الكتاب: شَرحُ مشكِل الوَسِيطِ المؤلف: عثمان بن عبد الرحمن، أبو عمرو، تقي الدين المعروف بابن الصلاح (المتوفى: 643هـ) المحقق: د. عبد المنعم خليفة أحمد بلال الناشر: دار كنوز إشبيليا للنشر والتوزيع، المملكة العربية السعودية الطبعة: الأولى، 1432 هـ - 2011 م عدد الأجزاء: 4   [ترقيم الكتاب موافق للمطبوع] ---------- شرح مشكل الوسيط ابن الصلاح الكتاب: شَرحُ مشكِل الوَسِيطِ المؤلف: عثمان بن عبد الرحمن، أبو عمرو، تقي الدين المعروف بابن الصلاح (المتوفى: 643هـ) المحقق: د. عبد المنعم خليفة أحمد بلال الناشر: دار كنوز إشبيليا للنشر والتوزيع، المملكة العربية السعودية الطبعة: الأولى، 1432 هـ - 2011 م عدد الأجزاء: 4   [ترقيم الكتاب موافق للمطبوع] الصندوق الخيَري لنِشر البُحوثِ وَالرسَائِل العلمية (23) الدرَاسَات الفِقهيَّة (18) شَرحُ مشكِل الوَسِيطِ لأبي عمرو عثمان بن عبد الرحمن الشهرزوري ابن الصَّلاح (ت/ 643 هـ) دراسة وتحقيق د. عبد المنعم خليفة أحمد بلال المجلد الأول دار كنوز إشبيليا للنشر والتوزيع الجزء: المقدمة ¦ الصفحة: 1 بسم الله الرحمن الرحيم أصل هذا الكتاب رسالتان علميتان مقدمتان إلى قسم الفقه بكلية الشريعة، الجامعة الإِسلامية بالمدينة المنورة، بإشراف فضيلة الأستاذ الدكتور/ حمد بن حماد بن عبد العزيز الحماد، وقد قام بتحقيق الكتاب كل من: * عبد المنعم خليفة أحمد بلال، من أول الكتاب إلى نهاية كتاب الصلاة، ونوقشت رسالته بتاريخ 17/ 8/ 1419 هـ. * محمَّد بلال بن محمَّد أمين، من كتاب الزكاة إلى نهاية الكتاب، ونوقشت رسالته بتاريخ 26/ 11/ 1419 هـ. الجزء: المقدمة ¦ الصفحة: 2 شرح مشكل الوسيط 1 الجزء: المقدمة ¦ الصفحة: 3 ح دار كنوز إشبيليا للنشر والتوزيع الرياض 1432 هـ فهرسة مكتبة الملك فهد الوطنية أثناء النشر ابن الصلاح، عثمان بن عبد الرحمن شرح مشكل الوسيط/ عثمان بن عبد الرحمن ابن الصلاح؛ عبد المنعم خليفة أحمد بلال الرياض 1432 هـ. 416؛ صفحة 17×24 سم ردمك: 7 - 21 - 701 - 9960 (مجموعة) 5 - 25 - 701 - 9960 (ج 1) 1. الفقه الشافعي أ - بلال عبد المنعم أحمد خليفة (محقق) ب. العنوان ديوي 258.3 - 80/ 1427 رقم الإيداع: 80/ 1427 ردمك: 7 - 21 - 701 - 9960 (مجموعة) 5 - 25 - 701 - 9960 (ج 1) ساعد على نشره ليباع بسعر التكلفة س هذه الطبعة بدعم من مؤسسة سليمان بن عبد العزيز الراجحي الخيرية جزاهم الله خيراً جميع الحقوق محفوظة الطبعة الأولى 1432 هـ - 2011 م دار كنوز إشبيليا للنشر والتوزيع المملكة العربية السعودية ص. ب 27261 الرياض 11417 هاتف: 4914776 - 4968994 فاكس: 4453203 E- mail: eshbelia@hotmail.com الجزء: المقدمة ¦ الصفحة: 4 مقدمة الناشر الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن اهتدى بهداه، وبعد: فإن خدمة العلم من أفضل ما بُذلت فيه الأوقات؛ وصُرفت إليه الهمَمُ، وتضافرت فيه الجهود، تصنيفاً وتحقيقاً، ومن ثمَّ نشراً وتوزيعاً، وتوعيةً بما تشتد الحاجة للتوعية به. وبين أيدينا كتاب مهم من كتب الفقه عموماً، وكتب الفقه الشافعي خصوصاً: (شرح مشكل الوسيط)؛ فمتنه كتاب (الوسيط) معدود ضمن الكتب الخمسة التي يدور عليها الفقه الشافعي، والكتاب الذي بين أيدينا بيانٌ لما غَمُض وأشكل من هذا المتن. ثم إن مؤلفه (ابن الصلاح) - رحمه الله - أحد كبار الأئمة المشهورين، عُرف بمكانته العلمية بين علماء عصره، وشهد له العلماء بغزارة العلم وعمق النظر ودقة التحقيق بما يجعل من كتابه مصنفاً مهماً في بابه، وإضافة نوعية لكتب التراث التي ترى النور. ولما كان أصل الكتاب رسالتين علميتين صُدرت كل رسالة منهما بمقدمة وتمهيد، فقد عمدنا لدمج المقدمتين والتمهيدين المثبتين بأصل الرسالتين مع التأليف بينهما، وحذف ما تكرر فيهما من مسائل، وأثبتنا اسم كل محقق على الجزء الذي قام بتحقيقه. أما الفهارس واختصاراً للوقت فقد اكتفينا بثبت المصادر والمراجع، وفهرس الموضوعات، علماً بان الرسالتين في الأصل ذيلتا بفهارس عدة، هي: (أ) فهرس الآيات القرآنية الكريمة. الجزء: المقدمة ¦ الصفحة: 5 (ب) فهرس الأحاديث النبوية الشريفة. (ج) فهرس الآثار. (د) فهرس الأعلام المترجم لهم في الكتاب. (هـ) فهرس المصطلحات والكلمات الغريبة. (و) فهرس الأماكن والبلدان. (ز) فهرس المصادر والمراجع. (ح) فهرس الموضوعات. نسأل الله أن يجازي كل من أعان على إخراج هذا الكتاب خير الجزاء، ونخص بالدعاء كلاً من فضيلة المشرف على الرسالتين، والمحققين الذيْن لم يألوا جهداً في خدمة الكتاب، فنسأل الله أن يجعل ما بذلاه في ميزان حسناتهم. والشكر موصول كذلك لكل من نبه على ملحوظة مهمة، أو تعديل يصلح من شأن الكتاب ليعم النفع به. وبالله التوفيق، والحمد لله أولاً وآخراً. اللجنة العلمية بدار كنوز إشبيليا للنشر والتوزيع الجزء: المقدمة ¦ الصفحة: 6 تقديم الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه. أما بعد: فإن أهمية هذا الكتاب: (شرح مشكل الوسيط) ترجع إلى عدَّة أمور: أحدها: المتن الذي بُني عليه هذا الشرح، وهو كتاب (الوسيط) الذي يعد أحد كتب خمسة يدور عليها الفقه الشافعي، له مكانة هامة بين الكتب الفِقهيَّة عموماً وبين كتب الشافعية خصوصاً. الثاني: مؤلف هذا المتن: وهو أحد أذكياء العالم، الشافعي الثاني، حجة الإِسلام، مجتهد زمانه، المشهود له بالإمامة، بل عده بعضهم مجدد القرن الخامس الهجري. الثالث: مكانة مؤلف هذا الشرح (ابن الصلاح) أحد كبار الأئمة المشهورين، برع وتفوق في علوم شتى من أهمها: الفقه وأصوله تدقيقاً وتحقيقاً، والحديث روايةً ودرايةً، وشهد له العلماء المحققون بطول الباع وسعة الاطلاع، وجودة التحقيق وعمق التدقيق. مما تقدم يتبين أهمية هذا الشرح وما له من مكانة متميزة، يضاف إلى ذلك اشتماله على نقولات هامة عن كتب أئمة سبقوه كثير منها مفقود. فلا غرابة أن كثيراً من العلماء المحققين الذين جاءوا بعده نقلوا عنه واستفادوا منه. هذا وقد زاد في جمال الكتاب وكماله ما قام به الباحثان/ عبد المنعم خليفة أحمد بلال، ومحمد بلال بن محمَّد أمين، من تحقيق وتوثيق نصوصه، والتعليق عليه بما يخدمه. كما قدم له بدراسة وافية ضافية عن المؤلف والكتاب، وفي هذا كله جهد مشكور. أسأل الله العلي القدير أن يثيب الجميع، وأن يجعله عملاً خالصاً لوجهه الكريم، وأن ينفع به طلبة العلم والباحثين وسائر المسلمين. وصلى الله وسلم على عبده ورسوله نبينا محمَّد وعلى آله وصحبه .. وكتبه/ أ. د. حمد بن حماد بن عبد العزيز الحماد 25/ 11 / 1425 هـ الجزء: المقدمة ¦ الصفحة: 7 تقديم الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، وبعد: فإن كتاب (شرح مشكل الوسيط) للشيخ العلامة المحدث (ابن الصلاح) أحد كبار علماء الحديث في عصره من الكتب القيمة التىِ ينبغي لطالب العلم أن يقتنيه في مكتبته للاستفادة منه، وقد اشتمل هذا الكتاب على التنبيه على ما في الوسيط من إشكال أو خطأ، سواء كان في العقيدة أو الحديث أو الفقه، أو غير ذلك، ثم بيان الصواب في ذلك، وكذلك اشتمل على الحكم على أحاديث اشتهرت عند الفقهاء بالصحة أو الضعف، وقد قام بتحقيق القسم الأول من الكتاب فضيلة الشيخ الأخ/ عبد المنعم بن خليفة بن أحمد بلال وفقه الله، وقد بذل فيه ما وسعه من جهد ووقت، حيث خرج هذا القسم بأحسن صورة من التحقيق العلمي المتقن، وبناء على ذلك فإنني أرى أنه جدير بطباعته واقتنائه، لا سيما وقد اشتمل على فوائد علمية قيمة لا تجدها في غيره، إلا بعد تعب وعناء. هذا ما ظهر لي وبالله التوفيق، وصلى الله وسلم على نبينا محمَّد وعلى آله وصحبه أجمعين. وكتبه الفقير إلى الله تعالى عبد المحسن بن محمَّد بن عبد المحسن المنيف أستاذ الفرائض بكلية الشريعة وعميد البحث العلمي بالجامعة الإِسلامية بالمدينة المنورة الجزء: المقدمة ¦ الصفحة: 9 المقدمة إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله. {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ} (1). {يَاأَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا} (2). {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا (70) يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا} (3) (4). أما بعد: فإن الفقه من أفضل العلوم وأشرفها؛ فبه يعلم الحلال والحرام، وبه تعرف الأحكام. فمن للمستجدات من المسائل والنوازل غير الفقهاء؟ ومن لتبيين الأوامر والنواهي والحدود وضبطها غيرهم؟ ولهذا جعل النبي - صلى الله عليه وسلم - علامة إرادة الله الخير للعبد الفقه في الدين فقال - صلى الله عليه وسلم -: (مَن يُرِد الله به خيراً   (1) سورة آل عمران الآية (102). (2) سورة النساء الآية (1) (3) سورة الأحزاب الآيتان (70 - 71). (4) هذه هى خطبة الحاجة التي كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم - يعلمها أصحابه ليبتدئوا بها حاجاتهم، وقد رواها ابن ماجة في سننه كتاب النكاح، باب خطبة النكاح 1/ 609 برقم (1892) واللفظ له، وغيره. الجزء: المقدمة ¦ الصفحة: 11 يفقّهه في الدين) (1)، ولا شكَّ أن فقه الأحكام يدخل دخولاً أوليّاً فيه، بل حثَّ ـ عليه السلام ـ على تبليغ العلم ونشره حتى يصل إلى الفقهاء (2) فيبيِّنوا به الحلال والحرام. ومن هذا جاء سبب اختيار تحقيق هذا الكتاب ليكون موضوعاً لنيل درجة العالمية - الماجستير - من قسم الفقه بكلية الشريعة بالجامعة الإِسلاميَّة بالمدينة النبوية، ويتمثَّل سبب الاختيار في الآتي: * إبراز تراث هذه الأمة - محققاً منقحاً - حتى يرتبط آخرها بسلفها، وذلك بنشر مصنفات كبار الأئمة ومن بينها كتاب "شرح مشكل الوسيط". * قيمة الكتاب العلميَّة، وسمو مكانته بين كتب الفقه عموماً وكتب الفقه الشافعي خصوصاً هو ومتنه كتاب "الوسيط". فالوسيط أحد الكتب الخمسة التي يدور عليها الفقه الشافعي، وهذا الكتاب شرح وبيان لما غَمُض وأشكل منه، مع اعتماد من جاء بعد مؤلِفه عليه. * مكانة مؤلفه - ابن الصلاح - ورفعة شأنه، وذيوع صيته، وشهرته؛ إذ تبوأ مكانة مرموقة سامية بين علماء عصره، فقد نال علوم عصره المتنوعة، وبرع في فنون: التفسير، والحديث، والفقه، وأصوله، وعلوم العربيَّة، وغيرها. وقد شهد له العلماء بغزارة العلم، وعمق النظر، وطول الباع، وسعة   (1) صحيح البخاري - مع الفتح - كتاب العلم، باب من يرد الله به خيراً يفقه في الدين 1/ 197 برقم (71)، وصحيح مسلم - مع النووي - كتاب الزكاة، باب النهي عن المسألة 7/ 128. (2) عن زيد بن ثابت قال: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: (نضَّر الله امرءاً سمع منا حديثاً فحفظه حتى يبلغه، فربَّ حامل فقه إلى من هو أفقه منه، وربَّ حامل فقه ليس بفقيه)، جامع الترمذي كتاب العلم، باب ما جاء في الحثِّ على تبليغ السماع 5/ 34 برقم (2658) وقال: "حسن صحيح". الجزء: المقدمة ¦ الصفحة: 12 الاطلاع، ودقة التحقيق، وكمال المعرفة، كل ذلك مع العبادة، والطاعة، والنسك، والورع. وقد تم تقسيم العمل في هذا الكتاب إلى قسمين: قسم الدراسة، وقسم التحقيق. الجزء: المقدمة ¦ الصفحة: 13 أولاً القسم الدراسي ويشتمل على أربعة فصول الجزء: المقدمة ¦ الصفحة: 15 الفصل الأول: ترجمة الإِمام الغزالي وفيه ستة مباحث: المبحث الأول: اسمه، ونسبه، وكنيته، ولقبه، ومولده هو الإِمام المشهور بحجَّة الإِسلام، زين الدين أبو حامد محمَّد بن محمَّد بن محمَّد بن أحمد الطوسي الغزالي الشافعي (1). فالطوسي: نسبة إلى طوس التي ولد بها، وهي ثاني مدينة في خراسان بعد نيسابور (2). أما الغزالي: فقد اختلف في ضبطه، وهذا الاختلاف أدى إلى الاختلاف في سبب تسميته به؛ فذهب الأكثرون إلى تشديد الزاي نسبة إلى الغزَّال، أي كثير الغزل، ولقِّب به؛ لأن والده وجده كانا يغزلان الصوف (3). وهناك من ذهب إلى أنه بتخفيف الزاي، وهؤلاء اختلفوا في سبب تسميته به على هذا الضبط،   (1) انظر ترجمته في: المنتظم 17/ 124، الكامل في التاريخ 10/ 491، طبقات ابن الصلاح 1/ 249، وفيات الأعيان 4/ 216، دول الإِسلام 2/ 34، السير 19/ 322، العبر 4/ 10، الوافي بالوفيَّات 1/ 274، مرآة الجنان 3/ 177، طبقات السبكي 6/ 191، طبقات الأسنوي 2/ 242، البداية والنهاية 774، النجوم الزاهرة 5/ 203، مفتاح السعادة 2/ 191، كشف الظنون 1/ 23، 12، 36، شذرات الذهب 4/ 10، إتحاف السادة المتقين 1/ 6 - 53، هدية العارفين 2/ 79. (2) انظر: معجم البلدان 4/ 55. (3) انظر: طبقات السبكي 6/ 193، إتحاف السادة المتقين 1/ 18. الجزء: المقدمة ¦ الصفحة: 17 فقيل: نسبة إلى غَزَالة، وهي قرية من قرى طوس (1). وقال الآخرون: منسوب إلى غزالة ابنة كعب الأحبار (2). والأول - التشديد - هو الأشهر عند أصحاب التراجم (3). وللإمام الغزالي لقبان: أشهرهما: حجّة الإِسلام، والآخر: زين الدين (4). أما مولده فقد كان في طوس سنة (450) هـ، وهذا باتفاق بين مصادر ترجمته (5)، إلا أن ابن خلِّكان قال: وقيل سنة إحدى وخمسين (6). المبحث الثاني: نشأته ورحلاته نشأ الغزالي في كنف والده، وكان رجلاً فقيراً صالحاً لا يأكل إلا من كسب يديه في عمل غزل الصوف، وكان مع ذلك يطوف على الفقهاء ويجالسهم، ويغشى مجالس الوعظ، وكان يدعو الله أن يرزقه ابناً فقيهاً وآخر واعظاً، فاستجاب الله دعوته (7) فكان ابنه محمَّد من أشهر الفقهاء، وابنه أحمد من أشهر الوعَّاظ.   (1) انظر: المصباح المنير ص: 170. (2) انظر: إتحاف السادة المتقين 1/ 18. (3) انظر: طبقات ابن قاضي شهبة 1/ 205، إتحاف السادة 1/ 18. (4) انظر: السير 19/ 322، طبقات الأسنوي 2/ 111، شذرات الذهب 4/ 10، طبقات ابن قاضي شهبة 1/ 326. (5) انظر مثلاً: المنتظم لابن الجوزي 17/ 124، طبقات السبكي 6/ 193، طبقات الأسنوي 2/ 111. (6) وفيات الأعيان 3/ 218. (7) انظر: العبر 5/ 203، طبقات السبكي 6/ 193، إتحاف السادة 1/ 7. الجزء: المقدمة ¦ الصفحة: 18 ولمَّا حضرته الوفاة عهد بولَديه إلى صديق له متصوِّف يظن به خيراً، فعلَّمهما هذا المتصوِّف الخطَّ على وصيَّة والدهما (1). فلمَّا فني ما تركه لهما أبوهما، وتعذَّرت عليهما النفقة، وجَّههما هذا المتصوِّف إلى المدرسة ليطلبا فيها العلم فتحصل لهما النفقة فيها، فكان الغزالي يقول: "طلبنا العلم لغير الله فأبى أن يكون إلا لله" (2). فقرأ الغزالي شيئاً من الفقه في صباه بطوس على الشيخ أحمد ابن محمَّد الراذكاني (3). ثم رحل في طائفة من طلبة العلم إلى نيسابور، فلازم إمام الحرمين الجويني، فجدَّ واجتهد، حتى برع في المذهب، والخلاف، والجدل، والأصول، والمنطق، والفلسفة، وأحكم كل ذلك في مدَّة قريبة، وفاق أقرانه، وصار أَنْظَر أهل زمانه، وذلك في حياة شيخه إمام الحرمين، وبدأ في التصنيف والردِّ على المبطلين (4). وبقي هكذا إلى أن توفي شيخه إمام الحرمين، فخرج حينذاك من نيسابور إلى المعسكر، وفيه كان مجلس الوزير نظام الملك، وكان مجلسه مجمع أهل العلم، فهناك ناظر، وظهر، وذاع صيته، فنال إعجاب الوزير وقبوله، فرشَّحه ليدرِّس بالمدرسة النظَّاميَّة ببغداد (5)، فارتحل إليها (سنة 484 هـ) فدرَّس بها (6)، وأعجب الناس به، حتى كان مسموع الكلمة، مشهور الاسم، يضرب به المثل.   (1) انظر: طبقات السبكي الموضع السابق، إتحاف السادة كذلك الموضع السابق. (2) انظر: المصادر السابقة. (3) انظر: تبيين كذب المفتري ص: 291، طبقات السبكي 6/ 195. (4) انظر: طبقات السبكي 6/ 196، إتحاف السادة 1/ 7. (5) انظر: تبيين كذب المفتري ص: 292، السير 19/ 323، طبقات السبكي 6/ 197. (6) انظر: السير الموضع السابق، البداية والنهاية 12/ 185. الجزء: المقدمة ¦ الصفحة: 19 ثم انخلع عن ذلك كله، فأقبل على العبادة، وخرج من بغداد قاصداً بيت الله الحرام لأداء الحجِّ، وكان ذلك في ذي القعدة من سنة (488) هـ (1)، ودخل بعد الحجِّ دمشق فلبث بها قليلاً، ثم انتقل منها إلى بيت المقدس، وأقام به مدة، ثم عاد إلى دمشق وأقام بها نحواً من عشر سنين في الاعتكاف والعبادة والاجتهاد في الطاعة، وصنَّف كتابه إحياء علوم الدين وغيره في هذه الفترة (2). ثم قصد مصر وأقام بالاسكندريَّة مدة (3)، ثم قفل راجعاً إلى خراسان، فمرَّ ببغداد ولم يقم بها طويلاً، وقد عقد بها مجلساً للوعظ، وحدَّث بكتابه الإحياء (4). ثم خرج منها متوجِّهاً إلى وطنه طوس، فلازم بيته مشتغلاً بالتفكر والعبادة. فلمَّا آلت الوزارة في بغداد إلى فخر الملك الحَّ عليه والتمس منه التدريس وشدَّد عليه في ذلك، فأجابه الغزالي إلى ما أراد، فقدم نيسابور فدرَّس بنظاميَّتها وجلس للإفادة (5). ثم ترك التدريس بها، وعاد إلى بيته، واتخذ في جواره مدرسة لطلبة العلم، ورباطاً للصوفيَّة، فكان يتردد بينهما للعبادة والتدريس (6). ثم كان خاتمة أمره إقباله على الحديث، ومجالسة أهله، ومطالعة الصحيحين وغيرهما، واستمر على هذه الحال حتى وفاته (7).   (1) انظر: وفيات الأعيان 3/ 217، طبقات السبكي 6/ 197. (2) انظر: المصدرين الأخيرين. (3) انظر: وفيات الأعيان 3/ 217، طبقات السبكي 6/ 199. (4) انظر: طبقات السبكي 6/ 200، مؤلفات الغزالي ص: 24. (5) انظر: السير 19/ 324، البداية والنهاية 12/ 186. (6) انظر: المرجعين السابقين، وطبقات السبكي 6/ 210. (7) انظر: تبيين كذب المفتري ص: 296، طبقات السبكي الموضع السابق. الجزء: المقدمة ¦ الصفحة: 20 المبحث الثالث: أشهر شيوخه وتلاميذه وفيه مطلبان: المطلب الأول: أشهر شيوخه درس الغزالي على عدد من المشايخ، وأفاد منهم علومه، ومن أبرزهم: * أحمد بن محمَّد الطوسي أبو حامد الراذكاني (1). * أبو سهل محمَّد بن أحمد بن عبيد الله المروزي الحفصي، توفي سنة (465) هـ وقيل غير ذلك. (2) * أبو علي الفضل بن محمَّد الفارمذي الخراساني الواعظ، توفي بطوس سنة (477) هـ (3). * أبو المعالي عبد الملك بن عبد الله بن يوسف الجويني إمام الحرمين، توفي سنة (478) هـ (4). * أبو الفتح نصر بن إبراهيم بن نصر المقدسي ثم الدمشقي، توفي سنة (490) هـ (5).   (1) انظر: طبقات السبكي 4/ 91، طبقات الأسنوي 1/ 287. (2) انظر: السير 18/ 244، شذرات الذهب 3/ 325. (3) انظر: العبر 3/ 288، طبقات السبكي 5/ 304، شذرات الذهب 3/ 355. (4) انظر: وفيات الأعيان 3/ 167، السير 18/ 468، طبقات السبكي 5/ 165، البداية والنهاية 12/ 136، طبقات الأسنوي 1/ 409، شذرات الذهب 3/ 358. (5) انظر: تهذيب الأسماء واللغات 2/ 125، السير 19/ 136، طبقات السبكي 5/ 351. الجزء: المقدمة ¦ الصفحة: 21 * أبو الفتيان عمر بن عبد الكريم بن سعدويه الدهستاني الرواسي، توفي سنة 503) هـ (1). * أبو الفتح نصر بن علي بن أحمد بن منصور بن شاذويه الطوسي الحاكمي، وغير هؤلاء (2). المطلب الثاني: أشهر تلاميذه تتلمذ على الغزالي عدد كبير من طلبة العلم حيثما أقام، ومن ذلك: قول أبي بكر بن العربي: "كنت رأيته - أي الغزالي - ببغداد يحضر مجلسه نحو أربعمائة عمامة من أكابر الناس وأفاضلهم، يأخذون عنه العلم" (3). فمن هؤلاء التلاميذ الذين صار لهم شأن في العلم والفضل، وانتفع بهم الناس كثيراً: * خلف بن أحمد النيسابوري (4). * إبراهيم بن المطهَّر أبو طاهر الشباك الجرجاني، توفي سنة (513) هـ (5). * أبو الفتح أحمد بن علي بن برهان بن الحمَّامي البغدادي الشافعي، توفي سنة (518) هـ (6).   (1) انظر: العبر 4/ 6، البداية والنهاية 12/ 183، شذرات الذهب 4/ 7. (2) انظر: طبقات السبكي 6/ 247، إتحاف السادة 1/ 19. (3) انظر: شذرات الذهب 4/ 13. (4) انظر: طبقات السبكي 7/ 83. (5) انظر: طبقات السبكىِ 7/ 36، إتحاف السادة 1/ 47. (6) انظر: وفيات الأعيان 1/ 99، السير 19/ 456، الوافي بالوفيَّات 7/ 207. الجزء: المقدمة ¦ الصفحة: 22 * أبو الحسن علي بن المُسلَّم بن محمَّد بن علي بن الفتح السُلمي الدمشقي توفي سنة (533) هـ (1). * أبو الفتوح محمَّد بن الفضل بن محمَّد بن المعتمر الأسفراييني، توفي سنة (538) هـ (2). * أبو منصور سعيد بن محمَّد بن عمر بن الرزَّاز الشافعي البغدادي، توفي سنة (539) هـ (3). * أبو عبد الله مروان بن علي بن سلامة بن مروان الطنزي، توفي بعد سنة (540) هـ (4). * أبو الحسن سعد الخير بن محمَّد بن سهل بن سعد الأنصاري الأندلسي البلنسي، توفي سنة (541) هـ (5). * أبو محمَّد عبد الرحمن بن علي بن أبي العباس النعيمي المعروف بالبارباذي، توفي سنة (542) هـ (6). * أبو إسحاق إبراهيم بن محمَّد بن نبهان بن محرز الغنوي الرقِّي الصوفي، توفي ببغداد سنة (543) هـ (7).   (1) انظر: تبيين كذب المفتري ص: 326، طبقات السبكي 7/ 251، طبقات الأسنوي 1/ 257. (2) انظر: المنتظم 18/ 35، السير 20/ 139، إتحاف السادة 1/ 47. (3) انظر: المنتظم 18/ 40، طبقات السبكي 7/ 93، البداية والنهاية 12/ 235. (4) انظر: طبقات السبكي 7/ 295، إتحاف السادة 1/ 45. (5) انظر: السير 20/ 158، طبقات السبكي 7/ 90، شذرات الذهب 4/ 128. (6) انظر: طبقات السبكي 7/ 152، طبقات الأسنوي 2/ 277. (7) انظر: المنتظم 18/ 66، السير 20/ 175، الوافي بالوفيَّات 6/ 118. الجزء: المقدمة ¦ الصفحة: 23 * أبو بكر بن العربي المالكي المشهور محمَّد بن عبد الله بن محمَّد الأندلسي الإشبيلي, توفي سنة (543) هـ (1). * أبو الفتح نصر الله بن منصور بن سهل الجنزي الدويني، توفي سنة (546) هـ (2). * أبو سعيد محمَّد بن يحيى بن منصور النيسابوري، توفي سنة (548) هـ وقيل (549) هـ (3). * أبو الفتح محمَّد بن الفضل بن علي المارشكي، توفي سنة (549) هـ (4). * أبو العباس أحمد بن بختيار بن علي بن محمَّد المندائي القاضي، توفي سنة (552) هـ (5). * أبو القاسم عمر بن محمَّد بن أحمد بن عكرمة الجزري الشافعي ابن البزري، توفي سنة (560) هـ (6). * أبو سعيد، ويقال: أبو عبد الله محمَّد بن علي بن عبد الله بن أحمد بن حمدان الجاواني، توفي سنة (560) هـ (7).   (1) وفيات الأعيان 4/ 296، السير 20/ 197، البداية والنهاية 12/ 245، الديباج المذهب 2/ 252. (2) انظر: طبقات السبكي 7/ 322، طبقات الأسنوي 1/ 257. (3) انظر: تهذيب الأسماء واللغات 1/ 95، طبقات ابن قاضي شهبة 1/ 369، وراجع ص: 164. (4) انظر: طبقات السبكي 16/ 173، طبقات الأسنوي 2/ 237. (5) انظر: المنتظم 18/ 120، إتحاف السادة 1/ 47. (6) انظر: وفيات الأعيان 3/ 444، طبقات السبكي 7/ 251، طبقات الأسنوي 1/ 257. (7) انظر: طبقات السبكي 6/ 152، طبقات الأسنوي 1/ 180، إتحاف السادة 1/ 44. الجزء: المقدمة ¦ الصفحة: 24 * أبو منصور محمَّد بن أسعد بن محمَّد بن الحسين الطوسي العطَّاري، الملقَّب بـ حَفَدة، توفي سنة (573) هـ، وقيل غير ذلك (1). * أبو طاهر أحمد بن محمَّد بن أحمد بن محمَّد بن إبراهيم السِلَفي الأصبهاني، توفي سنة (576) هـ (2). المبحث الرابع: مكانته العلميَّة وثناء العلماء عليه، وما أُخِذ عليه وفيه مطلبان: المطلب الأول: مكانته العلميَّة وثناء العلماء عليه لقد تبوأ الغزالي مكانة علميَّة سامية في عصره حتى عُدّ مجدّد القرن الخامس الهجري؛ حيث يقول السيوطي في أرجوزة له في عدَّ المجددين: والخامس الحبر هو الغزالي ... وعدُّه ما فيه من جدال (3) وقد أثنى عليه العلماء، وشهدوا له بالإمامة، ومن ذلك: * قال عنه ابن النجَّار: "أبو حامد إمام الفقهاء على الإطلاق، وربَّاني الأمة بالاتفاق، ومجتهد زمانه، وعين أوانه، برع في المذهب، والأصول، والخلاف، والجدل، والمنطق، وقرأ الحكمة، والفلسفة، وفهم كلامهم، وتصدى للرد   (1) انظر: وفيات الأعيان 4/ 238، السير 20/ 539، الوافي بالوفيَّات 2/ 202. (2) انظر: السير 21/ 5، الوافي بالوفيَّات 7/ 351، البداية والنهاية 12/ 328، إتحاف السادة 1/ 47. (3) انظر: إتحاف السادة 1/ 26. الجزء: المقدمة ¦ الصفحة: 25 عليهم، وكان شديد الذكاء قويَّ الإدراك، ذا فطنة ثاقبة، وغَوْصٍ على المعاني، حتى قيل: إنه ألَّف المنخول فرآه أبو المعالي فقال: دفنتني وأنا حيٌّ، فهلاَّ صبرت الآن؛ كتابك غطَّى على كتابي" (1). * ووصفه شيخه إمام الحرمين بأنه بحر مغدق (2). * وقال تلميذه محمَّد بن يحيى: "الغزالي هو الشافعي الثاني" (3). * وقال عنه الحافظ المؤرخ ابن كثير: "كان من أذكياء العالم في كل ما يتكلم فيه، فساد في شبيبته حتى أنه درَّس بالنظاميَّة ببغداد وله أربع وثلاثون سنة، فحضر عنده رؤوس العلماء" (4)، كابن عقيل وأبي الخطاب إمامي الحنابلة (5). المطلب الثاني: ذكر بعض ما أُخِذ عليه عقد تقي الدين بن الصلاح فصلاً في طبقاته (6) قال فيه: فصل لبيان أشياء مهمَّة أنكرت على الإِمام الغزالي في مصنَّفاته، ولم يرتضها أهل مذهبه وغيرهم من الشذوذات في متصرفاته، منها قوله في مقدمة المنطق في أول المستصفى (7): "هذه مقدمة العلوم كلها، ومن لا يحيط بها فلا ثقة له بعلومه أصلاً".   (1) انظر: المنتظم 17/ 125، السير 19/ 335. (2) المصدر نفسه 6/ 196. (3) المصدر نفسه 6/ 202. (4) البداية والنهاية 12/ 185. (5) انظر: المنتظم 17/ 125. (6) 1/ 254. (7) ص: 10. الجزء: المقدمة ¦ الصفحة: 26 وقال أبو بكر بن العربي: "شيخنا أبو حامد بَلَعَ الفلاسفة وأراد أن يتقيَّأهم فما استطاع" (1). وقد اعتدل فيه أحمد بن تيمية إذ قال: "والإحياء فيه فوائد كثيرة لكن فيه مواد مذمومة؛ فإن فيه مواداً فاسدة من كلام الفلاسفة تتعلق بالتوحيد والنبوة والمعاد، فإذا ذكر معارف الصوفية كان بمنزلة من أخذ عدواً للمسلمين ألبسه ثياب المسلمين، وقد أنكر أئمة الدين على أبي حامد هذا في كتبه وقالوا مرَّضه الشفاء - يعني شفاء ابن سيناء في الفلسفة - وفيه أحاديث وآثار ضعيفة، بل موضوعة كثيرة، وفيه أشياء من أغاليط الصوفية وترهاتهم ... " (2). ومما كان يُعترض به عليه وقوع خلل من جهة النحو في أثناء كلامه، قال الذهبي: "وروجع فيه فأنصف واعترف أنه ما مارسه، واكتفى بما كان يحتاج إليه في كلامه" (3). وقال فيه الإِمام الذهبي: "الغزالي إمام كبير، وما من شرط العالم أن لا يخطئ" ثم قال: "رحم الله أبا حامد. فأين مثله في علومه وفضائله، ولكن لا ندعي عصمته من الغلط والخطأ، ولا تقليده في الأصول" (4).   (1) السير 19/ 327. (2) مجموع الفتاوى 10/ 551 - 552. (3) السير 19/ 326. (4) سير أعلام النبلاء 19/ 339 - 346. الجزء: المقدمة ¦ الصفحة: 27 المبحث الخامس: مؤلفاته لقد ترك الغزالي تراثاً ثراً من الكتب والمؤلفات، بل يعتبر من أكثر العلماء تأليفاً وتصنيفاً، بالمقارنة مع سنوات عصره التي لم تزد عن (55) سنة، حتى نُقل أنه: "أُحصيت كتب الغزالي التي صنَّفها، ووزِّعت على عصره، فخُصَّ كل يوم أربعة كراريس" (1). وقد حُصرت كتبه وما نسب إليه فبلغت (457) كتاباً ورسالة. وسوف يكتفى هنا بذكر كتبه في الفقه لبيان طول باعه وعظيم منزلته فيها، ولارتباطها بموضوع الدراسة: (1) البسيط (2): وهو تلخيص لكتاب شيخه إمام الحرمين "نهاية المطلب في دراية المذهب" (3) الذي قال عنه السبكي: "لم يصنَّف في المذهب مثله فيما أجزم به" (4). وتوجد منه نسخة بقسم المخطوطات بالجامعة الإِسلاميَّة بالمدينة برقم (7111). (2) الوسيط: وسيأتي الكلام عليه تفصيلاً. (3) الوجيز: وهو مطبوع مشهور، له نحو سبعين شرحاً (5).   (1) انظر: إتحاف السادة 1/ 27. (2) انظر: طبقات السبكي 6/ 224، كشف هديَّة العارفين 2/ 80، الأعلام 7/ 22، مؤلفات الغزالي ص: 17. (3) انظر: المطلب العالي في شرح وسيط الغزالي 1/ ل 1 / أ. (4) طبقات السبكي 5/ 171. (5) انظر: طبقات السبكي 6/ 224، كشف الظنون 2/ 2002، إتحاف السادة 1/ 43، هديَّة العارفين 2/ 81، معجم المؤلفين 11/ 266، مؤلفات الغزالي ص: 25. الجزء: المقدمة ¦ الصفحة: 28 (4) خلاصة المختصر ونقاوة المعتصر (1): وهو خلاصة لمختصر المزني، وتوجد منه نسخة مخطوطة في مكتبة السليمانيَّة بتركيا برقم (442). وقد أنشد أبو حفص عمر بن عبد العزيز بن يوسف الطرابلسي في مدح كتب الغزالي في الفقه فقال: هذَّب المذهب حبر ... أحسن الله خلاصه بـ (بسيط) و (وسيط) ... و (وجيز) و (خلاصة) (2). المبحث السادس: وفاته اتفقت مصادر ترجمة الغزالي على أنه توفي في يوم الاثنين الرابع عشر من شهر جمادى الآخرة سنة خمس وخمسمائة، بعد حياة حافلة بالعلم والعمل، ودفن بطابران قصبة بلاد طوس وإحدى بلدتيها (3).   (1) انظر: وفيات الأعيان 4/ 217، السير 19/ 334، طبقات السبكي 6/ 224، مؤلفات الغزالي ص: 30، 31. (2) انظر: الوافي بالوفيَّات 1/ 276. (3) انظر مثلاً: المنتظم 17/ 127، وفيات الأعيان 3/ 208، طبقات السبكي 6/ 211، إتحاف السادة 1/ 11، مرآة الجنان 3/ 185. الجزء: المقدمة ¦ الصفحة: 29 الفصل الثاني: التعريف بابن الصلاح (1) وفيه عشرة مباحث: المبحث الأول: عصره وبيئته من الناحية السياسية والاجتماعية والعلمية حفلت الفترة التي عاش فيها ابن الصلاح (577 - 643) هـ بأحداث عظيمة حلَّت بالأمَّة الإِسلاميَّة، تشيب لها مفارق الولدان: فقد ظهر التتار من جهة الشرق ففعلوا الأفعال التي يستعظمها كل من سمع بها، فقد قتلوا الآلاف من المسلمين، وخرَّبوا المساجد والمدارس، وسبوا النساء والصبيان، وأوسعوا البلاد بالنهب والفساد، فما دخلوا بلداً إلا قتلوا من ظفروا به من المقاتلة والرجال وكثيراً من النساء والصبيان والأطفال، وأتلفوا ما فيه بالنهب إن احتاجوا إليه، وبالحرق إن لم يحتاجوا إليه، وكانوا يأخذون الأسرى من المسلمين فيقاتلون بهم، ويحاصرون بهم، وإن لم ينصحوا في القتال قتلوهم.   (1) مصادر ترجمته: ذيل الروضتين لأبي شامة (توفي 665 هـ)، ص 175 - 176، وفيات الأعيان لابن خلكان (توفي 681 هـ)، 3/ 243 - 245، ملء العيبة بما جمع بطول الغيبة لابن رشيد (توفي 721 هـ)، 3/ 217 - 219، برنامج التجيبي للقاسم بن يوسف التجيبي (توفي 730 هـ)، ص 139 - 171 - 140، المختصر في أخبار البشر لأبي الفداء (توفي 732 هـ)، 3/ 174، طبقات علماء الحديث للدمشقي (توفي 744 هـ)، 4/ 214 - 217، دول الإِسلام للذهبي (توفي 748 هـ)، 2/ 149، سير أعلام النبلاء للذهبي 23/ 140 - 144، تذكرة الحفاظ للذهبي 4/ 1430 - 1431، العبر في أخبار من غبر للذهبي 3/ 246 - 247، برنامج الوآدي آشي (توفي 749 هـ)، ص 269. الجزء: المقدمة ¦ الصفحة: 30 وقد ملكوا في سنة واحدة (617 هـ) عامَّة الممالك إلا العراق والجزيرة والشام ومصر (1). وظهر من جهة الغرب الفرنج الصليبيون، وقصدوا الشام والديار المصريَّة، وتكررت غاراتهم وهجماتهم على ديار المسلمين، فملكوا بعض المدن والحصون، وقتلوا وأسروا ونهبوا وعاثوا فيما وصلوا إليه فساداً عظيماً (2). أمّا من سلم من هاتين الطائفتين - التتار والفرنج - من المسلمين، فالسيف بينهم مسلول، والفتنة قائمة على ساق (3)، ساعد على ذلك انقسام الدولة الإِسلاميَّة إلى دويلات ومماليك صغيرة وذلك بعد ضعف الدولة العبَّاسيَّة، فكانت الحرب قائمة بين هذه المماليك من حين لآخر إشباعاً لأطماع السلاطين، وبسبب تولية الصبيان واستبداد الأمراء والوزراء بالأمر ووقوع التنافس فيما بينهم، مع انشغالهم بالشهوات وجمع الأموال فى أكثر الأوقات. أما الحالة الاجتماعية فتابعة للحالة السياسية: فإن المجتمع الإِسلامي لم يعرف الهدوء والاستقرار في هذه الفترة، فالحرب قائمة على ساق، سواء كانت مع غير المسلمين - الفرنج والتتار -، بين المسلمين أنفسهم، وما يتبع ذلك من إزهاق للأرواح، والأموال، وحصار للمدن، والتضييق على أهلها، وما يتبع ذلك من غلاء في الأسعار وإفقار للناس. وذلك كما حصل أثناء حصار الخوارزميَّة لدمشق في سنة (643) هـ فقد نصبوا حولها المنجنيقات، وقطعت الأنهار، وغلت الأسعار، وأخيفت الطرق، وجرت بها أمور بشعة لم تر مثلها من قبل، حتى أُكلت القطط   (1) انظر: البداية والنهاية 13/ 94، التاريخ الإِسلامي لمحمود شاكر 6/ 346 وما بعدها. (2) انظر. الكامل في التاريخ 12/ 360. (3) المصدر نفسه. الجزء: المقدمة ¦ الصفحة: 31 والكلاب والميتات والجيف، ومات الناس في الطرقات، وعجزوا عن التغسيل والتكفين والإقبار، فكانوا يلقون موتاهم في الآبار حتى أنتنت المدينة، وبيعت الأملاك بالدقيق، وبالرغم من ذلك كانت الخمور دائرة والفسق ظاهراً والمكوس بحالها (1). أما الحالة العلميَّة فقد كانت نشطة في تلك الفترة - على الرغم مما تقدَّم - فقد كان العلماء متوافرين، وكانت لهم الهيبة لدى العامة والخاصة، وكثر العلماء في شتى الفنون، وكثرت التصانيف في مختلف العلوم، ومما ساعد على نشاط الحركة العلميَّة وازدهارها: تشجيع الخلفاء والملوك للعلم والعلماء، مثل: المعظَّم عيسى ملك دمشق والشام فقد جاء في ترجمته: أنه كان ... عالماً، فاضلاً، اشتغل في الفقه على مذهب أبي حنيفة، وحفظ القرآن، وبرع في المذهب، وعَني بالجامع الكبير لمحمد بن الحسن، وصنَّف فيه شرحاً كبيراً بمعاونة غيره، وحفظ المفصَّل للزمخشرى في اللغة، وكان يحبُّ العلماء، ويكرمهم، ويجتهد في متابعة الخير، ويقول: أنا على عقيدة الطحاوي، وقال عنه ابن كثير: وقد جمع له بين الشجاعة، والبراعة، والعلم، ومحبة أهله. أهـ (2) وقال عنه ابن الأثير: "ونفق العلم في سوقه، وقصده العلماء من الآفاق، فأكرمهم، وأجرى عليهم الجريات الوافرة، وقرَّبهم، وكان يجالسهم ويستفيد منهم، ويفيدهم .... وسمع مسند الإِمام أحمد وأمر بترتيبه على الأبواب الفِقهيَّة". (3)   (1) انظر: البداية والنهاية 13/ 177 - 178. (2) المصدر السابق 13/ 131. (3) انظر: الكامل 12/ 472. الجزء: المقدمة ¦ الصفحة: 32 ومن العلماء الذين عاشوا في هذه الفترة وأثروها بعلمهم وعملهم: * أبو الفرج عبد الرحمن بن علي بن الجوزى (509 - 597) هـ. * الحافظ عبد الغني المقدسي (541 - 600) هـ. * أبو الفتوح أسعد بن أبي الفضائل العجلي (515 - 600) هـ. * فخر الدين الرازي الشافعي المفسر (544 - 606) هـ. * الحافظ أبو محمد عبد القادر بن عبد الله الرهَّاوي الحنبلي (536 - 612) هـ. * جمال الدين أبو محمد بن عبد الله المالكي ابن شاس (- 616) هـ. * الموفَّق بن قدامة الحنبلي (541 - 620) هـ. * ابن الأثير أبو الحسن (555 - 630) هـ. * سيف الدين الآمدي (حدود 550 - 631) هـ. * ابن الحاجب (570 - 646) هـ. وغيرهم كثير. وبذلك يُعرف مدى تأثر ابن الصلاح بهذه الفترة الخصبة علميَّاً، المزدهرة بالعلوم والمعرفة، بما يدعوه إلى الحرص على التحصيل، والإتقان والإجادة. المبحث الثاني: اسمه ونسبه وكنيته ولقبه وولادته هو الإِمام، الحافظ، الفقيه، الأصولي، المفسِّر، الحجَّة، شيخ الإِسلام، تقي الدين أبو عمرو عثمان بن عبد الرحمن بن موسى بن أبي نصر النَّصْري (1)   (1) نسبة إلى جده أبي نصر المذكور، وهو بفتح النون، وسكون الصاد المهملة، وبعدها راء انظر: وفيات الأعيان 3/ 245. الجزء: المقدمة ¦ الصفحة: 33 الكردي الشهرزوري الأصل، الشرخاني المولد، الموصلي النشأة، الدمشقي الدار والوفاة، الشافعي المذهب، المعروف بابن الصلاح، اشتهر بنسبته إلى لقب والده: صلاح الدين عبد الرحمن. ولد سنة (577) هـ، في بلدة شَرَخَان - بفتح الشين والراء والخاء - قرية من أعمال أربيل قريبة من شهرزور في شمالي العراق. وذكر بعض من ترجم له (1) أنَّه ولد بشهرزور. وذلك - فيما يبدو - إما لعدم شهرة شرخان، أو لقربها من شهرزور. المبحث الثالث: نشأته وأسرته نشأ تقي الدين بن الصلاح في بيت علم وصلاح؛ إذ كان والده من أجلَّة مشايخ الأكراد علماً، وفقهاً، وإفتاءً، حيث دخل بغداد وتفقَّه على أبي سعد بن أبي عصرون وغيره، وبرع، ثم سكن حلب، ودرَّس بالمدرسة الأسديَّة (2) إلى أن مات في ذي القعدة سنة (618) هـ (3). فَنَشَأ ولده - تقي الدين - على محبة العلم وأهله، ولا تذكر المصادر غير ذلك عن أسرته ونشأته.   (1) انظر: ملء العيبة 3/ 218، طبقات ابن قاضي شهبة 2/ 113، الأُنس الجليل للعليمي 2/ 449. (2) نسبة إلى منشئها أسد الدين شيركوه بن شادي الكردي المتوفِّى سنة 624 هـ انظر: البداية والنهاية 12/ 278 - 279. (3) له ترجمة في: السير 22/ 148، طبقات السبكي 8/ 175، طبقات الأسنوي 2/ 134، وترجم له ابن خلِّكان ضمن ترجمة ابنه ابن الصلاح 3/ 244 - 245. الجزء: المقدمة ¦ الصفحة: 34 المبحث الرابع: رحلاته واشهر شيوخه أول ما تلقى ابن الصلاح علومه كان على والده في شهرزور، وبه تفقَّه، وقد نقل عنه في بعض كتبه (1)، فكان أول شيخ له. ثم أرسله والده إلى الموصل، وهو ما يزال صغيراً لم يبلغ الحلم (2) فاشتغل بها مدة، وفيها سمع من: * الشيخ أبي جعفر عبيد الله بن أحمد بن علي بن علي البغدادي الورَّاق الحنبلي المقرئ، المعروف بابن السمين، توفي سنة (588) هـ (3). * الشيخ المقرئ أبي المعالي نصر الله بن سلامة بن سالم الهيتي، المعروف بابن حَبَن، توفي سنة (598) هـ (4). * شيخ الشافعيَّة بالموصل عماد الدين أبي حامد محمَّد بن يونس بن محمَّد بن منعة الإربلي الموصلي، توفي سنة (608) هـ (5). ثم لم ترو الموصل ظمأه من العلم، فرحل عنها إلى بغداد وله بضع وعشرون سنة، فسمع فيها من:   (1) ذكر الأسنوي أنه نقل عنه في نكته على المهذَّب انظر: طبقات الأسنوي 2/ 134. (2) قال ابن خلِّكان: ثم نقله والده إلى الموصل واشتغل بها مدَّة، وبلغني أنه كرَّر على جميع كتاب المهذَّب ولم يطرّ شاربه ... إلخ وفيات الأعيان 3/ 243. (3) له ترجمة في شذرات الذهب 6/ 481. (4) انظر ترجمته في: التكملة لوفيَّات النقلة للمنذري 1/ 428. (5) له ترجمة في: الكامل في التاريخ 12/ 298، ذيل الروضتين ص: 80، وفيات الأعيان 4/ 253، طبقات السبكي 5/ 45. الجزء: المقدمة ¦ الصفحة: 35 * الشيخ، العالم، الفقيه، المحدِّث ضياء الدين أبي أحمد عبد الوهاب ابن سكينة البغدادي، توفي سنه (607) هـ (1). ثم ارتحل منها إلى دنيسر - وهي بلدة عظيمة مشهورة من نواحي الجزيرة قرب ماردين - (2) فسمع فيها من: * الشيخ الصالح أبي محمَّد - أو أبي إبراهيم - إسماعيل بن إبراهيم بن فارس بن مقلد السيبيُّ الأصل، البغداديُّ المولد، الدنيسريُّ الدار، الخبَّاز الأزجي، توفي سنه (614) هـ (3). ثم انتقل منها إلى خراسان ليروي ظمأه من علم الحديث، حيث حصَّله هنالك، وقد سمع فيها من خلائق كثيرين، وكان من أبرزهم: في همدان: * أبو الفضل عبد الرحمن بن عبد الوهاب بن أبي زيد بن المعزِّم الهمذاني، توفي سنه (609) هـ (4). وفي نيسابور: * الشيخ الكبير المعمَّر الرحَّالة أبو القاسم، وأبو بكر، وأبو الفتح منصور بن عبد المنعم بن عبد الله بن محمَّد بن الفضل الفُرَاوي النيسابوري، توفي سنة (608) هـ (5).   (1) انظر ترجمته في: الكامل لابن الأثير 12/ 295، ذيل الروضتين ص: 70، السير 21/ 502، البداية والنهاية 13/ 67. (2) انظر: معجم البلدان 2/ 478. (3) انظر ترجمته في: التكملة لوفيَّات النقلة 2/ 411. (4) انظر ترجمته في: السير 22/ 20، العبر 5/ 32، شذرات الذهب 5/ 37. (5) انظر ترجمته في: ذيل الروضتين ص: 80، العبر 5/ 29، البداية والنهاية 13/ 69. الجزء: المقدمة ¦ الصفحة: 36 * مسندة خراسان أمِّ المؤيَّد زينب بنت أبي القاسم عبد الرحمن بن الحسن بن أحمد الجرجانيَّة الأصل النيسابوريَّة الشَّعريَّة، توفيت سنة (615) هـ (1). * الشيخ المعمَّر مسند خراسان، الإِمام المقرئ أبو الحسن المؤيَّد بن محمَّد بن علي بن محمَّد بن أبي صالح الطوسي النيسابوري، توفي سنة (617) هـ (2). * الإِمام المسند أبو القاسم بن أبي سعد عبد الله بن عمر بن أحمد النيسابورى ابن الصفَّار الشافعي، توفي سنة (618) هـ (3). وفي مرو: * أبو المظفَّر عبد الرحيم بن الحافظ الكبير أبي سعد عبد الكريم بن محمَّد بن منصور السمعاني المروزي الشافعي، توفي سنة (617) هـ أو في التي بعدها (4). ثم قفل راجعاً من خراسان، فدخل بلاد الجزيرة (5) فسمع في حرَّان من: * الحافظ أبي محمَّد عبد القادر بن عبد الله بن عبد الرحمن الرُّهاوي، توفي سنة (612) هـ. ثم دخل الشام في حدود سنة (613) هـ، فسمع في دمشق من:   (1) انظر ترجمتها في: وفيات الأعيان 2/ 344، السير 22/ 85، شذرات الذهب 5/ 63. (2) انظر ترجمته في: وفيات الأعيان 5/ 345، السير 22/ 104. (3) انظر ترجمته في: السير 22/ 106، طبقات السبكى 5/ 148، شذرات الذهب 5/ 81 (4) انظر ترجمته في: السير 22/ 107، العبر 5/ 68، شذرات الذهب 5/ 75. (5) ليس المراد بها الجزيرة العربيَّة المعروفة، بل ما بين دجلة والفرات، وقد يطلق عليها الجزيرة الفراتيَّة، أو جزر أَقُور، ومن أشهر مدنها: الرُّها، حرَّان، جعبر، ماردين، نصيبين، آمد، الرقَّة. انظر: معجم البلدان 2/ 156. الجزء: المقدمة ¦ الصفحة: 37 * الإِمام فخر الدين أبي منصور بن عساكر الدمشقي، توفي سنة (620) هـ (1). * الإِمام موفَّق الدين أبي محمَّد عبد الله بن أحمد بن محمَّد بن قدامة المقدسي الجماعيلي الدمشقي، توفي سنة (620) هـ. * العلامة أبي البركات الحسن بن عساكر الدمشقي، توفي سنة (627) هـ (2). وغيرهم (3). وسمع في حلب من: * الشيخ أبي محمَّد عبد الرحمن بن عبد الله بن علوان بن عبد الله بن الأستاذ الأسدي، توفي سنة (623) هـ (4). المبحث الخامس: أعماله ومناصبه بعد هذه الرحلة الواسعة في الطلب والتحصيل، بدأ الدور الثاني في حياة ابن الصلاح، وهو دور التعليم والتبليغ وإفادة الآخرين، حيث أتى بيت المقدس فدرَّس بالمدرسة الصلاحيَّة أو الناصريَّة مدَّة ليست بطويلة (5).   (1) انظر ترجمته في: الكامل لابن الأثير 12/ 418، ذيل الروضتين ص: 136، البداية والنهاية 13/ 109. (2) انظر ترجمته في: ذيل الروضتين ص: 158، طبقات السبكي 5/ 54، البداية والنهاية 13/ 137. (3) راجع السير 23/ 141. (4) انظر ترجمته في: التكملة لوفيَّات النقلة 3/ 177، السير 22/ 303، شذرات الذهب 5/ 108. (5) انظر: البداية والنهاية 13/ 348، الدارس في تاريخ المدارس 1/ 331 - 332. الجزء: المقدمة ¦ الصفحة: 38 ثم عاد إلى دمشق، فدرَّس بالمدرسة الرواحيَّة التي فوَّض مؤسسها نظرها وتدريسها إليه (1). وفي سنة (628) هـ تولى التدريس في المدرسة الجوَّانيَّة (2). ثمَّ لما فتحت دار الحديث الأشرفيَّة في شعبان سنة (630) هـ، فُوِّض تدريسها إليه، فبقي شاغلاً مشيختها مدة ثلاث عشرة سنة. وفي سنة (641) هـ عندما عُزل القاضي الرفيع الجيلي وغيِّب، فوض الملك الصالح إسماعيل أمر مدارسه الأربع - العادلية، والعذراوية، والأمينية، والشامية البرانية - إلى ابن الصلاح، وجعله مشرفاً عامّاً عليها (3). المبحث السادس: مكانته العلميَّة وثناء العلماء عليه تبوأ تقي الدين ابن الصلاح مكانة سامية بين علماء عصره، فقد برع في علوم: التفسير، والحديث، والفقه، واللغة، وشهد له العلماء بغزارة العلم، وعمق النظر، وسعة الاطلاع، ودقة التحقيق، حتى كان يستشيره مشايخه فيما يُسْتَشْكَلُ من مسائل، ويعرض العدد من العلماء مؤلفاتهم عليه ويستشيرونه فيها. قال تلميذه الحافظ المؤرخ شمس الدين بن خلِّكان: كان أحد فضلاء عصره في التفسير، والحديث، والفقه، وأسماء الرجال، وما يتعلق بعلم الحديث، ونقل العربيَّة، وكانت له مشاركة في فنون عديدة، وكانت فتاويه مسدَّدة" (4).   (1) انظر: البداية والنهاية 13/ 125، الدارس في تاريخ المدارس 1/ 265. (2) انظر: البداية والنهاية 13/ 92، 137 - 138. (3) انظر: البداية والنهاية 13/ 174. (4) وفيات الأعيان 3/ 243 - 244. الجزء: المقدمة ¦ الصفحة: 39 وقال الحافظ ابن كثير عنه: "كان إماماً، بارعاً، حجة، فتبحَّر في العلوم الدينيَّة، بصيراً بالمذهب، أصوله وفروعه، له يد طولى في العربيَّة والحديث والتفسير، مع عبادة، وتهجُّد، وورع، ونسك، وتعبُّد، وملازمة للخير، على طريقة السلف في الاعتقاد، يكره طرائق الفلاسفة ويغض منها، ولا يمكِّن من قراءتها بالبلد، والملوك تطيعه في ذلك، وله فتاوٍ سديدة، وآراء رشيدة، ما عدا فتياه الثانية في استحباب صلاة الرغائب" (1). وقال الحافظ الذهبي عنه: "كان سلفياً حسن الاعتقاد، كافاً عن تأويل المتكلفين" (2). وإذا أطلق "الشيخ" في علماء الحديث فالمراد هو، وإليه أشار الحافظ العراقي في أول ألفيته حيث قال: أو أطلقت لفظ الشيخ ما ... أريد إلا ابن الصلاح مبهما (3) المبحث السابع: أشهر تلاميذه كان للمكانة العلميَّة، والمنزلة الرفيعة التي تبوأها الشيخ تقي الدين بن الصلاح الأثر الكبير في التفاف طلبة العلم حوله، وتلقي العلوم عليه، والرحلة إليه، حتى تخرَّج عليه خلق كثير وجمٌّ غفير، من أشهرهم:   (1) الطبقات 2/ 857، 858. (2) تذكرة الحفاظ 4/ 143. (3) راجع: الألفية مع شرحها فتح المغيث للحافظ السخاوي 1/ 6. الجزء: المقدمة ¦ الصفحة: 40 * شهاب الدين عبد الرحمن بن إسماعيل بن إبراهيم أبو شامة المقدسي، المتوفَّى سنة (665) هـ (1). * قاضي القضاة كمال الدين أبو حفص عمر بن بندار بن عمر بن علي التفليسي الشافعي، المتوفَّى سنة (672) هـ (2). * ظهير الدين أبو المحامد محمود بن عبيد الله بن أحمد الزنجاني، المتوفَّى سنة (674) هـ (3). * قاضي القضاة، الشيخ تقي الدين أبو عبد الله محمَّد بن الحسين بن رزين ابن موسى العامري الحموي الشافعي، المتوفَّى سنة (680) هـ (4). * شمس الدين أبو العباس أحمد بن محمَّد بن إبراهيم بن أبي بكر بن خلِّكان الإربلي الشافعي، المتوفَّى سنة (681) هـ (5). * الإِمام، العالم، البارع جمال الدين أبو بكر محمَّد بن أحمد بن محمَّد بن عبد الله ابن بحمان البكري الشريشي المالكي، المتوفَّى سنة (685) هـ (6).   (1) انظر: تذكرة الحفاظ 4/ 1460، البداية والنهاية 13/ 264، آخر كتاب الروضتين، طبقات السبكي 8/ 165. (2) انظر: تذكرة الحفاظ 4/ 1491، طبقات السبكي 8/ 309، طبقات ابن قاضي شهبة 2/ 142، شذرات الذهب 5/ 337. (3) انظر: العبر 3/ 328، السير 23/ 144، طبقات السبكي 8/ 37، طبقات الأسنوي 2/ 15، شذرات الذهب 5/ 344. (4) انظر: تذكرة الحفاظ 4/ 1465، طبقات السبكي 8/ 46، النجوم الزاهرة 7/ 353. (5) انظر: وفيات الأعيان 3/ 244، طبقات السبكي 8/ 33، البداية والنهاية 13/ 318، مرآة الجنان 4/ 193. (6) انظر: البداية والنهاية 13/ 326، شذرات الذهب 392، الديباج المذهب لابن فرحون 2/ 319. الجزء: المقدمة ¦ الصفحة: 41 * الإِمام أبو حفص عمر بن يحيى بن عمر فخر الدين الكرخي، المتوفَّى سنة (690) هـ (1). * قاضي القضاة شهاب الدين أبو عبد الله محمَّد بن أبي العباس أحمد بن خليل بن سعادة الخويي الدمشقي الشافعي، المتوفَّى سنة (693) هـ (2). * المسند المعمَّر الرحالة شرف الدين أحمد بن هبة الله بن عساكر الدمشقي، المتوفَّى سنة (699) هـ (3). * صدر الدين محمَّد بن الحسن بن يوسف الأرموي الشافعي، المتوفَّى سنة (700) هـ (4). * الشيخ الإِمام، العالم، رضي الدين أبو إسحاق إبراهيم بن محمَّد بن إبراهيم بن أبي بكر الطبري المكي الشافعي، المتوفَّى سنة (722) هـ (5). المبحث الثامن: عقيدته لقد تبيَّن مما تقدم من النقول عن تلاميذه وغيرهم من العلماء والفضلاء أن الشيخ تقي الدين بن الصلاح كان حسن الاعتقاد، متَّبعاً لمذهب السلف الصالح فيه، كافَّاً عن الخوض في صفات الله، وأسمائه بالتأويل والتحريف، بل مؤمن بما جاء من عند الله ورسوله على مرادهما، كما قال الحافظ الذهبي عنه: "كان   (1) انظر: طبقات السبكي 8/ 344، النجوم الزاهرة 8/ 33. (2) انظر: العبر 3/ 380، البداية والنهاية 13/ 357، طبقات الأسنوي 1/ 501. (3) انظر: البداية والنهاية 14/ 14، شذرات الذهب 5/ 445. (4) انظر: الوافي بالوفيَّات 2/ 372. (5) انظر: البداية والنهاية 14/ 107، شذرات الذهب 6/ 56، برنامج الوادي آشي ص: 269. الجزء: المقدمة ¦ الصفحة: 42 متين الديانة، سلفي الجملة، صحيح النحلة، كافَّاً عن الخوض في مزلاَّت الأقدام، مؤمناً بالله، وبما جاء عن الله من أسمائه ونعوته" (1). وكان يكره طرائق الفلسفة ويغضُّ منها، ويفتي بعدم جواز قراءتها والاشتغال بها، وكان لا يمكِّن من قراءتها بالبلد، وكانت الملوك تطيعه في ذلك (2). المبحث التاسع: تصانيفه قال تلميذه صفي الدين المراغي عنه: "صنَّف أشياء مفيدة في الحديث وفي الفقه وفي غير ذلك، ولم يكمل من ذلك إلا اليسير، وكان حسن التصنيف مليح التنقيح" (3). وتصانيفه المذكورة: (1) الأحاديث في فضل الإسكندريَّة وعسقلان. وهو مخطوط، منه نسخة في برلين برقم (1389) (4). (2) الأحاديث الكليَّة، جمع فيها الأحاديث الجوامع التي يقال بأن مدار الدين عليها وما كان في معناها من الكلمات الجامعة الوجيزة، وهو يشتمل على [26] حديثاً (5).   (1) السير 23/ 142. (2) انظر: طبقات ابن كثير 2/ 858. (3) ملء العيبة 3/ 217. (4) انظر: تاريخ الأدب العربي لبروكلمان 6/ 210. (5) ذكر صاحب هداية العارفين 1/ 654 أنها تسعة وعشرون حديثاً. انظر: جامع العلوم والحكم 1/ 56. الجزء: المقدمة ¦ الصفحة: 43 (3) أدب المفتي والمستفتي: وهو مطبوع. (4) الأمالي: وهي مخطوطة (1). (5) تاريخ أسطوري للرسول - صلى الله عليه وسلم -: مخطوط (2). (6) حلية الإِمام الشافعي أبي عبد الله محمَّد بن إدريس (3)، مطبوع. (7) الردُّ على "الترغيب عن صلاة الرغائب الموضوعة، وبيان ما فيها من مخالفة السنن المشروعة" (4) ردَّ فيه على العزِّ بن عبد السلام في كتابه هذا، وقد أجاز ابن الصلاح فيه هذه الصلاة وقوَّاها ونصرها، مع حكمه على الحديث الوارد فيها بالبطلان والوضع، وقد ردَّ العزُّ بن عبد السلام على ردِّه السابق، وطبعت ثلاثتها تحت عنوان "مساجلة علميَّة بين الإمامين الجليلين العزِّ بن عبد السلام وابن الصلاح حول صلاة الرغائب المبتدعة". (8) شرح حديث الرحمة المسلسل بالأوليَّة: وهو عبارة عن مجلس من مجالس أماليه (5)، قال التجيبي في برنامجه (6): "جزء حسن عزيز الفوائد، فيه حديث الرحمة المسلسل، والكلام عليه من علوم عديدة، وهو الأول من مجالس إملائه".   (1) انظر: فهرس المخطوطات المصوَّرة 1/ 61، الأعلام للزركلي 4/ 207، الرسالة المستطرفة ص: 161. (2) تاريخ الأدب العربي 6/ 210. (3) انظر: تاريخ بروكلمان 6/ 211، فهرس المخطوطات الظاهريَّة: حديث 65. (4) انظر: صلة الخلف بموصول السلف للروداني ص: 215. (5) انظر: صلة الخلف ص: 398. (6) ص: 171. الجزء: المقدمة ¦ الصفحة: 44 ويقع شرحه هذا في نحو كراسين، ومنه نسخة محفوظة في مكتبة عبد الحي الكتَّاني (1). (9) شرح مشكل المهذَّب: مخطوط (2). ذكره المؤلف في شرحه هذا، ونقل عنه في مواضع، وسماه بعض من ترجم له بـ "النكت على المهذَّب". (10) شرح مشكل الوسيط: وهو هذا الكتاب. (11) شرح معرفة علوم الحديث للحاكم أبي عبد الله النيسابوري صاحب المستدرك، بدأه ولم يكمله: مخطوط، قال الصفي المراغي: "وهي بدأة حافلة، وما أراها كاملة" (3). (12) شرح الورقات في أصول الفقه لإمام الحرمين: مخطوط (4). (13) صلة الناسك في صفة المناسك: مطبوع. (14) صيانة صحيح مسلم من الإخلال والغلط، وحمايته من الإسقاط والسقط: مطبوع. (5) طبقات الفقهاء الشافعيَّة: مطبوع. (16) علوم الحديث، ويسمَّى أيضاً: مقدمة ابن الصلاح: مطبوع. (17) الفتاوى في التفسير والحديث والأصول والفقه. مطبوع مع كتابه آداب المفتي والمستفتي.   (1) انظر: فهرس الفهارس 1/ 94. (2) انظر: طبقات الأسنوي 2/ 234، طبقات ابن قاضي شهبة 2/ 115، الأُنس الجليل 2/ 104. (3) ملء العيبة 3/ 218. (4) انظر: تاريخ الأدب العربي 6/ 211. الجزء: المقدمة ¦ الصفحة: 45 (18) الفتوى واختلاف القولين (1): مخطوط، منه نسخة في دار الكتب المصرية برقم (1889). (19) فوائد الرحلة، أو الرحلة الشرقيَّة (2): مخطوط. (20) كتاب تارك الجمعة يقتل. (21) كتاب الحجَّ (3): ولعلَّه كتاب صلة الناسك المتقدِّم. (22) كتاب الوقف (4). (23) مجامع ابن الصلاح: قال السبكي: "ثم رأيت أنا بخط الشيخ تقي الدين ابن الصلاح في مجاميعه" (5). (24) مجموع انتخبه من كتاب الجمع بين الطريقين لأبي سهل محمَّد بن أحمد الصعلوكي، وقف عليه السبكي بخطِّ ابن الصلاح ونقل عنه (6). (25) معرفة المؤتلف والمختلف في أسماء الرجال (7): مخطوط، منه نسخة في الظاهرية برقم (6897) (ق 56 - 59).   (1) انظر: فهرس الفهارس 1/ 312. (2) انظر: طبقات السبكي 8/ 327، الأُنس الجليل 2/ 104، الأعلام 4/ 208، هدية العارفين 1/ 654. (3) انظر: طبقات ابن قاضي شهبة 2/ 115. (4) انظر: المصدر السابق نفسه. (5) طبقات السبكي 2/ 305. وقد وقف السبكي على عدَّة مجامع لابن الصلاح ونقل عنها انظر مثلاً: 5/ 209، 246. (6) المصدر السابق 4/ 117. (7) انظر: معجم المؤلفين 6/ 257. الجزء: المقدمة ¦ الصفحة: 46 (26) المنتخب من كتاب المذهَّب في ذكر شيوخ المذهب لأبي حفص عمر بن علي المطوَّعي: قال عنه السبكي: "ما أغزر فوائده، وأكثر فرائده" (1). وقد نقل عنه في عدَّة مواضع في طبقاته الكبرى (2)، وكذا ابن خلِّكان (3). (27) المنتقى من كتاب اختلاف أهل الصلاة لأبي جعفر محمَّد بن أحمد بن نصر الترمذي المتوفَّى سنة (295) هـ (4): وهو في الأصول. (28) وصل البلاغات الأربعة في الموطأ التي لم يجدها مسندة أبو عمر بن عبد البرِّ في الموطأ: مطبوع. (29) مؤلف في بيان أن رائحة المسك توجد من الصائم في الدنيا والآخرة: ذكره ابن القيِّم، ونقل عنه (5). المبحث العاشر: وفاته توفي الشيخ تقي الدين بن الصلاح بعد حياة حافلة، وذلك بمنزله بدار الحديث الأشرفية ليلة الأربعاء الخامس والعشرين (6) من شهر ربيع الآخر سنة   (1) طبقات السبكي 1/ 216، وراجع كشف الظنون 2/ 1100. (2) انظر مثلاً: 3/ 444، 470، 473، 4/ 89. (3) انظر: وفيات الأعيان 3/ 241 في ترجمة أبي القاسم الأنماطي. (4) طبقات ابن قاضي شهبة 1/ 83. (5) انظر: الوابل الصيِّب ص: 33. (6) ذكر أبو شامة في الذيل ص: 176: أنه يوم الأربعاء السادس والعشرين، وذكر الصفي المراغي أنه يوم الأربعاء الخامس عشر. ملء العيبة 3/ 218. الجزء: المقدمة ¦ الصفحة: 47 (643) هـ (1)، ودمشق محاصرة بالخوارزمية وبعساكر الصالح نجم الدين أيوب. فَصُلّي عليه بعد الظهر بجامع دمشق، ثم شيَّعه الناس إلى داخل باب الفرج فصلُّوا عليه بداخله مرة ثانية، ثم رجع الناس بسبب الحصار، وخرج بنعشه نحو العشرة إلى مقابر الصوفية فدفن بها في غربيَّها على الطريق - رحمة الله عليه -.   (1) ذكر ابن قنفذ في وفياته ص: 316: أنه سنة اثنتين وأربعين وستمائة، وهو منفرد بهذا. الجزء: المقدمة ¦ الصفحة: 48 الفصل الثالث: دراسة موجزة لكتاب الوسيط وفيه ثلاثة مباحث: المبحث الأول: عنوانه ونسبته إلى الغزالي وفيه مطلبان: المطلب الأول: عنوانه لقد كفانا الغزالي مؤنة البحث عن عنوان كتابه، فقد قال فى مقدمته له: " فإني ... صنَّفت هذا الكتاب وسمَّيته "الوسيط في المذهب" (1). أما المترجمون للغزالي الذين ذكروا كتبه فبعضهم ذكره باسم "الوسيط" اختصاراً، أو لكونه معلوماً بأنه في المذهب الشافعي (2). وبعضهم ذكره باسم "الوسيط في فروع الفقه" (3)، أو "الوسيط المحيط بأقطار البسيط" (4)، أو "الوسيط المحيط بآثار البسيط" (5)، أو "الوسيط في الفروع" (6)، لكن المعوَّل عليه ما ذكره مؤلفه وهو واضع اسمه. وإنما أضافه من أضافه إلى البسيط لأنه مختصر له.   (1) الوسيط 1/ 295 - 296، طبقات السبكي 6/ 224، مفتاح السعادة 2/ 208. (2) وهذا في أكثر الكتب التي ترجمت له مثل: وفيات الأعيان 4/ 217، السير 19/ 334، الوافي بالوفيَّات 1/ 276، طبقات ابن قاضي شهبة 1/ 293، النجوم الزاهرة 5/ 203. (3) انظر: إتحاف السادة 1/ 43. (4) انظر: الغاية القصوى في دراية الفتوى 1/ 173. (5) انظر: مؤلفات الغزالي ص: 19. (6) انظر: كشف الظنون 2/ 2008، هديَّة العارفين 2/ 81. الجزء: المقدمة ¦ الصفحة: 49 المطلب الثاني: نسبته إلى الغزالي لقد تواترت نسبته إليه، حتى أنه لا يوجد شكٌّ في صحة هذه النسبة إلى الغزالي، كما نص هو على ذلك فيه، ثم إن كثيراً من العلماء الذين أتوا بعد الغزالي أفادوا من كتابه هذا، وعنوا به، ونقلوا عنه، وعزوا إليه. المبحث الثاني: أهميته وانتشاره يعد كتاب "الوسيط في المذهب" أحد الكتب الخمسة التي عليها مدار الفقه الشافعي (1)، فهو يتبوأ مكانة مهمَّة بين الكتب الفِقهيَّة على وجه العموم، وبين كتب الفقه الشافعي على وجه الخصوص، وقد تلقاه العلماء وطلبة العلم بالقبول، وذاع صيته وانتشر حتى في حياة مؤلفه؛ لما يمتاز به الكتاب من حسن الترتيب، والتهذيب، وذكر الأدلة، والأقول، والمناقشات في أكثر الأحيان، مع التخريجات العميقة، والتفريعات الدقيقة، وتحرير محل النزاع في كثير من الأماكن، وذكر مبنى الخلاف، والترجيح بين الأقوال والوجوه في الغالب، مع عدم إغفال آراء بقيَّة الأئمة الآخرين غير الشافعي (2).   (1) انظر: كشف الظنون 2/ 2008، إتحاف السادة 1/ 43. (2) انظر: مقدمة تحقيق الوسيط لعلي محيي الدين القره داغي 1/ 251، المجموع 1/ 3، الوافي بالوفيات 1/ 276، الغاية القصوى 1/ 173 - 174. الجزء: المقدمة ¦ الصفحة: 50 المبحث الثالث: ما أُلِّف حوله أولاً: شروحه: (1) المحيط في شرح الوسيط (1): لمحمد بن يحيى بن منصور أبو سعيد (2) النيسابوري، تلميذ الغزالي، المتوفَّى سنة (548) هـ، وكتابه يقع في ستة عشر مجلداً (3)، وقد وقفه بالمدرسة الصلاحيَّة، قال عنه ابن الصلاح. "وهو منه - أي من الوسيط - بمنزلة المهذَّب من التنبيه". مطبوع. (2) شرح الوسيط (4): ليحيى بن أبي الخير اليمني المتوفَّى سنة (558) هـ. (3) شرح الوسيط: للشيخ أبي حامد الجاجرمي المتوفَّى سنة (613) هـ، وقف ابن الصلاح على المجلَّد الأول منه ونقل منه. (4) التنقيح في شرح الوسيط (5): لمحيي الدين النووي المتوفَّى سنة (676) هـ، ولم يكمله حيث انتهى فيه إلى باب شرائط الصلاة من كتاب الصلاة، وتوجد منه نسخة في دار الكتب المصريَّة برقم (1873).   (1) انظر: طبقات الأسنوي 1/ 493، طبقات ابن قاضي شهبة 1/ 325، كشف الظنون 2/ 2008، إتحاف السادة 1/ 43. (2) في (د) و (ب): سعد، والمثبت من (أ). (3) وذكر ابن قاضي شهبة أنه في ثماني مجلدات. (4) انظر: كشف الظنون 2/ 2008، إتحاف السادة 1/ 43، وذكر أن عليه حواشي للعماد عبد الرحمن بن علي المصري القاضي. (5) انظر طبقات ابن قاضي شهبة 2/ 157. الجزء: المقدمة ¦ الصفحة: 51 (5) المطلب العالي في شرح وسيط الغزالي (1): لنجم الدين أحمد بن محمَّد المعروف بابن الرفعة المتوفَّى سنة (710) هـ، وقد توفي قبل أن يكمله، وهو مخطوط. (6) شرح الوسيط: لعزَّ الدين عمر بن أحمد المدلجي المتوفَّى سنة (710) هـ (2). (7) شرح الوسيط: لعمر بن أحمد النسائي المتوفَّى سنة (716) هـ، ولم يكمله (3). (8) شرح الوسيط: لكمال الدين أحمد بن عبد الله بن عبد الرحمن بن عبد الله بن علوان أبي العباس المعروف بابن الأستاذ المتوفَّى سنة (721) هـ (4)، قال ابن قاضي شهبة: "لكن عسر وجود شيء منه في هذا الوقت" (5). (9) شرح الوسيط: للشيخ جمال الدين أحمد بن علي اليمني المعروف بابن العامري المتوفَّى سنة (725) هـ (6)، ويقع في نحو ثمانية أجزاء. (10) شرح الوسيط: لقاضي القضاة عمر بن محمَّد بن عبد الحاكم بن عبد الرازق زين الدين أبي حفص ابن البلفيائي المصري المتوفَّى سنة (749) هـ (7)، ولم يكمله.   (1) انظر: طبقات ابن قاضي شهبة 2/ 275، كشف الظنون 2/ 2008، إتحاف السادة 1/ 43، مؤلفات الغزالي ص: 19. (2) انظر: كشف الظنون 2/ 2008، إتحاف السادة 1/ 43. (3) انظر: كشف الظنون 2/ 2008. (4) انظر: طبقات الأسنوي 1/ 144، كشف الظنون 2/ 2009، إتحاف السادة 1/ 43. (5) طبقات ابن قاضي شهبة 2/ 129. (6) انظر: المرجع السابق 2/ 248. (7) انظر: طبقات ابن قاضي شهبة 3/ 45، كشف الظنون 2/ 2008، إتحاف السادة 1/ 43. الجزء: المقدمة ¦ الصفحة: 52 (11) البحر المحيط في شرح الوسيط (1): لنجم الدين أحمد بن محمَّد بن مكي أبن ياسين القرشي المخزومي أبي العباس القمولي المصري المتوفَّى سنة (777) هـ. وهو مخطوط. (12) شرح الوسيط: لابن الوجيه النوقاني الطوسي، تلميذ محمَّد بن يحيى، ذكره ابن الصلاح (2). ثانياً: بيان مشكلاته والجواب عنها: (1) غرائب الوسيط: لأبي الخير يحيى بن أبي الخير سالم بن أسعد العمراني اليمني المتوفَّى سنة (558) هـ (3). (2) شرح مشكلات الوسيط: لأبي الفتوح أسعد بن أبي الفضل محمود بن خلف العجلي الأصبهاني المتوفَّى سنة (600) هـ (4). (3) إيضاح الأغاليط الموجودة في الوسيط: لأبي إسحاق إبراهيم بن عبد الله ابن عبد المنعم الهمداني الحموي المعروف بابن أبي الدم المتوفَّى سنة (642) هـ (5)، مخطوط. (4) شرح مشكل الوسيط: لأبي عمرو عثمان بن عبد الرحمن الشهرزوري المعروف بابن الصلاح (المتوفَّى في سنة (643) هـ، وهو موضوع هذا الكتاب.   (1) انظر: طبقات الأسنوي 2/ 333، مؤلفات الغزالي ص: 19. (2) انظر: 2/ ل 43/ ب من شرح مشكل الوسيط. (3) انظر: تهذيب الأسماء واللغات 2/ 278. (4) انظر: وفيات الأعيان 1/ 290، البداية والنهاية 13/ 43، إتحاف السادة 1/ 43. (5) انظر: مؤلفات الغزالي ص: 19. الجزء: المقدمة ¦ الصفحة: 53 (5) منتهى الغايات في شرح مشكلات الوسيط: لموفق الدين أبي العلاء حمزة بن يوسف بن سعيد التنوخي الحموي المتوفَّى سنة (670) هـ (1). مخطوط. (6) شرح مشكل الوسيط: لظهير الدين جعفر بن يحيى بن جعفر المخزومي التزمنتي المصري المتوفَّى سنة (682) هـ (2). ثالثاً: شرح كتاب الفرائض منه بخاصة: (1) شرح فرائض الوسيط: لأبي عبد الله محمَّد بن الحسين بن زيد بن الحسن ابن ظفر القاضي شمس الدين العلوي الحسيني الأرموي ثم المصري المتوفَّى سنة (650) هـ (3). (2) شرح فرائض الوسيط: للقاضي شرف الدين إبراهيم بن إسحاق بن إبراهيم المنَّاوي المصري المتوفَّى سنة (757) هـ (4). رابعاً: مختصراته: (1) الوجيز (5): لمؤلفه الغزالي نفسه. (2) الغاية القصوى في دراية الفتوى (6): لقاضي القضاة أبي الخير عبد الله بن عمر بن محمَّد بن علي ناصر الدين البيضاوي صاحب المنهاج في أصول الفقه المتوفَّى سنة (685) هـ، وهو مطبوع.   (1) انظر: طبقات ابن قاضي شهبة 2/ 132، كشف الظنون 2/ 2007. (2) انظر: طبقات الأسنوي 1/ 319، كشف الظنون 2/ 2007، إتحاف السادة 1/ 43. (3) انظر: طبقات ابن قاضي شهبة 2/ 121. (4) انظر: طبقات ابن قاضي شهبة 3/ 5، كشف الظنون 2/ 2008، إتحاف السادة 1/ 43. (5) انظر: إتحاف السادة 1/ 43. (6) انظر: طبقات ابن قاضي شهبة 2/ 173، مؤلفات الغزالي ص: 20. الجزء: المقدمة ¦ الصفحة: 54 (3) واختصره نور الدين إبراهيم بن هبة الله الأسنوي المتوفَّى سنة (721) هـ، وقد صحَّح فيه ما صحَّحه الرافعي والنووي (1). (4) واختصره برهان الدين إبراهيم بن عبد الرحمن العميري، وهو مخطوط، وتوجد منه نسخة بمكتبة سليم أغا برقم (268) (2). (5) واختصره بدر الدين محمَّد اليمني، وهو مخطوط، وتوجد منه نسخة في مكتبة الآصفيَّة 2: 1156 (38) (3). خامساً: تخريج أحاديثه: (1) تذكرة الأخيار بما في الوسيط من الأخبار، لسراج الدين عمر بن علي ابن الملقِّن الأنصاري الشافعي المتوفَّى سنة (804) هـ (4)، وهو مخطوط.   (1) انظر: كشف الظنون 2/ 2008، إتحاف السادة 1/ 43. (2) انظر: مؤلفات الغزالي ص: 20. (3) انظر: المرجع نفسه. (4) كشف الظنون 2/ 2009، إتحاف السادة 1/ 43. الجزء: المقدمة ¦ الصفحة: 55 الفصل الرابع: دراسة كتاب "شرح مشكل الوسيط" وفيه خمسة مباحث: المبحث الأول: تحقيق عنوان الكتاب لقد تعددت عناوين الكتاب بتعدد نسخه الخطيَّة، وبتنوع المصادر التي ترجمت لمؤلفه، أو ذكرت الكتاب، ولعل السبب في ذلك يرجع إلى أن مؤلفه لم ينصّ في مقدمته له على عنوانه، وممَّا عُرف به الكتاب ما يلي: الأول: مشكل الوسيط: وهذا هو المثبت على طرَّة النسخة المخطوطة بدار الكتب المصرية والنسخة المخطوطة بالمكتبة الظاهرية بسوريا. وقد ذكره بهذا العنوان: ابن خلِّكان في كتابه وفيَّات الأعيان (1)، ابن قاضي شهبة في طبقات الشافعية (2)، مجير الدين الحنبلي في كتابه الأُنْس الجليل (3)، والحافظ ابن حجر في كتابه التلخيص الحبير (4). الثاني: شرح مشكل الوسيط: وهو المثبت على نسخة أخرى مخطوطة بالمكتبة الظاهرية بسوريا. وقد ذكره بذلك:   (1) 3/ 244. (2) 2/ 114. (3) 2/ 104. (4) انظر مثلاً: 1/ 181، 2/ 117. الجزء: المقدمة ¦ الصفحة: 56 تقي الدين السبكي في طبقاته الوسطى (1)، وعمر رضا كحَّالة في كتابه معجم المؤلفين (2)، وعبد الرحمن بدوي في سرده لشروحات الوسيط (3). الثالث: إشكالات الوسيط: وممن ذكره بذلك: الداودي في طبقات المفسِّرين (4)، السبكي ضمن المصادر التي اعتمدها في تكميله لمجموع النووي (5)، وابن كثير في طبقات الفقهاء الشافعيين (6). الرابع: شرح الوسيط: هكذا على ديباجة نسخة مخطوطة بدار الكتب المصرية منسوبة لابن الصلاح، وعند الوقوف عليها اتضح أنها ليست لابن الصلاح، بل هي شرح مستقل؛ بدليل كثرة النقول فيها عن النووي وهو متأخر عن ابن الصلاح، وعن الرافعي وهو في طبقة ابن الصلاح. وقد ذكره بهذا الاسم الزركلي في كتابه الأعلام (7). الخامس: تعليقة على الوسيط: وممن ذكره بهذا الاسم: حاجِّي خليفة في كشف الظنون (8)، وإسماعيل باشا البغدادي في كتابه هدية العارفين (9).   (1) انظر بهامش الطبقات الكبرى له 8/ 327. (2) 6/ 257. (3) انظر: مؤلفات الغزالي ص: 19 - 20. (4) 1/ 378. (5) انظر: المجموع 10/ 6. (6) 2/ 857. (7) 4/ 208. (8) 2/ 2008 - 2009. (9) 1/ 654. الجزء: المقدمة ¦ الصفحة: 57 السادس: حواشي الوسيط أو حواشي ابن الصلاح: هكذا يسمِّيه ابن الرفعة في المطلب العالي (1). والذي يترجَّح أن اسم الكتاب هو "شرح مشكل الوسيط" وذلك لما يلي: (1) لابن الصلاح كتاب آخر متقدم على كتابه هذا نصَّ على اسمه ضمن كتابه هذا، ونقل عنه وهو "شرح مشكل المهذَّب"، ومن المعلوم أن المهذَّب والوسيط من أهم كتب المذهب وأكثرها انتشاراً وتداولاً، فشرح ابن الصلاح مشكل المهذَّب، ثم بعده شرح مشكل الوسيط. (2) تنصيص ابن الصلاح في أكثر من موضع في أثنائه على كونه شرحاً، ومن ذلك: * قوله عند ذكر تعليق تلميذ الغزالي "أحمد بن خلف": "فعلَّقت منه أشياء استضأت بها، أنا أوردها إن شاء الله تعالى في شرحي هذا". * قوله عند ذكر مسألة صفة المني والمذي والودي: "وإن كنَّا نشرح ما يخص مشكل هذا الكتاب فما يعمَّه وغيره أولى بذلك". * قوله في بداية كتاب صلاة العيدين: "وفي شرحي له، ولما يليه إلى طرف من أول الجنائز تعرُّض لمزيد على المشترط في سائر الشرح". * قوله في مسائل الأيمان: "فإنَّا قد بينَّا منه ما لا تجد بيانه في غير هذا الشرح". * قوله في أول كتاب الجنايات: "كتاب الجنايات الموجبات للعقوبات من شرح مشكل الوسيط"، وفي نسخة أخرى قال: "من كتاب الجنايات شرح مشكل الوسيط".   (1) انظر مثلاً: 1/ ل 5/ أ، 3/ ل 362/ ب. الجزء: المقدمة ¦ الصفحة: 58 (3) أن من سمَّاه بـ (مشكل الوسيط)، أو (اشكالات الوسيط)، أو (حواشي الوسيط) ... إنما هو اختصار لاسمه وبيان لمضمونه، بدليل ما في النسختين المذكورتين. (4) أن عبارة "شرح مشكل" متداولة في عناوين كتبه، فمنها كتابه المتقدِّم (شرح مشكل المهذَّب)، وكتابه علوم الحديث فقد سمَّاه "معرفة أنواع الحديث. وشرح مشكلاته (1)، وهذا يرجِّح أن عنوانه هو: شرح مشكل الوسيط، دون غيره. المبحث الثاني: تحقيق نسبة الكتاب إلى ابن الصلاح لم يختلف المترجمون لابن الصلاح في نسبة هذا الكتاب إليه، وإن كانوا قد اختلفوا في عنوانه. ومما يؤكِّد نسبة الكتاب إليه النص عليها في نسخة المخطوطة المعتمدة في هذا التحقيق وكذلك الكثرة من العلماء الذين نقلوا عن كتابه هذا، وعزو إليه، مثل: النووي (2)، والذهبي (3)، وابن الرفعة (4)، وابن الملقِّن (5)، وابن حجر (6)، والفيومي (7)، وغيرهم (8).   (1) انظر: برنامج الوادي آشي ص: 269. (2) انظر مثلاً: المجموع 1/ 105، تهذيب الأسماء واللغات 3/ 1/ 140. (3) انظر: السير 18/ 146. (4) لقد نقل منه كثيراً في كتابه المطلب العالي. (5) لقد نقل منه جل الكلام عن الأحاديث في كتابه تذكرة الأخيار. (6) انظر مثلاً: التلخيص الحبير 1/ 458، 2/ 117، فتح الباري 2/ 614. (7) انظر مثلاً: المصباح المنير ص: 150. (8) كالشربيني في مغني المحتاج 1/ 213، والرملي في نهاية المحتاج 1/ 85، وقد اعتمده تقي الدين السبكي ضمن مراجعه في تتمته للمجموع شرح المهذَّب انظر: المجموع 10/ 6. الجزء: المقدمة ¦ الصفحة: 59 ومما يزيد هذا التأكيد قوة الإحالات المتعددة من المؤلف في أثنائه إلى عدد من كتبه الأخرى المشهور نسبتها إليه كمعرفة علوم الحديث، وأدب المفتي والمستفتي، وصلة الناسك في صفة المناسك، وغيرها. المبحث الثالث: منهج المؤلف فيه لم ينصّ المؤلف في مقدمته لكتابه هذا على المنهج الذي سيسير عليه فيه، غير أنه يمكن تلمّس منهجه من خلاله، وإبرازه كما يلي: الأول: ضبط النص ِّ: لقد حرص المؤلف على تحري غاية الصواب لضبط متن الوسيط، وإثبات الأصح فيه، ويظهر ذلك فيما يلي: (1) اعتماده على عدَّة نسخ للوسيط. فهو يقارن بينها كثيراً، ويوجِّه ما فيها من اختلافات بما تتطلَّبه من ضبط، أو شرح، أو بيان، مع إثبات الأصح من النسخ. (2) وقوفه على نسخة للوسيط بخطِّ مؤلفه واستظهاره منها. (3) يرجع في الغالب الأعم إلى أصلي الوسيط: نهاية المطلب في دراية المذهب لإمام الحرمين، والبسيط في المذهب للغزالي، وذلك للضبط والتقويم والمقارنة. (4) استفاد في شرحه هذا مما علِّق عن صاحب الكتاب - الغزالي - في تدريسه له في تصحيح النصِّ وضبطه، وفي توجيه كلام الغزالي، وشرح ما قد يشكل. الجزء: المقدمة ¦ الصفحة: 60 الثاني: شرح مشكل النص ِّ: لم يذكر ابن الصلاح ضابطاً اتخذه وسار عليه في استخراج المشكل من الوسيط ثم شرحه، إلا أنه يمكن استكشاف منهجه فيه، كما يلي: (1) يورد من لفظ الوسيط ما بدا له فيه إشكال فقط، فهو قد يورد كلمة واحدة منه تحتاج لضبط أو شرح معنى أو غير ذلك. (2) يبيَّن بالصورة والأمثلة ما فيه غموض وإبهام من كلام الغزالي. (3) يهتمُّ جداً بضبط ما قد يُغلط فيه من ناحية الشكل من مفردات، أو أعلام، أو أسماء أمكنة، أو غير ذلك. (4) يلتمس الأعذار والمخارج لما في الوسيط من مؤاخذات. (5) يقوِّم ألفاظ الغزالي التي يرى أنها لا تؤدي المعنى الذي أراده منها. (6) يقيِّد ما قد يطلقه الغزالي وقد يكون في إطلاقه إشكال. (7) يتمِّم ما يراه ناقصاً من كلام الغزالي مما يوجب نقصه خللاً في المعنى أو الحكم. (8) يحذف ما يراه زائداً يوجب وجوده خللاً في ضابط أو غيره. (9) يصحِّح ما ينسبه الغزالي من الأقوال أو الأوجه مع بيان المشهور والأصح في كثير من الأحيان. (10) قد يدلَّل لما يذكره الغزالي من غير دليل. (11) ينصُّ في الغالب على ما ينقله من أقوال العلماء بقوله - مثلاً -: قال صاحب الحاوي، أو صاحب المهذَّب ... ومراده قوله في هذا الكتاب الذي أضافه إليه؛ إذ قد يكون لأحدهم عدَّة كتب فيضيفه إلى كتابه الذي ينقل منه، فيقول - مثلاً -: قال صاحب التهذيب، ومرَّة أخرى: قال صاحب شرح السنة ومراده به في كلا الحالتين الإِمام البغوي. الجزء: المقدمة ¦ الصفحة: 61 (12) لم يقتصر في شرحه هذا على الوسيط فقط في التنبيه على مشكله وشرحه، بل تعداه إلى غيره من كتب المذهب كالمهذَّب، ونهاية المطلب، والبسيط، وفتح العزيز. (13) قد يقف على فوائد مهمَّة تمسُّ الحاجة إليها لم يتعرَّض لها الغزالي فيثبتها. (14) يقوِّم ما وَهِمَ الغزالي في نسبته إلى أئمة المذاهب الأخرى. (15) يفصل ما قد يخلط فيها الغزالي. (16) ينتصر بشدَّة للمذهب، ويحشد الأدلة على صحته في المسائل التي انفرد بها، ويرى أن الدليل موافق له فيها، كمسألة البسملة في أول الفاتحة والسورة التي بعدها والجهر بها، ومسألة القنوت في الفجر، وغيرها. (17) ينتصر للأحاديث، إن خالفت المذهب كما في منعه الصلاة للشكر، وقوله بتطويل السجود والجلسة بين السجدتين في صلاة الخسوف للأدلة الواردة في ذلك. (18) يعرِّض بالإمام الرافعي ويذكره بقوله: قال بعض شارحي الوجيز، وأخطأ بعض شارحي الوجيز وغير ذلك. الثالث: منهجة في الأحاديث: (1) يذكر من أخرجها من أصحاب الكتب في الغالب، فإن كان الحديث في الصحيحين أو أحدهما اقتصر على ذلك، وقد يشير إلى غيرهما بقوله: (وغيره). وهو يقتصر فى الغالب على الكتب الستة، ولا يتعدَّاها إذا كان الحديث فيها وإلا رجع إلى غيرها. الجزء: المقدمة ¦ الصفحة: 62 (2) يقتصر في كثير من الأحيان على بعض أصحاب الكتب الأربعة، ويشير إلى البقيَّة بقوله: (وغيره، أو وغيرهما ... الخ). (3) يذكر في الغالب من رواه من الصحابة رضوان الله عليهم. (4) يحكم على هذه الأحاديث ويبيَّن درجتها صحة وضعفاً في الغالب. (5) يعتمد في إيراد الأحاديث، وعزوها، بل والحكم عليها على الحافظ أحمد البيهقي في كتابيه السنن الكبرى, ومعرفة السنن والآثار. (6) عندما يحكم على حديث ما بالضعف فإنه يبيِّن سبب ضعفه في الغالب. (7) إذا استدلَّ الغزالي بحديث في مسألة ما، وكان فيه كلام، فإنه يبيِّنه، ثم يذكر الاستدلال القوي للمسألة. (8) قد يستدل الغزالي بدليل على مسألة ما وهو لا يدل عليها، فيبيِّن ذلك، ثم يذكر الاستدلال الصحيح. (9) قد يجمع الغزالي عدَّة أحاديث في سياق واحد، فيفصل بينها، مع الحكم عليها. (10) قد يشير الغزالي إلى حديث ما ولا يذكره، فيذكره. (11) يبيِّن ما يقع فيه الغزالي من أوهام في متون الأحاديث، وفي رواتها. المبحث الرابع: التعريف بالمصادر التي نقل منها المؤلف ونصَّ على ذكرها كان المؤلف واسع الرحلة، كثير الاطلاع على كتب عتيقة، وأصول نادرة، استفاد منها، وأوردها في شرحه هذا، وهي كما يلي: [1] الإبانة عن أحكام فروع الديانة: لأبي القاسم عبد الرحمن بن محمَّد ابن أحمد بن فوران الفوراني (توفي سنة 461 هـ) , مخطوط. الجزء: المقدمة ¦ الصفحة: 63 [2] إثبات الجهر بالتسمية: لأبي بكر أحمد بن علي بن ثابت الخطيب البغدادي (توفي سنة 463 هـ). [3] أحكام القرآن: للإمام أبي عبد الله محمد بن إدريس الشافعي (توفي سنة 204 هـ)، مطبوع. [4] الأحكام: لأبي محمَّد عبد الحق بن عبد الرحمن الأزدي الأشبيلي (توفي سنة 583) هـ. والأحكام الوسطى والصغرى مطبوعة والأحكام الكبرى مخطوطة. [5] إحياء علوم الدين: لأبي حامد محمَّد بن محمَّد الغزالي (توفي سنة 505 هـ) مطبوع. [6] اختلاف الحديث: للإمام الشافعي: مطبوع. [7] اختلاف العراقيين: للإمام الشافعي (توفي سنة 204 هـ)، وهو أحد كتب كتابه (الأم). [8] الاستذكار: لأبي الفرج محمَّد بن عبد الواحد الدارمي (توفي سنه 448 هـ). [9] الإشراف على غوامض الحكومات: للقاضي أبي سعيد محمَّد بن أحمد ابن يوسف الهروي (توفي سنة 518 هـ). [10] الإشراف على مذاهب العلماء: للإمام أبي بكر محمَّد بن إبراهيم بن المنذر النيسابوري (توفي سنة 318 هـ)، بعضه مطبوع. [11] الإفصاح: لأبي على الحسن بن القاسم الطبري (توفي سنة 350 هـ). [12] الأمالي: لأبي الفرج عبد الرحمن بن أحمد السرخسي الشافعي (توفي سنة 494 هـ). الجزء: المقدمة ¦ الصفحة: 64 [13] الإملاء أو الأمالي: للإمام الشافعي: وهو من رواية موسى بن أبي الجارود عن الشافعي (1). [14] الأم: للإمام الشافعي: مطبوع. [15] أوهام كتاب العين: للإمام أبي منصور الأزهري (توفي سنة 370 هـ) (2). [16] الأنساب جمهرة نسب قريش وأخبارها: لأبي عبد الله الزبير بن بكَّار الأسدي المدني المكي (توفي سنة 256 هـ). [17] بحر المذهب: لأبي المحاسن عبد الواحد بن إسماعيل الرويَّاني (توفي سنة 502 هـ)، مخطوط. [18] البسيط في المذهب: لأبي حامد الغزالي: مخطوط. [19] البلغة: لأبي بكر محمَّد بن عقيل الشهرزوري (توفي سنة 453 هـ). [20] البيان: لأبي الخير يحيى بن سالم العمراني (توفي سنة 558 هـ) وهو شرح للمهذَّب، مخطوط. [21] التاريخ الكبير: لأبي عبد الله محمَّد بن إسماعيل البخاري (توفي سنة 256 هـ)، مطبوع. [22] التبصرة في الوسوسة: لأبي محمَّد عبد الله بن يوسف بن عبد الله الجويني والد إمام الحرمين (توفي سنة 438) هـ: مطبوع. [23] التتمَّة: لأبي سعد عبد الرحمن بن مأمون المتولي (توفي سنة 478 هـ): مخطوط.   (1) انظر: تهذيب الأسماء 2/ 120. (2) انظر: معجم الأدباء 17/ 165. الجزء: المقدمة ¦ الصفحة: 65 [24] تحصين المآخذ في الخلاف: لأبي حامد محمَّد الغزالي (توفي سنة 505 هـ). [25] التعليقة: للشيخ أبي حامد أحمد بن أبي طاهر محمَّد بن أحمد الإسفراييني (توفي سنة 406 هـ)، مخطوط. [26] التعليقة: للشيخ أبي محمد الجويني. [27] التعليقة: للقاضي أبي الطيِّب طاهر بن عبد الله بن طاهر الطبري (توفي سنة 450 هـ): مخطوط. [28] التعليقة: للقاضي أبي علي الحسين بن محمَّد المروزي (توفي 462 هـ): مطبوع. [29] تعليقة على الوسيط: لخلف بن أحمد (توفي قبل سنة 505 هـ). [30] تعليق: للشيخ أبي إسحاق بن إبراهيم أحمد المروزي (توفي سنة 340 هـ). [31] تعليق: للقاضي أبي محمد بن الحسين المروزي (1). [32] التعليق: للشيخ أبى محمَّد عبد الله بن محمَّد بن إبراهيم بن يحيى الكرُّوني الأصبهاني (توفي سنة 469 هـ). [33] التقريب: لأبي الحسن القاسم بن أبي بكر محمَّد بن علي القفَّال الشاشي (توفي في حدود سنة 400 هـ). [34] التلخيص: لأبي العباس أحمد ابن أبي أحمد الطبري المشهور بابن القاصِّ توفي سنة (335) هـ: مطبوع. [35] التنبيه في الفقه الشافعي: لأبي إسحاق إبراهيم بن علي الشيرازي (توفي سنة 476 هـ)، مطبوع.   (1) انظر: طبقات ابن قاضي شهبة 1/ 277 معتمداً في ذلك على المصنِّف ابن الصلاح حيث قال: (نقل ابن الصلاح في مشكله في كتاب النكاح مسألة عن تعليقه). الجزء: المقدمة ¦ الصفحة: 66 [36] تهذيب اللغة: لأبي منصور محمَّد بن أحمد الأزهري (توفي سنة 370 هـ): مطبوع. [37] التهذيب: لأبي محمَّد الحسين بن مسعود البغوي (توفي سنة 516 هـ): مطبوع. [38] الجامع الصحيح، سنن الترمذي: لأبي عيسى محمَّد بن عيسى بن سؤرة الترمذي (توفي سنة 297 هـ): مطبوع. [39] الجامع فى اللغة: لأبي عبد الله محمَّد بن جعفر القيرواني النحوي المعروف بالقزَّاز (توفي سنة 412 هـ). [40] الجامع الكبير: لأبي إبراهيم إسماعيل المزني (توفي سنة 261 هـ) (1). [41] جمع الجوامع من كتب الشافعي ومنصوصاته: لأبي سهل أحمد بن محمَّد الزوزني الشافعي المعروف بابن العفريس [42] الجمل في النحو: لأبي القاسم عبد الرحمن بن إسحاق الزجاجي (توفي سنة 340 هـ)، مطبوع. [43] الحاوي: لأبي الحسن علي بن محمَّد بن حبيب البغدادي الماوردي (توفي سنة 450 هـ): مطبوع. [44] حدائق الأدب: لأبي محمَّد عبد الله بن أحمد الأبهري (توفي سنة 405 هـ) (2). [45] حقيقة القولين: لأبي حامد الغزالي: مخطوط.   (1) انظر: معجم الأدباء 18/ 105 - 109، وفيات الأعيان 4/ 374، كشف الظنون 1/ 576. (2) انظر: سير أعلام النبلاء 17/ 235، تحرير ألفاظ التنبيه ص: 86. الجزء: المقدمة ¦ الصفحة: 67 [46] حلية الأولياء وطبقات الأصفياء: لأبي نعيم أحمد بن عبد الله الأصبهاني (توفي سنة 430 هـ): مطبوع. [47] حلية العلماء في معرفة مذاهب الفقهاء، المستظهري: لأبي بكر محمَّد ابن أحمد الشاشي القفَّال (توفي سنة 507) هـ: مطبوع. [48] حلية المؤمن: لأبي المحاسن الرويَّاني المتقدِّم: مخطوط. [49] حواشى الوجيز: لأبي الفتوح أسعد بن محمود العجلي (توفي سنة 600 هـ): مخطوط. [50] خلاصة المختصر ونقاوة المعتصر: لأبي حامد الغزالي. [51] الخلافيَّات: لأبي إسحاق إبراهيم بن علي بن يوسف الشيرازي الفيروزآبادي (توفي سنة 476 هـ). [52] الذخائر: لأبي المعالي مجلي بن جميع المخزومي الشافعي (توفي سنة 550 هـ). [53] الرسالة: للإمام الشافعي: مطبوع. [54] الزاهر في غريب ألفاظ الشافعي: لأبي منصور الأزهري: مطبوع. [55] زوايا المسائل، لوامع الدلائل في زوايا المسائل (1): لأبي الحسن علي ابن محمَّد بن علي الطبري المشهور بـ إلكيا الهراسي (توفي سنة 504 هـ). [56] سنن الدارقطني: لأبي الحسن علي بن عمر بن أحمد بن مهدي البغدادي الدارقطني (توفي سنة 385 هـ): مطبوع. [57] سنن أبي داود: لأبي داود سليمان بن الأشعث السجستاني الأزدي (توفي سنة 275 هـ): مطبوع.   (1) هكذا ذكره حاجي خليفة في كشف الظنون 2/ 1569، وكذا ذكره محقق كتابه أحكام القرآن 1/ 13. الجزء: المقدمة ¦ الصفحة: 68 [58] السنن الكبرى: ويطلق عليه ابن الصلاح في هذا الكتاب "السنن الكبير" ـ: لأبي بكر أحمد بن الحسين بن علي البيهقي (توفي سنة 458 هـ): مطبوع. [59] سنن ابن ماجة: لأبي عبد الله محمَّد بن يزيد القزويني (توفي سنة 273 هـ): مطبوع. [60] سنن النسائي: لأبي عبد الرحمن أحمد بن شعيب بن علي بن سنان النسائي (توفي سنة 303 هـ). مطبوع. [61] الشافي: لأبي العباس أحمد بن محمَّد الجرجاني الشافعي (توفي سنة 482 هـ): مخطوط. [62] الشامل: لأبي نصر عبد السيد بن محمد بن عبد الواحد البغدادي المشهور بابن الصبَّاغ (توفي سنة 477) هـ: مخطوط. [63] شرح التلخيص: لأبي علي الحسين بن شعيب المروزي السنجي (توفي سنة 427 هـ). [64] شرح السنة: لأبي محمَّد الحسين البغوي المتقدِّم: مطبوع. [65] شرح مشكل مختصر المزني أو شرح مختصر المزني: لأبي المحاسن الرويَّاني. [66] شرح المفتاح: لأبي منصور عبد القاهر بن طاهر البغدادي (توفي سنة 429 هـ). [67] شرح الوسيط: لأبي حامد محمَّد بن إبراهيم بن أبي الفضل السهلي الجاجرمي (توفي سنة 613 هـ). الجزء: المقدمة ¦ الصفحة: 69 [68] شرح الوسيط: لابن الوجيه النوقاني الطوسي. [69] الصحاح: لأبي نصر إسماعيل بن حمَّاد الجوهري (توفي سنة 393 هـ): مطبوع. [70] صحيح البخاري: لأبي عبد الله محمَّد بن إسماعيل البخاري: مطبوع. [71] صحيح ابن حبَّان: لأبي حاتم محمَّد بن حبَّان بن أحمد بن حبَّان البستي (توفي سنة 354) هـ. بعضه مطبوع. [72] صحيح ابن خزيمة: لأبي بكر محمَّد بن إسحاق بن خزيمة النيسابوري (توفي سنة 311 هـ). بعضه مطبوع. [73] صحيح مسلم: لأبي الحسين مسلم بن الحجَّاج بن مسلم القشيري (توفي سنة 261) هـ. وهو مطبوع. [74] صلة الناسك في صفة المناسك: للمؤلف ابن الصلاح. [75] الطبقات الكبرى: لمحمد بن سعد الهاشمي مولاهم، المعروف بابن سعد، مطبوع. [76] العدة: لأبي عبد الله الحسين بن علي الطبري (توفي سنة 495 هـ). [77] العلل: لأبي عيسى الترمذي. وهو مطبوع. [78] عمل اليوم والليلة: لأبي عبد الرحمن النسائي. مطبوع. [79] غريب الحديث: لأبي عبيد القاسم بن سلَّام الهروي (توفي سنة 224 هـ). مطبوع. [80] الغريبين = غريبي القرآن والحديث: لأبي عبيد أحمد بن محمَّد الهروي (توفي سنة 401 هـ) وهو مطبوع. [81] الفتاوى: للقاضي أبي علي الحسين المروزي. الجزء: المقدمة ¦ الصفحة: 70 [82] فتح العزيز شرح الوجيز: لأبي القاسم عبد الكريم بن محمَّد الرافعي (توفي سنة 623 هـ): مطبوع. [83] الفرق والجمع أو الجمع والفرق: لأبي محمَّد الجويني: مخطوط. [84] الكافي: لأبي عبد الله الزبير بن أحمد بن سليمان البصري الزبيري (توفي 317 هـ). [85] الكامل في الضعفاء: لأبي أحمد عبد الله بن عدي الجرجاني (توفي سنة 365 هـ)، مطبوع. [86] كتاب الحيوان: لأبي عثمان عمرو بن بحر بن محبوب الكناني المعروف بالجاحظ (توفي سنة 255 هـ)، مطبوع. [87] كتاب السبق والرمي: للإمام الشافعي: مخطوط. [88] كتاب الصلاة: لأبي يوسف يعقوب بن سفيان بن جوان الفارسي الفسوي (توفي سنة 277 هـ). [89] كتاب العطر: لعلي بن محمَّد بن مهدي أبو الحسن الطبري (مات في حدود سنة 380 هـ) (1). [90] كتاب المناهي: لأبي عبد الله محمَّد بن علي بن الحسن بن بشر الحكيم الترمذي (توفي بعد سنة 318 هـ). [91] كفاية المفتي: لأبي الوفاء علي بن عقيل البغدادي الحنبلي (توفي سنة 513 هـ) (2)، مخطوط.   (1) انظر: طبقات السبكي 3/ 466، معجم المؤلفين 7/ 234. (2) انظر: طبقات الحنابلة 2/ 259، السير 19/ 443، هديَّة العارفين 1/ 695. الجزء: المقدمة ¦ الصفحة: 71 [92] مجمع الغرائب: لأبي الحسن إسماعيل بن عبد الغافر الفارسي النيسابوري ت (529) هـ. مخطوط. [93] المجموع: لأبي الحسن أحمد بن محمَّد المحاملي (توفي سنة 415 هـ). [94] المحكم: لأبي الحسن علي بن إسماعيل المرسي الضرير - ابن سيده - (توفي سنة 458 هـ)، بعضه مطبوع. [95] المحيط في شرح الوسيط: لأبي سعيد محمَّد بن يحيى بن منصور النيسابوري تلميذ الغزالي. [96] المحيط: لأبي محمَّد الجويني والد إمام الحرمين. [97] مختصر البويطي: لأبي يعقوب يوسف بن يحيى البويطي (توفي سنة 231 هـ): مخطوط. [98] مختصر حرملة: لأبي عبد الله حرملة بن يحيى بن عبد الله المصري التجيبي (توفي سنة 243 هـ). [99] مختصر العين: لأبكر محمَّد بن الحسن بن عبيد الله الزبيدي (توفي سنة 379): مخطوط. [100] مختصر المزني: لأبي إبراهيم إسماعيل بن يحيى المزني (توفي سنة 261 هـ): مطبوع. [101] مختصر نهاية المطلب: لأبي المعالي عبد الملك بن عبد الله بن يوسف الجويني إمام الحرمين (توفي سنة 478 هـ). [102] المدخل إلى المختصر: لأبي علي زاهر بن محمد بن أحمد بن عيسى السرخسي (توفي سنة 389 هـ). الجزء: المقدمة ¦ الصفحة: 72 [103] المراسيل: للإمام أبي داود السجستاني صاحب السنن، مطبوع. [104] المستدرك على الصحيحين: لأبي عبد الله محمَّد بن عبد الله الحاكم النيسابوري (توفي سنة 405 هـ). مطبوع. [105] المستصفى: لأبي حامد الغزالي، مطبوع. [106] المسند: للإمام أبي عبد الله أحمد بن محمَّد بن حنبل الشيباني (توفي سنة 241 هـ). مطبوع. [107] المسند: للإمام الشافعي. مطبوع. [108] المصنَّف: لأبي بكر عبد الرزاق بن همَّام الصنعاني (توفي سنة 211 هـ). مطبوع. [109] المناسك الكبير: للإمام الشافعي، لعله الذي في الأم باسم (الحج الكبير). [110] المناسك: لأبي محمَّد عبد الله بن يوسف الجويني (توفي سنة 438 هـ). [111] المهذَّب: لأبي إسحاق الشيرازي. مطبوع. [112] الموطأ: للإمام أبي عبد الله مالك بن أنس الأصبحي (توفي سنة 179 هـ). مطبوع. [113] نهاية المطلب في دراية المذهب: لإمام الحرمين (توفي سنة 478 هـ). مخطوط. [114] الهداية: لأبي الخطَّاب محفوظ بن أحمد الكلوذاني (توفي سنة 510 هـ)، مطبوع. [115] الهداية: لأبي حفص الأبهري. [116] الوجيز: لأبي حامد الغزالي. مطبوع. الجزء: المقدمة ¦ الصفحة: 73 المبحث الخامس: وصف نسخ المخطوط ومنهج تحقيقها (أ) وصف نسخ المخطوط : لقد تيسَّر الحصول على ثلاث نسخ خطيَّة للكتاب، وهي التي اعتُمد في تحقيق هذا الكتاب عليها. وهذا وصفها: النسخة الأولى: نسخة دار الكتب المصريَّة: وهي التي أشير إليها في ثنايا التحقيق بـ (د)، ورقمها في الدار (260) فقه شافعي. وهي تتكون من جزأين: * الأول: وفيه 204 ورقة وينتهي، بنهاية كتاب الزكاة. * الثاني: وفيه 190 ورقة، وينتهي بنهاية الكتاب. وناسخها هو عمر بن إبراهيم بن عبد الرحمن الشافعي، وتاريخ نسخها هو عام (679) هـ، حيث نصَّ على ذلك الناسخ في آخر الجزء الأول حيث قال: "تمَّ الجزء الأول ... وكان الفراغ منه في العشر الأول من صفر سنة تسع وسبعين وستمائة، أحسن الله بعقباه. كتبه العبد الفقير إلى الله تعالى: عمر بن إبراهيم بن عبد الرحمن الشافعي غفر الله له ولجميع المسلمين" أهـ. وعلى هذا الجزء خاتمه. وخطُّها نسخ جيِّد مقروء في الغالب، وهي لا تخلو من السقط، وتوجد عليها بعض التصحيحات. ومسطرتها 20 سَطْراً، وعدد كلماتها في السطر تقريباً تسع كلمات. وعليها إشارة وقف على مدرسة محمَّد بن أحمد بن محمَّد الشهير بابن الخطيب .... وكذلك عليها وقف آخر. الجزء: المقدمة ¦ الصفحة: 74 النسخة الثانية: نسخة المكتبة الظاهريَّة بسوريا: وهي التي يُشار إليها في التحقيق بـ (أ)، ورقمها في المكتبة الظاهريَّة (134) فقه شافعي، وتوجد منها صورة بقسم المخطوطات بالجامعة الإِسلاميَّة بالمدينة النبوية تحت رقم (5115). وعدد أوراقها 254، وهي ناقصة من الأخير بمقدار ست ورقات، وفيها طمس في الصفحات الأول، ويوجد عليها الكثير من التصحيحات، وقليل جداً من التعليقات. خطُّها نسخ جيِّد مقروء في الغالب، وهي لا تخلو من السقط، ومسطرتها 25 سطراً، وعدد كلمات كل سطر تقريباً 14 كلمة. ولم يذكر فيها اسم الناسخ ولا تاريخ النسخ. لكن يوجد في ورقة العنوان اسم أسعد بن معين الدين الشافعي، وتاريخ: واحد وسبعين وتسعمائة، لكن غير واضح أهو ناسخ أم مالك؟. ويوجد على صفحة العنوان كذلك ختم وإشارة بيت الخطابة بالجامع الأموي، وأن هذا الكتاب وقف عليه. النسخة الثالثة: نسخة أخرى بالمكتبة الظاهريَّة بسوريا: وهي التي يُشار إليها في التحقيق بـ (ب)، ورقمها في المكتبة الظاهريَّة (2070) 133 فقه شافعي. وعدد أوراقها 208 ورقة، وهي مخرومة في وسطها، وناقصة من الأخير، ففيها سقط من وسطها بمقدار ثلاثين ورقة - بالمقارنة بـ (د) - من نهاية كتاب الحجِّ إلى بداية الحدود. وناقصة في آخرها بمقدار عشر ورقات؛ إذ إنها تنتهي إلى قبيل كتاب الدعاوى بورقة تقريباً. الجزء: المقدمة ¦ الصفحة: 75 وخطُّها نسخ غير واضح وفيه صعوبة في القراءة، وهي لا تخلو من السقط والطمس، وعليها تصحيحات وتعليقات. ومسطرتها 25 سطراً، وعدد كلماتها في السطر تتراوح بين 11 - 14 كلمة تقريباً. وهي مثل سابقتها لم يُذكر فيها اسم ناسخها ولا تاريخ نسخها، ويوجد في ورقة العنوان الكثير من التمليكات والوقوف، والتي ظهر منها: - تمليك لأحمد بن محمَّد الهائم سنة (781 هـ). - تمليك لأبي طاهر القاسم بن موسى بن الطيب بن محمَّد الجعبري، تقريباً. - وقف للسيد تاج الدين الحسيني الشافعي، ومآله إلى مدرسة الشيخ أبي عمر بصالحيَّة دمشق. وتفيد الفهارس أنه توجد للكتاب نسخ أخرى: (1) نسخة بدار الكتب المصريَّة تحت رقم 319. (2) نسخة بالمكتبة العموميَّة بدمياط بمصر تحت رقم 43 (133/ 4). ولم يتم الحصول عليهما، بالرغم من بذل قصارى الجهد. (ب) منهج التحقيق : [1] اختيار النسخة الأصل : اعتمد محقق الجزء الأول النسخة (د) أصلاً، وذلك سعياً وراء إبراز الكتاب على الهيئة التي أرادها مؤلفه، وهي نسخة دار الكتب المصريَّة - والتي يشار إليها في طيَّات التحقيق بـ (د) - لتميزها عن النسختين الأخريين من حيث كونها أكثر النسخ جودة وسلامة في عبارتها، مع وضوحها وقلة السقط فيها، بالإضافة إلى معرفة تاريخ نسخها وناسخها. الجزء: المقدمة ¦ الصفحة: 76 أما محقق الجزء الثاني والثالث فقد اعتمد في التحقيق على ثلاث نسخ خطية: نسخة دار الكتب المصرية، ورمز لها بـ (د)، ونسختين من الكتب الظاهرية بدمشق، ورمز لإحداهما بحرف (أ)، وللأخرى بالحرف (ب). ونظراً لعدم توفر شروط نسخة الأصل في واحدة منها، لم يتخذ نسخة منها أصلاً، ولذلك سلك فيها طريقة اختيار النص الصحيح منها، وذلك بمقارنة النسخ ثلاث، وإثبات ما يظهر أنه الصحيح في المتن، مع الإشارة في الهامش إلى العبارة الأخرى. [2] الفروق بين النُسَخ: [أ] تم اعتماد لفظ النسخة (د) الأصل، ما دام يؤدي المعنى الصحيح، وإثبات الفرق من بقية النسخ. [ب] عدم اعتبار الفوارق بين النسخ في صيغ الثناء على الله تعالى، والصلاة والتسليم على رسوله - صلى الله عليه وسلم -، ولفظتي الرسول والنبي، والترضي على الصحابة، والترحم على العلماء. [جـ] تم تحديد نهاية الورقة من المخطوطة بوجهيها (أ - ب) بوضع خط مائل [/] بعد آخر كلمة من نهاية الوجه في المتن داخل السطر، وبيان رقمها ورمزها في الهامش. [د] إذا اختلفت النسخ في كلمة واحدة فيوضع رقم عليها، ويقال في الحاشية في (ب): كذا، أو في (أ): كذا، أو في (أ) و (ب): كذا، إذا كانت الكلمة المثبتة من (د)، أما إذا كانت من غيرها فيقال: في (د): كذا، والمثبت من (أ) و (ب)، أو من (أ)، أو من (ب). الجزء: المقدمة ¦ الصفحة: 77 [هـ] أما إذا كان الاختلاف في أكثر من كلمة، فيوضع رقم في آخرها، ويقال في الحاشية مثلاً: في (ب): كذا وكذا، مع كتابته. [3] السقط : [أ] إذا كان السقط كلمة واحدة، فيوضع رقم عليها، ويقال في الحاشية: سقط من (ب)، أو سقط من (أ)، أو سقط من (أ) و (ب). [ب] أما إذا كان السقط كلمتين أو ثلاثاً، فيوضع رقم على آخرها، ثم يُنقل في الحاشية ويقال: مثلاً: سقط من (أ). [جـ] أما إذا كان السقط أكثر من ذلك، فيوضع في الحاشية أول الكلام وآخره بين قوسين ويقال: مثلاً: سقط من (ب). [د] وإذا كان السقط كثيراً وينتهي بنهاية فقرة، سواء كان فقرة كاملة أم دونها، فيوضع في الحاشية أول الكلام ثم بعده نقط هكذا (كذا ... إلخ) ويقال: سقط من (ب). أو هذه الفقرة جميعها سقط من (ب). [4] الزيادة : [أ] إذا كانت الزيادة المضافة إلى (د) - وهي مما لا يصح الكلام أو يستقيم إلا بها - من النسختين الأخريين، فتوضع بين قوسين هلاليين، ثم إن كانت كلمة واحدة أو نحوها، فيوضع رقم في آخر القوس، ويقال في الحاشية: زيادة من (أ)، أو من (ب)، أو من (أ) و (ب). أما إذا كانت أكثر من ذلك، فيوضع رقم على آخر القوس، ويقال في الحاشية: ما بين القوسين زيادة من (أ) و (ب) مثلاً. [ب] أما إذا كانت الزيادة في النسختين الأخريين ويصح المعنى ويستقيم بدونها، فلا تُثبت في المتن، ويُنبّه على ذلك في الحاشية. الجزء: المقدمة ¦ الصفحة: 78 [جـ] أما إذا كان السياق يحتاج إلى زيادة من خارج النسخ - وهذا قليل - بحيث لا يستقيم الكلام أو المعنى إلا به، فيتم التنبيه على ذلك في الحاشية؛ محافظة على الأصل. [د] إذا كان في (د) زيادة عن سائر النسخ، وكان المقام يقتضي حذفها، فتحذف، ويوضع رقم على الكلمة التي بعدها، ويقال في الحاشية: في (د): كذا، والمثبت من (أ) و (ب). [هـ] إذا وقع تحريف أو خطأ في نسخة (د)، أو احتوت على كلمة غير ملائمة للسياق، وجاء الصواب في النسختين الأخريين أو في إحداهما، فيتم إثبات الصواب من غير وضعه بين أقواس، ويقال في الحاشية: في (د): كذا، والمثبت من (أ) و (ب)، ثم يُنبّه - في الغالب - إلى سبب العدول عن لفظ النسخة (د). [و] إذا اتحدت النسخ في خطأ، فيتم إبقاؤه كما هو في المتن، ويشار إلى الصواب في الحاشية، محافظة على الأصل، ويقال: كذا في جميع النسخ، ولعل الصواب كذا وكذا. [5] الآيات : [أ] تم وضع الآيات بين قوسين مزهرين، مع ضبطها بالشكل، وكتابتها بالرسم العثماني، بقدر ما يتأتى على جهاز الحاسوب. [ب] تم عزو الآيات بذكر اسم السورة ورقم الآية، وكذا في عزو جزء الآية دون الإشارة إلى كونها جزء آية. [6] الأحاديث : [أ] إذا كان الحديث في الصحيحين أو أحدهما، فيكتفى بالعزو إليهما، إلا إذا عقّب المؤلف في تخريجه للأحاديث بقوله: "وغيرهما"، أو "وغيره" بعد تخريجه الجزء: المقدمة ¦ الصفحة: 79 له من الصحيحين أو أحدهما، فيتم تخريجه - في الغالب - من بقية الكتب الستة. وكذا الحال إذا خرَّجه منهما أو من أحدهما وكان لفظه الذي ساقه في غيرهما، فيتم تخريجه منهما، ثم بيان أن اللفظ عند كذا وكذا. [ب] أما إذا كان الحديث في غير الصحيحين، فيتم تخريجه من مظانه من كتب السنة، ابتداءً بالسنن الأربعة، ثم بغيرها مرتّبة على حسب وفيات مؤلفيها، مع العناية ببيان درجة الحديث من الصحة وغيرها من أقوال أهل الشأن في ذلك. [جـ] إذا خرَّج المؤلف حديثاً من أحد كتب الستة أو أكثر، فيتم بيان موضعه فيه، مع بيان من أخرجه غير ما ذكره المؤلف - بقدر المستطاع - [د] في تخريج الأحاديث يتم ذكر الكتاب والباب ورقم الصفحة والجزء ورقم الحديث إن وجد، وذلك إذا كان الحديث في الكتب الستة، أما إذا كان في غيرها فيكتفى برقم الجزء والصفحة في الغالب. [هـ] إذا كرَّر المؤلف الحديث في موضع لاحق، فتتم الإحالة على موضع تخريجه السابق. [و] إذا أشار المؤلف إلى حديث ولم يذكر نصَّه، فيُذكر في الحاشية: إشارة إلى حديث كذا وكذا، ويتم تخريجه. [ز] تم تخريج الآثار عن الصحابة فمن بعدهم من مظانها من كتب الحديث، فإن لم توجد فيها، فمن كتب الفقه أو التفسير أو غيرها، مع بيان درجتها حسب الإمكان. [7] المسائل الفقهية والأصولية : [أ] ما ينسبه المؤلف إلى لفظ "الوسيط" تمت كتابته بخطِّ أثخن، تمييزاً له عن كلام المؤلف - ابن الصلاح -، ثم إذا كان بنصِّه في المطبوع من الوسيط فيشار في الحاشية بأن الوسيط كذا. أما إذا كان بغير نصِّه فيشار في الحاشية بلفظة انظر: الجزء: المقدمة ¦ الصفحة: 80 الوسيط كذا - إلا إذا كان محتملاً من حيث تعدد نسخ الوسيط، أو نصَّ المحقق على أنه في نسخة أخرى للوسيط فلا يشار بلفظة: انظر. [ب] تم الاعتناء بتوثيق الأقوال والأوجه داخل المذهب الشافعي. [جـ] تم توثيق أقوال الأئمة وعزوها إلى كتبهم فيما ينقله المؤلف عنهم، فإذا لم يتيسَّر الوقوف على كتبهم فتتم الإحالة إليها بالواسطة. [د] تم توضيح ما يحتاج إلى توضيح، وتوثيق ما يحتاج إلى توثيق من المسائل التي ذكرها المؤلف، حسب ما يقتضيه المقام. [هـ] إذا صحح المؤلف قولاً في مسألة أو عيَّن المذهب فيها، يتم ذكر من وافقه في ذلك من علماء المذهب - خاصة الرافعي والنووي لرجوع المذهب الشافعي إليهما -، أما إذا لم يذكر الصحيح من الأوجه أو الأقوال فيتم بيان ذلك. [و] تم الرجوع فيما يذكره المؤلف من أقوال الأئمة الأربعة إلى كتب كل مذهب. [ز] إذا عزا المؤلف قولاً إلى إمام وكان في كتب مذهبه خلافه، يتم بيان ذلك. [ن] ما سكت عنه المؤلف من مذاهب العلماء لا يتم التطرق إليه خشية الإطالة. [ط] إذا نسب المؤلف قولاً إلى أحدٍ وقال بعده - وهو الغالب -: "وغيره" فيتم توثيق ذلك في الطبقات قبل طبقة المؤلف، فإن لم يوجد، فيتم التوثيق من كتب المتأخرين كالرافعي والنووي. [ر] تم توثيق المسائل الأصولية من مظانها من كتب أصول الفقه. [8] الأعلام : [أ] تم ترجمة كل الأعلام الوارد ذكرهم في التحقيق، إلاَّ: * الأنبياء والمرسلين. * الملائكة. الجزء: المقدمة ¦ الصفحة: 81 * الخلفاء الأربعة. * المشتهرين من الصحابة. * أزواج النبي - صلى الله عليه وسلم -. * الأئمة الأربعة. * أصحاب الكتب الستة. [ب] تم ترجمة العَلَم في أول موضع وَرَدَ فيه - إلا لحاجة - ولا يحال لاحقاً على ترجمته السابقة إذا تكرر وروده. [9] المصادر : [أ] تتم ترتيبها حسب وفيات مؤلفيها. [ب] تم الاعتماد في الغالب على طبعة واحدة للكتاب، وكذا المخطوط، ويشار عند التوثيق من غيرها. [جـ] كتب الطبقات يتم ذكرها منسوبة لمؤلفيها. [د] كتب الحديث المطبوعة مع شروحها، يتم ذكرها مع شرحها. [هـ] في الإحالة إلى نهاية المطلب لإمام الحرمين تم الاعتماد على مخطوطة مكتبة أحمد الثالث بتركيا، وقد تم تكميل نقصها من مخطوطة دار الكتب المصرية، ولاشتراكهما في رقم جزء وهو (2) فقد تم وضع نجمة (*) على مخطوطة دار الكتب المصرية، وهي تبدأ تقريباً من وسط كتاب الجمعة إلى نهاية الكتاب. [و] في الإحالة إلى كتاب مطبوع يتم بيان الجزء - إن وجد - والصفحة، وأما المخطوط فالجزء ورقم اللوحة ورمزها، وأما الرسائل العلمية التي لم تنشر بعد، فرقم الصفحة فقط. الجزء: المقدمة ¦ الصفحة: 82 [10] تم شرح الكلمات الغريبة مع توثيقها. [11] تم التعريف بما قد يخفى من المصطلحات الفقهية. [12] تم التعريف بالبلدان والطوائف التي ورد ذكرها في التحقيق في أول موضع وردت فيه، فحسب. [13] تمت نسبة الأشعار إلى قائليها - وهي قليلة. [14] تم اعداد فهارس إرشادية، وهي: * فهرس للمصادر والمراجع. * فهرس للموضوعات (1). هذا والله تعالى نسأل أن يجعل هذا العمل خالصاً لوجهه الكريم، وأن ينفع به، وما كان فيه من توفيق فمن الله تعالى، وما كان فيه من نقص فنعتذر عنه. وصلى الله وسلم على نبينا محمَّد، والحمد لله رب العالمين. المؤلفان   (1) اكتفينا بفهرس المصادر والمراجع وفهرس الموضوعات في هذه الطبعة، أما في أصل الرسالتين، فقد ذيلتا بفهارس عامة، هي: فهرس الآيات القرآنية - فهرس الأحاديث النبوية - فهرس الآثار - فهرس الأعلام المترجم لهم - فهرس المفردات الغريبة - فهرس الأماكن والبلدان - فهرس المصادر والمراجع - فهرس الموضوعات. (الناشر). الجزء: المقدمة ¦ الصفحة: 83 نماذج من المخطوطات الجزء: المقدمة ¦ الصفحة: 85 غلاف الجزء الأول من النسخة (د). الجزء: المقدمة ¦ الصفحة: 87 الورقة الأولى من الجزء الأول من النسخة (د). الجزء: المقدمة ¦ الصفحة: 88 الورقة الأولى من الجزء الثاني من النسخة (د). الجزء: المقدمة ¦ الصفحة: 89 غلاف النسخة (أ) الجزء: المقدمة ¦ الصفحة: 91 الورقة الأولى من النسخة (أ) الجزء: المقدمة ¦ الصفحة: 92 صورة اللوحة رقم [122] من نسخة (أ) الجزء: المقدمة ¦ الصفحة: 93 غلاف النسخة (ب). الجزء: المقدمة ¦ الصفحة: 94 صورة اللوحة رقم 111 من نسخة (ب) الجزء: المقدمة ¦ الصفحة: 95 ثانياً القسم المحقق الجزء: 1 ¦ الصفحة: 1 بسم الله الرحمن الرحيم اللهم يسر, قال شيخنا, وسيدنا, الإمام, العلامة, شيخ الإسلام, صدر الحفاظ, بقية السلف, مفتي الأمة تقي الدين أبو عمرو (1) عثمان بن عبد الرحمن ابن عثمان بن أبي نصر الشهرزوري المعروف بابن الصلاح - بارك الله في عمره ورضي عنه - وتلا (2): بسم الله الرحمن الرحيم, ربنا أتمم لنا نورنا, واغفر لنا, إنَّك على كل شيء قدير, ربنا آتنا من لدنك رحمة, وهيئ لنا من أمرنا رشدا, الحمد لله رب العالمين أفضل الحمد, ولا إله إلا الله وحده لا شريك له, أهل الثناء والمجد, وتبارك الله ذو الكمال المطلق, المتعالي في كل أمره عن الشبيه, والضدَّ, وصلى الله على عبده ورسوله محمد, سيَّدنا, سيَّد عباده, وعلى سائر النبيَّين, وآل كلٍ (3) , والصالحين أجمعين وسلم, صلاة وتسليماً آتيين (4) على الإحصاء, والعد, آمين آمين. اللهم ربنا أبلغنا (5) فيما تصدينا له, وغيره من كل صالحة, وواقية, ما لم تنله أعمالنا, ولم تبلغه آمالنا, واجعلنا من الفهماء الدارِين (6) , ومن السعداء   (1) في (د): أبو عمر, والمثبت من (أ) و (ب). (2) هذه افتتاحية الناسخ. (3) في (د): والكل, والمثبت من (أ) , و (ب). (4) آتيين على الإحصاء والعد بمعنى مفنيان لهما, أي كونهما فوق الإحصاء والعد. انظر: لسان العرب (1/ 66) , القاموس المحيط (4/ 613) , المصباح المنير ص (2). (5) في (أ): بلّغنا. (6) من الدراية وهي العلم والمعرفة. انظر: الصحاح 6/ 2335, المصباح المنير ص: 74. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 3 في الدارَين, وعافنا من كل خطأ وحرمان, وأعذنا من كل شيطان وخذلان, وذلّل لنا صعوبة أمرنا, وسهّل علينا حزونته (1) , وارزقنا من الخير أكثر مما نطلب, واصرف عنا من (2) الشرَّ أكثر مما نخاف ونحذر. بك اللهم نستفتح, وباسمك نستنجح, وبنبيَّنا (3) محمد نتوجه ونستشفع (4) , إنك البرُّ, الرحيم, الجواد, الكريم, آمين آمين. فقوله - رحمه الله وإيَّانا -: "أما بعد حمد الله الذي هو فاتحة كلَّ كتاب, وخاتمة كلَّ خطاب" (5) هذا هو على عمومه من غير تخصيص من حيث الاستحقاق, وإن لم يكن كذلك وقوعاً, أما في فاتحتها فلِما رويناه من حديث أبي هريرة - رضي الله عنه - عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: (كل كلام لا يبدأ فيه بالحمد لله فهو أجذم (6)) وفي رواية (أقطع) وهما بمعنًى واحدٍ, أخرجه أبو داود سليمان   (1) الحزونة: الخشونة. انظر: النهاية في غريب الحديث والأثر (1/ 380). (2) سقط من (ب). (3) في (أ):نبيُّا (4) التوسل إلى الله تعالى إنما يكون بصفة من صفاته أو باسم من أسمائه, أو يكون بالعمل الصالح الذي قام به الداعي, أو بدعاء رجل صالح, وماعدا هذه الأنواع الثلاثة ففيه خلاف, والذي عليه المحققون من أهل العلم أنه لا يجوز؛ لعدم الدليل الذي تقوم به الحجة على جوازه ومشروعيته, وليس مع بحوَّزيه دليل صحيح يعتد به. راجع في هذا الموضوع مجموع فتاوى شيخ الإسلام ابن تيميَّة (1/ 202) وما بعدها, الرسالة القيمة "التوسل أنواعه وأحكامه" للألباني, جمع محمد عيد العباسي (ص 46) وما بعدها. (5) الوسيط (1/ 295). (6) أجذم: قال الخطابي: معناه المنقطع الأبتر الذي لا نظام له. معالم السنن - مع سنن أبي داود - (5/ 172). الجزء: 1 ¦ الصفحة: 4 ابن الأشعث السجستاني, وأبو عبد الله ابن ماجه القزويني في سننيهما (1) , وأبو عبد الرحمن النسائي في كتابه في "عمل اليوم والليلة" (2) , وهو حديث حسن (3). وما يحتج به من الحديث عند أهل الحديث قسمان: أحدهما: الموسوم بالصحيح. والثاني: الموسوم بالحسن: وهو ينحطُّ درجة عن الصحيح, مع كونه حجَّة أيضاً, وموضع بيانهما وتحقيق الفرق بينهما كتابنا في "معرفة علوم الحديث" (4) , وإنما ذكرنا هذا القدر منه؛ لمسيس الحاجة إليه فيما سنتكلم عليه من الأحاديث في هذا الكتاب إن شاء الله تعالى سبحانه.   (1) انظر: سنن أبي داود كتاب الأدب, باب الهدي في الكلام (5/ 172) برقم (4840) , وسنن ابن ماجة كتاب النكاح, باب خطبة النكاح (1/ 610) برقم (1894). (2) انظر: في سننه الكبرى (6/ 127) برقم (10328 - 10330). كما رواه أيضاً ابن حبان في المقدمة, باب ما جاء في الابتداء بالحمد لله تعالى انظر: الإحسان في ترتيب صحيح ابن حبان (1/ 173 - 175) برقم (206) , والدارقطني في سننه في أول كتاب الصلاة (1/ 229) , والبيهقي في السنن الكبرى, كتاب الجمعة (3/ 295 - 296) برقم (5768) وأخرجه الإمام أحمد في المسند (2/ 359) بلفظ: (كل كلام أو أمر ذي بال لا يفتح بذكر الله عزَّ وجلَّ فهو أبتر أو قال أقطع). (3) قال النووي: "هذا حديث حسن ...... وروى موصولاً ومرسلاً, ورواية الموصول إسنادها جيد". أهـ المجموع (1/ 73) , وكذا ذكره في التنقيح في شرح الوسيط (ل 9/ أ). وقد اختلف العلماء في وصله وإرساله, والموصول فيه قرة بن عبد الرحمن وهو ليس بقوي في الحديث. قال عنه الحافظ ابن حجر: "صدوق له مناكير", تقريب التهذيب (ص 455) - لذا رجّح أبو داود والنسائي كونه مرسلاً, وجزم به الدارقطني في سننه (1/ 229) , وقد أطال تاج الدين السبكي الكلام على الحديث في أول الطبقات الكبرى (1/ 5 - 20) وخلص إلى أنه حديث صحيح موصول, وقد صوّب الألباني إرساله وضعّف الموصول. انظر: إرواء الغليل (1/ 30 - 32). (4) انظر: - مع شرحه التقييد والإيضاح - (ص 8 , 30). الجزء: 1 ¦ الصفحة: 5 وأما في (1) خاتمتها فشكراً على نعمة تمامها, ونستأنس في ذلك بقوله تعالى: {وَآخِرُ دَعْوَاهُمْ أَنِ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ} (2) وقوله تعالى: {وَقُضِيَ بَيْنَهُمْ بِالْحَقِّ وَقِيلَ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ} (3). وأما قوله "والصلاة على رسوله التي هي جالبة كلَّ ثواب" (4) فكلمة "كل" في هذا وما (5) بعده يراد بها الكثرة لا الاستغراق كما في قوله تبارك وتعالى: {وَأُوتِيَتْ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ} (6) , وقوله تعالى: {تُدَمِّرُ كُلَّ شَيْءٍ} (7) (8). وقوله: "ينسدُّ بيمنهم خلل كل اضطراب" (9) وقع في بعض النسخ بالنون قبل السين, وفي بعضها بالتاء قبل الدال المشدَّدة (10) , وعلى هذا ينبغي أن يجعل من السِداد بكسر السين وهو ما سدَّ الخلل, لا من السَداد بالفتح الذي هو الصواب والاستقامة (11)؛ فإنه اللائق بهذا, وإن صحّ استعمال ذلك فيهما على الجملة, والله أعلم   (1) سقط من (ب). (2) سورة يونس, الآية [10]. (3) سورة الزمر, الآية [75]. (4) الوسيط (1/ 295). (5) في (أ) و (ب): وفيما. (6) سورة النمل, الآية [23]. (7) سورة الأحقاف رقم الآية [25]. (8) ما بين القوسين زيادة من (أ) و (ب). (9) الوسيط (1/ 295). (10) في (أ): قبل الدال يشتدُّ المشدّدة. (11) انظر: لسان العرب لابن منظور (6/ 210 - 212) , المصباح المنير (ص 103). الجزء: 1 ¦ الصفحة: 6 قوله (1): "ولا يُعْوِزُه (2) من مسائل "البسيط" أكثر من العشر" (3) وقع في بعض النسخ "أكثر من ثلث العشر" وكأنه إصلاح أوجبه تأمل مسائل الكتابين وأن المعوز منها في "الوسيط" لا يبلغ العشر ولا قريبًا منه (4)، وكل هذا على التقريب لا على التقدير المحقَّق، والله أعلم. قوله: "صغَّرت حجمه بحذف الأقوال الضعيفة، والوجوه المزيَّفة السخيفة" (5) كان ينبغي أن يقول/: بحذف أقوال ووجوه ضعيفة. بصيغة التنكير أو نحو هذا؛ فإن (6) "الوسيط" معروف عند نقلة المذهب بكثرة الأقوال والوجوه الضعيفة، وفيه منها ما ليس في أكثر مصنفات المذهب (7)، وقد أفصح هو بوصف كثير منها بذلك (8)، فإذًا إنما حذف بعضها، وهو مراده بهذه العبارة على ما فيها من الإيهام، والله أعلم بالصواب.   (1) في (أ): وقوله. (2) من الإعواز مصدر عوِز وهو الحاجة والافتقار. انظر: مختار الصحاح (ص 462). (3) الوسيط (1/ 296). (4) سقط من (ب). (5) الوسيط (1/ 296). (6) قوله: (بحذف ... فإن) لم يظهره التصوير من النسخة (د). (7) انظر: التنقيح في شرح الوسيط (ل 10/ أ)، المطلب العالي في شرح وسيط الغزالي (1/ل 3/ أ - ب). (8) انظر على سبيل المثال: (1/ 323، 356، 481، 488)، وغيرها. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 7 ومن كتاب الطهارة قوله: "الطهوريَّة مخصوصة بالماء من بين سائر المائعات" (1) هذا صحيح من حيث (2) إن هذه الخصوصية إنما هي بالنسبة إلى المائعات فحسب لا مطلقاً؛ فإن التراب طهور أيضًا بنص الحديث (3)، فهذا وجه يصحُّ به هذا الكلام في نفس الأمر، لكن كأنه أراد غيره؛ فإنه حصر كتاب الطهارة في قسمين، في كل قسم أربعة أبواب، ليس منها باب التيمم، بل أفرده خارجًا عنها، فيكون مراده بقوله "من بين سائر المائعات" التأكيد، والتصريح بنفي الطهوريَّة عن المائعات التي هي غير الماء، ولا يكون مراده (4) الاحتراز عن التيمم؛ فإنه إذا لم يجعله طهارة لم يجعل التراب طهوراً، وذلك غير مرضي؛ لمخالفته نصَّ الحديث الثابت، ولما اشتهر في كلام الأئمة من الحكم بكونه طهارة (5)، وهو أيضاً (قد) (6) جعله في باب صفة الوضوء من "الوسيط" من طهارات   (1) الوسيط (1/ 296). (2) في (أ): من حيث الحكم. (3) إشارة إلى الحديث الذي رواه مسلم في صحيحه, كتاب المساجد ومواضع الصلاة (5/ 4) من حديث حذيفة بن اليمان - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: (فضلنا على الناس بثلاث: جعلت صفوفنا كصفوف الملائكة، وجعلت لنا الأرض كلها مسجداً، وجعلت تربتها لنا طهوراً إذا لم نجد الماء) .... الحديث. وفي رواية في المسند (1/ 98، 158) من حديث عليًّ بن أبي طالب (وجعل التراب لي طهوراً). (4) في (أ) و (ب): مراده به. (5) انظر: الأم (1/ 41)، مختصر المزني (ص 4)، الحاوي (1/ 234)، الإبانة للفوراني (ل 7/ أ)، فتح العزيز (1/ 80، 79). (6) زيادة من (أ) و (ب). الجزء: 1 ¦ الصفحة: 8 الأحداث (1). ثمّ إن في كلامه هذا استعمالاً منه للفظة سائر بمعنى الجميع (2)، وذلك مردود عند أهل اللغة، معدود في غلط العامة، وأشباههم من الخاصة، قال أبو منصور الأزهري (3) صاحب كتاب "تهذيب اللغة" فيه: "أهل اللغة اتفقوا على أن معنى سائر الباقي" (4). قلت: ولا التفات إلى قول الجوهري (5) صاحب كتاب (6) "صحاح اللغة": "سائر الناس جميعهم" (7)؛ فإنه ممن لا يقبل ما ينفرد به، وقد حُكم عليه بالغلط في هذا من وجهين: أحدهما في تفسير (8) ذلك بالجميع. والثاني: أنه ذكره في فصل "سير" وحقه أن يذكره (9) في فصل "سار"؛ لأنه   (1) الوسيط (1/ 360). (2) في (ب): جميع. (3) هو محمَّد بن أحمد بن الأزهر بن طلحة الأزهري الهروي أبو منصور اللغوي الشافعي كان رأساً في اللغة، والفقه، من تصانيفه: تهذيب اللغة، وتفسير ألفاظ المزني، وكتاب الروح، وعلل القراءات، وغيرها، توفي سنة (370 هـ) انظر ترجمته في: وفيات الأعيان (4/ 334)، سير أعلام النبلاء (16/ 315)، طبقات السبكي (3/ 63)، طبقات الأسنوي (1/ 49)، مقدمة تهذيب اللغة (1/ 5 - 12). (4) انظر: (13/ 47). (5) هو إسماعيل بن حمَّاد التركي أبو نصر إمام اللغة، كان يضرب به المثل في ضبط اللغة، من تصانيفه: كتاب الصحاح، وله كتاب في العروض، ومقدمة في النحو، توفي سنة (393) هـ، وقيل في حدود الأربعمائة، انظر ترجمته في: السير (17/ 80)، العبر (2/ 184)، الأعلام للزركلي (1/ 313). (6) سقط من (أ). (7) الصحاح (2/ 692). (8) في (أ) و (ب): تفسيره. (9) في (أ) و (ب): يذكر. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 9 من السؤر بالهمز وهو بقية الشراب وغيره (1)، والله أعلم. قوله: "أما في طهارة الحدث فبالإجماع" (2) قد ينكر عليه؛ لأنه إن أراد به إجماع الشافعي وأبي حنيفة لم يستقم؛ لما عرف من خلاف أبي حنيفة في النبيذ (3) على أن الإجماع بهذا (4) المعنى إنما يستعمل في علم الخلاف دون علم المذهب. وإن أراد إجماع الأمة فلا يستقيم أيضاً لما ذكرناه، ولأن ابن أبي ليلى (5)   (1) قال الإمام النووي - بعد أن نقل كلام ابن الصلاح السابق في كلمة سائر: "وقد استعمل الغزالي - رحمه الله تعالى - سائر بمعنى الجميع في مواضع كثيرة في الوسيط، وهي لغة صحيحة ذكرها غير الجوهري، لم ينفرد بها الجوهري بل وافقه عليها الإمام أبو منصور الجواليقي في أول كتابه شرح أدب الكاتب: أن سائر بمعنى الجميع، واستشهد على ذلك، وإذا اتفق هذان الإمامان على نقلها فهي لغة ... " تهذيب الأسماء واللغات (3/ 1/ 140)، وراجع التنقيح (ل10/ ب)، المطلب العالي (1/ ل6/ أ). (2) الوسيط: (1/ 297)، وقبله: والطهورية مختصة بالماء من بين سائر المائعات، أما في طهارة ... الخ. (3) لأبي حنيفة ثلاث روايات في نبيذ التمر: أحدها: جواز الوضوء به في السفر لمن فقد الماء. والثانية: يجمع بين الوضوء به والتيمم. والثالثة: رجع عن ذلك وقال: لا يتوضأ به ولكنه يتيمم. انظر: مختصر الطحاوي (ص 15)، المبسوط للسرخسي (1/ 88)، بدائع الصنائع للكاساني (1/ 15)، الدر المختار مع حاشيته لابن عابدين (1/ 325 - 326). (4) في (أ): في هذا. (5) الإمام العلامة القاضي أبو عبد الرحمن محمَّد بن عبد الرحمن بن أبي ليلى الأنصاري الكوفي الفقيه، قاضي الكوفة، روى عن أخيه عيسى ونافع مولى ابن عمر وغيرهما، ومات أبوه وهو صبي، كان نظيراً للإمام أبي حنيفة في الفقه، غير أنه كان كثير الخطأ في الحديث، توفي سنة (148 هـ). انظر ترجمته في: طبقات ابن سعد (6/ 358)، تهذيب الأسماء واللغات (3/ 294)، السير (6/ 310) تهذيب التهذيب (9/ 301). الجزء: 1 ¦ الصفحة: 10 والأصم (1) أجازا الوضوء بالمائعات (2). فأقول: أما خلاف الاسم فلا اعتداد به على ما ذهب إليه إمام الحرمين (3) والقاضي أبو بكر ابن الباقلاني (4)، وهذا كأنه مستند قوله في "الوسيط" في كتاب الإجارة (5): "ولا مبالاة بخلاف ابن كيسان" وابن كيسان هذا هو الأصم، ولكن خلاف ابن أبي ليلى يمنع من دعوى إجماع   (1) هو عبد الرحمن بن كيسان الأصم، وكنيته أبو بكر, شيخ المعتزلة، توفي سنة (201 هـ)، من مصنفاته: التفسير وكتاب "خلق القرآن" وكتاب "الحجة والرسل" وغيرها. انظر ترجمته في: تهذيب الأسماء (2/ 301)، السير (9/ 402). وقد وهم محقق كتاب المغني لابن قدامة حيث ترجم له على أنه أبو العباس محمَّد بن يعقوب بن يوسف الأصم النيسابوري المحدث مسند العصر المتوفى سنة (346 هـ). انظر المغني (1/ 20). (2) انظر: المغني (1/ 20)، المجموع للنووي (1/ 93)، رحمة الأمة في اختلاف الأئمة (ص 5). (3) شيخ الشافعية أبو المعالي عبد الملك ابن الإمام أبي محمَّد عبد الله بن يوسف بن عبد الله بن يوسف الجويني النيسابوري، صاحب التصانيف البديعة المشهورة منها: نهاية المطلب في دراية المذهب، البرهان في أصول الفقه، غياث الأمم، الرسالة النظامية وغيرها، توفي سنة 478 هـ. انظر ترجمته في: وفيات الأعيان (3/ 167)، طبقات السبكي (5/ 65)، طبقات الأسنوي (1/ 409)، البداية والنهاية (12/ 136 - 137)، وغيرها. ولم أقف على قوله هذا في البرهان في أصول الفقه، وانظر النقل عنه في: تهذيب الأسماء (2/ 301)، المطلب العالي (1/ 6/ ب). (4) القاضي أبو بكر محمَّد بن الطيَّب بن محمَّد بن جعفر بن قاسم البصري ثم البغدادي ابن الباقلاني، صاحب التصانيف، كان يضرب به المثل بفهمه وذكائه، من مصنفاته: كتاب الهداية، التقريب والإرشاد في أصول الفقه، وكتاب المقنع فيه، الانتصار للقرآن، وكتاب البيان عن فرائض الدين، وغيرها، توفي سنة (403 هـ). انظر ترجمته في: ترتيب المدارك للقاضي عياض (4/ 585)، وفيات الأعيان (4/ 269)، البداية والنهاية (11/ 373)، وغيرها. وانظر النقل عنه في الموضعين السابقين من: تهذيب الأسماء والمطلب العالي. (5) انظر: (4/ 153). الجزء: 1 ¦ الصفحة: 11 الأمة، فيبقى إجماع الإمامين صالحاً لأنّ يحمل كلامه عليه، ووجدت فيما علق عنه من لفظه في تدريسه "للوسيط" (1) ما يدل على أن مراده به إجماع الإمامين (2)، إلا أن قوله في "البسيط" (3): "اتفقت الفِرق على ذلك" يشعر بأن مراده ههنا أيضاً إجماع الأمة فيبطله خلاف ابن أبي ليلى إن صحّ عنه (4). ولما كنت بخراسان (5) - حرسها الله وسائر بلاد الإسلام وأهله - وقفت على "تعليق للوسيط" (6) علَّقه عن الإمام الغزالي - رحمه الله وإيَّانا - فاضل من أصحابه يقال له: خلف بن أحمد (7)، بلغني أنه مات قبله، علَّقه من لفظ المصنف في تدريسه له بعد رجوعه إلى بلاده، وفيه بسط لفظٍ، وجودة ضبطٍ، فعلقت منه أشياء   (1) في (أ): في الوسيط. (2) انظر: المطلب العالي (1/ ل 6/ ب). (3) انظر: (1/ل 2/ أ). (4) سقط من (ب)، وراجع المجموع (1/ 93). (5) خراسان بلاد واسعة أول حدودها مما يلي العراق وآخر حدودها مما يلي الهند، تشتمل على أمهات المدن مثل: نيسابور، هراة، مرو، بلخ، نسا، أبيورد، سرخس، وغيرها، وخراسان قيل: نسبة إلى خراسان ابن عالم بن سام بن نوح - عليه السلام - عندما استوطنها، وهي ما تعرف الآن بتركستان ويقع ضمنها الكثير من الجمهوريات الإِسلامية التي كانت ضمن الاتحاد السوفييتي، وهي موطن الكثير أو الأكثر من علماء المسلمين كما قال النووي. انظر معجم البلدان للحموي (2/ 401 - 405)، تهذيب الأسماء واللغات (3/ 1/ 102)، وراجع حاضر العالم الإِسلامي لجميل المصري (2/ 453) وما بعدها. (6) في (أ): الوسيط. (7) ترجم له كل من السبكي والأسنوي ولكن لم يزيدا على ما ذكره عنه ابن الصلاح هنا، غير أن الأسنوي قال: خلف بن رحمة بدلاً عن أحمد. انظر: طبقات السبكي (7/ 83)، طبقات الأسنوي (2/ 247). الجزء: 1 ¦ الصفحة: 12 استضأت بها أنا أوردها إن شاء الله تعالى في شرحي هذا. وأما خلاف أبي حنيفة في النبيذ فقد ذكر بعض أصحابه عنه أنه رجع عنه (1)، والصحيح أن المجتهد إذا قال قولاً ثمّ رجع عنه (2) بطل كالمنسوخ (3)، والله أعلم. قوله: "واختصاص الطهوريَّة به (4) إما تعبُّد لا يعقل معناه، وإما أن يعلَّل باختصاص الماء بنوعٍ من اللطافة، والرقَّة، وتفرد في التركيب لا يشاركه فيها (5) سائر المائعات" (6) فتفرده في التركيب هو أنه جسم لم (7) يركَّب إلا من جوهر الماء، بخلاف ماء الورد وغيره من المائعات، فإنها (8) مركبة من جوهر الماء وغيره، ولهذا (9) إذا أُغلي (10) الصافي منها رسب له ثقل، والماء الصافي إذا أُغلي (11) لم يرسب له ثقل، وتفرده بهذا التركيب هو السبب في تفرده باللطافة والرقَّة، فعطف أحدهما على الآخر جمعاً بين السبب والمسبب، والله أعلم.   (1) نقل الكاساني عن نوح أنه روى في الجامع المروزي عن أبي حنيفة أنه رجع عن ذلك. بدائع الصنائع (1/ 15)، كذا نقله السرخسي في المبسوط (1/ 88). (2) سقط من (ب). (3) انظر التنقيح (ل 11/ أ)، المطلب العالي (1/ ل 6/ ب). (4) سقط من (أ). (5) في (ب): فيه. (6) الوسيط 1/ 298 - 299. (7) في (د): ولم، والواو كأنها مقحمة هنا، والمثبت من (أ) و (ب). (8) في (ب): فإنه. (9) في (ب): فلهذا. (10) في (ب): غلي. (11) في (ب) أيضاً: غلي. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 13 ومن فوائد هذا الاختلاف أنه إذا كان تعبُّداً انسدَّ باب القياس عليه من أصله، وإذا كان معلَّلاً توقف امتناع (1) القياس على إثبات قصور العلَّة وقيام الفارق (2) والله أعلم. وقال أبو سعيد (3) محمَّد بن يحيى (4) تلميذ المصنف في كتابه "المحيط في شرح الوسيط" (5) - وإنما هو منه بمنزلة المهذب من التنبيه -: "هذا البحث عديم الأثر؛ فإنه حكم على التقديرين مخصوص بالماء". وما ذكرناه أولى، والله أعلم. قوله: "ثم (6) المياه (7) ثلاثة أقسام" (8) أراد المياه الطاهرة (9)، وقد قدَّم في عقد الباب تخصيصه بالمياه الطاهرة، وإلا فهي أربعة أقسام بالماء النجس.   (1) في (أ): امتناع إثبات. (2) العلَّة القاصرة هي التي لا يمكن تعدية الحكم بها من الأصل إلى الفرع لعدم وجودها في غير محل النصَّ. وقيام الفارق أي عدم وجود جامع يربط ببن الأصل والفرع، والله أعلم. وراجع: البحر المحيط (5/ 146 - 157)، نزهة الخاطر العاطر شرح كتاب روضة الناظر لابن بدران (2/ 315). (3) في (د) و (ب): سعد، والمثبت من (أ). (4) تقدم في 1/ 51. (5) كتابه مفقود، ولم أقف على من نقل قوله هذا. (6) في (أ): ثم أقسام. (7) في (ب): المياه على. (8) الوسيط (1/ 299). والأقسام الثلاثة هي: الأول: ما بقي على أوصاف خلقته، الثاني: ما تغير عن وصف خلقته ولكنه تغيراً يسيراً لا يزايله اسم الماء المطلق، الثالث: ما تفاحش تغيره بمخالطة ما يستغنى عنه. (9) انظر: التنقيح (ل 11/ ب). الجزء: 1 ¦ الصفحة: 14 قوله: "الأول: ما بقي على أوصاف خلقته: فهو الطهور وهو الماء المطلق" (1) هذا ظاهره (2) أنه حدَّ الماء المطلق بالباقي على أوصاف خلقته، كما حدّه به الشيخ أبو محمَّد الجويني (3)، والشيخ أبو إسحاق الشيرازي (4) ولا ينبغي أن ينسب إليه تحديده ذلك بذلك؛ لأنه صرَّح من (5) بعد في القسم الثاني في المتغير عن وصف خلقته بطول المكث، وبما يتعذر صونه عنه وغير ذلك، بأنه من الماء المطلق أيضاً، فكأنه أراد بقوله أولاً في الباقي على أوصاف خلقته: أنه هو الماء المطلق. (أي) (6) أنه هو الأصل في ذلك والقسم   (1) الوسيط (1/ 299). (2) في (أ): (ظاهر). (3) شيخ الشافعية، والد إمام الحرمين، أبو محمَّد عبد الله بن يوسف بن عبد الله الجويني، كان فقيهاً، مدققاً، محققاً، نحويَّاً، مفسراً، صاحب وجه في المذهب، توفي سنة (438 هـ)، من تصانيفه: التبصرة في الفقه، والتذكرة، وكتاب التفسير الكبير، وكتاب التعليقة. انظر ترجمته في: وفيات الأعيان (3/ 47)، السير (17/ 617)، طبقات السبكي (5/ 73)، طبقات الأسنوي 1/ 338، البداية والنهاية 11/ 59. وانظر النقل عنه في: التنقيح ل 11/ ب، المطلب العالي 1/ ل 13/ أ. (4) الشيخ، الإمام، القدوة، المجتهد أبو إسحاق إبراهيم بن علي بن يوسف الفيروزابادي الشيرازي الشافعي، رحل الناس إليه من البلاد، رصنف في الأصول، والفروع، والخلاف، والمذهب، توفي سنة (476 هـ)، من تصانيفه: المهذب، التنبيه، اللمع في الأصول، شرح اللمع. انظر ترجمته في: طبقات ابن الصلاح (1/ 302)، وفيات الأعيان (1/ 29)، طبقات السبكي (4/ 215)، تهذيب الأسماء (2/ 72)، طبقات الأسنوي (2/ 83). وانظر قوله في: التنبيه (ص 13). (5) سقط من (أ). (6) زيادة من (أ). الجزء: 1 ¦ الصفحة: 15 الثاني ملتحق (1) به. والصحيح في تحديد الماء المطلق: أنه الماء الذي يكتفى (2) في ذكره بمجرد اسم الماء، أو نقول: هو الماء الذي يتناوله مجرد اسم الماء (3). ثمَّ إنه ليس من شرطه أنه لا يُقيَّد، بل قد يُقيَّد فيقال: ماء السماء، وماء البحر، وماء البئر، ونحو ذلك، وليس هذا كتقييد ماء الورد وغيره، مما لا يتناوله مجرد اسم الماء ولا يكتفى في ذكره بمجرد اسم الماء؛ وذلك لأن الماء المطلق إنما سمِّى ماءً (4) مطلقاً؛ لأنه يطلق عليه اسم الماء ويفهم من إطلاق اسم الماء، والتقييد بالبئر ونحوه لا يمنع من فهمه (5) من اسم الماء، بخلاف قيد ماء الورد ونحوه فإنه لا يفهم من اسم الماء إذا أطلق، وإنما يفهم إذا قُيَّد فقيل: ماء الورد، فافهم ذلك؛ فإنَّه مزلَّة قدم، ورأيت جمعاً من المصنِّفين قد زلُّوا فيه، وفيهم من جعل المطلق عبارة عما لا يتقيَّد أصلاً، وقسَّم المقيَّد إلى طهور وإلى غير طهور (6)، والله أعلم. قوله: "ولا يستثنى عن هذا إلا الماء المستعمل" (7) ظاهره أنه عنده مطلق مستثنى، وهذا وإن كان خلاف ما هو الأقوى (8)، وخلاف ما صار إليه صاحب   (1) في (أ): يلحق. (2) في (أ): يكتفى به. (3) راجع: المجموع (1/ 80)، المنهاج - مع مغني المحتاج (1/ 17)، التنقيح (ل 11/ ب)، كفاية الأخيار 1/ 17 - 18. (4) سقط من (أ). (5) من فهمه: سقط من (أ). (6) انظر: فتح العزيز (1/ 94)، المطلب العالي (1/ ل 13/ أ). (7) الوسيط (1/ 299). (8) راجع: التنقيح (ل 11/ ب)، المجموع (1/ 80). الجزء: 1 ¦ الصفحة: 16 "المهذب" (1)، وغيره (2)، فهو قول غير واحد من الأئمة المحققين، قال صاحب "التقريب" - ومن نفس كتابه نقلت بخراسان -: "الصحيح أنه ماء مطلق منع من استعماله تعبُّداً" (3). وقرأت هناك أيضاً بخط الشيخ أبي محمَّد الجويني والد إمام الحرمين فيما علَّقه عن شيخه القفَّال (4) في شرح "التلخيص" لابن القاصِّ (5) قال: "قد (6) سمى صاحب الكتاب الماء المستعمل مطلقاً (7) وهذا صحيح، وكونه مستعملاً لا يخرجه عن (8) حدِّ الإطلاق؛ لأنه نعت من نعوته كالحرِّ والبرد" (9).   (1) الذي صار إليه صاحب المهذب أنه زال عنه إطلاق اسم الماء فصار كما لو تغير بالزعفران. المهذب (1/ 8). (2) كالماوردي في الحاوي (1/ 52). (3) انظر النقل عنه في: المجموع (1/ 81)، المطلب العالي (1/ ل 13/ أ). (4) شيخ الشافعية، الإمام العلامة، أبو بكر عبد الله بن أحمد بن عبد الله المروزي الخرساني، كان وحيد زمانه علماً، وحفظاً، وورعاً، وزهداً، صاحب التصانيف، وإليه تنسب الطريقة الخرسانية, توفي سنة (417 هـ)، وقيل له القفال؛ لأنه كان يعمل الأقفال، وله شرح التلخيص، والفروع، وله الفتاوى. انظر ترجمته في: وفيات الأعيان (3/ 46)، السير (17/ 405)، طبقات السبكي (5/ 53)، البداية والنهاية (12/ 23). (5) أبو العباس أحمد بن أبي أحمد الطبري ثم البغدادي الشافعي، صاحب المصنفات، توفي (سنة 335 هـ)، من مصنفاته: التلخيص، المفتاح، أدب القاضي، كتاب المواقيت، وقيل له ابن القاصَّ؛ لأن أباه كان يقصُّ على الناس الأخبار والآثار. انظر ترجمته في: وفيات الأعيان (1/ 68)، السير (15/ 371)، طبقات السبكي (3/ 59). (6) في (ب): وقد. (7) انظر التلخيص (ص 78). (8) في (أ): من. (9) انظر النقل عن القفال في: المجموع (1/ 81)، التنقيح (ل 11/ ب)، المطلب العالي (1/ ل 13/ ب). الجزء: 1 ¦ الصفحة: 17 قوله: "ويدلُّ على طهارته قلة احتراز الأولين منه" (1) استدل فيما عُلَّق من درسه على عدم احتراز الأولين منه: بأنه (2) لو احترزوا لنقل إلينا. وبمثل هذا يُثْبتُ كثيراً من الأمور المنفيَّة التي ينسبها في هذا الكتاب وغيره إلى الأولين، والله أعلم. قوله: "ويدل على سقوط طهوريَّته أنَّ الأولين في إعواز المياه لم يجمعوا المياه المستعملة" (3) هذا يتضمن دعوى إجماع العلماء على ذلك قبل ظهور الخلاف، وقد قال صاحب "التقريب" - رحمه الله -: "و (4) لا نعلم (5) بين المتقدمين فيه خلافاً" (6). وذكر المزني (7) أنه إجماع العلماء، والله أعلم.   (1) الوسيط (1/ 301). (2) في (ب): بأنهم. (3) الوسيط (1/ 301). (4) سقط من: (أ) و (ب). (5) في (أ): يُعلم. (6) لم أقف على النقل عنه فيما بين يديَّ من مصادر، وقد نقل الإجماع عليه الماوردي في الحاوي (1/ 297). (7) الإمام العلامة أبو إبراهيم إسماعيل بن يحيى بن إسماعيل المزني المصري، صاحب الشافعي كان رأساً في الفقه والاجتهاد، مع الزهد والورع، توفي سنة (264 هـ)، من مصنفاته: المختصر الذي ذاع صيته واشتهر، والمبسوط، والمنثور, والمسائل المعتبرة، والترغيب في العلم، وغيرها انظر ترجمته في: وفيات الأعيان (1/ 217)، المجموع (1/ 107 - 108)، السير (12/ 492)، طبقات السبكي (2/ 94). ولم اهتد إلى قوله هذا في المختصر، ولم أقف على أحد نقله عنه بعد البحث. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 18 قوله: "ثم سقوط الطهوريَّة (1) باعتبار معنيين: أحدهما: تأدي العبادة به (2). والآخر: انتقال المنع إليه ... إلى آخره" (3) فيه إشكال وبحث من جهات ثلاث: إحداها: أن لفظه هذا يشعر بالجمع بين المعنيين في الاعتبار؛ إما بأن يكونا جزأي العلَّة، والعلَّة مجموعهما، وإما بأن (4) يكونا علَّتين معاً مستقلتين حتى يكون ذلك من قبيل الحكم المعلَّل بعلَّتين معاً وذكر (5) الشيخ أبو الفتوح العجلي الأصبهاني (6) صاحب "حواشي الوجيز": أنه لم يجمع أحد في هذا (7) التعليل بين المعنيين، بل اختلفوا في أنه بأيَّهما يعلَّل (8). واتبعه على نحو (9) ذلك صاحب "شرح الوجيز" أبو القاسم الرافعي القزويني (10) عَصْرِيُّنا -رحمهما الله - فقال:   (1) فى (ب): طهوريته. (2) سقط من (ب). (3) انظر الوسيط (1/ 301) (4) فى (ب): أن. (5) فى (أ) و (ب): وقد ذكر. (6) هو أبو الفتوح أسعد بن أبي الفضائل محمود بن خلف بن أحمد العجلي الأصبهاني، الفقيه الشافعي، الواعظ، له كتب في شرح مشكلات الوجيز والوسيط، وكتاب تتمة التتمة، توفي سنة (600 هـ). انظر ترجمته في: السير (21/ 402)، طبقات السبكي (8/ 126)، البداية والنهاية (13/ 43). (7) سقط من (ب). (8) انظر النقل عنه في: المطلب العالي 1/ ل 17/ أ. (9) سقط من (أ). (10) شيخ الشافعية أبو القاسم عبد الكريم بن العلامة ابي الفضل محمد بن عبد الكريم بن الفضل بن الحسين الرافعي القزويني، انتهت إليه معرفة المذهب، من تصانيفه: فتح العزيز شرح الوجيز، شرح مسند الشافعي، وغيرها توفي سنة (623 هـ). انظر ترجمته فى: تهذيب الأسماء (1/ 2/ 264)، طبقات السبكي (8/ 281)، شذرات الذهب (5/ 108). الجزء: 1 ¦ الصفحة: 19 "اتفقوا على أنهما ليستا علَّتين مستقلتين وإلا لما صار بعضهم إلى نفي الطهوريَّة في صورة وجود أحد المعنيين دون الثاني، وعلى أنَّهما ليستا جزأي علة واحدة وإلا لما صار بعضهم إلى إثبات الطهورية فيها" (1). وفسَّر العجلي قوله في "الوسيط" "باعتبار المعنيين": بأن العلة لا تخرج عنهما, ولا تعدوهما من حيث إن العلَّة أحدهما. ويتوجه ما قاله بأنه لمَّا كان كلُّ واحد منهما قد علَّل به معلِّل ساغ الجمع بينهما في الذكر. وهذا الاتفاق الذي ادَّعياه لم أجده منقولاً في كتب من تقدم من الأئمة، والاستدلال عليه (2) باختلافهم في صورة انتفاء أحد المعنيين لا يصحُّ؛ فإن الخلاف (3) يتصور فيها بأن يكون بعضهم علَّل بالمجموع فأثبت الطهورية عند انتفاء أحد المعنيين لانتفاء المجموع، وخالفه غيره فصار إلى أنَّ العلَّة المعنى الموجود دون الثاني، أو إلى أنَّ كلَّ واحد (4) منهما علَّة مستقلة فنفى الطهورية لذلك، ويتصور الخلاف فيه أيضاً بأن يصير بعضهم إلى استقلال كل واحد منهما فينفى الطهوريَّة (5)، ويصير آخر إلى أنَّ العلَّة المعنى المنتفي خاصة فلا ينفيها، ثم إنَّ المزني علَّل في "المختصر" (6) بأنه ما أُدي به الفرض مرة. وهذا ظاهره التعليل بالمعنيين جميعاً؛ لأنَّ أداء فرض طهارة الحدث   (1) فتح العزيز (1/ 106). (2) في (أ): عليهم. (3) في (أ): الإطلاق. (4) في (د): واحدة، والمثبت من (أ) و (ب). (5) في (أ): الطهورية به. (6) انظر: - بآخر الأم - (ص 8). الجزء: 1 ¦ الصفحة: 20 من المسلم يشتمل على أداء (1) العبادة، وزوال المنع، وغسل الذمية التي تحت المسلم نادر يبعد أنَّه لاحظه في تعليله (2)، ثم إنَّ في "البسيط" (3) التصريح بأنه على أحد الوجهين: يعتبر مجموع الوصفين، والله أعلم. ووقَّفني أيَّام مقامي بنَيسابور (4) الشيخ أبو حامد الجاجرمي (5) على المجلد الأول من "شرحه للوسيط" - وكان قد عمل بعضه - فوجدته يقول فيه: "إنَّ الأصحاب اختلفوا في العلَّة على ثلاثة أوجه: أحدها: قال بعضهم - وهو منقول عن المزني -: هي أنَّه (6) أُدي به فرض الطهور". وذكر المعنيين الآخرين، ثمَّ جمعني وإيَّاه الطريق فقلت له: من أين ذكرت هذا؟ فقال في الخلاصة: لأنَّه أُدي به الفرض.   (1) سقط من (أ). (2) قال: نادر؛ لأنه قد ينقض به عليه؛ لأن غسل الذميَّة يزيل المنع من الوطء من قِبَل زوجها المسلم، ولا يشتمل على العبادة لكفرها، والله أعلم. (3) انظر: (1/ ل 5/ ب). (4) من مدن خراسان العظيمة، فتحت في عهد الخليفة الراشد عثمان بن عفان سنة (31 هـ)، كانت ذات فضائل حسنة وعمارة، واستمرت على ذلك حتى سنة (618 هـ) عندما داهمها التتار وجعلوها خراباً وهجرها من بقي من أهلها، وقد خرج منها من أئمة العلم من لا يحصى عدداً وهي تعرف الآن باسم (نيشابور) وتقع على بعد (125) كلم من مدينة (مشهد) الإيرانيَّة. انظر معجم البلدان (5/ 382 - 384)، آثار البلاد وأخبار العباد القزويني (ص 473 - 477)، بلدان الخلافة الشرقيَّة ص: 424. (5) العلامة أبو حامد محمَّد بن إبراهيم بن أبي الفضل السهلي الشافعي معين الدين، من مصنفاته: الكفاية، إيضاح الوجيز، توفي سنة (613 هـ)، وجاجرم بلدة بين جرجان ونيسابور. انظر ترجمته في: وفيات الأعيان (4/ 256)، السير (22/ 62)، طبقات السبكي (5/ 19). (6) في (أ): أنه إذا. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 21 فقلت له: هذا في "مختصر المزني" ولا كلام فيه، وإنما الجمع بين الثلاثة هو الذي ما رأيت أحداً ذكره، ولعلَّك لما رأيت هذا مذكوراً، ورأيت الآخرَين مذكورين جمعت بينهما. فقال: يجوز. ثمَّ بعد ذلك (1) طالبته بإسناده إلى كتاب فلم يقم به، فقلت (2) له: قد ذكره المزني، ولكن ليس ذلك معنىً ثالثاً؛ وإنما هو عبارة مختصرة عن المعنيين، والله أعلم. ثمَّ إن قوله في "الوجيز" (3): "لتأدي العبادة به (4)، وانتقال المنع إليه" وقع هكذا بحرف الواو في أكثر النسخ، أو في كثير منها، وأبي الواو بمعناها من الجمع العجلي والرافعي بناءً على ما سبق، وهو متداول بين الطلبة، أما العجلي فقال: "الواو سهو من الكاتب، والصحيح أو (5) ". وأما الرافعي فإنَّه أقرَّ الواو وجعلها بمعنى أو (6). قلت: وهذا كالهوش (7)؛ فإن الواو بمعناها من الجمع لا يزيد على لفظه في "الوسيط" المصرح بالجمع، فإذا كان ذلك محمولاً على أن المراد أن العلَّة لا تعدوهما كما سبق بيانه، كان ذلك بلفظ الواو بمعناها من الجمع محمولاً على مثل ذلك. وجمعني والرافعي - رحمه الله وإيَّانا - جامع   (1) ثم بعد ذلك: مكررة في (ب). (2) في (أ) و (ب): وقلت. (3) انظر: (1/ 5). (4) سقط من (أ). (5) لم أقف على قوله هذا فيما بين يديَّ من مصادر. (6) انظر: فتح العزيز (1/ 109). (7) الهوش: الهيج والاضطراب. انظر: مختار الصحاح (ص 701). الجزء: 1 ¦ الصفحة: 22 همذان (1) وهو قافل من الحج وأنا راحل إلى خراسان، فدار بيني وبينه في ذلك كلام لست أحصله الآن، والله أعلم. الثانية: أن قوله: "انتقال (2) المنع إليه" مستنكر من حيث إنه موهم أنه انتقل من أعضاء المحدث منعٌ قائمٌ بها إلى الماء المستعمل، كما تنتقل النجاسة من محلها إلى الماء المستعمل في إزالتها, وليس كذلك؛ لأنّ هذا المنع ليس شيئاً قائماً بالأعضاء حتى يوصف بالانتقال منها، إنما هو حكم من أحكام الشرع، ولو كان قائماً بها لكان في حكم العرض، والعرض لا يتصور انتقاله، وأيضاً فإن انتقال المنع يتوقف على سقوط الطهوريَّة فلا يكون علَّة له أو مشبهاً (3) بالعلَّة له (4). وهذه العبارة من تصرفه في "الوسيط" دون "البسيط"، وإنما عبَّر شيخه إمام الحرمين (5) وغيره (6) وهو في "البسيط" (7) عن ذلك: بأداء الفرض، وذلك   (1) هَمَذَان بالتحريك والذال المعجمة، وهي من مدن الجبال، قيل بناها همذان بن الفلوج بن سام بن نوح - عليه السلام -، وقد فتحت في أول خلانة عثمان - رضي الله عنه - على يد المغيرة بن شعبة - رضي الله عنه - سنة (24 هـ) وهي من أحسن البلاد، وأنزهها، وأطيبها، إلا أن شتاءها مفرط البرد، من أشهر من ينسب إليها بديع الزمان الهمذاني صاحب المقامات، وهي مدينة مشهورة في إيران. انظر معجم البلدان (5/ 471)، آثار البلاد (ص 483)، بلدان الخلافة الشرقيَّة (ص 229). (2) في (أ): انتقل. (3) في (أ): مشتبهاً. (4) أي أن انتقال المنع إلى الماء المستعمل يتوقف على سقوط طهوريته ابتداءً؛ إذ لو كان طهوراً لم ينتقل منع إليه، وعلى هذا ينبغي أن يتقدم سقوط الطهورية على انتقال المنع، وإذا تقدم عليه لم يعلل به وإلا لزم الدور، والله أعلم. (5) انظر: نهاية المطلب في دراية المذهب (1/ ل 100/ ب). (6) كالقاضي حسين في التعليقة (1/ 468)، والفوراني في الإبانة (ل 1/ ب). (7) انظر: (1/ ل 5/ ب). الجزء: 1 ¦ الصفحة: 23 شامل لغسل الذميَّة، وكذا وضوء الصبي، والوضوء للنافلة؛ لأنّ المراد بفرض الطهارة: ما لا يجوز الصلاة أو الوطء وغيرهما مما يتوقف عليها إلا به. لا ما يأثم بتركه (1)، والمُمكِّن في العذر عنه أن المراد بانتقال المنع: زوال منع من الأعضاء وثبوت منع آخر يماثله أو يقاربه في الماء، وتسمية ذلك نقلاً وانتقالاً كتسمية نسخ الكتاب نقلاً له، مع أنه ليس فيه انتقال المكتوب المنقول بعينه من موضع إلى موضع، وهذا أولى منه بذلك؛ إذ ليس في النسخ إلا إثبات المثل في محل آخر مع بقاء المنقول في محله، وهذا فيه إزالة المنقول من محله وإثبات مثله في محل آخر، فهو أقرب إلى النقل الحقيقي الذي يتوارد فيه الإزالة والإثبات على شيء (2) واحد بعينه. وأما تعليل سقوط الطهورية به فوجهه ما يأتي في البحث الثالث، والإنصاف الاعتراف بأن قوله: "انتقال المنع إليه" تصرف منه غير لائق به و (3) بفنِّه، والله أعلم. الثالثة: في صلاحية المعنيين للتعليل، وقد يتخيل أنهما انما هما: أداء العبادة، وأداء الفرض، فيتجه أن يقال: ما أديت به العبادة، أو أُدي به الفرض فلا يؤدى به (4) ذلك مرة أخرى حتى يتجدد ما تعود به صلاحيته كالعبد أو الطعام تؤدى به الكفارة، لا تؤدى به الكفارة مرة أخرى حتى يتجدد ما تعود به صلاحيته وهو تجدد الملك هناك، وتجدد الكثرة ببلوغه قلتين ههنا. وذكر   (1) انظر المجموع (1/ 160)، التنقيح (ل 12/ ب). (2) في (أ): كل. (3) به و: سقط من (ب). (4) سقط من (ب). الجزء: 1 ¦ الصفحة: 24 الإمام أبو المعالي في "نهاية المطلب" (1) أن الأئمة ذكروا الأمرين لضبط المذهب، وخرَّجوا عليهما المتفق عليه والمختلف فيه، وقال: "المسلكان جميعاً لا يصلحان لإثبات أصل المذهب، وإنما معتمد المذهب ما قدمناه من التمسك بسيرة الماضين، ولكن ما كان فرضاً وعبادة فلا استرابة في أنه المستعمل الذي استدْللنا فيه بعادة الماضين، وما وجد فيه أحد هذين المعنيين تردد الأصحاب فيه، وليس منع استعمال (2) المستعمل مما يربط بمعنى صحيح على السير"، والله أعلم. قوله: "لأنّ تلك القوة في حكم خصلة لا تتجزأ" (3) فقوله: تلك القوة إشارة إلى ما ذكر من القوَّتين (4) فالمَعْني إذاً بالقوة جنس القوى، وقوله لا تتجزأ أي ثبوتاً وارتفاعاً فإذا ارتفع بعضها ارتفع كلُّها بدلالة الأدلة المعتمد عليها في أصل الباب (5).   (1) انظر: (1/ ل 100/ ب - ل 101/ أ). (2) في (أ): استعمال الماء ... الخ. والمثبت موافق لما في النهاية. (3) الوسيط (1/ 302)، وقبله: المستعمل في الحدث هل يستعمل في الخبث؟ فيه وجهان ... والثاني: لا؛ لأنّ تلك القوة ... الخ. (4) هما قوة الحدث، وقوة إزالة النجاسة، وهذا التعليل في مسألة: المستعمل في الحدث هل يستعمل في الخبث؟ وجمهور الشافعية على أن المستعمل في الحدث لا يزيل النجاسة، وذهب أبو القاسم الأنماطي وأبو علي ابن خيران إلى أنه يزيلها؛ بناءً على أن للماء قوتين: قوة رفع الحدث وقوة رفع النجاسة فإذا ذهبت إحداهما بقيت الأخرى. وأجابهم الجمهور بما ذكره صاحب المتن. انظر: المهذب (1/ 8)، فتح العزيز (1/ 111)، المجموع (1/ 156). (5) أي الأدلة الدالة على سقوط طهورية الماء المستعمل في الحدث كما في (ص 167)، فإذا ثبت سقوط طهوريته فإنه لا يزيل النجاسة وقول الغزالي: لأنّ تلك القوة في حكم الخصلة لا تتجزأ. أي أن القوتين الموجودتين في الماء هما على سبيل البدل لا على سبيل الجمع فإذا فعل به أحدهما لم يصلح للآخر، والله أعلم، وراجع المجموع (1/ 156)، التنقيح (ل 13/ أ). الجزء: 1 ¦ الصفحة: 25 قوله: "فيما إذا بلغ الماء المستعمل قلَّتين فيه وجهان: أحدهما: يعود طهوراً كالماء النجس إذا بلغ قلَّتين، ولأن الكثرة تدفع حكم الاستعمال فإذا طرأت قطعت حكمه كالنجاسة" (1) اشتمل هذا على علتين وقياسين، أحدهما: يرتفع حكم الاستعمال بالكثرة كما يرتفع حكم النجاسة بها وأولى؛ لأنها أغلظ منه، فهذا إلحاق للرفع بمثله من الرفع. والثاني: الكثرة تدفع حكم الاستعمال إذا طرأت كما تدفعه إذا قارنت (2)، فهذا إلحاق الدفع بالدفع، ووجهه أن الدفع دلَّ على المنافاة بينهما (3)، ويلزم منها الرفع أيضاً (4)، ويتأكد أيضاً ذلك بالنجاسة من حيث إنَّا سوَّينا فيها بين الرفع والدفع، فإلحاق هذا بها (5) أولى من إلحاقه بالعدة والإحرام (6) الذَين لم يلحق الرفع فيهما بالدفع؛ لتباعد ذينك النوعين (7) وتقارب نوعي الطاهريَّة (8) والطهوريَّة، والله أعلم.   (1) الوسيط (1/ 303). (2) أي: إن الماء المستعمل انتهى بالكثرة إلى حالة لو كان عليها ابتداءً لم يضره الاستعمال، فإذا عاد إلى تلك الحالة يسقط حكم الاستعمال. انظر فتح العزيز (1/ 112) بتصرُّف. (3) أي بين كونه كثيراً بلغ القلتين وبين كونه مستعملاً، والله اعلم. (4) أي الرفع لحكم الاستعمال، والله أعلم. (5) في (أ): بهذا. (6) هكذا في جميع النسخ، ولم أجد لها تطرقاً فيما بين يديَّ من مصادر. (7) في (أ): المعنيين. (8) في (أ): الطهارة. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 26 قوله: "إذا انغمس الجنب في ماء قليل وخرج ارتفعت جنابته، وصار الماء مستعملاً. وقال الخضري (1): لا ترتفع جنابته" (2) صورته: ما إذا انغمس ناوياً (3)، فأما إذا لم ينوِ حتى استوى عليه الماء (4) ارتفعت (5) بلا مخالفة فيه من الخضري (6). وقوله "وخرج" ليس شرطاً في ارتفاع جنابته؛ فإن جنابته ارتفعت قبل خروجه بوصول الماء إلى جميع بدنه، وإنما هو شرط في مجموع الحكمين المذكورين، وحاصله راجع إلى اشتراطه (7) في الثاني منهما وهو صيرورة الماء مستعملاً، فإنَّ الانفصال شرط فيه (8). قلت: ثمَّ إنهم إنما أخروا الحكم بالاستعمال إلى انفصال الماء عن الجميع لما ذكروه (9) من أنه لو صار مستعملاً بملاقاة أول جزء من البدن لارتفاع حدث ذلك الجزء، لاحتاج في كل جزء إلى   (1) ستأتي ترجمته 1/ 29 عند ترجمة المؤلف له. (2) الوسيط (1/ 303). (3) لأنه إذا نزل ناوياً رفع الجنابة يصير الماء بنفس الملاقاة مستعملاً فترتفع الجنابة عن القدر الملاقي للماء من بدنه أول نزوله، أما الجزء الباقي من بدنه فإن الخضري منع ارتفاع الجنابة عنه؛ لأنّ الماء يصير مستعملاً بملاقاته فلا ترتفع الجنابة عنه. والصحيح الذي عليه الأصحاب أنه ترتفع جنابته؛ لأنّ الماء إنما يحكم عليه بالاستعمال بالانفصال لا قبله، والله أعلم. انظر: فتح العزيز (1/ 114 - 115)، المجموع (1/ 165)، التنقيح (ل 13/ ب). (4) في (ب): الماء عليه. (5) في (ب): ارتفعت جنابته. (6) وذلك لوصول الماء الطهور إلى جميع البدن "محل الحدث" مع النية، وقد نقل الاتفاق عليه بين الأصحاب الرافعي والنووي. انظر فتح العزيز (1/ 112)، المجموع (1/ 165). (7) في (د): اشتراط، والمثبت من (أ) و (ب). (8) انظر: الحاوى (1/ 300)، الإبانة (ل 2/ أ)، نهاية المطلب (1/ ل 101/ ب). (9) في (أ): ذكره. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 27 ماء جديد وذلك حرج، فتأخر لذلك الحكم بالاستعمال إلى الانفصال، وإلى خروج المنغمس من الماء، وهذا يحصل بدون ذلك بأن يؤخر ذلك إلى وصول الماء إلى جميع بدنه وإن لم يخرج بعد، فينبغي إذاً أن يحكم بالاستعمال قبل خروجه عند ارتفاع الجنابة عن جميع بدنه، وهكذا يلزم في الذي يصب الماء عليه أن نحكم فيه بالاستعمال عند تكامل وصول الماء إلى عضوه أو أعضائه وإن لم ينفصل بعد، هذا مشكل (1) لم أجد لهم جوابًا عنه (2) والممكِّن فيه أن الاستعمال صورة مستمرة إلى الانفصال فيسوَّى بين الجميع في هذا الحكم، ويلحق ما بعد زوال الحدث منه بما قبله في ذلك تبعًا (3) كما ألحقت التسليمة الثانية في عدَّها من الصلاة بما قبلها تبعًا، وإن خرج من الصلاة بالتسليمة الأولى (4)، وحكم الاستعمال مستنده إجماع من تقدم كما تقدم (5) ولم يثبت ذلك عنهم إلا فيما بعد الانفصال، وهذا كله على ما عرف من (6) أن الحدث يرتفع عن كل عضو باستتمام غسله، ولا يتوقف على تمام وضوئه (7)، فلا نقول: إنَّ ارتفاع الحدث عن وجهه يتأخر إلى تمام وضوئه، كما قاله (8) الإمام   (1) استشكل هذا كذلك الرافعي والنووي، انظر فتح العزيز (1/ 117)، المجموع (1/ 165). (2) في (أ): عنه جوابًا، بالتقديم والتأخير. (3) أي أن صورة الاستعمال أعطيت حكم الاستعمال. انظر حاشية الأذرعي - بهامش المجموع - (1/ 165). (4) انظر المجموع (3/ 482). (5) (1/ 18). (6) سقط من (أ). (7) راجع: الحاوي (1/ 300)، المجموع (1/ 162). (8) في (أ): قال. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 28 أبو المعالي في "نهاية المطلب" (1) مستدلاً بامتناع مسَّ المصحف بوجهه قبل تمام وضوئه، فإنَّ هذا بعيد عجيب مخالف للمعروف (2) ولقاعدة المذهب، وإنما امتنع مسُّ المصحف لأن شرطه تمام الطهارة في جميع بدنه، والله أعلم. قوله في قول الخضرى: "هو غلط" (3) يتضمن أنه ليس معدودًا وجهًا في المذهب، وأن المسألة لا خلاف فيها في المذهب، فاعرف ذلك فيه وفيما يرد عليك من أشباهه، وأيضًا فقد نُقل عن الخضرى أنه رجع عنه لمَّا عرف أنه خلاف النصِّ (4). وهو الخضري بكسر الخاء وإسكان الضاد، وهو أبو عبد الله محمَّد بن أحمد من أئمة مرو (5)، والله أعلم. قوله: "إن (6) غفل عن رفع الحدث وقصد الاغتراف" (7) استبعد شيخه (8) تصور هذا، فإن من ينقل الماء من الإناء فقصده الاغتراف لا غسل اليد في الماء   (1) (1/ ل 38/ ب). (2) في (أ): المعروف. (3) الوسيط (1/ 303). (4) نقل رجوعه الفوراني في الإبانة (ل 2/ أ). (5) هو المروزي، مقدم الأصحاب الخراسانيين، والخضري نسبة إلى الخضر رجل من أجداده، عاش نيَّفًا وسبعين عامًا، وكان - رحمه الله - صاحب وجه في المذهب. انظر ترجمته في: وفيات الأعيان (4/ 215)، تهذيب الأسماء (2/ 276)، طبقات السبكي (3/ 100)، طبقات الأسنوي (1/ 469) ومرو: أشهر مدن خراسان وقصبتها، بينها ويين نيسابور سبعون فرسخًا، وهي تقع الآن في جمهورية تركمانيا، إحدى الجمهوريات السوفيتية، والنسبة إليها مروزيّ على غير قياس. انظر: معجم البلدان (5/ 112) وما بعدها، حاضر العالم الإِسلامي لجميل المصري (2/ 456). (6) في (أ): وإن. (7) الوسيط (1/ 304). وبعده: فالمشهور أنه يصير مستعملا لبقاء حكم النيّة السابقة. (8) أي إمام الحرمين، وانظر نهاية المطلب (1/ ل 101/ ب). الجزء: 1 ¦ الصفحة: 29 الذي في الإناء، وقد قطعا - رحمهما الله وإيَّانا - (بأنه) (1) إذا قصد الاغتراف لم يصر مستعملاً (2)، ولم يخرِّجاه على الخلاف فيما إذا قصد التبرُّد في أثناء الوضوء عند غسل بعض الأعضاء (3)، فأحد الوجهين أنه لا يعتبر القصد الطارئ، وتراعى نية رفع الحدث السابقة فيرتفع (4) الحدث؛ لأنَّ بقاءها حكمًا كبقائها حقيقة، وهذا كذلك، وينبغي أن يقال: إن ضمَّ إلى قصد الاغتراف قصد أن لا يرفع به حدث الكفِّ قطعنا بأن لا يرتفع (5) حدثها من غير خلاف (6)، وإن اقتصر على قصد الاغتراف ولم يتعرض لرفع الحدث بنفي ولا إثبات فينبغي إجراء ذلك الخلاف فيه. وهذا التفصيل يجري مثله في مسألة نية التبرُّد الطارئة (7)، ونية التنفُّل في   (1) زيادة من (أ) و (ب). (2) انظر نهاية المطلب والوسيط في الموضعين السابقين. (3) ذكر النووي أن فيها وجهين، الصحيح منهما عدم صحة غسل الأعضاء التي قصد بغسلها التبرد، والوجه الآخر حكاه الخراسانيون وضعفوه وهو الصحة لبقاء حكم النية الأولى. المجموع (1/ 327 - 328)، وراجع: الإبانة (ل 8/ ب)، فتح العزيز (1/ 329)، وقد قطع الماوردي بأنه وجه واحد وهو عدم الصحة وذلك في الحاوي (1/ 99). (4) في (أ): ويرتفع. (5) في (أ) و (ب): يرتفع به. (6) لأنه لما جلس من الابتداء للوضوء فهو ناوٍ للاغتراف ولرفع الحدث، فإن قصد أن لا يرفع بهذا الاغتراف الحدث لم يكن هناك مجال لاصطحاب نية رفع الحدث المبتدأة لا حقيقة ولا حكمًا؛ وذلك للتصريح بعدم قصد رفع الحدث، أما إذا قصد الاغتراف ولم يتعرض لرفع الحدث بنفي ولا إثبات فيكون هنا مجال لاصطحاب نية رفع الحدث المبتدأة حكمًا، فيجري فيها الخلاف الذي ذكره المؤلف في مسألة قصد التبرد في أثناء الوضوء عند غسل بعض الأعضاء. (7) أي إذا صرَّح بعدم رفع الحدث مع قصد التبرد لم يصح وضوءه بلا خلاف، وإن قصد التبرد في أثناء الوضوء عند غسل بعض الأعضاء مع عدم التعرض لرفع الحدث بنفي ولا إثبات فيجري فيها الخلاف، والله أعلم. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 30 مسألة إغفال اللُمعة (1)، والله أعلم. و (2) إذا غفل عن القصدين فقد قطع شيخه بأنه يصير مستعملاً (3). وقال هو من عنده: "ويتجه أن يقال: هيئة الاغتراف صارفة للملاقاة إلى هذه الجهة بحكم العادة فلا يصير مستعملاً" (4) وهذا لا يتجه بمجرد الهيئة العارية عن قصد الاغتراف مع بقاء ما سبق من قصد رفع الحدث حكمًا (5)، وإنما اتجاهه بما ذكره في الدرس (6) من أنه لما جلس من الابتداء للوضوء فهو ناوٍ للوضوء والاغتراف معًا فاصطحبت النِّيتان، والهيئة الآن تخص جهة الاغتراف، وتمسَّك أيضًا بحال الأوَّلين (7)، والله أعلم.   (1) اللمعة: القطعة من النبت تأخذ في اليُبس، والموضع الذي لا يصيبه الماء في الغسل أو الوضوء من الجسد، المصباح المنير (ص 213). ومسألة نية التنفل عند إغفال اللمعة ذكرها الغزالي في الوسيط (1/ 365) إذ قال: "وأغفل لمعة في الغسلة الأولى فانغسلت في الثانية وهي على قصد التنفل هل يرتفع الحدث؟ فيه وجهان: ووجه المنع أن نية الفرض باقية حكمًا، وقصد التنفل موجود حقيقة، فلا يتأدى الفرض به". وراجع فتح العزيز (1/ 333 - 334)، المجموع (1/ 332). (2) سقط من (أ) و (ب). (3) انظر نهاية المطلب 1/ ل 102/ أ. (4) الوسيط 1/ 304. (5) سقط من (ب). (6) نقله الأذرعي في حاشيته بهامش المجموع 1/ 163. (7) قاله ابن الرفعة في المطلب العالي 1/ ل 24/ ب - بعد أن نقل كلام ابن الصلاح السابق: "أي فإنهم كانوا يتوضؤون من الأواني الصغار ويغترفون منها، فالظاهر الغفلة عن قصد الاغتراف، وحديث عبد الله بن زيد في وصف وضوء رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كما سنذكره - بإطلاقه يدل لذلك؛ فإن الأصل عدم تجدد قصد الاغتراف". أهـ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 31 قوله: "القسم الثاني: ما تغيَّر عق وصف خلقته ولكن تغيرًا يسيرًا (1) لا يزول به اسم الماء المطلق" (2) أراد بكونه يسيرًا: كونه لم يسلب إطلاق اسم الماء وإن كان تغيرًا كثيرًا فاحشًا من حيث الصورة، كما في المتغيِّر بطول المكث (3)، والمتغيِّر بما يجاوره (4)، والمتغيِّر بما يجري عليه في مقره (5)، فكل ذلك يطلق عليه أهل اللسان اسم الماء وإن تفاحش تغيُّره (6)، والله أعلم. قوله: "والنورة" (7) ليس المراد به النورة المعروفة المحرَّقة بالنَّار (8)، وإنما النورة ههنا: حجارة رخوة فيها خطوط بيض إذا جرى عليها الماء (9) انحلت فيه (10)، وهي مذكورة في "نهاية المطلب" في الرمي في الحج (11)، والله أعلم.   (1) كذا في جميع النسخ، وفي المطبوع من الوسيط، ولعل الكلمة (لكنَّه) وذلك حتى تصح من حيث الإعراب، والله أعلم. (2) الوسيط (1/ 304). (3) المكث: الإقامة واللبث، وهو بضم الميم وفتحها والضم أفصح؛ قال الله تعالى: {لِتَقْرَأَهُ عَلَى النَّاسِ عَلَى مُكْثٍ} [الإسراء: 106]. انظر المصباح المنير (ص 220)، المجموع (1/ 169). (4) كالعود والعنبر والكافور الصلب. انظر الوسيط (1/ 304). (5) كالكبريت والقار وغيرهما. انظر المغني لابن قدامة (1/ 22 - 23). (6) انظر: فتح العزيز (1/ 136 - 137)، التنقيح (ل 14/أ)، المطلب العالي (1/ ل 26/ أ). (7) الوسيط (1/ 304) حيث قال: "القسم الثاني: ما تغيَّر عن وصف خلقته، ولكن تغيرًا يسيرًا لا يزايله اسم الماء المطلق فهو طهور ... وكذا المتغير بما يتعذر صون الماء عنه كالتراب والزرنيخ والنورة ... الخ". (8) وهي عبارة عن أخلاط تستعمل لإزالة الشعر. انظر: المصباح المنير (ص 241). (9) في (ب): الماء عليها. بالتقديم والتأخير (10) انظر: تهذيب الأسماء واللغات (3/ 2/ 175)، التنقيح (ل 14/ أ). (11) انظر: (2/ 232)، من مخطوطة مكتبة البلديَّة بالإسكندرية، مصر ورقمها (1370 ب). الجزء: 1 ¦ الصفحة: 32 قوله: "نعم في المشمَّس كراهيَّة من جهة الطبَّ" (1) هذه الكراهيَّة إذا أثبتناها على المشهور عند الأصحاب (2)، فهل هي كراهيَّة شرعيَّة أو كراهيَّة إرشاديَّة؟ فيه وجهان:- والفرق في فنَّ أصول الفقه (3) بينهما: أن الكراهيَّة الشرعيَّة يتعلق فيها الثواب بالترك. وكراهيَّة الإرشاد لا يتعلق بها ثواب على الترك، وفائدتها دنيويَّة لا دينيَّة، وهي مثل كراهيَّة النبي - صلى الله عليه وسلم - أكل التمر لصهيب وهو أرمد (4). أحدهما: أنها كراهيَّة إرشاديَّة من جهة الطبَّ، وهذا هو طريقة صاحب هذا (5) الكتاب، وأفصح عنه في التدريس (6) وهو ظاهر كلام الشافعي (7). والأظهر والوجه الثاني: أنها كراهيَّة شرعيَّة، وهذا طريقة صاحب "الحاوي" (8)، وصاحب "المهذب" (9)،   (1) الوسيط (1/ 305). وقبله: القسم الثاني: ما تغير عن وصف خلقته ولكن تغيرًا يسيرًا لا يزايله اسم الماء المطلق فهو طهور ... وكذلك الماء المسخَّن والمشمس، نعم في المشمس .. .الخ. (2) انظر: التعليقة للقاضي حسين (1/ 198)، الإبانة (ل 1/ أ)، نهاية المطلب (1/ ل 6/ أ). (3) انظر مثلاً: البحر المحيط للزركشي (1/ 298). (4) رواه ابن ماجه في كتاب الطبَّ من سننه، باب الحمية (2/ 1139) رقم (3443) بلفظ: عن صهيب قال: قدمت على النبي - صلى الله عليه وسلم - وبين يديه خبز وتمر، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: (اُدنُ فكل). فأخذت كل من التمر، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: (تأكل تمرًا وبك رمد؟) قال فقلت: إني أمضغ من ناحية أخرى، فتبسم رسول الله - صلى الله عليه وسلم -. قال البوصيري في الزوائد: "إسناده صحيح ورجاله ثقات" وأخرجه ابن سعد في الطبقات (3/ 228) بنحوه. (5) سقط من (ب). (6) في (ب): الدرس. قلت: صرح بهذا في الوسيط حيث قال: نعم في المشمَّس كراهيَّة من جهة الطب. (7) حيث قال: "ولا أكره من المشمس إلا أن يكره من جهة الطب" الأم (1/ 3). (8) انظر الحاوي (1/ 43). (9) انظر المهذب (1/ 4). الجزء: 1 ¦ الصفحة: 33 وغيرهما (1)، والله أعلم. قوله: "لأنَّ حمي الشمس يفصل من الإناء أجزاء تعلوا الماء كالهباء" (2) حمي الشمس بفتح الحاء وإسكان الميم على مثال الرمي، حكاه الأزهري في "تهذيب اللغة" (3) وغيره (4)، يقال: حميت الشمس تحمي حميًا (5). والهباء بفتح الهاء والباء الموحدة والمدِّ هو ما يدخل من الكوَّة (6) مع ضوء الشمس شبيه بالغبار (7)، والله أعلم. الأواني المنطبعة (8): هي التي تطرق بالمطارق، من نحاس وغيره (9). قوله (10): "ولعله لا يجري في الذهب والفضة" (11) ليس فيه جزم بالحكم، وقد   (1) كالشاشي في حلية العلماء (1/ 67)، والبغوي في التهذيب (ص 17)، والرافعي في فتح العزيز (1/ 135). وهذا الذي رجحه ابن الصلاح - رحمه الله - هو المشهور عن الأصحاب. انظر المجموع (1/ 89)، كفاية الأخيار (1/ 19)، نهاية المحتاج (1/ 70). (2) الوسيط (1/ 305) وبعده: فإذا لاقى البدن أورث البرص (3) (5/ 274). (4) حكاه الجوهري في الصحاح (6/ 2330) عن الكسائي. (5) وذلك إذا اشتد حرها، انظر القاموس المحيط (4/ 348). (6) الكوَّة بفتح الكاف وضمها: الثقبة في الحائط. انظر: المصباح المنير (ص 208). (7) انظر: القاموس المحيط (4/ 405)، المصباح المنير (ص 242). (8) قال الغزالي: " ... والمحذور من جهة الطبَّ يختص بالحرارة المفرطة في البلاد الحارة، ولا يختص بوجود القصد، ويختص بالجواهر المنطبعة ... الخ". الوسيط (1/ 305). (9) انظر: المجموع (1/ 88)، التنقيح (ل 14/ ب). (10) في (أ) و (ب): وقوله. (11) الوسيط (1/ 305)، وقبله: ويختص بالجواهر المنطبعة فلا يجري في الخشب والخزف والجلد، ولعله لا يجري ... الخ. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 34 جزم غيره فقال الشيخ أبو محمَّد الجويني: "يجري فيهما أيضًا" (1). وقال الصيدلاني أبو بكر (2): "لا يجري فيهما وفيما عدا النُّحاس" (3)، وخصَّص النُّحاس بالاعتبار. والتخصيص بالنُّحاس موجود أيضًا في "تعليقة" القاضي حسين (4)، وفي "التتمة" (5)، و"التهذيب" (6)، وغيرها (7)، والله أعلم. قوله: "ولأنَّ التراب مجاور فإنَّه يرسب على القرب" (8) كان ينبغي أن يقول:   (1) نقله عنه ابنه إمام الحرمين في نهاية المطلب (1/ ل 6/ أ)، وانظر المجموع (1/ 88). (2) في (أ): أبو بكر الصيدلاني، بالتقديم والتاخير. وسقطت من (ب) كنيته، وهو محمَّد بن داود بن محمَّد المروزي المعروف بالصيدلاني نسبة إلى بيع العطر، صاحب أبي بكر القفال، له شرح على المختصر، انظر ترجمته في: طبقات السبكي (5/ 364)، طبقات الأسنوي (2/ 129). (3) انظر النقل عنه في: نهاية المطلب (1/ ل 6/ أ)، المجموع (1/ 88)، المطلب العالي (1/ ل 31/ أ). (4) هو الإمام أبو علي الحسين بن محمَّد بن أحمد المروزي، ويقال له أيضًا: المرورذي، وهو من أصحاب الوجوه من تصانيفه: التعليق الكبير، والفتاوى، وهو يأتي كثيرًا معرفًا بالقاضي حسين، وكثيرًا القاضي فقط، ومتى أطلق القاضي في كتب متأخري الخرسانيين كالنهاية والتتمة والتهذيب وكتب الغزالي فهو المراد، توفي سنة (462 هـ). انظر ترجمته في: طبقات العبادي (ص 112)، تهذيب الأسماء (1/ 164 - 165)، طبقات السبكي (4/ 386). وقوله في التعليقة 1/ 198. (5) انظر النقل عنه في: التنقيح ل 15/ أ، المطلب العالي 1/ ل 31/ أ. (6) ص: 18. (7) في (ب): غيرهما. وممن خصصه به الفوراني في الإبانة ل 1/ أ. (8) الوسيط 1/ 307، وقبله: المتغير بالتراب المطروح فيه قصدًا فيه وجهان: أحدهما: أنه ليس بطهور؛ لأنه مستغنى عنه. وهو ضعيف؛ فإن التغير بالتراب لا يسلب اسم الماء ... ولأن التراب مجاور ... الخ. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 35 إنَّه في حكم المجاور؛ إذ هو في تلك الحالة مخالط (1) حقيقة (2)، والله أعلم. قوله: "إذا (3) تغير الماء بالملح ففيه ثلاثة أوجه" (4) يعني به الملح المطروح فيه قصدًا (5). قوله (6): "يفرَّق في الثالث بين الجبلي والمائي، ويشبَّه المائي بالجمد، وهو ضعيف؛ لأنه لو كان كالجمد لذاب في الشمس، ولكن تعليله: التشبيه بالتراب المطروح فيه قصدًا" (7) هذا كلام مشكل مُغلط، فاعلم أنه ليس الضمير في "ولكن تعليله" عائدًا إلى الفرق بين الجبلي والمائي، وإنما هو عائد على كون المائي لا يسلب الطهورية، فإن قوله: "ويشبَّه المائي بالجمد" المراد به أنَّه يشبَّه بالجمد في عدم السلب فقال: ليس تعليل عدم السلب فيه تشبيهه (8) بالجمد،   (1) في (أ): مخالطه. (2) انظر التنقيح (ل 15/ أ). (3) في (أ): وإذا. (4) الوسيط (1/ 307). والأوجه هي: لا يؤثر مطلقًا، يؤثر مطلقًا، الفرق بين الجبلي والمائي؛ حيث يؤثر الجبلي؛ لأنه خليط مستغنى عنه غير منعقد من الماء، بخلاف المائي حيث لا يؤثر في طهوريته؛ لأنه منعقد من عين الماء كالجمد والثلج. والصحيح من هذه الأوجه: أنه يسلب الجبلي دون المائي. انظر: فتح العزيز (1/ 145) وما بعدها، روضة الطالبين (1/ 120)، التنقيح (ل 15/ أ)، المطلب العالي (1/ ل 34/ أ)، نهاية المحتاج (1/ 66). (5) انظر المطلب العالي (1/ ل 34/ أ). (6) في (أ) و (ب): وقوله. (7) الوسيط (1/ 307). (8) في (أ): تشبيه. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 36 ولكن تعليله التشبيه بالتراب المطروح فيه قصدًا (1). ثم يلزم من ذلك بطلان الفرق بين المائي والجبلي، وإجراء وجهي التراب فيهما؛ فإنهما كلاهما (2) من أجزاء الأرض كالتراب، وفيما علقته مما علِّق عنه في درسه "للوسيط" مصداق ما شرحته (3)، والله أعلم. الجمد ذكره صاحب "العين" (4) بفتح الميم. وقال صاحب "االصحاح" (5): "الجمد بالتسكين ما جمد من الماء، مصدر سمي به، والجمد بالتحريك جمع جامد، مثل خادم وخدم"، والله أعلم. والمشهور في الملح المائي أنه لا يسلب الطهورية كالجمد، وهو المقطوع به في كثير من التصانيف المشهورة (6)، وهو الأصح في بعضها (7). وهو كالجمد في أنه ماء منعقد وإن لم يكن مثله في الذوب، ولا مانع من (8) أن يكون المنعقد من الماء منقسمًا في ذلك (9). وما ذكره في سبب ملوحة البحر (10) فيه نزاع   (1) لأن التراب يوافق الماء في التطهير فهو كما لو طرح فيه ماء آخر فتغير به. انظر: المهذب (1/ 5)، وشرحه المجموع (1/ 102). (2) في (أ) و (ب): كليهما. (3) وانظر: المطلب العالي (1/ ل 34/ ب). (4) أي الخليل بن أحمد في كتاب العين (6/ 89). (5) أي الجوهرى في الصحاح (2/ 459). (6) كالتلخيص لابن القاصَّ (ص 114)، الإبانة (ل 1/ ب)، المهذب (1/ 5). (7) كالحاوي (1/ 40). (8) سقط من (ب). (9) انظر: فتح العزيز (1/ 149). (10) حيث قال: "فإن ماء البحر ملح وملوحته من أجزاء سبخة في الأرض تنتشر فيه". الوسيط (1/ 307)، وذكر في البسيط (1/ ل 49/ أ) أن الماء في أصل الخلقة لا طعم له والملوحة ليست إلا من أجزاء سبخة في منابع الماء تمتزج به ... الخ. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 37 واختلاف (1)، والأصحُّ أنَّ الأصحَّ أنَّه يسلب الطهوريَّة؛ لأنَّه يسلب إطلاق اسم الماء (2). وأما إجراء الخلاف في الجبلي فبعيد غريب، والمشهور فيه القطع بأنه يسلب (3)، والله أعلم. قوله: "إذا صُبَّ مقدار من ماء الورد أو غيره من المائعات على ماء قليل، وكان بحيث لو خالف لونه لون الماء لتفاحش تغيره، خرج عن كونه طهورًا" (4) هذا فيه عليه استدراكات ثلاثة - اثنان عنهما جواب، والثالث لا جواب عنه مخلِّصًا. الأول: في إطلاقه ماء الورد، والمسألة مخصوصة بماء الورد المنقطع الرائحة الموافق للماء في صفائه (5)، وقد استبعد تصور ذلك صاحب "الشامل" (6)، ولا يبعد عند امتداد مدته، أو يفرض فيما إذا كان الماء المصبوب عليه متغيِّرًا بطول المكث، أو نحوه تغيُّرًا صار به على وفْق صفة ماء الورد المنقطع. ويجاب عن هذا الاستدراك بأنه اكتفى بإشعار قوله: "وكان بحيث لو خالف لونه" بأنَّ الكلام فيما ليس مخالفًا للماء، والله أعلم.   (1) فقد ذكر البعض أنه هكذا نبع من الأرض. انظر المهذب (1/ 4). (2) انظر: الحاوي (1/ 40)، نهاية المطلب (1/ ل 4/ أ). (3) انظر نهاية المطلب الموضع السابق. وذكر الخلاف في سلب الطهورية به بالأضافة للغزالي الفوراني في الإبانة (ل 1/ ب) وصحح عدم السلب، قال النووي: "وممن ذكره - أي الخلاف - في الجبلي الفوراني والروياني، ونقل الفوراني أن اختيار القفال لا يسلبان". أهـ المجموع (1/ 102). (4) الوسيط (1/ 308). (5) انظر: فتح العزيز (1/ 151)، التنقيح (ل 15/ ب)، المطلب العالي (1/ ل 37/ أ). (6) انظر النقل عنه في: المطلب العالي الموضع السابق. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 38 الثاني: في قوله: "على (1) ماء قليل" ولا فرق بين القليل والكثير؛ فإنَّ الكلام في التغيُّر (2). ويجاب عنه بأنَّه فرضه في القليل لأجل قوله في التفريع "فلو استعمل الكلَّ فهو جائز" (3) فإنَّ المراد لو استعمل الكلَّ في طهارة واحدة. وإنما يقع هذا في القليل، لا فيما إذا كان قلَّتين. والثالث: في تخصيصه المخالفة في اللون بالتقدير من بين المخالفات، والصواب أن المبتلى بذلك يستحضر في ذهنه المخالفات الثلاث بالأوصاف الثلاثة التي هي: الطعم واللون والرائحة. ويعتبر الوسط الأعدل من كل واحد منها، ويلحظ مقدار تأثير كل واحد منها في تغيير الماء، ويقابل بينها ثم يقدَّر الوسط من الجميع في هذا المائع. هذا تحقيق الحق في ذلك (4). وقد يجاب له عن هذا: بأنه ذكر اللون مثالاً لا تقييدًا (5)، وآية ذلك أن شيخه خصَّ الطعم بالتقدير (6)، وهذا لا يصفو به المخلِّص؛ فإنه لم يذكر ذلك ذكر المثال، وليس لفظه مشعرًا به، فهو إذًا دائر بين استدراكين خافيين إما من حيث اللفظ، وإما من حيث الحكم، ولا يمكننا أن نستدل بذلك منهما على أنه يتخيَّر فيما يقدره من الأوصاف، إذ لا سبيل إليه؛ فإنه قد يكون بتقدير وصف مُغيِّرًا فيكون   (1) سقط من (أ). (2) في (ب): المتغير. وانظر: فتح العزيز 1/ 151، التنقيح (ل 15/ ب). (3) الوسيط (1/ 308). (4) انظر: المهذب (1/ 5)، التنقيح (ل 16/ أ)، المطلب العالي (1/ ل 37/ ب). (5) في (أ): تقيُّدًا. (6) انظر: نهاية المطلب (1/ ل 5/ أ). الجزء: 1 ¦ الصفحة: 39 سالبًا للطهوريَّة، وبتقدير (1) وصف آخر لا يغيِّر فلا يكون سالبًا لها، فيلزم أن يكون مخيَّرًا بين أن يجعله طهورًا، وبين أن لا يجعله طهورًا، وذلك محال، والله أعلم.   (1) في (أ): تقدير. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 40 ومن الباب الثاني في المياه النجسة قوله: "فالجمادات أصلها على الطهارة إلا الخمر فإنها نجس" (1) لم يستثن الفضلات النجسة المنفصلة من باطن الحيوان (2)؛ لكونه جعلها من قبيل أجزاء الحيوان، وذلك اصطلاح منه مع نفسه بعيد (3). قوله (4) "فإنها نجس" الأجود أن يقال: بفتح الجيم؛ فإنه مصدر يجوز أستعماله في المؤنث، ويجوز كسر الجيم على أن التقدير فيه (5): فإنها شيء نجس (6)، والله أعلم. قوله في الآدمي الميت: "لأنه تُعُبَّد بغسله والصلاة عليه، فلا يليق بكرامته الحكم بنجاسته" (7) إن أراد بغسله غسل الميت الشامل لبدنه فتأثيره من وجهين: أحدهما: دلالته على ما ذكره من كرامته المنافية لنجاسته. والثاني: أنه لا عهد لنا بعين نجسة تغسل ولا معنى لذلك. وإن أراد به غسله من نجاسة تقع عليه فإنه يجب إزالتها فوجه دلالته: أنه لا عهد لنا بنجاسة يجب إزالتها عن نجاسة (8)، والله أعلم. قوله: "قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: (أحلت لنا ميتتان ودمان، فالميتتان: السمك   (1) الوسيط (1/ 309). وقبله: والأعيان تنقسم إلى حيوانات وجمادات. والجمادات أصلها ... الخ. (2) سقط من (ب). (3) انظر: المطلب العالي (1/ ل 39/ ب). (4) في (أ): وقوله. (5) في (ب): منه. (6) انظر: الصحاح (3/ 981)، المصباح المنير (ص 227)، التنقيح (ل 16/ ب). (7) الوسيط (1/ 310). وقبله: فإذا ماتت - أي الحيوانات - فأصلها على النجاسة إلا في أربعة أجناس: الأول: الآدمي فهو طاهر على المذهب الصحيح؛ لأنه تُعُبَّدَ ... الخ. (8) انظر: المطلب العالي (1/ ل 43/ ب). الجزء: 1 ¦ الصفحة: 41 والجراد، والدمان: الكبد والطحال) (1) هذا هكذا حديث ضعيف عند أهل الحديث، غير أنه متماسك، رويناه في كتاب "السنن الكبير" (2) للحافظ أبي بكر البيهقي (3) بإسناده عن عبد الرحمن ابن زيد بن أسلم (4) عن أبيه (5) عن ابن عمر عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ... قال البيهقي: "كذلك رواه عبد الرحمن وأخواه عن أبيهم (6)، ورواه غيرهم موقوفًا على ابن عمر وهو الصحيح" (7). قلت: أخواه هما عبد الله وأسامة، وإن كانوا (8) قد ضعفوا   (1) الوسيط 1/ 310. وقبله: الثاني - أي من أن ميتته من المستثنيات من النجاسة - السمك والجراد قال رسول الله ... الحديث. (2) انظر: كتاب الضحايا، باب ما جاء في الكبد والطحال، (10/ 12) رقم (19697). (3) العلامة الحافظ الفقيه أبو بكر أحمد بن الحسين بن علي البيهقي، صاحب التصانيف المشهورة المفيدة، منها: السنن الكبرى, معرفة السنن والآثار, الترغيب والترهيب، شعب الإيمان، نصوص الشافعي، وغيرها توفي سنة (458 هـ). انظر ترجمته في: وفيات الأعيان (1/ 75)، تذكرة الحفاظ (2/ 1132)، طبقات السبكي (4/ 8)، طبقات الأسنوي (1/ 198)، البداية والنهاية (12/ 100). (4) هو العدوي مولاهم قال عنه الحافظ ابن حجر: ضعيف، روى له من أصحاب الكتب الستة الترمذي وابن ماجه، توفي سنة (182 هـ). انظر ترجمته في: الضعفاء الكبير للعقيلي (2/ 331)، الجرح والتعديل (5/ 233)، ميزان الاعتدال (2/ 564)، تقريب التهذيب (ص 340). (5) زيد بن أسلم العدوي مولى عمر بن الخطاب، أبو عبد الله وأبو أسامة، المدني، ثقة عالم وكان يرسل، روى له الجماعة، توفي سنة (136 هـ). انظر: الجرح والتعديل (3/ 555)، تهذيب الكمال (10/ 12)، ميزان الاعتدال (2/ 98)، تقريب التهذيب (ص 222). (6) في (ب): عن أبيهم مرفوعًا. (7) السنن الكبرى (10/ 12). (8) في (ب): كان. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 42 ثلاثتهم (1)، فعبد الله منهم قد (2) وثقه أحمد بن حنبل (3) وعلي بن المديني (4)، وفي اجتماعهم على رفعه ما يقويه قوة صالحة، وقد أخرجه أبو عبد الله ابن ماجه القزويني في "سننه" (5)، لكن لم يخرِّجه أحد من أصحاب الكتب الخمسة التي هي أصول الحديث وهي: الصحيحان، وسنن أبي داود السجستاني،   (1) قال يحيى بن معين: "أسامة بن زيد بن أسلم ضعيف، وعبد الله بن زيد بن أسلم ضعيف، وعبد الرحمن بن زيد بن أسلم ضعيف". أهـ، وقال إبراهيم بن عبد الله السعدي الجوزجاني: "أسامة وعبد الله وعبد الرحمن ضعفاء في الحديث من غير خِربة في دينهم، ولا زيغ عن الحقّ في بدعة ذكرت عنهم". اهـ انظر هذين النقلين في: تهذيب الكمال للمزي (1/ 335 - 336)، الكامل لابن عدي (4/ 1052 - 1053). (2) في (د): فقد، والمثبت من (أ) و (ب). (3) في كتاب العلل ومعرفة الرجال (1/ 132). (4) أمير المؤمنين في الحديث أبو الحسن علي بن عبد الله بن جعفر بن نجيح بن بكر بن سعد السعدي مولاهم البصري المعروف بابن المديني إذ أصله من المدينة، شيخ البخاري، برع في الحديث وصنف وجمع وساد الحفاظ في معرفة العلل، بلغت تصانيفه مائتي مصنف منها: الأسماء والكنى، الضعفاء والمدلسون، غير أن جميعها إما مفقود أو منقرض، توفي سنة (234 هـ). انظر ترجمته في: الجرح والتعديل (6/ 193)، تهذيب الأسماء (1/ 350)، السير (14/ 14)، البداية والنهاية (10/ 226)، طبقات الحفاظ (ص 184). وانظر قوله في الكامل لابن عدي (4/ 1503). (5) في كتاب الأطعمة، باب الكبد والطحال (2/ 1102)، رقم (3314). وأخرجه كذلك الشافعي في مسنده (ص 500)، أحمد في مسنده (2/ 97)، والدارقطني في سننه (4/ 272)، وقد صحح وقف الحديث الدارقطني، وأبو زرعة، وأبو حاتم، والبيهقي، والنووي، أما المرفوع فقال عنه النووي: "ضعيف جدًا"، ونقل عن الإمام أحمد أنه قال: "حديث منكر". انظر: المجموع (9/ 23 - 24)، وقال في التنقيح (ل 17/ ب): "هو حديث ثابت، ومعناه مجمع عليه". وصحح الحديث الألباني في الإرواء (8/ 164) رقم (2526)، وراجع نصب الراية (4/ 201 - 202)، تذكرة الأخيار (ل 4 - ل 5/ أ)، التلخيص الحبير (1/ 162 - 163). الجزء: 1 ¦ الصفحة: 43 وجامع أبي عيسى الترمذي، وسنن أبي عبد الرحمن النسائي (1). ثم إن ثبوته عن ابن عمر كافٍ في صحة الاحتجاج به؛ لأن قوله "أحلت لنا ميتتان (2) " بمنزلة قول الصحابي: أُمرنا بكذا ونُهينا عن كذا، في أنه عندنا وعند أصحاب الحديث وأكثر أهل العلم في حكم المرفوع إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم -؛ لأن مطلق ذلك منصرف إلى من إليه الأمر والنهي والإحلال وهو رسول الله - صلى الله عليه وسلم - (3)، فثبت الحديث على الجملة، والله أعلم. قوله فيما مات من دود الطعام: "يحلُّ أكله على أحد الوجهين" (4) يعني مع الطعام (5)، وعلَّله الدرس بوجهين: بأنه (6) يصعب تكليف التفتيش وإخراجه منه، وبأنه كأنه جزء من الطعام. وذكر شيخه (7) في أكله منفردًا عن الطعام وجهين. وهذا يكون مرتبًا على قول من قال: يحل مع الطعام، والله أعلم.   (1) في (د) و (أ): النسوي، وهو يصح في النسبة إلى نسا - انظر: معجم البلدان 5/ 325) -، لكن المشهور هو المثبت، وهو في (ب). (2) سقط من (أ) و (ب). (3) انظر: علوم الحديث للمصنف - مع شرحه التقييد والإيضاح - (ص 52)، المجموع (1/ 59)، (9/ 24)، التلخيص التحبير (1/ 163). (4) الوسيط (1/ 311). ذكر النووي أنه على ثلاثة أوجه: يحل مطلقا، يحرم مطلقًا، يحل مع ما تولد منه ولا يحل منفردًا وقال: إنه الأصح. روضة الطالبين (1/ 124). (5) انظر: التنقيح (ل 17/ ب). (6) في (ب): لأنه. (7) نهاية المطلب (1/ ل 110/ ب)، وذكر أن أصحهما التحريم. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 44 قوله: "الرابع: ما ليس له نفس سائلة" (1) بناه على قول القفال (2) في أنه لا ينجس بالموت على القول بأنه لا ينجَّس الماء، وقول القفال هو الصحيح عنده (3)، والأكثرون على خلافه، وقولهم هو الصحيح (4)، والله أعلم. قوله: "أما أجزاؤها (5) فكل عضو أُبين من حيًّ فهو ميت إلا العظم والشعر ففيه خلاف سيأتي"، (6) هذا إن حملته على ظاهر لفظه وهو عود الاستثناء إلى الموت فالحصر سالم على أن يكون المراد بالشعر: الشعر وما يلتحق به من   (1) الوسيط (1/ 311). وبعده: كالذباب، والبعوض، والخنافس، والعقارب، ففي نجاسة الماء بموتها قولان: الجديد - وهو مذهب أبي حنيفة -: أن الماء لا ينجس به ... الخ. وقوله ما ليس له نفس سائلة يعني: ما ليس له دم يسيل، والنفس الدم. انظر: تهذيب الأسماء واللغات (3/ 2/ 170)، المجموع (1/ 128). (2) اشتهر بهذا اللقب عالمان من أكابر الشافعية وهما: محمَّد بن علي بن إسماعيل، وعبد الله ابن أحمد بن عبد الله، فالأول: القفال الشاشي الكبير والثاني: القفال المروزي الصغير. لكن إذا أطلق فالمراد به القفال الصغير، وهو أكثر ذكرًا في كتب الفقه، في حين أن القفال الكبير إذا ذكر قُيَّد بالشاشي وربما أطلق في طريقة العراقيين، وهو أكثر ذكرًا في الأصول، والتفسير، والحديث، والكلام، والجدل. قال النووي: "ولا ذكر له - أي الشاشي الكبير - في الوسيط". تهذيب الأسماء (2/ 282 - 283)، التنقيح (ل 18/ ب). وانظر النقل عنه في: المجموع (1/ 130)، روضة الطالبين (1/ 123). (3) وممن صحح قول القفال الفوراني في الإبانة (ل 3/ ب). (4) انظر: الحاوي (1/ 320)، التنبيه (ص 13)، المهذَّب (1/ 6)، المجموع (1/ 130)، الغاية القصوى (1/ 228)، الإقناع في حلَّ ألفاظ أبي شجاع (1/ 23). (5) أي أجزاء الحيوانات، وقد تقدم الكلام على الحيوانات في الوسيط راجعه (1/ 309 - 313). (6) الوسيط (1/ 313). الجزء: 1 ¦ الصفحة: 45 صوف، ووبر، وريش (1)، والخلاف في موتها هو الخلاف المعروف في أنها (2) هل (3) تحلُّها الحياة أو لا؟ (4)، وإن حملته على ما يقتضيه سياقة (5) الكلام كان المراد كل عضو أبين من حيًّ فهو نجس، ثم لا يسلم الحصر؛ فإن ما يبان من أعضاء الآدمي والسمك طاهر على الصحيح (6). وقولهم (7): "ما أبين من حيًّ فهو ميت"، يذكرونه عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، والذي رويناه في ذلك في كتب الحديث حديث أبي واقد الليثي (8) أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: (ما قطع من البهيمة وهي حيَّة فهو ميت (9)) أخرجه أبو داود في "سننه" (10)، وأخرجه   (1) الصوف للغنم، والوبر للإبل، والريش للطير، والشعر للمعز ويكون في الإنسان. انظر: القاموس المحيط (2/ 126، 247, 425، 3/ 221)، المصباح المنير (ص 120، 94، 247). (2) في (ب): أنه. (3) سقط من (أ) و (ب). (4) بمعنى هل فيه حياة فينجس بالموت أم لا؟ فمن قال: فيه حياة استدل: بأنه ينمو من الحيوان فينجس بموته كأعضائه. ومن قال: إنه لا حياة فيه استدل: بأنه لا يحس ولا يألم وهما دليل الحياة، ولأنه لو انفصل في الحياة كان طاهرًا ولو كان فيه حياة لنجس بفصله للحديث (ما قطع من البهيمة وهي حية فهو ميتة) وسيأتي كلام المصنف على هذا الحديث قريبًا والذي عليه المذهب من القولين: أنها تحلها الحياة فتنجس بالموت. انظر: التعليقة للقاضي حسين (1/ 217)، فتح العزيز (1/ 299)، المجموع (1/ 231)، المغني لابن قدامة (1/ 107). (5) في (ب): سياق. (6) انظر: فتح العزيز (1/ 172)، روضة الطالبين (1/ 124)، التنقيح (ل20 / أ). (7) في (ب): وقوله. (8) هو الحارث بن عوف صاحب رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وقيل: عوف بن الحارث، شهد بدرًا والفتح، روى حديثه الجماعة، توفي سنة (68 هـ) وقيل: (65 هـ). انظر ترجمته في: الاستيعاب (12/ 180)، السير (2/ 574)، الإصابة (12/ 88). (9) في (أ) و (ب): فهو ميتة. (10) انظر: كتاب الصيد، باب في الصيد قطع منه قطعة (3/ 277) رقم (2858). الجزء: 1 ¦ الصفحة: 46 أبو عيسى الترمذي (1) بإسناده عن أبي واقد الليثي قال: "قدم النبي - صلى الله عليه وسلم - المدينة وهم يجبُّون (2) أسنمة الإبل، ويقطعون أليات (3) الغنم، فقال: (ما يقطع من البهيمة وهي حيَّة فهي (4) ميتة) قال أبو عيسى: "هذا حديث حسن غريب، والعمل على هذا عند أهل العلم". لفظ البهيمة غير مخصوص بالحمار (5)، والله أعلم. قوله: "كل مترشح ليس له مقر يستحيل فيه (6) كالدمع، واللعاب، والعرق، فهو طاهر من كل حيوان طاهر. وما استحال في الباطن فأصله على النجاسة كالدم، والبول، والعذرة" (7) فقوله "ليس له مقر يستحيل فيه" يصح تفسيره على وجهين: أحدهما: نفي الاستحالة رأسًا، أي ليس له مقر   (1) في جامعه، كتاب الأطعمة تابع الصيد، باب ما قطع من الحي فهو ميت (4/ 62) رقم (1480) وقال: "وهذا حديث حسن غريب لا نعرفه إلا من حديث زيد بن أسلم ... "، والحديث رواه الإمام أحمد في المسند (5/ 218)، والدارمي في سننه (1/ 525)، والحاكم في المستدرك (4/ 124) وقال: هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه. ورواه ابن ماجه في سننه كتاب الصيد، باب ما قطع من البهيمة وهي حيَّة (3/ 1073) رقم (3236) ولكن عن ابن عمر - رضي الله عنه -، وراجع التلخيص الحبير (1/ 170) وما بعدها. (2) الجب القطع. انظر: النهاية في غريب الحديث والأثر (1/ 233). (3) في (أ): أعلم. (4) في (أ): فهو. (5) كذا في جميع النسخ، ولم يتضح لي وجه ذكر الحمار هنا. والبهيمة في اللغة: كل ذات أربع من دواب البحر والبر، وكل حيوان لا يميز فهو بهيمة، وجمعه بهائم. المصباح المنير (ص 25). ولعل لفظ البهيمة خصَّ بالاستعمال في بعض الأماكن بالحمار لذلك نبَّه عليه، ولكن لم أجد ذلك منصوصًا في كتب اللغة مع شدة البحث. (6) يستحيل: أي يتغير عن طبعه ووصفه، يقال: استحال الشيء إذا تغير عن طبعه ووصفه. انظر: القاموس المحيط (3/ 497)، المصباح المنير (ص 60). (7) الوسيط (1/ 313 - 314). الجزء: 1 ¦ الصفحة: 47 يستحيل فيه فلا يستحيل، لعدم المقر الذي تتوقف عليه الاستحالة، وهذا الظاهر من سياقة كلامه (1)، وأضاف إليه في الدرس: وإنما تترشح غير مستحيلة. وهذا تصريح بهذا الوجه، ثم إنه يحمل على نفي الاستحالة إلى فساد. والثاني: نفي استحالته بقيد وهو: الاستحالة في مقرَّ يجتمع فيه، وعلى هذا معنى (2) قوله في القسم الثاني: "وما استحال في الباطن" أي في مقرِّ يجتمع فيه (3)، والله أعلم. قوله: "إلا ما هو مادة الحيوان كاللبن والمني (4) والبيض" (5) مادة الشيء: أصله وعمدته وما يستمد منه (6)؛ فاللبن مادته في بقائه، والمني أو البيض مادته في وجوده (7)، والله أعلم. قوله: "لما روي أن أبا طيبة الحاجم شرب دمه - صلى الله عليه وسلم - فقال: إذًا لا يتجع بطنك أبدًا" (8) هو أبو (9) طيبة بطاء مهملة (10) مفتوحة ثم ياء مثناة من   (1) انظر: فتح العزيز (1/ 185). (2) في (ب): في معنى. (3) يجتمع فيه: سقط من (أ). (4) سقط من (أ). (5) الوسيط (1/ 314). وقبله: وما استحال في الباطن فأصله على النجاسة ... إلا ما هو مادة الحيوان .... الخ. (6) انظر: تهذيب اللغة للأزهري (14/ 84)، التنقيح (ل 20/ ب). (7) انظر: التنقيح الموضع السابق. (8) الوسيط (1/ 314). وقبله: والنظر في فضلات خمس: الأولى: الدم والقيح: فهو نجس من كل حيوان إلا من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ففيه وجهان ... الثاني: أنه طاهر، لما روي أن أبا طيبة ... الحديث. (9) في (ب): أبا. (10) في (ب): بالطاء المهملة. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 48 تحت ساكنة، واسمه نافع، وقيل: غير ذلك (1). وقوله (يتجع) هو بفتح الجيم، وفيه وجهان: أحدهما: (يتجع) بالياء المثناة من تحت في أوله، وبالرفع في (بطنك)، على أن يكون الفعل لبطنه. والثاني: تتجع بالتاء المثناة من فوق في أوله، وبنصب قوله بطنك، على أن يكون الفعل لأبي طيبة. ثم النصب فيه (هل هو) (2) على التمييز أو على نزع الخافض؟ فيه من الخلاف ما في قوله تبارك وتعالى: {إلَّا مَنْ سَفِهَ نَفْسَهُ} (3) حققت ذلك من معنى ما ذكره الأزهري في تهذيب اللغة (4) من أصل عليه خطه. وهذا الحديث غريب عند أهل الحديث لم أجد له ما يثبت به (5)،   (1) قيل: اسمه نافع ورجحه الحافظ ابن حجر، وقيل: ميسرة، وقيل: دينار، كان عبدًا لبني بياضة أو لبني حارثة من الأنصار. انظر ترجمته في: تهذيب الأسماء (2/ 246)، الإصابة (11/ 217). (2) ما بين القوسين زيادة من (أ) و (ب). (3) سورة البقرة، الآية [130]. (4) (3/ 52) مادة وجع. وراجع إعراب الآية في: معاني القرآن للفرَّاء (1/ 78)، إعراب القرآن لأبي جعفر النَّحاس 1/ 214، كتاب إعراب القرآن وبيانه لمحي الدين الدرويش (1/ 188). (5) قال الحافظ ابن حجر: "والذي وقع لي فيه - أي حديث أبي طيبة - أنه صدر من مولى لبعض قريش، ولا يصح أيضًا، فروى ابن حبان في الضعفاء من حديث نافع أبي هرمز عن عطاء عن ابن عباس قال: حجم النبي - صلى الله عليه وسلم - غلام لبعض قريش، فلما فرغ من حجامته أخذ الدم فذهب به من وراء الحائط فنظر يمينًا وشمالاً فلم ير أحدًا تحسَّ دمه حتى فرغ ثم أقبل فنظر النبي - صلى الله عليه وسلم - في وجهه فقال: ويحك ما صنعت بالدم؟ قلت: غيبته من وراء الحائط. قال: أين غيبته؟ قلت: يا رسول الله نفست على دمك أن أهريق في الأرض فهو في بطني، قال: اذهب فقد احرزت نفسك من النار) ونافع قال ابن حبان: روى عن عطاء نسخة موضوعة، وذكر منها هذا الحديث. وقال يحيى بن معين: "كذاب" - ... وللحديث رواية أخرى - قال الحافظ: "وأما الرواية الثانية فلم أر فيها ذكرًا لأبي طيبة أيضًا بل ورد في حق أبي هند، رواه أبو نعيم في معرفة الصحابة ... وفي إسناده أبو الجحاف وفيه مقال". أهـ التلخيص الحبير (1/ 179) وما بعدها، وراجع كتاب المجروحين من المحدثين والضعفاء والمتروكين لابن حبان (3/ 59). وقال النووى: "وحديث أبي طيبة ضعيف، وقد أحسن المصنف بقوله: روي، بصيغة التمريض". أهـ التنقيح (ل 20/ ب)، وراجع تذكرة الأخيار (ل 5/أ - ب). الجزء: 1 ¦ الصفحة: 49 ولا لما (1) روي أن ابن الزبير شرب دمه (2)، والله أعلم. قوله: "لما روي أن أم أيمن (3) شربت بوله ولم (4) ينكر عليها وقال: إذًا لا تلج النار بطنك" (5) فقوله (لا تلج النار بطنك) يجوز في قوله (النار) النصب، مع الرفع في قوله (بطنك) ويجوز بالعكس. وهذا حديث قد ورد متلونًا ألوانًا، ولم يخرَّج في الكتب الأصول، فروي بإسناد جيد عن أميمة بنت رقيقة - إحدى الصحابيات، واسمها واسم أبيها   (1) في (د) و (ب): ما، والمثبت من (أ). (2) رواه عنه البزار في مسنده - انظر كشف الأستار عن زوائد البزار (3/ 145) - وأبو نعيم في الحلية (1/ 330)، والحاكم في المستدرك (3/ 554)، وأورده الهيثمي في مجمع الزوائد (8/ 482) وقال: رواه الطبراني والبزار باختصار، ورجال البزار رجال الصحيح غير هنيد بن القاسم وهو ثقة. أهـ وقال الحافظ ابن حجر: "وفي إسناده الهنيد بن القاسم ولا بأس به، لكنه ليس بالمشهور بالعلم". التلخيص الحبير (1/ 180). (3) في (أ): أم أمين. وهي حاضنة رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، واسمها بركة - بفتح الباء الموحدة والراء - بنت ثعلبة بن عمرو بن حصن، كنيت بابنها أيمن، وهي مولاة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وحاضنته، أعتقها وزوجها مولاه زيد بن حارثة فولدت له أسامة، أسلمت قديمًا وهاجرت إلى الحبشة والمدينة، وبايعت الرسول - صلى الله عليه وسلم -، توفيت بعد وفاة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بخمسة أشهر وقيل: بستة. انظر ترجمتها في: تهذيب الأسماء (2/ 357)، الإصابة (13/ 177). (4) في (ب): فلم. (5) الوسيط (1/ 315). وقبله: الثانية: - أي من الفضلات - البول والعذرة نجس من كل حيوان، ويستثنى عنه موضعان: الأول: بول رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ففيه وجهان: وجه الطهارة: ما روي أن أم أيمن ... الحديث. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 50 مضموم - (1): الأول: (أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يبول في قدح من عيدان (2) ويوضع تحت سريره (3)، فبال في ليلةً فوضع تحت سريره، فجاء فإذا القدح ليس فيه شيء فقال: لامرأة يقال لها: بركة (4) - كانت تخدمه، لأم حبيبة جاءت معها   (1) هي أميمة بنت رقيقة بنت أبي صيفي بن هاشم بق عبد مناف أخت مخرمة بن نوفل لأمه على ما رجحه الحافظ ابن حجر في التفريق بينها وبين أميمة بنت رقيقة التي أمها رقيقة بنت خويلد بن أسد بن عبد العزى أخت خديجة زوج النبي - صلى الله عليه وسلم - وهي أميمة بنت عبد بن بجاد بن عمير بن الحارث بن سعد بن تميم بن مرة، ولم يفرق بينهما الحافظ ابن عبد البر وابن الأثير. انظر: الاستيعاب (12/ 216)، أسد الغابة (7/ 27)، الإصابة (12/ 135 - 136) وقول المؤلف: "اسمها واسم أبيها" يقتضي أن رقيقة علم لرجل، وهو خلاف ما عليه أهل التراجم من أن رقيقة أمٌّ لأميمة. انظر بالإضافة إلى مصادر ترجمتها السابقة، تهذيب الكمال في ترجمة حكيمة بنتها (35/ 156). (2) قال الإمام السندي: "اختلف في ضبطه أهو بالكسر والسكون جمع عود، أو بالفتح والسكون جمع عيدانة بالفتح وهي النخلة المتجردة من السقف من أعلاه إلى أسفله؟ وقيل بالكسر أشهر رواية, وردَّ بأنه خطأ معنى؛ لأنه جمع عود، وإذا اجتمعت الأعواد لا يتأتى منها قدح لحفظ الماء، بخلاف من فتح العين فإن الراد حينئذٍ قدح من خشب هذه صفته ينقر ليحفظ ما يجعل فيه" أهـ حاشية السندي على النسائي (1/ 35)، وانظر: حاشية السيوطي (زهرة الربى) على النسائي (1/ 34 - 35)، القاموس المحيط (1/ 441). (3) إلى هنا رواه أبو داود في سننه كتاب الطهارة، باب في الرجل يبول بالليل في الإناء ثم يوضع عنده (1/ 28) رقم (24)، والنسائي في سننه كتاب الطهارة، باب البول في الإناء (1/ 34) رقم (32)، وابن حبان في صحيحه - انظر الإحسان (4/ 274) - والحاكم في المستدرك (1/ 167) وقال: هذا حديث صحيح الإسناد، وسنة غريبة ووافقه الذهبي، والبيهقي في السنن الكبرى, كتاب الطهارة (1/ 161) رقم (481)، وصححه الألباني في صحيح سنن أبي داود (1/ 8) رقم (19)، وصحيح سنن النسائي (1/ 9) رقم (32). (4) يأتي تمييزها عند المصنف قريبًا. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 51 من أرض الحبشة (1) -: البول الذي كان في القدح ما فعل؟ قالت: شربته يا رسول الله). وبعض رواته يزيد (2) على بعض، وزاد بعضهم: (فقالت: قمت وأنا عطشانة فشربته وأنا لا أعلم). (3) وفي رواية أبي عبد الله ابن مندة الحافظ (4) فقال: (لقد احتظرت (5) من النار بحظار). (قلت: هذا القدر منه قد اتفقت عليه   (1) أرض واسعة، تقع في شرق أفريقيا، تشمل ما يعرف الآن بإرتريا وإثيوبيا وما جاورهما، وهي مهاجر الصحابة قبل المدينة، ومنها النجاشي الذي كان في عهد الرسول - صلى الله عليه وسلم - واسمه أصحمة. انظر: سيرة ابن هشام (1/ 321)، آثار البلاد وأخبار العباد (ص 20). (2) في (أ): تزيد. (3) الحديث بزيادته رواه الطبراني في معجمه الكبير (24/ 189)، وابن عبد البر في الاستيعاب (12/ 223)، وأورده الهيثمي في مجمع الزوائد (8/ 484) وقال: رواه الطبراني، ورجاله رجال الصحيح غير عبد الله بن أحمد بن حنبل وحكيمة وكلاهما ثقة. وتُكلم في حكيمة هذه فقال الحافظ ابن حجر: "لا تعرف". تقريب التهذيب (ص 745)، وكذا قاله ابن الملقن في تذكرة الأخيار (ل 6/ أ). (4) هو أبو عبد الله محمَّد بن إسحاق بن محمَّد بن يحيى بن مندة، صاحب التصانيف البديعة، والرحلة الواسعة، من تصانيفه: كتاب الإيمان، والتوحيد، والصفات، والتاريخ، ومعرفة الصحابة، والكنى, توفي سنة 395 هـ. انظر ترجمته في: طبقات الحنابلة (2/ 167)، السير (17/ 28)، البداية والنهاية (11/ 35)، طبقات الحفاظ (ص 408). وهذه الرواية أثبتها عنه ابن الأثير في أسد الغابة (7/ 8). (5) الحظر: المنع والحجر. انظر: لسان العرب (3/ 229)، مختار الصحاح (ص 143)، القاموس المحيط (2/ 63). الجزء: 1 ¦ الصفحة: 52 هذه الروايات، وأما ما اضطربت فيه منه فالاضطراب مانع من تصحيحه. ذكر (1) الدارقطني (2) أن (حديث المرأة التي شربت بوله - صلى الله عليه وسلم - (3) صحيح (4)) (5).   (1) في (أ): وذكر. وقوله: "ذكر الدارقطني" إلى قوله: "صحيح" مقدم في (أ) و (ب) على قوله: "قلت". (2) أبو الحسن علي بن عمر بن أحمد بن مهدي بن مسعود البغدادي المقرئ المحدث، انتهى إليه الحفظ ومعرفة علل الحديث ورجاله، مع التقدم في القراءات، من مصنفاته: السنن, العلل، الأفراد، الإلزامات والتتبع توفي سنة 385 هـ، والدارقطني نسبة إلى دار القطن وهي محلة كبيرة ببغداد. انظر ترجمته في: وفيات الأعيان (3/ 297)، السير (16/ 449)، تذكرة الحفَّاظ (3/ 991) , البداية والنهاية (11/ 338)، طبقات الحفَّاظ (ص 393). (3) سقط من (ب). (4) لم أقف على قوله هذا، ونقله كذلك عنه النووي في التنقيح (ل 21/ أ)، ولعله تبع في ذلك الحافظ ابن الصلاح - رحمه الله -، وقد ذكر ابن القطان في كتابه الوهم والإيهام الواقعين في أحكام عبد الحقّ - في نقل عبد الحقّ ذلك عن الدارقطني - بأنه خطأ عن الدارقطني. وقد نقل ابن الملقن عن الدارقطني أنه قال عن الحديث: إنه مضطرب. انظر: بيان الوهم والإيهام الواقعين في كتاب الأحكام (5/ 514)، تذكرة الأخيار (ل6 / أ)، ثم وجدت مصداق نقل ابن الملقَّن في كتاب العلل للدارقطني (5/ ل 225/ ب - ل 226/ أ) إذ قال عن حديث أم سليم هذا: "يرويه أبو مالك النخعي، واسمه عبد الملك بن حسين، واختلف عنه؛ فرواه شهاب عن أبي مالك عن الأسود بن قيس عن نبيح العنزي عن أم أيمن، وخالفه سالم بن قتيبة وقرَّة ابن سليمان فروياه عن أبي مالك عن معلَّى بن عطيَّة عن الوليد بن عبد الرحمن عن أم أيمن، وأبو مالك ضعيف، والاضطراب فيه من جهته". أهـ (5) تأخر ما بين القوسين في (أ) و (ب) إلى ما بعد حديث أبي نعيم الآتي بعده، وما أثبته موافق لنقل ابن الرفعة عن ابن الصلاح. انظر: المطلب العالي (1/ ل 51/ أ - ب). الجزء: 1 ¦ الصفحة: 53 وروى أبو نعيم الحافظ (1) في كتابه: في (2) "حلية الأولياء" (3) من حديث الحسن بن سفيان صاحب المسند (4) بإسناده عن أم أيمن قالت: (بات رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في البيت، فقام من الليل فبال في فخارة فقمت وأنا عطشى لم أشعر بما في الفخارة فشربت ما فيها، فلما أصبحنا قال لي (5): يا أم أيمن أهريقي ما في (6) الفخارة (7)، قلت: والذي بعثك بالحق شربت ما فيها. فضحك رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حتى بدت نواجذه، ثم قال: (أما) (8) أنه لا يتجعنَّ (9) بطنك بعده أبدًا). قلت:   (1) هو أحمد بن عبد الله بن إسحاق، العالم الحافظ العلامة أبو نعيم المهراني الأصبهاني، صاحب التصانيف المشهورة والتي منها: حلية الأولياء، ومعجم شيوخه، والمستخرج على الصحيحين، ودلائل النبوة، وذكر أخبار أصبهان، توفي سنة 430 هـ. انظر ترجمته في: وفيات الأعيان (1/ 91)، تذكرة الحفَّاظ (3/ 1092)، طبقات السبكي (4/ 18)، البداية والنهاية (12/ 48). (2) سقط من (أ). وكأنه هو الظاهر. (3) (2/ 67)، ورواه كذلك الطبراني في المعجم الكبير (25/ 89 - 90)، والحاكم في المستدرك (4/ 63 - 64)، وأورده الهيثمي في مجمع الزوائد (8/ 484)، وقال: "فيه أبو مالك النخعي وهو ضعيف". أهـ، وراجع التلخيص الحبير (1/ 182). (4) هو الحسن بن سفيان بن عامر بن عبد العزيز بن النعمان، الإمام الحافظ أبو العباس الشيباني النسوي، محدث خراسان، رحل إلى الآفاق، تفقه على أبي ثور، وكان يفتي بمذهبه، من تصانيفه: المسند وهو مشهور به، توفي سنة 303 هـ. انظر ترجمته في: تذكرة الحفاظ (2/ 703)، طبقات السبكي (3/ 263)، البداية والنهاية (11/ 133)، طبقات الحفاظ (ص 305). (5) سقط من (أ). (6) سقط من (أ). (7) في (ب): الفخار. (8) زيادة من (أ) و (ب). (9) في (أ) و (ب): يتجع. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 54 فالاستدلال بذلك (1) يحتاج إلى أن يقال فيه: لم يأمرها - صلى الله عليه وسلم - بغسل فم ولا نهاها عن عودةٍ (2). وكون المرأة أم أيمن مولاة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قد يظن من حيث إن اسمها بركة، وفي الحديث تسمية المرأة الشاربة بركة، ولا يثبت ذلك بذلك؛ فإن في الصحابيات أخرى اسمها بركة بنت يسار مولاة لأبي سفيان بن حرب، هاجرت إلى أرض الحبشة (3)، وما في الحديث من نسبتها إلى أم حبيبة بنت أبي سفيان يدل على أنها بنت يسار (4)، والله أعلم. قوله: "البول (5) والعذرة نجس (6)، ويستثنى عنه موضعان: الأول: بول رسول الله - صلى الله عليه وسلم -" (7) وفي بعض النسخ: الأول: من رسول الله - صلى الله عليه وسلم -. وعلى هذا يكون الاستثناء شاملاً (8) للعذرة، وفي طرده في العذرة   (1) في (أ) و (ب): بذلك إذًا. (2) في (ب): عود. (3) وذلك مع زوجها قيس بن عبد الله الأسدي. انظر ترجمتها في: الاستيعاب (12/ 224)، أسد الغابة (7/ 37)، وذكرها ابن هشام في السيرة النبوية (1/ 324) فيمن هاجر من بني أسد إلى الحبشة. (4) وهذا يفيد أن حادثة شرب بول النبي - صلى الله عليه وسلم - تكرر لامرأتين وهما بركة أم أيمن مولاة رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وبركة بنت يسار مولاة أبي سفيان. وانظر التلخيص الحبير (1/ 183). (5) في (ب): والبول. (6) في (ب): نجسة. (7) الوسيط (1/ 315). (8) في (أ): متناولاً. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 55 بُعْد (1)، وكلام من لا أحصيه من المصنفين مخصوص بالبول (2)، غير أن الإمام أبا المعالي قال في فضلات بدنه - صلى الله عليه وسلم - كبوله، ودمه، وغيرهما: وجهان (3)، والله أعلم. حديث شرب أبوال الإبل (4) هو (5) حديث أنس المخرج في الصحيح (6) في قوم من عُريْنة (7) استوخموا (8) المدينة، فسقمت أجسامهم فأمرهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن يخرجوا إلى الإبل ويشربوا من ألبانها وأبوالها (9)، والله أعلم.   (1) قال النووي: "وقد أنكر بعضهم على الغزالي طرده الوجهين في العذرة، وأشار إلى تفرده به، وهذا الإنكار غلط فاحش وعجب من هذا المنكر إنكاره مع شهرة المسألة في الكتب التي ذكرتها - ذكره عن القفال، والقاضي حسين، وصاحبي العدة والبيان، وغيرهم - وقد بسطت إيضاحه في شرح المهذب، وأما ما يقع في بعض نسخ الوسيط: الأول: بول رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فلا اعتماد عليه، ولا اغترار به، بل صوابه: من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ". التنقيح (ل 21/ أ)، وانظر: المجموع (1/ 233 - 234)، المطلب العالي (1/ ل 51/ أ). (2) انظر مثلاً: التعليقة للقاضي حسين (1/ 221)، الإبانة (ل 6/ ب). (3) نهاية المطلب (1/ ل 13/ أ - ب). (4) قال الغزالي: "فأما بول ما يؤكل لحمه فنجس خلافًا لأحمد. وما روي عنه - صلى الله عليه وسلم - أنه قال لجماعة اصفرت وجوههم: "لو خرجتم إلى إبلنا فشربتم من أبوالها وألبانها لرجوت لكم الشفاء، ففعلوا ذلك فصحوا". محمول على التداوي، وهو جائز بجميع النجاسات إلا الخمر". أهـ "الوسيط" (1/ 316 - 317). (5) سقط من (أ). (6) انظر: صحيح البخاري - مع الفتح - كتاب الوضوء، باب أبوال الإبل والدواب والغنم ومرابضها (1/ 400) رقم (233)، صحيح مسلم - مع النووي - كتاب القسامة، باب حكم المحاربين والمرتدين (11/ 153). (7) قال الحافظ ابن حجر: "عرينة بالعين والراء المهملتين والنون مصغرًا حيٌّ من قضاعة، وحيٌّ من بجيلة، والمراد هنا الثاني" أهـ فتح الباري (1/ 402). (8) استوخموا البلد: أي استثقلوها ولم يوافق هواؤها أبدانهم. انظر: النهاية في غريب الحديث والأثر (5/ 164)، لسان العرب (15/ 245)، القاموس المحيط (4/ 162). (9) في (ب): أبوالها وألبانها، بالتقديم والتأخير. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 56 حديث (سئل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن التداوي بالخمر فقال: إن الله تعالى لم يجعل شفاءكم فيما حرم عليكم) (1) رويناه في كتاب "السنن الكبير" (2) عن أم سلمة - رضي الله عنها - قالت: (نبذت نبيذًا في كوز، فدخل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وهو يغلي فقال: ما هذا؟ قلت: اشتكت ابنة لي فَنُعِت لها هذا، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: إن إن الله لم يجعل شفاءكم فيما حرم عليكم). ولم يخرَّج في الكتب الخمسة المعتمدة، ولا في "سنن ابن ماجة"، ويغني عنه ما هو (3) أصح، وأولى، وأدلُّ، وهو حديث وائل بن حجر الكندي (4): أن طارق بن سويد الجعفي (5) سأل النبي - صلى الله عليه وسلم - عن   (1) الوسيط (1/ 317). وذكر الحديث بعد قوله السابق: " ... محمول على التداوي، وهو جائز بجميع النجاسات إلا الخمر". (2) انظر: كتاب الضحايا (10/ 8) رقم (19679). وأخرجه كذلك أبو يعلى في مسنده (12/ 402) برقم (6966)، وابن حبان في صحيحه - انظر الإحسان 4/ 233 رقم (1391) -، والطبراني في معجمه الكبير (23/ 326)، وأورده الهيثمي في مجمع الزوائد (5/ 140) برقم (8287) وقال: "رواه أبو يعلى والطبراني ... ورجال أبي يعلى رجال الصحيح خلا حسَّان ابن مخارق، وقد وثَّقه ابن حبَّان". أهـ وذكره البخاري تعليقًا من قول ابن مسعود في كتاب الأشربة، باب شراب الحلواء والعسل (10/ 78)، وأورده الحافظ ابن حجر في تغليق التعليق (5/ 29 - 30) من طرق إليه صحيحة كما ذكر ذلك الحافظ نفسه. (3) سقط من (ب). (4) أبو هنيدة وائل بن حجر الكندي الحضرمي، سكن الكوفة، كان من ملوك حمير، وفد على رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، روي له عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - (71) حديثًا، وروي حديثه مسلم والأربعة، عاش إلى أيام معاوية. انظر ترجمته في: الجرح والتعديل (9/ 42)، تهذيب الأسماء (2/ 143)، الإصابة (10/ 294). (5) ويقال: الحضرمي، ويقال: سويد بن طارق، قال ابن عبد البر: له صحبة، حديثه في الشراب، حديث صحيح الإسناد. انظر ترجمته في: الاستيعاب (5/ 212)، طبقات ابن سعد (6/ 64)، أسد الغابة (3/ 69)، الإصابة (5/ 212). الجزء: 1 ¦ الصفحة: 57 الخمر فنهاه أو كره أن يصنعها، فقال: إنما أصنعها للدواء فقال: إنه ليس بدواء ولكنه داء) أخرجه مسلم في "صحيحه" (1)، ومعنى الحديث الذي ذكره: أن الله لم يجعل شفاءكم فيما حرم عليكم التداوي به أو ما يشبه (2) هذا من المعنى، وفي ذلك إعلام بأن الخمر المسئول عنها يحرم التداوي بها، ولا يشمل (3) ذلك التداوي بسائر النجاسات؛ فإنها غير محرمة في حالة التداوي بدلالة ما سبق من قصة العرنيين (4)، والله أعلم. "غصَّ بلقمة" (5) هو بفتح الغين لا بضمها (6)، والله أعلم.   (1) انظر: صحيح مسلم - مع النووي - كتاب الأشربة، باب تحريم التداوي بالخمر وبيان أنها ليست بدواء (13/ 152). (2) في (أ): يشبهه. (3) في (د) و (ب): يشتمل، والمثبت من (أ). (4) حديث العرنيين دليل على عدم نجاسة بول ما يؤكل لحمه وروثه، وقول الغزالي وتبعه فيه ابن الصلاح: إنها أبيحت للتداوي وللضرورة، لا يصح؛ إذ لو كان كذلك لأمرهم بغسل أثره إذا أرادوا الصلاة، وكان النبي - صلى الله عليه وسلم - يصلي في مرابض الغنم كما في الصحيحين، ومرابض الغنم لا تخلوا من روثها وأبوالها. والله أعلم. انظر: صحيح البخاري - مع الفتح - كتاب الصلاة، باب الصلاة في مرابض الغنم (1/ 627) رقم (429)، وصحيح مسلم - مع النووي - كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب ابتناء مسجد النبي - صلى الله عليه وسلم - (5/ 8)، المغني لابن قدامة (2/ 492). (5) الوسيط (1/ 318). حيث قال الغزالي: "ونصَّ الشافعي - رضي الله عنه - على أن من غص بلقمة له أن يسيغها بخمر إن لم يجد غيرها". (6) انظر: تهذيب الأسماء واللغات (3/ 1/ 60)، والغصة: الشجى. انظر: مختار الصحاح (ص 475). الجزء: 1 ¦ الصفحة: 58 قوله: "الإنفحة لبن يستحيل في جوف الخروف" (1) هي الإنفحة يكسر الهمزة، وبعدها نون ساكنة، ثم فاء مفتوحة، ثم حاء مهملة مخففة، هذه (2) اللغة الجيدة فيها، ويجوز بتشديد الحاء (3)، وتكون في جوف الجدي (4) أيضًا، والصحيح أنها طاهرة (5) لأن استحالتها لا إلى فساد، وهذا قبل تناوله غير اللبن فإذا أكل غير اللبن فقد ذُّكر أنها نجسة بلا خلاف (6). قلت: هذا لازم من اسمها، فإنها الإنفحة وبعد الأكل ليست إنفحة، وذكر صاحب "الصحاح" (7) أنها إنفحة ما لم يأكل، فإذا أكل فهو كرش، والله أعلم.   (1) الوسيط (1/ 318). وقبله: الألبان: وهي طاهرة من الآدمي وكل حيوان مأكول، والمذهب نجاستها من كل حيوان لا يؤكل؛ لأنها من بين فرث ودم، وإنما طهارتها لحل التناول. واختلفوا في الإنفحة وهي ... الخ. (2) في (أ): هذا. (3) انظر: الصحاح (1/ 413)، القاموس المحيط (1/ 348)، والإنفحة ويقال: المنفحة: شيء يستخرج من بطن الجدي الرضيع، أصفر فيعصر في صوفه فيغلظ كالجبن، فإذا أكل الجدي فهو كرش، وهو لا يستعمل إلا لذي كرش. انظر: القاموس المحيط الموضع السابق، المصباح المنير (ص 235). (4) وهو ولد المعز، وقيَّده البعض بما كان دون السنة. انظر: الصحاح (5/ 2299)، المصباح المنير (ص 36). (5) انظر: فتح العزيز (1/ 187)، روضة الطالبين (1/ 127)، الغاية القصوى (1/ 230)، مغني المحتاج (1/ 80). (6) انظر: فتح العزيز الموضع السابق، المطلب العالي (/ ل 54/ ب). (7) (1/ 413)، مادة: نفح. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 59 قوله: "مني المرأة فيه خلاف مبني على أن رطوبة باطن فرجها طاهر أو نجس (1)؟ " (2) ليس هذا خلافًا في نجاسة نفس منيِّها من أصله، وإنما هو خلاف في نجاسة منيِّها بالمجاورة عند انفصاله منها (3)، والله أعلم. قوله في البيضة: "إذا (4) استحالت مذرة فتخرَّج على الوجهين في المني إذا استحال علقة" (5) المذرة (6): هي الفاسدة، وليس مراده مطلق المذر بل ما إذا استحالت دمًا، ووقع في كثير من النسخ: في المني إذا استحال مضغة (7) وصوابه علقة (8)، والله أعلم. قوله: "إذا ماتت دجاجة وفي بطنها (9) بيض هل ينجس؟ فعلى وجهين: أحديث: نعم كاللبن" (10) صورة المسألة: ما إذا تصلب قشرها، فتنجس بالموت   (1) في (ب): طاهرة أو نجسة. (2) الوسيط (1/ 320). وقبله: الرابعة: المني: فهو طاهر من الآدمي ... وأما مني المرأة ... الخ. (3) انظر: التعليقة للقاضي أبي الطيب (1/ ل 70/ ب)، المجموع (2/ 553)، المطلب العالي (1/ ل 56/ أ - ب). والصحيح أن رطوبة فرجها طاهرة. انظر: التهذيب (ص 80)، تصحيح التنبيه للنووي (1/ 101). (4) في (أ) و (ب): فإذا. (5) الوسيط (1/ 320). وبعده: ففي وجه تستدام الطهارة. وفي وجه يحكم بنجاسته؛ لأنه استحال دمًا. أهـ (6) انظر: القاموس المحيط (2/ 137)، وهي بفتح الميم وكسر الذال. (7) انظر: الوسيط (1/ 320). (8) أجرى الأصحاب كذلك الخلاف في المضغة، فلا وجه لإنكاره، والصحيح من الوجهين فيهما هو الطهارة. انظر: المجموع (2/ 559)، التنقيح (ل 22/ ب)، المطلب العالي (1/ ل 58/ ب - ل 59/ أ). (9) في (أ) و (ب): جوفها. (10) الوسيط (1/ 320). الجزء: 1 ¦ الصفحة: 60 على (1) أحد الوجهين كاللبن في ضرع الشاة الميتة، فإن نجاسته كانت بالموت تنزيلاً له منزلة أجزائها، لا بنجاسة الوعاء؛ فإنها تقع عفوًا كما في نجاسة الدَّنَّ فيما يتخلل من الخمر (2)، فاعرف ذلك فإنه مشكل، والله أعلم. وجه الوجه الذي ذكره في نجاسة العضو المبان من الآدمي والسمكة (3) أنه صار فضلة لبقائه حيَّاً بدونه، فتنجس نجاسة الفضلات، والله أعلم. قوله في دود القز "وفي روثه وبزره (4) من الخلاف ما في بيض الحيوان الذي لا يؤكل" (5) يعني وما في روث مالا نفس له سائلة (6)، والله أعلم.   (1) في (ب): في. (2) المشهور في كتب الشافعية أن اللبن في ضرع الشاة الميتة إنما ينجس بالمجاورة، والمنقول في البيضة ثلاثة أوجه: أصحها: إن تصلبت فطاهرة وإلا فنجسة انظر: المهذب (1/ 11)، التهذيب (ص 81 - 82)، المجموع 1/ 244، المطلب العالي (1/ ل 59/ أ)، مغني المحتاج (1/ 80)، الإقناع في حل ألفاظ أبي شجاع (1/ 76). (3) في (د) و (ب): السمكة والآدمي، بالتقديم والتأخير، والمثبت من (أ) وهو موافق لما في الوسيط وانظر: (1/ 321)، والأظهر أنه طاهر كما قال الغزالي، انظر: الغاية القصوى (1/ 228). (4) البزر بكسر الباء والفتح لغة: الحب الذي يلقى في الأرض للزراعة، وعند الخليل البذر بالذال والزاي بمعنىً، حيث نقل عنه: كل حب يبذر فهو بذر وبزر. وفرق البعض بينهما بأن البذر بالذال للحبوب، والبزر بالزاي للرياحين والبقل وهو المشهور في الاستعمال، ويقال: بزر القز أي بيضه مجازًا على التشبيه ببزرالبقل؛ لأنه ينبت كالبقل. انظر: لسان العرب (1/ 351، 397)، القاموس المحيط (2/ 16)، المصباح المنير (ص 16، 19) مادة بذر بالذال والزاي. (5) الوسيط (1/ 321). وقال الغزالي في البيض: "وهو طاهر من كل حيوان مأكول، ومما لا يؤكل وجهان". والأظهر من الوجهين النجاسة انظر: الوسيط (1/ 320)، وراجع: الإبانة (ل 3/ ب)، فتح العزيز (1/ 191)، التنقيح (ل 23/ أ)، والأصح في البزر الطهارة وفي الروث النجاسة انظر: التنقيح الموضع السابق، نهاية المحتاج (1/ 244)، الإقناع (1/ 76)، مغني المحتاج (1/ 80). (6) انظر: التنقيح الموضع السابق، المطلب العالي (1/ ل 60/ أ). الجزء: 1 ¦ الصفحة: 61 من أحسن ما يوجه به القول بطهارة فأرة المسك (1) - على تقدير أنها جزء بان من حيًّ -: ما عَلِقَ بحفظي من مدة متقادمة عن القفال الكبير أبي بكر الشاشي - رحمه الله - وهو أنها تندبغ بما فيها من المسك فتطهر طهارة المدبوغات، وهذا فيه عمل بدليلي نجاستها وطهارتها (2)، وقد أنكر بعضهم كونها بائنة من حيًّ (3)، وسنذكر ذلك في الموضع الذي تكرر ذكرها فيه من كتاب البيع إن شاء الله تبارك وتعالى (4). قوله بعد حكاية الخلاف فيما لا يدركه الطرف "ولعل الصحيح أن ما انتهت قلته إلى حدًّ لا يدركه الطرف مع مخالفة لونه للون ما اتصل به فهو معفو عنه، وأن كان بحيث يدركه الطرف على تقدير اختلاف اللون فلا يعفى عنه" (5) هذا كلام موهم مُعْتَرَضٌ عليه فيه؛ لأنه يوهم أن ما سبق من الخلاف ليس فيما لا يدركه الطرف لقلته مع مخالفة اللون، بل في مطلق ما لا   (1) قال الغزالي: "المسك طاهر، وفي فأرته وجهان: أصحهما الطهارة". أهـ الوسيط (1/ 321). وفأرة المسك: نافجته أي وعاء المسك، يعني الجلدة التي يتجمع فيها، قال صاحب القاموس: "الصواب إيراد فأرة المسك في (ف ور) لفوران رائحتها، أو يجوز همزها؛ لأنها على هيئة الفأرة". أهـ القاموس المحيط (1/ 287، 2/ 188)، مختار الصحاح (ص 488). (2) دليل نجاستها أنها جزء انفصل من حيًّ ودليل طهارتها أنها تنفصل بالطبع كالجنين، ولأن المسك فيها طاهر ولو كانت نجسة لكان المظروف نجسًا. والوجهان فيما لو انفصلت في الحياة، أما لو انفصلت منها بعد موتها فهي نجسة. انظر: الإبانة ل/3 ب، البسيط للغزالي 1/ ل 9/ أ، فتح العزيز 1/ 193. (3) انظر: المطلب العالي 1/ ل 60/ ب. (4) راجع شرح مشكل الوسيط 2/ ل 51/ ب. (5) الوسيط 1/ 323. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 62 يدركه الطرف: إما لقلته، وإما لاتفاق اللون، وليس كذلك، فإنه لا يخفى أن الخلاف من أصله إنما هو فيما لا يدركه الطرف لقلته، لا لاتفاق اللون، وقد صرح في الدرس بتصوير أصل المسألة فيما لا يدركه الطرف لقلته (1). فأقول: ليس ما ذكره طريقة أخرى، وحاصله أنه اختار مما سبق ذكره من الخلاف القول بالعفو في الماء والثوب (2)، ولم يحقق صورة المسألة من الابتداء فذكر ذلك عند ذكره ما هو المختار عنده، وأعاد ذكر القسم الآخر الذي لا يعفى عنه وهو ما يدركه الطرف؛ من أجل أنه الآن حقَّق صورة المسألة، فاعلم ذلك (3)، والله أعلم. قوله - صلى الله عليه وسلم -: "إذا بلغ الماء قلتين لم يحمل خبثًا" (4) رواه ابن عمر - رضي الله عنهما -، وفي رواية قوية أخرجها أبو داود (5) وغيره (6) "فإنه لا ينجس" وهذا   (1) كذا ذكره في الوسيط 1/ 322. (2) قال الغزالي في الماء الراكد إذا وقعت فيه نجاسة: "أما القليل فينجس وإن لم يتغير مهما وقعت فيه نجاسة يدركها الطرف، فإن كان لا يدركها فنص الشافعي - رضي الله عنه - فيه مختلف: فمنهم من قال: قولان: أحدهما: أنه يجتنب في الماء والثوب؛ لتحقق وصول النجاسة والثاني: أنه يعفى عنه؛ لتعذر الاحتراز منه. ومنهم من قال: يعفى عنه في الماء ولا يعفى عنه في الثوب ... وهو الأصح". الوسيط (1/ 322). (3) انظر: التنقيح (ل 23/ أ - ب)، المطلب العالي (1/ ل 64/ أ). (4) الوسيط (1/ 323) حيث قال الغزالي: "قال مالك: الماء لا ينجسه شيء إلا ما غيَّر طعمه أو لونه أو ريحه. وفرق الشافعي - رضي الله عنه - بين القليل والكثير؛ لقوله - عليه السلام -: إذا بلغ الماء قلتي ... الحديث". (5) في سننه كتاب الطهارة، باب ما ينجس الماء 1/ 52 رقم (65). (6) أخرجها كذلك أحمد في المسند 2/ 107، والبيهقي في السنن الكبرى, كتاب الطهارة (1/ 396) رقم (1243)، وأخرجها ابن ماجه في سننه كتاب الطهارة (1/ 172) رقم (517) بلفظ: "لا ينجسه شيء"، وابن حبان في صحيحه - انظر الإحسان 4/ 57 رقم (1249) -، والدارقطني في السنن (1/ 29 - 30)، والحاكم في المستدرك (1/ 132). الجزء: 1 ¦ الصفحة: 63 الحديث حسن ثابت رواه الشافعي، وأحمد بن حنبل (1)، وعملا به (2)، وأخرجه أبو داود، والترمذي، والنسائي، وغيرهم (3)، وأورده الحاكم أبو عبد الله الحافظ (4) في "صحيحه المستدرك" (5) وذكر أنه صحيح الإسناد على شرط البخاري ومسلم (6) ولم يخرجاه، ومطاعن المخالفين فيه (7) مندفعة عند من أحاط بعلمي الحديث والفقه.   (1) انظر: مسند الشافعي (ص 335)، والأم (1/ 43)، ومسند أحمد (2/ 27). (2) انظر: الأم الموضع السابق، مختصر المزني (ص 11)، كتاب المسائل عن أبي عبد الله أحمد ابن محمَّد بن حنبل وأبي يعقوب إسحاق بن إبراهيم الحنظلي (ص 120)، المغني (1/ 36)، الإنصاف للمرداوي (1/ 59). (3) انظر: سنن أبي داود كتاب الطهارة، باب ما ينجس الماء (1/ 51) رقم (63)، وجامع الترمذي، كتاب الطهارة، باب ما جاء أن الماء لا ينجسه شيء (1/ 97) رقم (52)، وسنن النسائي كتاب الطهارة، باب التوقيت في الماء (1/ 49 - 50) رقم (52)، وممن رواه كذلك ابن خزيمة في صحيحه (1/ 49) رقم (92)، والبيهقي في السنن الكبرى كتاب الطهارة (1/ 393) رقم (1231). (4) هو محمَّد بن عبد الله بن محمَّد بن حمدويه، أبو عبد الله الحاكم النيسابوري، الحافظ، إمام أهل الحديث في عصره، واسع المعرفة، صاحب التصانيف، والتي منها: المستدرك على الصحيحين، معرفة الحديث، تاريخ علماء نيسابور، وغيرها، توفي سنة 405 هـ بنيسابور. انظر ترجمته في: تذكرة الحفَّاظ (3/ 1039)، طبقات السبكي (4/ 155)، البداية والنهاية (11/ 379). (5) (1/ 132 - 133)، والحديث حسنه النووي في المجموع (1/ 112)، والتنقيح (ل 23/ ب)، وراجع التلخيص الحبير (1/ 122) وما بعدها. (6) في (ب): على شرط الصحيحين. (7) قد وُجَّه إلى الحديث عدة مطاعن من حيث إنه مضطرب الإسناد، والمتن، والمعنى. وقد أجاب عنها العلماء راجع في ذلك: نصب الراية للزيلعي (1/ 104 - 112)، المجموع (1/ 112 - 116)، التلخيص الحبير (1/ 90 - 92، 1/ 112) وما بعدها، إرواء الغليل للألباني (1/ 45 - 46). الجزء: 1 ¦ الصفحة: 64 ونصر صاحب الكتاب في "الإحياء" (1) مذهب مالك: أن الماء لا ينجس إلا بالتغيُّر (2)، واحتج بأشياء عنها أجوبة صحيحة. وقد قيل: إن ذلك قول قديم للشافعي (3) ولا يثبت ذلك، والله أعلم. قوله: "ولو زال بوقوع الزعفران والمسك فلا؛ لأنه استتار، لا زوال" (4) لا تناقض بين قوله أولاً "زال" وبين قوله آخرًا "لا زوال"؛ لأن المراد الأول: كونه صار بحيث لا يشمُّ رائحته، ولا يدرك (5) مع بقاء التغيُّر في نفسه حقيقة. قوله: "ولو زال بوقوع التراب فقولان منشؤهما التردد في أنه ساتر أو مزيل" (6) كنت قد (7) حققت صورة هذه المسألة فيما أمليته من "شرح مشكل المهذب" وقلت: هذا تحقيق لو عرض على الأئمة لقبلوه - إن شاء الله تعالى - فذكرت أنه لا بد في تصويرها من شرطين: أن يكون تغير الماء بالرائحة، وأن   (1) انظر: (1/ 119). (2) وهي رواية المدنيين عن مالك انظر: التمهيد (1/ 327)، الكافي لابن عبدي البر (1/ 128)، التلقين للقاضي عبد الوهاب (ص 55)، قوانين الأحكام الشرعية لابن جزي (ص 32)، عقد الجواهر الثمينة لابن شاس (1/ 8)، حاشية الدسوقي (1/ 65). (3) قال ابن الرفعة: "قال بعض الشارحين: إنه قول قديم للشافعي، ولم أره منقولاً، وابن الصلاح قال: إنه لا يثبت ذلك". أهـ المطلب العالي (1/ ل 62/ ب). (4) الوسيط (1/ 324). وقبله: فإذا بلغ - أي الماء - قلتين فينجس إذا تغير بالنجاسة وإن كان تغيرًا يسيرًا، ثم يعود طاهرًا مهما زال التغير بهبوب الريح أو طول المكث. ولو زال بوقوع زعفران ... الخ (5) في (أ): تدرك. (6) الوسيط الموضع السابق. (7) سقط من (ب). الجزء: 1 ¦ الصفحة: 65 يكون الماء متكدَّرًا لم يَصْفُ بعد؛ وذلك لأنه إذا صفا الماء ولم يصادف تغيُّرًا فلا وجه للخلاف، بل يجب القطع بزوال التغيُّر سواء كان بالطعم أو اللون أو الرائحة؛ لأن التراب قد انفصل عن الماء فلن يكون ساترًا لتغيره، فعلم اختصاص الخلاف بحالة التكدُّر. ثمَّ إن تكدُّرَه يستر التغيُّر الكائن في الطعم أو اللون لا محالة، فتعين أن يكون محل الخلاف ما إذا كان التغيُّر بالرائحة والماء متكدر بالتراب (1)، فإذا لم تدرك الرائحة فهل يقضى بزوالها ثم بطهارته؟ لأن الظاهر زوالها، أو لا يقضى بزوالها؛ لجواز بقائها واستتارها برائحة التراب؟ لأن له رائحة، والأصل بقاؤها، فهذا الذي فيه القولان المذكوران. وإنما لم يجر (2) القولان فيما إذا صفا الماء؛ لأن رائحة التراب لا تبلغ إلى أن (3) تستر (4) بعد انفصاله عن الماء فاعلم ذلك، والله أعلم. قوله في مقدار القلتين: "و (5) الأقصد (6) ما ارتضاه (7) القفال وصاحب الكافي:   (1) انظر: فتح العزيز (1/ 205)، التنقيح (ل 24/ أ)، المطلب العالي (1/ ل 65/ ب). وممن أجرى الخلاف في اللون والطعم القاضي حسين في التعليقة (1/ 489)، والفوراني في الإبانة (ل 4/ ب)، ونقله النووي في الموضع السابق عن المحاملي والمتولي. ثم إن الصحيح من القولين: أنه لا يطهر. انظر: روضة الطالبين (1/ 131)، المنهاج (1/ 22)، مغني المحتاج (1/ 22). (2) في (أ): تجر. (3) سقط من (أ). (4) في (د): تستتر، والمثبت من (أ)، (ب). (5) سقط من (أ). (6) كذا في جميع النسخ بالصاد والدال، وفي متن الوسيط "الأقسط" بالسين والطاء، والأقصد بمعنى الأوسط, والأقسط بمعنى الأعدل، وكلاهما يؤدي المعنى، والله أعلم. انظر: المصباح المنير (ص 192). (7) في (ب): ما اختاره. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 66 أنه ثلاثمائة منًا (1)؛ لأنه مأخوذ من استقلال البعير، وبعير العرب يكون ضعيفًا لا يحمل أكثر من مائة وستين منًا، فتحطُّ عنه عشرة أمناء للراوية والحبال" (2) هذا كلام غير مرضي ولا يصح قوله "إن ذلك مأخوذ من استقلال البعير"، بل من المعلوم أن القلة سميت قلة لأنها تقل بالأيدي ونحو ذلك (3)، أي تحمل من غير تخصيص للبعير، وهي عند العرب عبارة عن الجرَّة الكبيرة أو شبهها نحو الجُب (4) وقد فسرها الثقة (5) من رواة هذا الحديث (6) بقلال كبار كانت بالمدينة تسمى قلال هجر، وهجر ههنا قرية بقرب المدينة لا هجر المعروفة عند البحرين (7)، وتفسير الحديث من راويه يقبل وإن لم يسنده إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وكانت معلومة المقدار عندهم كالمكايل، ولولا ذلك لم يقدر بها الشارع - صلى الله عليه وسلم -. ثم   (1) منا على وزن عصا: هو رطل، وتثنيته منوان وجمعه أمناء، وفي لغة قليلة: منّا بتشديد النون. انظر: تهذيب الأسماء واللغات (3/ 2/ 145). (2) الوسيط (1/ 324 - 325). (3) انظر: معالم السنن للخطابي (1/ 53)، المصباح المنير (ص 196)، المغني لابن قدامة (1/ 36). (4) انظر: القاموس المحيط (3/ 602)، مختار الصحاح (ص 549)، المصباح المنير (ص 196). والجُب: المزادة يخيط بعضها إلى بعض. انظر: القاموس المحيط (1/ 57). (5) في (د): الثقاة، والمثيت من (أ) و (ب). (6) وهو يحيى بن عُقيل كما رواه البيهقي في السنن الكبرى, كتاب الطهارة (1/ 399) رقم (1252) حيث قال: " ... عن ابن جريج قال: أخبرني محمد - أي ابن يحيى - فذكره - أي حديث القلتين - قال محمَّد ليحيى بن عقيل: أي القلال؟ قال: قلال هجر". ويحيى بن عقيل قال عنه ابن معين: "ليس به بأس"، وقال الحافظ ابن حجر: "صدوق". انظر: الجرح والتعديل (9/ 176)، تقريب التهذيب (ص 594). (7) انظر: معجم البلدان (5/ 452)، تهذيب الأسماء واللغات (3/ 2/ 188). الجزء: 1 ¦ الصفحة: 67 إنه احتيج (1) إلى التقدير بغيرها لفنائها، أو غير ذلك، فقدَّرت بقرب الحجاز، وهي كبار معروفة عندهم، فذكر ابن جريج (2) - وهو أحد أكابر المتقدمين من علماء الحجاز - أن القلة منها تسع قربتين أو قربتين وشيئا (3)، فاحتاط الشافعي - رضي الله عنه - وعنهم - وقدر القلتين بخمس قرب منها، وجعل الشيء فيه نصفًا؛ ليستوعب جميع ما يحتمله لفظ الشيء في مثله (4)، ثم احتاج من تباعد من الحجاز إلى تقدير تلك القرب بالأرطال، فاتفق أصحاب الشافعي، وأصحاب أحمد على تقدير كل قربة منها بمائة رطل بالرطل العراقي (5)، وفي   (1) في (أ): ثم إنه إن احتيج. (2) هو عبد الملك بن عبد العزيز بن جريج أبو الوليد القرشي الأموي مولاهم المكي، ويقال: أبو خالد، وهو من كبار تابعي التابعين، وأول من دون العلم بمكة، قال عنه الحافظ ابن حجر ثقة، فقيه، فاضل، كان يدلس ويرسل، روى حديثه الجماعة. توفي سنة 150 وقيل: 151 هـ. انظر ترجمته في: الثقات لابن حبَّان (7/ 93)، الجرح والتعديل (5/ 356)، تهذيب الكمال (18/ 338)، تقريب التهذيب (ص 362). (3) انظر: الأم (1/ 43)، مختصر المزني (ص 11)، السنن الكبرى كتاب الطهارة (1/ 398) رقم (1250). (4) انظر: الحاوي (1/ 334)، التعليقة للقاضي حسين (1/ 484)، التهذيب (ص 30). (5) انظر: الحاوي (1/ 335)، حلية العلماء (1/ 81)، المجموع (1/ 120)، المغني لابن قدامة (1/ 37)، قال ابن قدامة: "واتفق القائلون بتحديد الماء بالقرب على تقدير كل قربة بمائة رطل بالعراقي، لا أعلم بينهم في ذلك خلافًا". أهـ والرطل: بكسر الراء وفتحها لغتان والكسر أفصح. واختلف في مقدار رطل بغداد: فقيل: (128 درهمًا وأربعة أسباع الدرهم)، وقيل: (128 درهمًا فقط)، وقيل: (130 درهمًا). فيكون الرطل بالجرام الحالي على القول الأول: (695، 407)، وعلى القول الثاني: (88، 405)، وعلى القول الأخير: (23، 412). انظر تهذيب الأسماء واللغات (3/ 1/ 123)، المجموع (1/ 122)، تحرير ألفاظ التنبيه (ص 110). معجم لغة الفقهاء (ص 413)، تحقيق اللباب للدكتور عبد الكريم العمري (ص 56). الجزء: 1 ¦ الصفحة: 68 "الشامل" (1) لابن الصباغ (2) نسبة تقدير القربة بمائة رطل إلى الشافعي نفسه، ولم أجد ذلك في كلام الشافعي (3) ومنصوصاته، وغيره صرح بأن ذلك كان من أصحابه (4). فالقلتان إذًا على مذهب الشافعي وأصحابه خمسمائة رطل بالعراقي سوى من شذَّ منهم فقال: إنهما (5) ألف رطل (6)، أو (قال) (7): ستمائة رطل (8)، وذكر القاضي حسين في (9) طريقته عن المهندسين أن مقدار القلتين من   (1) لم أقف على النقل عنه فيما بين يدي من مصادر، وقد نقل هذا التقدير عن الشافعي البندنيجي، وقال المحاملي: "حكى أبو إسحاق أن الشافعي قال في بعض كتبه: إنه شاهد القرب وأن القربة تسع مائة رطل". وقال إمام الحرمين: "ظاهر كلام الشافعي أن القربة تسع مائة رطل". نهاية المطلب (1/ ل 111/ ب)، المجموع (1/ 120 - 121). (2) هو أبو نصر عبد السيد بن محمَّد بن عبد الواحد بن محمَّد بن أحمد بن جعفر البغدادي المعروف بابن الصباغ، شيخ الشافعية، من مصنفاته: الشامل، والكامل، وتذكرة العالم والطريق السالم، توفي سنة 477 هـ انظر ترجمته في: وفيات الأعيان (3/ 217)، تهذيب الأسماء (2/ 299)، السير (18/ 464)، طبقات السبكي (5/ 122)، طبقات الأسنوي (2/ 130). (3) في (ب): الشافعي نفسه. (4) كالماوردي في الحاوي (1/ 335)، والقاضي حسين في التعليقة (1/ 483)، وراجع المجموع (1/ 120). (5) في (ب): إنها. (6) محكي عن الشيخ أبي زيد محمَّد بن أحمد بن عبد الله بن محمَّد المروزي شيخ القفال المروزي. انظر. المجموع 1/ 120. (7) زيادة من (أ) و (ب). (8) وهو اختيار أبي عبد الله الزبيري والقفال، قال الفوراني: "هو الأصح وعليه الفتوى". وقال الغزالي: "والأقسط ما ارتضاه القفال وصاحب الكافي". انظر: الإبانة (ل4 / أ)، الوسيط (1/ 324)، المجموع (1/ 120). (9) في (أ): من. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 69 الماء على الأرض المتساوية: ذراع وربع في ذراع وربع في عمق ذراع وربع (1)، فاعلم ذلك؛ فإن فيه من تحقيق أمر القلتين رغائب عزيزة مهمة، والله أعلم. قوله: "ويعبر العرب" كذا وقع بلفظ الواحد في البعير (2) ولفظ الجمع في العرب وفيه عجمة (3). وقوله: "للراوية والحِبَال" يتضمن كون الراوية قلة، وذلك غير صحيح ولا يعرف ذلك في اللغة أصلاً. ثم إن الراوية في لسان العرب عبارة عن الدابة التي تحمل الماء، واستعمالها فيما تحمل فيه الماء منسوب إلى العامة، وهو محتمل على وجه الاستعارة (4)، والله أعلم. والمنا (5) بالتخفيف على وزن العصا أفصح من المنِّ (6)، والله أعلم. وصاحب "الكافي" المذكور هو أبو عبد الله الزبيري (7) من قدماء الأصحاب العراقيين في الطبقة الثالثة. والقفال ههنا وحيث يذكر في "الوسيط" ونحوه هو   (1) التعليقة (1/ 484). (2) في البعير: سقط من (ب). (3) جاء في نسخة أخرى للوسيط (إبل العرب) وقد أثبتها محقق الوسيط فتزول المعجمة. انظر: الوسيط (1/ 324). (4) انظر: الصحاح (6/ 2364)، تهذيب الأسماء واللغات (3/ 1/130 - 131)، لسان العرب (5/ 380). (5) في (ب): وقوله: والمنا ... الخ. (6) انظر: تهذيب الأسماء واللغات (3/ 2/ 145). (7) هو الزبير بن أحمد بن سليمان بن عبد الله بن عاصم بن المنذر بن الزبير بن العوام الأسدي أبو عبد الله، وهو من أصحاب الوجوه المتقدمين، له كتب كثيرة منها: الكافي، النية، ستر العورة، الهداية، الاستشارة والاستخارة، رياض المتعلم، الإمارة، وغيرها، توفي سنة 317 هـ. انظر ترجمته في: طبقات الشيرازي (ص 108)، وفيات الأعيان (2/ 69)، تهذيب الأسماء (2/ 256)، طبقات السبكي (3/ 295). الجزء: 1 ¦ الصفحة: 70 أبو بكر عبد الله بن أحمد القفَّال المروزي إمام المراوزة في الطبقة الخامسة أو السادسة، وهو القفال الصغير, والقفال الكبير هو: أبو بكر محمَّد بن علي الشاشي، وقلَّ ما يأتي ذكره في هذه الكتب، وإذا ذكر قيِّد بالشاشي (1)، والله أعلم. وصاحب "التقريب" المذكور هو ابن القفال الشاشي، واسمه القاسم أبو الحسن (2)، جليل القدر صاحب طريقة في المذهب، وكتابه "التقريب" كبير شروح "مختصر المزني" (3)، وربما أُعتقد أنه كتاب "التقريب" للإمام سليم بن أيوب الرازي (4) وليس به، والله أعلم. قول (5) ابن جريج: "رأيت القلة منها تسع قربتين أو قربتين وشيئًا" (6) تحتمل "أو" فيه التردد والشك كما ذكره في الكتاب، وتحتمل التقسيم كما في "أو" من   (1) تقدم التمييز بينهما. (2) في (ب): أبو الحسين. وكان رحمه الله صاحب إتقان وتحقيق وضبط وتوثيق، توفي في حدود الأربعمائة. انظر ترجمته في: تهذيب الأسماء (2/ 278)، طبقات السبكي (3/ 472)، طبقات الأسنوي (1/ 303). (3) في (ب): المختصر، بدلاً عن مختصر المزني. (4) أبو الفتح سليم بن أيوب بن سليم الرازي الشافعي، تفقه على الشيخ أبي حامد الإسفراييني حتى برع في المذهب وصار إمامًا لا يشق له غبار، من تصانيفه: ضياء القلوب في التفسير، والتقريب والمحرر والإشارة في الفقه، وغيرها، توفي غرقًا سنة 447 هـ وهو قافل من الحج. انظر ترجمته في: طبقات الشيرازي (ص 132)، تهذيب الأسماء (1/ 231)، السير (17/ 645)، طبقات السبكي (4/ 388). (5) في (أ): وقول. (6) قال الغزالي: "وقال صاحب التقريب: لا يضر نقصان نصف القربة، وهو الذي تردد فيه ابن جريج إذ قال: لقد رأيت قلال هجر فكانت القلة تسع قربتين أو قربتين وشيئًا". الوسيط (1/ 325 - 326). الجزء: 1 ¦ الصفحة: 71 آية المحاربة (1)، أي أنها كانت منقسمة فمنها ما تسع قربتين، ومنها ما تسع قربتين وشيئًا، والله أعلم. تقدير النقصان على قول القائل بالتقريب بأرطال معلومة تَشَوُّف إلى التحديد كما ذكره (2)، ولكنه تحديد آخر غير التحديد الذي نفاه القائل بالتقريب، فإن الذي نفاه هو التحديد بخمسمائة رطل، والعبارة المفصحة عما اختاره في ضبط النقصان أن نقول: إذا كان الناقص بحيث يغيِّره من الزعفران أو غيره ما لا يغيِّر مثله (3) القدر الكامل فهو (4) دون القلتين، وإذا كان الناقص بحيث لا يغيِّره إلا ما يغيِّر مثله القدر الكامل فليس دون القلتين المعتبرتين، والله أعلم. قوله في النجاسة الجامدة الواقعة في قلتين: "القول الجديد: أنه لا يجوز الاغتراف إلا مما بعد عنها بقلتين" (5) كان ينبغي أن لا يقتصر في تصوير المسألة على قلتين، بل يقول أكثر من قلتين؛ حتى يتصور الاغتراف مما بعد عنها بقلتين، فكأنه أراد في قلتين فصاعدًا، غير أن في العبارة كزازة (6). ثم إن القلتين المجتنبتين نجستان على هذا القول فيما ذكره صاحب "التهذيب" (7)، وصاحب   (1) وهي قوله تعالى: {إِنَّمَا جَزَاءُ الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللهَ وَرَسُولَهُ} [المائدة: 33]. (2) قال الغزالي: "ولعل الأقرب أن يقال: إذا نقص قدر لو طرح عليه من الزعفران مثل ما طرح على الكامل لظهر التفاوت للحسِّ فهو مؤثر. وهذا الضبط أولى من التقدير بالأرطال؛ فإن ذلك تشوف إلى التحديد". ا. هـ الوسيط (1/ 326). (3) في (ب): مثله من، و"من" هنا مقحمة. (4) في (أ): فهو في ضبط النقصان أن نقول: إذا كان الناقص دون القلتين، وإذا كان الناقص بحيث يغيره من الزعفران أو غيره ما لا يغير مثله القدر الكامل فليس ... الخ. وهذا لا معنى له. (5) الوسيط (1/ 326). (6) الكزازة: اليُبس والانقباض. انظر: القاموس المحيط (2/ 301)، مختار الصحاح (ص 569). (7) انظر التهذيب (ص 36). الجزء: 1 ¦ الصفحة: 72 الكتاب في درسه له، وصرح به شيخه وقال: "لو كان الماء قلتين بلا مزيد كان (1) نجسًا على هذا القول" (2). وكلام صاحب "الحاوي" (3)، وصاحب "المهذب" (4)، وغيرهما (5) وكأنهم الأكثرون يقتضي أن ذلك طاهر مُنِعَ من استعماله لقربه من النجاسة، وعن بعض المعلقين عن الشيخ أبي محمَّد الجويني أن الخلاف إنما هو في جواز الاستعمال ولا خلاف في الطهارة (6). والوجهان كلاهما ضعيفان، والقول بالتنجيس أضعفهما لمصادمته قوله - صلى الله عليه وسلم -: (إذا بلغ الماء قلتين لم يحمل خبثًا) (7)، والله أعلم. والقول القديم: أنه لا يجب التباعد عن النجاسة (8)، وذكر الشيخ أبو علي السنجي (9) في "شرحه للتلخيص" أنه قوله في "اختلاف الأحاديث". فعلى هذا   (1) في (ب): كان الكل. (2) نهاية المطلب (1/ ل 114/ أ). (3) انظر الحاوي (1/ 336). (4) انظر المهذب (1/ 7). (5) كالقاضي أبي الطيب في التعليقة (1/ ل 101/ أ)، ونقله النووي عن: المحاملي وصاحب الشامل والبيان وغيرهم من العراقيين وجماعة من الخرسانيين. انظر: المجموع (1/ 140)، روضة الطالبين (1/ 134). (6) انظر النقل عنه في: روضة الطالبين (1/ 133 - 134). (7) تقدم تخريجه انظر (1/ 63 - 64). (8) انظر: الوسيط (1/ 326)، فتح العزيز (1/ 214)، المجموع (1/ 139). (9) سقط من (أ). وهو الحسين بن شعيب المروزي السنجي، منسوب إلى سنج قرية من قرى مرو، إمام زمانه في الفقه، شرح التلخيص وفروع ابن الحداد والمختصر، وهو أول من جمع في تصانيفه بين طريقة العراقيين والخراسانيين، توفي سنة 427 هـ وقيل غيرها. انظر ترجمته في: طبقات العبادي (ص 65)، طبقات الشيرازي (ص 132)، تهذيب الأسماء (2/ 261)، طبقات الأسنوي (2/ 28). وانظر النقل عنه في: المجموع 1/ 139. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 73 هو أيضًا أحد القولين في الجديد؛ فإن كتاب "اختلاف الحديث (1) " من كتبه الجديدة. ثم إن فيما عُلِّق عن صاحب الكتاب في تدريسه له أنه على هذا القول لا يجب التباعد إلا عن حريم (2) النجاسة وما تغير شكله بسبب النجاسة، وذلك هو المذكور في متن الكتاب في فصل الماء الجاري حيث يقول: "وهذا الحريم مجتنب (3) في الماء الراكد أيضًا" (4) وهذا غير معدود من المذهب (5)، وإنما هو شيء جرَّ إليه جري الخاطر السريع حالة (6) التأليف والتفريع، أو نحو هذا، والذي ذكره أئمة المذهب ومنهم الشيخ أبو محمَّد الجويني في كتابه "المحيط" (7)، وولده في كتابه "النهاية" (8)، والشيخ أبو علي السنجي (9)، وصاحب "التتمة" (10)، وصاحب   (1) في (ب): الأحاديث. (2) حريم الشيء: ما حوله من حقوقه ومرافقه. انظر: مختار الصحاح (ص 132)، المصباح المنير (ص 51). (3) في (أ): يجتنب. (4) الوسيط 1/ 331. (5) قال النووي - بعد أن ساق قول الغزالي باجتناب حريم النجاسة -: "وهذا الذي قاله شاذ متروك، مخالف لما اتفق عليه الأصحاب". أهـ المجموع (1/ 140)، وراجع المطلب العالي (1/ ل 72/ أ- ب). (6) سقط من (أ). (7) لم أقف على كتابه هذا، وقد نقل قوله هذا ابن الرفعة عن ابن الصلاح انظر: المطلب العالي (1/ ل 72/ ب). (8) (1/ ل 117/ ب). (9) انظر: المطلب العالي الموضع السابق. (10) انظر المرجع السابق. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 74 "التهذيب" (1)، وصاحب "الحاوي" (2)، وصاحب "الشامل" (3)، ومن لا تحصيه من الخراسانيين والعراقيين، على اختلاف عباراتهم: أنه (4) على القول بعدم وجوب التباعد، لا يجتنب شيء منه، بل له الاغتراف من أي موضع شاء منه (5)، وهكذا ذكره (6) هو في "البسيط" (7) فقطع فيه بأن الراكد (8) لا حريم له يجتنب، وأن الجاري يجتنب حريمه على المذهب، وفرق بينهما بأن الراكد لا حركة له حتى ينفصل البعض (9) عن البعض في الحكم، والله أعلم. قوله في كيفية التباعد: "ينبغي أن يتباعد قدرًا لو حسب مثله في العمق وسائر الجوانب كان قلتين" (10) (فقوله: "وسائر الجوانب") (11) كلام موهم، وإنما هو جانب العرض فحسب، إذ المعتبر في ذلك الطول والعرض والعمق فحسب من   (1) انظر التهذيب (ص 36). (2) انظر الحاوي (1/ 337). (3) انظر النقل عنه في: المطلب العالي (1/ ل 72/ ب). (4) في (ب): أن. (5) سقط من (ب). وانظر: التنقيح (ل 26/ أ)، المجموع (1/ 140)، المطلب العالي (1/ ل 70/ ب)، نهاية المحتاج (1/ 75). (6) في (أ) و (ب): ذكر. (7) (1/ ل 13/ أ). (8) في (أ): الذي. (9) في (أ): بعضه. (10) الوسيط (1/ 327). (11) ما بين القوسين زيادة من (أ). الجزء: 1 ¦ الصفحة: 75 صوب المغترف، وذلك مصرح به في "البسيط" (1)، و"النهاية" (2)، وغيرهما (3)، وليس لك أن تجعل ذلك مصيرًا منه إلى وجه ليس في هذه الطريقة - ذكره