَإِنَّهَا جُبَارٌ إلَّا إذَا كَانَ الرَّاكِبُ وَاقِفًا فِي غَيْرِ مِلْكِهِ فَأَمَرَ رَجُلًا فَنَخَسَهَا فَنَفَحَتْ رَجُلًا فَالضَّمَانُ عَلَيْهِمَا، وَإِنْ كَانَ بِغَيْرِ إذْنِهِ فَالضَّمَانُ كُلُّهُ عَلَى النَّاخِسِ وَلَا كَفَّارَةَ عَلَيْهِ. رَجُلٌ وَاقِفٌ عَلَى دَابَّتِهِ فِي الطَّرِيقِ فَأَمَرَ رَجُلًا بِالنَّخْسِ فَثَارَتْ مِنْ مَوْضِعِهَا ثُمَّ نَفَحَتْ رَجُلًا كَانَ عَلَى النَّاخِسِ دُونَ الرَّاكِبِ اهـ. وَلَوْ سَقَطَ الْحَائِطُ عَلَى إنْسَانٍ، أَوْ دَابَّةٍ فَيَقْتُلُهُ ذَكَرَهُ فِي الصُّغْرَى. وَلَوْ وَضَعَ شَيْئًا فِي طَرِيقِ الْمُسْلِمِينَ فَنَفَرَتْ مِنْهُ دَابَّةٌ فَأَتْلَفَتْ إنْسَانًا لَا ضَمَانَ فِيهِ عَلَى الَّذِي وَضَعَهُ. وَلَوْ أَوْقَفَ دَابَّتَهُ فِي غَيْرِ مِلْكِهِ وَرَبَطَهَا فَجَالَتْ فِي رِبَاطِهَا فَأَتْلَفَتْ إنْسَانًا، أَوْ شَيْئًا ضَمِنَ فِي أَيِّ مَوْضِعٍ كَانَ مَا دَامَتْ فِي رِبَاطِهَا. وَلَوْ رَبَطَ دَابَّةً فِي الطَّرِيقِ ثُمَّ بَاعَهَا فَقَالَ لِلْمُشْتَرِي خَلَّيْتُك وَإِيَّاهَا فَاقْبِضْهَا كَانَ قَبْضًا لَهُ فَإِنْ جَنَتْ الدَّابَّةُ فِي رِبَاطِهَا فَالضَّمَانُ عَلَى الْبَائِعِ، وَإِنْ جَالَتْ فِي رِبَاطِهَا فِي مَوْضِعِهَا لَا يَبْرَأُ الْبَائِعُ عَنْ ضَمَانِهَا مَا لَمْ تَحُلَّ الرِّبَاطَ وَتَنْتَقِلَ عَنْ مَوْضِعِهَا فَقَبْلَ ذَلِكَ مَا تَلِفَ بِهَا كَانَ ضَمَانُ ذَلِكَ عَلَى الْبَائِعِ. وَلَوْ رَبَطَ حِمَارًا عَلَى سَارِيَةٍ فَجَاءَ آخَرُ وَرَبَطَ حِمَارًا لَهُ عَلَى تِلْكَ السَّارِيَةِ فَعَضَّ أَحَدُ الْحِمَارَيْنِ الْآخَرَ قَالَ أَبُو بَكْرٍ الْإِسْكَافُ إنْ لَمْ يَكُنْ ذَلِكَ الْمَوْضِعُ مِلْكًا وَلَا طَرِيقًا لِأَحَدٍ لَا ضَمَانَ عَلَى صَاحِبِ الْحِمَارِ بَعْدَ أَنْ يَكُونَ فِي الْمَكَانِ سَعَةٌ، وَإِنْ كَانَ ذَلِكَ فِي طَرِيقِ الْمُسْلِمِينَ، أَوْ فِي مَوْضِعٍ هُوَ مِلْكُ غَيْرِهِمَا وَلَمْ يَكُنْ لَهُمَا أَنْ يَرْبِطَا الْحِمَارَ كَانَ ضَامِنًا لِمَا أَصَابَ الْحِمَارُ، وَلَوْ كَانَ ذَلِكَ الْمَوْضِعُ مِلْكًا لِلْأَوَّلِ ضَمِنَ الثَّانِي لِلْأَوَّلِ مَا أَفْسَدَ حِمَارُ الثَّانِي، وَإِنْ كَانَ مِلْكًا لِلثَّانِي لَا يَضْمَنُ الثَّانِي مَا أَفْسَدَ حِمَارُهُ. وَلَوْ أَرْسَلَ دَابَّةً فِي الْمَرْعَى الْمُبَاحِ ثُمَّ جَاءَ آخَرُ وَأَرْسَلَ دَابَّتَهُ فَعَضَّ دَابَّةُ الثَّانِي دَابَّةَ الْأَوَّلِ إنْ عَضَّهُ عَلَى الْفَوْرِ ضَمِنَ وَإِلَّا فَلَا، وَإِنْ كَانَ ذَلِكَ فِي مَرْبِطٍ لِأَحَدِهِمَا لَا يَضْمَنُ صَاحِبُ الْمَرْبِطِ وَيَضْمَنُ الْآخَرُ. وَإِنْ أَدْخَلَ بَعِيرًا مُغْتَلَمًا فِي دَارِ رَجُلٍ، وَفِي الدَّارِ بَعِيرُ صَاحِبِ الدَّارِ فَوَقَعَ عَلَيْهِ الْمُغْتَلَمُ اخْتَلَفُوا فِيهِ قَالَ: بَعْضُهُمْ لَا يَضْمَنُ صَاحِبُ الْمُغْتَلَمِ، وَقَالَ الْفَقِيهُ أَبُو اللَّيْثِ: إنْ أَدْخَلَهُ بِإِذْنِ صَاحِبِ الدَّارِ لَا يَضْمَنُ، وَإِنْ أَدْخَلَهُ بِغَيْرِ إذْنِهِ ضَمِنَ وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى؛ لِأَنَّ صَاحِبَ الْمُغْتَلَمِ وَإِنْ كَانَ مُسَبِّبًا فَإِذَا أَدْخَلَهُ بِإِذْنِهِ لَمْ يَكُنْ مُتَعَدِّيًا. وَإِنْ أَدْخَلَ بِغَيْرِ إذْنِهِ كَانَ مُتَعَدِّيًا فَيَضْمَنُ كَمَنْ أَلْقَى حَيَّةً عَلَى إنْسَانٍ فَقَتَلَتْهُ كَانَ ضَامِنًا وَهَذَا بِخِلَافِ مَا لَوْ دَفَعَ سِكِّينًا إلَى صَبِيٍّ فَقَتَلَ الصَّبِيُّ بِهِ نَفْسَهُ، أَوْ رَجُلًا بِغَيْرِ أَمْرِ الدَّافِعِ فَإِنَّهُ لَا يَضْمَنُ الدَّافِعُ؛ لِأَنَّ فِعْلَ الصَّبِيِّ مُعْتَبَرٌ فَلَا يُضَافُ إلَى الدَّافِعِ وَفِعْلُ الدَّابَّةِ وَالْهَامَّةِ هَدَرٌ فَيُضَافُ إلَى الْمُرْسِلِ. رَجُلٌ أَذِنَ لِرَجُلٍ أَنْ يَدْخُلَ دَارِهِ وَهُوَ رَاكِبٌ فَدَخَلَ فَوَطِئَتْ دَابَّتُهُ شَيْئًا ضَمِنَ الدَّاخِلُ فَإِنْ كَانَ الدَّاخِلُ سَائِقًا أَوْ قَائِدًا لَا يَضْمَنُ مِنْ فَصْلِ إرْسَالِ الدَّابَّةِ مِنْ قَاضِي خَانْ. رَجُلٌ حَمَلَ صَبِيًّا عَلَى دَابَّةٍ فَقَالَ لَهُ امْسِكْ لِي فَسَقَطَ الصَّبِيُّ عَنْ الدَّابَّةِ كَانَ دِيَةُ الصَّبِيِّ عَلَى عَاقِلَةِ الَّذِي حَمَلَهُ عَلَى كُلِّ حَالٍ سَوَاءٌ كَانَ الصَّبِيُّ يَسْتَمْسِكُ عَلَى الدَّابَّةِ، أَوْ لَا، وَإِنْ سَقَطَ قَبْلَ مَا سَارَتْ، أَوْ بَعْدَ ذَلِكَ، وَإِنْ سَيَّرَ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 188 الصَّبِيُّ الدَّابَّةَ فَأَوْطَأَ إنْسَانًا وَالصَّبِيُّ يَسْتَمْسِكُ عَلَيْهَا فَدِيَةُ الْقَتِيلِ تَكُونُ عَلَى عَاقِلَةِ الصَّبِيِّ وَلَا شَيْءَ عَلَى عَاقِلَةِ الَّذِي حَمَلَهُ. وَإِنْ كَانَ الصَّبِيُّ لَا يَسْتَمْسِكُ عَلَى الدَّابَّةِ لِصِغَرِهِ وَلَا هُوَ مِمَّنْ يُسَيِّرُهَا لِصِغَرِهِ كَانَ دَمُ الْقَتِيلِ هَدَرًا وَكَانَ بِمَنْزِلَةِ الدَّابَّةِ الْمُنْفَلِتَةِ، وَلَوْ كَانَ رَاكِبًا فَحَمَلَهُ مَعَهُ نَفْسَهُ وَمِثْلُ هَذَا الصَّبِيِّ لَا يَصْرِفُ الدَّابَّةَ وَلَا يَسْتَمْسِكُ عَلَيْهَا فَوَطِئَتْ إنْسَانًا كَانَتْ دِيَتُهُ عَلَى عَاقِلَةِ الرَّجُلِ، وَإِنْ كَانَ الصَّبِيُّ يَصْرِفُ الدَّابَّةَ، أَوْ يَسْتَمْسِكُ عَلَيْهَا كَانَتْ الدِّيَةُ عَلَى عَاقِلَتِهِمْ جَمِيعًا؛ لِأَنَّ السَّيْرَ يُضَافُ إلَيْهِمَا وَلَا يَرْجِعُ عَاقِلَتُهُ عَلَى عَاقِلَةِ الرَّجُلِ، وَإِنْ سَقَطَ الصَّبِيُّ وَمَاتَ كَانَتْ دِيَتُهُ عَلَى عَاقِلَةِ الرَّجُلِ سَوَاءٌ سَقَطَ بَعْدَ مَا سَيَّرَ الدَّابَّةَ، أَوْ قَبْلَهُ وَهُوَ يَسْتَمْسِكُ عَلَى الدَّابَّةِ، أَوْ لَا يَسْتَمْسِكُ، وَلَوْ كَانَ الْحَامِلُ عَبْدًا كَانَتْ دِيَةُ الصَّبِيِّ فِي عُنُقِ الْعَبْدِ يَدْفَعُهُ الْمَوْلَى، أَوْ يَفْدِي؛ لِأَنَّ الْعَبْدَ يَضْمَنُ بِالْجِنَايَةِ تَسَبُّبًا أَوْ مُبَاشَرَةً. وَلَوْ سَارَ الْعَبْدُ مَعَ الصَّبِيِّ فَأَوْطَأَ إنْسَانًا فَعَلَى عَاقِلَةِ الصَّبِيِّ نِصْفُ الدِّيَةِ، وَفِي عُنُقِ الْعَبْدِ نِصْفُهَا، وَلَوْ أَنَّ حُرًّا كَبِيرًا حَمَلَ عَبْدًا صَغِيرًا عَلَى دَابَّةٍ وَمِثْلُهُ يَصْرِفُ الدَّابَّةَ وَيَسْتَمْسِكُ عَلَيْهَا ثُمَّ أَمَرَهُ أَنْ يَسِيرَ عَلَيْهَا فَأَوْطَأَتْ إنْسَانًا كَانَتْ دِيَتُهُ فِي عُنُقِ الْعَبْدِ فَيَدْفَعُهُ الْمَوْلَى أَوْ يَفْدِي ثُمَّ يَرْجِعُ بِهِ عَلَى الْآمِرِ؛ لِأَنَّهُ اسْتَعْمَلَ عَبْدَ الْغَيْرِ فَيَصِيرُ غَاصِبًا فَإِذَا لَحِقَهُ غُرْمٌ يَرْجِعُ بِذَلِكَ عَلَى الْغَاصِبِ مِنْ قَاضِي خَانْ. سُئِلَ شُرَيْحٌ عَنْ شَاةٍ لِرَجُلٍ أَكَلَتْ غَزْلًا لِحَائِكٍ قَالَ إنْ كَانَ لَيْلًا يَضْمَنُ، وَإِنْ كَانَ ذَلِكَ نَهَارًا لَا يَضْمَنُ وَهَذَا قَوْلُ أَهْلِ الْمَدِينَةِ، وَفِي قَوْلِ أَصْحَابِنَا لَا يَجِبُ الضَّمَانُ سَوَاءٌ فَعَلَهُ لَيْلًا أَوْ نَهَارًا مِنْ مُشْتَمِلِ الْأَحْكَامِ. وَلَوْ اصْطَدَمَ فَارِسَانِ حُرَّانِ فَمَاتَا فَعَلَى عَاقِلَةِ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا الدِّيَةُ لِلْأُخْرَى كَمَا فِي الْهِدَايَةِ. قَالَ فِي إصْلَاحِ الْإِيضَاحِ وَهَاهُنَا شَرْطٌ مَذْكُورٌ فِي الْفَتَاوَى الظَّهِيرِيَّةِ وَهُوَ أَنْ يَقَعَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا عَلَى قَفَاهُ إذْ لَوْ وَقَعَ كِلَاهُمَا عَلَى وَجْهِهِ فَلَا شَيْءَ عَلَى وَاحِدٍ مِنْهُمَا، وَإِنْ وَقَعَ أَحَدُهُمَا عَلَى وَجْهِهِ وَالْآخَرُ عَلَى قَفَاهُ فَدَمُ الَّذِي وَقَعَ عَلَى وَجْهِهِ هَدَرٌ وَشَرْطٌ آخَرُ مَذْكُورٌ فِي الْمُحِيطِ وَهُوَ أَنْ لَا يَكُونَا عَامِدَيْنِ فِي ذَلِكَ الِاصْطِدَامِ فَإِنَّهُمَا لَوْ كَانَا عَامِدَيْنِ فِيهِ ضَمِنَ كُلٌّ نِصْفَ الدِّيَةِ لِلْآخَرِ اهـ قُلْتُ وَالْأَخِيرُ مُخَالِفٌ لِمَا فِي الْهِدَايَةِ وَلَوْ كَانَا عَبْدَيْنِ هُدِرَتْ الْجِنَايَةُ وَلَا شَيْءَ عَلَى أَحَدِ الْمَوْلَيَيْنِ لِلْآخَرِ فِي الْعَمْدِ وَالْخَطَأِ. وَلَوْ كَانَ أَحَدُهُمَا حُرًّا وَالْآخَرُ عَبْدًا فَفِي الْخَطَأِ يَجِبُ عَلَى عَاقِلَةِ الْحُرِّ الْمَقْتُولِ قِيمَةُ الْعَبْدِ فَيَأْخُذُهَا وَرَثَةُ الْمَقْتُولِ الْحُرِّ وَيَبْطُلُ حَقُّ الْحُرِّ الْمَقْتُولِ فِي الدِّيَةِ فِيمَا زَادَ عَلَى الْقِيمَةِ. وَفِي الْعَمْدِ يَجِبُ عَلَى عَاقِلَةِ الْحُرِّ نِصْفُ قِيمَةِ الْعَبْدِ؛ لِأَنَّ الْمَضْمُونَ هُوَ النِّصْفُ فِي الْعَمْدِ وَهَذَا الْقَدْرُ يَأْخُذُهُ وَلِيُّ الْمَقْتُولِ أَيْضًا كَمَا فِي الْهِدَايَةِ، وَفِي الْمَسْأَلَةِ بَسْطٌ مَذْكُورٌ فِيهَا. وَلَوْ جَاءَ رَجُلٌ رَاكِبٌ خَلْفَ سَائِرِ فَصَدَمَهُ الْجَائِي لَا ضَمَانَ عَلَى السَّائِرِ، وَلَوْ عَطِبَ السَّائِرُ ضَمِنَ الْجَائِي. وَلَوْ اصْطَدَمَ دَابَّتَانِ فَعَطِبَتْ إحْدَاهُمَا وَلِكُلٍّ مِنْهُمَا سَائِقٌ فَضَمَانُ الَّتِي عَطِبَتْ عَلَى الْآخَرِ مِنْ قَاضِي خَانْ. وَفِي مُشْتَمِلِ الْهِدَايَةِ عَنْ الْعِمَادِيَّةِ سُئِلَ الشَّيْخُ الْإِمَامُ أَبُو الْفَضْلِ الْكَرْمَانِيُّ سَكْرَانُ جَنَحَ بِهِ فَرَسُهُ فَاصْطَدَمَ إنْسَانًا فَمَاتَ أَجَابَ إنْ كَانَ لَا يَقْدِرُ عَلَى مَنْعِهِ فَلَيْسَ بِمُسَيِّرٍ لَهُ فَلَا يُضَافُ سَيْرُهُ إلَيْهِ فَلَا يَضْمَنُ قَالَ، وَكَذَا غَيْرُ السَّكْرَانِ إذَا لَمْ يَقْدِرْ عَلَى الْمَنْعِ اهـ رَجُلٌ أَرْسَلَ كَلْبًا، أَوْ دَابَّةً، أَوْ طَيْرًا فَأَتْلَفَ مَالَ إنْسَانٍ فِي فَوْرِهِ ضَمِنَ الْمُرْسِلُ فِي الْهِدَايَةِ إنْ كَانَ سَائِقًا لَهَا وَلَا يَضْمَنُ فِي الجزء: 1 ¦ الصفحة: 189 الْكَلْبِ وَالطَّيْرِ عِنْدَ مُحَمَّدٍ وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ يَضْمَنُ فِي الْكُلِّ وَذَكَرَ النَّاطِفِيُّ إذَا أَرْسَلَ كَلْبَهُ عَلَى إنْسَانٍ فَعَضَّهُ أَوْ مَزَّقَ ثِيَابَهُ لَا يَضْمَنُ فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ وَيَضْمَنُ فِي قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ وَالْمُخْتَارُ لِلْفَتْوَى قَوْلُ أَبِي يُوسُفَ ذَكَرَهُ قَاضِي خَانْ. وَفِي مُشْتَمِلِ الْهِدَايَةِ عَنْ الْعِمَادِيَّةِ وَقَالَ مُحَمَّدٌ إنْ كَانَ قَائِدًا لَهُ، أَوْ سَائِقًا يَضْمَنُ وَإِلَّا فَلَا، وَإِنْ أَغْرَاهُ وَبِهِ أَخَذَ الطَّحَاوِيُّ، وَفِي الْخُلَاصَةِ قَالَ بَعْضُهُمْ إنْ: كَانَ الْكَلْبُ مُعَلَّمًا لَا يُشْتَرَطُ أَنْ يَكُونَ هُوَ سَائِقًا لَهُ وَيَضْمَنُ مُطْلَقًا، وَفِي غَيْرِ الْمُعَلَّمِ يُشْتَرَطُ السَّوْقُ اهـ. وَفِي النِّهَايَةِ رَجُلٌ لَهُ كَلْبٌ عَقُورٌ كُلَّمَا مَرَّ عَلَيْهِ شَيْءٌ عَضَّهُ فَلِأَهْلِ الْقَرْيَةِ أَنْ يَقْتُلُوهُ فَإِنْ عَضَّ هَلْ يَجِبُ الضَّمَانُ عَلَى صَاحِبِهِ إنْ لَمْ يَتَقَدَّمُوا إلَيْهِ قَبْلَ الْعَضِّ لَا ضَمَانَ عَلَيْهِ، وَإِنْ كَانُوا تَقَدَّمُوا عَلَى صَاحِبِهِ فَعَلَيْهِ الضَّمَانُ بِمَنْزِلَةِ الْحَائِطِ الْمَائِلِ. وَفِي الْمُنْتَقَى لَوْ طَرَحَ رَجُلٌ غَيْرَهُ قُدَّامَ أَسَدٍ، أَوْ سَبُعٍ فَلَيْسَ عَلَى الطَّارِحِ قَوَدٌ وَلَا دِيَةٌ وَلَكِنْ يُعَزَّرُ وَيُضْرَبُ ضَرْبًا وَجِيعًا وَيُحْبَسُ حَتَّى يَتُوبَ وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ أَمَّا أَنَا فَأَرَى الْحَبْسَ حَتَّى يَمُوتَ اهـ. وَفِي الْفُصُولَيْنِ عَنْ أَبِي الْفَضْلِ الْكَرْمَانِيُّ سَكْرَانُ جَنَحَ بِهِ فَرَسُهُ فَاصْطَدَمَ إنْسَانًا فَمَاتَ قَالَ لَوْ كَانَ لَا يَقْدِرُ عَلَى مَنْعِهِ فَلَيْسَ بِمُسَيِّرٍ لَهُ فَلَا يَضْمَنُ إذْ لَا يُضَافُ إلَيْهِ سَيْرُهُ، وَكَذَا غَيْرُ السَّكْرَانِ لَوْ عَاجِزًا عَنْ مَنْعِهِ اهـ. رَجُلٌ سَاقَ حِمَارًا وَعَلَيْهِ وِقْرُ حَطَبٍ وَكَانَ رَجُلٌ وَاقِفًا فِي الطَّرِيقِ، أَوْ يَسِيرُ فَقَالَ السَّائِقُ بِالْفَارِسِيَّةِ: كوست كوست أَوْ بَرَّتْ بَرَّتْ فَلَمْ يَسْمَعْ الْوَاقِفُ حَتَّى أَصَابَهُ الْحَطَبُ فَخَرَقَ ثَوْبَهُ، أَوْ سَمِعَ لَكِنْ لَمْ يَتَهَيَّأْ لَهُ أَنْ يَتَنَحَّى عَنْ الطَّرِيقِ لِضِيقِ الْمُدَّةِ ضَمِنَ، وَإِنْ سَمِعَ وَتَهَيَّأَ لَكِنْ لَمْ يَنْتَقِلْ لَا يَضْمَنُ وَلَا فَرْقَ فِي هَذَا بَيْنَ الْأَصَمِّ وَغَيْرِهِ وَنَظِيرُ هَذَا مَنْ أَقَامَ حِمَارًا عَلَى الطَّرِيقِ وَعَلَيْهِ ثِيَابٌ فَجَاءَ رَاكِبٌ وَخَرَقَ الثِّيَابَ إنْ كَانَ الرَّاكِبُ يُبْصِرُ الْحِمَارَ وَالثَّوْبَ يَضْمَنُ، وَإِنْ لَمْ يُبْصِرْ يَنْبَغِي أَنْ لَا يَضْمَنَ فَعَلَى هَذَا إذَا كَانَ الثَّوْبُ عَلَى الطَّرِيقِ وَالنَّاسُ يَمُرُّونَ عَلَيْهِ وَهُمْ لَا يُبْصِرُونَ وَلَا يَضْمَنُونَ. وَكَذَا رَجُلٌ جَلَسَ عَلَى الطَّرِيقِ فَوَقَعَ عَلَيْهِ إنْسَانٌ وَلَمْ يَرَهُ فَمَاتَ الْجَالِسُ لَا يَضْمَنُ ثُمَّ الَّذِي سَاقَ حِمَارَ الْحَطَبِ إذَا كَانَ لَا يُنَادِي بَرَّتْ بَرَّتْ أَوْ كوست كوست حَتَّى تَعَلَّقَ الْحَطَبُ بِثَوْبِ إنْسَانٍ وَخَرَقَهُ يَضْمَنُ إنْ مَشَى الْحِمَارُ إلَى صَاحِبِ الثَّوْبِ أَمَّا إذَا كَانَ صَاحِبُ الثَّوْبِ يَمْشِي إلَى الْحِمَارِ وَهُوَ يَرَاهُ وَلَمْ يَتَبَاعَدْ عَنْهُ لَا يَضْمَنُ. رَجُلٌ أَدْخَلَ غَنَمًا، أَوْ ثَوْرًا أَوْ حِمَارًا كَرْمًا، أَوْ بُسْتَانًا، أَوْ أَرْضًا فَأَفْسَدَهَا وَصَاحِبُهَا مَعَهَا يَسُوقُهَا فَهُوَ ضَامِنٌ لِمَا أَفْسَدَ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ يَسُوقُهَا لَا يَضْمَنُ وَقِيلَ يَضْمَنُ، وَإِنْ لَمْ يَسُقْهَا عَلَى قِيَاسِ الْمَسْأَلَةِ وَالْبَعِيرِ الْمُغْتَلَمِ. سَرَّحَ ثَوْرَهُ إلَى كَرِدَّةِ جَارِهِ لِيَعْتَلِفَ فَنَطَحَ أَتَانُهُ صَاحِبَ الْكُرْدَةِ لَمْ يَضْمَنْ إلَّا إذَا أَرْسَلَهُ عَلَيْهَا فَنَطَحَهَا فِي فَوْرِهِ، وَلَوْ أَمَرَ صَاحِبُ الكردة بِإِخْرَاجِهِ عَنْهَا فَلَمْ يُخْرِجْهُ حَتَّى نَطَحَهَا لَمْ يَضْمَنْ، مِنْ الْقُنْيَةِ. وَلَوْ أَرْسَلَ بَعْضَ الْهَوَامِّ عَلَى رَجُلٍ يَكُونُ ضَامِنًا. وَإِنْ أَرْسَلَ كَلْبَهُ عَلَى شَاةٍ إنْ وَقَفَ الْكَلْبُ ثُمَّ سَارَ فَأَتْلَفَهَا لَا يَضْمَنُ، وَإِنْ أَخَذَ يَمِينًا، أَوْ شِمَالًا إنْ لَمْ يَكُنْ لَهَا طَرِيقٌ غَيْرُ ذَلِكَ ضَمِنَ وَإِلَّا فَلَا وَذَكَرَ فِي الْأَصْلِ لَوْ أَرْسَلَ كَلْبًا وَلَمْ يَكُنْ سَائِقًا فَأَصَابَ إنْسَانًا لَا يَضْمَنُ وَقِيلَ يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ ضَامِنًا مِنْ قَاضِي خَانْ قَالَ الصَّدْرُ الشَّهِيدُ وَغَيْرُهُ مِنْ شُرَّاحِ الْجَامِعِ الصَّغِيرِ وَالْمُرَادُ بِكَوْنِهِ سَائِقًا أَنْ يَكُونَ خَلْفَهُ وَذَلِكَ؛ لِأَنَّ الْكَلْبَ يَحْتَمِلُ السَّوْقَ كَسَائِرِ الدَّوَابِّ فَأُضِيفَ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 190 إلَيْهِ ذَكَرَهُ فِي الْإِيضَاحِ وَذَكَرَ الْفَقِيهُ أَبُو اللَّيْثِ فِي شَرْحِ الْجَامِعِ الصَّغِيرِ رَجُلٌ أَرْسَلَ كَلْبًا فَأَصَابَ فِي فَوْرِهِ إنْسَانًا فَقَتَلَهُ أَوْ مَزَّقَ ثِيَابَهُ ضَمِنَ الْمُرْسِلُ؛ لِأَنَّهُ مَا دَامَ فِي فَوْرِهِ فَكَأَنَّهُ خَلْفَهُ. وَلَوْ أَرْسَلَ كَلْبَهُ إلَى صَيْدٍ وَلَمْ يَكُنْ سَائِقًا فَأَصَابَ إنْسَانًا لَا يَضْمَنُ فِي الرِّوَايَاتِ الظَّاهِرَةِ وَالِاعْتِمَادُ عَلَى الرِّوَايَاتِ الظَّاهِرَةِ مِنْ قَاضِي خَانْ. قَالَ فِي الْهِدَايَةِ لَوْ أَرْسَلَ كَلْبَهُ إلَى الصَّيْدِ فَأَصَابَ نَفْسًا، أَوْ مَالًا فِي فَوْرِهِ لَا يَضْمَنُ ذَكَرَهُ فِي الْمَبْسُوطِ، وَإِذَا أَرْسَلَ دَابَّةً فِي طَرِيقِ الْمُسْلِمِينَ فَأَصَابَتْ فِي فَوْرِهَا فَالْمُرْسِلُ ضَامِنٌ؛ لِأَنَّ سَيْرَهَا مُضَافٌ إلَيْهِ مَا دَامَ التَّسْيِيرُ عَلَى سَنَنِهَا، وَلَوْ انْعَطَفَتْ يَمْنَةً أَوْ يَسْرَةً انْقَطَعَ حُكْمُ الْإِرْسَالِ إلَّا إذَا لَمْ يَكُنْ لَهُ طَرِيقٌ آخَرُ سِوَاهُ، وَكَذَا إذَا وَقَفَتْ ثُمَّ سَارَتْ اهـ. رَجُلٌ أَلْقَى حَيَّةً فِي الطَّرِيقِ فَهُوَ ضَامِنٌ لِمَا أَصَابَتْ حَتَّى تَزُولَ عَنْ ذَلِكَ الْمَكَانِ وَعَلَى هَذَا لَوْ أَلْقَى شَيْئًا مِنْ الْهَوَامِّ فِي طَرِيقِ الْمُسْلِمِينَ فَأَصَابَتْ إنْسَانًا فِي ذَلِكَ الْمَوْضِعِ ضَمِنَ الَّذِي طَرَحَهَا مَا لَمْ تَبْرَحْ عَنْ ذَلِكَ الْمَكَانِ فَإِذَا بَرِحَتْ ثُمَّ أَصَابَتْ لَا يَضْمَنُ الَّذِي طَرَحَهَا. (مَطْلَبٌ إفْسَادُ الزَّرْعِ) وَلَوْ أَرْسَلَ حِمَارَهُ فَدَخَلَ زَرْعَ إنْسَانٍ وَأَفْسَدَهُ إنْ سَاقَهُ إلَى الزَّرْعِ ضَمِنَ، وَإِنْ لَمْ يَسُقْهُ بِأَنْ لَمْ يَكُنْ خَلْفَهُ إلَّا أَنَّ الْحِمَارَ ذَهَبَ فِي فَوْرِهِ وَلَمْ يَنْعَطِفْ يَمِينًا، أَوْ شِمَالًا وَذَهَبَ إلَى الْوَجْهِ الَّذِي أَرْسَلَهُ فَأَصَابَ الزَّرْعَ كَانَ ضَامِنًا، وَإِنْ ذَهَبَ يَمِينًا وَشِمَالًا ثُمَّ أَصَابَ الزَّرْعَ إنْ كَانَ طَرِيقٌ آخَرُ لَا يَضْمَنُ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ ضَمِنَ، وَإِنْ رَدَّهُ إنْسَانٌ فَأَفْسَدَ الزَّرْعَ فَالضَّمَانُ عَلَى الَّذِي رَدَّهُ مِنْ قَاضِي خَانْ. غَنَمٌ أَتْلَفَ زَرْعًا ضَمِنَ لَوْ سَائِقًا وَإِلَّا فَلَا، وَكَذَا ثَوْرٌ وَحِمَارٌ، وَلَوْ قَادَهَا الرَّاعِي قَرِيبًا مِنْ الزَّرْعِ بِحَيْثُ لَوْ مَالَتْ تَنَاوَلَتْ ضَمِنَ الرَّاعِي الزَّرْعَ، مِنْ الْفُصُولَيْنِ. وَلَوْ أَنَّ دَابَّةً انْفَلَتَتْ لَيْلًا، أَوْ نَهَارًا فَأَصَابَتْ مَالًا، أَوْ آدَمِيًّا لَا ضَمَانَ عَلَى صَاحِبِهَا؛ لِأَنَّ فِعْلَ الْعَجْمَاءِ هَدَرٌ صُرِّحَ بِهِ فِي الْحَدِيثِ الصَّحِيحِ وَالْمَسْأَلَةُ فِي الْهِدَايَةِ. وَفِي الْخُلَاصَةِ إنْ كَانَتْ الدَّابَّةُ غَيْرَ مَرْبُوطَةٍ فَزَالَتْ عَنْ مَوْضِعِهَا بَعْدَ مَا أَوْقَفَهَا ثُمَّ جَنَتْ عَلَى رَجُلٍ كَانَ هَدَرًا. لَوْ وَجَدَ فِي زَرْعِهِ، أَوْ كَرْمِهِ دَابَّةً وَقَدْ أَفْسَدَتْ زَرْعَهُ فَحَبَسَهَا فَهَلَكَتْ ضَمِنَ صَاحِبُ الْكَرْمِ، مِنْ الْخُلَاصَةِ. دَخَلَتْ دَابَّتُهُ زَرْعَ غَيْرِهِ تُفْسِدُهُ، وَلَوْ دَخَلَهُ لِيُخْرِجَهَا يُفْسِدُهُ أَيْضًا لَكِنْ أَقَلُّ مِنْ الدَّابَّةِ يَجِبُ عَلَيْهِ إخْرَاجُهَا وَيَضْمَنُ مَا أَتْلَفَتْ، وَلَوْ كَانَتْ دَابَّةَ غَيْرِهِ لَا يَجِبُ، وَلَوْ أَخْرَجَهَا فَهَلَكَتْ لَا يَضْمَنُ؛ لِأَنَّهُ مَأْذُونٌ فِي ذَلِكَ دَلَالَةً مِنْ الْجَانِبَيْنِ. رَأَى حِمَارَهُ يَأْكُلُ حِنْطَةَ غَيْرِهِ فَلَمْ يَمْنَعْهُ حَتَّى أَكَلَهَا فَفِيهِ اخْتِلَافُ الْمَشَايِخِ وَالصَّحِيحُ أَنَّهُ يَضْمَنُ، مِنْ الْقُنْيَةِ. إذَا رَأَى فِي زَرْعِهِ دَابَّةً فَأَخْرَجَهَا فَمِقْدَارُ مَا يُخْرِجُهَا عَنْ مِلْكِهِ لَا يَكُونُ مَضْمُونًا فَإِذَا سَاقَهَا وَرَاءَ ذَلِكَ الْقَدْرِ يَصِيرُ ضَامِنًا بِنَفْسِ السَّوْقِ هَكَذَا ذَكَرَهُ عَلِيٌّ السُّغْدِيُّ وَتَبِعَهُ أَبُو نَصْرٍ إلَّا أَنَّهُ قَالَ: إذَا سَاقَهَا فِي أَيِّ مَوْضِعٍ يَأْمَنُ فِيهَا لَا يَكُونُ ضَامِنًا، وَقَالَ بَعْضُهُمْ إذَا وَجَدَ الرَّجُلُ دَابَّةً فِي زَرْعِهِ فَأَخْرَجَهَا فَقَتَلَهَا سَبُعٌ كَانَ ضَامِنًا؛ لِأَنَّهُ لَا يَنْبَغِي أَنْ يُخْرِجَهَا وَلَكِنْ يَنْبَغِي أَنْ يَسْتَعْدِيَ عَلَى صَاحِبِهَا وَالصَّحِيحُ مَا قَالَهُ الْإِمَامُ عَلِيٌّ السُّغْدِيُّ إنَّ لَهُ أَنْ يُخْرِجَهَا عَنْ مِلْكِهِ وَلَا يَسُوقُهَا وَرَاءَ ذَلِكَ فَإِنْ سَاقَهَا بَعْدَ مَا أَخْرَجَهَا عَنْ مِلْكِهِ يَصِيرُ ضَامِنًا مِنْ قَاضِي خَانْ. وَفِي الصُّغْرَى قَالَ اللَّيْثُ وَلَسْنَا نَأْخُذُ بِقَوْلِ مَنْ يَقُولُ لَا يَنْبَغِي لَهُ أَنْ يُخْرِجَهَا بَلْ نَأْخُذُ بِمَا رُوِيَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ أَنَّهُ قَالَ لَا يَضْمَنُ لَوْ أَخْرَجَهَا؛ لِأَنَّ لِصَاحِبِ الزَّرْعِ أَنْ يُخْرِجَ الدَّابَّةَ مِنْ زَرْعِهِ وَلَا يَسُوقُهَا أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ اهـ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 191 وَإِنْ سَاقَهَا لِيَرُدَّهَا فَعَطِبَتْ فِي الطَّرِيقِ وَانْكَسَرَ رِجْلُهَا كَانَ ضَامِنًا. وَلَوْ أَنَّ صَاحِبَ الزَّرْعِ لَمْ يُخْرِجْهَا وَلَكِنَّهُ أَمَرَ صَاحِبَهَا أَنْ يُخْرِجَهَا فَأَفْسَدَتْ شَيْئًا فِي إخْرَاجِهَا قَالَ الْفَقِيهُ أَبُو اللَّيْثِ لَا يَكُونُ ضَامِنًا لِمَا أَفْسَدَتْ؛ لِأَنَّهُ أَخْرَجَهَا بِأَمْرِهِ، وَلَوْ أَنَّهُ قَالَ لِصَاحِبِ الدَّابَّةِ دَابَّتُك فِي الزَّرْعِ وَلَمْ يَقُلْ أَخْرِجْهَا فَأَخْرَجَهَا صَاحِبُهَا فَأَفْسَدَتْ شَيْئًا فِي إخْرَاجِهَا كَانَ ضَامِنًا وَقَالَ أَبُو نَصْرٍ فِي الْوَجْهِ الْأَوَّلِ يَكُونُ ضَامِنًا أَيْضًا لِوُجُودِ السَّوْقِ مِنْ صَاحِبِهَا وَصَاحِبُ الزَّرْعِ لَمْ يَضْمَنْ بِالْفَسَادِ وَإِنَّمَا طَلَبَ مِنْهُ الصِّيَانَةَ مِنْ قَاضِي خَانْ. وَلَوْ أَنَّ صَاحِبَ الزَّرْعِ حَمَلَ عَلَى دَابَّةٍ وَجَدَهَا فِي زَرْعِهِ فَأَسْرَعَتْ ضَمِنَ مَا أَصَابَتْ، وَكَذَا لَوْ تَبِعَهَا كَثِيرًا بَعْدَ مَا أَخْرَجَهَا فَذَهَبَتْ ضَمِنَ، وَلَوْ أَخْرَجَهَا أَجْنَبِيٌّ قَالَ أَبُو نَصْرٍ أَرْجُو أَنْ لَا يَضْمَنَ وَعَنْ بَعْضِهِمْ يَضْمَنُ ذَكَرَهُ فِي الْفُصُولَيْنِ وَبَعْضُ هَذِهِ الْمَسَائِلِ فِي الْغَصْبِ وَقَدْ مَرَّ فِيهِ حُكْمُ مَا لَوْ وَجَدَ فِي زَرْعِهِ ثَوْرَيْنِ لَيْلًا فَظَنَّ أَنَّهُمَا لِأَهْلِ قَرْيَتِهِ فَسَاقَهُمَا إلَى مَرْبِطِهِ وَضَاعَ أَحَدُهُمَا فَلْيُطْلَبْ هُنَاكَ. دَخَلَ زَرْعَهُ جَمَلُ غَيْرِهِ مِرَارًا وَلَا يُطِيقُ مَنْعَهُ فَحَبَسَهُ حَتَّى يَجِيءَ صَاحِبُهُ ثُمَّ غَابَ الْجَمَلُ مِنْ الْإِصْطَبْلِ فَوُجِدَ مَكْسُورَ الرِّجْلِ فَإِنْ لَمْ يَنْكَسِرْ فِي حَبْسِهِ قَالُوا: لَا يَضْمَنُ وَقَدْ قَالُوا يَضْمَنُ مَا لَمْ يُسَلِّمْهُ إلَى صَاحِبِهِ فَالرَّأْيُ فِيهِ إلَى الْقَاضِي، مِنْ الْقُنْيَةِ. أَدْخَلَ بَقَرًا نطوحا بِسَرْحِ إنْسَانٍ فَنَطَحَ جَحْشًا لَا يَضْمَنُ أَدْخَلَ دَابَّتَهُ فِي دَارِ غَيْرِهِ فَأَخْرَجَهَا مَالِكُ الدَّارِ فَتَلِفَتْ لَا يَضْمَنُ بِخِلَافِ مَا لَوْ وَجَدَ فِي مَرْبِطِ دَابَّتِهِ دَابَّةً فَأَخْرَجَهَا فَضَاعَتْ، أَوْ أَكَلَهَا الذِّئْبُ يَضْمَنُ؛ لِأَنَّ كَوْنَ الدَّابَّةِ فِي الْبَيْتِ يَضُرُّ بِخِلَافِ الْمَرْبِطِ فَإِنَّهُ مَحِلُّهَا. شَاةٌ لِإِنْسَانٍ دَخَلَتْ دُكَّانَ طَبَّاخٍ فَتَبِعَهَا مَالِكُهَا لِإِخْرَاجِهَا مِنْهُ فَكَسَرَتْ قِدْرَ الطَّبَّاخِ يَضْمَنُ مَالِكُهَا الدَّاخِلُ، مِنْ مُشْتَمِلِ الْهِدَايَةِ. إصْطَبْلٌ بَيْنَهُمَا وَلِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا ثَوْرٌ فَشَدَّ أَحَدُهُمَا ثَوْرَ الْآخَرِ حَتَّى لَا يَنْطَحَ ثَوْرَهُ فَاخْتَنَقَ الْمَشْدُودُ بِالْحَبْلِ وَمَاتَ لَا يَضْمَنُ الرَّابِطُ إذَا لَمْ يَنْقُلْهُ عَنْ مَكَانِهِ كَمَا فِي مُشْتَمِلِ الْهِدَايَةِ وَالْفُصُولَيْنِ. رَجُلٌ رَبَطَ حِمَارًا عَلَى سَارِيَةٍ فَجَاءَ آخَرُ بِحِمَارٍ وَرَبَطَ حِمَارَهُ عَلَى تِلْكَ السَّارِيَةِ فَعَضَّ أَحَدُ الْحِمَارَيْنِ الْآخَرَ فَهَلَكَ فَإِنْ رَبَطَا فِي مَوْضِعٍ لَهُمَا وِلَايَةُ الرَّبْطِ لَا يَضْمَنُ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُمَا وِلَايَةُ الرَّبْطِ ضَمِنَ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ ذَلِكَ الْمَوْضِعُ مِلْكًا وَلَا طَرِيقًا لِأَحَدٍ لَا يَضْمَنُ إذَا كَانَ فِي الْمَكَانِ سَعَةٌ، وَفِي الطَّرِيقِ يَضْمَنُ. شَاةٌ لِإِنْسَانٍ دَخَلَتْ دُكَّانَ رَآَّسٍ فَدَخَلَ صَاحِبُ الشَّاةِ الدُّكَّانَ لِيُخْرِجَهَا فَكَسَرَتْ الشَّاةُ قِدْرَ الرَّأْسِ يَضْمَنُ فِي الْخُلَاصَةِ. صَبِيٌّ عَاقِلٌ أَشْلَى كَلْبًا عَلَى غَنَمِ آخَرَ فَتَفَرَّقَتْ وَذَهَبَتْ وَلَا يَدْرِي أَيْنَ ذَهَبَتْ لَمْ يَضْمَنْ وَعَنْ شَرَفِ الْأَئِمَّةِ الْمَكِّيِّ إنْ مَشَى عِنْدَ الْأَشْلَاءِ مَعَهُ خُطُوَاتٍ يَضْمَنُ وَإِلَّا فَلَا. وَضَعَ يَدَهُ عَلَى ظَهْرِ فَرَسٍ وَعَادَتُهُ نَفْحُهُ بِذَنَبِهِ، أَوْ بِرِجْلِهِ فَنَفَحَ وَأَتْلَفَ لَمْ يَضْمَنْ بِخِلَافِ النَّخْسِ؛ لِأَنَّ الِاضْطِرَابَ لَازِمٌ لِلنَّخْسِ دُونَ وَضْعِ الْيَدِ، مِنْ الْقُنْيَةِ. لَوْ فَقَأَ عَيْنَ شَاةٍ ضَمِنَ نُقْصَانَهَا، وَفِي عَيْنِ الْبَقَرِ وَالْجَزُورِ وَالْحِمَارِ وَالْبَغْلِ وَالْفَرَسِ يَضْمَنُ رُبُعَ الْقِيمَةِ ذَكَرَهُ فِي الْهِدَايَةِ قُلْتُ، وَإِنْ لَمْ يَحْمِلْ لِصِغَرِهِ كَجَحْشٍ وَفَصِيلٍ فَإِنَّهُ يَضْمَنُ رُبُعَ الْقِيمَةِ كَمَا فِي الْفُصُولَيْنِ وَالدَّجَاجَةُ كَشَاةٍ ذَكَرَهُ فِي الْفُصُولَيْنِ أَيْ يَضْمَنُ إذَا فَقَأَ عَيْنَهَا النُّقْصَانَ، وَفِي قَاضِي خَانْ لَوْ فَقَأَ إحْدَى عَيْنِي الطَّيْرِ وَالْكَلْبِ وَالسِّنَّوْرِ ضَمِنَ مَا انْتَقَصَ مِنْ قِيمَتِهِ كَالشَّاةِ وَالْجَمَلِ. وَعَنْ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 192 أَبِي يُوسُفَ يَضْمَنُ النُّقْصَانَ فِي جَمِيعِ الْبَهَائِمِ انْتَهَى قُلْتُ وَالْفَتْوَى عَلَى قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ وَعِنْدَهُمَا نُقْصَانُهُ كَذَا فِي الْغَصْبِ، مِنْ الْقُنْيَةِ. أَوْقَفَ دَابَّةً فِي الطَّرِيقِ وَآخَرُ كَذَلِكَ فَهَرَبَتْ إحْدَاهُمَا فَأَصَابَتْ الْأُخْرَى لَا ضَمَانَ عَلَى صَاحِبِ الْهَارِبَةِ، مِنْ الْخُلَاصَةِ. وَفِي مُشْتَمِلِ الْهِدَايَةِ عَنْ الْعِمَادِيَّةِ إذَا قَطَعَ أُذُنَ الدَّابَّةِ، أَوْ بَعْضَهُ، أَوْ قَطَعَ ذَنَبَهَا يَضْمَنُ النُّقْصَانَ. وَإِذَا اسْتَهْلَكَ حِمَارَ غَيْرِهِ أَوْ بَغْلَهُ بِقَطْعِ يَدٍ، أَوْ رِجْلٍ أَوْ بِذَبْحِهِ إنْ شَاءَ صَاحِبُهُ ضَمَّنَهُ، وَإِنْ شَاءَ أَمْسَكَهُ وَلَا يُضَمِّنُهُ شَيْئًا وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى. وَلَوْ ضَرَبَ رَجُلٌ دَابَّةً حَتَّى صَارَتْ عَرْجَاءَ فَهُوَ كَالْقَطْعِ انْتَهَى. وَفِي الْهِدَايَةِ ذَبَحَ شَاةً فَمَالِكُهَا بِالْخِيَارِ إنْ شَاءَ ضَمَّنَهُ قِيمَتَهَا وَسَلَّمَهَا إلَيْهِ أَوْ أَخَذَهَا وَضَمَّنَهُ النُّقْصَانَ، وَكَذَا الْجَزُورُ، وَكَذَا لَوْ قَطَعَ يَدَهُمَا وَهَذَا ظَاهِرُ الرِّوَايَةِ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ وَعَنْهُ لَوْ شَاءَ أَخَذَهَا وَلَا شَيْءَ لَهُ وَالْأَوَّلُ أَصَحُّ وَالدَّابَّةُ لَوْ لَمْ تَكُنْ مَأْكُولَةَ اللَّحْمِ وَقَطَعَ طَرَفَهَا فَلَهُ أَنْ يَضْمَنَ جَمِيعَ قِيمَتِهَا لِلْإِهْلَاكِ مِنْ كُلِّ وَجْهٍ انْتَهَى، وَفِي قَاضِي خَانْ ذَبَحَ شَاةَ إنْسَانٍ ظُلْمًا فَصَاحِبُهَا بِالْخِيَارِ إنْ شَاءَ تَرَكَ الْمَذْبُوحَ عَلَيْهِ وَضَمَّنَهُ قِيمَتَهَا، وَإِنْ شَاءَ أَخَذَ الْمَذْبُوحَ وَضَمَّنَهُ النُّقْصَانَ وَالْفَتْوَى عَلَى ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ. وَلَوْ قَطَعَ يَدَ حِمَارٍ، أَوْ بَغْلٍ أَوْ رِجْلَهُ فَصَاحِبُهُ إنْ شَاءَ ضَمَّنَهُ قِيمَتَهُ وَدَفَعَ إلَيْهِ الدَّابَّةَ أَوْ أَمْسَكَهُ وَلَا يَرْجِعُ عَلَيْهِ بِشَيْءٍ بِخِلَافِ مَا لَوْ قَطَعَ يَدَ قِنٍّ فَإِنَّ لِمَالِكِهِ أَنْ يُضَمِّنَّهُ النُّقْصَانَ؛ لِأَنَّ الْآدَمِيَّ بِقَطْعِ الْيَدِ وَالرِّجْلِ لَا يَصِيرُ مُسْتَهْلَكًا مِنْ كُلِّ وَجْهٍ بِخِلَافِ الْعَوَامِلِ، وَإِنْ كَانَتْ الدَّابَّةُ مِمَّا يُؤْكَلُ كَالشَّاةِ وَالْجَزُورِ فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ هَذَا وَالْأَوَّلُ سَوَاءٌ لِلْمَالِكِ أَنْ يُضَمِّنَهُ جَمِيعَ قِيمَتِهِ وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يُضَمِّنَهُ النُّقْصَانَ وَيَمْسِكَ الدَّابَّةَ هَكَذَا ذَكَرَ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ السَّرَخْسِيُّ قُلْتُ: وَهَذَا مُخَالِفٌ لِمَا مَرَّ عَنْ الْهِدَايَةِ. وَلَوْ ذَبَحَ حِمَارَ غَيْرِهِ لَيْسَ لَهُ أَنْ يُضَمِّنَهُ النُّقْصَانَ فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ وَلَكِنْ يُضَمِّنُ جَمِيعَ الْقِيمَةِ وَعَلَى قَوْلِ مُحَمَّدٍ لِلْمَالِكِ أَنْ يَمْسِكَ الْحِمَارَ وَيُضَمِّنَهُ النُّقْصَانَ، وَإِنْ قَتَلَهُ قَتْلًا لَيْسَ لَهُ أَنْ يُضَمِّنَّهُ النُّقْصَانَ. وَعَنْ مُحَمَّدٍ إنْ كَانَ لِلدَّابَّةِ قِيمَةٌ بَعْدَ قَطْعِ الْيَدِ أَوْ الرِّجْلِ إنْ شَاءَ الْمَالِكُ أَمْسَكَ الدَّابَّةَ وَضَمَّنَهُ النُّقْصَانَ. وَلَوْ فَقَأَ عَيْنَ حِمَارٍ قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - ضَمَّنَهُ كُلَّ قِيمَتِهِ وَسَلَّمَهُ وَلَا يُضَمِّنُ النُّقْصَانَ مَعَ إمْسَاكِ الْجُثَّةِ وَهِيَ مَسْأَلَةُ الْجُثَّةِ الْعَمْيَاءِ. وَإِذَا قَتَلَ ذِئْبًا مَمْلُوكًا لَا يَضْمَنُ شَيْئًا وَيَضْمَنُ فِي الْقِرْدِ؛ لِأَنَّ الْقِرْدَ يَكْنِسُ الْبَيْتَ وَيَخْدُمُ انْتَهَى مَا فِي قَاضِي خَانْ وَقَدْ اخْتَصَرْنَا بَعْضَ كَلِمَاتِهِ وَتَرَكْنَا الْبَعْضَ مَخَافَةَ التَّكْرَارِ مَعَ أَنَّهُ قَدْ مَرَّتْ بَعْضُ هَذِهِ الْمَسَائِلِ فِي الْغَصْبِ أَيْضًا. وَفِي الْفُصُولَيْنِ الْكَلْبُ الْمُعَلَّمُ لِحِرَاسَةٍ، أَوْ مَاشِيَةٍ، أَوْ صَيْدٍ وَنَحْوِهَا يَجُوزُ بَيْعُهُ وَيَغْرَمُ مُتْلِفُهُ انْتَهَى. وَلَوْ صَالَ جَمَلٌ عَلَى إنْسَانٍ فَقَتَلَهُ الْمَصُولُ عَلَيْهِ دَفْعًا لِشَرِّهِ ضَمِنَ قِيمَتَهُ عِنْدَنَا كَمَا فِي الْهِدَايَةِ. الْبَعِيرُ السَّكْرَانُ إذَا قَصَدَ قَتْلَ إنْسَانٍ فَقَتَلَهُ الْمَصُولُ عَلَيْهِ يَضْمَنُ قِيمَتَهُ، مِنْ الْخُلَاصَةِ. قَطَعَ لِسَانَ الثَّوْرِ يَلْزَمُهُ كَمَالُ الْقِيمَةِ لِفَوْتِ الِاعْتِلَافِ، وَفِي لِسَانِ الْحِمَارِ يَلْزَمُهُ النُّقْصَانُ. جَاءَ بِأَتَانِهِ إلَى حِمَارِ غَيْرِهِ مَشْدُودٍ بِالطُّولِ وَأَنْزَى عَلَيْهَا ذَلِكَ الْحِمَارَ فَحَصَلَ نُقْصَانٌ بِسَبَبِهِ لَا يَضْمَنُ؛ لِأَنَّ الْحِمَارَ نَزَا عَلَيْهَا بِاخْتِيَارِهِ وَالْإِنْزَاءُ لَيْسَ بِسَبَبٍ لِلنُّقْصَانِ غَالِبًا فَلَا يَضْمَنُ بِخِلَافِ أَشْلَاءِ الْكَلْبِ. ضَرَبَ ثَوْرَ غَيْرِهِ فَكَسَرَ ثَلَاثَةً مِنْ أَضْلَاعِهِ فَإِنْ هَلَكَ قَبْلَ أَنْ يَقْبِضَهُ الْمَالِكُ يَضْمَنُ كُلَّ الْقِيمَةِ بِالِاتِّفَاقِ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 193 وَإِنْ قَبَضَهُ وَلَمْ يَهْلِكْ يَضْمَنُ النُّقْصَانَ، وَإِنْ هَلَكَ فِي يَدِهِ فَكَذَلِكَ عِنْدَهُمَا وَعِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ يَضْمَنُ كُلَّ الْقِيمَةِ. وَلَوْ خَلَّى حِمَارَ الْفَحْلِ الْقَوِيَّ فَأَهْلَكَ حِمَارَ الْآخَرِ إنْ خَلَّاهُ فِي مَوْضِعٍ لَهُ وِلَايَةُ التَّخْلِيَةِ فِيهِ لَا يَضْمَنُ. وَلَوْ سَاقَ أَتَانَهُ الْغَيْرُ مِنْ مَوْضِعٍ فَذَهَبَ مَعَهَا الْجَحْشُ ثُمَّ أَتَى بِهَا إلَى ذَلِكَ الْمَوْضِعِ فَجَاءَ مَعَهَا الْجَحْشُ وَأَكَلَهُ الذِّئْبُ يَضْمَنُ. وَلَوْ رَمَى يتقلتسون عَلَى رَجُل بَعِيرٍ فَضَرَبَ رِجْلَهُ بِسَبَبِهِ عَلَى جِدَارٍ فَانْكَسَرَ يَضْمَنُ. دَخَلَ زَرْعَهُ جَمَلُ غَيْرِهِ مِرَارًا وَلَا يُطِيقُ مَنْعَهُ فَحَبَسَهُ حَتَّى يَجِيءَ صَاحِبُهُ ثُمَّ غَابَ الْجَمَلُ مِنْ الْإِصْطَبْلِ فَوُجِدَ مَكْسُورَ الرِّجْلِ فَإِنْ لَمْ يَنْكَسِرْ فِي حَبْسِهِ قَالُوا لَا يَضْمَنُ وَقَدْ قَالُوا يَضْمَنُ مَا لَمْ يُسَلِّمْهُ إلَى صَاحِبِهِ فَالرَّأْيُ فِيهِ إلَى الْقَاضِي. وَلَوْ سَلَّمَ حِمَارَهُ الْمُزَارِعِيَّ يَشُدُّهُ فِي الدَّالِيَةِ فَفَعَلَ وَنَامَ وَانْقَطَعَ حَبْلُهُ وَوَقَعَ فِي الْمُعَرَّاةِ وَمَاتَ لَا يَضْمَنُ. ثَوْرٌ يَعْتَادُ أَكْلَ الثِّيَابِ وَسَاقَهُ صَبِيُّ صَاحِبِ الثَّوْرِ إلَى فِنَاءٍ فِيهِ تُجَّارُ ثِيَابٍ فَقِيلَ لِلصَّبِيِّ احْفَظْ الثَّوْرَ وَجَدَ فَلَمْ يَفْعَلْ حَتَّى أَكَلَ ثَوْبًا مِنْهُ يَضْمَنُ الصَّبِيُّ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مُتَمَكِّنًا مِنْ دَفْعِهِ لَا يَضْمَنُ إلَّا إذَا أَقَرَّ بِهِ مِنْهُ. لَهُ كَلْبٌ يَأْكُلُ الْعِنَبَ مِنْ الْكُرُومِ فَأُشْهِدَ عَلَيْهِ فَلَمْ يَحْفَظْهُ حَتَّى أَكَلَ الْعِنَبَ لَمْ يَضْمَنْ وَإِنَّمَا يَضْمَنُ إذَا أُشْهِدَ عَلَيْهِ فِيمَا يُخَافُ تَلَفُ بَنِي آدَمَ كَالْحَائِطِ الْمَائِلِ وَنَطْحِ الثَّوْرِ وَعَقْرِ الْكَلْبِ الْعَقُورِ فَيَضْمَنُ إذَا لَمْ يَحْفَظْ أَوْ لَمْ يَهْدِمْ فِي الْأَنْفُسِ وَالْأَمْوَالُ تَبَعٌ لَهَا. أَدْخَلَ ثَوْرًا فِي السُّوقِ خَائِفًا فَهَرَبَ مِنْهُ وَاسْتَهْلَكَ صَبِيًّا لَا يَضْمَنُ. رَبَطَ كَبْشًا عَلَى طَرِيقِ الْعَامَّةِ فَأُشْهِدَ عَلَيْهِ فَلَمْ يَنْقُلْهُ حَتَّى نَطَحَ صَبِيًّا وَكَسَرَ ثَنِيَّتَهُ يَضْمَنُ. حَلَّ ثَوْرًا فِي إصْطَبْلٍ فِيهِ غَيْرُهُ لِصَاحِبِهِ وَنَطَحَ ثَوْرُهُ الْآخَرَ لَا يَضْمَنُ، مِنْ الْقُنْيَةِ. ضَرَبَ حِمَارَ غَيْرِهِ فَعَيَّبَهُ وَضَمِنَ ثُمَّ زَالَ الْعَيْبُ فَلَهُ أَنْ يَرْجِعَ بِمَا ضَمِنَ. أَلْقَى هِرَّةً فِي بَيْتِ حَمَامٍ لِغَيْرِهِ وَلَمْ يَجِدْ مَخْرَجًا فَقُتِلَتْ الْحَمَامَةَ بِأَسْرِهَا وَهِيَ طَيَّارَةٌ بَلَح تفخند سادر غوش وَإِنَّهَا غَالِيَةٌ الْقِيمَةِ عِنْدَ مَنْ يُطَيِّرُونَهَا يَضْمَنُ قِيمَتَهَا عَلَى هَذِهِ الصِّفَةِ كَذَا فِي الْغَصْبِ، مِنْ الْقُنْيَةِ. وَلَوْ ضَرَبَ رِجْلَ حِمَارٍ حَتَّى صَارَ أَعْرَجَ فَهُوَ كَالْقَطْعِ، مِنْ الْخُلَاصَةِ. [الْفَصْل السَّادِس فِي جِنَايَة الرَّقِيق وَالْجِنَايَة عَلَيْهِ] (الْفَصْلُ السَّادِسُ فِي جِنَايَةِ الرَّقِيقِ وَالْجِنَايَةِ عَلَيْهِ) إذَا جَنَى الْعَبْدُ جِنَايَةً خَطَأً فِي النَّفْسِ أَوْ فِيمَا دُونَ النَّفْسِ وَلَا حَاجَةَ إلَى تَقْيِيدِ الْخَطَأِ فِيمَا دُونَ النَّفْسِ لِاسْتِوَاءِ الْحُكْمِ فَإِنَّ الْقِصَاصَ لَا يَجْرِي بَيْنَ الْعَبْدِ وَالْعَبْدِ وَبَيْنَ الْعَبْدِ وَالْحُرِّ فِيمَا دُونَ النَّفْسِ فَمَوْلَاهُ مُخَيَّرٌ إنْ شَاءَ دَفَعَ الْعَبْدَ الْجَانِيَ بِالْجِنَايَةِ فَيُمَلِّكُهُ وَلِيَّ الْجِنَايَةِ، وَإِنْ شَاءَ فَدَاهُ بِأَرْشِ الْجِنَايَةِ، وَلَوْ جَنَى جِنَايَاتٍ إنْ شَاءَ الْمَوْلَى الدَّفْعَ إلَى الْأَوْلِيَاءِ يَقْتَسِمُونَهُ عَلَى قَدْرِ حِصَصِهِمْ، وَإِنْ شَاءَ الْفِدَاءَ فَدَاهُ بِجَمِيعِ أُرُوشِهِمْ. وَإِنْ لَمْ يَخْتَرْ الْمَوْلَى شَيْئًا حَتَّى مَاتَ الْعَبْدُ بَطَلَ حَقُّ الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ، وَإِنْ مَاتَ بَعْدَ مَا اخْتَارَ الْفِدَاءَ لَمْ يَبْرَأْ، وَإِنْ فَدَاهُ فَجَنَى ثَانِيًا كَانَ حُكْمُ الثَّانِيَةِ كَالْأُولَى فِي أَنَّ الْمَوْلَى يُخَيَّرُ بَيْنَ الدَّفْعِ وَالْفِدَاءِ؛ لِأَنَّهُ إذَا فَدَى عَنْ الْأُولَى صَارَتْ الْأُولَى كَأَنْ لَمْ تَكُنْ، وَكَذَا لَوْ جَنَى ثَالِثًا، أَوْ رَابِعًا، وَإِنْ أَعْتَقَهُ الْمَوْلَى بَعْدَ مَا جَنَى وَهُوَ لَا يَعْلَمُ بِالْجِنَايَةِ ضَمِنَ الْأَقَلَّ مِنْ قِيمَتِهِ وَمِنْ أَرْشِهَا، وَإِنْ أَعْتَقَهُ وَهُوَ يَعْلَمُ بِالْجِنَايَةِ وَجَبَ عَلَيْهِ الْأَرْشُ وَعَلَى هَذَيْنِ الْوَجْهَيْنِ الْبَيْعُ وَالتَّدْبِيرُ وَالِاسْتِيلَادُ بِأَنْ اسْتَوْلَدَ الْأَمَةَ الْجَانِيَةَ بِخِلَافِ الْإِقْرَارِ بِالْعَبْدِ الْجَانِي لِغَيْرِهِ فَإِنَّهُ لَا يَجِبُ الْأَرْشُ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 194 عَلَى الْمَوْلَى عَلَى رِوَايَةِ الْأَصْلِ وَأَلْحَقَ الْكَرْخِيُّ الْإِقْرَارَ بِالْبَيْعِ وَأَخَوَاتِهِ وَإِطْلَاقُ الْبَيْعِ يَنْتَظِمُ الْبَيْعَ بِشَرْطِ الْخِيَارِ لِلْمُشْتَرِي؛ لِأَنَّهُ يُزِيلُ الْمِلْكَ مِنْ الْبَائِعِ بِخِلَافِ مَا إذَا كَانَ الْخِيَارُ لِلْبَائِعِ وَنَقْضُهُ وَبِخِلَافِ الْعَرْضِ عَلَى الْبَيْعِ، وَلَوْ بَاعَهُ بَيْعًا فَاسِدًا لَمْ يَصِرْ مُخْتَارًا لِلْفِدَاءِ حَتَّى يُسَلِّمَهُ بِخِلَافِ الْكِتَابَةِ الْفَاسِدَةِ فَإِنَّ مُوجِبَهَا يَثْبُتُ قَبْلَ قَبْضِ الْبَدَلِ فَيَصِيرُ بِنَفْسِ الْكِتَابَةِ مُخْتَارًا لِلْفِدَاءِ، وَلَوْ بَاعَهُ مَوْلَاهُ مِنْ الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ فَهُوَ مُخْتَارٌ لِلْفِدَاءِ بِخِلَافِ مَا إذَا وَهَبَهُ مِنْهُ وَإِعْتَاقُ الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ بِأَمْرِ الْمَوْلَى بِمَنْزِلَةِ الْإِعْتَاقِ مِنْ الْمَوْلَى فِيمَا ذَكَرْنَاهُ، وَلَوْ ضَرَبَهُ الْمَوْلَى فَنَقَصَهُ بِأَنْ عَيَّبَهُ فَهُوَ مُخْتَارٌ لِلْفِدَاءِ إذَا كَانَ عَالِمًا بِالْجِنَايَةِ، وَكَذَا إذَا كَانَتْ بِكْرًا فَوَطِئَهَا بِخِلَافِ التَّزْوِيجِ وَبِخِلَافِ وَطْءِ الثَّيِّبِ عَلَى ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ وَبِخِلَافِ الِاسْتِخْدَامِ وَلَا يَصِيرُ مُخْتَارًا لِلْفِدَاءِ بِالْإِجَارَةِ وَالرَّهْنِ فِي الْأَظْهَرِ، وَكَذَا بِالْإِذْنِ فِي التِّجَارَةِ. وَإِنْ رَكِبَهُ دَيْنٌ؛ لِأَنَّ الْإِذْنَ لَا يُفَوِّتُ الدَّفْعَ وَلَا يُنْقِصُ الرَّقَبَةَ إلَّا أَنَّ لِوَلِيِّ الْجِنَايَةِ أَنْ يَمْتَنِعَ مِنْ قَبُولِهِ؛ لِأَنَّ الدَّيْنَ لَحِقَهُ مِنْ جِهَةِ الْمَوْلَى فَيَلْزَمُ الْمَوْلَى قِيمَتُهُ، هَذِهِ الْجُمْلَةُ مِنْ الْهِدَايَةِ بِاخْتِصَارٍ وَتَوْضِيحٍ، وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْمَوْلَى مَتَى أَحْدَثَ فِي الْقِنِّ الْجَانِي تَصَرُّفًا يُعْجِزُهُ عَنْ الدَّفْعِ كَالْبَيْعِ الْبَاتِّ وَالْعِتْقِ وَالتَّدْبِيرِ وَالْكِتَابَةِ وَالِاسْتِيلَادِ، وَفِي الْجَارِيَةِ الْجَانِيَةِ وَهُوَ يَعْلَمُ بِالْجِنَايَةِ يَصِيرُ مُخْتَارًا لِلْفِدَاءِ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ عَالِمًا بِالْجِنَايَةِ لَمْ يَكُنْ مُخْتَارًا وَضَمِنَ الْأَقَلَّ مِنْ قِيمَتِهِ وَمِنْ الْأَرْشِ وَمَتَى أَحْدَثَ تَصَرُّفًا لَا يُعْجِزُهُ عَنْ الدَّفْعِ كَالْجِمَاعِ وَالتَّزْوِيجِ وَالْإِجَارَةِ وَالرَّهْنِ وَالِاسْتِخْدَامِ وَالْإِقْرَارِ بِهِ لِلْغَيْرِ وَالْإِذْنِ فِي التِّجَارَةِ لَا يَصِيرُ مُخْتَارًا لِلْفِدَاءِ، وَفِي رِوَايَةِ كِتَابِ الْعَتَاقِ فِي الرَّهْنِ وَالْإِجَارَةِ يَصِيرُ مُخْتَارًا، وَكَذَا فِي التَّعَيُّبِ. وَلَوْ جَنَى جِنَايَتَيْنِ فَعَلِمَ بِإِحْدَاهُمَا دُونَ الْأُخْرَى فَأَعْتَقَهُ، أَوْ بَاعَهُ، أَوْ نَحْوَهُ يَكُونُ مُخْتَارًا لِلْفِدَاءِ فِيمَا عَلِمَ، وَفِيمَا لَمْ يَعْلَمْ يَلْزَمُهُ حِصَّتُهَا مِنْ قِيمَةِ الْعَبْدِ. وَلَوْ حَفَرَ الْعَبْدُ بِئْرًا فِي الطَّرِيقِ فَوَقَعَ فِيهَا إنْسَانٌ وَقَدْ أَعْتَقَهُ مَوْلَاهُ بَعْدَ الْحَفْرِ قَبْلَ الْوُقُوعِ غَرِمَ الْمَوْلَى قِيمَتَهُ لِوَلِيِّ الْقَتِيلِ فَإِنْ وَقَعَ فِيهَا ثَانٍ وَثَالِثٌ فَإِنَّهُمْ يَشْتَرِكُونَ فِي قِيمَةٍ وَاحِدَةٍ عُلِمَ بِالْحَفْرِ، أَوْ لَمْ يُعْلَمْ ذَكَرَهُ فِي الْوَجِيزِ. وَلَوْ حَفَرَ عَبْدٌ فِي قَارِعَةِ الطَّرِيقِ بِئْرًا فَمَاتَ فِيهَا إنْسَانٌ فَأَعْتَقَهُ مَوْلَاهُ مَعَ عِلْمِهِ بِالْحَفْرِ وَمَوْتِ الْإِنْسَانِ فَعَلَى الْمَوْلَى دِيَتُهُ اتِّفَاقًا؛ لِأَنَّهُ صَارَ مُخْتَارًا لِلْفِدَاءِ بِالْإِعْتَاقِ مَعَ الْعِلْمِ بِالْجِنَايَةِ فَإِنْ مَاتَ فِيهَا آخَرُ فَلِوَلِيِّ الثَّانِي أَنْ يُشَارِكَ الْأَوَّلَ فِيمَا قَبَضَ بِضَرْبِ الْأَوَّلِ بِجَمِيعِ الدِّيَةِ وَالثَّانِي بِجَمِيعِ قِيمَةِ الْعَبْدِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ فَتُقْسَمُ عَلَى ذَلِكَ الدِّيَةُ وَتَفْسِيرُهُ أَنْ يُقَدِّرَ قِيمَةَ الْعَبْدِ مِائَةً مَثَلًا وَالدِّيَةَ أَلْفًا فَتُقْسَمُ الدِّيَةُ عَلَى أَحَدَ عَشَرَ جُزْءًا وَيَأْخُذُ وَلِيُّ الثَّانِي جُزْءًا وَوَلِيُّ الْأَوَّلِ عَشَرَةً وَعِنْدَهُمَا يَجِبُ عَلَى الْمَوْلَى لِلْأَوَّلِ كُلُّ الدِّيَةِ وَلِلثَّانِي نِصْفُ الْقِيمَةِ مِنْ الْحَقَائِقِ. وَفِي الصُّغْرَى لَوْ أَعْتَقَ الْعَبْدَ الْجَانِيَ وَهُوَ عَالِمٌ بِالْجِنَايَةِ يَصِيرُ مُطَالَبًا بِجَمِيعِ الْفِدَاءِ بِخِلَافِ مَا لَوْ أَعْتَقَ الْمَأْذُونَ الْمَدْيُونَ وَهُوَ عَالِمٌ بِالدَّيْنِ فَإِنَّهُ يَضْمَنُ الْأَقَلَّ مِنْ قِيمَتِهِ وَمِنْ الدَّيْنِ انْتَهَى. وَفِي الْقُنْيَةِ عَبْدٌ مَحْجُورٌ جَنَى عَلَى مَالٍ فَبَاعَهُ الْمَوْلَى بَعْدَ عِلْمِهِ بِالْجِنَايَةِ فَهُوَ فِي رَقَبَةِ الْعَبْدِ يُبَاعُ فِيهَا عَلَى مَنْ اشْتَرَاهُ بِخِلَافِ الْجِنَايَةِ عَلَى النَّفْسِ انْتَهَى. وَمَنْ قَالَ لِعَبْدِهِ إنْ قَتَلْتَ فُلَانًا أَوْ رَمَيْتُهُ، أَوْ شَجَجْته فَأَنْتَ حُرٌّ فَهُوَ مُخْتَارٌ لِلْفِدَاءِ إنْ فَعَلَ الْعَبْدُ ذَلِكَ خِلَافًا لِزُفَرَ ذَكَرَهُ فِي الْهِدَايَةِ. وَلَوْ جَنَى الْعَبْدُ فَاخْتَارَ مَوْلَاهُ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 195 الْفِدَاءَ وَهُوَ مُفْلِسٌ لَا يَجِبُ عَلَيْهِ دَفْعُ الْعَبْدِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَحُكْمُهُ النَّظِرَةُ إلَى الْمَيْسَرَةِ وَعِنْدَهُمَا يَجِبُ دَفْعُهُ مِنْ الْحَقَائِقِ. وَفِي الْوَجِيزِ عَنْ الْمُنْتَقَى رَوَى الْحَسَنُ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ فِي عَبْدٍ قَطَعَ أُصْبُعَ رَجُلٍ خَطَأً فَفَدَاهُ الْمَوْلَى بِأَلْفٍ ثُمَّ مَاتَ الْمَقْطُوعُ أُصْبُعُهُ، إنْ فَدَاهُ بِغَيْرِ قَضَاءٍ فَعَلَيْهِ تَمَامُ الدِّيَةِ، وَإِنْ فَدَاهُ بِقَضَاءٍ بَطَلَ الْفِدَاءُ وَعَلَيْهِ الْقِيمَةُ انْتَهَى. وَإِذَا جَنَى الْمَأْذُونُ لَهُ جِنَايَةً وَعَلَيْهِ دَيْنٌ فَأَعْتَقَهُ الْمَوْلَى بِلَا عِلْمٍ بِهَا غَرِمَ لِرَبِّ الدَّيْنِ الْأَقَلَّ مِنْ قِيمَتِهِ وَمِنْ دَيْنِهِ وَلِوَلِيِّهَا الْأَقَلَّ مِنْ قِيمَتِهِ وَمِنْ الْأَرْشِ ذَكَرَهُ فِي الْوُقَايَةِ. وَلَوْ اكْتَسَبَ الْعَبْدُ الْجَانِي، أَوْ وَلَدَتْ الْأَمَةُ الْجَانِيَةُ لَا يَدْفَعُ الْكَسْبَ وَالْوَلَدَ مَعَهُمَا كَمَا فِي الْوَجِيزِ وَالثَّانِيَةُ مَذْكُورَةٌ فِي الْهِدَايَةِ أَيْضًا لَكِنْ وَضَعَهَا فِي الْمَأْذُونَةِ وَلَا فَرْقَ بَيْنَهُمَا. وَإِذَا قَتَلَ الْعَبْدُ رَجُلَيْنِ عَمْدًا وَلِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا وَلِيَّان فَعَفَا أَحَدُ وَلِيَّيْ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا فَإِنَّ الْمَوْلَى يَدْفَعُ نِصْفَهُ إلَى الْآخَرِينَ، أَوْ يَفْدِيه بِعَشَرَةِ آلَافِ دِرْهَمٍ، وَإِنْ كَانَ قَتَلَ أَحَدَهُمَا عَمْدًا وَالْآخَرَ خَطَأً فَعَفَا أَحَدُ وَلِيَّيْ الْعَمْدِ فَإِنْ فَدَاهُ الْمَوْلَى فَدَاهُ بِخَمْسَةَ عَشَرَ أَلْفًا، خَمْسَةُ آلَافٍ لِلَّذِي لَمْ يَعْفُ مِنْ وَلِيِّ الْعَمْدِ وَعَشَرَةُ آلَافٍ لِوَلِيِّ الْخَطَأِ وَهَكَذَا إذَا دَفَعَهُ كَانَ ثُلُثَاهُ لِوَلِيِّ الْخَطَأِ وَثُلُثُهُ لِغَيْرِ الْعَافِي مِنْ وَلِيِّ الْعَمْدِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَقَالَا يَدْفَعُهُ أَرْبَاعًا ثَلَاثَةُ أَرْبَاعِهِ لِوَلِيِّ الْخَطَأِ وَرُبُعُهُ لِوَلِيِّ الْعَمْدِ فَالْقِسْمَةُ عِنْدَهُمَا بِطَرِيقِ الْمُنَازَعَةِ وَعِنْدَهُ بِطَرِيقِ الْعَوْلِ، مِنْ الْهِدَايَةِ. وَلَوْ جَنَى الْعَبْدُ الْمَأْذُونُ عَلَى رَجُلٍ خَطَأً وَقِيمَتُهُ أَلْفٌ فَفَدَاهُ بِعَشَرَةِ آلَافٍ جَازَ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَعِنْدَهُمَا لَا يَجُوزُ إلَّا الدَّفْعُ. وَلَوْ أَقَرَّ الْمَوْلَى عَلَى عَبْدِهِ الْمَأْذُونِ الْمَدْيُونِ بِجِنَايَةٍ لَمْ يُصَدَّقْ إلَّا أَنْ يَقْضِيَ دَيْنَهُ. أَقَرَّ عَلَى عَبْدِهِ بِجِنَايَةٍ ثُمَّ بِجِنَايَةٍ دَفَعَهُ إلَيْهِمَا نِصْفَيْنِ ثُمَّ يَرْجِعُ صَاحِبُ الْجِنَايَةِ الْأُولَى عَلَى الْمَوْلَى بِنِصْفِ قِيمَتِهِ إذَا تَكَاذَبَ الْوَلِيَّانِ، وَفِي قَتْلِ الْعَبْدِ الْعَمْدِ لَوْ اخْتَارَ الْمَوْلَى الْفِدَاءَ فِي نَصِيبِ أَحَدِ الْوَلِيَّيْنِ يَصِيرُ مُخْتَارًا لِلْفِدَاءِ فِي الْكُلِّ، وَفِي قَتْلِ الْخَطَأِ لَوْ اخْتَارَ الْفِدَاءَ فِي النِّصْفِ يَكُونُ اخْتِيَارُ الْفِدَاءِ فِي النِّصْفِ اخْتِيَارًا لِلْفِدَاءِ فِي الْكُلِّ مَا دَامَ الْعَبْدُ قَائِمًا، وَلَوْ صَالَحَ أَحَدُهُمَا عَلَى نِصْفِ الْعَبْدِ خُيِّرَ الْمَوْلَى وَالْمَدْفُوعُ إلَيْهِ بَيْنَ أَنْ يَدْفَعَا نِصْفَ الْعَبْدِ إلَى الثَّانِي، أَوْ يَفْدِيَا، وَإِنْ صَالَحَ أَحَدُهُمَا عَلَى جَمِيعِ الْعَبْدِ قِيلَ لِلشَّرِيكِ ادْفَعْ نِصْفَهُ إلَى أَخِيك، أَوْ افْدِهِ، مِنْ الْوَجِيزِ. وَإِذَا جَنَى الْمُدَبَّرُ، أَوْ أُمُّ الْوَلَدِ جِنَايَةً ضَمِنَ الْمَوْلَى الْأَقَلَّ مِنْ قِيمَتِهِ وَمِنْ أَرْشِهَا كَمَا إذَا فَعَلَ ذَلِكَ بَعْدَ الْجِنَايَةِ وَهُوَ لَا يَعْلَمُ وَجِنَايَةُ الْمُدَبَّرِ، وَإِنْ تَوَالَتْ لَا تُوجِبُ إلَّا قِيمَةً وَاحِدَةً وَيَتَضَارَبُونَ بِالْحِصَصِ فِيهَا وَتُعْتَبَرُ قِيمَتُهُ لِكُلِّ وَاحِدٍ فِي حَالَةِ الْجِنَايَةِ عَلَيْهِ حَتَّى لَوْ قَتَلَ قَتِيلًا خَطَأً وَقِيمَتُهُ أَلْفٌ ثُمَّ صَارَتْ قِيمَتُهُ أَلْفَيْنِ فَقَتَلَ آخَرَ خَطَأً فَالْأَلْفُ الزَّائِدَةُ لِلثَّانِي وَتَخَاصَمَا فِي الْأَوَّلِ فَإِنْ جَنَى الْمُدَبَّرُ جِنَايَةً أُخْرَى وَقَدْ دَفَعَ الْمَوْلَى الْقِيمَةَ إلَى وَلِيِّ الْأُولَى بِقَضَاءٍ فَلَا شَيْءَ عَلَى الْمَوْلَى بِالْإِجْمَاعِ، وَإِنْ كَانَ الْمَوْلَى دَفَعَ الْقِيمَةَ بِغَيْرِ قَضَاءٍ فَالْوَلِيُّ بِالْخِيَارِ إنْ شَاءَ اتَّبَعَ الْمَوْلَى، وَإِنْ شَاءَ اتَّبَعَ وَلِيَّ الْجِنَايَةِ الْأُولَى، وَهَذَا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَقَالَا: لَا شَيْءَ عَلَى الْمَوْلَى، مِنْ الْهِدَايَةِ، وَلَوْ اتَّبَعَ وَلِيُّ الثَّانِيَةِ الْمَوْلَى عَلَى قَوْلِ الْإِمَامِ رَجَعَ الْمَوْلَى عَلَى الْأَوَّلِ بِمَا أَخَذَ مِنْهُ وَلِيُّ الثَّانِيَةِ، ذَكَرَهُ فِي الْمَجْمَعِ وَعَلَى هَذَا الْخِلَافِ لَوْ حَفَرَ بِئْرًا فَوَقَعَ فِيهَا إنْسَانٌ إلَّا أَنَّهُ يَضْمَنُ قِيمَتَهُ يَوْمَ الْحَفْرِ لَا يَوْمَ الْجِنَايَةِ، وَلَوْ دَفَعَ الْمَوْلَى الْقِيمَةَ إلَى الْأَوَّلِ بِغَيْرِ قَضَاءٍ بَعْدَ مَا وَقَعَ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 196 الثَّانِي فِي الْبِئْرِ غَرِمَ لِلثَّانِي بِالْإِجْمَاعِ وَيَرْجِعُ بِالْأَوَّلِ وَوَضْعُ الْحَجَرِ فِي الطَّرِيقِ وَسَوْقُهُ الدَّابَّةَ وَصَبُّهُ الْمَاءَ بِمَنْزِلَةِ الْحَفْرِ. وَلَوْ غَصَبَ مَالًا وَاسْتَهْلَكَهُ بِبَيْعٍ لَمْ يَغْرَمْ الْمَوْلَى. وَلَوْ قَتَلَ الْمَوْلَى خَطَأً يَبِيعُ فِي قِيمَتِهِ وَالتَّدْبِيرُ وَصِيَّةٌ بِرَقَبَتِهِ وَلَا وَصِيَّةَ لِلْقَاتِلِ. وَلَوْ حَفَرَ الْمُدَبَّرُ بِئْرًا فَوَقَعَ فِيهَا الْمَوْلَى، أَوْ مَنْ يَرِثُهُ مَوْلَاهُ هُدِرَ دَمُهُ، وَلَوْ قَتَلَ مَوْلَاهُ عَمْدًا فَالْوَرَثَةُ بِالْخِيَارِ إنْ شَاءُوا قَتَلُوهُ، وَإِنْ شَاءُوا اسْتَسْعَوْهُ فِي قِيمَتِهِ ثُمَّ قَتَلُوهُ، مِنْ الْوَجِيزِ. وَلَوْ أَعْتَقَ الْمَوْلَى الْمُدَبَّرَ وَقَدْ جَنَى جِنَايَاتٍ لَا يَلْزَمُهُ إلَّا قِيمَةٌ وَاحِدَةٌ وَأُمُّ الْوَلَدِ بِمَنْزِلَةِ الْمُدَبَّرِ فِي جَمِيعِ مَا وَصَفْنَا. وَإِذَا أَقَرَّ الْمُدَبَّرُ بِجِنَايَةِ الْخَطَأِ لَمْ يَجُزْ إقْرَارُهُ وَلَا يُلْزَمُ الْمَوْلَى بِهِ شَيْءٌ عَتَقَ أَوْ لَمْ يَعْتِقْ؛ لِأَنَّ مُوجِبَ جِنَايَةِ الْخَطَأِ عَلَى سَيِّدِهِ وَإِقْرَارُهُ بِهِ لَا يَنْفُذُ عَلَى السَّيِّدِ، مِنْ الْهِدَايَةِ. وَلَوْ ادَّعَى مُشْتَرِي الْعَبْدِ أَنَّ الْبَائِعَ كَانَ دَبَّرَهُ فَأَنْكَرَ حَتَّى جَنَى الْعَبْدُ فَالْحَالُ مَوْقُوفٌ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَقَالَا: يُسْعَى. وَلَوْ ادَّعَى اسْتِيلَادَ شَرِيكِهِ فَأَنْكَرَ فَجَنَتْ الْجَارِيَةُ فَنِصْفُ الْأَرْشِ عَلَى الْمُنْكِرِ وَالنِّصْفُ مَوْقُوفٌ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَيُوجِبُ أَبُو يُوسُفَ الْمَوْقُوفَ فِي كَسْبِهَا وَأَوْجَبَ مُحَمَّدٌ الْكُلَّ هَاتَانِ فِي عِتْقِ الْمَجْمَعِ. وَلَوْ مَاتَ الْمُدَبَّرُ وَانْقَضَتْ قِيمَتُهُ بَعْدَ الْجِنَايَةِ بِلَا فَصْلٍ لَمْ يَبْطُلْ مِنْ الْمَوْلَى شَيْءٌ وَعَلَيْهِ قِيمَتُهُ مِائَةً. وَلَوْ جَنَى الْمُكَاتَبُ جِنَايَاتٍ أَوْ وَاحِدَةً كَانَ عَلَيْهِ الْأَقَلُّ مِنْ قِيمَتِهِ وَمِنْ الْأَرْشِ، وَإِنْ تَكَرَّرَتْ الْجِنَايَاتُ قَبْلَ الْقَضَاءِ لَزِمَتْهُ قِيمَةٌ وَاحِدَةٌ، وَلَوْ قُضِيَ عَلَيْهِ ثُمَّ جَنَى أُخْرَى فَإِنْ قُضِيَ عَلَيْهِ يَضْمَنُهُ أُخْرَى؛ لِأَنَّ جِنَايَةَ الْمُكَاتَبِ لَا تَصِيرُ دَيْنًا إلَّا بِالْقَضَاءِ أَوْ بِالصُّلْحِ، أَوْ بِالْيَأْسِ عَنْ الدَّفْعِ بِأَنْ يُعْتَقَ، أَوْ يَمُوتَ فَيَتَوَقَّفُ وُجُوبُ الْقِيمَةِ عَلَى مَا يُوجِبُ تَوْكِيدَهَا وَهِيَ الْأَشْيَاءُ الثَّلَاثَةُ، وَإِنْ عَجَزَ قَبْلَ أَنْ يَقْضِيَ دَفَعَهُ مَوْلَاهُ أَوْ فَدَاهُ، وَإِنْ قُضِيَ عَلَيْهِ ثُمَّ عَجَزَ بِيعَ فِيهَا إلَّا أَنْ يَقْضِيَ عَنْهُ مَوْلَاهُ، وَإِنْ أُعْتِقَ يُسْعَى وَجِنَايَةُ عَبْدِ الْمُكَاتَبِ مِثْلُ جِنَايَةِ عَبْدِ الْحُرِّ إلَّا أَنَّهُ إذَا فُدِيَ وَالْفِدَاءُ أَزْيَدُ مِنْ قِيمَتِهِ زِيَادَةً فَاحِشَةً، أَوْ دَفَعَ وَقِيمَةُ الْعَبْدِ أَكْثَرُ مِنْ الْأَرْشِ كَثِيرًا فَاحِشًا جَازَ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَعِنْدَهُمَا لَا يَصِحُّ، وَلَوْ جَنَى مُكَاتَبٌ عَلَى مَوْلَاهُ، أَوْ عَبْدِهِ أَوْ ابْنِهِ كَانَ كَمَا لَوْ جَنَى عَلَى غَيْرِهِمْ فَإِنْ عَجَزَ هُدِرَتْ الْجِنَايَةُ قُضِىَ بِهَا، أَوْ لَا، مِنْ الْوَجِيزِ. الْعَبْدُ الْمَجْنِيُّ عَلَيْهِ تُعْتَبَرُ قِيمَتُهُ يَوْمَ الْجِنَايَةِ كَذَا فِي الْأَشْبَاهِ مِنْ الْقَوْلِ فِي ثَمَنِ الْمِثْلِ. وَفِي الْخُلَاصَةِ الْجِنَايَةُ عَلَى الْعَبْدِ فِيمَا دُونَ النَّفْسِ لَا تَخْلُو إمَّا أَنْ تَكُونَ مُسْتَهْلَكَةً، أَوْ غَيْرَ مُسْتَهْلَكَةٍ مِثَالُهُ فَقْءُ الْعَيْنَيْنِ وَقَطْعُ الْيَدَيْنِ وَالرِّجْلَيْنِ وَالذَّكَرِ، وَقَطْعُ يَدٍ وَرِجْلٍ مِنْ جَانِبٍ وَاحِدٍ وَأَمَّا قَطْعُ الْأُذُنَيْنِ وَحَلْقُ الْحَاجِبَيْنِ إذَا لَمْ يَنْبُتْ فَفِيهِ رِوَايَتَانِ فِي رِوَايَةٍ مُسْتَهْلَكَةٌ، وَفِي رِوَايَةٍ غَيْرُ مُسْتَهْلَكَةٍ، وَلَوْ كَانَتْ الْجِنَايَةُ عَلَى الْحُرِّ لَا تُوجِبُ كَمَالَ الدِّيَةِ كَقَطْعِ يَدٍ وَرِجْلٍ مِنْ خِلَافٍ فَذَاكَ غَيْرُ مُسْتَهْلَكَةٍ وَالْأَصْلُ أَنَّ كُلَّ جِنَايَةٍ لَوْ حَصَلَتْ عَلَى الْحُرِّ وَلَهَا أَرْشٌ مُقَدَّرٌ كَالْمُوضِحَةِ فِيهَا خَمْسُمِائَةٍ وَذَلِكَ نِصْفُ عُشْرِ الدِّيَةِ فَإِذَا حَصَلَتْ فِي الْعَبْدِ يَجِبُ نِصْفُ عُشْرِ قِيمَتِهِ إلَّا إذَا بَلَغَتْ خَمْسَمِائَةٍ فَحِينَئِذٍ يُنْقَصُ نِصْفُ دِرْهَمٍ، وَإِنْ كَانَتْ أُذُنًا وَاحِدَةً، أَوْ عَيْنًا وَاحِدَةً يَجِبُ نِصْفُ قِيمَتِهِ إلَّا إذَا بَلَغَ نِصْفُ الْقِيمَةِ خَمْسَةَ آلَافِ دِرْهَمٍ فَحِينَئِذٍ يُنْقَصُ مِنْهُ خَمْسَةُ دَرَاهِمَ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهَا أَرْشٌ مُقَدَّرٌ فِي الْحُرِّ يَجِبُ فِي الْعَبْدِ نُقْصَانُ قِيمَتِهِ، وَفِي قَطْعِ أُذُنٍ وَاحِدَةٍ وَتَلَفِ حَاجِبٍ وَاحِدَةٍ رِوَايَتَانِ وَاخْتَارَ الطَّحَاوِيُّ أَنَّهُ يَجِبُ نُقْصَانُ قِيمَتِهِ وَكِلَاهُمَا غَيْرُ مُسْتَهْلَكَةٍ، وَفِي رِوَايَةٍ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 197 أُخْرَى قَطْعُهُمَا وَشَقَّهُمَا مُسْتَهْلَكَةٌ فَيَجِبُ نِصْفُ قِيمَتِهِ ثُمَّ إنْ كَانَتْ الْجِنَايَةُ مُسْتَهْلَكَةً فَعِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ الْمَوْلَى بِالْخِيَارِ إنْ شَاءَ حَبَسَ الْعَبْدَ لِنَفْسِهِ وَلَا شَيْءَ يَرْجِعُ بِهِ، وَإِنْ شَاءَ سَلَّمَهُ إلَى الْجَانِي وَرَجَعَ بِقِيمَتِهِ وَعِنْدَهُمَا إنْ شَاءَ سَلَّمَ وَرَجَعَ بِالْقِيمَةِ، وَإِنْ شَاءَ حَبَسَ وَيَرْجِعُ بِنُقْصَانِهِ اهـ. وَمَنْ قَتَلَ عَبْدًا خَطَأً فَعَلَيْهِ قِيمَتُهُ لَا تُزَادُ عَلَى دِيَةِ الْحُرِّ عَشَرَةُ آلَافِ دِرْهَمٍ فَإِنْ كَانَتْ قِيمَتُهُ عَشَرَةَ آلَافِ دِرْهَمٍ، أَوْ أَكْثَرَ قُضِىَ بِعَشَرَةِ آلَافِ دِرْهَمٍ إلَّا عَشَرَةً، وَفِي الْأَمَةِ إذَا زَادَتْ قِيمَتُهَا عَلَى الدِّيَةِ قُضِىَ بِخَمْسَةِ آلَافٍ إلَّا عَشَرَةً هَذَا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ. وَقَالَ أَبُو اللَّيْثِ: قِيمَتُهُ بَالِغَةً مَا بَلَغَتْ كَمَا فِي الْغَصْبِ، وَفِي يَدِ الْعَبْدِ نِصْفُ قِيمَتِهِ لَا يُزَادُ عَلَى خَمْسَةِ آلَافٍ مَنْقُوصَةٍ بِخَمْسَةٍ؛ لِأَنَّ الْيَدَ مِنْ الْآدَمِيِّ نِصْفُهُ فَيُعْتَبَرُ كُلُّهُ وَيُنْقَصُ هَذَا الْقَدْرُ إظْهَارًا لِانْحِطَاطِ رُتْبَتِهِ وَكُلُّ مَا يُقَدَّرُ مِنْ دِيَةِ الْحُرِّ فَهُوَ مُقَدَّرٌ مِنْ قِيمَةِ الْعَبْدِ؛ لِأَنَّ الْقِيمَةَ فِي الْعَبْدِ كَالدِّيَةِ فِي الْحُرِّ. وَلَوْ قَالَ لِعَبْدَيْهِ أَحَدُكُمَا حُرٌّ ثُمَّ شُجَّا فَأَوْقَعَ الْعِتْقَ عَلَى أَحَدِهِمَا فَأَرْشُهُمَا لِلْمَوْلَى، وَلَوْ قَتَلَهُمَا رَجُلٌ تَجِبُ دِيَةُ حُرٍّ وَقِيمَةُ عَبْدٍ فَإِنْ شَاءَ الْمَوْلَى دَفَعَ الْعَبْدَ الْمَقْتُولَ وَأَخَذَ قِيمَتَهُ، وَإِنْ شَاءَ أَمْسَكَهُ وَلَا شَيْءَ لَهُ مِنْ النُّقْصَانِ وَهَذَا بِخِلَافِ الْمُدَبَّرِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَقَالَا أَمْسَكَ الْعَبْدَ وَأَخَذَ مَا نَقَصَهُ، وَإِنْ شَاءَ دَفَعَ الْعَبْدَ وَأَخَذَ قِيمَتَهُ وَقَالَ الشَّافِعِيُّ يُضَمِّنُهُ كُلَّ الْقِيمَةِ وَيُمْسِكُ الْجُثَّةَ، وَلَوْ قَطَعَ يَدَ عَبْدٍ يُؤْمَرُ الْمَوْلَى بِالدَّفْعِ، أَوْ الْفِدَاءِ، مِنْ الْهِدَايَةِ. وَلَوْ قَطَعَ رَجُلٌ رِجْلَ عَبْدٍ مَقْطُوعِ الْيَدِ فَهُوَ عَلَى وَجْهَيْنِ إنْ قَطَعَ رِجْلَهُ مِنْ جَانِبِ الْيَدِ الْمَقْطُوعَةِ كَانَ عَلَى الْجَانِي مَا انْتَقَصَ مِنْ قِيمَتِهِ مَقْطُوعَ الْيَدِ؛ لِأَنَّهُ إتْلَافٌ فَيَجِبُ عَلَيْهِ ضَمَانُ مَا انْتَقَصَ مِنْ قِيمَتِهِ وَلَا يَجِبُ الْأَرْشُ الْمُقَدَّرُ لِلرِّجْلِ، وَإِنْ قَطَعَ الرِّجْلَ لَا مِنْ جَانِبِ الْيَدِ الْمَقْطُوعَةِ كَانَ عَلَيْهِ نِصْفُ قِيمَةِ الْعَبْدِ الْمَقْطُوعَةِ يَدُهُ، وَلَوْ كَانَ الْعَبْدُ الْمَقْطُوعُ الْيَدِ قَطَعَ إنْسَانٌ يَدَهُ الْأُخْرَى كَانَ عَلَيْهِ نُقْصَانُ قِيمَتِهِ مَقْطُوعَ الْيَدِ، وَكَذَا الْبَائِعُ إذَا قَطَعَ يَدَ عَبْدِهِ قَبْلَ التَّسْلِيمِ إلَى الْمُشْتَرِي سَقَطَ نِصْفُ الثَّمَنِ عَنْ الْمُشْتَرِي قَدْرَ مَا انْتَقَصَ مِنْ قِيمَتِهِ مَقْطُوعَ الْيَدِ إنْ انْتَقَصَ الثُّلُثَ سَقَطَ ثُلُثُ الثَّمَنِ، وَكَذَا لَوْ كَانَ مَكَانَ الْقَطْعِ فَقْءُ الْعَيْنِ فَإِذَا فَقَأَ عَيْنَ عَبْدٍ مَفْقُوءِ الْعَيْنِ يَجِبُ عَلَيْهِ مَا انْتَقَصَ مِنْ قِيمَتِهِ مَفْقُوءَ الْعَيْنِ. وَلَوْ ضَرَبَ سِنَّ مَمْلُوكٍ فَاصْفَرَّ تَجِبُ حُكُومَةُ عَدْلٍ بِالِاتِّفَاقِ مِنْ قَاضِي خَانْ. وَلَوْ دَفَعَتْ جَارِيَةٌ جَارِيَةً أُخْرَى فَذَهَبَتْ عُذْرَتُهَا قَالَ مُحَمَّدٌ عَلَيْهَا صَدَاقُ مِثْلِهَا بَلَغَنَا ذَلِكَ عَنْ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - فِي جَارِيَتَيْنِ تَدَافَعَتَا فِي حَمَّامٍ فَأُذْهِبَتْ عُذْرَةُ إحْدَاهُمَا تَضْمَنُ الْأُخْرَى صَدَاقَ مِثْلِهَا وَقَدْ وَقَعَتْ هَذِهِ الْمَسْأَلَةُ بِبُخَارَى، مِنْ الصُّغْرَى. وَلَوْ جَنَى الْعَبْدُ الْمُوصَى بِرَقَبَتِهِ لِرَجُلٍ وَبِخِدْمَتِهِ لِآخَرَ فَالْفِدَاءُ عَلَى الْمَخْدُومِ فَإِنْ مَاتَ رَجَعَ وَرَثَتُهُ بِالْفِدَاءِ عَلَى صَاحِبِ الرَّقَبَةِ وَكَانَ بِمَنْزِلَةِ الدَّيْنِ فِي عُنُقِهِ، وَلَوْ أَبَى الْمَخْدُومُ الْفِدَاءَ فَدَى صَاحِبُ الرَّقَبَةِ، أَوْ دَفَعَ وَبَطَلَتْ وَصِيَّةُ الْمَخْدُومِ. وَلَوْ جَنَى عَلَى الْعَبْدِ الْخَادِمِ جِنَايَةً لَا تُنْقِصُ الْخِدْمَةَ كَانَ الْأَرْشُ لِصَاحِبِ الرَّقَبَةِ، وَكَذَلِكَ لَوْ اكْتَسَبَ، أَوْ وَهَبَ لِلْخَادِمِ، وَلَوْ نَقَصَتْ الْخِدْمَةُ يَشْتَرِي بِالْأَرْشِ خَادِمًا يَخْدُمُهُ، وَإِنْ لَمْ يَبْلُغْ ثَمَنَ خَادِمٍ بِيعَ الْأَوَّلُ وَضُمَّ ثَمَنُهُ إلَى الْأَرْشِ فَيَشْتَرِي خَادِمًا، وَلَوْ اصْطَلَحَا فِي الْأَرْشِ أَنْ يَقْتَسِمَاهُ جَازَ؛ لِأَنَّهُ انْتَقَصَ حَقَّهُ الْمُتَعَلِّقَ بِرَقَبَتِهِ، مِنْ الْوَجِيزِ. وَإِذَا قُتِلَ خَطَأً أُخِذَتْ قِيمَتُهُ وَيَشْتَرِي بِهَا عَبْدًا وَيَنْتَقِلُ حَقُّ الْمُوصَى لَهُ فِيهِ كَذَا فِي الْأَشْبَاهِ مِنْ الْقَوْلِ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 198 فِي الْمِلْكِ. رَجُلٌ شَجَّ غَيْرَهُ مُوضِحَةً فِي رِوَايَةِ الْمَبْسُوطِ وَالْجَامِعِ يَجِبُ أَرْشٌ مُقَدَّرٌ بِنِصْفِ عُشْرِ قِيمَتِهِ، وَفِي رِوَايَةِ النَّوَادِرِ عَنْ أَصْحَابِنَا يَجِبُ النُّقْصَانُ كَالْبَهَائِمِ ذَكَرَهُ فِي الصُّغْرَى. وَلَوْ حَلَقَ لِحْيَةَ عَبْدٍ فَلَمْ تَنْبُتْ فِي قِيَاسِ قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ يَجِبُ مَا نَقَصَ الْعَبْدَ. وَإِذَا قَتَلَ الرَّجُلُ عَبْدَهُ، أَوْ أُمَّ وَلَدِهِ فَإِنَّهُ يُعَزَّرُ وَيُحْبَسُ وَلَا يَجِبُ الْقِصَاصُ وَلَا الدِّيَةُ، وَلَوْ كَانَ عَلَى الْعَبْدِ دَيْنٌ غَرِمَ الْمَوْلَى قِيمَتَهُ لِغُرَمَائِهِ حَالَّةً، كَمَا لَوْ وُجِدَ الْعَبْدُ قَتِيلًا فِي دَارِ مَوْلَاهُ كَانَتْ قِيمَتُهُ عَلَى الْمَوْلَى تُؤْخَذُ فِي ثَلَاثِ سِنِينَ يَقْضِي مِنْهُ كِتَابَتَهُ وَيَحْكُمُ بِحُرِّيَّتِهِ وَمَا بَقِيَ يَكُونُ مِيرَاثًا لِوَرَثَتِهِ. وَلَوْ وَجَدَ الرَّجُلُ قَتِيلًا فِي دَارِ عَبْدِهِ الْمَأْذُونِ كَانَتْ الدِّيَةُ عَلَى عَاقِلَةِ الْمَوْلَى كَانَ الْعَبْدُ مَدْيُونًا، أَوْ لَمْ يَكُنْ مِنْ قَاضِي خَانْ. وَإِنْ جَنَى الْمَوْلَى عَلَى مُكَاتَبِهِ، أَوْ عَلَى وَلَدِ الْمُكَاتَبِ لَزِمَتْهُ الْجِنَايَةُ؛ لِأَنَّهُ صَارَ كَالْأَجْنَبِيِّ كَمَا فِي الْهِدَايَةِ وَغَيْرِهَا. وَإِذَا جَنَى الْعَبْدُ الْمَغْصُوبُ عَلَى مَوْلَاهُ جِنَايَةً مُوجِبَةً لِلْمَالِ بِأَنْ قَتَلَهُ خَطَأً، أَوْ جَنَى عَلَى رَقِيقِهِ خَطَأً، أَوْ عَلَى مَالِهِ بِأَنْ أَتْلَفَ شَيْئًا مِنْ مِلْكِهِ تُعْتَبَرُ جِنَايَتُهُ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ حَتَّى يَضْمَنَ الْغَاصِبُ قِيمَةَ الْعَبْدِ الْمَغْصُوبِ لِمَوْلَاهُ إلَّا أَنْ يَكُونَ الْأَرْشُ، أَوْ قِيمَةُ الْمُتْلَفِ أَقَلَّ مِنْ قِيمَةِ الْعَبْدِ وَقَالَ صَاحِبَاهُ جِنَايَتُهُ عَلَى مَوْلَاهُ وَعَلَى رَقِيقِهِ وَعَلَى مَالِهِ هَدَرٌ. وَلَوْ جَنَى عَلَى غَاصِبِهِ أَوْ رَقِيقِهِ جِنَايَةً مُوجِبَةً لِلْمَالِ فَعِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ لَا تُعْتَبَرُ فَتَكُونُ هَدَرًا حَتَّى لَا يُخَاطَبَ الْمَوْلَى بِالدَّفْعِ، أَوْ الْفِدَاءِ وَقَالَا تَكُونُ مُعْتَبَرَةً وَيُقَالُ لِلْوَلِيِّ: ادْفَعْ الْعَبْدَ، أَوْ افْدِهِ بِالْأَرْشِ، وَإِذَا جَنَى الْمُدَبَّرُ فِي يَدِ الْغَاصِبِ غَرِمَ مَوْلَاهُ الْأَقَلَّ مِنْ قِيمَتِهِ وَمِنْ أَرْشِ الْجِنَايَةِ وَرَجَعَ بِهِ عَلَى الْغَاصِبِ، وَإِذَا جَنَى الْمُدَبَّرُ فِي يَدِ الْغَاصِبِ ثُمَّ رَدَّهُ عَلَى الْمَوْلَى فَجَنَى عِنْدَ الْمَوْلَى جِنَايَةً أُخْرَى فَعَلَى الْمَوْلَى قِيمَتُهُ بَيْنَهُمَا نِصْفَانِ وَيَرْجِعُ الْمَوْلَى بِنِصْفِ قِيمَتِهِ عَلَى الْغَاصِبِ وَيَدْفَعُهُ إلَى وَلِيِّ الْجِنَايَةِ الْأُولَى ثُمَّ يَرْجِعُ بِذَلِكَ عَلَى الْغَاصِبِ وَهَذَا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ وَقَالَ مُحَمَّدٌ نِصْفُ الْقِيمَةِ الَّتِي رَجَعَ بِهِ عَلَى الْغَاصِبِ يُسَلَّمُ لِلْمَوْلَى وَلَا يَدْفَعُهُ إلَى وَلِيِّ الْجِنَايَةِ الْأُولَى. لَوْ جَنَى عَبْدُ الْمَوْلَى أَوَّلًا ثُمَّ غَصَبَهُ فَجَنَى عِنْدَهُ ضَمِنَ الْمَوْلَى قِيمَتَهُ لَهُمَا وَرَجَعَ بِنِصْفِهَا عَلَى الْغَاصِبِ فَيَدْفَعُهُ إلَى وَلِيِّ الْجِنَايَةِ الْأُولَى وَلَا يَرْجِعُ بِهِ عَلَى الْغَاصِبِ وَهَذَا بِالْإِجْمَاعِ وَالْجَوَابُ فِي الْعَبْدِ كَالْجَوَابِ فِي الْمُدَبَّرِ فِي جَمِيعِ مَا ذَكَرْنَا إلَّا أَنَّ الْمَوْلَى يَدْفَعُ الْعَبْدَ وَالْقِيمَةَ فِي الْمُدَبَّرِ، وَمَنْ غَصَبَ مُدَبَّرًا فَجَنَى عِنْدَهُ جِنَايَةً ثُمَّ رَدَّهُ عَلَى الْمَوْلَى ثُمَّ غَصَبَهُ ثُمَّ جَنَى عِنْدَهُ جِنَايَةً أُخْرَى فَعَلَى الْمَوْلَى قِيمَتُهُ بَيْنَهُمَا نِصْفَيْنِ ثُمَّ يَرْجِعُ بِقِيمَتِهِ عَلَى الْغَاصِبِ فَيَدْفَعُ نِصْفَهَا إلَى وَلِيِّ الْأُولَى وَيَرْجِعُ بِهِ عَلَى الْغَاصِبِ وَلَا يَدْفَعُهُ إلَى وَلِيِّ الْجِنَايَةِ الْأُولَى وَلَا إلَى وَلِيِّ الْجِنَايَةِ الثَّانِيَةِ ثُمَّ قِيلَ هَذِهِ الْمَسْأَلَةُ عَلَى الِاخْتِلَافِ مَعَ مُحَمَّدٍ كَالْأُولَى وَقِيلَ عَلَى الْإِتْلَافِ بِالِاتِّفَاقِ هَذِهِ الْجُمْلَةُ، مِنْ الْهِدَايَةِ. مَرِيضٌ حَرَّرَ قِنَّهُ فَقَتَلَ مَوْلَاهُ فَعَلَيْهِ أَنْ يُسْعَى فِي قِيمَتَيْنِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ إحْدَاهُمَا نَقْضًا لِلْوَصِيَّةِ إذْ التَّحْرِيرُ فِي مَرَضِ مَوْتِهِ وَصِيَّةٌ فَلَمْ تَجُزْ لِقَاتِلِهِ إلَّا أَنَّ الْعِتْقَ لَا يَحْتَمِلُ النَّقْضَ بَعْدَ وُقُوعِهِ فَتَجِبُ قِيمَتُهُ ثُمَّ عَلَيْهِ قِيمَةٌ أُخْرَى بِقَتْلِهِ إذْ الْمُسْتَسْعَى كَمُكَاتَبٍ عِنْدَهُ وَالْمُكَاتَبُ بِقَتْلِهِ مَوْلَاهُ يَلْزَمُهُ الْأَقَلُّ مِنْ قِيمَتِهِ وَمِنْ الدِّيَةِ وَالْقِيمَةُ هُنَا أَقَلُّ فَيُسْعَى لِذَلِكَ فِي قِيمَتِهِ وَقَالَا يُسْعَى فِي قِيمَةٍ وَاحِدَةٍ لِلْوَصِيَّةِ إذْ الدِّيَةُ عَلَى عَاقِلَتِهِ كَقَتْلِهِ بَعْدَ عِتْقِهِ وَالْمُسْتَسْعَى حُرٌّ مَدْيُونٌ عِنْدَهُمَا كَذَا فِي الْوَصِيَّةِ مِنْ أَحْكَامِ الْمَرْضَى، مِنْ الْفُصُولَيْنِ. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 199 [الْفَصْلُ السَّابِعُ فِي الْجَنِينِ] (الْفَصْلُ السَّابِعُ فِي الْجَنِينِ) إذَا ضَرَبَ بَطْنَ امْرَأَةٍ فَأَلْقَتْ جَنِينًا مَيِّتًا وَجَبَتْ الْغُرَّةُ عَلَى عَاقِلَتِهِ فِي سَنَةٍ وَالْغُرَّةُ عِنْدَهُمَا خَمْسُمِائَةِ دِرْهَمٍ نِصْفُ عُشْرِ دِيَةِ الرَّجُلِ ذَكَرًا كَانَ الْجَنِينُ، أَوْ أُنْثَى، أَوْ عَبْدًا، أَوْ فَرَسًا قِيمَتُهُ خَمْسُمِائَةِ دِرْهَمٍ فَإِنْ أَلْقَتْهُ حَيًّا ثُمَّ مَاتَ فَفِيهِ الدِّيَةُ كَامِلَةً، وَإِنْ أَلْقَتْهُ مَيِّتًا ثُمَّ مَاتَتْ الْأُمُّ فَعَلَيْهِ دِيَةٌ فِي الْأُمِّ وَغُرَّةٌ فِي الْجَنِينِ، وَإِنْ مَاتَتْ الْأُمُّ ثُمَّ أَلْقَتْهُ مَيِّتًا فَعَلَيْهِ دِيَتَانِ وَمَا يَجِبُ فِي الْجَنِينِ يُورَثُ عَنْهُ وَلَا يَرِثُ الضَّارِبُ حَتَّى لَوْ كَانَ الضَّارِبُ الْأَبَ وَجَبَتْ الْغُرَّةُ عَلَى عَاقِلَتِهِ وَلَا يَرِثُ مِنْهَا ذَكَرَهُ فِي الْهِدَايَةِ، وَإِذَا أَسْقَطَتْ الْمَرْأَةُ الْوَلَدَ وَجَبَتْ الْغُرَّةُ عَلَى عَاقِلَتِهَا، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهَا عَاقِلَةٌ فَفِي مَالِهَا فِي سَنَةٍ وَلَا تَرِثُ مِنْهَا، وَإِنْ لَمْ تَتَعَمَّدْ إسْقَاطَ الْوَلَدِ فَسَقَطَ الْوَلَدُ لَا شَيْءَ عَلَيْهَا كَمَا فِي قَاضِي خَانْ، وَفِي الْوِقَايَةِ أَسْقَطَتْ الْحُرَّةُ الْوَلَدَ عَمْدًا بِدَوَاءٍ، أَوْ فِعْلٍ بِلَا إذْنِ زَوْجِهَا وَجَبَتْ الْغُرَّةُ وَإِنْ أَذِنَ لَا لِعَدَمِ التَّعَدِّي، انْتَهَى. وَكَذَلِكَ مُخْتَلِعَةٌ حَامِلٌ احْتَالَتْ لِمُضِيِّ عِدَّتِهَا بِإِسْقَاطِ الْوَلَدِ فَعَلَيْهَا الْغُرَّةُ لِلزَّوْجِ كَمَا فِي الْوَجِيزِ وَالْفُصُولَيْنِ، وَفِي جَنِينِ الْأَمَةِ نِصْفُ عُشْرِ قِيمَتِهِ إنْ كَانَ ذَكَرًا وَعُشْرُ قِيمَتِهَا إنْ كَانَ أُنْثَى وَهُمَا فِي الْقَدْرِ سَوَاءٌ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَقَالَا: فِي جَنِينِ الْأَمَةِ نُقْصَانُ الْأَمَةِ كَمَا فِي سَخْلَةِ الشَّاةِ مِنْ قَاضِي خَانْ وَيُعْتَبَرُ قِيمَةُ نَفْسِهِ لَا قِيمَةُ أُمِّهِ ذَكَرَهُ فِي الْوَجِيزِ وَيَجِبُ فِي مَالِ الضَّارِبِ حَالًّا كَمَا فِي الْمَجْمَعِ، وَإِنْ ضَرَبَ فَأَعْتَقَ الْمَوْلَى مَا فِي بَطْنِهَا ثُمَّ أَلْقَتْهُ حَيًّا ثُمَّ مَاتَ تَجِبُ قِيمَتُهُ حَيًّا وَلَا تَجِبُ الدِّيَةُ، وَإِنْ مَاتَ بَعْدَ الْعِتْقِ وَقِيلَ هَذَا عِنْدَهُمَا وَعِنْدَ مُحَمَّدٍ يَجِبُ قِيمَةُ مَا بَيْنَ كَوْنِهِ مَضْرُوبًا إلَى كَوْنِهِ غَيْرَ مَضْرُوبٍ، مِنْ الْهِدَايَةِ. وَإِنْ ضَرَبَ بَطْنَ امْرَأَةٍ فَأَلْقَتْ جَنِينَيْنِ أَحَدُهُمَا مَيِّتٌ وَالْآخَرُ حَيٌّ فَمَاتَ الْحَيُّ بَعْدَ الْإِسْقَاطِ مِنْ ذَلِكَ الضَّرْبِ كَانَ عَلَى الضَّارِبِ غُرَّةٌ فِي الْمَيِّتِ وَدِيَةٌ كَامِلَةٌ فِي الْحَيِّ كَمَا فِي قَاضِي خَانْ، وَإِنْ أَلْقَتْهُمَا حَيَّيْنِ ثُمَّ مَاتَا فَفِي كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا دِيَةٌ كَامِلَةٌ، وَإِنْ أَلْقَتْهُمَا مَيِّتَيْنِ فَفِيهِمَا غُرَّتَانِ كَمَا فِي الْوَجِيزِ وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ يَجِبُ فِي كُلِّ وَاحِدٍ مِنْ الْجَنِينَيْنِ حَالَةَ الِاجْتِمَاعِ مَا يَجِبُ حَالَةَ الِانْفِرَادِ كَمَا فِي الْخُلَاصَةِ، وَإِنْ ضَرَبَتْ الْمَرْأَةُ بَطْنَ نَفْسِهَا فَأَلْقَتْ جَنِينًا إنْ تَعَمَّدَتْ بِذَلِكَ إسْقَاطَ الْوَلَدِ وَجَبَتْ الْغُرَّةُ وَإِلَّا فَلَا ذَكَرَهُ فِي الصُّغْرَى. وَالْجَنِينُ الَّذِي اسْتَبَانَ بَعْضُ خَلْقِهِ كَالتَّامِّ فِي جَمِيعِ الْأَحْكَامِ ذَكَرَهُ فِي الْهِدَايَةِ. وَفِي الْفُصُولَيْنِ عَنْ الزِّيَادَاتِ شَرَى أَمَةً فَحَمَلَتْ مِنْهُ ثُمَّ ضَرَبَتْ بَطْنَ نَفْسِهَا أَوْ فَعَلَتْ شَيْئًا كَدَوَاءٍ وَغَيْرِهِ مُتَعَمِّدَةً لِسُقُوطِ الْجَنِينِ ثُمَّ اسْتَحَقَّهَا رَجُلٌ بِبَيِّنَةٍ وَقُضِيَ لَهُ بِهَا وَبِعُقْرِهَا يُقَالُ لِلْمُسْتَحِقِّ: قَتَلَتْ أَمَتُك وَلَدَهَا وَهُوَ وَلَدُ هَذَا الرَّجُلِ وَهُوَ حُرٌّ؛ لِأَنَّهُ وَلَدُ مَغْرُورٍ وَوَلَدُ الْمَغْرُورِ حُرٌّ وَالْجَنِينُ الْحُرُّ مَضْمُونٌ بِالْغُرَّةِ فَادْفَعْ أَمَتَك أَوْ افْدِهَا بِغُرَّةِ الْجَنِينِ الْحُرِّ ثُمَّ قَالَ صَاحِبُ الْفُصُولَيْنِ أَقُولُ إذَا أَخَذَ الْغُرَّةَ يَنْبَغِي أَنْ يَجُوزَ لِلْمُسْتَحِقِّ أَنْ يُطَالِبَهُ بِقِيمَةِ الْجَنِينِ إذْ قِيَامُ الْبَدَلِ كَقِيَامِ الْمُبْدَلِ عَنْهُ كَمَا هُوَ كَذَلِكَ فِي وَلَدِ مَغْرُورٍ قُتِلَ قَدْ أَثْبَتُّهُ عَنْ الْكَافِي وَغَيْرِهِ فِي كِتَابِنَا الْمُسَمَّى بِلَطَائِفِ الْإِشَارَاتِ انْتَهَى وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. [بَاب فِي مَسَائِل الْحُدُود وَفِيهِ ضمان جِنَايَة الزِّنَا وضمان السَّارِق وقاطع الطَّرِيق] (الْبَابُ الثَّالِثَ عَشَرَ فِي مَسَائِلِ الْحُدُودِ، وَفِيهِ ضَمَانُ جِنَايَةِ الزِّنَا وَضَمَانُ السَّارِقِ وَقَاطِعِ الطَّرِيقِ) الجزء: 1 ¦ الصفحة: 200 إذَا وَجَبَ عَلَى رَجُلٍ حَدٌّ وَتَعْزِيرٌ فَجَلَدَهُ الْإِمَامُ، أَوْ عَزَّرَهُ فَمَاتَ فَدَمُهُ هَدَرٌ بِخِلَافِ الزَّوْجِ إذَا عَزَّرَ زَوْجَتَهُ فِيمَا يَجُوزُ لَهُ تَعْزِيرُهَا حَيْثُ يَضْمَنُ كَمَا فِي الْهِدَايَةِ وَالْكَنْزِ وَالْأَصْلُ فِيهِ أَنَّ الْوَاجِبَ لَا يَتَقَيَّدُ بِوَصْفِ السَّلَامَةِ وَالْمُبَاحُ يَتَقَيَّدُ بِهَا وَفِعْلُ الْإِمَامِ مِنْ قَبِيلِ الْأَوَّلِ وَفِعْلُ الزَّوْجِ مِنْ قَبِيلِ الثَّانِي وَتَمَامُ الْكَلَامِ فِي فُرُوعِ هَذَا الْأَصْلِ فِي التَّعْزِيرِ مِنْ الزَّيْلَعِيِّ وَذَكَرْنَا عَنْ الْأَشْبَاهِ طَرَفًا مِنْهُ فِي الْجِنَايَاتِ. ابْنُ سِمَاعَةَ عَنْ أَبِي يُوسُفَ قَاضٍ رَأَى التَّعْزِيرَ لِرَجُلٍ مِائَةً فَمَاتَ قَالَ لَا يَضْمَنُ؛ لِأَنَّهُ قَدْ وَرَدَ الْأَثَرُ إنَّ أَكْثَرَ مَا عَزَّرُوهُ مِائَةٌ فَإِنْ زَادَ عَلَى مِائَةٍ فَمَاتَ فَنِصْفُ الدِّيَةِ فِي بَيْتِ الْمَالِ، مِنْ مُشْتَمِلِ الْأَحْكَامِ نَقْلًا عَنْ الْوَجِيزِ. لَوْ شَهِدَ أَرْبَعَةٌ عَلَى رَجُلٍ بِالزِّنَا وَهُوَ غَيْرُ مُحْصَنٍ فَجُلِدَ فَجَرَحَهُ الْجَلْدُ وَمَاتَ ثُمَّ وَجَدَ أَحَدُهُمْ عَبْدًا، أَوْ مَحْدُودًا فِي قَذْفٍ فَلَا ضَمَانَ عَلَى أَحَدٍ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَلَكِنْ تُحَدُّ الشُّهُودُ وَقَالَ صَاحِبَاهُ أَرْشُ الْجُرْحِ وَالدِّيَةُ فِي بَيْتِ الْمَالِ وَعَلَى هَذَا إذَا رَجَعُوا يُحَدُّونَ وَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِمْ عِنْدَهُ، وَقَالَا: يَجِبُ عَلَيْهِمْ الضَّمَانُ فِي الرُّجُوعِ كَمَا فِي الْهِدَايَةِ وَقَاضِي خَانْ وَعَلَى هَذَا الِاخْتِلَافِ لَوْ ظَهَرَ أَحَدُهُمْ كَافِرًا ذَكَرَهُ فِي الْوَجِيزِ وَلَا ضَمَانَ عَلَى الْجَلَّادِ صَرَّحَ بِهِ فِي الْهِدَايَةِ، وَإِنْ كَانَ الْمَشْهُودُ عَلَيْهِ بِالزِّنَا مُحْصَنًا فَرُجِمَ ثُمَّ ظَهَرُوا عَبِيدًا فَالدِّيَةُ عَلَى بَيْتِ الْمَالِ اتِّفَاقًا. شَهِدَ أَرْبَعَةٌ بِالزِّنَا فَرُجِمَ ثُمَّ رَجَعَ مِنْهُمْ وَاحِدٌ حُدَّ وَغَرِمَ رُبُعَ الدِّيَةِ وَهَكَذَا كُلَّمَا رَجَعَ وَاحِدٌ مِنْهُمْ حُدَّ وَغَرِمَ رُبُعَ الدِّيَةِ، وَإِنْ كَانُوا خَمْسَةً فَرَجَعَ أَحَدُهُمْ لَا شَيْءَ عَلَيْهِ فَإِنْ رَجَعَ آخَرُ حُدَّ وَغَرِمَ رُبُعَ الدِّيَةِ، وَإِذَا شَهِدَ أَرْبَعَةٌ عَلَى الزِّنَا فَزُكُّوا فَرُجِمَ ثُمَّ ظَهَرُوا مَجُوسًا، أَوْ عَبِيدًا فَالدِّيَةُ عَلَى الْمُزَكِّي عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَقَالَا: عَلَى بَيْتِ الْمَالِ، قِيلَ: هَذَا إذَا قَالُوا تَعَمَّدْنَا التَّزْكِيَةَ عَلَى عِلْمِنَا بِحَالِهِمْ، وَإِنْ قَالُوا: أَخْطَأْنَا فَالدِّيَةُ فِي بَيْتِ الْمَالِ اتِّفَاقًا وَهَذَا إذَا أَخْبَرُوا بِالْحُرِّيَّةِ وَالْإِسْلَامِ وَأَمَّا إذَا قَالُوا هُمْ عُدُولٌ وَظَهَرُوا عَبِيدًا فَالدِّيَةُ فِي بَيْتِ الْمَالِ اتِّفَاقًا وَلَا ضَمَانَ عَلَى الشُّهُودِ ذَكَرَهُ فِي الْهِدَايَةِ. وَلَوْ رَجَعَ الْمُزَكُّونَ عَنْ التَّزْكِيَةِ بَعْدَ الرَّجْمِ عُزِّرُوا وَعَلَيْهِمْ الضَّمَانُ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ خِلَافًا لَهُمَا ذَكَرَهُ فِي الْمَجْمَعِ قَالَ فِي شَرْحِهِ هَذَا إذَا قَالُوا تَعَمَّدْنَا التَّزْكِيَةَ، وَإِنْ قَالُوا أَخْطَأْنَا فِي التَّزْكِيَةِ يَضْمَنُونَ اتِّفَاقًا. وَإِنْ شَهِدَ أَرْبَعَةٌ عَلَى مُحْصَنٍ بِالزِّنَا وَرَجُلَانِ عَلَى الْإِحْصَانِ ثُمَّ رَجَعَ شُهُودُ الْإِحْصَانِ بَعْدَ الرَّجْمِ لَا يَجِبُ الضَّمَانُ عَلَى شُهُودِ الْإِحْصَانِ وَلَا يُحَدُّونَ وَيَجِبُ الْحَدُّ عَلَى شُهُودِ الزِّنَا وَالدِّيَةُ فِي مَالِهِمْ وَقَالَ زُفَرُ لَا حَدَّ عَلَى أَحَدٍ وَتَكُونُ الدِّيَةُ عَلَى الْفَرِيقَيْنِ نِصْفَيْنِ، وَإِنْ شَهِدَ أَرْبَعَةٌ عَلَى رَجُلٍ بِالزِّنَا فَأَمَرَ الْقَاضِي بِرَجْمِهِ فَقَتَلَهُ رَجُلٌ ثُمَّ وَجَدَ الشُّهُودَ عَبِيدًا فَعَلَى الْقَاتِلِ الدِّيَةُ فِي مَالِهِ فِي ثَلَاثِ سِنِينَ وَيَجِبُ الْقِصَاصُ، وَلَوْ رُجِمَ ثُمَّ ظَهَرُوا عَبِيدًا فَالدِّيَةُ عَلَى بَيْتِ الْمَالِ كَمَا لَوْ بَاشَرَ الْإِمَامُ الرَّجْمَ بِنَفْسِهِ ذَكَرَهُ فِي الْهِدَايَةِ. رَجُلٌ أَقَرَّ بِالزِّنَا وَهُوَ مُحْصَنٌ فَأَمَرَ الْقَاضِي بِرَجْمِهِ فَذَهَبُوا لِيَرْجُمُوهُ فَرَجَعَ عَمَّا أَقَرَّ فَقَتَلَهُ رَجُلٌ لَا شَيْءَ عَلَيْهِ مَا لَمْ يُبْطِلْ الْقَاضِي عَقْدَ الرَّجْمِ. وَمَنْ زَنَى بِامْرَأَةٍ فَأَفْضَاهَا وَلَمْ تَسْتَمْسِكْ مَعَهُ الْبَوْلَ حُدَّ وَضَمِنَ الدِّيَةَ، وَإِنْ كَانَتْ تَسْتَمْسِكُ حُدَّ وَضَمِنَ ثُلُثَ الدِّيَةِ؛ لِأَنَّهُ أَجَافَهَا، وَفِي الْجَائِفَةِ ثُلُثُ الدِّيَةِ، وَإِنْ كَانَتْ صَغِيرَةً لَا يُجَامَعُ مِثْلُهَا فَإِنْ كَانَتْ تَسْتَمْسِكُ الْبَوْلَ لَزِمَهُ ثُلُثُ الدِّيَةِ وَالْمَهْرُ كَامِلًا وَلَا حَدَّ وَيُعَزَّرُ، وَإِنْ كَانَتْ لَا تَسْتَمْسِكُ ضَمِنَ الدِّيَةَ وَلَا يَضْمَنُ الْمَهْرَ عِنْدَهُمَا وَعِنْدَ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 201 مُحَمَّدٍ يَضْمَنُ وَلَا حَدَّ عَلَى الرَّجُلِ، مِنْ الْوَجِيزِ. إذَا زَنَى بِصَغِيرَةٍ مُشْتَهَاةٍ بِشُبْهَةٍ، أَوْ كَبِيرَةٍ مُسْتَكْرَهَةٍ فَأَفْضَاهَا وَجَبَتْ الدِّيَةُ لِتَفْوِيتِ جِنْسِ الْمَنْفَعَةِ فِي مَالِهِ؛ لِأَنَّهُ شَبَهُ الْعَمْدِ وَلَا يَجِبُ عَلَيْهِ الْعُقْرُ عِنْدَهُمَا، وَقَالَ مُحَمَّدٌ يَجِبُ، وَأَمَّا الْحَدُّ فَلَا يَجِبُ اتِّفَاقًا، وَإِنْ لَمْ تَكُنْ مُشْتَهَاةً لَزِمَهُ الْمَهْرُ كَامِلًا اتِّفَاقًا وَلَا حَدَّ عَلَيْهِ، وَإِنْ لَمْ يَدَعْ الشُّبْهَةَ لِتَمَكُّنِ الْقُصُورِ فِي مَعْنَى الزِّنَا. وَلَوْ وَطِئَ صَغِيرَةً مُشْتَهَاةً بِدَعْوَى الشُّبْهَةِ فَلَا حَدَّ وَيَجِبُ الْعُقْرُ، وَإِنْ كَانَ مِنْ غَيْرِ دَعْوَى الشُّبْهَةِ فَعَلَيْهِمَا الْحَدُّ وَلَا مَهْرَ لِوُجُوبِ الْحَدِّ وَلَا شَيْءَ لَهَا فِي الْإِفْضَاءِ فِي الْفُصُولَيْنِ لِرِضَاهَا بِهِ، مِنْ شَرْحِ الْمَجْمَعِ، وَالْإِفْضَاءُ مِنْ الْمَشَايِخِ مَنْ قَالَ: هُوَ جَعْلُ مَسْلَكِ الْبَوْلِ وَالْحَيْضِ وَاحِدًا وَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ هُوَ جَعْلُ مَسْلَكِ الْبَوْلِ وَالْغَائِطِ وَاحِدًا ذَكَرَهُ فِي الْحَقَائِقِ وَاعْلَمْ أَنَّ الْخِلَافَ فِيمَا إذَا أَفْضَاهَا بِحَيْثُ لَا تَسْتَمْسِكُ الْبَوْلَ إذْ لَوْ كَانَتْ مُفْضَاةً مُسْتَمْسِكَةً بَوْلَهَا ضَمِنَ ثُلُثَ الدِّيَةِ؛ لِأَنَّهُ فِي مَعْنَى الْجَائِفَةِ وَلَا يَجِبُ مَعَهُ الْعُقْرُ اتِّفَاقًا، مِنْ شَرْحِ الْمَجْمَعِ. وَلَوْ أَكْرَهَ امْرَأَةً عَلَى الزِّنَا فَزَنَى بِهَا فَعَلَيْهِ الْحَدُّ فَقَطْ عِنْدَنَا، وَقَالَ مَالِكٌ عَلَيْهِ الْعُقْرُ أَيْضًا، مِنْ دُرَرِ الْبِحَارِ. وَإِذَا زَنَى بِجَارِيَةٍ فَقَتَلَهَا بِفِعْلِ الزِّنَا وَجَبَتْ عَلَيْهِ قِيمَتُهَا وَيَسْقُطُ الْحَدُّ عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ وَقَالَا يُحَدُّ أَيْضًا، مِنْ الْهِدَايَةِ. وَلَوْ زَنَى بِامْرَأَةٍ صَغِيرَةٍ لَا يُجَامَعُ مِثْلُهَا فَمَاتَتْ تَجِبُ الدِّيَةُ عَلَى عَاقِلَتِهِ هَذِهِ فِي الْجِنَايَاتِ مِنْ الْخُلَاصَةِ. وَلَوْ وَطِئَ جَارِيَةَ إنْسَانٍ بِشُبْهَةٍ وَأَزَالَ بَكَارَتهَا عَلَى قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ يُنْظَرُ إلَى مَهْرِ مِثْلِهَا غَيْرِ بِكْرٍ وَإِلَى نُقْصَانِ الْبَكَارَةِ أَيُّهُمَا كَانَ أَكْثَرَ يَجِبُ ذَلِكَ، وَيَدْخُلُ الْأَقَلُّ فِي الْأَكْثَرِ، وَلَوْ أَنَّ صَبِيًّا زَنَى بِصَبِيَّةٍ لَا حَدَّ وَعَلَيْهِ الْمَهْرُ فِي مَالِهِ بِإِزَالَةِ الْبَكَارَةِ؛ لِأَنَّهُ مُؤَاخَذٌ بِأَفْعَالِهِ وَإِذْنُهَا لَمْ يَصِحَّ نَصَّ عَلَيْهِ فِي الصُّغْرَى، وَإِنْ كَانَتْ مُطَاوِعَةً لَا يَجِبُ الْمَهْرُ؛ لِأَنَّ الْمَهْرَ لَوْ وَجَبَ عَلَى الصَّبِيِّ كَانَ لِوَلِيِّ الصَّبِيِّ أَنْ يَرْجِعَ بِذَلِكَ عَلَيْهَا كَمَا لَوْ أَمَرَ صَبِيًّا بِشَيْءٍ فَلَحِقَهُ غُرْمٌ كَانَ لِلْوَلِيِّ أَنْ يَرْجِعَ عَلَى الْآمِرِ فَلَا يُفِيدُ تَضْمِينَ الصَّغِيرِ ذَكَرَهُ قَاضِي خَانْ، وَوَجْهٌ آخَرُ ذَكَرَهُ فِي الصُّغْرَى وَهُوَ أَنَّ رِضَاهَا مُعْتَبَرٌ فِي إسْقَاطِ حَقِّهَا. وَلَوْ أَنَّ أَمَةً بَالِغَةً دَعَتْ صَبِيًّا فَزَنَى بِهَا وَأَذْهَبَ عُذْرَتَهَا كَانَ عَلَى الصَّبِيِّ مَهْرُهَا؛ لِأَنَّ أَمْرَ الْأَمَةِ لَا يَصِحُّ فِي حَقِّ الْمَوْلَى مِنْ قَاضِي خَانْ، وَكَذَا لَوْ دَعَتْ صَبِيَّةٌ صَبِيًّا كَانَ عَلَيْهِ الْمَهْرُ، مِنْ الْخُلَاصَةِ. وَلَوْ أَنَّ رَجُلًا وَطِئَ بَهِيمَةً لِغَيْرِهِ كَانَ عَلَيْهِ قِيمَتُهَا إذْ يَحْرُمُ أَكْلُهَا، مِنْ الصُّغْرَى وَغَيْرِهَا. ادَّعَى عَلَى رَجُلٍ أَنَّهُ وَطِئَ جَارِيَتَهُ وَحَبِلَتْ مِنْهُ وَادَّعَى النُّقْصَانَ بِهَذَا السَّبَبِ لَهُ أَنْ يُحَلِّفَهُ إنْ أَنْكَرَ الدُّخُولَ بِهَا، وَإِنْ حَلَفَ لَهُ أَنْ يَطْلُبَ مِنْ الْحَاكِمِ تَقْرِيرَ الْمُدَّعِي، وَلَوْ بَرْهَنَ الْمُدَّعَى لَهُ طَلَبَ النُّقْصَانِ كَذَا فِي مُشْتَمِلِ الْهِدَايَةِ. وَمَنْ وَطِئَ جَارِيَةَ ابْنِهِ فَجَاءَتْ بِوَلَدٍ فَادَّعَاهُ ثَبَتَ نَسَبُهُ وَكَانَ عَلَيْهِ قِيمَتُهَا وَلَا حَدَّ عَلَيْهِ وَالظَّاهِرُ مِنْ كَلَامِهِمْ أَنَّ الِاعْتِبَارَ بِقِيمَتِهَا قَبْلَ الْعَلُوقِ لِقَوْلِهِمْ أَنَّ الْمِلْكَ يَثْبُتُ شَرْطًا لِلِاسْتِيلَادِ عِنْدَنَا لَا حُكْمًا كَذَا فِي الْأَشْبَاهِ مِنْ الْقَوْلِ فِي ثَمَنِ الْمِثْلِ. وَفِي الْمُنْتَقَى عَنْ الْإِمَامِ أَدْرَكْت اللِّصَّ وَهُوَ يُنَقِّبُ لَك قَتْلُهُ قَالَ مُحَمَّدٌ إنْ قَتَلَهُ غَرِمَ الدِّيَةَ فِي مَالِهِ، وَقَالَ الثَّانِي حَذَّرَهُ فَإِنْ ذَهَبَ وَإِلَّا فَارْمِهِ فَإِنْ دَخَلَ بَيْتًا فَخِفْت أَنْ يَبْدَأَك بِضَرْبٍ أَوْ خِفْت أَنْ يَرْمِيَك فَارْمِهِ وَلَا تَتَحَذَّرْ وَقَالَ مُحَمَّدٌ لَوْ أَنَّ لِصًّا دَخَلَ دَارًا وَلَا سِلَاحَ مَعَهُ وَصَاحِبُ الدَّارِ يَعْلَمُ أَنَّهُ يَقْوَى عَلَى أَخْذِهِ إنْ ثَبَتَ إلَّا أَنَّهُ يَخَافُ أَنْ يَأْخُذَ بَعْضَ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 202 مَتَاعِهِ وَلَا يَقْدِرُ عَلَيْهِ وَسِعَهُ ضَرْبُهُ وَقَتْلُهُ وَكَذَا لَوْ رَأَى فِي مَنْزِلِهِ رَجُلًا مَعَ أَهْلِ بَيْتِهِ وَجَارِهِ يَفْجُرُ وَخَافَ إنْ أَخَذَهُ أَنْ يَقْهَرَهُ فَهُوَ فِي سِعَةٍ مِنْ قَتْلِهِ وَلَوْ كَانَتْ مُطَاوِعَةً لَهُ قَتَلَهُمَا. وَلَوْ اسْتَكْرَهَ رَجُلٌ امْرَأَةً لَهَا قَتْلُهُ وَكَذَا الْغُلَامُ وَهُوَ الْمَأْخُوذُ وَإِنْ قَتَلَهُ فَدَمُهُ هَدَرٌ إذَا لَمْ يَسْتَطِعْ مَنْعَهُ إلَّا بِالْقَتْلِ. قَتَلَهُ صَاحِبُ الدَّارِ وَبَرْهَنَ فَدَمُهُ هَدَرٌ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ بَيِّنَةٌ عَلَى أَنَّهُ كَابَرَ إنْ لَمْ يَكُنْ الْمَقْتُولُ مَعْرُوفًا بِالسَّرِقَةِ قُتِلَ صَاحِبُ الدَّارِ قِصَاصًا وَإِنْ كَانَ مُتَّهَمًا بِهَا فَكَذَلِكَ فِي الْقِيَاسِ وَفِي الِاسْتِحْسَانِ تَجِبُ الدِّيَةُ فِي مَالِهِ؛ لِأَنَّ دَلَالَةَ الْحَالِ أَوْرَثْت شُبْهَةً فِي الْقِصَاصِ لَا فِي الْمَالِ، مِنْ الْبَزَّازِيَّةِ. وَلَوْ نَقَبَ حَائِطًا وَلَمْ يُنْفِذْ نَقْبَهُ حَتَّى عَلِمَ صَاحِبُ الْبَيْتِ فَأَلْقَى عَلَيْهِ حَجَرًا فَقَتَلَهُ لَا قِصَاصَ عَلَيْهِ وَعَلَيْهِ الْكَفَّارَةُ وَعَلَى عَاقِلَتِهِ الدِّيَةُ، مِنْ مُشْتَمِلِ الْأَحْكَامِ. لَوْ قَطَعَ الْقَاضِي يَدَ السَّارِقِ فَسَرَى إلَى النَّفْسِ وَمَاتَ فَلَا ضَمَانَ كَمَا فِي الْأَشْبَاهِ وَهِيَ مِنْ فُرُوعِ الْأَصْلِ الَّذِي مَرَّ فِي أَوَّلِ الْبَابِ. وَلَوْ أَمَرَ الْقَاضِي الْجَلَّادَ بِقَطْعِ يَمِينِهِ فَقَطَعَ يَسَارَهُ لَا ضَمَانَ عَلَيْهِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَقَالَا: يَضْمَنُ فِي الْعَمْدِ دُونَ الْخَطَأِ وَقَالَ زُفَرُ يَضْمَنُ فِيهِمَا وَهُوَ الْقِيَاسُ وَعَلَى هَذَا لَوْ قَطَعَ يَسَارَهُ غَيْرُ الْجَلَّادِ لَا يَضْمَنُ أَيْضًا عِنْدَهُ هُوَ الصَّحِيحُ. وَلَوْ أَخْرَجَ السَّارِقُ يَسَارَهُ وَقَالَ هَذَا يَمِينِي لَا يَضْمَنُ بِالِاتِّفَاقِ، مِنْ الْهِدَايَةِ. وَفِي شَرْحِ الْمَجْمَعِ هَذَا إذَا صَرَّحَ الْحَاكِمُ بِيَمِينِ السَّارِقِ أَمَّا لَوْ قَالَ: اقْطَعْ يَدَهُ فَلَا يَضْمَنُ اتِّفَاقًا وَفِيهِ أَيْضًا لَوْ قَطَعَ رِجْلَ السَّارِقِ قَبْلَ أَنْ يَأْمُرَ الْحَاكِمُ بِهِ يَجِبُ الْقِصَاصُ فِي الْعَمْدِ وَالدِّيَةُ فِي الْخَطَأِ اتِّفَاقًا اهـ. وَإِذَا قُطِعَ السَّارِقُ بِالسَّرِقَةِ وَالْمَالُ بَاقٍ رَدَّهُ عَلَى صَاحِبِهِ وَإِنْ كَانَ مُسْتَهْلَكًا لَا ضَمَانَ عَلَيْهِ سَوَاءٌ تَلِفَ بِنَفْسِهِ أَوْ أَتْلَفَهُ فِي رِوَايَةِ أَبِي يُوسُفَ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ لِقَوْلِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - «لَا غُرْمَ عَلَى السَّارِقِ بَعْدَمَا قُطِعَتْ يَمِينُهُ» ذَكَرَهُ فِي الْإِيضَاحِ وَرَوَى الْحَسَنُ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ أَنَّهُ يَضْمَنُ بِالِاسْتِهْلَاكِ. وَمَنْ سَرَقَ سَرِقَاتٍ فَقُطِعَ فِي إحْدَاهَا فَهُوَ لِجَمِيعِهَا وَلَا يَضْمَنُ شَيْئًا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَقَالَا يَضْمَنُ كُلَّهَا إلَّا الَّتِي قُطِعَ لَهَا وَالْخِلَافُ فِيمَا إذَا حَضَرَ أَحَدُهُمْ وَادَّعَى السَّرِقَةَ فَإِنْ حَضَرُوا جَمِيعًا وَقُطِعَتْ يَدُهُ بِخُصُومَتِهِمْ لَا يَضْمَنُ شَيْئًا بِالِاتِّفَاقِ فِي السَّرِقَاتِ كُلِّهَا وَعَلَى هَذَا الْخِلَافِ إنْ كَانَتْ النُّصُبُ كُلُّهَا لِوَاحِدٍ فَخَاصَمَ فِي الْبَعْضِ. وَكَذَا قَاطِعُ الطَّرِيقِ إذَا قُتِلَ فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ فِي مَالٍ أَخَذَهُ فَتَلِفَ وَإِنْ أَخَذَ قَاطِعُ الطَّرِيقِ بَعْدَمَا تَابَ وَقَدْ قَتَلَ عَمْدًا وَأَخَذَ مَالًا فَإِنْ شَاءَ الْأَوْلِيَاءُ قَتَلُوهُ وَإِنْ شَاءُوا عَفَوْا عَنْهُ وَيَجِبُ عَلَيْهِ ضَمَانُ الْمَالِ هَلَكَ فِي يَدِهِ أَوْ اُسْتُهْلِكَ، مِنْ الْهِدَايَةِ. وَلَوْ أَقَرَّ الْعَبْدُ الْمَأْذُونُ بِالسَّرِقَةِ يَصِحُّ وَيُقْطَعُ وَالْمَالُ لِلْمَسْرُوقِ مِنْهُ إنْ كَانَ قَائِمًا وَإِنْ كَانَ هَالِكًا فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ صَدَّقَهُ مَوْلَاهُ أَوْ كَذَّبَهُ فِي ذَلِكَ وَإِنْ كَانَ مَحْجُورًا عَلَيْهِ وَالْمَالُ هَالِكٌ تُقْطَعُ يَدُهُ وَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ وَإِنْ كَانَ قَائِمًا فَإِنْ صَدَّقَهُ مَوْلَاهُ فَكَذَلِكَ وَإِنْ كَذَّبَهُ قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ تُقْطَعُ وَالْمَالُ لِلْمَسْرُوقِ مِنْهُ وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ تُقْطَعُ وَالْمَالُ لِلْمَوْلَى. وَلَوْ اجْتَمَعَ عَشْرَةُ نِسْوَةٍ فَقَطَعْنَ الطَّرِيقَ وَأَخَذْنَ الْمَالَ فَتَبَايُنٌ وَضُمِنَ الْمَالُ مِنْ الْوَجِيزِ. إذَا اجْتَمَعَ الْمُبَاشِرُ وَالْمُسَبِّبُ أُضِيفَ الْحُكْمُ إلَى الْمُبَاشِرِ فَلَا ضَمَانَ عَلَى مَنْ دَلَّ سَارِقًا عَلَى مَالِ إنْسَانٍ فَسَرَقَهُ هَذِهِ فِي الْقَاعِدَةِ الْأَخِيرَةِ، مِنْ الْأَشْبَاهِ. السَّارِقُ إذَا أَخَذَ الدَّنَانِيرَ بَعْدَمَا دَخَلَ الْبَيْتَ لَمْ يُقْطَعْ وَغَرِمَ مِثْلَهَا. رَجُلٌ نَقَبَ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 203 حَائِطًا بِغَيْرِ إذْنِ الْمَالِكِ ثُمَّ غَابَ وَدَخَلَ سَارِقٌ وَسَرَقَ شَيْئًا الْمُخْتَارُ أَنَّهُ لَا يَضْمَنُ النَّاقِبُ مَا سَرَقَهُ السَّارِقُ مِنْ الْخُلَاصَةِ. السَّارِقُ لَوْ رَدَّهُ إلَى دَارِ الْمَالِكِ أَوْ إلَى مَنْ فِي عِيَالِهِ فِي الْجَامِعِ لَا يَبْرَأُ عَنْ الضَّمَانِ وَيَسْقُطُ اسْتِحْسَانًا، مِنْ الْمُشْتَمِلِ. [بَاب فِي الْإِكْرَاهِ] الْبَابُ الرَّابِعَ عَشَرَ فِي الْإِكْرَاهِ الْإِكْرَاهُ يَثْبُتُ حُكْمُهُ إذَا حَصَلَ مِمَّنْ يَقْدِرُ عَلَى إيقَاعِ مَا تَوَعَّدَ بِهِ سُلْطَانًا كَانَ أَوْ غَيْرَهُ وَإِنْ غَابَ الْمُكْرَهُ عَنْ نَظَرِ مَنْ أَكْرَهَهُ يَزُولُ الْإِكْرَاهُ ذَكَرَهُ قَاضِي خَانْ وَنَفْسُ الْأَمْرِ مِنْ السُّلْطَانِ إكْرَاهٌ مِنْ غَيْرِ تَهْدِيدٍ وَوَعِيدٍ وَمِنْ غَيْرِهِ لَا إلَّا أَنْ يَعْلَمَ الْمَأْمُورُ بِدَلَالَةِ الْحَالِ أَنَّهُ لَوْ لَمْ يَمْتَثِلْ أَمَرَ بِقَتْلِهِ أَوْ بِقَطْعِ عُضْوِهِ أَوْ بِضَرْبِهِ ضَرْبًا يَخَافُ عَلَى نَفْسِهِ أَوْ تَلَفِ عُضْوِهِ كَمَا فِي قَاضِي خَانْ وَالْأَشْبَاهِ. وَمَنْ أُكْرِهَ عَلَى بَيْعِ مَالِهِ بِضَرْبٍ شَدِيدٍ أَوْ حَبْسٍ حَتَّى بَاعَ فَهُوَ بِالْخِيَارِ إنْ شَاءَ أَمْضَى الْبَيْعَ وَإِنْ شَاءَ فَسَخَ وَإِنْ هَلَكَ الْمَبِيعُ فِي يَدِ الْمُشْتَرِي وَهُوَ غَيْرُ مُكْرَهٍ عَلَى الشِّرَاءِ فَالْبَائِعُ يَضْمَنُ أَيُّهُمَا شَاءَ فَإِنْ ضَمِنَ الْمُكْرِهُ رَجَعَ عَلَى الْمُشْتَرِي بِالْقِيمَةِ وَإِنْ ضَمِنَ الْمُشْتَرِي لَا يَرْجِعُ بِشَيْءٍ، مِنْ الْهِدَايَةِ. وَلَوْ أُكْرِهَ عَلَى الشِّرَاءِ فَهَلَكَ الْمَبِيعُ فِي يَدِهِ إنْ هَلَكَ مِنْ غَيْرِ تَعَدٍّ لَا يَضْمَنُ وَيَهْلِكُ أَمَانَةً. وَمَنْ أُكْرِهَ عَلَى النِّكَاحِ بِأَكْثَرَ مِنْ مَهْرِ الْمِثْلِ يَجِبُ قَدْرُ مَهْرِ الْمِثْلِ وَتَبْطُلُ الزِّيَادَةُ وَلَا يَرْجِعُ عَلَى الْمُكْرِهِ بِشَيْءٍ مِنْ مُشْتَمِلِ الْهِدَايَةِ. وَلَوْ أُكْرِهَ عَلَى طَلَاقِ امْرَأَتِهِ أَوْ عِتْقِ عَبْدِهِ فَفَعَلَ يَقَعُ وَيَرْجِعُ عَلَى الْمُكْرِهِ بِقِيمَةِ الْعَبْدِ مُوسِرًا كَانَ أَوْ مُعْسِرًا وَلَا سِعَايَةَ عَلَى الْعَبْدِ وَلَا يَرْجِعُ الْآمِرُ عَلَى الْعَبْدِ بِالضَّمَانِ وَيَرْجِعُ بِنِصْفِ الْمَهْرِ إنْ كَانَ قَبْلَ الدُّخُولِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِي الْعَقْدِ شَيْءٌ يَرْجِعُ عَلَى الْآمِرِ بِمَا لَزِمَهُ مِنْ الْمُتْعَةِ وَبَعْدَ الدُّخُولِ لَا يَرْجِعُ عَلَى الْآمِرِ بِشَيْءٍ وَمَحَلُّ الْمَسْأَلَةِ الْهِدَايَةِ قَالَ ابْنُ كَمَالٍ فِي الْإِصْلَاحِ وَالْإِيضَاحِ هَذَا إذَا كَانَ الْإِكْرَاهُ عَلَى الْإِعْتَاقِ قَوْلًا أَمَّا إذَا كَانَ فِعْلًا كَمَا لَوْ أُكْرِهَ عَلَى شِرَاءِ ذِي رَحِمٍ مَحْرَمٍ مِنْهُ فَإِنَّهُ لَا يَرْجِعُ الْمُكْرَهُ عَلَى الْمُكْرِهِ بِالْقِيمَةِ اهـ. إذَا أُكْرِهَ الرَّجُلُ بِوَعِيدِ قَيْدٍ أَوْ حَبْسٍ عَلَى قَتْلِ مُسْلِمٍ فَفَعَلَ لَا يَصِحُّ الْإِكْرَاهُ وَعَلَى الْقَاتِلِ الْقِصَاصُ فِي قَوْلِهِمْ وَإِنْ أُكْرِهَ بِقَتْلٍ أَوْ إتْلَافِ عُضْوٍ فَفَعَلَ قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٌ يَصِحُّ الْإِكْرَاهُ وَلَا يَجِبُ الْقِصَاصُ وَكَانَ عَلَى الْآمِرِ دِيَةُ الْمَقْتُولِ فِي مَالِهِ فِي ثَلَاثِ سِنِينَ وَقَالَ زُفَرُ الْإِكْرَاهُ بَاطِلٌ وَيَجِبُ الْقِصَاصُ عَلَى الْقَاتِلِ وَقَالَ الشَّافِعِيُّ وَمَالِكٌ يُقْتَلَانِ جَمِيعًا. السُّلْطَانُ إذَا قَالَ لِرَجُلٍ: اقْطَعْ يَدَ فُلَانٍ هَذَا وَإِلَّا لَأَقْتُلَنَّكَ وَسِعَهُ أَنْ يَقْطَعَ وَإِذَا قَطَعَ كَانَ عَلَى الْآمِرِ الْقِصَاصُ فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ وَلَا رِوَايَةَ فِيهَا عَنْ أَبِي يُوسُفَ. وَلَوْ قَالَ لِرَجُلٍ: أَلْقِ نَفْسَك فِي هَذِهِ النَّارِ وَإِلَّا لَأَقْتُلَنَّكَ يَنْظُرُ إنْ كَانَتْ النَّارُ قَدْ يَنْجُو مِنْهَا وَقَدْ لَا يَنْجُو وَسِعَهُ أَنْ يُلْقِيَ نَفْسَهُ فِيهَا فَإِنْ أَلْقَى وَمَاتَ عَلَى الْآمِرِ الْقِصَاصُ وَفِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ. وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ رِوَايَتَانِ: فِي رِوَايَةٍ: يَجِبُ الْقِصَاصُ، وَفِي رِوَايَةٍ: تَجِبُ الدِّيَةُ فِي مَالِهِ، وَإِنْ كَانَتْ النَّارُ بِحَيْثُ لَا يَنْجُوَ مِنْهَا لَكِنَّ لَهُ فِي الْإِلْقَاءِ قَلِيلُ رَاحَةٍ كَانَ لَهُ أَنْ يُلْقِيَ نَفْسَهُ فِيهَا، وَقِيلَ بِأَنَّ هَذَا قَوْلُ أَبِي يُوسُفَ فَإِنْ أَلْقَى نَفْسَهُ فِيهَا وَهَلَكَ كَانَ عَلَى الْآمِرِ الْقِصَاصُ فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ وَفِي الجزء: 1 ¦ الصفحة: 204 قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ تَجِبُ الدِّيَةُ فِي مَالِ الْآمِرِ وَلَا قِصَاصَ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِي إلْقَاءِ النَّفْسِ قَلِيلُ رَاحَةٍ وَلَا يَنْجُو مِنْهَا لَا يَسَعُهُ أَنْ يُلْقِيَ نَفْسَهُ فَإِذَا أَلْقَى هُدِرَ دَمُهُ فِي قَوْلِهِمْ. وَلَوْ قَالَ: لَتُلْقِيَنَّ نَفْسَك مِنْ شَاهِقِ الْجَبَلِ وَإِلَّا لَأَقْتُلَنَّكَ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ فِي الْإِلْقَاءِ أَدْنَى رَاحَةً لَا يَسَعُهُ الْإِلْقَاءُ فَإِنْ أُلْقِي وَهَلَكَ هُدِرَ دَمُهُ، وَإِنْ كَانَ لَهُ فِيهِ أَدْنَى رَاحَةً وَسِعَهُ الْإِلْقَاءُ فِي قِيَاسِ قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ، فَإِنْ أَلْقَى وَهَلَكَ فَدِيَتُهُ عَلَى عَاقِلَةِ الْآمِرِ، وَفِي قَوْلِ صَاحِبَيْهِ لَا يَسَعُهُ الْإِلْقَاءُ فَإِنْ أَلْقَى وَهَلَكَ كَانَ عَلَى الْآمِرِ الْقِصَاصُ، وَإِنْ كَانَ يَخَافُ مِنْهُ الْهَلَاكَ وَيَرْجُو النَّجَاةَ وَأَلْقَى نَفْسَهُ فَهَلَكَ كَانَتْ الدِّيَةُ عَلَى عَاقِلَةِ الْآمِرِ فِي قَوْلِهِمْ. وَلَوْ قَالَ لَهُ: أَلْقِ نَفْسَك فِي هَذَا الْمَاءِ وَإِلَّا قَتَلْتُك إنْ كَانَ يَعْلَمُ أَنَّهُ لَا يَنْجُو لَا يَسَعُهُ أَنْ يَفْعَلَ فَإِنْ فَعَلَ هُدِرَ دَمُهُ، وَإِنْ كَانَ لَهُ فِيهِ أَدْنَى رَاحَةٍ وَسِعَهُ ذَلِكَ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَعِنْدَهُمَا لَا يَسَعُهُ، فَإِنْ فَعَلَ وَهَلَكَ كَانَتْ الدِّيَةُ عَلَى عَاقِلَةِ الْآمِرِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ دِيَتُهُ عَلَى الْآمِرِ فِي مَالِهِ وَلَا قِصَاصَ. وَقَالَ مُحَمَّدٌ: عَلَيْهِ الْقِصَاصُ وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ فِي رِوَايَةٍ مِثْلُ قَوْلِ مُحَمَّدٍ مِنْ قَاضِي خَانْ. وَلَا يَجِبُ عَلَى الْمُكْرِهِ دِيَةُ الْمُكْرَهِ عَلَى الْقَتْلِ لَوْ قَتَلَهُ الْآخَرُ دَفْعًا عَنْ نَفْسِهِ ذَكَرَهُ فِي الْأَشْبَاهِ. وَإِنْ أُكْرِهَ عَلَى إتْلَافِ مَالٍ مُسْلِمٍ بِأَمْرٍ يَخَافُ عَلَى نَفْسِهِ أَوْ عَلَى عُضْوٍ مِنْ أَعْضَائِهِ وَسِعَهُ أَنْ يَفْعَلَ ذَلِكَ وَلِصَاحِبِ الْمَالِ أَنْ يَضْمَنَ الْآمِرَ؛ لِأَنَّ الْمُكْرَهَ آلَةٌ لِلْمُكْرِهِ فِيمَا يَصِحُّ آلَةٌ لَهُ وَالْإِتْلَافُ مِنْ هَذَا الْقَبِيلِ ذَكَرَهُ فِي الْهِدَايَةِ قَالَ فِي الْخُلَاصَةِ وَأَمَّا حُكْمُ الضَّمَانِ فَكُلُّ شَيْءٍ لَا يَصْلُحُ أَنْ يَكُونَ آلَةً لِغَيْرِهِ فَالضَّمَانُ عَلَى الْفَاعِلِ كَمَا لَوْ أُكْرِهَ عَلَى أَخْذِ مَالِ الْغَيْرِ وَكُلُّ شَيْءٍ يَصْلُحُ أَنْ يَكُونَ آلَةً لِغَيْرِهِ فَالضَّمَانُ عَلَى الْمُكْرِهِ كَمَا إذَا أَكْرَهَهُ عَلَى الْقَتْلِ أَوْ اسْتِهْلَاكِ مَالِ الْغَيْرِ فَالضَّمَانُ عَلَى الْمُكْرِهِ خَاصَّةً إلَّا أَنَّ فِي الْإِكْرَاهِ بِالْقَتْلِ يَجِبُ الْقِصَاصُ عَلَى الْمُكْرِهِ عِنْدَهُمَا وَعِنْدَ أَبِي يُوسُفَ تَجِبُ الدِّيَةُ عَلَى الْمُكْرَهِ وَلَا يَرْجِعُ عَلَى الْمُكْرِهِ بِشَيْءٍ، وَكَذَا لَوْ أُكْرِهَ عَلَى شِرَاءِ مَنْ يُعْتَقُ عَلَيْهِ بِالْيَمِينِ، أَوْ الْقَرَابَةِ لَمْ يَرْجِعْ عَلَى الْمُكْرِهِ، مِنْ الْأَشْبَاهِ. وَلَوْ أُكْرِهَ عَلَى التَّدْبِيرِ يَرْجِعُ عَلَى الْمُكْرِهِ بِالنُّقْصَانِ فِي الْحَالِ وَإِذَا مَاتَ الْمَوْلَى وَعَتَقَ رَجَعَ الْوَارِثُ بِبَاقِي قِيمَتِهِ عَلَى الْمُكْرِهِ. وَلَوْ أَمَرَ بِقَتْلِ رَجُلٍ وَلَمْ يَقُلْ لَهُ اُقْتُلْهُ وَإِلَّا قَتَلْتُك لَكِنَّ الْمَأْمُورَ يَعْلَمُ بِدَلَالَةِ الْحَالِ أَنَّهُ إنْ لَمْ يَمْتَثِلْ أَمْرَهُ يَقْتُلْهُ، أَوْ يَقْطَعْ يَدَهُ، أَوْ يَضْرِبْهُ ضَرْبًا يَخَافُ عَلَى نَفْسِهِ، أَوْ يُتْلِفْ عُضْوًا، كَانَ مُكْرَهًا، مِنْ مُشْتَمِلِ الْهِدَايَةِ. وَإِنْ أُكْرِهَتْ الْمَرْأَةُ عَلَى النِّكَاحِ فَلَا شَيْءَ عَلَى الْمُكْرِهِ فَإِنْ كَانَ الزَّوْجُ كُفُؤًا وَالْمُسَمَّى مَهْرُ الْمِثْلِ، أَوْ أَكْثَرُ جَازَ، وَإِنْ كَانَ أَقَلَّ فَالزَّوْجُ بِالْخِيَارِ إنْ شَاءَ أَتَمَّ لَهَا مَهْرَ الْمِثْلِ، وَإِنْ شَاءَ فَارَقَهَا إنْ لَمْ يَدْخُلْ بِهَا وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ، وَإِنْ دَخَلَ بِهَا وَهِيَ طَائِعَةٌ فَهُوَ رِضًا بِالْمُسَمَّى إلَّا أَنَّ لِلْأَوْلِيَاءِ حَقَّ الِاعْتِرَاضِ. وَإِنْ أُكْرِهَتْ الْمَرْأَةُ حَتَّى تَقْبَلَ تَطْلِيقَةً عَلَى أَلْفٍ بَعْدَ الدُّخُولِ وَلَمْ يُكْرَهْ الزَّوْجُ لَمْ يَلْزَمْهَا شَيْءٌ فَالطَّلَاقُ رَجْعِيٌّ، وَإِنْ قَالَتْ بَعْدَ ذَلِكَ: رَضِيت الطَّلَاقَ بِذَلِكَ كَانَ الطَّلَاقُ بَائِنًا وَلَزِمَهَا الْمَالُ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَعِنْدَ مُحَمَّدٍ رَجْعِيٌّ وَلَا مَالَ عَلَيْهَا. وَلَوْ أُكْرِهَتْ أَمَةٌ أُعْتِقَتْ عَلَى أَنْ تَخْتَارَ نَفْسَهَا قَبْلَ الدُّخُولِ فَلَا مَهْرَ لَهَا عَلَى الزَّوْجِ وَلَا لِمَوْلَاهَا وَلَا يَضْمَنُ الْمُكْرِهُ. وَلَوْ أُكْرِهَ عَلَى أَنْ يَعْتِقَ عَبْدًا بِأَقَلَّ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 205 مِنْ قِيمَتِهِ وَقِيمَتُهُ أَلْفٌ وَالْعَبْدُ غَيْرُ مُكْرَهٍ يُعْتَقُ بِتَمَامِ الْقِيمَةِ ثُمَّ إنْ شَاءَ الْمَوْلَى ضَمِنَ الْمُكْرِهُ قِيمَتَهُ ثُمَّ هُوَ يَرْجِعُ عَلَى الْعَبْدِ بِمِائَةِ دِرْهَمٍ، وَإِنْ شَاءَ الْمَوْلَى ضَمِنَ الْمُكْرِهُ تِسْعَمِائَةٍ وَأَخَذَ مِنْ الْعَبْدِ مِائَةً، مِنْ الْوَجِيزِ. وَلَوْ أُكْرِهَ عَلَى إعْتَاقِ نِصْفِ عَبْدِهِ فَأَعْتَقَ كُلَّهُ فَهُوَ مُخْتَارٌ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ خِلَافًا لَهُمَا، وَلَوْ أُكْرِهَ عَلَى إعْتَاقِ كُلِّهِ فَأَعْتَقَ نِصْفَهُ فَالْمُكْرِهُ ضَامِنٌ لِنِصْفِهِ عِنْدَهُ وَقَالَ صَاحِبَاهُ هُوَ ضَامِنٌ لِكُلِّهِ مِنْ الْمَجْمَعِ. (مَطْلَبُ عَدَمِ جَرَيَانِ الْإِكْرَاهِ) وَالنَّذْرُ لَا يَعْمَلُ فِيهِ الْإِكْرَاهُ؛ لِأَنَّهُ يُحْتَمَلُ الْفَسْخُ وَلَا رُجُوعَ لَهُ عَلَى الْمُكْرِهِ بِمَا لَزِمَهُ؛ لِأَنَّهُ لَا مُطَالِبَ لَهُ فِي الدُّنْيَا فَلَا يُطَالِبُ بِهِ فِيهَا، وَكَذَا الْيَمِينُ وَالظِّهَارُ لَا يَعْمَلُ فِيهِمَا الْإِكْرَاهُ، وَكَذَا الرَّجْعَةُ وَالْإِيلَاءُ وَالْفَيْءُ فِيهِ بِاللِّسَانِ وَالْخُلْعُ مِنْ جَانِبِهِ يَمِينٌ، أَوْ طَلَاقٌ لَا يَعْمَلُ فِيهِ الْإِكْرَاهُ فَلَوْ كَانَ الزَّوْجُ مُكْرَهًا دُونَهَا لَزِمَهُ الْبَدَلُ لِرِضَاهَا بِالِالْتِزَامِ، مِنْ الْهِدَايَةِ. وَلَوْ أُكْرِهَ عَلَى قَطْعِ يَدِ رَجُلٍ فَفَعَلَ ثُمَّ قَطَعَ رِجْلَهُ طَوْعًا فَمَاتَ الْمَقْطُوعُ فَعِنْدَ أَبِي يُوسُفَ تَجِبُ الدِّيَةُ عَلَى الْمُكْرَهِ وَالْمُكْرِهِ جَمِيعًا فِي مَالَيْهِمَا وَأَوْجَبَا الْقِصَاصَ عَلَيْهِمَا، مِنْ الْمَجْمَعِ. الْإِكْرَاهُ بِوَعِيدِ الْحَبْسِ وَالْقَيْدِ يَظْهَرُ فِي الْأَقْوَالِ نَحْوِ الْبَيْعِ وَالْإِجَارَةِ وَالْإِقْرَارِ وَالْهِبَةِ وَالصَّدَاقَةِ وَإِبْرَاءِ الْغَرِيمِ مِنْ الدَّيْنِ وَنَحْوِ ذَلِكَ فَلَا تَصِحُّ مِنْهُ هَذِهِ التَّصَرُّفَاتُ وَلَا يَظْهَرُ فِي الْأَفْعَالِ حَتَّى لَوْ أُكْرِهَ بِوَعِيدٍ وَقَيْدٍ، أَوْ حَبْسٍ عَلَى أَنْ يَطْرَحَ مَالَهُ فِي الْمَاءِ، أَوْ فِي النَّارِ، أَوْ يَدْفَعَ مَالَهُ إلَى فُلَانٍ فَفَعَلَ الْمَأْمُورُ ذَلِكَ لَا يَكُونُ مَكْرُوهًا وَالْإِكْرَاهُ بِوَعِيدِ الْقَتْلِ وَإِتْلَافِ الْعُضْوِ يَظْهَرُ فِي الْأَقْوَالِ وَالْأَفْعَالِ جَمِيعًا. وَلَوْ أَكْرَهَ الْقَاضِي رَجُلًا لِيُقِرَّ بِالسَّرِقَةِ أَوْ بِقَتْلِ رَجُلٍ بِعَمْدٍ، أَوْ بِقَطْعِ يَدِ رَجُلٍ بِعَمْدٍ فَأَقَرَّ بِقَطْعِ يَدِهِ أَوْ قَتْلِهِ فَقُطِعَتْ يَدُهُ، أَوْ قُتِلَ إنْ كَانَ الْمُقِرُّ مَوْصُوفًا بِالْإِصْلَاحِ يُقْتَصُّ مِنْ الْقَاضِي، وَإِنْ كَانَ مُتَّهَمًا بِالسَّرِقَةِ مَعْرُوفًا بِالسَّرِقَةِ وَالْقَتْلِ فَفِي الْقِيَاسِ يُقْتَصُّ مِنْ الْقَاضِي وَلَا يُقْتَصُّ اسْتِحْسَانًا. وَإِذَا أُكْرِهَ الرَّجُلُ عَلَى أَنْ يُودِعَ مَالَهُ عِنْدَ فُلَانٍ وَأُكْرِهَ الْمُودَعُ عَلَى الْأَخْذِ صَحَّ الْإِيدَاعُ وَيَكُونُ أَمَانَةً عِنْدَ الْآخِذِ، وَإِنْ أُكْرِهَ الْقَابِضُ عَلَى الْقَبْضِ لِيَدْفَعَهَا إلَى الْآمِرِ الْمُكْرِهِ فَقَبَضَهَا فَضَاعَتْ فِي يَدِ الْقَابِضِ فَإِنْ قَالَ الْقَابِضُ: قَبَضْتهَا حَتَّى أَدْفَعَهَا إلَى الْآمِرِ الْمُكْرِهِ كَمَا أَمَرَنِي بِهِ فَهُوَ دَاخِلٌ فِي الضَّمَانِ، وَإِنْ قَالَ: قَبَضْتهَا حَتَّى أَرُدَّهَا إلَى مَالِكِهَا كَانَتْ أَمَانَةً عِنْدَهُ. وَلَوْ تَلْفِت لَا ضَمَانَ عَلَيْهِ وَيَكُونُ الْقَوْلُ قَوْلَهُ فِي ذَلِكَ، وَكَذَا الْقَوْلُ فِي الْهِبَةِ إذَا أُكْرِهَ الْوَاهِبُ عَلَى الْهِبَةِ وَأُكْرِهَ الْمَوْهُوبُ لَهُ عَلَى الْقَبْضِ فَتَلِفَ الْمَالُ عِنْدَ الْمَوْهُوبِ لَهُ كَانَ الْقَوْلُ قَوْلَ الْمَوْهُوبِ لَهُ. إذَا أَكْرَهَ الرَّجُلُ امْرَأَتَهُ بِضَرْبٍ مُتْلِفٍ لِتُصَالِحَ مِنْ الصَّدَاقِ، أَوْ تُبْرِئَهُ كَانَ إكْرَاهًا لَا يَصِحُّ صُلْحُهَا وَلَا إبْرَاؤُهَا فِي قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ؛ لِأَنَّ عِنْدَهُمَا يَتَحَقَّقُ الْإِكْرَاهُ مِنْ غَيْرِ السُّلْطَانِ فِي أَيِّ مَكَان يَقْدِرُ الظَّالِمُ عَلَى تَحْقِيقِ مَا هَدَّدَ بِهِ وَعِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ يَتَحَقَّقُ الْإِكْرَاهُ مِنْ غَيْرِ السُّلْطَانِ فِي الْمَفَاوِزِ وَالْقُرَى لَيْلًا كَانَ أَوْ نَهَارًا، وَفِي الْمِصْرِ يَتَحَقَّقُ فِي اللَّيْلِ وَلَا يَتَحَقَّقُ فِي النَّهَارِ. وَإِنْ أَكْرَهَ رَجُلًا عَلَى أَنْ يُقِرَّ بِالْمَالِ قَالَ بَعْضُهُمْ: إذَا هَدَّدَهُ وَأَكْرَهَهُ بِمَا يَخَافُ مِنْهُ الضَّرَرَ الْبَيِّنَ يَكُونُ إكْرَاهًا وَلَمْ يَذْكُرْ مُحَمَّدٌ لِذَلِكَ حَدًّا قَالُوا وَهُوَ مُفَوَّضٌ إلَى رَأْيِ الْحَاكِمِ أَمَّا الضَّرْبُ بِسَوْطٍ وَاحِدٍ، أَوْ حَبْسِ يَوْمٍ، أَوْ قَيْدِ يَوْمٍ فَلَا يَكُونُ إكْرَاهًا فِي الْإِقْرَارِ بِأَلْفٍ. لَوْ أُكْرِهَ لِيُقِرَّ لِرَجُلٍ بِمَالٍ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 206 فَأَقَرَّ وَأَخَذَ الرَّجُلُ الْمَالَ وَغَابَ بِحَيْثُ لَا يَقْدِرُ عَلَيْهِ وَمَاتَ مُفْلِسًا كَانَ لِلْمُكْرَهِ أَنْ يَرْجِعَ بِذَلِكَ عَلَى الْمُكْرِهِ، وَكَذَا لَوْ أُكْرِهَ عَلَى إتْلَافِ مَالِ الْغَيْرِ فَأَتْلَفَ وَضَمِنَ كَانَ لَهُ أَنْ يَرْجِعَ عَلَى الْمُكْرِهِ بِالدِّيَةِ فِيمَا لَا يَجِبُ فِيهِ الْقِصَاصُ وَالْقِصَاصُ فِيمَا يَجِبُ فِيهِ الْقِصَاصُ، وَكَذَا لَوْ أُكْرِهَ عَلَى قَتْلِ عَبْدِهِ بِقَتْلٍ، أَوْ غَيْرِهِ لَا يَسَعُهُ أَنْ يَفْعَلَ؛ لِأَنَّهُ مَظْلُومٌ فَلَا يَظْلِمُ غَيْرَهُ فَإِنْ فَعَلَ كَانَ لَهُ أَنْ يَرْجِعَ عَلَى الْمُكْرِهِ بِقِيمَةِ الْعَبْدِ. وَلَوْ كَانَ الْعَبْدُ بَيْنَ اثْنَيْنِ فَأُكْرِهَ أَحَدُهُمَا عَلَى إعْتَاقِ نَصِيبِهِ فَفَعَلَ وَهُوَ مُعْسِرٌ وَاخْتَارَ الشَّرِيكُ السَّاكِتُ تَضْمِينَ الْمُكْرِهِ كَانَ لِلْمُكْرَهِ أَنْ يَرْجِعَ عَلَى الْعَبْدِ. وَلَوْ أُكْرِهَ الرَّجُلُ أَنْ يَهَبَ عَبْدَهُ لِفُلَانٍ فَوَهَبَ وَسَلَّمَ وَغَابَ الْمَوْهُوبُ لَهُ بِحَيْثُ لَا يَقْدِرُ عَلَيْهِ كَانَ لِلْوَاهِبِ أَنْ يَرْجِعَ عَلَى الْمُكْرِهِ بِقِيمَةِ عَبْدِهِ. وَإِذَا أُكْرِهَ الرَّجُلُ عَلَى أَنْ يَتَزَوَّجَ امْرَأَةً فَتَزَوَّجَهَا وَدَخَلَ بِهَا يَجِبُ الْمَهْرُ عَلَى الزَّوْجِ وَلَا يَرْجِعُ عَلَى الْمُكْرِهِ فَإِنْ كَانَ النِّكَاحُ بِأَكْثَرَ مِنْ مَهْرِ الْمِثْلِ لَا تَلْزَمُ الزِّيَادَةُ. وَإِذَا أُكْرِهَ عَلَى بَيْعِ عَبْدِهِ بِمِثْلِ قِيمَتِهِ فَفَعَلَ لَا يَرْجِعُ عَلَى الْمُكْرِهِ. وَكَذَا لَوْ أُكْرِهَ عَلَى الْهِبَةِ بِعِوَضٍ يَعْدِلُهُ فَوَهَبَ وَقَبَضَ الْعِوَضَ لَا يَرْجِعُ عَلَى الْمُكْرِهِ، وَكَذَا لَوْ أُكْرِهَ عَلَى قَبُولِ الْهِبَةِ بِعِوَضٍ فَفَعَلَ لَا يَرْجِعُ عَلَى الْمُكْرِهِ. وَلَوْ أُكْرِهَ الرَّجُلُ عَلَى قَتْلِ مُورِثِهِ بِوَعِيدِ قَتْلٍ فَقَتَلَ لَا يُحْرَمُ الْقَاتِلُ مِنْ الْمِيرَاثِ وَلَهُ أَنْ يَقْتُلَ الْمُكْرِهَ قِصَاصًا بِمُورِثِهِ فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ. وَلَوْ أُكْرِهَ الرَّجُلُ عَلَى أَنْ يَشْتَرِيَ عَبْدًا ذَا رَحِمٍ مَحْرَمٍ مِنْهُ، أَوْ أُكْرِهَ عَلَى شِرَاءِ عَبْدٍ حَلَفَ بِعِتْقِهِ إنْ مَلَكَهُ وَقَدْ أَكْرَهَهُ عَلَى أَنْ يَشْتَرِيَهُ بِعَشَرَةِ آلَافِ دِرْهَمٍ وَقِيمَتُهُ أَلْفُ دِرْهَمٍ فَاشْتَرَى وَقَبَضَ الْعَبْدَ يَعْتِقُ الْعَبْدُ وَيَجِبُ عَلَى الْمُشْتَرِي أَلْفُ دِرْهَمِ؛ لِأَنَّهُ مَضْمُونٌ بِقِيمَتِهِ، وَلَا يَرْجِعُ عَلَى الْمُكْرِهِ؛ لِأَنَّهُ دَخَلَ فِي مِلْكِهِ مِثْلُ مَا وَجَبَ عَلَيْهِ مِنْ الْبَدَلِ، كَمَا لَوْ قَالَ: إنْ تَزَوَّجْت امْرَأَةً فَهِيَ طَالِقٌ، وَأُكْرِهَ عَلَى أَنْ يَتَزَوَّجَ امْرَأَةً بِمَهْرِ مِثْلِهَا جَازَ النِّكَاحُ وَتَطْلُقُ وَعَلَيْهِ نِصْفُ الْمَهْرِ وَلَا يَرْجِعُ بِذَلِكَ عَلَى الْمُكْرِهِ. وَلَوْ أُكْرِهَ الرَّجُلُ عَلَى أَنْ يَقُولَ: كُلُّ مَمْلُوكٍ أَمْلِكُهُ فِيمَا أَسْتَقْبِلُ فَهُوَ حُرٌّ فَقَالَ ذَلِكَ ثُمَّ مَلَكَ عَبْدًا عَتَقَ وَلَا يَرْجِعُ عَلَى الْمُكْرِهِ بِشَيْءٍ، وَإِنْ وَرِثَ عَبْدًا فِي هَذِهِ الصُّورَةِ عَتَقَ وَلَا يَرْجِعُ عَلَى الْمُكْرِهِ بِقِيمَةِ الْعَبْدِ اسْتِحْسَانًا. وَلَوْ أُكْرِهَ الرَّجُلُ عَلَى أَنْ يَقُولَ لِلْعَبْدِ: إنْ شِئْت فَأَنْتَ حُرٌّ، أَوْ إنْ دَخَلْت الدَّارَ فَأَنْتَ حُرٌّ ثُمَّ شَاءَ الْعَبْدُ، أَوْ دَخَلَ الدَّارَ عَتَقَ وَيَرْجِعُ عَلَى الْمُكْرِهِ بِقِيمَةِ الْعَبْدِ. وَلَوْ أُكْرِهَ عَلَى أَنْ يُعَلِّقَ عِتْقَ عَبْدِهِ بِفِعْلِ نَفْسِهِ وَذَلِكَ الْفِعْلُ أَمْرٌ لَا بُدَّ لَهُ مِنْهُ كَصَلَاةِ الْفَرْضِ وَنَحْوِهَا، أَوْ كَانَ فِعْلًا يَخَافُ بِتَرْكِهِ الْهَلَاكَ عَلَى نَفْسِهِ كَالْأَكْلِ، أَوْ الشُّرْبِ فَفَعَلَ ذَلِكَ الْفِعْلَ كَانَ لَهُ أَنْ يَرْجِعَ عَلَى الْمُكْرِهِ بِقِيمَةِ الْعَبْدِ. وَلَوْ أُكْرِهَ عَلَى أَنْ يُعَلِّقَ عِتْقَ عَبْدِهِ بِتَقَاضِي دَيْنِهِ، أَوْ مَا أَشْبَهَ ذَلِكَ مِمَّا لَهُ مِنْهُ بُدٌّ لَا يَرْجِعُ عَلَى الْمُكْرِهِ وَيَكُونُ ذَلِكَ بِمَنْزِلَةِ الْإِكْرَاهِ بِوَعِيدِ الْحَبْسِ. وَلَوْ أُكْرِهَ الرَّجُلُ عَلَى أَنْ يُوجِبَ عَلَى نَفْسِهِ نَذْرًا أَوْ صَدَقَةً، أَوْ حَجًّا، أَوْ شَيْئًا مِنْ الْقُرَبِ فَفَعَلَ ذَلِكَ لَزِمَهُ الْمَنْذُورُ وَلَا يَرْجِعُ عَلَى الْمُكْرِهِ بِشَيْءٍ. وَلَوْ أُكْرِهَ عَلَى الظِّهَارِ فَفَعَلَ كَانَ مُظَاهِرًا، وَكَذَا لَوْ أُكْرِهَ عَلَى الْإِيلَاءِ فَفَعَلَ صَحَّ الْإِيلَاءُ فَهُوَ إكْرَاهٌ عَلَى التَّكْفِيرِ بَعْدَ ذَلِكَ مِنْ الظِّهَارِ فَفَعَلَ إنْ كَانَتْ قِيمَةُ الْعَبْدِ مِثْلَ قِيمَةِ عَبْدٍ وَسَطٍ لَا يَرْجِعُ عَلَى الجزء: 1 ¦ الصفحة: 207 الْمُكْرِهِ بِشَيْءٍ، وَإِنْ كَانَتْ قِيمَتُهُ أَكْثَرَ مِنْ قِيمَةِ الْوَسَطِ يَضْمَنُ الْمُكْرِهُ مَا زَادَ عَلَى قِيمَةِ الْوَسَطِ. وَلَوْ كَانَ الْمُكْرَهُ صَبِيًّا أَوْ مَعْتُوهًا فَحُكْمُهُمَا فِي الْإِكْرَاهِ حُكْمُ الْبَالِغِ الْعَاقِلِ، وَلَوْ كَانَ الْمُكْرَهُ غُلَامًا، أَوْ مَعْتُوهًا لَهُ تَسَلُّطٌ كَانَ الْقَاتِلُ هُوَ الْمُكْرِهُ لَا الْمُبَاشِرُ لِلْقَتْلِ وَتَكُونُ الدِّيَةُ عَلَى عَاقِلَةِ الْمُكْرِهِ بِنِصْفِ قِيمَةِ الْعَبْدِ. وَلَوْ أُكْرِهَ بِحَبْسٍ، أَوْ قَيْدٍ، أَوْ ضَرْبِ عَبْدِهِ فَفَعَلَ رَجَعَ عَلَى الْمُكْرِهِ بِنِصْفِ قِيمَةِ الْعَبْدِ. وَلَوْ أُكْرِهَ بِحَبْسٍ، أَوْ قَيْدٍ، أَوْ ضَرْبِ سَوْطٍ عَلَى الْإِقْرَارِ بِالْمَالِ فَأَقَرَّ صَحَّ إقْرَارُهُ قَالُوا: إنْ كَانَ الرَّجُلُ مِنْ أَشْرَافِ النَّاسِ بِحَيْثُ يَسْتَنْكِفُ عَنْ ضَرْبِ سَوْطٍ فِي الْمَلَأ، أَوْ حَبْسِ يَوْمٍ فَإِنَّهُ يَكُونُ مُكْرَهًا يَصِحُّ إقْرَارُهُ. وَلَوْ أُكْرِهَ بِالْقَتْلِ عَلَى الْإِقْرَارِ بِأَلْفٍ فَأَقَرَّ بِخَمْسِمِائَةٍ لَمْ يَصِحَّ، وَلَوْ أَقَرَّ بِأَلْفَيْنِ، أَوْ أَقَرَّ بِمِائَةِ دِينَارٍ أَوْ صِنْفٍ آخَرَ لَزِمَهُ، مِنْ الْوَجِيزِ. وَلَوْ أَنَّ رَجُلًا حَمَلَ رَجُلًا إلَى بَعْضِ الْبِلَادِ كُرْهًا كَانَ عَلَى الْحَامِلِ كِرَاؤُهُ إلَى الْمَوْضِعِ الَّذِي حَمَلَهُ مِنْهُ هَذِهِ فِي الْغَصْبِ مِنْ قَاضِي خَانْ وَإِجَارَةُ الدَّوَابِّ، مِنْ الْخُلَاصَةِ. أُكْرِهَ عَلَى قَبُولِ الْوَدِيعَةِ فَتَلِفَتْ فِي يَدِهِ فَلِمُسْتَحَقِّهَا تَضْمِينُ الْمُودِعِ، مِنْ الْقُنْيَةِ. [بَاب فِي مَسَائِلِ الصَّيْدِ وَالذَّبَائِحِ] (الْبَابُ الْخَامِسَ عَشَرَ فِي مَسَائِلِ الصَّيْدِ وَالذَّبَائِحِ) رَجُلٌ رَمَى صَيْدًا فَأَصَابَهُ وَلَمْ يُثْخِنْهُ وَلَمْ يُخْرِجْهُ عَنْ حَيْزِ الِامْتِنَاعِ فَرَمَاهُ آخَرُ فَقَتَلَهُ فَهُوَ لِلثَّانِي وَحَلَّ أَكْلُهُ، وَإِنْ كَانَ الْأَوَّلُ أَثْخَنَهُ فَرَمَاهُ الثَّانِي فَقَتَلَهُ فَهُوَ لِلْأَوَّلِ وَلَمْ يَحِلَّ أَكْلُهُ؛ لِأَنَّ سَهْمَ الْأَوَّلِ لَمَّا أَثْخَنَهُ فَقَدْ أَخْرَجَهُ مِنْ أَنْ يَكُونَ صَيْدًا فَلَا يَحِلُّ إلَّا بِزَكَاةِ الِاخْتِيَارِ وَيَضْمَنُ الثَّانِي لِلْأَوَّلِ قِيمَتَهُ مَجْرُوحًا بِجِرَاحَةِ الْأَوَّلِ، وَهَذَا إذَا عَلِمَ أَنَّ الْقَتْلَ حَصَلَ بِالثَّانِي بِأَنْ كَانَ الْأَوَّلُ بِحَالٍ يَجُوزُ أَنْ يَسْلَمَ الصَّيْدُ مِنْهُ، وَالثَّانِي بِحَالٍ لَا يَسْلَمُ الصَّيْدُ مِنْهُ كَمَا إذَا أَبَانَ رَأْسَهُ لِيَكُونَ الْقَتْلُ مُضَافًا إلَى الثَّانِي، وَإِنْ عَلِمَ أَنَّ الْمَوْتَ حَصَلَ مِنْ الْجِرَاحَتَيْنِ، أَوْ لَا يَدْرِي قَالَ فِي الزِّيَادَاتِ يَضْمَنُ الثَّانِي مَا نَقَصَتْهُ جِرَاحَتُهُ ثُمَّ يَضْمَنُ نِصْفَ قِيمَتِهِ مَجْرُوحًا بِجِرَاحَتَيْنِ ثُمَّ يَضْمَنُ نِصْفَ قِيمَةِ لَحْمِهِ وَمَحَلُّ الْمَسْأَلَةِ الْهِدَايَةِ. وَإِنْ رَمَيَا مَعًا إلَى صَيْدٍ فَسَبَقَ سَهْمُ أَحَدِهِمَا وَأَثْخَنَهُ ثُمَّ لَحِقَ الْآخَرُ فَقَتَلَهُ كَانَ لِلْأَوَّلِ، وَلَا يَحْرُمُ أَكْلُهُ عِنْدَنَا خِلَافًا لِزُفَرَ ذَكَرَهُ فِي الْمَجْمَعِ وَصُورَةُ الْمَسْأَلَةِ فِي الزِّيَادَاتِ عَلَى مَا ذُكِرَ فِي الْوَجِيزِ هَكَذَا رَجُلَانِ رَمَيَا مَعًا صَيْدًا فَبَادَرَ أَحَدُهُمَا فَأَصَابَ الصَّيْدَ فَكَسَرَ جَنَاحَهُ فَمَاتَ مِنْهُمَا فَهُوَ لِلْأَوَّلِ وَيَحِلُّ أَكْلُهُ وَلَا يَضْمَنُ الثَّانِي شَيْئًا انْتَهَى. وَهَكَذَا لَوْ رَمَاهُ الثَّانِي قَبْلَ أَنْ يُصِيبَهُ سَهْمُ الْأَوَّلِ فَقَتَلَهُ لَا يَحْرُمُ أَكْلُهُ وَلَا يَضْمَنُ الثَّانِي شَيْئًا ذَكَرَهُ قَاضِي خَانْ. وَذَكَرَ فِي بَابِ الْيَمِينِ مِنْ فَتَاوَاهُ إذَا اجْتَمَعَ السَّمَكُ فِي أَرْضِ إنْسَانٍ بِغَيْرِ صُنْعِهِ وَاخْتِيَارٍ مِنْهُ فَإِنَّهُ لَا يَكُونُ لِصَاحِبِ الْأَرْضِ إلَّا أَنْ يَأْخُذَهُ. انْتَهَى. رَمَى صَيْدًا فِي الْهَوَاءِ فَلَمَّا عَادَ السَّهْمُ إلَى الْأَرْضِ أَصَابَ إنْسَانًا، أَوْ مَالًا يَضْمَنُ، مِنْ الْقُنْيَةِ. [الْمَسَائِلُ الاستحسانية] ذَبَحَ شَاةً لَا يُرْجَى حَيَاتُهَا لَا يَضْمَنُ اسْتِحْسَانًا سَوَاءٌ كَانَ أَجْنَبِيًّا أَوْ رَاعِيًا، وَفِي فَرَسٍ وَبَغْلٍ يُفْتَى بِضَمَانِ الْأَجْنَبِيِّ وَإِنَّمَا يَضْمَنُ قِيمَةَ فَرَسٍ وَحِمَارٍ لَا يُرْجَى حَيَاتُهُمَا، مِنْ الْفُصُولَيْنِ. وَفِي الجزء: 1 ¦ الصفحة: 208 قَاضِي خَانْ مِنْ الْغَصْبِ، لَوْ مَرَّ رَجُلٌ بِشَاةِ غَيْرِهِ وَقَدْ أَشْرَفَتْ عَلَى الْهَلَاكِ فَذَبَحَهَا يَكُونُ ضَامِنًا؛ لِأَنَّهُ غَيْرُ مَأْمُورٍ بِالْحِفْظِ. وَذَكَرَ فِي النَّوَازِلِ شَاةٌ لِإِنْسَانٍ سَقَطَتْ وَخِيفَ عَلَيْهَا الْمَوْتُ فَذَبَحَهَا إنْسَانٌ كَيْ لَا تَمُوتَ لَا يَضْمَنُ اسْتِحْسَانًا؛ لِأَنَّهُ مَأْذُونٌ دَلَالَةً. وَكَذَا الْقَصَّابُ إذَا شَدَّ رِجْلَ شَاةٍ وَأَضْجَعَهَا وَجَاءَ إنْسَانٌ وَذَبَحَهَا لَا يَضْمَنُ انْتَهَى وَتُسَمَّى هَذِهِ اسْتِحْسَانِيَّةٌ قَالَ فِي الْأَشْبَاهِ: وَلَيْسَ مِنْهَا سَلْخُ الشَّاةِ بَعْدَ تَعْلِيقِهَا لِلتَّفَاوُتِ انْتَهَى. وَفِي الْفُصُولَيْنِ مِنْ حَجِّ الْمَرِيضِ فِي جِنْسِ الْمَسَائِلِ الاستحسانية، إنَّ كُلَّ فِعْلٍ لَا يَتَفَاوَتُ فِيهِ النَّاسُ تَثْبُتُ الِاسْتِعَانَةُ فِيهِ لِكُلِّ أَحَدٍ دَلَالَةً، وَمَا يَتَفَاوَتُ فِيهِ النَّاسُ لَا تَثْبُتُ الِاسْتِعَانَةُ لِكُلِّ أَحَدٍ، كَمَا لَوْ ذَبَحَ شَاةً وَعَلَّقَهَا لِلسَّلْخِ فَسَلَخَهَا رَجُلٌ ضَمِنَ وَمِنْ الْأَوَّلِ ذَبْحُ أُضْحِيَّةِ غَيْرِهِ فِي أَيَّامِهَا بِلَا إذْنِهِ فَإِنَّهُ يَجُوزُ اسْتِحْسَانًا، وَكَذَا لَوْ ذَبَحَ شَاةَ الْقَصَّابِ إذَا شَدَّهَا لِلذَّبْحِ كَمَا ذَكَرْنَا عَنْ قَاضِي خَانْ لَا لَوْ لَمْ يَشُدَّهَا وَقَدْ مَرَّ مِنْ هَذَا النَّوْعِ طَرَفٌ فِي فَصْلِ التَّصَرُّفِ فِي مَالِ الْغَيْرِ بِلَا إذْنٍ. أَمَرَهُ بِذَبْحِ شَاةٍ فَلَمْ يَذْبَحْ حَتَّى بَاعَ ثُمَّ ذَبَحَ يَضْمَنُ عَلِمَ بِالْبَيْعِ، أَوْ لَا. وَفِي الْأَجْنَاسِ لَا يَضْمَنُ إنْ لَمْ يَعْلَمْ كَذَا فِي الْأُضْحِيَّة، مِنْ الْبَزَّازِيَّةِ. [بَاب فِي مَسَائِلِ اللَّقِيطِ وَاللُّقَطَةِ] (الْبَابُ السَّادِسَ عَشَرَ فِي مَسَائِلِ اللَّقِيطِ وَاللُّقَطَةِ) اللُّقَطَةُ أَمَانَةٌ فِي يَدِ الْمُلْتَقِطِ لَا يَضْمَنُهَا إلَّا بِالتَّعَدِّي عَلَيْهَا، أَوْ بِالْمَنْعِ عِنْدَ الطَّلَبِ إذَا أَشْهَدَ الْمُلْتَقِطُ حِينَ الْأَخْذِ أَنَّهُ يَأْخُذُهَا لِيَحْفَظَهَا وَيَرُدَّهَا عَلَى صَاحِبِهَا وَيَكْفِيهِ لِلْإِشْهَادِ أَنْ يَقُولَ: مَنْ سَمِعْتُمُوهُ يَنْشُدُ لُقَطَةً فَدُلُّوهُ عَلَيَّ، وَإِنْ لَمْ يَشْهَدْ عَلَيْهِ وَقَالَ أَخَذْتُهَا لِلرَّدِّ عَلَى الْمَالِكِ يَضْمَنُ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ لَا يَضْمَنُ وَالْقَوْلُ قَوْلُهُ فِي أَنَّهُ أَخَذَ لِلرَّدِّ، وَإِنْ أَقَرَّ أَنَّهُ أَخَذَهَا لِنَفْسِهِ يَضْمَنُ بِالْإِجْمَاعِ ذَكَرَهُ فِي الْهِدَايَةِ ثُمَّ الْخِلَافُ عَلَى مَا ذَكَرَهُ فِي الْإِيضَاحِ عَنْ الْمَبْسُوطِ وَيُشِيرُ إلَيْهِ قَاضِي خَانْ فِيمَا إذَا تَرَكَ الْإِشْهَادَ مَعَ التَّمَكُّنِ مِنْهُ إمَّا عِنْدَ عَدَمِهِ بِأَنْ لَمْ يَجِدْ أَحَدًا يُشْهِدُهُ عِنْدَ الرَّفْعِ، أَوْ خَافَ أَنَّهُ لَوْ أَشْهَدَ عِنْدَ الرَّفْعِ يَأْخُذُهَا مِنْهُ ظَالِمٌ لَا يَكُونُ ضَامِنًا بِالِاتِّفَاقِ، وَإِنْ وَجَدَ مَنْ يُشْهِدُهُ حَتَّى جَاوَزَ ضَمِنَ؛ لِأَنَّهُ تَرَكَ الْإِشْهَادَ مَعَ الْقُدْرَةِ عَلَيْهِ مِنْ قَاضِي خَانْ، وَفِيهِ أَيْضًا هَذَا إذَا اتَّفَقَا عَلَى كَوْنِهَا لُقَطَةً وَلَكِنْ اخْتَلَفَا هَلْ الْتَقَطَهُمَا لِلْمَالِكِ أَمْ لَا؟ أَمَّا إذَا اخْتَلَفَا فِي كَوْنِهَا لُقَطَةً فَقَالَ الْمَالِكُ: أَخَذْتهَا غَصْبًا وَقَالَ الْمُلْتَقِطُ: لُقَطَةً أَخَذْتهَا لَك كَانَ الْمُلْتَقِطُ ضَامِنَهَا فِي قَوْلِهِمْ جَمِيعًا. وَعَلَى الْمُلْتَقِطِ أَنْ يُعَرِّفَهَا إلَى أَنْ يَغْلِبَ عَلَى رَأْيِهِ أَنَّ صَاحِبَهَا لَا يَطْلُبُهَا بَعْدَ ذَلِكَ وَمَا لَا يَبْقَى كَالْأَطْعِمَةِ الْمُعَدَّةِ لِلْأَكْلِ وَبَعْضِ الثِّمَارِ إلَى أَنْ يَخَافَ فَسَادَهُ ثُمَّ يَتَصَدَّقَ بِهَا، وَلَهُ أَنْ يَنْتَفِعَ بِهَا لَوْ فَقِيرًا فَإِنْ جَاءَ صَاحِبُهَا بَعْدَمَا تَصَدَّقَ بِهَا فَهُوَ بِالْخِيَارِ إنْ شَاءَ أَمْضَى الصَّدَقَةَ وَلَهُ ثَوَابُهَا، وَإِنْ شَاءَ ضَمَّنَ الْمُلْتَقِطَ، وَإِنْ شَاءَ ضَمَّنَ الْمِسْكِينَ إذَا هَلَكَ فِي يَدِهِ وَإِذَا كَانَ قَائِمًا أَخَذَهُ، ذَكَرَهُ فِي الْهِدَايَةِ وَالْمُعْتَبَرُ قِيمَتُهَا يَوْمَ التَّصَدُّقُ فِي التَّضْمِينِ بِقَوْلِهِمْ إنَّ سَبَبَ الضَّمَانِ تَصَرُّفُهُ فِي مَالِ غَيْرِهِ بِغَيْرِ إذْنِهِ وَلَمْ أَرَهُ صَرِيحًا، كَذَا فِي الْأَشْبَاهِ مِنْ الْقَوْلِ فِي ثَمَنِ الْمِثْلِ، وَفِي الْخُلَاصَةِ قَالَ الْقَاضِي أَبُو جَعْفَرٍ إنْ تَصَدَّقَ بِإِذْنِ الْقَاضِي لَيْسَ لَهُ أَنْ يُضَمِّنَهُ، انْتَهَى. وَأَيَّهُمَا ضَمِنَ الْمُلْتَقَطُ وَالْمِسْكِينُ لَا يَرْجِعُ وَاحِدٌ مِنْهُمَا عَلَى صَاحِبهِ بِشَيْءِ ذَكَرَهُ قَاضِي خَانْ وَغَيْرُهُ. وَإِنْ أَتْلَفَ الْعَبْدُ مَا الْتَقَطَهُ قَبْلَ التَّعْرِيفِ، أَوْ بَعْدَهُ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 209 بِبَيْعٍ، أَوْ فِدًى وَعِنْدَ مَالِكٍ إنْ أَتْلَفَهُ بَعْدَ التَّعَرُّفِ لَا يُطَالِبُ بِهِ لِلْحَالِ بَلْ بَعْدَ الْعِتْقِ كَمَا فِي الْمَجْمَعِ، وَإِنْ كَانَتْ اللُّقَطَةُ مِمَّا يَحْتَاجُ إلَى النَّفَقَةِ إنْ كَانَ شَيْئًا يُمْكِنُ إجَارَتُهُ يُؤَاجِرُهَا بِأَمْرِ الْقَاضِي وَيُنْفِقُ عَلَيْهَا مِنْ الْأَجْرِ، وَإِنْ أَنْفَقَ عَلَيْهَا مِنْ مَالِ نَفْسِهِ بِغَيْرِ إذْنِ الْحَاكِمِ فَهُوَ مُتَبَرِّعٌ لَا يَرْجِعُ بِهِ عَلَى الْمَالِكِ وَإِنْ أَنْفَقَ بِإِذْنِ الْحَاكِمِ كَانَ ذَلِكَ دَيْنًا عَلَى صَاحِبِهَا وَلِلْمُلْتَقِطِ أَنْ يَمْنَعَهَا مِنْهُ حَتَّى يُحْضِرَ النَّفَقَةَ فَإِنْ هَلَكَتْ بَعْدَ الْحَبْسِ سَقَطَ دَيْنُ النَّفَقَةِ؛ لِأَنَّهَا بِالْحَبْسِ صَارَتْ كَالرَّهْنِ وَهُوَ مَضْمُونٌ بِالدَّيْنِ، وَإِنْ هَلَكَتْ قَبْلَ الْحَبْسِ لَا يَسْقُطُ دَيْنُ النَّفَقَةِ كَمَا فِي الْهِدَايَةِ، وَفِي الْإِيضَاحِ نَقْلًا عَنْ الْيَنَابِيعِ وَالتَّقْرِيبِ لِأَبِي الْحَسَنِ الْقُدُورِيِّ، وَقَالَ أَصْحَابُنَا: لَوْ أَنْفَقَ عَلَى اللُّقَطَةِ بِأَمْرِ الْقَاضِي وَحَبَسَهَا بِالنَّفَقَةِ فَهَلَكَتْ لَمْ تَسْقُطْ النَّفَقَةُ خِلَافًا لِزُفَرَ؛ لِأَنَّهَا رَهْنٌ غَيْرُ بَدَلٍ عَنْ عَيْنٍ وَلَا عَنْ عَمَلٍ مِنْهُ فِيهَا وَلَا تَنَاوَلَهُ عَقْدٌ يُوجِبُ الضَّمَانَ، انْتَهَى. قُلْت: وَلَعَلَّ صَاحِبَ الْهِدَايَةِ اطَّلَعَ عَلَى رِوَايَةٍ فِي ذَلِكَ عَنْ أَصْحَابِنَا وَبِالْجُمْلَةِ فَعَلَى الْمُفْتِي أَنْ يَتَأَمَّلَ فِي ذَلِكَ عِنْدَ الْفَتْوَى، وَفِي مُشْتَمِلِ الْهِدَايَةِ عَنْ الْأُسْرُوشَنِيِّ إذَا أَنْفَقَ عَلَيْهَا بِأَمْرِ الْقَاضِي فَجَاءَ مَالِكًا فَقَالَ الْآخِذُ: أَنْفَقْت عَلَيْهَا كَذَا وَكَذَا وَذَلِكَ نَفَقَةُ مِثْلِهَا، وَكَذَّبَ رَبُّ الدَّابَّةِ وَجَحَدَ أَنْ يَكُونَ أَنْفَقَ عَلَيْهَا فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ مَعَ يَمِينِهِ عَلَى الْعِلْمِ؛ لِأَنَّ الْوَاجِدَ يَدَّعِي عَلَيْهِ دَيْنًا هُوَ يُنْكِرُهُ فَيَكُونُ الْقَوْلُ قَوْلَهُ، انْتَهَى. وَكَذَا فِي الْفُصُولَيْنِ عَنْ شَيْخِ الْإِسْلَامِ أَبِي بَكْرٍ. رَجُلٌ دَفَعَ لُقَطَةً وَأَشْهَدَ فَجَاءَ رَجُلٌ وَادَّعَى أَنَّهَا لَهُ وَذَكَرَ وَزْنَهَا وَكَيْلَهَا وَعَدَدَهَا وَكُلَّ عَلَامَةٍ كَانَتْ لَهَا فَلَمْ يَدْفَعْ إلَيْهِ الْمُلْتَقِطُ وَطَلَبَ الْبَيِّنَةَ، عِنْدَنَا لَا يُجْبَرُ الْمُلْتَقِطُ عَلَى الدَّفْعِ إلَيْهِ بِدُونِ الْبَيِّنَةِ، وَإِنْ دَفَعَهَا إلَيْهِ بِالْعَلَامَةِ ثُمَّ جَاءَ آخَرُ وَأَقَامَ الْبَيِّنَةَ أَنَّهَا لَهُ فَإِنْ كَانَتْ اللُّقَطَةُ فِي يَدِ الْأَوَّلِ يَأْخُذُهَا صَاحِبُهَا مِنْهُ إذَا قَدَرَ وَلَا شَيْءَ عَلَى أَحَدٍ، وَإِنْ كَانَتْ هَالِكَةً، أَوْ لَمْ يَقْدِرْ عَلَى أَخْذِهَا فَصَاحِبُهَا بِالْخِيَارِ إنْ شَاءَ ضَمَّنَ الْآخِذَ، وَإِنْ شَاءَ ضَمَّنَ الدَّافِعَ، وَذُكِرَ فِي الْكِتَابِ إنْ كَانَ الْمُلْتَقِطُ دَفَعَ بِقَضَاءِ الْقَاضِي لَا ضَمَانَ عَلَيْهِ، وَإِنْ كَانَ الدَّفْعُ بِغَيْرِ قَضَاءِ الْقَاضِي ضَمِنَ. وَفِي الْخُلَاصَةِ فَإِنْ دَفَعَ اللُّقَطَةَ إلَيْهِ يَعْنِي إلَى مَنْ صَدَّقَهُ أَنَّهَا لَهُ ثُمَّ جَاءَ آخَرُ وَاسْتَحَقَّهَا بِالْبَيِّنَةِ إنْ وَجَدَ عَيْنَهَا أَخَذَهَا، وَإِنْ هَلَكَتْ ضَمِنَ أَيَّهُمَا شَاءَ، فَإِنْ ضَمِنَ الْقَابِضُ لَا يَرْجِعُ عَلَى الدَّافِعِ، وَإِنْ ضَمِنَ الدَّافِعُ يَرْجِعُ عَلَى الْقَابِض فِي رِوَايَةٍ، هَذَا إذَا دَفَعَ بِغَيْرِ قَضَاءٍ، وَإِنْ دَفَعَ بِقَضَاءٍ لَمْ يَضْمَنْ عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ وَعِنْدَ مُحَمَّدٍ يَضْمَنُ، انْتَهَى. حَطَبٌ وُجِدَ فِي الْمَاءِ إنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ قِيمَةٌ فَهُوَ حَلَالٌ لِمَنْ أَخَذَهُ، وَإِنْ كَانَ لَهُ قِيمَةٌ يَكُونُ لُقَطَةً وَحُكْمُ اللُّقَطَةِ مَعْلُومٌ. التُّفَّاحُ وَالْكُمَّثْرَى إذَا كَانَا فِي نَهْرٍ جَارٍ قَالُوا: يَجُوزُ أَخْذُهُ، وَإِنْ كَانَ كَثِيرًا؛ لِأَنَّ هَذَا مِمَّا يَفْسُدُ لَوْ تُرِكَ، وَلَوْ وَجَدَ جَوْزَةً ثُمَّ أُخْرَى حَتَّى بَلَغَ عَشْرًا وَلَهَا قِيمَةٌ فَإِنْ وَجَدَ الْكُلَّ فِي مَوْضِعٍ وَاحِدٍ فَهُوَ لُقَطَةٌ، وَإِنْ وَجَدَهَا مُتَفَرِّقَةً اخْتَلَفَ الْمَشَايِخُ فِيهِ وَالْمُخْتَارُ أَنَّهَا لُقَطَةٌ بِخِلَافِ النَّوَى إذَا وُجِدْت مُتَفَرِّقَةً وَيَكُونُ لَهَا قِيمَةٌ فَإِنَّهُ يَجُوزُ أَخْذُهَا؛ لِأَنَّ النَّوَاةَ مِمَّا يُرْمَى عَادَةً فَتَصِيرُ بِمَنْزِلَةِ الْمُبَاحِ وَلَا كَذَلِكَ الْجَوْزُ حَتَّى لَوْ وُجِدَ الْجَوْزُ تَحْتَ الْأَشْجَارِ وَيَتْرُكُهَا صَاحِبُهَا فَإِنَّهَا بِمَنْزِلَةِ النَّوَاةِ. وَإِنْ وَجَدَ فِي الطَّرِيقِ شَجَرًا، أَوْ وَرَقًا مِنْ شَجَرٍ يُنْتَفَعُ بِهِ نَحْوَ وَرَقِ التُّوتِ وَنَحْوَهُ مِمَّا يُرْمَى إلَى دُودِ الْقَزِّ، فَإِنْ كَانَ كَثِيرًا لَهُ قِيمَةٌ لَيْسَ لَهُ أَنْ يَأْخُذَهُ، وَإِنْ أَخَذَهُ كَانَ ضَامِنًا، وَإِنْ كَانَ وَرَقًا لَا يُنْتَفَعُ بِهِ كَانَ لَهُ أَنْ يَأْخُذَهُ. رَجُلٌ الْتَقَطَ لُقَطَةً لِيُعَرِّفَهَا ثُمَّ أَعَادَهَا الجزء: 1 ¦ الصفحة: 210 إلَى الْمَكَانِ الَّذِي وَجَدَهَا فِيهِ ذُكِرَ فِي الْكِتَابِ أَنَّهُ يَبْرَأُ عَنْ الضَّمَانِ، وَلَمْ يُفَصِّلْ بَيْنَ مَا إذَا تَحَوَّلَ عَنْ ذَلِكَ الْمَكَانِ ثُمَّ أَعَادَهَا إلَيْهِ وَبَيْنَ مَا إذَا أَعَادَهَا قَبْلَ أَنْ يَتَحَوَّلَ، قَالَ الْفَقِيهُ أَبُو جَعْفَرٍ: إنَّمَا يَبْرَأُ إذَا أَعَادَهَا قَبْلَ التَّحْوِيلِ فَإِذَا أَعَادَهَا بَعْدَمَا تَحَوَّلَ يَكُونُ ضَامِنًا وَإِلَيْهِ أَشَارَ الْحَاكِمُ الشَّهِيدُ فِي الْمُخْتَصَرِ. وَفِي الْخُلَاصَةِ وَعَنْ مُحَمَّدٍ أَنَّهُ إذَا مَشَى خُطْوَتَيْنِ، أَوْ ثَلَاثَ خُطُوَاتٍ ثُمَّ أَعَادَهَا إلَى مَكَانِهَا بَرِئَ انْبَنَى هَذَا إذَا أَخَذَ اللُّقَطَةَ لِيُعَرِّفَهَا فَإِنْ كَانَ أَخَذَهَا لِيَأْكُلَهَا لَمْ يَبْرَأْ عَنْ الضَّمَانِ مَا لَمْ يَدْفَعْهَا إلَى صَاحِبِهَا؛ لِأَنَّهُ إذَا أَخَذَهَا لِيَأْكُلَهَا يَصِيرُ غَاصِبًا وَالْغَاصِبُ لَا يَبْرَأُ إلَّا بِالرَّدِّ عَلَى الْمَالِكِ مِنْ كُلِّ وَجْهٍ وَقِيلَ عَلَى قَوْلِ زُفَرَ يَبْرَأُ عَنْ الضَّمَانِ وَهُوَ كَمَا قَالُوا لَوْ كَانَتْ دَابَّةً فَرَكِبَهَا ثُمَّ نَزَلَ عَنْهَا وَتَرَكَهَا فِي مَكَانِهَا عَلَى قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ يَكُونُ ضَامِنًا وَعَلَى قَوْلِ زُفَرَ لَا يَكُونُ ضَامِنًا، وَكَذَا لَوْ نَزَعَ خَاتَمًا مِنْ أُصْبُعِ نَائِمٍ ثُمَّ رَدَّهُ إلَى أُصْبُعِهِ بَعْدَمَا انْتَبَهَ ثُمَّ نَامَ فَهُوَ عَلَى الْخِلَافِ وَقَدْ مَرَّتْ هَذِهِ الْمَسْأَلَةُ فِي فَصْلِ التَّصَرُّفِ فِي مَالِ الْغَيْرِ بِتَمَامِهَا، وَكَذَا إذَا كَانَتْ اللُّقَطَةُ ثَوْبًا فَلَبِسَهُ ثُمَّ نَزَعَهُ وَأَعَادَهُ إلَى مَكَانِهِ فَهُوَ عَلَى هَذَا الْخِلَافِ وَهَذَا إذَا لَبِسَ كَمَا يَلْبَسُ الثَّوْبَ عَادَةً، فَأَمَّا إذَا كَانَ قَمِيصًا فَوَضَعَهُ عَلَى عَاتِقِهِ ثُمَّ أَعَادَهُ إلَى مَكَانِهِ لَا يَكُونُ ضَامِنًا؛ لِأَنَّهُ حِفْظٌ وَلَيْسَ بِاسْتِعْمَالٍ، وَكَذَا الِاخْتِلَافُ فِي الْخَاتَمِ فِيمَا إذَا لَبِسَهُ فِي الْخِنْصَرِ وَيَسْتَوِي فِيهَا الْيُمْنَى وَالْيُسْرَى أَمَّا إذَا لَبِسَهُ فِي أُصْبُعٍ أُخْرَى ثُمَّ أَعَادَهُ إلَى مَكَانِهِ لَا يَكُونُ ضَامِنًا فِي قَوْلِهِمْ، وَإِنْ لَبِسَهُ فِي خِنْصَرِهِ عَلَى خَاتَمٍ فَإِنْ كَانَ الرَّجُل مَعْرُوفًا بِكَوْنِهِ يَتَخَتَّمُ بِخَاتَمَيْنِ فَهُوَ عَلَى هَذَا الْخِلَافِ وَإِلَّا فَلَا يَكُونُ ضَامِنًا فِي قَوْلِهِمْ إذَا أَعَادَهُ إلَى مَكَانَهُ قَبْلَ التَّحَوُّلِ. وَكَذَا إذَا تَقَلَّدَ بِالسَّيْفِ ثُمَّ نَزَعَهُ وَأَعَادَهُ إلَى مَكَانِهِ لَا يَكُونُ ضَامِنًا فِي قَوْلِهِمْ، هَذِهِ الْجُمْلَةُ مِنْ قَاضِي خَانْ سِوَى الْمَنْقُولِ، مِنْ الْخُلَاصَةِ، قُلْت: وَهَذِهِ الْمَسَائِلُ يُقَالُ لَهَا اخْتِلَافُ زُفَرَ وَيَعْقُوبَ، قَالَ فِي الصُّغْرَى وَهَذِهِ الْمَسَائِلُ بِأَجْنَاسِهَا فِي غَصْبِ الْمُنْتَقَى وَآخِرِ شَرْحِ لُقَطَةِ شَمْسِ الْأَئِمَّةِ السَّرَخْسِيِّ وَخُوَاهَرْ زَادَهْ. وَفِي الْخُلَاصَةِ إذَا لَمْ يَظْهَرْ الْمَالِكُ يَرْفَعُ الْمُلْتَقِطُ الْأَمْرَ إلَى الْإِمَامِ ثُمَّ الْإِمَامُ بِالْخِيَارِ إنْ شَاءَ قَبِلَ، وَإِنْ شَاءَ لَمْ يَقْبَلْ فَإِذَا قَبِلَ إنْ شَاءَ عَجَّلَ صَدَقَتَهَا، وَإِنْ شَاءَ أَقْرَضَهَا مِنْ رَجُل مَلِيءٍ، وَإِنْ شَاءَ دَفَعَهَا مُضَارَبَةً، وَإِنْ شَاءَ رَدَّهَا عَلَى الْمُلْتَقِطِ ثُمَّ هُوَ بِالْخِيَارِ إنْ شَاءَ يَتَصَرَّفُ عَلَى أَنْ يَكُونَ الثَّوَابُ لِصَاحِبِهَا، وَإِنْ شَاءَ بَاعَهَا إنْ لَمْ تَكُنْ دَرَاهِمَ أَوْ دَنَانِيرَ وَأَمْسَكَ ثَمَنَهَا ثُمَّ بَعْدَ ذَلِكَ إنْ حَضَرَ مَالِكُهَا لَيْسَ لَهُ نَقْضُ الْبَيْعِ إنْ كَانَ الْبَيْعُ بِأَمْرِ الْقَاضِي، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ الْبَيْعُ بِأَمْرِ الْقَاضِي وَهِيَ قَائِمَةٌ فَإِنْ شَاءَ أَجَازَ الْبَيْعَ وَأَخَذَ الثَّمَنَ، وَإِنْ شَاءَ أَبْطَلَ الْبَيْعَ وَأَخَذَ عَيْنَ مَالِهِ، وَإِنْ هَلَكَ إنْ شَاءَ ضَمِنَهُ الْمُشْتَرِي وَيَرْجِعُ بِثَمَنِهِ عَلَى الْبَائِعِ، وَإِنْ شَاءَ ضَمِنَهُ الْبَائِعُ وَعِنْدَ ذَلِكَ يَنْفُذُ الْبَيْعُ مِنْ جِهَةِ الْبَائِعِ فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ وَبِهِ أَخَذَ عَامَّةُ الْمَشَايِخِ انْتَهَى. لَوْ وَجَدَ شَيْئًا عَلَى الْأَرْضِ فَلَمْ يَأْخُذْهُ حَتَّى ضَاعَ لَمْ يَضْمَنْ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَحْصُلْ فِي يَدِهِ، وَكَذَا لَوْ قَلَبَهُ بِرِجْلِهِ لِيَنْظُرَ مَا هُوَ وَلَمْ يَأْخُذْهُ لَمْ يَضْمَنْ، مِنْ الْحَدَّادِيِّ. إذَا اخْتَلَطَ بِحَمَامِهِ حَمَامٌ أَهْلِيٌّ لِغَيْرِهِ فَهُوَ بِمَنْزِلَةِ اللُّقَطَةِ يَأْخُذُهُ، وَإِنْ أَخَذَهُ يَطْلُبُ صَاحِبَهُ وَيَرُدُّهُ إلَيْهِ، وَإِنْ لَمْ يَأْخُذْهُ وَفَرَّخَ عِنْدَهُ فَإِنْ كَانَتْ الْأُمُّ غَرِيبَةً لَا يَتَعَرَّضُ لِفَرْخِهِ فَإِنَّهُ مِلْكُ الْغَيْرِ، وَإِنْ كَانَتْ لِصَاحِبِ الْبُرْجِ وَالْغَرِيبُ ذَكَرٌ فَإِنَّ الْفَرْخَ يَكُونُ لَهُ، وَكَذَا الْبِيضُ مِنْ قَاضِي خَانْ. وَاللَّقِيطُ كَاللُّقَطَةِ أَمَانَةٌ فِي يَدِ الْمُلْتَقِطِ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 211 وَأَمْرُ نَفَقَتِهِ كَاللُّقَطَةِ لَوْ أَنْفَقَ عَلَيْهِ الْمُلْتَقِطُ مِنْ مَالِ نَفْسِهِ يَكُونُ مُتَبَرِّعًا لَا يَرْجِعُ بِذَلِكَ عَلَى اللَّقِيطِ، وَإِنْ أَمَرَهُ الْقَاضِي أَنْ يُنْفِقَ عَلَيْهِ مِنْ مَالِهِ عَلَى أَنْ يَكُونَ دَيْنًا عَلَى اللَّقِيطِ فَمَا أَنْفَقَ يَكُونُ دَيْنًا لَهُ عَلَى اللَّقِيطِ، وَإِنْ أَمَرَهُ الْقَاضِي أَنْ يُنْفِقَ عَلَيْهِ وَلَمْ يَقُلْ عَلَى أَنْ يَرْجِعَ بِذَلِكَ عَلَى اللَّقِيطِ أَشَارَ فِي الْكِتَابِ إلَى أَنَّهُ لَا يَرْجِعُ عَلَيْهِ بِمَا أَنْفَقَ بَعْدَ الْبُلُوغِ وَقَالَ الطَّحَاوِيُّ لَهُ أَنْ يَرْجِعَ عَلَيْهِ بِمَا أَنْفَقَ بَعْدَ الْبُلُوغِ إذَا أَنْفَقَ بِأَمْرِ الْقَاضِي، وَإِنْ لَمْ يَشْتَرِطْ لَهُ الرُّجُوعَ كَالْبَالِغِ إذَا أَمَرَ رَجُلًا أَنْ يُنْفِقَ عَلَى اللَّقِيطِ كَانَ لِلْمَأْمُورِ أَنْ يَرْجِعَ عَلَى الْآمِرِ بِمَا أَنْفَقَ، وَإِنْ لَمْ يَشْتَرِطْ لَهُ الرُّجُوعَ. وَإِنْ أَمَرَهُ الْقَاضِي بِالْإِنْفَاقِ وَشَرَطَ أَنْ يَكُونَ لَهُ الرُّجُوعُ عَلَى اللَّقِيطِ فَادَّعَى الْمُلْتَقِطُ بَعْدَ بُلُوغِهِ أَنَّهُ أَنْفَقَ عَلَيْهِ كَذَا إنْ صَدَّقَهُ اللَّقِيطُ يَرْجِعُ بِذَلِكَ عَلَيْهِ، وَإِنْ كَذَّبَهُ بِالْإِنْفَاقِ لَا يَرْجِعُ إلَّا بِبَيِّنَةٍ مِنْ قَاضِي خَانْ، وَإِنْ أَنْفَقَ بِغَيْرِ إذْنِ الْحَاكِمِ عَلَى أَنْ يَرْجِعَ فَإِنْ صَدَّقَهُ اللَّقِيطُ بَعْدَ الْبُلُوغِ فِي ذَلِكَ رَجَعَ عَلَيْهِ ذَكَرَهُ فِي الْمَجْمَعِ. وَلَوْ وُجِدَ مَالٌ مَشْدُودٌ عَلَيْهِ فَهُوَ لَهُ، وَكَذَا لَوْ كَانَ مَشْدُودًا عَلَى دَابَّةٍ ثُمَّ يَصْرِفُهُ الْوَاجِدُ عَلَيْهِ بِأَمْرِ الْقَاضِي ذَكَرَهُ فِي الْهِدَايَةِ وَلَا يَمْلِكُ الْمُلْتَقِطُ عَلَيْهِ ذَكَرًا كَانَ، أَوْ أُنْثَى تَصَرُّفًا مِنْ بَيْعٍ، أَوْ شِرَاءٍ، أَوْ نِكَاحٍ وَإِنَّمَا لَهُ وِلَايَةُ الْحِفْظِ لَا غَيْرُ وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَخْتِنَهُ فَإِنْ فَعَلَهُ فَهَلَكَ بِذَلِكَ كَانَ ضَامِنًا كَمَا فِي قَاضِي خَانْ وَالْوَجِيزِ، وَلَوْ قَتَلَهُ رَجُلٌ هُدِرَ دَمُهُ عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ ذَكَرَهُ فِي دُرَرِ الْبِحَارِ. وَفِي قَاضِي خَانْ رَجُلٌ الْتَقَطَ لَقِيطًا ثُمَّ قَتَلَهُ هُوَ، أَوْ غَيْرُهُ خَطَأً كَانَتْ دِيَتُهُ عَلَى عَاقِلَةِ الْقَاتِلِ، وَإِنْ قَتَلَهُ عَمْدًا فَإِنْ شَاءَ الْإِمَامُ قَتَلَ الْقَاتِلَ، وَإِنْ شَاءَ صَالَحَهُ عَلَى الدِّيَةِ فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَعْفُوَ وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ تَجِبُ الدِّيَةُ فِي مَالِ الْقَاتِلِ اهـ. [بَاب فِي مَسَائِلِ الْآبِقِ] (الْبَابُ السَّابِعَ عَشَرَ فِي مَسَائِلِ الْآبِقِ) الْآبِقُ كَاللُّقَطَةِ إذَا أُشْهِدَ عَلَى أَنَّهُ يَأْخُذُهُ لِيَرُدَّهُ عَلَى مَوْلَاهُ كَانَتْ أَمَانَةً بِيَدِهِ إذَا مَاتَ، أَوْ أَبَقَ مِنْهُ لَا يَضْمَنُ لَهُ، أَمَّا إذَا تَرَكَ الْإِشْهَادَ وَكَانَ مُتَمَكِّنًا مِنْهُ يَضْمَنُ خِلَافًا لِأَبِي يُوسُفَ كَمَا مَرَّ فِي اللُّقَطَةِ مِنْ أَنَّ عِنْدَهُ يُصَدَّقُ مَعَ يَمِينِهِ فِي أَنَّهُ أَخَذَهُ لِلرَّدِّ وَإِذَا اسْتَعْمَلَ الرَّادُّ الْآبِقَ فِي حَاجَتِهِ فِي الطَّرِيقِ ثُمَّ أَبَقَ يَضْمَنُ. وَفِي التَّجْرِيدِ كيزك يكى را كرفت بازازد سِتّ وى كريخت اكنون جَنِين ميكو يدكه أَيْنَ كنيزك كفت كه مِنْ ازادم رها كردمش لَوْ أَشْهَدَ عِنْدَ الْأَخْذِ أَنَّهُ أَخَذَهَا لِمَالِكِهَا صُدِّقَ مَعَ يَمِينِهِ، وَلَوْ لَمْ يَشْهَدْ ضَمِنَ، مِنْ الْفُصُولَيْنِ. وَفِي الْأَشْبَاهِ إذَا أَشْهَدَ رَادُّ الْآبِقِ أَنَّهُ أَخَذَهُ لِيَرُدَّهُ عَلَى صَاحِبِهِ انْتَفَى الضَّمَانُ وَاسْتَحَقَّ الْجَعْلَ وَإِلَّا فَلَا فِيهِمَا اهـ وَلِلرَّادِّ أَنْ يَحْبِسَ الْآبِقَ لِاسْتِيفَاءِ الْجَعْلِ هَذِهِ فِي اللُّقَطَةِ، مِنْ الْهِدَايَةِ، وَلَوْ حَبَسَهُ بِالْجَعْلِ فَهَلَكَ لَا يَضْمَنُ كَمَا فِي مُشْتَمِلِ الْهِدَايَةِ وَالْوَجِيزِ إلَّا أَنَّ فِي الْوَجِيزِ قَالُوا: لَوْ هَلَكَ فِي يَدِهِ وَقَدْ أَمْسَكَهُ بِأَمْرِ الْقَاضِي لَا ضَمَانَ عَلَيْهِ وَلَمْ يُقَيِّدْ صَاحِبُ الْمُشْتَمِلِ. وَلَوْ أَنْكَرَ الْمَوْلَى كَوْنَ عَبْدِهِ آبِقًا فَالْقَوْلُ لَهُ وَالْآخِذُ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 212 ضَامِنٌ إجْمَاعًا؛ لِأَنَّ سَبَبَ وُجُوبِ الضَّمَانِ قَدْ ظَهَرَ مِنْ الْآخِذِ وَهُوَ أَخْذُ مَالِ الْغَيْرِ بِغَيْرِ إذْنِهِ وَهُوَ يَدَّعِي الْمَسْقَطَ وَهُوَ الْإِذْنُ شَرْعًا بِكَوْنِ الْعَبْدِ آبِقًا كَمَا فِي الْفُصُولَيْنِ وَمُشْتَمِلِ الْهِدَايَةِ. وَأَمْرُ نَفَقَتِهِ كَاللُّقَطَةِ لَوْ أَنْفَقَ الرَّادُّ عَلَيْهِ بِأَمْرِ الْحَاكِمِ رَجَعَ بِهِ عَلَى الْمَوْلَى وَإِلَّا كَانَ مُتَبَرِّعًا ذَكَرَهُ فِي الْكَنْزِ. وَفِي الْفُصُولَيْنِ عَنْ الْمُحِيطِ رَجُلٌ أَخَذَ آبِقًا فَادَّعَاهُ رَجُلٌ وَأَقَرَّ أَنَّ الْقِنَّ لَهُ فَدَفَعَهُ إلَيْهِ بِلَا أَمْرِ الْقَاضِي فَهَلَكَ عِنْدَهُ فَاسْتَحَقَّهُ آخَرُ بِبَيِّنَةٍ ضَمِنَ أَيَّهُمَا شَاءَ وَيَرْجِعُ الدَّافِعُ عَلَى الْقَابِضِ ثُمَّ قَالَ: أَقُولُ هَذَا يَصِحُّ لَوْ دَفَعَهُ مُضَمَّنًا، أَوْ غَيْرَ مُصَدَّقٍ أَمَّا لَوْ صَدَّقَهُ وَدَفَعَهُ يَنْبَغِي أَنْ لَا يَرْجِعَ لِزَعْمِهِ أَنَّ الْقَابِضَ مُحِقٌّ وَالْمُسْتَحِقَّ مُبْطِلٌ، وَفِيهِ أَيْضًا، وَلَوْ لَمْ يَدْفَعْهُ إلَى الْأَوَّلِ حَتَّى شَهِدَ عِنْدَهُ شَاهِدَانِ فَدَفَعَهُ بِلَا حُكْمٍ فَبَرْهَنَ آخَرُ أَنَّهُ لَوْ قَضَى بِهِ لِلثَّانِي إذْ بَيِّنَةُ الْأَوَّلِ قَامَتْ فِي غَيْرِ مَجْلِسِ الْحُكْمِ فَلَا تُعَارِضُ بَيِّنَةً قَامَتْ فِي مَجْلِسِ الْحُكْمِ فَلَوْ أَعَادَ الْأَوَّلُ بَيِّنَتَهُ لَا تُقْبَلُ إذْ الْقِنُّ فِي يَدِهِ فَبَيِّنَتُهُ لَا تُعَارِضُ بَيِّنَةَ الْخَارِجِ فِي الْمِلْكِ الْمُطْلَقِ، وَلَوْ بَاعَهُ الْأَوَّلُ ثُمَّ بَرْهَنَ رَجُلٌ أَنَّهُ قِنُّهُ ضَمِنَ أَيَّهُمَا شَاءَ الْمُشْتَرِي، أَوْ الْبَائِعُ وَرَجَعَ الْمُشْتَرِي بِثَمَنِهِ عَلَى بَائِعِهِ، وَلَوْ ضَمِنَ الْبَائِعُ نَفَذَ بَيْعُهُ مِنْ جِهَةِ الْبَائِعِ فَلَهُ ثَمَنُهُ وَتَصَدَّقَ بِمَا زَادَ عَلَى قِيمَتِهِ مِنْ الثَّمَنِ؛ لِأَنَّهُ رِبْحٌ حَصَلَ لَا مِنْ مِلْكِهِ بِسَبَبٍ خَبِيثٍ. وَلَوْ اغْتَصَبَهُ رَجُلٌ مِنْ الرَّادِّ وَجَاءَ بِهِ إلَى الْمَوْلَى فَدَفَعَهُ إلَيْهِ وَأَخَذَ جَعْلَهُ ثُمَّ أَقَامَ الْآخِذُ الْبَيِّنَةَ أَنَّهُ أَخَذَهُ مِنْ مَسِيرَةِ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ يَرْجِعُ الْمَوْلَى عَلَى الْغَاصِبِ بِمَا أَدَّى إلَيْهِ ذَكَرَهُ فِي الْوَجِيزِ. [بَاب فِي الْبَيْعِ] (الْبَابُ الثَّامِنَ عَشَرَ فِي الْبَيْعِ) الْمَقْبُوضُ عَلَى سَوْمِ الشِّرَاءِ مَضْمُونٌ لَا الْمَقْبُوضُ عَلَى سَوْمِ النَّظَرِ كَمَا فِي الذَّخِيرَةِ وَذُكِرَ فِي بُيُوعِ الْأَشْبَاهِ، وَفِي مَوْضِعٍ آخَرَ مِنْهُ الْمَقْبُوضُ عَلَى سَوْمِ الشِّرَاءِ مَضْمُونٌ عِنْدَ بَيَانِ الثَّمَنِ وَعَلَى وَجْهِ النَّظَرِ لَيْسَ بِمَضْمُونٍ مُطْلَقًا كَمَا بَيَّنَّاهُ فِي شَرْحِ الْكَنْزِ انْتَهَى قُلْت وَهَذَا هُوَ الْمُعْتَمَدُ الْمُفْتَى بِهِ الْمُوَافِقُ لِمَا فِي الْكُتُبِ الْمُعْتَمَدَةِ. قَالَ قَاضِي خَانْ رَجُلٌ جَاءَ إلَى الزَّجَّاجِ فَقَالَ: ادْفَعْ إلَيَّ هَذِهِ الْقَارُورَةَ فَأَرَاهَا فَقَالَ الزَّجَّاجُ: ارْفَعْهَا فَرَفَعَهَا فَوَقَعَتْ وَانْكَسَرَتْ لَا يَضْمَنُ الرَّافِعُ؛ لِأَنَّ رَفْعَهَا، وَإِنْ كَانَ عَلَى سَوْمِ الشِّرَاءِ فَالثَّمَنُ غَيْرُ مَذْكُورٍ وَالْمَقْبُوضُ عَلَى سَوْمِ الشِّرَاءِ لَا يَكُونُ مَضْمُونًا إلَّا بَعْدَ بَيَانِ الثَّمَنِ فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ. وَإِنْ كَانَ الْقَابِضُ قَالَ لِلزَّجَّاجِ: بِكَمْ هَذِهِ الْقَارُورَةُ؟ فَقَالَ الزَّجَّاجُ: بِكَذَا، فَقَالَ: آخُذُهَا فَأَرَاهَا فَقَالَ الزَّجَّاجُ: نَعَمْ، فَرَفَعَهَا فَوَقَعَتْ مِنْ يَدِهِ وَانْكَسَرَتْ كَانَ عَلَيْهِ قِيمَتُهَا انْتَهَى. وَفِي الْخُلَاصَةِ رَجُلٌ رَفَعَ قَارُورَةً مِنْ دُكَّانِ الزَّجَّاجِ فَقَالَ: ارْفَعْهَا حَتَّى أُرِيَهَا غَيْرِي فَسَقَطَتْ إنْ بَيَّنَ الثَّمَنَ ضَمِنَ، وَإِنْ لَمْ يُبَيِّنْ لَا، وَإِنْ أَخَذَهَا بِغَيْرِ إذْنٍ ضَمِنَ فِي الْوَجْهَيْنِ انْتَهَى. وَفِي قَاضِي خَانْ إذَا أَخَذَ ثَوْبًا عَلَى وَجْهِ الْمُسَاوَمَةِ بَعْدَ بَيَانِ الثَّمَنِ فَهَلَكَ فِي يَدِهِ كَانَ عَلَيْهِ قِيمَتُهُ، وَكَذَا لَوْ اسْتَهْلَكَهُ وَارِثُ الْمُشْتَرِي بَعْدَ مَوْتِ الْمُشْتَرِي انْتَهَى. وَفِي الْفُصُولَيْنِ عَنْ فَوَائِدِ صَاحِبِ الْمُحِيطِ مَا قُبِضَ عَلَى سَوْمِ الشِّرَاءِ لَوْ سُمِّيَ ثَمَنُهُ يُمَاثِلُ الْفَاسِدَ يُضْمَنُ فِي الْمِثْلِيِّ بِمِثْلِهِ، وَفِي غَيْرِهِ بِقِيمَتِهِ. وَفِي الْوَجِيزِ عَنْ الْمُنْتَقَى، الْمَقْبُوضُ عَلَى سَوْمِ الْبَيْعِ مَضْمُونٌ بِالْقِيمَةِ مَتَى بَيَّنَ لَهُ ثَمَنًا، وَإِنْ لَمْ يُبَيِّنْ لَهُ ثَمَنًا لَمْ يَكُنْ مَضْمُونًا وَصُورَتُهُ لَوْ قَالَ لِآخَرَ: هَذَا الجزء: 1 ¦ الصفحة: 213 الثَّوْبُ لَكَ بِعِشْرِينَ فَقَالَ الْمُشْتَرِي آخُذُهُ بِعَشَرَةٍ فَذَهَبَ بِالثَّوْبِ وَهَلَكَ فِي يَدِهِ فَعَلَيْهِ قِيمَتُهُ؛ لِأَنَّهُ مَا رَضِيَ بِقَبْضِهِ إلَّا بِعِوَضٍ، وَلَوْ اسْتَهْلَكَهُ فَعَلَيْهِ عِشْرُونَ؛ لِأَنَّهُ بِالِاسْتِهْلَاكِ صَارَ رَاضِيًا بِالْبَيْعِ بِالْمُسَمَّى دَلَالَةً حَمْلًا لِفِعْلِهِ عَلَى غَلَبَةِ الصَّلَاحِ. وَلَوْ قَالَ: هَذَا الثَّوْبُ لَك بِعَشَرَةٍ فَقَالَ: هَاتِ حَتَّى أَنْظُرَ إلَيْهِ فَآخُذَهُ فَضَاعَ فِي يَدِهِ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَأْخُذْهُ عَلَى جِهَةِ الْبَيْعِ، وَإِنْ قَالَ: هَاتِ فَإِنْ رَضِيته أَخَذْته بِعَشَرَةٍ فَعَلَيْهِ قِيمَتُهُ انْتَهَى. وَفِي الصُّغْرَى الْمَقْبُوضُ عَلَى سَوْمِ الشِّرَاءِ إنَّمَا يَكُونُ مَضْمُونًا إذَا كَانَ الثَّمَنُ مُسَمًّى نَصَّ عَلَيْهِ الْفَقِيهُ أَبُو اللَّيْثِ فِي بُيُوعِ الْعُيُونِ فَإِنَّهُ ذَكَرَ إذَا قَالَ: اذْهَبْ بِهَذَا الثَّوْبِ فَإِنْ رَضِيته اشْتَرَيْته بِعَشَرَةٍ فَذَهَبَ بِهِ فَهَلَكَ ضَمِنَ قِيمَتَهُ وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى انْتَهَى. وَالْمَقْبُوضُ بِعَقْدٍ فَاسِدٍ تُعْتَبَرُ قِيمَتُهُ يَوْمَ الْقَبْضِ؛ لِأَنَّهُ دَخَلَ فِي ضَمَانِهِ يَوْمَئِذٍ، وَعِنْدَ مُحَمَّدٍ تُعْتَبَرُ قِيمَتُهُ يَوْمَ التَّلَفِ؛ لِأَنَّهُ بِهِ يَتَقَرَّرُ عَلَيْهِ ذَكَرَهُ الزَّيْلَعِيُّ فِي الْبَيْعِ الْفَاسِدِ. وَلَوْ أَخَذَ ثَوْبًا مِنْ رَجُلٍ فَقَالَ هُوَ بِعِشْرِينَ وَقَالَ الْمُشْتَرِي: لَا أَزِيدُكَ عَلَى عَشَرَةٍ فَأَخَذَهُ وَذَهَبَ بِهِ فَضَاعَ عِنْدَهُ قَالَ أَبُو يُوسُفَ هُوَ بِعِشْرِينَ. وَلَوْ قَالَ آخُذُ ثَوْبًا عَلَى الْمُسَاوَمَةِ فَدَفَعَهُ إلَيْهِ الْبَائِعُ وَهُوَ يُسَاوِمُهُ وَالْبَائِعُ يَقُولُ: هُوَ بِعَشَرَةٍ فَهُوَ عَلَى الثَّمَنِ الَّذِي قَالَ الْبَائِعُ حَتَّى يَرُدَّهُ عَلَيْهِ الْمُشْتَرِي، وَإِنْ قَالَ الْمُشْتَرِي لِلْبَائِعِ هَاتِ حَتَّى أَنْظُرَ إلَيْهِ فَدَفَعَ إلَيْهِ الْبَائِعُ وَقَالَ لَا نَقْصَ عَنْ خَمْسَةَ عَشَرَ، وَقَالَ الْمُشْتَرِي: قَدْ أَخَذْته بِعَشَرَةٍ فَسَكَتَ الْبَائِعُ وَذَهَبَ الْمُشْتَرِي عَلَى ذَلِكَ فَهُوَ بِخَمْسَةَ عَشَرَ. رَجُلٌ قَالَ لِغَيْرِهِ: هَذَا الثَّوْبُ لَك بِعَشَرَةِ دَرَاهِمَ فَقَالَ: هَاتِ حَتَّى أَنْظُرَ إلَيْهِ، أَوْ حَتَّى أُرِيَهُ غَيْرِي فَأَخَذَ عَلَى هَذَا فَضَاعَ قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ: لَا شَيْءَ عَلَيْهِ، وَإِنْ قَالَ: هَاتِهِ فَإِنْ رَضِيته أَخَذْته فَضَاعَ فَعَلَيْهِ الثَّمَنُ، وَإِنْ قَالَ: إنْ رَضِيته اشْتَرَيْته فَهُوَ بَاطِلٌ وَهَكَذَا قَالَ أَبُو يُوسُفَ سَاوَمَ رَجُلًا بِثَوْبٍ فَقَالَ الْبَائِعُ هُوَ لَك بِعِشْرِينَ، وَقَالَ الْمُشْتَرِي لَا بَلْ بِعَشَرَةٍ فَذَهَبَ بِهِ الْمُشْتَرِي عَلَى ذَلِكَ وَلَمْ يَرْضَ الْبَائِعُ بِعَشَرَةٍ فَلَيْسَ هَذَا بِبَيْعٍ إلَّا أَنَّ الْمُشْتَرِيَ إنْ اسْتَهْلَكَهُ يَلْزَمُهُ عِشْرُونَ دِرْهَمًا وَلَهُ أَنْ يَرُدَّهُ مَا لَمْ يَسْتَهْلِكْهُ قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَأَبُو يُوسُفَ الْقِيَاسُ أَنْ يَكُونَ عَلَيْهِ قِيمَتُهُ لَكِنَّا تَرَكْنَا الْقِيَاسَ بِالْعُرْفِ وَيَلْزَمُهُ هَذَا بِعِشْرِينَ. رَجُلٌ سَاوَمَ رَجُلًا بِقَدَحٍ فَقَالَ لِصَاحِبِ الْقَدَحِ أَرِنِي قَدَحَك هَذَا فَدَفَعَهُ إلَيْهِ وَنَظَرَ إلَيْهِ الرَّجُلُ فَوَقَعَ مِنْهُ عَلَى أَقْدَاحٍ لِصَاحِبِ الزَّجَّاجِ فَانْكَسَرَ الْقَدَحُ وَالْأَقْدَاحُ قَالَ مُحَمَّدٌ لَا يَضْمَنُ الْقَابِضُ الْقَدَحَ الْمَدْفُوعَ إلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ قَبَضَهُ عَلَى سَوْمِ الشِّرَاءِ مِنْ غَيْرِ بَيَانِ الثَّمَنِ وَعَلَيْهِ ضَمَانُ الْأَقْدَاحِ الَّتِي انْكَسَرَتْ بِفِعْلِهِ، انْتَهَى. وَلَا يَضْمَنُ الْقَدَحَ؛ لِأَنَّهُ أَمَانَةٌ وَيَضْمَنُ سَائِرَ الْأَقْدَاحِ؛ لِأَنَّهُ أَتْلَفَهَا بِغَيْرِ إذْنِهِ مِنْ قَاضِي خَانْ قُلْت: إلَّا أَنْ يَكُونَ الثَّمَنُ مُسَمًّى فَيَضْمَنُ قِيمَةَ الْقَدَحِ أَيْضًا ذَكَرَهُ فِي الْوَجِيزِ. لَوْ قَالَ الْبَائِعُ: أَبِيعُهُ بِخَمْسَةَ عَشَرَ وَقَالَ الْمُشْتَرِي لَا آخُذُ إلَّا بِعَشَرَةٍ وَالثَّوْبُ فِي يَدِ الْمُشْتَرِي فَذَهَبَ فَهُوَ بِخَمْسَةَ عَشَرَ، وَإِنْ كَانَ فِي يَدِ الْبَائِعِ فَدَفَعَهُ إلَيْهِ فَهُوَ بِعَشَرَةٍ. اشْتَرَى ثَوْبًا فَغَلِطَ وَأَخَذَ ثَوْبًا غَيْرَ مَا اشْتَرَاهُ فَعَلَيْهِ قِيمَتُهُ، مِنْ الْوَجِيزِ. رَجُلٌ طَلَب مِنْ الْفُصُولَيْنِ ثَوْبًا فَأَعْطَاهُ ثَلَاثَةَ أَثْوَابٍ، وَقَالَ هَذَا بِعَشَرَةٍ وَهَذَا بِعِشْرِينَ وَهَذَا بِثَلَاثِينَ احْمِلْهَا إلَى مَنْزِلِك فَأَيُّ ثَوْبٍ رَضِيته بِعْتُكَهُ فَحَمَلَ الرَّجُلُ الثِّيَابَ فَاحْتَرَقَتْ الْكُلُّ عِنْدَ الْمُشْتَرِي. قَالَ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 214 الشَّيْخُ مُحَمَّدُ بْنُ الْفَضْلِ إنْ هَلَكَ الْكُلُّ جُمْلَةً، أَوْ عَلَى التَّعَاقُبِ وَلَا يَدْرِي الَّذِي هَلَكَ أَوَّلًا وَاَلَّذِي بَعْدَهُ ضَمِنَ الْمُشْتَرِي ثُلُثَ ثَمَنِ كُلِّ ثَوْبٍ، وَإِنْ عَرَفَ الْأَوَّلَ لَزِمَهُ ثَمَنُهُ وَالثَّوْبَانِ أَمَانَةٌ عِنْدَهُ، وَإِنْ هَلَكَ الثَّوْبَانِ وَبَقِيَ الثَّالِثُ فَإِنَّهُ يَرُدُّ الثَّالِثَ؛ لِأَنَّهُ أَمَانَةٌ وَأَمَّا الثَّوْبَانِ فَيَلْزَمُهُ قِيمَةُ نِصْفِ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا إذَا كَانَ لَا يَعْلَمُ أَيَّهُمَا هَلَكَ، وَإِنْ هَلَكَ وَاحِدٌ وَبَقِيَ اثْنَانِ لَزِمَهُ قِيمَةُ مَا هَلَكَ وَيَرُدُّ الثَّوْبَيْنِ، وَإِنْ احْتَرَقَ الثَّوْبَانِ وَبَعْضُ الثَّالِثِ ثُلُثُهُ، أَوْ رُبُعُهُ وَلَمْ يَعْلَمْ أَيَّهُمَا احْتَرَقَ أَوَّلًا يَرُدُّ مَا بَقِيَ مِنْ الثَّالِثِ وَيَضْمَنُ نِصْفَ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْ الثَّوْبَيْنِ وَلَا يَضْمَنُ نُقْصَانَ الثَّالِثِ مِنْ قَاضِي خَانْ. وَفِيهِ رَجُلٌ يَبِيعُ سِلْعَةً فَقَالَ لِغَيْرِهِ: اُنْظُرْ فِيهَا فَأَخَذَهَا لِيَنْظُرَ فِيهَا فَهَلَكَتْ فِي يَدِهِ لَا يَضْمَنُ، وَإِنْ قَالَ النَّاظِرُ بَعْدَمَا نَظَرَ: بِكَمْ تَبِيعُ؟ قَالُوا: يَكُونُ ضَامِنًا وَالصَّحِيحُ أَنَّهُ لَا يَكُونُ ضَامِنًا إلَّا إذَا قَالَ صَاحِبُ السِّلْعَةِ بِكَذَا انْتَهَى. رَجُلٌ دَفَعَ إلَى رَجُلٍ عَبْدًا لَهُ عَلَى أَنَّهُ إنْ شَاءَ قَبَضَهُ بِالشِّرَاءِ، وَإِنْ شَاءَ قَبَضَهُ بِالْإِجَارَةِ كُلَّ سَنَةٍ بِكَذَا فَهَلَكَ عِنْدَهُ بَعْدَ الْقَبْضِ إنْ هَلَكَ بَعْدَ الِاسْتِعْمَالِ فَهُوَ عَلَى الْإِجَارَةِ، وَلَوْ قَالَ لَهُ أَرَدْت الْمِلْكَ إنْ كَانَتْ قِيمَتُهُ مِثْلَ الْأَجْرِ، أَوْ أَكْثَرَ قَبِلَ قَوْلَهُ، وَإِنْ كَانَ الْأَجْرُ أَكْثَرَ لَا يُصَدَّقُ، وَإِنْ هَلَكَ قَبْلَ الِاسْتِعْمَالِ لَا يَضْمَنُ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَقْبِضْهُ عَلَى الضَّامِنِ هَذِهِ فِي الْمَسَائِلِ الْمُتَفَرِّقَةِ مِنْ إجَارَاتِ الْخُلَاصَةِ. اسْتَبَاعَ قَوْسًا فَقَالَ لَهُ بَائِعِهَا: خُذْهَا فَمُدَّهَا فَمَدَّهَا فَانْكَسَرَتْ يَضْمَنُ، وَكَذَا إذَا قَالَ: مُدَّهَا فَإِنْ انْكَسَرَتْ لَا ضَمَانَ عَلَيْك يَضْمَنُ أَيْضًا، قَالَ عَلِيٌّ السُّغْدِيُّ: هَذَا إذَا اتَّفَقَا عَلَى الثَّمَنِ كَمَا إذَا أَخَذَ شَيْئًا عَلَى سَوْمِ الْبَيْعِ وَقَالَ لَهُ الْبَائِعُ: إنْ هَلَكَ فَلَا ضَمَانَ عَلَيْك يَضْمَنُ كَذَا هَذَا فِي الْغَصْبِ، مِنْ الْقُنْيَةِ. لَوْ بَاعَهُ وَسَكَتَ عَنْ الثَّمَنِ يَثْبُتُ الْمِلْكُ إذَا اتَّصَلَ بِهِ الْقَبْضُ فِي قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ. وَلَوْ قَالَ: بِعْت بِغَيْرِ ثَمَنٍ لَا يَمْلِكُ الْمَبِيعَ، وَإِنْ قَبَضَ الثَّمَنَ؛ لِأَنَّ مُطْلَقَ الْبَيْعِ يَقْتَضِي الْمُعَاوَضَةَ فَإِذَا سَكَتَ عَنْ الثَّمَنِ كَانَ عِوَضُهُ قِيمَتَهُ فَيَصِيرُ كَأَنَّهُ قَالَ: بِعْته بِالْقِيمَةِ، وَكَذَا جَمِيعُ الْبِيَاعَاتِ الْفَاسِدَةِ تَكُونُ مَضْمُونَةً بِالْقِيمَةِ بِخِلَافِ مَا إذَا قَالَ: بِعْت بِغَيْرِ ثَمَنٍ؛ لِأَنَّهُ لَا عِبْرَةَ لِلْمُقْتَضِي مَعَ التَّصْرِيحِ بِخِلَافِهِ، مِنْ الْخُلَاصَةِ. الْبَيْعُ الْبَاطِلُ لَا يُفِيدُ الْمِلْكَ بِالْقَبْضِ، وَلَوْ هَلَكَ الْمَبِيعُ فِي يَدِ الْمُشْتَرِي فِيهِ يَكُونُ أَمَانَةً عِنْدَ بَعْضِ الْمَشَايِخِ؛ لِأَنَّ الْعَقْدَ غَيْرُ مُعْتَبَرٍ فَبَقِيَ الْقَبْضُ بِإِذْنِ الْمَالِكِ وَعِنْدَ الْبَعْضِ يَكُونُ مَضْمُونًا؛ لِأَنَّهُ لَا يَكُونُ أَدْنَى حَالًا مِنْ الْمَقْبُوضِ عَلَى سَوْمِ الشِّرَاءِ قَبْلَ الْأَوَّلِ قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ وَالثَّانِي قَوْلُهُمَا ذَكَرَهُ فِي الْهِدَايَةِ، وَفِيهَا أَيْضًا، وَإِنْ مَاتَتْ أُمُّ الْوَلَدِ وَالْمُدَبَّرُ فِي يَدِ الْمُشْتَرِي فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَقَالَا عَلَيْهِ قِيمَتُهُمَا وَهُوَ رِوَايَةٌ عَنْهُ قُلْتُ فَمَا قِيلَ إنَّ الْأَوَّلَ قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ إنَّمَا يَسْتَقِيمُ عَلَى رِوَايَةِ عَدَمِ الضَّمَانِ فِيهِمَا عَنْهُ، وَأَمَّا عَلَى الرِّوَايَةِ الْأُخْرَى فَلَا يَسْتَقِيمُ كَمَا لَا يَخْفَى. وَفِي الصُّغْرَى ذَكَرَ الطَّوَاوِيسِيُّ فِي بُيُوعِهِ إذَا اشْتَرَى بِالْمَيْتَةِ، أَوْ الدَّمِ وَقَبَضَ رَوَى الْحَسَنُ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ أَنَّهُ لَا يَكُونُ مَضْمُونًا وَابْنُ سِمَاعَةَ عَنْ مُحَمَّدٍ أَنَّهُ يَكُونُ مَضْمُونًا، وَفِي قَاضِي خَانْ الْمُشْتَرِي بِالْمَيْتَةِ وَالدَّمِ لَا يَمْلِكُ، وَإِنْ قَبَضَ فَإِنْ هَلَكَ عِنْدَ الْمُشْتَرِي فِي رِوَايَةٍ لَا يَضْمَنُ وَذَكَرَ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ السَّرَخْسِيُّ أَنَّهُ يَضْمَنُ هُوَ الصَّحِيحُ انْتَهَى. قُلْت: وَاَلَّذِي اخْتَارَهُ أَنَّ الْمَبِيعَ لَوْ كَانَ غَيْرَ مَالٍ وَهُوَ مَا لَا يَجْرِي فِيهِ التَّنَافُسُ وَالِابْتِذَالُ كَالتُّرَابِ وَالدَّمِ وَالْمَيْتَةِ حَتْفَ أَنْفِهَا أَوْ الْحُرُّ، أَوْ غَيْرَ مُتَقَوِّمِ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 215 بَيْعٍ يَنْفُذُ كَخَمْرِ الْمُسْلِمِ يَكُونُ أَمَانَةً عِنْدَ الْمُشْتَرِي لَا يَضْمَنُهُ بِالْهَلَاكِ كَمَا فِي دُرَرِ الْبِحَارِ وَإِلَّا يَكُونُ مَضْمُونًا كَمَا هُوَ فِيهِ أَيْضًا. وَالْفَاسِدُ يُفِيدُ الْمِلْكَ عِنْدَ الْقَبْضِ وَيَكُونُ الْمَبِيعُ مَضْمُونًا فِي يَدِ الْمُشْتَرِي يَلْزَمُهُ مِثْلَهُ إنْ كَانَ مِثْلِيًّا وَالْقِيمَةُ إنْ كَانَ قِيَمِيًّا كَمَا فِي الْهِدَايَةِ. وَزَوَائِدُ الْمَبِيعِ بَيْعًا فَاسِدًا لَا تَمْنَعُ الْفَسْخَ وَلَا تُضْمَنُ بِالْهَلَاكِ وَتُضْمَنُ بِالِاسْتِهْلَاكِ كَمَا فِي مُشْتَمِلِ الْهِدَايَةِ عَنْ الْبَزَّازِيَّةِ. وَفِي الْخُلَاصَةِ زَوَائِدُ الْمَبِيعِ الْمُنْفَصِلَةُ إنْ كَانَتْ مُتَوَلِّدَةً عَنْ الْأَصْلِ كَالْوَلَدِ فَإِنَّهَا لَا تَمْنَعُ الرَّدَّ وَلَهُ أَنْ يَرُدَّهُمَا جَمِيعًا، وَلَوْ كَانَتْ الْوِلَادَةُ نَقَصَتْهَا أُجْبِرَ النُّقْصَانُ بِالْحَادِثِ إنْ كَانَ بِهِ وَفَاءً عِنْدَنَا، وَلَوْ هَلَكَتْ هَذِهِ الزَّوَائِدُ فِي يَدِ الْمُشْتَرِي لَا تُضْمَنُ كَزَوَائِدِ الْغَصْبِ وَيَغْرَمُ نُقْصَانَ الْوِلَادَةِ، وَلَوْ اسْتَهْلَكَ الْمُشْتَرِي هَذِهِ الزَّوَائِدَ يَضْمَنُ. وَلَوْ هَلَكَ الْمَبِيعُ وَالزِّيَادَةُ قَائِمَةٌ فَلِلْبَائِعِ أَنْ يَسْتَرِدَّ الزِّيَادَةَ وَيَأْخُذُ مِنْ الْمُشْتَرِي قِيمَةَ الْمَبِيعِ وَقْتَ الْقَبْضِ. وَلَوْ كَانَتْ الزِّيَادَةُ مُنْفَصِلَةً غَيْرَ مُتَوَلِّدَةٍ مِنْ الْأَصْلِ كَالْهِبَةِ فَلِلْبَائِعِ أَنْ يَسْتَرِدَّ الْمَبِيعَ مَعَ هَذِهِ الزَّوَائِدِ وَلَا تَطِيبُ لَهُ فَإِنْ هَلَكَتْ الزِّيَادَةُ فِي يَدِ الْمُشْتَرِي تَقَرَّرَ عَلَيْهِ ضَمَانُ الْمَبِيعِ وَبَقِيَتْ الزَّوَائِدُ لِلْمُشْتَرِي بِخِلَافِ الزَّوَائِدِ الْمُتَوَلِّدَةِ انْتَهَى. وَفِي الْهِدَايَةِ مِنْ الْجِهَادِ وَالْأَوْصَافِ تُضْمَنُ فِي الْبَيْعِ الْفَاسِدِ كَمَا فِي الْغَصْبِ انْتَهَى. وَفِي الْحَقَائِقِ إذَا قَبَضَ الْمُشْتَرِي شِرَاءً فَاسِدًا ثُمَّ ازْدَادَتْ قِيمَتُهُ فِي يَدِهِ ثُمَّ اسْتَهْلَكَهُ يَضْمَنُ قِيمَتَهُ يَوْمَ الِاسْتِهْلَاكِ عِنْدَ مُحَمَّدٍ وَيَوْمَ الْقَبْضِ عِنْدَهُمَا، وَإِنْ كَانَتْ الزِّيَادَةُ مِنْ حَيْثُ الْعَيْنِ ضَمِنَ قِيمَتَهُ يَوْمَ الْقَبْضِ اتِّفَاقًا وَالْبَيْعُ كَالِاسْتِهْلَاكِ، انْتَهَى. قُلْتُ: وَمَشَى عَلَى ذَلِكَ فِي الْمَجْمَعِ وَدُرَرِ الْبِحَارِ وَالثَّمَنُ الْمَقْبُوضُ بِبَيْعٍ بَاطِلٌ الصَّحِيحُ أَنَّهُ مَضْمُونٌ كَفَاسِدٍ كَمَا فِي مُشْتَمِلِ الْهِدَايَةِ عَنْ الْجَامِعِ وَالْفُصُولَيْنِ عَنْ فَوَائِدِ صَاحِبِ الْمُحِيطِ. وَلَوْ اشْتَرَى وَقْرَ حَطَبٍ كَانَ عَلَى الْبَائِعِ أَنْ يَأْتِيَ بِهِ إلَى مَنْزِلِ الْمُشْتَرِي عُرْفًا حَتَّى لَوْ هَلَكَ فِي الطَّرِيقِ يَهْلِكُ عَلَى الْبَائِعِ. رَجُلٌ دَفَعَ إلَى قَصَّابٍ دِرْهَمًا وَزِنْبِيلًا وَقَالَ: اعْطِنِي بِهَذِهِ الدَّرَاهِمِ لَحْمًا وَزِنْهُ وَضَعْهُ فِي هَذَا الزِّنْبِيلِ حَتَّى أَجِيءَ بَعْدَ سَاعَةٍ فَفَعَلَ الْقَصَّابُ ذَلِكَ فَأَكَلَتْهُ الْهِرَّةُ فَإِنَّهُ يَهْلِكُ عَلَى الْقَصَّابِ؛ لِأَنَّ الْوَكَالَةَ لَمْ تَصِحَّ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يُبَيِّنْ مَوْضِعَ اللَّحْمِ، وَإِنْ بَيَّنَ مَوْضِعَ اللَّحْمِ فَقَالَ مِنْ الذِّرَاعِ، أَوْ الْجَنْبِ فَحِينَئِذٍ يَكُونُ الْهَلَاكُ عَلَى الْمُشْتَرِي وَهُوَ كَمَا لَوْ اشْتَرَى حِنْطَةً بِعَيْنِهَا وَدَفَعَ غَرَائِرَهُ إلَى الْبَائِعِ، وَقَالَ كُلُّهَا فِيهِ فَفَعَلَ يَصِيرُ الْمُشْتَرِي قَابِضًا، وَلَوْ كَانَتْ الْحِنْطَةُ بِغَيْرِ عَيْنِهَا بِأَنْ كَانَتْ سَلَمًا، أَوْ ثَمَنَ سِلْعَةٍ فَدَفَعَ رَبُّ السَّلَمِ غَرَائِرَهُ إلَى الْمُسَلَّمِ إلَيْهِ وَأَمَرَهُ بِأَنْ يَكِيلَ الْمُسَلَّمَ فِيهِ فِيهَا فَفَعَلَ لَا يَصِيرُ قَابِضًا إلَّا إذَا كَانَ بِحَضْرَةِ رَبِّ السَّلَمِ قَالَ الشَّيْخُ أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ الْفَضْلِ، وَكَذَا الْجَوَابُ فِي شِرَاءِ الْكِرْبَاسِ. لَوْ اشْتَرَى ذِرَاعًا مِنْ ثَوْبٍ وَقَالَ اقْطَعْ مِنْ هَذَا الْجَانِبِ فَقَطَعَ الْبَائِعُ وَلَمْ يَرْضَ بِهِ الْمُشْتَرِي كَانَ لَازِمًا عَلَى الْمُشْتَرِي وَإِلَّا فَلَا. اسْتَبَاعَ قَوْسًا فَقَالَ لَهُ الْبَائِعُ مُدَّ الْقَوْسَ فَمَدَّهُ فَانْكَسَرَ يَضْمَنُ قِيمَتَهُ، وَإِنْ قَالَ الْبَائِعُ مُدَّهُ فَإِنْ انْكَسَرَ فَلَا ضَمَانَ عَلَيْك فَمَدَّهُ وَانْكَسَرَ يَضْمَنُ أَيْضًا قَالَ الْقَاضِي الْإِمَامُ أَبُو عَلِيٍّ النَّسَفِيُّ هَذَا إذَا اتَّفَقَا عَلَى الثَّمَنِ فَإِنَّ الرَّجُلَ لَوْ أَخَذَ شَيْئًا عَلَى سَوْمِ الشِّرَاءِ ثُمَّ قَالَ الْبَائِعُ إنْ هَلَكَ فَلَا ضَمَانَ عَلَيْك بَعْدَمَا اتَّفَقَا عَلَى الثَّمَنِ فَهَلَكَ يَضْمَنُ فَكَذَلِكَ هُنَا. اشْتَرَى دُهْنًا وَدَفَعَ الْقَارُورَةَ إلَى الدَّهَّانِ وَقَالَ لِلدَّهَّانِ ابْعَثْ الْقَارُورَةَ إلَى مَنْزِلِي عَلَى يَدِ غُلَامِك فَانْكَسَرَتْ الْقَارُورَةُ فِي الطَّرِيقِ قَالَ الشَّيْخُ أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ الْفَضْلِ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 216 يَهْلِكُ الدِّهْنُ عَلَى الْبَائِعِ، وَإِنْ قَالَ لِلدَّهَّانِ: ابْعَثْ عَلَى يَدِ غُلَامِي وَالْمَسْأَلَةُ بِحَالِهَا يَهْلِكُ عَلَى الْمُشْتَرِي. رَجُلٌ اشْتَرَى دَجَاجَةً تُسَاوِي عَشْرَ بَيْضَاتٍ بِخَمْسِ بَيْضَاتٍ وَلَمْ يَقْبِضْ الدَّجَاجَةَ حَتَّى بَاضَتْ عِنْدَ الْبَائِعِ خَمْسَ بَيْضَاتٍ فَاسْتَهْلَكَ الْبَائِعُ الْبَيْضَاتِ الْحَادِثَةَ يَأْخُذُ الْمُشْتَرِي الدَّجَاجَةَ بِثَلَاثِ بَيْضَاتٍ وَثُلُثِ بَيْضَةٍ؛ لِأَنَّهُ لَمَّا بَاضَتْ خَمْسَ بَيْضَاتٍ وَاسْتَهْلَكَهَا الْبَائِعُ صَارَتْ الْبَيْضَاتُ مَقْصُودَةً بِالِاسْتِهْلَاكِ وَكَانَتْ قِيمَةُ الدَّجَاجَةِ عَشْرَ بَيْضَاتٍ فَيَسْقُطُ حِصَّةُ الْبَيْضَاتِ وَلَا فَرْقَ فِي هَذَا بَيْنَ مَا إذَا كَانَ الشِّرَاءُ بِخَمْسِ بَيْضَاتٍ بِعَيْنِهَا، أَوْ بِغَيْرِ عَيْنِهَا. لَوْ اشْتَرَى أَمَةً عَلَى أَنَّهُ إنْ لَمْ يَنْقُدْ الثَّمَنَ إلَى ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ فَلَا بَيْعَ بَيْنَهُمَا وَقَبَضَ الْمُشْتَرِي الْجَارِيَةَ فَوَطِئَهَا وَهِيَ بِكْرٌ، أَوْ ثَيِّبٌ، أَوْ جَنَى عَلَيْهَا، أَوْ أَحْدَثَ عَيْبًا ثُمَّ مَضَتْ الْأَيَّامُ الثَّلَاثَةُ قَبْلَ أَنْ يَنْقُدَ الثَّمَنَ خُيِّرَ الْبَائِعُ إنْ شَاءَ أَخَذَهَا مَعَ النُّقْصَانِ وَلَا شَيْءَ لَهُ، وَإِنْ شَاءَ تَرَكَ وَأَخَذَ ثَمَنَهَا. رَجُلٌ اشْتَرَى شَيْئًا شِرَاءً فَاسِدًا وَقَبَضَهُ ثُمَّ رَدَّهُ عَلَى الْبَائِعِ لِفَسَادِ الْبَيْعِ فَلَمْ يَقْبَلْهُ فَادَّعَاهُ الْمُشْتَرِي إلَى مَنْزِلِهِ فَهَلَكَ عِنْدَهُ لَا يَلْزَمُهُ الثَّمَنُ وَلَا الْقِيمَةُ وَقَالَ أَبُو نَصْرِ بْنُ سَلَّامٍ: إنْ كَانَ فَسَادُ الْبَيْعِ مُتَّفَقًا عَلَيْهِ غَيْرَ مُخْتَلِفٍ فِيهِ فَبِرَدِّهِ عَلَى الْبَائِعِ بَرِئَ الْمُشْتَرِي عَنْ الضَّمَانِ، وَإِنْ لَمْ يَقْبَلْهُ الْبَائِعُ، وَإِنْ كَانَ فَسَادُ الْبَيْعِ مُخْتَلَفًا فِيهِ لَا يَبْرَأُ الْمُشْتَرِي إلَّا بِقَبُولِ الْبَائِعِ أَوْ بِقَضَاءِ الْقَاضِي. وَقَالَ أَبُو بَكْرٍ الْإِسْكَافُ: يَبْرَأُ فِي الْوَجْهَيْنِ وَمَا قَالَهُ أَبُو نَصْرٍ أَشْبَهُ؛ لِأَنَّ أَحَدَ الْعَاقِدَيْنِ فِيمَا كَانَ مُخْتَلَفًا فِيهِ لَا يَمْلِكُ إلَّا بِقَضَاءٍ، أَوْ رِضًا كَمَا فِي خِيَارِ الْبُلُوغِ وَفَسْخِ الْإِجَارَةِ لِلْعُذْرِ وَنَحْوِ ذَلِكَ مِنْ قَاضِي خَانْ، وَفِيهِ أَيْضًا إذَا بَاعَ شَيْئًا وَخَلَّى بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْمُشْتَرِي يَصِيرُ قَابِضًا حَتَّى لَوْ هَلَكَ يَهْلِكُ عَلَى الْمُشْتَرِي، وَلَوْ قَبَضَ الْمُشْتَرِي الْمَبِيعَ قَبْلَ نَقْدِ الثَّمَنِ بِغَيْرِ إذْنِ الْبَائِعِ حَتَّى وَجَبَ عَلَيْهِ تَسْلِيمُهُ إلَى الْبَائِعِ لَوْ خَلَّى بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْبَائِعِ لَا يَصِيرُ الْبَائِعُ قَابِضًا حَتَّى يَقْبِضَهُ بِيَدِهِ، وَكَذَا لَوْ خَلَّى الْمُشْتَرِي بَيْنَ الْبَائِعِ وَالثَّمَنِ يَصِيرُ الْبَائِعُ قَابِضًا، وَلَوْ بَاعَ ثَمَرًا عَلَى النَّخْلِ وَخَلَّى بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْمُشْتَرِي صَارَ الْمُشْتَرِي قَابِضًا انْتَهَى. وَفِي الْخُلَاصَةِ عَنْ شَرْحِ الطَّحَاوِيِّ الْأَصْلُ أَنَّهُ مَتَى تَجَانَسَ الْقَبْضَانِ نَابَ أَحَدُهُمَا مَنَابَ الْآخَرِ يَعْنِي أَنْ يَكُونَ كَلَامُهُمَا قَبْضَ أَمَانَةٍ، أَوْ قَبْضَ ضَمَانٍ أَمَّا إذَا اخْتَلَفَا فَيَنُوبُ الْمَضْمُونُ عَنْ غَيْرِ الْمَضْمُونِ وَلَا يَنُوبُ عَنْ الْمَضْمُونِ بَيَانُهُ أَنَّ الشَّيْءَ إذَا كَانَ فِي يَدِهِ بِغَصْبٍ أَوْ مَقْبُوضًا بِعَقْدٍ فَاسِدٍ فَاشْتَرَاهُ مِنْ الْمَالِكِ عَقْدًا صَحِيحًا يَنُوبُ الْقَبْضُ الْأَوَّلُ عَنْ الثَّانِي حَتَّى لَوْ هَلَكَ قَبْلَ أَنْ يَرُدَّ إلَى بَيْتِهِ وَيَصِلَ إلَيْهِ، أَوْ يَتَمَكَّنَ مِنْ أَخْذِهِ فَالْهَلَاكُ عَلَيْهِ. وَكَذَا لَوْ كَانَ الشَّيْءُ فِي يَدِهِ وَدِيعَةً، أَوْ عَارِيَّةٍ فَوَهَبَهُ مِنْهُ مَالِكُهُ لَا يَحْتَاجُ إلَى قَبْضٍ آخَرَ، وَيَنُوبُ الْقَبْضُ الْأَوَّلُ عَنْ الثَّانِي. وَلَوْ كَانَ فِي يَدِهِ بِالْغَصْبِ، أَوْ بِالْعَقْدِ الْفَاسِدِ فَوَهَبَهُ الْمَالِكُ مِنْهُ فَهَاهُنَا يَحْتَاجُ إلَى قَبْضٍ جَدِيدٍ وَلَا يَنُوبُ الْقَبْضُ الْأَوَّلُ عَنْ الثَّانِي وَإِذَا انْتَهَى إلَى مَكَان يَتَمَكَّنُ مِنْ قَبْضِهِ يَصِيرُ قَابِضًا بِالتَّخْلِيَةِ وَالرَّهْنِ كَالْعَارِيَّةِ. أَرْسَلَ غُلَامَهُ فِي حَاجَتِهِ ثُمَّ بَاعَهُ مِنْ ابْنِهِ الصَّغِيرِ جَازَ الْبَيْعُ فَإِنْ مَاتَ قَبْلَ أَنْ يَرْجِعَ إلَى الْأَبِ مَاتَ مِنْ مَالِ الْأَبِ وَانْتَقَضَ الْبَيْعُ، وَإِنْ لَمْ يَمُتْ وَرَجَعَ إلَى الْأَبِ إنْ كَانَ الِابْنُ صَغِيرًا فَقَبْضُ الْأَبِ قَبْضٌ لَهُ، وَلَوْ كَبِرَ الْوَلَدُ حِينَ رَجَعَ الْغُلَامُ فَالْقَبْضُ إلَى الْوَلَدِ، وَلَوْ هَلَكَ يَهْلِكُ عَلَى الْوَلَدِ انْتَهَى. وَسُئِلَ أَبُو بَكْرٍ الْبَلْخِيّ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 217 عَمَّنْ بَاعَ خَلًّا فِي دَنٍّ وَخَلَّى بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْمُشْتَرِي وَخَتَمَ الْمُشْتَرِي عَلَى الدَّنِّ وَتَرَكَهُ عَلَى حَالِهِ ثُمَّ هَلَكَ الْخَلُّ فَإِنَّهُ يَهْلِكُ مِنْ مَالِ الْمُشْتَرِي إنْ كَانَ الْبَائِعُ أَعَارَ مِنْهُ الدَّنَّ بِمَنْزِلَةِ مَنْ اشْتَرَى حِنْطَةً ثُمَّ قَالَ لِلْبَائِعِ: كِلْهَا فِي غَرَائِرِك فَفَعَلَ وَالْمُشْتَرِي حَاضِرٌ يَصِيرُ قَابِضًا، وَفِي الْقُدُورِيِّ إذَا اشْتَرَى حِنْطَةً بِعَيْنِهَا فَاسْتَعَارَ مِنْ الْبَائِعِ جُوَالِقًا وَأَمَرَهُ بِأَنْ يَكِيلَ فِيهَا فَفَعَلَ الْبَائِعُ فَإِنْ كَانَ الْجُوَالِقُ بِعَيْنِهَا صَارَ الْمُشْتَرِي قَابِضًا بِكَيْلِ الْبَائِعِ فِيهَا، وَإِنْ كَانَ بِغَيْرِ عَيْنِهَا بِأَنْ قَالَ أَعِرْنِي جُوَالِقًا وَكِلْهَا فِيهِ فَإِنْ كَانَ الْمُشْتَرِي حَاضِرًا فَهُوَ قَبْضٌ، وَإِنْ كَانَ غَائِبًا لَمْ يَكُنْ قَبْضًا وَقَالَ مُحَمَّدٌ لَا يَكُونُ قَبْضًا عِنْدَ غَيْبَةِ الْمُشْتَرِي فِي الْوَجْهَيْنِ حَتَّى يَقْبِضَ الْجُوَالِقَ فَيُسَلِّمَهُ إلَيْهِ. وَعَنْ مُحَمَّدٍ فِيمَنْ اشْتَرَى دَابَّةً وَالْبَائِعُ رَاكِبُهَا فَقَالَ لَهُ الْمُشْتَرِي احْمِلْنِي مَعَك فَفَعَلَ فَعَطِبَتْ الدَّابَّةُ فَهِيَ مِنْ مَالِ الْمُشْتَرِي وَكَانَ رُكُوبُهُ قَبْضًا. اشْتَرَى دُهْنًا وَدَفَعَ دِيَتَهُ إلَيْهِ لِيَزِنَهُ فِيهَا فَهَلَكَ فِي يَدِ الْبَائِعِ فَإِنْ كَانَ الْمُشْتَرِي اشْتَرَى دُهْنًا عَيْنًا وَدَفَعَ الدِّيَةَ إلَيْهِ وَقَالَ: زِنْ فِيهَا فَوَزَنَ بِحَضْرَةِ الْمُشْتَرِي صَارَ الْمُشْتَرِي بِالْوَزْنِ قَابِضًا، وَإِنْ كَانَ فِي دُكَّانِ الْبَائِعِ، أَوْ بَيْتِهِ؛ لِأَنَّ وَزْنَ الْبَائِعِ هَاهُنَا مُنْتَقِلٌ إلَى الْمُشْتَرِي؛ لِأَنَّ الْأَمْرَ قَدْ صَحَّ، وَإِنْ كَانَ وَزْنُ الْبَائِعِ بِغَيْبَةِ الْمُشْتَرِي لَا يَصِيرُ الْمُشْتَرِي قَابِضًا، وَإِنْ كَانَ الدُّهْنُ غَيْرَ مُعَيَّنٍ سَوَاءٌ وُزِنَ بِحَضْرَةِ الْمُشْتَرِي، أَوْ بِغَيْبَتِهِ لَا يَصِيرُ الْمُشْتَرِي قَابِضًا وَلَا مُشْتَرِيًا؛ لِأَنَّهُ لَا يَصِيرُ مُشْتَرِيًا بِالشِّرَاءِ الْأَوَّلِ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَصِحَّ وَلَا بِالتَّعَاطِي؛ لِأَنَّ التَّعَاطِيَ يَفْتَقِرُ إلَى الْقَبْضِ وَلَمْ يُوجَدْ مِنْ الْمُشْتَرِي وَالتَّخْلِيَةُ لَمْ تَصِحُّ فِي دَارِ الْبَائِعِ فَإِذَا قَبَضَ صَارَ مُشْتَرِيًا حَتَّى لَوْ هَلَكَ يَهْلِكُ عَلَيْهِ نَصَّ عَلَيْهِ فِي مُخْتَصَرِ الْكَافِي فِي بَابِ السَّلَمِ بِلَا خِلَافٍ. لَوْ اشْتَرَى مِنْ آخِرِهِ عَشْرَةَ أَرْطَالِ دُهْنٍ وَجَاءَ بِقَارُورَةٍ وَدَفَعَهَا إلَيْهِ وَأَمَرَهُ أَنْ يَكِيلَهُ فِيهَا وَالدُّهْنُ مُعَيَّنٌ فَلَمَّا وَزَنَ فِيهَا رِطْلًا انْكَسَرَتْ الْقَارُورَةُ وَسَالَ الدُّهْنُ وَوَزَنَ الْبَاقِي وَهُمَا لَا يَعْلَمَانِ الِانْكِسَارَ فَمَا وُزِنَ قَبْلَ الِانْكِسَارِ فَالْهَلَاكُ عَلَى الْمُشْتَرِي وَمَا وُزِنَ بَعْدَ الِانْكِسَارِ فَالْهَلَاكُ عَلَى الْبَائِعِ، وَإِنْ بَقِيَ بَعْدَ الِانْكِسَارِ شَيْءٌ مِمَّا وُزِنَ قَبْلَ الِانْكِسَارِ وَصَبَّ الْبَائِعُ فِيهِ دُهْنًا آخَرَ كَانَ ذَلِكَ لِلْبَائِعِ وَضَمِنَ الْبَائِعُ مِثْلَ ذَلِكَ الْقَدْرِ لِلْمُشْتَرِي هَذَا إذَا دَفَعَ الْقَارُورَةَ صَحِيحَةً فَإِنْ دَفَعَهَا مُنْكَسِرَةً وَهُوَ لَا يَعْلَمُ وَأَمَرَهُ بِالصَّبِّ فِيهَا فَصَبَّ الْبَائِعُ وَهُوَ لَا يَعْلَمُ أَيْضًا فَذَلِكَ كُلُّهُ عَلَى الْمُشْتَرِي وَهَذَا التَّفْصِيلُ الَّذِي ذَكَرْنَا فِيمَا إذَا دَفَعَ الْقَارُورَةَ إلَى الْبَائِعِ فَإِنْ كَانَ الْمُشْتَرِي يَمْسِكُهَا بِيَدِهِ وَلَمْ يَدْفَعْ إلَى الْبَائِعِ وَالْمَسْأَلَةُ بِحَالِهَا فَالْهَلَاكُ كُلُّهُ فِي جَمِيعِ مَا ذَكَرْنَا عَلَى الْمُشْتَرِي. إذَا اشْتَرَى حَطَبًا فَلَمَّا ذَهَبَا فِي الطَّرِيقِ غُصِبَ الْحَطَبُ مِنْ الْبَائِعِ فَهُوَ عَلَى الْبَائِعِ؛ لِأَنَّ عَلَى الْبَائِعِ تَسْلِيمَ الْمَبِيعِ إلَى الْمُشْتَرِي لَمَّا كَانَ الْبَائِعُ فِي الْمِصْرِ وَهَكَذَا التِّبْنُ وَيَصِيرُ قَابِضًا بِالتَّخْلِيَةِ فِي الشِّرَاءِ كَمَا فِي الْجَائِزِ. اشْتَرَى عَقَارًا فَقَالَ الْبَائِعُ: سَلَّمْتُهَا إلَيْك وَقَبِلَ الْمُشْتَرِي وَالْعَقَارُ غَائِبٌ عَنْ حَضْرَتِهِمَا كَانَ قَبْضًا فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ وَقَالَا إنْ كَانَ يَقْدِرُ عَلَى دُخُولِهِ وَإِغْلَاقِهِ فَهُوَ تَسْلِيمٌ وَقَبْضٌ وَإِلَّا فَلَا. وَفِي فَتَاوَى سَمَرْقَنْدَ اشْتَرَى دَارًا وَقَبَضَ مِفْتَاحَهَا وَلَمْ يَذْهَبْ إلَى الدَّارِ فَإِنْ كَانَ الْمِفْتَاحُ بِحَالٍ يَتَهَيَّأُ لَهُ أَنْ يَفْتَحَهُ مِنْ غَيْرِ كُلْفَةٍ يَكُونُ قَابِضًا، وَإِنْ لَمْ يَتَهَيَّأْ لَهُ فَتْحُهُ لَا يَصِيرُ قَابِضًا. إذَا اشْتَرَى جَارِيَةً فَوَطِئَهَا قَبْلَ الْقَبْضِ إنْ كَانَتْ بِكْرًا فَالْوَطْءُ نُقْصَانٌ لَا مَحَالَةَ فَيَصِيرُ الْمُشْتَرِي بِهِ لَهَا قَابِضًا حَتَّى لَوْ هَلَكَتْ تَهْلِكُ مِنْ مَالِ الْمُشْتَرِي فَإِنْ أَحْدَثَ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 218 الْبَائِعُ مَنْعًا بَعْدَ وَطْءِ الْمُشْتَرِي صَارَ نَاقِضًا قَبْضَ الْمُشْتَرِي حَتَّى لَوْ هَلَكَتْ تَهْلِكُ مِنْ مَالِ الْبَائِعِ إلَّا أَنَّهُ يَبْقَى حِصَّةُ النُّقْصَانِ الْحَاصِلِ بِسَبَبِ زَوَالِ الْبَكَارَةِ عَلَى الْمُشْتَرِي؛ لِأَنَّ ذَلِكَ الْقَدْرَ مِنْ الثَّمَنِ تَقَرَّرَ عَلَى الْمُشْتَرِي، وَإِنْ كَانَتْ الْجَارِيَةُ ثَيِّبًا فَالْوَطْءُ لَيْسَ بِنُقْصَانٍ لَكِنْ يَصِيرُ بِهِ الْمُشْتَرِي قَابِضًا فَإِنْ أَحْدَثَ الْبَائِعُ مَنْعًا بَعْدَ وَطْءِ الْمُشْتَرِي ثُمَّ هَلَكَتْ تَهْلِكُ كُلُّهَا مِنْ مَالِ الْبَائِعِ. الرَّجُلُ لَوْ بَاعَ مَالَهُ مِنْ ابْنِهِ الصَّغِيرِ لَا يَنُوبُ ذَلِكَ عَنْ قَبْضِ الشِّرَاءِ فَمَا لَمْ يَتَمَكَّنْ مِنْ الْقَبْضِ حَقِيقَةً يَهْلِكُ مِنْ مَالِ الْأَبِ، هَذِهِ الْجُمْلَةُ، مِنْ الصُّغْرَى وَقَدْ أَطَالَ الْكَلَامَ فِي تَقْرِيرِ بَعْضِهَا تَرَكْنَاهُ حَذَرًا عَنْ التَّطْوِيلِ وَاعْتِمَادًا عَلَى مَا صَحَّحَهُ فَإِنَّهُ الْعَمْدُ فِي هَذَا الْبَابِ وَهِيَ لَهُ وَارِثَةٌ كَمَا لَا يَخْفَى. وَفِي قَاضِي خَانْ لَوْ بَاعَ دَارًا وَسَلَّمَهَا إلَى الْمُشْتَرِي، وَفِيهَا مَتَاعٌ قَلِيلٌ لِلْبَائِعِ لَمْ يَكُنْ تَسْلِيمًا إلَّا إذَا سَلَّمَهَا فَارِغَةً، وَإِنْ أَوْدَعَ الْمَتَاعَ عِنْدَ الْمُشْتَرِي وَأَذِنَ لِلْمُشْتَرِي بِقَبْضِ الدَّارِ وَالْمَتَاعِ جَمِيعًا صَحَّ تَسْلِيمُهُ. وَلَوْ بَاعَ دَارًا لَيْسَتْ بِحَضْرَتِهِمَا فَقَالَ الْبَائِعُ سَلَّمْتُهَا إلَيْك وَقَالَ الْمُشْتَرِي قَبِلْتُ، ذُكِرَ فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ إنَّ التَّخْلِيَةَ فِي الدُّورِ وَالْعَقَارِ لَا تَكُونُ إلَّا بِقُرْبٍ مِنْهَا وَذُكِرَ فِي النَّوَادِرِ، إذَا قَالَ الْبَائِعُ سَلَّمْتُهَا إلَيْك وَقَالَ الْمُشْتَرِي قَبِلْتُ وَالدَّارُ لَيْسَتْ بِحَضْرَتِهِمَا يَصِيرُ الْمُشْتَرِي قَابِضًا فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ وَقَالَا: إنْ كَانَتْ الدَّارُ بِقُرْبٍ مِنْهُمَا بِحَيْثُ يَقْدِرُ عَلَى الدُّخُولِ وَالْإِغْلَاقِ فَهُوَ تَسْلِيمٌ وَقَبْضٌ وَإِلَّا فَلَا، وَفِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ اعْتَبَرَ الْقُرْبَ وَلَمْ يَذْكُرْ فِيهِ خِلَافًا وَالصَّحِيحُ مَا ذُكِرَ فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ؛ لِأَنَّ فِي الْقَرِيبِ يُتَصَوَّرُ الْقَبْضُ الْحَقِيقِيُّ فِي الْحَالِ فَتُقَامُ التَّخْلِيَةُ مَقَامَ الْقَبْضِ، وَإِنْ دَفَعَ الْمِفْتَاحَ إلَى الْمُشْتَرِي وَلَمْ يَقُلْ: خَلَّيْتُ بَيْنَكَ وَبَيْنَ الدَّارِ فَاقْبِضْهَا لَمْ يَكُنْ ذَلِكَ قَبْضًا انْتَهَى. الْمُشْتَرِي إذَا وَجَدَ فِي الْمُشْتَرَى عَيْبًا بَعْدَمَا ازْدَادَ الْمُشْتَرَى لَا يَخْلُو إمَّا أَنْ تَكُونَ الزِّيَادَةُ مُتَّصِلَةً مُتَوَلِّدَةً مِنْ الْأَصْلِ، أَوْ غَيْرَ مُتَوَلِّدَةٍ فَإِنْ كَانَتْ مُتَوَلِّدَةً فَإِنَّهَا لَا تَمْنَعُ الرَّدَّ، وَإِنْ كَانَتْ غَيْرَ مُتَوَلِّدَةٍ مِنْ الْأَصْلِ كَالصَّبْغِ صَارَ الْمُشْتَرِي قَابِضًا بِإِحْدَاثِهَا وَيَمْتَنِعُ الرَّدُّ وَيَرْجِعُ بِالنُّقْصَانِ، وَإِنْ كَانَتْ مُنْفَصِلَةً مُتَوَلِّدَةً لَا يَمْتَنِعُ الرَّدُّ وَهُوَ بِالْخِيَارِ إنْ شَاءَ رَدَّهُمَا، وَإِنْ شَاءَ رَضِيَ بِهِمَا بِجَمِيعِ الثَّمَنِ، وَلَوْ لَمْ يَجِدْ بِالْأَصْلِ عَيْبًا لَكِنْ وَجَدَ بِالزِّيَادَةِ عَيْبًا فَلَيْسَ لَهُ حَقُّ رَدِّ الزِّيَادَةِ إلَّا إذَا كَانَ حُدُوثُ تِلْكَ الزِّيَادَةِ قَبْلَ الْقَبْضِ يُورِثُ نُقْصَانًا فِي الْمَبِيعِ فَحِينَئِذٍ لَهُ حَقُّ الرَّدِّ لِأَجْلِ النُّقْصَانِ فِي الْمَبِيعِ، وَلَوْ قَبَضَهُمَا ثُمَّ وَجَدَ فِي الْمَبِيعِ عَيْبًا وَالزِّيَادَةُ قَائِمَةٌ لَهُ أَنْ يُرْجِعَ الْمَبِيعَ الْمَعِيبَ خَاصَّةً بِحِصَّتِهِ مِنْ الثَّمَنِ بَعْدَمَا قَسَّمَ الثَّمَنَ عَلَى قِيمَةِ الْمَبِيعِ وَقْتَ الْبَيْعِ وَعَلَى قِيمَةِ الزِّيَادَةِ وَقْتَ الْقَبْضِ، وَلَوْ وَجَدَ بِالزِّيَادَةِ عَيْبًا دُونَهُ لَهُ أَنْ يَرُدَّهَا خَاصَّةً بِحِصَّتِهَا مِنْ الثَّمَنِ؛ لِأَنَّهُ صَارَ لَهَا حِصَّةٌ مِنْ الثَّمَنِ بَعْدَ الْقَبْضِ بِخِلَافِ الْأَوَّلِ، وَإِنْ كَانَتْ الزِّيَادَةُ مُنْفَصِلَةً غَيْرَ مُتَوَلِّدَةٍ كَالْهِبَةِ وَالصَّدَقَةِ وَالْكَسْبِ لَا تَمْنَعُ الرَّدَّ فَإِذَا رَدَّهُ فَالزِّيَادَةُ لِلْمُشْتَرِي بِغَيْرِ ثَمَنٍ وَلَا تَطِيبُ لَهُ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَالْأَصْلُ عِنْدَهُ أَنَّ الزِّيَادَةَ فِي الْبَيْعِ إثْبَاتٌ لِلْمُشْتَرِي تَمَّ الْبَيْعُ، أَوْ انْفَسَخَ، وَفِي الْبَيْعِ مَعَ الْخِيَارِ مَوْقُوفَةٌ إنْ تَمَّ الْبَيْعُ فَلِلْمُشْتَرِي، وَإِنْ انْفَسَخَ فَلِلْبَائِعِ هَذَا إذَا حَدَّثَتْ الزِّيَادَةُ قَبْلَ الْقَبْضِ أَمَّا إذَا حَدَّثَتْ بَعْدَ الْقَبْضِ ثُمَّ اطَّلَعَ عَلَى عَيْبٍ كَانَ عِنْدَ الْبَائِعِ فَإِنْ كَانَتْ الزِّيَادَةُ مُتَّصِلَةً مُتَوَلِّدَةً مَنَعَتْ الرَّدَّ وَالْفَسْخَ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ وَيَرْجِعُ بِالنُّقْصَانِ، وَلَوْ كَانَتْ غَيْرَ مُتَوَلِّدَةٍ مَنَعَتْ الرَّدَّ وَيَرْجِعُ بِحِصَّةِ الْعَيْبِ إلَّا إذَا الجزء: 1 ¦ الصفحة: 219 تَرَاضَيَا عَنْ الرَّدِّ فَصَارَ كَبَيْعٍ جَدِيدٍ هَذَا إذَا كَانَتْ الزِّيَادَةُ قَائِمَةً فِي يَدِ الْمُشْتَرِي، وَإِنْ كَانَتْ هَالِكَةً يُنْظَرُ إنْ كَانَتْ هَلَكَتْ بِآفَةٍ سَمَاوِيَّةٍ جُعِلَتْ كَأَنْ لَمْ تَكُنْ وَلَهُ أَنْ يَرُدَّ الْمُشْتَرَى، وَإِنْ هَلَكَتْ بِفِعْلِ الْمُشْتَرِي إنْ شَاءَ الْبَائِعُ قَبِلَ وَرَدَّ جَمِيعَ الثَّمَنِ، وَإِنْ شَاءَ لَمْ يَقْبَلْ وَرَدَّ حِصَّةَ الْعَيْبِ سَوَاءٌ كَانَ حُدُوثُ الزِّيَادَةِ يُورِثُ النُّقْصَانَ فِي الْأَصْلِ أَوَّلًا، مِنْ الْخُلَاصَةِ. إذَا بَاعَ الْأَبُ أَوْ الْوَصِيُّ مَالَ الصَّبِيِّ مِنْ غَرِيمِ نَفْسِهِ جَازَ وَتَقَعُ الْمُقَاصَّةُ وَيَضْمَنُ لِلصَّبِيِّ عِنْدَهُمَا وَعِنْدَ أَبِي يُوسُفَ لَا تَقَعُ الْمُقَاصَّةُ مِنْ الْهِدَايَةِ. وَلَوْ اشْتَرَى أَرْضًا بِشَجَرِهَا فَأَثْمَرَتْ قَبْلَ قَبْضِهَا، وَقِيمَةُ الْأَرْضِ وَالثَّمَرِ وَالثَّمَنُ سَوَاءٌ فَاسْتَهْلَكَ الْبَائِعُ ثَمَرَهَا قَبْلَ الْقَبْضِ يَسْقُطُ رُبْعُ الثَّمَنِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَعِنْدَهُمَا يَسْقُطُ ثُلُثُهُ. أَثْمَرَتْ ثَمَرَتَيْنِ فِي يَدِ الْبَائِعِ قَبْلَ قَبْضِ الْمُشْتَرِي وَاسْتَهْلَكَهُ الْبَائِعُ يَسْقُطُ ثُلُثُ الثَّمَنِ عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ وَعِنْدَهُمَا نِصْفُهُ، مِنْ الْمَجْمَعِ، وَلَوْ كَانَ عَلَيْهَا الثَّمَرُ وَقْتَ الْبَيْعِ وَشَرَطَاهُ لِلْمُشْتَرِي فَالْبَائِعُ اسْتَهْلَكَهُ قَبْلَ قَبْضِ الْمُشْتَرِي يَسْقُطُ الثُّلُثُ اتِّفَاقًا، وَكَذَا لَوْ هَلَكَ بِآفَةٍ سَمَاوِيَّةٍ يَسْقُطُ حِصَّتُهُ مِنْ الثَّمَنِ بِلَا خِلَافٍ وَالْحَادِثُ بَعْدَ الْبَيْعِ فِي يَدِ الْبَائِعِ لَوْ هَلَكَ بِآفَةٍ سَمَاوِيَّةٍ لَا يَسْقُطُ مِنْ الثَّمَنِ شَيْءٌ إجْمَاعًا، مِنْ شَرْحِ الْمَجْمَعِ. وَزَوَائِدُ الْمَبِيعِ لَا يَكُونُ لَهُ حِصَّةٌ مِنْ الثَّمَنِ إلَّا إذَا صَارَ مَقْصُودًا بِالْقَبْضِ، هَذِهِ فِي الرَّهْنِ، مِنْ الْهِدَايَةِ وَخِيَارُ الْبَائِعِ يَمْنَعُ خُرُوجَ الْمَبِيعِ عَنْ مِلْكِهِ، فَلَوْ قَبَضَهُ الْمُشْتَرِي بِإِذْنِ الْبَائِعِ وَهَلَكَ فِي يَدِهِ فِي مُدَّةِ الْخِيَارِ ضَمَّنَهُ الْقِيمَةَ، وَإِنْ هَلَكَ فِي يَدِهِ انْفَسَخَ وَلَا شَيْءَ عَلَى الْبَائِعِ وَخِيَارُ الْمُشْتَرِي لَا يَمْنَعُ خُرُوجَ الْمَبِيعِ عَنْ مِلْكِ الْبَائِعِ إلَّا أَنَّ الْمُشْتَرِيَ لَا يَمْلِكُهُ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَقَالَا: يَمْلِكُهُ فَإِذَا قَبَضَ الْمُشْتَرِي بِالْخِيَارِ الْمَبِيعَ بِإِذْنِ الْبَائِعِ ثُمَّ أَوْدَعَهُ عِنْدَ الْبَائِعِ فَهَلَكَ فِي يَدِهِ فِي الْمُدَّةِ هَلَكَ مِنْ مَالِ الْبَائِعِ لِارْتِفَاعِ الْقَبْضِ بِالرَّدِّ عِنْدَهُ لِعَدَمِ الْمِلْكِ وَعِنْدَهُمَا يَهْلِكُ مِنْ مَالِ الْمُشْتَرِي لِصِحَّةِ الْإِيدَاعِ بِاعْتِبَارِ قِيَامِ الْمِلْكِ، مِنْ الْهِدَايَةِ، وَلَوْ كَانَ الْخِيَارُ لِلْبَائِعِ فَسَلَّمَ الْمَبِيعَ إلَى الْمُشْتَرِي، ثُمَّ إنَّ الْمُشْتَرِيَ أَوْدَعَهُ الْبَائِعَ فَهَلَكَ عِنْدَهُ فِي مُدَّةِ الْخِيَارِ بَطَلَ الْبَيْعُ عِنْدَ الْكُلِّ. وَلَوْ كَانَ الْبَيْعُ بَاتًّا فَقَبَضَ الْمُشْتَرِي الْمَبِيعَ بِإِذْنِ الْبَائِعِ، أَوْ بِغَيْرِ إذْنِهِ وَالثَّمَنُ حَالٌّ، أَوْ مُؤَجَّلٌ لِلْمُشْتَرِي خِيَارُ رُؤْيَةٍ، أَوْ عَيْبٍ فَأَوْدَعَهُ الْبَائِعُ فَهَلَكَ عِنْدَ الْبَائِعِ تَمَّ الْبَيْعُ وَلَزِمَهُ الثَّمَنُ عِنْدَ الْكُلِّ مِنْ قَاضِي خَانْ. وَإِذَا حَصَلَ عَيْبٌ عِنْدَ الْمُشْتَرِي فِي الْمَبِيعِ ثُمَّ اطَّلَعَ عَلَى عَيْبٍ كَانَ عِنْدَ الْبَائِعِ فَلَهُ أَنْ يَرْجِعَ بِالنُّقْصَانِ عَلَى الْبَائِعِ وَلَا يَرُدُّ الْمَبِيعَ إلَّا أَنْ يَرَى الْبَائِعُ أَنْ يَأْخُذَهُ بِعَيْنِهِ فَلَهُ ذَلِكَ، مِنْ الْهِدَايَةِ وَلَمْ يَذْكُرُوا اعْتِبَارَهُ يَوْمَ الْبَيْعِ، أَوْ يَوْمَ الْقَبْضِ وَيَنْبَغِي اعْتِبَارُ النُّقْصَانِ يَوْمَ الْبَيْعِ كَذَا فِي الْأَشْبَاهِ مِنْ الْقَوْلِ فِي ثَمَنِ الْمِثْلِ وَلَمْ يُجَوِّزْ عُلَمَاؤُنَا الرَّدَّ مَعَ ضَمَانِ النُّقْصَانِ وَعِنْدَ مَالِكٍ يُرَدُّ وَيَضْمَنُ نُقْصَانَ الْعَيْبِ الْحَادِثِ عِنْدَهُ كَمَا فِي الْمَجْمَعِ. وَمَنْ اشْتَرَى ثَوْبًا فَقَطَعَهُ فَوَجَدَ بِهِ عَيْبًا بِنُقْصَانِ الْعَيْبِ فَإِنْ قَالَ الْبَائِعُ: أَنَا أَقْبَلُهُ كَذَلِكَ كَانَ لَهُ فَإِنْ بَاعَهُ الْمُشْتَرِي لَمْ يَرْجِعْ بِشَيْءٍ، وَإِنْ قَطَعَ الثَّوْبَ وَخَاطَهُ أَوْ صَبَغَهُ أَحْمَرَ، أَوْ لَتَّ ذَلِكَ السَّوِيقَ بِسَمْنٍ ثُمَّ اطَّلَعَ عَلَى عَيْبٍ يَرْجِعُ بِنُقْصَانِهِ وَلَيْسَ لِلْبَائِعِ أَنْ يَأْخُذَهُ فَإِنْ بَاعَهُ الْمُشْتَرِي بَعْدَمَا رَأَى الْعَيْبَ يَرْجِعُ بِالنُّقْصَانِ. وَلَوْ اشْتَرَى ثَوْبًا فَقَطَعَهُ لِبَاسًا لِوَلَدِهِ الصَّغِيرِ وَخَاطَهُ ثُمَّ اطَّلَعَ عَلَى عَيْبٍ لَا يَرْجِعُ بِالنُّقْصَانِ، وَلَوْ كَانَ الْوَلَدُ كَبِيرًا يَرْجِعُ. وَمَنْ اشْتَرَى عَبْدًا فَأَعْتَقَهُ أَوْ مَاتَ عِنْدَهُ ثُمَّ اطَّلَعَ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 220 عَلَى عَيْبٍ رَجَعَ بِنُقْصَانِهِ وَالتَّدْبِيرُ وَالِاسْتِيلَادُ بِمَنْزِلَتِهِ، وَإِنْ أَعْتَقَهُ عَلَى مَالٍ لَمْ يَرْجِعْ بِشَيْءٍ وَعِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ أَنَّهُ يَرْجِعُ، وَإِنْ قَتَلَهُ الْمُشْتَرِي، أَوْ كَانَ طَعَامًا فَأَكَلَهُ لَمْ يَرْجِعْ بِشَيْءٍ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَعِنْدَهُمَا يَرْجِعُ وَعَلَى هَذَا الْخِلَافِ إذَا لَبِسَ الثَّوْبَ حَتَّى تَخَرَّقَ، وَإِنْ أَكَلَ بَعْضَ الطَّعَامِ ثُمَّ عَلِمَ بِالْعَيْبِ فَكَذَا الْجَوَابُ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ؛ لِأَنَّ الطَّعَامَ كَشَيْءٍ وَاحِدٍ فَصَارَ كَبَيْعِ الْبَعْضِ وَعِنْدَهُمَا أَنَّهُ يَرْجِعُ بِنُقْصَانِ الْعَيْبِ فِي الْكُلِّ وَعَنْهُمَا أَنَّهُ يَرُدُّ مَا بَقِيَ، مِنْ الْهِدَايَةِ. وَفِي الْحَقَائِقِ وَعِنْدَ مُحَمَّدٍ يَرْجِعُ بِنُقْصَانِ مَا أَكَلَ وَيَرُدُّ الْبَاقِيَ رَضِيَ الْبَائِعُ أَوْ لَا، وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى، وَفِيهِ أَيْضًا الْخِلَافُ فِيمَا إذَا كَانَ فِي وِعَاءٍ وَاحِدٍ، وَإِنْ كَانَ فِي وِعَاءَيْنِ فَأَكَلَ مَا فِي أَحَدِهِمَا، أَوْ بَاعَ ثُمَّ اطَّلَعَ عَلَى عَيْبٍ كَانَ عِنْدَ الْبَائِعِ فَلَهُ رَدُّ الْبَاقِي بِحِصَّتِهِ مِنْ الثَّمَنِ اتِّفَاقًا انْتَهَى. وَفِي الْفُصُولَيْنِ الْفَتْوَى عَلَى قَوْلِهِمَا فِيمَا إذَا أَكَلَ الطَّعَامَ ثُمَّ اطَّلَعَ عَلَى عَيْبٍ ذَكَرَهُ فِي شَرْحِ الدُّرَرِ. وَمَنْ اشْتَرَى جَارِيَةً قَدْ حَبِلَتْ عِنْدَ الْبَائِعِ فَوَلَدَتْ عِنْدَ الْمُشْتَرِي وَمَاتَتْ فِي نِفَاسِهَا لَا يَرْجِعُ عَلَى الْبَائِعِ بِشَيْءٍ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَعِنْدَهُمَا يَرْجِعُ بِفَضْلِ مَا بَيْنَ قِيمَتِهَا حَامِلًا إلَى غَيْرِ حَامِلٍ، مِنْ الْهِدَايَةِ. وَفِي الْخُلَاصَةِ لَوْ مَاتَتْ الْجَارِيَةُ بِالْوِلَادَةِ فِي يَدِ الْمُشْتَرِي وَلَمْ يَعْلَمْ أَنَّهَا حُبْلَى إنْ مَاتَتْ فِي نِفَاسِهَا فَإِنَّهُ يَرْجِعُ بِالنُّقْصَانِ وَلَا يَسْتَرِدُّ كُلَّ الثَّمَنِ. اشْتَرَى حَدِيدًا لِيَتَّخِذَ مِنْهُ آلَاتِ النَّجَّارِينَ وَجَعَلَهُ فِي الْكُورِ لِيُجَرِّبَهُ فِي النَّارِ فَوَجَدَ بِهِ عَيْبًا وَلَا يَصْلُحُ لِتِلْكَ الْآلَاتِ لَا يَرْجِعُ بِالنُّقْصَانِ وَلَا يَرُدُّ. اشْتَرَى سِنْجَابًا وَجُلُودَ الثَّعَالِبِ فَبَلَّهَا لِلدَّبْغِ فَظَهَرَ بِهَا عَيْبٌ يَرْجِعُ بِالنُّقْصَانِ كَمَا لَوْ اشْتَرَى إبْرَيْسَمًا فَبَلَّهُ فَظَهَرَ عَيْبُهُ. وَلَوْ اشْتَرَى عَبْدًا وَبِهِ أَثَرُ قُرْحَةٍ وَبَدَتْ وَلَمْ يَعْلَمْ بِهِ ثُمَّ عَادَتْ قُرْحَتُهُ وَأَخْبَرَ الْجَرَّاحُونَ أَنَّ عَوْدَهَا بِالْعَيْبِ الْقَدِيمِ لَمْ يَرُدَّهُ وَيَرْجِعُ بِنُقْصَانِ الْعَبْدِ، مِنْ الْقُنْيَةِ. وَلَوْ ظَهَرَ عَلَى عَيْبِهِ بَعْدَمَا كَاتَبَ الْعَبْدَ، أَوْ أَبَقَ لَا يَرْجِعُ بِالنُّقْصَانِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ خِلَافًا لِأَبِي يُوسُفَ، مِنْ الْمَجْمَعِ. وَلَوْ بَاعَ نِصْفَهُ، أَوْ وَهَبَهُ ثُمَّ وَجَدَ بِهِ عَيْبًا لَا يَرْجِعُ بِالنُّقْصَانِ فِي الْبَاقِي عِنْدَنَا خِلَافًا لِزُفَرَ، مِنْ شَرْحِ الدُّرَرِ. وَقَالَ فِي الْوَجِيزِ أَصْلُهُ أَنَّ حَقَّ الرُّجُوعِ بِالنُّقْصَانِ إنَّمَا يَسْقُطُ بِأَحَدِ الْأَمْرَيْنِ إمَّا بِوُصُولِ عِوَضِ الْمَبِيعِ إلَيْهِ حَقِيقَةً، أَوْ مَعْنًى، أَوْ بِتَشَبُّثِهِ بِالْمَبِيعِ بَعْدَ الْعِلْمِ بِالْعَيْبِ حَالَ إمْكَانِ الرَّدِّ وَتَشَبُّثِهِ بِالْمَبِيعِ حَالَ عَجْزِهِ عَنْ رَدِّهِ لَا يَدُلُّ عَلَى الرِّضَا وَتَشَبُّثُ غَيْرِهِ بِتَسْلِيطِهِ كَتَشَبُّثِهِ بِنَفْسِهِ اهـ. وَفِي الْخُلَاصَةِ إنْ تَعَذَّرَ الرَّدُّ مَتَى كَانَ يُصْنَعُ مِنْ جِهَةِ الْمُشْتَرِي يُسْقِطُ حَقَّ الرُّجُوعِ بِالنُّقْصَانِ وَمَتَى كَانَ لَا يُصْنَعُ مِنْ جِهَةِ الْمُشْتَرِي لَا يُسْقِطُ حَقَّهُ فِي الرُّجُوعِ، إذَا ثَبَتَ هَذَا نَقُولُ: إذَا بَاعَهَا بَعْدَمَا وَطِئَهَا بَطَلَ حَقُّهُ فِي الرُّجُوعِ؛ لِأَنَّ لِلْبَائِعِ أَنْ يَقْبَلَهَا بَعْدَ وَطْئِهِ فَتَعَذَّرَ الرَّدُّ كَانَ بِصُنْعِهِ بِخِلَافِ مَا إذَا وَطِئَهَا غَيْرُهُ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ لَهُ أَنْ يَقْبَلَهَا عَلَى مَا ذَكَرْنَا. وَلَوْ اشْتَرَى ثَوْبًا فَصَبَغَهُ، أَوْ قَطَعَهُ، أَوْ خَاطَهُ، أَوْ طَحَنَ الْحِنْطَةَ لَا يَرُدُّ فَإِنْ بَاعَهُ لَهُ أَنْ يَرْجِعَ بِالنُّقْصَانِ، وَفِي الْقَطْعِ بِدُونِ الْخِيَاطَةِ لَوْ بَاعَهُ بَطَلَ حَقُّ الرُّجُوعِ اهـ. وَمَنْ اشْتَرَى عَبْدًا قَدْ سَرَقَ وَلَمْ يَعْلَمْ بِهِ فَقُطِعَ عِنْدَ الْمُشْتَرِي فَلَهُ أَنْ يَرُدَّهُ وَيَأْخُذَ الثَّمَنَ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَقَالَا: يَرْجِعُ بِمَا بَيْنَ قِيمَتِهِ سَارِقًا إلَى غَيْرِ سَارِقٍ وَعَلَى هَذَا الْخِلَافُ إذَا قُتِلَ بِسَبَبٍ وُجِدَ فِي يَدِ الْبَائِعِ مِنْ الْهِدَايَةِ قَالَ صَدْرُ الشَّرِيعَةِ الرَّدُّ فِي صُورَةِ الْقَطْعِ أَمَّا فِي الْقَتْلِ فَلَا رَدَّ بَلْ يَأْخُذُ الثَّمَنَ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ قَالَ فِي الْحَقَائِقِ وَطَرِيقُ مَعْرِفَةِ مَا بَيْنَ قِيمَتِهِ مَقْتُولًا إلَى غَيْرِ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 221 مَقْتُولٍ عَلَى قَوْلِهِمَا أَنْ يَقُومَ الْعَبْدُ مُبَاحَ الدَّمِ وَمَعْصُومَ الدَّمِ وَكَذَلِكَ فِي السَّرِقَةِ يَقُومُ سَارِقًا وَغَيْرَ سَارِقٍ فَيَرْجِعُ بِنُقْصَانِ مَا بَيْنَ قِيمَتِهِمَا، وَفِيهِ أَيْضًا إذَا وَجَدَ الْمُشْتَرِي الْعَبْدَ وَاجِبَ الْحَدِّ وَأُقِيمَ عَلَيْهِ الْحَدُّ عِنْدَهُ فَمَاتَ أَوْ انْتَقَصَ لَا يَرْجِعُ بِشَيْءٍ عَلَى الْبَائِعِ اتِّفَاقًا عَلِمَ بِهِ أَمْ لَا اهـ. وَلَوْ سَرَقَ فِي يَدِ الْبَائِعِ ثُمَّ فِي يَدِ الْمُشْتَرِي فَقُطِعَ بِهِمَا عِنْدَهُمَا يَرْجِعُ بِالنُّقْصَانِ كَمَا ذَكَرْنَا وَعِنْدَهُ لَا يَرُدُّهُ بِدُونِ رِضَا الْبَائِعِ لِلْعَيْبِ الْحَادِثِ وَيَرْجِعُ بِرُبْعِ الثَّمَنِ، مِنْ الْهِدَايَةِ. وَمَنْ بَاعَ عَبْدًا عَلَى أَنَّهُ بَرِيءٌ مِنْ شَجَّةٍ أَيْ بِهِ عَيْبٌ وَاحِدٌ فَإِذَا بِهِ شَجَّتَانِ وَقَدْ تَعَذَّرَ الرَّدُّ بِسَبَبٍ مِنْ الْأَسْبَابِ يُخَيِّرُ أَبُو يُوسُفَ الْبَائِعَ فِي تَعْيِينِ الَّتِي تَبَرَّأَ عَنْهَا، وَجَعَلَ مُحَمَّدٌ الْخِيَارَ لِلْمُشْتَرِي فَيَرْجِعُ بِنُقْصَانِ أَيِّ الْعَيْبَيْنِ شَاءَ، وَكَذَا إذَا وَجَدَ بِهِ ثَلَاثَ عُيُوبٍ فَإِنَّهُ يَرْجِعُ بِنُقْصَانِ الْعَيْبَيْنِ ذَكَرَهُ فِي الْحَقَائِقِ. وَلَوْ وَجَدَ رَبُّ السَّلَمِ الْمُسَلَّمَ فِيهِ مَعِيبًا وَقَدْ حَدَثَ عِنْدَهُ آخَرُ فَإِنْ قَبِلَهُ الْمُسَلَّمُ إلَيْهِ عَادَ السَّلَمُ لِانْتِقَاضِ الْقَبْضِ، وَإِنْ أَبَى الْمُسَلَّمُ إلَيْهِ عَنْ الْقَبُولِ فَلَهُ ذَلِكَ وَلَيْسَ عَلَيْهِ شَيْءٌ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَعِنْدَ أَبِي يُوسُفَ إنْ أَبَى عَنْ الْقَبُولِ يَرُدُّ رَبُّ السَّلَمِ عَلَيْهِ مِثْلَ الْمَقْبُوضِ وَيَرْجِعُ بِالْمَشْرُوطِ فِي الْعَقْدِ وَعِنْدَ مُحَمَّدٍ إنْ أَبَى أَنْ يَقْبَلَهُ فَلِرَبِّ السَّلَمِ أَنْ يَرْجِعَ عَلَيْهِ بِقَدْرِ النُّقْصَانِ فِي رَأْسِ الْمَالِ فَيَقُومُ الْمُسَلَّمُ فِيهِ سَلِيمًا عَنْ الْعَيْبِ ثُمَّ يَقُومُ مَعِيبًا بِالْعَيْبِ الْقَدِيمِ فَيَرْجِعُ بِفَضْلِ مَا بَيْنَهُمَا وَمَحَلُّ الْمَسْأَلَةِ الْمَجْمَعُ. اشْتَرَى جَارِيَةً عَلَى أَنَّهَا بِكْرٌ فَإِذَا هِيَ غَيْرُ بِكْرٍ عَرَفَ ذَلِكَ بِإِقْرَارِ الْبَائِعِ كَانَ الْمُشْتَرِي بِالْخِيَارِ فَإِنْ امْتَنَعَ الرَّدُّ بِسَبَبٍ مِنْ الْأَسْبَابِ رَجَعَ الْمُشْتَرِي عَلَى الْبَائِعِ بِحِصَّةِ الْبَكَارَةِ مِنْ الثَّمَنِ فَتَقُومُ بِكْرًا وَغَيْرَ بِكْرٍ فَيَرْجِعُ بِفَضْلِ مَا بَيْنَهُمَا مِنْ الثَّمَنِ. اشْتَرَى جَارِيَةً وَغَابَ الْبَائِعُ فَاطَّلَعَ الْمُشْتَرِي عَلَى عَيْبٍ فَرَفَعَ الْأَمْرَ إلَى الْقَاضِي، وَأَثْبَتَ عِنْدَهُ الشِّرَاءَ وَالْعَيْبَ فَأَخَذَهَا الْقَاضِي وَوَضَعَهَا عَلَى يَدَيْ أَمِينٍ فَمَاتَتْ فِي يَدِهِ وَحَضَرَ الْغَائِبُ لَيْسَ لِلْمُشْتَرِي أَنْ يَأْخُذَ الثَّمَنَ مِنْهُ وَكَانَ الْهَلَاكُ عَلَى الْمُشْتَرِي؛ لِأَنَّ أَخْذَ الْقَاضِي لَمْ يَكُنْ قَبُولًا لِلْجَارِيَةِ؛ لِأَنَّهُ لَوْ فَعَلَ ذَلِكَ كَانَ قَضَاءً عَلَى الْغَائِبِ بَلْ كَانَ وَاضِعًا لَهَا عَلَى يَدِ أَمِينٍ حَتَّى إذَا حَضَرَ وَطَلَبَ الْمُشْتَرِي الرَّدَّ عَلَيْهِ رَدَّهَا عَلَيْهِ وَإِنَّمَا لَمْ تُتْرَكْ فِي يَدِ الْمُشْتَرِي؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ فِيهَا مَا يَمْنَعُ الرَّدَّ فَكَانَ هَلَاكُهَا فِي يَدِ أَمِينِ الْقَاضِي هَلَاكًا عَلَى الْمُشْتَرِي كَذَا فِي الْعِمَادِيَّةِ قَالَ الْأُسْرُوشَنِيُّ يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ هَذَا فِيمَا إذَا لَمْ يَقْضِ الْقَاضِي بِالرَّدِّ عَلَى الْبَائِعِ بَلْ أَخَذَهَا مِنْهُ وَوَضَعَهَا عَلَى يَدَيْ عَدْلٍ، أَمَّا إذَا قَضَى عَلَى الْبَائِعِ بِالرَّدِّ فَيَنْبَغِي أَنْ تَهْلِكَ مِنْ مَالِ الْبَائِعِ وَيَسْتَرِدَّ الْمُشْتَرِي الثَّمَنَ؛ لِأَنَّ أَقْصَى مَا فِي الْبَابِ أَنَّ هَذَا قَضَاءٌ عَلَى الْغَائِبِ مِنْ خَصْمٍ حَاضِرٍ وَلَكِنَّ الْقَضَاءَ عَلَى الْغَائِبِ يَنْفُذُ فِي أَظْهَرِ الرِّوَايَتَيْنِ عَنْ أَصْحَابِنَا ذَكَرَهُ فِي مُشْتَمِلِ الْهِدَايَةِ. وَفِي الْخَانِيَّةِ رَجُلٌ اشْتَرَى جَارِيَةً وَقَبَضَهَا فَوَطِئَهَا أَوْ قَبَّلَهَا بِشَهْوَةٍ ثُمَّ وَجَدَ بِهَا عَيْبًا لَا يَرُدُّهَا وَلَكِنْ يَرْجِعُ بِنُقْصَانِ الْعَيْبِ إلَّا إذَا رَضِيَ الْبَائِعُ أَنْ يَأْخُذَهَا وَلَا يَدْفَعُ النُّقْصَانَ. اشْتَرَى بَذْرَ الْبَصَلِ وَزَرَعَهُ فَلَمْ يَنْبُتْ فَظَهَرَ أَنَّهُ مِنْ فَسَادٍ يُقَالُ لَهُ بِالْفَارِسِيَّةِ يو سِيدَهْ رَجَعَ بِالثَّمَنِ. اشْتَرَى كَفَنًا لِلْمَيِّتِ وَوَجَدَ بِهِ عَيْبًا لَا يَرُدُّ وَلَا يَرْجِعُ بِالنَّقْصِ. إنْ تَبَرَّعَ بِهِ أَجْنَبِيٌّ، وَلَوْ وَارِثًا رَجَعَ بِالنَّقْصِ مِنْ التَّرِكَةِ. اشْتَرَى عَبْدًا فَتَقَابَضَا وَضَمِنَ لَهُ رَجُلٌ عُيُوبَهُ فَاطَّلَعَ عَلَى عَيْبٍ وَرَدَّهُ لَا ضَمَانَ عَلَيْهِ عَلَى قِيَاسِ قَوْلِ الْإِمَامِ؛ لِأَنَّهُ بَاطِلٌ كَضَمَانِ الْعَهْدِ، وَلَوْ ضَمِنَ لَهُ السَّرِقَةَ، أَوْ الْحُرِّيَّةَ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 222 فَوَجَدَ مَسْرُوقًا، أَوْ حُرًّا، أَوْ الْجُنُونَ أَوْ الْعَمَى فَوَجَدَهُ كَذَلِكَ رَجَعَ عَلَى الضَّامِنِ بِالثَّمَنِ، وَلَوْ مَاتَ عِنْدَهُ وَقَضَى بِالنَّقْصِ رَجَعَ بِهِ عَلَى ضَامِنِ الثَّمَنِ. اشْتَرَاهَا عَلَى أَنَّهَا عَذْرَاءُ فَمَاتَتْ فِي يَدِهِ ثُمَّ عَلِمَ أَنَّهَا لَمْ تَكُنْ لَمْ يَرْجِعْ بِشَيْءٍ كَذَا عَنْ الْإِمَامِ وَعَنْ الثَّانِي يَرْجِعُ بِالنُّقْصَانِ. اشْتَرَى الدَّابَّةَ عَلَى أَنَّهَا لَبُونٌ فَحَلَبَهَا مَرَّةً بَعْدَ أُخْرَى فَبَانَ نُقْصَانُ لَبَنِهَا لَيْسَ لَهُ الرَّدُّ وَرَجَعَ بِالنَّقْصِ. اشْتَرَى دَابَّةً، أَوْ غُلَامًا فَاطَّلَعَ بِهِ عَلَى عَيْبٍ وَلَمْ يَجِدْ الْمَالِكَ فَأَمْسَكَهُ وَأَطْعَمَهُ وَلَمْ يَتَصَرَّفْ بِمَا يَدُلُّ عَلَى الرِّضَا يَرُدُّهُ لَوْ حَضَرَ وَيَرْجِعُ بِالنُّقْصَانِ إنْ هَلَكَ، مِنْ مُشْتَمِلِ الْهِدَايَةِ. رَجُلٌ اشْتَرَى شَجَرَةً فَقَطَعَهَا وَوَجَدَهَا لَا تَصْلُحُ إلَّا لِلْحَطَبِ يَرْجِعُ بِنُقْصَانِ الْعَيْبِ إلَّا أَنْ يَأْخُذَهَا الْبَائِعُ مَقْطُوعَةً. رَجُلٌ اشْتَرَى طَاوُسًا إلَى النَّيْرُوزِ إنْ كَانَا يَعْرِفَانِ النَّيْرُوزَ جَازَ وَإِلَّا فَسَدَ فَإِنْ حَمَلَهُ إلَى مَنْزِلِهِ فَوَجَدَهُ مَرِيضًا وَأَخْبَرَ الْبَائِعَ وَدَفَعَهُ إلَيْهِ فَفِيمَا إذَا لَمْ يَعْرِفَا النَّيْرُوزَ حَتَّى فَسَدَ فَلَمْ يَقْبَلْ فَحَمَلَهُ إلَى مَنْزِلِهِ فَمَاتَ لَيْسَ عَلَى الْمُشْتَرِي شَيْءٌ مِنْ الثَّمَنِ؛ لِأَنَّ الْبَيْعَ فَاسِدٌ كَمَنْ غَصَبَ شَيْئًا ثُمَّ حَمَلَهُ إلَى الْمَغْصُوبِ مِنْهُ وَأَبَى الْمَالِكُ أَنْ يَقْبَلَهُ مِنْهُ فَحَمَلَهُ الْغَاصِبُ إلَى مَنْزِلِهِ فَضَاعَ عِنْدَهُ لَا يَضْمَنُ ثُمَّ قَالَ أَبُو بَكْرٍ كَانَ أَبُو نَصْرٍ يَقُولُ: إذَا كَانَ الْبَيْعُ فَاسِدًا لَا خِلَافَ فِي أَنَّهُ يُبَرَّأُ مِنْ الضَّمَانِ سَوَاءٌ قَبِلَ، أَوْ لَمْ يَقْبَلْ فَإِنْ كَانَ فَاسِدًا لَمْ يَتَّفِقُوا عَلَيْهِ لَمْ يُبَرَّأْ إلَّا بِقَبُولِ الْبَائِعِ، أَوْ بِقَضَاءِ الْقَاضِي. إذَا انْتَقَصَ الْمَبِيعُ بَيْعًا فَاسِدًا فِي يَدِ الْمُشْتَرِي إنْ كَانَ النُّقْصَانُ بِآفَةٍ سَمَاوِيَّةٍ فَلِلْبَائِعِ أَنْ يَأْخُذَهُ مَعَ أَرْشِ النُّقْصَانِ، وَكَذَا إذَا كَانَ النُّقْصَانُ بِفِعْلِ الْمُشْتَرِي، أَوْ بِفِعْلِ الْمَعْقُودِ عَلَيْهِ، وَإِنْ كَانَ بِفِعْلِ الْأَجْنَبِيِّ فَالْبَائِعُ بِالْخِيَارِ فَالْأَرْشُ إنْ شَاءَ أَخَذَهُ مِنْ الْجَانِي وَالْجَانِي لَا يَرْجِعُ عَلَى الْمُشْتَرِي، وَإِنْ شَاءَ اتَّبَعَ الْمُشْتَرِيَ وَالْمُشْتَرِي يَرْجِعُ عَلَى الْجَانِي كَمَا فِي الْغَصْبِ. لَوْ اشْتَرَى جَارِيَةً تُرْكِيَّةً، أَوْ غُلَامًا تُرْكِيًّا، أَوْ عَلَى أَنَّهَا تُرْكِيَّةٌ فَإِذَا هِيَ هِنْدِيَّةٌ يَرُدُّهُمَا فَإِنْ تَعَذَّرَ يَرْجِعُ بِالنُّقْصَانِ فَإِنْ كَانَتْ هَالِكَةً لَا يَرْجِعُ بِشَيْءٍ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ. اشْتَرَى قَبَاءً، أَوْ قَلَنْسُوَةً عَلَى أَنَّ حَشْوَهَا قُطْنٌ فَإِذَا هُوَ مِنْ صُوفٍ جَازَ الْبَيْعُ؛ لِأَنَّ الْحَشْوَةَ تَبَعٌ وَرَجَعَ بِنُقْصَانِ الْعَيْبِ. اشْتَرَى جَارِيَةً عَلَى أَنَّهَا خَبَّازَةٌ وَقَبَضَهَا وَهَلَكَتْ ثُمَّ أَقَرَّ الْبَائِعُ أَنَّهَا لَمْ تَكُنْ خَبَّازَةً لَمْ يَرْجِعْ بِنُقْصَانِ ذَلِكَ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ لَكِنْ إنْ كَانَتْ قَائِمَةً رَدَّهَا، قَالَ: هَذَا جَوَابُ الْجَامِعِ. وَفِي الزِّيَادَاتِ لَوْ مَاتَتْ أَوْ تَعَيَّبَتْ حَتَّى تَعَذَّرَ الرَّدُّ تُقَوَّمُ وَهِيَ خَبَّازَةٌ، أَوْ كَاتِبَةٌ وَتُقَوَّمُ وَهِيَ غَيْرُ ذَلِكَ فَيَرْجِعُ بِالْفَضْلِ وَإِنَّمَا تُقَوَّمُ كَاتِبَةً أَدْنَى مَا يَنْطَلِقُ عَلَيْهِ هَذَا الِاسْمُ. وَلَوْ اشْتَرَى ثَوْبًا عَلَى أَنَّهُ عَشَرَةُ أَذْرُعٍ فَوَجَدَهُ ثَمَانِيَةَ أَذْرُعٍ فَأَرَادَ أَنْ يَرُدَّهُ فَهَلَكَ يُقَوَّمُ عَلَى هَذَا وَعَلَى هَذَا. رَجُلٌ اشْتَرَى خَمْسَةَ أَقْفِزَةِ حِنْطَةٍ فَوَجَدَ فِيهَا تُرَابًا إنْ كَانَ مِثْلَ مَا يُوجَدُ فِي الْحِنْطَةِ لَا يَرُدُّ وَلَا يَرْجِعُ بِالنُّقْصَانِ، وَإِنْ كَانَ بِحَالٍ لَا يَكُونُ فِي الْحِنْطَةِ مِثْلُ ذَلِكَ وَيَعُدُّهُ النَّاسُ عَيْبًا لَهُ أَنْ يَرُدَّ الْحِنْطَةَ كُلَّهَا، وَلَوْ أَرَادَ أَنْ يُمَيِّزَ التُّرَابَ، أَوْ الْمَعِيبَ وَيَرُدَّهُ عَلَى الْبَائِعِ وَيَحْبِسَ الْحِنْطَةَ بِثَمَنِهِ لَيْسَ لَهُ ذَلِكَ، فَإِنْ مَيَّزَ مَعَ هَذَا فَوَجَدَهُ تُرَابًا كَثِيرًا يَعُدُّهُ النَّاسُ عَيْبًا إنْ أَمْكَنَهُ أَنْ يَرُدَّهَا كُلَّهَا عَلَى الْبَائِعِ بِذَلِكَ الْكَيْلِ لَوْ خَلَطَ الْبَعْضَ بِالْبَعْضِ لَهُ أَنْ يَرُدَّ، وَإِنْ لَمْ يُمْكِنْهُ الرَّدُّ بِذَلِكَ الْكَيْلِ لَوْ خَلَطَهَا بِذَلِكَ بِأَنْ نَقَصَ لَيْسَ لَهُ الرَّدُّ وَلَكِنْ يَرْجِعُ بِنُقْصَانِ الْعَيْبِ وَهُوَ نُقْصَانُ الْحِنْطَةِ إلَّا أَنْ يَرْضَى الْبَائِعُ أَنْ يَأْخُذَهُ بِعَيْبِهِ فَلَهُ ذَلِكَ وَالسِّمْسِمُ وَنَحْوُهُ عَلَى هَذَا الجزء: 1 ¦ الصفحة: 223 مِنْ الْخُلَاصَةِ. رَجُلٌ بَاعَ عَبْدًا بَيْعًا فَاسِدًا ثُمَّ تَنَاقَضَا الْبَيْعَ بَعْدَ الْقَبْضِ ثُمَّ أَبْرَأَ الْبَائِعَ الْمُشْتَرِيَ عَنْ الْقِيمَةِ ثُمَّ مَاتَ الْغُلَامُ لَزِمَتْهُ الْقِيمَةُ، وَإِنْ أَبْرَأَهُ عَنْ الْعَبْدِ ثُمَّ مَاتَ لَا يَلْزَمُهُ شَيْءٌ؛ لِأَنَّهُ إذَا أَبْرَأَهُ عَنْ الْغُلَامِ فَقَدْ أَخْرَجَ الْغُلَامَ مِنْ أَنْ يَكُونَ مَضْمُونًا وَصَارَ أَمَانَةً فَلَا يَضْمَنُ عِنْدَ الْهَلَاكِ. وَإِنْ بَاعَهُ جَائِزًا وَقَبَضَهُ الْمُشْتَرِي ثُمَّ تَقَايَلَا الْبَيْعَ ثُمَّ إنَّ الْبَائِعَ أَبْرَأَ الْمُشْتَرِيَ عَنْ الثَّمَنِ فَهَلَكَ الْغُلَامُ عِنْدَ الْمُشْتَرِي لَا شَيْءَ عَلَى الْمُشْتَرِي؛ لِأَنَّ فِي الْبَيْعِ الْجَائِزِ الْغُلَامُ بَعْدَ الْإِقَالَةِ مَضْمُونٌ عَلَى الْمُشْتَرِي بِالثَّمَنِ، فَإِذَا أَبْرَأَهُ عَنْ الثَّمَنِ صَحَّ إبْرَاؤُهُ، مَا فِي الْبَيْعِ الْفَاسِدِ حَقُّ الْبَائِعِ فِي الْمَبِيعِ لَا فِي الْقِيمَةِ وَإِنَّمَا يَنْتَقِلُ حَقُّهُ إلَى الْقِيمَةِ عِنْدَ الْهَلَاكِ فَإِذَا أَبْرَأَ عَنْ الْقِيمَةِ قَبْلَ الْهَلَاكِ فَقَدْ أَبْرَأَ قَبْلَ الْوُجُوبِ فَلَا يَصِحُّ حَتَّى لَوْ قَالَ: أَبْرَأْتُك عَنْ الْغُلَامِ كَانَ بريأ وَصَارَ وَدِيعَةً فَلَا يَضْمَنُ قِيمَتَهُ بِالْهَلَاكِ. اشْتَرَى ثَوْبًا شِرَاءً فَاسِدًا وَقَبَضَهُ وَقَطَعَهُ قَمِيصًا وَلَمْ يَخِطْهُ ثُمَّ أَوْدَعَهُ عِنْدَ الْبَائِعِ فَهَلَكَ ضَمِنَ الْمُشْتَرِي نُقْصَانَ الْقَطْعِ وَلَا يَضْمَنُ قِيمَةَ الثَّوْبِ؛ لِأَنَّهُ لَمَّا أَوْدَعَهُ الْبَائِعُ فَقَدْ رَدَّهُ عَلَى الْبَائِعِ إلَّا قَدْرَ نُقْصَانِ الْقَطْعِ؛ لِأَنَّ الرَّدَّ بِحُكْمِ الْفَسَادِ مُسْتَحَقٌّ فَإِذَا وَصَلَ إلَى الْبَائِعِ بِأَيِّ وَجْهٍ وَصَلَ يَقَعُ عَلَى الْمُسْتَحِقِّ. اشْتَرَى عَبْدًا شِرَاءً فَاسِدًا وَقَبَضَهُ ثُمَّ أَعْتَقَهُ، أَوْ قَتَلَهُ وَقِيمَتُهُ يَوْمَ الْإِعْتَاقِ وَالْقَتْلِ أَكْثَرُ مِنْ قِيمَتِهِ يَوْمَ الْقَبْضِ كَانَ عَلَيْهِ قِيمَتُهُ يَوْمَ الْقَبْضِ. اشْتَرَى أَمَةً شِرَاءً فَاسِدًا وَقَبَضَهَا فَوَلَدَتْ عِنْدَهُ مِنْ غَيْرِهِ وَلَدًا فَأَعْتَقَهُمَا كَانَ عَلَى الْمُشْتَرِي قِيمَةُ الْأُمِّ يَوْمَ الْقَبْضِ، وَقِيمَةُ الْوَلَدِ يَوْمَ الْإِعْتَاقِ؛ لِأَنَّ الْوَلَدَ كَانَ أَمَانَةً فَيَضْمَنُ قِيمَتَهُ يَوْمَ الْإِعْتَاقِ. اشْتَرَى جَارِيَةً شِرَاءً فَاسِدًا وَاسْتَوْلَدَهَا صَارَتْ أُمَّ وَلَدٍ لَهُ وَبَطَلَ حَقُّ الْفَسْخِ وَيَغْرَمُ قِيمَتَهَا لِلْبَائِعِ، وَاخْتَلَفُوا فِي وُجُوبِ الْعُقْرِ لِلْبَائِعِ قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَأَبُو يُوسُفَ: إذَا غَرِمَ الْقِيمَةَ لَا يَجِبُ الْعُقْرُ. وَقَالَ مُحَمَّدٌ: يَجِبُ الْعُقْرُ مَعَ الْقِيمَةِ وَيَدْخُلُ الْأَقَلُّ فِي الْأَكْثَرِ، وَإِنْ وَطِئَهَا وَلَمْ يَسْتَوْلِدْهَا رَدَّهَا عَلَى الْبَائِعِ وَيَغْرَمُ الْعُقْرَ لِلْبَائِعِ عِنْدَ الْكُلِّ بِاتِّفَاقِ الرِّوَايَاتِ. إذَا بَاعَ الرَّجُلُ مَالَ الْغَيْرِ يَتَوَقَّفُ الْبَيْعُ عَلَى إجَازَةِ الْمَالِكِ وَيُشْتَرَطُ لِصِحَّةِ الْإِجَازَةِ قِيَامُ الْعَاقِدَيْنِ وَقِيَامُ الْمَعْقُودِ عَلَيْهِ، وَإِذَا هَلَكَ الْمَبِيعُ عِنْدَ الْمُشْتَرِي كَانَ الْمَالِكُ بِالْخِيَارِ إنْ شَاءَ ضَمَّنَ الْبَائِعَ، وَإِنْ شَاءَ ضَمَّنَ الْمُشْتَرِيَ، وَعِنْدَ اخْتِيَارِ تَضْمِينِ أَحَدِهِمَا يَبْرَأُ الْآخَرُ فَإِنْ ضَمِنَ الْمُشْتَرِي قِيمَتَهُ بَطَلَ الْبَيْعُ وَكَانَ لِلْمُشْتَرِي أَنْ يَسْتَرِدَّ الثَّمَنَ مِنْ الْبَائِعِ إنْ كَانَ نَقَدَهُ، وَإِنْ ضَمِنَ الْبَائِعُ نَفَذَ الْبَيْعُ عَلَيْهِ إنْ كَانَ أَمَانَةً عِنْدَ الْمُشْتَرِي بِأَنْ سَلَّمَ أَوَّلًا ثُمَّ بَاعَ، وَإِنْ بَاعَ أَوَّلًا ثُمَّ سَلَّمَ لَا يَنْفُذُ الْبَيْعُ وَيَرْجِعُ بِمَا ضَمِنَ عَلَى الْمُشْتَرِي مِنْ قَاضِي خَانْ. وَإِنْ أَجَازَ الْمَالِكُ الْبَيْعَ قَبْلَ الْهَلَاكِ يَكُونُ الثَّمَنُ مَمْلُوكًا لَهُ حَتَّى لَوْ ضَاعَ قَبْلَ الْإِجَازَةِ، أَوْ بَعْدَهَا لَا يَضْمَنُهُ الْفُضُولِيُّ؛ لِأَنَّ الْإِجَازَةَ اللَّاحِقَةَ كَالْوَكَالَةِ السَّابِقَةِ ذَكَرَهُ فِي شَرْحِ الْمَجْمَعِ. الزِّيَادَةُ الْمُنْفَصِلَةُ غَيْرُ الْمُتَوَلِّدَةِ مِنْ الْأَصْلِ لَا تَمْنَعُ الرَّدَّ بِالْعَيْبِ كَالْكَسْبِ وَالْغَلَّةِ وَتُسَلَّمُ لِلْمُشْتَرِي وَلَا يَضُرُّ حُصُولُهَا لَهُ مَجَّانًا؛ لِأَنَّهَا لَمْ تَكُنْ جُزْءًا مِنْ الْمَبِيعِ فَلَمْ يَمْلِكْهَا بِالثَّمَنِ وَإِنَّمَا مَلَكَهَا بِالضَّمَانِ؛ لِأَنَّهُ قَبْلَ الرَّدِّ كَانَ فِي ضَمَانِهِ، وَلَوْ هَلَكَ هَلَكَ مِنْ مَالِهِ وَبِمِثْلِهِ بِطَيِّبِ الرِّبْحِ لِحَدِيثِ الْخَرَاج بِالضَّمَانِ مِنْ قَاضِي خَانْ. اشْتَرَى شَاةً عَلَى أَنَّهَا لَبُونٌ فَحَلَبَهَا مَرَّةً بَعْدَ مَرَّةٍ فَتَبَيَّنَ لَهُ بِنُقْصَانِ لَبَنِهَا أَنَّهَا مُصَرَّاةٌ رَجَعَ بِالنُّقْصَانِ وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَرُدَّهَا مَعَ اللَّبَنِ وَلَا بِدُونِ اللَّبَنِ. اشْتَرَى قُدُومًا فَأَدْخَلَهُ النَّارَ ثُمَّ وَجَدَ بِهِ عَيْبًا لَا يَرُدُّ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 224 وَيَرْجِعُ بِالنُّقْصَانِ، وَفِي الذَّهَبِ لَوْ أَدْخَلَهُ النَّارَ رَدَّهُ. وَلَوْ اشْتَرَى مِنْشَارًا وَحَدَّدَهُ ثُمَّ وَجَدَ بِهِ عَيْبًا لَا يَرُدُّهُ. اشْتَرَى شَجَرَةً لِيَتَّخِذَ مِنْهَا بَابًا، أَوْ نَحْوَ ذَلِكَ فَقَطَعَهَا فَوَجَدَهَا لَا تَصْلُحُ لِمَا اشْتَرَاهَا لَهُ فَإِنَّهُ يَرْجِعُ بِنُقْصَانِ الْعَيْبِ إلَّا أَنْ يَأْخُذَهَا الْبَائِعُ مَقْطُوعَةً وَيَرُدُّ الثَّمَنَ. رَجُلٌ اشْتَرَى عَبْدًا بِجَارِيَةٍ وَتَقَابَضَا فَوَطِئَ الْمُشْتَرِي الْجَارِيَةَ ثُمَّ رَأَى مُشْتَرِي الْعَبْدِ بِهِ عَيْبًا وَلَمْ يَرْضَ فَهُوَ بِالْخِيَارِ إنْ شَاءَ ضَمَّنَ مُشْتَرِي الْجَارِيَةِ قِيمَةَ الْجَارِيَةِ يَوْمَ قَبْضِهَا، وَإِنْ شَاءَ أَخَذَ الْجَارِيَةَ وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَضْمَنَ النُّقْصَانَ إنْ كَانَتْ بِكْرًا وَلَا الْعُقْرَ إنْ كَانَتْ ثَيِّبًا؛ لِأَنَّ الْوَطْءَ حَصَلَ عَلَى مِلْكِهِ. رَجُلَانِ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا بَعِيرٌ تَبَايَعَا وَتَقَابَضَا ثُمَّ وَجَدَ أَحَدُهُمَا فِي الْبَعِيرِ الَّذِي اشْتَرَاهُ عَيْبًا ثُمَّ مَاتَ فِي يَدِهِ وَقَدْ مَرِضَ الْبَعِيرُ الْآخَرُ فَلَهُ الْخِيَارُ إنْ شَاءَ رَجَعَ بِحِصَّةِ الْعَيْبِ مِنْ الْبَعِيرِ الْآخَرِ، وَإِنْ شَاءَ رَجَعَ بِحِصَّةِ الْمَبِيعِ مِنْ قِيمَةِ الْبَعِيرِ الْآخَرِ صَحِيحًا وَإِنَّمَا يُخَيَّرُ لِمَرَضِ الْبَعِيرِ. بَيَّاعٌ عِنْدَهُ بَضَائِعُ لِلنَّاسِ أَمَرُوهُ بِبَيْعِهَا فَبَاعَهَا مِنْ رَجُلٍ بِثَمَنٍ مُسَمًّى وَسَلَّمَهَا إلَيْهِ ثُمَّ عَجَّلَ الثَّمَنَ مِنْ مَالِهِ إلَى أَصْحَابِهَا عَلَى أَنْ يَصْرِفَ أَثْمَانَهَا إلَى نَفْسِهَا إذَا قَبَضَهَا فَأَفْلَسَ الْمُشْتَرِي قَبْلَ قَبْضِ الثَّمَنِ وَنَوَى مَا عَلَيْهِ فَلِلْبَائِعِ أَنْ يَسْتَرِدَّ مَا دَفَعَ إلَى أَصْحَابِ الْبَضَائِعِ؛ لِأَنَّهُ أَعْطَى بِشَرْطِ الرُّجُوعِ. رَجُلٌ بَعَثَ أَغْنَامًا إلَى بَيَّاعٍ لِيَبِيعَهَا فَبَاعَهَا فِي الْحَظِيرَةِ مِنْ رَجُلٍ وَمَاتَ الْبَيَّاعُ وَتَرَكَ وَارِثًا فَلِصَاحِبِ الْأَغْنَامِ أَنْ يُطَالِبَ وَارِثَ الْبَيَّاعِ مَا لَمْ يَثْبُتْ قَبْضُ الْبَيَّاعِ الثَّمَنَ؛ لِأَنَّهُ مَا لَمْ يَثْبُتْ لَا يَصِيرُ مَحَلًّا لِلْوَدِيعَةِ فَلَا يَصِيرُ الثَّمَنُ دَيْنًا فِي تَرِكَتِهِ وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يُطَالِبَ الْمُشْتَرِيَ إلَّا بِأَمْرِ وَصِيِّ الْبَيَّاعِ؛ لِأَنَّ الْبَيَّاعَ كَانَ وَكِيلًا بِالْبَيْعِ وَالْوَكِيلُ بِالْبَيْعِ إذَا مَاتَ يَنْتَقِلُ حَقُّ قَبْضِ الثَّمَنِ إلَى وَصِيِّهِ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ وَصِيٌّ يُرْفَعُ الْأَمْرُ إلَى الْقَاضِي حَتَّى يُنَصِّبَ الْقَاضِي لَهُ وَصِيًّا وَلَا يَكُونُ حَقُّ الْقَبْضِ لِلْمُوَكِّلِ، مِنْ الْخُلَاصَةِ. رَجُلٌ بَاعَ أَرْضًا عَلَى أَنَّهُ بِالْخِيَارِ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ وَتَقَابَضَا ثُمَّ إنَّ الْبَائِعَ نَقَضَ الْبَيْعَ فِي الْأَيَّامِ الثَّلَاثَةِ تَبْقَى الْأَرْضُ مَضْمُونَةً بِالْقِيمَةِ عَلَى الْمُشْتَرِي وَكَانَ لِلْمُشْتَرِي أَنْ يَحْبِسَهَا لِاسْتِيفَاءِ الثَّمَنِ الَّذِي دَفَعَ إلَى الْبَائِعِ فَإِنْ أَذِنَ الْبَائِعُ بَعْدَ ذَلِكَ لِلْمُشْتَرِي فِي زِرَاعَةِ هَذِهِ الْأَرْضِ سَنَةً فَزَرَعَهَا تَصِيرُ الْأَرْضُ أَمَانَةً عِنْدَ الْمُشْتَرِي وَكَانَ لِلْبَائِعِ أَنْ يَأْخُذَهَا مِنْ الْمُشْتَرِي إنْ شَاءَ قَبْلَ مَا يُؤَدِّي مَا عَلَيْهِ مِنْ الثَّمَنِ وَلَا يَكُونُ لِلْمُشْتَرِي حَبْسُهَا لِاسْتِيفَاءِ الثَّمَنِ؛ لِأَنَّهُ لَمَّا زَرَعَهَا بِإِذْنِ الْبَائِعِ صَارَ كَأَنَّهُ سَلَّمَهَا إلَى الْبَائِعِ. رَجُلٌ اشْتَرَى عَبْدًا فَأَبَقَ مِنْ يَدِهِ وَقَدْ كَانَ أَبَقَ عِنْدَ الْبَائِعِ لَا يَكُونُ لَهُ أَنْ يَرْجِعَ بِنُقْصَانِ الْعَيْبِ مَا دَامَ الْعَبْدُ حَيًّا أَيْضًا فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ، وَكَذَا لَوْ اشْتَرَى دَابَّةً ثُمَّ سُرِقَتْ ثُمَّ عَلِمَ بِعَيْبٍ لَا يَرْجِعُ بِنُقْصَانِ الْعَيْبِ. رَجُلٌ اشْتَرَى عَبْدًا كَانَ مَحْمُومًا عِنْدَ الْبَائِعِ تَأْخُذُهُ الْحُمَّى كُلَّ يَوْمٍ، أَوْ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ وَلَمْ يَعْلَمْ بِهِ الْمُشْتَرِي فَأَطْبَقَ عَلَيْهِ عِنْدَ الْمُشْتَرِي ذُكِرَ فِي الْمُنْتَقَى أَنَّ لِلْمُشْتَرِي أَنْ يَرُدَّ، وَلَوْ أَنَّهُ صَارَ صَاحِبَ فِرَاشٍ بِذَلِكَ عِنْدَ الْمُشْتَرِي فَهَذَا عَيْبٌ آخَرُ غَيْرَ الْحُمَّى فَيَرْجِعُ بِالنُّقْصَانِ وَلَا يَرُدُّ مِنْ قَاضِي خَانْ. وَجَدَ الْمُشْتَرِي الثَّانِي بِالْمَبِيعِ عَيْبًا وَقَدْ تَعَذَّرَ الرَّدُّ بِعَيْبٍ حَدَثَ عِنْدَهُ وَرَجَعَ عَلَى بَائِعِهِ بِنُقْصَانِ الْعَيْبِ لَيْسَ لِبَائِعِهِ أَنْ يَرْجِعَ بِالنُّقْصَانِ عَلَى الْبَائِعِ الْأَوَّلِ فِي قَوْلِ الْإِمَامِ خِلَافًا لَهُمَا كَمَا فِي الْمُشْتَمِلِ عَنْ الْبَزَّازِيَّةِ. وَلَوْ بَاعَ نِصْفَ عَبْدِهِ مِنْهُ بِجَارِيَةٍ مُعَيَّنَةٍ فَهَلَكَتْ قَبْلَ الْقَبْضِ قَالَ مُحَمَّدٌ يَرْجِعُ عَلَيْهِ بِقِيمَتِهَا وَقَالَا الجزء: 1 ¦ الصفحة: 225 بِقِيمَتِهِ. وَلَوْ وَطِئَ الْبَائِعُ أَمَتَهُ الْمَبِيعَةَ قَبْلَ التَّسْلِيمِ فَالثَّمَنُ كَامِلٌ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ، وَإِنْ لَمْ يُنْقِصْهَا الْوَطْءُ بِأَنْ كَانَتْ ثَيِّبًا وَقَالَا يَجِبُ الْعُقْرُ فَتَسْقُطُ حِصَّتُهُ مِنْ الثَّمَنِ مَثَلًا إنْ كَانَتْ قِيمَتُهَا أَلْفًا وَعُقْرُهَا مِائَةً يُقَسَّمُ الثَّمَنُ عَلَى أَحَدَ عَشْرَ سَهْمًا فَيَسْقُطُ سَهْمٌ وَاحِدٌ مِنْ الثَّمَنِ، وَإِنْ نَقَصَهَا الْوَطْءُ بِأَنْ كَانَتْ بِكْرًا فَالثَّمَنُ مَقْسُومٌ عَلَى النُّقْصَانِ وَعَلَى قِيمَتِهَا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ فَيَسْقُطُ مَا أَصَابَ النُّقْصَانُ وَقَالَا يَنْظُرُ إلَى الْعُقْرِ وَإِلَى نُقْصَانِ زَوَالِ الْبَكَارَةِ فَأَيُّهُمَا كَانَ أَكْثَرُ يَجِبُ ذَلِكَ وَيَدْخُلُ الْأَقَلُّ فِيهِ ثُمَّ يُقَسَّمُ الثَّمَنُ عَلَى الْأَكْثَرِ وَعَلَى قِيمَةِ الْجَارِيَةِ نَاقِصَةً فَمَا أَصَابَ الْأَكْثَرُ سَقَطَ عَنْ الْمُشْتَرِي وَيَجِبُ الْبَاقِي، مِنْ الْمَجْمَعِ. وَمَنْ اشْتَرَى عَبْدًا فَإِذَا هُوَ حُرٌّ وَقَدْ قَالَ الْعَبْدُ لِلْمُشْتَرِي اشْتَرِنِي فَإِنِّي عَبْدٌ فَإِنْ كَانَ الْبَائِعُ حَاضِرًا، أَوْ غَائِبًا غَيْبَةً مَعْرُوفَةً لَمْ يَكُنْ عَلَى الْعَبْدِ شَيْءٌ، وَإِنْ كَانَ الْبَائِعُ لَا يَدْرِي أَيْنَ هُوَ رَجَعَ الْمُشْتَرِي عَلَى الْعَبْدِ وَرَجَعَ الْعَبْدُ عَلَى الْبَائِعِ، مِنْ الْهِدَايَةِ، وَفِي شَرْحِ الْمَجْمَعِ قُيِّدَ بِالْأَمْرِ وَالْإِقْرَارِ؛ لِأَنَّهُ لَوْ أَمَرَ بِالشِّرَاءِ وَلَمْ يُقِرَّ، أَوْ أَقَرَّ وَلَمْ يَأْمُرْ لَمْ يَرْجِعْ الْمُشْتَرِي عَلَى الْعَبْدِ اتِّفَاقًا انْتَهَى. كُلُّ مَبِيعٍ بَيْعًا فَاسِدًا إذَا رَدَّهُ الْمُشْتَرِي عَلَى الْبَائِعِ بِهِبَةٍ، أَوْ صَدَقَةٍ، أَوْ بَيْعٍ، أَوْ بِوَجْهٍ مِنْ الْوُجُوهِ كَالْوَدِيعَةِ وَالْإِعَارَةِ وَالْإِجَارَةِ وَالْغَصْبِ وَوَقَعَ فِي يَدِ الْبَائِعِ فَهُوَ مُتَارَكَةٌ لِلْبَيْعِ وَبَرِئَ الْمُشْتَرِي مِنْ ضَمَانِهِ. وَفِي الْجَامِعِ الصَّغِيرِ عَنْ الْكَرْخِيِّ قَالَ أَبُو يُوسُفَ إذَا أَوْدَعَهُ الْبَائِعُ بَيْعًا فَاسِدًا، أَوْ أَعَارَهُ أَوْ رَهَنَهُ، أَوْ أَجَّرَهُ إيَّاهُ، أَوْ غَصَبَهُ الْبَائِعُ، أَوْ اشْتَرَى بِعِوَضٍ فَهَذَا كُلُّهُ بَاطِلٌ وَقَدْ انْتَقَضَتْ الْعُقْدَةُ الْأُولَى وَبَرِئَ الْمُشْتَرِي مِنْ ضَمَانِهِ وَهُوَ بِمَنْزِلَةِ رَدِّهِ عَلَيْهِ. اشْتَرَى مَكِيلًا مُكَايَلَةً وَكَالَهُ لِنَفْسِهِ فَزَادَ زِيَادَةً يَجِبُ رَدُّهَا فَعَزَلَهَا جَازَ لَهُ التَّصَرُّفُ فِي الْبَاقِي، وَلَوْ هَلَكَتْ يَنْبَغِي أَنْ يَضْمَنَ كَالْمَقْبُوضِ عَلَى سَوْمِ الشِّرَاءِ. اشْتَرَى حِنْطَةً عَلَى أَنَّهَا رَبِيعِيَّةٌ لِلْبَذْرِ فَزَرَعَهَا وَنَبَتَتْ فَبَانَ أَنَّهَا خَرِيفِيَّةٌ وَفَاتَ مِنْهُ فَائِدَةُ الْأَرْضِ فَلَيْسَ لَهُ إلَّا تَفَاوُتَ مَا بَيْنَ الرَّبِيعِيِّ وَالْخَرِيفِيِّ فِي الْقِيمَةِ وَقْتَ الْبَذْرِ قَالَ عَيْنُ الْأَئِمَّةِ الْكَرَابِيسِيِّ الْجَوَابُ فِيهِ كَمَا فِيمَا إذَا اسْتَوْفَى دَيْنَهُ دَرَاهِمَ فَأَنْقَصَهَا ثُمَّ عَلِمَ زِيَادَتَهَا لَمْ يَرْجِعْ بِشَيْءٍ عِنْدَهُمَا وَعِنْدَ أَبِي يُوسُفَ يَرُدُّ مِثْلَ الزُّيُوفِ وَيَرْجِعُ بِالْخِيَارِ كَذَا هَذَا. اشْتَرَى زَيْدٌ بِنَجِيَّاتٍ بِبُخَارَى عَلَى أَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهَا سِتَّةَ عَشَرَ ذِرَاعًا فَبَلَغَهَا بَغْدَادَ فَإِذَا هُوَ عِشْرُونَ فَرَجَعَ بِهَا لِيَرُدَّهَا وَهَلَكَتْ فِي الطَّرِيقِ لَا يَرْجِعُ بِالنُّقْصَانِ وَقَالَ الْفَقِيهُ أَبُو جَعْفَرٍ يَرْجِعُ بِنُقْصَانِ الذَّرْعِ، وَفِي بَعْضِ الْفَتَاوَى يَرْجِعُ بِنُقْصَانِ الْقِيمَةِ. وَفِي الْمُحِيطِ هَذَا ظَاهِرُ الْمَذْهَبِ وَرَوَى الْحَسَنُ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ أَنَّهُ لَا يَرْجِعُ. وَالْمُشْتَرِي فِي خِيَارِ الشَّرْطِ لِلْمُشْتَرِي بَعْدَ الْفَسْخِ مَضْمُونٌ عَلَيْهِ بِالثَّمَنِ كَالرَّهْنِ، وَفِي خِيَارِ الْبَائِعِ بَعْدَ الْفَسْخِ مَضْمُونٌ عَلَيْهِ بِالْقِيمَةِ وَالرَّدُّ بِخِيَارِ الرُّؤْيَةِ وَالْعَيْبِ بِقَضَاءِ نَظِيرِ الرَّدِّ بِخِيَارِ الشَّرْطِ لِلْمُشْتَرِي. اشْتَرَى سَمَكَةً فَوَجَدَهَا مَعِيبَةً وَغَابَ الْبَائِعُ، وَلَوْ انْتَظَرَ حُضُورَهُ تَفْسُدُ فَشَوَاهَا، أَوْ بَاعَهَا لَيْسَ لَهُ أَنْ يَرْجِعَ بِنُقْصَانِ الْعَيْبِ وَلَا سَبِيلَ لَهُ فِي دَفْعِ هَذَا الضَّرَرِ وَظَهِيرُ الدِّينِ الْمَرْغِينَانِيُّ سُئِلَ عَنْ مِثْلِهَا فِي الْمِشْمِشِ فَقَالَ: لَا يَرْجِعُ فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ. اشْتَرَى دَارًا جِدَارُهَا مَائِلٌ وَلَمْ يَعْلَمْ بِهِ حَتَّى سَقَطَ يَرْجِعُ بِنُقْصَانِ الْعَيْبِ. وَلَوْ كَانَ فَيْلَقًا فَجَعَلَهُ إبْرَيْسَمًا أَوْ غَزْلًا فَنَسَجَهُ ثُمَّ ظَهَرَ أَنَّهُ كَانَ رَطْبًا وَانْتَقَصَ وَزْنُهُ رَجَعَ بِنُقْصَانِ الْعَيْبِ بِخِلَافِ مَا إذَا اشْتَرَى الجزء: 1 ¦ الصفحة: 226 مِنْهُ دُخْنًا لِلْبَذْرِ وَقَالَ ازْرَعْهُ فَإِنْ لَمْ يَنْبُتْ فَأَنَا ضَامِنٌ لِهَذَا الْبَذْرِ فَزَرَعَ وَلَمْ يَنْبُتْ فَعَلَيْهِ ضَمَانُ النُّقْصَانِ لَا غَيْرُ. اشْتَرَى مِنْهُ فَرَسًا بِهِ قُرْحَةٌ فَقَالَ لِلْمُشْتَرِي: لَا تَخَفْ مِنْهَا فَإِنْ هَلَكَ بِسَبَبِهَا فَأَنَا ضَامِنٌ فَأَخَذَهُ وَهَلَكَ بِسَبَبِهَا لَا شَيْءَ عَلَيْهِ. اشْتَرَى أَرْضًا وَغَرَسَ فِيهَا أَشْجَارًا وَكَرْمًا ثُمَّ اُسْتُحِقَّتْ تُقَوَّمُ الْأَشْجَارُ عَلَى الْبَائِعِ غَيْرَ مَقْلُوعَةٍ، وَعَنْ شَمْسِ الْأَئِمَّةِ الْكَرَابِيسِيِّ يَرْجِعُ عَلَيْهِ بِمَا أَنْفَقَ فِيهَا وَمَا لَحِقَهُ مِنْ النُّقْصَانِ وَالْمُؤَنِ. اشْتَرَى بَقَرَةً وَتَقَابَضَا ثُمَّ تَقَايَلَا وَالْبَقَرَةُ فِي يَدِ الْمُشْتَرِي بَعْدُ يَحْلِبُهَا وَيَأْكُلُ لَبَنَهَا فَلِلْبَائِعِ أَنْ يَطْلُبَ مِنْهُ مِثْلَ اللَّبَنِ، وَلَوْ هَلَكَتْ فِي يَدِ الْمُشْتَرِي تَبْطُلُ الْإِقَالَةُ وَلَا يَسْقُطُ ضَمَانُ اللَّبَنِ عَنْ الْمُشْتَرِي لِظُهُورِ الْإِقَالَةِ فِي حَقِّ الْقَائِمِ دُونَ الْهَالِكِ، مِنْ الْقُنْيَةِ. وَفِي مُشْتَمِلِ الْهِدَايَةِ، وَلَوْ اشْتَرَى شَيْئًا فَمَكَثَ عِنْدَهُ سَنَةً ثُمَّ بَرْهَنَ آخَرُ أَنَّ الشَّيْءَ لَهُ فَإِنَّهُ لَا يَرْجِعُ عَلَى بَائِعِهِ بِثَمَنِهِ، وَلَوْ اشْتَرَى ثَوْبًا فَخَاطَهُ قَمِيصًا فَبَرْهَنَ الْمُسْتَحِقُّ أَنَّ الْقَمِيصَ لَهُ فَالْمُشْتَرِي لَا يَرْجِعُ عَلَى بَائِعِهِ بِثَمَنِهِ إذْ الْمَبِيعُ لَمْ يُسْتَحَقَّ كَمَا بِيعَ، وَفِيهِ، مِنْ الْبَزَّازِيَّةِ الِاسْتِحْقَاقُ نَوْعَانِ اسْتِحْقَاقٌ مُبْطِلٌ كَدَعْوَاهُ الْحُرِّيَّةَ وَالْعِتْقَ مِنْ الْبَائِعِ وَثُبُوتُهُ يُوَرِّثُ فَسْخَ الْبِيَاعَاتِ فِي كُلِّ الرِّوَايَاتِ. وَنَافِلٌ كَدَعْوَاهُ أَنَّهُ مِلْكُهُ وَأَنَّهُ لَا يُوجِبُ فَسْخَ الْبِيَاعَاتِ فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ، وَكَذَا يَخْتَلِفُ الْمُبْطِلُ مَعَ النَّافِلِ فِي الرُّجُوعِ فَإِنَّهُ فِي الْمُبْطِلِ الْبَاعَةُ تَرْجِعُ بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ قَبْلَ رُجُوعِ الْأَوَّلِ عَلَى الثَّانِي وَالثَّانِي عَلَى الثَّالِثِ وَكَذَلِكَ يَرْجِعُ عَلَى الْكَفِيلِ فَإِنْ لَمْ يَقْضِ فَعَلَى الْمَكْفُولِ عَنْهُ، وَفِي النَّافِلِ لَا يَرْجِعُ الْبَاعَةُ بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ قَبْلَ رُجُوعِ الْمُشْتَرِي عَلَى الْبَائِعِ. وَلَوْ اشْتَرَى دَارًا وَتَقَابَضَا ثُمَّ بَاعَهَا مِنْ رَجُلٍ ثُمَّ اشْتَرَاهَا مِنْ آخَرَ عِنْدَ الِاسْتِحْقَاقِ يَرْجِعُ الْمُشْتَرِي بِالثَّمَنِ الْأَوَّلِ، وَالْمُخْتَارُ أَنَّهُ يَرْجِعُ هُوَ عَلَى بَائِعِهِ وَبَائِعُهُ عَلَى بَائِعِهِ عَلَى التَّرْتِيبِ. وَفِيهِ عَنْ شَرْحِ الزِّيَادَاتِ إذَا بَاعَ رَجُلٌ فَرَسًا، أَوْ غَيْرَهُ مِنْ الْحَيَوَانَاتِ فَقَالَ: هُوَ مِلْكِي فَوَلَدَتْ عِنْدَ الْمُشْتَرِي ثُمَّ اُسْتُحِقَّتْ فَالْمُسْتَحِقُّ يَأْخُذُ الْمَبِيعَ مَعَ أَوْلَادِهِ وَالْمُشْتَرِي يَرْجِعُ عَلَى الْبَائِعِ بِالثَّمَنِ وَبِقِيمَةِ الْأَوْلَادِ؛ لِأَنَّهُ مَغْرُورٌ مِنْ جِهَةِ الْبَائِعِ فَتَرْجِعُ الْعُهْدَةُ إلَيْهِ. وَفِيهِ عَنْ الْعِمَادِيَّةِ لَوْ رَآهُ سَجَّلَ الِاسْتِحْقَاقَ فَأَقَرَّ بِالِاسْتِحْقَاقِ وَقَبِلَ السَّجْلَ وَوَعَدَ أَنْ يَدْفَعَ ثَمَنَهُ يُجْبَرَ عَلَيْهِ، وَلَوْ لَمْ يُقِرَّ بِالِاسْتِحْقَاقِ وَلَكِنَّهُ وَعَدَ أَنْ يَدْفَعَ ثَمَنَهُ لَا يُجْبَرُ عَلَيْهِ وَبِمُجَرَّدِ الْوَعْدِ لَا يُلْزَمُ بِشَيْءِ انْتَهَى. وَمَنْ أَسْلَمَ فِي كُرِّ حِنْطَةٍ فَأَمَرَ رَبَّ السَّلَمِ أَنْ يَكِيلَ الْمُسَلَّمَ إلَيْهِ فِي غَرَائِرِ رَبِّ السَّلَمِ فَفَعَلَ وَهُوَ غَائِبٌ لَمْ يَكُنْ قَابِضًا، وَلَوْ كَانَتْ الْحِنْطَةُ مُشْتَرَاةً وَالْمَسْأَلَةُ بِحَالِهَا صَارَ قَابِضًا، وَلَوْ أَمَرَ بِالطَّحْنِ كَانَ الطَّحْنُ فِي السَّلَمِ لِلْمُسَلَّمِ إلَيْهِ، وَفِي الشِّرَاءِ لِلْمُشْتَرِي، وَكَذَا إذَا أَمَرَهُ أَنْ يَصُبَّهُ فِي الْبَحْرِ فِي السَّلَمِ يَهْلِكُ مِنْ مَالِ الْمُسَلَّمِ إلَيْهِ، وَفِي الشِّرَاءِ مِنْ مَالِ الْمُشْتَرِي وَيَتَقَرَّرُ الثَّمَنُ عَلَيْهِ، وَلَوْ أَمَرَهُ فِي الشِّرَاءِ بِأَنْ يَكِيلَهُ فِي غَرَائِرِ الْبَائِعِ لَا يَصِيرُ قَابِضًا كَمَا لَوْ أَمَرَهُ بِأَنْ يَكِيلَهُ وَيَعْزِلَهُ فِي نَاحِيَةِ بَيْتِ الْبَائِعِ فَإِنَّهُ لَا يَصِيرُ قَابِضًا. وَمَنْ قَالَ لِغَيْرِهِ: بِعْ عَبْدَك مِنْ فُلَانٍ بِأَلْفِ دِرْهَمٍ عَلَى أَنِّي ضَامِنٌ لَك خَمْسَمِائَةٍ مِنْ الثَّمَنِ سِوَى الْأَلْفِ فَفَعَلَ فَهُوَ جَائِزٌ، وَيَأْخُذُ الْأَلْفَ مِنْ الْمُشْتَرِي وَالْخَمْسَمِائَةِ مِنْ الضَّامِنِ، وَإِنْ كَانَ لَمْ يَقْبَلْ مِنْ الثَّمَنِ جَازَ الْبَيْعُ بِالْأَلْفِ وَلَا شَيْءَ عَلَى الضَّمِينِ. وَمَنْ اشْتَرَى جَارِيَةً وَلَمْ يَقْبِضْهَا حَتَّى زَوَّجَهَا فَوَطِئَهَا الزَّوْجُ فَالنِّكَاحُ جَائِزٌ وَهَذَا قَبْضٌ، وَإِنْ لَمْ يَطَأْهَا فَلَيْسَ بِقَبْضٍ. وَمَنْ دَفَعَ إلَى صَائِغٍ دِرْهَمًا وَأَمَرَهُ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 227 أَنْ يَزِيدَ مِنْ عِنْدِهِ دِينَارًا يَصِيرُ قَابِضًا، مِنْ الْهِدَايَةِ. وَفِيهَا أَيْضًا وَمَنْ أَسْلَمَ جَارِيَةً فِي كُرِّ حِنْطَةٍ وَقَبَضَهَا الْمُسَلَّمُ إلَيْهِ ثُمَّ تَقَايَلَا السَّلَمَ كَانَ عَلَيْهِ قِيمَتُهَا. وَلَوْ اشْتَرَى جَارِيَةً بِأَلْفٍ ثُمَّ تَقَايَلَا فَمَاتَتْ فِي يَدِ الْمُشْتَرِي بَطَلَتْ الْإِقَالَةُ، وَكَذَا لَوْ تَقَايَلَا بَعْدَ مَوْتِهَا انْتَهَى. رَجُلٌ اشْتَرَى ثَوْبًا لِنَفْسِهِ ثُمَّ قَطَعَهُ قَمِيصًا وَنَوَى عِنْدَ الْقَطْعِ لِابْنِهِ الصَّغِيرِ ثُمَّ وَجَدَ بِهِ عَيْبًا لَا يَرُدُّ وَلَا يَرْجِعُ عَلَيْهِ بِالنُّقْصَانِ، وَلَوْ نَوَى الْقَطْعَ لِابْنِهِ الْبَالِغِ لَا تَتِمُّ بِدُونِ الْقَبْضِ. وَلَوْ اشْتَرَى دَقِيقًا فَخَبَزَ بَعْضَهُ ثُمَّ عَلِمَ أَنَّهُ كَانَ مُرًّا كَانَ لَهُ أَنْ يَرُدَّ الْبَاقِيَ وَيَرْجِعَ بِنُقْصَانِ مَا خَبَزَ. وَلَوْ اشْتَرَى سَمْنًا ذَائِبًا وَأَكَلَهُ ثُمَّ أَقَرَّ الْبَائِعُ أَنَّهُ كَانَ وَقَعَ فِيهِ فَأْرَةٌ وَمَاتَتْ كَانَ لَهُ أَنْ يَرْجِعَ بِنُقْصَانِ الْعَيْبِ فِي الْفَتْوَى وَهُوَ قَوْلُ أَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ. وَلَوْ اشْتَرَى جُبَّةً فَلَبِسَهَا وَانْتَقَصَتْ بِاللُّبْسِ ثُمَّ عَلِمَ فِيهَا عَيْبًا فَإِنَّهُ يَرْجِعُ بِنُقْصَانِ الْعَيْبِ إلَّا أَنْ يَأْخُذَهَا الْبَائِعُ وَيَرْضَى بِنُقْصَانِ اللُّبْسِ. وَلَوْ اشْتَرَى أَرْضًا فَجَعَلَهَا مَسْجِدًا ثُمَّ وَجَدَ بِهَا عَيْبًا فَإِنَّهُ لَا يَرُدُّ فِي قَوْلِهِمْ وَاخْتَلَفُوا فِي الرُّجُوعِ بِنُقْصَانِ الْعَيْبِ وَالْمُخْتَارُ لِلْفَتْوَى أَنَّهُ يَرْجِعُ كَمَا لَوْ اشْتَرَى أَرْضًا وَوَقَفَهَا ثُمَّ عَلِمَ بِعَيْبٍ، ذَكَرَ هِلَالٌ أَنَّهُ يَرْجِعُ بِنُقْصَانِ الْعَيْبِ. رَجُلٌ اشْتَرَى عَبْدًا فَضَمِنَ رَجُلٌ لِلْمُشْتَرِي بِحِصَّةِ مَا يَحْدُثُ فِيهِ مِنْ الْعَيْبِ مِنْ الثَّمَنِ قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَأَبُو يُوسُفَ: يَجُوزُ ذَلِكَ فَإِذَا وَجَدَ بِهِ عَيْبًا فَرَدَّهُ عَلَى الْبَائِعِ كَانَ لَهُ الرُّجُوعُ عَلَى الضَّامِنِ بِحِصَّةِ الْعَيْبِ مِنْ الثَّمَنِ كَمَا يَرْجِعُ عَلَى الْبَائِعِ. وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ، إذَا اشْتَرَى رَجُلٌ عَبْدًا فَقَالَ لَهُ رَجُلٌ: ضَمِنْت لَك عَمَاهُ فَكَانَ أَعْمَى فَرَدَّهُ عَلَى الْبَائِعِ فَإِنَّهُ لَا يَرْجِعُ عَلَى الضَّامِنِ بِشَيْءٍ مِنْ الثَّمَنِ، وَلَوْ قَالَ الضَّامِنُ: إنْ كَانَ أَعْمَى فَعَلَيَّ حِصَّةِ الْعَمَى مِنْ الثَّمَنِ فَرَدَّهُ بِالْعَمَى كَانَ لَهُ أَنْ يُضَمِّنَهُ حِصَّةَ الْعَمَى. وَلَوْ اشْتَرَى عَبْدًا فَوَجَدَ بِهِ عَيْبًا فَقَالَ لَهُ: قَدْ ضَمِنْت لَك الْعَيْبَ لَا يَلْزَمُهُ شَيْءٌ. وَلَوْ اشْتَرَى عَبْدًا فَقَبَضَهُ فَوَهَبَهُ مِنْ آخَرَ، أَوْ تَصَدَّقَ بِهِ عَلَى رَجُلٍ ثُمَّ جَاءَ رَجُلٌ وَاسْتَحَقَّهُ مِنْ يَدِ الْمَوْهُوبِ لَهُ، أَوْ مِنْ يَدِ الْمُتَصَدِّقِ عَلَيْهِ كَانَ لِلْمُشْتَرِي أَنْ يَرْجِعَ بِالثَّمَنِ عَلَى بَائِعِهِ. رَجُلٌ اشْتَرَى دَارًا وَقَبَضَهَا ثُمَّ جَاءَ رَجُلٌ فَاسْتَحَقَّ نِصْفَهَا ثُمَّ إنَّ الْمُشْتَرِيَ أَقَامَ الْبَيِّنَةَ أَنَّهُ اشْتَرَاهَا مِنْ الْمُسْتَحِقِّ وَلَمْ يُوَقِّتْ لِذَلِكَ وَقْتًا قَالَ مُحَمَّدٌ: لَا يَرْجِعُ الْمُشْتَرِي عَلَى الْبَائِعِ بِشَيْءٍ مِنْ الثَّمَنِ إنَّمَا هُوَ رَجُلٌ اشْتَرَى دَارًا فَادَّعَاهَا آخَرُ فَاشْتَرَاهَا الْمُشْتَرِي مِنْ الْمُدَّعِي أَيْضًا، فَإِنَّهُ لَا يَرْجِعُ عَلَى الْبَائِعِ بِشَيْءٍ، وَلَوْ أَقَامَ الْمُشْتَرِي الْبَيِّنَةَ عَلَى أَنَّهُ اشْتَرَاهَا مِنْ الْمُدَّعِي بَعْدَ اسْتِحْقَاقِهَا النِّصْفَ قُبِلَتْ بَيِّنَتُهُ وَكَانَ لَهُ الرُّجُوعُ عَلَى الْبَائِعِ بِنِصْفِ الثَّمَنِ. رَجُلٌ اشْتَرَى دَارًا وَبَنَى فِيهَا ثُمَّ جَاءَ رَجُلٌ وَاسْتَحَقَّهَا فَإِنَّ الْمُشْتَرِيَ يَرْجِعُ عَلَى الْبَائِعِ بِالثَّمَنِ وَيُسَلِّمُ الْبِنَاءَ إلَى الْبَائِعِ وَيَرْجِعُ بِقِيمَةِ الْبِنَاءِ مَبْنِيًّا يَوْمَ سَلَّمَ الْبِنَاءَ إلَى الْبَائِعِ فَإِنْ كَانَ الْمُشْتَرِي بَنَى بِالْجِصِّ وَالْآجُرِّ وَالسَّاجِ وَالْقَصَبِ فَإِنَّهُ يَرْجِعُ بِقِيمَةِ الْبِنَاءِ عَلَى الْبَائِعِ يَوْمَ سَلَّمَ إلَى الْبَائِعِ، وَإِنْ كَانَ الْمُشْتَرِي أَنْفَقَ فِي الْبِنَاءِ عَشَرَةَ آلَافِ دِرْهَمٍ وَسَكَنَ فِيهَا زَمَانًا حَتَّى خَلِقَ الْبِنَاءُ، أَوْ تَغَيَّرَ أَوْ تَهَدَّمَ بَعْضُهُ ثُمَّ اُسْتُحِقَّتْ الدَّارُ لَمْ يَكُنْ لِلْمُشْتَرِي أَنْ يَرْجِعَ عَلَى الْبَائِعِ إلَّا بِقِيمَةِ الْبِنَاءِ يَوْمَ تَسْلِيمِ الْبِنَاءِ إلَى الْبَائِعِ، وَإِنْ كَانَ الْمُشْتَرِي أَنْفَقَ فِي الْبِنَاءِ عَشْرَةَ آلَافِ دِرْهَمٍ عَلَى الْجِصِّ وَالْآجُرِّ وَالسَّاجِ ثُمَّ اُسْتُحِقَّتْ الدَّارُ وَمِثْلُ ذَلِكَ يَوْمَ الِاسْتِحْقَاقِ لَا يُوجَدُ إلَّا بِعِشْرِينَ أَلْفًا، أَوْ أَكْثَرَ فَإِنَّهُ يَرْجِعُ عَلَى الْبَائِعِ بِقِيمَةِ الْبِنَاءِ يَوْمَ سَلَّمَ وَلَا الجزء: 1 ¦ الصفحة: 228 يَنْظُرُ إلَى مَا كَانَ أَنْفَقَ فِيهِ. وَإِنْ اُسْتُحِقَّتْ الدَّارُ بَعْدَ الْبِنَاءِ وَالْبَائِعُ غَائِبٌ وَالْمُسْتَحِقُّ أَخَذَ الدَّارَ وَأَمَرَ الْمُشْتَرِيَ بِهَدْمِ الْبِنَاءِ فَقَالَ الْمُشْتَرِي إنَّ الْبَائِعَ قَدْ غَرَّنِي وَهُوَ غَائِبٌ قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ لَا يُلْتَفَتُ إلَى قَوْلِ الْمُشْتَرِي بَلْ يُؤْمَرُ بِهَدْمِ الْبِنَاءِ وَيُدْفَعُ الدَّارُ إلَى الْمُسْتَحِقِّ فَإِنْ حَضَرَ الْبَائِعُ بَعْدَ الْهَدْمِ لَا يَرْجِعُ الْمُشْتَرِي عَلَى الْبَائِعِ بِقِيمَةِ الْبِنَاءِ إنَّمَا يَرْجِعُ إذَا كَانَ الْبِنَاءُ قَائِمًا فَيُسَلِّمُ الْمُشْتَرِي الْبِنَاءَ إلَى الْبَائِعِ فَيَهْدِمُ الْبِنَاءَ وَيَأْخُذُ النَّقْضَ، وَأَمَّا إذَا هَدَمَهُ الْمُشْتَرِي فَلَا شَيْءَ لَهُ عَلَى الْبَائِعِ، وَأَمَّا إذَا هَدَمَهُ وَبَقِيَ الْبَعْضُ كَانَ لِلْمُشْتَرِي أَنْ يَأْخُذَ الْبَائِعَ بِقِيمَةِ مَا بَقِيَ مِنْ الْبِنَاءِ قَائِمًا وَيُسَلِّمُ إلَيْهِ فَيَهْدِمُ الْبَائِعُ مَا بَقِيَ وَيَكُونُ النَّقْضُ لَهُ، وَإِنْ شَاءَ الْمُشْتَرِي نَقَضَ كُلَّهُ وَيَكُونُ النَّقْضُ لَهُ وَلَا يُسَلِّمُ الْبِنَاءَ وَهَذَا كُلُّهُ قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ، وَرَوَى مُحَمَّدٌ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ وَهُوَ قَوْلُ الْحَسَنُ أَنَّ الْقَاضِيَ يَبْعَثُ مَنْ يُقَوِّمُ الْبِنَاءَ ثُمَّ يَقُولُ لِلْمُشْتَرِي: اُنْقُضْهُ وَاحْفَظْ النَّقْضَ، وَإِذَا ظَفِرَ بِالْبَائِعِ سَلَّمَ النَّقْضَ إلَيْهِ وَيُقْضَى لَك عَلَيْهِ بِقِيمَةِ الْبِنَاءِ، وَذَكَرَ الطَّحَاوِيُّ إنَّ الْمُشْتَرِيَ إذَا نُقِضَ عَلَيْهِ الْبِنَاءُ فَسَلَّمَ النَّقْضَ إلَى الْبَائِعِ لَهُ أَنْ يَرْجِعَ عَلَى الْبَائِعِ بِالثَّمَنِ، وَهَذَا أَقْرَبُ إلَى النَّظَرِ مِنْ قَاضِي خَانْ. اشْتَرَى أَرْضًا خَرِبَةً فَأَنْفَقَ فِي عِمَارَتِهَا وَتَسْوِيَةِ آكَامِهَا وَحُفَرِهَا ثُمَّ اُسْتُحِقَّتْ لَا يَرْجِعُ عَلَى الْبَائِعِ وَلَا عَلَى الْمُسْتَحِقِّ بِمَا أَنْفَقَ فِي عِمَارَتِهَا، وَإِنْ كَرَى الْمُشْتَرِي فِي الْأَرْضِ نَهْرًا، أَوْ حَفَرَ سَاقِيَّةً، أَوْ قَنْطَرَةً عَلَى نَهَرِهَا بِآجُرِّ قَنْطَرَةٍ ثُمَّ اُسْتُحِقَّتْ الْأَرْضُ يَرْجِعُ عَلَى الْبَائِعِ بِقِيمَةِ الْقَنْطَرَةِ وَلَا يَرْجِعُ بِمَا أَنْفَقَ فِي كَرْيِ النَّهْرِ وَحَفْرِ السَّاقِيَّةِ وَبِنَاءِ الْمُسَنَّاةِ مِنْ تُرَابِهَا، وَإِنْ بَنَاهَا بِآجُرٍّ، أَوْ لَبِنٍ، أَوْ قَصَبٍ، أَوْ شَيْءٍ لَهُ قِيمَةٌ رَجَعَ بِقِيمَةِ ذَلِكَ كُلِّهِ بِأَنْ يَرُدَّ الْبِنَاءَ عَلَى الْبَائِعِ وَيَأْخُذَ الْبَائِعُ بِقِيمَتِهِ، وَقَالَ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ السَّرَخْسِيُّ: إنَّمَا يَرْجِعُ بِقِيمَةِ الْبِنَاءِ عَلَى الْبَائِعِ إذَا كَانَ الْبِنَاءُ وَقْتَ الِاسْتِحْقَاقِ فَيَنْقُضُهُ الْمُسْتَحِقُّ وَيَرُدُّهُ الْمُشْتَرِي عَلَى الْبَائِعِ وَيَأْخُذُ مِنْهُ قِيمَتَهُ مَبْنِيًّا يَوْمَ اُسْتُحِقَّتْ الدَّارُ وَلَا يَرْجِعُ بِمَا أَنْفَقَ، وَكَذَا لَوْ حَفَرَ بِئْرًا وَطَوَاهَا بِالْآجُرِّ يَرْجِعُ بِقِيمَةِ مَا طَوَى دُونَ مَا أَنْفَقَ فِي الْحَفْرِ، وَلَوْ انْهَدَمَ مَا بَنَى قَبْلَ الِاسْتِحْقَاقِ لَا يَرْجِعُ بِمَا أَنْفَقَ؛ لِأَنَّ شَرْطَ الرُّجُوعِ قِيَامُ الْبِنَاءِ وَقْتَ الِاسْتِحْقَاقِ. اشْتَرَى عَبْدًا، أَوْ بَقَرَةً فَأَنْفَقَ عَلَيْهَا ثُمَّ اُسْتُحِقَّتْ لَا يَرْجِعُ الْمُشْتَرِي عَلَى الْبَائِعِ بِمَا أَنْفَقَ. اشْتَرَى إبِلًا مَهَازِيلَ فَعَلَفَهَا حَتَّى سَمِنَتْ ثُمَّ اُسْتُحِقَّتْ لَا يَرْجِعُ عَلَى الْبَائِعِ بِمَا أَنْفَقَ فِي الْعَلَفِ. اشْتَرَى حِمَارًا وَكَفَلَ بِالثَّمَنِ رَجُلٌ فَأَدَّاهُ ثُمَّ اُسْتُحِقَّ الْحِمَارُ لَا يَرْجِعُ بِالثَّمَنِ عَلَى الْبَائِعِ حَتَّى يَحْضُرَ الْكَفِيلُ، وَلَوْ اشْتَرَى عَيْنًا وَبَاعَهَا مِنْ آخَرَ وَأَبْرَأَهُ مِنْ الثَّمَنِ لَا يَرْجِعُ الْمُشْتَرِي عَلَيْهِ وَلَهُ أَنْ يَرْجِعَ عَلَى بَائِعِهِ، وَقَالَ الْقَاضِي بَدِيعٌ: لَيْسَ لَهُ أَنْ يَرْجِعَ. اشْتَرَى جَارِيَةً، أَوْ غُلَامًا عَلَيْهِ ثِيَابٌ، أَوْ حِمَارًا عَلَيْهِ بَرْدَعَةٌ لَمْ تُذْكَرْ فِي الْبَيْعِ ثُمَّ اسْتَحَقَّ الثِّيَابُ، أَوْ الْبَرْدَعَةُ لَا يَرْجِعُ الْمُشْتَرِي عَلَيْهِ بِشَيْءٍ وَكُلُّ شَيْءٍ يَدْخُلُ فِي الْمَبِيعِ تَبَعًا لَا حِصَّةَ لَهُ مِنْ الثَّمَنِ وَلَكِنْ يُخَيَّرُ الْمُشْتَرِي فِيهِ. أَقَرَّ بِعَيْنٍ صَرِيحًا أَنَّهَا لِفُلَانٍ ثُمَّ اشْتَرَاهَا مِنْهُ ثُمَّ اُسْتُحِقَّتْ، فَالْأَصَحُّ أَنَّهُ يَرْجِعُ بِالثَّمَنِ عَلَى بَائِعِهِ وَقِيلَ لَا يَرْجِعُ وَالْمَنْصُوصُ هُوَ الْأَوَّلُ. وَلَوْ اشْتَرَى أَرْضًا فِيهَا أَشْجَارٌ فَقَطَعَهَا ثُمَّ تَقَايَلَا صَحَّتْ الْإِقَالَةُ بِجَمِيعِ الثَّمَنِ وَلَيْسَ لِلْبَائِعِ مِنْ قِيمَةِ الْأَشْجَارِ شَيْءٌ وَتُسَلَّمُ الْأَشْجَارُ لِلْمُشْتَرِي هَذَا إذَا عَلِمَ الْبَائِعُ بِقَطْعِ الْأَشْجَارِ وَإِذَا لَمْ يَعْلَمْ بِهِ وَقْتَ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 229 الْإِقَالَةِ يُخَيَّرُ إنْ شَاءَ أَخَذَهَا بِجَمِيعِ الثَّمَنِ، وَإِنْ شَاءَ تَرَكَ كَمَا لَوْ اشْتَرَى عَبْدًا فَقَطَعَ يَدَهُ فَأَخَذَ أَرْشَهَا ثُمَّ تَقَايَلَا صَحَّتْ الْإِقَالَةُ وَلَزِمَهُ جَمِيعُ الثَّمَنِ وَلَا شَيْءَ لِلْبَالِغِ مِنْ أَرْشِ الْيَدِ إذَا عَلِمَ وَقْتَ الْإِقَالَةِ أَنَّهُ قَطَعَ يَدَهُ وَأَخَذَ أَرْشَهَا، وَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ يُخَيَّرُ بَيْنَ الْأَخْذِ بِجَمِيعِ الثَّمَنِ وَبَيْنَ التَّرْكِ، وَقَالَ صَاحِبُ الْمُحِيطِ: الْأَشْجَارُ لَا تُسَلَّمُ لِلْمُشْتَرِي وَلِلْبَائِعِ أَنْ يَأْخُذَ قِيمَتَهَا مِنْهُ؛ لِأَنَّهَا مَوْجُودَةٌ وَقْتَ الْبَيْعِ بِخِلَافِ الْأَرْشِ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَدْخُلْ فِي الْبَيْعِ أَصْلًا لَا قَصْدًا وَلَا ضِمْنًا. رَجُلٌ اشْتَرَى دَارًا ثُمَّ بَاعَهَا مِنْ آخَرَ وَبَنَى الْمُشْتَرِي الثَّانِي فِيهَا ثُمَّ اُسْتُحِقَّتْ الدَّارُ فَإِنَّ الْمَقْضِيَّ عَلَيْهِ وَهُوَ الْمُشْتَرِي الثَّانِي يَرْجِعُ عَلَى بَائِعِهِ بِالثَّمَنِ وَبِقِيمَةِ الْبِنَاءِ وَلَا يَرْجِعُ الْبَائِعُ عَلَى بَائِعِهِ إلَّا بِالثَّمَنِ وَلَا يَرْجِعُ بِقِيمَةِ الْبِنَاءِ فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ وَعَلَى هَذَا إذَا اشْتَرَى جَارِيَةً وَقَبَضَهَا وَبَاعَهَا مِنْ غَيْرِهِ فَوَلَدَتْ الْجَارِيَةُ مِنْ الثَّانِي ثُمَّ اُسْتُحِقَّتْ الْجَارِيَةُ فَإِنَّ الثَّانِيَ يَرْجِعُ عَلَى بَائِعِهِ بِالثَّمَنِ وَقِيمَةِ الْوَلَدِ وَلَا يَرْجِعُ بَائِعُهُ عَلَى الْبَائِعِ الْأَوَّلِ بِقِيمَةِ الْوَلَدِ فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ وَعَلَى هَذَا الْخِلَافِ إذَا اشْتَرَى عَبْدًا وَبَاعَهُ مِنْ آخَرَ فَتَدَاوَلَتْهُ الْأَيْدِي ثُمَّ وَجَدَ الْمُشْتَرِي الْأَخِيرُ بِهِ عَيْبًا قَدِيمًا كَالْإِصْبَعِ الزَّائِدَةِ وَقَدْ تَعَيَّبَ الْعَبْدُ عِنْدَهُ بِعَيْبٍ حَادِثٍ كَانَ لَهُ الرُّجُوعُ عَلَى بَائِعِهِ بِنُقْصَانِ الْعَيْبِ وَلَيْسَ لِلْبَائِعِ الثَّانِي أَنْ يَرْجِعَ عَلَى الْبَائِعِ الْأَوَّلِ بِالنُّقْصَانِ فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ، وَكَذَا إذَا مَاتَ فِي يَدِ الْمُشْتَرِي الثَّانِي ثُمَّ اطَّلَعَ عَلَى الْعَيْبِ وَرَجَعَ بِالنُّقْصَانِ عَلَى بَائِعِهِ. وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ إذَا اشْتَرَى دَارًا وَبَنَى فِيهَا بِنَاءً ثُمَّ اُسْتُحِقَّتْ فَنَقَضَ الْمُشْتَرِي الْبِنَاءَ كَانَ لِلْمُشْتَرِي أَنْ يَرْجِعَ بِالنُّقْصَانِ عَلَى بَائِعِهِ فَتُقَوَّمُ الدَّارُ مَبْنِيَّةً وَغَيْرَ مَبْنِيَّةٍ فَيَرْجِعُ بِالنُّقْصَانِ، وَكَذَا الْأَرْضُ إذَا غَرَسَهَا الْمُشْتَرِي ثُمَّ اُسْتُحِقَّتْ فَقَلَعَ الْمُشْتَرِي الشَّجَرَ كَانَ لَهُ أَنْ يَرْجِعَ عَلَى بَائِعِهِ بِالنُّقْصَانِ. رَجُلٌ اشْتَرَى أَرْضًا فَغَرَسَ فِيهَا شَجَرًا فَنَبَتَ الشَّجَرُ ثُمَّ اُسْتُحِقَّتْ الْأَرْضُ يُقَالُ لِلْمُشْتَرِي اقْلَعْ الشَّجَرَ فَإِنْ كَانَ قَلْعُهُ يَضُرُّ بِالْأَرْضِ يُقَالُ لِلْمُسْتَحِقِّ إنْ شِئْت تَدْفَعُ إلَيْهِ قِيمَةَ الشَّجَرِ مَقْلُوعًا وَيَكُونُ الشَّجَرُ لَك، وَإِنْ شِئْت فَخَلِّهِ حَتَّى يُقْلِعَ الشَّجَرَ وَيَضْمَنَ لَك نُقْصَانَ أَرْضِك فَإِنْ أَمَرَهُ بِالْقَلْعِ وَقَلَعَ الْمُشْتَرِي ثُمَّ ظَفِرَ بِالْبَائِعِ بَعْدَ الْقَلْعِ فَإِنَّ الْمُشْتَرِيَ يَرْجِعُ عَلَى الْبَائِعِ بِالثَّمَنِ وَلَا يَرْجِعُ بِقِيمَةِ الشَّجَرِ وَلَا بِمَا ضَمِنَ مِنْ نُقْصَانِ الْأَرْضِ، وَإِنْ اخْتَارَ الْمُسْتَحِقُّ أَنْ يَدْفَعَ إلَى الْمُشْتَرِي قِيمَةَ الشَّجَرِ مَقْلُوعًا وَيُمْسِكَ الشَّجَرَ وَأَعْطَاهُ الْقِيمَةَ ثُمَّ ظَفِرَ الْمُشْتَرِي بِالْبَائِعِ فَإِنَّهُ يَرْجِعُ عَلَى الْبَائِعِ بِالثَّمَنِ وَلَا يَرْجِعُ بِقِيمَةِ الشَّجَرِ وَلَا يَكُونُ لِلْمُسْتَحِقِّ أَنْ يَرْجِعَ عَلَى الْبَائِعِ وَلَا عَلَى الْمُشْتَرِي بِنُقْصَانِ الْأَرْضِ؛ لِأَنَّهُ لَمَّا اخْتَارَ دَفْعَ قِيمَةِ الشَّجَرِ صَارَ كَأَنَّ الْمُسْتَحِقَّ هُوَ الَّذِي غَرَسَ الشَّجَرَ، وَهَذَا كُلُّهُ قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ وَقَالَ الْحَسَنُ لِلْقَاضِي أَنْ يَبْعَثَ أَمِينًا يُقَوِّمُ النَّابِتَ فِي الْأَرْضِ، ثُمَّ يَقُولُ الْقَاضِي لِلْمُشْتَرِي: اقْلَعْ الشَّجَرَ وَاحْفَظْهُ حَتَّى إذَا ظَفِرْت بِالْبَائِعِ فَسَلِّمْهُ إلَيْهِ وَتَأْخُذُهُ بِقِيمَتِهِ نَابِتًا، وَإِنْ لَمْ تُسْتَحَقَّ الْأَرْضُ حَتَّى أَثْمَرَ الشَّجَرُ وَبَلَغَ الثَّمَرُ حَتَّى جَاءَ مُسْتَحِقٌّ وَاسْتَحَقَّ الْأَرْضَ وَطَالَبَ الْمُشْتَرِيَ بِقَلْعِ الشَّجَرِ كَانَ لَهُ ذَلِكَ فَإِنْ كَانَ بَائِعُ الْأَرْضِ حَاضِرًا كَانَ لِلْمُشْتَرِي أَنْ يَرْجِعَ بِقِيمَةِ الشَّجَرِ نَابِتًا فِي الْأَرْضِ وَيُسَلِّمَ الشَّجَرَ قَائِمًا إلَى الْبَائِعِ وَيُجْبِرَ الْبَائِعَ عَلَى قَلْعِ الشَّجَرِ، وَإِنْ كَانَ الْبَائِعُ غَائِبًا قَلَعَهُ الْمُشْتَرِي وَلَا يَرْجِعُ بِقِيمَةِ الشَّجَرِ. وَإِنْ كَانَ الْمُشْتَرِي زَرَعَ فِي الْأَرْضِ حِنْطَةً، أَوْ شَيْئًا مِنْ أَصْنَافِ الرَّيَاحِينِ وَالْحُبُوبِ وَالْبُقُولِ ثُمَّ اُسْتُحِقَّتْ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 230 الْأَرْضُ قَالَ أَبُو يُوسُفَ يُؤْمَرُ الْمُشْتَرِي حَتَّى يَقْلَعَ الزَّرْعَ إنْ كَانَ الْبَائِعُ غَائِبًا وَلَا يَرْجِعُ عَلَى بَائِعِهِ، وَإِنْ كَانَ الزَّرْعُ أَخْرَبَ الْأَرْضَ فَلِلْمُسْتَحِقِّ أَنْ يُضَمِّنَهُ نُقْصَانَ الْأَرْضِ ثُمَّ لَا يَرْجِعُ الْمُشْتَرِي عَلَى الْبَائِعِ إلَّا بِالثَّمَنِ، وَإِنْ كَانَ الْمُشْتَرِي قَدْ كَرَى الْأَرْضَ نَهْرًا، أَوْ حَفَرَ سَاقِيَةً أَوْ قَنْطَرَ قَنْطَرَةً عَلَى النَّهْرِ ثُمَّ اُسْتُحِقَّتْ الْأَرْضُ يَرْجِعُ عَلَى الْبَائِعِ بِالثَّمَنِ وَبِقِيمَةِ مَا أَحْدَثَ فِي الْأَرْضِ مِنْ بِنَاءِ الْقَنْطَرَةِ وَلَا يَرْجِعُ بِمَا أَنْفَقَ فِي كَرْيِ النَّهْرِ وَحَفْرِ السَّاقِيَةِ وَلَا فِي مُسَنَّاةٍ جَعَلَهَا فِي التُّرَابِ وَإِنْ جَعَلَهَا مِنْ آجُرٍّ، أَوْ لَبِنٍ، أَوْ قَصَبٍ، أَوْ شَيْءٍ لَهُ قِيمَةٌ فَإِنَّهُ يَرْجِعُ عَلَى بَائِعِهِ بِقِيمَةِ ذَلِكَ وَهُوَ قَائِمٌ فِي الْأَرْضِ ثُمَّ يُؤْمَرُ الْبَائِعُ بِقَلْعِ ذَلِكَ، هَذِهِ الْجُمْلَةُ مِنْ قَاضِي خَانْ. إذَا اشْتَرَى أَرْضًا وَأَحْيَاهَا أَيْ عَمَّرَهَا فَاسْتُحِقَّتْ مِنْ يَدِ الْمُشْتَرِي فَالْمُشْتَرَى هَلْ يَرْجِعُ عَلَى الْبَائِعِ بِمَا أَنْفَقَ فِي الْعِمَارَةِ لَا رِوَايَةَ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ عَنْ أَصْحَابِنَا وَقِيلَ لَا يَرْجِعُ؛ لِأَنَّ الْإِحْيَاءَ حَصَلَ بِصَرْفِ الْمَنَافِعِ وَالْمَنَافِعُ عِنْدَنَا لَا تَتَقَوَّمُ إلَّا بِالْعَقْدِ، مِنْ مُشْتَمِلِ الْأَحْكَامِ. وَفِي الْإِسْعَافِ لَوْ اشْتَرَى الرَّجُلُ دَارًا وَطَيَّنَ سُطُوحَهَا وَجَصَّصَهَا ثُمَّ اُسْتُحِقَّتْ لَيْسَ لَهُ أَنْ يَرْجِعَ بِقِيمَةِ ذَلِكَ وَإِنَّمَا يَرْجِعُ بِثَمَنِ الدَّارِ وَبِمَا يُمْكِنُ هَدْمُهُ وَتَسْلِيمُهُ إلَيْهِ وَيَرْجِعُ بِقِيمَتِهِ مَبْنِيًّا عَلَى الْبَائِعِ لِكَوْنِهِ مَغْرُورًا وَالْحَاصِلُ أَنَّ مَا لَا يُمْكِنُ أَخْذُ عَيْنِهِ هُوَ فِي حُكْمِ الْهَالِكِ لَا يُرْجَعُ بِقِيمَتِهِ عَلَى الْبَائِعِ انْتَهَى. وَلَوْ هَدَمَ الْمُشْتَرِي الْبِنَاءَ الْقَدِيمَ وَبَنَاهَا جَدِيدًا ثُمَّ اُسْتُحِقَّتْ أَخَذَ الْمُسْتَحِقُّ الدَّارَ وَقِيمَةَ الْبِنَاءِ الْقَدِيمِ مِنْ الْمُشْتَرِي وَرَفَعَ الْبِنَاءَ الْجَدِيدَ وَرَجَعَ الْمُشْتَرِي بِحِصَّةِ الْأَرْضِ مِنْ الثَّمَنِ وَبِقِيمَةِ الْبِنَاءِ الْجَدِيدِ وَلَا يَرْجِعُ بِقِيمَةِ الْبِنَاءِ الْقَدِيمِ. رَجُلٌ اشْتَرَى جَارِيَةً فَوَلَدَتْ وَلَدًا عِنْدَهُ فَادَّعَاهُ ثُمَّ اسْتَحَقَّهَا رَجُلٌ غَرِمَ الْأَبُ قِيمَةَ الْوَلَدِ يَوْمَ يُخَاصِمُ؛ لِأَنَّهُ وَلَدُ الْمَغْرُورِ وَإِنَّ الْمَغْرُورَ مَنْ يَطَأُ امْرَأَةً مُعْتَمِدًا فِي ذَلِكَ عَلَى مِلْكِ يَمِينٍ، أَوْ نِكَاحٍ فَتَلِدُ مِنْهُ ثُمَّ تَسْتَحِقُّ، وَلَوْ مَاتَ الْوَلَدُ لَا شَيْءَ عَلَى الْأَبِ، وَكَذَا لَوْ تَرَكَ مَالًا وَالْمَالُ لِأَبِيهِ، وَلَوْ قَتَلَهُ الْأَبُ يَغْرَمُ قِيمَتَهُ، وَكَذَا لَوْ قَتَلَهُ غَيْرُهُ يَأْخُذُ دِيَتَهُ وَيَرْجِعُ بِقِيمَةِ الْوَلَدِ عَلَى بَائِعِهِ؛ لِأَنَّهُ ضَمِنَ لَهُ سَلَامَتَهُ كَمَا يَرْجِعُ بِثَمَنِهِ بِخِلَافِ الْعُقْرِ؛ لِأَنَّهُ لَزِمَهُ بِاسْتِيفَاءِ مَنَافِعِهَا كَذَا فِي الْهِدَايَةِ مِنْ دَعْوَى النَّسَبِ. بَاعَ جُبَّةَ غَيْرِهِ بِغَيْرِ إذْنِهِ وَقَبَضَهُ الْمُشْتَرِي وَخَاطَهُ أَضْيَقَ انْقَطَعَ حَقُّ الْمَالِكِ هَذِهِ فِي الْغَضَبِ، مِنْ الْقُنْيَةِ. رَجُلٌ اشْتَرَى أَرْضًا فَبَنَى فِيهَا، أَوْ غَرَسَ وَقَدْ قَبَضَهَا بِغَيْرِ نَقْدِ الثَّمَنِ وَبِغَيْرِ إذْنِ الْبَائِعِ فَلِلْبَائِعِ أَنْ يَأْخُذَهَا وَيَحْبِسَهَا بِالثَّمَنِ، وَكَذَا لَوْ كَانَ ثَوْبًا فَصَبَغَهُ فَلَوْ هَلَكَ فِي يَدِ الْبَائِعِ ضَمِنَ مَا زَادَ الْبِنَاءُ وَالصَّبْغُ، مِنْ الْخُلَاصَةِ. بَاعَ عَبْدَهُ مِنْهُ بِأَلْفٍ وَلَمْ يَقْبِضْهُ حَتَّى بَاعَهُ الْبَائِعُ مِنْ آخَرَ وَسَلَّمَهُ إلَيْهِ فَمَاتَ فِي يَدِهِ فَالْمُشْتَرِي الْأَوَّلُ بِالْخِيَارِ إنْ شَاءَ أَمْضَى عَقْدَهُ وَضَمِنَ الْمُشْتَرِي الثَّانِي قِيمَةَ عَبْدِهِ يَوْمَ قَبْضِهِ، وَكَذَا فِي الْهِبَةِ وَالْعَارِيَّةِ وَلَا يَرْجِعُ الْمَوْهُوبُ لَهُ وَالْمُسْتَعِيرُ عَلَى الْبَائِعِ بِشَيْءٍ، وَإِنْ شَاءَ نَقَضَهُ وَاسْتَرَدَّ مَا دَفَعَ وَلِلْبَائِعِ أَنْ يَضْمَنَ الْمُشْتَرِيَ الثَّانِيَ قِيمَتَهُ يَوْمَ قَبْضِهِ، وَكَذَا فِي الْهِبَةِ وَالْعَارِيَّةِ، وَلَوْ كَانَ الْبَائِعُ آجَرَهُ، أَوْ أَوْدَعَهُ وَسَلَّمَ وَمَاتَ فِي يَدِهِ انْتَقَضَ الْبَيْعُ وَلَا يَضْمَنُ الْمُشْتَرِي وَاحِدًا مِنْهُمَا؛ لِأَنَّهُ إنْ ضَمِنَهُ رَجَعَ بِهِ عَلَى الْبَائِعِ فَيَصِيرُ كَأَنَّهُ مَاتَ فِي يَدِ الْبَائِعِ. بَاعَ عَبْدَهُ وَأَمَرَ غَيْرَهُ بِقَتْلِهِ قَبْلَ الْقَبْضِ فَلِلْمُشْتَرِي تَضْمِينُهُ، وَإِنْ شَاءَ ضَمِنَ الْقَاتِلُ قِيمَتَهُ وَلَا يَرْجِعُ بِهَا عَلَى الْبَائِعِ لِعَدَمِ الْغَرَرِ. وَلَوْ بَاعَ ثَوْبًا ثُمَّ قَالَ لِلْخَيَّاطِ اقْطَعْهُ لِي قَمِيصًا بِأَجْرٍ، أَوْ بِغَيْرِ أَجْرٍ لَمْ يَكُنْ لِلْمُشْتَرِي أَنْ يَضْمَنَ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 231 الْخَيَّاطَ؛ لِأَنَّ الْخَيَّاطَ يَرْجِعُ بِالْقِيمَةِ عَلَى الْبَائِعِ. أَخَذَ الْمُتَوَسِّطُ الثَّمَنَ وَجَعَلَهُ فِي كُمِّ الْبَائِعِ فَقَالَ: لَا آخُذُهُ وَمَدَّ كُمَّهُ فَضَاعَ فَإِنْ جَعَلَهُ الْمُتَوَسِّطُ بِإِذْنِ الْمُشْتَرِي يَضْمَنُ الْبَائِعُ وَإِلَّا فَهُوَ غَصْبٌ فَيَضْمَنُ الْمُشْتَرِي أَيَّهُمَا شَاءَ،. وَفِي فَتَاوَى الْعَصْرِ إنْ كَانَ الْمُتَوَسِّطُ قَبَضَهُ الْبَائِعُ بِإِذْنِهِ فَهُوَ مِنْ الْبَائِعِ، وَإِنْ ضَمِنَ الْمُشْتَرِي إنْ كَانَ بِرِضَاهُ، وَإِنْ لَمْ يُوجَدْ تَضْيِيعٌ عَمْدًا، مِنْ الْقُنْيَةِ. رَجُلٌ وَرِثَ جَارِيَةً مِنْ ابْنِهِ وَاسْتَوْلَدَهَا ثُمَّ اُسْتُحِقَّتْ كَانَ الْوَلَدُ حُرًّا بِالْقِيمَةِ ثُمَّ يَرْجِعُ الْمُسْتَوْلِدُ بِقِيمَةِ الْجَارِيَةِ وَبِقِيمَةِ الْوَلَدِ عَلَى مَنْ بَاعَ الْجَارِيَةَ مِنْ مُورِثِهِ وَيَخْلُفُ الْوَارِثُ الْمُورِثَ فِي ضَمَانِ الْغَرَرِ كَمَا لَوْ وَجَدَ بِهَا عَيْبًا كَانَ لَهُ أَنْ يَرُدَّهَا عَلَى بَائِعِ الْمُورِثِ بِخِلَافِ الْمُوصَى لَهُ إذَا اسْتَوْلَدَ الْجَارِيَةَ ثُمَّ اُسْتُحِقَّتْ فَإِنَّهُ لَا يَرْجِعُ عَلَى بَائِعِ الْمُوصِي لَا بِالثَّمَنِ وَلَا بِقِيمَةِ الْوَلَدِ الْحَيِّ وَلَا يَرُدُّهَا بِعَيْبٍ. رَجُلٌ اشْتَرَى دَارًا وَاسْتَحَقَّتْ الْعَرْصَةُ، وَفِيهَا بِنَاءٌ فَقَالَ الْمُشْتَرِي لِلْبَائِعِ: اشْتَرَيْت مِنْك الْعَرْصَةَ ثُمَّ بَنَيْت الْبِنَاءَ وَلِي حَقُّ الرُّجُوعِ عَلَيْك بِقِيمَةٍ الْبِنَاءِ بِحُكْمِ الْغَرَرِ، وَقَالَ الْبَائِعُ: لَا بَلْ بِعْتُك الْعَرْصَةَ وَالْبِنَاءَ جَمِيعًا فَلَيْسَ لَك أَنْ تَرْجِعَ عَلَيَّ بِقِيمَةِ الْبِنَاءِ كَانَ الْقَوْلُ قَوْلَ الْبَائِعِ؛ لِأَنَّهُ يُنْكِرُ حَقَّ الرُّجُوعِ، وَلَوْ شَرَطَ الْبَائِعُ فِي الْبَيْعِ ضَمَانَ مَا أَحْدَثَ بِهِ الْمُشْتَرِي فَسَدَ الْبَيْعُ؛ لِأَنَّ الْمُشْتَرِيَ إذَا حَفَرَ فِيهَا بِئْرًا وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ لَا يَكُونُ لَهُ الرُّجُوعُ بِذَلِكَ عَلَى الْبَائِعِ عِنْدَ الِاسْتِحْقَاقِ وَإِنَّمَا يَرْجِعُ بِالْبِنَاءِ وَالزَّرْعِ وَالْغَرْسِ فَإِذَا شَرَطَ عَلَيْهِ ضَمَانَ مَا أَحْدَثَ مُطْلَقًا فَسَدَ الْبَيْعُ، وَإِنْ قَيَّدَ الضَّمَانَ فَقَالَ: أَنَا ضَامِنٌ مَا أَحْدَثَ الْمُشْتَرِي مِنْ بِنَاءٍ أَوْ غَرْسٍ، أَوْ زَرْعٍ، أَوْ نَحْوِ ذَلِكَ جَازَ وَيَكُونُ ضَامِنًا. رَجُلٌ اسْتَوْلَدَ جَارِيَةً كَانَتْ لَهُ ثُمَّ اُسْتُحِقَّتْ فَقَالَ الْمُسْتَوْلِدُ: اشْتَرَيْتهَا مِنْ فُلَانٍ بِكَذَا وَصَدَّقَهُ الْبَائِعُ وَكَذَّبَهُ الْمُسْتَحِقُّ كَانَ الْقَوْلُ قَوْلَ الْمُسْتَحِقِّ؛ لِأَنَّ الْمُشْتَرِيَ يُدْعَى عَلَيْهِ حُرِّيَّةُ الْوَلَدِ بِحُكْمِ الْغُرُورِ وَهُوَ يُنْكِرُ فَيَكُونُ الْقَوْلُ قَوْلَهُ، وَلَوْ أَنْكَرَ الْبَائِعُ ذَلِكَ وَصَدَّقَهُ الْمُسْتَحِقُّ كَانَ الْوَلَدُ حُرًّا بِالْقِيمَةِ وَلَا يَرْجِعُ أَحَدُهُمَا عَلَى الْبَائِعِ بِشَيْءٍ. رَجُلٌ اشْتَرَى جَارِيَةً وَقَبَضَهَا وَوَهَبَهَا مِنْ رَجُلٍ ثُمَّ اشْتَرَاهَا مِنْ الْمَوْهُوبِ لَهُ فَوَلَدَتْ لَهُ وَلَدًا فَاسْتَحَقَّهَا رَجُلٌ فَإِنَّ الْمُشْتَرِيَ يَرْجِعُ عَلَى الْبَائِعِ وَهُوَ الْمَوْهُوبُ لَهُ بِالثَّمَنِ وَبِقِيمَةِ الْوَلَدِ؛ لِأَنَّهُ مَغْرُورٌ. رَجُلٌ اشْتَرَى دَارًا وَبَنَى فِيهَا ثُمَّ اسْتَحَقَّ رَجُلٌ نِصْفَهَا وَرَدَّ الْمُشْتَرِي مَا بَقِيَ عَلَى الْبَائِعِ كَانَ لَهُ الرُّجُوعُ عَلَى الْبَائِعِ بِالثَّمَنِ وَبِنِصْفِ قِيمَةِ الْبِنَاءِ؛ لِأَنَّهُ مَغْرُورٌ فِي النِّصْفِ، وَلَوْ اسْتَحَقَّ مِنْهَا نِصْفًا بِعَيْنِهِ وَكَانَ الْبِنَاءُ فِي النِّصْفِ الَّذِي لَمْ يُسْتَحَقَّ كَانَ لَهُ أَنْ يَرْجِعَ بِرَدِّ الْبَاقِي وَلَا يَرْجِعَ بِشَيْءٍ مِنْ الْبِنَاءِ. رَجُلٌ اشْتَرَى جَارِيَةً فَادَّعَاهَا رَجُلٌ فَاشْتَرَاهَا مِنْهُ أَيْضًا ثُمَّ اُسْتُحِقَّتْ الْأَمَةُ وَقَدْ وَلَدَتْ لِلْمُشْتَرِي وَلَدًا قَالَ مُحَمَّدٌ رَجَعَ الْمُشْتَرِي بِالثَّمَنَيْنِ عَلَى الْبَائِعَيْنِ، فَإِنْ كَانَتْ وَلَدَتْ لِأَكْثَرَ مِنْ سِتَّةِ أَشْهُرٍ مِنْ وَقْتِ الْبَيْعِ الثَّانِي رَجَعَ بِقِيمَةِ الْوَلَدِ الَّتِي يَغْرَمُهَا لِلْمُسْتَحِقِّ عَلَى الْبَائِعِ الثَّانِي، وَإِنْ وَلَدَتْ لِأَقَلَّ مِنْ سِتَّةِ أَشْهُرٍ مِنْ وَقْتِ الْبَيْعِ الثَّانِي لَا يَرْجِعُ بِقِيمَةِ الْوَلَدِ عَلَى وَاحِدٍ مِنْهُمَا. رَجُلٌ اشْتَرَى جَارِيَةً مِنْ صَبِيٍّ غَيْرِ مَأْذُونٍ، أَوْ مِنْ مَحْجُورٍ وَاسْتَوْلَدَهَا ثُمَّ اُسْتُحِقَّتْ كَانَ الْوَلَدُ ثَابِتَ النَّسَبِ مِنْ الْمُشْتَرِي وَيَكُونُ رَقِيقًا، هَذِهِ فِي وَلَدِ الْمَغْرُورِ مِنْ قَاضِي خَانْ. اشْتَرَى عَبْدًا بِثَوْبٍ وَتَقَابَضَا ثُمَّ اُسْتُحِقَّ الْعَبْدُ وَقَدْ هَلَكَ الثَّوْبُ فِي يَدِهِ لَزِمَهُ قِيمَتُهُ، وَلَوْ كَانَ الثَّمَنُ جَارِيَةً فَوَلَدَتْ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 232 مِنْ السَّيِّدِ، أَوْ أَعْتَقَهَا ثُمَّ اُسْتُحِقَّ الْعَبْدُ يَلْزَمُهُ لِلْمُشْتَرِي قِيمَةُ الْجَارِيَةِ وَلَا يَضْمَنُ لِلْوَلَدِ شَيْئًا، وَلَوْ وَجَدَ الْعَبْدَ حُرًّا كَانَ عِتْقُهَا بَاطِلًا وَوَلَدُهَا رَقِيقًا. رَجُلَانِ اشْتَرَى كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا نِصْفَ دَارٍ مُشَاعًا وَقَبَضَا جَمِيعًا ثُمَّ اسْتَحَقَّ رَجُلٌ نِصْفَ الدَّارِ يَأْخُذُ مِنْ كُلِّ وَاحِدٍ نِصْفَ مَا فِي يَدِهِ، وَلَوْ اشْتَرَى وَاحِدٌ نِصْفَهَا وَقَبَضَهُ يَأْخُذُ الْمُسْتَحِقُّ مِنْ الْمُشْتَرِي وَالْبَائِعِ مِنْ كُلِّ وَاحِدٍ نِصْفَ مَا فِي يَدِهِ فَإِنْ سَلَّمَ الْبَائِعُ النِّصْفَ الَّذِي فِي يَدِهِ جَازَ وَلَا خُصُومَةَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْمُشْتَرِي. رَجُلٌ بَاعَ نِصْفَ دَارِهِ فَلَمْ يَقْبِضْ الْمُشْتَرِي ثُمَّ اُسْتُحِقَّ نِصْفُهُ شَائِعًا قَالَ أَبُو يُوسُفَ: يَبْطُلُ الْبَيْعُ. وَلَوْ اُسْتُحِقَّ الْمَبِيعُ قَبْلَ الْقَبْضِ فَأَقَامَ الْبَائِعُ وَالْمُشْتَرِي الْبَيِّنَةَ أَنَّ الْبَائِعَ اشْتَرَاهُ مِنْ الْمُسْتَحِقِّ وَقَبَضَهُ ثُمَّ بَاعَهُ مِنْ الْمُشْتَرِي تُقْبَلُ بَيِّنَتُهُمَا فَإِنْ لَمْ يَجِدَا بَيِّنَةً فَنَقَضَ الْقَاضِي الْبَيْعَ بَيْنَهُمَا وَرَدَّ الثَّمَنَ عَلَى الْمُشْتَرِي ثُمَّ وَجَدَ الْبَائِعُ بَيِّنَةً لَا يُنْقَضُ نَقْضُهُ، وَلَوْ كَانَ الِاسْتِحْقَاقُ بَعْدَ قَبْضِ الْمَبِيعِ نُقِضَ النَّقْضُ وَيَلْزَمُ الْمَبِيعُ الْمُشْتَرِيَ عِنْدَهُمَا وَعِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ فَإِنْ نَقَضَا مِنْ غَيْرِ قَضَاءٍ بِأَنْ طَلَبَ الْمُشْتَرِي الثَّمَنَ مِنْهُ فَأَعْطَاهُ لَا يَرْتَفِعُ نَقْضُهُمَا بِحَالٍ، وَإِنْ نَقَضَ الْمُشْتَرِي بِغَيْرِ رِضَا الْبَائِعِ لَا يُنْتَقَضُ إلَّا بِالْقَضَاءِ فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ. وَلَوْ اُسْتُحِقَّتْ الدَّارُ الْمَبِيعَةُ وَقَدْ بَنَى فِيهَا الْمُشْتَرِي رَجَعَ الْمُشْتَرِي بِالثَّمَنِ عَلَى الْبَائِعِ وَبِقِيمَةِ بِنَائِهِ يَوْمَ يُسَلِّمُهُ إلَى الْبَائِعِ وَيُسَلِّمُ النَّقْصَ لِلْبَائِعِ، وَإِنْ شَاءَ الْمُشْتَرِي أَخَذَ نَقْضَ بِنَائِهِ وَلَا يَرْجِعُ عَلَى الْبَائِعِ بِقِيمَةِ الْبِنَاءِ، وَلَوْ أَفْسَدَهُ الْمَطَرُ فَعَلَى الْبَائِعِ فَضْلُ مَا بَيْنَ النَّقْضِ وَالْبِنَاءِ، وَإِنْ شَاءَ الْبَالِغُ أَخَذَ النَّقْضَ وَأَعْطَاهُ قِيمَةَ الْبِنَاءِ، مِنْ الْوَجِيزِ. اشْتَرَى كَرْمًا وَعَمِلَ فِيهِ حَتَّى أَدْرَكَ الْعِنَبَ وَالثَّمَرَ ثُمَّ اُسْتُحِقَّ لَيْسَ لَهُ أَنْ يَأْخُذَ شَيْئًا كَمَا يَعْمَلُ الْأَكَّارُ وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَطْلُبَ أَجْرَ الْعَمَلِ؛ لِأَنَّ الْمَنَافِعَ لَا تَتَقَوَّمُ إلَّا بِالْعَقْدِ وَهُوَ مَا كَانَ أَكَّارًا بَلْ كَانَ عَامِلًا لِنَفْسِهِ، مِنْ مُشْتَمِلِ الْأَحْكَامِ. اشْتَرَى عَبْدًا وَأَعْتَقَهُ بِمَالٍ أَخَذَهُ مِنْهُ ثُمَّ اُسْتُحِقَّ الْعَبْدُ لَمْ يَرْجِعْ الْمُسْتَحِقُّ بِالْمَالِ عَلَى الْمُعْتِقِ هَذَا قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - خِلَافًا لَهُمَا وَأَصْلُهُ غَصَبَ عَبْدًا فَأَجَّرَ الْعَبْدُ نَفْسَهُ فَأَخَذَ الْغَاصِبُ الْأَجْرَ مِنْ الْعَبْدِ وَأَكَلَهُ يَضْمَنُ عِنْدَهُ خِلَافًا لَهُمَا. زَيْدٌ اشْتَرَى جَارِيَةً مِنْ عَمْرٍو وَكَانَ عَمْرٌو اشْتَرَاهَا مِنْ بَكْرٍ فَسَمِعَ زَيْدٌ أَنَّ بَكْرًا كَانَ أَعْتَقَهَا وَطَلَبَ ثَمَنَهَا مِنْ عَمْرٍو وَقَالَ بِعْتنِيهَا وَهِيَ حُرَّةٌ فَلَمْ يُصَدِّقْهُ عَمْرٌو وَكَانَ زَيْدٌ يَسْتَخْدِمُهَا ثُمَّ أَقَامَتْ الْجَارِيَةُ بَيِّنَةً عَلَى زَيْدٍ أَنَّ بَكْرًا كَانَ أَعْتَقَهَا وَهُوَ يَمْلِكُهَا وَقَضَى الْقَاضِي بِذَلِكَ فَلَهُ أَنْ يَرْجِعَ بِالثَّمَنِ عَلَى عَمْرٍو، وَإِنْ كَانَ عِتْقُهَا ثَابِتًا قَبْلَ ذَلِكَ بِإِقْرَارِهِ؛ لِأَنَّ الْعِتْقَ الثَّابِتَ بِالْبَيِّنَةِ غَيْرُ الثَّابِتِ بِإِقْرَارِهِ؛ لِأَنَّ الْوَلَاءَ فِيهِ يَتَكَرَّرُ بِتَكَرُّرِ أَكْسَابِهَا السَّابِقَةِ عَلَى إقْرَارِهِ لَهَا، وَلَا كَذَلِكَ فِي الْعِتْقِ الثَّابِتِ بِإِقْرَارِهِ عَلَى أَنَّ الْقَضَاءَ تَبْيِينٌ أَنَّهَا لَمْ تُعْتَقْ بِإِقْرَارِهِ بَلْ بِإِعْتَاقِ بَكْرٍ، وَلَوْ أَقَامَ زَيْدٌ بَيِّنَةً عَلَى عَمْرٍو أَنَّ بَكْرًا أَعْتَقَهَا تُقْبَلُ بَيِّنَتُهُ وَيُرْجَعُ بِالثَّمَنِ عَلَيْهِ، وَكَذَلِكَ لَوْ أَعْتَقَهَا زَيْدٌ ثُمَّ أَخَذَ يَتَصَرَّفُ فِيهَا تَصَرُّفَ الْمُلَّاكِ فَأَقَامَتْ الْجَارِيَةُ عَلَيْهِ بَيِّنَةً أَنَّ بَكْرًا كَانَ أَعْتَقَهَا وَقَضَى لَهَا بِالْعِتْقِ يَرْجِعُ بِالثَّمَنِ عَلَى عَمْرٍو. اشْتَرَى جَارِيَةً وَبَاعَهَا مِنْ آخَرِ ثُمَّ اُسْتُحِقَّتْ مِنْ يَدِ الْمُشْتَرِي الثَّانِي وَرَجَعَ الثَّانِي عَلَى الْأَوَّلِ بِالثَّمَنِ بِانْقِضَاءٍ وَأَرَادَ الْأَوَّلُ أَنْ يَرْجِعَ عَلَى بَائِعِهِ فَادَّعَى بَائِعِهِ أَنَّ الْمُسْتَحِقَّ لَهَا بَاعَهَا مِنِّي وَلِي بَيِّنَةٌ عَلَى ذَلِكَ فَلَيْسَ لَك الرُّجُوعُ عَلَيَّ لَا تُسْمَعُ دَعْوَاهُ وَلَا بَيِّنَتُهُ عَلَى الْمُشْتَرِي، وَقَالَ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ السَّرَخْسِيُّ: تُسْمَعُ، وَلَوْ أَقَامَ الْبَائِعُ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 233 الْأَوَّلُ، أَوْ الثَّانِي هَذِهِ الْبَيِّنَةَ عَلَى الْمُسْتَحِقِّ تُسْمَعُ، وَلَوْ أَقَامَ الْمُسْتَحَقُّ عَلَيْهِ عَلَى الْمُسْتَحِقِّ بَيِّنَةً عِنْدَ هَذَا الْقَاضِي بِأَنَّك كُنْت بِعْت هَذِهِ الْجَارِيَةَ مِنْ بَائِعِ بَائِعِي فَلَهُ أَنْ يَأْخُذَهَا مِنْ الْمُسْتَحِقِّ وَيَرُدُّهَا عَلَى الْمُسْتَحَقِّ عَلَيْهِ مَا لَمْ يَرْجِعْ بِالثَّمَنِ عَلَى بَائِعِهِ، وَلَوْ هَلَكَتْ فِي يَدِ الْمُسْتَحِقِّ يَرْجِعُ بِقِيمَتِهَا عَلَيْهِ. اشْتَرَى دَارًا بِعَبْدٍ وَأَخَذَهَا الشَّفِيعُ ثُمَّ اُسْتُحِقَّ الْعَبْدُ بَطَلَتْ الشُّفْعَةُ وَيَأْخُذُهَا الْبَائِعُ مِنْ الشَّفِيعِ لِبُطْلَانِ الْبَيْعِ، وَإِنْ كَانَ الْمُشْتَرِي دَفَعَهَا إلَى الشَّفِيعِ بِغَيْرِ قَضَاءٍ بِقِيمَةِ الْعَبْدِ وَسَمَّاهَا فَهَذَا كَالْمَبِيعِ بَيْنَهُمَا وَهِيَ لِلشَّفِيعِ بِتِلْكَ الْقِيمَةِ وَعَلَى الْمُشْتَرِي قِيمَةُ الدَّارِ لِلْبَائِعِ؛ لِأَنَّ بَدَلَ الْمُسْتَحِقِّ يُمْلَكُ بِالْقَبْضِ وَتَصَرَّفَ الْمُشْتَرِي بِاعْتِبَارِ مِلْكِهِ فَنَفَذَ، وَكَذَلِكَ لَوْ بَاعَهَا الْمُشْتَرِي، أَوْ وَهَبَهَا وَسَلَّمَهَا، أَوْ تَزَوَّجَ عَلَيْهَا ثُمَّ اُسْتُحِقَّ الْعَبْدُ ضَمِنَ قِيمَةَ الدَّارِ لِلْبَائِعِ لِمَا مَرَّ مِنْ الْقُنْيَةِ. وَلَوْ بَاعَ جَارِيَةً فَوَطِئَهَا الْمُشْتَرِي قَبْلَ أَنْ يَدْفَعَ الثَّمَنَ ثُمَّ حَبَسَ الْبَائِعُ الْجَارِيَةَ فَهَلَكَتْ عِنْدَهُ إنْ لَمْ يُنْقِصْهَا الْوَطْءُ لَا شَيْءَ عَلَيْهِ، وَإِنْ نَقَصَهَا غَرِمَ النُّقْصَانَ وَلَا عُقْرَ عَلَيْهِ بِالِاتِّفَاقِ هَذِهِ فِي النِّكَاحِ، مِنْ الْخُلَاصَةِ. إذَا تَمَلَّكَ بِالْبَدَلِ يَرْجِعُ عَلَى بَائِعِهِ بِقِيمَةِ الْبِنَاءِ وَالثَّمَنِ كَمَا إذَا اشْتَرَى أَرْضًا فَغَرَسَ فِيهَا أَغْرَاسًا، أَوْ دَارًا فَبَنَى فِيهَا بِنَاءً ثُمَّ جَاءَ مُسْتَحِقٌّ اسْتَحَقَّهَا فَإِنَّهُ يَأْخُذُهَا وَيَقْلَعُ الْأَشْجَارَ وَيَنْقُضُ الْبِنَاءَ وَالْمُشْتَرِي يَرْجِعُ عَلَى بَائِعِهِ بِالثَّمَنِ وَهُوَ بِالْخِيَارِ إنْ شَاءَ سَلَّمَ النَّقْضَ إلَى الْبَائِعِ وَيَرْجِعُ بِقِيمَتِهِ مَغْرُوسًا غَيْرَ مَقْلُوعٍ وَمَبْنِيًّا غَيْرَ مَنْقُوضٍ، وَإِنْ شَاءَ حَبَسَ لِنَفْسِهِ وَلَا يَرْجِعُ بِالنُّقْصَانِ فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ إلَّا إذَا كَانَ بِاتِّفَاقِهِمَا، وَفِي الْفَتَاوَى، وَكَذَا لَا يَرْجِعُ الْبَائِعُ عَلَى بَائِعِهِ بِقِيمَةٍ عِنْدَ الْبِنَاءِ أَبِي حَنِيفَةَ خِلَافًا لَهُمَا، وَكَذَا لَا يَرْجِعُ بِنُقْصَانِ الْعَيْبِ فَبَائِعُهُ لَا يَرْجِعُ. وَلَوْ اشْتَرَى عَبْدًا فَمَاتَ فِي يَدِهِ فَاطَّلَعَ عَلَى عَيْبٍ رَجَعَ عَلَى بَائِعِهِ بِالنُّقْصَانِ وَلَمْ يَرْجِعْ بَائِعُهُ عَلَى بَائِعِهِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ خِلَافًا لَهُمَا هَذَا إذَا تَمَلَّكَ بِالْبَدَلِ أَمَّا إذَا تَمَلَّكَ بِغَيْرِ بَدَلٍ كَالْهِبَةِ وَالصَّدَقَةِ فَأَبُو حَنِيفَةَ لَا يَرْجِعُ عَلَى أَحَدٍ بِمَا غَرِمَ مِنْ قِيمَةِ الْوَلَدِ إلَّا فِي الْمِيرَاثِ فَإِنَّ الْوَارِثَ إذَا غَرِمَ يَرْجِعُ عَلَى بَائِعِ الْأَمَةِ مِنْ مُورِثِهِ بِمَا غَرِمَ إلَى هُنَا، مِنْ شَرْحِ الطَّحَاوِيِّ فِي كِتَابِ الدَّعْوَى. وَفِيهِ فِي كِتَابِ الشُّفْعَةِ قَالَ فِي ثَلَاثَةِ مَوَاضِعَ: لَا يَرْجِعُ بِقِيمَةِ الْبِنَاءِ مِنْهَا الشُّفْعَةُ وَالْمَأْسُورَةُ وَمَسْأَلَةُ الْقِسْمَةِ وَصُورَتُهَا دَارٌ بَيْنَ اثْنَيْنِ قَسَّمَاهَا بِقَضَاءٍ فَبَنَى أَحَدُهُمَا فِي نَصِيبِهِ بِنَاءً ثُمَّ اُسْتُحِقَّ نَصِيبُهُ وَنُقِضَ عَلَيْهِ الْبِنَاءُ فَإِنَّهُ يَرْجِعُ عَلَى شَرِيكِهِ فِي الدَّارِ فَيُشَارِكُهُ فِيمَا حَصَلَ لَهُ بِالْقِسْمَةِ وَلَا يَرْجِعُ عَلَيْهِ بِقِيمَةِ مَا نُقِضَ مِنْ بِنَائِهِ؛ لِأَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مَجْبُورٌ عَلَى الْقِسْمَةِ وَبِمِثْلِهِ لَوْ كَانَتْ دَارَانِ فَاقْتَسَمَاهَا وَأَخَذَ كُلٌّ مِنْهُمَا دَارًا، وَإِنْ قَسَّمَا بِغَيْرِ قَضَاءٍ وَالْمَسْأَلَةُ بِحَالِهَا يَرْجِعُ عَلَى شَرِيكِهِ بِنِصْفِ قِيمَةِ الْبِنَاءِ مَبْنِيًّا وَالنَّقْضُ بَيْنَهُمَا نِصْفَانِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ، وَلَوْ كَانَ الْقَاضِي هُوَ الَّذِي قَسَّمَ لَا يَرْجِعُ بِقِيمَةِ بِنَائِهِ بِالْإِجْمَاعِ لَكِنْ يُشَارِكُهُ فِي الدَّارِ، وَفِي النِّصَابِ فِي ثَلَاثِ مَوَاضِعَ: لَا يَرْجِعُ بِقِيمَةِ الْبِنَاءِ مِنْهَا الشُّفْعَةُ صُورَتُهَا الشَّفِيعُ إذَا أَخَذَ الدَّارَ بِالشُّفْعَةِ فَبَنَى فِيهَا ثُمَّ اُسْتُحِقَّتْ الدَّارُ وَنُقِضَ عَلَيْهِ الْبِنَاءُ رَجَعَ الشَّفِيعُ عَلَيْهِ بِالثَّمَنِ الَّذِي دَفَعَهُ إلَيْهِ خَاصَّةً وَلَا يَرْجِعُ بِقِيمَةِ الْبِنَاءِ. الثَّانِيَةُ: مَسْأَلَةُ الْمَأْسُورَةِ فَإِنَّهَا إذَا اُسْتُحِقَّتْ فِي يَدِ الْمَوْلَى بَعْدَمَا أَخَذَهَا مِنْ الْمُشْتَرِي بِمَا قَامَتْ عَلَيْهِ وَبَعْدَمَا اسْتَوْلَدَهَا وَأَقَامَ الْمُسْتَحِقُّ الْبَيِّنَةَ أَنَّهَا أُمُّ وَلَدِهِ، أَوْ مُدَبَّرَتُهُ وَقَضَى عَلَيْهِ بِالْجَارِيَةِ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 234 وَالْعُقْرِ وَقِيمَةِ الْوَلَدِ فَالْمَوْلَى لَا يَرْجِعُ عَلَى الْمُشْتَرِي بِقِيمَةِ الْوَلَدِ وَإِنَّمَا يَرْجِعُ بِالثَّمَنِ الَّذِي دُفِعَ إلَيْهِ. الثَّالِثَةُ: الْقِسْمَةُ دَارٌ بَيْنَ اثْنَيْنِ إلَى تَمَامِ الْمَسْأَلَةِ. وَفِي بُيُوعِ الْفَتَاوَى رَجُلٌ اشْتَرَى دَارًا وَبَنَى فِيهَا وَغَابَ ثُمَّ إنَّ الْبَائِعَ بَاعَهَا مِنْ إنْسَانٍ آخَرَ وَنَقَضَ الثَّانِي بِنَاءَ الْأَوَّلِ وَبَنَى فِيهَا، ثُمَّ جَاءَ الْأَوَّلُ وَاسْتَحَقَّهَا لَا يَخْلُو إنْ بَنَى الثَّانِي بِآلَاتٍ هِيَ مِلْكُهُ يَضْمَنُ الْمُشْتَرِي الثَّانِي لِلْأَوَّلِ حِصَّةَ الْبِنَاءِ الْعَامِرِ وَالنَّقْضَ لِلْمُشْتَرِي الْأَوَّلِ إنْ كَانَ قَائِمًا، وَيَضْمَنُ قِيمَةَ النَّقْضِ إنْ اسْتَهْلَكَهُ الْمُشْتَرِي، وَإِنْ بَنَى بِنَقْضِ الْأَوَّلِ يَضْمَنُ الْمُشْتَرِي الثَّانِي مَا قُلْنَاهُ، وَلِلْمُشْتَرِي الْأَوَّلِ أَنْ يَمْسِكَ الْبِنَاءَ؛ لِأَنَّهُ يُمْكِنُهُ رَفْعَ الْبِنَاءِ؛ لِأَنَّهُ عَيْنُ مِلْكِهِ، وَإِنْ زَادَ الْمُشْتَرِي الثَّانِي زِيَادَةً فِي ذَلِكَ أَعْطَاهُ قِيمَةَ الزِّيَادَةِ مِنْ غَيْرِ أَنْ يُعْطِيَهُ أَجْرَ الْعَامِلِ؛ لِأَنَّ الزِّيَادَةَ عَلَيْهَا مَالٌ مُتَقَوِّمٌ وَالْعَمَلُ لَا يَتَقَوَّمُ إلَّا بِالْعَقْدِ وَلَمْ يُوجَدْ. رَجُلٌ اشْتَرَى دَارًا وَهُوَ يَعْلَمُ أَنَّهَا لِغَيْرِ الْبَائِعِ وَقَالَ الْبَائِعُ: وَكَّلَنِي صَاحِبُهَا بِالْبَيْعِ فَهَذَا وَمَا لَوْ اشْتَرَى مِنْ مَالِكِهَا سَوَاءٌ، وَلَوْ قَالَ الْبَائِعُ: إنَّ صَاحِبَهَا لَمْ يَأْمُرنِي بِالْبَيْعِ لَكِنْ أَرْجُو أَنْ يَرْضَى فَلَمْ يَرْضَ حِينَ اشْتَرَاهَا وَهُوَ قَدْ بَنَى لَا يَرْجِعُ بِشَيْءٍ لِأَجْلِ الْبِنَاءِ، وَلَوْ أَجَازَ الْبَيْعَ بَعْدَمَا بَنَاهَا الْمُشْتَرِي تَمَّ الْبَيْعُ فَإِنْ اُسْتُحِقَّتْ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ لَا يَرْجِعُ عَلَى الْبَائِعِ وَقِيلَ لَهُ اهْدِمْ بِنَاءَك، أَمَّا إذَا بَنَاهَا بَعْدَمَا أَجَازَ الْبَيْعَ ثُمَّ اُسْتُحِقَّتْ رَجَعَ. لَوْ اُسْتُحِقَّتْ الْأَرْضُ وَقَدْ أَدَّى الْمُشْتَرِي خَرَاجَهَا لَا يَرْجِعُ بِالْخَرَاجِ عَلَى الْبَائِعِ. اشْتَرَى دَارًا وَتَقَابَضَا ثُمَّ بَاعَهَا مِنْ رَجُلٍ ثُمَّ اشْتَرَاهَا مِنْهُ هُوَ يَرْجِعُ عَلَيْهِ ثُمَّ يَرْجِعُ عَلَى الْبَائِعِ. الْمُسْتَحِقُّ إذَا قَالَ لِلْمُشْتَرِي: الثَّمَنُ الَّذِي دَفَعْته إلَى الْبَائِعِ خُذْهُ مِنِّي فَأَخَذَهُ يَكُونُ قَاضِيًا دَيْنَ الْبَائِعِ بِغَيْرِ أَمْرِهِ فَلَا يَرْجِعُ عَلَيْهِ. اشْتَرَى أَمَةً فَوَلَدَتْ مِنْهُ فَاسْتُحِقَّتْ يُقْضَى عَلَيْهِ بِقِيمَةِ الْوَلَدِ وَيَرْجِعُ عَلَى الْبَائِعِ بِقِيمَةِ الْوَلَدِ يَوْمَ الْخُصُومَةِ، وَلَوْ مَاتَ الْوَلَدُ لَا شَيْءَ عَلَى الْمُشْتَرِي، أَمَّا لَوْ قُتِلَ وَأَخَذَ الْمُشْتَرِي الدِّيَةَ غَرِمَ الْمُشْتَرِي لِلْمُسْتَحِقِّ الْقِيمَةَ، وَلَوْ مَاتَ الْوَلَدُ وَتَرَكَ عَشَرَةَ آلَافِ دِرْهَمٍ لَا يَغْرَمُ شَيْئًا وَالْمِيرَاثُ لَهُ وَلَزِمَهُ الْعُقْرُ، وَلَوْ اكْتَسَبَتْ الْجَارِيَةُ كَسْبًا، أَوْ وُهِبَ لَهَا هِبَةٌ يَأْخُذُهَا الْمُسْتَحِقُّ مَعَ الْإِكْسَابِ وَبِمَا وُهِبَ لَهَا. اشْتَرَى جَارِيَةً فَظَهَرَ أَنَّهَا حُرَّةٌ وَقَدْ مَاتَ الْبَائِعُ وَلَمْ يَتْرُكْ شَيْئًا وَلَا وَارِثَ لَهُ غَيْرَ أَنَّ بَائِعَ الْمَيِّتِ حَاضِرٌ يُجْعَلُ الْقَاضِي نَائِبًا عَنْ الْمَيِّتِ حَتَّى يَرْجِعَ هُوَ عَلَيْهِ وَالنَّائِبُ يَرْجِعُ عَلَى مَنْ بَاعَ مِنْ الْمَيِّتِ. اُسْتُحِقَّتْ جَارِيَةٌ اسْمُهَا دلير فَقَالَ الْبَائِعُ: بِعْت مِنْك جَارِيَةً اسْمُهَا نَفِيسَةُ لَيْسَ لَهُ أَنْ يَرْجِعَ عَلَيْهِ بِالثَّمَنِ، وَقِيلَ: غَلَطُ الِاسْمِ لَا يُعْتَبَرُ فَإِذَا قَالَ: اُسْتُحِقَّتْ عَلَيَّ جَارِيَةٌ اشْتَرَيْتهَا مِنْك تُسْمَعُ وَتُقْبَلُ الْبَيِّنَةُ، وَإِنْ لَمْ يَذْكُرْ اسْمَهَا فَإِذَا ذَكَرَ وَلَا تَعَلُّقَ لِلْحُكْمِ بِهِ لَا يَكُونُ مَانِعًا كَيْفَ وَوَجْهُنَا لَيْسَ بِمُنَاقِضٍ؛ لِأَنَّهُ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ لَهَا اسْمَانِ. اشْتَرَى جَارِيَةً قِيمَتُهَا ثَلَاثُونَ ثُمَّ صَارَتْ قِيمَتُهَا يَوْمَ الِاسْتِحْقَاقِ خَمْسِينَ وَالْمُشْتَرِي أَزَالَ بَكَارَتَهَا فَإِنَّهُ يَضْمَنُ نُقْصَانَ ضَمَانِ الْبَكَارَةِ لِلْمُسْتَحِقِّ وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَرْجِعَ عَلَى الْبَائِعِ بِمَا ضَمِنَ كَمَا لَا يَرْجِعُ عَلَيْهِ بِالْعُقْرِ. أَعْطَى حِمَارًا مُعَيَّنًا فِي مُعَاوَضَةِ الْقَرَاطِيسِ بِسَبْعِينَ وَقِيمَتُهُ أَرْبَعُونَ فَعِنْدَ الِاسْتِحْقَاقِ يَرْجِعُ الْمُشْتَرِي عَلَى الْبَائِعِ بِسَبْعِينَ. وَفِي شَرْحِ الطَّحَاوِيِّ رَجُلٌ يَبِيعُ مَا يُسَاوِي أَلْفًا بِأَلْفَيْنِ وَيَقْبِضُ مِنْ الثَّمَنِ أَلْفًا إلَّا عَشَرَةَ دَرَاهِمَ ثُمَّ يَبِيعُ بِأَلْفٍ وَعَشَرَةٍ عَرَضًا يُسَاوِي عَشَرَةً الْأَحْوَطُ لِلْبَائِعِ أَنْ يَشْتَرِيَ بِبَقِيَّةِ الثَّمَنِ وَهُوَ أَلْفٌ وَعَشَرَةٌ ذَهَبًا يُسَاوِي عَشَرَةً حَتَّى لَوْ اسْتَحَقَّ الْمَبِيعُ مِنْ يَدِ الْمُشْتَرِي رَجَعَ الْمُشْتَرِي الجزء: 1 ¦ الصفحة: 235 عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا أَعْطَاهُ، وَلَوْ أَعْطَاهُ بِأَلْفٍ، أَوْ بِعَشَرَةٍ، أَوْ عَرَضًا يُسَاوِي عَشَرَةً فَعِنْدَ الِاسْتِحْقَاقِ يَرْجِعُ عَلَيْهِ بِأَلْفَيْ دِرْهَمٍ انْتَهَى مَا فِي الْخُلَاصَةِ. الْمُشْتَرِي إذَا اُسْتُحِقَّ عَلَيْهِ الْمَبِيعُ بِبَيِّنَةٍ فَقَالَ أَخَذَهُ الْمُدَّعِي ظُلْمًا بِغَيْرِ حَقٍّ لَا يَرْجِعُ عَلَى بَائِعِهِ بِالثَّمَنِ هَذِهِ فِي الْقِسْمَةِ، مِنْ الْقُنْيَةِ. بَاعَ مُسْلِمٌ عَبْدًا مِنْ كَافِرٍ وَاسْتَحَقَّ عِنْدَهُ بِشَهَادَةِ الْكَافِرِ وَقَضَى عَلَيْهِ بِهِ لَا يَرْجِعُ الْمُشْتَرِي بِالثَّمَنِ عَلَى بَائِعِهِ الْمُسْلِمِ؛ لِأَنَّ الْبَيِّنَةَ ظَهَرَتْ فِي حَقِّهِ خَاصَّةً، مِنْ مُشْتَمِلِ الْأَحْكَامِ. رَجُلٌ بَاعَ مِنْ رَجُلٍ سَاجَةً مُلْقَاةً فِي الطَّرِيقِ وَالْمُشْتَرِي قَائِمٌ عَلَيْهَا وَخَلَّى الْبَائِعُ بَيْنَهُ وَبَيْنَهَا فَلَمْ يُحَرِّكْهَا الْمُشْتَرِي مِنْ مَوْضِعِهَا حَتَّى جَاءَ رَجُلٌ وَأَحْرَقَهَا كَانَ لِلْمُشْتَرِي أَنْ يَضْمَنَهُ فَإِنْ اسْتَحَقَّهَا رَجُلٌ كَانَ لَهُ أَنْ يَضْمَنَ الْمُحْرِقَ وَلَا يَضْمَنَ الْمُشْتَرِيَ. رَجُلٌ اشْتَرَى عَبْدًا وَلَمْ يَقْبِضْهُ حَتَّى رَهَنَهُ الْبَائِعُ بِمِائَةٍ، أَوْ آجَرَهُ، أَوْ أَوْدَعَهُ فَمَاتَ يَنْفَسِخُ الْبَيْعُ وَلَا يَكُونُ لِلْمُشْتَرِي أَنْ يَضْمَنَ أَحَدًا مِنْ هَؤُلَاءِ؛ لِأَنَّهُ إنْ ضَمِنَهُمْ رَجَعُوا عَلَى الْبَائِعِ، وَلَوْ أَعَارَهُ، أَوْ وَهَبَهُ فَمَاتَ عِنْدَ الْمُعِيرِ، أَوْ الْمُوهِبِ أَوْ أَوْدَعَهُ فَاسْتَعْمَلَهُ الْمُودِعُ فَمَاتَ مِنْ ذَلِكَ كَانَ الْمُشْتَرِي بِالْخِيَارِ إنْ شَاءَ أَمْضَى الْبَيْعَ وَضَمِنَ الْمُشْتَرِي الْمُودِعَ وَالْمَوْهُوبَ لَهُ، وَإِنْ شَاءَ فَسَخَ؛ لِأَنَّهُ لَوْ ضَمِنَ هَؤُلَاءِ لَيْسَ لِلضَّامِنِ مِنْهُمْ أَنْ يَرْجِعَ عَلَى الْبَائِعِ، وَلَوْ كَانَ الْبَائِعُ بَاعَهُ مِنْ رَجُلٍ فَمَاتَ عِنْدَ الْمُشْتَرِي الثَّانِي مَعَ عِلْمِهِ، أَوْ مَعَ غَيْرِ عِلْمِهِ كَانَ الْمُشْتَرِي الْأَوَّلُ بِالْخِيَارِ إنْ شَاءَ فَسَخَ الْبَيْعَ، وَإِنْ شَاءَ ضَمِنَ الْمُشْتَرِيَ الثَّانِيَ ثُمَّ رَجَعَ الثَّانِي عَلَى الْبَائِعِ بِالثَّمَنِ إنْ كَانَ نَقَدَ الثَّمَنَ، وَإِنْ لَمْ يَنْقُدْ لَا يَرْجِعُ بِشَيْءٍ. وَلَوْ اشْتَرَى عَبْدًا فَأَمَرَ الْبَائِعُ رَجُلًا فَقَتَلَهُ كَانَ لِلْمُشْتَرِي أَنْ يَضْمَنَ الْقَاتِلَ قِيمَتَهُ وَلَا يَرْجِعُ الْقَاتِلُ بِمَا ضَمِنَ عَلَى الْبَائِعِ. وَلَوْ بَاعَ شَاةً ثُمَّ أَمَرَ الْبَائِعُ رَجُلًا فَذَبَحَهَا فَإِنْ كَانَ الذَّابِحُ يَعْلَمُ بِالْبَيْعِ فَلِلْمُشْتَرِي أَنْ يَضْمَنَ الذَّابِحَ وَلَا يَرْجِعُ الذَّابِحُ عَلَى الْآمِرِ. وَلَوْ أَنَّ رَجُلًا لَهُ شَاةٌ أَمَرَ رَجُلًا بِأَنْ يَذْبَحَهَا ثُمَّ بَاعَ الشَّاةَ قَبْلَ أَنْ يَذْبَحَهَا ثُمَّ ذَبَحَ الْمَأْمُورُ الشَّاةَ كَانَ لِلْمُشْتَرِي أَنْ يَضْمَنَ الذَّابِحَ وَلَا يَرْجِعُ الذَّابِحُ بِذَلِكَ عَلَى الْآمِرِ، وَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ الْمَأْمُورُ بِالْبَيْعِ. رَجُلٌ اشْتَرَى خُفَّيْنِ، أَوْ نَعْلَيْنِ، أَوْ مِصْرَاعَيْ بَابٍ فَقَبَضَ أَحَدُهُمَا فَهَلَكَ الْمَقْبُوضُ عِنْدَ الْمُشْتَرِي وَالْآخَرُ عِنْدَ الْبَائِعِ كَانَ عَلَى الْمُشْتَرِي حِصَّةُ مَا هَلَكَ عِنْدَهُ وَمَا هَلَكَ عِنْدَ الْبَائِعِ يَهْلِكُ عَلَى الْبَائِعِ، وَلَا يَصِيرُ الْمُشْتَرِي بِقَبْضِ أَحَدِهِمَا قَابِضًا لَهُمَا جَمِيعًا، وَلَوْ أَحْدَثَ الْمُشْتَرِي بِأَحَدِهِمَا عَيْبًا قَبْلَ الْقَبْضِ يَصِيرُ قَابِضًا لَهُمَا جَمِيعًا، وَإِنْ أَحْدَثَ الْبَائِعُ بِأَحَدِهِمَا عَيْبًا بِأَمْرِ الْمُشْتَرِي يَصِيرُ قَابِضًا لَهُمَا جَمِيعًا، وَلَوْ قَبَضَ الْمُشْتَرِي أَحَدَهُمَا وَاسْتَهْلَكَهُ، أَوْ أَحْدَثَ بِهِ عَيْبًا ثُمَّ هَلَكَ الْآخَرُ عِنْدَ الْبَائِعِ كَانَ الْمُشْتَرِي قَابِضًا لَهُمَا جَمِيعًا وَيَدْفَعُ جَمِيعَ الثَّمَنِ. وَذُكِرَ فِي الْمُنْتَقَى رَجُلٌ اشْتَرَى سَمْنًا وَدَفَعَ إلَى الْبَائِعِ ظَرْفًا وَأَمَرَهُ بِأَنْ يَزِنَ فِيهِ، وَفِي الظَّرْفِ خَرْقٌ لَا يَعْلَمُ بِهِ الْمُشْتَرِي وَالْبَائِعُ يَعْلَمُ بِهِ فَتَلِفَ كَانَ التَّلَفُ عَلَى الْبَائِعِ وَلَا شَيْءَ لَهُ عَلَى الْمُشْتَرِي، وَإِنْ كَانَ الْمُشْتَرِي يَعْلَمُ بِهِ وَالْبَائِعُ لَا يَعْلَمُ أَوْ كَانَا يَعْلَمَانِ جَمِيعًا كَانَ الْمُشْتَرِي قَابِضًا لِلْمَبِيعِ وَعَلَيْهِ جَمِيعُ الثَّمَنِ. رَجُلٌ لَهُ رِمَاكٌ فِي حَظِيرَةٍ فَبَاعَ مِنْهَا وَاحِدَةً بِعَيْنِهَا لِرَجُلٍ وَقَبَضَ الثَّمَنَ وَقَالَ لِلْمُشْتَرِي: اُدْخُلْ الْحَظِيرَةَ وَاقْبِضْهَا وَقَدْ خَلَّيْت بَيْنَك وَبَيْنَهَا فَدَخَلَ لِيَقْبِضَهَا فَعَالَجَهَا فَانْفَلَتَتْ مِنْ بَابِ الْحَظِيرَةِ وَذَهَبَتْ قَالَ مُحَمَّدٌ إنْ سَلَّمَ الرَّمَكَةَ إلَى الْمُشْتَرِي فِي مَوْضِعٍ يَقْدِرُ عَلَى أَخْذِهَا الجزء: 1 ¦ الصفحة: 236 بِوَهْقٍ وَمَعَهُ وَهْقٌ وَالرَّمَكَةُ لَا تَقْدِرُ عَلَى الْخُرُوجِ مِنْ ذَلِكَ الْمَكَانِ فَهُوَ قَبْضٌ وَإِنْ كَانَتْ تَقْدِرُ عَلَى أَنْ تَنْفَلِتَ مِنْهُ فَلَيْسَ بِقَبْضٍ، وَكَذَا لَوْ كَانَ الْمُشْتَرِي يَقْدِرُ عَلَى أَخْذِهَا بِوَهْقٍ وَلَا يَقْدِرُ بِغَيْرِ وَهْقٍ وَلَيْسَ مَعَهُ وَهْقٌ وَإِنْ كَانَ الْمُشْتَرِي يَقْدِرُ عَلَى أَخْذِهَا إنْ كَانَ مَعَهُ أَعْوَانٌ وَلَا يَقْدِرُ عَلَى أَخْذِهَا وَحْدَهُ وَلَيْسَ مَعَهُ أَعْوَانٌ فَانْفَلَتَتْ لَا يَكُونُ ذَلِكَ قَبْضًا وَإِنْ كَانَ الْمُشْتَرِي يَقْدِرُ عَلَى أَخْذِهَا بِغَيْرِ حَبْلٍ وَلَا أَعْوَانٍ فَخَلَّى الْبَائِعُ بَيْنَهَا وَبَيْنَهُ فَانْفَلَتَتْ كَانَ الْمُشْتَرِي قَابِضًا وَإِنْ كَانَتْ الرَّمَكَةُ فِي يَدِ الْبَائِعِ يَمْسِكُهَا بِعَنَانِهَا فَاشْتَرَاهَا مِنْهُ رَجُلٌ وَنَقَدَ الثَّمَنَ فَقَالَ لَهُ الْبَائِعُ هَاكَ الرَّمَكَةِ فَوَضَعَهَا فِي يَدِ الْمُشْتَرِي حَتَّى صَارَتْ فِي أَيْدِيهِمَا جَمِيعًا فَقَالَ الْبَائِعُ خَلَّيْت بَيْنَك وَبَيْنَهَا وَلَسْت أَمْسِكُهَا مَنْعًا لَهَا مِنْك وَإِنَّمَا أَمْسِكُهَا حَتَّى تَضْبِطُهَا فَانْفَلَتَتْ مِنْ أَيْدِيهِمَا فَهُوَ قَبْضٌ مِنْ الْمُشْتَرِي وَإِنْ كَانَتْ الرَّمَكَةُ فِي يَدِ الْبَائِعِ وَلَمْ تَصِلَ إلَى يَدِ الْمُشْتَرِي فَقَالَ الْبَائِعُ خَلَّيْت بَيْنَك وَبَيْنَهَا فَاقْبِضْهَا فَإِنِّي أَمْسِكُهَا لَك فَانْفَلَتَتْ مِنْ يَدِ الْبَائِعِ قَبْلَ قَبْضِ الْمُشْتَرِي إلَّا أَنَّ الْمُشْتَرِيَ كَانَ يَقْدِرُ عَلَى أَخْذِهَا مِنْ الْبَائِعِ وَضَبْطِهَا فَلَيْسَ هَذَا بِقَبْضٍ مِنْ الْمُشْتَرِي. وَلَوْ كَانَتْ الرِّمَاكُ فِي حَظِيرَةٍ عَلَيْهَا بَابٌ مُغْلَقٌ لَا تَقْدِرُ الرِّمَاكُ عَلَى الْخُرُوجِ فَبَاعَهَا مِنْ رَجُلٍ وَخَلَّى بَيْنَهُ وَبَيْنَهَا فَفَتَحَ الْمُشْتَرِي الْبَابَ فَفَلَتَتْ الرِّمَاكُ وَخَرَجَتْ كَانَ الثَّمَنُ لَازِمًا عَلَى الْمُشْتَرِي سَوَاءً كَانَ يَقْدِرُ عَلَى أَخْذِ الرِّمَاكِ، أَوْ لَا يَقْدِرُ وَإِنْ لَمْ يَفْتَحْ الْمُشْتَرِي الْبَابَ وَإِنَّمَا فَتَحَهُ أَجْنَبِيٌّ، أَوْ فَتَحَتْهُ الرِّيحُ حَتَّى خَرَجَتْ الرِّمَاكُ فَنَظَرَ إنْ كَانَ الْمُشْتَرِي لَوْ دَخَلَ الْحَظِيرَةَ يَقْدِرُ عَلَى أَخْذِهَا يَكُونُ قَابِضًا وَإِلَّا فَلَا. وَإِنْ اشْتَرَى طَيْرًا يَطِيرُ فِي بَيْتٍ عَظِيمٍ إلَّا أَنَّهُ لَا يَقْدِرُ عَلَى الْخُرُوجِ إلَّا بِفَتْحِ الْبَابِ وَالْمُشْتَرِي لَا يَقْدِرُ عَلَى أَخْذِهِ لِطَيَرَانِهِ وَخَلَّى الْبَائِعُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْبَيْتِ فَفَتَحَ الْمُشْتَرِي الْبَابَ فَخَرَجَ الطَّيْرُ ذَكَرَ النَّاطِفِيُّ أَنَّهُ يَكُونُ قَابِضًا لِلطَّيْرِ، وَلَوْ فَتَحَ الْبَابَ غَيْرُ الْمُشْتَرِي، أَوْ فَتَحَتْهُ الرِّيحُ لَا يَكُونُ الْمُشْتَرِي قَابِضًا. وَلَوْ اشْتَرَى ثَوْبًا وَأَمَرَهُ الْبَائِعُ بِقَبْضِهِ وَلَمْ يَقْبِضْهُ حَتَّى غَصَبَهُ إنْسَانٌ فَإِنْ كَانَ حِينَ أَمَرَهُ الْبَائِعُ بِالْقَبْضِ أَمْكَنَهُ أَنْ يَمُدَّ يَدَهُ وَيَقْبِضَهُ مِنْ غَيْرِ قِيَامٍ صَحَّ التَّسْلِيمُ وَإِلَّا فَلَا. رَجُلٌ بَاعَ فَصًّا فِي خَاتَمٍ بِدِينَارٍ وَدَفَعَ الْخَاتَمَ إلَى الْمُشْتَرِي وَأَمَرَهُ أَنْ يَنْزِعَ الْفَصَّ فَهَلَكَ الْخَاتَمُ عِنْدَ الْمُشْتَرِي إنْ كَانَ الْمُشْتَرِي يَقْدِرُ عَلَى نَزْعِهِ مِنْ غَيْرِ ضَرَرٍ كَانَ عَلَى الْمُشْتَرِي ثَمَنُ الْفَصِّ لَا غَيْرُ؛ لِأَنَّ الْمُشْتَرِيَ كَانَ أَمِينًا فِي الْخَاتَمِ وَإِذَا كَانَ لَا يَقْدِرُ عَلَى نَزْعِهِ إلَّا بِضَرَرٍ لَا شَيْءَ عَلَى الْمُشْتَرِي؛ لِأَنَّ تَسْلِيمَ الْمَبِيعِ لَمْ يَصِحَّ. رَجُلٌ اشْتَرَى بَقَرَةً فَقَالَ لِلْبَائِعِ: سُقْهَا إلَى مَنْزِلِك حَتَّى أَجِيءَ بِحَقِّك إلَى مَنْزِلِك وَأَسُوقُهَا إلَى مَنْزِلِي فَمَاتَتْ الْبَقَرَةُ فِي بَيْتِ الْبَائِعِ فَإِنَّهَا تَهْلِكُ عَلَى الْبَائِعِ. رَجُلٌ اشْتَرَى ثَوْبًا وَلَمْ يَقْبِضْهُ، وَلَمْ يَنْقُدْ الثَّمَنَ فَقَالَ لِلْبَائِعِ: لَا آمَنُك عَلَيْهِ ادْفَعْهُ إلَى فُلَانٍ فَيَكُونُ عِنْدَهُ حَتَّى أَدْفَعَ إلَيْك الثَّمَنَ فَدَفَعَهُ الْبَائِعُ إلَى فُلَانٍ وَهَلَكَ عِنْدَهُ كَانَ الْهَلَاكُ عَلَى الْبَائِعِ؛ لِأَنَّ الْمَدْفُوعَ إلَيْهِ يُمْسِكُهُ بِالثَّمَنِ لِأَجْلِ الْبَائِعِ فَتَكُونُ يَدُهُ كَيَدِ الْبَائِعِ. رَجُلٌ اشْتَرَى دَابَّةً مَرِيضَةً فِي إصْطَبْلِ الْبَائِعِ فَقَالَ الْمُشْتَرِي لِلْبَائِعِ: تَكُونُ هَا هُنَا اللَّيْلَةَ فَإِنْ مَاتَتْ مَاتَتْ لِي فَهَلَكَتْ هَلَكَتْ مِنْ مَالِ الْبَائِعِ لَا مِنْ مَالِ الْمُشْتَرِي. رَجُلٌ بَاعَ مَكِيلًا فِي بَيْتٍ مُكَايَلَةً، أَوْ مَوْزُونًا مُوَازَنَةً وَقَالَ لِلْمُشْتَرِي: خَلَّيْت بَيْنَك وَبَيْنَهُ فَاقْبِضْهُ لَا يَكُونُ قَابِضًا وَالْحَاصِلُ أَنَّ التَّخْلِيَةَ بَيْنَ الْمَبِيعِ وَبَيْنَ الْمُشْتَرِي تَكُونُ قَبْضًا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 237 بِثَلَاثِ شَرَائِطَ : أَحَدُهَا: أَنْ يَقُولَ الْبَائِعُ خَلَّيْت بَيْنَك وَبَيْنَ الْمَبِيعِ فَاقْبِضْهُ وَيَقُولُ الْمُشْتَرِي قَدْ قَبَضْت. الثَّانِي: أَنْ يَكُونَ الْمَبِيعُ بِحَضْرَةِ الْمُشْتَرِي بِحَيْثُ يَصِلُ إلَى الْأَخْذِ مِنْ غَيْرِ مَانِعٍ. الثَّالِثُ: أَنْ يَكُونَ الْمَبِيعُ مُفْرَزًا غَيْرَ مَشْغُولٍ بِحَقِّ الْغَيْرِ فَإِنْ كَانَ شَاغِلًا لِحَقِّ الْغَيْرِ كَالْحِنْطَةِ فِي جُوَالِقِ الْبَائِعِ وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ فَذَلِكَ لَا يَمْنَعُ التَّخْلِيَةَ وَاخْتَلَفَ أَبُو يُوسُفَ وَمُحَمَّدٌ فِي التَّخْلِيَةِ فِي دَارِ الْبَائِعِ قَالَ أَبُو يُوسُفَ: لَا تَكُونُ تَخْلِيَةً، وَقَالَ مُحَمَّدٌ تَكُونُ تَخْلِيَةً مِنْ قَاضِي خَانْ. وَفِي الْخُلَاصَةِ أَرْبَعَةُ أَشْيَاءَ: إذَا أَمَرَ الْمُشْتَرِي الْبَائِعَ حَتَّى فَعَلَ لَا يَصِيرُ الْمُشْتَرِي قَابِضًا إذَا أَمَرَهُ بِحَلْقِ شَعْرِ الْعَبْدِ. الثَّانِي: لَوْ أَمَرَهُ بِالْحِجَامَةِ. الثَّالِثُ: لَوْ أَمَرَهُ بِأَنْ يَسْقِيَهُ دَوَاءً. الرَّابِعُ: لَوْ أَمَرَهُ أَنْ يُدَاوِيَ جُرْحَهُ. وَيَصِيرُ الْمُشْتَرِي قَابِضًا بِعَشَرَةِ أَشْيَاءَ: لَوْ أَمَرَهُ بِالْخِتَانِ فِي الْجَارِيَةِ وَالْغُلَامِ أَوْ الْفَضَّةِ، أَوْ بِشَقِّ جُرْحِهِ، أَوْ أَنْ يَقْطَعَ عُرْفَ الْفَرَسِ، أَوْ كَانَ الْمَبِيعُ ثَوْبًا فَأَمَرَهُ بِالْقِصَارَةِ أَوْ حَبْكِهِ، أَوْ كَانَ الْمَبِيعُ مُكَعَّبًا فَأَمَرَهُ أَنْ يُنْعِلَهُ أَوْ كَانَ نَعْلًا فَأَمَرَهُ بِأَنْ يَحْذُوَهُ أَوْ طَعَامًا فَأَمَرَهُ بِالطَّبْخِ أَوْ كَانَ دَارًا فَأَجَّرَهَا مِنْ الْبَائِعِ، الْعَاشِرُ: إذَا كَانَتْ جَارِيَةً فَأَمَرَ الْبَائِعَ أَنْ يُزَوِّجَهَا وَدَخَلَ بِهَا زَوْجُهَا، وَلَوْ لَمْ يَدْخُلْ لَا يَصِيرُ قَابِضًا اهـ. رَجُلٌ اشْتَرَى خَلًّا فَنَظَرَ فِي دَنِّ الْخَلَّالِ فَوَقَعَتْ قَطْرَةُ دَمٍ مِنْ أَنْفِهِ يَتَنَجَّسُ وَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ إنْ نَظَرَ بِإِذْنِ الْخَلَّالِ، وَإِنْ نَظَرَ بِغَيْرِ إذْنِهِ كَانَ ضَامِنًا مِنْ قَاضِي خَانْ، قُلْتُ: وَهَذَا مُخَالِفٌ لِمَا مَرَّ فِي الْأَشْبَاهِ مِنْ الْغَصْبِ أَمَرَهُ أَنْ يَنْظُرَ إلَى خَابِيَتِهِ فَنَظَرَ فَسَالَ الدَّمُ فِيهَا مِنْ أَنْفِهِ ضَمِنَ نُقْصَانَ الْخَلِّ اهـ. وَيُؤَيِّدُ الْأَوَّلَ مَا فِي الْخُلَاصَةِ مِنْ الْغَصْبِ رَجُلٌ نَظَرَ إلَى دُهْنِ الْغَيْرِ وَهُوَ مَائِعٌ حِينَ أَرَادَ أَنْ يَشْتَرِيَ فَوَقَعَ فِي الدُّهْنِ مِنْ أَنْفِهِ قَطْرَةٌ مِنْ الدَّمِ تَنَجَّسَ الدَّنُّ، وَإِنْ كَانَ بِإِذْنِهِ لَا يَضْمَنُ ثُمَّ يَنْظُرُ إنْ كَانَ الدُّهْنُ مِنْ غَيْرِ مَأْكُولٍ يَضْمَنُ النُّقْصَانَ، وَإِنْ كَانَ مِنْ مَأْكُولٍ ضَمِنَ مِثْلَ ذَلِكَ الْقَدْرِ وَالْمَوْزُونُ مِثْلُ ذَلِكَ الدُّهْنِ اهـ. دَفَعَ إلَى بَقَّالٍ إنَاءً لِيَشْتَرِيَ مِنْهُ شَيْئًا فَوَزَنَهُ فَضَاعَ مِنْهُ شَيْءٌ قَبْلَ الْفَرَاغِ مِنْهُ فَإِنْ وَزَنَهُ بِإِذْنِ الدَّافِعِ ضَاعَ مِنْ الدَّافِعِ وَعَنْ عَيْنِ الْأَئِمَّةِ الْكَرَابِيسِيِّ وَزَنَ مَا ضَاعَ مِنْ الْبَقَّالِ. اشْتَرَى ثَوْرًا، أَوْ فَرَسًا مِنْ خَوْفٍ لِاسْتِئْنَاسِ الصَّبِيِّ لَا يَصِحُّ وَلَا قِيمَةَ لَهُ وَلَا يَضْمَنُ مُتْلِفُهُ. اشْتَرَى دَارًا وَلِلْبَائِعِ فِيهَا بَابٌ لَا يُمْكِنُ إخْرَاجُهُ إلَّا بِقَلْعِ الْبَابِ يَمْلِكُهُ الْمُشْتَرِي بِقِيمَتِهِ إنْ كَانَ نُقْصَانُ هَدْمِ الْبَابِ أَكْثَرَ مِنْ قِيمَتِهِ، وَإِنْ كَانَ قِيمَتُهُ أَكْثَرَ يُخْرِجُهُ الْبَائِعُ وَيَدْفَعُ نُقْصَانَ الْهَدْمِ. التَّوْكِيلُ بِالشِّرَاءِ الْفَاسِدِ صَحِيحٌ كَالتَّوْكِيلِ بِالشِّرَاءِ إلَى الْحَصَادِ وَالدِّيَاسِ وَقَبْضِ الْوَكِيلِ لِلْمُوَكِّلِ فَيَصِيرُ مَضْمُونًا عَلَيْهِ بِالْقِيمَةِ. قَبَضَ الْكِرْبَاسَ فِي الْبَيْعِ الْفَاسِدِ بِأَمْرِهِ وَقَطَعَهُ ثُمَّ أَوْدَعَهُ الْبَائِعُ وَهَلَكَ فِي يَدِهِ هَلَكَ مِنْهُ وَعَلَى الْمُشْتَرِي نُقْصَانُ الْقَطْعِ، مِنْ الْقُنْيَةِ. رَجُلٌ بَاعَ خَلًّا فَلَمَّا صَبَّهُ فِي خَابِيَةٍ الْمُشْتَرِي بِحَضْرَةِ الْمُشْتَرِي ظَهَرَ أَنَّهُ مُنْتِنٌ لَا يُنْتَفَعُ بِهِ قَالَ أَبُو بَكْرٍ الْبَلْخِيّ هُوَ أَمَانَةٌ عِنْدَ الْمُشْتَرِي إنْ هَلَكَ، أَوْ فَسَدَ لَا ضَمَانَ عَلَيْهِ، وَإِنْ أَرَاقَهُ الْمُشْتَرِي لِفَسَادِهِ إنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ قِيمَةٌ وَأَشْهَدَ عَلَى ذَلِكَ شَاهِدَيْنِ لَا شَيْءَ عَلَيْهِ. رَجُلٌ اشْتَرَى بِطِّيخَةً فَقَطَعَهَا فَوَجَدَهَا فَاسِدَةً قَالَ أَبُو الْقَاسِمِ إنْ لَمْ يَعْلَمْ بِفَسَادِهَا وَلَمْ يَسْتَهْلِكْ مِنْهَا شَيْئًا حَتَّى خَاصَمَ الْبَائِعَ وَلَهَا مَعَ فَسَادِهَا قِيمَةٌ كَانَ الْبَائِعُ بِالْخِيَارِ إنْ شَاءَ رَدَّ حِصَّةَ النُّقْصَانِ مِنْ الثَّمَنِ وَلَمْ يَقْبَلْ الْبِطِّيخَةَ، وَإِنْ شَاءَ قَبِلَهَا وَيَرُدُّ جَمِيعَ الثَّمَنِ، وَإِنْ كَانَ الْمُشْتَرِي عَلِمَ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 238 بِفَسَادِهَا وَاسْتَهْلَكَهَا، أَوْ اسْتَهْلَكَ بَعْضَهَا بِأَنْ أَطْعَمَهَا أَوْلَادَهُ، أَوْ عَبِيدَهُ لَا شَيْءَ لَهُ عَلَى الْبَائِعِ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لِلْبِطِّيخَةِ قِيمَةٌ مَعَ فَسَادِهَا رَجَعَ الْمُشْتَرِي عَلَى الْبَائِعِ بِجَمِيعِ الثَّمَنِ عَلَى كُلِّ حَالٍ. رَجُلٌ اشْتَرَى بَعِيرًا وَقَبَضَهُ ثُمَّ وَجَدَ بِهِ عَيْبًا فَذَهَبَ بِهِ إلَى الْبَائِعِ لِيَرُدَّهُ فَهَلَكَ فِي الطَّرِيقِ فَإِنَّهُ يَهْلِكُ عَلَى الْمُشْتَرِي ثُمَّ إنَّ الْمُشْتَرِيَ إنْ أَثْبَتَ الْعَيْبَ يَرْجِعُ بِنُقْصَانِ الْعَيْبِ. وَلَوْ اشْتَرَى بَعِيرًا فَقَبَضَهُ فَوَجَدَهُ لَا يَعْتَلِفُ ثُمَّ ظَهَرَ أَنَّهُ رِيحٌ فَوَقَعَ فَانْكَسَرَ وَنُحِرَ فَإِنَّهُ لَا يَرْجِعُ بِالنُّقْصَانِ عَلَى الْبَائِعِ. وَلَوْ اشْتَرَى بَعِيرًا فَأَدْخَلَهُ دَارِهِ فَسَقَطَ فَذَبَحَهُ إنْسَانٌ فَنَظَرُوا إلَى أَمْعَائِهِ فَإِذَا هُوَ فَاسِدٌ فَسَادًا قَدِيمًا إنْ كَانَ الذَّابِحُ ذَبَحَهُ بِغَيْرِ أَمْرِ الْمُشْتَرِي لَا يَرْجِعُ بِالنُّقْصَانِ لِوُجُوبِ الضَّمَانِ عَلَى الذَّابِحِ، وَإِنْ ذَبَحَهُ بِأَمْرِ الْمُشْتَرِي، أَوْ ذَبَحَهُ الْمُشْتَرِي بِنَفْسِهِ فَكَذَلِكَ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَقَالَ صَاحِبَاهُ يَرْجِعُ بِالنُّقْصَانِ. رَجُلٌ اشْتَرَى جَوْزًا فَانْكَسَرَ بَعْضُهُ فَوَجَدَهُ فَاسِدًا إنْ كَانَ يَنْتَفِعُ بِهِ وَلَهُ قِيمَةٌ عِنْدَ النَّاسِ فَإِنَّهُ يَرْجِعُ بِنُقْصَانِ الْعَيْبِ فِيمَا كُسِرَ وَلَا يَرُدُّ الْمَكْسُورَةَ وَلَا الْبَاقِيَ إلَّا إذَا أَقَامَ الْبَيِّنَةَ إنَّ الْبَاقِيَ مَعِيبٌ. وَلَوْ اشْتَرَى بِطِّيخًا عَدَدًا فَكَسَرَ وَاحِدَةً مِنْهَا بَعْدَ الْقَبْضِ فَوَجَدَهَا فَاسِدَةً لَا يَنْتَفِعُ بِهَا كَانَ لَهُ أَنْ يَرْجِعَ بِحِصَّتِهَا مِنْ الثَّمَنِ وَلَا يَرُدُّ غَيْرَهَا إلَّا أَنْ يُقِيمَ الْبَيِّنَةَ عَلَى فَسَادِ مَا بَقِيَ وَلَيْسَ الْبِطِّيخُ فِي هَذَا كَالْجَوْزِ؛ لِأَنَّ الْجَوْزَ كَشَيْءٍ وَاحِدٍ وَإِذَا كَانَ بَعْضُ الْجَوْزِ فَاسِدًا لَا يُنْتَفَعُ بِهِ يَرُدُّ الْكُلَّ، وَكَذَا اللَّوْزُ وَالْبُنْدُقُ وَالْفُسْتُقُ وَالْبَيْضُ وَأَمَّا الْبِطِّيخُ وَالرُّمَّانُ وَالسَّفَرْجَلُ وَالْخِيَارُ لَا يَرُدُّ غَيْرَ الْوَاحِدَةِ الْفَاسِدَةِ. رَجُلٌ اشْتَرَى فُقَّاعًا أَوْ شَرَابًا وَأَخَذَ الْكُوزَ، أَوْ الْقَدَحَ مِنْ الْفُقَّاعِيِّ فَوَقَعَ مِنْ يَدِهِ فَانْكَسَرَ لَا يَضْمَنُ؛ لِأَنَّهُ أَعَارَ مِنْهُ الْكُوزَ. رَجُلٌ أَخَذَ مَتَاعًا لِيَذْهَبَ بِهِ إلَى مَنْزِلِهِ فَإِنْ رَضِيَ اشْتَرَاهُ، وَإِنْ لَمْ يَرْضَ يَرُدُّهُ عَلَيْهِ فَهَلَكَ فِي يَدِهِ قَالَ الْفَقِيهُ الْكَبِيرُ لَا يَضْمَنُ؛ لِأَنَّهُ قَبَضَهُ عَلَى وَجْهِ الْمُسَاوِمَةِ، وَإِنْ اشْتَرَى مَتَاعًا عَلَى أَنَّهُ بِالْخِيَارِ إلَى أَنْ يَذْهَبَ بِهِ إلَى مَنْزِلِهِ فَهَلَكَ فِي يَدِهِ كَانَ عَلَيْهِ قِيمَتُهُ. رَجُلٌ دَفَعَ سِلْعَةً إلَى مُنَادٍ لِيُنَادِيَ عَلَيْهَا فَطُلِبَتْ مِنْهُ بِدَرَاهِمَ مَعْلُومَةٍ فَوَضَعَهَا عِنْدَ الَّذِي طَلَبَهَا فَقَالَ: ضَاعَتْ مِنِّي أَوْ وَقَعَتْ مِنِّي كَانَ عَلَيْهِ قِيمَتُهَا؛ لِأَنَّهُ أَخَذَهَا عَلَى وَجْهِ السَّوْمِ بَعْدَ بَيَانِ الثَّمَنِ قَالُوا وَلَا شَيْءَ عَلَى الْمُنَادِي وَهَذَا إذَا كَانَ مَأْذُونًا بِالدَّفْعِ إلَى مَنْ يُرِيدُ شِرَاءَهُ قَبْلَ الْبَيْعِ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ مَأْذُونًا بِذَلِكَ كَانَ ضَامِنًا. رَجُلٌ بَاعَ جَارِيَةً، أَوْ مَتَاعًا بِأَلْفِ دِرْهَمٍ فَوَزْنَ لَهُ الْمُشْتَرِي أَلْفًا وَمِائَتَيْ دِرْهَمٍ فَضَاعَتْ عِنْدَهُ كَانَ الْبَائِعُ مُسْتَوْفِيًا حَقَّهُ بِأَلْفٍ وَالزِّيَادَةُ أَمَانَةٌ فِي يَدِهِ فَلَا يَلْزَمُهُ شَيْءٌ بِهَلَاكِهَا، وَإِنْ ضَاعَ نِصْفُهَا كَانَ الْبَاقِي بَيْنَ الْبَائِعِ وَالْمُشْتَرِي سِتَّةٌ؛ لِأَنَّ الْمَالَ الْمَقْبُوضَ كَانَ مُشْتَرَكًا بَيْنَهُمَا عَلَى سِتَّةِ خَمْسَةٍ أَسْدَاسِهِ لِلْبَائِعِ وَالسُّدُسُ لِلْمُشْتَرِي فَمَا هَلَكَ يَهْلِكُ عَلَى الشَّرِكَةِ وَمَا بَقِيَ يَبْقَى عَلَى الشَّرِكَةِ، وَلَوْ أَنَّ الْبَائِعَ عَزَلَ مِنْهَا مِائَتَيْ دِرْهَمٍ لِيَرُدَّهَا فَضَاعَتْ الْمِائَتَانِ وَبَقِيَ أَلْفٌ كَانَ الْأَلْفُ بَيْنَهُمَا عَلَى سِتَّةٍ، وَلَوْ أَنَّ الْمُشْتَرِيَ دَفَعَ إلَى الْبَائِعِ دَرَاهِمَ صِحَاحًا فَكَسَرَهَا الْبَائِعُ فَوَجَدَهَا نَبَهْرَجَةً كَانَ لَهُ أَنْ يَرُدَّهَا عَلَى الْمُشْتَرِي وَلَا يَضْمَنُ بِالْكَسْرِ؛ لِأَنَّ الصِّحَاحَ وَالْمُكَسَّرَةَ فِيهِ سَوَاءٌ؛ لِأَنَّهُ لَا قِيمَةَ لِهَذِهِ الصَّنْعَةِ. رَجُلٌ اشْتَرَى مِنْ الْقَصَّابِ كُلَّ يَوْمٍ لَحْمًا بِدِرْهَمٍ وَكَانَ الْقَصَّابُ يَقْطَعُ لَهُ اللَّحْمَ وَيَضَعُهُ فِي الْمِيزَانِ وَيَزِنُ وَالْمُشْتَرِي يَظُنُّ أَنَّهُ مَنٌّ؛ لِأَنَّ اللَّحْمَ يُبَاعُ فِي الْبَلَدِ مَنًّا بِدِرْهَمٍ فَوَزَنَ الْمُشْتَرِي اللَّحْمَ يَوْمًا فَوَجَدَهُ ثَلَاثِينَ اسْتَارَا قَالُوا إنْ كَانَ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 239 الْمُشْتَرِي مِنْ أَهْلِ الْبَلَدِ يَرْجِعُ عَلَى الْقَصَّابِ بِحِصَّةِ النُّقْصَانِ مِنْ الثَّمَنِ وَلَا يَرْجِعُ بِحِصَّةِ النُّقْصَانِ مِنْ اللَّحْمِ، وَإِنْ كَانَ الْمُشْتَرِي مِنْ غَيْرِ أَهْلِ الْبَلَدِ أَوْ كَانَ الْقَصَّابُ يُنْكِرُ أَنَّهُ دَفَعَ إلَيْهِ عَلَى أَنَّهُ مَنٌّ فَإِنَّ الْمُشْتَرِيَ لَا يَرْجِعُ عَلَى الْقَصَّابِ بِشَيْءٍ؛ لِأَنَّ سِعْرَ الْبَلَدِ لَا يَظْهَرُ فِي حَقِّ الْغُرَبَاءِ. بَلْدَةٌ اصْطَلَحَ أَهْلُهَا عَلَى سِعْرِ اللَّحْمِ وَالْخُبْزِ وَشَاعَ ذَلِكَ فَجَاءَ رَجُلٌ غَرِيبٌ إلَى الْخَبَّازِ فَقَالَ: أَعْطِنِي خُبْزًا بِدِرْهَمٍ، أَوْ أَعْطِنِي لَحْمًا بِدِرْهَمٍ فَأَعْطَاهُ أَقَلَّ مِمَّا يُبَاعُ فِي الْبَلَدِ وَالْمُشْتَرِي لَا يَعْلَمُ بِذَلِكَ قَالُوا يَرْجِعُ فِي الْخُبْزِ بِحِصَّةِ النُّقْصَانِ مِنْ الثَّمَنِ؛ لِأَنَّ الْبَيْعَ وَقَعَ عَلَى الْمَوْزُونِ الَّذِي شَاعَ فِي الْبَلَدِ فَإِذَا وَجَدَهُ أَقَلَّ رَجَعَ بِالنُّقْصَانِ، وَفِي اللَّحْمِ لَا يَرْجِعُ بِشَيْءٍ؛ لِأَنَّ سِعْرَ اللَّحْمِ لَا يَشِيعُ فَلَا يَظْهَرُ فِي حَقِّ الْغُرَبَاءِ. رَجُلٌ اشْتَرَى رَطْبًا وَقَبَضَهُ فَجَفَّ عِنْدَهُ وَانْتَقَصَ وَزْنُهُ بِالْجَفَافِ ثُمَّ إنَّهُمَا تَفَاسَخَا الْبَيْعَ صَحَّ الْفَسْخُ فَلَا يَجِبُ عَلَى الْمُشْتَرِي شَيْءٌ مِنْ الثَّمَنِ لِأَجْلِ النُّقْصَانِ؛ لِأَنَّهُ مَا فَاتَ شَيْءٌ مِنْ أَجْزَاءِ الْمَبِيعِ. رَجُلٌ اشْتَرَى مِنْ رَجُلٍ عَبْدًا وَقَبَضَهُ ثُمَّ وَهَبَهُ مِنْ آخَرَ فَاسْتُحِقَّ مِنْ يَدِ الْمَوْهُوبِ لَهُ قَالَ أَبُو يُوسُفَ: لِلْمُشْتَرِي أَنْ يَرْجِعَ عَلَى الْبَائِعِ وَالصَّدَقَةُ بِمَنْزِلَةِ الْهِبَةِ وَلَمْ يَذْكُرْ فِي الْكِتَابِ خِلَافًا فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ، وَكَذَا لَوْ اشْتَرَى عَبْدًا وَقَبَضَهُ ثُمَّ وَهَبَهُ لِرَجُلٍ فَوَهَبَهُ الْمَوْهُوبُ لَهُ مِنْ رَجُلٍ آخَرَ وَسَلَّمَهُ إلَيْهِ فَاسْتُحِقَّ مِنْ يَدِ الْمَوْهُوبِ لَهُ الثَّانِي كَانَ لِلْمُشْتَرِي أَنْ يَرْجِعَ بِالثَّمَنِ عَلَى بَائِعِهِ. وَلَوْ اشْتَرَى عَبْدًا وَبَاعَهُ مِنْ رَجُلٍ وَسَلَّمَ فَاسْتُحِقَّ مِنْ يَدِ الثَّانِي لَا يَرْجِعُ الْمُشْتَرِي الْأَوَّلُ بِالثَّمَنِ عَلَى بَائِعِهِ حَتَّى يَرْجِعَ الْمُشْتَرِي الثَّانِي عَلَيْهِ فَإِذَا رَجَعَ فَحِينَئِذٍ يَرْجِعُ الْمُشْتَرِي الْأَوَّلُ عَلَى بَائِعِهِ. اشْتَرَى لِوَلَدِهِ الصَّغِيرِ ثَوْبًا، أَوْ خَادِمًا وَنَقَدَ الثَّمَنَ مِنْ مَالِ نَفْسِهِ لَا يَرْجِعُ بِالثَّمَنِ عَلَى وَلَدِهِ إلَّا أَنْ يُشْهِدَ أَنَّهُ اشْتَرَاهُ لِوَلَدِهِ لِيَرْجِعَ عَلَيْهِ، وَلَوْ لَمْ يَنْقُدْ الثَّمَنَ حَتَّى مَاتَ يُؤْخَذُ الثَّمَنُ مِنْ تَرِكَتِهِ؛ لِأَنَّهُ دَيْنٌ عَلَيْهِ ثُمَّ لَا يَرْجِعُ بَقِيَّةُ الْوَرَثَةِ بِذَلِكَ عَلَى هَذَا الْوَلَدِ إنْ كَانَ الْمَيِّتُ لَمْ يُشْهِدْ أَنَّهُ اشْتَرَاهُ لِوَلَدِهِ، وَإِنْ اشْتَرَى لِابْنِهِ الصَّغِيرِ شَيْئًا وَضَمِنَ الثَّمَنَ ثُمَّ نَقَدَ الثَّمَنَ فِي الْقِيَاسِ يَرْجِعُ عَلَى الْوَلَدِ، وَفِي الِاسْتِحْسَانِ لَا يَرْجِعُ هَذِهِ الْجُمْلَةُ مِنْ قَاضِي خَانْ. إذَا اُسْتُحِقَّ الْمَبِيعُ وَبِهِ كِفْلٌ بِالدَّرْكِ لَا يَرْجِعُ عَلَى الْكَفِيلِ مَا لَمْ يَجِبْ عَلَى الْبَائِعِ وَبَعْدَ ذَلِكَ يُخَيِّرُ إنْ شَاءَ رَجَعَ عَلَى الْبَائِعِ، وَإِنْ شَاءَ عَلَى الْكَفِيلِ وَلَا يَرْجِعُ عَلَى الْكَفِيلِ بِقِيمَةِ الْوَلَدِ وَالْبِنَاءِ. وَلَوْ أَنَّ الْمُشْتَرِي أَدَّى الثَّمَنَ إلَى الْحَوِيلِ بِإِذْنِ الْبَائِعِ فَعِنْدَ الِاسْتِحْقَاقِ إنْ شَاءَ رَجَعَ عَلَى الْبَائِعِ، وَإِنْ شَاءَ رَجَعَ عَلَى الْمُحْتَالِ لَهُ، وَلَوْ كَانَ الشِّرَاءُ مِنْ الْوَكِيلِ فَعِنْدَ الِاسْتِحْقَاقِ يَرْجِعُ عَلَيْهِ هَذَا إذَا أَدَّى الثَّمَنَ إلَى الْوَكِيلِ، أَمَّا إذَا دَفَعَ الثَّمَنَ إلَى الْمُوَكِّلِ فَعِنْدَ الِاسْتِحْقَاقِ يُقَالُ لِلْوَكِيلِ: طَالِبِ الْمُوَكِّلَ وَخُذْ الثَّمَنَ مِنْهُ وَادْفَعْهُ إلَى الْمُشْتَرِي، وَفِيمَا إذَا دَفَعَ الثَّمَنَ إلَى الْوَكِيلِ يُقَالُ لَهُ أَدِّ الثَّمَنَ مِنْ مَالِ نَفْسِك وَلَا تَنْتَظِرْ أَخْذَ الثَّمَنِ مِنْ مَالِ الْمُوَكِّلِ وَهُنَا يَنْتَظِرُ هَذَا هُوَ التَّفَاوُتُ بَيْنَهُمَا. الْحِمَارُ الْمَبِيعُ مَعَ الْبَرْدَعَةِ إذَا اُسْتُحِقَّ بِدُونِ الْبَرْدَعَةِ يَمْسِكُ الْبَائِعُ مِنْ الثَّمَنِ بِقَدْرِ الْبَرْدَعَةِ، وَكَذَا لَوْ ضَاعَتْ الْبَرْدَعَةُ، وَلَوْ كَانَتْ قَائِمَةً فَأَرَادَ أَنْ يَرُدَّهَا عَلَى الْبَائِعِ وَيَرْجِعَ بِجَمِيعِ الثَّمَنِ وَلَمْ يَقْبَلْ الْبَائِعُ الْبَرْدَعَةَ وَحْدَهَا لَهُ ذَلِكَ، وَفِي الْكَرْمِ لَوْ اُسْتُحِقَّ الْكَرْمُ دُونَ الْأَشْجَارِ يَرُدُّ الْأَشْجَارَ عَلَى بَائِعِهِ وَيَرْجِعُ بِجَمِيعِ الثَّمَنِ. وَفِي الْفَتَاوَى قَالَ لَا حِصَّةَ لِلْبَرْدَعَةِ مِنْ الثَّمَنِ؛ لِأَنَّهَا تَبَعٌ فَعَلَى هَذَا لَا يَكُونُ لِلشَّجَرِ حِصَّةٌ مِنْ الثَّمَنِ، وَكَذَا كُلُّ مَا يَكُونُ تَبَعًا مِنْ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 240 الْخُلَاصَةِ مِنْ الدَّعْوَى. بَاعَ ضَيْعَةً بِوَكَالَةٍ وَظَهَرَ بَعْضُهَا وَقْفًا فَلِلْمُشْتَرِي أَنْ يَرُدَّ الْبَاقِيَ عَلَى الْوَكِيلِ ثُمَّ الْوَكِيلُ يَرُدُّهُ عَلَى مُوَكِّلِهِ لَوْ رَدَّهُ عَلَى الْوَكِيلِ بِبَيِّنَةٍ لَا لَوْ رَدَّ عَلَى الْوَكِيلِ بِإِقْرَارِهِ وَهُوَ وَالرَّدُّ بِعَيْبٍ سَوَاءٌ ثُمَّ هَلْ يَفْسُدُ الْبَيْعُ فِي الْبَاقِي قِيلَ يَفْسُدُ كَمَا لَوْ جَمَعَ بَيْنَ حُرٍّ وَقِنٍّ وَالْأَصَحُّ أَنَّهُ لَا يَفْسُدُ إذْ الْوَقْفُ بَاقٍ عَلَى مِلْكِهِ فَهُوَ كَمُدَبَّرٍ لَا كَحُرٍّ. شَرَى سُكْنَى فِي دُكَّانٍ وَقْفٍ فَقَالَ الْمُتَوَلِّي مَا أَذِنْت لَهُ بِالسُّكْنَى فَأَمَرَ بِالرَّفْعِ فَلَوْ شَرَاهُ بِشَرْطِ الْقَرَارِ يَرْجِعُ عَلَى بَائِعِهِ وَإِلَّا فَلَا يَرْجِعُ عَلَيْهِ بِثَمَنِهِ وَلَا بِنُقْصَانِهِ مِنْ الْفَصْلِ السَّادِسَ عَشَرَ، مِنْ الْفُصُولَيْنِ. لَوْ اشْتَرَى طَاحُونَةً فَكَانَتْ فِي يَدِهِ مُدَّةً ثُمَّ اسْتَحَقَّهَا رَجُلٌ فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يُطَالِبَ الْمُشْتَرِيَ بِغَلَّاتِ الطَّاحُونَةِ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَجْزَاءِ الْمَبِيعِ بَلْ كَسْبُهُ وَفِعْلُهُ. سُئِلَ حَافِظُ الدِّينِ الْبَزَّازِيُّ عَنْ رَجُلٍ اشْتَرَى كَرْمًا فَقَبَضَهُ وَتَصَرَّفَ الْمُشْتَرِي فِيهِ ثَلَاثَ سِنِينَ، أَوْ أَكْثَرَ، أَوْ أَقَلَّ ثُمَّ اسْتَحَقَّ الْكَرْمَ الْمَذْكُورَ رَجُلٌ آخَرُ وَأَقَامَ بَيِّنَةً وَأَخَذَهُ بِقَضَاءِ الْقَاضِي ثُمَّ طَلَبَ الْمُسْتَحِقُّ مِنْ الْمُشْتَرِي الْغَلَّةَ الَّتِي تَصَرَّفَ فِيهَا الْمُشْتَرِي هَلْ يَجِبُ عَلَى الْمُشْتَرِي رَدُّ الْغَلَّةِ أَمْ لَا، وَلَوْ كَانَ الْكَرْمُ خَرَابًا حَتَّى اشْتَرَى وَعَمَّرَ الْمُشْتَرِي وَأَنْفَقَ فِي عِمَارَتِهِ مِنْ قَطْعِ الْكَرْمِ وَإِصْلَاحِ السَّوَاقِي وَبِنَاءِ الْحِيطَانِ وَمَرَمَّتِهِ فَازْدَادَتْ قِيمَةُ الْكَرْمِ وَصَارَ يُسَاوِي ضِعْفَ الثَّمَنِ أَوْ أَضْعَافَهُ هَلْ يُوضَعُ مِنْ الْغَلَّةِ مِقْدَارُ مَا أَنْفَقَ أَمْ لَا فَأَجَابَ إنْ كَانَتْ الْغَلَّةُ قَائِمَةٌ فِي يَدِ الْمَقْضِيِّ عَلَيْهِ وَقْتَ الْقَضَاءِ وَعَلِمَ الْقَاضِي بِهَا رَدَّهَا إلَى الْمَقْضِيِّ لَهُ وَهُوَ مُتَبَرِّعٌ فِيمَا أَنْفَقَ، وَلَوْ هَالِكَةً وَخَارِجَةً عَنْ مِلْكِهِ وَقْتَ الْقَضَاءِ بِهِ فَلَا نَصَّ عَنْ مُحَمَّدٍ، مِنْ مُشْتَمِلِ الْأَحْكَامِ. لَوْ أَوْدَعَ الْمُشْتَرِي الْمَبِيعَ مِنْ الْبَائِعِ أَوْ أَعَارَهُ مِنْهُ، أَوْ آجَرَهُ لَمْ يَكُنْ قَابِضًا وَلَا يَجِبُ الْأَجْرُ، وَلَوْ ادَّعَى الْمُشْتَرِي عِنْدَ أَجْنَبِيٍّ، أَوْ أَعَارَهُ مِنْهُ، أَوْ أَمَرَ الْبَائِعَ بِالتَّسْلِيمِ إلَيْهِ يَصِيرُ قَابِضًا، وَلَوْ أَمَرَ الْبَائِعَ بِأَنْ يُؤَجِّرَهُ مُدَّةً مِنْ إنْسَانٍ يَصِيرُ قَابِضًا وَالْأَجْرُ الَّذِي يَأْخُذُهُ يُحْسَبُ مِنْ الثَّمَنِ، وَلَوْ أَرْسَلَ الْمُشْتَرِي الْعَبْدَ فِي حَاجَةٍ يَصِيرُ قَابِضًا وَالْمَقْبُوضُ بَعْدَ الْإِقَالَةِ مَضْمُونٌ بِقِيمَتِهِ وَمَكْسُوبُ الْمَبِيعِ وَمَوْهُوبٌ لَهُ قَبْلَ الْقَبْضِ لِلْمُشْتَرِي تَمَّ الْبَيْعُ، أَوْ انْتَقَضَ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَعِنْدَهُمَا إنْ تَمَّ فَلِلْمُشْتَرِي، وَإِنْ انْتَقَضَ فَلِلْبَائِعِ وَأَيُّهُمَا اسْتَهْلَكَهُ لَمْ يَضْمَنْ؛ لِأَنَّهُ تَبَعٌ لِلْكَاسِبِ وَلَيْسَ بِمَبِيعٍ فَلَا يُمْكِنُ تَضْمِينُهُ بِالثَّمَنِ وَلَا بِالْقِيمَةِ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ غَيْرُ مَضْمُونٍ عَلَى الْبَائِعِ بِالْقِيمَةِ قَبْلَ الْقَبْضِ فَكَذَلِكَ التَّبَعُ وَبَعْدَ الْقَبْضِ يُسَلَّمُ لِلْمُشْتَرِي بِالْإِجْمَاعِ، وَلَوْ كَانَ الْبَيْعُ بِشَرْطِ الْخِيَارِ فَالْمَكْسُوبُ وَالْمَوْهُوبُ قَبْلَ الْقَبْضِ وَبَعْدَهُ إنْ تَمَّ الْبَيْعُ فَلِلْمُشْتَرِي، وَإِنْ انْتَقَضَ فَلِلْبَائِعِ، وَإِنْ اسْتَهْلَكَهُ الْبَائِعُ بَعْدَ النَّقْضِ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ، وَإِنْ اسْتَهْلَكَهُ الْمُشْتَرِي يَضْمَنُ، وَإِنْ انْتَقَضَ الْبَيْعُ عِنْدَهُمَا وَعِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ لَا يَضْمَنُ كَكَسْبِ الْمَغْصُوبِ إذَا أَتْلَفَهُ الْغَاصِبُ لَمْ يَضْمَنْ عِنْدَهُ خِلَافًا لَهُمَا، وَإِنْ كَانَ الْخِيَارُ لِلْمُشْتَرِي فَالْكَسْبُ بَعْدَ الْقَبْضِ لِلْمُشْتَرِي تَمَّ الْبَيْعُ، أَوْ انْتَقَضَ بِالْإِجْمَاعِ. وَلَوْ قَطَعَ الْبَائِعُ يَدَ الْعَبْدِ الْمَبِيعِ ثُمَّ قَبَضَهُ الْمُشْتَرِي بِإِذْنِهِ، أَوْ بِغَيْرِ إذْنِهِ فَمَاتَ مِنْ جِنَايَةِ الْبَائِعِ سَقَطَ نِصْفُ الثَّمَنِ وَلَزِمَهُ نِصْفُهُ وَلَا شَيْءَ عَلَى الْبَائِعِ مِنْهُ؛ لِأَنَّ الْقَبْضَ يُفِيدُ مِلْكَ الْيَدِ وَالتَّصَرُّفَ لِلْمُشْتَرِي فَلَوْ تَخَلَّلَ بَيْنَ الْجِنَايَةِ وَالسِّرَايَةِ نَوْعُ مِلْكِ الْمُشْتَرِي فَيَقْطَعُ إضَافَةَ السِّرَايَةِ إلَى الْجِنَايَةِ، مِنْ الْوَجِيزِ. وَلَوْ بَاعَ الْمَوْلَى عَبْدَهُ الْمَأْذُونَ وَعَلَيْهِ دَيْنٌ يُحِيطُ بِرَقَبَتِهِ وَقَبَضَهُ الْمُشْتَرِي وَغَيَّبَهُ فَالْغُرَمَاءُ بِالْخِيَارِ إنْ شَاءُوا ضَمَّنُوا الجزء: 1 ¦ الصفحة: 241 الْبَائِعَ قِيمَتَهُ، وَإِنْ شَاءُوا ضَمَّنُوا الْمُشْتَرِي؛ لِأَنَّ الْعَبْدَ تَعَلَّقَ بِهِ حَقُّهُمْ حَتَّى كَانَ لَهُمْ أَنْ يَبِيعُوهُ إلَّا أَنْ يَقْضِيَ الْمَوْلَى دَيْنَهُمْ وَالْبَائِعُ مُتْلِفٌ بِالْبَيْعِ وَالتَّسْلِيمِ وَالْمُشْتَرِي بِالْقَبْضِ وَالتَّغْيِيبِ فَيُخَيَّرُونَ فِي التَّضْمِينِ، وَإِنْ شَاءُوا أَجَازُوا الْبَيْعَ وَأَخَذُوا الثَّمَنَ؛ لِأَنَّ الْحَقَّ لَهُمْ وَالْإِجَازَةُ اللَّاحِقَةُ كَالْإِذْنِ السَّابِقِ هَذِهِ فِي الْمَأْذُونِ، مِنْ الْهِدَايَةِ قَالَ قَاضِي خَانْ فِي الْمَأْذُونِ الْمَوْلَى إذَا بَاعَ عَبْدَهُ الْمَأْذُونَ وَهُوَ عَالِمٌ بِدُيُونِهِ كَانَ عَلَيْهِ الْأَقَلُّ مِنْ قِيمَتِهِ وَمِنْ دُيُونِهِ، وَكَذَا لَوْ لَمْ يَعْلَمْ بِدُيُونِهِ، وَفِيهِ أَيْضًا مِنْ فَصْلِ الْبَيْعِ الْمَوْقُوفِ بَيْعُ الْعَبْدِ الْمَأْذُونِ الْمَدْيُونِ بِغَيْرِ إذْنِ الْغُرَمَاءِ فَاسِدٌ؛ لِأَنَّ مُحَمَّدًا قَالَ فِي الْكِتَابِ بَيْعُهُ بَاطِلٌ وَالصَّحِيحُ أَنَّهُ مَوْقُوفٌ، وَمَعْنَى قَوْلُهُ بَاطِلٌ سَيَبْطُلُ وَإِذَا بَاعَهُ بِغَيْرِ إذْنِ الْغُرَمَاءِ وَقَبَضَ الثَّمَنَ فَهَلَكَ عِنْدَهُ ثُمَّ أَجَازَ الْغُرَمَاءُ بَيْعَهُ صَحَّتْ إجَازَتُهُمْ وَيَهْلِكُ الثَّمَنُ عَلَى الْغُرَمَاءِ، وَلَوْ أَجَازَ بَعْضُهُمْ الْبَيْعَ وَنَقَضَ بَعْضُهُمْ بِحَضْرَةِ الْعَبْدِ وَالْمُشْتَرِي لَا تَصِحُّ الْإِجَازَةُ وَيَبْطُلُ الْبَيْعُ انْتَهَى. وَيَجُوزُ بَيْعُ الْوَارِثِ الرَّقَبَةَ مِنْ الْمُوصَى لَهُ بِمَنْفَعَتِهِ أَبَدًا وَأَمَّا بَيْعُهُ مِنْ غَيْرِ الْمُوصَى لَهُ فَلَا يَجُوزُ إلَّا بِرِضَاهُ وَلَمْ يَنْقُلْ حَقَّهُ إلَى الثَّمَنِ إلَّا بِالرِّضَا كَذَا فِي الْأَشْبَاهِ وَأَمَّا بَيْعُ الْعَبْدِ الْجَانِي فَقَدْ ذُكِرَ فِي الْجِنَايَاتِ. بَيْعُ الْمُعَامَلَةِ وَبَيْعُ الْوَفَاءِ فَاسِدٌ وَيُفِيدُ الْمِلْكَ بِالْقَبْضِ وَيُقَالُ هُوَ رَهْنُ حَقِيقَةٍ حَتَّى لَا يُبَاحَ الِانْتِفَاعُ لِلْمُشْتَرِي إلَّا بِإِذْنِ الْبَائِعِ وَيَضْمَنُ مَا أَكَلَ، أَوْ اسْتَهْلَكَ وَلِلْبَائِعِ اسْتِرْدَادُهُ إذَا قَضَى دَيْنَهُ مَتَى شَاءَ كَمَا فِي مُشْتَمِلِ الْهِدَايَةِ عَنْ مُنْيَةِ الْمُفْتِي، وَلَوْ أَبْرَأَ الْمُشْتَرِي الْبَائِعَ عَنْ الْقِيمَةِ بَعْدَ فَسْخِ الْبَيْعِ الْفَاسِدِ وَالصَّحِيحِ. رَجُلٌ اشْتَرَى صَابُونًا رَطْبًا ثُمَّ تَفَاسَخَا الْمَبِيعَ فِيهِ وَقَدْ جَفَّ وَنَقَصَ وَزْنُهُ لَا يَجِبُ عَلَى الْمُشْتَرِي شَيْءٌ؛ لِأَنَّ كُلًّا الْمَبِيعِ بَاقٍ، مِنْ الْخُلَاصَةِ. دَفَعَ السِّمْسَارُ دَرَاهِمَ نَفْسِهِ إلَى الرستاقي ثَمَنَ دِبْسٍ، أَوْ قُطْنٍ، أَوْ حِنْطَةٍ لِيَأْخُذَ ذَلِكَ مِنْ الْمُشْتَرِي فَعَجَزَ السِّمْسَارُ عَنْ أَخْذِهَا مِنْ الْمُشْتَرِي لِإِفْلَاسِهِ يَسْتَرِدُّهَا مِنْ الْآخِذِ اسْتِحْسَانًا بِهِ جَرَتْ الْعَادَةُ فِي بِلَادِنَا أَنَّ السِّمْسَارَ يَدْفَعُهُ مِنْ مَالِ نَفْسِهِ حَتَّى يَرْجِعَ عَلَى الْمُشْتَرِي فَصَارَ كَمَا لَوْ أَحَالَ الْبَائِعُ عَلَى الْمُشْتَرِي نَصًّا قَالَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - وَالسَّمَاسِرَةُ فِي بُخَارَى قَوْمٌ لَهُمْ حَوَانِيتُ مُعَدَّةٌ لِلسَّمْسَرَةِ يَضَعُ فِيهَا أَهْلُ الرَّسَاتِيقِ مَا يُرِيدُونَ بَيْعَهُ مِنْ الْحُبُوبِ وَالْفَوَاكِهِ وَيَتْرُكُونَهَا فَيَبِيعُهَا السِّمْسَارُ ثُمَّ قَدْ يَتَعَجَّلُ الرستاقي الرُّجُوعَ فَيَدْفَعُ إلَيْهِ السِّمْسَارُ الثَّمَنَ مِنْ مَالِهِ لِيَأْخُذَ مِنْ الْمُشْتَرِي فَهَذَا صُورَتُهُ هَذِهِ فِي الْحَوَالَةِ، مِنْ الْقُنْيَةِ. وَمَنْ بَاعَ دَارًا لِغَيْرِهِ فَأَدْخَلَهَا الْمُشْتَرِي فِي بِنَائِهِ لَا يَضْمَنُ الْبَائِعُ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَهُوَ قَوْلُ أَبِي يُوسُفَ آخِرًا وَكَانَ يَقُولُ، أَوْ لَا يَضْمَنُ الْبَائِعُ وَهُوَ قَوْلُ مُحَمَّدٍ وَهَذِهِ الْمَسْأَلَةُ فِي غَصْبِ الْعَقَارِ، مِنْ الْهِدَايَةِ. وَفِي قَاضِي خَانْ قُبَيْلَ أَحْكَامِ الْبَيْعِ الْفَاسِدِ اخْتَلَفُوا فِي الْبَيْعِ الَّذِي يُسَمِّيه النَّاسُ بَيْعَ الْوَفَاءِ، أَوْ الْبَيْعَ الْجَائِزَ قَالَ أَكْثَرُ الْمَشَايِخِ مِنْهُمْ السَّيِّدُ الْإِمَامُ أَبُو شُجَاعٍ وَالْقَاضِي الْإِمَامُ أَبُو الْحَسَنِ عَلِيٌّ السُّغْدِيُّ حُكْمُهُ حُكْمُ الرَّهْنِ لَا يَمْلِكُهُ الْمُشْتَرِي وَيَضْمَنُ الْمُشْتَرِي مَا أُكِلَ مِنْ ثَمَرِهِ وَلَا يُبَاحُ لَهُ الِانْتِفَاعُ وَلَا الْأَكْلُ إلَّا إنْ أَبَاحَهُ الْمَالِكُ وَيَسْقُطُ الدَّيْنُ بِهَلَاكِهِ إذَا كَانَ بِهِ وَفَاءٌ بِالدَّيْنِ وَلَا يَضْمَنُ الْمُشْتَرِي الزِّيَادَةَ إذَا هَلَكَ لَا بِصُنْعِهِ ثُمَّ قَالَ وَالصَّحِيحُ أَنَّ الْعَقْدَ الَّذِي جَرَى بَيْنَهُمَا إنْ كَانَ بِلَفْظِ الْبَيْعِ لَا يَكُونُ رَهْنًا ثُمَّ يَنْظُرُ إنْ ذَكَرَا شَرْطَ الْفَسْخِ فِي الْبَيْعِ فَسَدَ الْبَيْعُ، وَإِنْ لَمْ يَذْكُرَا ذَلِكَ فِي الْبَيْعِ وَتَلَفَّظَا بِلَفْظِ الْبَيْعِ بِشَرْطِ الْوَفَاءِ، أَوْ تَلَفَّظَا بِالْبَيْعِ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 242 الْجَائِزِ وَعِنْدَهُمَا هَذَا الْبَيْعُ عِبَارَةٌ عَنْ بَيْعٍ غَيْرِ لَازِمٍ فَكَذَلِكَ، وَإِنْ ذَكَرَ الْبَيْعَ مِنْ غَيْرِ شَرْطٍ ثُمَّ ذَكَرَا الشَّرْطَ عَلَى وَجْهِ الْمُوَاعَدَةِ جَازَ الْبَيْعُ وَيَلْزَمُ الْوَفَاءُ بِالْوَعْدِ؛ لِأَنَّ الْمَوَاعِيدَ قَدْ تَكُونُ لَازِمَةً فَيُجْعَلُ لَازِمًا لِحَاجَةِ النَّاسِ انْتَهَى. لَوْ كَانَ الدَّيْنُ مُسْتَغْرِقًا لِلتَّرِكَةِ فَبَاعَ الْوَرَثَةُ كَرْمًا مِنْهَا بِالثَّمَنِ فَتَلِفَ فِي يَدِ الْمُشْتَرِي فَالْحَاكِمُ يُخَيَّرُ إنْ شَاءَ ضَمَّنَ الْمُشْتَرِيَ، أَوْ الْبَائِعَ، وَلَوْ أَثْمَرَ فِي يَدِ الْمُشْتَرِي ضَمِنَ لَوْ أَتْلَفَهُ وَإِلَّا فَلَا كَزَوَائِدِ الْغَصْبِ، مِنْ الْفُصُولَيْنِ. لَوْ اشْتَرَى عَبْدًا ثُمَّ ظَهَرَ أَنَّهُ كَانَ مَرِيضًا وَمَاتَ عِنْدَ الْمُشْتَرِي فَإِنَّهُ لَا يَرْجِعُ بِالثَّمَنِ؛ لِأَنَّ الْمَرَضَ يَتَزَايَدُ فَيَحْصُلُ الْمَوْتُ بِالزَّائِدِ فَلَا يُضَافُ إلَى السَّابِقِ لَكِنْ يَرْجِعُ بِنُقْصَانِهِ كَمَا ذَكَرَهُ الزَّيْلَعِيُّ كَذَا فِي الْأَشْبَاهِ. الْبَائِعُ لَوْ أَبْرَأ الْمُشْتَرِي عَنْ الثَّمَنِ بَعْدَ قَبْضِ الثَّمَنِ صَحَّ فَيُؤْمَرُ بِرَدِّهِ عَلَى الْمُشْتَرِي مِنْ أَحْكَامِ الدَّيْنِ، مِنْ الْفُصُولَيْنِ، وَفِيهِ قَبَضَ الثَّمَنَ مِنْ مُشْتَرِيهِ فَرَدَّهُ عَلَيْهِ فَتَلِفَ لَوْ كَانَ الرَّدُّ عَلَى سَبِيلِ فَسْخِ الْقَبْضِ هَلَكَ عَلَى الْمُشْتَرِي وَالرَّدُّ عَلَى سَبِيلِ الْفَسْخِ أَنْ يَقُولَ خُذْ حَتَّى أَقْبِضَ غَدًا فَقَبَضَ الْمُشْتَرِي بِتِلْكَ الْجِهَةِ يُنْتَقَضُ الْقَبْضُ، وَكَذَا سَائِرُ الدُّيُونِ. وَلَوْ اخْتَلَفَا فَقَالَ الْمَدْيُونُ: وَدِيعَةً، وَقَالَ الدَّائِنُ رَدَدْت بِجِهَةِ فَسْخِ الْقَبْضِ صُدِّقَ الْمَدْيُونُ إذَا اتَّفَقَا عَلَى قَبْضِ الدَّيْنِ فَبَعْدَهُ الدَّائِنُ يَدَّعِي فَسْخَهُ وَهُوَ يُنْكِرُ فَيُصَدَّقُ انْتَهَى. [بَاب فِي الْوَكَالَةِ وَالرِّسَالَةِ] الْبَابُ التَّاسِعَ عَشَرَ فِي الْوَكَالَةِ وَالرِّسَالَةِ مِنْ شَرْطِ الْوَكَالَةِ أَنْ يَكُونَ الْمُوَكِّلُ مِمَّنْ يَمْلِكُ التَّصَرُّفَ وَتَلْزَمُهُ الْأَحْكَامُ وَيُشْتَرَطُ أَنْ يَكُونَ الْوَكِيلُ مِمَّنْ يَعْقِلُ الْعَقْدَ وَيَقْصِدُهُ حَتَّى لَوْ كَانَ صَبِيًّا، أَوْ مَجْنُونًا كَانَ التَّوْكِيلُ بَاطِلًا وَكُلُّ عَقْدٍ يُضِيفُهُ الْوَكِيلُ إلَى نَفْسِهِ كَالْبَيْعِ وَالْإِجَارَةِ فَحُقُوقُهُ تَتَعَلَّقُ بِالْوَكِيلِ دُونَ الْمُوَكِّلِ إلَّا إذَا كَانَ صَبِيًّا مَحْجُورًا عَلَيْهِ يَعْقِلُ الْبَيْعَ وَالشِّرَاءَ، أَوْ عَبْدًا مَحْجُورًا عَلَيْهِ فَإِنَّهُ يَجُوزُ وَلَا يَتَعَلَّقُ بِهِمَا الْحُقُوقُ وَتَتَعَلَّقُ بِمُوَكِّلِهِمَا. وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ أَنَّ الْمُشْتَرِي إذَا لَمْ يَعْلَمْ بِحَالِ الْبَائِعِ ثُمَّ عَلِمَ أَنَّهُ صَبِيٌّ، أَوْ مَجْنُونٌ لَهُ خِيَارُ الْفَسْخِ كَذَا فِي الْهِدَايَةِ. وَفِي الْفُصُولَيْنِ، وَلَوْ كَانَ الصَّبِيُّ مَأْذُونًا فَلَوْ وُكِّلَ بِشِرَاءٍ بِثَمَنٍ مُؤَجَّلٍ فَالْعُهْدَةُ عَلَى آمِرِهِ لَا عَلَيْهِ فَيُطَالَبُ بِثَمَنِهِ آمِرُهُ لَا هُوَ وَبِشِرَاءٍ بِثَمَنٍ حَالٍّ لَزِمَهُ الْعُهْدَةُ اسْتِحْسَانًا انْتَهَى. وَكُلُّ عَقْدٍ يُضِيفُهُ الْوَكِيلُ إلَى مُوَكِّلِهِ كَالنِّكَاحِ وَالْخُلْعِ وَالصُّلْحِ عَنْ دَمِ الْعَمْدِ فَإِنَّ حُقُوقَهُ تَتَعَلَّقُ بِالْمُوَكِّلِ دُونَ الْوَكِيلِ فَلَا يُطَالَبُ وَكِيلُ الزَّوْجِ بِالْمَهْرِ وَلَا يَلْزَمُ وَكِيلُ الْمَرْأَةِ تَسْلِيمَهَا؛ لِأَنَّ الْوَكِيلَ فِيهَا سَفِيرٌ مَحْضٌ أَلَا تَرَى أَنَّهُ لَا يُسْتَغْنَى عَنْ إضَافَتِهِ إلَى مُوَكِّلِهِ، وَلَوْ أَضَافَهُ إلَى نَفْسِهِ كَانَ النِّكَاحُ لَهُ فَصَارَ كَالرَّسُولِ وَإِذَا دَفَعَ الْوَكِيلُ بِشِرَاءِ الثَّمَنِ مِنْ مَالِ نَفْسِهِ وَقَبَضَ الْمَبِيعَ فَلَهُ أَنْ يَرْجِعَ بِهِ عَلَى الْمُوَكِّلِ؛ لِأَنَّهُ انْعَقَدَتْ بَيْنَهُمَا مُبَادَلَةٌ حُكْمِيَّةٌ وَلِهَذَا إذَا اخْتَلَفَا فِي الثَّمَنِ يَتَحَالَفَانِ وَيَرُدُّ الْمُوَكِّلُ بِالْعَيْبِ عَلَى الْوَكِيلِ وَقَدْ سَلَّمَ الْمُشْتَرِي لِلْمُوَكِّلِ مِنْ جِهَةِ الْوَكِيلِ فَيَرْجِعُ عَلَيْهِ، فَإِنْ هَلَكَ الْمَبِيعُ فِي يَدِهِ قَبْلَ حَبْسِهِ هَلَكَ مِنْ مَالِ الْمُوَكِّلِ وَلَمْ يَسْقُطْ الثَّمَنُ وَلَهُ أَنْ يَحْبِسَهُ حَتَّى يَسْتَوْفِيَ الثَّمَنَ خِلَافًا لِزُفَرَ فَإِنْ حَبَسَهُ وَهَلَكَ كَانَ مَضْمُونًا ضَمَانَ الرَّهْنِ عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ وَضَمَانَ الْمَبِيعِ عِنْدَ مُحَمَّدٍ وَهُوَ قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ وَضَمَانَ الْغَصْبِ عِنْدَ زُفَرَ، مِنْ الْهِدَايَةِ. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 243 بَعَثَ الْمَدْيُونُ الْمَالَ عَلَى يَدِ رَسُولِ الدَّائِنِ هَلَكَ عَلَيْهِ، وَإِنْ كَانَ رَسُولُ الْمَدْيُونِ هَلَكَ عَلَيْهِ مِنْ الْأَشْبَاهِ. اسْتَقْرَضَ مِنْ رَجُلٍ أَلْفَ دِرْهَمٍ فَقَالَ ادْفَعْهُ إلَى رَسُولِي فُلَانٍ فَقَالَ الْمُقْرِضُ: قَدْ دَفَعْت، وَقَالَ الرَّسُولُ: قَدْ قَبَضْته مِنْهُ وَجَحَدَ الْمُسْتَقْرِضُ أَنْ يَكُونَ الْمُقْرِضُ دَفَعَ لَا يَلْزَمُ الْمُسْتَقْرِضَ شَيْءٌ، مِنْ الْخُلَاصَةِ. رَجُلٌ بَعَثَ رَسُولًا إلَى الْفُصُولَيْنِ ابْعَثْ إلَيَّ بِثَوْبِ كَذَا بِثَمَنِ كَذَا، وَكَذَا فَبَعَثَ إلَيْهِ الْفُصُولَيْنِ مَعَ رَسُولِهِ، أَوْ مَعَ غَيْرِهِ فَضَاعَ الثَّوْبُ قَبْلَ أَنْ يَصِلَ الرَّسُولُ إلَى الْآمِرِ وَتَصَادَقُوا عَلَى ذَلِكَ وَأَقَرُّوا بِهِ فَلَا ضَمَانَ عَلَى الرَّسُولِ فِي شَيْءٍ، وَإِنْ بَعَثَ الْفُصُولَيْنِ مَعَ رَسُولِ الْآمِرِ فَالضَّمَانُ عَلَى الْآمِرِ؛ لِأَنَّ رَسُولَهُ قَبَضَ الثَّوْبَ مَعَ الْمُسَاوَمَةِ، وَإِنْ كَانَ مَعَ رَسُولِ رَبِّ الثَّوْبِ فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ حَتَّى يَصِلَ إلَيْهِ فَإِذَا وَصَلَ الثَّوْبُ إلَى الْآمِرِ يَكُونُ ضَامِنًا كَمَا لَوْ أَرْسَلَ رَسُولًا إلَى رَجُلٍ وَقَالَ ابْعَثْ إلَيَّ عَشَرَةَ دَرَاهِمَ قَرْضًا فَقَالَ نَعَمْ وَبَعَثَ إلَيْهِ مَعَ رَسُولِ الْآمِرِ فَالْآمِرُ ضَامِنٌ لَهَا إذَا أَقَرَّ بِأَنَّ رَسُولَهُ قَدْ قَبَضَهَا، وَإِنْ بَعَثَ بِهَا مَعَ غَيْرِهِ فَلَا ضَمَانَ عَلَى الْآمِرِ حَتَّى يَصِلَ إلَيْهِ وَكَذَلِكَ رَجُلٌ لَهُ عَلَى رَجُلٍ دَيْنٌ فَبَعَثَ لِلْمَدْيُونِ رَسُولًا أَنْ ابْعَثْ إلَيَّ الدَّيْنَ الَّذِي عَلَيْك فَإِنْ بَعَثَ لَهُ مَعَ الرَّسُولِ الْآمِرِ فَهُوَ مِنْ مَالِ الْآمِرِ مِنْ قَاضِي خَانْ. وَفِي الْفُصُولَيْنِ إذَا قَالَ لِلْمَدْيُونِ ابْعَثْ بِهِ مَعَ فُلَانِ، أَوْ أَرْسَلَ بِهِ مَعَ فُلَانٍ، أَوْ قَالَ مَعَ ابْنِك، أَوْ مَعَ ابْنِي، أَوْ مَعَ غُلَامِك، أَوْ مَعَ غُلَامِي وَفَعَلَ الْمَدْيُونُ فَضَاعَ فَهُوَ مِنْ مَالِ الْمَطْلُوبِ وَقَوْلُهُ: ابْعَثْ بِهِ مَعَ فُلَانٍ لَيْسَ تَوْكِيلًا، وَلَوْ قَالَ: ادْفَعْ إلَى ابْنِي، أَوْ إلَى ابْنِك فَهَذَا تَوْكِيلٌ فَإِنْ ضَاعَ فَمِنْ مَالِ الطَّالِبِ انْتَهَى. وَلَوْ أَنَّ رَجُلًا بَعَثَ إلَى رَجُلٍ بِكِتَابٍ مَعَ رَسُولِهِ أَنْ ابْعَثْ إلَيَّ ثَوْبَ كَذَا بِثَمَنِ كَذَا فَفَعَلَ وَبَعَثَ بِهِ مَعَ الَّذِي أَتَاهُ بِالْكِتَابِ لَمْ يَكُنْ مِنْ مَالِ الْآمِرِ حَتَّى يَصِلَ إلَيْهِ وَكَذَلِكَ الْقَرْضُ وَالِاقْتِضَاءُ فِي هَذَا إنَّمَا الرَّسُولُ رَسُولٌ بِالْكِتَابِ. رَجُلٌ قَالَ لِآخَرَ إنَّ وَكِيلَك حَضَرَنِي وَأَدَّى رِسَالَتَك وَقَالَ إنَّ الْمُرْسِلَ يَقُولُ ابْعَثْ إلَيَّ ثَوْبَ كَذَا بِثَمَنِ كَذَا وَبَيَّنَ ثَمَنَهُ فَبَعَثْته وَأَنْكَرَ الْمُرْسِلُ وُصُولَ الثَّوْبِ إلَيْهِ وَالْوَكِيلُ يَقُولُ أَوْصَلْت قَالَ الشَّيْخُ أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ الْفَضْلِ إنْ أَقَرَّ الْمُرْسِلُ بِقَبْضِ الرَّسُولِ الثَّوْبَ مِنْهُ وَأَنْكَرَ الْوُصُولَ إلَيْهِ يَضْمَنُ الْمُرْسِلُ قِيمَةَ الثَّوْبِ، وَإِنْ أَنْكَرَ قَبْضَ الرَّسُولِ فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ وَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ قِيلَ لَهُ بِمَاذَا يَضْمَنُ الْقِيمَةَ وَلَمْ يَضْمَنْ الثَّمَنَ وَقَبْضُ الرَّسُولِ كَقَبْضِ الْمُرْسِلِ، قَالَ: لِأَنَّ الْمُرْسِلَ لَمْ يُبَيِّنْ الثَّمَنَ لِلْبَائِعِ وَإِنَّمَا يَتِمُّ الْبَيْعُ إذَا دَفَعَ الرَّسُولُ الثَّوْبَ إلَى الْمُرْسِلِ فَإِنْ أَنْكَرَ وُصُولَ الثَّوْبِ إلَيْهِ صَارَ كَأَنَّهُ أَنْكَرَ وُجُودَ الْبَيْعِ فَكَانَ عَلَيْهِ قِيمَتُهُ. الْمَدْيُونُ إذَا بَعَثَ بِالدَّيْنِ عَلَى يَدِ وَكِيلِهِ فَجَاءَ الْوَكِيلُ إلَى الطَّالِبِ، وَأَخْبَرَهُ فَرَضِيَ بِهِ الطَّالِبُ، وَقَالَ لِلْوَكِيلِ: اشْتَرِ لِي بِهِ شَيْئًا فَذَهَبَ وَاشْتَرَى الْوَكِيلُ بِبَعْضِهِ شَيْئًا وَطَرَحَ الْبَاقِيَ اخْتَلَفَ الْمَشَايِخُ فِيهِ قَالَ بَعْضُهُمْ: يَهْلِكُ مِنْ مَالِ الْمَدْيُونِ وَقَالَ بَعْضُهُمْ: مِنْ مَالِ صَاحِبِ الدَّيْنِ وَهُوَ ظَاهِرٌ إذَا جَاءَ بِهِ الْوَكِيلُ وَخَلَّى بَيْنَ الْمَالِ وَبَيْنَ الطَّالِبِ؛ لِأَنَّ الطَّالِبَ صَارَ قَابِضًا بِالتَّخْلِيَةِ فَإِذَا أَمَرَهُ أَنْ يَشْتَرِيَ لَهُ بِهِ شَيْئًا صَحَّ أَمْرُهُ وَإِذَا كَانَ ذَلِكَ قَبْلَ التَّخْلِيَةِ فَكَذَلِكَ؛ لِأَنَّ الطَّالِبَ لَمَّا أَمَرَهُ بِأَنْ يَشْتَرِيَ لَهُ بِمَا فِي يَدِهِ فَقَدْ رَضِيَ بِأَنْ يَكُونَ يَدُ الْوَكِيلِ يَدَ نَفْسِهِ. رَجُلٌ عَلَيْهِ دَيْنٌ لِرَجُلٍ ثُمَّ إنَّ صَاحِبَ الدَّيْنِ دَفَعَ مَالًا إلَى رَجُلٍ وَوَكَّلَهُ بِدَفْعِ الْمَالِ إلَى الطَّالِبِ ثُمَّ إنَّ الطَّالِبَ وَهَبَ الدَّيْنَ مِنْ الْمَدْيُونِ قَالُوا الجزء: 1 ¦ الصفحة: 244 إنْ كَانَ الْوَكِيلُ عَلِمَ بِأَنَّ الطَّالِبَ وَهَبَ الدَّيْنَ مِنْ الْمَدْيُونِ يَضْمَنُ بِالدَّفْعِ، وَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ بِذَلِكَ لَا يَضْمَنُ وَمِنْ جِنْسِ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ مَسَائِلُ مُتَفَرِّقَاتٌ: مِنْهَا رَجُلٌ دَفَعَ مَالًا إلَى رَجُلٍ يَقْضِي مَا لِفُلَانٍ عَلَى الدَّافِعِ أَنَّ صَاحِبَ الدَّيْنِ ارْتَدَّ وَالْعِيَاذُ بِاَللَّهِ تَعَالَى فَقَضَاهُ الْوَكِيلُ فِي رِدَّتِهِ ثُمَّ مَاتَ الطَّالِبُ عَلَى رِدَّتِهِ عَلَى قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ إنْ عَلِمَ أَنَّ الدَّفْعَ إلَى الطَّالِبِ بَعْدَ رِدَّتِهِ لَا يَجُوزُ كَانَ الْوَكِيلُ ضَامِنًا لِمَا دَفَعَ، وَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ الْوَكِيلُ ذَلِكَ مِنْ طَرِيقِ الْفِقْهِ لَا يَضْمَنُ مُحَمَّدٌ فِي النَّوَادِرِ رَجُلٌ قَالَ لَهُ الْمَدْيُونُ: ادْفَعْ مَا لِي عَلَيْك إلَى فُلَانٍ قَضَاءٌ عَنْ حَقِّهِ الَّذِي عَلَيَّ ثُمَّ إنَّ الْآمِرَ قَضَى دَيْنَهُ وَلَمْ يَعْلَمْ بِهِ الْمَأْمُورُ فَإِنَّ الْمَأْمُورَ يَرْجِعُ بِمَا دَفَعَ عَلَى الْقَابِضِ وَلَا يَرْجِعُ بِهِ عَلَى آمِرِهِ عَلِمَ بِذَلِكَ أَمْ لَمْ يَعْلَمْ. وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ إنْ لَمْ يَعْلَمْ الْمَأْمُورُ بِقَضَاءِ الْآمِرِ جَازَ دَفْعُهُ عَنْ الْآمِرِ، وَإِنْ عَلِمَ لَا يَجُوزُ وَمِنْهَا مُتَفَاوِضَانِ أَذِنَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا صَاحِبَهُ بِأَدَاءِ الزَّكَاةِ فَأَدَّى أَحَدُهُمَا عَنْ نَفْسِهِ وَعَنْ صَاحِبِهِ ضَمِنَ الثَّانِي مَا أَدَّى عَنْ صَاحِبِهِ عَلِمَ الثَّانِي بِأَدَاءِ الْأَوَّلِ عَنْهُ وَعَنْ صَاحِبِهِ، أَوْ لَمْ يَعْلَمْ فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ وَقَالَ صَاحِبَاهُ إذَا لَمْ يَعْلَمْ لَا يَضْمَنُ وَمِنْهَا مَا ذَكَرْنَا آنِفًا فِي الْمَأْمُورِ بِقَضَاءِ الدَّيْنِ عَنْ الْمُوَكِّلِ قَالُوا هَذَا عَلَى قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ أَمَّا عَلَى قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ يَضْمَنُ بِكُلِّ حَالٍ كَمَا فِي مَسْأَلَةِ الْمُتَفَاوِضَيْنِ مِنْ قَاضِي خَانْ وَمَسْأَلَةِ الزَّكَاةِ مَرَّتْ بِنَا فِي بَابِهَا. وَفِي الْأَشْبَاهِ عَنْ الْفُصُولَيْنِ وَكَّلَهُ بِقَبْضِ دَيْنِهِ بَعْدَ إبْرَاءِ الطَّالِبِ وَهَلَكَ فِي يَدِهِ لَمْ يَضْمَنْ وَلِلدَّافِعِ تَضْمِينُ الْمُوَكِّلِ. وَلَوْ وَكَّلَهُ بِبَيْعِ عَبْدِهِ فَبَاعَهُ بَعْدَ مَوْتِهِ غَيْرَ عَالَمٍ وَقَبَضَ الثَّمَنَ وَهَلَكَ فِي يَدِهِ لَمْ يَضْمَنْ وَلَا ضَمَانَ عَلَى الْمُوَكِّلِ اهـ. وَفِي مُشْتَمِلِ الْأَحْكَامِ عَنْ الْعِمَادِيِّ. وَلَوْ مَاتَ الْعَبْدُ الْمَأْمُورُ بِبَيْعِهِ، أَوْ الْمُوَكِّلُ وَلَمْ يَعْلَمْ بِهِ الْوَكِيلُ فَبَاعَ وَقَبَضَ الثَّمَنَ وَهَلَكَ فِي يَدِهِ ضَمِنَ وَلَمْ يَرْجِعْ بِهِ عَلَى الْآمِرِ وَلَا فِي تَرِكَتِهِ إنْ كَانَ هُوَ الْمَيِّتُ اهـ. لَوْ أَمَرَ رَجُلًا بِشِرَاءِ عَبْدٍ بِأَلْفٍ فَقَالَ الْمَأْمُورُ قَدْ فَعَلْت وَمَاتَ الْعَبْدُ عِنْدِي، وَقَالَ الْآمِرُ اشْتَرَيْت لِنَفْسِك صُدِّقَ الْآمِرُ إنْ لَمْ يَكُنْ دَفَعَ الثَّمَنَ، وَإِنْ كَانَ دَفَعَ الثَّمَنَ إلَيْهِ فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْمَأْمُورِ، مِنْ الْهِدَايَةِ. الْوَكِيلُ بِالْبَيْعِ إذَا أَخَذَ بِالثَّمَنِ رَهْنًا، أَوْ كَفِيلًا جَازَ حَتَّى لَوْ هَلَكَ الرَّهْنُ فِي يَدِهِ يَصِيرُ مُسْتَوْفِيًا لِلثَّمَنِ وَلَا يَصِيرُ ضَامِنًا وَلَهُ أَنْ يَحْتَالَ عِنْدَ الْكُلِّ إنْ كَانَ قَالَ الْمُوَكِّلُ لَهُ مَا صَنَعْت مِنْ شَيْءٍ فَهُوَ جَائِزٌ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ الْمُوَكِّلُ قَالَ لَهُ ذَلِكَ جَازَ فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ، وَفِي قَوْلِ مُحَمَّدٍ يَضْمَنُهُ الْآمِرُ، وَكَذَا لَوْ أَبْرَأَ الْمُشْتَرِي عَنْ الثَّمَنِ، أَوْ وَهَبَهُ لَهُ صَحَّ وَيَكُونُ ضَامِنًا، وَكَذَا إذَا أَحَطَّ بَعْضَ الثَّمَنِ بَعْدَ الْعَقْدِ بِعَيْبٍ أَوْ بِغَيْرِ عَيْبٍ وَلَمْ يَذْكُرْ التَّأْجِيلَ فِي الْأَصْلِ قِيلَ أَنَّهُ يَجُوزُ فِي قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ أَيْضًا كَمَا لَوْ بَاعَ بِثَمَنٍ مُؤَجَّلٍ وَقِيلَ: إنَّهُ لَا يَجُوزُ؛ لِأَنَّ مِنْ أَصْلِ أَبِي يُوسُفَ أَنَّ كُلَّ تَصَرُّفٍ يَصِيرُ بِهِ الْوَكِيلُ ضَامِنًا يَنْفُذُ فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ لَا يَنْفُذُ فِي قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ وَأَجْمَعُوا أَنَّهُ لَوْ قَبَضَ الثَّمَنَ ثُمَّ وَهَبَهُ مِنْهُ لَا يَصِحُّ أَمَّا إذَا أَبْرَأَهُ قَبْلَ الْقَبْضِ أَوْ حَطَّ بَعْضَهُ، أَوْ وَهَبَ لَمْ يَصِحَّ فِي قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ، وَلَوْ أَقَالَ الْوَكِيلُ بِالْبَيْعِ صَحَّتْ الْإِقَالَةُ عِنْدَهُمَا وَيَكُونُ ضَامِنًا لِلثَّمَنِ عَلَى قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ وَلَا يَمْلِكُ فِي قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ مِنْ قَاضِي خَانْ. وَلَوْ قَبَضَ الْوَكِيلُ الثَّمَنَ لَا يَمْلِكُ الْإِقَالَةَ إجْمَاعًا. إنْ أَمْهَلَ الْوَكِيلُ الْمُشْتَرِيَ صَحَّ وَلِمُوَكِّلِهِ أَنْ يُطَالِبَ وَكِيلَهُ فِي الْحَالِ ثُمَّ عِنْدَ مَحَلِّ الْأَجَلِ يَأْخُذُ هُوَ مِنْ الْمُشْتَرِي، وَلَوْ نَوَى الثَّمَنَ عَلَى الْمُشْتَرِي لَا يَرْجِعُ بِمَا أَدَّى عَلَى مُوَكِّلِهِ إنْ أَمْهَلَ، أَوْ أَخَّرَ، أَوْ صَالَحَ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 245 لِضَمَانِهِ. وَلَوْ بَاعَ وَأَدَّى ثَمَنَهُ مِنْ مَالِهِ ثُمَّ أَمْهَلَ الْمُشْتَرِي يَرْجِعُ. لَوْ لَمْ يَقْبِضْ الْوَكِيلُ الثَّمَنَ حَتَّى لَقِيَ الْآمِرَ فَقَالَ: بِعْت ثَوْبَك مِنْ فُلَانٍ فَأَنَا أَقْضِيكَ عَنْهُ ثَمَنَهُ فَهُوَ مُتَطَوِّعٌ فَلَا يَرْجِعُ عَلَى الْمُشْتَرِي، وَلَوْ قَالَ: أَنَا أَقْضِيكَهُ عَلَى أَنْ يَكُونَ الْمَالُ الَّذِي عَلَى الْمُشْتَرِي لِي لَمْ يَجُزْ وَرَجَعَ الْوَكِيلُ عَلَى مُوَكِّلِهِ بِمَا دَفَعَ. بَيَّاعٌ عِنْدَهُ بَضَائِعُ النَّاسِ أَمَرُوهُ بِبَيْعِهَا فَبَاعَهَا بِثَمَنٍ مُسَمًّى فَعَجَّلَ الثَّمَنَ مِنْ مَالِهِ إلَى أَصْحَابِهَا عَلَى أَنَّ أَثْمَانَهَا لَهُ إذَا قَبَضَهَا فَأَفْلَسَ الْمُشْتَرِي فَلِلْبَائِعِ أَنْ يَسْتَرِدَّ مَا دَفَعَ إلَى أَصْحَابِ الْبَضَائِعِ. الْوَكِيلُ بِالسَّلَمِ لَوْ قَبَضَ أَدْوَنَ مِمَّا شَرَطَ صَحَّ وَضَمِنَ لِمُوَكِّلِهِ مَا شَرَطَ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ، وَكَذَا لَوْ أَبْرَأَهُ عَنْ السَّلَمِ، أَوْ وَهَبَهُ قَبْلَ الْقَبْضِ، أَوْ أَقَالَهُ، أَوْ احْتَالَ بِهِ صَحَّ وَضَمِنَ عِنْدَهُمَا وَلَمْ يَجُزْ عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ، وَكَذَا الْوَكِيلُ بِالْبَيْعِ لَوْ فَعَلَ ذَلِكَ بِالثَّمَنِ وَأَجْمَعُوا عَلَى أَنَّ الثَّمَنَ لَوْ كَانَ عَيْنًا فَوَهَبَهُ الْوَكِيلُ مِنْ الْمُشْتَرِي قَبْلَ قَبْضِهِ لَمْ يَجُزْ، وَكَذَا النَّقْدُ بَعْدَ قَبْضِهِ يُمَاثِلُهُ السَّلَمُ وَأَجْمَعُوا عَلَى أَنَّهُ لَوْ قَبَضَ السَّلَمَ رَبُّهُ، أَوْ الثَّمَنَ مُوَكِّلُ الْبَيْعِ، أَوْ أَبْرَأَ الْمُشْتَرِي أَوْ اشْتَرَى بِالثَّمَنِ شَيْئًا مِنْ الْمُشْتَرِي، أَوْ صَالَحَهُ صَحَّ. الْوَكِيلُ بِالْبَيْعِ لَوْ قَبَضَ زُيُوفًا وَتَجَوَّزَ بِهَا صَحَّ عَلَيْهِ فَيَضْمَنُ لِمُوَكِّلِهِ مِثْلَ دَرَاهِمِهِ لَوْ عَلِمَ وَقْتَ قَبْضِهِ وَإِلَّا لَا إجْمَاعًا، مِنْ الْفُصُولَيْنِ. رَجُلٌ وَكَّلَ رَجُلًا بِأَنْ يَتَصَدَّقَ عَنْهُ بِأَلْفِ دِرْهَمٍ بِعَيْنِهَا فَغَصَبَ الْوَكِيلُ مِنْ رَجُلٍ أَلْفًا وَتَصَدَّقَ بِهَا عَنْ الْمُوَكِّلِ ثُمَّ أَدَّى مَالَ الْمُوَكِّلِ مَكَانَهَا ذُكِرَ فِي الْمُنْتَقَى أَنَّهُ يَجُوزُ هَذِهِ فِي الْوَصَايَا مِنْ قَاضِي خَانْ. وَلَوْ قَبَضَ وَكِيلُ الْبَيْعِ الثَّمَنَ ثُمَّ أَبْرَأَ الْمُشْتَرِي عَنْ الثَّمَنِ صَحَّ وَيَرُدُّ الثَّمَنَ عَلَى الْمُشْتَرِي مِنْ أَحْكَامِ الدَّيْنِ، مِنْ الْفُصُولَيْنِ. رَجُلٌ دَفَعَ إلَى رَجُلٍ عَشَرَةَ دَرَاهِمَ وَأَمَرَهُ أَنْ يَتَصَدَّقَ بِهَا فَأَتْلَفَهَا الْوَكِيلُ ثُمَّ تَصَدَّقَ عَنْ الْآمِرِ بِعَشَرَةٍ مِنْ مَالِهِ يَكُونُ ضَامِنًا لَلْعَشْرَةِ، وَلَوْ كَانَتْ قَائِمَةً فَأَمْسَكَهَا الْوَكِيلُ وَتَصَدَّقَ مِنْ عِنْدِهِ بِعَشَرَةٍ جَازَ اسْتِحْسَانًا وَتَكُونُ الْعَشَرَةُ لَهُ بِعَشَرَةٍ. الْوَكِيلُ بِالْبَيْعِ إذَا كَانَ عَلَيْهِ دَيْنٌ لِلْمُشْتَرِي عَلَى قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ يَصِيرُ الثَّمَنُ قِصَاصًا لِمَا عَلَى الْوَكِيلِ وَيَضْمَنُ الْوَكِيلُ لِمُوَكِّلِهِ، وَعَلَى قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ لَا يَصِيرُ قِصَاصًا، وَلَوْ أَنَّ هَذَا الْوَكِيلَ لَمْ يُسَلِّمْ مَا بَاعَ حَتَّى هَلَكَ الْمَبِيعُ فِي يَدِهِ بَطَلَتْ الْمُقَاصَّةُ وَلَا ضَمَانَ عَلَى الْوَكِيلِ لِمُوَكِّلِهِ؛ لِأَنَّ الْمَبِيعَ لَمَّا هَلَكَ قَبْلَ التَّسْلِيمِ انْفَسَخَ الْبَيْعُ مِنْ الْأَصْلِ وَصَارَ كَأَنْ لَمْ يَكُنْ، وَلَوْ كَانَ لِلْمُشْتَرِي عَلَى الْمُوَكِّلِ دَيْنٌ قَالُوا بِأَنَّ الثَّمَنَ يَصِيرُ قِصَاصًا لِمَا عَلَى الْمُوَكِّلِ عِنْدَ الْكُلِّ؛ لِأَنَّ الْمُوَكِّلَ يَمْلِكُ إسْقَاطَ الثَّمَنِ بِالْهِبَةِ وَالْإِبْرَاءِ عِنْدَ الْكُلِّ إنَّمَا الْخِلَافُ فِي إسْقَاطِ الْوَكِيلِ. الْوَكِيلُ بِالْبَيْعِ إذَا بَاعَ وَوَكَّلَ غَيْرَهُ بِقَبْضِ الثَّمَنِ فَقَبَضَ فَهَلَكَ الثَّمَنُ عِنْدَ الْقَابِضِ قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ: الضَّمَانُ عَلَى الْوَكِيلِ بِالْبَيْعِ لَا عَلَى الْقَابِضِ فَعِنْدَهُ الْقَابِضُ بِمَنْزِلَةِ مُودِعِ الْمُودَعِ مِنْ قَاضِي خَانْ. وَفِي الْقُنْيَةِ لِلْوَكِيلِ أَنْ يُرْسِلَ بِقَبْضِ الثَّمَنِ وَيُوَكِّلَ إلَّا أَنَّ الْوَكِيلَ إذَا لَمْ يَكُنْ فِي عِيَالِهِ ضَمِنَ الْوَكِيلُ الْأَوَّلُ إلَّا أَنْ يَصِلَ إلَيْهِ بِخِلَافِ الرَّسُولِ وَبَرِئَ الْمُشْتَرِي وَلَا يَضْمَنُ الثَّانِي خِلَافًا لَهُمَا كَالْمُودِعِ وَقِيلَ لَا خِلَافَ أَنَّهُ يَضْمَنُ. وَكَّلَهُ بِقَبْضِ دَيْنِهِ فَوَكَّلَ الْوَكِيلُ بِهِ فَقَبَضَهُ وَهَلَكَ فِي يَدِهِ فَإِنْ كَانَ الثَّانِي مِنْ عِيَالِ الْأَوَّلِ لَا يَرْجِعُ الدَّائِنُ عَلَى أَحَدٍ وَإِلَّا يَرْجِعُ عَلَى الْمَدْيُونِ بِدَيْنِهِ انْتَهَى. الْوَكِيلُ بِالْبَيْعِ إذَا بَاعَ وَسَلَّمَ وَأَقَرَّ الْبَائِعُ أَنَّ الْمُوَكِّلَ قَبَضَ الثَّمَنَ وَأَنْكَرَ الْمُوَكِّلُ فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْوَكِيلِ مَعَ يَمِينِهِ فَإِذَا حَلَفَ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 246 بَرِئَ الْمُشْتَرِي وَيَحْلِفُ الْوَكِيلُ عَلَى الْبَتَاتِ، مِنْ مُشْتَمِلِ الْأَحْكَامِ. الْوَكِيلُ بِالْبَيْعِ إذَا بَاعَ مِنْ رَجُلَيْنِ وَكُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا كَفِيلٌ عَنْ صَاحِبِهِ بِالثَّمَنِ ثُمَّ إنَّ الْوَكِيلَ أَبْرَأَ أَحَدَهُمَا ضَمِنَ الْوَكِيلُ كُلَّ الْمَالِ لِلْآمِرِ ثُمَّ يَرْجِعُ الْوَكِيلُ عَلَى الْآمِرِ بِخَمْسِمِائَةٍ. رَجُلٌ وَكَّلَ رَجُلًا بِأَنْ يَشْتَرِيَ ثَوْبًا سَمَّاهُ فَاشْتَرَى الْوَكِيلُ وَغَابَ وَأَمَرَ رَجُلًا أَجْنَبِيًّا بِقَبْضِهِ مِنْ الْبَائِعِ فَقَبَضَ الْأَجْنَبِيُّ وَهَلَكَ الثَّوْبُ عِنْدَهُ قَالَ مُحَمَّدٌ ضَمِنَ الْوَكِيلُ؛ لِأَنَّهُ أَوْدَعَهُ عِنْدَ الْقَابِضِ. رَجُلٌ دَفَعَ إلَى رَجُلٍ مِائَةَ دِرْهَمٍ وَأَمَرَهُ أَنْ يَشْتَرِيَ لَهُ ثَوْبًا وَسَمَّى جِنْسَ الثَّوْبِ وَصِفَتَهُ فَأَنْفَقَ الْمَدْفُوعُ إلَيْهِ الْمِائَةَ وَاشْتَرَى لَهُ ثَوْبًا بِمِائَةٍ مِنْ عِنْدِهِ رَوَى هِشَامٌ عَنْ مُحَمَّدٍ عَنْ أَبِي يُوسُفَ أَنَّهُ يَجُوزُ فَإِنْ ضَاعَ الثَّوْبُ فِي يَدِهِ يَهْلِكُ مِنْ مَالِ الْآمِرِ كَذَا ذُكِرَ فِي الْمُنْتَقَى وَهُوَ خِلَافُ ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ. الْوَكِيلُ بِالْبَيْعِ إذَا بَاعَ فَنَهَاهُ الْبَائِعُ عَنْ تَسْلِيمِ الْمَبِيعِ حَتَّى يَقْبِضَ الثَّمَنَ لَا يَصِحُّ نَهْيُهُ فَإِنْ سَلَّمَ الْوَكِيلُ قَبْلَ قَبْضِ الثَّمَنِ وَتَوَى الثَّمَنَ عَلَى الْمُشْتَرِي لَا ضَمَانَ عَلَى الْوَكِيلِ فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ. وَلَوْ وَكَّلَهُ بِالْبَيْعِ ثُمَّ نَهَاهُ عَنْ الْبَيْعِ حَتَّى يَقْبِضَ الثَّمَنَ صَحَّ فَلَوْ بَاعَهُ قَبْلَ قَبْضِ الثَّمَنِ وَسَلَّمَ الْمَبِيعَ كَانَ الْبَيْعُ بَاطِلًا، وَكَذَا لَوْ أَمَرَهُ بِالْبَيْعِ بِنَقْدٍ فَبَاعَهُ نَسِيئَةً لَا يَجُوزُ. وَلَوْ وَكَّلَهُ بِبَيْعِ الْعَبْدِ وَلَمْ يَدْفَعْ الْعَبْدَ إلَيْهِ لَمْ يَكُنْ لِلْوَكِيلِ أَنْ يَأْخُذَهُ قَبْلَ نَقْدِ الثَّمَنِ وَيُسَلَّمُ إلَى الْمُشْتَرِي. وَلَوْ وَكَّلَ بِبَيْعِ الْعَبْدِ وَدَفَعَ إلَيْهِ الْعَبْدَ فَبَاعَهُ الْوَكِيلُ وَلَمْ يُسَلِّمْ حَتَّى أَخَذَهُ الْمُوَكِّلُ مِنْ بَيْتِهِ وَنَهَى الْوَكِيلُ عَنْ التَّسْلِيمِ قَبْلَ نَقْدِ الثَّمَنِ صَحَّ نَهْيُهُ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ أَنْ يَأْخُذَهُ مِنْ بَيْتِ الْآمِرِ وَيَدْفَعَهُ إلَى الْمُشْتَرِي قَبْلَ نَقْدِ الثَّمَنِ. وَلَوْ أَمَرَهُ بِبَيْعِ عَبْدٍ لَهُ وَالْعَبْدُ فِي يَدِ الْآمِرِ وَلَمْ يَأْمُرْهُ الْآمِرُ بِالْقَبْضِ وَلَمْ يَنْهَهُ عَنْ ذَلِكَ فَبَاعَهُ الْوَكِيلُ وَأَخَذَ الْعَبْدُ مِنْ بَيْتِ الْآمِرِ لِيُسَلِّمَهُ إلَى الْمُشْتَرِي فَهَلَكَ الْعَبْدُ فِي يَدِهِ لَمْ يَنْتَقِضْ الْبَيْعُ وَلَا ضَمَانَ عَلَى الْوَكِيلِ، وَإِنْ لَمْ يَمُتْ الْعَبْدُ وَسَلَّمَهُ إلَى الْمُشْتَرِي قَبْلَ قَبْضِ الثَّمَنِ فَلِلْآمِرِ أَنْ يَأْخُذَهُ مِنْ الْمُشْتَرِي حَتَّى يَنْقُدَ الثَّمَنَ فَإِنْ اسْتَرَدَّ الْآمِرُ الْعَبْدَ ثُمَّ أَحْضَرَ الْمُشْتَرِي الثَّمَنَ فَالْآمِرُ يَدْفَعُ الْعَبْدَ إلَى الْوَكِيلِ وَيَأْمُرُهُ بِدَفْعِهِ إلَى الْمُشْتَرِي وَأَخْذِ الثَّمَنِ فَإِنْ لَمْ يَأْخُذْ حَتَّى مَاتَ الْعَبْدُ عِنْدَ الْمُشْتَرِي فَلَا ضَمَانَ لِلْآمِرِ عَلَى أَحَدٍ لَا عَلَى الْوَكِيلِ وَلَا عَلَى الْمُشْتَرِي ضَمَانُ الْقِيمَةِ لَكِنَّ الْوَكِيلَ يَأْخُذُ الثَّمَنَ مِنْ الْمُشْتَرِي وَيَدْفَعُهُ إلَى الْآمِرِ. الْوَكِيلُ بِالْبَيْعِ إذَا بَاعَ فَنَهَاهُ الْآمِرُ عَنْ قَبْضِ الثَّمَنِ إلَّا بِحَضْرَةِ الشُّهُودِ، أَوْ إلَّا بِمَحْضَرِ فُلَانٍ، أَوْ نَهَاهُ عَنْ قَبْضِ الثَّمَنِ لَا يَصِحُّ نَهْيُهُ وَلَهُ أَنْ يَقْبِضَ الثَّمَنَ بِغَيْرِ شُهُودٍ وَبِغَيْرِ مَحْضَرِ فُلَانٍ، وَكَذَا لَوْ مَاتَ الْمُوَكِّلَ أَوْ جُنَّ بَعْدَ الْبَيْعِ يَبْقَى لِلْوَكِيلِ حَقُّ الثَّمَنِ، وَلَوْ وَكَّلَهُ بِالْبَيْعِ إلَّا بِشُهُودٍ أَوْ إلَّا بِمَحْضَرِ فُلَانٍ يَمْلِكُ الْبَيْعَ بِغَيْرِ مَحْضَرِ الشُّهُودِ وَبِغَيْرِ مَحْضَرِ فُلَانٍ. وَلَوْ قَالَ: وَكَّلْتُك بِبَيْعِ هَذَا الْعَبْدِ بِشَرْطِ أَنْ لَا تَقْبِضَ الثَّمَنَ كَانَ النَّهْيُ بَاطِلًا وَلَهُ أَنْ يَقْبِضَ الثَّمَنَ، وَلَوْ قَالَ لِغَيْرِهِ: بِعْ عَبْدِي هَذَا وَأَشْهِدْ فَبَاعَ وَلَمْ يُشْهِدْ كَانَ جَائِزًا. وَلَوْ قَالَ: لَا تَبِعْ إلَّا بِشُهُودٍ فَبَاعَ بِغَيْرِ شُهُودٍ لَمْ يَجُزْ، وَكَذَا لَوْ قَالَ: بِعْ بِشُهُودٍ. وَلَوْ وَكَّلَهُ بِأَنْ يَبِيعَ بِرَهْنٍ ثِقَةً فَبَاعَ بِغَيْرِ رَهْنٍ لَا يَجُوزُ إلَّا أَنْ يَبِيعَ بِرَهْنٍ يُسَاوِي. وَلَوْ قَالَ: بِعْهُ بِرَهْنٍ فَبَاعَ بِرَهْنٍ قَلِيلِ الْقِيمَةِ جَازَ فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ، وَفِي قَوْلِ صَاحِبَيْهِ لَا يَجُوزُ إلَّا بِنُقْصَانٍ يُتَغَابَنُ فِيهِ. وَلَوْ قَالَ: بِعْهُ مِنْ فُلَانٍ بِكَفِيلٍ ثِقَةٍ فَبَاعَ بِغَيْرِ كَفِيلٍ لَمْ يَجُزْ، وَكَذَا لَوْ قَالَ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 247 بِعْهُ وَخُذْ كَفِيلًا، أَوْ قَالَ: بِعْهُ وَخُذْ رَهْنًا لَا يَجُوزُ إلَّا كَذَلِكَ، وَلَوْ قَالَ الْوَكِيلُ لَمْ تَأْمُرْنِي بِذَلِكَ كَانَ الْقَوْلُ قَوْلَ الْآمِرِ؛ لِأَنَّ الْإِذْنَ مُسْتَفَادٌ مِنْ جِهَتِهِ. وَلَوْ وَكَّلَهُ بِبَيْعِهِ مِنْ فُلَانٍ وَسَمَّاهُ بِعَيْنِهِ فَبَاعَهُ مِنْهُ وَمِنْ آخَرَ جَازَ النِّصْفُ الَّذِي بَاعَهُ لِذَلِكَ الرَّجُلِ فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ وَلَا يَجُوزُ فِي قَوْلِ صَاحِبَيْهِ. الْوَكِيلُ بِشِرَاءِ جَارِيَةٍ بِأَلْفٍ إذَا اشْتَرَى وَنَقَدَ الثَّمَنَ مِنْ مَالِ نَفْسِهِ وَقَبَضَ الْجَارِيَةَ ثُمَّ نَقَدَ لَهُ الْمُوَكِّلُ خَمْسَمِائَةٍ وَطَلَبَ مِنْهُ الْجَارِيَةَ فَمَنَعَهَا فَهَلَكَتْ عِنْدَ الْوَكِيلِ قَالُوا تُسَلَّمُ لِلْوَكِيلِ الْخَمْسُمِائَةِ الْمَقْبُوضَةُ وَبَطَلَتْ الْخَمْسُمِائَةِ الْبَاقِيَةُ، وَإِنْ كَانَ الْمُوَكِّلُ طَلَبَ مِنْهُ الْجَارِيَةَ قَبْلَ نَقْدِ شَيْءٍ مِنْ الثَّمَنِ فَمَنَعَ الْوَكِيلُ ثُمَّ نَقَدَ الْخَمْسَمِائَةِ فَهَلَكَتْ عِنْدَ الْوَكِيلِ قَالُوا تُسَلَّمُ لِلْوَكِيلِ الْخَمْسُمِائَةِ الْمَقْبُوضَةُ وَيَبْطُلُ الْبَاقِي مِنْ قَاضِي خَانْ. لَوْ سَلَّمَ أَحَدُ الْمُوَكِّلَيْنِ بِالشِّرَاءِ إلَى الْآخَرِ فِي يَدِهِ مَا يَقْسِمُ لَمْ يَجُزْ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ خِلَافًا لَهُمَا هَذِهِ فِي الْوَدِيعَةِ، مِنْ الْهِدَايَةِ. وَلَوْ وُكِّلَ بِشِرَاءِ أَمَةٍ فَاشْتَرَى عَمْيَاءَ، أَوْ شَلَّاءَ فَهُوَ نَافِذٌ عَلَى الْمُوَكِّلِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ خِلَافًا لَهُمَا أَوْ بِشِرَاءِ هَذَا الْعَبْدِ، أَوْ بَيْعِهِ بِأَلْفٍ فَاشْتَرَى مَعَهُ آخَرُ، أَوْ بَاعَ بِأَلْفَيْنِ وَقِيمَتُهُمَا سَوَاءٌ فَهُوَ غَيْرُ نَافِذٍ عَلَى الْمُوَكِّلِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ خِلَافًا لَهُمَا، مِنْ الْمَجْمَعِ، وَفِي شَرْحِهِ، وَلَوْ كَانَتْ الْجَارِيَةُ فِي الْمَسْأَلَةِ الْأُولَى عَوْرَاءَ، أَوْ فَاسِدَةَ الْيَدِ الْوَاحِدَةِ وَقَدْ اشْتَرَاهَا بِلَا غَبْنٍ فَاحِشٍ نَفَذَ عَلَى الْمُوَكِّلِ بِالْإِجْمَاعِ وَعَلَى هَذَا الْخِلَافُ لَوْ كَانَتْ مُقْعَدَةً، أَوْ مَجْنُونَةً نَفَذَ عَلَى الْمُوَكِّلِ عِنْدَهُ خِلَافًا لَهُمَا انْتَهَى. وَفِي قَاضِي خَانْ لَوْ قَالَ الرَّجُلُ: اشْتَرِ جَارِيَةً بِأَلْفِ دِرْهَمٍ إنْ بَيَّنَ الصِّفَةَ فَقَالَ: جَارِيَةً حَبَشِيَّةً فَاشْتَرَى جَارِيَةً حَبَشِيَّةً عَمْيَاءَ أَوْ مَقْطُوعَةَ الْيَدَيْنِ، أَوْ الرِّجْلَيْنِ بِمِثْلِ الْقِيمَةِ، أَوْ بِغَبْنٍ يَسِيرٍ جَازَ فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ وَيَلْزَمُ الْآمِرَ وَقَالَا لَا يَلْزَمُ الْآمِرَ، وَلَوْ كَانَتْ عَوْرَاءَ أَوْ مَقْطُوعَةَ الْيَدَيْنِ، أَوْ أَحَدِ الرِّجْلَيْنِ لَزِمَ الْآمِرُ اتِّفَاقًا. وَلَوْ قَالَ اشْتَرِ: رَقَبَةً بِأَلْفِ دِرْهَمٍ فَاشْتَرَى عَبْدًا أَعْمَى أَوْ جَارِيَةً عَمْيَاءَ بِأَلْفِ دِرْهَمٍ وَهِيَ مِثْلُ قِيمَتِهَا لَا يَلْزَمُ الْآمِرَ اتِّفَاقًا، انْتَهَى. وَكَّلَهُ بِقَبْضِ دَيْنِهِ عَلَى فُلَانٍ فَأَخْبَرَ بِهِ الْمَدْيُونَ فَوَكَّلَهُ بِبَيْعِ سِلْعَةٍ وَإِيفَاءِ ثَمَنِهَا لِصَاحِبِ الدَّيْنِ فَبَاعَهَا وَنَقَدَ الثَّمَنَ وَهَلَكَ يَهْلِكُ مِنْ مَالِ الْمَدْيُونِ لِاسْتِحَالَةِ أَنْ يَكُونَ قَاضِيًا وَمَقْضِيًّا. زَوْجَانِ وَقَعَتْ بَيْنَهُمَا فُرْقَةٌ فَطَالَبَتْهُ بِنَفَقَةِ وَلَدِهِ الصَّغِيرِ مَخَافَةَ أَنْ يَذْهَبَ فَوَكَّلَ رَجُلًا إنْ لَمْ يَحْضُرْ إلَى عَشَرَةِ أَيَّامٍ أَنْ يَسْتَقْرِضَ عَلَيْهِ وَيُنْفَقَ عَلَى وَلَدِهِ فَالتَّوْكِيلُ بِالِاسْتِقْرَاضِ لَا يَصِحُّ لَكِنْ لَوْ أَنْفَقَ عَلَى وَلَدِهِ يَرْجِعُ عَلَى الْآمِرِ. الْوَكِيلُ مَا دَامَ حَيًّا، وَإِنْ كَانَ غَائِبًا لَا تَنْتَقِلُ الْحُقُوقُ إلَى الْمُوَكِّلِ. وَكَّلَهُ بِقَبْضِ دَيْنِهِ ثُمَّ إنَّ رَبَّ الدَّيْنِ وَهَبَهُ مِنْ الْغَرِيمِ وَالْوَكِيلُ لَمْ يَعْلَمْ بِذَلِكَ فَقَبَضَهُ مِنْهُ وَهَلَكَ فِي يَدِهِ فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ وَلِلدَّافِعِ أَنْ يَأْخُذَ بِهِ. وَلَوْ صَرَفَ الْوَكِيلُ بِقَضَاءِ الدَّيْنِ مِنْ مَالِ الْمُوَكِّلِ إلَى دَيْنِ نَفْسِهِ ثُمَّ قَضَى دَيْنَ الْمُوَكِّلِ مِنْ مَالِ نَفْسِهِ ضَمِنَهُ وَكَانَ مُتَبَرِّعًا. وَلَوْ بَعَثَ رَجُلًا إلَى رَجُلٍ لِيُقْرِضَهُ فَأَقْرَضَهُ فَضَاعَ مِنْ يَدِهِ فَلَوْ قَالَ الرَّسُولُ أَقْرِضْ لِلْمُرْسِلِ ضَمِنَ مُرْسِلُهُ، وَلَوْ قَالَ: أَقْرِضْنِي لِلْمُرْسِلِ ضَمِنَ رَسُولُهُ وَالْحَاصِلُ أَنَّ التَّوْكِيلَ بِالْإِقْرَاضِ جَائِزٌ وَبِالِاسْتِقْرَاضِ لَا يَجُوزُ، وَلَوْ أَخْرَجَ وَكِيلُ الِاسْتِقْرَاضِ كَلَامَهُ مَخْرَجَ الرِّسَالَةِ يَقَعُ الْقَضَاءُ لِلْآمِرِ، وَلَوْ أَخْرَجَهُ مَخْرَجَ الْوَكَالَةِ بِأَنْ يُضِيفَهُ إلَى نَفْسِهِ يَقَعُ لِلْوَكِيلِ وَلَهُ مَنْعُهُ مِنْ آمِرِهِ، مِنْ الْمُشْتَمِلِ. وَإِذَا وَكَّلَ بِشِرَاءِ عَبْدٍ بِعَيْنِهِ وَلَمْ يُسَمِّ ثَمَنَهُ فَاشْتَرَاهُ الْوَكِيلُ مَعَ عَبْدٍ آخَرَ وَقِيمَتُهُمَا سَوَاءٌ نَفَذَ عَلَى الْآمِرِ اتِّفَاقًا إذَا كَانَ حِصَّةُ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 248 الْمُشْتَرِي لِلْآمِرِ مِنْ الثَّمَنِ قَدْرَ قِيمَتِهِ، أَوْ أَكْثَرَ مِمَّا يُتَغَابَنُ فِيهِ ذَكَرَهُ فِي الْحَقَائِقِ. إذَا وَكَّلَهُ بِشِرَاءِ شَيْءٍ مُعَيَّنٍ وَلَمْ يُعَيِّنْ الثَّمَنَ فَاشْتَرَاهُ الْوَكِيلُ بِكَيْلِيٍّ، أَوْ وَزْنِيٍّ دَيْنًا فِي الذِّمَّةِ أَنَفَذْنَاهُ عَلَى الْوَكِيلِ؛ لِأَنَّ الْمُطْلَقَ يَنْصَرِفُ إلَى الْمُتَعَارَفِ وَهُوَ الشِّرَاءُ بِالْأَثْمَانِ الْمُطْلَقَةِ وَعِنْدَ زُفَرَ يَنْفُذُ عَلَى الْمُوَكِّلِ هَذِهِ فِي سُلَّمِ الْمَجْمَعِ، وَلَوْ اشْتَرَاهُ الْوَكِيلُ بِكَيْلِيٍّ، أَوْ وَزْنِيٍّ عَيْنٍ لَا يَنْفُذُ عَلَى الْمُوَكِّلِ بِالْإِجْمَاعِ؛ لِأَنَّهُ بَيْعٌ مَعَ كُلِّ وَجْهٍ لَا شِرَاءٌ ذَكَرَهُ فِي الْحَقَائِقِ. الْوَكِيلُ بِالْبَيْعِ يَجُوزُ بَيْعُهُ بِالْقَلِيلِ وَالْكَثِيرِ وَالْعَرَضِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَقَالَا لَا يَجُوزُ بَيْعُهُ بِنُقْصَانٍ لَا يَتَغَابَنُ النَّاسُ فِيهِ وَلَا يَجُوزُ إلَّا بِالدَّرَاهِمِ وَالدَّنَانِيرِ وَالْوَكِيلُ بِالشِّرَاءِ يَجُوزُ عَقْدُهُ بِمِثْلِ الْقِيمَةِ وَزِيَادَةٍ يَتَغَابَنُ النَّاسُ فِي مِثْلِهَا وَلَا يَجُوزُ فِيمَا لَا يَتَغَابَنُ النَّاسُ فِي مِثْلِهِ، وَلَوْ كَانَ وَكِيلًا بِالشِّرَاءِ لِشَيْءٍ بِعَيْنِهِ قَالُوا: يَنْفُذُ عَلَى الْآمِرِ، وَإِنْ وَكَّلَهُ بِشِرَاءِ عَبْدٍ فَاشْتَرَى نِصْفَهُ فَالشِّرَاءُ مَوْقُوفٌ فَإِنْ اشْتَرَى بَاقِيه لَزِمَ الْمُوَكِّلَ وَإِلَّا لَا وَهَذَا بِالِاتِّفَاقِ، مِنْ الْهِدَايَةِ. وَكَّلَ رَجُلًا بِشِرَاءِ جَارِيَةٍ بِأَلْفِ دِرْهَمٍ فَاشْتَرَى ثُمَّ إنَّ الْبَائِعَ وَهَبَ كُلَّ الْأَلْفِ لِلْوَكِيلِ صَحَّتْ الْهِبَةُ وَكَانَ لِلْوَكِيلِ أَنْ يَرْجِعَ عَلَى الْمُوَكِّلِ بِالْأَلْفِ، وَلَوْ وَهَبَ الْبَائِعُ لِلْوَكِيلِ خَمْسَمِائَةٍ ثُمَّ وَهَبَ مِنْهُ الْخَمْسَمِائَةِ الْبَاقِيَةَ لَا يَرْجِعُ عَلَى الْمُوَكِّلِ بِالْخَمْسِمِائَةِ الْأُولَى وَيَرْجِعُ بِالْخَمْسِمِائَةِ الثَّانِيَةِ، وَلَوْ وَهَبَ مِنْهُ تِسْعَمِائَةٍ ثُمَّ وَهَبَ مِنْهُ الْمِائَةَ الْبَاقِيَةَ فَإِنَّهُ لَا يَرْجِعُ عَلَى الْمُوَكِّلِ إلَّا بِمِائَةٍ وَهَذَا قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ. وَكَّلَ رَجُلًا بِشِرَاءِ جَارِيَةٍ بِأَلْفٍ فَقَالَ مَا صَنَعْت مِنْ أَمْرٍ فَهُوَ جَائِزٌ فَوَكَّلَ الْوَكِيلُ رَجُلًا آخَرَ بِهَذَا الشِّرَاءِ ثُمَّ عَزَلَ الْمُوَكِّلُ الْوَكِيلَ الْأَوَّلَ فَاشْتَرَى الْوَكِيلُ الثَّانِي الْجَارِيَةَ قَالَ مُحَمَّدٌ يَجُوزُ شِرَاؤُهُ عَلَى الْأَوَّلِ عَلِمَ الْوَكِيلُ الثَّانِي بِذَلِكَ، أَوْ لَمْ يَعْلَمْ كَانَ الْمُوَكِّلُ دَفَعَ الدَّرَاهِمَ إلَى الْوَكِيلِ الْأَوَّلِ أَوْ لَمْ يَدْفَعْ، وَكَذَا لَوْ مَاتَ الْوَكِيلُ الْأَوَّلُ وَاشْتَرَى الثَّانِي صَحَّ شِرَاؤُهُ عَلَى الْمُوَكِّلِ. قَالَ لِاثْنَيْنِ لِيَشْتَرِ لِي أَحَدُكُمَا جَارِيَةً بِأَلْفِ دِرْهَمٍ فَاشْتَرَى أَحَدُهُمَا ثُمَّ اشْتَرَى الثَّانِي كَانَ الشِّرَاءُ لِنَفْسِهِ، وَلَوْ اشْتَرَى كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا جَارِيَةً لِلْآمِرِ عَلَى حِدَةٍ وَوَقَعَ شِرَاؤُهُمَا فِي وَقْتٍ وَاحِدٍ كَانَتْ الْجَارِيَتَانِ لِلْمُوَكِّلِ. خَمْسَةٌ وَكَّلُوا رَجُلًا يَشْتَرِي لَهُمْ حِمَارًا فَاشْتَرَى لَهُمْ ثُمَّ قَبَضَ مِنْ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ حِصَّةً مِنْ الثَّمَنِ فَضَاعَتْ حِصَّةُ أَحَدِهِمْ قَبْلَ أَنْ يَدْفَعَ إلَى الْبَائِعِ قَالَ نُصَيْرُ بْنُ يَحْيَى يَضْمَنُ الْوَكِيلُ وَلَا يَرْجِعُ بِهِ عَلَى أَحَدٍ قَالَ الْفَقِيهُ أَبُو اللَّيْثِ إنَّمَا قَالَ ذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ لَمَّا قَبَضَ مِنْهُمْ الثَّمَنَ بَعْدَ الشِّرَاءِ صَارَ مُسْتَوْفِيًا مَا وَجَبَ لَهُ عَلَيْهِمْ بِعَقْدِ الشِّرَاءِ فَيَكُونُ الْمُسْتَوْفَى مَضْمُونًا عَلَيْهِ. رَجُلٌ دَفَعَ إلَى رَجُلٍ أَلْفَ دِرْهَمٍ وَأَمَرَهُ أَنْ يَشْتَرِيَ لَهُ بِهَا عَبْدًا فَوَضَعَ الْوَكِيلُ الدَّرَاهِمَ فِي مَنْزِلِهِ وَأَرَادَ أَنْ يَأْخُذَ الدَّرَاهِمَ لِيَدْفَعَهَا إلَى الْبَائِعِ فَإِذَا الدَّرَاهِمُ قَدْ سُرِقَتْ وَهَلَكَ الْعَبْدُ فِي مَنْزِلِهِ فَجَاءَ الْبَائِعُ وَطَلَبَ مِنْهُ الثَّمَنَ وَجَاءَ الْمُوَكِّلُ فَطَلَبَ مِنْهُ الْعَبْدَ كَيْفَ يَفْعَلُ؟ قَالُوا: يَأْخُذُ الْوَكِيلُ مِنْ الْمُوَكِّلِ أَلْفَ دِرْهَمٍ وَيَدْفَعُهَا إلَى الْبَائِعِ، وَالْعَبْدُ وَالدَّرَاهِمُ هَلَكَا فِي يَدِهِ عَلَى الْأَمَانَةِ قَالَ الْفَقِيهُ أَبُو اللَّيْثِ: هَذَا إذَا عُلِمَ بِشَهَادَةِ الشُّهُودِ أَنَّهُ اشْتَرَى الْعَبْدَ وَهَلَكَ فِي يَدِهِ أَمَّا إذَا لَمْ يُعْلَمْ ذَلِكَ إلَّا بِقَوْلِهِ فَإِنَّهُ يُصَدَّقُ فِي نَفْيِ الضَّمَانِ عَنْ نَفْسِهِ وَلَا يُصَدَّقُ فِي إيجَابِ الضَّمَانِ عَلَى الْآمِرِ. وَإِنْ اخْتَلَطَ عَقْلُ الْوَكِيلِ بِالنَّبِيذِ إلَّا أَنَّهُ يَعْرِفُ الْبَيْعَ وَالشِّرَاءَ قَالَ أَبُو سُلَيْمَانَ جَازَ بَيْعُهُ وَشِرَاؤُهُ عَلَى الْمُوَكِّلِ بِخِلَافِ مَا إذَا اخْتَلَطَ عَقْلُهُ بِالْبَنْجِ حَيْثُ لَا يَجُوزُ، وَقَالَ غَيْرُهُ فِي شُرْبِ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 249 النَّبِيذِ أَيْضًا لَا يَجُوزُ عَقْدُهُ عَلَى الْمُوَكِّلِ؛ لِأَنَّ بَيْعَ السَّكْرَانِ إنَّمَا جَازَ زَجْرًا عَلَيْهِ فَلَا يَجُوزُ عَلَى الْمُوَكِّلِ. أَمَرَ رَجُلًا بِأَنْ يَشْتَرِيَ لَهُ عَبْدَيْنِ بِأَعْيَانِهِمَا وَلَمْ يَذْكُرْ الثَّمَنَ فَاشْتَرَى أَحَدَهُمَا بِمِثْلِ الْقِيمَةِ، أَوْ بِمَا يَتَغَابَنُ النَّاسُ فِيهِ جَازَ وَلَا يَجُوزُ بِالْغَبْنِ الْفَاحِشِ، وَلَوْ أَمَرَهُ بِأَنْ يَشْتَرِيَهُمَا بِأَلْفٍ فَاشْتَرَى أَحَدَهُمَا بِخَمْسِمِائَةٍ أَوْ أَقَلَّ جَازَ، وَإِنْ اشْتَرَى أَحَدَهُمَا بِأَكْثَرَ مِنْ خَمْسِمِائَةٍ لَا يَلْزَمُ الْآمِرُ إلَّا أَنْ يَشْتَرِيَ الْآخَرُ بِمَا بَقِيَ مِنْ الْأَلْفِ قَبْلَ أَنْ يَخْتَصِمَا قَلَّتْ الزِّيَادَةُ، أَوْ كَثُرَتْ. وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ وَمُحَمَّدٌ: إذَا اشْتَرَى أَحَدُهُمَا بِمَا يَتَغَابَنُ فِيهِ النَّاسُ وَبَقِيَ مِنْ الْأَلْفِ مَا يَشْتَرِي بِهِ الْآخَرُ جَازَ. رَجُلٌ وَكَّلَ رَجُلًا بِأَنْ يَشْتَرِيَ لَهُ جَارِيَةً وَسَمَّى لَهُ الثَّمَنَ فَاشْتَرَى جَارِيَةً هِيَ ذَاتُ رَحِمٍ مَحْرَمٍ مِنْ الْمُوَكِّلِ أَوْ جَارِيَةً حَلَفَ الْمُوَكِّلُ بِعِتْقِهَا إنْ مَلَكَهَا جَازَ وَتُعْتَقُ. رَجُلٌ قَالَ لِغَيْرِهِ اشْتَرِ جَارِيَةً بِكَذَا أَطَؤُهَا فَاشْتَرَى أُخْتَ امْرَأَتِهِ، أَوْ عَمَّتَهَا، أَوْ خَالَتَهَا مِنْ رَضَاعٍ، أَوْ نَسَبٍ لَا يَلْزَمُ الْآمِرُ وَيَكُونُ الْوَكِيلُ مُشْتَرِيًا لِنَفْسِهِ، وَكَذَا لَوْ اشْتَرَى جَارِيَةً لَهَا زَوْجٌ، أَوْ فِي عِدَّةِ زَوْجٍ مِنْ طَلَاقٍ بَائِنٍ أَوْ رَجْعِيٍّ، أَوْ ثَلَاثٍ لَا يَلْزَمُ الْآمِرُ وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ إنْ كَانَتْ الْعِدَّةُ بِالشُّهُورِ لَزِمَ الْآمِرُ وَذُكِرَ فِي الْعُيُونِ عَنْ مُحَمَّدٍ لَوْ اشْتَرَى أُخْتَ امْرَأَةِ الْمُوَكِّلِ لَا يَلْزَمُ الْمُوَكِّلُ، وَإِنْ اشْتَرَى أُخْتَ أَمَةٍ لِلْمُوَكِّلِ قَدْ وَطِئَهَا لَزِمَ الْآمِرُ وَقَالَا هُمَا فِي الْقِيَاسِ سَوَاءٌ غَيْرَ أَنِّي اسْتَحْسَنْت هَذَا؛ لِأَنَّ فِي أُخْتِ الْأَمَةِ يُمْكِنُهُ أَنْ يَبِيعَ الْمَوْطُوءَةَ مِنْ سَاعَتِهِ فَيَطَأَ الَّتِي اشْتَرَاهَا الْوَكِيلُ، وَفِي أُخْتِ امْرَأَتِهِ لَا يُمْكِنُهُ ذَلِكَ إلَّا أَنْ يُطَلِّقَ الْمَنْكُوحَةَ وَتَنْقَضِيَ عِدَّتُهَا فَيَطَؤُهَا. وَلَوْ اشْتَرَى صَغِيرَةً لَا يُوطَأُ مِثْلُهَا، أَوْ مَحْبُوسَةً لَا يَلْزَمُ الْآمِرَ، وَإِنْ اشْتَرَى نَصْرَانِيَّةً، أَوْ يَهُودِيَّةً لَزِمَ الْآمِرُ، وَكَذَا الصَّابِئِيَّةُ فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ، وَفِي قِيَاسِ قَوْلِهِمَا الصَّابِئِيَّةُ لَا تَلْزَمُ الْآمِرَ، وَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ الْوَكِيلُ بِذَلِكَ جَازَ عَلَى الْآمِرِ وَلَهُ حَقُّ الرَّدِّ، وَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ بِذَلِكَ وَشَرَطَ الْبَرَاءَةَ مِنْ كُلِّ عَيْبٍ لَا يَلْزَمُ الْآمِرُ. قَالَ لِغَيْرِهِ: اشْتَرِ لِي جَارِيَتَيْنِ أَطَؤُهُمَا فَاشْتَرَى أُخْتَيْنِ فِي عَقْدٍ وَاحِدٍ، أَوْ اشْتَرَى جَارِيَةً وَعَمَّتَهَا، أَوْ خَالَتَهَا مِنْ رَضَاعٍ أَوْ نَسَبٍ فِي عُقْدَةٍ وَاحِدَةٍ لَا يَلْزَمُ الْآمِرَ عِنْدَنَا، وَقَالَ زُفَرُ: يَلْزَمُ الْآمِرَ اتِّفَاقًا وَذُكِرَ فِي الْمُنْتَقَى لَوْ اشْتَرَى هَذَا الْوَكِيلُ جَارِيَةً وَابْنَتَهَا لَزِمَ الْآمِرَ؛ لِأَنَّهُ قَادِرٌ عَلَى وَطْءِ إحْدَاهُمَا فِي الْحَالِ وَإِنَّمَا يَحْرُمُ عَلَيْهِ وَطْءُ الْأُخْرَى بَعْدَ وَطْءِ الْأُولَى. وَكَّلَ رَجُلًا بِأَنْ يَشْتَرِيَ لَهُ جَارِيَةً يُعْتِقُهَا عَنْ ظِهَارٍ فَاشْتَرَى عَمْيَاءَ، أَوْ مَقْطُوعَةَ الْيَدَيْنِ أَوْ الرِّجْلَيْنِ وَلَمْ يَعْلَمْ بِذَلِكَ لَزِمَ الْآمِرَ وَكَانَ لَهُ أَنْ يَرُدَّ، وَلَوْ عَلِمَ الْوَكِيلُ بِذَلِكَ لَا يَلْزَمُ الْآمِرَ. وَلَوْ وَكَّلَ رَجُلًا بِأَنْ يَشْتَرِيَ لَهُ جَارِيَةً بِكَذَا فَاشْتَرَى جَارِيَةً فَاسْتُحِقَّتْ لَا يَضْمَنُ الْوَكِيلُ، وَإِنْ اشْتَرَى جَارِيَةً فَظَهَرَ أَنَّهَا حُرَّةٌ ضَمِنَ الْوَكِيلُ قَاضِي خَانْ. الْوَكِيلُ بِشِرَاءِ شَيْءٍ بِعَيْنِهِ لَيْسَ لَهُ أَنْ يَشْتَرِيَ لِنَفْسِهِ فَلَوْ وَكَّلَهُ بِشِرَاءِ جَارِيَةٍ بِعَيْنِهَا فَاشْتَرَى لِنَفْسِهِ وَوَطِئَهَا لَا يُحَدُّ وَلَا يَثْبُتُ النَّسَبُ وَتَكُونُ الْأَمَةُ وَوَلَدُهَا لِلْآمِرِ قَالَ مَشَايِخُنَا: وَيَلْزَمُ الْعُقْرُ، وَعِنْدَ مُحَمَّدٍ يُقْسَمُ الثَّمَنُ عَلَى الْجَارِيَةِ وَالْعُقْرِ فَمَا أَصَابَ الْعُقْرَ يَسْقُطُ وَمَا أَصَابَ الْجَارِيَةَ بَقِيَ، وَعِنْدَ أَبِي يُوسُفَ عَلَيْهِ الْعُقْرُ إنْ قَالَ ظَنَنْت أَنَّهَا تَحِلُّ. وَكَّلَهُ بِقَبْضِ الْوَدِيعَةِ فَقَبَضَ بَعْضَهَا جَازَ إلَّا إذَا قَالَ لَا تَقْبِضْ إلَّا جَمِيعَهَا فَقَبَضَ بَعْضَهَا ضَمِنَ فَإِنْ قَبَضَ الْبَاقِي قَبْلَ أَنْ يَهْلِكَ الْأَوَّلُ يَسْقُطُ الضَّمَانُ. وَكَّلَهُ بِقَبْضِ دَابَّةٍ عَارِيَّةً فَرَكِبَهَا الْوَكِيلُ ضَمِنَ. وَكَّلَهُ بِقَبْضِ حَيَوَانٍ وَلَدَتْ قَبْلَ الْقَبْضِ فَلِلْوَكِيلِ قَبْضُهَا وَمَا وَلَدَتْ، وَإِنْ وَلَدَتْ قَبْلَ الْوَكَالَةِ لَا يَمْلِكُ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 250 قَبْضَهُ وَالثَّمَرَةُ بِمَنْزِلَةِ الْوَلَدِ مُتَّصِلًا وَمُنْفَصِلًا بِأَنْ خَرَجَتْ الثَّمَرَةُ بَعْدَ الْوَكَالَةِ، مِنْ الْوَجِيزِ. وَكَّلَ رَجُلًا يَبِيعُ مَا لَهُ حَمْلٌ وَمُؤْنَةٌ فَهُوَ عَلَى الْبَلَدِ الَّذِي فِيهِ الْوَكِيلُ وَالْمُوَكِّلُ إذَا كَانَا فِي بَلْدَةٍ وَاحِدَةٍ فَإِنْ خَرَجَ الْوَكِيلُ بِذَلِكَ إلَى بَلْدَةٍ أُخْرَى فَسُرِقَ أَوْ ضَاعَ كَانَ ضَامِنًا؛ لِأَنَّ الظَّاهِرَ مِنْ حَالِ الْمُوَكِّلِ أَنَّهُ لَا يَلْتَزِمُ بِالْمُؤْنَةِ فَإِذَا خَرَجَ بِهِ إلَى بَلْدَةٍ أُخْرَى رُبَّمَا لَا يُنْفِقُ فَيَحْتَاجُ إلَى النَّقْلِ إلَى الْمَكَانِ الْأَوَّلِ فَيَلْزَمُهُ الْعُهْدَةُ، وَلَوْ لَمْ يَخْرُجْ بِهِ الْوَكِيلُ إلَى مَكَان آخَرَ فَخَرَجَ هُوَ فَبَاعَهُ فِي ذَلِكَ الْمَكَانِ كَانَ عَلَيْهِ تَسْلِيمُهُ فِي مَكَانِ الْبَيْعِ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ حَمْلٌ وَمُؤْنَةٌ لَا يَتَقَيَّدُ الْأَمْرُ بِتِلْكَ الْبَلْدَةِ مِنْ قَاضِي خَانْ. وَفِي مُشْتَمِلِ الْهِدَايَةِ عَنْ الْعِمَادِيَّةِ رَجُلٌ وَكَّلَ رَجُلًا بِبَيْعِ عَبْدِهِ وَهُوَ فِي الْمِصْرِ فَأَخْرَجَهُ مِنْ الْمِصْرِ وَبَاعَهُ ضَمِنَ اسْتِحْسَانًا وَلَمْ يَجُزْ بَيْعُهُ انْتَهَى، وَفِي الْوَدِيعَةِ، مِنْ الْخُلَاصَةِ الْوَكِيلُ بِالْبَيْعِ بِالْكُوفَةِ إذَا سَافَرَ بِهِ يَضْمَنُ وَالْوَكِيلُ بِالْبَيْعِ الْمُطْلَقِ إذَا سَافَرَ لَا يَضْمَنُ إنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ حَمْلٌ وَمُؤْنَةٌ، وَإِنْ كَانَ لَهُ حَمْلٌ وَمُؤْنَةٌ يَضْمَنُ انْتَهَى. رَجُلٌ وَكَّلَ رَجُلًا بِبَيْعِ ضَيْعَةٍ لَهُ فَبَاعَهَا الْوَكِيلُ فَظَهَرَ فِيهَا قِطْعَةُ أَرْضٍ مَوْقُوفَةٍ فَأَرَادَ الْمُشْتَرِي أَنْ يَرُدَّهَا عَلَى الْوَكِيلِ فَأَقَرَّ الْوَكِيلُ بِذَلِكَ كَانَ لَهُ أَنْ يَرُدَّهَا عَلَى الْوَكِيلِ وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَرُدَّهَا عَلَى مُوَكِّلِهِ وَإِنْ رُدَّتْ عَلَى الْوَكِيلِ بِالْبَيِّنَةِ كَانَ لِلْوَكِيلِ أَنْ يَرُدَّهَا عَلَى الْمُوَكِّلِ وَهُوَ وَالرَّدُّ بِالْعَيْبِ سَوَاءٌ إنْ كَانَ بِاعْتِرَافِ الْوَكِيلِ بِالْعَيْبِ لَيْسَ لَهُ أَنْ يَرُدَّ عَلَى مُوَكِّلِهِ، وَإِنْ كَانَ بِالْبَيِّنَةِ كَانَ لَهُ الرَّدُّ عَلَى الْمُوَكِّلِ مِنْ قَاضِي خَانْ. وَفِي الْهِدَايَةِ وَمَنْ أَمَرَ بِبَيْعِ عَبْدٍ فَبَاعَهُ فَقَبَضَ الثَّمَنَ، أَوْ لَمْ يَقْبِضْ فَرَدَّهُ عَلَيْهِ الْمُشْتَرِي بِعَيْبٍ لَا يَحْدُثُ مِثْلُهُ بِقَضَاءِ الْقَاضِي أَوْ بِإِبَاءِ يَمِينٍ لَهُ أَنْ يَرُدَّهُ عَلَى الْآمِرِ؛ لِأَنَّ الْبَيِّنَةَ حُجَّةٌ مُطْلَقَةٌ وَالْوَكِيلُ مُضْطَرٌّ فِي النُّكُولِ لِبُعْدِ الْعَيْبِ عَنْ عَمَلِهِ بِاعْتِبَارِ عَدَمِ مُمَارَسَةِ الْمَبِيعِ فَلَزِمَ الْآمِرَ فَإِنْ كَانَ ذَلِكَ بِإِقْرَارٍ لَزِمَ الْمَأْمُورَ؛ لِأَنَّ الْإِقْرَارَ حُجَّةٌ قَاصِرَةٌ وَهُوَ غَيْرُ مُضْطَرٍّ إلَيْهِ لِإِمْكَانِ السُّكُوتِ وَالنُّكُولِ انْتَهَى. رَجُلٌ دَفَعَ إلَى رَجُلٍ عَشَرَةَ دَرَاهِمَ وَأَمَرَهُ بِأَنْ يَشْتَرِيَ لَهُ حِنْطَةً وَيَزْرَعَهَا فَاشْتَرَى الْمَأْمُورُ حِنْطَةً فَزَرَعَهَا فِي وَقْتٍ لَا يَخْرُجُ الزَّرْعُ قَالُوا: إنْ كَانَ اشْتَرَاهَا الْوَكِيلُ فِي أَوَانِ الزِّرَاعَةِ وَزَرَعَهَا فِي غَيْرِ أَوَانِهَا يَجُوزُ الشِّرَاءُ عَلَى الْآمِرِ وَعَلَى الْمَأْمُورِ مِثْلُ تِلْكَ الْحِنْطَةِ؛ لِأَنَّهُ صَارَ مُسْتَهْلِكًا بِإِلْقَائِهَا فِي الْأَرْضِ فِي غَيْرِ أَوَانِ الزِّرَاعَةِ، وَإِنْ كَانَ اشْتَرَاهَا فِي غَيْرِ أَوَانِ الزِّرَاعَةِ كَانَ الْمَأْمُورُ مُشْتَرِيًا لِنَفْسِهِ فَيَضْمَنُ دَرَاهِمَ الْآمِرِ؛ لِأَنَّ الْأَمْرَ بِالشِّرَاءِ لِلزِّرَاعَةِ مُقَيَّدٌ بِأَوَانِ الزِّرَاعَةِ كَالْأَمْرِ بِشِرَاءِ الْجُمْدِ وَالْفَحْمِ. رَجُلٌ أَمَرَ رَجُلًا بِأَنْ يَشْتَرِيَ لَهُ كُرًّا مِنْ طَعَامٍ بِمِائَةِ دِرْهَمٍ فَفَعَلَ الْمَأْمُورُ ذَلِكَ وَأَدَّى الْمِائَةَ ثُمَّ إنَّ الْمَأْمُورَ دَفَعَ إلَى الْبَائِعِ خَمْسِينَ دِرْهَمًا عَلَى أَنْ يَزِيدَهُ الْبَائِعُ كُرًّا مِنْ طَعَامٍ فَفَعَلَ الْبَائِعُ ذَلِكَ فَالْكُرُّ الْأَوَّلُ يَكُونُ لِلْآمِرِ وَالْكُرُّ الزِّيَادَةُ يَكُونُ لِلْمَأْمُورِ وَيَضْمَنُ لِلْآمِرِ خَمْسًا وَعِشْرِينَ؛ لِأَنَّ الْبَائِعَ لَمَّا زَادَ كُرًّا بِخَمْسِينَ فَقَدْ حَطَّ عَنْ الْمُشْتَرِي خَمْسِينَ فَصَارَ الْكُرَّانِ جَمِيعًا بِمِائَةٍ وَخَمْسِينَ كُلُّ كُرٍّ بِخَمْسَةٍ وَسَبْعِينَ؛ لِأَنَّ الْحَطَّ يَنْصَرِفُ إلَى الْكُرَّيْنِ جَمِيعًا فَيَصِيرُ الْكُرُّ الْأَوَّلُ بِخَمْسَةٍ وَسَبْعِينَ وَيَجِبُ عَلَى الْمَأْمُورِ أَنْ يَدْفَعَ لِلْآمِرِ خَمْسَةً وَعِشْرِينَ؛ لِأَنَّهُ جَعَلَ هَذَا ثَمَنًا لِلْكُرِّ الثَّانِي. الْوَكِيلُ بِالشِّرَاءِ إذَا قَبَضَ الثَّمَنَ فَهَلَكَ عِنْدَهُ إنْ كَانَ قَبَضَ الثَّمَنَ مِنْ الْمُوَكِّلِ قَبْلَ الشِّرَاءِ يَكُونُ أَمَانَةً سَوَاءٌ هَلَكَ قَبْلَ شِرَاءِ الْوَكِيلِ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 251 أَوْ بَعْدَهُ، وَإِنْ قَبَضَ الثَّمَنَ مِنْ الْمُوَكِّلِ بَعْدَ الشِّرَاءِ يَهْلِكُ مَضْمُونًا. رَجُلٌ أَمَرَ رَجُلًا أَنْ يُوَكِّلَ غَيْرَهُ أَنْ يَشْتَرِيَ جَارِيَةً لِلْآمِرِ فَوَكَّلَ الْمَأْمُورُ رَجُلًا فَاشْتَرَى الْوَكِيلُ يَرْجِعُ بِالثَّمَنِ عَلَى الْمَأْمُورِ بِالتَّوْكِيلِ ثُمَّ الْمَأْمُورُ يَرْجِعُ عَلَى الْآمِرِ وَلَيْسَ لِلْوَكِيلِ أَنْ يَرْجِعَ عَلَى الْآمِرِ. الْوَكِيلُ بِالْبَيْعِ إذَا بَاعَ ثُمَّ أَقَرَّ أَنَّ مُوَكِّلَهُ قَبَضَ الثَّمَنَ مِنْ الْمُشْتَرِي كَانَ الْقَوْلُ قَوْلَهُ مَعَ يَمِينِهِ وَيَبْرَأُ الْمُشْتَرِي مِنْ الثَّمَنِ فَإِنْ حَلَفَ الْوَكِيلُ لَا ضَمَانَ عَلَيْهِ، وَإِنْ نَكِلَ ضَمِنَ لِلْمُوَكِّلِ مِنْ قَاضِي خَانْ. وَمَنْ أَمَرَ رَجُلًا بِبَيْعِ عَبْدِهِ فَبَاعَهُ وَأَخَذَ بِالثَّمَنِ رَهْنًا فَضَاعَ فِي يَدِهِ أَوْ أَخَذَ بِهِ كَفِيلًا فَتَوَى الْمَالُ عَلَيْهِ فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّ الْوَكِيلَ أَصِيلٌ فِي الْحُقُوقِ وَقَبْضِ الثَّمَنِ مِنْهَا وَالْكَفَالَةُ تُوثَقُ بِهِ وَالِارْتِهَانُ وَثِيقَةٌ لِجَانِبِ الِاسْتِيفَاءِ فَيَمْلِكُهُمَا بِخِلَافِ الْوَكِيلِ بِقَبْضِ الدَّيْنِ؛ لِأَنَّهُ يَفْعَلُ نِيَابَةً وَقَدْ أَنَابَهُ فِي قَبْضِ الدَّيْنِ دُونَ الْكَفَالَةِ وَأَخْذِ الرَّهْنِ وَالْوَكِيلُ بِالْبَيْعِ يَقْبِضُ أَصَالَةً وَبِهَذَا لَا يَمْلِكُ الْمُوَكِّلُ حَجْرَهُ عَنْ الْقَبْضِ، مِنْ الْهِدَايَةِ. وَكَّلَهُ بِشِرَاءِ بَقَرَةٍ سَوْدَاءَ لِلْأُضْحِيَّةِ فَاشْتَرَى بَيْضَاءَ أَوْ حَمْرَاءَ لَزِمَ الْمُوَكِّلَ، وَلَوْ أُنْثَى فَاشْتَرَى ذَكَرًا لَا، وَكَذَا الشَّاةُ، وَلَوْ قَالَ: بَقَرَةً، وَلَمْ يَقُلْ: أُنْثَى لَزِمَ الْمُوَكِّلَ. وَلَوْ وَكَّلَهُ بِشِرَاءِ كَبْشٍ أَقْرَنَ فَاشْتَرَى كَبْشًا لَيْسَ بِأَقْرَنَ لَا يَلْزَمُ الْآمِرَ، مِنْ الْبَزَّازِيَّةِ. الْوَكِيلُ بِقَضَاءِ الدَّيْنِ إذَا صَرَفَ مَالَ الْمُوَكِّلِ فِي حَاجَةِ نَفْسِهِ ثُمَّ قَضَى دَيْنَ الْمُوَكِّلِ يَكُونُ مُتَبَرِّعًا فِي قَضَاءِ دَيْنِ الْمُوَكِّلِ، مِنْ الْخَانِيَّةِ. الْوَكِيلُ بِالْبَيْعِ إذَا أَمْهَلَ الْمُشْتَرِي صَحَّ إمْهَالُهُ وَكَانَ لِلْمُوَكِّلِ أَنْ يُطَالِبَ الْوَكِيلَ فِي الْحَالِ فَيُؤَدِّيَ مِنْ مَالِ نَفْسِهِ ثُمَّ عِنْدَ مَحَلِّ الْأَجَلِ يَأْخُذُ مِنْ الْمُشْتَرِي لِنَفْسِهِ. الْوَكِيلُ بِقَضَاءِ الدَّيْنِ إذَا خَلَطَ مَالَ الْمُوَكِّلِ بِمَالِ نَفْسِهِ ثُمَّ قَضَى دَيْنَ الْمُوَكِّلِ مِنْ ذَلِكَ ضَمِنَ وَكَانَ مُتَبَرِّعًا فِي الْقَضَاءِ وَعَلَيْهِ لِلْمُوَكِّلِ مَا أَدَّى إلَيْهِ مِنْ الْمَالِ. وَلَوْ مَاتَ الْعَبْدُ الْمَأْمُورُ بِبَيْعِهِ، أَوْ الْمُوَكِّلُ وَلَمْ يَعْلَمْ بِهِ الْمَأْمُورُ فَبَاعَ وَقَبَضَ الثَّمَنَ وَهَلَكَ فِي يَدِهِ ضَمِنَ وَلَمْ يَرْجِعْ عَلَى الْآمِرِ وَلَا فِي تَرِكَتِهِ إنْ كَانَ هُوَ الْمَيِّتُ كَمَا فِي مُشْتَمِلِ الْهِدَايَةِ نَقْلًا عَنْ الْعِمَادِيَّةِ. وَمَنْ دَفَعَ إلَى رَجُلٍ عَشَرَةَ دَرَاهِمَ يُنْفِقُهَا عَلَى أَهْلِهِ فَأَنْفَقَ عَلَيْهِمْ عَشَرَةً مِنْ عِنْدِهِ فَالْعَشَرَةُ بِالْعَشَرَةِ؛ لِأَنَّ الْوَكِيلَ بِالْإِنْفَاقِ وَكِيلٌ بِالشِّرَاءِ وَقِيلَ هَذَا اسْتِحْسَانٌ، وَفِي الْقِيَاسِ لَيْسَ لَهُ ذَلِكَ وَيَصِيرُ مُتَبَرِّعًا وَقِيلَ الْقِيَاسُ وَالِاسْتِحْسَانُ فِي قَضَاءِ الدَّيْنِ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ بِشِرَاءٍ فَأَمَّا الْإِنْفَاقُ فَإِنَّهُ يَتَضَمَّنُ الشِّرَاءَ فَلَا يَدْخُلَانِهِ، مِنْ الْهِدَايَةِ. وَفِي قَاضِي خَانْ مِنْ الْبُيُوعِ رَجُلٌ دَفَعَ إلَى رَجُلٍ عَشَرَةَ دَرَاهِمَ يَشْتَرِي لَهُ بِهَا ثَوْبًا قَدْ سَمَّاهُ فَأَنْفَقَ الْوَكِيلُ عَلَى نَفْسِهِ دَرَاهِمَ الْمُوَكِّلِ وَاشْتَرَى ثَوْبًا لِلْآمِرِ بِدَرَاهِمِ نَفْسِهِ كَانَ الثَّوْبُ لِلْمُشْتَرِي لَا لِلْآمِرِ؛ لِأَنَّ الْوَكَالَةَ تَقَيَّدَتْ بِتِلْكَ الدَّرَاهِمِ فَتَبْطُلُ الْوَكَالَةُ بِهَلَاكِهَا. وَلَوْ اشْتَرَى ثَوْبًا لِلْآمِرِ وَنَقَدَ الثَّمَنَ مِنْ مَالِ نَفْسِهِ وَأَمْسَكَ دَرَاهِمَ الْآمِرِ كَانَ الثَّوْبُ لَهُ وَيَطِيبُ لَهُ دَرَاهِمُ الْمُوَكِّلِ اسْتِحْسَانًا كَالْوَارِثِ أَوْ الْوَصِيِّ إذَا قَضَى دَيْنَ الْمَيِّتِ بِمَالِ نَفْسِهِ، وَلَوْ دَفَعَ دَرَاهِمَ إلَى رَجُلٍ لِيُنْفِقَهَا عَلَى عِيَالِهِ فَأَنْفَقَ الْمَأْمُورُ مِنْ مَالِهِ وَأَمْسَكَ دَرَاهِمَ الْمُوَكِّلِ فَكَذَلِكَ الْجَوَابُ، وَلَوْ أَنْفَقَ دَرَاهِمَ الْآمِرِ فِي حَاجَتِهِ أَوَّلًا حَتَّى صَارَ ضَامِنًا ثُمَّ أَنْفَقَ مِنْ دَرَاهِمِ نَفْسِهِ عَلَى عِيَالِ الْآمِرِ ذُكِرَ فِي النَّوَادِرِ أَنَّ عَلَى قِيَاسِ قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ يَخْرُجُ عَنْ الضَّمَانِ وَعَلَى قَوْلِ مُحَمَّدٍ لَا يَخْرُجُ انْتَهَى. وَفِي الْخَانِيَّةِ الْوَكِيلُ إذَا اشْتَرَى مَا أُمِرَ بِهِ وَأَنْفَقَ الدَّرَاهِمَ بَعْدَمَا سَلَّمَ مَا اشْتَرَى إلَى الْآمِرِ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 252 ثُمَّ نَقَدَ الْبَائِعُ غَيْرَهَا جَازَ، وَفِي الْأَصْلِ لَوْ اشْتَرَى بِدَنَانِيرَ غَيْرِهَا ثُمَّ نَقَدَ دَنَانِيرَ الْمُوَكِّلِ فَالشِّرَاءُ لِلْوَكِيلِ وَضَمِنَ لِلْمُوَكِّلِ دَنَانِيرَهُ لِلتَّعَدِّي. وَفِي مُخْتَصَرِ الْقُدُورِيِّ الْوَكِيلُ بِالشِّرَاءِ إذَا اشْتَرَى وَنَقَدَ الثَّمَنَ مِنْ مَالِهِ وَقَبَضَ الْمَبِيعَ رَجَعَ عَلَى الْآمِرِ فَإِنْ هَلَكَ الْمُشْتَرَى فِي يَدِ الْوَكِيلِ قَبْلَ الْحَبْسِ يَهْلِكُ عَلَى الْآمِرِ وَإِنْ حَبَسَهُ لِأَجْلِ الثَّمَنِ يَهْلِكُ هَلَاكَ الرَّهْنِ عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ وَعِنْدَ مُحَمَّدٍ يَهْلِكُ هَلَاكَ الْمَبِيعِ. لَوْ وَكَّلَ إنْسَانًا بِالشِّرَاءِ وَدَفَعَ إلَيْهِ الْمَالَ فَاشْتَرَى الْوَكِيلُ وَلَمْ يَنْقُدْ الثَّمَنَ حَتَّى هَلَكَ يَرْجِعُ عَلَيْهِ مَرَّةً أُخْرَى فَإِنْ هَلَكَ ثَانِيًا لَا يَرْجِعُ بِذَلِكَ وَالْمُضَارِبُ يَرْجِعُ مَرَّةً بَعْدَ أُخْرَى. أَمَرَهُ بِأَنْ يَقْضِيَ دَيْنَهُ بِهَذِهِ الدَّنَانِيرِ فَقَضَى مِنْ مَالِ نَفْسِهِ وَأَمْسَكَ الدَّنَانِيرَ جَازَ اسْتِحْسَانًا. أَمَرَهُ أَنْ يَتَصَدَّقَ بِهَذِهِ الْأَلْفِ فَتَصَدَّقَ بِالْأَلْفِ مِنْ مَالِهِ إنْ أَنْفَقَ الْوَكِيلُ أَوَّلًا عَلَى نَفْسِهِ ثُمَّ تَصَدَّقَ مِنْ مَالِ نَفْسِهِ لَا يَجُوزُ وَيَضْمَنُ، وَإِنْ كَانَتْ الدَّرَاهِمُ عِنْدَهُ فَتَصَدَّقَ مِنْ عِنْدِهِ جَازَ اسْتِحْسَانًا، مِنْ الْخُلَاصَةِ. وَمَنْ ادَّعَى أَنَّهُ وَكِيلُ الْغَائِبِ فِي قَبْضِ دَيْنِهِ وَصَدَّقَهُ الْغَرِيمُ أُمِرَ بِتَسْلِيمِ الدَّيْنِ إلَيْهِ فَإِنْ حَضَرَ الْغَائِبُ وَصَدَّقَهُ وَإِلَّا دَفَعَ إلَيْهِ الْغَرِيمُ ثَانِيًا؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَثْبُتْ الِاسْتِيفَاءُ حَيْثُ أَنْكَرَ الْوَكَالَةَ وَالْقَوْلُ قَوْلُهُ وَمَعَ يَمِينِهِ فَيَفْسُدُ الْأَدَاءُ وَيَرْجِعُ بِهِ عَلَى الْوَكِيلِ إنْ كَانَ بَاقِيًا فِي يَدِهِ، وَإِنْ كَانَ ضَاعَ فِي يَدِهِ لَمْ يَرْجِعْ عَلَيْهِ إلَّا أَنْ يَكُونَ ضَمِنَهُ عِنْدَ الدَّفْعِ، وَإِنْ كَانَ الْغَرِيمُ لَمْ يُصَدِّقْ عَلَى الْوَكَالَةِ بَلْ سَكَتَ وَدَفَعَهُ إلَيْهِ عَلَى ادِّعَائِهِ فَإِنْ رَجَعَ صَاحِبُ الْمَالِ عَلَى الْغَرِيمِ رَجَعَ الْغَرِيمُ عَلَى الْوَكِيلِ وَكَذَا إذَا دَفَعَهُ إلَيْهِ عَلَى تَكْذِيبِهِ إيَّاهُ فِي الْوَكَالَةِ، وَفِي الْوُجُوهِ كُلِّهَا لَيْسَ لَهُ أَنْ يَسْتَرِدَّ الْمَدْفُوعَ حَتَّى يَحْضُرَ الْغَائِبُ، مِنْ الْهِدَايَةِ. وَفِي الْخُلَاصَةِ رَجُلٌ قَالَ لِآخَرَ وَكَّلَنِي فُلَانٌ بِقَبْضِ مَا لَهُ عَلَيْك مِنْ الدَّيْنِ لَا يَخْلُو إمَّا أَنْ يُصَدِّقَهُ الْمَدْيُونُ أَوْ يُكَذِّبَهُ، أَوْ يَسْكُتَ فَإِنْ صَدَّقَهُ يُجْبَرُ عَلَى أَنْ يَدْفَعَهُ إلَيْهِ وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَسْتَرِدَّ بَعْدَ ذَلِكَ، وَإِنْ كَذَّبَهُ، أَوْ سَكَتَ لَا يُجْبَرُ عَلَى دَفْعِهِ لَكِنْ لَوْ دَفَعَهُ مَعَ ذَلِكَ ثُمَّ أَرَادَ أَنْ يَسْتَرِدَّ لَيْسَ لَهُ ذَلِكَ، ثُمَّ بَعْدَ ذَلِكَ إنْ جَاءَ الْمُوَكِّلُ وَأَقَرَّ بِالْوَكَالَةِ مَضَى الْأَمْرُ، وَإِنْ أَنْكَرَ الْوَكَالَةَ يَأْخُذُ دَيْنَهُ مِنْ الْغَرِيمِ وَالْغَرِيمُ يَرْجِعُ عَلَى الْوَكِيلِ إنْ كَانَ قَائِمًا، وَإِنْ اسْتَهْلَكَهُ يَضْمَنُ مِثْلَهُ، وَإِنْ هَلَكَ فِي يَدِهِ إنْ صَدَّقَهُ لَا يَرْجِعُ وَإِنْ صَدَّقَهُ وَشَرَطَ عَلَيْهِ الضَّمَانَ، أَوْ كَذَّبَهُ، أَوْ سَكَتَ فَإِنَّهُ يَرْجِعُ، ثُمَّ إذَا رَجَعَ الْمُوَكِّلُ عَلَى الْغَرِيمِ لَيْسَ لَهُ أَنْ يَرْجِعَ عَلَى الْوَكِيلِ ثَانِيًا وَلَوْ أَرَادَ الْغَرِيمُ أَنْ يُحَلِّفَهُ بِاَللَّهِ مَا وَكَّلْته كَانَ لَهُ ذَلِكَ، وَإِنْ دَفَعَ عَنْ سُكُوتٍ لَيْسَ لَهُ أَنْ يُحَلِّفَ الطَّالِبَ إلَّا إذَا عَادَ إلَى التَّصْدِيقِ، وَإِنْ دَفَعَ عَنْ جُحُودٍ لَيْسَ لَهُ أَنْ يُحَلِّفَ الطَّالِبَ سَوَاءٌ عَادَ إلَى التَّصْدِيقِ، أَوْ لَمْ يَعُدْ لَكِنْ يَرْجِعُ عَلَى الْوَكِيلِ وَلِلْوَكِيلِ أَنْ يُحَلِّفَ الْغَرِيمَ فِي الْجُحُودِ وَالسُّكُوتِ بِأَنَّهُ مَا يَعْلَمُ أَنَّهُ وَكَّلَهُ، فَإِنْ حَلَفَ مَضَى الْأَمْرُ وَإِنْ نَكَلَ لَا ضَمَانَ عَلَى الْوَكِيلِ، وَإِنْ شَاءَ لَمْ يُحَلِّفْ الْغَرِيمَ لَكِنْ يُحَلِّفُ الطَّالِبَ بِاَللَّهِ مَا وَكَّلَهُ، فَإِنْ حَلَفَ اسْتَقَرَّ الضَّمَانُ عَلَى الْوَكِيلِ، وَإِنْ نَكَلَ يَرْجِعُ الْوَكِيلُ عَلَى الطَّالِبِ، هَذَا كُلُّهُ إذَا ادَّعَى أَنَّهُ وَكِيلٌ وَهَذَا كُلُّهُ فِي الدَّيْنِ، فَأَمَّا فِي الْوَدِيعَةِ إذَا قَالَ لِفُلَانٍ: عِنْدَك وَدِيعَةٌ وَكَّلَنِي بِقَبْضِهَا فَصَدَّقَهُ الْمُودَعُ ثُمَّ امْتَنَعَ عَنْ دَفْعِهَا إلَيْهِ لَهُ ذَلِكَ؛ لِأَنَّ إقْرَارَهُ لَاقَى مِلْكَ غَيْرِهِ وَهُوَ الْوَدِيعَةُ، وَفِي الدَّيْنِ مِلْكَ نَفْسِهِ، فَإِنْ قَالَ: لَمْ يُوَكِّلْنِي وَلَكِنْ ادْفَعْ الدَّيْنَ إلَيَّ فَإِنَّهُ سَيُجِيزُ قَبْضِي وَعَلَى ضَمَانِهِ لَيْسَ لَهُ أَنْ يَدْفَعَ الدَّيْنَ وَلَا الْوَدِيعَةَ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 253 فَإِنْ دَفَعَ صَارَ ضَامِنًا وَلَا يَرْجِعُ عَلَى الْمَدْفُوعِ إلَيْهِ، وَإِنْ شَرَطَ عَلَيْهِ الضَّمَانَ. وَإِذَا عَلِمَ الْمَدْيُونُ أَنَّهُ لَيْسَ بِوَكِيلٍ بِالْقَبْضِ وَمَعَ هَذَا دَفَعَ فَالْمَالُ عِنْدَهُ بِمَنْزِلَةِ الْوَدِيعَةِ فَالدَّافِعُ إنْ أَرَادَ قَبْضَهُ قَبْلَ أَنْ يَقْدَمَ الْغَائِبُ لَهُ ذَلِكَ، وَإِنْ ضَاعَ فِي أَيْدِي الْمَدْفُوعِ إلَيْهِ بَعْدَ الْإِجَازَةِ كَانَ مِنْ الطَّالِبِ وَصَارَ كَأَنَّهُ وَكِيلٌ يَوْمَ قَبْضِ الْمَالِ. الْمَدْيُونُ إذَا قَالَ لِلْوَكِيلِ: لَا آمَنُ مِنْ أَنْ يَجْحَدَ الطَّالِبُ إذَا حَضَرَ فَاضْمَنْ لِي مَا قَبَضَهُ الطَّالِبُ مِنِّي فَضَمِنَ صَحَّ، وَكَذَا لَوْ لَمْ يَضْمَنْ لَكِنْ قَالَ: أَقْبِضُ مِنْك عَلَى أَنْ أُبْرِئَك مِنْ فُلَانٍ فَإِنْ أَنْكَرَ الطَّالِبُ وَقَبَضَ الْمَالَ مِنْ الْمَطْلُوبِ لَهُ أَنْ يَرْجِعَ عَلَى مَنْ أَخَذَهُ مِنْهُ، وَإِنْ كَانَ مُصَدِّقًا أَنَّهُ وَكِيلٌ انْتَهَى. وَفِي الْأَشْبَاهِ الْوَكِيلُ إذَا أَمْسَكَ مَالَ الْمُوَكِّلِ وَفَعَلَ بِمَالِ نَفْسِهِ فَإِنَّهُ يَكُونُ مُتَعَدِّيًا فَلَوْ أَمْسَكَ دِينَارَ الْمُوَكِّلِ وَبَاعَ دِينَارَهُ لَمْ يَصِحَّ كَمَا فِي الْخُلَاصَةِ إلَّا فِي مَسَائِلَ: الْأَوْلَى: الْوَكِيلُ بِالْإِنْفَاقِ عَلَى أَهْلِهِ وَهِيَ مَسْأَلَةٌ الْكَنْزِ. الثَّانِيَةُ: الْوَكِيلُ بِالْإِنْفَاقِ عَلَى بِنَاءِ دَارِهِ كَمَا فِي الْخُلَاصَةِ. الثَّالِثَةُ: الْوَكِيلُ بِالشِّرَاءِ إذَا أَمْسَكَ الْمَدْفُوعَ وَنَقَدَ مِنْ مَالِ نَفْسِهِ. الرَّابِعَةُ: الْوَكِيلُ بِقَضَاءِ الدَّيْنِ كَذَلِكَ، وَهُمَا فِي الْخُلَاصَةِ أَيْضًا وَقَيَّدَ الثَّالِثَةَ فِيهَا بِمَا إذَا كَانَ الْمَالُ قَائِمًا وَلَمْ يُضِفْ الشِّرَاءَ إلَى نَفْسِهِ. الْخَامِسَةُ: الْوَكِيلُ بِإِعْطَاءِ الزَّكَاةِ إذَا أَمْسَكَ وَتَصَدَّقَ بِمَالِهِ نَاوِيًا الرُّجُوعَ أَجْزَأَهُ كَمَا فِي الْقُنْيَةِ انْتَهَى. الْوَكِيلُ بِالْبَيْعِ إذَا لَمْ يُسَلِّمْ الْمَبِيعَ إلَيْهِ حَتَّى قَالَ: بِعْته مِنْ هَذَا الرَّجُلِ وَقَبَضَ الْآمِرُ الثَّمَنَ مِنْهُ، أَوْ قَالَ: هَلَكَ عِنْدِي وَكَذَّبَهُ الْمُوَكِّلُ فِي الْبَيْعِ وَقَبْضِ الثَّمَنِ، أَوْ فِي قَبْضِ الثَّمَنِ وَحْدَهُ صَدَقَ الْوَكِيلُ فِي الْبَيْعِ دُونَ قَبْضِ الثَّمَنِ فِي حَقِّ الْمُوَكِّلِ، فَإِنْ شَاءَ الْمُشْتَرِي نَقَدَ الثَّمَنَ ثَانِيًا إلَى الْمُوَكِّلِ وَقَبَضَ مِنْهُ الْمَبِيعَ، وَإِنْ شَاءَ فَسَخَ الْبَيْعَ وَلَهُ الثَّمَنُ عَلَى الْوَكِيلِ فِي الْحَالَيْنِ جَمِيعًا إلَّا فِي قَوْلِهِ قَبَضَ الْآمِرُ الثَّمَنَ مِنْ الْمُشْتَرِي، وَإِنْ صَدَّقَهُ الْمُوَكِّلُ فِي الْبَيْعِ وَقَبَضَ الْوَكِيلُ الثَّمَنَ وَكَذَّبَهُ فِي الْهَلَاكِ، أَوْ الدَّفْعِ إلَيْهِ فَالْقَوْلُ لِلْوَكِيلِ فِي ذَلِكَ مَعَ يَمِينِهِ وَيُجْبَرُ الْمُوَكِّلُ عَلَى تَسْلِيمِ الْعَبْدِ إلَى الْمُشْتَرِي مِنْ غَيْرِ أَنْ يَنْقُدَ الْمُشْتَرِي الثَّمَنَ ثَانِيًا، هَذَا إذَا لَمْ يَكُنْ الْعَبْدُ مُسَلَّمًا إلَى الْوَكِيلِ أَمَّا إذَا كَانَ مُسَلَّمًا إلَيْهِ فَالْوَكِيلُ مُصَدَّقٌ فِي ذَلِكَ كُلِّهِ وَيُسَلِّمُ الْعَبْدَ إلَى الْمُشْتَرِي، وَالثَّمَنُ عَلَى الْوَكِيلِ دُونَ الْمُشْتَرِي؛ لِأَنَّ الْعَاقِدَ أَقَرَّ بِبَرَاءَةِ الْمُشْتَرِي عَنْ الثَّمَنِ. فَإِنْ حَلَفَ الْوَكِيلُ عَلَى مَا يَدَّعِي بَرِئَ هُوَ أَيْضًا، وَإِنْ نَكَلَ ضَمِنَ الثَّمَنَ لِلْمُوَكِّلِ، وَإِنْ اُسْتُحِقَّ الْعَبْدُ بَعْدَ ذَلِكَ عَلَى الْمُشْتَرِي رَجَعَ بِالثَّمَنِ عَلَى الْوَكِيلِ وَلَا يَرْجِعُ الْوَكِيلُ بِذَلِكَ عَلَى الْمُوَكِّلِ إذَا لَمْ يُصَدِّقْهُ الْمُوَكِّلُ فِي قَبْضِ الثَّمَنِ؛ لِأَنَّ الْوَكِيلَ مُصَدَّقٌ فِي دَفْعِ الضَّمَانِ عَنْ نَفْسِهِ لَا فِي حَقِّ الرُّجُوعِ عَلَى الْمُوَكِّلِ، وَلَهُ أَنْ يُحَلِّفَ مُوَكِّلَهُ عَلَى الْعِلْمِ بِقَبْضِ الْوَكِيلِ فَإِنْ نَكَلَ رَجَعَ بِمَا ضَمِنَ وَكَذَا إذَا أَقَرَّ بِقَبْضِ الْوَكِيلِ وَكَذَّبَهُ فِي الدَّفْعِ وَفِي الْهَلَاكِ هَذَا إذَا أَقَرَّ الْوَكِيلُ بِقَبْضِهِ الثَّمَنَ، أَمَّا إذَا أَقَرَّ بِقَبْضِ الْمُوَكِّلِ مِنْ الْمُشْتَرِي لَا يَرْجِعُ الْمُشْتَرِي لَا عَلَى الْوَكِيلِ وَلَا عَلَى الْمُوَكِّلِ فَلَوْ لَمْ يُسْتَحَقَّ الْمَبِيعُ لَكِنْ وَجَدَ الْمُشْتَرِي عَيْبًا فَرَدَّهُ عَلَى الْوَكِيلِ بِقَضَاءٍ إنْ كَانَ أَقَرَّ الْوَكِيلُ بِقَبْضِهِ اسْتَرَدَّ مِنْهُ الثَّمَنَ وَيَرْجِعُ الْوَكِيلُ بِذَلِكَ عَلَى مُوَكِّلِهِ إنْ كَانَ صَدَّقَهُ فِي قَبْضِ الثَّمَنِ وَيَكُونُ الْمَبِيعُ لِلْمُوَكِّلِ، وَإِنْ لَمْ يُصَدِّقْهُ لَا يَرْجِعُ وَلَهُ أَنْ يُحَلِّفَ الْمُوَكِّلَ عَلَى الْعِلْمِ بِقَبْضِهِ فَإِنْ نَكَلَ يَرْجِعُ عَلَيْهِ، وَإِنْ حَلَفَ لَا يَرْجِعُ عَلَيْهِ لَكِنَّهُ يَبِيعُ الْعَبْدَ وَيَسْتَوْفِي مَا ضَمِنَ مِنْ ثَمَنِهِ وَيَرُدُّ الْفَضْلَ عَلَى الْمُوَكِّلِ وَلَا يَرْجِعُ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 254 بِالنَّقْضِ عَلَى أَحَدٍ هَذَا إذَا أَقَرَّ الْوَكِيلُ بِقَبْضِهِ فَإِنْ كَانَ أَقَرَّ بِقَبْضِ الْمُوَكِّلِ مِنْ الْمُشْتَرِي لَمْ يَرْجِعْ الْمُشْتَرِي بِالثَّمَنِ عَلَى الْوَكِيلِ لِعَدَمِ رُجُوعِ النَّفْعِ إلَيْهِ وَلَا عَلَى الْمُوَكِّلِ؛ لِأَنَّهُمَا لَا يُصَدَّقَانِ عَلَى الْمُوَكِّلِ فِي إقْرَارِهِمَا بِالْقَبْضِ وَيَحْلِفُ الْمُوَكِّلُ بَاتًّا فَإِنْ نَكَلَ رَجَعَ عَلَيْهِ وَالْمَبِيعُ لَهُ، وَإِنْ حَلَفَ لَا يَرْجِعُ لَكِنْ يُبَاعُ الْمَبِيعُ يَسْتَوْفِي الثَّمَنَ مِنْهُ، وَإِنْ كَانَ الْمَوْلَى هُوَ الَّذِي بَاعَ وَسَلَّمَ وَوَكَّلَ رَجُلًا بِقَبْضِ الثَّمَنِ فَقَالَ الْوَكِيلُ قَبَضْت فَضَاعَ، أَوْ دَفَعْت إلَى الْآمِرِ فَجَحَدَ الْآمِرُ كُلَّهُ فَالْقَوْلُ لِلْوَكِيلِ مَعَ يَمِينِهِ وَبَرِئَ الْمُشْتَرِي عَنْ الثَّمَنِ، وَإِنْ وَجَدَ بِهِ عَيْبًا فَإِذَا رَدَّهُ عَلَى الْبَائِعِ لَمْ يَكُنْ لَهُ أَنْ يَرْجِعَ بِالثَّمَنِ لَا عَلَى الْبَائِعِ لِعَدَمِ ثُبُوتِ الْقَبْضِ فِي زَعْمِهِ وَلَا عَلَى الْوَكِيلِ؛ لِأَنَّهُ لَا عَقْدَ بَيْنَهُمَا إنَّمَا هُوَ أَمِينٌ فِي قَبْضِ الثَّمَنِ وَإِنَّمَا يُصَدَّقُ فِي حَقِّ دَفْعِ الضَّمَانِ عَنْ نَفْسِهِ كَمَا ذَكَرْنَا وَإِذَا رَدَّ الْمُشْتَرِي عَلَى الْبَائِعِ بَاعَهُ الْقَاضِي وَأَوْفَى ثَمَنَ الْمُشْتَرِي مِنْ ثَمَنِهِ وَيَرُدُّ الْفَضْلَ عَلَى الْبَائِعِ وَلَا يَرْجِعُ عَلَيْهِ بِالنُّقْصَانِ وَلَا عَلَى الْوَكِيلِ هَذِهِ الْجُمْلَةُ فِي وَكَالَةِ الْجَامِعِ، وَفِي الْبَابِ الْأَوَّلِ وَالتَّاسِعِ، مِنْ شَرْحِ الطَّحَاوِيِّ ذَكَرَهُ فِي الصُّغْرَى. وَإِذَا وَكَّلَ بِشِرَاءِ عَبْدٍ بِعَيْنِهِ بِثَمَنٍ مُسَمًّى فَوَكَّلَ الْوَكِيلُ وَكِيلًا آخَرَ فَاشْتَرَاهُ لَزِمَ الْآمِرَ الثَّانِيَ دُونَ الْأَوَّلِ إذَا لَيْسَ لِلْوَكِيلِ أَنْ يُوَكِّلَ غَيْرَهُ، وَلَوْ اشْتَرَاهُ بِحَضْرَةِ الْأَوَّلِ لَزِمَ الْآمِرَ، وَفِي شَرِكَةِ الْعُيُونِ قَالَ الْآخَرُ: اشْتَرِ لِي جَارِيَةَ فُلَانٍ فَذَهَبَ الْمَأْمُورُ فَسَاوَمَهَا ثُمَّ قَالَ لِنَفْسِي كَانَتْ لَهُ فَإِنْ اشْتَرَاهَا وَسَكَتَ فَإِنْ قَالَ قَبْلَ أَنْ يَحْدُثَ بِهَا عَيْبٌ، أَوْ تَهْلَكَ اشْتَرَيْتهَا لِفُلَانٍ فَالْقَوْلُ لَهُ، وَإِنْ قَالَ ذَلِكَ بَعْدَمَا مَاتَتْ، أَوْ بَقِيَتْ لَمْ يُقْبَلْ قَوْلُهُ إلَّا أَنْ يُصَدِّقَهُ الْآمِرُ هَذَا كُلُّهُ فِي رِوَايَةِ الْحَسَنِ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ. الْمَأْمُورُ بِشِرَاءِ عَبْدٍ بِعَيْنِهِ بِأَلْفٍ إذَا اشْتَرَاهُ بِأَلْفٍ وَمِائَةٍ ثُمَّ حَطَّ الْبَائِعُ الْمِائَةَ مِنْ الْمُشْتَرِي فَالْعَبْدُ لِلْمَأْمُورِ دُونَ الْآمِرِ. أَمَرَ رَجُلًا بِأَنْ يَرْهَنَ مَالًا وَيَلْزَمَ الرِّبْحُ لِيُؤَدِّيَ إلَيْهِ الْآمِرُ فَأَدَّى الْمَأْمُورُ لَا يَرْجِعُ عَلَى الْآمِرِ بِمَا أَدَّى. الْوَكِيلُ بِقَبْضِ الدَّيْنِ إذَا قَالَ قَبَضْت وَهَلَكَ عِنْدِي، أَوْ قَالَ دَفَعْته إلَى الْمُوَكِّلِ وَكَذَّبَهُ الْمُوَكِّلُ يُصَدَّقُ فِي حَقِّ بَرَاءَةِ الْمَدْيُونِ لَا فِي حَقِّ الرُّجُوعِ عَلَى الْمُوَكِّلِ عَلَى تَقْدِيرِ الِاسْتِحْقَاقِ حَتَّى لَوْ اسْتَحَقَّ إنْسَانٌ مَا أَقَرَّ الْوَكِيلُ بِقَبْضِهِ وَضَمِنَ الْوَكِيلُ لَا يَرْجِعُ الْوَكِيلُ عَلَى الْمُوَكِّلِ. رَجُلَانِ وَكَّلَا بِالْخُصُومَةِ فِي دَيْنٍ، وَفِي قَبْضِهِ فَلِأَحَدِهِمَا أَنْ يُخَاصِمَ وَلَا يَقْبِضَانِ إلَّا مَعًا، وَقَالَ زُفَرُ لَا يَنْفَرِدُ أَحَدُهُمَا بِالْخُصُومَةِ أَيْضًا. الْوَكِيلُ بِقَبْضِ الدَّيْنِ إذَا وَكَّلَ مَنْ فِي عِيَالِهِ بِقَبْضِ الدَّيْنِ صَحَّ التَّوْكِيلُ حَتَّى لَوْ هَلَكَ فِي يَدِ الثَّانِي يَهْلِكُ عَلَى رَبِّ الدَّيْنِ، مِنْ الصُّغْرَى. وَفِي الْأَشْبَاهِ لَا يُوَكِّلُ الْوَكِيلُ إلَّا بِإِذْنٍ أَوْ تَعْمِيمِ تَفْوِيضٍ إلَّا لِوَكِيلٍ بِقَبْضِ الدَّيْنِ لَهُ أَنْ يُوَكِّلَ مَنْ فِي عِيَالِهِ بِدُونِهِمَا فَيَبْرَأَ الْمَدْيُونُ بِالدَّفْعِ إلَيْهِ، وَالْوَكِيلُ بِدَفْعِ الزَّكَاةِ إذَا وَكَّلَ غَيْرَهُ ثُمَّ وَثُمَّ فَدَفَعَ الْآخَرُ جَازَ وَلَا يَتَوَقَّفُ كَمَا فِي أُضْحِيَّةِ الْخَانِيَّةِ انْتَهَى. الْوَكِيلُ بِقَبْضِ الدَّيْنِ إذَا وُهِبَ الدَّيْنَ مِنْ الْغَرِيمِ أَوْ أَبْرَأهُ، أَوْ ارْتَهَنَ بِهِ لَا يَجُوزُ بِخِلَافِ الْوَكِيلِ بِالْبَيْعِ، وَلَوْ أَخَذَ بِهِ كَفِيلًا جَازَ. وَلَوْ أَمَرَهُ الْمَدْيُونُ بِأَخْذِ الرَّهْنِ فَقَالَ لَهُ: خُذْ هَذَا رَهْنًا حَتَّى أُعْطِيَك الْمَالَ إلَى ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ فَهَلَكَ لَا ضَمَانَ عَلَى الْوَكِيلِ، وَكَذَا الْوَصِيُّ لَوْ أَخَذَ الرَّهْنَ وَالْوَرَثَةُ كُلُّهُمْ كِبَارٌ. الْوَكِيلُ بِقَضَاءِ الدَّيْنِ إذَا دَفَعَ الدَّيْنَ بِغَيْرِ بَيِّنَةٍ وَلَا كِتَابَةِ بَرَاءَةٍ لَا يَضْمَنُ إلَّا إذَا قَالَ لَهُ لَا تَدْفَعْ إلَّا بِشُهُودٍ، وَلَوْ قَالَ الْوَكِيلُ أَشْهَدْت وَأَنْكَرَ الْمُوَكِّلُ فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْوَكِيلِ. لَوْ مَاتَ الطَّالِبُ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 255 وَلَمْ يَعْلَمْ الْغَرِيمُ فَدَفَعَ الْمَالَ إلَى الْوَكِيلِ لَا يَبْرَأُ وَلَهُ أَنْ يَسْتَرِدَّهُ، وَلَوْ عَلِمَ بِمَوْتِهِ لَيْسَ لَهُ أَنْ يُضَمِّنَ الْوَكِيلَ إنْ ضَاعَ عِنْدَهُ، وَعِنْدَ مُحَمَّدٍ يُضَمِّنُهُ، وَكَذَا لَوْ وُهِبَ الطَّالِبُ الْمَالَ أَوْ أَبْرَأَهُ ثُمَّ دَفَعَ إلَى الْوَكِيلِ ضَمِنَ إنْ عَلِمَ بِهِ وَيَرْجِعُ الْوَكِيلُ عَلَى الطَّالِبِ إنْ لَمْ يَعْلَمْ الْوَكِيلُ. لَوْ قَالَ الْوَكِيلُ كُنْت قَبَضْت الْمَالَ حَالَ حَيَاةِ الْمُوَكِّلِ وَسَلَّمْته إلَيْهِ لَمْ يُصَدَّقْ إلَّا بِحُجَّةٍ. وَكَّلَ رَجُلًا بِقَبْضِ دَيْنٍ لَهُ عَلَى أَبِي الْوَكِيلِ أَوْ ابْنِهِ، أَوْ عَبْدِهِ، أَوْ وَكَّلَ مَنْ لَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ عَلَيْهِ فَقَالَ: أَخَذْت وَهَلَكَ عِنْدِي فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْوَكِيلِ وَقَوْلُهُ وَمِنْ عَبْدِهِ إذَا كَانَ عَلَى الْعَبْدِ دَيْنٌ، وَفِي كِتَابِ الْمَأْذُونِ لَا يَصِحُّ التَّوْكِيلُ بِقَبْضِ الدَّيْنِ مِنْ عَبْدِهِ عَلَيْهِ دَيْنٌ، أَوْ لَا. إذَا قَالَ الْمَأْمُورُ فِي بَيْعِهِ الْجَارِيَةَ بَعْدَمَا قَبَضَ الثَّمَنَ بِعْت وَقَبَضْت الثَّمَنَ وَسَلَّمْته إلَى الْمَالِكِ، أَوْ هَلَكَ عِنْدِي قَبْلَ قَوْلِهِ فِي بَرَاءَةِ ذِمَّةِ الْمُشْتَرِي وَلَمْ يَلْزَمْهُ شَيْءٌ فَإِنْ وَجَدَ بِهِ عَيْبًا فَرَدَّهُ لَا شَيْءَ عَلَى الْآمِرِ، وَلَكِنْ تُبَاعُ الْجَارِيَةُ فَيُوفِي ثَمَنَ الْمُشْتَرِي وَالنُّقْصَانُ عَلَى الْوَكِيلِ، وَإِنْ فَضَلَ شَيْءٌ فَهُوَ لِلْآمِرِ، وَإِنْ كَانَ الْآمِرُ دَفَعَ الْجَارِيَةَ إلَى الْمَأْمُورِ، وَقَالَ إنَّهُ بَاعَهَا وَقَبَضَ الثَّمَنَ وَهَلَكَ أَوْ دَفَعَهُ إلَى الْآمِرِ فَأَنْكَرَ الْمَالِكُ لَهُ حَبْسُ الْمَبِيعِ، مِنْ الْخُلَاصَةِ. الرَّسُولُ بِالتَّقَاضِي يَمْلِكُ الْقَبْضَ؛ لِأَنَّهُ بِمَنْزِلَةِ الرَّسُولِ فِي الْقَبْضِ وَلَا يَمْلِكُ الْخُصُومَةَ إجْمَاعًا. إذَا وَكَّلَ غَيْرَهُ بِقَضَاءِ الدَّيْنِ فَجَاءَ الْوَكِيلُ، وَقَالَ قَضَيْت فَصَدَّقَهُ الْمُوَكِّلُ لَكِنْ قَالَ لَا أَدْفَعُ إلَيْكَ مَخَافَةَ أَنَّ الْقَابِضَ لَوْ جَاءَ وَأَنْكَرَ يَأْخُذُهُ مِنِّي ثَانِيًا لَا يُلْتَفَتُ إلَيْهِ وَيُجْبَرُ الْمُوَكِّلُ عَلَى الْقَضَاءِ لِلْوَكِيلِ، فَبَعْدَ ذَلِكَ إنْ جَاءَ رَبُّ الدَّيْنِ وَأَنْكَرَ الِاقْتِضَاءَ قَبَضَ مِنْ الْمُوَكِّلِ ثُمَّ هُوَ يَرْجِعُ عَلَى الْوَكِيلِ بِمَا أَدَّى، وَإِنْ كَانَ صَدَّقَهُ. رَجُلٌ أَمَرَ رَجُلًا بِأَنْ يَقْضِيَ عَنْهُ أَلْفًا لِرَجُلٍ فَقَالَ الْمَأْمُورُ بَعْدَ ذَلِكَ فَعَلْت وَصَدَّقَهُ الْآمِرُ وَكَذَّبَهُ صَاحِبُ الْمَالِ وَحَلَفَ يَرْجِعُ رَبُّ الدَّيْنِ عَلَى الْآمِرِ لَكِنْ لَا يَرْجِعُ الْمَأْمُورُ عَلَى الْآمِرِ مِنْ بُيُوعِ الْجَامِعِ وَذَكَرَ فِي الْقُدُورِيِّ أَنَّهُ يَرْجِعُ رَبُّ الدَّيْنِ عَلَى الْمَدْيُونِ بِالدَّيْنِ وَيَرْجِعُ الْمَأْمُورُ عَلَى الْمَدْيُونِ بِمَا قَضَى. أَمَرَ غَيْرَهُ بِأَنْ يَقْضِيَ دَيْنَهُ الَّذِي لِفُلَانٍ عَلَيْهِ فَقَضَاهُ ثُمَّ جَاءَ إلَى الْآمِرِ لِيَرْجِعَ عَلَيْهِ فَقَالَ الْآمِرُ لِلْمَأْمُورِ: مَا كَانَ لِفُلَانٍ عَلَيَّ دَيْنٌ أَصْلًا وَلَا أَمَرْتُك أَنْ تَقْضِيَهُ وَلَا أَنْتَ قَضَيْت شَيْئًا، وَاَلَّذِي لَهُ الدَّيْنُ غَائِبٌ فَأَقَامَ الْمَأْمُورُ الْبَيِّنَةَ عَلَى الدَّائِنِ وَالْآمِرِ بِالْقَضَاءِ فَإِنَّ الْقَاضِيَ يَقْضِي بِالْمَالِ عَلَى الْآمِرِ، وَإِنْ كَانَ صَاحِبُ الدَّيْنِ غَائِبًا؛ لِأَنَّ عَنْهُ خَصْمًا حَاضِرًا فَإِنَّ مَا يَدَّعِيه الْمَأْمُورُ عَلَى الْغَائِبِ سَبَبٌ لِثُبُوتِ مَا يَدَّعِيه عَلَى الْحَاضِرِ. وَإِذَا أَمَرَ غَيْرَهُ بِأَنْ يُنْفِقَ عَلَيْهِ فَأَنْفَقَ عَلَيْهِ يَرْجِعُ عَلَيْهِ الْمَأْمُورُ، وَإِنْ لَمْ يَشْتَرِطْ الرُّجُوعَ وَإِذَا أَمَرَهُ بِقَضَاءِ الدَّيْنِ عَنْهُ بِأَنْ قَالَ: اقْضِ عَنِّي دَيْنِي فَقَضَاهُ يَرْجِعُ عَلَيْهِ. وَلَوْ قَالَ لَهُ أَدِّ زَكَاةَ مَالِي أَوْ هَبْ فُلَانًا عَنِّي أَلْفَ دِرْهَمٍ فَفَعَلَ الْمَأْمُورُ لَا يَرْجِعُ عَلَيْهِ، مِنْ سِيَرِ خُوَاهَرْ زَادَهُ. وَفِي هِبَةِ الْقُدُورِيِّ إذَا قَالَ لِغَيْرِهِ: عَوِّضْ الْوَاهِبَ عَنِّي، أَوْ قَالَ: أَطْعِمْ عَنْ كَفَّارَةِ يَمِينِي، أَوْ قَالَ أَدِّ زَكَاةَ مَالِي فَفَعَلَ الْمَأْمُورُ لَا يَرْجِعُ عَلَى الْآمِرِ إلَّا أَنْ يَكُونَ قَالَ لَهُ: عَلَى أَنِّي ضَامِنٌ، أَمَّا الْمَأْمُورُ بِقَضَاءِ الدَّيْنِ عَنْ الْآمِرِ فَإِنَّهُ يَرْجِعُ، وَإِنْ لَمْ يَشْرِطْ عَلَى الْآمِرِ الضَّمَانَ، وَالْأَصْلُ فِي جِنْسِ هَذِهِ الْمَسَائِلِ أَنَّ فِي كُلِّ مَوْضِعٍ مَلَكَ الْمَدْفُوعُ إلَيْهِ الْمَالَ الْمَدْفُوعَ مُقَابِلًا بِمِلْكِ الْمَالِ فَالْمَأْمُورُ يَرْجِعُ عَلَى الْآمِرِ بِمَا دَفَعَ، وَإِنْ لَمْ يَشْتَرِطْ الضَّمَانَ. وَلَوْ قَالَ: ادْفَعْ إلَى فُلَانٍ أَلْفًا قَضَاءً وَلَمْ يَقُلْ عَنِّي وَلَا قَالَ عَلَى أَنَّهَا لَك عَلَى فَدَفَعَهَا الجزء: 1 ¦ الصفحة: 256 الْمَأْمُورُ فَإِنْ كَانَ خَلِيطًا يَرْجِعُ بِهَا عَلَيْهِ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ خَلِيطًا لَا يَرْجِعُ وَهُوَ قَوْلُ أَبِي يُوسُفَ أَوَّلًا وَبِهِ أَخَذَ مُحَمَّدٌ ثُمَّ رَجَعَ أَبُو يُوسُفَ وَقَالَ: يَرْجِعُ عَلَيْهِ خَلِيطًا كَانَ أَوْ غَيْرَ خَلِيطٍ وَقَالَ مُحَمَّدٌ لَوْ كَانَ أَمَرَ بِذَلِكَ وَلَدَهُ، أَوْ أَخَاهُ كَانَ ذَلِكَ مِثْلَ الْقَرِيبِ الَّذِي لَمْ يُخَالِطْ إلَّا أَنْ يَأْمُرَ إنْسَانًا فِي عِيَالِهِ مِنْ وَلَدٍ، أَوْ زَوْجَةٍ، أَوْ غَيْرِهِمْ مِنْ قَرِيبٍ، أَوْ بَعِيدٍ بَعْدَ أَنْ يَكُونَ فِي عِيَالِهِ، أَوْ امْرَأَةٌ أَمَرَتْ زَوْجَهَا فَدَفَعَهُ فَيَرْجِعُ بِهِ عَلَى الْآمِرِ وَيَكُونُ بِمَنْزِلَةِ الْخَلِيطِ وَكَذَلِكَ لَوْ أَمَرَ أَجِيرًا لَهُ وَكَذَلِكَ الشَّرِيكُ أَسْتَحْسِنُ هَذَا وَأَرَى هَؤُلَاءِ جَمِيعًا بِمَنْزِلَةِ الشَّرِيكِ وَالْخَلِيطِ وَكَذَلِكَ إنْ أَمَرَ الِابْنَ أَبَاهُ وَالِابْنُ كَبِيرٌ فِي عِيَالِ الْأَبِ. إذَا قَالَ لِآخَرَ اقْضِ عَنِّي فُلَانًا، أَوْ قَالَ لَهُ الَّذِي لَهُ عَلَيَّ، أَوْ قَالَ: ادْفَعْ عَلَى أَنَّ لَكَ عَلَيَّ فَأَدَّى الْمَأْمُورُ يَرْجِعُ عَلَى الْآمِرِ وَيَكُونُ هَذَا إقْرَارًا بِهَذَا الْمَالِ عَلَى نَفْسِهِ وَلَوْ قَالَ اقْضِ فُلَانًا، أَوْ قَالَ ادْفَعْ قَضَاءً وَلَمْ يَقُلْ عَنِّي أَجْمَعُوا أَنَّ الْمَأْمُورَ إذَا كَانَ شَرِيكًا لَهُ أَنْ يَرْجِعَ وَكَذَلِكَ الْخَلِيطُ وَتَفْسِيرُهُ أَنْ يَكُونَ بَيْنَهُمَا فِي السُّوقِ أَخْذٌ وَإِعْطَاءٌ بِأَنْ جَرَتْ الْعَادَةُ أَنَّ وَكِيلَ الْآمِرِ، أَوْ رَسُولِهِ يَأْتِيهِ فَيَبِيعُ مِنْهُ الْمَأْمُورُ، أَوْ يُقْرِضُهُ، أَوْ كَانَ الْمَأْمُورُ فِي عِيَالِ الْآمِرِ كَالزَّوْجِ يَأْمُرُ الزَّوْجَةَ، وَالزَّوْجَةِ تَأْمُرُ زَوْجَهَا، وَإِنْ لَمْ يُوجَدْ شَيْءٌ مِنْ هَذِهِ الْأَشْيَاءِ الثَّلَاثَةِ لَا يَرْجِعُ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ وَعِنْدَ أَبِي يُوسُفَ يَرْجِعُ ثُمَّ عِنْدَهُمَا هَلْ يَرْجِعُ الدَّافِعُ عَلَى الْقَابِضِ بِمَا دَفَعَ إنْ قَالَ لَهُ: اقْضِ، أَوْ قَالَ: ادْفَعْ قَضَاءً؟ لَا يَرْجِعُ، وَإِنْ قَالَ: ادْفَعْ وَلَمْ يَقُلْ قَضَاءً رَجَعَ وَحُمِلَ عَلَى الْأَمْرِ بِالْإِيدَاعِ مِنْ كَفَالَةِ عِصَامٍ. أَمَرَ رَجُلًا بِأَنْ يَنْقُدَ عَنْهُ فُلَانًا أَلْفَ دِرْهَمٍ أَوْ قَالَ: اُنْقُدْ أَلْفَ دِرْهَمٍ لَهُ عَلَيَّ أَوْ قَالَ: ادْفَعْ إلَيْهِ الَّذِي عَلَيَّ أَوْ قَالَ: أَعْطِهِ الَّذِي لَهُ عَلَيَّ، أَوْ قَالَ أَوْفِهِ مَا لَهُ عَلَيَّ، أَوْ قَالَ أَعْطِهِ عَنِّي أَلْفَ دِرْهَمٍ، أَوْ قَالَ اقْضِهِ مَا لَهُ عَلَيَّ، أَوْ قَالَ: اقْضِهِ عَنِّي فَفَعَلَ الْمَأْمُورُ رَجَعَ بِهَا عَلَى الْآمِرِ وَقَوْلُهُ أَعْطِهِ عَنِّي أَلْفَ دِرْهَمٍ أَقَرَّ بِأَنَّ الْمَالَ عَلَيْهِ، وَلَوْ قَالَ: اُنْقُدْهُ أَلْفَ دِرْهَمٍ عَلَى أَنِّي ضَامِنٌ بِهَا أَوْ عَلَى أَنِّي كَفِيلٌ بِهَا، أَوْ عَلَى أَنَّهَا لَك، أَوْ عَلَى أَنَّهَا لَك عَلَيَّ، أَوْ قِبَلِي فَهُوَ سَوَاءٌ، وَإِذَا نَقَدَهَا رَجَعَ بِهَا عَلَى الْآمِرِ، وَكَذَلِكَ لَوْ نَقَدَ بِهَا مِائَةَ دِينَارٍ وَبَاعَهُ بِهَا جَارِيَةً أَوْ عَبْدًا، أَوْ دَابَّةً، أَوْ عَرَضًا وَقَبَضَهُ يَرْجِعُ بِهَا عَلَى الْآمِرِ. وَلَوْ أَمَرَ خَلِيطًا لَهُ بِأَنْ يَنْقُدَ فُلَانًا عَنْهُ أَلْفَ دِرْهَمٍ جَيِّدَةٍ فَنَقَدَهُ أَلْفًا نَبَهْرَجَةً، أَوْ غَلَّةً لَمْ يَرْجِعْ عَلَى الْآمِرِ إلَّا بِمِثْلِ مَا أَعْطَى؛ لِأَنَّهُ يَرْجِعُ بِحُكْمِ الْإِقْرَاضِ، وَلَوْ كَانَ الْمَأْمُورُ كَفِيلًا يَرْجِعُ بِأَلْفٍ جَيِّدَةٍ؛ لِأَنَّهُ يَرْجِعُ بِحُكْمِ تَمَلُّكِهِ مَا فِي ذِمَّةِ الْأَصِيلِ هَذِهِ الْجُمْلَةُ، مِنْ الْفَتَاوَى الصُّغْرَى. وَفِي كَفَالَةِ الْأَشْبَاهِ مَنْ أَقَامَ بِوَاجِبٍ عَنْ غَيْرِهِ بِأَمْرِهِ فَإِنَّهُ يَرْجِعُ عَلَيْهِ بِمَا دَفَعَ، وَإِنْ لَمْ يَشْتَرِطْهُ كَالْأَمْرِ بِالْإِنْفَاقِ عَلَيْهِ وَبِقَضَاءِ دَيْنِهِ إلَّا فِي مَسَائِلَ أَمَرَهُ بِتَعْوِيضٍ عَنْ هِبَتِهِ أَوْ بِالْإِطْعَامِ عَنْ كَفَّارَتِهِ، أَوْ بِأَدَاءِ زَكَاةِ مَالِهِ، أَوْ بِأَنْ يَهَبَ فُلَانًا عَنِّي وَأَصْلُهُ فِي وَكَالَةِ الْبَزَّازِيَّةِ انْتَهَى. لَوْ أَمَرَ رَجُلًا لِيَقْضِيَ مِنْ دَيْنِهِ أَلْفًا فَقَضَى أَكْثَرَ مِنْ الْأَلْفِ يَرْجِعُ عَلَى الْآمِرِ بِأَلْفٍ وَيَكُونُ مُتَبَرِّعًا فِي الزِّيَادَةِ مِنْ بُيُوعٍ قَاضِي خَانْ. قَالَ لِآخَرَ ادْفَعْ إلَى زَيْدٍ أَلْفًا عَلَى أَنِّي ضَامِنٌ بِهَا وَزَيْدٌ حَاضِرٌ سَمِعَهُ فَدَفَعَهُ فَالْأَلْفُ قَرْضٌ لِلدَّافِعِ عَلَى الْآمِرِ وَزَيْدٌ وَكِيلُهُ بِقَبْضِهِ وَقَوْلُهُ سَمِعَهُ إذْ الْوَكَالَةُ لَا تَصِحُّ قَبْلَ الْعِلْمِ فَشَرَطَ حَضْرَتَهُ وَسَمَاعَهُ، وَلَوْ أَهْلَكَهُ زَيْدٌ يَضْمَنُ، وَلَوْ هَلَكَ فِي يَدِهِ أَمَانَةً، وَكَذَا لَوْ قَالَ: أَعْطِهِ. وَلَوْ قَالَ أَقْرِضْهُ عَلَى أَنِّي ضَامِنٌ فَهُوَ قَرْضٌ عَلَى زَيْدٍ وَالْآمِرُ ضَامِنٌ. قَالَ لِخَلِيطِهِ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 257 ادْفَعْ إلَى زَيْدٍ أَلْفًا فَفَعَلَ ضَمِنَ الْآمِرُ لَا زَيْدٌ عَكْسُ أَقْرِضْ فَإِنَّ الْآمِرَ لَا يَضْمَنُ إذْ مَوْضِعُ الْخُلْطَةِ أَنْ لَا يَقْتَضِيَ ضَمَانَ التَّمَلُّكِ وَضَمَانُ الْقَرْضِ ضَمَانُ التَّمَلُّكِ فَيَجِبُ عَلَى الْقَابِضِ. أَمَرَهُ لِيَشْتَرِيَ لَهُ أَسِيرًا فَلَوْ قَالَ اشْتَرِهِ لِي، أَوْ قَالَ مِنْ مَالِي رَجَعَ وَإِلَّا لَا إلَّا أَنْ يَكُونَ خَلِيطًا. مُتَقَبَّلُ الْحَمَّامِ وَالطَّاحُونَةِ لَيْسَ بِخَلِيطٍ هَكَذَا عِنْدَ بَعْضِ الْمَشَايِخِ إذْ الْأَخْذُ وَالْإِعْطَاءُ بَيْنَهُمَا مِنْ أَحَدِ الْجَانِبَيْنِ لَا مِنْ كُلِّ جَانِبٍ. الْأَمْرُ بِالْإِنْفَاقِ وَأَدَاءِ خَرَاجٍ وَصَدَقَاتٍ وَاجِبَةٍ لَا يُوجِبُ الرُّجُوعَ بِلَا شَرْطٍ إلَّا رِوَايَةً عَنْ أَبِي يُوسُفَ مِنْ الْأَمْرِ بِالْإِنْفَاقِ وَأَدَاءِ الدَّيْنِ، مِنْ الْفُصُولَيْنِ. قَالَ لِغَيْرِهِ ابْنِ دَارِي، أَوْ اقْضِ دَيْنِي أَوْ أَنْفِقْ عَلَى أَهْلِي، أَوْ فِي بِنَاءٍ قَالَ عَيْنُ الْأَئِمَّةِ الْكَرَابِيسِيُّ لَا يَرْجِعُ مَا لَمْ يَشْتَرِطْ الرُّجُوعَ، مِنْ الْقُنْيَةِ. رَجُلٌ وَكَّلَهُ رَجُلَانِ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا أَنْ يُسَلِّمَ لَهُ عَشَرَةَ دَرَاهِمَ فِي طَعَامِ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا عَلَى حِدَةٍ فَأَسْلَمَ لَهُمَا فِي عُقْدَةٍ جَازَ، وَإِنْ خَلَطَ ثُمَّ أَسْلَمَ كَانَ السَّلَمُ لَهُ وَيَكُونُ ضَامِنًا بِالْخَلْطِ. رَجُلٌ دَفَعَ إلَى رَجُلٍ دَرَاهِمَ فَأَمَرَهُ أَنَّ يُسْلِمَ لَهُ فِي حِنْطَةٍ فَأَسْلَمَ الْوَكِيلُ إنْ تَصَادَقَا أَنَّهُ نَوَى السَّلَمَ لِنَفْسِهِ كَانَ السَّلَمُ لِلْوَكِيلِ وَيَضْمَنُ الدَّرَاهِمَ لِلْمُوَكِّلِ، وَلَوْ تَكَاذَبَ الْمُوَكِّلُ وَالْوَكِيلُ فِي النِّيَّةِ يُحَكَّمُ النَّقْدُ إنْ نَقَدَ مِنْ دَرَاهِمِ الْمُوَكِّلِ كَانَ لِلْمُوَكِّلِ، وَإِنْ نَقَدَ مِنْ دَرَاهِمِ نَفْسِهِ كَانَ لَهُ، وَإِنْ تَصَادَقَا أَنَّهُ لَمْ تَحْضُرْهُ النِّيَّةُ قَالَ أَبُو يُوسُفَ يُحَكَّمُ النَّقْدُ وَقَالَ مُحَمَّدٌ يَكُونُ لِلْوَكِيلِ، وَإِنْ وَكَّلَ رَجُلًا بِشِرَاءِ شَيْءٍ ثُمَّ تَصَادَقَا أَنَّهُ لَمْ تَحْضُرْهُ النِّيَّةُ اخْتَلَفَ الْمَشَايِخُ فِيهِ قَالَ بَعْضُهُمْ: هُوَ عَلَى هَذَا الْخِلَافِ وَقَالَ بَعْضُهُمْ: يَكُونُ الْعَقْدُ لِلْوَكِيلِ عِنْدَ الْكُلِّ. الْوَكِيلُ بِالشِّرَاءِ إذَا أَخَذَ السِّلْعَةَ عَلَى سَوْمِ الشِّرَاءِ فَأَدَّاهَا لِلْمُوَكِّلِ فَلَمْ يَرْضَ وَرَدَّهَا عَلَى الْوَكِيلِ فَهَلَكَتْ قَبْلَ أَنْ يَرُدَّهَا عَلَى الْبَائِعِ ضَمِنَ الْوَكِيلُ قِيمَةَ السِّلْعَةِ لِلْبَائِعِ وَلَا يَرْجِعُ بِهَا عَلَى الْمُوَكِّلِ إذَا لَمْ يَكُنْ الْمُوَكِّلُ أَمَرَهُ بِالْأَخْذِ عَلَى سَوْمِ الشِّرَاءِ وَالْأَمْرُ بِالشِّرَاءِ لَا يَكُونُ أَمْرًا بِالْأَخْذِ عَلَى سَوْمِ الشِّرَاءِ فَإِنْ كَانَ الْآمِرُ أَمَرَ بِالْأَخْذِ عَلَى سَوْمِ الشِّرَاءِ فَهَلَكَتْ عِنْدَ الْوَكِيلِ كَانَ لِلْوَكِيلِ أَنْ يَرْجِعَ بِهَا عَلَى الْمُوَكِّلِ. رَجُلٌ أَمَرَ تِلْمِيذَهُ أَنْ يَبِيعَ الْأَمْتِعَةَ وَيَدْفَعَ الثَّمَنَ إلَى فُلَانٍ فَبَاعَ وَأَمْسَكَ الثَّمَنَ حَتَّى هَلَكَ لَا يَضْمَنُ بِتَأْخِيرِ الْأَدَاءِ. رَجُلٌ دَفَعَ إلَى رَجُلٍ عِشْرِينَ دِرْهَمًا لِيَشْتَرِيَ لَهُ بِهَا أُضْحِيَّةً فَاشْتَرَى بِخَمْسَةٍ وَعِشْرِينَ لَا يَلْزَمُ الْآمِرَ، وَإِنْ اشْتَرَى بِتِسْعَةَ عَشَرَ مَا يُسَاوِي عِشْرِينَ لَزِمَ الْآمِرَ، وَإِنْ كَانَ لَا يُسَاوِي لَا يَلْزَمُ مِنْ بُيُوعِ قَاضِي خَانْ. إذَا دَفَعَ عَبْدًا إلَى رَبِّ الدَّيْنِ، وَقَالَ لَهُ: بِعْهُ وَخُذْ حَقَّك، أَوْ دَفَعَ إلَيْهِ دَنَانِيرَ وَقَالَ: اصْرِفْهَا وَخُذْ حَقَّك مِنْهَا وَحَقُّهُ فِي الدَّرَاهِمِ فَبَاعَ، أَوْ صَرَفَ وَقَبَضَ الدَّرَاهِمَ فَهَلَكَتْ فِي يَدِهِ هَلَكَتْ عَلَى الْمَدْيُونِ مَا لَمْ يُحْدِثْ الدَّائِنُ فِيهَا قَبْضًا، وَيَصِيرُ آخِذًا، وَلَوْ قَالَ لَهُ: بِعْ الدَّنَانِيرَ بِحَقِّك فَفَعَلَ يَصِيرُ الْمَقْبُوضُ مَضْمُونًا عَلَيْهِ لِقَبْضِهِ، مِنْ الصُّغْرَى. وَكَّلَهُ بِقَبْضِ دَيْنِهِ وَأَمَرَهُ أَنْ لَا يَقْبِضَهُ إلَّا جَمِيعًا فَقَبَضَ كُلَّهُ إلَّا دِرْهَمًا لَمْ يَجُزْ قَبْضُهُ عَلَى الْآمِرِ وَلِلطَّالِبِ أَنْ يَرْجِعَ بِكُلِّ حَقِّهِ، وَكَذَا لَوْ قَالَ: لَا تَقْبِضْ دِرْهَمًا دُونَ دِرْهَمٍ مَعْنَاهُ لَا تَقْبِضْ مُتَفَرِّقًا فَلَوْ قَبَضَ شَيْئًا دُونَ شَيْءٍ لَمْ يَبْرَأْ الْغَرِيمُ مِنْ شَيْءٍ. وَكَّلَهُ بِقَبْضِ الْوَدِيعَةِ فَقَبَضَ بَعْضَهَا جَازَ فَلَوْ أَمَرَهُ أَنْ لَا يَقْبِضَهَا إلَّا جَمِيعًا فَقَبَضَ بَعْضَهَا ضَمِنَ وَلَمْ يَجُزْ الْقَبْضُ فَلَوْ قَبَضَ مَا بَقِيَ قَبْلَ أَنْ يَهْلِكَ الْأَوَّلُ جَازَ الْقَبْضُ عَنْ الْمُوَكِّلِ، مِنْ الْفُصُولَيْنِ. الْوَكِيلُ يُصَدَّقُ فِي بَرَاءَتِهِ دُونَ الرُّجُوعِ فَلَوْ دَفَعَ إلَيْهِ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 258 أَلْفًا وَأَمَرَهُ أَنْ يَشْتَرِيَ بِهَا عَبْدًا وَيَزِيدَ مِنْ عِنْدِهِ إلَى خَمْسِمِائَةٍ فَاشْتَرَى وَادَّعَى الزِّيَادَةَ وَكَذَّبَهُ الْآمِرُ تَحَالَفَا وَيُقَسَّمُ الثَّمَنُ أَثْلَاثًا لِلتَّعَذُّرِ بِخِلَافِ شِرَاءِ الْمُعَيَّنَةِ حَالَ قِيَامِهَا وَتَمَامُهُ فِي الْجَامِعِ. وَلَا يُحْبَسُ الْوَكِيلُ بِدَيْنِ مُوَكِّلِهِ، وَلَوْ كَانَتْ وَكَالَتُهُ عَامَّةً إلَّا إنْ ضُمِّنَ. الْوَكِيلُ بِالشِّرَاءِ إنْ دَفَعَ الثَّمَنَ مِنْ مَالِهِ فَإِنَّهُ يَرْجِعُ عَلَى مُوَكِّلِهِ بِهِ إلَّا فِيمَا إذَا ادَّعَى الدَّفْعَ وَصَدَّقَهُ الْمُوَكِّلُ وَكَذَّبَهُ الْبَائِعُ فَلَا رُجُوعَ. الْمَأْمُورُ بِالشِّرَاءِ إذَا خَالَفَ فِي الْجِنْسِ نَفَذَ عَلَيْهِ إلَّا فِي مَسْأَلَةٍ مِنْ بُيُوعِ الولوالجية الْأَسِيرُ الْمُسْلِمُ فِي دَارِ الْحَرْبِ إذَا أَمَرَ إنْسَانًا بِأَنْ يَشْتَرِيَ بِأَلْفِ دِرْهَمٍ فَخَالَفَ فِي الْجِنْسِ فَإِنَّهُ يَرْجِعُ عَلَيْهِ بِالْأَلْفِ. الْوَكِيلُ إذَا سَمَّى لَهُ الْمُوَكِّلُ ثَمَنًا فَاشْتَرَى بِأَكْثَرَ نَفَذَ عَلَى الْوَكِيلِ إلَّا الْوَكِيلَ بِشِرَاءِ الْأَسِيرِ فَإِنَّهُ إذَا اشْتَرَاهُ بِأَكْثَرَ لَزِمَ الْآمِرَ الْمُسَمَّى. لَوْ وَكَّلَهُ بِقَبْضِ دَيْنِهِ مَلَكَ قَبْضَ بَعْضِهِ إلَّا إذَا نَصَّ عَلَى أَنْ لَا يَقْبِضَ إلَّا الْكُلَّ مَعًا كَمَا فِي الْبَزَّازِيَّةِ. الْمَأْمُورُ بِالدَّفْعِ إلَى فُلَانٍ إذَا ادَّعَاهُ وَكَذَّبَهُ فُلَانٌ فَالْقَوْلُ لَهُ فِي بَرَاءَةِ نَفْسِهِ إلَّا إذَا كَانَ غَاصِبًا، أَوْ مَدْيُونًا كَمَا فِي مَنْظُومَةِ ابْنِ وَهْبَانَ. لَا يَصِحُّ تَوْكِيلُ مَجْهُولٍ إلَّا لِإِسْقَاطِ عَدَمِ الرِّضَا بِالتَّوْكِيلِ كَمَا بَيَّنَّا فِي مَسَائِلَ شَتَّى مِنْ كِتَابِ الْقَضَاءِ، مِنْ شَرْحِ الْكَنْزِ، وَمِنْ التَّوْكِيلِ الْمَجْهُولِ قَوْلُ الدَّائِنِ لِمَدْيُونِهِ: مَنْ جَاءَك بِعَلَامَةِ كَذَا، أَوْ مَنْ أَخَذَ أُصْبُعَك أَوْ قَالَ لَك كَذَا فَادْفَعْ إلَيْهِ مَا لِي عَلَيْك لَمْ يَصِحَّ؛ لِأَنَّهُ تَوْكِيلٌ مَجْهُولٌ فَلَا يَبْرَأُ بِالدَّفْعِ إلَيْهِ كَمَا فِي الْقُنْيَةِ. الْوَكِيلُ يُقْبَلُ قَوْلُهُ بِيَمِينِهِ فِيمَا يَدَّعِيه إلَّا الْوَكِيلُ بِقَبْضِ الدَّيْنِ إذَا ادَّعَى بَعْدَ مَوْتِ الْمُوَكِّلِ إنَّهُ كَانَ قَبَضَهُ فِي حَيَاتِهِ وَدَفَعَهُ لَهُ فَإِنَّهُ لَا يُقْبَلُ قَوْلُهُ إلَّا بِالْبَيِّنَةِ وَإِلَّا فِيمَا إذَا ادَّعَى بَعْدَ مَوْتِ الْمُوَكِّلِ أَنَّهُ اشْتَرَى لِنَفْسِهِ وَكَانَ الثَّمَنُ مَنْقُودًا، وَفِيمَا إذَا قَالَ بَعْدَ عَزْلِهِ: بِعْته أَمْسِ وَكَذَّبَهُ الْمُوَكِّلُ، وَفِيمَا إذَا قَالَ بَعْدَ مَوْتِ الْمُوَكِّلِ: بِعْته مِنْ فُلَانٍ بِأَلْفِ دِرْهَمٍ وَقَبَضْتهَا وَهَلَكَتْ وَكَذَّبَتْهُ الْوَرَثَةُ فِي الْبَيْعِ فَإِنَّهُ لَا يُصَدَّقُ إنْ كَانَ الْمَبِيعُ قَائِمًا بِعَيْنِهِ بِخِلَافِ مَا إذَا كَانَ مُسْتَهْلِكًا الْكُلَّ، مِنْ الولوالجية. وَفِي جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ كَمَا ذَكَرْنَاهُ فِي الْأُولَى فَلَوْ قَالَ: كُنْت قَبَضْته فِي حَيَاةِ الْمُوَكِّلِ وَدَفَعْته إلَيْهِ لَمْ يُصَدَّقْ وَقَدْ بُحِثَ بِأَنَّهُ يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ الْوَكِيلُ بِقَبْضِ الْوَدِيعَةِ وَالْعَارِيَّةِ كَذَلِكَ وَلَمْ يَتَنَبَّهْ لِمَا فَرَّقَ بِهِ الْوَلْوَالِجِيُّ بَيْنَهُمَا بِأَنَّ الْوَكِيلَ بِقَبْضِ الدَّيْنِ يُرِيدُ إيجَابَ الضَّمَانِ عَلَى الْمَيِّتِ إذْ الدُّيُونُ تُقْضَى بِأَمْثَالِهَا بِخِلَافِ الْوَكِيلِ بِقَبْضِ الْعَيْنِ؛ لِأَنَّهُ يُرِيدُ نَفْيَ الضَّمَانِ عَنْ نَفْسِهِ انْتَهَى. الْوَكِيلُ إذَا أَجَازَ فِعْلَ الْفُضُولِيِّ، أَوْ وَكَّلَ بِهِ بِلَا إذْنٍ وَتَعْمِيمٍ وَحَضَرَهُ فَإِنَّهُ يَنْفُذُ عَلَى الْمُوَكِّلِ؛ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ حُضُورُ رَأْيِهِ هَذِهِ الْجُمْلَةُ مِنْ قَوْلِنَا الْوَكِيلُ يُصَدَّقُ فِي بَرَاءَتِهِ إلَى هُنَا، مِنْ الْأَشْبَاهِ. وَكِيلُ الْبَيْعِ لَوْ دَفَعَ الْمَبِيعَ إلَى رَجُلٍ لِيَعْرِضَهُ عَلَى مَنْ أَحَبَّ فَهَرَبَ الرَّجُلُ بِالْمَبِيعِ، أَوْ هَلَكَ عِنْدَهُ قِيلَ لَا يَضْمَنُ الْوَكِيلُ وَالصَّحِيحُ أَنَّهُ يَضْمَنُ، وَقَالَ بَعْضُهُمْ لَوْ كَانَ مَنْ دَفَعَ إلَيْهِ أَمِينًا لَمْ يَضْمَنْ لِلرِّضَا بِهِ عَادَةً وَكِيلُ الْبَيْعِ لَوْ اسْتَأْجَرَ رَجُلًا لِيَعْرِضَهُ وَالْمَسْأَلَةُ بِحَالِهَا لَمْ يَضْمَنْ وَقِيلَ يَضْمَنُ وَهُوَ الْمُخْتَارُ. قِنٌّ مَحْجُورٌ كَسَبَ مَالًا فَشَرَى بِهِ بُرًّا وَأَمَرَ رَجُلًا بِبَيْعِهِ فَبَاعَهُ وَسَلَّمَهُ وَغَابَ الْمُشْتَرِي وَلَمْ يَقْدِرْ عَلَيْهِ ضَمِنَ الْوَكِيلُ. لَوْ قَالَ وَكِيلُ الْبَيْعِ دَفَعْته مِنْ رَجُلٍ لَا أَعْرِفُهُ وَسَلَّمْته وَلَمْ أَقْدِرْ عَلَيْهِ ضَمِنَ وَهَذَا بِخِلَافِ مَسْأَلَةِ الْقُمْقُمَةِ وَهِيَ دَفَعَ إلَيْهِ قُمْقُمَةً، وَقَالَ لَهُ ادْفَعْهَا إلَى مَنْ يُصْلِحُهَا فَدَفَعَهَا وَلَمْ يَعْلَمْ إلَى مَنْ دَفَعَهَا لَمْ يَضْمَنْ. وَكِيلُ الْبَيْعِ لَوْ سَافَرَ بِمَا أُمِرَ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 259 بِبَيْعِهِ ضَمِنَ. وَكِيلُ الْبَيْعِ لَوْ خَالَفَ بِأَنْ اسْتَعْمَلَهُ حَتَّى صَارَ ضَامِنًا ثُمَّ عَادَ إلَى الْوِفَاقِ يَبْرَأُ كَالْمُودَعِ، وَالْوَكَالَةُ بَاقِيَةٌ فِي بَيْعِهِ، مِنْ الْفُصُولَيْنِ. الْوَكِيلُ إذَا قَالَ بِعْته مِنْ رَجُلٍ لَا أَعْرِفُهُ وَسَلَّمْته إلَيْهِ وَلَمْ أَقْدِرْ عَلَيْهِ يَضْمَنُ. قَالَ الْآخَرُ اشْتَرِ لِي عَبْدَ فُلَانٍ بِعَبْدِك هَذَا فَفَعَلَ يَصِيرُ مُشْتَرِيًا لِلْمُوَكِّلِ وَيَصِيرُ الْمُوَكِّلُ مُسْتَقْرِضًا لِعَبْدِ الْوَكِيلِ قَالَ: وَيَنْبَغِي أَنْ يَتِمَّ اسْتِقْرَاضُهُ بَعْدَ الْعَقْدِ وَالتَّسْلِيمِ حَتَّى لَوْ هَلَكَ الْعَبْدُ فِي يَدِ الْوَكِيلِ قَبْلَ التَّسْلِيمِ لَا يَضْمَنُ الْمُوَكِّلُ قِيمَةَ الْعَبْدِ لَهُ. التَّوْكِيلُ بِالشِّرَاءِ الْفَاسِدِ صَحِيحٌ كَالتَّوْكِيلِ إلَى الْحَصَادِ وَغَيْرِهِ وَبَعْدَ صِحَّتِهِ يَكُونُ شِرَاءُ الْوَكِيلِ كَشِرَاءِ الْمُوَكِّلِ وَقَبْضِ الْوَكِيلِ لِلْمُوَكِّلِ فَيَصِيرُ مَضْمُونًا عَلَيْهِ بِالْقِيمَةِ. دَفَعَ إلَيْهِ دِرْهَمًا وَقَالَ اشْتَرِ لِي بِنِصْفِهِ لَحْمًا وَبِنِصْفِهِ خُبْزًا فَاشْتَرَى بِنِصْفِهِ لَحْمًا وَأَخَذَ بِالنِّصْفِ فُلُوسًا فَاشْتَرَى بِهَا الْخُبْزَ لَمْ يَجُزْ وَهُوَ لِلْمُشْتَرِي وَيَضْمَنُ النِّصْفَ، وَالسَّبِيلُ فِيهِ أَنْ يَشْتَرِيَ اللَّحْمَ وَالْخُبْزَ مِنْ الْقَصَّابِ وَالْخَبَّازِ وَيَدْفَعَ الدِّرْهَمَ إلَيْهِمَا، أَوْ يَشْتَرِيَ الْخَبَّازُ لَحْمًا بِنِصْفِ دِرْهَمٍ، أَوْ الْقَصَّابُ بِنِصْفِ دِرْهَمٍ خُبْزًا وَيَبِيعَهَا إيَّاهُ بِدِرْهَمٍ كَذَا ذَكَر فِي تَنْبِيهِ الْمُجِيبِ أَنَّهُ لَا سَبِيلَ سِوَى هَذَا. أَمَرَهُ بِشِرَاءِ عَبْدٍ بِعَيْنِهِ فَاشْتَرَى مَعَ الْجُحُودِ ثُمَّ أَقَرَّ فَالْعَبْدُ لِلْآمِرِ بِخِلَافِ الْمُضَارِبِ قَالَ أَبُو يُوسُفَ: الْوَكِيلُ يَبِيعُ الْعَبْدَ إذَا جَحَدَ وَادَّعَاهُ لِنَفْسِهِ ثُمَّ أَقَرَّ فَبَاعَهُ جَازَ وَبَرِئَ مِنْ الضَّمَانِ، وَكَذَا الْمَأْمُورُ بِالْهِبَةِ وَالْإِعْتَاقِ، وَلَوْ بَاعَ الْعَبْدَ أَوْ أَعْتَقَهُ، أَوْ وَهَبَهُ ثُمَّ أَقَرَّ بَعْدَ الْبَيْعِ فَعَلَى قِيَاسِ مَسْأَلَةِ الْوَكِيلِ شِرَاءُ عَبْدٍ بِعَيْنِهِ يَصِحُّ وَيَلْزَمُ الْآمِرَ. الْوَكِيلُ بِالْبَيْعِ وَضَعَ الْمَتَاعَ فِي دُكَّانِهِ ثُمَّ قَامَ وَاسْتَحْفَظَ جَارَهُ وَضَاعَ فَالضَّمَانُ عَلَى الْوَكِيلِ إنْ لَمْ يَكُنْ الْمُسْتَحْفِظُ فِي عِيَالِهِ وَلَا ضَمَانَ عَلَى الْجَارِ إنْ لَمْ يُضَيِّعْهُ وَلَمْ يُقَصِّرْ فِي الْحِفْظِ جَرَتْ عَادَةُ حَاكَّةِ الرُّسْتَاقِ إنَّهُمْ يَبْعَثُونَ الْكَرَابِيسَ إلَى مَنْ يَبِيعُهَا لَهُمْ فِي الْبَلَدِ وَيَبْعَثُ بِأَثْمَانِهَا إلَيْهِمْ بَيْدَ مَنْ شَاءَ وَيَرَاهُ أَمِينًا فَإِذَا بَعَثَ الْبَائِعُ ثَمَنَ الْكَرَابِيسِ بِيَدِ شَخْصٍ ظَنَّهُ أَمِينًا وَأَبَقَ ذَلِكَ الرَّسُولُ لَا يَضْمَنُ الْبَاعِثُ إذَا كَانَتْ هَذِهِ الْعَادَةُ مَعْرُوفَةً عِنْدَهُمْ، قَالَ أُسْتَاذُنَا: وَبِهِ أُجِيبُ أَنَا وَغَيْرِي، مِنْ الْقُنْيَةِ. التَّوْكِيلُ بِقَبْضِ الدَّيْنِ وَالْعَيْنِ صَحِيحٌ وَيَبْرَأُ الْمَطْلُوبُ بِالدَّفْعِ إلَيْهِ فَلَوْ وَكَّلَهُ يَقْبِضُ الدَّيْنِ بِمَحْضَرٍ مِنْ الْمَطْلُوبِ يَبْرَأُ الْمَطْلُوبُ بِالدَّفْعِ حَتَّى يَعْلَمَ بِالْعَزْلِ، وَلَوْ وَكَّلَهُ بِغَيْرِ مَحْضَرٍ مِنْهُ لَا يَبْرَأُ بِالدَّفْعِ بَعْدَ الْعَزْلِ قَبْلَ عِلْمِ الْمَطْلُوب بِهِ. وَتَعْلِيقُ الْوَكَالَةِ بِالشَّرْطِ جَائِزٌ مِثْلَ أَنْ يَقُولَ: إذَا قَدِمَ فُلَانٌ فَأَنْتَ وَكِيلِي فِي قَبْضِ دُيُونِي. وَلَوْ قَالَ: أَنْتَ وَكِيلِي فِي قَبْضِ كُلِّ دَيْنٍ لِي وَلَا دَيْنَ لَهُ يَوْمَئِذٍ ثُمَّ حَدَثَ يَمْلِكُ قَبْضَهُ اسْتِحْسَانًا. أَخَذَ الطَّالِبُ كَفِيلًا بِالدَّيْنِ قَبْلَ الْوَكَالَةِ لَمْ يَكُنْ لِلْوَكِيلِ الْقَبْضُ مِنْ الْكَفِيلِ وَلَوْ أَخَذَ الْكَفِيلُ بَعْدَ الْوَكَالَةِ قَبْضَهُ مِنْ الْكَفِيلِ. الْوَكِيلُ يَقْبِضُ الدَّيْنَ لَوْ أَخَذَ كَفِيلًا جَازَ قُلْتُ وَهَذَا مُخَالِفٌ لِمَا مَرَّ عَنْ الْهِدَايَةِ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ فَلَا عِبْرَةَ بِهِ إذَا قِيلَ: الْحَوَالَةُ لَا تَجُوزُ. الْوَكِيلُ بِقَبْضِ الدَّيْنِ مِنْ أَبِي الْوَكِيلِ، أَوْ ابْنِهِ، أَوْ مِنْ مَوْلَاهُ أَوْ عَبْدِهِ الْمَدْيُونِ يَقْبَلُ قَوْلَهُ فِي الْقَبْضِ وَالْهَلَاكِ وَقِيلَ: إنَّهُ لَا يَصِحُّ تَوْكِيلُ الْمَوْلَى بِقَبْضِ الدَّيْنِ عَنْ عَبْدِهِ. اخْتَلَفَا فِي الْأَمْرِ فَالْقَوْلُ لِلْآمِرِ. لَوْ قَالَ الْوَكِيلُ بِالْبَيْعِ: بِعْته مِنْ هَذَا وَقَبَضْت الثَّمَنَ وَهَلَكَ فَصَدَّقَهُ الْمُشْتَرِي جَازَ، وَإِنْ لَمْ يُصَدِّقْهُ لَا يَجُوزُ لَوْ مَاتَ الْآمِرُ فَقَالَ وَرَثَتُهُ: لَمْ تَبِعْهُ، وَقَالَ الْوَكِيلُ: بِعْته مِنْ فُلَانٍ وَقَبَضْت الثَّمَنَ وَهَلَكَ فَصَدَّقَهُ الْمُشْتَرِي إنْ كَانَ الْمَبِيعُ قَائِمًا لَمْ يُصَدَّقْ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 260 الْوَكِيلُ وَيَرُدُّ الْمَبِيعُ وَضَمِنَ الْوَكِيلُ الثَّمَنَ لِلْمُشْتَرِي، وَإِنْ كَانَ مُسْتَهْلَكًا يُصَدَّقُ الْوَكِيلُ مَعَ يَمِينِهِ اسْتِحْسَانًا. لَوْ هَلَكَ الْمَالُ قَبْلَ الشِّرَاءِ ثُمَّ اشْتَرَى وَقَعَ الشِّرَاءُ لِلْوَكِيلِ، وَإِنْ هَلَكَ بَعْدَ الشِّرَاءِ يَقَعُ الشِّرَاءُ لِلْمُوَكِّلِ وَيَرْجِعُ بِمِثْلِهِ عَلَى الْآمِرِ فَإِنْ قَبَضَ وَهَلَكَ ثَانِيًا لَمْ يَرْجِعْ وَالْمُضَارِبُ يَرْجِعُ أَبَدًا. لَوْ قَالَ: اشْتَرِ لِي بِهَذَا الْأَلْفِ وَلَمْ يَدْفَعْهُ إلَيْهِ حَتَّى هَلَكَ فَاشْتَرَى الْمَأْمُورُ جَازَ عَلَى الْآمِرِ عَلِمَ بِالْهَلَاكِ أَمْ لَا. وَكَّلَهُ بِتَقَاضِي دَيْنِهِ فَوَكَّلَ غَيْرَهُ فَقَبَضَ لَا يَبْرَأُ الْمَطْلُوبُ إلَّا إذَا كَانَ الثَّانِي مِنْ عِيَالِ الْأَوَّلِ، مِنْ الْوَجِيزِ. الْوَكِيلُ بِالْخُصُومَةِ وَكِيلٌ بِالْقَبْضِ خِلَافًا لِزُفَرَ وَالْفَتْوَى الْيَوْمَ عَلَى قَوْلِ زُفَرَ لِظُهُورِ الْخِيَانَةِ لِلْوُكَلَاءِ، وَقَدْ يُوثَقُ عَلَى الْخُصُومَةِ مَنْ لَا يُوثَقُ عَلَى الْمَالِ وَنَظِيرُهُ الْوَكِيلُ بِالتَّقَاضِي يَمْلِكُ الْقَبْضَ عَلَى أَصْلِ الرِّوَايَةِ وَالْفَتْوَى عَلَى أَنْ لَا يَمْلِكَ، مِنْ الْهِدَايَةِ. وَكَّلَ الْمَرِيضُ رَجُلًا بِبَيْعِ هَذَا الْمَالِ ثُمَّ مَاتَ فَقَالَ الْوَكِيلُ: بِعْت وَاسْتَوْفَيْت الثَّمَنَ وَدَفَعْته إلَى الْوَارِثِ، أَوْ قَالَ: ضَاعَ الثَّمَنُ يُصَدَّقُ إنْ كَانَ الْمَرِيضُ حَيًّا، وَإِنْ كَانَ مَيِّتًا لَا يُصَدَّقُ إنْ كَانَ الْمَبِيعُ قَائِمًا وَيُصَدَّقُ إنْ كَانَ مُسْتَهْلَكًا، وَلَوْ كَانَ عَلَى الْمَرِيضِ دَيْنٌ وَهُوَ حَيٌّ لَا يُصَدَّقُ، وَإِنْ صَدَّقَهُ الْمَرِيضُ، وَكَذَا فِي الْإِقْرَارِ، مِنْ الْوَجِيزِ. الْوَكِيلُ بِالْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ لَا يَجُوزُ أَنْ يَعْقِدَ مَعَ أَبِيهِ وَجَدِّهِ وَمَنْ لَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ لَهُ إلَّا أَنْ يَبِيعَهُ بِأَكْثَرَ مِنْ الْقِيمَةِ ذَكَرَهُ فِي الْمُخْتَارِ، وَقَالَا: يَجُوزُ بَيْعُهُ مِنْهُمْ بِمِثْلِ الْقِيمَةِ إلَّا مِنْ عَبْدِهِ، أَوْ مُكَاتَبِهِ، وَالْإِجَارَةُ وَالصَّرْفُ عَلَى هَذَا الِاخْتِلَافِ. وَلَوْ وَكَّلَهُ بِبَيْعِ عَبْدِهِ بِأَلْفٍ فَبَاعَهُ بِأَلْفَيْنِ فَالْأَلْفَانِ كُلُّهُ لِلْمُوَكِّلِ، مِنْ الْهِدَايَةِ. لَوْ قَالَ لِرَجُلٍ: اشْتَرِ عَبْدَ فُلَانٍ بَيْنِي وَبَيْنَك فَقَالَ الْمَأْمُورُ: نَعَمْ، فَلَمَّا رَجَعَ مِنْ عِنْدِهِ لَقِيَهُ رَجُلٌ آخَرُ وَقَالَ: اشْتَرِهِ بَيْنِي وَبَيْنَك فَقَالَ الْمَأْمُورُ: نَعَمْ فَاشْتَرَى الْمَأْمُورُ ذَلِكَ الْعَبْدَ كَانَ لِلْآمِرِ الْأَوَّلِ نِصْفُهُ وَلِلْآمِرِ الثَّانِي نِصْفُهُ وَلَا شَيْءَ لِلْمُشْتَرِي هَذَا إذَا قَبِلَ الْوَكَالَةَ بِغَيْرِ مَحْضَرٍ مِنْ الْأَوَّلِ، وَإِنْ قَالَ لَهُ الثَّانِي ذَلِكَ بِمَحْضَرٍ مِنْ الْأَوَّلِ فَإِنَّ الْعَبْدَ يَكُونُ بَيْنَ الْمَأْمُورِ وَالْآمِرِ الثَّانِي نِصْفَيْنِ وَلَا شَيْءَ لِلْأَوَّلِ، وَلَوْ لَقِيَهُ ثَالِثٌ وَقَالَ اشْتَرِهِ بَيْنِي وَبَيْنَك وَذَلِكَ بِغَيْرِ مَحْضَرٍ مِنْ الْأَوَّلِ وَالثَّانِي فَقَالَ: نَعَمْ، فَهُوَ لِلْأَوَّلِ وَالثَّانِي وَلَيْسَ لِلثَّالِثِ شَيْءٌ كَذَا فِي الشَّرِكَةِ، مِنْ قَاضِي خَانْ. رَجُلٌ لَهُ عَلَى رَجُلٍ أَلْفَ دِرْهَمٍ وَضَحٍ فَوَكَّلَ آخَرَ بِقَبْضِهِ مِنْهُ وَأَعْلَمَهُ أَنَّهُ عَلَيْهِ وَصِيٌّ فَقَبَضَ الْوَكِيلُ مِنْهُ أَلْفَ دِرْهَمٍ غَلَّةً وَهُوَ يَعْلَمُ أَنَّهَا غَلَّةٌ لَمْ يَجُزْ ذَلِكَ عَلَى الْآمِرِ، وَلَوْ ضَاعَتْ فِي يَدِ الْوَكِيلِ ضَمِنَهَا الْوَكِيلُ وَلَا يَلْزَمُ الْآمِرَ شَيْءٌ لَوْ قَبَضَهَا وَهُوَ لَا يَعْلَمُ أَنَّهَا غَلَّةٌ فَقَبْضُهُ جَائِزٌ وَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ وَلَهُ أَنْ يَرُدَّهَا وَيَأْخُذَ وَضَحًا فَإِنْ ضَاعَتْ فِي يَدِهِ فَكَأَنَّهَا ضَاعَتْ مِنْ يَدِ الْآمِرِ وَلَا يَرْجِعُ بِشَيْءٍ فِي قِيَاسِ قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ، مِنْ الْخُلَاصَةِ. دَفَعَ الْمَدْيُونُ إلَى الدَّائِنِ عَبْدًا وَقَالَ: لَهُ بِعْهُ وَخُذْ حَقَّك مِنْ ثَمَنِهِ، أَوْ دَنَانِيرَ وَقَالَ: اصْرِفْهَا وَخُذْ حَقَّك مِنْهَا وَحَقُّهُ فِي الدَّرَاهِمِ فَبَاعَ أَوْ صَرَفَ وَقَبَضَ الدَّرَاهِمَ وَهَلَكَتْ هَلَكَتْ عَلَى الْمَدْيُونِ مَا لَمْ يُحْدِثْ الدَّائِنُ فِيهَا قَبْضًا، وَبِمِثْلِهِ لَوْ قَالَ: بِعْهُ بِحَقِّك، أَوْ قَالَ بِعْ الدَّنَانِيرَ بِحَقِّك فَفَعَلَ يَصِيرُ الْمَقْبُوضُ مَضْمُونًا عَلَيْهِ لِقَبْضِهِ. قَالَ لِآخَرَ أَقْرِضْ فُلَانًا أَلْفَ دِرْهَمٍ فَأَقْرَضَهُ لَا يَضْمَنُ الْآمِرُ شَيْئًا سَوَاءٌ كَانَ خَلِيطًا لَهُ، أَوْ لَمْ يَكُنْ، وَلَوْ أَمَرَهُ الْمَوْهُوبُ لَهُ أَنْ يُعَوِّضَ الْوَاهِبَ مِنْ مَالِ نَفْسِهِ فَفَعَلَ لَا يَرْجِعُ عَلَى الْآمِرِ إلَّا إذَا شَرَطَ الرُّجُوعَ، وَكَذَا لَوْ قَالَ كَفِّرْ عَنْ يَمِينِي بِطَعَامِك أَوْ أَدِّ زَكَاةَ مَالِي بِمَالِك، أَوْ أَحْجِجْ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 261 عَنِّي رَجُلًا بِمَالِك، أَوْ أَعْتِقْ عَنِّي عَبْدًا عَنْ ظِهَارِي وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ أَنَّ الْمَأْمُورَ يَرْجِعُ عَلَى الْآمِرِ فِي هَذِهِ الْمَسَائِلِ وَقَدْ مَرَّ نَحْوُهَا عَنْ قَرِيبٍ. وَكَّلَهُ وَكَالَةً عَامَّةً عَلَى أَنْ يَقُومَ بِأَمْرِهِ وَيُنْفِقَ عَلَى أَهْلِهِ مِنْ مَالِ الْمُوَكِّلِ وَلَمْ يُعَيِّنْ شَيْئًا لِلْإِنْفَاقِ بَلْ أَطْلَقَ لَهُ ثُمَّ مَاتَ الْمُوَكِّلُ فَطَالَبَتْهُ الْوَرَثَةُ بِبَيَانِ مَا أَنْفَقَ وَمَصْرِفَهُ فَإِذَا كَانَ عَدْلًا لَا يُصَدَّقُ فِيمَا قَالَ، وَإِنْ اتَّهَمُوا حَلَّفُوهُ وَلَيْسَ عَلَيْهِ بَيَانُ جِهَاتِ الْإِنْفَاقِ قَالَ عَيْنُ الْأَئِمَّةِ الْكَرَابِيسِيُّ إنْ أَرَادَ الْخُرُوجَ عَنْ الضَّمَانِ فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ، وَإِنْ أَرَادَ الرُّجُوعَ فَلَا بُدَّ مِنْ الْبَيِّنَةِ. دَفَعَ إلَيْهِ قَدْرًا لِيَدْفَعَ إلَى فُلَانٍ مِنْ الزَّكَاةِ فَدَفَعَهُ إلَى آخَرَ فَدَفَعَهُ الْآخَرُ إلَى ذَلِكَ الْفَقِيرِ أَجْزَأَهُ وَخَرَجَ الْوَكِيلُ عَنْ الضَّمَانِ. وَلَوْ دَفَعَ إلَيْهِ عَدْلِيَّاتٍ وَأَمَرَهُ بِأَنْ يَتَصَدَّقَ عَلَى كُلِّ فَقِيرٍ بِأَرْبَعِ عَدْلِيَّاتٍ فَتَصَدَّقَ عَلَى كُلِّ فَقِيرٍ بِعَدْلَيْنِ فَهُوَ ضَامِنٌ. دَفَعَ إلَيْهِ دِينَارًا لِيَتَصَدَّقَ بِهِ عَلَى فَقِيرٍ غَيْرِ مُعَيَّنٍ فَدَفَعَهُ إلَى آخَرَ، أَوْ أَمَرَهُ أَنْ يَتَصَدَّقَ بِهِ فَتَصَدَّقَ عَلَى فَقِيرٍ غَيْرِ مُعَيَّنٍ فَإِنْ كَانَ بِحَضْرَةِ الْأَوَّلِ وَعَمَلِهِ يَجُوزُ. وَلَوْ أَمَرَهُ أَنْ يَتَصَدَّقَ بِهِ عَلَى فَقِيرٍ مُعَيَّنٍ فَدَفَعَهُ إلَى فَقِيرٍ آخَرَ لَا يَضْمَنُ، وَفِي الزَّكَاةِ يَضْمَنُ وَلَهُ التَّعْيِينُ، مِنْ الْقُنْيَةِ. وَكَّلَهُ بِقَبْضِ الْوَدِيعَةِ فِي الْيَوْمِ فَلَهُ قَبْضُهَا غَدًا، وَلَوْ وَكَّلَهُ بِقَبْضِهَا غَدًا لَا يَمْلِكُ قَبْضَهَا الْيَوْمَ إذَا ذَكَرَ الْيَوْمَ لِلتَّعْجِيلِ فَكَأَنَّهُ قَالَ أَنْتَ وَكِيلِي بِهِ السَّاعَةَ فَإِذَا ثَبَتَتْ وَكَالَتُهُ السَّاعَةَ دَامَتْ ضَرُورَةً وَلَا يَلْزَمُ مِنْ وَكَالَةِ الْغَدِ وَكَالَةُ الْيَوْمِ لَا صَرِيحًا وَلَا دَلَالَةً، وَكَذَا لَوْ قَالَ اقْبِضْهُ السَّاعَةَ فَلَهُ قَبْضُهُ بَعْدَهَا، أَوْ قَالَ: اقْبِضْهُ بِمَحْضَرٍ مِنْ فُلَانٍ فَقَبَضَهُ بِغَيْبَتِهِ جَازَ، أَوْ قَالَ: اقْبِضْهُ بِشُهُودٍ فَلَهُ قَبْضُهُ بِدُونِهِمْ بِخِلَافِ قَوْلِهِ لَا تَقْبِضْهُ إلَّا بِمَحْضَرٍ مِنْ فُلَانٍ حَيْثُ لَا يَمْلِكُ قَبْضَهُ بِدُونِهِ إذْ نَهَى عَنْ قَبْضِهِ وَاسْتَثْنَى قَبْضًا بِمَحْضَرٍ مِنْهُ. قَبَضَ دَيْنَهُ بِوَكَالَةٍ فَهُوَ وَدِيعَةٌ عِنْدَ الْكُلِّ فَلَوْ سَافَرَ بِهِ، أَوْ خَلَفَهُ فِي أَهْلِهِ، أَوْ وَضَعَهُ عِنْدَ مَنْ فِي عِيَالِهِ كَخَادِمٍ، أَوْ غَيْرِهِ لَا يَضْمَنُ، وَلَوْ أَوْدَعَهُ غَيْرَهُ ضَمِنَ. الْوَكِيلُ بِقَبْضِ وَدِيعَةٍ وَعَارِيَّةٍ يَنْعَزِلُ بِمَوْتِ مُوَكِّلِهِ فَلَوْ قَالَ قَبَضْته فِي حَيَاةِ مُوَكِّلِي وَدَفَعْته إلَيْهِ صَدَقَ. الْوَكِيلُ بِقَبْضِ الثَّمَنِ أَوْ الْأُجْرَةِ لَوْ وَكَّلَ مَنْ لَيْسَ فِي عِيَالِهِ بِقَبْضِ ذَلِكَ جَازَ إذْ حَقُّ الْقَبْضِ لِلْوَكِيلِ فَلَهُ تَفْوِيضُهُ إلَى غَيْرِهِ، لَكِنْ الْوَكِيلُ يَضْمَنُ لِلْآمِرِ، لَوْ هَلَكَ فِي يَدِ وَكِيلِهِ قَبْلَ أَنْ يَصِلَ إلَى الْوَكِيلِ الْأَوَّلِ كَقَبْضِهِ بِنَفْسِهِ ثُمَّ دَفَعَهُ إلَى مَنْ لَيْسَ فِي عِيَالِهِ. وَكِيلٌ قَبَضَ الدَّيْنَ لَوْ قَالَ: قَبَضْته فَتَلِفَ، أَوْ دَفَعْته إلَى رَبِّهِ بَرِئَ الْغَرِيمُ بِخِلَافِ مَا لَوْ أَقَرَّ بِقَبْضِ الطَّالِبِ. وَكِيلُ الْبَيْعِ لَوْ أَقَرَّ بِقَبْضِ مُوَكِّلِهِ الثَّمَنَ يَبْرَأُ الْمُشْتَرِي كَمَا لَوْ أَقَرَّ بِقَبْضِ نَفْسِهِ، وَالْفَرْقُ أَنَّ وَكِيلَ الْبَيْعِ أَصِيلٌ فِي قَبْضِ الثَّمَنِ لِعَوْدِ الْحُقُوقِ إلَيْهِ كَمَا تَقَرَّرَ فِي مَحِلِّهِ فَلَهُ أَنْ يُوَكِّلَ غَيْرَهُ بِقَبْضِ ثَمَنِهِ كَمَا مَرَّ فَكَانَ مُقِرًّا بِمَا لَهُ تَسْلِيطُهُ فَصَحَّ بِخِلَافِ وَكِيلِ الْقَبْضِ إذْ لَيْسَ لَهُ التَّوْكِيلُ فَكَانَ مُقِرًّا بِمَا لَيْسَ لَهُ تَسْلِيطُهُ فَلَغَا. وَكِيلٌ قَبَضَ الْوَدِيعَةَ قَالَ لَهُ الْمُودَعُ: دَفَعْته إلَيْك وَالْوَكِيلُ يُنْكِرُ صُدِّقَ الْمُودَعُ فِي حَقِّ دَفْعِ الضَّمَانِ عَنْ نَفْسِهِ لَا فِي إلْزَامِ الضَّمَانِ عَلَى الْوَكِيلِ. وَكِيلٌ بِخُصُومَةٍ، أَوْ قَبْضِ دَيْنٍ قَالَ فِي مَجْلِسِ الْقَضَاءِ قَبَضْت وَدَفَعْت إلَى الْمُوَكِّلِ صَحَّ إقْرَارُهُ فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ جَمِيعًا، وَلَوْ أَقَرَّ فِي مَجْلِسِ الْقَضَاءِ بِقَبْضِ مُوَكِّلِهِ وَمُوَكِّلُهُ قَدْ اسْتَثْنَى إقْرَارَهُ لَمْ يَجُزْ إقْرَارُهُ. وَكَّلَهُ بِإِيدَاعٍ قِنِّهِ زَيْدًا فَقَالَ: لَهُ أَوْدَعَك فُلَانٌ هَذَا فَقَبِلَهُ ثُمَّ رَدَّهُ عَلَى الْوَكِيلِ فَلِلْمَالِكِ أَنْ يُضَمِّنَ أَيَّهُمَا شَاءَ إذَا لَمْ يُؤْمَرْ بِالرَّدِّ فَيَصِيرَ كَرَدِّهِ إلَى أَجْنَبِيٍّ قِيلَ: هَذَا الجزء: 1 ¦ الصفحة: 262 عَلَى اخْتِلَافِ مُودِعِ الْمُودَعِ يَبْرَأُ الْقَابِضُ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَقِيلَ: هَذَا عَلَى الْوِفَاقِ إذْ الرَّدُّ فَسْخٌ وَهُوَ لَا يَمْلِكُهُ فَلَوْ قَالَ الْوَكِيلُ أَمَرَك فُلَانٌ أَنْ تَسْتَخْدِمَهُ، أَوْ تَدْفَعَهُ إلَى فُلَانٍ فَقَبِلَ فَهَلَكَ الْقِنُّ يَبْرَأُ الْوَكِيلُ، وَلَوْ كَذَبَ وَيَضْمَنُ الْمُودَعُ وَإِنَّمَا يَبْرَأُ الْوَكِيلُ؛ لِأَنَّهُ مُشِيرٌ فَإِنْ قِيلَ هَلَّا يَضْمَنُ بِالْغُرُورِ قُلْنَا الْغُرُورُ وَإِنَّمَا يَتَمَكَّنُ فِي الْعَقْدِ وَلَا عَقْدَ بَيْنَهُمَا حَتَّى يَصِيرَ مَغْرُورًا مِنْ جِهَتِهِ. وَكَّلَهُ بِقَبْضِ بُرٍّ لَهُ عَلَى آخَرَ فَقَبَضَهُ فَوَجَدَ بِهِ عَيْبًا فَرَدَّهُ جَازَ إذْ تَبَيَّنَ أَنَّهُ مَا قَبَضَ حَقَّهُ، وَلَوْلَا عَيْبَ فَاسْتَأْجَرَ لِحَمْلِهِ إلَى بَيْتِ الْآمِرِ فَلَوْ فِي الْمِصْرِ لَزِمَ الْآمِرَ كِرَاؤُهُ اسْتِحْسَانًا إذْ الظَّاهِرُ فِي الْمِصْرِ أَنَّ الْآمِرَ بِالْقَبْضِ آمِرٌ بِالْحَمْلِ إلَيْهِ وَالْمُؤْنَةُ فِي خَارِجِ الْمِصْرِ كَثِيرٌ فَلَا يَكُونُ الْأَمْرُ بِقَبْضِهِ أَمْرًا بِحَمْلِهِ إلَيْهِ فَلَا يَكُونُ الْكِرَاءُ عَلَى الْآمِرِ فَيَكُونُ مُتَبَرِّعًا، وَعَلَى هَذَا الْقِيَاسُ لَوْ وَكَّلَهُ بِقَبْضِ رَقِيقٍ، أَوْ دَوَابَّ فَأَنْفَقَ لِلرَّعْيِ وَالْكِسْوَةِ وَطَعَامِهِمْ كَانَ مُتَبَرِّعًا. وَكَّلَهُ بِقَبْضِ الدَّيْنِ لَوْ وُهِبَ الدَّيْنَ مِنْ الْغَرِيمِ، أَوْ أَبْرَأهُ، أَوْ أَخَّرَهُ، أَوْ أَخَذَ بِهِ رَهْنًا لَمْ يَجُزْ؛ لِأَنَّهُ تَصَرَّفَ غَيْرَ مَا أُمِرَ بِهِ وَالْأَصْلُ أَنَّ وَكِيلَ الْقَبْضِ إنَّمَا يَمْلِكُ الْقَبْضَ عَلَى وَجْهٍ لَا يَكُونُ لِلْمُوَكِّلِ أَنْ يَمْتَنِعَ عَنْهُ وَذَلِكَ بِأَنْ يَقْبِضَ جِنْسَ الْحَقِّ بِصِفَتِهِ أَوْ أَجْوَدَ مِنْهُ وَأَمَّا كُلُّ مَا لِلْمُوَكِّلِ أَنْ يَمْتَنِعَ مِنْهُ إذَا عَرَضَهُ عَلَيْهِ الْمَطْلُوبُ فَلَيْسَ لِلْوَكِيلِ ذَلِكَ كَاسْتِبْدَالٍ وَشِرَاءٍ بِدَيْنٍ. قَالَ لِرَجُلٍ حَرِّرْ قِنِّي، أَوْ دَبِّرْهُ، أَوْ كَاتِبْهُ، أَوْ هَبْهُ مِنْ زَيْدٍ، أَوْ بِعْهُ مِنْهُ، أَوْ طَلِّقْ امْرَأَتِي، أَوْ ادْفَعْ هَذَا الثَّوْبَ إلَى فُلَانٍ فَقَبِلَهُ وَغَابَ مُوَكِّلُهُ لَا يُجْبَرُ الْوَكِيلُ عَلَى شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ إلَّا فِي دَفْعِ الثَّوْبِ إلَيْهِ قَالَ أَبُو اللَّيْثِ لِاحْتِمَالِ أَنَّ الثَّوْبَ لَهُ فَيَجِبُ دَفْعُهُ إلَيْهِ. وَكَّلَ الْغَاصِبُ، أَوْ الْمُسْتَعِيرُ رَجُلًا لِيَرُدَّ الْمَأْخُوذَ عَلَى مَالِكِهِ حَيْثُ اسْتَعَارَهُ، أَوْ غَصَبَهُ فِيهِ وَغَابَ مُوَكِّلُهُ لَا يُجْبَرُ وَكِيلُهُ عَلَى حَمْلِهِ وَإِنَّمَا عَلَيْهِ دَفْعُهُ حَيْثُ وَجَدَهُ. وَفِي الْإِيضَاحِ رَبُّ الْمَتَاعِ لَوْ أَخَذَ مِنْ الْغَاصِبِ، أَوْ الْمُسْتَعِيرِ كَفِيلًا بِرَدِّهِ يَصِحُّ وَيُجْبَرُ عَلَى الرَّدِّ كَالْأَصِيلِ وَإِذَا رَدَّ رَجَعَ عَلَى الْأَصِيلِ بِأَجْرِ عَمَلِهِ إذْ الْكَفِيلُ يَرْجِعُ عَلَى الْأَصِيلِ بِمِثْلِ مَا أَدَّى وَبِمِثْلِ أَجْرِ عَمَلِهِ، وَلَوْ أَخَذَ وَكِيلًا بِذَلِكَ لَا كَفِيلًا فَإِنَّهُ يَدْفَعُهُ حَيْثُ وَجَدَهُ وَلَا يُجْبَرُ عَلَى حَمْلِهِ إلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ مُتَبَرِّعٌ فَلَا يُجْبَرُ عَلَى تَسْلِيمِ الْمُتَبَرَّعِ بِهِ بِخِلَافِ الْكَفِيلِ إذَا الْتَزَمَ ذَلِكَ، وَالْوَكِيلُ لَمْ يَضْمَنْ الرَّدَّ وَإِنَّمَا وَعَدَهُ فَهُوَ مُتَبَرِّعٌ فَلَا يُجْبَرُ عَلَى التَّبَرُّعِ فَإِنَّ الْوَكِيلَ بِالْبَيْعِ لَا يُجْبَرُ عَلَى الْبَيْعِ، وَكَذَا الْمَأْمُورُ بِأَدَاءِ الدَّيْنِ مِنْ مَالِ نَفْسِهِ لَا يُجْبَرُ وَيُخَيَّرُ وَكَذَلِكَ الْوَكِيلُ بِالْإِنْفَاقِ لَا يُجْبَرُ خِزَانَةً. بَاعَ مَالًا بِوَكَالَةٍ فِي بَلَدٍ نَسِيئَةً لَا يُجْبَرُ الْوَكِيلُ عَلَى الْخُرُوجِ إلَى ذَلِكَ الْبَلَدِ لِيَقْضِيَ الثَّمَنَ بَلْ يُجْبَرُ عَلَى أَنْ يُوَكِّلَ الْمَالِكَ إمَّا بِشُهُودٍ يَخْرُجُونَ إلَى ذَلِكَ الْبَلَدِ، أَوْ بِكِتَابِ الْقَاضِي إلَى قَاضِي تِلْكَ الْبَلْدَةِ. وَلَوْ وَكَّلَهُ وَكَالَةً عَامَّةً وَكَتَبَ فِي آخِرِهِ أَنَّهُ يُخَاصِمُ وَيُخَاصَمُ ثُمَّ إنَّ جَمَاعَةً بَرْهَنُوا أَنَّ لَهُمْ عَلَى مُوَكِّلِهِ مَالًا لَا يُحْبَسُ بِهِ وَكِيلُهُ إذْ لَمْ تَنْتَظِمْ هَذِهِ الْوَكَالَةُ الْأَمْرَ بِالْأَدَاءِ، أَوْ بِالضَّمَانِ قَاضِي خَانْ. وَكَّلَ رَجُلًا بِقَبْضِ كُلِّ حَقٍّ لَهُ عِنْدَ النَّاسِ وَمَعَهُمْ وَعَلَيْهِمْ، وَفِي أَيْدِيهِمْ وَبِحَبْسِ مَنْ يَرَى حَبْسَهُ وَتَخْلِيَةً عَنْهُ لَوْ رَأَى ذَلِكَ وَكَتَبَ فِي آخِرِهِ أَنَّهُ يُخَاصِمُ وَيُخَاصَمُ ثُمَّ إنَّ قَوْمًا بَرْهَنُوا أَنَّ لَهُمْ عَلَى مُوَكِّلِهِ مَالًا فَلَا يُحْبَسُ بِهِ وَكِيلُهُ؛ لِأَنَّهُ جَزَاءُ الظُّلْمِ وَلَمْ يَظْلِمْ إذْ لَيْسَ فِي هَذِهِ الشَّهَادَةِ أَمْرٌ بِأَدَاءِ الْمَالِ وَلَا ضَمَانِ الْوَكِيلِ عَنْ آمِرِهِ، فَإِذَا لَمْ يَأْمُرْ وَلَمْ يَضْمَنْ لَمْ يَجِبْ عَلَيْهِ الْأَدَاءُ مِنْ مَالِ مُوَكِّلِهِ فَلَمْ يَظْلِمْ بِامْتِنَاعِهِ عَنْ الْأَدَاءِ قَالَ فَهَذِهِ الْمَسْأَلَةُ تَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْمَأْمُورَ بِأَدَاءِ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 263 الدَّيْنِ مِنْ مَالِ آمِرِهِ يُجْبَرُ عَلَى قَضَاءِ دَيْنِهِ. وَفِيهِ أَيْضًا اكْتَرَى جِمَالًا وَحَمَلَ عَلَيْهَا وَأَمَرَ الْجَمَّالَ بِدَفْعِ الْحِمْلِ إلَى وَكِيلِهِ بِبَلْخٍ وَقَبَضَ كِرَائِهِ مِنْهُ فَجَاءَ بِهِ إلَيْهِ فَقَبِلَ الْوَكِيلُ الْحَمْلَ وَأَدَّى بَعْضَ الْكِرَاءِ لَا الْبَعْضَ قَالُوا لَوْ لِلْمَالِكِ دَيْنٌ عَلَى الْوَكِيلِ وَهُوَ مُقِرٌّ بِهِ وَبِأَمْرِهِ يُجْبَرُ عَلَى بَقِيَّةِ كِرَائِهِ، وَلَوْ أَنْكَرَ الْآمِرُ فَلِلْجَمَّالِ تَحْلِيفُهُ مَا يَعْلَمُ أَنَّ الْمَالِكَ أَمَرَهُ بِقَبْضِهِ، وَلَوْ لَمْ يَكُنْ لِلْمَالِكِ دَيْنٌ عَلَى وَكِيلِهِ لَا يُجْبَرُ، قَالَ - رَحِمَهُ اللَّهُ -: وَهَذَا دَلَّ عَلَى أَنَّ الْوَكِيلَ بِأَدَاءِ الدَّيْنِ مِنْ مَالِ مُوَكِّلِهِ لَا يُجْبَرُ عَلَى أَدَاءِ الدَّيْنِ لَوْ لَمْ يَكُنْ لِلْمُوَكِّلِ دَيْنٌ عَلَى وَكِيلِهِ وَكَانَتْ وَاقِعَةُ الْفَتْوَى هَذِهِ الْجُمْلَةَ مِنْ قَوْلِنَا وَكَّلَهُ بِقَبْضِ الْوَدِيعَةِ فِي الْيَوْمِ إلَى هُنَا، مِنْ الْفُصُولَيْنِ. وَفِي الْأَشْبَاهِ لَا يُجْبَرُ الْوَكِيلُ إذَا امْتَنَعَ عَنْ فِعْلِ مَا وُكِّلَ فِيهِ لِكَوْنِهِ مُتَبَرِّعًا إلَّا فِي مَسَائِلَ إذَا وَكَّلَهُ فِي دَفْعِ عَيْنٍ وَغَابَ لَكِنْ لَا يَجِبُ عَلَيْهِ الْحَمْلُ إلَيْهِ وَالْمَغْصُوبُ وَالْأَمَانَةُ سَوَاءٌ، وَفِيمَا إذَا وَكَّلَهُ بِبَيْعِ الرَّهْنِ سَوَاءٌ كَانَتْ مَشْرُوطَةً فِيهِ أَوْ بَعْدَهُ، وَفِيمَا إذَا وَكَّلَهُ بِالْخُصُومَةِ بِطَلَبِ الْمُدَّعِي وَغَابَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ وَمِنْ فُرُوعِ الْأَصْلِ لَا جَبْرَ عَلَى الْوَكِيلِ بِالْإِعْتَاقِ وَالتَّدْبِيرِ وَالْكِتَابَةِ وَالْهِبَةِ مِنْ فُلَانٍ وَالْبَيْعِ مِنْهُ وَطَلَاقِ فُلَانَةَ وَقَضَاءِ دَيْنِ فُلَانٍ إذَا غَابَ الْمُوَكِّلُ وَلَا يُجْبَرُ الْوَكِيلُ بِغَيْرِ أَجْرٍ عَلَى تَقَاضِي الثَّمَنِ وَإِنَّمَا يُحِيلُ الْمُوَكِّلُ وَلَا يُحْبَسُ الْوَكِيلُ بِدَيْنِ مُوَكِّلِهِ، وَلَوْ كَانَتْ وَكَالَتُهُ عَامَّةً إلَّا إذَا ضَمِنَ انْتَهَى. رَجُلٌ دَفَعَ إلَى رَجُلٍ شَيْئًا لِيَبِيعَهُ وَيَدْفَعَ ثَمَنَهُ إلَى زَيْدٍ فَجَاءَ صَاحِبُ الْمَالِ يَطْلُبُ الثَّمَنَ مِنْ زَيْدٍ فَقَالَ زَيْدٌ لَمْ يَدْفَعْ الْبَائِعُ إلَيَّ الثَّمَنَ فَقَالَ الْبَائِعُ دَفَعْت إلَيْهِ قَالَ الشَّيْخُ الْإِمَامُ أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ الْفَضْلِ إنْ كَانَ الْبَائِعُ بَائِعًا بِلَا أَجْرٍ كَانَ الْقَوْلُ قَوْلَهُ وَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ، وَإِنْ كَانَ بَائِعًا بِأَجْرٍ فَكَذَلِكَ فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ؛ لِأَنَّ عِنْدَهُ الْأَجِيرَ الْمُشْتَرَكَ أَمِينٌ فَكَذَلِكَ الثَّمَنُ وَلَا ضَمَانَ عَلَى زَيْدٍ؛ لِأَنَّ قَوْلَ الْبَائِعِ لَا يَكُونُ حُجَّةً عَلَيْهِ. رَجُلٌ غَابَ وَأَمَرَ تِلْمِيذَهُ أَنْ يَبِيعَ السِّلْعَةَ وَيُسَلِّمَ ثَمَنَهَا إلَى فُلَانٍ فَبَاعَ وَأَمْسَكَ الثَّمَنَ عِنْدَهُ حَتَّى هَلَكَ لَا يَضْمَنُ. الْوَكِيلُ بِالْبَيْعِ إذَا بَاعَ وَسَلَّمَ الْمَبِيعَ قَبْلَ قَبْضِ الثَّمَنِ لَا يَضْمَنُ، وَإِنْ قَالَ لَهُ الْمُوَكِّلُ لَا تَدْفَعْ الْعَبْدَ قَبْلَ قَبْضِ الثَّمَنِ؛ لِأَنَّهُ مِنْ حُقُوقِ الْعَقْدِ. الْوَكِيلُ بِالْبَيْعِ إذَا دَفَعَ الْعَيْنَ إلَى الْمُسْتَلِمِ لِيَذْهَبَ بِهِ إلَى بَيْتِهِ وَيَعْرِضَهُ عَلَى أَهْلِهِ فَضَاعَ فِي يَدِهِ لَا يَضْمَنُ اسْتِحْسَانًا، وَفِي الْقِيَاسِ يَضْمَنُ قَالَ الصَّدْرُ الشَّهِيدُ وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى مِنْ بُيُوعِ الْخُلَاصَةِ. الْوَكِيلُ بِالْبَيْعِ إذَا اسْتَأْجَرَ رَجُلًا لِيَعْرِضَ الْعَيْنَ عَلَى مَنْ كَانَ أَهْلًا، أَوْ عَلَى مَنْ أَحَبَّ فَغَابَ الْأَجِيرُ، أَوْ ضَاعَ فِي يَدِ الْأَجِيرِ لَا يَضْمَنُ وَهُوَ الْمُخْتَارُ. الْعَبْدُ الْمَحْجُورُ إذَا كَسَبَ مَالًا وَاشْتَرَى بِهِ وَقَرَّ حِنْطَةً وَأَمَرَ إنْسَانًا بِبَيْعِهِ فَبَاعَهُ وَغَابَ الْمُشْتَرِي وَلَمْ يَقْدِرْ عَلَيْهِ ضَمِنَ الْوَكِيلُ؛ لِأَنَّ كَسْبَ الْعَبْدِ لِمَوْلَاهُ وَأَمْرُ الْمَحْجُورِ بَاطِلٌ فَقَدْ قَبَضَ هُوَ مَالَ مَوْلَاهُ بِغَيْرِ إذْنِهِ، وَلَوْ طَلَبَ الْعَبْدُ الضَّمَانَ لَهُ ذَلِكَ وَوَجَبَ عَلَيْهِ تَسْلِيمُهُ كَغَاصِبِ الْغَاصِبِ يَبْرَأُ بِرَدِّهِ إلَى الْغَاصِبِ. رَجُلٌ دَفَعَ إلَى رَجُلٍ قُمْقُمَةً وَقَالَ لَهُ ادْفَعْهَا إلَى فُلَانٍ لِيُصْلِحَهَا ثُمَّ نَسِيَ الْمَأْمُورُ وَلَا يَدْرِي إلَى مَنْ دَفَعَهَا لَا يَضْمَنُ كَمَا لَوْ وَضَعَهَا فِي دَارِهِ وَنَسِيَهَا. رَجُلٌ دَفَعَ إلَى آخَرَ أَلْفَ دِرْهَمٍ لِيَشْتَرِيَ لَهُ ثَوْبًا وَبَيَّنَ نَوْعَهُ فَاشْتَرَى بِبَعْضِهِ وَأَنْفَقَ الْبَعْضَ فِي الْحَمْلِ وَالْكِرَاءِ لَا يَضْمَنُ، وَلَوْ اشْتَرَى بِالْكُلِّ وَأَنْفَقَ مِنْ مَالِهِ صَارَ مُتَطَوِّعًا. وَكَّلَ رَجُلًا بِشِرَاءِ كُرِّ حِنْطَةٍ مِنْ الْفُرَاتِ فَاشْتَرَاهُ فَاسْتَأْجَرَ بَعِيرًا فَحَمَلَهُ فَالْكِرَاءُ عَلَى الْآمِرِ اسْتِحْسَانًا، وَلَوْ أَمَرَهُ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 264 بِالشِّرَاءِ فِي السُّوقِ فَاسْتَأْجَرَ مَنْ يَحْمِلُهُ فَهُوَ مُتَطَوِّعٌ، مِنْ الْخُلَاصَةِ. دَفَعَ إلَى رَجُلٍ بَعِيرًا يُؤَاجِرُهُ وَيَأْخُذُ مِنْ أُجْرَةٍ شَيْئًا وَأَخَذَهُ فَعَمِيَ الْبَعِيرُ عِنْدَهُ فَبَاعَهُ وَأَخَذَ بِالثَّمَنِ شَيْئًا فَهَلَكَ فِي الطَّرِيقِ إنْ كَانَ لَا يَقْدِرُ عَلَى رَدِّهِ أَعْمَى، وَلَا حَاكِمَ ثَمَّةَ لَا يَضْمَنُ، وَإِنْ كَانَ يَقْدِرُ عَلَى رَدِّهِ، أَوْ يَجِدُ حَاكِمًا يَرْفَعُ إلَيْهِ فَلَمْ يَفْعَلْ ضَمِنَ قِيمَتَهُ. أَمَرَهُ أَنْ يَكْتَرِيَ حِمَارًا إلَى كَذَا فَفَعَلَ فَأَدْخَلَ الْكَرْيَ فِي الرِّبَاطِ بَعْدَمَا فَرَغَ فَسُرِقَ مِنْ الرِّبَاطِ لَا يَضْمَنُ، مِنْ إجَارَاتِ الْبَزَّازِيَّةِ. الْوَكِيلُ بِالْبَيْعِ فِي بَلَدٍ آخَرَ وَبِحَمْلِ الدَّرَاهِمِ إلَيْهِ إنْ بَاعَ وَحَمَلَ الدَّرَاهِمَ مِنْ تِلْكَ الْبَلْدَةِ وَجَعَلَهَا فِي بَرْدَعَةِ الْحِمَارِ وَنَزَلَ فِي رِبَاطِ الْقَافِلَةِ فَسُرِقَ الْحِمَارُ مَعَ الْبَرْدَعَةِ وَالدَّرَاهِمِ وَقَدْ حَمَلَ بِغَيْرِ أَجْرٍ قَالُوا لَا يَضْمَنُ مِنْ بُيُوعِ الْخُلَاصَةِ. الْوَكِيلُ بِالْبَيْعِ إذَا قَالَ بِعْت وَسَلَّمْت قَبْلَ الْعَزْلِ وَقَالَ الْمُوَكِّلُ بَعْدَ الْعَزْلِ كَانَ الْقَوْلُ لِلْوَكِيلِ إنْ كَانَ الْمَبِيعُ مُسْتَهْلَكًا، وَإِنْ كَانَ قَائِمًا فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْمُوَكِّلِ مِنْ إضَافَةِ الْحَادِثِ إلَى أَقْرَبِ أَوْقَاتِهِ، مِنْ الْأَشْبَاهِ. وَيَصِحُّ ضَمَانُ الْوَكِيلِ بِالْقَبْضِ الْمَدْيُونِ فِيهِ وَلَا يَصِحُّ ضَمَانُ الْوَكِيلِ فِي الْمَبِيعِ الْمُشْتَرِي فِي الثَّمَنِ كَذَا فِي الْأَشْبَاهِ مِمَّا افْتَرَقَ فِيهِ الْوَكِيلُ بِالْبَيْعِ وَالْوَكِيلُ بِقَبْضِ الدَّيْنِ. الْوَكِيلُ يَرْجِعُ بِضَمَانِ الِاسْتِحْقَاقِ عَلَى الْمُوَكِّلِ كَذَا فِي الْوَجِيزِ مِنْ الِاسْتِحْقَاقِ. وَكَّلَ رَجُلًا لِيَسْتَأْجِرَ لَهُ دَارًا مُعَيَّنَةً فَاسْتَأْجَرَ وَقَبَضَهَا وَمَنَعَهَا مِنْ الْآمِرِ أَوَّلًا حَتَّى مَضَتْ الْمُدَّةُ فَالْأَجْرُ عَلَى الْوَكِيلِ؛ لِأَنَّهُ أَصِيلٌ فِي الْحُقُوقِ وَرَجَعَ الْوَكِيلُ بِالْأَجْرِ عَلَى الْآمِرِ؛ لِأَنَّهُ فِي الْقَبْضِ نَائِبٌ عَنْ الْمُوَكِّلِ فِي حَقِّ مِلْكِ الْمَنْفَعَةِ فَصَارَ قَابِضًا لَهُ حُكْمًا فَإِنْ شَرَطَ الْوَكِيلُ تَعْجِيلَ الْأَجْرِ وَقَبَضَ الدَّارَ وَمَضَتْ الْمُدَّةُ وَلَمْ يَطْلُبْهَا الْآمِرُ مِنْهُ رَجَعَ الْوَكِيلُ بِالْأَجْرِ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّ الْآمِرَ صَارَ قَابِضًا بِقَبْضِهِ مَا لَمْ يَظْهَرْ الْمَنْعُ، وَلَوْ طَلَبَهَا فَأَبَى حَتَّى تَعَجَّلَ لَا يَرْجِعُ بِهِ عَلَى الْآمِرِ؛ لِأَنَّهُ لَمَّا حَبَسَ الدَّارَ مِنْ الْآمِرِ وَلَيْسَ لَهُ حَقُّ الْحَبْسِ خَرَجَتْ يَدُ الْوَكِيلِ مِنْ أَنْ تَكُونَ يَدَ نِيَابَةٍ فَلَمْ يَصِرْ الْمُوَكِّلُ قَابِضًا حُكْمًا وَلَمْ تَصِرْ الْمَنَافِعُ حَادِثَةً فِي يَدِ الْمُوَكِّلِ كَذَا فِي آخِرِ الْإِجَارَةِ مِنْ الدُّرَرِ وَالْغُرَرِ نَقْلًا عَنْ الْكَافِي. لَا يَضْمَنُ الْوَكِيلُ فِي الْإِجَارَةِ الْفَاسِدَةِ وَيَجِبُ أَجْرُ الْمِثْلِ عَلَى الْمُسْتَأْجِرِ هَذِهِ فِي الْإِجَارَةِ، مِنْ الْخُلَاصَةِ، وَفِيهَا أَيْضًا أَمَرَ رَجُلًا أَنْ يُؤَجِّرَ دَارِهِ، أَوْ أَرْضَهُ بِأَجْرٍ وَسَمَّى الْفِعْلَ ثُمَّ إنَّ الْمُؤَجِّرَ يَعْنِي الْوَكِيلَ نَاقِصُ الْإِجَارَةَ جَازَتْ الْمُنَاقَصَةُ وَلَا ضَمَانَ عَلَى الْمُؤَجِّرِ؛ لِأَنَّ رَبَّ الدَّارِ لَمْ يَتَمَلَّكْ شَيْئًا هَذَا إذَا كَانَتْ الْأُجْرَةُ دَيْنًا فَإِنْ أَجَّرَهَا بِشَيْءٍ بِعَيْنِهِ وَعَجَّلَ ذَلِكَ فَرَبُّ الدَّارِ صَارَ مَالِكًا لِذَلِكَ الشَّيْءِ فَلَا تَجُوزُ مُنَاقَصَتُهُ عَلَى رَبِّ الدَّارِ انْتَهَى. [بَاب فِي مَسَائِلِ الْكَفَالَةِ] (الْبَابُ الْعِشْرُونَ فِي مَسَائِلِ الْكَفَالَةِ) لَا تَصِحُّ الْكَفَالَةُ إلَّا مِمَّنْ يَمْلِكُ التَّبَرُّعَ فَلَا تَصِحُّ مِنْ صَبِيٍّ وَلَا عَبْدٍ مَحْجُورٍ وَلَا مُكَاتَبٍ وَلَا مِنْ الْمَرِيضِ إلَّا مِنْ الثُّلُثِ ذَكَرَهُ ابْنُ الْهَائِمِ وَهِيَ ضَرْبَانِ كَفَالَةٌ بِالنَّفْسِ وَكَفَالَةٌ بِالْمَالِ وَالْمَضْمُونُ بِالْكَفَالَةِ بِالنَّفْسِ إحْضَارُ الْمَكْفُولِ بِهِ وَتَنْعَقِدُ إذَا قَالَ: تَكَفَّلْت بِنَفْسِ فُلَانٍ أَوْ بِرَقَبَتِهِ، أَوْ بِرُوحِهِ، أَوْ بِجَسَدِهِ أَوْ بِرَأْسِهِ، وَكَذَا بِبَدَنِهِ، وَكَذَا إذَا قَالَ بِنِصْفِهِ، أَوْ بِثُلُثِهِ، أَوْ بِجُزْءٍ مِنْهُ بِخِلَافِ مَا إذَا قَالَ: تَكَفَّلْت بِيَدِ فُلَانٍ، أَوْ بِرِجْلِهِ، وَكَذَا إذَا قَالَ ضَمِنْته، أَوْ قَالَ عَلَيَّ تَنْعَقِدُ، وَكَذَا إذَا قَالَ أَنَا زَعِيمٌ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 265 بِهِ، أَوْ قَبِيلٌ بِخِلَافِ أَنَا ضَامِنٌ بِمَعْرِفَتِهِ فَإِنْ شَرَطَ فِي الْكَفَالَةِ بِالنَّفْسِ تَسْلِيمَ الْمَكْفُولِ بِهِ فِي وَقْتٍ مُعَيَّنٍ لَزِمَهُ إحْضَارُهُ إذَا طَالَبَهُ فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ فَإِنْ أَحْضَرَهُ وَإِلَّا حَبَسَهُ الْحَاكِمُ وَلَكِنْ لَا يَحْبِسُهُ أَوَّلَ مَرَّةٍ لَعَلَّهُ مَا دَرَى بِمَاذَا يَدَّعِي، وَلَوْ غَابَ الْمَكْفُولُ بِنَفْسِهِ أَمْهَلَهُ الْحَاكِمُ مُدَّةَ ذَهَابِهِ وَمَجِيئِهِ فَإِنْ مَضَتْ وَلَمْ يُحْضِرْهُ حَبَسَهُ الْحَاكِمُ، مِنْ الْهِدَايَةِ. وَإِنْ غَابَ الْمَكْفُولُ بِنَفْسِهِ وَلَمْ يُعْلَمْ مَكَانَهُ لَا يُطَالَبُ الْكَفِيلُ كَمَا فِي الْكَنْزِ. وَلَوْ تَكَفَّلَ بِرَجُلٍ إلَى شَهْرٍ أَوْ إلَى ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ، أَوْ مَا أَشْبَهَ ذَلِكَ جَازَ وَلَكِنَّهُ إنَّمَا يُطَالَبُ الْكَفِيلُ بَعْدَ مُضِيِّ الشَّهْرِ وَالْأَيَّامِ الثَّلَاثَةِ وَلَا يُطَالَبُ بِهِ فِي الْحَالِ فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ وَظَاهِرِ مَذْهَبِ أَصْحَابِنَا أَنَّ الْكَفَالَةَ إذَا حَصَلَتْ إلَى أَجَلٍ فَإِنَّمَا يَصِيرُ الْكَفِيلُ كَفِيلًا بَعْدَ مُضِيِّ الْأَجَلِ وَلَيْسَ مَعْنَاهُ أَنَّهُ لَيْسَ بِكَفِيلٍ لِلْحَالِ، أَلَا تَرَى أَنَّهُ لَوْ سَلَّمَ الْمَكْفُولَ بِهِ لِلْحَالِ يُجْبَرُ الطَّالِبُ عَلَى الْقَبُولِ، وَلَكِنْ ذِكْرُ الشَّهْرِ تَأْجِيلٌ لِلتَّكْفِيلِ حَتَّى لَا يُطَالِبَ لِلْحَالِّ، وَعِنْدَ أَبِي يُوسُفَ أَنَّهُ يُطَالِبُ لِلْحَالِّ وَإِذَا مَضَى الْأَجَلُ يَبْرَأُ الْكَفِيلُ، وَهُوَ قَوْلُ الْحَسَنِ بْنِ زِيَادٍ وَقَالَ الْقَاضِي أَبُو عَلِيٍّ النَّسَفِيُّ وَقَوْلُ أَبِي يُوسُفَ أَشْبَهَ بِعُرْفِ النَّاسِ وَذَكَرَ قَاضِي خَانَ فِي فَتَاوَاهُ إنَّ الشَّيْخَ مُحَمَّدَ بْنَ الْفَضْلِ كَانَ يُفْتِي بِقَوْلِ أَبِي يُوسُفَ. وَلَوْ كَفَلَ بِنَفْسِ رَجُلٍ إلَى شَهْرٍ عَلَى أَنَّهُ بَرِئَ بَعْدَ الشَّهْرِ فَهُوَ كَمَا قَالَ. وَلَوْ كَفَلَ بِنَفْسِ فُلَانٍ مِنْ هَذِهِ السَّاعَةِ إلَى شَهْرٍ تَنْتَهِي الْكَفَالَةُ بِمُضِيِّ الشَّهْرِ بِلَا خِلَافٍ كَذَا فِي مُشْتَمِلِ الْهِدَايَةِ عَنْ الْعِمَادِيَّةِ. وَفِي الْأَشْبَاهِ عَنْ الْفُصُولَيْنِ الْكَفِيلُ بِالنَّفْسِ يُطَالِبُ بِتَسْلِيمِ الْأَصِيلِ إلَى الطَّالِبِ مَعَ قُدْرَتِهِ إلَّا إذَا كَفَلَ بِنَفْسِ فُلَانٍ إلَى شَهْرٍ عَلَى أَنَّهُ بَرِئَ بَعْدَهُ لَمْ يَصِرْ كَفِيلًا أَصْلًا فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ وَهِيَ الْحِيلَةُ فِي كَفَالَةٍ لَا تَلْزَمُ انْتَهَى. وَإِذَا أَحْضَرَ الْكَفِيلُ الْمَكْفُولَ بِنَفْسِهِ وَسَلَّمَهُ فِي مَكَانٍ يَقْدِرُ الْمَكْفُولُ لَهُ أَنْ يُخَاصِمَهُ فِيهِ مِثْلَ أَنْ يَكُونَ فِي مِصْرٍ بَرِئَ مِنْ كَفَالَتِهِ فَإِذَا كَفَلَ لَهُ عَلَى أَنْ يُسَلِّمَهُ فِي مَجْلِسِ الْقَاضِي فَسَلَّمَهُ فِي السُّوقِ بَرِئَ وَقِيلَ فِي زَمَانِنَا لَا يَبْرَأُ، وَإِنْ سَلَّمَهُ فِي بَرِّيَّةٍ لَا يَبْرَأُ، وَكَذَا إذَا سَلَّمَهُ فِي سَوَادٍ، وَلَوْ سَلَّمَهُ فِي مِصْرٍ آخَرَ غَيْرِ الْمِصْرِ الَّذِي كَفَلَ فِيهِ بَرِئَ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَعِنْدَهُمَا لَا يَبْرَأُ. وَإِذَا مَاتَ الْمَكْفُولُ بِهِ بَرِئَ الْكَفِيلُ بِالنَّفْسِ مِنْ الْكَفَالَةِ، وَكَذَا إذَا مَاتَ الْكَفِيلُ. وَلَوْ مَاتَ الْمَكْفُولُ لَهُ فَلِلْوَصِيِّ أَنْ يُطَالِبَ الْكَفِيلَ وَلَوْ لَمْ يَكُنْ فَلِوَارِثِهِ. وَمَنْ كَفَلَ بِنَفْسِ آخَرَ وَلَمْ يَقُلْ إذَا دَفَعْت إلَيْك فَأَنَا بَرِيءٌ فَدَفَعَهُ إلَيْهِ فَهُوَ بَرِيءٌ وَلَا يُشْتَرَطُ قَبُولُ الطَّالِبِ التَّسْلِيمَ كَمَا فِي قَضَاءِ الدَّيْنِ. وَلَوْ سَلَّمَ الْمَكْفُولُ بِهِ نَفْسَهُ مِنْ كَفَالَتِهِ صَحَّ، وَكَذَا إذَا سَلَّمَهُ إلَيْهِ وَكِيلُ الْكَفِيلِ، أَوْ رَسُولُهُ فَإِنْ تَكَفَّلَ بِنَفْسِهِ عَلَى أَنَّهُ لَوْ لَمْ يُوفِ بِهِ إلَى وَقْتِ كَذَا فَهُوَ ضَامِنٌ لِمَا عَلَيْهِ وَهُوَ أَلْفٌ فَلَمْ يُحْضِرْهُ إلَى ذَلِكَ الْوَقْتِ لَزِمَهُ ضَمَانُ الْمَالِ وَلَا يَبْرَأُ عَنْ الْكَفَالَةِ بِالنَّفْسِ. وَمَنْ كَفَلَ بِنَفْسِ رَجُلٍ وَقَالَ: إنْ لَمْ يُوَافِ بِهِ غَدًا فَعَلَيْهِ الْمَالُ فَإِنْ مَاتَ الْمَكْفُولُ عَنْهُ ضَمِنَ الْمَالَ، مِنْ الْهِدَايَةِ. وَلَوْ قَالَ كَفَلْت بِنَفْسِ زَيْدٍ فَإِنْ لَمْ أُوَافِ بِهِ غَدًا فَأَنَا كَفِيلٌ بِنَفْسِ عَمْرٍو وَهُوَ مَدْيُونٌ آخَرَ لِلطَّالِبِ، أَوْ فَعَلَى أَلْفٍ مُطْلَقًا أَبْطَلَ مُحَمَّدٌ الثَّانِيَةَ وَقَالَا كِلَاهُمَا صَحِيحٌ. وَلَوْ قَالَ كَفَلْت بِنَفْسِ زَيْدٍ فَإِنْ لَمْ أُوَافِ بِهِ غَدًا فَأَنَا كَفِيلٌ بِمَا لَكَ عَلَى عَمْرٍو أَبْطَلَ مُحَمَّدٌ الثَّانِيَةَ وَقَالَا هُمَا صَحِيحَانِ وَيَلْزَمُهُ مَا عَلَى عَمْرٍو إنْ لَمْ يُوَافِ بِزَيْدٍ ذَكَرَهُ فِي شَرْحِهِ. وَلَوْ قَالَ: إنْ لَمْ أُوَافِكَ بِهِ غَدًا فَأَنَا كَفِيلٌ بِمَا لَكَ عَلَى هَذَا الْمَطْلُوبِ بِعَيْنِهِ يَصِحُّ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 266 إجْمَاعًا ذَكَرَهُ فِي الْحَقَائِقِ قَالَ فِي الْخُلَاصَةِ رَجُلٌ كَفَلَ بِنَفْسِ رَجُلٍ عَلَى أَنَّهُ إنْ لَمْ يُوَافِ بِهِ غَدًا فَعَلَيْهِ أَلْفُ دِرْهَمٍ وَلَمْ يَقُلْ الْأَلْفَ الَّذِي عَلَيْهِ فَمَضَى غَدٌ وَلَمْ يُوَافِ بِهِ وَفُلَانٌ يَقُولُ لَا شَيْءَ عَلَيَّ وَالطَّالِبُ يَدَّعِي أَلْفَ دِرْهَمٍ وَالْكَفِيلُ يُنْكِرُ وُجُوبَهُ عَلَى الْأَصِيلِ فَعَلَى الْكَفِيلِ أَلْفُ دِرْهَمٍ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ فِي قَوْلِهِ الْأَوَّلِ، وَفِي قَوْلِهِ الْآخَرِ وَهُوَ قَوْلُ مُحَمَّدٍ لَا شَيْءَ عَلَيْهِ. وَلَوْ كَفَلَ بِنَفْسِ رَجُلٍ عَلَى أَنَّهُ إنْ لَمْ يُوَافِ فَالْمَالُ الَّذِي لِلطَّالِبِ عَلَى فُلَانٍ رَجُلٍ آخَرَ وَهُوَ كَذَا عَلَى الْكَفِيلِ جَازَ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ فِي قَوْلِهِ الْأَوَّلِ، وَهَاهُنَا ثَلَاثُ مَسَائِلَ: إحْدَاهَا: أَنْ يَكُونَ الطَّالِبُ وَالْمَطْلُوبُ وَاحِدًا فِي الْكَفَالَتَيْنِ وَإِنَّهُ جَائِزٌ اسْتِحْسَانًا، وَالثَّانِيَةُ: أَنْ يَكُونَ الطَّالِبُ مُخْتَلِفًا وَتَبْطُلُ الْكَفَالَةُ بِالْمَالِ سَوَاءٌ كَانَ الْمَطْلُوبُ وَاحِدًا، أَوْ اثْنَيْنِ، وَإِنْ كَانَ الطَّالِبُ وَاحِدًا وَالْمَطْلُوبُ اثْنَيْنِ فَهُوَ الْمُخْتَلَفُ انْتَهَى. وَمَنْ ادَّعَى عَلَى آخَرَ مِائَةَ دِينَارٍ وَبَيَّنَهَا، أَوْ لَمْ يُبَيِّنْهَا حَتَّى تَكَفَّلَ بِنَفْسِهِ رَجُلٌ عَلَى أَنَّهُ إنْ لَمْ يُوَافِ بِهِ غَدًا فَعَلَيْهِ الْمِائَةُ فَلَمْ يُوَافِ بِهِ غَدًا فَعَلَيْهِ الْمِائَةُ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ وَقَالَ مُحَمَّدٌ إنْ لَمْ يُبَيِّنْهَا حَتَّى تَكَفَّلَ ثُمَّ ادَّعَى بَعْدَ ذَلِكَ لَمْ يُلْتَفَتْ إلَى دَعْوَاهُ ذَكَرَهُ فِي الْهِدَايَةِ. وَلَوْ صَالَحَ مِنْ كَفَالَتِهِ بِالنَّفْسِ عَلَى عِوَضٍ تَبْطُلُ الْكَفَالَةُ وَلَا يَجِبُ الْمَالُ فِي رِوَايَةٍ، وَفِي أُخْرَى لَا تَبْطُلُ الْكَفَالَةُ وَلَا يَجِبُ الْمَالُ هَذِهِ فِي شُفْعَةِ الْهِدَايَةِ. رَجُلٌ قَالَ لِآخَرَ: إنْ لَمْ يُعْطِك فُلَانٌ مَالَكَ فَأَنَا ضَامِنٌ بِذَلِكَ لَا سَبِيلَ لَهُ عَلَيْهِ حَتَّى يَتَقَاضَى الَّذِي عَلَى الْأَصْلِ فَإِنْ تَقَاضَاهُ فَقَالَ لَا أُعْطِيك لَزِمَ الْكَفِيلَ، وَلَوْ مَاتَ الْمَطْلُوبُ قَبْلَ أَنْ يَتَقَاضَى، أَوْ لَمْ يَمُتْ لَكِنَّهُ قَالَ: أَنَا أُعْطِيك إنْ أَعْطَاهُ مَكَانَهُ، أَوْ ذَهَبَ إلَى السُّوقِ فَأَعْطَاهُ، أَوْ قَالَ اذْهَبْ إلَى مَنْزِلِي حَتَّى أُعْطِيَك مَالَك فَأَعْطَاهُ فَهُوَ جَائِزٌ فَإِنْ طَالَ ذَلِكَ وَلَمْ يُعْطِهِ مِنْ يَوْمِ لَزِمَ الْكَفِيلَ الْمَالُ. قَالَ لِآخَرَ: ضَمِنْت مَالَكَ عَلَى فُلَانٍ أَنْ أَقْبِضَهُ مِنْهُ وَأَدْفَعَهُ إلَيْك قَالَ هَذَا لَيْسَ عَلَى ضَمَانِ الْمَالِ أَنْ يَدْفَعَهُ مِنْ عِنْدِهِ إنَّمَا هَذَا عَلَى أَنْ يَتَقَاضَاهُ لَهُ وَيَدْفَعَهُ إلَيْهِ. لَوْ قَالَ لِآخَرَ هرجه ترابر فُلَانٌ بشكند فَهُوَ عَلَيَّ لَا تَصِحُّ هَذِهِ الْكَفَالَةُ وَقَالَ الْقَاضِي الْإِمَامُ تَصِحُّ إنْ قَالَ عَلَيَّ لَك. رَجُلٌ كَفَلَ لِرَجُلٍ عَنْ رَجُلٍ بِمَالٍ عَلَى أَنْ يَكْفُلَ عَنْهُ فُلَانٌ بِكَذَا مِنْ الْمَالِ فَلَمْ يَكْفُلْ فُلَانٌ فَالْكَفَالَةُ لَازِمَةٌ وَلَيْسَ لَهُ خِيَارٌ فِي تَرْكِ الْكَفَالَةِ. كَفَلَ عَلَى أَنَّهُ بِالْخِيَارِ عَشَرَةَ أَيَّامٍ صَحَّ بِخِلَافِ الْبَيْعِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ؛ لِأَنَّ مَبْنَى الْكَفَالَةِ عَلَى التَّوْسِعَةِ. قَالَ لِآخَرَ مَا أَقَرَّ بِهِ لَك فُلَانٌ فَهُوَ عَلَى ضَمَانِ الْكَفِيلِ ثُمَّ أَقَرَّ بِهِ فُلَانٌ فَالْمَالُ لَازِمٌ فِي تَرْكِ الْكَفِيلِ، وَكَذَا فِي ضَمَانِ الدَّرَكِ، مِنْ الْخُلَاصَةِ. كَفَلَ بِنَفْسِهِ عَلَى أَنَّهُ مَتَى طَالَبَهُ يُسَلِّمُهُ وَإِلَّا فَهُوَ ضَامِنٌ بِدَيْنِهِ فَمَاتَ الْمَطْلُوبُ فَطَالَبَهُ الطَّالِبُ فَعَجَزَ لَا رِوَايَةَ فِيهِ وَيَنْبَغِي أَنْ يَبْرَأَ إذْ الْمُطَالَبَةُ بَعْدَ مَوْتِهِ لَا تَصِحُّ فَلَمْ يُوجَدْ الشَّرْطُ فَلَا كَفَالَةَ بِالْمَالِ، وَلَوْ قَالَ: لَوْ لَمْ يُعْطِك فُلَانٌ مَالَك فَأَنَا ضَامِنٌ فَإِنَّمَا يَلْزَمُهُ الْمَالُ لَوْ تَقَاضَاهُ، أَوْ مَاتَ فُلَانٌ قَبْلَ تَقَاضِيهِ، وَلَوْ كَفَلَ بِنَفْسِهِ فَأَقَرَّ طَالِبُهُ أَنْ لَا حَقَّ لَهُ عَلَى الْمَطْلُوبِ فَلَهُ أَخْذُ كَفِيلِهِ بِنَفْسِهِ. وَلَوْ قَالَ بذير فَثُمَّ فَلَا نراكه فردابتو تَسْلِيم كنم هَذِهِ كَفَالَةٌ مُطْلَقَةٌ إذْ قَوْلُهُ بذبرفثم فلانرا كَفَالَةٌ تَامَّةٌ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 267 وَقَوْلُهُ فردا تَسْلِيم كنم لَمْ يَدْخُلْ فِي الْكَفَالَةِ بِخِلَافِ كَفَلْت بِنَفْسِ فُلَانٍ غَدًا كَذَا فِي الْعِدَّةِ فَعَلَى قِيَاسِ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ لَوْ قَالَ بذيرفثم مِنْ فلانراكه هركاه كد طَلَب كنى بتو تَسْلِيم كنم يَكُونُ كَفَالَةً مُطْلَقَةً حَتَّى لَوْ سَلَّمَهُ قَبْلَ أَنْ يُطَالِبَهُ يَبْرَأُ وَلَوْ قَالَ: هركاه طَلَب كنى فلانرا مِنْ أورا بذير فَثُمَّ، قِيلَ: يَنْبَغِي أَنْ لَا يَصِيرَ كَفِيلًا قَبْلَ طَلَبِهِ مِنْهُ. وَلَوْ كَفَلَ بِنَفْسِهِ وَسَلَّمَهُ إلَى طَالِبِهِ وَبَرِئَ فَلَازَمَ الطَّالِبُ الْمَطْلُوبَ فَقَالَ الْكَفِيلُ: دَعْهُ وَأَنَا عَلَى كَفَالَتِي بمانش مِنْ برهمان يذير فتاري أُمّ فَفَعَلَ فَهُوَ كَفِيلٌ بِنَفْسِهِ اسْتِحْسَانًا لِقَبُولٍ مِنْهُ وَهُوَ تَرْكُ مُلَازَمَتِهِ فَلَوْ لَمْ يَتْرُكْ يَنْبَغِي أَنْ لَا يَكُونَ كَفِيلًا إذْ لَا تَصِحُّ الْكَفَالَةُ بِلَا قَبُولِ الطَّالِبِ، وَلَوْ قَالَ خَلِّ سَبِيلَهُ عَلَى أَنْ أُوفِيَك بِهِ تَكُونُ كَفَالَةً بِنَفْسِهِ اسْتِحْسَانًا، وَلَوْ قَالَ عَلَى أَنْ أُوفِيَك بِهِ، أَوْ آتِيك بِهِ فَهُوَ كَفِيلٌ فَعَلَى هَذَا لَوْ قَالَ بذيرفثم كه فَلَا نرابتور سانم، أَوْ قَالَ آوردن فُلَانٌ بنزديك توبر مِنْ فَهُوَ كَفِيلٌ لَا بِقَوْلِهِ اشناست، وَلَوْ قَالَ اشنابي فُلَان بِرّ مِنْ، قِيلَ كَفِيلِ وَقِيلَ لَا، مِنْ الْفُصُولَيْنِ. وَفِي الصُّغْرَى لَوْ قَالَ: فُلَانٌ اشناست أَوْ اشناى منست فَهُوَ كَفِيلٌ بِالنَّفْسِ عُرْفًا وَإِذَا قَالَ لِآخَرَ أشنابى فُلَانٌ بِرّ مَنْ قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ الْهِنْدُوَانِيُّ يَصِيرُ كَفِيلًا ذَكَرَهُ فِي الْوَجِيزِ. وَفِي الْخُلَاصَةِ لَوْ قَالَ: أَنَا ضَامِنٌ لَأَنْ أَدُلَّك عَلَيْهِ، أَوْ لَأَنْ أَدُلَّ عَلَى نَفْسِهِ لَا يَكُونُ كَفَالَةً. وَلَوْ قَالَ: أَنَا ضَامِنٌ لِتَعْرِيفِهِ، أَوْ عَلَى تَعْرِيفِهِ فَفِيهِ اخْتِلَافُ الْمَشَايِخِ. وَفِي النَّوَازِلِ عَنْ نُصَيْرٍ قَالَ سَأَلَ ابْنُ مُحَمَّدِ بْنُ الْحَسَنِ أَبَا سُلَيْمَانَ الْجُرْجَانِيِّ عَنْ رَجُلٍ قَالَ: أَنَا ضَامِنٌ لِمَعْرِفَةِ فُلَانٍ قَالَ أَبُو سُلَيْمَانَ أَمَّا فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِيك لَا يَلْزَمُهُ شَيْءٌ فَأَمَّا أَبُو يُوسُفَ فَقَالَ: هَذَا عَلَى مُعَامَلَةِ النَّاسِ وَعُرْفِهِمْ قَالَ الْفَقِيهُ أَبُو اللَّيْثِ هَذَا الْقَوْلُ عَنْ أَبِي يُوسُفَ غَيْرُ مَشْهُورٍ وَالظَّاهِرُ مَا رُوِيَ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ قُلْتُ وَبِهِ يُفْتَى انْتَهَى. قَالَ لِآخَرَ تَكَفَّلْ عَنِّي بِمَا عَلَيَّ مِنْ الدَّيْنِ فَقَالَ: فُلَانٌ كَمْ وَكَتَبَ فِي الْقُبَالَةِ تَكَفَّلْت لِفُلَانِ بْنِ فُلَانٍ هَذَا الْقَدْرَ الْمَذْكُورَ فِي هَذِهِ الْقُبَالَةِ وَلَمْ يَتَلَفَّظْ بِهَا لَيْسَ لِلدَّائِنِ أَنْ يُطَالِبَهُ بِهَا وَلَا تَصِحُّ هَذِهِ الْكَفَالَةُ، وَإِنْ قَبِلَ الدَّائِنُ الْخَطَّ، وَلَوْ أَشْهَدَ عَلَى نَفْسِهِ فِي الصُّورَةِ الْأُولَى يَصِحُّ أَيْضًا بُرْهَانُ الدِّينِ الصَّدْرُ كَتْبُهُ الْكَفَالَةَ فِي الْخَطِّ بَعْدَمَا طَلَبَ الدَّائِنُ كَفَالَتَهُ كَفَالَةً، وَإِنْ لَمْ يَتَلَفَّظْ بِهَا، وَكَذَا قَوْلُهُ أَنَا فِي عُهْدَةِ مَا عَلَى فُلَانٍ كَفَالَةٌ، مِنْ الْقُنْيَةِ وَغَيْرِهِ، وَكَذَا عُهْدَةُ ابْنِ بَرَمْنَ لَيْسَ بِكَفَالَةٍ زيراكد عُهْدَة جيزى مَعْلُومٌ نيست وَمَبْنِيٌّ أَنَّ كَفَالَة ن ي، ذَكَرَهُ فِي الْفُصُولَيْنِ. إذَا كَفَلَ بِنَفْسِ رَجُلٍ ثُمَّ إنَّ الْمَكْفُولَ عَنْهُ سَلَّمَ نَفْسَهُ إلَى الْمَكْفُولِ لَهُ وَقَالَ هَذَا تَسْلِيمٌ عَنْ الْكَفِيلِ بَرِئَ الْكَفِيلُ، وَكَذَا لَوْ سَلَّمَ رَجُلٌ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 268 عَنْ الْكَفِيلِ بِأَنْ أَنَابَ الْكَفِيلُ غَيْرَهُ مَنَابَ نَفْسِهِ فِي تَسْلِيمِ نَفْسِ الْمَكْفُولِ عَنْهُ، وَإِنْ لَمْ يَقُلْ عَنْ الْكَفِيلِ لَا يَبْرَأُ، وَلَوْ سَلَّمَ أَجْنَبِيٌّ الْمَكْفُولَ عَنْهُ عَنْ الْكَفِيلِ إنْ قَبِلَ الْمَكْفُولُ لَهُ بَرِئَ الْكَفِيلُ وَإِلَّا فَلَا. الْقَاضِي، أَوْ رَسُولُهُ إذَا أَخَذَ كَفِيلًا مِنْ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بِنَفْسِهِ بِأَمْرِ الْمُدَّعِي، أَوْ لَا بِأَمْرِهِ فَالْكَفِيلُ إذَا سَلَّمَ إلَى الْقَاضِي، أَوْ إلَى رَسُولِهِ بَرِئَ، وَإِنْ سَلَّمَ إلَى الْمُدَّعِي لَا، هَذَا إذَا لَمْ يُضِفْ الْكَفَالَةَ إلَى الْمُدَّعِي بِأَنْ قَالَ الْقَاضِي، أَوْ رَسُولُهُ لِلْمُدَّعَى عَلَيْهِ: أَعْطِ كَفِيلًا بِنَفْسِك وَلَمْ يَقُلْ لِلطَّالِبِ فَتَرْجِعُ الْحُقُوقُ إلَى الْقَاضِي، أَوْ إلَى رَسُولِهِ الَّذِي أَخَذَ الْكَفِيلَ حَتَّى لَوْ سَلَّمَ إلَيْهِ يَبْرَأُ، وَلَوْ سَلَّمَ إلَى الْمُدَّعِي لَا يَبْرَأُ، وَلَوْ أَضَافَ إلَى الْمُدَّعِي بِأَنْ قَالَ: أَعْطِ كَفِيلًا بِالنَّفْسِ لِلطَّالِبِ كَانَ الْجَوَابُ عَلَى الْعَكْسِ. إذَا وَكَّلَ رَجُلًا لِيَأْخُذَ كَفِيلًا عَنْ فُلَانٍ جَازَ وَإِذَا أَخَذَ فَهُوَ عَلَى وَجْهَيْنِ أَحَدُهُمَا إنْ أَضَافَ إلَى نَفْسِهِ بِأَنْ قَالَ كَفَلْت عَنْ فُلَانٍ وَلِيَ وَالثَّانِي إذَا أَضَافَ إلَى الْمُوَكِّلِ وَلَا يَخْلُو أَنْ يُسَلِّمَ الْكَفِيلُ الْمَكْفُولَ عَنْهُ إلَى الْمَكْفُولِ لَهُ، أَوْ إلَى الْوَكِيلِ فَإِنْ سَلَّمَهُ إلَى الْمَكْفُولِ لَهُ بَرِئَ سَوَاءٌ كَانَ أَضَافَهُ إلَى الْمُوَكِّلِ، أَوْ إلَى نَفْسِهِ أَمَّا إذَا سَلَّمَهُ إلَى الْوَكِيلِ فَإِنْ أَضَافَ إلَى نَفْسِهِ بَرِئَ؛ لِأَنَّ حُقُوقَ الْعَقْدِ تَرْجِعُ إلَيْهِ، وَإِنْ كَانَ أَضَافَ إلَى الْمُوَكِّلِ لَا يَبْرَأُ؛ لِأَنَّهُ رَسُولٌ. إذَا ضَمِنَ لِآخَرَ بِنَفْسِهِ فَحُبِسَ الْمَطْلُوبُ فِي السِّجْنِ فَأَتَى بِهِ الَّذِي ضَمِنَهُ إلَى مَجْلِسِ الْقَاضِي فَدَفَعَهُ إلَيْهِ قَالَ مُحَمَّدٌ لَا يَبْرَأُ؛ لِأَنَّهُ فِي السِّجْنِ، وَإِنْ كَفَلَ بِنَفْسِ رَجُلٍ وَهُوَ مَحْبُوسٌ فِي السِّجْنِ ثُمَّ خَلَّى عَنْهُ ثُمَّ حُبِسَ ثَانِيًا فَدَفَعَهُ إلَيْهِ قَالَ: إنْ كَانَ الْحَبْسُ الثَّانِي فِي أَمْرٍ مِنْ أُمُورِ التِّجَارَةِ، أَوْ نَحْوِهَا فَلَهُ أَنْ يَدْفَعَ إلَيْهِ فِي الْحَبْسِ، وَإِنْ كَانَ فِي شَيْءٍ آخَرَ مِنْ أُمُورِ السُّلْطَانِ لَا يَبْرَأُ مِنْ الصُّغْرَى. وَتَجُوزُ الْكَفَالَةُ بِالْمَالِ مَعْلُومًا كَانَ الْمَالُ الْمَكْفُولُ بِهِ أَوْ مَجْهُولًا إذَا كَانَ دَيْنًا صَحِيحًا مِثْلَ أَنْ يَقُولَ تَكَفَّلْت عَنْهُ بِأَلْفٍ أَوْ بِمَا لَكَ عَلَيْهِ، أَوْ بِمَا يُدْرِكُك فِي هَذَا الْبَيْعِ وَالْمَكْفُولُ لَهُ بِالْخِيَارِ إنْ شَاءَ طَالَبَ الْأَصِيلَ، وَإِنْ شَاءَ طَالَبَ كَفِيلَهُ إلَّا إذَا كَانَ شَرَطَ بَرَاءَةَ الْأَصِيلِ فَحِينَئِذٍ تَنْعَقِدُ حَوَالَةً كَمَا أَنَّ الْحَوَالَةَ بِشَرْطِ أَنْ لَا يَبْرَأَ بِهَا الْمُحِيلُ تَكُونُ كَفَالَةً، وَلَوْ طَالَبَ أَحَدَهُمَا لَهُ أَنْ يُطَالِبَ الْآخَرَ وَلَهُ أَنْ يُطَالِبَهُمَا بِخِلَافِ الْمَالِكِ إذَا اخْتَارَ تَضْمِينَ أَحَدِ الْغَاصِبَيْنِ مِنْ الْهِدَايَةِ. وَفِي الْأَشْبَاهِ لَا تَصِحُّ الْكَفَالَةُ إلَّا بِدَيْنٍ صَحِيحٍ وَهُوَ مَا لَا يَسْقُطُ إلَّا بِالْأَدَاءِ، أَوْ الْإِبْرَاءِ فَلَا تَصِحُّ بِغَيْرِهِ كَبَدَلِ الْكِتَابَةِ فَإِنَّهُ يَسْقُطُ بِالتَّعْجِيزِ قُلْتُ إلَّا فِي مَسْأَلَةٍ لَمْ أَرَ مَنْ أَوْضَحَهَا قَالُوا: لَوْ كَفَلَ بِالنَّفَقَةِ الْمُقَرَّرَةِ الْمَاضِيَةِ صَحَّتْ مَعَ أَنَّهَا تَسْقُطُ بِدُونِهِمَا بِمَوْتِ أَحَدِهِمَا، وَكَذَا لَوْ كَفَلَ بِنَفَقَةِ شَهْرٍ مُسْتَقْبَلٍ وَقَدْ قَرَّرَ لَهَا فِي كُلِّ شَهْرٍ كَذَا، أَوْ بِيَوْمٍ يَأْتِي وَقَدْ قَرَّرَ لَهَا فِي كُلِّ يَوْمٍ كَمَا صَرَّحُوا بِهِ فَإِنَّهَا صَحِيحَةٌ انْتَهَى. وَتَصِحُّ الْكَفَالَةُ بِمَالٍ لَوْ أَعْتَقَ عَبْدَهُ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ بِالْقَبُولِ صَارَ حُرًّا مَدْيُونًا هَذِهِ فِي بَابِ الْعِتْقِ عَلَى جُعْلٍ، مِنْ الْهِدَايَةِ. وَبَدَلُ السِّعَايَةِ كَمَالِ الْكِتَابَةِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ؛ لِأَنَّهُ كَالْمُكَاتَبِ عِنْدَهُ فَلَا تَصِحُّ الْكَفَالَةُ بِهِ ذَكَرَهُ فِي الْهِدَايَةِ وَيَرْجِعُ الْكَفِيلُ بِمَالِ الْكِتَابَةِ بِمَا أَدَّى؛ لِأَنَّهَا لَمْ تَصِحَّ ذَكَرَهُ فِي الْفُصُولَيْنِ، وَلَوْ تَبَرَّعَ بِأَدَاءِ بَدَلِ الْكِتَابَةِ صَحَّ وَلَمْ يَرْجِعْ بِهَا ذَكَرَهُ فِي الصُّغْرَى وَيَرْجِعُ الْكَفِيلُ بِمَا أَدَّى بِحُكْمِ كَفَالَةٍ فَاسِدَةٍ وَالْكَفَالَةُ بِالْأَمَانَاتِ بَاطِلَةٌ كَذَا فِي الْأَشْبَاهِ مِنْ أَحْكَامِ الْعُقُودِ. رَجُلٌ قَالَ لِلْمُودِعِ: إنْ أَتْلَفَ الْمُودَعُ وَدِيعَتَك، أَوْ جَحَدَ فَأَنَا ضَامِنٌ لَك صَحَّ. وَلَوْ قَالَ: إنْ قَتَلَك أَوْ قَتَلَ ابْنَك فُلَانٌ خَطَأً الجزء: 1 ¦ الصفحة: 269 فَأَنَا ضَامِنٌ الدِّيَةَ صَحَّ بِخِلَافِ قَوْلِهِ إنْ أَكَلَكَ السَّبُعُ، أَوْ قَالَ: إنْ غَصَبَ فُلَانٌ مَالَك، أَوْ أَحَدٌ مِنْ هَؤُلَاءِ الْقَوْمِ فَأَنَا ضَامِنٌ لَك صَحَّ. وَلَوْ عَمَّمَ فَقَالَ: إنْ غَصَبَك إنْسَانٌ شَيْئًا فَأَنَا لَهُ ضَامِنٌ لَك لَا تَصِحُّ، مِنْ الْخُلَاصَةِ، وَلَوْ قَالَ: مَا غَصَبَك فُلَانٌ فَأَنَا ضَامِنٌ فَشَرَطَ الْقَبُولَ فِي الْحَالِ اسْتَقْرَضَهُ فَامْتَنَعَ فَقَالَ بَلْ أَقْرِضْهُ فَأَنَا بِهِ ضَامِنٌ فَأَقْرَضَهُ فِي الْحَالِ وَلَمْ يَقْبَلْ ضَمَانَهُ صَرِيحًا صَحَّ الضَّمَانُ، مِنْ الْقُنْيَةِ. وَجَهَالَةُ الْمَكْفُولِ عَنْهُ فِي الْكَفَالَةِ الْمُضَافَةِ كَقَوْلِهِ إنْ غَصَبَك إنْسَانٌ شَيْئًا فَأَنَا كَفِيلٌ تَمْنَعُ جَوَازَهَا لَا فِي الْكَفَالَةِ الْمُرْسَلَةِ. وَلَوْ قَالَ لِغَيْرِهِ: اُسْلُكْ هَذَا الطَّرِيقَ فَإِنْ أُخِذَ مَالُك فَأَنَا ضَامِنٌ فَأُخِذَ مَالُهُ صَحَّ الضَّمَانُ وَالْمَضْمُونُ عَنْهُ مَجْهُولٌ، وَلَوْ قَالَ: مَا ذَابَ لَك عَلَى النَّاسِ أَوْ عَلَى أَحَدٍ مِنْ النَّاسِ فَعَلَيَّ لَا يَصِحُّ لِجَهَالَةِ الْمَضْمُونِ عَنْهُ، وَكَذَا لَوْ قَالَ: مَا ذَابَ لِلنَّاسِ، أَوْ لِأَحَدٍ مِنْ النَّاسِ عَلَيْك فَعَلَيَّ لَا يَصِحُّ لِجَهْلِ الْمَضْمُونِ لَهُ. وَكَذَا إنْ اسْتَهْلَكَ مَالَك أَحَدٌ، وَلَوْ قَالَ: لَوْ غَصَبَ مَالَكَ فُلَانٌ، أَوْ وَاحِدٌ مِنْ هَؤُلَاءِ الْقَوْمِ فَأَنَا ضَامِنٌ يَصِحُّ، وَلَوْ ضَمِنَ خَرَاجَهُ وَنَوَائِبَهُ وَقِسْمَتَهُ جَازَ، مِنْ الْفُصُولَيْنِ. إذَا قَالَ الرَّجُلُ لِغَيْرِهِ ادْفَعْ إلَى فُلَانٍ أَلْفَ دِرْهَمٍ عَلَى أَنِّي ضَامِنٌ لَك بِهِ وَالْمَدْفُوعُ إلَيْهِ حَاضِرٌ يَسْمَعُ فَهَذَا اسْتِقْرَاضٌ مِنْ الْآمِرِ، وَالْقَابِضُ وَكِيلٌ بِالْقَبْضِ فَإِنْ اسْتَهْلَكَ الْقَابِضُ ضَمِنَ، وَإِنْ هَلَكَ فِي يَدِهِ يَهْلِكُ أَمَانَةً، وَكَذَا لَوْ قَالَ لَهُ: أَعْطِهِ أَلْفًا عَلَى أَنِّي ضَامِنٌ لَك بِهِ، وَلَوْ قَالَ: أَقْرِضْهُ أَلْفًا عَلَى أَنِّي ضَامِنٌ لَك بِهِ وَالْمَدْفُوعُ إلَيْهِ حَاضِرٌ فَقَالَ: نَعَمْ فَدَفَعَ فَهُوَ قَرْضٌ عَلَى الْقَابِضِ وَالْآمِرُ ضَامِنٌ. وَلَوْ قَالَ: ادْفَعْ إلَى فُلَانٍ أَلْفًا، أَوْ أَعْطِهِ أَلْفًا عَلَى أَنِّي ضَامِنٌ عَنْهُ فَهُوَ قَرْضٌ لِلدَّافِعِ عَلَى الْقَابِضِ وَالْآمِرُ ضَامِنٌ. وَلَوْ قَالَ الْقَابِضُ: أَعْطِنِي أَلْفًا عَلَى أَنَّ فُلَانًا ضَامِنٌ وَذَلِكَ الرَّجُلُ حَاضِرٌ فَقَالَ نَعَمْ فَهُوَ قَرْضٌ عَلَى الْقَابِضِ وَالْآمِرُ ضَامِنٌ. رَجُلٌ قَالَ لِآخَرَ هَبْ لِفُلَانٍ أَلْفًا، أَوْ تَصَدَّقْ عَلَيْهِ بِأَلْفِ دِرْهَمٍ عَلَى أَنِّي ضَامِنٌ لَهُ فَفَعَلَ وَقَبَضَهُ فُلَانٌ فَهُوَ جَائِزٌ وَصَارَ الْآمِرُ مُسْتَقْرِضًا وَصَارَ كَأَنَّهُ قَالَ: أَقْرِضْنِي أَلْفًا وَكُنْ وَكِيلِي بِالْهِبَةِ مِنْ فُلَانٍ وَالصَّدَقَةِ فَإِنْ دَفَعَهَا إلَيْهِ تَكُونُ دَيْنًا عَلَى الْآمِرِ وَلَيْسَ لِلدَّافِعِ عَلَى الْقَابِضِ شَيْءٌ فَإِنْ غَابَ الْمَوْهُوبُ لَهُ وَأَقَامَ الْمَأْمُورُ الْبَيِّنَةَ عَلَى مَا قَالَ قُبِلَتْ بَيِّنَتُهُ، وَإِنْ كَانَ الْقَابِضُ غَائِبًا، وَكَذَا لَوْ لَمْ يَقُلْ هَبْ لِفُلَانٍ أَلْفَ دِرْهَمٍ عَلَى أَنِّي ضَامِنٌ لَك لَكِنَّهُ قَالَ: ادْفَعْ إلَى فُلَانٍ أَلْفَ دِرْهَمٍ عَلَى أَنْ تَرْجِعَ عَلَيَّ. وَكَذَا لَوْ قَالَ الْمَوْهُوبُ لَهُ هَبْ لِي أَلْفًا عَلَى أَنَّ فُلَانًا ضَامِنٌ فَقَالَ فُلَانٌ: نَعَمْ فَالْأَلْفُ قَرْضٌ عَلَى الَّذِي قَالَ نَعَمْ؛ لِأَنَّ قَوْلَهُ نَعَمْ بِمَنْزِلَةِ قَوْلِهِ هَبْ لَهُ أَلْفًا عَلَى أَنِّي ضَامِنٌ، وَلَوْ لَمْ يَضْمَنْ وَلَمْ يَشْرِطْ الرُّجُوعَ بَلْ قَالَ: هَبْ لِفُلَانٍ أَلْفَ دِرْهَمٍ، أَوْ هَبْ عَنِّي فَوَهَبَ لَمْ يَرْجِعْ عَلَيْهِ وَالزَّكَاةُ وَالْكَفَّارَةُ وَالصَّدَقَاتُ وَالنَّفَقَاتُ وَالْخَرَاجُ كَصَدَقَةِ التَّطَوُّعِ فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ وَشَرْطِ الضَّمَانِ، أَوْ شَرْطِ الرُّجُوعِ، وَفِي الْأَمْرِ بِقَضَاءِ الدَّيْنِ لَا حَاجَةَ إلَى اشْتِرَاطِ الضَّمَانِ، وَفِي كِتَابِ اللَّقِيطِ لِلْإِمَامِ السَّرَخْسِيِّ إذَا قَالَ لِغَيْرِهِ أَنْفِقْ عَلَيَّ فَأَنْفَقَ رَجَعَ عَلَى الْآمِرِ، وَإِنْ لَمْ يَشْرِطْ الضَّمَانَ وَالرُّجُوعَ وَهَكَذَا اخْتَارَهُ الصَّدْرُ الشَّهِيدُ فِي فَتَاوَاهُ وَقَالَ مُجَرَّدُ الْأَمْرِ بِالْإِنْفَاقِ يُوجِبُ الرُّجُوعَ لَوْ قَالَ لِآخَرَ أَنْفِقْ عَلَى أَوْلَادِي فَأَنْفَقَ لَهُ الرُّجُوعُ. وَإِنْ لَمْ يَشْتَرِطْ الرُّجُوعَ ثُمَّ الْآمِرُ بِقَضَاءِ الدَّيْنِ لَوْ قَالَ: ادْفَعْ إلَى فُلَانٍ أَلْفَ دِرْهَمٍ قَضَاءً وَلَمْ يَقُلْ عَنِّي، أَوْ قَالَ: اقْضِ فُلَانًا أَلْفَ دِرْهَمٍ وَلَمْ يَقُلْ عَنِّي وَلَا قَالَ: عَلَى أَنِّي ضَامِنٌ فَدَفَعَ الْمَأْمُورُ إنْ كَانَ الْمَأْمُورُ شَرِيكَ الْآمِرِ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 270 أَوْ خَلِيطَهُ، وَتَفْسِيرُهُ أَنْ يَكُونَ الْمَأْمُورُ فِي السُّوقِ بَيْنَهُمَا أَخْذٌ وَإِعْطَاءٌ وَمُوَاضَعَةٌ عَلَى أَنَّهُ مَتَى جَاءَ رَسُولُهُ، أَوْ وَكِيلُهُ يَبِيعُ، أَوْ يُقْرِضُ مِنْهُ فَإِنَّهُ يَرْجِعُ عَلَى الْآمِرِ بِالْإِجْمَاعِ، وَكَذَا لَوْ كَانَ الْآمِرُ فِي عِيَالِ الْمَأْمُورِ، وَإِنْ لَمْ يُوجَدْ وَاحِدٌ مِنْ هَذِهِ الْأَشْيَاءِ الثَّلَاثَةِ لَا يَرْجِعُ عَلَيْهِ وَعِنْدَ أَبِي يُوسُفَ يَرْجِعُ وَهَذَا إذَا لَمْ يَقُلْ اقْضِ عَنِّي فَإِنْ قَالَ: يَثْبُتُ لَهُ حَقُّ الرُّجُوعِ عَلَى الْآمِرِ بِالْإِجْمَاعِ. السُّلْطَانُ إذَا صَادَرَ رَجُلًا فَقَالَ الْمَطْلُوبُ لِرَجُلٍ ادْفَعْ إلَيْهِ، أَوْ إلَى أَعْوَانِهِ شَيْئًا عَنْ جِبَايَتِي فَدَفَعَ بِأَمْرِهِ قَالَ الْإِمَامُ السَّرَخْسِيُّ وَالْإِمَامُ الْبَزْدَوِيُّ يَرْجِعُ عَلَى الْآمِرِ بِمَا دَفَعَ بِدُونِ شَرْطِ الرُّجُوعِ وَالضَّمَانِ كَالْأَمْرِ بِقَضَاءِ الدَّيْنِ، وَقَالَا: الْمُطَالَبَةُ الْحَيَّةُ كَالْمُطَالَبَةِ الشَّرْعِيَّةِ، وَأَصْلُ هَذَا مُفَادَاةُ الْأَسِيرِ، وَقَالَ عَامَّةُ الْمَشَايِخِ لَا يَرْجِعُ بِدُونِ شَرْطِ الرُّجُوعِ وَالضَّمَانِ فَلَوْ قَالَ الْمَأْمُورُ: قَضَيْت لِفُلَانٍ وَفُلَانٌ غَائِبٌ وَأَنْكَرَ الْآمِرُ دَفْعَهُ إلَيْهِ وَالدَّيْنَ فَأَقَامَ الدَّافِعُ الْبَيِّنَةَ عَلَى الدَّيْنِ وَالْقَضَاءُ يَقْبَلُ بَيِّنَتَهُ وَيَقْضِي عَلَى الْآمِرِ لِلْمَأْمُورِ، وَإِنْ كَانَ الْآمِرُ غَائِبًا فَلَوْ قُضِيَ عَلَيْهِ ثُمَّ حَضَرَ الْغَائِبُ يَرْجِعُ عَلَى الْآمِرِ بِدَيْنِهِ، وَلَوْ امْتَنَعَ عَلَيْهِ بِجُحُودِهِ عَنْ قَضَاءِ الدَّيْنِ لَيْسَ لَهُ ذَلِكَ، أَلَا يُرَى أَنَّ رَجُلًا فِي يَدِهِ عَبْدٌ فَقَالَ لِآخَرَ إنَّ هَذَا الْعَبْدَ لِفُلَانٍ اشْتَرِهِ لِي مِنْهُ بِأَلْفِ دِرْهَمٍ وَانْقُدْ الثَّمَنَ فَجَاءَ الْمَأْمُورُ بَعْدَ ذَلِكَ فَقَالَ: قَدْ فَعَلْت فَجَحَدَ هُوَ فَأَقَامَ الْمَأْمُورُ الْبَيِّنَةَ عَلَى ذَلِكَ فَإِنَّ الْقَاضِيَ يَقْضِي بِالْبَيْعِ، وَإِنْ كَانَ الْبَائِعُ غَائِبًا فَإِنْ حَضَرَ الْغَائِبُ وَجَحَدَ لَا يُلْتَفَتُ إلَى جُحُودِهِ؛ لِأَنَّ الْحَاضِرَ صَارَ خَصْمًا عَنْهُ لِتَعَلُّقِ حَقِّهِ بِهِ، وَلَوْ أَنَّ الْآمِرَ بِقَضَاءِ الدَّيْنِ أَقَرَّ أَنَّهُ قَدْ قَضَى الدَّيْنَ لَكِنَّهُ قَالَ لَا أَدْفَعُ إلَيْك مَخَافَةَ أَنْ يَحْضُرَ الْغَائِبُ فَيَجْحَدَ لَيْسَ لَهُ ذَلِكَ وَلَوْ دَفَعَ إلَيْهِ الْأَلْفَ ثُمَّ قَدِمَ الْغَائِبُ وَأَنْكَرَ الِاسْتِيفَاءَ فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ وَلَهُ أَنْ يَسْتَوْفِيَ دَيْنَهُ مِنْ الْآمِرِ وَيَرْجِعُ عَلَى الْمَأْمُورِ كَمَا لَوْ أَمَرَ غَيْرَهُ بِشِرَاءِ عَبْدٍ فِي يَدِهِ فَقَالَ الْمَأْمُورُ قَدْ اشْتَرَيْت وَصَدَّقَهُ الْآمِرُ وَدَفَعَ إلَيْهِ الثَّمَنَ ثُمَّ حَضَرَ الْغَائِبُ فَأَنْكَرَ الْبَيْعَ فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ وَيَأْخُذُ عَبْدَهُ وَيَرْجِعُ الْآمِرُ عَلَى الْمَأْمُورِ بِمَا أَدَّى كَذَا هَذَا مِنْ الْخُلَاصَةِ مِنْ كِتَابِ الْقَضَاءِ. رَجُلٌ كَفَلَ عَنْ رَجُلٍ بِغَيْرِ أَمْرِهِ ثُمَّ أَجَازَ الْمَكْفُولُ عَنْهُ لَا يَرْجِعُ الْكَفِيلُ عَلَيْهِ بِمَا أَدَّى؛ لِأَنَّ الْكَفَالَةَ نَفَذَتْ قَبْلَ الْإِجَازَةِ عَلَى وَجْهٍ لَا يَكُونُ لَهُ حَقُّ الرُّجُوعِ فَلَا يَتَغَيَّرُ بِإِجَازَتِهِ، مِنْ مُشْتَمِلِ الْأَحْكَامِ نَقْلًا عَنْ الْجَامِعِ الصَّغِيرِ لِقَاضِي خَانْ. وَتَصِحُّ الْكَفَالَةُ بِالْأَعْيَانِ الْمَضْمُونَةِ بِنَفْسِهَا كَالْمَبِيعِ بَيْعًا فَاسِدًا وَالْمَقْبُوضِ عَلَى سَوْمِ الشِّرَاءِ وَالْمَغْصُوبِ كَمَا فِي الْهِدَايَةِ وَيَجِبُ عَلَيْهِ تَسْلِيمُ الْعَيْنِ مَا دَامَتْ قَائِمَةً وَتَسْلِيمُ قِيمَتِهَا إنْ كَانَتْ هَالِكَةً ذَكَرَهُ فِي الْوَجِيزِ وَلَا تَصِحُّ بِمَا كَانَ مَضْمُونًا بِغَيْرِهِ كَالْمَرْهُونِ وَالْمَبِيعِ وَلَا بِمَا كَانَ أَمَانَةً كَالْوَدِيعَةِ وَالْمُسْتَعَارِ وَالْمُسْتَأْجَرِ وَمَالِ الْمُضَارَبَةِ وَالشَّرِكَةِ كَمَا فِي الْهِدَايَةِ، وَفِيهِ أَيْضًا، وَلَوْ كَفَلَ بِتَسْلِيمِ الْمَبِيعِ قَبْلَ الْقَبْضِ، أَوْ بِتَسْلِيمِ الرَّهْنِ بَعْدَ الْقَبْضِ إلَى الرَّاهِنِ، أَوْ تَسْلِيمِ الْمُسْتَأْجَرِ إلَى الْمُسْتَأْجِرِ جَازَ وَمَنْ اسْتَأْجَرَ دَابَّةً لِلْحَمْلِ عَلَيْهَا فَإِنْ كَانَتْ بِعَيْنِهَا لَمْ تَصِحَّ الْكَفَالَةُ بِالْحَمْلِ، وَإِنْ كَانَتْ بِغَيْرِ عَيْنِهَا جَازَتْ الْكَفَالَةُ، وَكَذَا مَنْ اسْتَأْجَرَ عَبْدًا لِلْخِدْمَةِ وَتَكَفَّلَ لَهُ رَجُلٌ بِخِدْمَتِهِ فَهُوَ بَاطِلٌ انْتَهَى. وَفِي الْوَجِيزِ كُلُّ عَيْنٍ هِيَ أَمَانَةٌ لَكِنْ وَاجِبَةُ التَّسْلِيمِ كَالْمُسْتَأْجَرِ فِي يَدِ الْمُسْتَأْجِرِ وَالْمُسْتَعَارِ يَصِحُّ الْكَفَالَةُ بِتَسْلِيمِهَا إلَّا بِعَيْنِهَا حَتَّى لَوْ هَلَكَ لَا يَجِبُ عَلَى الْكَفِيلِ قِيمَةُ الْعَيْنِ وَذَكَر الجزء: 1 ¦ الصفحة: 271 فِي الْمَبْسُوطِ أَنَّ الْكَفَالَةَ بِالرَّهْنِ لَا تَصِحُّ مُطْلَقًا وَذَكَرَ الْقُدُورِيُّ أَنَّهَا تَصِحُّ بِالتَّسْلِيمِ وَالْكَفَالَةُ بِخِدْمَةِ عَبْدٍ بِعَيْنِهِ، أَوْ بِخِيَاطَةٍ بِيَدِهِ لَا تَصِحُّ، وَإِنْ كَفَلَ بِتَسْلِيمِ الْعَبْدِ، أَوْ بِنَفْسِ الْخِيَاطَةِ أَوْ بِفِعْلِ الْخَيَّاطِ مُطْلَقًا يَجُوزُ، وَإِنْ فَعَلَ الْكَفِيلُ يَرْجِعُ عَلَى الْمَكْفُولِ عَنْهُ بِأَجْرِ مِثْلِ عَمَلِهِ بَالِغًا مَا بَلَغَ، وَإِنْ مَاتَ الْخَيَّاطُ بَرِئَ الْكَفِيلُ لَوْ كَفَلَ بِالْحُمُولَةِ بِعَيْنِهَا جَازَ وَبِالْحَمْلِ عَلَى هَذِهِ الْإِبِلِ لَا يَجُوزُ. وَلَوْ كَفَلَ بِالْحَمْلِ مُطْلَقًا يَصِحُّ انْتَهَى. وَإِذَا تَكَفَّلَ عَنْ الْمُشْتَرِي بِالثَّمَنِ جَازَ. وَكُلُّ حَقٍّ لَا يُمْكِنُ اسْتِيفَاؤُهُ مِنْ الْكَفِيلِ لَا تَصِحُّ الْكَفَالَةُ بِهِ كَالْحُدُودِ وَالْقِصَاصِ قَالَ: مَعْنَاهُ بِنَفْسِ الْحَدِّ لَا بِنَفْسِ مَنْ عَلَيْهِ، مِنْ الْهِدَايَةِ الْأَصْلُ أَنَّ الْكَفَالَةَ لَوْ كَانَتْ بِمَضْمُونٍ، أَوْ مُضَافَةً إلَى سَبَبٍ مَضْمُونٍ مَقْدُورٍ عَلَى الْإِيفَاءِ وَالْمَضْمُونِ لَهُ وَعَنْهُ مَعْلُومَانِ جَائِزَةٌ وَإِلَّا فَلَا وَهَذَا كَكَفَالَةٍ بِدَيْنٍ، أَوْ عَيْنٍ مَضْمُونٍ كَغَصْبٍ وَمَهْرٍ وَبَدَلِ خُلْعٍ فِي يَدِ الْمَرْأَةِ وَمَهْرٍ فِي يَدِ الزَّوْجِ وَمَا أَشْبَهَهُ وَالْكَفَالَةُ بِمَبِيعٍ فِي يَدِ بَائِعِهِ لِمُشْتَرِيهِ تَصِحُّ مَا دَامَ قَائِمًا فَإِذَا هَلَكَ بَطَلَتْ وَالْمُضَافَةُ إلَى سَبَبٍ مَضْمُونٍ مِثْلِ مَا لَوْ قَالَ: مَا ذَابَ لَك عَلَى فُلَانٍ، أَوْ قَالَ مَا ثَبَتَ لَك عَلَى فُلَانٍ فَعَلَيَّ، أَوْ ضَمِنَ مَا بَاعَهُ، أَوْ أَقْرَضَهُ، أَوْ اسْتَهْلَكَهُ مِنْ مَالٍ، أَوْ مَا قُضِيَ لَهُ عَلَى فُلَانٍ فَهَذِهِ تَصِحُّ، وَلَمْ يَكُنْ الضَّمَانُ ثَابِتًا فِي الْحَالِ فَيَأْخُذُهُ بِجَمِيعِ مَا قُضِيَ لَهُ يَعْنِي إذَا قَالَ مَا قَضَى، أَوْ مَا ثَبَتَ لَهُ وَبِغَيْرِ قَضَاءٍ لَا يَأْخُذُهُ مِنْ الْكَفِيلِ؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا كَفَلَ بِمَقْضِيٍّ، وَلَوْ قَالَ مَا بَايَعْت فُلَانًا فَعَلَيَّ فَجَمِيعُ مَا يَثْبُتُ لَهُ بِالْمُبَايَعَةِ بَعْدَ هَذِهِ الْكَفَالَةِ يَأْخُذُهُ بِهِ، وَكَذَا لَوْ كَانَ بَدَلُ مَا الَّذِي أَوْ كُلَّمَا، وَلَوْ كَانَ مَكَانَ مَا أَنَّ أَوْ مَتَى، أَوْ إذَا كَانَ كَفِيلًا فِي الْمَرَّةِ الْأُولَى فَقَطْ لَا فِيمَا بَعْدَهَا، وَلَوْ قَالَ مَا بَايَعْت فُلَانًا مِنْ شَيْءٍ فَعَلَيَّ فَأَسْلَمَ إلَيْهِ دَرَاهِمَ فِي بُرٍّ أَوْ بَايَعَهُ شَعِيرًا بِزَيْتٍ فَذَلِكَ كُلُّهُ عَلَى الْكَفِيلِ وَقَوْلُنَا أَنْ يَكُونَ مَقْدُورَ الْإِيفَاءِ حَتَّى لَوْ كَفَلَ بِقَوَدٍ، أَوْ بِحَدٍّ لَمْ يَجُزْ، وَكَذَا الْكَفَالَةُ بِالْخِدْمَةِ بِنَفْسِهِ، وَلَوْ لَمْ يَشْرِطْ عَمَلَهُ بِنَفْسِهِ تَجُوزُ الْكَفَالَةُ وَيَرْجِعُ إذَا عَمِلَ عَلَى الْأَصِيلِ بِأَجْرِ مِثْلِهِ، وَقَوْلُنَا بِشَرْطِ أَنْ يَكُونَ الْمَكْفُولُ لَهُ وَعَنْهُ مَعْلُومَيْنِ قَدْ سَبَقَ مَعْنَاهُ. وَلَوْ قَالَ مَا ثَبَتَ لَك عَلَى هَؤُلَاءِ، أَوْ عَلَى أَحَدٍ مِنْ هَؤُلَاءِ فَعَلَيَّ يَصِحُّ وَمِنْ شَرَائِطِ جَوَازِهَا كَوْنُ الْمَكْفُولِ بِهِ مَضْمُونًا عَلَى الْأَصِيلِ بِحَيْثُ يُجْبَرُ عَلَى تَسْلِيمِهِ وَلِذَا قُلْنَا: إنَّ الْكَفَالَةَ بِالْأَمَانَةِ كَوَدِيعَةٍ وَمَالِ مُضَارَبَةٍ وَشَرِكَةٍ بَاطِلَةٍ؛ لِأَنَّهَا غَيْرُ مَضْمُونَةٍ لَا عَيْنُهَا وَلَا تَسْلِيمُهَا وَأَمَّا الْكَفَالَةُ بِتَمْكِينِ الْمُودِعِ مِنْ الْأَخْذِ فَتَصِحُّ، وَالْكَفَالَةُ لِلرَّاهِنِ بِتَسْلِيمِ رَهْنِهِ تَجُوزُ، وَلَوْ هَلَكَ سَقَطَ ضَمَانُهُ وَالْكَفَالَةُ بِتَسْلِيمِ نَفْسِ الشَّاهِدِ لِيَحْضُرَ مَجْلِسَ الْقَاضِي فَيَشْهَدَ لَمْ تَجُزْ وَمِنْ شَرَائِطِ جَوَازِهَا كَوْنُ الْمَكْفُولِ بِهِ مَقْدُورَ التَّسْلِيمِ وَلِهَذَا قُلْنَا مَنْ تَقَبَّلَ مِنْ رَجُلٍ بِنَاءَ دَارٍ مَعْلُومَةٍ أَوْ كِرَاءَ أَرْضٍ مَعْلُومَةٍ وَأَعْطَاهُ كَفِيلًا بِهِ فَلَوْ شَرَطَ الْعَمَلَ مُطْلَقًا يَجُوزُ لَا لَوْ شَرَطَ عَمَلَهُ بِنَفْسِهِ، وَلَوْ كَفَلَ بِنَفْسِ الْعَمَلِ لَمْ يَجُزْ، وَلَوْ بِتَسْلِيمِ نَفْسِ الْمُتَقَبَّلِ جَازَ، وَكَذَا لَوْ تَكَارَى إبِلًا وَأَخَذَ مِنْ الْمُكَارِي كَفِيلًا فَلَوْ كَانَتْ الْإِبِلُ بِغَيْرِ أَعْيَانِهَا تَصِحُّ سَوَاءٌ كَفَلَ بِالْحُمُولَةِ، أَوْ بِنَفْسِ الْإِبِلِ، وَلَوْ كَانَتْ الْإِبِلُ بِأَعْيَانِهَا تَصِحُّ بِالتَّسْلِيمِ لَا بِالْحَمْلِ، وَكَذَا لَوْ كَفَلَ بِنَفْسٍ غَائِبٍ لَا يَعْرِفُ مَكَانَهُ لَا تَصِحُّ، مِنْ الْفُصُولَيْنِ وَفِي الْوَجِيزِ قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ لَوْ قَالَ لِرَجُلٍ: مَا بَايَعْت فُلَانًا فَعَلَيَّ فَبَايَعَهُ مِرَارًا يَلْزَمُهُ ثَمَنُ مَا بَايَعَهُ أَوَّلَ مَرَّةٍ؛ لِأَنَّهُ هُوَ الْمُتَعَارَفُ وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ يَلْزَمُهُ جَمِيعُهُ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 272 وَلَوْ تَصَادَقَ الطَّالِبُ وَالْمَطْلُوبُ مِنْهُ عَلَى الْمُبَايَعَةِ وَجَحَدَ الْكَفِيلُ لَزِمَ الْمَالُ الْكَفِيلَ انْتَهَى. وَفِي الْخُلَاصَةِ قَالَ لِآخَرَ بَايِعْ فُلَانًا فَمَا بَايَعْته مِنْ شَيْءٍ فَهُوَ عَلَى صَحَّ، وَإِنْ قَالَ: بِعْته مَتَاعًا بِأَلْفٍ وَقَبَضَهُ مِنِّي فَأَقَرَّ بِهِ الْمَطْلُوبُ وَجَحَدَ الْكَفِيلُ يُؤْخَذُ بِهِ الْكَفِيلُ اسْتِحْسَانًا بِدُونِ الْبَيِّنَةِ، وَلَوْ رَجَعَ الْكَفِيلُ عَنْ هَذَا الضَّمَانِ وَنَهَاهُ عَنْ الْمُبَايَعَةِ صَحَّ حَتَّى لَوْ بَايَعَ بَعْدَ ذَلِكَ لَمْ يُلْزَمْ الْكَفِيلُ بِشَيْءٍ انْتَهَى وَهِيَ عَمَّا فِي يَدِ الْأَجِيرِ الْمُشْتَرَكِ بَاطِلَةٌ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ خِلَافًا لَهُمَا، مِنْ الْمَجْمَعِ وَفِي مُشْتَمِلِ الْهِدَايَةِ عَنْ الْخُلَاصَةِ وَلَا تَنْعَقِدُ الْكَفَالَةُ بِقَوْلِهِ الَّذِي لَك عَلَى فُلَانٍ أَنَا أَدْفَعُهُ إلَيْك وَتَنْعَقِدُ بِقَوْلِهِ: إنْ لَمْ يُؤَدِّ فُلَانٌ فَأَنَا أَدْفَعْهُ إلَيْك انْتَهَى وَفِي الْخُلَاصَةِ لَوْ قَالَ لِصَاحِبِ الدَّيْنِ الدَّيْنُ الَّذِي لَك عَلَى فُلَانٍ أَنَا أَدْفَعُهُ إلَيْك، أَوْ أُسَلِّمُهُ إلَيْك أَوْ أَقْبِضُهُ لَا يَكُونُ كَفَالَةً مَا لَمْ يَتَكَلَّمْ بِمَا يَدُلُّ عَلَى الِالْتِزَامِ بِأَنْ يَقُولَ كَفَلْت، أَوْ ضَمِنْت، أَوْ عَلَيَّ، أَوْ إلَيَّ انْتَهَى. وَيَجُوزُ تَعْلِيقُ الْكَفَالَةِ بِالشَّرْطِ مِثْلُ أَنْ يَقُولَ: مَا بَايَعْت فُلَانًا فَعَلَيَّ، أَوْ مَا ذَابَ لَك عَلَيْهِ فَعَلَيَّ، أَوْ مَا غَصَبَك فَعَلَيَّ قَالَ: وَالْأَصْلُ أَنَّهُ يَصِحُّ تَعْلِيقُهَا بِشَرْطٍ مُلَائِمٍ مِثْلَ أَنْ يَكُونَ شَرْطًا لِوُجُوبِ الْحَقِّ كَقَوْلِهِ إذَا اُسْتُحِقَّ الْمَبِيعُ أَوْ لِإِمْكَانِ الِاسْتِيفَاءِ مِثْلَ قَوْلِهِ إذَا قَدِمَ زَيْدٌ وَهُوَ مَكْفُولٌ عَنْهُ أَوْ لِتَعَذُّرِ الِاسْتِيفَاءِ مِثْلَ قَوْلِهِ إذَا غَابَ عَنْ الْبَلَدِ وَمَا ذَكَرْنَا مِنْ الشَّرْطِ وَفِي مَعْنَى مَا ذَكَرْنَاهُ إنَّمَا لَا يَصِحُّ التَّعْلِيقُ بِمُجَرَّدِ الشَّرْطِ كَقَوْلِهِ إنْ هَبَّتْ الرِّيحُ، أَوْ جَاءَ الْمَطَرُ وَكَذَا إذَا جَعَلَ وَاحِدًا مِنْهَا آخِرًا إلَّا أَنَّهُ تَصِحُّ الْكَفَالَةُ وَيَجِبُ الْمَالُ حَالًّا وَلَا تَبْطُلُ بِالشُّرُوطِ الْفَاسِدَةِ وَتَجُوزُ الْكَفَالَةُ إلَى قُدُومِ الْحَاجِّ وَالْحَصَادِ وَالدِّيَاسِ وَالْقِطَافِ وَالْجِذَاذِ؛ لِأَنَّ الْجَهَالَةَ الْيَسِيرَةَ مُحْتَمَلَةٌ فِي الْكَفَالَةِ فَإِنْ قَالَ تَكَفَّلْت بِمَا لَك عَلَيْهِ فَقَامَتْ الْبَيِّنَةُ عَلَى أَلْفٍ عَلَيْهِ ضَمِنَهُ الْكَفِيلُ، وَإِنْ لَمْ تَقُمْ الْبَيِّنَةُ فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْكَفِيلِ مَعَ يَمِينِهِ فِي مِقْدَارِ مَا يَعْتَرِفُ بِهِ فَإِنْ اعْتَرَفَ الْمَكْفُولُ عَنْهُ بِأَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ لَمْ يُصَدَّقْ عَلَى كَفِيلِهِ وَيُصَدَّقُ فِي حَقِّ نَفْسِهِ وَتَجُوزُ الْكَفَالَةُ بِأَمْرِ الْمَكْفُولِ عَنْهُ وَبِغَيْرِ أَمْرِهِ فَإِنْ كَفَلَ بِأَمْرِهِ وَهُوَ غَيْرُ صَبِيٍّ مَحْجُورٍ عَلَيْهِ ذَكَرَهُ فِي الْإِيضَاحِ يَرْجِعُ بِمَا أَدَّى عَلَيْهِ، وَإِنْ كَفَلَ بِغَيْرِ أَمْرِهِ لَمْ يَرْجِعْ بِمَا يُؤَدِّيهِ، وَقَوْلُنَا رَجَعَ بِمَا أَدَّى عَلَيْهِ إذَا أَدَّى مَا ضَمِنَهُ أَمَّا إذَا أَدَّى خِلَافَهُ رَجَعَ بِمَا ضَمِنَ؛ لِأَنَّهُ مَلَكَ الدَّيْنَ بِالْأَدَاءِ فَنَزَلَ مَنْزِلَةَ الطَّالِبِ كَمَا إذَا مَلَكَهُ بِالْهِبَةِ، أَوْ بِالْإِرْثِ، وَكَذَا إذَا مَلَكَ الْمُحْتَالَ عَلَيْهِ بِخِلَافِ الْمَأْمُورِ بِقَضَاءِ الدَّيْنِ حَيْثُ يَرْجِعُ بِمَا أَدَّى؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَجِبْ عَلَيْهِ شَيْءٌ حَتَّى يَمْلِكَ الدَّيْنَ بِالْأَدَاءِ وَبِخِلَافِ مَا إذَا صَالَحَ الْكَفِيلُ الطَّالِبَ عَنْ الْأَلْفِ عَلَى خَمْسِمِائَةٍ؛ لِأَنَّهُ إسْقَاطٌ فَصَارَ كَمَا إذَا أَبْرَأَ الْكَفِيلَ ذَكَرَهُ فِي الْهِدَايَةِ، قَالَ فِي الْوَجِيزِ: لَوْ أَدَّى الْكَفِيلُ الزُّيُوفَ وَقَدْ كَفَلَ بِالْجِيَادِ، أَوْ الدَّنَانِيرِ مَكَانَ الدَّرَاهِمِ، أَوْ صَالَحَ عَلَى مَكِيلٍ، أَوْ مَوْزُونٍ رَجَعَ بِمَا كَفَلَ انْتَهَى. وَفِي الْفُصُولَيْنِ الْكَفَالَةُ بِأَمْرٍ إنَّمَا تُوجِبُ الرُّجُوعَ لَوْ كَانَ الْآمِرُ مِمَّنْ يَجُوزُ إقْرَارُهُ عَلَى نَفْسِهِ فَلَا يَرْجِعُ عَلَى صَبِيٍّ حَجْرٌ، وَلَوْ أَمَرَ وَيَرْجِعُ عَلَى الْقِنِّ بَعْدَ عِتْقِهِ انْتَهَى رَجُلٌ أَمَرَ رَجُلًا أَنْ يَكْفُلَ عَنْ فُلَانٍ لِفُلَانٍ فَكَفَلَ وَأَدَّى لَمْ يَرْجِعْ عَلَى الْآمِرِ، مِنْ الصُّغْرَى. ، وَإِنْ كَفَلَ عَنْ رَجُلٍ بِغَيْرِ أَمْرِهِ لَمْ يَرْجِعْ عَلَيْهِ بِمَا يُؤَدِّي، مِنْ الْهِدَايَةِ. وَلَوْ كَفَلَ عَنْ غَيْرِهِ بِغَيْرِ أَمْرِهِ فَبَلَغَهُ الْخَبَرُ فَأَجَازَ لَا يَتَغَيَّرُ حُكْمُهُ حَتَّى لَوْ أَدَّى لَا يَرْجِعُ عَلَيْهِ هَذَا فِي الْمُكَاتَبِ، مِنْ الْهِدَايَةِ. وَفِي الْوَجِيزِ لَوْ كَفَلَ عَنْ رَجُلٍ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 273 بِغَيْرِ أَمْرِهِ ثُمَّ قَالَ الْمَكْفُولُ عَنْهُ: قَدْ أَجَزْت ضَمَانَك فَإِجَازَتُهُ بَاطِلَةٌ وَلَا يَرْجِعُ عَلَيْهِ بِمَا أَدَّى. وَلَوْ قَالَ لِغَيْرِهِ: ادْفَعْ إلَى فُلَانٍ مَالًا وَأَنَا ضَمِينٌ، أَوْ كَفِيلٌ لَهُ وَلَمْ يَقُلْ عَنِّي، أَوْ عَلَيَّ كَانَ خَلِيطًا لَهُ، أَوْ فِي عِيَالِهِ يَرْجِعُ بِمَا أَدَّى عَلَى الْآمِرِ وَإِلَّا فَلَا يَرْجِعُ عَلَى الْآمِرِ مُطْلَقًا انْتَهَى وَتَفْسِيرُ الْخَلِيطِ مَرَّ فِي الْوَكَالَةِ. وَإِذَا أَبْرَأَ الطَّالِبُ الْمَكْفُولَ عَنْهُ، أَوْ اسْتَوْفَى مِنْهُ بَرِئَ الْكَفِيلُ؛ لِأَنَّ بَرَاءَةَ الْأَصِيلِ تُوجِبُ بَرَاءَةَ الْكَفِيلِ؛ لِأَنَّ الدَّيْنَ عَلَيْهِ فِي الصَّحِيحِ وَلَوْ أَبْرَأَ الْكَفِيلَ لَا يَبْرَأُ الْأَصِيلُ، وَكَذَا إذَا أَخَّرَ الطَّالِبُ عَنْ الْأَصِيلِ فَهُوَ تَأْخِيرٌ عَنْ كَفِيلِهِ، وَلَوْ أَخَّرَ عَنْ الْكَفِيلِ لَمْ يَكُنْ تَأْخِيرًا عَنْ الَّذِي عَلَيْهِ الْأَصْلُ بِخِلَافِ مَا إذَا كَفَلَ بِالْمَالِ الْحَالِّ مُؤَجَّلًا إلَى شَهْرٍ فَإِنَّهُ يَتَأَجَّلُ عَنْ الْأَصِيلِ، مِنْ الْهِدَايَةِ ، وَفِي الْأَشْبَاهِ بَرَاءَةُ الْأَصِيلِ مُوجِبَةٌ لِبَرَاءَةِ الْكَفِيلِ إلَّا إذَا كَفَلَ لَهُ الْأَلْفَ الَّتِي لَهُ عَلَى فُلَانٍ فَبَرْهَنَ فُلَانٌ عَلَى أَنَّهُ قَضَاهَا قَبْلَ ضَمَانِ الْكَفِيلِ فَإِنَّ الْأَصِيلَ يَبْرَأُ دُونَ الْكَفِيلِ كَذَا فِي الْخَانِيَّةِ. التَّأْخِيرُ عَنْ الْأَصِيلِ تَأْخِيرٌ عَنْ الْكَفِيلِ إلَّا إذَا صَالَحَ الْمُكَاتَبُ عَنْ قَتْلِ الْعَمْدِ بِمَالٍ ثُمَّ كَفَلَهُ إنْسَانٌ ثُمَّ عَجَزَ الْمُكَاتَبُ تَأَخَّرَتْ مُطَالَبَةُ الْمَصَالِحِ إلَى عِتْقِ الْأَصِيلِ وَلَهُ مُطَالَبَةُ الْكَفِيلِ الْآنَ كَذَا فِي الْخَانِيَّةِ. إبْرَاءُ الْأَصِيلِ يُوجِبُ إبْرَاءَ الْكَفِيلِ إلَّا كَفِيلَ النَّفْسِ كَمَا فِي جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ كَفَلَ بِنَفْسِهِ فَأَقَرَّ طَالِبُهُ أَنَّهُ لَا حَقَّ لَهُ عَلَيْهِ فَلَهُ أَخْذُ كَفِيلِهِ بِنَفْسِهِ هَكَذَا فِي الْبَزَّازِيَّةِ إلَّا إذَا قَالَ لَا حَقَّ لِي قِبَلَهُ وَلَا لِمُوَكِّلِي وَلَا لِيَتِيمٍ أَنَا وَصِيُّهُ وَلَا لِوَقْفٍ أَنَا مُتَوَلِّيهِ فَحِينَئِذٍ يَبْرَأُ وَهُوَ ظَاهِرٌ فِي آخِرِ وَكَالَةِ الْبَدَائِعِ انْتَهَى. وَلَوْ كَانَ مُؤَجَّلًا فَكَفَلَ بِهِ فَمَاتَ الْكَفِيلُ حَلَّ بِمَوْتِهِ عَلَيْهِ فَقَطْ فَلِلطَّالِبِ أَخْذُهُ مِنْ وَارِثِ الْكَفِيلِ وَلَا رُجُوعَ لِلْوَارِثِ إنْ كَانَتْ الْكَفَالَةُ بِالْأَمْرِ حَتَّى يَحِلَّ الْأَجَلُ عِنْدَنَا، مِنْ الْمَجْمَعِ، وَلَوْ مَاتَ الْمَطْلُوبُ قَبْلَ حُلُولِ الْأَجَلِ حَلَّ عَلَيْهِ لَا عَلَى الْكَفِيلِ. وَلَوْ مَاتَ الْكَفِيلُ وَالطَّالِبُ وَارِثُهُ وَتَرَكَ مَالًا فِي يَدِهِ يَصِيرُ مُسْتَوْفِيًا بِدَيْنِهِ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِي يَدِهِ فَلَهُ أَنْ يَرْجِعَ عَلَى الْمَطْلُوبِ بِالْمَالِ، وَكَذَا لَوْ مَاتَ الْمَطْلُوبُ وَالطَّالِبُ وَارِثُهُ وَلَمْ يَصِلْ الْمَالُ فَلَهُ أَنْ يَأْخُذَ الْكَفِيلُ بِدَيْنِهِ، وَإِنْ وَصَلَ الْمَالُ رَجَعَ الْكَفِيلُ عَلَيْهِ بِمَا أَدَّى فِي مِيرَاثِ الْمَطْلُوبِ مَتَى كَفَلَ بِأَمْرِهِ، مِنْ الْوَجِيزِ إذَا صَالَحَ الْكَفِيلُ رَبَّ الْمَالِ عَنْ الْأَلْفِ عَلَى خَمْسِمِائَةٍ فَقَدْ بَرِئَ الْكَفِيلُ وَاَلَّذِي عَلَيْهِ الْأَصْلُ عَنْ خَمْسِمِائَةٍ وَيَرْجِعُ الْكَفِيلُ عَلَى الْأَصْلِ بِخَمْسِمِائَةٍ إنْ كَانَتْ الْكَفَالَةُ بِأَمْرِهِ بِخِلَافِ مَا إذَا صَالَحَ عَلَى جِنْسٍ آخَرَ؛ لِأَنَّهُ مُبَادَلَةٌ فَيَرْجِعُ بِالْأَلْفِ كُلِّهَا، وَلَوْ كَانَ صَالَحَهُ عَمَّا اسْتَوْجَبَهُ بِالْكَفَالَةِ لَا يَبْرَأُ الْأَصِيلُ وَمَنْ قَالَ لِكَفِيلٍ ضَمِنَ لَهُ مَالًا: قَدْ بَرِئْت إلَيَّ مِنْ الْمَالِ رَجَعَ الْكَفِيلُ عَلَى الْمَكْفُولِ عَنْهُ، وَلَوْ قَالَ بَرِئْت فَكَذَلِكَ يَرْجِعُ عَلَى الْمَكْفُولِ عَنْهُ عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ وَقَالَ مُحَمَّدٌ: لَا يَرْجِعُ هَذَا إذَا كَانَ الطَّالِبُ غَائِبًا فَإِنْ كَانَ حَاضِرًا قِيلَ: يَرْجِعُ فِي الْبَيَانِ إلَيْهِ؛ لِأَنَّ الْإِجْمَالَ جَاءَ مِنْ جِهَتِهِ، مِنْ الْهِدَايَةِ وَلَوْ قَالَ الطَّالِبُ لِلْكَفِيلِ أَبْرَأْتُك يَسْقُطُ عَنْهُ لَا عَنْ الْأَصِيلِ ذَكَرَهُ فِي الْحَقَائِقِ. وَلَوْ صَالَحَ الْكَفِيلُ الطَّالِبَ مِنْ الدَّيْنِ الْأَلْفُ عَلَى مِائَةٍ عَلَى أَنْ يَهَبَ الْبَاقِيَ يَرْجِعُ الْكَفِيلُ عَلَى الْأَصِيلِ بِالْأَلْفِ، وَإِنْ شَرَطَ بَرَاءَةَ الْأَصِيلِ خَاصَّةً بَرِئَا، وَإِنْ شَرَطَ بَرَاءَةَ الْكَفِيلِ خَاصَّةً بَرِئَ الْكَفِيلُ دُونَ الْأَصِيلِ وَكَانَ لِلطَّالِبِ أَنْ يَرْجِعَ عَلَى الْمَطْلُوبِ بِتِسْعِمِائَةٍ وَيَرْجِعُ الْكَفِيلُ عَلَى الْمَطْلُوبِ بِمِائَةٍ، وَإِنْ لَمْ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 274 يَشْرِطْ بَرَاءَتَهُمَا فِي الصُّلْحِ بَرِئَا عَنْ تِسْعِمِائَةٍ. وَلَوْ قَضَى دَيْنَ الْمَيِّتِ الْكَفِيلُ بِهِ، أَوْ بَعْضُ الْوَرَثَةِ رَجَعَ بِذَلِكَ فِي الَّذِي تَرَكَهُ مَعَ الْغُرَمَاءِ بِالْحِصَصِ، مِنْ الْوَجِيزِ. رَجُلٌ لَهُ عَلَى رَجُلٍ مَالٌ وَبِهِ كَفِيلٌ فَأَبْرَأَ الطَّالِبُ الْأَصِيلَ إنْ قَبِلَ إبْرَاءَهُ بَرِئَ هُوَ وَالْكَفِيلُ جَمِيعًا، وَإِنْ رَدَّ إبْرَاءَهُ صَحَّ رَدُّهُ فِي حَقِّهِ وَيَبْقَى الْمَالُ عَلَيْهِ وَهَلْ يَبْرَأُ الْكَفِيلُ اخْتَلَفَ الْمَشَايِخُ فِيهِ، وَلَوْ أَبْرَأَ الْأَصِيلَ فَمَاتَ الْأَصِيلُ قَبْلَ الرَّدِّ وَالْقَبُولِ كَانَ ذَلِكَ قَبُولًا وَلَوْ أَبْرَأَ الْمَدْيُونُ بَعْدَ مَوْتِهِ فَرَدَّ وَرَثَتُهُ إبْرَاءَهُ يَبْطُلُ الْإِبْرَاءُ فِي قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ وَلَا يَبْطُلُ فِي قَوْلِ مُحَمَّدٍ، مِنْ الْخُلَاصَةِ. وَلَا يَجُوزُ تَعْلِيقُ الْبَرَاءَةِ مِنْ الْكَفَالَةِ بِالشَّرْطِ لِمَا فِيهِ مِنْ مَعْنَى التَّمْلِيكِ كَمَا فِي سَائِرِ الْبَرَاءَاتِ وَيُرْوَى أَنَّهُ يَصِحُّ؛ لِأَنَّ عَلَيْهِ الْمُطَالَبَةَ دُونَ الدَّيْنِ فِي الصَّحِيحِ فَكَانَ إسْقَاطًا مَحْضًا كَالطَّلَاقِ وَلِهَذَا لَا يَرْتَدُّ الْإِبْرَاءُ عَنْ الْكَفِيلِ بِالرَّدِّ بِخِلَافِ إبْرَاءِ الْأَصِيلِ كَمَا فِي الْهِدَايَةِ لَوْ قَالَ الطَّالِبُ لِلْكَفِيلِ أَبْرَأْتُك فَقَالَ لَا قِيلَ يَبْرَأُ، وَلَوْ قَالَ وَهَبْته يَرْتَدُّ بِالرَّدِّ، وَلَوْ قَالَ ذَلِكَ لِلْأَصِيلِ فَرَدَّ يَرْتَدُّ فِيهِمَا وَعَادَ الدَّيْنُ عَلَيْهِ وَعَلَى كَفِيلِهِ. دَيْنٌ عَلَى مَيِّتٍ فَقَالَ الطَّالِبُ أَبْرَأْتُهُ وَهُوَ فِي حِلٍّ، أَوْ وَهَبْت لَهُ فَقَالَتْ الْوَرَثَةُ لَا نَقْبَلُ لَهُمْ ذَلِكَ وَيَقْضُونَ الْمَالَ وَالْكَفِيلُ بَرِئَ مِنْهُمْ، وَقَالَ مُحَمَّدٌ: لَا يَصِحُّ رَدُّهُمْ. وَلَوْ قَالَ الطَّالِبُ لِلْكَفِيلِ بِالنَّفْسِ أَعْطِنِي بَعْضَ دَيْنِي وَأَنْتَ بَرِيءٌ مِنْ الْكَفَالَةِ لَا يَجُوزُ وَلَا تَبْطُلُ الْكَفَالَةُ فِي رِوَايَةٍ، وَفِي رِوَايَةٍ تَبْطُلُ. وَلَوْ قَالَ: أَعْطِنِي الْمَالَ الَّذِي عَلَيْهِ وَارْجِعْ عَلَيْهِ وَأَنْتَ بَرِيءٌ مِنْ الْكَفَالَةِ لَا يَجُوزُ. وَلَوْ قَالَ لِلْكَفِيلِ بِالنَّفْسِ إذَا جَاءَ غَدٌ فَأَنْتَ بَرِيءٌ مِنْ الْكَفَالَةِ. وَلَوْ كَانَ كَفِيلًا بِالنَّفْسِ وَالْمَالِ فَقَالَ: ادْفَعْ نَفْسَ الْمَطْلُوبِ وَأَنْتَ بَرِيءٌ مِنْ الْمَالِ، أَوْ ادْفَعْ الْمَالَ وَأَنْتَ بَرِيءٌ مِنْ النَّفْسِ لَا يَجُوزُ، مِنْ الْوَجِيزِ. وَلَا تَصِحُّ الْكَفَالَةُ إلَّا بِقَبُولِ الْمَكْفُولِ لَهُ فِي مَجْلِسِ الْعَقْدِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ. وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ تَجُوزُ إذَا بَلَغَهُ فَأَجَازَ، وَفِي بَعْضِ النُّسَخِ لَمْ يَشْتَرِطْ الْإِجَازَةَ وَالْخِلَافُ فِي الْكَفَالَةِ بِالنَّفْسِ وَالْمَالِ جَمِيعًا ذَكَرَهُ فِي الْهِدَايَةِ. وَفِي الصُّغْرَى الْكَفَالَةُ لِلْغَائِبِ لَا تَصِحُّ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ فَإِنْ قَبِلَ عَنْ الْمَكْفُولِ فُضُولِيٌّ يَتَوَقَّفُ عَلَى إجَازَتِهِ فَإِذَا أَجَازَ جَازَ، وَإِنْ لَمْ يَقْبَلْ لَا يُتَوَقَّفُ عِنْدَهُمَا انْتَهَى وَفِي الْحَقَائِقِ كَفَلَ بِنَفْسِ رَجُلٍ، أَوْ بِمَالٍ عَنْ رَجُلٍ بِغَيْبَةِ الطَّالِبِ جَازَ عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ وَعِنْدَهُمَا لَا يَجُوزُ إلَّا أَنْ يَقْبَلَ عَنْهُ قَابِلٌ فِي الْمَجْلِسِ فَيَتَوَقَّفُ عَلَى إجَازَتِهِ انْتَهَى قَالَ ابْنُ كَمَالٍ فِي الْإِيضَاحِ شَرْطُ الصِّحَّةِ مُطْلَقُ الْقَبُولِ، وَأَمَّا قَبُولُ الطَّالِبِ بِخُصُوصِهِ فَإِنَّمَا هُوَ شَرْطُ النَّفَاذِ انْتَهَى قُلْتُ إلَّا فِي صُورَةٍ، وَهِيَ إذَا قَالَ الْمَرِيضُ لِوَارِثِهِ: تَكَفَّلْ عَنِّي بِمَا عَلَيَّ مِنْ الدَّيْنِ فَكَفَلَ بِهِ مَعَ غَيْبَةِ الْغُرَمَاءِ يَصِحُّ بِلَا قَبُولٍ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ وَصِيَّةٌ فِي الْحَقِيقَةِ وَلِذَلِكَ يَصِحُّ، وَإِنْ لَمْ يُسَمِّ الْمَكْفُولَ لَهُمْ، وَلِهَذَا قَالُوا إنَّمَا تَصِحُّ إنْ كَانَ لَهُ مَالٌ وَإِذَا قَالَ الْمَرِيضُ ذَلِكَ لِأَجْنَبِيٍّ اخْتَلَفَ الْمَشَايِخُ فِيهِ كَمَا فِي الْهِدَايَةِ وَلَوْ كَفَلَ بِمَالٍ بِغَيْرِ أَمْرِ الْمَكْفُولِ فَرَضِيَ الْمَكْفُولُ عَنْهُ رَأْيَ الْمَكْفُولِ لَهُ جَازَ، وَلَوْ أَدَّاهُ الْمَالَ رَجَعَ بِهِ عَلَى الْمَكْفُولِ عَنْهُ وَلَزِمَ الْمَكْفُولَ، مِنْ الْوَجِيزِ. وَإِذَا مَاتَ الرَّجُلُ وَعَلَيْهِ دُيُونٌ وَلَمْ يَتْرُكْ شَيْئًا فَتَكَفَّلَ عَنْهُ رَجُلٌ لِلْغُرَمَاءِ لَمْ تَصِحَّ عِنْدَهُ وَقَالَا تَصِحُّ، مِنْ الْهِدَايَةِ الْكَفَالَةُ بِالدَّرَكِ جَائِزَةٌ وَهُوَ الْتِزَامُ تَسْلِيمِ الثَّمَنِ عِنْدَ اسْتِحْقَاقِ الْمَبِيعِ وَلَا يَلْزَمُهُ حَتَّى يَقْضِي بِالِاسْتِحْقَاقِ عَلَى الْبَائِعِ أَوْ عَلَى الْمُشْتَرِي، مِنْ الْوَجِيزِ. وَمَنْ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 275 تَكَفَّلَ عَنْ رَجُلٍ بِمَا ذَابَ لَهُ عَلَيْهِ، أَوْ بِمَا قَضَى لَهُ عَلَيْهِ فَغَابَ الْمَكْفُولُ عَنْهُ فَأَقَامَ الْمُدَّعِي الْبَيِّنَةَ عَلَى الْكَفِيلِ أَنَّ لَهُ عَلَى الْمَكْفُولِ عَنْهُ أَلْفَ دِرْهَمٍ لَمْ تُقْبَلْ بَيِّنَتُهُ. وَمَنْ أَقَامَ بَيِّنَةً أَنَّ لَهُ عَلَى فُلَانٍ كَذَا وَأَنَّ هَذَا كَفِيلٌ عَنْهُ بِأَمْرِهِ فَإِنَّهُ يَقْضِي بِهِ عَلَى الْكَفِيلِ وَعَلَى الْمَكْفُولِ عَنْهُ، وَإِنْ كَانَتْ الْكَفَالَةُ بِغَيْرِ أَمْرِهِ يَقْضِي عَلَى الْكَفِيلِ خَاصَّةً، وَفِي الْكَفَالَةِ بِالْأَمْرِ يَرْجِعُ الْكَفِيلُ بِمَا أَدَّى عَلَى الْآمِرِ. وَقَالَ زُفَرُ لَا يَرْجِعُ؛ لِأَنَّهُ لَمَّا أَنْكَرَ فَقَدْ ظَلَمَ فِي زَعْمِهِ فَلَا يَظْلِمُ غَيْرَهُ وَنَحْنُ نَقُولُ صَارَ مُكَذَّبًا شَرْعًا فَبَطَلَ زَعْمُهُ وَمَنْ بَاعَ لِرَجُلٍ ثَوْبًا وَضَمِنَ لَهُ الثَّمَنَ، أَوْ مُضَارِبٌ ضَمِنَ ثَمَنَ مَتَاعِ رَبِّ الْمَالِ فَالضَّمَانُ بَاطِلٌ وَكَذَلِكَ رَجُلَانِ بَاعَا عَبْدًا صَفْقَةً وَاحِدَةً وَضَمِنَ أَحَدُهُمَا لِصَاحِبِهِ حِصَّتَهُ مِنْ الثَّمَنِ بِخِلَافِ مَا إذَا بَاعَا صَفْقَتَيْنِ، مِنْ الْهِدَايَةِ قَالَ فِي الْخُلَاصَةِ، وَلَوْ بَاعَاهُ صَفْقَتَيْنِ وَبَيَّنَ كُلٌّ ثَمَنَ حِصَّتِهِ ثُمَّ ضَمِنَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا لِصَاحِبِهِ صَحَّ. وَالْوَكِيلُ بِالْبَيْعِ إذَا ضَمِنَ الثَّمَنَ لِلْمُوَكِّلِ لَا يَصِحُّ بِخِلَافِ الْوَكِيلِ بِالنِّكَاحِ مِنْ جَانِبِ الْمَرْأَةِ إذَا ضَمِنَ الْمَهْرَ لَهَا وَبِخِلَافِ مَا لَوْ بَاعَ بِنَفْسِهِ، وَكَذَا الْوَكِيلُ بِالْقَبْضِ إذَا ضَمِنَ الْمِثْلَ لِلْمُوَكِّلِ صَحَّ انْتَهَى، وَقَدْ مَرَّتْ هَذِهِ الْمَسْأَلَةُ فِي الْوَكَالَةِ لَهُمَا دَيْنٌ مُشْتَرَكٌ عَلَى آخَرَ فَضَمِنَ أَحَدُهُمَا نَصِيبَ صَاحِبِهِ لَمْ يَجُزْ فَيَرْجِعُ بِمَا أَدَّى بِخِلَافِ مَا لَوْ أَدَّاهُ مِنْ غَيْرِ سَبْقِ ضَمَانِهِ فَإِنَّهُ لَا يَرْجِعُ، وَكَذَا وَكِيلُ الْبَيْعِ إذَا ضَمِنَ الثَّمَنَ لِمُوَكِّلِهِ لَمْ يَجُزْ فَيَرْجِعُ بِمَا أَدَّى، وَلَوْ أَدَّى بِغَيْرِ ضَمَانٍ جَازَ وَلَا يَرْجِعُ. قَالَ لِغَيْرِهِ: بِعْ مِنْ هَذَا الْمَحْجُورِ مَتَاعًا وَأَنَا ضَامِنٌ ثَمَنَهُ فَبَاعَهُ وَقَبَضَهُ وَأَتْلَفَهُ لَمْ يَضْمَنْ إذَا ضَمِنَ الثَّمَنَ وَلَا ثَمَنَ عَلَيْهِ لِفَسَادِ الْبَيْعِ. قَالَ لَهُ ادْفَعْ إلَى هَذَا الصَّبِيِّ عَشَرَةَ دَرَاهِمَ يُنْفِقْهَا عَلَى نَفْسِهِ عَلَى أَنِّي ضَامِنٌ لَهَا وَالصَّبِيُّ مَحْجُورٌ فَفَعَلَ كَانَ ضَامِنًا لَا لَوْ ضَمِنَ بَعْدَ الدَّفْعِ، مِنْ الْفُصُولَيْنِ. قَالَ فِي الصُّغْرَى رَجُلٌ دَفَعَ إلَى صَبِيٍّ مَحْجُورٍ عَشَرَةَ دَرَاهِمَ وَقَالَ: أَنْفِقْهَا عَلَى نَفْسِك فَجَاءَ إنْسَانٌ وَضَمِنَ لِلدَّافِعِ عَنْ الصَّبِيِّ بِهَذِهِ الْعَشَرَةِ لَا يَجُوزُ؛ لِأَنَّهُ ضَمِنَ مَا لَيْسَ بِمَضْمُونٍ عَلَى الْأَصِيلِ، وَلَوْ ضَمِنَ قَبْلَ الدَّفْعِ بِأَنْ قَالَ: ادْفَعْ إلَيْهِ عَشَرَةً عَلَى أَنِّي ضَامِنٌ لَك عَنْهُ بِهَذِهِ الْعَشَرَةِ يَجُوزُ وَطَرِيقُ الْجَوَازِ أَنَّ الضَّامِنَ يَصِيرُ مُسْتَقْرِضًا الْعَشَرَةَ مِنْ الدَّافِعِ بِأَمْرِهِ بِالدَّفْعِ إلَى الصَّبِيِّ فَيَنُوبُ عَنْهُ قَبْضُ الصَّبِيِّ، وَكَذَا الصَّبِيُّ الْمَجْحُورُ إذَا بَاعَ شَيْئًا فَجَاءَ إنْسَانٌ وَكَفَلَ بِالدَّرَكِ لِلْمُشْتَرِي إنْ كَفَلَ بَعْدَمَا قَبَضَ الصَّبِيُّ الثَّمَنَ لَا تَجُوزُ، وَإِنْ كَفَلَ قَبْلَ ذَلِكَ جَازَ انْتَهَى. وَلَوْ بَاعَ الْأَبُ مَالَ الصَّغِيرِ وَضَمِنَ لَهُ الثَّمَنَ لَا يَجُوزُ هَذِهِ فِي الْمَهْرِ، مِنْ الْهِدَايَةِ صَبِيٌّ مَأْذُونٌ كَفَلَ عَنْهُ رَجُلٌ بِإِذْنِهِ جَازَ وَيُؤْخَذُ بِهِ الصَّبِيُّ، وَلَوْ كَفَلَ بِنَفْسِ الصَّبِيِّ الْمَحْجُورِ بِإِذْنِ وَلِيِّهِ فَلِلْكَفِيلِ أَنْ يَأْخُذَ وَلِيَّهُ حَتَّى يُحْضِرَهُ وَلَوْ كَفَلَ عَنْهُ بِمَالٍ بِأَمْرِ الْقَاضِي أَوْ الْأَبِ، أَوْ الْوَصِيِّ يَرْجِعُ بِهِ عَلَى الصَّبِيِّ وَبِأَمْرِ غَيْرِ الْأَبِ وَالْجَدِّ لَا يَرْجِعُ وَالْكَفَالَةُ لَا تَجُوزُ حَتَّى يُخَاطِبَ عَنْهُ وَلِيُّهُ خِلَافًا لِأَبِي يُوسُفَ. وَلَوْ كَفَلَ عَنْ صَبِيٍّ لَا يَعْقِلُ جَازَ عَلَى الْكَفِيلِ، مِنْ الْوَجِيزِ. وَلَوْ قَالَ لِضَيْفِهِ وَهُوَ يَخَافُ عَلَى حِمَارِهِ: إنْ أَكَلَ الذِّئْبُ حِمَارَك فَأَنَا ضَامِنٌ فَأَكَلَهُ الذِّئْبُ لَمْ يَضْمَنْ كَذَا فِي الْمُشْتَمِلِ عَنْ الْمُنْيَةِ. الْكَفِيلُ بِالدَّيْنِ الْمُؤَجَّلِ إذَا أَدَّى قَبْلَ حُلُولِ الْأَجَلِ لَا يَرْجِعُ عَلَى الْمَكْفُولِ عَنْهُ حَتَّى يَحِلَّ الْأَجَلُ، مِنْ الصُّغْرَى. إذَا كَانَ الدَّيْنُ عَلَى اثْنَيْنِ وَكُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا كَفِيلٌ عَنْ صَاحِبِهِ كَمَا إذَا اشْتَرَيَا عَبْدًا بِأَلْفٍ وَكَفَلَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا عَنْ الْآخَرِ فَمَا أَدَّى أَحَدُهُمَا لَمْ يَرْجِعْ بِهِ عَلَى شَرِيكِهِ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 276 حَتَّى يَزِيدَ مَا يُؤَدِّيهِ عَلَى النِّصْفِ فَيَرْجِعَ بِالزِّيَادَةِ. وَإِذَا كَفَلَ رَجُلَانِ عَنْ رَجُلٍ بِمَالٍ عَلَى أَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا كَفِيلٌ عَنْ صَاحِبِهِ فَكُلُّ شَيْءٍ أَدَّاهُ أَحَدُهُمَا يَرْجِعُ عَلَى شَرِيكِهِ بِنِصْفِهِ قَلِيلًا كَانَ أَوْ كَثِيرًا ثُمَّ يَرْجِعَانِ عَلَى الْأَصِيلِ، وَإِنْ شَاءَ الْمُؤَدِّي رَجَعَ بِالْجَمِيعِ عَلَى الْمَكْفُولِ عَنْهُ وَمَعْنَى الْمَسْأَلَةِ فِي الصَّحِيحِ أَنْ تَكُونَ الْكَفَالَةُ بِالْكُلِّ عَنْ الْأَصِيلِ وَبِالْكُلِّ عَنْ الشَّرِيكِ وَإِذَا أَبْرَأَ رَبُّ الدَّيْنِ أَحَدَهُمَا أَخَذَ الْآخَرَ بِجَمِيعِ الدَّيْنِ، مِنْ الْهِدَايَةِ، وَإِنْ ضَمِنَا عَنْهُ بِغَيْرِ أَمْرِهِ لَمْ يَكُنْ لَهُ أَنْ يَرْجِعَ عَلَى شَرِيكِهِ بِشَيْءٍ حَتَّى يُؤَدِّيَ أَكْثَرَ مِنْ النِّصْفِ ذَكَرَهُ فِي الْوَجِيزِ. رَجُلَانِ لَهُمَا عَلَى رَجُلٍ دَيْنٌ، أَوْ ابْنَانِ وَارِثَانِ وَكَفَلَ أَحَدُهُمَا لِصَاحِبِهِ بِحِصَّتِهِ مِنْ الدَّيْنِ لَا يَصِحُّ وَلَوْ شَرَعَ فِي الْأَدَاءِ صَحَّ الْكَفِيلُ بِأَمْرِ الْأَصِيلِ. أَدَّى الْمَالَ إلَى الدَّائِنِ بَعْدَمَا أَدَّى الْأَصِيلُ وَلَمْ يَعْلَمْ بِهِ لَا يَرْجِعُ عَلَى الْأَصِيلِ؛ لِأَنَّهُ شَيْءٌ حُكِمَ فَلَا يَفْتَرِقُ فِيهِ الْعِلْمُ وَالْجَهْلُ كَعَزْلِ الْوَكِيلِ ضِمْنًا، مِنْ الْقُنْيَةِ وَإِذَا افْتَرَقَ الْمُتَفَاوِضَانِ فَلِأَصْحَابِ الدُّيُونِ أَنْ يَأْخُذُوا أَيَّهُمَا شَاءُوا بِجَمِيعِ الدُّيُونِ وَلَا يَرْجِعُ أَحَدُهُمَا عَلَى صَاحِبِهِ حَتَّى يُؤَدِّيَ أَكْثَرَ مِنْ النِّصْفِ وَإِذَا كُوتِبَ الْعَبْدَانِ كِتَابَةً وَاحِدَةً وَكُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا كَفَلَ عَنْ صَاحِبِهِ فَكُلُّ شَيْءٍ أَدَّاهُ أَحَدُهُمَا يَرْجِعُ عَلَى صَاحِبِهِ بِنِصْفِهِ، وَلَوْ لَمْ يُؤَدِّيَا شَيْئًا حَتَّى أَعْتَقَ الْمَوْلَى أَحَدَهُمَا جَازَ الْعِتْقُ وَبَرِئَ عَنْ النِّصْفِ وَلِلْمَوْلَى أَنْ يَأْخُذَ بِحِصَّةِ الَّذِي لَمْ يُعْتَقْ أَيُّهُمَا شَاءَ فَإِنْ أَخَذَ الَّذِي أُعْتِقَ رَجَعَ عَلَى صَاحِبِهِ بِمَا أَدَّى، وَإِنْ أَخَذَ الْآخَرَ لَمْ يَرْجِعْ عَلَى الْمُعْتَقِ بِشَيْءٍ وَمَنْ ضَمِنَ عَنْ عَبْدٍ مَالًا لَا يَجِبُ عَلَيْهِ حَتَّى يُعْتَقَ، وَإِنْ أَقَرَّ بِاسْتِهْلَاكِ مَالٍ وَكَذَّبَهُ سَيِّدُهُ، أَوْ أَقْرَضَهُ سَيِّدُهُ، أَوْ بَاعَهُ وَهُوَ مَحْجُورٌ وَلَمْ يُسَمِّ حَالًّا وَلَا غَيْرَهُ فَهُوَ حَالٌّ؛ لِأَنَّ الْمَالَ حَالٌّ عَلَيْهِ لِوُجُودِ السَّبَبِ وَقَبُولِ الذِّمَّةِ إلَّا أَنَّهُ لَا يُطَالَبُ لِعُسْرَتِهِ أَوْ جَمِيعُ مَا فِي يَدِهِ مِلْكُ الْمَوْلَى وَلَمْ يَرْضَ بِتَعَلُّقِهِ بِهِ وَالْكَفِيلُ غَيْرُ مُعْسِرٍ فَصَارَ كَمَا إذَا كَفَلَ عَنْ غَائِبٍ، أَوْ مُفْلِسٍ بِخِلَافِ الدَّيْنِ الْمُؤَجَّلِ؛ لِأَنَّهُ مُتَأَخِّرٌ بِمُؤَخَّرٍ ثُمَّ إذَا أَدَّى يَرْجِعُ عَلَى الْعَبْدِ بَعْدَ الْعِتْقِ وَمَنْ ادَّعَى عَلَى عَبْدٍ مَالًا وَكَفَلَ لَهُ رَجُلٌ بِنَفْسِهِ فَمَاتَ الْعَبْدُ بَرِئَ الْكَفِيلُ لِبَرَاءَةِ الْأَصِيلِ كَمَا إذَا كَانَ الْمَكْفُولُ عَنْهُ بِنَفْسِهِ حُرًّا فَإِنْ ادَّعَى رَقَبَةَ الْعَبْدِ فَكَفَلَ بِهِ رَجُلٌ فَمَاتَ الْعَبْدُ فَأَقَامَ الْمُدَّعِي الْبَيِّنَةَ أَنَّهُ كَانَ لَهُ ضَمِنَ الْكَفِيلُ إنْ كَانَ الْمُدَّعَى بِهِ الْمَالَ عَلَى الْعَبْدِ، وَإِنْ كَانَ الْمُدَّعَى بِهِ نَفْسَ الْعَبْدِ لَا يَبْرَأُ وَضَمِنَ قِيمَتَهُ. وَفِي التَّجْرِيدِ عَنْ مُحَمَّدٍ ادَّعَى عَلَى إنْسَانٍ أَنَّهُ غَصَبَ عَبْدًا فَقَالَ رَجُلٌ: أَنَا ضَامِنٌ الْعَبْدَ إلَى مَنْ يَدَّعِي قَالَ: هُوَ ضَامِنٌ حَتَّى يَأْتِيَ الْعَبْدُ فَيُقِيمَ الْبَيِّنَةَ أَنَّهُ عَبْدُهُ فَإِنْ لَمْ يَأْتِ بِهِ وَاسْتَحَقَّهُ بِبَيِّنَةٍ فَهُوَ ضَامِنٌ لِقِيمَةِ الْعَبْدِ. وَلَوْ ادَّعَى أَنَّهُ غَصَبَ عَبْدًا وَمَاتَ فِي يَدِهِ فَقَالَ: خَلِّهِ وَأَنَا ضَامِنٌ لِقِيمَةِ الْعَبْدِ فَهُوَ ضَامِنٌ يَأْخُذُهُ بِهَا مِنْ سَاعَتِهِ وَلَا يَحْتَاجُ إلَى إثْبَاتٍ بِالْبَيِّنَةِ انْتَهَى. وَلَا يَجُوزُ كَفَالَةُ الْمَمْلُوكِ وَالصَّبِيِّ إلَّا بِإِذْنٍ، مِنْ الْهِدَايَةِ، وَكَذَا لَا تَصِحُّ كَفَالَةُ الْمُكَاتَبِ هَذِهِ فِي الشَّرِكَةِ، مِنْهَا قَالَ فِي الْوَجِيزِ لَوْ كَفَلَ الْمُكَاتَبُ بِنَفْسٍ، أَوْ بِمَالٍ لَا يَجُوزُ، وَإِنْ أَذِنَ لَهُ الْمَوْلَى. وَفِي الْفُصُولَيْنِ كَفَالَةُ الْقِنِّ بِإِذْنِ مَوْلَاهُ تَجُوزُ وَيُؤَاخَذُ الْقِنُّ بِهِ فِي الرِّقِّ وَبَعْدَ عِتْقِهِ وَكَفَالَةُ الصَّغِيرِ لَمْ تَجُزْ، وَلَوْ بِإِذْنِ أَبِيهِ. وَلَوْ اسْتَدَانَ بِشِرَاءٍ نَسِيئَةً أَبُوهُ، أَوْ وَصِيُّهُ وَأَمَرَهُ بِأَنْ يَكْفُلَ بِالدَّيْنِ عَنْهُ، أَوْ بِنَفْسِهِ جَازَتْ كَفَالَتُهُ بِالدَّيْنِ دُونَ النَّفْسِ انْتَهَى. وَإِذَا كَفَلَ الْعَبْدُ عَنْ مَوْلَاهُ بِأَمْرِهِ فَعَتَقَ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 277 فَأَدَّاهُ، أَوْ كَانَ الْمَوْلَى كَفَلَ عَنْهُ فَأَدَّاهُ بَعْدَ الْعِتْقِ لَمْ يَرْجِعْ وَاحِدٌ مِنْهُمَا عَلَى صَاحِبِهِ. وَقَالَ زُفَرُ يَرْجِعُ وَمَعْنَى الْوَجْهِ الْأَوَّلِ أَنْ لَا يَكُونَ عَلَى الْعَبْدِ دَيْنٌ حَتَّى تَصِحَّ الْكَفَالَةُ بِالْمَالِ عَنْ الْمَوْلَى إذَا كَانَ بِأَمْرِهِ أَمَّا كَفَالَتُهُ عِنْدَ الْعَبْدِ فَتَصِحُّ عَلَى كُلِّ حَالٍ، مِنْ الْهِدَايَةِ، وَلَوْ أَدَّى الْعَبْدُ الْمَالَ قِيلَ: الْعَبْدُ لَا يَرْجِعُ اتِّفَاقًا، وَكَذَا لَوْ كَانَتْ كَفَالَتُهُ بِلَا أَمْرِ الْمَوْلَى لَا يَرْجِعُ اتِّفَاقًا، وَلَوْ أَدَّى بَعْدَ الْعِتْقِ ذَكَره فِي شَرْحِ الْمَجْمَعِ. وَلَا تَصِحُّ كَفَالَةُ الْعَبْدِ الْمَأْذُونِ وَالْمَدْيُونِ الْمُسْتَغْرِقِ دَيْنُهُ قِيمَتُهُ بِالْمَالِ عَنْ مَوْلَاهُ بِإِذْنِهِ اتِّفَاقًا ذَكَرَهُ فِي الْمَجْمَعِ؛ لِأَنَّ فِي صِحَّةِ كَفَالَتِهِ إحْرَازًا لِلْغُرَمَاءِ لَكِنْ الِالْتِزَامُ مِنْهُ صَحِيحٌ فِي حَقِّ نَفْسِهِ حَتَّى إذَا أُعْتِقَ كَانَ مُطَالَبًا وَلَوْ كَفَلَ بِإِذْنِ الْغُرَمَاءِ يَجُوزُ وَقَيْدُ الْمَوْلَى اتِّفَاقِيٌّ إذْ لَوْ كَفَلَ عَنْ غَيْرِهِ فَالْحُكْمُ كَذَلِكَ ذَكَرَهُ فِي شَرْحِهِ فَإِنْ أَعْتَقَهُ الْمَوْلَى فِي الْمَرَضِ وَمَاتَ يَسْعَى الْعَبْدُ لِلْغُرَمَاءِ فِي قِيمَتِهِ اتِّفَاقًا وَلَا شَيْءَ لِلْغُرَمَاءِ مِنْ هَذِهِ الْقِيمَةِ ثُمَّ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ عِتْقُهُ وَكَفَالَتُهُ لَا يَنْفُذَانِ إنْ لَمْ يَفْرُغْ مِنْ السِّعَايَةِ وَعِنْدَهُمَا تَنْفُذُ كَفَالَتُهُ عِنْدَ عِتْقِ الْمَوْلَى ذَكَرَهُ فِي الْمَجْمَعِ وَالْمَكْفُولُ لَهُ إنْ شَاءَ أَتْبَعَ مَالَ الْمَوْلَى بِالْأَصَالَةِ، وَإِنْ شَاءَ أَتْبَعَ الْعَبْدَ بِالْكَفَالَةِ كَمَا فِي الْحَقَائِقِ، وَلَوْ أَعْتَقَ الْمَوْلَى فِي الصِّحَّةِ صَحَّتْ الْكَفَالَةُ وَلَا تَجِبُ السِّعَايَةُ اتِّفَاقًا وَيَضْمَنُ الْمَوْلَى الْأَقَلَّ مِنْ الْقِيمَةِ وَمِنْ الدَّيْنِ ذَكَرَهُ فِي شَرْحِ الْمَجْمَعِ وَلَا تَجُوزُ كَفَالَةُ الْمَوْلَى لِمَمْلُوكِهِ وَهُوَ فِي بَيْتِهِ، أَوْ قَدْ أَبَقَ كَمَا فِي الْفُصُولَيْنِ وَالْمُشْتَمَلِ عَنْ العمادية. وَلَوْ كَفَلَ بِقِنٍّ إنْ أَبَقَ مِنْ مَوْلَاهُ، أَوْ بِدَابَّةِ رَجُلٍ إنْ انْفَلَتَتْ مِنْهُ، أَوْ بِشَيْءٍ بِمَالِهِ إنْ هَلَكَ يَجُوزُ. شَرَى قِنًّا وَنَقَدَ ثَمَنَهُ وَأَخَذَ مِنْ بَائِعِهِ كَفِيلًا بِالْقِنِّ حَتَّى يَدْفَعَهُ إلَيْهِ فَمَاتَ الْقِنُّ فَلَا شَيْءَ عَلَى الْكَفِيلِ. كَفَلَ مُسْلِمٌ عَنْ ذِمِّيٍّ بِخَمْرٍ لِذِمِّيٍّ قِيلَ: لَا يَصِحُّ مُطْلَقًا، وَقِيلَ: لَوْ كَانَتْ الْخَمْرَةُ بِعَيْنِهَا عِنْدَ الْمَطْلُوبِ يَصِحُّ عَلَى قِيَاسِ قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - إذْ يَجُوزُ عِنْدَهُ لِلْمُسْلِمِ أَنْ يُلْزِمَهُ نَقْلَ الْخَمْرِ كَمَا لَوْ آجَرَ نَفْسَهُ لِنَقْلِهَا لَوْ كَفَلَ بِنَفْسِ إنْسَانٍ إلَى قُدُومِ فُلَانٍ وَهُوَ الْمَطْلُوبُ صَحَّ لَا غَيْرُهُ. وَلَوْ ضَمِنَ مَهْرَ امْرَأَةِ ابْنِهِ عَلَى أَنَّهُ بَرِيءٌ لَوْ مَاتَ الِابْنُ، أَوْ امْرَأَتُهُ قَبْلَ الْبِنَاءِ بَطَلَ الشَّرْطُ وَلَزِمَ الْمَالُ وَلَوْ قَالَ: إنْ وَافَيْتُك بِهِ غَدًا وَإِلَّا فَعَلَيَّ الْمَالُ لَمْ تَصِحَّ الْكَفَالَةُ بِخِلَافِ قَوْلِهِ إنْ لَمْ أُوَافِك بِهِ غَدًا وَلَوْ قَالَ الْمَطْلُوبُ: إنْ لَمْ أُوَافِك بِنَفْسِي غَدًا فَعَلَيَّ مَا تَدَّعِيهِ لَمْ يُوَافِ لَا يَلْزَمُهُ شَيْءٌ إذْ لُزُومُ الْمَالِ فِي ضِمْنِ الْكَفَالَةِ بَاطِلٌ إذْ لَا يَكُونُ كَفِيلًا بِنَفْسِهِ بِخِلَافِ الْأَجْنَبِيِّ. وَلَوْ دَفَعَ ثَوْبًا إلَى قَصَّارٍ لِيُقَصِّرَهُ وَضَمِنَ بِهِ رَجُلٌ لَوْ هَلَكَ جَازَ عَلَى قَوْلِ مَنْ يُضَمِّنُ الْقَصَّارَ لَا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ، وَكَذَا أَمْثَالُهُ مِنْ الصَّنَائِعِ وَلَوْ قَالَ: إنْ أَفْسَدَهُ جَازَ بِالْإِجْمَاعِ إذْ عَلَّقَ التَّكْفِيلَ بِمَا يُوجِبُ الضَّمَانَ، وَكَذَا لَوْ قَالَ لِلْمُودِعِ لَوْ جَحَدَ الْمُودَعُ، أَوْ أَتْلَفَ فَعَلَيَّ جَازَ، وَكَذَا فِي أَمَانَةٍ لَوْ كَفَلَ عَلَى جُعْلٍ جَازَ الضَّمَانُ لَا الْجُعَلُ لَوْ لَمْ يَشْرِطْ فِي أَصْلِ الضَّمَانِ، وَلَوْ شَرَطَ الْجُعَلَ فِي أَصْلِ الضَّمَانِ بَطَلَ الْجُعْلُ وَالضَّمَانُ وَلَوْ غَصَبَهُ أَلْفَ دِرْهَمٍ فَقَاتَلَهُ مَالِكُهَا وَأَرَادَ أَخْذَهَا مِنْهُ فَقَالَ لَهُ رَجُلٌ: لَا تُقَاتِلْهُ فَأَنَا ضَامِنٌ بِهَا آخُذُهَا مِنْهُ وَأَرُدُّهَا إلَيْك لَزِمَهُ ذَلِكَ وَهَذَا لَا يُشْبِهُ الدَّيْنَ، وَلَوْ أَتْلَفَهَا غَاصِبُهَا فَصَارَتْ دَيْنًا كَانَ هَذَا الضَّمَانُ بَاطِلًا وَكَانَ عَلَى ضَمَانِ التَّقَاضِي. وَلَوْ قَالَ لِلطَّالِبِ إنْ، تَقَاضَيْته وَلَمْ يُعْطِك فَأَنَا ضَامِنٌ فَمَاتَ قَبْلَ التَّقَاضِي بَطَلَ ضَمَانُهُ، وَلَوْ قَالَ: إنْ عَجَزَ غَرِيمُك عَنْ الْأَدَاءِ فَهُوَ عَلَيَّ فَعَجْزُهُ يَظْهَرُ بِحَبْسِهِ فَإِنْ حَبَسَهُ وَلَمْ يُؤَدِّهِ لَزِمَ الْكَفِيلَ، مِنْ الْفُصُولَيْنِ. وَلَوْ قَالَ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 278 الْكَفِيلُ لِلطَّالِبِ دَيْنُك مِنْ ثَمَنِ الْخَمْرِ عَلَيَّ وَالْمَطْلُوبُ غَائِبٌ لَا تُسْمَعُ بَيِّنَتُهُ وَلَا يُحَلِّفُهُ وَيُؤَدِّي الْمَالَ فَإِنْ حَضَرَ الْمَطْلُوبُ وَصَدَقَ الْكَفِيلُ وَقَدْ أَدَّاهُ يَرْجِعُ عَلَيْهِ الْكَفِيلُ وَلَا يُصَدَّقُ الْمَطْلُوبُ عَلَى الطَّالِبِ إلَّا بِبَيِّنَتِهِ أَوْ بِحَلِفِهِ فَيَنْكُلُ فَيَرُدُّ الطَّالِبُ مَا أَخَذَ مِنْهُ وَكَذَلِكَ الْحَوَالَةُ. لَوْ كَفَلَ بِنَفْسِ رَجُلٍ وَلَا يَعْرِفُهُ بِوَجْهِهِ يُؤْخَذُ بِالْكَفَالَةِ وَيُقَالُ لَهُ: أَيَّ رَجُلٍ أَتَيْت بِهِ وَحَلَفْت عَلَيْهِ فَأَنْتَ بَرِيءٌ مِنْ الْكَفَالَةِ، مِنْ الْوَجِيزِ. وَفِيهِ أَيْضًا لَوْ مَاتَ الْمَكْفُولُ لَهُ وَعَلَيْهِ دَيْنٌ مُحِيطٌ فَسَلَّمَ الْكَفِيلُ إلَى وَرَثَتِهِ أَوْ غُرَمَائِهِ لَمْ يَبْرَأْ، وَإِنْ أَدَّى الْوَرَثَةُ الدَّيْنَ جَازَ دَفْعُهُ إلَيْهِمْ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِي التَّرِكَةِ دَيْنٌ يَبْرَأُ بِالدَّفْعِ إلَيْهِمْ انْتَهَى. وَلَوْ قَالَ لِرَجُلٍ: اُنْجُهُ ترابر فَلَا نَسَتْ مِنْ دُهْم لَا تَكُونُ كَفَالَةَ، مَنْ وَعَدَ لِغَيْرِهِ أَنْ يَقْضِيَ دَيْنَهُ، بِأَنْ قَالَ: مِنْ دُهْم لَا يَجِبُ عَلَيْهِ. إذَا قَبِلَ الْإِنْفَاقَ، أَوْ قَضَاءَ الدَّيْنِ مِنْ مَالِهِ ثُمَّ أَبَى لَا يُجْبَرُ؛ لِأَنَّهُ مُتَبَرِّعٌ الْكَفِيلُ بِالدَّيْنِ الْمُؤَجَّلِ إذَا أَدَّى قَبْلَ حُلُولِ الْأَجَلِ لَا يَرْجِعُ عَلَى الْمَكْفُولِ عَنْهُ حَتَّى يَحِلَّ الْأَجَلُ. إذَا قَالَ: إنْ لَمْ أُوَافِك بِهِ غَدًا فَعَلَيَّ الْمَالُ ثُمَّ اخْتَلَفَا فَقَالَ: وَافَيْتُك بِهِ وَقَالَ الْآخَرُ: لَمْ تُوَافِنِي بِهِ فَالْقَوْلُ لِلطَّالِبِ وَتَثْبُتُ عَدَمُ الْمُوَافَاةِ وَيَلْزَمُهُ الْمَالُ، مِنْ الصُّغْرَى، وَلَوْ قَالَ: انجه ترابر فَلَا نست مِنْ دُهْم فَهَذَا وَعْدٌ لَا كَفَالَةٌ مَا لَمْ يَتَلَفَّظْ بِمَا يَدُلُّ عَلَى الِالْتِزَامِ نَحْوُ كَفَلْت عَلَيَّ إلَيَّ، وَكَذَا لَوْ قَالَ: فرداين مَالٌ وى يَدهمْ لَيْسَ بِكَفِيلٍ. وَلَوْ قَالَ: أَيْنَ مَالُ فَرِدًّا بتوا تَسْلِيم كنم فَهُوَ كَفِيلٌ. أَنَا فِي عُهْدَةِ مَالِكَ عَلَى فُلَانٍ وَقَبِلَ الدَّائِنُ لَمْ يَصِرْ كَفِيلًا؛ لِأَنَّهُ قَدْ يَعْنِي بِهِ أَنَّهُ يَأْخُذُهُ مِنْ الْمَدْيُونِ وَيَدْفَعُهُ إلَى الدَّائِنِ لَوْ قَالَ الدَّائِنُ: لِأَخِ الْمَدْيُونِ الذَّهَبُ الَّذِي لِي عَلَى أَخِيك ازمن جنول كُنَّ فَقَالَ قَبُول كردم لَا يَلْزَمُهُ شَيْءٌ اعْمَلْ لَك شَهْرًا بِهَذَا الدِّينَارِ فَطَلَبَ مِنْهُ الدَّائِنُ كَفِيلًا فَقَالَ أَبُو الْمَدْيُون: أَكُرَيْك مَاهَ راكاتونكند مِنْ ضَمَانِ كردم أَيْنَ يك دِينَار، أَوْ قَبِلَ الدَّائِنُ ضَمَانَهُ فِي الْمَجْلِسِ اخْتَلَفُوا فِيهِ وَالْأَصَحُّ أَنَّهُ يَكُونُ كَفِيلًا؛ لِأَنَّهُ شَرْطٌ مُتَعَارَفٌ لَهُ عَلَى آخَرَ دَيْنٌ فَطَالَبَهُ فَقَالَ رَجُلٌ: مِنْ ضَمَان كردم فُتُّمْ كه بَاغٍ وى فروشم وَأَيْنَ مَالُ يتودهم أَوْ قَالَ: كه بذيرفتم كه أَيْنَ مَالُ راكه أَنَّ تَرَكَهُ وى دِرْهَمٌ لَا تَصِحُّ الْكَفَالَةُ، وَلَوْ أَضَافَهَا إلَى بَيْعِ مَالِهِ يَصِحُّ حَتَّى لَوْ بَاعَ يَلْزَمُهُ ذَلِكَ الْقَدْرُ وَيُجْبَرُ عَلَى بَيْعِهِ. قَالَ لِلدَّائِنِ إنْ لَمْ يُؤَدِّ فُلَانٌ مَالَكَ إلَى سِتَّةِ أَشْهُرٍ فَأَنَا ضَامِنٌ لَهُ يَصِحُّ التَّعْلِيقُ؛ لِأَنَّهُ شَرْطٌ مُتَعَارَفٌ كَفَلَ بِنَفْسِهِ وَقَالَ إنْ عَجَزْت عَنْ التَّسْلِيمِ إلَى ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ فَعَلَيَّ الْمَالُ ثُمَّ حُبِسَ بِحَقٍّ أَوْ بِغَيْرِ حَقٍّ، أَوْ مَرَضٍ مَرَضًا يَتَعَذَّرُ مَعَهُ إحْضَارُهُ يَلْزَمُهُ الْمَالُ يَعْنِي بَعْدَ الثَّلَاثَةِ. كَفَلَ بِنَفْسِ رَجُلٍ عَلَى أَنْ يُسَلِّمَهُ إلَى الْمَكْفُولِ لَهُ مَتَى طَالَبَهُ بِهِ ثُمَّ سَلَّمَهُ إلَيْهِ قَبْلَ أَنْ يُطَالِبَهُ وَلَمْ يَقْبَلْهُ يَبْرَأُ؛ لِأَنَّ حُكْمَ الْكَفَالَةِ وُجُوبُ التَّسْلِيمِ وَهُوَ ثَابِتٌ فِي الْحَالِ وَقَوْلُهُ عَلَى أَنْ يُسَلِّمَهُ إلَيْهِ مَتَى طَالَبَهُ بِهِ يُذْكَرُ لِلتَّأْكِيدِ لَا لِلتَّعْلِيلِ وَقَدْ سَلَّمَهُ فِي حَالِ كَوْنِهِ كَفِيلًا فَيَبْرَأُ قَالَ لِامْرَأَةِ ابْنِهِ: مَا دُمْت حَيَّةٌ وَدُمْت حَيًّا فَنَفَقَتُك عَلَيَّ يَصِحُّ بِرِهَانٍ وَقَالَ صَاحِبُ الْمُحِيطِ لَا يَصِحُّ حَتَّى يَقُولَ: فَالنَّفَقَةُ الَّتِي تَجِبُ عَلَى ابْنِي عَلَيَّ. طَالَبَ الدَّائِنُ الْكَفِيلَ فَقَالَ لَهُ: اصْبِرْ حَتَّى يَجِيءَ الْأَصِيلُ فَقَالَ الدَّائِنُ: لَا تَعَلُّقَ لِي عَلَى الْأَصِيلِ إنَّمَا تَعَلُّقِي عَلَيْك، فَالْجَوَابُ أَنَّهُ لَيْسَ لِلدَّائِنِ أَنْ يُطَالِبَهُ بَعْدَ ذَلِكَ وَلَكِنْ قِيلَ لَا يَسْقُطُ حَقُّهُ فِي الْمُطَالَبَةِ وَهُوَ الْمُخْتَارُ؛ لِأَنَّ النَّاسَ لَا يُرِيدُونَ نَفْيَ التَّعَلُّقِ أَصْلًا وَإِنَّمَا يُرِيدُونَ نَفْيَ التَّعَلُّقِ الْحِسِّيِّ وَأَنَّهُ لَهُ تَعَلُّقٌ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 279 بِهِ تَعَلُّقُ الْمُطَالَبَةِ، مِنْ الْقُنْيَةِ لَوْ كَفَلَ بِنَفْسِ رَجُلٍ لِرَجُلَيْنِ وَوَافَاهُمَا بِهِ إلَى كَذَا وَإِلَّا فَعَلَيْهِ مَا لَهُمَا فَوَافَى بِهِ أَحَدَهُمَا وَالْآخَرُ غَائِبٌ بَرِئَ عَنْ كَفَالَةِ الْحَاضِرِ وَلَزِمَهُ نَصِيبُ الْغَائِبِ مِنْ الْمَالِ وَمَا أَخَذَ الْغَائِبُ يَكُونُ بَيْنَهُمَا وَلِلْكَفِيلِ أَنْ يَتَقَدَّمَ إلَى الْحَاكِمِ لِيُنَصِّبَ عَنْ الْغَائِبِ مَنْ يُسَلِّمُ إلَيْهِ وَأَنْكَرَ الْخَصَّافُ نَصْبَ الْقَاضِي. كَفَلَ بِنَفْسِهِ عَلَى أَنْ يُوَافِيَ بِهِ إذَا حَبَسَ الْقَاضِي، وَإِنْ لَمْ يَفْعَلْ فَعَلَيْهِ الْأَلْفُ لَا يَلْزَمُهُ شَيْءٌ مَا لَمْ يَحْبِسْ الْقَاضِي، وَلَوْ لَمْ يُوَافِ. كَفَلَ بِنَفْسِ رَجُلٍ إلَى الْغَدِ وَقَالَ لِلطَّالِبِ إنْ لَمْ يَأْتِ بِهِ غَدًا فَقَبَضَهُ مِنِّي فَأَنَا بَرِيءٌ مِنْهُ فَوَافَاهُ بِهِ فِي الْغَدِ يَبْرَأُ مِنْ الْمَالِ فِي الرِّوَايَةِ الصَّحِيحَةِ. وَلَوْ كَفَلَ بِنَفْسِهِ عَلَى أَنَّهُ ضَامِنٌ بِمَا قَضَى عَلَيْهِ قَاضِي الْكُوفَةِ وَقَضَى عَلَيْهِ قَاضٍ غَيْرُ قَاضِيهَا يَلْزَمُهُ، وَلَوْ عَيَّنَ حَكَمًا فَحَكَمَ غَيْرُهُ بِالْمَالِ عَلَيْهِ لَا يَلْزَمُهُ، وَفِي زَمَانِنَا يَجِبُ أَنْ يَصِحَّ تَعْيِينُ الْقَاضِي كَتَعْيِينِ الْحَكَمِ؛ لِأَنَّ أَكْثَرَ الْقُضَاةِ يَقْضُونَ بِالرِّشْوَةِ، وَذَكَرَ ابْنُ رُسْتُمَ عَنْ مُحَمَّدٍ لَوْ كَفَلَ بِنَفْسِ رَجُلٍ عَلَى أَنَّهُ إنْ لَمْ يَدْفَعْهُ إلَى الطَّالِبِ غَدًا فَعَلَيْهِ الْمَالُ فَأَبْرَأَهُ الطَّالِبُ مِنْ الْكَفَالَةِ قَبْلَ أَنْ يَدْفَعَهُ إلَيْهِ بَرِئَ الْكَفِيلُ بِخِلَافِ مَا لَوْ مَاتَ الْكَفِيلُ فَإِنَّهُ إنْ دَفَعَ وَارِثُهُ إلَى الطَّالِبِ بَرِئَ، وَإِنْ لَمْ يَدْفَعْهُ حَتَّى مَضَى الْوَقْتُ لَزِمَ الْوَارِثَ الْمَالُ، وَكَذَا إنْ مَاتَ الطَّالِبُ فَدَفَعَ الْكَفِيلُ إلَى وَارِثِ الطَّالِبِ بَرِئَ وَإِلَّا يَلْزَمُ الْمَالُ الْكَفِيلُ بِنَفْسِ الْغَاصِبِ لَوْ قَالَ لَهُ الْمَغْصُوبُ مِنْهُ: إنْ لَمْ تَرُدَّهُ عَلَيَّ، غَدًا فَعَلَيْك مِنْ قِيمَةِ الثَّوْبِ عَشَرَةُ دَرَاهِمَ فَقَالَ الْآخَرُ لَا بَلْ عِشْرِينَ فَسَكَتَ الْمَكْفُولُ لَهُ لَا يَلْزَمُهُ إلَّا عَشَرَةٌ عِنْدَهُمَا وَعِنْدَ أَبِي يُوسُفَ يَلْزَمُهُ عِشْرُونَ. رَجُلٌ اقْتَضَى مِنْ مَدْيُونِهِ أَلْفًا وَضَمِنَ لَهُ رَجُلَانِ بِبَدَلِ مَا فِيهَا مِنْ زُيُوفٍ، أَوْ نَبَهْرَجَةٍ، أَوْ سَتُّوقَةٍ فَضَمَانُهُ جَائِزٌ وَالْقَوْلُ قَوْلُ الطَّالِبِ فِي أَنَّهُ وَجَدَ زُيُوفًا وَنَحْوَهُ فَيَسْتَبْدِلُهَا مِنْ الْكَفِيلِ عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ وَعِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - لَا يَسْتَبْدِلُهَا مِنْ الْكَفِيلِ حَتَّى يَحْضُرَ مَدْيُونُهُ فَيُقْضَى عَلَيْهِ بِبَدَلِهَا ثُمَّ يَرْجِعَ الطَّالِبُ عَلَى الْكَفِيلِ، وَلَوْ ضَمِنَ لِامْرَأَةٍ بِنَفَقَةٍ كُلَّ شَهْرَيْنِ عَنْ زَوْجِهَا لَيْسَ لَهُ أَنْ يَرْجِعَ عِنْدَ الشَّهْرِ وَلَوْ ضَمِنَ بِالْأُجْرَةِ فِي إجَارَةِ كُلِّ شَهْرٍ فَلَهُ أَنْ يَفْسَخَ ضَمَانَهُ عِنْدَ رَأْسِ الشَّهْرِ. لَوْ أَقَرَّ الْكَفِيلُ بِالْكَفَالَةِ إلَى أَجَلٍ يُقْبَلُ قَوْلُهُ، وَفِي اشْتِرَاطِ الْخِيَارِ يُقْبَلُ قَوْلُهُ مَتَى كَذَّبَهُ الْمُقَرُّ، لَهُ وَيَلْزَمُهُ الْمَالُ لَوْ كَفَلَ بِشَرْطِ أَنْ يَرْهَنَ الْمَكْفُولُ عَنْهُ رَهْنًا وَسَمَّاهُ وَلَمْ يَرْهَنْ لَمْ يُجْبَرْ عَلَيْهِ وَيَلْزَمُ الْمَالُ الْكَفِيلَ إلَّا أَنْ يَشْتَرِطَ بَرَاءَةَ الْكَفِيلِ إنْ لَمْ يَرْهَنْ فَيَبْرَأُ الْكَفِيلُ إذَا لَمْ يَرْهَنْ وَلَوْ قَالَ رَجُلٌ لِلطَّالِبِ: قَدْ ضَمِنْت مَا لَكَ، عَلَى فُلَانٍ، أَوْ أَقْبِضُهُ مِنْهُ وَأَدْفَعُهُ إلَيْك لَمْ يَكُنْ هَذَا ضَمَانًا، مِنْ الْوَجِيزِ. قَالَ ابْنُ كَمَالٍ فِي الْإِيضَاحِ لَوْ أَقَرَّ أَنَّهُ كَفِيلٌ عَنْ فُلَانٍ بِدَيْنٍ وَادَّعَى الْأَجَلَ فَصَدَّقَهُ الْمُقَرُّ لَهُ وَهُوَ الطَّالِبُ فِي الْكَفَالَةِ وَكَذَّبَهُ فِي الْأَجَلِ كَانَ الْقَوْلُ قَوْلَ الْمُقِرِّ؛ لِأَنَّهُ أَقَرَّ بِثُبُوتِ حَقٍّ بَعْدَ شَهْرٍ دَيْنًا كَانَ، أَوْ مُطَالَبَةً وَالْمُقَرُّ لَهُ يَدَّعِيه فِي الْحَالِّ وَهُوَ يُنْكِرُ فَكَانَ الْقَوْلُ قَوْلَهُ انْتَهَى رَبُّ الْمَتَاعِ لَوْ أَخَذَ مِنْ الْغَاصِبِ وَالْمُسْتَعِيرِ كَفِيلًا بِرَدِّهِ يُجْبَرُ الْكَفِيلُ عَلَى الرَّدِّ كَالْأَصِيلِ وَإِذَا رَدَّ رَجَعَ عَلَى الْأَصِيلِ بِأَجْرِ عَمَلِهِ كَذَا فِي الْفُصُولَيْنِ مِنْ أَحْكَامِ الْوُكَلَاءِ عَلَيْهِ مَالٌ فَأَدْخَلَ الْمَطْلُوبُ ابْنَهُ فِي كَفَالَةِ ذَلِكَ الْمَالِ وَقَدْ رَاهَقَ وَلَمْ يَحْتَلِمْ بَطَلَ بِلَا تَوَقُّفٍ عَلَى إجَازَتِهِ إذَا بَلَغَ إذْ لَا مُجِيزَ لَهُ حِينَ وُقُوعِهِ فَلَوْ بَلَغَ وَأَقَرَّ بِالْكَفَالَةِ قَبْلَ بُلُوغِهِ بَطَلَ إقْرَارُهُ إذَا أَقَرَّ بِكَفَالَةٍ بَاطِلَةٍ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 280 وَلَوْ جَدَّدَهَا بَعْدَ بُلُوغِهِ يَصِحُّ هَذَا لَوْ كَانَ الْأَبُ هُوَ الْمَدْيُونُ، أَمَّا لَوْ كَانَ الدَّيْنُ دَيْنَ الصَّبِيِّ بِأَنْ شَرَى أَبُوهُ أَوْ وَصِيُّهُ شَيْئًا لَهُ نَسِيئَةً وَأَقَرَّ الصَّبِيُّ حَتَّى ضَمِنَ الْمَالَ لِرَبِّ الدَّيْنِ، أَوْ ضَمِنَ بِنَفْسِ الْأَبِ أَوْ الْوَصِيِّ جَازَ ضَمَانُهُ بِالْمَالِ وَبَطَلَ ضَمَانُهُ بِالنَّفْسِ؛ لِأَنَّهُ الْتَزَمَ شَيْئًا لَمْ يَلْزَمْهُ قَبْلَ الضَّمَانِ وَهُوَ إحْضَارُهُمَا مَجْلِسَ الْحُكْمِ بِخِلَافِ ضَمَانِ الْمَالِ؛ لِأَنَّهُ كَانَ يَلْزَمُهُ قَبْلَ الضَّمَانِ فَصَحَّ رَجُلٌ كَفَلَ صَبِيًّا لَوْ كَانَ الصَّبِيُّ تَاجِرًا صَحَّتْ الْكَفَالَةُ وَلَوْ خَاطَبَ عَنْهُ أَجْنَبِيٌّ وَقَبِلَ عَنْهُ تَوَقَّفَتْ عَلَى إجَازَةِ وَلِيِّهِ، وَإِنْ لَمْ يُخَاطِبْ أَجْنَبِيٌّ وَإِنَّمَا خَاطَبَ الصَّبِيُّ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ لَا تَصِحُّ وَعِنْدَ أَبِي يُوسُفَ تَصِحُّ. كَفَلَ عَنْ صَبِيٍّ بِالْمَالِ، أَوْ بِنَفْسِهِ بِإِذْنِ وَلِيِّهِ، أَوْ بِدُونِهِ تَصِحُّ سَوَاءٌ كَانَ مَحْجُورًا، أَوْ لَا إذَا كَفَلَ بِحَقٍّ مَضْمُونٍ عَلَى الْأَصِيلِ، وَلَوْ أَخَذَ الْكَفِيلُ بِإِحْضَارِ الصَّبِيِّ فَلَوْ كَفَلَ بِإِذْنِ وَلِيِّهِ يُجْبَرُ الصَّبِيُّ عَلَى أَنْ يَحْضُرَ مَعَهُ إذْ إذْنُ مَنْ يَلِي عَلَى الصَّغِيرِ بِالْكَفَالَةِ جَائِزٌ إذْ الْإِذْنُ بِهَا أَمْرٌ بِقَضَاءِ مَا عَلَيْهِ مِنْ الدَّيْنِ وَالْأَبُ وَالْوَصِيُّ يَمْلِكَانِ الْأَمْرَ بِقَضَاءِ الدَّيْنِ عَنْ الصَّغِيرِ فَيَمْلِكَانِ الْأَمْرَ بِالْكَفَالَةِ، وَلَوْ كَفَلَ بِغَيْرِ أَمْرِ مَنْ يَلِي عَلَيْهِ لَوْ كَانَ بِغَيْرِ أَمْرِ الصَّبِيِّ لَا يُجْبَرُ أَيْضًا، وَلَوْ كَانَ بِأَمْرِهِ لَوْ كَانَ الصَّبِيُّ مَأْذُونًا يُجْبَرُ، وَكَذَا لَوْ كَفَلَ عَنْهُ بِمَالٍ بِأَمْرِهِ فَأَدَّى يَرْجِعُ عَلَيْهِ إذْ إذْنُ الصَّبِيِّ الْمَأْذُونِ فِي الْكَفَالَةِ بِنَفْسِهِ وَبِمَا عَلَيْهِ مِنْ الْمَالِ مُعْتَبَرٌ شَرْعًا، وَإِنْ لَمْ تَجُزْ كَفَالَتُهُ عَنْ الْغَيْرِ؛ لِأَنَّهُ تَبَرُّعٌ، وَلَوْ غَيْرَ تَاجِرٍ وَطَلَب أَبُوهُ مِنْ رَجُلٍ أَنْ يَضْمَنَهُ فَضَمِنَهُ جَازَ وَأُخِذَ بِهِ الْكَفِيلُ، وَكَذَا وَصِيُّهُ أَوْ جَدُّهُ لَوْ أَبُوهُ مَيِّتًا، وَكَذَا الْقَاضِي لَوْلَا وَصِيَّ وَلَا جَدَّ، فَلَوْ تَغَيَّبَ الْغُلَامُ وَأَخَذَ الْكَفِيلُ أَبَا الْغُلَامِ وَقَالَ: أَنْتَ أَمَرْتنِي أَنْ أَضْمَنَهُ فَخَلِّصْنِي فَإِنَّ الْأَبَ يُؤْخَذُ بِهِ حَتَّى يَحْضُرَ ابْنُهُ إذْ الصَّبِيُّ فِي يَدِهِ وَتَدْبِيرِهِ، وَكَذَا لَوْ كَانَ مَأْذُونًا لَوْ أَعْطَى كَفِيلًا بِنَفْسِهِ ثُمَّ تَغَيَّبَ الصَّبِيُّ فَإِنَّ الْأَبَ يُطَالَبُ بِإِحْضَارِهِ بِخِلَافِ الْأَجْنَبِيِّ قَالَ: اُكْفُلْ بِنَفْسِ زَيْدٍ فَكَفَلَ فَغَابَ زَيْدٌ فَالْآمِرُ بِالْكَفَالَةِ لَا يُطَالَبُ بِإِحْضَارِ زَيْدٍ إذْ لَمْ يَكُنْ بِيَدِهِ وَتَدْبِيرِهِ هَذِهِ الْجُمْلَةُ مِنْ أَحْكَامِ الصَّبِيِّ، مِنْ الْفُصُولَيْنِ. وَفِي الْأَشْبَاهِ لَا يَلْزَمُ أَحَدًا إحْضَارُ أَحَدٍ فَلَا يَلْزَمُ الزَّوْجَ إحْضَارُ زَوْجَتِهِ إلَى مَجْلِسِ الْقَاضِي لِسَمَاعِ دَعْوَى عَلَيْهَا وَلَا يَمْنَعُهَا إلَّا فِي مَسَائِلِ الْكَفِيلِ بِالنَّفْسِ عِنْدَ الْقُدْرَةِ، وَفِي الْأَبِ إذَا أَمَرَ أَجْنَبِيًّا بِضَمَانِ ابْنِهِ فَعَلَى الْأَبِ إحْضَارُهُ لِكَوْنِهِ فِي تَدْبِيرِهِ الثَّالِثَةُ: سَجَّانُ الْقَاضِي خَلَّى رَجُلًا مِنْ الْمَسْجُونِينَ حَبَسَهُ الْقَاضِي بِدَيْنٍ عَلَيْهِ فَلِرَبِّ الدَّيْنِ أَنْ يُطَالِبَ السَّجَّانَ بِإِحْضَارِهِ انْتَهَى. كَفَالَةُ الْمَرِيضِ تُعْتَبَرُ مِنْ ثُلُثِ مَالِهِ، وَلَوْ أَقَرَّ فِي مَرَضِهِ أَنَّهُ كَفَلَ فِي صِحَّتِهِ تُعْتَبَرُ مِنْ كُلِّ مَالِهِ كَذَا فِي الْفُصُولَيْنِ مِنْ أَحْكَامِ الْمَرْضَى. جَمَاعَةٌ طَمِعَ الْوَالِي أَنْ يَأْخُذَ مِنْهُمْ شَيْئًا بِغَيْرِ حَقٍّ فَاخْتَفَى بَعْضُهُمْ وَظَفِرَ الْوَالِي بِبَعْضِهِمْ فَقَالَ: الْمُخْتَفُونَ لِلَّذِينَ وَجَدَهُمْ الْوَالِي لَا تُطْلِعُوهُمْ عَلَيْنَا، وَمَا أَصَابَكُمْ فَهُوَ عَلَيْنَا بِالْحِصَصِ فَلَوْ أَخَذَ مِنْهُمْ الْوَالِي شَيْئًا فَلَهُمْ الرُّجُوعُ قَالَ: هَذَا يَسْتَقِيمُ عَلَى قَوْلِ مَنْ يُجَوِّزُ ضَمَانَ الْجِبَايَةِ وَعَلَى قَوْلِ عَامَّةِ الْمَشَايِخِ لَا يَصِحُّ إذَا كَفَلَ رَجُلٌ عَنْ رَجُلٍ بِأَلْفٍ عَلَى أَنْ يُعْطِيَهُ مِنْ وَدِيعِهِ الْمَكْفُولِ عَنْهُ الَّتِي عِنْدَهُ جَازَ إذَا أَمَرَهُ بِذَلِكَ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ أَنْ يَسْتَرِدَّ الْوَدِيعَةَ مِنْهُ فَإِنْ هَلَكَتْ بَرِئَ الْكَفِيلُ وَالْقَوْلُ قَوْلُ الْكَفِيلِ أَنَّهَا هَلَكَتْ فَإِنْ غَصَبَهَا رَبُّ الْوَدِيعَةِ أَوْ غَيْرُهُ وَاسْتَهْلَكَهَا بَرِئَ الْكَفِيلُ وَالْحَوَالَةُ عَلَى هَذَا وَلَوْ ضَمِنَ لَهُ أَلْفَ دِرْهَمٍ عَلَى أَنْ يُعْطِيَهُ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 281 إيَّاهُ مِنْ ثَمَنِ هَذِهِ الدَّارِ فَلَمْ يَبِعْهَا لَمْ يَكُنْ عَلَى الْكَفِيلِ ضَمَانٌ وَيَلْزَمُهُ بَيْعُ الدَّارِ، وَلَوْ كَفَلَ بِمَالٍ عَلَى أَنْ يَجْعَلَ الطَّالِبُ لَهُ جُعْلًا فَإِنْ لَمْ يَكُنْ مَشْرُوطًا فِي الْكَفَالَةِ فَالشَّرْطُ بَاطِلٌ، وَإِنْ كَانَ مَشْرُوطًا فِي الْكَفَالَةِ فَالْكَفَالَةُ بَاطِلَةٌ. إذَا كَفَلَ عَنْ رَجُلٍ بِدَرَاهِمَ صِحَاحٍ جِيَادٍ فَأَعْطَاهُ مُكَسَّرَةً، أَوْ زُيُوفًا وَتَجَوَّزَ بِهَا رَجَعَ عَلَى الْأَصِيلِ بِمِثْلِ مَا ضَمِنَ لَا بِمِثْلِ مَا أَدَّى وَلَيْسَ هَذَا كَالْمَأْمُورِ بِأَدَاءِ الدَّيْنِ، مِنْ الْخُلَاصَةِ. رَجُلٌ اشْتَرَى مِنْ آخَرَ عَبْدًا وَتَقَابَضَا وَضَمِنَ لَهُ رَجُلٌ عُيُوبَهُ فَوَجَدَ بِهِ عَيْبًا فَرَدَّهُ فلا ضَمَانَ عَلَيْهِ فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ وَهَذَا كَضَمَانِ الْعُهْدَةِ وَأَنَّهُ لَا يَصِحُّ عِنْدَهُ، وَلَوْ ضَمِنَ لَهُ السَّرِقَةَ، أَوْ الْعَتَاقَ فَوَجَدَهُ مَسْرُوقًا، أَوْ حُرًّا ضَمِنَ، وَكَذَا لَوْ ضَمِنَ لَهُ الْجُنُونَ أَوْ الْعَمَى فَوَجَدَهُ كَذَلِكَ يَرْجِعُ بِذَلِكَ عَلَى الضَّامِنِ بِالثَّمَنِ، وَلَوْ مَاتَ عِنْدَهُ فَقَضَى بِنُقْصَانِ الْعَيْبِ كَانَ لِلْمُشْتَرِي أَنْ يَرْجِعَ بِذَلِكَ عَلَى الضَّامِنِ، وَلَوْ ضَمِنَ لَهُ بِحِصَّةِ مَا يَجِدُ فِيهِ مِنْ الثَّمَنِ جَازَ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ إنْ رَدَّ رَجَعَ بِالثَّمَنِ كُلِّهِ، وَإِنْ حَدَثَ بِهِ عَيْبٌ عِنْدَهُ رَجَعَ بِحِصَّةِ الْعَيْبِ عَلَى الضَّامِنِ كَمَا يَرْجِعُ عَلَى الْبَائِعِ، وَلَوْ قَالَ: ضَمِنْتُ لَك مَا لَحِقَك مِنْ الثَّمَنِ مِنْ عُهْدَةِ هَذَا الْعَيْبِ كَانَ كَذَلِكَ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ، وَإِنْ اُسْتُحِقَّ ضَمِنَ هَذَا فِي الْبُيُوعِ، مِنْ الْخُلَاصَةِ قَالَ لِزَيْدٍ عَلَى عَمْرٍو أَلْفٌ وَأَنَا ضَامِنٌ بِهِ فَأَنْكَرَ عَمْرٌو لَزِمَ الْكَفِيلَ إذَا ادَّعَاهُ زَيْدٌ دُونَ الْأَصِيلِ كَمَا فِي الْخَانِيَّةِ ذَكَرَهُ ابْنُ نُجَيْمٍ فِي قَوْلِهِ قَدْ يَثْبُتُ الْفَرْعُ، وَإِنْ لَمْ يَثْبُتْ الْأَصْلُ. اشْتَرَى دَارًا وَضَمِنَ إنْسَانٌ الدَّرَكَ ثُمَّ اُسْتُحِقَّتْ بَعْدَ الْبِنَاءِ لَا يَرْجِعُ بِقِيمَةِ الْبِنَاءِ عَلَى ضَامِنِ الدَّرَكِ، وَلَوْ ضَمِنَ لَهُ الدَّرَكَ وَقِيمَةَ مَا بُنِيَ فِيهَا رَجَعَ بِقِيمَةِ الْبِنَاءِ عَلَى الْبَائِعِ، أَوْ الضَّامِنِ وَلَا يَرْجِعُ بِقِيمَةِ الْوَلَدِ عَلَى الْكَفِيلِ بِضَمَانِ الدَّرَكِ إذَا اُسْتُحِقَّتْ الْجَارِيَةُ كَذَا فِي الْوَجِيزِ الِاسْتِحْقَاقِ. لَوْ قَالَ لِغَيْرِهِ: أَعْطِنِي أَلْفًا عَلَى أَنَّ فُلَانًا ضَامِنٌ وَفُلَانٌ حَاضِرٌ يَسْمَعُ فَدَفَعَ فَهُوَ قَرْضٌ عَلَى زَيْدٍ. [بَاب فِي مَسَائِلِ الْحَوَالَةِ] (الْبَابُ الْحَادِي وَالْعِشْرُونَ فِي مَسَائِلِ الْحَوَالَةِ) الْحَوَالَةُ: نَقْلُ الدَّيْنِ، أَوْ الْمُطَالَبَةُ مِنْ ذِمَّةٍ إلَى ذِمَّةٍ الْأَوَّلُ عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ وَالثَّانِي عِنْدَ مُحَمَّدٍ كَمَا نَقَلَهُ ابْنُ كَمَالٍ عَنْ الزيلعي فَلَوْ أَبْرَأَ الْمُحْتَالُ الْمُحِيلَ مِنْ الدَّيْنِ جَازَ عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ؛ لِأَنَّ الْمُحِيلَ لَيْسَ بِمَدْيُونٍ عِنْدَهُ لِانْتِقَالِ الدَّيْنِ مِنْ ذِمَّتِهِ إلَى ذِمَّةِ الْمُحْتَالِ عَلَيْهِ كَمَا فِي الْمَجْمَعِ وَلَوْ أَحَالَ الرَّاهِنُ الْمُرْتَهِنَ بِالدَّيْنِ عَلَى غَيْرِهِ اسْتَرَدَّ الرَّهْنَ عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ، وَعِنْدَ مُحَمَّدٍ لَا يَسْتَرِدُّ ذَكَرَهُ فِي الْوَجِيزِ وَقَبُولُ الْمُحْتَالِ وَالْمُحْتَالِ عَلَيْهِ شَرْطٌ لِصِحَّةِ الْحَوَالَةِ، وَأَمَّا رِضَا الْمُحِيلِ فَإِنَّمَا يُشْرَطُ لِلرُّجُوعِ عَلَيْهِ ذَكَرَهُ ابْنُ كَمَالٍ فِي الْإِيضَاحِ وَإِذَا تَمَّتْ الْحَوَالَةُ بَرِئَ الْمُحِيلُ مِنْ الدَّيْنِ بِالْقَبُولِ عِنْدَنَا خِلَافًا لِزُفَرَ وَلَمْ يَرْجِعْ الْمُحْتَالُ عَلَى الْمُحِيلِ إلَّا أَنْ يَتْوَى حَقُّهُ وَالْتَوَى عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ بِأَحَدِ الْأَمْرَيْنِ: أَنْ يَجْحَدَ الْحَوَالَةَ وَيَحْلِفَ وَلَا بَيِّنَةَ لَهُ عَلَيْهِ، أَوْ يَمُوتَ مُفْلِسًا، وَقَالَا هَذَانِ الْوَجْهَانِ وَوَجْهٌ ثَالِثٌ وَهُوَ أَنْ يَحْكُمَ الْحَاكِمُ بِإِفْلَاسِهِ حَالَ حَيَاتِهِ، مِنْ الْهِدَايَةِ. وَإِذَا مَاتَ الْمُحْتَالُ عَلَيْهِ فَقَالَ الْمُحْتَالُ تَوَى الْمَالُ عَلَيْهِ فَأَرْجِعُ عَلَيْك أَيُّهَا الْمُحِيلُ إذَنْ فَالْقَوْلُ لِلْمُحْتَالِ وَيَرْجِعُ عَلَى الْمُحِيلِ؛ لِأَنَّهُ مُتَمَسِّكٌ بِالْأَصْلِ كَمَا فِي الْمُنْيَةِ وَالصُّغْرَى وَالْكَفَالَةُ بِشَرْطِ بَرَاءَةِ الْأَصِيلِ حَوَالَةٌ فَإِنْ تَوَى مَا عَلَى الجزء: 1 ¦ الصفحة: 282 الْكَفِيلِ يَرْجِعُ عَلَى الْأَصِيلِ، وَلَوْ مَاتَ هَذَا الْكَفِيلُ فَقَالَ الطَّالِبُ لَمْ يَتْرُكْ وَفَاءً وَكَذَّبَهُ الْمَطْلُوبُ فَالْقَوْلُ قَوْلُ الطَّالِبِ وَعَلَى الْمَطْلُوبِ الْبَيِّنَةُ، مِنْ الْوَجِيزِ أَحَالَ عَلَيْهِ بِمِائَةٍ مَنٍّ مِنْ الْحِنْطَةِ وَلَمْ يَكُنْ لِلْمُحِيلِ عَلَى الْمُحْتَالِ عَلَيْهِ شَيْءٌ وَلَا لِلْمُحْتَالِ عَلَى الْمُحِيلِ فَقَبِلَ الْمُحْتَالُ عَلَيْهِ ذَلِكَ لَا شَيْءَ عَلَيْهِ، مِنْ الْقُنْيَةِ. وَتَصِحُّ الْحَوَالَةُ فِي الدَّيْنِ لَا فِي الْعَيْنِ وَتَصِحُّ بِدَرَاهِمِ الْوَدِيعَةِ فَلَوْ أَوْدَعَ رَجُلًا أَلْفًا وَأَحَالَ بِهَا عَلَيْهِ فَهَلَكَتْ قَبْلَ التَّسْلِيمِ بَرِئَ الْمُحْتَالُ عَلَيْهِ وَهُوَ الْمُودَعُ لِلْحَوَالَةِ لِتَقَيُّدِهَا بِهَا فَإِنَّهُ مَا الْتَزَمَ الْأَدَاءَ إلَّا مِنْهَا بِخِلَافِ مَا إذَا كَانَتْ مُقَيَّدَةً بِالْمَغْصُوبِ؛ لِأَنَّ الْفَوَاتَ إلَى خَلْفٍ كَلَا فَوَاتَ، وَقَدْ تَكُونُ الْحَوَالَةُ مُقَيَّدَةً بِالدَّيْنِ أَيْضًا، مِنْ الْهِدَايَةِ، وَتَصِحُّ بِالْمَغْصُوبَةِ وَلَا يَبْرَأُ الْمُحْتَالُ عَلَيْهِ وَهُوَ الْغَاصِبُ عَنْ الْحَوَالَةِ بِهَلَاكِهَا؛ لِأَنَّ مِثْلَهَا يَخْلُفُهَا ذَكَرَهُ فِي الْإِيضَاحِ ثُمَّ قَالَ وَإِنَّمَا قُلْنَا مِثْلَهَا دُونَ قِيمَتِهَا؛ لِأَنَّ الدَّرَاهِمَ مِنْ الْمِثْلِيَّاتِ انْتَهَى وَفِي الْوَجِيزِ الْحَوَالَةُ نَوْعَانِ مُطْلَقَةٌ وَمُقَيَّدَةٌ فَالْمُطْلَقَةُ أَنْ يُحِيلَ صَاحِبُ الدَّيْنِ عَلَى رَجُلٍ بِأَلْفٍ وَلِلْمُحِيلِ عَلَيْهِ أَلْفٌ، وَلَمْ يُضِفْ الْحَوَالَةَ إلَيْهِ فَعَلَيْهِ أَدَاءُ أَلْفِ الْمُحْتَالِ وَلِلْمُحِيلِ أَنْ يُطَالِبَهُ بِأَدَاءِ أَلْفٍ إلَيْهِ، وَكَذَا لَوْ كَانَ لِرَجُلٍ عِنْدَ رَجُلٍ وَدِيعَةٌ وَأَحَالَ غَرِيمَهُ عَلَيْهِ بِأَلْفٍ وَلَمْ يُقَيِّدْهَا بِأَلْفِ الْوَدِيعَةِ فَلَهُ أَنْ يَأْخُذَ الْوَدِيعَةَ مِنْهُ، وَأَمَّا الْمُقَيَّدَةُ فَبِأَنْ أَحَالَ بِالْمَالِ الَّذِي لَهُ عَلَى الْمُحْتَالِ عَلَيْهِ، أَوْ عَلَى أَنْ يُعْطِيَهُ مِمَّا عَلَيْهِ وَلَيْسَ لِلْمُحِيلِ أَنْ يُطَالِبَهُ بِالْأَدَاءِ إلَيْهِ انْتَهَى فَلَوْ بَاعَ شَيْئًا وَأَحَالَ غَرِيمًا لَهُ عَلَى الْمُشْتَرِي حَوَالَةً مُقَيَّدَةً بِالثَّمَنِ ثُمَّ رَدَّ بِالْعَيْبِ بَعْدَ الْقَبْضِ بِقَضَاءٍ، أَوْ قَبْلَ الْقَبْضِ مِنْ غَيْرِ قَضَاءٍ، أَوْ رَدَّ بِخِيَارِ الرُّؤْيَةِ أَوْ الشَّرْطِ، أَوْ تَفَاسَخَا الْعَقْدَ لَا تَبْطُلُ الْحَوَالَةُ عِنْدَنَا خِلَافًا لِزُفَرَ كَمَا فِي الصُّغْرَى وَالْحَقَائِقِ، وَلَوْ كَانَ مَكَانَ الثَّمَنِ وَدِيعَةٌ أَوْ غَصْبٌ فَأَحَالَ صَاحِبُ الْوَدِيعَةِ وَالْغَصْبِ غَرِيمَهُ عَلَى الْمُودَعِ وَالْغَاصِبِ حَوَالَةً مُقَيَّدَةً ثُمَّ اُسْتُحِقَّتْ الْوَدِيعَةُ وَالْغَصْبُ بَطَلَتْ الْحَوَالَةُ. وَإِذَا أَحَالَ الطَّالِبُ عَلَى رَجُلٍ بِجَمِيعِ حَقِّهِ وَقَبِلَ مِنْهُ ثُمَّ أَحَالَهُ أَيْضًا بِجَمِيعِ حَقِّهِ عَلَى الْآخَرِ وَقَبِلَ مِنْهُ صَارَ الثَّانِي نَاقِضًا لِلْأَوَّلِ، مِنْ الصُّغْرَى. وَلَوْ أَحَالَ وَلَمْ يَكُنْ لِلْمُحِيلِ دَيْنٌ عَلَى الْمُحْتَالِ عَلَيْهِ فَأَدَّى الْمُحْتَالُ عَلَيْهِ الْمَالَ رَجَعَ الْمُحْتَالُ عَلَيْهِ عَلَى الْمُحِيلِ بِمَا ضَمِنَ لَا بِمَا أَدَّى هَذِهِ فِي الْكَفَالَةِ، مِنْ الْهِدَايَةِ حَتَّى لَوْ أَدَّى عُرُوضَا أَوْ دَرَاهِمَ عَنْ الدَّنَانِيرِ لَا يَرْجِعُ إلَّا بِالدَّيْنِ كَالْكَفِيلِ؛ لِأَنَّهُ يَمْلِكُ الدَّيْنَ الَّذِي عَلَى الْمُحِيلِ، وَكَذَا لَوْ وَهَبَ الْمُحْتَالُ الدَّيْنَ لِلْمُحْتَالِ عَلَيْهِ، أَوْ تَصَدَّقَ عَلَيْهِ، أَوْ وَرِثَهُ الْمُحْتَالُ عَلَيْهِ مِنْ الْمُحْتَالِ فَإِنَّهُ يَرْجِعُ عَلَى الْمُحِيلِ بِالدَّيْنِ ذَكَرَهُ فِي الْوَجِيزِ وَإِنْ اخْتَلَفَ الْمُحِيلُ وَالْمُحْتَالُ عَلَيْهِ فَقَالَ الْمُحِيلُ أَحَلْت بِدَيْنٍ كَانَ عَلَيْك وَأَنْكَرَ الْمُحْتَالُ عَلَيْك فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْمُحْتَالِ عَلَيْهِ وَالْحَوَالَةُ لَا تَكُونُ إقْرَارًا بِالدَّيْنِ؛ لِأَنَّهَا قَدْ تَكُونُ بِدُونِهِ وَإِذَا طَالَبَ الْمُحِيلُ الْمُحْتَالَ بِمَا أَحَالَهُ بِهِ وَقَالَ إنَّمَا أَحَلْتُك بِقَبْضِهِ لِي وَقَالَ الْمُحْتَالُ بَلْ أَحَلْتنِي بِدَيْنٍ كَانَ لِي عَلَيْك فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْمُحِيلِ؛ لِأَنَّ الْمُحْتَالَ يَدَّعِي عَلَيْهِ الدَّيْنَ وَهُوَ يُنْكِرُ وَلَفْظُ الْحَوَالَةِ مُسْتَعْمَلٌ فِي الْوَكَالَةِ فَيَكُونُ الْقَوْلُ قَوْلَهُ مَعَ يَمِينِهِ، مِنْ الْهِدَايَةِ الْحَوَالَةُ إذَا كَانَتْ فَاسِدَةً وَقَدْ أَدَّى الْمُحْتَالُ عَلَيْهِ الدَّيْنَ لِلْمُحْتَالِ إنْ شَاءَ رَجَعَ عَلَى الْقَابِضِ، وَإِنْ شَاءَ عَلَى الْمُحِيلِ وَعَلَى هَذَا الْأَجْرُ إذَا بَاعَ الْمُسْتَأْجِرُ وَأَحَالَ الْمُسْتَأْجِرُ عَلَى الْمُشْتَرِي فَاسْتُحِقَّ الْمَبِيعُ مِنْ يَدِ الْمُشْتَرِي وَهُوَ قَدْ أَدَّى الثَّمَنَ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 283 إلَى الْمُسْتَأْجِرِ فَهُوَ مُخَيَّرٌ إنْ شَاءَ رَجَعَ عَلَى الْمُسْتَأْجِرِ، وَإِنْ شَاءَ رَجَعَ عَلَى الْآجِرِ وَمِنْ صُوَرِ فَسَادِ الْحَوَالَةِ إذَا كَانَتْ الْحَوَالَةُ بِشَرْطِ أَنْ يُعْطِيَ الْمُحْتَالُ عَلَيْهِ مَالُ الْحَوَالَةِ مِنْ ثَمَنِ دَارِ الْمُحِيلِ كَانَتْ فَاسِدَةً؛ لِأَنَّ هَذَا حَوَالَةٌ بِمَا لَا يُقْدَرُ عَلَى تَنْفِيذِ الْحَوَالَةِ إلَّا بِهِ وَهُوَ بَيْعُ الدَّارِ فَإِنَّ الْحَوَالَةَ بِهَذَا الشَّرْطِ لَا تَكُونُ تَوْكِيلًا بِبَيْعِ الْوَكِيلِ بِخِلَافِ مَا إذَا قَبِلَ الْمُحْتَالُ عَلَيْهِ الْحَوَالَةَ بِشَرْطِ أَنْ يُعْطِيَ مَالَ الْحَوَالَةِ مِنْ ثَمَنِ دَارٍ لِنَفْسِهِ فَإِنَّهُ يَجُوزُ مِنْ قَاضِي خَانْ وَتَصِحُّ الْحَوَالَةُ مِنْ الْمُحْتَالِ عَلَيْهِ هَذِهِ فِي الْكَفَالَةِ، مِنْ الْهِدَايَةِ وَإِذَا مَاتَ الْمُحْتَالُ عَلَيْهِ مُفْلِسًا وَقَدْ أَعْطَى كَفِيلًا بِالْمَالِ لَيْسَ لِلْمُحْتَالِ أَنْ يَرْجِعَ عَلَى الْمُحِيلِ بِدَيْنِهِ ثُمَّ إنْ أَبْرَأ صَاحِبُ الْمَالِ الْكَفِيلَ مِنْهُ فَلَهُ أَنْ يَرْجِعَ بِهِ عَلَى الْأَصِيلِ. وَإِنْ قَضَى أَجْنَبِيٌّ الْمَالَ عَنْ الْمُحْتَالِ عَلَيْهِ فَلَهُ أَنْ يَرْجِعَ بِذَلِكَ عَلَى الْمُحِيلِ إنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ عَلَى الْمُحْتَالِ عَلَيْهِ دَيْنٌ، وَلَوْ كَانَ لِلْمُحِيلِ عَلَى الْمُحْتَالِ عَلَيْهِ دَيْنٌ وَقَضَى أَجْنَبِيٌّ الدَّيْنَ عَنْ الْمُحِيلِ لَا يَرْجِعُ الْأَجْنَبِيُّ عَلَى الْمُحِيلِ وَيَرْجِعُ الْمُحِيلُ بِدَيْنِهِ عَلَى الْمُحْتَالِ عَلَيْهِ. وَإِذَا مَاتَ الْمُحْتَالُ عَلَيْهِ مُفْلِسًا وَقَدْ رَهَنَ بِالْمَالِ رَهْنًا لِلطَّالِبِ أَنْ يَرْجِعَ عَلَى الْمُحِيلِ بِدَيْنِهِ، مِنْ الْوَجِيزِ. [بَاب فِي مَسَائِلِ الشَّرِكَةِ وَفِيهِ خَمْسَة فُصُولٍ] [الْفَصْلُ الْأَوَّلُ فِي شَرِكَةِ الْأَمْلَاكِ] (الْبَابُ الثَّانِي وَالْعِشْرُونَ فِي مَسَائِلِ الشَّرِكَةِ) وَهِيَ نَوْعَانِ: شَرِكَةُ أَمْلَاكٍ، وَشَرِكَةُ عُقُودٍ، وَلْنَتَكَلَّمْ عَلَى ذَلِكَ فِي خَمْسَةِ فُصُولٍ: (الْفَصْلُ الْأَوَّلُ فِي شَرِكَةِ الْأَمْلَاكِ) شَرِكَةُ الْأَمْلَاكِ عَلَى نَوْعَيْنِ: أَحَدُهُمَا: أَنْ يَصِيرَ مَالُ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مُشْتَرَكًا بَيْنَهُمَا بِغَيْرِ اخْتِيَارِهِمَا بِأَنْ اخْتَلَطَ مَالُ أَحَدِهِمَا بِمَالِ الْآخَرِ مِنْ غَيْرِ اخْتِيَارِهِمَا خَلْطًا لَا يُمْكِنُ التَّمْيِيزُ بَيْنَهُمَا أَصْلًا، أَوْ يُمْكِنُ وَلَكِنْ بِحَرَجٍ كَخَلْطِ الْحِنْطَةِ بِالشَّعِيرِ. وَالثَّانِي: أَنْ يَصِيرَ الْمَالُ مُشْتَرَكًا بَيْنَهُمَا بِاخْتِيَارِهِمَا بِأَنْ مَلَكَا مَالًا بِالشِّرَاءِ، أَوْ بِالْهِبَةِ أَوْ بِالصَّدَقَةِ، أَوْ الِاسْتِيلَاءِ، وَفِي نَوْعَيْهَا أَلَّا يَجُوزَ لِأَحَدِهِمَا التَّصَرُّفُ فِي نَصِيبِ شَرِيكِهِ إلَّا بِإِذْنِهِ وَكُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا فِي نَصِيبِ صَاحِبِهِ كَالْأَجْنَبِيِّ كَمَا فِي الْهِدَايَةِ وَغَيْرِهَا رَجُلَانِ بَيْنَهَا بَعِيرٌ حَمَلَ أَحَدُهُمَا عَلَيْهِ شَيْئًا مِنْ الْقَرْيَةِ إلَى الْمِصْرِ فَسَقَطَ الْبَعِيرُ فِي الطَّرِيقِ فَنَحَرَهُ قَالُوا: إنْ كَانَ يُرْجَى حَيَاتُهُ يَضْمَنُ حِصَّةَ شَرِيكِهِ، وَإِنْ كَانَ لَا يُرْجَى لَا يَضْمَنُ؛ لِأَنَّهُ مَأْمُورٌ بِالْحِفْظِ وَالنَّحْرُ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ حِفْظٌ، وَإِنْ نَحَرَهُ أَجْنَبِيٌّ كَانَ ضَامِنًا عَلَى كُلِّ حَالٍ فِي الصَّحِيحِ مِنْ الْجَوَابِ، مِنْ قَاضِي خَانْ وَفِي الْفُصُولَيْنِ لَهُمَا بَعِيرٌ عَلَيْهِ مَتَاعٌ فَسَاقَهُ أَحَدُهُمَا عَلَى جِسْرٍ فَوَقَعَ فِي النَّهْرِ وَعَطِبَ فَنَحَرَهُ أَهْلُ الْقَرْيَةِ لَمْ يَضْمَنْ السَّائِقُ وَلَا النَّاحِرُونَ إذَا عُلِمَ أَنَّهُ لَا يَعِيشُ إلَى مَجِيءِ صَاحِبِهِ. وَفِيهِ أَيْضًا دَابَّةٌ لَهُمَا فَسَاقَهَا أَحَدُهُمَا فَوَقَعَتْ فِي نَهْرٍ وَانْكَسَرَتْ رِجْلُهَا فَنَحَرَهَا رَجُلٌ وَبَاعَ شَرِيكُهُ اللَّحْمَ لَا يَضْمَنُ السَّائِقُ وَالنَّاحِرُ إذَا لَمْ يُعْلَمْ أَنَّهَا تَعِيشُ إلَى حُضُورِ صَاحِبِهَا وَثَمَنُ اللَّحْمِ بَيْنَ الشَّرِيكَيْنِ، وَهُوَ كَالْمَأْذُونِ دَلَالَةً، انْتَهَى قُلْت: وَقَدْ مَرَّ فِي بَابِ الذَّبَائِحِ مِنْ هَذَا الْكِتَابِ أَنَّ الْفَتْوَى عَلَى أَنَّ الْأَجْنَبِيَّ يَضْمَنُ فِي الْفَرَسِ وَالْبَغْلِ لَا فِي الشَّاةِ، وَقَالَ قَاضِي خَانْ: يَكُونُ ضَامِنًا؛ لِأَنَّهُ غَيْرُ مَأْمُورٍ بِالْحِفْظِ بِخِلَافِ الرَّاعِي وَالْبَقَّارِ فَإِنَّهُ لَا يَضْمَنُ بِذَبْحِ الشَّاةِ أَوْ الْبَقَرَةِ وَإِذَا كَانَ لَا يُرْجَى حَيَاتُهَا الجزء: 1 ¦ الصفحة: 284 اسْتِحْسَانًا؛ لِأَنَّهُ مَأْمُورٌ بِالْحِفْظِ كَمَا مَرَّ فِي بَابِ الْإِجَارَةِ أَرْضٌ بَيْنَهُمَا زَرَعَ أَحَدُهُمَا كُلَّهَا تُقَسَّمُ الْأَرْضُ بَيْنَهُمَا فَمَا وَقَعَ فِي نَصِيبِهِ أُقِرَّ وَمَا وَقَعَ فِي نَصِيبِ شَرِيكِهِ أُمِرَ بِقَلْعِهِ وَضَمِنَ نُقْصَانَ الْأَرْضِ هَذَا إذَا لَمْ يُدْرِكْ الزَّرْعُ أَمَّا لَوْ أَدْرَكَ، أَوْ قَرُبَ يَغْرَمُ الزَّارِعُ لِشَرِيكِهِ نُقْصَانَ نِصْفِ الْأَرْضِ لَوْ انْتَقَصَتْ؛ لِأَنَّهُ غَاصِبٌ فِي نَصِيبِ شَرِيكِهِ. وَعَنْ مُحَمَّدٍ لَوْ غَابَ أَحَدُهُمَا فَلِشَرِيكِهِ أَنْ يَزْرَعَ نِصْفَ الْأَرْضِ، وَلَوْ أَرَادَ الزِّرَاعَةَ فِي الْعَامِ الثَّانِي زَرَعَ النِّصْفَ الَّذِي كَانَ زَرَعَهُ، وَكَذَا لَوْ مَاتَ أَحَدُهُمَا فَلِلْحَيِّ أَنْ يَزْرَعَ كَمَا مَرَّ وَيُفْتَى بِأَنَّهُ لَوْ عَلِمَ أَنَّ الزَّرْعَ يَنْفَعُ الْأَرْضَ وَلَا يُنْقِصُهَا فَلَهُ أَنْ يَزْرَعَ كُلَّهَا، وَلَوْ حَضَرَ الْغَائِبُ فَلَهُ أَنْ يَنْتَفِعَ بِكُلِّ الْأَرْضِ مِثْلَ تِلْكَ الْمُدَّةِ لِرِضَا الْغَائِبِ فِي مِثْلِهِ دَلَالَةً، وَلَوْ عُلِمَ أَنَّ الزَّرْعَ يُنْقِصُهَا، أَوْ التَّرْكَ يَنْفَعُهَا وَيَزِيدُهَا قُوَّةً فَلَيْسَ لِلْحَاضِرِ أَنْ يَزْرَعَ فِيهَا شَيْئًا أَصْلًا إذْ الرِّضَا لَمْ يَثْبُتْ هُنَا كَذَا أَرْضٌ بَيْنَ وَرَثَةٍ زَرَعَهَا بَعْضُهُمْ بِبَذْرٍ مُشْتَرَكٍ بَيْنَهُمْ بِإِذْنِ الْبَاقِينَ لَوْ كِبَارًا، أَوْ بِإِذْنِ الْوَصِيِّ لَوْ صِغَارًا فَالْغَلَّةُ عَلَى الشَّرِكَةِ، وَلَوْ زَرَعَ مِنْ بَذْرِ نَفْسِهِ فَالْغَلَّةُ لِلزَّارِعِ وَالزَّرْعُ الْمُشْتَرَكُ لَوْ أَدْرَكَ فَحَصَدَهُ أَحَدُهُمَا بِلَا إذْنِ شَرِيكِهِ فَهَلَكَ يَنْبَغِي أَنْ يَضْمَنَ حِصَّةَ شَرِيكِهِ وَاقِعَةُ الْفَتْوَى، زَرَعَ أَرْضًا بَيْنَهُ وَبَيْنَ غَيْرِهِ هَلْ لِشَرِيكِهِ أَنْ يُطَالِبَهُ بِرُبْعٍ، أَوْ ثُلُثٍ بِحِصَّةِ نَفْسِهِ كَمَا هُوَ عُرْفُ ذَلِكَ الْمَوْضِعِ؟ أُجِيبُ بِأَنَّهُ لَا يَمْلِكُ ذَلِكَ لَكِنْ يُغَرِّمُهُ نُقْصَانَ نَصِيبِهِ مِنْ الْأَرْضِ لَوْ انْتَقَصَتْ سَكَنَ دَارًا مُشْتَرَكَهُ بِغَيْبَةِ شَرِيكِهِ لَا يَلْزَمُهُ أَجْرُ حِصَّتِهِ وَلَوْ مُعَدَّةً لِلِاسْتِغْلَالِ إذْ الدَّارُ الْمُشْتَرَكَةُ فِي حَقِّ السُّكْنَى، وَفِيمَا هُوَ مِنْ تَوَابِعِ السُّكْنَى تُجْعَلُ مَمْلُوكَةً لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْ الشَّرِيكَيْنِ عَلَى سَبِيلِ الْكَمَالِ إذْ لَوْ لَمْ تُجْعَلْ كَذَلِكَ يُمْنَعُ كُلٌّ مِنْهُمَا عَنْ دُخُولٍ وَقُعُودٍ وَوَضْعِ أَمْتِعَةٍ فَيَبْطُلُ مَنَافِعُ مِلْكِهِمَا وَهُوَ لَمْ يَجُزْ، وَلَمَّا كَانَ كَذَا صَارَ الْحَاضِرُ سَاكِنًا فِي مِلْكِ نَفْسِهِ فَلَا أَجْرَ عَلَيْهِ وَعُلِّلَتْ فِي الذَّخِيرَةِ بِأَنَّهُ سَكَنَ بِتَأْوِيلِ الْمِلْكِ فَلَا أَجْرَ، مِنْ الْفُصُولَيْنِ وَالْوَقْفُ الْمُشْتَرَكُ إذَا سَكَنَهُ أَحَدُهُمَا بِالْغَلَبَةِ بِدُونِ إذْنِ الْآخَرِ فَإِنَّهُ يَجِبُ الْأَجْرُ سَوَاءٌ كَانَ مَوْقُوفًا لِلسُّكْنَى، أَوْ لِلِاسْتِغْلَالِ كَمَا فِي الْأَشْبَاهِ وَقَدْ مَرَّتْ فِي الْغَصْبِ. عَبْدٌ بَيْنَ شَرِيكَيْنِ اسْتَخْدَمَهُ أَحَدُهُمَا بِغَيْرِ إذْنِ صَاحِبِهِ فَمَاتَ فِي خِدْمَتِهِ يَصِيرُ غَاصِبًا عَلَى رِوَايَةِ هِشَامٍ عَنْ مُحَمَّدٍ وَلَا يَصِيرُ غَاصِبًا عَلَى رِوَايَةِ ابْنِ رُسْتُمَ عَنْهُ، وَفِي الدَّابَّةِ الْمُشْتَرَكَةِ يَصِيرُ غَاصِبًا عَلَى الرِّوَايَتَيْنِ انْتَهَى. دَارٌ مُشْتَرَكَةٌ بَيْنَ قَوْمٍ فَلِبَعْضِهِمْ التَّوَضُّؤُ وَرَبْطُ الدَّابَّةِ وَوَضْعُ الْخَشَبَةِ فِيهَا وَمَنْ عَطِبَ بِذَلِكَ لَا يُضْمَنُ، وَلَيْسَ لَهُمْ حَفْرُ بِئْرٍ فَلَوْ حَفَرَ أَحَدُهُمَا بِئْرًا يُؤْخَذُ بِأَنْ يُسَوِّيَهَا فَإِنْ نَقَصَ الْحَفْرُ الْأَرْضَ يُؤْخَذُ بِنُقْصَانِ الْحَفْرِ وَإِذَا حَفَرَ أَحَدُ أَصْحَابِ طَرِيقٍ غَيْرِ نَافِذَةٍ فِيهِ بِئْرًا يُؤْخَذُ بِأَنْ يَطِمَّ الْبِئْرُ وَلَا يُؤْخَذُ بِمَا نَقَصَتْ الْبِئْرُ وَيَضْمَنُ مَا عَطِبَ بِهَا، وَكَذَا لَوْ بَنَى فِيهِ فَعَطِبَ بِذَلِكَ إنْسَانٌ ضَمِنَ كَمَا فِي قِسْمَةِ الصُّغْرَى وَقَدْ مَرَّ فِي الْجِنَايَاتِ وَفِي الْخُلَاصَةِ مِنْ كِتَابِ الْحِيطَانِ، وَكَذَا لَوْ كَانَ الطَّرِيقُ بَيْنَ قَوْمٍ وَهُوَ غَيْرُ نَافِذٍ فَإِنَّ حُكْمَهُ حُكْمُ الدَّارِ الْمُشْتَرَكَةِ غَيْرَ أَنَّ فِي الطَّرِيقِ لَا يَضْمَنُ نُقْصَانَ الْحَفْرِ انْتَهَى. دَارٌ بَيْنَ اثْنَيْنِ غَابَ أَحَدُهُمَا وَآجَرَهَا الْآخَرُ وَأَخَذَ الْأُجْرَةَ فَلِلْغَائِبِ أَنْ يُشَارِكَهُ فِي الْأُجْرَةِ قَالَ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - فَهَذَا إشَارَةٌ إلَى أَنَّ الْعَاقِدَ لَمْ يَمْلِكْ الْأُجْرَةَ. وَفِي الْأَصْلِ إشَارَةٌ إلَى أَنَّهُ يَمْلِكُهَا وَيَتَصَدَّقُ بِحِصَّةِ شَرِيكِهِ لِلْخُبْثِ كَالْغَاصِبِ، مِنْ الْقُنْيَةِ، وَفِيهَا قَبَضَ أَحَدُ الشَّرِيكَيْنِ نَصِيبَهُ مِنْ السَّلَمِ أَوْ الدَّيْنِ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 285 الْمُشْتَرَكِ وَرَضِيَ الْآخَرُ بِقَبْضِهِ لِنَفْسِهِ فَلَهُ أَنْ يَرْجِعَ عَلَيْهِ بِحِصَّتِهِ بَعْدَ ذَلِكَ انْتَهَى. مَوَاشٍ لَهُمَا فَغَابَ أَحَدُهُمَا فَدَفَعَ الشَّرِيكُ الْآخَرُ كُلَّهَا إلَى الرَّاعِي هَلْ يَضْمَنُ نَصِيبَ شَرِيكِهِ؟ أَجَابَ مَوْلَانَا أَنَّهُ يَضْمَنُ إذْ يُمْكِنُهُ حِفْظُهَا بِيَدِ أَجِيرِهِ فَلَا يَصِيرُ مُودِعًا غَيْرَهُ، وَلَوْ تَرَكَهَا الشَّرِيكُ فِي الصَّحْرَاءِ وَلَمْ يَتْرُكْهَا بِيَدِهِ يُمْكِنُهُ أَنْ يَرْفَعَ الْأَمْرَ إلَى الْقَاضِي فَيَنْصِبَ قَيِّمًا يَحْفَظُهَا مِنْ مُشْتَمِلِ الْأَحْكَامِ عَنْ الْفُصُولَيْنِ. وَلَوْ كَانَ بَيْنَهُمَا شَرِكَةٌ فِي مَالٍ خَلَطَاهُ لَيْسَ لِوَاحِدٍ مِنْهُمَا أَنْ يُسَافِرَ بِالْمَالِ بِغَيْرِ إذْنِ شَرِيكِهِ فَإِنْ سَافَرَ بِهِ فَهَلَكَ إنْ كَانَ قَدَرًا لَهُ حَمْلٌ وَمُؤْنَةٌ ضَمِنَ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ حَمْلٌ وَمُؤْنَةٌ لَا يَضْمَنُ. رَجُلَانِ لَهُمَا دَيْنٌ مُشْتَرَكٌ عَلَى رَجُلٍ فَأَخَذَ أَحَدُهُمَا حِصَّتَهُ مِنْ الْمَدْيُونِ كَانَ لِشَرِيكِهِ أَنْ يُشَارِكَهُ فِيمَا قَبَضَ، وَإِنْ أَرَادَ أَحَدُهُمَا أَنْ يَأْخُذَ مِنْ الْمَدْيُونِ شَيْئًا وَلَا يُشَارِكُهُ صَاحِبُهُ فِيمَا أَخَذَ فَالْحِيلَةُ فِي ذَلِكَ أَنْ يَهَبَ الْمَدْيُونَ مِنْهُ مِقْدَارَ حِصَّتِهِ مِنْ الدَّيْنِ وَيُسَلِّمَ لَهُ ثُمَّ هُوَ يُبْرِئُ الْغَرِيمَ عَنْ حِصَّتِهِ مِنْ الدَّيْنِ فَلَا يَكُونُ لِشَرِيكِهِ حَقُّ الْمُشَارَكَةِ فِيمَا أَخَذَ بِطَرِيقِ الْهِبَةِ. رَجُلَانِ بَيْنَهُمَا دَارٌ غَيْرُ مَقْسُومَةٍ غَابَ أَحَدُهُمَا كَانَ لِلْآخَرِ أَنْ يَسْكُنَ مِقْدَارَ حِصَّتِهِ فِي كُلِّ الدَّارِ، وَكَذَا الْخَادِمُ إذَا كَانَ مُشْتَرَكًا وَأَحَدُهُمَا غَائِبٌ كَانَ لِلْحَاضِرِ أَنْ يَسْتَخْدِمَ، الْخَادِمَ بِحِصَّتِهِ، وَفِي الدَّابَّةِ الْمُشْتَرَكَةِ لَا يَرْكَبُهَا أَحَدُهُمَا؛ لِأَنَّ النَّاسَ يَتَفَاوَتُونَ فِي الرُّكُوبِ فَلَمْ يَكُنْ الْغَائِبُ رَاضِيًا بِرُكُوبِ الشَّرِيكِ، وَفِي الْخَادِمِ وَالدَّارِ لَا يَتَفَاوَتُونَ فِي السُّكْنَى وَالْخِدْمَةِ فَكَانَ الْغَائِبُ رَاضِيًا بِفِعْلِ الشَّرِيكِ وَالْكَرْمُ وَالْأَرْضُ إذَا كَانَا بَيْنَ الرَّجُلَيْنِ وَأَحَدُهُمَا غَائِبٌ، أَوْ كَانَتْ الْأَرْضُ بَيْنَ بَالِغٍ وَيَتِيمٍ يُرْفَعُ الْأَمْرُ إلَى الْقَاضِي فَإِنْ لَمْ يَرْفَعْ الْحَاضِرُ وَزَرَعَ الْأَرْضَ بِحِصَّتِهِ طَابَ لَهُ، وَفِي الْكَرْمِ يَقُومُ الْحَاضِرُ فَإِنْ أَدْرَكَتْ الثَّمَرَةُ يَبِيعُهَا وَيَأْخُذُ حِصَّتَهُ مِنْ الثَّمَنِ وَتُوقَفُ حِصَّةُ الْغَائِبِ فَإِذَا قَدِمَ الْغَائِبُ خُيِّرَ الْغَائِبُ إنْ شَاءَ ضَمَّنَهُ الْقِيمَةَ، وَإِنْ شَاءَ أَخَذَ الثَّمَنَ، وَإِنْ أَدَّى خَرَاجَ الْأَرْضِ قَالُوا يَكُونُ مُتَطَوِّعًا فِي حَقِّ الشَّرِيكِ؛ لِأَنَّهُ قَضَى دَيْنَهُ بِغَيْرِ أَمْرِهِ لَا عَنْ اضْطِرَارٍ فَإِنَّهُ مُتَمَكِّنٌ مِنْ أَنْ يَرْفَعَ الْأَمْرَ إلَى الْقَاضِي لِيَأْمُرَهُ بِذَلِكَ، وَإِنْ كَانَ بَيْنَ الْحَاضِرِ وَالْغَائِبِ دَارٌ مَقْسُومَةٌ وَنَصِيبُ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مَعْزُولٌ عَنْ نَصِيبِ الْآخَرِ لَيْسَ لِلْحَاضِرِ أَنْ، يَسْكُنَ فِي نَصِيبِ الْغَائِبِ لَكِنْ الْقَاضِي يَنْظُرُ فِي ذَلِكَ إنْ خَافَ الْخَرَابَ كَانَ لِلْقَاضِي أَنْ يُؤَاجِرَ وَيُمْسِكَ الْأَجْرَ لِلْغَائِبِ، وَفِي غَيْرِ الْمَقْسُومَةِ لِلْحَاضِرِ أَنْ يَسْكُنَ قَدْرَ حِصَّتِهِ. وَعَنْ مُحَمَّدٍ لِلْحَاضِرِ أَنْ يَسْكُنَ كُلَّ الدَّارِ إذَا خِيفَ عَلَيْهَا الْخَرَابُ لَوْ لَمْ تُسْكَنْ وَمَا كَانَ عَلَى الرَّاهِنِ إذَا أَدَّاهُ الْمُرْتَهِنُ بِغَيْرِ إذْنِ الرَّاهِنِ ذَكَرْنَا أَنَّهُ يَكُونُ مُتَطَوِّعًا، وَكَذَا لَوْ أَدَّى الرَّاهِنُ مَا يَجِبُ عَلَى الْمُرْتَهِنِ، وَإِنْ أَدَّى أَحَدُهُمَا مَا كَانَ عَلَى صَاحِبِهِ بِأَمْرِهِ، أَوْ بِأَمْرِ الْقَاضِي يَرْجِعُ عَلَيْهِ. وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ إذَا كَانَ الرَّاهِنُ غَائِبًا فَأَنْفَقَ الْمُرْتَهِنُ بِأَمْرِ الْقَاضِي يَرْجِعُ عَلَيْهِ، وَإِنْ كَانَ حَاضِرًا لَا يَرْجِعُ وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ يَرْجِعُ فِي الْوَجْهَيْنِ وَالْفَتْوَى عَلَى أَنَّ الرَّاهِنَ لَوْ كَانَ حَاضِرًا وَأَبَى أَنْ يُنْفِقَ فَأَمَرَ الْقَاضِي الْمُرْتَهِنَ بِالْإِنْفَاقِ فَأَنْفَقَ يَرْجِعُ عَلَى الرَّاهِنِ وَمَسَائِلُ الشَّرِكَةِ يَنْبَغِي أَنْ تَكُونَ عَلَى هَذَا الْقِيَاسِ، مِنْ قَاضِي خَانْ وَعَنْ مُحَمَّدٍ فِي طَاحُونَةٍ بَيْنَ شَرِيكَيْنِ أَنْفَقَ أَحَدُهُمَا عَلَى مَرَمَّتِهَا بِغَيْرِ إذْنِ شَرِيكِهِ لَا يَكُونُ مُتَطَوِّعًا لِأَنَّهُ لَا يَتَوَصَّلُ إلَى الِانْتِفَاعِ بِنَصِيبِ نَفْسِهِ إلَّا بِذَلِكَ وَسُئِلَ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 286 الْفَضْلِيُّ عَنْ طَاحُونَةٍ، أَوْ حَمَّامٍ لَهُمَا اسْتَأْجَرَ نَصِيبَ كُلٍّ مِنْهُمَا رَجُلٌ ثُمَّ أَنْفَقَ الْمُسْتَأْجِرُ فِي مَرَمَّةِ الْحَمَّامِ بِإِذْنِ مُؤَاجِرِهِ هَلْ يَرْجِعُ بِذَلِكَ عَلَى الْمَالِكِ الَّذِي لَمْ يُؤَاجِرْ نَصِيبَهُ مِنْهُ؟ أَجَابَ لَا يَرْجِعُ وَذَكَرَ عَنْ مُحَمَّدٍ الرِّوَايَةَ الَّتِي ذَكَرْنَا ثُمَّ قَالَ: يُحْتَمَلُ أَنْ يُقَالَ الْمُسْتَأْجِرُ يَقُومُ مَقَامَ مُؤَاجِرِهِ فِيمَا أَنْفَقَ فَيَرْجِعُ عَلَى مُؤَاجِرِهِ بِمَا أَنْفَقَ ثُمَّ آجِرُهُ يَرْجِعُ عَلَى شَرِيكِهِ بِمَا أَخَذَ مِنْهُ الْمُسْتَأْجِرُ؛ لِأَنَّ الْمُؤَاجِرَ أَقَامَهُ مَقَامَ نَفْسِهِ وَيُحْتَمَلُ أَنْ يُقَالَ الْمُسْتَأْجِرُ إنَّمَا يَرْجِعُ عَلَى مُؤَاجِرِهِ لِأَجْلِ أَنَّهُ أَذِنَ لَهُ فِي الْإِنْفَاقِ فَإِذْنُ الْمُؤَجِّرِ لِلْمُسْتَأْجِرِ يَجُوزُ عَلَى نَفْسِهِ لَا عَلَى شَرِيكِهِ فَيَكُونُ الْمُسْتَأْجِرُ مُتَطَوِّعًا فِي نَصِيبِ شَرِيكِهِ الْمَالِكِ فَلَا يَرْجِعُ بِهِ عَلَى أَحَدٍ فَلَمَّا اشْتَبَهَ عَلَيْهِ احْتَاطَ فِي الْجَوَابِ فَقَالَ لَا يَرْجِعُ عَلَى الشَّرِيكِ الْمَالِكِ بِمَا أَنْفَقَ وَأَصْلُ هَذَا النَّوْعِ إنْ كَانَ مَنْ أُجْبِرَ عَلَى أَنْ يَفْعَلَ مَعَ صَاحِبِهِ فَإِذَا فَعَلَ أَحَدُهُمَا فَهُوَ مُتَطَوِّعًا وَكُلُّ مَنْ لَا يُجْبَرُ فَهُوَ لَيْسَ مُتَطَوِّعًا وَعَلَى هَذَا نَهْرٌ بَيْنَ رَجُلَيْنِ كَرَاهُ أَحَدُهُمَا أَوْ السَّفِينَةُ يُتَخَوَّفُ فِيهَا الْغَرَقُ أَوْ حَمَّامٌ خَرِبَ مِنْهُ شَيْءٌ قَلِيلٌ، أَوْ عَبْدٌ بَيْنَ اثْنَيْنِ فَفَدَاهُ فَفِي هَذَا كُلِّهِ يَكُونُ مُتَطَوِّعًا؛ لِأَنَّهُ لَا يُجْبِرُ شَرِيكَهُ عَلَى أَنْ يَفْعَلَ مَعَهُ فَإِذَا فَعَلَ أَحَدُهُمَا بِغَيْرِ إذْنِ شَرِيكِهِ كَانَ مُتَطَوِّعًا أَمَّا الَّذِي لَهُ غُرْفَةٌ فَوْقَ بَيْتِ رَجُلٍ إذَا انْهَدَمَ الْبَيْتُ وَسَقَطَتْ الْغُرْفَةُ إذَا بَنَى صَاحِبُ الْغُرْفَةِ أَسْفَلَ لَمْ يَكُنْ مُتَطَوِّعًا إذْ لَا يُجْبَرُ صَاحِبُ الْبَيْتِ عَلَى بِنَاءِ بَيْتِهِ قَوْمٌ بَيْنَهُمْ شِرْبٌ امْتَنَعَ بَعْضُهُمْ عَنْ كَرْيِ النَّهْرِ أَمَرَ الْحَاكِمُ الْآخَرِينَ أَنْ يَكْرُوَا النَّهْرَ وَلَهُمْ أَنْ يَمْنَعُوهُ مِنْ شُرْبِ النَّهْرِ حَتَّى يَدْفَعَ حِصَّتَهُ، وَهُوَ قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ وَذَكَرَ مُحَمَّدٌ أَنَّ دَاوُد الطَّائِيَّ كَانَ مِنْ أَصْحَابِ أَبِي حَنِيفَةَ ثُمَّ أَقْبَلَ عَلَى الْعِبَادَةِ وَالْخَلْوَةِ بِنَفْسِهِ وَكَانَ دَارُهُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ شَرِيكٍ لَهُ غَائِبٍ فَكَانَ يَسْكُنُ دَاوُد الدَّارَ وَكَانَتْ نَخْلَةٌ، أَوْ نَخَلَاتٌ فِي الدَّارِ فَكَانَ لَا يَأْكُلُ مِنْ ثَمَرِهَا شَيْئًا لَكِنْ كَانَ إذَا انْتَهَتْ الثَّمَرَةُ وَأَدْرَكَتْ يَفْتَحُ بَابَ الدَّارِ وَلَا يَمْنَعُ مَنْ يَدْخُلُ الدَّارَ وَيَأْكُلُ الثَّمَرَةَ فَكَرِهَ أَكْلَ الثَّمَرَةِ وَلِغَيْرِهِ فِيهَا نَصِيبٌ بِغَيْرِ إذْنِهِ؛ لِأَنَّ الْأَكْلَ اسْتِهْلَاكٌ وَلَمْ يَكُنْ فِي سُكْنَى الدَّارِ اسْتِهْلَاكٌ بَلْ فِي سُكْنَاهَا عِمَارَتُهَا فَلَمْ يَرَ بِهِ بَأْسًا قَالَ مُحَمَّدٌ، وَلَوْ أَنَّ الشَّرِيكَ أَخَذَ حِصَّتَهُ مِنْ الثَّمَرَةِ وَأَكَلَهَا جَازَ لَهُ وَيَبِيعُ نَصِيبَ الْغَائِبِ وَيَحْفَظُ ثَمَنَهُ فَإِنْ حَضَرَ صَاحِبُهُ فَأَجَازَ فِعْلَهُ وَإِلَّا ضَمَّنَهُ قِيمَتَهُ، وَإِنْ لَمْ يَحْضُرْ فَهُوَ كَاللُّقَطَةِ يَتَصَدَّقُ بِهِ قَالَ الْفَقِيهُ أَبُو اللَّيْثِ وَهَذَا اسْتِحْسَانٌ وَبِهِ نَأْخُذُ، مِنْ الصُّغْرَى كَيْلِي، أَوْ وَزْنِيٌّ بَيْنَ حَاضِرٍ وَغَائِبٍ، أَوْ بَيْنَ بَالِغٍ وَصَبِيٍّ فَأَخَذَ الْحَاضِرُ، أَوْ الْبَالِغُ نَصِيبَهُ فَإِنَّمَا تَنْفُذُ قِسْمَتُهُ بِلَا خَصْمٍ لَوْ سَلِمَ نَصِيبُ الْغَائِبِ وَالصَّبِيِّ حَتَّى لَوْ هَلَكَ مَا بَقِيَ قَبْلَ أَنْ يَصِلَ إلَى الْغَائِبِ، أَوْ الصَّبِيِّ هَلَكَ عَلَيْهِمَا لَوْ بَيْنَهُمَا دَارٌ وَغَابَ أَحَدُهُمَا يَسْكُنُ الْآخَرُ بِقَدْرِ حِصَّتِهِ وَذَكَرَ يَسْكُنُهَا وَلَا يَسْكُنُهَا غَيْرُهُ وَقِيلَ يُخْلَى بَيْنَهُ وَبَيْنَهَا لَوْلَا خَصْمٌ يُؤَجِّرُهَا وَيَأْخُذُ نَصِيبَهُ مِنْ الْأَجْرِ وَيَقِفُ نَصِيبُ شَرِيكِهِ فَلَوْ وَجَدَهُ وَإِلَّا يَتَصَدَّقُ وَيُسْتَخْدَمُ الْخَادِمَ وَلَا يَرْكَبُ الدَّابَّةَ إذْ يَحْرُمُ بِلَا مِلْكٍ، وَفِي الرَّحَى لَوْ احْتَاجَ إلَى دَابَّةٍ وَأَدَاةٍ، أَوْ بِنَاءٍ أَقَامَهَا وَرَجَعَ فِي الْغَلَّةِ، مِنْ الْفُصُولَيْنِ. عَبْدٌ بَيْنَ اثْنَيْنِ غَابَ أَحَدُهُمَا فَأَنْفَقَ عَلَيْهِ الْآخَرُ يَكُونُ مُتَطَوِّعًا هَذِهِ فِي النَّفَقَاتِ، مِنْ الصُّغْرَى. وَفِي الْوَجِيزِ لَوْ تَغَيَّبَ أَحَدُهُمَا فَأَنْفَقَ الْآخَرُ كَانَ مُتَبَرِّعًا إلَّا أَنْ يَكُونَ بِأَمْرِ الْقَاضِي كَمَا فِي الْقِسْمَةِ، مِنْ الصُّغْرَى. حَائِطٌ بَيْنَهُمَا وَهْيٌ وَخِيفَ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 287 سُقُوطُهُ فَأَرَادَ أَحَدُهُمَا نَقْضَهُ وَأَبَى الْآخَرُ يُجْبَرُ عَلَى نَقْضِهِ فَلَوْ هَدَمَا حَائِطًا بَيْنَهُمَا فَأَبَى أَحَدُهُمَا عَنْ بِنَائِهِ يُجْبَرُ، وَلَوْ انْهَدَمَ لَا يُجْبَرُ وَلَكِنَّهُ يَبْنِي الْآخَرُ فَيَمْنَعُهُ حَتَّى يَأْخُذَ نِصْفَ مَا أَنْفَقَ لَوْ أَنْفَقَ بِأَمْرِ الْقَاضِي وَنِصْفَ قِيمَةِ الْبِنَاءِ لَوْ أَنْفَقَ بِلَا أَمْرِ الْقَاضِي، مِنْ الْفُصُولَيْنِ. وَفِي الْوَجِيزِ مِنْ نَفَقَةِ الْمُشْتَرَكِ أَصْلُهُ أَنَّ مَنْ أَصْلَحَ مِلْكًا مُشْتَرَكًا بَيْنَهُ وَبَيْنَ غَيْرِهِ وَهُوَ مُضْطَرٌّ بِالْإِنْفَاقِ لِإِحْيَاءِ نَصِيبِهِ إنْ كَانَ بِأَمْرِ الْقَاضِي يَرْجِعُ عَلَى شَرِيكِهِ بِقَدْرِ نَصِيبِهِ وَبِغَيْرِ أَمْرِهِ لَا يَرْجِعُ ثُمَّ يُنْظَرُ إنْ كَانَ الْإِنْفَاقُ لِإِصْلَاحِ مِلْكِ الرَّقَبَةِ يُجْبَرُ الشَّرِيكُ الْأَبِيُّ عَلَى الْعِمَارَةِ، وَإِنْ كَانَتْ الْعِمَارَةُ لِأَجْلِ اسْتِيفَاءِ الْمَنْفَعَةِ لَا يُجْبَرُ الْأَبِيُّ عَلَيْهَا إذَا لَمْ يُرِدْ الِانْتِفَاعَ بِهِ وَلَكِنْ يَرْجِعُ عَلَى الْأَبِيِّ بِقِسْطِهِ انْتَهَى. قِنٌّ، أَوْ زَرْعٌ لَهُمَا فَغَابَ أَحَدُهُمَا وَأَنْفَقَ الْآخَرُ يَكُونُ مُتَبَرِّعًا فِيمَا أَنْفَقَ؛ لِأَنَّ الْمُنْفِقَ فِي بَابِ الْقِنِّ وَالزَّرْعِ غَيْرُ مُضْطَرٍّ فِي الْإِنْفَاقِ إذْ، لَا يَخْلُو إمَّا، أَنْ يَكُونَ شَرِيكُهُ حَاضِرًا أَوْ غَائِبًا فَلَوْ حَاضِرًا فَالْقَاضِي يُجْبِرُهُ عَلَى أَنْ يُنْفِقَ فِي نَصِيبِهِ، وَلَوْ غَائِبًا فَيَأْمُرُهُ الْقَاضِي فِي الْإِنْفَاقِ لِيَرْجِعَ عَلَى الْغَائِبِ إذْ لِلْقَاضِي وِلَايَةُ الْأَمْرِ بِالْإِنْفَاقِ فِي كُلِّ مَوْضِعٍ لَهُ وِلَايَةُ الْجَبْرِ لَوْ حَاضِرًا فَلَمَّا زَالَ الْإِضْرَارُ كَانَ مُتَبَرِّعًا فِيمَا أَنْفَقَ بِخِلَافِ مَا إذَا كَانَ عُلُوٌّ لِرَجُلٍ وَالسُّفْلُ لِآخَرَ فَانْهَدَمَ السُّفْلُ بِنَفْسِهِ فَلِأَنَّهُ لَا يُجْبَرُ ذُو السُّفْلِ عَلَى الْبِنَاءِ حِينَئِذٍ إذْ لَوْ أُجْبِرَ إنَّمَا يُجْبَرُ لِحَقِّهِ، أَوْ لِحَقِّ ذِي الْعُلُوِّ لَا وَجْهَ إلَى الْأَوَّلِ وَهُوَ ظَاهِرٌ وَلَا إلَى الثَّانِي إذْ حَقُّهُ فَاتَ بِلَا تَعَدٍّ مِنْ ذِي السُّفْلِ فَلَا يَلْزَمُهُ أَنْ يُعِيدَهُ فَيُقَالَ، لِذِي الْعُلُوِّ: ابْنِ السُّفْلَ إنْ شِئْت حَتَّى تَبْلُغَ مَوْضِعَ عُلُوِّك ثُمَّ ابْنِ عُلُوَّك فَلَوْ بَنَاهُ فَلَهُ أَنْ يَمْنَعَ ذَا السُّفْلِ حَتَّى يُؤَدِّيَ قِيمَةَ الْبِنَاءِ إلَى ذِي الْعُلُوِّ إذْ الْبِنَاءُ مِلْكُ الْبَانِي لِبِنَائِهِ بِغَيْرِ الْأَمْرِ كَغَاصِبٍ إلَّا أَنَّ الْغَاصِبَ مُتَعَدٍّ فِي الْبِنَاءِ فَلَمْ يَجُزْ لَهُ مَنْعُ رَبِّ الْأَرْضِ مِنْ الِانْتِفَاعِ بِأَرْضِهِ وَذُو الْعُلُوِّ مُحِقٌّ فِي الْبِنَاءِ؛ لِأَنَّهُ مُضْطَرٌّ لِإِحْيَاءِ حَقِّهِ فَلَهُ الْمَنْعُ مِنْهُ ثُمَّ إذَا أَدَّى إلَيْهِ قِيمَةَ الْبِنَاءِ مَلَكَهُ، وَلَوْ بِلَا رِضَا صَاحِبِ الْعُلُوِّ وَلَوْ امْتَنَعَ رَبُّ السُّفْلِ عَنْ الِانْتِفَاعِ بِسُفْلِهِ وَعَنْ أَدَاءِ الْقِيمَةِ لَا يُجْبَرُ عَلَيْهِ بِخِلَافِ مَا لَوْ هَدَمَ ذُو السُّفْلِ سُفْلَهُ وَذُو الْعُلُوِّ عُلُوَّهُ فَإِنَّهُ حِينَئِذٍ يُؤْخَذُ ذُو السُّفْلِ بِبِنَاءِ سُفْلِهِ إذْ فَوَّتَ عَلَيْهِ حَقًّا أُلْحِقَ بِالْمِلْكِ فَصَارَ كَمَا فَوَّتَ عَلَيْهِ مِلْكًا رَحَى مَاءٍ بَيْنَهُمَا فِي بَيْتٍ لَهُمَا فَخَرِبَتْ كُلُّهَا حَتَّى صَارَتْ صَحْرَاءَ لَمْ يُجْبَرْ الشَّرِيكُ عَلَى الْعِمَارَةِ وَتُقَسَّمُ الْأَرْضُ بَيْنَهُمَا وَلَوْ قَائِمَةً بِبِنَائِهَا وَأَدَوَاتِهَا إلَّا أَنَّهُ ذَهَبَ شَيْءٌ مِنْهَا يُجْبَرُ الشَّرِيكُ عَلَى أَنَّهُ يُعَمِّرُ مَعَ الْآخَرِ، وَلَوْ مُعْسِرًا قِيلَ لِشَرِيكِهِ أَنْفِقْ أَنْتَ لَوْ شِئْت فَيَكُونُ نِصْفُهُ دَيْنًا لَك عَلَى شَرِيكِك، وَكَذَا الْحَمَّامُ لَوْ صَارَ صَحْرَاءَ تُقَسَّمُ الْأَرْضُ بَيْنَهُمَا، وَلَوْ تَلِفَ شَيْءٌ مِنْهُ يُجْبَرُ الْأَبِيُّ عَلَى عِمَارَتِهِ. وَعَنْ مُحَمَّدٍ فِي حَمَّامٍ بَيْنَهُمَا خَرِبَ مِنْهُ بَيْتٌ، أَوْ احْتَاجَ إلَى قَدْرٍ وَمَرَمَّةِ وَأَبَى أَحَدُهُمَا لَا يُجْبَرُ وَيُقَالُ لِلْآخَرِ إنْ شِئْت فَابْنِهِ أَنْتَ وَخُذْ مِنْ غَلَّتِهِ نَفَقَتَك ثُمَّ يَصِيرَانِ فِيهِ سَوَاءً، مِنْ الْفُصُولَيْنِ أَحَدُ الشَّرِيكَيْنِ إذَا بَنَى فِي أَرْضٍ مُشْتَرَكَةٍ بِغَيْرِ إذْنِ شَرِيكِهِ كَانَ لِشَرِيكِهِ أَنْ يَنْقُضَ الْبِنَاءَ؛ لِأَنَّ لَهُ وِلَايَةَ النَّقْضِ فِي نَصِيبِهِ وَالتَّمْيِيزُ غَيْرُ مُمْكِنٍ وَالْغَرْسُ هَكَذَا دَارٌ بَيْنَ رَجُلَيْنِ تَهَايَآ فِيهَا عَلَى أَنْ يَسْكُنَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مَنْزِلًا مَعْلُومًا أَوْ يُؤَاجِرَهُ فَهُوَ جَائِزٌ وَلَا حَاجَةَ إلَى بَيَانِ الْمُدَّةِ فِي هَذَا الْعَقْدِ، وَإِنْ تَهَايَآ فِيهَا مِنْ حَيْثُ الزَّمَانِ بِأَنْ تَهَايَآ عَلَى أَنْ يَسْكُنَ هَذَا يَوْمًا وَهَذَا يَوْمًا، أَوْ يُؤَاجِرَ هَذَا الجزء: 1 ¦ الصفحة: 288 سَنَةً وَهَذَا سَنَةً فَالتَّهَايُؤُ فِي السُّكْنَى جَائِزٌ فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ لَكِنْ إذَا جُعِلَ بِتَرَاضِيهِمَا وَلَا يُجْبَرَانِ عَلَى ذَلِكَ، أَمَّا إذَا تَهَايَآ عَلَى أَنْ يُؤَاجِرَ هَذَا سَنَةً وَهَذَا سَنَةً فَقَدَا اخْتَلَفَ الْمَشَايِخُ فِيهِ، وَالْأَظْهَرُ يَجُوزُ فَإِنْ اسْتَوَتْ الْغَلَّتَانِ فِيهَا، وَإِنْ فَضَلَتْ فِي نَوْبَةِ أَحَدِهِمَا يَشْتَرِكَانِ فِي الْفَضْلِ وَبِهِ يُفْتَى، وَكَذَا التَّهَايُؤُ فِي الدَّارَيْنِ عَلَى السُّكْنَى وَالْغَلَّةِ جَائِزٌ تَهَايَآ عَلَى أَنْ يَسْكُنَ هَذَا دَارًا وَهَذَا دَارًا، أَوْ يُؤَاجِرَ هَذَا دَارًا وَهَذَا دَارًا يَجُوزُ إلَّا أَنَّ فِي الدَّارَيْنِ إذَا أَغَلَّتْ فِي يَدِ أَحَدِهِمَا أَكْثَرَ مِمَّا أَغَلَّتْ فِي يَدِ الْآخَرِ لَا يَرْجِعُ أَحَدُهُمَا عَلَى صَاحِبِهِ بِشَيْءٍ، وَفِي الدَّارِ الْوَاحِدَةِ إذَا تَهَايَآ فِي الْغَلَّةِ فَأَغَلَّتْ فِي نَوْبَةِ أَحَدِهِمَا أَكْثَرَ يَشْتَرِكَانِ فِي الْفَضْلِ كَمَا مَرَّ. بَقَرَةٌ بَيْنَ اثْنَيْنِ اصْطَلَحَا عَلَى أَنْ تَكُونَ عِنْدَ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا خَمْسَةَ عَشَرَ يَوْمًا يَحْلُبُ لَبَنَهَا فَهَذِهِ مُهَايَأَةٌ بَاطِلَةٌ وَلَا يَحِلُّ فَضْلُ اللَّبَنِ لِأَحَدِهِمَا، وَإِنْ جَعَلَا فِي حِلٍّ فَحِينَئِذٍ يَحِلُّ؛ لِأَنَّ الْأَوَّلَ هِبَةُ الْمُشَاعِ فِيمَا يَحْتَمِلُ الْقِسْمَةَ فَلَا يَجُوزُ لِلثَّانِي وَالثَّانِي هِبَةُ الدَّيْنِ فَيَجُوزُ، وَإِنْ كَانَ مُشَاعًا جِدَارٌ بَيْنَ كَرْمَيْنِ بَيْنَ رَجُلَيْنِ انْهَدَمَ فَاسْتَعْدَى أَحَدُهُمَا إلَى السُّلْطَانِ لَمَّا أَبَى صَاحِبُهُ أَنْ يَبْنِيَ الْجِدَارَ فَأَمَرَ السُّلْطَانُ بِنَاءً بِرِضَا الْمُسْتَعْدِي عَلَى أَنْ يَبْنِيَ جِدَارًا وَيَأْخُذَ الْأَجْرَ مِنْهُمَا جَمِيعًا فَبَنَى كَانَ لَهُ أَنْ يَأْخُذَ الْأُجْرَةَ مِنْ صَاحِبَيْ الْكَرْمَيْنِ. وَذَكَرَ النَّاطِفِيُّ فِي وَاقَعَاتِهِ أَنَّهُ قَالَ فِي دَعْوَى الْإِمْلَاءِ: حَائِطٌ بَيْنَ رَجُلَيْنِ وَانْهَدَمَ فَلِأَحَدِ الشَّرِيكَيْنِ أَنْ يَمْتَنِعَ مِنْ الْبِنَاءِ؛ لِأَنَّ لَهُ أَنْ يُقَاسِمَهُ أَرْضَ الْحَائِطِ نِصْفَيْنِ وَلَوْ بَنَى أَحَدُهُمَا لَيْسَ لَهُ أَنْ يَرْجِعَ عَلَى شَرِيكِهِ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَكُنْ لَهُ أَنْ يَأْخُذَهُ بِالْبِنَاءِ لَوْ كَانَ لِرَجُلٍ عُلُوٌّ وَالسُّفْلُ لِآخَرَ فَأَبَى صَاحِبُ السُّفْلِ وَأَخَذَهُ صَاحِبُ الْعُلُوِّ بِذَلِكَ لَيْسَ لَهُ ذَلِكَ بَلْ يُقَالُ لِصَاحِبِ الْعُلُوِّ: ابْنِ السُّفْلَ إنْ شِئْت حَتَّى تَبْلُغَ مَوْضِعَ عُلُوِّك ثُمَّ ابْنِ عُلُوَّك وَلَيْسَ لِصَاحِبِ السُّفْلِ أَنْ يَسْكُنَ حَتَّى يُعْطِيَ قِيمَةَ بِنَاءِ السُّفْلِ فَيَرُدَّهَا عَلَى صَاحِبِ الْعُلُوِّ وَلِصَاحِبِ الْعُلُوِّ أَنْ يَسْكُنَ عُلُوَّهُ وَهُوَ بِمَنْزِلَةِ الرَّهْنِ فِي يَدِهِ وَلَا يُشْبِهُ الْحَائِطَ؛ لِأَنَّ أَرْضَ الْحَائِطِ تُقَسَّمُ وَهَذَا السُّفْلُ إذَا سَقَطَ لَمْ يُقَسَّمْ وَهَكَذَا ذَكَرَ فِي كِتَابِ الصُّلْحِ وَزَادَ أَنَّ السُّفْلَ إذَا كَانَ لِرَجُلٍ وَعُلُوُّهُ لِآخَرَ فَإِنَّ سَقْفَ بَيْتِ السُّفْلِ وَجُذُوعَهُ وهراديه وَبَوَارِيَهُ وَطِينَهُ لِصَاحِبِ السُّفْلِ غَيْرَ أَنَّ لِصَاحِبِ الْعُلُوِّ سُكْنَاهُ فِي ذَلِكَ وَكَذَلِكَ الدَّرَجُ وَالرَّوْشَنُ وَفِي دَعْوَى الْإِمْلَاءِ حَائِطٌ بَيْنَ جَارَيْنِ؛ لِأَحَدِهِمَا عَلَيْهِ جُذُوعٌ وَلَيْسَ لِلْآخَرِ عَلَيْهِ جُذُوعٌ فَانْهَدَمَ الْحَائِطُ فَأَخَذَ صَاحِبُ الْجُذُوعِ شَرِيكَهُ بِالْبِنَاءِ فَامْتَنَعَ لَا يُجْبَرُ عَلَى بِنَائِهِ، وَيُقَالُ لَهُمَا إنْ شِئْتُمَا اقْتَسِمَا أَرْضَ الْحَائِطِ، وَإِنْ شَاءَ صَاحِبُ الْجُذُوعِ بَنَاهُ وَحَمَلَ جُذُوعَهُ مَا لَمْ يَقْتَسِمَا فَإِنْ أَرَادَ صَاحِبُ الْجُذُوعِ الْبِنَاءَ وَأَرَادَ الْآخَرُ قِسْمَةَ أَرْضِ الْحَائِطِ يُقْسَمُ بَيْنَهُمَا نِصْفَيْنِ. وَفِي صُلْحِ النَّوَازِلِ حَائِطٌ بَيْنَ رَجُلَيْنِ سَقَطَ وَلِأَحَدِهِمَا بَنَاتٌ وَنِسْوَةٌ فَطَلَبَ مِنْ جَارِهِ أَنْ يَبْنِيَ فَأَبَى جَارُهُ لَا يُجْبَرُ وَاحِدٌ مِنْهُمَا، وَإِنْ شَاءَ أَحَدُهُمَا أَنْ يَبْنِيَ فِي مِلْكِ نَفْسِهِ فَعَلَ قَالَ الْفَقِيهُ أَبُو اللَّيْثِ هُوَ الْقِيَاسُ وَهُوَ قَوْلُ عُلَمَائِنَا وَقَالَ بَعْضُهُمْ لَا بُدَّ مِنْ بِنَاءٍ يَكُونُ سِتْرًا بَيْنَهُمَا وَبِهِ نَأْخُذُ، وَإِنَّمَا قَالَ أَصْحَابُنَا أَنَّهُ لَا يُجْبَرُ؛ لِأَنَّهُمْ فِي زَمَانِ أَهْلِ الصَّلَاحِ، أَمَّا فِي زَمَانِنَا هَذَا فَلَا بُدَّ مِنْ حَاجِزٍ بَيْنَهُمَا فِي آخِرِ بُيُوعِ الْوَاقِعَاتِ، وَفِي الْأَجْنَاسِ هَذَا قَوْلُ أَبِي اللَّيْثِ فِي دَعْوَى النَّوَازِلِ قَالَ أَصْحَابُنَا فِي كِتَابِ الدَّعْوَى فِي حَائِطٍ بَيْنَ اثْنَيْنِ انْهَدَمَ فَبَنَى أَحَدُهُمَا بِغَيْرِ إذْنِ صَاحِبِهِ كَانَ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 289 مُتَطَوِّعًا إذَا لَمْ يَكُنْ لِأَحَدِهِمَا حُمُولَةٌ وَلَمْ يَذْكُرُوا الْجَوَابَ فِي الْحَائِطِ الَّذِي لَهُمَا عَلَيْهِ حُمُولَةٌ. وَعَنْ ابْنِ سَلَمَةَ أَنَّهُ قَالَ فِي حَائِطٍ بَيْنَ اثْنَيْنِ وَلَهُمَا عَلَيْهِ جُذُوعٌ، أَوْ حُمُولَةٌ فَانْهَدَمَ الْحَائِطُ فَبَنَاهُ أَحَدُهُمَا وَأَبَى الْآخَرُ ثُمَّ إنَّ الَّذِي بَنَى وَضَعَ عَلَيْهِ جُذُوعَهُ وَجَاءَ الَّذِي لَمْ يَبْنِ فَأَرَادَ أَنْ يَضَعَ عَلَيْهِ جُذُوعَهُ أَيْضًا فَلِلِبَانِي أَنْ يَمْنَعَهُ حَتَّى يَأْخُذَ مِنْهُ نِصْفَ مَا أَنْفَقَ فِي الْجِدَارِ وَلَا يَكُونُ مُتَطَوِّعًا وَهَذَا قَوْلُ أَصْحَابِنَا وَقَالَ أَبُو بَكْرٍ الْإِسْكَافُ إنْ كَانَ الْحَائِطُ بِحَالٍ لَوْ قُسِّمَتْ أَرْضُهُ أَصَابَ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِقْدَارُ مَا يَبْنِي عَلَيْهِ بِنَاءً مُحْكَمًا فَهُوَ مُتَطَوِّعٌ فِي بِنَائِهِ، وَإِنْ كَانَ بِحَالٍ لَا يُصِيبُهُ هَذَا الْمِقْدَارُ لَا يَكُونُ مُتَطَوِّعًا وَلَهُ أَنْ يَرْجِعَ عَلَى شَرِيكِهِ بِنِصْفِ مَا أَنْفَقَ إنْ أَرَادَ أَنْ يَضَعَ عَلَيْهِ جُذُوعَهُ وَرُوِيَ عَنْ ابْنِ سِمَاعَةَ عَنْ مُحَمَّدٍ أَنَّهُ يَرْجِعُ فِي الْحَالَيْنِ؛ لِأَنَّهُ لَهُ حَقُّ الْوَضْعِ عَلَى جَمِيعِ الْجِدَارِ فِي الْحَالَيْنِ وَذُكِرَ فِي صُلْحِ النَّوَازِلِ جِدَارٌ بَيْنَ رَجُلَيْنِ لَهُمَا عَلَيْهِ حُمُولَةٌ فَوَهَى الْجِدَارُ فَنَزَعَهُ أَحَدُهُمَا وَبَنَاهُ مِنْ خَالِصِ مَالِهِ وَأَبَى تَمْكِينَ الْآخَرِ مِنْ إعَادَةِ حُمُولَتِهِ عَلَى مَا كَانَتْ فِي الْقَدِيمِ قَالَ أَبُو بَكْرٍ إنْ كَانَ لِلْجِدَارِ فِي الْعَرْضِ مَا لَوْ قُسِّمَ تُرْبَتُهُ أَصَابَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مَوْضِعًا يُمْكِنُ أَنْ يَبْنِيَ عَلَيْهِ حَائِطًا لَيْسَ لَهُ أَنْ يَمْنَعَهُ؛ لِأَنَّ لِصَاحِبِهِ أَنْ يَقُولَ لِمَاذَا لَمْ تَبْنِ فِي نَصِيبِك وَتَرَكْت نَصِيبِي، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لِلْحَائِطِ ذَلِكَ الْعَرْضُ فَلَيْسَ لِصَاحِبِ الْبَانِي أَنْ يَحْمِلَ الْحُمُولَةَ مَا لَمْ يُعْطِهِ قِيمَةَ الْبِنَاءِ قَالَ الْفَقِيهُ أَبُو اللَّيْثِ يَعْنِي إذَا بَنَى بِأَمْرِ الْحَاكِمِ أَمَّا إذَا بَنَى بِغَيْرِ أَمْرِهِ لَا يَرْجِعُ بِشَيْءٍ بِمَنْزِلَةِ الْعُلُوِّ وَالسُّفْلِ إذَا انْهَدَمَ فَبَنَاهُ صَاحِبُ الْعُلُوِّ بِغَيْرِ أَمْرِ صَاحِبِ السُّفْلِ وَالْقَاضِي فَهُوَ مُتَطَوِّعٌ. وَقَالَ الْهِنْدُوَانِيُّ فِي حَائِطٍ عَلَيْهِ حُمُولَةُ رَجُلَيْنِ فَسَقَطَ الْحَائِطُ فَبَنَاهُ أَحَدُهُمَا بِمَالِهِ وَنَفَقَتِهِ بِغَيْرِ إذْنِ صَاحِبِهِ فَلَهُ مَنْعُ صَاحِبِهِ مِنْ وَضْعِ الْحُمُولَةِ عَلَيْهِ حَتَّى يُعْطِيَهُ نِصْفَ قِيمَةِ الْحَائِطِ مَبْنِيًّا بِحَقِّ الْقَرَارِ، وَإِنْ كَانَ بَنَاهُ بِإِذْنِهِ لَيْسَ لَهُ مَنْعُهُ لَكِنْ يَرْجِعُ عَلَيْهِ بِنِصْفِ النَّفَقَةِ الَّتِي ذَهَبَتْ لَهُ فِي بِنَائِهِ فَهَذَا الْجَوَابُ إذَا كَانَ الْحَائِطُ بَعْدَ الْهَدْمِ لَا يَحْتَمِلُ أَصْلُهُ الْقِسْمَةَ، وَلَوْ قُسِّمَ لَا يُصِيبُ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِنْ أَصْلِهِ مَا يَقْدِرُ عَلَى أَنْ يَبْنِيَ فِيهِ حَائِطًا يُمْكِنُهُ وَضْعُ حُمُولَتِهِ عَلَيْهِ فَإِنْ كَانَ أَصْلُ الْحَائِطِ يَحْتَمِلُ الْقِسْمَةَ فَإِنْ بَنَى بِإِذْنِهِ فَالْجَوَابُ كَالْأَوَّلِ، وَإِنْ بَنَى بِغَيْرِ إذْنِهِ كَانَ لَهُ مَنْعُهُ حَتَّى يَصْطَلِحَا عَلَى شَيْءٍ جِدَارٌ بَيْنَ رَجُلَيْنِ وَلِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا عَلَيْهِ حُمُولَتُهُ فَوَهَى الْحَائِطُ فَأَرَادَ أَحَدُهُمَا أَنْ يَرْفَعَهُ لِيُصْلِحَهُ وَأَبَى الْآخَرُ يَنْبَغِي لَهُ أَنْ يَقُولَ لِصَاحِبِهِ ارْفَعْ حُمُولَتَك بِأُسْطُوَانَاتٍ وَعُمُدٍ وَيُخْبِرُ أَنَّهُ يُرِيدُ رَفْعَهُ فِي وَقْتِ كَذَا فَيُشْهِدُ عَلَى ذَلِكَ فَإِنْ فَعَلَ ذَلِكَ وَإِلَّا فَلِهَذَا أَنْ يَرْفَعَ الْجِدَارَ، وَإِنْ سَقَطَ حُمُولَتُهُ فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ. وَفِي فَتَاوَى الْفَضْلِيّ حَائِطٌ مُشْتَرَكٌ بَيْنَ اثْنَيْنِ وَهَى وَلَا يُؤْمَنُ مِنْ ضَرَرِ سُقُوطِهِ فَأَرَادَ أَحَدُهُمَا النَّقْضَ وَامْتَنَعَ الْآخَرُ يُجْبَرُ عَلَى نَقْضِهِ. وَقَالَ أَبُو الْقَاسِمِ فِي جِدَارٍ بَيْنَ رَجُلَيْنِ لِأَحَدِهِمَا عَلَيْهِ حُمُولَةٌ فَمَالَ أَحَدُهُمَا وَتَقَدَّمَ إلَيْهِ الَّذِي لَهُ الْحَوَالَةُ بِرَفْعِهِ وَأَشْهَدَ عَلَيْهِ فَلَمْ يَرْفَعْهُ حَتَّى انْهَدَمَ وَآخَرُ لِصَاحِبِ الدَّارِ فَإِنْ أَقَرَّ أَنَّ الْحَائِطَ بَيْنَهُمَا وَإِنَّهُ كَانَ مَائِلًا مَخُوفًا وَإِنَّهُ تَقَدَّمَ إلَيْهِ بِأَنَّهُ يَرْفَعُ مَعَهُ فَإِذَا أَفْسَدَ شَيْئًا بِسُقُوطِهِ بَعْدَ إمْكَانِ رَفْعِهِ بَعْدَ الْإِشْهَادِ ضَمِنَ نِصْفَ قِيمَتِهِ. وَإِذَا أَرَادَ أَحَدُ الشَّرِيكَيْنِ نَقْضَ جِدَارٍ مُشْتَرَكٍ وَأَبَى الْآخَرُ فَقَالَ لَهُ صَاحِبُهُ إنِّي أَضْمَنُ لَك كُلَّ مَا يَنْهَدِمُ لَك مِنْ بَيْتِك فَضَمِنَ لَهُ ذَلِكَ ثُمَّ نَقَضَ الْجِدَارَ بِإِذْنِ شَرِيكِهِ لَمْ يَلْزَمْهُ مِنْ ضَمَانِ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 290 مَا يَنْهَدِمُ مِنْ مَنْزِلِ الْمَضْمُونِ لَهُ شَيْءٌ كَمَا لَوْ قَالَ: ضَمِنْت لَك مَا يَهْلِكُ مِنْ مَالِك. وَلَوْ هَدَمَا جِدَارًا بَيْنَهُمَا ثُمَّ بَنَاهُ أَحَدُهُمَا بِنَقْضِهِ وَالْآخَرُ لَا يُعْطِيهِ النَّفَقَةَ وَيَقُولُ أَنِّي لَا أَضَعُ عَلَى الْجِدَارِ حُمُولَةً فَلَهُ أَنْ يَرْجِعَ عَلَى شَرِيكِهِ بِنِصْفِ مَا أَنْفَقَ، وَإِنْ لَمْ يَضَعْ غَيْرَ الْبَانِي الْحُمُولَةَ؛ لِأَنَّهُ كَانَ لَهُ وَضْعُ الْحُمُولَةِ فِي الْأَصْلِ وَالْبَانِي لَمْ يَصِرْ مُتَطَوِّعًا فِي الْبِنَاءِ وَهُوَ كَالْمَأْمُورِ وَسَبِيلُ هَذَا سَبِيلُ الْعُلُوِّ وَالسُّفْلِ صَاحِبُ الْعُلُوِّ إذَا بَنَى السُّفْلَ فَلَهُ أَنْ يَرْجِعَ بِمَا أَنْفَقَ عَلَى صَاحِبِ السُّفْلِ، وَإِنْ كَانَ يَقُولُ صَاحِبُ السُّفْلِ لَا حَاجَةَ إلَيَّ فِي السُّفْلِ وَفِي صُلْحِ النَّوَازِلِ قَالَ أَبُو الْقَاسِمِ فِي حَائِطٍ بَيْنَ رَجُلَيْنِ لِأَحَدِهِمَا عَلَيْهِ غُرْفَةٌ وَلِلْآخَرِ عَلَيْهِ سَقْفُ بَيْتِهِ فَهَدَمَا الْحَائِطَ مِنْ أَسْفَلِهِ وَرَفَعَا أَعْلَاهُ بِالْأَسَاطِينِ ثُمَّ أَنْفَقَا جَمِيعًا حَتَّى بَنَيَا فَلَمَّا بَلَغَ الْبِنَاءُ مَوْضِعَ سَقْفِ هَذَا أَبَى صَاحِبُ السَّقْفِ أَنْ يَبْنِيَ بَعْدَ ذَلِكَ لَا يُجْبَرُ أَنْ يُنْفِقَ فِيمَا جَاوَزَ ذَلِكَ. وَقَالَ أَبُو بَكْرٍ فِي جِدَارٍ بَيْنَ رَجُلَيْنِ طُولُهُ مِائَةُ ذِرَاعٍ خَمْسُونَ ذِرَاعًا مِنْ ذَلِكَ مُسْتَوِيَةٌ بِأَرْضِ الدَّارَيْنِ وَخَمْسُونَ ذِرَاعًا سَطْحُ أَحَدِ الدَّارَيْنِ مُسْتَوِيَةٌ بِأَرْضِ جِدَارِ الْآخَرِ فَانْهَدَمَ الْجِدَارُ كَيْفَ يَبْنِيَانِهِ؟ قَالَ: النِّصْفُ الَّذِي أَرْضُ دَارَيْهِمَا سَوَاءٌ فَعَلَيْهِمَا عِمَارَتُهُ سَوَاءٌ وَالنِّصْفُ الْآخَرُ عَلَى صَاحِبِ الْبَيْتِ الْأَسْفَلِ عِمَارَتُهُ إلَى أَنْ يَنْتَهِيَ إلَى أَطْرَافِ عَوَارِضِهِ ثُمَّ مَا فَوْقَ ذَلِكَ فَعَلَيْهِمَا جَمِيعًا عِمَارَتُهُ. وَفِي شِرْبِ النَّوَازِلِ قَالَ أَبُو بَكْرٍ فِي جِدَارٍ بَيْنَ رَجُلَيْنِ وَبَيْتُ أَحَدِهِمَا أَسْفَلُ وَبَيْتُ الْآخَرِ عَلَى قَدْرِ ذِرَاعٍ، أَوْ ذِرَاعَيْنِ فَانْهَدَمَ فَقَالَ صَاحِبُ الْأَعْلَى لِصَاحِبِ الْأَسْفَلِ ابْنِ إلَيَّ حَدِّ بَيْتِي ثُمَّ نَبْنِي جَمِيعًا لَيْسَ لَهُ ذَلِكَ بَلْ يَبْنِيَانِهِ جَمِيعًا مِنْ أَعْلَاهُ إلَى أَسْفَلِهِ قَالَ أَبُو اللَّيْثِ فَإِنْ كَانَ بَيْتُ أَحَدِهِمَا أَسْفَلَ بِأَرْبَعَةِ أَذْرُعٍ، أَوْ نَحْوِ ذَلِكَ مِقْدَارُ مَا يُمْكِنُ أَنْ يُتَّخَذَ بَيْتًا فَإِصْلَاحُهُ عَلَى صَاحِبِ الْأَسْفَلِ حَتَّى يَنْتَهِيَ إلَى مَوْضِعِ بَيْتِ الْآخَرِ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ بِمَنْزِلَةِ الْحَائِطَيْنِ أَسْفَلَ وَعُلُوٍّ، وَقِيلَ يَبْنِيَانِ الْكُلَّ وَهُوَ قَوْلُ أَبِي الْقَاسِمِ ثُمَّ رَجَعَ وَقَالَ إلَى حَيْثُ مَلَكَهُ عَلَيْهِ ثُمَّ بَعْدَ ذَلِكَ يَشْتَرِكَانِ وَقِيلَ إنْ كَانَ مِنْ مِلْكِهِ إلَى مِلْكِ غَيْرِهِ مِقْدَارُ ذِرَاعٍ فَهُوَ عَلَى مَالِكِهِ، وَإِنْ كَانَ بِخِلَافِهِ فَهُوَ عَلَيْهِمَا حَائِطٌ بَيْنَ رَجُلَيْنِ انْهَدَمَ جَانِبٌ مِنْهُ فَظَهَرَ أَنَّهُ ذُو طَاقَيْنِ مُتَلَاصِقَيْنِ فَيُرِيدُ أَحَدُهُمَا أَنْ يَرْفَعَ جِدَارَهُ وَيَزْعُمُ أَنَّ الْجِدَارَ الْبَاقِيَ يَكْفِيه لِلسُّتْرَةِ فِيمَا بَيْنَهُمَا وَيَزْعُمُ الْآخَرُ أَنَّ جِدَارَهُ إذَا بَقِيَ ذَا طَاقَةٍ وَاحِدَةٍ يَهِي وَيَنْهَدِمُ، فَإِنْ سَبَقَ مِنْهُمَا أَنَّ الْحَائِطَ بَيْنَهُمَا قَبْلَ أَنْ يَتَبَيَّنَ أَنَّهُمَا حَائِطَانِ فَكِلَا الْحَائِطَيْنِ بَيْنَهُمَا وَلَيْسَ لِأَحَدِهِمَا أَنْ يُحْدِثَ فِي ذَلِكَ شَيْئًا بِغَيْرِ إذْنِ شَرِيكِهِ، وَإِنْ أَقَرَّ أَنَّ كُلَّ حَائِطٍ لِصَاحِبِهِ فَلِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا أَنْ يُحْدِثَ فِيهِ مَا أَحَبَّ. وَلَوْ كَانَ الْحَائِطُ بَيْنَ رَجُلَيْنِ وَلَهُمَا عَلَيْهِ حُمُولَةٌ وَحُمُولَةُ أَحَدِهِمَا أَسْفَلُ مِنْ حُمُولَةِ الْآخَرِ فَأَرَادَ أَنْ يَرْفَعَ حُمُولَتَهُ وَيَضَعَهَا بِإِزَاءِ حُمُولَةِ صَاحِبِهِ فَلَهُ ذَلِكَ وَلَيْسَ لِصَاحِبِهِ مَنْعُهُ، وَإِنْ كَانَ حُمُولَةُ أَحَدِهِمَا فِي وَسَطِ الْجِدَارِ مِنْ أَسْفَلِهِ إلَى أَعْلَاهُ وَحُمُولَةُ الْآخَرِ فِي أَعْلَاهُ فَأَرَادَ صَاحِبُ الْأَوْسَطِ أَنْ يَضَعَ حُمُولَتَهُ فِي أَعْلَى الْجِدَارِ فَإِنْ كَانَ الْجِدَارُ مِنْ أَسْفَلِهِ إلَى أَعْلَاهُ بَيْنَهُمَا وَلَا يُدْخِلُ عَلَى صَاحِبِ الْأَعْلَى مَضَرَّةً فَلَهُ أَنْ يَفْعَلَ ذَلِكَ، وَإِنْ كَانَ يُدْخِلُ عَلَيْهِ مَضَرَّةً لَيْسَ لَهُ ذَلِكَ، وَلَوْ كَانَ لِأَحَدِهِمَا عَلَيْهِ حُمُولَةٌ وَلَيْسَ لِلْآخَرِ عَلَيْهِ حُمُولَةٌ فَأَرَادَ الَّذِي لَا حُمُولَةَ لَهُ أَنْ يَضَعَ عَلَيْهِ حُمُولَةً مِثْلَ حُمُولَةِ شَرِيكِهِ إنْ كَانَتْ حُمُولَةُ شَرِيكِهِ مُحْدَثَةً فَلِلْآخَرِ أَنْ يَضَعَ حُمُولَةً الجزء: 1 ¦ الصفحة: 291 مِثْلَ حُمُولَةِ شَرِيكِهِ، وَإِنْ كَانَتْ حُمُولَةُ شَرِيكِهِ قَدِيمَةً فَلَيْسَ لَلْأُخَرِ أَنْ يَضَعَ عَلَيْهِ حُمُولَةً مِثْلَ حُمُولَةِ صَاحِبِهِ. وَقَالَ أَبُو اللَّيْثِ إنْ كَانَ الْحَائِطُ يَتَحَمَّلُ ذَلِكَ فَلَهُ مُطْلَقًا أَلَا يُرَى أَنَّ أَصْحَابَنَا قَالُوا فِي كِتَابِ الصُّلْحِ لَوْ كَانَ جُذُوعُ أَحَدِهِمَا أَكْثَرَ فَلِلْآخَرِ أَنْ يَزِيدَ فِي جُذُوعِهِ إنْ كَانَ يَتَحَمَّلُ ذَلِكَ لَمْ يَشْتَرِطُوا قَدِيمًا وَلَا حَدِيثًا. وَقَالَ أَبُو الْقَاسِمِ فِي حَائِطٍ بَيْنَ رَجُلَيْنِ لِأَحَدِهِمَا عَلَيْهِ جُذُوعٌ فَأَرَادَ الْآخَرُ أَنْ يَنْصِبَ عَلَيْهِ جُذُوعًا فَمَنَعَهُ صَاحِبُهُ مِنْ ذَلِكَ وَالْجِدَارُ لَا يَتَحَمَّلُ الْحَمْلَتَيْنِ فَإِذَا كَانَا مُقِرَّيْنِ أَنَّ الْحَائِطَ بَيْنَهُمَا يُقَالُ لِصَاحِبِ الْجُذُوعِ إنْ شِئْت تَحُطُّ عَنْهُ حِمْلَك لِتَسْتَوِيَ مَعَ صَاحِبِك، وَإِنْ شِئْت تَحُطُّ عَنْهُ مَا يُمَكِّنُ شَرِيكَك مِنْ الْحَمْلِ؛ لِأَنَّ الْبِنَاءَ الَّذِي عَلَيْهِ إنْ كَانَ بَنَاهُ بِغَيْرِ رِضَا صَاحِبِهِ فَهُوَ مُتَعَدٍّ ظَالِمٌ، وَإِنْ كَانَ بَنَاهُ بِرِضَا صَاحِبِهِ فَهُوَ عَارِيَّةٌ أَلَا يُرَى أَنَّ دَارًا بَيْنَ رَجُلَيْنِ وَأَحَدُهُمَا سَاكِنُهَا فَأَرَادَ الْآخَرُ أَنْ يَسْكُنَ مَعَهُ وَالدَّارُ لَا تَسَعُ لِسُكْنَاهُمَا فَإِنَّهُمَا يَتَهَايَآنِ فِيهَا؟ كَذَا هَا هُنَا قَالَ أَبُو اللَّيْثِ: وَقَدْ رَوَيْنَا عَنْ أَبِي بَكْرٍ خِلَافَ هَذَا وَيَقُولُ أَبِي الْقَاسِمِ: نَأْخُذُ قَالَ أَبُو بَكْرٍ إذَا كَانَ لِرَجُلٍ بِنَاءٌ عَلَى حَائِطٍ بَيْنَهُ وَبَيْنَ آخَرَ فَأَرَادَ أَنْ يُحَوِّلَ الْجُذُوعَ مِنْ مَوَاضِعِهَا إلَى مَوَاضِعَ أُخْرَى، أَوْ أَرَادَ أَنْ يُسَلِّفَهَا أَوْ يَرْفَعَهَا فَإِنْ أَرَادَ أَنْ يَجْعَلَ الْجُذُوعَ مِنْ الْأَيْمَنِ إلَى الْأَيْسَرِ أَوْ مِنْ الْأَيْسَرِ إلَى الْأَيْمَنِ لَيْسَ لَهُ ذَلِكَ، وَإِنْ أَرَادَ أَنْ يَنْقُلَ الْجُذُوعَ مِنْ أَعْلَى الْحَائِطِ إلَى أَسْفَلِهِ لَا بَأْسَ بِهِ؛ لِأَنَّ هَذَا أَقَلُّ ضَرَرًا بِالْحَائِطِ، وَإِنْ أَرَادَ أَنْ يَرْفَعَهَا عَمَّا كَانَ لَيْسَ لَهُ ذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ يَكُونُ أَكْثَرَ ضَرَرًا؛ لِأَنَّ الْأَسَاسَ يَحْتَمِلُ مَا لَا يَحْتَمِلُ رَأْسُ الْحَائِطِ، وَلَوْ أَنَّ جِدَارًا بَيْنَ رَجُلَيْنِ أَرَادَ أَحَدُهُمَا أَنْ يَزِيدَ الْبِنَاءَ عَلَيْهِ وَيَمْنَعُهُ الْآخَرُ فَإِنْ كَانَ الْمِلْكُ لَهُمَا لَمْ يَكُنْ لِأَحَدِهِمَا أَنْ يَزِيدَ عَلَيْهِ حَمْلًا بِغَيْرِ إذْنِ صَاحِبِهِ هَذِهِ الْجُمْلَةُ مِنْ قَوْلِنَا أَحَدُ الشَّرِيكَيْنِ إذَا بَنَى فِي أَرْضٍ مُشْتَرَكَةٍ إلَى هُنَا، مِنْ الْفَتَاوَى الصُّغْرَى طَاحُونَةٌ لَهُمَا أَنْفَقَ أَحَدُهُمَا فِي مَرَمَّتِهَا بِلَا إذْنِ الْآخَرِ لَمْ يَكُنْ مُتَبَرِّعًا إذْ لَا يَصِلُ إلَى الِانْتِفَاعِ بِنَصِيبِ نَفْسِهِ إلَّا بِهِ حَائِطٌ لَهُمَا فَهَدَمَهُ أَحَدُهُمَا يُجْبَرُ عَلَى الْبِنَاءِ إذَا أَتْلَفَ مَحِلًّا تَعَلَّقَ بِهِ حَقُّ الْغَيْرِ فَيُجْبَرُ عَلَى الْإِعَادَةِ، مِنْ الْفُصُولَيْنِ وَلَوْ وَطِئَ مُكَاتَبَةً بَيْنَهُ وَبَيْنَ غَيْرِهِ مِرَارًا فَعَلَيْهِ فِي نِصْفِهِ نِصْفُ مَهْرِ وَاحِدٍ، وَفِي نِصْفِ شَرِيكِهِ لِكُلِّ وَطْءٍ نِصْفُ مَهْرٍ وَذَلِكَ كُلُّهُ لِلْمُكَاتَبَةِ مِنْ نِكَاحٍ الْوَجِيزِ. وَلَوْ وَلَدَتْ مُكَاتَبَةٌ مِنْ أَحَدِ الشَّرِيكَيْنِ يَصِيرُ نَصِيبُهُ أُمَّ وَلَدٍ لَهُ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَلَهَا الْخِيَارُ عِنْدَهُ إنْ شَاءَتْ مَضَتْ عَلَى الْكِتَابَةِ، وَإِنْ شَاءَتْ عَجَّزَتْ نَفْسَهَا فَإِنْ عَجَّزَتْ نَفْسَهَا فَكُلُّهَا أُمُّ وَلَدٍ لِلْمُسْتَوْلَدِ عِنْدَهُ وَيَضْمَنُ لِشَرِيكِهِ نِصْفَ عُقْرِهَا وَنِصْفَ قِيمَتِهَا وَإِلَّا أَخَذَتْ الْعُقْرَ فَإِذَا أَدَّتْ عَتَقَتْ وَالْوَلَاءُ لَهُمَا عِنْدَهُ وَقَالَا كُلُّهَا أُمُّ وَلَدٍ وَمُكَاتَبَةٌ وَيَغْرَمُ نِصْفَ عُقْرِهَا وَنِصْفَ قِيمَتِهَا مِنْ دَعْوَى الْمَجْمَعِ. جَارِيَةٌ بَيْنَ اثْنَيْنِ بَاعَهَا أَحَدُهُمَا بِإِذْنِ شَرِيكِهِ ثُمَّ حَطَّ أَحَدُهُمَا مِنْ الثَّمَنِ، أَوْ أَخَّرَ فَلَوْ كَانَ بَائِعًا صَحَّ وَيَضْمَنُ حِصَّةَ شَرِيكِهِ وَعِنْدَ أَبِي يُوسُفَ لَمْ يَصِحَّ فِي حِصَّةِ شَرِيكِهِ وَأَمَّا مَنْ لَمْ يَبِعْ فَصَحَّ حَطُّهُ فِي حَقِّهِ لَا فِي حَقِّ الْآخَرِ، مِنْ الْفُصُولَيْنِ مِنْ الْفَصْلِ السَّابِعِ وَالْعِشْرِينَ. رَجُلَانِ لَهُمَا دَيْنٌ مُشْتَرَكٌ عَلَى رَجُلٍ فَأَخَذَ أَحَدُهُمَا حِصَّتَهُ مِنْ الْمَدْيُونِ كَانَ لِشَرِيكِهِ أَنْ يُشَارِكَهُ فِيمَا قَبَضَ وَإِنْ أَرَادَ أَحَدُهُمَا أَنْ يَأْخُذَ مِنْ الْمَدْيُونِ شَيْئًا وَلَا يُشَارِكَهُ صَاحِبُهُ فِيمَا أَخَذَ فَالْحِيلَةُ فِي ذَلِكَ أَنْ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 292 يَهَبَ الْمَدْيُونَ مِنْهُ مِقْدَارَ حِصَّتِهِ مِنْ الدَّيْنِ وَيُسَلِّمَ لَهُ ثُمَّ هُوَ يُبْرِئُ الْغَرِيمَ عَنْ حِصَّتِهِ مِنْ الدَّيْنِ فَلَا يَكُونُ لِشَرِيكِهِ حَقُّ الْمُشَارَكَةِ فِيمَا أَخَذَ بِطَرِيقِ الْهِبَةِ، مِنْ قَاضِي خَانْ. لَوْ كَانَ بَيْنَهُمَا دَيْنٌ مِنْ ثَمَنِ عَبْدٍ بَاعَاهُ مِنْ رَجُلٍ، أَوْ قُتِلَ عَبْدٌ لَهُمَا أَوْ غُصِبَ، أَوْ اُسْتُهْلِكَ، أَوْ وَرِثَا دَيْنًا عَلَى رَجُلٍ فَقَبَضَ أَحَدُهُمَا نَصِيبَهُ وَهُوَ فِي حَوْزَتِهِ وَمِلْكِهِ وَلَمْ يَقْبِضْ مِنْ حِصَّةِ شَرِيكِهِ شَيْئًا يُمْكِنُ لِشَرِيكِهِ أَنْ يُشَارِكَهُ فِيمَا قَبَضَ سَوَاءٌ كَانَ الْمَقْبُوضُ مِثْلَ الدَّيْنِ أَوْ أَجْوَدَ، أَوْ أَرْدَأَ فَإِنْ أَخْرَجَهُ الْقَابِضُ مِنْ مِلْكِهِ لَمْ يَكُنْ لِشَرِيكِهِ عَلَى الْغَيْرِ سَبِيلٌ وَضَمِنَ لِشَرِيكِهِ نِصْفَ مَا قَبَضَ فَإِنْ هَلَكَ مَا قَبَضَ الشَّرِيكُ فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ فِيمَا قَبَضَ وَيَكُونُ مُسْتَوْفِيًا وَمَا بَقِيَ عَلَى الْغَرِيمِ لِشَرِيكِهِ، مِنْ الْقُنْيَةِ كُلُّ دَيْنٍ مُشْتَرَكٍ بَيْنَ رَجُلَيْنِ إذَا قَبَضَ أَحَدُهُمَا شَيْئًا مِنْهُ يُشَارِكُهُ الْآخَرُ فِي الْمَقْبُوضِ، وَإِنْ كَانَ أَجْوَدَ، أَوْ أَرْدَأَ، وَإِنْ شَاءَ سَلَّمَ الْمَقْبُوضَ لِلْقَابِضِ وَاتَّبَعَ الْغَرِيمَ بِنَصِيبِهِ وَإِذَا اتَّبَعَ الْغَرِيمَ لَا يَرْجِعُ عَلَى شَرِيكِهِ بِنِصْفِ مَا قَبَضَ مَا لَمْ يَتْوِ مَا بَقِيَ عَلَى الْغَرِيمِ وَإِذَا تَوَى يَرْجِعُ عَلَيْهِ فِي الْمَقْبُوضِ؛ لِأَنَّ السَّاكِتَ إنَّمَا سَلَّمَ الْمَقْبُوضَ لِلْقَابِضِ بِشَرْطِ أَنْ يُسَلِّمَ لَهُ مَا عَلَى الْغَرِيمِ. وَلَوْ أَخْرَجَ الْقَابِضُ الْمَقْبُوضَ عَنْ مِلْكِهِ بِأَنْ بَاعَهُ، أَوْ رَهَنَهُ أَوْ قَضَاهُ غَرِيمُهُ فَلَيْسَ لِلسَّاكِتِ أَنْ يَأْخُذَ مِمَّنْ فِي يَدِهِ وَلَكِنَّهُ يَضْمَنُ الْقَابِضُ مِثْلَ نِصْفِهِ وَإِذَا قَبَضَ مِنْهُ السَّاكِتُ كَانَ لِلْقَابِضِ أَنْ يَرْجِعَ بِهِ عَلَى الْغَرِيمِ، وَلَوْ أَقَرَّ أَحَدُهُمَا أَنَّهُ كَانَ لِلْمَطْلُوبِ عَلَيْهِ مِثْلُ نَصِيبِهِ قَبْلَ دَيْنِهِمَا، أَوْ جَنَى عَلَيْهِ جِنَايَةً يَكُونُ أَرْشُهَا مِثْلَ نَصِيبِهِ بَرِئَ الْمَطْلُوبُ مِنْ حِصَّتِهِ وَلَا شَيْءَ لِشَرِيكِهِ عَلَيْهِ، وَكَذَا لَوْ أَتْلَفَ عَلَيْهِ مَتَاعًا لَا يَرْجِعُ شَرِيكُهُ عَلَيْهِ إلَّا إذَا غَصَبَ مِنْ الْمَطْلُوبِ ثَوْبًا ثُمَّ أَحْرَقَهُ، أَوْ هَلَكَ فِي يَدِهِ فَلِشَرِيكِهِ أَنْ يَرْجِعَ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ سَلَّمَ لَهُ عَيْنَ مَالٍ يُمْكِنُ الِانْتِفَاعُ بِهِ فَحَصَلَتْ لَهُ الْمُقَاصَّةُ فَصَارَ كَالْجِنَايَةِ، وَلَوْ أَخَّرَ أَحَدُهُمَا نَصِيبَهُ لَا يَصِحُّ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ خِلَافًا لَهُمَا؛ لِأَنَّ تَأْجِيلَ أَحَدِهِمَا يَتَضَمَّنُ إضْرَارَ صَاحِبِهِ؛ لِأَنَّ بِالتَّأْجِيلِ قَصَدَ تَحْمِيلَ جَمِيعِ مُؤْنَةِ التَّقَاضِي وَالْقَبْضُ عَلَى صَاحِبِهِ؛ لِأَنَّ السَّاكِتَ مَتَى قَبَضَ نَصِيبَهُ مِنْ الدَّيْنِ ثُمَّ حَلَّ الْأَجَلُ كَانَ لِلْمُؤَجِّلِ أَنْ يُشَارِكَهُ فِيمَا قَبَضَ فَيَصِيرَ مَا بَقِيَ عَلَى الْغَرِيمِ بَيْنَهُمَا فَيُؤَجِّلَ نَصِيبَهُ مِنْ الْبَاقِي ثُمَّ وَثُمَّ حَتَّى يَصِيرَ جَمِيعُ مُؤْنَةِ الْقَبْضِ عَلَى السَّاكِتِ لَوْ اشْتَرَى أَحَدُهُمَا بِنَصِيبِهِ ثَوْبًا فَلِشَرِيكِهِ أَنْ يَرْجِعَ عَلَيْهِ بِرُبْعِ الدَّيْنِ وَلَا سَبِيلَ لَهُ عَلَى الثَّوْبِ، وَلَوْ ارْتَهَنَ أَحَدُهُمَا بِحِصَّتِهِ وَهَلَكَ عِنْدَهُ فَلِشَرِيكِهِ أَنْ يُضَمِّنَهُ، وَلَوْ صَالَحَهُ مِنْ حَقِّهِ عَلَى ثَوْبٍ فَالْمُصَالِحُ إنْ شَاءَ أَعْطَاهُ مِثْلَ نِصْفِ حَقِّهِ، وَإِنْ شَاءَ دَفَعَ إلَيْهِ الثَّوْبَ، وَلَوْ اسْتَأْجَرَ أَحَدُهُمَا بِنَصِيبِهِ فَلِشَرِيكِهِ أَنْ يَأْخُذَ مِنْهُ رُبْعَ الدَّيْنِ، وَلَوْ تَزَوَّجَ الْمَدْيُونَةَ عَلَى حِصَّتِهِ مِنْ الدَّيْنِ لَا يَرْجِعُ شَرِيكُهُ عَلَيْهِ بِشَيْءٍ، وَلَوْ تَزَوَّجَهَا عَلَى خَمْسِمِائَةٍ مُرْسَلَةٍ فَلِشَرِيكِهِ أَنْ يَأْخُذَ مِنْهُ نِصْفَ حَقِّهِ؛ لِأَنَّ النِّكَاحَ مَتَى أُضِيفَ إلَى دَيْنٍ فِي ذِمَّتِهَا تَعَلَّقَ بِعَيْنِهِ فَسَقَطَ عَنْهَا فَلَمْ يَصِرْ الزَّوْجُ مُقْتَضِيًا لِدَيْنِهِ وَمَتَى أُضِيفَ إلَى دَرَاهِمَ مُرْسَلَةٍ يَتَعَلَّقُ بِمِثْلِهِ دَيْنًا فِي الذِّمَّةِ فَالْتَقَيَا قِصَاصًا فَصَارَ الزَّوْجُ مُقْتَضِيًا لِدَيْنِهِ، مِنْ الْوَجِيزِ أَحَدُ الشَّرِيكَيْنِ فِي دَيْنٍ مُشْتَرَكٍ لَوْ ضَمِنَ نَصِيبَ صَاحِبِهِ لَمْ يَجُزْ وَمَا أَدَّى بِحُكْمِ هَذَا الضَّمَانِ يَرْجِعُ فِيهِ بِخِلَافِ أَدَائِهِ نَصِيبَ صَاحِبِهِ مِنْ الدَّيْنِ عَنْ الْغَرِيمِ مِنْ غَيْرِ سَبْقِ ضَمَانٍ فَإِنَّهُ لَا يَرْجِعُ، وَلَوْ تَوَى نَصِيبُهُ عَلَى الْغَرِيمِ، وَلَوْ قَضَى الْغَرِيمُ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 293 حِصَّةَ أَحَدِهِمَا أَوْ تَبَرَّعَ بِهِ أَجْنَبِيٌّ وَسَلِمَ الْآخَرُ ثُمَّ تَوَى نَصِيبُهُ فَلَهُ أَنْ يَرْجِعَ وَيُشَارِكَ صَاحِبَهُ فِيمَا قَبَضَ، مِنْ الْفُصُولَيْنِ [الْفَصْلُ الثَّانِي فِي شَرِكَةِ الْعُقُودِ] (الْفَصْلُ الثَّانِي فِي شَرِكَةِ الْعُقُودِ، وَفِيهِ أَحَدُ أَنْوَاعِهَا وَهُوَ شَرِكَةُ الْمُفَاوَضَةِ) رُكْنُهَا: الْإِيجَابُ وَالْقَبُولُ، وَهُوَ أَنْ يَقُولَ أَحَدُهُمَا شَارَكْتُك فِي كَذَا وَكَذَا وَيَقُولَ الْآخَرُ قَبِلْت وَهِيَ عَلَى أَرْبَعَةِ أَوْجُهٍ: مُفَاوَضَةٌ وَعَنَانٌ وَشَرِكَةُ الصَّنَائِعِ وَشَرِكَةُ الْوُجُوهِ فَأَمَّا شَرِكَةُ الْمُفَاوَضَةِ فَهُوَ أَنْ يَشْتَرِكَ الرَّجُلَانِ فَيَتَسَاوَيَا فِي مَالِهِمَا وَتَصَرُّفِهِمَا وَدَيْنِهِمَا وَالْمُرَادُ بِالْمَالِ مَا يَصِحُّ الشَّرِكَةُ فِيهِ وَلَا يُعْتَبَرُ التَّفَاضُلُ فِيمَا لَا تَصِحُّ الشَّرِكَةُ فِيهِ فَهَذِهِ الشَّرِكَةُ جَائِزَةٌ عِنْدَنَا اسْتِحْسَانًا وَعِنْدَ الشَّافِعِيِّ لَا تَجُوزُ وَهُوَ الْقِيَاسُ وَتَجُوزُ بَيْنَ الْحُرَّيْنِ الْكَبِيرَيْنِ الْمُسْلِمَيْنِ، أَوْ الذِّمِّيَّيْنِ فَإِنْ كَانَ أَحَدُهُمَا كِتَابِيًّا وَالْآخَرُ مَجُوسِيًّا تَجُوزُ أَيْضًا لَا تَجُوزُ بَيْنَ الْحُرِّ وَالْمَمْلُوكِ وَلَا بَيْنَ الصَّبِيِّ وَالْبَالِغِ وَلَا بَيْنَ الْمُسْلِمِ وَالْكَافِرِ وَهَذَا قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ يَجُوزُ لِلتَّسَاوِي بَيْنَهُمَا فِي الْوَكَالَةِ وَالْكَفَالَةِ وَلَا يَجُوزُ بَيْنَ الْعَبْدَيْنِ وَلَا بَيْنَ الصَّبِيَّيْنِ وَلَا بَيْنَ الْمُكَاتَبَيْنِ، وَفِي كُلِّ مَوْضِعٍ لَا تَصِحُّ الْمُفَاوَضَةُ لِفَقْدِ شَرْطِهَا وَلَا يُشْتَرَطُ ذَلِكَ فِي الْعَنَانِ كَانَتْ عَنَانًا فَإِنْ وَرِثَ أَحَدُهُمَا مَالًا تَصِحُّ فِيهِ الشَّرِكَةُ، أَوْ وُهِبَ لَهُ وَوَصَلَ إلَى يَدِهِ بَطَلَتْ الْمُفَاوَضَةُ وَصَارَتْ عَنَانًا، وَإِنْ وَرِثَ أَحَدُهُمَا عَرَضًا فَهُوَ لَهُ وَلَا تَفْسُدُ الْمُفَاوَضَةُ، وَكَذَا الْعَقَارُ وَتَنْعَقِدُ الْمُفَاوَضَةُ عَلَى الْوَكَالَةِ وَالْكَفَالَةِ وَمَا يَشْتَرِيهِ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا يَكُونُ عَلَى الشَّرِكَةِ إلَّا طَعَامَ أَهْلِهِ وَكِسْوَتَهُمْ، وَكَذَا كِسْوَتُهُ، وَكَذَا الْإِدَامُ وَلِلْبَائِعِ أَنْ يَأْخُذَ بِالثَّمَنِ أَيَّهُمَا شَاءَ الْمُشْتَرِي بِالْأَصَالَةِ وَصَاحِبُهُ بِالْكَفَالَةِ وَيَرْجِعُ عَلَى الْمُشْتَرِي بِحِصَّتِهِ بِمَا أَدَّى وَمَا يَلْزَمُ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِنْ الدُّيُونِ بَدَلًا عَمَّا يَصِحُّ فِيهِ الِاشْتِرَاكُ فَالْآخَرُ ضَامِنٌ لَهُ مِمَّا يَصِحُّ فِيهِ الِاشْتِرَاكُ الْبَيْعُ وَالشِّرَاءُ وَالِاسْتِئْجَارُ وَمِنْ الْقِسْمِ الْآخَرِ الْجِنَايَةُ وَالنِّكَاحُ وَالْخُلْعُ وَالصُّلْحُ عَنْ دَمِ الْعَمْدِ وَعَنْ النَّفَقَةِ، وَلَوْ كَفَلَ أَحَدُهُمَا بِمَالٍ عَنْ أَجْنَبِيٍّ بِأَمْرِهِ لَزِمَ صَاحِبَهُ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ وَقَالَا لَا يَلْزَمُهُ كَالْإِقْرَاضِ وَالْكَفَالَةِ بِالنَّفْسِ. وَعَنْ أَبِي حَنِيفَةَ يَلْزَمُ صَاحِبَهُ فِي الْإِقْرَاضِ، وَلَوْ كَانَتْ الْكَفَالَةُ بِغَيْرِ أَمْرِهِ لَمْ يُلْزِمْهُ صَاحِبَهُ فِي الصَّحِيحِ وَضَمَانُ الْغَصْبِ وَالِاسْتِهْلَاكِ بِمَنْزِلَةِ الْكَفَالَةِ بِأَمْرِهِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ مِنْ الْهِدَايَةِ وَفِي دُرَرِ الْبِحَارِ لَوْ غَصَبَ أَحَدُ الْمُفَاوِضَيْنِ شَيْئًا فَهَلَكَ، أَوْ غَابَ حَتَّى ضَمِنَ لَا يُؤْخَذُ بِهِ شَرِيكُهُ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَقَالَا يُؤْخَذُ بِهِ شَرِيكُهُ أَيْضًا انْتَهَى وَلَوْ أَقَرَّ أَحَدُ الْمُفَاوِضَيْنِ بِدَيْنٍ لِأَبِيهِ، أَوْ لِمَنْ بِمَعْنَاهُ مِمَّنْ لَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ لَهُ بِوِلَادٍ، أَوْ زَوْجِيَّةٍ لَمْ يَصِحَّ إقْرَارُهُ فِي حَقِّ شَرِيكِهِ حَتَّى لَا يُؤْخَذَ بِهِ شَرِيكُهُ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَقَالَا يَجُوزُ إقْرَارُهُ، وَفِي حَقِّهِ، وَفِي حَقِّ شَرِيكِهِ مَا خَلَا عَبْدَهُ وَمُكَاتَبَهُ، وَقَوْلُ الْإِمَامِ أَظْهَرُ، مِنْ الْحَقَائِقِ وَإِقْرَارُهُ لِمُعْتَدَّتِهِ الْمُبَانَةُ بِدَيْنٍ بَاطِلٍ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ، وَلَوْ أَعْتَقَ أُمَّ وَلَدِهِ وَأَقَرَّ لَهَا بِدَيْنٍ يَلْزَمُهُمَا، وَإِنْ كَانَتْ فِي عِدَّتِهِ كَمَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ لِمُعْتَقَتِهِ وَلَا تُقْبَلُ لِمُطَلَّقَتِهِ، مِنْ الْوَجِيزِ لَوْ اشْتَرَى أَحَدُ الْمُفَاوِضَيْنِ جَارِيَةً لِنَفْسِهِ لِيَطَأَهَا بِأَمْرِ شَرِيكِهِ فَهِيَ لَهُ خَاصَّةً اسْتِحْسَانًا وَلِلْبَائِعِ أَنْ يُطَالِبَ بِالثَّمَنِ أَيَّهُمَا شَاءَ فَإِنْ أَدَّى الْمُشْتَرِي الثَّمَنَ مِنْ مَالِ الْمُفَاوَضَةِ لَا يَضْمَنُ نِصْفَ الثَّمَنِ لِلْآخَرِ بَلْ هِيَ لَهُ بِغَيْرِ شَيْءٍ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَقَالَا يَرْجِعُ عَلَيْهِ بِنِصْفِ الثَّمَنِ كَمَا فِي شِرَاءِ الطَّعَامِ وَالْكِسْوَةِ مِنْ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 294 الْهِدَايَةِ قَيَّدَ بِقَوْلِهِ بِإِذْنٍ؛ لِأَنَّهُ لَوْ كَانَ بِلَا إذْنٍ فَهِيَ عَلَى الشَّرِكَةِ اتِّفَاقًا ذَكَرَهُ فِي شَرْحِ الْمَجْمَعِ وَلِأَحَدِ الْمُتَفَاوِضَيْنِ أَنْ يُكَاتِبَ عَبْدًا كَانَ بَيْنَهُمَا، وَأَنْ يَأْذَنَ لِلْعَبْدِ فِي التِّجَارَةِ وَأَنْ يَدْفَعَ الْمَالَ مُضَارَبَةً وَأَنْ يُفَاوِضَ غَيْرَهُ عِنْدَ مُحَمَّدٍ وَعِنْدَ أَبِي يُوسُفَ لَا يُفَاوِضُ غَيْرَهُ، وَيَجُوزُ لِأَحَدِهِمَا أَنْ يُشَارِكَ شَرِكَةَ عَنَانٍ وَأَنْ يُزَوِّجَ الْأَمَةَ. وَلَوْ زَوَّجَ أَحَدُ الْمُتَفَاوِضَيْنِ عَبْدًا مِنْ تِجَارَتِهِمَا أَمَةً مِنْ تِجَارَتِهِمَا جَازَ فِي الْقِيَاسِ وَلَا يَجُوزُ فِي الِاسْتِحْسَانِ وَهُوَ قَوْلُ عُلَمَائِنَا وَلِأَحَدِ الْمُتَفَاوِضَيْنِ أَنْ يَرْهَنَ وَيَرْتَهِنَ وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَصْبِرَ بِهَا اسْتِحْسَانًا عِنْدَنَا، وَلَا أَنْ يَعْتِقَ عَلَى مَالٍ وَلَا أَنْ يُزَوِّجَ الْعَبْدَ امْرَأَةً وَلَا يُقْرِضُ فَإِنْ أَقْرَضَ كَانَ ضَامِنًا نِصْفَهُ وَلِأَحَدِهِمَا أَنْ يُبْضِعَ بِضَاعَةً وَلَهُ أَنْ يُودِعَ. وَلَوْ أَبْضَعَ بِضَاعَةً ثُمَّ تَفَرَّقَ الْمُتَفَاوِضَانِ ثُمَّ اشْتَرَى بِالْبِضَاعَةِ شَيْئًا إنْ عَلِمَ الْمُسْتَبْضِعُ جَازَ شِرَاؤُهُ لِلْآمِرِ خَاصَّةً، وَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ بِتَفَرُّقِهِمَا إنْ كَانَ الثَّمَنُ مَدْفُوعًا إلَى الْمُسْتَبْضِعِ جَازَ شِرَاؤُهُ عَلَى الْآمِرِ وَعَلَى شَرِيكِهِ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مَدْفُوعًا إلَيْهِ كَانَ مُشْتَرِيًا لِلْآمِرِ خَاصَّةً. وَلَوْ أَمَرَ أَحَدُ الْمُتَفَاوِضَيْنِ رَجُلَيْنِ يَشْتَرِيَانِ عَبْدًا لَهُمَا وَسَمَّى جِنْسَ الْعَبْدِ وَالثَّمَنِ فَاشْتَرَيَاهُ وَقَدْ افْتَرَقَ الْمُتَفَاوِضَانِ عَنْ الشَّرِكَةِ فَقَالَ الْآمِرُ اشْتَرَيَاهُ بَعْدَ التَّفَرُّقِ فَهُوَ لِي خَاصَّةً، وَقَالَ الْآخَرُ اشْتَرَيَاهُ قَبْلَ التَّفَرُّقِ فَهُوَ بَيْنَنَا كَانَ الْقَوْلُ قَوْلَ الْآمِرِ مَعَ يَمِينِهِ وَالْبَيِّنَةُ بَيِّنَةُ الْآخَرِ إنْ أَقَامَ الْبَيِّنَةَ وَلَا يُقْبَلُ فِيهِ شَهَادَةُ الْوَكِيلَيْنِ؛ لِأَنَّهُمَا يَشْهَدَانِ عَلَى فِعْلِ أَنْفُسِهِمَا فَإِنْ قَالَ الشَّرِيكَانِ لَا نَدْرِي مَتَى اشْتَرَيَاهُ فَهُوَ لِلْآمِرِ، وَإِنْ قَالَ الْآمِرُ اشْتَرَيَاهُ قَبْلَ الْفُرْقَةِ وَقَالَ الْآخَرُ اشْتَرَيَاهُ بَعْدَ الْفُرْقَةِ كَانَ الْقَوْلُ قَوْلَ الَّذِي لَمْ يَأْمُرْهُ وَالْبَيِّنَةُ بَيِّنَةُ الْآخَرِ، وَلَوْ كَانَ هَذَا الِاخْتِلَافُ فِي شَرِكَةِ الْعَنَانِ فَهُوَ كَذَلِكَ مُتَفَاوِضَانِ ادَّعَى أَحَدُهُمَا أَنَّ صَاحِبَهُ شَرِيكُهُ بِالثُّلُثِ وَادَّعَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بِالثُّلُثَيْنِ وَكِلَاهُمَا مُقِرَّانِ بِالْمُفَاوَضَةِ فَجَمِيعُ الْمَالِ مِنْ الْعَقَارِ وَغَيْرِهِ يَكُونُ بَيْنَهُمَا نِصْفَيْنِ حُكْمًا لِلْمُفَاوَضَةِ إلَّا مَا كَانَ مِنْ ثِيَابِ الْكِسْوَةِ، أَوْ مَتَاعِ الْبَيْتِ، أَوْ رِزْقِ الْعِيَالِ، أَوْ جَارِيَةٍ لِيَطَأَهَا فَإِنَّ ذَلِكَ يَكُونُ لِمَنْ كَانَ فِي يَدِهِ خَاصَّةً اسْتِحْسَانًا إذَا كَانَ ذَلِكَ بَعْدَ الْفُرْقَةِ، وَلَوْ لَمْ يَفْتَرِقَا وَلَكِنْ مَاتَ أَحَدُهُمَا ثُمَّ اخْتَلَفَا فِي مِقْدَارِ الشَّرِكَةِ فَهَذَا وَمَا لَوْ افْتَرَقَا ثُمَّ اخْتَلَفَا فِي مِقْدَارِ الشَّرِكَةِ سَوَاءٌ لَا يُشَارِكُ الْمُفَاوِضُ شَرِيكَهُ فِي جَائِزَةٍ يُجِيزُهَا السُّلْطَانُ إيَّاهَا وَقَدْ قَبَضَهُ كُلَّ وَدِيعَةٍ تَكُونُ عِنْدَ أَحَدِهِمَا فَهِيَ عِنْدَهُمَا جَمِيعًا، فَإِنْ مَاتَ الْمُسْتَوْدَعُ قَبْلَ أَنْ يُبَيِّنَ لَزِمَهُمَا ضَمَانُ ذَاكَ كَضَمَانِ الِاسْتِهْلَاكِ؛ لِأَنَّ ضَمَانَ الِاسْتِهْلَاكِ مِنْ جُمْلَةِ التِّجَارَةِ؛ لِأَنَّهُ يُفِيدُ الْمِلْكَ فِي الْمَضْمُونِ فَإِنْ قَالَ الْحَيُّ ضَاعَتْ مِنْهُ قَبْلَ مَوْتِهِ لَمْ يُصَدَّقْ، وَإِنْ كَانَ الْحَيُّ هُوَ الْمُسْتَوْدَعُ صَدَقَ ذَكَرَهُ فِي الْوَجِيزِ وَإِعَارَةُ الْمُفَاوِضِ وَأَكْلُ طَعَامِهِ وَقَبُولُ هَدِيَّتِهِ فِي الْمَطْعُومِ وَإِجَابَةُ دَعْوَتِهِ بِغَيْرِ أَمْرِ شَرِيكِهِ جَائِزٌ وَلَا ضَمَانَ عَلَى الْآكِلِ الْمُتَصَدَّقِ عَلَيْهِ ذَكَره فِي الْوَجِيزِ. وَلَوْ كَسَا الْمُفَاوِضُ رَجُلًا ثَوْبًا، أَوْ وَهَبَ دَابَّةً، أَوْ وَهَبَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ وَالْأَمْتِعَةَ وَالْحُبُوبَ لَمْ يَجُزْ فِي حِصَّةِ شَرِيكِهِ وَإِنَّمَا يَجُوزُ ذَلِكَ فِي الْفَاكِهَةِ وَاللَّحْمِ وَالْخُبْزِ وَأَشْبَاهِ ذَلِكَ مِمَّا يُؤْكَلُ. وَلَوْ أَعَارَ أَحَدُهُمَا دَابَّةً مِنْ شَرِكَتِهِمَا فَرَكِبَهَا الْمُسْتَعِيرُ فَعَطِبَتْ الدَّابَّةُ ثُمَّ اخْتَلَفَا فِي الْمَوْضِعِ الَّذِي رَكِبَهَا إلَيْهِ فَأَيُّهُمَا صَدَّقَهُ فِي الْإِعَارَةِ إلَى ذَلِكَ الْمَوْضِعِ بَرِئَ الْمُسْتَعِيرُ مِنْ ضَمَانِهَا. وَلَوْ اسْتَعَارَ أَحَدُهُمَا دَابَّةً لِيَرْكَبَهَا إلَى مَكَانِ مَعْلُومٍ فَرَكِبَهَا الجزء: 1 ¦ الصفحة: 295 شَرِيكُهُ فَعَطِبَتْ فَإِنَّهُمَا يَضْمَنَانِ جَمِيعًا؛ لِأَنَّ رُكُوبَ صَاحِبِهِ لَمْ يَرْضَ بِهِ صَاحِبُ الدَّابَّةِ فَكَانَ هَذَا ضَمَانَ الِاسْتِهْلَاكِ فَيَلْزَمُهَا فَإِنْ كَانَ رَكِبَهَا فِي حَاجَتِهِمَا كَانَ الضَّمَانُ فِي مَالِهِمَا، وَإِنْ كَانَ رَكِبَ فِي حَاجَةِ نَفْسِهِ فَهُمَا يَضْمَنَانِ لِمَا قُلْنَا إلَّا أَنَّهُمَا إنْ أَدَّيَاهُ مِنْ مَالِ الشَّرِكَةِ رَجَعَ الشَّرِيكُ عَلَى الرَّاكِبِ بِنَصِيبِهِ مِنْ ذَلِكَ وَإِنْ اسْتَعَارَ أَحَدُهُمَا دَابَّةً لِيَحْمِلَ عَلَيْهَا طَعَامًا لَهُ خَاصَّةً إلَى مَكَانٍ مَعْلُومٍ فَحَمَلَ عَلَيْهَا شَرِيكُهُ مِثْلَ ذَلِكَ الطَّعَامِ إلَى ذَلِكَ الْمَكَانِ مِنْ شَرِكَتِهِمَا، أَوْ لِخَاصَّتِهِ فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّ فِي الْإِعَارَةِ لِلْحَمْلِ لَا يُفِيدُ التَّقْيِيدُ بِخِلَافِ الرُّكُوبِ. وَلَوْ اسْتَعَارَ أَحَدُهُمَا لِيَحْمِلَ عَلَيْهَا عَدْلَ غَزْلٍ زُطِّيٍّ فَحَمَلَ عَلَيْهَا شَرِيكُهُ مِثْلَ ذَلِكَ الْعَدْلِ لَا يَضْمَنُ وَلَوْ حَمَلَ عَلَيْهَا طيالة كَانَ ضَامِنًا؛ لِأَنَّ الْجِنْسَ مُخْتَلِفٌ بِتَفَاوُتِ الضَّرَرِ عَلَى الدَّابَّةِ، وَلَوْ حَمَلَ الْمُسْتَعِيرُ عَلَيْهَا غَيْرَ ذَلِكَ الْجِنْسِ كَانَ ضَامِنًا فَكَذَلِكَ شَرِيكُهُ. وَلَوْ اسْتَعَارَ أَحَدُهُمَا لِيَحْمِلَ عَلَيْهِمَا عَشْرَةَ مَخَاتِيمَ حِنْطَةٍ فَحَمَلَ عَلَيْهَا عَشْرَةَ مَخَاتِيمَ شَعِيرٍ مِنْ شَرِكَتِهِمَا لَا يَضْمَنُ؛ لِأَنَّ هَذَا أَخَفُّ عَلَى الدَّابَّةِ وَكَذَا لَوْ كَانَا شَرِيكَيْنِ شَرِكَةَ عَنَانٍ فَاسْتَعَارَ أَحَدُهُمَا الْجَوَابَ فِيهِ كَالْجَوَابِ فِي الْأَوَّلِ، وَلَوْ اسْتَعَارَهَا لِيَحْمِلَ عَلَيْهَا حِنْطَةً رِزْقًا لِأَهْلِهِ فَحَمَلَ عَلَيْهَا شَرِيكُهُ شَعِيرًا لَهُ خَاصَّةً كَانَ ضَامِنًا. وَلَوْ بَاعَ أَحَدُ الْمُتَفَاوِضَيْنِ شَيْئًا ثُمَّ وُهِبَ الثَّمَنُ مِنْ الْمُشْتَرِي، أَوْ أَبْرَأَهُ جَازَ فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ وَيَضْمَنُ نَصِيبَ صَاحِبِهِ كَالْوَكِيلِ بِالْبَيْعِ إذَا فَعَلَ ذَلِكَ. وَلَوْ بَاعَ أَحَدُهُمَا ثُمَّ أَقَالَ صَاحِبَهُ صَحَّتْ الْإِقَالَةُ. وَلَوْ اشْتَرَى أَحَدُهُمَا طَعَامًا بِنَسِيئَةٍ كَانَ الثَّمَنُ عَلَيْهِمَا بِخِلَافِ أَحَدِ شَرِيكَيْ الْعَنَانِ فَإِنَّ هُنَاكَ إنَّمَا يَمْلِكُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا الشِّرَاءَ بِالنَّسِيئَةِ إذَا كَانَ فِي يَدِهِ مِنْ مَالِ الشَّرِكَةِ جِنْسُ ذَلِكَ الثَّمَنِ أَمَّا إذَا لَمْ يَكُنْ فَشِرَاؤُهُ بِالنَّسِيئَةِ يَكُونُ اسْتِدَانَةً عَلَى الْمَالِ، وَفِي مُطْلَقِ الشَّرِكَةِ لَا يَسْتَفِيدُ وِلَايَةَ الِاسْتِدَانَةِ فِي شَرِكَةِ الْعَنَانِ وَيَسْتَفِيدُ فِي شَرِكَةِ الْمُفَاوَضَةِ وَلَوْ قَبِلَ أَحَدُ الْمُفَاوِضَيْنِ سَلَمًا فِي طَعَامٍ جَازَ ذَلِكَ عَلَى شَرِيكِهِ؛ لِأَنَّهُ مِنْ صَنِيعِ التُّجَّارِ. وَلَوْ بَاعَ أَحَدُ الْمُفَاوِضَيْنِ مِنْ صَاحِبِهِ ثَوْبًا مِنْ الشَّرِكَةِ لِيَقْطَعَهُ ثَوْبًا لِنَفْسِهِ جَازَ؛ لِأَنَّ هَذَا الْعَقْدَ مُفِيدٌ فَإِنْ قَبِلَ هَذَا الْعَقْدَ لَا يَخْتَصُّ الْمُشْتَرِي بِمِلْكِ الثَّوْبِ وَيَخْتَصُّ بِهَذَا الْعَقْدِ، وَكَذَا لَوْ بَاعَهُ جَارِيَةً مِنْ الشَّرِكَةِ لِيَطَأَهَا، أَوْ طَعَامًا لِيَجْعَلَهُ رِزْقًا لِأَهْلِهِ جَازَ وَيَكُونُ نِصْفُ الثَّمَنِ لَهُ وَالنِّصْفُ لِشَرِيكِهِ كَمَا لَوْ بَاعَ مِنْ أَجْنَبِيٍّ وَإِنْ اشْتَرَى أَحَدُهُمَا مِنْ صَاحِبِهِ شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ لِلتِّجَارَةِ كَانَ بَاطِلًا؛ لِأَنَّ هَذَا الْبَيْعَ لَا يُفِيدُ فَائِدَةً لَمْ تَكُنْ قَبْلَ الْبَيْعِ وَلَوْ أَنَّ أَحَدَ الْمُتَفَاوِضَيْنِ بَاعَ شَيْئًا ثُمَّ افْتَرَقَا وَلَمْ يَعْلَمْ الْمُشْتَرِي بِافْتِرَاقِهِمَا كَانَ لَهُ أَنْ يَدْفَعَ جَمِيعَ الثَّمَنِ أَنَّى أَيُّهُمَا شَاءَ، وَإِنْ كَانَ عَلِمَ بِالْفُرْقَةِ لَمْ يَدْفَعْ إلَّا إلَى الْعَاقِدِ، وَلَوْ دَفَعَ إلَى شَرِيكِهِ لَا يَبْرَأُ عَنْ نَصِيبِ الْعَاقِدِ، وَكَذَا لَوْ وَجَدَ بِهِ عَيْبًا لَا يُخَاصِمُ إلَّا الْبَائِعَ. وَلَوْ كَانَ الْمُشْتَرِي رَدَّهُ عَلَى شَرِيكِ الْبَائِعِ بِالْعَيْبِ قَبْلَ الْفُرْقَةِ وَقُضِيَ لَهُ بِالثَّمَنِ أَوْ بِنُقْصَانِ الْعَيْبِ عِنْدَ تَعَذُّرِ الرَّدِّ ثُمَّ افْتَرَقَا كَانَ لَهُ أَنْ يَأْخُذَ بِالثَّمَنِ أَيَّهمَا شَاءَ، وَلَوْ اُسْتُحِقَّ الْمَبِيعُ بَعْدَ الْفُرْقَةِ وَالْمُشْتَرِي كَانَ نَقَدَ الثَّمَنَ كَانَ لَهُ أَنْ يَأْخُذَ بِالثَّمَنِ أَيَّهُمَا شَاءَ بِخِلَافِ الرَّدِّ بِالْعَيْبِ بَعْدَ الْفُرْقَةِ؛ لِأَنَّ ثَمَّةَ إنَّمَا يَجِبُ الثَّمَنُ عَلَى الْبَائِعِ وَقْتَ الرَّدِّ فَإِذَا كَانَ الرَّدُّ بَعْدَ الْفُرْقَةِ لَا يَكُونُ لِلْمُشْتَرِي أَنْ يُطَالِبَ الْآخَرَ بِهِ وَمِنْ شَرْطِ صِحَّةِ الْمُفَاوَضَةِ التَّسَاوِي فِي الرِّبْحِ لَا يُفَضَّلُ أَحَدُهُمَا، وَإِنْ بَاعَ أَحَدُهُمَا شَيْئًا، أَوْ أَدَانَ رَجُلًا، أَوْ كَفَلَ لَهُ رَجُلٌ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 296 بِدَيْنٍ، أَوْ غَصَبَ مِنْهُ مَالًا لِشَرِيكِهِ الْآخَرِ أَنْ يُطَالِبَ بِهِ، وَإِنْ أَجَّرَ أَحَدُهُمَا عَبْدًا خَالِصًا لَهُ مِنْ مِيرَاثٍ لَمْ يَكُنْ لِشَرِيكِهِ أَنْ يُطَالِبَ بِالْأَجْرِ، وَكَذَا كُلُّ شَيْءٍ لَهُ خَاصَّةً وَبَاعَهُ لَمْ يَكُنْ لِشَرِيكِهِ أَنْ يُطَالِبَ بِالثَّمَنِ وَلَا لِلْمُشْتَرِي أَنْ يُطَالِبَ الشَّرِيكَ بِتَسْلِيمِ الْمَبِيعِ، وَإِنْ أَقَرَّ أَحَدُهُمَا بِدَيْنٍ، أَوْ اشْتَرَى أَوْ اسْتَأْجَرَ، أَوْ قَبَضَ بِعَقْدٍ فَاسِدٍ أَوْ غَصَبَ مَالًا، أَوْ اسْتَهْلَكَ، أَوْ خَالَفَ، فِي وَدِيعَةٍ، أَوْ عَارِيَّةٍ، أَوْ إجَارَةٍ، أَوْ كَفَلَ لِرَجُلٍ بِمَالَ مِنْ ثَمَنِ مَبِيعٍ، أَوْ مَهْرٍ، أَوْ نَفَقَةٍ فَرَضَهَا الْحَاكِمُ، أَوْ بِمُتْعَةٍ، أَوْ جِنَايَةٍ فَلِلَّذِي وَجَبَ لَهُ الْحَقُّ أَنْ يُطَالِبَهُ وَيُطَالِبَ شَرِيكَهُ وَعِنْدَهُمَا مَا كَفَلَ بِهِ أَحَدُهُمَا لَا يَلْزَمُ الْآخَرُ وَمَا يَلْزَمُ مِنْ مَهْرِ نِكَاحٍ، أَوْ وَطْءٍ بِشُبْهَةٍ أَوْ جَنَى عَلَى بَنِي آدَمَ لَزِمَهُ الْأَرْشُ لَزِمَهُ خَاصَّةً دُونَ صَاحِبِهِ هَذِهِ الْجُمْلَةُ، مِنْ قَاضِي خَانْ وَبَعْضٌ مِنْهَا مَرَّ فِي أَوَّلِ الْفَصْلِ عَنْ الْهِدَايَةِ وَلِأَحَدِ الْمُفَاوِضَيْنِ أَنْ يَرْهَنَ مَالَ الْمُفَاوَضَةِ بِدَيْنِ الْمُفَاوَضَةِ وَبِدَيْنٍ لَهُ خَاصَّةً بِغَيْرِ إذْنِ شَرِيكِهِ وَيُوَكِّلُ وَيَرْجِعُ الْوَكِيلُ بِالثَّمَنِ عَلَى أَيِّهِمَا شَاءَ وَيَمْلِكُ الْآخَرُ عَزْلَهُ وَمَا أَدَّى أَحَدُ الْمُتَفَاوِضَيْنِ بِمَا يَلْزَمُهُمَا بِعَقْدِ الْمُفَاوَضَةِ وَلَمْ يَرْجِعْ عَلَى شَرِيكِهِ حَتَّى يُؤَدِّيَ أَكْثَرَ مِنْ النِّصْفِ فَيَرْجِعَ بِالزِّيَادَةِ كَمَا فِي الْوَجِيزِ، وَإِنْ قَالَ أَحَدُهُمَا: اشْتَرَيْت مَتَاعًا فَعَلَيْك نِصْفُ ثَمَنِهِ وَكَذَّبَهُ فَإِنْ كَانَتْ السِّلْعَةُ قَائِمَةً فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ، وَإِنْ كَانَتْ هَالِكَةً لَا يُصَدَّقُ، وَكَذَا لَوْ أَقَرَّ شَرِيكُهُ أَنَّهُ اشْتَرَى وَأَنْكَرَ الْقَبْضَ مُفَاوِضٌ أَوْدَعَ شَيْئًا مِنْ مَالِهِمَا فَقَالَ الْمُودَعُ رَدَدْته إلَى أَحَدِهِمَا صَدَقَ، وَإِنْ جَحَدَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ لَمْ يَضْمَنْ بِقَوْلِهِ، وَكَذَا لَوْ مَاتَ أَحَدُهُمَا ثُمَّ ادَّعَى الْمُودَعُ الدَّفْعَ إلَى الْمَيِّتِ فِي حَيَاتِهِ لَمْ يَضْمَنْ وَلَا يُصَدَّقُ فِي حَقِّ الْوَرَثَةِ وَلَا فِي تَرِكَتِهِ وَيُسْتَحْلَفُ الْوَرَثَةُ عَلَى الْعِلْمِ، وَإِنْ ادَّعَى الدَّفْعَ إلَى وَرَثَةِ الْمَيِّتِ وَحَلَفُوا مَا قَبَضُوهُ يَضْمَنُ حِصَّةَ الْحَيِّ وَهُوَ بَيْنَ الْحَيِّ وَوَرَثَةِ الْمَيِّتِ. وَلَوْ قَالَ الْمُسْتَوْدَعُ دَفَعْت إلَى أَحَدِ الْمُتَفَاوِضَيْنِ فَأَقَرَّ أَحَدُهُمَا وَجَحَدَ الْآخَرُ بَرِئَ الْمُودَعُ وَالْمُقِرُّ يَصْدُقُ عَلَى نَفْسِهِ وَعَلَى شَرِيكِهِ مِنْ بَابِ الِاخْتِلَافِ، مِنْ الْوَجِيزِ. أَحَدُ الْمُتَفَاوِضَيْنِ إذَا مَاتَ وَلَمْ يُبَيِّنْ حَالَ الْمَالِ الَّذِي فِي يَدِهِ لَا يَضْمَنُ، مِنْ أَمَانَاتِ الْأَشْبَاهِ. الشَّرِيكُ شَرِكَةَ مُفَاوَضَةٍ، أَوْ عَنَانٍ إذَا خَالَفَ ثُمَّ عَادَ إلَى الْوِفَاقِ عَادَ أَمِينًا، مِنْ الْخُلَاصَةِ أَعْلَمُ. [الْفَصْلُ الثَّالِثُ فِي شَرِكَةِ الْعَنَانِ] (الْفَصْلُ الثَّالِثُ فِي شَرِكَةِ الْعَنَانِ) تَنْعَقِدُ عَلَى الْوَكَالَةِ دُونَ الْكَفَالَةِ وَهِيَ أَنْ يَشْتَرِكَ اثْنَانِ فِي نَوْعٍ بُرًّا أَوْ طَعَامًا، أَوْ يَشْتَرِكَا فِي عُمُومِ التِّجَارَاتِ وَلَا يَذْكُرُ الْكَفَالَةَ وَيَصِحُّ التَّفَاضُلُ فِي الْمَالِ لِلْحَاجَةِ، وَيَصِحُّ أَنْ يَتَسَاوَيَا فِي الْمَالِ وَيَتَفَاضَلَا فِي الرِّبْحِ، وَيَجُوزُ أَنْ يَعْقِدَهَا كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا بِبَعْضِ مَالِهِ دُونَ الْبَعْضِ، وَلَا تَصِحُّ إلَّا بِمَا تَصِحُّ بِهِ الْمُفَاوَضَةُ، وَمَا اشْتَرَاهُ أَحَدُهُمَا لِلشَّرِكَةِ طُولِبَ بِثَمَنِهِ دُونَ الْآخَرِ ثُمَّ يَرْجِعُ عَلَى شَرِيكِهِ بِحِصَّتِهِ إنْ أَدَّى مِنْ مَالِ نَفْسِهِ، فَإِنْ كَانَ لَا يُعْرَفُ ذَلِكَ إلَّا بِقَوْلِهِ فَعَلَيْهِ الْحُجَّةُ وَإِذَا هَلَكَ مَالُ الشَّرِكَةِ، أَوْ أَحَدُ الْمَالَيْنِ قَبْلَ أَنْ يَشْتَرِيَا شَيْئًا بَطَلَتْ الشَّرِكَةُ وَأَيُّهُمَا هَلَكَ هَلَكَ مِنْ مَالِ صَاحِبِهِ إنْ هَلَكَ فِي يَدِ صَاحِبِهِ فَظَاهِرٌ، وَكَذَلِكَ إنْ كَانَ فِي يَدِ الْآخَرِ؛ لِأَنَّهُ أَمَانَةٌ فِي يَدِهِ بِخِلَافِ مَا بَعْدَ الْخَلْطِ حَيْثُ يَهْلِكُ عَلَى الشَّرِكَةِ، وَإِنْ اشْتَرَى أَحَدُهُمَا بِمَالِهِ وَهَلَكَ مَالُ الْآخَرِ قَبْلَ الشِّرَاءِ فَالْمُشْتَرِي بَيْنَهُمَا عَلَى مَا شَرَطَا، ثُمَّ الشَّرِكَةُ شَرِكَةُ عَقْدٍ عِنْدَ مُحَمَّدٍ خِلَافًا لِحَسَنِ بْنِ زِيَادٍ حَتَّى أَنَّ أَيَّهُمَا بَاعَهُ جَازَ بَيْعُهُ وَيَرْجِعُ عَلَى شَرِيكِهِ بِحِصَّتِهِ مِنْ ثَمَنِهِ هَذَا الجزء: 1 ¦ الصفحة: 297 إذَا هَلَكَ أَحَدُ الْمَالَيْنِ بَعْدَ شِرَاءِ أَحَدِهِمَا فَلَوْ هَلَكَ قَبْلَ الشِّرَاءِ ثُمَّ اشْتَرَى الْآخَرُ بِالْمَالِ الْآخَرِ إنْ صَرَّحَا بِالْوَكَالَةِ فِي عَقْدِ الشَّرِكَةِ فَالْمُشْتَرِي مُشْتَرِكٌ بَيْنَهُمَا عَلَى مَا شَرَطَا وَيَكُونُ شَرِكَةَ مِلْكٍ وَيَرْجِعُ عَلَى شَرِيكِهِ بِحِصَّتِهِ مِنْ الثَّمَنِ، وَإِنْ كَانَا ذَكَرَا مُجَرَّدَ الشَّرِكَةِ وَلَمْ يَنُصَّا عَلَى الْوَكَالَةِ فِيهَا كَانَ الْمُشْتَرِي لِلَّذِي اشْتَرَاهُ خَاصَّةً وَتَجُوزُ الشَّرِكَةُ، وَإِنْ لَمْ يَخْلِطَا الْمَالَ وَلِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْ الْمُتَفَاوِضَيْنِ وَشَرِيكَيْ الْعَنَانِ أَنْ يُبْضِعَ الْمَالَ وَيَسْتَأْجِرَ لِلْعَمَلِ وَيُودِعَهُ وَيَدْفَعَهُ مُضَارَبَةً. وَعَنْ أَبِي حَنِيفَةَ أَنَّهُ لَيْسَ لَهُ ذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ نَوْعُ شَرِكَةٍ فَلَا يَمْلِكُهَا وَالْأَوَّلُ أَصَحُّ وَهُوَ رِوَايَةُ الْأَصْلِ وَيُوَكِّلُ مَنْ يَتَصَرَّفُ فِيهِ وَيَدُهُ فِي الْمَالِ يَدُ أَمَانَةٍ، مِنْ الْهِدَايَةِ وَالضَّمِيرُ فِي يَدِهِ رَاجِعٌ إلَى الْوَكِيلِ نَصَّ عَلَيْهِ ابْنُ كَمَالٍ فِي الْإِيضَاحِ وَعَلَّلَهُ بِقَوْلِهِ؛ لِأَنَّهُ قَبَضَ الْمَالَ بِإِذْنِ الْمَالِكِ لَا عَلَى وَجْهِ الْبَدَلِ وَالْوَثِيقَةِ فَصَارَ كَالْوَدِيعَةِ، انْتَهَى، وَلَا يَتَعَدَّى عَلَى مَا عَيَّنَهُ صَاحِبُهُ مِنْ بَلَدٍ، أَوْ سِلْعَةٍ وَوَقْتٍ وَتُقَابَلُ هَذِهِ فِي مُضَارَبَةِ الْكَنْزِ لَوْ قَالَ أَحَدُ الشَّرِيكَيْنِ لِصَاحِبِهِ: اُخْرُجْ إلَى نَيْسَابُورَ وَلَا تُجَاوِزْ فَجَاوَزَ وَهَلَكَ يَضْمَنُ حِصَّةَ الشَّرِيكِ. وَلَوْ اشْتَرَكَا شَرِكَةَ عَنَانٍ عَلَى أَنْ يَبِيعَا بِالنَّقْدِ وَالنَّسِيئَةِ ثُمَّ نَهَى أَحَدُهُمَا صَاحِبَهُ عَنْ الْبَيْعِ بِالنَّسِيئَةِ صَحَّ النَّهْيُ، مِنْ الْخُلَاصَةِ. وَالتَّوْقِيتُ لَيْسَ بِشَرْطٍ لِصِحَّةِ هَذِهِ الشَّرِكَةِ فَإِنْ وَقَّتَا لِذَلِكَ وَقْتًا بِأَنْ قَالَ مَا اشْتَرَيْت الْيَوْمَ فَهُوَ بَيْنَنَا صَحَّ التَّوْقِيتُ وَمَا اشْتَرَيَاهُ الْيَوْمَ فَهُوَ بَيْنَهُمَا وَمَا اشْتَرَيَاهُ بَعْدَ الْيَوْمِ يَكُونُ لِلْمُشْتَرِي خَاصَّةً. وَلَوْ قَالَ أَحَدُهُمَا لِصَاحِبِهِ فِي الْعَقْدِ بِعْ بِالنَّقْدِ وَلَا تَبِعْ بِالنَّسِيئَةِ فِيهَا الْمُتَأَخِّرُونَ بَعْضُهُمْ جَوَّزَ ذَلِكَ. وَلَوْ تَفَاوَتَا فِي الْمَالِ فِي شَرِكَةِ الْعَنَانِ وَشَرَطَا الرِّبْحَ وَالْوَضِيعَةَ نِصْفَيْنِ قَالَ فِي الْكِتَابِ الشَّرِكَةُ فَاسِدَةٌ قَالُوا لَمْ يُرِدْ مُحَمَّدٌ بِهَذَا فَسَادَ الْعَقْدِ، إنَّمَا أَرَادَ بِهِ فَسَادَ شَرْطِ الْوَضِيعَةِ؛ لِأَنَّ الشَّرِكَةَ لَا تَبْطُلُ بِالشُّرُوطِ الْفَاسِدَةِ، وَكَذَا لَوْ شَرَطَا الْوَضِيعَةَ عَلَى الْمُضَارِبِ كَانَ فَاسِدًا. وَلَوْ اشْتَرَكَا شَرِكَةً مُطْلَقَةً كَانَ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا بَيْعُ مَالِ الشَّرِكَةِ بِالنَّقْدِ وَالنَّسِيئَةِ، وَإِنْ بَاعَا جَمِيعًا كَانَ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا أَنْ يَأْخُذَ رَهْنًا بِثَمَنِ مَا بَاعَ، وَلَوْ بَاعَ أَحَدُهُمَا لَا يَكُونُ لِلْآخَرِ أَنْ يَقْبِضَ شَيْئًا مِنْ الثَّمَنِ وَلَا يُخَاصِمَ فِيمَا بَاعَ صَاحِبُهُ فَالْخُصُومَةُ فِي ذَلِكَ إلَى الَّذِي وَلِيَ الْعَقْدَ، وَإِنْ قَبَضَ الَّذِي بَاعَ أَوْ وَكَّلَ وَكِيلًا بِذَلِكَ جَازَ عَلَيْهِ وَعَلَى شَرِيكِهِ. وَلَوْ وَكَّلَ أَحَدُهُمَا رَجُلًا فِي بَيْعٍ، أَوْ شِرَاءٍ وَأَخْرَجَهُ الْآخَرُ عَنْ الْوَكَالَةِ صَارَ خَارِجًا عَنْ الْوَكَالَةِ فَإِنْ وَكَّلَ الْبَائِعُ رَجُلًا بِتَقَاضِي ثَمَنِ مَا بَاعَ فَلَيْسَ لِلْآخَرِ أَنْ يُخْرِجَهُ عَنْ الْوَكَالَةِ وَذَكَرَ فِي الصُّلْحِ أَحَدُ شَرِيكَيْ الْعَنَانِ إذَا أَخَّرَ دَيْنًا مِنْ الشَّرِكَةِ وَجَعَلَ الْمَسْأَلَةَ عَلَى وُجُودِهِ ثَلَاثَةً إذَا وَجَبَ الدَّيْنُ بِعَقْدِ أَحَدِهِمَا لَا يَصِحُّ تَأْخِيرُ الْآخَرِ لَا فِي حِصَّتِهِ وَلَا فِي حِصَّةِ صَاحِبِهِ فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ وَعِنْدَهُمَا يَصِحُّ فِي حِصَّتِهِ خَاصَّةً وَالْوَجْهُ الثَّانِي إذَا وَجَبَ الدَّيْنُ بِعَقْدِهِمَا فَأَخَّرَ أَحَدُهُمَا فَكَذَلِكَ لَا يَصِحُّ تَأْخِيرُهُ أَصْلًا فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ وَعِنْدَهُمَا يَصِحُّ فِي حِصَّةِ الَّذِي أَخَّرَ وَلَا يَصِيرُ ضَامِنًا وَالْوَجْهُ الثَّالِثُ إذَا وَجَبَ الدَّيْنُ، بِعَقْدِ أَحَدِهِمَا فَأَخَّرَ الَّذِي وَلِيَ الْعَقْدَ صَحَّ تَأْخِيرُهُ فِي الْكُلِّ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ وَعِنْدَ أَبِي يُوسُفَ يَصِحُّ فِي نَصِيبِ الَّذِي أَخَّرَ خَاصَّةً. وَذَكَرَ فِي كِتَابِ الشَّرِكَةِ، أَحَدُ وَلِيَّيْ الدَّيْنِ إذَا أَخَّرَ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ لَا يَصِحُّ تَأْخِيرُهُ أَصْلًا إلَّا بِإِذْنِ الشَّرِيكِ وَعِنْدَ صَاحِبَيْهِ صَحَّ تَأْخِيرُهُ فِي حِصَّتِهِ، وَفِي شَرِكَةِ الْمُفَاوَضَةِ إذَا الجزء: 1 ¦ الصفحة: 298 أَخَّرَ أَحَدُهُمَا صَحَّ تَأْخِيرُهُ فِي الْكُلِّ فِي جَمِيعِ الْوُجُوهِ، وَفِي كُلِّ مَوْضِعٍ صَحَّ التَّأْخِيرُ لَا يَكُونُ ضَامِنًا وَلَيْسَ لِأَحَدِ الشَّرِيكَيْنِ أَنْ يُقْرِضَ شَيْئًا مِنْ الْمَالِ الْمُشْتَرَكِ. وَلَوْ رَهَنَ أَحَدُهُمَا مَتَاعًا مِنْ الشَّرِكَةِ بِدَيْنٍ عَلَيْهِمَا لَا يَجُوزُ؛ لِأَنَّ صَاحِبَهُ لَمْ يُسَلِّطْهُ أَنْ يَرْتَهِنَ وَلِمَنْ وَلِيَ الْمُبَايَعَةَ أَنْ يَرْتَهِنَ بِالثَّمَنِ وَلَوْ قَالَ أَحَدُ الشَّرِيكَيْنِ لِصَاحِبِهِ: اُخْرُجْ إلَى نَيْسَابُورَ وَلَا تُجَاوِزْ فَهَلَكَ الْمَالُ ضَمِنَ حِصَّةَ الشَّرِيكِ. وَلَوْ قَالَ أَحَدُ شَرِيكَيْ الْعَنَانِ: إنِّي اسْتَقْرَضْت مِنْ فُلَانٍ أَلْفَ دِرْهَمٍ لِلتِّجَارَةِ لَزِمَهُ خَاصَّةً دُونَ صَاحِبِهِ؛ لِأَنَّ قَوْلَهُ لَا يَكُونُ حُجَّةً عَلَيْهِ وَإِنْ وَكَّلَ وَاحِدٌ مِنْهُمَا صَاحِبَهُ بِالِاسْتِدَانَةِ لَا يَصِحُّ الْأَمْرُ وَلَا يَمْلِكُ الِاسْتِدَانَةَ عَلَى صَاحِبِهِ وَيَرْجِعُ الْمُقْرِضُ عَلَيْهِ لَا عَلَى صَاحِبِهِ؛ لِأَنَّ التَّوْكِيلَ بِالِاسْتِدَانَةِ تَوْكِيلٌ بِالِاسْتِقْرَاضِ وَالتَّوْكِيلُ بِالِاسْتِقْرَاضِ بَاطِلٌ؛ لِأَنَّهُ تَوْكِيلٌ بالتكدي إلَّا أَنْ يَقُولَ الْوَكِيلُ لِلْمُقْرِضِ أَنَّ فُلَانًا يَسْتَقْرِضُ مِنْك أَلْفَ دِرْهَمٍ فَحِينَئِذٍ يَكُونُ الْمَالُ عَلَى الْمُوَكِّلِ لَا عَلَى الْوَكِيلِ وَشَرِيكُ الْعَنَانِ إذَا سَافَرَ بِمَالِ الشَّرِكَةِ صَحَّ ذَلِكَ مِنْهُ فِي الصَّحِيحِ فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ وَعَنْ أَبِي حَنِيفَةَ فِي رِوَايَةٍ لَيْسَ لِشَرِيكِ الْعَنَانِ أَنْ يُسَافِرَ وَهُوَ قَوْلُ أَبِي يُوسُفَ. وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ فِي رِوَايَةٍ فَرَّقَ بَيْنَ السَّفَرِ الْقَرِيبِ وَالْبَعِيدِ فَقَالَ: إذَا كَانَ لَا يَغِيبُ لَيْلًا مِنْ مَنْزِلِهِ كَانَ بِمَنْزِلَةِ الْمِصْرِ وَعَنْهُ، وَفِي رِوَايَةٍ يَجُوزُ الْمُسَافَرَةُ بِمَا لَا حَمْلَ لَهُ وَلَا مُؤْنَةَ وَعَلَى قَوْلِ مَنْ يُجَوِّزُ الْمُسَافَرَةَ لِشَرِيكِ الْعَنَانِ لَوْ أَذِنَ لَهُ بِالْمُسَافَرَةِ نَصًّا، أَوْ قَالَ لَهُ اعْمَلْ فِيهِ بِرَأْيِك فَسَافَرَ كَانَ لَهُ أَنْ يُنْفِقَ عَلَى نَفْسِهِ مِنْ كِرَائِهِ، وَنَفَقَتُهُ وَطَعَامُهُ وَإِدَامُهُ مِنْ جُمْلَةِ رَأْسِ الْمَالِ فِي رِوَايَةِ الْحَسَنِ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ قَالَ مُحَمَّدٌ: وَهَذَا اسْتِحْسَانٌ، فَإِنْ رَبِحَ تُحْسَبُ النَّفَقَةُ مِنْ الرِّبْحِ، وَإِنْ لَمْ يَرْبَحْ كَانَتْ النَّفَقَةُ مِنْ رَأْسِ الْمَالِ رَجُلٌ قَالَ لِغَيْرِهِ مَا اشْتَرَيْت الْيَوْمَ مِنْ أَنْوَاعِ التِّجَارَةِ فَهُوَ بَيْنِي وَبَيْنَك فَقَالَ الْآخَرُ: نَعَمْ فَهُوَ جَائِزٌ، وَكَذَا لَوْ قَالَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا لِصَاحِبِهِ ذَلِكَ جَازَ أَيْضًا؛ لِأَنَّ هَذَا شَرِكَةٌ فِي الشِّرَاءِ وَلَيْسَ لِأَحَدِهِمَا أَنْ يَبِيعَ حِصَّةَ صَاحِبِهِ مِمَّا اشْتَرَى إلَّا بِإِذْنِ صَاحِبِهِ، وَلَوْ قَالَ أَحَدُهُمَا لِلْآخَرِ مَا اشْتَرَيْت مِنْ الرَّقِيقِ فَهُوَ بَيْنِي وَبَيْنَك فَكَذَلِكَ لَيْسَ لَهُ أَنْ يَبِيعَ حِصَّةَ صَاحِبِهِ مِمَّا اشْتَرَى إلَّا بِإِذْنِ صَاحِبِهِ، وَلَوْ قَالَ أَحَدُهُمَا لِلْآخَرِ: إنْ اشْتَرَيْت عَبْدًا فَهُوَ بَيْنِي وَبَيْنَك كَانَ فَاسِدًا؛ لِأَنَّ الْأَوَّلَ شَرِكَةٌ وَالثَّانِي تَوْكِيلٌ وَالتَّوْكِيلُ بِالشِّرَاءِ لَا يَصِحُّ إلَّا أَنْ يُسَمِّيَ نَوْعًا فَيَقُولُ عَبْدًا خُرَاسَانِيًّا وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ شَرِيكَانِ شَرِكَةَ عَنَانٍ اشْتَرَيَا أَمْتِعَةً ثُمَّ قَالَ أَحَدُهُمَا لِصَاحِبِهِ: لَا أَعْمَلُ مَعَك بِالشَّرِكَةِ وَغَابَ فَعَمِلَ الْحَاضِرُ بِالْأَمْتِعَةِ فَمَا اجْتَمَعَ كَانَ لِلْعَامِلِ وَهُوَ ضَامِنٌ لِقِيمَةِ نَصِيبِ شَرِيكِهِ؛ لِأَنَّ قَوْلَهُ لَا أَعْمَلُ مَعَك بِمَنْزِلَةِ قَوْلِهِ فَاسَخْتُك الشَّرِكَةَ، وَأَحَدُ الشَّرِيكَيْنِ إذَا فَسَخَ الشَّرِكَةَ وَمَالُ الشَّرِكَةِ أَمْتِعَةٌ قَالُوا يَصِحُّ. أَحَدُ شَرِيكَيْ الْعَنَانِ إذَا ارْتَهَنَ بِدَيْنٍ ذَكَرْنَا أَنَّهُ لَا يَجُوزُ فَإِنْ هَلَكَ الرَّهْنُ فِي يَدِهِ وَقِيمَتُهُ مِثْلُ الدَّيْنِ يَذْهَبُ حِصَّتُهُ مِنْ الدَّيْنِ وَالشَّرِيكُ بِالْخِيَارِ إنْ شَاءَ رَجَعَ بِحِصَّتِهِ عَلَى الْمَطْلُوبِ ثُمَّ يَرْجِعُ الْمَطْلُوبُ بِنِصْفِ قِيمَةِ الرَّهْنِ عَلَى الْمُرْتَهِنِ، وَإِنْ شَاءَ ضَمَّنَ شَرِيكَهُ حِصَّتَهُ مِنْ الدَّيْنِ. وَلِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْ شَرِيكَيْ الْعَنَانِ أَنْ يَبِيعَ بِالنَّقْدِ وَالنَّسِيئَةِ وَيَشْتَرِيَ إذَا كَانَ فِي يَدِهِ مَالٌ نَاضٌّ مِنْ الشَّرِكَةِ، وَإِنْ كَانَ عِنْدَهُ مَكِيلٌ، أَوْ مَوْزُونٌ فَاشْتَرَى بِذَلِكَ الْجِنْسِ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 299 شَيْئًا جَازَ شِرَاؤُهُ عَلَى شَرِيكِهِ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِي يَدِهِ دَرَاهِمُ وَلَا دَنَانِيرُ فَاشْتَرَى بِالدَّرَاهِمِ، أَوْ الدَّنَانِيرِ كَانَ الْمُشْتَرِي لَهُ خَاصَّةً دُونَ شَرِيكِهِ وَعَنْ أَبِي حَنِيفَةَ فِي رَاوِيَةٍ إذَا كَانَ فِي يَدِهِ دَنَانِيرُ فَاشْتَرَى بِالدَّرَاهِمِ جَازَ وَلَيْسَ لِشَرِيكَ الْعَنَانِ أَنْ يُكَاتِبَ عَبْدًا مِنْ تِجَارَتِهِمَا وَلَا أَنْ يُزَوِّجَ أَمَةً مِنْ شَرِكَتِهِمَا وَلَا أَنْ يُعْتِقَ عَلَى مَالٍ، وَإِنْ أَقَرَّ أَحَدُهُمَا بِجَارِيَةٍ فِي يَدِهِ مِنْ الشَّرِكَةِ أَنَّهَا لِرَجُلٍ لَمْ يَجُزْ إقْرَارُهُ فِي نَصِيبِ شَرِيكِهِ، وَإِنْ كَانَ صَاحِبُهُ قَالَ لَهُ اعْمَلْ فِيهِ بِرَأْيِك، مِنْ قَاضِي خَانْ. إذَا أَقَرَّ أَحَدُهُمَا بِدَيْنٍ مِنْ تِجَارَتِهَا وَأَنْكَرَ الْآخَرُ لَزِمَ الْمُقِرَّ جَمِيعُ الدَّيْنِ إنْ كَانَ هُوَ الَّذِي تَوَلَّاهُ، وَإِنْ أَقَرَّ أَنَّهُمَا تَوَلَّيَاهُ لَزِمَهُ نِصْفُهُ وَلَا يَلْزَمُ الْمُنْكِرَ شَيْءٌ، وَإِنْ أَقَرَّ أَنَّهُ تَوَلَّاهُ لَمْ يَلْزَمْهُ شَيْءٌ، وَلَوْ بَاعَ أَحَدُهُمَا لَمْ يَكُنْ لِلْآخَرِ أَنْ يَقْبِضَ شَيْئًا مِنْ الثَّمَنِ، وَكَذَا كُلُّ دَيْنٍ وَلِيَهُ أَحَدُهُمَا وَلِلْمَدْيُونِ أَنْ يَمْتَنِعَ مِنْ الدَّفْعِ إلَيْهِ فَإِنْ دَفَعَ إلَى الشَّرِيكِ بَرِئَ مِنْ نَصِيبِهِ وَلَمْ يَبْرَأْ مِنْ حِصَّةِ الْمَدْيُونِ اسْتِحْسَانًا وَالْقِيَاسُ أَنْ يَبْرَأَ مِنْ حِصَّةِ الْقَابِضِ أَيْضًا، مِنْ الْخُلَاصَةِ اعْتَلَّتْ دَابَّةٌ مُشْتَرَكَةٌ وَأَحَدُ الشَّرِيكَيْنِ غَائِبٌ وَقَالَ جَمَاعَةُ الْبَيْطَارَيْنِ لَا بُدَّ مِنْ كَيِّهَا فَكَوَاهَا الْحَاضِرُ فَهَلَكَتْ لَا يَضْمَنُ. وَلَوْ كَانَ بَيْنَهُمَا مَتَاعٌ عَلَى دَابَّةٍ فِي الطَّرِيقِ فَسَقَطَتْ فَاكْتَرَى أَحَدُهُمَا دَابَّةً مَعَ غَيْبَةِ الْآخَرِ خَوْفًا مِنْ أَنْ يَهْلِكَ الْمَتَاعُ، أَوْ يَنْقُصَ جَازَ وَيَرْجِعُ عَلَى شَرِيكِهِ بِحِصَّتِهِ وَلَوْ اسْتَأْجَرَ أَحَدُهُمَا بِشَيْءٍ مِنْ تِجَارَتِهِمَا جَازَ. وَلَوْ بَاعَ أَحَدُهُمَا فَأَقَالَ الْآخَرُ بَيْعَ صَاحِبِهِ صَحَّتْ الْإِقَالَةُ. وَلَوْ بَاعَ أَحَدُهُمَا شَيْئًا فَرُدَّ عَلَيْهِ بِعَيْبٍ بِغَيْرِ قَضَاءٍ جَازَ عَلَيْهِمَا، وَكَذَا لَوْ حَطَّ مِنْ الثَّمَنِ، وَكَذَا لَوْ وَهَبَ بَعْضَ الثَّمَنِ وَلَوْ أَقَرَّ بِعَيْبٍ فِي مَتَاعٍ بَاعَهُ جَازَ عَلَيْهِ وَعَلَى صَاحِبِهِ وَلَوْ قَالَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا لِصَاحِبِهِ اعْمَلْ فِيهِ بِرَأْيِك جَازَ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا أَنْ يَعْمَلَ مَا يَقَعُ فِي التِّجَارَاتِ مِنْ الرَّهْنِ وَالِارْتِهَانِ وَالدَّفْعِ مُضَارَبَةً وَالسَّفَرِ بِهِ وَالْخَلْطِ بِمَالِهِ وَالْمُشَارَكَةِ مَعَ الْغَيْرِ وَلَا يَجُوزُ عَلَى شَرِيكِهِ مَا كَانَ إتْلَافًا أَوْ تَمْلِيكًا بِغَيْرِ عِوَضٍ إلَّا أَنْ يَنُصَّ عَلَيْهِ. وَلَوْ شَارَكَ أَحَدُهُمَا رَجُلًا شَرِكَةَ عَنَانٍ فَمَا اشْتَرَاهُ الشَّرِيكُ الثَّالِثُ كَانَ النِّصْفُ لِلْمُشْتَرِي وَالنِّصْفُ بَيْنَ الشَّرِيكَيْنِ الْأَوَّلَيْنِ وَمَا اشْتَرَاهُ الشَّرِيكُ الَّذِي لَمْ يُشَارِكْ فَهُوَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ شَرِيكِهِ نِصْفَيْنِ وَلَا شَيْءَ مِنْهُ لِلشَّرِيكِ الثَّالِثِ. وَلَوْ اسْتَقْرَضَ أَحَدُ شَرِيكَيْ الْعَنَانِ مَالًا لِلتِّجَارَةِ لَزِمَهُمَا؛ لِأَنَّهُ تَمْلِيكُ مَالٍ بِمَالٍ فَكَانَ بِمَنْزِلَةِ الصَّرْفِ. وَلَوْ أَقَرَّ أَحَدُ الشَّرِيكَيْنِ أَنَّهُ اسْتَقْرَضَ مِنْ فُلَانٍ أَلْفًا مِنْ تِجَارَتِهِمَا يَلْزَمُهُ خَاصَّةً، وَكَذَا لَوْ أَذِنَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا لِصَاحِبِهِ بِالِاسْتِدَانَةِ عَلَيْهِ يَلْزَمُهُ خَاصَّةً حَتَّى يَكُونَ لِلْمُقْرِضِ أَنْ يَأْخُذَ مِنْهُ وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَرْجِعَ بِنِصْفِهِ عَلَى شَرِيكِهِ؛ لِأَنَّ التَّوْكِيلَ بِالِاسْتِقْرَاضِ بَاطِلٌ فَيَسْتَوِي فِيهِ الْإِذْنُ وَعَدَمُ الْإِذْنِ أَحَدُ شَرِيكَيْ الْعَنَانِ لَوْ أَقَرَّ أَنَّ دِينَهُمَا مُؤَجَّلٌ إلَى شَهْرٍ صَحَّ إقْرَارُهُ بِالْأَجَلِ فِي نَصِيبِهِ عِنْدَهُمْ جَمِيعًا، وَكَذَا لَوْ أَبْرَأَ أَحَدُهُمَا صَحَّ إبْرَاؤُهُ عَنْ نَصِيبِهِ. وَلَوْ أَمَرَ رَجُلًا بِأَنْ يَشْتَرِيَ لَهُ عَبْدَ فُلَانٍ بَيْنَهُ وَبَيْنَهُ فَقَالَ الْمَأْمُورُ: نَعَمْ فَلَمَّا رَجَعَ مِنْ عِنْدِهِ لَقِيَهُ رَجُلٌ آخَرُ، وَقَالَ اشْتَرِهِ بَيْنِي وَبَيْنَك فَقَالَ الْمَأْمُورُ نَعَمْ فَاشْتَرَى الْمَأْمُورُ ذَلِكَ الْعَبْدَ كَانَ لِلْآمِرِ الْأَوَّلِ نِصْفُ الْعَبْدِ وَلِلْآمِرِ الثَّانِي نِصْفُ الْعَبْدِ وَلَا شَيْءَ لِلْمُشْتَرِي هَذَا إذَا قِيلَ الْوَكَالَةُ بِغَيْرِ مَحْضَرٍ مِنْ الْأَوَّلِ، وَإِنْ قَالَ لَهُ الثَّانِي ذَلِكَ بِمَحْضَرٍ مِنْ الْأَوَّلِ اشْتَرَى الْعَبْدَ فَإِنَّ الْعَبْدَ يَكُونُ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 300 بَيْنَ الْمَأْمُورِ وَبَيْنَ الْآمِرِ الثَّانِي نِصْفَيْنِ وَلَا شَيْءَ لِلْأَوَّلِ، وَلَوْ لَقِيَهُ ثَالِثٌ أَيْضًا وَقَالَ اشْتَرِهِ بَيْنِي وَبَيْنَك نِصْفَيْنِ وَذَلِكَ بِغَيْرِ مَحْضَرٍ مِنْ الْأَوَّلِ وَالثَّانِي فَقَالَ: نَعَمْ فَهُوَ لِلْأَوَّلِ وَالثَّانِي وَلَيْسَ لِلثَّالِثِ وَلَا لِلْمُشْتَرِي شَيْءٌ. رَجُلٌ اشْتَرَى عَبْدًا وَقَبَضَهُ فَطَلَبَ رَجُلٌ آخَرُ مِنْهُ الشَّرِكَةَ فِيهِ فَأَشْرَكَهُ كَانَ الْعَبْدُ بَيْنَهُمَا نِصْفَيْنِ، وَكَذَا لَوْ أَشْرَكَ رَجُلَيْنِ يَصِيرُ بَيْنَهُمْ أَثْلَاثًا، وَلَوْ أَشْرَكَ رَجُلًا بَعْدَمَا اشْتَرَى الْعَبْدَ ثُمَّ أَشْرَكَ رَجُلًا آخَرَ لَمْ يَذْكُرْ هَذَا فِي الْكِتَابِ وَرَوَى ابْنُ سِمَاعَةَ عَنْ مُحَمَّدٍ أَنَّهُ قَالَ لِلَّذِي أَشْرَكَهُ أَوَّلًا نِصْفُ الْعَبْدِ، وَأَمَّا الثَّانِي إنْ عَلِمَ بِشَرِكَةِ الْأَوَّلِ كَانَ لَهُ الرُّبْعُ، وَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ فَلَهُ النِّصْفُ، وَلَوْ كَانَ الْعَبْدُ بَيْنَ رَجُلَيْنِ اشْتَرَيَاهُ فَأَشْرَكَا فِيهِ رَجُلًا فَفِي الْقِيَاسِ يَكُونُ لِلرَّجُلِ نِصْفُ الْعَبْدِ وَلِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا الرُّبْعُ، وَفِي الِاسْتِحْسَانِ يَكُونُ الْعَبْدُ بَيْنَهُمْ أَثْلَاثًا، مِنْ قَاضِي خَانْ وَلَوْ هَلَكَ الْمُشْتَرِي قَبْلَ التَّسْلِيمِ إلَى شَرِيكِهِ فِي الصُّوَرِ الْمَذْكُورَةِ لَمْ يَلْزَمْهُ الثَّمَنُ صَرَّحَ بِهِ فِي الْوَجِيزِ، وَلَوْ أَنَّ رَجُلًا اشْتَرَى مَتَاعًا فَأَشْرَكَ فِيهِ رَجُلًا قَبْلَ الْقَبْضِ كَانَتْ الشَّرِكَةُ فَاسِدَةً. رَجُلٌ أَمَرَ رَجُلًا أَنْ يَشْتَرِيَ عَبْدًا بِعَيْنِهِ بَيْنَهُ وَبَيْنَهُ فَقَالَ الْمَأْمُورُ نَعَمْ فَذَهَبَ الْمَأْمُورُ وَاشْتَرَاهُ وَأَشْهَدَ أَنَّهُ اشْتَرَى لِنَفْسِهِ خَاصَّةً فَإِنَّ الْعَبْدَ يَكُونُ بَيْنَهُمَا عَلَى الشَّرْطِ؛ لِأَنَّهُ وَكَّلَهُ بِشِرَاءِ نِصْفِ عَبْدٍ بِعَيْنِهِ وَالْوَكِيلُ بِشِرَاءِ نِصْفِ عَبْدٍ بِعَيْنِهِ إذَا اشْتَرَاهُ لِنَفْسِهِ بِمِثْلِ الَّذِي أُمِرَ بِهِ حَالَ غَيْبَةِ الْمُوَكِّلِ يَكُونُ مُشْتَرِيًا لِلْمُوَكِّلِ وَلَا يَمْلِكُ الشِّرَاءَ لِنَفْسِهِ مَا لَمْ يَخْرُجْ عَنْ الْوَكَالَةِ وَهُوَ يَمْلِكُ إخْرَاجَ نَفْسِهِ عَنْ الْوَكَالَةِ عِنْدَ حَضْرَةِ الْمُوَكِّلِ لَا عِنْدَ غَيْبَتِهِ، وَكَذَا لَوْ اشْتَرَكَ رَجُلَانِ عَلَى أَنَّ مَا اشْتَرَى كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا الْيَوْمَ فَهُوَ بَيْنَهُمَا لَمْ يَسْتَطِعْ أَحَدُهُمَا أَنْ يُخْرِجَ نَفْسَهُ عَنْ الْوَكَالَةِ إلَّا بِمَحْضَرٍ مِنْ صَاحِبِهِ؛ لِأَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا يَكُونُ وَكِيلًا عَنْ صَاحِبِهِ فِيمَا هُوَ مِنْ جِنْسِ تِجَارَتِهِمَا فَلَا يَمْلِكُ إخْرَاجَ نَفْسِهِ عَنْ الشَّرِكَةِ إلَّا بِمَحْضَرٍ مِنْ صَاحِبَةِ رَجُلَانِ اشْتَرَكَا شَرِكَةَ عَنَانٍ فِي تِجَارَتِهِمَا عَلَى أَنْ يَشْتَرِيَا وَيَبِيعَا بِالنَّقْدِ وَالنَّسِيئَةِ فَاشْتَرَى أَحَدُهُمَا شَيْئًا مِنْ غَيْرِ تِلْكَ التِّجَارَةِ كَانَ لَهُ خَاصَّةً؛ لِأَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا يَصِيرُ وَكِيلًا بِحُكْمِ الشَّرِكَةِ، وَالْوَكَالَةُ تَقْبَلُ التَّخْصِيصَ، فَأَمَّا فِي ذَلِكَ النَّوْعِ مِنْ التِّجَارَةِ فَبَيْعُ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا وَشِرَاؤُهُ بِالنَّقْدِ وَالنَّسِيئَةِ يَنْفُذُ عَلَى صَاحِبِهِ إلَّا إذَا اشْتَرَى أَحَدُهُمَا بِالنَّسِيئَةِ بِالْمَكِيلِ، أَوْ الْمَوْزُونِ، أَوْ النُّقُودِ فَإِنْ كَانَ فِي يَدِهِ مِنْ ذَلِكَ الْجِنْسِ مِنْ مَالِ الشَّرِكَةِ جَازَ شِرَاؤُهُ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ كَانَ مُشْتَرِيًا لِنَفْسِهِ؛ لِأَنَّهُ لَوْ نَفَذَ عَلَى شَرِيكِهِ يَكُونُ مُسْتَدِينًا عَلَى الْمَالِ وَلَيْسَ لِشَرِيكِ الْعَنَانِ وِلَايَةُ الِاسْتِدَانَةِ بِمُطْلَقِ عَقْدِ الشَّرِكَةِ، وَإِنْ كَانَ مَالُ الشَّرِكَةِ فِي يَدِهِ دَرَاهِمَ فَاشْتَرَى بِالدَّنَانِيرِ نَسِيئَةً فَفِي الْقِيَاسِ يَكُونُ مُشْتَرِيًا لِنَفْسِهِ، وَفِي الِاسْتِحْسَانِ يَكُونُ مُشْتَرِيًا عَلَى الشَّرِكَةِ. وَلَوْ أَقَرَّ أَحَدُ شَرِيكَيْ الْعَنَانِ بِدَيْنٍ فِي تِجَارَتِهِمَا لَزِمَ الْمُقِرَّ جَمِيعُ ذَلِكَ إنْ كَانَ الَّذِي هُوَ وَلِيُّهُ، وَإِنْ أَقَرَّ أَنَّهُمَا وَلِيَّاهُ لَزِمَهُ نِصْفُهُ، وَإِنْ أَقَرَّ أَنَّ صَاحِبَهُ وَلِيُّهُ لَا يَلْزَمُهُ شَيْءٌ بِخِلَافِ شَرِكَةِ الْمُفَاوَضَةِ فَإِنَّ ثَمَّةَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا يَكُونُ مُطَالَبًا بِذَلِكَ هَذِهِ الْجُمْلَةُ، مِنْ قَاضِي خَانْ ثَلَاثَةٌ اشْتَرَكُوا بِمَالٍ مَعْلُومٍ شَرِكَةً صَحِيحَةً عَلَى قَدْرِ رُءُوسِ أَمْوَالِهِمْ فَخَرَجَ وَاحِدٌ مِنْهُمْ إلَى نَاحِيَةٍ مِنْ النَّوَاحِي بِشَرِكَتِهِمْ ثُمَّ أَنَّ الْحَاضِرَيْنِ شَارَكَا رَجُلًا آخَرَ عَلَى أَنَّ ثُلُثَ الرِّبْحِ لَهُ وَالثُّلُثَيْنِ بَيْنَهُمْ ثُلُثَاهُ لِلْحَاضِرَيْنِ وَثُلُثُهُ لِلْغَائِبِ فَعَمَل الْمَدْفُوعُ إلَيْهِ بِذَلِكَ الْمَالِ سِنِينَ مَعَ الْحَاضِرَيْنِ ثُمَّ جَاءَ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 301 الْغَائِبُ فَلَمْ يَتَكَلَّمْ بِشَيْءٍ وَاقْتَسَمُوا لَمْ يَزَلْ يَعْمَلُ مَعَهُمْ هَذَا الرَّابِعُ حَتَّى خَسِرَ عَلَى الْمَالِ وَاسْتَهْلَكَهُ فَأَرَادَ الْغَائِبُ أَنْ يُضَمِّنَ شَرِيكَيْهِ فَإِنَّ الرِّبْحَ عَلَى مَا اشْتَرَطُوا وَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِمَا وَعَمَلُهُ بَعْدَ ذَلِكَ رِضًا بِالشَّرِكَةِ مِنْ الْخُلَاصَةِ. وَلَوْ اشْتَرَى أَحَدُهُمَا مِنْ جِنْسِ تِجَارَتِهِمَا وَأَشْهَدَ عِنْدَ تِجَارَتِهِمَا فَهُوَ لَهُ خَاصَّةً وَلِأَحَدِهِمَا أَخْذُ الْمَالِ مُضَارَبَةً وَالرِّبْحُ لَهُ خَاصَّةً، وَإِنْ أَخَذَهُ لِيَتَصَرَّفَ فِيمَا لَيْسَ مِنْ تِجَارَتِهِمَا، أَوْ مُطْلَقًا حَالَ غَيْبَةِ شَرِيكِهِ يَكُونُ الرِّبْحُ نِصْفُهُ لِشَرِيكِهِ وَنِصْفُهُ بَيْنَ الْمُضَارِبِ وَرَبِّ الْمَالِ، مِنْ الْوَجِيزِ. وَلَا يَمْلِكُ أَحَدُ الشَّرِيكَيْنِ تَزْوِيجَ عَبْدٍ مِنْ الشَّرِكَةِ بِلَا إذْنِ صَاحِبِهِ وَلَا إعْتَاقَهُ وَلَوْ بِمَالٍ، وَلَا بَيْعَ عَبْدٍ لِنَفْسِهِ وَلَا هِبَةَ شَيْءٍ مِنْ مَالِهِمَا، وَلَوْ بِعِوَضٍ وَلَا إقْرَاضَهُ وَلَا تَصَدُّقَهُ إلَّا بِيَسِيرٍ هَذِهِ الْجُمْلَةُ فِي الْمُكَاتَبِ، مِنْ الْوُقَايَةِ. إقْرَارُ شَرِيكِ الْعَنَانِ فِي بَيْعٍ، أَوْ شِرَاءِ شَيْءٍ قَائِمٍ بِعَيْنِهِ جَائِزٌ وَلَهُ عَلَى شَرِيكِهِ حِصَّتُهُ وَبِشِرَاءِ شَيْءٍ مُسْتَهْلَكٍ يَكُونُ ثَمَنُهُ دَيْنًا عَلَيْهِ دُونَ شَرِيكِهِ هَذِهِ فِي الْإِقْرَارِ، مِنْ الْوَجِيزِ. مَاتَ وَمَالُ الشَّرِكَةِ دُيُونٌ عَلَى النَّاسِ وَلَمْ يُبَيِّنْ ذَلِكَ بَلْ مَاتَ مُجْهِلًا يَضْمَنُ كَمَا لَوْ مَاتَ مُجْهِلًا لِلْعَيْنِ، مِنْ الْقُنْيَةِ [الْفَصْلُ الرَّابِعُ فِي شَرِكَةِ الصَّنَائِعِ] (الْفَصْلُ الرَّابِعُ فِي شَرِكَةِ الصَّنَائِعِ) وَتُسَمَّى شَرِكَةَ التَّقَبُّلِ فَالْخَيَّاطَانِ وَالصَّيَّاغَانِ يَشْتَرِكَانِ عَلَى أَنْ يَتَقَبَّلَا الْأَعْمَالَ وَيَكُونُ الْكَسْبُ بَيْنَهُمَا فَيَجُوزُ ذَلِكَ عِنْدَنَا خِلَافًا لِلشَّافِعِيِّ كَمَا فِي الْهِدَايَةِ وَالْكَسْبُ بَيْنَهُمَا، وَإِنْ عَمِلَ أَحَدُهُمَا فَقَطْ صَرَّحَ بِهِ فِي الْوُقَايَةِ وَلَا يُشْتَرَطُ فِيهِ اتِّحَادُ الْعَمَلِ وَالْمَكَانِ خِلَافًا لِمَالِكٍ وَزُفَرَ، وَلَوْ شَرَطَ الْعَمَلَ نِصْفَيْنِ وَالْمَالَ أَثْلَاثًا جَازَ وَمَا يَتَقَبَّلُهُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِنْ الْعَمَلِ يَلْزَمُ شَرِيكَهُ حَتَّى إنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا يُطَالَبُ بِالْعَمَلِ وَيُطَالَبُ بِالْأَجْرِ وَيَبْرَأُ الدَّافِعُ بِالدَّفْعِ إلَيْهِ، مِنْ الْهِدَايَةِ وَهَذَا النَّوْعُ مِنْ الشَّرِكَةِ قَدْ يَكُونُ عَنَانًا وَقَدْ يَكُونُ مُفَاوَضَةً عِنْدَ اسْتِجْمَاعِ شَرَائِطِ الْمُفَاوَضَةِ بِأَنْ شَرَطَا تَسَاوِيهِمَا فِي الرِّبْحِ وَالْوَضِيعَةِ وَأَنْ يَكُونَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا كَفِيلًا عَنْ صَاحِبِهِ فِيمَا لَحِقَهُ بِالشَّرِكَةِ فَيَكُونُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مُطَالَبًا بِحُكْمِ الْكَفَالَةِ بِمَا وَجَبَ عَلَى صَاحِبِهِ وَمَتَى كَانَتْ عَنَانًا فَإِنَّمَا يُطَالَبُ بِهِ مَنْ يُبَاشِرُ السَّبَبَ دُونَ صَاحِبِهِ بِقَضِيَّةِ الْوَكَالَةِ فَإِنْ أُطْلِقَتْ هَذِهِ الشَّرِكَةُ كَانَتْ عَنَانًا، وَإِنْ شَرَطَا الْمُفَاوَضَةَ كَانَتْ مُفَاوَضَةً فَإِذَا عَمِلَ أَحَدُهُمَا دُونَ الْآخَرِ وَالشَّرِكَةُ عَنَانٌ أَوْ مُفَاوَضَةٌ كَانَ الْأَجْرُ بَيْنَهُمَا عَلَى مَا شَرَطَا، وَلَوْ شَرَطَا لِأَحَدِهِمَا فَضْلًا فِيمَا يَحْصُلُ مِنْ الْأُجْرَةِ جَازَ إذَا كَانَا شَرَطَا التَّفَاضُلَ فِي ضَمَانِ مَا يَتَقَبَّلَانِهِ. وَعَنْ أَبِي حَنِيفَةَ مَا جَنَتْ يَدُ أَحَدِهِمَا كَانَ الضَّمَانُ عَلَيْهِمَا يَأْخُذُ أَيَّهُمَا شَاءَ. وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ إذَا مَرِضَ أَحَدُ الشَّرِيكَيْنِ، أَوْ سَافَرَ، أَوْ بَطَلَ فَعَمِلَ الْآخَرُ كَانَ الْأَجْرُ بَيْنَهُمَا وَلِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا أَنْ يَأْخُذَ الْأَجْرَ وَإِلَى أَيِّهِمَا دَفَعَ الْأَجْرُ بَرِئَ، وَإِنْ لَمْ يَتَفَاوَضَا وَهَذَا اسْتِحْسَانٌ؛ لِأَنَّ تَقَبُّلَ أَحَدِهِمَا الْعَمَلَ جُعِلَ كَتَقَبُّلِ الْآخَرِ فَصَارَ فِي مَعْنَى الْمُفَاوَضَةِ فِي بَابِ ضَمَانِ الْعَمَلِ وَلَوْ ادَّعَى رَجُلٌ عَلَى أَحَدِهِمَا أَنَّهُ دَفَعَ إلَيْهِ ثَوْبًا لِلْخِيَاطَةِ وَأَقَرَّ بِهِ الْآخَرُ صَحَّ إقْرَارُهُ بِدَفْعِ الثَّوْبِ وَيَأْخُذُ الْأَجْرَ؛ لِأَنَّهُمَا كَالْمُتَفَاوِضِينَ فَإِقْرَارُ أَحَدِهِمَا يَصِحُّ فِي حَقِّ الْآخَرِ. وَعَنْ مُحَمَّدٍ أَنَّهُ لَا يُصَدَّقُ الْمُقِرُّ فِي حَقِّ الشَّرِيكِ وَأَخَذَ هُوَ بِالْقِيَاسِ وَلَوْ أَقَرَّ أَحَدُهُمَا بِدَيْنٍ مِنْ ثَمَنِ صَابُونٍ وَنَحْوِهِ لَا يَلْزَمُ الْآخَرَ، مِنْ قَاضِي خَانْ وَفِي الْوَجِيزِ: وَلَوْ أَقَرَّ أَحَدُهُمَا بِدَيْنٍ مِنْ ثَمَنِ صَابُونٍ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 302 أَوْ أُشْنَانٍ أَوْ أَجْرِ أَجِيرٍ أَوْ أُجْرَةِ حَانُوتٍ لِمُدَّةٍ مَضَتْ لَمْ يُصَدَّقْ عَلَى صَاحِبِهِ فَإِنْ لَمْ تَمْضِ مُدَّةُ الْإِجَارَةِ أَوْ الْمَبِيعُ قَائِمٌ لَزِمَهُمَا جَمِيعًا كَمَا فِي شَرِكَةِ الْعِنَانِ انْتَهَى. وَلَوْ أَنَّ رَجُلًا سَلَّمَ ثَوْبًا إلَى خَائِطٍ لِيَخِيطَهُ بِنَفْسِهِ وَلِلْخَيَّاطِ شَرِيكٌ فِي الْخِيَاطَةِ مُفَاوَضَةً فَلِصَاحِبِ الثَّوْبِ أَنْ يُطَالِبَ بِالْعَمَلِ أَيَّهُمَا شَاءَ لِأَنَّ الشَّرِكَةَ إذَا كَانَتْ بَيْنَهُمَا كَانَا كَشَخْصٍ وَاحِدٍ. وَلَوْ أَنَّهُمَا افْتَرَقَا أَوْ مَاتَ الَّذِي قَبَضَ الثَّوْبَ لَا يُؤَاخَذُ الْآخَرُ بِالْعَمَلِ لِأَنَّ مَا يُوجِبُ الِاتِّحَادَ كَانَتْ الشَّرِكَةُ فَإِذَا انْقَطَعَتْ بَقِيَتْ الْكَفَالَةُ فَإِذَا كَانَ الشَّرْطُ عَلَى الْخَيَّاطِ أَنْ يَخِيطَ بِنَفْسِهِ لَا يُطَالِبُ الْآخَرَ بِحُكْمِ الْكَفَالَةِ لِأَنَّ الشَّرْطَ عَلَى الْخَيَّاطِ إذَا كَانَ خِيَاطَةُ نَفْسِهِ لَا تَصِحُّ بِهِ الْكَفَالَةُ مِنْ فَصْلِ الْوُجُوهِ مِنْ قَاضِي خَانْ ثَلَاثَةُ نَفَرٍ لَيْسُوا شُرَكَاءَ تَقَبَّلُوا عَمَلًا مِنْ رَجُلٍ ثُمَّ جَاءَ وَاحِدٌ مِنْهُمْ وَعَمِلَ ذَلِكَ الْعَمَلَ كُلَّهُ فَلَهُ ثُلُثُ الْأَجْرِ وَلَا شَيْءَ لِلْآخَرِينَ وَهُوَ مُتَطَوِّعٌ فِي الثُّلُثَيْنِ مِنْ الْخُلَاصَةِ. [الْفَصْلُ الْخَامِسُ فِي شَرِكَةِ الْوُجُوهِ] (الْفَصْلُ الْخَامِسُ فِي شَرِكَةِ الْوُجُوهِ) فَالرَّجُلَانِ يَشْتَرِكَانِ مِنْ غَيْرِ مَالٍ عَلَى أَنْ يَبِيعَا وَيَشْتَرِيَا بِوُجُوهِهِمَا عَلَى أَنَّ مَا اشْتَرَيَا بِهِ كَانَ بَيْنَهُمَا أَوْ نَصًّا فَقَالَا عَلَى أَنَّ مَا اشْتَرَيَاهُ مِنْ الْبُرِّ فَهُوَ بَيْنَهُمَا نِصْفَانِ أَوْ شَرَطَا لِأَحَدِهِمَا الثُّلُثَيْنِ وَلِلْآخَرِ الثُّلُثَ فَهُوَ كَمَا شَرَطَا وَالرِّبْحُ يَكُونُ عَلَى قَدْرِ الْمِلْكِ، وَإِنْ قَالَا عَلَى أَنَّ مَا اشْتَرَيَاهُ فَلِأَحَدِهِمَا الثُّلُثَانِ وَلِلْآخَرِ الثُّلُثُ عَلَى أَنَّ الرِّبْحَ بَيْنَهُمَا نِصْفَانِ لَا يَجُوزُ، وَإِنَّمَا يَكُونُ الرِّبْحُ بَيْنَهُمَا عَلَى قَدْر الْمِلْكِ فَإِذَا شَرَطَا لِأَحَدِهِمَا أَكْثَرَ مِنْ رِبْحِ مِلْكِهِ لَا يُجَوِّزُوهُمَا فِيمَا يَجِبُ لَهُمَا وَعَلَيْهِمَا بِمَنْزِلَةِ شَرِيكَيْ الْعِنَانِ. وَلَوْ اشْتَرَكَا بِوُجُوهِهِمَا شَرِكَةَ مُفَاوَضَةٍ كَانَ جَائِزًا، وَيَثْبُتُ التَّسَاوِي بَيْنَهُمَا فِيمَا يَجِبُ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا، وَعَلَيْهِ مَا يَجِبُ فِي شَرِكَةِ الْمُفَاوَضَةِ بِالْمَالِ. رَجُلَانِ اشْتَرَكَا مُفَاوَضَةً، وَلَيْسَ لَهُمَا مَالٌ عَلَى أَنْ يَشْتَرِيَا بِوُجُوهِهِمَا وَيَعْمَلَا بِأَيْدِيهِمَا جَازَتْ الشَّرِكَةُ كَالْعِنَانِ إلَّا أَنَّ فِي الْمُفَاوَضَةِ لَا يَجُوزُ أَنْ يَشْتَرِطَا التَّفَاوُتَ فِي الرِّبْحِ، وَفِي الْعِنَانِ يَجُوزُ، وَفِي تَقَبُّلِ الْأَعْمَالِ يَصِحُّ مِنْهُمَا اشْتِرَاطُ التَّفَاوُتِ فِي الرِّبْحِ مِنْ قَاضِي خَانْ [بَاب فِي مَسَائِلِ الْمُضَارَبَةِ وَفِيهِ فصلان] [الْفَصْلُ الْأَوَّلُ فِي الْمُضَارَبَةِ] الْبَابُ الثَّالِثُ وَالْعِشْرُونَ فِي مَسَائِلِ الْمُضَارَبَةِ وَفِيهِ فَصْلَانِ (الْفَصْلُ الْأَوَّلُ فِي الْمُضَارَبَةِ) الْمُضَارَبَةُ عَقْدٌ عَلَى الشَّرِكَةِ فِي الرِّبْحِ بِمَالٍ مِنْ أَحَدِ الْجَانِبَيْنِ وَعَمَلٌ مِنْ الْجَانِبِ الْآخَرِ، وَلَا مُضَارَبَةَ بِدُونِهِمَا فَلَوْ شَرَطَا جَمِيعَ الرِّبْحِ لِرَبِّ الْمَالِ كَانَ بِضَاعَةً. وَلَوْ شَرَطَا جَمِيعَهُ لِلْمُضَارِبِ كَانَ قَرْضًا ثُمَّ الْمَدْفُوعُ إلَى الْمُضَارِبِ أَمَانَةٌ فِي يَدِهِ لِأَنَّهُ يَتَصَرَّفُ فِيهِ بِأَمْرِ مَالِكِهِ لَا عَلَى وَجْهِ الْبَدَلِ وَالْوَثِيقَةِ، وَهُوَ وَكِيلٌ فِيهِ لِأَنَّهُ يَتَصَرَّفُ فِيهِ بِأَمْرِ مَالِكِهِ فَإِذَا رَبِحَ فَهُوَ شَرِيكٌ فِيهِ، وَإِذَا فَسَدَتْ ظَهَرَتْ الْإِجَارَةُ حَتَّى اسْتَوْجَبَ الْعَامِلُ أَجْرَ مِثْلِهِ، وَإِذَا خَالَفَ كَانَ غَاصِبًا لِوُجُودِ التَّعَدِّي مِنْهُ عَلَى مَالِ غَيْرِهِ. وَلَا تَصِحُّ إلَّا بِالْمَالِ الَّذِي يَصِحُّ بِهِ الشَّرِكَةُ. وَلَوْ دَفَعَ إلَيْهِ عَرْضًا، وَقَالَ بِعْهُ وَاعْمَلْ مُضَارَبَةً فِي ثَمَنِهِ جَازَ. بِخِلَافِ مَا إذَا قَالَ اعْمَلْ بِالدَّيْنِ فِي ذِمَّتِك حَيْثُ لَا تَصِحُّ الْمُضَارَبَةُ لِأَنَّ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ لَا يَصِحُّ هَذَا التَّوْكِيلُ وَعِنْدَهُمَا يَصِحُّ لَكِنْ يَقَعُ الْمِلْكُ فِي الْمُشْتَرَى لِلْآمِرِ فَيَصِيرُ مُضَارَبَةً بِالْعَرْضِ، وَمِنْ شُرُوطِهَا أَنْ يَكُونَ الرِّبْحُ بَيْنَهُمَا مُشَاعًا الجزء: 1 ¦ الصفحة: 303 لَا يَسْتَحِقُّ أَحَدُهُمَا دَرَاهِمَ مُسَمَّاةً فَإِنْ شَرَطَ زِيَادَةَ عَشَرَةٍ فَلَهُ أَجْرُ مِثْلِهِ لِفَسَادِهِ وَالرِّبْحُ لِرَبِّ الْمَالِ، وَهَذَا هُوَ الْحُكْمُ فِي كُلِّ مَوْضِعٍ لَمْ تَصِحَّ الْمُضَارَبَةُ، وَلَا يُجَاوِزُ بِالْأَجْرِ الْمُقَدَّرَ الْمَشْرُوطَ، وَيَجِبُ الْأَجْرُ، وَإِنْ لَمْ يَرْبَحْ فِي رِوَايَةِ الْأَصْلِ. وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ لَا يَجِبُ اعْتِبَارًا بِالْمُضَارَبَةِ الصَّحِيحَةِ وَالْمَالُ فِي الْمُضَارَبَةِ الْفَاسِدَةِ غَيْرُ مَضْمُونٍ بِالْهَلَاكِ اعْتِبَارًا بِالصَّحِيحَةِ، وَكُلُّ شَرْطٍ يُوجِبُ جَهَالَةً فِي الرِّبْحِ يُفْسِدُهَا، وَغَيْرُ ذَلِكَ مِنْ الشُّرُوطِ الْفَاسِدَةِ لَا يُفْسِدُهَا، وَيُبْطِلُ الشَّرْطَ كَاشْتِرَاطِ الْوَضِيعَةِ عَلَى الْمُضَارِبِ، وَإِذَا صَحَّتْ الْمُضَارَبَةُ جَازَ لِلْمُضَارِبِ أَنْ يَبِيعَ وَيَشْتَرِيَ، وَيُوَكِّلَ، وَيُسَافِرَ، وَيُودِعَ. وَعَنْ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ أَنَّهُ إنْ دَفَعَ إلَيْهِ فِي بَلَدِهِ لَيْسَ لَهُ أَنْ يُسَافِرَ، وَإِنْ دَفَعَ إلَيْهِ فِي غَيْرِ بَلَدِهِ لَهُ أَنْ يُسَافِرَ إلَى بَلَدِهِ، وَالظَّاهِرُ مَا ذَكَرَ فِي الْكِتَابِ أَنَّهُ لَهُ أَنْ يُسَافِرَ، وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يُضَارِبَ إلَّا بِإِذْنِ رَبِّ الْمَالِ أَوْ بِقَوْلِهِ لَهُ اعْمَلْ بِرَأْيِك. وَإِذَا دَفَعَ الْمُضَارِبُ الْمَالَ إلَى غَيْرِهِ مُضَارَبَةً، وَلَمْ يَأْذَنْ لَهُ رَبُّ الْمَالِ فِي ذَلِكَ لَمْ يَضْمَنْ بِالدَّفْعِ، وَلَا بِتَصَرُّفِ الْمُضَارِبِ الثَّانِي حَتَّى يَرْبَحَ فَإِذَا رَبِحَ ضَمِنَ الْأَوَّلُ لِرَبِّ الْمَالِ كَمَا لَوْ خُلِطَ بِغَيْرِهِ، وَهَذَا رِوَايَةٌ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ. وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ إذَا عَمَل بِهِ ضَمِنَ رَبِحَ أَوْ لَمْ يَرْبَحْ، وَهُوَ ظَاهِرُ الرِّوَايَةِ. وَقَالَ زُفَرُ يَضْمَنُ بِالدَّفْعِ عَمِلَ أَوْ لَمْ يَعْمَلْ، وَهُوَ رِوَايَةٌ عَنْ أَبِي يُوسُفَ ثُمَّ ذَكَرَ فِي الْكِتَابِ يَضْمَنُ الْأَوَّلُ، وَلَمْ يَذْكُرْ الثَّانِي، وَقِيلَ يَنْبَغِي أَنْ لَا يَضْمَنَ الثَّانِي عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَعِنْدَهُمَا يَضْمَنُ بِنَاءً عَلَى اخْتِلَافِهِمْ فِي مُودَعِ الْمُودِعِ، وَقِيلَ رَبُّ الْمَالِ بِالْخِيَارِ إنْ شَاءَ ضَمَّنَ الْأَوَّلَ، وَإِنْ شَاءَ ضَمَّنَ الثَّانِيَ بِالْإِجْمَاعِ، وَهُوَ الْمَشْهُورُ ثُمَّ إنْ ضَمِنَ الْأَوَّلُ صَحَّتْ الْمُضَارَبَةُ بَيْنَ الْأَوَّلِ وَالثَّانِي، وَإِنْ ضَمِنَ الثَّانِي رَجَعَ عَلَى الْأَوَّلِ بِالْعَقْدِ، وَتَصِحُّ الْمُضَارَبَةُ، وَالرِّبْحُ بَيْنَهُمَا عَلَى مَا شَرَطَا، وَيَطِيبُ الرِّبْحُ لِلثَّانِي، وَلَا يَطِيبُ لِلْأَعْلَى، وَلَا يَمْلِكُ الْمُضَارِبُ الْإِقْرَاضَ، وَالْهِبَةَ، وَالتَّصَدُّقَ، وَإِنْ قِيلَ لَهُ اعْمَلْ بِرَأْيِك بِلَا تَنْصِيصٍ وَإِنْ خَصَّ لَهُ رَبُّ الْمَالِ التَّصَرُّفَ فِي بَلَدٍ بِعَيْنِهِ أَوْ فِي سِلْعَةٍ لَمْ يَجُزْ لَهُ أَنْ يَتَجَاوَزَهَا، وَكَذَا لَيْسَ لَهُ أَنْ يَدْفَعَهُ بِضَاعَةً إلَى مَنْ يُخْرِجُهُ مِنْ تِلْكَ الْبَلْدَةِ فَإِنْ خَرَجَ إلَى غَيْرِ ذَلِكَ الْبَلَدِ فَاشْتَرَى ضَمِنَ، وَكَانَ ذَلِكَ لَهُ، وَلَهُ رِبْحُهُ، وَإِنْ لَمْ يَشْتَرِ حَتَّى رَدَّهُ إلَى الْكُوفَةِ، وَهِيَ الَّتِي عَيَّنَهَا بَرِئَ مِنْ الضَّمَانِ، وَرَجَعَ الْمَالُ مُضَارَبَةً عَلَى حَالِهِ، وَكَذَا إذَا رَدَّ بَعْضَهُ أَوْ اشْتَرَى بِبَعْضِهِ فِي الْمِصْرِ كَانَ الْمَرْدُودُ وَالْمُشْتَرِي فِي الْمِصْرِ عَلَى الْمُضَارَبَةِ قَالَ ثُمَّ شَرَطَ الشِّرَاءَ هَاهُنَا، وَهِيَ رِوَايَةِ الْجَامِعِ الصَّغِيرِ، وَفِي كِتَابِ الْمُضَارَبَةِ ضَمِنَهُ بِنَفْسِ الْإِخْرَاجِ، وَالصَّحِيحُ أَنَّ بِالشِّرَاءِ يَتَقَرَّرُ الضَّمَانُ لِزَوَالِ احْتِمَالِ الرَّدِّ إلَى الْمِصْرِ الَّذِي عَيَّنَهُ أَمَّا الضَّمَانُ فَوُجُوبُهُ بِنَفْسِ الْإِخْرَاجِ، وَإِنَّمَا شَرَطَ الشِّرَاءَ لِلتَّقَرُّرِ لَا لِأَصْلِ الْوُجُوبِ، وَهَذَا بِخِلَافِ مَا إذَا قَالَ عَلَى أَنْ تَشْتَرِيَ فِي سُوقِ الْكُوفَةِ حَيْثُ لَا يَصِحُّ التَّقْيِيدُ لِأَنَّ الْمِصْرَ مَعَ تَبَايُنِ أَطْرَافِهِ كَبُقْعَةٍ وَاحِدَةٍ فَلَا يُفِيدُ التَّقْيِيدُ إلَّا إذَا صَرَّحَ بِالنَّهْيِ بِأَنْ قَالَ اعْمَلْ بِالسُّوقِ، وَلَا تَعْمَلْ فِي غَيْرِ السُّوقِ لِأَنَّهُ صَرَّحَ بِالْحَجْرِ، وَالْوِلَايَةِ إلَيْهِ، وَمَعْنَى التَّخْصِيصِ أَنْ يَقُولَ عَلَى أَنْ تَعْمَلَ كَذَا أَوْ فِي مَكَانِ كَذَا وَكَذَا إذَا قَالَ خُذْ هَذَا الْمَالَ تَعْمَلْ بِهِ فِي الْكُوفَةِ لِأَنَّهُ تَفْسِيرٌ لَهُ أَوْ قَالَ فَاعْمَلْ بِهِ فِي الْكُوفَةِ لِأَنَّ الْفَاءَ لِلْوَصْلِ أَوْ قَالَ خُذْهُ بِالنِّصْفِ بِالْكُوفَةِ لِأَنَّ الْبَاءَ لِلْإِلْصَاقِ أَمَّا إذَا قَالَ خُذْ هَذَا الْمَالَ وَاعْمَلْ بِهِ فِي الْكُوفَةِ فَلَهُ أَنْ يَعْمَلَ فِيهَا، وَفِي غَيْرِهَا لِأَنَّ الْوَاوَ لِلْعَطْفِ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 304 فَيَصِيرُ بِمَنْزِلَةِ الْمَشُورَةِ. وَلَوْ قَالَ عَلَى أَنْ تَشْتَرِيَ مِنْ فُلَانٍ، وَتَبِيعَ مِنْهُ صَحَّ التَّقْيِيدُ لِأَنَّهُ مُفِيدٌ لِزِيَادَةِ الثِّقَةِ بِهِ فِي الْمُعَامَلَةِ بِخِلَافِ مَا إذَا قَالَ عَلَى أَنْ تَشْتَرِيَ مِنْ أَهْلِ الْكُوفَةِ أَوْ دَفَعَ مَالًا فِي الصَّرْفِ عَلَى أَنْ يَشْتَرِيَ بِهِ مِنْ الصَّيَارِفَةِ، وَيَبِيعَ مِنْهُمْ فَبَاعَ فِي الْكُوفَةِ، وَمِنْ غَيْرِ أَهْلِهَا أَوْ مِنْ غَيْرِ الصَّيَارِفَةِ جَازَ مِنْ الْهِدَايَةِ. وَلَوْ أَمَرَهُ بِبَيْعِهِ مِنْ فُلَانٍ فَبَاعَهُ مِنْ غَيْرِهِ ضَمِنَ. وَلَوْ أَمَرَهُ بِالشِّرَاءِ مِنْ فُلَانٍ فَاشْتَرَاهُ مِنْ غَيْرِهِ لَا يَضْمَنُ هَذَا رِوَايَةُ الْوِكَالَةِ، وَقَالَ فِي الْمُضَارَبَةِ يَضْمَنُ فِي الْوَجْهَيْنِ مِنْ الْخُلَاصَةِ وَلَوْ وَقَّتَ لِلْمُضَارِبِ وَقْتًا بِعَيْنِهِ يَبْطُلُ الْعَقْدُ بِمُضِيِّهِ لِأَنَّهُ تَوْكِيلٌ فَيَتَوَقَّتُ بِمَا وَقَّتَهُ، وَلَيْسَ لِلْمُضَارِبِ أَنْ يَشْتَرِيَ مَنْ يَعْتِقُ عَلَى رَبِّ الْمَالِ لِقَرَابَةٍ أَوْ غَيْرِهَا لِأَنَّ الْعَقْدَ وُضِعَ لِيَحْصُلَ بِهِ الرِّبْحُ، وَذَلِكَ بِالتَّصَرُّفِ مَرَّةً بَعْدَ أُخْرَى، وَلَا يَتَحَقَّقُ فِيهِ بِعِتْقِهِ، وَلِهَذَا لَا يَدْخُلُ فِي الْمُضَارَبَةِ مَا لَا يُمْلَكْ بِالْقَبْضِ كَشِرَاءِ الْخَمْرِ وَالْمَيْتَةِ بِخِلَافِ الْبَيْعِ الْفَاسِدِ لِأَنَّهُ يُمْكِنُهُ بَيْعُهُ بَعْدَ قَبْضِهِ فَيَتَحَقَّقُ الْمَقْصُودُ. وَلَوْ فَعَلَ صَارَ مُشْتَرِيًا لِنَفْسِهِ دُونَ الْمُضَارَبَةِ فَإِنْ كَانَ فِي الْمَالِ رِبْحٌ لَمْ يَجُزْ لَهُ أَنْ يَشْتَرِيَ مَنْ يُعْتَقُ عَلَيْهِ، وَإِنْ اشْتَرَاهُمْ ضَمِنَ مَالَ الْمُضَارَبَةِ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِي الْمَالِ رِبْحٌ جَازَ لَهُ أَنْ يَشْتَرِيَهُمْ فَإِذَا زَادَتْ قِيمَتُهُمْ بَعْدَ الشِّرَاءِ عَتَقَ نَصِيبُهُ مِنْهُمْ، وَلَمْ يَضْمَنْ لِرَبِّ الْمَالِ شَيْئًا، وَيَبِيعُ الْعَبْدُ فِي قِيمَةِ نَصِيبَهُ مِنْهُ وَيَجُوزُ لِلْمُضَارِبِ أَنْ يَبِيعَ بِالنَّقْدِ، وَالنَّسِيئَةِ لِأَنَّ كُلَّ ذَلِكَ مِنْ صَنِيعِ التُّجَّارِ فَيَنْتَظِمُهُ إطْلَاقُ الْعَقْدِ إلَّا إذَا بَاعَ إلَى أَجَلٍ لَا يَبِيعُ التُّجَّارُ إلَيْهِ لِأَنَّهُ لَهُ الْأَمْرُ الْعَامُّ الْمَعْرُوفُ بَيْنَ النَّاسِ، وَلِهَذَا كَانَ لَهُ أَنْ يَشْتَرِيَ دَابَّةً لِلرُّكُوبِ، وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَشْتَرِيَ سَفِينَةً لِلرُّكُوبِ، وَلَهُ أَنْ يَسْتَكْرِيَهَا اعْتِبَارًا لِعَادَةِ التُّجَّارِ، وَلَهُ أَنْ يَأْذَنَ لِعَبْدِ الْمُضَارَبَةِ فِي التِّجَارَةِ فِي الرِّوَايَةِ الْمَشْهُورَةِ وَلَوْ بَاعَ بِالنَّقْدِ ثُمَّ أَخَّرَ الثَّمَنَ جَازَ بِالْإِجْمَاعِ أَمَّا عِنْدَهُمَا فَلِأَنَّ الْوَكِيلَ يَمْلِكُ ذَلِكَ فَالْمُضَارِبُ أَوْلَى إلَّا أَنَّ الْمُضَارِبَ لَا يَضْمَنُ لِأَنَّ لَهُ أَنْ يُقَابِلَ ثُمَّ يَبِيعَ نَسِيئَةً، وَلَا كَذَلِكَ الْوَكِيلُ لِأَنَّهُ لَا يَمْلِكُ ذَلِكَ، وَأَمَّا عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ فَلِأَنَّهُ يَمْلِكُ الْإِقَالَةَ ثُمَّ الْبَيْعَ بِالنَّسِيئَةِ بِخِلَافِ الْوَكِيلِ فَإِنَّهُ لَا يَمْلِكُ الْإِقَالَةَ وَلَوْ احْتَالَ بِالثَّمَنِ عَلَى الْأَيْسَرِ أَوْ عَلَى الْأَعْسَرِ جَازَ قَالَ: وَالْأَصْلُ أَنَّ مَا يَفْعَلُهُ الْمُضَارِبُ ثَلَاثَةُ أَنْوَاعٍ نَوْعٌ يَمْلِكُهُ بِمُطْلَقِ الْمُضَارَبَةِ، وَهُوَ مَا يَكُونُ مِنْ بَابِ الْمُضَارَبَةِ، وَتَوَابِعِهَا، وَهُوَ مَا ذَكَرْنَا، وَمِنْ جُمْلَتِهِ التَّوْكِيلُ بِالْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ، وَالرَّهْنُ، وَالِارْتِهَانُ، وَالْإِجَارَةُ، وَالِاسْتِئْجَارُ، وَالْإِيدَاعُ، وَالْإِبْضَاعُ، وَالْمُسَافِرَةُ عَلَى مَا ذَكَرْنَا مِنْ قَبْلُ، وَنَوْعٌ لَا يَمْلِكُهُ بِمُطْلَقِ الْعَقْدِ، وَيَمْلِكُهُ إذَا قِيلَ لَهُ اعْمَلْ بِرَأْيِك، وَهُوَ مَا يَحْتَمِلُ أَنْ يَلْحَقَ بِهِ فَيُلْحَقُ عِنْدَ وُجُودِ الدَّلَالَةِ، وَذَلِكَ مِثْلُ دَفْعِ الْمَالِ مُضَارَبَةً أَوْ شَرِكَةً إلَى غَيْرِهِ، وَخُلِطَ مَالُ الْمُضَارَبَةِ بِمَالِهِ أَوْ بِمَالِ غَيْرِهِ، وَنَوْعٌ لَا يَمْلِكُهُ إلَّا أَنْ يَنُصَّ عَلَيْهِ رَبُّ الْمَالِ، وَهُوَ الِاسْتِدَانَةُ، وَهِيَ أَنْ يَشْتَرِيَ بِالدَّرَاهِمِ، وَالدَّنَانِيرِ بَعْدَمَا اشْتَرَى بِرَأْسِ الْمَالِ السِّلْعَةَ، وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ وَلَوْ أَذِنَ لَهُ رَبُّ الْمَالِ فِي الِاسْتِدَانَةِ صَارَ الْمُشْتَرِي بَيْنَهُمَا نِصْفَيْنِ بِمَنْزِلَةِ شَرِكَةِ الْوُجُوهِ، وَكَذَا أَخْذُ السَّفَاتِجِ لِأَنَّهُ نَوْعٌ مِنْ الِاسْتِدَانَةِ، وَكَذَا عَطَاؤُهَا لِأَنَّهُ إقْرَاضٌ، وَالْعِتْقُ بِمَالٍ أَوْ بِغَيْرِ مَالٍ، وَالْكِتَابَةُ لِأَنَّهُ لَيْسَ مِنْ التِّجَارَةِ، وَالْإِقْرَاضُ، وَالْهِبَةُ، وَالصَّدَقَةُ لِأَنَّهُ تَبَرُّعٌ مَحْضٌ مِنْ الْهِدَايَةِ الْمُضَارِبُ يَمْلِكُ تَأْخِيرَ الدَّيْنِ، وَتَأْجِيلَهُ، وَإِقَالَةً، وَحَوَالَةً، وَإِبْرَاءً، وَحَطًّا، وَيَضْمَنُ رَبُّ الْمَالِ لَوْ حَطَّ أَوْ أَخَّرَ أَوْ قَبَضَ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِيهِ رِبْحٌ صَحَّ حَطَّهُ، وَتَأْخِيرُهُ وَقَبْضُهُ إذْ يَمْلِكُهُ. وَلَوْ رَبِحَ جَازَ قَبْضُهُ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 305 وَيَجُوزُ حَطُّهُ فِي حِصَّتِهِ، وَإِنَّمَا يَمْلِكُ الْمُضَارِبُ هَذَا كُلَّهُ لِأَنَّهَا مِنْ أُمُورِ التِّجَارَةِ وَقَدْ أَذِنَ فِيهَا، وَتَأْخِيرُ رَبِّ الدَّيْنِ لَمْ يَجُزْ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَعِنْدَهُمَا صَحَّ فِي حِصَّتِهِ، وَهَذَا كَاخْتِلَافٍ فِي دَيْنٍ بَيْنَ اثْنَيْنِ أَخَّرَ أَحَدُهُمَا كَذَا فِي الْفُصُولَيْنِ . وَلَوْ جَرَتْ بَيْنَ رَبِّ الْمَالِ وَالْمُضَارِبِ خُصُومَةٌ بَعْدَ رُجُوعِهِ مِنْ سَفَرِهِ فَقَالَ لِرَبِّ الْمَالِ جِئْت بِأَرْبَعِينَ عَدَدًا مِنْ النَّوْعِ الْفُلَانِيِّ فَقَالَ لَهُ أَخْطَأْت إنَّمَا كَانَتْ مِائَتَيْنِ وَخَمْسِينَ عَدَدًا فَهُوَ إقْرَارٌ بِمِائَتَيْنِ وَخَمْسِينَ عَدَدًا مِنْهُ هَذِهِ فِي الْإِقْرَارِ مِنْ الْقُنْيَةِ. وَفِي الْوَجِيزِ الْمُضَارَبَةُ نَوْعَانِ عَامَّةٌ وَخَاصَّةٌ، وَالْعَامَّةُ نَوْعَانِ أَحَدُهُمَا دَفَعَ مَالَهُ إلَى آخَرَ مُضَارَبَةً، وَلَمْ يَقُلْ لَهُ اعْمَلْ بِرَأْيِك يَمْلِكُ الْبَيْعَ، وَالشِّرَاءَ بِالنَّقْدِ، وَالنَّسِيئَةِ، وَالْإِجَارَةَ، وَالِاسْتِئْجَارَ، وَالرَّهْنَ، وَالِارْتِهَانَ، وَالْإِيدَاعَ، وَالْإِبْضَاعَ، وَالتَّوْكِيلَ بِالْبَيْعِ، وَالشِّرَاءَ، وَالْحَوَالَةَ بِالثَّمَنِ، وَالْحَطَّ عَنْهُ شَيْئًا بِعَيْبٍ مِثْلَ مَا يَحُطُّ التُّجَّارُ، وَالْإِذْنَ لِعَبْدِ الْمُضَارَبَةِ، وَالْمُسَافَرَةَ بِالْمَالِ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ، وَرَهْنَ مَالِ الْمُضَارَبَةِ، وَالِارْتِهَانَ، وَيَدْفَعُ أَرْضَ الْمُضَارَبَةِ مُزَارَعَةً، وَيَأْخُذُ أَرْضَ غَيْرِهِ بِالْمُزَارَعَةِ، وَيَتَقَبَّلُهَا لِيَغْرِسَ فِيهَا نَخْلًا أَوْ شَجَرًا، وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَأْخُذَ شَجَرًا أَوْ رُطَبًا مُعَامَلَةً عَلَى أَنْ يُنْفِقَ مِنْ مَالِ الْمُضَارَبَةِ، وَلَا يَمْلِكُ الْمُضَارَبَةَ، وَالشَّرِكَةَ، وَالْخَلْطَ بِمَالِهِ، وَالْإِقْرَاضَ، وَالِاسْتِدَانَةَ عَلَى الْمُضَارَبَةِ، وَأَخْذَ الْمَالِ سَفْتَجَةً وَلَوْ اشْتَرَى بِهِ ذَا رَحِمٍ مَحْرَمٍ مِنْ رَبِّ الْمَالِ ضَمِنَ، وَلَمْ يَعْتِقْ لِأَنَّهُ اشْتَرَى مَالًا يَمْلِكُ بَيْعَهُ عَلَى الْمُضَارِبِ، وَإِنْ كَانَ فِيهِ فَضْلٌ صَحَّ الْكِتَابَةُ فِي حِصَّةِ الْمُضَارِبِ مِنْ الرِّبْحِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ، وَالْبَاقِي يَكُونُ عَلَى الْمُضَارَبَةِ وَعِنْدَهُمَا الْكِتَابَةُ لَا تَتَجَزَّأُ، وَلِلْآخَرِ نَقْضُهَا فَإِنْ لَمْ يَنْقُضْهَا حَتَّى أَدَّى بَدَلَ الْكِتَابَةِ عَتَقَ نَصِيبُ الْمُضَارِبِ عِنْدَهُ، وَمَا قَبَضَ الْمُضَارِبُ مِنْ الْكِتَابَةِ فَرُبْعُهُ وَثَلَاثَةُ أَرْبَاعِهِ يَكُونُ عَلَى الْمُضَارَبَةِ فَيَسْتَوْفِي رَبُّ الْمَالِ رَأْسَ مَالِهِ مِنْهَا، وَمَا بَقِيَ يَكُونُ بَيْنَهُمَا عَلَى الشَّرْطِ وَلِلْمُضَارِبِ أَنْ يَبِيعَ عَبْدَ الْمُضَارَبَةِ بِدَيْنِهِ، وَأَمَّا الثَّانِي فَهُوَ أَنْ يَقُولَ لَهُ اعْمَلْ بِرَأْيِك فَلَهُ أَنْ يَفْعَلَ جَمِيعَ مَا ذَكَرْنَا غَيْرَ الْإِقْرَاضِ، وَالِاسْتِدَانَةِ، وَأَخْذِ السَّفَاتِجِ، وَالْهِبَةِ وَالصَّدَقَةِ فَلَيْسَ لَهُ ذَلِكَ، وَكُلُّ مَا جَازَ لِلْمُضَارَبَةِ الصَّحِيحَةِ جَازَ فِي الْفَاسِدَةِ لِقِيَامِ الْإِذْنِ بِالتَّصَرُّفِ، وَإِذَا أَبْضَعَ الْمُضَارِبُ فِي الْمُضَارَبَةِ الْفَاسِدَةِ جَازَ عَلَى رَبِّ الْمَالِ، وَلِلْمُضَارِبِ أَجْرُ الْمِثْلِ أَمَّا الْمُضَارَبَةُ الْخَاصَّةُ فَنَوْعَانِ أَيْضًا أَحَدُهُمَا لَوْ دَفَعَ بِالْمُضَارَبَةِ عَلَى أَنْ يَعْمَلَ بِهِ بِالْكُوفَةِ لَيْسَ لَهُ أَنْ يَعْمَلَ فِي غَيْرِهَا فَإِنْ أُخْرِجَ مِنْ الْكُوفَةِ، وَرَبِحَ فَهُوَ ضَامِنٌ لِرَأْسِ الْمَالِ، وَالرِّبْحُ لَهُ، وَالْوَضِيعَةُ عَلَيْهِ، وَإِنْ أُخْرِجَ الْبَعْضُ صَارَ ضَامِنًا لِذَلِكَ الْقَدْرِ فَإِنْ لَمْ يَشْتَرِ بِهِ شَيْئًا حَتَّى رَدَّهُ إلَى الْكُوفَةِ فَهُوَ مُضَارَبَةٌ عَلَى حَالِهَا، وَلَا يُعْطِيهِ بِضَاعَةً لِمَنْ يَخْرُجُ مِنْهَا. وَلَوْ قَالَ دَفَعْت إلَيْك مُضَارَبَةً بِالنِّصْفِ فَاعْمَلْ بِهِ بِالْكُوفَةِ أَوْ اعْمَلْ بِالْكُوفَةِ فَلَهُ أَنْ يَعْمَلَ فِي غَيْرِهَا، وَيَعْتَبِرَ هَذَا مَشُورَةً لَا شَرْطًا، وَفِيمَا عَدَاهُمَا اُعْتُبِرَ شَرْطًا. وَلَوْ شَرَطَ أَنْ يَعْمَلَ فِي سُوقِ الْكُوفَةِ فَعَمِلَ فِي مَكَانٍ آخَرَ فَلَهُ ذَلِكَ اسْتِحْسَانًا. وَلَوْ قَالَ لَا تَعْمَلْ إلَّا فِي السُّوقِ فَعَمِلَ فِي غَيْرِهِ ضَمِنَ، وَالثَّانِي لَوْ دَفَعَ وَقَالَ خُذْهُ مُضَارَبَةً بِالنِّصْفِ فَاشْتَرِ الطَّعَامَ فَهُوَ مُضَارَبَةً فِي الْحِنْطَةِ وَالدَّقِيقِ، وَلَهُ أَنْ يَشْتَرِيَ فِي الْمِصْرِ وَغَيْرِهِ، وَأَنْ يُبْضِعَ فِيهِ. وَلَوْ قَالَ: خُذْ مُضَارَبَةً بِالنِّصْفِ فَاشْتَرِ الْبَزَّ، وَبِعْهُ فَلَهُ أَنْ يَشْتَرِيَ الْبَزَّ وَغَيْرَهُ. وَلَوْ قَالَ عَلَى أَنْ تَشْتَرِيَ بِالنَّقْدِ صَحَّ الشَّرْطُ. وَلَوْ قَالَ بِعْهُ بِالنَّسِيئَةِ، وَلَا تَبِعْهُ بِالنَّقْدِ فَبَاعَهُ بِالنَّقْدِ جَازَ دَفْعُ مُضَارَبَةٍ عَلَى أَنْ يَشْتَرِيَ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 306 الطَّعَامَ خَاصَّةً فَلَهُ أَنْ يَسْتَأْجِرَ الدَّابَّةَ لِلرُّكُوبِ، وَالْحَمُولَةِ، وَلَا يَشْتَرِي سَفِينَةً يَحْمِلُ فِيهَا الطَّعَامَ فَإِنْ كَانَتْ الْمُضَارَبَةُ عَامَّةً جَازَ لَهُ شِرَاءُ السَّفِينَةِ أَيْضًا دَفَعَ مَالًا مُضَارَبَةً ثُمَّ قَالَ لَا تَعْمَلْ فِي الْحِنْطَةِ صَحَّ نَهْيُهُ قَبْلَ أَنْ يَشْتَرِيَ، وَلَا يَصِحُّ بَعْدَهُ كَمَا إذَا عَزَلَ رَبُّ الْمَالِ الْمُضَارِبَ انْتَهَى. وَإِنْ كَانَ مَعَ الْمُضَارِبِ أَلْفٌ بِالنِّصْفِ فَاشْتَرَى بِهِ جَارِيَةً قِيمَتُهَا أَلْفٌ فَوَطِئَهَا فَجَاءَتْ بِوَلَدٍ يُسَاوِي أَلْفًا فَادَّعَاهُ ثُمَّ بَلَغَتْ قِيمَةُ الْغُلَامِ أَلْفًا وَخَمْسَمِائَةٍ، وَالْمُدَّعِي مُوسِرٌ فَإِنْ شَاءَ رَبُّ الْمَالِ اسْتَسْعَى الْغُلَامَ فِي أَلْفٍ وَمِائَتَيْنِ وَخَمْسِينَ، وَإِنْ شَاءَ أَعْتَقَ، وَوَجْهُ ذَلِكَ أَنَّ الدَّعْوَةَ صَحِيحَةٌ فِي الظَّاهِرِ حَمْلًا عَلَى فِرَاشِ النِّكَاحِ لَكِنَّهَا لَمْ تَنْفُذْ لِفَقْدِ شَرْطِهَا، وَهُوَ الْمِلْكُ لِعَدَمِ ظُهُورِ الرِّبْحِ لِأَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا أَعْنِي الْأُمَّ، وَالْوَلَدَ مُسْتَحَقٌّ بِرَأْسِ الْمَالِ كَمَالِ الْمُضَارَبَةِ إذَا صَارَتْ أَعْيَانًا كُلُّ عَيْنٍ مِنْهَا يُسَاوِي رَأْسَ الْمَالِ لَا يَظْهَرُ الرِّبْحُ كَذَا هَذَا فَإِذَا زَادَتْ قِيمَةُ الْغُلَامِ الْآنَ ظَهَرَ الرِّبْحُ، وَنَفَذَتْ الدَّعْوَةُ السَّابِقَةُ فَإِذَا صَحَّتْ الدَّعْوَةُ، وَثَبَتَ النَّسَبُ عَتَقَ الْوَلَدُ لِقِيَامِ مِلْكِهِ فِي بَعْضِهِ، وَلَا يَضْمَنُ لِرَبِّ الْمَالِ شَيْئًا مِنْ قِيمَةِ الْوَلَدِ لِأَنَّ عِتْقَهُ ثَبَتَ بِالنَّسَبِ وَالْمِلْكِ، وَالْمِلْكُ آخِرُهُمَا فَيُضَافُ إلَيْهِ، وَلَا صُنْعَ لَهُ فِيهِ، وَهَذَا ضَمَانُ إعْتَاقٍ فَلَا بُدّ مِنْ التَّعَدِّي، وَلَمْ يُوجَدْ، وَلَهُ أَنْ يَسْتَسْعِيَ الْغُلَامَ لِأَنَّهُ احْتَبَسَتْ مَالِيَّتُهُ عِنْدَهُ، وَلَهُ أَنْ يَعْتِقَ لِأَنَّ الْمُسْتَسْعَى كَالْمُكَاتَبِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ، وَيَسْتَسْعِيهِ فِي أَلْفٍ وَمِائَتَيْنِ وَخَمْسِينَ لِأَنَّ الْأَلْفَ مُسْتَحِقٌّ بِرَأْسِ الْمَالِ، وَالْخَمْسَمِائَةِ رِبْحٌ، وَالرِّبْحُ بَيْنَهُمَا فَلِهَذَا يَسْعَى لَهُ فِي هَذَا الْمِقْدَارِ ثُمَّ إذَا قَبَضَ الْأَلْفَ رَبُّ الْمَالِ لَهُ أَنْ يُضَمِّنَ الْمُضَارِبُ نِصْفَ قِيمَةِ الْأُمِّ لِأَنَّ الْأَلْفَ الْمَأْخُوذَ لَمَّا اسْتَحَقَّ بِرَأْسِ الْمَالِ لِكَوْنِهِ مُقَدَّمًا فِي الِاسْتِيفَاءِ ظَهَرَ أَنَّ الْجَارِيَةَ كُلَّهَا رِبْحٌ فَتَكُونُ بَيْنَهُمَا وَقَدْ تَقَدَّمَتْ دَعْوَةٌ صَحِيحَةٌ لِاحْتِمَالِ الْفِرَاشِ الثَّابِتِ بِالنِّكَاحِ، وَتَوَقَّفَ نَفَاذُهَا لِفَقْدِ الْمِلْكِ فَإِذَا ظَهَرَ الْمِلْكُ نَفَذَتْ تِلْكَ الدَّعْوَةُ، وَصَارَتْ الْجَارِيَةُ أُمَّ وَلَدِهِ، وَيَضْمَنُ نَصِيبُ رَبِّ الْمَالِ لِأَنَّ هَذَا ضَمَانُ تَمَلُّكٍ، وَضَمَانُ التَّمَلُّكِ لَا يَسْتَدْعِي صُنْعًا كَمَا إذَا اسْتَوْلَدَ جَارِيَةً بِالنِّكَاحِ ثُمَّ مَلَكَهَا هُوَ وَغَيْرُهُ وِرَاثَةً يَضْمَنُ نَصِيبَ شَرِيكِهِ كَذَا هَذَا بِخِلَافِ ضَمَانِ الْوَلَدِ. وَإِذَا عَمِلَ الْمُضَارِبُ فِي الْمِصْرِ فَلَيْسَتْ نَفَقَتُهُ فِي الْمَالِ، وَإِنْ سَافَرَ فَطَعَامُهُ، وَشَرَابُهُ وَكِسْوَتُهُ، وَرُكُوبُهُ شِرَاءُ وَكِرَاءٌ هَذَا فِي الْمُضَارَبَةِ الصَّحِيحَةِ بِخِلَافِ الْفَاسِدَةِ لِأَنَّهُ أَجِيرٌ فَنَفَقَتُهُ فِي مَالِهِ، وَبِخِلَافِ الْبِضَاعَةِ لِأَنَّهُ مُتَبَرِّعٌ فَلَوْ بَقِيَ شَيْءٌ فِي يَدِهِ بَعْدَمَا قَدِمَ مِصْرَهُ رَدَّهُ فِي الْمُضَارَبَةِ. وَلَوْ كَانَ خُرُوجُهُ دُونَ السَّفَرِ إنْ كَانَ بِحَيْثُ يَغْدُو ثُمَّ يَرُوحُ فَيَبِيتُ بِأَهْلِهِ فَهُوَ بِمَنْزِلَةِ السُّوقِيِّ فِي الْمِصْرِ، وَإِنْ كَانَ بِحَيْثُ لَا يَبِيتُ بِأَهْلِهِ فَنَفَقَتُهُ فِي مَالِ الْمُضَارَبَةِ لِأَنَّ خُرُوجَهُ لِلْمُضَارَبَةِ وَالنَّفَقَةِ مَا تَصَرَّفَ إلَى الْحَاجَةِ الرَّاتِبَةِ، وَمِنْ ذَلِكَ غَسْلُ ثِيَابِهِ، وَأُجْرَةُ أَجِيرٍ يَخْدُمُهُ، وَعَلَفُ دَابَّةٍ يَرْكَبُهَا، وَالدُّهْنُ فِي مَوْضِعٍ يَحْتَاجُ فِيهِ إلَيْهِ عَادَةً كَالْحِجَازِ، وَإِنَّمَا يُطْلِقُ فِي جَمِيع ذَلِكَ بِالْمَعْرُوفِ حَتَّى يَضْمَنَ الْفَضْلَ إنْ جَاوَزَهُ، وَأَمَّا الدَّوَاءُ فَفِي مَالِهِ فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ، وَعَنْ أَبِي حَنِيفَةَ أَنَّهُ يَدْخُلُ فِي النَّفَقَةِ مِنْ الْهِدَايَةِ. وَلَوْ سَافَرَ بِمَالِهِ وَمَالِ الْمُضَارَبَةِ أَوْ خَلَطَ بِإِذْنٍ أَوْ بِمَالَيْنِ لِرَجُلَيْنِ أَنْفَقَ بِالْحِصَّةِ مِنْ الْمَجْمَعِ. وَفِي الْوَجِيزِ لَا نَفَقَةَ لِلْمُضَارِبِ فِي مَالِ الْمُضَارَبَةِ مَا دَامَ فِي مِصْرِهِ، وَيُنْفِقُ إذَا خَرَجَ، وَلَا تَبْطُلُ نَفَقَتُهُ إلَّا بِإِقَامَتِهِ فِي مِصْرِهِ أَوْ فِي غَيْرِ مِصْرِهِ إذَا اتَّخَذَ بِهِ دَارًا أَوْ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 307 تَزَوَّجَ بِامْرَأَةٍ وَالنَّفَقَةُ هِيَ مَا تُصْرَفُ إلَى الْحَاجَةِ الرَّاتِبَةِ، وَهِيَ الطَّعَامُ، وَالشَّرَابُ، وَالْكِسْوَةُ، وَفِرَاشٌ يَنَامُ عَلَيْهِ، وَأُجْرَةُ الْحَمَّامِ، وَدُهْنُ السِّرَاجِ، وَالْحَطَبِ، وَذَكَرَ الْكَرْخِيُّ أَنَّ الدُّهْنَ فِي مَالِ نَفْسِهِ، وَكَذَلِكَ نَفَقَةُ غِلْمَانِهِ وَدَوَابِّهِ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ مَعَهُ فِي مَالِ الْمُضَارَبَةِ فَإِذَا أَنْفَقَ الْمُضَارِبُ عَلَيْهِمْ بِغَيْرِ إذْنِ رَبِّ الْمَالِ ضَمِنَ، وَتُحْسَبُ النَّفَقَةُ مِنْ الرِّبْحِ إنْ كَانَ، وَإِلَّا فَمِنْ رَأْسِ الْمَالِ. وَإِنْ أَنْفَقَ مِنْ رَأْسِ الْمَالِ أَوْ اسْتَدَانَ عَلَى الْمُضَارَبَةِ لِنَفَقَتِهِ رَجَعَ بِهَا فِي مَالِ الْمُضَارَبَةِ، وَإِنْ لَمْ يَرْجِعْ حَتَّى تَوَى الْمَالُ لَا يَرْجِعْ عَلَى رَبِّ الْمَالِ انْتَهَى. وَإِذَا كَانَ مَعَهُ أَلْفٌ فَاشْتَرَى بِهِ ثِيَابًا فَقَصَّرَهَا أَوْ حَمَلَهَا بِمِائَةٍ مِنْ عِنْدِهِ وَقَدْ قِيلَ لَهُ اعْمَلْ بِرَأْيِك فَهُوَ مُتَطَوِّعٌ، وَإِنْ صَبَغَهَا أَحْمَرَ فَهُوَ شَرِيكٌ بِمَا زَادَ الصِّبْغُ فِيهَا لِأَنَّهُ عَيْنُ مَالٍ قَائِمٌ بِهَا حَتَّى إذَا بِيعَ كَانَ لَهُ حِصَّةُ الصِّبْغِ، وَحِصَّةُ الثَّوْبِ عَلَى الْمُضَارَبَةِ بِخِلَافِ الْقِصَارَةِ وَالْحَمْلِ لِأَنَّهُ لَيْسَ بِعَيْنِ مَالٍ قَائِمٍ. وَإِذَا صَارَ شَرِيكًا بِالصِّبْغِ انْتَظَمَ قَوْلُهُ اعْمَلْ بِرَأْيِك انْتِظَامَهُ الْخَلْطِ فَلَا يَضْمَنُهُ مِنْ الْهِدَايَةِ وَلَا تَجُوزُ الِاسْتِدَانَةُ عَلَى الْمُضَارَبَةِ إلَّا بِأَمْرِ رَبِّ الْمَالِ فَإِنْ أَمَرَهُ أَنْ يَسْتَدِينَ عَلَى الْمُضَارَبَةِ فَالدَّيْنُ يَلْزَمُهُمَا نِصْفَيْنِ، وَالْمُشْتَرِي بَيْنَهُمَا نِصْفَيْنِ إنْ شَرَطَا الرِّبْحَ مُنَاصَفَةً فَفِي حَقِّ مَا دَفَعَ مُضَارَبَةً، وَفِي حَقِّ الدَّيْنِ شَرِكَةً وُجُوهٌ. وَلَوْ اشْتَرَى الْمُضَارِبُ سِلْعَةً بِأَكْثَرَ مِنْ مَالِ الْمُضَارَبَةِ كَانَتْ الزِّيَادَةُ لِلْمُضَارِبِ، وَالْمَالُ دَيْنٌ عَلَيْهِ، وَرِبْحُهُ عَلَيْهِ وَضِيعَةٌ. وَلَوْ اشْتَرَى بِأَلْفِ الْمُضَارَبَةِ سِلْعَةً بِأَلْفٍ لَمْ يَمْلِكْ أَنْ يَشْتَرِيَ بَعْدَ ذَلِكَ عَلَى الْمُضَارَبَةِ شَيْئًا. وَلَوْ اشْتَرَى بِخَمْسِمِائَةٍ شَيْئًا لَمْ يَمْلِكْ أَنْ يَشْتَرِيَ بَعْدَ ذَلِكَ إلَّا بِقَدْرِ خَمْسِمِائَةٍ. وَكَذَلِكَ لَوْ كَانَ فِي يَدِهِ جَارِيَةٌ أَوْ عُرُوضٌ فَاشْتَرَى شَيْئًا لِلْمُضَارَبَةِ لِيَبِيعَ الْعُرُوضَ، وَيُؤَدِّيَ ثَمَنَهُ مِنْهَا لَمْ يَجُزْ سَوَاءً كَانَ الثَّمَنُ حَالًّا أَمْ مُؤَجَّلًا، وَبَاعَ مَا فِي يَدِهِ قَبْلَ مَحِلِّ الْأَجَلِ لِأَنَّ الشِّرَاءَ مَتَى وَقَعَ لَهُ لَا يَنْقَلِبُ لِلْمُضَارَبَةِ. وَلَوْ كَانَ رَأْسُ الْمَالِ دَرَاهِمَ فَاشْتَرَى بِالدَّنَانِيرِ أَوْ بِعَكْسِهِ نَفَذَ عَلَى الْمُضَارَبَةِ اسْتِحْسَانًا مِنْ الْوَجِيزِ. وَإِذَا كَانَ مَعَ الْمُضَارِبِ أَلْفٌ بِالنِّصْفِ فَاشْتَرَى بِهِ بَزًّا فَبَاعَهُ بِأَلْفَيْنِ، وَاشْتَرَى بِالْأَلْفَيْنِ عَبْدًا فَلَمْ يَنْقُدْهُمَا حَتَّى ضَاعَا يَغْرَمُ رَبُّ الْمَالِ أَلْفًا وَخَمْسَمِائَةٍ، وَالْمُضَارِبُ خَمْسَمِائَةٍ، وَيَكُونُ رُبْعُ الْعَبْدِ لِلْمُضَارِبِ، وَيَخْرُجُ عَنْ الْمُضَارَبَةِ لِأَنَّهُ مَضْمُونٌ عَلَيْهِ، وَثَلَاثَةُ أَرْبَاعِهِ عَلَى الْمُضَارَبَةِ، وَإِنْ كَانَ مَعَهُ أَلْفٌ بِالنِّصْفِ فَاشْتَرَى بِهِ عَبْدًا قِيمَتُهُ أَلْفَانِ فَقَتَلَ الْعَبْدُ رَجُلًا خَطَأً فَثَلَاثَةُ أَرْبَاعِ الْفِدَاءِ عَلَى رَبِّ الْمَالِ، وَرُبْعُهُ عَلَى الْمُضَارِبِ، وَإِذَا فَدَيَا خَرَجَ عَنْ الْمُضَارَبَةِ فَيَكُونُ الْعَبْدُ بَيْنَهُمَا أَرْبَاعًا لَا عَلَى الْمُضَارَبَةِ يَخْدُمُ الْمُضَارِبَ يَوْمًا، وَرَبَّ الْمَالِ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ، وَإِنْ كَانَ مَعَهُ أَلْفٌ فَاشْتَرَى بِهِ عَبْدًا فَلَمْ يَنْقُدْهُ حَتَّى هَلَكَ يَدْفَعُ رَبُّ الْمَالِ ذَلِكَ الثَّمَنَ، وَرَأْسُ الْمَالِ جَمِيعُ مَا يُدْفَعُ لِأَنَّ الْمَالَ أَمَانَةٌ فِي يَدِهِ، وَالِاسْتِيفَاءُ إنَّمَا يَكُونُ بِقَبْضٍ مَضْمُونٍ، وَحُكْمُ الْأَمَانَةِ يُنَافِيهِ فَيَرْجِعُ مَرَّةً بَعْدَ أُخْرَى بِخِلَافِ الْوَكِيلِ إذَا كَانَ الثَّمَنُ مَدْفُوعًا إلَيْهِ قَبْلَ الشِّرَاءِ، وَهَلَكَ بَعْدَ الشِّرَاءِ حَيْثُ لَا يَرْجِعُ إلَّا مَرَّةً. وَلَوْ اشْتَرَى ثُمَّ دَفَعَ إلَيْهِ الْمُوَكِّلُ الْمَالَ فَهَلَكَ لَا يَرْجِعُ مِنْ الْهِدَايَةِ. وَإِذَا هَلَكَ مَالُ الْمُضَارَبَةِ فَلَا يَخْلُو إمَّا أَنْ يَكُونَ قَبْلَ التَّصَرُّفِ أَوْ بَعْدَهُ فَإِنْ هَلَكَ قَبْلَ التَّصَرُّفِ بَطَلَتْ الْمُضَارَبَةُ، وَالْقَوْلُ قَوْلُ الْمُضَارِبِ مَعَ يَمِينِهِ. وَلَوْ اسْتَهْلَكَهُ الْمُضَارِبُ أَوْ أَنْفَقَهُ أَوْ أَعْطَاهُ رَجُلًا فَاسْتَهْلَكَهُ لَمْ يَكُنْ لَهُ أَنْ يَشْتَرِيَ عَلَى الْمُضَارَبَةِ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 308 شَيْئًا حَتَّى يَأْخُذَ الضَّمَانَ مِنْ الْمُسْتَهْلِكِ فَلَهُ ذَلِكَ. وَعَنْ مُحَمَّدٍ لَوْ أَقْرَضَ الْمُضَارِبُ رَجُلًا فَإِنْ رَجَعَتْ الدَّرَاهِمُ إلَيْهَا بِعَيْنِهَا رَجَعَتْ عَلَى الْمُضَارَبَةِ، وَإِنْ أَخَذَ مِثْلَهَا لَا تَرْجِعُ لِأَنَّ الضَّمَانَ قَدْ اسْتَقَرَّ بِهَلَاكِ عَيْنِهَا، وَحُكْمُ الْمُضَارَبَةِ مَعَ الضَّمَانِ لَا يَجْتَمِعَانِ. وَأَمَّا إذَا هَلَكَ بَعْدَ التَّصَرُّفِ بِأَنْ اشْتَرَى بِأَلْفِ الْمُضَارَبَةِ شَيْئًا وَقَبَضَهُ، وَهَلَكَ الْمَالُ قَبْلَ نَقْدِ الثَّمَنِ يَرْجِعُ عَلَى رَبِّ الْمَالِ بِأَلْفٍ أُخْرَى فَيَكُونُ رَأْسُ الْمَالِ أَلْفَيْنِ، وَكَذَلِكَ لَوْ ادَّعَى الْمُضَارِبُ أَنَّهُ نَقَدَ الثَّمَنَ، وَأَنْكَرَ الْبَائِعُ يَرْجِعُ عَلَى رَبِّ الْمَالِ بِأَلْفٍ بِخِلَافِ الْوَكِيلِ إذَا أَقَرَّ أَنَّهُ نَقَدَ الْأَلْفَ لِلْبَائِعِ وَجَحَدَهَا الْبَائِعُ غَرِمَهَا الْوَكِيلُ لِأَنَّهُ أَقَرَّ بِاسْتِيفَاءِ مَا وَجَبَ لَهُ عَلَى الْمُوَكِّلِ مَرَّةً لِأَنَّ بِالشِّرَاءِ وَجَبَ الثَّمَنُ لِلْوَكِيلِ عَلَى الْمُوَكِّلِ بِخِلَافِ الْمُضَارِبِ لِأَنَّ قَبْضَهُ يَكُونُ بِجِهَةِ الْأَمَانَةِ فِي كُلِّ مَرَّةٍ لَا بِجِهَةِ الِاسْتِيفَاءِ لِأَنَّهُ لَا يَجِبُ لَهُ عَلَى رَبِّ الْمَالِ دَيْنٌ. وَلَوْ اشْتَرَى شَيْئًا لِلْمُضَارَبَةِ أَوْ اسْتَأْجَرَ دَابَّةً لِيَحْمِلَ عَلَيْهَا مَتَاعَ الْمُضَارَبَةِ فَضَاعَ الْمَالُ قَبْلَ النَّقْدِ مِنْهُ يَرْجِعُ بِذَلِكَ عَلَى رَبِّ الْمَالِ وَلَوْ اشْتَرَى طَعَامَهُ أَوْ كِسْوَتَهُ أَوْ اسْتَأْجَرَ مَرْكُوبًا فَضَاعَ الْمَالُ لَا يَرْجِعُ بِذَلِكَ عَلَى رَبِّ الْمَالِ لِأَنَّ الْمُضَارِبَ فِيمَا يَشْتَرِي لِنَفْسِهِ عَامِلٌ لِنَفْسِهِ فَوَجَبَ ثَمَنُهُ فِي ذِمَّتِهِ إلَّا أَنَّ رَبَّ الْمَالِ أَذِنَ لَهُ بِقَضَائِهِ مِنْ مَالِ الْمُضَارَبَةِ تَبَرُّعًا فَيَبْطُلُ ذَلِكَ بِالْهَلَاكِ، وَفِيمَا يَشْتَرِي لِلْمُضَارَبَةِ وَكِيلٌ، وَلِلْوَكِيلِ أَنْ يَرْجِعَ بِمَا لَزِمَهُ عَلَى الْمُوَكِّلِ. وَلَوْ خَلَطَ الْمُضَارِبُ مَالَ الْمُضَارَبَةِ بِمَالِهِ أَوْ بِمَالِ غَيْرِهِ لِيَعْمَلَ بِهِمَا يَضْمَنُ إلَّا إذَا قَالَ لَهُ اعْمَلْ فِيهِ بِرَأْيِك فَلَهُ أَنْ يَخْلِطَهُ بِمَالِهِ أَوْ بِمَالِ غَيْرِهِ. دَفَعَ إلَيْهِ أَلْفًا مُضَارَبَةً بِالنِّصْفِ فَاشْتَرَى بِأَلْفٍ مِنْ مَالِهِ جَارِيَةً ثُمَّ خَلَطَ الْأَلْفَيْنِ وَنَقَدَهُمَا لَمْ يَضْمَنْ. وَإِنْ هَلَكَ بَعْدَ الْخَلْطِ قَبْلَ أَنْ يَدْفَعَ إلَى الْبَائِعِ ضَمِنَ أَلْفَ الْمُضَارَبَةِ لِلْبَائِعِ، وَنِصْفَ الْجَارِيَةِ عَلَى الْمُضَارِبِ. وَلَوْ قَالَ الْمُضَارِبُ رَبِحْت أَلْفًا ثُمَّ قَالَ لَمْ أَرْبَحْ إلَّا خَمْسَمِائَةٍ ضَمِنَ الْخَمْسَمِائَةِ الْمَجْحُودَةَ، وَلَا يَضْمَنُ الْبَاقِي. وَلَوْ قَالَ الْمُضَارِبُ لِرَبِّ الْمَالِ دَفَعْت إلَيْك رَأْسَ الْمَالِ، وَاَلَّذِي فِي يَدِي رِبْحٌ ثُمَّ قَالَ لَمْ أَدْفَعْ، وَلَكِنَّهُ هَلَكَ فَهُوَ ضَامِنٌ كَالْمُودَعِ إذَا ادَّعَى رَدَّ الْوَدِيعَةِ ثُمَّ أَقَرَّ أَنَّهُ لَمْ يَرُدَّ، وَلَكِنَّهُ هَلَكَ. وَلَوْ اخْتَلَفَا فِي الرِّبْحِ فَقَالَ رَبُّ الْمَالِ شَرَطْت الثُّلُثَ، وَادَّعَى الْمُضَارِبُ النِّصْفَ ثُمَّ هَلَكَ الْمَالُ فَعَلَيْهِ ضَمَانُ السُّدُسِ، وَرَوَى ابْنُ سِمَاعَةَ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ إذَا جَحَدَ الْمُضَارِبُ ثُمَّ أَقَرَّ بِأَلْفٍ مُضَارَبَةً يَضْمَنُ الْمَالَ، وَإِذَا أَقَرَّ بِالْمُضَارَبَةِ وَبِالرِّبْحِ ثُمَّ مَاتَ مُجْهَلًا فَإِنَّهُ يَضْمَنُ رَأْسَ الْمَالِ، وَلَا يَضْمَنُ الرِّبْحَ لِأَنَّ الدَّيْنَ لَا يَسْقُطُ بِالْجُحُودِ وَالتَّجْهِيلِ عَنْ ذِمَّةِ الْمَدْيُونِ إلَّا أَنَّهُ تَعَذَّرَ لِرَبِّ الْمَالِ مُطَالَبَةُ الْمَدْيُونِ مَا لَمْ يُقِرَّ الطَّالِبُ أَنَّهُ تَبَيَّنَ لِلْوَرَثَةِ بِهَا الْمَدْيُونَ فَكَانَ التَّجْهِيلُ بِمَعْنَى التَّأْجِيلِ، وَالْمُضَارِبُ لَا يَضْمَنُ بِالتَّأْجِيلِ فَإِنْ اشْتَرَى بِهَا مَعَ الْجُحُودِ فَهُوَ مُشْتَرٍ لِنَفْسِهِ وَلَوْ اشْتَرَى بَعْدَ الْإِقْرَارِ يَكُونُ عَلَى الْمُضَارَبَةِ اسْتِحْسَانًا كَالْمُودَعِ إذَا خَالَفَ ثُمَّ عَادَ إلَى الْوِفَاقِ. وَعَنْ مُحَمَّدٍ لَوْ قَالَ الْمُضَارِبُ هَذَا الْأَلْفُ رَأْسُ الْمَالِ، وَهَذِهِ الْخَمْسُمِائَةِ رِبْحٌ، وَسَكَتَ ثُمَّ قَالَ عَلَيَّ دَيْنٌ لِفُلَانٍ قَبْلَ قَوْلِهِ وَقَالَ الْحَسَنُ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ إنْ وَصَلَ قَبِلَ، وَإِنْ فَصَلَ لَا يَقْبَلْ لِأَنَّ الرِّبْحَ لَا يَكُونُ إلَّا بَعْدَ قَضَاءِ الدَّيْنِ فَيَكُونُ دَعْوَى الدَّيْنِ رُجُوعًا عَمَّا أَقَرَّ بِهِ فَلَا يَقْبَلُ إلَّا مَوْصُولًا مِنْ الْوَجِيزِ. وَإِنْ كَانَ مَعَ الْمُضَارِبِ أَلْفَانِ فَقَالَ دَفَعْت إِلَى أَلْفًا، وَرَبِحْت أَلْفًا فَقَالَ رَبُّ الْمَالِ لَا بَلْ دَفَعْت إلَيْك أَلْفَيْنِ فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْمُضَارِبِ، وَكَانَ أَبُو حَنِيفَةَ يَقُولُ أَوَّلًا الجزء: 1 ¦ الصفحة: 309 الْقَوْلُ قَوْلُ رَبِّ الْمَالِ، وَهُوَ قَوْلُ زُفَرَ ثُمَّ رَجَعَ إلَى مَا ذَكَرَ لِأَنَّ الِاخْتِلَافَ فِي الْحَقِيقَةِ فِي مِقْدَارِ الْمَقْبُوضِ، وَفِي مِثْلِهِ الْقَوْلُ قَوْلُ الْقَابِضِ ضَمِينًا كَانَ أَوْ أَمِينًا لِأَنَّهُ أَعْرَفُ بِمِقْدَارِ الْمَقْبُوضِ. وَلَوْ اخْتَلَفَا مَعَ ذَلِكَ فِي مِقْدَارِ الرِّبْحِ فَالْقَوْلُ فِيهِ لِرَبِّ الْمَالِ، وَأَيُّهُمَا أَقَامَ الْبَيِّنَةَ عَلَى مَا ادَّعَى مِنْ فَضْلٍ قُبِلَتْ. وَمَنْ كَانَ مَعَهُ أَلْفٌ فَقَالَ هِيَ مُضَارَبَةٌ لِفُلَانٍ بِالنِّصْفِ وَقَدْ رَبِحَ أَلْفًا فَقَالَ فُلَانٌ هِيَ بِضَاعَةٌ فَالْقَوْلُ قَوْلُ رَبِّ الْمَالِ. وَلَوْ قَالَ الْمُضَارِبُ أَقْرَضْتنِي وَقَالَ رَبُّ الْمَالِ هِيَ بِضَاعَةٌ أَوْ وَدِيعَةٌ أَوْ مُضَارَبَةٌ فَالْقَوْلُ قَوْلُ رَبِّ الْمَالِ، وَالْبَيِّنَةُ بَيِّنَةُ الْمُضَارِبِ. وَلَوْ ادَّعَى رَبُّ الْمَالِ الْمُضَارَبَةَ فِي نَوْعٍ وَقَالَ الْآخَرُ مَا سَمَّيْتَ لِي تِجَارَةً بِعَيْنِهَا فَالْقَوْلُ لِلْمُضَارِبِ وَلَوْ ادَّعَى كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا نَوْعًا فَالْقَوْلُ لِرَبِّ الْمَالِ، وَالْبَيِّنَةُ بَيِّنَةُ الْمُضَارِبِ. وَلَوْ وُقِّتَ الْبَيِّنَتَانِ وَقْتًا فَصَاحِبُ الْوَقْتِ الْأَخِيرِ أَوْلَى لِأَنَّ آخِرَ الشَّرْطَيْنِ يَنْقُضُ الْأَوَّلَ مِنْ الْهِدَايَةِ. وَفِي الْوَجِيزِ إنْ اخْتَلَفَا فِي نَوْعِ الْعَقْدِ فَقَالَ أَحَدُهُمَا قَرْضٌ وَقَالَ الْآخَرُ بِضَاعَةٌ أَوْ مُضَارَبَةٌ فَالْقَوْلُ لِرَبِّ الْمَالِ، وَإِنْ كَانَ مَا يَدَّعِيهِ عَقْدًا فَاسِدًا لِأَنَّهُ هُوَ الْمُمَلَّكُ فَيَكُونُ مُنْكِرًا لِتَمَلُّكِ تِلْكَ الْجِهَةِ فَإِنْ هَلَكَ الْمَالُ فِي يَدِ الْمُضَارِبِ يَضْمَنُ الْأَصْلَ وَالرِّبْحَ لِأَنَّهُ أَمِينٌ جَحَدَ الْأَمَانَةَ. وَلَوْ قَالَ رَبُّ الْمَالِ هُوَ قَرْضٌ، وَادَّعَى الْقَابِضُ الْمُضَارَبَةَ فَإِنْ كَانَ بَعْدَمَا تَصَرَّفَ فَالْقَوْلُ لِرَبِّ الْمَالِ، وَالْبَيِّنَةُ بَيِّنَتُهُ، وَالْمُضَارِبُ ضَامِنٌ، وَإِنْ قَبْلَ التَّصَرُّفِ فَالْقَوْلُ لَهُ، وَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ لِأَنَّهُمَا تَصَادَقَا عَلَى أَنَّ الْقَبْضَ كَانَ بِإِذْنِ رَبِّ الْمَالِ، وَلَمْ يَثْبُتْ الْقَرْضُ لِإِنْكَارِ الْقَابِضِ. وَلَوْ قَالَ رَبُّ الْمَالِ أَخَذْته غَصْبًا وَقَالَ الْقَابِضُ دَفَعْته وَدِيعَةً أَوْ قَالَ رَبُّ الْمَالِ أَخَذْته غَصْبًا وَقَالَ أَخَذْته مِنْك مُضَارَبَةً يَضْمَنُ فِي الْوَجْهَيْنِ كَمَا لَوْ قَالَ الْمُودَعُ أَخَذْته وَدِيعَةً وَقَالَ الْمَالِكُ أَخَذْته غَصْبًا انْتَهَى. وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ مُضَارِبٌ قَالَ لِرَبِّ الْمَالِ لَمْ تَدْفَعْ إلَيَّ شَيْئًا ثُمَّ قَالَ قَدْ دَفَعْت إلَيَّ أَلْفًا مُضَارَبَةً فَهُوَ ضَامِنٌ لِلْمَالِ، وَإِنْ اشْتَرَى مَعَ الْجُحُودِ فَهُوَ مُشْتَرٍ لِنَفْسِهِ، وَكَذَا بَعْدَ الْإِقْرَارِ قِيَاسًا، وَفِي الِاسْتِحْسَانِ يَكُونُ عَلَى الْمُضَارَبَةِ، وَيَبْرَأُ مِنْ الضَّمَانِ، وَكَذَا لَوْ دَفَعَ إلَيْهِ أَلْفًا لِيَشْتَرِيَ بِهَا وِكَالَةً هَذِهِ فِي الْوِكَالَةِ مِنْ الْقُنْيَةِ. وَلَوْ سَافَرَ الْمُضَارِبُ فَلَمْ يَتَّفِقْ لَهُ شِرَاءُ الْمَتَاعِ فَالنَّفَقَةُ مِنْ مَالِ الْمُضَارَبَةِ. وَلَوْ خَرَجَ الْمُضَارِبُ بِأَلْفِ الْمُضَارَبَةِ، وَعَشَرَةِ آلَافٍ مِنْ مَالِ نَفْسِهِ فَالنَّفَقَةُ فِي الْمَالَيْنِ عَلَى أَحَدَ عَشَرَ جُزْءًا، وَفِي الْمُضَارَبَةِ الْفَاسِدَةِ لَا نَفَقَةَ لَهُ مِنْ الْخُلَاصَةِ. دَفَعَ الْمُضَارِبُ أَوْ شَرِيكُ الْعِنَانِ الْبَاز مِنْ مَالِ الْمُشَارَكَةِ لَا يَضْمَنُ وَلَوْ أَعْطَى مِنْ مَالِهِ يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ لَهُ الرُّجُوعُ لِأَنَّهُ مَأْذُونٌ فِيهِ دَلَالَةً. الْمُضَارِبُ إذَا كَانَ يَدْفَعُ النَّوَائِبَ فِي سُوقِ الْمَتَاعِ فَهُوَ مِنْ رَأْسِ الْمَالِ. لَوْ ادَّعَى الْمُضَارِبُ الْوَضِيعَةَ وَقَالَ رَبُّ الْمَالِ رَبِحْت فَصُولِحَ بَيْنَهُمَا بِرَأْسِ الْمَالِ لَمْ يَصِحَّ مِنْ الْقُنْيَةِ. رَبُّ الْمَالِ إذَا نَهَى الْمُضَارِبَ عَنْ الْخُرُوجِ عَنْ الْبَلْدَةِ الَّتِي كَانَ فِيهَا الْمُضَارِبُ إنْ خَرَجَ إلَى بَلَدٍ غَيْرِ بَلَدِ رَبِّ الْمَالِ يَضْمَنُ إنْ هَلَكَ الْمَالُ الْأَوَّلُ، وَلَا يَسْتَوْجِبُ النَّفَقَةَ فِي مَالِ الْمُضَارَبَةِ، وَإِنْ خَرَجَ إلَى بَلَدِ رَبِّ الْمَالِ الْقِيَاسُ كَذَلِكَ، وَفِي الِاسْتِحْسَانِ لَا يَضْمَنُ، وَيَسْتَوْجِبُ النَّفَقَةَ فِي مَالِ الْمُضَارَبَةِ وَلَوْ مَاتَ رَبُّ الْمَالِ فَكَذَا الْجَوَابُ عَلَى هَذَا التَّفْصِيلِ مِنْ الصُّغْرَى. مَاتَ رَبُّ الْمَالِ فَسَافَرَ الْمُضَارِبُ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 310 بِمَالٍ الْمُضَارَبَةِ يَضْمَنُ عَلِمَ بِمَوْتِهِ أَوْ لَا، وَإِنْ سَافَرَ قَبْلَ مَوْتِهِ لَا ضَمَانَ عَلَيْهِ فِي نَفَقَتِهِ مِنْ مَالِ الْمُضَارَبَةِ. مَاتَ رَبُّ الْمَالِ أَوْ نَهَاهُ عَنْ الْمُضَارَبَةِ، وَالْمُضَارِبُ فِي مِصْرٍ آخَرَ فَسَافَرَ إلَى مِصْرِ رَبُّ الْمَالِ، وَالْمَالُ عُرُوضٌ أَوْ نَاضٌّ لَا يَضْمَنُ إلَّا أَنَّ نَفَقَتَهُ عَلَى الْمُضَارِبِ إنْ كَانَ عُرُوضًا، وَإِنْ كَانَ الْمَالُ نَاضًّا فَلَا نَفَقَةَ لَهُ وَلَوْ سَافَرَ إلَى آخَرَ يَضْمَنُ؛ لِأَنَّ فِي الْأَوَّلِ أَنْشَأَ السَّفَرَ لِرَدِّ الْمَالِ إلَى رَبِّهِ، وَفِي الثَّانِي أَنْشَأَ السَّفَرَ لَا لِرَدِّ رَأْسِ الْمَالِ، وَفِي النَّهْيِ مَنْفَعَةٌ لِرَبِّ الْمَالِ لِأَنَّ الْمِصْرَ مَوْضِعٌ آمِنٌ عَنْ الْجَعْلِ فَصَحَّ نَهْيُهُ وَلَوْ كَانَ الْمُضَارِبُ فِي الطَّرِيقِ فَنَهَاهُ رَبُّ الْمَالِ بِرَسُولِهِ عَنْ السَّفَرِ أَوْ مَاتَ، وَالْمَالُ عُرُوضٌ فَلَهُ أَنْ يَتَوَجَّهَ إلَى أَيِّ مِصْرٍ أَحَبَّ، وَنَفَقَتُهُ فِي مَالِ الْمُضَارَبَةِ، وَإِنْ كَانَ الْمَالُ نَاضًّا فَخَرَجَ إلَى غَيْرِ مِصْرِ رَبِّ الْمَالِ يَضْمَنُ لِأَنَّ الْمُضَارَبَةَ قَدْ انْتَقَضَتْ بِالنَّهْيِ، وَالْمَوْتِ، وَفِي الْعُرُوضِ بَقِيَتْ فَيَبِيعُهَا لِيُحَصِّلَ رَأْسَ الْمَالِ، وَلَا يُمْكِنُهُ الْبَيْعُ، وَالشِّرَاءُ فِي الطَّرِيقِ فَلَمْ يَصِحَّ نَهْيُهُ عَنْ السَّفَرِ مِنْ الْوَجِيزِ. وَلَوْ قَالَ رَبُّ الْمَالِ لِلْمُضَارِبِ أَمَرْتُك بِبَيْعِهِ بِنَقْدٍ فَبِعْته بِنَسِيئَةٍ وَقَالَ الْمُضَارِبُ لَمْ تَقُلْ شَيْئًا فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْمُضَارِبِ هَذِهِ فِي الْهِدَايَةِ. وَلَوْ قَالَ الْمُضَارِبُ أَمَرْتنِي بِالنَّقْدِ وَالنَّسِيئَةِ وَقَالَ رَبُّ الْمَالِ أَمَرْتُك بِالنَّقْدِ فَالْقَوْلُ لِلْمُضَارِبِ وَالْبَيِّنَةُ لِمُدَّعِي التَّخْصِيصِ كَمَا فِي الْوَجِيزِ. وَلِلْمُضَارِبِ أَنْ يَبِيعَ عَبْدَ الْمُضَارَبَةِ إذَا رَكِبَهُ دَيْنٌ سَوَاءٌ كَانَ رَبُّ الْمَالِ حَاضِرًا أَوْ غَائِبًا لِأَنَّ وِلَايَةَ التَّصَرُّفِ لَهُ فَلَا يَعْتَبِرُ حُضُورَ رَبِّ الْمَالِ مِنْ الْعِمَادِيَّةِ. قِسْمَةُ الرِّبْحِ قَبْلَ قَبْضِ رَبِّ الْمَالِ رَأْسَ مَالِهِ مَوْقُوفَةٌ إنْ قَبَضَ رَأْسَ الْمَالِ صَحَّتْ الْقِسْمَةُ، وَإِلَّا بَطَلَتْ لِأَنَّ الرِّبْحَ فَضْلٌ عَلَى رَأْسِ الْمَالِ، وَلَا يَتَحَقَّقُ الْفَضْلُ إلَّا بَعْدَ سَلَامَةِ الْأَصْلِ، وَمَا هَلَكَ مِنْ مَالِ الْمُضَارَبَةِ فَهُوَ مِنْ الرِّبْحِ دُونَ رَأْسِ الْمَالِ بِقِسْمَتِهِ حَتَّى لَوْ اقْتَسَمَا الرِّبْحَ قَبْلَ قَبْضِ رَبِّ الْمَالِ رَأْسَ الْمَالِ ثُمَّ هَلَكَ فِي يَدِ الْمُضَارِبِ فَالْقِسْمَةُ بَاطِلَةٌ، وَمَا قَبَضَهُ رَبُّ الْمَالِ رَأْسُ الْمَالِ، وَيَرُدُّ الْمُضَارِبُ عَلَيْهِ مَا أَخَذَهُ وَلَوْ هَلَكَ فِي يَدِهِ يَضْمَنُهُ لِأَنَّهُ إذَا ظَهَرَ إنَّهُ لَمْ يَكُنْ رِبْحًا لَمْ يَكُنْ رَبُّ الْمَالِ رَاضِيًا بِتَمَلُّكِهِ فَصَارَ الْمُضَارِبُ عَاصِيًا وَلَوْ كَانَ الرِّبْحُ أَلْفَيْنِ، وَالْمُضَارَبَةُ أَلْفًا، وَأَخَذَ كُلُّ وَاحِدٍ أَلْفًا رِبْحًا ثُمَّ ضَاعَ رَأْسُ الْمَالِ فَالْأَلْفُ الَّتِي قَبَضَ رَبُّ الْمَالِ رَأْسُ مَالِهِ، وَيَضْمَنُ الْمُضَارِبُ لَهُ نِصْفَ مَا أَخَذَهُ وَلَوْ اقْتَسَمَا الرِّبْحَ ثُمَّ اخْتَلَفَا فِي رَأْسِ الْمَالِ فَقَالَ الْمُضَارِبُ دَفَعْت إلَيْك رَأْسَ الْمَالِ ثُمَّ اقْتَسَمْنَا وَقَالَ رَبُّ الْمَالِ مَا دَفَعْت إلَيَّ رَأْسَ الْمَالِ فَالْقَوْلُ لِرَبِّ الْمَالِ، وَالْبَيِّنَةُ لِلْمُضَارِبِ مِنْ الْوَجِيزِ. وَإِنْ عَزَلَ رَبُّ الْمَالِ الْمُضَارِبَ، وَلَمْ يَعْلَمْ بِعَزْلِهِ حَتَّى اشْتَرَى، وَبَاعَ فَتَصَرُّفُهُ جَائِزٌ، وَإِنْ عَلِمَ بِعَزْلِهِ، وَالْمَالُ عُرُوضٌ فَلَهُ أَنْ يَبِيعَهَا، وَلَا يَمْنَعُهُ الْعَزْلُ مِنْ ذَلِكَ ثُمَّ لَا يَجُوزُ أَنْ يَشْتَرِيَ بِثَمَنِهَا شَيْئًا آخَرَ فَإِنْ عَزَلَهُ، وَرَأْسُ الْمَالِ دَرَاهِمُ أَوْ دَنَانِيرُ قَدْ نَضَّتْ لَمْ يَجُزْ لَهُ أَنْ يَتَصَرَّفَ فِيهَا هَذَا إذَا كَانَ مِنْ جِنْسِ رَأْسِ الْمَالِ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ بَانَ كَانَ دَرَاهِمَ، وَرَأْسُ الْمَالِ دَنَانِيرَ أَوْ عَلَى الْقَلْبِ لَهُ أَنْ يَبِيعَهَا بِجِنْسِ رَأْسِ الْمَالِ اسْتِحْسَانًا، وَعَلَى هَذَا مَوْتُ رَبِّ الْمَالِ، وَلُحُوقُهُ بَعْدَ الرِّدَّةِ فِي بَيْعِ الْعُرُوضِ، وَنَحْوِهَا مِنْ الْهِدَايَةِ. الْمُضَارِبُ إذَا عَمِلَ فِي الْمُضَارَبَةِ الْفَاسِدَةِ فَرَبِحَ فَالْمَالُ وَالرِّبْحُ لِرَبِّ الْمَالِ، وَعَلَيْهِ فَهُوَ وَدِيعَةٌ، وَلِلْعَامِلِ أَجْرٌ مِثْلَ مَا عَمِلَ رَبِحَ أَوْ لَمْ يَرْبَحْ أَطْلَقَ أَجْرَ الْمِثْلِ فِي الْأَصْلِ لَكِنْ هَذَا قَوْلُ مُحَمَّدٍ أَنَّهُ يَجِبُ بَالِغًا مَا بَلَغَ، وَعِنْدَ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 311 أَبِي يُوسُفَ لَا يُجَاوِزُ الْمُسَمَّى وَلَوْ تَلِفَ الْمَالُ فِي يَدِهِ لَهُ أَجْرُ مِثْلِ عَمَلِهِ، وَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ. وَعَنْ مُحَمَّدٍ أَنَّهُ يَضْمَنُ. قِيلَ: الْمَذْكُورُ قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ بِنَاءً عَلَى مَسْأَلَةِ الْأَجِيرِ الْمُشْتَرَكِ أَنَّهُ لَا يَضْمَنُ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَعِنْدَهُمَا يَضْمَنُ هَذَا فِي نُسْخَةِ الْإِمَامِ السَّرَخْسِيِّ. وَفِي الشَّافِي لَا يَضْمَنُ، وَلَمْ يَذْكُرْ الْخِلَافَ، وَالْمُضَارَبَةُ الصَّحِيحَةُ وَالْفَاسِدَةُ سَوَاءٌ فِي أَنَّهُ لَوْ هَلَكَ الْمَالُ لَا يَضْمَنُ. دَفَعَ إلَى آخَرَ أَلْفَ دِرْهَمٍ مُضَارَبَةً بِالنِّصْفِ ثُمَّ دَفَعَ إلَيْهِ أُخْرَى مُضَارَبَةً بِالثُّلُثِ، وَلَمْ يَقُلْ فِي كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا اعْمَلْ فِيهِ بِرَأْيِك فَخَلَطَ الْمَالَيْنِ لَا يَضْمَنُ فَإِنْ وَضَعَ أَوْ نَوَى فَلَيْسَ بِمُخَالِفٍ، وَإِنْ رَبِحَ فِيهِمَا اقْتَسَمَا نِصْفَ الرِّبْحِ بَيْنَهُمَا وَنِصْفَهُ أَثْلَاثًا، وَهَذَا بِخِلَافِ مَا إذَا دَفَعَ إلَى آخَرَ مُضَارَبَةً فَإِنَّهُ إذَا لَمْ يَقُلْ لَهُ اعْمَلْ بِرَأْيِك لَيْسَ لَهُ ذَلِكَ، وَلَا يَضْمَنُ بِنَفْسِ الدَّفْعِ إلَى الثَّانِي فَإِنْ عَمِلَ بِهِ الثَّانِي فِيهِ بِالشِّرَاءِ وَالْبَيْعِ صَارَ الْأَوَّلُ مُخَالِفًا، وَلِرَبِّ الْمَالِ خِيَارٌ فِي تَضْمِينِ الْأَوَّلِ، وَإِنْ ضَمَّنَ الْأَوَّلَ رَجَعَ عَلَى الثَّانِي، وَصَحَّتْ الْمُضَارَبَةُ بَيْنَ الْأَوَّلِ وَالثَّانِي مِنْ الْخُلَاصَةِ. وَلَوْ دَفَعَ إلَى رَجُلٍ ثَمَانِمِائَةِ دِرْهَمٍ وَقَالَ إذَا تَمَّ لِي أَلْفٌ شَارَكْتُك ثُمَّ قَالَ بَعْدَ أَيَّامٍ تَصَرَّفْ بِمَا عِنْدِك لِيَحْصُلَ لَنَا شَيْءٌ قَالُوا هَذَا مُضَارَبَةٌ فَاسِدَةٌ لِجَهَالَةِ الرِّبْحِ فَيَكُونُ أَصْلُ الْمَالِ وَرِبْحُهُ لِلْآمِرِ وَلِلْمَأْمُورِ أَجْرٌ مِثْلُهُ. إذَا دَفَعَ إلَى رَجُلٍ دَرَاهِمَ مُضَارَبَةً، وَلَمْ يَقُلْ لَهُ اعْمَلْ بِرَأْيِك إلَّا أَنَّ مُعَامَلَةَ التُّجَّارِ فِي تِلْكَ الْبِلَادِ أَنَّ الْمُضَارِبِينَ يَخْلِطُونَ، وَأَرْبَابَ الْأَمْوَالِ يَنْهَوْنَهُمْ عَنْ ذَلِكَ فَعَمِلَ فِي ذَلِكَ عَلَى مُعَامَلَاتِ النَّاسِ إنْ غَلَبَ التَّعَارُفُ بَيْنَهُمْ فِي مِثْلِ هَذَا رَجَوْت أَنْ لَا يَضْمَنَ، وَيَكُونَ الْأَمْرُ مَحْمُولًا عَلَى مَا يَتَعَارَفُونَ مِنْ مُشْتَمِلِ الْأَحْكَامِ. وَلَيْسَ لِلْمُضَارِبِ شِرَاءُ شَيْءٍ بَعْدَ مَوْتِ الْمَالِكِ وَلَوْ لَمْ يَعْلَمْ بِهِ كَمُسْتَبْضَعٍ مِنْ الْفُصُولَيْنِ وَفِيهِ مِنْ الْفَصْلِ السَّابِعِ وَالْعِشْرِينَ بَيْعُ الْمُضَارِبِ مِمَّنْ لَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ لَهُ بِأَكْثَرَ مِنْ قِيمَتِهِ صَحِيحٌ، وَلَا يَصِحُّ بِفَاحِشِ الْغَبَنِ اتِّفَاقًا وَلَوْ بِيَسِيرِهِ صَحَّ عِنْدَهُمَا لَا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَلَوْ بِقِيمَتِهِ يَصِحُّ عِنْدَهُ أَيْضًا بِاتِّفَاقِ الرِّوَايَاتِ عَنْهُ، وَمَا لَا يُتَغَابَنُ فِيهِ قَبِلَ فِي الْعُرُوضِ ده نيم، وَفِي الْحَيَوَانِ ده يازده، وَفِي الْعَقَارِ ده دوازده وَقِيلَ مَا لَا يَدْخُلُ تَحْتَ تَقْوِيمِ الْمُقَوِّمِينَ. لَوْ أَقَرَّ الْمُضَارِبُ بِرِبْحِ أَلْفِ دِرْهَمٍ فِي الْمَالِ ثُمَّ قَالَ غَلِطْت إنَّهَا خَمْسُمِائَةٍ لَمْ يُصَدَّقْ، وَهُوَ ضَامِنٌ لِمَا أَقَرَّ بِهِ هَذِهِ فِي الْإِقْرَارِ مِنْ الْأَشْبَاهِ. الْمُضَارِبُ إذَا لَمْ يَبْقَ فِي يَدِهِ مِنْ مَالِهَا شَيْءٌ يَغْرَمُ مَا أَنْفَقَهُ مِنْ عِنْدِهِ فِي الْفَنِّ الرَّابِعِ مِنْ الْأَشْبَاهِ. إقْرَارُ الْمُضَارِبِ بِشِرَاءِ شَيْءٍ جَائِزٌ سَوَاءٌ كَانَ قَائِمًا بِعَيْنِهِ أَوْ مُسْتَهْلِكًا فَيُؤَدِّي ثَمَنَهُ مِنْ مَالِ الْمُضَارَبَةِ هَذِهِ فِي الْإِقْرَارِ مِنْ الْوَجِيزِ. الْمُضَارِبُ إذَا بَاعَ جَارِيَةً فَاسْتَوْلَدَهَا الْمُشْتَرِي ثُمَّ اُسْتُحِقَّتْ، وَأَخَذَ الْمُسْتَحِقُّ الْجَارِيَةَ وَقِيمَةُ الْوَلَدِ رَجَعَ بِهِ الْمُشْتَرِي عَلَى الْبَائِعِ الْمُضَارِبِ، وَالْمُضَارِبُ يَرْجِعُ عَلَى رَبِّ الْمَالِ إنْ لَمْ يَكُنْ فِي الْمُضَارَبَةِ رِبْحٌ فَإِنْ كَانَ فِيهَا فَضْلٌ لَمْ يَرْجِعْ مِنْ قِيمَةِ الْوَلَدِ إلَّا بِقَدْرِ رَأْسِ الْمَالِ وَنَصِيبِهِ مِنْ الرِّبْحِ هَذِهِ فِي الِاسْتِحْقَاقَاتِ مِنْ الْوَجِيزِ. مُضَارِبٌ أَقَرَّ فِي مَرَضِهِ بِرِبْحِ أَلْفٍ فَمَاتَ بِلَا بَيَانٍ لَمْ يَضْمَنْ إذْ لَمْ يُقِرَّ بِوُصُولِ الْمَالِ إلَى يَدِهِ وَلَوْ أَقَرَّ بِوُصُولِهِ إلَى يَدِهِ يُؤْخَذُ مِنْ تَرِكَتِهِ كَمَوْتِهِ مُجْهِلًا لِلْأَمَانَةِ كَذَا فِي أَحْكَامِ الْمَرْضَى مِنْ الْفُصُولَيْنِ. الْمُضَارِبُ لَوْ قَالَ قَبْلَ أَنْ يَمُوتَ أَوْدَعْت مَالَ الْمُضَارَبَةِ فُلَانًا الجزء: 1 ¦ الصفحة: 312 الصَّيْرَفِيَّ ثُمَّ مَاتَ لَا شَيْءَ عَلَيْهِ، وَلَا عَلَى وَرَثَتِهِ وَلَوْ قَالَ الصَّيْرَفِيُّ مَا أَوْدَعَنِي شَيْئًا فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ مَعَ يَمِينِهِ، وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ، وَلَا عَلَى وَارِثِهِ وَلَوْ مَاتَ الصَّيْرَفِيُّ قَبْلَ أَنْ يَقُولَ شَيْئًا، وَلَا يَعْلَمُ أَنَّ الْمُضَارِبَ دَفَعَهُ إلَى الصَّيْرَفِيِّ إلَّا بِقَوْلِهِ لَا يُصَدَّقُ عَلَى الصَّيْرَفِيِّ، وَإِنْ دَفَعَهُ إلَى الصَّيْرَفِيِّ بِبَيِّنَةٍ أَوْ إقْرَارٍ مِنْ الصَّيْرَفِيِّ ثُمَّ مَاتَ الْمُضَارِبُ ثُمَّ مَاتَ الصَّيْرَفِيُّ، وَلَمْ يُبَيِّنْهُ يَعْنِي مَاتَ مُجْهِلًا كَانَ دَيْنًا فِي مَالِ الصَّيْرَفِيِّ، وَلَا شَيْءَ عَلَى الْمُودَعِ. وَلَوْ مَاتَ الْمُضَارِبُ وَالصَّيْرَفِيُّ فَقَالَ رَدَدْتُهُ عَلَيْهِ فِي حَيَاتِهِ فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ، وَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ، وَلَا عَلَى الْمَيِّتِ. كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ مِنْ الْوَدِيعَةِ، وَفِيهَا أَيْضًا لِلْمُضَارِبِ وَالْمُسْتَبْضِعِ إذَا خَالَفَ، وَدَفَعَ الْمَالَ لِيُنْفِقَ إلَى حَاجَتِهِ ثُمَّ عَادَ إلَى الْوِفَاقِ عَادَ مُضَارِبًا وَمُسْتَبْضِعًا انْتَهَى. [الْفَصْلُ الثَّانِي فِي الْمُبَاضَعَةِ] (الْفَصْلُ الثَّانِي فِي الْمُبَاضَعَةِ) لَيْسَ لِلْمُسْتَبْضِعِ شِرَاءُ شَيْءٍ بَعْدَ مَوْتِ الْمَالِكِ وَلَوْ لَمْ يَعْلَمْ بِهِ. أَرْسَلَ بِضَاعَةً مَعَ رَجُلٍ إلَى بَلْدَةٍ عِنْدَ رَجُلٍ آخَرَ وَقَالَ لَهُ خُذْ بَيْتًا لِأَجْلِ بِضَاعَتِي وَضَعْ بِضَاعَتِي فِيهِ، فَأَخَذَ بَيْتًا، وَوَضَعَ بِضَاعَتَهُ فِيهِ ثُمَّ أَخْرَجَهُ مِنْ ذَلِكَ الْبَيْتِ وَوَضَعَهُ فِي بَيْتِ نَفْسِهِ فَلَوْ اسْتَوَى الْبَيْتَانِ حِرْزًا يَبْرَأُ، وَهَذَا ظَاهِرٌ وَآخِذٌ لِبِضَاعَتِهِ لَوْ تَرَكَهَا فِي حُجْرَةٍ فِي تِلْكَ الْبَلْدَةِ، وَأَغْلَقَ الْبَابَ لَا يَضْمَنُ إذْ لَا يَلْزَمُهُ حَمْلُ الْبِضَاعَةِ. جَمَاعَةٌ خَرَجُوا مِنْ بَلْدَةٍ، وَكَانَ أَكْلُهُمْ وَنُزُولُهُمْ فِي السَّفَرِ جُمْلَةً، وَمَعَ أَحَدِهِمْ بِضَاعَةٌ فَأَوْدَعَهُ عِنْدَ أَحَدِهِمْ ضَمِنَ إذْ لَمْ يَصِرْ بِهَذَا الْقَدْرِ كُلُّ وَاحِدٍ بِمَنْزِلَةِ مَنْ فِي عِيَالِهِ وَلَوْ دَفَعَ إلَى آخَرَ بِضَاعَةً لِيَذْهَبَ بِهَا إلَى مَرْوَ فَبَاعَهَا فِي هَذِهِ الْبَلْدَةِ، وَذَهَبَ بِثَمَنِهَا إلَى مَرْوَ فَلَوْ اتَّحَدَ الثَّمَنَانِ لَا يَضْمَنُ لِلرِّضَا إذْ حَصَلَ الْغَرَضُ بِلَا ضَرَرٍ وَلَوْ لَمْ يَتَّحِدَا ضَمِنَ قِيمَةَ الْمَتَاعِ لِغَصْبِهِ بِبَيْعٍ وَتَسْلِيمٍ، وَيَضْمَنُ الثَّمَنَ لِلْمُشْتَرِي لَوْ هَلَكَ الثَّمَنُ قَبْلَ قَبْضِهِ فِي الطَّرِيقِ. أَبْضَعَهُ مَالًا يَشْتَرِي بِهِ شَيْئًا فَشَرَاهُ فَلَمْ يَتَهَيَّأْ لَهُ الرُّجُوعُ عَنْ سُرْعَةٍ فَبَعَثَ الْبِضَاعَةَ مَعَ بَعْضِ مَالِهِ بِيَدِ رَجُلٍ لِيُوصِلَهَا إلَى الْمَالِكِ فَأُخِذَ هَذَا الْمَالُ فِي الطَّرِيقِ ظُلْمًا ضَمِنَ الْمُسْتَبْضِعُ. أَبْضَعَهُ مَالًا يَشْتَرِي بِهِ شَيْئًا فَبَعَثَهُ الْمُسْتَبْضِعُ إلَى سِمْسَارٍ فَشَرَى بِهِ السِّمْسَارُ، وَبَعَثَهُ إلَى صَاحِبِهِ فَهَلَكَ فِي الطَّرِيقِ لَا يَضْمَنُ الْمُسْتَبْضِعُ وَلَوْ لَمْ يَقُلْ الْمَالِكُ أَنَّهُ بِضَاعَةٌ، وَالْمَسْأَلَةُ بِحَالِهَا ضَمِنَ إلَّا أَنْ يَشْتَرِيَ السِّمْسَارُ بِمَحْضَرٍ مِنْهُ، وَالْفَرْقُ أَنَّ الْمُسْتَبْضِعَ وَكِيلٌ فَوَّضَ إلَيْهِ الرَّأْيَ فَلَا يَضْمَنُ بِدَفْعِهِ إلَى آخَرَ وَقَالَ مُحَمَّدٌ أَسْتَحْسِنُ أَنْ تُجْعَلَ الْبِضَاعَةُ كَمُضَارَبَةٍ. كُلُّ مَا يَجُوزُ فِي الْمُضَارَبَةِ يَجُوزُ فِي الْبِضَاعَةِ لَكِنَّ الْمُضَارِبَ يَمْلِكُ بَيْعَ مَا شَرَى، وَالْمُسْتَبْضِعُ لَا يَمْلِكُ، وَكَذَا لَا يَمْلِكُ الْإِيدَاعَ وَالْإِبْضَاعَ فَلَوْ أَبْضَعَ فَمَالِكُهُ يَضْمَنُ أَيَّهُمَا شَاءَ وَلَوْ سَلَّمَ وَرَبِحَ فَكُلُّهُ لِرَبِّ الْمَالِ. وَلَوْ أَبْضَعَهُ أَلْفًا لِيَشْتَرِيَ بِهِ قِنًّا أَوْ غَيْرَهُ فَشَرَاهُ بِبَعْضِهِ، وَأَنْفَقَ بَعْضَهُ عَلَيْهِ لَا يَضْمَنُ، وَكَذَا فِي الْكِرَاءِ عَلَيْهِ. وَلَوْ شَرَى بِكُلِّهِ، وَأَنْفَقَ مِنْ مَالِهِ كَانَ مُتَبَرِّعًا، وَكَذَا الْمُضَارِبُ وَلَوْ شَرَى بِبَعْضِهِ ثُمَّ مَاتَ الْمِبْضَعُ ثُمَّ شَرَى بِالْبَاقِي أَوْ أَنْفَقَهُ فِي كِرَاهُ أَوْ نَفَقَةٍ فَفِي الشِّرَاءِ ضَمِنَ عَلِمَ بِمَوْتِهِ أَوْ لَا، وَفِي الْإِنْفَاقِ ضَمِنَ لَوْ عَلِمَ، وَإِلَّا ضَمِنَ قِيَاسًا لَا اسْتِحْسَانًا. بَاعَ الْبِضَاعَةَ فَشَرَى بِثَمَنِهَا فَقَالَ رَبُّ الْمَالِ أَمَرْتُك بِبَيْعٍ لَا بِشِرَاءٍ وَقَالَ الْمُسْتَبْضِعُ شَرَيْت لَك بِأَمْرِك صُدِّقَ رَبُّ الْمَالِ بِيَمِينِهِ. بَاعَ الْمُسْتَبْضِعُ فَحَطَّ فَهُوَ كَوَكِيلِ الْبَيْعِ جَازَ عِنْدَهُمَا لَا عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ مِنْ الْفُصُولَيْنِ. بَلَغَ الْمُسْتَبْضِعَ مَوْتُ الْمِبْضَعِ، وَهُوَ فِي الطَّرِيقِ وَقَدْ اشْتَرَى رَقِيقًا بِمَالٍ الْبِضَاعَةِ لَيْسَ لَهُ أَنْ يُنْفِقَ عَلَى الرَّقِيقِ مِنْ بَقِيَّةِ مَالِ الْبِضَاعَةِ إلَّا بِأَمْرِ الْقَاضِي هَذِهِ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 313 فِي الْوِكَالَةِ مِنْ الْقُنْيَةِ. [بَاب فِي الْمُزَارَعَةِ وَالْمُسَاقَاةِ وَالشُّرْبِ] (الْبَابُ الرَّابِعُ وَالْعِشْرُونَ فِي الْمُزَارَعَةِ وَالْمُسَاقَاةِ وَالشُّرْبِ) الْمُزَارَعَةُ بَاطِلَةٌ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ فَإِنْ وَقَعَتْ فَإِنْ كَانَ الْبَذْرُ مِنْ الْمُزَارِعِ يَغْرَمُ لِرَبِّ الْأَرْضِ أَجْرَ مِثْلِهَا، وَكَانَ الْخَارِجُ لَهُ يَطِيبُ لَهُ قَدْرُ بَذْرِهِ، وَمَا أَنْفَقَ، وَمَا غَرِمَ، وَيَتَصَدَّقُ بِالْبَاقِي لِأَنَّهُ مِنْ كَسْبٍ خَبِيثٍ لِأَنَّهُ رَبَّاهُ فِي مِلْكِ غَيْرِهِ. وَإِنْ كَانَ الْبَذْرُ مِنْ رَبِّ الْأَرْضِ كَانَ الْخَارِجُ لَهُ، وَيَغْرَمُ لِلزَّارِعِ أَجْرَ مِثْلِ عَمَلِهِ، وَالزَّرْعُ يَطِيبُ لَهُ لِأَنَّهُ حَصَلَ فِي مِلْكِهِ ذَكَرَهُ فِي الْحَقَائِقِ وَقَالَا جَائِزَةٌ، وَالْفَتْوَى عَلَى قَوْلِهِمَا لَتَعَامُلِ النَّاسِ، وَلِلِاحْتِيَاجِ إلَيْهَا، وَالْقِيَاسُ يُتْرَكُ بِالتَّعَامُلِ، وَلِصِحَّتِهَا عَلَى قَوْلِهِمَا شُرُوطٌ مَشْهُورَةٌ فِي الْكُتُبِ فَلَا حَاجَةَ إلَى تَطْوِيلِ الْكِتَابِ بِذِكْرِهَا، وَإِذَا صَحَّتْ فَالْخَارِجُ عَلَى الشُّرُوطِ، وَإِنْ لَمْ يَخْرُجْ شَيْءٌ فَلَا شَيْءَ لِلْعَامِلِ، وَإِذَا فَسَدَتْ الْمُزَارَعَةُ فَالْخَارِجُ لِصَاحِبِ الْبَذْرِ فَلَوْ كَانَ الْبَذْرُ مِنْ رَبِّ الْأَرْضِ فَلِلْعَامِلِ أَجْرُ مِثْلِهِ لَا يُزَادُ عَلَى مِقْدَارِ مَا شَرَطَ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ. وَقَالَ مُحَمَّدٌ لَهُ أَجْرُ مِثْلِهِ بَالِغًا مَا بَلَغَ، وَإِنْ كَانَ مِنْ قِبَلِ الْعَامِلِ فَلِصَاحِبِ الْأَرْضِ أَجْرُ مِثْلِ أَرْضِهِ، وَهَلْ يُزَادُ عَلَى مَا شَرَطَ لَهُ مِنْ الْخَارِجِ فَهُوَ عَلَى الْخِلَافِ الَّذِي ذَكَرْنَا كَمَا فِي الْهِدَايَةِ، وَإِذَا فَسَدَتْ الْمُزَارَعَةُ، وَلَمْ تُخْرِجْ الْأَرْضُ شَيْئًا فَلِلْعَامِلِ أَجْرُ مِثْلِهِ لِأَنَّ وُجُوبَهُ فِي الذِّمَّةِ وَعَدَمِ الْخَارِجِ لَا يَمْنَعُ مِنْ وُجُوبِهِ فِيهَا بِخِلَافِ الصَّحِيحَةِ حَيْثُ لَا يَجِبُ شَيْءٌ لِلْعَامِلِ إذَا لَمْ تُخْرِجْ الْأَرْضُ شَيْئًا لِأَنَّ الْوَاجِبَ حِينَئِذٍ الْمُسَمَّى، وَهُوَ مَعْدُومٌ ذِكْرُهُ فِي شَرْحِ النُّقَايَةِ، وَكُلُّ شَرْطٍ لَيْسَ مِنْ أَعْمَالِ الْمُزَارَعَةِ يُفْسِدُهَا، وَعَمَلُ الْمُزَارَعَةِ كُلُّ عَمَلٍ يُنْبِتُ وَيَزِيدُ فِي الْخَارِجِ، وَمَا لَا يُنْبِتُ وَلَا يَزِيدُ لَا يَكُونُ مِنْ عَمَلِ الْمُزَارَعَةِ، وَشَرْطُ الْحَصَادِ وَالدِّيَاسِ وَالتَّذْرِيَةِ عَلَى أَحَدِهِمَا يُفْسِدُ مِنْ أَيِّهِمَا كَانَ الْبَذْرُ. وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ أَنَّهُ يَجُوزُ شَرْطُهُ لِلتَّعَامُلِ، وَبِهِ أَفْتَى مَشَايِخُ بَلْخِي كَمَا مَرَّ مِنْ الْوَجِيزِ، وَالْكَلَامُ فِي الْمُسَاقَاةِ كَالْكَلَامِ فِي الْمُزَارَعَةِ وَالْمُزَارَعَةُ غَيْرُ لَازِمَةٍ مِنْ قِبَلِ مَنْ عَلَيْهِ الْبَذْرُ قَبْلَ إلْقَاءِ الْبَذْرِ، وَالْمُسَاقَاةُ لَازِمَةٌ. دَفَعَ بَذْرًا إلَى آخَرَ وَقَالَ لَهُ ازْرَعْهُ فِي أَرْضِك عَلَى أَنْ يَكُونَ الْخَارِجُ كُلُّهُ لَك فَهَذَا قَرْضٌ لَا هَدِيَّةٌ، وَإِنْ دَفَعَ الْبَذْرَ يَزْرَعُهُ فِي أَرْضِهِ عَلَى أَنَّ الْخَارِجَ بَيْنَهُمَا فَهِيَ مُزَارَعَةٌ فَاسِدَةٌ، وَالْخَارِجُ لِصَاحِبِ الْبَذْرِ مِنْ الصُّغْرَى. وَإِذَا عُقِدَتْ الْمُزَارَعَةُ فَامْتَنَعَ صَاحِبُ الْبَذْرِ مِنْ الْعَمَلِ لَمْ يُجْبَرْ عَلَيْهِ، وَإِنْ امْتَنَعَ الَّذِي لَيْسَ مِنْ قِبَلِهِ الْبَذْرُ أَجْبَرَهُ الْحَاكِمُ عَلَى الْعَمَلِ إلَّا إذَا كَانَ عُذْرٌ تُفْسَخُ بِهِ الْإِجَارَةُ فَتُفْسَخُ بِهِ الْمُزَارَعَةُ. وَلَوْ امْتَنَعَ رَبُّ الْأَرْضِ وَالْبَذْرِ مِنْ قِبَلِهِ وَقَدْ كَرَبَ الْمُزَارِعُ الْأَرْضَ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ فِي عَمَلِ الْكِرَابِ قِيلَ هَذَا فِي الْحُكْمِ فَأَمَّا فِيمَا بَيْنَهُ، وَبَيْنَ اللَّهِ يَلْزَمُهُ اسْتِرْضَاءُ الْعَامِلِ مِنْ الْهِدَايَةِ. مَخَرَ الْمُزَارِعُ الْأَرْضَ ثُمَّ نُقِضَتْ الْمُزَارَعَةُ فَلَوْ كَانَ الْبَذْرُ لِلْمُزَارِعِ فَلَا شَيْءَ عَلَى رَبِّ الْأَرْضِ لِأَنَّهُ مَخَرَهَا لِنَفْسِهِ وَلَوْ كَرَبَ الْأَرْضَ فَلَهُ أَجْرُ مِثْلِ عَمَلِهِ بِحُكْمِ إجَارَةٍ فَاسِدَةٍ إذْ لَا حَقَّ لَهُ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ فِي الْخَارِجِ كَذَا فِي الْجَامِعِ الْأَصْغَرِ، وَفِي كِتَاب خُلَاصَةِ الْمُفْتِينَ، وَفِي عَامَّةِ الْكُتُبِ لَا شَيْءَ لِلْمُزَارِعِ عَلَى رَبِّ الْأَرْضِ إذْ لَيْسَ لِلْمُزَارِعِ عَيْنُ مَالٍ قَائِمٍ فِي مِلْكِهِ كَذَا فِي الْفُصُولَيْنِ مِنْ أَحْكَامِ الْمُزَارَعَةِ. تَرَكَ الْأَكَّارُ سَقْيَ الزَّرْعِ حَتَّى فَسَدَ الزَّرْعُ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 314 ضَمِنَ، وَتُعْتَبَرُ قِيمَتُهُ يَوْمَ تَرَكَ السَّقْيَ وَلَوْلَا قِيمَةٌ لِلزَّرْعِ فِي ذَلِكَ الْيَوْمِ تُقَوَّمُ الْأَرْضُ مَزْرُوعَةً وَغَيْرَ مَزْرُوعَةٍ فَيَضْمَنُ نِصْفَ فَضْلِ مَا بَيْنَهُمَا بِخِلَافِ مَا لَوْ مَنَعَ الْمَاءَ عَنْ أَرْضِ رَجُلٍ حَتَّى هَلَكَ زَرْعُهُ عَطَشًا لَمْ يَضْمَنْ الْمَانِعُ شَيْئًا وَلَوْ أَخَّرَ الْأَكَّارُ سَقْيَهُ تَأْخِيرًا يَفْعَلُهُ النَّاسُ لَمْ يَضْمَنْ وَلَوْ تَأْخِيرًا غَيْرَ مُتَعَارَفٍ ضَمِنَهُ. وَلَوْ تَرَكَ الزَّرْعَ حَتَّى أَصَابَتْهُ آفَةٌ مِنْ أَكْلِ الدَّوَابِّ وَنَحْوِهِ ضَمِنَ إنْ كَانَ حَاضِرًا، وَأَمْكَنَهُ دَفْعُهُ، وَلَمْ يَدْفَعْ، وَلَا يَضْمَنُ لَوْ لَمْ يُمْكِنْهُ دَفْعُهُ وَلَوْ أَكَلَهُ الْجَرَادُ ضَمِنَ لَوْ أَمْكَنَهُ طَرْدُهُ، وَإِلَّا فَلَا فَالْحَاصِلُ أَنَّهُ فِي كُلِّ مَوْضِعٍ تَرَكَ الْحِفْظَ مَعَ إمْكَانِهِ ضَمِنَ لَا بِدُونِهِ. تَرَكَ شَدَّ شَجَرَةٍ يَضُرُّهَا الْبَرْدُ كَشَجَرَةِ التِّينِ وَالْكَرْمِ أَوْ أَخَّرَهُ حَتَّى أَصَابَهَا الْبَرْدُ ضَمِنَ لَوْ قَالَ لِلْأَكَّارِ أَخْرِجْ الْبُرَّ إلَى الصَّحْرَاءِ لِأَنَّهُ رَطْبٌ فَأَخَّرَ فَفَسَدَ ضَمِنَ. الْأَكَّارُ لَوْ تَرَكَ الْكَرْمَ، وَلَمْ يَتْرُكْ أَحَدًا يَحْفَظُهُ فَدَخَلَ الْمَاءُ، وَسَقَطَ حَائِطُهُ، وَهَلَكَ الزَّرَاجِينُ ضَمِنَ قِيمَةَ الزَّرَاجِينِ لَا الْحَائِطَ إذْ يَجِبُ عَلَيْهِ حِفْظُ الزَّرَاجِينِ لَا الْحِيطَانِ وَلَوْ عَلَى الزَّرَاجِينِ عِنَبٌ لَا يَضْمَنُ إذْ حِفْظُهُ لَا يَلْزَمُهُ لِأَنَّ مَا كَانَ بَعْدَ بُلُوغِ الثِّمَارِ وَالزَّرْعِ يَكُونُ عَلَيْهِمَا، وَلَكِنْ يَجِبُ نُقْصَانُ الْكَرْمِ إذْ حِفْظُ الْكَرْمِ يَلْزَمُهُ فَيَقُومُ الْكَرْمُ مَعَ الْعِنَبِ، وَبِدُونِهِ فَيَرْجِعُ بِفَضْلِ مَا بَيْنَهُمَا. لَوْ قَالَ رَبُّ الْأَرْضِ لِلْأَكَّارِ بروآب بيار، وَزُمَيْن رااب ده، وَأَكَرَ رَبُّ الْأَرْضِ آبَ آدرد، وَأَمَرَهُ بِالسَّقْيِ فَأَبَى ضَمِنَ بِالْإِجْمَاعِ. وَفِي فَوَائِدِ صَاحِبِ الْمُحِيطِ الْأَكَّارُ لَوْ لَمْ يَسْقِ الزَّرْعَ حَتَّى فَسَدَ اخْتَلَفَ الْمَشَايِخُ فِيهِ، وَالْمُخْتَارُ أَنَّهُ يَضْمَنُ، وَمَا كَانَ بَعْدَ بُلُوغِ الزَّرْعِ، وَنِهَايَتِهِ، وَجَفَافِهِ فَهُوَ عَلَيْهِمَا حَتَّى يُقَسِّمَهَا، وَمَا كَانَ قَبْلَ بُلُوغِهِ مِمَّا يَصْلُحُ بِهِ الزَّرْعُ فَهُوَ عَلَى الْعَامِلِ وَلَوْ بَعَثَ الْأَكَّارُ مَا فِي يَدِهِ مِنْ بَقَرِ الْمَالِكِ إلَى السَّرْحِ لَا يَضْمَنُ هُوَ، وَلَا الرَّاعِي. لَوْ قَالَ رَبُّ الْوَضِيعَةِ لِأَكَّارِهِ أَخْرِجْ هَذَا الْبُرَّ إلَى الصَّحْرَاءِ أَوْ هَذَا الْجَوْزَ أَوْ هَذَا الجوزق فَإِنَّهُ رَطْبٌ فَأَخَّرَ فَفَسَدَ لَوْ قَبِلَ الْأَكَّارُ مِنْ رَبِّ الضَّيْعَةِ ثُمَّ لَمْ يَفْعَلْ ضَمِنَ قِيمَةَ الْجَوْزِ وَالْبُرِّ، وَالْفَاسِدُ لَهُ قَالَ الْفَقِيهُ يَعْنِي إذَا لَمْ يَجِدْ مِنْ الرَّطْبِ مِثْلًا ضَمِنَ الْقِيمَةَ. لَوْ زَرَعَ الْمُزَارِعُ خِلَافَ مَا أُمِرَ بِهِ يَصِيرُ مُخَالِفًا أَضَرَّ ذَلِكَ بِالْأَرْضِ أَمْ لَمْ يَضُرَّ بِخِلَافِ الْإِجَارَةِ الْجُمْلَةُ مِنْ الْفُصُولَيْنِ وَاحِدٌ هَذِهِ فِي الْإِجَارَاتِ مِنْ الْبَزَّازِيَّةِ. لَهَا حِنْطَةٌ رَبِيعِيَّةٌ فِي خَابِيَةٍ، وَخَرِيفِيَّةٌ فِي أُخْرَى فَأَمَرَتْ أُخْتَهَا أَنْ تَدْفَعَ إلَى حَرَّاثِهَا الْخَرِيفِيَّةَ فَأَخْطَأْت فَدَفَعَتْ الرَّبِيعِيَّةَ ثُمَّ أَرْسَلَتْ الْمَرْأَةُ بِنْتَهَا مَعَ الْحَرَّاثِ لِتَنْقُلَ إلَيْهِ الْحِنْطَةَ لِلْبَذْرِ فَفَعَلَتْ، وَبَذَرَهَا فَلَمْ تَنْبُتْ ثُمَّ تَبَيَّنَ إنَّهَا رَبِيعِيَّةٌ تُضَمِّنُ أَيَّ الثَّلَاثَةِ شَاءَتْ لِأَنَّهُ لَمَّا أَخْطَأَتْ الْأُخْتُ صَارَتْ غَاصِبَةً، وَالْبِنْتُ، وَالْحَرَّاثُ غَاصِبَ الْغَاصِبِ، وَهَذَا دَقِيقٌ حَسَنٌ يَخْرُجُ مِنْهُ كَثِيرٌ مِنْ الْوَاقِعَاتِ هَذِهِ فِي الْغَصْبِ مِنْ الْقُنْيَةِ. غَصَبَ أَرْضًا، وَدَفَعَهَا إلَى آخَرَ مُزَارَعَةً بِالنِّصْفِ سَنَةً عَلَى أَنَّ الْبَذْرَ مِنْ الْمُزَارِعِ فَزَرَعَهَا، وَلَمْ يَنْبُتْ حَتَّى أَجَازَ رَبُّ الْأَرْضِ عَلَى مَا شَرَطَهُ عَلَيْهِ الْغَاصِبُ، وَالْغَاصِبُ هُوَ الَّذِي يَتَوَلَّى قَبْضَ حِصَّةِ رَبِّ الْأَرْضِ مِنْ الزَّرْعِ فَمَا نَقَصَتْ الْأَرْضُ مِنْ الزَّرْعِ لَا ضَمَانَ عَلَى الْمُزَارِعِ فِيهِ إلَّا مَا نَقَصَهَا قَبْلَ أَنْ يُجِيزَ ذَلِكَ رَبُّ الْأَرْضِ فَإِنَّهُ يَضْمَنُ الْمُزَارِعُ ذَلِكَ النُّقْصَانَ لِرَبِّ الْأَرْضِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ. وَلَوْ نَبَتَ الزَّرْعُ فَصَارَتْ لَهُ قِيمَةٌ ثُمَّ أَجَازَ رَبُّ الْأَرْضِ الْمُزَارَعَةَ فَمَا يَحْدُثُ فِيهِ مِنْ الْحَبِّ، وَجَمِيعِ ذَلِكَ لِلْغَاصِبِ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 315 وَالْمُزَارِعِ عَلَى شَرْطِهِمَا وَلَوْ دَفَعَ الْغَاصِبُ بَيْنَهُمَا مُزَارَعَةً بِالنِّصْفِ عَلَى أَنَّ الْبَذْرَ مِنْ الدَّافِعِ فَبَذَرَهَا أَوْ لَمْ يَبْذُرْهَا أَوْ بَذَرَهَا فَخَرَجَ زَرْعٌ فَصَارَ بَيْنَهُمَا نِصْفَيْنِ ثُمَّ أَجَازَ رَبُّ الْمُزَارَعَةِ فَإِجَازَتُهُ بَاطِلَةٌ، وَهِيَ بِمَنْزِلَةِ الْعَارِيَّةِ فِي يَدِ الْغَاصِبِ، وَالْمُزَارِعِ، وَلِرَبِّ الْأَرْضِ أَنْ يَرْجِعَ فِيمَا أَجَازَ مِنْ ذَلِكَ مَا لَمْ يَكُنْ يَزْرَعُ الزَّرْعَ الَّذِي نَبَتَ بَعْدَ إجَازَتِهِ فَإِنْ كَانَ شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ لَمْ يَكُنْ لَهُ بَعْدَ ذَلِكَ أَنْ يَنْقُضَ الْإِجَازَةَ اسْتِحْسَانًا فَإِنْ كَانَ أَجَازَ بَعْدَمَا طَلَعَ الزَّرْعُ، وَصَارَ لَهُ قِيمَةٌ ثُمَّ رَجَعَ عَنْ الْإِجَازَةِ، وَأَرَادَ أَنْ يَأْخُذَ أَرْضَهُ بَعْدَمَا سَنْبَلَ الزَّرْعُ، وَلَمْ يَسْتَحْصِدْ لَيْسَ لَهُ ذَلِكَ، وَلَكِنْ يُقَالُ لِلْغَاصِبِ اغْرَمْ لَهُ أَجْرَ مِثْلِ أَرْضِهِ فَيَبْقَى حَتَّى يَسْتَحْصِدَ الزَّرْعُ، وَسُلِّمَتْ الزِّرَاعَةُ بَيْنَ الْمُزَارِعِ وَالْغَاصِبِ مِنْ الْخُلَاصَةِ. لَوْ دَفَعَ أَرْضًا وَبَذْرًا مُزَارِعَةً بِالنِّصْفِ فَزَرَعَ الْعَامِلُ فَنَبَتَ أَوْ لَمْ يَنْبُتْ ثُمَّ سَقَاهُ وَقَامَ عَلَيْهِ رَبُّ الْأَرْضِ حَتَّى اسْتَحْصَدَ بِغَيْرِ أَمْرِ الْمُزَارِعِ يَكُونُ الْخَارِجُ بَيْنَ رَبِّ الْأَرْضِ وَالْمُزَارِعِ وَلَوْ لَمْ يَزْرَعْ حَتَّى زَرَعَهُ رَبُّ الْأَرْضِ وَسَقَاهُ حَتَّى نَبَتَ ثُمَّ قَامَ عَلَيْهِ الْمُزَارِعُ حَتَّى اسْتَحْصَدَ فَالْخَارِجُ لِرَبِّ الْأَرْضِ، وَالْمُزَارِعُ مُتَطَوِّعٌ لِأَنَّ رَبَّ الْأَرْضِ بِالتَّدْبِيرِ وَالسَّقْيِ صَارَ مُسْتَرِدًّا لِلْبَذْرِ، وَنَاقِضًا لِلْمُزَارَعَةِ فَانْتَقَضَتْ حُكْمًا لِعَمَلِهِ لَا قَصْدًا كَرَبِّ الْمَالِ إذَا أَخَذَ رَأْسَ الْمَالِ بِغَيْرِ إذْنِ الْمُضَارِبِ، وَتَصَرَّفَ فِيهِ وَرَبِحَ، صَارَ نَاقِضًا لِلْمُضَارَبَةِ، وَلَوْ لَمْ يَسْقِهِ، وَلَمْ يَنْبُتْ فَسَقَاهُ الْمُزَارِعُ وَقَامَ عَلَيْهِ حَتَّى اسْتَحْصَدَ فَالْخَارِجُ نِصْفَانِ لِأَنَّ سَقْيَ الْمَزَارِعِ حَصَلَ بِإِذْنِ رَبِّ الْأَرْضِ فَلَا يَصِيرُ نَاسِخًا لِلْمُزَارَعَةِ السَّابِقَةِ فَوَقَعَ عَمَلُهُ عَلَى الْمُزَارَعَةِ فَنَبَتَ الزَّرْعُ مُشْتَرَكًا بَيْنَهُمَا، وَرَبُّ الْأَرْضِ لَا يَصِيرُ نَاسِخًا لِلْمُزَارَعَةِ بِالْبَذْرِ بِدُونِ السَّقْيِ بِغَيْرِ أَمْرِ الْعَامِلِ لِأَنَّهُ غَائِبٌ، وَفَسْخُ الْعَقْدِ حَالَ غَيْبَةِ الْمُزَارِعِ لَا يَصِحُّ قَصْدًا، وَدَلَالَةً كَمَا فِي الْوَكِيلِ بِالْبَيْعِ، وَلَوْ كَانَ الْبَذْرُ مِنْ قِبَلِ الْمُزَارِعِ فَبَذَرَ، وَلَمْ يَسْقِ، وَلَمْ يَنْبُتْ حَتَّى سَقَاهُ رَبُّ الْأَرْضِ وَقَامَ عَلَيْهِ حَتَّى اسْتَحْصَدَ أَوْ بَذَرَهُ رَبُّ الْأَرْضِ، وَلَمْ يَنْبُتْ، وَلَمْ يَسْقِهِ حَتَّى سَقَاهُ الْمُزَارِعُ وَقَامَ عَلَيْهِ فَالْخَارِجُ بَيْنَهُمَا، وَلَوْ كَانَ رَبُّ الْأَرْضِ بَذَرَهُ وَسَقَاهُ حَتَّى نَبَتَ ثُمَّ قَامَ عَلَيْهِ الْمُزَارِعُ وَسَقَاهُ فَهُوَ لِرَبِّ الْأَرْضِ، وَيَضْمَنُ الْبَذْرَ، وَالْمُزَارِعُ مُتَطَوِّعٌ فِي سَقْيِهِ، وَخُرُوجُ الطَّلْعِ فِي النَّخْلِ كَخُرُوجِ الزَّرْعِ وَنَبَاتِهِ فِي الْمُزَارَعَةِ حَتَّى لَوْ سَقَى صَاحِبُ النَّخْلِ نَخْلَهُ بِغَيْرِ أَمْرِ الْعَامِلِ وَقَامَ عَلَيْهِ حَتَّى طَلَعَ طَلْعُهُ ثُمَّ سَقَاهُ الْعَامِلُ وَقَامَ عَلَيْهِ حَتَّى صَارَ تَمْرًا فَجَمِيعُ ذَلِكَ لِصَاحِبِ النَّخْلِ. كَذَا فِي الْوَجِيزِ قَالَ فِي الْفُصُولَيْنِ فَالْحَاصِلُ فِي هَذِهِ الْمَسَائِلِ أَنَّهُ لَوْ كَانَ الْبَذْرُ لِرَبِّ الْأَرْضِ أَوْ الْمُزَارِعِ زَرَعَهُ أَحَدُهُمَا بِلَا إذْنِ الْآخَرِ، وَنَبَتَ الزَّرْعُ أَوْ لَمْ يَنْبُتْ حَتَّى قَامَ عَلَيْهِ الْآخَرُ بِلَا إذْنِهِ حَتَّى أَدْرَكَ فَفِي كُلِّ الصُّوَرِ يَكُونُ الْخَارِجُ بَيْنَهُمَا إلَّا فِي صُورَةٍ وَاحِدَةٍ، وَهِيَ أَنْ يَكُونَ الْبَذْرُ لِرَبِّ الْأَرْضِ، وَزَرَعَهُ رَبُّهَا بِلَا إذْنِ الْمُزَارِعِ، وَنَبَتَ ثُمَّ قَامَ عَلَيْهِ الْمُزَارِعُ فَفِي هَذِهِ الْخَارِجُ كُلُّهُ لِرَبِّ الْأَرْضِ، وَمِمَّا يَتَّصِلُ بِهَذِهِ الْمَسَائِلِ دَفَعَ أَرْضًا، وَبَذْرًا مُزَارَعَةً إلَى رَجُلَيْنِ لِيَعْمَلَا فِيهِ فَكَرَبَاهَا، وَزَرَعَهُ أَحَدُهُمَا فَلَا شَكَّ أَنَّهُ لَوْ زَرَعَ بِلَا إذْنِ الْآخَرِ فَلِمَنْ لَمْ يَزْرَعْ نَصِيبٌ انْتَهَى. لَوْ مَاتَ الْمُزَارِعُ بَعْدَ الِاسْتِحْصَادِ، وَلَمْ يُوجَدْ الزَّرْعُ، وَلَا يُدْرَى مَا فَعَلَ كَانَ حِصَّةُ رَبِّ الْأَرْضِ فِي مَالِ الْمُزَارِعِ مِنْ أَيِّهِمَا كَانَ الْبَذْرُ لِأَنَّهُ مَاتَ مُجْهِلًا لِلْأَمَانَةِ فِي يَدِهِ، وَكَذَلِكَ إنْ مَاتَ الْعَامِلُ بَعْدَ طُلُوعِ الثَّمَرِ بَلَغَ أَوْ لَمْ يَبْلُغْ، وَلَمْ يُوجَدْ فِي النَّخِيلِ شَيْءٌ هَذَا إذَا عَرَفَ خُرُوجَ الثَّمَرَةِ وَنَبَاتَ الزَّرْعِ، وَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ لَا يَضْمَنُ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 316 شَيْئًا. دَفَعَ إلَى عَبْدٍ أَوْ صَبِيٍّ أَوْ مَحْجُورٍ أَرْضًا وَبَذْرًا مُزَارَعَةً بِالنِّصْفِ فَالْخَارِجُ نِصْفَانِ اسْتِحْسَانًا كَمَا لَوْ أَجَرَ نَفْسَهُ لِزِرَاعَةٍ بِالدَّرَاهِمِ، وَسَمَّا الْعَمَلَ يَصِحُّ. وَلَوْ مَاتَ الْعَبْدُ حَتْفَ أَنْفِهِ أَوْ فِي عَمَلِ الْأَرْضِ ضَمِنَ صَاحِبُهَا قِيمَتَهُ، وَالزَّرْعُ كُلُّهُ لَهُ، وَإِنْ مَاتَ الصَّبِيُّ مِنْ عَمَلِهِ فِي الْأَرْضِ قَبْلَ اسْتِحْصَادِ الزَّرْعِ يَضْمَنُ عَاقِلَةُ صَاحِبِ الْأَرْضِ دِيَتَهُ، وَإِنْ مَاتَ بَعْدَ الِاسْتِحْصَادِ لَا يَضْمَنُ، وَتَكُونُ حِصَّةُ الصَّبِيِّ لِوَرَثَتِهِ مِنْ الْوَجِيزِ. لَوْ مَاتَ رَبُّ الْأَرْضِ قَبْلَ الزِّرَاعَةِ بَعْدَمَا كَرَبَ الْأَرْضَ، وَحَفَرَ الْأَنْهَارَ انْتَقَضَتْ الْمُزَارَعَةُ، وَلَا شَيْءَ لِلْعَامِلِ بِمُقَابَلَةِ مَا عَمِلَ، وَإِذَا فُسِخَتْ الْمُزَارَعَةُ بِدَيْنٍ فَادِحٍ لِحَقِّ صَاحِبِ الْأَرْضِ فَاحْتَاجَ إلَى بَيْعِهَا جَازَ، وَلَيْسَ لِلْعَامِلِ أَنْ يُطَالِبَ بِمَا كَرَبَ الْأَرْضَ، وَحَفَرَ الْأَنْهَارَ بِشَيْءٍ، وَلَوْ نَبَتَ الزَّرْعُ، وَلَمْ يُسْتَحْصَدْ لَمْ تُبَعْ الْأَرْضُ فِي الدَّيْنِ حَتَّى يُسْتَحْصَدَ الزَّرْعُ، وَإِذَا انْقَضَتْ مُدَّةُ الْمُزَارَعَةِ، وَالزَّرْعُ لَمْ يُدْرِكْ كَانَ عَلَى الْمُزَارِعِ أَجْرُ مِثْلِ نَصِيبِهِ مِنْ الْأَرْضِ إلَى أَنْ يَسْتَحْصِدَ، وَالنَّفَقَةُ عَلَى الزَّرْعِ عَلَيْهِمَا فِي مِقْدَارِ حُقُوقِهِمَا حَتَّى يَسْتَحْصِدَ فَإِذَا أَنْفَقَ أَحَدُهُمَا بِغَيْرِ إذْنِ صَاحِبِهِ، وَأَمْرِ الْقَاضِي فَهُوَ مُتَطَوِّعٌ مِنْ الْهِدَايَةِ. نَبَتَ الزَّرْعُ فَمَاتَ رَبُّ الْأَرْضِ قَبْلَ الْحَصَادِ، وَالْبَذْرُ لِلْمُزَارِعِ يَبْقَى الْعَقْدُ إلَى الْحَصَادِ، وَلَا يَجِبُ شَيْءٌ مِنْ الْأَجْرِ عَلَى الْمُزَارِعِ وَلَوْ مَاتَ قَبْلَ الزِّرَاعَةِ بَعْدَمَا عَمِلَ فِي الْأَرْضِ بِأَنْ كَرَبَهَا، وَحَفَرَ الْأَنْهَارَ انْتَقَضَتْ الْمُزَارَعَةُ، وَلَا يَغْرَمُ وَرَثَةُ رَبِّ الْأَرْضِ لِلْمُزَارِعِ شَيْئًا، وَلَوْ مَاتَ بَعْدَ زَرْعِهِ وَقَبْلَ نَبَاتِهِ فَفِي انْتِقَاضِ الْمُزَارَعَةِ خِلَافٌ، فَلَوْ نَقَضَتْ وَالزَّرْعُ بَقْلٌ تُتْرَكُ الْأَرْضُ بِيَدِ الْمُزَارِعِ إلَى الْإِدْرَاكِ بِأَجْرِ مِثْلِ نِصْفِ الْأَرْضِ (قُلْتُ) يَعْنِي إذَا كَانَتْ الْمُزَارَعَةُ بَيْنَهُمَا نِصْفَيْنِ، وَأَبَى فَعَلَى الْمُزَارِعِ أَجْرُ مِثْلِ نَصِيبِهِ مِنْ الْأَرْضِ إلَى الْحَصَادِ. وَلَوْ دَفَعَ زَرْعًا فِي أَرْضٍ صَارَ بَقْلًا مُعَامَلَةً أَوْ نَخْلًا فِيهِ طَلْعٌ فَلَوْ مَاتَ أَحَدُهُمَا بَعْدَ الْعَمَلِ حَتَّى انْعَقَدَ حَبُّهُ، وَزَادَ الطَّلْعُ بِعَمَلِهِ يَبْقَى الْعَقْدُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ وَرَثَةِ الْآخَرِ فَلَوْ مَاتَ قَبْلَ أَنْ يَزِيدَ الزَّرْعُ وَالطَّلْعُ انْتَقَضَتْ الْمُزَارَعَةُ، وَلَمْ يَرْجِعْ أَحَدُهُمَا عَلَى الْآخَرِ وَالزَّرْعُ وَالثَّمَرُ كُلُّهُ لِلْمَالِكِ أَوْ لِوَرَثَتِهِ إذْ لَيْسَ لِلْعَامِلِ حَقٌّ حَتَّى يَجِبَ اسْتِيفَاءُ الْعَقْدِ صِيَانَةً لِحَقِّهِ وَلَوْ مَاتَ عَامِلُ الْكَرْمِ بَعْدَ حُدُوثِ الْغَلَّةِ فَلِوَرَثَتِهِ حِصَّتُهُ لَا لَوْ مَاتَ قَبْلَ الْحُدُوثِ كَذَا فِي الْفُصُولَيْنِ مِنْ أَحْكَامِ الْمُزَارَعَةِ. أَلْقَى حَبَّ الْقُطْنِ فِي أَرْضِ الْغَيْرِ غَصْبًا، وَنَبَتَ فَرَبَاهُ مَالِكُ الْأَرْضِ فالجوزقة لِلْغَاصِبِ، وَعَلَيْهِ نُقْصَانُ الْأَرْضِ، وَلَا يَكُونُ تَعَهُّدُهُ رِضًا بِهِ إلَّا إذَا ظَهَرَ أَنَّ تَعَهُّدَهُ لِلْغَاصِبِ هَذِهِ فِي الْغَصْبِ مِنْ الْقُنْيَةِ. زَرَعَ أَرْضَ غَيْرِهِ بِغَيْرِ أَمْرِهِ فَعَلَيْهِ نُقْصَانُ الْأَرْضِ قَالَ نُصَيْرٌ يَنْظُرُ بِكَمْ تُسْتَأْجَرُ قَبْلَ اسْتِعْمَالِهَا، وَبِكَمْ تُسْتَأْجَرُ بَعْدَ اسْتِعْمَالِهَا فَيَجِبُ عَلَيْهِ نُقْصَانُ ذَلِكَ. وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ سَلَمَةَ يَنْظُرُ بِكَمْ تُشْتَرَى قَبْلَ اسْتِعْمَالِهَا، وَبِكَمْ تُشْتَرَى بَعْدَ اسْتِعْمَالِهَا فَيَجِبُ عَلَيْهِ نُقْصَانُ ذَلِكَ. قَالَ: تَأْوِيلُ الْمَسْأَلَةِ أَنَّهُ زَرَعَ بِطَرِيقِ الْغَصْبِ زَرَعَ أَرْضَ الْغَيْرِ بِغَيْرِ أَمْرٍ فَإِنْ نَقَصَتْ بِالزِّرَاعَةِ ثُمَّ زَالَ النُّقْصَانُ قَالَ بَعْضُهُمْ إنْ زَالَ النُّقْصَانُ قَبْلَ أَنْ يَرُدَّ الْأَرْضَ إلَى صَاحِبِهَا يَبْرَأُ عَنْ الضَّمَانِ، وَإِنْ زَالَ بَعْدَ الرَّدِّ لَا يَبْرَأُ وَقَالَ الْفَقِيهُ أَبُو اللَّيْثِ قَدْ قِيلَ يَبْرَأُ فِي الْوَجْهَيْنِ كَمَا فِي الْعَيْبِ إذَا زَالَ قَبْلَ الْقَبْضِ أَوْ بَعْدَهُ لَا يَبْقَى لِلْمُشْتَرِي حَقُّ الْخُصُومَةِ مِنْ الْخُلَاصَةِ. غَصَبَ أَرْضًا وَزَرَعَهَا قُطْنًا فَزَرَعَهَا رَبُّهَا شَيْئًا آخَرَ لَا يَضْمَنُ الْمَالِكُ إذْ فَعَلَ مَا يَفْعَلُهُ الْقَاضِي. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 317 بَذَرَ أَرْضَهُ بُرًّا فَبَذَرَهَا آخَرُ شَعِيرًا فَصَارَ مُسْتَهْلِكًا بُرَّ الْأَوَّلِ فَلَوْ شَاءَ ضَمَّنَهُ بُرًّا مَبْذُورًا فِي الْحَالِ يَعْنِي تُقَوَّمُ الْأَرْضُ مَبْذُورَةً، وَغَيْرَ مَبْذُورَةٍ فَيَضْمَنُ الْفَضْلَ، وَيَصِيرُ الْبُرُّ الْمَبْذُورُ مِلْكًا لِلثَّانِي، وَلَوْ شَاءَ صَبَرَ حَتَّى يَمِيزَ الْبُرَّ مِنْ الشَّعِيرِ فَيُؤْمَرَ بِقَلْعِ الشَّعِيرِ وَلَوْ لَمْ يَفْعَلْ شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ حَتَّى اسْتَحْصَدَ فَالشَّعِيرُ لِمَالِكِهِ، وَالْبُرُّ لِمَالِكِهِ، وَلَوْ سَقَاهَا رَبُّهَا حِينَ بَذَرَهَا فَنَبَتَ فَالزَّرْعُ كُلُّهُ لِرَبِّ الْأَرْضِ، وَعَلَيْهِ الشَّعِيرُ لِصَاحِبِهِ، وَكَذَا لَوْ غَصَبَ أَرْضًا فَزَرَعَهَا ثُمَّ زَرَعَ آخَرُ فَالزَّرْعُ كُلُّهُ لِلثَّانِي، وَيَضْمَنُ لِلْأَوَّلِ مِثْلَ بَذْرِهِ، وَنُقْصَانُ الْأَرْضِ عَلَى الْأَوَّلِ، مِنْ غَصْبِ الْعَقَارِ مِنْ الْفُصُولَيْنِ. زَرَعَ الْأَكَّارُ سِنِينَ بَعْدَ مُضِيِّ مُدَّةِ الْمُزَارَعَةِ جَوَابُ الْكِتَابِ أَنَّهُ لَا يَكُونُ مُزَارَعَةً فَالزَّرْعُ كُلُّهُ لِلْأَكَّارِ، وَعَلَيْهِ أَنْ يَتَصَدَّقَ بِمَا فَضَلَ مِنْ بَذْرِهِ وَأَجْرِ مِثْلِ عَمَلِهِ، وَهَكَذَا كَانُوا يُفْتُونَ بِبُخَارَى وَقِيلَ: يَكُونُ مُزَارَعَةً. وَقِيلَ: لَوْ كَانَتْ الْأَرْضُ مُعَدَّةً لِلزِّرَاعَةِ بِأَنْ كَانَ رَبُّهَا مِمَّنْ لَا يَزْرَعُ بِنَفْسِهِ، وَيَدْفَعُهَا مُزَارَعَةً فَذَلِكَ عَلَى الْمُزَارَعَةِ فَلِرَبِّ الْأَرْضِ حِصَّةٌ عَلَى مَا هُوَ عُرْفُ تِلْكَ الْقَرْيَةِ لَكِنْ إنَّمَا يُحْمَلُ عَلَى هَذَا إذَا لَمْ يَعْلَمْ وَقْتَ الزِّرَاعَةِ أَنَّهُ زَرَعَهَا عَلَى وَجْهِ الْغَصْبِ صَرِيحًا أَوْ دَلَالَةً أَوْ عَلَى تَأْوِيلٍ فَإِنَّ مَنْ أَجَرَ أَرْضَ غَيْرِهِ بِلَا أَمْرِهِ، وَلَمْ يُجِزْهُ رَبُّهَا وَقَدْ زَرَعَهَا الْمُسْتَأْجِرُ فَالزَّرْعُ كُلُّهُ لِلْمُسْتَأْجِرِ لَا عَلَى الْمُزَارَعَةِ، وَإِنْ كَانَتْ الْأَرْضُ مُعَدَّةً لِلزِّرَاعَةِ، إلَّا فِي الْوَقْفِ يَجِبُ فِيهِ الْحِصَّةُ أَوْ بِالْأَجْرِ بِأَيِّ جِهَةٍ زَرَعَهَا أَوْ سَكَنَهَا أُعِدَّتْ لِلزِّرَاعَةِ أَوْ لَا عَلَى هَذَا اسْتَقَرَّ فَتْوَى عَامَّةِ الْمُتَأَخِّرِينَ مِنْ الْفَصْلِ الثَّانِي وَالثَّلَاثِينَ مِنْ الْفُصُولَيْنِ، وَفِيهِ أَيْضًا عَنْ الذَّخِيرَةِ لَكِنْ فِي غَيْرِ ذَلِكَ الْفَصْلِ، مَنْ زَرَعَ أَرْضَ غَيْرِهِ بِلَا أَمْرِهِ يَجِبُ الثُّلُثُ أَوْ الرُّبْعُ عَلَى مَا هُوَ عُرْفُ الْقَرْيَةِ كَذَا أَجَابَ عَلِيٌّ السُّغْدِيُّ، وَفِيهِ رِوَايَةُ كِتَابِ الْمُزَارَعَةِ سُئِلَ الشَّيْخُ الْإِمَامُ بُرْهَانُ الدِّينِ درديهي كه مَعْهُود سِتّ كه ايشان غَلَّهُ صبكارند، وَحِصَّة زُمَيْن سه يك يَا جهاريك بُدّ هِنْد كسى بِهِ وَجْه كدبورى كَشَتِّ غَلَّة، وَاجِب شودياني أَجَابَ شود انْتَهَى (قُلْتُ) وَقَدْ مَرَّتْ فِي غَصْبِ الْعَقَارِ. لَوْ قَالَ لِرَجُلٍ اسْقِنِي يَوْمًا مِنْ نَهَرِك لِأَسْقِيَك يَوْمًا مِنْ نَهْرِي لَا يَجُوزُ، وَلَا يَضْمَنُ لِمَا أَخَذَ مِنْ شُرْبِهِ لِأَنَّ الْمَاءَ مُبَاحٌ بِأَصْلِ الْخِلْقَةِ، وَبِدُخُولِهِ فِي النَّهْرِ لَا يَصِيرُ مِلْكًا، وَلِهَذَا يَمْلِكُ اسْتِهْلَاكَهُ بِالشَّفَةِ فَإِذَا اسْتَهْلَكَهُ بِجِهَةٍ أُخْرَى لَا يَضْمَنُ مِنْ الْوَجِيزِ. وَفِي الْفُصُولَيْنِ لَوْ نَزَحَ مَاءَ بِئْرِ رَجُلٍ حَتَّى يَبِسَتْ لَمْ يَضْمَنْ إذْ مَالِكُ الْبِئْرِ لَا يَمْلِكُ الْمَاءَ بِخِلَافِ مَا لَوْ صَبَّ مَاءً مِنْ الْجُبِّ فَإِنَّهُ يُؤْمَرُ بِإِمْلَائِهِ لِأَنَّهُ مِلْكُهُ اهـ. لَوْ سَقَى زَرْعَهُ مِنْ شِرْبِ غَيْرِهِ بِلَا أَمْرِهِ لَا يَضْمَنُ فِي رِوَايَةِ الْأَصْلِ، وَفِي رِوَايَةٍ يَضْمَنُ، وَهُوَ اخْتِيَارُ فَخْرِ الْإِسْلَامِ ذَكَرَهُ فِي الدُّرَرِ، وَالْغُرَرِ قَالَ فِي الْبَزَّازِيَّةِ، وَالْخُلَاصَةِ، وَالْفَتْوَى عَلَى أَنَّهُ لَا يَضْمَنُ. الْمُزَارِعُ إذَا بَعَثَ حِمَارَهُ إلَى رَبِّ الْأَرْضِ عَلَى يَدِ ابْنٍ لَهُ فَمَنَعَ صَاحِبُ الْأَرْضِ الِابْنَ أَنْ يَذْهَبَ بِالْحِمَارِ فَاسْتَعْمَلَهُ الِابْنُ فِي حَاجَتِهِ فَضَاعَ الْحِمَارُ إنْ كَانَ الِابْنُ بَالِغًا لَا يَضْمَنُ، وَإِنْ كَانَ صَغِيرًا ضَمِنَ هَذِهِ فِي الْغَصْبِ مِنْ الْخُلَاصَةِ. مَنَعَ وَكِيلُ الرَّعِيَّةِ الْمَاءَ مِنْ صَاحِبِ الضَّيْعَةِ حَتَّى يَبِسَ زَرْعُهُ لَا يَضْمَنُ، هَذِهِ فِي الجزء: 1 ¦ الصفحة: 318 الْغَصْبِ مِنْ الْقُنْيَةِ. لَوْ سَلَّمَ حِمَارَهُ إلَى الْمُزَارِعِ لِيَشُدَّهُ فِي الدَّالِيَةِ فَفَعَلَ، وَنَامَ، وَانْقَطَعَ حَبْلُهُ، وَوَقَعَ فِي الْمَقَرَّاتِ، وَهِيَ مُجْتَمَعُ مَاءِ الْمَطَرِ، وَمَاتَ لَا يَضْمَنُ، هَذِهِ فِي الْجِنَايَاتِ مِنْ الْقُنْيَةِ. زَرَعَ بَيْنَ اثْنَيْنِ أَبَى أَحَدُهُمَا أَنْ يُنْفِقَ عَلَيْهِ لَمْ يُجْبَرْ عَلَى ذَلِكَ لَكِنْ يُقَالُ لِلْآخَرِ أَنْفِقْ أَنْتَ وَارْجِعْ بِنِصْفِ النَّفَقَةِ فِي حِصَّةِ شَرِيكِك، فَلَوْ أَنْفَقَ وَلَمْ يُخْرِج الزَّرْعُ مِقْدَارَ مَا أَنْفَقَ هَلْ يَرْجِعُ عَلَى صَاحِبِهِ بِتَمَامِ نِصْفِ النَّفَقَةِ أَمْ بِمِقْدَارِ الزَّرْعِ ذَكَرَهُ فِي الْمُزَارَعَةِ، وَفَرَّقَ بَيْنَ مَا إذَا أَنْفَقَ صَاحِبُ الْأَرْضِ، وَبَيْنَ مَا إذَا أَنْفَقَ الْمُزَارِعُ. وَفِي وَاقِعَاتِ النَّاطِفِيِّ نَخْلٌ أُوصِيَ لِرَجُلٍ بِأَصْلِهَا، وَلِآخَرَ بِثَمَرِهَا فَالنَّفَقَةُ عَلَى صَاحِبِ الثَّمَرِ فَإِنْ لَمْ يُثْمِرْ سَنَةً فَأَبَى صَاحِبُ الثَّمَرِ الْإِنْفَاقَ فَأَنْفَقَ صَاحِبُ الرَّقَبَةِ بِقَضَاءٍ أَوْ بِغَيْرِ قَضَاءٍ ثُمَّ أَثْمَرَ سَنَةً أُخْرَى فَإِنَّ صَاحِبَ الرَّقَبَةِ يَرْجِعُ فِيمَا أَنْفَقَ، وَلَا يَكُونُ مُتَبَرِّعًا. وَلَوْ دَفَعَ نَخْلًا مُقَاطَعَةً فَمَاتَ الْعَامِلُ فِي بَعْضِ السَّنَةِ فَأَنْفَقَ رَبُّ النَّخْلِ بِغَيْرِ أَمْرِ الْقَاضِي لَا يَكُونُ مُتَبَرِّعًا، وَرَجَعَ بِهِ فِي الثَّمَرِ، وَلَوْ لَمْ يَمُتْ الْعَامِلُ لَكِنَّهُ غَابَ فَأَنْفَقَ رَبُّ النَّخْلِ كَانَ مُتَبَرِّعًا إلَّا أَنْ يَكُونَ بِأَمْرِ الْقَاضِي. وَعَنْ خَلَفٍ قَالَ سَأَلْت مُحَمَّدًا عَنْ حَرْثٍ بَيْنَ رَجُلَيْنِ أَبَى أَحَدُهُمَا أَنْ يَسْقِيَهُ قَالَ أَجْبِرْهُ عَلَى ذَلِكَ قُلْتُ فَإِنْ فَسَدَ الزَّرْعُ قَبْلَ أَنْ يَرْتَفِعَ فَأَبَى أَنْ يَسْقِيَهُ قَالَ لَا ضَمَانَ عَلَيْهِ قَالَ أَبُو اللَّيْثِ الْكَبِيرُ - رَحِمَهُ اللَّهُ - بِهِ نَأْخُذُ، وَكَانَ يَنْبَغِي أَنْ يَرْفَعَهُ إلَى السُّلْطَانِ فَإِذَا رَفَعَهُ إلَى السُّلْطَانِ ثُمَّ مَنَعَهُ بَعْدَ ذَلِكَ فَإِنَّهُ يَضْمَنُ إذَا فَسَدَ، كَذَا فِي الصُّغْرَى مِنْ الْقِسْمَةِ. لَوْ أَخَذَ ثَلَاثَةٌ أَرْضًا بِالنِّصْفِ لِيَزْرَعُوهَا بِالشَّرِكَةِ فَغَابَ أَحَدُهُمْ وَزَرَعَ اثْنَانِ بَعْضَ الْأَرْضِ بُرًّا فَحَضَرَ الثَّالِثُ، وَزَرَعَ بَعْضَ الْأَرْضِ شَعِيرًا فَلَوْ كَانَ ذَلِكَ بِإِذْنِ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ فَالْبُرُّ بَيْنَهُمْ، وَيَرْجِعُ رَبُّ الْبُرِّ بِثُلُثِ الْبُرِّ عَلَى الثَّالِثِ، وَالشَّعِيرُ بَيْنَهُمْ أَيْضًا أَوْ يَرْجِعُ هُوَ أَيْضًا عَلَيْهِمَا بِثُلُثَيْ الشَّعِيرِ الَّذِي بَذَرَ بَعْدَ دَفْعِ نَصِيبِ رَبِّ الْأَرْضِ وَلَوْ فَعَلُوا بِلَا إذْنٍ فَالْبُرُّ ثُلُثُهُ لِرَبِّ الْأَرْضِ وَثُلُثَاهُ لَهُمَا، وَيَغْرَمَانِ نُقْصَانَ ثُلُثِ الْأَرْضِ، وَأَمَّا رَبُّ الشَّعِيرِ فَخَمْسَةُ أَسْدَاسِهِ لَهُ، وَلِرَبِّ الْأَرْضِ سُدُسُهُ لِأَنَّ ثُلُثَيْ الشَّعِيرِ زُرِعَ غَصْبًا فَهُوَ لَهُ، وَثُلُثُهُ زُرِعَ بِحَقٍّ، وَعَلَيْهِ نُقْصَانُ الْأَرْضِ فِي قَدْرِ ثُلُثَيْ ذَلِكَ، كَذَا فِي الْفُصُولَيْنِ مِنْ أَحْكَامِ الْمُزَارَعَةِ. عَامِلُ الْخَرَاجِ لَوْ أَخَذَ الْخَرَاجَ مِنْ الْأَكَّارِ، وَرَبُّ الْأَرْضِ غَائِبٌ ظَاهِرُ الرِّوَايَةِ أَنَّهُ لَا يَرْجِعُ عَلَى رَبِّ الْأَرْضِ كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. وَفِي فَوَائِدِ النَّسَفِيِّ يَرْجِعُ، وَالْمُشْتَرِي كَأَكَّارٍ، وَكَذَا الْجَوَابُ فِي الْجِبَايَةِ لَوْ أَخَذَهُ الْعَامِلُ مِنْ الْمُسْتَأْجِرِ أَوْ مِنْ غَلَّةِ دَارِهِ، كَذَا فِي الْفُصُولَيْنِ مِنْ آخِرِ أَحْكَامِ الْعِمَارَةِ فِي مِلْكِ الْغَيْرِ. رَجُلٌ لَهُ نَوْبَةُ مَاءٍ فِي يَوْمٍ مُعَيَّنٍ مِنْ الْأُسْبُوعِ فَجَاءَ رَجُلٌ، وَسَقَى أَرْضَهُ فِي نَوْبَتِهِ ذَكَرَ الْإِمَامُ الْبَزْدَوِيُّ أَنَّ غَاصِبَ الْمَاءِ يَكُونُ ضَامِنًا، وَذَكَرَ فِي الْأَصْلِ أَنَّهُ لَا يَكُونُ ضَامِنًا، وَكَذَا لَوْ أَرَادَ سَقْيَ زَرْعِهِ مِنْ مَجْرًى لَهُ فَجَاءَ رَجُلٌ فَمَنَعَهُ الْمَاءَ فَفَسَدَ زَرْعُهُ قَالُوا لَا شَيْءَ عَلَيْهِ كَمَا لَوْ مَنَعَ الرَّاعِي حَتَّى ضَاعَتْ الْمَوَاشِي، مِنْ الْخُلَاصَةِ. تَرَكَ أَرْضَهُ الْمَزْرُوعَةَ بِبَذْرِهِ فَرَبَاهُ رَجُلٌ بِإِذْنِ الْوَالِي حَتَّى اُسْتُحْصِدَ فَالرِّيعُ لِصَاحِبِ الْبَذْرِ، وَلَا يَضْمَنُ مَا أَنْفَقَ الْمَوْلَى لَكِنَّهُ إذَا أَدَّى الْخَرَاجَ يَرْجِعُ بِهِ عَلَى رَبِّ الْأَرْضِ، كَذَا فِي الْقُنْيَةِ مِنْ الزَّكَاةِ. رَجُلٌ أَرَادَ سَقْيَ أَرْضَهُ فَمَنَعَهُ إنْسَانٌ حَتَّى فَسَدَ زَرْعُهُ لَمْ يَضْمَنْ، هَذِهِ فِي الْغَصْبِ مِنْ الْخُلَاصَةِ. اشْتَرَى حِصَّةَ مَاءٍ، وَأَشْرَفَ عَلَى الْإِدْرَاكِ فَقَالَ لِلْبَائِعِ لَا تَسْقِهِ فَإِنَّ السَّقْيَ يَضُرُّهُ فَسَقَاهُ، وَجَفَّ الْعِنَبُ يَضْمَنُ النُّقْصَانَ إنْ سَقَاهُ سَقْيًا غَيْرَ مُعْتَادٍ. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 319 أَجَرَ أَرْضَهُ مِنْ رَجُلٍ بِحِنْطَةٍ فَلَمَّا حَصَدَ الْمُسْتَأْجِرُ زَرْعَهُ، وَدَاسَهُ مَنَعَهُ الْمُؤَجِّرُ مِنْ نَقْلِهِ لِيَدْفَعَ الْأُجْرَةَ فَأَفْسَدَهُ الْمَطَرُ لَا يَضْمَنُ. غَرَسَ فِي أَرْضِ الْغَيْرِ بِغَيْرِ إذْنِهِ فَالشَّجَرَةُ لِلْغَارِسِ، وَيَتَصَدَّقُ بِمَا زَادَ عَلَى قِيمَةِ غَرْسِهِ وَلَوْ كَانَ مُسْتَحِقًّا فَتَصَدَّقَ بِهِ عَلَى نَفْسِهِ يَجُوزُ، وَلَيْسَ لِصَاحِبِ الْأَرْضِ تَمَلُّكُهَا بِالْقِيمَةِ، وَلَكِنْ يَغْرَمُ الْغَارِسُ نُقْصَانَ الْأَرْضِ إنْ ظَهَرَ وَقَالَ أَبُو اللَّيْثِ مَلَكَهَا بِالْقِيمَةِ إنْ أَضَرَّ الْقَلْعُ بِالْأَرْضِ وَقِيلَ قِيمَةُ شَجَرَةٍ لِغَيْرِهِ حَقُّ الْقَلْعِ، فِي الْغَصْبِ مِنْ الْقُنْيَةِ. رَجُلٌ غَصَبَ أَرْضَ رَجُلٍ وَزَرَعَهَا حِنْطَةً ثُمَّ اخْتَصَمَا، وَهِيَ بَذْرٌ لَمْ تَنْبُتْ بَعْدُ فَصَاحِبُ الْأَرْضِ بِالْخِيَارِ إنْ شَاءَ تَرَكَهَا حَتَّى تَنْبُتَ ثُمَّ يَقُولَ لَهُ اقْلَعْ زَرْعَك، وَإِنْ شَاءَ أَعْطَاهُ مَا زَادَ الْبَذْرُ فِيهِ، وَتَفْسِيرُهُ عَنْ مُحَمَّدٍ تُقَوَّمُ الْأَرْضُ، وَلَيْسَ فِيهَا بَذْرٌ وَتُقَوَّمُ وَفِيهَا بَذْرٌ، وَالْمُخْتَارُ أَنَّهُ يَضْمَنُ قِيمَةَ بَذْرِهِ لَكِنْ مَبْذُورًا فِي أَرْضِ غَيْرِهِ. رَجُلٌ زَرَعَ فِي أَرْضِهِ شَعِيرًا، وَجَاءَ آخَرُ فَزَرَعَ عَلَيْهِ حِنْطَةً بِغَيْرِ أَمْرِ صَاحِبِ الشَّعِيرِ فَهُوَ لِصَاحِبِ الْحِنْطَةِ، وَعَلَيْهِ لِصَاحِبِ الشَّعِيرِ مَا زَادَ الشَّعِيرُ تُقَوَّمُ الْأَرْضُ مَزْرُوعَةً، وَغَيْرَ مَزْرُوعَةٍ. رَجُلٌ زَرَعَ فِي أَرْضِهِ بُرًّا، وَلَمْ يَنْبُتْ حَتَّى جَاءَ آخَرُ وَبَذَرَ فِيهَا شَعِيرًا ثُمَّ سَقَى رَبُّ الْأَرْضِ فَنَبَتَ الزَّرْعُ فَعَلَى الَّذِي بَذَرَ الشَّعِيرَ قِيمَةُ بُرٍّ مَبْذُورٍ فِي الْأَرْضِ ثُمَّ عَلَى رَبِّ الْأَرْضِ قِيمَةُ الْبُرِّ وَالشَّعِيرِ مَخْلُوطًا مَبْذُورًا لِأَنَّهُ اسْتَهْلَكَهُمَا بِالسَّقْيِ. رَجُلٌ زَرَعَ أَرْضَ نَفْسِهِ فَجَاءَ آخَرُ وَأَلْقَى بَذْرَهُ فِيهَا وَسَقَى الْأَرْضَ أَوْ أَلْقَى بَذْرَهُ فِيهَا وَقَلَّبَ الْأَرْضَ قَبْلَ أَنْ يَنْبُتَ بَذْرُ صَاحِبِ الْأَرْضِ أَوْ لَمْ يُقَلِّبْ، وَسَقَى الْأَرْضَ فَنَبَتَ الْبَذْرَانِ فَمَا نَبَتَ يَكُونُ لِلْآخَرِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ، وَعَلَيْهِ لِلْأَوَّلِ قِيمَةُ بَذْرِهِ، فَلَوْ جَاءَ صَاحِبُ الْأَرْضِ، وَأَلْقَى فِيهَا بَذْرَ نَفْسِهِ ثَالِثَةً وَقَلَّبَ الْأَرْضَ قَبْلَ أَنْ يَنْبُتَ فِيهَا الْبَذْرُ أَوْ لَمْ يُقَلِّبْ، وَسَقَى الْأَرْضَ فَنَبَتَ الْبُذُورُ كُلُّهَا فَمَا نَبَتَ مِنْ الْبَذْرِ كُلِّهِ لَهُ، وَعَلَيْهِ لِلْغَاصِبِ مِثْلُ بَذْرِهِ مَبْذُورًا فِي أَرْضِ غَيْرِهِ هَذَا إذَا لَمْ يَكُنْ الزَّرْعُ نَابِتًا. أَمَّا إذَا زَرَعَ الْمَالِكُ وَنَبَتَ ثُمَّ جَاءَ آخَرُ، وَأَلْقَى بَذْرَهُ إنْ لَمْ يُقَلِّبْ وَنَبَتَ فَالْجَوَابُ كَمَا ذَكَرْنَا فَإِنْ قَلَّبَ إنْ كَانَ الزَّرْعُ النَّابِتُ إذَا قَلَّبَ مَرَّةً أُخْرَى يَنْبُتُ فَكَذَلِكَ، وَإِنْ كَانَ لَا يَنْبُتُ فَالزَّرْعُ لِلثَّانِي، وَعَلَى الثَّانِي قِيمَةُ زَرْعِهِ ثَانِيًا. وَفِي مُتَفَرِّقَاتِ أَبِي جَعْفَرٍ رَجُلٌ بَذَرَ فِي أَرْضِهِ فَجَاءَ آخَرُ فَسَقَى تِلْكَ الْأَرْضَ حَتَّى أَدْرَكَ الزَّرْعُ فَإِنَّ الزَّرْعَ فِي الْقِيَاسِ لِلسَّاقِي، وَعَلَيْهِ قِيمَةُ الْحَبِّ مَبْذُورًا فِي الْأَرْضِ عَلَى شَرْطِ الْقَرَارِ إنْ سَقَى قَبْلَ أَنْ يَفْسُدَ الْبَذْرُ فِي الْأَرْضِ، وَإِنْ سَقَاهَا بَعْدَمَا فَسَدَ الْبَذْرُ فِي الْأَرْضِ قَبْلَ أَنْ يُنْبِتَ نَبَاتًا لَهُ قِيمَةٌ، وَنَبَتَ بِسَقْيِهِ فَإِنَّ فِي الْقِيَاس عَلَيْهِ نُقْصَانَ الْأَرْضِ تُقَوَّمُ الْأَرْضُ مَبْذُورَةً وَقَدْ فَسَدَ حَبُّهَا، وَتُقَوَّمُ غَيْرَ مَبْذُورَةٍ فَيَغْرَمُ النُّقْصَانَ، وَالزَّرْعُ لِلسَّاقِي، وَإِنْ سَقَاهَا بَعْدَمَا نَبَتَ الزَّرْعُ، وَصَارَ لَهُ قِيمَةُ الزَّرْعِ يَوْمَ سَقَاهَا فَالزَّرْعُ لِلسَّاقِي، وَإِنْ سَقَاهَا بَعْدَمَا اسْتَغْنَى الزَّرْعُ عَنْ السَّقْيِ لَكِنَّ السَّقْيَ أَجْوَدُ لَهُ فَإِنَّ الزَّرْعَ لِصَاحِبِ الْأَرْضِ، وَلَا شَيْءَ لِلسَّاقِي، وَهَذَا جَوَابُ الْفَقِيهِ أَبِي جَعْفَرٍ، وَجَوَابُ الْفَقِيهِ أَبِي اللَّيْثِ الْأَجْنَبِيُّ السَّاقِي مُتَطَوِّعٌ، وَلَا شَيْءَ لَهُ. أَرْضٌ بَيْنَ رَجُلَيْنِ غَابَ أَحَدُهُمَا، لِشَرِيكِهِ أَنْ يَزْرَعَ نِصْفَ الْأَرْضِ وَلَوْ أَرَادَ الْعَامَ الثَّانِيَ أَنْ يَزْرَعَ زَرْعَ النِّصْفِ الَّذِي كَانَ زَرَعَ، وَرَوَى أَبُو يُوسُفَ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ أَنَّهُ لَيْسَ لِلْحَاضِرِ أَنْ يَزْرَعَ بِقَدْرِ حِصَّتِهِ هَذَا إذَا كَانَ أَحَدُهُمَا غَائِبًا، وَإِنْ كَانَ حَاضِرًا فَزَرَعَ أَحَدُهُمَا الْأَرْضَ الْمُشْتَرَكَةَ بِغَيْرِ إذْنِ شَرِيكِهِ، وَسَقَاهَا قَالَ فِي النَّوَازِلِ إنْ كَانَ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 320 الزَّرْعُ لَمْ يُدْرِكْ، لِشَرِيكِهِ أَنْ يُقَاسِمَ الْأَرْضَ، فَمَا وَقَعَ مِنْ ذَلِكَ فِي نَصِيبِ الزَّارِعِ أَقَرَّهُ، وَمَا وَقَعَ فِي نَصِيبِ الْآخَرِ أُمِرَ بِقَلْعِهِ، وَيَضْمَنُهُ النُّقْصَانُ، وَإِنْ أَدْرَكَ الزَّرْعُ أَوْ قَرُبَ مِنْ الْإِدْرَاكِ غَرِمَ نُقْصَانَ نِصْفِ الْأَرْضِ، وَإِنْ لَمْ يُقَاسِمْ، وَتَرَاضَيَا أَنْ يُعْطِيَهُ نِصْفَ الْبَذْرِ، وَالزَّرْعُ بَيْنَهُمَا إنْ كَانَ بَعْدَمَا نَبَتَ الزَّرْعُ جَازَ وَقَبْلَ النَّبَاتِ لَا يَجُوزُ، وَفِي فَتَاوَى الْقَاضِي الْإِمَامِ قَالُوا إنْ كَانَ الْأَرْضُ تَنْفَعُهَا الزِّرَاعَةُ أَوْ لَا تَنْفَعُ وَلَا تَنْقُصُ فَلَهُ أَنْ يَزْرَعَ الْكُلَّ فَإِذَا حَضَرَ الْغَائِبُ كَانَ لَهُ أَنْ يَنْتَفِعَ بِالْأَرْضِ مِثْلَ تِلْكَ الْمُدَّةِ لِأَنَّ فِي مِثْلِ هَذَا يَكُونُ الْغَائِبُ رَاضِيًا دَلَالَةً، وَإِنْ عَلِمَ أَنَّ الزَّرْعَ يُنْقِصُ الْأَرْضَ أَوْ كَانَ تَرْكُ الزِّرَاعَةِ يَنْفَعُهَا، وَيَزِيدُهَا قُوَّةً لَا يَكُونُ لِلْحَاضِرِ أَنْ يَزْرَعَ فِيهَا شَيْئًا أَصْلًا. إذَا مَاتَ رَبُّ الْأَرْضِ بَعْدَمَا نَبَتَ الزَّرْعُ قَبْلَ أَنْ يُسْتَحْصَدَ، وَالْبَذْرُ مِنْ الْمُزَارِعِ يَبْقَى الْعَقْدُ إلَى أَنْ يُسْتَحْصَدَ الزَّرْعُ اسْتِحْسَانًا. هَذَا إذَا قَالَ الْمُزَارِعُ أَنَا لَا أَقْلَعُ الزَّرْعَ، وَإِنْ رَضِيَ الْمُزَارِعُ بِقَلْعِ الزَّرْعِ فَإِنَّهُ لَا يَبْقَى عَقْدُ الْمُزَارَعَةِ، وَإِذَا اخْتَارَ الْمُزَارِعُ الْقَلْعَ فَلِوَرَثَةِ رَبِّ الْأَرْضِ خِيَارَاتٌ ثَلَاثٌ، إنْ شَاءُوا قَلَعُوا الزَّرْعَ وَالْمَقْلُوعُ بَيْنَهُمْ، وَإِنْ شَاءُوا أَنْفَقُوا عَلَى الزَّرْعِ بِأَمْرِ الْقَاضِي حَتَّى يَرْجِعُوا عَلَى الْمُزَارِعِ بِجَمِيعِ النَّفَقَةِ، وَإِنْ شَاءُوا غَرِمُوا حِصَّةَ الْمُزَارِعِ مِنْ الزَّرْعِ وَالزَّرْعُ لَهُمْ، فَإِنْ مَاتَ بَعْدَ الْمُزَارَعَةِ قَبْلَ النَّبَاتِ اخْتَلَفَ الْمَشَايِخُ فِيهِ، وَلَوْ لَمْ يَمُتْ لَكِنَّ الْمُزَارِعَ أَخَّرَ الزِّرَاعَةَ حَتَّى انْقَضَتْ السَّنَةُ وَالزَّرْعُ بَقْلٌ فَأَرَادَ رَبُّ الْأَرْضِ أَنْ يَقْلَعَ الزَّرْعَ، وَأَبَى الْمُزَارِعُ لَيْسَ لِرَبِّ الْأَرْضِ أَنْ يَقْلَعَ، وَيَثْبُتُ بَيْنَهُمَا إجَارَةٌ فِي نِصْفِ السَّنَةِ حَتَّى يُسْتَحْصَدَ، وَالْعَمَلُ بَيْنَهُمَا نِصْفَانِ حَتَّى يُسْتَحْصَدَ، وَهَذَا إذَا لَمْ يُرِدْ الْمُزَارِعُ الْقَلْعَ فَإِنْ أَرَادَ الْقَلْعَ فَلِرَبِّ الْأَرْضِ خِيَارَاتٌ ثَلَاثٌ عَلَى مَا ذَكَرْنَا، وَإِذَا أَنْفَقَ بَعْدَ انْتِهَاءِ الْمُدَّةِ بِأَمْرِ الْقَاضِي رَجَعَ عَلَى الْمُزَارِعِ بِنِصْفِ النَّفَقَةِ. وَلَوْ انْقَضَتْ مُدَّةُ الْمُعَامَلَةِ، وَالثَّمَرُ لَمْ يُدْرِكْ، وَأَبَى الْعَامِلُ الصَّرْمَ فَإِنَّهُ يُتْرَكُ فِي يَدِهِ بِغَيْرِ إجَارَةٍ. إذَا هَرَبَ الْمُزَارِعُ فِي وَسَطِ السَّنَةِ، وَالزَّرْعُ بَقْلٌ فَأَنْفَقَ عَلَيْهِ رَبُّ الْأَرْضِ حَتَّى اسْتَحْصَدَ يَرْجِعُ عَلَى الْعَامِلِ بِمَا أَنْفَقَ بَالِغًا مَا بَلَغَ، وَالْقَوْلُ قَوْلُ الْمُزَارِعِ فِي قَدْرِ النَّفَقَةِ مَعَ يَمِينِهِ عَلَى عِلْمِهِ. زَرَعَ فُومًا، وَأَخَذَ بَعْضَهَا مِنْ الْأَرْضِ، وَبَقِيَ الْبَعْضُ مَقْلُوعًا أَوْ غَيْرَ مَقْلُوعٍ حَتَّى نَبَتَ فَهُوَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ رَبِّ الْأَرْضِ عَلَى الشَّرْطِ، فَإِنْ قَلَعَهُ وَرَفَعَ الزَّرْعَ، وَكَانَ يَتَنَاثَرُ فِي الْأَرْضِ فَنَبَتَ زَرَعَ آخَرَ فَهُوَ بَيْنَ الْأَكَّارِ وَرَبِّ الْأَرْضِ بِمَا ذَكَرْنَا لَكِنْ يَجِبُ أَنْ يَتَصَدَّقَ الْأَكَّارُ بِالْفَضْلِ مِنْ نَصِيبِهِ، وَإِنْ نَبَتَ بِسَقْيِ رَبِّ الْأَرْضِ وَمُؤْنَتِهِ فَهُوَ لَهُ، وَبَعْدَ ذَلِكَ إنْ كَانَ لِلْحَبِّ قِيمَةٌ ضَمِنَ، وَإِلَّا فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ، وَإِنْ سَقَاهُ أَجْنَبِيٌّ كَانَ مُتَطَوِّعًا، وَالزَّرْعُ بَيْنَ الزَّارِعِ وَرَبِّ الْأَرْضِ عَلَى مَا شَرَطَا. قَالَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - هَذَا جَوَابُ الْفَقِيهِ أَبِي اللَّيْثِ، وَجَوَابُ الْفَقِيهِ أَبِي جَعْفَرٍ قَدْ ذَكَرَ فِي الْفَصْلِ الْأَوَّلِ فِي مُزَارَعَةِ مَبْسُوطِ الْإِمَامِ الطَّوَاوِيسِيُّ إذَا وَقَعَ الزَّرْعُ، وَتَنَاثَرَ الْحَبُّ، وَجَاءَ إنْسَانٌ وَسَقَاهُ أَوْ أَحَدُهُمَا حَتَّى نَبَتَ فَإِنَّهُ يَكُونُ كُلُّهُ لِلسَّاقِي لِأَنَّهُ بِالسَّقْيِ صَارَ مُسْتَهْلِكًا حَتَّى لَوْ سَقَتْهُ السَّمَاءُ أَوْ نَبَتَ بِغَيْرِ السَّقْيِ يَكُونُ مُشْتَرَكًا بَيْنَهُمَا. إذَا كَانَ الْبَذْرُ مِنْ الْمُزَارِعِ لَهُ أَنْ يَدْفَعَ إلَى آخَرَ مُزَارَعَةً وَإِنْ لَمْ يَأْذَنْ لَهُ رَبُّ الْأَرْضِ أَصْلًا، فَلَوْ دَفَعَ الْمُزَارِعُ مُزَارَعَةً بِالنِّصْفِ إلَى آخَرَ عَلَى أَنْ يَعْمَلَ بِبَذْرِهِ، وَالشَّرْطُ فِي الْمُزَارَعَةِ الْأُولَى أَيْضًا بِالنِّصْفِ فَالْخَارِجُ بَيْنَ رَبِّ الْأَرْضِ وَالْمُزَارِعِ الثَّانِي نِصْفَانِ، وَلَا شَيْءَ لِلْمُزَارِعِ الْأَوَّلِ، وَلَوْ دَفَعَ إلَى الْأَوَّلِ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 321 عَلَى أَنْ يَعْمَلَهَا بِبَذْرِهِ عَلَى أَنَّ الْخَارِجَ بَيْنَهُمَا نِصْفَانِ فَدَفَعَهَا الْأَوَّلُ إلَى آخَرَ عَلَى أَنْ يَعْمَلَهَا بِبَذْرِهِ عَلَى أَنَّ لِلْأَوَّلِ ثُلُثَ الْخَارِجِ وَالثُّلُثَانِ لِلثَّانِي فَالثُّلُثُ لِرَبِّ الْأَرْضِ وَالثُّلُثَانِ لِلْمُزَارِعِ الثَّانِي، وَيَغْرَمُ الْمُزَارِعُ الْأَوَّلُ لِرَبِّ الْأَرْضِ أَجْرَ مِثْلِ ثُلُثِ الْأَرْضِ. وَلَوْ دَفَعَ الْمُزَارِعُ الْأَرْضَ إلَى غَيْرِهِ عَارِيَّةً لِيَزْرَعَهَا لِنَفْسِهِ كَانَتْ الْإِعَارَةُ جَائِزَةً، وَإِذَا زَرَعَهَا الْمُسْتَعِيرُ سَلَّمَ الْخَارِجَ لَهُ، وَيَغْرَمُ الْمُزَارِعُ الْأَوَّلُ لِرَبِّ الْأَرْضِ أَجْرَ مِثْلِ جَمِيعِ الْأَرْضِ وَلَوْ كَانَ الْبَذْرُ مِنْ رَبِّ الْأَرْضِ لَيْسَ لَهُ أَنْ يَدْفَعَ إلَى آخَرَ مُزَارَعَةً لَكِنْ لَهُ أَنْ يَسْتَأْجِرَ الْأُجَرَاءَ بِمَالِهِ فَلَوْ دَفَعَ مَعَ هَذَا مُزَارَعَةً مِنْ غَيْرِ إذْنِ رَبِّ الْأَرْضِ فَالْمُزَارَعَةُ جَائِزَةٌ بَيْنَ الْمُزَارِعِ الْأَوَّلِ وَالثَّانِي، وَالْخَارِجُ بَيْنَهُمَا عَلَى مَا شَرَطَا، وَلَا شَيْءَ لِرَبِّ الْأَرْضِ، وَلِرَبِّ الْأَرْضِ وَالْبَذْرِ أَنْ يُضَمِّنَ بَذْرَهُ أَيَّهُمَا شَاءَ إنْ ضَمَّنَ الْأَوَّلَ لَا يَرْجِعْ عَلَى الثَّانِي، وَإِنْ ضَمَّنَ الثَّانِي رَجَعَ عَلَى الْأَوَّلِ فَإِنْ انْتَقَصَتْ الْأَرْضُ ضَمَّنَ النُّقْصَانَ الثَّانِيَ بِالْإِجْمَاعِ، وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يُضَمِّنَ الْأَوَّلَ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ عَلَى الْقَوْلِ الْآخَرِ. هَذَا إذَا لَمْ يَأْذَنْ لَهُ رَبُّ الْأَرْضِ أَمَّا إذَا أَذِنَ لَهُ فِي ذَلِكَ إمَّا نَصًّا أَوْ دَلَالَةً بِأَنْ قَالَ لَهُ اعْمَلْ فِيهِ بِرَأْيِك فَدَفَعَ لِعَامِلٍ آخَرَ مُعَامَلَةً فَعَمِلَ فِيهِ فَمَا خَرَجَ فَهُوَ لِصَاحِبِ النَّخِيلِ، وَلِلْعَامِلِ أَجْرُ الْمِثْلِ عَلَى الْعَامِلِ الْأَوَّلِ. وَلَوْ هَلَكَ الثَّمَرُ فِي يَدِ الْعَامِلِ الْآخَرِ مِنْ غَيْرِ عَمَلِهِ، وَهُوَ عَلَى رُءُوسِ النَّخِيلِ لَا يَضْمَنُ، وَإِنْ هَلَكَ الثَّمَرُ مِنْ عَمَلِ الْآخَرِ فِي أَمْرٍ خَالَفَ فِيهِ الْآمِرَ الْأَوَّلَ فَالضَّمَانُ لِصَاحِبِ النَّخِيلِ عَلَى الْعَامِلِ الْأَخِيرِ، وَلَا يَضْمَنُ الْعَامِلُ الْأَوَّلُ. رَجُلٌ دَفَعَ كَرْمًا مُعَامَلَةً فَلَمَّا أَثْمَرَ الْكَرْمُ وَالدَّافِعُ وَأَهْلُهُ يَدْخُلُونَ، وَيَأْكُلُونَ، وَيَحْمِلُونَ، وَالْعَامِلُ لَا يَدْخُلُ إلَّا قَلِيلًا إنْ كَانَ ذَلِكَ بِغَيْرِ إذْنِ الدَّافِعِ لَا يَضْمَنُ، وَالضَّمَانُ عَلَى الَّذِينَ أَكَلُوا، وَإِنْ كَانَ بِإِذْنِهِ، وَهُمْ مِمَّنْ تَجِبُ نَفَقَتُهُمْ عَلَيْهِ ضَمِنَ نَصِيبَ الْعَامِلِ، وَإِنْ كَانَ مِمَّنْ لَا يَجِبُ نَفَقَتُهُمْ عَلَيْهِ لَا يَضْمَنُ، فِي النَّوَازِلِ، وَإِنْ كَانُوا قَبَضُوا بِإِذْنِهِ، وَهُمْ مِمَّنْ لَا يَجِبُ نَفَقَتُهُمْ عَلَيْهِ لَا ضَمَانَ عَلَيْهِ أَيْضًا قَالَ فِي الْقُنْيَةِ، وَهَذَا إذَا كَانَ الْكَرْمُ مُشْتَرَكًا بَيْنَهُمَا شَرِكَةَ مِلْكٍ أَوْ كَانَ الزَّرْعُ بَيْنَ الْأَكَّارِ وَصَاحِبِ الْأَرْضِ أَوْ بَيْنَ شَرِيكَيْنِ وَأَصْحَابِ أَحَدِهِمَا يَدُقُّونَ السَّنَابِلَ قَبْلَ الدِّيَاسِ وَيُنْفِقُونَهَا، أَمَّا إذَا بَاعَ ثِمَارَ كَرْمِهِ ثُمَّ أَصْحَابُهُ كَانُوا يَأْكُلُونَ الثِّمَارَ يَنْبَغِي أَنْ لَا يَضْمَنَ صَاحِبُ الْكَرْمِ مَا أَكَلُوا بِإِذْنِهِ، وَإِنْ كَانَ تَجِبُ نَفَقَتُهُمْ عَلَيْهِ لِأَنَّهُ لَيْسَ لَهُ أَنْ يَأْخُذَ مِنْ هَذِهِ الثِّمَارِ بِنَفْسِهِ فَلَا يَصِحُّ إذْنُهُ بِخِلَافِ الْأَوَّلِ انْتَهَى. وَإِنْ حَصَدَ الزَّرْعَ، وَجَمَعَهُ مِنْ غَيْرِ إذْنِ الدَّافِعِ، وَمِنْ غَيْرِ أَنْ يَشْرِطَ عَلَيْهِ ضَمِنَ حِصَّةَ الدَّافِعِ، وَلَوْ شَرَطَ عَلَيْهِ فَتَغَافَلَ حَتَّى هَلَكَ الزَّرْعُ ضَمِنَ لِلْمَالِكِ نَصِيبَهُ، إذَا شَرَطَ الْحَصَادَ عَلَيْهِ فَتَرَكَ حَتَّى هَلَكَ يَضْمَنُ لِأَنَّهُ وَجَبَ عَلَيْهِ بِقَبُولِهِ فَإِذَا تَرَكَ فَقَدْ ضَيَّعَهُ. لَوْ قَالَ لِلْأَكَّارِ أَخْرِجْ الْجَوْزَ أَوْ الْحِنْطَةَ إلَى الصَّحْرَاءِ لِأَنَّهَا رَطْبَةٌ فَأَخَّرَ فَفَسَدَ ضَمِنَ إنْ كَانَ ذَلِكَ مَشْرُوطًا فِي عَقْدِ الْمُزَارَعَةِ وَتَرْكُ التَّشْدِيدِ بِمَنْزِلَةِ السَّقْيِ وَلَوْ تَرَكَ حِفْظَ الزَّرْعِ حَتَّى أَفْسَدَهُ الدَّوَابُّ ضَمِنَ، وَإِنْ لَمْ يَطْرُدْ الْجَرَادَ حَتَّى أَكَلَ إنْ كَانَ الْجَرَادُ بِحَالٍ يُمْكِنُ طَرْدُهُ وَدَفْعُهُ فَإِذَا لَمْ يَدْفَعْ ضَمِنَ. وَفِي الْفَتَاوَى لِلنَّسَفِيِّ إذَا كَانَ بَقَرُ الْمَالِكِ فِي يَدِ الْأَكَّارِ فَبَعَثَهَا مَعَ الرَّاعِي إلَى السَّرْحِ فَضَاعَ لَا يَضْمَنُ هُوَ، وَلَا الرَّاعِي الْبَقَرَ الْمُسْتَعَارَ، وَالْمُسْتَأْجِرُ عَلَى هَذَا وَقَدْ اضْطَرَبَتْ الرِّوَايَاتُ مِنْ الْمَشَايِخِ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ لَوْ تَرَكَ الْبَقَرَ يَرْعَى اخْتَلَفَ الْمَشَايِخُ فِيهِ هَذِهِ الْجُمْلَةُ مِنْ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 322 الْخُلَاصَةِ سِوَى الْمَنْقُولِ مِنْ الْقُنْيَةِ. الْأَكَّارُ كَانَ يَسْتَعْمِلُ بَقَرَ صَاحِبِ الْأَرْضِ فَلَمَّا فَرَغَ مِنْ الْعَمَلِ ذَهَبَ بِالْآلَاتِ إلَى مَنْزِلِهِ، وَتَرَكَ الْبَقَرَ يَرْعَى فَجَاءَ سَارِقٌ، وَسَرَقَهُ مَعَ بَقَرِ الْقَرْيَةِ، وَلَمْ يَقْدِرْ الْأَكَّارُ عَلَى التَّخْلِيصِ أَجَابَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ بِأَنَّهُ يَضْمَنُ الْأَكَّارُ، وَغَيْرُهُ أَجَابَ بِأَنَّهُ لَا يَضْمَنُ، وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى وَقَالَ الْإِمَامُ النَّسَفِيُّ لَوْ سَلَّمَ الْمُزَارِعُ الْبَقَرَ إلَى الرَّاعِي فَهَلَكَ لَا ضَمَانَ عَلَيْهِ، وَلَا عَلَى الرَّاعِي، وَفِي مَوْضِعٍ آخَرَ أَنَّهُ إذَا بَعَثَهُ إلَى السَّرْحِ يَضْمَنُ، وَالصَّحِيحُ مَا أَجَابَ بِهِ الْإِمَامُ النَّسَفِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ -. دَفَعَ الْأَشْجَارَ مُعَامَلَةً عَلَى أَنْ يَقُومَ عَلَيْهَا، وَيَشُدَّ مِنْهَا الْمُحْتَاجُ إلَى الشَّدِّ فَأَخَّرَ الشَّدَّ حَتَّى أَصَابَهَا الْبَرْدُ، وَهِيَ أَشْجَارٌ إنْ لَمْ تُشَدَّ يَضُرُّ بِهَا الْبَرْدُ يَضْمَنُ الْعَامِلُ قِيمَةَ مَا أَصَابَ الْبَرْدُ، وَعَنْ الثَّانِي زَرْعٌ بَيْنَهُمَا أَخَّرَ أَحَدُهُمَا السَّقْيَ يُجْبَرُ عَلَيْهِ فَإِنْ فَسَدَ الزَّرْعُ بَعْدَ رَفْعِ الْأَمْرِ إلَى الْحَاكِمِ بِذَلِكَ فَامْتَنَعَ عَنْهُ فَعَلَيْهِ الضَّمَانُ. دَفَعَ أَرْضَهُ مُزَارَعَةً إلَى مَحْجُورٍ، وَهَلَكَ الْعَبْدُ مِنْ الْعَمَلِ إنْ كَانَ الْبَذْرُ مِنْ الْعَبْدِ لَا ضَمَانَ عَلَى رَبِّ الْأَرْضِ، وَإِنْ كَانَ مِنْ رَبِّهَا يَكُونُ مُسْتَأْجَرًا فَيَكُونُ عَمَلُهُ لِرَبِّ الْأَرْضِ، وَإِنْ كَانَ مِنْ الْعَبْدِ يَكُونُ مُسْتَأْجَرًا فِي الْأَرْضِ، وَيَكُونُ الْعَبْدُ عَامِلًا لِنَفْسِهِ فَلَا يَضْمَنُ إذَا هَلَكَ. غَرَسَ تَالَةً عَلَى نَهْرِ قَرْيَةٍ فَطَلَعَتْ، وَالْغَارِسُ فِي عِيَالِ رَجُلٍ يَخْدُمُهُ فَقَالَ الْمَخْدُومُ الْغَرْسُ لِي لِأَنَّك خَادِمِي فَإِنْ كَانَتْ التَّالَةُ لِلْغَارِسِ فَلَهُ، وَإِنْ لِلرَّجُلِ وَالْغَارِسُ فِي عِيَالِهِ يَعْمَلُ لَهُ مِثْلَ هَذَا الْعَمَلِ فَالشَّجَرَةُ لِلرَّجُلِ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ يَعْمَلُ لَهُ مِثْلَ هَذَا الْعَمَلِ، وَلَمْ يَغْرِسْهَا بِإِذْنِهِ فَهِيَ لِلْغَارِسِ، وَعَلَيْهِ قِيمَةُ التَّالَةِ لِصَاحِبِهَا لِأَنَّهُ يَمْلِكُهَا بِالْقِيمَةِ. قَلَعَ تَالَّةَ إنْسَانٍ، وَغَرَسَهَا، وَرَبَّاهَا فَهِيَ لِلْغَارِسِ بِالْقِيمَةِ مِنْ الْبَزَّازِيَّةِ. اسْتَأْجَرَ أَرْضًا، وَدَفَعَهَا مُزَارَعَةً فَكَرَبَهَا الْمُزَارِعُ ثُمَّ الْمُسْتَأْجِرُ أَجَرَهَا مِنْ آخَرَ قَبْلَ أَنْ يَبْذُرَهَا الْمُزَارِعُ صَحَّ إنْ كَانَ الْبَذْرُ مِنْ الْمُسْتَأْجِرِ، وَلِلْمُزَارِعِ أَنْ يُطَالِبَ الْمُسْتَأْجِرَ بِأَجْرِ مِثْلِ عَمَلِهِ لَوْ لَمْ يَشْرُطْ عَلَى الْحَرَّاثِ. حَفْرُ النَّهْرِ لَا يَجِبُ عَلَيْهِ أَجْرُ مَا حُفِرَ. مُزَارِعٌ جَمَعَ سِرْقِينًا، وَكَانَ التُّرَابُ مِنْ رَبِّ الْأَرْضِ، وَالْبَقَرُ مِنْ الْمُزَارِعِ فَهُوَ مُشْتَرَكٌ بَيْنَهُمَا لِأَنَّ الْخَلْطَ بِالْإِذْنِ. نَجْمُ الْأَئِمَّةِ الْبُخَارِيُّ: السِّرْقِينُ كُلُّهُ لِلْمُزَارِعِ، وَعَلَيْهِ قِيمَةُ التُّرَابِ إنْ كَانَ لَهُ قِيمَةٌ، وَإِلَّا فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ. قَاضِي غُلَام غزى سِرْقِينٌ كُلُّهُ لِرَبِّ الْأَرْضِ قَالَ أُسْتَاذُنَا، وَهُوَ الْأَصْوَبُ فَإِنَّ الْمُزَارِعَ لَا يَجْمَعُ سِرْقِينًا لِنَفْسِهِ بَلْ لِيُلْقِيَهُ فِي أَرْضِ رَبِّ الْأَرْضِ، عَادَةً الْحَرَّاثُونَ الَّذِينَ عَلَيْهِمْ قَرْضٌ لِأَرْبَابِ الْأَرَاضِيِ بِسَوَادِ الْبَلَدِ يُخْرِجُونَ السِّرْقِينَ مِنْ قَبْلِ الْإِدْخَالِ فِي الْأَرْضِ إلَّا إذَا قَالَ لَهُ رَبُّ الْأَرْضِ خُذْ السِّرْقِينَ مِنْ مَكَانِ كَذَا بِعَيْنِهِ فَحِينَئِذٍ يَكُونُ لَهُ لِصِحَّةِ الْأَمْرِ الَّذِي يُقَالُ ذَرَّاتُ الْأَرْضِ يَضْمَنُ بِتَرْكِ الْحِفْظِ كَدَسِّهِ لَيْلًا إذَا كَانَ الْحِفْظُ عَلَيْهِ مُتَعَارَفًا مِنْ الْقُنْيَةِ. رَجُلٌ أَتْلَفَ شِرْبَ إنْسَانٍ بِأَنْ سَقَى أَرْضَهُ بِشِرْبِ غَيْرِهِ قَالَ الْإِمَامُ الْبَزْدَوِيُّ ضَمِنَ، وَتَفْسِيرُ ضَمَانِ الشِّرْبِ فِي شِرْبِ الْأَصْلِ لِلسَّرَخْسِيِّ أَنَّهُ يَنْظُرُ بِكَمْ يُشْتَرَى لَوْ كَانَ بَيْعُهُ جَائِزًا وَقَالَ الْإِمَامُ خُوَاهَرْ زَادَهْ لَا يَضْمَنُ، وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى مِنْ الْخُلَاصَةِ. يَجُوزُ رَفْعُ الْجَمَدِ مِنْ الْحِيَاضِ الَّتِي فِي بِلَادِنَا لِلشَّفَةِ كَالْمَاءِ وَلَوْ سَقَى أَرْضَهُ فانجمد الْمَاءُ فِيهِ فَلِكُلِّ أَحَدٍ رَفْعُ ذَلِكَ الْجَمَدِ إلَّا إذَا أَعَدَّ أَرْضَهُ لِيَجْمُدَ الْمَاءُ فِيهِ. السَّاقِي مِنْ الْبِئْرِ لَا يَمْلِكُ بِنَفْسِ مِلْءِ الدَّلْوِ حَتَّى يُنَحِّيَهُ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 323 عَنْ رَأْسِ الْبِئْرِ خِلَافًا لِمُحَمَّدٍ، وَالْمُحْتَطِبُ يَمْلِكُ الْحَطَبَ بِنَفْسِ الِاحْتِطَابِ، وَلَا يَحْتَاجُ إلَى أَنْ يَشُدَّهُ وَيَجْمَعَهُ حَتَّى يُثْبِتَ لَهُ الْمِلْكَ مِنْ الْقُنْيَةِ. [بَاب فِي الْوَقْفِ] (الْبَابُ الْخَامِسُ وَالْعِشْرُونَ فِي الْوَقْفِ) النَّاظِرُ إذَا مَاتَ مُجْهِلًا غَلَّاتِ الْوَقْفِ لَا يَضْمَنُ، أَمَّا إذَا مَاتَ مُجْهِلًا لِمَالِ الْبَدَلِ فَإِنَّهُ يَضْمَنُهُ، وَمَعْنَى ضَمَانِهِ صَيْرُورَتُهُ دَيْنًا فِي تَرِكَتِهِ كَمَا فِي أَمَانَاتِ الْأَشْبَاهِ، وَفِي قَاضِي خَانْ إذَا شَرَطَ الْوَاقِفُ الِاسْتِبْدَالَ بِنَفْسِهِ فِي أَصْلِ الْوَقْفِ يَصِحُّ الشَّرْطُ وَالْوَقْفُ، وَيَمْلِكُ الِاسْتِبْدَالَ فَلَوْ بَاعَ أَرْضَ الْوَقْفِ وَقَبَضَ الثَّمَنَ ثُمَّ مَاتَ، وَلَمْ يُبَيِّنْ حَالَ الثَّمَنِ يَكُونُ دَيْنًا فِي تَرِكَتِهِ، وَلَوْ بَاعَهَا وَوَهَبَ الثَّمَنَ صَحَّتْ الْهِبَةُ، وَيَضْمَنُ الثَّمَنَ فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ لَا تَصِحُّ الْهِبَةُ انْتَهَى. الْمُتَوَلِّي إذَا خَلَطَ أَمْوَالَ الْأَوْقَافِ الْمُخْتَلِفَةَ يَضْمَنُ إلَّا إذَا كَانَ بِأَمْرِ الْقَاضِي وَلَوْ خَلَطَ مَالَ الْوَقْفِ بِمَالِ نَفْسِهِ لَا يَضْمَنُ وَقِيلَ يَضْمَنُ. وَلَوْ أَتْلَفَ مَالَ الْوَقْفِ ثُمَّ وَضَعَ مِثْلَهُ لَمْ يَبْرَأْ، وَحِيلَةُ بَرَاءَتِهِ إنْفَاقُهُ فِي التَّعْمِيرِ، وَأَنْ يَرْفَعَ الْأَمْرَ إلَى الْقَاضِي فَيُنَصِّبَ الْقَاضِي مَنْ يَأْخُذُهُ مِنْهُ فَيَبْرَأَ ثُمَّ يَرُدَّ عَلَيْهِ، مِنْ أَمَانَاتِ الْأَشْبَاهِ. وَفِي قَاضِي خَانْ مُتَوَلِّي الْوَقْفِ إذَا صَرَفَ دَرَاهِمَ الْوَقْفِ فِي حَاجَةِ نَفْسِهِ ثُمَّ أَنْفَقَ مِنْ مَالِهِ مِثْلَ تِلْكَ الدَّرَاهِمِ فِي الْوَقْفِ قَالَ الشَّيْخُ الْإِمَامُ هَذَا جَائِزٌ، وَيَبْرَأُ عَنْ الضَّمَانِ قَالَ وَلَوْ خَلَطَ مِنْ مَالِهِ مِثْلَ تِلْكَ الدَّرَاهِمِ بِدَرَاهِمِ الْوَقْفِ كَانَ ضَامِنًا لِلْكُلِّ انْتَهَى. وَفِي الْخُلَاصَةِ مَسْجِدٌ لَهُ أَوْقَافٌ مُخْتَلِفَةٌ لَا بَأْسَ لِلْقَيِّمِ أَنْ يَخْلِطَ غَلَّتَهَا، وَإِنْ خَرِبَ حَانُوتٌ مِنْهَا فَلَا بَأْسَ بِعِمَارَتِهِ مِنْ غَلَّةِ حَانُوتٍ آخَرَ سَوَاءٌ كَانَ الْوَاقِفُ وَاحِدًا أَوْ مُخْتَلِفًا. وَلَوْ خَلَطَ الْمُتَوَلِّي دَرَاهِمَهُ بِدَرَاهِمِ الْوَقْفِ صَارَ ضَامِنًا، وَطَرِيقُ خُرُوجِهِ مِنْ الضَّمَانِ التَّصَرُّفُ فِي حَاجَةِ الْمَسْجِدِ، وَالرَّفْعُ إلَى الْحَاكِمِ انْتَهَى. وَفِي الْقُنْيَةِ لَوْ أَذِنَ الْقَاضِي لِلْقَيِّمِ فَخَلَطَ مَالَ الْوَقْفِ بِمَالِهِ تَخْفِيفًا عَلَيْهِ جَازَ وَلَا يَضْمَنُ، وَكَذَا الْقَاضِي إذَا خَلَطَ مَالَ الصَّغِيرِ بِمَالِهِ، وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ الْوَصِيُّ إذَا خَلَطَ مَالَ الصَّغِيرِ بِمَالِهِ لَا يَضْمَنُ. قَيِّمٌ يَخْلِطُ غَلَّةَ الرَّهْنِ بِغَلَّةِ الْبَوَارِي فَهُوَ سَارِقٌ خَائِنٌ انْتَهَى. قَيِّمُ الْوَقْفِ إذَا أَنْفَقَ مِنْ مَالِهِ عَلَى الْوَقْفِ لِيَرْجِعَ فِي غَلَّتِهِ فَلَهُ الرُّجُوعُ، مِنْ مُشْتَمِلِ الْأَحْكَامِ. وَلِلْمُتَوَلِّي أَنْ يَفْعَلَ فِي الْمَسْجِدِ مِنْ مَالِ الْوَقْفِ مَا يَرْجِعُ إلَى إحْكَامِ الْبِنَاءِ دُونَ مَا يَرْجِعُ إلَى النَّقْشِ حَتَّى لَوْ فَعَلَ يَضْمَنُ. وَلَوْ فَعَلَ مِنْ مَالِ نَفْسِهِ لَا بَأْسَ بِهِ هَذِهِ فِي كَرَاهَةِ اسْتِقْبَالِ الْقِبْلَةِ، فِي النَّخْلِ مِنْ الْهِدَايَةِ. ، وَلَيْسَ لِلْمُشْرِفِ عَلَى الْقَيِّمِ أَنْ يَتَصَرَّفَ فِي مَالِ الْوَقْفِ وَقِيلَ لَيْسَ لِلْمُتَوَلِّي أَنْ يَفْتَحَ لِلْمَسْجِدِ بادخانة وَقِيلَ لَوْ فِيهِ تَكْثِيرًا لِجَمَاعَةٍ فَلَهُ ذَلِكَ، وَلِلْمُتَوَلِّي أَنْ يَتَّخِذَ بِسَطْحِ بَيْتِ الْوَقْفِ خُصًّا لَوْ كَانَ يَزِيدُ فِي أُجْرَتِهِ. وَلَوْ كَانَ الْمُتَوَلِّي أَمِينًا فَاسْتَأْجَرَ مَنْ يَكْتُبُ حِسَابَهُ فَالْأَجْرُ يَجِبُ فِي مَالِهِ لَا فِي الْوَقْفِ، مِنْ الْفُصُولَيْنِ. مَسْجِدٌ بَابُهُ عَلَى مَهَبِّ الرِّيحِ فَيُصِيبُ الْمَطَرُ بَابَ الْمَسْجِدِ فَيَشُقُّ عَلَى النَّاسِ دُخُولُ الْمَسْجِدِ لِلْقَيِّمِ أَنْ يَأْخُذَ ظُلَّةً عَلَى بَابِ الْمَسْجِدِ مِنْ غَلَّةِ وَقْفِ الْمَسْجِدِ إذَا لَمْ يَكُنْ فِيهِ ضَرَرٌ لِأَهْلِ الطَّرِيقِ. وَلِلْمُتَوَلِّي أَنْ يَشْتَرِيَ مِنْ غَلَّةِ وَقْفِ الْمَسْجِدِ سُلَّمًا لِيَصْعَدَ عَلَى السَّطْحِ لِيُطَيِّنَهُ، وَكَذَا الجزء: 1 ¦ الصفحة: 324 يُعْطِي الَّذِي يَكْنُسُ الثَّلْجَ أَوْ التُّرَابَ، وَيَنْقُلُهُ مِنْ الْمَسْجِدِ. رَجُلٌ قَالَ جَعَلْت حُجْرَتِي لِدُهْنِ سِرَاجِ الْمَسْجِدِ، وَلَمْ يَزِدْ عَلَى هَذَا صَارَتْ الْحُجْرَةُ وَقْفًا عَلَى الْمَسْجِدِ إذَا سَلَّمَهَا إلَى الْمُتَوَلِّي، وَلَيْسَ لِلْمُتَوَلِّي أَنْ يَصْرِفَ غَلَّتَهَا إلَى غَيْرِ الدُّهْنِ. قَيِّمُ الْمَسْجِدِ أَوْ الْوَقْفِ إذَا أَدْخَلَ جُذُوعًا فِي دَارِ الْوَقْفِ لِيَرْجِعَ فِي غَلَّتِهَا لَهُ ذَلِكَ لِأَنَّ الْوَصِيَّ لَوْ أَنْفَقَ مِنْ مَالِهِ عَلَى الْيَتِيمِ لَهُ ذَلِكَ فَكَذَا الْقَيِّمُ، وَالِاحْتِيَاطُ أَنْ يَبِيعَ الْجِذْعَ مِنْ آخَرَ ثُمَّ يَشْتَرِيَهُ لِأَجْلِ الْوَقْفِ ثُمَّ يُدْخِلَهُ فِي دَارِ الْوَقْفِ. مَسْجِدٌ بِجَنْبِهِ مَاءٌ انْكَسَرَ حَائِطُ الْمَسْجِدِ مِنْ ذَلِكَ الْمَاءِ يَنْبَغِي لِأَهْلِ الْمَسْجِدِ أَنْ يَرْفَعُوا الْأَمْرَ إلَى الْقَاضِي لِيَأْمُرَ أَهْلَ النَّهْرِ بِإِصْلَاحِهِ حَتَّى إذَا لَمْ يُصْلِحُوا، وَانْهَدَمَ حَائِطُ الْمَسْجِدِ ضَمِنُوا قِيمَةَ مَا انْهَدَمَ لِأَنَّهُ لَمَّا أَشْهَدَ عَلَيْهِمْ صَارُوا مُتْلِفِينَ بِتَرْكِ الْإِصْلَاحِ، مِنْ الْخُلَاصَةِ. إذَا اجْتَمَعَ مِنْ مَالِ الْوَقْفِ عَلَى الْفُقَرَاءِ أَوْ عَلَى الْمَسْجِدِ الْجَامِعِ ثُمَّ نَابَ الْإِسْلَامَ نَائِبَةٌ بِأَنْ غَلَبَتْ جَمَاعَةُ الْكَفَرَةِ فَاحْتِيجَ فِي ذَلِكَ إلَى مَالٍ لِدَفْعِ شَرِّهِمْ قَالَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - مَا كَانَ مِنْ غَلَّةِ الْمَسْجِدِ الْجَامِعِ يَجُوزُ لِلْحَاكِمِ أَنْ يَصْرِفَ ذَلِكَ عَلَى وَجْهِ الْقَرْضِ إذَا لَمْ يَكُنْ لِلْمَسْجِدِ حَاجَةٌ إلَى ذَلِكَ الْمَالِ، وَيَكُونُ ذَلِكَ دَيْنًا. مَسْجِدٌ لَهُ غَلَّةٌ ذَكَرَ الْوَاقِفُ فِي وَقْفِهِ أَنَّ الْقَيِّمَ يَشْتَرِي بِتِلْكَ الْغَلَّةِ جِنَازَةً لَا يَجُوزُ لِلْقَيِّمِ أَنْ يَشْتَرِيَ وَلَوْ اشْتَرَى يَكُونُ ضَامِنًا. قَوْمٌ عَمَرُوا أَرْضَ مَوَاتٍ عَلَى شَطِّ جَيْحُونَ، وَكَانَ السُّلْطَانُ يَأْخُذُ الْعُشْرَ مِنْهُمْ لِأَنَّ عَلَى قَوْلِ مُحَمَّدٍ مَاءُ الجيحون لَيْسَ مَاءَ الْخَرَاجِ، وَبِقُرْبِ ذَلِكَ رِبَاطٌ فَقَامَ مُتَوَلِّي الرِّبَاطِ إلَى السُّلْطَانِ فَأَطْلَقَ السُّلْطَانُ لَهُ ذَلِكَ الْعُشْرَ هَلْ يَكُونُ لِلْمُتَوَلِّي أَنْ يَصْرِفَ ذَلِكَ الْعُشْرَ إلَى مُؤَذِّنٍ يُؤَذِّنُ فِي هَذَا الرِّبَاطِ بِقُرْبِ هَذَا يَسْتَعِينُ بِهَذَا فِي طَعَامِهِ وَكِسْوَتِهِ، وَهَلْ يَجُوزُ لَهُ ذَلِكَ، وَهَلْ يَكُونُ لِلْمُؤَذِّنِ أَنْ يَأْخُذَ مِنْ ذَلِكَ الْعُشْرِ الَّذِي أَبَاحَ السُّلْطَانُ لِلرِّبَاطِ قَالَ الْفَقِيهُ أَبُو جَعْفَرٍ لَوْ كَانَ الْمُؤَذِّنُ مُحْتَاجًا يَطِيبُ لَهُ، وَلَا يَنْبَغِي أَنْ يَصْرِفَ ذَلِكَ الْعُشْرَ إلَى عِمَارَةِ الرِّبَاطِ، وَإِنَّمَا يَصْرِفُهُ إلَى الْفُقَرَاءِ لَا غَيْرُ وَلَوْ صَرَفَ إلَى الْمُحْتَاجِينَ ثُمَّ أَنْفَقُوا فِي عِمَارَةِ الرِّبَاطِ جَازَ، وَيَكُونُ ذَلِكَ حَسَنًا. رِبَاطٌ عَلَى بَابِهِ قَنْطَرَةٌ عَلَى نَهْرٍ عَظِيمٍ خَرِبَتْ الْقَنْطَرَةُ، وَلَا يُمْكِنُ الْوُصُولُ إلَى الرِّبَاطِ إلَّا بِمُجَاوَزَةِ النَّهْرِ، وَبِدُونِ الْقَنْطَرَةِ لَا يُمْكِنُ الْمُجَاوَزَةُ هَلْ تَجُوزُ عِمَارَةُ الْقَنْطَرَةِ بِغَلَّةِ الرِّبَاطِ قَالَ الْفَقِيهُ أَبُو جَعْفَرٍ إنْ كَانَ الْوَاقِفُ وَقَفَ عَلَى مَصَالِحِ الرِّبَاطِ لَا بَأْسَ بِهِ، وَإِلَّا فَلَا. مُتَوَلِّي الرِّبَاطِ إذَا صَرَفَ فَضْلَ غَلَّةِ الرِّبَاطِ فِي حَاجَةِ نَفْسِهِ قَرْضًا قَالَ الْفَقِيهُ أَبُو جَعْفَرٍ لَا يَنْبَغِي أَنْ يَفْعَلَ وَلَوْ فَعَلَ ثُمَّ أَنْفَقَ فِي الرِّبَاطِ رَجَوْت أَنْ يَبْرَأَ، وَإِنْ أَقْرَضَ لِيَكُونَ أَحْرَزَ مِنْ الْإِمْسَاكِ عِنْدَهُ قَالَ رَجَوْت أَنْ يَكُونَ وَاسِعًا لَهُ ذَلِكَ. رَجُلٌ قَالَ أَرْضِي هَذِهِ صَدَقَةٌ بَعْدَ وَفَاتِي عَلَى الْمَسَاكِينِ، وَهِيَ تُخْرَجُ مِنْ الثُّلُثِ ثُمَّ مَاتَ فَاحْتَاجَ وَلَدُهُ قَالَ هِلَالٌ لَا يُعْطَى لِوَلَدِهِ مِنْ الْغَلَّةِ شَيْءٌ إلَّا إذَا كَانَ الْوَقْفُ فِي صِحَّتِهِ، وَلَمْ يُضِفْ إلَى مَا بَعْدَ الْمَوْتِ ثُمَّ مَاتَ وَفِي وَلَدِ الْوَاقِفِ فُقَرَاءُ فَحِينَئِذٍ يَكُونُ لِلْمُتَوَلِّي أَنْ يَدْفَعَ إلَى كُلِّ وَاحِدٍ سَهْمًا أَقَلَّ مِنْ مِائَتَيْ دِرْهَمٍ، وَهُوَ أَحَقُّ بِذَلِكَ مِنْ سَائِرِ الْفُقَرَاءِ، وَإِنْ لَمْ يُعْطِهِمْ شَيْئًا لَا يَضْمَنُ الْمُتَوَلِّي لِأَنَّهُ لَمْ يَمْنَعْ حَقًّا وَاجِبًا لَهُمْ، وَكَذَلِكَ قَالُوا فِي الَّذِي وَقَفَ ضَيْعَةً فِي صِحَّتِهِ عَلَى الْفُقَرَاءِ ثُمَّ مَاتَ، وَلَهُ ابْنَةٌ ضَعِيفَةٌ كَانَ الْأَفْضَلُ لِلْقَيِّمِ أَنْ يَصْرِفَ إلَيْهَا مِقْدَارَ حَاجَتِهَا مِنْ قَاضِي خَانْ. مَرِيضٌ وَقَفَ دَارِهِ فِي مَرَضِهِ جَازَ مِنْ الثُّلُثِ وَلَوْ لَمْ يُخْرِجْ مِنْهُ وَأَجَازَهُ الْوَرَثَةُ جَازَ وَلَوْ لَمْ يُجِيزُوا بَطَلَ فِيمَا الجزء: 1 ¦ الصفحة: 325 زَادَ عَلَى الثُّلُثِ وَلَوْ أَجَازَ بَعْضُهُمْ لَا بَعْضُهُمْ جَازَ بِقَدْرِ مَا أُجِيزَ، وَبَطَلَ الْبَاقِي إلَّا أَنْ يَظْهَرَ لِلْمَيِّتِ مَالٌ غَيْرُ ذَلِكَ فَيَنْفُذُ الْوَقْفُ فِي الْكُلِّ، وَمَنْ لَمْ يُجِزْهُ لَوْ بَاعَ نَصِيبَهُ قَبْلَ أَنْ يَظْهَرَ لِلْمَيِّتِ مَالٌ آخَرُ لَا يَبْطُلُ بَيْعُهُ وَيَغْرَمُ قِيمَةَ ذَلِكَ، وَيَشْتَرِي بِهَا أَرْضًا، وَيُوقِفُ عَلَى ذَلِكَ الْوَجْهِ كَذَا فِي الْوَقْفِ مِنْ أَحْكَامِ الْمَرْضَى مِنْ الْفُصُولَيْنِ. لَوْ أَبْرَأَ الْقَيِّمُ الْمُسْتَأْجِرَ مِنْ الْأُجْرَةِ بَعْدَ تَمَامِ مُدَّةِ الْإِجَارَةِ تَصِحُّ الْبَرَاءَةُ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ، وَيَضْمَنُ. وَلِلْمُتَوَلِّي صَرْفُ شَيْءٍ مِنْ مَالِ الْوَقْفِ إلَى كِتَابَةِ الْفَتْوَى وَمَحَاضِرِ الدَّعْوَى لِاسْتِخْلَاصِ الْوَقْفِ، وَإِسْرَاجِ السُّرُجِ الْكَثِيرَةِ فِي السِّكَكِ وَالْأَسْوَاقِ لَيْلَةَ الْبَرَاءَةِ بِدْعَةٌ، وَكَذَا فِي الْمَسَاجِدِ، وَيَضْمَنُ الْقَيِّمُ، وَكَذَا يَضْمَنُ إذَا أَسْرَفَ فِي السَّرْج فِي شَهْرِ رَمَضَانَ، وَلَيْلَةِ الْقَدْرِ، وَيَجُوزُ الْإِسْرَاجُ عَلَى بَابِ الْمَسْجِدِ فِي السِّكَّةِ أَوْ السُّوقِ. وَلَوْ اشْتَرَى مِنْ مَالِ الْمَسْجِدِ شَمْعًا فِي شَهْرِ رَمَضَانَ يَضْمَنُ، وَهَذَا إذَا لَمْ يَنُصَّ الْوَاقِفُ عَلَيْهِ أَوْصَى بِثُلُثِ مَالِهِ عَلَى أَنْ يُنْفَقَ عَلَى بَيْتِ الْمَقْدِسِ جَازَ، وَيُنْفَقُ فِي سِرَاجِهِ وَنَحْوِهِ، قَالَ هِشَامٌ. فَدَلَّ هَذَا عَلَى أَنَّهُ يَجُوزُ أَنْ يُنْفِقَ مِنْ مَالِ الْمَسْجِدِ عَلَى قَنَادِيلِهِ، وَسُرُجِهِ، وَالنَّفْطِ، وَالزَّيْتِ. كُتِبَ إلَى بَعْضِ الْمَشَايِخِ هَلْ لِلْقَيِّمِ أَنْ يَشْتَرِيَ الْمَرَاوِحَ مِنْ مَصَالِحِ الْمَسْجِدِ؟ فَقَالَ: لَا، الدُّهْنُ وَالْحُصْرُ وَالْمَرَاوِحُ لَيْسَ مِنْ مَصَالِحِ الْمَسْجِدِ إنَّمَا مَصَالِحُهُ عِمَارَتُهُ أَبُو حَامِدٍ الدُّهْنُ وَالْحُصْرُ مِنْ مَصَالِحِهِ دُونَ الْمَرَاوِحِ قَالَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - وَهُوَ أَشْبَهُ بِالصَّوَابِ، وَأَقْرَبُ إلَى غَرَضِ الْوَاقِفِ. انْهَدَمَ الْمَسْجِدُ فَلَمْ يَحْفَظْهُ الْقَيِّمُ حَتَّى ضَاعَتْ خُشُبُهُ يَضْمَنُ، وَلَا يَضْمَنُ الْقَيِّمُ إذَا وَقَعَ الده ياترده إذَا لَمْ يُمْكِنْهُ دَفْعُ ذَلِكَ الظُّلْمَ. اشْتَرَى الْقَيِّمُ مِنْ الدَّهَّانِ دُهْنًا، وَدَفَعَ الثَّمَنَ ثُمَّ أَفْلَسَ الدَّهَّانُ لَمْ يَضْمَنْ. قَالَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - لَوْ رَأَى الْقَيِّمُ أَنَّهُ إنْ لَمْ يُهْدَمْ الْمَسْجِدُ الْعَامُّ يَكُونُ ضَرَرُهُ فِي الْقَابِلِ أَعْظَمَ فَلَهُ هَدْمُهُ وَلَوْ لَمْ يَكُنْ فِيهِ غَلَّةٌ لِلْعِمَارَةِ فِي الْحَالِ فَاسْتَقْرَضَ الْعَشَرَةَ بِثَلَاثَةَ عَشَرَ فِي سَنَةٍ، وَاشْتَرَى مِنْ الْمُقْرِضِ شَيْئًا يَسِيرًا بِثَلَاثَةِ دَنَانِيرَ يَرْجِعُ فِي غَلَّتِهِ بِعَشَرَةٍ، وَعَلَيْهِ الزِّيَادَةُ. وَلَوْ ضَمِنَ الْقَيِّمُ مَالَ الْوَقْفِ بِاسْتِهْلَاكٍ ثُمَّ صَرَفَ قَدْرَ الضَّمَانِ إلَى الْمَصْرِفِ بِدُونِ إذْنِ الْقَاضِي يَخْرُجُ عَنْ الْعُهْدَةِ. قَالَ - رَحِمَهُ اللَّهُ -: وَلِلْقَيِّمِ الِاسْتِدَانَةُ عَلَى الْوَقْفِ لِضَرُورَةِ الْعِمَارَةِ لَا يُقِيمُ ذَلِكَ عَلَى الْمَوْقُوفِ عَلَيْهِمْ وَقِيلَ لَيْسَ لَهُ أَنْ يَسْتَدِينَ عَلَى الْوَقْفِ لِلْعِمَارَةِ، وَالْمُخْتَارُ مَا اخْتَارَهُ الصَّدْرُ الشَّهِيدُ وَأَبُو اللَّيْثِ أَنَّهُ إذَا لَمْ يَكُنْ بُدٌّ مِنْ الِاسْتِدَانَةِ يَرْفَعُ إلَى الْقَاضِي فَيَأْمُرُهُ بِهَا فَحِينَئِذٍ يَرْجِعُ فِي الْغَلَّةِ، وَلَيْسَ لِلْقَيِّمِ أَنْ يَأْخُذَ مَا فَضَلَ مِنْ وَجْهِ عِمَارَةِ الْمَدْرَسَةِ دَيْنًا لِيُفَرِّقَهُ إلَى الْفُقَهَاءِ، وَإِنْ احْتَاجُوا إلَيْهِ. لِلْقَيِّمِ أَنْ يُوَكِّلَ فِيمَا فُوِّضَ إلَيْهِ إنْ عَمَّمَ الْقَاضِي التَّفْوِيضَ إلَيْهِ، وَإِلَّا فَلَا. اجْتَمَعَ مِنْ مَالِ الْمَسْجِدِ شَيْءٌ فَلَيْسَ لِلْقَيِّمِ أَنْ يَشْتَرِيَ بِهِ دَارًا لِلْوَقْفِ وَلَوْ فَعَلَ وَوَقَفَ يَكُونُ وَقْفُهُ، وَيَضْمَنُ، وَأَفْتَى مُحَمَّدُ بْنُ سَلَمَةَ بِأَنَّهُ يَجُوزُ وَقِيلَ هَذَا اسْتِحْسَانٌ، وَالْقِيَاسُ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ، وَيَنْبَغِي أَنْ يَشْتَرِيَ، وَيَبِيعَ بِأَمْرِ الْحَاكِمِ. وَلَوْ اشْتَرَى بِالْغَلَّةِ حَانُوتًا لِيُسْتَغَلَّ، وَيُبَاعُ عِنْدَ الْحَاجَةِ فَهُوَ أَقْرَبُ إلَى الْجَوَازِ. مُتَوَلِّي الْوَقْفِ إذَا أَجَرَ وَقْفًا بِدُونِ أَجْرِ الْمِثْلِ قَالَ الْإِمَامُ الْجَلِيلُ مُحَمَّدُ بْنُ الْفَضْلِ عَلَى أَصْلِ أَصْحَابِنَا يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ الْمُسْتَأْجِرُ غَاصِبًا لِأَنَّ الْخَصَّافَ ذَكَرَ فِي كِتَابِهِ أَنَّهُ يَصِيرُ غَاصِبًا، وَيَلْزَمُهُ أَجْرُ الْمِثْلِ فَقِيلَ لَهُ أَتُفْتِي بِهَذَا قَالَ: نَعَمْ، وَجْهُ مَا قَالَ أَنَّ الْمُتَوَلِّيَ أَبْطَلَ بِتَسْمِيَتِهِ مَا زَادَ عَلَى الْمُسَمَّى إلَى تَمَامِ أَجْرِ الْمِثْلِ، وَهُوَ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 326 لَا يَمْلِكُ الْإِبْطَالَ فَيَجِبُ أَجْرُ الْمِثْلِ كَمَا لَوْ أَجَرَ، وَلَمْ يُسَمِّ شَيْئًا وَقَالَ بَعْضُهُمْ إنَّ الْمُسْتَأْجِرَ يَصِيرُ غَاصِبًا عِنْدَ مَنْ يَرَى غَصْبَ الْعَقَارِ فَإِنْ لَمْ يَنْقُصْ شَيْءٌ مِنْ الْمَنْزِلِ وَسَلَّمَ كَانَ عَلَى الْمُسْتَأْجِرِ الْأَجْرُ لَا غَيْرُ، وَالْفَتْوَى عَلَى مَا ذَكَرْنَا أَوَّلًا أَنَّهُ يَجِبُ أَجْرُ الْمِثْلِ عَلَى كُلِّ حَالٍ. وَعَنْ الْقَاضِي أَبِي الْحَسَنِ السُّغْدِيِّ، وَفِي هَذَا قَالَ رَجُلٌ غَصَبَ دَارَ صَبِيٍّ أَوْ غَصَبَ وَقْفًا كَانَ عَلَيْهِ أَجْرُ الْمِثْلِ فَإِذَا وَجَبَ أَجْرُ الْمِثْلِ ثَمَّةَ فَمَا ظَنُّك فِي الْإِجَارَةِ بِأَقَلَّ مِنْ أَجْرِ الْمِثْلِ مِنْ قَاضِي خَانْ. الْمُتَوَلِّي لَوْ أَسْكَنَ دَارَ الْوَقْفِ بِلَا أَجْرٍ قِيلَ لَا شَيْءَ عَلَى السَّاكِنِ، وَعَامَّةُ الْمُتَأَخِّرِينَ عَلَى أَنَّ عَلَيْهِ أَجْرَ الْمِثْلِ سَوَاءٌ أُعِدَّتْ الدَّارُ لِلْغَلَّةِ أَوْ لَا؛ صِيَانَةً لِلْوَقْفِ عَنْ الظَّلَمَةِ وَقَطْعًا لِلْأَطْمَاعِ الْفَاسِدَةِ، وَبِهِ يُفْتَى، وَكَذَا لَوْ سَكَنَ دَارَ الْوَقْفِ بِلَا إذْنِ الْوَاقِفِ وَالْقَيِّمِ يَلْزَمُهُ أَجْرُ الْمِثْلِ بَالِغًا مَا بَلَغَ، وَكَذَا قَالُوا فِي وَقْفِ الرَّهْنِ حَتَّى لَمْ يَجُزْ لَوْ سَكَنَهُ الْمُرْتَهِنُ يَجِبُ أَجْرُ الْمِثْلِ، وَكَذَا قَالُوا فِي مُتَوَلٍّ بَاعَ وَقْفًا فَسَكَنَهُ الْمُشْتَرِي ثُمَّ عُزِلَ الْمُتَوَلِّي، وَوُلِّيَ غَيْرُهُ فَادَّعَى الثَّانِي عَلَى الْمُشْتَرِي فَسَادَ الْبَيْعِ لَزِمَ الْمُشْتَرِيَ أَجْرُ الْمِثْلِ سَوَاءٌ أُعِدَّ لِلْغَلَّةِ أَوْ لَا قَالَ فِي الْمُلْتَقَطِ، وَالْأَلْيَقُ بِمَذْهَبِ أَصْحَابِنَا أَنْ لَا يَلْزَمَ الْأَجْرُ فِي الرَّهْنِ وَلَوْ مُعَدًّا لِلْغَلَّةِ. وَلَوْ أَجَرَ الْقَيِّمُ بِأَقَلَّ مِنْ أَجْرِ مِثْلِهِ قَدْرَ مَا يَتَغَابَنُ فِيهِ النَّاسُ حَتَّى لَمْ يَجُزْ فَسَكَنَهُ الْمُسْتَأْجِرُ لَزِمَ أَجْرُ الْمِثْلِ بَالِغًا مَا بَلَغَ عَلَى مَا اخْتَارَهُ الْمُتَأَخِّرُونَ، وَكَذَا لَوْ أَجَرَهُ إجَارَةً فَاسِدَةً مِنْ دَعْوَى الْوَقْفِ، مِنْ الْفُصُولَيْنِ. قُلْتُ: وَتَقَدَّمَ بَعْضُ هَذِهِ الْمَسَائِلِ فِي غَصْبِ الْعَقَارِ. مُتَوَلِّي الْوَقْفِ إذَا أَجَرَ ضَيْعَةً مِنْ رَجُلٍ سِنِينَ مَعْلُومَةً ثُمَّ مَاتَ الْمُؤَجِّرُ ثُمَّ الْمُسْتَأْجِرُ قَبْلَ انْقِضَاءِ الْمُدَّةِ فَزَرَعَ وَرَثَةُ الْمُسْتَأْجِرِ الْأَرْضَ بِبَذْرِهِمْ قَالَ الشَّيْخُ مُحَمَّدُ بْنُ الْفَضْلِ الْغَلَّةُ تَكُونُ لِوَرَثَةِ الْمُسْتَأْجِرِ، وَعَلَيْهِمْ نُقْصَانُ الْأَرْضِ إذَا انْتَقَصَتْ الْأَرْضُ بِزِرَاعَتِهِمْ بَعْدَ مَوْتِ الْمُسْتَأْجِرِ يُصْرَفُ ذَلِكَ النُّقْصَانُ إلَى مَصَالِحِ الْوَقْفِ لَا حَقَّ لِلْمَوْقُوفِ عَلَيْهِمْ الْأَرْضُ فِي ذَلِكَ لِأَنَّ الضَّمَانَ بَدَلٌ عَنْ نُقْصَانٍ، وَحَقُّ الْمَوْقُوفِ عَلَيْهِمْ فِي مَنْفَعَةِ الْأَرْضِ لَا فِي عَيْنِ الْأَرْضِ. مُتَوَلِّي الْوَقْفِ إذَا اسْتَأْجَرَ رَجُلًا فِي عِمَارَةِ الْمَسْجِدِ بِدِرْهَمٍ وَدَانِقٍ، وَأَجْرُ مِثْلِهِ دِرْهَمٌ فَاسْتَعْمَلَهُ فِي عِمَارَةِ الْمَسْجِدِ، وَنَقَدَ الْأَجْرَ مِنْ مَالِ الْوَقْفِ قَالُوا يَكُونُ ضَامِنًا جَمِيعَ مَا نَقَدَ لِأَنَّهُ أَوْفَى الْأَجْرَ أَكْثَرَ مِمَّا يَتَغَابَنُ النَّاسُ فِيهِ فَيَصِيرُ مُسْتَأْجِرًا لِنَفْسِهِ دُونَ الْمَسْجِدِ فَإِذَا نَقَدَ الْأَجْرَ مِنْ مَالِ الْمَسْجِدِ كَانَ ضَامِنًا. الْمُتَوَلِّي إذَا أَمَرَ الْمُؤَذِّنَ أَنْ يَخْدُمَ الْمَسْجِدَ، وَسَمَّى لَهُ أَجْرًا مَعْلُومًا لِكُلِّ سَنَةٍ قَالَ الشَّيْخُ أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ الْفَضْلِ تَصِحُّ الْإِجَارَةُ لِأَنَّهُ يَمْلِكُ الِاسْتِئْجَارَ لِخِدْمَةِ الْمَسْجِدِ ثُمَّ يَنْظُرُ إنْ كَانَ ذَلِكَ أَجْرَ عَمَلِهِ أَوْ زِيَادَةً يَتَغَابَنُ فِيهِ النَّاسُ كَانَتْ الْإِجَارَةُ لِلْمَسْجِدِ فَإِذَا نَقَدَ الْأَجْرَ مِنْ مَالِ الْمَسْجِدِ حَلَّ لِلْمُؤَذِّنِ، وَإِنْ كَانَ فِي الْأَجْرِ زِيَادَةٌ عَلَى مَا يَتَغَابَنُ فِيهِ النَّاسُ كَانَتْ الْإِجَارَةُ لِلْمُتَوَلِّي لِأَنَّهُ لَا يَمْلِكُ الِاسْتِئْجَارَ لِلْمَسْجِدِ بِغَبَنٍ فَاحِشٍ، وَإِذَا أَدَّى الْأَجْرَ مِنْ مَالِ الْمَسْجِدِ كَانَ ضَامِنًا، وَإِذَا عَلِمَ الْمُؤَذِّنُ بِذَلِكَ لَا يَحِلُّ لَهُ أَنْ يَأْخُذَ مِنْ مَالِ الْمَسْجِدِ. رَجُلٌ غَصَبَ أَرْضًا مَوْقُوفَةً عَلَى الْفُقَرَاءِ أَوْ عَلَى وَجْهٍ مِنْ وُجُوهِ الْبِرِّ كَانَ لِلْمُتَوَلِّي أَنْ يَسْتَرِدَّهَا مِنْ الْغَاصِبِ فَإِنْ كَانَ الْغَاصِبُ زَادَ فِي الْأَرْضِ مِنْ عِنْدِهِ إنْ لَمْ تَكُنْ الزِّيَادَةُ مَالًا مُتَقَوِّمًا بِأَنْ كَرَبَ الْأَرْضَ أَوْ حَفَرَ النَّهْرَ أَوْ أَلْقَى فِيهِ السِّرْقِينَ، وَاخْتَلَطَ ذَلِكَ بِالتُّرَابِ، وَصَارَ بِمَنْزِلَةِ الْمُسْتَهْلَكِ فَإِنَّ الْقَيِّمَ يَسْتَرِدُّ الْأَرْضَ مِنْ الْغَاصِبِ بِغَيْرِ شَيْءٍ فَإِنْ كَانَتْ الزِّيَادَةُ مَالًا مُتَقَوِّمًا كَالْبِنَاءِ، وَالشَّجَرِ يُؤْمَرُ الْغَاصِبُ بِرَفْعِ الْبِنَاءِ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 327 وَقَلْعِ الْأَشْجَارِ وَرَدِّ الْأَرْضِ إنْ لَمْ يَضُرَّ ذَلِكَ بِالْوَقْفِ، وَإِنْ أَضَرَّ بِالْوَقْفِ بِأَنْ يُخَرِّبَ الْأَرْضَ بِقَلْعِ الْأَشْجَارِ، وَالدَّارَ بِرَفْعِ الْبِنَاءِ لَمْ يَكُنْ لِلْغَاصِبِ أَنْ يَرْفَعَ الْبِنَاءَ، وَيَقْلَعَ الْأَشْجَارِ إلَّا أَنَّ الْقَيِّمَ يَضْمَنُ قِيمَةَ الْغِرَاسِ مَقْلُوعَةً وَقِيمَةَ الْبِنَاءِ مَرْفُوعًا إنْ كَانَتْ لِلْوَقْفِ غَلَّةٌ فِي يَدِ الْمُتَوَلِّي تَكْفِي لِذَلِكَ الضَّمَانِ، وَإِنْ لَمْ تَكُنْ لِلْوَقْفِ غَلَّةٌ يُؤَاجِرُ الْوَقْفَ فَيُعْطِي الضَّمَانَ مِنْ ذَلِكَ، وَإِنْ اخْتَارَ الْغَاصِبُ قَطْعَ الشَّجَرِ مِنْ أَقْصَى مَوْضِعٍ لَا يُخَرِّبُ الْأَرْضَ فَلَهُ ذَلِكَ، وَلَا يُجْبَرُ عَلَى أَخْذِ الْقِيمَةِ ثُمَّ يَضْمَنُ الْقَيِّمُ مَا بَقِيَ فِي الْأَرْضِ مِنْ الشَّجَرِ إنْ كَانَتْ لَهُ قِيمَةٌ. وَقْفٌ اسْتَوْلَى عَلَيْهِ غَاصِبٌ، وَحَال بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْمُتَوَلِّي، وَعَجَزَ الْمُتَوَلِّي عَنْ الِاسْتِرْدَادِ، وَأَرَادَ الْغَاصِبُ أَنْ يَدْفَعَ قِيمَتَهَا كَانَ لِلْمُتَوَلِّي أَنْ يَأْخُذَ الْقِيمَةَ، وَيُصَالِحَهُ عَلَى شَيْءٍ ثُمَّ يَشْتَرِيَ بِالْمَأْخُوذِ مِنْ الْغَاصِبِ أَرْضًا، وَتَكُونَ وَقْفًا عَلَى شَرَائِطِ الْأَوَّلِ لِأَنَّ الْغَاصِبَ إذَا جَحَدَ الْغَصْبَ يَصِيرُ بِمَنْزِلَةِ الْمُسْتَهْلَكِ فَيَجُوزُ أَخْذُ الْقِيمَةِ. رَجُلٌ غَصَبَ أَرْضًا مَوْقُوفَةً قِيمَتُهَا أَلْفٌ ثُمَّ غَصَبَهَا مِنْهُ رَجُلٌ آخَرُ بَعْدَمَا زَادَتْ قِيمَةُ الْأَرْضِ، وَصَارَتْ تُسَاوِي أَلْفَيْ دِرْهَمٍ فَإِنَّ الْمُتَوَلِّيَ يَتْبَعُ الْغَصْبَ الثَّانِيَ إنْ كَانَ مَلِيًّا عَلَى قَوْلِ مَنْ يَرَى جَعْلَ الْعَقَارِ مَضْمُونًا بِالْغَصْبِ لِأَنَّ تَضْمِينَ الثَّانِي أَنْفَعُ لِلْوَقْفِ فَإِنْ كَانَ الْأَوَّلُ أَمْلَأَ مِنْ الثَّانِي يَتْبَعُ الْأَوَّلُ لِأَنَّ تَضْمِينَ الْأَوَّلِ يَكُونُ أَنْفَعَ لِلْوَقْفِ، وَإِذَا اتَّبَعَ الْقَيِّمُ أَحَدَهُمَا بَرِئَ الْآخَرُ عَنْ الضَّمَانِ مِنْ قَاضِي خَانْ. أَرْضُ الْوَقْفِ إذَا غَصَبَهَا غَاصِبٌ، وَأَجْرَى عَلَيْهَا الْمَاءَ حَتَّى صَارَتْ بَحْرًا لَا تَصْلُحُ لِلزِّرَاعَةِ يَضْمَنُ قِيمَتَهَا، وَيَشْتَرِي بِقِيمَتِهَا أَرْضًا أُخْرَى فَتَكُونُ الثَّانِيَةُ وَقْفًا مَكَانَهَا. لَوْ رَفَعَ إنْسَانٌ مِنْ حَشِيشِ الْمَسْجِدِ وَجَعَلَهُ قِطَعًا قِطَعًا يَضْمَنُ. رَجُلٌ قَالَ أَرْضِي هَذِهِ صَدَقَةٌ بَعْدَ وَفَاتِي عَلَى الْمَسَاكِينِ، وَهِيَ تَخْرُجُ مِنْ الثُّلُثِ ثُمَّ مَاتَ فَاحْتَاجَ وَلَدُهُ قَالَ هِلَالٌ لَا يُعْطَى لِوَلَدِهِ مِنْ الْغَلَّةِ إلَّا إذَا كَانَ الْوَقْفُ فِي صِحَّتِهِ، وَلَمْ يُضَفْ إلَى مَا بَعْدَ الْمَوْتِ فَحِينَئِذٍ يَدْفَعُ الْمُتَوَلِّي إلَى أَوْلَادِ الْوَاقِفِ شَيْئًا إلَى كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ أَقَلَّ مِنْ مِائَتَيْ دِرْهَمٍ، وَهُمْ أَحَقُّ بِذَلِكَ مِنْ سَائِرِ الْفُقَرَاءِ فَإِنْ لَمْ يُعْطِهِمْ شَيْئًا لَا يَضْمَنُ. رَجُلٌ قَالَ أَرْضِي هَذِهِ صَدَقَةٌ مَوْقُوفَةٌ عَلَى الْمُحْتَاجِينَ مِنْ وَلَدِي، وَلَيْسَ فِي وَلَدِهِ إلَّا مُحْتَاجٌ وَاحِدٌ قَالَ الْإِمَامُ الْفَضْلِيُّ يَصْرِفُ نِصْفَ الْغَلَّةِ إلَيْهِ، وَالنِّصْفَ إلَى الْفُقَرَاءِ فَقِيلَ لَهُ فَإِنْ أَعْطَى الْقَيِّمُ نِصْفَ الْغَلَّةِ فَقِيرًا وَاحِدًا هَلْ يَجُوزُ قَالَ يَجُوزُ عَلَى قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ لِأَنَّ الْفُقَرَاءَ لَا يُحْصَوْنَ فَيَكُونُ لِلْجِنْسِ مِنْ الْخُلَاصَةِ. إذَا جَعَلَ الْوَقْفَ عَلَى شِرَاءِ الْخُبْزِ وَالثِّيَابِ وَالتَّصَدُّقِ بِهَا عَلَى الْفُقَرَاءِ قَالَ أَبُو نَصْرٍ الدَّبُوسِيُّ يَجُوزُ عِنْدِي أَنْ يَتَصَدَّقَ بِعَيْنِ الْغَلَّةِ مِنْ غَيْرِ شِرَاءِ خُبْزٍ، وَلَا ثَوْبٍ لِأَنَّ التَّصَدُّقَ هُوَ الْمَقْصُودُ حَتَّى جَازَ التَّصَرُّفُ بِالتَّصَدُّقِ دُونَ الشِّرَاءِ وَلَوْ وَقَفَ عَلَى أَنْ يَشْتَرِيَ بِهَا الْخَيْلَ وَالسِّلَاحَ فَيَحْمِلَ عَلَيْهَا فِي سَبِيلِ اللَّهِ تَعَالَى جَازَ ذَلِكَ فَإِنْ كَانَ أُمِرَ أَنْ يَتَصَدَّقَ بِالْخَيْلِ وَالسِّلَاحِ عَلَى مُحْتَاجِي الْمُجَاهِدِينَ جَازَ التَّصَدُّقُ بِعَيْنِ الْغَلَّةِ كَالْخُبْزِ وَالثِّيَابِ، وَإِنْ شُرِطَ أَنْ يُسَلِّمَ الْخَيْلَ وَالسِّلَاحَ لِيُجَاهِدَ مِنْ غَيْرِ تَمْلِيكٍ وَيَسْتَرِدَّ لِمَنْ أَحَبَّ ثُمَّ يَدْفَعَ إلَى مَنْ أَحَبَّ جَازَ الْوَقْفُ، وَيَسْتَوِي فِيهِ الْغَنِيُّ وَالْفَقِيرُ، وَلَا يَجُوزُ التَّصَدُّقُ بِعَيْنِ الْغَلَّةِ، وَلَا بِالسِّلَاحِ بَلْ يَشْتَرِي الْخَيْلَ وَالسِّلَاحَ، وَيَبْذُلُهَا لِأَهْلِهَا عَلَى وَجْهِهَا لِأَنَّ الْوَقْفَ وَقَعَ لِلْإِبَاحَةِ لَا لِلتَّمْلِيكِ، وَكَذَا لَوْ وَقَفَ عَلَى شِرَاءِ الْغَنَمِ وَعَلَفِهَا جَازَ، وَلَمْ يَجُزْ إعْطَاءُ الْغَلَّةِ. وَلَوْ وَقَفَ لِيُضَحِّيَ أَوْ لِيُهْدِيَ إلَى مَكَّةَ فَيَذْبَحُ عَنْهُ فِي كُلِّ سَنَةٍ جَازَ، وَهُوَ دَائِمٌ أَبَدًا، وَكَذَا كُلُّ مَا كَانَ مِنْ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 328 هَذَا الْجِنْسِ يُرَاعَى فِيهِ شَرْطُ الْوَاقِفِ. وَلَوْ وَقَفَ عَلَى مُحْتَاجِي أَهْلِ الْعِلْمِ لِيَشْتَرِيَ لَهُمْ الثِّيَابَ، وَالْمِدَادَ، وَالْكَاغَدِ، وَنَحْوَهَا مِنْ مَصَالِحِهِمْ جَازَ الْوَقْفُ، وَهُوَ دَائِمٌ لِأَنَّ لِلْعِلْمِ طُلَّابًا إلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ، وَتَجُوزُ مُرَاعَاةُ شَرْطِهِ، وَيَجُوزُ التَّصَدُّقُ بِعَيْنِ الْغَلَّةِ، وَإِنْ كَانَ إبَاحَةً وَإِعَارَةً فَلَا. وَقَفَ عَلَى أَنْ يُدْفَعَ إلَى كُلِّ مَنْ يَقْرَأُ الْقُرْآنَ كُلَّ يَوْمٍ مَنٌّ مِنْ الْخُبْزِ وَرُبْعُ مَنٍّ مِنْ اللَّحْمِ فَلِلْقَيِّمِ أَنْ يَدْفَعَ إلَيْهِمْ قِيمَةَ ذَلِكَ وَرِقًا. وَلَوْ وَقَفَ عَلَى أَنْ يَتَصَدَّقَ بِفَاضِلِ غَلَّةِ الْوَقْفِ عَلَى مَنْ يَسْأَلُ فِي مَسْجِدِ كَذَا كُلَّ يَوْمٍ كَذَا فَلِلْقَيِّمِ أَنْ يَتَصَدَّقَ عَلَى السُّؤَالِ فِي غَيْرِ ذَلِكَ الْمَسْجِدِ أَوْ خَارِجِ الْمَسْجِدِ أَوْ عَلَى فَقِيرٍ لَا يَسْأَلُ قَالَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - الْأَوْلَى عِنْدِي أَنْ يُرَاعِيَ فِي هَذَا الْأَخِيرِ شَرْطَ الْوَاقِفِ. لَوْ انْكَشَفَ سَقْفُ السُّوقِ فَغَلَبَ الْحَرُّ عَلَى الْمَسْجِدِ الصَّيْفِيِّ لِوُقُوعِ الشَّمْسِ فِيهِ فَلِلْقَيِّمِ سَدُّ سَقْفِ السُّوقِ مِنْ مَالِ الْمَسْجِدِ بِقَدْرِ مَا يَنْدَفِعُ بِهِ هَذَا الْقَدْرُ. دَارٌ مُسَبَّلَةٌ أَجْرُ مِثْلِهَا خَمْسَةٌ، وَمَا كَانَ يُعْطِي السَّاكِنُ فِيهَا إلَّا ثَلَاثَةً ثُمَّ ظَفِرَ الْقَيِّمُ بِمَالِ السَّاكِنِ فَلَهُ أَنْ يَأْخُذَ ذَلِكَ النُّقْصَانَ وَيَصْرِفَهُ إلَى مَصْرِفِهِ قَضَاءً وَدِيَانَةً. قَيِّمٌ أَنْفَقَ فِي عِمَارَةِ الْمَسْجِدِ مِنْ مَالِ نَفْسِهِ ثُمَّ رَجَعَ بِمِثْلِهِ فِي غَلَّةِ الْوَقْفِ جَازَ سَوَاءٌ كَانَ عَلَيْهِ مُسْتَوْفًى غَالِبًا أَوْ غَيْرَ مُسْتَوْفًى. وَفِي أَدَبِ الْقَاضِي لِلْخَصَّافِ يُقْبَلُ قَوْلُ الْوَصِيِّ فِي الْمُحْتَمَلِ دُونَ الْقَيِّمِ لِأَنَّ الْوَصِيَّ مَنْ فُوِّضَ إلَيْهِ الْحِفْظُ دُونَ التَّصَرُّفِ، وَكَثِيرٌ مِنْ الْمَشَايِخِ سَوَّى بَيْنَ الْوَصِيِّ وَالْقَيِّمِ فِيمَا لَا بُدَّ فِيهِ مِنْ الْإِنْفَاقِ وَقَالُوا يُقْبَلُ قَوْلُهُمَا فِيهِ وَقَاسُوهُ عَلَى قَيِّمِ الْمَسْجِدِ أَوْ وَاحِدٍ مِنْ أَهْلِهِ إذَا اشْتَرَى لِلْمَسْجِدِ مَا لَا بُدَّ مِنْهُ كَالْحَصِيرِ، وَالْحَشِيشِ، وَالدُّهْنِ أَوْ أُجْرَةِ الْخَادِمِ، وَنَحْوِهِ، وَلَا يَضْمَنُ لِلْإِذْنِ دَلَالَةً، وَلَا يَتَعَطَّلُ الْمَسْجِدُ كَذَا هَذَا، وَبِهِ يُفْتَى فِي زَمَانِنَا مِنْ الْقُنْيَةِ. اشْتَرَى بَيْتًا وَسَكَنَهُ ثُمَّ ظَهَرَ أَنَّهُ وَقْفٌ يَجِبُ أَجْرُ الْمِثْلِ. سُئِلَ بَعْضَ الْمُفْتِينَ رَجُلٌ زَرَعَ فِي أَرْضِ الْوَقْفِ بِدُونِ إذْنِ الْمُتَوَلِّي برين كارنده شِرَاء غلة وَاجِب شوديا غلة زمين جنانكه مَعْهُود است دران مَوْضِع سه يك يَا جهاريك قَالَ نكاه كندكه وَقَفَ را كدام بهتر است شِرَاء غله يَا غله زمين بردا شتن آن طَلَب كند. وَقَالَ بَعْضُهُمْ يَنْبَغِي أَنْ يَجِبَ الثُّلُثُ أَوْ الرُّبُعُ عَلَى عُرْفِ ذَلِكَ الْمَوْضِعِ. لَوْ أَرَادَ الْمُتَوَلِّي أَنْ يَشْتَرِيَ ضَيْعَةً بِغَلَّةِ الْوَقْفِ لِتَكُونَ مَوْقُوفَةً عَلَى وَجْهِ الْوَقْفِ الْأَوَّلِ فَقَدْ وَقَعَتْ، وَلَمْ يُوجَدْ فِيهِ رِوَايَةٌ فَقِيلَ: يُجِيزُهُ الْقَاضِي ثُمَّ اتَّفَقُوا عَلَى إنَّهُ لَمْ يَجُزْ، وَيَضْمَنُ الْمُتَوَلِّي لَوْ فَعَلَهُ لِأَنَّهُ يَجُوزُ عَلَى الْوَقْفِ شِرَاءُ مَا يَكُونُ فِيهِ عِمَارَةُ الْوَقْفِ، وَزِيَادَةٌ لِغَلَّتِهِ، وَأَمَّا مَا يَكُونُ وَقْفًا عَلَى وَجْهِ ذَلِكَ الْوَقْفِ فَهُوَ وَقْفٌ آخَرُ لَا مِنْ مَصَالِحِ الْوَقْفِ الْأَوَّلِ. أَلَا يَرَى أَنَّ غَلَّتَهُ تُصْرَفُ إلَى عِمَارَةِ نَفْسِهِ، وَمَا فَضَلَ يُصْرَفُ إلَى عِمَارَةِ الْوَقْفِ الْأَوَّلِ. وَفِي الْقُنْيَةِ اجْتَمَعَ مِنْ مَالِ الْمَسْجِدِ شَيْءٌ فَقِيلَ لَيْسَ لِلْقَيِّمِ أَنْ يَشْتَرِيَ بِهِ دَارًا لِلْوَقْفِ وَلَوْ فَعَلَ وَوَقَفَ يَكُونُ وَقْفُهُ، وَيَضْمَنُ وَقِيلَ: يَجُوزُ اسْتِحْسَانًا، وَبِهِ أَفْتَى مُحَمَّدُ بْنُ سَلَمَةَ، وَسُئِلَ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ الْحَلْوَانِيُّ عَنْ وَقْفٍ تَعَذَّرَ اسْتِغْلَالُهُ هَلْ لِلْمُتَوَلِّي أَنْ يَبِيعَهُ وَيَشْتَرِيَ بِثَمَنِهِ آخَرَ مَكَانَهُ قَالَ: نَعَمْ قِيلَ لَهُ: لَوْ لَمْ يَتَعَطَّلْ، وَلَكِنْ يُوجَدُ بِثَمَنِهِ مَا هُوَ خَيْرٌ مِنْهُ قَالَ لَا يَبِيعُهُ وَقِيلَ: لَمْ يَجُزْ بَيْعُ الْوَقْفِ تَعَطَّلَ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 329 أَوْ لَا، وَكَذَا لَمْ يَجُزْ الِاسْتِبْدَالُ بِهِ. قَالَ قَاضِي خَانْ إذَا لَمْ يَشْتَرِطْ الْوَاقِفُ الِاسْتِبْدَالَ أَشَارَ فِي السِّيَرِ إلَى إنَّهُ لَا يَمْلِكُ الِاسْتِبْدَالَ إلَّا الْقَاضِي إذَا رَأَى الْمَصْلَحَةَ. وَقَفَ عَلَى مَعْلُومِينَ يُحْصَى عَدَدُهُمْ لَوْ نَصَبُوا مُتَوَلِّيًا بِلَا إذْنِ الْقَاضِي لَمْ يَجُزْ، وَهُوَ الْمُخْتَارُ، وَمَا أَنْفَقَ هَذَا الْمُتَوَلِّي فِي الْوَقْفِ لَا يَضْمَنُ لِأَنَّهُ لَمَّا آجَرَ الْوَقْفَ، وَأَنَّهُ لَيْسَ بِمُتَوَلٍّ صَارَ غَاصِبًا فَتَكُونُ الْغَلَّةُ لَهُ فَلَا يَضْمَنُ، وَهَذَا عَلَى ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ، وَالْفَتْوَى عَلَى أَنَّ مَنَافِعَ الْوَقْفِ تُضْمَنُ فِي الْغَصْبِ كَمَا مَرَّ هَذِهِ الْجُمْلَةُ مِنْ الْفُصُولَيْنِ. مَاتَ الْقَيِّمُ فَاجْتَمَعَ أَهْلُ الْمَسْجِدِ، وَجَعَلُوا رَجُلًا مُتَوَلِّيَهُ بِغَيْرِ أَمْرِ الْقَاضِي فَأَنْفَقَ الْمُتَوَلِّي فِي الْمَسْجِدِ بِالْمَعْرُوفِ تَكَلَّمَ الْمَشَايِخُ فِي جَوَازِ هَذِهِ التَّوْلِيَةِ، وَالْمُخْتَارُ أَنَّهَا لَا تَجُوزُ، وَلَا يَضْمَنُ مَا أَنْفَقَ مِنْ مَالِ الْمَسْجِدِ عَلَى الْمَسْجِدِ مِنْ الْخُلَاصَةِ. لَوْ أَجَرَ الْمَوْقُوفَ عَلَيْهِ، وَلَمْ يَكُنْ نَاظِرًا حَتَّى لَمْ يَصِحَّ، وَأَذِنَ لِلْمُسْتَأْجِرِ فِي الْعِمَارَةِ فَأَنْفَقَ لَمْ يَرْجِعْ عَلَى أَحَدٍ، وَكَانَ مُتَطَوِّعًا كَذَا فِي أَوَاخِرِ الْفَنِّ الثَّالِثِ مِنْ الْأَشْبَاهِ نَقْلًا عَنْ الْخِزَانَةِ. أَجَرَ الْمَوْقُوفَ عَلَيْهِ عَشْرَ سِنِينَ ثُمَّ مَاتَ بَعْدَ خَمْسٍ، وَانْتَقَلَ إلَى مَصْرِفٍ آخَرَ انْتَقَضَتْ الْإِجَارَةُ، وَيُرْجَعُ بِمَا بَقِيَ مِنْ الْأَجْرِ فِي تَرِكَةِ الْمَيِّتِ مِنْ إجَارَاتِ الْقُنْيَةِ. رَجُلٌ وَقَفَ فِي صِحَّتِهِ ضَيْعَةً وَمَاتَ، وَجَاءَ رَجُلٌ وَادَّعَى أَنَّ الضَّيْعَةَ لَهُ فَأَقَرَّ بَعْضُ الْوَرَثَةِ أَوْ اُسْتُحْلِفَ فَنَكَلَ قَالَ الْفَقِيهُ أَبُو جَعْفَرٍ لَا يُصَدَّقُ الْوَارِثُ عَلَى إبْطَالِ الْوَقْفِ، وَيَضْمَنُ هَذَا الْوَارِثُ لِلْمُقِرِّ لَهُ قِيمَةَ حِصَّتِهِ مِنْ تَرِكَةِ الْمَيِّتِ فِي قَوْلِ مَنْ يَرَى الْعَقَارَ مَضْمُونًا بِالْغَصْبِ. دَارٌ مَوْقُوفَةٌ عَلَى أَخَوَيْنِ غَابَ أَحَدُهُمَا وَقَبَضَ الْحَاضِرُ غَلَّتَهَا تِسْعَ سِنِينَ ثُمَّ مَاتَ الْحَاضِرُ وَتَرَكَ وَصِيًّا ثُمَّ حَضَرَ الْغَائِبُ، وَطَلَبَ الْوَصِيُّ بِنَصِيبِهِ مِنْ الْغَلَّةِ قَالَ الْفَقِيهُ أَبُو جَعْفَرٍ إنْ كَانَ الْحَاضِرُ الَّذِي قَبَضَ الْغَلَّةَ هُوَ الْقَيِّمُ كَانَ لِلْغَائِبِ أَنْ يَرْجِعَ فِي تَرِكَةِ الْمَيِّتِ بِحِصَّتِهِ مِنْ الْغَلَّةِ، وَإِلَّا فَالْغَلَّةُ كُلُّهَا لِلْحَاضِرِ فِي الْحُكْمِ، وَلَا يَطِيبُ لَهُ بَلْ يَتَصَدَّقُ بِمَا قَبَضَ مِنْ حِصَّةِ الْغَائِبِ مِنْ الْخُلَاصَةِ. لَمْ يَأْخُذْ الْإِمَامُ مِنْ غَلَّةِ الْوَقْفِ سِنِينَ ثُمَّ مَاتَ لَا يُوَرَّثُ لِأَنَّ هَذِهِ صِلَةٌ لَمْ تُقْبَضْ، وَلَا يَجُوزُ أَخْذُهُ لِلْإِمَامِ الثَّانِي، وَيَنْبَغِي أَنْ يُصْرَفَ إلَى عِمَارَةِ أَوْقَافِ الْإِمَامِ. إذَا كَانَ رُبْعُ غَلَّةِ الْوَقْفِ لِلْعِمَارَةِ، وَثَلَاثَةُ أَرْبَاعِهَا لِلْفُقَرَاءِ لَمْ يَجُزْ لِلْقَيِّمِ أَنْ يَصْرِفَ رُبْعَ الْعِمَارَةِ إذَا اسْتَغْنَى عَنْهَا إلَى الْفُقَرَاءِ، وَأَنْ يَسْتَرِدَّ ذَلِكَ مِنْ حِصَّتِهِمْ فِي السَّنَةِ الثَّالِثَةِ. وَقَفَ عَلَى عَالَمٍ بِعَيْنِهِ لِيَصْرِفَ نِصْفَ غَلَّتِهِ إلَى نَفْسِهِ وَنِصْفَهَا إلَى مَنْ يَخْتَلِفُ إلَيْهِ فِي دَرْسِهِ، وَلَمْ يَخْتَلِفْ إلَيْهِ أَحَدٌ فِي السَّنَةِ فَصَرَفَ الْكُلَّ إلَى نَفْسِهِ ثُمَّ نَدِمَ عَلَى صَرْفِ نَصِيبِ غَيْرِهِ إلَيْهِ فَقَالَ هَذِهِ لُقَطَةٌ فَتَصَدَّقَ بِهَا عَلَى الْفُقَرَاءِ كَرَدِّهِ غَلَّةً إلَى مَسْجِدٍ قَدْ خَرِبَ، وَفِي الْمَحَلَّةِ مَسْجِدٌ آخَرُ لَيْسَ لِأَهْلِ الْمَحَلَّةِ أَنْ يَصْرِفُوهَا إلَيْهِ. جَمَدٌ مَوْقُوفٌ عَلَى أَهْلِ مَسْجِدٍ مُعَيَّنٍ إذَا بَقِيَ مِنْهُ شَيْءٌ يَضِيعُ وَيَذُوبُ، وَغَرَضُ الْوَاقِفِ التَّصَرُّفُ بِاسْتِمْتَاعِ النَّاسِ لَا التَّضْيِيعُ جَازَ لِأَهْلِ الْمَحَلَّةِ أَنْ يَأْخُذُوهُ إلَى بُيُوتِهِمْ. قَضَى الْقَاضِي بِدُخُولِ أَوْلَادِ الْبَنَاتِ فِي الْوَقْفِ عَلَى أَوْلَادِ الْأَوْلَادِ بَعْدَ مُضِيِّ سِنِينَ لَا يَظْهَرُ حُكْمُهُ إلَّا فِي غَلَّةِ الْمُسْتَقْبَلِ دُونَ مَا مَضَى قِيلَ: أَلَيْسَ يَسْتَنِدُ الْحُكْمُ إلَى وَقْتِ الْوَقْفِ فَقَالَ: بَلَى، وَلَكِنْ فِي حَقِّ الْمَوْجُودِ وَقْتَ الْحُكْمِ، وَغَلَّاتُ تِلْكَ السِّنِينَ مَعْدُومَةٌ كَالْحُكْمِ بِفَسَادِ النِّكَاحِ بِغَيْرِ وَلِيٍّ لَا يَظْهَرُ فِي الْوَطَآتِ الْمَاضِيَةِ، وَالْمَهْرُ قِيلَ: أَلَيْسَ أَنَّ الْقَضَاءَ يَظْهَرُ فِي عَدَمِ وُقُوعِ الثَّلَاثِ إنْ كَانَتْ مَعْدُومَةً فَقَالَ إنَّمَا يَظْهَرُ فِي حُكْمِهَا لَا فِيهَا، وَهُوَ بُطْلَانُ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 330 مَحَلِّيَّةِ النِّكَاحِ، وَإِنَّمَا هُوَ أَمْرٌ بَاقٍ بِخِلَافِ الْغَلَّةِ الْمُسْتَهْلَكَةِ وَلَوْ كَانَتْ غَلَّةُ السِّنِينَ الْمَاضِيَةِ قَائِمَةً يَسْتَحِقُّ أَوْلَادُ الْبَنَاتِ حِصَّتَهُمْ مِنْهَا. وَفِي وَقْفِ النَّاصِحِيِّ إذَا أَجَرَ الْوَاقِفُ أَوْ قَيِّمُهُ أَوْ وَصِيُّ الْوَاقِفِ أَوْ الْقَاضِي أَوْ أَمِينُهُ وَقَالَ قَبَضْت الْغَلَّةَ فَضَاعَتْ أَوْ صَرَفْتهَا عَلَى الْمَوْقُوفِ عَلَيْهِمْ، وَأَنْكَرُوا فَالْقَوْلُ لَهُ مَعَ يَمِينِهِ. وَلَا يَجُوزُ بَيْعُ قِطْعَةٍ مِنْ الْوَقْفِ لِيَرُمَّ مَا بَقِيَ، وَلَا بَيْعُ الْبِنَاءِ الْقَدِيمِ فَإِنْ هَدَمَ الْمُشْتَرِي الْبِنَاءَ فَلِلْقَاضِي أَنْ يُضَمِّنَ الْبَائِعَ أَوْ الْمُشْتَرِيَ فَإِنْ ضَمَّنَ الْبَائِعَ نَفَذَ بَيْعُهُ، وَإِنْ ضَمَّنَ الْمُشْتَرِيَ لَا يَنْفُذُ، وَيَمْلِكُ الْمُشْتَرِي الْبِنَاءَ بِالضَّمَانِ، وَيَكُونُ الضَّمَانُ لِلْوَقْفِ لَا لِلْمَوْقُوفِ عَلَيْهِ. رَجُلٌ وَقَفَ ضَيْعَةً فِي صِحَّتِهِ ثُمَّ مَاتَ فَادَّعَى إنْسَانٌ أَنَّ الضَّيْعَةَ لَهُ فَأَقَرَّ الْوَرَثَةُ بِذَلِكَ لَمْ يَبْطُلْ الْوَقْفُ، وَيَضْمَنُونَ لَهُ قِيمَةَ الضَّيْعَةِ مِنْ تَرِكَةِ الْمَيِّتِ بِالْإِجْمَاعِ لِأَنَّهُمْ أَقَرُّوا بِإِتْلَافِ الْعَقَارِ، وَالْعَقَارُ مَضْمُونٌ بِالْإِتْلَافِ، وَإِنْ أَنْكَرَ الْوَرَثَةُ فَلَا يَمِينَ عَلَيْهِمْ إنْ أَرَادَ الْمُدَّعِي أَخْذَ الضَّيْعَةِ، وَإِنَّ أَرَادَ أَخْذَ قِيمَتِهَا فَلَهُ تَحْلِيفُهُمْ. لَوْ زَرَعَ الْوَاقِفُ الْأَرْضَ الْمَوْقُوفَةَ بِبَذْرِ نَفْسِهِ وَقَالَ زَرَعْتهَا لِنَفْسِي فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ، وَالزَّرْعُ لَهُ وَلَوْ سَأَلَ أَهْلُ الْوَقْفِ مِنْ الْقَاضِي أَنْ يُخْرِجَهَا مِنْ يَدِهِ لَا يُخْرِجُهَا مِنْ يَدِهِ وَلَوْ فَعَلَ ذَلِكَ الْمُتَوَلِّي يُخْرِجُهَا مِنْ يَدِهِ، وَمَا نَقَصَ مِنْ الْأَرْضِ، وَهَذَا الْفَرْقُ يَصِحُّ عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ لِأَنَّهُ لَا يَشْتَرِطُ التَّسْلِيمَ إلَى الْمُتَوَلِّي، وَعِنْدَ مُحَمَّدٍ يُخْرِجُ الْأَرْضَ مِنْ يَدِ الْوَاقِفِ أَيْضًا لِأَنَّهُ شَرَطَ التَّسْلِيمَ إلَى الْمُتَوَلِّي. وَلَا بَأْسَ بِبِنَاءِ الْمَنَارَةِ مِنْ غَلَّةِ أَوْقَافِ الْمَسْجِدِ إنْ كَانَ فِيهِ مَصْلَحَةُ الْمَسْجِدِ أَوْ يَكُونُ الْأَذَانُ عَلَيْهَا أَسْمَعَ لِلْقَوْمِ مَرَّ. وَيَجُوزُ شِرَاءُ الدُّهْنِ وَالْحُصْرِ وَالْحَشِيشِ مِنْ غَلَّةِ الْمَسْجِدِ إذَا شَرَطَ الْوَاقِفُ ذَلِكَ، وَإِلَّا فَلَا يَجُوزُ، وَإِنْ لَمْ يَعْرِفْ شَرْطَ الْوَاقِفِ يَنْظُرُ إلَى مَا قَبْلَهُ فَإِنْ كَانُوا يَشْتَرُونَ ذَلِكَ مِنْ غَلَّةِ الْمَسْجِدِ جَازَ، وَإِلَّا فَلَا. وَيَجُوزُ أَنْ يَتْرُكَ سِرَاجَ الْمَسْجِدِ فِيهِ مِنْ وَقْتِ الْغُرُوبِ إلَى ثُلُثِ اللَّيْلِ، وَيَجُوزُ أَكْثَرُ مِنْ الثُّلُثِ إلَّا أَنْ يَكُونَ فِي مَوْضِعٍ جَرَتْ الْعَادَةُ بِتَرْكِهِ فِي اللَّيْلِ كُلِّهِ كَمَسْجِدِ بَيْتِ الْمَقْدِسِ، وَالْحَرَامِ، وَمَسْجِدِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وَلَيْسَ لِلْقَاضِي أَنْ يُنَصِّبَ خَادِمًا لِلْمَسْجِدِ بِأَجْرٍ بِدُونِ شَرْطِ الْوَاقِفِ، مِنْ الْوَجِيزِ. لَوْ كَانَتْ أَرْضُ الْوَقْفِ مُتَّصِلَةً بِبُيُوتِ الْمِصْرِ يَرْغَبُ النَّاسُ فِي اسْتِئْجَارِ بُيُوتِهَا، وَتَكُونُ غَلَّةُ ذَلِكَ فَوْقَ غَلَّةِ الزَّرْعِ وَالنَّخْلِ كَانَ لِلْقَيِّمِ أَنْ يَبْنِيَ فِيهَا بُيُوتًا، وَيُؤَاجِرَهَا إذْ الِاسْتِغْلَالُ بِهَذَا الْوَجْهِ أَنْفَعُ لِلْفُقَرَاءِ. بَيْعُ غَلَّةِ الْمَسْجِدِ بِإِذْنِ الْجَمَاعَةِ بِلَا إذْنِ الْقَاضِي يَجُوزُ، وَقَالَ الْمُتَقَدِّمُونَ: الْأَوْلَى أَنْ يَكُونَ بِإِذْنِ الْقَاضِي وَقَالَ الْمُتَأَخِّرُونَ: الْأَوْلَى أَنْ يَكُونَ بِلَا إذْنِ الْقَاضِي لِغَلَبَةِ الطَّمَعِ فِي هَذَا الزَّمَانِ، مِنْ الْفُصُولَيْنِ. لَوْ اسْتَأْجَرَ الْقَيِّمُ أَجِيرًا بِدِرْهَمٍ وَدَانِقٍ، وَأَجْرُ مِثْلِهِ دِرْهَمٌ يَضْمَنُ جَمِيعَ مَا دَفَعَ إلَيْهِ، وَالْإِجَارَةُ وَقَعَتْ لَهُ، مِنْ الْخُلَاصَةِ. سَكَنَ الدَّارَ سِنِينَ يَزْعُمُ الْمِلْكَ ثُمَّ اُسْتُحِقَّتْ لِلْوَقْفِ بِالْبَيِّنَةِ الْعَادِلَةِ لَا يَجِبُ عَلَيْهِ أَجْرُ مَا مَضَى. ادَّعَى الْقَيِّمُ مَنْزِلًا وَقْفًا فِي يَدِ رَجُلٍ فَجَحَدَ فَأَقَامَ عَلَيْهِ الْبَيِّنَةَ، وَحُكِمَ بِالْوَقْفِيَّةِ لَا يَجِبُ عَلَيْهِ أَجْرُ مَا مَضَى، وَأَمَّا إذَا أَقَرَّ بِالْوَقْفِيَّةِ، وَكَانَ مُتَعَنِّتًا فِي الْإِنْكَارِ، وَجَبَتْ الْأُجْرَةُ، وَفِي الْمُحِيطِ سَكَنَهَا سَنَةً ثُمَّ ظَهَرَ أَنَّهَا وَقْفٌ أَوْ لِصَغِيرٍ يَجِبُ أَجْرُ الْمِثْلِ بِخِلَافِ مَا مَرَّ. اسْتَأْجَرَ رَجُلٌ دَارَ الْوَقْفِ فَأَخَذَهَا الْمُسْتَأْجِرُ الْقَدِيمُ مِنْهُ بِالْغَلَبَةِ وَالْقَهْرِ، وَسَكَنَ فِيهَا تَمَامَ الْمُدَّةِ فَالْأَجْرُ عَلَى الْقَدِيمِ دُونَ الْجَدِيدِ. وَكَذَا لَوْ غَصَبَهَا مِنْهُ الْقَدِيمُ بَعْدَ تَسْلِيمِ الْقَيِّمِ الدَّارَ الْمُسْتَأْجَرَةَ إلَيْهِ. أَحَدُ الشَّرِيكَيْنِ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 331 إذَا اسْتَعْمَلَ الْوَقْفَ كُلَّهُ بِالْغَلَبَةِ أَوْ غَيْرُهُ بِدُونِ إذْنِ الْآخَرِ فَعَلَيْهِ أَجْرُ حِصَّةِ الشَّرِيكِ سَوَاءٌ كَانَ وَقْفًا عَلَى سُكْنَاهُمَا أَوْ مَوْقُوفَةً لِلِاسْتِغْلَالِ، وَفِي الْمِلْكِ الْمُشْتَرَكِ لَا يَلْزَمُ الْأَجْرُ عَلَى الشَّرِيكِ إذَا اسْتَعْمَلَهُ كُلَّهُ، وَإِنْ كَانَ مُعَدًّا لِلْإِجَارَةِ، وَلَيْسَ لِلشَّرِيكِ الَّذِي لَمْ يَسْتَعْمِلْ الْوَقْفَ أَنْ يَقُولَ لِلْآخَرِ أَنَا أَسْتَعْمِلُهُ بِقَدْرِ مَا اسْتَعْمَلَتْهُ لِأَنَّ الْمُهَايَأَةَ إنَّمَا تَكُونُ بَعْدَ الْخُصُومَةِ. ضَيْعَةٌ مَوْقُوفَةٌ مُعَدَّةٌ لِلْإِجَارَةِ فِي يَدِ رَجُلٍ بِغَيْرِ حَقِّ أَجْرِ بَعْضِهَا، وَاسْتُعْمِلَ بَعْضُهَا ثَلَاثَ سِنِينَ ثُمَّ قَضَى الْقَاضِي بِوَقْفِيَّتِهَا بِالْبَيِّنَةِ الْعَادِلَةِ فَلِلْمَوْقُوفِ عَلَيْهِمْ إذْنُ طَلَبِ أَجْرِ مِثْلِ الْأَرْضِ الَّتِي أَجَرَهَا الْمُدَّعَى عَلَيْهِ. دَفَعَ الْإِمَامُ وَاحِدَةً مِنْ الدُّورِ الْمَوْقُوفَةِ إلَى وَجْهِهِ إلَى رَجُلٍ مَجَّانًا فَسَكَنَ فِيهَا مُدَّةً، وَكَانَ الْقَيِّمُ سَلَّمَ هَذِهِ الدُّورَ إلَيْهِ لِيَسْتَغِلَّهَا بِنَفْسِهِ فَعَلَى السَّاكِنِ أَجْرُ الْمِثْلِ. وَلَوْ وَضَعَ الْقَيِّمُ فِي فِنَاءِ مَسْجِدٍ سُوقَ كَرَاسِيَّ وَسُرُرًا يُؤَاجِرُهَا وَيَصْرِفُ إلَى نَفْسِهِ وَالْإِمَامِ فَقَالَ لَيْسَ لَهُ ذَلِكَ، وَعِنْدَنَا لَهُ أَنْ يَصْرِفَ الْأُجْرَةَ إلَى مَنْ شَاءَ لِأَنَّ السُّرُرَ مِلْكُهُ، وَإِنْ لَمْ تَكُنْ مِلْكَهُ يَتَصَدَّقُ بِهَا عَلَى الْإِمَامِ إذَا كَانَ فَقِيرًا. لَا يَجُوزُ إزَالَةُ الْحَائِطِ الَّذِي بَيْنَ الْمَسْجِدَيْنِ لِيَجْعَلَهُمَا وَاحِدًا إذَا لَمْ يَكُنْ فِيهِ مَصْلَحَةٌ ظَاهِرَةٌ، وَكَذَا رَفْعُ سَقْفِهِ، وَيَضْمَنُ الْقَيِّمُ مَا أَنْفَقَ فِيهِ مِنْ مَالِ الْمَسْجِدِ. صَغِيرٌ كَانَ يَأْخُذُ مِنْ السِّقَايَةِ مَاءً لِإِصْلَاحِ الدَّوَاةِ أَوْ قَصْعَةً لِلشُّرْبِ ثُمَّ بَلَغَ وَنَدِمَ لَا يَكْفِيهِ النَّدَمُ بَلْ يَرُدُّ الضَّمَانَ إلَى الْقَيِّمِ، وَلَا يُجْزِيهِ صَبُّ مِثْلِهِ فِي السِّقَايَةِ. أَخَذَ مِنْ السِّقَايَةِ مَاءً مَرَّةً بَعْدَ أُخْرَى حَتَّى بَلَغَ جَرَّةً مَثَلًا، وَكَانَ الْقَيِّمُ قَدْ صَبَّ فِي تِلْكَ السِّقَايَةِ خَمْسِينَ جَرَّةً فَصَبَّ هُوَ جَرَّةً قَضَاءً لِلْحَقِّ بِغَيْرِ إذْنِ الْقَيِّمِ صَارَ ضَامِنًا لِلْكُلِّ. دَارٌ مَوْقُوفَةٌ لِلْمَاءِ، وَلِجِهَةٍ لَيْسَ لِلْقَيِّمِ أَنْ يَشْتَرِيَ مِنْ غَلَّتِهَا خَابِيَةً لِسَقْيِ الْمَاءِ مِنْ الْقُنْيَةِ. لَوْ بَنَى الْمُتَوَلِّي فِي أَرْضِ الْوَقْفِ فَإِنْ كَانَ بِمَالِ الْوَقْفِ فَهُوَ وَقْفٌ، وَإِنْ كَانَ بِمَالِهِ لِلْوَقْفِ أَوْ أَطْلَقَ فَهُوَ وَقْفٌ، وَإِنْ كَانَ لِنَفْسِهِ بِأَنْ أَشْهَدَ عَلَى ذَلِكَ فَهُوَ لَهُ وَلَوْ بَنَى فِي أَرْضِ الْوَقْفِ غَيْرُ الْمُتَوَلِّي فَإِنْ كَانَ بِإِذْنِ الْمُتَوَلِّي لِيَرْجِعَ فَهُوَ وَقْفٌ، وَإِلَّا فَإِنْ بَنَى لِلْوَقْفِ فَهُوَ وَقْفٌ، وَإِنْ بَنَى لِنَفْسِهِ أَوْ أَطْلَقَ لَهُ رَفَعَهُ لَوْ لَمْ يَضُرَّ، وَإِنْ أَضَرَّ فَهُوَ الْمُضَيِّعُ لِمَالِهِ فَلِيَتَرَبَّصْ إلَى خَلَاصِهِ، وَفِي بَعْضِ الْكُتُبِ لِلنَّاظِرِ تَمَلُّكُهُ بِأَقَلِّ الْقِيمَتَيْنِ لِلْوَقْفِ مَنْزُوعًا، وَغَيْرَ مَنْزُوعٍ بِمَالِ الْوَقْفِ. الِاسْتِدَانَةُ عَلَى الْوَقْفِ لَا تَجُوزُ إلَّا إذَا اُحْتِيجَ إلَيْهَا لِمَصْلَحَةِ الْوَقْفِ كَتَعْمِيرٍ وَشِرَاءِ بَذْرٍ فَتَجُوزُ بِشَرْطَيْنِ الْأَوَّلُ إذْنُ الْقَاضِي إلَّا إذَا كَانَ الْمُتَوَلِّي يَبْعُدُ مِنْهُ فَيَسْتَدِينُ بِنَفْسِهِ الثَّانِي أَنْ لَا يَتَيَسَّرَ إجَارَةُ الْعَيْنِ، وَالصَّرْفِ مِنْ أُجْرَتِهَا، وَلَيْسَ مِنْ الضَّرُورَةِ الصَّرْفُ عَلَى الْمُسْتَحَقِّينَ، وَالِاسْتِدَانَةُ الْقَرْضُ أَوْ الشِّرَاءُ بِالنَّسِيئَةِ، وَهَلْ يَجُوزُ لِلْمُتَوَلِّي أَنْ يَشْتَرِيَ مَتَاعًا بِأَكْثَرَ مِنْ قِيمَتِهِ، وَيَبِيعَهُ، وَيَصْرِفَهُ عَلَى الْعِمَارَةِ، وَيَكُونَ الرِّبْحُ عَلَى الْوَقْفِ؟ الْجَوَابُ: نَعَمْ، كَمَا حَرَّرَهُ ابْنُ وَهْبَانَ. إِقَالَةُ النَّاظِرِ عَقْدَ الْإِجَارَةِ جَائِزَةٌ إلَّا فِي مَسْأَلَتَيْنِ الْأُولَى إذَا كَانَ الْعَاقِدُ نَاظِرًا قَبْلَهُ. الثَّانِيَةُ إذَا كَانَ النَّاظِرُ يُعَجِّلُ الْأُجْرَةَ. لَوْ شَرَطَ الْوَاقِفُ أَنْ يَتَصَدَّقَ بِفَاضِلِ الْغَلَّةِ عَلَى مَنْ يَسْأَلُ فِي مَسْجِدِ كَذَا كُلَّ يَوْمٍ لَا يَجِبُ مُرَاعَاةُ شَرْطِهِ فَلِلْقَيِّمِ أَنْ يَتَصَدَّقَ عَلَى سَائِلِ غَيْرِ ذَلِكَ الْمَسْجِدِ أَوْ خَارِجِ الْمَسْجِدِ أَوْ عَلَى مَنْ لَا يَسْأَلُ، وَكَذَا يَجُوزُ لِلْقَاضِي الزِّيَادَةُ عَلَى مَعْلُومِ الْإِمَامِ إذَا كَانَ لَا يَكْفِي، وَكَانَ عَالِمًا تَقِيًّا. الدُّورُ وَالْحَوَانِيتُ الْمُسَبَّلَةُ فِي يَدِ الْمُسْتَأْجِرِ يُمْسِكُهَا بِغَبْنٍ فَاحِشٍ بِنِصْفِ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 332 أُجْرَةِ الْمِثْلِ أَوْ نَحْوَهُ لَا يَعْذِرُ أَهْلَ الْمَحَلَّةِ بِالسُّكُوتِ عَنْهُ إذَا أَمْكَنَهُمْ رَفْعُهُ، وَيَجِبُ عَلَى الْحَاكِمِ أَنْ يَأْمُرَهُ بِالِاسْتِئْجَارِ بِأَجْرِ الْمِثْلِ، وَوَجَبَ عَلَيْهِ تَسْلِيمُ زَائِدِ السِّنِينَ الْمَاضِيَةِ. وَلَوْ كَانَ الْقَيِّمُ سَاكِتًا مَعَ قُدْرَتِهِ عَلَى الرَّفْعِ إلَى الْقَاضِي لَا غَرَامَةَ عَلَيْهِ، وَإِنَّمَا هِيَ عَلَى الْمُسْتَأْجِرِ، وَإِذَا ظَفِرَ النَّاظِرُ بِمَالِ السَّاكِنِ فَلَهُ أَخْذُ النُّقْصَانِ مِنْهُ فَيَصْرِفُهُ فِي مَصْرِفِهِ قَضَاءً وَدِيَانَةً. إذَا قَبَضَ الْمُسْتَحِقُّ الْمَعْلُومَ ثُمَّ مَاتَ أَوْ عُزِلَ فَإِنَّهُ لَا يَسْتَرِدُّ مِنْهُ حِصَّةَ مَا بَقِيَ مِنْ السَّنَةِ. النَّاظِرُ إذَا أَجَرَ إنْسَانًا فَهَرَبَ وَمَالُ الْوَقْف عَلَيْهِ لَا يَضْمَنُ بِخِلَافِ مَا إذَا فَرَّطَ فِي خَشَبِ الْوَقْفِ حَتَّى ضَاعَ فَإِنَّهُ يَضْمَنُ. إذَا حَصَلَ تَعْمِيرُ الْوَقْفِ فِي سَنَةٍ وَقَطَعَ مَعْلُومَ الْمُسْتَحَقِّينَ كُلَّهُمْ أَوْ بَعْضَهُمْ فَمَا قَطَعَ لَا يَبْقَى لَهُمْ دَيْنًا عَلَى الْوَقْفِ إذْ لَا حَقَّ لَهُمْ فِي الْغَلَّةِ زَمَنَ التَّعْمِيرِ بَلْ زَمَنَ الِاحْتِيَاجِ إلَيْهِ عُمُرًا، وَلَا وَإِذَا صَرَفَ النَّاظِرُ لَهُمْ مَعَ الْحَاجَةِ إلَى التَّعْمِيرِ فَإِنَّهُ يَضْمَنُ، وَإِذَا ضَمِنَ هَلْ يَرْجِعُ عَلَيْهِمْ بِمَا دَفَعَهُ لِكَوْنِهِمْ قَبَضُوا مَالًا يَسْتَحِقُّونَهُ أَوْ لَا لَمْ أَرَهُ صَرِيحًا لَكِنَّ الْقَوَاعِدَ تَدُلُّ عَلَى عَدَمِ الرُّجُوعِ فَإِنَّهُمْ قَالُوا فِي بَابِ النَّفَقَاتِ إنَّ مُودِعَ الْغَائِبِ إذَا أَنْفَقَ الْوَدِيعَةَ عَلَى أَبَوَيْ الْمُودِعِ بِغَيْرِ إذْنِهِ، وَإِذْنِ الْقَاضِي فَإِنَّهُ يَضْمَنُ، وَإِذَا ضَمِنَ لَا يَرْجِعُ عَلَيْهِمَا إلَى غَيْرِ ذَلِكَ بِخِلَافِ مَا لَوْ شَرَطَ الْوَاقِفُ قَضَاءَ دَيْنِهِ ثُمَّ يَصْرِفُ الْفَاضِلَ إلَى الْفُقَرَاءِ فَلَمْ يَظْهَرْ دَيْنٌ فِي تِلْكَ السَّنَةِ فَصَرَفَ الْفَاضِلَ إلَى الْمَصْرِفِ الْمَذْكُورِ ثُمَّ ظَهَرَ دَيْنٌ عَلَى الْوَاقِفِ حَيْثُ يَسْتَرِدُّ ذَلِكَ مِنْ الْمَدْفُوعِ إلَيْهِمْ لِأَنَّ النَّاظِرَ لَيْسَ بِمُعْتَدٍ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ لِعَدَمِ ظُهُورِ الدَّيْنِ وَقْتَ الدَّفْعِ فَلَمْ يَمْلِكْهُ الْقَابِضُ فَكَانَ لِلنَّاظِرِ اسْتِرْدَادُهُ، وَفِي مَسْأَلَتِنَا هُوَ مُتَعَدٍّ لِكَوْنِهِ صَرَفَ عَلَيْهِمْ مَعَ عِلْمِهِ بِالْحَاجَةِ إلَى التَّعْمِيرِ هَذِهِ الْجُمْلَةُ مِنْ الْأَشْبَاهِ. الْمُسْتَأْجِرُ بَنَى فِي دَارِ الْوَقْفِ عَلَى أَنْ يَرْجِعَ فِي الْغَلَّةِ فَلَهُ الرُّجُوعُ. حَانُوتٌ وَقْفٌ بَنَى فِيهِ سَاكِنُهُ بِلَا إذْنِ مُتَوَلِّيهِ وَقَالَ أَنْفَقْت كَذَا لَوْ لَمْ يَضُرَّ رَفْعُهُ بِبِنَائِهِ الْقَدِيمِ رَفَعَهُ، وَهُوَ لِلسَّاكِنِ، وَإِنْ تَضَرَّرَ بِرَفْعِهِ فَهُوَ الَّذِي ضَيَّعَ مَالَهُ فَيَتَرَبَّصُ إلَى أَنْ يَتَخَلَّصَ مَالُهُ مِنْ تَحْتِ الْبِنَاءِ ثُمَّ يَأْخُذُهُ، وَلَا يَكُونُ بِنَاءُ الْمُسْتَأْجِرِ فِيهِ مَانِعًا مِنْ صِحَّةِ الْإِجَارَةِ مِنْ غَيْرِهِ وَلَوْ اصْطَلَحُوا عَلَى أَنْ يَجْعَلَ ذَلِكَ لِلْوَقْفِ بِثَمَنٍ لَا يُجَاوِزُ أَقَلَّ الْقِيمَتَيْنِ مَنْزُوعًا أَوْ مَبْنِيًّا فِيهِ جَازَ. وَلَوْ بَنَى بِأَمْرِ مُتَوَلِّيهِ عَلَى أَنْ يَرْجِعَ فِي غَلَّةِ الْوَقْفِ فَالْبِنَاءُ لِلْوَقْفِ، وَيَرْجِعُ بِمَا أَنْفَقَ. إمَامُ الْمَسْجِدِ رَفَعَ الْغَلَّةَ، وَذَهَبَ قَبْلَ مُضِيِّ السَّنَةِ لَا يَسْتَرِدُّ مِنْهُ غَلَّةَ بَعْضِ السَّنَةِ، وَالْعِبْرَةُ لِوَقْتِ الْحَصَادِ فَإِنْ كَانَ الْإِمَامُ وَقْتَ الْحَصَادِ يَؤُمُّ فِي الْمَسْجِدِ يَسْتَحِقُّ مِنْ الْفُصُولَيْنِ. أَمَّ الْإِمَامُ شَهْرًا، وَاسْتَوْفَى غَلَّةَ السَّنَةِ ثُمَّ نَصَّبَ أَهْلُ الْمَحَلَّةِ إمَامًا آخَرَ لَيْسَ لَهُمْ أَنْ يَسْتَرِدُّوا مَا أَخَذَ، وَكَذَا لَوْ انْتَقَلَ بِنَفْسِهِ لَوْ أَخَذَ الْإِمَامُ الْغَلَّةَ وَقْتَ الْإِدْرَاكِ ثُمَّ انْتَقَلَ لَا يُسْتَرَدُّ مِنْهُ حِصَّةُ مَا بَقِيَ مِنْ السَّنَةِ كَالْقَاضِي إذَا مَاتَ وَقَدْ أَخَذَ رِزْقَ السَّنَةِ مِنْ الْقُنْيَةِ. إذَا طَالَبَ أَهْلُ الْمَحَلَّةِ الْقَيِّمَ أَنْ يُقْرِضَ مِنْ مَالِ الْمَسْجِدِ لِلْإِمَامِ فَأَبَى فَأَمَرَهُ الْقَاضِي بِهِ فَأَقْرَضَهُ ثُمَّ مَاتَ الْإِمَامُ مُفْلِسًا لَا يَضْمَنُ الْقَيِّمُ؛ لِأَنَّهُ لَا يَضْمَنُ بِالْإِقْرَاضِ بِإِذْنِ الْقَاضِي لِأَنَّ لِلْقَاضِي الْإِقْرَاضَ مِنْ مَالِ الْمَسْجِدِ مِنْ دَعْوَى الْأَشْبَاهِ. مُتَوَلِّي الْوَقْفِ إذَا بَاعَ شَيْئًا بِأَكْثَرَ مِنْ قِيمَتِهِ ثُمَّ أَقَالَ الْبَيْعَ لَا يَصِحُّ كَذَا فِي وَصَايَا الْمُشْتَمِلِ نَقْلًا عَنْ الْعِمَادِيَّةِ. لَيْسَ لِلْمُتَوَلِّي إيدَاعُ مَالِ الْوَقْفِ وَالْمَسْجِدِ إلَّا مِمَّنْ فِي عِيَالِهِ، وَلَا إقْرَاضُهُ فَلَوْ أَقْرَضَ ضَمِنَ، وَكَذَا الْمُسْتَقْرِضُ، وَذَكَرَ أَنَّ الْقَيِّمَ لَوْ أَقْرَضَ مَالَ الْمَسْجِدِ لِيَأْخُذَهُ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 333 عِنْدَ الْحَاجَةِ، وَهُوَ أَحْرَزُ مِنْ إمْسَاكِهِ فَلَا بَأْسَ، وَفِي (عَدِّهِ) يَسَعُ الْمُتَوَلِّيَ إقْرَاضُ مَا فَضَلَ مِنْ غَلَّةِ الْوَقْفِ لَوْ أُحْرِزَ. لَيْسَ لِلْقَيِّمِ فِي هَذَا الزَّمَانِ أَنْ يَزْرَعَ فِي أَرْضِ الْوَقْفِ. الْمُتَوَلِّي لَوْ أَبْرَأَ الْمُشْتَرِيَ يَصِحُّ، وَيَضْمَنُ عِنْدَهُمَا، وَلَا يَصِحُّ عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ، مِنْ الْفُصُولَيْنِ. الْقَيِّمُ إذَا ادَّعَى أَنَّهُ أَنْفَقَ مِنْ مَالِ نَفْسِهِ عَلَى الْوَقْفِ، وَأَرَادَ الرُّجُوعَ لَا يَكُونُ لَهُ ذَلِكَ لِأَنَّهُ ادَّعَى دَيْنًا لِنَفْسِهِ عَلَى الْوَقْفِ فَلَا يُصَدَّقُ بِمُجَرَّدِ الدَّعْوَى بِلَا بَيِّنَةٍ هَذَا إذَا ادَّعَى الْإِنْفَاقَ مِنْ مَالِ نَفْسِهِ، وَإِنْ ادَّعَى الْإِنْفَاقَ مِنْ مَالِ الْوَقْفِ فَلَوْ ادَّعَى مَا يُنْفِقُ فِي تِلْكَ الْمُدَّةِ عَلَى مِثْلِهَا يُقْبَلُ قَوْلُهُ كَذَا فِي مُشْتَمِلِ الْهِدَايَةِ نَقْلًا عَنْ الْعِمَادِيَّةِ مِنْ الْوَصَايَا. بَعَثَ شَمْعًا فِي رَمَضَانَ إلَى مَسْجِدٍ فَأُحْرِقَ، وَبَقِيَ مِنْهُ ثُلُثُهُ أَوْ دُونَهُ لَيْسَ لِلْإِمَامِ، وَلَا لِلْمُؤَذِّنِ أَنْ يَأْخُذَهُ بِغَيْرِ إذْنِ الدَّافِعِ. وَلَوْ كَانَ الْعُرْفُ فِي ذَلِكَ الْمَوْضِعِ إنَّ الْإِمَامَ يَأْخُذُهُ مِنْ غَيْرِ صَرِيحِ الْإِذْنِ فِي ذَلِكَ فَلَهُ ذَلِكَ مِنْ الْقَاعِدَةِ السَّادِسَةِ مِنْ الْأَشْبَاهِ. قَيِّمُ الْوَقْفِ لَوْ أَدْخَلَ جِذْعًا فِي دَارِ الْوَقْفِ لِيَرْجِعَ فِي غَلَّتِهَا لَهُ ذَلِكَ كَالْوَصِيِّ لَوْ أَنْفَقَ مِنْ مَالِهِ عَلَى يَتِيمٍ لِيَرْجِعَ لَهُ ذَلِكَ، وَالِاحْتِيَاطُ أَنْ يَبِيعَ مِنْ آخَرَ ثُمَّ يَشْتَرِيَهُ لِلْوَقْفِ، وَفِي مَحَلٍّ آخَرَ مِنْ الْعِدَّةِ قَيِّمُ الْوَقْفِ لَوْ أَنْفَقَ مِنْ مَالِهِ شَيْئًا فِي عِمَارَةِ الْوَقْفِ فَلَوْ أَشْهَدَ أَنَّهُ يَرْجِعُ فَلَهُ الرُّجُوعُ، وَإِلَّا فَلَا بِخِلَافٍ، وَصِيٌّ شَرَى لِلْيَتِيمِ فَإِنَّهُ لَيْسَ بِمُتَبَرِّعٍ، شَرَطَ الرُّجُوعَ أَوْ لَا، وَالْوَارِثُ كَالْوَصِيِّ. الْمُتَوَلِّي لَوْ صَرَفَ إلَى الْعِمَارَةِ مِنْ خَشَبٍ مَمْلُوكٍ لَهُ، وَدَفَعَ ثَمَنَهُ مِنْ مَالِ الْوَقْفِ كَانَ لَهُ ذَلِكَ إذْ يَمْلِكُ الْمُعَاوَضَةَ مِنْ مَالِ نَفْسِهِ كَوَصِيٍّ يَمْلِكُ صَرْفَ ثَوْبٍ مَمْلُوكٍ إلَى الصَّبِيِّ، وَدَفَعَ ثَمَنَهُ مِنْ مَالِ الصَّبِيِّ، وَلَكِنْ لَوْ ادَّعَى لَا يُقْبَلُ قَوْلُهُ، وَهَذَا يُشِيرُ أَنَّهُ لَوْ أَنْفَقَ لِيَرْجِعَ لَهُ الرُّجُوعُ فِي مَالِ الْوَقْفِ، وَالْيَتِيمُ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَدَّعِيَ عِنْدَ الْقَاضِي أَمَّا لَوْ ادَّعَى عِنْدَ الْقَاضِي وَقَالَ أَنْفَقْت مِنْ مَالِي كَذَا وَكَذَا فِي الْوَقْفِ وَالْيَتِيمِ لَا يُقْبَلُ قَوْلُهُ، مِنْ الْفُصُولَيْنِ. حَوْضُ حَمَّامٍ وُقِفَ فِي طَرِيقِ الْمُسْلِمِينَ فَوَقَعَ فِيهِ صَغِيرٌ فَهَلَكَ فَالدِّيَةُ عَلَى عَاقِلَةِ الْمَوْقُوفِ عَلَيْهِمْ هَذِهِ فِي الْجِنَايَاتِ مِنْ الْقُنْيَةِ. نَجْمُ الْأَئِمَّةِ الْبُخَارِيُّ إمَامٌ لَا يَؤُمُّ ثُلُثَ السَّنَةِ، وَيَأْخُذُ الْمَرْسُومَ كُلَّهُ ثُمَّ عُزِلَ، وَنُصِّبَ غَيْرُهُ يُسْتَرَدُّ مِنْهُ حِصَّةُ مَا لَمْ يَؤُمَّ، وَيُصْرَفُ إلَى الْعِمَارَةِ، وَإِنْ لَمْ يُحْتَجْ قَالَ الْإِمَامُ الثَّانِي وَقَدْ مَرَّ أَنَّهُ لَا يُسْتَرَدُّ مِنْهُ، وَإِنْ أَمَّ شَهْرًا وَاحِدًا ثُمَّ عُزِلَ، وَانْتَقَلَ. لَمْ يَكُنْ فِي الْمَسْجِدِ إمَامٌ، وَلَا مُؤَذِّنٌ، وَاجْتَمَعَتْ غَلَّاتُ الْإِمَامِ وَالْمُؤَذِّنِ سَنَتَيْنِ ثُمَّ نُصِّبَ إمَامٌ، وَمُؤَذِّنٌ لَا يَجُوزُ صَرْفُ شَيْءٍ مِنْ تِلْكَ الْغَلَّاتِ إلَيْهِمَا وَلَوْ عَجَّلُوهُ لِلْمُسْتَقْبِلِ كَانَ حَسَنًا وَقَالَ بَعْضُهُمْ: يُصْرَفُ إلَيْهِ غَلَّةُ تِلْكَ السَّنَةِ، وَيُوقَفُ بَقِيَّتُهَا لِلْعِمَارَةِ. وَقِيلَ: يُدْفَعُ إلَيْهِ مَا اجْتَمَعَ، وَالْأَوْلَى أَنْ يَكُونَ بِإِذْنِ الْقَاضِي مِنْ الْقُنْيَةِ. [بَاب فِي الْهِبَةِ] (الْبَابُ السَّادِسُ وَالْعِشْرُونَ فِي الْهِبَةِ) الْهِبَةُ الْفَاسِدَةُ تُضْمَنُ كَمَا فِي الْخُلَاصَةِ، وَالْفُصُولَيْنِ عَنْ الْمُحِيطِ، وَفِيهِ عَنْ الْعُدَّةِ الْهِبَةُ الْفَاسِدَةُ تُضْمَنُ بِالْقَبْضِ لَكِنْ لَا يَمْلِكُهَا الْمَوْهُوبُ لَهُ بِالْقَبْضِ هُوَ الْمُخْتَارُ، وَالصَّدَقَةُ الْفَاسِدَةُ كَهِبَةٍ فَاسِدَةٍ اهـ قَالَ قَاضِي خَانَ فِي فَتَاوَاهُ: وَفِيمَا إذَا فَسَدَتْ الْهِبَةُ بِحُكْمِ الشُّيُوعِ إذَا هَلَكَتْ الْهِبَةُ عِنْدَ الْمَوْهُوبِ لَهُ هَلْ تَكُونُ مَضْمُونَةً عَلَيْهِ؟ ذَكَرَ ابْنُ رُسْتُمَ: رَجُلٌ دَفَعَ دِرْهَمَيْنِ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 334 إلَى رَجُلٍ وَقَالَ أَحَدُهُمَا هِبَةٌ لَك، وَالْآخَرُ أَمَانَةٌ عِنْدَك فَهَلَكَا جَمِيعًا يَضْمَنُ دِرْهَمًا، وَهُوَ فِي الْآخَرِ أَمِينٌ قَالَ: وَإِنَّمَا ضَمِنَ لِأَنَّهُ أَخَذَهُ بِهِبَةٍ فَاسِدَةٍ فَيَجِبُ إنَّهَا تَكُونُ مَضْمُونَةً، وَذَكَرَ فِي الْمُضَارَبَةِ الْكَبِيرَةِ: رَجُلٌ دَفَعَ إلَى رَجُلٍ أَلْفَ دِرْهَمٍ وَقَالَ: نِصْفُهَا هِبَةٌ لَك، وَنِصْفُهَا مُضَارَبَةٌ عِنْدَك لَا يَجُوزُ فَإِنْ هَلَكَ الْمَالُ عِنْدَ الْقَابِضِ يَضْمَنُ خَمْسَمِائَةِ دِرْهَمٍ. وَلَوْ وَهَبَ نِصْفَ الدَّارِ أَوْ تَصَدَّقَ، وَسَلِمَ ثُمَّ إنَّ الْوَاهِبَ بَاعَ مَا وَهَبَ أَوْ تَصَدَّقَ بِهِ ذَكَرَ فِي وَقْفِ الْأَصْلِ إنَّهُ يَجُوزُ بَيْعُهُ لِأَنَّهُ لَمْ يَقْبِضْ وَلَوْ بَاعَهَا الْمَوْهُوبُ لَهُ لَا يَجُوزُ بَيْعُهُ لِأَنَّهُ لَمْ يَمْلِكْ نَصَّ إنَّ هِبَةَ الْمُشَاعِ فِيمَا يُقَسَّمُ لَا تُفِيدُ الْمِلْكَ، وَإِنْ اتَّصَلَ بِهَا الْقَبْضُ، وَبِهِ قَالَ الطَّحَاوِيُّ، وَذَكَرَ عِصَامٌ إنَّهَا تُفِيدُ الْمِلْكَ، وَبِهِ أَخَذَ بَعْضُ الْمَشَايِخِ. رَجُلٌ دَفَعَ تِسْعَةَ دَرَاهِمَ إلَى رَجُلٍ وَقَالَ ثَلَاثَةٌ لَك قَضَاءٌ مِنْ حَقِّك، وَثَلَاثَةٌ لَك هِبَةٌ، وَثَلَاثَةٌ تَصَدُّقٌ عَلَيْك قَالَ مُحَمَّدٌ ثَلَاثَةٌ قَضَاءٌ جَائِزَةٌ، وَثَلَاثَةٌ صَدَقَةٌ لَمْ يَجُزْ، وَلَمْ يَضْمَنْ، وَثَلَاثَةٌ هِبَةٌ لَمْ يَجُزْ، وَيَضْمَنُ نَصَّ أَنَّ الْهِبَةَ الْفَاسِدَةَ مَضْمُونَةٌ اهـ. وَفِي الْوَجِيزِ قَالَ مُحَمَّدٌ فِي الْكَيْسَانِيَّاتِ: رَجُلٌ دَفَعَ تِسْعَةَ دَرَاهِمَ إلَى رَجُلٍ وَقَالَ: ثَلَاثَةٌ قَضَاءٌ، وَثَلَاثَةٌ هِبَةٌ، وَثَلَاثَةٌ صَدَقَةٌ فَضَاعَ الْكُلُّ يَضْمَنُ ثَلَاثَةً هِبَةً، وَلَا يَضْمَنُ ثَلَاثَةً صَدَقَةً إلَّا فِي رِوَايَةٍ، وَفِيهِ أَيْضًا رَجُلٌ دَفَعَ إلَى رَجُلٍ عَشَرَةَ دَرَاهِمَ وَقَالَ: خَمْسَةٌ مِنْهَا هِبَةٌ لَك، وَخَمْسَةٌ وَدِيعَةٌ عِنْدَك فَاسْتَهْلَكَ الْقَابِضُ مِنْهَا خَمْسَةً، وَهَلَكَ الْخَمْسَةُ الْبَاقِيَةُ يَضْمَنُ سَبْعَةً وَنِصْفًا اهـ. وَرَوَى ابْنُ سِمَاعَةَ عَنْ أَبِي يُوسُفَ مَرِيضٌ وَهَبَ مِنْ مَرِيضٍ جَارِيَةً فَوَطِئَهَا الْمَوْهُوبُ لَهُ إنْ كَانَ الْعُقْرُ يَخْرُجُ مِنْ الثُّلُثِ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ، وَإِنْ لَمْ يَخْرُجْ يَلْزَمُهُ الْعُقْرُ لِأَنَّهُ مَلَكَهَا مَعَ حَقِّ الْفَسْخِ لِلْوَاهِبِ فَصَارَ كَالْجَارِيَةِ الْمَبِيعَةِ بَيْعًا فَاسِدًا إذَا وَطِئَهَا الْمُشْتَرِي يَلْزَمُهُ الْعُقْرُ، وَرَوَى ابْنُ سِمَاعَةَ عَنْ مُحَمَّدٍ إنَّهُ لَا عُقْرَ عَلَيْهِ لِأَنَّ وَطْأَهُ صَادَفَ مِلْكَهُ مِنْ كُلِّ وَجْهٍ بِخِلَافِ الْمَبِيعَةِ فَاسِدًا لِأَنَّ مِلْكَهُ لَمْ يَظْهَرْ فِي حَقِّ حِلِّ الْوَطْءِ. قَالَ مُحَمَّدٌ الْمَرِيضُ إذَا وَطِئَ الْجَارِيَةَ الْمَوْهُوبَةَ عِنْدَ الْمَوْهُوبِ لَهُ، وَعَلَيْهِ دَيْنٌ يُسْتَغْرَقُ ثُمَّ مَاتَ الْمَرِيضُ فَلَا عُقْرَ عَلَيْهِ لِأَنَّ فَسْخَ الْهِبَةِ بِمَعْنًى قَارَنَ الْعَقْدَ، وَهُوَ تَعَلُّقُ حَقِّ الْغُرَمَاءِ بِهِ فَانْفَسَخَتْ مِنْ الْأَصْلِ فَظَهَرَ أَنَّ الْوَطْءَ صَادَفَ مِلْكَهُ بِخِلَافِ الصَّحِيحِ إذَا وَطِئَ الْجَارِيَةَ الْمَوْهُوبَةَ ثُمَّ رَجَعَ فِي هِبَتِهِ يَلْزَمُهُ الْعُقْرُ لِأَنَّ الْهِبَةَ انْفَسَخَتْ بِأَمْرٍ مُقْتَصِرٍ عَلَى الْحَالِ مِنْ بَابِ لُزُومِ الْمَهْرِ بِالْوَطْءِ بِشُبْهَةٍ مِنْ نِكَاحِ الْوَجِيزِ. الْهِبَةُ الْفَاسِدَةُ تُضْمَنُ فِي رِوَايَةٍ، وَصُوَرِ الْفَاسِدَةِ كَثِيرَةٌ مِنْهَا لَوْ وَهَبَ وَسَلَّمَ لِاثْنَيْنِ شَيْئًا يَحْتَمِلُ الْقِسْمَةَ مَلَكَاهُ قَبْلً الْقِسْمَة، وَضَمِنَاهُ، وَبِهِ يُفْتَى مِنْ الْفُصُولَيْنِ. وَفِي الْخُلَاصَةِ مِنْ النِّكَاحِ الْهِبَةُ الْفَاسِدَةُ مَضْمُونَةٌ يَوْمَ الْقَبْضِ اهـ. رَجُلٌ أَعْطَى رَجُلًا دِرْهَمَيْنِ وَقَالَ نِصْفُهُمَا لَك، وَهُمَا فِي الْوَزْنِ وَالْجَوْدَةِ سَوَاءٌ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ إنَّهُ قَالَ لَمْ يَجُزْ، وَإِنْ كَانَ أَحَدُهُمَا أَثْقَلَ أَوْ أَجْوَدَ أَوْ أَرْدَأَ جَازَ، وَيَكُونُ مُشَاعًا لَا يَحْتَمِلُ الْقِسْمَةَ، وَإِنْ قَالَ: وَهَبْت لَك، وَهُمَا فِي الْوَزْنِ وَالْجَوْدَةِ سَوَاءٌ، وَدَفَعَهُمَا جَازَ، وَإِنْ قَالَ: أَحَدُهُمَا لَك لَمْ يَجُزْ كَانَا سَوَاءً أَوْ مُخْتَلِفَيْنِ. وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ فِي النَّوَادِرِ إذَا قَالَ وَهَبْت لَك نِصْفًا مِنْ هَذِهِ الدَّارِ، وَلِهَذَا الْآخَرِ نِصْفَهَا جَازَ. رَجُلٌ تَصَدَّقَ بِعَشَرَةِ دَرَاهِمَ عَلَى رَجُلَيْنِ فَقِيرَيْنِ قَالَ فِي الْجَامِعِ الصَّغِيرِ جَازَ، وَإِنْ تَصَدَّقَ بِهَا عَلَى غَنِيَّيْنِ لَا يَجُوزُ فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ وَقَالَ صَاحِبَاهُ جَازَ كَانَا فَقِيرَيْنِ أَوْ غَنِيَّيْنِ، وَذَكَرَ فِي هِبَةِ الْأَصْلِ إذَا وَهَبَ لِرَجُلَيْنِ شَيْئًا يَحْتَمِلُ الْقِسْمَةَ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 335 لَا يَجُوزُ فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -، وَكَذَلِكَ الصَّدَقَةُ فَصَارَ فِي الصَّدَقَةِ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ رِوَايَتَانِ، وَوَجْهُ الْفَرْقِ بَيْنَ الْهِبَةِ وَالصَّدَقَةِ مَعْرُوفٌ فَيَحْتَمِل أَنْ تَكُونَ الصَّدَقَةُ عَلَى غَنِيَّيْنِ بِمَنْزِلَةِ الْهِبَةِ، وَالْهِبَةُ مِنْ الْفَقِيرَيْنِ بِمَنْزِلَةِ الصَّدَقَةِ. وَلَوْ وَهَبَ دَارًا مِنْ رَجُلٍ فَوَكَّلَ الْمَوْهُوبُ لَهُ رَجُلَيْنِ بِقَبْضِ الدَّارِ فَقَبَضَاهَا جَازَ. عَبْدٌ بَيْنَ رَجُلَيْنِ فَوَهَبَ لَهُ أَحَدُ الْوَلِيَّيْنِ شَيْئًا يَحْتَمِلُ الْقِسْمَةَ لَا تَصِحُّ أَصْلًا لِأَنَّهَا لَمْ تَصِحَّ فِي نَصِيبِ صَاحِبِهِ لِأَنَّهُ وَقَعَ فِي نَصِيبِ صَاحِبِهِ شَيْءٌ يَحْتَمِلُ الْقِسْمَةَ، وَإِنْ كَانَ الْمَوْهُوبُ شَيْئًا لَا يَحْتَمِلُ الْقِسْمَةَ جَازَتْ الْهِبَةُ فِي نَصِيبِ صَاحِبِهِ لِأَنَّهُ وَقَعَ فِي نَصِيبِ صَاحِبِهِ شَيْءٌ لَا يَحْتَمِلُ الْقِسْمَةَ مِنْ قَاضِي خَانْ. يَجُوزُ هِبَةُ الشَّاغِلِ لَا الْمَشْغُولِ، وَالْأَصْلُ أَنَّ اشْتِغَالَ الْمَوْهُوبِ بِمِلْكِ الْوَاهِبِ يَمْنَعُ تَمَامَ الْهِبَةِ إذْ الْقَبْضُ شَرْطٌ، وَأَمَّا اشْتِغَالُ مِلْكِ الْوَاهِبِ بِالْمَوْهُوبِ فَلَا يَمْنَعُهُ كَمَا فِي الْفُصُولَيْنِ. رَجُلٌ وَهَبَ دَارًا لِرَجُلٍ، وَسَلَّمَ، وَفِيهَا مَتَاعُ الْوَاهِبِ لَا يَجُوزُ لِأَنَّ الْمَوْهُوبَ مَشْغُولٌ بِمَا لَيْسَ بِهِبَةٍ فَلَا يَصِحُّ التَّسْلِيمُ. امْرَأَةٌ وُهِبَتْ دَارًا مِنْ زَوْجِهَا، وَهِيَ سَاكِنَةٌ فِيهَا، وَمَتَاعُهَا فِيهَا، وَزَوْجُهَا سَاكِنٌ مَعَهَا فِي الدَّارِ جَازَتْ الْهِبَةُ، وَيَصِيرُ الزَّوْجُ قَابِضًا لِلدَّارِ لِأَنَّ الْمَرْأَةَ وَمَتَاعَهَا فِي يَدِ الزَّوْجِ فَصَحَّ التَّسْلِيمُ. رَجُلٌ وَهَبَ دَارًا فِيهَا مَتَاعُ الْوَاهِبِ أَوْ جُوَالِقًا أَوْ جِرَابًا فِيهِ طَعَامُ الْوَاهِبِ وَسَلَّمَ لَا يَجُوزُ؛ لِأَنَّ الْمَوْهُوبَ مَشْغُولٌ بِمَا لَيْسَ بِهِبَةٍ. وَلَوْ وَهَبَ الْمَتَاعَ وَالطَّعَامَ دُونَ الْجُوَالِقِ وَالدَّارِ وَسَلَّمَ جَازَ لِأَنَّ الْمَوْهُوبَ غَيْرُ مَشْغُولٍ بِغَيْرِهِ بَلْ هُوَ شَاغِلٌ غَيْرَهُ. وَلَوْ وَهَبَ أَرْضًا فِيهَا زَرْعٌ أَوْ نَخِيلٌ، أَوْ نَخِيلًا عَلَيْهَا ثَمَرٌ أَوْ وَهَبَ الزَّرْعَ بِدُونِ الْأَرْضِ أَوْ النَّخْلَ بِدُونِ الْأَرْضِ أَوْ نَخْلًا بِدُونِ ثَمَرٍ لَا تَجُوزُ الْهِبَةُ فِي هَذِهِ الْمَسَائِلِ لِأَنَّ الْمَوْهُوبَ مُتَّصِلٌ بِغَيْرِ الْهِبَةِ اتِّصَالَ خِلْقَةٍ مَعَ إمْكَانِ الْقَطْعِ وَالْفَصْلِ فَقَبْضُ أَحَدِهِمَا بِدُونِ الْآخَرِ غَيْرُ مُمْكِنٍ فِي حَالِ الِاتِّصَالِ فَيَكُونُ بِمَنْزِلَةِ الْمُشَاعِ الَّذِي يَحْتَمِلُ الْقِسْمَةَ مِنْ قَاضِي خَانْ. وَإِذَا وَهَبَ الْبِنَاءَ دُونَ الْأَرْضِ يَجُوزُ فَإِنَّهُ نَصَّ فِي كِتَابِ الْقِسْمَةِ أَنَّ الْمُشْتَرِيَ إذَا قَالَ اشْتَرَيْت الْأَرْضَ، وَالْبَائِعُ وَهَبَ الْبِنَاءَ لِي، وَقَالَ الشَّفِيعُ: لَا بَلْ اشْتَرَيْتهمَا فَالْقَوْلُ لِلْمُشْتَرِي مِنْ الصُّغْرَى، وَيُؤَيِّدُهُ مَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانَ مِنْ الشُّفْعَةِ، وَمِنْ جُمْلَةِ حِيَلِ إسْقَاطِ الشُّفْعَةِ أَنْ يَهَبَ الْبِنَاءَ بِأَصْلِهِ ثُمَّ يَبِيعَ الْعَرْصَةَ بِثَمَنٍ غَالٍ. وَلَوْ، وَهَبَ دَارًا فِيهَا مَتَاعُ الْوَاهِبِ ثُمَّ وَهَبَ الْمَتَاعَ جَازَتْ الْهِبَةُ فِي الْمَتَاعِ لِأَنَّ الدَّارَ مَشْغُولَةٌ بِالْمَتَاعِ فَصَحَّتْ هِبَةُ الْمَتَاعِ. وَلَوْ وَهَبَ وَسَلَّمَ أَوَّلًا وَسَلَّمَ الدَّارَ مَعَ الْمَتَاعِ ثُمَّ وَهَبَ الدَّارَ صَحَّتْ الْهِبَةُ فِيهِمَا جَمِيعًا وَلَوْ وَهَبَ الدَّارَ دُونَ الْمَتَاعِ أَوْ الْأَرْضَ دُونَ الزَّرْعِ وَالنَّخْلَ أَوْ النَّخْلَ دُونَ الثَّمَرِ، وَلَمْ يُسَلِّمْ حَتَّى وَهَبَ الْمَتَاعَ، وَالزَّرْعَ، وَالنَّخْلَ، وَالثَّمَرَ، وَسَلَّمَ الْكُلَّ صَحَّتْ الْهِبَةُ فِي الْكُلِّ لِأَنَّهُ لَمْ يُوجَدْ عِنْدَ الْقَبْضِ وَالتَّسْلِيمِ مَا يَمْنَعُ الْقَبْضَ وَالتَّسْلِيمَ فَصَارَ كَمَا لَوْ وَهَبَ الْكُلَّ هِبَةً وَاحِدَةً وَسَلَّمَ. أَمَّا إذَا فَرَّقَ التَّسْلِيمَ وَالْقَبْضَ بِفَرْقِ الْعَقْدِ فَيَفْسُدُ كُلُّ عَقْدٍ بِحُكْمِ فَسَادِ الْقَبْضِ كَمَا لَوْ وَهَبَ نِصْفَ الدَّارِ ثُمَّ وَهَبَ النِّصْفَ الْآخَرَ فَإِنَّهُ يَفْسُدُ الْعَقْدَانِ جَمِيعًا مِنْ قَاضِي خَانْ. يُشْتَرَطُ لِصِحَّةِ الْهِبَةِ كَوْنُ الْمَوْهُوبِ مَقْسُومًا مُقَرَّرًا وَقْتَ الْقَبْضِ لَا وَقْتَ الْهِبَةِ حَتَّى لَوْ وَهَبَ نِصْفَ الدَّارِ شَائِعًا، وَلَمْ يُسَلِّمْ حَتَّى وَهَبَ النِّصْفَ الْآخَرَ أَوْ سَلَّمَ جَازَ، مِنْ الْفُصُولَيْنِ. وَلَوْ وَهَبَ زَرْعًا بِدُونِ الْأَرْضِ أَوْ ثَمَرًا بِدُونِ النَّخْلِ، وَأَمَرَهُ بِالْحَصَادِ، وَالْجُذَاذِ فَفَعَلَ الْمَوْهُوبُ لَهُ ذَلِكَ جَازَ لِأَنَّ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 336 الْمَوْهُوبَ لَهُ إذَا قَبَضَ الْهِبَةَ بِإِذْنِ الْوَاهِبِ صَحَّ قَبْضُهُ فِي الْمَجْلِسِ وَبَعْدَهُ، وَإِنْ قَبَضَ بِدُونِ إذْنِهِ إنْ قَبَضَ فِي الْمَجْلِسِ قَبْلَ الِافْتِرَاقِ جَازَ اسْتِحْسَانًا لِأَنَّ الْقَبْضَ فِي الْهِبَةِ بِمَنْزِلَةِ الْقَبُولِ فَصَحَّ فِي الْمَجْلِسِ مَا لَمْ يَنْهَهُ، وَإِنْ قَامَ الْوَاهِبُ، وَخَرَجَ قَبْلَ قَبْضِ الْمَوْهُوبِ لَهُ فَقَبَضَهُ الْمَوْهُوبُ لَهُ إنْ كَانَ بِأَمْرِ الْوَاهِبِ صَحَّ، وَإِلَّا فَلَا، وَالصَّدَقَةُ فِي هَذَا بِمَنْزِلَةِ الْهِبَةِ، وَالتَّخْلِيَةُ فِي الْهِبَةِ الْفَاسِدَةِ لَا تَكُونُ قَبْضًا عِنْدَ الْكُلِّ، وَفِي الْهِبَةِ الْجَائِزَةِ التَّخْلِيَةُ قَبْضٌ عِنْدَ مُحَمَّدٍ. رَجُلٌ وَهَبَ دَارًا فِيهَا مَتَاعٌ وَهَبَ الدَّارَ وَالْمَتَاعَ جَمِيعًا، وَخَلَّى بَيْنَ الْكُلِّ وَالْمَوْهُوبِ لَهُ ثُمَّ اسْتَحَقَّ الْمَتَاعَ بَقِيَتْ الْهِبَةُ جَائِزَةً فِي الدَّارِ لِأَنَّهُمَا كَانَا فِي يَدِهِ فَصَحَّ التَّسْلِيمُ، وَهُوَ كَمَا لَوْ اسْتَعَارَ دَارًا وَغَصَبَ مَتَاعَ رَجُلٍ، وَوَضَعَهُ فِي الدَّارِ ثُمَّ إنَّ الْمُعِيرَ وَهَبَ الدَّارَ مِنْهُ صَحَّتْ الْهِبَةُ لِأَنَّ الْمَتَاعَ وَالدَّارَ كَانَا فِي يَدِهِ، وَكَذَا لَوْ أَوْدَعَهُ الْمَتَاعَ وَالدَّارَ ثُمَّ وَهَبَ الدَّارَ صَحَّتْ الْهِبَةُ فَإِنْ هَلَكَ الْمَتَاعُ وَلَمْ يُحَوِّلْهُ ثُمَّ جَاءَ مُسْتَحِقٌّ فَاسْتَحَقَّ الْمَتَاعَ كَانَ لَهُ أَنْ يُضَمِّنَ الْمَوْهُوبَ لَهُ لِأَنَّهُ جَعَلَ الْمَوْهُوبَ لَهُ غَاصِبًا ضَامِنًا لِلْمَتَاعِ بِمُجَرَّدِ التَّخْلِيَةِ لِانْتِقَالِ يَدِ الْوَاهِبِ إلَى الْمَوْهُوبِ لَهُ. وَكَذَا لَوْ وَهَبَ جُوَالِقًا بِمَا فِيهِ مِنْ الْمَتَاعِ وَخَلَّى بَيْنَ الْكُلِّ ثُمَّ اسْتَحَقَّ الْجُوَالِقَ صَحَّتْ الْهِبَةُ فِيمَا كَانَ فِيهِ. وَلَوْ بَاعَ مَتَاعًا فِي دَارٍ وَخَلَّى بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْمَتَاعِ ثُمَّ وَهَبَ الدَّارَ صَحَّتْ الْهِبَةُ. وَلَوْ وَهَبَ الدَّارَ، وَفِيهَا مَتَاعُ الْوَاهِبِ، وَسَلَّمَ الدَّارَ بِمَا فِيهَا ثُمَّ وَهَبَ الْمَتَاعَ جَازَتْ الْهِبَةُ فِي الْمَتَاعِ دُونَ الدَّارِ لِأَنَّهُ حِينَ سَلَّمَ الدَّارَ أَوَّلًا بِحُكْمِ الْهِبَةِ لَمْ يَصِحَّ تَسْلِيمُهُ فَإِذَا وَهَبَ الْمَتَاعَ بَعْدَ ذَلِكَ كَانَتْ الدَّارُ مَشْغُولَةً بِمَتَاعِ الْوَاهِبِ فَصَحَّتْ هِبَةُ الْمَتَاعِ. وَلَوْ وَهَبَ الْمَتَاعَ أَوَّلًا ثُمَّ وَهَبَ الدَّارَ صَحَّتْ الْهِبَةُ فِيهِمَا جَمِيعًا. رَجُلٌ وَهَبَ دَارًا لِرَجُلَيْنِ لِأَحَدِهِمَا ثُلُثُهَا، وَلِلْآخَرِ ثُلُثَاهَا لَا يَجُوزُ فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ، وَيَجُوزُ فِي قَوْلِ مُحَمَّدٍ. وَلَوْ وَهَبَ دَارًا لِابْنَيْنِ لَهُ أَحَدُهُمَا صَغِيرٌ فِي عِيَالِهِ كَانَتْ الْهِبَةُ فَاسِدَةً عِنْدَ الْكُلِّ بِخِلَافِ مَا لَوْ وَهَبَ مِنْ كَبِيرَيْنِ وَسَلَّمَ إلَيْهِمَا جُمْلَةً فَإِنَّ الْهِبَةَ جَائِزَةٌ عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ لِأَنَّ فِي الْكَبِيرَيْنِ لَمْ يُوجَدْ الشُّيُوعُ لَا وَقْتَ الْعَقْدِ وَلَا وَقْتَ الْقَبْضِ، وَأَمَّا إذَا كَانَ أَحَدُهُمَا صَغِيرًا فَكَمَا وَهَبَ يَصِيرُ الْأَبُ قَابِضًا حِصَّةَ الصَّغِيرِ فَتَمَكَّنَ الشُّيُوعُ وَقْتَ الْقَبْضِ. رَجُلٌ وَهَبَ دَارًا مِنْ رَجُلٍ وَسَلَّمَ فَاسْتَحَقَّ نِصْفَهَا بَطَلَتْ الْهِبَةُ فِي الْبَاقِي مِنْ قَاضِي خَانْ. الشُّيُوعُ حَالَةَ الْقَبْضِ يَمْنَعُ الْهِبَةَ، وَحَالَةَ الْعَقْدِ لَا يَمْنَعُ. وَكَذَا الشُّيُوعُ الطَّارِئُ لَا يُفْسِدُ الْهِبَةَ، وَهُوَ بِأَنْ يَرْجِعَ فِي نِصْفِهَا شَائِعًا أَمَّا الِاسْتِحْقَاقُ فَإِنَّهُ يُفْسِدُ لِأَنَّهُ شُيُوعٌ مُقَارِنُ مِنْ الْفُصُولَيْنِ. وَلَوْ وَهَبَ أَرْضًا فِيهَا زَرْعٌ بِزَرْعِهَا ثُمَّ اسْتَحَقَّ الزَّرْعَ بَطَلَتْ الْهِبَةُ فِي الْأَرْضِ عِنْدَ الْكُلِّ. وَلَوْ وَهَبَ سَفِينَةً فِيهَا طَعَامٌ بِطَعَامِهَا ثُمَّ اسْتَحَقَّ الطَّعَامَ بَطَلَتْ الْهِبَةُ فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ قَالَ ابْنُ رُسْتُمَ، وَهَذَا قَوْلُ أَبِي يُوسُفَ وَقَالَ مُحَمَّدٌ لَا تَبْطُلُ الْهِبَةُ فِي السَّفِينَةِ لِأَبِي يُوسُفَ أَنَّ مَوْضِعَ الطَّعَامِ مِنْ السَّفِينَةِ لَمْ يُقْبَضْ فَلَمْ تَصِحَّ هِبَةُ السَّفِينَةِ. وَلَوْ وَهَبَ لِابْنِهِ أَرْضًا فِيهَا زَرْعٌ لِلْأَبِ أَوْ وَهَبَ لِابْنِهِ دَارًا، وَالْأَبُ سَاكِنٌ فِيهَا لَمْ تَجُزْ الْهِبَةُ. وَهَبَ لِرَجُلٍ جَارِيَةً، وَاسْتَثْنَى مَا فِي بَطْنِهَا فَقَالَ: عَلَى أَنْ يَكُونَ الْوَلَدُ لِي، ذَكَرَ فِي الْأَصْلِ أَنَّ الْهِبَةَ جَائِزَةٌ، وَتَكُونُ الْجَارِيَةُ مَعَ وَلَدِهَا لِلْمَوْهُوبِ لَهُ لِأَنَّهُ لَوْ لَمْ يَسْتَثْنِ الْوَلَدَ كَانَتْ الْجَارِيَةُ وَوَلَدُهَا لِلْمَوْهُوبِ لَهُ فَيَكُونُ الْوَلَدُ دَاخِلًا فِي الْهِبَةِ فَكَانَ اسْتِثْنَاءُ الْوَلَدِ شَرْطًا مُبْطِلًا، وَالْهِبَةُ لَا تَبْطُلُ بِالشُّرُوطِ الْفَاسِدَةِ. وَلَوْ أَعْتَقَ مَا فِي الجزء: 1 ¦ الصفحة: 337 بَطْنِ الْجَارِيَةِ ثُمَّ وَهَبَ الْجَارِيَةَ جَازَتْ الْهِبَةُ فِي الْأُمِّ وَلَوْ دَبَّرَ مَا فِي بَطْنِهَا ثُمَّ وَهَبَ الْأُمَّ لَمْ يَجُزْ قِيلَ: فِيهَا رِوَايَتَانِ فِي رِوَايَةٍ لَا تَجُوزُ الْهِبَةُ فِي الْإِعْتَاقِ وَالتَّدْبِيرِ جَمِيعًا وَقِيلَ: جَازَتْ الْهِبَةُ فِيهِمَا، وَالصَّحِيحُ الْفَرْقُ بَيْنَ الْإِعْتَاقِ وَالتَّدْبِيرِ فَفِي الْإِعْتَاقِ تَجُوزُ الْهِبَةُ، وَفِي التَّدْبِيرِ لَا تَجُوزُ لِأَنَّ التَّدْبِيرَ لَا يُزِيلُ الْجَارِيَةَ عَنْ مِلْكِهِ فَيَكُونُ الْمَوْهُوبُ مُتَّصِلًا بِغَيْرِ الْهِبَةِ فَلَا يَجُوزُ مِنْ قَاضِي خَانْ. وَهَبَ دَابَّةً مُسَرَّجَةً بِدُونِ سَرْجِهَا وَلِجَامِهَا، وَسَلَّمَهَا كَذَلِكَ لَمْ يَجُزْ لِاشْتِغَالِهَا بِهِمَا، وَجَازَ عَكْسُهُ لِعَدَمِ اشْتِغَالِهِمَا بِهَا أَقُولُ فِيهِ نَظَرٌ إذْ الدَّابَّةُ شَاغِلَةٌ لِلسَّرْجِ وَاللِّجَامِ لَا مَشْغُولَةٌ مِنْ الْفُصُولَيْنِ. وَهَبَ عَبْدًا، وَلَا مَالَ لَهُ سِوَاهُ لَا يَمْلِكُهُ الْمَوْهُوبُ لَهُ بَلْ يَضْمَنُ قِيمَةَ ثُلُثَيْ الْعَبْدِ لِلْوَرَثَةِ مِنْ الصُّغْرَى. لَوْ وَهَبَ دِرْهَمًا صَحِيحًا مِنْ رَجُلَيْنِ اخْتَلَفُوا فِيهِ قَالَ بَعْضُ الْمَشَايِخِ لَا يَجُوزُ لِأَنَّ تَنْصِيفَ الدِّرْهَمِ لَا يَضُرُّ فَكَانَ مِمَّا يَحْتَمِلُ الْقِسْمَةَ، وَالصَّحِيحُ أَنَّهُ يَجُوزُ، وَبِهِ قَالَ الْقَاضِي الْإِمَامُ أَبُو الْحَسَنِ عَلِيٌّ السُّغْدِيُّ، وَالشَّيْخُ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ الْحَلْوَانِيُّ لِأَنَّ الدَّرَاهِمَ لَا تَنْكَسِرُ عَادَةً فَإِنْ كَانَتْ تَنْكَسِرُ عَادَةً، وَلَا يَضُرُّهَا الْكَسْرُ كَانَتْ بِمَنْزِلَةِ الْمُشَاعِ الَّذِي يَحْتَمِلُ الْقِسْمَةَ فَلَا يَجُوزُ، وَالدِّينَارُ الصَّحِيحُ قَالُوا يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ بِمَنْزِلَةِ الدِّرْهَمِ الصَّحِيحِ. رَجُلٌ مَعَهُ دِرْهَمَانِ قَالَ لِرَجُلٍ وَهَبْت مِنْك دِرْهَمًا مِنْهُمَا قَالُوا إنْ كَانَا مُسْتَوِيَيْنِ فِي الْوَزْنِ وَالْجَوْدَةِ لَا يَجُوزُ لِأَنَّ الْهِبَةَ تَنَاوَلَتْ أَحَدَهُمَا، وَهُوَ مَجْهُولٌ، وَإِنْ كَانَا مُتَفَاوِتَيْنِ جَازَ لِأَنَّ الْهِبَةَ تَنَاوَلَتْ وَزْنَ دِرْهَمٍ مِنْهُمَا، وَهُوَ مُشَاعٌ لَا يَحْتَمِلُ الْقِسْمَةَ مِنْ قَاضِي خَانْ. إذَا اُسْتُحِقَّتْ الْهِبَةُ رَجَعَ بِالْعِوَضِ إنْ كَانَ قَائِمًا، وَيَضْمَنُهُ إنْ كَانَ مُسْتَهْلَكًا، مِنْ مُشْتَمِلِ الْهِدَايَةِ. وَفِي الْخُلَاصَةِ إنْ اسْتَحَقَّ الْعِوَضُ رَجَعَ فِي الْهِبَةِ، وَإِنْ اسْتَحَقَّتْ الْهِبَةُ رَجَعَ فِي الْعِوَضِ فَإِنْ هَلَكَ الْعِوَضُ يَرْجِعُ بِمِثْلِهِ أَوْ بِقِيمَتِهِ، وَإِنْ اسْتَحَقَّ الْعِوَضُ وَقَدْ زَادَتْ الْهِبَةُ لَمْ يَرْجِعْ، وَإِنْ اسْتَحَقَّ نِصْفُ الْهِبَةِ رَجَعَ فِي النِّصْفِ مِنْ الْعِوَضِ، وَإِنْ اسْتَحَقَّ نِصْفَ الْعِوَضِ لَمْ يَرْجِعْ فِي نِصْفِ الْهِبَةِ لَكِنْ يَرُدُّ مَا بَقِيَ، وَيَسْتَرِدُّ الْهِبَةَ انْتَهَى. لَا يَصِحُّ الرُّجُوعُ فِي الْهِبَةِ إلَّا بِقَضَاءٍ أَوْ رِضًا، وَيَجُوزُ تَصَرُّفُ الْمَوْهُوبِ لَهُ بَيْعًا وَعِتْقًا وَهِبَةً قَبْلَ الْقَضَاءِ بِالرُّجُوعِ، وَلَا يَجُوزُ بَعْدَ الْقَضَاءِ، وَهِيَ أَمَانَةٌ فِي يَدِهِ بَعْدَ الْقَضَاءِ لَا يَضْمَنُهَا إلَّا بِالْمَنْعِ، وَإِنْ اسْتَحَقَّ الْعِوَضُ فِي الْهِبَةِ رَجَعَ فِي الْهِبَةِ إنْ كَانَتْ قَائِمَةً، وَلَا يَرْجِعُ بِقِيمَتِهَا إنْ كَانَتْ هَالِكَةً بِخِلَافِ مَا إذَا اسْتَحَقَّتْ الْهِبَةُ حَيْثُ يَرْجِعُ بِقِيمَةِ الْعِوَضِ إنْ كَانَ هَالِكًا كَمَا مَرَّ. وُهِبَ مِنْ رَجُلٍ أَرْضًا، وَسَلَّمَهَا إلَيْهِ، وَشَرَطَ عَلَيْهِ أَنْ يُنْفِقَ عَلَى الْوَاهِبِ مِنْ الْخَارِجِ فَالْهِبَةُ فَاسِدَةٌ فَلَوْ كَانَ الْمَوْهُوبُ كَرْمًا، وَشَرَطَ عَلَيْهِ أَنْ يُنْفِقَ مِنْ ثَمَرَتِهِ فَالْهِبَةُ صَحِيحَةٌ، وَالشَّرْطُ بَاطِلٌ لِأَنَّ ثَمَرَةَ الْكَرْمِ مَوْهُوبَةٌ تَبَعًا لَهُ فَقَدْ شَرَطَ رَدَّ بَعْضِ الْمَوْهُوبِ عَلَيْهِ فَيَكُونُ شَرْطًا فَاسِدًا فَصَحَّتْ الْهِبَةُ، وَالْخَارِجُ مِنْ الْأَرْضِ مِلْكُ الْمَوْهُوبِ لَهُ لَا مَوْهُوبٌ لِأَنَّهُ خَرَجَ مِنْ يَدِهِ وَقَدْ شَرَطَ عَلَيْهِ عِوَضًا مَجْهُولًا، وَالْهِبَةُ بِعِوَضٍ مَجْهُولٍ فَاسِدَةٌ مِنْ الْوَجِيزِ. وَهَبَ لِآخَرَ أَرْضًا عَلَى أَنَّ مَا يَخْرُجُ مِنْهَا مِنْ زَرْعٍ يُنْفِقُ الْمَوْهُوبُ لَهُ ذَلِكَ عَلَى الْوَاهِبِ قَالَ أَبُو الْقَاسِمِ إنْ كَانَ فِي الْأَرْضِ كَرْمٌ أَوْ أَشْجَارٌ جَازَتْ الْهِبَةُ، وَيَبْطُلُ الشَّرْطُ إنْ كَانَتْ الْأَرْضُ قَرَاحًا فَالْهِبَةُ فَاسِدَةٌ قَالَ الْفَقِيهُ أَبُو اللَّيْثِ لِأَنَّ فِي الثَّمَرِ شَرَطَ عَلَى الْمَوْهُوبِ لَهُ رَدَّ بَعْضِ الْهِبَةِ عَلَى الْوَاهِبِ فَتَجُوزُ الْهِبَةُ، وَيَبْطُلُ الشَّرْطُ لِأَنَّ الْهِبَةَ لَا تَبْطُلُ بِالشُّرُوطِ الْفَاسِدَةِ، وَفِي الْأَرْضِ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 338 الْقَرَاحِ شَرَطَ عَلَى الْمَوْهُوبِ لَهُ عِوَضًا مَجْهُولًا لِأَنَّ الْأَرْضَ نَمَاءٌ لِمِلْكِهِ فَتَكُونُ لَهُ فَكَانَ مُفْسِدًا لِلْهِبَةِ. رَجُلٌ ضَلَّ لَهُ لُؤْلُؤَةٌ فَوَهَبَهَا لِآخَرَ، وَسَلَّطَهُ عَلَى طَلَبِهَا وَقَبْضِهَا مَتَى وَجَدَهَا قَالَ أَبُو يُوسُفَ هَذِهِ هِبَةٌ فَاسِدَةٌ لِأَنَّهَا هِبَةٌ عَلَى خَطَرٍ، وَالْهِبَةُ لَا تَصِحُّ مَعَ الْخَطَرِ وَقَالَ زُفَرُ تَجُوزُ هَذِهِ الْهِبَةُ. أَحَدُ الشَّرِيكَيْنِ إذَا قَالَ لِشَرِيكِهِ وَهَبْت لَك حِصَّتِي مِنْ الرِّبْحِ قَالُوا إنْ كَانَ الْمَالُ قَائِمًا لَا تَصِحُّ لِأَنَّهَا هِبَةُ الْمُشَاعِ فِيمَا يُقَسَّمُ، وَإِنْ كَانَ الشَّرِيكُ اسْتَهْلَكَ الْمَالَ صَحَّتْ الْهِبَةُ لِأَنَّهَا صَارَتْ دَيْنًا بِالِاسْتِهْلَاكِ، وَالدَّيْنُ لَا يُقَسَّمُ فَيَكُونُ هَذَا هِبَةَ الْمُشَاعِ فِيمَا لَا يُقَسَّمُ. لَوْ كَانَتْ الْهِبَةُ جَارِيَةً فَوَطِئَهَا الْمَوْهُوبُ لَهُ ثُمَّ انْتَقَضَتْ الْهِبَةُ بِرُجُوعِ الْوَاهِبِ فِي الْهِبَةِ أَوْ بِرَدِّ الْوَرَثَةِ لَا يَلْزَمُهُ الْعُقْرُ مِنْ قَاضِي خَانْ. مَرِيضٌ وَهَبَ أَمَةً لِرَجُلٍ فَوَطِئَهَا فَمَاتَ الْمَرِيضُ، وَعَلَيْهِ دُيُونٌ لَا يَجِبُ الْعُقْرُ كَمَا لَوْ وَهَبَ لَهُ الصَّحِيحُ فَوَطِئَهَا ثُمَّ رَجَعَ، كَذَا فِي جَامِعِ الْفَتَاوَى، وَذَكَرَ مُحَمَّدٌ الْخُوَارِزْمِيُّ مَرِيضٌ وَهَبَ أَمَةً فَوَطِئَهَا مَنْ وُهِبَتْ لَهُ فَمَاتَ الْوَاهِبُ، وَلَا مَالَ لَهُ غَيْرُهَا، وَلَمْ يُجْزِ الْوَرَثَةُ فَنَقَضَتْ فِي ثُلُثَيْهَا فَعَلَى مَنْ وُهِبَتْ لَهُ ثُلُثَا عُقْرِهَا، وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ حَقَّهُمْ يَسْتَنِدُ، وَلَمْ يَقْتَصِرْ قَالَ فِي فَتَاوَى الْقَاضِي ظَهِيرِ الدِّينِ كَذَا ذَكَرَ هَذَا الْجَوَابَ فِي جَوَابِ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ، وَلَمْ يُسْنِدْهُ إلَى أَصْحَابِنَا وَلَوْ صَحَّ مَا ذَكَرَهُ لَبَطَلَتْ الْهِبَةُ فِي الثُّلُثِ الْبَاقِي فِي مَسْأَلَتِنَا لَكِنْ لَا أَصْلَ لَهُ، وَلَا يَكَادُ يَصِحُّ إذْ يُخَالِفُ جَوَابَ كُتُبِ أَصْحَابِنَا، وَفِي سَائِرِ كُتُبِهِمْ إنَّ حَقَّ الْوَرَثَةِ، وَمِلْكَهُمْ لَا يَسْتَنِدُ وَالْعُقْرُ لَا يَجِبُ، كَذَا فِي الْفُصُولَيْنِ مِنْ أَحْكَامِ الْمَرْضَى. لَوْ قَالَ الْمَوْهُوبُ لَهُ هَلَكَتْ فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ، وَلَا يَمِينَ عَلَيْهِ فَإِنْ قَالَ الْوَاهِبُ هِيَ هَذِهِ حَلَفَ الْمُنْكِرُ أَنَّهَا لَيْسَتْ هَذِهِ. الْأَبُ إذَا عَوَّضَ مِنْ مَالِ الصَّغِيرِ عَمَّا وَهَبَ إنْسَانٌ لِلصَّغِيرِ لَمْ يَجُزْ، مِنْ الْخُلَاصَةِ. كَانَتْ تَدْفَعُ لِزَوْجِهَا وَرِقًا عِنْدَ الْحَاجَةِ إلَى النَّفَقَةِ أَوْ شَيْئًا آخَرَ، وَهُوَ يُنْفِقُهُ فِي عِيَالِهِ لَيْسَ لَهَا أَنْ تَرْجِعَ بِهَا عَلَيْهِ. قَالَ لِآخَرَ خُذْ بِطَعَامِ كَذَا إلَى دَارِك، وَوَهَبْته مِنْك فَقَالَ قَبِلْت ثُمَّ حَضَرَ دَارِهِ فَأَكَلَهُ بَعْدَ رِضًا، وَيَكُونُ ذَلِكَ إذْنًا لِلْقَبْضِ دَلَالَةً مِنْ الْقُنْيَةِ. إذَا هَلَكَتْ الْعَيْنُ الْمَوْهُوبَةُ فِي يَدِ الْمَوْهُوبِ لَهُ ثُمَّ اسْتَحَقَّتْ، وَضَمِنَ الْمَوْهُوبُ لَهُ لَا يَرْجِعُ عَلَى الْوَاهِبِ لِأَنَّ الْقَبْضَ كَانَ لِنَفْسِهِ، وَالْغُرُورُ لَا يُوجِبُ الرُّجُوعَ إلَّا إذَا كَانَ فِي عَقْدٍ يَرْجِعُ نَقْصُهُ إلَى الدَّافِعِ أَوْ فِي ضِمْنِ عَقْدِ مُعَاوَضَةٍ أَوْ كَانَ بِالشَّرْطِ، كَذَا فِي كَفَالَةِ الْأَشْبَاهِ. وَهَبَ لِرَجُلٍ شَيْئًا فَقَالَ الْمَوْهُوبُ لَهُ لِرَجُلٍ عَوِّضْ الْوَاهِبَ مِنْ مَالِك فَفَعَلَ لَا يَرْجِعُ بِلَا شَرْطِ الرُّجُوعِ مِنْ الْفُصُولَيْنِ. مَرِيضٌ وَهَبَ قِنًّا قِيمَتُهُ ثَلَثُمِائَةٍ عَلَى أَنْ يُعَوِّضَ قِنًّا قِيمَتُهُ مِائَةٌ، وَتَقَابَضَا ثُمَّ مَاتَ، وَلَا مَالَ لَهُ، وَلَمْ تُجِزْ الْوَرَثَةُ فَالْمَوْهُوبُ لَهُ يَرُدُّ ثُلُثَهُ، وَيُسَلِّمُ لَهُ ثُلُثَاهُ، وَلَمْ يَأْخُذْ مِنْ الْعِوَضِ شَيْئًا. وَلَوْ قَالَ الْمَوْهُوبُ لَهُ أَزِيدُ فِي الْعِوَضِ بِقَدْرِ الزِّيَادَةِ مِنْ الْمُحَابَاةِ عَلَى الثُّلُثِ، وَآخُذُ الْقِنَّ كُلَّهُ لَمْ يَكُنْ لَهُ ذَلِكَ وَلَوْ كَانَ مَكَانَهُ بَيْعٌ رَدَّ مِائَةَ دِرْهَمٍ، وَأَخَذَ كُلَّ الْقِنِّ. مَرِيضٌ وَهَبَ دَارًا قِيمَتُهَا ثَلَثُمِائَةٍ عَلَى أَنْ يُعَوِّضَهُ قِنًّا قِيمَتُهُ مِائَةٌ فَأَخَذَهَا الشَّفِيعُ بِقِيمَةِ الْقِنِّ بِحُكْمٍ أَوْ بِدُونِهِ ثُمَّ مَاتَ الْمَرِيضُ رَدَّ الشَّفِيعُ ثُلُثَ الدَّارِ عَلَى الْوَرَثَةِ إلَّا أَنْ يَشَاءَ رَدَّ الْكُلِّ وَيَنْقُضَ أَخْذَهُ، وَلَوْ وَهَبَ بِلَا شَرْطٍ فَلَا شُفْعَةَ فِيهَا، وَيَرُدُّ الْمَوْهُوبُ لَهُ ثُلُثَ الدَّارِ فَيَكُونُ لِلْوَرَثَةِ مَعَ الْقِنِّ وَلَوْ شَاءَ نَقَضَ الْهِبَةَ فِي الْكُلِّ. مَرِيضٌ وَهَبَ كُرَّ بُرٍّ قِيمَتُهُ ثَلَثُمِائَةٍ عَلَى أَنْ يُعَوِّضَهُ كَذَا قِيمَتُهُ مِائَةٌ، وَتَقَابَضَا ثُمَّ مَاتَ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 339 الْمَرِيضُ فَلَوْ شَاءَ الْمَوْهُوبُ لَهُ نَقَضَ الْهِبَةَ وَلَوْ شَاءَ رَدَّ ثُلُثَ الْكُرِّ كَذَا فِي الْهِبَةِ مِنْ أَحْكَامِ الْمَرْضَى مِنْ الْفُصُولَيْنِ. [بَاب فِي النِّكَاحِ وَالطَّلَاقِ] (الْبَابُ السَّابِعُ وَالْعِشْرُونَ فِي النِّكَاحِ وَالطَّلَاقِ) الْفَتْوَى عَلَى قَوْلِهِمَا فِي الِاسْتِحْلَافِ فِي دَعْوَى النِّكَاحِ فَلَوْ ادَّعَتْ أَنَّهُ تَزَوَّجَهَا وَوَطِئَهَا فَأَنْكَرَ يَحْلِفُ بِاَللَّهِ مَا وَطِئَهَا فَلَوْ نَكِلَ يَقْضِي بِالْمَهْرِ لَا بِالنِّكَاحِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَعِنْدَهُمَا يَحْلِفُ بِاَللَّهِ مَا تَزَوَّجَهَا قِنٌّ تَزَوَّجَ حُرَّةً فَادَّعَى أَنَّ مَوْلَاهُ لَمْ يَأْذَنْ لَهُ بِهِ وَقَالَتْ أَذِنَ لَهُ يُفَرَّقُ بَيْنَهُمَا لِإِقْرَارِهِ بِفَسَادِ النِّكَاحِ، وَلَا يُصَدَّقُ فِي إبْطَالِ الْمَهْرِ، وَيَلْزَمُهُ السَّاعَةُ وَلَوْ دَخَلَ بِهَا، وَلَهَا نَفَقَةُ الْعِدَّةِ وَلَوْ لَمْ يَدْخُلْ بِهَا يَلْزَمُهُ نِصْفُ الْمَهْرِ، وَكَذَا لَوْ قَالَ لَا أَدْرِي أَذِنَ لِي أَوْ لَا، مِنْ الْفُصُولَيْنِ. وَفِي فَتَاوَى رَشِيدِ الدِّينِ زَوَّجَ الْبِنْتَ الْبِكْرَ وَقَدْ خَلَا بِهَا الزَّوْجُ وَقَبَضَ الْأَبُ الدستيمان فَرَدَّهُ إلَى الزَّوْجِ فَطَلَّقَهَا فَلَا يَخْلُو إمَّا أَنْ يَدْفَعَ إلَيْهِ فِي صِغَرِهَا أَوْ بَعْدَ بُلُوغِهَا، وَفِي الْحَالَيْنِ لَهَا حَقُّ الْخُصُومَةِ مَعَ الْأَبِ بِقَدْرِ الدستيمان، وَفِي مَهْرِ مِثْلِهَا لَهَا الْخُصُومَةُ مَعَ الزَّوْجِ. وَلَوْ دَفَعَ الزَّوْجُ الدستيمان إلَى الْأَبِ بَعْدَ وَطْئِهَا فَرَدَّهُ الْأَبُ إلَى الزَّوْجِ فَحَقُّ الْخُصُومَةِ فِي كُلِّ الْمَهْرِ لَهَا مَعَ الزَّوْجِ لِأَنَّهُ دَفَعَ إلَى الْأَبِ فِي حَالَةٍ لَيْسَ لَهُ وِلَايَةُ الْقَبْضِ قَالَ صَاحِبُ الْفُصُولَيْنِ أَقُولُ فِيهِ نَظَرٌ لِمُنَافَاةٍ بَيْنَ مَا ذَكَرَ وَبَيْنَ مُقْتَضَى هَذَا الدَّلِيلِ يُعْرَفُ بِالتَّأَمُّلِ، وَالْحَاصِلُ أَنَّ تَقْرِيرَ التَّفْصِيلِ الْمَذْكُورِ لَا يَخْلُو مِنْ رَكَاكَةٍ، وَالْحَقُّ أَنْ يُجْعَلَ الصِّغَرُ مَدَارَ الْحُكْمِ، وَفِي قَاضِي خَانْ زَوَّجَتْهَا أُمُّهَا وَقَبَضَتْ مَهْرَهَا فَبَلَغَتْ وَطَلَبَتْ مَهْرَهَا مِنْ الزَّوْجِ فَلَوْ كَانَتْ الْأُمُّ وَصِيَّةً لَمْ يَكُنْ لِلْبِنْتِ ذَلِكَ لِبَرَاءَةِ الزَّوْج بِدَفْعِهِ إلَى الْأُمِّ، وَلَوْ لَمْ تَكُنْ وَصِيَّةً فَلِلْبِنْتِ أَخْذُ الْمَهْرِ مِنْ زَوْجِهَا، وَهُوَ يَرْجِعُ بِهِ عَلَى الْأُمِّ إذْ لَيْسَ لَهَا التَّصَرُّفُ فِي مَالِهَا وَدَفْعُهُ إلَيْهَا كَدَفْعِهِ إلَى أَجْنَبِيٍّ، وَكَذَا الْجَوَابُ فِيمَا سِوَى الْجَدِّ وَالْأَبِ وَالْقَاضِي لِأَنَّ غَيْرَهُمْ لَا يَمْلِكُ التَّصَرُّفَ فِي مَالِ الصَّغِيرَةِ فَلَا يَمْلِكُ قَبْضَ مَهْرِهَا وَلَوْ كَانَ عَاقِدًا بِحُكْمِ الْوِلَايَةِ وَالْوِكَالَةِ انْتَهَى. قَالَ صَاحِبُ الْفُصُولَيْنِ أَقُولُ يَنْبَغِي أَنْ يَرْجِعَ بِهِ الزَّوْجُ عَلَى الْأُمِّ قَائِمًا لَا هَالِكًا لِدَفْعِهِ بِرِضَاهُ فَيَصِيرُ أَمَانَةً كَمَا لَوْ دَفَعَهُ إلَى أَجْنَبِيٍّ. وَفِي الْخُلَاصَةِ وَالْبَزَّازِيَّةِ قَبَضَ الْوَلِيُّ مَهْرَهَا ثُمَّ ادَّعَى الرَّدَّ عَلَى الزَّوْجِ لَا يُصَدَّقُ إذَا كَانَتْ الْبِنْتُ بِكْرًا لِأَنَّهُ يَلِي الْقَبْضَ لَا الرَّدَّ، وَإِنْ كَانَتْ ثَيِّبًا يُصَدَّقُ لِأَنَّهُ أَمِينٌ ادَّعَى رَدَّ الْأَمَانَةِ، وَفِيهِمَا أَيْضًا أَدْرَكَتْ، وَطَلَبَتْ الْمَهْرَ مِنْ الزَّوْجِ فَادَّعَى الزَّوْجُ أَنَّهُ دَفَعَهُ إلَى الْأَبِ، وَأَقَرَّ الْأَبُ بِهِ لَا يَصِحُّ إقْرَارُهُ عَلَيْهَا، وَتَأْخُذُهُ مِنْ الزَّوْجِ، وَلَا يَرْجِعُ عَلَى الْأَبِ إلَّا إذَا قَالَ أَبْرَأْتُك مِنْ مَهْرِهَا، ثُمَّ أَنْكَرَتْ الْبِنْت فَإِنَّ لَهُ الرُّجُوعَ فِي هَذَا عَلَى الْأَبِ. جَعَلَ بَعْضَ مَهْرِهَا مُؤَجَّلًا، وَالْبَاقِي مُعَجَّلًا، وَوَهَبَ الْبَعْضَ كَمَا هُوَ الرَّسْمُ ثُمَّ قَالَ إنْ لَمْ تُجِزْ الْبِنْتُ الْهِبَةَ فَقَدْ ضَمِنَتْ مِنْ مَالِي لَا يَصِحُّ هَذَا الضَّمَانُ بَعْدَ الْبُلُوغِ، وَإِنْ قَالَ إنْ أَنْكَرَتْ الْإِذْنَ بِالْهِبَةِ، وَرَجَعَتْ عَلَيْك فَأَنَا ضَامِنٌ صَحَّ لِأَنَّهُ مُضَافٌ إلَى سَبَبِ الْوُجُوبِ انْتَهَى. إذَا قَبَضَ الْوَلِيُّ مَهْرَ الْبِكْرِ فَسَكَتَتْ بَرِئَ الزَّوْجُ إنْ كَانَ الْقَابِضُ أَبًا أَوْ جَدًّا اسْتِحْسَانًا خُلَاصَةً. بَعَثَ بِهَدَايَا إلَى خَطِيبَةِ ابْنِهِ ثُمَّ مَاتَ الِابْنُ قَبْلَ الزِّفَافِ يَرْجِعُ الْأَبُ بِالْقَائِمِ مِنْهَا دُونَ الْهَالِكِ، وَإِنْ بَعَثَ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 340 الْهَدَايَا مِنْ مَالِ الِابْنِ بِرِضَاهُ. بَعَثَ إلَى الْخَطِيبَةِ دَرَاهِمَ، وَبَعَثَ قَوْمُ الْخَطِيبَةِ بِيَدِ الْمُتَوَسِّطَةِ ثِيَابًا بِرَسْمِ الْعِيدِيَّةِ وَقَالَتْ هِيَ لَك عِيدِيَّةٌ فَاقْطَعْهَا ثِيَابًا فَفَعَلَ، وَهُوَ بَعَثَ إلَيْهِمْ قَدْرًا مِنْ التِّينِ وَالْفَوَاكِهِ ثُمَّ فَسَدَتْ الْمُصَاهَرَةُ فَهُمْ يَتَحَاسَبُونَ، وَيَتَرَادُّونَ الْفَضْلَ، وَلَا يَتَرَادُّونَ مَا أَنْفَقُوا فِي الضِّيَافَاتِ مِنْ الْجَانِبَيْنِ. الْعَادَةُ الْجَارِيَةُ فِي بَلَدِنَا أَنَّهُ يَضْمَنُ الْخَاطِبُ أَنَّهُ يَبْعَثُ إلَيْهِ كَذَا، وَإِلَى بَنَاتِ الْخَطِيبَةِ كَذَا، وَيَتَّخِذُ أَبُوهَا ثِيَابًا لَهُ فَفَعَلُوا ذَلِكَ، وَزُفَّتْ إلَيْهِ، وَتَفَرَّقَ بَعْدَ مُدَّةٍ لَيْسَ لِلزَّوْجِ أَنْ يَحْسِبَ مَا بَعَثَ إلَيْهَا مِنْ الْمَهْرِ إذَا بَعَثَ إلَيْهِ فِي مُقَابَلَتِهِ ثِيَابًا. وَلَوْ أَرْسَلَ إلَى أَهْلِ خَطِيبَتِهِ دَنَانِيرَ ثُمَّ اتَّخَذُوا لَهُ ثِيَابًا كَمَا هُوَ الْعَادَةُ ثُمَّ بَعْدَ ذَلِكَ يَقُولُ هُوَ نَقَدْتهَا مِنْ الْمَهْرِ فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ وَلَوْ كَانَ قَالَ اصْرِفُوا بَعْضَ الدَّنَانِيرِ إلَى أُجْرَةِ الْحَائِكِ، وَبَعْضَهَا إلَى ثَمَنِ الشِّيَاهِ وَالْحِنَّاءِ وَالشَّمْعِ لَمْ يُقْبَلْ قَوْلُهُ فِي التَّعْيِينِ قَالَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - فَحَاصِلُ جَوَابِهِ فِي هَذِهِ الْمَسَائِلِ أَنَّهُ إذَا بَعَثَ الدَّنَانِيرَ إلَى جِهَةٍ أُخْرَى غَيْرِ الْمَهْرِ لَا يُقْبَلُ قَوْلُهُ بَعْدَهُ أَنَّهُ مِنْ الْمَهْرِ، وَإِلَّا فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ أَنَّهُ مِنْ الْمَهْرِ، وَإِنْ اتَّخَذُوا لَهُ ثِيَابًا. بَعَثَ إلَى الْخَطِيبَةِ دستيمان، وَزَفَّهَا الْأَبُ إلَيْهِ بِلَا جِهَازٍ فَلَهُ أَنْ يُطَالِبَهُ بِقَدْرِ الْمَبْعُوثِ جِهَازًا. نَجْمُ الْأَئِمَّةِ الْبُخَارِيُّ لَهُ أَنْ يُطَالِبَهُ بِجِهَازِ مِثْلِهِ فَإِنْ امْتَنَعَ فَلَهُ أَنْ يَسْتَرِدَّ مَا دَفَعَ إلَيْهِ مِنْ دستيمان، وَهُوَ اخْتِيَارُ الْأَئِمَّةِ الْكِبَارِ وَجَمَالِ الدِّينِ الزيغد مَوْلَى وَبُرْهَانِ الدِّينِ وَالِدِ الصَّدْرِ الشَّهِيدِ. زُفَّتْ إلَيْهِ بِلَا جِهَازٍ لَهُ أَنْ يُطَالِبَ الْأَبَ بِمَا بَعَثَ إلَيْهِ مِنْ الدَّنَانِيرِ، وَإِنْ كَانَ الْجِهَازُ قَلِيلًا فَلَهُ الْمُطَالَبَةُ بِمَا يَلِيقُ بِالْمَبْعُوثِ فِي عُرْفِهِمْ نَجْمُ الْأَئِمَّةِ الْبُخَارِيُّ يُفْتِي بِأَنَّهُ إذَا لَمْ يُجَهِّزْ بِمَا يَلِيقُ بِالْمَبْعُوثِ فَلَهُ اسْتِرْدَادُ مَا بَقِيَ، وَالْمُعْتَبَرُ مَا يُتَّخَذُ لِلزَّوْجِ لَا مَا يُتَّخَذُ لَهَا، وَلَوْ سَكَتَ بَعْدَ الزِّفَافِ زَمَانًا يُعْرَفُ بِذَلِكَ رِضَاهُ لَمْ يَكُنْ لَهُ أَنْ يُخَاصِمَ بَعْدَ ذَلِكَ، وَإِنْ لَمْ يُتَّخَذْ لَهُ شَيْءٌ. صَغِيرَةٌ نَسَجَتْ جِهَازًا بِمَالِ أُمِّهَا وَأَبِيهَا وَسَعْيِهَا حَالَ صِغَرِهَا وَكِبَرِهَا فَمَاتَتْ أُمُّهَا، وَسَلَّمَ أَبُوهَا جَمِيعَ الْجِهَازِ إلَيْهَا فَلَيْسَ لِأَخَوَاتِهَا دَعْوَى نَصِيبِهِمْ مِنْ جِهَةِ الْأُمِّ مِنْ الْقُنْيَةِ. رَجُلٌ مِنْ التُّرْكُمَانِ جَرَى بَيْنَهُ وَبَيْنَ أَوْلِيَاءِ الْمَرْأَةِ الدَّمُ ويردم الْمَفْهُومُ مِنْ هَذِهِ الْأَلْفَاظِ فِي عُرْفِهِمْ فِي قَوْلِ الْوَلِيِّ ويردم أَنَّهُ إجَابَةُ الْخَاطِبِ، وَالْوَعْدُ لَهُ بِالْعَقْدِ، وَفِي قَوْلِ الْخَاطِبِ الدَّمُ يُفْهَمُ إنَّهُ مُسْتَمِرٌّ عَلَى الْخِطْبَةِ لَا يَرْجِعُ عَنْهَا، وَمَا يُعْطِي الْخَاطِبُ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ فَرَسًا يُسَمُّونَهُ بأشلق مَعْنَاهُ حَقُّ التَّرْبِيَةِ، وَيَكُونُ ذَلِكَ لِأَبِيهَا، وَمَا يُعْطِي مِنْ الدَّرَاهِمِ أَيْضًا يُسَمُّونَهُ سُود حَقِّي مَعْنَاهُ حَقُّ الْإِرْضَاعِ، وَيَكُونُ ذَلِكَ لِأُمِّهَا، وَمَا يُعْطِي مِنْ الدَّرَاهِمِ أَيْضًا يُقَالُ لَهُ قفتا نلق مَعْنَاهُ حَقُّ الْقَبَاءِ، وَيَكُونُ ذَلِكَ لِأُخْتِهَا، وَكُلُّ مَا يَدْفَعُ الْخَاطِبُ مِنْ الدَّرَاهِمِ وَالْخَيْلِ وَالثِّيَابِ بِشَرْطِ جَرَيَانِ الْعَقْدِ بَيْنَهُمْ فِي الْمُسْتَقْبِلِ فَهَلْ يَنْعَقِدُ النِّكَاحُ بِاللَّفْظَيْنِ الْأُولَيَيْنِ أَمْ لَا، وَهَلْ لِلزَّوْجِ أَنْ يَرْجِعَ فِي الْمَدْفُوعِ الْمَذْكُورِ أَمْ لَا، وَهُوَ الْفَرَسُ وَالثِّيَابُ وَالدَّرَاهِمُ بَعْدَ جَرَيَانِ الْعَقْدِ أَوْ قَبْلَهُ أَمْ لَا قَالَ الْإِمَامُ شَمْسُ الدِّينِ مُحَمَّدٌ الْحَرِيرِيُّ النَّخَعِيُّ الْأَنْصَارِيُّ لَا يَنْعَقِدُ النِّكَاحُ بِاللَّفْظَتَيْنِ الْأُولَيَيْنِ، وَمَا دَفَعَهُ إلَى هَؤُلَاءِ قَبْلَ الْعَقْدِ فَلَهُ الرُّجُوعُ فِيهِ بِالشُّرُوطِ الْمُعْتَبَرَةِ فِي ذَلِكَ وَقَالَ الْإِمَامُ جَلَالُ الدِّينِ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الشَّافِعِيُّ لَا يَنْعَقِدُ النِّكَاحُ بِاللَّفْظَتَيْنِ الْأُولَيَيْنِ، وَهُمَا قَوْلُ الْوَلِيِّ ويردم وَقَوْلُ الْخَاطِبِ الدَّم فَإِنَّ الْمَفْهُومَ مِنْ عُرْفِهِمْ مِنْ قَوْلِ الْوَلِيِّ ويردم إجَابَةُ الْخَاطِبِ، وَالْوَعْدُ لَهُ بِالْعَقْدِ، وَمِنْ قَوْلِ الْخَاطِبِ الدَّم إنَّهُ مُسْتَمِرٌّ عَلَى الجزء: 1 ¦ الصفحة: 341 الْخِطْبَةِ لَا يَرْجِعُ عَنْهَا، وَكُلُّ مَا يُرْسِلُهُ الْخَاطِبُ إلَى بَيْتِ الْمَخْطُوبَةِ مِمَّا يَتَسَارَعُ فِيهِ الْفَسَادُ فَهُوَ هَدِيَّةٌ مُطْلَقَةٌ لَيْسَ لَهُ الرُّجُوعُ فِي شَيْءٍ مِنْهَا، وَمَا يُرْسِلُهُ سِوَى ذَلِكَ كَالدَّرَاهِمِ وَالْخَيْلِ وَالثِّيَابِ فَهُوَ هَدِيَّةٌ مُقَيَّدَةٌ بِشَرْطِ جَرَيَانِ الْعَقْدِ فِي الْمُسْتَقْبَلِ هَذَا هُوَ الْمَعْرُوفُ مِنْ عُرْفِ التُّرْكُمَانِ، وَمَنْ يُجَاوِرُهُمْ مِنْ الْمُسْلِمِينَ فِي بَلَدِ الرُّومِ، وَالْهَدِيَّةُ الْمُقَيَّدَةُ الْمَذْكُورَةُ مِنْ الدَّرَاهِمِ وَنَحْوِهَا بَاقِيَةٌ عَلَى مِلْكِ الْخَاطِبِ لَهُ أَنْ يَطْلُبَ بِهَا مَنْ قَبَضَهَا مِنْهُ، كَذَا فِي مُشْتَمِلِ الْأَحْكَامِ نَقْلًا عَنْ الظَّهِيرِيَّةِ. جَهَّزَ ابْنَتَهُ وَسَلَّمَهُ إلَيْهَا لَيْسَ لَهُ فِي الِاسْتِحْسَانِ اسْتِرْدَادُهُ مِنْهَا، وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى قَالَ - رَحِمَهُ اللَّهُ -: الصَّوَابُ وَالصَّحِيحُ فِي تَسْلِيمِ الثِّيَابِ الْخَتْنَ مَا أَجَابَ بِهِ نَجْمُ الْأَئِمَّةِ الْبُخَارِيُّ إنَّهُ إذَا حُمِلَتْ الثِّيَابُ الَّتِي اُتُّخِذَتْ بِاسْمِ الْخَتْنِ إلَى بَيْتِ الْخَتْنِ ثَبَتَ الْمِلْكُ لَهُ فِيهَا إذَا لَمْ يَكُنْ الْحَمْلُ إلَيْهِ لِلرُّؤْيَةِ وَالِاسْتِرْدَادِ بَعْدَهَا، وَإِنْ كَانَ وَضَعُوا فِي الْجِهَازِ ثِيَابًا بِاسْمِ أَخِ الْخَتْنِ، وَحُمِلَتْ مَعَ ثِيَابِ الْخَتْنِ إلَى بَيْتِهِ لَا يَثْبُتُ لِأَخِيهِ الْمِلْكُ مَا لَمْ يَقْبِضْهَا. امْرَأَةٌ نَسَجَتْ فِي بَيْتِ أَبِيهَا أَشْيَاءَ كَثِيرَةً مِنْ إبْرَيْسَمٍ كَانَ يَشْتَرِيهِ أَبُوهَا ثُمَّ مَاتَ الْأَبُ فَهَذِهِ الْأَشْيَاءُ لَهَا بِاعْتِبَارِ الْعَادَةِ. قَالَ لِخَتْنِهِ خُذْ هَذِهِ الدَّرَاهِمَ، وَاشْتَرِ بِهَا لِنَفْسِك مَتَاعًا، وَلِأَهْلِك دِيبَاجًا فَفَعَلَ فَلَيْسَ لَهُ دَعْوَى الدَّرَاهِمِ الَّتِي قَالَ لَهُ، وَاشْتَرِ بِهَا لِنَفْسِك عَلَيْهِ. أَرْسَلَ إلَى خَتْنه ثِيَابًا فَقَبَضَهَا لَيْسَ لَهُ اسْتِرْدَادُهَا إذَا خَاطَهَا الْخَتْنُ. دَفَعَتْ فِي تَجْهِيزِ بِنْتِهَا أَشْيَاءَ مِنْ أَمْتِعَةِ الْأَبِ بِحَضْرَتِهِ وَعِلْمِهِ، وَكَانَ سَاكِتًا، وَزُفَّتْ إلَى الزَّوْجِ فَلَيْسَ لِلْأَبِ أَنْ يَسْتَرِدَّ ذَلِكَ مِنْ بِنْتِهِ، وَكَذَا لَوْ أَنْفَقَتْ الْأُمُّ فِي جِهَازِهَا مَا هُوَ مُعْتَادٌ، وَالْأَبُ سَاكِتٌ لَا تَضْمَنُ. بَعَثَ عِنْد الْخِطْبَةِ إلَيْهَا أَشْيَاءَ مَرْسُومَةً فِيهَا دِيبَاجٌ ثُمَّ زُفَّتْ إلَيْهِ ثُمَّ قَالَ آخُذُ الدِّيبَاجَ لَيْسَ لَهُ ذَلِكَ مِنْ الْبَزَّازِيَّةِ يَعْنِي فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَسْتَرِدَّهُ مِنْهَا جَبْرًا إذَا بَعَثَ إلَيْهَا عَلَى وَجْهِ التَّمْلِيكِ. زَوَّجَ ابْنَتَهُ وَجَهَّزَهَا بِأَمْتِعَةٍ مُعَيَّنَةٍ، وَلَمْ يُسَلِّمْهَا إلَيْهَا ثُمَّ فَسَخَ الْعَقْدَ، وَزَوَّجَهَا مِنْ آخَرَ فَلَيْسَ لَهَا مُطَالَبَةُ الْأَبِ بِذَلِكَ الْجِهَازِ لِأَنَّ التَّجْهِيزَ تَمْلِيكٌ فَيُشْتَرَطُ فِيهِ التَّسْلِيمُ. وَلَوْ كَانَ لَهَا عَلَى أَبِيهَا دَيْنٌ فَجَهَّزَهَا ثُمَّ قَالَ جَهَّزْتهَا بِمَا لَهَا عَلَيَّ وَقَالَتْ بَلْ بِمَالِك فَالْقَوْلُ لِلْأَبِ وَقِيلَ: الْقَوْلُ لِلْبِنْتِ، وَالْأَوَّلُ أَصَحُّ فَإِنَّهُ لَوْ قَالَ الْأَبُ كَانَ لِأُمِّك عَلَيَّ مِائَةُ دِينَارٍ فَاِتَّخَذْت الْجِهَازَ بِهَا وَقَالَتْ بَلْ مِنْ مَالِك فَالْقَوْلُ لِلْأَبِ قَالَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - وَلَعَلَّ الْفَرْقَ بَيْنَهُمَا أَنَّ دَيْنَ الْبِنْتِ عَلَى الْأَبِ مَعْلُومٌ فِي الْمَسْأَلَةِ الْأُولَى وَقَدْ ادَّعَى الْبَرَاءَةَ عَنْهُ فَلَا يُصَدَّقُ، وَفِي الثَّانِيَةِ إنَّمَا عُرِفَ الدَّيْنُ بِإِقْرَارِهِ، وَلَكِنْ مَعَ الْبَرَاءَةِ عَنْهُ فَكَانَ الْقَوْلُ لَهُ كَمَنْ قَالَ لِلْقَاضِي بِعْت هَذَا الْعَبْدَ مِنْ فُلَانٍ، وَغَابَ قَبْلَ نَقْدِ الثَّمَنِ يَبِيعُهُ الْقَاضِي، وَيَدْفَعُ الثَّمَنَ لَهُ، وَإِنْ كَانَ قَضَاءً عَلَى الْغَائِبِ لِأَنَّ كَوْنَ الْعَبْدِ لِلْغَائِبِ إنَّمَا ظَهَرَ بِإِقْرَارِهِ مَشْغُولًا بِحَقِّهِ بِخِلَافِ مَا إذَا كَانَ قَبْلَهُ مَعْلُومًا لَا يَبِيعُهُ مِنْ الْقُنْيَةِ. وَفِي قَاضِي خَانْ بَعَثَ إلَى امْرَأَتِهِ مَتَاعًا وَبَعَثَ إلَيْهِ أَبُوهَا مَتَاعًا فَقَالَ الزَّوْجُ مَا بَعَثْته مَهْرٌ صُدِّقَ مَعَ يَمِينِهِ فَلَوْ حَلَفَ فَلِلْمَرْأَةِ رَدُّ الْمَتَاعِ لَوْ قَائِمًا، وَإِلَّا تَرُدُّ مِثْلَهُ لَوْ مِثْلِيًّا لِأَنَّهَا لَمْ تَرْضَ بِكَوْنِهِ مَهْرًا، وَتَرْجِعُ بِبَقِيَّةِ الْمَهْرِ وَلَوْ قِيَمِيًّا لَا تَرْجِعُ عَلَى الزَّوْجِ بِبَقِيَّتِهِ. قَالَ صَاحِبُ الْفُصُولَيْنِ أَقُولُ يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ لَهَا رَدُّ قِيمَةِ قِيَمِيٍّ هَلَكَ لِتَرْجِعَ بِبَقِيَّةِ الْمَهْرِ لَوْ كَانَتْ أَكْثَرَ لِأَنَّهَا لَمْ تَرْضَ بِكَوْنِ الْمَدْفُوعِ مِنْ الْمَهْرِ فَيَنْبَغِي أَنْ يَجُوزَ لَهَا رَدُّهُ قَائِمًا، وَرَدُّ قِيمَتِهِ هَالِكًا لِتَصِلَ إلَى حَقِّهَا قَالَ قَاضِي خَانْ، وَأَمَّا مَا بَعَثَهُ أَبُوهَا الجزء: 1 ¦ الصفحة: 342 فَلَوْ كَانَ هَالِكًا لَا يَرْجِعُ عَلَى الزَّوْجِ بِشَيْءٍ وَلَوْ قَائِمًا، وَبَعَثَ الْأَبُ مِنْ مَالِ نَفْسِهِ فَلَهُ أَخْذُهُ مِنْ الزَّوْجِ لِأَنَّهُ هِبَةٌ لِغَيْرِ ذِي الرَّحِمِ الْمَحْرَمِ وَلَوْ بَعَثَهُ مِنْ مَالِ ابْنَتِهِ الْبَالِغَةِ بِرِضَاهَا لَا تَرْجِعُ فِيهِ لِأَنَّهُ هِبَةُ أَحَدِ الزَّوْجَيْنِ لِلْآخَرِ، وَلَا رُجُوعَ فِيهِ قَالَ صَاحِبُ الْفُصُولَيْنِ أَيْضًا أَقُولُ يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ لِلْأَبِ الرُّجُوعُ فِيمَا بَعَثَهُ مِنْ مَالِهِ وَلَوْ هَالِكًا لِأَنَّهُ بَعَثَهُ عَلَى سَبِيلِ الْعِوَضِ مِنْ الْهِبَةِ فَلَمَّا لَمْ يَحْصُلْ غَرَضُهُ يَنْبَغِي أَنْ يَجُوزَ رُجُوعُهُ قُلْتُ: وَنِعْمَ مَا قَالَ. لَوْ أَنْفَقَ عَلَى امْرَأَتِهِ مُدَّةً فَتَبَيَّنَ فَسَادُ النِّكَاحِ بِأَنْ شَهِدُوا بِأَنَّهَا أُخْتُهُ رَضَاعًا، وَفُرِّقَ بَيْنَهُمَا فَلَهُ أَنْ يَرْجِعَ عَلَيْهَا بِمَا أَنْفَقَ لَوْ أَنْفَقَ بِفَرْضِ الْقَاضِي لِأَنَّهُ تَبَيَّنَ أَنَّهَا أَخَذَتْ بِغَيْرِ حَقٍّ أَمَّا لَوْ أَنْفَقَ بِلَا فَرْضٍ لَمْ يَرْجِعْ بِشَيْءٍ، وَكَذَا لَوْ فَرَضَهَا الْقَاضِي، وَأَخَذَتْهَا، وَأَكَلَتْ فِي بَيْتِ زَوْجِهَا بِلَا إذْنِهِ يَرْجِعُ عَلَيْهَا لَا لَوْ أَكَلَتْ فِي بَيْتِهِ بِإِبَاحَتِهِ. أَنْفَقَ عَلَى مُعْتَدَّةِ غَيْرِهِ عَلَى أَنْ يَتَزَوَّجَهَا بَعْدَ الْعِدَّةِ إنْ رَضِيَتْ بِهِ فَلَهُ أَنْ يَرْجِعَ بِمَا أَنْفَقَ زَوَّجَتْ نَفْسَهَا مِنْهُ أَوْ لَا وَقِيلَ: إنَّمَا يَرْجِعُ لَوْ شَرَطَ الرُّجُوعَ بِأَنْ قَالَ أُنْفِقُ عَلَيْك بِشَرْطِ أَنْ تَتَزَوَّجِي بِي، وَإِلَّا فَأَرْجِعُ عَلَيْك بِمَا أُنْفِقُ، وَلَا يَرْجِعُ لَوْ لَمْ يَشْتَرِطْ الرُّجُوعَ، وَالْأَصَحُّ أَنَّهُ يَرْجِعُ لَوْ لَمْ تَتَزَوَّجْ لَا لَوْ تَزَوَّجَتْ سَوَاءٌ شَرَطَ الرُّجُوعَ أَوْ لَا هَذَا لَوْ أَنْفَقَ بِشَرْطِ التَّزَوُّجِ أَمَّا لَوْ أَنْفَقَ بِلَا شَرْطٍ، وَلَكِنْ عُلِمَ عُرْفًا أَنَّهُ يُنْفِقُ بِشَرْطِ التَّزَوُّجِ قِيلَ: يَرْجِعُ، وَهُوَ الْأَشْبَهُ إذْ الْمَعْرُوفُ كَمَشْرُوطٍ وَقِيلَ الصَّحِيحُ أَنَّهُ لَا يَرْجِعُ وَقِيلَ: الْأَصَحُّ أَنَّهُ يَرْجِعُ تَزَوَّجَتْهُ أَوْ لَا لِأَنَّهُ رِشْوَةٌ، وَهَذَا لَوْ دَفَعَ الدَّرَاهِمَ إلَيْهَا لِتُنْفِقَ عَلَى نَفْسِهَا أَمَّا لَوْ أَكَلَتْ مَعَهُ لَا يَرْجِعُ. قَالَ لِرَجُلٍ اعْمَلْ فِي كَرَمْيِ هَذِهِ السَّنَةَ حَتَّى أُزَوِّجَك بِبِنْتِي فَعَمِلَ فَلَمْ يُزَوِّجْهَا مِنْهُ قِيلَ يَجِبُ أَجْرُ مِثْلِ عَمَلِهِ، وَهُوَ الْأَشْبَهُ وَقِيلَ لَا. وَكَذَا لَوْ اخْتَلَفَا فِيمَا لَوْ عَمِلَ بِلَا شَرْطِ الْأَبِ، وَلَكِنْ عَلِمَ أَنَّهُ إنَّمَا يَعْمَلُ طَمَعًا فِي التَّزَوُّجِ، وَعَلَى هَذَا لَوْ قَالَ رَجُلٌ لِآخَرَ: اعْمَلْ مَعِي حَتَّى أَفْعَلَ مَعَك كَذَا فَأَبَى. عَجَّلَ لِامْرَأَتِهِ نَفَقَةَ سِتَّةِ أَشْهُرٍ فَمَاتَتْ لَيْسَ لَهُ أَنْ يَرْجِعَ كَرُجُوعِ الْهِبَةِ يَنْقَطِعُ بِالْمَوْتِ، وَهَذَا قَوْلُ أَبِي يُوسُفَ، وَبِهِ يُفْتَى وَلَوْ هَلَكَتْ فِي يَدِهَا لَمْ يَرْجِعْ بِالْإِجْمَاعِ مِنْ الْفُصُولَيْنِ. مَبْتُوتَةٌ أَخَذَتْ نَفَقَةَ الْعِدَّةِ سَنَتَيْنِ، وَلَمْ تُقِرَّ بِانْقِضَاءِ الْعِدَّةِ فَوَلَدَتْ بَعْدَ سَنَتَيْنِ حَتَّى لَمْ يَثْبُتْ نَسَبُ الْوَلَدِ مِنْ الزَّوْجِ بِالْإِجْمَاعِ لَا تَرُدُّ عَلَى الزَّوْجِ شَيْئًا عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ لِأَنَّ الزِّنَا إنْ ثَبَتَ لَا يُبْطِلُ النَّفَقَةَ، وَعِنْدَهُمَا تَرُدُّ نَفَقَةَ سِتَّةِ أَشْهُرٍ، وَيُحْمَلُ عَلَى التَّزَوُّجِ بِآخَرَ، وَالْوِلَادَةُ مِنْهُ، وَأَقَلُّ مُدَّةِ ذَلِكَ سِتَّةُ أَشْهُرٍ مِنْ الْحَقَائِقِ. أَقَامَتْ امْرَأَةٌ الْبَيِّنَةَ عَلَى زَوْجِهَا أَنَّهُ طَلَّقَهَا ثَلَاثًا وَقَدْ دَخَلَ بِهَا فَلَهَا نَفَقَةُ الْعِدَّةِ إلَى أَنْ يُسْأَلَ عَنْ الشُّهُودِ فَإِنْ لَمْ يُعَدَّلْ الشُّهُودُ يَرْجِعُ الزَّوْجُ عَلَيْهَا بِمَا أَخَذَتْ إنْ أَخَذَتْ بِفَرْضِ الْقَاضِي، وَبِغَيْرِهِ لَا يَرْجِعُ، مِنْ الْوَجِيزِ. وَفِي الْأَقْضِيَةِ رَجُلَانِ شَهِدَا عَلَى رَجُلٍ أَنَّهُ طَلَّقَ امْرَأَتَهُ الْمَدْخُولَةَ طَلَاقًا بَائِنًا أَوْ ثَلَاثًا أَوْ أَعْتَقَ أَمَةً فَإِنِّي أَحُولُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْمَرْأَةِ وَالْأَمَةِ حَتَّى أَسْأَلَ عَنْ الشُّهُودِ، وَإِنْ كَانَ لِلزَّوْجِ بَيْتٌ وَاحِدٌ يَجْعَلُ بَيْنَهُمَا سِتْرًا بِخِلَافِ مُطَلَّقَةِ الثَّلَاثِ حَيْثُ يَجْعَلُ بَيْنَهُمَا امْرَأَةً ثِقَةً فَإِنْ طَالَتْ الْمُدَّةُ فِي مَسْأَلَةِ الشُّهُودِ يُفْرَضُ لَهَا مِنْ النَّفَقَةِ قَدْرُ مُدَّةِ الْعِدَّةِ، وَسَوَاءٌ ادَّعَتْ هِيَ الطَّلَاقَ أَوْ جَحَدَتْ أَوْ سَكَتَتْ فَإِنْ زُكِّيَتْ الْبَيِّنَةُ سَلَّمَ لَهَا النَّفَقَةَ، وَإِنْ لَمْ تُزَكَّ رَدَّتْ مَا أَخَذَتْ مِنْ النَّفَقَةِ عَلَى الزَّوْجِ لِأَنَّهَا كَالنَّاشِزَةِ لِأَنَّهَا مَمْنُوعَةٌ عَنْهُ، وَمَا أَكَلَتْ بِإِذْنِهِ لَا بِفَرْضِ الْقَاضِي فَهُوَ تَبَرُّعٌ فَلَا يَسْتَرِدُّ هَذِهِ فِي كِتَابِ الْقَضَاءِ مِنْ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 343 الْخُلَاصَةِ. خَطَبَ امْرَأَةً فِي بَيْتِ أَخِيهَا فَأَبَى أَنْ يَدْفَعَهَا حَتَّى تَدْفَعَ إلَيْهِ دَرَاهِمَ فَدَفَعَ، وَتَزَوَّجَهَا يَرْجِعُ بِمَا دَفَعَ لِأَنَّهَا رِشْوَةٌ. الْوَكِيلُ بِالتَّزْوِيجِ إذَا ضَمِنَ لَهَا الْمَهْرَ فَإِنْ أَدَّى إنْ كَانَ الضَّمَانُ بِأَمْرِهِ يَرْجِعُ، وَإِلَّا فَلَا، وَفِي رِوَايَةِ الْمُنْتَقَى يَرْجِعُ، وَإِنْ أَدَّى بِغَيْرِ أَمْرِهِ. رَجُلٌ قَالَ لِمُطَلَّقَتِهِ لَا أَتَزَوَّجُك مَا لَمْ تَهَبِينِي مَا لَك عَلَيَّ مِنْ الْمَهْرِ فَوَهَبَتْهُ مَهْرَهَا عَلَى أَنْ يَتَزَوَّجَهَا فَالْمَهْرُ بَاقٍ عَلَى الزَّوْجِ تَزَوَّجَ أَوْ لَمْ يَتَزَوَّجْ. تَزَوَّجَ امْرَأَةً بِأَلْفٍ ثُمَّ جَدَّدَ النِّكَاحَ بِأَلْفَيْنِ اخْتَلَفُوا فِيهِ ذَكَرَ الشَّيْخُ الْمَعْرُوفُ بِخُوَاهَرْ زَادَهْ فِي كِتَابِ النِّكَاحِ عَلَى أَنَّ قَوْلَ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ لَا يَلْزَمُ الْأَلْفُ الثَّانِيَةُ، وَمَهْرُهَا أَلْفُ دِرْهَمٍ، وَعَلَى قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ يَلْزَمُهُ الْأَلْفُ الثَّانِيَةُ. وَفِي الْمُحِيطِ ذَكَرَ قَوْلَ أَبِي يُوسُفَ مَعَ أَبِي حَنِيفَةَ، وَبَعْضُهُمْ ذَكَرَ الْخِلَافَ عَلَى عَكْسِ هَذَا، وَذَكَرَ عِصَامٌ أَنَّ عَلَيْهِ أَلْفَيْنِ، وَلَمْ يَذْكُرْ خِلَافًا. وَفِي الْمُحِيطِ ذَكَرَ عِصَامٌ فِي كِتَابِ الْإِقْرَارِ أَنَّهُ لَا تَثْبُتُ الزِّيَادَةُ. وَفِي النَّوَازِلِ عَنْ الْفَقِيهِ أَبِي اللَّيْثِ إذَا جَدَّدَ الْمَهْرَ يَجِبُ كِلَا الْمَهْرَيْنِ، وَفَتْوَى الْإِمَامِ الْقَاضِي الْأَجَلِّ عَلَى أَنَّهُ لَا يَجِبُ بِالْعَقْدِ الثَّانِي شَيْءٌ إلَّا إذَا عَنَى بِهِ الزِّيَادَةَ فِي الْمَهْرِ فَحِينَئِذٍ يَجِبُ الْمَهْرُ الثَّانِي، وَالزِّيَادَةُ فِي الْمَهْرِ جَائِزَةٌ حَالَ قِيَامِ النِّكَاحِ عِنْدَ عُلَمَائِنَا الثَّلَاثَةِ خِلَافًا لِزُفَرَ. امْرَأَةٌ وَهَبَتْ مَهْرَهَا مِنْ زَوْجِهَا ثُمَّ إنَّ الزَّوْجَ أَشْهَدَ أَنَّ لَهَا عَلَيْهِ كَذَا مِنْ مَهْرِهَا تَكَلَّمُوا فِيهِ، وَالْمُخْتَارُ عِنْدَ الْفَقِيهِ أَبِي اللَّيْثِ أَنَّ إقْرَارَهُ جَائِزٌ إذَا قَبِلَتْ الْمَرْأَةُ. الْوَاجِبُ فِي النِّكَاحِ الْفَاسِدِ الْأَقَلُّ مِنْ الْمُسَمَّى، وَمِنْ مَهْرِ الْمِثْلِ إنْ كَانَ تَسْمِيَةً، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ يَجِبُ مَهْرُ الْمِثْلِ بَالِغًا مَا بَلَغَ، وَإِنَّمَا يَجِبُ ذَلِكَ بِالْجِمَاعِ فِي الْقُبُلِ، وَلَا يَجِبُ بِالْخَلْوَةِ، وَالْمَسِّ عَنْ شَهْوَةٍ، وَالتَّقْبِيلِ، وَالْوَطْءِ فِي الدُّبُرِ خُلَاصَةً. قَالَتْ الْمُعْتَدَّةُ لِزَوْجِهَا تَزَوَّجْنِي فَقَالَ هَبِي لِي الْمَهْرَ الَّذِي لَك عَلَيَّ فَأَتَزَوَّجَك فَأَبْرَأَتْهُ مُطْلَقًا غَيْرَ مُعَلَّقٍ بِشَرْطِ التَّزَوُّجِ يَبْرَأُ عَلَى جِهَةِ الرِّشْوَةِ فَلَا يَصِحُّ مِنْ الْقُنْيَةِ. تَزَوَّجَهَا، وَبَعَثَ إلَيْهَا بِهَدَايَا، وَعَوَّضَتْهُ، وَزُفَّتْ إلَيْهِ، وَفَارَقَهَا فَقَالَ مَا بَعَثَتْهُ فَكُلُّهُ عَارِيَّةٌ فَالْقَوْلُ لَهُ فِي مَتَاعِهِ لِأَنَّهُ يُنْكِرُ التَّمْلِيكَ، وَلَهَا أَخْذُ مَا بَعَثَتْهُ لِأَنَّهَا زَعَمَتْ أَنَّهُ عِوَضُ الْهِبَةِ فَلَمَّا لَمْ يَكُنْ هِبَةً لَمْ يَكُنْ عِوَضًا فَلِكُلِّ مِنْهُمَا أَخْذُ مَا بَعَثَهُ قِيلَ: هَذَا لَوْ صَرَّحَتْ حِينَ بَعَثَتْهُ أَنَّهُ عِوَضٌ وَلَوْ لَمْ تُصَرِّحْ بِهِ، وَلَكِنَّهَا نَوَتْهُ كَانَ هِبَةً، وَبَطَل نِيَّتُهَا وَلَوْ اسْتَهْلَكَتْ مَا بَعَثَهُ الزَّوْجُ إلَيْهَا فَأَنْكَرَ الْهِبَةَ، وَحَلَفَ يَنْبَغِي أَنْ يَجُوزَ لَهُ التَّضْمِينُ لِأَنَّ حُكْمَ الْعَارِيَّةِ كَذَلِكَ، وَكَذَا لَوْ أَتْلَفَ الزَّوْجُ مَا بَعَثَتْهُ إلَيْهِ يَنْبَغِي أَنْ يَجُوزَ لَهَا التَّضْمِينُ،. وَفِي الْقُنْيَةِ وَقِيلَ: لَا يَرْجِعُ كُلُّ وَاحِدٍ بِمَا فَرَّقَ عَلَى النَّاسِ صَاحِبُهُ بِإِذْنِهِ أَوْ دَلَالَةً، وَلَا بِالْمَأْكُولَاتِ مِنْ الْأَطْعِمَةِ، وَالْفَوَاكِهِ الرُّطَبَةِ انْتَهَى. لَوْ مَاتَتْ الْمَرْأَةُ فَاِتَّخَذَتْ وَالِدَتَهَا مَأْتَمًا فَبَعَثَ زَوْجُ الْمَيِّتَةِ بَقَرَةً إلَى صَهَرْته لِتَذْبَحَهَا، وَتُنْفِقَهَا فَفَعَلَتْ، وَطَلَبَ الزَّوْجُ قِيمَتَهَا فَإِنْ اتَّفَقَا عَلَى شَرْطِ الرُّجُوعِ يَرْجِعُ لَا لَوْ اتَّفَقَا عَلَى أَنَّهُ لَمْ يَذْكُرْ الْقِيمَةَ لِأَنَّهَا فَعَلَتْ بِإِذْنِهِ بِلَا شَرْطِ الْقِيمَةِ. وَلَوْ اخْتَلَفَا فِيهِ فَالْقَوْلُ لِأُمِّ الْمَيِّتَةِ لِأَنَّهَا تُنْكِرُ شَرْطَ الضَّمَانِ وَقِيلَ: يَنْبَغِي أَنْ يُصَدَّقَ الزَّوْجُ لِأَنَّ الْأُمَّ تَدَّعِي الْإِذْنَ بِلَا عِوَضٍ، وَهُوَ يُنْكِرُهُ فَالْقَوْلُ لَهُ كَمَنْ دَفَعَ إلَى آخَرَ دَرَاهِمَ فَأَنْفَقَهَا فَقَالَ لَهُ رَبُّهَا أَقْرَضْتُكهَا وَقَالَ الْقَابِضُ وَهَبْتنِي فَالْقَوْلُ لِرَبِّهَا هَذِهِ الْجُمْلَةُ مِنْ الْفُصُولَيْنِ سِوَى الْمَنْقُولِ مِنْ الْقُنْيَةِ. لَوْ بَعَثَ إلَى امْرَأَتِهِ شَيْئًا هُوَ هَدِيَّةٌ وَقَالَ الزَّوْجُ هُوَ مِنْ الْمَهْرِ فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ إلَّا فِي الطَّعَامِ الَّذِي يُؤْكَلُ فَإِنَّ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 344 الْقَوْلَ قَوْلُهَا قَالَ وَالْمُرَادُ مِنْهُ مَا يَكُونُ مُتَهَيَّئًا لِلْأَكْلِ أَمَّا الْحِنْطَةُ وَالشَّعِيرُ فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ وَقِيلَ: مَا يَجِبُ عَلَيْهِ مِنْ الْخِمَارِ وَالدِّرْعِ وَغَيْرِهِ لَيْسَ لَهُ أَنْ يَحْسِبَهُ مِنْ الْمَهْرِ مِنْ الْهِدَايَةِ. لَوْ قَبَضَ الْمَهْرَ أَبُوهَا مِنْ زَوْجِهَا فَسَكَتَتْ يَكُونُ إذْنًا إلَّا أَنْ تَقُولَ لَا تَقْبِضُهُ فَإِذَا لَمْ يَجُزْ الْقَبْضُ عَلَيْهَا، وَلَا يَبْرَأُ الزَّوْجُ مِنْ الْفُصُولَيْنِ. إذَا قَالَ الْأَبُ اشْهَدُوا أَنِّي قَدْ زَوَّجْت ابْنِي فُلَانًا بِأَلْفٍ مِنْ مَالِي لَمْ يَلْزَمْهُ إلَّا أَنْ يُؤَدِّيَ فَيَكُونَ صِلَةً قَالَ كَأَنَّهُ عَنْ أَبِي يُوسُفَ مِنْ الْخُلَاصَةِ. امْرَأَةٌ زَوَّجَتْ نَفْسَهَا بِرِسَالَةٍ، وَضَمِنَ الرَّسُولُ بِالْمَهْرِ وَقَالَ أَمَرَنِي بِالرِّسَالَةِ فَإِنْ أَقَرَّ بِهِ الزَّوْجُ لَزِمَهُ النِّكَاحُ، وَالضَّمَانُ لَازِمٌ لِلرَّسُولِ، وَإِنْ جَحَدَ الزَّوْجُ الْأَمْرَ فَلَا نِكَاحَ، وَلَهَا عَلَى الرَّسُولِ نِصْفُ الصَّدَاقِ هَذَا إذَا اسْتَحْلَفَ الْقَاضِي الزَّوْجَ بِنِكَاحِهَا فَنَكِلَ، وَطَلَبَتْ الْمَرْأَةُ مِنْ الْقَاضِي التَّفْرِيقَ فَفَرَّقَ بَيْنَهُمَا فَيَكُونُ الْوَاجِبُ عَلَى الزَّوْجِ فِي زَعْمِ الرَّسُولِ نِصْفُ الْمَهْرِ لِأَنَّ الْفُرْقَةَ جَاءَتْ مِنْ قِبَلِ الزَّوْجِ قَبْلَ الدُّخُولِ بِهَا فَأَمَّا إذَا لَمْ تُطَالِبْ الْمَرْأَةُ الْقَاضِي بِالتَّفْرِيقِ فَيَكُونُ فِي زَعْمِهَا أَنَّ الْوَاجِبَ جَمِيعُ الْمَهْرِ فَيَجِبُ عَلَى الرَّسُولِ كُلُّهُ. زَوَّجَ الْأَبُ صَغِيرَتَهُ، وَضَمِنَ لَهَا الْمَهْرَ مِنْ زَوْجِهَا جَازَ فَإِنْ شَاءَتْ أَخَذَتْ مِنْ الْأَبِ، وَإِنْ شَاءَتْ أَخَذَتْ مِنْ الزَّوْجِ إذَا بَلَغَتْ، وَكَذَا إذَا ضَمِنَ عَنْ ابْنِهِ الصَّغِيرِ جَازَ، وَإِنْ أَدَّى لَا يَرْجِعُ عَلَى الْوَلَدِ اسْتِحْسَانًا لِأَنَّهُ صِلَةٌ عَادَةً، وَإِنْ مَاتَ قَبْلَ أَنْ يُؤَدِّيَ، وَأَخَذَ مِنْ تَرِكَتِهِ يَرْجِعُ بِهِ بَقِيَّةِ الْوَرَثَةِ عَلَى الِابْنِ فِي حِصَّتِهِ لِأَنَّ الصِّلَةَ لَمْ تَتِمَّ قَبْلَ الْأَدَاءِ بِخِلَافِ مَا لَوْ ضَمِنَ عَنْ ابْنِهِ الْكَبِيرِ بِغَيْرِ إذْنِهِ وَمَاتَ وَأَخَذَ مِنْ تَرِكَةِ الْأَبِ حَيْثُ لَا يَرْجِعُ بَقِيَّةُ الْوَرَثَةِ عَلَى الِابْنِ فِي حِصَّتِهِ لِعَدَمِ الْأَمْرِ بِالضَّمَانِ بِالْمَهْرِ فَيَكُونُ مُتَبَرِّعًا فِي حَقِّ الْكَبِيرِ فَإِنْ ضَمِنَ فِي الْمَرَضِ، وَمَاتَ أَخَذَ مِنْ تَرِكَتِهِ، وَيَرْجِعُ بَاقِي الْوَرَثَةِ عَلَى الِابْنِ، وَإِنْ ضَمِنَ وَصِيُّ الزَّوْجِ، وَهُوَ وَلِيٌّ ثُمَّ أَدَّى رَجَعَ بِهِ فِي مَالِ الصَّغِيرِ. لَوْ زَوَّجَهُ الْوَكِيلُ امْرَأَةً بِأَلْفٍ عَلَى أَنَّهُ ضَامِنٌ بِهَا أَخَذَتْ أَيَّهمَا شَاءَتْ بِالْأَلْفِ، وَأَيَّهمَا أَدَّى لَمْ يَرْجِعْ عَلَى صَاحِبِهِ بِخِلَافِ مَا لَوْ خَالَعَهَا الْوَكِيلُ عَلَى أَنَّهُ ضَامِنٌ لَهَا فَالْمَالُ عَلَى الْوَكِيلِ، وَيَرْجِعُ بِهِ عَلَيْهَا لِأَنَّ الْأَمْرَ بِالْخُلْعِ أَمْرٌ بِالْتِزَامِ الْمَالِ لِأَنَّ الْخُلْعَ يَصِحُّ بِدُونِ الْأَمْرِ فَيُعْتَبَرُ الْأَمْرُ لِوُجُوبِ الْبَدَلِ، وَالنِّكَاحُ لَا يَصِحُّ بِدُونِ الْأَمْرِ فَيُعْتَبَرُ الْأَمْرُ لِصِحَّةِ النِّكَاحِ لَا لِوُجُوبِ الْبَدَلِ. وَلَوْ زَوَّجَهُ الْوَكِيلُ امْرَأَةً عَلَى عَبْدِهِ أَوْ عَلَى عِرْضِهِ جَازَ فَإِنْ هَلَكَ فِي يَدِ الْوَكِيلِ رَجَعَتْ بِقِيمَتِهِ عَلَى الزَّوْجِ، وَفِي الْخُلْعِ يَرْجِعُ عَلَى الْوَكِيلِ، وَيُجْبَرُ الْوَكِيلُ عَلَى تَسْلِيمِ الْعَبْدِ قَبْلَ الْهَلَاك بِخِلَافِ مَا لَوْ زَوَّجَهُ عَلَى أَلْفِهِ لَا يُجْبَرُ الْوَكِيلُ عَلَى دَفْعِ مَالِهِ مِنْ الْوَجِيزِ. وَفِي الصُّغْرَى الْأَبُ إذَا زَوَّجَ الصَّغِيرَ امْرَأَةً، وَضَمِنَ عَنْهُ الْمَهْرَ وَأَدَّى كَانَ مُتَطَوِّعًا اسْتِحْسَانًا لَا إذَا أَشْهَدَ عَنْهُ الْأَدَاءَ أَنَّهُ إنَّمَا أَدَّى لِيَرْجِعَ فَحِينَئِذٍ لَا يَكُونُ مُتَطَوِّعًا، وَيَرْجِعُ فِي مَالِهِ وَضَمِنَ عَنْهُ، هَذَا إذَا كَانَ الضَّمَانُ وَالْأَدَاءُ جَمِيعًا فِي حَالِ صِحَّةِ الْأَبِ أَمَّا إذَا ضَمِنَ فِي حَالِ الصِّحَّةِ، وَأَدَّى فِي الْمَرَضِ أَوْ ضَمِنَ فِي صِحَّتِهِ وَمَاتَ فَأَخَذَتْ الْمَرْأَةُ مِنْ مَالِهِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ، وَعِنْدَ مُحَمَّدٍ لَا يَكُونُ مُتَبَرِّعًا بَلْ يَحْتَسِبُ مِنْ مِيرَاثِ الِابْنِ وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ هُوَ مُتَبَرِّعٌ لَا يَرْجِعُ هُوَ وَلَا وَرَثَتُهُ بَعْدَ مَوْتِهِ عَلَى الِابْنِ بِشَيْءٍ انْتَهَى. وَفِي شَرْحِ الْمَجْمَعِ غَيْرُ الْأَبِ مِنْ الْأَوْلِيَاءِ، وَكَذَا الْوَصِيُّ إذَا ضَمِنَ الْمَهْرَ عَنْ الصَّغِيرِ وَأَدَّى مِنْ مَالِهِ يَرْجِعُ فِي مَالِ الصَّغِيرِ، وَإِنْ لَمْ يَشْتَرِطْ الرُّجُوعَ اتِّفَاقًا وَلَوْ ضَمِنَ الْأَبُ الْمَهْرَ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 345 عَنْ ابْنِهِ الْكَبِيرِ بِغَيْرِ أَمْرِهِ لَا يَرْجِعُ الْوَرَثَةُ عَلَيْهِ اتِّفَاقًا، وَإِنْ ضَمِنَ بِأَمْرِهِ يَرْجِعُونَ اتِّفَاقًا، وَلَا يَجِبُ إجْمَاعًا الْمَهْرُ عَلَى الْأَبِ بِلَا ضَمَانٍ لِفَقْرِ وَلَدِهِ الصَّغِيرِ وَقَالَ مَالِكٌ يَجِبُ عَلَيْهِ كَمَا فِي الْمَجْمَعِ، وَكَذَلِكَ يَجِبُ عَلَيْهِ عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ كَمَا فِي دُرَرِ الْبِحَارِ. الْأَبُ إذَا قَالَ لِلْخَتْنِ حِينَ يَقْبِضُ مَهْرَ بِنْتِهِ أَقْبِضُ مِنْك عَلَى أَنْ أُبْرِئَك مِنْ مَهْرِ بِنْتِي فَلَوْ رَجَعَتْ عَلَى الزَّوْجِ فَالزَّوْجُ يَرْجِعُ عَلَى الْأَبِ فِي الْوِكَالَةِ، مِنْ الْخُلَاصَةِ. زَوَّجَ ابْنَهُ الصَّغِيرَ وَضَمِنَ عَنْهُ الْمَهْرَ أَجْنَبِيٌّ بِأَمْرِ الْأَبِ وَأَدَّى يَرْجِعُ عَلَى الِابْنِ، وَكَذَا الْوَصِيُّ لَوْ أَدَّى مَهْرَهُ يَرْجِعُ لَوْ أَشْهَدَ الْأَبُ عِنْدَ الْأَدَاءِ أَنَّهُ يَرْجِعُ فِي مَالِ ابْنِهِ، وَلَمْ يَكُنْ أَشْهَدَ حِينَ ضَمِنَ لَهُ أَنْ يَرْجِعَ فِي مَالِ الصَّبِيِّ. وَفِي نَوَادِرِ إبْرَاهِيمَ لَوْ كَبِرَ الِابْنُ ثُمَّ ادَّعَى الْأَبُ أَنَّهُ أَشْهَدَ يَرْجِعُ، وَإِنْ لَمْ يَشْهَدْ لَا يَرْجِعُ هَذَا إذَا لَمْ يَكُنْ لِلصَّبِيِّ دَيْنٌ عَلَى الْأَبِ أَمَّا إذَا كَانَ عَلَيْهِ دَيْنٌ فَأَدَّى مَهْرَهُ، وَلَمْ يُشْهِدْ ثُمَّ قَالَ أَدَّيْت مَهْرَهُ مِنْ دَيْنِهِ الَّذِي عَلَيَّ صَدَقَ الْأَبُ إنْ كَانَ صَغِيرًا وَلَوْ كَانَ الِابْنُ كَبِيرًا لَا، وَيَكُونُ مُتَبَرِّعًا مِنْ الْخُلَاصَةِ. إذَا رَهَنَ بِمَهْرِ الْمِثْلِ شَيْئًا فَقَبَضَتْهُ ثُمَّ طَلَّقَهَا قَبْلَ الدُّخُولِ بِهَا يَبْطُلُ الدَّيْنُ عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ، وَلَا يَكُونُ رَهْنًا بِالْمُتْعَةِ فَإِذَا هَلَكَ لَا يَهْلِكُ بِالْمُتْعَةِ بَلْ يَهْلِكُ أَمَانَةً، وَتَرْجِعُ هِيَ عَلَى الزَّوْجِ بِالْمُتْعَةِ وَقَبْلَ الْهَلَاكِ لَيْسَ لَهَا مُتْعَةٌ. وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ يَصِيرُ رَهْنًا بِالْمُتْعَةِ حَتَّى يَهْلِكَ مَضْمُونًا بِالْمُتْعَةِ، وَلَا يَرْجِعُ وَاحِدٌ مِنْهُمَا عَلَى صَاحِبِهِ سَوَاءٌ كَانَ قِيمَةُ الرَّهْنِ مِثْلَ الْمُتْعَةِ أَوْ أَكْثَرَ، وَإِنْ كَانَ أَقَلَّ مِنْ قِيمَةِ الْمُتْعَةِ تَرْجِعُ عَلَيْهِ إلَى تَمَامِ قِيمَةِ الْمُتْعَةِ مِنْ الْحَقَائِقِ. إذَا فَسَخَ النِّكَاحَ بِخِيَارِ الْبُلُوغِ إنْ كَانَ بَعْدَ الدُّخُولِ يَجِبُ كَمَالُ الْمَهْرِ، وَإِنْ كَانَ قَبْلَ الدُّخُولِ يَسْقُطُ كُلُّ الْمَهْرِ لِأَنَّ الْفُرْقَةَ بِخِيَارِ الْبُلُوغِ فَسْخٌ مِنْ كُلِّ وَجْهٍ. تَزَوَّجَ امْرَأَةً، وَهِيَ سَاكِنَةٌ فِي دَارٍ مَحَلَّةٍ فَنَزَلَ بِهَا، وَضَمِنَ عَنْهَا لِرَبِّ الدَّارِ، وَأَدَّى لَا يَرْجِعُ عَلَيْهَا، وَإِنْ كَانَ الضَّمَانُ بِأَمْرِهَا لِأَنَّ فِي الْعَادَةِ أَنَّ مَا ضَمِنَ صِلَةً فَصَارَ كَمَا لَوْ شَرَطَ فِي الْكَفَالَةِ أَنْ لَا يَرْجِعَ عَلَيْهَا، وَنَظِيرُهُ إذَا ضَمِنَ الْمَهْرَ عَنْ الِابْنِ وَقَدْ مَرَّ مِنْ الصُّغْرَى. لَوْ فُرِّقَ بَيْنَ الزَّوْجِ وَزَوْجَتِهِ بِفَسَادِ النِّكَاحِ فَإِنْ لَمْ يَدْخُلْ بِهَا فَلَا مَهْرَ وَلَوْ خَلَا بِهَا، وَإِنْ دَخَلَ بِهَا فَلَهَا الْأَقَلُّ مِنْ الْمُسَمَّى، وَمِنْ مَهْرِهَا لَوْ سَمَّى، وَإِلَّا فَلَهَا مَهْرُ مِثْلِهَا بَالِغًا مَا بَلَغَ. وَلَوْ جَامَعَهَا فِي دُبُرِهَا بِنِكَاحٍ فَاسِدٍ لَا يَجِبُ الْمَهْرُ، كَذَا فِي الْفُصُولَيْنِ مِنْ التَّصَرُّفَاتِ الْفَاسِدَةِ. وَفِيهِ أَيْضًا مَا قَبَضَ عَلَى سَوْمِ النِّكَاحِ ضَمِنَ يَعْنِي لَوْ قَبَضَ أَمَةَ غَيْرِهِ لِيُزَوِّجَهَا بِإِذْنِ مَوْلَاهَا فَهَلَكَتْ فِي يَدِهِ ضَمِنَ قِيمَتَهَا، وَالْمَهْرُ قَبْلَ تَسْلِيمِهِ مَضْمُونٌ، وَكَذَا بَدَلُ الْخُلْعِ فِي يَدِ الْمَرْأَةِ مَضْمُونٌ يَعْنِي لَوْ تَزَوَّجَهَا عَلَى عَيْنٍ أَوْ خَالَعَهَا فَهَلَكَ قَبْلَ قَبْضِهِ يَلْزَمُ مِثْلُهُ فِي الْمِثْلِيِّ وَقِيمَتُهُ فِي الْقِيَمِيِّ انْتَهَى. رَجُلٌ جَامَعَ صَغِيرَةً لَا يُجَامَعُ مِثْلُهَا فَمَاتَتْ إنْ كَانَتْ أَجْنَبِيَّةً تَجِبُ الدِّيَةُ عَلَى الْعَاقِلَةِ، وَإِنْ كَانَتْ مَنْكُوحَةً فَالدِّيَةُ عَلَى الْعَاقِلَةِ، وَالْمَهْرُ عَلَى الزَّوْجِ. وَلَوْ أَزَالَ بَكَارَةَ امْرَأَةٍ بِحَجَرٍ أَوْ غَيْرِهِ يَجِبُ عَلَيْهِ الْمَهْرُ كَمَا فِي الْجِنَايَاتِ مِنْ الْخُلَاصَةِ. صَبِيٌّ تَزَوَّجَ امْرَأَةً بِغَيْرِ إذْنِ أَبِيهِ، وَدَخَلَ بِهَا لَا مَهْرَ لَهَا عَلَيْهِ، وَفِي الْعَبْدِ الْمَحْجُورِ يَجِبُ بَعْدَ الْعِتْقِ لِأَنَّهُ ضَمَانٌ قَوْلِيٌّ. تَزَوَّجَهَا وَدَخَلَ بِهَا وَقَالَ لَمْ أُجَامِعْهَا وَصَدَّقَتْهُ فَعَلَيْهِ كَمَالُ الْمَهْرِ. خَلَا بِهَا، وَلَمْ تُمَكِّنْهُ مِنْ نَفْسِهَا فَفِيهِ اخْتِلَافُ الْمَشَايِخِ الْمُتَأَخِّرِينَ. صَغِيرٌ يَقْدِرُ عَلَى الْإِيلَاجِ زُفَّتْ إلَيْهِ امْرَأَتُهُ، وَهِيَ صَغِيرَةٌ يُجَامَعُ مِثْلُهَا، وَخَلَا بِهَا لَا يَجِبُ كَمَالُ الْمَهْرِ. الْمَرِيضُ الْقَادِرُ إذَا لَمْ يَشْتَهِ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 346 شَرَفُ الْأَئِمَّةِ الْمَكِّيُّ خَلْوَةُ الصَّبِيِّ الَّذِي لَا يَتَحَرَّكُ وَيَشْتَهِي يَنْبَغِي أَنْ تُوجِبَ كَمَالَ الْمَهْرِ. بَاعَ عَبْدَهُ بَعْدَمَا زَوَّجَهُ امْرَأَةً فَالْمَهْرُ فِي رَقَبَةِ الْغُلَامِ يَدُورُ مَعَهُ أَيْنَمَا دَارَ، وَهُوَ الصَّحِيحُ كَدَيْنِ الِاسْتِهْلَاكِ. زَوَّجَ عَبْدَهُ حُرَّةً ثُمَّ أَعْتَقَهُ تَخَيَّرَ فِي تَضْمِينِ الْمَوْلَى أَوْ الْعَبْدِ. زَوَّجَ مُدَبَّرَهُ امْرَأَةً ثُمَّ مَاتَ الْمَوْلَى فَالْمَهْرُ فِي رَقَبَةِ الْمُدَبَّرِ يُؤْخَذُ بِهِ بَعْدَ الْعِتْقِ. تَزَوَّجَهَا، وَكَانَا فِي الدَّارِ شَهْرَيْنِ ثُمَّ قَالَ الزَّوْجُ كُنْت غَيْرَ بَالِغٍ حِينَ تَزَوَّجْتهَا، وَهُوَ رَجُلٌ تَامُّ الْخِلْقَةِ لَا يُصَدَّقُ فِيهِ، وَعَلَيْهِ تَمَامُ الْمَهْرِ إذَا لَمْ يَطَأْهَا، وَهُوَ غَيْرُ بَالِغٍ لَكِنَّهُ خَلَا بِهَا خَلْوَةً صَحِيحَةً فَعَلَيْهِ كَمَالُ الْمَهْرِ. رَجُلٌ تَحْتَهُ امْرَأَةٌ يَدَّعِي نِكَاحَهَا غَيْرَهُ قَبْلَهُ، وَيُصَدِّقُهُ الثَّانِي لِرَغْبَتِهِ عَنْهَا أَوْ لِغَلَاءِ مَهْرِهَا، وَلَا دُخُولَ هُنَاكَ مِنْهُمَا يَرْجِعُ إلَيْهَا فَإِنْ أَقَرَّتْ لِلْأَوَّلِ فَهِيَ زَوْجَتُهُ فَإِنْ لَمْ تُقِرَّ فَلَا بُدَّ لَهُ مِنْ الْبَيِّنَةِ وَقَدْ بَانَتْ مِنْ الثَّانِي، وَعَلَيْهِ نِصْفُ الْمَهْرِ. قَالَتْ لَهُ طَلَّقْته طَلَاقًا رَجْعِيًّا رَاجَعْتُك يَا همج كَابِينَ لَا يَجِبُ عَلَيْهِ شَيْءٌ مِنْ الْمَهْرِ كَانَتْ وَهَبَتْ مَهْرَهَا قَبْلُ أَوْ لَا وَلَوْ دَفَعَ إلَيْهَا دَارِهِ ثُمَّ تَخَاصَمَا فَأَبْرَأْته عَنْ مَهْرِهَا لِيُطَلِّقَهَا فَطَلَّقَهَا لَا يَبْرَأُ، مِنْ الْقُنْيَةِ. الْمَهْرُ مَا دَامَ فِي يَدِ الزَّوْجِ فَهُوَ مَضْمُونٌ عَلَيْهِ بِالْقِيمَةِ لِأَنَّ النِّكَاحَ لَا يُفْسَخُ بِهَلَاكِ الْمَهْرِ فَبَقِيَ السَّبَبُ الْمُوجِبُ لِتَسَلُّمِهِ فَإِذَا عَجَزَ عَنْ تَسْلِيمِ عَيْنِهِ يُلْزَمُ قِيمَتُهُ لِأَنَّهَا قَائِمَةٌ مَقَامَهُ. وَلَوْ هَلَكَتْ الْعَيْنُ الْمَمْهُورَةُ فِي يَدِ الزَّوْجِ فَعَلَيْهِ قِيمَتُهَا، وَكَذَا إذَا اسْتَحَقَّتْ، وَكَذَلِكَ لَوْ وُهِبَتْهَا مِنْ الزَّوْجِ ثُمَّ اسْتَحَقَّتْ يَرْجِعُ عَلَيْهِ بِقِيمَتِهَا وَلَوْ اسْتَحَقَّ نِصْفَ الدَّارِ الْمَمْهُورَةِ أَخَذَتْ الْبَاقِيَ وَنِصْفَ الْقِيمَةِ، وَإِنْ شَاءَتْ كُلَّ الْقِيمَةِ فَإِنْ طَلَّقَهَا قَبْلَ الدُّخُولِ بِهَا فَلَيْسَ لَهَا إلَّا النِّصْفَ الْبَاقِيَ لِأَنَّ التَّسْمِيَةَ مَعَ الِاسْتِحْقَاقِ صَحِيحَةٌ فَكَانَ فِي حَقِّهَا فِي نِصْفِ الْمُسَمَّى، وَإِنَّهُ بَاقٍ وَلَوْ حَدَثَ بِالْمَهْرِ عَيْبٌ سَمَاوِيٌّ قَبْلَ الْقَبْضِ فَإِنْ شَاءَتْ أَخَذَتْ نَاقِضًا بِلَا غُرْمِ النُّقْصَانِ، وَإِنْ شَاءَتْ أَخَذَتْ الْقِيمَةَ يَوْمَ الْعَقْدِ، وَإِنْ حَدَثَ بِفِعْلِ الزَّوْجَةِ صَارَتْ قَابِضَةً بِالْجِنَايَةِ، وَإِنْ حَدَثَ بِفِعْلٍ أَجْنَبِيٍّ فَإِنْ شَاءَتْ أَخَذَتْ قِيمَةَ النُّقْصَانِ مِنْ الْأَجْنَبِيِّ، وَإِنْ شَاءَتْ أَخَذَتْ قِيمَتَهُ مِنْ الزَّوْجِ، وَاتَّبَعَ الْجَانِي بِالْأَرْشِ، وَإِنْ حَدَثَ بِفِعْلِ الْمَهْرِ فَفِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ فِي حُكْمِ جِنَايَةِ الزَّوْجِ لِأَنَّ الْمَحَلَّ مَضْمُونٌ فِي يَدِهِ، وَفِي رِوَايَةٍ كَالْآفَةِ السَّمَاوِيَّةِ وَلَوْ قَبَضَتْ الْمَهْرَ ثُمَّ تَعَيَّبَ بِفِعْلِهَا أَوْ بِآفَةٍ سَمَاوِيَّةٍ قَبْلَ الطَّلَاقِ أَوْ بَعْدَهُ قَبْلَ الْحُكْمِ بِالرَّدِّ فَإِنْ شَاءَ الزَّوْجُ أَخَذَ نِصْفَهُ، وَلَا يُضَمِّنُهَا النُّقْصَانَ، وَإِنْ شَاءَ ضَمَّنَهَا نِصْفَ قِيمَتِهِ صَحِيحًا يَوْمَ الْقَبْضِ وَلَوْ بَعْدَ الطَّلَاقِ، وَالْحُكْمُ بِالرَّدِّ فَلِلزَّوْجِ أَنْ يَأْخُذُ نِصْفَهُ وَنِصْفَ الْأَرْشِ، وَإِنْ تَعَيَّبَ بِالْقَوْلِ يُضَمِّنُهَا نِصْفَ الْقِيمَةِ لَا غَيْرُ، وَإِنْ تَعَيَّبَ بِفِعْلِ الزَّوْجِ فَهُوَ كَجِنَايَةِ الْأَجْنَبِيِّ، وَبِفِعْلِ الْمَهْرِ كَآفَةٍ سَمَاوِيَّةٍ. وَلَوْ زُفَّتْ إلَيْهِ غَيْرُ امْرَأَتِهِ فَوَطِئَهَا لَزِمَهُ مَهْرُ مِثْلِهَا، وَلَا يَرْجِعُ عَلَى الزَّافِّ. رَجُلٌ تَزَوَّجَ امْرَأَةً، وَتَزَوَّجَ أَبُوهُ ابْنَتَهَا فَزُفَّتْ امْرَأَةُ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا لِلْآخَرِ فَعَلَى الْوَاطِئِ الْأَوَّلِ جَمِيعُ مَهْرِ الْمَوْطُوءَةِ وَنِصْفُ مَهْرِ امْرَأَتِهِ، وَلَا يَلْزَمُ الْوَاطِئَ الْأَخِيرَ شَيْءٌ لِأَنَّ الْبَيْنُونَةَ جَاءَتْ مِنْ قِبَلِهَا قَبْلَ الدُّخُولِ بِهَا فَإِنْ وَطِئَا مَعًا لَا شَيْءَ عَلَى وَاحِدٍ مِنْهُمَا. ذَكَرَ هِشَامٌ عَنْ مُحَمَّدٍ صَبِيٌّ جَامَعَ امْرَأَةً بِشُبْهَةِ نِكَاحٍ فَلَا مَهْرَ عَلَيْهَا، وَتَجِبُ عَلَيْهَا الْعِدَّةُ. صَبِيٌّ أَوْ مَجْنُونٌ جَامَعَ امْرَأَةً ثَيِّبًا، وَهِيَ نَائِمَةٌ فَلَا مَهْرَ عَلَيْهِ، وَإِنْ كَانَتْ بِكْرًا فَأَفْضَاهَا فَعَلَيْهِ مَهْرُ إتْلَافِهَا لِأَنَّهُمَا يُؤَاخَذَانِ بِضَمَانِ الْإِتْلَافِ. لَوْ وَطِئَ الرَّجُلُ جَارِيَةَ ابْنِهِ أَوْ جَارِيَةَ مُكَاتِبِهِ أَوْ وَطِئَ امْرَأَةً فِي الجزء: 1 ¦ الصفحة: 347 نِكَاحٍ فَاسِدٍ مِرَارًا فَعَلَيْهِ مَهْرُ وَاحِدٍ وَلَوْ وَطِئَ الِابْنُ جَارِيَةَ أَبِيهِ أَوْ جَارِيَةَ امْرَأَتِهِ مِرَارًا وَقَدْ ادَّعَى الشُّبْهَةَ فَعَلَيْهِ بِكُلِّ وَطْءٍ مَهْرٌ، وَالْأَصْلُ فِي جِنْسِ هَذِهِ الْمَسَائِلِ أَنَّ الْوَطْءَ فِي دَارِ الْإِسْلَامِ لَا يَنْفَكُّ عَنْ عُقُوبَةٍ أَوْ غَرَامَةٍ صِيَانَةً لِلْأَبْضَاعِ الْمُحْتَرَمَةِ فَإِذَا سَقَطَتْ الْعُقُوبَةُ لِلشُّبْهَةِ وَجَبَتْ الْغَرَامَةُ حَقًّا لَهَا، وَكُلُّ وَطْءٍ حَصَلَ عَقِيبَ شُبْهَةِ الْمِلْكِ مِرَارًا لَا يَجِبُ فِيهِ إلَّا مَهْرٌ وَاحِدٌ لِأَنَّ الْوَطْءَ الثَّانِي صَادَفَ مِلْكَ الْغَيْرِ. رَجُلٌ زَنَى بِامْرَأَةٍ فَتَزَوَّجَهَا، وَهُوَ عَلَى بَطْنِهَا فَعَلَيْهِ مَهْرَانِ مَهْرٌ بِالْوَطْءِ عَنْ شُبْهَةٍ، وَمَهْرٌ بِالنِّكَاحِ هَذِهِ الْجُمْلَةِ مِنْ الْوَجِيزِ. وَلَوْ وَطِئَ الْمَوْلَى مُكَاتِبَتَهُ لَزِمَهُ الْعُقْرُ. وَمَنْ وَطِئَ جَارِيَةَ أَبِيهِ فَوَلَدَتْ مِنْهُ فَادَّعَاهُ فَهِيَ أُمُّ وَلَدِهِ، وَعَلَيْهِ قِيمَتُهَا، وَلَا مَهْرَ عَلَيْهِ وَقَالَ زُفَرُ وَالشَّافِعِيُّ يَجِبُ الْمَهْرُ مِنْ الْهِدَايَةِ. وَلَوْ وَطِئَ مُكَاتِبَتَهُ مِرَارًا يَجِبُ مَهْرٌ وَاحِدٌ. وَإِذَا ظَهَرَ فِي الْمَنْكُوحَةِ أَنَّهُ حَلَفَ بِطَلَاقِهَا إذَا وَطِئَهَا مِرَارًا يَجِبُ مَهْرٌ وَاحِدٌ. وَأَحَدُ الشَّرِيكَيْنِ إذَا وَطِئَ الْجَارِيَةَ الْمُشْتَرَكَةَ مِرَارًا قَالَ الصَّدْرُ الشَّهِيدُ لَمْ يَذْكُرْ فِي الْكِتَابِ، وَاخْتَارَ الشَّيْخُ الْإِمَامُ الْأَجَلُّ الْوَالِدُ بُرْهَانُ الْأَئِمَّةِ وَالدِّينِ إنَّهُ يَجِبُ بِكُلِّ وَطِئَ نِصْفُ مَهْرٍ. وَفِي نَوَادِرِ هِشَامٍ عَنْ مُحَمَّدٍ اشْتَرَى جَارِيَةً فَوَطِئَهَا مِرَارًا ثُمَّ اُسْتُحِقَّتْ عَلَيْهِ مَهْرٌ وَاحِدٌ، وَإِذَا اُسْتُحِقَّ نِصْفُهَا عَلَيْهِ نِصْفُ الْمَهْرِ. إذَا خَالَعَهَا بَعْدَ الدُّخُولِ عَلَى مَهْرِهَا إنْ لَمْ يَكُنْ الْمَهْرُ مَقْبُوضًا سَقَطَ كُلُّ الصَّدَاقِ، وَإِنْ كَانَ مَقْبُوضًا رَجَعَ عَلَيْهَا بِجَمِيعِ الْمَهْرِ عِنْدَ أَصْحَابِنَا الثَّلَاثَةِ. ثُمَّ هَاهُنَا مَسْأَلَةٌ صَارَتْ وَاقِعَةً، وَهِيَ الْمَرْأَةُ فِي عُرْفِنَا إذَا قَالَتْ بِالْفَارِسِيَّةِ خوشين حريدم بِكَابِينَ وَعُدْت، وَالْبَعْضُ مَقْبُوضٌ، وَهُوَ الْمُعَجَّلُ دُونَ الْبَعْضِ نُقِلَ عَنْ الْإِمَامِ فَخْرِ الدِّينِ أَنَّهُ لَا يَرْجِعُ، وَالْمُرَادُ بَقِيَّةُ الْمَهْرِ، وَإِنْ كَانَ قَبْلَ الدُّخُولِ إنْ كَانَ الْمَهْرُ مَقْبُوضًا، وَهُوَ أَلْفُ دِرْهَمٍ لَا يَرْجِعُ عَلَيْهَا إلَّا بِالْأَلْفِ دِرْهَمٍ اسْتِحْسَانًا، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ الْمَهْرُ مَقْبُوضًا سَقَطَ عَنْهُ كُلُّ الْمَهْرِ، وَلَا يَرْجِعُ عَلَيْهَا بِشَيْءٍ اسْتِحْسَانًا إذَا خَالَعَهَا عَلَى مَهْرِهَا، وَإِنْ خَالَعَهَا عَلَى عَشَرَةٍ، وَمَهْرُهَا أَلْفُ دِرْهَمٍ إنْ كَانَ بَعْدَ الدُّخُولِ، وَالْمَهْرُ مَقْبُوضٌ رَجَعَ عَلَيْهَا بِمِائَةِ دِرْهَمٍ، وَسَلَّمَ الْبَاقِيَ لَهَا فِي قَوْلِهِمْ جَمِيعًا، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ الْمَهْرُ مَقْبُوضًا سَقَطَ عَنْهُ كُلُّ الْمَهْرِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ الْعُشْرُ بِحُكْمِ الشَّرْطِ، وَالْبَاقِي بِمُقْتَضَى لَفْظِ الْخُلْعِ لِمَا تَبَيَّنَ وَعِنْدَهُمَا لَا يَسْقُطُ إلَّا عُشْرُ الْمَهْرِ، وَإِنْ كَانَ قَبْلَ الدُّخُولِ إنْ كَانَتْ قَبَضَتْ مَهْرَهَا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ يَرْجِعُ عَلَيْهَا بِخَمْسِينَ دِرْهَمًا اسْتِحْسَانًا، وَفِي الْقِيَاسِ يَرْجِعُ عَلَيْهَا بِمِائَةٍ بَدَلَ الْخُلْعِ وَخَمْسِمِائَةٍ بِالطَّلَاقِ قَبْلَ الدُّخُولِ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ الْمَهْرُ مَقْبُوضًا سَقَطَ كُلُّ الْمَهْرِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ عَنْ الزَّوْجِ الْعُشْرُ بِحُكْمِ الشَّرْطِ، وَبَرِئَ عَنْ الْبَاقِي بِحُكْمِ الْخُلْعِ. لَوْ خَالَعَهَا، وَلَمْ يَذْكُرْ الْعِوَضَ ذَكَرَ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ السَّرَخْسِيُّ فِي نُسْخَتِهِ إنَّهُ يَبْرَأُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا عَنْ صَاحِبِهِ، وَذَكَرَ الْإِمَامُ خُوَاهَرْ زَادَهْ إنَّ هَذَا إحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ، وَهُوَ قَوْلُهُمَا، وَهُوَ الصَّحِيحُ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ عَلَى الزَّوْجِ مَهْرٌ فَعَلَيْهَا رَدُّ مَا سَاقَ إلَيْهَا مِنْ الْمَهْرِ لِأَنَّ الْمَالَ مَذْكُورٌ عُرْفًا بِذِكْرِ الْخُلْعِ، وَفِي رِوَايَةٍ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ، وَهُوَ قَوْلُهُمَا لَا يَبْرَأُ أَحَدُهُمَا عَنْ صَاحِبِهِ، وَلَا يَبْرَأُ عَنْ نَفَقَةِ الْعِدَّةِ، وَمُؤْنَةِ السُّكْنَى فِي قَوْلِهِمْ جَمِيعًا إلَّا إذَا شَرَطَ ذَلِكَ فِي الْخُلْعِ، وَأَمَّا نَفَقَةُ الْوَلَدِ، وَهِيَ مُؤْنَةُ الرَّضَاعِ فَلَا تَقَعُ الْبَرَاءَةُ عَنْهَا إذَا لَمْ يَشْتَرِطْ مَعَ الْخُلْعِ بِالْإِجْمَاعِ، وَإِنْ شَرَطَ إنَّ وَقَّتَ لِذَلِكَ وَقْتًا بِسَنَةٍ، وَنَحْوِهَا جَازَ، وَإِنْ لَمْ يُوَقِّتْ لَا يَجُوزُ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 348 وَلَا تَقَعُ الْبَرَاءَةُ عَنْهَا. وَلَوْ قَالَتْ خوشين حريدم بِهِرِّ حَقِّي كه مَرَّا بِرّ ترست لَا يَبْرَأُ عَنْ نَفَقَةِ الْعِدَّةِ. وَلَوْ خَلَعَ الْأَجْنَبِيُّ مَعَ الزَّوْجِ بِمَالِ نَفْسِهِ صَحَّ الْخُلْعُ، وَلَمْ يَسْقُطْ الْمَهْرُ عَنْ الزَّوْجِ لِأَنَّهُ لَا وِلَايَةَ لِلْأَجْنَبِيِّ فِي إسْقَاطِ حَقِّهَا، وَالْمَهْرُ حَقُّهَا، وَالْمُبَارَاةُ كَالْخُلْعِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ، وَالطَّلَاقُ عَلَى مَالٍ فِيهِ رِوَايَتَانِ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ، وَالصَّحِيحُ أَنَّهُ لَا يُوجِبُ الْبَرَاءَةَ. وَلَوْ كَانَ الْخُلْعُ بِلَفْظِ الْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ اخْتَلَفَ الْمَشَايِخُ فِيهِ عَلَى قَوْلِ الْإِمَامِ أَبِي حَنِيفَةَ وَعِنْدَهُمَا الْجَوَابُ فِيهِ كَالْجَوَابِ فِي الْخُلْعِ مِنْ الْخُلَاصَةِ. وَفِي الْبَزَّازِيَّةِ الْمُبَارَأَةُ لَا تُوجِبُ الْبَرَاءَةَ عَنْ دَيْنٍ آخَرَ غَيْرِ دَيْنِ النِّكَاحِ فِي الصَّحِيحِ، وَلَفْظُ الْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ هَلْ يُوجِبُ الْبَرَاءَةَ عَنْ حُقُوقِ النِّكَاحِ عَلَى قَوْلِ الْإِمَامِ اُخْتُلِفَ فِيهِ، وَكَذَا لَفْظُ خريد وفروخت قَالَ مَشَايِخُ مَا وَرَاءَ النَّهْرِ: يُوجِبُ الْبَرَاءَةَ عَنْ كُلِّ حُقُوقِ النِّكَاحِ عِنْدَهُ، وَالصَّحِيحُ إنَّهُ لَا يُوجِبُ الْبَرَاءَةَ عَنْ الْمَهْرِ إلَّا بِذِكْرِهِ. طَلَّقَهَا عَلَى أَلْفٍ قَبْلَ الدُّخُولِ، وَلَهَا عَلَيْهِ ثَلَاثَةُ آلَافِ دِرْهَمٍ تَسْقُطُ أَلْفٌ وَخَمْسُمِائَةٍ بِالطَّلَاقِ قَبْلَ الدُّخُولِ، وَبَقِيَ عَلَيْهِ أَلْفٌ وَخَمْسُمِائَةٍ، وَتَقَاصَّا بِأَلْفٍ وَلَا تَرْجِعُ عَلَيْهِ بِخَمْسِمِائَةٍ عِنْدَ الْبَلْخِيّ، وَتَرْجِعُ عِنْدَ غَيْرِهِ، وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى بِنَاءً عَلَى أَنَّ صَرِيحَ الطَّلَاقِ بِقَدْرٍ مِنْ الْمَالِ هَلْ يُوجِبُ الْبَرَاءَةَ مِنْ الْمَهْرِ عِنْدَ الْإِمَامِ أَمْ لَا فَالْبَلْخِيُّ يُوجِبُهُ وَغَيْرُهُ لَا. وَعَنْ مُحَمَّدٍ أَنَّهُمَا إذَا تَخَالَعَا، وَلَمْ يَذْكُرَا الْمَالَ أَنَّهُ بَاطِلٌ لِأَنَّهُ بِلَا مَالٍ فَإِنْ قَالَ لَهَا: اخْلَعِي نَفْسَك مِنِّي بِغَيْرِ شَيْءٍ فَفَعَلَتْ وَقَبِلَ الزَّوْجُ صَحَّ بِغَيْرِ شَيْءٍ لِأَنَّهُ صَرِيحٌ فِي عَدَمِ الْمَالِ، وَوَقَعَ الْبَائِنُ وَقَالَ الْإِمَامُ السُّغْدِيُّ إذَا تَخَالَعَا، وَلَمْ يَذْكُرَا بَدَلًا تَرُدُّ عَلَيْهِ مَا أَخَذَتْ مِنْ الْمَهْرِ. وَلَوْ قَالَ لَهَا اخْلَعِي نَفْسَك فَقَالَتْ خَلَعْت نَفْسِي مِنْك، وَأَجَازَ الزَّوْجُ وَقَعَ بِغَيْرِ مَالٍ وَقَالَ الْإِمَامُ الثَّانِي إذَا قَالَ لَهَا اخْلَعِي نَفْسَك فَقَالَتْ خَلَعْت نَفْسِي لَا يَكُونُ إلَّا بِمَالٍ إلَّا أَنْ يَنْوِيَ بِغَيْرِ مَالٍ. وَفِي الْإِيضَاحِ مُطْلَقُ لَفْظِ الْخُلْعِ فِي الْمُتَعَارَفِ مَحْمُولٌ عَلَى الطَّلَاقِ بِغَيْرِ حَقٍّ، وَذَكَرَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ قَالَ لَهَا اخْلَعِي، وَلَمْ يَذْكُرْ بَدَلًا فَقَالَتْ: خَلَعْت يَقَعُ الطَّلَاقُ بَائِنًا، وَلَا يَكُونُ خُلْعًا كَأَنَّهُ قَالَ لَهَا طَلِّقِي نَفْسَك بَائِنًا فَقَالَتْ طَلَّقْت وَقَدْ مَرَّ أَنَّهُ يَكُونُ خُلْعًا، وَتَرُدُّ مَا سَاقَ إلَيْهَا مِنْ الْمَهْرِ، وَإِنْ كَانَ عَلَيْهِ مَهْرٌ بَرِئَ. قَالَتْ اخْتَلَعْتُ فَقَالَ الزَّوْجُ طَلُقَتْ وَقَعَ الْبَائِنُ، وَلَا يَبْرَأُ الزَّوْجُ عَنْ الْمَهْرِ، انْتَهَى مَا فِي الْبَزَّازِيَّةِ. لَوْ تَزَوَّجَ امْرَأَةً، وَلَمْ يُسَلِّمْ لَهَا مَهْرًا أَوْ تَزَوَّجَهَا عَلَى أَنْ لَا مَهْرَ لَهَا فَلَهَا مَهْرُ مِثْلِهَا إنْ دَخَلَ بِهَا أَوْ مَاتَ عَنْهَا وَلَوْ طَلَّقَهَا قَبْلَ الدُّخُولِ بِهَا فَلَهَا الْمُتْعَةُ، وَهِيَ دِرْعٌ، وَخِمَارٌ، وَمِلْحَفَةٌ. إذَا زَوَّجَ الرَّجُلُ بِنْتَه عَلَى أَنْ يُزَوِّجَهُ الرَّجُلُ بِنْتَه أَوْ أُخْتَهُ لِيَكُونَ أَحَدُ الْعَقْدَيْنِ عِوَضًا فَالْعَقْدَانِ جَائِزَانِ، وَيَجِبُ مَهْرُ الْمِثْلِ. وَلَوْ تَزَوَّجَهَا عَلَى أَلْفٍ فَقَبَضَتْهَا، وَوَهَبَتْهَا لَهُ ثُمَّ طَلَّقَهَا قَبْلَ الدُّخُولِ بِهَا رَجَعَ عَلَيْهَا بِخَمْسِمِائَةٍ، وَكَذَلِكَ إذَا كَانَ الْمَهْرُ مَكِيلًا أَوْ مَوْزُونًا أَوْ شَيْئًا آخَرَ فِي الذِّمَّةِ، وَإِنْ لَمْ تَقْبِضْ الْأَلْفَ حَتَّى وَهَبَتْهَا لَهُ ثُمَّ طَلَّقَهَا قَبْلَ الدُّخُولِ بِهَا لَا يَرْجِعُ عَلَيْهَا بِشَيْءٍ وَقَالَ زُفَرُ يَرْجِعُ عَلَيْهَا بِنِصْفِ الصَّدَاقِ وَلَوْ قَبَضَتْ خَمْسَمِائَةٍ ثُمَّ وَهَبَتْ الْأَلْفَ كُلَّهَا الْمَقْبُوضَ، وَغَيْرَهُ أَوْ وَهَبْت الْبَاقِيَ ثُمَّ طَلَّقَهَا يَرْجِعُ عَلَيْهَا بِنِصْفِ مَا قَبَضَتْ وَلَوْ كَانَتْ وَهَبَتْ أَقَلَّ مِنْ النِّصْفِ وَقَبَضَتْ الْبَاقِيَ فَعِنْدَهُ يَرْجِعُ عَلَيْهَا إلَى تَمَامِ النِّصْفِ وَعِنْدَهُمَا بِنِصْفِ الْمَقْبُوضِ وَلَوْ كَانَ تَزَوَّجَهَا عَلَى عَرْضٍ فَقَبَضَتْهُ أَوْ لَمْ تَقْبِضْ فَوَهَبَتْهُ لَهُ ثُمَّ طَلَّقَهَا قَبْلَ الدُّخُولِ بِهَا لَا يَرْجِعُ عَلَيْهَا بِشَيْءٍ، وَفِي الْقِيَاسِ، وَهُوَ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 349 قَوْلُ زُفَرَ يَرْجِعُ عَلَيْهَا بِنِصْفِ قِيمَتِهِ كَمَا إذَا بَاعَتْهُ مِنْ زَوْجِهَا، وَجْهُ الِاسْتِحْسَانِ أَنَّ حَقَّهُ عِنْدَ الطَّلَاقِ سَلَامَةُ نِصْفِ الْمَقْبُوضِ مِنْ جِهَتِهَا وَقَدْ وَصَلَ إلَيْهِ، وَلِهَذَا لَمْ يَكُنْ لَهَا دَفْعُ شَيْءٍ آخَرَ مَكَانَهُ بِخِلَافِ مَا إذَا كَانَ الْمَهْرُ دَيْنًا، وَبِخِلَافِ مَا إذَا بَاعَتْ مِنْ زَوْجِهَا لِأَنَّهُ وَصَلَ إلَيْهِ بِبَدَلٍ وَلَوْ تَزَوَّجَهَا عَلَى حَيَوَانٍ أَوْ عَرْضٍ فِي الذِّمَّةِ فَكَذَلِكَ الْجَوَابُ مِنْ الْهِدَايَةِ. وَلَوْ تَزَوَّجَهَا عَلَى أَقَلَّ مِنْ مَهْرِ مِثْلِهَا عَلَى أَنْ يُطَلِّقَ ضَرَّتَهَا فَإِنْ وَفَّى وَإِلَّا أَمَرْنَاهُ بِتَكْمِيلِهِ خِلَافًا لِزُفَرَ مِنْ الْمَجْمَعِ. وَإِنْ تَزَوَّجَ مُسْلِمٌ امْرَأَةً عَلَى خَمْرٍ أَوْ خِنْزِيرٍ فَالنِّكَاحُ جَائِزٌ، وَلَهَا مَهْرُ الْمِثْلِ. وَإِنْ تَزَوَّجَ امْرَأَةً عَلَى هَذَا الدَّنِّ مِنْ الْخَلِّ فَإِذَا هُوَ خَمْرٌ يَجِبُ مَهْرُ الْمِثْلِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَقَالَا لَهَا مِثْلُ وَزْنِهِ، وَإِنْ تَزَوَّجَهَا عَلَى هَذَا الْعَبْدِ فَإِذَا هُوَ حُرٌّ يَجِبُ مَهْرُ الْمِثْلِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ، وَكَذَا عِنْدَ مُحَمَّدٍ وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ تَجِبُ الْقِيمَةُ كَمَا إذَا هَلَكَ الْعَبْدُ الْمُسَمَّى قَبْلَ التَّسْلِيمِ، وَإِنْ تَزَوَّجَهَا عَلَى هَذَيْنِ الْعَبْدَيْنِ فَإِذَا أَحَدُهُمَا حُرٌّ فَلَيْسَ لَهَا إلَّا الْبَاقِي إذَا سَاوَى عَشَرَةَ دَرَاهِمَ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ لَهَا الْعَبْدُ وَقِيمَةُ الْحُرِّ لَوْ كَانَ عَبْدًا وَقَالَ مُحَمَّدٌ، وَهُوَ رِوَايَةٌ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ لَهَا الْعَبْدُ، وَتَمَامُ مَهْرِ مِثْلِهَا إنْ كَانَ مَهْرُ مِثْلِهَا أَكْثَرَ مِنْ قِيمَةِ الْعَبْدِ مِنْ الْهِدَايَةِ. وَلَوْ أَزَالَ عُذْرَتَهَا بِدَفْعٍ فَطَلَّقَهَا قَبْلَ الدُّخُولِ فَعَلَيْهِ نِصْفُ الْمَهْرِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ، وَأَفْتَى مُحَمَّدٌ بِكُلِّهِ مِنْ الْمَجْمَعِ. إذَا تَزَوَّجَ النَّصْرَانِيُّ نَصْرَانِيَّةً عَلَى مَيْتَةٍ أَوْ عَلَى غَيْرِ مَهْرٍ، وَذَلِكَ جَائِزٌ فِي دِينِهِمْ فَدَخَلَ بِهَا أَوْ طَلَّقَهَا قَبْلَ الدُّخُولِ بِهَا أَوْ مَاتَ عَنْهَا فَلَيْسَ لَهَا مَهْرٌ، مِنْ الْهِدَايَةِ. الْأَبُ لَوْ خَالَعَ مَعَ زَوْجِ بِنْتِهِ الْبَالِغَةِ عَلَى إنَّهُ ضَامِنٌ صَحَّ حَتَّى لَوْ أَخَذَتْ الْمَهْرَ مِنْ زَوْجِهَا فَلَهُ الرُّجُوعُ عَلَى الْأَبِ، وَوَجْهُ الصِّحَّةِ هُوَ أَنَّ الْأَبَ كَأَنَّهُ قَالَ اخْتَلَعْت بِرِضَا بِنْتِي، وَضَمِنْت مَهْرَهَا إنْ أَنْكَرَتْ الْإِجَازَةَ وَقَبَضَتْ مِنْك فَأَنَا ضَامِنٌ فَصَحَّ هَذَا مِنْ حَيْثُ الْحُكْمُ احْتِيَالًا لِصِحَّةِ الضَّمَانِ، كَذَا فِي الْفُصُولَيْنِ مِنْ الْفَصْلِ الثَّامِنِ وَالْعِشْرِينَ. لَوْ قَالَ أَنْتِ طَالِقٌ قَبْلَ مَوْتِ فُلَانٍ بِشَهْرٍ لَمْ تَطْلُقْ حَتَّى يَمُوتَ فُلَانٌ بَعْدَ الْيَمِينِ بِشَهْرٍ فَإِنْ مَاتَ لِتَمَامِ الشَّهْرِ طَلُقَتْ إلَى أَوَّلِ الشَّهْرِ فَتَعْتَبِرُ الْعِدَّةَ مِنْ أَوَّلِهِ وَلَوْ وَطِئَ فِي الشَّهْرِ صَارَ مُرَاجِعًا لَوْ كَانَ الطَّلَاقُ رَجْعِيًّا وَغَرِمَ الْعُقْرَ لَوْ كَانَ بَائِنًا، وَيَرُدُّ الزَّوْجُ بَدَلَ الْخُلْعِ إلَيْهَا لَوْ خَالَعَهَا فِي خِلَالِهِ ثُمَّ مَاتَ فُلَانٌ كَذَا فِي الْأَشْبَاهِ مِنْ الْأَحْكَامِ الْأَرْبَعَةِ. وَكِيلُ الْمَرْأَةِ إذَا زَوَّجَهَا أَوْ الْأَبُ إذَا زَوَّجَ الْبَالِغَةَ أَوْ الصَّغِيرَةَ بِمَهْرٍ مُسَمًّى ثُمَّ إنَّ الْوَكِيلَ أَوْ الْأَبَ أَبْرَأَ الزَّوْجَ مِنْ كُلِّ الْمَهْرِ أَوْ مِنْ بَعْضِهِ، وَشَرَطَ الضَّمَانَ عَلَى نَفْسِهِ لَمْ تَصِحَّ الْهِبَةُ، وَالْإِبْرَاءُ إلَّا أَنْ تُجِيزَ الْمَرْأَةُ إذَا كَانَتْ بَالِغَةً، وَشَرْطُ الضَّمَانِ بَاطِلٌ، وَالْحِيلَةُ لِهَذَا أَنْ يَقُولَ الْوَكِيلُ أَوْ الْوَلِيُّ إنْ كَانَتْ الْمَرْأَةُ كَبِيرَةً أَمَرَتْنِي بِالْهِبَةِ أَوْ الْإِبْرَاءِ فَإِنْ أَنْكَرَتْ ذَلِكَ، وَأَخَذَتْ مِنْك بِغَيْرِ حَقٍّ فَأَنَا ضَامِنٌ لَك بِكَذَا فَصَحَّ هَذَا الضَّمَانُ، كَذَا فِي فَصْلِ الْوِكَالَةِ مِنْ النِّكَاحِ مِنْ فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. وَفِي الْفُصُولَيْنِ مِنْ الْفَصْلِ الثَّانِي وَالْعِشْرِينَ هُنَا مَسَائِلُ يُحْتَاجُ إلَى ذِكْرِهَا مِنْهَا أَنَّ الْأَبَ لَوْ زَوَّجَ كَبِيرَتَهُ فَطَلَبُوا أَنْ يَبْرَأَ الزَّوْجُ عَنْ شَيْءٍ مِنْ الْمَهْرِ فَلَا سَبِيلَ إلَيْهِ بِأَنْ يُقِرَّ الْأَبُ بِقَبْضِ شَيْءٍ مِنْهُ لِأَنَّهُ كَذِب حَقِيقَةً، وَمَنْ أَمَرَ بِهِ فَقَدْ أَمَرَ بِالْكَذِبِ قَالَ فَيَنْبَغِي أَنْ يَهَبَ بِإِذْنِهَا لِأَنَّهُ لَا يَصِحُّ بِلَا إذْنِهَا إلَّا أَنْ تُجِيزَهُ، وَيَنْبَغِي أَنْ يَضْمَنَ لِلزَّوْجِ عَنْهَا فَيَقُولَ إنْ أَنْكَرَتْ هِيَ الْإِذْنَ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 350 بِالْهِبَةِ، وَغَرَّمَتْك مَا وَهَبْته فَأَنَا ضَامِنٌ، وَيَصِحُّ هَذَا الضَّمَانُ لِإِضَافَتِهِ إلَى سَبَبِ الْوُجُوبِ لِأَنَّ مِنْ زَعْمِ الْأَبِ وَالزَّوْجِ أَنَّهَا كَاذِبَةٌ فِي الْإِنْكَارِ، وَأَنَّ مَا أَخَذَتْهُ دَيْنٌ عَلَيْهَا لِلزَّوْجِ فَالْأَبُ ضَمِنَ بِدَيْنٍ وَاجِبٍ فَيَصِحُّ انْتَهَى. لَوْ خَالَعَ الْمَرْأَةَ عَلَى مَهْرِهَا وَرَضَاعِ ابْنِهِ حَوْلَيْنِ جَازَ، وَتُجْبَرُ عَلَى الْإِرْضَاعِ فَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ أَوْ مَاتَ الْوَلَدُ قَبْلَ الْحَوْلَيْنِ فَعَلَيْهَا قِيمَةُ الرَّضَاعِ، وَكَذَا لَوْ اخْتَلَعَتْ عَلَى مَهْرِهَا، وَعَلَى أَنْ تُمْسِكَ وَلَدَهَا إلَى وَقْتِ الْإِدْرَاكِ تُجْبَرُ عَلَى إمْسَاكِ الْوَلَدِ فَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ وَهَرَبَتْ فَعَلَيْهَا أَجْرُ الْمِثْلِ. وَكَذَلِكَ لَوْ خَلَعَهَا عَلَى مَهْرِهَا وَإِرْضَاعِ وَلَدِهِ الَّذِي هِيَ حَامِلٌ بِهِ إذَا وَلَدَتْهُ إلَى سَنَتَيْنِ جَازَ، وَإِنْ شَرَطَتْ أَنَّهَا إنْ وَلَدَتْهُ ثُمَّ مَاتَ قَبْلَ الْحَوْلَيْنِ أَنَّهَا تَرُدُّ قِيمَةَ الرَّضَاعِ جَازَ. وَلَوْ خَالَعَهَا عَلَى أَنْ تَرُدَّ عَلَيْهِ جَمِيعَ مَا قَبَضَتْ مِنْهُ، وَكَانَتْ وَهَبَتْهُ أَوْ بَاعَتْهُ مِنْ إنْسَانٍ لَزِمَهَا رَدُّ مِثْلِهِ أَوْ قِيمَتِهِ كَمَا لَوْ خَالَعَهَا عَلَى عَبْدِهِ فَاسْتُحِقَّ الْعَبْدُ مِنْ الْوَجِيزِ. وَلَوْ خَالَعَ امْرَأَتَهُ الْمُسْلِمَةَ عَلَى خَمْرٍ أَوْ خِنْزِيرٍ أَوْ مَيْتَةٍ فَلَا شَيْءَ لِلزَّوْجِ، وَتَقَعُ الْفُرْقَةُ بَائِنَةً، وَإِنَّمَا لَا تَجِبُ لِأَنَّهَا مَا سَمَّتْ مَالًا مُتَقَوِّمًا حَتَّى تَصِيرَ غَارَّةً لَهُ بِخِلَافِ مَا إذَا خَلَعَ عَلَى خَلٍّ بِعَيْنِهِ فَظَهَرَ خَمْرًا لِأَنَّهَا سَمَّتْ مَالًا فَصَارَ مَغْرُورًا. وَلَوْ قَالَتْ خالعني عَلَى مَا فِي يَدِي مِنْ الدَّرَاهِمِ أَوْ مِنْ دَرَاهِمَ فَفَعَلَ، وَلَمْ يَكُنْ فِي يَدِهَا شَيْءٌ فَعَلَيْهَا ثَلَاثَةُ دَرَاهِمَ. وَإِنْ اخْتَلَعَتْ عَلَى عَبْدٍ لَهَا أَبَقَ عَلَى أَنَّهَا بَرِيئَةٌ مِنْ الضَّمَانِ صَحَّ الْخُلْعُ لِأَنَّهُ لَا يَبْطُلُ بِالشُّرُوطِ الْفَاسِدَةِ، وَلَمْ تَبْرَأْ وَعَلَيْهَا تَسْلِيمُ عَيْنِهِ إنْ قَدَرَتْ، وَتَسْلِيمُ قِيمَتِهِ إنْ عَجَزَتْ، مِنْ الْهِدَايَةِ. وَلَوْ خَالَعَ امْرَأَتَهُ عَلَى لُؤْلُؤَةٍ أَوْ يَاقُوتَةٍ لَا تَصِحُّ التَّسْمِيَةُ، وَيَصِحُّ ذَلِكَ عَلَى عَبْدِهَا هَذِهِ فِي الْقِسْمَةِ مِنْ الْهِدَايَةِ. وَلَوْ اخْتَلَعَتْ السَّفِيهَةُ مَعَ زَوْجِهَا عَلَى مَالٍ لَا يَلْزَمُهَا، كَذَا فِي الْأَشْبَاهِ مِنْ الْحَجْرِ. الْأَمَةُ إذَا كَانَتْ تَحْتَ زَوْجٍ فَاخْتَلَعَتْ عَلَى مَالٍ فَإِنْ فَعَلَتْ بِإِذْنِ الْمَوْلَى كَانَ عَلَيْهَا الْمَالُ فِي الْحَالِ، وَإِنْ فَعَلَتْ بِدُونِ إذْنِهِ كَانَ عَلَيْهَا الْمَالُ بَعْدَ الْعِتْقِ، وَالطَّلَاقُ بَائِنٌ فِي الْحَالَيْنِ وَلَوْ كَانَتْ الْأَمَةُ مُفْسِدَةً مَحْجُورَةً لَا يَجِبُ عَلَيْهَا الْمَالُ لَا فِي الْحَالِ، وَلَا بَعْدَ الْعِتْقِ، وَيَكُونُ الطَّلَاقُ رَجْعِيًّا لِأَنَّهُ لَمْ يُقَابَلْ بِالْبَدَلِ أَصْلًا كَذَا فِي قَاضِي خَانْ مِنْ الْحَجْرِ. وَلَوْ أَبَى الِاضْطِجَاعَ عِنْدَ امْرَأَتِهِ فَقَالَ لَهَا إنْ أبرأتيني مِنْ الْمَهْرِ فَأَضْطَجِعُ مَعَك فَأَبْرَأَتْهُ لَا يَبْرَأُ وَقِيلَ يَبْرَأُ لِأَنَّ الْإِبْرَاءَ لِلتَّوَدُّدِ الدَّاعِي إلَى الْجِمَاعِ وَقَدْ وَرَدَ تَهَادَوْا تَحَابُّوا كَذَا فِي الْهِبَةِ مِنْ الْقُنْيَةِ. تَزَوَّجَ امْرَأَةً بِمَهْرٍ مُسَمًّى ثُمَّ طَلَّقَهَا بَائِنًا ثُمَّ تَزَوَّجَهَا ثَانِيًا عَلَى مَهْرٍ آخَرَ ثُمَّ اخْتَلَعَتْ عَلَى مَهْرِهَا يَبْرَأُ عَنْ الْمَهْرِ الثَّانِي دُونَ الْأَوَّلِ، وَكَذَا لَوْ قَالَتْ خويشتن خريدم بِمَهْرِ وَبِهِرِّ حَقّهَا كه مرابر برتست لَا يَبْرَأُ عَنْ الْمَهْرِ الْأَوَّلِ. وَلَوْ خَالَعَهَا عَلَى دَيْنٍ آخَرَ سِوَى الْمَهْرِ فَإِنْ كَانَ بَعْدَ الدُّخُولِ إنْ كَانَ الْمَهْرُ مَقْبُوضًا لَا يَرْجِعُ إلَّا بِبَدَلِ الْخُلْعِ فِي قَوْلِهِمْ جَمِيعًا، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مَقْبُوضًا عَلَيْهَا الْبَدَلُ بِسَبَبِ الْخُلْعِ، وَسَقَطَ عَنْهُ جَمِيعُ الْمَهْرِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ خِلَافًا لَهُمَا، وَإِنْ كَانَ قَبْلَ الدُّخُولِ إنْ كَانَ الْمَهْرُ مَقْبُوضًا رَجَعَ عَلَيْهَا بِبَدَلِ الْخُلْعِ، وَلَا يَسْتَرِدُّ شَيْئًا مِنْ الْمَهْرِ بِسَبَبِ الطَّلَاقِ قَبْلَ الدُّخُولِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَعِنْدَهُمَا يَرْجِعُ عَلَيْهَا بِالْبَدَلِ وَبِنِصْفِ الْمَهْرِ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مَقْبُوضًا لَا تَرْجِعُ الْمَرْأَةُ بِشَيْءٍ مِنْ الْمَهْرِ عِنْدَ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 351 أَبِي حَنِيفَةَ وَعِنْدَهُمَا تَرْجِعُ الْمَرْأَةُ عَلَيْهِ بِنِصْفِ الْمَهْرِ، وَبِهَذَا تَبَيَّنَ أَنَّ مَا ذُكِرَ مِنْ جَوَابِ الِاسْتِحْسَانِ فِيمَا إذَا خَالَعَهَا، وَالْمَرْأَةُ مَدْخُولٌ بِهَا، وَالْمَهْرُ مَقْبُوضٌ قَوْلُ أَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ رَجَعَ. خَلَعَ امْرَأَةً بِمَا لَهَا عَلَيْهِ مِنْ الْمَهْرِ ظَنًّا مِنْهُ أَنَّ لَهَا عَلَيْهِ بَقِيَّةَ الْمَهْرِ ثُمَّ تَذَكَّرَ أَنَّهُ لَمْ يَبْقَ لَهَا عَلَيْهِ شَيْءٌ مِنْ الْمَهْرِ وَقَعَ الطَّلَاقُ، وَعَلَيْهَا مَهْرٌ فَيَجِبُ عَلَيْهَا أَنْ تَرُدَّ الْمَهْرَ إنْ قَبَضَتْ، وَإِلَّا بَرِئَ الزَّوْجُ أَمَّا إذَا عَلِمَ أَنْ لَا مَهْرَ لَهَا عَلَيْهِ بِأَنْ وَهَبَتْ صَحَّ الْخُلْعُ، وَلَا تَرُدُّ عَلَى الزَّوْجِ شَيْئًا كَمَا إذَا خَالَعَهَا عَلَى مَا فِي هَذَا الْبَيْتِ مِنْ الْمَتَاعِ، وَعَلِمَ أَنَّهُ لَا مَتَاعَ فِي هَذَا الْبَيْتِ، وَعَلَى هَذَا لَوْ بَاعَ الزَّوْجُ مِنْهَا تَطْلِيقَةً بِمَهْرِهَا، وَالزَّوْجُ يَعْلَمُ أَنَّهُ لَمْ يَبْقَ عَلَيْهِ شَيْءٌ مِنْ الْمَهْرِ، وَاشْتَرَتْ فَإِنَّهُ يَقَعُ الطَّلَاقُ مَجَّانًا رَجْعِيًّا، وَلَا تَرُدُّ عَلَى الزَّوْجِ شَيْئًا. رَجُلٌ قَالَ لِامْرَأَتِهِ خويشتن خريدي ازمن فَقَالَتْ خريدم وَقَالَ الزَّوْجُ فروختم تَقَعُ تَطْلِيقَةٌ بَائِنَةً، وَتَرُدُّ عَلَى الزَّوْجِ مَا قَبَضَتْ مِنْ الْمَهْرِ هُوَ الْمُخْتَارُ فَإِنْ لَمْ تَقْبِضْ بَرِئَ الزَّوْجُ. رَجُلٌ قَالَ لِامْرَأَتِهِ بِعْت مِنْك تَطْلِيقَةً بِثَلَاثَةِ آلَافِ دِرْهَمٍ فَقَالَتْ اشْتَرَيْت ثُمَّ قَالَ ثَانِيًا وَثَالِثًا وَقَالَتْ الْمَرْأَةُ اشْتَرَيْت، وَالزَّوْجُ يَقُولُ أَرَدْت بِهِ التَّكْرَارَ لَا يُصَدَّقُ، وَيَقَعُ ثَلَاثُ تَطْلِيقَاتٍ، وَلَا يَجِبُ عَلَيْهَا إلَّا ثَلَاثَةُ آلَافِ دِرْهَمٍ لِأَنَّهُ لَا يَجِبُ الْمَالُ بِالثَّانِي وَالثَّالِثُ، وَهُوَ صَرِيحٌ فَيَلْحَقُ الْبَائِنَ. رَجُلٌ قَالَ لِامْرَأَتِهِ خوشين ازمن بخر وَكَرٍ، وَثَالِثًا عَلَى أَلْفِ دِرْهَمٍ فَأَنْتِ طَالِقٌ ثَلَاثًا عَلَى مِائَةِ دِينَارٍ فَقَالَتْ قَبِلَتْ يَقَعُ الثَّلَاثُ بِالْمَالَيْنِ كَذَا هُنَا. وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ أَنَّهُ فَرَّقَ بَيْنَ جَانِبِ الزَّوْجِ وَجَانِبِ الْمَرْأَةِ فَفِي جَانِبِ الزَّوْجِ كِلَا الْإِيجَابَيْنِ بَاقٍ، وَفِي جَانِبِ الْمَرْأَةِ لَا حَتَّى قَالَ طَلَّقْتُك عَلَى الْمَالَيْنِ يَتَوَقَّفُ عَلَى قَبُولِهَا، مِنْ الْخُلَاصَةِ. خَلَعَ امْرَأَتَهُ عَلَى أَنْ تَرُدَّ عَلَيْهِ جَمِيعَ مَا قَبَضَتْ مِنْهُ، وَكَانَتْ وَهَبَتْ أَوْ بَاعَتْ مِنْ إنْسَانٍ، وَلَمْ تَرُدَّ ذَلِكَ عَلَيْهِ رَجَعَ عَلَيْهَا بِقِيمَةِ ذَلِكَ إنْ عُرُوضًا، وَبِالْمِثْلِ فِي الْمِثْلِيَّاتِ وَالْمَوْزُونَاتِ كَأَنْ اسْتَحَقَّ بَدَلَ الْخُلْعِ فَيَرْجِعُ بِالْقِيمَةِ. اخْتَلَعَتْ عَلَى أَنْ لَا دَعْوَى لِكُلٍّ عَلَى صَاحِبِهِ ثُمَّ ادَّعَى أَنَّ لَهُ عِنْدَهَا كَذَا مِنْ الْقُطْنِ يَصِحُّ لِأَنَّ الْبَرَاءَةَ مُخْتَصَّةٌ بِحُقُوقِ النِّكَاحِ مِنْ الْبَزَّازِيَّةِ. إذَا ادَّعَتْ مَهْرَهَا عَلَى زَوْجِهَا فَأَنْكَرَهُ ثُمَّ اخْتَلَعَتْ نَفْسَهَا بِمَهْرِهَا ثُمَّ تَبَيَّنَ بِالشُّهُودِ أَنَّهُ عِنْدَ الزَّوْجِ، وَلَا ذَلِكَ إلَّا بِالتَّصَادُقِ فَيَنْبَغِي أَنْ لَا يَلْزَمُهَا شَيْءٌ لِأَنَّ مَا هُوَ بَدَلُ الْخُلْعِ سُلِّمَ لَهُ وَلَوْ كَانَ الْخُلْعُ عَلَى دَرَاهِمَ أَوْ دَنَانِيرَ ثُمَّ تَبَيَّنَ أَنَّهَا لِلزَّوْجِ فَلَا يَجِبُ اخْتَلَعَتْ نَفْسَهَا بِالْمَهْرِ. وَنَفَقَةُ الْعِدَّةِ وَنَفَقَةُ وَلَدِهِ سَنَةٌ، مِنْ الْقُنْيَةِ. الْأَبُ إذَا خَلَعَ ابْنَتَهُ الصَّغِيرَةَ مِنْ زَوْجِهَا عَلَى مَالٍ لَمْ يَصِحَّ يَعْنِي لَمْ يَجِبْ بِهِ بَدَلُ الْخُلْعِ عَلَى الصَّغِيرَةِ، وَهَلْ يَقَعُ الطَّلَاقُ فِيهِ رِوَايَتَانِ، وَالْأَصَحُّ أَنَّهُ يَقَعُ. وَلَوْ اخْتَلَعَتْ الصَّبِيَّةُ مَعَ زَوْجِهَا الْبَالِغِ عَلَى مَالٍ فَالطَّلَاقُ وَاقِعٌ، وَلَا يَجِبُ الْمَالُ فَإِنْ ضَمِنَ الْأَبُ بَدَلَ الْخُلْعِ مَعَ الْأَجْنَبِيِّ. وَلَوْ خَلَعَهَا عَلَى أَلْفِ دِرْهَمٍ وَقَبِلَ الْأَبُ، وَلَمْ يَضْمَنْ الْمَالَ لَا رِوَايَةَ فِيهِ هُنَا عَنْ مُحَمَّدٍ، وَاخْتَلَفَ الْمَشَايِخُ فِيهِ قَالَ بَعْضُهُمْ لَا يَقَعُ مَا لَمْ تَقْبَلْ الصَّغِيرَةُ وَقَالَ بَعْضُهُمْ يَقَعُ لِقَبُولِ الْأَبِ، وَيَجِبُ الْمَالُ عَلَى الْأَبِ لِأَنَّ عِبَارَتَهُ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 352 كَعِبَارَتِهَا وَقَالَ بَعْضُهُمْ: يَقَعُ الطَّلَاقُ وَلَا يَجِبُ الْمَالُ عَلَى وَاحِدٍ، وَالْخُلْعُ عَلَى صَدَاقِهَا وَعَلَى مَالٍ آخَرَ سِوَاهُ يَقَعُ الطَّلَاقُ هُوَ الصَّحِيحُ. اخْتَلَعَتْ الْأَمَةُ مَعَ زَوْجِهَا أَوْ طَلَّقَهَا عَلَى جُعْلٍ يَقَعُ الطَّلَاقُ فَتُؤَاخَذُ بِالْخُلْعِ بَعْدَ الْعِتْقِ وَإِنْ اخْتَلَعَتْ بِإِذْنِ الْمَوْلَى تُبَاعُ بِهِ، وَالْمُدَبَّرَةُ وَأُمُّ الْوَلَدِ كَالْأَمَةِ إلَّا أَنَّهُمَا يُؤَدِّيَانِ الْبَدَلَ مِنْ كَسْبِهِمَا إذَا كَانَ بِإِذْنِ الْمَوْلَى، وَالْمُكَاتَبَةُ لَا تُؤَاخَذُ إلَّا بَعْدَ الْعِتْقِ. وَإِذَا اخْتَلَعَتْ الْأَمَةُ مَعَ زَوْجِهَا بِمَهْرِهَا بِغَيْرِ إذْنِ مَوْلَاهَا يَقَعُ الطَّلَاقُ وَلَا يَسْقُطُ الْمَهْرُ، وَطَرِيقُ صِحَّةِ الْخُلْعِ فِي حَقِّ الصَّغِيرَةِ عَلَى وَجْهٍ يُسْقِطُ الْمَهْرَ مَعَ الزَّوْجِ أَوْ الْمُتْعَةَ إنْ كَانَ النِّكَاحُ بِلَفْظِ الْهِبَةِ، وَالْخُلْعُ قَبْلَ الدُّخُولِ وَالْخَلْوَةِ فَطَرِيقُهُ أَنْ يَخْلَعَ أَجْنَبِيٌّ مَعَ الزَّوْجِ عَلَى شَيْءٍ مَعْلُومٍ مُقَدَّرٍ بِالْمَهْرِ أَوْ الْمُتْعَةِ حَتَّى يَجِبَ الْبَدَلُ عَلَى الْأَجْنَبِيِّ لِلزَّوْجِ ثُمَّ يُحِيلَ الزَّوْجُ بِمَا عَلَيْهِ مِنْ الْمَهْرِ أَوْ الْمُتْعَةِ لِأَبِي الصَّغِيرَةِ أَوْ لِمَنْ لَهُ وِلَايَةُ قَبْضِ مَالِ الصَّغِيرِ عَلَى ذَلِكَ الرَّجُلِ قَالَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - هَكَذَا نُقِلَ عَنْ الْإِمَامِ خَالِي أَمَّا الْكَبِيرَةُ إذَا خَلَعَهَا أَبُوهَا أَوْ الْأَجْنَبِيُّ بِإِذْنِهَا جَازَ وَالْمَالُ عَلَيْهَا، وَإِنْ لَمْ تَجُزْ تَرْجِعُ بِالصَّدَاقِ عَلَى الزَّوْجِ وَالزَّوْجُ عَلَى الْأَبِ إنْ ضَمِنَ الْأَبَ وَإِنْ لَمْ يَضْمَنْ فَالْخُلْعُ يَقِفُ عَلَى قَبُولِهَا إنْ قَبِلَتْ يَتِمُّ الْخُلْعُ فِي حَقِّ الْمَالِ وَهَذَا يُشِيرُ إلَى أَنَّ الطَّلَاقَ وَاقِعٌ قَالَ صَاحِبُ الْمُحِيطِ وَقَدْ كَتَبَ فِي شَرْحِ الْحِيَلِ أَنَّ الطَّلَاقَ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ لَا يَقَعُ إلَّا بِإِجَازَتِهَا. إذَا قَالَ الرَّجُلُ لِآخَرَ: اخْلَعْ امْرَأَتَك عَلَى هَذَا الْعَبْدِ أَوْ عَلَى هَذِهِ الْأَلْفِ فَخَلَعَهَا عَلَى ذَلِكَ فَالْقَبُولُ إلَى الْمَرْأَةِ لَا إلَى الْأَجْنَبِيِّ؛ لِأَنَّ الْبَدَلَ مُرْسَلٌ كَمَا إذَا قَالَ لِغَيْرِهِ: بِعْ عَبْدَك مِنْ فُلَانٍ بِكَذَا تَوَقَّفَ عَلَى قَبُولِ فُلَانٍ إذَا بَاعَ فَإِذَا قَبِلَتْ الْمَرْأَةُ ذَلِكَ وَجَبَ عَلَيْهَا تَسْلِيمُ مَا أُشِيرَ إلَيْهِ إنْ أَمْكَنَ وَإِلَّا فَمِثْلُهُ إنْ كَانَ مِثْلِيًّا أَوْ قِيمَتُهُ إنْ كَانَ غَيْرَ مِثْلِيٍّ، وَلَوْ أَنَّ رَجُلًا قَالَ لِلزَّوْجِ: اخْلَعْهَا عَلَى عَبْدِي هَذَا أَوْ دَارِي هَذِهِ فَخَلَعَهَا عَلَى هَذَا فَالْخُلْعُ جَائِزٌ وَلَا حَاجَةَ إلَى قَبُولِ الْمَرْأَةِ؛ لِأَنَّ الْعَاقِدَ هُوَ الْأَجْنَبِيُّ وَنَظِيرُهُ الْمُتَبَرِّعُ بِقَضَاءِ الدَّيْنِ عَلَى إنْسَانٍ. قَالَ الْأَجْنَبِيُّ لِلزَّوْجِ اخْلَعْهَا عَلَى عَبْدِي هَذَا فَقَالَ الزَّوْجُ خَلَعْت تَمَّ الْخُلْعُ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَقُولَ الْمُخَاطَبُ: قَبِلْت وَإِذَا تَمَّ الْخُلْعُ لِقَبُولِ الْأَجْنَبِيِّ لَزِمَهُ حِينَئِذٍ الْبَدَلُ إنْ كَانَ مِمَّا يَتَعَيَّنُ فَإِنْ عَجَزَ عَنْ تَسْلِيمِهِ وَجَبَ تَسْلِيمُ مِثْلِهِ فِي الْمِثْلِيَّاتِ وَتَسْلِيمُ الْقِيمَةِ فِي غَيْرِ الْمِثْلِيَّاتِ كَمَا فِي قَبُولِ الْمَرْأَةِ وَلَوْ قَالَتْ الْمَرْأَةُ لِزَوْجِهَا اخْلَعْنِي عَلَى دَارِ فُلَانٍ أَوْ عَلَى عَبْدِ فُلَانٍ فَخَلَعَهَا فَالْخُلْعُ وَاقِعٌ وَلَا حَاجَةَ إلَى قَبُولِ فُلَانٍ وَبَعْدَ ذَلِكَ إنْ قَدَرَتْ عَلَى تَسْلِيمِ مَا أُشِيرَ إلَيْهِ بِإِجَارَةِ فُلَانٍ سَلَّمَتْهُ وَإِلَّا فَعَلَيْهَا تَسْلِيمُ الْمِثْلِ فِي الْمِثْلِيِّ وَالْقِيمَةُ فِي غَيْرِ الْمِثْلِيِّ وَكَذَلِكَ لَوْ قَالَ لَهَا الزَّوْجُ خَلَعْتُك عَلَى عَبْدِ فُلَانٍ أَوْ دَارِ فُلَانٍ فَقَبِلَتْ صَحَّ فَلَوْ لَمْ تَقْبَلْ هِيَ وَقِبَلَ فُلَانٌ لَمْ يَصِحَّ. خَلَعَ امْرَأَتَهُ عَلَى أَنْ جَعَلَتْ صَدَاقَهَا لِوَلَدِهَا الْأَجْنَبِيِّ صَحَّ الْخُلْعُ وَالْمَهْرُ لِلزَّوْجِ دُونَ الْوَلَدِ. يَجُوزُ الْخُلْعُ عَلَى مَكِيلٍ أَوْ مَوْزُونٍ مَوْصُوفٍ أَوْ مَوْجُودٍ فَيَتَحَقَّقُ الْمُسَمَّى وَيَجُوزُ عَلَى ثَوْبٍ مُسَمًّى هَرَوِيٍّ أَوْ مَرْوِيٍّ وَلَا يَجُوزُ عَلَى الثَّوْبِ الْمُطْلَقِ وَتَرُدُّ مَا قَبَضَتْ مِنْ الْمَهْرِ وَجُمْلَتُهُ أَنَّهُ إنْ سَمَّى مَا لَيْسَ بِمَالٍ مُتَقَوِّمٍ لَا يَجِبُ شَيْءٌ، وَإِنْ سَمَّى شَيْئًا مَعْلُومًا مَوْجُودًا يَجِبُ الْمُسَمَّى وَإِنْ سَمَّى مَجْهُولًا لَا جَهَالَةً مُسْتَدْرَكَةً فَكَذَلِكَ، وَإِنْ فَحُشَتْ الْجَهَالَةُ وَتَمَكَّنَ الْخَطَرُ بِأَنْ خَالَعَهَا عَلَى مَا يُثْمِرُ نَخْلُهَا الْعَامَ أَوْ عَلَى مَا فِي الْبَيْتِ مِنْ الْمَتَاعِ، وَلَمْ يَكُنْ فِيهِ شَيْءٌ بَطَلَتْ التَّسْمِيَةُ وَتَرُدُّ إلَيْهِ مَا قَبَضَتْ مِنْ الْمَهْرِ مِنْ الْخُلَاصَةِ قَالَ فِي الْبَزَّازِيَّةِ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 353 لِأَنَّ الْمَعْدُومَ لَا يَصِحُّ عِوَضًا فَبَقِيَ مُجَرَّدُ تَسْمِيَةِ الْمَالِ وَإِنْ سَمَّتْ فِيهِ مَا هُوَ مِنْ الْمَالِ وَلَا يَتَعَلَّقُ وُجُودُهُ بِالزَّمَانِ إلَّا أَنَّهُ مَجْهُولٌ لَا يُوقَفُ عَلَى قَدْرِهِ بِأَنْ خَلَعَتْ عَلَى مَا فِي بَيْتِهَا أَوْ يَدِهَا مِنْ الْمَتَاعِ أَوْ عَلَى مَا فِي نَخْلِهَا مِنْ ثَمَرٍ أَوْ عَلَى مَا فِي بُطُونِ غَنَمِهَا مِنْ الْأَوْلَادِ إنْ كَانَ هُنَاكَ مَا ذَكَرْت فَلَهُ ذَلِكَ، وَإِلَّا رَدَّتْ مَا قَبَضَتْ مِنْ الْمَهْرِ انْتَهَى. اخْتَلَعَتْ مَعَ زَوْجِهَا عَلَى مَهْرِهَا وَنَفَقَةِ عِدَّتِهَا عَلَى أَنَّ الزَّوْجَ يَرُدُّ عَلَيْهَا عِشْرِينَ دِرْهَمًا نُقِلَ عَنْ الْإِمَامِ ظَهِيرِ الدِّينِ أَنَّهُ يَصِحُّ وَيَجِبُ عَلَى الزَّوْجِ عِشْرُونَ دِرْهَمًا وَمَا يُوَافِقُ هَذَا فِي الْأَصْلِ امْرَأَةٌ اخْتَلَعَتْ عَلَى دَارٍ عَلَى أَنَّ الزَّوْجَ يَرُدُّ عَلَيْهَا أَلْفَ دِرْهَمٍ لَا شُفْعَةَ فِيهَا قَالَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ إيجَابَ بَدَلِ الْخُلْعِ عَلَى الزَّوْجِ صَحِيحٌ وَفِي صُلْحِ الْقُدُورِيِّ لَوْ ادَّعَتْ امْرَأَةٌ نِكَاحًا عَلَى رَجُلٍ فَصَالَحَهَا عَلَى مَالٍ بَذَلَهُ لَهَا لَمْ يَجُزْ فَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْإِيجَابَ بَدَلَ الْخُلْعِ عَلَى الزَّوْجِ لَا يَصِحُّ فَوَجْهُ التَّوْفِيقِ بَيْنَ الرِّوَايَتَيْنِ أَنَّهَا إذَا خَلَعَتْ عَلَى عَرَضٍ يَجُوزُ إيجَابُ بَدَلِ الصُّلْحِ عَلَى الزَّوْجِ وَيَكُونُ مُقَابَلًا بِبَدَلِ الْخُلْعِ وَكَذَا إذَا خَلَعَ وَلَمْ يَذْكُرْ نَفَقَةَ الْعِدَّةِ يَجُوزُ أَيْضًا أَمَّا إذَا خَلَعَتْ عَلَى نَفَقَةِ الْعِدَّةِ وَلَمْ يَذْكُرْ عِوَضًا آخَرَ يَنْبَغِي أَنْ لَا يَجِبَ بَدَلُ الْخُلْعِ عَلَى الزَّوْجِ. لَوْ قَالَ لَهَا بِعْت مِنْك تَطْلِيقَةً بِجَمِيعِ مَهْرِك وَبِجَمِيعِ مَا فِي الْبَيْتِ غَيْرِ مَا عَلَيْك مِنْ الْقَمِيصِ فَاشْتَرَتْ وَعَلَيْهَا مَعَ الْقَمِيصِ سِوَارٌ وَخَلْخَالٌ فَكِسْوَتُهَا وَحُلِيُّهَا مَعَ مَا اسْتَثْنَى وَمَا لَمْ يَسْتَثْنِ لَهُ مِنْ الْخُلَاصَةِ. بَعَثَ إلَيْهَا مُعَيَّنًا كَمَا هُوَ فِي الْعَادَةِ ثُمَّ زَوَّجَهَا وَلَمْ يَخْلُ بِهَا وَخَلَعَتْ نَفْسَهَا مِنْهُ بِنَفْسِ الْمَهْرِ فَلَيْسَ لَهُ طَلَبُ مَا بَعَثَ إلَيْهَا إذَا صَرَفَتْهُ وَقَالَ مُحَمَّدُ الْبُخَارِيُّ لَهُ طَلَبُ الْمَبْعُوثِ. وَفِي فَتَاوَى الْعَصْرِ لَهُ طَلَبُ الْعِوَضِ إنْ لَمْ يُعَوِّضُوهُ. لَوْ بَعَثَ أَبُو الزَّوْجِ إلَى الْخَطِيبَةِ دستيمان ثُمَّ اخْتَلَعَتْ نَفْسَهَا قَبْلَ الدُّخُولِ مِنْهُ بِالْمَهْرِ وَنَفَقَةِ الْعِدَّةِ لَيْسَ لِأَبِي الزَّوْجِ أَنَّ يُطَالِبَهَا إنَّمَا بَعَثَ إلَيْهَا قَاضِي بَدِيعٍ إنْ كَانَ بَعَثَ إلَيْهَا إذْ بِهِرِّ مُبَارَك بَادٍ نِكَاح يَرْجِعُ بِالْقَائِمِ دُونَ الْهَالِكِ مِنْ الْقُنْيَةِ. وَهَبَتْ مَهْرَهَا مِنْ زَوْجَاتٍ، وَقَالَتْ أَنَا مُدْرِكَةٌ ثُمَّ قَالَتْ: كَذَبْت، وَلَمْ أَكُنْ مُدْرِكَةً قَالُوا: لَوْ كَانَتْ تُشْبِهُ الْمُدْرِكَاتِ فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ قَدًّا وَعَلَامَةً لَمْ تُصَدَّقْ أَنَّهَا لَمْ تَكُنْ، وَإِلَّا صُدِّقَتْ مِنْ أَحْكَامِ الصَّبِيِّ مِنْ الْفُصُولَيْنِ. لَوْ ادَّعَى الزَّوْجُ الْخُلْعَ فَأَنْكَرَتْ الْمَرْأَةُ بَانَتْ، وَلَمْ يَثْبُتْ الْمَالُ الَّذِي هُوَ الْأَصْلُ فِي الْخُلْعِ كَذَا فِي الْأَشْبَاهِ مِنْ قَوْلِهِ قَدْ يَثْبُتُ الْفَرْعُ، وَإِنْ لَمْ يَثْبُتْ الْأَصْلُ. لَوْ قَالَ تَزَوَّجْهَا فَإِنَّهَا حُرَّةٌ فَظَهَرَ بَعْدَ الْوِلَادَةِ أَنَّهَا أَمَةٌ لَا ضَمَانَ عَلَى الْقَائِلِ إذَا لَمْ يَكُنْ وَلِيُّهَا أَوْ وَكِيلُهَا فَإِنْ قَالَ وَلِيُّهَا تَزَوَّجْهَا فَإِنَّهَا حُرَّةٌ أَوْ وَكِيلُهَا ذَلِكَ فَوَلَدَتْ ثُمَّ ظَهَرَ أَنَّهَا أَمَةُ الْغَيْرِ يَرْجِعُ الْمَغْرُورُ بِقِيمَةِ الْوَلَدِ هَذِهِ مِنْ الْقَاعِدَةِ الْأَخِيرَةِ مِنْ الْأَشْبَاهِ. زَوَّجَ ابْنَتَهُ مِنْ رَجُلٍ وَذَهَبَتْ وَلَا تَدْرِي لَا يُجْبَرُ زَوْجُهَا عَلَى الطَّالِبِ كَمَا فِي الْمُلْتَقَطِ هَذِهِ فِي أَحْكَامِ الصِّبْيَانِ مِنْ الْأَشْبَاهِ. لَوْ نَكَحَ صَبِيٌّ بَالِغَةً حُرَّةً بِغَيْرِ إذْنِ وَلِيِّهِ وَوَطِئَهَا طَائِعَةً فَلَا حَدَّ وَلَا مَهْرَ هَذِهِ مِنْ أَحْكَامِ غَيْبُوبَةِ الْحَشَفَةِ مِنْهُ. تَزَوَّجَ أَمَةً عَلَى أَنَّهَا حُرَّةٌ بِزَعْمِهَا أَنَّهَا مُعْتَقَةٌ فَوَلَدَتْ وَلَدًا فَأَقَامَ مَوْلَاهَا الْبَيِّنَةَ أَنَّهَا أَمَتُهُ يُقْضَى بِالْأُمِّ وَبِالْوَلَدِ لِمَوْلَاهَا، وَإِنْ أَقَامَ الزَّوْجُ الْبَيِّنَةَ عَلَى أَنَّهُ تَزَوَّجَهَا عَلَى أَنَّهَا حُرَّةٌ يُجْعَلُ الْوَلَدُ حُرًّا بِالْقِيمَةِ وَتَكُونُ الْقِيمَةُ دَيْنًا عَلَيْهِ فِي مَالِهِ لَا فِي مَالِ الْوَلَدِ وَلَا وَلَاءَ لِلْمُسْتَحِقِّ، وَإِنْ قَبَضَ مِنْ الْوَلَدِ قَدْرَ قِيمَةِ الْوَلَدِ قُضِيَ عَلَيْهِ بِالْقِيمَةِ لِلْمُسْتَحِقِّ فَإِنْ أَخَذَ دُونَ قِيمَتِهِ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 354 يُقْضَى عَلَيْهِ بِقَدْرِ ذَلِكَ كَذَا فِي الْوَجِيزِ مِنْ الِاسْتِحْقَاقِ. صَبِيٌّ تَزَوَّجَ امْرَأَةً سَعْيًا بِغَيْرِ أَمْرِ أَبِيهِ، وَهُوَ ابْنُ أَرْبَعَةَ عَشْرَ سَنَةً وَوَطِئَهَا لَا مَهْرَ عَلَيْهِ يَعْنِي إذَا لَمْ يُجِزْ الْأَبُ النِّكَاحَ هَذِهِ فِي الْجِنَايَاتِ مِنْ الْخُلَاصَةِ. امْرَأَةٌ أَبْرَأَتْ زَوْجَهَا عَنْ النَّفَقَةِ إنْ لَمْ تَكُنْ مَفْرُوضَةً لَا يَصِحُّ، وَإِنْ فَرَضَهَا الْقَاضِي صَحَّ الْإِبْرَاءُ عَنْ نَفَقَةِ شَهْرٍ وَكَذَا لَوْ قَالَتْ أَبْرَأْتُك عَنْ النَّفَقَةِ سَنَةً لَا يَبْرَأُ إلَّا عَنْ نَفَقَةِ الشَّهْرِ الْأَوَّلِ كَمَا لَوْ أَجَّرَهُ كُلَّ شَهْرٍ بِكَذَا ثُمَّ أَبْرَأهُ عَنْ الْأَجْرِ صَحَّ عَنْ الشَّهْرِ الْأَوَّلِ، وَلَوْ أَبْرَأَتْ عَمَّا مَضَى صَحَّ. امْرَأَةٌ قَالَتْ إنَّ زَوْجِي يُرِيدُ أَنْ يَغِيبَ وَطَلَبَتْ كَفِيلًا بِالنَّفَقَةِ قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ: لَيْسَ لَهَا ذَلِكَ. وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ: أَخَذَتْ كَفِيلًا بِنَفَقَةِ شَهْرٍ وَاحِدٍ اسْتِحْسَانًا وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى فَلَوْ عَلِمَ أَنَّهُ يَمْكُثُ فِي السَّفَرِ أَكْثَرَ مِنْ شَهْرٍ تَأْخُذُ الْكَفِيلَ بِأَكْثَرَ مِنْ شَهْرٍ عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ. لَوْ كَفَلَ بِنَفَقَتِهَا مَا عَاشَتْ أَوْ كُلَّ شَهْرٍ وَبَقِيَ النِّكَاحُ بَيْنَهُمَا صَحَّ، وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ عَلَى شَهْرٍ وَاحِدٍ وَلَوْ ضَمِنَ لَهَا نَفَقَةَ سَنَةٍ جَازَ وَإِنْ لَمْ تَكُنْ وَاجِبَةً وَلَوْ طَلَّقَهَا زَوْجُهَا رَجْعِيًّا أَوْ بَائِنًا تَأْخُذُ مِنْ كَفِيلِهَا نَفَقَةَ عِيَالِهَا كُلَّ شَهْرٍ؛ لِأَنَّ الْعِدَّةَ مِنْ أَحْكَامِ النِّكَاحِ خُلَاصَةٌ. لَهَا مَهْرٌ مَعْرُوفٌ فَأَقَرَّ فِي مَرَضِهِ بِأَنَّهُ بِذِمَّتِهِ أَوْ زَادَ فِي مَهْرِهَا أَوْ أَقَرَّ لَهَا بِمَهْرٍ آخَرَ أَوْ أَقَرَّ بِمَهْرٍ بَعْدَ الْإِبْرَاءِ لَا يَلْزَمُ شَيْءٌ مِنْهَا. وَلَوْ قَالَتْ الْمَرِيضَةُ: لَيْسَ عَلَى زَوْجِي صَدَاقٌ لَا يَبْرَأُ عِنْدَنَا، وَعِنْدَ الشَّافِعِيِّ يَبْرَأُ، وَكَذَا لَوْ أَقَرَّتْ فِي الْمَرَضِ بِالِاسْتِيفَاءِ لَا يَبْرَأُ. قَالَتْ الْمَرِيضَةُ مَرَضَ الْمَوْتِ: لَيْسَ لِي عَلَى زَوْجِي حَقٌّ وَلَا عَلَيْهِ مَهْرٌ لَا قَلِيلٌ وَلَا كَثِيرٌ لَيْسَ لِوَرَثَتِهَا أَنْ يَطْلُبُوا الْمَهْرَ مِنْ الزَّوْجِ، وَيَصِحُّ إقْرَارُهَا بِنَاءً عَلَى مَسْأَلَةٍ ذَكَرَهَا فِي جِنَايَاتِ عِصَامٍ لَوْ قَالَ الْمَجْرُوحُ لَمْ يَجْرَحْنِي فُلَانٌ ثُمَّ مَاتَ لَيْسَ لِوَرَثَةِ الْمَجْرُوحِ أَنْ يَدَّعُوا عَلَى الْجَارِحِ بِهَذَا السَّبَبِ فَكَذَا هَاهُنَا. وَقَالَ الْمَرْغِينَانِيُّ لَا يَصِحُّ، وَمَسْأَلَةُ الْمَجْرُوحِ عَلَى التَّفْصِيلِ إنْ كَانَ الْجَارِحُ مَعْرُوفًا عِنْدَ الْقَاضِي وَالنَّاسِ لَمْ يُقْبَلْ إقْرَارُ الْمَرِيضِ، وَالنِّكَاحُ هَذَا مَعْرُوفٌ فَلَا يُقْبَلُ. وَقَالَ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ السَّرَخْسِيُّ فِي مَسْأَلَةِ الْمَجْرُوحِ: إنَّهُ لَيْسَ لِوَرَثَتِهِ أَنْ يَدَّعُوا عَلَى الْجَارِحِ مُطْلَقًا وَلَمْ يُفَصِّلْ مِنْ كِتَابِ الْإِقْرَارِ. [بَاب فِي الرَّضَاعِ] (الْبَابُ الثَّامِنُ وَالْعِشْرُونَ فِي الرَّضَاعِ) إذَا تَزَوَّجَ الرَّجُلُ صَغِيرَةً وَكَبِيرَةً فَأَرْضَعَتْ الْكَبِيرَةُ الصَّغِيرَةَ حُرِّمَتَا عَلَى الزَّوْجِ ثُمَّ إنْ لَمْ يَدْخُلْ بِالْكَبِيرَةِ فَلَا مَهْرَ لَهَا وَلِلصَّغِيرَةِ نِصْفُ الْمَهْرِ وَيَرْجِعُ الزَّوْجُ عَلَى الْكَبِيرَةِ إنْ كَانَتْ تَعَمَّدَتْ الْفَسَادَ، وَإِنْ لَمْ تَتَعَمَّدْ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهَا وَإِنْ عَلِمَتْ أَنَّهَا امْرَأَتُهُ. وَعَنْ مُحَمَّدٍ أَنَّهُ يَرْجِعُ فِي الْوَجْهَيْنِ فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ مِنْ الْهِدَايَةِ وَالْقَوْلُ قَوْلُهَا فِي عَدَمِ التَّعَمُّدِ ذَكَرَهُ فِي الْمُخْتَارِ. لَوْ أَرْضَعَتْ امْرَأَةُ الْأَبِ زَوْجَةَ الِابْنِ تَحْرُمُ عَلَيْهِ وَكَذَا لَوْ تَزَوَّجَ رَضِيعَتَيْنِ فَأَرْضَعَتْهُمَا امْرَأَةٌ مَعًا أَوْ مُتَعَاقِبًا حُرِّمَتَا عَلَيْهِ وَعَلَى الزَّوْجِ نِصْفُ الْمَهْرِ لِكُلِّ وَاحِدَةٍ وَيَرْجِعُ الزَّوْجُ عَلَى الْمُرْضِعَةِ إنْ تَعَمَّدَتْ الْفَسَادَ وَإِنْ لَمْ تَتَعَمَّدْ فَلَا وَالْقَوْلُ قَوْلُهَا فِي التَّعَمُّدِ. رَجُلٌ تَزَوَّجَ صَغِيرَتَيْنِ فَجَاءَتْ امْرَأَتَانِ وَلَهُمَا مِنْهُ لَبَنٌ فَأَرْضَعَتْ كُلُّ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا إحْدَى الصَّبِيَّتَيْنِ وَتَعَمَّدَتَا لَا ضَمَانَ عَلَى وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا؛ لِأَنَّ الْأَجْنَبِيَّةَ إنَّمَا تَثْبُتُ بِصُنْعِهِمَا خَاصَّةً. رَجُلٌ لَهُ امْرَأَتَانِ إحْدَاهُمَا مَجْنُونَةٌ وَالْأُخْرَى صَغِيرَةٌ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 355 فَأَرْضَعَتْ الْمَجْنُونَةُ الصَّغِيرَةَ بَانَتَا مِنْهُ وَلِلْمَجْنُونَةِ نِصْفُ الْمَهْرِ إنْ لَمْ يَدْخُلْ بِهَا وَلَا يَرْجِعُ الزَّوْجُ عَلَى الْمَجْنُونَةِ بِمَهْرِ الصَّغِيرَةِ وَكَذَا الصَّغِيرَةُ لَوْ جَاءَتْ إلَى الْكَبِيرَةِ وَهِيَ نَائِمَةٌ فَأَخَذَتْ بِثَدْيِهَا وَرَضَعَتْ مِنْهَا بَانَتَا وَلِكُلِّ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا نِصْفُ الصَّدَاقِ، وَلَا يَرْجِعُ الزَّوْجُ عَلَى الصَّغِيرَةِ بِشَيْءٍ. وَلَوْ أَخَذَ رَجُلٌ لَبَنَ الْمَرْأَةِ الْكَبِيرَةِ وَأَوْجَرَهُ الصَّغِيرَةَ بَانَتَا مِنْهُ وَلِكُلِّ وَاحِدَةٍ نِصْفُ الصَّدَاقِ عَلَى الزَّوْجِ وَيَرْجِعُ بِذَلِكَ عَلَى الرَّجُلِ إنْ تَعَمَّدَهُ مِنْ الْوَجِيزِ. [بَاب فِي الدَّعْوَى] (الْبَابُ التَّاسِعُ وَالْعِشْرُونَ فِي الدَّعْوَى) ادَّعَى عَيْنًا فِي يَدِ رَجُلٍ أَنَّهُ اشْتَرَاهُ مِنْ فُلَانٍ الْغَائِبِ وَهُوَ مِلْكُهُ وَذُو الْيَدِ ادَّعَى أَنَّ فُلَانًا آخَرَ غَيْرَ ذَلِكَ الْغَائِبِ أَوْدَعَهُ إيَّاهُ وَأَقَامَ الْبَيِّنَةَ لَا تَنْدَفِعُ الْخُصُومَةُ وَلَوْ ادَّعَى أَنَّ هَذَا ثَوْبِي غَصَبَهُ مِنِّي فُلَانٌ الْغَائِبُ وَأَقَامَ بَيِّنَتَهُ وَقَالَ ذُو الْيَدِ: إنَّ ذَلِكَ الرَّجُلِ أَوْدَعَنِيهِ تَنْدَفِعُ عَنْهُ، وَإِنْ لَمْ يُقِمْ الْبَيِّنَةَ؛ لِأَنَّهُمَا تَصَادَقَا عَلَى أَنَّ الْيَدَ لِذَلِكَ الرَّجُلِ، وَهَذَا بِخِلَافِ مَا إذَا قَالَ: هَذَا ثَوْبِي سَرَقَهُ مِنِّي فُلَانٌ الْغَائِبُ، وَقَالَ ذُو الْيَدِ: أَوْدَعَنِيهِ ذَلِكَ الْغَائِبُ لَا تَنْدَفِعُ الْخُصُومَةُ اسْتِحْسَانًا. وَإِنْ وَقَعَ الدَّعْوَى فِي الْعَيْنِ بَعْدَ هَلَاكِهِ وَأَقَامَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بَيِّنَتَهُ أَنَّهُ كَانَ عِنْدِي وَدِيعَةً أَوْ رَهْنًا أَوْ إجَارَةً أَوْ مُضَارَبَةً أَوْ شَرِكَةً لَا تُقْبَلُ بَيِّنَةُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ؛ لِأَنَّ الدَّعْوَى تَقَعُ فِي الدَّيْنِ وَمَحَلُّهُ الذِّمَّةُ بِخِلَافِ الْعَيْنِ ثُمَّ إذَا قُضِيَ لِلْمُدَّعِي وَأَخَذَ الْقِيمَةَ مِنْ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ فَإِذَا حَضَرَ الْغَائِبُ وَصَدَّقَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ فِيمَا قَالَ فَفِي الْوَدِيعَةِ وَالرَّهْنِ وَالْإِجَارَةِ وَالْمُضَارَبَةِ وَالشَّرِكَةِ رَجَعَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ عَلَى الْغَائِبِ بِمَا ضَمِنَ وَلَا يَرْجِعُ الْمُسْتَعِيرُ وَالْغَاصِبُ وَالسَّارِقُ، وَإِنْ كَذَّبَ الْغَائِبُ صَاحِبَ الْيَدِ فِي إقْرَارِهِ أَنَّهُ وَصَلَ إلَيْهِ مِنْ جِهَةٍ مِنْ الْوُجُوهِ الَّتِي ذَكَرْنَا فَلَا رُجُوعَ لَهُ مَا لَمْ يُقِمْ الْبَيِّنَةَ عَلَى مَا ادَّعَاهُ مِنْ الْإِجَارَةِ وَالرَّهْنِ وَنَحْوِهِمَا؛ لِأَنَّهُ يَدَّعِي لِنَفْسِهِ دَيْنًا عَلَى الْغَائِبِ بِسَبَبِ عَمَلِ عَمَلٍ لَهُ وَهُوَ يُنْكِرُ كَذَا فِي مُشْتَمِلِ الْهِدَايَةِ. رَجُلٌ كَانَ يَتَصَرَّفُ فِي غَلَّاتِ امْرَأَتِهِ وَيَدْفَعُ ذَهَبَهَا بِالْمُرَابَحَةِ ثُمَّ مَاتَتْ فَادَّعَى وَرَثَتُهَا أَنَّك تَتَصَرَّفُ فِي مَالِهَا بِغَيْرِ إذْنِهَا وَعَلَيْك الضَّمَانُ فَقَالَ الزَّوْجُ: بَلْ بِإِذْنِهَا فَالْقَوْلُ قَوْلُ الزَّوْجِ؛ لِأَنَّهُ ظَاهِرٌ أَنَّ الزَّوْجَ لَا يَتَصَرَّفُ مِثْلَ هَذَا التَّصَرُّفِ فِي مَالِ امْرَأَتِهِ إلَّا بِإِذْنِهَا، وَالظَّاهِرُ يَكْفِي لِلدَّفْعِ مِنْ الْقُنْيَةِ. وَلَوْ ادَّعَى بَعْضُ الْوَرَثَةِ دَيْنًا عَلَى مُورَثِهِ وَصَدَّقَهُ الْبَعْضُ وَأَنْكَرَهُ الْبَعْضُ فَإِنَّهُ يَأْخُذُ الدَّيْنَ مِنْ نَصِيبِ مَنْ صَدَّقَ بَعْدَ أَنْ يَطْرَحَ نَصِيبَ الْمُدَّعِي مِنْ ذَلِكَ الدَّيْنِ. وَلَوْ ادَّعَى رَجُلٌ عَلَى مَيِّتٍ دَيْنًا وَصَدَّقَهُ بَعْضُ الْوَرَثَةِ أَجْمَعَ قَوْلُ أَصْحَابِنَا يُؤْخَذُ مِنْ حِصَّةِ الْمُصَدِّقِ جَمِيعُ الدَّيْنِ؛ لِأَنَّ الَّذِي صَدَّقَهُ مُقِرٌّ بِأَنَّ الدَّيْنَ مُقَدَّمٌ عَلَى الْمِيرَاثِ قَالَ أَبُو اللَّيْثِ هُوَ الْقِيَاسُ لَكِنَّ الِاخْتِيَارَ عِنْدِي أَنْ يُؤْخَذَ مِنْهُ مَا يَخُصُّهُ مِنْ الدَّيْنِ وَهُوَ قَوْلُ الشَّيْخِ الْبَصْرِيِّ وَمَالِكٍ وَابْنِ أَبِي لَيْلَى وَسُفْيَانَ وَالشَّافِعِيِّ وَغَيْرِهِمْ مِمَّنْ يُتَابِعُهُمْ قَالَ: وَهَذَا الْقَوْلُ أَبْعَدُ الضَّرَرِ مِنْ قَاضِي خَانْ. لَوْ وَلَدَتْ الْجَارِيَةُ الْمُشْتَرَكَةُ وَلَدًا مَيِّتًا أَوْ أَسْقَطَتْ سِقْطًا اسْتَبَانَ بَعْضُ خَلْقِهِ فَادَّعَاهُ أَحَدُهُمَا وَكَذَّبَهُ الْآخَرُ فَهُوَ ابْنُهُ وَأُمُّهُ أُمُّ وَلَدِهِ وَيَضْمَنُ نِصْفَ قِيمَةِ الْأُمِّ وَنِصْفَ الْعُقْرِ لِشَرِيكِهِ. اشْتَرَيَا أَمَةً مَعَ وَلَدِهَا فَادَّعَى أَحَدُهُمَا نَسَبَ الْوَلَدِ وَصَدَّقَهُ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 356 شَرِيكُهُ لَمْ يَضْمَنْ حِصَّةَ شَرِيكِهِ مِنْ قِيمَتِهِمَا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَإِنْ كَذَّبَهُ شَرِيكُهُ يَضْمَنُ حِصَّةَ شَرِيكِهِ مِنْ قِيمَتِهِمَا إنْ كَانَ مُوسِرًا وَإِنْ كَانَ مُعْسِرًا يَضْمَنُ حِصَّتَهُ مِنْ الْأُمِّ وَيَسْعَى الْوَلَدُ فِي حِصَّتِهِ، وَإِنْ ادَّعَيَا مَعًا فَهُوَ بَيْنَهُمَا، وَالْجَارِيَةُ أُمُّ وَلَدِهِمَا، وَلَوْ وَلَدَتْ آخَرَ لَا يَثْبُتُ نَسَبُهُ إلَّا بِالدَّعْوَةِ، وَإِنْ ادَّعَاهُ أَحَدُهُمَا يَلْزَمُهُ وَيَضْمَنُ حِصَّةَ شَرِيكِهِ مِنْ الْأُمِّ وَالْوَلَدِ عِنْدَهُمَا وَعِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ لَا يَضْمَنُ. أَمَةٌ بَيْنَ أَبٍ وَابْنٍ وَلَدَتْ وَلَدًا وَادَّعَيَاهُ يَثْبُتُ النَّسَبُ مِنْ الْأَبِ اسْتِحْسَانًا وَعَلَيْهِ نِصْفُ قِيمَتِهَا وَعَلَى كُلِّ وَاحِدٍ نِصْفُ الْعُقْرِ وَكَذَلِكَ الْجَدُّ مَعَ الْحَافِدِ عِنْدَ عَدَمِ الْأَبِ. رَجُلَانِ اشْتَرَيَا جَارِيَةً فَوَلَدَتْ لِسِتَّةِ أَشْهُرٍ فَادَّعَى أَحَدُهُمَا الْوَلَدَ، وَالْآخَرُ الْأُمَّ فَالدَّعْوَةُ دَعْوَةُ مُدَّعِي الْوَلَدِ وَالْجَارِيَةُ أُمُّ وَلَدِهِ وَمُدَّعِي الْوَلَدِ يَضْمَنُ نِصْفَ الْعُقْرِ لِشَرِيكِهِ وَنِصْفَ قِيمَةِ الْجَارِيَةِ وَلَوْ وَلَدَتْ بَعْدَ الشِّرَاءِ لِأَقَلَّ مِنْ سِتَّةِ أَشْهُرٍ، وَالْمَسْأَلَةُ بِحَالِهَا صَحَّتْ دَعْوَةُ كُلِّ وَاحِدٍ وَمُدَّعِي الْأُمِّ لَا يَضْمَنُ لِشَرِيكِهِ وَلَا تَسْعَى لَهُ الْأُمُّ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَعِنْدَهُمَا ضَمِنَ نِصْفَ قِيمَتِهَا إنْ كَانَ مُوسِرًا وَتَسْعَى فِيهِ إنْ كَانَ مُعْسِرًا وَلَا يَضْمَنُ مُدَّعِي الْوَلَدِ لِلثَّانِي قِيمَةَ الْوَلَدِ وَلَا قِيمَةَ الْجَارِيَةِ وَلَا عُقْرَ عَلَيْهِ. أَمَةٌ بَيْنَ ذِمِّيٍّ وَمُرْتَدٍّ فَوَلَدَتْ فَادَّعَيَاهُ يَثْبُتُ مِنْ الْمُرْتَدِّ وَغَرِمَ كُلُّ وَاحِدٍ لِصَاحِبِهِ نِصْفَ الْعُقْرِ مِنْ الْوَجِيزِ. وَإِذَا وَلَدَتْ أَمَةٌ فَبَاعَهَا مَوْلَاهَا وَتَرَكَ الْوَلَدَ عِنْدَهُ فَادَّعَى أَبُو الْمَوْلَى الْوَلَدَ يَثْبُتُ نَسَبُهُ مِنْهُ وَيَضْمَنُ قِيمَةَ الْوَلَدِ لِابْنِهِ عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ وَالْجَارِيَةُ أُمُّ وَلَدٍ لَهُ وَقَالَا: لَا يَثْبُتُ نَسَبُهُ هَذِهِ فِي الْمُكَاتَبِ مِنْ الْمَجْمَعِ. ثَلَاثَةُ إخْوَةٍ وَرِثُوا دَارًا مِنْ أَبِيهِمْ فَادَّعَى رَجُلٌ أَنَّ أَبَاهُمْ قَدْ غَصَبَهَا إيَّاهُ فَنَكَلَ وَاحِدٌ مِنْهُمْ عَنْ الْيَمِينِ وَحَلَفَ الْآخَرَانِ، وَقَدْ وَرِثُوا مَالًا مِنْ أَبِيهِمْ غَيْرَ ذَلِكَ يَضْمَنُ النَّاكِلُ قِيمَةَ حِصَّتِهِمَا لِلْمُدَّعِي، وَيَرُدُّ حِصَّةَ نَفْسِهِ مِنْ الدَّارِ عَلَى الْمُدَّعِي، وَإِنْ نَكَلَ وَاحِدٌ وَأَقَرَّ أَنَّهُ كَانَ وَدِيعَةً فِي أَيْدِيهِمْ يَرُدُّ حِصَّتَهُ عَلَى الْمُدَّعِي، وَلَا يَضْمَنُ شَيْئًا؛ لِأَنَّ الْوَدِيعَةَ لَا تَكُونُ مَضْمُونَةً. رَجُلٌ مَاتَ وَتَرَكَ أَلْفًا فَادَّعَى رَجُلٌ عَلَى الْمَيِّتِ أَلْفَ دِرْهَمٍ، وَأَقَامَ الْبَيِّنَةَ وَقَضَى الْقَاضِي لَهُ بِالْأَلْفِ وَدَفَعَ إلَيْهِ ثُمَّ جَاءَ رَجُلٌ آخَرُ وَادَّعَى عَلَى الْمَيِّتِ أَلْفَ دِرْهَمٍ وَأَنْكَرَ وَرَثَةُ الْمَيِّتِ وَصَدَّقَهُ الْمَقْضِيُّ لَهُ بِالْأَلْفِ فَإِنَّ الثَّانِيَ يَأْخُذُ مِنْ الْمَقْضِيِّ لَهُ نِصْفَ مَا فِي يَدِهِ مِنْ قَاضِي خَانْ. لَوْ أَقَامَ الدَّائِنُ بَيِّنَتَهُ عَلَى بَيْعِ الْوَرَثَةِ تَرِكَةَ مُورَثِهِمْ وَادَّعَى ضَمَانًا عَلَيْهِمْ فَقَالُوا إنْ أَبَانَا بَاعَ فِي حَيَاتِهِ وَأَخَذَ الثَّمَنَ وَأَقَامُوا بَيِّنَةً يُقْضَى بِبَيِّنَةِ الدَّائِنِ مِنْ الْفُصُولَيْنِ. بَاعَ أَمَةً لَهُ وَبِهَا حَبَلٌ فَقَالَ الْبَائِعُ: لَيْسَ هَذَا الْحَبَلُ مِنِّي وَهُوَ مِنْ غَيْرِي فَوَلَدَتْ عِنْدَ الْمُشْتَرِي لِأَقَلَّ مِنْ سِتَّةِ أَشْهُرٍ فَادَّعَاهُ الْبَائِعُ جَازَتْ دَعْوَتُهُ وَرُدَّتْ الْجَارِيَةُ وَالْوَلَدُ إلَيْهِ وَلَوْ ادَّعَاهُ الْبَائِعُ ثُمَّ مَاتَتْ الْأُمُّ أَوْ أَعْتَقَهَا الْمُشْتَرِي فَعِتْقُهُ بَاطِلٌ وَيَرُدُّهَا إلَى الْبَائِعِ وَيَضْمَنُ فِي الْمَوْتِ قِيمَتَهَا وَيَرْجِعُ بِجَمِيعِ الثَّمَنِ عَلَى الْبَائِعِ مِنْ الْخُلَاصَةِ. دَفَعَ إلَى آخَرَ عَيْنًا ثُمَّ اخْتَلَفَا فَقَالَ الدَّافِعُ: قَرْضٌ وَقَالَ الْآخَرُ: هَدِيَّةٌ فَالْقَوْلُ لِلدَّافِعِ؛ لِأَنَّ مُدَّعِيَ الْهِبَةِ يَدَّعِي الْإِبْرَاءَ عَنْ الْقِيمَةِ مَعَ كَوْنِ الْعَيْنِ مُتَقَوِّمَةً فِي نَفْسِهَا كَذَا فِي قَاعِدَةِ الْأَصْلُ الْعَدَمُ مِنْ الْأَشْبَاهِ. عَبْدٌ فِي يَدِ رَجُلٍ فَقَالَ رَجُلٌ: فَقَأْت عَيْنَهُ، وَهُوَ فِي مِلْكِ الْبَائِعِ وَقَالَ الْمُشْتَرِي: فَقَأْته وَهُوَ فِي مِلْكِي فَالْقَوْلُ لِلْمُشْتَرِي فَيَأْخُذُ أَرْشَهُ. لَوْ قَالَ الْقَاضِي بَعْدَ عَزْلِهِ لِرَجُلٍ: أَخَذْت مِنْك أَلْفًا وَدَفَعْتهَا إلَى زَيْدٍ قَضَيْت بِهَا عَلَيْك فَقَالَ الرَّجُلُ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 357 أَخَذْت ظُلْمًا بَعْدَ الْعَزْلِ فَالصَّحِيحُ أَنَّ الْقَوْلَ لِلْقَاضِي مَعَ أَنَّ الْفِعْلَ حَادِثٌ فَكَانَ يَنْبَغِي أَنْ يُضَافَ إلَى أَقْرَبِ أَوْقَاتِهِ، وَهُوَ وَقْتُ الْعَزْلِ، وَبِهِ قَالَ الْبَعْضُ، وَاخْتَارَهُ السَّرَخْسِيُّ لَكِنَّ الْمُعْتَمَدُ الْأَوَّلُ؛ لِأَنَّ الْقَاضِيَ أَسْنَدَهُ إلَى حَالَةٍ مُنَافِيَةٍ لِلضَّمَانِ، وَكَذَا إذَا زَعَمَ الْمَأْخُوذُ مِنْهُ أَنَّهُ فَعَلَهُ قَبْلَ تَقْلِيدِ الْقَضَاءِ. لَوْ قَالَ الْعَبْدُ لِغَيْرِهِ بَعْدَ الْعِتْقِ: قَطَعْت يَدَك، وَأَنَا عَبْدٌ، وَقَالَ الْمُقِرُّ لَهُ: بَلْ قَطَعْتهَا، وَأَنْتَ حُرٌّ كَانَ الْقَوْلُ لِلْعَبْدِ وَكَذَا لَوْ قَالَ الْمَوْلَى لِعَبْدٍ أَعْتَقَهُ: أَخَذْت مِنْك غَلَّةَ كُلِّ شَهْرٍ خَمْسَةَ دَرَاهِمَ وَأَنْتَ عَبْدٌ فَقَالَ الْمُعْتَقُ أَخَذْتهَا بَعْدَ الْعِتْقِ كَانَ الْقَوْلُ قَوْلَ الْمَوْلَى وَلَوْ أَعْتَقَ أَمَتَهُ ثُمَّ قَالَ قَطَعْت يَدَك وَأَنْتَ أَمَتِي فَقَالَتْ هِيَ: قَطَعْتهَا وَأَنَا حُرَّةٌ فَالْقَوْلُ لَهَا، وَكَذَا فِي كُلِّ شَيْءٍ أَخَذَهُ مِنْهَا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ كَذَا فِي النِّهَايَةِ قُبَيْلَ الشَّهَادَاتِ وَتَحْتَاجُ هَذِهِ الْمَسَائِلُ إلَى نَظَرٍ دَقِيقٍ لِلْفَرْقِ بَيْنَهُمَا. وَفِي الْمَجْمَعِ مِنْ الْإِقْرَارِ وَلَوْ أَقَرَّ حَرْبِيٌّ أَسْلَمَ بِأَخْذِ الْمَالِ قَبْلَ الْإِسْلَامِ أَوْ بِإِتْلَافِ خَمْرٍ بَعْدَهُ أَوْ مُسْلِمٌ بِمَالِ حَرْبِيٍّ فِي دَارِ الْحَرْبِ أَوْ بِقَطْعِ يَدِ مُعْتَقِهِ قَبْلَ الْعِتْقِ فَكَذَّبُوهُ فِي الْإِسْنَادِ أَفْتَى بِعَدَمِ الضَّمَانِ فِي الْكُلِّ انْتَهَى يَعْنِي مُحَمَّدًا وَقَالَا: يَضْمَنُ هَذِهِ الْجُمْلَةَ مِنْ إضَافَةِ الْحَادِثِ إلَى أَقْرَبِ أَوْقَاتِهِ مِنْ الْأَشْبَاهِ. صَبَّ دُهْنًا لِإِنْسَانٍ عِنْدَ الشُّهُودِ فَادَّعَى مَالِكُهُ الضَّمَانَ فَقَالَ كَانَتْ نَجِسَةً لِوُقُوعِ فَأْرَةٍ فَالْقَوْلُ لِلصَّابِّ لِإِنْكَارِهِ الضَّمَانَ، وَالشُّهُودُ يَشْهَدُونَ عَلَى الصَّبِّ لَا عَلَى عَدَمِ النَّجَاسَةِ وَلَوْ أَتْلَفَ لَحْمَ قَصَّابٍ فَطُولِبَ بِالضَّمَانِ فَقَالَ: كَانَتْ مَيْتَةً فَأَتْلَفْتهَا لَا يُصَدَّقُ، وَالشُّهُودُ إنْ شَهِدُوا أَنَّهُ لَحْمٌ ذُكِّيَ يُحَكَّمُ الْحَالُ وَقَالَ الْقَاضِي لَا يَضْمَنُ فَاعْتُرِضَ عَلَيْهِ بِمَسْأَلَةِ كِتَابِ الِاسْتِحْسَانِ وَهِيَ أَنَّ رَجُلًا لَوْ قَتَلَ رَجُلًا، وَقَالَ: كَانَ ارْتَدَّ أَوْ قَتَلَ أَبِي فَقَتَلْته قِصَاصًا أَوْ لِلرِّدَّةِ لَا يُسْمَعُ فَأَجَابَ، وَقَالَ؛ لِأَنَّهُ لَوْ قِيلَ لَأَدَّى إلَى فَتْحِ بَابِ الْعُدْوَانِ فَإِنَّهُ يَقْتُلُ وَيَقُولُ كَانَ الْقَتْلُ حَصَلَ لِذَلِكَ وَأَمْرُ الدَّمِ عَظِيمٌ فَلَا يُهْمَلُ بِخِلَافِ الْمَالِ فَإِنَّهُ بِالنِّسْبَةِ إلَى الدَّمِ أَهْوَنُ حَتَّى يُحْكَمَ فِي الْمَالِ بِالنُّكُولِ وَفِي الدَّمِ يُحْبَسُ حَتَّى يُقِرَّ أَوْ يَحْلِفَ وَاكْتُفِيَ بِيَمِينٍ وَاحِدٍ. لَوْ أَدَّى الْمَدْيُونُ شَيْئًا مِنْ الْمَالِ صُدِّقَ أَنَّهُ دَفَعَ مِنْ أَيِّ جِهَةٍ كَانَ فَيَسْقُطُ ذَلِكَ مِنْ ذِمَّتِهِ وَلَوْ مِنْ جِنْسَيْنِ كَذَهَبٍ وَفِضَّةٍ أَوْ بُرٍّ وَشَعِيرٍ فَأَدَّى فِضَّةً، وَقَالَ: أَدَّيْت عِوَضًا عَنْ الذَّهَبِ لَا يُصَدَّقُ؛ إذْ الْمُعَاوَضَةُ تَتِمُّ بِالطَّرَفَيْنِ. اشْتَرَى مِنْ دَلَّالٍ شَيْئًا فَدَفَعَ إلَيْهِ عَشَرَةَ دَرَاهِمَ وَيَقُولُ هِيَ مِنْ الثَّمَنِ وَقَالَ الدَّلَّالُ دَفَعْته لِلدَّلَالَةِ صُدِّقَ الدَّافِعُ بِيَمِينِهِ؛ لِأَنَّهُ مُمَلَّكٌ. رَجُلٌ ادَّعَى عَلَى مَيِّتٍ أَلْفًا فَبَرْهَنَ وَارِثُهُ أَنَّ الْأَبَ أَعْطَاهُ أَلْفًا تُقْبَلُ وَالْوَارِثُ يُصَدِّقُ أَنَّ الْأَبَ أَعْطَاهُ بِجِهَةِ الدِّينِ لِقِيَامِهِ مَقَامَ مُورَثِهِ فَيُصَدَّقُ فِي جِهَةِ التَّمْلِيكِ كَذَا فِي الْفُصُولَيْنِ مِمَّا يَكُونُ الْقَوْلُ فِيهِ لِلْمِلْكِ. لَوْ قَالَ بِعْت عَبْدِي مِنْ زَيْدٍ فَأَعْتَقَهُ فَإِنْ نَكَلَ زَيْدٌ عَتَقَ الْعَبْدُ وَلَمْ يَثْبُتْ الْمَالُ كَذَا فِي الْقَاعِدَةِ الرَّابِعَةِ مِنْ النَّوْعِ الثَّانِي مِنْ قَوَاعِدِ الْأَشْبَاهِ. عَيْنٌ فِي يَدِ رَجُلٍ ادَّعَى رَجُلٌ أَنَّهُ اشْتَرَاهَا مِنْ ذِي الْيَدِ بِكَذَا وَادَّعَتْ امْرَأَةٌ أَنَّ ذَا الْيَدِ تَزَوَّجَهَا عَلَيْهَا وَأَقَامَا الْبَيِّنَةَ فَهُمَا سَوَاءٌ عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ فَيُقْضَى بِهَا بَيْنَهُمَا وَلِلْمَرْأَةِ نِصْفُ قِيمَتِهَا عَلَى الزَّوْجِ تَتْمِيمًا لِلْمَهْرِ وَيَرْجِعُ الْمُشْتَرِي عَلَيْهِ بِنِصْفِ الثَّمَنِ إنْ كَانَ نَقَدَهُ. وَقَالَ مُحَمَّدٌ: الشِّرَاءُ أَوْلَى فَيُقْضَى بِهَا لِلرَّجُلِ وَبِقِيمَتِهَا لِلْمَرْأَةِ مِنْ الْحَقَائِقِ. الْمَأْمُورُ بِالدَّفْعِ إلَى فُلَانٍ إذَا ادَّعَاهُ وَكَذَّبَهُ فُلَانٌ فَالْقَوْلُ لَهُ فِي بَرَاءَةِ نَفْسِهِ إلَّا إذَا كَانَ غَاصِبًا أَوْ مَدْيُونَا الجزء: 1 ¦ الصفحة: 358 كَذَا فِي الْأَشْبَاهِ مِنْ الْوَكَالَةِ. لَوْ أَخَذَ مِنْ الْبَقَّالِ مِنْ الْأَرُزِّ وَالْعَدَسِ، وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ وَقَدْ كَانَ دَفَعَ إلَيْهِ دِينَارًا مَثَلًا لِيُنْفِقَ عَلَيْهِ ثُمَّ اخْتَصَمَا بَعْدَ ذَلِكَ فِي قِيمَةِ الْمَأْخُوذِ هَلْ تُعْتَبَرُ قِيمَتُهُ يَوْمَ الْأَخْذِ أَوْ يَوْمَ الْخُصُومَةِ قَالَ فِي الْيَتِيمَةِ تُعْتَبَرُ يَوْمَ الْأَخْذِ قِيلَ لَهُ لَوْ لَمْ يَكُنْ دَفَعَ إلَيْهِ شَيْئًا بَلْ كَانَ يَأْخُذُ مِنْهُ عَلَى أَنْ يَدْفَعَ إلَيْهِ ثَمَنَ مَا يَجْتَمِعُ إلَيْهِ قَالَ يُعْتَبَرُ وَقْتُ الْأَخْذِ؛ لِأَنَّهُ سَوَّمَ حِينَ ذَكَرَ الثَّمَنَ كَذَا فِي الْأَشْبَاهِ مِنْ الْقَوْلِ فِي ثَمَنِ الْمِثْلِ. مَاتَ وَتَرَكَ مَالًا فَادَّعَى رَجُلٌ أَنَّهُ لَهُ أَوْدَعَهُ إيَّاهُ فَصَدَّقَهُ الْوَارِثُ وَعَلَى الْمَيِّتِ دَيْنٌ لَمْ يَصِحَّ تَصْدِيقُ الْوَارِثِ، وَلَوْ صَدَّقَهُ الْغُرَمَاءُ فَيَقْضِي الْقَاضِي دَيْنَ الْمَيِّتِ وَيَرْجِعُ الْمُدَّعِي عَلَى الْغُرَمَاءِ لِتَصْدِيقِهِمْ وَكَذَا فِي الْإِجَارَةِ وَالْمُضَارَبَةِ وَالْعَارِيَّةِ وَالرَّهْنِ كَذَا فِي الْأَشْبَاهِ مِنْ فَنِّ الْأَلْغَازِ. رَجُلٌ ادَّعَى عَلَى رَجُلٍ مَالًا فَجَحَدَ فَأَعْطَاهُ مَعَ الْجُحُودِ أَوْ صَالَحَهُ عَنْ دَعْوَاهُ ثُمَّ إنَّ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ أَقَامَ الْبَيِّنَةَ أَنَّ الْمُدَّعِيَ أَقَرَّ قَبْلَ الصُّلْحِ، أَوْ قَالَ قَبْلَ أَنْ يَقْبِضَ مِنِّي الْمَالَ إنَّهُ لَيْسَ لَهُ قِبَلَ فُلَانٍ شَيْءٌ فَالصُّلْحُ وَالْقَضَاءُ مَاضِيَانِ وَلَوْ أَقَامَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ الْبَيِّنَةَ أَنَّ الْمُدَّعِيَ أَقَرَّ بَعْدَ الصُّلْحِ وَقَبَضَ الْمَالَ أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ لَهُ قِبَلَ فُلَانٍ شَيْءٌ بَطَلَ الصُّلْحُ وَالْقَضَاءُ وَإِنْ كَانَ الْقَاضِي لَمْ يَقْضِ بِبَيِّنَةِ الْمُدَّعِي حَتَّى أَقَامَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ الْبَيِّنَةَ عَلَى إقْرَارِ الْمُدَّعِي أَنَّهُ لَيْسَ لَهُ قِبَلَ فُلَانٍ شَيْءٌ بَطَلَ عَنْهُ الْمَالُ فَلَا يُقْضَى عَلَيْهِ بِشَيْءٍ كَذَا فِي مُشْتَمِلِ الْهِدَايَةِ نَقْلًا عَنْ الْخَانِيَّةِ. ادَّعَى عَلَيْهِ أَلْفًا فَقَضَاهَا ثُمَّ أَقَرَّ الْمُدَّعِي أَنَّهَا لَمْ تَكُنْ عَلَيْهِ فَالْمَقْبُوضُ مِلْكُ الْقَابِضِ مِلْكًا فَاسِدًا يَجِبُ عَلَيْهِ رَدُّهَا بِعَيْنِهَا إنْ كَانَتْ قَائِمَةً، وَمِثْلُهَا إنْ كَانَ وَهَبَهَا أَوْ قَضَى بِهَا دَيْنًا هَذِهِ فِي الْمُدَايِنَاتِ مِنْ الْقُنْيَةِ. [بَاب فِي الشَّهَادَةِ] [مَسْأَلَة خَطَأ الْقَاضِي فِي قَضَائِهِ إذَا رجع الشُّهُود عَنْ شَهَادَتهمْ] (الْبَابُ الثَّلَاثُونَ فِي الشَّهَادَةِ) وَفِيهَا مَسْأَلَةُ خَطَأِ الْقَاضِي فِي قَضَائِهِ إذَا رَجَعَ الشُّهُودُ عَنْ شَهَادَتِهِمْ قَبْلَ الْحُكْمِ بِهَا سَقَطَتْ وَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِمْ فَإِنْ حَكَمَ بِشَهَادَتِهِمْ ثُمَّ رَجَعُوا لَمْ يَفْسَخْ الْحُكْمَ وَعَلَيْهِمْ ضَمَانُ مَا أَتْلَفُوا بِشَهَادَتِهِمْ وَلَا يَصِحُّ الرُّجُوعُ إلَّا بِحَضْرَةِ الْحَاكِمِ أَيَّ حَاكِمٍ كَانَ فَلَوْ ادَّعَى الْمَشْهُودُ عَلَيْهِ رُجُوعَهُمَا وَأَرَادَ يَمِينَهُمَا لَا يُحَلِّفُهُمَا وَكَذَا لَا تُقْبَلُ بَيِّنَتُهُ عَلَيْهِمَا، وَلَوْ أَقَامَ الْبَيِّنَةَ أَنَّهُ رَجَعَ عِنْدَ قَاضِي كَذَا وَضَمَّنَهُ الْمَالَ يُقْبَلُ، وَإِذَا شَهِدَ شَاهِدَانِ بِمَالٍ فَحَكَمَ الْحَاكِمُ بِهِ ثُمَّ رَجَعَا ضَمِنَا الْمَالَ لِلْمَشْهُودِ عَلَيْهِ وَإِنَّمَا يَضْمَنَانِ إذَا قَبَضَ الْمُدَّعِي الْمَالَ دَيْنًا كَانَ أَوْ عَيْنًا فَإِنْ رَجَعَ أَحَدُهُمَا ضَمِنَ النِّصْفَ، وَالْأَصْلُ أَنَّ الْمُعْتَبَرَ فِي هَذِهِ بَقَاءُ مَنْ بَقِيَ لَا رُجُوعُ مَنْ رَجَعَ وَقَدْ بَقِيَ مَنْ يَبْقَى بِشَهَادَتِهِ نِصْفُ الْحَقِّ، وَإِنْ شَهِدَ بِالْمَالِ ثَلَاثَةٌ فَرَجَعَ أَحَدُهُمْ فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ. وَإِنْ رَجَعَ آخَرُ ضَمِنَ الرَّاجِعَانِ نِصْفَ الْمَالِ، وَإِنْ شَهِدَ رَجُلٌ وَامْرَأَتَانِ فَرَجَعَتْ امْرَأَةٌ ضَمِنَتْ رُبُعَ الْمَالِ وَإِنْ رَجَعَتَا ضَمِنَا نِصْفَ الْحَقِّ، وَإِنْ شَهِدَ رَجُلٌ وَعَشْرُ نِسْوَةٍ ثُمَّ رَجَعَ ثَمَانٍ فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِنَّ فَإِنْ رَجَعَتْ أُخْرَى كَانَ عَلَيْهِنَّ رُبُعُ الْحَقِّ وَإِنْ رَجَعَ الرَّجُلُ وَالنِّسَاءُ فَعَلَى الرَّجُلِ سُدُسُ الْحَقِّ وَعَلَى النِّسْوَةِ خَمْسَةُ أَسْدَاسِ الْحَقِّ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ كَمَا إذَا شَهِدَ بِذَلِكَ سِتَّةُ رِجَالٍ ثُمَّ رَجَعُوا وَعِنْدَهُمَا عَلَى الرَّجُلِ النِّصْفُ وَعَلَى النِّسْوَةِ النِّصْفُ فَإِنْ رَجَعَ النِّسْوَةُ الْعَشَرَةُ دُونَ الرَّجُلِ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 359 كَانَ عَلَيْهِنَّ نِصْفُ الْحَقِّ عَلَى الْقَوْلَيْنِ، وَإِنْ شَهِدَ رَجُلَانِ وَامْرَأَةٌ بِمَالٍ ثُمَّ رَجَعُوا فَالضَّمَانُ عَلَيْهِمَا دُونَ الْمَرْأَةِ، وَإِنْ شَهِدَ شَاهِدَانِ عَلَى امْرَأَةٍ بِنِكَاحٍ بِمِقْدَارِ مَهْرِ الْمِثْلِ ثُمَّ رَجَعَا فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِمَا، وَكَذَا إذَا شَهِدَ بِأَقَلَّ مِنْ مَهْرِ مِثْلِهَا، وَإِنْ شَهِدَا بِأَكْثَرَ مِنْ مَهْرِ مِثْلِهَا ثُمَّ رَجَعَا ضَمِنَا الزِّيَادَةَ مِنْ الْهِدَايَةِ وَفِي الْخُلَاصَةِ لَا حُكْمَ لِلرُّجُوعِ عِنْدَ غَيْرِ الْقَاضِي، وَإِذَا رَجَعَا عَنْ شَهَادَتِهِمَا وَأَشْهَدَا بِالْمَالِ مِنْ قِبَلِ الرُّجُوعِ وَالضَّمَانِ لَمْ يُقْبَلْ، وَإِذَا تَصَادَقَا عِنْدَ الْقَاضِي عَلَى أَنَّ الْإِقْرَارَ بِهَذَا السَّبَبِ فَالْقَاضِي لَا يُلْزِمُهُمَا الضَّمَانَ وَإِنْ رَجَعَا عِنْدَ الْقَاضِي أَوَّل مَرَّةٍ وَجَحَدَ الرُّجُوعَ فَقَامَتْ عَلَيْهِمَا الْبَيِّنَةُ بِالرُّجُوعِ وَبِقَضَاءِ الْقَاضِي بِالضَّمَانِ فَإِنَّهُ يُنْفِذُ ذَلِكَ وَيُضَمِّنُهُمَا الْمَالَ وَكَذَا لَوْ رَجَعَا عِنْدَ الْقَاضِي الَّذِي شَهِدَا عِنْدَهُ فَضَمَّنَهُمَا ذَلِكَ ثُمَّ اخْتَصَمُوا إلَى غَيْرِهِ. وَفِي الْمُحِيطِ إذَا أَقَرَّ الشَّاهِدُ عِنْدَ الْقَاضِي أَنَّهُ رَجَعَ عِنْدَ غَيْرِهِ صَحَّ إقْرَارُهُ وَطَرِيقُ صِحَّتِهِ أَنْ يُجْعَلَ هَذَا رُجُوعًا مُبْتَدَأً لَا أَنْ يُعْتَبَرَ الرُّجُوعُ الَّذِي كَانَ عِنْدَهُ غَيْرَ مَجْلِسِ الْقَاضِي. وَلَوْ شَهِدَا بِالْبَيْعِ وَقَبَضَ الثَّمَنَ ثُمَّ رَجَعَا ضَمِنَا لَهُ وَإِنْ كَانَ لِرَجُلٍ دَيْنٌ عَلَى آخَرَ فَشَهِدَا أَنَّهُ وَهَبَهُ لَهُ أَوْ تَصَدَّقَ بِهِ عَلَيْهِ أَوْ أَبْرَأَهُ ثُمَّ رَجَعَا بَعْدَ الْقَضَاءِ ضَمِنَا. وَلَوْ شَهِدَا عَلَى هِبَةِ عَيْنٍ وَالتَّسْلِيمِ ثُمَّ رَجَعَا بَعْدَ الْقَضَاءِ ضَمِنَا وَإِنْ كَانَ الْوَاهِبُ يَمْلِكُ الرُّجُوعَ؛ لِأَنَّهُ فَسْخٌ، وَإِنْ ضَمِنَا لَا رُجُوعَ لَهُمَا وَلَا لِلْوَاهِبِ أَيْضًا؛ لِأَنَّهُ بِمَنْزِلَةِ الْعِوَضِ وَلَوْ لَمْ يَضْمَنْ الْوَاهِبُ الشَّاهِدَيْنِ فَلَهُ الرُّجُوعُ فِي الْهِبَةِ انْتَهَى مَا فِي الْخُلَاصَةِ. شَاهِدَانِ شَهِدَا بِمَالٍ ثُمَّ دَعَاهُمَا الْقَاضِي إلَى الصُّلْحِ وَاصْطَلَحَا عَلَى بَعْضِهِ ثُمَّ رَجَعَ أَحَدُ الشَّاهِدَيْنِ لَا يَضْمَنُ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَقْضِ بِشَهَادَتِهِمَا مِنْ الْقُنْيَةِ وَمُحَمَّدٍ يَضْمَنُ النُّقْصَانَ مِنْ الْمَجْمَعِ. وَإِنْ شَهِدَا بِبَيْعِ شَيْءٍ بِمِثْلِ الْقِيمَةِ أَوْ أَكْثَرَ ثُمَّ رَجَعَا لَمْ يَضْمَنَا، وَإِنْ كَانَ بِأَقَلَّ مِنْ الْقِيمَةِ ضَمِنَا النُّقْصَانَ وَلَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ الْبَيْعُ بَاتًّا أَوْ فِيهِ خِيَارُ الْبَائِعِ، وَإِنْ شَهِدَا عَلَى رَجُلٍ أَنَّهُ طَلَّقَ امْرَأَتَهُ قَبْلَ الدُّخُولِ ثُمَّ رَجَعَا ضَمِنَا نِصْفَ الْمَهْرِ مِنْ الْهِدَايَةِ وَلَمْ يَضْمَنَا بَعْدَ الْوَطْءِ ذَكَرَهُ فِي الْكَنْزِ. إذَا شَهِدَ أَرْبَعَةٌ عَلَى مُحْصَنٍ بِالزِّنَا بِفُلَانَةَ ثُمَّ شَهِدَ أَرْبَعَةٌ أُخْرَى بِالزِّنَا بِأُخْرَى وَحَكَمَ الْقَاضِي عَلَيْهِ بِالرَّجْمِ فَرُجِمَ ثُمَّ رَجَعُوا جَمِيعًا ضَمِنُوا دِيَتَهُ بِالْإِجْمَاعِ وَلَوْ رَجَعَ مِنْ كُلِّ فَرِيقٍ اثْنَانِ لَمْ يَجِبْ الضَّمَانُ لِبَقَاءِ نِصَابِ الشَّهَادَةِ، وَلَوْ شَهِدَ أَرْبَعَةٌ عَلَى مُحْصَنٍ بِالزِّنَا وَزَكَّاهُمْ الْمُزَكُّونَ، وَقَالُوا: هُمْ أَحْرَارٌ وَرُجِمَ ثُمَّ وُجِدَ أَحَدُهُمْ عَبْدًا أَوْ كُلُّهُمْ ضَمِنَ الْمُزَكُّونَ دِيَتَهُ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ إنْ تَعَمَّدُوا الْكَذِبَ وَقَالَا: لَا يَضْمَنُونَ وَتَكُونُ دِيَتُهُ فِي بَيْتِ الْمَالِ، وَلَوْ أَخْطَئُوا فَضَمَانُهُ فِي بَيْتِ الْمَالِ اتِّفَاقًا قَيَّدْنَا بِقَوْلِنَا: وَقَالُوا: هُمْ أَحْرَارٌ؛ لِأَنَّهُمْ لَوْ قَالُوا هُمْ عُدُولٌ فَظَهَرُوا عَبِيدًا لَمْ يَضْمَنُوا اتِّفَاقًا وَقَيَّدْنَا بِقَوْلِنَا رُجِمَ؛ لِأَنَّهُ لَوْ قَتَلَهُ رَجُلٌ عَمْدًا بَعْدَ تَزْكِيَةِ الشُّهُودِ وَأَمَرَ الْقَاضِي بِرَجْمِهِ فَظَهَرُوا عَبِيدًا فَدِيَتُهُ فِي مَالِهِ اتِّفَاقًا مِنْ شَرْحِ الْمَجْمَعِ وَقَدْ مَرَّ بَعْضُ مَسَائِلِ ضَمَانِ الشَّاهِدِ فِي بَابِ الْحُدُودِ فَلْيُطْلَبْ مِنْ هُنَاكَ مَا لَمْ يُوجَدْ. وَلَوْ شَهِدَا أَنَّهُ أَعْتَقَ عَبْدَهُ ثُمَّ رَجَعَا ضَمِنَا قِيمَتَهُ وَالْوَلَاءُ لِلْمُعْتِقِ وَإِنْ شَهِدُوا بِقِصَاصٍ ثُمَّ رَجَعَا بَعْدَ الْقَتْلِ ضَمِنَا الدِّيَةَ وَلَا يُقْتَصُّ وَإِنْ شَهِدَا بِالْعَفْوِ عَنْ الْقِصَاصِ ثُمَّ رَجَعَا لَمْ يَضْمَنَا ذَكَرَهُ فِي الْوَجِيزِ. وَإِذَا رَجَعَ شُهُودُ الْأَصْلِ وَقَالُوا لَمْ نُشْهِدْ شُهُودَ الْفَرْعِ عَلَى شَهَادَتِنَا فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِمْ وَلَا يَبْطُلُ الْقَضَاءُ وَلَوْ كَانَ قَبْلَ الْقَضَاءِ لَا تُقْبَلُ شَهَادَةُ الْفَرْعِ، وَإِنْ قَالُوا الجزء: 1 ¦ الصفحة: 360 أَشْهَدْنَاهُمْ وَغَلِطْنَا ضَمِنُوا، وَهَذِهِ عِنْدَ مُحَمَّدٍ وَعِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ لَا ضَمَانَ عَلَيْهِمْ وَلَوْ رَجَعَ الْأُصُولَ وَالْفُرُوعَ جَمِيعًا فَعِنْدَهُمَا يَجِبُ الضَّمَانُ عَلَى الْفُرُوعِ لَا غَيْرَ وَعِنْدَ مُحَمَّدٍ الْمَشْهُودُ عَلَيْهِ بِالْخِيَارِ إنْ شَاءَ ضَمِنَ الْأُصُولَ وَإِنْ شَاءَ ضَمِنَ الْفُرُوعَ وَلَا يُجْمَعُ بَيْنَهُمْ فِي التَّضْمِينِ وَإِنْ قَالَ شُهُودُ الْفَرْعِ كَذَبَ شُهُودُ الْأَصْلِ أَوْ غَلِطُوا فِي شَهَادَتِهِمْ لَمْ يُلْتَفَت إلَى ذَلِكَ، وَلَا يَجِبُ الضَّمَانُ. وَإِنْ رَجَعَ الْمُزَكُّونَ عَنْ التَّزْكِيَةِ ضَمِنُوا وَهَذَا قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ وَقَالَا: لَا يُضَمَّنُونَ كَشُهُودِ الْإِحْصَانِ كَذَا فِي الْهِدَايَةِ قَالَ فِي شَرْحِ الْمَجْمَعِ هَذَا إذَا قَالُوا تَعَمَّدْنَا التَّزْكِيَةَ وَإِنْ قَالُوا أَخْطَأْنَا فِي التَّزْكِيَةِ لَا يُضَمَّنُونَ اتِّفَاقًا انْتَهَى. وَإِذَا شَهِدَ شَاهِدَانِ بِالْيَمِينِ وَشَاهِدَانِ بِوُجُودِ الشَّرْطِ ثُمَّ رَجَعُوا فَالضَّمَانُ عَلَى شُهُودِ الْيَمِينِ خَاصَّةً؛ لِأَنَّهُ هُوَ السَّبَبُ وَالتَّلَفُ يُضَافُ إلَى مُثْبِتِي السَّبَبِ دُونَ الشَّرْطِ الْمَحْضِ أَلَا يُرَى أَنَّ الْقَاضِيَ يَقْضِي بِشَهَادَةِ شُهُودِ الْيَمِينِ دُونَ شُهُودِ الشَّرْطِ وَلَوْ رَجَعَ شُهُودُ الشَّرْطِ وَحْدَهُمْ اخْتَلَفَ الْمَشَايِخُ فِيهِ قَالَ: وَمَعْنَى الْمَسْأَلَةِ يَمِينُ الْعَتَاقِ وَالطَّلَاقِ قَبْلَ الدُّخُولِ مِنْ الْهِدَايَةِ. إذَا شَهِدَ شَاهِدَانِ أَنَّهُ أَمَرَ امْرَأَتَهُ أَنْ تُطَلِّقَ نَفْسَهَا وَشَهِدَا آخَرَانِ أَنَّهَا طَلَّقَتْ نَفْسَهَا، وَذَلِكَ قَبْلَ الدُّخُولِ بِهَا ثُمَّ رَجَعُوا فَالضَّمَانُ عَلَى شُهُودِ الطَّلَاقِ؛ لِأَنَّهُمْ اتَّبَعُوا السَّبَبَ، وَهُوَ الطَّلَاقُ إنَّمَا التَّفْوِيضُ شَرْطُ كَوْنِهِ سَبَبًا، وَعَلَى هَذَا إذَا شَهِدَ شَاهِدَانِ أَنَّ فُلَانًا جَعَلَ عِتْقَ عَبْدِهِ بِيَدِ فُلَانٍ وَشَهِدَ آخَرَانِ أَنَّهُ أَعْتَقَهُ فَالضَّمَانُ عَلَى شَاهِدَيْ الْعَتَاقِ دُونَ التَّفْوِيضِ وَإِذَا شَهِدَ شَاهِدَانِ أَنَّ فُلَانًا أَمَرَ فُلَانًا بِتَعْلِيقِ طَلَاقِ امْرَأَتِهِ بِدُخُولِ الدَّارِ وَشَهِدَ شَاهِدَانِ أَنَّهُ عَلَّقَ وَشَاهِدَانِ أَنَّهَا دَخَلَتْ ثُمَّ رَجَعُوا جَمِيعًا فَالضَّمَانُ عَلَى شُهُودِ التَّعْلِيقِ؛ لِأَنَّهُمْ شُهُودُ السَّبَبِ مِنْ الصُّغْرَى. الشَّاهِدُ لَوْ أَنْكَرَ شَهَادَتَهُ بَعْدَ الْحُكْمِ لَا يَضْمَنُ؛ لِأَنَّ إنْكَارَ الشَّهَادَةِ لَيْسَ بِرُجُوعٍ بَلْ الرُّجُوعُ أَنْ يَقُولَ: كُنْت مُبْطِلًا فِي الشَّهَادَةِ. رَجُلٌ مَاتَ فَادَّعَتْ امْرَأَةٌ أَنَّهَا امْرَأَةُ الْمَيِّتِ فَأَنْكَرَ الْوَلَدُ نِكَاحَهَا فَبَرْهَنَتْ أَنَّهُ مَاتَ وَهِيَ امْرَأَتُهُ وَلَا وَارِثَ لَهُ مِنْ النِّسَاءِ غَيْرُهَا، وَحُكِمَ لَهَا بِإِرْثٍ، وَأَهْلَكَتْهُ ثُمَّ بَرْهَنَ الْوَلَدُ أَنَّهُ طَلَّقَهَا فِي صِحَّتِهِ فَتُضَمَّنُ الْمَرْأَةُ لَا الشَّاهِدُ، وَإِنْ شَهِدَ أَنَّهُ مَاتَ، وَهِيَ امْرَأَتُهُ؛ لِأَنَّ قَوْلَهُ مَاتَ وَهِيَ امْرَأَتُهُ زِيَادَةٌ لَا يُحْتَاجُ إلَيْهَا فَإِنَّهُمَا لَوْ قَالَا كَانَتْ امْرَأَتُهُ كَفَى لِلْحُكْمِ بِالْإِرْثِ فَذِكْرُ هَذِهِ الزِّيَادَةِ وَتَرْكُهُ سَوَاءٌ فَلَوْ انْعَدَمَتْ هَذِهِ الزِّيَادَةُ لَمْ يَجِبْ عَلَيْهِمَا شَيْءٌ؛ لِأَنَّهُمَا شَهِدَا بِنِكَاحٍ كَانَ وَلَمْ يَظْهَرْ كَذِبُهُمَا بَلْ صَدَّقَهُمَا الْوَلَدُ حَيْثُ بَرْهَنَ عَلَى الطَّلَاقِ كَذَا هُنَا، وَهَذَا أَصْلٌ مُمَهِّدٌ فِي تَضْمِينِ الشَّاهِدِ أَنَّهُمَا مَتَى ذَكَرَا شَيْئًا هُوَ لَازِمٌ لِلْقَضَاءِ ثُمَّ ظَهَرَ بِخِلَافِهِ ضَمِنَا، وَمَتَى ذَكَرَا شَيْئًا لَا يُحْتَاجُ إلَيْهِ لِلْقَضَاءِ ثُمَّ ظَهَرَ بِخِلَافِهِ لَمْ يَضْمَنَا مِنْ الْفَصْلِ الرَّابِعَ عَشَرَ مِنْ الْفُصُولَيْنِ. شَهِدَ شَاهِدَانِ أَنَّ فُلَانًا أَخُو الْمَيِّتِ لِأَبِيهِ وَأُمِّهِ لَا يَعْلَمَانِ لَهُ وَارِثًا غَيْرَهُ وَقَضَى بِهِ ثُمَّ شَهِدَ آخَرَانِ لِلْآخَرِ أَنَّهُ ابْنَهُ يُنْتَقَضُ الْقَضَاءُ وَيَدْفَعُ الْمَالَ إلَى الِابْنِ وَإِنْ كَانَ هَالِكًا فَلِلِابْنِ أَنْ يُضَمِّنَ الْأَخَ أَوْ الشَّاهِدَيْنِ فَإِنْ ضَمَّنَ الْأَخَ لَا يَرْجِعُ عَلَى أَحَدٍ، وَإِنْ ضَمَّنَ الشَّاهِدَيْنِ رَجَعَا عَلَى الْأَخِ مِنْ الْوَجِيزِ. مَوْلَى الْمُوَالَاةِ لَوْ مَاتَ فَادَّعَى رَجُلٌ إرْثَهُ بِسَبَبِ الْوَلَاءِ فَشَهِدَا أَنَّ لَهُ وَلَاءَ الْمُوَالَاةِ وَأَنَّهُ وَارِثُهُ لَا نَعْلَمُ لَهُ وَارِثًا غَيْرَهُ فَحُكِمَ لَهُ بِإِرْثِهِ فَأَتْلَفَهُ وَهُوَ مُعْسِرٌ ثُمَّ بَرْهَنَ آخَرُ أَنَّهُ نَقَضَ وَلَاءَ الْأَوَّلِ وَوَالَى هَذَا الثَّانِي وَمَاتَ وَهَذَا الثَّانِي مَوْلَاهُ وَوَارِثُهُ لَا وَارِثَ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 361 لَهُ غَيْرُهُ يُحْكَمُ بِالْإِرْثِ لِلثَّانِي وَيُخَيَّرُ الثَّانِي إنْ شَاءَ ضَمَّنَ الشَّاهِدَيْنِ الْأَوَّلَيْنِ أَوْ الْمَشْهُودَ لَهُ الْأَوَّلَ؛ لِأَنَّهُ ظَهَرَ كَذِبُ الشَّاهِدَيْنِ الْأَوَّلَيْنِ فِيمَا لِلْحُكْمِ بِهِ تَعَلُّقٌ، وَبَيَانُهُ أَنَّ قَوْلَهُمَا هُوَ وَارِثُهُ لَا وَارِثَ لَهُ غَيْرُهُ أَمْرٌ لَا بُدَّ مِنْهُ لِلْحُكْمِ لَهُ بِالْإِرْثِ؛ لِأَنَّهُمَا لَوْ شَهِدَا بِأَصْلِ الْوَلَاءِ وَلَمْ يَقُولَا: إنَّهُ وَارِثُهُ لَا يُحْكَمُ لَهُ بِالْإِرْثِ فَوَرِثَهُ بِقَوْلِهِمَا إنَّهُ مَوْلَاهُ وَوَارِثُهُ الْيَوْمَ فَظَهَرَ كَذِبُهُمَا فَضَمِنَا بِخِلَافِ شَهَادَةِ النِّكَاحِ الْمُتَقَدِّمَةِ وَفَرَّقَ بَيْنَ الْوَلَاءِ وَبَيْنَ النِّكَاحِ فِي اشْتِرَاطِ قَوْلِ الشَّاهِدِ وَوَارِثِهِ فِي الْوَلَاءِ دُونَ النِّكَاحِ؛ إذْ الْمَوْلَى لَا يَرِثُهُ فِي كُلِّ حَالٍ بَلْ قَدْ يُحْجَبُ بِغَيْرِهِ، فَأَمَّا الْمَرْأَةُ فَهِيَ وَارِثَةٌ عَلَى كُلِّ حَالٍ، وَلَا تُحْجَبُ بِغَيْرِهَا (أَقُولُ) : الْمَرْأَةُ لَا تَرِثُهُ فِي حَالِ الرِّدَّةِ وَقَتْلِهَا زَوْجَهَا فَلَا يَسْتَقِيمُ قَوْلُهُ هِيَ وَارِثَةُ عَلَى كُلِّ حَالٍ فَيَنْبَغِي أَنْ يُشْتَرَطَ فِيهَا قَوْلُهُمَا وَارِثَتُهُ أَيْضًا فَلَا فَرْقَ حِينَئِذٍ مِنْ الْفُصُولَيْنِ مِنْ الْفَصْلِ الرَّابِعَ عَشَرَ. رَجُلٌ قَيَّدَ عَبْدَهُ فَحَلَفَ بِعِتْقِهِ إنْ لَمْ يَكُنْ قَيَّدَهُ رِطْلَا فَهُوَ حُرٌّ ثُمَّ حَلَفَ وَقَالَ: إنْ حَلَّهُ هُوَ أَوْ غَيْرُهُ فَهُوَ حُرٌّ فَشَهِدَ شَاهِدَانِ إنَّ وَزْنَ قَيْدِهِ نِصْفُ رَطْلٍ وَحَكَمَ الْقَاضِي بِعِتْقِهِ بِشَهَادَتِهِمَا وَحَلَّ فَوَزَنَ فَإِذَا هُوَ رَطْلٌ يَضْمَنُ الشَّاهِدَانِ قِيمَةَ الْعَبْدِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَعِنْدَهُمَا لَا يَضْمَنَانِ، وَهَذَا بِنَاءً عَلَى أَنَّ قَضَاءَ الْقَاضِي بِشَهَادَةِ الزُّورِ تَنْفُذُ ظَاهِرًا أَوْ بَاطِنًا فَنَفَذَ الْعِتْقُ بِالشُّهُودِ عِنْدَهُ فَيَضْمَنُونَ وَعِنْدَهُمَا لَا تَنْفُذُ بَاطِنًا فَلَا يَكُونُ الْعِتْقُ مُضَافًا إلَى شَهَادَتِهِمْ بَلْ إلَى الْحَلِّ فَلَا يَضْمَنُونَ مِنْ الْحَقَائِقِ. إذَا شَهِدَ شَاهِدَانِ أَنَّهُ أَعْتَقَ عَبْدَهُ، وَقَضَى الْقَاضِي بِهِ ثُمَّ رَجَعَا وَضَمِنَا قِيمَتَهُ ثُمَّ شَهِدَ آخَرَانِ بِأَنَّ الْمَوْلَى أَعْتَقَهُ قَبْلَ وَقْتِ الْعِتْقِ الَّذِي شَهِدَ بِهِ الْأَوَّلَانِ لَا تُقْبَلُ هَذِهِ الشَّهَادَةُ مِنْ الْفَرِيقِ الثَّانِي عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَلَا يَسْقُطُ مَا وَجَبَ مِنْ الضَّمَانِ عَلَى الْفَرِيقِ الْأَوَّلِ وَعِنْدَهُمَا تُقْبَلُ حَتَّى سَقَطَ ثُمَّ اخْتَلَفُوا فِي أَنَّ هَذِهِ الْمَسْأَلَةَ فَرْعُ اشْتِرَاطِ الدَّعْوَى فِي الْعِتْقِ أَوْ فَرْعُ قَضَاءِ الْقَاضِي بِشَهَادَةِ الزُّورِ قَالَ بَعْضُهُمْ بِالْأَوَّلِ، وَقَالَ بَعْضُهُمْ بِالثَّانِي كَذَا فِي الْحَقَائِقِ وَوَجْهُ كُلٍّ مَذْكُورٌ فِيهِ. لَوْ شَهِدَا أَنَّهُ أَبْرَأَهُ عَنْ الدَّيْنِ أَوْ أَوْفَاهُ فَقَضَى بِهِ ثُمَّ رَجَعَا ضَمِنَا وَإِنْ شَهِدَا أَنَّهُ أَجَّلَهُ سَنَةً فَقَضَى بِهِ ثُمَّ رَجَعَا قَبْلَ الْحُلُولِ أَوْ بَعْدَهُ ضَمِنَا وَرَجَعَا بِهِ عَلَى الْمَطْلُوبِ إلَى أَجَلِهِ وَلَوْ قَبَضَ الطَّالِبُ الدَّيْنَ بَعْدَ مُضِيِّ الْأَجَلِ مِنْ الْمَطْلُوبِ يَبْرَأُ الشَّاهِدَانِ عَنْ الضَّمَانِ. لَوْ شَهِدَ رَجُلَانِ وَامْرَأَتَانِ فَرَجَعُوا فَالضَّمَانُ عَلَيْهِمْ أَثْلَاثًا عَلَى الْمَرْأَتَيْنِ الثُّلُثُ وَعَلَى كُلِّ رَجُلٍ ثُلُثٌ. الشُّهُودُ بِالْبَيْعِ لَوْ رَجَعُوا ضَمِنُوا قِيمَةَ الْمَبِيعِ لَا الثَّمَنَ الْمَذْكُورَ وَلَوْ شَهِدُوا بِالْبَيْعِ وَعَلَى إيفَاءِ الثَّمَنِ دَفْعَةً وَاحِدَةً ضَمِنُوا قِيمَةَ الْمَبِيعِ لَا الْفَضْلَ، وَإِنْ شَهِدُوا بِالْبَيْعِ ثُمَّ شَهِدُوا بِإِيفَاءِ الثَّمَنِ ضَمِنُوا الثَّمَنَ. شَهِدُوا أَنَّهُ بَاعَ عَبْدَهُ بِأَلْفِ دِرْهَمٍ وَشَرَطَ الْخِيَارَ لِلْبَائِعِ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ، وَقِيمَةُ الْعَبْدِ أَلْفَانِ فَأَنْكَرَ الْبَائِعُ فَحَكَمَ الْحَاكِمُ بِالْبَيْعِ ثُمَّ رَجَعُوا أَنَّ فَسْخَ الْبَائِعِ الْبَيْعَ فِي الثَّلَاثَةِ أَوْ أَجَازَهُ فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِمْ، وَإِنْ لَمْ يَفْسَخْ، وَلَا أَجَازَهُ حَتَّى مَضَتْ الثَّلَاثَةُ، وَاسْتَقَرَّ الْبَيْعُ ضَمِنُوا إلَى تَمَامِ الْقِيمَةِ، وَذَلِكَ أَلْفُ دِرْهَمٍ. شَاهِدَا الْمَوْهُوبِ وَشَاهِدَا الرَّهْنِ وَشَاهِدَا الْوَكَالَةِ بِقَبْضِ الدَّيْنِ لَوْ رَجَعَا لَمْ يَضْمَنَا إلَّا فِي الرَّهْنِ إذَا هَلَكَ فِي يَدِ الْمُرْتَهِنِ ضَمِنَا الْفَضْلَ عَلَى الدَّيْنِ وَلَوْ ادَّعَى الرَّاهِنُ وَأَنْكَرَ الْمُرْتَهِنُ لَمْ يَضْمَنَا الْفَضْلَ وَيَضْمَنَانِ قَدْرَ الدَّيْنِ لِلْمُرْتَهِنِ. شَهِدَا أَنَّهُ تَزَوَّجَ امْرَأَةً عَلَى مِائَةِ دِرْهَمٍ وَالزَّوْجُ مُقِرٌّ وَقَالَتْ الْمَرْأَةُ لَا بَلْ عَلَى الْأَلْفِ دِرْهَمٍ وَهِيَ مَهْرُ مِثْلِهَا وَقَدْ دَخَلَ بِهَا ثُمَّ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 362 رَجَعَا ضَمِنَا تِسْعَمِائَةٍ عِنْدَهُمَا خِلَافًا لِأَبِي يُوسُفَ وَإِنْ طَلَّقَهَا قَبْلَ الدُّخُولِ لَا يَضْمَنَانِ شَيْئًا. شَهِدَ رَجُلَانِ بِالطَّلَاقِ وَآخَرَانِ بِالدُّخُولِ ثُمَّ رَجَعَ شَاهِدَا الطَّلَاقِ لَا يَضْمَنَانِ، وَإِنْ رَجَعَ شَاهِدَا الدُّخُولِ لَا غَيْرُ ضَمِنَا نِصْفَ الْمَهْرِ، وَإِنْ رَجَعَ الْكُلُّ فَعَلَى شَاهِدَيْ الدُّخُولِ ثَلَاثَةُ أَرْبَاعِ الْمَهْرِ، وَعَلَى شَاهِدَيْ الطَّلَاقِ رُبُعُهُ. شَهِدَا بِالتَّدْبِيرِ ثُمَّ رَجَعَا ضَمِنَا مَا نَقَصَهُ التَّدْبِيرُ. شَهِدَا أَنَّهُ كَاتَبَ عَبْدَهُ عَلَى أَلْفٍ إلَى سَنَةٍ فَقَضَى بِهِ ثُمَّ رَجَعَا ضَمِنَا قِيمَتَهُ وَيَسْتَسْعِيَانِهِ بِالْكِتَابَةِ عَلَى نُجُومِهَا، وَلَا يَعْتِقُ الْمُكَاتَبُ حَتَّى يُؤَدِّيَ مَا عَلَيْهِ إلَيْهِمَا فَإِذَا أَدَّاهُ عَتَقَ، وَالْوَلَاءُ لِلَّذِي كَاتَبَهُ، وَإِنْ عَجَزَ وَرَدَّ فِي الرِّقِّ كَانَ لِمَوْلَاهُ، وَرَدَّ مَا أَخَذَهُ مِنْ الشُّهُودِ عَلَيْهِمْ. شَهِدَا بِالْعَفْوِ عَنْ الْقِصَاصِ ثُمَّ رَجَعَا لَمْ يَضْمَنَا. شَهِدَا عَلَى الرَّجُلِ أَنَّهُ قَتَلَ وَلِيَّ هَذَا خَطَأً، وَقَبَضَ كُلَّ الدِّيَةِ بِقَضَاءٍ ثُمَّ ظَهَرَ الْمَشْهُودُ بِقَتْلِهِ حَيًّا فَإِنْ شَاءَتْ الْعَاقِلَةُ رَجَعُوا عَلَى الْوَلِيِّ بِالدِّيَةِ، وَإِنْ شَاءَتْ رَجَعُوا عَلَى الشُّهُودِ، فَإِنْ ضَمَّنُوا الشُّهُودَ، وَرَجَعُوا عَلَى الْوَلِيِّ بِالضَّمَانِ، وَإِنْ ضَمَّنُوا الْوَلِيَّ لَمْ يَرْجِعْ فَإِنْ كَانَ الْقَتْلُ عَمْدًا، وَقُتِلَ الْمَشْهُودُ عَلَيْهِ ثُمَّ رَجَعَ حَيًّا فَوَرَثَةُ الْمَقْتُولِ بِالْخِيَارِ إنْ شَاءُوا أَخَذُوا الدِّيَةَ مِنْ الْوَلِيِّ وَإِنْ شَاءُوا أَخَذُوهَا مِنْ الشُّهُودِ وَلَا يَرْجِعُ الشُّهُودُ عَلَى الْوَلِيِّ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَعِنْدَهُمَا يَرْجِعَانِ وَلَوْ شَهِدَا عَلَى إقْرَارِ الْقَاتِلِ بِالْقَتْلِ، وَالْمَسْأَلَةُ بِحَالِهَا فَلَا ضَمَانَ عَلَى الشُّهُودِ. وَلَوْ شَهِدُوا بِنِكَاحِ امْرَأَةٍ بِأَلْفٍ وَقَضَى بِهِ ثُمَّ تَبَيَّنَ أَنَّ الرَّجُلَ أَبُوهَا مِنْ الرَّضَاعَةِ رَدَّتْ الْمَرْأَةُ الْمَهْرَ، وَلَا ضَمَانَ عَلَى الشُّهُودِ، وَكَذَلِكَ لَوْ تَبَيَّنَ أَنَّ الشَّاهِدَيْنِ عَبْدَانِ فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِمَا، وَكَذَلِكَ لَوْ شَهِدَا عَلَى امْرَأَةٍ أَنَّهَا اخْتَلَعَتْ مِنْ زَوْجِهَا بِأَلْفٍ فَقَضَى بِهِ، وَدَفَعَتْ الْمَرْأَةُ ثُمَّ أَقَامَتْ الْبَيِّنَةَ أَنَّهُ طَلَّقَهَا ثَلَاثًا قَبْلَ شَهَادَتِهِمَا فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِمَا، وَكَذَلِكَ لَوْ شَهِدَا عَلَى رَجُلٍ أَنَّ فُلَانًا أَقْرَضَهُ أَلْفَ دِرْهَمٍ ثُمَّ أَقَامَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ الْبَيِّنَةَ أَنَّهُ أَبْرَأَهُ قَبْلَ شَهَادَتِهِمَا وَلَوْ شَهِدَا عَلَى رَجُلٍ بِأَلْفِ دِرْهَمٍ حَالَّةً وَقَضَى بِهَا ثُمَّ أَقَامَ الْمَقْضِيُّ عَلَيْهِ الْبَيِّنَةَ أَنَّهُ أَبْرَأَهُ ضَمِنَ الشَّاهِدَانِ وَلَوْ شَهِدَا فِي الْمَاضِي لَا يَضْمَنَانِ. شَهِدَا بِالنَّسَبِ وَالْوَلَاءِ عَلَى إنْسَانٍ فَقَضَى بِهِ ثُمَّ رَجَعَا لَمْ يَضْمَنَا. وَلَوْ شَهِدُوا بِالنَّسَبِ مِنْ الْمَيِّتِ أَوْ الْقَتْلِ ثُمَّ رَجَعُوا ضَمِنُوا مَا وَرِثَهُ مِنْ الْمَيِّتِ لِوَرَثَتِهِ الْمَعْرُوفِينَ. شَهِدَا بِالْوَصِيَّةِ لِرَجُلٍ بِالثُّلُثِ فِي حَيَاةِ الْمُوصَى أَوْ بَعْدَ مَوْتِهِ فَقَضَى بِهِ ثُمَّ رَجَعَا بَعْدَ الْمَوْتِ ضَمِنَا جَمِيعَ الثُّلُثِ مِنْ الْوَجِيزِ. رَجُلَانِ فِي أَيْدِيهِمَا رَهْنٌ لِرَجُلَيْنِ فَجَاءَ رَجُلٌ فَادَّعَى الرَّهْنَ فَشَهِدَ لَهُ الْمُرْتَهِنَانِ جَازَتْ شَهَادَتُهُمَا؛ لِأَنَّهُمَا يَشْهَدَانِ عَلَى أَنْفُسِهِمَا بِإِبْطَالِ الْيَدِ، وَلَوْ شَهِدَ الرَّاهِنَانِ لِغَيْرِهِمَا بِالرَّهْنِ، وَالْمُرْتَهِنُ يُنْكِرُ لَا تُقْبَلُ شَهَادَةُ الرَّاهِنَيْنِ؛ لِأَنَّهُمَا يُبْطِلَانِ عَلَيْهِ يَدًا أَثْبَتَاهَا بِالرَّهْنِ إلَّا أَنَّ الرَّاهِنَيْنِ يَضْمَنَانِ قِيمَةَ الرَّهْنِ لِلْمُدَّعِي، وَلَوْ كَانَ الرَّهْنُ جَارِيَةً فَهَلَكَتْ عِنْدَ الْمُرْتَهِنِ، وَقِيمَتُهَا مِثْلُ الدَّيْنِ أَوْ أَقَلُّ أَوْ أَكْثَرُ فَشَهِدَ بِهَا الْمُرْتَهِنَانِ لَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُمَا عَلَى الرَّاهِنَيْنِ وَيَضْمَنَانِ الرَّهْنَ لِلْمُدَّعِي بِإِقْرَارِهِمَا عَلَى أَنْفُسِهِمَا أَنَّهُمَا كَانَا غَاصِبَيْنِ. رَجُلَانِ شَهِدَا لِرَجُلَيْنِ بِدَيْنٍ عَلَى الْمَيِّتِ ثُمَّ شَهِدَ الرَّجُلَانِ بِدَيْنٍ لِلشَّاهِدَيْنِ عَلَى الْمَيِّتِ فَقَالَ الْأَوَّلَانِ: كُنَّا أَبْرَأْنَاهُ مِنْ دَيْنِنَا، وَلَا حَقَّ لَنَا قِبَلَهُ جَازَتْ شَهَادَةُ الْأَوَّلَيْنِ، وَلَوْ قَالَا: وَصَلَنَا مِنْهُ الدَّيْنُ فِي حَيَاتِهِ جَازَتْ شَهَادَتُهُمَا وَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِمَا. رَجُلٌ ادَّعَى دَارًا فِي يَدِ رَجُلٍ فَشَهِدَ لَهُ شَاهِدَانِ بِهَا، وَأَنَّ الْمُدَّعِيَ اسْتَأْجَرَهُ عَلَى بِنَائِهَا وَغَيْرَ ذَلِكَ مِمَّا لَا يَجِبُ عَلَيْهِمَا الجزء: 1 ¦ الصفحة: 363 لَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُمَا بِالْمِلْكِ لِلْمُدَّعِي وَيَضْمَنَانِ قِيمَةَ الْبِنَاءِ لِلْمُدَّعَى عَلَيْهِ مِنْ قَاضِي خَانْ. شَهِدَا أَنَّهُ أَقْرَضَهُ عَامَ أَوَّل أَلْفَ دِرْهَمٍ فَحُكِمَ بِهِ ثُمَّ بَرْهَنَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ أَنَّ الْمُدَّعِيَ أَبْرَأَهُ قَبْلَ شَهَادَتِهِمَا بِيَوْمٍ فَحُكِمَ بِالْبَرَاءَةِ وَبِرَدِّ الْمَالِ لَمْ يَضْمَنَا إذَا لَمْ يَظْهَرْ كَذِبُهُمَا لِإِمْكَانِ التَّوْفِيقِ لِجَوَازِ أَنَّهُمَا عَايَنَا الْقَرْضَ عَامَ أَوَّلَ فَشَهِدَا بِهِ وَلَمْ يَعْرِفَا الْبَرَاءَةَ فَلَمْ يَشْهَدَا بِالْقَرْضِ لِلْحَالِ، وَلَوْ لَمْ يَشْهَدَا بِقَرْضٍ، وَشَهِدَا أَنَّ عَلَيْهِ أَلْفَ دِرْهَمٍ، وَالْمَسْأَلَةُ بِحَالِهَا، فَإِنَّهُمَا يَضْمَنَانِ، وَيُخَيَّرُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ إنْ شَاءَ ضَمَّنَ الْمُدَّعِيَ أَوْ الشَّاهِدَيْنِ؛ لِأَنَّهُمَا حَقَّقَا عَلَيْهِ إيجَابَ الْمَالِ فِي الْحَالِ، وَلَمْ يُخْبِرَا عَنْ شَيْءٍ مَضَى فَظَهَرَ كَذِبُهُمَا مِنْ الْفُصُولَيْنِ. لَوْ شَهِدَ اثْنَانِ عَلَى شَهَادَةِ شَاهِدَيْنِ وَاثْنَانِ عَلَى شَهَادَةِ أَرْبَعَةٍ ثُمَّ رَجَعُوا بَعْدَ الْحُكْمِ فَثُلُثُ الضَّمَانِ عَلَى مُدَّعِي الِاثْنَيْنِ، وَالثُّلُثَانِ عَلَى مُدَّعِي الْأَرْبَعِ عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ. وَقَالَ مُحَمَّدٌ: الضَّمَانُ عَلَيْهِمَا نِصْفَانِ. وَلَوْ شَهِدَ اثْنَانِ عَلَى شَهَادَةِ آخَرَيْنِ بِتِلْكَ الْأَلْفِ، وَقَضَى بِهَا ثُمَّ رَجَعَ مِنْ كُلِّ فَرِيقٍ وَاحِدٌ ذُكِرَ فِي الْجَامِعِ الصَّغِيرِ أَنَّهُمَا يَضْمَنَانِ ثُمُنَيْنِ وَنِصْفًا بَيْنَهُمَا، وَذَكَرَ فِي الْأَصْلِ أَنَّهُمَا يَضْمَنَانِ نِصْفَ الْمَالِ بَيْنَهُمَا وَقِيلَ: مَا ذُكِرَ فِي الْجَامِعِ قَوْلُ مُحَمَّدٍ وَهُوَ الِاسْتِحْسَانُ، وَمَا ذُكِرَ فِي الْأَصْلِ قَوْلُ أَبِي يُوسُفَ، وَهُوَ الْقِيَاسُ كَذَا فِي الْحَقَائِقِ (قُلْتُ) وَهَذِهِ الْمَسْأَلَةُ تُسَمَّى التَّلْقِينَ لِمَا رَوَى ابْنُ سِمَاعَةَ أَنَّ مُحَمَّدًا لَقَّنَنَا هَذِهِ الْمَسْأَلَةَ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ فَحَسِبْنَا أَنَّنَا فَهِمْنَا فَلَمْ تَبْقَ مَعَنَا إلَى عَتَبَةِ الْبَابِ، وَتُسَمَّى مَسْأَلَةَ النَّظَرِ إلَى الْوُجُوهِ؛ لِأَنَّهُ حِينَ لَقَّنَنَا كَانَ يَنْظُرُ بَعْضُنَا إلَى بَعْضٍ هَلْ فَهِمْت فَإِنِّي لَمْ أَفْهَمْ، وَقَدْ حُقِّقَ وَجْهُ الْقَوْلَيْنِ كَمَا يَنْبَغِي فِي شَرْحِ دُرَرِ الْبِحَارِ فَمَنْ أَرَادَ فَلْيُرَاجِعْ. وَإِذَا شَهِدَا عَلَى رَجُلٍ أَنَّهُ بَاعَ عَبْدَهُ بِخَمْسِمِائَةٍ إلَى سَنَةٍ أَوْ قَالَا بِخَمْسِمِائَةٍ حَالَةً وَأَنَّهُ أَجَّلَهُ سَنَةً، وَقِيمَةُ الْعَبْدِ مِائَةٌ، وَالْبَائِعُ يَجْحَدُ فَقَضَى بِذَلِكَ ثُمَّ رَجَعَا فَالْبَائِعُ بِالْخِيَارِ إنْ شَاءَ رَجَعَ عَلَى الْمُشْتَرِي بِالثَّمَنِ إلَى ذَلِكَ الْأَجَلِ، وَإِنْ شَاءَ ضَمَّنَ الشَّاهِدَيْنِ قِيمَةَ الْعَبْدِ حَالَّةً وَلَا يُضَمِّنُهُمَا خَمْسَمِائَةٍ فَإِنْ ضَمَّنَ الشَّاهِدَيْنِ رَجَعَا بِالثَّمَنِ عَلَى الْمُشْتَرِي إذَا حَلَّ الْأَجَلُ؛ لِأَنَّهُمَا بِأَدَاءِ الضَّمَانِ قَامَا مَقَامَ الْبَائِعِ وَلِلْبَائِعِ أَنْ يَرْجِعَ عَلَى الْمُشْتَرِي بِالثَّمَنِ إذَا حَلَّ الْأَجَلُ فَكَذَا هُمَا وَإِذَا رَجَعَا عَلَى الْمُشْتَرِي يَطِيبُ لَهُمَا وَيَتَصَدَّقَانِ بِالْفَضْلِ وَمِثْلُهُ لَوْ شَهِدَا بِالْبَيْعِ بِخَمْسِمِائَةٍ وَقَضَى بِهِ الْقَاضِي ثُمَّ شَهِدَا أَنَّ الْبَائِعَ أَخَّرَ الثَّمَنَ ثُمَّ رَجَعَا عَنْ الشَّهَادَتَيْنِ جَمِيعًا ضَمِنَا الثَّمَنَ خَمْسَمِائَةٍ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَهُوَ قَوْلُ أَبِي يُوسُفَ الْأَوَّلُ؛ لِأَنَّهُمَا وَإِنْ لَمْ يُتْلِفَا ذَلِكَ الثَّمَنَ عَلَى الْبَائِعِ فَقَدْ فَوَّتَا عَلَيْهِ إمْكَانَ أَخْذِ الثَّمَنِ حَالًّا فَيَضْمَنَانِ لَهُ بِمَنْزِلَةِ مَنْ لَهُ عَلَى رَجُلٍ أَلْفٌ حَالَّةً فَشَهِدَ عَلَيْهِ شَاهِدَانِ بِالْأَجَلِ ثُمَّ رَجَعَا ضَمِنَا؛ لِأَنَّهُمَا فَوَّتَا إمْكَانَ الْأَخْذِ كَذَا هَاهُنَا مِنْ الصُّغْرَى. الْقَاضِي إذَا أَخْطَأَ فِي قَضَائِهِ كَانَ خَطَؤُهُ عَلَى الْمَقْضِيِّ لَهُ، وَإِنْ تَعَمَّدَ بِجَوْرٍ كَانَ ذَلِكَ عَلَيْهِ فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ مِنْ السِّيَرِ. [بَاب فِي الْإِقْرَارِ] (الْبَابُ الْحَادِي وَالثَّلَاثُونَ فِي الْإِقْرَارِ) الْإِقْرَارُ إخْبَارٌ عَنْ ثُبُوتِ الْحَقِّ وَأَنَّهُ يَلْزَمُ لِوُقُوعِهِ دَلَالَةً فَإِذَا أَقَرَّ الْحُرُّ الْبَالِغُ الْعَاقِلُ لَزِمَهُ إقْرَارُهُ مَجْهُولًا كَانَ مَا أَقَرَّ بِهِ أَوْ مَعْلُومًا، وَيُقَالُ لَهُ بَيِّنْ الْمَجْهُولَ فَإِنْ لَمْ يُبَيِّنْ أَجْبَرَهُ الْقَاضِي عَلَى الْبَيَانِ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 364 إلَّا إذَا قَالَ: لَا أَدْرِي لَهُ عَلَيَّ سُدُسٌ أَمْ رُبُعٌ؟ فَإِنَّهُ يَلْزَمُهُ الْأَقَلُّ كَمَا فِي الْأَشْبَاهِ فَإِنْ قَالَ: لِفُلَانٍ عَلَيَّ شَيْءٌ لَزِمَهُ أَنْ يُبَيِّنَ مَا لَهُ قِيمَةٌ، وَالْقَوْلُ قَوْلُهُ مَعَ يَمِينِهِ إنْ ادَّعَى الْمُقَرُّ لَهُ أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ، وَكَذَا إذَا قَالَ: عَلَيَّ حَقٌّ، وَكَذَا إذَا قَالَ: غَصَبْت مِنْهُ شَيْئًا يَجِبُ أَنْ يُبَيِّنَ مَا هُوَ قَالَ وَلَا بُدَّ أَنْ يَجْرِيَ فِيهِ التَّمَانُعُ حَتَّى لَوْ بَيَّنَ حَبَّةَ حِنْطَةٍ أَوْ قَطْرَةَ مَاءٍ لَا يَصِحُّ، وَالتَّعْوِيلُ فِي الْكُلِّ عَلَى الْعَادَةِ. وَإِقْرَارُ السَّكْرَانِ فِي حُقُوقِ الْعِبَادِ كَإِقْرَارِ الصَّاحِي هَذِهِ فِي حَدِّ الشُّرْبِ مِنْ الْهِدَايَةِ. وَالْعَبْدُ الْمَأْذُونُ مُلْحَقٌ بِالْحُرِّ فِي حَقِّ الْإِقْرَارِ (قُلْتُ) إلَّا إذَا أَقَرَّ بِالْكَفَالَةِ بِالْمَالِ فَلَا يَصِحُّ إقْرَارُهُ. وَالْمَحْجُورُ عَلَيْهِ لَا يَصِحُّ إقْرَارُهُ بِالْمَالِ وَيَصِحُّ بِالْحُدُودِ وَالْقِصَاصِ. وَإِقْرَارُ الصَّبِيِّ وَالْمَجْنُونِ غَيْرُ لَازِمٍ إلَّا إذَا كَانَ الصَّبِيُّ مَأْذُونًا لَهُ كَمَا فِي الْهِدَايَةِ وَغَيْرِهَا وَإِقْرَارُ الْمَعْتُوهِ وَالْمُغْمَى عَلَيْهِ وَالنَّائِمُ بَاطِلٌ كَمَا فِي الْوَجِيزِ. الْإِقْرَارُ يَصِحُّ مِنْ غَيْرِ قَبُولٍ لَكِنَّ الْبُطْلَانَ يَتَوَقَّفُ عَلَى الْإِبْطَالِ وَالْمِلْكُ يَثْبُتُ لِلْمُقَرِّ لَهُ مِنْ غَيْرِ تَصْدِيقٍ وَقَبُولٍ لَكِنْ يَبْطُلُ بِرَدِّهِ، وَلَوْ صَدَّقَ الْمُقَرُّ لَهُ الْإِقْرَارَ ثُمَّ رَدَّهُ لَا يَصِحُّ رَدُّهُ كَمَا فِي الصُّغْرَى. الْإِقْرَارُ بِالْمَجْهُولِ صَحِيحٌ إلَّا إذَا قَالَ: عَلَيَّ عَبْدٌ وَدَارٌ فَإِنَّهُ غَيْرُ صَحِيحٍ، وَلَوْ قَالَ لَهُ عَلَيَّ مِنْ شَاةٍ إلَى بَقَرَةٍ لَا يَلْزَمُهُ شَيْءٌ سَوَاءٌ كَانَ بِعَيْنِهِ أَوْ لَا كَذَا فِي الْأَشْبَاهِ عَنْ الْبَزَّازِيَّةِ. لَوْ أَقَرَّ الْمُكَاتَبُ بِاقْتِضَاءٍ مِنْ حُرَّةٍ أَوْ أَمَةٍ فَعَجَزَ عَنْ أَدَاءِ بَدَلِ الْكِتَابَةِ فَرَدَّ فِي الرِّقِّ فَضَمَانُ الْمَهْرِ فِي الْحُرَّةِ، وَالْعُقْرُ فِي الْأَمَةِ يَتَأَخَّرُ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ إلَى مَا بَعْدَ الْعِتْقِ وَعِنْدَ أَبِي يُوسُفَ يَضْمَنُ فِي الْحَالِ. وَقَالَ مُحَمَّدٌ إنْ قَضَى الْقَاضِي بِوُجُوبِهِ عَلَيْهِ قَبْلَ عَجْزِهِ ضَمِنَ فِي الْحَالِ، وَإِنْ لَمْ يَقْضِ بِهِ قَبْلَ الْعَجْزِ فَقَوْلُهُ كَقَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ مِنْ دُرَرِ الْبِحَارِ. وَلَا يَصِحُّ إقْرَارُ السَّفِيهِ وَلَا الْإِشْهَادُ عَلَيْهِ هَذِهِ فِي الْحَجْرِ مِنْ الْأَشْبَاهِ. لَوْ أَقَرَّ الْمُسْلِمُ بِخَمْرٍ يَصِحُّ وَيَلْزَمُهُ تَسْلِيمُهَا إلَيْهِ إذَا اشْتَرَى مَاءَهَا؛ لِأَنَّ الْإِقْرَارَ إخْبَارٌ عَنْ كَائِنٍ سَابِقٍ وَلِلْمُسْلِمِ أَنْ يُخَلِّلَهَا كَمَا لَوْ أَقَرَّ لَهُ بِجِلْدِ مَيْتَةٍ فَإِنَّهُ يَصِحُّ. وَمَنْ أَقَرَّ لِغَيْرِهِ بِمَالٍ وَالْمُقَرُّ لَهُ يَعْلَمُ أَنَّهُ كَاذِبٌ فِي إقْرَارِهِ لَا يَحِلُّ لَهُ دِيَانَةً أَنْ يَأْخُذَهُ عَلَى كُرْهٍ مِنْهُ، وَإِنْ سَلَّمَهُ إلَيْهِ بِطِيبِ نَفْسٍ يَحِلُّ، وَلَوْ كَانَ الْمُقَرُّ لَهُ صَغِيرًا وَسِعَهُ أَنْ يَأْخُذَ مِنْهُ مِنْ الْوَجِيزِ. وَإِنْ قَالَ: لَهُ عَلَيَّ أَوْ قِبَلِي فَقَدْ أَقَرَّ بِالدَّيْنِ وَلَوْ قَالَ الْمُقِرُّ: هُوَ وَدِيعَةٌ وَوَصَلَ صُدِّقَ وَلَوْ فَصَلَ: لَا، وَفِي نُسَخِ الْمُخْتَصَرِ فِي قَوْلِهِ قِبَلِي إقْرَارٌ بِأَمَانَةٍ؛ لِأَنَّ اللَّفْظَ يَتَضَمَّنُهَا حَتَّى صَارَ قَوْلُهُ: لَا حَقَّ لِي قِبَلَ فُلَانٍ إبْرَاءٌ عَنْ الدَّيْنِ وَالْأَمَانَةِ جَمِيعًا وَالْأَمَانَةُ أَقَلُّهُمَا وَالْأَوَّلُ أَصَحُّ وَلَوْ قَالَ عِنْدِي أَوْ مَعِي أَوْ فِي بَيْتِي أَوْ كِيسِي أَوْ صُنْدُوقِي فَهُوَ إقْرَارٌ بِأَمَانَةٍ فِي يَدِهِ. وَلَوْ قَالَ لَهُ رَجُلٌ لِي عَلَيْك أَلْفٌ فَقَالَ: أَتَزِنُهَا أَوْ أَنْقُدُهَا أَوْ أَجِّلْنِي بِهَا أَوْ قَضَيْتُكَهَا فَهَذَا إقْرَارٌ؛ لِأَنَّ الْهَاءَ فِي الْأَوَّلِ وَالثَّانِي كِنَايَةٌ عَنْ الْمَذْكُورِ فِي الدَّعْوَى فَكَأَنَّهُ قَالَ: اتَّزِنْ الْأَلْفَ الَّتِي عَلَيَّ حَتَّى لَوْ لَمْ يَذْكُرْ حَرْفَ الْكِنَايَةِ لَا يَكُونُ إقْرَارًا لِعَدَمِ انْصِرَافِهِ إلَى الْمَذْكُورِ، وَالتَّأْجِيلُ إنَّمَا يَكُونُ فِي حَقٍّ وَاجِبٍ، وَالْقَضَاءُ يَتْلُو الْوُجُوبَ وَدَعْوَى الْإِبْرَاءِ كَالْقَضَاءِ لِمَا بَيَّنَّا، وَكَذَا دَعْوَى الصَّدَقَةِ وَالْهِبَةِ؛ لِأَنَّ التَّمْلِيكَ يَقْتَضِي سَابِقِيَّةَ الْوُجُوبِ، وَكَذَا لَوْ قَالَ: أَحَلْتك بِهَا عَلَى فُلَانٍ؛ لِأَنَّهُ تَحْوِيلُ الدَّيْنِ. وَلَوْ أَقَرَّ بِدَيْنٍ مُؤَجَّلٍ فَصَدَّقَهُ الْمُقَرُّ لَهُ فِي الدَّيْنِ وَكَذَّبَهُ فِي الْأَجَلِ لَزِمَهُ الدَّيْنُ حَالًّا؛ لِأَنَّهُ أَقَرَّ عَلَى نَفْسِهِ بِمَالٍ وَادَّعَى حَقًّا لِنَفْسِهِ فِيهِ فَصَارَ كَمَا إذَا أَقَرَّ بِعَبْدٍ فِي يَدِهِ وَادَّعَى الْإِجَارَةَ بِخِلَافِ الْإِقْرَارِ بِالدَّرَاهِمِ السُّودِ؛ لِأَنَّهُ صِفَةٌ فِيهِ وَيَسْتَحْلِفُ الْمُقَرَّ لَهُ عَلَى الْأَجَلِ؛ لِأَنَّهُ مُنْكِرٌ حَقًّا الجزء: 1 ¦ الصفحة: 365 عَلَيْهِ، وَالْيَمِينُ عَلَى الْمُنْكِرِ. وَإِنْ قَالَ: لَهُ عَلَيَّ مِائَةُ دِرْهَمٍ لَزِمَهُ كُلُّهَا دَرَاهِمَ، وَكَذَا كُلُّ مَا يُكَالُ وَيُوزَنُ وَلَوْ قَالَ: مِائَةٌ وَثَوْبٌ لَزِمَهُ ثَوْبٌ وَاحِدٌ وَالْمَرْجِعُ فِي تَفْسِيرِ الْمِائَةِ إلَيْهِ، وَهُوَ الْقِيَاسُ فِي الْأَوَّلِ، وَبِهِ قَالَ الشَّافِعِيُّ وَكَذَا لَوْ قَالَ: مِائَةٌ وَثَوْبَانِ، وَلَوْ قَالَ: مِائَةٌ وَثَلَاثَةُ أَثْوَابٍ فَالْكُلُّ ثِيَابٌ، وَمَنْ أَقَرَّ بِتَمْرٍ فِي قَوْصَرَّةٍ لَزِمَهُ التَّمْرُ وَالْقَوْصَرَّةُ وَكَذَا الطَّعَامُ فِي السَّفِينَةِ، وَالْحِنْطَةُ فِي الْجُوَالِقِ بِخِلَافِ مَا إذَا قَالَ: غَصَبْت تَمْرًا فِي قَوْصَرَّةٍ؛ لِأَنَّ كَلِمَةَ مِنْ لِلِانْتِزَاعِ فَيَكُونُ إقْرَارًا بِغَصْبِ الْمَنْزُوعِ، وَإِنْ أَقَرَّ بِدَابَّةٍ فِي إصْطَبْلٍ لَزِمَتْهُ الدَّابَّةُ خَاصَّةً؛ لِأَنَّ الْإِصْطَبْلَ غَيْرُ مَضْمُونٍ بِالْغَصْبِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ وَعَلَى قِيَاسِ قَوْلِ مُحَمَّدٍ يَضْمَنهُمَا، وَمِثْلُهُ الطَّعَامُ فِي بَيْتٍ، وَمَنْ أَقَرَّ لِغَيْرِهِ بِخَاتَمٍ لَزِمَهُ الْحَلْقَةُ وَالْفَصُّ، وَإِنْ أَقَرَّ لَهُ بِسَيْفٍ فَلَهُ الْجِفْنُ وَالنَّصْلُ وَالْحَمَائِلُ، وَإِنْ أَقَرَّ بِحَجَلَةٍ فَلَهُ الْعِيدَانُ وَالْكِسْوَةُ وَإِنْ قَالَ غَصَبْت ثَوْبًا فِي مَنْدِيلٍ لَزِمَاهُ جَمِيعًا، وَكَذَا لَوْ قَالَ: عَلَيَّ ثَوْبٌ فِي ثَوْبٍ بِخِلَافِ قَوْلِهِ: دِرْهَمٌ فِي دِرْهَمٍ حَيْثُ يَلْزَمُهُ وَاحِدٌ، وَإِنْ قَالَ: ثَوْبٌ فِي عَشَرَةِ أَثْوَابٍ لَا يَلْزَمُهُ إلَّا ثَوْبٌ وَاحِدٌ عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ وَقَالَ مُحَمَّدٌ يَلْزَمُهُ أَحَدَ عَشَرَ ثَوْبًا وَلَوْ قَالَ لِفُلَانٍ عَلَيَّ خَمْسَةٌ فِي خَمْسَةٍ يُرِيدُ بِهِ الضَّرْبَ وَالْحِسَابَ لَزِمَهُ خَمْسَةٌ، وَقَالَ الْحَسَنُ: لَزِمَهُ خَمْسَةٌ وَعِشْرُونَ، وَلَوْ قَالَ: أَرَدْت خَمْسَةً مَعَ خَمْسَةٍ لَزِمَهُ عَشَرَةٌ وَلَوْ قَالَ: لَهُ عَلَيَّ مِنْ دِرْهَمٍ عَشَرَةٌ أَوْ قَالَ مَا بَيْنَ دِرْهَمٍ إلَى عَشَرَةٍ لَزِمَهُ تِسْعَةٌ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ فَيَلْزَمُهُ الِابْتِدَاءُ، وَمَا بَعْدَهُ وَتَسْقُطُ الْغَايَةُ وَقَالَا: تَلْزَمُهُ الْعَشَرَةُ كُلُّهَا فَتَدْخُلُ الْغَايَةُ وَقَالَ زُفَرُ: يَلْزَمُهُ ثَمَانِيَةٌ، وَلَا تَدْخُلُ الْغَايَتَانِ، وَلَوْ قَالَ لَهُ مِنْ دَارِي مَا بَيْنَ هَذَا الْحَائِطِ إلَى هَذَا الْحَائِطِ فَلَهُ مَا بَيْنَهُمَا وَلَيْسَ لَهُ مِنْ الْحَائِطَيْنِ شَيْءٌ مِنْ الْهِدَايَةِ. وَمَنْ أَقَرَّ بِمِلْكِ شَيْءٍ لِغَيْرِهِ ثُمَّ مَلَكَهُ يُؤْمَرُ بِالتَّسْلِيمِ إلَى الْمُقَرِّ لَهُ فِي هَذِهِ الْوَصِيَّةِ. وَلَوْ قَالَ: لَك عَلَى أَحَدِنَا أَلْفُ دِرْهَمٍ لَا يُقْضَى بِشَيْءٍ لِلْجَهَالَةِ حِينَئِذٍ هَذِهِ فِي بَابِ عِتْقِ النِّصْفِ مِنْ الْهِدَايَةِ. وَفِي الْأَشْبَاهِ جَهَالَةُ الْمُقِرِّ تَمْنَعُ صِحَّةَ الْإِقْرَارِ إلَّا فِي مَسْأَلَةِ مَا إذَا قَالَ لَك عَلَى أَحَدِنَا أَلْفُ دِرْهَمٍ وَجَمَعَ بَيْنَ نَفْسِهِ وَعَبْدِهِ إلَّا فِي مَسْأَلَتَيْنِ فَلَا يَصِحُّ أَنْ يَكُونَ الْعَبْدُ مَدْيُونًا أَوْ مُكَاتَبًا انْتَهَى. وَفِي الْوَجِيزِ: الْإِقْرَارُ بِالْمَجْهُولِ صَحِيحٌ وَيُجْبَرُ عَلَى الْبَيَانِ وَالْإِقْرَارُ لِلْمَجْهُولِ فَاسِدٌ عَنْ بَعْضِهِمْ، وَلَا يُجْبَرُ عَلَى الْبَيَانِ، وَفِيهِ فَائِدَةٌ حَتَّى لَوْ بَيَّنَ أَنَّهُ غَصَبَ مِنْ هَذَا دُونَ هَذَا يَصِحُّ وَلَوْ أَقَرَّ أَنَّهُ غَصَبَ شَيْئًا يَلْزَمُهُ أَنْ يُبَيِّنَ مَالَهُ قِيمَةً فَإِنْ بَيَّنَ مَا لَيْسَ بِمَالٍ وَلَا يُقْصَدُ بِالْغَصْبِ كَالْمَرْأَةِ وَالْحُرِّ قَالَ مَشَايِخُ بَلْخَ يَصِحُّ وَقَالَ مَشَايِخُ بُخَارَى لَا يَصِحُّ بَيَانُهُ، وَيُجْبَرُ عَلَى أَنْ يُبَيِّنَ مَالًا مُتَقَوِّمًا، وَهُوَ الْأَصَحُّ فَإِنْ بَيَّنَ مَالَهُ قِيمَةً وَكَذَّبَهُ الْمُقَرُّ لَهُ وَادَّعَى مَالًا آخَرَ بَطَلَ إقْرَارُهُ، وَالْقَوْلُ قَوْلُهُ فِيمَا ادَّعَى لِلْمُقَرِّ لَهُ مَعَ يَمِينِهِ. إقْرَارُ الْمُكْرَهِ بَاطِلٌ إلَّا إذَا أَقَرَّ السَّارِقُ مُكْرَهًا فَقَدْ أَفْتَى بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ بِصِحَّتِهِ. لَوْ أَقَرَّ بِشَيْءٍ ثُمَّ ادَّعَى الْخَطَأَ لَمْ يُقْبَلْ مِنْ الْأَشْبَاهِ. لَوْ قَالَ لِي عَلَيْك أَلْفُ دِرْهَمٍ فَقَالَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ وَلِي عَلَيْك أَلْفُ دِرْهَمٍ لَمْ يَكُنْ إقْرَارًا إلَّا إذَا قَالَ: وَلِي عَلَيْك مِثْلُهَا كَانَ هَذَا إقْرَارًا بِالْأَلْفِ الْمُدَّعَى بِهَا وَكَذَلِكَ لَوْ قَالَ لِآخَرَ قَدْ أَعْتَقْت غُلَامَك فَقَالَ أَيْضًا، وَأَنَا أَعْتَقْت غُلَامَك يَكُونُ إقْرَارًا. وَلَوْ قَالَ لِهَذَا عَلَيَّ أَلْفُ دِرْهَمٍ مِثْلُ مَا لِهَذَا عَلَيَّ دِينَارٌ كَانَ لِلْأَوَّلِ عَلَيْهِ أَلْفُ دِرْهَمٍ وَلِلثَّانِي عَلَيْهِ دِينَارٌ. وَلَوْ قَالَ كُلُّ مَا لِهَذَا عَلَى فُلَانٍ فَأَنَا مُقِرٌّ لَهُ بِهِ أَوْ كُلُّ مَا تَوَجَّهَ فِي تَذْكِرَةِ الْمُدَّعِي بِخَطِّهِ فَقَدْ الْتَزَمْته لَا يَكُونُ إقْرَارًا؛ لِأَنَّهُ يُشْبِهُ وَعْدًا وَلَوْ ادَّعَى عَلَيْهِ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 366 أَلْفًا فَقَالَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ أَحْسَبُهَا فَهَذَا إقْرَارٌ، وَإِنْ قَالَ أَحْسَبُك مَا ادَّعَيْت فَلَيْسَ بِإِقْرَارٍ. عَنْ أَبِي يُوسُفَ إنْ قَالَ: لَك عَلَيَّ أَلْفُ دِرْهَمٍ حَرَامٌ، أَوْ رِبًا أَوْ بَاطِلٌ فَهِيَ لَازِمَةٌ لِأَنِّي لَا أَدْرِي لَعَلَّ الْحَرَامَ وَالرِّبَا عِنْدَهُ لِشَيْءٍ لَيْسَ بِرِبًا، وَلَوْ قَالَ مِنْ ثَمَنِ خَمْرٍ أَوْ خِنْزِيرٍ، وَهُمَا مُسْلِمَانِ، وَقَالَ الطَّالِبُ: بَلْ هُوَ مِنْ ثَمَنِ بُرٍّ يُقْبَلُ قَوْلُهُ مَعَ يَمِينِهِ، وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ. وَلَوْ قَالَ: لِي عَلَيْك أَلْفُ دِرْهَمٍ وَقَالَ الْآخَرُ: مِائَةُ دِينَارٍ قَالَ الْفَقِيهُ أَبُو اللَّيْثِ إنَّ الْمُدَّعِيَ صَدَّقَهُ فِي الدَّنَانِيرِ يَلْزَمُهُ كُلُّ الْمَالَيْنِ وَلَوْ لَمْ يُصَدِّقْهُ فِي الدَّنَانِيرِ فَالدَّرَاهِمُ. وَلَوْ قَالَ جَمِيعُ مَا فِي بَيْتِي لِفُلَانٍ كَانَ إقْرَارًا وَلَوْ قَالَ جَمِيعُ مَا فِي يَدِي وَهُوَ دَاخِلٌ مَنْزِلَهُ لِامْرَأَتِهِ فَجَمِيعُ ذَلِكَ مِلْكُهَا قَضَاءً، وَلَا دِيَانَةَ إذَا لَمْ يَكُنْ بَيْنَهُمَا سَبَبٌ صَحِيحٌ لِلْمِلْكِ مَعَ التَّسْلِيمِ مِنْ الْوَجِيزِ. مَنْ فِي يَدِهِ الدَّارُ إذَا قَالَ لِآخَرَ أَبْرَأْتُك مِنْ هَذِهِ الدَّارِ فَلَيْسَ بِإِقْرَارٍ وَلَوْ قَالَ أَبْرَأْتنِي عَلَى كَذَا فَهُوَ إقْرَارٌ. مَنْ فِي يَدِهِ الدَّارُ إذَا قَالَ لِمُدَّعِيهَا سَلَّمْتهَا إلَيَّ بِأَلْفٍ أَوْ أَبْرَأْتنِي بِأَلْفٍ أَوْ أَبْرَأْتنِي مِنْهَا بِأَلْفٍ قَالَ أَبُو يُوسُفَ تَكُونُ الدَّارُ لِلْمُدَّعِي قَالَ الْحَاكِمُ الشَّهِيدُ هَذَا خِلَافُ جَوَابِ الْأَصْلِ. وَلَوْ أَنَّ سَاكِنَ دَارٍ أَقَرَّ أَنَّهُ كَانَ يَدْفَعُ إلَى فُلَانٍ الْأَجْرَ ثُمَّ قَالَ: الدَّارُ دَارِي فَالْقَوْلُ لَهُ وَلَا يَكُونُ هَذَا إقْرَارًا أَنَّ الدَّارَ لَهُ مِنْ قِبَلِ أَنْ يَكُونَ وَكِيلًا فِي قَبْضِ غَلَّتِهَا وَلَمْ يَكُنْ يَمْلِكُهَا وَلَوْ قَالَ أَجَّرَنِيهَا فُلَانٌ أَوْ قَالَ: اسْتَأْجَرْتهَا مِنْهُ فَهَذَا إقْرَارٌ بِهَا وَلَهُ أَنْ يُخْرِجَهُ مِنْهَا وَفِي رِوَايَةِ هِشَامٍ عَنْ مُحَمَّدٍ يَكُونُ إقْرَارًا لِمَنْ كَانَ يَدْفَعُ إلَيْهِ الْغَلَّةَ وَالْوَجْهُ الْأَوَّلُ رِوَايَةٌ عَنْ ابْنِ سِمَاعَةَ عَنْ مُحَمَّدٍ. إذَا قَالَ ابْتَعْ عَبْدِي هَذَا مِنِّي أَوْ اسْتَأْجِرْهُ مِنِّي أَوْ قَالَ أَعَرْتُك دَارِي هَذِهِ فَقَالَ نَعَمْ فَهَذَا إقْرَارٌ بِهِ، وَكَذَا لَوْ قَالَ لَهُ: ادْفَعْ إلَيَّ غَلَّةَ عَبْدِي هَذَا، أَوْ قَالَ: أَعْطِنِي ثَوْبَ عَبْدِي هَذَا فَقَالَ نَعَمْ فَقَدْ أَقَرَّ بِالثَّوْبِ وَالْعَبْدِ وَكَذَا لَوْ قَالَ لَهُ: افْتَحْ بَابَ دَارِي هَذِهِ أَوْ قَالَ أَسْرِجْ دَابَّتِي هَذِهِ أَوْ قَالَ: أَعْطِنِي سَرْجَ بَغْلِي هَذَا أَوْ لِجَامَ بَغْلِي هَذَا فَقَالَ: نَعَمْ فَهَذَا إقْرَارٌ، وَلَوْ قَالَ فِي جَمِيعِ ذَلِكَ: لَا لَمْ يَكُنْ إقْرَارًا، وَلَوْ قَالَ: لَا أُعْطِيكَهَا فَهَذَا إقْرَارٌ بِالْبَغْلِ وَاللِّجَامِ قَالَ الْحَاكِمُ الشَّهِيدُ هَذِهِ الْمَسْأَلَةُ تُوَجَّهُ فِي بَعْضِ الرِّوَايَاتِ مِنْ الصُّغْرَى. قَالَ لِرَجُلٍ فِي يَدِهِ شَيْءٌ لِمَنْ هَذَا فَقَالَ لَك أَوْ مَا أَمْلِكُهُ فَهُوَ لَك كَرَامَةً لَا يَصِيرُ مِلْكًا لِلْمُقَرِّ لَهُ، وَكَذَا لَوْ أَخَذَهُ مِنْهُ ثُمَّ قَالَ: لِمَنْ هَذَا فَقَالَ: لَك أَوْ هَذَا لَك أَوْ قَالَ: مِلْكُك قَالَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - فَعَرَفَ بِهَذِهِ أَنَّ مِثْلَ هَذَا الْكَلَامِ لَغْوٌ غَيْرُ مُعْتَبَرٍ حَتَّى لَوْ قَبَضَهُ فِي الْمَجْلِسِ لَا يَمْلِكُهُ أَيْضًا فِي الْهِبَةِ مِنْ الْقُنْيَةِ. لَوْ قَالَ: مَا فِي يَدِي مِنْ قَلِيلٍ أَوْ كَثِيرٍ مِنْ عَبْدٍ أَوْ غَيْرِهِ لِفُلَانٍ صَحَّ الْإِقْرَارُ؛ لِأَنَّهُ عَامٌّ لَا مَجْهُولٌ، فَإِنْ حَضَرَ الْمُقَرُّ لَهُ لِيَأْخُذَ مَا فِي يَدِ الْمُقِرِّ فَاخْتَلَفَا فِي عَبْدٍ فِي يَدِهِ إنْ كَانَ فِي يَدِهِ يَوْمَ الْإِقْرَارِ، أَوْ لَمْ يَكُنْ فَالْقَوْلُ لِلْمُقِرِّ، وَكَذَا هَذَا فِيمَا إذَا قَالَ: مَا فِي حَانُوتِي هَذَا لِفُلَانٍ. لَوْ قَالَ: لِامْرَأَتِي مَا فِي هَذَا الْبَيْتِ، وَمَا أُغْلِقُ بَابَهُ، وَفِي الْبَيْتِ مَتَاعٌ فَلَهَا الْبَيْتُ وَالْمَتَاعُ بِخِلَافِ مَا لَوْ كَانَ الْإِقْرَارُ بَيْعًا بِهَذَا اللَّفْظِ حَيْثُ لَا يَدْخُلُ الْمَتَاعُ فِي الْبَيْعِ، وَيَصِيرُ كَأَنَّهُ قَالَ: بِعْتُك الْبَيْتَ بِحُقُوقِهِ. وَلَوْ أَقَرَّ لِابْنَتِهِ فِي صِحَّتِهِ بِجَمِيعِ مَا فِي مَنْزِلِهِ مِنْ الْفُرُشِ وَالْأَوَانِي وَغَيْرِ ذَلِكَ مِمَّا يَقَعُ عَلَيْهِ الْمِلْكُ، وَفَسَدَتْ الْأَمْوَالُ، وَلَهُ بِالرُّسْتَاقِ دَوَابُّ وَغِلْمَانٌ، وَهُوَ سَاكِنٌ فِي الْبَلَدِ فَإِقْرَارُهُ يَقَعُ عَلَى مَا فِي مَنْزِلِهِ الَّذِي هُوَ سَاكِنٌ فِيهِ، وَمَا كَانَ يَبْعَثُ مِنْ الدَّوَابِّ إلَى الْبَاقُورَةِ بِالنَّهَارِ وَيَرْجِعُ إلَى وَطَنِهِ الَّذِي أَقَرَّ بِقُمَاشِهِ لِابْنَتِهِ، وَكَذَا عَبِيدُهُ الَّذِينَ يَخْرُجُونَ فِي حَوَائِجِهِ وَيَأْوُونَ إلَى مَنْزِلِهِ فَكُلُّ ذَلِكَ دَاخِلٌ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 367 فِي إقْرَارِهِ. وَلَوْ قَالَ فِي صِحَّتِهِ: جَمِيعُ مَا هُوَ دَاخِلُ مَنْزِلِي لِامْرَأَتِي غَيْرَ مَا عَلَيَّ مِنْ الثِّيَابِ ثُمَّ مَاتَ فَادَّعَى ابْنُهُ أَنَّ ذَلِكَ تَرِكَةُ أَبِيهِ قَالَ أَبُو الْقَاسِمِ: هَاهُنَا حُكْمٌ وَفَتْوَى أَمَّا الْحُكْمُ إذَا ثَبَتَ هَذَا الْإِقْرَارُ وَجَبَ الْقَضَاءُ بِمَا كَانَ فِي الدَّارِ يَوْمَ الْإِقْرَارِ، وَأَمَّا الْفَتْوَى فَكُلُّ شَيْءٍ عَلِمَتْ الْمَرْأَةُ أَنَّهُ صَارَ لَهَا بِتَمْلِيكِ الزَّوْجِ إيَّاهَا بِبَيْعٍ صَحِيحٍ أَوْ هِبَةٍ أَوْ كَانَ ذَلِكَ مِلْكًا لَهَا فَهِيَ فِي سَعَةٍ مِنْ مَنْعِهِ، وَالِاحْتِجَاجُ بِهَذَا الْإِقْرَارِ، وَمَا لَمْ يَكُنْ مِلْكًا لَا يَصِيرُ مِلْكًا لَهَا بِهَذَا الْإِقْرَارِ فِيمَا بَيْنَهَا وَبَيْنَ اللَّهِ - تَعَالَى - وَهُوَ تَرِكَةٌ. وَلَوْ أَتْلَفَ مَالَ وَالِدَتِهِ ثُمَّ قَالَ لَهَا: جَمِيعُ مَا فِي يَدِي مِنْ الْمَالِ فَهُوَ لَكِ ثُمَّ مَاتَ، وَالْمَالُ الَّذِي أَقَرَّ لَهَا بِهِ مَالٌ بِعَيْنِهِ فَهُوَ لَهَا وَإِنْ كَانَ الِابْنُ اسْتَهْلَكَ ذَلِكَ وَهُوَ مِمَّا يُكَالُ وَلَا يُوزَنُ وَقَدْ تَرَكَ دَرَاهِمَ أَوْ دَنَانِيرَ فَهِيَ فِي سَعَةٍ مِنْ أَنْ تَتَنَاوَلَ مِنْ الدَّرَاهِمِ وَالدَّنَانِيرِ مِقْدَارَ مَا اسْتَهْلَكَ بَعْدَ قَوْلِهِ: جَمِيعُ مَا فِي يَدِي مِنْ الْمَالِ فَهُوَ لَكِ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ صَارَ بِمَنْزِلَةِ الصُّلْحِ فَبِالِاسْتِهْلَاكِ بَطَلَ الصُّلْحُ، وَعَادَ الدَّيْنُ كَمَا كَانَ مِنْ الصُّغْرَى. رَجُلٌ ادَّعَى دَارًا فِي يَدِ رَجُلٍ أَنَّهَا لَهُ ثُمَّ أَقَرَّ الْمَقْضِيُّ لَهُ أَنَّهَا لِفُلَانٍ آخَرَ لَمْ تَكُنْ لِي قَطُّ، وَصَدَّقَهُ الْمُقَرُّ لَهُ بَطَلَ قَضَاءُ الْقَاضِي وَرَدَّهَا عَلَى الْمَقْضِيِّ عَلَيْهِ وَإِنْ قَالَ الْمُقَرُّ لَهُ: كَانَتْ الدَّارُ لِلْمُقِرِّ وَوَهَبَهَا مِنِّي وَقَبَضْتهَا فَهِيَ لِلْمُقَرِّ لَهُ، وَيَضْمَنُ قِيمَةَ الدَّارِ لِلْمَقْضِيِّ عَلَيْهِ عِنْدَ أَصْحَابِنَا. إذَا شَهِدَ الشُّهُودُ بِدَارٍ لِرَجُلٍ فَقَالَ الْمَشْهُودُ لَهُ: هَذَا الْبَيْتُ مِنْ هَذِهِ الدَّارِ لِفُلَانٍ غَيْرِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ لَيْسَ لِي فَقَدْ أَكْذَبَ شُهُودَهُ، فَإِنْ قِيلَ: هَذَا قَبْلَ الْقَضَاءِ لَا يُقْضَى لَهُ وَلَا لِفُلَانٍ بِشَيْءٍ، وَإِنْ كَانَ بَعْدَ الْقَضَاءِ قَالَ أَبُو يُوسُفَ: أَجَزْت إقْرَارَهُ لِفُلَانٍ وَجَعَلْت لَهُ الْبَيْتَ مِنْ الدَّارِ، وَمَا بَقِيَ يُرَدُّ عَلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ، وَيَضْمَنُ قِيمَةَ الْبَيْتِ لِلْمَشْهُودِ عَلَيْهِ كَذَا فِي قَاضِي خَانْ مِنْ الدَّعَاوَى، وَقَالَ فِي فَصْلِ تَكْذِيبِ الشُّهُودِ مِنْهَا، وَلَوْ قَالَ الْمَقْضِيُّ لَهُ بَعْدَ الْقَضَاءِ: هَذِهِ الدَّارُ لِفُلَانٍ لَمْ تَكُنْ لِي قَطُّ فَالْمَسْأَلَةُ عَلَى وَجْهَيْنِ: إمَّا بَدَأَ بِالْإِقْرَارِ وَثَنَّى بِالنَّفْيِ فَقَالَ: هَذِهِ الدَّارُ لِفُلَانٍ لَمْ تَكُنْ لِي قَطُّ، أَوْ بَدَأَ بِالنَّفْيِ وَثَنَّى بِالْإِقْرَارِ فَقَالَ: هَذِهِ الدَّارُ مَا كَانَتْ لِي قَطُّ، وَلَكِنَّهَا لِفُلَانٍ وَكُلُّ ذَلِكَ عَلَى وَجْهَيْنِ أَمَّا إذَا صَدَّقَهُ الْمُقَرُّ لَهُ فِي جَمِيعِ ذَلِكَ أَوْ صَدَّقَهُ فِي الْإِقْرَارِ، وَكَذَّبَهُ فِي النَّفْيِ فَقَالَ لِلْمُقِرِّ مَلَكْتهَا بَعْدَ الْقَضَاءِ بِسَبَبٍ، وَهِيَ دَارِي فَفِي هَذَا الْوَجْهِ تَكُونُ الدَّارُ لِلْمُقَرِّ لَهُ، وَيَضْمَنُ قِيمَةَ الدَّارِ لِلْمَقْضِيِّ عَلَيْهِ سَوَاءٌ بَدَأَ الْمُقِرُّ بِالْإِقْرَارِ أَوْ بِالنَّفْيِ انْتَهَى. قَالَ الْأَبُ: جَمِيعُ مَا هُوَ حَقِّي وَمِلْكِي فَهُوَ مِلْكٌ لِوَلَدِي هَذَا الصَّغِيرُ فَهَذَا كَرَامَةٌ لَا تَمْلِيكٌ بِخِلَافِ مَا لَوْ عَيَّنَهُ فَقَالَ حَانُوتِي الَّذِي أَمْلِكُهُ أَوْ دَارِي لِابْنِي الصَّغِيرِ فَهُوَ هِبَةٌ وَيَتِمُّ بِكَوْنِهَا فِي يَدِ الْأَبِ قَوْلُهُ: هَذِهِ الدَّارُ لَك أَوْ هَذِهِ الْأَرْضُ لَك هِبَةٌ لَا إقْرَارٌ. عَبْدِي هَذَا لِفُلَانٍ، وَلَمْ يَقُلْ وَصِيَّةً، وَلَا كَانَ فِي ذِكْرِهَا، وَلَمْ يَقُلْ بَعْدَ مَوْتِي كَانَ هِبَةً قِيَاسًا وَاسْتِحْسَانًا هَذِهِ فِي الْهِبَةِ مِنْ الْقُنْيَةِ وَفِيهَا: لَوْ قَالَ: هَذِهِ الدَّارُ لِفُلَانٍ فَإِقْرَارٌ وَلَوْ قَالَ: دَارِي هَذِهِ لِفُلَانٍ فَهِبَةٌ؛ لِأَنَّهُ أَضَافَ الدَّارَ إلَى نَفْسِهِ فَكَانَتْ هِبَةً، وَفِي الْأُولَى لَمْ يُضِفْ فَتَمَحَّضَ إقْرَارًا وَعَلَى هَذَا لَوْ قَالَ: سُدُسُ هَذِهِ الدَّارِ أَوْ قَالَ: ثُلُثُ دَارِي هَذِهِ انْتَهَى. الْمُقَرُّ لَهُ إذَا رَدَّ الْإِقْرَارَ ثُمَّ عَادَ إلَى التَّصْدِيقِ فَلَا شَيْءَ لَهُ إلَّا فِي الْوَقْفِ كَمَا فِي الْإِسْعَافِ مِنْ بَابِ الْإِقْرَارِ بِالْوَقْفِ. لَوْ أَقَرَّ بِحُرِّيَّةِ عَبْدٍ ثُمَّ اشْتَرَاهُ عَتَقَ عَلَيْهِ وَلَا يَرْجِعُ بِالثَّمَنِ وَكَذَا لَوْ أَقَرَّ بِوَقْفِيَّةِ أَرْضٍ فِي يَدِ غَيْرِهِ ثُمَّ اشْتَرَاهَا أَوْ وَرِثَهَا صَارَتْ وَقْفًا مُؤَاخَذَةً لَهُ بِزَعْمِهِ. الْإِقْرَارُ بِشَيْءٍ مُحَالٍ كَمَا لَوْ أَقَرَّ لَهُ بِأَرْشِ يَدِهِ الَّتِي قَطَعَهَا خَمْسَمِائَةِ دِرْهَمٍ، وَيَدَاهُ صَحِيحَتَانِ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 368 لَمْ يَلْزَمْهُ شَيْءٌ وَعَلَى هَذَا لَوْ أَقَرَّ إنْسَانٌ بِقَدْرٍ مِنْ السِّهَامِ لِوَارِثٍ، وَهُوَ أَزْيَدُ مِنْ الْفَرِيضَةِ الشَّرْعِيَّةِ لِكَوْنِهِ مُحَالًا شَرْعًا مَثَلًا لَوْ مَاتَ عَنْ ابْنٍ وَبِنْتٍ فَأَقَرَّ الِابْنُ أَنَّ التَّرِكَةَ بَيْنَهُمَا نِصْفَيْنِ بِالسَّوِيَّةِ فَالْإِقْرَارُ بَاطِلٌ وَلَكِنْ لَا بُدَّ مِنْ أَنْ يَكُونَ مُحَالًا مِنْ كُلِّ وَجْهٍ، وَإِلَّا فَقَدْ ذَكَرَ فِي التَّتَارْخَانِيَّة مِنْ كِتَابِ الْحِيَلِ أَنَّهُ لَوْ أَقَرَّ وَقَالَ لِهَذَا الصَّغِيرِ: عَلَيَّ أَلْفِ دِرْهَمٍ قَرْضٌ أَقْرَضَنِيهِ أَوْ ثَمَنُ مَبِيعٍ بَاعَنِيهِ صَحَّ الْإِقْرَارُ مَعَ أَنَّ الصَّبِيَّ لَيْسَ مِنْ أَهْلِ الْبَيْعِ وَالْقَرْضِ، وَلَا يُتَصَوَّرَانِ مِنْهُ لَكِنْ إنَّمَا يَصِحُّ بِاعْتِبَارِ أَنَّ هَذَا الْمُقِرَّ مَحَلٌّ لِثُبُوتِ الدَّيْنِ لِلصَّغِيرِ عَلَيْهِ فِي الْجُمْلَةِ هَذِهِ الْجُمْلَةُ مِنْ الْأَشْبَاهِ. رَجُلٌ اشْتَرَى عَبْدًا فَجَاءَ رَجُلٌ وَادَّعَى الْعَبْدَ وَاسْتَحْلَفَ الْمُشْتَرِيَ فَنَكَلَ أَوْ أَقَرَّ أَنَّهُ لِلْمُسْتَحِقِّ فَإِنَّهُ يُقْضَى بِالْعَبْدِ لِلْمُسْتَحِقِّ، وَلَا يَرْجِعُ الْمُشْتَرِي بِالثَّمَنِ عَلَى الْبَائِعِ، وَلَوْ أَنَّ الْمُشْتَرِيَ أَقَامَ الْبَيِّنَةَ عَلَى إقْرَارِ الْبَائِعِ أَنَّ الْعَبْدَ لِلْمُسْتَحِقِّ تُقْبَلُ بَيِّنَتُهُ وَيَرْجِعُ الْمُشْتَرِي بِالثَّمَنِ عَلَى الْبَائِعِ كَذَا فِي قَاضِي خَانْ مِنْ الْمَأْذُونِ. وَلَوْ قَالَ لِفُلَانٍ عَلَيَّ مَالٌ فَالْمَرْجِعُ إلَيْهِ فِي الْبَيَانِ وَيُقْبَلُ قَوْلُهُ فِي الْقَلِيلِ وَالْكَثِيرِ إلَّا أَنَّهُ لَا يُصَدَّقُ فِي أَقَلَّ مِنْ دِرْهَمٍ وَلَوْ قَالَ مَالٌ عَظِيمٌ لَا يُصَدَّقُ فِي أَقَلَّ مِنْ مِائَتَيْ دِرْهَمٍ. وَعَنْ أَبِي حَنِيفَةَ أَنَّهُ لَا يُصَدَّقُ فِي أَقَلَّ مِنْ عَشَرَةِ دَرَاهِمَ، وَهَذَا إذَا كَانَ مِنْ الدَّرَاهِمِ وَأَمَّا إذَا قَالَ مِنْ الدَّنَانِيرِ فَالتَّقْدِيرُ فِيهَا بِالْعِشْرِينِ وَفِي الْإِبِلِ بِخَمْسٍ وَعِشْرِينَ كَمَا فِي الْهِدَايَةِ وَفِي الْحِنْطَةِ خَمْسَةُ أَوْسُقٍ ذَكَرَهُ فِي الْمُخْتَارِ وَفِي غَيْرِ مَالِ الزَّكَاةِ بِقِيمَةِ النِّصَابِ، وَلَوْ قَالَ: أَمْوَالٌ عِظَامٌ فَالتَّقْدِيرُ بِثَلَاثَةِ نُصُبٍ مِنْ جِنْسِ مَا سَمَّاهُ وَلَوْ قَالَ: دَرَاهِمُ كَثِيرَةٌ لَمْ يُصَدَّقْ فِي أَقَلَّ مِنْ عَشَرَةٍ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَعِنْدَهُمَا لَمْ يُصَدَّقْ فِي أَقَلَّ مِنْ مِائَتَيْنِ وَلَوْ قَالَ: دَرَاهِمُ فَهِيَ ثَلَاثَةٌ إلَّا أَنَّ بَيْنَ أَكْثَرَ مِنْهَا، وَلَوْ قَالَ: كَذَا كَذَا دِرْهَمًا لَمْ يُصَدَّقْ فِي أَقَلَّ مِنْ أَحَدَ عَشَرَ دِرْهَمًا وَلَوْ قَالَ: كَذَا وَكَذَا دِرْهَمًا لَمْ يُصَدَّقْ فِي أَقَلَّ مِنْ أَحَدٍ وَعِشْرِينَ دِرْهَمًا، وَلَوْ قَالَ: كَذَا دِرْهَمًا فَهُوَ دِرْهَمٌ، وَلَوْ ثَلَّثَ كَذَا بِغَيْرِ وَاوٍ فَهُوَ أَحَدَ عَشَرَ، وَلَوْ ثَلَّثَ بِالْوَاوِ فَمِائَةٌ وَأَحَدٌ وَعِشْرُونَ، وَإِنْ رَبَّعَ يُزَادُ أَلْفٌ كَمَا فِي الْهِدَايَةِ وَغَيْرِهَا وَكَذَا مَكِيلٌ وَمَوْزُونٌ ذَكَرَهُ فِي الْمُخْتَارِ وَفِي الصُّغْرَى إذَا قَالَ: كَذَا دِينَارًا فَعَلَيْهِ دِينَارَانِ؛ لِأَنَّ هَذَا أَقَلُّ مَا يَعْدِلَانِ الْوَاحِدَ لَا يُعَدُّ حَتَّى يَكُونَ مَعَهُ شَيْءٌ آخَرُ كَذَا فِي الْجَامِعِ الصَّغِيرِ، وَلَوْ قَالَ: كَذَا كَذَا دِينَارًا وَدِرْهَمًا لَزِمَهُ أَحَدَ عَشَرَ مِنْهُمَا كَمَا لَوْ قَالَ: أَحَدَ عَشَرَ دِينَارًا أَوْ دِرْهَمًا لَزِمَهُ مِنْ كُلِّ وَاحِدٍ النِّصْفُ انْتَهَى. وَمَنْ قَالَ لِحَمْلِ فُلَانَةَ عَلَيَّ أَلْفُ دِرْهَمٍ فَإِنْ قَالَ: أَوْصَى لَهُ فُلَانٌ أَوْ مَاتَ أَبُوهُ فَوَرِثَهُ فَالْإِقْرَارُ صَحِيحٌ ثُمَّ جَاءَتْ بِهِ فِي مُدَّةٍ يُعْلَمُ أَنَّهُ كَانَ قَائِمًا وَقْتَ الْإِقْرَارِ لَزِمَهُ، وَإِنْ جَاءَتْ بِهِ مَيِّتًا فَالْمَالُ لِلْمُوصِي وَالْمُورَثِ حَتَّى يُقَسِّمَ بَيْنَ وَرَثَتِهِ، وَلَوْ جَاءَتْ بِوَلَدَيْنِ حَيَّيْنِ فَالْمَالُ بَيْنَهُمَا، وَلَوْ قَالَ الْمُقِرُّ بَاعَنِي أَوْ أَقْرَضَنِي لَمْ يَلْزَمْهُ شَيْءٌ، وَإِنْ أَبْهَمَ الْإِقْرَارَ لَمْ يَصِحَّ عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ؛ لِأَنَّ الْإِقْرَارَ الْمُطْلَقَ يَنْصَرِفُ إلَى الْإِقْرَارِ بِسَبَبِ التِّجَارَةِ؛ وَلِهَذَا حُمِلَ إقْرَارُ الْعَبْدِ الْمَأْذُونِ، وَأَحَدُ الْمُتَفَاوِضَيْنِ عَلَيْهِ فَيَصِيرُ كَمَا إذَا صَرَّحَ بِهِ وَقَالَ مُحَمَّدٌ يَصِحُّ الْإِقْرَارُ؛ لِأَنَّ الْإِقْرَارَ مِنْ الْحُجَجِ فَيَجِبُ إعْمَالُهُ مَا أَمْكَنَ، وَقَدْ أَمْكَنَ بِالْحَمْلِ عَلَى السَّبَبِ الصَّالِحِ. وَمَنْ أَقَرَّ بِحَمْلِ جَارِيَةٍ أَوْ حَمْلِ شَاةٍ لِرَجُلٍ صَحَّ إقْرَارُهُ وَلَزِمَهُ؛ لِأَنَّ لَهُ وَجْهًا صَحِيحًا وَهُوَ الْوَصِيَّةُ بِهِ مِنْ جِهَةِ غَيْرِهِ فَحُمِلَ عَلَيْهِ. وَمَنْ أَقَرَّ بِشَرْطِ الْخِيَارِ لَزِمَهُ الْمَالُ وَبَطَلَ الشَّرْطُ مِنْ الْهِدَايَةِ. وَمِنْ الْمَسَائِلِ الْكَثِيرَةِ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 369 الْوُقُوعِ أَنَّهُ إذَا أَقَرَّ ثُمَّ ادَّعَى أَنَّهُ كَاذِبٌ فِي الْإِقْرَارِ فَعِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ لَا يُلْتَفَتُ إلَى قَوْلِهِ لَكِنْ يُفْتَى بِقَوْلِ أَبِي يُوسُفَ أَنَّ الْمُقَرَّ لَهُ يَحْلِفُ أَنَّ الْمُقِرَّ لَمْ يَكُنْ ثَابِتًا فِي زَمَنِ الْإِقْرَارِ وَالْأَصَحُّ التَّحْلِيفُ؛ لِأَنَّ الْوَرَثَةَ ادَّعَوْا أَمْرًا لَوْ أَقَرَّ بِهِ الْمُقَرُّ لَهُ لَلَزِمَهُ وَإِذَا أَنْكَرَ يَسْتَحْلِفُ وَإِنْ كَانَتْ الدَّعْوَى عَلَى وَرَثَةِ الْمُقَرِّ لَهُ فَالْيَمِينُ عَلَيْهِمْ بِالْعِلْمِ أَنَّا لَا نَعْلَمُ أَنَّهُ كَانَ كَاذِبًا مِنْ صَدْرِ الشَّرِيعَةِ. لَوْ أَقَرَّ بِأَنَّهُ غَصَبَهُ شَيْئًا يَلْزَمُهُ أَنْ يُبَيِّنَ مَالَهُ قِيمَةٌ، وَإِنْ بَيَّنَ مَالَهُ قِيمَةٌ، وَكَذَّبَهُ الْمُقَرُّ لَهُ، وَادَّعَى مَالًا آخَرَ بَطَلَ إقْرَارُهُ، وَالْقَوْلُ قَوْلُهُ فِيمَا ادَّعَى لِلْمُقَرِّ لَهُ مَعَ يَمِينِهِ، فَإِنْ بَيَّنَ مَا لَيْسَ بِمَالٍ، وَلَا يَقْصِدُ بِالْغَصْبِ كَالْمَرْأَةِ الْحُرَّةِ وَالْوَلَدِ الصَّغِيرِ قَالَ مَشَايِخُ بَلْخَ يَصِحُّ بَيَانُهُ. وَقَالَ مَشَايِخُ بُخَارَى لَا يَصِحُّ بَيَانُهُ، وَيُجْبَرُ عَلَى أَنْ يُبَيِّنَ مَالًا مُتَقَوِّمًا، وَهُوَ الْأَصَحُّ. وَلَوْ أَقَرَّ بِغَصْبِ شَاةٍ أَوْ عَبْدٍ، وَلَمْ يُعَيِّنْهُ يَلْزَمُهُ ذَلِكَ الْمُسَمَّى وَالْقَوْلُ لَهُ فِي تَعْيِينِهِ إنْ كَانَ قَائِمًا، وَقِيمَتُهُ إنْ كَانَ هَالِكًا مَعَ يَمِينِهِ، وَإِنْ لَمْ يُبَيِّنْ يَلْزَمْهُ أَدْنَى مَا يَغْصِبُ النَّاسُ مِنْ ذَلِكَ الْجِنْسِ. وَلَوْ قَالَ لِفُلَانٍ عَلَيَّ عَبْدٌ أَوْ شَاةٌ أَوْ بَقَرَةٌ ثُمَّ أَنْكَرَ يُقْضَى عَلَيْهِ بِقِيمَةِ عَبْدٍ أَوْ شَاةٍ أَوْ بَقَرَةٍ وَسَطٍ عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ وَقَالَ مُحَمَّدٌ الْقَوْلُ قَوْلُهُ فِي قِيمَتِهِ. وَلَوْ قَالَ: لِفُلَانٍ عَلَيَّ حَقٌّ أَوْ شَيْءٌ فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ فِي الْبَيَانِ. أَقَرَّ لَهُ بِحَقٍّ فِي دَارٍ أَوْ أَرْضٍ أَوْ مِلْكٍ فَعَلَيْهِ أَنْ يُبَيِّنَ فَإِنْ أَبَى أَنْ يُبَيِّنَ يَقُولُ لَهُ الْقَاضِي: نِصْفٌ أَوْ ثُلُثٌ أَوْ رُبُعٌ حَتَّى يَصِلَ إلَى مِقْدَارٍ فِي الْعُرْفِ أَنَّهُ لَا يَمْلِكُ أَقَلَّ مِنْهُ فَيَلْزَمُهُ ثُمَّ يَسْتَحْلِفُ عَلَى الزِّيَادَةِ، وَإِنْ قَالَ: حِصَّةُ هَذَا الْجِذْعِ أَوْ الْبَابِ الْمُرَكَّبِ أَوْ الْبِنَاءِ بِغَيْرِ أَرْضٍ أَوْ حَقِّ الزِّرَاعَةِ أَوْ أَمْسَكَنِي إيَّاهُ جَارُهُ لَا يُصَدَّقُ إلَّا إذَا وَصَلَ بِكَلَامِهِ. وَلَوْ قَالَ لِي فِي هَذَا الْبُسْتَانِ حَقٌّ لَا يُصَدَّقُ إلَّا بِنَخْلَةٍ بِأَصْلِهَا مِنْ الْأَرْضِ. قَالَ لِفُلَانٍ فِي هَذِهِ الْغَنَمِ شَرِكَةٌ أَوْ شَرِيكِي فِيهَا، وَهِيَ بَيْنِي وَبَيْنَهُ فَلَهُ النِّصْفُ اتِّفَاقًا، وَلَوْ قَالَ: لِفُلَانٍ شَرِكَةٌ فِيهَا فَلَهُ النِّصْفُ عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ الْبَيَانُ لِلْمُقِرِّ. أَقَرَّ بِشَاةٍ فِي غَنَمِهِ بِغَيْرِ عَيْنِهَا قِيلَ لِلْمُقَرِّ لَهُ: اُدْعُ بِأَيِّ شَاةٍ شِئْت وَاسْتَحْلَفَ الْمُقِرَّ فَإِنْ حَلَفَ لَمْ يَبْطُلْ إقْرَارُهُ بِالشَّرِكَةِ فَصَارَ كَأَنَّهُ قَالَ: فُلَانٌ شَرِيكِي فِي غَنَمِي بِقَدْرِ شَاةٍ، وَإِنْ ادَّعَى عَلَى الْمُقِرِّ شَاةً بِغَيْرِ عَيْنِهَا أَعْطَاهُ أَيَّةَ شَاةٍ كَانَتْ، وَيُجْبَرُ عَلَيْهِ، وَإِنْ لَمْ يُعَيِّنْ وَاحِدَةً مِنْهَا، وَقَالَ: لَا أَدْرِي فَهُوَ شَرِيكُهُ إنْ كَانَ الْغَنَمُ عَشَرَةً فَلَهُ عَشْرٌ: كُلُّ شَاةٍ مِنْهَا فِيمَا يَمْلِكُ وَيَلِدُ عَلَى الْحَقِيرِ وَلَوْ مَاتَ فَوَرَثَتُهُ بِمَنْزِلَتِهِ فِي الْبَيَانِ. أَقَرَّ بِحَائِطٍ لِرَجُلٍ فَلَهُ الْحَائِطُ بِأَرْضِهِ وَلَوْ أَقَرَّ بِأُسْطُوَانَةٍ فَإِنْ كَانَتْ مِنْ آجُرِّ فَلَهُ مَا تَحْتَهَا، وَإِنْ كَانَتْ مِنْ خَشَبٍ فَلَهُ الْخَشَبَةُ دُونَ الْأَرْضِ وَإِنْ أَمْكَنَ رَفْعُهَا بِغَيْرِ ضَرَرٍ أَخَذَهَا الْمُقَرُّ لَهُ، وَإِنْ لَمْ يُمْكِنْ أَخْذُهَا إلَّا بِضَرَرٍ ضَمِنَ قِيمَتَهَا لِلْمُقَرِّ لَهُ. أَقَرَّ لَهُ بِبِنَاءِ هَذِهِ الدَّارِ كَانَ لَهُ الْبِنَاءُ دُونَ الْأَرْضِ. وَلَوْ أَقَرَّ لَهُ بِنَخْلَةٍ كَانَتْ لَهُ بِأَصْلِهَا مِنْ الْأَرْضِ. وَلَوْ قَالَ: هَذِهِ الدَّارُ لِفُلَانٍ إلَّا بِنَاءَهَا، أَوْ بِنَاءُ هَذِهِ الدَّارِ لِي، وَالْأَرْضُ لِفُلَانٍ، أَوْ هَذَا الْبُسْتَانُ لِفُلَانٍ، وَالنَّخْلُ لِي، أَوْ هَذِهِ الْجُبَّةُ مِنْ الْكَتَّانِ لِفُلَانٍ الظِّهَارَةُ وَالْبِطَانَةُ لِي لَمْ يُصَدَّقْ، وَلَوْ قَالَ هَذِهِ الدَّارُ لِفُلَانٍ إلَّا بَيْتًا مُعَيَّنًا أَوْ جُزْءًا شَائِعًا لَمْ يُصَدَّقْ. وَلَوْ قَالَ: هَذِهِ الدَّارُ لِفُلَانٍ، وَلَكِنَّ هَذَا الْبَيْتَ لِي فَكُلُّهَا لِفُلَانٍ وَلَوْ ادَّعَى عَلَى آخَرَ مَالًا، وَأَخْرَجَ بِذَلِكَ خَطًّا بِخَطِّ يَدِهِ عَلَى إقْرَارٍ لَهُ بِذَلِكَ الْمَالِ، وَأَنْكَرَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ أَنَّهُ خَطُّهُ فَاسْتَكْتَبَ فَكَتَبَ فَكَانَ بَيْنَ الْخَطَّيْنِ مُشَابَهَةٌ ظَاهِرَةٌ دَالَّةٌ عَلَى أَنَّهُمَا خَطَّا كَاتِبٍ وَاحِدٍ قَالَ أَئِمَّةُ بُخَارَى: إنَّهُ حُجَّةٌ يُقْضَى بِهَا، وَقَدْ نَصَّ مُحَمَّدٌ فِي الْمَبْسُوطِ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 370 أَنَّهُ لَا يَكُونُ حُجَّةً؛ لِأَنَّهُ لَوْ قَالَ: هَذَا خَطِّي، وَأَنَا كَتَبْته غَيْرَ أَنَّهُ لَيْسَ عَلَيَّ هَذَا الْمَالِ لَا يَلْزَمُهُ شَيْءٌ فَهَذَا أَوْلَى. وَلَوْ كَتَبَ بِخَطِّهِ صَكًّا فَقِيلَ لَهُ نَشْهَدُ بِهِ فَقَالَ نَعَمْ فَيَكُونُ إقْرَارًا، وَلَوْ لَمْ يَقُلْ شَيْئًا لَا يَكُونُ إقْرَارًا مِنْ الْوَجِيزِ. وَفِي الْأَشْبَاهِ مِنْ كِتَابِ الْقَضَاءِ لَا يُعْتَمَدُ عَلَى الْخَطِّ، وَلَا يُعْمَلُ بِهِ فَلَا يُعْمَلُ بِمَكْتُوبِ الْوَقْفِ الَّذِي عَلَيْهِ خُطُوطُ الْقُضَاةِ الْمَاضِينَ؛ لِأَنَّ الْقَاضِيَ لَا يَقْضِي إلَّا بِحُجَّةٍ، وَهِيَ الْإِقْرَارُ أَوْ الْبَيِّنَةُ أَوْ النُّكُولُ كَمَا فِي وَقْفِ الْخَانِيَّةِ وَلَوْ أَحْضَرَ الْمُدَّعِي خَطَّ إقْرَارِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ لَا يَحْلِفُ أَنَّهُ مَا كَتَبَ، وَإِنَّمَا يَحْلِفُ عَلَى أَصْلِ الْمَالِ. وَلَوْ اشْتَرَى حَانُوتًا فَوَجَدَ بَعْدَ الْقَبْضِ عَلَى بَابِهِ مَكْتُوبًا: وَقْفٌ عَلَى مَسْجِدِ كَذَا لَا يَرُدُّهُ؛ لِأَنَّهُ عَلَامَةٌ لَا تَنْبَنِي عَلَيْهَا الْأَحْكَامُ، وَعَلَى هَذَا لَا اعْتِبَارَ بِكِتَابَةِ وَقْفٍ عَلَى كِتَابٍ أَوْ مُصْحَفٍ قُلْتُ إلَّا فِي مَسْأَلَتَيْنِ: الْأُولَى كِتَابُ أَهْلِ الْحَرْبِ بِطَلَبِ الْأَمَانِ إلَى الْإِمَامِ، فَإِنَّهُ يُعْمَلُ بِهِ، وَيَثْبُتُ الْأَمَانُ لِحَامِلِهِ كَمَا فِي سِيَرِ الْخَانِيَّةِ. يُعْمَلُ بِدَفْتَرِ السِّمْسَارِ وَالصَّرَّافِ وَالْبَيَّاعِ كَمَا فِي قَضَاءِ الْخَانِيَّةِ وَتَعَقَّبَهُ الطَّرْطُوسِيُّ بِأَنَّ مَشَايِخَنَا رَدُّوا عَلَى الْإِمَامِ مَالِكٍ فِي عَمَلِهِ بِالْخَطِّ لِكَوْنِ الْخَطِّ يُشْبِهُ الْخَطَّ فَكَيْفَ عَمِلُوا بِهِ هُنَا؟ وَرَدَّهُ ابْنُ وَهْبَانَ عَلَيْهِ بِأَنَّهُ لَا يَكْتُبُ فِي دَفْتَرِهِ إلَّا مَالَهُ وَعَلَيْهِ، وَتَمَامُهُ فِيهِ مِنْ الشَّهَادَاتِ انْتَهَى. وَلَوْ قَالَ: لَهُ عَشَرَةُ دَرَاهِمَ وَنَيِّفٌ فَالْبَيَانُ فِي النَّيِّفِ إلَيْهِ وَهُوَ عِبَارَةٌ عَنْ الزِّيَادَةِ وَالْبِضْعُ ثَلَاثَةُ دَرَاهِمَ فَصَاعِدًا، وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَنْقُصَ عَنْ ثَلَاثَةٍ. وَلَوْ قَالَ: عَلَيَّ دَرَاهِمُ مُضَاعَفَةٌ فَعَلَيْهِ سِتَّةٌ. وَلَوْ قَالَ: دَرَاهِمُ أَضْعَافًا مُضَاعَفَةً فَعَلَيْهِ ثَمَانِيَةَ عَشَرَ مِنْ الْوَجِيزِ. وَإِنْ اسْتَثْنَى مُتَّصِلًا بِإِقْرَارِهِ صَحَّ الِاسْتِثْنَاءُ وَلَزِمَهُ الْبَاقِي سَوَاءٌ اسْتَثْنَى الْأَقَلَّ أَوْ الْأَكْثَرَ، فَإِنْ اسْتَثْنَى الْجَمِيعَ لَزِمَهُ الْإِقْرَارُ، وَبَطَلَ الِاسْتِثْنَاءُ كَمَا فِي الْهِدَايَةِ. وَلَوْ أَقَرَّ بِشَيْئَيْنِ فَاسْتَثْنَى أَحَدَهُمَا أَوْ أَحَدَهُمَا وَبَعْضَ الْآخَرِ فَالِاسْتِثْنَاءُ بَاطِلٌ وَإِنْ اسْتَثْنَى بَعْضَ أَحَدِهِمَا أَوْ بَعْضَ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا صَحَّ وَيُصْرَفُ إلَى جِنْسِهِ ذَكَرَهُ فِي الْمُخْتَارِ. وَلَوْ قَالَ: لَهُ عَلَيَّ مِائَةُ دِرْهَمٍ إلَّا دِينَارًا أَوْ إلَّا قَفِيزَ حِنْطَةٍ لَزِمَهُ مِائَةُ دِرْهَمٍ إلَّا قِيمَةَ الدِّينَارِ أَوْ الْقَفِيزِ، وَهَذَا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ وَلَوْ قَالَ لَهُ: عَلَيَّ مِائَةُ دِرْهَمٍ إلَّا ثَوْبًا لَمْ يَصِحَّ الِاسْتِثْنَاءُ وَقَالَ مُحَمَّدٌ لَا يَصِحُّ فِيهِمَا وَقَالَ الشَّافِعِيُّ يَصِحُّ فِيهِمَا مِنْ الْهِدَايَةِ. وَلَوْ قَالَ: لَهُ كَرُّ حِنْطَةٍ وَكَرُّ شَعِيرٍ إلَّا كَرَّ حِنْطَةٍ وَقَفِيزَ شَعِيرٍ فَالِاسْتِثْنَاءُ بَاطِلٌ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَجَازَاهُ فِي الْقَفِيزِ مِنْ الْمَجْمَعِ. وَمَنْ أَقَرَّ بِحَقٍّ، وَقَالَ إنْ شَاءَ اللَّهُ مُتَّصِلًا بِإِقْرَارِهِ لَمْ يَلْزَمْهُ شَيْءٌ مِنْ الْإِقْرَارِ؛ لِأَنَّ الْإِقْرَارَ بِمَشِيئَةٍ إمَّا إبْطَالٌ أَوْ تَعْلِيقٌ، فَإِنْ كَانَ الْأَوَّلُ فَقَدْ بَطَلَ، وَإِنْ كَانَ الثَّانِي فَكَذَلِكَ إمَّا؛ لِأَنَّ الْإِقْرَارَ لَا يَحْتَمِلُ التَّعْلِيقَ بِالشُّرُوطِ أَوْ؛ لِأَنَّهُ شَرْطٌ لَا يُوقَفُ عَلَيْهِ بِخِلَافِ مَا إذَا قَالَ: لِفُلَانٍ عَلَيَّ مِائَةُ دِرْهَمٍ إذَا مِتُّ أَوْ إذَا جَاءَ رَأْسُ الشَّهْرِ أَوْ إذَا أَفْطَرَ النَّاسُ؛ لِأَنَّهُ فِي مَعْنَى بَيَانِ الْمُدَّةِ فَيَكُونُ تَأْجِيلًا لَا تَعْلِيقًا حَتَّى لَوْ كَذَّبَهُ الْمُقَرُّ لَهُ فِي الْأَجَلِ يَكُونُ الْمَالُ حَالًّا مِنْ الْهِدَايَةِ. وَكَذَا لَا يَبْطُلُ الْإِقْرَارُ إنْ عَلَّقَهُ بِمَشِيئَةِ مَنْ لَا يُعْرَفُ مَشِيئَتُهُ كَالْجِنِّ وَالْمَلَائِكَةِ مِنْ الْمُخْتَارِ وَكَذَا لَوْ قَالَ لِفُلَانٍ عَلَيَّ أَلْفٌ إنْ حَلَفَ أَوْ إنْ شَاءَ فُلَانٌ أَوْ إنْ أَمْطَرَتْ السَّمَاءُ أَوْ أَرَادَ اللَّهُ أَوْ قَدَّرَهُ أَوْ يَسَّرَهُ أَوْ إنْ أَصَبْت مَالًا فَالْإِقْرَارُ بَاطِلٌ مِنْ الْوَجِيزِ. رَجُلٌ قَالَ لِآخَرَ غَصَبْتُك أَلْفَ دِرْهَمٍ وَرَبِحْت فِيهِ عَشَرَةَ آلَافِ دِرْهَمٍ، وَقَالَ لَهُ الْمُقَرُّ لَهُ قَدْ أَمَرْتُك بِهِ فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْمَغْصُوبِ مِنْهُ وَلَوْ قَالَ لَا بَلْ غَصَبْت الجزء: 1 ¦ الصفحة: 371 الْعَشَرَةَ آلَافِ كُلَّهَا فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْغَاصِبِ مِنْ الْخُلَاصَةِ. وَمَنْ أَقَرَّ بِدَارٍ وَاسْتَثْنَى بِنَاءَهَا لِنَفْسِهِ فَلِلْمُقَرِّ لَهُ الدَّارُ وَالْبِنَاءُ بِخِلَافِ مَا إذَا قَالَ إلَّا ثُلُثَهَا أَوْ إلَّا بَيْتًا مِنْهَا وَالْفَصُّ فِي الْخَاتَمِ وَالنَّخْلَةُ فِي الْبُسْتَانِ نَظِيرُ الْبِنَاءِ فِي الدَّارِ. وَلَوْ قَالَ: بِنَاءُ هَذِهِ الدَّارِ لِي وَالْعَرْصَةُ لِفُلَانٍ فَهُوَ كَمَا قَالَ مِثْلَ قَوْلِهِ: بَيَاضُ هَذِهِ الْأَرْضِ دُونَ الْبِنَاءِ لِفُلَانٍ حَيْثُ يَكُونُ الْبِنَاءُ لِلْمُقَرِّ لَهُ؛ لِأَنَّ الْإِقْرَارَ بِالْبِنَاءِ كَالْإِقْرَارِ بِالدَّارِ. وَلَوْ قَالَ: لَهُ عَلَيَّ أَلْفُ دِرْهَمٍ مِنْ ثَمَنِ عَبْدٍ اشْتَرَيْته مِنْهُ وَلَمْ أَقْبِضْهُ فَإِنْ ذَكَرَ عَبْدًا بِعَيْنِهِ قِيلَ لِلْمُقَرِّ لَهُ: إنْ شِئْت سَلِّمْ الْعَبْدَ وَخُذْ الْأَلْفَ، وَإِلَّا فَلَا شَيْءَ لَك، وَإِنْ قَالَ مِنْ ثَمَنِ عَبْدٍ اشْتَرَيْته وَلَمْ يُعَيِّنْهُ لَزِمَهُ الْأَلْفُ وَلَا يُصَدَّقُ فِي قَوْلِهِ مَا قَبَضْت عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَصَلَ أَمْ فَصَلَ وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ وَمُحَمَّدٌ: إنْ وَصَلَ صُدِّقَ، وَلَمْ يَلْزَمْهُ شَيْءٌ، وَإِنْ فَصَلَ لَمْ يُصَدَّقْ إذَا أَنْكَرَ الْمُقَرُّ لَهُ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ مِنْ ثَمَنِ عَبْدٍ، وَإِنَّ أَقَرَّ أَنَّهُ بَاعَهُ مَتَاعًا فَالْقَوْلُ لِلْمُقِرِّ. وَلَوْ قَالَ: ابْتَعْت مِنْهُ عَيْنًا إلَّا أَنِّي لَمْ أَقْبِضْهُ فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ بِالْإِجْمَاعِ، وَكَذَا لَوْ قَالَ: لِفُلَانٍ عَلَيَّ أَلْفُ دِرْهَمٍ مِنْ ثَمَنِ خَمْرٍ أَوْ خِنْزِيرٍ وَمَعْنَى الْمَسْأَلَةِ إذَا قَالَ لِفُلَانٍ عَلَيَّ أَلْفُ دِرْهَمٍ مِنْ ثَمَنِ الْخَمْرِ أَوْ الْخِنْزِيرِ لَزِمَهُ الْأَلْفُ وَلَمْ يُقْبَلْ تَفْسِيرُهُ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَصَلَ أَمْ فَصَلَ وَقَالَا إذَا وَصَلَ لَمْ يَلْزَمْهُ شَيْءٌ. وَلَوْ قَالَ لَهُ عَلَيَّ أَلْفٌ مِنْ ثَمَنِ مَتَاعٍ أَوْ قَالَ أَقْرَضْتنِي أَلْفَ دِرْهَمٍ ثُمَّ قَالَ هِيَ زُيُوفٌ أَوْ نَبَهْرَجَةٌ وَقَالَ الْمُقَرُّ لَهُ: جِيَادٌ لَزِمَهُ الْجِيَادُ فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ وَقَالَا إنْ قَالَ مَوْصُولًا يُصَدَّقُ وَإِنْ قَالَ مَفْصُولًا لَا يُصَدَّقُ وَصَارَ كَمَا إذَا قَالَ إلَّا أَنَّهَا وَزْنُ خَمْسَةٍ، وَعَلَى هَذَا الْخِلَافِ: إذَا قَالَ: سَتُّوقَةٌ أَوْ رَصَاصٌ، وَعَلَى هَذَا إذَا قَالَ إلَّا أَنَّهَا زُيُوفٌ وَعَلَى هَذَا إذَا قَالَ لِفُلَانٍ عَلَيَّ أَلْفُ دِرْهَمٍ زُيُوفٍ مِنْ ثَمَنِ مَتَاعٍ. وَعَنْ أَبِي حَنِيفَةَ فِي غَيْرِ رِوَايَةِ الْأُصُولِ مِنْ الْقَرْضِ أَنَّهُ يُصَدَّقُ فِي الزُّيُوفِ إذَا وَصَلَ وَلَوْ قَالَ لِفُلَانٍ عَلَيَّ أَلْفٌ زُيُوفٌ وَلَمْ يَذْكُرْ الْبَيْعَ وَالْقَرْضَ قِيلَ يُصَدَّقُ بِالْإِجْمَاعِ وَقِيلَ لَا يُصَدَّقُ وَلَوْ قَالَ عَلَيَّ كَرُّ حِنْطَةٍ مِنْ ثَمَنِ الْعَبْدِ إلَّا أَنَّهَا رَدِيئَةٌ صُدِّقَ وَلَوْ قَالَ غَصَبْت مِنْهُ أَلْفًا أَوْ أَوْدَعَنِي ثُمَّ قَالَ هِيَ زُيُوفٌ أَوْ نَبَهْرَجَةٌ صُدِّقَ وَصَلَ أَوْ فَصَلَ. وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ أَنَّهُ لَا يُصَدَّقُ فِيهِ مَفْصُولًا وَلَوْ قَالَ هِيَ سَتُّوقَةٌ أَوْ رَصَاصٌ بَعْدَ مَا أَقَرَّ بِالْغَصْبِ الْوَدِيعَةِ وَوَصَلَ صُدِّقَ وَإِنْ فَصَلَ لَا يُصَدَّقُ وَإِنْ قَالَ فِي هَذَا كُلِّهِ أَلْفًا إلَّا أَنَّهُ يَنْقُصُ كَذَا لَمْ يُصَدَّقْ إنْ فَصَلَ وَإِنْ وَصَلَ يُصَدَّقُ وَإِنْ كَانَ الْفَصْلُ ضَرُورَةَ انْقِطَاعِ الْكَلَامِ فَهُوَ وَاصِلٌ لِعَدَمِ إمْكَانِ الِاحْتِرَازِ عَنْهُ وَمَنْ أَقَرَّ بِغَصْبِ ثَوْبٍ ثُمَّ جَاءَ بِثَوْبٍ مَعِيبٍ فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ وَكَذَا فِي الْوَدِيعَةِ وَمَنْ قَالَ لِآخَرَ: أَخَذْت مِنْك أَلْفَ دِرْهَمٍ وَدِيعَةً فَهَلَكَتْ، وَقَالَ لَا بَلْ أَخَذْتهَا غَصْبًا فَهُوَ ضَامِنٌ، وَإِنْ قَالَ أَعْطَيْتهَا وَدِيعَةً فَقَالَ: بَلْ غَصَبْتهَا لَمْ يَضْمَنْ، وَالْقَبْضُ فِي هَذَا كَالْأَخْذِ، وَالدَّفْعُ كَالْإِعْطَاءِ. وَلَوْ قَالَ أَخَذْتهَا مِنْك وَدِيعَةً فَقَالَ: لَا بَلْ قَرْضًا يَكُونُ الْقَوْلُ لِلْمُقِرِّ، وَإِنْ قَالَ: هَذِهِ الْأَلْفُ كَانَتْ وَدِيعَةً عِنْدَ فُلَانٍ فَأَخَذَتْهَا فَقَالَ فُلَانٌ هِيَ لِي فَإِنَّهُ يَأْخُذهَا مِنْهُ وَلَوْ قَالَ أَوْدَعْتُهَا كَانَ عَلَى هَذَا الْخِلَافِ الْآتِي بَعْد هَذَا وَإِنَّ قَالَ آجَرْت دَابَّتِي هَذِهِ فُلَانًا فَرَكِّبْهَا وَرَدَّهَا لِي أَوْ قَالَ آجَرْت ثَوْبِي هَذَا فُلَانًا فَلَبِسَهُ وَرَدَّهُ وَقَالَ فُلَانٌ كَذَبْت وَهُمَا لِي فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ عِنْد أَبِي حَنِيفَةَ وَقَالَا الْقَوْلُ قَوْلُ الَّذِي أَخَذَ مِنْهُ الدَّابَّةَ وَالثَّوْبَ وَهُوَ الْقِيَاسُ وَعَلَى هَذَا الْخِلَافِ الْإِعَارَةُ وَالْإِسْكَانُ وَلَوْ قَالَ خَاطَ فُلَانٌ ثَوْبِي هَذَا بِنِصْفِ دِرْهَم ثُمَّ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 372 قَبَضَتْهُ وَقَالَ فُلَانٌ: الثَّوْبُ ثَوْبِي فَهُوَ عَلَى هَذَا الْخِلَافِ فِي الصَّحِيحِ وَلَوْ قَالَ اقْتَضَيْت مِنْ فُلَانٍ أَلْفَ دِرْهَمٍ كَانَتْ لِي عَلَيْهِ أَوْ أَقْرَضْتُهُ أَلْفًا ثُمَّ أَخَذْتُهَا مِنْهُ، وَأَنْكَرَ الْمُقِرّ لَهُ ذَلِكَ يَكُونُ الْقَوْلُ قَوْلَهُ. وَلَوْ أَقَرَّ أَنَّ فُلَانًا زَرَعَ هَذِهِ الْأَرْضَ أَوْ بَنَى هَذِهِ الدَّارَ أَوْ غَرَسَ هَذَا الْكَرْمَ، وَذَلِكَ كُلُّهُ فِي يَدِ الْمُقِرِّ فَادَّعَاهُ فُلَانٌ، وَقَالَ الْمُقِرُّ بَلْ ذَلِكَ كُلُّهُ لِي اسْتَعَنْت بِك فَفَعَلْت أَوْ فَعَلْته بِأَجْرٍ فَالْقَوْلُ لِلْمُقِرِّ كَمَا إذَا قَالَ خَاطَ لِي الْخَيَّاطُ قَمِيصِي هَذَا بِنِصْفِ دِرْهَمٍ وَلَمْ يَقُلْ قَبَضْته مِنْ الْهِدَايَةِ. وَلَوْ قَالَ: هَذِهِ الْأَلْفُ وَدِيعَةٌ لِفُلَانٍ لَا بَلْ وَدِيعَةٌ لِفُلَانٍ فَالْأَلْفُ لِلْأَوَّلِ وَعَلَى الْمُقِرِّ لِلثَّانِي أَلْفٌ أُخْرَى هَذِهِ مِنْ الْكَنْزِ. وَلَوْ قَالَ لِي عِنْدَك أَلْفُ دِرْهَمٍ وَدِيعَةً فَدَفَعْته إلَيَّ وَقَالَ الْمُقَرُّ لَهُ كَذَبْت، وَهُوَ لِي فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْمُقِرِّ وَلَوْ قَالَ لَهُ كَانَ لِي عِنْدَك ثَوْبُ عَارِيَّةً فَلَبِسْته ثُمَّ رَدَدْته عَلَيَّ أَوْ عِنْدَك دَابَّةٌ فَرَكِبْتهَا ثُمَّ دَفَعْتهَا إلَيَّ وَقَالَ الْمُقَرُّ لَهُ كَذَبْت هِيَ لِي فَعَلَى قَوْلِهِمَا هَذَا وَالْأَوَّلِ سَوَاءٌ وَعَلَى قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ الْقَوْلُ قَوْلُ الْمُقِرِّ مِنْ الْخُلَاصَةِ مِنْ كِتَابِ الْوَدِيعَةِ. لَوْ قَالَ قَبَضْت بِبَيْتِ فُلَانٍ مِائَةَ دِرْهَمٍ أَوْ مِنْ كِيسِهِ أَوْ مِنْ سَفَطِهِ ثَوْبًا هَرَوِيًّا أَوْ مِنْ نَخْلِهِ ثَمَرًا أَوْ أَوْدَعْته كَرَّ حِنْطَةٍ أَوْ مَنًا أَوْ قَالَ مِنْ أَرْضِ فُلَانِ قَبَضْت عَدْلَ زُطِّيٍّ ثُمَّ قَالَ نَزَلْت فِيهَا وَمَعِي أَحْمَالٌ مِنْ زُطِّيٍّ فَهِيَ لِصَاحِبِ الْأَرْضِ إلَّا إذَا أَقَامَ الْبَيِّنَةَ أَنَّ الْأَرْضَ فِي إجَارَتِهِ. رَجُلٌ قَالَ وَجَدْت فِي كِتَابِي أَنَّ لِفُلَانٍ عَلَيَّ أَلْفَ دِرْهَمٍ أَوْ كَتَبْت بِيَدِي أَنَّهُ لَهُ عَلَيَّ مِائَتَا دِرْهَمٍ الْكُلُّ بَاطِلٌ. وَأَئِمَّةُ بَلْخَ - رَحِمَهُمْ اللَّهُ تَعَالَى - قَالُوا فِي يادركاه الْبَاعَة: إذَا وَجَدَ فِيهِ مَكْتُوبًا بِخَطِّ الْبَائِعِ فَهُوَ لَازِمٌ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ لَا يَكْتُبُ فِي يادركاه إلَّا مَا كَانَ لَهُ عَلَى النَّاسِ وَمَا لِلنَّاسِ عَلَيْهِ فَعَلَى هَذَا إذَا قَالَ الْبَائِعُ وَجَدْت فِي يادركاي بِخَطِّي أَنَّ لِفُلَانٍ عَلَيَّ أَلْفَ دِرْهَمٍ كَانَ إقْرَارًا ذَكَرَهُ الْإِمَامُ السَّرَخْسِيُّ وَخَطُّ الصَّرَّافِ وَالسِّمْسَارِ أَيْضًا كَمَا ذَكَرْنَا وَقِيلَ: إنَّ الصَّدْرَ الْقَاضِيَ بُرْهَانَ الْأَئِمَّةِ كَانَ يُفْتِي هَكَذَا فِي خَطِّ الصَّرَّافِ أَنَّهُ حُجَّةٌ. وَلَوْ قَالَ لِلصَّكَّاكِ اُكْتُبْ لِفُلَانٍ خَطَّ إقْرَارٍ بِأَلْفِ دِرْهَمٍ عَلَيَّ يَكُونُ إقْرَارًا وَيَصِحُّ لِلصَّكَّاكِ أَنْ يَشْهَدَ بِالْمَالِ. وَلَوْ قَالَ كَتَبْت بِخَطِّ يَدِي بِشَهَادَةِ فُلَانٍ وَفُلَانٍ صَكًّا بِأَلْفِ دِرْهَمٍ كَانَ إقْرَارًا. لَوْ كَتَبَ عَلَى نَفْسِهِ خَطًّا بِأَلْفِ دِرْهَمٍ، وَالْقَوْمُ يَنْظُرُونَ إلَيْهِ فَقَالَ لَهُمْ: اشْهَدُوا عَلَيَّ بِهَذَا كَانَ إقْرَارًا. رَجُلٌ قَالَ لِآخَرَ: لِي عَلَيْك أَلْفُ دِرْهَمٍ فَقَالَ الْآخَرُ: وَلِي عَلَيْك أَلْفُ دِرْهَمٍ مِثْلُهَا عَنْ ابْنِ سِمَاعَةَ عَنْ مُحَمَّدٍ أَنَّهُ يَكُونُ إقْرَارًا وَفِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ لَا يَكُونُ إقْرَارًا وَالشَّيْخُ ظَهِيرُ الدِّينِ كَانَ يُفْتِي بِقَوْلِ ابْنِ سِمَاعَةَ وَلَوْ قَالَ بِالْفَارِسِيَّةِ مراسراز تَوْحِيدَيْنِ يابد يَكُونُ إقْرَارًا كَمَا لَوْ قَالَ مَرَّا بَارِّي أزتوجندين ميبايد لَا يَكُونُ إقْرَارًا. رَجُلٌ قَالَ لِفُلَانٍ عَلَيَّ أَلْفُ دِرْهَمٍ إنَّ مِتُّ فَعَلَيْهِ الْمَالُ مَاتَ أَوْ عَاشَ وَكَذَا لَوْ قَالَ: إنْ أَفْطَرَ النَّاسُ أَوْ إنْ جَاءَ رَأْسُ الشَّهْرِ أَوْ عِيدُ الْأَضْحَى؛ لِأَنَّ هَذَا لَيْسَ بِتَعْلِيقٍ بَلْ ضَرْبٍ مِنْ الْأَجَلِ فَيَلْزَمُهُ الْمَالُ حَالًّا أَمَّا تَعْلِيقُ الْإِقْرَارِ بِالشَّرْطِ نَحْوَ لِفُلَانٍ عَلَيَّ أَلْفٌ إنْ دَخَلْت الدَّارَ أَوْ إنْ أَصَبْت مَالًا فَبَاطِلٌ لَا يَلْزَمُهُ شَيْءٌ. رَجُلٌ قَالَ: لِفُلَانٍ عَلَيَّ دَارٌ أَوْ عَبْدٌ لَا يَلْزَمُهُ شَيْءٌ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَلَوْ قَالَ: لِفُلَانٍ عَلَيَّ مِنْ شَاةٍ إلَى بَقَرَةٍ لَا يَلْزَمُهُ شَيْءٌ سَوَاءٌ كَانَ بِعَيْنِهِ أَوْ بِغَيْرِ عَيْنِهِ. رَجُلٌ قَالَ لِآخَرَ أَخَذْت مِنْك هَذَا الثَّوْبَ عَارِيَّةً وَقَالَ الْآخَرُ أَخَذْت مِنِّي بَيْعًا فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْآخِذِ، وَهَذَا إذَا لَمْ يَلْبَسْهُ أَمَّا إذَا لَبِسَ وَهَلَكَ يَضْمَنُ مِنْ الْخُلَاصَةِ. وَلَوْ قَالَ غَصَبْت الجزء: 1 ¦ الصفحة: 373 هَذَا الثَّوْبَ مِنْ زَيْدٍ لَا بَلْ مِنْ عَمْرٍو فَهُوَ لِزَيْدٍ وَعَلَيْهِ قِيمَتُهُ لِعَمْرٍو مِنْ الْمُخْتَارِ. وَلَوْ قَالَ لَك عَلَيَّ أَلْفُ دِرْهَمٍ ثَمَنُ جَارِيَةٍ لَمْ تَلْزَمْهُ وَجِيزِ. لَوْ قَالَ لِآخَرَ اسْتَقْرَضْت مِنْك فَلَمْ تُقْرِضْنِي فَالْقَوْلُ لَهُ لَوْ وَصَلَ وَإِنْ فَصَلَ لَا. وَفِي الْمُنْتَقَى قَالَ أَبُو يُوسُفَ إذَا قَالَ أَقْرَضْتنِي أَلْفًا فَلَمْ أَقْبَلْ أَوْ أَوْدَعْتنِي أَوْ أَعْطَيْتنِي فَلَمْ أَقْبَلْ فَالْقَوْلُ لَهُ وَلَوْ قَالَ أَخَذْت مِنِّي مِائَةَ دِرْهَمٍ فَقَالَ لَا أَجُودُ بِهَا فَهَذَا إقْرَارٌ وَلَوْ قَالَ لَا أُعْطِيك بَعْدَ هَذِهِ الْمِائَةِ شَيْئًا أَوْ قَالَ لَمْ أَغْصِبْك مَعَ هَذِهِ الْمِائَةِ شَيْئًا أَوْ قَالَ لَمْ أَغْصِبْ أَحَدًا بَعْدَك أَوْ قَبْلَك أَوْ مَعَك فَهَذَا كُلُّهُ إقْرَارٌ. وَكَذَا لَوْ قَالَ لَمْ أَغْصِبْك إلَّا هَذَا الْمَالَ فَهُوَ إقْرَارٌ بِالْمِائَةِ وَلَوْ قَالَ مَا لَك إلَّا مِائَةُ دِرْهَمٍ أَوْ سِوَى مِائَةِ دِرْهَمٍ أَوْ أَكْثَرُ مِنْ مِائَةِ دِرْهَمٍ فَهُوَ إقْرَارٌ بِالْمِائَةِ وَلَوْ قَالَ مَا لَك عَلَيَّ أَكْثَرُ مِنْ مِائَةٍ وَلَا أَقَلُّ لَمْ يَكُنْ إقْرَارًا وَلَوْ قَالَ لِفُلَانٍ عَلَيَّ أَلْفٌ أَوْ قَالَ أُخْبِرْهُ أَنَّ لَهُ عَلَيَّ أَلْفًا أَوْ قَالَ لَهُ أَعْلِمْهُ أَنَّ لَهُ عَلَيَّ أَلْفًا أَوْ قَالَ: أَشْهَدُ أَنَّ لَهُ عَلَيَّ أَلْفًا فَهَذَا إقْرَارٌ وَكَذَا لَوْ قَالَ لَهُ غَيْرُهُ أَخْبِرْ فُلَانًا أَنَّ لَهُ عَلَيْك أَوْ أَعْلِمْهُ أَوْ أُبَشِّرُهُ أَوْ أَقُولُ لَهُ أَوْ أَشْهَدُ لَهُ فَقَالَ نَعَمْ أَمَّا إذَا قَالَ لَا تُخْبِرْ أَنَّ لَهُ عَلَيَّ أَلْفًا أَوْ قَالَ لَا تَشْهَدْ أَنَّ لِفُلَانٍ عَلَيَّ أَلْفًا ذَكَرَ مُحَمَّدٌ أَنَّ قَوْلَهُ لَا تُخْبِرْ إقْرَارٌ وَقَوْلُهُ لَا تَشْهَدْ لَيْسَ بِإِقْرَارٍ وَقَالَ الْكَرْخِيُّ وَعَامَّةُ مَشَايِخِ بَلْخَ الْجَوَابُ فِي قَوْلِهِ لَا تُخْبِرْهُ غَلَطٌ مِنْ الْكَاتِبِ وَقَالَ مَشَايِخُ بُخَارَى لَا بَلْ هُوَ صَوَابٌ قَالَ فِي الْقُنْيَةِ وَهُوَ الصَّحِيحُ وَزَعَمَ السَّرَخْسِيُّ أَنَّ فِيهِ رِوَايَتَيْنِ. وَلَوْ قَالَ لَهُ رَجُلٌ قَتَلْت فُلَانًا فَقَالَ وَأَنْتَ أَيْضًا قَتَلْت فُلَانًا فَهُوَ عَلَى الْخِلَافِ عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ لَا يَكُونُ إقْرَارًا وَعِنْدَ مُحَمَّدٍ يَكُونُ إقْرَارًا مِنْهُمْ بِقَتْلِ رَجُلٍ وَلَوْ قِيلَ لَهُ لِمَ قَتَلْت فُلَانًا فَقَالَ كَذَا كَانَ فِي اللَّوْحِ الْمَحْفُوظِ أَوْ قَالَ عَدُوِّي فَهَذَانِ اللَّفْظَانِ مِنْهُ إقْرَارٌ بِالْقَتْلِ فَيَلْزَمُهُ الدِّيَةُ فِي مَالِهِ إنْ لَمْ يَقُلْ عَمْدًا مِنْ الصُّغْرَى. ادَّعَى عَلَيْهِ مَالًا فَقَالَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ كُلُّ مَا يُوجَدُ فِي تَذْكِرَةِ الْمُدَّعِي بِخَطِّهِ فَقَدْ الْتَزَمْته لَا يَكُونُ إقْرَارًا وَكَذَا لَوْ قَالَ مَا كَانَ فِي جَرِيدَتِك فَعَلَيَّ إلَّا إذَا كَانَ فِي الْجَرِيدَةِ شَيْءٌ مَعْلُومٌ وَذَكَرَ الْمُدَّعِي شَيْئًا مَعْلُومًا فَقَالَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ عَلَى مَا ذَكَرَتْ كَانَ تَصْدِيقًا وَكَذَا إذَا أَشَارَ إلَى الْجَرِيدَةِ فَقَالَ: مَا فِيهَا فَهُوَ عَلَيَّ كَذَلِكَ يَصِحُّ، وَلَوْ لَمْ يَكُنْ مُشَارًا إلَيْهِ لَا يَصِحُّ لِلْجَهَالَةِ كَذَا فِي كِتَابِ الْقَضَاءِ مِنْ الْأَشْبَاهِ. لَوْ قَالَ أَلَسْت أَقْرَضْتُك أَمْسِ أَلْفًا أَوْ لَمْ أُقْرِضْك فَقَالَ: نَعَمْ، وَكَذَا لَوْ قَالَ: أَلَيْسَ قَدْ أَقْرَضْتنِي أَوْ لَمْ تُقْرِضْنِي فَقَالَ الطَّالِبُ: بَلَى فَجَحَدَ الْمُقِرُّ يَلْزَمُهُ الْمَالُ. لَوْ قَالَ: لِفُلَانٍ عَلَيَّ أَلْفُ دِرْهَمٍ إلَّا عَشَرَةَ دَرَاهِمَ فَقَضَيْتهَا إيَّاهُ لَا يَصِحُّ الِاسْتِثْنَاءُ؛ لِأَنَّهُ صَارَ كَأَنَّهُ قَالَ: عَلَيَّ أَلْفٌ إلَّا أَنِّي قَضَيْت عَشَرَةً مِنْهَا، وَلَوْ قَالَ: وَقَدْ قَضَيْتهَا إيَّاهُ فَعَلَيْهِ أَلْفٌ غَيْرَ عَشَرَةٍ؛ لِأَنَّ الِاسْتِثْنَاءَ مِنْ غَيْرِ الْجِنْسِ جَائِزٌ عِنْدَهُمَا إنْ كَانَ مِمَّا يَجِبُ فِي الذِّمَّةِ، وَاسْتِخْرَاجُ قِيمَتِهِ بَاطِلٌ عِنْدَ مُحَمَّدٍ قَالَ: لِفُلَانٍ عَلَيَّ أَلْفُ دِرْهَمٍ، وَلِفُلَانٍ مِائَةُ دِينَارٍ إلَّا دِرْهَمًا مِنْ الْأَلْفِ صَحَّ الِاسْتِثْنَاءُ مِنْ الدَّرَاهِمِ، وَلَوْ لَمْ يُبَيِّنْ فَهُوَ مِنْ الدَّنَانِيرِ. لَوْ قَالَ: لِفُلَانٍ عَلَيَّ دِرْهَمٌ إلَّا رَطْلَ زَيْتٍ أَوْ قِرْبَةَ مَاءٍ فَعَلَيْهِ دِرْهَمٌ إلَّا قِيمَةَ رَطْلِ زَيْتٍ أَوْ قِيمَةَ قِرْبَةِ مَاءٍ، وَلَوْ قَالَ: عَشَرَةُ أَرْطَالِ زَيْتٍ إلَّا دِرْهَمًا أَوْ عَلَيَّ كَرُّ حِنْطَةٍ إلَّا خَمْسَةَ أَرْطَالِ زَيْتٍ فَالِاسْتِثْنَاءُ بَاطِلٌ لِعَدَمِ تَعَامُلِ النَّاسِ بِهِ، وَفِي الْأَوَّلِ تَعَامَلُوا بِهِ. قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ: لَوْ قَالَ لِفُلَانٍ عَلَيَّ مِائَةُ دِرْهَمٍ إلَّا قَلِيلًا فَعَلَيْهِ أَحَدٌ وَخَمْسُونَ دِرْهَمًا. وَلَوْ قَالَ: عَلَيَّ عَشَرَةُ دَرَاهِمَ إلَّا دِرْهَمًا زَيْفًا فَعِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ عَلَيْهِ عَشَرَةُ دَرَاهِمَ جِيَادٌ، وَلَهُ عَلَى الْمُقِرِّ لَهُ دِرْهَمٌ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 374 زَيْفٌ مِنْ الْوَجِيزِ. أَقَرَّ أَنَّهُ غَصَبَ هَذِهِ الْعَيْنَ مِنْ هَذَا أَوْ مِنْ هَذَا، وَكُلٌّ مِنْهُمَا يَدَّعِيهِ فَإِنْ اصْطَلَحَا عَلَى أَخْذِهِ أَخَذَاهُ، وَإِلَّا يَسْتَحْلِفُ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا بِعَيْنِهِ فَلَوْ نَكَلَ لَهُمَا جَمِيعًا قَضَى بِالْعَيْنِ بَيْنَهُمَا وَبِقِيمَتِهِ أَيْضًا بَيْنَهُمَا، وَإِنْ نَكَلَ عَنْ الْيَمِينِ لِأَحَدِهِمَا قَضَى بِهِ لِلَّذِي نَكَلَ لَهُ. قَالَ: لِفُلَانٍ عَلَيَّ أَلْفُ دِرْهَمٍ لَا بَلْ لِفُلَانٍ بَطَلَ هَذَا الْإِقْرَارُ عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ، وَلَا يَلْزَمُهُ شَيْءٌ وَقَالَ مُحَمَّدٌ: الْأَلْفُ لِلْأَوَّلِ، وَلَا شَيْءَ لِلثَّانِي أَقَرَّ أَنَّ هَذَا الْعَبْدَ لِفُلَانٍ ثُمَّ قَالَ: لَا بَلْ أَوْدَعَنِيهِ فُلَانٌ آخَرُ أَوْ أَعَارَنِيهِ وَادَّعَى كُلٌّ مِنْهُمَا أَنَّ الْعَبْدَ لَهُ قَضَى بِهِ لِلْأَوَّلِ سَوَاءٌ قَالَ هَذَا مَوْصُولًا أَوْ مَفْصُولًا فَإِنْ دَفَعَهُ إلَى الْأَوَّلِ بِغَيْرِ قَضَاءٍ ضَمِنَ لِلثَّانِي اتِّفَاقًا مِنْ الْمَجْمَعِ قَالَ فِي الْحَقَائِقِ: الْخِلَافُ فِي الْإِقْرَارِ الْمُقَيَّدِ الْوَدِيعَةِ وَالْعَارِيَّةِ أَمَّا فِي الْإِقْرَارِ الْمُطْلَقِ بِأَنْ قَالَ: هَذَا لِفُلَانٍ لَا بَلْ لِفُلَانٍ، وَدَفَعَ إلَى الْأَوَّلِ بِقَضَاءٍ لَا يَضْمَنُ لِلثَّانِي بِاتِّفَاقٍ انْتَهَى. وَفِي الصُّغْرَى قَالَ لِعَبْدٍ فِي يَدِهِ هَذَا الْعَبْدُ لِزَيْدٍ لَا بَلْ لِعَمْرٍو أَوْ قَالَ: هَذَا الْعَبْدُ لِزَيْدٍ لَا بَلْ غَصَبْته مِنْ عَمْرٍو أَوْ قَالَ: هُوَ لِزَيْدٍ بَلْ أَوْدَعَنِيهِ عَمْرٌو، وَكُلٌّ مِنْهُمَا يَدَّعِي أَنَّ الْعَبْدَ لَهُ فَفِي الْمَسَائِلِ الثَّلَاثِ الْعَبْدُ يُسَلَّمُ إلَى الْأَوَّلِ، وَهُوَ زَيْدٌ ثُمَّ يَنْظُرَانِ دَفَعَهُ إلَيْهِ بِقَضَاءِ الْقَاضِي لَمْ يَضْمَنْ لِعَمْرٍو شَيْئًا وَإِلَّا ضَمِنَ لِعَمْرٍو قِيمَتَهُ هَذَا وَفِيمَا إذَا كَانَ إقْرَارُهُ لِعَمْرٍو مُرْسَلًا سَوَاءً وَإِقْرَارُهُ لِعَمْرٍو الْوَدِيعَةِ وَالدَّفْعِ قَالَ أَبُو يُوسُفَ: هَذَا وَإِقْرَارُهُ لِعَمْرٍو مُرْسَلًا سَوَاءٌ. وَقَالَ مُحَمَّدٌ: هَذَا وَإِقْرَارُهُ لِعَمْرٍو بِالْغَصْبِ سَوَاءٌ انْتَهَى. إذَا أَقَرَّ لِرَجُلٍ بِمِائَةٍ وَأَشْهَدَ شَاهِدَيْنِ ثُمَّ أَقَرَّ لَهُ بِمِائَةٍ أَوْ بِأَقَلَّ أَوْ أَكْثَرَ وَأَشْهَدَ شَاهِدَيْنِ آخَرَيْنِ فَعِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ يَلْزَمُهُ الْمَالَانِ إذَا ادَّعَاهُمَا الطَّالِبُ وَعِنْدَهُمَا يَلْزَمُهُ مَالٌ وَاحِدٌ إنْ تَسَاوَيَا، وَالْأَكْثَرُ إنْ تَفَاوَتَا مِنْ الْمَجْمَعِ قَالَ فِي الْحَقَائِقِ: مَحَلُّ الْخِلَافِ الْإِقْرَارُ الْمُجَرَّدُ عَنْ السَّبَبِ وَعَنْ الصَّكِّ إذْ فِي الْمُقَيَّدِ بِالسَّبَبِ الْمُتَّحِدِ بِأَنْ قَالَ: فِي الْكَرَّتَيْنِ ثَمَنُ هَذِهِ الْجَارِيَةِ فِي كَرَّةٍ، وَثَمَنُ هَذَا الْعَبْدِ فِي كَرَّةٍ أُخْرَى الْمَالُ مُخْتَلِفٌ عَلَى كُلِّ حَالٍ، وَكَذَا إذَا كَانَ الْإِقْرَارُ مُطْلَقًا عَنْ السَّبَبِ لَكِنْ مَعَ الصَّكِّ، فَإِنْ كَانَ بِهِ صَكٌّ وَاحِدٌ فَالْمَالُ وَاحِدٌ سَوَاءٌ كَانَ الْإِقْرَارُ وَالْإِشْهَادُ فِي مَوْطِنٍ أَوْ مَوْطِنَيْنِ، وَإِنْ كَانَ صَكَّانِ فَمَالَانِ فِي الْوَجْهَيْنِ، وَكَذَا لَوْ أَقَرَّ بِمِائَةٍ وَكَتَبَ فِي صَكٍّ ثُمَّ أَقَرَّ وَكَتَبَ فِي صَكٍّ فَهُمَا مَالَانِ انْتَهَى فِي شَرْحِ الْمَجْمَعِ إنَّمَا قَيَّدَ بِتَكَرُّرِ الشُّهُودِ؛ لِأَنَّهُ إذَا اتَّحَدَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلَاهُمَا يَلْزَمُهُ مَالٌ وَاحِدٌ اتِّفَاقًا انْتَهَى. وَفِي الْأَشْبَاهِ نَقْلًا عَنْ الْمُنْيَةِ إذَا تَعَدَّدَ الْإِقْرَارُ بِمَوْضِعَيْنِ لَزِمَهُ الشَّيْئَانِ إلَّا فِي الْإِقْرَارِ بِالْقَتْلِ لَوْ قَالَ: قَتَلْت ابْنَ فُلَانٍ ثُمَّ قَالَ: قَتَلْت ابْنَ فُلَانٍ، وَكَانَ لَهُ ابْنَانِ، وَكَذَا فِي الْعَبْدِ، وَكَذَا التَّزْوِيجُ، وَكَذَا الْإِقْرَارُ بِالْجِرَاحَةِ فَهِيَ ثَلَاثٌ انْتَهَى. لَوْ ادَّعَى عَلَى رَجُلٍ أَلْفًا عِنْدَ الْقَاضِي فَأَقَرَّ بِهَا ثُمَّ ادَّعَاهَا فِي مَجْلِسٍ آخَرَ أَوْ أَقَلَّ مِنْهَا أَوْ أَكْثَرَ فَأَقَرَّ بِهَا يَلْزَمُهُ أَلْفٌ وَاحِدٌ. أَقَرَّ أَنَّ لِفُلَانٍ عَلَى فُلَانٍ حَقًّا ثُمَّ مَاتَ الْمُقَرُّ عَلَيْهِ وَالْمُقِرُّ وَارِثُهُ فَالدَّيْنُ فِي تَرِكَةِ الْمَيِّتِ. لَوْ قَالَ: نِصْفُ هَذِهِ الدَّارِ لِفُلَانٍ ثُمَّ اشْتَرَى نِصْفَهَا مِنْ رَجُلٍ قُضِيَ لِلْمُقَرِّ لَهُ بِرُبُعِهَا. رَجُلٌ أَقَرَّ بِعَبْدٍ لِرَجُلٍ أَنَّهُ لِفُلَانٍ، وَجَحَدَ صَاحِبُ الْيَدِ ثُمَّ قَالَ الْمُقِرُّ: إنْ اشْتَرَيْته فَهُوَ حُرٌّ ثُمَّ اشْتَرَاهُ فَهُوَ لِلْمُقَرِّ لَهُ. قَالَ: لِفُلَانٍ عَلَيَّ وَعَلَى فُلَانٍ أَلْفٌ وَجَحَدَ فُلَانٌ وَالطَّالِبُ يَدَّعِي الْكُلَّ لَمْ يَلْزَمْهُ إلَّا النِّصْفُ، وَإِنْ كَانَ فُلَانٌ صَبِيًّا أَوْ رَجُلًا لَا يَعْرِفُ أَوْ مَيِّتًا، وَكَذَا لَوْ سَمَّى اثْنَيْنِ مَعَهُ لَزِمَهُ الثُّلُثُ وَكَذَلِكَ لَوْ أَقَرَّ بِقَطْعِ الْيَدِ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 375 فَعَلَيْهِ نِصْفُ الْأَرْشِ اسْتِحْسَانًا قَالَ: ادْفَعْ إلَيَّ هَذِهِ الْأَلْفَ، وَهِيَ لِفُلَانٍ آخَرَ وَصَدَّقَهُ الدَّافِعُ وَادَّعَى الْإِذْنَ بِالدَّفْعِ مِنْ الثَّانِي وَصَدَّقَهُ الثَّانِي فِيهِ يَدْفَعُ الْمُقِرُّ إلَى أَيِّهِمَا شَاءَ، وَإِنْ كَذَّبَهُ الثَّانِي فِي الْإِذْنِ لَا يَدْفَعُ إلَى الدَّافِعِ، وَلَا يَضْمَنُ لِلدَّافِعِ شَيْئًا. فِي يَدِهِ عَبْدٌ قَالَ: هُوَ لِفُلَانٍ بَاعَنِيهِ فُلَانٌ آخَرُ بِأَلْفٍ وَصَدَّقَهُ الْبَائِعُ فِي الْبَيْعِ وَحَلَفَ الْمُقَرُّ لَهُ أَنَّهُ لَمْ يَأْذَنْ بِالْبَيْعِ يُقْضَى بِالْعَبْدِ لِلْمُقَرِّ لَهُ وَبِالثَّمَنِ لِلْبَائِعِ. قَالَ هَذَا الْعَبْدُ اشْتَرَيْته مِنْ فُلَانٍ بِأَلْفٍ وَنَقَدْتهَا ثُمَّ قَالَ: اشْتَرَيْته مِنْ فُلَانٍ آخَرَ بِخَمْسِمِائَةٍ وَنَقَدْتهَا، وَأَقَامَ الْبَيِّنَةَ عَلَى الْكُلِّ يُقْبَلُ، وَعَلَيْهِ الثَّمَنَانِ، فَإِنْ أَقَامَ الْبَيِّنَةَ عَلَى نَقْدِهِ فَلَا ثَمَنَ عَلَيْهِ لِوَاحِدٍ مِنْهُمَا، وَإِنْ لَمْ يُقِمْ الْبَيِّنَةَ فَالْعَبْدُ لِلْأَوَّلِ، وَلِلثَّانِي قِيمَةُ الْعَبْدِ إنْ جَحَدَ الْبَيْعَ. أَقَرَّ بِالسَّلَمِ ثُمَّ قَالَ مَوْصُولًا: لَمْ أَقْبِضْ رَأْسَ الْمَالِ صُدِّقَ، فَإِنْ قَالَ مَفْصُولًا: لَا يُصَدَّقُ اسْتِحْسَانًا. وَلَوْ قَالَ: لِفُلَانٍ وَدِيعَةٌ عِنْدِي أَلْفُ دِرْهَمٍ أَوْ قَالَ: عَلَيَّ أَلْفُ دِرْهَمٍ قَرْضٌ ثُمَّ قَالَ مَفْصُولًا: لَمْ أَقْبِضْهَا فَهُوَ لَازِمٌ لَهُ. وَلَوْ قَالَ: أَقْرَضْتنِي أَمْسِ أَوْ أَسْلَمْت إلَيَّ أَوْ اسْتَوْدَعْتنِي ثُمَّ قَالَ: لَمْ أَقْبِض يُصَدَّقْ مَوْصُولًا لَا مَفْصُولًا مِنْ الْوَجِيزِ. وَلَوْ قَالَ: دَفَعْت إلَيَّ أَوْ أَنَقَدْتنِي فَلَمْ أَقْبِضْهُ لَا يُصَدَّقُ عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ وَقَالَ مُحَمَّدٌ: يُصَدَّقُ مَوْصُولًا لَا مَفْصُولًا مِنْ الْوَجِيزِ. وَلَوْ قَالَ: قَالَ لِي: بِعْنِي وَبِعْتهَا وَلَمْ أَقْبِضْ يُصَدَّقُ إجْمَاعًا، وَكَذَا أَقْرَضَنِي أَوْ أَوْدَعَنِي أَوْ وَضَعَ عِنْدِي أَوْ أَعْطَانِي ذَكَرَهُ فِي الْحَقَائِقِ. جَاءَ مُسْلِمٌ إلَيْهِ بِزَيْفٍ فَرَدَّهُ عَلَى رَبِّ السَّلَمِ مِنْ رَأْسِ مَالِهِ، وَجَحَدَ أَنْ يَكُونَ مِنْهُ فَإِنْ كَانَ الْمُسْلَمُ إلَيْهِ قَالَ: قَبَضْت الْجِيَادَ أَوْ حَقِّي أَوْ رَأْسَ مَالِي أَوْ اسْتَوْفَيْت الدَّرَاهِمَ لَا يُصَدَّقُ، وَإِنْ قَالَ: قَبَضْت الدَّرَاهِمَ يُصَدَّقُ مَعَ يَمِينِهِ، وَلَوْ قَالَ: عَلَيَّ عَشَرَةُ دَرَاهِمَ قَرْضٌ أَوْ ثَمَنُ مَبِيعٍ إلَّا أَنَّهَا سَتُّوقَةٌ أَوْ عَلَيَّ عَشَرَةُ أَفْلُسٍ كَاسِدَةٌ لَا يُصَدَّقُ وَصَلَ أَوْ فَصَلَ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَعِنْدَهُمَا يُصَدَّقُ إذَا وَصَلَ، وَعَلَيْهِ الْكَاسِدَةُ وَالسَّتُّوقَةُ فِي الْقَرْضِ، وَقِيمَةُ الْمَبِيعِ فِي الْبَيْعِ مِنْ الْوَجِيزِ. أَقَرَّ بِقَبْضِ أَلْفِ دِرْهَمٍ ثُمَّ قَالَ: هِيَ زُيُوفٌ يُصَدَّقُ، وَلَوْ قَالَ: هِيَ سَتُّوقَةٌ لَا يُصَدَّقُ وَإِنْ مَاتَ فَقَالَ وَرَثَتُهُ: هِيَ زُيُوفٌ لَمْ يُصَدَّقُوا. وَلَوْ قَالَ: لِفُلَانٍ عَلَيَّ أَلْفُ دِرْهَمٍ وَدِيعَةٌ ثُمَّ قَالَ: زُيُوفٌ يُصَدَّقُ، وَإِنْ مَاتَ الْمُقِرُّ فَقَالَ وَرَثَتُهُ هِيَ زُيُوفٌ لَا يُصَدَّقُونَ؛ لِأَنَّهُ صَارَ دَيْنًا فِي مَالِ الْمَيِّتِ وَفِي الْمُضَارَبَةِ الْوَدِيعَةِ وَالْغَصْبِ إذَا مَاتَ صَارَ دَيْنًا فِي مَالِهِ فَلَا يُصَدَّقُ الْوَرَثَةُ فِي دَعْوَى الزِّيَافَةُ. لَوْ كَتَبَ كِتَابًا فِيهِ إقْرَارٌ بَيْنَ يَدَيْ شُهُودٍ هَلْ يَكُونُ إقْرَارًا هَذِهِ أَقْسَامٌ أَحَدُهَا أَنْ يَكْتُبَ، وَلَمْ يَقُلْ شَيْئًا، فَهَذَا لَا يَكُونُ إقْرَارًا حَتَّى لَا يَحِلَّ لَهُمْ أَنْ يَشْهَدُوا بِمَا فِيهِ؛ لِأَنَّ الْكِتَابَةَ قَدْ تَكُونُ لِلتَّجْرِبَةِ وَقَالَ: الْقَاضِي الْإِمَامُ أَبُو عَلِيٍّ النَّسَفِيُّ إنْ كَانَ مَصْدَرًا مَكْتُوبًا عَلَى الرَّسْمِ، وَعَلِمَ الشَّاهِدُ بِمَا كَتَبَ وَسِعَهُ أَنْ يَشْهَدَ، وَإِنْ لَمْ يَقُلْ لَهُ: اشْهَدُوا كَمَا لَوْ خَاطَبَ هَكَذَا ذَكَرَ مُطْلَقًا فَيَقُولُ: إنْ كَتَبَ لِلْغَائِبِ عَلَى وَجْهِ الرِّسَالَةِ أَمَّا بَعْدُ فَلَكَ عَلَيَّ كَذَا فَهَذَا إقْرَارٌ؛ لِأَنَّ الْكِتَابَ لِلْغَائِبِ كَالْخِطَابِ لِلْحَاضِرِ أَمَّا فِي حَقِّ الْأَخْرَسِ فَيُشْتَرَطُ أَنْ يَكُونَ مُعَنْوَنًا وَمَصْدَرًا، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ كِتَابًا إلَى الْغَائِبِ الثَّانِي إذَا كَتَبَ وَقَرَأَ بَيْنَ يَدَيْ الشُّهُودِ فَهَذَا إقْرَارٌ مِنْهُ وَحِلٌّ لَهُمْ أَنْ يَشْهَدُوا عَلَيْهِ، وَإِنْ لَمْ يَقُلْ لَهُمْ: اشْهَدُوا عَلَيَّ بِمَا فِيهِ. الثَّالِثُ: أَنْ يَقْرَأَ عَلَيْهِ بَيْنَ أَيْدِيهِمْ فَإِنْ قَالَ لِلْكَاتِبِ: اشْهَدْ عَلَيَّ بِمَا فِيهِ فَهُوَ إقْرَارٌ، وَإِلَّا فَلَا. الرَّابِعُ: إذَا كَتَبَ بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَقَالَ: اشْهَدُوا بِمَا فِيهِ عَلَيَّ إنْ عَلِمُوا مَا فِيهِ كَانَ إقْرَارًا، وَإِلَّا فَلَا. وَلَوْ قَالَ: لِفُلَانِ عَلَيَّ مَالٌ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 376 نَفِيسٌ أَوْ كَرِيمٌ أَوْ خَطِيرٌ أَوْ جَلِيلٌ قَالَ: النَّاطِفِيُّ: لَمْ أَجِدْهُ مَنْصُوبًا وَكَانَ عَبْدُ اللَّهِ الْجُرْجَانِيِّ يَقُولُ: مِائَتَانِ، وَلَوْ قَالَ: أُلُوفُ دَرَاهِمَ فَثَلَاثَةُ آلَافٍ، وَلَوْ قَالَ: أُلُوفٌ كَثِيرَةٌ، فَعَشَرَةُ آلَافٍ، وَكَذَا فِي الْفُلُوسِ وَالدَّنَانِيرِ، وَلَوْ قَالَ: مَالٌ قَلِيلٌ لَزِمَهُ دِرْهَمٌ. وَلَوْ قَالَ: لَهُ عَلَيَّ عَشَرَةٌ وَأَضْعَافٌ مُضَاعَفَةٌ فَهِيَ ثَمَانُونَ. إذَا قَالَ: لِفُلَانٍ عَلَيَّ دَرَاهِمُ مَعَ كُلِّ دِرْهَمٍ أَوْ قَالَ: مَعَ كُلِّ دِرْهَمٍ مِنْ هَذِهِ الدَّرَاهِمِ دِرْهَمٌ لَزِمَهُ عِشْرُونَ، وَلَوْ قَالَ: هَذِهِ الدَّرَاهِمُ لَزِمَهُ أَحَدَ عَشَرَ دِرْهَمًا. وَلَوْ قَالَ: لِفُلَانِ عَلَيَّ كُلُّ دِرْهَمٍ مِنْ هَذِهِ الدَّرَاهِمِ لَزِمَهُ ثَلَاثَةُ دَرَاهِمَ فِي قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ عَشَرَةُ دَرَاهِمَ مِنْ الصُّغْرَى. إذَا أَقَرَّ الْأَبُ أَوْ الْوَصِيُّ بِغَصْبِ مَالِ الصَّغِيرِ لَا يَلْزَمُهُ شَيْءٌ؛ لِأَنَّهُ لَا يُتَصَوَّرُ غَصْبُهُ لِمَا أَنَّ لَهُ وِلَايَةَ الْأَخْذِ هَذِهِ فِي الرَّهْنِ مِنْ الْهِدَايَةِ. تَكْذِيبُ الْمُقَرِّ لَهُ الْمُقِرَّ فِي بَعْضِ مَا أَقَرَّ بِهِ لَا يُبْطِلُ إقْرَارَهُ هَذِهِ فِي الْجِنَايَةِ مِنْهَا مَاتَ الْمَدْيُونُ قَبْلَ تَمَامِ الْأَجَلِ فَطَالَبَ الدَّائِنُ ابْنَهُ فَقَالَ: اصْبِرْ حَتَّى يَحِلَّ الْأَجَلُ فَهُوَ إقْرَارٌ مِنْ الْقُنْيَةِ. إذَا أَقَرَّ بِالدِّينِ بَعْدَ الْإِبْرَاءِ مِنْهُ لَمْ يَلْزَمْهُ مِنْ الْأَشْبَاهِ وَفِيهِ إذَا أَقَرَّ بِأَنَّ فِي ذِمَّتِهِ لِزَوْجَتِهِ كِسْوَةً مَاضِيَةً فَفِي فَتَاوَى قَارِئِ الْهِدَايَةِ أَنَّهَا لَا تَلْزَمُهُ، وَلَكِنْ لِلْقَاضِي أَنْ يَسْمَعَهَا، وَلَا يَسْتَفْسِرَ الْمُقِرَّ انْتَهَى. وَإِنْ أَقَرَّ الْمَرِيضُ لِأَجْنَبِيٍّ جَازَ، وَإِنْ أَحَاطَ بِمَالِهِ وَإِنْ أَقَرَّ لِأَجْنَبِيٍّ ثُمَّ قَالَ: هُوَ ابْنِي ثَبَتَ نَسَبُهُ مِنْهُ، وَبَطَلَ إقْرَارُهُ، وَإِنْ أَقَرَّ لِأَجْنَبِيَّةٍ ثُمَّ تَزَوَّجَهَا لَمْ يَبْطُلْ إقْرَارُهُ لَهَا، وَمَنْ طَلَّقَ زَوْجَتَهُ فِي مَرَضِهِ ثَلَاثًا ثُمَّ أَقَرَّ لَهَا بِدَيْنٍ فَلَهَا الْأَقَلُّ مِنْ الدِّينِ وَمِنْ مِيرَاثِهَا مِنْهُ مِنْ الْهِدَايَةِ. وَلَوْ قَالَ: قَبَضْت مِنْ مَالِي عَلَى فُلَانٍ مِائَةً ثُمَّ قَالَ: وَجَدْتهَا زُيُوفًا صُدِّقَ وَصَلَ أَمْ فَصَلَ - اسْتِحْسَانًا، وَلَوْ قَالَ: سَتُّوقَةً أَوْ رَصَاصًا لَا يُصَدَّقُ، وَإِنْ قَالَ: قَبَضْت حَقِّي أَوْ الدَّيْنَ الَّذِي لِي عَلَيْهِ، وَهُوَ أَلْفٌ ثُمَّ قَالَ: وَجَدْتهَا زُيُوفًا لَا يُصَدَّقُ إلَّا إذَا وَصَلَ، وَلَا يَمِينَ عَلَى الْمَطْلُوبِ أَنَّهَا كَانَتْ جِيَادًا عِنْدَهُمَا. وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ: أُحَلِّفُهُ إذَا قَالَ اتَّهَمْته. أَقَرَّ بِقَبْضِ مَالَهُ عَلَى الشَّرِكَةِ وَقَالَ: هِيَ زُيُوفٌ صُدِّقَ وَصَلَ أَمْ فَصَلَ وَلِلشَّرِيكِ نِصْفُهُ إنْ شَاءُوا، وَإِنْ شَاءَ اتَّبَعَ الْمَطْلُوبَ بِالْجِيَادِ، وَإِنْ قَالَ مَفْصُولًا: هِيَ رَصَاصٌ لَمْ يُصَدَّقْ وَلِلشَّرِيكِ نِصْفُهَا جِيَادًا، وَإِنْ قَالَ: مَوْصُولًا يُصَدَّقُ، وَلَا شَيْءَ لِلشَّرِيكِ، وَإِنْ قَالَ: أَقْرَرْت لَك وَأَنَا صَبِيٌّ أَوْ نَائِمٌ فَالْقَوْلُ لَهُ مَعَ يَمِينِهِ، وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ، وَإِنْ قَالَ: وَأَنَا ذَاهِبُ الْعَقْلِ مِنْ بِرْسَامٍ إنْ كَانَ يَعْرِفُ أَنَّ ذَلِكَ أَصَابَهُ لَمْ يَلْزَمْهُ شَيْءٌ، وَإِلَّا يَلْزَمُهُ. وَلَوْ قَالَ: أَخَذْت مِنْك مَالًا وَقَطَعْت يَدَك، وَأَنَا حَرْبِيٌّ فَقَالَ الْمُقَرُّ لَهُ: لَا بَلْ بَعْدَ إسْلَامِك يَلْزَمُهُ الْمَالُ، وَكَذَا لَوْ قَالَ الْمَوْلَى لِمُعْتَقِهِ: أَخَذْت مِنْك مَالًا أَوْ قَطَعْت يَدَك قَبْلَ الْعِتْقِ وَقَالَ الْمُقَرُّ لَهُ: لَا بَلْ بَعْدَهُ أَوْ بَاعَهُ ثُمَّ أَقَرَّ أَنَّهُ أَخَذَ مِنْهُ مَالًا قَبْلَ الْبَيْعِ وَقَالَ الْمُقَرُّ لَهُ: لَا بَلْ بَعْدَهُ لَا يُصَدَّقُ الْمُقِرُّ وَيَلْزَمُهُ الْمَالُ عِنْدَهُمَا، وَقَالَ: مُحَمَّدٌ: يُصَدَّقُ فِي الْمُسْتَهْلِكِ دُونَ الْقَائِمِ بِعَيْنِهِ مِنْ الْوَجِيزِ. إذَا قَالَ لَهُ عَلَيَّ أَلْفُ دِرْهَمٍ أَوْ قَالَ: عَلَيَّ هَذَا الْجِدَارُ يَلْزَمُهُ الْأَلْفُ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَقَالَا: لَا يَلْزَمُهُ شَيْءٌ. وَلَوْ قَالَ: لَهُ عَلَيَّ أَلْفُ دِرْهَمٍ لَا بَلْ أَلْفَانِ يَسْقُطُ الْأَلْفُ الْمَضْرُوبُ عَنْهُ وَيَلْزَمُهُ أَلْفَانِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَقَالَ: زُفَرُ يَلْزَمُهُ ثَلَاثَةُ آلَافٍ وَإِذَا قَالَ: غَصَبْت مِنْ فُلَانٍ أَلْفَ دِرْهَمٍ ثُمَّ قَالَ: كُنَّا عَشَرَةً وَفُلَانٌ ادَّعَى أَنَّهُ هُوَ الْغَاصِبُ لِلْأَلْفِ تَبْطُلُ دَعْوَى الشَّرِكَةِ وَتَلْزَمُهُ الْأَلْفُ عِنْدَنَا، وَقَالَ: زُفَرُ يَلْزَمُهُ عَشَرَةُ آلَافٍ مِنْ الْمَجْمَعِ وَعَلَى هَذَا الْخِلَافِ لَوْ قَالَ: أَقْرَضَنَا فُلَانٌ أَوْ أَعَارَنَا، أَوْ أَوْدَعَنَا أَوْ قَالَ: لَهُ عَلَيْنَا، وَفُلَانٌ يَدَّعِي الجزء: 1 ¦ الصفحة: 377 عَلَيْهِ ذَكَرَهُ فِي الْحَقَائِقِ قُلْتُ: وَهَذَا لَا يَخْلُو مِنْ مُخَالَفَةٍ لِمَا مَرَّ عَنْ الْوَجِيزِ أَنَّهُ لَوْ قَالَ: لِفُلَانٍ عَلَيَّ وَعَلَى فُلَانٍ أَلْفٌ وَجَحَدَ فُلَانٌ وَالطَّالِبُ يَدَّعِي الْكُلَّ لَمْ يَلْزَمْهُ إلَّا النِّصْفُ، وَلَوْ قَالَ: لَهُ عَلَيَّ مِائَةٌ فِي عِلْمِي يَلْزَمُهُ مَا أَقَرَّ بِهِ عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ وَقَالَا: لَا يَلْزَمُهُ شَيْءٌ مِنْ الْمَجْمَعِ، وَلَوْ قَالَ: فِي ظَنِّي لَا يَلْزَمُهُ شَيْءٌ اتِّفَاقًا، وَلَوْ قَالَ: قَدْ عَلِمْت يَلْزَمُهُ اتِّفَاقًا مِنْ شَرْحِهِ. وَلَوْ قَالَ: أَسْلَمْت إلَيَّ عَشَرَةَ دَرَاهِمَ فِي كَرِّ حِنْطَةٍ أَوْ قَالَ: أَسْلَمْت إلَيَّ ثَوْبًا فِي كَرِّ حِنْطَةٍ ثُمَّ قَالَ بَعْدَ مَا سَكَتَ: إلَّا أَنِّي لَمْ أَقْبِضْهَا مِنْك وَقَالَ رَبُّ السَّلَمِ: قَبَضْت فَالْقَوْلُ لِرَبِّ السَّلَمِ مَعَ يَمِينِهِ اسْتِحْسَانًا وَفِي الْقِيَاسِ لِلْمُسْلَمِ إلَيْهِ، وَكَذَا لَوْ قَالَ: أَعْطَيْتنِي عَشَرَةَ دَرَاهِمَ ثُمَّ قَالَ بَعْدَ ذَلِكَ: إلَّا أَنِّي لَمْ أَقْبِضْهَا فَهَذَا كُلُّهُ عَلَى الْقِيَاسِ وَالِاسْتِحْسَانِ، وَإِنْ قَالَ: أَعْطَيْتنِي لَكِنْ لَمْ تَدْفَعْ إلَيَّ وَوَصَلَ كَلَامَهُ صُدِّقَ. وَلَوْ قَالَ: دَفَعْت إلَيَّ أَلْفًا أَوْ نَقَدْتنِي أَلْفًا فَلَمْ أَقْبَلْهَا قَالَ: أَبُو يُوسُفَ لَا يُصَدَّقْ، وَهُوَ ضَامِنٌ وَقَالَ مُحَمَّدٌ: الْقَوْلُ قَوْلُهُ، وَلَا ضَمَانَ. وَلَوْ قَالَ: قَبَضْت مِنْك أَلْفًا أَوْ أَخَذْت مِنْك أَلْفًا لَكِنْ لَمْ تَدَعْنِي حَتَّى أَذْهَبَ بِهِ لَا يُصَدَّقُ، وَهُوَ ضَامِنٌ. لَوْ قَالَ: لَهُ عَلَيَّ أَلْفُ دِرْهَمٍ مِنْ ثَمَنِ مَيْتَةٍ أَوْ خَمْرٍ كَانَ ذَلِكَ بَاطِلًا قَالَ: النَّاطِفِيُّ عَلَى قِيَاسِ قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ يَلْزَمُهُ الْمَالُ، وَذَكَرَ ابْنُ سِمَاعَةَ فِي نَوَادِرِ أَبِي يُوسُفَ لَوْ قَالَ لِفُلَانٍ عَلَيَّ أَلْفُ دِرْهَمٍ حَرَامٌ أَوْ بَاطِلٌ لَزِمَهُ فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ وَإِنْ قَالَ: مِنْ ثَمَنِ خَمْرٍ وَصَدَّقَهُ الْمُدَّعِي قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ: يَجِبُ الْمَالُ وَقَالَا: لَا يَجِبُ بِنَاءً عَلَى مَسْأَلَةِ تَوْكِيلِ الْمُسْلِمِ الذِّمِّيَّ بِشِرَاءِ الْخَمْرِ وَإِنْ كَذَّبَهُ يَجِبُ أَنْ يَكُونَ أَيْضًا عَلَى الِاخْتِلَافِ، وَإِنْ أَقَرَّ بِالْمَالِ مِنْ وَجْهٍ يَلْزَمُهُ وَصَدَّقَهُ الْمُدَّعِي فِي ذَلِكَ الْوَجْهِ انْتَهَى الْكَلَامُ، وَإِنْ كَذَّبَهُ فِي ذَلِكَ الْوَجْهِ وَادَّعَى سَبَبًا آخَرَ إنْ لَمْ يَكُنْ بَيْنَ السَّبَبَيْنِ مُنَافَاةٌ يَجِبُ الْمَالُ نَحْوَ مَا إذَا قَالَ: الْمُدَّعَى عَلَيْهِ عَلَيَّ أَلْفُ دِرْهَمٍ بَدَلُ الْقَرْضِ وَقَالَ الْمُدَّعِي: بَلْ بَدَلُ الْغَصْبِ. وَإِنْ كَانَ بَيْنَ السَّبَبَيْنِ مُنَافَاةٌ بِأَنْ قَالَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ ثَمَنُ عَبْدٍ بَاعَنِيهِ إلَّا أَنِّي لَمْ أَقْبِضْ وَقَالَ الْمُدَّعِي بَلْ بَدَلُ قَرْضٍ أَوْ غَصْبٍ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ الْعَبْدُ فِي يَدِ الْمُدَّعِي بِأَنْ كَانَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ أَقَرَّ بِبَيْعِ عَبْدٍ لَا بِعَيْنِهِ فَعِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ يَلْزَمُهُ الْمَالُ صَدَّقَهُ الْمُدَّعِي فِي الْحُجَّةِ أَوْ كَذَّبَهُ، وَلَا يُصَدَّقُ فِي قَوْلِهِ لَمْ أَقْبِضْ قِيلَ وَهِيَ مَسْأَلَةُ كِتَابِ الْبُيُوعِ، وَإِنْ كَانَ الْعَبْدُ فِي يَدِ الْمُدَّعِي بِأَنْ كَانَ الْمُقِرُّ عَيَّنَ فِي إقْرَارِهِ عَبْدًا فَإِنْ صَدَّقَهُ الْمُدَّعِي يُؤْمَرُ بِالدَّفْعِ وَالْأَخْذِ، وَكَذَا إذَا قَالَ: الْعَبْدُ لَيْسَ لِي وَلَكِنَّ هَذِهِ الْأَلْفَ عَلَيْهِ لِي مِنْ غَيْرِ ثَمَنِ هَذَا الْعَبْدِ، وَإِنْ كَذَّبَهُ وَقَالَ: الْعَبْدُ لِي وَمَا بِعْته أَصْلًا إنَّمَا لِي عَلَيْهِ بِسَبَبٍ آخَرَ مِنْ بَدَلٍ أَوْ قَرْضٍ أَوْ غَصْبٍ فَالْقَوْلُ لِلْمُدَّعَى عَلَيْهِ مَعَ يَمِينِهِ بِاَللَّهِ مَا لِهَذَا عَلَيْهِ أَلْفٌ مِنْ غَيْرِ ثَمَنِ هَذَا الْعَبْدِ مِنْ الْوَجْه الَّذِي ادَّعَاهُ. وَذَكَرَ فِي إقْرَارِ الْكَافِي إذَا قَالَ: لِفُلَانٍ عَلَيَّ أَلْفٍ مِنْ هَذَا الْعَبْدِ الَّذِي فِي يَدِي فَإِنْ أَقَرَّ الطَّالِبُ بِذَلِكَ وَسَلَّمَ لَهُ أَخَذَهُ بِالْمَالِ، وَإِنْ قَالَ: لَمْ أَبِعْك هَذَا وَبِعْتُك غَيْرَهُ، وَأَخَذَ مِنْهُ الْعَبْدَ وَحَلَفَ عَلَيْهِ لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ شَيْءٌ قَالَ الْحَاكِمُ: وَقَدْ قَالَ فِي آخِرِ الْكِتَابِ: إنَّ أَبَا حَنِيفَةَ كَانَ يُحَلِّفُ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا عَلَى دَعْوَى صَاحِبِهِ وَيَرُدُّ الْعَبْدَ، وَيُبْطِلُ الْمَالَ وَهُوَ قَوْلُ أَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ، وَلَوْ قَالَ: هَذَا الْعَبْدُ لَك، وَلَمْ أَبِعْك وَبِعْتُك غَيْرَهُ كَانَ الْمَالُ لَازِمًا، وَلَوْ قَالَ: عَلَيَّ أَلْفُ دِرْهَمٍ مِنْ ثَمَنِ هَذَا الْعَبْدِ الَّذِي فِي يَدِهِ فَقَالَ الْمُقَرُّ لَهُ: لَمْ أَبِعْك هَذَا الْعَبْدَ وَبِعْتُك غَيْرَهُ لَمْ يَكُنْ عَلَى الْمُقِرِّ شَيْءٌ فِي قَوْلِهِمْ جَمِيعًا إلَّا إذَا قَالَ: لِفُلَانٍ عَلَيَّ أَلْفُ دِرْهَمٍ مِنْ ثَمَنِ مَتَاعٍ فَقَالَ فُلَانٌ مَا كَانَ لِي عَلَيْهِ أَلْفٌ قَطُّ مِنْ ثَمَنِ مَتَاعٍ وَسَكَتَ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 378 ثُمَّ ادَّعَى الْأَلْفَ أَنَّهَا قَرْضٌ لَمْ يُصَدَّقْ. قَالَ لِآخَرَ: هَذِهِ الْأَلْفُ لَك وَدِيعَةٌ فَقَالَ: لَيْسَتْ بِوَدِيعَةٍ لِي وَلَكِنْ لِي عَلَيْك أَلْفٌ قَرْضٌ أَوْ ثَمَنُ مَبِيعٍ فَجَحَدَ ذُو الْيَدِ أَلْفَ الدَّيْنِ الْوَدِيعَةِ فَأَرَادَ الْمُقَرُّ لَهُ أَخْذَ الْأَلْفِ الْوَدِيعَةِ قِصَاصًا عَنْ الدَّيْنِ لَمْ يَكُنْ لَهُ ذَلِكَ، وَكَذَا كُلُّ مَالٍ أَصْلُهُ أَمَانَةٌ كَالْمُضَارَبَةِ وَغَيْرِهَا. وَلَوْ قَالَ الْمُقَرُّ لَهُ: لَيْسَتْ بِوَدِيعَةٍ لَكِنْ أَقْرَضْتُكَهَا بِعَيْنِهَا فَجَحَدَ الْمُقِرُّ الْوَدِيعَةَ وَالْقَرْضَ فَلِلْمُقَرِّ لَهُ أَنْ يَأْخُذَ الْأَلْفَ بِعَيْنِهَا إلَّا أَنْ يُصَدِّقَهُ فِي الْقَرْضِ فَلَا يَأْخُذْهَا، وَهُوَ قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ وَعِنْدَ أَبِي يُوسُفَ يَأْخُذُهَا بِعَيْنِهَا، وَلَوْ قَالَ: لَك عَلَيَّ أَلْفٌ قَرْضٌ فَقَالَ: لَيْسَ لِي عَلَيْك أَلْفٌ قَرْضٌ لَكِنَّهَا ثَمَنُ مَبِيعٍ فَجَحَدَ الْمُقِرُّ ثَمَنَ الْمَبِيعِ وَالْقَرْضِ فَلِلْمُقَرِّ لَهُ أَنْ يَأْخُذَ الْأَلْفَ الْقَرْضَ قِصَاصًا. وَلَوْ قَالَ: هَذِهِ الْأَلْفُ أَخَذْتهَا مِنْك غَصْبًا فَقَالَ: لَمْ تَأْخُذْهَا مِنِّي وَلَكِنْ لِي عَلَيْك أَلْفٌ مِنْ ثَمَنِ مَبِيعٍ فَجَحَدَ الْمُقِرُّ الدَّيْنَ وَالْغَصْبَ فَلَيْسَ لِلْمُقَرِّ لَهُ عَلَى الْأَلْفِ الْغَصْبِ سَبِيلٌ، وَلَهُ أَنْ يَأْخُذَ بِأَلْفٍ آخَرَ، وَدَلَّتْ الْمَسْأَلَةُ عَلَى أَنَّ الْغَصْبَ يُوجِبُ الضَّمَانَ بِنَفْسِهِ هَذِهِ الْجُمْلَةُ مِنْ الصُّغْرَى. لَوْ قَالَ رَجُلٌ أَقْرَضَنِي أَوْ أَعَارَنِي أَوْ وَهَبَنِي أَلْفَ دِرْهَمٍ هَذَا الصَّبِيُّ يَلْزَمُهُ، وَإِنْ كَانَ لَا يَتَكَلَّمُ، وَلَا يَعْقِلُ، وَلَوْ قَالَ: هُوَ شَرِيكِي فِيمَا هُوَ فِي هَذَا الْحَانُوتِ ثُمَّ قَالَ: مَا خَلَا الْعَدْلِ الزُّطِّيِّ فِي الْحَانُوتِ لَا يُصَدَّقُ، وَهُوَ عَلَى الشَّرِكَةِ وَفِي رِوَايَةٍ يُقْبَلُ وَقِيلَ إنْ كَانَ الْحَانُوتُ مُغْلَقًا مِنْ يَوْمِ الْإِقْرَارِ إلَى يَوْمِ الْفَتْحِ لَا يُقْبَلُ قَوْلُهُ، وَإِلَّا يُقْبَلُ قَوْلُهُ. قَالَ: هُوَ شَرِيكِي فِي هَذَا الْحَانُوتِ فِي عَمَلِ كَذَا فَكُلُّ شَيْءٍ فِيهِ مِنْ عَمَلٍ أَوْ مَتَاعِ ذَلِكَ الْعَمَلِ فَهُوَ بَيْنَهُمَا، وَلَوْ قَالَ: مَا هُوَ شَرِيكِي فِي الطَّحْنِ، وَفِي يَدِهِ مَتَاعُ الطَّحْنِ فَلَا شَيْءَ لَلْمُقَرِّ لَهُ مِنْ ذَلِكَ مِنْ الْوَجِيزِ. إذَا أَقَرَّ لِرَجُلٍ بِسَهْمٍ مِنْ دَارِهِ فَهُوَ إقْرَارٌ بِالسُّدُسِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَقَالَا: الْبَيَانُ إلَى الْمُقِرِّ مِنْ الْمَجْمَعِ وَفِي الشِّقْصِ وَالنَّصِيبِ وَالطَّائِفَةِ وَالْقِطْعَةِ وَالْجُزْءِ يَلْزَمُهُ الْبَيَانُ بِالِاتِّفَاقِ مِنْ الْحَقَائِقِ. إذَا قَالَ: لِفُلَانٍ شِرْكٌ فِي هَذَا الْعَبْدِ فَلَهُ نِصْفُهُ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَعِنْدَ مُحَمَّدٍ: لَهُ أَنْ يُبَيِّنَ مَا شَاءَ مِنْ الْمَجْمَعِ قَالَ فِي الْحَقَائِقِ: وَإِنَّمَا وَضَعَ فِي الشِّرْكِ بِدُونِ الْهَاءِ؛ لِأَنَّ مَعَهَا لَهُ النِّصْفُ بِالِاتِّفَاقِ. إذَا ادَّعَى رَجُلٌ عَلَى مَيِّتٍ دَيْنًا فَصَدَّقَهُ بَعْضُ الْوَرَثَةِ وَجَحَدَ الْبَاقُونَ يُؤْخَذُ مِنْ حِصَّةِ الْمُصَدِّقِ جَمِيعُ الدَّيْنِ عِنْدَنَا، وَعِنْدَ الشَّافِعِيِّ يُؤْخَذُ مَا يَخُصُّهُ مِنْ الدَّيْنِ مِنْ الْمَجْمَعِ، وَقَدْ مَرَّتْ فِي الدَّعْوَى. وَفِي الْهِدَايَةِ مِنْ الْوَصِيَّةِ إذَا أَقَرَّ أَحَدُ ابْنَيْنِ بِدَيْنٍ لِغَيْرِهِ دَفَعَ جَمِيعَ مَا فِي يَدِهِ إلَّا إذَا كَانَ الدَّيْنُ مُسْتَغْرِقًا نَصِيبَهُ انْتَهَى. وَفِي الْفُصُولَيْنِ ادَّعَى عَلَى مَيِّتٍ حَقًّا أَوْ شَيْئًا مِمَّا كَانَ بِيَدِهِ فَأَقَرَّ الْوَارِثُ بِهِ لَزِمَهُ فِي حِصَّتِهِ حَتَّى يَسْتَغْرِقَهَا. وَفِي أَدَبِ الْقَاضِي وَزَادَ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ الْحَلْوَانِيُّ زِيَادَةً يُحْتَاجُ إلَيْهَا، وَلَمْ يَشْتَرِطْهَا أَحَدٌ سِوَاهُ وَهِيَ أَنْ يَقْضِيَ الْقَاضِي عَلَى هَذَا الْوَارِثِ، وَإِنَّمَا يَظْهَرُ هَذَا فِي مَسْأَلَةٍ فِي الزِّيَادَاتِ وَهِيَ أَنْ أَحَدَ الْوَرَثَةِ لَوْ أَقَرَّ بِدَيْنٍ ثُمَّ شَهِدَ هُوَ وَآخَرُ بِذَلِكَ الدَّيْنِ تُقْبَلُ شَهَادَةُ الْمُقِرِّ فَلَوْ حَلَّ الدَّيْنُ فِي نَصِيبِهِ بِمُجَرَّدِ إقْرَارِهِ لَمْ تُقْبَلْ شَهَادَتُهُ لِمَا فِيهَا مِنْ دَفْعِ الْمَغْرَمِ قَالَ: وَيَنْبَغِي أَنْ تُحْفَظَ هَذِهِ الرِّوَايَةُ. وَفِي مَوْضِعٍ آخَرَ قَالَ: شَمْسُ الْأَئِمَّةِ الْحَلْوَانِيُّ قَالَ مَشَايِخُنَا: هُنَا زِيَادَةُ شَيْءٍ لَا يُشْتَرَطُ فِي الْكُتُبِ، وَهُوَ أَنْ يَقْضِيَ الْقَاضِي إلَخْ قَالَ قَاضِي خَانْ: يَنْبَغِي لِلْقَاضِي أَنْ يَسْأَلَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ هَلْ مَاتَ مُورَثُك فَإِنْ قَالَ: نَعَمْ فَحِينَئِذٍ يَسْأَلُ عَنْ دَعْوَى الْمَالِ فَلَوْ أَقَرَّ وَكَذَّبَهُ بَقِيَّةُ الْوَرَثَةِ، وَلَمْ يَقْضِ بِإِقْرَارِهِ حَتَّى شَهِدَ هَذَا الْوَارِثُ وَأَجْنَبِيٌّ بِهِ تُقْبَلُ وَيَقْضِي عَلَى جَمِيعِ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 379 الْوَرَثَةِ، وَشَهَادَتُهُ بَعْدَ الْحُكْمِ عَلَيْهِ بِإِقْرَارِهِ لَا تُقْبَلُ، وَلَوْ لَمْ يُقِمْ الْبَيِّنَةَ، وَأَقَرَّ بِهِ الْوَارِثُ أَوْ نَكَلَ فَفِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ يَأْخُذُ كُلَّ الدَّيْنِ مِنْ حِصَّةِ الْمُقِرِّ؛ لِأَنَّهُ مُقِرٌّ بِأَنَّ الدَّيْنَ مُقَدَّمٌ عَلَى إرْثِهِ، وَقَالَ: أَبُو اللَّيْثِ هُوَ الْقِيَاسُ وَلَكِنَّ الْمُخْتَارَ عِنْدِي يَلْزَمُهُ بِالْحِصَّةِ وَهُوَ قَوْلُ الشَّعْبِيِّ وَالْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ وَمَالِكٍ وَابْنِ أَبِي لَيْلَى وَسُفْيَانَ وَغَيْرِهِمْ مِمَّنْ تَابَعَهُمْ، وَهَذَا الْقَوْلُ أَعْدَلُ، وَأَبْعَدُ مِنْ الضَّرَرِ. وَفِي الْخِزَانَةِ، وَلَوْ بَرْهَنَ لَا يَأْخُذُ إلَّا بِالْحِصَّةِ وِفَاقًا وَفِي الرِّوَايَةِ يَأْخُذُ بِالْحِصَّةِ لَوْ ظَفِرَ بِهِمْ جُمْلَةً عِنْدَ الْقَاضِي أَمَّا إذَا ظَفِرَ بِأَحَدِهِمْ يَأْخُذُ مِنْهُ جَمِيعَ مَا فِي يَدِهِ انْتَهَى مَا فِي الْفُصُولَيْنِ. رَجُلٌ مَاتَ وَتَرَكَ أَخَوَيْنِ فَأَقَرَّ أَحَدُهُمَا بِأَخٍ ثَالِثٍ، وَأَنْكَرَ الْآخَرُ قَالَ عُلَمَاؤُنَا: يَأْخُذُ الْمُقَرَّ لَهُ نِصْفَ مَا فِي يَدِ الْمُقِرِّ وَقَالَ ابْنُ أَبِي لَيْلَى يَأْخُذُ مِنْهُ ثُلُثَ مَا فِي يَدِهِ. رَجُلٌ مَاتَ وَتَرَكَ أَلْفًا فَادَّعَى رَجُلٌ عَلَى الْمَيِّتِ أَلْفَ دِرْهَمٍ، وَأَقَامَ الْبَيِّنَةَ، وَقَضَى الْقَاضِي لَهُ بِالْأَلْفِ، وَدَفَعَ إلَيْهِ ثُمَّ جَاءَ رَجُلٌ آخَرُ، وَادَّعَى عَلَى الْمَيِّتِ أَلْفَ دِرْهَمٍ، وَأَنْكَرَ وَرَثَتُهُ، وَصَدَّقَهُ الْمَقْضِيُّ لَهُ بِالْأَلْفِ فَإِنَّ الثَّانِيَ يَأْخُذُ مِنْ الْمَقْضِيِّ لَهُ نِصْفَ مَا فِي يَدِهِ. وَلَوْ ادَّعَى بَعْضُ الْوَرَثَةِ دَيْنًا عَلَى مُورَثِهِ وَصَدَّقَهُ الْبَعْضُ فَإِنَّهُ يَأْخُذُ الدِّينَ مِنْ نَصِيبِ مَنْ صَدَّقَهُ بَعْدَ أَنْ يَطْرَحَ نَصِيبَ الْمُدَّعِي مِنْ ذَلِكَ الدَّيْنِ مِنْ فَصْلِ مَا يَتَعَلَّقُ بِالنِّكَاحِ مِنْ دَعَاوَى قَاضِي خَانْ. وَفِي الْفُصُولَيْنِ نَقْلًا عَنْ الْمُخْتَلِفَاتِ الْقَدِيمَةِ لِلْمَشَايِخِ تَرَكَ ابْنَيْنِ وَثَلَاثَةَ آلَافِ دِرْهَمٍ فَأَقَرَّ أَحَدُهُمَا بِأَلْفٍ لِرَجُلٍ يَأْخُذُ مِنْهُ نِصْفَ مَا فِي يَدِهِ فِي قَوْلِ زُفَرَ وَثُلُثَ مَا فِي يَدِهِ فِي قَوْلِ عُلَمَائِنَا إذْ أَقَرَّ لَهُ بِأَلْفٍ فِي مَحَلَّيْنِ فَأَصَابَ كِلَا نِصْفِهِ وَهُوَ ثُلُثُ مَا فِي يَدِهِ فَقُبِلَ إقْرَارُهُ فِي حَقِّهِ لَا فِي حَقِّ غَيْرِهِ ثُمَّ قَالَ: أَقُولُ هَذَا يُخَالِفُ مَا تَقَدَّمَ وَفِيهَا أَحَدُ الْوَرَثَةِ لَوْ أَقَرَّ بِالْوَصِيَّةِ يُؤْخَذُ مِنْهُ مَا يَخُصُّهُ وِفَاقًا. تَرَكَ ثَلَاثَ بَنِينَ وَثَلَاثَةَ آلَافِ دِرْهَمٍ فَأَخَذَ كُلٌّ أَلْفًا فَادَّعَى رَجُلٌ أَنَّ الْمَيِّتَ أَوْصَى لَهُ بِثُلُثِ مَالِهِ، وَصَدَّقَهُ أَحَدُهُمْ فَالْقِيَاسُ أَنْ يَأْخُذَ مِنْهُ ثَلَاثَةَ أَخْمَاسِ مَا فِي يَدِهِ، وَهُوَ قَوْلُ زُفَرَ، وَفِي الِاسْتِحْسَانِ: يَأْخُذُ مِنْهُ ثُلُثَ مَا فِي يَدِهِ لِمَا مَرَّ وَهُوَ قَوْلُ عُلَمَائِنَا. مَالٌ بِيَدِهِ زَعَمَ أَنَّهُ وَرِثَهُ مِنْ امْرَأَتِهِ ثُمَّ قَالَ لِرَجُلٍ: أَنْتَ أَخُوهَا فَقَالَ: الْمُقَرُّ لَهُ: أَنَا أَخُوهَا وَلَسْت أَنْتَ زَوْجَهَا قَالَ: أَبُو يُوسُفَ الْمَالُ بَيْنَهُمَا نِصْفَانِ وَقَالَ زُفَرُ كُلُّهُ لِلْأَخِ إلَّا أَنْ يُبَرْهِنُ الزَّوْجُ أَنَّهُ زَوْجُهَا، وَفِي الْمَجْمَعِ وَضَعَ الْخِلَافَ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ بَيْنَ أَبِي يُوسُفَ وَبَيْنَ الشَّيْخَيْنِ قُلْتُ وَهُوَ الْأَصَحُّ وَسَيَأْتِي دَلِيلُ الشَّيْخَيْنِ عَنْ قَرِيبٍ وَهَاهُنَا ثَلَاثُ مَسَائِلَ: إحْدَاهَا: هَذِهِ وَالثَّانِيَةُ: مَجْهُولُ النَّسَبِ فِي يَدِهِ مَالٌ فَقَالَ: وَرِثْته مِنْ أَبِي فُلَانٍ ثُمَّ أَقَرَّ بِأَخٍ لِأَبٍ وَأُمٍّ فَقَالَ الْمُقَرُّ لَهُ: أَنَا ابْنُهُ لَا أَنْتَ قَالَ أَبُو يُوسُفَ: الْمَالُ بَيْنَهُمَا نِصْفَانِ، وَقَالَ زُفَرُ: كُلُّهُ لَلْمُقَرِّ لَهُ. وَالثَّالِثَةُ امْرَأَةٌ أَقَرَّتْ أَنَّهَا وَرِثَتْهُ مِنْ زَوْجِهَا فُلَانٍ ثُمَّ أَقَرَّتْ بِأَخٍ لِزَوْجِهَا فَقَالَ: الْأَخُ أَنَا أَخُوهُ وَلَسْت أَنْتِ امْرَأَتَهُ فَقَالَ: أَبُو يُوسُفَ لِلْمَرْأَةِ الرُّبُعُ، وَالْبَاقِي لِلْأَخِ. وَقَالَ زُفَرُ: كُلُّهُ لِلْأَخِ إلَّا إذَا بَرْهَنَتْ. مَاتَ وَتَرَكَ أَلْفًا بِيَدِ آخَرَ فَقَالَ: ذُو الْيَدِ مَاتَ أَبِي، وَهُوَ أَبُوك وَتَرَكَ هَذِهِ الْأَلْفَ وَقَالَ الْمُقَرُّ لَهُ هُوَ أَبِي لَا أَبُوك فَالْمَالُ بَيْنَهُمَا نِصْفَانِ إذْ الِاسْتِحْقَاقُ لَمْ يَثْبُتْ إلَّا بِإِقْرَارِهِ، وَلَمْ يُقِرَّ لَهُ إلَّا بِالنِّصْفِ، وَعَلَى هَذَا كُلُّ مَنْ بِيَدِهِ مَالٌ يَزْعُمُ أَنَّهُ يَسْتَحِقُّهُ مِنْ مَيِّتٍ بِنَسَبٍ، وَلَوْ أَقَرَّ بِوَارِثٍ غَيْرِ مَعْرُوفٍ وَكَذَّبَهُ الْمُقَرُّ لَهُ فَالْقَوْلُ لِلْمُقِرِّ، فَأَمَّا لَوْ ادَّعَى ذُو الْيَدِ الزَّوْجِيَّةَ، وَأَقَرَّ بِوَارِثٍ، وَأَنْكَرَ الْمُقَرُّ لَهُ الزَّوْجِيَّةَ فَلَا شَيْءَ لِلْمُقِرِّ حَتَّى يُبَرْهِنَ، وَالْفَرْقُ: أَنَّ الْقَرَابَةَ سَبَبٌ أَصْلِيٍّ لِلِاسْتِحْقَاقِ وَالزَّوْجِيَّةُ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 380 سَبَبٌ طَارِئٌ فَلَمَّا أَقَرَّ بِسَبَبٍ، وَادَّعَى لِنَفْسِهِ حَقًّا طَارِئًا لَمْ يُصَدَّقْ إلَّا بِبَيِّنَةٍ، وَأَمَّا فِي النَّسَبِ فَهُمَا سَوَاءٌ. وَارِثٌ مَعْرُوفٌ أَقَرَّا بِوَارِثٍ آخَرَ قَاسَمَهُ مَا بِيَدِهِ عَلَى مُوجِبِ إقْرَارِهِ؛ إذْ أَقَرَّ بِاسْتِحْقَاقِ الْمَالِ فَنَفَذَ فِي حَقِّ الْمَالِ لَا فِي حَقِّ النَّسَبِ؛ إذْ فِيهِ حَمْلُ النَّسَبِ عَلَى الْغَيْرِ، فَلَوْ أَقَرَّ بِآخَرَ بَعْدَهُ، فَلَوْ صَدَّقَهُ الْمُقَرُّ لَهُ الْأَوَّلُ اقْتَسَمُوا مَا بِيَدِهِمَا بِحَسَبِ مَا أَقَرَّا، وَلَوْ كَذَّبَهُ فَلَوْ دَفَعَ إلَى الْأَوَّلِ بِقَضَاءٍ فَلَا يَضْمَنُ فَيَصِيرُ مَا دَفَعَ كَهَالِكٍ، فَيُقْسَمُ مَا بِيَدِهِ بَيْنَهُمَا، وَلَوْ دَفَعَ بِلَا قَضَاءٍ يُجْعَلُ الْمَدْفُوعُ كَبَاقٍ فِي يَدِهِ فَيَضْمَنُ، وَيَدْفَعُ إلَيْهِ حَقَّهُ مِنْ الْكُلِّ؛ لِأَنَّهُ مُخْتَارٌ فِي التَّسْلِيمِ، وَقَدْ أَقَرَّ أَنَّهُ أَسْلَمَ بِغَيْرِ حَقٍّ فَيَضْمَنُ. تَرَكَ ثَلَاثَ بَنِينَ فَأَقَرَّ أَحَدُهُمْ بِامْرَأَةٍ لِلْمَيِّتِ فَإِنَّهُ يُعْطِيهَا ثَلَاثَةَ أَعْشَارِ مَا بِيَدِهِ، فَإِنَّ الْأَصْلَ فِي إقْرَارِ الْوَارِثِ بِوَارِثٍ آخَرَ أَنْ يَنْظُرَ إلَى نَصِيبِ الْمُقِرِّ وَنَصِيبِ الْمُقَرِّ لَهُ لَوْ كَانَ مَعْرُوفًا، فَيُقْسَمُ مَا فِي يَدِ الْمُقِرِّ عَلَى ذَلِكَ. وَلَوْ تَرَكَتْ ثَلَاثَ بَنِينَ فَأَقَرَّ أَحَدُهُمْ بِزَوْجٍ لِلْمَيِّتَةِ فَإِنَّهُ يُعْطِيهِ نِصْفَ مَا بِيَدِهِ أَقُولُ: فِيهِ نَظَرٌ. وَلَوْ تَرَكَ ابْنَتَيْنِ فَأَقَرَّتْ إحْدَاهُمَا بِامْرَأَةٍ لِلْمَيِّتِ فَإِنَّهَا تُعْطِيهَا ثَلَاثَةَ أَجْزَاءٍ مِنْ أَحَدَ عَشَرَ جُزْءًا مِمَّا بِيَدِهَا امْرَأَةٌ تَرَكَتْ زَوْجًا، وَأُمًّا وَأُخْتًا لِأَبٍ وَأُمٍّ فَأَقَرَّتْ الْأُخْتُ وَالزَّوْجُ بِأَخٍ لِأَبٍ وَأُمٍّ فَإِنَّهُ يُقْسَمُ مَا بِيَدِهِمَا عَلَى خَمْسَةَ عَشَرَ سَهْمًا فَلِلزَّوْجِ تِسْعَةُ أَسْهُمٍ وَلِلْأَخِ وَالْأُخْتِ سِتَّةٌ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ، وَيُقَالُ لِهَذِهِ الْمَسْأَلَةِ عِشْرِينِيَّةَ؛ لِأَنَّهَا لَا تَصِحُّ إلَّا مِنْ عِشْرِينَ إذْ فَرِيضَةُ الْإِنْكَارِ مِنْ ثَمَانِيَةِ أَسْهُمٍ وَفَرِيضَةُ الْإِقْرَارِ مِنْ سِتَّةِ أَسْهُمٍ إلَّا أَنَّ لِلْأُمِّ مِنْ فَرِيضَةِ الْإِنْكَارِ رُبُعُ الْمَالِ، وَذَلِكَ سَهْمَانِ مِنْ ثَمَانِيَةٍ، وَمِنْ فَرِيضَةِ الْإِقْرَارِ سُدُسُ الْمَالِ، وَذَلِكَ سَهْمٌ مِنْ سِتَّةٍ فَالزَّوْجُ وَالْأُخْتُ لَا يُصَدَّقَانِ فِي إبْطَالِ بَعْضِ حَقِّ الْأُمِّ فَيُحْتَاجُ إلَى حِسَابٍ لَهُ رُبُعٌ، وَمَا بَقِيَ يَسْتَقِيمُ عَلَى خَمْسَةَ عَشَرَ، وَأَقَلُّ ذَلِكَ عِشْرُونَ لِلْأُمِّ رُبُعُ الْمَالِ مِنْ ذَلِكَ، وَذَلِكَ خَمْسَةٌ فَيَبْقَى خَمْسَةَ عَشَرَ لِلزَّوْجِ مِنْ ذَلِكَ تِسْعَةٌ، وَلِلْأَخِ وَالْأُخْتِ سِتَّةٌ بَيْنَهُمَا لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ، وَتَبَيَّنَ مِنْ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ أَنَّ الزَّوْجَ أَوْ الزَّوْجَةَ إذَا أَقَرَّ بِوَارِثٍ آخَرَ يَصِحُّ إقْرَارُهُمَا عَلَى نَفْسِهِمَا، وَالْمُقَرُّ لَهُ يُشْرِكُهُمَا فِيمَا قَبَضَا، وَلَوْ كَانَ الْمُقَرُّ لَهُ مِمَّنْ لَا يَنْقُصُ بِهِ حَقُّهُمَا مِنْ النِّصْفِ إلَى الرُّبُعِ أَوْ مِنْ الرُّبُعِ إلَى الثُّمُنِ كَمَا فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ، وَقَالَ بَعْضُهُمْ: إنَّ الزَّوْجَ لَوْ أَقَرَّ بِأَخٍ لِلْمَيِّتِ أَوْ بِعَمٍّ لَهُ وَكَذَّبَهُ سَائِرُ الْوَرَثَةِ فَالْمُقَرُّ لَهُ لَا يُشْرِكُهُ فِيمَا قَبَضَ؛ إذْ وُجُودُ الْمُقَرِّ لَهُ وَعَدَمُهُ سَوَاءٌ فِي حَقِّهِ إذْ لَا يُنْقِصُهُ مِنْ نُصِيبهُ شَيْئًا، وَقَدْ صَرَّحَ فِي الْمَسْأَلَةِ أَنَّهُ يُشْرِكهُ فِيمَا قَبَضَ هَذِهِ الْجُمْلَةَ مِنْ الْفُصُولَيْنِ. مَاتَ وَتَرَكَ ثَلَاثَةَ آلَافِ دِرْهَمٍ فَاقْتَسَمُوهَا، وَأَخَذَ كُلُّ وَاحِدٍ أَلْفًا ثُمَّ ادَّعَى رَجُلٌ أَنَّ لَهُ عَلَى أَبِيهِمْ ثَلَاثَةَ آلَافِ دِرْهَمٍ فَصَدَّقَهُ الْأَكْبَرُ فِي الْكُلِّ وَالْأَوْسَطُ فِي الْأَلْفَيْنِ وَالْأَصْغَرُ فِي أَلْفٍ أَخَذَ الْمُقَرُّ لَهُ مِنْ الْأَكْبَرِ كُلَّ الْأَلْفِ وَمِنْ الْأَصْغَرِ ثُلُثَهَا بِالْإِجْمَاعِ؛ لِأَنَّ الْأَكْبَرَ مُقِرٌّ أَنْ لَا مِيرَاثَ لَهُ، وَالْأَصْغَرُ يَزْعُمُ أَنَّ دَعْوَاهُ فِي الْأَلْفِ حَقٌّ، وَأَخَذَ مِنْ الْأَوْسَطِ خَمْسَةَ أَسْدَاسِ الْأَلْفِ عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ وَالْكُلَّ عِنْدَ مُحَمَّدٍ. دَارٌ بَيْنَ أَخَوَيْنِ فَأَقَرَّ الْأَكْبَرُ أَنَّهَا بَيْنَهُمَا وَبَيْنَ عَمْرٍو أَثْلَاثًا، وَأَقَرَّ الْأَصْغَرُ أَنَّهَا بَيْنَ زَيْدٍ وَعَمْرٍو وَبَيْنَهُمَا أَرْبَاعًا فَعَمْرٍو قَدْ اتَّفَقَا عَلَيْهِ أَمَّا زَيْدٌ فَقَدْ أَقَرَّ الْأَصْغَرُ، وَجَحَدَ الْأَكْبَرُ فَعِنْدَ أَبِي يُوسُفَ يَأْخُذُ عَمْرٌو مِنْ الْأَصْغَرِ رُبُعَ سَهْمِهِ، وَعِنْدَ مُحَمَّدٍ خُمُسَهُ ثُمَّ يَضُمُّ عَمْرٌو مَا أَخَذَهُ مِنْ الرُّبُعِ وَالْخُمُسِ إلَى مَا فِي يَدِ الْأَكْبَرِ وَيُقَاسِمُهُ نِصْفَيْنِ اتِّفَاقًا وَيُقَاسِمُ الْأَصْغَرَ مَا بَقِيَ فِي يَدِهِ زَيْدًا الجزء: 1 ¦ الصفحة: 381 نِصْفَيْنِ اتِّفَاقًا. دَارٌ بَيْنَ رَجُلَيْنِ أَقَرَّ أَحَدُهُمَا بِبَيْتٍ مُعَيَّنٍ مِنْهَا لِرَجُلٍ وَأَنْكَرَ شَرِيكُهُ لَمْ يَجُزْ إقْرَارُهُ فِي الْحَالِ فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ فَإِنْ اقْتَسَمَا الدَّارَ وَوَقَعَ الْبَيْتُ فِي نَصِيبِ الْمُقِرِّ أَخَذَهُ الْمُقَرُّ لَهُ اتِّفَاقًا، وَإِنْ وَقَعَ فِي نَصِيبِ الْمُنْكِرِ، وَالْحَالُ أَنَّ الْبَيْتَ عُشْرُ الدَّارِ بِأَنْ كَانَتْ مَثَلًا مِائَةَ ذِرَاعٍ، وَالْبَيْتُ عَشَرَةُ أَذْرُعٍ فَعِنْدَ مُحَمَّدٍ يُقْسَمُ نَصِيبُ الْمُقِرِّ عَلَى أَحَدَ عَشَرَ سَهْمًا سَهْمَانِ لِلْمُقَرِّ لَهُ، وَالْبَاقِي لَهُ هَذِهِ الْمَسَائِلُ مِنْ الْمَجْمَعِ وَدُرَرِ الْبِحَارِ. وَفِي الْحَقَائِقِ: وَإِنَّمَا وَضَعَ الدَّارَ؛ لِأَنَّ الْخِلَافَ فِي شَيْءٍ يَحْتَمِلُ الْقِسْمَةَ أَمَّا فِيمَا لَا يَحْتَمِلُ الْقِسْمَةَ بِأَنْ أَقَرَّ بِبَيْتٍ مُعَيَّنٍ مِنْ الْحَمَّامِ، وَالْمَسْأَلَةُ بِحَالِهَا فَيَلْزَمُهُ نِصْفُ قِيمَةِ ذَلِكَ؛ لِأَنَّ الْقِسْمَةَ هَاهُنَا غَيْرُ مُمْكِنٍ، وَالْإِقْرَارُ بِعَيْنٍ تَعَذَّرَ تَسْلِيمُهُ إقْرَارٌ بِبَدَلِهِ، وَهِيَ الْقِيمَةُ، وَكَذَلِكَ لَوْ أَقَرَّ بِجِذْعٍ فِي الدَّارِ انْتَهَى. أَقَرَّ أَحَدُ الِابْنَيْنِ لِامْرَأَةٍ أَنَّهَا أُخْتُهُ لِأَبِيهِ، وَجَحَدَ أَخُوهُ قَالَ: عُلَمَاؤُنَا يُعْطِيهَا ثُلُثَ مَا فِي يَدِهِ. وَقَالَ مَالِكٌ: يُعْطِيهَا خُمُسَ مَا فِي يَدِهِ. إذَا كَانَ ابْنَانِ وَبِنْتَانِ فَأَقَرَّ ابْنٌ وَبِنْتٌ مِنْهُمْ لِرَجُلٍ أَنَّهُ أَخُوهُمْ لِأَبِيهِمْ وَجَحَدَ الْآخَرَانِ قَالَ عُلَمَاؤُنَا: يُعْطِيهِ الْمُقِرَّانِ سَهْمَيْنِ مِنْ خُمُسَيْنِ مِمَّا فِي أَيْدِيهِمَا، وَقَالَ: مَالِكٌ: يُعْطِيَانِهِ رُبُعَ مَا فِي أَيْدِيهِمَا، وَهَذِهِ الْمَسْأَلَةُ بِأَدِلَّتِهَا وَتَخْرِيجِهَا مُسْتَوْفَاةٌ فِي شَرْحِ الْمَجْمَعِ. إذَا أَقَرَّ إنْسَانٌ فِي مَرَضِ مَوْتِهِ بِدَيْنٍ لِرَجُلَيْنِ، وَأَحَدُهُمَا وَارِثُهُ فَتَكَاذَبَا الشَّرِكَةَ بِأَنْ قَالَا: هَذَا الدَّيْنُ لَمْ يَكُنْ مُشْتَرَكًا بَيْنَنَا بَلْ كَانَ نِصْفُهُ لِي وَجَبَ لِي بِسَبَبٍ عَلَى حِدَةٍ، وَنِصْفُهُ لِلْأَجْنَبِيِّ وَجَبَ لَهُ بِسَبَبٍ عَلَى حِدَةٍ فَعِنْدَ مُحَمَّدٍ يَصِحُّ إقْرَارُهُ بِحِصَّةِ الْأَجْنَبِيِّ وَقَالَا: لَا يَصِحُّ فِيهِمَا، وَلَوْ صَدَّقَا الْمُقَرَّ لَهُمَا بِالشَّرِكَةِ بَطَلَ الْإِقْرَارُ فِي الْكُلِّ اتِّفَاقًا، وَإِذَا كَذَّبَ الْوَارِثُ الْمُقِرَّ فِي الشَّرِكَةِ وَصَدَّقَهُ الْأَجْنَبِيُّ لَمْ يَذْكُرْ فِيهِ قَوْلَ مُحَمَّدٍ قَالُوا: يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ عَلَى الْخِلَافِ عِنْدَهُ يَصِحُّ خِلَافًا لَهُمَا وَيَجُوزُ أَنْ يُقَالَ: إنَّهُ لَا يَجُوزُ عِنْدَهُمْ، وَهُوَ الصَّحِيحُ أَمَّا إذَا كَذَّبَهُ الْأَجْنَبِيُّ فِي الشَّرِكَةِ وَقَالَ: جَمِيعُ الدَّيْنِ أَوْلَى عَلَيْك خَمْسُمِائَةٍ بِسَبَبٍ عَلَى حِدَةٍ فَهِيَ عَلَى الْخِلَافِ مِنْ الْحَقَائِقِ. لَوْ قَالَ الْمَرِيضُ: هَذِهِ الْأَلْفُ لُقَطَةٌ عِنْدِي، وَلَا مَالَ لَهُ غَيْرُهَا، وَكَذَّبَهُ الْوَرَثَةُ لَزِمَهُمْ التَّصَدُّقُ بِثُلُثِهَا عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ وَقَالَ مُحَمَّدٌ: لَا يَلْزَمُهُمْ شَيْءٌ مِنْ الْمَجْمَعِ. مَاتَ وَتَرَكَ ابْنَيْنِ، وَلَهُ عَلَى آخَرَ مِائَةُ دِرْهَمٍ فَأَقَرَّ أَحَدُهُمَا أَنَّ أَبَاهُ قَبَضَ مِنْهَا خَمْسِينَ فَلَا شَيْءَ لِلْمُقِرِّ وَلِلْآخَرِ خَمْسُونَ؛ لِأَنَّ هَذَا إقْرَارٌ بِالدِّينِ عَلَى الْمَيِّتِ؛ لِأَنَّ الِاسْتِيفَاءَ إنَّمَا يَكُونُ بِقَبْضٍ مَضْمُونٍ فَإِذَا كَذَّبَهُ أَخُوهُ اسْتَغْرَقَ الدَّيْنُ نَصِيبَهُ كَمَا هُوَ الْمَذْهَبُ عِنْدَنَا مِنْ الْهِدَايَةِ. وَفِي الْفُصُولَيْنِ مِنْ أَحْكَامِ الْوُكَلَاءِ مَاتَ عَنْ ابْنَيْنِ فَقَالَ غَرِيمُهُ: دَفَعْته إلَى الْمُورَثِ وَصَدَّقَهُ أَحَدُهُمَا فَإِنَّ الْآخَرَ يَأْخُذُ مِنْ الْغَرِيمِ نِصْفَ الدَّيْنِ ثُمَّ الْمُقِرُّ يَضْمَنُهُ لِلْغَرِيمِ فَإِنَّهُ يَصِيرُ كَأَنَّهُ أَقَرَّ بِالدَّيْنِ فِي التَّرِكَةِ فَيُطَالَبُ بِهِ انْتَهَى. وَلَوْ أَقَرَّ بِوَصِيَّةِ أَلْفِ دِرْهَمٍ لِرَجُلٍ ثُمَّ مَاتَ، وَلَا تُعْرَفُ بِعَيْنِهَا فَهِيَ دَيْنٌ فِي تَرِكَتِهِ كَدَيْنِ الْمَرِيضِ إذَا هَلَكَتْ الْوَدِيعَةُ بِمَوْتِهِ مُجْهَلًا، وَهُوَ الْإِقْرَارُ بِالدَّيْنِ سَوَاءٌ. أَقَرَّ بِدَيْنٍ لِوَارِثِهِ أَوْ لِغَيْرِهِ ثُمَّ بَرِئَ فَهُوَ كَدَيْنِ صِحَّتِهِ؛ لِأَنَّهُ إذَا أَعْقَبَهُ بُرْءٌ فَلَهُ حُكْمُ الصِّحَّةِ أَلَا تَرَى أَنَّهُ يَجُوزُ تَبَرُّعَاتُهُ فِي مِثْلِ هَذَا الْمَرَضِ. أَقَرَّ الْمَرِيضُ لِوَارِثِهِ بِدَيْنٍ لَمْ يَجُزْ وَبِوَدِيعَةٍ مُسْتَهْلَكَةٍ يَجُوزُ صُورَتُهَا أَوْدَعَ أَبَاهُ أَلْفَ دِرْهَمٍ فِي مَرَضِ الْأَبِ أَوْ فِي صِحَّتِهِ بِمُعَايَنَةِ الشُّهُودِ فَلَمَّا حَضَرَهُ الْمَوْتُ أَقَرَّ بِإِهْلَاكِهِ صُدِّقَ إذْ لَوْ سَكَتَ وَمَاتَ، وَلَا يُدْرَى مَا صَنَعَ كَانَتْ دَيْنًا فِي مَالِهِ فَإِذَا أَقَرَّ بِإِتْلَافِهِ فَأَوْلَى، وَلَوْ أَقَرَّ أَوَّلًا بِتَلَفِهَا فِي يَدِهِ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 382 فَنَكَلَ عَنْ الْيَمِينِ وَمَاتَ لَمْ يَكُنْ لِلْوَارِثِ فِي مَالِهِ شَيْءٌ. وَجَبَ لِلْمَرِيضِ دَيْنٌ عَلَى رَجُلٍ مِنْ جِنَايَةٍ عَلَى بَدَنِهِ أَوْ قِنِّهِ بِعَمْدٍ أَوْ خَطَأٍ أَوْ مَهْرٍ أَوْ نَحْوِهِ وَأَقَرَّ بِقَبْضِهِ صُدِّقَ فِي الْبَرَاءَةِ لَا فِي أَنْ يُوجِبَ بِهِ حَقًّا عَلَى نَفْسِهِ أَوْ فِي مَالِهِ رُجُوعًا. وَلَوْ وَجَبَ لَهُ عَلَيْهِ مِنْ ثَمَنِ مَا شَرَاهُ أَوْ قِيمَةِ قِنٍّ غَصَبَهُ فِي مَرَضِهِ فَهَلَكَ عِنْدَهُ لَمْ يُصَدَّقْ فِي قَبْضِهِ فَلَوْ كَانَ الْغَصْبُ فِي الصِّحَّةِ فَمَاتَ الْقِنُّ أَوْ أَبَقَ فِي مَرَضِهِ فَقُضِيَ لَهُ عَلَيْهِ بِقِيمَتِهِ فَأَقَرَّ بِقَبْضِهَا صُدِّقَ مَا لَمْ يَظْهَرْ الْآبِقُ، وَلَوْ قُضِيَ بِقِيمَتِهِ فِي صِحَّتِهِ صُدِّقَ بِقَبْضِهَا ظَهَرَ الْآبِقُ أَوْ لَا، وَكَذَا لَوْ بَاعَ فِي صِحَّتِهِ فَأَقَرَّ فِي مَرَضِهِ بِقَبْضِ ثَمَنِهِ صُدِّقَ سَلَّمَ الْقِنَّ أَوْ لَا. وَلَوْ بَاعَ فِي مَرَضِهِ شَيْئًا بِأَكْثَرَ مِنْ قِيمَتِهِ فَأَقَرَّ بِقَبْضِ ثَمَنِهِ لَمْ يُصَدَّقْ وَقِيلَ لِلْمُشْتَرِي: أَدِّ ثَمَنَهُ مَرَّةً أُخْرَى أَوْ اُنْقُضْ الْبَيْعَ فِي قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ وَفِي قَوْلِ مُحَمَّدٍ يُؤَدِّي قَدْرَ قِيمَتِهِ أَوْ يَنْقُضُ الْبَيْعَ. مَرِيضَةٌ أَقَرَّتْ أَنَّهَا وَهَبَتْ مَهْرَهَا لِزَوْجِهَا فِي صِحَّتِهَا يَنْبَغِي أَنْ لَا يَصِحَّ؛ لِأَنَّهُ وَصِيَّةٌ لِلْوَارِثِ عَلَى مَا مَرَّ فَلَمْ يَجُزْ إلَّا أَنْ يُصَدِّقَهَا الْوَرَثَةُ، وَلَوْ كَانَ لِلْمَرِيضِ دَيْنٌ عَلَى وَارِثِهِ فَأَقَرَّ بِقَبْضِهِ لَمْ يَجُزْ سَوَاءٌ وَجَبَ الدَّيْنُ فِي صِحَّتِهِ أَوْ لَا، وَسَوَاءٌ عَلَى الْمَرِيضِ دَيْنٌ أَوْ لَا. لِمَرِيضٍ وَارِثَانِ مَاتَ أَحَدُهُمَا فَأَقَرَّ أَنَّ لِي عَلَى الْمَيِّتِ دَيْنًا، وَقَدْ قَبَضَهُ فِي صِحَّتِهِ صَحَّ؛ إذْ لَا تُهْمَةَ فِيهِ، وَقِيلَ: لَا كَذَا فِي الْوَصَايَا مِنْ الْمَرْضَى مِنْ الْفُصُولَيْنِ. مَرِيضٌ أَقَرَّ لِوَارِثِهِ بِعَبْدٍ لَا مَالَ لَهُ غَيْرُهُ فَقَالَ الْوَارِثُ: لَيْسَ الْعَبْدُ لِي لَكِنَّهُ لِفُلَانٍ ثُمَّ مَاتَ الْمَرِيضُ فَالْعَبْدُ لِلْأَجْنَبِيِّ وَيَضْمَنُ الْوَارِثُ لَلْمُقَرِّ لَهُ قِيمَتَهُ فَيَكُونُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ سَائِرِ الْوَرَثَةِ. مَاتَ وَتَرَكَ أَلْفًا وَابْنًا فَقَالَ الِابْنُ: لِفُلَانٍ عَلَى أَلْفٌ، لَا بَلْ لِفُلَانٍ فَالْأَلْفُ لِلْأَوَّلِ، وَلَا شَيْءَ لِلثَّانِي إلَّا أَنْ يَدْفَعَ إلَى الْأَوَّلِ بِغَيْرِ قَضَاءٍ. وَقَالَ زُفَرُ: الْأَلْفُ لِلْأَوَّلِ وَيَغْرَمُ لِلثَّانِي فِي الْأَحْوَالِ كُلِّهَا، وَكَذَلِكَ لَوْ أَقَرَّ أَنَّهُ أَوْصَى لِهَذَا بِثُلُثِ مَالِهِ لَا بَلْ لِهَذَا. وَلَوْ لَمْ يَتْرُكْ إلَّا عَبْدًا فَقَالَ: أَعْتَقَنِي أَبُوك فِي الْمَرَضِ، وَقَالَ رَجُلٌ: لِي عَلَى أَبِيك أَلْفٌ فَقَالَ الِابْنُ صِدْقًا قَالَ: أَبُو يُوسُفَ يَسْعَى الْعَبْدُ فِي جَمِيعِ قِيمَتِهِ لِلْغَرِيمِ وَقَالَ زُفَرُ يَسْعَى فِي خَمْسَةِ أَسْدَاسِ قِيمَتِهِ؛ لِأَنَّهُ لَوْ بَدَأَ بِالْعِتْقِ لَكَانَ يَسْعَى فِي ثُلُثِي قِيمَتِهِ لِلْغَرِيمِ وَسَقَطَ عَنْهُ الثُّلُثُ، وَلَوْ بَدَأَ بِالدَّيْنِ لَكَانَ يَسْعَى فِي جَمِيعِ قِيمَتِهِ، فَإِذَا اشْتَبَهَ سَقَطَ نِصْفُ الزِّيَادَةِ مِنْ الصُّغْرَى. قَوْمٌ دَخَلُوا عَلَى رَجُلٍ لَيْلًا أَوْ نَهَارًا، وَأَشْهَرُوا عَلَيْهِ سِلَاحًا وَتَهَدَّدُوهُ حَتَّى يُقِرَّ لِرَجُلٍ بِشَيْءٍ فَفَعَلَ قَالُوا عَلَى قِيَاسِ قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ جَازَ الْإِقْرَارُ؛ لِأَنَّ عِنْدَهُ الْإِكْرَاهَ لَا يَكُونُ إلَّا مِنْ السُّلْطَانِ وَعِنْدَ صَاحِبَيْهِ يَتَحَقَّقُ الْإِكْرَاهُ مِنْ كُلِّ مُتَغَلِّبٍ يَقْدِرُ عَلَى تَحْقِيقِ مَا أَوْعَدَ، وَالْفَتْوَى عَلَى قَوْلِهِمَا، وَهَذَا إذَا أَشْهَرُوا عَلَيْهِ السِّلَاحَ فَإِنْ لَمْ يُشْهِرُوا عَلَيْهِ السِّلَاحَ وَضَرَبُوهُ فَإِنْ كَانَ فِي ذَلِكَ فِي الْمِصْرِ جَازَ الْإِقْرَارُ؛ لِأَنَّ غَيْرَ السِّلَاحِ يَلْبَثُ فَيُمْكِنُهُ أَنْ يَسْتَغِيثَ فَيَلْحَقَهُ الْغَوْثُ، وَإِنْ تَهَدَّدُوهُ بِخَشَبٍ كَبِيرٍ لَا يَلْبَثُ فَهُوَ بِمَنْزِلَةِ السِّلَاحِ فِي هَذَا الْحُكْمِ هَذَا إذَا كَانَ ذَلِكَ فِي الْمِصْرِ نَهَارًا فَإِنْ كَانَ ذَلِكَ فِي الطَّرِيقِ لَيْلًا أَوْ نَهَارًا، أَوْ كَانَ فِي رُسْتَاقٍ لَا يَلْحَقُهُ الْغَوْثُ كَانَ الْإِقْرَارُ بَاطِلًا، وَإِنْ لَمْ يُشْهِرُوا عَلَيْهِ السِّلَاحَ كَذَا فِي مُشْتَمِلِ الْهِدَايَةِ عَنْ الْخَانِيَّةِ. رَجُلٌ قَالَ: مَا ادَّعَى فُلَانُ بْنُ فُلَانٍ فِي الْمَالِ الَّذِي فِي يَدِي فَهُوَ صَادِقٌ، وَمَاتَ قَالَ أَبُو الْقَاسِمِ: إنْ لَمْ يَكُنْ سَبَقَ مِنْ فُلَانٍ دَعْوَى فِي شَيْءٍ مَعْلُومٍ فَاَلَّذِي ادَّعَى ثَابِتٌ لَهُ قَالَ الْفَقِيهُ أَبُو اللَّيْثِ ذَكَرَ فِي الْكِتَابِ مَرِيضٌ قَالَ: لِفُلَانٍ عَلَيَّ حَقٌّ فَصَدَّقُوهُ فَإِنَّهُ يُصَدَّقُ إلَى الثُّلُثِ، وَلَوْ قَالَ: فَهُوَ صَادِقٌ فَلَا الجزء: 1 ¦ الصفحة: 383 رِوَايَةَ فِيهِ عَنْ أَصْحَابِنَا، وَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ الْجَوَابُ كَمَا قَالَ: أَبُو الْقَاسِمِ كَذَا فِي قَاضِي خَانْ مِنْ الْوَصَايَا. وَفِي إقْرَارِ الْيَتِيمَةِ سُئِلَ عَلِيُّ بْنُ أَحْمَدَ عَنْ رَجُلٍ أَقَرَّ أَنَّ عَلَيْهِ لِفُلَانٍ حِنْطَةً مِنْ سَلَمٍ عَقَدَاهُ بَيْنَهُمَا ثُمَّ إنَّهُ بَعْدَ ذَلِكَ قَالَ: سَأَلْت الْفُقَهَاءَ عَنْ الْعَقْدِ فَقَالُوا: هُوَ فَاسِدٌ فَلَا يَجِبُ عَلَى شَيْءٍ وَالْمُقِرُّ مَعْرُوفٌ بِالْجَهْلِ هَلْ يُؤَاخَذُ بِإِقْرَارِهِ فَقَالَ: لَا يَسْقُطُ عَنْهُ الْحَقُّ بِدَعْوَى الْجَهْلِ انْتَهَى كَذَا فِي الْأَشْبَاهِ مِنْ أَحْكَامِ الْجَهْلِ. لَوْ ادَّعَى عَلَى آخَرَ مَالًا وَأَخَذَهُ ثُمَّ أَقَرَّ أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ عَلَى خَصْمِهِ حَقٌّ فَعَلَى الْمُدَّعِي رَدُّ عَيْنِ مَا قَبَضَ مَا دَامَ قَائِمًا هَذِهِ فِي أَحْكَامِ النَّقْدِ مِنْهُ. لَوْ قَالَ: لِفُلَانٍ عَلَيَّ أَلْفِ دِرْهَمٍ فَقَالَ فُلَانٌ: مَالِي عَلَيْك شَيْءٌ بَرِئَ الْمُقِرُّ مِمَّا أَقَرَّ بِهِ؛ لِأَنَّهُ كَذَّبَهُ فِيهِ حَتَّى لَوْ عَادَ إلَى التَّصْدِيقِ لَا يَسْتَحِقُّ عَلَيْهِ شَيْئًا فَإِنْ أَعَادَ الْإِقْرَارَ بَعْدَ ذَلِكَ فَقَالَ: بَلْ لَك عَلَيَّ أَلْفُ دِرْهَمٍ فَقَالَ الْمُقَرُّ لَهُ: أَجَلْ هِيَ لِي أَخَذَهُ بِهَا؛ لِأَنَّهُ إقْرَارٌ وَصَدَّقَهُ فِيهِ فَيَلْزَمُهُ، وَكَذَا لَوْ كَانَ الْمُقَرُّ بِهِ جَارِيَةً أَوْ عَبْدًا عَلَى هَذَا، وَلَوْ أَنْكَرَ الْمُقِرُّ الْإِقْرَارَ الثَّانِيَ، وَادَّعَاهُ الْمُقَرُّ لَهُ، وَأَقَامَ بَيِّنَةً عَلَيْهِ لَا تُسْمَعُ، وَلَوْ أَرَادَ تَحْلِيفَهُ لَا يُلْتَفَتُ إلَيْهِ لِلتَّنَاقُضِ بَيْنَ هَذِهِ الدَّعْوَى، وَبَيْنَ تَكْذِيبِهِ الْإِقْرَارَ الْأَوَّلَ، وَعَدَمِ عِلْمِ الْقَاضِي بِمَا مَرَّ مَعَ التَّنَاقُضِ، وَهُوَ رُجُوعُ الْمُقِرِّ إلَى إقْرَارِهِ قَالَ: أُسْتَاذُنَا يَنْبَغِي أَنْ تُقْبَلَ بَيِّنَةُ الْمُقَرِّ لَهُ بَعْدَ مَا رَدَّ إقْرَارَهُ عَلَى إقْرَارِهِ لَهُ ثَانِيًا، وَهُوَ الْأَشْبَهُ بِالصَّوَابِ؛ لِأَنَّهُ يَلْزَمُ إذَا كَانَ بَيْنَ رَجُلَيْنِ أَخْذٌ وَعَطَاءٌ، فَإِذَا قَضَى أَحَدُهُمَا حَقَّ صَاحِبِهِ، فَأَقَرَّ أَنَّهُ لَا حَقَّ لَهُ عَلَيْهِ ثُمَّ ادَّعَى أَنَّهُ صَاحِبُ الْحَقِّ، وَيَكْتُبُ إقْرَارَهُ، وَيُشْهِدُ عَلَيْهِ فَيَنْبَغِي أَنْ لَا يُفِيدَ الْإِشْهَادُ فَائِدَةً؛ لِأَنَّهُ حِينَئِذٍ لَا يُسْمَعُ مِنْهُ دَعْوَى الْإِقْرَارِ بَعْدَ إقْرَارِهِ السَّابِقِ أَنَّهُ لَا حَقَّ لَهُ عَلَيْهِ، وَهُوَ بَعِيدٌ شَنِيعٌ مِنْ الْقُنْيَةِ. [بَاب فِي الصُّلْح] (الْبَابُ الثَّانِي وَالثَّلَاثُونَ فِي الصُّلْحِ) وَهُوَ عَنْ دَعْوَى صَحِيحَةٍ جَائِزٌ مُطْلَقًا سَوَاءٌ كَانَ عَنْ إقْرَارٍ أَوْ سُكُوتٍ أَوْ إنْكَارٍ وَيَلْزَمُ الْمُصَالِحَ بَدَلُ الصُّلْحِ، وَلَا يَجُوزُ الصُّلْحُ عَنْ الْإِنْكَارِ بَعْدَ دَعْوَى فَاسِدَةٍ، وَلَا بُدَّ لِصِحَّةِ الصُّلْحِ عَنْ الْإِنْكَارِ مِنْ صِحَّةِ الدَّعْوَى؛ إذْ الْمُدَّعِي يَأْخُذُ مَا يَأْخُذُ فِي حَقِّ نَفْسِهِ بَدَلًا عَمَّا يَدَّعِي أَوْ غَيْرَ مَا يَدَّعِي فَلَا بُدَّ مِنْ صِحَّةِ الدَّعْوَى حَتَّى يَثْبُتَ فِي حَقِّهِ كَمَا فِي الْفُصُولَيْنِ وَغَيْرِهِ. وَقَالَ فِي صَدْرِ الشَّرِيعَةِ: وَمِنْ الْمَسَائِلِ الْمُهِمَّةِ أَنَّهُ هَلْ يُشْتَرَطُ لِصِحَّةِ الصُّلْحِ صِحَّةُ الدَّعْوَى أَمْ لَا؟ فَبَعْضُ النَّاسِ يَقُولُ: يُشْتَرَطُ، لَكِنَّ هَذَا غَيْرُ صَحِيحٍ؛ لِأَنَّهُ لَوْ ادَّعَى حَقًّا مَجْهُولًا فِي دَارٍ فَصَالَحَهُ عَلَى شَيْءٍ يَصِحُّ الصُّلْحُ، وَلَا شَكَّ أَنَّ دَعْوَى الْحَقِّ الْمَجْهُولِ دَعْوَى غَيْرُ صَحِيحَةٍ. وَفِي الذَّخِيرَةِ مَسَائِلُ تُؤَيِّدُ مَا قُلْنَا انْتَهَى. وَفِي الْأَشْبَاهِ: الصُّلْحُ عَنْ الْإِنْكَارِ بَعْدَ دَعْوَى فَاسِدَةٍ فَاسِدٌ كَمَا فِي الْقُنْيَةِ وَلَكِنْ فِي الْهِدَايَةِ مِنْ مَسَائِلَ شَتَّى مِنْ الْقَضَاءِ أَنَّ الصُّلْحَ عَنْ الْإِنْكَارِ جَائِزٌ بَعْدَ دَعْوَى مَجْهُولَةٍ فَلْيُحْفَظْ وَيُحْمَلْ عَلَى فَسَادِهَا بِسَبَبِ مُنَاقَضَةِ الْمُدَّعِي لَا لِتَرْكِ شَرْطِ الْمُدَّعِي كَمَا ذَكَرَهُ فِي الْقُنْيَةِ وَهُوَ تَوْفِيقٌ وَاجِبٌ فَيُقَالُ: إلَّا فِي كَذَا وَاَللَّهُ - تَعَالَى - أَعْلَمُ. لَوْ اصْطَلَحَا عَلَى أَنَّ الْمُدَّعِيَ لَوْ حَلَفَ فَالْمُدَّعَى عَلَيْهِ ضَامِنٌ، وَحَلَفَ فَالصُّلْحُ بَاطِلٌ، وَلَا شَيْءَ عَلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ كَذَا فِي دَعْوَى مُشْتَمِلِ الْهِدَايَةِ عَنْ الْعِمَادِيَّةِ، وَإِنْ ادَّعَى حَقًّا فِي دَارٍ، فَلَمْ يُبَيِّنْهُ فَصُولِحَ مِنْ ذَلِكَ ثُمَّ اسْتَحَقَّ بَعْضَ الدَّارِ لَمْ يَرُدَّ شَيْئًا مِنْ الْعِوَضِ، وَلَوْ اسْتَحَقَّ كُلَّهُ يَرُدُّ كُلَّهُ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 384 وَلَوْ ادَّعَى دَارًا فَصُولِحَ عَلَى قِطْعَةٍ مِنْهَا لَمْ يَصِحَّ الصُّلْحُ، وَالْوَجْهُ أَحَدُ أَمْرَيْنِ: إمَّا أَنْ يَزِيدَ دِرْهَمًا فِي بَدَلِ الصُّلْحِ فَيَصِيرَ ذَلِكَ عِوَضًا عَنْ حَقِّهِ فِيمَا بَقِيَ وَيَلْحَقَ بِهِ ذِكْرُ الْبَرَاءَةِ عَنْ دَعْوَى الْبَاقِي مِنْ الْهِدَايَةِ. وَلَوْ ادَّعَى شَاةً فَصُولِحَ عَلَى صُوفِهَا بِجَزِّهِ فِي الْحَالِ يَجُوزُ عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ وَمَنَعَهُ مُحَمَّدٌ وَالْمَنْعُ رِوَايَةٌ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ مِنْ الْمَجْمَعِ. وَيَجُوزُ الصُّلْحُ عَنْ جِنَايَةِ الْعَمْدِ وَالْخَطَأِ فِي النَّفْسِ، وَمَا دُونَهَا، وَلَا تَصِحُّ الزِّيَادَةُ عَلَى قَدْرِ الدِّيَةِ أَمَّا إذَا صَالَحَ عَلَى غَيْرِ ذَلِكَ جَازَ إلَّا أَنَّهُ يُشْتَرَطُ الْقَبْضُ فِي الْمَجْلِسِ كَيْ لَا يَكُونَ افْتِرَاقًا عَنْ دَيْنٍ بِدَيْنٍ، وَلَوْ قَضَى الْقَاضِي بِأَحَدِ مَقَادِيرِهَا فَصَالَحَ عَنْ جِنْسٍ آخَرَ مِنْهَا بِالزِّيَادَةِ جَازَ؛ لِأَنَّهُ تَعَيَّنَ الْحَقُّ بِالْقَضَاءِ، فَكَانَ مُبَادَلَةً بِخِلَافِ الصُّلْحِ ابْتِدَاءً، وَتَصِحُّ الزِّيَادَةُ عَلَى قَدْرِ الدِّيَةِ فِي الْعَمْدِ مِنْ الْهِدَايَةِ وَبَدَلُ الصُّلْحِ عَنْ دَمِ الْعَمْدِ لَا يَسْقُطُ بِالْمَوْتِ وَالْإِسْلَامِ هَذِهِ فِي الْجِزْيَةِ مِنْهَا. وَلَا يَصِحُّ الصُّلْحُ عَنْ حَقِّ الشُّفْعَةِ حَتَّى لَا يَجِبَ الْمَالُ بِالصُّلْحِ عَنْهُ، وَالْكَفَالَةُ بِالْمَالِ بِمَنْزِلَةِ حَقِّ الشُّفْعَةِ حَتَّى لَا يَجِبَ الْمَالُ بِالصُّلْحِ عَنْهَا غَيْرَ أَنَّ فِي إبْطَالِ الْكَفَالَةِ رِوَايَتَيْنِ عَلَى مَا عُرِفَ فِي مَوْضِعِهِ، وَلَا يَجُوزُ عَنْ دَعْوَى حَدٍّ؛ لِأَنَّهُ حَقُّ اللَّهِ لَا حَقُّهُ، وَلَا يَجُوزُ الِاعْتِيَاضُ عَنْ حَقِّ غَيْرِهِ؛ وَلِهَذَا لَا يَجُوزُ الِاعْتِيَاضُ إذَا ادَّعَتْ الْمَرْأَةُ حَقَّ وَلَدٍ؛ لِأَنَّهُ حَقُّ الْوَلَدِ لَا حَقُّهَا، وَكَذَا لَا يَجُوزُ الصُّلْحُ عَمَّا أَشْرَعَهُ إلَى طَرِيقِ الْعَامَّةِ فَلَا يَجُوزُ أَنْ يُصَالَحَ أَحَدٌ عَلَى الِانْفِرَادِ قَالَ: وَيَدْخُلُ فِي إطْلَاقِ الْجَوَابِ حَدُّ الْقَذْفِ؛ لِأَنَّ الْمُغَلَّبَ فِيهِ حَقُّ الشَّرْعِ. وَإِذَا ادَّعَى نِكَاحَ امْرَأَةٍ وَهِيَ تَجْحَدُ فَصَالَحَتْهُ عَلَى مَالِ بَذَلَتْهُ حَتَّى يَتْرُكَ الدَّعْوَى جَازَ وَكَانَ فِي مَعْنَى الْخُلْعِ حَتَّى لَا يَصِحَّ لَهُ أَنْ يَأْخُذَ فِيمَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ اللَّهِ - تَعَالَى - إذَا كَانَ مُبْطِلًا فِي دَعْوَاهُ، وَإِذَا ادَّعَتْ امْرَأَةٌ نِكَاحًا عَلَى رَجُلٍ فَصَالَحَهَا عَلَى مَالٍ بَذَلَهُ لَهَا جَازَ هَكَذَا فِي بَعْضِ النُّسَخِ، وَفِي بَعْضِهَا قَالَ: لَمْ يَجُزْ وَجْهُ الْأَوَّلِ أَنْ يُجْعَلَ زِيَادَةً فِي مَهْرِهَا وَجْهُ الثَّانِي: أَنَّهُ بَذَلَ الْمَالَ لَهَا لِتَرْكِ الدَّعْوَى؛ فَإِنَّ جَعْلَ تَرْكِ الدَّعْوَى فِيهَا فُرْقَةٌ فَالزَّوْجُ لَا يُعْطِي الْعِوَضَ فِي الْفُرْقَةِ، وَإِنْ لَمْ يَجْعَلْ فَالْحَالُ عَلَى مَا كَانَ عَلَيْهِ قَبْلَ الدَّعْوَى، فَلَا شَيْءَ يُقَابِلُهُ الْعِوَضُ فَلَمْ يَصِحَّ مِنْ الْهِدَايَةِ. وَلَوْ صَالَحَهَا عَلَى مَالٍ لِتُقِرَّ لَهُ بِالنِّكَاحِ جَازَ ذَكَرَهُ فِي الْمُخْتَارِ. وَفِي الْأَشْبَاهِ مِنْ الْبُيُوعِ: لَا يَجُوزُ الِاعْتِيَاضُ عَنْ الْحُقُوقِ الْمُجَرَّدَةِ كَحَقِّ الشُّفْعَةِ فَلَوْ صَالَحَ عَنْهُ بِمَالٍ بَطَلَتْ فَيَرْجِعُ بِهِ، وَلَوْ صَالَحَ الْمُخَيَّرَةَ بِمَالٍ لِتَخْتَارَهُ بَطَلَ، وَلَا شَيْءَ لَهَا هَكَذَا ذَكَرَهُ فِي الشُّفْعَةِ، وَعَلَى هَذَا لَا يَجُوزُ الِاعْتِيَاضُ عَنْ الْوَظَائِفِ بِالْأَوْقَافِ، وَخَرَجَ عَنْهَا حَقُّ الْقِصَاصِ، وَمِلْكُ النِّكَاحِ وَحَقُّ الرِّقِّ فَإِنَّهُ يَجُوزُ الِاعْتِيَاضُ عَنْهَا اهـ. ادَّعَى عَلَى رَجُلٍ أَنَّهُ عَبْدُهُ فَصَالَحَهُ عَلَى مَالٍ أَعْطَاهُ جَازَ وَكَانَ فِي حَقِّ الْمُدَّعِي بِمَعْنَى الْإِعْتَاقِ عَلَى مَالٍ؛ لِأَنَّهُ أَمْكَنَ تَصْحِيحُهُ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ فِي حَقِّهِ لِزَعْمِهِ؛ وَلِهَذَا يَصِحُّ عَلَى حَيَوَانٍ فِي الذِّمَّةِ إلَى أَجَلٍ، وَفِي حَقِّ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ يَكُونُ لِدَفْعِ الْخُصُومَةِ؛ لِأَنَّهُ يَزْعُمُ أَنَّهُ مِنْ الْأَصْلِ فَجَازَ إلَّا أَنَّهُ لَا وَلَاءَ لَهُ لِإِنْكَارِ الْعَبْدِ إلَّا أَنْ يُقِيمَ الْبَيِّنَةَ فَتُقْبَلَ وَيَثْبُتَ الْوَلَاءُ مِنْ الْهِدَايَةِ وَلَوْ أَقَامَ الْعَبْدُ بَعْدَ ذَلِكَ الْبَيِّنَةَ أَنَّهُ أَعْتَقَهُ عَامَ كَذَا تُقْبَلُ وَيَرْجِعُ بِالْمَالِ وَإِقْدَامُهُ عَلَى الصُّلْحِ لَا يَكُونُ تَنَاقُضًا ذَكَرَهُ فِي الْعِمَادِيَّةِ. وَإِذَا قَتَلَ الْعَبْدُ الْمَأْذُونُ رَجُلًا عَمْدًا لَمْ يَجُزْ لَهُ أَنْ يُصَالِحَ عَنْ نَفْسِهِ، وَإِنْ قَتَلَ عَبْدٌ لَهُ رَجُلًا عَمْدًا فَصَالَحَ عَنْهُ جَازَ مِنْ الْهِدَايَةِ، وَلَوْ صَالَحَ عَنْ دَمٍ عَمْدٍ عَلَى هَذَيْنِ الْعَبْدَيْنِ فَظَهَرَ أَحَدُهُمَا حُرًّا فَلَهُ الْعَبْدُ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 385 لَا غَيْرُ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ لَهُ الْعَبْدُ، وَقِيمَةُ الْعَبْدِ. لَوْ صَالَحَ الْمَشْجُوجُ رَأْسُهُ عَنْ الشَّجَّةِ عَلَى شَيْءٍ ثُمَّ سَرَى إلَى النَّفْسِ وَمَاتَ بَطَلَ الصُّلْحُ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَعَلَيْهِ الدِّيَةُ فِي مَالِهِ وَعِنْدَهُمَا الصُّلْحُ مَاضٍ، وَلَا يَجِبُ عَلَيْهِ شَيْءٌ مِنْ الْمَجْمَعِ قَالَ: فِي الْحَقَائِقِ وَإِنَّمَا وَضَعَ فِي السِّرَايَةِ؛ لِأَنَّهُ لَوْ بَرِئَ بِحَيْثُ بَقِيَ لَهُ أَثَرٌ فَالصُّلْحُ مَاضٍ، وَإِنْ لَمْ يَبْقَ لَهُ أَثَرٌ بَطَلَ الصُّلْحُ إجْمَاعًا اهـ. وَلَوْ غَصَبَ عَيْنًا ذَاتَ قِيمَةٍ كَثَوْبٍ هَرَوِيٍّ مَثَلًا قِيمَتُهُ دُونَ الْمِائَةِ فَاسْتَهْلَكَهُ فَصَالَحَهُ عَنْهَا قَبْلَ الْقَضَاءِ بِالْقِيمَةِ عَلَى مِائَةِ دِرْهَمٍ جَازَ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ وَمُحَمَّدٌ: يَبْطُلُ الْفَضْلُ عَلَى قِيمَتِهِ بِمَا لَا يَتَغَابَنُ النَّاسُ فِيهِ كَمَا لَا يَبْطُلُ بَعْدَ الْقَضَاءِ بِالْقِيمَةِ، وَلَوْ صَالَحَ عَلَى عَرَضٍ قِيمَتُهُ أَكْثَرُ مِنْ قِيمَةِ الْمَغْصُوبِ يَجُوزُ اتِّفَاقًا مِنْ الْهِدَايَةِ، وَلَوْ كَانَ الْمَغْصُوبُ مِثْلِيًّا فَهَلَكَ فَصَالَحَ عَلَيْهِ إنْ كَانَ مِنْ جِنْسِ الْمَغْصُوبِ لَا تَجُوزُ الزِّيَادَةُ اتِّفَاقًا ذَكَرَهُ فِي شَرْحِ الْمَجْمَعِ. وَلَوْ كَانَ الْعَبْدُ بَيْنَ رَجُلَيْنِ أَعْتَقَهُ أَحَدُهُمَا وَهُوَ مُوسِرٌ فَصَالَحَهُ عَلَى أَكْثَرَ مِنْ نِصْفِ قِيمَةِ الْمَغْصُوبِ يَجُوزُ اتِّفَاقًا مِنْ الْهِدَايَةِ. وَلَوْ أَسْلَمَ عَشَرَةَ دَرَاهِمَ فِي كَرِّ حِنْطَةٍ ثُمَّ اصْطَلَحَا عَلَى أَنْ يَزِيدَ الْمُسْلِمَ إلَيْهِ نِصْفَ كَرٍّ إلَيَّ الْأَجَلِ الْأَوَّلِ لَمْ تَصِحَّ الزِّيَادَةُ إجْمَاعًا، وَعَلَى الْمُسْلَمِ إلَيْهِ رَدُّ ثُلُثِ الْعَشَرَةِ عَلَى رَبِّ السَّلَمِ وَعَلَيْهِ كَرٌّ تَامٌّ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَقَالَا: لَا يَرُدُّ شَيْئًا مِنْ الْمَجْمَعِ، وَلَوْ اصْطَلَحَا عَلَى أَنْ يَزِيدَ رَبُّ السَّلَمِ عَلَى عَشَرَةِ دَرَاهِمَ فِي رَأْسِ الْمَالِ جَازَ ذَكَرَهُ فِي الْحَقَائِقِ وَلَوْ وَجَدَ بِطَعَامٍ اشْتَرَاهُ عَيْبًا فَصَالَحَهُ عَلَى أَنْ يَزِيدَهُ طَعَامًا مِنْ غَيْرِ جِنْسِ الْمَعِيبِ إلَى أَجَلٍ عَلَى أَنْ يَنْقُدَهُ الثَّمَنَ فِي الْمَجْلِسِ فَكَذَلِكَ، وَإِنْ نَقَدَ صَحَّ مِنْ الْمَجْمَعِ قَالَ فِي الشَّرْحِ قَيَّدَ بِغَيْرِ جِنْسِ الْمَعِيبِ؛ إذْ لَوْ كَانَ الزَّائِدُ مِنْ جِنْسِهِ يَجُوزُ اتِّفَاقًا وَقَيَّدَ بِالْأَجَلِ؛ لِأَنَّ الزِّيَادَةَ لَوْ لَمْ تَكُنْ مُؤَجَّلَةً يَصِيرُ بَيْعًا حَالًّا، وَلَا يَجُوزُ اتِّفَاقًا وَفِيهِ لَوْ صَالَحَ عَنْ عَيْبٍ عَلَى دَرَاهِمَ ثُمَّ زَالَ الْعَيْبُ بَطَلَ الصُّلْحُ وَرَدَّ عَلَيْهِ مَا أَخَذَهُ؛ لِأَنَّ الْخُصُومَةَ قَدْ زَالَتْ، وَكَذَا إذَا صَالَحَ عَنْ مَالٍ فَتَبَيَّنَ أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ ذَلِكَ الْمَالُ اهـ. الْأَجِيرُ الْخَاصُّ كَالرَّاعِي مَثَلًا لَوْ ادَّعَى هَلَاكَ شَاةٍ وَأَنْكَرَ الْمَالِكُ فَصَالَحَهُ عَلَى مَالٍ جَازَ الصُّلْحُ عِنْدَ مُحَمَّدٍ وَقَالَا: لَا يَجُوزُ، وَكَذَا الْمُودَعُ لَوْ ادَّعَى رَدَّ الْوَدِيعَةِ أَوْ الْهَلَاكَ، وَأَنْكَرَ الْمَالِكُ فَصَالَحَهُ عَلَى مَالِ جَازَ عِنْدَهُمَا وَقَالَا: لَا يَجُوزُ مِنْ الْمَجْمَعِ قَالَ فِي الشَّرْحِ: وَلَوْ ادَّعَى الِاسْتِهْلَاكَ، وَهُوَ يُنْكِرُ فَصَالَحَهُ جَازَ الصُّلْحُ اتِّفَاقًا ثُمَّ قَالَ: هَذَا إذَا لَمْ يَحْلِفْ الْمُودَعُ وَأَمَّا إذَا حَلَفَ عَلَى مَا ادَّعَاهُ ثُمَّ صَالَحَهُ لَا يَصِحُّ اتِّفَاقًا وَقَالَ: فِي الْحَقَائِقِ قَيَّدَ بِالْأَجِيرِ الْخَاصِّ؛ إذْ فِي الْأَجِيرِ الْمُشْتَرَكِ أَبُو يُوسُفَ مَعَ مُحَمَّدٍ اهـ. وَلَوْ قَالَ الْمُودَعُ بَعْدَ الصُّلْحِ: قَدْ كُنْت عِنْدَ الصُّلْحِ رَدَدْتهَا إلَيْك، وَأَنْكَرَ الطَّالِبُ هَذِهِ الْمَقَالَةَ عِنْدَ الصُّلْحِ لَا يُلْتَفَتُ إلَى هَذَا الْقَوْلِ عِنْدَ مُحَمَّدٍ. وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ: يُسْمَعُ ذَلِكَ لَوْ أَقَامَ الْبَيِّنَةَ فَلَوْ أَقَامَهَا بَرِئَ مِنْ الصُّلْحِ، وَلَوْ لَمْ يُقِمْ فَلَهُ تَحْلِيفُ الطَّالِبِ مِنْ الْفُصُولَيْنِ، وَلَوْ كَانَ الصُّلْحُ عَنْ إقْرَارٍ، الْوَدِيعَةُ غَيْرُ حَاضِرَةٍ فِي يَدِ الْمُسْتَوْدَعِ جَازَ، وَلَوْ كَانَ الْمُودَعُ جَاحِدًا لِلْوَدِيعَةِ جَازَ الصُّلْحُ وَكَذَلِكَ الْجَوَابُ فِي الْإِجَارَةِ وَالْمُضَارَبَةُ وَالْبِضَاعَةُ، وَكُلُّ شَيْءٍ هُوَ أَمِينٌ فِيهِ مِنْ الْوَجِيزِ. قَوْمٌ دَخَلُوا عَلَى رَجُلٍ لَيْلًا وَشَهَرُوا عَلَيْهِ سِلَاحًا وَهَدَّدُوهُ حَتَّى صَالَحَ رَجُلًا عَنْ دَعْوَاهُ عَلَى شَيْءٍ فَفَعَلَ قَالُوا عَلَى قِيَاسِ قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ يَجُوزُ الصُّلْحُ؛ لِأَنَّ الْإِكْرَاهَ عِنْدَهُ لَا يَكُونُ إلَّا مِنْ السُّلْطَانِ وَعِنْدَ صَاحِبَيْهِ يَتَحَقَّقُ الْإِكْرَاهُ مِنْ كُلِّ مُتَغَلِّبٍ يَقْدِرُ عَلَى الجزء: 1 ¦ الصفحة: 386 تَحْقِيقِ مَا أَوْعَدَ وَالْفَتْوَى عَلَى قَوْلِهِمَا وَهَذَا إذَا شَهَرُوا عَلَيْهِ السِّلَاحَ فَإِنْ لَمْ يُشْهِرُوا عَلَيْهِ السِّلَاحَ وَضَرَبُوهُ فَإِنْ كَانَ ذَلِكَ نَهَارًا فِي الْمِصْرِ فَالصُّلْحُ جَائِزٌ؛ لِأَنَّ غَيْرَ السِّلَاحِ يَلْبَثُ فَيُمْكِنُهُ أَنْ يَسْتَغِيثَ فَيَلْحَقَهُ الْغَوْثُ، وَإِنْ هَدَّدُوهُ بِخَشَبٍ كَبِيرٍ لَا يَلْبَثُ فَهُوَ بِمَنْزِلَةِ السِّلَاحِ فِي هَذَا الْحُكْمِ هَذَا إذَا كَانَ ذَلِكَ فِي الْمِصْرِ نَهَارًا، فَإِنْ كَانَ ذَلِكَ فِي الطَّرِيقِ لَيْلًا أَوْ نَهَارًا، أَوْ كَانَ فِي رُسْتَاقٍ لَا يَلْحَقُهُ الْغَوْثُ كَانَ الصُّلْحُ بَاطِلًا، وَإِنْ لَمْ يُشْهِرُوا عَلَيْهِ السِّلَاحَ كَذَا فِي مُشْتَمِلِ الْهِدَايَةِ عَنْ الْخَانِيَّةِ. وَمَنْ وَكَّلَ رَجُلًا بِالصُّلْحِ عَنْهُ فَصَالَحَ لَمْ يَلْزَمْ الْوَكِيلَ مَا صَالَحَهُ عَنْهُ إلَّا أَنْ يَضْمَنَهُ، وَالْمَالُ لَازِمٌ لِلْمُوَكِّلِ قَالَ: وَتَأْوِيلُ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ إذَا كَانَ الصُّلْحُ عَنْ دَمِ الْعَمْدِ، أَوْ كَانَ الصُّلْحُ عَلَى بَعْضِ مَا يَدَّعِيهِ مِنْ الدَّيْنِ، وَإِذَا كَانَ عَنْ مَالٍ بِمَالٍ فَهُوَ بِمَنْزِلَةِ الْبَيْعِ فَالْمُطَالِبُ بِالْمَالِ هُوَ الْوَكِيلُ دُونَ الْمُوَكِّلِ. وَإِنْ صَالَحَ عَنْهُ رَجُلٌ بِغَيْرِ أَمْرِهِ فَهُوَ عَلَى أَرْبَعَةِ أَوْجُهٍ إنْ صَالَحَ بِمَالٍ وَضَمِنَهُ ثُمَّ الصُّلْحُ، وَيَكُونُ مُتَبَرِّعًا عَلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ كَمَا لَوْ تَبَرَّعَ بِقَضَاءِ الدَّيْنِ بِخِلَافِ مَا إذَا كَانَ بِأَمْرِهِ، وَلَا يَكُونُ لِهَذَا الْمُصَالِحِ شَيْءٌ مِنْ الْمُدَّعِي، وَإِنَّمَا ذَلِكَ لِلَّذِي فِي يَدِهِ، وَلَا فَرْقَ فِي هَذَا بَيْنَ مَا إذَا كَانَ مُقِرًّا أَوْ مُنْكِرًا، وَكَذَلِكَ إنْ قَالَ: صَالَحْتُك عَلَى أَلْفَيْ هَذِهِ أَوْ عَلَى عَبْدِي هَذَا صَحَّ الصُّلْحُ وَلَزِمَهُ تَسْلِيمُهُ، وَكَذَا إذَا قَالَ: عَلَيَّ أَلْفٌ وَسَلَّمَهَا، وَلَوْ قَالَ: صَالَحْتُك عَلَى أَلْفٍ فَالْعَقْدُ مَوْقُوفٌ، فَإِنْ أَجَازَهُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ جَازَ، وَلَزِمَهُ الْأَلْفُ، وَإِنْ لَمْ يُجِزْهُ بَطَلَ قَالَ: وَوَجْهٌ آخَرُ: أَنْ يَقُولَ: صَالَحْتُك عَلَى هَذَا الْأَلْفِ أَوْ عَلَى هَذَا الْعَبْدِ، وَلَمْ يَنْسُبْهُ إلَى نَفْسِهِ؛ لِأَنَّهُ لَمَّا عَيَّنَهُ لِلتَّسْلِيمِ صَارَ شَارِطًا سَلَامَتَهُ لَهُ فَيَتِمُّ بِقَوْلِهِ: وَلَوْ اسْتَحَقَّ الْعَبْدَ أَوْ وَجَدَ بِهِ عَيْبًا فَرَدَّهُ، وَلَا سَبِيلَ لَهُ عَلَى الْمُصَالِحِ؛ لِأَنَّهُ الْتَزَمَ الْإِيفَاءَ مِنْ مَحَلٍّ بِعَيْنِهِ، وَلَمْ يَلْتَزِمْ شَيْئًا سِوَاهُ فَإِنْ سَلَّمَ الْمَحَلَّ لَهُ تَمَّ الصُّلْحُ، وَإِنْ لَمْ يُسَلِّمْ لَمْ يَرْجِعْ عَلَيْهِ بِشَيْءٍ بِخِلَافِ مَا إذَا صَالَحَ عَلَى دَرَاهِمَ مُسَمَّاةٍ وَضَمِنَهَا وَدَفَعَهَا ثُمَّ اُسْتُحِقَّتْ، أَوْ وَجَدَهَا زُيُوفًا حَيْثُ يَرْجِعُ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ جَعَلَ نَفْسَهُ أَصْلًا فِي حَقِّ الضَّمَانِ؛ وَلِهَذَا يُجْبَرُ عَلَى التَّسْلِيمِ، فَإِنْ لَمْ يُسَلِّمْ لَهُ مَا سَلَّمَهُ يَرْجِعُ عَلَيْهِ بِبَدَلِهِ مِنْ الْهِدَايَةِ. وَفِي الْخُلَاصَةِ: وَأَجْمَعُوا عَلَى أَنَّ صُلْحَ الْفُضُولِيِّ جَائِزٌ، فَإِنْ قَالَ أَجْنَبِيٌّ لِلْمُدَّعَى عَلَيْهِ: أَقِرَّ مَعِي فِي السِّرِّ، وَإِنْ كُنْت مُعْسِرًا فِي دَعْوَاك فَصَالِحْنِي عَلَى كَذَا وَضَمِنَ لَهُ ذَلِكَ فَصَالَحَهُ صَحَّ، وَصُورَةُ الضَّمَانِ الْفُضُولِيِّ بِأَنْ يَقُولَ الْفُضُولِيُّ لِلْمُدَّعِي: صَالِحْ فُلَانًا مِنْ دَعْوَاك هَذِهِ عَلَى فُلَانٍ، وَأَضَافَ الْعَقْدَ إلَى نَفْسِهِ أَوْ إلَى مَالِهِ نَفَذَ الصُّلْحُ وَالْبَدَلُ عَلَى الضَّامِنِ سَوَاءٌ كَانَ بِأَمْرِهِ أَوْ بِغَيْرِ أَمْرِهِ، وَيَرْجِعُ بِمَا أَدَّى عَلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ إنْ كَانَ الصُّلْحُ بِأَمْرِهِ وَالْأَمْرُ بِالصُّلْحِ وَالْخُلْعِ أَمْرٌ بِالضَّمَانِ. ادَّعَى دَارًا فَأَنْكَرَ ثُمَّ اصْطَلَحَا عَلَى أَنْ يَدْفَعَ إلَيْهِ الْمُدَّعِي كَذَا دِينَارًا أَوْ يَأْخُذَ الدَّارَ جَازَ. لَوْ قَالَ لِلْمُسْتَأْجِرِ بَعْدَ فَسْخِ الْإِجَارَةِ يكى دِينَار بِكِيرِ وَأَبْطِلْ حَقَّ حَبْسِك فَفَعَلَ بَطَلَ حَقُّ الْحَبْسِ وَلِلْآجِرِ أَخْذُ دِينَارِهِ؛ لِأَنَّهُ صُلْحٌ لَا عَنْ اعْتِيَاضٍ فَكَانَ كَرِشْوَةٍ وَهُوَ نَظِيرُ صُلْحِ الْكَفَالَةِ وَالشُّفْعَةِ وَخِيَارِ الْعِتْقِ وَقَسْمِ الْمَرْأَةِ وَخِيَارِ الشَّرْطِ وَخِيَارِ الْبُلُوغِ فَفِي هَذِهِ الصُّوَرِ كُلِّهَا يَبْطُلُ الْحَقُّ، وَيَرْجِعُ الدَّافِعُ بِمَا دَفَعَ. وَلَوْ كَفَلَ بِمَالٍ وَنَفْسٍ فَصَالَحَ بِشَرْطِ الْبَرَاءَةِ مِنْ كَفَالَةِ النَّفْسِ بَرِئَ. أَخَذَ سَارِقٌ مَالَ غَيْرِهِ فَصَالَحَهُ حَتَّى كَفَّ عَنْ دَفْعِهِ إلَى رَبِّ الْمَالِ بَطَلَ. الْإِمَامُ أَوْ الْقَاضِي لَوْ صَالَحَ شَارِبَ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 387 الْخَمْرِ لِيَعْفُوَ عَنْهُ لَمْ يَجُزْ، وَلِشَارِبِهَا أَخْذُ مَا دَفَعَ. وَلَوْ وَجَبَ عَلَيْهِ اللِّعَانُ فَصَالَحَهَا عَلَى مَالِ عَلَى أَنْ لَا تُطَالِبَهُ بِاللِّعَانِ بَطَلَ وَعَفْوُهَا بَعْدَ الرَّفْعِ بَاطِلٌ، وَقِيلَ: جَائِزٌ وَالصُّلْحُ عَنْ حَدِّ الْقَذْفِ بَاطِلٌ فَيَرُدُّ الْمَالَ، وَأَمَّا الْحَدُّ فَيَسْقُطُ لَوْ كَانَ ذَلِكَ قَبْلَ الرَّفْعِ إلَى الْقَاضِي لَا لَوْ بَعْدَهُ. لَوْ زَنَى بِامْرَأَةِ رَجُلٍ وَأَرَادَ الرَّجُلُ حَدَّهُمَا فَصَالَحَاهُ أَوْ أَحَدُهُمَا عَلَى مَالِ عَلَى أَنْ يَعْفُوَ بَطَلَ عَفْوُهُ قَبْلَ الرَّفْعِ أَوْ بَعْدَهُ. دَفَعَ ثَمَنَ دَارٍ اشْتَرَاهُ فَقَالَ: لَهُ غَيْرُهُ قُبَالَهُ أَيْنَ خَانه يَنَام منست فَادْفَعْ إلَيَّ كَذَا لِأَدْفَعَ إلَيْك فَفَعَلَ لَا يَتَمَكَّنُ مِنْ اسْتِرْدَادِهِ إذْ يَصِيرُ مُشْتَرِيًا الْكَاغَدَ مِنْهُ بِهَذَا الْمَالِ أَوْ يَصِيرُ مُصَالِحًا بِهِ مِنْ حَقٍّ أَوْ مِلْكٍ كَانَ لَهُ فِي هَذِهِ الدَّارِ وَأَيًّا مَا كَانَ صَحَّ الدَّفْعُ. أَوْصَى بِغَلَّةِ نَخْلِهِ لِرَجُلٍ ثَلَاثَ سِنِينَ وَالنَّخْلُ يَخْرُجُ مِنْ ثُلُثِهِ، وَلَيْسَ فِيهَا ثَمَرٌ فَالْمُوصَى لَهُ لَوْ صَالَحَ الْوَرَثَةَ عَلَى دَرَاهِمَ مُسَمَّاةٍ وَقَبَضَهَا عَلَى أَنْ يُسَلِّمَ لَهُمْ وَصِيَّتَهُ مِنْ هَذِهِ الْغَلَّةِ، وَلَمْ تُخْرِجْ النَّخْلُ شَيْئًا فِي تِلْكَ السِّنِينَ أَوْ أَخْرَجَتْ أَكْثَرَ مِمَّا أَعْطَوْهُ بَطَلَ الصُّلْحُ قِيَاسًا كَصُلْحٍ عَنْ مَجْهُولٍ لَا يُعْلَمُ أَيَكُونُ أَمْ لَا وَلَكِنْ أَسْتَحْسِنُ أَنْ أُجِيزَ الصُّلْحَ إنَّمَا هُوَ رَجُلٌ بَرِئَ مِنْ وَصِيَّتِهِ عَلَى مَالٍ. صُلْحُ الْوَرَثَةِ عَنْ الْوَصِيَّةِ قَبْلَ مَوْتِ الْمُوصِي لَمْ يَجُزْ؛ إذْ تُمْلَكُ بَعْدَ مَوْتِهِ لَا قَبْلَهُ فَلَا صُلْحَ قَبْلَ الْمِلْكِ. الصُّلْحُ عَنْ الْغَصْبِ عَلَى أَكْثَرَ مِنْ قِيمَتِهِ جَائِزٌ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ لَا عِنْدَهُمَا قَائِمًا أَوْ مُتْلَفًا، وَهُوَ الصَّحِيحُ مِنْ مَذْهَبِهِ. الصُّلْحُ عَنْ الْأَعْيَانِ عَلَى نَقْدٍ أَكْثَرَ مِنْ قِيمَتِهَا بِمَا لَا يُتَغَابَنُ فِيهِ حَالًّا أَوْ مُؤَجَّلًا جَائِزٌ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ لَا عِنْدَهُمَا. الصُّلْحُ عَنْ أَعْيَانٍ مَجْهُولَةٍ لَا يَجُوزُ بِخِلَافِ الصُّلْحِ عَنْ حُقُوقٍ مَجْهُولَةٍ فَإِنَّهَا تَقْبَلُ الْإِسْقَاطَ بِخِلَافِ الْأَعْيَانِ مِنْ الْفُصُولَيْنِ. وَلَوْ صَالَحَهُ مِنْ أَلْفٍ عَلَى عَبْدٍ ثُمَّ تَصَادَقَا عَلَى أَنْ لَا شَيْءَ بَطَلَ الصُّلْحُ، وَالْمَدْفُوعُ إلَيْهِ إنْ شَاءَ رَدَّ الْعَبْدَ، وَإِنْ شَاءَ أَعْطَاهُ أَلْفًا وَأَمْسَكَ الْعَبْدَ. ادَّعَى دَارًا فِي يَدِ رَجُلٍ فَأَنْكَرَ فَصَالَحَهُ إنْسَانٌ مِنْ دَعْوَاهُ عَلَى أَلْفٍ وَدَفَعَهَا إلَيْهِ بِغَيْرِ أَمْرِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ ثُمَّ بَانَ أَنَّ الدَّارَ دَارُ الْمُدَّعِي يَأْخُذُ مُصَالِحُ الدَّارِ مِنْ الْمُدَّعِي مَا دَفَعَهُ إلَيْهِ. الصُّلْحُ عَلَى أَرْبَعَةِ أَوْجُهٍ مَعْلُومٍ عَلَى مَعْلُومٍ وَمَجْهُولٍ عَلَى مَعْلُومٍ كَمَا لَوْ صَالَحَ عَنْ دَيْنٍ أَوْ حَقٍّ مَعْلُومٍ عَلَى مَالٍ مَعْلُومٍ أَوْ عَنْ حَقٍّ مَجْهُولٍ فِي دَارٍ فِي يَدِ غَيْرِهِ عَلَى مَالٍ مَعْلُومٍ فَهُمَا جَائِزَانِ، وَإِنْ كَانَ الدَّارُ فِي يَدِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ فَاصْطَلَحَا عَلَى أَنْ يُعْطِيَهُ الْمُدَّعِي مَالًا مَعْلُومًا لَا يَجُوزُ وَصُلْحٍ مَجْهُولٍ عَلَى مَجْهُولٍ كَمَا لَوْ ادَّعَى حَقًّا فِي دَارِ إنْسَانٍ وَلَمْ يُسَمِّهِ وَادَّعَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ حَقًّا فِي أَرْضِهِ فَاصْطَلَحَا عَلَى أَنْ يَدْفَعَ أَحَدُهُمَا مَالًا إلَى الْآخَرِ لِيَتْرُكَ دَعْوَاهُ لَا يَجُوزُ، وَإِنْ اصْطَلَحَا عَلَى أَنْ يَتْرُكَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا جَازَ، وَهَذَا صُلْحٌ وَقَعَ عَنْ مَجْهُولٍ؛ لِأَنَّهُ لَا يُحْتَاجُ فِيهِ إلَى التَّسْلِيمِ وَالتَّسَلُّمِ. ادَّعَى دَارًا فَصَالَحَهُ عَلَى بَيْتٍ مِنْهَا مَعْلُومٍ جَازَ حَتَّى لَا تُسْمَعَ دَعْوَاهُ وَبَيِّنَتُهُ بَعْدَ ذَلِكَ، وَلَوْ صَالَحَهُ عَلَى سُكْنَى بَيْتٍ مِنْهَا أَبَدًا لَا يَجُوزُ، وَلَوْ شَرَطَ الْخِيَارَ فِي الصُّلْحِ جَازَ، وَإِنْ كَانَ الْخِيَارُ لِلْمُدَّعَى عَلَيْهِ فَالْمُصَالَحُ عَلَيْهِ مَضْمُونٌ فِي يَدِ الْمُدَّعِي بِقِيمَتِهِ، وَدَيْنُهُ عَلَى حَالِهِ كَمَا فِي الْبَيْعِ. وَلَوْ صَالَحَ الْمَحْبُوسُ بِتُهْمَةِ سَرِقَةٍ وَنَحْوِهَا فَإِنْ كَانَ حَبَسَهُ الْوَالِي أَوْ صَاحِبُ شَرْطٍ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 388 فَالصُّلْحُ بَاطِلٌ؛ لِأَنَّهُ مَكْرُوهٌ، وَإِنْ حَبَسَهُ الْقَاضِي فَالصُّلْحُ جَائِزٌ. سَرَقَ مِنْ حَانُوتِ إسْكَافٍ خِفَافًا لِأَقْوَامٍ ثُمَّ أَخَذَ الْإِسْكَافُ السَّارِقَ، وَصَالَحَ مَعَهُ عَلَى شَيْءٍ إنْ كَانَ الْمَسْرُوقُ قَائِمًا لَا يَجُوزُ إلَّا بِإِجَازَةِ أَرْبَابِهِ، وَإِنْ كَانَ مُسْتَهْلَكًا يَجُوزُ بِدُونِ إجَازَةِ أَرْبَابِهِ بَعْدَ أَنْ يَكُونَ الصُّلْحُ عَلَى دَرَاهِمَ، وَلَا يَكُونُ الْحَطُّ فِيهِ كَثِيرًا. إذَا فَرَضَ الْقَاضِي لِامْرَأَةٍ عَلَى زَوْجِهَا عَشَرَةَ دَرَاهِمَ كُلَّ شَهْرٍ ثُمَّ صَالَحَتْهُ مِنْ الْعَشَرَةِ عَلَى قَفِيزِ دَقِيقٍ فِي شَهْرٍ قَبْلَ مُضِيِّ شَيْءٍ مِنْ الشَّهْرِ أَوْ بَعْدَ مُضِيِّ بَعْضِهِ جَازَ فِي حِصَّةِ الْبَاقِي دُونَ الْمَاضِي، وَكَذَلِكَ صُلْحُهَا مِنْ نَفَقَةِ وَلَدِهَا الرَّضِيعِ وَالصُّلْحُ عَلَى أَكْثَرَ مِنْ مَهْرِ مِثْلِهَا جَائِزٌ، وَلَوْ طَلَّقَهَا بَعْدَ الدُّخُولِ فَصَالَحَهَا عَلَى أَكْثَرَ مِنْ مَهْرِ مِثْلِهَا أَوْ مَاتَتْ الْمَرْأَةُ فَصَالَحَ بِهِ وَرَثَتُهَا لَا يَجُوزُ إلَّا عَلَى قَدْرِ مَهْرِ مِثْلِهَا. ادَّعَى حَقًّا فِي دَارٍ فَصَالَحَهُ عَلَى دَارٍ فَاسْتُحِقَّتْ الدَّارُ رَجَعَ بِدَرَاهِمِهِ، وَإِنْ اسْتَحَقَّ بَعْضَهَا لَمْ يَرْجِعْ بِشَيْءٍ، وَلَوْ ادَّعَى نِصْفَ الدَّارِ وَأَقَرَّ أَنَّ نِصْفَهَا لِذِي الْيَدِ فَصَالَحَ مِنْ نَصِيبِهِ عَلَى دَارٍ مَعْلُومَةٍ ثُمَّ اسْتَحَقَّ نِصْفَ الدَّارِ رَجَعَ بِنِصْفِ الدَّارِ، وَلَوْ قَالَ: لَا أَدْرِي لِمَنْ هُوَ أَوْ سَكَتَ أَوْ قَالَ: لِفُلَانٍ آخَرَ لَمْ يَرْجِعْ بِشَيْءٍ حَتَّى يَسْتَحِقَّ أَكْثَرَ مِنْ النِّصْفِ مِنْ الْوَجِيزِ. كُلُّ صُلْحٍ وَقَعَ بَعْدَ صُلْحٍ فَالْأَوَّلُ صَحَّ وَالثَّانِي بَاطِلٌ وَكُلُّ صُلْحٍ وَقَعَ بَعْدَ شِرَاءٍ فَالصُّلْحُ بَاطِلٌ، وَلَوْ كَانَ شِرَاءً بَعْدَ شِرَاءِ، فَالثَّانِي أَحَقُّ، وَإِنْ كَانَ صُلْحٌ ثُمَّ شِرَاءُ صَحَّ الشِّرَاءُ، وَبَطَلَ الصُّلْحُ كَمَا فِي الْفُصُولَيْنِ وَالْوَجِيزِ. ادَّعَى عَيْنًا فَقَالَ: ذُو الْيَدِ هَذَا وَدِيعَةُ فُلَانٍ فَصَالَحَهُ بَعْدَ الْبَيِّنَةِ أَوْ قَبْلَهَا جَازَ إذْ قَبْلَ الْبَيِّنَةِ خَصْمٌ فَدَفَعَ الْخُصُومَةَ عَنْ نَفْسِهِ وَبَعْدَهَا يَدْفَعُ الْخُصُومَةَ عَنْ غَيْرِهِ، وَلَا يَرْجِعُ عَلَى الْمُصَالَحِ عَنْهُ لِعَدَمِ أَمْرِهِ. شَرَى شَيْئًا فَادَّعَاهُ أَوْ بَعْضَهُ رَجُلٌ فَصَالَحَهُ الْمُشْتَرِي صَحَّ، وَلَا يَرْجِعُ عَلَى بَائِعِهِ لِدَفْعِهِ بِرِضَاهُ، وَلَمْ يَثْبُتْ الِاسْتِحْقَاقُ. لَوْ كَانَ الْمُدَّعَى دَيْنًا فَصَالَحَهُ عَلَى كَيْلِي أَوْ وَزْنِيٍّ مُشَارٍ إلَيْهِ فِي الْمَجْلِسِ أَوْ الْبَيْتِ صَحَّ، وَلَا يَبْطُلُ بِقِيَامِهِ عَنْ الْمَجْلِسِ بِلَا قَبْضٍ إذْ لَمْ يَتَفَرَّقَا عَنْ دَيْنٍ بِدَيْنٍ، وَلَوْ كَانَ الْكَيْلِيُّ أَوْ الْوَزْنِيُّ بِغَيْرِ عَيْنِهِ بَطَلَ بِالِافْتِرَاقِ عَنْ دَيْنٍ بِدَيْنٍ. وَلَوْ ادَّعَى قِنًّا فَصَالَحَ عَلَى نَقْدٍ مُؤَجَّلٍ، وَالْقِنُّ هَالِكٌ أَوَّلًا جَازَ أَمَّا فِي الْقَائِمِ فَلِأَنَّهُ عَنْ عَيْنٍ بِدَيْنٍ، وَأَمَّا الْهَالِكُ فَلِأَنَّ الْوَاجِبَ هُوَ الْقِيمَةُ وَهِيَ دَرَاهِمُ أَوْ دَنَانِيرُ فَقَدْ صَالَحَ عَلَى عَيْنِ حَقِّهِ، وَلَوْ صَالَحَهُ عَلَى طَعَامٍ أَوْ عَرَضٍ فَلَوْ كَانَ الْقِنُّ قَائِمًا جَازَ لَا لَوْ هَالِكًا كَدَيْنٍ بِدَيْنٍ، وَلَوْ لَمْ يَكُنْ فِيهِ أَجَلٌ جَازَ لَوْ بِعَيْنِهِ وَإِلَّا فَإِنْ دَفَعَهُ جَازَ فِي الْمَجْلِسِ لَا لَوْ بَعْدَهُ قِيلَ هَذَا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَقِيلَ قَوْلُ الْكُلِّ. عَلَيْهِ كَرُّ حِنْطَةٍ وَصَالَحَهُ بِإِقْرَارٍ أَوْ إنْكَارٍ عَلَى نِصْفِ كَرِّ بُرٍّ وَنِصْفِ كَرِّ شَعِيرٍ إلَى أَجَلٍ بَطَلَ نَسِيئَةً فِي الشَّعِيرِ فَفَسَدَ كُلُّهُ؛ لِأَنَّهُ فَسَادٌ مُقَارَنٌ، وَلَوْ لَمْ يَضْرِبْ أَجَلًا وَكَانَ الشَّعِيرُ بِعَيْنِهِ لَا الْبُرُّ جَازَ لِعَدَمِ النَّسِيئَةِ، وَلَوْ كَانَ الشَّعِيرُ بِغَيْرِ عَيْنِهِ فَقَبَضَهُ فِي الْمَجْلِسِ جَازَ، وَلَوْ فَارَقَهُ قَبْلَ قَبْضِهِ بَطَلَ حِصَّةُ الشَّعِيرِ فَقَطْ لِطُرُوِّ الْفَسَادِ. شَرَى قِنًّا فَأَرَادَ الرَّدَّ بِعَيْبٍ، وَأَنْكَرَ الْبَائِعُ كَوْنَهُ عَبْدَهُ فَصَالَحَهُ عَلَى دَرَاهِمَ صَحَّ، وَيَكُونُ صُلْحًا عَنْ بَعْضِ الثَّمَنِ الَّذِي وَجَبَ عَلَى الْبَائِعِ رَدُّهُ عَلَى زَعْمِ الْمُشْتَرِي، وَتَعَذَّرَ رَدُّهُ لِإِنْكَارِ الْبَائِعِ فَصَارَ كَتَعَذُّرِهِ بِسَبَبٍ آخَرَ، وَعِنْدَ تَعَذُّرِ الرَّدِّ لَا بِمَعْنًى مِنْ جِهَةِ الْمُشْتَرِي يَجِبُ الرُّجُوعُ بِنَقْصِ الْعَيْبِ إذْ احْتَبَسَ جُزْءَ الْمَبِيعِ فَلَزِمَهُ رَدُّ حِصَّتِهِ مِنْ الثَّمَنِ فَثَبَتَ أَنَّهُ صُلْحٌ عَنْ الثَّمَنِ فَصَارَ صُلْحًا عَنْ دَرَاهِمَ فَصَحَّ حَالًّا وَمُؤَجَّلًا فَلَوْ عَلَى دَنَانِيرَ جَازَ لَوْ نَقَدَ قَبْلَ التَّفَرُّقِ، وَإِلَّا فَسَدَ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 389 لِأَنَّهُ صَرْفٌ، وَإِقْرَارُهُ بِالْعَيْبِ، وَإِنْكَارُهُ سَوَاءٌ فِي مَوْضِعٍ يَمْتَنِعُ فِيهِ الرَّدُّ وَأَمَّا فِي مَوْضِعٍ يُمْكِنُ الرَّدُّ بِعَيْبٍ فَفِي الْإِقْرَارِ لَا يَكُونُ صُلْحًا عَنْ الثَّمَنِ بَلْ عَنْ حَقِّ الرَّدِّ فَيَسْقُطُ حَقُّهُ فِي ذَلِكَ بِمَالٍ فَيَجُوزُ كَيْفَمَا كَانَ جَانَسَ الثَّمَنَ أَوْ لَا حَالًّا أَوْ لَا، وَكَذَا لَوْ كَانَ عَلَى كَيْلِيٍّ أَوْ وَزْنِيٍّ بِغَيْرِ عَيْنِهِ فَإِنْ كَانَ بِعَيْنِهِ جَازَ؛ لِأَنَّهُ فِي مَعْنَى الشِّرَاءِ بِالدَّيْنِ وَأَمَّا فِي مَوْضِعٍ لَيْسَ لَهُ حَقُّ الرُّجُوعِ بِنَقْصِ الْعَيْبِ لَمْ يَصِحَّ الصُّلْحُ ادَّعَتْ طَلَاقَهَا ثَلَاثًا، وَأَنْكَرَ زَوْجُهَا فَصَالَحَهَا عَلَى أَنْ تُبَرِّئَهُ مِنْ الدَّعْوَى لَمْ يَصِحَّ، وَيَرْجِعُ بِمَا دَفَعَ، وَهِيَ عَلَى دَعْوَاهَا، وَكَذَا لَوْ ادَّعَتْ طَلْقَةً أَوْ طَلْقَتَيْنِ أَوْ خُلْعًا. وَلَوْ ادَّعَتْ تَطْلِيقَةً بَائِنًا، فَصَالَحَهَا عَلَى مَالِ عَلَى تَطْلِيقِهَا وَاحِدًا بَائِنًا جَازَ، فَيَكُونُ خُلْعًا فِي حَقِّهِ وَدَفْعًا لِظُلْمِهِ فِي حَقِّهَا، فَلَوْ أَقَامَتْ بَيِّنَةً عَلَى ذَلِكَ بَعْدَهُ، وَشَهِدُوا أَنَّهُ طَلَّقَهَا ثَلَاثًا أَوْ وَاحِدَةً تَرْجِعُ عَلَيْهِ بِمَا دَفَعْته مِنْ الْفُصُولَيْنِ. كُلُّ مَا صَلَحَ بَدَلًا فِي الْبَيْعِ صَلَحَ بَدَلًا فِي الصُّلْحِ حَتَّى لَا يَجُوزَ الصُّلْحُ عَلَى حَيَوَانٍ إلَى أَجَلٍ وَعَلَى أَلْفٍ إلَى الْحَصَادِ، وَلَوْ صَالَحَ مِنْ الدَّعْوَى فِي الْغَنَمِ عَلَى الْغَنَمِ عَلَى أَنَّ لِلْمَطْلُوبِ أَوْ لِلطَّالِبِ الْأَوْلَادَ كُلَّهَا سَنَةً لَا يَجُوزُ، وَلَوْ صَالَحَ عَلَى صُوفِ غَيْرِهَا قِيلَ: يَجُوزُ عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ وَقِيلَ: لَا يَجُوزُ، وَلَوْ صَالَحَ عَلَى أَلْبَانِهَا فِي ضُرُوعِهَا لَا يَجُوزُ، وَلَوْ صَالَحَ عَلَى مَخَاتِيمِ دَقِيقِ هَذِهِ الْحِنْطَةِ لَا يَجُوزُ. وَلَوْ صَالَحَهُ عَلَى ثَوْبٍ عَلَى أَنْ يَصْبُغَهُ بِعُصْفُرٍ أَوْ يَخِيطَهُ لَهُ قَبَاءً أَوْ يَحْشُوَهُ أَوْ يُبَطِّنَهُ لَا يَجُوزُ. وَلَوْ صَالَحَ عَنْ دَعْوَاهُ فِي دَارٍ عَلَى خِدْمَةِ عَبْدٍ سَنَةً ثُمَّ أَعْتَقَهُ الْمَالِكُ فَالْعَبْدُ بِالْخِيَارِ إنْ شَاءَ خَدَمَهُ، وَإِنْ شَاءَ لَمْ يَخْدُمْهُ فَإِنْ خَدَمَهُ لَا يَبْطُلُ الصُّلْحُ، وَإِنْ لَمْ يَخْدُمْهُ يَبْطُلُ وَيَرْجِعُ إلَى دَعْوَاهُ فِيمَا بَقِيَ، وَلَا يَضْمَنُ الْمُعْتَقُ شَيْئًا لِصَاحِبِ الْخِدْمَةِ، وَلَوْ قَتَلَهُ صَاحِبُ الْعَبْدِ لَا يَضْمَنُ، وَيَبْطُلُ الصُّلْحُ فِيمَا لَمْ يُسْتَوْفَ مِنْ الْمَنْفَعَةِ، وَإِنْ قَتَلَهُ صَاحِبُ الْخِدْمَةِ يَلْزَمُهُ الْقِيمَةُ وَيُنْقَضُ الصُّلْحُ عِنْدَ مُحَمَّدٍ، وَلَا يُنْقَضُ عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ. الصُّلْحُ عَنْ الْمَغْصُوبِ الْمُسْتَهْلَكِ عَلَى أَلْفٍ إلَى سَنَةٍ وَالْمَغْصُوبُ مِثْلِيٌّ لَا يَجُوزُ وَإِنْ كَانَ عُرُوضًا يَجُوزُ. ظُلَّةٌ عَلَى طَرِيقٍ نَافِذٍ فَخَاصَمَهُ رَجُلٌ، فَأَرَادَ طَرْحَهَا فَصَالَحَهُ عَلَى التَّرْكِ لَا يَجُوزُ قَدِيمَةً كَانَتْ أَوْ حَادِثَةً أَوْ لَا يَعْلَمُ، وَلَوْ صَالَحَ مَعَ الْإِمَامِ جَازَ إذَا رَأَى فِي ذَلِكَ مَنْفَعَةً لِلْمُسْلِمِينَ، وَيَضَعُ بَدَلَ الصُّلْحِ فِي بَيْتِ الْمَالِ، وَلَوْ صَالَحَهُ عَلَى الطَّرْحِ، فَإِنْ كَانَ الْمُخَاصِمُ دَفَعَ الْمَالَ لِرَبِّ الظُّلَّةِ جَازَ إنْ كَانَتْ قَدِيمَةً، وَإِنْ كَانَتْ حَدِيثَةً أَوْ لَا يَعْلَمُ لَا يَجُوزُ، وَهُوَ الصَّحِيحُ، وَلَوْ كَانَتْ الظُّلَّةُ عَلَى طَرِيقٍ غَيْرِ نَافِذٍ وَأَخَذَ الْمُخَاصِمُ الدَّرَاهِمَ بِتَرْكِهَا لَا يَجُوزُ إنْ كَانَتْ قَدِيمَةً، وَإِنْ كَانَتْ حَدِيثَةً فَإِنْ كَانَ فِي السِّكَّةِ مَعَهُ غَيْرُهُ فَصَالَحَهُ عَلَى التَّرْكِ مِنْ نَصِيبِهِ جَازَ ثُمَّ الشُّرَكَاءُ إنْ تَرَكُوا الظُّلَّةَ يَسْلَمُ لَهُ جَمِيعُ بَدَلِ الصُّلْحِ فَإِنْ رَفَعُوا الظُّلَّةَ هَلْ يَرْجِعُ صَاحِبُ الظُّلَّةِ عَلَى الْمُصَالِحِ بِجَمِيعِ الْبَدَلِ اخْتَلَفُوا فِيهِ، وَإِنْ صَالَحَهُ مِنْ جَمِيعِ الظُّلَّةِ يَصِحُّ فِي نَصِيبِهِ، وَيَتَوَقَّفُ فِي نَصِيبِ شُرَكَائِهِ ثُمَّ قِيلَ لَهُ أَنْ يَرْجِعَ بِحِصَّتِهِ وَقَالَ: الْفَقِيهُ أَبُو جَعْفَرٍ: لَيْسَ لَهُ ذَلِكَ، وَإِنْ كَانَتْ الظُّلَّةُ لَا يُعْرَفُ حَالُهَا لَمْ يَجُزْ الصُّلْحُ، وَإِنْ صَالَحَهُ عَلَى الطَّرْحِ، فَإِنْ كَانَ الْمُخَاصِمُ دَفَعَ الْمَالَ لِيَطْرَحَ، وَهِيَ قَدِيمَةٌ جَازَ، وَإِنْ كَانَتْ حَدِيثَةً قِيلَ: لَا يَجُوزُ وَنَصَّ مُحَمَّدٌ فِي الْمَبْسُوطِ أَنَّهُ يَجُوزُ. وَلَوْ صَالَحَهُ مِنْ عَيْنٍ أَوْ دَيْنٍ عَلَى خِدْمَةِ عَبْدٍ بِعَيْنِهِ أَوْ سُكْنَى دَارٍ أَوْ زِرَاعَةِ أَرْضٍ سَنَةً أَوْ رُكُوبِ دَابَّةٍ بِعَيْنِهَا وَقْتًا مَعْلُومًا أَوْ عَلَى مَسَافَةٍ مَعْلُومَةٍ أَوْ لُبْسِ ثَوْبٍ سَنَةً جَازَ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 390 وَيَكُونُ إجَارَةً حَتَّى لَوْ مَاتَ أَحَدُ الْمُتَصَالِحَيْنِ أَوْ هَلَكَ الْمُصَالِحُ عَلَيْهِ أَوْ اسْتَهْلَكَهُ إنْسَانٌ أَوْ اسْتَحَقَّهُ يَبْطُلُ الصُّلْحُ عِنْدَ مُحَمَّدٍ وَهُوَ الْأَظْهَرُ إلَّا أَنَّ فِي الصُّلْحِ عَنْ إقْرَارٍ يَرْجِعُ عَلَى الْمُدَّعَى بِهِ، وَفِي الصُّلْحِ عَنْ الْإِنْكَارِ يَرْجِعُ عَلَى دَعْوَاهُ إنْ لَمْ يَسْتَوْفِ شَيْئًا مِنْ الْمَنْفَعَةِ، وَإِنْ اسْتَوْفَى بَعْضَ الْمَنْفَعَةِ يَرْجِعُ عَلَى دَعْوَاهُ بِقَدْرِ مَا لَمْ يَسْتَوْفِ، وَعِنْدَ أَبِي يُوسُفَ لَا يُنْقَضُ الصُّلْحُ بِمَوْتِ الْمُتَصَالِحَيْنِ وَيَكُونُ لِوَرَثَةِ الْمُدَّعِي الْمَنْفَعَةُ، وَيُنْتَقَضُ فِيمَا عَدَا ذَلِكَ وَالصُّلْحُ عَلَى مَمَرِّ الطَّرِيقِ لَا يَجُوزُ. صَالَحَهُ عَلَى سَبِيلِ مَاءٍ أَوْ عَلَى أَنْ يَضَعَ كَذَا، وَكَذَا جُذُوعًا لَا يَجُوزُ، وَإِنْ بَيَّنَ لَهُ وَقْتًا، وَرَوَى الْكَرْخِيُّ أَنَّهُ يَجُوزُ، وَذَكَرَ الْفَقِيهُ أَبُو جَعْفَرٍ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ. تَدَلَّى غُصْنُ شَجَرَةٍ فِي دَارِ جَارِهِ، فَصَالَحَهُ عَلَى دَرَاهِمَ لِيَتْرُكَهُ لَمْ يَجُزْ؛ لِأَنَّهُ لَا تَعَامُلَ فِي تَرْكِ الْغُصْنِ، وَفِي تَرْكِ الظُّلَّةِ تَعَامُلٌ فَيَجُوزُ. وَلَوْ ادَّعَى أَحَدُ الْوَرَثَةِ قَبْلَ الْقَاضِي مِيرَاثًا، وَأَنْكَرَهُ فَصَالَحَهُ جَازَ، وَلَا شَيْءَ لِلْآخَرِ عَلَى الْقَاضِي، وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يُشَارِكَ صَاحِبَهُ فِيمَا قَبَضَ إذَا كَانَ الْمُدَّعَى بِهِ قَائِمًا فِي يَدِ الْقَابِضِ، فَإِنْ كَانَ مُسْتَهْلَكًا فَلَهُ ذَلِكَ، وَإِنْ صَالَحَهُ عَنْ إقْرَارٍ بِالشَّرِكَةِ لَا يَكُونُ لِلْآخَرِ مِثْلُهُ عَلَيْهِ، وَلَهُ إيثَارُ أَخِيهِ، وَذَكَرَ فِي الْوَصَايَا أَنَّهُ يَضْمَنُ لِلْآخَرِ مِثْلَ ذَلِكَ. صَالَحَ الْمَرِيضَ عَنْ قَتْلِ الْعَمْدِ عَلَى أَلْفٍ قَالَ أَبُو يُوسُفَ لَمْ يَجُزْ إلَّا مِنْ الثُّلُثِ، وَقَالَ مُحَمَّدٌ: يَجُوزُ مِنْ جَمِيعِ الْمَالِ. صَالَحَ أَحَدَ وَلِيَّيْنِ عَنْ دَمِ الْعَمْدِ عَلَى مِائَةٍ جَازَ، وَلَا يُشَارِكُهُ الْآخَرُ فِيهَا، وَإِنْ كَانَ الْقَتْلُ خَطَأً شَارَكَهُ فِيهَا. رَجُلٌ قَتَلَ عَبْدَ إنْسَانٍ خَطَأً أَوْ شَقَّ ثَوْبَ إنْسَانٍ فَصَالَحَ عَلَى أَكْثَرَ مِنْ قِيمَتِهِ جَازَ، وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ: أَبْطَلَ الْفَضْلَ. وَصُلْحُ الْمُسْتَأْمَنِ فِي دَارِنَا جَائِزٌ وَصُلْحُ الذِّمِّيِّ كَصُلْحِ الْمُسْلِمِينَ إلَّا فِي الصُّلْحِ عَلَى الْخَمْرِ وَالْخِنْزِيرِ، فَإِنَّهُ يَجُوزُ بَيْنَهُمْ خَاصَّةً. رَجُلَانِ ادَّعَيَا دَارًا فَصَالَحَهُ أَحَدُهُمَا مِنْ حِصَّتِهِ عَلَى مِائَةٍ فَلَيْسَ لِصَاحِبِهِ أَنْ يُشَارِكَهُ، وَلَوْ صَالَحَهُ مِنْ الْجَمِيعِ عَلَى مِائَةٍ وَضَمِنَ تَسْلِيمَ نَصِيبِ شَرِيكِهِ فَلِشَرِيكِهِ الْخِيَارُ، وَلَا يَرْجِعُ الشَّرِيكُ عَلَى الْمُصَالِحِ إذَا لَمْ يُسَلِّمْ نَصِيبَهُ وَلِلْمُدَّعَى عَلَيْهِ الْخِيَارُ فِي نَصِيبِ الْمُدَّعِي فِي الْفَسْخِ وَالْإِمْضَاءِ لَهُمَا إذَا لَمْ يُسَلِّمْ لَهُ جَمِيعَ الْمُصَالَحَ عَلَيْهِ عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ، وَعِنْدَ مُحَمَّدٍ لَا خِيَارَ لَهُ كَمَا لَوْ بَاعَ أَحَدُهُمَا جَمِيعَ عَبْدٍ بَيْنَهُمَا وَضَمِنَ تَسْلِيمَ نَصِيبِ صَاحِبِهِ فَلَمْ يُسَلِّمْ صَاحِبُهُ نَصِيبَهُ فَلِلْمُشْتَرِي الْخِيَارُ عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ خِلَافًا لِمُحَمَّدٍ مِنْ الْوَجِيزِ. وَإِذَا كَانَ الدَّيْنُ مُشْتَرَكًا بَيْنَ اثْنَيْنِ فَصَالَحَ أَحَدُهُمَا عَنْ نَصِيبِهِ عَلَى ثَوْبٍ فَلِشَرِيكِهِ الْخِيَارُ إنْ شَاءَ اتَّبَعَ الَّذِي عَلَيْهِ الدَّيْنُ بِنِصْفِهِ، وَإِنْ شَاءَ أَخَذَ نِصْفَ الثَّوْبِ إلَّا أَنْ يَضْمَنَ لَهُ شَرِيكُهُ رُبُعَ الدَّيْنِ مِنْ الْهِدَايَةِ. ادَّعَى عَلَى بَعْضِ الْوَرَثَةِ دَيْنًا عَلَى الْمَيِّتِ فَصَالَحَهُ، وَبَعْضُهُمْ غَائِبٌ فَحَضَرَ، وَلَمْ يُجِزْ فَلَوْ ثَبَتَ الدَّيْنُ بِالْبَيِّنَةِ وَأَدَّى بَدَلَ الصُّلْحِ مِنْ التَّرِكَةِ بِأَمْرِ الْقَاضِي صَحَّ وَرَجَعَ لَوْ مِنْ مَالِ نَفْسِهِ، وَلَوْ دَفَعَ مِنْ التَّرِكَةِ بِلَا قَضَاءِ الْقَاضِي فَلِلْغَائِبِ اسْتِرْدَادُ حِصَّتِهِ، وَلَوْ مِنْ مَالِ نَفْسِهِ لَا يَرْجِعُ عَلَى الْغَائِبِ؛ إذْ لَمْ يَثْبُتْ الدَّيْنُ بِحُجَّةٍ شَرْعِيَّةٍ. دَارٌ بَيْنَ ثَلَاثَةٍ ادَّعَى فِيهَا رَجُلٌ فَصَالَحَ الْحَاضِرَ صَحَّ فَلَوْ شَرَطَ أَنْ يَكُونَ نَصِيبُ الْمُدَّعَى لَهُ فَلَهُ ذَلِكَ لَوْ أَقَرَّ بِهِ سَائِرُ الْوَرَثَةِ فَكَأَنَّهُ شَرَى نَصِيبَهُ، وَلَوْ أَنْكَرُوا يَقُومُ الْمُصَالِحُ مَقَامَ الْمُدَّعِي فَلَوْ أَقَامَ بَيِّنَةً عَلَى حَقِّ الْمُدَّعِي أَخَذَ نَصِيبَهُ، وَلَوْ لَمْ يُقِمْ يَرْجِعُ عَلَى الْمُدَّعِي فِي حِصَّةِ شَرِيكِهِ إذَا صَالَحَهُ عَلَى شَرْطِ سَلَامَةِ نَصِيبِهِ، وَلَمْ يُسَلِّمْ فَيَرْجِعْ بِبَدَلِ الصُّلْحِ فُصُولَيْنِ. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 391 إذَا كَانَ لِرَجُلَيْنِ عَلَى رَجُلٍ أَلْفُ دِرْهَمٍ ثَمَنُ مَبِيعٍ فَأَقَرَّ أَحَدُهُمَا أَنَّهُ كَانَ لِلْمَطْلُوبِ عَلَيْهِ خَمْسُمِائَةٍ قَبْلَ دَيْنِهِمَا بَرِئَ الْمَطْلُوبُ مِنْ حِصَّتِهِ، وَلَا شَيْءَ لِشَرِيكِهِ بِخِلَافِ مَا لَوْ قَبَضَ شَيْئًا فَإِنَّهُ يُشَارِكُهُ، وَلَوْ أَبْرَأهُ مِنْ نَصِيبِهِ أَوْ وَهَبَهُ أَوْ جَنَى عَلَيْهِ جِنَايَةً عَمْدًا مُوجِبَةً لِلْأَرْشِ حَتَّى سَقَطَ الدَّيْنُ لَمْ يَكُنْ لِشَرِيكِهِ أَنْ يَرْجِعَ عَلَيْهِ، وَكَذَا لَوْ صَالَحَهُ عَنْ الْعَمْدِ الْمُوجِبِ لِلْقِصَاصِ عَلَى مَالِ، وَلَوْ أَفْسَدَ مَتَاعًا لَهُ لَيْسَ لِشَرِيكِهِ أَنْ يُشَارِكَهُ عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ وَعِنْدَ مُحَمَّدٍ يُشَارِكُهُ كَمَا لَوْ غَصَبَ مِنْهُ شَيْئًا يُسَاوِي خَمْسَمِائَةٍ، وَالِاخْتِلَافُ فِي رِوَايَةِ الْإِمَامِ أَبِي حَفْصٍ الْكَبِيرِ أَمَّا فِي رِوَايَةِ أَبِي سُلَيْمَانَ الْجُرْجَانِيِّ أَطْلَقَ الْجَوَابَ أَنَّهُ لَا يُشَارِكُهُ، وَلَمْ يَذْكُرْ خِلَافًا. وَلَوْ اسْتَقْرَضَ مِنْهُ مَالًا وَاشْتَرَى بِهِ شَيْئًا بَعْدَ ثُبُوتِ هَذَا الْمَالِ فَلِشَرِيكِهِ أَنْ يُشَارِكَهُ مِنْ الْخُلَاصَةِ (قُلْتُ) وَتَمَامُ الْكَلَامِ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ مَرَّ فِي الشَّرِكَةِ مِنْ كِتَابِنَا هَذَا. [بَاب فِي السَّيْر] (الْبَابُ الثَّالِثُ وَالثَّلَاثُونَ فِي السِّيَرِ) لَا بَأْسَ بِأَنْ يَعْلِفَ الْعَسْكَرُ فِي دَارِ الْحَرْبِ وَيَأْكُلُوا مِمَّا وَجَدُوا مِنْ الطَّعَامِ كَالْخُبْزِ وَاللَّحْمِ وَالسَّمْنِ وَالزَّيْتِ، وَقَدْ شَرَطَ الْحَاجَةَ فِي رِوَايَةٍ، وَلَمْ يَشْتَرِطْهُ فِي الْأُخْرَى، وَيُقَاتِلُوا بِمَا يَجِدُونَهُ مِنْ السِّلَاحِ إنْ اُحْتِيجَ إلَيْهِ، وَيُرَدُّ إلَى الْمَغْنَمِ إنْ اُسْتُغْنِيَ عَنْهُ، وَالدَّابَّةُ مِثْلُ السِّلَاحِ وَيَسْتَعْمِلُوا الْحَطَبَ، وَفِي بَعْضِ النُّسَخِ الطِّيبَ وَيَدَّهِنُوا بِالدُّهْنِ وَيُوقِحُوا بِهِ الدَّابَّةَ عِنْدَ الْحَاجَةِ، كُلُّ ذَلِكَ بِلَا قِسْمَةٍ، وَلَا يَجُوزُ أَنْ يَبِيعُوا مِنْ ذَلِكَ شَيْئًا، وَلَا يَتَمَوَّلُونَهُ فَلَوْ بَاعَ أَحَدُهُمْ رَدَّ الثَّمَنَ إلَى الْغَنِيمَةِ وَإِذَا خَرَجَ الْمُسْلِمُونَ مِنْ دَارِ الْحَرْبِ لَمْ يَجُزْ أَنْ يَعْلِفُوا مِنْ الْغَنِيمَةِ، وَلَا يَأْكُلُوا مِنْهَا وَمَنْ فَضَلَ مَعَهُ عَلَفٌ أَوْ طَعَامٌ رَدَّهُ إلَى الْغَنِيمَةِ إذَا لَمْ يُقَسَّمْ، وَبَعْدَ الْقِسْمَةِ تَصَدَّقُوا بِهِ إنْ كَانُوا أَغْنِيَاءَ، وَانْتَفَعُوا بِهِ إنْ كَانُوا مَحَاوِيجَ، وَإِنْ كَانُوا انْتَفَعُوا بِهِ بَعْدَ الْإِحْرَازِ تُرَدُّ قِيمَتُهُ إلَى الْمَغْنَمِ إنْ كَانَ لَمْ يُقَسَّمْ، وَإِنْ قُسِّمَتْ الْغَنَائِمُ فَالْغَنِيُّ يَتَصَدَّقُ بِقِيمَتِهِ، وَالْفَقِيرُ لَا شَيْءَ عَلَيْهِ مِنْ الْهِدَايَةِ. وَفِي الْوَجِيزِ وَبَعْدَ الْإِحْرَازِ لَا يُبَاحُ لَهُمْ التَّنَاوُلُ إلَّا بِالضَّمَانِ، وَإِنْ فَضَلَ مَعَهُ فَضْلٌ يُعِيدُهُ إلَى الْغَنِيمَةِ إنْ لِمَ يُقَسَّمْ إنْ كَانَ غَنِيًّا، وَإِنْ كَانَ فَقِيرًا يَأْكُلُ بِالضَّمَانِ انْتَهَى. السُّلْطَانُ إذَا أَوْدَعَ بَعْضَ الْغَنِيمَةِ عِنْدَ الْغَازِي ثُمَّ مَاتَ وَلَمْ يُبَيِّنْ عِنْدَهُ مَنْ أَوْدَعَهَا لَا يَجِبُ الضَّمَانُ عَلَيْهِ فِي مَالِهِ كَمَا فِي الْأَشْبَاهِ عَنْ فَتَاوَى قَاضِي خَانْ مِنْ الْوَقْفِ قُلْتُ: وَقَدْ رَأَيْتهَا فِي السِّيَرِ مِنْ فَتَاوِيهِ أَيْضًا. الْعَادِلُ إذَا أَتْلَفَ نَفْسَ الْبَاغِي أَوْ مَالَهُ لَا يَضْمَنُ، وَلَا يَأْثَمُ وَالْبَاغِي إذَا قَتَلَ الْعَادِلَ لَا يَجِبُ الضَّمَانُ، وَلَوْ أَتْلَفَ الْعَادِلُ مَالَ الْبَاغِي يُسْتَحَلُّ مَالُ الْعَادِلِ، وَلَيْسَ لَنَا وِلَايَةُ الْإِلْزَامِ عَلَيْهِمْ فَلَا يُفِيدُ إيجَابُ الضَّمَانِ، وَلَا كَذَلِكَ الْعَادِلُ انْتَهَى. قَوْمٌ مِنْ الْمُسْلِمِينَ جَمَعُوا مَالًا، وَدَفَعُوهُ إلَى رَجُلٍ لِيَدْخُلَ دَارَ الْحَرْبِ وَيَشْتَرِيَ أَسَارَى الْمُسْلِمِينَ مِنْهُمْ فَإِنَّ هَذَا الْمَالَ يَسْأَلُ التُّجَّارَ فِي دَارِ الْحَرْبِ فَكُلُّ مَنْ أَخْبَرَ أَنَّهُ أَسِيرٌ حُرٌّ فِي أَيْدِيهِمْ يَشْتَرِيهِ الْمَأْمُورُ، وَلَا يُجَاوِزُ قِيمَةَ الْحُرِّ لَوْ كَانَ عَبْدًا فِي ذَلِكَ الْمَوْضِعِ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 392 إنَّمَا يَشْتَرِي بِقَدْرِ قِيمَتِهِ أَوْ بِغَبْنٍ يَسِيرٍ فَلَوْ أَرَادَ الْمَأْمُورُ أَنْ يَشْتَرِيَ أَسِيرًا فَقَالَ لَهُ الْأَسِيرُ: اشْتَرِنِي فَاشْتَرَاهُ الْمَأْمُورُ بِالْمَالِ الْمَدْفُوعِ إلَيْهِ يَضْمَنُ الْمَأْمُورُ ذَلِكَ الْمَالَ وَيَرْجِعُ عَلَى الْأَسِيرِ؛ لِأَنَّهُ صَارَ مُعْرِضًا إيَّاهُ فَيَرْجِعُ عَلَيْهِ كَمَنْ قَضَى دَيْنَ غَيْرِهِ بِأَمْرِهِ فَإِنَّهُ يَرْجِعُ عَلَيْهِ بِمَا أَمَرَهُ بِهِ وَدُونَ غَيْرِهِ، وَلَوْ أَنَّ هَذَا الْمَأْمُورَ بِشِرَاءِ الْأَسِيرِ قَالَ لِلْأَسِيرِ بَعْدَ مَا قَالَ لَهُ الْأَسِيرُ: اشْتَرِنِي بِكَذَا إنَّمَا اشْتَرَيْتُك بِالْمَالِ الْمَدْفُوعِ إلَيَّ حِسْبَةً وَاشْتَرَاهُ كَانَ مُشْتَرِيًا لِأَصْحَابِ الْأَمْوَالِ. وَلَوْ أَنَّ أَمِيرَ الْعَسْكَرِ أَجَّرَ أَجِيرًا بِأَكْثَرَ مِنْ أَجْرِ الْمِثْلِ قَدْرَ مَا لَا يَتَغَابَنُ النَّاسُ فِيهِ فَعَمِلَ الْأَجِيرُ وَانْقَضَتْ الْمُدَّةُ كَانَتْ الزِّيَادَةُ عَلَى أَجْرِ الْمِثْلِ بَاطِلَةً؛ لِأَنَّ أَمِيرَ الْعَسْكَرِ يَتَصَرَّفُ بِطَرِيقِ النَّظَرِ، وَلَوْ أَنَّ الْأَمِيرَ قَالَ اسْتَأْجَرْته، وَأَنَا أَعْلَمُ أَنَّهُ لَا يَنْبَغِي لِي أَنْ أَفْعَلَ كَانَ جَمِيعُ الْأَجْرِ فِي مَالِهِ. وَلَوْ قَالَ أَمِيرُ الْعَسْكَرِ لِمُسْلِمٍ أَوْ ذِمِّيٍّ: إنْ قَتَلْت ذَلِكَ الْفَارِسَ فَلَكَ مِائَةُ دِرْهَمٍ فَقَتَلَهُ لَا شَيْءَ لَهُ؛ لِأَنَّ قَتْلَ الْكَافِرِ طَاعَةٌ فَلَمْ يَصِحَّ الِاسْتِئْجَارُ عَلَيْهِ، وَكَذَلِكَ لَوْ اسْتَأْجَرَ أَمِيرُ الْعَسْكَرِ مُسْلِمًا أَوْ ذِمِّيًّا لِيَقْتُلَ أَسِيرًا لِكَافِرٍ فِي أَيْدِيهِمْ لَا يَجِبُ الْأَجْرُ بِخِلَافِ مَا لَوْ اسْتَأْجَرَ رَجُلًا لِقَطْعِ رُءُوسِ الْقَتْلَى حَيْثُ يَجِبُ الْأَجْرُ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ بِطَاعَةٍ، وَمَنْ أَتْلَفَ فِي دَارِ الْحَرْبِ مِنْ الْغَنِيمَةِ مَا لَهُ قِيمَةٌ لَا ضَمَانَ عَلَيْهِ، وَإِنْ كَانَ مِمَّنْ لَا يَجُوزُ لَهُ الِانْتِفَاعُ بِالْغَنِيمَةِ كَالتُّجَّارِ؛ لِأَنَّهُ لَا يَتَأَكَّدُ فِيهَا حَقُّ الْغَانِمِينَ قَبْلَ الْإِحْرَازِ مِنْ قَاضِي خَانْ وَلَوْ أَتْلَفَهَا بَعْدَ الْإِحْرَازِ يَضْمَنُ لِتَأَكُّدِ الْحَقِّ حَتَّى لَوْ مَاتَ وَاحِدٌ مِنْهُمْ يُوَرَّثُ نَصِيبُهُ كَمَا فِي الْوَجِيزِ. كَافِرٌ اسْتَوْلَى عَلَى مَالِ مُسْلِمٍ، وَأَحْرَزَهُ بِدَارِ الْحَرْبِ مَلَكَهُ مِلْكًا طَيِّبًا حَتَّى لَوْ أَسْلَمَ يَطِيبُ لَهُ، وَلَا يَجِبُ عَلَيْهِ رَدُّهُ، وَلَا التَّصْدِيقُ بِهِ مِنْ الْقُنْيَةِ. الْإِمَامُ إذَا قَسَّمَ الْغَنَائِمَ، وَدَفَعَ أَرْبَعَةَ الْأَخْمَاسِ إلَى الْجُنْدِ، وَهَلَكَ الْخُمُسُ قَبْلَ أَنْ يُسَلِّمَهُ إلَى أَهْلِهِ فِي يَدِهِ سَلَّمَ لِلْجُنْدِ مَا كَانَ بِأَيْدِيهِمْ، وَكَذَا لَوْ دَفَعَ الْخُمُسَ إلَى أَهْلِهِ وَهَلَكَ الْأَرْبَعَةُ الْأَخْمَاسِ فِي يَدِهِ سَلَّمَ الْخُمُسَ لِأَهْلِهِ مِنْ قَاضِي خَانْ. إذَا دَخَلَ مُسْلِمٌ دَارَ الْحَرْبِ بِأَمَانٍ فَقَتَلَ وَاحِدًا مِنْهُمْ أَوْ اسْتَهْلَكَ مَالًا أَوْ غَصَبَ مَتَاعًا لَا يَلْزَمُهُ غُرْمُهُ وَيَصِيرُ مِلْكًا، وَيُكْرَهُ لَهُ ذَلِكَ، وَفِي الْغَصْبِ يُرَدُّ عَلَيْهِمْ، وَلَوْ كَانَ حَرْبِيًّا أَدَانَهُ حَرْبِيٌّ ثُمَّ خَرَجَا إلَيْنَا مُسْتَأْمَنَيْنِ بَطَلَتْ الْمُدَايَنَةُ مِنْ الْوَجِيزِ. رِدَّةُ الرَّجُلِ تُبْطِلُ عِصْمَةَ نَفْسِهِ حَتَّى لَوْ قَتَلَهُ أَحَدٌ بِغَيْرِ أَمْرِ الْقَاضِي عَمْدًا أَوْ خَطَأً أَوْ بِغَيْرِ أَمْرِ السُّلْطَانِ أَوْ أَتْلَفَ عُضْوًا مِنْ أَعْضَائِهِ لَا شَيْءَ عَلَيْهِ. الْمُسْلِمُ لَوْ أَصَابَ مَالًا أَوْ شَيْئًا يَجِبُ فِيهِ الْقِصَاصُ ثُمَّ ارْتَدَّ وَأَصَابَ، وَهُوَ مُرْتَدٌّ فِي دَارِ الْإِسْلَامِ ثُمَّ لَحِقَ بِدَارِ الْحَرْبِ ثُمَّ جَاءَ مُسْلِمًا فَهُوَ مَأْخُوذٌ بِجَمِيعِ ذَلِكَ، وَلَوْ أَصَابَ ذَلِكَ بَعْدَ مَا لَحِقَ بِدَارِ الْحَرْبِ مُرْتَدًّا لَا يُؤْخَذُ بَعْدَ الْإِسْلَامِ مَا كَانَ أَصَابَ حَالَ كَوْنِهِ مُحَارِبًا لِلْمُسْلِمِينَ مِنْ قَاضِي خَانْ. أُسِرَ قِنٌّ لِمُسْلِمٍ فَوَقَعَ فِي الْغَنِيمَةِ وَقُسِّمَ، وَمَوْلَاهُ الْأَوَّلُ حَاضِرٌ فَسَكَتَ بَطَلَ حَقُّهُ فُصُولَيْنِ. السُّلْطَانُ إذَا تَرَكَ الْعُشْرَ لِمَنْ هُوَ عَلَيْهِ جَازَ غَنِيًّا كَانَ أَوْ فَقِيرًا لَكِنْ إذَا كَانَ الْمَتْرُوكُ لَهُ فَقِيرًا فَلَا ضَمَانَ عَلَى السُّلْطَانِ، وَإِنْ كَانَ غَنِيًّا ضَمِنَ السُّلْطَانُ الْعُشْرَ لِلْفُقَرَاءِ مِنْ بَيْتِ مَالِ الْخَرَاجِ لِبَيْتِ مَالِ الصَّدَقَةِ كَذَا فِي الْقَاعِدَةِ الْخَامِسَةِ تَصَرُّفُ الْإِمَامِ مَنُوطٌ بِالْمَصْلَحَةِ مِنْ الْأَشْبَاهِ. وَلَوْ وَطِئَ وَاحِدٌ مِنْ الْغَانِمِينَ جَارِيَةً مِنْ الْغَنِيمَةِ فَوَلَدَتْ وَلَدًا فَادَّعَاهُ لَا يَثْبُتُ نَسَبُهُ مِنْهُ عِنْدَنَا خِلَافًا لِلشَّافِعِيِّ وَيَجِبُ عَلَيْهِ الْعُقْرُ، وَتُقَسَّمُ الْجَارِيَةُ بَيْنَ الْغَانِمِينَ مِنْ دُرَرِ الْبِحَارِ. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 393 [بَاب فِي الْقِسْمَة] (الْبَابُ الرَّابِعُ وَالثَّلَاثُونَ فِي الْقِسْمَةِ) الْمَقْبُوضُ بِالْقِسْمَةِ الْفَاسِدَةِ يَثْبُتُ الْمِلْكُ فِيهِ وَيَنْفُذُ التَّصَرُّفُ فِيهِ كَالْمَقْبُوضِ بِالشِّرَاءِ الْفَاسِدِ مِنْ الْقُنْيَةِ. رَجُلٌ مَاتَ فَقَاسَمَتْ امْرَأَتُهُ أَوْلَادَهُ فِي الْمِيرَاثِ، وَهُمْ كِبَارٌ كُلُّهُمْ وَأَقَرُّوا أَنَّهَا زَوْجَتُهُ ثُمَّ وَجَدُوا شُهُودًا شَهِدُوا أَنَّ زَوْجَهَا كَانَ طَلَّقَهَا ثَلَاثًا فَإِنَّهُمْ يَرْجِعُونَ عَلَيْهَا بِمَا أَخَذَتْ مِنْ الْمِيرَاثِ، وَكَذَلِكَ الرَّجُلُ إذَا قَاسَمَ امْرَأَةَ أَخِيهِ مِيرَاثَهَا، وَأَقَرَّ الْأَخُ بِإِرْثِهَا، وَأَقَرَّ أَنَّ هَذَا زَوْجُهَا، وَهَذَا أَخِي ثُمَّ أَقَامَ الْأَخُ الْبَيِّنَةَ أَنَّ الزَّوْجَ كَانَ طَلَّقَهَا فَإِنَّهُ يَرْجِعُ عَلَيْهَا بِمَا أَخَذْته مِنْ الْمِيرَاثِ كَذَا فِي فَصْلِ دَعْوَى الْمِلْكِ بِسَبَبٍ مِنْ قَاضِي خَانْ. اقْتَسَمَا دَارًا فَأَصَابَ أَحَدُهُمْ مِنْ الدَّارِ ثُلُثَهَا وَقِيمَتُهُ بِالنَّصِيبَيْنِ سَوَاءٌ فَاسْتُحِقَّ جُزْءٌ شَائِعٌ مِنْهَا اُنْتُقِضَتْ الْقِسْمَةُ، وَلَوْ اُسْتُحِقَّ نِصْفُ مَا فِي يَدِ أَحَدِهِمَا فَعِنْدَهُمَا لَا تُنْتَقَضُ الْقِسْمَةُ لَكِنَّ الْمُسْتَحَقَّ عَلَيْهِ بِالْخِيَارِ إنْ شَاءَ رَجَعَ عَلَى صَاحِبِهِ بِرُبُعِ مَا فِي يَدِهِ، وَإِنْ شَاءَ نَقَضَ الْقِسْمَةَ، وَعِنْدَ أَبِي يُوسُفَ تُنْتَقَضُ الْقِسْمَةُ، وَالْفَرْقُ لَهُمَا: أَنَّ الْإِفْرَازَ وَالتَّمْيِيزَ لَا يَبْطُلُ بِاسْتِحْقَاقِ جُزْءٍ مِنْ نَصِيبِ أَحَدِهِمَا؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ فِيمَا وَرَاءَ الْمُسْتَحَقِّ بَيْتٌ مُعَيَّنٌ مِنْ نَصِيبِ أَحَدِهِمَا بِخِلَافِ لَوْ اُسْتُحِقَّ نِصْفُ مَا فِي يَدِ أَحَدِهِمَا فَلَوْ بَاعَ نِصْفَهُ ثُمَّ اُسْتُحِقَّ النِّصْفُ الْبَاقِي يَرْجِعُ بِرُبُعِ مَا فِي يَدِ صَاحِبِهِ، وَعِنْدَ أَبِي يُوسُفَ تُنْتَقَضُ الْقِسْمَةُ وَيَضْمَنُ قِيمَةَ نِصْفِ مَا بَاعَ فَيُقَسَّمُ مَا فِي يَدِ صَاحِبِهِ نِصْفَيْنِ، وَلَوْ اُسْتُحِقَّ بَيْتٌ بِعَيْنِهِ فَالْقِسْمَةُ جَائِزَةٌ وَلِمَنْ اسْتَحَقَّ مِنْ نَصِيبِهِ بِالْخِيَارِ كَمَا فِي الْهِدَايَةِ. وَفِي الْخُلَاصَةِ: دَارٌ بَيْنَ رَجُلَيْنِ أَخَذَ أَحَدُهُمَا الثُّلُثَ مِنْ مُقَدَّمِهَا، وَأَخَذَ الْآخَرُ الثُّلُثَيْنِ مِنْ مُؤَخَّرِهَا، وَقِيمَةُ كُلٍّ مِنْ الثُّلُثِ وَالثُّلُثَيْنِ سِتُّمِائَةٍ ثُمَّ اُسْتُحِقَّ نِصْفُ الدَّارِ مَشَاعًا فَفِي هَذَا الْوَجْهِ تُفْسَخُ الْقِسْمَةُ بِالِاتِّفَاقِ. وَأَمَّا الْوَجْهُ الَّذِي لَا يُبْطِلُ غَيْرَ الْمُسْتَحَقِّ عَلَيْهِ فَهُوَ أَنْ يَسْتَحِقَّ نِصْفَ مَا فِي يَدِ أَحَدِهِمَا مَقْسُومًا فَيَتَخَيَّرُ فَلَهُ أَنْ يُبْطِلَ الْقِسْمَةَ إنْ شَاءَ، وَإِنْ شَاءَ يَرْجِعُ بِرُبُعِ مَا فِي يَدِ صَاحِبِهِ، وَأَمَّا الْوَجْهُ الَّذِي اخْتَلَفُوا فِيهِ فَهُوَ أَنْ يَسْتَحِقَّ نِصْفَ نَصِيبِهِ شَائِعًا فَعِنْدَهُمَا لَا تَبْطُلُ الْقِسْمَةُ، وَيُخَيَّرُ الْمُسْتَحَقُّ عَلَيْهِ كَمَا فِي الْوَجْهِ الثَّانِي، وَعِنْدَ أَبِي يُوسُفَ تَبْطُلُ الْقِسْمَةُ انْتَهَى. اسْتَحَقَّ بَعْضَ نَصِيبِ أَحَدِ الْوَرَثَةِ بِعَيْنِهِ بَعْدَ الْقِسْمَةِ بِبَيِّنَةٍ وَقَضَاءٍ فَقَالَ أَحَدُهُمَا الْمُدَّعِي ادَّعَى ظُلْمًا بِغَيْرِ حَقٍّ لَيْسَ لَهُ أَنْ يَرْجِعَ عَلَى بَقِيَّةِ الْوَرَثَةِ بِشَيْءٍ مِنْ الْقُنْيَةِ. لِرَجُلَيْنِ مِائَةُ شَاةٍ أَخَذَ أَحَدُهُمَا أَرْبَعِينَ شَاةً قِيمَتُهَا خَمْسُمِائَةٍ وَالْآخَرُ سِتِّينَ قِيمَتُهَا خَمْسُمِائَةٍ فَاسْتُحِقَّتْ شَاةٌ مِنْ الْأَرْبَعِينَ قِيمَتِهَا عَشَرَةٌ فَإِنَّهُ يَرْجِعُ بِخَمْسَةِ دَرَاهِمَ فِي سِتِّينَ يَضْرِبُ ذُو السِّتِّينَ بِخَمْسَةٍ، وَالْآخَرُ بِخَمْسِمِائَةٍ غَيْرَ خَمْسَةٍ، وَلَا تُنْقَضُ الْقِسْمَةُ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ بِخِلَافِ الْأَرْضِ وَالدَّارِ؛ لِأَنَّ الِاسْتِحْقَاقَ فِي الشِّيَاهِ لَا يُوجِبُ غَبْنًا فِي الْبَاقِي، وَفِي الْعَقَارِ يُوجِبُ غَبْنًا. اقْتَسَمَا دَارًا أَوْ أَرْضًا نِصْفَيْنِ، وَبَنَى كُلُّ وَاحِدٍ فِي نَصِيبِهِ ثُمَّ اُسْتُحِقَّ الدَّارُ لَمْ يَرْجِعْ أَحَدُهُمَا عَلَى الْآخَرِ بِقِيمَةِ الْبِنَاءِ، وَلَوْ كَانَتْ دَارَانِ أَوْ أَرْضَانِ أَخَذَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا دَارًا، فَبَنَى أَحَدُهُمَا فِي دَارِهِ ثُمَّ اُسْتُحِقَّتْ يَرْجِعُ بِنِصْفِ قِيمَةِ الْبِنَاءِ؛ لِأَنَّ الدَّارَ الْوَاحِدَةَ كُلُّ وَاحِدٍ مُضْطَرٌّ فِي الْقِسْمَةِ بِتَكْمِيلِ الْمَنْفَعَةِ، وَالْغَرُورُ مِنْ الْمُضْطَرِّ لَا يَتَحَقَّقُ، وَفِي الدَّارَيْنِ غَيْرُ مُضْطَرٍّ فِي هَذِهِ الْقِسْمَةِ بَلْ لَهُ أَنْ يُقَسِّمَ كُلَّ دَارٍ عَلَى حِدَةٍ بِلَا تَفْوِيتِ جِنْسِ مَنْفَعَةٍ، فَكَانَتْ هَذِهِ مُبَادَلَةً مَحْضَةً اخْتِيَارِيَّةً كَالْبَيْعِ، وَقَدْ صَارَ مَغْرُورًا مِنْ جِهَةِ صَاحِبِهِ فَرَجَعَ مِنْ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 394 الْوَجِيزِ. سُئِلَ الْحَاكِمُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ عَنْ صُبْرَةٍ مُشْتَرَكَةٍ بَيْنَ الدِّهْقَانِ وَالْمُزَارِعِ فَقَالَ الدِّهْقَانُ لِلْمُزَارِعِ: اقْسِمْهَا وَافْرِزْ نَصِيبِي فَقَسَمَ الْمُزَارِعُ حَالَ غَيْبَةِ الدِّهْقَانِ وَأَفْرَزَ نَصِيبَ الدِّهْقَانِ إلَيْهِ فَحَمَلَ نَصِيبَ نَفْسِهِ إلَى بَيْتِهِ أَوَّلًا فَلَمَّا رَجَعَ إذْ قَدْ هَلَكَ مَا أَفْرَزَهُ لِلدِّهْقَانِ فَالْهَلَاكُ عَلَى الدِّهْقَانِ خَاصَّةً كَذَا فِي الصُّغْرَى. الْغَرَامَاتُ إنْ كَانَتْ لِحِفْظِ الْأَمْلَاكِ فَالْقِسْمَةُ عَلَى قَدْرِ الْمِلْكِ، وَإِنْ كَانَتْ لِحِفْظِ الْأَنْفُسِ فَهِيَ عَلَى عَدَدِ الرُّءُوسِ وَفَرَّعَ عَلَيْهَا الْوَلْوَالِجِيُّ فِي الْقِسْمَةِ فِيمَا إذَا غَرَّمَ السُّلْطَانُ أَهْلَ قَرْيَةٍ فَإِنَّهَا تُقَسَّمُ عَلَى هَذَا. إذَا خِيفَ الْغَرَقُ لِلسَّفِينَةِ فَاتَّفَقُوا عَلَى إلْقَاءِ بَعْضِ الْأَمْتِعَةِ مِنْهَا فَأَلْقَوْا فَالْغُرْمُ بِعَدَدِ الرُّءُوسِ؛ لِأَنَّهَا لِحِفْظِ الْأَنْفُسِ. الْقِسْمَةُ الْفَاسِدَةُ لَا تُفِيدُ الْمِلْكَ بِالْقَبْضِ وَهِيَ تَبْطُلُ بِالشُّرُوطِ الْفَاسِدَةِ كَذَا فِي الْأَشْبَاهِ. وَلَا يَجُوزُ قِسْمَةُ الدَّيْنِ قَبْلَ قَبْضِهِ هَذِهِ فِي الْكَفَالَةِ مِنْ الْهِدَايَةِ وَلَوْ كَانَ لِلْمَيِّتِ دَيْنٌ فَاقْتَسَمُوا الدَّيْنَ وَالْعَيْنَ إذَا شَرَطُوا فِي الْقِسْمَةِ أَنْ يَكُونَ الدَّيْنُ لِأَحَدِهِمْ فَالْقِسْمَةُ فَاسِدَةٌ، وَإِنْ اقْتَسَمُوا الدَّيْنَ بَعْدَ قِسْمَةِ الْأَعْيَانِ فَقِسْمَةُ الْأَعْيَانِ مَاضِيَةٌ وَقِسْمَةُ الدَّيْنِ بَاطِلَةٌ. اقْتَسَمَ الْوَرَثَةُ بِأَمْرِ الْقَاضِي، وَمِنْهُمْ صَغِيرٌ أَوْ غَائِبٌ لَا تَنْفُذُ إلَّا بِإِجَازَةِ الْغَائِبِ أَوْ وَلِيِّ الصَّبِيِّ أَوْ يُخَيَّرُ الصَّبِيُّ إذَا بَلَغَ، وَلَوْ مَاتَ الْغَائِبُ أَوْ الصَّبِيُّ فَأَجَازَتْ وَرَثَتُهُ نَفَذَ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ خِلَافًا لِمُحَمَّدٍ. اقْتَسَمَ الشُّرَكَاءُ فِيمَا بَيْنَهُمْ وَفِيهِمْ شَرِيكٌ صَغِيرٌ أَوْ غَائِبٌ لَا تَصِحُّ الْقِسْمَةُ فَإِنْ أَمَرَهُمْ الْقَاضِي بِذَلِكَ صَحَّ. إذَا كَانَ الْمَكِيلُ أَوْ الْمَوْزُونُ بَيْنَ حَاضِرٍ وَغَائِبٍ أَوْ بَالِغٍ وَصَغِيرٍ فَأَخَذَ الْحَاضِرُ أَوْ الْبَالِغُ نَصِيبَهُ إنَّمَا تَنْفُذُ الْقِسْمَةُ مِنْ غَيْرِ خَصْمٍ بِشَرْطِ سَلَامَةِ نَصِيبِ الْغَائِبِ وَالصَّغِيرِ حَتَّى لَوْ هَلَكَ مَا بَقِيَ قَبْلَ أَنْ يَصِلَ إلَى الْغَائِبِ فَالْهَلَاكُ عَلَيْهِمَا مِنْ مُشْتَمِلِ الْهِدَايَةِ وَالصُّغْرَى. إذَا بَاعَ أَحَدُ الشَّرِيكَيْنِ نَصِيبَهُ مِنْ دَارٍ بَعْدَمَا اقْتَسَمَاهَا فَبَنَى الْمُشْتَرِي ثُمَّ وَجَدَ بِهِ عَيْبًا فَرَجَعَ عَلَى بَائِعِهِ بِالنُّقْصَانِ لِعَدَمِ التَّمَكُّنِ مِنْ الرَّدِّ بِسَبَبِ الزِّيَادَةِ لَمْ يَرْجِعْ الْبَائِعُ عَلَى شَرِيكِهِ بِمَا ضَمِنَ لِلْمُشْتَرِي عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَقَالَا: يَرْجِعُ مِنْ الْمَجْمَعِ وَلَوْ بَاعَهُ قَبْلَ الِاقْتِسَامِ فَضَمَانُ النُّقْصَانِ عَلَيْهِمَا اتِّفَاقًا ذَكَرَهُ فِي شَرْحِهِ. وَلَوْ تَهَايَئَا فِي الِاسْتِغْلَالِ فِي الدَّارِ الْوَاحِدَةِ جَازَ فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ وَفِي الْعَبْدِ الْوَاحِدِ وَالدَّابَّةِ الْوَاحِدَةِ لَا يَجُوزُ، وَلَوْ زَادَتْ الْغَلَّةُ فِي نَوْبَةِ أَحَدِهِمَا عَلَيْهَا فِي نَوْبَةِ الْآخَرِ يَشْتَرِكَانِ فِي الزِّيَادَةِ بِخِلَافِ مَا إذَا كَانَ التَّهَايُؤُ عَلَى الْمَنَافِعِ فَاسْتَعْمَلَ أَحَدُهُمَا فِي نَوْبَتِهِ زِيَادَةً وَالتَّهَايُؤُ عَلَى الِاسْتِغْلَالِ فِي الدَّارَيْنِ جَائِزٌ أَيْضًا فِي الظَّاهِرِ، وَلَوْ فَضَلَ غَلَّةُ أَحَدِهِمَا لَا يَشْتَرِكَانِ فِيهِ، وَكَذَا يَجُوزُ فِي الْعَبْدَيْنِ عِنْدَهُمَا، وَلَا يَجُوزُ عِنْدَهُ، وَلَا يَجُوزُ فِي الدَّابَّتَيْنِ عِنْدَهُ خِلَافًا لَهُمَا. [بَاب فِي الْوَصِيّ وَالْوَلِيّ وَالْقَاضِي] (الْبَابُ الْخَامِسُ وَالثَّلَاثُونَ فِي الْوَصِيِّ وَالْوَلِيِّ وَالْقَاضِي) لَا يَنْبَغِي لِلرَّجُلِ أَنْ يَقْبَلَ الْوَصِيَّةَ؛ لِأَنَّهَا أَمْرٌ عَلَى خَطَرٍ لِمَا رُوِيَ عَنْ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَنَّهُ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 395 قَالَ: الدُّخُولُ فِي الْوَصِيَّةِ أَوَّلُهُ غَلَطٌ، وَالثَّانِيَةُ خِيَانَةٌ، وَعَنْ غَيْرِهِ، وَالثَّالِثَةُ سَرِقَةٌ، وَعَنْ بَعْضِ الْعُلَمَاءِ لَوْ كَانَ الْوَصِيُّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ لَا يَنْجُو عَنْ الضَّمَانِ. وَعَنْ الشَّافِعِيِّ لَا يَدْخُلُ فِي الْوَصِيَّةِ إلَّا أَحْمَقُ أَوْ لِصٌّ. ثُمَّ لِلْمُوصَى أَنْ يُودِعَ مَالَ الْيَتِيمِ وَيُبْضِعَ وَيَتَّجِرَ بِمَالِ الْيَتِيمِ لِلْيَتِيمِ وَيَدْفَعَ مُضَارَبَةً وَلَهُ أَنْ يَفْعَلَ كُلَّ مَا كَانَ فِيهِ خَيْرٌ لِلْيَتِيمِ، وَكَذَا الْأَبُ، وَإِذَا بَلَغَ الصَّغِيرُ، وَطَلَبَ مَالَهُ مِنْ الْوَصِيِّ فَقَالَ الْوَصِيُّ: ضَاعَ مِنِّي كَانَ الْقَوْلُ قَوْلَهُ مَعَ يَمِينِهِ؛ لِأَنَّهُ أَمِينٌ فَإِنْ قَالَ: أَنْفَقْت مَا لَك عَلَيْك يُصَدَّقُ فِي نَفَقَةِ مِثْلِهِ فِي تِلْكَ الْمُدَّةِ، وَلَا يُقْبَلُ قَوْلُهُ فِيمَا يُكَذِّبُهُ الظَّاهِرُ. وَإِذَا اخْتَلَفَا فِي الْمُدَّةِ فَقَالَ الْوَصِيُّ: مَاتَ أَبُوك مُنْذُ عَشْرِ سِنِينَ وَقَالَ الْيَتِيمُ: مَاتَ مُنْذُ خَمْسِ سِنِينَ ذَكَرَ فِي الْكِتَابِ أَنَّ الْقَوْلَ قَوْلُ الِابْنِ وَاخْتَلَفَ الْمَشَايِخُ فِيهِ قَالَ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ السَّرَخْسِيُّ: الْمَذْكُورُ فِي الْكِتَابِ قَوْلُ مُحَمَّدٍ أَمَّا عَلَى قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْوَصِيِّ، وَهَذِهِ أَرْبَعُ مَسَائِلَ إحْدَاهَا: هَذِهِ. وَالثَّانِيَةُ: إذَا ادَّعَى الْوَصِيُّ أَنَّ الْمَيِّتَ تَرَكَ رَقِيقًا فَأَنْفَقْت عَلَيْهِ إلَى وَقْتِ كَذَا ثُمَّ مَاتُوا وَكَذَّبَهُ الِابْنُ قَالَ مُحَمَّدٌ وَالْحَسَنُ بْنُ زِيَادٍ: إنَّ الْقَوْلَ قَوْلُ الِابْنِ. وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ: الْقَوْلُ قَوْلُ الْوَصِيِّ، وَأَجْمَعُوا أَنَّ الْعَبِيدَ لَوْ كَانُوا أَحْيَاءً كَانَ الْقَوْلُ قَوْلَ الْوَصِيِّ. وَالْمَسْأَلَةُ الثَّالِثَةُ: إذَا ادَّعَى الْوَصِيُّ أَنَّ غُلَامًا لِلْيَتِيمِ أَبَقَ فَجَاءَ بِهِ رَجُلٌ فَأَعْطَى جَعَلَهُ أَرْبَعِينَ دِرْهَمًا، وَالِابْنُ يُنْكِرُ الْإِبَاقَ كَانَ الْقَوْلُ قَوْلَ الْوَصِيِّ فِي قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ، وَفِي قَوْلِ مُحَمَّدٍ وَالْحَسَنِ بْنِ زِيَادٍ: الْقَوْلُ قَوْلُ الِابْنِ إلَّا أَنْ يَأْتِيَ الْوَصِيُّ بِبَيِّنَةٍ عَلَى مَا ادَّعَى، وَأَجْمَعُوا عَلَى أَنَّ الْوَصِيَّ لَوْ قَالَ: اسْتَأْجَرْت رَجُلًا لَيَرُدَّهُ فَإِنَّهُ يَكُونُ مُصَدَّقًا. وَالْمَسْأَلَةُ الرَّابِعَةُ: إذَا قَالَ الْوَصِيُّ: أَدَّيْت خَرَاجَ أَرْضِك عَشْرَ سِنِينَ مُنْذُ مَاتَ أَبُوك كُلَّ سَنَةٍ أَلْفَ دِرْهَمٍ، وَقَالَ الْيَتِيمُ إنَّمَا مَاتَ أَبِي مُنْذُ خَمْسِ سِنِينَ كَانَ الْقَوْلُ قَوْلَ الِابْنِ فِي قَوْلِ مُحَمَّدٍ؛ لِأَنَّ الْوَصِيَّ يَدَّعِي تَارِيخًا سَابِقًا وَهُوَ يُنْكِرُ وَعَلَى قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ: الْقَوْلُ قَوْلُ الْوَصِيّ؛ لِأَنَّ الْيَتِيمَ يَدَّعِي عَلَيْهِ وُجُوبَ تَسْلِيمِ الْمَالِ، وَهُوَ يُنْكِرُ فَيَكُونُ الْقَوْلُ قَوْلَهُ فِي هَذِهِ الْمَسَائِلِ وَإِنْ قَالَ الْوَصِيُّ: فَرَضَ الْقَاضِي لِأَخِيك الزَّمِنِ نَفَقَةً فِي مَالِكَ كُلَّ شَهْرٍ كَذَا فَأَدَّيْت إلَيْهِ لِكُلِّ شَهْرٍ مُنْذُ عَشْر سِنِينَ، وَكَذَّبَهُ الِابْنُ لَا يُقْبَلُ قَوْلُ الْوَصِيِّ عِنْدَ الْكُلِّ وَيَكُونُ ضَامِنًا. الْوَصِيُّ إذَا بَاعَ شَيْئًا مِنْ تَرِكَةِ الْمَيِّتِ نَسِيئَةً فَإِنْ كَانَ يَتَضَرَّرُ بِهِ الْيَتِيمُ بِأَنْ كَانَ الْأَجَلُ فَاحِشًا لَا يَجُوزُ، وَلَا يَمْلِكُ الْوَصِيُّ إقْرَاضَ مَالِ الْيَتِيمِ، فَإِنْ أَقْرَضَ كَانَ ضَامِنًا، وَالْقَاضِي يَمْلِكُ الْإِقْرَاضَ، وَاخْتَلَفَ الْمَشَايِخُ فِي الْأَبِ لِاخْتِلَافِ الرِّوَايَتَيْنِ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ وَالصَّحِيحُ أَنَّ الْأَبَ بِمَنْزِلَةِ الْوَصِيِّ لَا بِمَنْزِلَةِ الْقَاضِي فَلَوْ أَخَذَ الْوَصِيُّ مَالَ الْيَتِيمِ قَرْضًا لِنَفْسِهِ لَا يَجُوزُ، وَيَكُونُ دَيْنًا عَلَيْهِ. وَعَنْ مُحَمَّدٍ: وَلَيْسَ لِلْوَصِيِّ أَنْ يَسْتَقْرِضَ مَالَ الْيَتِيمِ فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - وَقَالَ مُحَمَّدٌ: وَأَمَّا أَنَا أَرْجُو أَنَّهُ لَوْ فَعَلَ ذَلِكَ، وَهُوَ قَادِرٌ عَلَى الْقَضَاءِ لَا بَأْسَ بِهِ. وَلَوْ رَهَنَ الْوَصِيُّ أَوْ الْأَبُ مَالَ الْيَتِيمِ بِدَيْنِ نَفْسِهِ فِي الْقِيَاسِ: لَا يَجُوزُ، وَيَجُوزُ اسْتِحْسَانًا. وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ أَنَّهُ أَخَذَ بِالْقِيَاسِ، وَلَوْ قَضَى الْوَصِيُّ دُيُونَ نَفْسِهِ بِمَالِ الْيَتِيمِ لَا يَجُوزُ، وَلَوْ فَعَلَ الْأَبُ ذَلِكَ جَازَ؛ لِأَنَّ الْوَصِيَّ لَا يَمْلِكُ أَنْ يَشْتَرِيَ مَالَ الْيَتِيمِ لِنَفْسِهِ بِمِثْلِ الْقِيمَةِ، وَالْأَبُ يَمْلِكُ، وَالرَّهْنُ بِمَنْزِلَةِ الْقَضَاءِ. وَلَوْ قَضَى الْأَبُ دَيْنَ نَفْسِهِ بِمَالِ الْيَتِيمِ جَازَ، وَلَا يَجُوزُ ذَلِكَ لِلْوَصِيِّ، وَكَذَلِكَ الرَّهْنُ، وَذَكَرَ فِي الْجَامِعِ الصَّغِيرِ: إذَا رَهَنَ الْأَبُ مَالَ وَلَدِهِ الصَّغِيرِ بِدَيْنِ نَفْسِهِ، وَقِيمَةُ الرَّهْنِ أَكْثَرُ مِنْ الدَّيْنِ فَهَلَكَ الرَّهْنُ عِنْدَ الْمُرْتَهِنِ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 396 كَانَ عَلَى الْأَبِ مِقْدَارُ الدَّيْنِ لَا قِيمَةُ الرَّهْنِ، وَذَكَرَ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ السَّرَخْسِيُّ أَنَّ الْأَبَ وَالْوَصِيَّ يَضْمَنَانِ مَالِيَّةَ الرَّهْنِ وَسَوَّى بَيْنَ الْوَصِيِّ وَالْأَبِ. وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ: لَيْسَ لِلْوَالِدَيْنِ أَنْ يَقْضِيَا دَيْنَهُمَا مِنْ مَالِ الصَّغِيرِ فَلَا يَكُونُ لَهُمَا أَنْ يَرْهَنَا. وَعَنْ بِشْرِ بْنِ الْوَلِيدِ: لَيْسَ لِلْأَبِ أَنْ يَرْهَنَ مَالَ وَلَدِهِ بِدَيْنِ نَفْسِهِ وَالظَّاهِرُ أَنَّ لِلْأَبِ أَنْ يَرْهَنَ اسْتِحْسَانًا، وَكَذَلِكَ الْوَصِيُّ، وَفِي الْقِيَاسِ لَيْسَ لَهُمَا ذَلِكَ وَعِنْدَ هَلَاكِ الرَّهْنِ يَضْمَنُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا قِيمَةَ الرَّهْنِ. وَصِيّ احْتَالَ بِمَالِ الْيَتِيمِ إنْ كَانَ الثَّانِي أَمْلَأَ مِنْ الْأَوَّلِ جَازَ، وَإِنْ كَانَ مِثْلَهُ لَا يَجُوزُ. وَلِلْوَصِيِّ أَنْ يُؤَدِّيَ صَدَقَةَ فِطْرِ الْيَتِيمِ بِمَالِ الْيَتِيمِ وَأَنْ يُضَحِّيَ عَنْهُ إذَا كَانَ الْيَتِيمُ مُوسِرًا فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ، وَفِي الْقِيَاسِ، وَهُوَ قَوْلُ مُحَمَّدٍ: لَا يَكُونُ لَهُ ذَلِكَ، فَإِنْ فَعَلَ كَانَ ضَامِنًا. وَالْوَصِيُّ لَا يَمْلِكُ إبْرَاءَ غَرِيمِ الْمَيِّتِ، وَلَا أَنْ يَحُطَّ عَنْهُ شَيْئًا، وَلَا أَنْ يُؤَجِّلَهُ إذَا لَمْ يَكُنْ الدَّيْنُ وَاجِبًا بِعَقْدِهِ، فَإِنْ كَانَ وَاجِبًا بِعَقْدِهِ صَحَّ الْحَطُّ وَالتَّأْجِيلُ وَالْإِبْرَاءُ فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ، وَيَكُونُ ضَامِنًا وَعِنْدَ أَبِي يُوسُفَ لَا يَصِحُّ ذَلِكَ وَيَكُونُ ضَامِنًا. وَلَوْ صَالَحَ الْوَصِيُّ أَحَدًا عَنْ دَيْنِ الْمَيِّتِ إنْ كَانَ لِلْمَيِّتِ بَيِّنَةٌ عَلَى ذَلِكَ أَوْ كَانَ الْخَصْمُ مُقِرًّا بِالدَّيْنِ أَوْ كَانَ لِلْقَاضِي عِلْمٌ بِذَلِكَ الْحَقِّ لَا يَجُوزُ لِلْوَصِيِّ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ عَلَى الْحَقِّ بَيِّنَةٌ جَازَ صُلْحُ الْوَصِيِّ؛ لِأَنَّهُ يَصْلُحُ بِهِ بَعْضُ الْحَقِّ بِقَدْرِ الْإِمْكَانِ، وَإِنْ كَانَ الصُّلْحُ عَنْ دَيْنِ الْمَيِّتِ أَوْ عَلَى الْيَتِيمِ فَإِنْ كَانَ لِلْمُدَّعِي بَيِّنَةٌ عَلَى حَقِّهِ، أَوْ كَانَ الْقَاضِي قَضَى لَهُ بِحَقِّهِ جَازَ صُلْحُ الْوَصِيِّ؛ لِأَنَّهُ إسْقَاطُ بَعْضِ الْحَقِّ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ بَيِّنَةٌ، وَلَا قَضَى الْقَاضِي بِذَلِكَ، وَلَا يَجُوزُ صُلْحُ الْوَصِيِّ؛ لِأَنَّهُ إتْلَافٌ لِمَالِهِ وَهُوَ نَظِيرُ مَا لَوْ طَمَعَ السُّلْطَانُ الْجَائِرُ الْمُتَغَلِّبُ فِي مَالِ الْيَتِيمِ فَأَخَذَ الْوَصِيَّ وَهَدَّدَهُ لِيَأْخُذَ بَعْضَ مَالٍ الْيَتِيمِ قَالَ: الصَّفَّارُ: وَلَا يَنْبَغِي لِلْوَصِيِّ أَنْ يُعْطِيَ، وَإِنْ أَعْطَاهُ كَانَ ضَامِنًا. وَقَالَ الْفَقِيهُ أَبُو اللَّيْثِ: إنْ خَافَ الْوَصِيُّ الْقَتْلَ عَلَى نَفْسِهِ أَوْ إتْلَافَ عُضْوٍ مِنْ أَعْضَائِهِ أَوْ خَافَ أَنْ يَأْخُذَ كُلَّ مَالِ الْيَتِيمِ لَا يَضْمَنُ فَإِنْ خَافَ عَلَى نَفْسِهِ الْقَيْدَ أَوْ الْحَبْسَ أَوْ عَلِمَ أَنَّهُ يَأْخُذُ بَعْضَ مَالِ الْوَصِيِّ، وَيَبْقَى لَهُ مِنْ الْمَالِ مَا يَكْفِيهِ لَا يَسَعُهُ أَنْ يَدْفَعَ مَالَ الْيَتِيمِ، فَإِنْ دَفَعَ كَانَ ضَامِنًا، وَهَذَا إذَا كَانَ الْوَصِيُّ هُوَ الَّذِي يَدْفَعُ الْمَالَ إلَيْهِ فَلَوْ أَنَّ السُّلْطَانَ أَوْ الْمُتَغَلِّبَ بَسَطَ يَدَهُ، وَأَخَذَ الْمَالَ لَا يَضْمَنُ الْوَصِيُّ وَالْفَتْوَى عَلَى مَا اخْتَارَهُ الْفَقِيهُ أَبُو اللَّيْثِ. وَصِيٌّ مَرَّ بِمَالِ الْيَتِيمِ عَلَى جَائِرٍ، وَهُوَ يَخَافُ عَلَى أَنَّهُ إنْ لَمْ يَبِرَّهُ يَنْزِعُ الْمَالَ مِنْ يَدِهِ فَبَرَّهُ بِمَالِ الْيَتِيمِ قَالَ: بَعْضُهُمْ: لَا ضَمَانَ عَلَيْهِ، وَكَذَا الْمُضَارِبُ إذَا مَرَّ مُضَارِبُهُ بِالْمَالِ قَالَ أَبُو بَكْرٍ الْإِسْكَافُ: لَيْسَ هَذَا قَوْلَ أَصْحَابِنَا، وَإِنَّمَا هُوَ قَوْلُ ابْنِ سَلَمَةَ وَهُوَ اسْتِحْسَانٌ. وَعَنْ الْفَقِيهِ أَبِي اللَّيْثِ عَنْ أَبِي يُوسُفَ أَنَّهُ كَانَ يُجَوِّزُ لِلْأَوْصِيَاءِ الْمُصَانَعَةَ فِي أَمْوَالِ الْيَتَامَى، وَاخْتِيَارُ ابْنِ سَلَمَةَ مُوَافِقٌ لِقَوْلِ أَبِي يُوسُفَ وَبِهِ يُفْتَى، وَإِلَيْهِ إشَارَةٌ فِي كِتَابِ اللَّهِ - تَعَالَى -: {أَمَّا السَّفِينَةُ فَكَانَتْ لِمَسَاكِينَ يَعْمَلُونَ فِي الْبَحْرِ فَأَرَدْتُ أَنْ أَعِيبَهَا} [الكهف: 79] أَجَازَ التَّعْيِيبَ فِي مَالِ الْيَتِيمِ مَخَافَةَ أَخْذِ الْمُتَغَلِّبِ. وَصِيٌّ أَنْفَقَ عَلَى بَابِ الْقَاضِي فِي الْخُصُومَاتِ مِنْ مَالِ الْيَتِيمِ فَمَا أَعْطَى عَلَى وَجْهِ الْأُجْرَةِ لَا يَضْمَنُ قَالَ الشَّيْخُ أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ الْفَضْلِ: لَا يَضْمَنُ مِقْدَارَ أَجْرِ الْمِثْلِ وَالْغَبْنِ الْيَسِيرِ، وَمَا أَعْطَى لَهُ عَلَى وَجْهِ الرِّشْوَةِ كَانَ ضَامِنًا قَالُوا: بَذْلُ الْمَالِ لِدَفْعِ الظُّلْمِ عَنْ نَفْسِهِ وَمَالِهِ لَا يَكُونُ رِشْوَةً فِي حَقِّهِ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 397 وَبَذْلُ الْمَالِ لِاسْتِخْرَاجِ حَقٍّ لَهُ عَلَى آخَرَ يَكُونُ رِشْوَةً مِنْ قَاضِي خَانْ. وَفِي الْبَزَّازِيَّةِ وَفِي الْإِجَارَةِ: الْوَصِيُّ إذَا أَنْفَقَ فِي خُصُومَةِ الصَّبِيِّ عَلَى بَابِ الْقَاضِي فَمَا كَانَ عَلَى وَجْهِ الْإِجَارَةِ كَأُجْرَةِ الْمُشَخِّصِ وَالسَّجَّانِ وَالْكَاتِبِ لَا يَضْمَنُ، وَمَا كَانَ عَلَى وَجْهِ الرِّشْوَةِ يَضْمَنُ اهـ. وَفِي الْخُلَاصَةِ: رَجُلٌ مَاتَ وَخَلَفَ ابْنَتَيْنِ وَعُصْبَةً فَطَلَبَ السُّلْطَانُ التَّرِكَةَ، وَلَمْ يُقِرَّ بِالْعُصْبَةِ فَغَرِمَ الْوَصِيُّ لِلسُّلْطَانِ الدَّرَاهِمَ مِنْ التَّرِكَةِ بِأَمْرِ الِابْنَتَيْنِ حَتَّى تَرَكَ السُّلْطَانُ التَّعَرُّضَ قَالَ: إذَا لَمْ يَقْدِرْ عَلَى تَحْصِينِ التَّرِكَةِ إلَّا بِمَا غَرِمَ لِلسُّلْطَانِ فَذَلِكَ مَحْسُوبٌ مِنْ جَمِيعِ الْمِيرَاثِ، وَلَيْسَ لَهُمَا أَنْ يَجْعَلَا ذَلِكَ مِنْ نَصِيبِ الْعُصْبَةِ خَاصَّةً هَذَا قَوْلُ الْفَقِيهِ أَبِي جَعْفَرٍ. وَفِي فَتَاوَى النَّسَفِيِّ: الْوَصِيُّ إذَا طُولِبَ بِجِبَايَةِ مَالِ الْيَتِيمِ وَكَانَ بِحَيْثُ لَوْ امْتَنَعَ ازْدَادَتْ الْمُؤْنَةُ فَدَفَعَ مِنْ التَّرِكَةِ جِبَايَةَ دَارِهِ لَا يَضْمَنُ اهـ. صَرَفَ الْوَصِيُّ مِنْ مَالِ الْيَتِيمِ إلَى ظَالِمٍ يَسْأَلُ عَنْهُمْ فَلَيْسَ لَهُمْ الرُّجُوعُ عَلَيْهِ. تَغَلَّبَ جَائِرٌ عَلَى تَرِكَةِ الْمَيِّتِ وَيُمْكِنُ دَفْعُهُ بِقَدْرٍ مُعَيَّنٍ مِنْ التَّرِكَةِ فَدَفَعَهُ الْقَاضِي مِنْ مَالِ نَفْسِهِ لِيَرْجِعَ، فَإِنْ كَانَتْ الْوَرَثَةُ كِبَارًا فَلَا رُجُوعَ لَهُ عَلَيْهِمْ، وَإِنْ كَانُوا صِغَارًا فَلَهُ الرُّجُوعُ؛ لِأَنَّ دَفْعَ الظُّلْمِ صَارَ مِنْ حَوَائِجِ الصِّغَارِ كَالصَّرْفِ إلَى سَائِرِ الْحَوَائِجِ عَلَى قَصْدِ الرُّجُوعِ وَهَكَذَا الْجَوَابُ إذَا دَفَعَ الرِّشْوَةَ مِنْ مَالِهِ لِدَفْعِ ظُلْمٍ أَعْظَمَ مِنْهَا مِنْ التَّرِكَةِ. اخْتَلَفَ السَّلَفُ فِي أَكْلِ الْوَصِيِّ مِنْ مَالِ الْيَتِيمِ فَقِيلَ: يُبَاحُ أَكْلُهُ بِالْمَعْرُوفِ، وَقِيلَ: يَأْكُلُهُ قَرْضًا ثُمَّ يَرُدُّهُ، وَقِيلَ: لَا يَأْكُلُ مِنْ أَعْيَانِ مَالِهِ، وَأَمَّا أَلْبَانُ الْمَوَاشِي وَثِمَارُ الْأَشْجَارِ فَمُبَاحٌ مَا لَمْ يَضُرَّ بِالْيَتِيمِ وَقِيلَ: يَأْكُلُ مِنْهُ، وَلَا يَكْتَسِي، وَقِيلَ: يَكْتَسِي أَيْضًا، وَقَالَ: أَبُو حَنِيفَةَ فِي كِتَابِ الْآثَارِ: يَأْكُلُ، وَلَا يَأْخُذُ قَرْضًا غَنِيًّا كَانَ أَوْ فَقِيرًا، وَلَا يُقْرِضُ غَيْرَهُ. وَقَالَ الطَّحَاوِيُّ: لَهُ أَنْ يَأْخُذَ قَرْضًا ثُمَّ يَقْضِيَهُ، وَقَالَ: أَبُو يُوسُفَ: لَا يَأْكُلُ مِنْهُ إذَا كَانَ مُقِيمًا، وَإِنْ خَرَجَ فِي تَقَاضِي دَيْنٍ لَهُ أَوْ لِمُرَاعَاةِ أَسْبَابِهِ فَلَهُ أَنْ يُنْفِقَ وَيَرْكَبَ دَابَّتَهُ وَيَلْبَسَ ثَوْبَهُ، وَإِذَا رَجَعَ رَدَّ الدَّابَّةَ وَالثِّيَابَ وَقَالَ أَبُو ذَرٍّ: وَالصَّحِيحُ قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ؛ لِأَنَّ التَّقَاضِيَ شَرَعَ فِيهِ مُتَبَرِّعًا فَلَا يُوجِبُ ضَمَانًا. وَلَوْ نَصَّبَ الْقَاضِي وَصِيًّا، وَعَيَّنَ لَهُ أَجْرًا لِعَمَلِهِ جَازَ، وَلِلْوَصِيِّ أَنْ يُوَكِّلَ بِبَيْعِ مَالِ الْيَتِيمِ، وَيُوَكِّلَ فِي تَقَاضِي دُيُونِ الْمَيِّتِ وَأَمْوَالِهِ، وَيَتَّجِرَ لِلْيَتِيمِ، وَيُبْضِعَ لَهُ، وَيُودِعَ مَالَهُ وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ: يُؤَدِّي فِطْرَتَهُ وَيُضَحِّي لَهُ مِنْ مَالِهِ إنْ كَانَ لَهُ مَالٌ مِنْ الْقُنْيَةِ. رَجُلٌ مَاتَ وَأَوْصَى لِامْرَأَتِهِ وَتَرَكَ وَرَثَةً صِغَارًا فَنَزَلَ سُلْطَانٌ جَائِرٌ دَارِهِ فَقِيلَ لَهَا: إنْ لَمْ تُعْطِهِ شَيْئًا اسْتَوْلَى عَلَى الدَّارِ وَالْعَقَارِ فَأَعْطَتْ شَيْئًا مِنْ الْعَقَارِ قَالُوا: يَجُوزُ مُصَانَعَتُهَا. وَصِيٌّ أَنْفَقَ مِنْ مَالِ الْيَتِيمِ عَلَى الْيَتِيمِ فِي تَعْلِيمِ الْقُرْآنِ وَالْآدَابِ إنْ كَانَ الصَّبِيُّ يَصْلُحُ لِذَلِكَ جَازَ وَيَكُونُ الْوَصِيُّ مَأْجُورًا، وَإِنْ كَانَ الصَّبِيُّ لَا يَصْلُحُ لِذَلِكَ لَا بُدَّ لِلْوَصِيِّ أَنْ يَتَكَلَّفَ مِقْدَارَ مَا يَقْرَأُ فِي صَلَاتِهِ وَيَنْبَغِي لِلْوَصِيِّ أَنْ يُوَسِّعَ عَلَى الصَّبِيِّ فِي نَفَقَتِهِ لَا عَلَى وَجْهِ الْإِسْرَافِ، وَلَا عَلَى وَجْهِ التَّضْيِيقِ، وَذَلِكَ يَتَفَاوَتُ بِتَفَاوُتِ مَالِ الصَّغِيرِ قِلَّةً وَكَثْرَةً وَاخْتِلَافِ حَالِهِ فَيَنْظُرُ فِي حَالِهِ وَمَالِهِ، وَيُنْفِقُ عَلَيْهِ قَدْرَ مَا يَلِيقُ بِهِ. وَمَتَى خَرَجَ فِي عَمَلِ الْيَتِيمِ وَاسْتَأْجَرَ دَابَّةً بِمَالٍ الْيَتِيمِ لِيَرْكَبَ وَيُنْفِقَ عَلَى نَفْسِهِ مِنْ مَالِ الْيَتِيمِ كَانَ لَهُ ذَلِكَ فِيمَا لَا بُدَّ مِنْهُ - اسْتِحْسَانًا - وَعَنْ نُصَيْرٍ: لِلْوَصِيِّ أَنْ يَأْكُلَ مِنْ مَالِ الْيَتِيمِ وَيَرْكَبَ دَوَابَّهُ إذَا ذَهَبَ فِي حَوَائِجِ الْيَتِيمِ قَالَ الْفَقِيهُ أَبُو اللَّيْثِ: هَذَا إذَا كَانَ الْوَصِيُّ مُحْتَاجًا وَقَالَ بَعْضُهُمْ: لَا يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَأْكُلَ وَيَرْكَبَ دَابَّتَهُ، وَهُوَ الْقِيَاسُ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 398 وَفِي الِاسْتِحْسَانِ: يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَأْكُلَ بِالْمَعْرُوفِ بِقَدْرِ أَنْ يَعْنِيَ بِمَالِهِ. وَصِيٌّ اشْتَرَى لِنَفْسِهِ شَيْئًا مِنْ مَالِ الْمَيِّتِ إنْ لَمْ يَكُنْ لِلْمَيِّتِ وَارِثٌ لَا صَغِيرٌ، وَلَا كَبِيرٌ جَازَ. وَلَوْ اشْتَرَى مَالَ الْيَتِيمِ لِنَفْسِهِ إنْ كَانَ خَيْرًا لِلْيَتِيمِ جَازَ، وَكَذَا إذَا بَاعَ مَالَهُ مِنْ الْيَتِيمِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَقَالَ: مُحَمَّدٌ لَوْ بَاعَ مَالَهُ لِلْيَتِيمِ أَوْ اشْتَرَى مِنْ مَالٍ الْيَتِيمِ لِنَفْسِهِ لَا يَجُوزُ عَلَى كُلِّ حَالٍ، وَعِنْدَ أَبِي يُوسُفَ فِيهِ رِوَايَتَانِ كَانَ يَقُولُ أَوَّلًا كَمَا قَالَ مُحَمَّدٌ ثُمَّ رَجَعَ إلَى قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ وَفَسَّرَ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ السَّرَخْسِيُّ الْخَيْرِيَّةَ فَقَالَ: إذَا اشْتَرَى الْوَصِيُّ مَالَ الْيَتِيمِ لِنَفْسِهِ مَا يُسَاوِي عَشَرَةً بِخَمْسَةَ عَشَرَ يَكُونُ خَيْرًا لِلْيَتِيمِ، وَإِنْ بَاعَ مَالَ نَفْسِهِ مِنْ الْيَتِيمِ مَا يُسَاوِي عَشَرَةً بِثَمَانِيَةٍ يَكُونُ خَيْرًا لِلْيَتِيمِ. وَالْأَبُ إذَا اشْتَرَى مِنْ وَلَدِهِ الصَّغِيرِ لِنَفْسِهِ أَوْ بَاعَ مِنْ وَلَدِهِ الصَّغِيرِ إنْ كَانَ الشِّرَاءُ لِلْوَلَدِ لَا يَجُوزُ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ شِرَاءً لِلْوَلَدِ جَازَ، وَلَا يُشْتَرَطُ أَنْ يَكُونَ خَيْرًا لِلْوَلَدِ. وَلَوْ بَاعَ أَحَدُ الْوَصِيَّيْنِ شَيْئًا مِنْ تَرِكَةِ الْمَيِّتِ لِصَاحِبِهِ لَا يَجُوزُ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ؛ لِأَنَّ عِنْدَهُمَا لَا يَنْفَرِدُ أَحَدُ الْوَصِيَّيْنِ بِالتَّصَرُّفِ. إذَا أَقَرَّ الْقَاضِي بِدَيْنٍ عَلَى الْمَيِّتِ أَوْ بِوَصِيَّةٍ كَانَ بَاطِلًا. وَلَا يَجُوزُ لِلْوَصِيِّ الْإِجَارَةُ الطَّوِيلَةُ فِي مَالِ الْيَتِيمِ لِمَكَانِ الْغَبْنِ الْفَاحِشِ فِي السِّنِينَ الْأُولَى. وَالْأَبُ وَالْوَصِيُّ يَمْلِكُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا تَزْوِيجَ أَمَةِ الصَّغِيرِ مِنْ عَبْدِهِ اسْتِحْسَانًا إلَّا رِوَايَةً عَنْ أَبِي يُوسُفَ هَذِهِ الْجُمْلَةُ مِنْ قَاضِي خَانْ. قَضَى الْوَصِيُّ دَيْنًا بِغَيْرِ أَمْرِ الْقَاضِي فَلَمَّا كَبِرَ الْيَتِيمُ أَنْكَرَ دَيْنًا عَلَى أَبِيهِ ضَمِنَ وَصِيَّةَ مَا دَفَعَهُ لَوْ لَمْ يَجِدْ بَيِّنَةً إذَا أَقَرَّ بِسَبَبِ الضَّمَانِ وَهُوَ الدَّفْعُ إلَى الْأَجْنَبِيِّ فَلَوْ ظَهَرَ غَرِيمٌ آخَرُ يَغْرَمُ لَهُ حِصَّتَهُ لِدَفْعِهِ بِاخْتِيَارِهِ بَعْضَ حَقِّهِ إلَى غَيْرِهِ فَقَدْ عُلِمَ أَنَّ الْوَصِيَّ لَا يُقْبَلُ قَوْلُهُ فِي قَضَاءِ دَيْنٍ عَلَى الْمَيِّتِ سَوَاءٌ كَانَ الْمُنَازِعُ لَهُ الْيَتِيمَ بَعْدَ بُلُوغِهِ أَوْ لَا إلَّا فِي مَهْرِ الْمَرْأَةِ فَإِنَّهُ لَا ضَمَانَ عَلَيْهِ إذَا دَفَعَهُ بِلَا بَيِّنَةٍ كَمَا فِي خِزَانَةِ الْمُفْتِينَ وَقَيَّدَهُ فِي جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ عَلَى قَوْلٍ بِالْمُؤَجَّلِ عُرْفًا. وَفِي الْمُلْتَقَطِ أَنْفَقَ الْوَصِيُّ عَلَى الْمُوصِي فِي حَيَاتِهِ، وَهُوَ مُعْتَقَلٌ بِاللِّسَانِ يَضْمَنُ، وَلَوْ أَنْفَقَ الْوَكِيلُ لَا يَضْمَنُ. وَلَوْ ادَّعَى الْوَصِيُّ بَعْدَ بُلُوغِ الْيَتِيمِ أَنَّهُ كَانَ بَاعَ عَبْدَهُ وَأَنْفَقَ ثَمَنَهُ صُدِّقَ إنْ كَانَ مَالِكًا وَإِلَّا فَلَا كَذَا فِي دَعْوَى خِزَانَةِ الْأَكْمَلِ. وَيُقْبَلُ قَوْلُ الْوَصِيِّ فِيمَا يَدَّعِيهِ مِنْ الْإِنْفَاقِ بِلَا بَيِّنَةٍ إلَّا فِي ثَلَاثٍ، وَفِي وَاحِدَةٍ اتِّفَاقًا، وَهِيَ إذَا فَرَضَ الْقَاضِي نَفَقَةَ ذِي رَحِمٍ مَحْرَمٍ عَلَى الْيَتِيمِ فَادَّعَى الْوَصِيُّ الدَّفْعَ كَذَا فِي شَرْحِ الْمَجْمَعِ فَعَلَّلَا بِأَنَّ هَذَا لَيْسَ مِنْ حَوَائِجِ الْيَتِيمِ، وَإِنَّمَا يُقْبَلُ قَوْلُهُ فِيمَا كَانَ مِنْ حَوَائِجِهِ انْتَهَى فَيَنْبَغِي أَنْ لَا تَكُونَ نَفَقَةُ زَوْجَتِهِ كَذَلِكَ؛ لِأَنَّهَا مِنْ حَوَائِجِهِ، وَلَا يُشْكِلُ عَلَيْهِ قَبُولُ قَوْلِ النَّاظِرِ فِيمَا يَدَّعِيهِ مِنْ الصَّرْفِ عَلَى الْمُسْتَحَقِّينَ بِلَا بَيِّنَةٍ؛ لِأَنَّ هَذَا مِنْ جُمْلَةِ عَمَلِهِ فِي الْوَقْفِ، وَفِي ثِنْتَيْنِ اخْتِلَافٌ لَوْ قَالَ: أَدَّيْت خَرَاجَ أَرْضِهِ أَوْ جُعْلَ عَبْدِهِ الْآبِقِ قَالَ أَبُو يُوسُفَ: لَا بَيَانَ عَلَيْهِ. وَقَالَ مُحَمَّدٌ: عَلَيْهِ الْبَيَانُ، وَالْحَاصِلُ: أَنَّ الْوَصِيَّ يُقْبَلُ قَوْلُهُ فِيمَا يَدَّعِيهِ إلَّا فِي مَسَائِلَ: الْأُولَى: ادَّعَى قَضَاءَ دَيْنِ الْمَيِّتِ. الثَّانِيَةُ: ادَّعَى أَنَّ الْيَتِيمَ اسْتَهْلَكَ مَالًا لِآخَرَ فَدَفَعَ ضَمَانَهُ. الثَّالِثَةُ: ادَّعَى أَنَّهُ أَدَّى جُعْلَ عَبْدِهِ الْآبِقِ مِنْ غَيْرِ إجَارَةٍ. الرَّابِعَةُ: ادَّعَى أَنَّهُ أَدَّى خَرَاجَ أَرْضِهِ فِي وَقْتٍ لَا تَصْلُحُ لِلزِّرَاعَةِ. الْخَامِسَةُ: ادَّعَى الْإِنْفَاقَ عَلَى مَحْرَمِ الْيَتِيمِ. السَّادِسَةُ: ادَّعَى أَنَّهُ أَذِنَ لِلْيَتِيمِ فِي التِّجَارَةِ وَأَنَّهُ رَكِبَهُ دُيُونٌ فَقَضَاهَا عَنْهُ. السَّابِعَةُ: ادَّعَى الْإِنْفَاقَ عَلَيْهِ مِنْ مَالِ نَفْسِهِ حَالَ غَيْبَةِ مَالِهٍ، وَأَرَادَ الرُّجُوعَ. الثَّامِنَةُ: ادَّعَى الْإِنْفَاقَ عَلَى رَقِيقِهِ الَّذِينَ مَاتُوا الجزء: 1 ¦ الصفحة: 399 التَّاسِعَةُ: اتَّجَرَ وَرَبِحَ ثُمَّ ادَّعَى أَنَّهُ كَانَ مُضَارِبًا الْعَاشِرَةُ: ادَّعَى فِدَاءَ عَبْدِهِ الْجَانِي الْحَادِيَةَ عَشَرَ: ادَّعَى قَضَاءَ دَيْنِ الْمَيِّتِ مِنْ مَالِهِ بَعْدَ بَيْعِ التَّرِكَةِ قَبْلَ قَبْضِ ثَمَنِهَا الثَّانِيَةَ عَشَرَ: ادَّعَى أَنَّهُ زَوَّجَ الْيَتِيمَ امْرَأَةً وَدَفَعَ مَهْرَهَا مِنْ مَالِهِ، وَهِيَ مَيِّتَةٌ الْكُلُّ فِي فَتَاوَى الْعَتَّابِيِّ مِنْ الْوَصَايَا، وَذَكَرَ ضَابِطًا، وَهُوَ: أَنَّ كُلَّ شَيْءٍ كَانَ مُسَلَّطًا عَلَيْهِ فَإِنَّهُ يُصَدَّقُ فِيهِ وَمَا لَا فَلَا مِنْ الْأَشْبَاهِ وَالنَّظَائِرِ. لَوْ قَضَى وَارِثُهُ دَيْنَهُ مِنْ تَرِكَتِهِ بِإِقْرَارِهِ فَجَاءَ دَائِنٌ ضَمِنَ لَهُ، وَلَوْ أَدَّاهُ بِقَضَاءٍ لَمْ يَضْمَنْ وَشَارَكَ الْأَوَّلَ. أَحَدُ الْوَرَثَةِ لَوْ قَبَضَ شَيْئًا مِنْ التَّرِكَةِ فَضَاعَ عِنْدَهُ يَضْمَنُ مَا كَانَ حِصَّةَ غَيْرِهِ إلَّا فِي مَوْضِعٍ يَخَافُ الضَّيْعَةَ، وَالْوَصِيُّ يَقْبِضُ مُطْلَقًا وَأَحَدُ الْوَرَثَةِ لَوْ قَبَضَ دَيْنًا لِلْمَيِّتِ عَلَى رَجُلٍ أَوْ وَدِيعَةً لَهُ عِنْدَ رَجُلٍ فَضَاعَ عِنْدَهُ يَضْمَنُ مِنْ الْخُلَاصَةِ. قَالَ: لِآخَرَ اصْرِفْ ثُلُثَ مَالِي إلَى فُقَرَاءِ الْمُسْلِمِينَ ثُمَّ مَاتَ فَصَرَفَ الْوَرَثَةُ الثُّلُثَ إلَى فُقَرَاءِ الْمُسْلِمِينَ فَلِلْوَصِيِّ أَنْ يُخْرِجَ الثُّلُثَ مَرَّةً أُخْرَى وَيَصْرِفَهُ إلَيْهِمْ مِنْ الْقُنْيَةِ. الْوَصِيُّ إذَا أَنْفَقَ التَّرِكَةَ عَلَى الصِّغَارِ فَنَفِدَتْ التَّرِكَةُ لَمْ يَبْقَ مِنْهَا شَيْءٌ ثُمَّ جَاءَ غَرِيمٌ وَادَّعَى عَلَى الْمَيِّتِ دَيْنًا، وَأَثْبَتَهُ بِالْبَيِّنَةِ عِنْدَ الْقَاضِي، وَقَضَى بِهِ الْقَاضِي لِهَذَا الْغَرِيمِ أَنْ يَضْمَنَ الْوَصِيُّ قِيلَ: إنْ أَنْفَقَ عَلَيْهِمْ بِأَمْرِ الْقَاضِي فَلَا ضَمَانَ عَلَى الْوَصِيِّ، وَإِنْ أَنْفَقَ بِغَيْرِ أَمْرِهِ فَعَلَيْهِ الضَّمَانُ؛ لِأَنَّ الدَّيْنَ مُقَدَّمٌ عَلَى الْمِيرَاثِ. أَحَدُ الْوَرَثَةِ حَالَ غَيْبَةِ الْآخَرِينَ اتَّخَذَ دَعْوَةً مِنْ التَّرِكَةِ وَأَكَلَ النَّاسَ ثُمَّ قَدِمَ الْبَاقُونَ وَأَجَازُوا مَا صَنَعَ ثُمَّ أَرَادُوا تَضْمِينَ مَا أَتْلَفَ لَهُمْ ذَلِكَ؛ لِأَنَّ الْإِتْلَافَ لَا يَتَوَقَّفُ حَتَّى تَلْحَقَهُ الْإِجَازَةُ، أَلَا تَرَى أَنَّ مَنْ أَتْلَفَ مَالَ إنْسَانٍ ثُمَّ قَالَ الْمَالِكُ: رَضِيت بِمَا صَنَعْت أَوْ أَجَزْت مَا صَنَعْت لَا يَبْرَأُ مِنْ مُشْتَمِلِ الْأَحْكَامِ. لَوْ اشْتَرَى الْوَصِيُّ أَوْ الْوَارِثُ الْكَفَنَ وَنَقَدَ الثَّمَنَ مِنْ مَالِهِ أَوْ قَضَى دَيْنًا فِي التَّرِكَةِ أَوْ اشْتَرَى الْكِسْوَةَ أَوْ النَّفَقَةَ لِلصَّغِيرِ يَرْجِعُ وَيُصَدَّقُ بِلَا بَيِّنَةٍ وَلَوْ قَالَ: أَدَّيْت الْخَرَاجَ وَالثَّمَنَ مِنْ مَالِ عِنْدِي لَا يُصَدَّقُ مِنْ غَيْرِ بَيِّنَةٍ مِنْ الْوَجِيزِ. وَفِي الْخُلَاصَةِ: الْوَصِيُّ أَوْ الْوَارِثُ إذَا اشْتَرَى كَفَنًا لِلْمَيِّتِ لَهُمَا أَنْ يَرْجِعَا فِي مَالِ الْمَيِّتِ وَالْأَجْنَبِيُّ إذَا اشْتَرَى لَمْ يَرْجِعْ اهـ. لَوْ كَفَّنَ الْمَيِّتَ غَيْرُ الْوَارِثِ مِنْ مَالِهِ كَالْعَمِّ مَعَ وُجُودِ الْأَخِ لِأَبٍ يَرْجِعُ فِي تَرِكَةِ الْمَيِّتِ إنْ كَانَ بِأَمْرِ الْوَرَثَةِ، وَإِنْ كَانَ بِغَيْرِ أَمْرِ الْوَرَثَةِ فَلَا رُجُوعَ لَهُ أَشْهَدَ عَلَى الرُّجُوعِ أَمْ لَا. وَلَوْ أَمَرَ أَحَدُ الْوَرَثَةِ إنْسَانًا بِأَنْ يُكَفِّنَ الْمَيِّتَ فَكَفَّنَ إنْ أَمَرَهُ لِيَرْجِعَ عَلَيْهِ يَرْجِعْ كَمَا فِي: أَنْفِقْ فِي بِنَاءِ دَارِي، وَهُوَ اخْتِيَارُ شَمْسِ الْإِسْلَامِ، وَذَكَرَ السَّرَخْسِيُّ أَنَّ لَهُ أَنْ يَرْجِعَ؛ لِأَنَّ أَمْرَهُ بِمَنْزِلَةِ أَمْرِ الْقَاضِي مِنْ مُشْتَمِلِ الْأَحْكَامِ. وَلِلْأَبِ أَنْ يُسَافِرَ بِمَالِ طِفْلِهِ وَلَهُ دَفْعُهُ مُضَارَبَةً وَبِضَاعَةً، وَأَنْ يُوَكِّلَ بِبَيْعٍ وَشِرَاءٍ وَاسْتِئْجَارٍ، وَأَنْ يُودِعَ مَالَهُ، وَيُكَاتِبَ قِنَّهُ، وَيُزَوِّجَ أَمَتَهُ لَا قِنَّهُ، وَيَرْهَنَ مَالَهُ بِدَيْنِهِ وَبِدَيْنِ نَفْسِهِ، وَلَهُ أَنْ يَعْمَلَ بِهِ مُضَارَبَةً، وَيَنْبَغِي أَنْ يُشْهِدَ عَلَيْهِ ابْتِدَاءً، وَإِلَّا صَدَقَ دِيَانَةً، وَيَكُونُ الْمُشْتَرَى كُلُّهُ لِلصَّبِيِّ قَضَاءً، وَكَذَا لَوْ شَارَكَهُ، وَرَأْسُ مَالِهِ أَقَلُّ مِنْ رَأْسِ مَالِ الصَّبِيِّ فَإِنْ أَشْهَدَ فَالرِّبْحُ كَمَا شَرَطَ، وَإِلَّا صَدَقَ دِيَانَةً لَا قَضَاءً فَالرِّبْحُ عَلَى قَدْرِ رَأْسِ الْمَالِ قَضَاءً؛ لِأَنَّهُ لَا يُسْتَحَقُّ إلَّا بِالشُّرُوطِ، فَإِنْ لَمْ يَثْبُتْ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 400 الشَّرْطُ عِنْدَ الْقَاضِي لَا يَقْضِي لَهُ وَيُمَاثِلُهُ الْوَصِيُّ فِي ذَلِكَ كُلِّهِ مِنْ الْفُصُولَيْنِ. وَفِي الْهِدَايَةِ مِنْ الْوَدِيعَةِ لِلْوَصِيِّ أَنْ يُسَافِرَ بِمَالٍ الْيَتِيمِ إذَا كَانَ الطَّرِيقُ آمِنًا، وَكَذَا الْأَبُ فِي مَالِ الصَّغِيرِ اهـ وَلِلْوَصِيِّ أَنْ يَدْفَعَهُ شَرِكَةً ذَكَرَهُ فِي الْوُقَايَةِ. لَيْسَ لِلْوَصِيِّ فِي هَذَا الزَّمَانِ أَنْ يَأْخُذَ مَالَ الْيَتِيمِ مُضَارَبَةً ذَكَرَهُ فِي الْفُصُولَيْنِ وَفِيهِ لَوْ اسْتَدَانَ الْأَبُ لِطِفْلِهِ جَازَ، وَكَذَا لَوْ أَقَرَّ بِهِ انْتَهَى. وَفِي الْأَشْبَاهِ مِنْ أَحْكَامِ السَّفَرِ الْوَصِيُّ لَوْ سَافَرَ فِي الْبَحْرِ ضَمِنَ كَالْمُودِعِ انْتَهَى وَيَجُوزُ لِلْوَصِيِّ أَنْ يُكَاتِبَ عَبْدًا لِلْيَتِيمِ اسْتِحْسَانًا، وَكَذَا الْأَبُ إذَا كَاتَبَ عَبْدًا لِلْيَتِيمِ. وَلَوْ كَاتَبَ عَبْدًا لِلْيَتِيمِ ثُمَّ وَهَبَ الْمَالَ مِنْ الْمُكَاتَبِ لَا يَجُوزُ؛ لِأَنَّ الْوَكِيلَ بِالْكِتَابَةِ لَا يَمْلِكُ قَبْضَ بَدَلِ الْكِتَابَةِ بِطَرِيقِ الْأَصَالَةِ، وَكَذَلِكَ الْوَصِيُّ وَالْأَبُ. وَلَوْ بَاعَ الْأَبُ أَوْ الْوَصِيُّ عَبْدًا لِلْيَتِيمِ ثُمَّ وَهَبَ الثَّمَنَ مِنْ الْمُشْتَرِي صَحَّتْ الْهِبَةُ فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى - وَيَضْمَنُ مِثْلَهُ، وَقَدْ مَرَّتْ الْمَسْأَلَةُ، وَإِنْ أَقَرَّ الْوَصِيُّ أَوْ الْأَبُ بِقَبْضِ بَدَلِ الْكِتَابَةِ صَحَّ إقْرَارُهُمَا إذَا كَانَتْ الْكِتَابَةُ بِالْبَيِّنَةِ ثَابِتَةً أَوْ كَانَ الْقَاضِي يَعْلَمُ بِهَا، وَإِنْ عُرِفَتْ الْكِتَابَةُ بِإِقْرَارِهِمَا بِأَنْ قَالَ الْوَصِيُّ أَوْ الْأَبُ: كَاتَبْت، وَادَّعَى قَبْضَ الْبَدَلِ لَا يُصَدَّقُ؛ لِأَنَّهُ إقْرَارٌ بِالْعِتْقِ. وَلَا يَجُوزُ لِلْوَصِيِّ أَنْ يُعْتِقَ عَبْدَ الصَّغِيرِ عَلَى مَالٍ، وَكَذَلِكَ الْأَبُ وَلَا يَجُوزُ لِلْوَصِيِّ أَنْ يُكَاتِبَ إذَا كَانَتْ الْوَرَثَةُ كِبَارًا غُيَّبًا أَوْ حُضُورًا؛ لِأَنَّ الْأَبَ لَا يَمْلِكُ ذَلِكَ فَكَذَلِكَ الْوَصِيُّ، وَكَذَا إذَا كَانَ بَعْضُهُمْ صِغَارًا، وَلَوْ رَضِيَ الْكِبَارُ بِذَلِكَ؛ لِأَنَّ لِلْكِبَارِ حَقَّ الْفَسْخِ. وَيَجُوز لِلْوَصِيِّ أَنْ يُقَاسِمَ الْمُوصَى لَهُ فِيمَا سِوَى الْعَقَارِ وَيُمْسِكَ نَصِيبَ الصِّغَارِ، وَإِنْ كَانَ بَعْضُ الْوَرَثَةِ كَبِيرًا غَائِبًا. وَلَوْ قَاسَمَ الْوَصِيُّ الْوَرَثَةَ فِي التَّرِكَةِ وَفِيهَا وَصِيَّةٌ لِإِنْسَانٍ وَالْمُوصَى لَهُ غَائِبٌ لَا يَجُوزُ قِسْمَتُهُ عَلَى الْمُوصَى لَهُ الْغَائِبِ، وَيَكُونُ لِلْمُوصَى لَهُ أَنْ يُشَارِكَ الْوَرَثَةَ، وَلَوْ كَانَ الْوَرَثَةُ صِغَارًا وَقَاسَمَ الْوَصِيُّ الْمُوصَى لَهُ فَأَعْطَاهُ الثُّلُثَ، وَأَمْسَكَ الثُّلُثَيْنِ لِلْوَرَثَةِ جَازَ حَتَّى لَوْ هَلَكَ مَا فِي يَدِ الْوَصِيِّ لِلْوَرَثَةِ لَا يَرْجِعُ الْوَرَثَةُ عَلَى الْمُوصَى لَهُ بِشَيْءٍ، وَلَا يَجُوزُ لِلْوَصِيِّ أَنْ يَتَّجِرَ لِنَفْسِهِ بِمَالِ الْيَتِيمِ أَوْ الْمَيِّتِ فَإِذَا فَعَلَ وَرَبِحَ ضَمِنَ رَأْسَ الْمَالِ وَيَتَصَدَّقُ بِالرِّبْحِ فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ، وَعِنْدَ أَبِي يُوسُفَ يُسَلِّمُ لَهُ الرِّبْحَ، وَلَا يَتَصَدَّقُ بِشَيْءٍ. وَلِلْوَصِيِّ أَنْ يَأْخُذَ مَالَ الْيَتِيمِ مُضَارَبَةً، وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يُؤَجِّرَ نَفْسَهُ مِنْ الْيَتِيمِ، وَلَيْسَ لِلْوَصِيِّ أَنْ يَهَبَ مَالَ الْيَتِيمِ بِعِوَضٍ أَوْ بِغَيْرِ عِوَضٍ، وَكَذَا الْأَبُ. وَلَوْ وَهَبَ إنْسَانٌ لِلصَّغِيرِ هِبَةً فَعَوَّضَ الْأَبُ مِنْ مَالِ الصَّغِيرِ لَا يَجُوزُ، وَيَبْقَى لِلْوَاهِبِ حَقُّ الرُّجُوعِ، وَكَذَلِكَ لَوْ عَوَّضَ الْوَصِيُّ مِنْ مَالِ الْيَتِيمِ. وَصِيٌّ بَاعَ عَقَارًا لِيَقْضِيَ بِهِ دَيْنَ الْمَيِّتِ، وَفِي يَدِهِ مِنْ الْمَالِ مَا يَفِي بِقَضَاءِ الدَّيْنِ قَالَ الشَّيْخُ أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ الْفَضْلِ: جَازَ هَذَا الْبَيْعُ؛ لِأَنَّهُ قَائِمٌ مَقَامَ الْمُوصِي. رَجُلٌ أَوْصَى بِثُلُثِ مَالِهِ وَخَلَفَ صُنُوفًا مِنْ الْعَقَارَاتِ فَبَاعَ الْوَصِيُّ مِنْ الْعَقَارِ صِنْفًا لِلْوَصِيَّةِ قَالُوا: لِلْوَارِثِ أَنْ لَا يَرْضَى إلَّا أَنْ يَبِيعَ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ الثُّلُثَ مِمَّا يُمْكِنُ بَيْعُ الثُّلُثِ مِنْهُ. مَدْيُونٌ مَاتَ وَأَوْصَى إلَى رَجُلٍ فَمَاتَ الْوَصِيُّ فَعَمَدَ بَعْضُ الْوَرَثَةِ وَبَاعَ بَعْضَ التَّرِكَةِ فَقَضَى دَيْنَهُ وَأَنْفَذَ وَصَايَاهُ قَالُوا: الْبَيْعُ فَاسِدٌ إلَّا أَنْ يَكُونَ بِأَمْرِ الْقَاضِي. وَصِيٌّ أَنْفَذَ الْوَصِيَّةَ مِنْ مَالِ نَفْسِهِ قَالُوا: إنْ كَانَ هَذَا الْوَصِيُّ وَارِثَ الْمَيِّتِ يَرْجِعُ فِي تَرِكَةِ الْمَيِّتِ، وَإِلَّا فَلَا يَرْجِعُ، وَقِيلَ: إنْ كَانَتْ الْوَصِيَّةُ لِلْعِبَادِ يَرْجِعُ؛ لِأَنَّ لَهَا مُطَالِبًا مِنْ جِهَةِ الْعِبَادِ فَكَانَ كَقَضَاءِ الدَّيْنِ، وَإِنْ كَانَتْ لِلَّهِ - تَعَالَى - الجزء: 1 ¦ الصفحة: 401 لَا يَرْجِعُ وَقِيلَ: لَهُ أَنْ يَرْجِعَ عَلَى كُلِّ حَالٍ، وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى، وَكَذَا الْوَصِيُّ إذَا اشْتَرَى كِسْوَةً، وَكَذَلِكَ لَوْ اشْتَرَى مَا يُنْفِقُ عَلَيْهِمْ مِنْ مَالِ نَفْسِهِ، فَإِنَّهُ يَكُونُ مُتَطَوِّعًا، وَكَذَلِكَ بَعْضُ الْوَرَثَةِ إذَا قَضَى دَيْنَ الْمَيِّتِ أَوْ كَفَّنَ الْمَيِّتَ مِنْ مَالِ نَفْسِهِ لَا يَكُونُ مُتَطَوِّعًا وَكَانَ لَهُ الرُّجُوعُ فِي مَالِ الْمَيِّتِ وَالتَّرِكَةِ وَكَذَلِكَ الْوَصِيُّ لَوْ أَدَّى خَرَاجَ الْمَيِّتِ أَوْ عَشَرَةً مِنْ مَالِ نَفْسِهِ لَا يَكُونُ مُتَطَوِّعًا. وَلَوْ كَفَّنَ الْمَيِّتَ مِنْ مَالِ نَفْسِهِ قُبِلَ قَوْلُهُ فِي ذَلِكَ. لِلْوَارِثِ أَنْ يَقْضِيَ دَيْنَ الْمَيِّتِ، وَأَنْ يُكَفِّنَهُ بِغَيْرِ أَمْرِ الْوَرَثَةِ فَكَانَ لَهُ الرُّجُوعُ فِي مَالِ الْمَيِّتِ مِنْ قَاضِي خَانْ. وَفِيهِ أَيْضًا الْأَبُ إذَا اشْتَرَى لِوَلَدِهِ الصَّغِيرِ شَيْئًا، وَأَدَّى الثَّمَنَ مِنْ مَالِ نَفْسِهِ لِيَرْجِعَ بِهِ عَلَيْهِ ذَكَرَ فِي النَّوَازِلِ أَنَّهُ إنْ لَمْ يُشْهِدْ عِنْدَ أَدَاءِ الثَّمَنِ أَنَّهُ إنَّمَا أَدَّى لِيَرْجِعَ لَا يَرْجِعْ، وَفَرْقٌ بَيْنَ الْوَلَدِ وَالْوَصِيِّ إذَا أَدَّى الثَّمَنَ مِنْ مَالِ نَفْسِهِ، فَإِنَّهُ لَا يُحْتَاجُ إلَى الْإِشْهَادِ؛ لِأَنَّ الْغَالِبَ فِي حَالِ الْوَالِدَيْنِ أَنَّهُمْ يَقْصِدُونَ الْقِبْلَةَ فَيُحْتَاجُ إلَى الْإِشْهَادِ، وَكَذَا الْأُمُّ إذَا كَانَتْ وَصِيًّا لِوَلَدِهَا الصَّغِيرِ فَهِيَ بِمَنْزِلَةِ الْأَبِ إنْ لَمْ تُشْهِدْ عِنْدَ أَدَاءِ الثَّمَنِ لَا تَرْجِعْ انْتَهَى. نَقَدَ مِنْ مَالِهِ ثَمَنَ شَيْءٍ شَرَاهُ لِوَلَدِهِ، وَنَوَى الرُّجُوعَ يَرْجِعُ دِيَانَةً لَا قَضَاءً مَا لَمْ يُشْهِدْ، وَلَوْ ثَوْبًا أَوْ طَعَامًا، وَأَشْهَدَ أَنَّهُ يَرْجِعُ فَلَهُ أَنْ يَرْجِعَ لَوْ لَهُ مَالٌ، وَإِلَّا فَلَا لِوُجُوبِهِمَا عَلَيْهِ، وَلَوْ قِنًّا أَوْ شَيْئًا لَا يَلْزَمُهُ رَجَعَ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ مَالٌ لَوْ أَشْهَدَ، وَإِلَّا لَا. شَرَى لِوَلَدِهِ ثَوْبًا أَوْ خَادِمًا، وَنَقَدَ ثَمَنَهُ مِنْ مَالِ نَفْسِهِ لَا يَرْجِعُ إلَّا أَنْ يُشْهِدَ أَنَّهُ شَرَاهُ لِيَرْجِعَ، وَإِنْ لَمْ يَنْقُدْ ثَمَنَهُ حَتَّى مَاتَ يُؤْخَذُ ثَمَنُهُ مِنْ تَرِكَتِهِ؛ لِأَنَّهُ دَيْنٌ عَلَيْهِ ثُمَّ لَا يَرْجِعُ بَقِيَّةُ الْوَرَثَةِ بِهِ عَلَى هَذَا الْوَارِثِ لَوْ لَمْ يُشْهِدْ الْمَيِّتُ أَنَّهُ شَرَاهُ لِوَلَدِهِ. وَلَوْ شَرَى لِصَبِيِّهِ طَعَامًا بِمَالِهِ، وَلِلصَّبِيِّ مَالٌ فَهُوَ مُتَبَرِّعٌ اسْتِحْسَانًا. امْرَأَةٌ اشْتَرَتْ لِصَبِيِّهَا ضَيْعَةً عَلَى أَنْ تَرْجِعَ صَحَّ اسْتِحْسَانًا، وَتَكُونُ الْأُمُّ مُشْتَرِيَةً لِنَفْسِهَا إذْ لَا تَمْلِكُ الشِّرَاءَ لِوَلَدِهَا ثُمَّ يَصِيرُ هِبَةً لِوَلَدِهَا وَلَيْسَ لَهَا مَنْعُ الضَّيْعَةِ عَنْ وَلَدِهَا؛ لِأَنَّهَا تَصِيرُ وَاهِبَةً لِلْوَلَدِ وَقَابِضَةً لِأَجْلِهِ. شَرَى بَيْتًا بِمَالِهِ لِابْنِ ابْنِهِ مَعَ قِيَامِ ابْنِهِ، وَأَشْهَدَ عَلَى ذَلِكَ لَمْ يَجُزْ شِرَاؤُهُ؛ إذْ لَا وِلَايَةَ لَهُ عَلَيْهِ حِينَئِذٍ؛ لِأَنَّهُ أَجْنَبِيٌّ فَنَفَذَ عَلَيْهِ. لَوْ ضَمِنَ الْأَبُ مَهْرَ صَبِيِّهِ فَأَدَّى يَرْجِعُ لَوْ شَرَطَ وَإِلَّا لَا، وَلَوْ وَلِيًّا غَيْرَهُ أَوْ وَصِيًّا رَجَعَ مُطْلَقًا مِنْ الْفُصُولَيْنِ وَالْمَسَائِلُ الْأَخِيرَةُ مَرَّتْ فِي النِّكَاحِ. وَفِي الْخُلَاصَةِ: إذَا اشْتَرَى خَادِمًا لِابْنِهِ الصَّغِيرِ، وَنَقَدَ الثَّمَنَ يَرْجِعُ عَلَيْهِ فَإِنْ لَمْ يَنْقُدْ الثَّمَنَ لَا يَرْجِعُ عَلَيْهِ إلَّا إذَا أَشْهَدَ لِيَرْجِعَ عَلَيْهِ فَإِنْ لَمْ يَنْقُدْ الثَّمَنَ حَتَّى مَاتَ، وَلَمْ يَكُنْ أَشْهَدَ أَخَذَ مِنْ مَالِهِ، وَلَا يَرْجِعُ عَلَيْهِ بَقِيَّةُ الْوَرَثَةِ، وَاخْتَلَفَتْ الرِّوَايَاتُ فِي اعْتِبَارِ وَقْتِ الْإِشْهَادِ فَفِي بَعْضِهَا يُعْتَبَرُ وَقْتُ الشِّرَاءِ، وَفِي بَعْضِهَا وَقْتُ نَقْدِ الثَّمَنِ، وَفِي الْوَصِيِّ يَرْجِعُ أَشْهَدَ أَوْ لَمْ يُشْهِدْ. وَعَنْ مُحَمَّدٍ إذَا لَمْ يُشْهِدْ الْأَبُ عَلَى الرُّجُوعِ إنْ نَوَى الرُّجُوعَ، وَنَقَدَ الثَّمَنَ عَلَى هَذِهِ النِّيَّةِ وَسِعَهُ الرُّجُوعُ فِيمَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ اللَّهِ. وَفِي الصُّغْرَى الْأَبُ إذَا اشْتَرَى الطَّعَامَ مِنْ مَالِ نَفْسِهِ وَلِلصَّغِيرِ مَالٌ يَصِيرُ مُتَبَرِّعًا اسْتِحْسَانًا. وَفِي الْمُنْتَقَى عَنْ أَبِي يُوسُفَ أَنَّ مَا اشْتَرَاهُ الْأَبُ إنْ كَانَ شَيْئًا يُجْبَرُ الْأَبُ عَلَيْهِ بِأَنْ كَانَ طَعَامًا أَوْ كِسْوَةً، وَلَا مَالَ لِلصَّغِيرِ لَا يَرْجِعُ الْأَبُ عَلَيْهِ، وَإِنْ أَشْهَدَ أَنَّهُ يَرْجِعُ عَلَيْهِ وَإِنْ كَانَ شَيْئًا لَا يُجْبَرُ الْأَبُ عَلَيْهِ بِأَنْ كَانَ الْمُشْتَرَى طَعَامًا أَوْ كِسْوَةً وَلِلصَّغِيرِ مَالٌ أَوْ كَانَ الْمُشْتَرَى دَارًا أَوْ ضِيَاعًا إنْ كَانَ الْأَبُ أَشْهَدَ وَقْتَ الشِّرَاءِ عَلَى أَنْ يَرْجِعَ لَهُ أَنْ يَرْجِعَ، وَإِنْ لَمْ يُشْهِدْ لَا يَرْجِعُ انْتَهَى. وَمُقَاسَمَةُ الْوَصِيِّ الْمُوصَى لَهُ عَنْ الْوَرَثَةِ جَائِزَةٌ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 402 وَمُقَاسَمَةُ الْوَرَثَةِ عَنْ الْمُوصَى لَهُ بَاطِلَةٌ؛ لِأَنَّ الْوَارِثَ خَلِيفَةُ الْمَيِّتِ حَتَّى يَرُدَّ بِالْعَيْبِ وَيَرُدَّ عَلَيْهِ وَيَصِيرُ مَغْرُورًا بِشِرَاءِ الْمُوَرِّثِ، وَالْوَصِيُّ خَلِيفَةُ الْمَيِّتِ أَيْضًا فَيَكُونُ خَصْمًا عَنْ الْوَارِثِ إذَا كَانَ غَائِبًا فَصَحَّتْ قِسْمَتُهُ عَلَيْهِ حَتَّى لَوْ حَضَرَ وَقَدْ هَلَكَ مَا فِي يَد الْوَصِيِّ لَيْسَ لِلْوَارِثِ أَنْ يُشَارِكَ الْمُوصَى لَهُ أَمَّا الْمُوصَى لَهُ فَلَيْسَ بِخَلِيفَةٍ عَنْ الْمَيِّتِ مِنْ كُلِّ وَجْهٍ؛ لِأَنَّهُ مَلَكَهُ بِسَبَبٍ جَدِيدٍ وَلِهَذَا لَا يَرُدُّ بِالْعَيْبِ وَلَا يُرَدُّ عَلَيْهِ وَلَا يَصِيرُ مَغْرُورًا بِشِرَاءِ الْمُوصَى فَلَا يَكُونُ الْوَصِيُّ خَلِيفَةً عَنْهُ عِنْدَ غَيْبَتِهِ حَتَّى لَوْ هَلَكَ مَا أَفْرَزَ لَهُ عِنْدَ الْوَصِيِّ كَانَ لَهُ ثُلُثُ مَا بَقِيَ؛ لِأَنَّ الْقِسْمَةَ لَمْ تَنْفُذْ غَيْرَ أَنَّ الْوَصِيَّ لَا يَضْمَنُ؛ لِأَنَّهُ أَمِينٌ فِيهِ وَلَهُ وِلَايَةُ الْحِفْظِ فِي التَّرِكَةِ فَصَارَ كَمَا إذَا هَلَكَ بَعْضُ التَّرِكَةِ قَبْلَ الْقِسْمَةِ فَيَكُونُ لَهُ ثُلُثُ مَا بَقِيَ؛ لِأَنَّ الْمُوصَى لَهُ شَرِيكُ الْوَارِثِ فَيَتْوَى مَا تَوِيَ مِنْ الْمَالِ الْمُشْتَرَكِ عَلَى الشَّرِكَةِ وَيَبْقَى مَا يَبْقَى عَلَى الشَّرِكَةِ وَإِنْ كَانَ الْمَيِّتُ أَوْصَى بِحَجَّةٍ فَقَاسَمَ الْوَرَثَةَ فَهَلَكَ مَا فِي يَدِهِ يَحُجُّ عَنْ الْمَيِّتِ مِنْ ثُلُثِ مَا بَقِيَ وَكَذَلِكَ إنْ دَفَعَهُ إلَى رَجُلٍ لِيَحُجَّ عَنْهُ فَضَاعَ مِنْ يَدِهِ. وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ إنْ كَانَ مُسْتَغْرِقًا لِلثُّلُثِ لَمْ يَرْجِعْ بِشَيْءٍ وَإِلَّا يَرْجِعُ بِتَمَامِ الثُّلُثِ. وَقَالَ مُحَمَّدٌ: لَا يَرْجِعُ بِشَيْءٍ؛ لِأَنَّ الْقِسْمَةَ حَقُّ الْمُوصِي وَلَوْ أَفْرَزَ الْمُوصِي بِنَفْسِهِ مَالًا لِيَحُجَّ عَنْهُ فَهَلَكَ لَا يَلْزَمُهُ شَيْءٌ وَبَطَلَتْ الْوَصِيَّةُ فَكَذَا إذَا أَفْرَزَهُ وَصِيُّهُ الَّذِي قَامَ مَقَامَهُ وَلِأَبِي يُوسُفَ أَنَّ مَحَلَّ الْوَصِيَّةِ الثُّلُثُ فَيَجِبُ تَنْفِيذُهَا مَا بَقِيَ مَحَلُّهَا وَإِذَا لَمْ يَبْقَ بَطَلَتْ لِفَوَاتِ مَحِلِّهَا وَلِأَبِي حَنِيفَةَ أَنَّ الْقِسْمَةَ لَا تُرَادُ لِذَاتِهَا بَلْ لِمَقْصُودِهَا وَهُوَ تَأْدِيَةُ الْحَجِّ فَلَمْ تُعْتَبَرْ دُونَهُ وَمَنْ أَوْصَى بِثُلُثِ أَلْفِ دِرْهَمٍ فَدَفَعَهَا الْوَرَثَةُ إلَى الْقَاضِي فَقَسَمَهَا، وَالْمُوصَى لَهُ غَائِبٌ فَقِسْمَتُهُ جَائِزَةٌ؛ لِأَنَّ الْوَصِيَّةَ صَحِيحَةٌ وَلِهَذَا لَوْ مَاتَ الْمُوصَى لَهُ قَبْلَ الْقَبُولِ تَصِيرُ الْوَصِيَّةُ مِيرَاثًا لِوَرَثَتِهِ، وَالْقَاضِي نَصَّبَ نَاظِرًا لَا سِيَّمَا فِي حَقِّ الْمَوْتَى، وَالْغُيَّبِ وَمِنْ النَّظَرِ إفْرَازُ نَصِيبِ الْغَائِبِ وَقَبْضُهُ فَنَفِدَ ذَلِكَ وَصَحَّ حَتَّى لَوْ حَضَرَ الْغَائِبُ وَقَدْ هَلَكَ الْمَقْبُوضُ لَمْ يَكُنْ لَهُ عَلَى الْوَرَثَةِ سَبِيلٌ. وَمَنْ أَوْصَى بِأَنْ يُبَاعَ عَبْدُهُ وَيُتَصَدَّقَ بِثَمَنِهِ عَلَى الْمَسَاكِينِ فَبَاعَهُ الْوَصِيُّ وَقَبَضَ الثَّمَنَ فَضَاعَ فِي يَدِهِ فَاسْتُحِقَّ الْعَبْدُ ضَمِنَ الْوَصِيُّ وَيَرْجِعُ فِيمَا تَرَكَ الْمَيِّتُ؛ لِأَنَّهُ عَامِلٌ لَهُ فَيَرْجِعُ عَلَيْهِ كَالْوَكِيلِ وَكَانَ أَبُو حَنِيفَةَ يَقُولُ لَا يَرْجِعُ؛ لِأَنَّهُ ضَمِنَ بِقَبْضِهِ، ثُمَّ رَجَعَ إلَى مَا ذَكَرْنَاهُ وَيَرْجِعُ فِي جَمِيعِ التَّرِكَةِ. وَعَنْ مُحَمَّدٍ: أَنَّهُ يَرْجِعُ فِي الثُّلُثِ وَإِذَا كَانَتْ التَّرِكَةُ قَدْ هَلَكَتْ أَوْ لَمْ يَكُنْ بِهَا وَفَاءٌ لَمْ يَرْجِعْ بِشَيْءٍ كَمَا إذَا كَانَ عَلَى الْمَيِّتِ دَيْنٌ آخَرُ وَإِذَا تَوَلَّى الْقَاضِي أَوْ أَمِينُهُ الْبَيْعَ لَا عُهْدَةَ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّ فِي إلْزَامِهَا الْقَاضِيَ تَعْطِيلَ الْقَضَاءِ إذْ يَتَحَامَى عَنْ تَقَلُّدِ هَذِهِ الْأَمَانَةِ حَذَرًا عَنْ لُزُومِ الْغَرَامَةِ فَتُعَطَّلُ مَصْلَحَةُ الْعَامَّةِ وَأَمِينُهُ سَفِيرٌ عَنْهُ كَالرَّسُولِ وَلَا كَذَلِكَ الْوَصِيُّ. وَإِنْ قَسَّمَ الْوَصِيُّ الْمِيرَاثَ فَأَصَابَ صَغِيرٌ مِنْ الْوَرَثَةِ عَبْدًا فَبَاعَهُ وَقَبَضَ الثَّمَنَ فَهَلَكَ وَاسْتُحِقَّ الْعَبْدُ رَجَعَ فِي مَالِ الصَّغِيرِ؛ لِأَنَّهُ عَامِلٌ لَهُ وَيَرْجِعُ الصَّغِيرُ عَلَى الْوَرَثَةِ بِحِصَّتِهِ لِانْتِقَاضِ الْقِسْمَةِ بِاسْتِحْقَاقِ مَا أَصَابَهُ مِنْ الْهِدَايَةِ. الْقَاضِي إذَا عَزَلَ الثُّلُثَ لِلْوَصِيَّةِ لِلْمَسَاكِينِ وَلَمْ يَدْفَعْ إلَيْهِمْ حَتَّى هَلَكَ كَانَ الْهَلَاكُ عَلَى الْمَسَاكِينِ وَلَوْ أَعْطَى الثُّلُثَيْنِ لِلْوَرَثَةِ أَوْ لِلْمَسَاكِينِ وَهَلَكَ الْبَاقِي يَهْلِكُ مِنْ مَالِ صَاحِبِهِ خَاصَّةً هَذِهِ فِي السِّيَرِ مِنْ قَاضِي خَانْ. وَفِي الْفُصُولَيْنِ أَوْصَى إلَيْهِ بِأَنْ يَبِيعَ قِنَّهُ هَذَا وَيَتَصَدَّقُ بِثَمَنِهِ عَلَى الْفُقَرَاءِ فَفَعَلَ، ثُمَّ اُسْتُحِقَّ الْقِنُّ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 403 وَرَجَعَ بِثَمَنِهِ عَلَى الْوَصِيّ يَرْجِعُ الْوَصِيُّ عَلَى مَا تَصَدَّقَ عَلَيْهِ لَا فِي مَالِ الْيَتِيمِ وَقَدْ نَقَلَهُ عَنْ الْمُنْتَقَى. وَفِي الْوَجِيزِ مِنْ الِاسْتِحْقَاقِ الْأَبُ، وَالْوَصِيُّ يَرْجِعَانِ بِضَمَانِ الِاسْتِحْقَاقِ فِي مَالِ الْمَيِّتِ كَمَا يَرْجِعُ الْوَكِيلُ بِهِ عَلَى الْمُوَكِّلِ انْتَهَى. الْوَصِيُّ إذَا أَقَرَّ بِالْبَيْعِ وَقَبَضَ الثَّمَنَ وَبَلَغَ الْيَتِيمُ وَأَنْكَرَ الْبَيْعَ أَوْ قَبَضَ الثَّمَنَ خَاصَّةً فَهُوَ مُصَدَّقٌ فِي حَقِّ الْبَرَاءَةِ دُونَ إلْزَامِ الْيَتِيمِ شَيْئًا هَذَا فِي الْوَكَالَةِ مِنْ الْخُلَاصَةِ. وَلَوْ بَاعَ الْأَبُ أَوْ الْوَصِيُّ مَالَ الصَّبِيِّ مِنْ غَرِيمِ نَفْسِهِ تَقَعُ الْمُقَاصَّةُ وَيَضْمَنُهُ لِلصَّبِيِّ عِنْدَهُمَا وَعِنْد أَبِي يُوسُفَ لَا تَقَعُ الْمُقَاصَّةُ، وَالْعَبْدُ الْمُوصَى بِخِدْمَتِهِ إذَا أَتْلَفَهُ الْوَرَثَةُ ضَمِنُوا قِيمَتَهُ لِيَشْتَرِيَ بِهَا عَبْدٌ يَقُومُ مَقَامَهُ فِي الرَّهْنِ مِنْ الْهِدَايَةِ. رَجُلٌ أَوْصَى إلَى رَجُلَيْنِ قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٌ لَا يَنْفَرِدُ أَحَدُ الْوَصِيَّيْنِ بِالتَّصَرُّفِ وَلَا يَنْفُذُ تَصَرُّفُهُ إلَّا بِإِذْنِ الْآخَرِ إلَّا فِي أَشْيَاءَ فَإِنَّ أَحَدَهُمَا يَنْفَرِدُ بِهَا مِنْهَا تَجْهِيزُ الْمَيِّتِ وَتَكْفِينَهُ وَقَضَاءُ دَيْنِ الْمَيِّتِ إذَا كَانَتْ التَّرِكَةُ مِنْ جِنْسِ الدَّيْنِ وَتَنْفِيذُ وَصِيَّةِ الْمَيِّتِ فِي الْعَيْنِ إذَا كَانَتْ الْوَصِيَّةُ بِالْعَيْنِ وَإِعْتَاقُ النَّسَمَةِ وَرَدُّ الْوَدَائِعِ، وَالْمَغْصُوبِ وَلَا يَنْفَرِدُ أَحَدُهُمَا بِقَبْضِ وَدِيعَةِ الْمَيِّتِ وَلَا بِقَبْضِ الدَّيْنِ؛ لِأَنَّ ذَاكَ مِنْ بَابِ الْأَمَانَةِ وَيَنْفَرِدُ أَحَدُهُمَا بِالْخُصُومَةِ فِي حُقُوقِ الْمَيِّتِ عَلَى النَّاس وَعِنْدَهُمْ وَيَنْفَرِدُ بِقَبُولِ الْهِبَةِ لِلصَّغِيرِ وَبِقِسْمَةِ مَا يُكَالُ وَيُوزَنُ وَبِإِجَارَةِ الْيَتِيمِ لِعَمَلٍ يَتَعَلَّمُهُ وَيَنْفَرِدُ أَيْضًا بِبَيْعِ مَا يَخْشَى عَلَيْهِ التَّوَى، وَالتَّلَفَ كَالْفَوَاكِهِ وَنَحْوِهَا وَلَوْ أَوْصَى الْمَيِّتُ بِأَنْ يَتَصَدَّقَ عَنْهُ بِكَذَا وَكَذَا مِنْ مَالِهِ وَلَمْ يُعَيِّنْ الْفَقِيرَ لَا يَنْفَرِدُ بِهِ أَحَدُ الْوَصِيَّيْنِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ وَعِنْدَ أَبِي يُوسُفَ يَنْفَرِدُ وَإِنْ عَيَّنَ الْفَقِيرَ يَنْفَرِدُ بِهِ أَحَدُهُمَا عِنْدَ الْكُلِّ وَعَلَى هَذَا الْخِلَافِ إذَا أَوْصَى بِشَيْءٍ لِلْمَسَاكِينِ وَلَمْ يُعَيِّنْ الْمِسْكِينَ عِنْدَهُمَا لَا يَنْفَرِدُ أَحَدُهُمَا بِالتَّنْفِيذِ، وَعِنْدَ أَبِي يُوسُفَ يَنْفَرِدُ وَإِنْ عَيَّنَ الْمِسْكِينَ يَنْفَرِدُ أَحَدُهُمَا عِنْدَ الْكُلِّ وَهُنَا ثَلَاثُ مَسَائِلَ هَذِهِ إحْدَاهُمَا، وَالثَّانِيَةُ رَجُلَانِ ادَّعَيَا صَغِيرًا ادَّعَى كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا أَنَّهُ ابْنُهُ مِنْ أَمَةٍ مُشْتَرَكَةٍ بَيْنَهُمَا فَإِنَّهُ يَثْبُتُ نَسَبُهُ مِنْهُمَا فَإِنْ كَانَ لِهَذَا الْوَلَدِ مَالُ وَرِثَهُ مِنْ أَخٍ لَهُ مِنْ أَمَةٍ أَوْ وَهَبَهُ لَهُ أَخُوهُ لَا يَنْفَرِدُ أَحَدُهُمَا بِالتَّصَرُّفِ فِي ذَلِكَ الْمَالِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ وَعِنْدَ أَبِي يُوسُفَ يَنْفَرِدُ. وَالثَّالِثَةُ: لَقِيطٌ ادَّعَاهُ رَجُلَانِ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا ادَّعَى أَنَّهُ ابْنُهُ فَإِنَّهُ يَلْحَقُ بِهِمَا فَإِنْ وُهِبَ لِهَذَا اللَّقِيطِ هِبَةً عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ لَا يَنْفَرِدُ أَحَدُهُمَا بِالتَّصَرُّفِ وَعِنْدَ أَبِي يُوسُفَ يَنْفَرِدُ وَهَذَا إذَا أَوْصَى إلَيْهِمَا جُمْلَةً فِي كَلَامٍ وَاحِدٍ فَإِنْ أَوْصَى إلَى أَحَدِهِمَا، ثُمَّ أَوْصَى إلَى الْآخِرِ قَالَ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ الْحَلْوَانِيُّ اخْتَلَفَ الْمَشَايِخُ فِيهِ قَالَ بَعْضُهُمْ يَنْفَرِدُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا بِالتَّصَرُّفِ فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ عَلَى كُلِّ حَالَ وَبِهِ أَخَذَ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ السَّرَخْسِيُّ. رَجُلٌ جَعَلَ رَجُلًا وَصِيًّا فِي شَيْءٍ بِعَيْنِهِ نَحْوَ التَّصَرُّفِ فِي الدَّيْنِ وَجَعَلَ آخَرَ وَصِيًّا فِي نَوْعٍ آخَرَ بِأَنْ قَالَ لِأَحَدِهِمَا جَعَلْتُكَ وَصِيًّا فِي قَضَاءِ مَا عَلَيَّ مِنْ الدَّيْنِ، وَقَالَ لِلْآخَرِ جَعَلْتُكَ وَصِيًّا فِي الْقِيَامِ بِأَمْرٍ مَا لِي أَوْ جَعَلَ أَحَدَهُمَا وَصِيًّا بِأَمْرِ هَذَا الْوَلَدِ فِي نَصِيبِهِ وَجَعَلَ الْآخَرَ وَصِيًّا فِي نَصِيبِ وَلَدٍ آخَرَ مَعَهُ أَوْ قَالَ أَوْصَيْتُ إلَى فُلَانٍ بِتَقَاضِي دَيْنِي وَلَمْ أُوصِ إلَيْهِ فِي غَيْرِ ذَلِكَ، وَقَالَ: أَوْصَيْتُ بِجَمِيعِ مَالِي فُلَانًا آخَرَ فَكُلُّ وَاحِدٍ مِنْ الْوَصِيَّيْنِ يَكُونُ وَصِيًّا فِي الْأَنْوَاعِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ كَأَنَّهُ أَوْصَى إلَيْهِمَا وَعِنْدَ مُحَمَّدٍ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا الجزء: 1 ¦ الصفحة: 404 وَصِيٌّ فِيمَا أَوْصَى إلَيْهِ لَا يَدْخُلُ الْآخَرُ مَعَهُ وَكَذَا لَوْ أَوْصَى بِمِيرَاثِهِ فِي بَلَدِ كَذَا إلَى رَجُلٍ وَبِمِيرَاثِهِ فِي بَلْدَةٍ أُخْرَى إلَى آخَرَ، وَقَالَ الشَّيْخُ مُحَمَّدُ بْنُ الْفَضْلِ إذَا جَعَلَ الرَّجُلُ رَجُلًا وَصِيًّا عَلَى ابْنِهِ وَجَعَلَ آخَرَ وَصِيًّا عَلَى ابْنَتِهِ أَوْ جَعَلَ أَحَدَهُمَا وَصِيًّا فِي مَالِهِ الْحَاضِرِ وَجَعَلَ الْآخَرَ وَصِيًّا فِي مَالِهِ الْغَائِبِ فَإِنْ كَانَ شَرَطَ أَنْ لَا يَكُونَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا وَصِيًّا فِيمَا أَوْصَى إلَى الْآخَرِ يَكُونُ الْأَمْرُ عَلَى مَا شَرَطَ عِنْدَ الْكُلِّ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ شَرَطَ ذَلِكَ فَحِينَئِذٍ تَكُونُ الْمَسْأَلَةُ عَلَى الِاخْتِلَافِ، وَالْفَتْوَى عَلَى قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ. وَلَوْ أَنَّ رَجُلًا أَوْصَى إلَى رَجُلَيْنِ فَمَاتَ أَحَدُهُمَا عَلَى قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ لَا يَنْفَرِدُ الْحَيُّ بِالتَّصَرُّفِ فِي مَالِهِ فَيَرْفَعُ الْأَمْرَ إلَى الْقَاضِي إنْ رَأَى الْقَاضِي أَنْ يَجْعَلَهُ وَصِيًّا وَحْدَهُ وَيُطْلِقُ التَّصَرُّفَ فَعَلَ، وَإِنْ رَأَى أَنْ يَضُمَّ إلَيْهِ رَجُلًا آخَرَ مَكَانَ الْمَيِّتِ فَعَلَ وَعَلَى قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ يَنْفَرِدُ الْحَيُّ بِالتَّصَرُّفِ كَمَا فِي حَالَةِ الْحَيَاةِ. وَعَنْ أَبِي حَنِيفَةَ فِي رِوَايَةٍ وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ أَبِي لَيْلَى لَيْسَ لِلْقَاضِي أَنْ يَجْعَلَ الْحَيَّ وَصِيًّا وَحْدَهُ وَلَوْ فَعَلَ لَا يَنْفُذُ تَصَرُّفُ الْحَيِّ بِإِطْلَاقِ الْقَاضِي وَهُنَا ثَلَاثُ مَسَائِلَ: إحْدَاهَا هَذِهِ، وَالثَّانِيَةُ إذَا أَوْصَى إلَى رَجُلَيْنِ وَقَبِلَ أَحَدُهُمَا الْوَصِيَّةَ وَلَمْ يَقْبَلْ الْآخِرُ أَوْ مَاتَ أَحَدُهُمَا قَبْلَ مَوْتِ الْمُوصِي وَلَمْ يَقْبَلْ الْآخَرُ أَوْ مَاتَ أَحَدُهُمَا قَبْلَ مَوْتِ الْمُوصِي وَقَبِلَ الْآخَرُ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ لَا يَنْفَرِدُ الْقَابِلُ بِالتَّصَرُّفِ، وَعِنْدَ أَبِي يُوسُفَ يَنْفَرِدُ. وَالثَّالِثَةُ: إذَا أَوْصَى إلَى رَجُلَيْنِ فَفَسَقَ أَحَدُهُمَا كَانَ الْقَاضِي بِالْخِيَارِ إنْ شَاءَ ضَمَّ إلَيْهِ وَصِيًّا آخَرَ وَاسْتَبْدَلَ الْفَاسِقَ، ثُمَّ الْعَدْلُ لَا يَنْفَرِدُ بِالتَّصَرُّفِ وَحْدَهُ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ وَعِنْدَ أَبِي يُوسُفَ لَهُ أَنْ يَتَصَرَّفَ. رَجُلٌ مَاتَ وَلَهُ دُيُونٌ عَلَى النَّاسِ وَعَلَيْهِ لِلنَّاسِ دُيُونٌ وَتَرَكَ أَمْوَالًا وَوَرَثَةً فَأَقَامَ رَجُلٌ شَاهِدَيْنِ إنَّ الْمَيِّتَ أَوْصَى إلَيْهِ وَإِلَى فُلَانٍ الْغَائِبِ فَإِنَّ الْقَاضِيَ يَقْبَلُ بَيِّنَةَ هَذَا الرَّجُلِ؛ لِأَنَّهُ أَقَامَ الْبَيِّنَةَ عَلَى حَقِّهِ وَحَقُّهُ مُتَّصِلٌ بِحَقِّ الْغَائِبِ فَيَصِيرُ الْحَاضِرُ خَصْمًا عَنْ الْغَائِبِ فَصَارَا وَصِيَّيْنِ وَلَا يَكُونُ لِهَذَا الْحَاضِرِ أَنْ يَتَصَرَّفَ فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ مَا لَمْ يَحْضُرْ إلَّا فِي الْأَشْيَاءِ الَّتِي يَنْفَرِدُ بِهَا أَحَدُ الْوَصِيَّيْنِ. رَجُلٌ أَوْصَى إلَى رَجُلَيْنِ لَيْسَ لِأَحَدِهِمَا أَنْ يَشْتَرِيَ مِنْ صَاحِبِهِ شَيْئًا مِنْ مَالِ الْيَتِيمِ الْآخَرِ؛ لِأَنَّ الْوَصِيَّ مَأْمُورٌ بِالتَّصَرُّفِ عَلَى وَجْهِ النَّظَرِ وَلَوْ تَصَرَّفَ أَحَدُهُمَا عَلَى وَجْهِ النَّظَرِ يَتَضَرَّرُ بِهِ الْآخَرُ وَلَا يَقْتَسِمَانِ مَالَ الْيَتِيمَيْنِ لِمَا قُلْنَا يَتِيمَانِ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا وَصِيٌّ اقْتَسَمَ الْوَصِيَّانِ مَالَهُمَا لَا تَجُوزُ قِسْمَتُهُمَا كَمَا لَا يَجُوزُ بَيْعُ أَحَدِ الْوَصِيَّيْنِ الْمَالَ مِنْ الْمُوصِي الْآخَرِ. رَجُلٌ أَوْصَى إلَى رَجُلَيْنِ وَمَاتَ فَجَاءَ رَجُلٌ وَادَّعَى دَيْنًا عَلَى الْمَيِّتِ فَقَضَى الْوَصِيَّانِ دَيْنَهُ بِغَيْرِ حُجَّةٍ، ثُمَّ شَهِدَا لَهُ بِالدَّيْنِ عِنْدَ الْقَاضِي لَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُمَا وَيَضْمَنَانِ مَا دَفَعَا إلَى الْمُدَّعِي لِغُرَمَاءِ الْمَيِّتِ وَلَوْ شَهِدَا لَهُ أَوَّلًا، ثُمَّ أَمَرَهُمَا الْقَاضِي بِأَدَاءِ الدَّيْنِ فَقَضَيَا دَيْنَهُ لَا يَلْزَمُهُمَا الضَّمَانُ وَكَذَا لَوْ شَهِدَ الْوَارِثَانِ عَلَى الْمَيِّتِ بِدَيْنٍ جَازَتْ شَهَادَتُهُمَا قَبْلَ الدَّفْعِ وَلَا تُقْبَلُ بَعْدَ الدَّفْعِ وَصِيُّ الْمَيِّتِ إذَا قَضَى دَيْنَ الْمَيِّتِ بِشُهُودٍ جَازَ وَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ لِأَحَدٍ وَإِنْ قَضَى دَيْنَ الْبَعْضِ بِغَيْرِ أَمْرِ الْقَاضِي كَانَ ضَامِنًا لِغُرَمَاءِ الْمَيِّتِ وَإِنْ قَضَى بِأَمْرِ الْقَاضِي دَيْنَ الْبَعْضِ لَا يَضْمَنُ، وَالْغَرِيمُ الْآخَرُ يُشَارِكُ الْأَوَّلَ فِيمَا قَبَضَ. رَجُلٌ أَوْصَى إلَى رَجُلَيْنِ فَمَاتَ أَحَدُ الْوَصِيَّيْنِ وَأَوْصَى إلَى صَاحِبِهِ جَازَ وَيَكُونُ لِصَاحِبِهِ أَنْ يَتَصَرَّفَ؛ لِأَنَّ أَحَدَهُمَا لَوْ تَصَرَّفَ بِإِذْنِ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 405 صَاحِبِهِ فِي حَيَاتِهِمَا جَازَ فَكَذَلِكَ بَعْدَ الْمَوْتِ وَرُوِيَ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ، وَالصَّحِيحُ هُوَ الْأَوَّلُ. رَجُلٌ أَوْصَى إلَى رَجُلَيْنِ فَمَاتَ وَفِي يَدِهِ وَدَائِعُ لِلنَّاسِ فَقَبَضَ أَحَدُ الْوَصِيَّيْنِ الْوَدَائِعَ مِنْ مَنْزِلِ الْمَيِّتِ بِغَيْرِ أَمْرِ صَاحِبِهِ أَوْ قَبَضَهَا أَحَدُ الْوَرَثَةِ بِدُونِ أَمْرِ الْوَصِيَّيْنِ أَوْ بِدُونِ أَمْرِ بَقِيَّةِ الْوَرَثَةِ فَهَلَكَ الْمَالُ فِي يَدِهِ لَا ضَمَانَ عَلَيْهِ وَلَوْ لَمْ يَكُنْ عَلَى الْمَيِّتِ دَيْنٌ فَقَبَضَ أَحَدُ الْوَصِيَّيْنِ تَرِكَةَ الْمَيِّتِ فَضَاعَتْ فِي يَدِهِ لَا يَضْمَنُ شَيْئًا وَلَوْ قَبَضَ أَحَدُ الْوَرَثَةِ يَضْمَنُ حِصَّةَ أَصْحَابِهِ مِنْ الْمِيرَاثِ إلَّا أَنْ يَكُونَ فِي مَوْضِعٍ يَخَافُ الْهَلَاكَ عَلَى الْمَالِ فَلَا يَضْمَنُ اسْتِحْسَانًا وَلَوْ كَانَ عَلَى الْمَيِّتِ دَيْنٌ مُحِيطٌ وَلَهُ عِنْدَ إنْسَانٍ وَدِيعَةٌ فَدَفَعَ الْمُسْتَوْدِعُ الْوَدِيعَةَ إلَى وَارِثِ الْمَيِّتِ فَضَاعَتْ فِي يَدِهِ كَانَ صَاحِبُ الدَّيْنِ بِالْخِيَارِ إنْ شَاءَ ضَمَّنَ الْمُسْتَوْدَعَ وَإِنْ شَاءَ ضَمَّنَ الْوَارِثَ وَلَيْسَ هَذَا كَأَخْذِ الْمَالِ مِنْ مَنْزِلِ الْمَيِّتِ وَلَوْ كَانَ مَالُ الْمَيِّتِ فِي يَدِ غَاصِبٍ فَإِنَّ أَحَدَ الْوَصِيَّيْنِ لَا يَمْلِكُ الْأَخْذَ مِنْ الْمُودِعِ، وَالْغَاصِبِ إلَّا أَنَّ فِي الْغَصْبِ إنْ كَانَ فِي الْوَرَثَةِ مَأْمُونٌ ثِقَةٌ فَالْقَاضِي يَأْخُذُ الْمَالَ مِنْ الْغَاصِبِ وَيَدْفَعُهُ إلَى الْوَرَثَةِ وَفِي الْوَدِيعَةِ يَتْرُكُ الْوَدِيعَةَ عِنْدَ الْمُودِعِ. وَصِيَّانِ اسْتَأْجَرَ أَحَدُهُمَا حَمَّالِينَ لِحَمْلِ الْجِنَازَةِ إلَى الْمَقْبَرَةِ، وَالْآخَرُ حَاضِرٌ سَاكِتٌ أَوْ اسْتَأْجَرَ ذَلِكَ بَعْضَ الْوَرَثَةِ بِحَضْرَةِ الْوَصِيَّيْنِ وَهُمَا سَاكِتَانِ جَازَ ذَلِكَ وَيَكُونُ مِنْ جَمِيعِ الْمَالِ، وَهُوَ بِمَنْزِلَةِ شِرَاءِ الْكَفَنِ وَلَوْ كَانَ الْمَيِّتُ أَوْصَى بِالتَّصَدُّقِ بِالْحِنْطَةِ عَلَى الْفُقَرَاءِ قَبْلَ رَفْعِ الْجِنَازَةِ فَفَعَلَ ذَلِكَ أَحَدُ الْوَصِيَّيْنِ قَالَ الْفَقِيهُ أَبُو بَكْرٍ لَوْ كَانَتْ الْحِنْطَةُ فِي التَّرِكَةِ جَازَ دَفْعُهُ وَلَيْسَ لِلْآخَرِ الِامْتِنَاعُ عَنْهُ وَإِنْ لَمْ تَكُنْ الْحِنْطَةُ فِي التَّرِكَةِ فَاشْتَرَى أَحَدُ الْوَصِيَّيْنِ حِنْطَةً فَتَصَدَّقَ بِهَا كَانَتْ الصَّدَقَةُ عَنْ الْمُعْطِي قَالَ الْفَقِيهُ آخُذُ فِي هَذَا بِقَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى وَذَكَرَ النَّاطِفِيُّ إذَا كَانَ فِي التَّرِكَةِ كِسْوَةٌ وَطَعَامٌ وَدَفَعَ ذَلِكَ أَحَدُ الْوَصِيَّيْنِ إلَى الْيَتِيمِ جَازَ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ فَاشْتَرَى أَحَدُ الْوَصِيَّيْنِ، وَالْآخَرُ حَاضِرٌ لَا يَشْتَرِي أَحَدُهُمَا إلَّا بِأَمْرِ الْآخَرِ. وَلَوْ أَنَّ مَيِّتًا أَوْصَى إلَى رَجُلَيْنِ وَقَدْ كَانَ بَاعَ عَبْدًا فَوَجَدَ الْمُشْتَرِي بِالْعَبْدِ عَيْبًا فَرَدَّهُ عَلَى الْوَصِيَّيْنِ كَانَ لِأَحَدِهِمَا أَنْ يَرُدَّ الثَّمَنَ وَلَيْسَ لِأَحَدِهِمَا قَبْضُ الْمَبِيعِ مِنْ الْمُشْتَرِي وَلِأَحَدِ الْوَصِيَّيْنِ أَنْ يُودِعَ مَا صَارَ فِي يَدِهِ مِنْ تَرِكَةِ الْمَيِّتِ وَلَوْ أَنَّ الْمَيِّتَ أَوْصَى بِشِرَاءِ عَبْدٍ وَبِالْإِعْتَاقِ فَأَحَدُ الْوَصِيَّيْنِ لَا يَنْفَرِدُ بِالشِّرَاءِ وَبَعْدَمَا اشْتَرَيَا كَانَ لِأَحَدِهِمَا أَنْ يَعْتِقَ. رَجُلٌ أَوْصَى لِرَجُلٍ، وَقَالَ لَهُ: اعْمَلْ بِرَأْيِ فُلَانٍ فَهُوَ عَلَى وَجْهَيْنِ: أَحَدُهُمَا أَنْ يَقُولَ اعْمَلْ بِرَأْيِ فُلَانٍ، وَالثَّانِي أَنْ يَقُولَ لَا تَعْمَلْ إلَّا بِرَأْيِ فُلَانٍ. وَاخْتَلَفَ الْمَشَايِخُ فِيهِ قَالَ بَعْضُهُمْ فِي الْوَجْهَيْنِ: الْوَصِيُّ هُوَ الْمُخَاطَبُ، وَقَالَ بَعْضُهُمْ فِي الْوَجْهَيْنِ جَمِيعًا كِلَاهُمَا وَصِيَّانِ كَأَنَّهُ أَوْصَى إلَيْهِمَا، وَقَالَ بَعْضُهُمْ فِي قَوْلِهِ اعْمَلْ بِرَأْيِ فُلَانٍ الْوَصِيُّ هُوَ الْمُخَاطَبُ وَفِي قَوْلِهِ لَا تَعْمَلْ إلَّا بِرَأْيِ فُلَانٍ هُمَا وَصِيَّانِ وَاخْتَارَ الْفَقِيهُ أَبُو اللَّيْثِ هَذَا الْقَوْلَ فَقَالَ وَهُوَ أَشْبَهُ بِقَوْلِ أَصْحَابِنَا فَإِنَّهُمْ قَالُوا إذَا وَكَّلَ الرَّجُلُ غَيْرَهُ بِالْبَيْعِ فَقَالَ: بِعْهُ بِشُهُودٍ فَبَاعَ بِغَيْرِ شُهُودٍ جَازَ وَلَوْ قَالَ لَا تَبِعْهُ إلَّا بِشُهُودٍ أَوْ لَا تَبِعْهُ إلَّا بِمَحْضَرِ فُلَانٍ فَبَاعَ بِغَيْرِ شُهُودٍ وَبِغَيْرِ مَحْضَرِ فُلَانٍ لَا يَجُوزُ كَذَا هَذَا وَكَذَا لَوْ أَوْصَى إلَى رَجُلٍ، وَقَالَ لَهُ: اعْمَلْ بِعِلْمِ فُلَانٍ فَلَهُ أَنْ يَعْمَلَ بِدُونِ عِلْمِهِ وَلَوْ قَالَ لَا تَعْمَلْ إلَّا بِعِلْمِ فُلَانٍ لَا يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَعْمَلَ بِغَيْرِ عِلْمِ فُلَانٍ، وَالْفَتْوَى عَلَى هَذَا الْقَوْلِ. رَجُلٌ أَوْصَى إلَى رَجُلٍ وَجَعَلَ عَلَيْهِ مُشْرِفًا عَلَيْهِ ذَكَر النَّاطِفِيُّ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 406 أَنَّهُمَا وَصِيَّانِ كَأَنَّهُ قَالَ جَعَلْتُكُمَا وَصِيَّيْنِ فَلَا يَنْفَرِدُ أَحَدُهُمَا إلَّا بِمَا يَنْفَرِدُ أَحَدُ الْوَصِيَّيْنِ، وَقَالَ الشَّيْخُ أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ الْفَضْلِ يَكُونُ الْوَصِيُّ أَوْلَى بِإِمْسَاكِ الْمَالِ وَلَا يَكُونُ الْمُشْرِفُ وَصِيًّا وَثَمَرَةُ كَوْنِهِ مُشْرِفًا أَنَّهُ لَا يَجُوزُ تَصَرُّفُ الْوَصِيِّ إلَّا بِعِلْمِهِ هَذِهِ الْجُمْلَةُ مِنْ قَاضِي خَانْ. وَصِيُّ الْقَاضِي كَوَصِيِّ الْمَيِّتِ إلَّا فِي مَسَائِلَ (الْأُولَى) : لِوَصِيِّ الْمَيِّتِ أَنْ يَبِيعَ مِنْ نَفْسِهِ وَيَشْتَرِي لِنَفْسِهِ إذَا كَانَ فِيهِ نَفْعٌ ظَاهِرٌ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ خِلَافًا لَهُمَا، وَأَمَّا وَصِيُّ الْقَاضِي فَلَيْسَ لَهُ ذَلِكَ اتِّفَاقَا؛ لِأَنَّهُ كَالْوَكِيلِ وَهُوَ لَا يَعْقِدُ لِنَفْسِهِ كَذَا فِي شَرْحِ الْمَجْمَعِ. (الثَّانِيَةُ) : إذَا خَصَّ الْقَاضِي وَصِيَّهُ تَخَصَّصَ بِخِلَافِ وَصِيِّ الْمَيِّتِ كَمَا مَرَّ. (الثَّالِثَةُ) إذَا بَاعَ مِمَّنْ لَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ لَهُ لَمْ يَصِحَّ بِخِلَافِ وَصِيِّ الْمَيِّتِ وَهُمَا فِي الْخُلَاصَةِ وَذَكَرَ فِي تَلْخِيصِ الْجَامِعِ اسْتِوَاءَهُمَا فِي رِوَايَةٍ فِي الْأُولَى. (الرَّابِعَةُ) : لِوَصِيِّ الْمَيِّتِ أَنْ يُؤَجِّرَ الصَّغِيرَ لِخِيَاطَةِ الذَّهَبِ وَسَائِرِ الْأَعْمَالِ بِخِلَافِ وَصِيِّ الْقَاضِي كَذَا فِي الْقُنْيَةِ. (الْخَامِسَةُ) : لَيْسَ لِلْقَاضِي أَنْ يَعْزِلَ وَصِيَّ الْمَيِّتِ الْعَدْلَ الْكَافِيَ وَلَهُ عَزْلُ وَصِيِّ الْقَاضِي كَمَا فِي الْقُنْيَةِ خِلَافًا لِمَا فِي الْيَتِيمَةِ. (السَّادِسَةُ) : لَا يَمْلِكُ وَصِيُّ الْقَاضِي الْقَبْضَ إلَّا بِإِذْنٍ مُبْتَدَأٍ مِنْ الْقَاضِي بَعْدَ الْإِيصَاءِ بِخِلَافِ وَصِيِّ الْمَيِّتِ كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ مِنْ الْمَحَاضِرِ، وَالسِّجِلَّاتِ. (السَّابِعَةُ) : يَعْمَلُ نَهْيُ الْقَاضِي عَنْ بَعْضِ التَّصَرُّفَاتِ وَلَا يَعْمَلُ نَهْيُ الْمَيِّتِ كَمَا فِي الْبَزَّازِيَّةِ وَهِيَ رَاجِعَةٌ إلَى قَبُولِ التَّخْصِيصِ وَعَدَمِهِ. (الثَّامِنَةُ) وَصِيُّ الْقَاضِي إذَا جَعَلَ وَصِيًّا عِنْدَ مَوْتِهِ لَا يَصِيرُ الثَّانِي وَصِيًّا بِخِلَافِ وَصِيِّ الْمَيِّتِ كَذَا فِي الْيَتِيمَةِ قُلْتُ وَنَقَلْنَاهُ عَنْ قَاضِي خَانْ أَيْضًا فِيمَا مَرَّ وَفِي الْخِزَانَةِ وَصِيُّ وَصِيِّ الْقَاضِي كَوَصِيِّهِ إذَا كَانَتْ الْوَصِيَّةُ عَامَّةً انْتَهَى وَبِهِ يَحْصُلُ التَّوْفِيقُ هَذِهِ الْجُمْلَةُ مِنْ الْأَشْبَاهِ. وَذَكَرَ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ الْحَلْوَانِيُّ فِي شَرْحِ أَدَبِ الْقَاضِي إذَا نَصَّبَ الْقَاضِي وَصِيًّا لِلْيَتِيمِ الَّذِي لَا أَبَ لَهُ كَانَ وَصِيُّ الْقَاضِي بِمَنْزِلَةِ وَصِيِّ الْأَبِ إذَا جَعَلَهُ الْقَاضِي وَصِيًّا عَامًا فِي الْأَنْوَاعِ كُلِّهَا فَإِنْ جَعَلَهُ وَصِيًّا فِي نَوْعٍ وَاحِدٍ كَانَ وَصِيًّا فِي ذَلِكَ النَّوْعِ خَاصَّةً بِخِلَافِ وَصِيِّ الْأَبِ فَإِنَّهُ لَا يَقْبَلُ التَّخْصِيصَ إذَا أَوْصَى إلَى رَجُلٍ فِي نَوْعٍ كَانَ وَصِيًّا فِي الْأَنْوَاعِ كُلِّهَا. وَصِيُّ الْأَبِ إذَا بَاعَ شَيْئًا مِنْ التَّرِكَةِ فَهُوَ عَلَى وَجْهَيْنِ أَحَدُهُمَا أَنْ لَا يَكُونَ عَلَى الْمَيِّتِ دَيْنٌ وَلَا أَوْصَى هُوَ بِوَصِيَّةٍ الثَّانِي أَنْ يَكُونَ عَلَى الْمَيِّتِ دَيْنٌ أَوْ وَصَّى بِوَصِيِّهِ فَفِي الْوَجْهِ الْأَوَّلِ قَالَ فِي الْكِتَابِ لِلْوَصِيِّ أَنْ يَبِيعَ كُلَّ شَيْءٍ مِنْ التَّرِكَةِ مِنْ الْمَتَاعِ، وَالْعُرُوضِ، وَالْعَقَارِ إذَا كَانَتْ الْوَرَثَةُ صِغَارًا أَمَّا بَيْعُ مَا سِوَى الْعَقَارِ فَلِأَنَّ مَا سِوَى الْعَقَارِ يَحْتَاجُ إلَى الْحِفْظِ وَعَسَى يَكُونُ حِفْظُ الثَّمَنِ لَهُ أَيْسَرُ وَيَبِيعُ الْعَقَارَ أَيْضًا فِي جَوَابِ الْكِتَابِ. قَالَ الشَّيْخُ الْإِمَامُ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ الْحَلْوَانِيُّ: مَا قَالَ فِي الْكِتَابِ قَوْلُ السَّلَفِ أَمَّا عَلَى قَوْلِ الْمُتَأَخِّرِينَ لَا يَجُوزُ لِلْوَصِيِّ بَيْعُ الْعَقَارِ إلَّا بِشَرَائِطَ أَنْ يَرْغَبَ إنْسَانٌ فِي شِرَائِهَا بِضَعْفِ قِيمَتِهَا أَوْ يَحْتَاجُ الصَّغِيرُ إلَى ثَمَنِهَا لِنَفَقَتِهِ أَوْ يَكُونُ عَلَى الْمَيِّتِ دَيْنٌ لَا وَفَاءَ لَهُ إلَّا بِثَمَنِهَا أَوْ يَكُونُ فِي التَّرِكَةِ وَصِيَّةٌ مُرْسَلَةٌ يَحْتَاجُ فِي تَنْفِيذِهَا إلَى ثَمَنِ الْعَقَارِ أَوْ يَكُونُ بَيْعُ الْعَقَارِ خَيْرًا لِلْيَتِيمِ بِأَنْ كَانَ خَرَاجُهَا وَمُؤَنُهَا تَرْبُو عَلَى غَلَّاتِهَا أَوَكَانَ الْعَقَارُ حَانُوتًا أَوْ دَارًا يُرِيدُ أَنْ يُنْقَضَ وَيَتَدَاعَى إلَى الْخَرَابِ فَإِنْ وَقَعَتْ الْحَاجَةُ لِلصَّغِيرِ إلَى أَدَاءِ خَرَاجِهَا فَإِنْ كَانَتْ فِي التَّرِكَةِ مَعَ الْعَقَارِ عُرُوضٌ يَبِيعُ مَا سِوَى الْعَقَارِ فَإِنْ كَانَتْ الْحَاجَةُ لَا تَنْدَفِعُ بِمَا سِوَى الْعَقَارِ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 407 حِينَئِذٍ يَبِيعُ الْعَقَارَ بِمِثْلِ الْقِيمَةِ أَوْ بِغَبَنٍ يَسِيرٍ وَلَا يَجُوزُ بَيْعُ الْوَصِيِّ بِغَبَنٍ فَاحِشٍ لَا يَتَغَابَنُ النَّاسُ فِي مِثْلِهِ إلَّا فِي مَسْأَلَةٍ لِلْوَصِيِّ أَنْ يَبِيعَ بِأَقَلَّ مِنْ ثَمَنِ الْمِثْلِ وَهِيَ مَا إذَا أَوْصَى بِبَيْعِ عَبْدِهِ مِنْ فُلَانٍ فَلَمْ يَرْضَ الْمُوصَى لَهُ بِثَمَنِ الْمِثْلِ فَلَهُ الْحَطُّ كَمَا فِي الْأَشْبَاهِ. وَكَذَا لَوْ اشْتَرَى الْوَصِيُّ لِلْيَتِيمِ لَا يَجُوزُ شِرَاؤُهُ بِغَبَنٍ فَاحِشٍ هَذَا إذَا كَانَتْ الْوَرَثَةُ كُلُّهُمْ صِغَارًا فَإِنْ كَانَ الْكُلُّ كِبَارًا وَهُمْ حُضُورٌ لَا يَجُوزُ بَيْعُ الْوَصِيِّ شَيْئًا مِنْ التَّرِكَةِ إلَّا بِأَمْرِهِمْ فَإِنْ كَانَ الْكِبَارُ غُيَّبًا لَا يَجُوزُ بَيْعُ الْوَصِيِّ الْعَقَارَ وَيَجُوزُ بَيْعُ مَا سِوَى الْعَقَارِ؛ لِأَنَّ الْوَصِيَّ يَمْلِكُ حِفْظَ مَالِ الْغَائِبِ، وَبَيْعُ الْعُرُوضِ يَكُونُ مِنْ الْحِفْظِ أَمَّا الْعَقَارُ فَهِيَ مَحْفُوظَةٌ بِنَفْسِهَا إلَّا أَنْ تَكُونَ الْعَقَارُ بِحَالٍ يَهْلِكُ لَوْ لَمْ يَبِعْ فَحِينَئِذٍ يَصِيرُ بِمَنْزِلَةِ الْعُرُوضِ وَإِنْ كَانَتْ الْوَرَثَةُ كِبَارًا كُلَّهُمْ بَعْضُهُمْ غَائِبٌ، وَالْبَاقِي حُضُورٌ فَإِنَّ الْوَصِيَّ يَمْلِكُ بَيْعَ نَصِيبِ الْغَائِبِ فِيمَا سِوَى الْعَقَارِ لِأَجْلِ الْحِفْظِ عِنْدَ الْكُلِّ وَإِذَا جَازَ بَيْعُهُ فِي نَصِيبِ الْغَائِبِ فِيمَا سِوَى الْعَقَارِ جَازَ بَيْعُهُ فِي نَصِيبِ الْحَاضِرِ أَيْضًا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَعِنْدَ صَاحِبَيْهِ لَا يَجُوزُ بَيْعُهُ فِي نَصِيبِ الْحَاضِرِ هَذَا إذَا لَمْ يَكُنْ فِي التَّرِكَةِ دَيْنٌ فَإِنْ كَانَ عَلَيْهِ دَيْنٌ يَسْتَغْرِقُ التَّرِكَةَ لِلْوَصِيِّ أَنْ يَبِيعَ جَمِيعَ التَّرِكَةِ لِلدَّيْنِ عُرُوضًا كَانَ أَوْ عَقَارًا فَإِنْ كَانَ قَلِيلًا لَا يَسْتَغْرِقُ التَّرِكَةَ مَلَكَ الْوَصِيُّ الْبَيْعَ بِقَدْرِ الدَّيْنِ عِنْدَ الْكُلِّ وَإِذَا مَلَكَ ذَلِكَ مَلَكَ بَيْعَ الْبَاقِي عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ. وَعِنْدَهُمَا لَا يَمْلِكُ وَكَذَا لَوْ كَانَ فِي التَّرِكَةِ وَصِيَّةٌ مُرْسَلَةٌ فَإِنَّ الْوَصِيَّ يَمْلِكُ الْبَيْعَ بِقَدْرِ مَا تَنْفُذُ الْوَصِيَّةُ عِنْدَ الْكُلِّ، وَإِذَا مَلَكَ بَيْعَ الْبَعْضِ يَمْلِكُ بَيْعَ الْبَاقِي عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَعِنْدَهُمَا لَا يَمْلِكُ وَلَوْ كَانَ فِي الْوَرَثَةِ صَغِيرٌ وَاحِدٌ، وَالْبَاقِي كِبَارٌ وَلَيْسَ هُنَاكَ دَيْنٌ وَلَا وَصِيَّةٌ، وَالتَّرِكَةُ عُرُوضٌ فَإِنَّ الْوَصِيَّ يَمْلِكُ بَيْعَ نَصِيبِ الصَّغِيرِ عِنْدَ الْكُلِّ وَيَمْلِكُ بَيْعَ الْبَاقِي فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ فَإِذَا بَاعَ الْكُلَّ جَازَ بَيْعُهُ فِي الْكُلِّ وَعِنْدَهُمَا لَا يَجُوزُ بَيْعُهُ فِي نَصِيبِ الْكِبَارِ، وَالْأَصْلُ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ أَنَّهُ إذَا ثَبَتَ لِلْوَصِيِّ بَيْعُ بَعْضِ التَّرِكَةِ يَثْبُت لَهُ وِلَايَة بَيْع الْكُلّ وَوَصِيّ الْأَب يَكُون بِمَنْزِلَةِ الْأَب وَكَذَلِكَ وَصِيّ الْجَدّ يَكُون بِمَنْزِلَةِ وَصِيّ الْأَب وَوَصِيّ وَصِيّ الْجَدّ بِمَنْزِلَةِ وَصِيّ الْجَدّ وَوَصِيّ وَصِيّ الْقَاضِي يَكُون بِمَنْزِلَةِ وَصِيّ الْقَاضِي إذَا كَانَ عَامًا وَأُمًّا وَصِيّ الْأُمّ وَوَصِيّ الْأَخ إذَا مَاتَتْ الْأُمّ وَتَرَكَتْ ابْنًا صَغِيرًا وَأَوْصَتْ إلَى رَجُل أَوْ مَاتَ الرَّجُل وَتَرَك أَخَا صَغِيرًا وَأَوْصَى إلَى رَجُل يَجُوز بَيْع هَذَا الْوَصِيّ فِيمَا سِوَى الْعَقَار مِنْ تَرِكَة الْمَيِّت وَلَا يَمْلِك بَيْع الْعَقَار؛ لِأَنَّهُ لَا يَمْلِك إلَّا الْحِفْظ وَبَيْع مَا سِوَى الْعَقَار مِنْ الْحِفْظ وَلَا يَجُوز لِهَذَا الْوَصِيّ أَنْ يَشْتَرِي شَيْئًا لِلصَّغِيرِ إلَّا الطَّعَام، وَالْكِسْوَة؛ لِأَنَّ ذَلِكَ مِنْ جُمْلَة حِفْظِ الصَّغِير مِنْ قَاضِي خَانَ وَصِيّ الْأَخ، وَالْأُمّ، وَالْعَمّ لَهُمْ بَيْع الْمَنْقُول وَغَيْره لِلدِّينِ، وَالْبَاقِي لِلْيَتِيمِ، ثُمَّ لَوْ كَانَ لَهُ أَب حَاضِرًا وَوَصِيّه أَوْ وَصِيّ وَصِيّه أَوْ أَب الْأَب فَلَيْسَ لِوَصِيِّ الْأُمّ تَصْرِف فِيمَا تَرَكَتْهُ الْأُمّ وَلَوْ لَمْ يَكُنْ أَحَد مِنْهُمْ فَلَهُ الْحِفْظ وَبَيْع الْمَنْقُول مِنْ الْحِفْظ وَلَيْسَ لَهُ بَيْع عَقَاره وَلَا وِلَايَة الشِّرَاء عَلَى التِّجَارَة إلَّا شِرَاء مَا لَا بُدّ مِنْهُ مِنْ نَفَقَة أَوْ كِسْوَة وَمَا مُلِّكَهُ الْيَتِيم مِنْ مَال غَيْر تَرِكَة أُمّه فَلَيْسَ لِوَصِيِّ أُمّه التَّصَرُّف فِيهِ مَنْقُولًا أَوْ غَيْره، وَالْأَصْل فِيهِ إنَّ أُضَعَّف الْوَصِيِّينَ فِي أَقْوَى الْحَالَيْنِ كَأَقْوَى الْوَصِيِّينَ فِي أُضَعَّف الْحَالَيْنِ وَأُضَعَّف الْوَصِيِّينَ وَصِيّ الْأُمّ، وَالْأَخ، وَالْعَمّ وَأَقْوَى الْحَالَيْنِ حَالَ صِغَر الْوَرَثَة وَأَقْوَى الْوَصِيِّينَ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 408 وَصِيّ الْأَب، وَالْجَدّ، وَالْقَاضِي وَأُضَعَّف الْحَالَيْنِ حَالَ كَبَّرَ الْوَرَثَة، ثُمَّ وَصِيّ الْأُمّ حَالَ صِغَر الْوَرَثَة كَوَصِيِّ الْأَب فِي حَالَ كَبَّرَ الْوَرَثَة عِنْد غِيبَة الْوَرَثَة فَلِلْوَصِيِّ بَيْع مَنْقُوله لَا عَقَاره كَوَصِيِّ الْأَب حَالَ كَبَّرَهُمْ مِنْ الْفُصُولَيْنِ. وَإِذَا مَاتَ الْوَصِيُّ فَأَوْصَى إلَى رَجُلٍ فَإِنْ قَالَ الَّذِي أَوْصَى إلَيْهِ جَعَلْتُكَ وَصِيًّا فِي مَالِي وَمَالِ الْمَيِّتِ الْأَوَّلِ يَكُونُ وَصِيًّا فِي التَّرِكَتَيْنِ عِنْدَنَا وَإِنْ قَالَ جَعَلْتُكَ وَصِيًّا فِي تَرِكَتِي فَهُوَ وَصِيٌّ فِي التَّرِكَتَيْنِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ، وَقَالَا هُوَ وَصِيٌّ فِي تَرِكَةِ نَفْسِ الْوَصِيِّ دُونَ الْوَصِيِّ الْأَوَّلِ مِنْ قَاضِي خَانْ. وَلَا يَجُوزُ لِلْأُمِّ أَنْ تَتَصَرَّفَ فِي مَالِ الِابْنِ هَذِهِ فِي اللَّقِيطِ مِنْ الْهِدَايَةِ، وَالْأَخُ لَا وِلَايَةَ لَهُ فِي الْمَالِ وَيَمْلِكُ قِسْمَةَ الصَّدَاقِ ضَرُورَةً هَذِهِ فِي الْقِسْمَةِ مِنْهَا. وَفِي الْقُنْيَةِ دَفَعَتْ أُمُّ الْيَتِيمِ ثَوْرَهُ إلَى رَجُلٍ يُرَوِّضُهُ مَجَّانًا فَهَلَكَ فِي يَدِهِ لَمْ يَضْمَنْ؛ لِأَنَّ رِيَاضَةَ ثَوْرِهِ نَفْعٌ مَحْضٌ لَهُ انْتَهَى. الْوَصِيُّ لَوْ بَاعَ مِمَّنْ لَا تَجُوزُ شَهَادَتُهُ لَهُ بِمُحَابَاةِ قَلِيلَةٍ لَمْ يَجُزْ وَلَوْ بِمِثْلِ قِيمَتِهِ جَازَ مِنْ الْفُصُولَيْنِ الْجَدُّ الْفَاسِدُ مِنْ ذَوِي الْأَرْحَامِ لَيْسَ كَأَبٍ الْأَبِ وَلَا يَمْلِكُ التَّصَرُّفَ فِي مَالِ الصَّغِيرِ هَذِهِ فِي الْفَرَائِضِ مِنْ الْأَشْبَاهِ. رَجُلٌ مَاتَ وَلَمْ يُوصِ إلَى أَحَدٍ فَبَاعَتْ امْرَأَتُهُ دَارًا مِنْ تَرِكَتِهِ وَكَفَّنَتْهُ بِغَيْرِ إذْنِ سَائِرِ الْوَرَثَةِ فَالْبَيْعُ فِي نَصِيبِهَا جَائِزٌ إنْ لَمْ يَكُنْ عَلَى الْمَيِّتِ دَيْنٌ مُحِيطٌ وَبَعْدَ ذَلِكَ يُنْظَرُ إنْ كَفَّنَتْ بِكَفَنِ مِثْلِهِ تَرْجِعُ فِي مَالِ الْمَيِّتِ وَإِنْ كَفَّنَتْهُ بِأَكْثَرَ مِنْ كَفَنِ الْمِثْلِ لَا تَرْجِعُ وَلَا تَرْجِعُ بِقَدْرِ كَفَنِ الْمِثْلِ أَيْضًا وَإِنْ قَالَ قَائِلٌ إنَّهَا تَرْجِعُ بِقَدْرِ كَفَنِ الْمِثْلِ فَلَهُ وَجْهٌ وَكَفَنُ الْمِثْلِ ثِيَابُهُ لِخُرُوجِ الْعِيدَيْنِ وَمَا يُوَافِقُ هَذَا مِنْ الْخُلَاصَةِ. إذَا مَاتَ الرَّجُلُ وَتَرَكَ أَوْلَادًا صِغَارًا وَأَبًا لَمْ يُوصِ إلَى أَحَدٍ كَانَ الْأَبُ بِمَنْزِلَةِ الْوَصِيِّ فِي حِفْظِ التَّرِكَةِ، وَالتَّصَرُّفِ فِيهَا أَيَّ تَصَرُّفٍ كَانَ فَإِنْ كَانَ عَلَى الْمَيِّتِ دَيْنٌ كَثِير فَإِنَّ الْأَبَ جَدُّ الصِّغَارِ لَا يَمْلِكُ بَيْعَ التَّرِكَةِ لِقَضَاءِ الدَّيْنِ وَكَذَا الرَّجُلُ إذَا أَذِنَ لِابْنِهِ الصَّغِيرِ وَهُوَ الَّذِي يَعْقِلُ الْبَيْعَ، وَالشِّرَاءَ فَتَصَرَّفَ الِابْنُ وَرَكِبَتْهُ الدُّيُونُ، ثُمَّ مَاتَ الِابْنُ وَتَرَكَ أُمًّا فَإِنَّ الْأَبَ لَا يَمْلِكُ التَّصَرُّفَ فِي تَرِكَتِهِ لِقَضَاءِ الدَّيْنِ. وَصِيُّ الْمَيِّتِ إذَا بَاعَ التَّرِكَةَ لِقَضَاءِ الدَّيْنِ، وَالدَّيْنُ مُحِيطٌ جَازَ بَيْعُهُ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - وَلَا يَجُوزُ عِنْدَهُمَا وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِي التَّرِكَةِ دَيْنٌ وَلَكِنْ فِي الْوَرَثَةِ صَغِيرٌ فَبَاعَ الْوَصِيُّ كُلَّ التَّرِكَةِ نَفَذَ بَيْعُهُ فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ فَرَّقَ أَبُو حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - بَيْنَ الْوَصِيِّ وَأَبِ الْمَيِّتِ لِوَصِيِّ الْمَيِّتِ أَنْ يَبِيعَ التَّرِكَةَ لِقَضَاءِ الدَّيْنِ وَتَنْفِيذِ الْوَصِيَّةِ وَأَبُ الْمَيِّتِ وَهُوَ جَدُّ الْأَوْلَادِ الصِّغَارِ وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَبِيعَ التَّرِكَةَ لِأَجْلِ قَضَاءِ الدَّيْنِ عَلَى الْأَوْلَادِ الصِّغَارِ لِوَلَدِهِ قَالَ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ الْحَلْوَانِيُّ هَذِهِ فَائِدَةٌ تُحْفَظُ عَنْ الْخَصَّافِ وَأَمَّا مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ - أَقَامَ الْجَدَّ مَقَامَ الْأَبِ قَالَ فِي الْكِتَابِ إذَا مَاتَ الرَّجُلُ وَتَرَكَ وَصِيًّا وَأَبًا كَانَ الْوَصِيُّ أَوْلَى مِنْ الْأَبِ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ وَصِيٌّ فَالْأَبُ أَوْلَى، ثُمَّ وَثُمَّ إلَى أَنْ قَالَ فَوَصِيُّ الْجَدِّ، ثُمَّ وَصِيُّ الْقَاضِي قَالَ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ الْحَلْوَانِيُّ بِقَوْلِ الْخَصَّافِ يُفْتِي صَغِيرٌ وَرِثَ مَالًا وَلَهُ أَبٌ مُسْرِفٌ وَمُبَذِّرٌ مُسْتَحِقٌّ لِلْحَجْرِ عَلَى قَوْلِ مَنْ يُجَوِّزُ الْحَجْرَ لَا تَثْبُتُ الْوِلَايَةُ فِي الْمَالِ لِلْأَبِ. إذَا دَفَعَ الْوَصِيُّ إلَى الْيَتِيمِ مَالَهُ بَعْدَ بُلُوغِهِ فَأَشْهَدَ الْيَتِيمَ عَلَى نَفْسِهِ أَنَّهُ قَبَضَ مِنْهُ جَمِيعَ تَرِكَةِ وَالِدِهِ وَلَمْ يَبْقَ لَهُ عِنْدَهُ مِنْ قَلِيلٍ وَلَا كَثِيرٍ إلَّا اسْتَوْفَاهُ، ثُمَّ ادَّعَى فِي يَدِ الْوَصِيِّ شَيْئًا، وَقَالَ هُوَ مِنْ تَرِكَةِ وَالِدِي وَأَقَامَ الْبَيِّنَةَ قُبِلَتْ بَيِّنَتُهُ. رَجُلٌ اشْتَرَى لِنَفْسِهِ مِنْ مَالِ وَلَدِهِ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 409 الصَّغِيرِ جَازَ وَيَصِيرُ قَابِضًا. وَعَنْ مُحَمَّدٍ أَنَّهُ لَا يَصِيرُ قَابِضًا بِهَذَا الْقَدْرِ إلَّا أَنْ يَشْتَرِيَ لِابْنِهِ شَيْئًا بِمَالِ الصَّغِيرِ عَلَيْهِ وَأَجْمَعُوا عَلَى أَنَّ الْأَبَ لَوْ وَهَبَ لِابْنِهِ الصَّغِيرِ شَيْئًا، وَقَالَ قَبَضْتُ هَذَا لِابْنِي فَإِنَّهُ يَصِيرُ قَابِضًا لِابْنِهِ مِنْ قَاضِي خَانْ. لَوْ كَانَ لِلصَّغِيرِ دَيْنٌ عَلَى أَبِيهِ فَأَنْفَقَ عَلَيْهِ لَا يَبْرَأُ قَضَاءً إلَّا إذَا شَهِدَ فَقَالَ شَرَيْتُ لِوَلَدِي لِأَقْضِيَ ثَمَنَهُ مِنْ دَيْنٍ لَهُ عَلَيَّ، وَالْمَدْيُونُ لَمْ يُصَدَّقْ فِي الْأَدَاءِ وَكَذَا لَوْ أَلْبَسهُ مِنْ ثَوْبِهِ أَوْ أَطْعَمَهُ مِنْ خُبْزِهِ مِنْ دَيْنٍ لَهُ عَلَيْهِ يَجُوزُ لِلْأَبِ شِرَاءُ مَالِ طِفْلِهِ لِنَفْسِهِ بِيَسِيرِ غَبْنٍ لَا بِفَاحِشٍ وَلَمْ يَجُزْ لِلْوَصِيِّ وَلَوْ بِمِثْلِ قِيمَتِهِ وَلَوْ بِأَكْثَرَ جَازَ خِلَافًا لِمُحَمَّدٍ وَيَصِحُّ لِلْأَبِ بَيْعُ مَالِهِ مِنْ ابْنِهِ لَوْ لَمْ يَضُرَّ وَلَمْ يَجُزْ لِلْقَاضِي بَيْعُ مَالِ الْيَتِيمِ مِنْ نَفْسِهِ إذْ الْجَوَازُ مِنْ الْقَاضِي عَلَى وَجْهِ الْحُكْمِ وَلَا يَجُوزُ حُكْمُهُ لِنَفْسِهِ. وَرُوِيَ عَنْ عُثْمَانَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - أَنَّهُ رَأَى إبِلًا مِنْ الصَّدَقَةِ فَأَعْجَبَتْهُ فَأَقَامَهَا فِي السُّوقِ فَأَخَذَهَا بِأَقْصَى ثَمَنٍ بَلَغَ فَعَابَ عَلَيْهِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ، وَقَالَ هَلْ رَأَيْتَ عُمَرَ صَنَعَ مِنْ ذَلِكَ شَيْئًا؟ وَكَانَ هَذَا أَوَّلُ أَمْرٍ عِيبَ عَلَى عُثْمَانَ وَقِيلَ عَدَمُ جَوَازِ بَيْعِ الْقَاضِي مَالَ الْيَتِيمِ مِنْ نَفْسِهِ مَحْمُولٌ عَلَى قَوْلِ مُحَمَّدٍ وَأَمَّا عَلَى قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ فَيَنْبَغِي أَنْ يَجُوزَ وَذَكَرَ فِي مَوْضِعٍ مِنْ الْمُنْتَقَى أَنَّ بَيْعَ الْقَاضِي مَالَ الْيَتِيمِ لِنَفْسِهِ كَشِرَاءِ الْوَصِيِّ لِنَفْسِهِ حَتَّى لَوْ رُفِعَ إلَى قَاضٍ آخَرَ نَظَرَ فَلَوْ خَيْرًا أَجَازَهُ وَكَذَا لَا يَجُوزُ بَيْعُ الْقَاضِي مَالَهُ مِنْ يَتِيمٍ وَكَذَا تَزْوِيجُ الْيَتِيمَةِ مِنْ نَفْسِهِ أَوْ مِنْ ابْنِهِ لَا يَجُوزُ بِخِلَافِ مَا شَرَاهُ مِنْ وَصِيِّهِ أَوْ بَاعَهُ مِنْ الْيَتِيم وَقَبِلَ وَصِيِّهِ فَإِنَّهُ يَجُوز وَلَوْ وَصِيًّا مِنْ جِهَة هَذَا الْقَاضِي. وَفِي الزِّيَادَاتِ وَيَجُوز بَيْع الْقَاضِي مَال أَحَد الْيَتِيمَيْنِ مِنْ الْآخِر لَا بَيْع الْوَصِيّ بِالْإِجْمَاعِ. وَفِي فَتَاوَى رَشِيد الدِّين جَازَ لِلْأَبِ لَا لِلْقَاضِيَّ بَيْع مَال أَحَد الصَّغِيرَيْنِ مِنْ الْآخِر. بَيْعُ الْأَبِ مَالَ طِفْلِهِ مِنْ الْأَجْنَبِيِّ عَلَى ثَلَاثَةِ أَوْجُهٍ: فَإِنَّ الْأَبَ إمَّا عَدْلٌ أَوْ مَسْتُورُ الْحَالِ أَوْ فَاسِقٌ فَجَازَ فِي الْأَوَّلَيْنِ فَلَيْسَ لَهُ نَقْضُهُ بَعْدَ بُلُوغِهِ إذْ لِلْأَبِ شَفَقَةٌ وَلَمْ يُعَارِضْ هَذَا الْمَعْنَى مَعْنًى آخَرُ فَكَانَ هَذَا الْبَيْعُ نَظَرًا، وَفِي الْوَجْهِ الثَّالِثِ لَمْ يَجُزْ بَيْعُ عَقَارِهِ فَلَهُ نَقْضُهُ وَفِيمَا يَجُوزُ لَهُ بَيْعُهُ لَوْ قَالَ الْأَبُ بَعْدَ بُلُوغِهِ ضَاعَ ثَمَنُهُ أَوْ أَنْفَقْتُهُ عَلَيْك وَذَلِكَ نَفَقَةُ مِثْلِهِ فِي تِلْكَ الْمُدَّةِ صُدِّقَ. الْأُمُّ لَوْ بَاعَتْ مَالَ صَبِيِّهَا أَوْ مَتَاعَ زَوْجِهَا بَعْدَ مَوْتِهِ وَزَعَمَتْ أَنَّهَا وَصِيَّتُهُ وَلِزَوْجِهَا صِغَارٌ، ثُمَّ قَالَتْ لَمْ أَكُنْ وَصِيَّةً لَمْ تُصَدَّقْ عَلَى الْمُشْتَرِي وَيُوقَفُ بَيْعُهَا إلَى بُلُوغِ الصِّغَارِ فَبَعْدَهُ لَوْ صَدَّقُوهَا أَنَّهَا وَصِيَّةٌ جَازَ بَيْعُهَا وَإِلَّا بَطَلَ وَلَوْ سَرَقْنَ الْمُشْتَرِيَ أَرْضًا شَرَاهَا لَا يَرْجِعُ عَلَى الْمَرْأَةِ بِشَيْءٍ وَلَوْ ادَّعَى الصَّبِيُّ قَبْلَ بُلُوغِهِ أَنَّهَا لَمْ تَكُنْ وَصِيَّةً لَمْ يُسْمَعْ لَوْ مَأْذُونًا فِي التِّجَارَةِ فَلَوْ عَجَزَ عَنْ اسْتِرْدَادِ الْأَرْضِ تَضْمَنُ الْمَرْأَةُ عَلَى الرِّوَايَةِ الَّتِي تُضَمِّنُ الْغَاصِبَ قِيمَةَ الْعَقَارِ بِبَيْعٍ وَتَسْلِيمٍ وَلَوْ بَاعَ الْأَبُ مَالَهُ مِنْ وَلَدِهِ لَا يَصِيرُ قَابِضًا لِوَلَدِهِ بِمُجَرَّدِ الْبَيْعِ حَتَّى لَوْ هَلَكَ قَبْلَ التَّمَكُّنِ مِنْ قَبْضِهِ حَقِيقَةً يَهْلِكُ عَلَى الْوَلَدِ وَلَوْ شَرَى مَالَ وَلَدِهِ لِنَفْسِهِ لَا يَبْرَأُ عَنْ الثَّمَنِ حَتَّى يُنَصِّبَ الْقَاضِي وَكِيلًا لِوَلَدِهِ وَيَأْخُذَ الثَّمَنَ حَتَّى يَرُدَّهُ عَلَى الْأَبِ يَتِمُّ الْبَيْعُ بِقَوْلِهِ بِعْتُ هَذَا بِكَذَا مِنْ وَلَدِي وَلَا يَحْتَاجُ إلَى قَوْلِهِ قَبِلْتُ وَكَذَا الشِّرَاءُ وَلَوْ وَصِيًّا لَمْ يَجُزْ فِي الْوَجْهَيْنِ مَا لَمْ يَقُلْ قَبِلْتُ. وَصِيٌّ أَوْ أَبٌ بَاعَ مَالَ صَبِيٍّ مِنْ أَجْنَبِيٍّ فَبَلَغَ فَحُقُوقُ الْعَقْدِ تَرْجِعُ إلَى الْعَاقِدِ وَكَذَا لَوْ شَرَاهُ الْأَبُ لِنَفْسِهِ فَبَلَغَ تَرْجِعُ الْعُهْدَةُ مِنْ قِبَلِ الْوَلَدِ إلَى أَبِيهِ مِنْ الْفُصُولَيْنِ. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 410 وَصِيٌّ أَخَذَ أَرْضَ الْيَتِيمِ مُزَارَعَةً قَالَ الشَّيْخُ الْإِمَامُ أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ الْفَضْلِ إنْ شَرَطَ الْبَذْرَ عَلَى الْيَتِيمِ لَا يَجُوزُ؛ لِأَنَّ الْوَصِيَّ يَصِيرُ مُؤَاجِرًا نَفْسَهُ مِنْ الْيَتِيمِ فَلَا يَجُوزُ فِي قِيَاسِ قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ إلَّا أَنْ يَكُونَ خَيْرًا لِلْيَتِيمِ وَإِنْ كَانَ الْبَذْرُ مِنْ الْوَصِيِّ كَانَتْ مُزَارَعَةً، وَعِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ الْمُزَارَعَةُ فَاسِدَةٌ لَوْ زَرَعَ الْوَصِيُّ بَذْرَ الْيَتِيمِ، وَأَشْهَدَ عِنْدَ زَرْعِهِ أَنَّهُ اسْتَقْرَضَ بَذْرَهُ وَاسْتَأْجَرَ الْأَرْضَ لِنَفْسِهِ فَلَوْ خَيْرًا لِلْيَتِيمِ جُعِلَتْ الْأُجْرَةُ وَمِثْلُ الْبَذْرِ لَهُ، وَالزَّرْعُ لِلْوَصِيِّ وَلَوْ كَانَ الزَّرْعُ خَيْرًا جُعِلَ الزَّرْعُ لِلْيَتِيمِ وَلَوْ اسْتَقْرَضَ بَذْرَهُ وَزَرْعَهُ فِي أَرْضِ نَفْسِهِ فَالزَّرْعُ لِلْوَصِيِّ وَصَدَقَ أَنَّهُ زَرَعَهُ لِنَفْسِهِ وَكَذَا لَوْ زَرَعَ بَذْرَ نَفْسِهِ فِي أَرْضِ الْيَتِيمِ أَمَّا لَوْ زَرَعَ بَذْرَ الْيَتِيمِ فِي أَرْضِ الْيَتِيمِ فَلَوْ فِيهِ رِبْحٌ لَمْ يُصَدَّقْ أَنَّهُ زَرَعَهُ لِنَفْسِهِ وَلَا يَضْمَنُ الْوَصِيُّ بِخَلْطِ مَالِهِ بِمَالِ الْيَتِيمِ وَلَهُ أَنْ يَخْلِطَ طَعَامَهُ بِطَعَامِهِ وَيَأْكُلَ بِالْمَعْرُوفِ مِنْ الْفُصُولَيْنِ. وَفِيهِ أَيْضًا بَعْدَ ثَلَاثَةِ أَوْرَاقٍ وَلَا يَضْمَنُ الْوَصِيُّ بِمَوْتِهِ مُجْهَلًا وَلَوْ خَلَطَ بِمَالِهِ فَضَاعَ ضَمِنَ وَقَبْلُ لَا يَضْمَنُ وَمَشَى عَلَيْهِ فِي الْأَشْبَاهِ حَيْثُ قَالَ، وَالْوَصِيُّ إذَا خَلَطَ مَالَ الْيَتِيمِ بِمَالِهِ فَضَاعَ لَا يَضْمَنُ انْتَهَى. وَكَذَا الْقَاضِي إذَا خَلَطَ مَالَ الصَّغِيرِ بِمَالِهِ لَا يَضْمَنُ كَمَا فِي الْعِمَادِيَّةِ ذَكَرَهُ فِي مُشْتَمِلِ الْهِدَايَةِ. لَيْسَ لِوَصِيِّ الْأَيْتَامِ أَنْ يَخْلِطَ مَا وَرِثُوا مِنْ مُوَرِّثٍ وَاحِدٍ وَأَكْثَرَ لَا يَضْمَنُ الْوَصِيُّ مَا أَنْفَقَ فِي الْمُصَاهَرَاتِ بَيْنَ الْيَتِيمَةِ أَوْ الْيَتِيمِ وَغَيْرُهُ فِي ثِيَابِ الْخَاطِبِ أَوْ الْخَطِيبَةِ، وَالضِّيَافَاتِ الْمُعْتَادَةِ، وَالْهَدَايَا الْمَعْهُودَةِ فِي الْأَعْيَادِ وَغَيْرِهَا مِنْ مَالِ الْيَتِيمَةِ، وَالْيَتِيمِ مِمَّا هُوَ مُتَعَارَفٌ وَإِنْ كَانَ لَهُ مِنْهَا بُدٌّ لَوْ خَلَطَ الْوَصِيُّ النَّفَقَةَ الْمَفْرُوضَةَ لِلصَّبِيِّ فِي مَالِهِ يَجُوزُ إنْ كَانَ خَيْرًا لِلْيَتِيمِ أَذِنَ الْقَاضِي فِيهِ أَوْ لَمْ يَأْذَنْ وَلِوَصِيِّ الْأَيْتَامِ أَنْ يَخْلِطَ نَفَقَتَهُمْ فَيُنْفِقَهَا عَلَيْهِمْ جُمْلَةً إذَا كَانَ ذَلِكَ أَنْفَعُ لَهُمْ اتَّحَدَ مُوَرِّثُهُمْ أَوْ اخْتَلَفَ. وَصِيٌّ يُنْفِقُ عَلَى الصَّبِيِّ مِنْ مَرَقَتِهِ وَخُبْزِهِ حَتَّى بَلَغَ فَوَضَعَ ذَلِكَ عَلَيْهِ لَيْسَ لَهُ ذَلِكَ إلَّا إذَا كَانَ أَنْفَقَهُ عَلَيْهِ لِيَرْجِعَ عَلَيْهِ وَصِيٌّ أَنْفَقَ مِنْ مَالِ نَفْسِهِ عَلَى الصَّغِيرِ وَلَمْ يُشْهِدْ بِالرُّجُوعِ وَقْتَ الْإِنْفَاقِ فَلَهُ أَنْ يُرْجِعَ عَلَيْهِ وَلَوْ كَانَ الْمُنْفِقُ أَبًا لَمْ يَرْجِعْ وَفِي الْمُحِيطِ فِي الْوَصِيِّ اخْتِلَافٌ. اسْتَدَانَ الْوَصِيُّ عَلَى الصَّبِيِّ بِإِذْنِ الْحَاكِمِ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ مَالٌ فَلَهُ أَنْ يَرْجِعَ عَلَيْهِ إذَا صَارَ لَهُ مَالٌ، وَالدَّائِنُ يَرْجِعُ عَلَى الْوَصِيِّ وَكَذَا الِاسْتِقْرَاضُ لَهُ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ بِإِذْنِ الْحَاكِمِ. فِي يَدِ الْأَبِ تَرِكَةُ أُمِّ الصَّغِيرِ ادَّعَى الْأَبُ بَعْدَ بُلُوغِ الصَّغِيرِ أَنَّهُ أَنْفَقَ عَلَيْهِ نَصِيبَهُ فِي صِغَرِهِ لَا يُصَدَّقُ إلَّا إذَا كَانَ أَشْهَدَ أَبٌ أَوْ وَصِيٌّ قَالَ بَعْدَ بُلُوغِ الصَّغِيرِ إنِّي بِعْتُ أَرْضَهُ وَأَنْفَقْتُ ثَمَنَهَا عَلَيْهِ قَالَ الدِّيرِيُّ صُدِّقَ فِي الْهَلَاكِ وَبِهِ أَخَذَ أَبُو ذَرٍّ وَالشَّيْخُ الْبَقَّالِيُّ يُصَدَّقُ قَوْلُهُ: بِعْتُ دَارِهِ أَوْ الْقَاضِي إذْ لَا وَلِيَّ لَهُ. أَنْفَقَ مَهْرَ زَوْجَتِهِ عَلَى أَوْلَادِهِ الصِّغَارِ بَعْدَ مَوْتِهَا لَا يُصَدَّقُ إلَّا بِبَيِّنَةٍ. أَنْفَقَ الْوَارِثُ الْكَبِيرُ عَلَى الصَّغِيرِ نَصِيبَهُ مِنْ التَّرِكَةِ بِغَيْرِ إذْنِ الْقَاضِي لَا يُصَدَّقُ أَبُو حَامِدٍ يُصَدَّقُ فِي نَفَقَةِ مِثْلِهِ وَلَا يَحْتَاجُ فِيهِ إلَى إذْنِ الْقَاضِي قَالَ - رَحِمَهُ اللَّهُ -، وَالْمُخْتَارُ مَا فِي وَصَايَا الْمُحِيطِ ابْنُ سِمَاعَةَ عَنْ مُحَمَّدٍ مَاتَ عَنْ ابْنَيْنِ كَبِيرٍ وَصَغِيرٍ وَأَلْفِ دِرْهَمٍ فَأَنْفَقَ الْكَبِيرُ عَلَى الصَّغِيرِ خَمْسَمِائَةٍ مِنْهَا نَفَقَةُ مِثْلِهِ فَهُوَ مُتَطَوِّعٌ فِي ذَلِكَ إذَا لَمْ يَكُنْ وَصِيًّا وَلَوْ كَانَ الْمُشْتَرَكُ طَعَامًا أَوْ ثَوْبًا فَأَطْعَمَهُ الْكَبِيرُ الصَّغِيرَ أَوْ أَلْبَسهُ فَاسْتَحْسَنْتُ أَنْ لَا يَكُونَ عَلَى الْكَبِيرِ ضَمَانٌ، وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ مَاتَ وَتَرَكَ طَعَامًا وَدَقِيقًا وَسَمْنًا، وَالْوَرَثَةُ صِغَارٌ وَفِيهِمْ امْرَأَةٌ اسْتَحْسَنْتُ أَنْ يَأْكُلُوا ذَلِكَ بَيْنَهُمْ وَيَأْخُذُ الْكَبِيرُ حِصَّتَهُ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 411 وَمَا أَنْفَقَ الْكِبَارُ عَلَى أَنْفُسِهِمْ وَعَلَى الصِّغَارِ بِغَيْرِ أَمْرِ الْقَاضِي أَوْ الْوَصِيِّ ضَمِنُوا حِصَّةَ الصِّغَارِ قَالَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -، وَالْمُخْتَارُ لِلْفَتْوَى مَا مَرَّ عَنْ مُحَمَّدٍ مِنْ الْقُنْيَةِ. لَا يَضْمَنُ الْوَصِيُّ مَا أَنْفَقَ عَلَى وَلِيمَةِ خِتَانِ الْيَتِيمِ إذَا كَانَ مُتَعَارَفًا لَا يُسْرِفُ فِيهِ وَمِنْهُمْ مَنْ شَرَطَ إذْنَ الْقَاضِي وَقِيلَ يَضْمَنُ مُطْلَقًا كَذَا فِي غَصْبِ الْيَتِيمَةِ. لَا يَمْلِكُ الْقَاضِي التَّصَرُّفَ فِي مَالِ الْيَتِيمِ مَعَ وُجُودِ وَصِيِّهِ وَإِنْ كَانَ مَنْصُوبُهُ كَمَا فِي بُيُوعِ الْقُنْيَةِ. لِلْوَصِيِّ إطْلَاقُ غَرِيمِ الْمَيِّتِ مِنْ الْحَبْسِ إنْ كَانَ مُعْسِرًا إلَّا إنْ كَانَ مُوسِرًا مِنْ الْأَشْبَاهِ. اسْتَهْلَكَ مَالَ الْيَتِيمِ قَالَ أَبُو الْقَاسِمِ يَخْرُجُ مِنْ الْوِصَايَةِ وَيَجْعَلُ غَيْرَهُ وَصِيًّا فَيَدْفَعُ الضَّمَانَ إلَيْهِ، ثُمَّ يَقْبِضُهُ مِنْهُ الْوَصِيُّ. وَعَنْ أَبِي نَصْرٍ الدَّبُوسِيِّ إذَا بَاعَ وَصِيُّ الْقَاضِي مِيرَاثًا لِلْيَتِيمِ وَقَبَضَ الثَّمَنَ وَصَرَفَهُ إلَى حَاجَةِ نَفْسِهِ، ثُمَّ إنَّ الْوَصِيَّ يُنْفِقُ عَلَى الْيَتِيمِ وَيُطْعِمُهُ مَعَ سَائِرِ عِيَالِهِ عَلَى قَدْرِ الدَّيْنِ لِلْيَتِيمِ عَلَيْهِ قَالَ هَذَا كَبِيرَةٌ لَا تَحِلُّ لَهُ اسْتَهْلَكَ مَالَ الْيَتِيمِ وَلَا يَسْقُطُ عَنْهُ الدَّيْنُ بِهَذَا الطَّعَامِ. وَعَنْ مُحَمَّدٍ إذَا أَخَذَ الْوَصِيُّ مَالَ الْيَتِيمِ وَأَنْفَقَهُ فِي حَاجَةِ نَفْسِهِ، ثُمَّ وَضَعَ مِثْلَ ذَلِكَ لِلْيَتِيمِ لَا يَبْرَأُ إلَّا أَنْ يَكْبُرَ الْيَتِيمُ فَيَدْفَعُ إلَيْهِ الْمَالَ. وَعَنْ ابْنِ مُقَاتِلٍ لَا يَجُوزُ لِلْوَصِيِّ أَنْ يَقْبِضَ ذَلِكَ مِنْ مَالِ الْيَتِيمِ فَإِذَا أَرَادَ أَنْ يَبْرَأَ اشْتَرَى لِلْيَتِيمِ مَا يَجُوزُ شِرَاؤُهُ لِلْيَتِيمِ، ثُمَّ يَقُولُ لِلشُّهُودِ كَانَ لِلْيَتِيمِ عَلَيَّ كَذَا فَإِنِّي أَنَا أَشْتَرِي هَذَا الْمَالَ لَهُ فَيَصِيرُ قِصَاصًا وَيَبْرَأُ مِنْ الدَّيْنِ، وَقَالَ بَعْضُهُمْ: لَا يَبْرَأُ حَتَّى يَحْضُرَ إلَى الْقَاضِي فَيُخْبِرَهُ بِمَا فَعَلَهُ فَيَضْمَنُهُ الْقَاضِي فَحِينَئِذٍ يَبْرَأُ فَإِنْ لَمْ يَجِدْ قَاضِيًا أَوْ يَخَافُ مِنْ الْقَاضِي عَلَى الْمَالِ فَحِينَئِذٍ يَشْتَرِي طَعَامًا أَوْ شَيْئًا لِلْيَتِيمِ مِنْ مَالِ نَفْسِهِ. رَجُلٌ أَوْصَى إلَى رَجُلَيْنِ أَنْ يَشْتَرِيَا لَهُ مِنْ ثُلُثِ مَالِهِ عَبْدًا بِكَذَا دِرْهَمًا وَلِأَحَدِ الْوَصِيَّيْنِ عَبْدٌ قِيمَتُهُ أَكْثَرُ مِمَّا سَمَّى الْمَيِّتُ الْمُوصِي فَأَرَادَ أَحَدُ الْوَصِيَّيْنِ أَنْ يَشْتَرِيَ هَذَا الْعَبْدَ بِمَا سَمَّى الْمُوصِي قَالَ أَبُو الْقَاسِمِ: إنْ كَانَ الْمُوصِي فَوَّضَ الْأَمْرَ إلَى كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا جَازَ شِرَاءُ هَذَا الْوَصِيِّ مِنْ صَاحِبِهِ وَإِنْ لَمْ يَفْعَلْ ذَلِكَ فَبَاعَ صَاحِبُ الْعَبْدِ عَبْدَهُ مِنْ أَجْنَبِيٍّ وَسَلَّمَهُ إلَيْهِ، ثُمَّ يَشْتَرِيَانِ جَمِيعًا لِلْمَيِّتِ فَهَذَا أَصْوَبُ. وَصِيٌّ بَاعَ مِنْ تَرِكَةِ الْمَيِّتِ لِإِنْفَاذِ وَصِيَّةِ الْمَيِّتِ فَجَحَدَ الْمُشْتَرِي الشِّرَاءَ فَحَلَّفَهُ الْوَصِيُّ فَحَلَفَ، وَالْوَصِيُّ يَعْلَمُ أَنَّهُ كَانَ كَاذِبًا فِي يَمِينِهِ فَإِنَّ الْقَاضِيَ يَقُولُ لِلْوَصِيِّ إنْ كُنْتَ صَادِقًا فَقَدْ فَسَخْتُ الْبَيْعَ بَيْنَكُمَا فَيَجُوزُ ذَلِكَ وَإِنْ كَانَ تَعْلِيقًا بِالْخَطَرِ، وَإِنَّمَا يَحْتَاجُ إلَى فَسْخِ الْحَاكِمِ؛ لِأَنَّ الْوَصِيَّ لَوْ عَزَمَ عَلَى تَرْكِ الْخُصُومَةِ كَانَ فَسْخُهَا بِمَنْزِلَةِ الْإِقَالَةِ فَيَلْزَمُ الْوَصِيَّ كَمَا لَوْ تَقَايَلَا حَقِيقَةً وَإِذَا فَسَخَ الْقَاضِي لَمْ تَكُنْ إقَالَةً فَلَا يَلْزَمُ الْوَصِيَّ. امْرَأَةٌ قَالَتْ لِزَوْجِهَا فِي مَرَضِ مَوْتِهِ: إلَى مَنْ تُسَلِّمُ أَوْلَادِي فَقَالَ الزَّوْجُ إلَيْكِ وَأُسَلِّمُكِ إلَى اللَّهِ تَعَالَى قَالَ نُصَيْرٌ تَصِيرُ الْمَرْأَةُ وَصِيًّا لِلْأَوْلَادِ. وَصِيٌّ شَهِدَ عِنْدَهُ عَدْلَانِ لِهَذَا الرَّجُلِ عَلَى الْمَيِّتِ أَلْفُ دِرْهَمٍ حُكِيَ عَنْ أَبِي سُلَيْمَانَ الْجُرْجَانِيِّ أَنَّهُ قَالَ يَسَعُ الْوَصِيَّ أَنْ يَدْفَعَ إلَيْهِ الْمَالَ وَإِنْ خَافَ الْوَصِيُّ الضَّمَانَ عَلَى نَفْسِهِ وَسِعَهُ أَنْ لَا يُعْطِيَهُ قِيلَ إنْ كَانَ مَالُ الْمُدَّعِي جَارِيَةً بِعَيْنِهَا يَعْلَمُ الْوَصِيُّ أَنَّهَا لِلْمُدَّعِي، وَإِنَّ الْمَيِّتَ كَانَ غَصَبَهَا مِنْهُ فَإِنَّ الْوَصِيَّ يَدْفَعُهَا إلَى الْمَغْصُوبِ مِنْهُ؛ لِأَنَّهُ لَوْ مَنَعَ يَصِيرُ غَاصِبًا ضَامِنًا مِنْ قَاضِي خَانْ. الْوَارِثُ إذَا تَصَدَّقَ بِالثُّلُثِ الْمُوصَى بِهِ لِلْفُقَرَاءِ وَهُنَاكَ وَصِيٌّ لَمْ يَجُزْ أَنْ يَأْخُذَ الْوَصِيُّ الثُّلُثَ مَرَّةً أُخْرَى وَيَتَصَدَّقُ بِهِ كَمَا فِي الْقُنْيَةِ ذَكَرَهُ فِي الْأَشْبَاهِ. لَوْ اتَّخَذَ أَحَدُ الْوَرَثَةِ دَعْوَةً مِنْ التَّرِكَةِ حَالَ غَيْبَةِ الْآخَرِينَ وَأَكَلَهُ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 412 النَّاسُ، ثُمَّ قَدِمَ الْبَاقُونَ وَأَجَازُوا مَا صَنَعَ، ثُمَّ أَرَادُوا ضَمَانَ مَا أَتْلَفَ لَهُمْ ذَلِكَ أَلَا تَرَى أَنَّ مَنْ أَتْلَفَ مَالَ إنْسَانٍ، ثُمَّ قَالَ الْمَالِكُ رَضِيتُ بِمَا صَنَعْتَ أَوْ أَجَزْتُ مَا صَنَعْتَ لَا يَبْرَأُ مِنْهُ. أَحَدُ وَرَثَةِ الْمَيِّتِ إذَا اسْتَوْفَى مِنْ الْمَدْيُونِ حِصَّتَهُ وَهَلَكَ فِي يَدِهِ فَلِلْوَرَثَةِ الْآخَرِينَ أَنْ يَضْمَنُوهُ وَحِصَّتُهُمْ؛ لِأَنَّ لَهُمْ حَقَّ الْمُشَارَكَةِ مَعَهُ قِيلَ إذْ لَيْسَ الْقَبْضُ بِإِذْنِ الشَّرْعِ قُلْنَا لَا يَضْمَنُ بِالْقَبْضِ، وَإِنَّمَا يَضْمَنُ بِالِاسْتِهْلَاكِ كَذَا قَالَ الْقَاعِدِيُّ وَفِيهِ نَظَرٌ؛ لِأَنَّهُ قَالَ فِي الْوَضْعِ هَلَكَ وَلَمْ يَقُلْ اسْتَهْلَكَ فَلَا يَصِحُّ الْجَوَابُ مِنْ أَوَائِلِ كِتَابِ الدَّعْوَى مِنْ الْبَزَّازِيَّةِ. وَفِي الْخُلَاصَةِ مَدْيُونُ الْمَيِّتِ إذَا دَفَعَ الدَّيْنَ إلَى وَصِيِّ الْمَيِّتِ يَبْرَأُ وَلَوْ دَفَعَ إلَى بَعْضِ وَرَثَةِ الْمَيِّتِ يَبْرَأُ بِحِصَّتِهِ انْتَهَى. أَوْصَى إلَى وَارِثِهِ أَنْ يَصْرِفَ ثُلُثَ مَالِهِ إلَى الْمَسَاكِينِ وَأَمْوَالُهُ عَقَارٌ فَلَهُ أَنْ يَدْفَعَ الْقِيمَةَ مِنْ مَالِ نَفْسِهِ وَيَسْتَبْقِي الْأَعْيَانَ لِنَفْسِهِ وَلَوْ أَوْصَى بِمِائَةٍ لِرَجُلٍ بِعَيْنِهِ فَبَاعَهُ الْوَصِيُّ شَيْئًا مِنْ مَالِ الْيَتِيمِ بِمِائَةٍ أَوْ صَالَحَهُ عَلَى ثَوْبٍ قَلِيلِ الْقِيمَةِ أَوْ مِثْلِهَا جَازَ وَلَوْ حَطَّ الْمُوصِي بِهِ الْبَعْضَ وَأَخَذَ الْبَعْضَ جَازَ وَلَوْ كَانَتْ الْوَصِيَّةُ لِلْمَسَاكِينِ بِمِائَةٍ فَصَالَحَ الْوَصِيَّ ثَلَاثَةٌ مِنْهُمْ بِعَشَرَةٍ لَمْ يَجُزْ قِيَاسًا وَلَهُ أَنْ يَسْتَرِدَّ الْعَشَرَةَ. وَفِي الِاسْتِحْسَانِ يَجُوزُ لَهُمْ الْعَشَرَةُ وَيُؤَدِّي لَهُمْ الْوَصِيُّ تِسْعِينَ إلَى الْمَسَاكِينِ وَلَوْ صَالَحَهُمْ عَلَى ثَوْبٍ قَلِيلِ الْقِيمَةِ لَمْ يَجُزْ وَلَهُ أَنْ يَأْخُذَ الثَّوْبَ مِنْهُمْ. أَوْصَتْ بِثُلُثِ مَالِهَا إلَى مَصَارِفَ مُعَيَّنَةٍ وَنَصَّبَتْ وَصِيًّا وَمَاتَتْ وَوَارِثُهَا غَائِبٌ فَلَيْسَ لِلْوَصِيِّ أَنْ يُخْرِجَ الثُّلُثَ إلَى مَصَارِفِهِ إلَّا فِي الْمَكِيلِ، وَالْمَوْزُونِ مِنْ الْقُنْيَةِ. أَوْصَى إلَى مَسَاكِينِ الْكُوفَةِ فَصَرَفَهُ الْوَصِيُّ إلَى غَيْرِهِمْ يَضْمَنُ كَذَا فِي الْبَزَّازِيَّةِ ذَكَره فِي مُشْتَمِلِ الْهِدَايَةِ. الْأَبُ إذَا كَانَ مُحْتَاجًا لَا بَأْسَ أَنْ يَأْكُلَ مِنْ مَالِ الصَّغِيرِ عَلَى قَدْرِ حَاجَتِهِ لَا يَكُونُ مَضْمُونًا، وَالْوَصِيُّ لَيْسَ لَهُ ذَلِكَ وَإِنْ كَانَ مُحْتَاجًا إلَّا إذَا كَانَتْ لَهُ أُجْرَةٌ فِي ذَلِكَ فَيَأْكُلُ قَدْرَ أُجْرَتِهِ مِنْ الْفُصُولَيْنِ. الْقَاضِي إذَا نَصَّبَ وَصِيًّا فِي تَرِكَةِ أَيْتَامٍ، وَالتَّرِكَةُ لَيْسَتْ فِي وِلَايَتِهِ أَوْ كَانَتْ التَّرِكَةُ فِي وِلَايَتِهِ، وَالْأَيْتَامُ لَمْ يَكُونُوا فِي وِلَايَتِهِ أَوْ كَانَ بَعْضُ التَّرِكَةِ فِي وِلَايَتِهِ، وَالْبَعْضُ لَمْ يَكُنْ فِي وِلَايَتِهِ قَالَ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ الْحَلْوَانِيُّ يَصِحُّ النَّصْبُ عَلَى كُلِّ حَالٍ وَيَصِيرُ الْوَصِيُّ وَصِيًّا فِي جَمِيعِ التَّرِكَةِ أَيْنَمَا كَانَتْ التَّرِكَةُ وَلَا يُشْتَرَطُ كَوْنُ التَّرِكَةِ فِي وِلَايَتِهِ وَكَانَ رُكْنُ الْإِسْلَامِ السُّغْدِيُّ يَقُولُ مَا كَانَ أَبْنَاءُ التَّرِكَةِ فِي وِلَايَتِهِ يَصِيرُ وَصِيًّا فِيهِ وَمَا لَا فَلَا وَقِيلَ يُشْتَرَطُ لِصِحَّةِ النَّصْبِ كَوْنُ الْيَتِيمِ فِي وِلَايَتِهِ وَلَا يُشْتَرَطُ كَوْنُ التَّرِكَةِ فِي وِلَايَتِهِ قَالَ وَرَأَيْتُ بَعْضَ الْمَشَايِخِ - رَحِمَهُمُ اللَّهُ - يَقُولُ إنَّ الْقَاضِيَ إذَا نَصَّبَ وَصِيًّا فِي تَرِكَةٍ لَيْسَتْ فِي وِلَايَتِهِ لَا يَجُوزُ وَهُوَ فَتْوَى مَشَايِخِ مَرْوَ. الْغَرِيمُ إذَا أَثْبَتَ الدَّيْنَ عَلَى أَحَدِ الْوَرَثَةِ يَبِيعُ الْحَاضِرُ نَصِيبَهُ وَيَقْضِي بِالْحِصَّةِ وَلَيْسَ لَهُ وِلَايَةٌ بِبَيْعِ نَصِيبِ غَيْرِهِ لِيَقْضِيَ الدَّيْنَ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ مِلْكُ الْوَارِثِ الْآخَرِ. ادَّعَى عَلَى الْمَيِّتِ دَيْنًا، وَالْوَرَثَةُ الْكِبَارُ غُيَّبٌ، وَالصَّبِيُّ حَاضِرٌ يُنَصِّبُ الْقَاضِي عَنْ الصَّغِيرِ وَكِيلًا يُدَّعَى عَلَيْهِ وَإِذَا قَضَى عَلَى الْوَكِيلِ يَكُونُ قَضَاءً عَلَى جَمِيعِ الْوَرَثَةِ غَيْرَ أَنَّ الْغَرِيمَ يَسْتَوْفِي دَيْنَهُ مِنْ نَصِيبِ الْحَاضِرِ إذَا لَمْ يَقْدِرْ عَلَى نَصِيبِ الْكِبَارِ فَإِذَا حَضَرَ الْكِبَارُ يَرْجِعُ بِذَلِكَ عَلَيْهِمْ؛ لِأَنَّ الدَّيْنَ مُقَدَّمٌ عَلَى الْمِيرَاثِ وَإِذَا كَانَ عَلَى الْمَيِّتِ دَيْنٌ فَرَهَنَ الْوَصِيُّ بَعْضَ التَّرِكَةِ عِنْدَ بَعْضِ الْغُرَمَاءِ وَأَنْفَقَ عَلَى الصَّغِيرِ لَا يَرْجِعُ عَلَيْهِ بَعْدَ الْبُلُوغِ. رَجُلٌ اسْتَبَاعَ مَالَ الْيَتِيمِ مِنْ الْوَصِيِّ بِأَلْفٍ وَآخَرُ بِأَلْفٍ وَمِائَةٍ وَلَكِنَّ الْأَوَّلَ أَمْلَأَ مِنْ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 413 الثَّانِي بِبَيْعِهِ مِنْ الْأَوَّلِ وَكَذَلِكَ اسْتَأْجَرَ رَجُلٌ مَالَ الْيَتِيمِ بِثَمَانِيَةٍ، وَالْآخَرُ يَسْتَأْجِرُ بِعَشَرَةٍ، وَالْأَوَّلُ أَمْلَأُ يُؤَجَّرُ مِنْ الْأَوَّلِ. إذَا كَانَ لِلصَّغِيرِ دَيْنٌ فَصَالَحَ أَبُوهُ أَوْ وَصِيُّهُ عَلَى بَعْضٍ وَحَطَّ عَنْهُ إنْ كَانَ الدَّيْنُ وَجَبَ بِمَقَالَةِ الْأَبِ أَوْ الْوَصِيِّ يَصِحُّ الْحَطُّ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ وَيَضْمَنُ كَالْوَكِيلِ إذَا أَبْرَأَ الثَّمَنَ عَلَى الْمُشْتَرِي وَإِنْ لَمْ يَكُنْ بِمَقَالَتِهِ لَا يَصِحُّ؛ لِأَنَّهُ مُتَبَرِّعٌ، وَالْقَاضِي إذَا أَخَّرَ دَيْنَ الْيَتِيمِ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ الْوَصِيُّ تَوَلَّى الْعَقْدَ لَا يَجُوزُ تَأْخِيرُهُ وَإِنْ كَانَ قَدْ تَوَلَّاهُ يَجُوزُ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَيَضْمَنُ. الْوَصِيُّ إذَا بَاعَ شَيْئًا بِأَكْثَرَ مِنْ قِيمَتِهِ، ثُمَّ أَقَالَ الْبَيْعَ لَا يَصِحُّ. إذَا اشْتَرَى الْوَصِيُّ شَيْئًا لِلصَّغِيرِ، ثُمَّ قَالَ يُنْظَرُ إنْ كَانَ يَنْظُرُ لِلْيَتِيمِ جَازَ وَإِلَّا فَلَا. رَجُلٌ أَمَرَ بِأَنْ يَتَصَدَّقَ بِأَلْفِ دِرْهَمٍ فَتَصَدَّقَ الْوَصِيُّ بِقِيمَتِهَا مِنْ الدَّنَانِيرِ لَيْسَ لَهُ ذَلِكَ وَكَذَا لَوْ أَوْصَى أَنَّ يَتَصَدَّقَ عَنْهُ بِهَذَا الثَّوْبِ لَيْسَ لِلْوَصِيِّ أَنْ يَمْسِكَهُ لِلْوَرَثَةِ وَيَتَصَدَّقَ بِقِيمَتِهِ وَلَوْ أَوْصَى بِهَذَا الثَّوْبِ كَانَ لِلْوَصِيِّ أَنْ يَبِيعَهُ وَيَتَصَدَّقَ بِثَمَنِهِ كَذَا فِي مُشْتَمِلِ الْهِدَايَةِ نَقْلًا عَنْ الْفُصُولِ الْعِمَادِيَّةِ. لَا يَصِيرُ الْأَبُ غَاصِبًا بِأَخْذِ مَالِ وَلَدِهِ وَلَهُ أَخْذُهُ بِغَيْرِ شَيْءٍ لَوْ مُحْتَاجًا وَإِلَّا فَلَهُ أَخْذُهُ لِحِفْظِهِ فَلَا يَضْمَنُ إلَّا إذَا أَتْلَفَهُ بِلَا حَاجَةٍ لَوْ كَانَ الْأَبُ فِي فَلَاةٍ وَلَهُ مَالٌ فَاحْتَاجَ إلَى طَعَامِ وَلَدِهِ أَكَلَهُ بِقِيمَتِهِ لِقَوْلِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - «الْأَبُ أَحَقُّ بِمَالِ وَلَدِهِ إذَا احْتَاجَ إلَيْهِ بِالْمَعْرُوفِ» وَلَهُ أَنْ يَتَنَاوَلَهُ بِغَيْرِ شَيْءٍ لَوْ فَقِيرًا وَإِلَّا فَبِقِيمَتِهِ. لَا يَنْبَغِي لِلْقَاضِي أَنْ يَبِيعَ عَقَارَ الْمَفْقُودِ وَلَا مَا لَا يَفْسُدُ سَرِيعًا لَا فِي النَّفَقَةِ وَلَا فِي غَيْرِهَا وَلَهُ بَيْعُ سَرِيعِ الْفَسَادِ وَصَرْفُ ثَمَنِهِ إلَى نَفَقَةِ الْأَقَارِبِ وَأَمَّا بَيْعُهُمْ لِنَفَقَتِهِمْ فَأَجْمَعُوا عَلَى الْمَنْعِ فِي عَقَارِهِ وَلَوْ مَنْقُولًا غَيْرَ جِنْسِ حَقِّهِمْ أَجْمَعُوا عَلَى مَنْعِ غَيْرِ الْأَبِ وَصَحَّ لِلْأَبِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ بَيْعُ مَنْقُولِ ابْنِهِ الْكَبِيرِ الْغَائِبِ لِلنَّفَقَةِ لَا عِنْدَهُمَا، وَالْأُمُّ كَسَائِرِ الْأَقَارِبِ فِي هَذَا وَأَجْمَعُوا عَلَى أَنَّ لِلْأَبِ بَيْعَ عَقَارِ الصَّغِيرِ فِي نَفَقَةِ نَفْسِهِ وَذَكَرَ فِي شَرْحِ الطَّحَاوِيِّ أَنَّ بَيْعَ الزِّيَادَةِ عَلَى النَّفَقَةِ مِنْ مَنْقُولِ ابْنِهِ الْكَبِيرِ الْغَائِبِ لَا يَجُوزُ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ أَيْضًا، وَالْأَبُ يَمْلِكُ بَيْعَهُ لِدَيْنٍ سِوَى النَّفَقَةِ كَذَا فِي الْفُصُولَيْنِ. وَفِي الْهِدَايَةِ مِنْ النَّفَقَاتِ لَا يَمْلِكُ الْأَبُ الْبَيْعَ فِي دَيْنٍ لَهُ سِوَى النَّفَقَةِ وَكَذَا الْأُمُّ لَا تَمْلِكُهُ فِي النَّفَقَةِ وَلَا وِلَايَةَ لِغَيْرِ الْأَبِ مِنْ الْأَقَارِبِ أَصْلًا فِي التَّصَرُّفِ فِي حَالَةِ الصِّغَرِ وَلَا فِي مَالِهِ لِلْحِفْظِ حَالَةَ الْكِبَرِ وَإِنْ كَانَ لِلِابْنِ الْغَائِبِ مَالٌ فِي يَدِ أَبَوَيْهِ وَأَنْفَقَا مِنْهُ لَمْ يَضْمَنَا وَإِنْ كَانَ فِي يَدِ أَجْنَبِيٍّ فَأَنْفَقَ عَلَيْهِمَا بِغَيْرِ إذْنِ الْقَاضِي ضَمِنَ وَإِذَا ضَمِنَ لَا يَرْجِعُ عَلَى الْقَابِضِ انْتَهَى. وَصِيُّ الْمَيِّتِ إذَا أَرَادَ قَضَاءَ دُيُونِ الْمَيِّتِ مِنْ التَّرِكَةِ وَيَخَافُ أَنْ يَظْهَرَ غَرِيمٌ آخَرُ فَيَضْمَنُ نَصِيبَهُ فَإِنَّ التَّرِكَةَ إذَا كَانَتْ مِنْ جِنْسِ حَقِّ الْغَرِيمِ الَّذِي يَظْهَرُ يَضْمَنُ قَدْرَ مَا يُصِيبُ هَذَا الْغَرِيمَ الَّذِي يَظْهَرُ وَلَوْ كَانَتْ التَّرِكَةُ عُرُوضًا وَبَاعَ الْوَصِيُّ مِنْ الْأَجْنَبِيِّ وَأَخَذَ الثَّمَنَ وَأَخَذَ دَيْنَ الْغُرَمَاءِ كَذَلِكَ يَكُونُ فَالْحِيلَةُ فِي ذَلِكَ أَنْ يَبِيعَ مِنْ الْغُرَمَاءِ شَيْئًا مِنْ التَّرِكَةِ بِدُيُونِهِمْ إذَا كَانَتْ التَّرِكَةُ عُرُوضًا حَتَّى لَوْ ظَهَرَ غَرِيمٌ آخَرُ لَا يَضْمَنُ الْوَصِيُّ لِلْوَارِثِ أَنْ يُخَاصِمَ غُرَمَاءَ الْمَيِّتِ بِالدَّيْنِ إذَا كَانَ لِلْمَيِّتِ عَلَيْهِ دَيْنٌ سَوَاءٌ كَانَ عَلَى الْمَيِّتِ دَيْنٌ أَوْ لَمْ يَكُنْ وَهَلْ لَهُ أَنْ يَقْبِضَ يَنْظُرُ إنْ لَمْ يَكُنْ عَلَى الْمَيِّتِ دَيْنٌ يَقْبِضُ سَوَاءٌ كَانَ لِلْمَيِّتِ وَصِيٌّ أَوْ لَمْ يَكُنْ وَإِنْ كَانَ عَلَى الْمَيِّتِ دَيْنٌ يُخَاصِمُ وَلَا يَقْبِضُ بَلْ يَقْبِضُ الْوَصِيُّ وَإِذَا أَدَّى مَدْيُونُ الْمَيِّتِ إلَى وَصِيِّ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 414 الْمَيِّتِ يَبْرَأُ أَصْلًا وَلَوْ لَمْ يَكُنْ وَصِيٌّ فَدَفَعَ إلَى بَعْضِ الْوَرَثَةِ يَبْرَأُ عَنْ نَصِيبِهِ خَاصَّةً رَوَى هِشَامٌ عَنْ مُحَمَّدٍ أَنَّهُ قَالَ قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَأَبُو يُوسُفَ مَنْ مَاتَ وَلَهُ غُلَامٌ قَدْ كَاتَبَهُ عَلَى أَلْفِ دِرْهَمٍ وَعَلَى الْمَيِّتِ دَيْنٌ أَلْفٌ فَقَضَى الْمُكَاتَبُ لِلْغَرِيمِ قَضَاءَ عُمَّالِهِ عَلَى مَوْلَاهُ بِغَيْرِ أَمْرِ الْوَصِيِّ فَفِي الْقِيَاسِ بَاطِلٌ، وَإِنَّ لَا يُعْتَقَ الْمُكَاتَبُ حَتَّى يَعْتِقَهُ الْقَاضِي لَكِنَّا نَدَعُ الْقِيَاسَ وَيُعْتَقُ الْمُكَاتَبُ بِأَدَاءِ الْمَالِ لِلْغَرِيمِ. الْوَارِثُ لَا يَمْلِكُ بَيْعَ التَّرِكَةِ الْمَشْغُولَةِ بِالدَّيْنِ الْمُحِيطِ إلَّا بِرِضَا الْغُرَمَاءِ حَتَّى لَوْ بَاعَ لَا يَنْفُذُ وَكَذَا الْمَوْلَى لَوْ حَجَرَ عَلَى الْعَبْدِ الْمَأْذُونِ وَعَلَيْهِ دَيْنٌ مُحِيطٌ لَيْسَ لَلْمَوْلَى أَنْ يَبِيعَ هَذَا الْعَبْدَ وَلَا مَا فِي يَدِهِ إنَّمَا يَبِيعُهُ الْقَاضِي الْوَارِثَ فِي التَّرِكَةِ الْمُسْتَغْرَقَةِ بِالدَّيْنِ لَوْ قَضَى لِلْغُرَمَاءِ الدَّيْنَ فَإِذَا قَضَى مِنْ مَالٍ آخَرَ لَا يَصِيرُ مُتَبَرِّعًا بَلْ تَصِيرُ التَّرِكَةُ مَشْغُولَةً بِدَيْنِهِ لَا يَمْلِكُهَا الْوَارِثُ مِنْ الصُّغْرَى. وَإِذَا بَاعَ الْوَصِيُّ عَبْدًا مِنْ التَّرِكَةِ بِغَيْرِ مَحْضَرٍ مِنْ الْغُرَمَاءِ فَهُوَ جَائِزٌ؛ لِأَنَّهُ قَائِمٌ مَقَامَ الْمُوصَى وَلَوْ تَوَلَّى حَيًّا بِنَفْسِهِ يَجُوزُ بَيْعُهُ بِغَيْرِ مَحْضَرٍ مِنْ الْغُرَمَاءِ وَإِنْ كَانَ فِي مَرَضِ مَوْتِهِ فَكَذَا إذَا تَوَلَّاهُ مَنْ قَامَ مَقَامَهُ كَمَا فِي الْهِدَايَةِ. وَفِي الْوَجِيزِ عَنْ الْمُنْتَقَى لِلْوَصِيِّ أَنْ يَتَصَرَّفَ فِي مَالِ الْمَيِّتِ بِدُونِ رِضَا الْغُرَمَاءِ انْتَهَى. إذَا كَانَ لِلْمَيِّتِ وَدِيعَةٌ عِنْدَ رَجُلٍ فَأَمَرَ الْوَصِيُّ الْمُودَعَ أَنْ يُقْرِضَهَا أَوْ يَهَبَهَا أَوْ يُسَلِّفَهَا فَفَعَلَ الْمُودِعُ ذَلِكَ فَالضَّمَانُ عَلَى الْمُودِعِ وَلَمْ يَكُنْ عَلَى الْوَصِيِّ ضَمَانٌ كَذَا فِي الْعِمَادِيَّةِ ذَكَرَهُ فِي مُشْتَمِلِ الْهِدَايَةِ. وَفِي الْفُصُولَيْنِ إذَا غَابَ الْوَصِيُّ فَبَاعَ بَعْضُ الْوَرَثَةِ بَعْضَ تَرِكَتِهِ بِدَيْنِ مُوَرِّثِهِ أَوْ وَصَايَاهُ فَسَدَ الْبَيْعُ لَا لَوْ أَمَرَ الْقَاضِي وَهَذَا لَوْ مُسْتَغْرِقَةً وَإِلَّا نَفَذَ تَصَرُّفُهُ فِي حِصَّتِهِ إلَّا أَنْ يَكُونَ الْمَبِيعُ بَيْتًا مُعَيَّنًا مِنْ الدَّارِ وَمَا أَشْبَهَهُ وَلَوْ أَخَذَ بَعْضُهُمْ عَيْنًا مِنْ التَّرِكَةِ لِيَقْضِيَ مِنْ مَالِهِ دَيْنًا عَلَى مُوَرِّثِهِ وَرَضِيَ بِهِ الْبَاقُونَ لَمْ يَجُزْ إلَّا بِرِضَا غُرَمَائِهِ لَوْ دَيْنُهُ مُسْتَغْرِقًا وَإِلَّا جَازَ وَيَكُونُ مِنْ بَاقِيهِمْ بَيْعًا لِأَنْصِبَائِهِمْ انْتَهَى. إقْرَارُ الْوَصِيِّ عَلَى الْمَيِّتِ بِدَيْنٍ أَوْ عَيْنٍ أَوْ وَصِيَّةٍ بَاطِلٌ. صُلْحُ الْوَصِيِّ مَعَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ عَلَى أَقَلَّ مِنْ الْحَقِّ لَمْ يَجُزْ لَوْ مَقْضِيًّا عَلَيْهِ أَوْ مُقِرًّا بِهِ أَوْ لَهُ عَلَيْهِ بَيِّنَةٌ وَإِلَّا جَازَ وَجَازَ صُلْحُهُ مَعَ الْمُدَّعِي لَوْ لَهُ بَيِّنَةٌ أَوْ عَلِمَ الْقَاضِي وَلَمْ يُفْحِشْ الْغَبَنَ وَإِلَّا لَا. لَوْ لَهُ دَيْنٌ ثَابِتٌ فَصَالَحَ أَبُوهُ أَوْ وَصِيُّهُ صَحَّ لَوْ بِيَسِيرِ الْغَبَنِ لَا بِفَاحِشِهِ وَلَوْ كَانَتْ الْوَرَثَةُ صِغَارًا وَكِبَارًا وَدَعْوَاهُمْ فِي دَارٍ وَصَالَحَ وَصِيُّهُمْ بِيَسِيرِ الْغَبْنِ جَازَ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ فِي نَصِيبِ الْكُلِّ وَقَالَا لَا يَجُوزُ إلَّا فِي نَصِيبِ الصِّغَارِ وَلَوْ كُلُّهُمْ كِبَارًا لَمْ يَجُزْ صُلْحُهُ إلَّا إذَا كَانُوا غُيَّبًا صَحَّ فِي الْعُرُوضِ لَا فِي الْعَقَارِ وَلَوْ كُلُّهُمْ صِغَارًا فَادَّعَى رَجُلٌ فِي دَرَاهِمِ وَصَالَحَهُ الْوَصِيُّ عَلَى مَالٍ جَازَ بِيَسِيرِ الْغَبْنِ لَوْ لَهُ بَيِّنَةٌ وَإِلَّا لَا وَلَمْ يَذْكُرْ فِيهِ أَنَّ الْبَيِّنَةَ قَامَتْ عِنْدَ الْقَاضِي أَوْ عِنْدَ الْوَصِيِّ فَلَوْ قَامَتْ عِنْدَ الْقَاضِي فَلَا مِرْيَةَ فِي صِحَّةِ صُلْحِهِ وَلَوْ عِنْدَ الْوَصِيِّ خَاصَّةً اُخْتُلِفَ فِيهِ. وَعَنْ شَدَّادٍ لَوْ ادَّعَى عَلَى الْمَيِّتِ دَيْنًا وَعَرَفَهُ الْقَاضِي بِإِقْرَارِ الْمَيِّتِ أَوْ بِشَهَادَةٍ كَانَ لَهُ أَنْ يَقْضِيَ دَيْنَهُ وَعَنْ خَلَفٍ لَوْ ثَبَتَ عَنْهُ بِإِقْرَارِهِ فَإِنَّهُ يَقْضِي لَا لَوْ بِشَهَادَةٍ. وَعَنْ ابْنِ أَبَانَ لَا يَقْضِي فِي الْوَجْهَيْنِ فَكَذَا هُنَا يَخْرُجُ عَلَى هَذَا الِاخْتِلَافِ بِحَسَبِ الْإِقْرَارِ عِنْدَ الْوَصِيِّ أَوْ الشَّهَادَةِ وَيُؤَيِّدُ قَوْلَ خَلَفٍ مَا ذُكِرَ أَنَّ رَجُلًا إذَا أَقَرَّ عِنْدَ رَجُلٍ إنِّي قَدْ أَخَذْتُ مِنْ أَبِيكَ شَيْئًا فَلِابْنِهِ أَخْذُ ذَلِكَ الشَّيْءِ كَمَا لَوْ عَايَنَ وَلَوْ شَهِدُوا عِنْدَهُ أَنَّهُ قَدْ أَخَذَهُ مِنْ أَبِيكَ لَيْسَ لَهُ أَخْذُهُ مَا لَمْ يَقْضِ الْقَاضِي وَكَذَا لَوْ عَايَنَ الْوَلِيُّ قَتَلَ رَجُلٌ مُوَرِّثَهُ حَلَّ لَهُ قَتْلُهُ لَا لَوْ شَهِدُوا الجزء: 1 ¦ الصفحة: 415 عِنْدَهُ مَا لَمْ يَحْكُمْ بِهِ الْحَاكِمُ كَذَا هَذَا وَلَمْ يَجُزْ صُلْحُ الْأُمِّ عَلَى الصَّبِيِّ وَكَذَا صُلْحُ الْأَخِ، وَالْعَمِّ وَوَصِيُّ أُمٍّ وَأَخٍ وَعَمٍّ لَمْ يَجُزْ إلَّا فِي الْمَنْقُولِ إذْ لَهُمْ وِلَايَةُ الْحِفْظِ وَيَحْتَاجُ إلَيْهِ الْمَنْقُولُ لَا الْعَقَارُ وَأَمَّا أَبُ الْأَبِ فَلَا وِلَايَةَ لَهُ مَا دَامَ الْأَبُ حَيًّا فَبِمَوْتِهِ يَحُول إلَيْهِ لَوْ لَمْ يَكُنْ لِلْأَبِ وَصِيٌّ فَيَصِحّ صُلْحُهُ كَأَبٍ وَلَوْ احْتَالَ الْوَصِيّ بِمَا لَهُ صَحَّ وَلَوْ أَمْلَأ لَا لَوْ مِثْله هَذَا إذَا وَجَبَ بِمُدَايِنَةِ الْمَيِّت فَلَوْ وَجَبَ بِمُدَايِنَةِ الْوَصِيّ جَازَ الِاحْتِيَال وَلَوْ لَمْ يَكُنْ أَمْلَأ مِنْ الْأَوَّل وَلَوْ كَانَ أَفْلَسَ صَحَّ احْتِيَالُهُ إذَا تَوَلَّى الْعِقْد وَيَضْمَن عِنْد أَبِي حَنِيفَةَ وَأُمًّا إقَالَته فَتَصِحّ؛ لِأَنَّهَا كَشِرَاءٍ وَفِي فَوَائِد صَاحِب الْمُحِيطِ شَرَى لَهُ وَصِيّه، ثُمَّ أَقَالَ صَحَّ لَوْ نَظَّرَا لَهُ وَإِلَّا فَلَا وَلَا رِوَايَة فِيهِ، وَالرِّوَايَةُ أَنَّ الْأَب لَوْ أَقَالَ الْبَيْع صَحَّ لَوْ خَيْرًا إذْ الْإِقَالَةُ نَوْعُ تِجَارَةٍ، وَالْأَبُ يَمْلِكُهُ. هَذِهِ الْجُمْلَةُ مِنْ الْفُصُولَيْنِ. لَوْ بَاعَ الْوَصِيُّ رَقِيقَ الْمَيِّتِ الْمَدْيُونِ لِلْغُرَمَاءِ وَقَبَضَ الثَّمَنَ فَضَاعَ عِنْدَهُ أَوْ مَاتَ الْمَبِيعُ فِي يَدِهِ فَالْمُشْتَرِي يَرْجِعُ بِالثَّمَنِ عَلَى الْوَصِيِّ وَيَرْجِعُ الْوَصِيُّ بِهِ عَلَى الْغُرَمَاءِ وَلَوْ اسْتَحَقَّ الْعَبْدَ وَرَجَعَ الْمُشْتَرِي بِالثَّمَنِ عَلَى الْوَصِيِّ لَمْ يَرْجِعْ الْوَصِيُّ بِالثَّمَنِ عَلَى الْغُرَمَاءِ إلَّا أَنْ يَكُونَ الْغُرَمَاءُ أَمَرُوهُ بِالْبَيْعِ بِأَنْ قَالُوا: بِعْ عَبْدَ فُلَانٍ هَذَا فَإِنَّهُ يَرْجِعُ بِالثَّمَنِ عَلَيْهِمْ إلَّا أَنْ يَكُونَ الثَّمَنُ أَكْثَرَ مِنْ دَيْنِهِمْ فَلَا يَرْجِعُ بِالزِّيَادَةِ عَنْ دَيْنِهِمْ وَكَذَلِكَ لَوْ قَالَ الْغُرَمَاءُ: بِعْ رَقِيقَ الْمَيِّتِ وَاقْضِ دَيْنَنَا لَمْ يَرْجِعْ بِالثَّمَنِ عَلَيْهِمْ، وَالْوَرَثَةُ الْكِبَارُ كَالْغُرَمَاءِ فِي ذَلِكَ فِيمَا إذَا بَاعَ الْوَصِيُّ الْقِنَّ وَلَا دَيْنَ فِي التَّرِكَةِ وَإِنْ كَانُوا صِغَارًا لَمْ يَرْجِعْ عَلَيْهِمْ فِي الِاسْتِحْقَاقِ بِالثَّمَنِ مِنْ الْوَجِيزِ قَالَ فِي الْفُصُولَيْنِ أَمَرُوهُ بِبَيْعِهِ أَوْ لَمْ يَأْمُرُوهُ وَلَوْ بَاعَهُ الْقَاضِي لِلْغُرَمَاءِ فَضَاعَ ثَمَنُهُ، ثُمَّ اُسْتُحِقَّ رَجَعَ بِثَمَنِهِ عَلَى الْغُرَمَاءِ وَلَوْ لَمْ يَأْمُرُوا الْقَاضِيَ؛ لِأَنَّهُ إذَا بَاعَ لِلْغُرَمَاءِ فَكَأَنَّ الْغُرَمَاءَ وَلُوا الْبَيْعَ بِأَنْفُسِهِمْ وَفِيهِ مَاتَ وَلَمْ يَتْرُكْ إلَّا قِنًّا فَبَاعَ وَصِيُّهُ بِلَا أَمْرِ الْقَاضِي، ثُمَّ اُسْتُحِقَّ وَضَاعَ ثَمَنُهُ قَالَ مُحَمَّدٌ لَا يَرْجِعُ عَلَى الْغَرِيمِ إلَّا إذَا قَالَ لَهُ الْغَرِيمُ بِعْهُ وَاقْضِ. وَلَوْ كَانَا غَرِيمَيْنِ أَحَدُهُمَا غَائِبٌ فَحَضَرَ الْحَاضِرُ فَبَاعَهُ الْوَصِيُّ رَجَعَ بِثَمَنِهِ عَلَيْهِمَا لِبَيْعِهِ لَهُمَا وَفِيهِ لَوْ بَاعَ وَصِيُّهُ قِنَّهُ بِأَمْرِ الْغُرَمَاءِ وَلَا مَالَ سِوَاهُ وَطَلَبُوا دَيْنَهُمْ وَاسْتَعْدَوْا عَلَى الْوَصِيِّ وَقَضَاهُمْ الثَّمَنَ مِنْ دَيْنِهِمْ، ثُمَّ اُسْتُحِقَّ مِنْ يَدِ الْمُشْتَرِي رَجَعَ الْمُشْتَرِي عَلَى الْوَصِيِّ وَهُوَ يَرْجِعُ عَلَى الْغُرَمَاءِ وَلَوْ اسْتَعْدَوْا عَلَيْهِ إلَى الْقَاضِي فَبَاعَ الْقِنَّ لِدَيْنِهِمْ بِأَمْرِ الْقَاضِي وَدَفَعَ ثَمَنَهُ إلَيْهِمْ بِأَمْرِ الْقَاضِي، ثُمَّ اُسْتُحِقَّ مِنْ يَدِ الْمُشْتَرِي رَجَعَ الْمُشْتَرِي بِثَمَنِهِ عَلَى الْغُرَمَاءِ انْتَهَى. لَوْ غَصَبَ الْوَصِيُّ عَيْنًا وَاسْتَعْمَلَهُ فِي حَاجَةِ الْيَتِيمِ وَهَلَكَ فِي يَدِهِ ضَمِنَ الْوَصِيُّ وَلَوْ اغْتَصَبَ عَبْدَ الرَّجُلِ وَاسْتَعْمَلَهُ فِي حَاجَةِ الصَّبِيِّ وَهَلَكَ فِي يَدِهِ وَضَمِنَ قِيمَتَهُ لَا يَرْجِعُ بِذَلِكَ مِنْ مَال الْيَتِيمِ. الْوَصِيُّ إذَا اسْتَعَارَ دَابَّةً لِيَعْمَلَ بِهَا عَمَلًا مِنْ أَعْمَالِ الْيَتِيمِ فَعَمِلَ وَجَاوَزَ الْحَدَّ الَّذِي ذَكَرَ حَتَّى صَارَ مُخَالِفًا وَعَطِبَتْ فَالضَّمَانُ فِي مَالِ الْيَتِيمِ مِنْ الْخُلَاصَةِ. وَفِي الْقُنْيَةِ اسْتَعَارَ الْوَصِيُّ ثَوْرًا لِيَكْرُبَ أَرْضَ الْيَتِيمِ فَكَرَبَهَا وَلَمْ يَرُدَّهُ بِاللَّيْلِ حَتَّى هَلَكَ فَضَمَانُهُ فِي مَالِ الصَّغِيرِ؛ لِأَنَّ الْمَنْفَعَةَ تَعُودُ إلَيْهِ انْتَهَى. إذَا كَبِرَ الصِّغَارُ وَأَرَادُوا أَنْ يُحَاسِبُوا وَصِيَّهُمْ مَا أَنْفَقَ عَلَيْهِمْ لِيَنْظُرُوا هَلْ أَنْفَقَ بِالْمَعْرُوفِ أَمْ لَا، وَطَلَبُوا مِنْ الْقَاضِي أَنْ يُحَاسِبَهُ كَانَ لِلْقَاضِي أَنْ يَأْمُرَهُ وَكَانَ لَهُمْ أَنْ يُطَالِبُوهُ بِالْحِسَابِ لَكِنْ لَا يُجْبَرُ عَلَى ذَلِكَ لَوْ امْتَنَعَ، وَالْقَوْلُ قَوْلُهُ فِي الْخُرُوجِ وَفِيمَا أَنْفَقَ بِالْمَعْرُوفِ وَلَمْ يُسْرِفْ؛ لِأَنَّهُ أَمِينٌ مِنْ جِهَةِ الْمَيِّتِ أَوْ مِنْ جِهَةِ الْقَاضِي، وَالْقَوْلُ قَوْلُ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 416 الْأَمِينِ مَعَ الْيَمِينِ فِيمَا جُعِلَ أَمِينًا كَذَا فِي الْعِمَادِيَّةِ ذَكَرَهُ فِي الْمُشْتَمِلِ. وَفِي الْفُصُولَيْنِ عَنْ فَوَائِدِ نِظَامِ الدِّينِ قَاضَى يكى را وَصَى كَرَدِّ برنار سَيِّده وَإِنْ وَصَى مَال نَارِ سَيِّده را بروى نَفْقُه كَرِدِّ وَبَعْده وام كَرِدِّ وَبِرُدَّى نَفْقُهْ كَرِدِّ أَزّ صَبِيٍّ بَعْد أَزّ بُلُوغ تواند طَلَب كُرِدْنَ قَالَ ن ي وَكَذَا الْأَب لَوْ اسْتَقْرَضَ وَأَنْفَقَ عَلَى صَبِيِّهِ لَا يَرْجِعُ عَلَيْهِ بَعْدَ بُلُوغِهِ. لَوْ أَجْنَبِيٌّ أَنْفَقَ عَلَى بَعْضِ الْوَرَثَةِ فَقَالَ أَنْفَقْتُ بِأَمْرِ الْوَصِيِّ وَأَقَرَّ بِهِ الْوَصِيُّ وَلَمْ يَعْلَمْ ذَلِكَ إلَّا بِقَوْلِ الْوَصِيِّ بَعْدَ مَا أَنْفَقَ يُقْبَلُ قَوْلُ الْوَصِيِّ لَوْ كَانَ مَنْ أَنْفَقَ عَلَيْهِ صَغِيرًا انْتَهَى. وَصِيٌّ فِي يَدِهِ أَلْفُ دِرْهَمٍ لِأَخَوَيْنِ فَقَالَ دَفَعْت إلَى أَحَدِهِمَا نَصِيبَهُ وَكَذَّبَهُ الْمَدْفُوعُ إلَيْهِ فَالْبَاقِي بَيْنَهُمَا نِصْفَانِ وَلَا يَضْمَنُ الْوَصِيُّ. رَجُلٌ مَاتَ وَتَرَكَ ابْنَيْنِ صَغِيرَيْنِ فَلَمَّا أَدْرَكَا طَلَبَا مِيرَاثَهُمَا فَقَالَ الْوَصِيُّ جَمِيعُ تَرِكَةِ أَبِيكُمَا أَلْفٌ، وَقَدْ أَنْفَقْتُ عَلَى وَاحِدٍ مِنْكُمَا خَمْسَمِائَةٍ فَصَدَّقَهُ أَحَدُهُمَا وَكَذَّبَهُ الْآخَرُ يَرْجِعُ الْمُكَذِّبُ عَلَى الْمُصَدِّقِ بِمِائَتَيْنِ وَخَمْسِينَ وَلَا يَرْجِعُ عَلَى الْوَصِيِّ بِذَلِكَ فِي رِوَايَةٍ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ. وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ لَا يَرْجِعُ الْمُنْكِرُ عَلَى الْمُقِرِّ بِشَيْءٍ، وَالْقَوْلُ قَوْلُ الْوَصِيِّ؛ لِأَنَّهُ مُصَدِّقٌ فِي نَصِيبِ الْمُنْكِرِ مِنْ الْوَجِيزِ. أَقَرَّ الْوَصِيُّ أَنَّهُ قَبَضَ جَمِيعَ مَا فِي مَنْزِلِ الْمَيِّتِ وَذَلِكَ مِائَةُ دِرْهَمٍ وَأَقَامَ الْوَرَثَةُ بَيِّنَةً أَنَّهُ كَانَ فِي مَنْزِلِهِ يَوْمَ مَاتَ أَلْفٌ لَمْ يَلْزَمْ الْوَصِيَّ أَكْثَرُ مِمَّا أَقَرَّ بِهِ أَقَرَّ الْوَصِيُّ أَنَّهُ قَبَضَ كُلَّ دَيْنٍ لِلْمَيِّتِ عَلَى النَّاسِ فَجَاءَ غَرِيمٌ، وَقَالَ دَفَعْتُ إلَيْكَ فَالْقَوْلُ لِلْوَصِيِّ وَكَذَلِكَ لَوْ قَامَتْ بَيِّنَةٌ لَمْ يَغْرَمْ الْوَصِيُّ مِنْهُ شَيْئًا أَقَرَّ الْوَصِيُّ أَنَّهُ اسْتَوْفَى جَمِيعَ مَالِ الْمَيِّتِ وَلَمْ يُسَمِّهِ وَسَكَتَ، ثُمَّ قَالَ قَبَضْتُ مِائَةً، وَقَالَ الْغَرِيمُ كَانَ عَلَى أَلْفٌ قَبَضْتُهَا فَالْقَوْلُ لِلْوَصِيِّ مَعَ يَمِينِهِ وَلَوْ أَقَرَّ الْوَصِيُّ أَنَّهُ اسْتَوْفَى جَمِيعَ مَا عَلَيْهِ، ثُمَّ قَالَ مَفْصُولًا وَهِيَ مِائَةٌ يَبْرَأُ الْغَرِيمُ وَيَضْمَنُ الْوَصِيُّ لِلْوَرَثَةِ تِسْعَمِائَةٍ بِالْجُحُودِ وَلَوْ قَالَ الْوَصِيُّ اسْتَوْفَيْتُ جَمِيعَ مَالِ الْمَيِّتِ وَهِيَ مِائَةٌ مَوْصُولًا، وَقَالَ الْغَرِيمُ لَا بَلْ كَانَ أَلْفًا يَلْزَمُهُ تِسْعُمِائَةٍ وَلَا يُصَدَّقُ الْوَصِيّ أَنَّ جَمِيعَ مَا لَهُ عَلَيْهِ مِائَةٌ بِخِلَافِ الطَّالِبِ إذَا قَالَ اسْتَوْفَيْتُ جَمِيعَ مَا عَلَيْهِ وَهِيَ مِائَةٌ فَلَا شَيْءَ عَلَى الْغَرِيمِ؛ لِأَنَّ الطَّالِبَ يَمْلِكُ الْإِبْرَاءَ، وَالْوَصِيَّ لَا يَمْلِكُ وَلَوْ وَجَبَ الدَّيْنُ بِإِدَانَةِ الْوَصِيِّ أَوْ بَيْعِهِ مَالَ الْوَرَثَةِ فَأَقَرَّ أَنَّهُ اسْتَوْفَى جَمِيعَ ثَمَنِهِ وَهِيَ مِائَةٌ، وَقَالَ الْمُشْتَرِي بَلْ كَانَ مِائَةً وَخَمْسِينَ فَالْقَوْلُ لِلْوَصِيِّ وَلَا يَضْمَنُ الْغَرِيمُ وَلَا الْوَصِيُّ شَيْئًا أَقَرَّ الْوَصِيُّ أَنَّهُ اسْتَوْفَى مِنْهُ مِائَةً وَهِيَ جَمِيعُ الثَّمَنِ، وَقَالَ الْمُشْتَرِي الثَّمَنُ مِائَةٌ وَخَمْسُونَ فَلِلْوَصِيِّ قَبْضُ الْخَمْسِينَ الْفَضْلَ وَكَذَلِكَ لَوْ بَاعَ لِنَفْسِهِ؛ لِأَنَّهُ أَضَافَ الِاسْتِيفَاءَ إلَى مِائَةٍ فَلَا يَكُونُ الْخَمْسُونَ الْفَضْلُ دَاخِلًا تَحْتَ الْبَرَاءَةِ وَفِي الْأَوَّلِ أَضَافَ الِاسْتِيفَاءَ إلَى جَمِيعِ مَا عَلَيْهِ فَدَخَلَ الْكُلُّ تَحْتَ الْبَرَاءَةِ هَذِهِ الْجُمْلَةُ فِي الْإِقْرَارِ مِنْ الْوَجِيزِ. دَفَعَ الْوَصِيُّ جَمِيعَ تَرِكَةِ الْمَيِّتِ إلَى وَارِثِهِ وَأَشْهَدَ الْوَارِثُ عَلَى نَفْسِهِ أَنَّهُ قَبَضَ جَمِيعَ تَرِكَةِ، وَالِدِهِ وَلَمْ يَبْقَ مِنْ تَرِكَتِهِ قَلِيلٌ وَلَا كَثِير إلَّا اسْتَوْفَاهُ، ثُمَّ ادَّعَى دَارًا فِي يَدِ الْوَصِيِّ أَنَّهَا مِنْ تَرِكَةِ، وَالِدِي وَلَمْ أَقْبِضْهَا قَالَ فِي الْمُنْتَقَى أَقْبَلُ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 417 بَيِّنَتَهُ أَقْضِي بِهَا لَهُ أَرَأَيْتَ أَنْ لَوْ قَالَ اسْتَوْفَيْتُ جَمِيعَ مَا تَرَكَ وَالِدِي مِنْ دَيْنٍ عَلَى النَّاسِ وَقَبَضْتُ كُلَّهُ، ثُمَّ ادَّعَى عَلَى رَجُلٍ دَيْنًا لِأَبِيهِ أَلَمْ أَقْبَلْ بَيِّنَتَهُ وَأَقْضِي لَهُ بِالدَّيْنِ. إذَا مَاتَ الْوَصِيُّ مُجَهِّلًا فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ وَكَذَا الْقَاضِي إذَا مَاتَ مُجَهِّلًا أَمْوَالَ الْيَتَامَى عِنْدَ مَنْ أَوْدَعَهَا لَا ضَمَانَ عَلَيْهِ إذْ الْمُودِعُ غَيْرُهُ وَلِلْقَاضِي وِلَايَةُ الْإِيدَاعِ وَلَوْ وَضَعَ الْقَاضِي مَالَ الْيَتِيمِ فِي بَيْتِهِ وَمَاتَ مُجَهِّلًا ضَمِنَ؛ لِأَنَّهُ مُودِعٌ وَكَذَا الْأَبُ إذَا مَاتَ مُجَهِّلًا مَالِ ابْنِهِ لَا ضَمَانَ عَلَيْهِ وَقِيلَ يَضْمَنُ مِنْ الْفُصُولَيْنِ وَمَعْنَى مَوْتِهِ مُجَهِّلًا أَنْ لَا يُبَيِّنَ حَالَ الْأَمَانَةِ وَمَعْنَى ضَمَانِهَا صَيْرُورَتُهَا دَيْنًا فِي تَرِكَتِهِ كَذَا فِي الْأَشْبَاهِ مِنْ الْأَمَانَاتِ. الْأَبُ إذَا أَجَّرَ مَنْزِلَ الصَّغِيرِ بِدُونِ أَجْرِ مِثْلِهِ لَا يَجُوزُ إذْ لَيْسَ لَهُ وِلَايَةُ الْحَطِّ هَذِهِ فِي دَعْوَى الْوَقْفِ مِنْ الْفُصُولَيْنِ. رَجُلٌ أَوْصَى بِأَنْ يُحْمَلَ بَعْدَ مَوْتِهِ إلَى مَوْضِعِ كَذَا وَيُدْفَنَ هُنَاكَ وَيُبْنَى هُنَاكَ رِبَاطٌ مِنْ ثُلُثِ مَالِهِ فَمَاتَ قَالَ أَبُو الْقَاسِمِ وَصِيَّتُهُ بِالرِّبَاطِ جَائِزَةٌ وَوَصِيَّتُهُ بِالْحَمْلِ بَاطِلَةٌ وَلَوْ حَمَلَهُ الْوَصِيُّ يَضْمَنُ مَا أَنْفَقَ فِي الْحَمْلِ إذَا حَمَلَهُ بِغَيْرِ إذْنِ الْوَرَثَةِ وَإِنْ حَمَلَهُ بِإِذْنِ الْوَارِثِ لَا يَضْمَنُ وَكَذَا لَوْ أَوْصَى بِعِمَارَةِ قَبْرٍ فَوَصِيَّتُهُ بَاطِلَةٌ وَكَذَا لَوْ أَوْصَى أَنْ يُطَيَّنَ قَبْرُهُ أَوْ يُضْرَبَ عَلَى قَبْرِهِ قُبَّةٌ كَانَتْ بَاطِلَةً وَلَوْ أَوْصَى بِاِتِّخَاذِ الطَّعَامِ لِلْمَأْتَمِ بَعْدَ وَفَاتِهِ وَيُطْعَمُ الَّذِينَ يَحْضُرُونَ التَّعْزِيَةَ قَالَ الْفَقِيهُ أَبُو جَعْفَرٍ يَجُوزُ ذَلِكَ مِنْ الثُّلُثِ وَيَحِلُّ لِلَّذِينَ يَطُولُ مَقَامُهُمْ عِنْدَهُ وَلِلَّذِي يَجِيءُ مِنْ مَكَان بَعِيدٍ يَسْتَوِي فِيهِ الْأَغْنِيَاءُ، وَالْفُقَرَاءُ وَلَا يَجُوزُ لِلَّذِي لَا تَطُولُ مَسَافَتُهُ وَلَا مَقَامُهُ فَإِنْ فَضَلَ مِنْ الطَّعَامِ شَيْءٌ كَثِيرٌ يَضْمَنُ الْوَصِيُّ وَإِنْ كَانَ قَلِيلًا لَا يَضْمَنُ. وَعَنْ الشَّيْخِ أَبِي بَكْرٍ الْبَلْخِيّ أَنَّ الْإِيصَاءَ بِاِتِّخَاذِ الطَّعَامِ بَعْدَ مَوْتِهِ لِلنَّاسِ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ بَاطِلٌ. وَعَنْ نُصَيْرٍ رَجُلٌ قَالَ ادْفَعُوا هَذِهِ الدَّرَاهِمَ وَهَذِهِ الثِّيَابَ إلَى فُلَانٍ وَلَمْ يَقُلْ هِيَ لَهُ وَلَا قَالَ هِيَ وَصِيَّةٌ لَهُ قَالَ هَذَا بَاطِلٌ؛ لِأَنَّ هَذَا لَيْسَ بِإِقْرَارٍ وَلَا وَصِيَّةٍ لَوْ قَالَ لِلْوَصِيِّ اشْتَرِ عَشَرَةَ أَثْوَابٍ وَتَصَدَّقْ بِهَا فَاشْتَرَى الْوَصِيُّ عَشَرَةَ أَثْوَابٍ لَهُ أَنْ يَبِيعَهَا وَيَتَصَدَّقَ بِثَمَنِهَا. وَعَنْ مُحَمَّدٍ لَوْ أَوْصَى بِصَدَقَةٍ أَلْفِ دِرْهَمٍ بِعَيْنِهَا فَتَصَدَّقَ الْوَصِيُّ مَكَانَهَا مِنْ مَالِ الْمَيِّتِ جَازَ وَإِنْ هَلَكَتْ الْأُولَى قَبْلَ أَنْ يُتَصَدَّقَ الْوَصِيُّ يَضْمَنُ الْوَرَثَةُ مِثْلَهَا وَعَنْهُ أَيْضًا وَلَوْ أَوْصَى بِأَلْفِ دِرْهَمٍ يَتَصَدَّقُ بِهَا عَنْهُ فَهَلَكَتْ الْأَلْفُ بَطَلَتْ الْوَصِيَّةُ. رَجُلٌ أَوْصَى بِأَنْ يُتَصَدَّقَ بِشَيْءٍ مِنْ مَالِهِ عَلَى فُقَرَاءِ الْحَاجِّ هَلْ يَجُوزُ أَنْ يُتَصَدَّق عَلَى غَيْرِهِمْ مِنْ الْفُقَرَاءِ قَالَ الشَّيْخُ أَبُو نَصْرٍ يَجُوزُ ذَلِكَ كَمَا رُوِيَ عَنْ أَبِي يُوسُفَ رَجُلٌ أَوْصَى بِأَنْ يُتَصَدَّق عَلَى مَسَاكِينِ مَكَّةَ أَوْ عَلَى مَسَاكِينِ الرَّيِّ فَتُصُدِّقَ عَلَى غَيْرِ هَذَا الصِّنْفِ إنْ كَانَ الْآمِرُ حَيًّا ضَمِنَ. وَرَوَى الْحَسَنُ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ إذَا أَوْصَى الرَّجُلُ لِمَسَاكِينِ الْكُوفَةِ فَصُرِفَ إلَى غَيْرِ مَسَاكِينِ الْكُوفَةِ يَضْمَنُ وَلَمْ يَفْصِلْ بَيْنَ حَيَاةِ الْآمِرِ وَبَيْنَ وَفَاتِهِ. وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ فِي النَّوَادِرِ إذَا أَوْصَى، وَقَالَ تَصَدَّقْ عَلَى الْمَرْضَى مِنْ الْفُقَرَاءِ فَتَصَدَّقَ عَلَى الْأَصِحَّاءِ أَوْ قَالَ تَصَدَّقْ عَلَى النِّسَاءِ فَتَصَدَّقَ عَلَى الشُّبَّانِ ضَمِنَ الْوَصِيُّ فِي جَمِيعِ ذَلِكَ وَلَوْ قَالَ تَصَدَّقْ بِهَذِهِ الْعَشَرَةِ الدَّرَاهِمِ عَلَى عَشَرَةِ مَسَاكِينَ فَتَصَدَّقَ عَلَى مِسْكِينٍ وَاحِدٍ دَفْعَةً جَازَ وَلَوْ قَالَ تَصَدَّقْ بِهَا عَلَى مِسْكِينٍ وَاحِدٍ فَأَعْطَى عَشَرَةَ مَسَاكِينَ جَازَ. وَعَنْ إبْرَاهِيمَ بْنِ يُوسُفَ رَجُلٌ أَوْصَى لِفُقَرَاءِ أَهْلِ بَلْخَ فَالْأَفْضَلُ أَنْ لَا يَتَجَاوَزَ بَلْخَ وَلَوْ أَعْطَى فُقَرَاءَ كُورَةٍ أُخْرَى جَازَ وَلَوْ قَالَ عَشَرَةَ أَيَّامٍ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 418 فَتَصَدَّقَ فِي يَوْمٍ جَازَ. رَجُلٌ أَوْصَى بِأَنْ يُفَرَّقَ ثَلَثُمِائَةِ قَفِيزِ حِنْطَةٍ بَعْدَ وَفَاتِهِ عَلَى الْفُقَرَاءِ فَفَرَّقَ الْوَصِيُّ مِائَتَيْ قَفِيزِ حِنْطَةٍ فِي حَيَاةِ الْمُوصِي قَالَ أَبُو نَصْرٍ يَغْرَمُ الْوَصِيُّ مَا فَرَّقَ فِي حَيَاةِ الْمُوصِي وَيُفَرِّقُهَا بَعْدَ وَفَاتِهِ بِأَمْرِ الْحَاكِمِ حَتَّى يَخْرُجَ عَنْ الضَّمَانِ قِيلَ لَهُ فَإِنْ فَرَّقَ بِأَمْرِ الْوَرَثَةِ بَعْدَ وَفَاتِهِ قَالَ إنْ كَانَ فِيهِمْ صَغِيرٌ لَا يَجُوزُ أَمْرُهُمْ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ جَازَ أَمْرُهُمْ وَإِنْ فَرَّقَ يَخْرُجُ عَنْ الضَّمَانِ قَالَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - وَيَنْبَغِي أَنْ يَصِحَّ أَمْرُ الْكِبَارِ فِي حِصَّتِهِمْ وَلَا يَصِحُّ فِي حِصَّةِ الصِّغَارِ. رَجُلٌ أَوْصَى بِأَنْ يُشْتَرَى بِهَذَا الْأَلْفِ ضَيْعَةً فِي مَوْضِعِ كَذَا وَتُوقَفُ عَلَى الْمَسَاكِينِ فَلَمْ يُوجَدْ هُنَاكَ ضَيْعَةٌ هَلْ يَشْتَرِي الْوَصِيُّ ضَيْعَةً فِي مَوْضِعٍ آخَرَ قَالَ أَبُو نَصْرٍ لَيْسَ لِلْوَصِيِّ أَنْ يَصْرِفَ ذَلِكَ إلَى مَرَمَّةِ الْمَسَاجِدِ فَإِنْ لَمْ يَجِدْ الضَّيْعَةَ فِي ذَلِكَ الْمَوْضِعِ يُشْتَرَى ضَيْعَةً فِي أَقْرَبِ الْمَوَاضِعِ الَّتِي سَمَّى وَيَجْعَلُهُ وَقْفًا عَلَى مَا سُمِّيَ فَإِنْ أَتْلَفَ الْوَصِيُّ هَذِهِ الْأَلْفَ يَغْرَمُ الْوَصِيُّ مِثْلَهَا وَيُشْتَرَى بِهَا الضَّيْعَةَ. الْوَصِيُّ إذَا اشْتَرَى خُبْزًا أَوْ حِنْطَةً لِيَتَصَدَّقَ بِهَا عَلَى الْفُقَرَاءِ فَأَجْرُ حَمْلِ الْخُبْزِ أَوْ الْحِنْطَةِ عَلَى مَنْ يَكُونُ قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - إنْ لَمْ يُبَيِّنْ الْمَيِّتُ لِذَلِكَ شَيْئًا يُعَيَّنُ الْوَصِيُّ، ثُمَّ يَحْمِلُ ذَلِكَ بِغَيْرِ أَجْرٍ، ثُمَّ يُدْفَعُ ذَلِكَ إلَيْهِ عَلَى وَجْهِ الصَّدَقَةِ وَإِنْ أَمَرَ بِأَنْ يُحْمَلَ إلَى الْمَسَاجِدِ فَالْأُجْرَةُ تَكُونُ فِي مَالِ الْمَيِّتِ، وَإِنْ أَمَرَ الْوَصِيَّ بِأَنْ يَشْتَرِي أَرْبَعِينَ قَفِيزَ حِنْطَةٍ بِمِائَةِ دِرْهَمٍ وَيَتَصَدَّقُ بِهَا عَلَى الْمَسَاكِينِ فَرَخُصَتْ الْحِنْطَةُ حَتَّى يُوجَدَ بِمِائَةٍ سِتُّونَ قَفِيزًا قَالَ أَبُو بَكْرٍ لَهُ أَنْ يَشْتَرِيَ بِالْفَاضِلِ حِنْطَةً وَيَتَصَدَّقَ بِهَا وَيَجُوزُ أَنْ يَرُدَّ الْفَاضِلَ عَلَى الْوَرَثَةِ قَالَ هَكَذَا رَأَيْتُ عَنْ أَبِي يُوسُفَ. رَجُلٌ أَوْصَى أَنْ يُعْطَى ثُلُثَ مَالِهِ لِلْمَسَاكِينِ وَهُوَ فِي بَلَدٍ وَوَطَنُهُ فِي بَلَدٍ آخَرَ قَالَ يُعْطِي ثُلُثُ مَالِهِ لِمَسَاكِينِ بَلَدِهِ وَوَطَنُهُ فَإِنْ أَعْطَى مَسَاكِينَ الْبَلْدَةِ الَّتِي هُوَ فِيهَا جَازَ أَيْضًا. رَجُلٌ أَوْصَى بِأَنْ يُطْعِمَ عَنْ كَفَّارَةِ يَمِينِهِ عَشَرَةَ مَسَاكِينَ فَغَدَّاهُمْ الْوَصِيُّ فَمَاتُوا قَالَ مُحَمَّدٌ يُغَدِّي وَيُعَشِّي غَيْرَهُمْ وَلَا ضَمَانَ عَلَى الْوَصِيِّ. رَجُلٌ أَوْصَى بِأَنْ يُتَصَدَّقَ بِثُلُثِ مَالِهِ فَغَصَبَ رَجُلٌ الْمَالَ مِنْ الْوَصِيِّ وَاسْتَهْلَكَهُ فَأَرَادَ الْوَصِيُّ أَنْ يَجْعَلَ الْمَالَ صَدَقَةً عَلَى الْغَاصِبِ، وَالْغَاصِبُ مُعْسِرٌ قَالَ أَبُو الْقَاسِمِ يَجُوزُ ذَلِكَ. رَجُلٌ أَوْصَى، وَقَالَ أَعْطُوا مِنْ مَالِي بَعْدَ مَوْتِي مَسَاكِينَ سِكَّةِ كَذَا فَلَمَّا مَاتَ الْمُوصِي تَوَجَّهَ الْوَصِيُّ بِالْمَالِ إلَى أَهْلِ السِّكَّةِ فَقَالُوا لَا نُرِيدُ وَلَيْسَ لَنَا حَاجَةٌ قَالَ أَبُو الْقَاسِمِ يُرَدُّ الْمَالُ إلَى الْوَرَثَةِ وَلَوْ لَمْ يَدْفَعْهُ إلَى الْوَرَثَةِ، ثُمَّ أَتَى عَلَى ذَلِكَ سَنَةٌ مَثَلًا، ثُمَّ طَلَبَ الْمَسَاكِينُ قَالَ أَبُو الْقَاسِمِ يُدْفَعُ الْمَالُ إلَى الْوَرَثَةِ؛ لِأَنَّ الْمَسَاكِينَ لَمَا رَدُّوا بَطَلَتْ الْوَصِيَّةُ فَصَارَتْ مِيرَاثًا. رَجُلٌ دَفَعَ الْمَالَ إلَى الْوَصِيِّ وَأَمَرَهُ بِأَنْ يَتَصَدَّقَ بِثُلُثِ مَالِهِ فَوَضَعَ مِنْ نَفْسِهِ لَا يَجُوزُ وَلَوْ دَفَعَ الْوَصِيُّ إلَى ابْنِهِ الْكَبِيرِ أَوْ الصَّغِيرِ الَّذِي يَعْقِلُ الْقَبْضَ جَازَ وَإِنْ لَمْ يَعْقِلْ لَا يَجُوزُ. رَجُلٌ مَاتَ وَتَرَكَ وَرَثَةً صِغَارًا وَكِبَارًا أَيَسَعُ الْكِبَارُ أَنْ يَأْكُلُوا مِنْ التَّرِكَةِ قَالَ نُصَيْرٌ سَأَلْت بِشْرَ بْنَ الْوَلِيدِ عَنْ هَذَا قَالَ نَعَمْ قَالَ نُصَيْرٌ قُلْتُ. لِبِشْرٍ فَإِنْ كَانَ عَلَى الْمَيِّتِ أَلْفُ دِرْهَمٍ دَيْنًا وَتَرَكَ مَالًا يَسَعُ الْوَارِثَ أَنْ يَأْكُلَ وَيَطَأَ الْجَارِيَةَ إذَا كَانَ فِي غَيْرِهَا وَفَاءً بِالدَّيْنِ قَالَ نَعَمْ قُلْت عَمَّنْ هَذَا قَالَ مَا رَأَيْت أَحَدًا امْتَنَعَ عَنْ هَذَا. رَجُلٌ مَاتَ وَعَلَيْهِ دَيْنٌ مُسْتَغْرِقٌ وَلِلْمَيِّتِ عَلَى رَجُلٍ مَالٌ فَطَلَبَتْ وَرَثَتُهُ ذَلِكَ مِنْ الْمَدْيُونِ وَهُوَ يَعْلَمُ بِدُيُونِ الْمَيِّتِ فَصَالَحَ الْوَرَثَةَ عَمَّا عَلَيْهِ أَوْ عَمَّا فِي يَدِهِ عَلَى مَالٍ قَالَ بَعْضُ مَشَايِخِنَا يَغْرَمُ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 419 الْوَارِثُ لِغُرَمَاء الْمَيِّتِ؛ لِأَنَّ الدَّيْنَ الْمُسْتَغْرِقَ يَمْنَعُ ثُبُوتَ الْمِلْكِ لِلْوَارِثِ فَلَا يَصِحُّ صُلْحُ الْوَارِثِ قِيلَ إذَا لَمْ يَثْبُتْ الْمِلْكُ لِلْوَارِثِ فَعَلَى مَنْ يَدَّعِي صَاحِبُ الدَّيْنِ وَعَلَى مَنْ يُقِيمُ الْبَيِّنَةَ قَالَ الْفَقِيهُ أَبُو اللَّيْثِ عَلَى ذِي الْيَدِ بِحَضْرَةِ الْوَارِثِ، وَالصَّحِيحُ أَنَّ الْوَارِثَ يَكُونُ خَصْمًا لِمَنْ يَدَّعِي عَلَى الْمَيِّتِ وَإِنْ لَمْ يَمْلِكْ شَيْئًا. رَجُلٌ مَاتَ وَتَرَكَ أَوْلَادًا صِغَارًا فَجَعَلَ الْقَاضِي رَجُلًا وَصِيًّا لِأَوْلَادِهِ الصِّغَارِ فَادَّعَى رَجُلٌ دَيْنًا عَلَى الْمَيِّتِ أَوْ وَدِيعَةً وَادَّعَتْ الْمَرْأَةُ مَهْرَهَا قَالَ أَبُو الْقَاسِمِ لَيْسَ لِهَذَا الْوَصِيِّ أَنْ يَدْفَعَ شَيْئًا مِنْ الدَّيْنِ أَوْ الْوَدِيعَةِ مَا لَمْ يَثْبُتْ ذَلِكَ بِالْبَيِّنَةِ وَأَمَّا الْمَهْرُ فَإِنْ ادَّعَتْ الْمَرْأَةُ مَهْرَ مِثْلِهَا يُدْفَعُ إلَيْهَا مِقْدَارَ مَهْرِ مِثْلِهَا إنْ كَانَ النِّكَاحُ ظَاهِرًا مَعْرُوفًا وَيَكُونُ النِّكَاحُ شَاهِدًا لَهَا، وَقَالَ الْفَقِيهُ أَبُو اللَّيْثِ: إنْ كَانَ الزَّوْجُ بَنَى بِهَا فَإِنَّهُ يُمْنَعُ مِنْهَا مِقْدَارَ مَا جَرَتْ الْعَادَةُ بِتَعْجِيلِهِ وَيَكُونُ الْقَوْلُ قَوْلَ الْوَرَثَةِ فِي ذَلِكَ الْقَدْرِ وَيَكُونُ الْقَوْلُ قَوْلَ الْمَرْأَةِ فِيمَا زَادَ عَلَى الْمُعَجَّلِ إلَى تَمَامِ مَهْرِ مِثْلِهَا. رَجُلٌ مَاتَ وَأَوْصَى إلَى امْرَأَتِهِ وَتَرَكَ ضِيَاعًا وَلِلْمَرْأَةِ مَهْرٌ عَلَى الزَّوْجِ قَالَ أَبُو نَصْرٍ إنْ كَانَ الزَّوْجُ تَرَكَ مِنْ الصَّامِتِ مَهْرَ مِثْلِهَا كَانَ لَهَا أَنْ تَأْخُذَ مِنْ الصَّامِتِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ صَامِتًا كَانَ لَهَا أَنْ تَبِيعَ مَا كَانَ أَصْلَحَ لِلْبَيْعِ وَتَسْتَوْفِيَ مَهْرَهَا مِنْ الثَّمَنِ فَإِنْ كَانَ فِي يَدِ الْمَرْأَةِ أَلْفُ دِرْهَمٍ فَأَخَذَتْهُ بِمَهْرِهَا قَالُوا كَانَ لَهَا أَنْ تَأْخُذَ تِلْكَ الدَّرَاهِمَ بِغَيْرِ رِضَا الْوَرَثَةِ وَبِغَيْرِ عِلْمِهِمْ فَإِنْ اُسْتُحْلِفَتْ بَعْدَ ذَلِكَ بِاَللَّهِ مَا فِي يَدِهَا مِنْ تَرِكَةِ الزَّوْجِ شَيْءٌ مِنْ الدَّرَاهِمِ قَالُوا كَانَ لَهَا أَنْ تَحْلِفَ وَلَا تَأْثَمَ؛ لِأَنَّهَا لَمَّا أَخَذَتْ الدَّرَاهِمَ بِمَهْرِهَا صَارَتْ الدَّرَاهِمُ مِلْكًا لَهَا. رَجُلٌ أَوْصَى إلَى رَجُلٍ وَلَمْ يَعْلَمْ الْوَصِيُّ بِذَلِكَ فَبَاعَ شَيْئًا مِنْ التَّرِكَةِ بَعْدَ مَوْتِ الْمُوصَى جَازَ بَيْعُهُ وَيَلْزَمُهُ الْوَصِيَّةُ وَلَوْ أَوْصَى إلَى رَجُلٍ فَقِيلَ الْوَصِيَّةُ فِي وَجْهِ الْمُوصِي فَلَمَّا غَابَ الْوَصِيُّ قَالَ الْمُوصِي اشْهَدُوا إنِّي أَخْرَجْتُهُ عَنْ الْوَصِيَّةِ ذَكَرَ الْحَسَنُ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ أَنَّهُ يَصِحُّ إخْرَاجُهُ بِخِلَافِ الْوَكِيلِ لَوْ أَخْرَجَهُ الْمُوَكِّلُ عَنْ الْوَكَالَةِ حَالَ غَيْبَتِهِ لَا يَصِحُّ إخْرَاجُهُ فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ وَقَوْلُ أَبِي يُوسُفَ يَصِحُّ إخْرَاجُهُ. مَرِيضٌ خَاطَبَ جَمَاعَةً فَقَالَ لَهُمْ افْعَلُوا كَذَا وَكَذَا بَعْدَ مَوْتِي فَإِنْ قَبِلُوا صَارُوا كُلُّهُمْ أَوْصِيَاءَ وَإِنْ سَكَتُوا حَتَّى مَاتَ الْمُوصَى، ثُمَّ قَبِلَ الْبَعْضُ فَإِنْ كَانَ الْقَابِلُ اثْنَيْنِ أَوْ أَكْثَرَ كَانُوا وَصِيَّيْنِ أَوْ أَوْصِيَاءَ وَيَجُوزُ لَهُمَا أَوْ لَهُمْ تَنْفِيذُ الْوَصِيَّةِ وَإِنْ كَانَ وَاحِدًا صَارَ وَصِيًّا أَيْضًا إلَّا أَنَّهُ لَا يَجُوزُ لَهُ تَنْفِيذُ وَصِيَّةِ الْمَيِّتِ مَا لَمْ يَرْفَعْ الْأَمْرَ إلَى الْحَاكِمِ فَيُقِيمُ الْحَاكِمُ مَعَهُ آخَرَ وَيُطْلِقُ لَهُ الْحَاكِمُ أَنْ يَتَصَرَّفَ بِنَفْسِهِ؛ لِأَنَّ هَذَا بِمَنْزِلَةِ مَا لَوْ أُوْصِيَ إلَى رَجُلَيْنِ فَلَا يَنْفَرِدُ أَحَدُهُمَا بِالتَّصَرُّفِ. وَلَيْسَ لِلْوَصِيِّ أَنْ يُؤَاجِرَ نَفْسَهُ مِنْ مَالِ الْيَتِيمِ؛ لِأَنَّ تَصَرُّفَ الْوَصِيِّ مَعَ الْيَتِيمِ إنَّمَا يَجُوزُ بِشَرْطِ النَّظَرِ، وَالْخَيْرِيَّةِ وَلَا نَظَرَ لِلْيَتِيمِ فِي هَذَا؛ لِأَنَّ مَا يَسْتَحِقّهُ الْيَتِيم عَلَى الْوَصِيّ مَنْفَعَة وَمَا يُجِبْ لِلْوَصِيِّ بِحُكْمِ الْإِجَارَة عَيْن، وَالْعَيْن خَيْر مِنْ الدِّين وَكَذَا لَوْ أَجَّرَ الْوَصِيّ شَيْئًا مِنْ مَتَاعه فِي عَمَل مِنْ عَمَل الْيَتِيم لَا يَجُوز وَلَوْ أَنَّ الْوَكِيل اسْتَأْجَرَ الْيَتِيم لِيَعْمَل لِلْوَصِيِّ جَازَ فِي قَوْل أَبِي حَنِيفَةَ؛ لِأَنَّ مَا يَجِبُ لِلْوَصِيِّ عَلَى الْيَتِيمِ مَنْفَعَةٌ وَمَا يَجِبُ لِلْيَتِيمِ عَلَيْهِ عَيْنٌ وَهُوَ الْأَجْرُ فَرَّقُوا بَيْنَ الْوَصِيِّ وَبَيْنَ الْأَبِ إذَا أَجَّرَ نَفْسَهُ مِنْ وَلَدِهِ الصَّغِيرِ أَوْ اسْتَأْجَرَ الصَّغِيرَ لِنَفْسِهِ ذَكَرَ الْقُدُورِيُّ أَنَّهُ يَجُوزُ وَبِهِ أَخَذَ الشَّيْخُ أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ الْفَضْلِ وَذَكَرَ الْقَاضِي الْإِمَامُ أَبُو عَلِيٍّ السُّغْدِيُّ إذَا أَجَّرَ الْأَبُ أَوْ الْوَصِيُّ نَفْسَهُ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 420 مِنْ الْيَتِيمِ جَازَ بِالِاتِّفَاقِ، وَالصَّحِيحُ مَا ذَكَرَ الْقُدُورِيُّ هَذِهِ الْجُمْلَةُ مِنْ فَتَاوَى قَاضِي خَانَ مِنْ مَوَاضِعَ. لِلْمُوصِي أَخْذُ الْكَفِيلِ وَرَهْنٌ بِدَيْنِ الْمَيِّتِ؛ لِأَنَّهُ تَوَثَّقَ وَلَهُ أَنْ يَرْهَنَ مَالَ الْيَتِيمِ بِدَيْنٍ عَلَى الْمَيِّتِ. رَجُلٌ ضَمِنَ عَنْ مَيِّتٍ دَيْنَهُ بِأَمْرِ وَصِيِّهِ فَأَدَّاهُ يَرْجِعُ فِي مَالِ الْمَيِّتِ لَا الْوَصِيِّ إذْ ضَمِنَ عَنْهُ لَا عَنْ الْوَصِيِّ إلَّا أَنَّهُ يَجُوزُ أَمْرُهُ فِي مَالِ الْمَيِّتِ فَلَوْ كَانَ الْمَأْمُورُ خَلِيطًا لِلْوَصِيِّ اسْتَحْسَنْتُ أَنْ يَرْجِعَ فِي مَالِ الْوَصِيِّ. وَلَوْ قَالَ الْوَصِيُّ لِرَجُلٍ أَضْمَنُ أَنَا وَأَنْتَ عَنْ فُلَانٍ الْمَيِّتِ الَّذِي أَوْصَى إلَيَّ لِرَجُلٍ دَيْنَهُ وَضُمَنَاءُ عَلَى أَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا كَفِيلٌ عَنْ الْآخَرِ بِأَمْرِهِ فَلَوْ أَدَّاهُ الْوَصِيُّ يَرْجِعُ فِي مَالِ الْمَيِّتِ بِنِصْفِهِ وَعَلَى شَرِيكِهِ بِنِصْفِهِ فَيَرْجِعُ شَرِيكُهُ فِي مَالِ الْمَيِّتِ. رَجُلٌ أَنْفَقَ عَلَى بَعْضِ الْوَرَثَةِ، ثُمَّ قَالَ أَنْفَقْتُ بِأَمْرِ الْوَصِيِّ فَأَقَرَّ بِهِ الْوَصِيُّ صُدِّقَ لَوْ كَانَ مَنْ أَنْفَقَ عَلَيْهِ صَغِيرًا. لَوْ أَوْصَى بِأَنْ يُتَصَدَّقَ بِهَذَا الْقِنَّ أَوْ بِهَذِهِ الدَّارِ لِلْوَصِيِّ أَنْ يَبِيعَ وَيَتَصَدَّقَ بِالثَّمَنِ لَا الْإِيفَاءُ لِلْوَرَثَةِ، وَالصَّدَقَةُ بِالْقِيمَةِ مِنْ الْفُصُولَيْنِ. لَوْ دَفَعَ الْوَصِيُّ الْمَالَ إلَى الْيَتِيمِ بَعْدَ بُلُوغِهِ سَفِيهًا ضَمِنَهُ وَلَوْ لَمْ يُحْجَرْ عَلَيْهِ هَذِهِ فِي الْحَجْرِ مِنْ الْأَشْبَاهِ قَالَ فِي الْوَجِيزِ وَكَذَلِكَ لَوْ أَوْدَعَهُ إيَّاهُ. أَتَى رَجُلٌ بِمَالٍ إلَى رَجُلٍ، وَقَالَ إنَّ فُلَانًا مَاتَ وَأَوْصَى إلَيْكَ فَخُذْ الدَّرَاهِم هَذِهِ فَأَمَرَهُ أَنْ يُضَارِبَ بِهَا وَلِلْمَيِّتِ وَرَثَةٌ صِغَارٌ وَكِبَارٌ فَضَاعَ الْمَالُ، وَقَالَ الْكِبَارُ لَمْ يُوصِ إلَيْكَ فَلَوْ لَهُ بَيِّنَةٌ عَلَى الْوِصَايَةِ ضَمِنَ حِصَّةَ الْكِبَارِ لَا الصِّغَارِ. وَعِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ لَا ضَمَانَ عَلَيْهِ وَإِنْ لَمْ يُقِمْ بَيِّنَةً لَمْ يَضْمَنْ شَيْئًا مِنْ قِبَلِ أَنَّ أَمْرَهُ لَيْسَ بِنَافِذٍ فِي الْمَالِ وَاَلَّذِي عَمِلَ بِهِ ضَامِنٌ لِلْمَالِ وَلَا يَضْمَنُ الْأَوَّلُ إذْ لَمْ يَصِلْ إلَيْهِ. ادَّعَى وَصِيٌّ عَلَى رَجُلٍ دَيْنًا لِلْمَيِّتِ فَقَالَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ قَضَيْتُ الْمَيِّتَ وَبَيِّنَتِي غُيَّبٌ فَقُضِيَ عَلَيْهِ بِدَفْعِ الدَّيْنِ فَقَبَضَهُ الْوَصِيُّ وَأَدَّى مِنْهُ الدَّيْنَ وَأَنْفَذَ وَصَايَاهُ وَدَفَعَ مَا بَقِيَ إلَى وَارِثِهِ، ثُمَّ أَقَامَ الْمَدْيُونُ بَيِّنَةَ الْأَدَاءِ إلَى الْمَيِّتِ فَلَوْ أَنْفَذَ وَصَايَاهُ وَدَفَعَ دَيْنَهُ بِأَمْرِ الْقَاضِي لَمْ يَرْجِعْ الْغَرِيمُ عَلَى الْوَصِيِّ بِدَيْنٍ دَفَعَهُ عَنْ الْمَيِّتِ وَلَا بِالْوَصِيَّةِ وَلَوْ فَعَلَهُ بِغَيْرِ أَمْرِ الْقَاضِي رَجَعَ الْغَرِيمُ عَلَى الْوَصِيِّ بِكُلِّ مَا أَدَّاهُ وَيَرْجِعُ الْوَصِيُّ عَلَى مَنْ دَفَعَ إلَيْهِ. لِلْمَيِّتِ وَدِيعَةٌ عِنْدَ رَجُلٍ فَأَقْرَضَهَا أَوْ وَهَبَهَا بِأَمْرِ الْوَصِيِّ ضَمِنَ الْمُودِعُ لَا الْوَصِيُّ إذْ لَا يَمْلِكُهُ الْوَصِيُّ فَيَبْطُلُ أَمْرُهُ فَوُجُودُهُ كَعَدَمِهِ وَلَوْ أَمَرَهُ بِدَفْعِهَا إلَى رَجُلٍ فَدَفَعَهَا لَمْ يَضْمَنْ إذْ لِلْوَصِيِّ قَبْضُهَا فَلَهُ تَوْكِيلُ غَيْرِهِ فَقَبْضُهُ كَقَبْضِهِ. مَاتَ وَتَرَكَ وَدَائِعَ وَأَمْوَالًا فَقَبَضَهَا بَعْضُ وَرَثَتِهِ وَلَمْ يَأْمُرْهُ بَقِيَّتُهُمْ وَلَا الْحَاكِمُ لَمْ يَضْمَنْ اسْتِحْسَانًا لَوْ دَيْنُهُ مُحِيطًا إذْ لَهُ الْحِفْظُ فَصُرِفَ قَبْضُهُ إلَى الْحِفْظِ لَا إلَى التَّمَلُّكِ وَلَوْ لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ دَيْنٌ ضَمِنَ حِصَّتَهُ بَاقِيهِمْ لَوْ كَانَتْ التَّرِكَةُ فِي مَوْضِعٍ لَا يُخَافُ عَلَيْهَا وَأَمَّا لَوْ يُخَافُ عَلَيْهَا ضَمِنَ قِيَاسًا لَا اسْتِحْسَانًا وَفِي شَرْحِ الطَّحَاوِيِّ ضَمِنَ لَوْلَا دَيْنٌ إلَّا إذَا قَبَضَهَا ضَرُورَةً كَكَوْنِ بَاقِيهِمْ صِغَارًا عَاجِزِينَ عَنْ الْحِفْظِ فَحِينَئِذٍ لَمْ يَضْمَنْ وَلَوْ كَانَ مَالُ الْمَيِّتِ وَمَا عِنْدَ الْمَيِّتِ مِنْ الْوَدَائِعِ كُلِّهَا وَدِيعَةً عِنْدَ رَجُلٍ أَوْدَعَهَا الْمَيِّتُ وَدَيْنُهُ مُحِيطٌ بِمَا لَهُ أَوْ لَا دَيْنَ عَلَيْهِ فَدَفَعَهَا الْمُودِعُ إلَى بَعْضِهِمْ بِلَا قَضَاءٍ ضَمِنَ الْمُودِعُ، وَالْوَارِثُ فَرَّقَ بَيْنَ هَذَا وَبَيْنَ مَا لَوْ كَانَتْ الْأَمْوَالُ فِي مَنْزِلِ الْمَيِّتِ فَأَخَذَهَا بَعْضُ وَرَثَتِهِ لِيَقْضِيَ دَيْنَهُ أَوْ أَخَذَ الْوَدَائِعَ مِنْ مَنْزِلِهِ لِيَرُدَّهَا عَلَى مُلَّاكِهَا حَيْثُ لَمْ يَضْمَنْ اسْتِحْسَانًا وَضَمِنَ الْأَجْنَبِيُّ بِكُلِّ حَالٍ إلَّا إذَا كَانَ مُلْقًى عَلَى قَوَارِعِ الطَّرِيقِ فَقَبَضَهُ الْأَجْنَبِيُّ لَا يَضْمَنُ وَلِلْوَصِيِّ قَبْضُ دَيْنِ الْمَيِّتِ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 421 بَعْدَ بُلُوغِ ابْنِهِ وَلَوْ نَهَاهُ بَعْدَهُ لَمْ يَجُزْ قَبْضُهُ بَعْدَ ذَلِكَ. لَوْ خَرَجَ مِنْ الْوِصَايَةِ وَقَبَضَ دَيْنًا لِلْيَتِيمِ صَحَّ لَوْ وَجَبَ بِعَقْدِ الْوَصِيِّ عَقْدًا تَرْجِعُ فِيهِ الْحُقُوقُ إلَى الْعَاقِدِ لَا لَوْ مُوَرِّثًا أَوْ وَجَبَ بِعَقْدٍ لَا تَرْجِعُ فِيهِ الْحُقُوقُ إلَى الْعَاقِدِ فَلَا يَبْرَأُ الْمَدْيُونُ مِنْ الْفُصُولَيْنِ، وَالْخُلَاصَةِ. ادَّعَى أَنَّهُ وَصِيُّ مَيِّتٍ فَطَلَبَ دَيْنَهُ فَصَدَّقَهُ الْغَرِيمُ لَا يُؤْمَرُ بِدَفْعِهِ إلَيْهِ هَذِهِ فِي أَحْكَامِ الْوُكَلَاءِ مِنْهُ. وَفِي قَضَاءِ الولوالجية رَجُلٌ أَوْصَى إلَى رَجُلٍ وَأَمَرَهُ أَنْ يَتَصَدَّقَ مِنْ مَالِهِ عَلَى فُقَرَاءِ بَلَدِهِ كَذَا بِمِائَةِ دِينَارٍ وَكَانَ الْوَصِيُّ بَعِيدًا مِنْ تِلْكَ الْبَلْدَةِ وَلَهُ بِتِلْكَ الْبَلْدَةِ غَرِيمٌ عَلَيْهِ الدَّرَاهِمُ وَلَمْ يَجِدْ الْوَصِيُّ إلَى تِلْكَ الْبَلْدَةِ سَبِيلًا فَأَمَرَ الْقَاضِي الْغَرِيمَ بِصَرْفِ مَا عَلَيْهِ مِنْ الدَّرَاهِمِ إلَى الْفُقَرَاءِ فَالدَّيْنُ بَاقٍ عَلَيْهِ وَهُوَ مُتَطَوِّعٌ فِي ذَلِكَ وَوَصِيَّةُ الْمَيِّتِ قَائِمَةٌ انْتَهَى كَذَا فِي الْأَشْبَاهِ مِنْ قَاعِدَةِ تَصَرُّفِ الْإِمَامِ عَلَى الرَّعِيَّةِ. وَصِيٌّ قَالَ لِرَجُلٍ اضْمَنْ عَنْ فُلَانٍ الْمَيِّتِ دَيْنَهُ فَضَمِنَ وَأَدَّاهُ رَجَعَ بِمَا أَدَّى فِي مَالِ الْمَيِّتِ وَيَأْخُذُ بِهِ الْوَصِيُّ حَتَّى يُؤَدِّيَهُ إلَيْهِ مِنْ مَالِ الْمَيِّتِ وَلَا يَرْجِعُ فِي مَالِ الْوَصِيِّ إذَا ضَمِنَ عَنْ الْمَيِّتِ لَا عَنْ الْوَصِيِّ إلَّا أَنَّ الْوَصِيَّ يَجُوزُ أَمْرُهُ فِي مَالِ الْمَيِّتِ وَيَجِبُ حِفْظُ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ كَذَا فِي الْفُصُولَيْنِ عَنْ الْمُنْتَقَى. [بَاب فِي الْمَحْجُورِينَ وَالْمَأْذُونِينَ] [الْأَسْبَاب الْمُوجِبَة للحجر] (الْبَابُ السَّادِسُ وَالثَّلَاثُونَ فِي الْمَحْجُورِينَ وَالْمَأْذُونِينَ) الْأَسْبَابُ الْمُوجِبَةُ لِلْحَجْرِ وَمَنْ اتَّصَفَ بِهَا كَانَ مَحْجُورًا مِنْ غَيْرِ حَجْرٍ ثَلَاثَةٌ الصِّغَرُ، وَالرِّقُّ، وَالْجُنُونِ فَلَا يَجُوزُ تَصَرُّفُ الصَّبِيِّ إلَّا بِإِذْنِ وَلِيِّهِ وَلَا تَصَرُّفُ الْعَبْدِ إلَّا بِإِذْنِ سَيِّدِهِ وَلَا يَجُوزُ تَصَرُّفُ الْمَجْنُونِ الْمَغْلُوبِ بِحَالٍ وَمَنْ بَاعَ مِنْ هَؤُلَاءِ الثَّلَاثَةِ أَوْ اشْتَرَى وَهُوَ يَعْقِلُ الْبَيْعَ وَيَقْصِدُهُ فَالْوَلِيُّ بِالْخِيَارِ إنْ شَاءَ أَجَازَهُ إذَا كَانَ فِيهِ مَصْلَحَةٌ وَإِنْ شَاءَ فَسَخَهُ وَلَا بُدَّ أَنْ يَعْقِلُوا الْبَيْعَ لِيُوجَدَ رُكْنُ الْعَقْدِ فَيَنْعَقِدُ مَوْقُوفًا عَلَى الْإِجَازَةِ، وَالْمَجْنُونُ قَدْ يَعْقِلُ الْبَيْعَ وَيَقْصِدُهُ وَإِنْ كَانَ لَا يُرَجِّحُ الْمَصْلَحَةَ عَلَى الْمَفْسَدَةِ وَهُوَ الْمَعْتُوهُ الَّذِي يَصْلُحُ وَكِيلًا عَنْ غَيْرِهِ وَهَذِهِ الْمَعَانِي الثَّلَاثَةُ تُوجِبُ الْحَجْرَ فِي الْأَقْوَالِ دُونَ الْأَفْعَالِ؛ لِأَنَّهُ لَا مَرَدَّ لَهَا لِوُجُودِهَا حِسًّا وَمُشَاهَدَةً بِخِلَافِ الْأَقْوَالِ؛ لِأَنَّ اعْتِبَارَهَا مَوْجُودٌ بِالشَّرْعِ، وَالْقَصْدُ مِنْ شَرْطِهِ إلَّا إذَا كَانَ فِعْلًا يَتَعَلَّقُ بِهِ حُكْمٌ يَنْدَرِئُ بِالشُّبُهَاتِ كَالْحُدُودِ، وَالْقِصَاصِ فَيُجْعَلُ عَدَمُ الْقَصْدِ فِي ذَلِكَ شُبْهَةً فِي حَقِّ الصَّبِيِّ، وَالْمَجْنُونِ وَلَا يَصِحُّ عُقُودُهُمَا وَلَا إقْرَارُهُمَا وَلَا يَقَعُ طَلَاقُهُمَا وَلَا إعْتَاقُهُمَا وَإِنْ أَتْلَفَا شَيْئًا لَزِمَهُمَا ضَمَانُهُ فَأَمَّا الْعَبْدُ فَإِقْرَارُهُ نَافِذٌ فِي حَقِّ نَفْسِهِ غَيْرَ نَافِذٍ فِي حَقِّ مَوْلَاهُ فَإِنْ أَقَرَّ بِمَالٍ لَزِمَهُ بَعْدَ الْحُرِّيَّةِ وَلَمْ يَلْزَمْهُ فِي الْحَالِ وَإِنْ أَقَرَّ بِحَدٍّ أَوْ قِصَاصٍ لَزِمَهُ فِي الْحَالِ وَيَنْفُذُ طَلَاقُهُ كَذَا فِي الْهِدَايَةِ وَغَيْرِهَا. وَفِي الصُّغْرَى الْعَبْدُ الْمَحْجُورُ، وَالصَّبِيُّ الْمَحْجُورُ لَا يُؤَاخَذَانِ بِالضَّمَانِ الْوَاجِبِ بِسَبَبِ الْقَوْلِ فِي الْحَالِ وَبَعْدَ الْبُلُوغِ، وَالْعِتْقِ لَا يُؤَاخَذُ الصَّبِيُّ وَيُؤَاخَذُ الْعَبْدُ انْتَهَى. وَفِي قَاضِي خَانْ لَوْ أَنَّ صَبِيًّا سَفِيهًا مَحْجُورًا اسْتَقْرَضَ مَالًا لِيُعْطِيَ صَدَاقَ الْمَرْأَةِ صَحَّ اسْتِقْرَاضُهُ وَإِنْ لَمْ يُعْطِ الْمَرْأَةَ وَصَرَفَ الْمَالَ فِي حَوَائِجِهِ لَا يُؤْخَذُ بِهِ لَا فِي الْحَالِ وَلَا بَعْدَ الْبُلُوغِ، وَالْعَبْدُ الْمَحْجُورُ إذَا اسْتَقْرَضَ مَالًا وَاسْتَهْلَكَهُ لَا يُؤَاخَذُ بِهِ فِي الْحَالِ وَيُؤَاخَذُ بِهِ بَعْدَ الْعِتْقِ؛ لِأَنَّ الصَّبِيَّ لَيْسَ مِنْ أَهْلِ الِالْتِزَامِ فَلَا يَصِحُّ الْتِزَامُهُ أَمَّا الْعَبْدُ فَمِنْ أَهْلِ الِالْتِزَامِ إلَّا أَنَّهُ لَا يَصِحُّ الْتِزَامُهُ فِي حَقِّ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 422 الْمَوْلَى وَيَصِحُّ فِي حَقِّ نَفْسِهِ مِنْ الْفُصُولَيْنِ. لَوْ وَكَّلَ صَبِيًّا بِبَيْعٍ وَشِرَاءٍ جَازَ لَوْ عَقَلَهُ، وَالْعُهْدَةُ عَلَى آمِرِهِ لَا عَلَيْهِ لَوْ مَحْجُورًا وَلَوْ مَأْذُونًا فَلَوْ وُكِّلَ بِشِرَاءٍ بِثَمَنٍ مُؤَجَّلٍ فَالْعُهْدَةُ عَلَى آمِرِهِ أَيْضًا فَيُطَالَبُ بِثَمَنِهِ آمِرُهُ لَا هُوَ وَلَوْ بِثَمَنٍ حَالٍّ لَزِمَهُ، وَالْعُهْدَةُ عَلَيْهِ اسْتِحْسَانًا وَقَدْ مَرَّتْ فِي الْوَكَالَةِ. وَفِي الْأَشْبَاهِ الصَّبِيُّ الْمَحْجُورُ عَلَيْهِ يُؤَاخَذُ بِأَفْعَالِهِ فَيَضْمَنُ مَا أَتْلَفَهُ مِنْ الْمَالِ وَإِذَا قَتَلَ فَالدِّيَةُ عَلَى عَاقِلَتِهِ إلَّا فِي مَسَائِلَ لَوْ أَتْلَفَ مَا أَقْرَضَهُ وَمَا أُودِعَ عِنْدَهُ بِلَا إذْنِ وَلِيِّهِ وَمَا أُعِيرَ لَهُ وَمَا بِيعَ مِنْهُ بِلَا إذْنٍ وَيُسْتَثْنَى مِنْ إيدَاعِهِ مَا إذَا أَوْدَعَ صَبِيٌّ مَحْجُورٌ مِثْلَهُ وَهِيَ مِلْكُ غَيْرِهِ فَلِلْمَالِكِ تَضْمِينُ الدَّافِعِ أَوْ الْآخِذِ قَالَ فِي جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ وَهَذِهِ مِنْ مُشْكِلَاتِ إيدَاعِ الصَّبِيِّ قُلْتُ لَا إشْكَالَ؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا لَمْ يَضْمَنْهَا الصَّبِيُّ لِلتَّسْلِيطِ مِنْ مَالِكِهَا وَهُنَا لَمْ يُوجَدْ كَمَا لَا يَخْفَى انْتَهَى أَقُولُ الْأَمْرُ كَمَا قَالَ ابْنُ نُجَيْمٍ بِلَا مِرْيَةٍ وَلَا خَفَاءٍ فِي ذَلِكَ، وَالْعَجَبُ مِنْ صَاحِبِ الْفُصُولَيْنِ وَاسْتِشْكَالُهُ هَذَا وَقَاضِي خَانَ يَقُولُ فِي فَتَاوَاهُ مِنْ الْمَأْذُونِ الْعَبْدُ الْمَحْجُورُ إذَا اشْتَرَى شَيْئًا حَتَّى تَوَقَّفَ عَلَى إجَازَةِ الْمَوْلَى فَمَا دَامَ الْعَيْنُ فِي يَدِهِ كَانَ الْبَائِعُ أَوْلَى بِهِ وَإِنْ هَلَكَ فِي يَدِهِ أَوْ اسْتَهْلَكَهُ إنْ كَانَ الْبَائِعُ حُرًّا بَالِغًا أَوْ صَغِيرًا مَأْذُونًا أَوْ عَبْدًا مَأْذُونًا أَوْ مُكَاتَبًا لَا يَضْمَنُ الْمُشْتَرِي لِلْحَالِ حَتَّى يُعْتَقَ وَإِذَا عَتَقَ كَانَ عَلَيْهِ قِيمَةُ الْمَبِيعِ بَالِغَةً مَا بَلَغَتْ وَإِنْ كَانَ الْمُشْتَرِي صَبِيًّا مَحْجُورًا لَا يَضْمَنُ أَصْلًا لَا فِي الْحَالِ وَلَا بَعْدَ الْبُلُوغِ وَإِنْ كَانَ الْبَائِعُ عَبْدًا مَحْجُورًا أَوْ صَبِيًّا مَحْجُورًا، وَالْمُشْتَرِي كَذَلِكَ ضَمِنَ الْمُشْتَرِي لِلْحَالِ؛ لِأَنَّ تَسْلِيطَ الْبَائِعِ لَمْ يَصِحَّ فَيَكُونُ مُتْلِفًا مِنْ غَيْرِ تَسْلِيطٍ بِخِلَافِ مَا لَوْ كَانَ الْبَائِعُ حُرًّا كَبِيرًا أَوْ صَبِيًّا مَأْذُونًا أَوْ عَبْدًا مَأْذُونًا؛ لِأَنَّ تَسْلِيطَهُمْ صَحِيحٌ فَكَانَ مُتْلِفًا بِالتَّسْلِيطِ فَلَا يَضْمَنُ انْتَهَى أَقُولُ وَظَهَرَ مِمَّا نَقَلْنَا عَنْ الْقَاضِي أَنَّهُ يُسْتَثْنَى مِنْ الْبَيْعِ مِنْهُ بِلَا إذْنٍ مَا إذَا كَانَ الْبَائِعُ كَذَلِكَ مَحْجُورًا فَإِنَّهُ يَضْمَنُ وَقَدْ أَغْفَلَهُ ابْنُ نُجَيْمٍ وَهُوَ بِصَدَدِ الْبَيَانِ لِكَوْنِ الْإِنْسَانِ مَحِلَّ السَّهْوِ، وَالنِّسْيَانِ. إقْرَاضُ الصَّبِيِّ الْمَحْجُورِ وَاسْتِقْرَاضُهُ لَا يَجُوزُ فَلَوْ أَقْرَضَهُ أَحَدٌ فَمَا بَقِيَ عَيْنُهُ فَلِمَالِكِهِ أَنْ يَسْتَرِدَّهُ اتِّفَاقًا وَلَوْ لَمْ يَبْقَ لَا يَضْمَنُ خِلَافًا لِأَبِي يُوسُفَ وَكَذَا لَوْ بَاعَ صَبِيٌّ حُجِرَ مَالًا فَأَتْلَفَهُ يَضْمَنُ عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ لَا عِنْدَهُمَا وَأَجْمَعُوا عَلَى أَنَّهُ لَوْ قِيلَ الْوَدِيعَةُ بِإِذْنٍ وَأَتْلَفَهُ ضَمِنَ مِنْ الْفُصُولَيْنِ لَا يَدْخُلُ الصَّبِيُّ فِي الْغَرَامَاتِ السُّلْطَانِيَّةِ كَذَا فِي الْأَشْبَاهِ مِنْ أَحْكَامِ الصِّبْيَانِ. لَوْ شَهِدَ الشُّهُود عَلَى عَبْدٍ مَحْجُورٍ بِغَصْبٍ أَوْ إتْلَافِ وَدِيعَةٍ إنْ شَهِدُوا بِمُعَايَنَةِ ذَلِكَ لَا بِإِقْرَارٍ تُقْبَلُ الشَّهَادَةُ عَلَيْهِ وَيُقْضَى بِالْغَصْبِ إذَا حَضَرَ الْمَوْلَى وَفِي ضَمَانِ إتْلَافِ الْوَدِيعَةِ، وَالْمُضَارَبَةِ لَا يُقْضَى حَتَّى يُعْتَقَ فِي قَوْل أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ وَإِنْ شَهِدُوا عَلَى عَبْدٍ مَأْذُونٍ بِالزِّنَا أَوْ بِقَتْلٍ عَمْدٍ أَوْ شُرْبِ خَمْرٍ أَوْ قَذْفٍ وَهُوَ يَجْحَدُ وَمَوْلَاهُ غَائِبٌ لَا يُقْبَلُ فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ خِلَافًا لِأَبِي يُوسُفَ وَإِنْ شَهِدُوا عَلَى إقْرَارِ الْعَبْدِ تُقْبَلُ شَهَادَتُهُمْ فِي الْقِصَاصِ وَحَدِّ الْقَذْفِ وَلَا يُقْبَلُ فِيمَا سِوَى ذَلِكَ وَإِنْ شَهِدُوا عَلَى الْعَبْدِ الْمَأْذُونِ بِسَرِقَةِ عَشَرَةِ دَرَاهِمَ فَإِنْ كَانَ مَوْلَاهُ حَاضِرًا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُمْ فِي الْقَطْعِ وَلَوْ شَهِدُوا بِسَرِقَةِ أَقَلَّ مِنْ عَشَرَةٍ تُقْبَلُ شَهَادَتُهُمْ كَانَ مَوْلَاهُ حَاضِرًا أَوْ غَائِبًا وَتُقْبَلُ شَهَادَتُهُ عَلَى الصَّبِيِّ الْمَأْذُونِ، وَالْمُعْتَقِ الْمَأْذُونِ بِسَرِقَةِ عَشَرَةِ دَرَاهِمَ فَإِنْ كَانَ الْآذِنُ غَائِبًا لَا تُقْبَلُ الشَّهَادَةُ عَلَى إقْرَارِهِمَا بِالسَّرِقَةِ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 423 أَصْلًا وَلَوْ شَهِدُوا عَلَى الْعَبْدِ الْمَحْجُورِ بِسَرِقَةِ عَشْرَةِ دَرَاهِمَ وَهُوَ يَجْحَدُ لَا يَقْضِي حَتَّى يَحْضُرَ مَوْلَاهُ فَيَقْضِي وَيُقْطَعُ وَرَدَّ الْعَيْنَ إنْ كَانَتْ قَائِمَةً وَلَا يَقْضِي بِالضَّمَانِ؛ لِأَنَّ الْمَحْجُورَ لَا يَمْلِكُ الْخُصُومَةَ فِي الْمَالِ وَلَا تُقْبَلُ الشَّهَادَةُ عِنْد غَيْبَةِ الْمَوْلَى وَلَوْ شَهِدُوا عَلَى إقْرَارِهِ لَا يُقْبَلُ أَصْلًا وَإِنْ كَانَ مَوْلَاهُ حَاضِرًا؛ لِأَنَّهُ لَا يَقْضِي بِالْقَطْعِ بِهَذِهِ الشَّهَادَةِ فَكَذَا الْمَالُ، وَالشَّهَادَةُ عَلَى الْإِقْرَارِ بِالسَّرِقَةِ مَعَ جُحُودِ السَّارِقِ لَا تُسْمَعُ. وَإِنْ أَقَرَّ الْمَوْلَى عَلَى عَبْدِهِ وَلَيْسَ عَلَى الْعَبْدِ دَيْنٌ ظَاهِرٌ صَحَّ إقْرَارُهُ صَدَّقَهُ فِي ذَلِكَ أَمْ كَذَّبَهُ وَكَانَ لِلْمُقَرِّ لَهُ اسْتِيفَاءُ ذَلِكَ مِنْ الْعَبْدِ وَإِنْ كَانَ ذَلِكَ أَكْثَرَ مِنْ قِيمَتِهِ فَإِنْ أَعْتَقَ الْعَبْدَ قَبْلَ الِاسْتِيفَاءِ لَا يَضْمَنُ إلَّا الْأَقَلَّ مِنْ قِيمَتِهِ وَمِنْ الدَّيْنِ. الْعَبْدُ الْمَأْذُونُ إذَا أَقَرَّ لِأَجْنَبِيٍّ مِنْ غَصْبٍ أَوْ قَرْضٍ أَوْ اسْتَهْلَكَ وَدِيعَةً أَوْ عَارِيَّةً خَالَفَ فِيهَا أَوْ مُضَارَبَةٍ اسْتَهْلَكَهَا وَزَعَمَ أَنَّ ذَلِكَ كَانَ فِي حَالَةِ الْحَجْرِ إنْ صَدَّقَهُ الْمُقَرُّ لَهُ أَنَّهُ كَانَ فِي وَقْتِ الْحَجْرِ لَا يَلْزَمُهُ شَيْءٌ فِي الْحَالِ إلَّا فِي دَيْنِ الْغَصْبِ وَلَوْ قَالَ الْمُقَرُّ لَهُ لَا بَلْ كَانَ ذَلِكَ فِي الْإِذْنِ كَانَ الْقَوْلُ قَوْلَ الْمُقِرِّ وَهُوَ بِخِلَافِ الصَّبِيِّ الْمَأْذُونِ إذَا قَالَ إنِّي أَقْرَرْتُ لِفُلَانٍ بِأَلْفِ دِرْهَمٍ فِي حَالَةِ الْحَجْرِ فَإِنَّهُ يُؤَاخَذُ بِهِ وَلَا يَكُونُ مُصَدَّقًا فِي الْإِسْنَادِ صَدَّقَهُ الْمُقَرُّ لَهُ أَوْ كَذَّبَهُ وَكَذَلِكَ الْمَعْتُوهُ الْمَأْذُونُ الْكَبِيرُ وَهُوَ كَالْمُتَنَاكِحِينَ إذَا اخْتَلَفَا، فَقَالَتْ الْمَرْأَةُ تَزَوَّجْتَنِي وَأَنَا مَجُوسِيَّةٌ أَوْ مُعْتَدَّةُ الْغَيْرِ وَكَوْنُهَا مَجُوسِيَّةً أَوْ مُعْتَدَّةَ الْغَيْرِ مَعْرُوفٌ، وَقَالَ الزَّوْجُ لَا بَلْ تَزَوَّجْتُكِ وَأَنْتِ مُسْلِمَةٌ أَوْ بَعْدَ الْعِدَّةِ كَانَ الْقَوْلُ قَوْلَ الزَّوْجِ وَأَمَّا الصَّبِيُّ الْمَأْذُونُ، وَالْمَعْتُوهُ الْمَأْذُونُ إذَا أَقَرَّ بِالْغَصْبِ أَوْ بِالِاسْتِهْلَاكِ وَأَضَافَ إلَى حَالَةِ الْعَجْزِ يُؤَاخَذُ بِهِ فِي الْحَالِ صَدَّقَهُ الْمُقِرُّ فِي ذَلِكَ أَوْ كَذَّبَهُ كَمَا فِي الْعَبْدِ وَلَوْ أَقَرَّ بِقَرْضٍ أَوْ وَدِيعَةٍ اسْتَهْلَكَهَا فِي حَالَةِ الْعَجْزِ فَكَذَلِكَ الْجَوَابُ عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ وَعِنْدَهُمَا إنْ صَدَّقَهُ الْمُقَرُّ لَهُ فِي الْإِضَافَةِ وَفِي كَوْنِهِ مُودِعًا لَا يُؤَاخَذُ لَا مَحَالَةَ وَلَا بَعْدَ الْبُلُوغِ وَإِنْ كَذَّبَهُ فِي الْإِضَافَةِ يُؤَاخَذُ بِهِ فِي الْحَالِ مِنْ قَاضِي خَانْ. وَفِي الْوَجِيزِ لَوْ أَقَرَّ الْمَأْذُونُ بِدَيْنٍ كَانَ عَلَيْهِ وَهُوَ مَحْجُورٌ مِنْ غَصْبٍ أَوْ وَدِيعَةٍ أَوْ عَارِيَّةٍ اسْتَهْلَكَهَا أَوْ مُضَارَبَةٍ فَإِنْ كَذَّبَهُ رَبُّ الْمَالِ، وَقَالَ هَذَا كُلُّهُ فِي حَالِ إذْنِكَ لَمْ يُصَدَّقْ الْعَبْدُ فِي شَيْءٍ مِنْهُ وَلَزِمَهُ كُلُّهُ لِلْحَالِ وَإِنْ صَدَّقَهُ لَزِمَهُ الْغَصْبُ خَاصَّةً وَيَتَأَخَّرُ مَا سِوَاهُ إلَى حَالِ عِتْقِهِ، وَعِنْدَ أَبِي يُوسُفَ يُؤْخَذُ بِهِ لِلْحَالِ صَدَّقَهُ فِي الْإِضَافَةِ أَمْ كَذَّبَهُ وَكَذَلِكَ الصَّبِيُّ الْمَأْذُونُ، وَالْمَعْتُوهُ يَلْزَمُهُ الْغَصْبُ فِي التَّصْدِيقِ وَكُلُّهُ فِي التَّكْذِيبِ وَإِنْ أَقَامَ الْعَبْدُ، وَالصَّبِيُّ بَيِّنَةً أَنَّهُمَا فَعَلَا قَبْلَ الْإِذْنِ وَأَقَامَ الْمُقَرُّ لَهُ بَيِّنَةً أَنَّهُمَا فَعَلَا بَعْدَ الْإِذْنِ فَالْبَيِّنَةُ بَيِّنَتُهُ كَمَا أَنَّ الْقَوْلَ قَوْلُهُ انْتَهَى. وَإِذَا أَقَرَّ الْمَأْذُونُ بِافْتِضَاضِ حُرَّةٍ أَوْ أَمَةٍ بِأُصْبُعِهِ يَلْزَمُهُ الضَّمَانُ فِي الْحَالِ عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ فَيَدْفَعُهُ مَوْلَاهُ أَوْ يُفْدِيهِ وَقَالَ لَا يُؤَاخَذُ بِهِ فِي الْحَالِ بَلْ بَعْدَ الْعِتْقِ، وَالِافْتِضَاضُ بِالْفَاءِ إزَالَةُ الْبَكَارَةِ هَذِهِ فِي دُرَرِ الْبِحَارِ مِنْ الْمَأْذُونِ. إذَا أَقَرَّ الْعَبْدُ بِسَرِقَةٍ لَا يَخْلُو إمَّا أَنْ يَكُونَ مَأْذُونًا لَهُ أَوْ مَحْجُورًا، وَالْمَالُ قَائِمٌ فِي يَدِهِ أَوْ هَالِكٌ، وَالْمَوْلَى مُصَدِّقٌ أَوْ مُكَذِّبٌ فَإِنْ كَانَ مَأْذُونًا يَصِحُّ إقْرَارُهُ فِي حَقِّ الْقَطْعِ، وَالْمَالِ فَيُقْطَعُ وَيُرَدُّ الْمَالُ عَلَى الْمَسْرُوقِ مِنْهُ إنْ كَانَ قَائِمًا وَإِنْ كَانَ هَالِكًا لَا ضَمَانَ عَلَيْهِ صَدَّقَهُ مَوْلَاهُ أَوْ كَذَّبَهُ وَإِنْ كَانَ مَحْجُورًا، وَالْمَالُ هَالِكٌ يُقْطَعُ وَلَمْ يَضْمَنْ كَذَّبَهُ مَوْلَاهُ أَوْ صَدَّقَهُ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 424 فَإِنْ كَانَ قَائِمًا وَصَدَّقَهُ مَوْلَاهُ يُقْطَعُ وَيُرَدُّ الْمَالُ عَلَى الْمَسْرُوقِ مِنْهُ. وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ يُقْطَعُ، وَالْمَالُ لِلْمَوْلَى، وَقَالَ مُحَمَّدٌ لَا يُقْطَعُ، وَالْمَالُ لِلْمَوْلَى وَيَضْمَنُ الْعَبْدُ قِيمَتَهُ بَعْدَ الْعِتْقِ قَالَ فِي شَرْحِ الْهِدَايَةِ حُكِيَ عَنْ الطَّحَاوِيِّ أَنَّهُ قَالَ سَمِعْتُ أُسْتَاذِي ابْنُ أَبِي عِمْرَانَ يَقُولُ الْأَقَاوِيلُ الثَّلَاثَةُ كُلُّهَا عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ قَوْلُهُ الْأَوَّلُ أَخَذَ بِهِ مُحَمَّدٌ، ثُمَّ رَجَعَ كَمَا قَالَ أَبُو يُوسُفَ فَأَخَذَ بِهِ أَبُو يُوسُفَ، ثُمَّ رَجَعَ إلَى الْقَوْلِ الثَّالِثِ وَاسْتَقَرَّ عَلَيْهِ وَمَحَلُّ الْمَسْأَلَةِ الْحُدُودُ مِنْ الْهِدَايَةِ. عَبْدٌ مَحْجُورٌ اشْتَرَى عَبْدًا بِأَلْفٍ وَقِيمَتُهُ أَلْفٌ وَقَبَضَ الْعَبْدَ، ثُمَّ بَاعَهُ وَاشْتَرَى بِالثَّمَنِ شَيْئًا آخَرَ وَبَاعَهُ، ثُمَّ حَضَرَ خَصْمُهُ الَّذِي بَاعَ الْعَبْدَ مِنْهُ وَأَرَادَ يَأْخُذُ مِمَّا فِي يَدِهِ ثَمَنَ الْعَبْدِ إنْ عَلِمَ أَنَّ مَا فِي يَدِ الْمَحْجُورِ ثَمَنَ عَبْدِهِ لَهُ أَخْذُهُ مِمَّا فِي يَدِهِ اسْتِحْسَانًا وَإِنْ عَلِمَ أَنَّهُ لَيْسَ ثَمَنَ عَبْدِهِ لَيْسَ لَهُ أَنْ يَأْخُذَ شَيْئًا مِمَّا فِي يَدِهِ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَظْفَرْ بِبَدَلِ مَالِهِ وَيَتَأَخَّرُ حَقُّهُ فِي الثَّمَنِ إلَى عِتْقِهِ وَكُلُّ مَا فِي يَدِهِ لِمَوْلَاهُ وَإِنْ اخْتَلَفَا فَقَالَ بَائِعُ الْعَبْدِ ثَمَنُهُ فِي يَدِ الْعَبْدِ الْمَحْجُورِ، وَقَالَ الْمَوْلَى: لَيْسَ ذَلِكَ ثَمَنُ عَبْدِكَ، وَإِنَّمَا وُهِبَ لَهُ أَوْ تَصَدَّقَ عَلَيْهِ فَالْقَوْلُ لِمَوْلَاهُ؛ لِأَنَّ يَدَ الْمَحْجُورِ يَدُهُ حُكْمًا وَلَوْ كَانَ فِي يَدِهِ حَقِيقَةً كَانَ الْقَوْلُ لِلْمَوْلَى وَعَلَى الْبَائِعِ الْبَيِّنَةُ كَذَا هُنَا وَإِنْ بَرْهَنَا فَلِلْبَائِعِ. وَلَوْ اسْتَقْرَضَ الْمَحْجُورُ مَالًا مِنْ رَجُلٍ فَاشْتَرَى بِهِ وَبَاعَ وَرَبِحَ، ثُمَّ طَالَبَهُ بِالْمَالِ فَعَلَى هَذَا الْوَجْهِ كَذَا فِي مُشْتَمِلِ الْهِدَايَةِ نَقْلًا عَنْ الْبَزَّازِيَّةِ الْإِذْنُ شَرْعًا فَكُّ الْحَجْرِ وَإِسْقَاطٌ لِحَقِّ الْعَبْدِ الْمَأْذُونِ لِيَتَصَرَّفَ لِنَفْسِهِ بِأَهْلِيَّتِهِ فَلَا يَرْجِعُ بِمَا لَحِقَهُ مِنْ الْعُهْدَةِ عَلَى الْمَوْلَى وَدُيُونُهُ مُتَعَلِّقَةٌ بِرَقَبَتِهِ يُبَاعُ فِيهَا لِلْغُرَمَاءِ إلَّا أَنْ يَفْدِيَهُ الْمَوْلَى، وَقَالَ زُفَرُ وَالشَّافِعِيُّ لَا يُبَاعُ بِمَا سِوَى دَيْنِ الِاسْتِهْلَاكِ وَيُبَاعُ كَسْبُهُ فِي دَيْنِهِ بِالْإِجْمَاعِ وَيُقَسَّمُ ثَمَنُهُ بَيْنَهُمْ بِالْحِصَصِ فَإِنْ فَضَلَ مِنْ دُيُونِهِ طُولِبَ بِهِ بَعْدَ الْحُرِّيَّةِ وَلَا يُبَاعُ ثَانِيًا كَيْ لَا يَمْتَنِعَ الْبَيْعُ أَوْ دَفْعًا لِلضَّرُورَةِ عَنْ الْمُشْتَرِي، وَالْمُرَادُ مِنْ الْمَدْيُونِ مَا وَجَبَ بِالتِّجَارَةِ أَوْ بِمَا هُوَ بِمَعْنَاهَا كَالْبَيْعِ، وَالشِّرَاءِ، وَالْإِجَارَةِ، وَالِاسْتِئْجَارِ وَضَمَانِ الْمَغْصُوبِ، وَالْوَدَائِعِ، وَالْأَمَانَاتِ إذَا جَحَدَهَا وَمَا يَجِبُ مِنْ الْعُقْرِ بِوَطْءِ الْمُشْتَرَاةِ بَعْدَ الِاسْتِحْقَاقِ لِاسْتِنَادِهِ إلَى الشِّرَاءِ فَيَلْحَقُ بِهِ وَيَتَعَلَّقُ دَيْنُهُ بِكَسْبِهِ سَوَاءٌ حَصَلَ قَبْلَ لُحُوقِ الدَّيْنِ أَوْ بَعْدَهُ وَيَتَعَلَّقُ بِمَا يُقْبَلُ مِنْ الْهِبَةِ وَلَا يَتَعَلَّقُ بِمَا انْتَزَعَهُ الْمَوْلَى مِنْ يَدِهِ قَبْلَ الدَّيْنِ وَلَهُ أَنْ يَأْخُذَ غَلَّةَ مِثْلِهِ بَعْدَ الدَّيْنِ؛ لِأَنَّهُ لَوْ لَمْ يُمَكَّنْ مِنْهُ يُحْجَرْ عَلَيْهِ، فَلَا يَحْصُلُ الْكَسْبُ، وَالزِّيَادَةُ عَلَى غَلَّةِ الْمِثْلِ يَرُدُّهَا عَلَى الْغُرَمَاءِ لِعَدَمِ الضَّرُورَةِ فِيهَا أَوْ لِعَدَمِ حَقِّهِمْ كَذَا فِي الْهِدَايَةِ الْمَأْذُونُ إذَا لَحِقَهُ دَيْنٌ يَتَعَلَّقُ بِكَسْبِهِ وَرَقَبَتِهِ إلَّا إذَا كَانَ أَجِيرًا فِي الْبَيْعِ، وَالشِّرَاءِ كَمَا فِي الْأَشْبَاهِ. وَإِذَا اسْتَدَانَتْ الْأَمَةُ الْمَأْذُونُ لَهَا، ثُمَّ وَلَدَتْ يُبَاعُ وَلَدُهَا مَعَهَا وَوَطْءُ الْمَوْلَى أَمَتَهُ الْمَدْيُونَةَ لَا يُوجِبُ الْعُقْرَ وَكَذَا أَخْذُهُ مِنْ غَلَّتِهَا إنْ كَانَتْ مَدْيُونَةً لَا يُوجِبُ الضَّمَانَ عَلَيْهِ وَيَضْمَنُ يَدَهَا لَوْ قَطَعَهَا هَذِهِ الْجُمْلَةُ مِنْ جِنَايَةِ الْمَمْلُوكِ مِنْ الْهِدَايَةِ. وَإِذَا بَاعَ الْمَأْذُونُ وَاشْتَرَى بِالْغَبْنِ الْيَسِيرِ فَهُوَ جَائِزٌ لِعَدَمِ الِاحْتِرَازِ عَنْهُ وَكَذَا بِالْفَاحِشِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ خِلَافًا لَهُمَا وَعَلَى هَذَا الْخِلَافِ الصَّبِيُّ الْمَأْذُونُ وَلَهُ أَنْ يُسْلِمَ وَيَقْبَلَ السَّلَمَ وَلَهُ أَنْ يُوَكِّلَ بِالْبَيْعِ، وَالشِّرَاءِ وَيَرْهَنَ وَيَرْتَهِنَ وَيَمْلِكَ وَأَنْ يَتَقَبَّلَ الْأَرْضَ وَيَسْتَأْجِرَ الْأُجَرَاءَ، وَالْبُيُوتَ وَيَأْخُذَ الْأَرْضَ مُزَارَعَةً وَيَشْتَرِيَ طَعَامًا فَيَزْرَعَهُ فِي أَرْضِهِ وَلَهُ أَنْ يُشَارِكَ شَرِكَةَ عَنَانٍ وَيَدْفَعَ الْمَالَ مُضَارَبَةً وَيَأْخُذَهَا وَلَهُ أَنْ يُؤَاجِرَ نَفْسَهُ وَلَا يَمْلِكَ بَيْعَ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 425 نَفْسِهِ وَلَا رَهْنَهَا وَلَهُ أَنْ يَصْرِفَ الْمَالَ إلَى قَضَاءِ الدَّيْنِ، وَالنَّفَقَةِ وَلَا يَجُوزُ تَكَفُّلُهُ وَيَجُوزُ إقْرَارُ الْمَأْذُونِ بِالدُّيُونِ، وَالْمَغْصُوبِ وَكَذَا بِالْوَدَائِعِ وَلَا فَرْقَ مَا إذَا كَانَ عَلَيْهِ دَيْنٌ أَوْ لَمْ يَكُنْ إذَا كَانَ الْإِقْرَارُ فِي صِحَّتِهِ وَإِنْ كَانَ فِي مَرَضِهِ يُقَدِّمُ دَيْنَ الصِّحَّةِ كَمَا فِي الْحُرِّ بِخِلَافِ الْإِقْرَارِ بِمَا يَجِبُ مِنْ الْمَالِ لَا بِسَبَبِ التِّجَارَةِ؛ لِأَنَّهُ كَالْمَحْجُورِ فِي حَقِّهِ كَذَا فِي الْهِدَايَةِ. وَلَوْ أَقَرَّ الْمَأْذُونُ بِمَهْرِ امْرَأَةٍ وَصَدَّقَتْهُ الْمَرْأَةُ لَا يَصِحُّ فِي حَقِّ الْمَوْلَى وَلَا يُؤَاخَذُ إلَّا بَعْدَ الْحُرِّيَّةِ مِنْ الْخُلَاصَةِ. وَلَوْ أَقَرَّ الْمَأْذُونُ بِدَيْنٍ فِي صِحَّتِهِ، ثُمَّ بِدَيْنٍ فِي مَرَضِهِ، ثُمَّ شَرَى قِنًّا بِأَلْفٍ وَقَبَضَهُ بِمُعَايَنَةِ الشُّهُودِ فَمَاتَ الْقِنُّ فِي يَدِهِ، ثُمَّ مَاتَ الْمَأْذُونُ وَلَا مَالَ إلَّا أَلْفٌ تُقَسَّمُ هَذِهِ الْأَلْفُ بَيْنَ غُرَمَاءِ الصِّحَّةِ وَبَيْنَ بَائِعِ الْقِنِّ بِالْحِصَّةِ وَلَيْسَ لِغُرَمَاءِ الْمَرَضِ شَيْءٌ وَلَوْ لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ دَيْنُ الصِّحَّةِ، وَالْمَسْأَلَةُ بِحَالِهَا فَالْبَائِعُ أَوْلَى بِالْأَلْفِ إذْ سَبَبُ دَيْنِهِ مَعْلُومٌ. وَلَوْ اسْتَأْجَرَ الْمَأْذُونُ أُجَرَاءَ فِي صِحَّتِهِ أَوْ مَرَضِهِ وَأَدَّى أُجْرَتَهُ أَوْ تَزَوَّجَ امْرَأَةً بِإِذْنٍ وَقَضَى مَهْرَهَا يُحَاصُّونَ الْآجِرَ، وَالْمَرْأَةَ فِيمَا قَبَضَا إذْ لَيْسَ فِي مُقَابَلَتِهِ عَيْنٌ يَتَعَلَّقُ بِهِ حَقُّ الْغُرَمَاءِ فَأَكْثَرُ مَالِهِ أَنْ يَكُونَ كَدَيْنِ الصِّحَّةِ كَذَا فِي الْوَصَايَا مِنْ أَحْكَامِ الْمَرْضَى مِنْ الْفُصُولَيْنِ. وَلَيْسَ لَهُ أَنَّ يَتَزَوَّجَ وَلَا يُزَوِّجَ مَمَالِيكَهُ. وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ يُزَوِّجُ الْأَمَةَ؛ لِأَنَّهُ يَحْصُلُ الْمَالُ بِمَنَافِعِهَا فَأَشْبَهَ إجَارَتَهَا وَلَهُمَا أَنَّ الْإِذْنَ يَتَضَمَّنُ التِّجَارَةَ وَلَيْسَ هَذَا بِتِجَارَةٍ وَلِهَذَا لَا يَمْلِكُ تَزَوُّجَ الْعَبْدِ وَعَلَى هَذَا الْخِلَافِ الصَّبِيُّ الْمَأْذُونُ مِنْ الْهِدَايَةِ. وَفِي الْوَجِيزِ يَصِحُّ إقْرَارُ الْمَأْذُونِ بِالدَّيْنِ بِأَيِّ وَجْهٍ كَانَ وَإِنْ كَذَّبَهُ الْمَوْلَى، وَالْغُرَمَاءُ إلَّا إذَا بَاعَهُ الْقَاضِي، ثُمَّ أَقَرَّ بِالدَّيْنِ لِغَيْرِهِ لَمْ يُصَدَّقْ عَلَى الْغُرَمَاءِ انْتَهَى قُلْتُ الْمُرَادُ بِالدَّيْنِ مَا حَصَلَ بِالتِّجَارَةِ؛ لِأَنَّهُ لَوْ لَمْ يَحْصُلْ بِهَا كَإِقْرَارِهِ بِمَهْرٍ لَا يَصِحُّ وَلَا يُؤَاخَذُ بِهِ قَبْلَ الْعِتْقِ كَذَا فِي شَرْحِ الْمَجْمَعِ نَقْلًا عَنْ الْمُحِيطِ. وَإِنْ تَزَوَّجَ بِإِذْنِ مَوْلَاهُ امْرَأَةً زَعَمَتْ أَنَّهَا حُرَّةً فَوَلَدَتْ مِنْهُ، ثُمَّ اُسْتُحِقَّتْ فَأَوْلَادُهَا عَبِيدٌ وَلَا يَأْخُذُهُمْ بِالْقِيمَةِ وَإِنْ وَطِئَ أَمَةً عَلَى وَجْهِ الْمِلْكِ بِغَيْرِ إذْنِ الْمَوْلَى، ثُمَّ اسْتَحَقَّهَا رَجُلٌ فَعَلَيْهِ الْعُقْرُ يُؤْخَذُ بِهِ وَإِنْ وَطِئَ عَلَى وَجْهِ النِّكَاحِ لَمْ يُؤْخَذْ بِهِ حَتَّى يُعْتَقَ. وَإِذَا اشْتَرَى جَارِيَةً شِرَاءً فَاسِدًا، ثُمَّ وَطِئَهَا فَرَدَّهَا أَخَذَ بِالْعُقْرِ فِي الْحَالِ هَذِهِ الْجُمْلَةُ فِي الْمُكَاتَبِ مِنْ الْهِدَايَةِ. وَلَا يُكَاتَبُ إلَّا أَنْ يُجِيزَهُ الْمَوْلَى وَلَا دَيْنَ عَلَيْهِ فَتَرْجِعُ الْحُقُوقُ إلَى الْمَوْلَى وَلَا يُعْتَقُ عَلَى مَالٍ وَلَا يَهَبُ بِعِوَضٍ وَلَا بِغَيْرِ عِوَضٍ وَلَا يَتَصَدَّقُ إلَّا أَنْ يَهْدِيَ الْيَسِيرَ مِنْ الطَّعَامِ أَوْ يُضِيفُ مَنْ يُطْعِمُهُ؛ لِأَنَّهُ مِنْ ضَرُورَاتِ التِّجَارَةِ بِخِلَافِ الْمَحْجُورِ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ لَا إذْنَ لَهُ أَصْلًا. وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ الْمَحْجُورُ عَلَيْهِ إذَا أَعْطَاهُ الْمَوْلَى قُوتَ يَوْمِهِ فَدَعَا بَعْضَ رُفَقَائِهِ عَلَى ذَلِكَ الطَّعَامِ لَا بَأْسَ بِهِ بِخِلَافِ مَا إذَا أُعْطِيَ قُوتَ شَهْرٍ؛ لِأَنَّهُمْ إذَا أَكَلُوهُ قَبْلَ الشَّهْرِ يَتَضَرَّرُ بِهِ الْمَوْلَى وَلَهُ أَنْ يَحُطَّ مِنْ الثَّمَنِ بِالْعَيْبِ مِثْلَ مَا يَحُطُّ التُّجَّارَ بِخِلَافِ مَا لَوْ حَطَّ مِنْ غَيْرِ عَيْبٍ؛ لِأَنَّهُ تَبَرُّعٌ مَحْضٌ بَعْدَ تَمَامِ الْعَقْدِ وَلَيْسَ مِنْ صَنِيعِ التُّجَّارِ مِنْ الْهِدَايَةِ. وَلَا يَصِحُّ إقْرَارُهُ بِالْكَفَالَةِ بِالْمَالِ وَهِيَ ظَاهِرَةٌ؛ لِأَنَّ كَفَالَتَهُ بِالْمَالِ لَا تَصِحُّ فَلَا يَصِحُّ إقْرَارُهُ كَمَا فِي الصُّغْرَى وَقَدْ مَرَّتْ فِي الْإِقْرَارِ وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَتَكَفَّلَ بِمَالٍ أَوْ نَفْسٍ وَلَهُ أَنْ يُؤَجِّلَ دَيْنَهُ مِنْ غَصْبٍ أَوْ غَيْرِهِ أُجِّلَ سَنَةً أَوْ أَكْثَرَ أَوْ أَقَلَّ وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَحُطَّ بَعْضَ الدَّيْنِ وَيَمْلِكَ الْإِذْنَ فِي التِّجَارَةِ كَذَا فِي قَاضِي خَانْ قَالَ فِي الْوَجِيزِ لَا يَصِحُّ كَفَالَةُ الْمَأْذُونِ إلَّا بِإِذْنِ الْمَوْلَى وَإِذَا كَفَلَ الْمَالَ بِإِذْنِ الْمَوْلَى وَيَتَعَلَّقُ بِرَقَبَتِهِ وَلَيْسَ لِلْمَوْلَى أَنْ يَبِيعَهُ بَعْدَ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 426 ذَلِكَ وَلِلْمَأْذُونِ أَنْ يَهَبَ الْيَسِيرَ مَا دُونَ الدِّرْهَمِ انْتَهَى. ثُمَّ الْإِذْنُ كَمَا يَثْبُتُ بِالصَّرِيحِ يَثْبُتُ بِالدَّلَالَةِ كَمَا إذَا رَأَى عَبْدَهُ يَبِيعُ وَيَشْتَرِي يَصِيرُ مَأْذُونًا عِنْدَنَا وَلَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ يَبِيعَ عَيْنًا مَمْلُوكًا أَوْ لِأَجَلٍ بِإِذْنِهِ أَوْ بِغَيْرِ إذْنِهِ بَيْعًا صَحِيحًا أَوْ فَاسِدًا، وَالْمَعْتُوهُ الَّذِي يَعْقِلُ الْبَيْعَ، وَالشِّرَاءَ بِمَنْزِلَةِ الصَّبِيِّ يَصِيرُ مَأْذُونًا بِإِذْنِ الْأَبِ، وَالْوَصِيُّ، وَالْجَدُّ دُونَ غَيْرِهِمْ عَلَى مَا بَيَّنَّاهُ وَحُكْمُهُ حُكْمُ الصَّبِيِّ كَذَا فِي الْهِدَايَةِ وَلَوْ أَنَّ رَجُلًا سَلَّمَ إلَى عَبْدِ رَجُلٍ مَتَاعًا لَهُ لِيَبِيعَهُ بِغَيْرِ إذْنِ الْمَوْلَى فَرَآهُ الْمَوْلَى وَلَمْ يَنْهَهُ كَانَ إذْنًا لَهُ فِي التِّجَارَةِ وَيَجُوزُ ذَلِكَ الْبَيْعُ عَلَى صَاحِبِ الْمَتَاعِ وَتَكَلَّمُوا فِي الْعُهْدَةِ قَالَ بَعْضُهُمْ: الْعُهْدَةُ تَرْجِعُ إلَى الْآمِرِ وَعِنْدَ الْبَعْضِ تَرْجِعُ إلَى الْعَبْدِ وَلَوْ رَأَى الْمَوْلَى عَبْدَهُ يَشْتَرِي شَيْئًا بِدَرَاهِمِ الْمَوْلَى أَوْ دَنَانِيرِهِ فَلَمْ يَنْهَهُ يَصِيرُ مَأْذُونًا فَإِنْ نَقَدَ الثَّمَنَ مِنْ مَالِ الْمَوْلَى كَانَ لِلْمَوْلَى أَنْ يَسْتَرِدَّهُ وَإِذَا اسْتَرَدَّهُ لَا يَبْطُلُ ذَلِكَ الْبَيْعُ، وَلَوْ كَانَ مَالُ الْمَوْلَى مَكِيلًا أَوْ مَوْزُونًا فَاسْتَرَدَّ الْمَوْلَى بَطَلَ الْبَيْعُ إذَا كَانَ الشِّرَاءُ بِمَكِيلٍ أَوْ مَوْزُونٍ بِعَيْنِهِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ بِعَيْنِهِ وَاسْتَرَدَّهُ الْمَوْلَى لَا يَبْطُلُ الْبَيْعُ. وَلَوْ أَنَّ مَعْتُوهًا أَذِنَ لِابْنِهِ الْكَبِيرِ فِي التِّجَارَةِ لَا يَصِحُّ، وَالِابْنُ فِي هَذَا كَالْأَخِ يَمْلِكُ التَّصَرُّفَ فِي النَّفْسِ وَهُوَ التَّزْوِيجُ وَلَا يَمْلِكُ التَّصَرُّفَ فِي الْمَالِ الْأَبُ إذَا أَذِنَ لِابْنِهِ فِي التِّجَارَةِ إنْ كَانَ الصَّبِيُّ يَعْقِلُ الْبَيْعَ، وَالشِّرَاءَ يَعْنِي يَعْرِفُ أَنَّ الْبَيْعَ يُزِيلُ الْمِلْكَ وَيَعْرِفُ الْغَبْنَ الْفَاحِشَ، وَالْيَسِيرَ صَحَّ وَإِنْ لَمْ يَعْرِفْ لَا يَصِحُّ وَإِنْ كَانَ يَقْدِرُ عَلَى التَّلَفُّظِ بِالْبَيْعِ، وَالشِّرَاءِ الْقَاضِي إذَا رَأَى عَبْدَهُ يَبِيعُ وَيَشْتَرِي فَسَكَتَ لَمْ يَكُنْ مَأْذُونًا إذَا أَذِنَ لِعَبْدِهِ الْغَائِبِ لَا يَصِيرُ مَأْذُونًا قَبْلَ الْعِلْمِ وَإِذَا عَلِمَ يَصِيرُ مَأْذُونًا وَكَذَا لَوْ حَجَرَ عَلَى عَبْدِهِ الْمَأْذُونِ الْغَائِبِ لَا يَحْجُرُ قَبْلَ الْعِلْمِ وَلَوْ أَذِنَ الْمَوْلَى لِعَبْدِهِ الْغَائِبِ، ثُمَّ حَجَرَ عَلَيْهِ قَبْلَ أَنْ يَعْلَمَ بِإِذْنِهِ السَّابِقِ لَا يَصِيرُ مَأْذُونًا. وَإِنْ قَالَ الْمَوْلَى لِأَهْلِ السُّوقِ بَايِعُوا عَبْدِي هَذَا يَصِيرُ الْعَبْدُ مَأْذُونًا قَبْلَ الْعِلْمِ وَإِنْ أَذِنَ لِعَبْدِهِ الْغَائِبِ وَأَرْسَلَ الْمَوْلَى إلَيْهِ رَسُولًا أَوْ كِتَابًا فَوَصَلَ إلَيْهِ الْكِتَابُ أَوْ أَخْبَرَهُ الرَّسُولُ يَصِيرُ مَأْذُونًا كَانَ الرَّسُولُ حُرًّا أَوْ عَبْدًا صَغِيرًا أَوْ كَبِيرًا عَدْلًا أَوْ فَاسِقًا ذَكَرًا أَوْ أُنْثَى فَإِنْ أَخْبَرَهُ فُضُولِيٌّ وَاحِدٌ بِإِذْنِ الْمَوْلَى يَصِيرُ مَأْذُونًا كَيْفَمَا كَانَ الْمُخْبِرُ فَرَّقَ أَبُو حَنِيفَةَ بَيْنَ الْحَجْرِ، وَالْإِذْنِ فَإِنَّ عِنْدَهُ لَا يَثْبُتُ الْحَجْرُ بِخَبَرِ الْوَاحِدِ إلَّا أَنْ يَكُونَ الْمُخْبِرُ عَدْلًا أَوْ أَخْبَرَهُ اثْنَانِ وَيَثْبُتُ الْإِذْنُ بِقَوْلِ الْفُضُولِيِّ الْوَاحِدِ عَلَى كُلِّ حَالٍ، وَذَكَرَ الشَّيْخُ الْمَعْرُوفُ بِخُوَاهَرْ زَادَهْ عَنْ الْفَقِيهِ أَبِي بَكْرٍ الْبَلْخِيّ أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ الْإِذْنِ، وَالْحَجْرِ، وَالْعَبْدُ إنَّمَا يَصِيرُ مَأْذُونًا إذَا كَانَ الْمُخْبِرُ صَادِقًا عِنْدَ الْعَبْدِ، وَالْفَتْوَى عَلَى هَذَا. الْمَوْلَى إذَا مَاتَ وَتَرَكَ ابْنًا وَعَبْدًا وَعَلَى الْمَيِّتِ دَيْنٌ مُسْتَغْرِقٌ فَأَذِنَ الْوَارِثُ لِهَذَا الْعَبْدِ فِي التِّجَارَةِ لَا يَصِحُّ إذْنُهُ؛ لِأَنَّهُ لَا يَمْلِكُهُ فَلَوْ أَنَّ الِابْنَ اسْتَقْرَضَ مَالًا وَقَضَى دَيْنَ الْأَبِ، ثُمَّ أَذِنَ لِهَذَا الْعَبْدِ فِي التِّجَارَةِ لَمْ يَصِحَّ إذْنُهُ أَيْضًا؛ لِأَنَّ دَيْنَ الِابْنِ عَلَى أَبِيهِ يَمْنَعُ مِلْكَ الْعَبْدِ، وَإِنَّمَا يَمْلِكُهُ إذَا أَبْرَأَ الْغَرِيمُ الْمَيِّتَ عَنْ الدَّيْنِ أَوْ قَضَى الْوَارِثُ دَيْنَ أَبِيهِ مِنْ مَالِ نَفْسِهِ تَبَرُّعًا بِأَنْ قَالَ عِنْدَ الْأَدَاءِ عَلَى وَجْهِ التَّبَرُّعِ يَصِيرُ ذَلِكَ دَيْنًا لَهُ عَلَى الْأَبِ كَمَا لَوْ كَفَّنَ الْمَيِّتَ مِنْ مَالِ نَفْسِهِ فَإِنَّهُ يَرْجِعُ فِي التَّرِكَةِ. الْمَوْلَى إذَا أَذِنَ لِعَبْدِهِ الْآبِقِ لَا يَصِحُّ إذْنِهِ وَإِنْ عَلِمَ الْآبِقُ وَإِنْ أَذِنَ فِي التِّجَارَةِ مَعَ مَنْ كَانَ فِي يَدِهِ صَحَّ إذْنُهُ وَإِنْ أَذِنَ لِعَبْدِهِ الْمَغْصُوبِ فِي التِّجَارَةِ فَإِنْ كَانَ الْغَاصِبُ مُقِرًّا أَوْ كَانَ لِمَوْلَاهُ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 427 بَيِّنَةٌ صَحَّ الْإِذْنُ؛ لِأَنَّهُ لَوْ بَاعَهُ فِي هَذَا الْوَجْهِ جَازَ بَيْعُهُ فَصَحَّ إذْنُهُ. الْمَوْلَى إذَا أَذِنَ لِعَبْدِهِ، وَقَالَ لَا تَبِعْ بِغَبْنٍ فَاحِشٍ فَإِنْ بَاعَ بِغَبَنٍ فَاحِشٍ جَازَ بَيْعُهُ؛ لِأَنَّ إذْنَ الْمَوْلَى لَا يَقْبَلُ التَّخْصِيصَ. الْأَبُ أَوْ الْوَصِيُّ إذَا أَذِنَ لِلصَّغِيرِ أَوْ لِعَبْدِهِ الصَّغِيرِ فِي التِّجَارَةِ صَحَّ إذْنُهُمَا وَسُكُوتُهُمَا يَكُونُ إذْنًا، وَالْقَاضِي يَمْلِكُ الْإِذْنَ لِلصَّغِيرِ وَيَمْلِكُ إذْنَ عَبْدِ الصَّغِيرِ وَسُكُوتُهُ لَا يَكُونُ إذْنًا فَإِنْ مَاتَ الْأَبُ أَوْ الْوَصِيُّ بَعْدَ الْإِذْنِ قَبْلَ بُلُوغِ الصَّغِيرِ بَطَلَ الْإِذْنُ الْوَصِيُّ إذَا رَأَى الصَّغِيرَ أَوْ عَبْدًا لِلصَّغِيرِ يَبِيعُ وَيَشْتَرِي فَسَكَتَ قَالُوا يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ مَأْذُونًا بِخِلَافِ الْقَاضِي. الْقَاضِي إذَا أَذِنَ لِلصَّغِيرِ أَوْ لِعَبْدِ الصَّغِيرِ فِي التِّجَارَةِ وَأَبَى الْأَبُ أَوْ الْوَصِيُّ فَإِبَاؤُهُمَا بَاطِلٌ وَإِنْ حَجَرَا عَلَيْهِ بَعْدَ إذْنِ الْقَاضِي لَا يَصِحُّ حَجْرُهُمَا وَكَذَا لَوْ مَاتَ الْقَاضِي لَا يَنْحَجِرُ الْعَبْدُ إلَّا أَنْ يَرْفَعَ الْأَمْرَ إلَى قَاضٍ آخَرَ حَتَّى يَحْجُرَ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّ وِلَايَةَ هَذَا الْقَاضِي مِثْلُ وِلَايَةِ الْأَوَّلِ. رَجُلٌ اشْتَرَى عَبْدًا عَلَى أَنَّهُ بِالْخِيَارِ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ فَأَذِنَ لَهُ فِي التِّجَارَةِ أَوْ رَآهُ يَبِيعُ أَوْ يَشْتَرِي فَسَكَتَ كَانَ ذَلِكَ إجَازَةً لِلْبَيْعِ وَيَبْطُلُ خِيَارُهُ وَيَصِيرُ الْعَبْدُ مَأْذُونًا وَلَوْ بَاعَ عَبْدًا عَلَى أَنَّهُ بِالْخِيَارِ، ثُمَّ أَذِنَ لِلْعَبْدِ فِي مُدَّةِ الْخِيَارِ لَمْ يَكُنْ فَسْخًا لِلْبَيْعِ إلَّا أَنْ يَلْحَقَ الْعَبْدَ دَيْنٌ بِذَلِكَ. إذَا طَلَبَ غُرَمَاءُ الْعَبْدِ الْمَأْذُونِ مِنْ الْقَاضِي بَيْعَهُ فَأَمَرَ الْقَاضِي مَوْلَاهُ بِالْبَيْعِ فَبَاعَهُ جَازَ بَيْعُهُ وَلَا يَصِيرُ الْمَوْلَى مُخْتَارًا حَتَّى لَا يَلْزَمُهُ قَضَاءُ الدَّيْنِ مِنْ مَالِهِ وَهَذَا بِخِلَافِ الْمَوْلَى إذَا بَاعَ عَبْدَهُ الْجَانِيَ بَعْدَ الْعِلْمِ بِالْجِنَايَةِ يَصِيرُ مُخْتَارًا لِلْفِدَاءِ وَهُوَ بِخِلَافِ الْمَرِيضِ إذَا بَاعَ عَيْنًا مِنْ أَعْيَانِ مَالِهِ بِمِثْلِ الْقِيمَةِ بِغَيْرِ إذْنِ الْغُرَمَاءِ فَإِنَّهُ يَنْفُذُ بَيْعُهُ. الْمَوْلَى إذَا بَاعَ عَبْدَهُ الْمَأْذُونَ بِغَيْرِ إذْنِ الْغُرَمَاءِ وَهُوَ عَالِمٌ بِدُيُونِهِ كَانَ عَلَيْهِ الْأَقَلُّ مِنْ قِيمَتِهِ وَمِنْ دُيُونِهِ وَكَذَا لَوْ لَمْ يَعْلَمْ بِدُيُونِهِ وَإِذَا وَجَدَ الْغُرَمَاءُ الْعَبْدَ فَأَرَادُوا نَقْضَ الْبَيْعِ لَيْسَ لَهُمْ ذَلِكَ إلَّا بِحَضْرَةِ الْبَائِعِ، وَالْمُشْتَرِي وَلَوْ كَانَ دَيْنُ الْعَبْدِ مُؤَجَّلًا فَبَاعَهُ قَبْلَ حُلُولِ الْأَجَلِ جَازَ بَيْعُهُ؛ لِأَنَّ الدَّيْنَ الْمُؤَجَّلَ لَا يَحْجُرُ الْمَوْلَى عَنْ بَيْعِهِ فَإِذَا حَلَّ الْأَجَلُ لَيْسَ لِصَاحِبِ الدَّيْنِ نَقْضُ الْبَيْعِ وَلَكِنْ لَهُ أَنْ يُضَمِّنَ الْمَوْلَى قِيمَةَ الْعَبْدِ. الْمَوْلَى إذَا بَاعَ مِنْ عَبْدِهِ الْمَأْذُونِ الْمَدْيُونِ صَحَّ بَيْعُهُ وَلَهُ أَنْ يَحْبِسَ الْمَبِيعَ لِاسْتِيفَاءِ الثَّمَنِ فَلَوْ سَلَّمَ الْمَبِيعَ إلَيْهِ قَبْلَ اسْتِيفَاءِ الثَّمَنِ بَطَلَ دَيْنُهُ كَذَا فِي كِتَابِ الصَّرْفِ. الْعَبْدُ الْمَأْذُونُ الْمَدْيُونُ إذَا خَاصَمَ مَوْلَاهُ فِي مَالِ فِي يَدِ الْعَبْدِ فَقَالَ الْعَبْدُ هُوَ مَالِي، وَقَالَ مَوْلَاهُ هُوَ لِي كَانَ الْقَوْلُ قَوْلَ الْعَبْدِ وَلَا يُصَدَّقُ الْمَوْلَى حَتَّى يَقْضِيَ دَيْنَ الْعَبْدِ وَإِنْ كَانَ الْعَبْدُ الْمَأْذُونُ فِي مَنْزِلِ مَوْلَاهُ فَإِنْ كَانَ الْمَالُ الَّذِي اخْتَصَمَا فِيهِ مِنْ تِجَارَةِ الْعَبْدِ فَهُوَ لَهُ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ مِنْ تِجَارَتِهِ يَكُونُ لِلْمَوْلَى وَإِنْ كَانَ الْمَالُ فِي يَدِ الْعَبْدِ وَيَدِ الْمَوْلَى كَانَ الْمَالُ بَيْنَهُمَا وَإِنْ كَانَ مَعَهُمَا أَجْنَبِيٌّ، وَالْمَالُ فِي أَيْدِيهِمْ كَانَ بَيْنَهُمْ أَثْلَاثًا وَإِنْ كَانَ الْعَبْدُ رَاكِبَ دَابَّةٍ أَوْ لَابِسَ ثَوْبٍ وَاخْتَصَمَا فِيهِ يَكُونُ لِلْعَبْدِ وَإِذَا زَوَّجَ الْمَوْلَى عَبْدَهُ الْمَأْذُونَ الْمَدْيُونَ جَازَ؛ لِأَنَّ فِيهِ تَحْصِينُ الْعَبْدِ هَذِهِ الْجُمْلَةُ مِنْ قَاضِي خَانْ. إذَا أَعْتَقَ الْمَوْلَى عَبْدَهُ الْمَأْذُونَ الْمَدْيُونَ وَهُوَ عَالِمٌ بِالدَّيْنِ لَا يَضْمَنُ جَمِيعَ الدَّيْنَ إنَّمَا يَضْمَنُ الْأَقَلَّ مِنْ قِيمَتِهِ وَمِنْ دُيُونِهِ؛ لِأَنَّ الْإِعْتَاقَ فَضْلُ اخْتِيَارٍ، وَلَوْ اخْتَارَ جَمِيعَ الدُّيُونِ لَا يَلْزَمُهُ؛ لِأَنَّهُ وَعَدَ أَنْ يَقْضِيَ دُيُونَ الْعَبْدِ فَلَا يَلْزَمُهُ، كَذَا فِي الصُّغْرَى وَمَا بَقِيَ مِنْ الدُّيُونِ يُطَالِبُ بِهِ بَعْدَ الْعِتْقِ - بِخِلَافِ مَا إذَا عَتَقَ الْمُدَبَّرُ وَأُمُّ الْوَلَدِ - الْمَأْذُونُ لَهُمَا وَقَدْ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 428 رَكِبَهُمَا دُيُونٌ؛ لِأَنَّ حَقَّ الْغُرَمَاءِ لَمْ يَتَعَلَّقْ بِرَقَبَتِهِمَا اسْتِيفَاءً بِالْبَيْعِ فَلَمْ يَكُنْ الْمَوْلَى مُتْلِفًا حَقَّهُمْ فَلَا يَضْمَنُ شَيْئًا وَإِنْ بَاعَهُ الْمَوْلَى وَعَلَيْهِ دَيْنٌ مُحِيطٌ بِرَقَبَتِهِ وَقَبَضَهُ الْمُشْتَرِي وَغَيَّبَهُ فَإِنْ شَاءَ الْغُرَمَاءُ ضَمَّنُوا الْبَائِعَ قِيمَتَهُ وَإِنْ شَاءُوا ضَمَّنُوا الْمُشْتَرِيَ؛ لِأَنَّ الْعَبْدَ تَعَلَّقَ بِهِ حَقُّهُمْ حَتَّى كَانَ لَهُمْ أَنْ يَبِيعُوهُ إلَّا أَنْ يَقْضِيَ الْمَوْلَى دَيْنَهُمْ، وَالْبَائِعُ مُتْلِفٌ بِالْبَيْعِ، وَالتَّسْلِيمِ، وَالْمُشْتَرِي بِالْقَبْضِ، وَالتَّغْيِيبِ فَيُخَيَّرُونَ فِي التَّضْمِينِ وَإِنْ شَاءُوا أَجَازُوا الْبَيْعَ وَأَخَذُوا الثَّمَنَ وَإِنْ ضَمَّنُوا الْبَائِعَ قِيمَتَهُ، ثُمَّ رُدَّ عَلَى الْمَوْلَى بِعَيْبٍ فَلِلْمَوْلَى أَنْ يَرْجِعَ بِالْقِيمَةِ وَيَكُونُ حَقُّهُمْ فِي الْعَبْدِ. وَمَنْ قَدِمَ مِصْرًا فَقَالَ أَنَا عَبْدُ فُلَانٍ فَاشْتَرَى وَبَاعَ لَزِمَهُ كُلُّ شَيْءٍ مِنْ التِّجَارَةِ إلَّا أَنَّهُ لَا يُبَاعُ حَتَّى يَحْضُرَ مَوْلَاهُ؛ لِأَنَّهُ لَا يُقْبَلُ قَوْلُهُ فِي الرَّقَبَةِ؛ لِأَنَّهُ خَالِصُ حَقِّ الْمَوْلَى بِخِلَافِ الْكَسْبِ؛ لِأَنَّهُ حَقُّ الْعَبْدِ فَإِنْ حَضَرَ الْمَوْلَى فَقَالَ هُوَ مَأْذُونٌ يُبَاعُ فِي الدَّيْنِ وَإِذَا قَالَ هُوَ مَحْجُورٌ فَالْقَوْلُ لَهُ وَإِذَا لَزِمَ الْمَأْذُونَ دُيُونٌ تُحِيطُ بِرَقَبَتِهِ وَبِمَا لَهُ لَمْ يَمْلِكْ الْمَوْلَى مَا فِي يَدِهِ. لَوْ أَعْتَقَ مِنْ كَسْبِهِ عَبْدًا لَمْ يُعْتَقْ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَقَالَا يَمْلِكُ مَا فِي يَدِهِ وَيَعْتِقُ وَعَلَيْهِ قِيمَتُهُ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مُحِيطًا بِمَالِهِ جَازَ عِتْقُهُ فِي قَوْلِهِمْ جَمِيعًا مِنْ الْهِدَايَةِ. وَلَوْ وَطِئَ جَارِيَةَ عَبْدِهِ فَوَلَدَتْ مِنْهُ صَارَتْ أُمَّ وَلَدٍ لَهُ وَيَضْمَنُ قِيمَتَهَا مُسْتَغْرِقًا كَانَ لِدَيْنِهِ أَوْ لَا اتِّفَاقًا وَلَا يَضْمَنُ قِيمَةَ الْوَلَدِ وَلَا الْعُقْرَ، وَلَوْ أَعْتَقَهَا ثُمَّ وَطِئَهَا فَوَلَدَتْ عَتَقَتْ بِالِاسْتِيلَادِ لَا بِعِتْقِهِ وَعَلَيْهِ الْعُقْرُ لَهَا وَيَثْبُتُ النَّسَبُ مِنْ الْوَجِيزِ. وَلَوْ اسْتَهْلَكَ الْعَبْدُ الْمَأْذُونُ مَالَ الْغَيْرِ يَكُونُ ذَلِكَ الْغَيْرُ أُسْوَةً لِلْغُرَمَاءِ هَذِهِ فِي نِكَاحِ الرَّقِيقِ مِنْ الْهِدَايَةِ. وَإِذَا بِيعَ الْمَدْيُونُ بِرِضَا الْغُرَمَاءِ يَنْتَقِلُ حَقُّهُمْ إلَى الْبَدَلِ؛ لِأَنَّهُمْ رَضُوا بِالِانْتِقَالِ هَذِهِ فِي الرَّهْنِ مِنْهَا وَلَوْ أَعْتَقَ الْمَوْلَى الْمَأْذُونَ الْمَدْيُونَ كَانَ لِلْغُرَمَاءِ أَنْ يُضَمِّنُوا الْمَوْلَى قِيمَتَهُ وَيَتْبَعُوا الْمُعْتَقَ بِبَقِيَّةِ دَيْنِهِمْ، وَإِنْ شَاءُوا ضَمَّنُوا الْمُعْتَقَ جَمِيعَ دَيْنِهِمْ، فَإِنْ اخْتَارُوا تَضْمِينَ الْمُعْتَقِ لَمْ يَبْرَأْ الْمَوْلَى فَلَهُمْ أَنْ يَرْجِعُوا وَيُضَمِّنُوا الْمَوْلَى الْقِيمَةَ، وَإِنْ أَبَرَءُوا الْمَوْلَى لَمْ يَكُنْ لَهُمْ عَلَيْهِ سَبِيلٌ بَعْدَ ذَلِكَ وَبِاخْتِيَارِ اتِّبَاعِ أَحَدِهِمَا لَا يَبْرَأُ الْآخَرُ، وَمَا قَبَضَ أَحَدُ الْغُرَمَاءِ بَعْدَ الْعِتْقِ مِنْ الْعَبْدِ لَا يُشَارِكُهُ الْبَاقُونَ فِيهِ وَلَوْ أَعْتَقَ الْمَأْذُونُ الْمَدْيُونَ بِإِذْنِ الْغَرِيمِ فَلِلْغَرِيمِ أَنْ يُضَمِّنَ مَوْلَاهُ الْقِيمَةَ وَلَوْ دَبَّرَ الْمَأْذُونُ الْمَدْيُونَ فَإِنْ شَاءَ الْغُرَمَاءُ ضَمَّنُوا الْمَوْلَى قِيمَتَهُ وَلَا سَبِيلَ لَهُمْ عَلَى الْعَبْدِ فَإِذَا أَعْتَقَ اتَّبَعُوهُ بِبَقِيَّةِ دَيْنِهِمْ وَهُوَ عَلَى إذْنِهِ، وَإِنْ شَاءُوا لَمْ يُضَمِّنُوا الْمَوْلَى وَاسْتَسْعَوْا الْعَبْدَ فِي جَمِيعِ دَيْنِهِمْ، وَإِنْ دَبَّرَهُ قَبْلَ الدَّيْنِ لَمْ يَضْمَنْ. وَلَا يَجُوزُ هِبَةُ الْعَبْدِ الْمَأْذُونِ الْمَدْيُونِ بِإِذْنِ الْغُرَمَاءِ فِي رِوَايَةٍ وَفِي رِوَايَةٍ يَجُوزُ وَيَبْقَى الدَّيْنُ فِي ذِمَّةِ الْعَبْدِ يُبَاعُ فِيهِ وَلَوْ كَانَ عَلَى الْمَأْذُونِ دَيْنٌ مُؤَجَّلٌ فَوَهَبَهُ مَوْلَاهُ جَازَ وَإِنْ نَفَذَ وَحَلَّ الْأَجَلُ ضَمَّنَ الْمَوْلَى قِيمَتَهُ، وَإِنْ رَجَعَ الْمَوْلَى فِي هِبَتِهِ لَمْ يَكُنْ لَهُمْ عَلَى الْعَبْدِ سَبِيلٌ فَإِنْ أَذِنَ لَهُ مَرَّةً أُخْرَى بَعْدَمَا رَجَعَ فِي الْهِبَةِ فَلَحِقَهُ دَيْنٌ يُبَاعُ وَثَمَنُهُ بَيْنَ الْآخَرِينَ، وَالْأَوَّلِينَ فَإِنْ مَاتَ الْمَوْلَى وَلَا مَالَ لَهُ غَيْرُ الْعَبْدِ بِيعَ وَبُدِئَ بِدَيْنِ الْآخَرِينَ فَإِنْ فَضَلَ شَيْءٌ كَانَ لِلْأَوَّلِينَ وَإِنْ كَانَ عَلَى الْمَوْلَى دَيْنٌ سِوَى ذَلِكَ ضَرَبَ فِيهِ غُرَمَاءُ الْمَوْلَى بِدَيْنِهِمْ، وَالْأَوَّلُونَ بِقِيمَةِ الْعَبْدِ. وَلَوْ وُهِبَ الْعَبْدُ وَعَلَيْهِ أَلْفٌ حَالَّةٌ وَأَلْفٌ مُؤَجَّلَةٌ فَلِصَاحِبِ الدَّيْنِ الْحَالِّ أَنْ يَقْبِضَهَا فِي الْكُلِّ وَلَوْ وُهِبَ الْمَأْذُونُ الْمَدْيُونُ مِنْ صَاحِبِ الدَّيْنِ حَتَّى سَقَطَ دَيْنُهُ، ثُمَّ رَجَعَ فِي هِبَتِهِ أَوْ كَفَلَ عَنْ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 429 الْعَبْدِ رَجُلٌ بِدَيْنِهِ فَوَهَبَ الْمَالَ مَوْلَى الْعَبْدِ مِنْ صَاحِبِ الدَّيْنِ وَقَبَضَهُ مِنْهُ حَتَّى بَرِئَ الْكَفِيلُ، ثُمَّ رَجَعَ فِي هِبَتِهِ أَوْ وَهَبَهُ مِنْ صَاحِبِ الدَّيْنِ فِي مَرَضِهِ وَلَا مَالَ لَهُ غَيْرُهُ وَلَمْ يُجِزْهُ الْوَرَثَةُ حَتَّى رَدَّ ثُلُثَيْ الْعَبْدِ إلَى الْوَرَثَةِ أَوْ كَانَ الدَّيْنُ لِلْيَتِيمِ فَوَهَبَهُ مِنْ الْيَتِيمِ فَقَبِلَهُ الْوَصِيُّ حَتَّى سَقَطَ، ثُمَّ رَجَعَ فِي هِبَتِهِ يَعُودُ الدَّيْنُ عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ وَعِنْدَ مُحَمَّدٍ لَا يَعُودُ الدَّيْنُ. عَلَى عَبْدِهِ دَيْنٌ أَلْفٌ مُؤَجَّلٌ فَبَاعَهُ سَيِّدُهُ بِإِذْنِهِ بِقَلِيلٍ أَوْ كَثِيرٍ، ثُمَّ حَلَّ الْأَجَلُ أَخَذَ الثَّمَنَ مِنْ مَوْلَاهُ وَلَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ ضَمَانُ الْقِيمَةِ إنْ كَانَ الثَّمَنُ أَقَلَّ مِنْ الدَّيْنِ فَإِنَّ بِوُجُودِ الثَّمَنِ فِي يَدِ الْمَوْلَى لَمْ يَكُنْ لَهُ عَلَى الْمَوْلَى سَبِيلٌ؛ لِأَنَّهُ بِإِذْنِهِ صَارَ الْمَوْلَى كَالْوَكِيلِ عَنْهُ. رَهَنَ عَبْدَهُ الْمَأْذُونَ أَوْ أَجَّرَهُ وَعَلَيْهِ دَيْنٌ مُؤَجَّلٌ قَبْلَ حُلُولِهِ جَازَ وَإِذَا حَلَّ ضَمَّنُوهُ قِيمَةَ الرَّهْنِ دُونَ الْإِجَارَةِ وَإِنْ بَقِيَتْ مِنْهَا مُدَّةً فَلَهُمْ أَنْ يَفْسَخُوا الْإِجَارَةَ. وَلَا يَجُوزُ بَيْعُ الْمَوْلَى الْمَأْذُونَ الْمَدْيُونَ بِأَمْرِ بَعْضِ الْغُرَمَاءِ إلَّا بِرِضَا الْبَاقِينَ أَوْ يَبِيعُهُ الْقَاضِي وَيَعْزِلُ نَصِيبَ الْغَائِبِ مِنْهُمْ مِنْ الثَّمَنِ. وَإِذَا أَخَذَ الْمَوْلَى شَيْئًا مِنْ كَسْبِ الْمَأْذُونِ، ثُمَّ لَحِقَهُ دَيْنٌ سَلَّمَ لِمَوْلَاهُ مَا أَخَذَ وَإِنْ كَانَ عَلَيْهِ دَيْنٌ يَوْمَ أَخَذَ قَلِيلٌ أَوْ كَثِيرٌ لَمْ يُسَلِّمْ لَهُ مَا أَخَذَ حَتَّى إذَا لَحِقَهُ دَيْنٌ آخَرُ يَرُدُّ الْمَوْلَى جَمِيعَ مَا أَخَذَ وَلَوْ أَخَذَ مِنْهُ ضَرِيبَةَ غَلَّةِ مِثْلِهِ وَعَلَيْهِ دَيْنٌ سُلِّمَتْ لَهُ اسْتِحْسَانًا وَإِنْ أَخَذَ أَكْثَرَ مِنْ غَلَّةِ مِثْلِهِ لَا يُسَلَّمُ لَهُ الْفَضْلُ. وَإِذَا وَلَدَتْ الْمَأْذُونَةُ، ثُمَّ لَحِقَهَا الدَّيْنُ لَا يُبَاعُ الْوَلَدُ وَهُوَ لِلْمَوْلَى، وَالْهِبَةُ، وَالْكَسْبُ يُبَاعَانِ فِي الدَّيْنِ وَإِنْ اسْتَفَادَتْهُمَا قَبْلَ الدَّيْنِ وَلَوْ كَانَ عَلَيْهَا أَلْفٌ قَبْلَ الْوِلَادَةِ وَأَلْفٌ بَعْدَهَا فَالْوَلَدُ لِلْأَوَّلِ خَاصَّةً. وَلَوْ بَاعَ الْمَأْذُونَ الْمَدْيُونَ أَمِينَ الْقَاضِي لِأَجْلِ الْغُرَمَاءِ وَهَلَكَ الثَّمَنُ فِي يَدِهِ، ثُمَّ وَجَدَ الْمُشْتَرِي بِهِ عَيْبًا فَرَدَّهُ بَاعَهُ مَرَّةً أُخْرَى وَقَضَى الْمُشْتَرِي ثَمَنَهُ وَكَذَلِكَ لَوْ بَاعَهُ مَوْلَاهُ بِأَمْرِهِمْ إلَّا أَنَّ الْأَمِينَ يَضْمَنُ النُّقْصَانَ، ثُمَّ يَرْجِعُ بِهِ عَلَى الْغُرَمَاءِ؛ لِأَنَّهُ وَكِيلٌ عَنْ الْغُرَمَاءِ. وَلَوْ بَاعَ الْقَاضِي كَسْبَ الْعَبْدِ الْمَدْيُونِ، وَالْمَوْلَى غَائِبٌ، ثُمَّ حَضَرَ وَأَنْكَرَ الْإِذْنَ سَأَلَهُمْ الْقَاضِي الْبَيِّنَةَ عَلَى الْإِذْنِ فَإِنْ أَقَامُوا وَإِلَّا يَرُدُّوا مَا قَبَضُوا. وَلَوْ بَاعَ الْمَأْذُونُ الْمَدْيُونُ شَيْئًا مِنْ مَوْلَاهُ بِمِثْلِ الْقِيمَةِ جَازَ وَلَوْ لَمْ يَكُنْ عَلَى الْعَبْدِ شَيْءٌ لَا يَجُوزُ بَيْعُهُ مِنْ مَوْلَاهُ وَلَوْ حَابَاهُ بِمَا يَتَغَابَنُ النَّاسُ فِي مِثْلِهِ لَمْ يَجُزْ، ثُمَّ يُقَالُ لِلْمَوْلَى إنْ كَانَ الْمَتَاعُ قَائِمًا إمَّا أَنْ تَتِمَّ الْقِيمَةُ أَوْ يُنْقَضَ الْبَيْعُ قِيلَ هَذَا عِنْدَهُمَا وَعِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ لَوْ حَابَى لَا يَجُوزُ الْبَيْعُ وَإِنْ أَتَمَّ الْمَوْلَى الْقِيمَةَ. وَلَوْ دَفَعَ الْعَبْدُ إلَى مَوْلَاهُ مُضَارَبَةً أَوْ شَرِكَةَ عَنَانٍ بِالنِّصْفِ فَرَبِحَ، وَقَالَ أَخَذْتَ رَأْسَ مَالِي وَنَصِيبِي مِنْ الرِّبْحِ صُدِّقَ فِي ذَلِكَ وَلَا يُصَدَّقُ عَلَى مَا فِي يَدِ الْمَوْلَى مِنْ الرِّبْحِ فَيَأْخُذُ نِصْفَهُ. وَإِذَا وَكَّلَ الْعَبْدُ وَكِيلًا بِبَيْعِ عَبْدٍ لَهُ فَبَاعَهُ مِنْ مَوْلَاهُ بِأَكْثَرَ مِنْ قِيمَتِهِ، ثُمَّ حَجَرَ عَلَى عَبْدِهِ فَأَقَرَّ الْوَكِيلُ بِالْقَبْضِ لَمْ يُصَدَّقْ وَلَوْ بَاعَهُ الْغُرَمَاءُ فَأَقَرَّ صُدِّقَ. وَلَوْ بَاعَ الْمَوْلَى جَارِيَةَ عَبْدِهِ الْمَدْيُونِ وَنَوَى الثَّمَنَ فَأَقَرَّ الْعَبْدُ أَنَّهُ أَمَرَ مَوْلَاهُ بِبَيْعِهَا لَمْ يَضْمَنْ الْمَوْلَى قِيمَتَهَا وَلَوْ أَنْكَرَ ضَمِنَ هَذَا إذَا كَانَتْ الْجَارِيَةُ قَائِمَةً أَوْ لَا تَدْرِي وَإِنْ كَانَتْ هَالِكَةً فَالصَّحِيحُ أَنَّهُ لَا يُصَدَّقُ وَلَوْ كَذَّبَهُ الْعَبْدُ ضَمِنَ الْمَوْلَى قِيمَتَهَا. صَبِيٌّ مَأْذُونٌ بَاعَ مِنْ أَبِيهِ عَبْدًا بِمَا يَتَغَابَنُ النَّاسُ فِيهِ لَا يَجُوزُ بِالِاتِّفَاقِ وَلَوْ أَقَرَّ الصَّبِيُّ بِقَبْضِ الثَّمَنِ مِنْ الْأَبِ لَمْ يُصَدَّقْ إلَّا بِبَيِّنَةٍ وَكَذَلِكَ لَوْ أَقَرَّ لِوَلِيِّهِ أَوْ لِوَصِيِّهِ بِالدَّيْنِ وَلَوْ أَقَرَّ مَوْلَاهُ بِبَيْعِ عَبْدِهِ فَبَاعَهُ، ثُمَّ أَقَرَّ أَنَّ الْعَبْدَ قَبَضَ الثَّمَنَ مِنْ الْمُشْتَرِي يَحْلِفُ الْمَوْلَى عَلَى مَا يَقُولُ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 430 فَإِنْ حَلَفَ لَمْ يَضْمَنْ فَإِنْ نَكَلَ ضَمِنَ الثَّمَنَ، وَإِنْ كَانَ الثَّمَنُ عَرَضًا لِلْمَوْلَى أَنْ يُطَالِبَ الْعَبْدَ بِالْعَرَضِ الَّذِي اشْتَرَاهُ مِنْهُ وَلَوْ بَاعَ مِنْ عَبْدِهِ بِأَكْثَرَ مِنْ قِيمَتِهِ فَإِمَّا أَنْ يَأْخُذَ مِقْدَارَ قِيمَتِهِ أَوْ يَنْقُضَ الْبَيْعَ. وَلَوْ أَقْرَضَ الْمَوْلَى عَبْدَهُ الْمَأْذُونَ الْمَدْيُونَ أَلْفًا فَالْمَوْلَى أَحَقُّ بِهَا وَكَذَلِكَ إنْ أَوْدَعَهُ وَدِيعَةً فَاشْتَرَى الْعَبْدُ بِهَا مَتَاعًا فَالْمَوْلَى أَحَقُّ بِالْمَتَاعِ. وَلَوْ اشْتَرَى الْمَوْلَى مِنْ عَبْدِهِ شَيْئًا لِغَيْرِهِ بِالْوَكَالَةِ جَازَ الشِّرَاءُ وَلَمْ يَجُزْ قَبْضُهُ وَإِنْ صَدَّقَهُ الْآمِرُ بِقَبْضِهِ فَإِنْ قَبَضَهُ الْمَوْلَى فَمَاتَ فِي يَدِهِ ضَمِنَ الثَّمَنَ لِلْعَبْدِ وَبَطَلَ الْبَيْعُ عَنْ الْآمِرِ وَكَذَا شِرَاءُ رَبِّ الْمَالِ عَبْدًا مِنْ الْمُضَارَبَةِ مِنْ مُضَارَبَةٍ لِغَيْرِهِ وَقِيمَتُهُ أَلْفَانِ وَرَأْسُ الْمَالِ أَلْفٌ يَجُوزُ وَلَا يَجُوزُ قَبْضُهُ هَذِهِ الْجُمْلَةُ مِنْ الْوَجِيزِ. قَالَ فِي الْهِدَايَةِ وَلَوْ بَاعَ الْمَوْلَى شَيْئًا بِمِثْلِ الْقِيمَةِ أَوْ أَقَلَّ جَازَ الْبَيْعُ؛ لِأَنَّ الْمَوْلَى أَجْنَبِيٌّ عَنْ كَسْبِهِ إذَا كَانَ عَلَيْهِ دَيْنٌ وَلَا تُهْمَةَ فِيهِ فَإِنْ سَلَّمَ إلَيْهِ قَبْلَ قَبْضِ الثَّمَنِ بَطَلَ الثَّمَنُ؛ لِأَنَّ حَقَّ الْمَوْلَى فِي الْعَيْنِ مِنْ حَيْثُ الْحَبْسُ فَلَوْ بَقِيَ بَعْدَ سُقُوطِهِ يَبْقَى فِي الدَّيْنِ وَلَا يَسْتَوْجِبُهُ الْمَوْلَى عَلَى عَبْدِهِ بِخِلَافِ مَا إذَا كَانَ الثَّمَنُ عَرْضًا؛ لِأَنَّهُ يَتَعَيَّنُ وَجَازَ أَنْ يَبْقَى حَقُّهُ مُتَعَلِّقًا بِالْعَيْنِ وَإِنْ أَمْسَكَهُ فِي يَدِهِ حَتَّى يَسْتَوْفِيَ الثَّمَنَ جَازَ؛ لِأَنَّ الْبَائِعَ لَهُ حَقُّ الْحَبْسِ فِي الْمَبِيعِ وَلِهَذَا كَانَ أَخَصَّ بِهِ مِنْ الْغُرَمَاءِ وَجَازَ لِلْمَوْلَى أَنْ يَكُونَ لَهُ حَقٌّ فِي الدَّيْنِ إذَا كَانَ يَتَعَلَّقُ بِالْعَيْنِ انْتَهَى. رَجُلٌ دَخَلَ بِعَبْدٍ إلَى السُّوقِ، وَقَالَ هَذَا عَبْدِي بَايِعُوهُ فِي الْبُرِّ ضَمِنَ مَا بَاعُوهُ فِي الْبُرِّ وَغَيْرِهِ لَوْ وَجَدَ حُرًّا وَكَذَلِكَ لَوْ كَانَ مُدَبَّرًا فَلَمْ يُعْلِمْهُمْ وَلَوْ قَالَ أَذِنْتُ لَهُ فِي التِّجَارَةِ، ثُمَّ قَالَ لِأَقْوَامٍ بِأَعْيَانِهِمْ بَايِعُوهُ فَبَايَعُوهُ وَغَيْرُهُمْ فَوَجَدُوهُ حُرًّا أَوْ مُسْتَحَقًّا ضَمِنَ لِمَنْ أَمَرَ خَاصَّةً وَلَوْ قَالَ: هَذَا ابْنِي وَقَدْ أَذِنْتُ لَهُ فِي التِّجَارَةِ فَبَايِعُوهُ وَقَدْ كَانَ ابْنَ غَيْرِهِ فَهُوَ غَارٌّ وَيَضْمَنُ مِنْ الْوَجِيزِ قَالَ فِي الْأَشْبَاهِ مِنْ الْكَفَالَةِ الْغُرُورُ لَا يُوجِبُ الضَّمَانَ إلَّا بِشُرُوطٍ مِنْهَا أَنْ يَكُونَ فِي ضِمْنِ عَقْدِ مُعَاوَضَةٍ فَإِذَا قَالَ الْأَبُ لِأَهْلِ السُّوقِ بَايِعُوا ابْنِي فَقَدْ أَذِنْتُ لَهُ فِي التِّجَارَةِ فَظَهَرَ أَنَّهُ ابْنُ غَيْرِهِ رَجَعُوا عَلَيْهِ لِلْغُرُورِ وَكَذَا إذَا قَالَ: بَايِعُوا عَبْدِي فَبَايَعُوهُ وَلَحِقَهُ دَيْنٌ، ثُمَّ ظَهَرَ أَنَّهُ عَبْدُ الْغَيْرِ رَجَعُوا عَلَيْهِ إنْ كَانَ الْأَبُ حُرًّا وَإِلَّا فَبَعْدَ الْعِتْقِ وَكَذَا إذَا ظَهَرَ حُرًّا أَوْ مُدَبَّرًا أَوْ مُكَاتَبًا فِي الرُّجُوعِ فِي إضَافَتِهِ إلَيْهِ، وَالْأَمْرُ بِمُبَايَعَتِهِ كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ انْتَهَى. لَوْ أُسِرَ الْعَبْدُ الْمَأْذُونُ وَأَحْرَزُوهُ، ثُمَّ ظَهَرَ الْمُسْلِمُونَ عَلَيْهِ وَأَخَذَهُ مَوْلَاهُ عَادَتْ الْجِنَايَةُ، وَالدَّيْنُ عَلَيْهِ وَكَذَا لَوْ اشْتَرَاهُ رَجُلٌ وَأَخَذَ مَوْلَاهُ بِالثَّمَنِ وَإِنْ أَخَذَهُ مَوْلَاهُ بِالثَّمَنِ عَادَ الدَّيْنُ دُونَ الْجِنَايَةِ وَلَوْ بِيعَ الْعَبْدُ بِالدَّيْنِ قِيلَ يُعَوَّضُ لِمَنْ وَقَعَ الْعَبْدُ فِي سَهْمِهِ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ وَقِيلَ لَا يُعَوَّضُ بِخِلَافِ الْمُدَبَّرِ، وَالْمُكَاتَبِ؛ لِأَنَّهُ لَا يَمْلِكُ أَصْلًا وَلَوْ أَسْلَمَ الْمُشْرِكُونَ كَانَ الْعَبْدُ لَهُمْ وَبَطَلَتْ الْجِنَايَةُ دُونَ الدَّيْنِ وَلَا سَبِيلَ لِمَوْلَاهُ الْقَدِيمِ عَلَيْهِ. عَبْدٌ بَيْنَ اثْنَيْنِ فَأَذِنَ لَهُ أَحَدُهُمَا جَازَ فِي نَصِيبِهِ خَاصَّةً وَلَوْ لَحِقَهُ دَيْنُ التِّجَارَةِ وَفِي يَدِهِ مَالُ التِّجَارَةِ قَضَى مِنْ ذَلِكَ دَيْنَهُ، وَالْبَاقِي بَيْنَهُمَا نِصْفَانِ وَلَوْ وُهِبَ لَهُ أَوْ كَسَبَ قَبْلَ الْإِذْنِ لَا يَدْفَعُ فِي دَيْنِهِ وَلَوْ اسْتَهْلَكَ مَالًا كَانَ عَلَيْهِمَا بِخِلَافِ مَا لَوْ أَقَرَّ بِالِاسْتِهْلَاكِ فَهُوَ عَلَى الْآذِنِ خَاصَّةً وَلَوْ قَالَ أَحَدُ الشَّرِيكَيْنِ لِصَاحِبِهِ ائْذَنْ لِنَصِيبِك فَأَذِنَ فَهُوَ مَأْذُونٌ كُلُّهُ وَكَذَلِكَ إذْنُ أَحَدِ الْمَوْلَيَيْنِ فِي نَصِيبِهِ يَكُونُ إذْنًا مِنْهُ فِي الْكُلِّ. الدَّيْنُ الْمُحِيطُ بِالتَّرِكَةِ يَمْنَعُ وُقُوعَ الْمِلْكِ لِلْوَرَثَةِ وَغَيْرُ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 431 الْمُحِيطِ لَا يَمْنَعُ وَدَيْنُ الْعَبْدِ لَا يَمْنَعُ وُقُوعَ الْمِلْكَ لِلْوَرَثَةِ فِي التَّرِكَةِ وَدَيْنُ الْمَوْلَى إذَا لَمْ يَكُنْ بِانْضِمَامِ دَيْنِ الْعَبْدِ إلَيْهِ يَصِيرُ مُحِيطًا لَهُ يَمْنَعُ ثُبُوتَ الْمِلْكِ لِلْوَرَثَةِ فَلَوْ هَلَكَ الرَّجُلُ وَعَلَيْهِ أَلْفُ دِرْهَمٍ وَتَرَكَ ابْنَيْنِ وَعَبْدًا قِيمَتُهُ أَلْفٌ لَا مَالَ لَهُ غَيْرُهُ وَلِأَحَدِ ابْنَيْهِ عَلَى الْعَبْدِ خَمْسُمِائَةٍ يُبَاعُ الْعَبْدُ فَيَسْتَوْفِي الِابْنُ دَيْنَهُ، ثُمَّ يَسْتَوْفِي الْأَجْنَبِيُّ خَمْسَمِائَةٍ مَا بَقِيَ مِنْ ثَمَنِ الْعَبْدِ؛ لِأَنَّ دَيْنَ الْعَبْدِ مُقَدَّمٌ عَلَى دَيْنِ الْمَوْلَى وَإِنْ كَانَ دَيْنُ الْمَيِّتِ خَمْسَمِائَةٍ، وَالْمَسْأَلَةُ بِحَالِهَا سَقَطَ دَيْنُ الِابْنِ وَيَسْتَوْفِي نِصْفَهُ أَوَّلًا مِائَتَيْنِ وَخَمْسِينَ، ثُمَّ يَسْتَوْفِي الْأَجْنَبِيُّ دَيْنَهُ خَمْسَمِائَةٍ يَبْقَى مِائَتَانِ وَخَمْسُونَ ثُلُثَاهَا لِلِابْنِ الدَّائِنِ، وَالثُّلُثُ لِلْآخَرِ كَمَا لَوْ لَمْ يَكُنْ عَلَى الْمَيِّتِ دَيْنٌ لَكَانَ الْبَاقِي بَعْدَ دَيْنِ الْمُوَرِّثِ بَيْنَهُمَا أَثْلَاثًا فَكَذَا هَذَا فَإِذَا أَقَرَّ الْمَأْذُونُ فِي مَرَضِ مَوْتِ الْمَوْلَى وَعَلَى الْمَوْلَى دَيْنٌ مُحِيطٌ بِمَالِهِ وَبِرَقَبَةِ الْعَبْدِ لَا يَصِحَّ إقْرَارُهُ وَإِنْ كَانَ عَلَى الْمَوْلَى دَيْنُ الْمَرَضِ صَحَّ إقْرَارُهُ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ عَلَى الْعَبْدِ دَيْنٌ فِي صِحَّةِ مَوْلَاهُ، ثُمَّ أَقَرَّ بِدَيْنٍ فِي مَرَضِ مَوْلَاهُ يَتَحَاصَّانِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ عَلَى أَحَدِهِمَا دَيْنٌ فَأَقَرَّ الْمَوْلَى فِي مَرَضِهِ بِأَلْفٍ، ثُمَّ أَقَرَّ الْعَبْدُ بِأَلْفٍ تَحَاصَّا فِي ثَمَنِ الْعَبْدِ وَلَوْ أَقَرَّ الْعَبْدُ أَوَّلًا، ثُمَّ الْمَوْلَى بُدِئَ بِدَيْنِ الْعَبْدِ؛ لِأَنَّ دَيْنَ الْعَبْدِ يُقَدَّمُ عَلَى دَيْنِ الْمَوْلَى تَعَلُّقًا. وَلَوْ أَقَرَّ الْمَأْذُونُ بِعَيْنٍ فِي يَدِهِ لِمَوْلَاهُ أَوْ لِعَبْدِ مَوْلَاهُ إنْ لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ دَيْنٌ جَازَ وَإِلَّا فَلَا وَيَثْبُتُ لِلْمَوْلَى مُطَالَبَةُ عَبْدِهِ بِتَسْلِيمِهِ إلَيْهِ وَإِنْ أَقَرَّ بِدَيْنٍ لَا يَجُوزُ سَوَاءٌ كَانَ عَلَيْهِ دَيْنٌ أَوْ لَا وَلَوْ أَقَرَّ لِعَبْدٍ فِي يَدِهِ أَنَّهُ مَمْلُوكُهُ، ثُمَّ أَقَرَّ أَنَّهُ حُرُّ الْأَصْلِ لَا يَصِحُّ وَلَوْ أَقَرَّ لِعَبْدٍ فِي يَدِهِ أَنَّهُ حُرُّ الْأَصْلِ أَوْ ابْنُ فُلَانٍ وَلَمْ يُقِرَّ أَنَّهُ مَمْلُوكُهُ وَعَلَيْهِ دَيْنٌ صُدِّقَ وَلَوْ اشْتَرَى هَذَا الْقِنَّ مِنْ رَجُلٍ وَقَبَضَهُ، وَالْعَبْدُ سَاكِتٌ، ثُمَّ أَقَرَّ أَنَّهُ حُرُّ الْأَصْلِ أَوْ ابْنُ فُلَانٍ لَا يُصَدَّقُ مِنْ الْوَجِيزِ. الْمَأْذُونُ الْمَدْيُونُ إذَا أَوْصَى بِهِ سَيِّدُهُ لِرَجُلٍ، ثُمَّ مَاتَ وَلَمْ يُجِزْ الْغَرِيمُ كَانَ مِلْكًا لِلْمُوصَى لَهُ إذَا كَانَ يَخْرُجُ مِنْ الثُّلُثِ وَيَمْلِكُهُ كَمَا يَمْلِكُهُ الْوَارِثُ، وَالدَّيْنُ فِي رَقَبَتِهِ وَلَوْ وَهَبَهُ فِي حَيَاتِهِ فَلِلْغَرِيمِ إبْطَالُهَا وَيَبِيعُهُ الْقَاضِي فَمَا فَضَلَ مِنْ ثَمَنِهِ فَلِلْوَاهِبِ مِنْ الْأَشْبَاهِ. وَلَوْ اشْتَرَى الْمَأْذُونُ شَيْئًا بِشَرْطِ الْخِيَارِ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ فَأَبْرَأَهُ الْبَائِعُ عَنْ الثَّمَنِ، ثُمَّ أَرَادَ الرَّدَّ بِالْخِيَارِ لَهُ ذَلِكَ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَقَالَا لَيْسَ لَهُ ذَلِكَ وَلَوْ اشْتَرَى الْمَأْذُونُ عَبْدًا أَوْ دَابَّةً أَوْ سَمْنًا فِي يَدِهِ وَزَادَتْ قِيمَتُهُ، ثُمَّ أَقَالَ الْبَيْعَ جَازَ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ خِلَافًا لَهُمَا وَلَوْ اشْتَرَى الْمَأْذُونُ الْمَدْيُونُ جَارِيَةً مَثَلًا وَقَبَضَهَا وَلَمْ يَدْفَعْ الثَّمَنَ حَتَّى وَهَبَ الْبَائِعُ الثَّمَنَ، ثُمَّ تَقَايَلَا فَالْإِقَالَةُ بَاطِلَةٌ عِنْدَهُمَا. وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ صَحِيحَةٌ مِنْ الْمَجْمَعِ قَيَّدْنَا بِقَوْلِنَا وَقَبَضَهَا إذْ قَبْلَ الْقَبْضِ هِيَ بَاطِلَةٌ اتِّفَاقًا ذَكَرَهُ فِي الْحَقَائِقِ وَفِي شَرْحِ الْمَجْمَعِ فَائِدَةُ التَّقْيِيدِ بِكَوْنِهِ مَدْيُونًا غَيْرُ ظَاهِرَةٍ؛ لِأَنَّ الْإِقَالَةَ تَصِحُّ مِنْ الْمَأْذُونِ مَدْيُونًا كَانَ أَوْ غَيْرَهُ ذَكَرَهُ فِي الْمُحِيطِ وَلِهَذَا لَمْ يَذْكُرْ هَذَا الْقَيْدَ فِي الْمَنْظُومَةِ وَشُرُوحِهَا. عَبْدٌ مَأْذُونٌ بَيْنَ مَوْلَيَيْنِ أَدَانَهُ أَحَدُهُمَا مِائَةً وَأَجْنَبِيٌّ كَذَلِكَ فَبِيعَ الْعَبْدُ بِمِائَةٍ أَوْ مَاتَ وَخَلَفَ مِنْ كَسْبِهِ مِائَةً أَوْ قُتِلَ وَاسْتُوْفِيَتْ الْقِيمَةُ مِائَةً مِنْ قَاتِلِهِ تُقْسَمُ هَذِهِ الْمِائَةُ بَيْنَ الْأَجْنَبِيِّ، وَالْمَوْلَى الْغَرِيمِ أَثْلَاثًا؛ لِأَنَّهُ بَطَلَ نِصْفُ دَيْنِهِ بِمُلَاقَاتِهِ مِلْكَهُ إذْ الْمَوْلَى لَا يَسْتَوْجِبُ عَلَى عَبْدِهِ دَيْنًا فَصَارَ كَمَيِّتٍ تَرَكَ مِائَةً وَلَهُ غَرِيمٌ بِمِائَةٍ وَغَرِيمٌ بِخَمْسِينَ وَعِنْدَهُمَا تُقَسَّمُ أَرْبَاعًا ثَلَاثَةُ أَرْبَاعِهَا لِلْأَجْنَبِيِّ، وَالرُّبْعُ لِلْمَوْلَى الْغَرِيمِ بِطَرِيقِ الْمُنَازَعَةِ؛ لِأَنَّ الْعَيْنَ لَا تَعُولُ فَخَمْسُونَ لَاقَتْ نَصِيبَهُ وَدَيْنُهُ لَا يَثْبُتُ فِي نَصِيبِهِ فَسَلَّمَ ذَلِكَ لِلْأَجْنَبِيِّ وَخَمْسُونَ لَاقَتْ نَصِيبَ الْمَوْلَى الجزء: 1 ¦ الصفحة: 432 الْآخَرِ فَاسْتَوَى فِيهِ حَقُّ الْأَجْنَبِيِّ، وَالْمَوْلَى الْغَرِيمِ فَتَنْقَسِمُ بَيْنَهُمَا نِصْفَيْنِ وَهُوَ يَقُولُ الدَّيْنُ فِي الذِّمَّةِ لَا فِي الْعَيْنِ فَيَعُولُ وَلَوْ كَانَ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْ الْمَوْلَيَيْنِ عَلَيْهِ مِائَةٌ، وَالْمَسْأَلَةُ بِحَالِهَا فَنِصْفُ الْمِائَةِ تَكُونُ لِلْأَجْنَبِيِّ وَنِصْفُهَا لِلْمَوْلَيَيْنِ بِالْإِجْمَاعِ مِنْ الْحَقَائِقِ. وَإِذَا أَقَرَّ الْمَأْذُونُ بِافْتِضَاضِ حُرَّةٍ أَوْ أَمَةٍ يَلْزَمُهُ الضَّمَانُ فِي الْحَالِ عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ فَيَدْفَعُهُ مَوْلَاهُ أَوْ يَفْدِيهِ وَقَالَا لَا يُؤَاخَذُ بِهِ فِي الْحَالِ بَلْ بَعْدَ الْعِتْقِ وَلَوْ أَقَرَّ الْمُكَاتَبُ بِالِافْتِضَاضِ بِأُصْبُعِهِ فَعَجَزَ عَنْ أَدَاءِ بَدَلِ الْكِتَابَةِ فَرَدَّهُ الْمَوْلَى لِلرِّقِّ فَضَمَانُ الْمَهْرِ فِي الْحُرَّةِ، وَالْعُقْرِ فِي الْأَمَةِ مُتَأَخِّرٌ إلَى مَا بَعْدَ الْعِتْقِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَعِنْدَ أَبِي يُوسُفَ يُؤْخَذُ بِهِ فِي الْحَالِ، وَقَالَ مُحَمَّدٌ: إنْ قَضَى الْقَاضِي بِوُجُوبِهِ عَلَيْهِ قَبْلَ عَجْزِهِ لَزِمَهُ فِي الْحَالِ، وَإِنْ لَمْ يَقْضِ بِهِ قَبْلَ الْعَجْزِ يَتَأَخَّرُ إلَى مَا بَعْدَ الْعِتْقِ مِنْ دُرَرِ الْبِحَارِ. وَإِذَا اشْتَرَى الْمَأْذُونُ لَهُ جَارِيَةً شِرَاءً فَاسِدًا، ثُمَّ وَطِئَهَا فَرَدَّهَا أَخَذَ بِالْعُقْرِ فِي الْحَالِ هَذِهِ فِي الْمُكَاتَبِ مِنْ الْهِدَايَةِ. وَلَوْ قَالَ الْمَوْلَى لِعَبْدِ مَأْذُونِهِ الَّذِي لَمْ يُولَدْ عِنْدَهُ وَهُوَ مَجْهُولُ النَّسَبِ هَذَا ابْنِي، وَالْحَالُ أَنَّ الْعَبْدَ صَالِحٌ أَنْ يُولَدَ مِنْهُ لَا يَثْبُتُ نَسَبُهُ مِنْهُ وَلَا يُعْتَقُ عَلَيْهِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَقَالَا يُعْتَقُ عَلَيْهِ وَيَضْمَنُ قِيمَتَهُ لِلْغُرَمَاءِ، وَإِنَّمَا قُلْنَا الَّذِي لَمْ يُولَدْ عِنْدَهُ إذْ لَوْ وُلِدَ الْعَبْدُ عِنْدَ الْمَأْذُونِ وَادَّعَاهُ الْمَوْلَى صَحَّ اتِّفَاقًا. وَلَوْ قَتَلَ الْمَوْلَى عَبْدَ مَأْذُونِهِ الْمُسْتَغْرِقِ الْمَدْيُونِ فَضَمَانُهُ ضَمَانُ جِنَايَةٍ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ فَيَجِبُ عَلَيْهِ الْقِيمَةُ فِي ثَلَاثِ سِنِينَ؛ لِأَنَّهُ كَالْأَجْنَبِيِّ مِنْهُ وَقَالَا ضَمَانُ إتْلَافٍ فَيَضْمَنُ قِيمَتَهُ لِلْغُرَمَاءِ فِي الْحَالِ مِنْ شَرْحِ الْمَجْمَعِ. وَإِنْ حَجَرَ الْمَوْلَى عَلَى مَأْذُونِهِ لَمْ يَنْحَجِرْ حَتَّى يَظْهَرَ حَجْرُهُ مِنْ أَهْلِ سُوقِهِ؛ لِأَنَّهُ لَوْ انحجر يَتَضَرَّرُ النَّاسُ لِتَأْخِيرِ حَقِّهِمْ إلَى مَا بَعْدَ الْعِتْقِ بِمَا لَمْ يَتَعَلَّقْ بِرَقَبَتِهِ وَكَسْبِهِ وَقَدْ بَايَعُوهُ عَلَى رَجَاءِ ذَلِكَ وَيُشْتَرَطُ عِلْمُ أَكْثَرِ أَهْلِ سُوقِهِ حَتَّى لَوْ حَجَرَ عَلَيْهِ فِي السُّوقِ وَلَيْسَ فِيهِ إلَّا رَجُلٌ أَوْ رَجُلَانِ لَمْ يَنْحَجِرْ وَلَوْ بَايَعُوهُ جَازَ وَلَوْ بَايَعَهُ الَّذِي عَلِمَ حَجْرَهُ. وَلَوْ حَجَرَ عَلَيْهِ فِي بَيْتِهِ بِمَحْضَرٍ مِنْ أَكْثَرِ أَهْلِ سُوقِهِ يَنْحَجِرُ، وَالْمُعْتَبَرُ شُيُوعُ الْحَجْرِ وَاشْتِهَارُهُ فَيُقَامُ ذَلِكَ مَقَامَ الظُّهُورِ عِنْدَ الْكُلِّ كَمَا فِي تَبْلِيغِ الرِّسَالَةِ مِنْ الرُّسُلِ - عَلَيْهِمْ السَّلَامُ - وَيَبْقَى الْعَبْدُ مَأْذُونًا إلَى أَنْ يَعْلَمَ بِالْحَجْرِ، وَإِنَّمَا شَرَطَ الشُّيُوعَ فِي الْحَجْرِ إذَا كَانَ الْإِذْنُ شَائِعًا أَمَّا إذَا لَمْ يَعْلَمْ بِهِ إلَّا الْعَبْدُ، ثُمَّ حَجَرَ عَلَيْهِ بِعِلْمٍ مِنْهُ يَنْحَجِرُ كَذَا فِي الْهِدَايَةِ قَالَ فِي الصُّغْرَى: الْحَجْرُ إنَّمَا يَصِحُّ إذَا كَانَ مِثْلَ الْإِذْنِ فَإِنْ كَانَ الْإِذْنُ عَامًّا اُشْتُهِرَ عِنْدَ أَهْلِ السُّوقِ لَا يَنْحَجِرُ حَتَّى يَكُونَ الْحَجْرُ كَذَلِكَ وَإِذَا كَانَ لَا يَعْلَمُ بِهِ إلَّا رَجُلٌ أَوْ رَجُلَانِ أَوْ ثَلَاثَةٌ فَإِنَّهُ يَصِحُّ الْحَجْرُ بِمَحْضَرٍ مِنْ الْعَبْدِ وَإِذَا أَذِنَ لِعَبْدِهِ وَلَمْ يَعْلَمْ الْعَبْدُ يَصِحُّ الْحَجْرُ وَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ الْعَبْدُ وَإِذَا حَجَرَ عَلَى عَبْدِهِ الْمَأْذُونِ فِي سُوقِهِ وَهُوَ غَائِبٌ لَمْ يَنْحَجِرْ فَإِنْ عَلِمَ بَعْدَ ذَلِكَ كَانَ مَحْجُورًا اهـ. وَإِنْ رَآهُ الْمَوْلَى يَبِيعُ وَيَشْتَرِي بَعْدَمَا حَجَرَ عَلَيْهِ قَبْلَ أَنْ يَعْلَمَ الْعَبْدُ فَلَمْ يَنْهَهُ، ثُمَّ عَلِمَ الْعَبْدُ بِالْحَجْرِ يَبْقَى مَأْذُونًا اسْتِحْسَانًا. وَلَوْ مَاتَ الْمَوْلَى أَوْ بَاعَ الْعَبْدَ أَوْ جُنَّ مُطْبِقًا صَارَ مَحْجُورًا وَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ أَهْلُ سُوقِهِ فَإِنْ كَانَ عَلَى الْعَبْدِ دَيْنٌ فَبَاعَهُ أَوْ وَهَبَهُ بِغَيْرِ إذْنِ الْغُرَمَاءِ لَا يَصِيرُ مَحْجُورًا مَا لَمْ يَقْبِضْهُ الْمُشْتَرِي فَإِنْ عَادَ إلَى قَدِيمِ مِلْكِهِ بِالرَّدِّ بِالْعَيْبِ أَوْ بِالرُّجُوعِ فِي الْهِبَةِ لَا يَعُودُ الْإِذْنُ وَلَا يَصِيرُ مَحْجُورًا بِالْبَيْعِ الْفَاسِدِ وَبِالْبَيْعِ بِشَرْطِ الْخِيَارِ لِلْبَائِعِ إلَّا عِنْدَ الْقَبْضِ أَوْ الْإِجَازَةِ وَفِي الْبَيْعِ بِشَرْطِ الْخِيَارِ لِلْمُشْتَرِي يَصِيرُ مَحْجُورًا مِنْ وَقْتِ الْبَيْعِ وَبِالْإِبَاقِ يَصِيرُ مَحْجُورًا وَبِالْعَوْدِ مِنْ الْإِبَاقِ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 433 لَا يَعُودُ الْإِذْنُ وَبِمَوْتِ الْأَبِ، وَالْوَصِيِّ يَنْحَجِرُ الصَّبِيُّ وَعَبْدُهُ الْمَأْذُونُ وَبِعَزْلِ الْقَاضِي وَبِمَوْتِهِ لَا يَنْحَجِرُ. وَإِذَا حَجَرَ الْمَوْلَى عَلَى عَبْدِهِ الْمَأْذُونِ وَلَهُ عَبْدٌ مَأْذُونٌ فَإِنْ كَانَ عَلَى الْأَوَّلِ دَيْنٌ يَنْحَجِرُ كِلَاهُمَا وَإِنْ لَمْ يَكُنْ عَلَى الْأَوَّلِ دَيْنٌ يَنْحَجِرُ الثَّانِي وَبِمَوْتِ الْأَوَّلِ يَنْحَجِرُ كِلَاهُمَا كَانَ عَلَى الْأَوَّلِ دَيْنٌ أَمْ لَا مِنْ الْوَجِيزِ. وَإِذَا لَحِقَ الْمَوْلَى بِدَارِ الْحَرْبِ يَصِيرُ الْمَأْذُونُ مَحْجُورًا وَإِذَا وَلَدَتْ الْمَأْذُونُ لَهَا مِنْ مَوْلَاهَا صَارَتْ مَحْجُورَةً وَيَضْمَنُ الْمَوْلَى قِيمَتَهَا إنْ رَكِبَهَا دُيُونٌ وَإِنْ اسْتَدَانَتْ الْأَمَةُ الْمَأْذُونُ لَهَا أَكْثَرَ مِنْ قِيمَتِهَا فَدَبَّرَهَا الْمَوْلَى فَهِيَ مَأْذُونٌ لَهَا عَلَى حَالِهَا. بَاعَ عَبْدَهُ الْمَأْذُونَ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ دَيْنٌ صَارَ مَحْجُورًا عَلِمَ أَهْلُ السُّوقِ بِهِ أَوْ لَمْ يَعْلَمُوا وَإِنْ كَانَ عَلَيْهِ دَيْنٌ لَا يَصِيرُ مَحْجُورًا قَبْلَ قَبْضِ الْمُشْتَرِي؛ لِأَنَّ الْبَيْعَ فَاسِدٌ إذَا لَمْ يَكُنْ بِإِذْنِ الْغُرَمَاءِ أَوْ بِأَمْرِ الْقَاضِي هَذَا إذَا كَانَ الدَّيْنُ حَالًّا وَإِنْ كَانَ دَيْنُ الْعَبْدِ مُؤَجَّلًا لَا يَنْحَجِرُ الْمَوْلَى عَنْ الْبَيْعِ وَلَيْسَ لِلْغُرَمَاءِ نَقْضُ هَذَا الْبَيْعِ وَلَهُمْ أَنْ يُضَمِّنُوا الْمَوْلَى قِيمَتَهُ إذَا حَلَّ الدَّيْنُ فَإِنْ كَانَ عَلَيْهِ دَيْنٌ حَالٌّ فَالْبَيْعُ فَاسِدٌ إلَّا أَنْ يَكُونَ أَوْفَى بِالدَّيْنِ فَإِذَا قَبَضَ الثَّمَنَ وَقَضَى دَيْنَهُ نَفَذَ الْبَيْعُ السَّابِقُ وَكَمَا لَا يَبِيعُهُ الْمَوْلَى وَعَلَيْهِ دَيْنٌ حَالٌّ لَا يَبِيعُ مَا فِي يَدِهِ، وَإِنَّمَا يَبِيعُهُ الْقَاضِي. الْمُدَبَّرُ إذَا كَانَ مَأْذُونًا فَأَبَقَ لَا يَصِيرُ مَحْجُورًا. وَإِذَا غَصَبَ الْمَأْذُونَ غَاصِبٌ لَمْ يَذْكُرْ فِي الْكِتَابِ قَالُوا الصَّحِيحُ أَنَّهُ لَا يَصِيرُ مَحْجُورًا وَإِذَا أَسَرَهُ الْعَدُوُّ لَا يَصِيرُ مَحْجُورًا قَبْل الْإِحْرَازِ بِدَارِ الْحَرْبِ وَبَعْدَ الْإِحْرَازِ يَصِيرُ مَحْجُورًا فَإِنْ وَصَلَ إلَى مَوْلَاهُ بَعْدَ ذَلِكَ لَا يَعُودُ مَأْذُونًا. وَتَعْلِيقُ الْحَجْرِ بَاطِلٌ كَتَعْلِيقِ الرَّجْعَةِ وَكَذَا إضَافَةُ الْحَجْرِ إلَى وَقْتٍ فِي الْمُسْتَقْبَلِ بَاطِلٌ وَإِضَافَةُ الْإِذْنِ جَائِزٌ. وَإِذَا أَخْبَرَ الْمَأْذُونَ بِالْحَجْرِ لَا يَصِيرُ مَحْجُورًا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ إلَّا أَنْ يَكُونَ الْمُخْبِرُ عَدْلًا أَوْ أَخْبَرَهُ اثْنَانِ وَعِنْدَهُمَا يَثْبُتُ بِخَبَرِ الْوَاحِدِ اتِّفَاقًا وَذَكَرَ الْإِمَامُ الْمَعْرُوفُ بِخُوَاهَرْ زَادَهْ عَنْ الْفَقِيهِ أَبِي بَكْرٍ الْبَلْخِيّ أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَهُمَا بَلْ كُلٌّ مِنْ الْحَجْرِ، وَالْإِذْنِ إنَّمَا يَثْبُتُ بِخَبَرِ الْوَاحِدِ إذَا كَانَ الْمُخْبِرُ صَادِقًا عِنْدَ الْعَبْدِ، وَالْفَتْوَى عَلَى هَذَا الْقَوْلِ مِنْ قَاضِي خَانْ. وَإِذَا حَجَرَ عَلَى الْمَأْذُونِ لَهُ فَإِقْرَارُهُ جَائِزٌ فِيمَا فِي يَدِهِ مِنْ الْمَالِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ قَالَ وَمَعْنَاهُ أَنْ يُقِرَّ بِمَا فِي يَدِهِ أَنَّهُ أَمَانَةٌ لِغَيْرِهِ أَوْ غُصِبَ مِنْهُ أَوْ يُقِرُّ بِدَيْنٍ عَلَيْهِ فَيُقْضَى مِمَّا فِي يَدِهِ. وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ وَمُحَمَّدٌ لَا يَجُوزُ إقْرَارُهُ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِي يَدِهِ بَعْدَ الْحَجْرِ لَا يُعْتَبَرُ إقْرَارُهُ فِي حَقِّ مَوْلَاهُ اتِّفَاقًا وَكَذَا إذَا أَقَرَّ بَعْدَمَا انْتَزَعَ الْمَوْلَى مِنْ يَدِهِ الْمَالَ فَإِنَّهُ لَا يُعْتَبَرُ إقْرَارُهُ اتِّفَاقًا وَمَحَلُّ الْمَسْأَلَةِ الْهِدَايَةِ. لَوْ حَجَرَ عَلَى عَبْدِهِ الْمَأْذُونِ فَتَصَرَّفَ بَعْدَ ذَلِكَ فِي بَعْضِ مَا فِي يَدِهِ قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ جَمِيعُ تَصَرُّفَاتِهِ بَاطِلَةٌ مَا خَلَا الْإِقْرَارَ بِالدَّيْنِ، الْوَدِيعَةِ، وَالْبِضَاعَةِ وَعِنْدَهُمَا كُلُّهَا بَاطِلَةٌ وَلَوْ أَقَرَّ بِدَيْنٍ حَادِثٍ بَعْدَ الْحَجْرِ وَعَلَيْهِ دَيْنٌ مَعْرُوفٌ وَجَبَ عَلَيْهِ حَالَةَ الْإِذْنِ لَا يَصِحُّ إقْرَارُهُ بِدَيْنِ الْحَجْرِ وَلَوْ أَقَرَّ بَعْدَ الْحَجْرِ أَوْ كَانَتْ فِي يَدِهِ أَلْفٌ أَخَذَهَا مَوْلَاهُ وَأَقَرَّ الْعَبْدُ أَنَّهَا كَانَتْ لِفُلَانٍ وَدِيعَةً، ثُمَّ عَتَقَ لَمْ يَلْزَمْهُ شَيْءٌ وَلَوْ أَقَرَّ أَنَّهَا كَانَتْ غَصْبًا فِي يَدِهِ لَزِمَهُ إذَا عَتَقَ وَلَمْ يَأْخُذْ مِنْهُ الْوَدِيعَةَ وَلَوْ وُهِبَ لِعَبْدٍ مَحْجُورٍ أَلْفٌ فَلَمْ يَأْخُذْهَا الْمَوْلَى حَتَّى اسْتَهْلَكَ لِرَجُلٍ أَلْفًا، ثُمَّ اسْتَهْلَكَ أَيْضًا أَلْفًا أُخْرَى كَانَتْ الْأَلْفُ لِلْمَوْلَى، وَالدَّيْنَانِ فِي رَقَبَتِهِ وَلَوْ لَحِقَهُ دَيْنُ الِاسْتِهْلَاكِ، ثُمَّ وُهِبَ لَهُ شَيْءٌ تُصْرَفُ الْهِبَةُ إلَى دَيْنِهِ وَلَوْ اسْتَهْلَكَ، ثُمَّ وُهِبَ لَهُ، ثُمَّ لَحِقَهُ دَيْنٌ آخَرُ تُصْرَفُ الْهِبَةُ إلَى الدَّيْنِ الْأَوَّلِ. وَإِذَا حُجِرَ الْمَأْذُونُ وَلَهُ دُيُونٌ عَلَى النَّاسِ كَانَ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 434 الْخَصْمُ فِيهَا الْعَبْدُ حَتَّى لَوْ قَبَضَهَا الْعَبْدُ بَرِئَ الْغَرِيمُ كَانَ عَلَيْهِ دَيْنٌ أَمْ لَا وَلَوْ بِيعَ الْعَبْدُ أَوْ مَاتَ فَالْخَصْمُ فِيهَا الْمَوْلَى وَلَوْ كَانَ عَلَى الْعَبْدِ دَيْنٌ لَا يَقْبِضُهَا بَلْ يُحِيلُ بِالْقَبْضِ إلَى الْغُرَمَاءِ وَكَذَلِكَ يَجِبُ أَنْ يَكُونَ فِي الْوَارِثِ. وَلَوْ اشْتَرَى الْمَحْجُورُ مَتَاعًا فَهَلَكَ فِي يَدِهِ وَلَمْ يَنْقُدْ ثَمَنَهُ، ثُمَّ عَتَقَ لَزِمَهُ قِيمَةُ الْمَتَاعِ وَلَوْ كَانَ الْمَبِيعُ عَبْدًا فَقَتَلَهُ بَعْدَ أَنْ قَبَضَهُ لَزِمَهُ فِي الْحَالِ وَيُقَالُ لِمَوْلَاهُ ادْفَعْهُ أَوْ افْدِهِ. وَلَوْ اشْتَرَى الْمَحْجُورُ عَبْدًا بِأَلْفٍ وَقِيمَتُهُ أَلْفٌ فَبَاعَ وَرَبِحَ فَيَأْخُذُ الْبَائِعُ ثَمَنَهُ مِنْ ذَلِكَ الْمَالِ اسْتِحْسَانًا إذَا عَلِمَ أَنَّ ثَمَنَ عَبْدِهِ فِي يَدِهِ وَلَوْ أَنْكَرَ الْمَوْلَى فَقَالَ هُوَ هِبَةٌ وَهِبَتُهُ مِنْ عَبْدِي كَانَ الْقَوْلُ قَوْلَهُ وَإِنْ أَقَامَا الْبَيِّنَةَ فَالْبَيِّنَةُ بَيِّنَةُ الْبَائِعِ. عَبْدٌ مَحْجُورٌ عَلَيْهِ اكْتَسَبَ عَشَرَةَ دَرَاهِمَ بِغَيْرِ إذْنِ السَّيِّدِ، ثُمَّ اشْتَرَى بِهَا ثَوْبًا، وَالسَّيِّدُ يَنْظُرُ إلَيْهِ فَسَكَتَ صَارَ الْعَبْدُ مَأْذُونًا لَهُ فِي التِّجَارَةِ وَلِلْمَوْلَى أَنْ يَرْجِعَ بِالدَّرَاهِمِ عَلَى الْبَائِعِ عَبْدٌ مَحْجُورٌ اشْتَرَى ثَوْبًا وَلَمْ يَعْلَمْ مَوْلَاهُ بِذَلِكَ حَتَّى بَاعَ الْعَبْدَ، ثُمَّ أَجَازَ الشِّرَاءَ لَمْ يَجُزْ هَذَا الشِّرَاءُ أَبَدًا وَلَوْ بَاعَ ثَوْبًا مِنْ رَجُلٍ، ثُمَّ إنَّ الْمَوْلَى بَاعَ الْعَبْدَ وَلَمْ يَعْلَمْ بِبَيْعِ الثَّوْبِ، ثُمَّ عَلِمَ فَأَجَازَ الْبَيْعَ لَمْ يَجُزْ هَذَا الْبَيْعُ. عَبْدٌ مَحْجُورٌ ادَّانَ رَجُلًا دَيْنًا فَأَذِنَ مَوْلَاهُ مَنْ عَلَيْهِ الدَّيْنُ أَنْ يَدْفَعَهُ إلَى الْعَبْدِ فَقَضَاهُ الْغَرِيمُ ذَكَرَ الْمُعَلَّى عَنْ أَبِي يُوسُفَ إنْ كَانَ رَدَّ عَلَى الْعَبْدِ عَيْنَ تِلْكَ الدَّرَاهِمِ الَّتِي أَخَذَهَا مِنْهُ بَرِئَ وَإِنْ رَدَّ غَيْرَهَا لَمْ يَبْرَأْ وَعِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ يَبْرَأُ فِي الْوَجْهَيْنِ كَالْفُضُولِيِّ إذَا ادَّانَ مَالَ غَيْرِهِ فَبِقَضَاءِ الدَّيْنِ يَبْرَأُ. وَلَوْ حَجَرَ عَلَى عَبْدِهِ الْمَأْذُونِ وَلَا مَالَ فِي يَدِهِ فَأَقَرَّ بِدَيْنٍ كَانَ عَلَيْهِ وَهُوَ مَأْذُونٌ مِنْ غَصْبٍ أَوْ وَدِيعَةٍ أَوْ عَارِيَّةٍ اسْتَهْلَكَهَا أَوْ مُضَارَبَةٍ لَمْ يَلْزَمْهُ إلَّا بَعْدَ الْإِعْتَاقِ وَإِذَا أَذِنَ لَهُ مَرَّةً أُخْرَى سَأَلَ عَمَّا أَقَرَّ بِهِ فَإِنْ قَالَ كَانَ حَقًّا لَزِمَهُ وَإِنْ قَالَ كَانَ بَاطِلًا تَأَخَّرَ حَتَّى يُعْتَقَ وَكَذَلِكَ الصَّبِيُّ، وَالْمَعْتُوهُ مِنْ الْوَجِيزِ إذَا حَجَرَ الْمَأْذُونَ وَفِي يَدِهِ أَلْفٌ مَثَلًا، ثُمَّ أَذِنَ لَهُ ثَانِيًا فَأَقَرَّ لِرَجُلٍ بِأَلْفٍ دَيْنٍ لَزِمَهُ فِي الْإِذْنِ الْأَوَّلِ يُقْضَى مِنْ تِلْكَ الْأَلْفِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَقَالَا هِيَ لِلْمَوْلَى وَيَصِحُّ إقْرَارُهُ فَيُؤْمَرُ الْمَوْلَى بِقَضَائِهِ أَوْ بِبَيْعِهِ فِيهِ مِنْ الْمَجْمَعِ. رَجُلٌ وَهَبَ لِعَبْدِ إنْسَانٍ هِبَةً، ثُمَّ أَرَادَ الرُّجُوعَ فِي الْهِبَةِ، وَقَالَ الْوَاهِبُ بَلْ أَنْتَ مَأْذُونٌ فَأَقَامَ الْعَبْدُ الْبَيِّنَةَ عَلَى إقْرَارِ الْوَاهِبِ أَنَّهُ مَحْجُورٌ قَالَ هَذَا الَّذِي بِعْتُكَ لِمَوْلَايَ وَأَنَا مَحْجُورٌ يُقْبَلُ بَيِّنَتُهُ عَبْدٌ بَاعَ شَيْئًا مِنْ رَجُلٍ، ثُمَّ قَالَ أَنَا مَحْجُورٌ، وَقَالَ الْمُشْتَرِي بَلْ أَنْتَ مَأْذُونٌ لَا يُقْبَلُ قَوْلُ الْعَبْدِ. الْأَمَةُ الْمَحْجُورَةُ إذَا زَوَّجَتْ نَفْسَهَا، ثُمَّ عَتَقَتْ نَفَذَ نِكَاحُهَا وَكَانَ الْمَهْرُ لَهَا مِنْ قَاضِي خَانْ. وَلَوْ بَاعَ الصَّبِيَّ الْمَحْجُورَ، ثُمَّ بَلَغَ فَإِنْ أَجَازَهُ أَقْرِبَاؤُهُ جَازَ خِلَافًا لِزُفَرَ مِنْ الْمَجْمَعِ. اشْتَرَتْ أَسَاوِرَ مِنْ ذَهَبٍ بِمَالِ الْكَسْبِ فِي دَارِ الْمَوْلَى وَأَوْدَعَتْهَا رَجُلًا فَهَلَكَتْ يَضْمَنُ الْمُودَعُ؛ لِأَنَّهَا مَالٌ هَذِهِ فِي الْوَدِيعَةِ مِنْ الْخُلَاصَةِ. [فَصْلٌ فِي نَوْعٍ مِنْ الْحَجْرِ عَلَى الْحُرِّ الْعَاقِلِ الْبَالِغِ] (فَصْلٌ فِي نَوْعٍ مِنْ الْحَجْرِ) قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ لَا يَحْجُرُ الْقَاضِي عَلَى الْحُرِّ الْعَاقِلِ الْبَالِغِ إلَّا عَلَى مَنْ يَتَعَدَّى ضَرَرُهُ إلَى الْعَامَّةِ وَهُمْ ثَلَاثَةٌ الطَّبِيبُ الْجَاهِلُ الَّذِي يَسْقِي الْإِنْسَانَ مَا يَضُرُّهُ وَيُهْلِكُهُ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 435 وَعِنْدَهُ أَنَّهُ شِفَاءٌ وَدَوَاءٌ الثَّانِي الْمُفْتِي الْمَاجِنُ وَهُوَ الَّذِي يُعَلِّمُ النَّاسَ الْجَهْلَ أَوْ يُفْتِي بِالْجَهْلِ، وَالثَّالِثُ الْمُكَارِي الْمُفْلِسُ، وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - لَا يَحْجُرُ عَلَى الْمَدْيُونِ وَلَا يَمْنَعُ عَنْهُ مَالَهُ، وَعِنْدَ صَاحِبَيْهِ يَجُوزُ بِمَا قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَبِثَلَاثَةِ أَسْبَابٍ أُخْرَى مِنْهَا الدَّيْنُ إذَا رَكِبَ الرَّجُلَ دُيُونٌ فَطَلَبَ غُرَمَاؤُهُ مِنْ الْقَاضِي أَنْ يَحْجُرَ عَلَيْهِ كَيْلًا يُتْلِفَ مَا فِي يَدِهِ مِنْ الْمَالِ فَإِنَّ الْقَاضِيَ يَحْجُرُ عَلَيْهِ وَيُشْهِدُ عَلَى حَجْرِهِ، وَالثَّانِي عِنْدَهُمَا السَّفِيهُ يَحْجُرُ الْقَاضِي عَلَى السَّفِيهِ الْمُبَذِّرِ بِطَلَبِ أَوْلِيَائِهِ وَعَلَى الْمُغَفَّلِ الَّذِي لَا يَهْتَدِي إلَى التَّصَرُّفَاتِ وَلَا يَصْبِرُ عَنْهَا وَيُغَابَنُ فِيهَا وَلَا يَحْجُرُ عَلَى الْفَاسِقِ الَّذِي يَرْتَكِبُ الْمَعَاصِيَ إذَا كَانَ لَا يُبَذِّرُ مَالَهُ عِنْدَنَا خِلَافًا لِلشَّافِعِيِّ وَلَا يُشْتَرَطُ لِصِحَّةِ الْحَجْرِ حَضْرَةُ الَّذِي يُرِيدُ أَنْ يَحْجُرَ عَلَيْهِ فَيَصِحُّ الْحَجْرُ حَاضِرًا كَانَ أَوْ غَائِبًا إلَّا أَنَّ الْغَائِبَ لَا يُحْجَرُ مَا لَمْ يَبْلُغْهُ الْحَجْرُ وَيَعْلَمْ أَنَّ الْقَاضِيَ حَجَرَ عَلَيْهِ فَإِنْ تَصَرَّفَ قَبْلَ الْعِلْمِ بَعْدَ الْحَجْرِ يَنْفُذُ تَصَرُّفَاتُهُ وَإِذَا حَجَرَ عَلَى الْمَدْيُونِ يَظْهَرُ أَثَرُ الْحَجْرِ فِي مَالِهِ الْمَوْجُودِ وَقْتَ الْحَجْرِ لَا فِيمَا يَكْتَسِبُ وَيَحْصُلُ لَهُ بَعْدَ الْحَجْرِ وَيَمْنَعُ هَذَا الْمَحْجُورَ مِنْ التَّبَرُّعَاتِ وَلَوْ أَقَرَّ لِإِنْسَانٍ بِدَيْنٍ لَا يَصِحُّ إقْرَارُهُ فِي حَقِّ الْغَرِيمِ الَّذِي حُجِرَ لِأَجْلِهِ فَإِذَا زَالَ دَيْنُ هَذَا الْغَرِيمِ يَظْهَرُ صِحَّةُ إقْرَارِهِ السَّابِقِ وَكَذَا لَوْ اكْتَسَبَ مَالًا يَنْفَدُ إقْرَارُهُ فِيمَا اكْتَسَبَ وَإِنْ كَانَ دَيْنُهُ الْأَوَّلُ قَائِمًا وَيَنْفُذُ تَبَرُّعَاتُهُ فِيمَا اكْتَسَبَ مَعَ بَقَاءِ دَيْنِهِ الْأَوَّلِ وَلَوْ تَزَوَّجَ بِامْرَأَةٍ صَحَّ نِكَاحُهُ فَإِذَا زَادَ عَلَى مَهْرِ مِثْلِهَا لَا يَظْهَرُ فِي حَقِّ الْغَرِيمِ الَّذِي حُجِرَ لِأَجْلِهِ وَيَظْهَرُ فِي الْمَالِ الَّذِي حَدَثَ لَهُ بَعْدَ الْحَجْرِ. وَلَوْ أَقَرَّ بِحَدٍّ أَوْ قِصَاصٍ صَحَّ إقْرَارُهُ وَكَذَا لَوْ أَعْتَقَ أَوْ دَبَّرَ صَحَّ إعْتَاقُهُ أَوْ تَدْبِيرُهُ فَالْحَاصِلُ أَنَّ كُلَّ مَا يَسْتَوِي فِيهِ الْجَدُّ، وَالْهَزْلُ يَنْفُذُ مِنْهُ وَمَا لَا يَنْفُذُ مِنْ الْهَازِلِ لَا يَنْفُذُ مِنْهُ إلَّا بِإِذْنِ الْقَاضِي وَلَوْ بَاعَ شَيْئًا مِنْ مَالِهِ بِمِثْلِ الْقِيمَةِ جَازَ وَبِأَقَلَّ مِنْ قِيمَتِهِ لَا يَجُوزُ وَلَوْ اسْتَهْلَكَ مَالَ إنْسَانٍ بِمُعَايَنَةِ الشُّهُودِ لَزِمَهُ ضَمَانُهُ وَمَنْ لَهُ الضَّمَانُ يُحَاصُّ الْغَرِيمُ الَّذِي حُجِرَ لِأَجْلِهِ فِيمَا كَانَ فِي يَدِهِ. وَلَوْ اشْتَرَى جَارِيَةً بِمُعَايَنَةِ الشُّهُودِ بِأَكْثَرَ مِنْ قِيمَتِهَا فَإِنْ بَاعَ الْجَارِيَةَ يُحَاصُّ الْغَرِيمُ الَّذِي حُجِرَ لِأَجْلِهِ بِمِقْدَارِ قِيمَتِهَا وَمَا زَادَ عَلَى قِيمَتِهَا يَأْخُذُهُ مِنْ الْمَالِ الَّذِي يَحْدُثُ بَعْدَ الْحَجْرِ وَلَوْ بَاعَ شَيْئًا مِنْ عَقَارِهِ أَوْ عُرُوضِهِ مِنْ الْغَرِيمِ الَّذِي حُجِرَ لِأَجْلِهِ يَصِيرُ الثَّمَنُ قِصَاصًا بِدَيْنِهِ إذَا كَانَ الْغَرِيمُ وَاحِدًا فَإِنْ كَانَ اثْنَيْنِ وَحُجِرَ لِدَيْنِهِمَا فَبَاعَ مِنْ أَحَدِهِمَا شَيْئًا بِمِثْلِ الْقِيمَةِ جَازَ وَلَا يَصِيرُ كُلُّ الثَّمَنِ قِصَاصًا بِدَيْنِ الْمُشْتَرِي؛ لِأَنَّ فِيهِ إيثَارَ بَعْضِ الْغُرَمَاءِ عَلَى الْبَعْضِ وَلَكِنَّ الثَّمَنَ يَكُونُ بَيْنَ الْغُرَمَاءِ بِالْحِصَصِ وَلَوْ حَجَرَ الْقَاضِي عَلَى رَجُلٍ لِقَوْمٍ لَهُمْ دُيُونٌ مُخْتَلِفَةٌ فَقَضَى دَيْنَ بَعْضِهِمْ تُسَلَّمُ لَهُ حِصَّتُهُ فِيمَا قَبَضَ وَيَدْفَعُ مَا زَادَ عَلَى حِصَّتِهِ إلَى غَيْرِهِ مِنْ الْغُرَمَاءِ مِنْ قَاضِي خَانْ. وَإِذَا بَلَغَ الْغُلَامُ غَيْرَ رَشِيدٍ لَمْ يُسَلِّمْ إلَيْهِ مَالَهُ حَتَّى يَبْلُغَ خَمْسًا وَعِشْرِينَ سَنَةً فَإِنْ تَصَرَّفَ فِيهِ قَبْلَ ذَلِكَ نَفَذَ وَإِذَا بَلَغَ خَمْسًا وَعِشْرِينَ سَنَةً سَلَّمَ إلَيْهِ مَالَهُ وَإِنْ لَمْ يُؤْنَسْ مِنْهُ الرُّشْدُ وَلَا يَحْجُرُ عَلَيْهِ وَتَصَرُّفُهُ فِي مَالِهِ جَائِزٌ وَإِنْ كَانَ مُبَذِّرًا مُفْسِدًا يُتْلِفُ مَالَهُ فِيمَا لَا غَرَضَ لَهُ فِيهِ وَلَا مَصْلَحَةَ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَقَالَا لَا يَدْفَعُ إلَيْهِ مَالَهُ أَبَدًا حَتَّى يُؤْنِسَ الرُّشْدَ وَيَحْجُرَ عَلَيْهِ وَلَا يَجُوزُ تَصَرُّفُهُ فِيهِ فَلَوْ بَاعَ لَا يَنْفُذُ بَيْعُهُ عِنْدَهُمَا وَإِنْ كَانَ فِيهِ مَصْلَحَةٌ أَجَازَهُ الْحَاكِمُ. وَلَوْ بَاعَ قَبْلَ حَجْرِ الْقَاضِي جَازَ عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ خِلَافًا لِمُحَمَّدٍ فَإِنَّ عِنْدَهُ يَكُونُ مَحْجُورًا مِنْ غَيْرِ حَجْرٍ وَعَلَى هَذَا الجزء: 1 ¦ الصفحة: 436 الْخِلَافُ إذَا بَلَغَ رَشِيدًا، ثُمَّ صَارَ سَفِيهًا وَإِنْ أَعْتَقَ عَبْدًا نَفَذَ عِتْقُهُ عِنْدَهُمَا وَكَانَ عَلَى الْعَبْدِ أَنْ يَسْعَى فِي قِيمَتِهِ. وَعَنْ مُحَمَّدٍ لَا تَجِبُ السِّعَايَةُ وَلَوْ دَبَّرَ عَبْدَهُ جَازَ وَإِذَا مَاتَ وَلَمْ يُؤْنِسْ مِنْهُ الرُّشْدَ يَسْعَى فِي قِيمَتِهِ مُدَبَّرًا كَمَا إذَا أَعْتَقَهُ بَعْدَ التَّدْبِيرِ. وَلَوْ جَاءَتْ جَارِيَةٌ بِوَلَدٍ فَادَّعَاهُ يَثْبُتُ نَسَبُهُ مِنْهُ وَكَانَ الْوَلَدُ حُرًّا، وَالْجَارِيَةُ أُمَّ وَلَدٍ لَهُ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ مَعَهَا وَلَدٌ، وَقَالَ هَذِهِ أُمُّ وَلَدِي كَانَتْ بِمَنْزِلَةِ أُمِّ الْوَلَدِ لَا يَقْدِرُ عَلَى بَيْعِهَا وَإِنْ مَاتَ سَعَتْ فِي جَمِيعِ قِيمَتِهَا. وَإِذَا تَزَوَّجَ امْرَأَةً جَازَ نِكَاحُهَا وَإِنْ سَمَّى لَهَا مَهْرًا جَازَ مِنْهُ مِقْدَارُ مَهْرِ مِثْلِهَا وَيَبْطُلُ الْفَضْلُ وَلَوْ طَلَّقَهَا قَبْلَ الدُّخُولِ وَجَبَ لَهَا النِّصْفُ فِي مَالِهِ وَكَذَا إذَا تَزَوَّجَ أَرْبَعَةَ نِسْوَةٍ أَوْ كُلَّ يَوْمٍ وَاحِدَةً كَذَا فِي الْهِدَايَةِ. لَوْ بَلَغَ الصَّغِيرُ مُصْلِحًا فَاتَّجَرَ بِمَالٍ وَأَقَرَّ بِدُيُونٍ وَوَهَبَ وَتَصَدَّقَ وَغَيْرَ ذَلِكَ، ثُمَّ فَسَدَ وَصَارَ صَالِحًا وَمُسْتَحِقًّا لَأَنْ يُحْجَرَ عَلَيْهِ فَمَا صَنَعَ مِنْ التَّصَرُّفَاتِ قَبْلَ الْفَسَادِ تَكُونُ نَافِذَةً وَمَا صَنَعَ بَعْدَ مَا فَسَدَ تَكُونُ بَاطِلَةً عِنْدَ مُحَمَّدٍ حَتَّى لَوْ رُفِعَ إلَى الْقَاضِي فَإِنَّ الْقَاضِيَ يُمْضِي مَا فَعَلَ قَبْلَ الْفَسَادِ وَيُبْطِلُ مَا فَعَلَ بَعْدَهُ؛ لِأَنَّ عِنْدَ مُحَمَّدٍ هَذَا الْعَارِضُ بِمَنْزِلَةِ الصَّبِيِّ، وَالْمَجْنُونِ وَهُمَا يَكُونَانِ مَحْجُورَيْنِ مِنْ غَيْرِ حَجْرٍ وَعِنْدَ أَبِي يُوسُفَ بِنَفْسِ الْفَسَادِ لَا يَكُونُ مَحْجُورًا مَا لَمْ يَحْجُرْ عَلَيْهِ الْقَاضِي وَيُمْضِي مَا فَعَلَ قَبْلَ الْحَجْرِ وَهُوَ عِنْدَهُ بِمَنْزِلَةِ الْحَجْرِ بِسَبَبِ الدَّيْنِ قَالَ مُحَمَّدٌ الْمَحْجُورُ بِمَنْزِلَةِ الصَّبِيِّ إلَّا فِي أَرْبَعَةٍ أَحَدُهَا أَنَّ تَصَرُّفَ الْوَصِيِّ فِي مَالِ الصَّبِيِّ جَائِزٌ وَفِي الْمَحْجُورِ بَاطِلٌ، وَالثَّانِي إعْتَاقُ الْمَحْجُورِ وَتَدْبِيرُهُ وَطَلَاقُهُ وَنِكَاحُهُ جَائِزٌ وَمِنْ الصَّبِيِّ بَاطِلٌ، وَالثَّالِثُ الْمَحْجُورُ إذَا أَوْصَى بِوَصِيَّةٍ جَازَتْ مِنْ ثُلُثِ مَالِهِ وَمِنْ الصَّبِيِّ لَا يَجُوزُ، وَالرَّابِعُ جَارِيَةُ الْمَحْجُورِ إذَا جَاءَتْ بِوَلَدٍ فَادَّعَاهُ يَثْبُتُ نَسَبُهُ وَمِنْ الصَّبِيِّ لَا يَثْبُتُ مِنْ قَاضِي خَانْ. وَفِي الْأَشْبَاهِ الْمَحْجُورُ عَلَيْهِ بِالسَّفَهِ عَلَى قَوْلِهِمَا الْمُفْتَى بِهِ أَنَّهُ كَالصَّغِيرِ فِي جَمِيعِ أَحْكَامِهِ إلَّا فِي النِّكَاحِ، وَالطَّلَاقِ، وَالْعَتَاقِ، وَالِاسْتِيلَادِ، وَالتَّدْبِيرِ وَوُجُوبِ الزَّكَاةِ، وَالْحَجِّ، وَالْعِبَادَاتِ وَزَوَالِ وِلَايَةِ أَبِيهِ وَجَدِّهِ وَفِي صِحَّةِ إقْرَارِهِ بِالْعُقُوبَاتِ، وَالْإِنْفَاقِ وَفِي صِحَّةِ وَصَايَاهُ بِالْقُرَبِ مِنْ الثُّلُثِ فَهُوَ كَالْبَالِغِ فِي هَذِهِ وَحُكْمُهُ كَالْعَبْدِ فِي الْكَفَّارَةِ فَلَا يُكَفِّرُ إلَّا بِالصَّوْمِ وَأَمَّا إقْرَارُهُ فَفِي التتارخانية أَنَّهُ صَحِيحٌ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ لَا عِنْدَهُمَا انْتَهَى، وَالْحَاصِلُ أَنَّ تَصَرُّفَاتِ الْمَحْجُورِ بِالسَّفَهِ عَلَى نَوْعَيْنِ مَا لَا يَصِحُّ مِنْ الْهَازِلِ كَالْبَيْعِ وَغَيْرِهِ لَا يَصِحُّ مِنْهُ، وَمَا يَصِحُّ مِنْ الْهَازِلِ كَالنِّكَاحِ، وَالطَّلَاقِ يَصِحُّ مِنْهُ وَإِذَا أَعْتَقَ عَنْ كَفَّارَةٍ صَحَّ الْإِعْتَاقُ وَلَا يُجْزِئُهُ وَيَسْعَى الْعَبْدُ فِي قِيمَتِهِ وَكَذَا لَوْ أَطْعَمَ عَنْ كَفَّارَتِهِ لَا يُجْزِئُهُ فَلَا يُكَفِّرُ إلَّا بِالصَّوْمِ، وَالْمَرْأَةُ السَّفِيهَةُ الْمَحْجُورَةُ بِمَنْزِلَةِ الرَّجُلِ الْمَحْجُورِ فَإِنْ زَوَّجَتْ نَفْسَهَا مِنْ رَجُلٍ كُفْءٍ يَجُوزُ نِكَاحُهَا وَإِنْ قَصُرَتْ عَنْ مَهْرِ مِثْلِهَا قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ يُخَيَّرُ الزَّوْجُ إنْ شَاءَ كَمَّلَ مَهْرَ مِثْلِهَا وَإِنْ شَاءَ فَارَقَهَا وَعِنْدَهُمَا يَجُوزُ النِّكَاحُ بِمَا وَجَبَ وَلَا يُخَيَّرُ الزَّوْجُ وَلَوْ أَنَّ الْمَحْجُورَةَ اخْتَلَعَتْ نَفْسَهَا مِنْ زَوْجِهَا عَلَى مَالٍ يَقَعُ الطَّلَاقُ وَلَا يَلْزَمُهَا الْمَالُ؛ لِأَنَّهَا لَا تَمْلِكُ الِالْتِزَامَ لِلْمَالِ بَدَلًا عَمَّا لَيْسَ بِمَالٍ، ثُمَّ قَالَ فِي الْكِتَابِ وَيَكُونُ الطَّلَاقُ رَجْعِيًّا؛ لِأَنَّهُ طَلَاقٌ لَا يُقَابِلُ الْبَدَلَ أَصْلًا فَيَكُونُ رَجْعِيًّا وَهِيَ كَالصَّغِيرَةِ إذَا اُخْتُلِعَتْ مِنْ زَوْجِهَا عَلَى مَالٍ يَكُونُ رَجْعِيًّا بِخِلَافِ الْأَمَةِ إذَا كَانَتْ تَحْتَ يَدِ زَوْجٍ فَاخْتَلَعَتْ عَلَى مَالٍ فَإِنَّ الطَّلَاقَ يَكُونُ بَائِنًا؛ لِأَنَّهَا مِنْ أَهْلِ الِالْتِزَامِ فَإِنْ فَعَلَتْ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 437 بِإِذْنِ الْمَوْلَى يَجِبُ الْمَالُ فِي الْحَالِ وَإِنْ كَانَ بِغَيْرِ إذْنِ الْمَوْلَى كَانَ عَلَيْهَا الْمَالُ بَعْدَ الْعِتْقِ فَلَوْ كَانَتْ الْأَمَةُ مُفْسِدَةً مَحْجُورَةً فَاخْتَلَعَتْ نَفْسَهَا عَلَى مَالٍ يَكُونُ الطَّلَاقُ رَجْعِيًّا؛ لِأَنَّهُ لَا يَجِبُ عَلَيْهَا الْمَالُ لَا فِي الْحَالِ وَلَا بَعْدَ الْعِتْقِ. وَلَوْ أَنَّ صَبِيًّا سَفِيهًا مَحْجُورًا اسْتَقْرَضَ مَالًا لِيُعْطِيَ صَدَاقَ الْمَرْأَةِ صَحَّ اسْتِقْرَاضُهُ وَإِنْ لَمْ يُعْطِ الْمَرْأَةَ وَصَرَفَ الْمَالَ فِي حَوَائِجِهِ لَا يُؤَاخَذُ بِهِ فِي الْحَالِ وَلَا بَعْدَ الْبُلُوغِ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِ الِالْتِزَامِ فَلَا يَصِحُّ الْتِزَامُهُ. وَلَوْ أَوْدَعَ إنْسَانٌ عِنْدَ مَحْجُورٍ فَأَقَرَّ الْمَحْجُورُ أَنَّهُ اسْتَهْلَكَهُ لَا يُصَدَّقُ فَإِنْ صَارَ مُصْلِحًا بَعْدَ ذَلِكَ يُسْأَلُ عَمَّا أَقَرَّ فَإِنْ قَالَ: مَا أَقْرَرْتُ بِهِ كَانَ حَقًّا يُؤَاخَذُ بِهِ فِي الْحَالِ وَإِنْ قَالَ كَانَ بَاطِلًا لَا يُؤَاخَذُ بِهِ كَالْعَبْدِ الْمَحْجُورِ إذَا أَقَرَّ بِاسْتِهْلَاكِ مَالِ إنْسَانٍ فَإِنَّهُ لَا يُؤَاخَذُ بِهِ فِي الْحَالِ فَإِنْ أَذِنَ لَهُ مَوْلَاهُ فِي التِّجَارَةِ بَعْدَ ذَلِكَ يُسْأَلُ عَمَّا أَقَرَّ بِهِ فَإِنْ قَالَ مَا أَقْرَرْتُ بِهِ كَانَ حَقًّا يُؤَاخَذُ بِهِ فِي الْحَالِ وَإِنْ قَالَ بَاطِلًا لَا يُؤَاخَذُ بِهِ. رَجُلٌ مَحْجُورٌ أَوْدَعَهُ إنْسَانٌ مَالًا أَوْ أَقْرَضَهُ، ثُمَّ صَارَ مُصْلِحًا، وَقَالَ لِصَاحِبِ الْمَالِ كُنْتَ أَقْرَضْتَ لِي فِي حَالِ فَسَادِي فَأَنْفَقَتْهَا أَوْ قَالَ أَوْدَعْتَنِي فِي حَالِ فَسَادِي فَأَنْفَقْتُهَا، وَقَالَ صَاحِبُ الْمَالِ لَا بَلْ أَقْرَضْتُكَ فِي حَالِ صَلَاحِك كَانَ الْقَوْلُ قَوْلَ صَاحِبِ الْمَالِ وَيَضْمَنُ الْمَحْجُورُ وَلَوْ قَالَ رَبُّ الْمَالِ: أَقْرَضْتُكَ فِي حَالِ فَسَادِكَ وَاسْتَهْلَكْتُهُ فِي حَالِ صَلَاحِكَ، وَقَالَ الْمَحْجُورُ اسْتَهْلَكْتُهُ فِي حَالِ فَسَادِي كَانَ الْقَوْلُ قَوْلَ الْمَحْجُورِ فَإِنْ أَقَامَ صَاحِبُ الْمَالِ الْبَيِّنَةَ أَنَّهُ أَقْرَضَهُ فِي فَسَادِهِ وَلَكِنْ اسْتَهْلَكَهُ فِي صَلَاحِهِ قُبِلَتْ بَيِّنَتُهُ. يَتِيمٌ أَدْرَكَ مُفْسِدًا غَيْرَ مُصْلِحٍ وَهُوَ فِي حَجْرِ وَصِيِّهِ فَسَأَلَ وَصِيَّهُ أَنْ يَدْفَعَ إلَيْهِ الْمَالَ فَدَفَعَهُ فَضَاعَ الْمَالُ فِي يَدِهِ ضَمِنَ الْوَصِيُّ حَجَرَ عَلَيْهِ الْقَاضِي أَوْ لَمْ يَحْجُرْ مِنْ قَاضِي خَانْ وَكَذَلِكَ لَوْ أَوْدَعَهُ إيَّاهُ ذَكَرَهُ فِي الْوَجِيزِ. وَإِنْ حَجَرَ الْقَاضِي عَلَى السَّفِيهِ، ثُمَّ رُفِعَ إلَى قَاضٍ آخَرَ فَأَبْطَلَ حَجْرَهُ وَأَطْلَقَ عَلَيْهِ جَازَ؛ لِأَنَّ الْحَجْرَ مِنْهُ فَتْوًى وَلَيْسَ بِقَضَاءٍ أَلَا يُرَى أَنَّهُ لَا يُوجَدُ الْمَقْضِيُّ لَهُ، وَالْمَقْضِيُّ عَلَيْهِ وَلَوْ كَانَ قَضَاءً فَنَفْسُ الْقَضَاءِ مُخْتَلَفٌ فِيهِ فَلَا بُدَّ مِنْ الْإِمْضَاءِ حَتَّى لَوْ رُفِعَ تَصَرُّفُهُ بَعْدَ الْحَجْرِ إلَى الْقَاضِي الْحَاجِرِ أَوْ إلَى غَيْرِهِ فَقَضَى بِبُطْلَانِ تَصَرُّفِهِ، ثُمَّ رُفِعَ إلَى قَاضٍ آخَرَ نَفَذَ بُطْلَانُهُ لِاتِّصَالِ الْإِمْضَاءِ بِهِ فَلَا يُقْبَلُ النَّقْضُ بَعْدَ ذَلِكَ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ كَذَا فِي الْهِدَايَةِ. وَلَوْ اسْتَقْرَضَ السَّفِيهُ الْمَحْجُورُ وَأَنْفَقَ عَلَى نَفْسِهِ نَفَقَةَ مِثْلِهِ أَوْ دَفَعَ مَهْرَ امْرَأَتِهِ نَفَذَ وَلَا يُبْطِلُ الْقَاضِي ذَلِكَ إلَّا أَنْ يَكُونَ فِيهِ فَضْلٌ فَيُبْطِلُ الْفَضْلَ. وَلَوْ اشْتَرَى ابْنَهُ الْمَحْجُورَ الْمَعْرُوفَ يَنْعَقِدُ فَاسِدًا وَيُعْتَقُ إذَا قَبَضَ وَسَعَى فِي قِيمَتِهِ لِلْبَائِعِ لَوْ أَجَازَ الْقَاضِي بَيْعَ الْمُفْسِدِ وَلَمْ يَنْهَ الْمُشْتَرِي عَنْ دَفْعِ الثَّمَنِ بَرِئَ الْمُشْتَرِي بِالدَّفْعِ إلَيْهِ وَإِنْ نَهَاهُ لَمْ يَبْرَأْ وَيَدْفَعُ الثَّمَنَ ثَانِيًا وَلَا خِيَارَ لَهُ فِي رَدِّ الْمَبِيعِ إذَا عَلِمَ بِالنَّهْيِ وَإِنْ دَفَعَ قَبْلَ الْعِلْمِ بِهِ بَرِئَ وَلَا يَجُوزُ بَيْعُهُ وَشِرَاؤُهُ بِإِذْنِ الْقَاضِي إلَّا بِالْغَبْنِ الْيَسِيرِ كَمَا فِي الصَّبِيِّ، وَالْعَبْدِ مِنْ الْوَجِيزِ. [بَابُ فِي الْمُكَاتَبِ] إذَا صَحَّتْ الْكِتَابَةُ يَخْرُجُ الْمُكَاتَبُ عَنْ يَدِ سَيِّدِهِ فَيَكُونُ أَحَقَّ بِأَكْسَابِهِ؛ لِأَنَّ تَحْصِيلَ الْبَدَلِ إذَا تَحَقَّقَ ثَبَتَ لَهُ الْحُرِّيَّةُ حَتَّى لَوْ شَرَطَ أَنْ لَا يَخْرُجَ مِنْ الْبَلَدِ لَا يَصِحُّ الشَّرْطُ اسْتِحْسَانًا وَلَا الجزء: 1 ¦ الصفحة: 438 يَخْرُجُ عَنْ مِلْكِ سَيِّدِهِ وَلِهَذَا مَتَى عَجَزَ عَنْ أَدَاءِ الْبَدَلِ رَجَعَ قِنًّا، وَإِنْ أَعْتَقَهُ عَتَقَ وَسَقَطَ عَنْهُ بَدَلُ الْكِتَابَةِ وَمَا فِي يَدِهِ مِنْ الْأَكْسَابِ يَكُونُ لَهُ وَإِذَا وَطِئَ الْمَوْلَى مُكَاتَبَتَهُ لَزِمَهُ الْعُقْرُ وَإِنْ جَنَى عَلَيْهَا أَوْ عَلَى وَلَدِهَا لَزِمَتْهُ الْجِنَايَةُ وَإِنْ أَتْلَفَ مَالَهُ غَرِمَ؛ لِأَنَّ الْمَوْلَى صَارَ كَالْأَجْنَبِيِّ وَيَجُوزُ لِلْمُكَاتَبِ الْبَيْعُ، وَالشِّرَاءُ، وَالسَّفَرُ وَيَمْلِكُ الْبَيْعَ بِالْمُحَابَاةِ كَذَا فِي الْهِدَايَةِ هَذَا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَعِنْدَهُمَا لَا تَجُوزُ الْمُحَابَاةُ بِمَا لَا يَتَغَابَنُ النَّاسُ فِيهِ وَتَجُوزُ مِنْهُ الزِّيَادَةُ فِي الْمَبِيعِ، وَالْحَطِّ بِسَبَبِ عَيْبٍ وَلَا يَجُوزُ مِنْ غَيْرِ عَيْبٍ اهـ. وَيَتَصَرَّفُ كَالْمَأْذُونِ وَلَا يُمْنَعُ بِمَنْعِ الْمَوْلَى كَمَا فِي الْمَجْمَعِ وَلَا يَتَزَوَّجُ إلَّا بِإِذْنِ الْمَوْلَى وَلَا يَهَبُ وَلَا يَتَصَدَّقُ إلَّا بِالشَّيْءِ الْيَسِيرِ؛ لِأَنَّ الْهِبَةَ، وَالصَّدَقَةَ تَبَرُّعٌ مَحْضٌ وَهُوَ غَيْرُ مَالِكٍ لِيُمَلِّكَ إلَّا أَنَّ الشَّيْءَ الْيَسِيرَ مِنْ ضَرُورَاتِ التِّجَارَةِ؛ لِأَنَّهُ لَا يَجِدُ بُدًّا مِنْ ضِيَافَةٍ أَوْ إعَارَةٍ وَمِنْ مَلَكَ شَيْئًا يَمْلِكُ مَا هُوَ مِنْ ضَرُورَاتِهِ وَتَوَابِعِهِ وَلَا يَتَكَفَّلُ؛ لِأَنَّهُ تَبَرُّعٌ مَحْضٌ فَلَا يَمْلِكُهُ بِنَوْعَيْهِ نَفْسًا وَمَالًا وَلَا يُقْرِضُ وَإِنْ وَهَبَ عَلَى عِوَضٍ لَمْ يَصِحَّ؛ لِأَنَّهُ تَبَرُّعٌ ابْتِدَاءً وَإِنْ زَوَّجَ أَمَتَهُ جَازَ وَكَذَلِكَ إنْ كَاتَبَ عَبْدَهُ، وَالْقِيَاسُ عَلَى أَنْ لَا يَجُوزَ وَهُوَ قَوْلُ زُفَرَ وَإِنْ أَعْتَقَ عَبْدَهُ عَلَى مَالٍ أَوْ بَاعَهُ مِنْ نَفْسِهِ أَوْ زَوَّجَ عَبْدَهُ لَمْ يَجُزْ مِنْ الْهِدَايَةِ وَيَجُوزُ إقْرَارُ الْمُكَاتَبِ بِالدَّيْنِ، وَالِاسْتِيفَاءِ كَمَا فِي الْمُنْيَةِ وَتَجُوزُ هِبَتُهُ وَارْتِهَانُهُ وَإِذْنُهُ لِعَبْدِهِ فِي التِّجَارَةِ فَإِنْ لَحِقَهُ دَيْنٌ يَبِيعُهُ فِيهِ إلَّا أَنْ يُؤَدِّيَ عَنْهُ الْمُكَاتَبُ وَيَجُوزُ لَهُ أَدَاءُ دَيْنِهِ عَنْهُ وَإِنْ كَانَ أَكْثَرَ مِنْ قِيمَتِهِ كَذَا فِي الْوَجِيزِ وَلَوْ أَقَامَ الْمُكَاتَبُ بَيِّنَةً عَلَى الْإِعْتَاقِ قَبْلَ الْكِتَابَةِ يُقْبَلُ وَسَقَطَ عَنْهُ الْبَدَلُ هَذِهِ فِي الِاسْتِحْقَاقِ مِنْ الْهِدَايَةِ. وَإِنْ تَزَوَّجَ الْمُكَاتَبُ بِإِذْنِ مَوْلَاهُ امْرَأَةً زَعَمَتْ أَنَّهَا حُرَّةٌ فَوَلَدَتْ مِنْهُ، ثُمَّ اُسْتُحِقَّتْ فَأَوْلَادُهَا عَبِيدٌ وَلَا يَأْخُذُهُمْ بِالْقِيمَةِ وَكَذَا الْعَبْدُ الْمَأْذُونُ لَهُ بِالتَّزَوُّجِ وَهَذَا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ، وَقَالَ مُحَمَّدٌ أَوْلَادُهَا أَحْرَارٌ بِالْقِيمَةِ وَإِنْ وَطِئَ الْمُكَاتَبُ أَمَةً عَلَى وَجْهِ الْمِلْكِ بِغَيْرِ إذْنِ الْمَوْلَى، ثُمَّ اُسْتُحِقَّتْ فَعَلَيْهِ الْعُقْرُ يُؤْخَذُ فِي الْكِتَابَةِ وَإِنْ وَطِئَهَا عَلَى وَجْهِ النِّكَاحِ بِغَيْرِ إذْنِ الْمَوْلَى لَمْ يُؤْخَذْ بِهِ حَتَّى يُعْتَقَ وَجْهُ الْفَرْقِ أَنَّ فِي الْفَصْلِ الْأَوَّلِ ظَهَرَ الدَّيْنُ فِي حَقِّ الْمَوْلَى؛ لِأَنَّ التِّجَارَةَ وَتَوَابِعَهَا دَاخِلٌ تَحْتَ الْكِتَابَةِ وَهَذَا الْعُقْرُ مِنْ تَوَابِعِهَا؛ لِأَنَّهُ لَوْلَا الشِّرَاءُ لَمَا سَقَطَ عَنْهُ الْحَدُّ وَمَا لَمْ يَسْقُطْ الْحَدُّ لَا يَجِبُ الْعُقْرُ وَلَا يَظْهَرُ فِي الْفَصْلِ الثَّانِي؛ لِأَنَّ النِّكَاحَ لَيْسَ مِنْ الِاكْتِسَابِ فِي شَيْءٍ فَلَا تَنْتَظِمُهُ الْكِتَابَةُ كَالْكَفَالَةِ. وَإِذَا اشْتَرَى الْمُكَاتَبُ جَارِيَةً شِرَاءً فَاسِدًا، ثُمَّ وَطِئَهَا فَرَدَّهَا أَخَذَ بِالْعُقْرِ فِي الْكِتَابَةِ وَكَذَا الْعَبْدُ الْمَأْذُونُ مِنْ الْهِدَايَةِ. وَإِذَا أَقَرَّ الْمُكَاتَبُ بِاقْتِضَاضِ حُرَّةٍ أَوْ أَمَةٍ بِأُصْبُعِهِ فَعَجَزَ فَرُدَّ إلَى الرِّقِّ فَضَمَانُ الْمَهْرِ فِي الْحُرَّةِ، وَالْعُقْرِ فِي الْأَمَةِ مُتَأَخِّرٌ إلَى مَا بَعْدَ الْعِتْقِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ وَلَا يُؤَاخَذُ فِي الْحَالِ. وَقَالَ مُحَمَّدٌ إنْ قَضَى الْقَاضِي عَلَيْهِ قَبْلَ الْعَجْزِ لَزِمَهُ فِي الْحَالِ وَإِنْ لَمْ يَقْضِ عَلَيْهِ قَبْلَ الْعَجْزِ يَتَأَخَّرُ إلَى مَا بَعْدَ الْعِتْقِ كَذَا فِي الْمَجْمَعِ مِنْ الْمَأْذُونِ، وَالِاقْتِضَاضُ بِالْقَافِ إزَالَةُ الْبَكَارَةِ. وَإِذَا وَلَدَتْ الْمُكَاتَبَةُ مِنْ الْمَوْلَى فَهِيَ بِالْخِيَارِ إنْ شَاءَتْ مَضَتْ عَلَى الْكِتَابَةِ وَإِنْ شَاءَتْ عَجَّزَتْ نَفْسَهَا وَصَارَتْ أُمَّ وَلَدٍ وَنَسَبُ وَلَدِهَا ثَابِتٌ مِنْ الْمَوْلَى وَهُوَ حُرٌّ فَإِذَا مَضَتْ عَلَى الْكِتَابَةِ أَخَذَتْ الْعُقْرَ مِنْ مَوْلَاهَا لِاخْتِصَاصِهَا بِمَنَافِعِهَا عَلَى مَا قَدَّمْنَا، ثُمَّ إنْ مَاتَ الْمَوْلَى عَتَقَتْ بِالِاسْتِيلَادِ وَسَقَطَ عَنْهَا بَدَلُ الْكِتَابَةِ وَإِنْ مَاتَتْ هِيَ وَتَرَكَتْ مَالًا لَا يُؤَدِّي مِنْهُ مُكَاتَبَتَهَا وَمَا بَقِيَ مِيرَاثٌ لِابْنِهَا وَإِنْ لَمْ يَتْرُكْ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 439 مَالًا فَلَا سِعَايَةَ عَلَى الْوَلَدِ؛ لِأَنَّهُ حُرٌّ وَلَوْ وَلَدَتْ وَلَدًا آخَرَ لَمْ يَلْزَمْ الْمَوْلَى إلَّا أَنْ يَدَّعِيَ لِحُرْمَةِ وَطِئَهَا عَلَيْهِ وَلَوْ لَمْ يَدَّعِ وَمَاتَتْ مِنْ غَيْرِ وَفَاءٍ يَسْعَى هَذَا الْوَلَدُ؛ لِأَنَّهُ مُكَاتَبٌ تَبَعًا لَهَا فَلَوْ مَاتَ الْمَوْلَى بَعْدَ ذَلِكَ عَتَقَ وَبَطَلَ عَنْهُ السِّعَايَةُ؛ لِأَنَّهُ بِمَنْزِلَةِ أُمِّ الْوَلَدِ إذْ هُوَ وَلَدُهَا فَيَتْبَعُهَا وَإِذَا كَاتَبَ الْمَوْلَى أُمَّ وَلَدِهِ جَازَ فَإِنْ مَاتَ الْمَوْلَى عَتَقَتْ بِالِاسْتِيلَادِ وَسَقَطَ عَنْهَا بَدَلُ الْكِتَابَةِ وَيَسْلَمُ لَهَا الْأَوْلَادُ الْمُشْتَرَاةُ فِي الْكِتَابَةِ، وَالْأَكْسَابُ؛ لِأَنَّ الْكِتَابَةَ انْفَسَخَتْ فِي حَقِّ الْبَدَلِ وَبَقِيَتْ فِي حَقِّ الْأَوْلَادِ، وَالْأَكْسَابِ وَإِذَا وَلَدَتْ الْمُكَاتَبَةُ قَبْلَ مَوْتِ الْمَوْلَى عَتَقَتْ بِالْكِتَابَةِ وَإِنْ كَانَتْ مُدَبَّرَتَهُ جَازَ فَإِنْ مَاتَ الْمَوْلَى وَلَا مَالَ لَهُ غَيْرُهَا فَهِيَ بِالْخِيَارِ بَيْنَ أَنْ تَسْعَى فِي ثُلُثَيْ قِيمَتِهَا وَجَمِيعِ مَالِ الْكِتَابَةِ وَهَذَا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ، وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ تَسْعَى فِي الْأَقَلِّ مِنْهُمَا. وَقَالَ مُحَمَّدٌ تَسْعَى فِي الْأَقَلِّ مِنْ ثُلُثَيْ قِيمَتِهَا وَثُلُثَيْ بَدَلِ الْكِتَابَةِ فَالْخِلَافُ فِي الْخِيَارِ، وَالْمِقْدَارِ وَأَبُو يُوسُفَ مَعَ الْإِمَامِ فِي الْمِقْدَارِ وَمَعَ مُحَمَّدٍ فِي نَفْيِ الْخِيَارِ، وَإِنْ خَرَجَتْ مِنْ الثُّلُثِ سَقَطَ كُلُّ بَدَلِ الْكِتَابَةِ وَإِنْ دَبَّرَ مُكَاتَبَتَهُ صَحَّ وَلَهَا الْخِيَارُ إنْ شَاءَتْ مَضَتْ عَلَى الْكِتَابَةِ وَإِنْ شَاءَتْ عَجَّزَتْ نَفْسَهَا وَصَارَتْ مُدَبَّرَةً فَإِنْ مَضَتْ عَلَى الْكِتَابَةِ فَمَاتَ الْمَوْلَى وَلَا مَال لَهُ غَيْرُهَا فَهِيَ بِالْخِيَارِ إنْ شَاءَتْ سَعَتْ فِي ثُلُثَيْ مَال الْكِتَابَةِ أَوْ ثُلُثَيْ قِيمَتِهَا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَقَالَا تَسْعَى فِي الْأَقَلِّ مِنْهُمَا وَإِذَا أَعْتَقَ الْمَوْلَى مُكَاتَبَهُ عَتَقَ وَسَقَطَ عَنْهُ بَدَلُ الْكِتَابَةِ. وَإِنْ كَاتَبَ الْمَرِيضُ عَبْدًا عَلَى أَلْفَيْنِ إلَى سَنَةٍ وَقِيمَتُهُ أَلْفٌ، ثُمَّ مَاتَ وَلَا مَالَ لَهُ غَيْرُهُ وَلَمْ يُجِزْ الْوَرَثَةُ فَإِنَّهُ يُؤَدِّي ثُلُثَيْ الْأَلْفَيْنِ حَالًّا، وَالْبَاقِي إلَى أَجَلِهِ أَوْ يُرَدُّ رَقِيقًا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ. وَقَالَ مُحَمَّدٌ يُؤَدِّي ثُلُثَيْ الْأَلْفِ حَالًّا، وَالْبَاقِي إلَى أَجْلِهِ وَإِنْ كَاتَبَهُ عَلَى الْأَلْفِ إلَى سَنَةٍ وَقِيمَتُهُ أَلْفَانِ وَلَمْ يُجِزْ الْوَرَثَةُ أَدَّى ثُلُثَيْ الْقِيمَةِ حَالًّا أَوْ يُرَدَّ رَقِيقًا اتِّفَاقًا؛ لِأَنَّ الْمُحَابَاةَ هُنَا فِي الْقَدْرِ، وَالتَّأْخِيرِ فَاعْتُبِرَ الثُّلُثُ فِيهِمَا مِنْ الْهِدَايَةِ وَلَوْ كَاتَبَ عَلَى مِثْلِ قِيمَتِهِ بِأَنْ كَانَتْ قِيمَتُهُ أَلْفَانِ وَكَاتَبَهُ عَلَى أَلْفَيْنِ مُنَجَّمَةٍ يُقَالُ لَهُ عَجِّلْ ثُلُثَيْ بَدَلِ الْكِتَابَةِ، وَالثُّلُثُ عَلَيْكَ إلَى أَجَلِهِ بِالِاتِّفَاقِ مِنْ الْحَقَائِقِ وَقِيمَةُ الْمُكَاتَبِ نِصْفُ قِيمَةِ الْقِنِّ كَمَا فِي الْبَزَّازِيَّةِ. رَجُلٌ قَالَ لِمَوْلَى الْعَبْدِ كَاتِبْ عَبْدَك عَلَى أَلْفٍ عَلَى أَنِّي إنْ أَدَّيْتُ إلَيْكَ أَلْفًا فَهُوَ حُرٌّ فَكَاتَبَهُ الْمَوْلَى عَلَى هَذَا يُعْتَقُ بِأَدَائِهِ بِحُكْمِ الشَّرْطِ؛ لِأَنَّهُ مُتَبَرِّعٌ. وَلَوْ قَالَ الْعَبْدُ لِمَوْلَاهُ كَاتِبْنِي بِأَلْفِ دِرْهَمٍ عَلَى نَفْسِي وَعَلَى فُلَانٍ الْغَائِبِ جَازَ اسْتِحْسَانًا وَلِلْمَوْلَى أَنْ يَأْخُذَهُ بِكُلِّ الْبَدَلِ؛ لِأَنَّ الْبَدَلَ عَلَيْهِ لِكَوْنِهِ أَصِيلًا فِيهِ وَلَا يَكُونُ عَلَى الْغَائِبِ مِنْ الْبَدَلِ شَيْءٌ؛ لِأَنَّهُ تَبَعٌ فِيهِ وَأَيَّهُمَا أَدَّى عَتَقَ وَيُجْبَرُ الْمَوْلَى عَلَى الْقَبُولِ وَلَا يَرْجِعُ الْمُؤَدِّي عَلَى صَاحِبِهِ؛ لِأَنَّ الْحَاضِرَ قَضَى دَيْنًا عَلَيْهِ، وَالْغَائِبَ مُتَبَرِّعٌ فِيهِ غَيْرَ مُضْطَرٍّ إلَيْهِ. وَإِذَا كَاتَبَ الْأَمَةَ عَنْ نَفْسِهَا، وَعَنْ ابْنَيْنِ لَهَا صَغِيرَيْنِ فَهُوَ جَائِزٌ وَأَيَّهُمْ أَدَّى لَمْ يَرْجِعْ عَلَى صَاحِبِهِ وَيُعْتَقُونَ وَإِذَا كَانَ الْعَبْدُ بَيْنَ رَجُلَيْنِ أَذِنَ أَحَدُهُمَا لِصَاحِبِهِ أَنْ يُكَاتِبَ نَصِيبَهُ بِأَلْفِ دِرْهَمٍ وَيَقْبِضَ بَدَلَ الْكِتَابَةِ فَكَاتَبَ وَقَبَضَ بَعْضَ الْبَدَلِ، ثُمَّ عَجَزَ فَالْمَالُ لِلَّذِي قَبَضَ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَقَالَا هُوَ مُكَاتَبٌ بَيْنَهُمَا وَمَا أَدَّى فَهُوَ بَيْنَهُمَا. وَإِذَا كَانَتْ جَارِيَةٌ بَيْنَ اثْنَيْنِ كَاتَبَاهَا فَوَطِئَهَا أَحَدُهُمَا فَجَاءَتْ بِوَلَدٍ فَادَّعَاهُ، ثُمَّ وَطِئَهَا الْآخَرُ فَجَاءَتْ بِوَلَدٍ فَادَّعَاهُ، ثُمَّ عَجَزَتْ فَهِيَ أُمُّ وَلَدٍ لِلْأَوَّلِ؛ لِأَنَّهُ لَمَّا ادَّعَى أَحَدُهُمَا الْوَلَدَ صَحَّتْ دَعْوَتُهُ لِقِيَامِ الْمِلْكِ لَهُ فِيهَا وَصَارَ نَصِيبُهُ أُمَّ وَلَدٍ؛ لِأَنَّ الْمُكَاتَبَةَ لَا تَقْبَلُ الِانْتِقَالَ مِنْ مِلْكٍ إلَى مِلْكٍ فَتَقْتَصِرُ أُمُومِيَّةُ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 440 الْوَلَدِ عَلَى نَصِيبِهِ كَمَا فِي الْمُدَبَّرَةِ الْمُشْتَرَكَةِ وَإِذَا ادَّعَى الثَّانِي وَلَدَهَا الْأَخِيرَ صَحَّتْ دَعْوَتُهُ لِقِيَامِ مِلْكِهِ ظَاهِرًا، ثُمَّ إذَا عَجَزَتْ بَعْدَ ذَلِكَ جُعِلَتْ الْكِتَابَةُ كَأَنْ لَمْ تَكُنْ وَتَبَيَّنَ أَنَّ الْجَارِيَةَ كُلَّهَا أُمُّ وَلَدٍ لِلْأَوَّلِ؛ لِأَنَّهُ زَالَ الْمَانِعُ مِنْ الِانْتِقَالِ وَوَطْؤُهُ سَابِقٌ وَيَضْمَنُ نِصْفَ قِيمَتِهَا لِشَرِيكِهِ؛ لِأَنَّهُ تَمَلَّكَ نَصِيبَهُ لَمَّا اسْتَكْمَلَ الِاسْتِيلَادَ وَنِصْفُ عُقْرِهَا أَيْضًا لِوَطْئِهِ جَارِيَةً مُشْتَرَكَةً وَيَضْمَنُ شَرِيكُهُ كَمَالَ عُقْرِهَا وَقِيمَةُ الْوَلَدِ وَيَكُونُ ابْنُهُ بِمَنْزِلَةِ الْمَغْرُورِ؛ لِأَنَّهُ حِينَ وَطِئَهَا الثَّانِي كَانَ مِلْكُهُ قَائِمًا ظَاهِرًا وَوَلَدُ الْمَغْرُورِ ثَابِتُ النَّسَبِ مِنْهُ حُرٌّ بِالْقِيمَةِ عَلَى مَا عُرِفَ لَكِنَّهُ وَطِئَ أُمَّ وَلَدِ الْغَيْرِ حَقِيقَةً فَيَلْزَمُهُ كَمَالُ الْعُقْرِ وَأَيَّهُمَا دَفَعَ الْعُقْرَ إلَى الْمُكَاتَبَةِ جَازَ؛ لِأَنَّ الْكِتَابَةَ مَا دَامَتْ بَاقِيَةً فَحَقُّ الْقَبْضِ لَهَا لِاخْتِصَاصِهَا بِمَنَافِعِهَا وَإِبْدَالِهَا وَإِذَا عَجَزَتْ تَرُدُّ الْعُقْرَ إلَى الْمَوْلَى وَهَذَا الَّذِي ذُكِرَ قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ وَقَالَا هِيَ أُمُّ وَلَدٍ لِلْأَوَّلِ وَلَا يَجُوزُ وَطْءُ الْآخَرِ وَإِذَا صَارَتْ كُلُّهَا أُمَّ وَلَدٍ فَالثَّانِي وَطِئَ أَمَةَ الْغَيْرِ فَلَا يَثْبُتُ نَسَبُ الْوَلَدِ مِنْهُ وَلَا يَكُونُ حُرًّا عَلَيْهِ بِالْقِيمَةِ غَيْرَ أَنَّهُ لَا يَجِبُ الْحَدُّ عَلَيْهِ لِلشُّبْهَةِ وَيَلْزَمُهُ جَمِيعُ الْعُقْرِ؛ لِأَنَّ الْوَطْءَ لَا يَعْرَى عَنْ أَحَدِ الْغَرَامَتَيْنِ وَإِذَا بَقِيَتْ الْكِتَابَةُ وَصَارَتْ كُلُّهَا مُكَاتَبَةً لِلْأَوَّلِ قِيلَ يَجِبُ عَلَيْهَا نِصْفُ بَدَلِ الْكِتَابَةِ؛ لِأَنَّ الْكِتَابَةَ انْفَسَخَتْ فِيمَا لَا تَتَضَرَّرُ بِهِ الْمُكَاتَبَةُ وَلَا يَتَضَرَّرُ بِسُقُوطِ نِصْفِ الْبَدَلِ وَقِيلَ يَجِبُ كُلُّ الْبَدَلِ وَيَضْمَنُ الْأَوَّلُ لِشَرِيكِهِ فِي قِيَاسِ قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ نِصْفُ قِيمَتِهَا مُكَاتَبَةً؛ لِأَنَّهُ تَمَلَّكَ نَصِيبَ شَرِيكِهِ وَهِيَ مُكَاتَبَةٌ فَيَضْمَنُهُ مُوسِرًا كَانَ أَوْ مُعْسِرًا؛ لِأَنَّهُ ضَمَانُ تَمَلُّكٍ. وَفِي قَوْلِ مُحَمَّدٍ يَضْمَنُ الْأَقَلَّ مِنْ نِصْفِ قِيمَتِهَا وَمِنْ نِصْفِ مَا بَقِيَ مِنْ بَدَلِ الْكِتَابَةِ وَإِنْ كَانَ الثَّانِي لَمْ يَطَأْهَا وَلَكِنْ دَبَّرَهَا، ثُمَّ عَجَزَتْ بَطَلَ التَّدْبِيرُ وَهِيَ أُمُّ وَلَدٍ لِلْأَوَّلِ وَيَضْمَنُ لِشَرِيكِهِ نِصْفَ عُقْرِهَا وَنِصْفَ قِيمَتِهَا، وَالْوَلَدُ وَلَدُ الْأَوَّلِ بِالْإِجْمَاعِ وَإِنْ كَاتَبَاهَا، ثُمَّ أَعْتَقَهَا أَحَدُهُمَا وَهُوَ مُوسِرٌ، ثُمَّ عَجَزَتْ ضَمِنَ الْمُعْتِقُ لِشَرِيكِهِ نِصْفَ قِيمَتِهَا، وَيَرْجِعُ بِذَلِكَ عَلَيْهَا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَعِنْدَهُمَا لَهُ أَنْ يُضَمِّنَهُ قِيمَةَ نَصِيبِهِ مُكَاتَبًا إنْ كَانَ مُوسِرًا وَيَسْتَسْعِي الْعَبْدَ إنْ كَانَ مُعْسِرًا هَذِهِ الْجُمْلَةُ مِنْ الْهِدَايَةِ. وَفِي الْمَجْمَعِ لَوْ كَاتَبَا عَبْدًا لَهُمَا فَأَعْتَقَهُ أَحَدُهُمَا فَنَصِيبُ الْآخِرِ بَاقٍ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ عَلَى الْكِتَابَةِ وَيُوجِبُ أَبُو يُوسُفَ عَلَى الْمُعْتِقِ نِصْفَ قِيمَتِهِ قِنًّا وَأَوْجَبَ مُحَمَّدٌ عَلَى الْعَبْدِ السِّعَايَةَ فِي الْأَقَلِّ مِنْ نِصْفِ قِيمَتِهِ وَمِنْ نِصْفِ الْبَدَلِ اهـ. وَلَوْ كَاتَبَ عَبْدَهُ عَلَى أَلْفٍ يُؤَدِّيهَا إلَى غَرِيمِ السَّيِّدِ أَوْ يَضْمَنُهَا لَهُ فَالْكِتَابَةُ، وَالضَّمَانُ جَائِزَانِ وَلَوْ كَاتَبَ أَمَتَهُ عَلَى أَلْفٍ عَلَى أَنْ يَطَأَهَا مُدَّةَ الْكِتَابَةِ لَمْ يَجُزْ فَإِنْ أَدَّتْ الْأَلْفَ عَتَقَتْ وَعَلَيْهَا فَضْلُ قِيمَتِهَا إنْ كَانَتْ قِيمَتُهَا أَكْثَرَ مِنْ الْمُؤَدَّى وَإِنْ كَانَ هُوَ أَكْثَرُ فَإِنَّهَا لَا تَرْجِعُ بِالزِّيَادَةِ عَلَى الْمَوْلَى فَإِنْ وَطِئَهَا، ثُمَّ أَدَّتْ فَعَلَيْهِ عُقْرُهَا؛ لِأَنَّهُ وَطِئَهَا عَلَى تَقْدِيرِ الْعَقْدِ وَاسْتِيفَاءِ مُوجِبِهِ وَلَوْ كَاتَبَ عَبْدَهُ عَلَى أَلْفٍ وَهَدِيَّةٍ فَأَدَّى الْأَلْفَ دُونَ الْهَدِيَّةِ عَتَقَ، ثُمَّ إنْ كَانَ الْأَلْفُ قَدْرَ قِيمَتِهِ لَمْ يَبْقَ لِلْمَوْلَى عَلَيْهِ سَبِيلٌ وَإِنْ كَانَتْ قِيمَتُهُ أَكْثَرَ رَجَعَ عَلَيْهِ بِالْفَضْلِ وَلَوْ كَاتَبَ عَبْدَيْنِ مُكَاتَبَةً وَاحِدَةً عَلَى أَلْفٍ فَقِبَلَ أَحَدُهُمَا جَازَ وَلَوْ قَالَ لِعَبْدَيْهِ كَاتَبْتُكُمَا عَلَى أَلْفٍ فَقَبِلَا لَا يُعْتَقُ وَاحِدٌ مِنْهُمَا بِأَدَاءِ حِصَّتِهِ مَا لَمْ يُؤَدِّ جَمِيعَ الْأَلْفِ اسْتِحْسَانًا وَكَذَلِكَ لَوْ قَالَ كَاتَبْتُكُمَا عَلَى أَلْفٍ عَلَى أَنَّكُمَا إنْ أَدَّيْتُمَا الْمُكَاتَبَةَ عَتَقْتُمَا وَإِنْ عَجَزْتُمَا رُدِدْتُمَا فِي الرِّقِّ فَإِنْ أَدَّى أَحَدُهُمَا عَتَقَا وَلِلْمَوْلَى أَنْ يَأْخُذَ أَيَّهُمَا شَاءَ بِجَمِيعِ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 441 الْمُكَاتَبَةِ مَاتَ أَحَدُهُمَا أَوْ لَمْ يَمُتْ وَيَرْجِعُ الْمُؤَدِّي عَلَى صَاحِبِهِ بِحِصَّتِهِ وَإِنْ كَانَ قِيمَتُهُمَا سَوَاءً رَجَعَ بِنِصْفِ الْمُؤَدَّى وَإِنْ عَجَزَا رَدَّا فِي الرِّقِّ وَإِنْ عَجَزَ أَحَدُهُمَا لَا؛ لِأَنَّ الْآخَرَ يُؤَدِّي فَيُعْتَقَانِ جَمِيعًا وَلَوْ مَاتَ أَحَدُهُمَا لَا يَسْقُطُ حِصَّتُهُ، وَالْآخَرُ مُكَاتَبٌ عَلَى حَالِهِ كَمَا لَوْ مَاتَ وَتَرَكَ وَفَاءً فَإِنْ كَانَ تَرَكَ مَالًا يُؤَدَّى مِنْهُ جَمِيعُ الْمُكَاتَبَةِ فَيُعْتَقَانِ وَيَرْجِعُ وَرَثَةُ الْمَيِّتِ عَلَى الْحَيِّ بِحِصَّتِهِ وَإِنْ لَمْ يَتْرُكْ مَالًا فَالْحَيُّ يُؤَدِّي جَمِيعَ الْكِتَابَةِ وَيُعْتَقَانِ وَيَرْجِعُ عَلَى وَرَثَةِ الْمَيِّتِ بِحِصَّتِهِ إذَا كَانَتْ الْوَرَثَةُ مِمَّنْ دَخَلَتْ فِي كِتَابَةِ الْمَيِّتِ. وَلَوْ كَاتَبَ أَحَدُ الشَّرِيكَيْنِ نَصِيبَهُ يَأْخُذُ شَرِيكُهُ نِصْفَ مَا أَخَذَ، ثُمَّ يَرْجِعُ الْمُكَاتِبُ بِهِ عَلَى الْعَبْدِ، ثُمَّ لِلسَّاكِتِ فِي نَصِيبِهِ الْخِيَارَاتُ الثَّلَاثُ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَإِنْ كَاتَبَا عَبْدًا بَيْنَهُمَا لَا يُعْتَقُ شَيْءٌ مِنْهُ حَتَّى يُؤَدِّيَ الْجَمِيعُ وَأَيُّهُمَا أَخَذَ نَصِيبَهُ بِإِذْنِ شَرِيكِهِ، ثُمَّ عَجَزَ الْمُكَاتَبُ فَالْمَأْخُوذُ بَيْنَهُمَا وَإِنْ أَعْتَقَهُ أَحَدُهُمَا أَوْ وَهَبَ لَهُ نَصِيبَهُ مِنْ الْمُكَاتَبَةِ عَتَقَ نَصِيبَهُ بِخِلَافِ مَا لَوْ قَبَضَ نَصِيبَهُ، ثُمَّ أَبْرَأَهُ مِنْ بَدَلِ الْكِتَابَةِ لَا يُعْتَقُ نَصِيبُهُ؛ لِأَنَّ الْبَرَاءَةَ لَمْ تَصِحَّ؛ لِأَنَّ لِلشَّرِيكِ أَنْ يُشَارِكَهُ فِيمَا قَبَضَ فَلَمْ يَتِمُّ الِاسْتِيفَاءُ فِي نَصِيبِهِ، ثُمَّ إنْ شَاءَ الْمُكَاتَبُ عَجَزَ وَإِنْ شَاءَ مَضَى فَلَا ضَمَانَ عَلَى الْمُعْتِقِ وَإِنْ مَاتَ عَنْ مَالٍ أَخَذَ السَّاكِتُ نِصْفَ الْمُكَاتَبَةِ، وَالْبَاقِي لِوَرَثَتِهِ وَإِنْ عَجَزَ لِلسَّاكِتِ ثَلَاثُ خِيَارَاتٍ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ. وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ: يَضْمَنُ الْأَقَلَّ مِنْ نِصْفِ الْقِيمَةِ وَنِصْفَ مَا بَقِيَ مِنْ الْمُكَاتَبَةِ أَيُّهُمَا أَقَلُّ فَهُوَ عَلَيْهِ مِنْ الْوَجِيزِ وَإِذَا عَجَزَ الْمُكَاتَبُ عَادَ إلَى أَحْكَامِ الرِّقِّ وَمَا كَانَ فِي يَدِهِ مِنْ الْأَكْسَابِ لِمَوْلَاهُ وَإِذَا قُطِعَتْ يَدُهُ وَأَخَذَ الْأَرْشَ فَهُوَ لِلْمَوْلَى هَذِهِ فِي بَيْعِ الْفُضُولِيِّ مِنْ الْهِدَايَةِ وَإِنْ مَاتَ الْمُكَاتَبُ وَتَرَكَ مَالًا لَا تَنْفَسِخُ الْكِتَابَةُ وَقَضَى مَا عَلَيْهِ مِنْ مَالِهِ وَحُكِمَ بِعِتْقِهِ فِي آخِرِ جُزْءٍ مِنْ أَجْزَاءِ حَيَاتِهِ وَمَا بَقِيَ فَهُوَ مِيرَاثٌ لِوَرَثَتِهِ وَيُعْتَقُ أَوْلَادُهُ وَإِنْ لَمْ يَتْرُكْ وَفَاءً وَتَرَكَ مَوْلُودًا فِي الْكِتَابَةِ سَعَى فِي كِتَابَةِ أَبِيهِ عَلَى نُجُومِهِ فَإِنْ أَدَّى حَكَمْنَا بِعِتْقِ أَبِيهِ قَبْلَ مَوْتِهِ وَعِتْقِ الْوَلَدِ وَإِنْ تَرَكَ وَلَدًا مُشْتَرًى فِي الْكِتَابَةِ قِيلَ لَهُ إمَّا أَنْ تُؤَدِّيَ الْكِتَابَةَ حَالَّةً أَوْ تُرَدَّ فِي الرِّقِّ؛ لِأَنَّ الْمُشْتَرِيَ لَمْ يَدْخُلْ تَحْتَ الْعَقْدِ هَذَا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَقَالَا يُؤَدِّيهِ إلَى أَجَلِهِ اعْتِبَارًا بِالْوَلَدِ الْمَوْلُودِ فِي الْكِتَابَةِ وَمَا أَدَّى الْمُكَاتَبُ مِنْ الصَّدَقَاتِ إلَى مَوْلَاهُ، ثُمَّ عَجَزَ فَهُوَ طَيِّبٌ لِلْمَوْلَى لِتَبَدُّلِ الْمِلْكِ فَإِنَّ الْعَبْدَ يَتَمَلَّكُهُ صَدَقَةً، وَالْمَوْلَى عِوَضًا عَنْ الْعِتْقِ وَإِلَيْهِ وَقَعَتْ الْإِشَارَةُ النَّبَوِيَّةُ فِي حَدِيثِ بَرِيرَةَ هِيَ لَهَا صَدَقَةٌ وَلَنَا هَدِيَّةٌ وَكَذَلِكَ إذَا أَعْتَقَ الْمُكَاتَبَ وَاسْتَغْنَى يَطِيبُ لَهُ مَا بَقِيَ فِي يَدِهِ مِنْ الصَّدَقَاتِ. وَإِذَا جَنَى الْعَبْدُ فَكَاتَبَهُ مَوْلَاهُ وَلَمْ يَعْلَمْ بِالْجِنَايَةِ، ثُمَّ عَجَزَ فَإِنَّهُ يَدْفَعُ أَوْ يَفْدِي وَكَذَا إذَا جَنَى الْمُكَاتَبُ وَلَمْ يَقْضِ بِهِ حَتَّى عَجَزَ وَإِنْ قَضَى بِهِ عَلَيْهِ فِي كِتَابَتِهِ، ثُمَّ عَجَزَ فَهُوَ دَيْنٌ يُبَاعُ فِيهِ وَهَذَا قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ وَقَدْ رَجَعَ أَبُو يُوسُفَ وَكَانَ يَقُولُ أَوْ لَا يُبَاعُ فِيهِ وَإِنْ عَجَزَ قَبْلَ الْقَضَاءِ وَهُوَ قَوْلُ زُفَرَ وَإِذَا مَاتَ الْمَوْلَى لَمْ تَنْفَسِخْ الْكِتَابَةُ وَقِيلَ لَهُ أَدِّ الْمَالَ إلَى وَرَثَةِ الْمَوْلَى عَلَى نُجُومِهِ فَإِنْ أَعْتَقَهُ أَحَدُ الْوَرَثَةِ لَمْ يَنْفُذْ عِتْقُهُ وَإِنْ أَعْتَقُوهُ جَمِيعًا نَفَذَ وَعَتَقَ وَسَقَطَ مَالُ الْكِتَابَةِ؛ لِأَنَّهُ يَصِيرُ إبْرَاءً عَنْ بَدَلِ الْكِتَابَةِ فَإِنَّهُ حَقُّهُمْ وَقَدْ جَرَى فِيهِ الْإِرْثُ وَإِذَا أُبْرِئَ الْمُكَاتَبُ عَنْ بَدَلِ الْكِتَابَةِ يُعْتَقُ كَمَا إذَا أَبْرَأَ الْمَوْلَى إلَّا أَنَّهُ إذَا أَعْتَقَهُ أَحَدُ الْوَرَثَةِ لَا يَصِيرُ إبْرَاءً عَنْ نَصِيبِهِ؛ لِأَنَّا نَجْعَلُهُ إبْرَاءً اقْتِضَاءً تَصْحِيحًا لِعِتْقِهِ، وَالْإِعْتَاقُ لَا يَثْبُتُ بِإِبْرَاءِ الْبَعْضِ أَوْ أَدَائِهِ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 442 فِي الْمُكَاتَبِ لَا فِي بَعْضِهِ وَلَا فِي كُلِّهِ وَلَا وَجْهَ إلَى إبْرَاءِ الْكُلِّ لِحَقِّ بَقِيَّةِ الْوَرَثَةِ مِنْ الْهِدَايَةِ فَإِنْ وَهَبَ أَحَدُهُمْ نَصِيبَهُ فِي رَقَبَتِهِ جَازَ وَإِنْ عَجَزَ وَرُدَّ رَقِيقًا فَنَصِيبُ الْوَاهِبِ فِي رَقَبَتِهِ ثَابِتٌ كَالْمَوْلَى إذَا وُهِبَ مِنْهُ بَعْضُ الْكِتَابَةِ، ثُمَّ عَجَزَ صَارَ كُلُّهُ رَقِيقًا لِلْمَوْلَى فَكَذَا هَذَا. وَلَوْ أَدَّى الْمُكَاتَبُ الْبَدَلَ إلَى الْوَرَثَةِ دُونَ الْوَصِيِّ وَعَلَى الْمَيِّتِ دَيْنٌ مُحِيطٌ بِهِ أَوْ لَا يُحِيطُ بِهِ لَا يُعْتَقُ وَإِنْ أَدَّى إلَى الْوَصِيِّ عَتَقَ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِي التَّرِكَةِ دَيْنٌ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ عَلَى الْمَيِّتِ دَيْنٌ وَدَفَعَ إلَى الْوَرَثَةِ وَتَقَاسَمُوا جَازَ وَإِنْ أَدَّى إلَى بَعْضِهِمْ لَمْ يُعْتَقْ مَا لَمْ يَصِلَ إلَى الْكُلِّ أَوْ يُجِيزُوا قَبْضَهُ فَيَصِيرُ وَكِيلًا مِنْ جِهَتِهِمْ وَلَوْ أَدَّى الْمُكَاتَبَ إلَى الْغُرَمَاءِ وَعَلَيْهِ دَيْنٌ مُحِيطٌ جَازَ وَعَتَقَ وَلَوْ دَفَعَ إلَى الْوَصِيِّ بِمَا عَلَى الْمُكَاتَبِ يُعْتَقُ كَالدَّفْعِ إلَى الْغَرِيمِ مِنْ الْوَجِيزِ. وَلَوْ اسْتَدَانَ الْمُكَاتَبُ بَعْضَ بَدَلِ الْكِتَابَةِ فَأَدَّى إلَى مَوْلَاهُ، ثُمَّ عَجَزَ لَا يَسْتَرِدُّ مِنْ الْمَوْلَى كَمَا فِي الْمُحِيطِ، وَالْجَامِعِ الْكَبِيرِ ذَكَرَهُ فِي الْمُشْتَمِلِ. وَلَوْ اشْتَرَى الْمُكَاتَبُ أَبَاهُ أَوْ ابْنَهُ فَوَجَدَ بِهِ عَيْبًا لَمْ يَقْدِرْ عَلَى الرَّدِّ وَلَا عَلَى أَنْ يَرْجِعَ بِالنُّقْصَانِ وَلَوْ رُدَّ الْمُكَاتَبُ فِي الرِّقِّ فَالْمَوْلَى يَرُدُّهُ بِالْعَيْبِ. وَلَا يُحْبَسُ الْمُكَاتَبُ فِي دَيْنِ الْكِتَابَةِ وَفِيمَا سِوَى دَيْنِ الْكِتَابَةِ قَوْلَانِ كَذَا فِي الْمُشْتَمِلِ نَقْلًا عَنْ الْمُنْيَةِ. وَلَوْ مَاتَ الْمُكَاتَبُ وَتَرَكَ أُمَّ وَلَدٍ مَعَهَا وَلَدُهَا لَا تُبَاعُ وَاسْتَسْعَتْ فِي الْمُكَاتَبَةِ عَلَى نُجُومِ الْمُكَاتَبِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مَعَهَا وَلَدٌ تُبَاعُ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَعِنْدَهُمَا لَا تُبَاعُ؛ لِأَنَّهَا أُمُّ وَلَدٍ عَتَقَتْ بِمَوْتِ السَّيِّدِ لَهُ أَنَّهُ لَا مِلْكَ لِلْمُكَاتَبِ حَقِيقَةً فَلَا يَحْرُمُ بَيْعُهَا كَالْعَبْدِ الْمَأْذُونِ اسْتَوْلَدَ جَارِيَةً مِنْ كَسْبِهِ بِخِلَافِ مَا لَوْ كَانَ مَعَهَا وَلَدٌ؛ لِأَنَّهُ يَثْبُتُ حَقُّ الْحُرِّيَّةِ لِلْوَلَدِ وَحَقُّ الْحُرِّيَّةِ لِلْوَلَدِ يُوجِبُ حَقَّ الْحُرِّيَّةِ لِلْأُمِّ لِقَوْلِهِ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - «أَعْتَقَهَا وَلَدُهَا» . وَإِذَا مَاتَ الْمُكَاتَبُ عَنْ وَفَاءٍ بُدِئَ بِالدَّيْنِ، ثُمَّ بِالْجِنَايَةِ، ثُمَّ بِبَدَلِ الْكِتَابَةِ، ثُمَّ بِمَهْرِ امْرَأَةٍ تَزَوَّجَهَا بِغَيْرِ إذْنِ مَوْلَاهُ، ثُمَّ الْبَاقِي مِيرَاثٌ بَيْنَ أَوْلَادِهِ الَّذِينَ عَتَقُوا بِعِتْقِهِ وَاَلَّذِينَ كَانُوا أَحْرَارًا قَبْلَهُ وَإِذَا مَاتَ عَنْ وَفَاءٍ وَدَيْنِ الْمَوْلَى بُدِئَ بِدَيْنِ الْمَوْلَى، ثُمَّ بِالْكِتَابَةِ، وَالْبَاقِي مِيرَاثٌ بَيْنَ أَوْلَادِهِ وَإِنْ لَمْ يَفِ الْبَاقِي بِالدَّيْنِ، وَالْكِتَابَةِ بُدِئَ بِالْكِتَابَةِ. مَاتَتْ الْمُكَاتَبَةُ عَنْ مَالٍ وَعَلَيْهَا دَيْنٌ مِثْلُهُ فَأَدَّى الْوَلَدُ الْمَالَ عَنْ الْكِتَابَةِ أَوْ الْقَاضِي وَلَمْ يَعْلَمْ بِالدَّيْنِ تُعْتَقُ الْأُمُّ، وَالْوَلَدُ وَيَأْخُذُ الْغُرَمَاءُ مِنْ الْمَوْلَى وَيَرْجِعُ الْمَوْلَى بِمِثْلِهِ عَلَى الْوَلَدِ وَإِنْ لَمْ يُؤَدِّهِ الْوَلَدُ أَوْ الْقَاضِي لَا يُعْتَقُ وَإِنْ لَمْ تَتْرُكْ مَالًا فَأَعْتَقَ الْمَوْلَى الْوَلَدَ عَتَقَ وَإِنْ أَحَاطَ دَيْنُهَا بِقِيمَتِهِ وَيَسْعَى فِي الدَّيْنِ. كَاتَبَ عَبْدًا مُشْتَرَكًا بِغَيْرِ إذْنِ شَرِيكِهِ فَمَاتَ الْعَبْدُ وَتَرَكَ كَسْبًا بَعْدَ الْكِتَابَةِ فَقَدْ مَاتَ عَاجِزًا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ، وَقَالَا مَاتَ حُرًّا وَيَضْمَنُ الْمُكَاتِبُ نِصْفَ قِيمَتِهِ لِشَرِيكِهِ وَلَا تَصِحُّ وَصِيَّةُ الْمُكَاتَبِ بِشَيْءٍ بِعَيْنِهِ وَإِنْ أَوْصَى بِثُلُثِ مَالِهِ مُطْلَقًا لَا يَصِحُّ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ خِلَافًا لَهُمَا. وَلَوْ قَالَ إنْ مِتُّ حُرًّا فَثُلُثُ مَالِي لِفُلَانٍ يَصِحُّ إنْ أُعْتِقَ قَبْلَ الْمَوْتِ بِالْإِجْمَاعِ كَمَا لَوْ قَالَ إنْ مَلَكْتُ عَبْدًا وَأَنَا حُرٌّ يَصِحُّ وَإِنْ مَاتَ عَنْ وَفَاءٍ فَأُدِّيَتْ مُكَاتَبَتُهُ فَعَتَقَ لَا تَصِحُّ هَذِهِ الْوَصِيَّةُ؛ لِأَنَّهُ يُعْتَقُ فِي آخِرِ حَيَاتِهِ فِي سَاعَةٍ لَطِيفَةٍ وَفِي تِلْكَ السَّاعَةِ لَا يُتَصَوَّرُ الْوَصِيَّةُ فَلَا يَظْهَرُ الْعِتْقُ فِي حَقِّهَا مِنْ الْوَجِيزِ. وَلَدٌ وُلِدَ لِلْمُكَاتَبِ دَخَلَ فِي كِتَابَتِهِ وَكَانَ كَسْبُهُ لِأَبِيهِ وَلَوْ أَعْتَقَ الْمَوْلَى وَلَدَ مُكَاتَبِهِ جَازَ عِنْدَنَا خِلَافًا لِزُفَرَ وَلَا يَسْقُطُ شَيْءٌ مِنْ بَدَلِ الْكِتَابَةِ إذَا لَمْ يَكُنْ كَاتَبَهُ مَعَ أَبِيهِ كِتَابَةً وَاحِدَةً وَلَوْ أَعْتَقَ وَلَدًا كَاتَبَهُ مَعَ أَبِيهِ كِتَابَةً وَاحِدَةً يُسْقِطُ حِصَّتَهُ مِنْ بَدَلِ الْكِتَابَةِ كَمَا فِي الْحَقَائِقِ وَغَيْرِهِ. وَإِذَا زَوَّجَ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 443 عَبْدَهُ مِنْ أَمَتِهِ وَكَاتَبَهَا فَوَلَدَتْ مِنْهُ وَلَدًا يَدْخُلُ ذَلِكَ الْوَلَدُ مَعَ أُمِّهِ فِي كِتَابَتِهَا وَكَانَ كَسْبُهُ لَهَا؛ لِأَنَّ تَبَعِيَّةَ الْأُمِّ أَرْجَحُ حَتَّى لَوْ قُتِلَ ذَلِكَ الْوَلَدُ يَكُونُ قِيمَتُهُ لِلْأُمِّ دُونَ الْأَبِ مِنْ شَرْحِ الْمَجْمَعِ. وَالْكِتَابَةُ مُتَجَزِّئَةٌ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَقَالَا لَا تَتَجَزَّأُ حَتَّى لَوْ كَاتَبَ نِصْفَ عَبْدِهِ جَازَ ذَلِكَ وَصَارَ كُلُّهُ مُكَاتَبًا عِنْدَهُمَا وَعِنْدَهُ يُقْتَصَرُ عَلَى الْقَدْرِ الَّذِي كَاتَبَ مِنْهُ فَإِنْ أَدَّى الْمُكَاتَبَةَ عَتَقَ مِنْهُ ذَلِكَ الْقَدْرُ وَسَعَى بِمَا بَقِيَ مِنْ قِيمَتِهِ بِقَدْرِ مَا يُطِيقُ عَلَى مَعْنَى أَنَّهُ لَيْسَ لِلْمَوْلَى أَنْ يُطَالِبَهُ فِي الْحَالِ وَلَكِنْ يَجْعَلُهُ مُنَجَّمًا بِحَسَبِ طَاقَتِهِ وَثَمَرَةُ الْخِلَافِ تَظْهَرُ فِيمَا إذَا اكْتَسَبَ الْعَبْدُ مَالًا قَبْلَ الْأَدَاءِ فَنِصْفُهُ لَهُ، وَالنِّصْفُ لِلْمَوْلَى عِنْدَهُ وَعِنْدَهُمَا الْكُلُّ لَهُ؛ لِأَنَّهُ مُكَاتَبٌ كُلُّهُ أَمَّا لَوْ اكْتَسَبَ بَعْدَ الْأَدَاءِ فَلَيْسَ لِلْمَوْلَى مِنْ كَسْبِهِ شَيْءٌ بِالِاتِّفَاقِ إمَّا عِنْدَهُمَا فَلِأَنَّهُ حُرٌّ كُلُّهُ وَأَمَّا عِنْدَهُ فَلِأَنَّ النِّصْفَ مِنْهُ عِتْقٌ بِالْأَدَاءِ، وَفِي النِّصْفِ الْآخَرِ هُوَ مُسْتَسْعًى كَالْمُكَاتَبِ فَيَكُونُ أَحَقَّ بِجَمِيعِ كَسْبِهِ بَعْدَ الْأَدَاءِ. وَإِنْ كَاتَبَ عَبْدَهُ عَلَى أَلْفِ دِينَارٍ عَلَى أَنْ يَرُدَّ الْمَوْلَى إلَيْهِ عَبْدًا بِغَيْرِ عَيْنِهِ جَازَتْ الْكِتَابَةُ عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ وَيُقْسَمُ الْأَلْفُ عَلَى قِيمَةِ الْعَبْدِ الْمُكَاتَبِ وَقِيمَةِ عَبْدٍ وَسَطٍ وَتَبْطُلُ حِصَّةُ الْعَبْدِ وَيَكُونُ مُكَاتَبًا بِمَا بَقِيَ. وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٌ لَا تَجُوزُ هَذِهِ الْكِتَابَةُ وَلَوْ كَاتَبَهُ عَلَى أَلْفٍ وَعَلَى خِدْمَتِهِ أَبَدًا وَقَبِلَ الْعَبْدُ فَسَدَتْ الْكِتَابَةُ؛ لِأَنَّ هَذَا شَرْطٌ يُنَافِي مُقْتَضَى الْعَقْدِ فَإِنْ أَدَّى الْعَبْدُ الْأَلْفَ عَتَقَ بِحُكْمِ الشَّرْطِ، ثُمَّ إنْ كَانَ الْأَلْفُ أَقَلَّ مِنْ قِيمَتِهِ سَعَى فِي تَمَامِ قِيمَتِهِ إجْمَاعًا وَإِنْ كَانَ أَكْثَرَ مِنْ قِيمَتِهِ لَا يَسْتَرِدُّ الْفَضْلَ مِنْ الْمَوْلَى عِنْدَنَا، وَقَالَ زُفَرُ يَسْتَرِدُّ. وَإِذَا كَاتَبَ أَمَتَهُ عَلَى أَنَّهُ بِالْخِيَارِ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ فَوَلَدَتْ الْأَمَةُ وَلَدًا، ثُمَّ مَاتَتْ فِي مُدَّةِ الْخِيَارِ فَأَجَازَ الْمَوْلَى الْعَقْدَ تَبْطُلُ الْكِتَابَةُ عِنْدَ مُحَمَّدٍ وَلَا تَصِحُّ إجَازَةُ الْمَوْلَى وَعِنْدَهُمَا لَا تَبْطُلُ الْكِتَابَةُ وَلَهُ أَنْ يُجِيزَهَا وَإِذَا أَجَازَهَا سَعَى الْوَلَدُ عَلَى نُجُومِ أُمِّهِ فَإِذَا أَدَّى عَتَقَتْ الْأُمُّ فِي آخِرِ جُزْءٍ مِنْ حَيَاتِهَا وَعَتَقَ وَلَدُهَا مِنْ الْحَقَائِقِ. إذَا قَتَلَ الْمُكَاتَبُ رَجُلًا خَطَأً فَصَالَحَ وَلِيَّ الْقَتِيلِ عَلَى مَالٍ أَوْ أَقَرَّ الْمُكَاتَبُ بِقَتْلِ رَجُلٍ خَطَأً فَقَضَى الْقَاضِي عَلَيْهِ بِقِيمَتِهِ أَوْ أَقَرَّ بِقَتْلِهِ عَمْدًا، ثُمَّ صَالَحَ وَلِيَّ الْجِنَايَةِ عَلَى مَالٍ وَلَمْ يُؤَدِّ بَدَلَ الصُّلْحِ حَتَّى عَجَزَ عَنْ أَدَاءِ بَدَلِ الْكِتَابَةِ وَرُدَّ إلَى الرِّقِّ يَتَأَخَّرُ عَنْهُ بَدَلُ الصُّلْحِ إلَى مَا بَعْدَ الْعِتْقِ وَلَا يُؤَاخَذُ بِهِ فِي الْحَالِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَقَالَا يُؤَاخَذُ بِهِ فِي الْحَالِ وَيُبَاعُ فِيهِ وَإِذَا جَنَى جِنَايَةً خَطَأً فَقَبْلَ أَنْ يَقْضِيَ عَلَيْهِ الْقَاضِي بِمُوجِبِ الْجِنَايَةِ عَجَزَ وَرُدَّ إلَى الرِّقِّ يُخَيَّرُ مَوْلَاهُ بَيْنَ دَفْعِهِ بِالْجِنَايَةِ، وَالْفِدَاءِ بِإِشْهَادٍ وَلَا يُطَالَبُ الْعَبْدَ بِهَا لِلْحَالِ عِنْدَنَا. وَقَالَ زُفَرُ يُطَالِبُ بِهَا لِلْحَالِ وَلَوْ عَجَزَ بَعْدَ الْقَضَاءِ بِمُوجِبِ الْجِنَايَةِ فَهُوَ دَيْنٌ عَلَيْهِ يُبَاعُ فِيهِ اتِّفَاقًا إذَا جَنَى الْمُكَاتَبُ جِنَايَةً خَطَأً فَقَبْلَ الْقَضَاءِ عَلَيْهِ بِمُوجِبِهَا جَنَى ثَانِيًا يَلْزَمُهُ قِيمَةٌ وَاحِدَةٌ عِنْدَنَا فَيَسْعَى لِأَوْلِيَاءِ الْجِنَايَتَيْنِ فِي الْأَقَلِّ مِنْ قِيمَتِهِ وَمِنْ أَرْشِ الْجِنَايَةِ. وَقَالَ زُفَرُ يَلْزَمُهُ لِكُلِّ جِنَايَةٍ قِيمَةٌ عَلَى حِدَةٍ وَلَوْ جَنَى ثَانِيًا بَعْدَ مَا قَضَى عَلَيْهِ بِمُوجِبِ الْجِنَايَةِ الْأُولَى يَجِبُ لِلثَّانِيَةِ قِيمَةٌ أُخْرَى اتِّفَاقًا مِنْ شَرْحِ الْمَجْمَعِ قُلْتُ وَقَدْ مَرَّ بَعْضُ مَسَائِلِ جِنَايَةِ الْمُكَاتَبِ فِي الْجِنَايَاتِ فَعَلَيْكَ بِالْمُرَاجَعَةِ فِيمَا لَمْ يُوجَدْ هُنَا. وَلَوْ كَاتَبَ عَبْدَهُ عَلَى نَفْسِهِ وَأَوْلَادِهِ الصِّغَارِ جَازَ اسْتِحْسَانًا وَحُكْمُ الْوَلَدِ هُنَا حُكْمُ الْغَائِبِ مَعَ الْحَاضِرِ وَقَدْ مَرَّ أَنَّهُ لَيْسَ لِلْمَوْلَى وَلَا لِلْأَبِ وِلَايَةُ إيجَابٍ عَلَى الصَّغِيرِ فَلَمْ يَجِبْ عَلَيْهِ لِفَقْدِ الْوِلَايَةِ وَيَتَعَلَّقُ عِتْقُهُ بِأَدَاءِ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 444 الْمَالِ فَيَبْقَى عِتْقُهُ مُعَلَّقًا مَعَ بَقَاءِ الْكِتَابَةِ وَلَا يَبْقَى مَعَ انْفِسَاخِهَا فَلَوْ مَاتَ الْأَبُ يَسْعَى الْوَلَدُ وَإِنْ كَانُوا صِغَارًا عَاجِزِينَ يُرَدُّونَ فِي الرِّقِّ وَلَوْ لَمْ يَعْجِزُوا وَأَدَّى بَعْضُهُمْ لَمْ يَرْجِعُوا عَلَى إخْوَتِهِمْ بِشَيْءٍ وَلِلْمَوْلَى أَخْذُ كُلِّ وَاحِدٍ بِجَمِيعِ الْمُكَاتَبَةِ وَإِنْ أَعْتَقَ بَعْضُهُمْ رُفِعَتْ حِصَّتُهُ عَنْ الْبَاقِينَ. وَلَوْ كَاتَبَ عَبْدًا لَهُ وَامْرَأَتَهُ بِمُكَاتَبَةٍ وَاحِدَةٍ عَلَى أَنْفُسِهِمَا وَأَوْلَادِهِمَا الصِّغَارِ، ثُمَّ إنَّ إنْسَانًا قَتَلَ الْوَلَدَ فَقِيمَتُهُ لِلْأَبَوَيْنِ وَيَسْتَعِينَا بِهَا فِي الْكِتَابَةِ مِنْ الْوَجِيزِ. وَإِذَا كَاتَبَ الْمُسْلِمُ عَبْدَهُ عَلَى خَمْرٍ أَوْ خِنْزِيرٍ أَوْ عَلَى قِيمَةِ نَفْسِهِ فَالْكِتَابَةُ فَاسِدَةٌ كَمَا إذَا كَاتَبَ عَلَى ثَوْبٍ أَوْ دَابَّةٍ فَإِنْ أَدَّى الْخَمْرَ عَتَقَ بِأَدَائِهِ وَلَزِمَهُ أَنْ يَسْعَى فِي قِيمَتِهِ وَلَا يُنْقَصُ عَنْ الْمُسَمَّى وَلَا يُزَادُ عَلَيْهِ. وَقَالَ زُفَرُ لَا يُعْتَقُ إلَّا بِأَدَاءِ قِيمَتِهِ وَكَذَلِكَ يُعْتَقُ بِأَدَاءِ الْقِيمَةِ فِيمَا إذَا كَاتَبَهُ عَلَى قِيمَتِهِ وَلَا يُعْتَقُ بِأَدَاءِ الثَّوْبِ فِيمَا إذَا كَاتَبَهُ عَلَى ثَوْبٍ؛ لِأَنَّهُ لَا يُوقَفُ فِيهِ عَلَى مُرَادِ الْعَاقِدِ لِاخْتِلَافِ أَجْنَاسِهِ فَلَا يَثْبُتُ الْعِتْقُ بِدُونِ إرَادَتِهِ وَكَذَلِكَ إنْ كَاتَبَهُ عَلَى شَيْءٍ مُعَيَّنٍ لِغَيْرِهِ وَلَمْ يَجِزْ. وَعَنْ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي رِوَايَة الْحَسَنِ أَنَّهُ يَجُوزُ حَتَّى لَوْ مَلَكَهُ وَسَلَّمَهُ يُعْتَقُ وَإِنْ أَجَازَ صَاحِبُ الْعَيْنِ ذَلِكَ فَعَنْ مُحَمَّدٍ أَنَّهُ يَجُوزُ. وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ أَنَّهُ يَجُوزُ أَجَازَ ذَلِكَ أَوْ لَمْ يُجِزْ غَيْرَ أَنَّهُ عِنْدَ الْإِجَازَةِ يَجِبُ تَسْلِيمُ عَيْنِهِ. وَعِنْدَ عَدَمِهَا يَجِبُ تَسْلِيمُ قِيمَتِهِ وَلَوْ كَاتَبَ النَّصْرَانِيُّ عَبْدَهُ الْكَافِرَ عَلَى خَمْرٍ فَهُوَ جَائِزٌ إذَا كَانَ مِقْدَارًا مَعْلُومًا وَأَيُّهُمَا أَسْلَمَ فَلِلْمَوْلَى قِيمَةُ الْخَمْرِ مِنْ الْهِدَايَةِ. [بَاب فِي الْمُتَفَرِّقَاتِ] (الْبَابُ الثَّامِنُ وَالثَّلَاثُونَ فِي الْمُتَفَرِّقَاتِ) رَجُلٌ عَلَيْهِ عَشَرَةُ دَرَاهِمَ لِرَجُلٍ فَأَوْفَاهُ فَوَجَدَهَا الْقَابِضُ اثْنَيْ عَشَرَ ذَكَرَ فِي النَّوَادِرِ عَلَى قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ الزِّيَادَةُ أَمَانَةٌ إذَا هَلَكَتْ لَا يَلْزَمُهُ ضَمَانُهَا، وَعَلَى قَوْلِ مُحَمَّدٍ وَزُفَرَ تَكُونُ مَضْمُونَةً وَهُوَ الْقِيَاسُ فَلَوْ أَنَّ الْقَابِضَ رَفَعَ مِنْهَا دِرْهَمَيْنِ لِيَرُدَّهُمَا عَلَى صَاحِبِهِمَا فَهَلَكَا فِي الطَّرِيقِ قَالُوا إنَّ الْمَدْيُونَ يُشَارِكُ الْقَابِضَ فِيمَا بَقِيَ فَيَكُونُ لَهُ سُدُسُ مَا بَقِيَ وَذَلِكَ دِرْهَمٌ وَثُلُثَا دِرْهَمٍ؛ لِأَنَّ كُلَّ دِرْهَمٍ مِنْ الْمُقْتَرِضِ سُدُسُهُ لِلدَّافِعِ وَخَمْسَةُ أَسْدَاسِهِ لِلْقَابِضِ. رَجُلٌ تَعَلَّقَ بِرَجُلٍ وَخَاصَمَهُ فَسَقَطَ مِنْ الْمُتَعَلَّقِ بِهِ شَيْءٌ أَوْ ضَاعَ قَالُوا يَضْمَنُ الْمُتَعَلِّقُ وَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ الْجَوَابُ عَلَى التَّفْصِيلِ إنْ سَقَطَ بِقُرْبٍ مِنْ صَاحِبِهِ وَصَاحِبُ الْمَالِ يَرَاهُ وَيُمْكِنُهُ أَنْ يَأْخُذَهُ لَا يَكُونُ ضَامِنًا وَإِلَّا كَانَ ضَامِنًا. رَجُلٌ أَخَذَ غَرِيمَهُ بِمَالٍ فَجَاءَ إنْسَانٌ وَانْتَزَعَهُ مِنْ يَدِهِ حَتَّى هَرَبَ الْغَرِيمُ فَإِنَّهُ يُعَزَّرُ بِحُكْمِ الْجِنَايَةِ وَلَا يَضْمَنُ الْمَالَ الَّذِي عَلَى الْمَدْيُونِ. مَيِّتٌ كُفِّنَ بِثَوْبِ الْغَيْرِ قَالُوا إنْ شَاءَ أَخَذَ صَاحِبُ الثَّوْبِ قِيمَةَ الثَّوْبِ وَإِنْ شَاءَ نَبَشَ الْقَبْرَ فَيَأْخُذُ ثَوْبَهُ قَالَ الْفَقِيهُ أَبُو اللَّيْثِ - رَحِمَهُ اللَّهُ - إنْ كَانَ الْمَيِّتُ تَرَكَ مَالًا يُعْطَى قِيمَةَ ذَلِكَ الثَّوْبِ مِنْ الْمَالِ وَكَذَا لَوْ تَبَرَّعَ إنْسَانٌ بِقِيمَةِ الثَّوْبِ لَا يَكُونُ لِصَاحِبِ الثَّوْبِ أَنْ يَنْبُشَ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ فَإِنْ تَرَكَ صَاحِبُ الثَّوْبِ لِآخِرَتِهِ فَهُوَ أَفْضَلُ، وَإِنْ نَبَشَ كَانَ لَهُ ذَلِكَ وَإِنْ كَانَ الثَّوْبُ قَدْ انْتَقَصَ بِالتَّكْفِينِ يَضْمَنُ الَّذِي كَفَّنَ الْمَيِّتَ، وَدَفَنَهُ وَعِنْدِي هَذَا إذَا كُفِّنَ مِنْ غَيْرِ خِيَاطَةٍ وَإِنْ خِيطَ فَلَيْسَ لِصَاحِبِ الثَّوْبِ أَنْ يَنْبُشَ وَيَأْخُذَ ثَوْبَهُ. لَوْ هَبَّتْ الرِّيحُ بِثَوْبِ إنْسَانٍ فَأَلْقَتْهُ فِي صَبْغِ آخَرَ حَتَّى انْصَبَغَ وَكَانَتْ قِيمَةُ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 445 الثَّوْبِ، وَالصَّبْغِ سَوَاءٌ يُبَاعُ عَلَيْهِمَا وَيَقْتَسِمَانِ الثَّمَنَ وَإِنْ اصْطَلَحَا عَلَى شَيْءٍ جَازَ، وَكَذَا الدَّجَاجَةُ إذَا ابْتَلَعَتْ لُؤْلُؤَةً وَقِيمَتُهُمَا سَوَاءٌ وَإِنْ كَانَتْ قِيمَةُ اللُّؤْلُؤَةِ أَكْثَرَ كَانَ لِصَاحِبِ اللُّؤْلُؤَةِ أَنْ يَتَمَلَّكَ الدَّجَاجَةَ بِقِيمَتِهَا وَلَوْ أَرَادَ صَاحِبُ الدَّجَاجَةِ أَنْ يُعْطِيَ قِيمَةَ اللُّؤْلُؤَةِ كَانَ لَهُ ذَلِكَ وَكَذَا الْبَعِيرُ إذَا ابْتَلَعَ لُؤْلُؤَةً وَقِيمَةُ اللُّؤْلُؤَةِ أَكْثَرُ كَانَ لِصَاحِبِ الْبَعِيرِ أَنْ يُعْطِيَ قِيمَةَ اللُّؤْلُؤَةِ وَكَذَا لَوْ أَدْخَلَتْ دَابَّةُ رَجُلٍ رَأْسَهَا فِي قِدْرِ رَجُلٍ وَلَا يُمْكِنُ الْإِخْرَاجُ إلَّا بِالْكَسْرِ كَانَ لِصَاحِبِ الدَّابَّةِ تَمَلُّكَ الْقِدْرِ بِقِيمَتِهِ وَنَظَائِرُهَا كَثِيرَةٌ لِصَاحِبِ أَكْثَرِ الْمَالَيْنِ أَنْ يَتَمَلَّكَ الْآخَرَ بِقِيمَتِهِ وَإِنْ كَانَتْ قِيمَتُهُمَا سَوَاءً يُبَاعُ عَلَيْهِمَا وَيَقْتَسِمَانِ الثَّمَنَ. وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ لُؤْلُؤَةٌ وَقَعَتْ فِي دَقِيقِ رَجُلٍ إنْ كَانَ فِي قَلْبِ الدَّقِيقِ ضَرَرٌ لَا أَقْلِبُهُ، وَالنَّظَرُ أَنْ يُبَاعَ الدَّقِيقُ الْأَوَّلُ فَالْأَوَّلُ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِي قَلْبِهِ ضَرَرٌ أَمَرْتُهُ بِقَلْبِهِ، وَقَالَ بِشْرٌ يَقْلِبُهُ الَّذِي يَطْلُبُ اللُّؤْلُؤَةَ. رَجُلٌ خَدَعَ صَبِيَّةً وَذَهَبَ بِهَا إلَى مَوْضِعٍ لَا يُعْرَفُ قَالَ مُحَمَّدٌ يُحْبَسُ الرَّجُلُ حَتَّى يَأْتِيَ بِهَا أَوْ يُعْلَمَ أَنَّهَا قَدْ مَاتَتْ وَقَدْ مَرَّتْ هَذِهِ الْمَسْأَلَةُ فِي الْغَصْبِ بِأَبْسَطَ مِنْ هَذَا. مَدْيُونٌ دَفَعَ الدَّرَاهِمَ إلَى صَاحِبِ دَيْنِهِ وَأَمَرَهُ بِأَنْ يَنْقُدَهَا فَهَلَكَتْ فِي يَدِهِ هَلَكَتْ مِنْ مَالِ الْمَدْيُونِ وَيَكُونُ الدَّيْنُ عَلَى حَالِهِ وَلَوْ دَفَعَ الدَّرَاهِمَ إلَى صَاحِبِ الدَّيْنِ وَلَمْ يَقُلْ شَيْئًا، ثُمَّ إنَّ الطَّالِبَ دَفَعَ الدَّرَاهِمَ إلَى الْمَدْيُونِ لِيَنْقُدَهَا فَهَلَكَتْ تَهْلِكُ عَلَى الطَّالِبِ رَجُلٌ عَلَيْهِ دِرْهَمٌ لِرَجُلٍ فَدَفَعَ الْمَدْيُونُ إلَى الطَّالِبِ دِرْهَمَيْنِ أَوْ دِرْهَمًا، ثُمَّ دِرْهَمًا فَقَالَ خُذْ دِرْهَمَك مِنْهُمَا فَضَاعَ الدِّرْهَمَانِ قَبْلَ أَنْ يُبَيِّنَ دِرْهَمًا قَالَ يَهْلِكُ مِنْ مَالِ الْمَدْيُونِ. شَجَرَةُ الْقَرْعِ إذَا نَبَتَتْ فِي مِلْكِ رَجُلٍ فَصَارَتْ فِي جُبٍّ آخَرَ وَعَظُمَ الْقَرْعُ وَتَعَذَّرَ إخْرَاجُهُ مِنْ غَيْرِ كَسْرِ الْجُبِّ فَهِيَ بِمَنْزِلَةِ اللُّؤْلُؤَةِ إذَا ابْتَلَعَتْهَا دَجَاجَةٌ يُنْظَرُ إلَى أَكْثَرِ الْمَالَيْنِ قِيمَةً فَيُقَالُ لِصَاحِبِ الْأَكْثَرِ إنْ شِئْتَ أَعْطَيْتَ الْآخَرَ قِيمَةَ مَالِهِ فَيَصِيرُ لَكَ فَإِنْ أَبَى يُبَاعُ الْجُبُّ عَلَيْهِمَا عَلَى نَحْوِ مَا قُلْنَا فَيَكُونُ الثَّمَنُ بَيْنَهُمَا وَكَذَلِكَ الْجَوَابُ فِي الْأُتْرُجَّةِ إذَا دَخَلَتْ فِي قَارُورَةِ رَجُلٍ وَلَوْ أَدْخَلَ رَجُلٌ أُتْرُجَّةَ غَيْرِهِ فِي قَارُورَةِ رَجُلٍ آخَرَ وَتَعَذَّرَ إخْرَاجُهَا فَإِنَّ الَّذِي فَعَلَ ذَلِكَ يَضْمَنُ لِصَاحِبِ الْأُتْرُجَّةِ قِيمَةَ الْأُتْرُجَّةِ، وَلِصَاحِبِ الْقَارُورَةِ قِيمَةُ الْقَارُورَةِ وَتَصِيرُ الْقَارُورَةُ، وَالْأُتْرُجَّةُ مِلْكًا لَهُ بِالضَّمَانِ. وَلَوْ اخْتَلَطَ سَوِيقُ رَجُلٍ بِدَقِيقِ آخَرَ بِغَيْرِ صُنْعِ أَحَدٍ يُبَاعُ الْمُخْتَلَطُ وَيَضْرِبُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا بِقِيمَتِهِ مُخْتَلَطًا؛ لِأَنَّ هَذَا نُقْصَانٌ حَصَلَ لَا بِفِعْلِ أَحَدٍ فَلَيْسَ أَحَدُهُمَا بِإِيجَابِ الضَّمَانِ عَلَيْهِ بِأَوْلَى مِنْ الْآخَرِ هَذِهِ الْجُمْلَةُ مِنْ أَوَّلِ الْبَابِ إلَى هُنَا مِنْ الْغَصْبِ مِنْ مَوَاضِعَ مُتَفَرِّقَةٍ مِنْ قَاضِي خَانْ. وَمَنْ أَلْقَى الْكُنَاسَةَ فِي دَارِ غَيْرِهِ يُؤْمَرُ بِرَفْعِهَا هَذِهِ فِي أَحْيَاءِ الْمَوَاتِ الْهِدَايَةِ. وَإِذَا هَبَّتْ الرِّيحُ بِثَوْبِ إنْسَانٍ وَأَلْقَتْهُ فِي صَبْغِ غَيْرِهِ حَتَّى انْصَبَغَ فِيهِ فَعَلَى صَاحِبِ الثَّوْبِ قِيمَةُ صَبْغِ الْآخَرِ مُوسِرًا كَانَ أَوْ مُعْسِرًا هَذِهِ فِي عِتْقِ الْبَعْضِ مِنْ الْهِدَايَةِ. وَعَنْ أَبِي عِصْمَةَ إنْ شَاءَ رَبُّ الثَّوْبِ بَاعَهُ وَيَضْرِبُ بِقِيمَتِهِ أَبْيَضَ وَصَاحِبُ الصَّبْغِ بِمَا زَادَ الصَّبْغُ فِيهِ ذَكَرَهُ فِي الْغَصْبِ مِنْهَا. رَجُلٌ أَضَافَ رَجُلًا فَنَسِيَ الضَّيْفُ عِنْدَهُ ثَوْبًا فَاتَّبَعَهُ صَاحِبُ الْبَيْتِ فَغَصَبَهُ غَاصِبٌ إنْ غَصَبَهُ غَاصِبٌ فِي الْمَدِينَةِ فَلَيْسَ عَلَيْهِ ضَمَانٌ وَإِنْ أَخْرَجَهُ عَنْ الْمَدِينَةِ ضَمِنَ مِنْ الْغَصْبِ مِنْ قَاضِي خَانْ وَفِيهِ فِي فَصْلِ النَّارِ لَوْ هَبَّتْ الرِّيحُ بِعِمَامَةِ رَجُلٍ فَانْدَفَعَتْ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 446 عَنْ قَارُورَةِ رَجُلٍ فَانْكَسَرَتْ لَا يَضْمَنُ صَاحِبُ الْعِمَامَةِ. رَجُلَانِ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مُثَلِّجَةٌ فَأَخَذَ أَحَدُهُمَا مِنْ مُثَلِّجَةِ صَاحِبِهِ ثَلْجًا فَوَضَعَهُ فِي مُثَلِّجَةِ نَفْسِهِ فَإِنْ كَانَ صَاحِبُ الْمُثَلِّجَةِ الْأُولَى اتَّخَذَ مَوْضِعًا لِيَجْتَمِعَ فِيهِ الثَّلْجُ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَحْتَاجَ إلَى أَنْ يَجْمَعَهُ فِيهِ كَانَ ذَلِكَ لِصَاحِبِ الْمُثَلِّجَةِ الْأُولَى وَلَهُ أَنْ يَأْخُذَهُ مِنْ مُثَلِّجَةِ الْآخِذِ إنْ لَمْ يَكُنْ الْآخِذُ خَلَطَهُ بِغَيْرِهِ فَإِنْ كَانَ الْآخِذُ خَلَطَهُ بِغَيْرِهِ كَانَ لِلْمَأْخُوذِ مِنْهُ أَنْ يَأْخُذَ قِيمَةَ الْمَأْخُوذِ وَإِنْ كَانَ الْمَأْخُوذُ مِنْهُ لَمْ يَتَّخِذْ مَوْضِعًا لِيَجْتَمِعَ فِيهِ الثَّلْجُ إنْ كَانَ فِي مِلْكِهِ مَوْضِعٌ يَجْتَمِعُ فِيهِ الثَّلْجُ لَا بِصُنْعِ أَحَدٍ فَإِنْ أَخَذَ الْآخِذُ الثَّلْجَ مِنْ الْحَفْرِ الَّذِي فِي حَدِّ صَاحِبِهِ لَا مِنْ الْمُثَلِّجَةِ فَهُوَ لَهُ وَإِنْ أَخَذَهُ مِنْ الْمُثَلِّجَةِ يَكُونُ غَاصِبًا فَيَرُدُّ عَلَى الْمَأْخُوذِ مِنْهُ عَيْنَ ثَلْجِهِ إنْ لَمْ يَكُنْ خَلَطَهُ بِثَلْجِهِ وَإِنْ كَانَ خَلَطَهُ كَانَ عَلَيْهِ قِيمَتُهُ مِنْ اللُّقَطَةِ مِنْ قَاضِي خَانْ. اسْتَقْرَضَ مِنْ آخَرَ عَبْدًا لِيَقْضِيَ بِهِ دَيْنَهُ فَقَضَى دَيْنَهُ بِالْعَبْدِ ضَمِنَ الْمُسْتَقْرِضُ قِيمَةَ الْعَبْدِ مِنْ بُيُوعِ الصُّغْرَى، وَفِي قَاضِي خَانْ مِنْ الْبُيُوعِ رَجُلٌ اسْتَقْرَضَ مِنْ رَجُلٍ عَبْدًا أَوْ حَيَوَانًا آخَرَ لِيَقْضِيَ بِهِ دَيْنَهُ فَقَبَضَهُ وَقَضَى بِهِ دَيْنَهُ كَانَ عَلَيْهِ قِيمَتُهُ؛ لِأَنَّ قَرْضَ الْحَيَوَانِ فَاسِدٌ، وَالْقَرْضُ الْفَاسِدُ مَضْمُونٌ بِالْقِيمَةِ كَالْمَبِيعِ بَيْعًا فَاسِدًا لَوْ اسْتَقْرَضَ عدليا أَوْ فُلُوسًا فَكَسَدَتْ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ عَلَيْهِ مِثْلُهَا كَاسِدَةً وَلَا يَضْمَنُ قِيمَتَهَا. وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ عَلَيْهِ قِيمَتُهَا مِنْ الذَّهَبِ أَوْ الْفِضَّةِ فِي آخِرِ يَوْمٍ كَانَتْ رَائِجَةً فَكَسَدَتْ قَالَ فِي الصُّغْرَى وَكَانَ وَالِدِي يُفْتِي بِقَوْلِ مُحَمَّدٍ رِفْقًا بِالنَّاسِ فَنُفْتِي كَذَلِكَ لَوْ اسْتَقْرَضَ حِنْطَةً وَدَفَعَ الْمُسْتَقْرِضُ إلَيْهِ جُوَالِقًا لِيَكِيلَهَا فَفَعَلَ لَمْ يَكُنْ قَبْضًا بِمَنْزِلَةِ السَّلَمِ مِنْ الصُّغْرَى. وَمَنْ لَهُ عَلَى آخَرَ دَرَاهِمُ فَدَفَعَ إلَيْهِ كِيسًا لِيَزِنَهَا الْمَدْيُونُ فِيهِ لَمْ يَصِرْ قَابِضًا هَذِهِ فِي السَّلَمِ مِنْ الْهِدَايَةِ وَمَنْ لَهُ عَلَى آخَرَ عَشَرَةُ دَرَاهِمَ جِيَادٌ فَقَضَاهَا زُيُوفًا وَهُوَ لَا يَعْلَمُ فَأَنْفَقَهَا أَوْ هَلَكَتْ فَهُوَ قَضَاءٌ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ. وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ يَرُدُّ مِثْلَ زُيُوفِهِ وَيَرْجِعُ بِدَرَاهِمِهِ؛ لِأَنَّ حَقَّهُ فِي الْوَصْفِ مُرَاعًى كَهُوَ فِي الْأَصْلِ وَلَا يُمْكِنُ رِعَايَتُهُ بِإِيجَابِ ضَمَانِ الْوَصْفِ؛ لِأَنَّهُ لَا قِيمَةَ لَهُ عِنْدَ الْمُقَابَلَةِ بِجِنْسِهِ فَوَجَبَ الْمَصِيرُ إلَى مَا قُلْنَا وَلَهُمَا أَنَّهُ مِنْ جِنْسِ حَقِّهِ حَتَّى لَوْ تَجَوَّزَ بِهِ فِيمَا لَا يَجُوزُ الِاسْتِبْدَالُ جَازَ فَيَقَعُ بِهِ الِاسْتِيفَاءُ وَلَا يَبْقَى حَقُّهُ إلَّا فِي الْجَوْدَةِ وَلَا يُمْكِنُ تَدَارُكُهَا بِإِيجَابِ ضَمَانِهَا لِمَا ذَكَرْنَا وَكَذَا بِإِيجَابِ ضَمَانِ الْأَصْلِ؛ لِأَنَّهُ إيجَابٌ لَهُ عَلَيْهِ وَلَا نَظِيرَ لَهُ وَلَوْ وَجَدَهَا نَبَهْرَجَةً أَوْ مُسْتَحَقَّةً يَصِيرُ قَضَاءً وَلَوْ وَجَدَهَا رَصَاصًا أَوْ سَتُّوقَةً لَا يَصِيرُ قَضَاءً هَذِهِ فِي الْمَنْثُورِ مِنْ الْهِدَايَةِ رَجُلٌ لَهُ عَلَى رَجُلٍ آخَرَ خَمْسُونَ دِرْهَمًا وَأَخَذَ غَلَطًا سِتِّينَ فَلَمَّا عَلِمَ أَخَذَ الْعَشَرَةَ لِيَرُدَّهَا فَهَلَكَتْ يَضْمَنُ خَمْسَةَ أَسْدَاسِ الْعَشَرَةِ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ الْقَدْرَ قَرْضٌ، وَالْبَاقِيَ أَمَانَةٌ هَذِهِ فِي الْوَدِيعَةِ مِنْ الْخُلَاصَةِ. رَجُلٌ عَلَيْهِ عِشْرُونَ دِرْهَمًا فَدَفَعَ الْمَدْيُونُ إلَى الطَّالِبِ مِائَةً، وَقَالَ خُذْ حَقَّكَ عِشْرِينَ مِنْهَا فَلَمْ يَأْخُذْ حَتَّى ضَاعَ الْكُلُّ لَا يَسْقُطُ شَيْءٌ مِنْ الدَّيْنِ هَذِهِ فِي الرَّهْنِ مِنْ قَاضِي خَانْ. وَمَنْ اسْتَقْرَضَ مِثْلِيًّا فَانْقَطَعَ عَلَيْهِ قِيمَتُهُ يَوْمَ الْقَبْضِ عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ وَعِنْدَ مُحَمَّدٍ يَوْمَ الِانْقِطَاعِ، وَقَوْلُ مُحَمَّدٍ أَنَظَرُ وَقَوْلُ أَبِي يُوسُفَ أَيْسَرُ هَذِهِ فِي الصَّرْفِ مِنْ الْهِدَايَةِ. وَإِنْ أَقْرَضَهُ طَعَامًا بِالْعِرَاقِ وَأَخَذَهُ بِمَكَّةَ فَعِنْدَ أَبِي يُوسُفَ عَلَيْهِ قِيمَتُهُ يَوْمَ قَبَضَهُ وَعِنْدَ مُحَمَّدٍ عَلَيْهِ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 447 قِيمَتُهُ بِالْعِرَاقِ يَوْمَ اخْتَصَمَا مِنْ مُشْتَمِلِ الْهِدَايَةِ وَمَنْ دَفَعَ إلَى صَائِغٍ دِرْهَمًا وَأَمَرَهُ أَنْ يَزِيدَ نِصْفَ دِينَارٍ مِنْ عِنْدِهِ يَصِيرُ قَابِضًا مِنْ الْهِدَايَةِ رَجُلٌ أَقْرَضَ الدَّرَاهِمَ الْبُخَارِيَّةَ بِبُخَارَى، ثُمَّ لَقِيَ الْمُسْتَقْرِضَ فِي بَلَدٍ لَا يَقْدِرُ عَلَى تِلْكَ الدَّرَاهِمِ قَالَ أَبُو يُوسُفَ وَهُوَ قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ يُمْهِلُهُ قَدْرَ الْمَسَافَةِ ذَاهِبًا وَجَائِيًا وَيَسْتَوْثِقُ مِنْهُ بِكَفِيلٍ وَلَا يَأْخُذُ قِيمَتَهَا، وَقِيلَ هَذَا إذَا لَقِيَهُ فِي بَلَدٍ يُنْفِقُ فِيهِ تِلْكَ الدَّرَاهِمَ لَكِنَّهَا لَا تُوجَدُ فَإِنَّهُ يُؤَجَّلُ قَدْرَ الْمَسَافَةِ ذَاهِبًا وَجَائِيًا فَأَمَّا إذَا كَانَ لَا يُنْفِقُ فِي هَذَا الْبَلَدِ فَإِنَّهُ يَغْرَمُ قِيمَتَهَا وَكَذَا لَوْ اشْتَرَى بِالدَّرَاهِمِ الْبُخَارِيَّةِ شَيْئًا، ثُمَّ الْتَقَيَا فِي بَلْدَةٍ أُخْرَى لَا يُوجَدُ فِيهَا تِلْكَ الدَّرَاهِمُ. رَجُلٌ قَالَ لِغَيْرِهِ اسْتَقْرِضْ لِي مِنْ فُلَانٍ عَشَرَةَ دَرَاهِمَ فَاسْتَقْرَضَ الْمَأْمُورُ وَقَبَضَ، وَقَالَ دَفَعْتُهَا إلَى الْآمِرِ وَجَحَدَ الْآمِرُ ذَلِكَ فَإِنَّ الْمَأْمُورَ يَكُونُ ضَامِنًا وَلَا يُصَدَّقُ عَلَى الْآمِرِ. وَلَوْ بَعَثَ رَجُلٌ بِكِتَابٍ مَعَ رَسُولٍ إلَى رَجُلٍ أَنْ ابْعَثْ إلَيَّ كَذَا دِرْهَمًا قَرْضًا لَكَ عَلَيَّ فَبَعَثَ مَعَ الَّذِي أَوْصَلَ الْكِتَابَ رَوَى أَبُو سُلَيْمَانَ عَنْ أَبِي يُوسُفَ أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ فِي مَالِ الْآمِرِ حَتَّى يَصِلَ إلَيْهِ وَلَوْ أَرْسَلَ رَسُولًا إلَى رَجُلٍ فَقَالَ: ابْعَثْ إلَيَّ عَشَرَةَ دَرَاهِمَ قَرْضًا فَقَالَ نَعَمْ وَبَعَثَ بِهَا مَعَ رَسُولِهِ كَانَ الْآمِرُ ضَامِنًا بِهَا إذَا أَقَرَّ لَهُ أَنَّ رَسُولَهُ قَبَضَهَا. رَجُلٌ اسْتَقْرَضَ مِنْ رَجُلٍ دَرَاهِمَ وَأَتَاهُ الْمُقْرِضُ بِالدَّرَاهِمِ فَقَالَ لَهُ الْمُسْتَقْرِضُ أَلْقِهَا فِي الْمَاءِ فَأَلْقَاهَا قَالَ مُحَمَّدٌ لَا شَيْءَ عَلَى الْمُسْتَقْرِضِ. رَجُلٌ اسْتَقْرَضَ مِنْ رَجُلٍ طَعَامًا فِي بَلَدٍ الطَّعَامُ فِيهِ رَخِيصٌ فَلَقِيَهُ الْمُقْرِضُ فِي بَلَدٍ فِيهِ الطَّعَامُ غَالٍ فَأَخَذَهُ الطَّالِبُ بِحَقِّهِ فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَحْبِسَ الْمَطْلُوبَ وَيُؤْمَرُ الْمَطْلُوبُ بِأَنْ يُوثَقَ بِكَفِيلٍ حَتَّى يُعْطِيَ لَهُ طَعَامُهُ إيَّاهُ فِي بَلَدِ الْقَرْضِ. رَجُلٌ أَقْرَضَ صَبِيًّا أَوْ مَعْتُوهًا شَيْئًا فَاسْتَهْلَكَهُ الصَّبِيُّ أَوْ الْمَعْتُوهُ لَا يَضْمَنُ فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ. وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ يَضْمَنُ وَإِنْ أَقْرَضَ عَبْدًا مَحْجُورًا فَاسْتَهْلَكَهُ لَا يُؤَاخَذُ بِهِ قَبْلَ الْعِتْقِ عِنْدَهُمَا وَهَذَا، الْوَدِيعَةُ سَوَاءٌ. رَجُلٌ عَلَيْهِ أَلْفٌ لِرَجُلٍ فَدَفَعَ إلَى الطَّالِبِ دَنَانِيرَ فَقَالَ اصْرِفْهَا وَخُذْ حَقَّكَ مِنْهَا فَأَخَذَهَا فَهَلَكَتْ قَبْلَ أَنْ يَصْرِفَهَا هَلَكَتْ مِنْ مَالِ الدَّافِعِ وَكَذَا لَوْ صَرَفَهَا وَقَبَضَ الدَّرَاهِمَ فَهَلَكَتْ الدَّرَاهِمُ فِي يَدِهِ قَبْلَ أَنْ يَأْخُذَ مِنْهَا حَقَّهُ وَإِنْ أَخَذَ مِنْهَا حَقَّهُ، ثُمَّ ضَاعَ كَانَ ذَلِكَ مِنْ الْمَدْفُوعِ وَلَوْ دَفَعَ الْمَطْلُوبُ إلَى الطَّالِبِ دَنَانِيرَ فَقَالَ: بِعْهَا بِحَقِّكَ فَبَاعَهَا بِدَرَاهِمَ مِثْلِ حَقِّهِ وَأَخَذَهَا يَصِيرُ قَابِضًا بِالْقَبْضِ بَعْدَ الْبَيْعِ وَلَوْ دَفَعَ الْمَطْلُوبُ إلَى الطَّالِبِ دَيْنَهُ، وَقَالَ خُذْ هَذَا قَضَاءً بِحَقِّكَ فَأَخَذَ كَانَ دَاخِلًا فِي ضَمَانِهِ مِنْ بَابِ الصَّرْفِ مِنْ بُيُوعِ قَاضِي خَانْ. رَجُلٌ أَمَرَ رَجُلًا لِيَقْضِيَ مِنْ دَيْنِهِ أَلْفًا فَقَضَى مِنْ دَيْنِهِ أَكْثَرَ مِنْ الْأَلْفِ يَرْجِعُ عَلَى الْآمِرِ بِأَلْفٍ وَيَكُونُ مُتَبَرِّعًا فِي الزِّيَادَةِ. رَجُلٌ مَاتَ وَلَهُ دُيُونٌ عَلَى النَّاسِ وَلَيْسَ لَهُ وَارِثٌ مَعْلُومٌ فَأَخَذَ السُّلْطَانُ دُيُونَ الْمَيِّتِ مِنْ غُرَمَائِهِ، ثُمَّ ظَهَرَ لَهُ وَارِثٌ كَانَ دُيُونُ الْمَيِّتِ عَلَى غُرَمَائِهِ لِهَذَا الْوَارِثِ؛ لِأَنَّهُ ظَهَرَ أَنَّ الْغُرَمَاءَ لَمْ يَدْفَعُوا الْمَالَ إلَى صَاحِبِ الْحَقِّ فَلَا تَحْصُلُ لَهُمْ الْبَرَاءَةُ وَكَانَ عَلَيْهِمْ الْأَدَاءُ ثَانِيًا مِنْ فَصْلِ تَصَرُّفِ الْوَكِيلِ مِنْ بُيُوعِ قَاضِي خَانْ. أَحَدُ الْوَرَثَةِ إذَا كَفَّنَ الْمَيِّتَ بِمَالِهِ كَفَّنَ الْمِثْلَ بِغَيْرِ إذْنِ الْوَرَثَةِ رَجَعَ فِي التَّرِكَةِ وَإِنْ كَفَّنَهُ بِأَكْثَرَ مِنْ كَفَنِ الْمِثْلِ لَا يَرْجِعُ بِالزِّيَادَةِ وَهَلْ يَرْجِعُ فِي مِقْدَارِ كَفَنِ الْمِثْلِ قَالُوا لَا يَرْجِعُ؛ لِأَنَّ اخْتِيَارَهُ ذَلِكَ دَلِيلُ التَّبَرُّعِ مِنْ بَيْعِ غَيْرِ الْمَالِكِ مِنْ قَاضِي خَانَ. لَوْ قَضَى دَيْنَ غَيْرِهِ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 448 بِغَيْرِ أَمْرِهِ جَازَ فَلَوْ اُنْتُقِضَ ذَلِكَ بِوَجْهٍ مِنْ الْوُجُوهِ يَعُودُ إلَى مِلْكِ الْقَاضِي؛ لِأَنَّهُ تَطَوَّعَ بِقَضَاءِ الدَّيْنِ وَلَوْ قَضَى بِأَمْرٍ يَعُودُ إلَى مِلْكِ مَنْ عَلَيْهِ الدَّيْنُ وَعَلَيْهِ لِلْقَاضِي مِثْلُهَا. إذَا تَبَرَّعَ بِقَضَاءِ الْمَهْرِ، ثُمَّ خَرَجَ مِنْ أَنْ يَكُونَ مَهْرًا بِرِدَّةِ الْمَرْأَةِ أَوْ خَرَجَ نِصْفُهُ عَنْ أَنْ يَكُونَ مَهْرًا بِالطَّلَاقِ قَبْلَ الدُّخُولِ رَجَعَ إلَى مِلْكِ الْمُتَبَرِّعِ وَكَذَا الْمُتَبَرِّعُ بِالثَّمَنِ إذَا انْفَسَخَ الْبَيْعُ يَرْجِعُ فِي الثَّمَنِ مِنْ كَفَالَةِ الصُّغْرَى. وَفِي الْقُنْيَةِ مَنْ قَضَى دَيْنَ غَيْرِهِ بِسَبَبٍ فَعِنْدَ ارْتِفَاعِ السَّبَبِ يَعُودُ الْمَقْضِيُّ بِهِ إلَى مِلْكِ الْقَاضِي إنْ قَضَاهُ بِغَيْرِ أَمْرِهِ وَإِنْ قَضَاهُ بِأَمْرِهِ يَعُودُ إلَى مِلْكِ الْمَقْضِيِّ عَنْهُ بِخِلَافِ مَا إذَا تَبَرَّعَ بِالْمَهْرِ عَنْ الزَّوْجِ، ثُمَّ طَلَّقَهَا قَبْلَ الدُّخُولِ أَوْ جَاءَتْ الْفُرْقَةُ مِنْ قِبَلِهَا يَعُودُ نِصْفُ الْمَهْرِ فِي الْفَصْلِ الْأَوَّلِ وَكُلُّهُ فِي الثَّانِي إلَى مِلْكِ الزَّوْجِ انْتَهَى. إذَا مَاتَ مُجْهِلًا مَالَ ابْنِهِ لَا ضَمَانَ عَلَيْهِ فِي مَالِهِ وَكَذَا لَوْ مَاتَ الْإِنْسَانُ مُجْهِلًا لِمَا أَلْقَتْهُ الرِّيحُ فِي بَيْتِهِ لَا ضَمَانَ عَلَيْهِ مِنْ أَمَانَاتِ الْأَشْبَاهِ. الْأَبُ لَوْ أَجَّرَ مَنْزِلَ الصَّغِيرِ بِدُونِ أَجْرِ مِثْلِهِ يَلْزَمُهُ تَمَامُ أَجْرِ مِثْلِهِ إذْ لَيْسَ لَهُ وِلَايَةُ الْحَطِّ مِنْ دَعْوَى الْوَقْفِ مِنْ الْفُصُولَيْنِ. إذَا ذَهَبَ الضَّيْفُ وَتَرَكَ شَيْئًا عِنْدَ الْمُضِيفِ فَتَبِعَهُ الْمُضِيفُ بِهِ فَغَصَبَهُ غَاصِبٌ إنْ غَصَبَهُ فِي الْمَدِينَةِ لَا يَضْمَنُ وَإِنْ أَخْرَجَهُ مِنْ الْمِصْرِ فَغُصِبَ مِنْهُ ضَمِنَ هَذَا فِي الْغَصْبِ مِنْ الْخُلَاصَةِ. إذَا حَفَرَ الرَّجُلُ قَبْرًا فِي مَوْضِعٍ يُبَاحُ لَهُ الْحَفْرُ فِي غَيْرِ مِلْكِهِ فَدُفِنَ غَيْرُهُ لَا يُنْبَشُ الْقَبْرُ وَلَكِنْ يَضْمَنُ قِيمَةَ حَفْرِهِ لِيَكُونَ جَمْعًا بَيْنَ الْحَقَّيْنِ وَمُرَاعَاةً لَهُمَا مِنْ وَقْفِ فَتَاوَى قَاضِي خَانَ وَفِي الْغَصْبِ مِنْ الْخُلَاصَةِ رَجُلٌ حَفَرَ قَبْرًا فَجَاءَ آخَرُ وَدَفَنَ فِي الْقَبْرِ يَجِبُ قِيمَةُ حَفْرِهِ وَهَذَا إذَا كَانَ فِي أَرْضٍ مُبَاحَةٍ أَمَّا إذَا كَانَ فِي الْمِلْكِ فَيُنْبَشُ انْتَهَى. شَرَى بَيْتًا وَسَكَنَهُ، ثُمَّ ظَهَرَ أَنَّهُ لِلصَّغِيرِ يَجِبُ أَجْرُ مِثْلِهِ مِنْ دَعْوَى الْوَقْفِ مِنْ الْفُصُولَيْنِ. الْمَدْيُونُ إذَا أَنْفَقَ عَلَى وَلَدِ رَبِّ الدَّيْنِ أَوْ امْرَأَتِهِ بِغَيْرِ أَمْرِهِ لَا يَبْرَأُ عَنْ الدَّيْنِ وَلَا يَرْجِعُ بِمَا أَنْفَقَ عَلَى مَنْ أَنْفَقَ عَلَيْهِ كَذَا فِي الصُّغْرَى مِنْ النَّفَقَاتِ. رَجُلٌ قَبَضَ دَيْنَهُ مِنْ مَدْيُونِهِ فَقَالَ قَبَضْتُهُ وَهُوَ صَحِيحٌ، وَقَالَ غَرِيمُ الْمَيِّتِ قَبَضْتُهُ وَهُوَ كَانَ مَرِيضًا وَأَنَا شَرِيكُك فِيهِ قَالَ مُحَمَّدٌ إنْ كَانَ الْمَالُ قَائِمًا بِعَيْنِهِ شَرَكَهُ الْآخَرُ فِيهِ وَإِنْ كَانَ مُسْتَهْلَكًا فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ مِنْ إقْرَارِ الْوَجِيزِ. وَفِي الْوَصَايَا مِنْ قَاضِي خَانْ أَطْلَقَ الْمَسْأَلَةَ وَلَمْ يُقَيِّدْهَا بِقَوْلِ أَحَدٍ بَلْ قَالَ قَالُوا إنْ كَانَ الْأَلْفُ الْمَقْبُوضَةُ قَائِمَةً شَارَكُوهُ فِيهَا؛ لِأَنَّ الْأَخْذَ حَادِثٌ فَيُحَالُ إلَى أَقْرَبِ الْأَوْقَاتِ وَهُوَ حَالَةُ الْمَرَضِ فَإِنْ كَانَتْ الْمَقْبُوضَةُ هَالِكَةً لَا شَيْءَ لِغُرَمَاءِ الْمَيِّتِ قِبَلَ الْقَابِضِ؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا يَصْرِفُ إلَى أَقْرَبِ الْأَوْقَاتِ بِنَوْعٍ ظَاهِرٍ، وَالظَّاهِرُ يَصْلُحُ لِلدَّفْعِ لَا لِإِيجَابِ الضَّمَانِ فَحَالُ قِيَامِ الْأَلْفِ هُوَ يَدَّعِي لِنَفْسِهِ سَلَامَةَ الْمَقْبُوضِ، وَالْغُرَمَاءُ يُنْكِرُونَ ذَلِكَ، وَقَدْ أَجْمَعُوا عَلَى أَنَّ الْمَقْبُوضَ كَانَ مِلْكًا لِلْمَيِّتِ فَيَصْلُحُ الظَّاهِرُ شَاهِدًا لَهُمْ وَبَعْدَ هَلَاكِ الْمَقْبُوضِ حَاجَةُ الْغُرَمَاءِ إلَى إيجَابِ الضَّمَانِ فَلَا يَصْلُحُ الظَّاهِرُ شَاهِدًا لَهُمْ وَفِيهِ أَيْضًا رَجُلٌ مَاتَ وَعَلَيْهِ أَلْفٌ لِرَجُلٍ وَلِلْمَيِّتِ عَلَى رَجُلٍ أَلْفُ دِرْهَمٍ فَقَضَى مَدْيُونُ الْمَيِّتِ دَيْنَ الْمَيِّتِ ذَكَرَ فِي الْأَصْلِ أَنَّهُ يَبْرَأُ عَمَّا عَلَيْهِ وَإِنْ قَضَى بِغَيْرِ أَمْرِ الْوَصِيِّ، وَالْوَارِثِ وَإِذَا أَرَادَ مَدْيُونٌ قَضَاءَ دَيْنِ الْمَيِّتِ كَيْفَ يَصْنَعُ قَالَ مُحَمَّدٌ يَقُولُ عِنْدَ الْقَضَاءِ هَذِهِ الْأَلْفُ الَّتِي لِفُلَانٍ الْمَيِّتِ عَلَيَّ عَنْ الْأَلْفِ الَّتِي لَكَ عَلَى الْمَيِّتِ فَيَجُوزُ ذَلِكَ وَلَوْ لَمْ يَقُلْ ذَلِكَ وَلَكِنْ قَضَاهُ الْأَلْفَ عَنْ الْمَيِّتِ كَانَ تَبَرُّعًا الجزء: 1 ¦ الصفحة: 449 وَيَكُونُ الدَّيْنُ عَلَيْهِ انْتَهَى. الْمَدْيُونُ لَوْ دَفَعَ إلَى مِنْ يَجِبُ نَفَقَتُهُ عَلَى الدَّائِنِ بِغَيْرِ أَمْرِ الْقَاضِي كَانَ مُتَطَوِّعًا وَلَا يَبْرَأُ عَنْ الدَّيْنِ بِخِلَافِ مَا إذَا دَفَعَ بِأَمْرِ الْقَاضِي كَمَا فِي الْهِدَايَةِ مِنْ الْمَفْقُودِ وَفِيهَا مِنْ النَّفَقَاتِ لَوْ كَانَ لِلِابْنِ الْغَائِبِ مَالٌ فِي يَدِ أَجْنَبِيٍّ فَأَنْفَقَ عَلَى أَبَوَيْهِ بِغَيْرِ إذْنِ الْقَاضِي ضَمِنَ وَإِذَا ضَمِنَ لَا يَرْجِعُ عَلَى الْقَابِضِ انْتَهَى. وَفِي الصُّغْرَى مِنْ الْوَصَايَا قَالَ مُحَمَّدٌ قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَأَبُو يُوسُفَ مَنْ مَاتَ وَلَهُ غُلَامٌ قَدْ كَاتَبَهُ عَلَى أَلْفِ دِرْهَمٍ وَعَلَى الْمَيِّتِ دَيْنٌ أَلْفُ دِرْهَمٍ فَقَضَى الْمُكَاتَبُ لِلْغَرِيمِ قَضَاءً عَمَّا لَهُ عَلَى مَوْلَاهُ بِغَيْرِ أَمْرِ الْوَصِيِّ فَفِي الْقِيَاسِ بَاطِلٌ وَلَا يُعْتَقُ الْمُكَاتَبُ حَتَّى يَعْتِقَهُ الْقَاضِي لَكِنْ نَدَعُ الْقِيَاسَ وَنَعْتِقُ الْمُكَاتَبَ بِأَدَاءِ الْمَالِ لِلْغَرِيمِ انْتَهَى. مَرِيضٌ اجْتَمَعَ عِنْدَهُ قَرَابَتُهُ يَأْكُلُونَ مِنْ مَالِهِ قَالَ الْفَقِيهُ أَبُو اللَّيْثِ إنْ احْتَاجَ الْمَرِيضُ إلَى تَعَاهُدِهِمْ فَأَكَلُوا مَعَ عِيَالِهِ بِغَيْرِ إسْرَافٍ فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِمْ وَإِلَّا فَيَجُوزُ مِنْ ثُلُثِ مَالِهِ هَذِهِ فِي الْوَصَايَا مِنْ الْوَجِيزِ. وَلَوْ أَوْصَى رَجُلٌ بِحَلْقَةِ الْخَاتَمِ لِرَجُلٍ وَبِفَصِّهِ لِآخَرَ جَازَتْ الْوَصِيَّةُ لَهُمَا فَإِنْ كَانَ فِي نَزْعِهِ ضَرَرٌ يُنْظَرُ إنْ كَانَتْ الْحَلْقَةُ أَكْثَرَ قِيمَةً مِنْ الْفَصِّ يُقَالُ لِصَاحِبِ الْحَلْقَةِ اضْمَنْ قِيمَةَ الْفَصِّ لَهُ وَيَكُونُ الْفَصُّ لَكَ وَإِنْ كَانَ الْفَصُّ أَكْثَرَ قِيمَةً يُقَالُ لِصَاحِبِ الْفَصِّ اضْمَنْ قِيمَةَ الْحَلْقَةِ لَهُ وَهِيَ كَالدَّجَاجَةِ إذَا ابْتَلَعَتْ لُؤْلُؤَةَ إنْسَانٍ كَانَ الْجَوَابُ فِيهِ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ كَمَا مَرَّ فِي أَوَّلِ الْبَابِ هَذِهِ فِي الْوَصَايَا مِنْ قَاضِي خَانْ. وَفِيهِ أَيْضًا رَجُلٌ قَالَ أَبْرَأْتُ جَمِيعَ غُرَمَائِي وَلَمْ يُسَمِّهِمْ وَلَمْ يَنْوِ أَحَدًا مِنْهُمْ بِقَلْبِهِ قَالَ أَبُو الْقَاسِمِ رَوَى ابْنُ مُقَاتِلٍ عَنْ أَصْحَابِنَا أَنَّهُمْ لَا يَبْرَءُونَ. رَجُلٌ لَهُ عَلَى رَجُلٍ دَيْنٌ فَقَالَ لِمَدْيُونِهِ إذَا مِتُّ فَأَنْتَ بَرِيءٌ مِنْ الدَّيْنِ قَالَ أَبُو الْقَاسِمِ يَجُوزُ وَتَكُونُ وَصِيَّةً مِنْ الطَّالِبِ لِلْمَطْلُوبِ وَلَوْ قَالَ: إنَّ مِتُّ لَا يَبْرَأُ؛ لِأَنَّ هَذِهِ مُخَاطَرَةٌ فَلَا يَصِحُّ كَمَا لَوْ قَالَ إنْ دَخَلْتَ الدَّارَ فَأَنْتَ بَرِيءٌ مِنْ مَالِي عَلَيْكَ، وَلَوْ قَالَ لِمَدْيُونِهِ: تَرَكْتُ دَيْنَكَ كَانَ إبْرَاءً انْتَهَى. مَرِيضٌ أَبْرَأَ وَارِثَهُ مِنْ دَيْنٍ لَهُ عَلَيْهِ أَصْلًا أَوْ كَفَالَةٍ بَطَلَ وَكَذَا إقْرَارُهُ بِقَبْضِهِ وَاحْتِيَالُهُ بِهِ عَلَى غَيْرِهِ وَجَازَ إبْرَاؤُهُ الْأَجْنَبِيَّ مِنْ دَيْنٍ لَهُ عَلَيْهِ إلَّا أَنْ يَكُونَ الْوَارِثُ كَفِيلًا عَنْهُ فَلَا يَجُوزُ إذْ يَبْرَأُ بِبَرَاءَتِهِ وَلَوْ كَانَ الْأَجْنَبِيُّ هُوَ الْكَفِيلُ عَنْ الْوَارِثِ جَازَ إبْرَاؤُهُ مِنْ الثُّلُثِ وَلَمْ يَجُزْ إقْرَارُهُ بِقَبْضِ شَيْءٍ مِنْهُ إذْ فِيهِ بَرَاءَةُ الْكَفِيلِ كَذَا فِي الْوَصَايَا مِنْ أَحْكَامِ الْمَرْضَى مِنْ الْفُصُولَيْنِ. فُضُولِيٌّ ادَّانَ مَالَ غَيْرِهِ فَقَضَى الْمَدْيُونُ الدَّيْنَ مِنْ الْفُضُولِيِّ بَرِئَ هَذِهِ فِي الْمَأْذُونِ مِنْ الْوَجِيزِ. الْمُزَوَّجَةُ أَوْ الْأَمَةُ إذَا تَصَدَّقَتْ بِشَيْءٍ مِنْ مَالِ الزَّوْجِ أَوْ الْمَوْلَى يَرْجِعُ إلَى الْعُرْفِ إنْ كَانَ بِقَدْرِ الْمُتَعَارَفِ تَكُونُ مَأْذُونَةً بِذَلِكَ قَالَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - الْمَرْأَةُ أَوْ الْأَمَةُ لَا تَكُونُ مَأْذُونَةً بِالتَّصَدُّقِ بِالنَّقْدِ، وَإِنَّمَا تَكُونُ مَأْذُونَةً بِالْمَأْكُولِ هَذِهِ فِي الْمَأْذُونَةِ مِنْ قَاضِي خَانْ. لَوْ خَدَعَ امْرَأَةَ رَجُلٍ وَوَقَعَتْ الْفُرْقَةُ بَيْنَهَا وَبَيْنَ زَوْجِهَا وَزَوَّجَهَا مِنْ غَيْرِهِ أَوْ خَدَعَ صَبِيَّةً وَزَوَّجَهَا مِنْ رَجُلٍ يُحْبَسُ حَتَّى يَرُدَّهَا أَوْ تَمُوتَ كَذَا فِي الْبَزَّازِيَّةِ ذَكَرَهُ فِي مُشْتَمِلِ الْهِدَايَةِ فِي التَّعْزِيرِ. وَكُلُّ شَيْءٍ صَنَعَهُ الْإِمَامُ الَّذِي لَيْسَ فَوْقَهُ إمَامٌ فَلَا حَدَّ عَلَيْهِ إلَّا الْقِصَاصَ فَإِنَّهُ يُؤَاخَذُ بِهِ وَبِالْأَمْوَالِ وَأَمَّا حَدُّ الْقَذْفِ قَالُوا الْغَالِبُ فِيهِ حَقُّ الشَّرْعِ فَحُكْمُهُ حُكْمُ سَائِرِ الْحُدُودِ. وَلَوْ قَالَ لِغَيْرِهِ أَنْفِقْ عَلَيَّ أَوْ عَلَى عِيَالِي أَوْ عَلَى أَوْلَادِي أَوْ مَنْ فِي فِنَاءِ دَارِي فَفَعَلَ قِيلَ يَرْجِعُ عَلَيْهِ بِلَا شَرْطِ الرُّجُوعِ وَقِيلَ لَا وَلَوْ قَضَى دَيْنَهُ بِأَمْرِهِ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 450 يَرْجِعُ بِلَا شَرْطِهِ وَفِي الْجِبَايَةِ، وَالْمُؤَنِ الْمَالِيَّةِ لَوْ أَدَّى عَنْ غَيْرِهِ بِأَمْرِهِ يَرْجِعُ عَلَى الْآمِرِ بِلَا شَرْطِهِ وَكَذَا فِي كُلِّ مَا كَانَ مُطَالَبًا بِهِ مِنْ جِهَةِ الْعِبَادِ. أَسِيرٌ أَوْ مَنْ أَخَذَهُ السُّلْطَانُ لِيُصَادِرَهُ قَالَ لِرَجُلٍ خَلِّصْنِي فَدَفَعَ الْمَأْمُورُ مَالًا فَخَلَّصَهُ قِيلَ يَرْجِعُ فِي الْأَصَحِّ وَبِهِ يُفْتَى. وَلَوْ ادَّعَى عَلَيْهِ بُرًّا فَأَنْكَرَ، ثُمَّ قَالَ لِرَجُلٍ ادْفَعْ إلَى الْمُدَّعِي قَفِيزَ بُرٍّ مِنْ مَالِكَ فَدَفَعَ لَا يَرْجِعُ إذْ لَمْ يَشْتَرِطْ رُجُوعَهُ وَبِمُجَرَّدِ الدَّعْوَى لَمْ يَصِرْ دَيْنًا عَلَيْهِ لِيَصِيرَ أَمْرًا بِأَدَاءِ دَيْنِهِ عَنْهُ مِنْ الْفُصُولَيْنِ. لَوْ قَضَى عَلَيْهِ بِنَفَقَةِ مَحَارِمِهِ فَأَعْطَى نَفَقَةً مُدَّةً، ثُمَّ مَاتَ الْمَدْفُوعُ إلَيْهِ قَبْلَ مُضِيِّ الْمُدَّةِ لَا يَسْتَرِدُّ مَا بَقِيَ بِالْإِجْمَاعِ. أَمَةٌ فِي يَدِ رَجُلٍ أَقَامَتْ بَيِّنَةً عَلَى حُرِّيَّتِهَا فَنَفَقَتُهَا عَلَى ذِي الْيَدِ حَتَّى يَسْأَلَ الْقَاضِي عَنْ الشُّهُودِ فَإِنْ عَدَلَتْ الْبَيِّنَةُ وَقَدْ أَخَذَتْ النَّفَقَةَ بِفَرْضِ الْقَاضِي رَجَعَ صَاحِبُ الْيَدِ بِمَا أَخَذَتْ مِنْهُ وَلَوْ بِغَيْرِ فَرْضِ الْقَاضِي لَا يَرْجِعُ عَلَيْهَا. وَلَوْ أَوْصَى رَجُلٌ بِدَارِهِ لِرَجُلٍ وَبِسُكْنَاهَا لِآخَرَ، وَهِيَ تَخْرُجُ مِنْ الثُّلُثِ فَالنَّفَقَةُ عَلَى صَاحِبِ السُّكْنَى وَإِنْ انْهَدَمَتْ الدَّارُ قَبْلَ أَنْ يَقْبِضَهَا فَلِصَاحِبِ السُّكْنَى أَنْ يَبْنِيَهَا وَلَا يَصِيرُ مُتَبَرِّعًا. أَرْبَعَةٌ لَا يُشَارِكُهُمْ أَحَدٌ فِي نَفَقَةٍ الْأَبُ، وَالْجَدُّ فِي نَفَقَةِ وَلَدِهِ، وَالْوَلَدُ فِي نَفَقَةِ، وَالِدَيْهِ، وَالزَّوْجُ فِي نَفَقَةِ زَوْجَتِهِ لَوْ كَانَ الْأَبُ مُعْسِرًا، وَالْأُمُّ مُوسِرَةً تُؤْمَرُ الْأُمُّ بِالْإِنْفَاقِ عَلَى الْوَلَدِ وَلَا تَرْجِعُ عَلَى الْأَبِ وَهُوَ مَرْوِيٌّ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ زَوْجَانِ مُعْسِرَانِ وَلِلْمَرْأَةِ ابْنٌ مُوسِرٌ مِنْ غَيْرِهِ أَوْ أَخٌ مُوسِرٌ فَنَفَقَتُهَا عَلَى زَوْجِهَا وَيَأْمُرُ الْقَاضِي الِابْنَ أَوْ الْأَخَ بِالْإِنْفَاقِ عَلَيْهَا وَيَرْجِعُ بِذَلِكَ عَلَى زَوْجِهَا إذَا أَيْسَرَ. مَاتَ الزَّوْجُ وَتَرَكَ أَوْلَادًا صِغَارًا وَكِبَارًا وَمَالًا فَنَفَقَةُ الْأَوْلَادِ مِنْ أَنْصِبَائِهِمْ وَكَذَلِكَ امْرَأَةُ الْمَيِّتِ وَنَفَقَةُ رَقِيقِ الْمَيِّتِ عَلَى التَّرِكَةِ إلَى أَنْ يُقْسَمُوا وَنَفَقَةُ أُمَّهَاتِ أَوْلَادِهِ لَا تَكُونُ فِي تَرِكَتِهِ إلَّا أَنْ يَكُونَ لَهُنَّ أَوْلَادٌ فَيَكُونُ نَفَقَتُهُمْ فِي نَصِيبِ أَوْلَادِهِنَّ فَإِنْ أَنْفَقَ الْكِبَارُ عَلَى الصِّغَارِ بِغَيْرِ أَمْرِ الْقَاضِي لَا ضَمَانَ عَلَيْهِمْ دِيَانَةً؛ لِأَنَّهُمْ أَحْسَنُوا فِيمَا فَعَلُوا فَإِذَا لَمْ يُقِرُّوا بِذَلِكَ وَأَقَرُّوا بِنَفَقَةِ نَصِيبِهِمْ وَحَلَفُوا عَلَى ذَلِكَ لَا إثْمَ عَلَيْهِمْ كَالْوَصِيِّ إذَا عَرَفَ الدَّيْنَ عَلَى الْمَيِّتِ وَقَضَى وَلَمْ يُقِرَّ بِهِ لَا يَأْثَمُ. وَكَذَلِكَ لَوْ أَنْفَقَ عَلَى أَوْلَادِهِ الصِّغَارِ مِنْ مَالِ الْمَيِّتِ وَلَيْسَ لَهُمْ وَصِيٌّ لَمْ يَضْمَنْ دِيَانَةً وَلَا يَأْثَمُ بِالْحَلِفِ مِنْ الْوَجِيزِ وَلَوْ تَرَكَ صِغَارًا وَكِبَارًا فَلِلْكِبَارِ أَنْ يَأْكُلُوا وَلَوْ أَطْعَمُوا أَحَدًا وَأَهْدَوْا إلَيْهِ فَلَهُ أَكْلُهُ. وَقَالَ ابْنُ أَبَانَ لِلْكَبِيرِ أَنْ يَأْكُلَ بِقَدْرِ حِصَّتِهِ مِمَّا يُكَالُ أَوْ يُوزَنُ وَيَسْكُنُ الدَّارَ وَلَوْ لَهُ غَنَمٌ لَا يَسَعُهُ ذَبْحُ شَاةٍ مِنْهَا فَيَأْكُلُ مَاتَ عَنْ أَخٍ وَامْرَأَةٍ وَأُمٍّ فَلِلْمَرْأَةِ أَنْ تَتَنَاوَلَ قَدْرَ الثَّمَنِ مِمَّا يُكَالُ أَوْ يُوزَنُ لَا مِمَّا سِوَاهُمَا؛ لِأَنَّ التَّرِكَةَ مُشْتَرَكَةٌ وَلِأَحَدِ الشُّرَكَاءِ فِي الْقَدَرِيِّ أَكْلُهُ بِالْحَاجَةِ أَبُو اللَّيْثِ دَقِيقٌ وَطَعَامٌ وَسَمْنٌ بَيْنَ الْوَرَثَةِ وَفِيهِمْ صِغَارٌ وَامْرَأَةٌ فَلَهُمْ أَكْلُ ذَلِكَ بَيْنَهُمْ وَمَنْ كَانَ فِيهِمْ كَبِيرًا أَخَذَ حِصَّتَهُ وَلَوْ تَوَى بَعْضَ الْمَالِ وَأَنْفَقَ الْكِبَارُ بَعْضَهُ عَلَى أَنْفُسِهِمْ وَعَلَى الصِّغَارِ فَمَا تَوَى فَعَلَى كُلِّهِمْ وَمَا أَنْفَقَهُ الْكِبَارُ ضَمِنُوا حِصَّةَ الصِّغَارِ لَوْ أَنْفَقُوهُ بِلَا أَمْرِ الْقَاضِي أَوْ الْوَصِيِّ وَلَوْ بِأَمْرِهِ حُسِبَتْ لَهُمْ إلَى نَفَقَةِ مِثْلِهِمْ. نَوَادِرُ وَلَوْ تَرَكَ طَعَامًا أَوْ ثَوْبًا فَأَطْعَمَ الْكَبِيرُ الصَّغِيرَ وَأَلْبَسَهُ الثَّوْبَ وَلَيْسَ بِوَصِيٍّ لَمْ يَضْمَنْ الْكَبِيرُ اسْتِحْسَانًا بِخِلَافِ النَّقْدِ. لَوْ أَدَّى وَصِيُّ الْمَيِّتِ أَوْ وَارِثُهُ أَوْ أَجْنَبِيٌّ عَنْ الْمَيِّتِ تَبَرُّعًا دَيْنَهُ لِرَجُلٍ لَا يُشَارِكُهُ سَائِرُ الْغُرَمَاءِ فَإِنْ خَرَجَ لِلْمَيِّتِ دَيْنٌ أَوْ مَالٌ يُشَارِكُ الْغُرَمَاءَ الْوَارِثُ فِيمَا خَرَجَ مِنْ الْفُصُولَيْنِ. رَجُلٌ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 451 أَوْصَى بِعَبْدٍ لِإِنْسَانٍ، وَالْمُوصَى لَهُ غَائِبٌ فَنَفَقَتُهُ فِي مَالِ الْمُوصِي فَإِنْ حَضَرَ الْغَائِبُ إنْ قَبِلَ الْوَصِيَّةَ رَجَعَ عَلَيْهِ بِالنَّفَقَةِ إنْ فَعَلَ ذَلِكَ بِأَمْرِ الْقَاضِي وَإِنْ لَمْ يَقْبَلْ فَهُوَ مِلْكُ الْوَارِثِ كَذَا فِي الْأَشْبَاهِ مِنْ الْقَوْلِ فِي الْمِلْكِ. وَفِيهِ أَيْضًا الْعَبْدُ الْمُوصَى بِخِدْمَتِهِ أَبَدًا رَقَبَتُهُ لِلْوَارِثِ وَلَيْسَ لَهُ شَيْءٌ مِنْ مَنَافِعِهِ وَمَنْفَعَتُهُ لِلْمُوصَى لَهُ فَإِذَا مَاتَ الْمُوصَى لَهُ عَادَتْ الْمَنْفَعَةُ إلَى الْمَالِكِ، وَالْغَلَّةُ، وَالْوَلَدُ، وَالْكَسْبُ لِلْمَالِكِ وَلَيْسَ لِلْمُوصَى لَهُ إخْرَاجُهُ مِنْ الْبَلَدِ إلَّا أَنْ يَكُونَ أَهْلُهُ فِي غَيْرِ بَلَدِ الْمُوصِي وَيَخْرُجُ الْعَبْدُ مِنْ الثُّلُثِ وَنَفَقَتُهُ إنْ كَانَ صَغِيرًا لَمْ يَبْلُغْ الْخِدْمَةَ عَلَى الْمَالِكِ وَإِنْ بَلَغَهَا فَعَلَى الْمُوصَى لَهُ إلَّا أَنْ يَمْرَضَ مَرَضًا يَمْنَعُهُ مِنْ الْخِدْمَةِ فَعَلَى الْمَالِكِ وَإِنْ تَطَاوَلَ الْمَرَضُ بَاعَهُ الْقَاضِي إنْ رَأَى ذَلِكَ وَاشْتَرَى بِثَمَنِهِ عَبْدًا يَقُومُ مَقَامَهُ انْتَهَى. النَّاقِدُ إذَا كَسَرَ الدِّرْهَمَ بِالْغَمْزِ يَضْمَنُ إلَّا إذَا قَالَ لَهُ اغْمِزْهُ كَذَا فِي الْمُنْيَةِ وَقَاضِي خَانْ مِنْ الْغَصْبِ. نَزَحَ مَاءَ بِئْرِ رَجُلٍ حَتَّى يَبِسَتْ لَمْ يَضْمَنْ إذْ مَالِكُ الْبِئْرِ لَا يَمْلِكُ الْمَاءَ بِخِلَافِ مَا لَوْ صَبَّ مَاءَ الْجُبِّ فَإِنَّهُ يُؤْمَرُ بِإِمْلَائِهِ؛ لِأَنَّهُ مِلْكُهُ مِنْ الْفُصُولَيْنِ. وَقَعَ الْحَرِيقُ فِي مُحَلَّةٍ فَهَدَمَ الرَّجُلُ بَيْتَ جَارِهِ حَتَّى لَا يَحْتَرِقَ بَيْتُهُ يَضْمَنُ قِيمَةَ بَيْتِ الْجَارِ كَمُضْطَرٍّ أَكَلَ فِي الْمَفَازَةِ طَعَامَ غَيْرِهِ يَضْمَنُ قِيمَتَهُ كَذَا فِي مُشْتَمِلِ الْهِدَايَةِ عَنْ الْبَزَّازِيَّةِ. وَفِي الْخُلَاصَةِ مِنْ الْغَصْبِ حَرِيقٌ وَقَعَ فِي مُحَلَّةٍ فَهَدَمَ إنْسَانٌ دَارَ غَيْرِهِ بِغَيْرِ إذْنِ صَاحِبِهَا وَبِغَيْرِ إذْنِ السُّلْطَانِ ضَمِنَ انْتَهَى. إذَا دَخَلَ الْمَاءُ فِي أَرْضِ إنْسَانٍ وَاجْتَمَعَ فِيهِ الطِّينُ فَكُلُّ ذَلِكَ لِصَاحِبِ الْأَرْضِ وَلَا يَكُونُ لِأَحَدٍ أَنْ يَرْفَعَ مِنْ أَرْضِهِ بِخِلَافِ السَّمَكِ إذَا اجْتَمَعَ فِي أَرْضِ إنْسَانٍ بِغَيْرِ صُنْعِهِ فَإِنَّهُ لَا يَكُونُ لَهُ إلَّا أَنْ يَأْخُذَهُ كَذَا فِي دَعَاوَى قَاضِي خَانَ مِنْ بَابِ الْيَمِينِ. الدَّائِنُ إذَا قَبَضَ دَيْنَهُ مِنْ مَدْيُونِهِ، ثُمَّ أَبْرَأَهُ مِنْ دَيْنِهِ قِيلَ يَرْجِعُ بِمَا قَبَضَ وَقِيلَ لَا يَرْجِعُ كَذَا فِي الْفُصُولَيْنِ مِنْ أَحْكَامِ الدَّيْنِ وَفِيهِ قَالَ لِمَدْيُونِهِ وَفِي يَدِهِ قُبَالَةٌ بِعَشَرَةِ دَنَانِيرَ بينج دِينَار قُبَاله بتودهم يَبْرَأُ عَنْ الْبَاقِي وَبِهِ أَفْتَى مَوْلَانَا. وَفِي الْقُنْيَةِ مِنْ الْمُدَايَنَاتِ قَالَ الْمَدْيُونُ بِعَشَرَةٍ لِلدَّائِنِ أَعْطِ الْقُبَالَةَ وَخُذْ مِنِّي خَمْسَةً فَأَخَذَهَا مِنْهُ وَدَفَعَ الْقُبَالَةَ مِنْ غَيْرِ صُلْحٍ أَوْ إبْرَاءٍ بَيْنَهُمَا لَا يَسْقُطُ حَقُّهُ فِي الْبَاقِي انْتَهَى قَالَ لِمَدْيُونِهِ ترا آزَادَ كردم يَبْرَأُ وَكَذَا لَوْ قَالَ لَا خُصُومَةَ لِي مَعَك يَبْرَأُ. لَوْ كَفَّنَ الْمَيِّتَ مُتَبَرِّعًا فَافْتَرَسَهُ السَّبُعُ أَوْ شَرَى لِمَسْجِدٍ حَصِيرًا فَخَرِبَ الْمَسْجِدُ فَالْكَفَنُ، وَالْحَصِيرُ لِلْمُتَبَرِّعِ لَوْ حَيًّا وَلِوَرَثَتِهِ لَوْ مَيِّتًا وَعَلَى قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ يُبَاعُ وَيُصْرَفُ إلَى حَوَائِجِ الْمَسْجِدِ وَلَوْ اُسْتُغْنِيَ عَنْ هَذَا الْمَسْجِدِ يُصْرَفُ إلَى مَسْجِدٍ آخَرَ. مَدْيُونٌ بَعَثَ إلَى دَائِنِهِ دَيْنَهُ مَعَ رَجُلٍ فَجَاءَ وَأَخْبَرَهُ فَرَضِيَ بِهِ، فَقَالَ: اشْتَرِ لِي شَيْئًا فَذَهَبَ لِيَشْتَرِيَ فَهَلَكَ قَبْلَ شِرَائِهِ قِيلَ يَهْلِكُ عَلَى الْمَدْيُونِ وَقِيلَ عَلَى دَائِنِهِ إذَا أَمَرَهُ بِشِرَاءٍ كَأَمْرِهِ بِقَبْضِهِ. لَهُ عَلَيْهِ دَيْنٌ دَنَانِيرُ فَدَفَعَ إلَيْهِ الْمَدْيُونُ دَنَانِيرَ وَأَمَرَهُ بِأَنْ يَنْقُدَهَا فَهَلَكَتْ فَالدَّيْنُ بَاقٍ إذْ الطَّالِبُ وَكِيلٌ فِي الِانْتِقَادِ فَيَدُهُ كَيَدِهِ وَلَوْ لَمْ يَقُلْ الْمَطْلُوبُ شَيْئًا وَأَخَذَ الطَّالِبُ، ثُمَّ دَفَعَ إلَى الْمَدْيُونِ لِيَنْقُدَهَا يَهْلِكُ مِنْ مَالِ الطَّالِبِ إذْ الْمَطْلُوبُ وَكِيلُ الطَّالِبِ. لَوْ قَبَضَ الدَّائِنُ الدَّيْنَ مِنْ الْمَدْيُونِ، ثُمَّ رَدَّهُ عَلَيْهِ فَتَلِفَ لَوْ كَانَ الرَّدُّ عَلَى سَبِيلِ فَسْخِ الْقَبْضِ بِأَنْ يَقُولَ خُذْ حَتَّى أَقْبِضَ غَدًا فَقَبَضَ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 452 الْمَدْيُونُ بِتِلْكَ الْجِهَةِ يُنْتَقَضُ الْقَبْضُ السَّابِقُ، وَلَوْ اخْتَلَفَا فَقَالَ الدَّائِنُ: رَدَدْت بِجِهَةِ فَسْخِ الْقَبْضِ، وَقَالَ مَدْيُونُهُ: وَدِيعَةٌ. صُدِّقَ الْمَدْيُونُ إذَا اتَّفَقَا عَلَى قَبْضِ الدَّيْنِ فَبَعْدَهُ الدَّائِنُ يَدَّعِي فَسْخَهُ، وَهُوَ يُنْكِرُ فَيُصَدَّقُ مِنْ أَحْكَامِ الدَّيْنِ مِنْ الْفُصُولَيْنِ. أَكْثَرُ أَهْلِ السُّوقِ إذَا اسْتَأْجَرُوا حُرَّاسًا وَكَرِهَ الْبَاقُونَ، فَإِنَّ الْأُجْرَةَ تُؤْخَذُ مِنْ الْكُلِّ كَذَا فِي الْعَادَةِ الْمُطَّرِدَةِ مِنْ الْأَشْبَاهِ، وَفِيهَا أَقُولُ عَلَى اعْتِبَارِ الْعُرْفِ الْخَاصِّ قَدْ تَعَارَفَ الْفُقَهَاءُ بِالْقَاهِرَةِ النُّزُولَ عَنْ الْوَظَائِفِ بِمَالٍ يُعْطَى لِصَاحِبِهَا، وَتَعَارَفُوا ذَلِكَ فَيَنْبَغِي الْجَوَازُ، وَأَنَّهُ لَوْ نَزَلَ لَهُ وَقَبَضَ مِنْهُ الْمَبْلَغَ، ثُمَّ أَرَادَ الرُّجُوعَ عَلَيْهِ لَا يَمْلِكُ ذَلِكَ وَلَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إلَّا بِاَللَّهِ الْعَلِيِّ الْعَظِيمِ اهـ. عَمَرَ دَارَ امْرَأَتِهِ فَمَاتَ وَتَرَكَهَا وَابْنًا، فَلَوْ عَمَرَهَا بِإِذْنِهَا، فَالْعِمَارَةُ لَهَا وَالنَّفَقَةُ دَيْنٌ عَلَيْهَا فَتَغْرَمُ حِصَّةَ الِابْنِ، وَلَوْ عَمَرَهَا لِنَفْسِهِ بِلَا إذْنِهَا فَالْعِمَارَةُ مِيرَاثٌ عَنْهُ وَتَغْرَمُ قِيمَةَ نَصِيبِهِ مِنْ الْعِمَارَةِ وَتَصِيرُ كُلُّهَا لَهَا، وَلَوْ عَمَرَهَا لَهَا بِلَا إذْنِهَا قَالَ النَّسَفِيُّ الْعِمَارَةُ كُلُّهَا لَهَا وَلَا شَيْءَ عَلَيْهَا مِنْ النَّفَقَةِ، فَإِنَّهُ مُتَبَرِّعٌ، وَعَلَى هَذَا التَّفْصِيلِ عِمَارَةُ كَرْمِ امْرَأَتِهِ وَسَائِرِ أَمْلَاكِهَا. سَقَفَ مَنْزِلَ امْرَأَتِهِ بِأَمْرِهَا فَالسَّقْفُ لَهَا، وَلَوْ بِلَا أَمْرِهَا فَلَهُ رَفْعُهُ لَوْ لَمْ يُوجِبْ ضَرَرًا فِي غَيْرِ مَا بُنِيَ. وَفِي فَوَائِدِ ظَهِيرِ الدِّينِ مَرَّ دى خَانَهُ زِنْ خودرا عمارت كَرَدِّ وُجُوبهَا بِكَارِّ بُرْد تَوًّا نَدُكّهُ بِهَا خواهد ياني أَجَابَ اُكْرُ بُدَّانِ شَرْط كه فردموده است كه رُجُوع كَنِدِّ تواند. كُلُّ مَنْ بَنَى فِي دَارِ غَيْرِهِ بِأَمْرِهِ فَالْبِنَاءُ لِآمِرِهِ، وَلَوْ بَنَى لِنَفْسِهِ بِلَا أَمْرِهِ فَهُوَ لَهُ، وَلَهُ رَفْعُهُ إلَّا أَنْ يَضُرَّ بِالْبِنَاءِ فَيُمْنَعُ. وَلَوْ بَنَى فِي دَارِ غَيْرِهِ بِأَمْرِهِ فَالْبِنَاءُ لِرَبِّ الْأَرْضِ، وَقَالَ بَعْضُهُمْ: الْبِنَاءُ لِلْبَانِي، وَلَوْ بَنَى بِإِذْنِ رَبِّ الدَّارِ وَاسْتَدَلُّوا بِمَا ذَكَرَ مُحَمَّدٌ أَنَّ مَنْ اسْتَعَارَ مِنْ آخَرَ دَارًا فَبَنَى فِيهَا بِإِذْنِ رَبِّهَا، فَالْبِنَاءُ لِلْمُسْتَعِيرِ، وَهَذَا الِاخْتِلَافُ فِيمَا أَمَرَ وَلَمْ يَشْتَرِطْ الرُّجُوعَ، فَأَمَّا لَوْ شَرَطَ الرُّجُوعَ بِمَا أَنْفَقَ، فَالْبِنَاءُ لِرَبِّ الدَّارِ، وَعَلَيْهِ مَا أَنْفَقَ أَلَا يُرَى إلَى مَا ذَكَرَ مُحَمَّدٌ: أَنَّ مَنْ اسْتَأْجَرَ حَمَّامًا وَوَكَّلَهُ رَبُّهُ أَنْ يَرُمَّ مَا اسْتَرَمَّ مِنْ الْحَمَّامِ، وَيَحْسِبَ لَهُ ذَلِكَ مِنْ الْأَجْرِ فَفَعَلَ فَالْبِنَاءُ لِرَبِّ الْحَمَّامِ، وَلِلْمُسْتَأْجِرِ عَلَى الْمُؤَجِّرِ مَا أَنْفَقَ. وَفِي الْأَصْلِ دَفَعَ إلَيْهِ أَرْضًا عَلَى أَنْ يَبْنِيَ فِيهَا كَذَا كَذَا بَيْتًا وَسَمَّى طُولَهَا وَعَرْضَهَا، وَكَذَا كَذَا حُجْرَةً عَلَى أَنَّ مَا بَنَى فَهُوَ بَيْنَهُمَا، وَعَلَى أَنَّ أَصْلَ الدَّارِ بَيْنَهُمَا نِصْفَانِ فَبَنَاهَا كَمَا شَرَطَ، فَهُوَ فَاسِدٌ، وَكُلُّهُ لِرَبِّ الْأَرْضِ، وَعَلَيْهِ لِلْبَانِي قِيمَةُ مَا بَنَى يَوْمَ بَنَى وَأَجْرُ مِثْلٍ فِيمَا عَمِلَ، وَهِيَ مَسْأَلَةُ الدَّسْكَرَةِ الْمَذْكُورَةِ فِي كِتَابِ الْإِجَارَةِ، وَالْمُزَارَعَةِ أَنَّهُ اسْتَأْجَرَهُ لِيَعْمَلَ لَهُ فِي أَرْضِهِ بِآلَاتٍ مِنْ عِنْدِهِ فَتَكُونُ إجَارَةً إلَّا أَنَّهَا فَسَدَتْ لِجَهَالَةِ الْمَشْرُوطِ أَوْ لِعَدَمِهِ؛ إذْ جَعَلَ نِصْفَ الْأَرْضِ الْمَبْنِيَّةِ أَجْرًا لَهُ، وَهُوَ مَعْدُومٌ أَوْ مَجْهُولٌ فَصَارَ إجَارَةً حَقِيقِيَّةً إذْ الْأَصْلُ فِي الْعَمَلِ هُوَ الْأَرْضُ فَقَدْ عَمِلَ فِي مَحَلٍّ مَمْلُوكٍ لَهُ بِأَمْرِهِ، وَقَدْ ابْتَغَى فِي مُقَابَلَتِهِ نَفْعًا لِنَفْسِهِ فَيَصِيرُ إجَارَةً، وَالْحُكْمُ فِي مِثْلِ هَذِهِ الْإِجَارَةِ أَنَّهُ يَلْزَمُهُ قِيمَةُ الْآلَاتِ وَقِيمَةُ الْعَمَلِ عَلَى مَا عُرِفَ فِي الْإِجَارَةِ قَالُوا: وَلَوْ دَفَعَ إلَيْهِ أَرْضًا عَلَى أَنْ يَبْنِيَ فِيهَا مَسَاكِنَ وَيُؤَجِّرَهَا عَلَى أَنَّ مَا رُزِقَ بَيْنَهُمَا فَبَنَاهَا كَمَا أَمَرَهُ وَأَجَّرَهَا وَأَصَابَ مَالًا، فَجَمِيعُ ذَلِكَ لِلْبَانِي، وَالْبِنَاءُ لَهُ، وَلِرَبِّ الْأَرْضِ أَجْرُ مِثْلِ أَرْضِهِ عَلَى الجزء: 1 ¦ الصفحة: 453 الْبَانِي، وَعَلَى الْبَانِي نَقْلُ بِنَائِهِ وَفِي الْمَسْأَلَةِ الْأُولَى جَعَلَ الْبِنَاءَ لِرَبِّ الْأَرْضِ إذْ ثَمَّةَ بِدَلَالَةِ الْحَالِ عَرَفْنَا أَنَّهُ أَرَادَ الْعَمَلَ لِرَبِّ الْأَرْضِ حَيْثُ شَرَطَ لِنَفْسِهِ نِصْفَ الدَّارِ؛ وَلِأَنَّهُ يَصِيرُ مُشْتَرِيًا لِآلَاتِهِ بِنِصْفِ الْأَرْضِ شِرَاءً فَاسِدًا فَصَارَ قَابِضًا بِاتِّصَالِهِ بِأَرْضِهِ فَوَقَعَ عَمَلُهُ كُلُّهُ فِي مَحَلٍّ مَمْلُوكٍ لِلْآمِرِ، وَفِيمَا نَحْنُ فِيهِ لَمْ تَقُمْ دَلَالَةُ الْعَمَلِ لِلْآمِرِ فَبَقِيَ مُتَصَرِّفًا لِنَفْسِهِ بِالْبِنَاءِ فِي أَرْضِ غَيْرِهِ، غَيْرَ أَنَّ رَبَّ الْأَرْضِ مَتَى شَرَطَ لِنَفْسِهِ شَيْئًا صَارَ كَأَنَّهُ أَجَّرَ أَرْضَهُ لِيَبْنِيَ فِيهَا، وَلَوْ أَجَّرَهَا إجَارَةً صَحِيحَةً لِيَبْنِيَ، تَكُونُ الْآلَاتُ وَالْبِنَاءُ كُلُّهَا لِلْبَانِي، وَعَلَيْهِ لِرَبِّ الْأَرْضِ أَجْرُ مِثْلِ أَرْضِهِ. وَلَوْ شَرَطَ مَعَ ذَلِكَ أَنَّ الْأَرْضَ وَالْبِنَاءَ يَكُونُ بَيْنَهُمَا نِصْفَيْنِ، كَانَ ذَلِكَ كُلُّهُ مَعَ أَجْرِهَا لِرَبِّ الْأَرْضِ، وَلِلْبَانِي قِيمَةُ مَا بَنَى يَوْمَ بَنَى يَعْنِي قِيمَةَ آلَاتِهِ وَأُجْرَةَ عَمَلِهِ فِيمَا عَمِلَ لِمَا مَرَّ فِي الْمَسْأَلَةِ الْأُولَى، هَذِهِ الْجُمْلَةُ فِي الْفُصُولَيْنِ مِنْ أَحْكَامِ الْعِمَارَةِ فِي مِلْكِ الْغَيْرِ. لَوْ رَأَى غَيْرَهُ يُتْلِفُ مَالَهُ فَسَكَتَ لَا يَكُونُ إذْنًا بِإِتْلَافِهِ، وَكَذَا الْمَوْلَى لَوْ سَكَتَ عَنْ وَطْء أَمَتِهِ لَمْ يَسْقُطْ الْمَهْرُ هَاتَانِ فِي قَاعِدَة: لَا يُنْسَبُ إلَى سَاكِتٍ قَوْلٌ، مِنْ الْأَشْبَاهِ. لَوْ ظَنَّ أَنَّ عَلَيْهِ دَيْنًا فَبَانَ خِلَافُهُ رَجَعَ بِمَا أَدَّى، هَذِهِ مِنْ قَاعِدَةِ: لَا عِبْرَةَ بِالظَّنِّ الْبَيِّنِ خَطَؤُهُ مِنْهُ. الْغُرُورُ لَا يُوجِبُ الرُّجُوعَ، فَلَوْ قَالَ: اُسْلُكْ هَذَا الطَّرِيقَ، فَإِنَّهُ آمِنٌ فَسَلَكَهُ فَأَخَذَهُ اللُّصُوصُ، أَوْ كُلْ هَذَا الطَّعَامَ، فَإِنَّهُ لَيْسَ بِمَسْمُومٍ فَأَكَلَهُ فَمَاتَ لَا ضَمَانَ إلَّا فِي ثَلَاثِ مَسَائِلَ: الْأُولَى إذَا كَانَ الْغُرُورُ بِالشَّرْطِ؛ كَمَا لَوْ زَوَّجَهُ امْرَأَةً عَلَى أَنَّهَا حُرَّةٌ ثُمَّ اُسْتُحِقَّتْ، فَإِنَّهُ يَرْجِعُ عَلَى الْمُخْبِرِ بِمَا غَرِمَهُ لِلْمُسْتَحِقِّ مِنْ قِيمَةِ الْوَلَدِ. الثَّانِيَةُ: أَنْ يَكُونَ فِي ضِمْنِ عَقْدِ مُعَاوَضَةٍ فَيَرْجِعُ الْمُشْتَرِي عَلَى الْبَائِعِ بِقِيمَةِ الْوَلَدِ إذَا اُسْتُحِقَّتْ بَعْدَ الِاسْتِيلَادِ، وَيَرْجِعُ بِقِيمَةِ الْبِنَاءِ. لَوْ بَنَى الْمُشْتَرِي ثُمَّ اُسْتُحِقَّتْ الدَّارُ بَعْدَ أَنْ يُسَلِّمَ الْبِنَاءَ لَهُ. الثَّالِثَةُ: أَنْ يَكُونَ فِي عَقْدٍ يَرْجِعُ نَفْعُهُ إلَى الدَّافِعِ كَالْوَدِيعَةِ وَالْإِجَارَةِ حَتَّى لَوْ هَلَكَتْ الْوَدِيعَةُ أَوْ الْعَيْنُ الْمُسْتَأْجَرَةُ ثُمَّ اُسْتُحِقَّتْ وَضَمِنَ الْمُودَعُ وَالْمُسْتَأْجِرُ، فَإِنَّهُمَا يَرْجِعَانِ عَلَى الدَّافِعِ بِمَا ضَمِنَاهُ، وَكَذَا مَنْ كَانَ بِمَعْنَاهُمَا. وَفِي الْعَارِيَّةِ وَالْهِبَةِ لَا رُجُوعَ؛ لِأَنَّ الْقَبْضَ كَانَ لِنَفْسِهِ، وَتَمَامُهُ فِي الْخَانِيَّةِ فِي فَصْلِ الْغُرُورِ كَذَا فِي كَفَالَةِ الْأَشْبَاهِ. وَقِيمَةُ وَلَدِ الْمَغْرُورِ الْحُرِّ تُعْتَبَرُ يَوْمَ الْخُصُومَةِ، وَقِيلَ: تُعْتَبَرُ يَوْمَ الْقَضَاءِ، وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَا خِلَافَ فِي اعْتِبَارِ يَوْمِ الْخُصُومَةِ، وَمَنْ اعْتَبَرَ يَوْمَ الْقَضَاءِ، فَإِنَّمَا اعْتَبَرَهُ بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْقَضَاءَ لَا يَتَرَاخَى عَنْهَا؛ وَلِهَذَا ذَكَرَ الزَّيْلَعِيُّ أَوَّلًا: اعْتِبَارَ يَوْمِ الْخُصُومَةِ، وَثَانِيًا: اعْتِبَارَ يَوْمِ الْقَضَاءِ، وَلَمْ أَرَ مَنْ اعْتَبَرَ يَوْمَ وَضْعِهِ كَذَا فِي الْقَوْلِ فِي ثَمَنِ الْمِثْلِ مِنْ الْأَشْبَاهِ. وَفِي الْوَجِيزِ مِنْ الِاسْتِحْقَاقِ: خَمْسَةٌ لَا يَرْجِعُونَ بِقِيمَةِ الْبِنَاءِ: الْوَلَدُ عِنْدَ الِاسْتِحْقَاقِ، وَالشَّفِيعُ، وَأَحَدُ الْمُتَقَاسِمَيْنِ إذَا بَنَى فِي نَصِيبِهِ، وَالْمَالِكُ الْقَدِيمُ إذَا أَخَذَ الْجَارِيَةَ الْمَأْسُورَةَ مِنْ يَدِ مُشْتَرِيهَا مِنْ أَهْلِ الْحَرْبِ وَاسْتَوْلَدَهَا ثُمَّ اُسْتُحِقَّتْ لَمْ يَرْجِعْ بِقِيمَةِ الْوَلَدِ عَلَى الِابْنِ، وَالْقَاضِي إذَا بَاعَ مَالَ الْيَتِيمِ بِغَبْنٍ فَاحِشٍ، ثُمَّ أَدْرَكَ الصَّغِيرُ فَرَدَّ الْبَيْعَ لَا يَرْجِعُ الْمُشْتَرِي بِقِيمَةِ الْبِنَاءِ عَلَى أَحَدٍ، وَفِيهِ أَيْضًا: الْمُوصَى لَهُ بِالْجَارِيَةِ إذَا اسْتَوْلَدَهَا ثُمَّ اُسْتُحِقَّتْ كَانَ الْوَلَدُ حُرًّا بِالْقِيمَةِ ثُمَّ يَرْجِعُ بِالثَّمَنِ وَبِقِيمَةِ الْوَلَدِ عَلَى الْبَائِعِ لَا عَلَى الْمُوصِي. وَإِذَا أَهْدَى إلَى الصَّبِيِّ وَعَلِمَ أَنَّهُ لَهُ، فَلَيْسَ لِلْوَالِدَيْنِ الْأَكْلُ مِنْهُ لِغَيْرِ الْحَاجَةِ كَمَا فِي الْمُلْتَقَطِ. وَلَا يَدْخُلُ الصَّبِيُّ وَالْمَرْأَةُ فِي الْغَرَامَاتِ السُّلْطَانِيَّةِ كَمَا فِي الولوالجية هَذِهِ فِي أَحْكَامِ الْأُنْثَى مِنْ الْأَشْبَاهِ. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 454 الْإِسْلَامُ يَجُبُّ مَا قَبْلَهُ مِنْ حُقُوقِ اللَّهِ تَعَالَى دُونَ حَقُّونِ الْآدَمِيِّينَ كَالْقِصَاصِ وَضَمَانِ الْأَمْوَالِ هَذِهِ فِي أَحْكَامِ الذِّمِّيِّ مِنْهُ. الْإِشَارَةُ مِنْ الْأَخْرَسِ مُعْتَبَرَةٌ وَقَائِمَةٌ مَقَامَ الْعِبَارَةِ فِي كُلِّ شَيْءٍ مِنْ بَيْعٍ وَإِجَارَةٍ وَهِبَةٍ وَرَهْنٍ وَنِكَاحٍ وَطَلَاقٍ وَعَتَاقٍ وَإِبْرَاءٍ وَإِقْرَارٍ وَقِصَاصٍ إلَّا فِي الْحُدُودِ، وَلَوْ حَدَّ قَذْفٍ، وَكِتَابَةُ الْأَخْرَسِ كَإِشَارَتِهِ وَاخْتَلَفُوا فِي أَنَّ عَدَمَ الْقُدْرَةِ عَلَى الْكِتَابَةِ شَرْطٌ لِلْعَمَلِ بِالْإِشَارَةِ أَوْ لَا، وَالْمُعْتَمَدُ لَا، وَأَمَّا إشَارَةُ غَيْرِ الْأَخْرَسِ، فَإِنْ كَانَ مُعْتَقَلَ اللِّسَانِ فَفِيهِ اخْتِلَافٌ، وَالْفَتْوَى عَلَى أَنَّهُ إنْ دَامَتْ الْعُقْلَةُ إلَى وَقْتِ الْمَوْتِ يَجُوزُ إقْرَارُهُ بِالْإِشَارَةِ وَالْإِشْهَادِ عَلَيْهِ وَمِنْهُمْ مَنْ قَدَّرَ الِامْتِدَادَ بِسَنَةٍ، وَهُوَ ضَعِيفٌ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مُعْتَقَلَ اللِّسَانِ لَمْ تُعْتَبَرْ إشَارَتُهُ مُطْلَقًا إلَّا فِي أَرْبَعٍ: الْكُفْرِ وَالْإِسْلَامِ وَالنَّسَبِ وَالْإِفْتَاءِ. كَذَا فِي أَحْكَامِ الْإِشَارَةِ مِنْهُ. لَوْ اخْتَلَفَ الْمُقَوِّمُونَ فِي مُسْتَهْلَكٍ، فَشَهِدَ اثْنَانِ أَنَّ قِيمَتَهُ عَشَرَةٌ، وَشَهِدَ اثْنَانِ أَنَّ قِيمَتَهٌ أَقَلُّ وَجَبَ الْأَكْثَرُ كَذَا فِي الْأَشْبَاهِ فِي الْكَلَامِ فِي أُجْرَةِ الْمِثْلِ. تَصَدَّقَ بِنَفْسِهِ فِي مَرَضِهِ صَدَقَةً ثُمَّ أَوْصَى بِالثُّلُثِ تُعْتَبَرُ الْجُمْلَةُ مِنْ الثُّلُثِ حَتَّى لَوْ كَانَ مَا أَعْطَاهُ بِنَفْسِهِ قَدْرَ الثُّلُثِ يُعْتَبَرُ هَذَا وَلَمْ تَجُزْ وَصِيَّتُهُ فِيمَا سِوَاهُ، وَكَانَ هَذَا وَصِيَّةً مُنْفَذَةً، فَتَصْحِيحُهُ وَتَنْفِيذُهُ أَوْلَى، وَلَوْ زَادَ الْمُنْفَذَةَ عَلَى الثُّلُثِ، فَلِلْوَرَثَةِ اسْتِرْدَادُ مَا زَادَ لَوْ قَائِمًا، وَيَضْمَنُ الْقَابِضُ لَوْ هَالِكًا كَذَا فِي الْوَقْفِ مِنْ أَحْكَامِ الْمَرْضَى مِنْ الْفُصُولَيْنِ. مَرِيضٌ اسْتَأْجَرَ أَجِيرًا وَنَقَدَهُ الْأُجْرَةَ فَلِلْغُرَمَاءِ مُشَارَكَتُهُ هَذِهِ فِي الْإِجَارَةِ مِنْ الْفُصُولَيْنِ. وَفِيهِ تَبَرُّعُ الْمَرِيضِ بِالْمَنَافِعِ يُعْتَبَرُ مِنْ كُلِّ مَالِهِ. مَرِيضٌ لَهُ عَلَى وَارِثِهِ دَيْنٌ فَأَبْرَأَهُ قَالَ: لَمْ يَجُزْ، وَلَوْ قَالَ: لَمْ يَكُنْ لِي عَلَيْهِ شَيْءٌ، ثُمَّ مَاتَ جَازَ إقْرَارُهُ قَضَاءً لَا دِيَانَةً. وَلَوْ قَالَتْ الْمَرِيضَةُ: لَيْسَ لِي عَلَى زَوْجِي صَدَاقٌ لَا يَبْرَأُ عِنْدَنَا خِلَافًا لِلشَّافِعِيِّ؛ لِأَنَّ سَبَبَ الْمَهْرِ، وَهُوَ النِّكَاحُ مَقْطُوعٌ بِهِ بِخِلَافِ الْمَسْأَلَةِ الْأُولَى لِجَوَازِ أَنْ لَا يَكُونَ عَلَيْهِ دَيْنٌ. وَفِي جِنَايَاتِ عِصَامٍ قَالَ الْمَجْرُوحُ لَمْ يَجْرَحْنِي فُلَانٌ صَحَّ إقْرَارُهُ حَتَّى لَوْ مَاتَ لَيْسَ لِلْوَرَثَةِ عَلَى فُلَانٍ سَبِيلٌ قَالَ صَاحِبُ الْمُحِيطِ: هَذَا إذَا كَانَ الْجَارِحُ أَجْنَبِيًّا، فَلَوْ وَارِثًا لَمْ يَصِحَّ، كَذَا فِي الْهِبَةِ مِنْ أَحْكَامِ الْمَرْضَى مِنْ الْفُصُولَيْنِ. وَفِي كِتَابِ الْإِقْرَارِ مِنْ الْقُنْيَةِ قَالَتْ الْمَرِيضَةُ مَرَضَ الْمَوْتِ لَيْسَ لِي عَلَى زَوْجِي حَقٌّ، وَلَا عَلَيْهِ مَهْرٌ، لَيْسَ لِوَرَثَتِهَا أَنْ يَطْلُبُوا الْمَهْرَ مِنْ الزَّوْجِ، وَيَصِحُّ إقْرَارُهَا بِنَاءً عَلَى مَسْأَلَةٍ ذَكَرَهَا عِصَامٌ لَوْ قَالَ الْمَجْرُوحُ: لَمْ يَجْرَحْنِي فُلَانٌ ثُمَّ مَاتَ لَيْسَ لِوَرَثَتِهِ أَنْ يَدَّعُوا عَلَى الْجَارِحِ بِهَذَا السَّبَبِ، فَكَذَا هَاهُنَا. وَقَالَ ظَهِيرُ الدِّينِ الْمَرْغِينَانِيُّ: لَا يَصِحُّ، وَمَسْأَلَةُ الْجُرْحِ عَلَى التَّفْصِيلِ إنْ كَانَ الْجُرْحُ مَعْرُوفًا عِنْدَ النَّاسِ أَوْ الْقَاضِي لَمْ يُقْبَلْ إقْرَارُ الْمَرِيضِ. اسْتَقْرَضَ عَبْدًا لِيَقْضِيَ دَيْنَهُ، وَقَضَى ضَمِنَ قِيمَتَهُ، هَذِهِ فِي الْبُيُوعِ مِنْ مُشْتَمِلِ الْأَحْكَامِ. هَدَمَ جِدَارَ غَيْرِهِ ثُمَّ بَنَاهُ: إنْ كَانَ الْجِدَارُ مِنْ التُّرَابِ فَبَنَاهُ ثَانِيًا مِنْ التُّرَابِ عَلَى نَحْوِ مَا كَانَ، فَقَدْ بَرِئَ مِنْ الضَّمَانِ، وَإِنْ بَنَاهُ مِنْ خَشَبٍ آخَرَ لَا يَبْرَأُ مِنْ الضَّمَانِ؛ لِأَنَّ الْخَشَبَ فِي نَفْسِهَا مُتَفَاوِتَةٌ حَتَّى لَوْ عَلِمَ أَنَّ الْخَشَبَ الْآخَرَ أَجْوَدُ يَبْرَأُ مِنْ الضَّمَانِ، هَذِهِ فِي الْغَصْبِ مِنْهُ. لَوْ وَضَعَ رَجُلٌ ثَوْبًا فِي دَارِ رَجُلٍ فَرَمَاهُ صَاحِبُ الدَّارِ فَأَفْسَدَهُ ضَمِنَهُ. وَلَوْ أَدْخَلَ دَابَّتَهُ فِي دَارِ غَيْرِهِ، وَأَخْرَجَهَا صَاحِبُ الدَّارِ لَا يَضْمَنُ إنْ تَلِفَتْ؛ لِأَنَّ الدَّابَّةَ فِي الدَّارِ تَضُرُّ بِهَا، فَلَهُ أَنْ يَدْفَعَ الضَّرَرَ بِالْإِخْرَاجِ، أَمَّا الثَّوْبُ فِي الدَّارِ فَلَا يَضُرُّ بِهِ، فَكَانَ إخْرَاجُهُ إتْلَافًا، هَذِهِ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 455 فِي فَصْلِ دَفْعِ ضَرَرِ الْجَارِ مِنْهُ. وَفِي الْأَشْبَاهِ مِنْ الْقِسْمَةِ: إذَا خِيفَ الْغَرَقَ فَاتَّفَقُوا عَلَى إلْقَاءِ بَعْضِ الْأَمْتِعَةِ فَأَلْقَوْا، فَالْغُرْمُ عَلَى عَدَدِ الرُّءُوسِ؛ لِأَنَّهَا لِحِفْظِ الْأَنْفُسِ اهـ وَفِي الْكَفَالَةِ مِنْ الْبَزَّازِيَّةِ: رَجُلَانِ فِي سَفِينَةٍ مَعَهُمَا مَتَاعٌ فَقَالَ أَحَدُهُمَا لِصَاحِبِهِ: أَلْقِ مَتَاعَك عَلَى أَنْ يَكُونَ بَيْنِي وَبَيْنَك أَنْصَافًا قَالَ مُحَمَّدٌ: كَانَ هَذَا فَاسِدًا، وَضَمِنَ لِمَالِكِ الْمَتَاعِ نِصْفَ قِيمَةِ مَتَاعِهِ اهـ وَفِي الْغَصْبِ مِنْ الْخِزَانَةِ: سَفِينَةٌ حُمِلَتْ عَلَيْهَا أَحْمَالٌ فَاسْتَقَرَّتْ السَّفِينَةُ عَلَى بَعْضِ الْجَزَائِرِ، فَأَخْرَجَ رَجُلٌ بَعْضَ الْأَحْمَالِ لِتَخِفَّ السَّفِينَةُ فَجَاءَ إنْسَانٌ وَذَهَبَ بِالْأَحْمَالِ، فَعَلَى الَّذِي أَخْرَجَ الضَّمَانُ إنْ لَمْ يُخَفْ الْغَرَقُ؛ لِأَنَّهُ صَارَ غَاصِبًا، وَإِنْ خِيفَ الْغَرَقَ، فَإِنْ ذَهَبَ بِهِ إنْسَانٌ قَبْلَ أَنْ يَأْمَنَ غَرَقَهَا لَا يَضْمَنُ، وَإِذَا ذَهَبَ بِهَا بَعْدَ مَا أَمِنَ غَرَقَهَا يَضْمَنُ اهـ. أَهْلُ قَرْيَةٍ غَرَّمَهُمْ السُّلْطَانُ قَالَ بَعْضُهُمْ: يُقَسَّمُ ذَلِكَ عَلَى قَدْرِ الْأَمْلَاكِ، وَقَالَ بَعْضُهُمْ: عَلَى عَدَدِ الرُّءُوسِ قَالَ الْفَقِيهُ أَبُو جَعْفَرٍ: إنْ كَانَتْ الْغَرَامَةُ لِتَحْصِينِ الْأَمْلَاكِ يُقَسَّمُ عَلَى قَدْرِ الْأَمْلَاكِ: لِأَنَّهَا مُؤْنَةُ الْمِلْكِ، وَإِنْ كَانَتْ لِتَحْصِينِ الْأَبَدَانِ يُقَسَّمُ عَلَى قَدْرِ الرُّءُوسِ الَّتِي يَتَعَرَّضُ لَهُمْ؛ لِأَنَّهَا مُؤْنَةُ الرَّأْسِ، وَلَا شَيْءَ مِنْ ذَلِكَ عَلَى النِّسَاءِ وَالصِّبْيَانِ؛ لِأَنَّهُ لَا يَتَعَرَّضُ لَهُمْ هَذِهِ فِي الْقِسْمَةِ مِنْ قَاضِي خَانْ قُلْتُ: وَقَدْ مَرَّ عَنْ الْأَشْبَاهِ أَيْضًا أَنَّ الصَّبِيَّ وَالْمَرْأَةَ لَا يَدْخُلَانِ فِي الْغَرَامَاتِ السُّلْطَانِيَّةِ. اسْتَقْرَضَ مِنْهُ دَرَاهِمَ وَأَسْكَنَهُ فِي دَارِهِ قَالُوا: عَلَى الْمُقْرِضِ أَجْرُ الْمِثْلِ؛ لِأَنَّهُ أَسْكَنَهُ عِوَضًا عَنْ مَنْفَعَةِ الْقَرْضِ، وَكَذَا لَوْ أَخَذَ الْمُقْرِضُ مِنْهُ حِمَارًا لِيَسْتَعْمِلَهُ حَتَّى يَرُدَّ دَرَاهِمَهُ. وَلَوْ سَلَّمَ الْمُقْرِضُ الْحِمَارَ إلَى بَقَّارٍ فَعَقَرَهُ ذِئْبٌ ضَمِنَ الْمُقْرِضُ قِيمَتَهُ، لِأَنَّ الْحِمَارَ كَانَ عِنْدَهُ بِإِجَارَةٍ فَاسِدَةٍ فَكَانَ أَمَانَةً، فَإِذَا دَفَعَهُ إلَى الْبَقَّارِ صَارَ ضَامِنًا مُخَالِفًا مِنْ إجَارَةِ الْقُنْيَةِ. رَجُلٌ دَفَعَ جَارِيَةً مَرِيضَةً إلَى طَبِيبٍ، وَقَالَ لَهُ: عَالِجْهَا بِمَالِكَ، فَإِنْ زَادَتْ قِيمَتُهَا بِالصِّحَّةِ، فَالزِّيَادَةُ لَك فَفَعَلَ الطَّبِيبُ وَبَرِئَتْ، يَجِبُ أَجْرُ الْمِثْلِ وَثَمَنُ الْأَدْوِيَةِ وَالنَّفَقَةُ وَالْكِسْوَةُ إنْ أَعْطَاهَا، وَلَيْسَ لَهُ مَنْعُهَا لِاسْتِيفَاءِ أَجْرِ الْمِثْلِ مِنْ إجَارَاتِ الْخُلَاصَةِ. وَمِنْهَا رَجُلٌ اسْتَأْجَرَ نَجَّارًا يَوْمًا إلَى اللَّيْلِ فَجَاءَ رَجُلٌ وَقَالَ: اتَّخَذَ لِي دَوَاةً بِدِرْهَمٍ فَاِتَّخَذَ، فَإِنْ كَانَ صَاحِبُ الدَّوَاةِ يَعْلَمُ أَنَّهُ أَجِيرٌ، فَإِنَّهُ آثِمٌ، وَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ ثُمَّ عَلِمَ لَا بَأْسَ بِهِ، وَلَيْسَ عَلَيْهِ شَيْءٌ وَيُنْقِصُ مِنْ أُجْرَةِ النَّجَّارِ قَدْرَ مَا عَمِلَ فِي الدَّوَاةِ إلَّا أَنْ يُجْعَلَ فِي حِلٍّ. وَمِنْهَا رَجُلٌ دَفَعَ إلَى رَجُلٍ دُهْنًا لِيَتَّخِذَ مِنْهُ صَابُونًا وَيَجْعَلَ الْغَلْيَ مِنْ عِنْدِهِ وَمَا يَحْتَاجُ إلَيْهِ عَلَى أَنْ يُعْطِيَهُ مِائَةَ دِرْهَمٍ فَفَعَلَ، فَالصَّابُونُ لِرَبِّ الدُّهْنِ، وَعَلَيْهِ أَجْرُ مِثْلِ عَمَلِهِ وَغَرَامَةُ مَا جَعَلَ فِيهِ. وَمِنْهَا رَجُلٌ دَفَعَ إلَى رَجُلٍ فَرَسًا لِيَذْهَبَ بِهِ إلَى قَرْيَتِهِ وَيُوَصِّلَهُ إلَى وَلَدِهِ، فَذَهَبَ بِهِ، فَلَمَّا سَارَ مَرْحَلَةً سَيَّبَهَا فِي رِبَاطٍ وَمَضَى فِي حَاجَتِهِ، فَجَاءَ رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ تِلْكَ الْقَرْيَةِ، فَمَرَّ بِهِ، فَاسْتَأْجَرَ رَجُلًا لِيَذْهَبَ بِهِ إلَى قَرْيَتِهِ، فَذَهَبَ بِهِ، فَنَفَقَتْ فِي الطَّرِيقِ، فَالضَّمَانُ عَلَى الْأَوَّلِ ثَابِتٌ فِي تَسْيِيبِهِ، وَأَمَّا الثَّانِي لَا ضَمَانَ عَلَيْهِ إنْ لَمْ يَأْخُذْ الدَّابَّةَ لَكِنْ أَمَرَهُ بِذَلِكَ، فَإِنْ أَخَذَهُ وَدَفَعَ إلَيْهِ إنَّ أَشْهَدَ عَلَيْهِ أَنَّهُ أَخَذَ لِيَرُدَّ عَلَى مَالِكِهِ وَالْأَجِيرُ فِي عِيَالِهِ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 456 لَمْ يَضْمَنْ أَيْضًا، وَإِنْ تَرَكَ الْإِشْهَادَ ضَمِنَ عَلَى كُلِّ حَالٍ كَالْمُلْتَقَطِ، وَالْأَجِيرُ ضَامِنٌ عَلَى كُلِّ حَالٍ وَلَا رُجُوعَ لَهُ عَلَى أَحَدٍ؛ لِأَنَّهُ أَمْسَكَهُ بِالْأُجْرَةِ فَصَارَ كَأَنَّهُ أَمْسَكَهُ لِنَفْسِهِ كَالْمُسْتَعِيرِ بِخِلَافِ الْمُودَعِ وَالْمُسْتَأْجِرِ حَيْثُ لَهُمَا أَنْ يَرْجِعَا عَلَى الْمُودِعِ وَالْآجِرِ. وَلَوْ سَلَّمَ الْفَرَسَ فِي ذَلِكَ الرِّبَاطِ إلَى ابْنِ أَخِي صَاحِبِهِ لَا يَبْرَأُ عَنْ الضَّمَانِ، تَأْوِيلُهُ: إذَا لَمْ يَكُنْ فِي عِيَالِهِ. وَمِنْهَا ثَلَاثَةٌ اسْتَأْجَرُوا إصْطَبْلًا وَأَدْخَلُوا دَوَابَّهُمْ، ثُمَّ إنَّ وَاحِدًا مِنْهُمْ عَلَفَ دَابَّتَهُ، وَخَرَجَ، وَتَرَكَ الْبَابَ مَفْتُوحًا، فَسُرِقَ الدَّوَابُّ لَا يَضْمَنُ، وَقَدْ ذَكَرْنَا هَذِهِ الْمَسْأَلَةَ فِي فَصْلِ السِّعَايَةِ وَالْأَمْرِ عَنْ قَاضِي خَانْ مُعَلَّلَةً فَرَاجِعْ إنْ شِئْت. عَنْ أَبِي يُوسُفَ فِي رَجُلٍ دَفَعَ إلَى آخَرَ زُجَاجَةً يَقْطَعُهَا بِأَجْرٍ مَعْلُومٍ فَقَطَعَهَا فَانْكَسَرَتْ، وَقَدْ قَالَ لَهُ الدَّافِعُ: إنْ كَسَرْت فَلَا ضَمَانَ عَلَيْك قَالَ: اُنْظُرْ إلَى ذَلِكَ الْفِعْلِ إنْ كَانَ لَا يَسْلَمُ مِثْلُهُ مِنْ الْكَسْرِ لَا ضَمَانَ عَلَيْهِ، وَإِنْ كَانَ يَسْلَمُ أَحْيَانًا وَيَنْكَسِرُ أَحْيَانًا فَهُوَ ضَامِنٌ. رَجُلٌ قَالَ لِصَيْرَفِيٍّ اُنْقُدْ هَذِهِ الْأَلْفَ وَلَك عَشَرَةُ دَرَاهِمَ فَنَقَدَهُ ثُمَّ وَجَدَ الْمُسْتَأْجِرُ الْعَشَرَةَ بَعْدَ ذَلِكَ سَتُّوقَةً لَا يَضْمَنُ لَكِنْ يَرُدُّ مِنْ الْأَجْرِ بِقَدْرِهِ، وَلَوْ وَجَدَ الْكُلَّ زَيْفًا يَرُدُّ كُلَّ الْأَجْرِ وَيَرُدُّ الزُّيُوفَ عَلَى الدَّافِعِ، فَإِنْ أَنْكَرَ الدَّافِعُ أَنْ تَكُونَ هَذِهِ الدَّرَاهِمُ دَرَاهِمَهُ، فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْقَابِضِ مِنْ إجَارَاتِ الْخُلَاصَةِ. الْمَقْبُوضُ فِي الْإِجَارَةِ الْفَاسِدَةِ مَضْمُونٌ كَالثَّمَنِ الْمَقْبُوضِ فِي الْبَيْعِ الْفَاسِدِ فِي الْمُتَفَرِّقَاتِ مِنْ إجَارَاتِ الْبَزَّازِيَّةِ. رَجُلٌ أَوْدَعَ أَلْفَ دِرْهَمٍ عِنْدَ رَجُلٍ فَأَنْكَرَهُ ثُمَّ أَوْدَعَ أَلْفَ دِرْهَمٍ عِنْدَ الْمُودِعِ لَهُ أَنْ يَأْخُذَهُ عِنْدَنَا هَذِهِ فِي الْوَدِيعَةِ مِنْ الْخُلَاصَةِ. يَضْمَنُ الْمُسْلِمُ لِلْمُسْلِمِ فِي أَرْبَعَةِ أَشْيَاءَ إذَا غَصَبَ مِنْهُ شَيْئًا فَنَقَصَ فِي يَدِهِ. الثَّانِي: الزَّيْتُ أَوْ السَّمْنُ إذَا وَقَعَتْ فِيهِ فَأْرَةٌ، ثُمَّ أَرَاقَهَا مُسْلِمٌ عَلَى مُسْلِمٍ يَضْمَنُ لَهُ قِيمَتَهُ. الثَّالِثُ: الْكَلْبُ الْمُعَلَّمُ، أَوْ الْبَازِي الْمُعَلَّمُ، أَوْ الْفَهْدُ الْمُعَلَّمُ إذَا أَتْلَفَهُ يَضْمَنُ عِنْدَنَا الرَّابِعُ السِّرْقِينَ إذَا أَحْرَقَهُ أَوْ أَلْقَاهُ فِي أَرْضِهِ هَذَا فِي الْغَصْبِ مِنْ الْخُلَاصَةِ. وَفِيهِ رَجُلٌ دَفَعَ إلَى رَجُلٍ آخَرَ حُمُولَةً لِيَحْمِلَهَا إلَى بَلْدَةٍ أُخْرَى فَذَهَبَ الرَّجُلُ بِالْجِمَالِ حَتَّى أَتَى نَهْرًا عَظِيمًا، وَفِي النَّهْرِ جَمَدٌ كَثِيرٌ يَجْرِي فِيهِ الْمَاءُ كَمَا يَكُونُ فِي الشِّتَاءِ، فَرَكِبَ الْجَمَّالُ جَمَلًا وَالْجَمَلُ الْآخَرُ يَدْخُلُ عَلَى أَثَرِ هَذَا فَبَقِيَ جَمَلٌ مِنْ الْجَمَالِ فِي الْمَاءِ مِنْ جَرَيَانِ الْجَمَلِ فَسَقَطَ فِي الْمَاءِ إنْ كَانَ النَّاسُ يَسْلُكُونَ فِي مِثْلِ هَذَا وَلَا يُنْكِرُونَ عَلَى أَحَدٍ لَا ضَمَانَ عَلَيْهِ اهـ. وَجَدَ فِي دَارِ إنْسَانٍ خَمْرًا فَأَلْقَى فِيهِ مِلْحًا فَصَارَ خَلًّا فَهُوَ لَهُ، وَإِنْ لَمْ يَنْقُلْ الدَّنَّ عَنْ مَكَانِهِ قَالَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - عُرِفَ بِهَذَا أَنَّ بِنَفْسِ إلْقَاءِ الْمِلْحِ يَمْلِكُ الْخَلَّ. أَدْخَلَ أَجْنَاسًا لَهُ فِي الْمَسْجِدِ بِغَيْرِ إذْنِ خَادِمِهِ وَأَخَذَ مِفْتَاحَهُ وَجَاءَ سَيْلٌ فَأَهْلَكَ بُسُطَ الْمَسْجِدِ يَضْمَنُ. أَرَاقَ الْخَمْرَ فِي الطَّرِيقِ وَكَسَرَ دِنَانَهَا وَمَا وَجَدَ فِي مَجْلِسِ الشُّرْبِ مِنْ آلَاتِ الْفِسْقِ فَلَهُ ذَلِكَ وَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ. اشْتَرَى مُسْلِمٌ خَمْرًا مِنْ ذِمِّيٍّ فَأَتْلَفَهَا فَلَمْ يَضْمَنْ فَلَوْ غَصَبَهَا مِنْهُ فَأَتْلَفَهَا يَضْمَنُ. اشْتَرَى خَمْرًا مِنْ ذِمِّيٍّ فَشَرِبَهَا فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ وَلَا ثَمَنَ. مُتْلِفُ كِعَابِ الصِّبْيَانِ لَا يَضْمَنُ. ادَّعَى أَنَّهُ أَرَاقَ خَمْرَ الْمُسْلِمِ، فَقَالَ: أَرَقْته بَعْدَمَا صَارَ خَلًّا، فَالْقَوْلُ لِلْمُتْلِفِ فِي الْغَصْبِ مِنْ الْقُنْيَةِ. قَادَ إنْسَانٌ أَعْمَى فَوَطِئَ الْأَعْمَى إنْسَانًا فَقَتَلَهُ لَمْ يَذْكَرْ هَذَا قَالَ الْفَقِيهُ أَبُو اللَّيْثِ: يَنْبَغِي أَنْ لَا يَجِبَ الضَّمَانُ عَلَى الْقَائِدِ هَذِهِ فِي جِنَايَاتِ الدَّوَابِّ مِنْ الْخُلَاصَةِ. وَلَوْ نَقَبَ رَجُلٌ حَائِطَ إنْسَانٍ حَتَّى سَرَقَ آخَرُ مِنْ الْبَيْتِ شَيْئًا الْأَصَحُّ أَنَّهُ لَا يَضْمَنُ هَذِهِ فِي فَصْلِ السِّعَايَةِ مِنْهَا. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 457 فَرَّ مِنْ عِنْدِهِ صَبِيٌّ لِيَضْرِبَهُ فَخَافَ مَنْ فِي الْبَيْتِ، وَحَصَلَ بِهِ تَلَفٌ لَمْ يَضْمَنْ الضَّارِبُ، وَكَذَا لَوْ تَسَوَّرَ مِنْ سُوَرٍ فَجَاءَتْ مَارَّةٌ فَخَافَتْ مِنْهُ دَابَّةٌ وَقَتَلَتْ إنْسَانًا لَمْ يَضْمَنْ، وَلَوْ غَيَّرَ صُورَتَهُ فَخَوَّفَ حُرًّا أَوْ عَبْدًا فَجُنَّ لَمْ يَضْمَنْ. قَالَ لِتِلْمِيذِهِ فِي تَسْوِيَةِ عُمُدِ الْمَسْجِدِ: خُذْ الْعِمَادَ فَأَخَذَهُ وَالْأُسْتَاذُ حَرَّكَ الْخَشَبَةَ الْمَغْرُوزَةَ بالخ فأذيود فَسَقَطَ السَّقْفُ وَفَرَّ إلَى الْخَارِجِ وَهَلَكَ التِّلْمِيذُ، يَضْمَنُ إنْ كَانَ ذَلِكَ بِفِعْلِهِ، وَلَمْ يَقْدِرْ عَلَى الِانْتِقَالِ وَالْفِرَارِ، وَكَذَا لَوْ رَفَعُوا سَفِينَةً لِإِصْلَاحِهَا، وَقَالُوا لِلتِّلْمِيذِ: ضَعْ الْعِمَادَ تَحْتَهَا وَحَرَّكُوهَا بَلْخ برابها فَسَقَطَتْ عَلَيْهِ يَضْمَنُونَ. صَبِيٌّ ابْنُ ثَلَاثِ سِنِينَ. وَحَقُّ الْحَضَانَةِ لِلْأُمِّ، فَخَرَجَتْ وَتَرَكَتْ الصَّبِيَّ فَوَقَعَ فِي النَّارِ تَضْمَنُ الْأُمُّ، وَفِي الْمُحِيطِ: لَا تَضْمَنُ فِي بِنْتِ سِتِّ سِنِينَ. امْرَأَةٌ تُصْرَعُ أَحْيَانَا فَتَحْتَاجُ إلَى حِفْظِهَا؛ لِأَنَّهَا تُلْقِي نَفْسَهَا فِي مَاءٍ أَوْ نَارٍ، وَهِيَ فِي مَنْزِلِ زَوْجِهَا فَعَلَيْهِ حِفْظُهَا فَإِنْ لَمْ يَحْفَظْهَا حَتَّى أَلْقَتْ نَفْسَهَا فِي نَارٍ عِنْدَ الْفَزَعِ فَعَلَى الزَّوْجِ ضَمَانُهَا، وَكَذَلِكَ الصَّغِيرَةُ الَّتِي تَحْتَاجُ إلَى الْحِفْظِ، وَهِيَ مُسَلَّمَةٌ إلَى الزَّوْجِ فَإِنْ لَمْ يَحْفَظْهَا وَضَيَّعَهَا ضَمِنَ مِنْ جِنَايَاتِ الْقُنْيَةِ. اسْتَقْرَضَ عَشَرَةَ دَرَاهِمَ وَأَرْسَلَ عَبْدَهُ لِيَأْخُذَهَا مِنْ الْمُقْرِضِ فَقَالَ الْمُقْرِضُ: دَفَعْتهَا إلَيْهِ وَأَقَرَّ الْعَبْدُ بِهِ، وَقَالَ: دَفَعْتهَا إلَى مَوْلَايَ، وَأَنْكَرَ الْمَوْلَى قَبْضَ الْعَبْدِ الْعَشَرَةَ، فَالْقَوْلُ لَهُ، وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ، وَلَا يَرْجِعُ الْمُقْرِضُ عَلَى الْعَبْدِ؛ لِأَنَّهُ أَقَرَّ أَنَّهُ قَبَضَهَا بِحَقٍّ. هَذِهِ فِي الْبُيُوعِ مِنْ الْقُنْيَةِ. كَانَتْ تَدْفَعُ لِزَوْجِهَا وَرِقًا عِنْدَ الْحَاجَةِ إلَى النَّفَقَةِ، أَوْ إلَى شَيْءٍ آخَرَ، وَهُوَ يُنْفِقُهُ عَلَى عِيَالِهِ لَيْسَ لَهَا أَنْ تَرْجِعَ بِهَا عَلَيْهِ. دَفَعَ لِوَلَدِهِ الصَّغِيرِ قُرْصًا فَأَكَلَ نِصْفَهُ، ثُمَّ أَخَذَهُ مِنْهُ وَدَفَعَهُ لِآخَرَ يَضْمَنُ قَالَ - رَحِمَهُ اللَّهُ -: عُرِفَ بِهِ أَنَّ الْحَجْرَ وَالدَّفْعَ مِنْ الْأَبِ إلَى الصَّغِيرِ لَا يَكُونُ تَمْلِيكًا، وَأَنَّهُ حَسَنٌ. أَبَحْت لِفُلَانٍ أَنْ يَأْكُلَ مِنْ مَالِي فَأَكَلَ قَبْلَ الْعِلْمِ بِالْإِبَاحَةِ لَا يَضْمَنُ. الْمُتَعَاشِقَانِ يَدْفَعُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا لِصَاحِبِهِ أَشْيَاءَ فَهِيَ رِشْوَةٌ لَا يَثْبُتُ الْمِلْكُ فِيهَا وَلِلدَّافِعِ اسْتِرْدَادُهَا؛ لِأَنَّ الرِّشْوَةَ لَا تُمْلَكُ. قَاضٍ أَوْ غَيْرُهُ دُفِعَ إلَيْهِ سُحْتٌ لِإِصْلَاحِ الْمُهِمِّ فَأَصْلَحَ ثُمَّ نَدِمَ يَرُدُّ مَا دُفِعَ إلَيْهِ. أَبْرَأهُ عَلَى الدَّيْنِ لِيُصْلِحَ مُهِمَّةً عِنْدَ السُّلْطَانِ لَا يَبْرَأُ، وَهُوَ رِشْوَةٌ. تَصَدَّقَ عَلَى فَقِيرٍ بِطَازَجَةٍ عَلَى ظَنِّ أَنَّهُ فَلْسٌ لَيْسَ لَهُ أَنْ يَسْتَرِدَّهَا، وَهُوَ ظَاهِرٌ. وَفِي فَتَاوَى الْعَصْرِ إنْ كَانَ قَالَ: مَلَكْتُ مِنْهُ فَلْسًا ثُمَّ ظَهَرَ أَنَّهُ طَازَجَةٌ لَهُ أَنْ يَسْتَرِدَّ، فَإِنْ قَالَ: مَلَكْتُ هَذَا لَا يَسْتَرِدُّ، وَقَالَ سَيْفُ الْأَئِمَّةِ السَّاهِي: لَا يَسْتَرِدُّ فِي الْحَالَيْنِ هَذَا فِي الْهِبَةِ مِنْ الْقُنْيَةِ. غَزَلَتْ جوزقة الزَّوْجِ بِإِذْنِهِ أَوْ بِسُكُوتِهِ وَنَسَجَتْهَا كَرَابِيسَ فَهِيَ لِلزَّوْجِ، وَإِنْ مَنَعَهَا وَمَعَ هَذَا غَزَلَتْهُ وَنَسَجَتْهُ فَهُوَ لَهَا وَعَلَيْهَا قِيمَةُ الجوزقة، وَلَوْ نَسَجَ الْغَزْلَ الزَّوْجُ أَوْ دَفَعَ الْأُجْرَةَ فِي فَصْلِ الْمَنْعِ فَهُوَ مُتَبَرِّعٌ هَذِهِ فِي النِّكَاحِ مِنْ الْقُنْيَةِ. مَاتَ عَنْ أَوْلَادٍ صِغَارٍ وَكِبَارٍ فَاسْتَعْمَلَ الصَّغِيرَ ثِيرَانَهُ، وَالْبَذْرُ مُشْتَرَكٌ مِنْ مَالِ الْمِيرَاثِ فَلِلصَّغِيرِ نَصِيبُهُ مِنْ الْحَصَادِ، وَأَحَدُ الْوَرَثَةِ إذَا أَنْفَقَ فِي تَجْهِيزِ الْمَيِّتِ مِنْ التَّرِكَةِ بِغَيْرِ إذْنِ الْبَاقِينَ يُحْسَبُ مِنْهُ وَلَا يَكُونُ مُتَبَرِّعًا فِي هَذِهِ الْوَصَايَا مِنْ الْقُنْيَةِ. رَبُّ الدَّيْنِ أَخَذَ مِنْ الْمَدْيُونِ أَمْتِعَةً فَضَلَتْ قِيمَتُهَا الجزء: 1 ¦ الصفحة: 458 عَلَى قَدْرِ دَيْنِهِ ثُمَّ قَالَ لِلْمَدْيُونِ: اجْعَلْنِي فِي حِلٍّ فَفَعَلَ لَا يَبْرَأُ رَبُّ الدَّيْنِ عَنْهَا إنْ كَانَتْ بَاقِيَةً، وَإِنْ كَانَتْ هَالِكَةً يَبْرَأُ. لَهُ عَلَيْهِ نِصْفُ دِينَارٍ فَدَفَعَ الْمَدْيُونُ دِينَارًا وَقَالَ: نِصْفُهُ بِحَقِّك وَالنِّصْفُ آخِذٌ مِنْك كَذَا، فَالْكُلُّ مَضْمُونٌ عَلَيْهِ: النِّصْفُ بِالْمُعَاوَضَةِ وَالنِّصْفُ بِحُكْمِ الْقَرْضِ؛ لِأَنَّهُ مَقْبُوضٌ بِعَقْدٍ فَاسِدٍ فَيَضْمَنُ. قَضَى الْمَدْيُونُ الدَّيْنَ الْمُؤَجَّلَ قَبْلَ حُلُولِ الْأَجَلِ أَوْ مَاتَ فَأُخِذَ مِنْ تَرِكَتِهِ فَجَوَابُ الْمُتَأَخِّرِينَ أَنَّهُ لَا يُؤْخَذُ مِنْ الْمُرَابَحَةِ الَّتِي جَرَتْ الْمُبَايَعَةُ بَيْنَهُمَا إلَّا بِقَدْرِ مَا مَضَى مِنْ الْأَيَّامِ قِيلَ لَهُ: أَتُفْتِي بِهِ أَيْضًا قَالَ: نَعَمْ، وَلَوْ أَخَذَ الْمُقْرِضُ الْمُرَابَحَةَ قَبْلَ مُضِيِّ الْأَجَلِ فَلِلْمَدْيُونِ أَنْ يَرْجِعَ مِنْهَا بِحِصَّةِ مَا بَقِيَ مِنْ الْأَيَّامِ كَأَنْ يُطَالِبَ الْكَفِيلَ بِالدَّيْنِ بَعْدَ أَخْذِهِ مِنْ الْأَصِيلِ، وَيَتْبَعُهُ بِالْمُرَابَحَةِ شَيْئًا سِنِينَ حَتَّى اجْتَمَعَ عَلَيْهِ سَبْعُونَ دِينَارًا، ثُمَّ تَبَيَّنَ أَنَّهُ قَدْ أَخَذَهُ، فَلَا شَيْءَ لَهُ؛ لِأَنَّ الْمُبَايَعَةَ بِنَاءً عَلَى قِيَامِ الدَّيْنِ، وَلَمْ يَكُنْ تَبَرَّعَ بِقَضَاءِ الدَّيْنِ عَنْ إنْسَانٍ، ثُمَّ أَبْرَأَ الطَّالِبُ الْمَطْلُوبَ عَلَى وَجْهِ الْإِسْقَاطِ، فَلِلْمُتَبَرِّعِ أَنْ يَرْجِعَ عَلَيْهِ، وَفِي الْمُنْتَقَى: لَيْسَ لَهُ أَنْ يَرْجِعَ. اسْتَقْرَضَ مِنْهُ دِينَارَيْنِ فَدَفَعَ إلَيْهِ ثَلَاثَةً لِيَزِنَ مِنْهَا الدِّينَارَيْنِ فَضَاعَتْ قَبْلَ الْوَزْنِ لَا شَيْءَ عَلَيْهِ. وَلَوْ تَبَرَّعَ بِقَضَاءِ الدَّيْنِ عَنْ الْمَيِّتِ الْمُفْلِسِ لَا يَسْقُطُ بِهِ دَيْنُهُ لِسُقُوطِهِ بِهَلَاكِ ذِمَّتِهِ، وَلَكِنْ لَا يَرْجِعُ عَلَى الدَّائِنِ؛ لِأَنَّ حَقَّ الْمُطَالَبَةِ لَمْ يَبْطُلْ فِي الدَّارِ الْآخِرَةِ. وَلَوْ أَعْطَى الْوَكِيلُ بِالْبَيْعِ الْآمِرَ الثَّمَنَ مِنْ مَالِهِ قَضَاءً عَنْ الْمُشْتَرِي عَلَى أَنْ يَكُونَ الثَّمَنُ لَهُ كَانَ الْقَضَاءُ عَلَى هَذَا فَاسِدًا، وَيَرْجِعُ الْبَائِعُ عَلَى الْآمِرِ بِمَا أَعْطَاهُ، وَكَانَ الثَّمَنُ عَلَى الْمُشْتَرِي عَلَى حَالِهِ. رَبُّ الدَّيْنِ إذَا ظَفِرَ بِجِنْسِ حَقِّهِ مِنْ مَالِ الْمَدْيُونِ عَلَى صِفَتِهِ فَلَهُ أَخْذُهُ بِغَيْرِ رِضَاهُ، وَلَا يَأْخُذُ الْجَيِّدَ بِالرَّدِيءِ، وَلَهُ أَخْذُ الرَّدِيءِ بِالْجَيِّدِ، وَلَا يَأْخُذُ خِلَافَ جِنْسِهِ كَالدَّرَاهِمِ بِالدَّنَانِيرِ وَعِنْدَ الشَّافِعِيِّ - رَحِمَهُ اللَّهُ - لَهُ أَخْذُهُ بِقَدْرِ قِيمَتِهِ. وَعَنْ أَبِي بَكْرٍ الرَّازِيِّ لَهُ أَخْذُ الدَّنَانِيرِ بِالدَّرَاهِمِ، وَكَذَا أَخْذُ الدَّرَاهِمِ بِالدَّنَانِيرِ اسْتِحْسَانًا لَا قِيَاسًا، وَلَوْ أَخَذَ مِنْ الْغَرِيمِ غَيْرَهُ وَدَفَعَهُ إلَى الدَّائِنِ قَالَ ابْنُ سَلَمَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: هُوَ غَاصِبٌ وَالْغَرِيمُ غَاصِبُ الْغَاصِبِ، فَإِنْ ضَمِنَ الْآخِذُ لَمْ يَصِرْ قِصَاصًا بِدَيْنِهِ، وَإِنْ ضَمِنَ الْغَرِيمُ صَارَ قِصَاصًا. وَقَالَ نَصْرُ بْنُ يَحْيَى - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: صَارَ قِصَاصًا بِدَيْنِهِ وَالْآخِذُ مُعِينٌ لَهُ وَبِهِ يُفْتَى. وَلَوْ غَصَبَ جِنْسَ الدَّيْنِ مِنْ الْمَدْيُونِ فَغَصَبَهُ مِنْهُ الْغَرِيمُ، فَالْمُخْتَارُ هُنَا قَوْلُ ابْنِ سَلَمَةَ. الْمَدْيُونُ إذَا قَضَى أَجْوَدَ مِمَّا عَلَيْهِ لَمْ يُجْبَرْ الدَّائِنُ عَلَى الْقَبُولِ، وَقَالَ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ السَّرَخْسِيُّ يُجْبَرُ خِلَافًا لِزُفَرَ. أَعْطَى الْمُسْتَقْرِضُ الْمُقْرِضَ مَالًا لِيُمَيِّزَ الْجَيِّدَ مِنْ الرَّدِيءِ وَيَأْخُذَ مِنْهُ حَقَّهُ فَهَلَكَ فِي يَدِهِ هَلَكَ مِنْ مَالِ الْقَاضِي فِي قَوْلِهِمْ جَمِيعًا؛ لِأَنَّ الْأَخْذَ لِلنَّقْدِ لَا لِلِاقْتِضَاءِ. دَفَعَ الْمَدْيُونُ إلَى الدَّائِنِ حَقَّهُ ثُمَّ دَفَعَهُ الدَّائِنُ إلَيْهِ لِيَنْقُدَهُ فَهَلَكَ فَمِنْ مَالِ الدَّائِنِ، وَلَوْ دَفَعَ الْمَطْلُوبُ إلَى الطَّالِبِ حَقَّهُ زَائِدًا وَقَالَ أَنْفِقْهُ، فَإِنْ لَمْ يَرْجُ فَرَدَّهَا فَفَعَلَ فَلَمْ يَرْجُ فَلَهُ الرَّدُّ اسْتِحْسَانًا لَا قِيَاسًا كَذَا قَالَهُ أَبُو يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ -، وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ قَوْلُ الْكُلِّ. لَهُ عَلَى كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا خَمْسَةُ دَرَاهِمَ، فَأَخَذَهَا مِنْهُمَا ثُمَّ وَجَدَ بَعْضَهَا نَبَهْرَجَةً وَلَا يَدْرِي لِمَنْ هُوَ، فَلَيْسَ لَهُ رَدُّ شَيْءٍ عَلَى وَاحِدٍ مِنْهُمَا حَتَّى يَزِيدَ عَلَى خَمْسَةٍ، فَإِنْ كَانَتْ النَّبَهْرَجَةُ سِتَّةً، فَلَهُ أَنْ يَرُدَّ عَلَى كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا دِرْهَمًا، وَإِنْ كَانَتْ سَبْعَةً فَدِرْهَمَيْنِ، وَإِنْ كَانَتْ ثَمَانِيَةً فَثَلَاثَةً، وَإِنْ كَانَتْ تِسْعَةً فَأَرْبَعَةً وَفِي الْعَشَرَةِ يَرُدُّ عَلَى كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا خَمْسَةً لِلتَّيَقُّنِ قَالَ نَجْمُ الْأَئِمَّةِ الْحَكِيمِيُّ قُلْت لِأُسْتَاذِنَا الجزء: 1 ¦ الصفحة: 459 يَعْنِي قَاضِي خَانْ: يَنْبَغِي أَنْ يَمْتَنِعَ الرَّدُّ عَلَى قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ؛ لِأَنَّ خَلْطَ الدَّرَاهِمِ خَلْطًا يَتَعَذَّرُ تَمَيُّزُهَا اسْتِهْلَاكٌ عِنْدَهُ، فَقَالَ: لَكِنَّ الرَّدَّ ثَابِتٌ بِيَقِينٍ، وَإِنَّمَا يَبْطُلُ إنْ لَوْ كَانَ الْمَرْدُودُ غَيْرَ مَا أَخَذَهُ مِنْهُ، وَفِيهِ شَكٌّ فَلَا يَبْطُلُ بِهِ الثَّابِتُ بِيَقِينٍ. قَالَ لِلدَّائِنِ: خُذْ دَرَاهِمَك فَقَالَ: ادْفَعْهَا إلَى فُلَانٍ وَعَيَّنَهُ فَدَفَعَ وَمَاتَ الْمَدْفُوعُ إلَيْهِ، فَلِرَبِّ الدَّيْنِ أَنْ يُطَالِبَ الْمَدْيُونَ بِدَيْنِهِ. قَالَ أُسْتَاذُنَا: وَقَعَتْ وَاقِعَةٌ فِي زَمَانِنَا أَنَّ رَجُلًا كَانَ يَشْتَرِي الذَّهَبَ الرَّدِيءَ زَمَانًا؛ الدِّينَارَ بِخَمْسَةِ دَوَانِيقَ ثُمَّ تَنَبَّهَ فَاسْتَحَلَّ مِنْهُمْ فَأَبْرِئُوهُ عَمَّا بَقِيَ لَهُمْ عَلَيْهِ حَالَ كَوْنِ ذَلِكَ مُسْتَهْلَكًا، فَكَتَبْت أَنَا وَغَيْرِي: إنَّهُ يَبْرَأُ وَكَتَبَ رُكْنُ الدِّينِ الوانجاني: الْإِبْرَاءُ لَا يَعْمَلُ فِي الرِّبَا؛ لِأَنَّ رَدَّهُ بِحَقِّ الشَّرْعِ، وَقَالَ: بِهِ أَجَابَ نَجْمُ الْأَئِمَّةِ الْحَكِيمِيُّ مُعَلِّلًا بِهَذَا التَّعْلِيلِ وَقَالَ: هَكَذَا سَمِعْته عَنْ ظَهِيرِ الدِّينِ الْمَرْغِينَانِيِّ قَالَ - رَحِمَهُ اللَّهُ -: فَعَزَبَ مِنْ ظَنِّي أَنَّ الْجَوَابَ كَذَلِكَ مَعَ تَرَدُّدٍ فَكُنْت أَطْلُبُ الْفَتْوَى لِأَمْحُوَ جَوَابِيَّ عَنْهُ، فَعَرَضْت هَذِهِ الْمَسْأَلَةَ عَلَى عَلَاءِ الْأَئِمَّةِ الْحَنَّاطِيِّ. فَأَجَابَ: إنَّهُ يَبْرَأُ إذَا كَانَ الْإِبْرَاءُ بَعْدَ الْهَلَاكِ، وَغَضِبَ مِنْ جَوَابِ غَيْرِهِ: إنَّهُ لَا يَبْرَأُ، فَازْدَادَ ظَنِّي بِصِحَّةِ جَوَابِي، وَلَمْ أَمْحُهُ، وَيَدُلُّ عَلَى صِحَّتِهِ مَا ذَكَرَهُ الْبَزْدَوِيُّ فِي عَنَاءِ الْفُقَهَاءِ مِنْ جُمْلَةِ صُوَرِ الْبَيْعِ الْفَاسِدِ وَجُمْلَةِ الْعُقُودِ الرِّبَوِيَّةِ يَمْلِكُ الْعِوَضَ فِيهَا بِالْقَبْضِ قُلْتُ: فَإِذَا كَانَ فَضْلُ الرِّبَا مَمْلُوكًا لِلْقَابِضِ بِالْقَبْضِ، فَإِذَا اسْتَهْلَكَهُ عَلَى مِلْكِهِ ضَمِنَ مِثْلَهُ فَلَوْ لَمْ يَصِحَّ الْإِبْرَاءُ وَرَدَّ مِثْلَهُ يَكُونُ ذَلِكَ رَدَّ ضَمَانِ مَا اسْتَهْلَكَهُ لَا رَدَّ عَيْنِ مَا اسْتَهْلَكَهُ وَبِرَدِّ ضَمَانِ مَا اسْتَهْلَكَ لَا يَرْتَفِعُ الْعَقْدُ السَّابِقُ بَلْ يَتَقَرَّرُ مُفِيدًا لِلْمِلْكِ فِي فَصْلِ الرِّبَا فَلَمْ يَكُنْ فِي رَدِّهِ فَائِدَةُ نَقْضِ عَقْدِ الرِّبَا فَكَيْفَ يَجِبُ ذَلِكَ حَقًّا لِلشَّرْعِ، وَإِنَّمَا الَّذِي يَجِبُ حَقًّا لِلشَّرْعِ رَدُّ عَيْنِ الرِّبَا إنْ كَانَ قَائِمًا لَا رَدُّ ضَمَانِهِ. هَذِهِ الْجُمْلَةُ فِي الْمُدَايِنَاتِ مِنْ الْقُنْيَةِ. هَذَا آخِرُ مَا أَرَدْنَا إيرَادَهُ مِنْ الضَّمَانَاتِ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي بِنِعْمَتِهِ تَتِمُّ الصَّالِحَاتِ وَتَنْزِلُ الْبَرَكَاتِ وَالصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ أَفْضَلِ أَهْلِ الْأَرْضِ وَالسَّمَوَاتِ وَعَلَى آلِهِ الْكُمَّلِ السَّادَاتِ وَعَلَى أَزْوَاجِهِ أُمَّهَاتِ الْمُؤْمِنِينَ الطَّاهِرَاتِ وَعَلَى أَصْحَابِهِ الْقَادَاتِ صَلَاةً وَسَلَامًا دَائِمَيْنِ مُتَلَازِمَيْنِ إلَى أَنْ تُبْعَثَ الْأَمْوَاتُ وَتُزَخْرَفَ الْجَنَّاتُ لِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 460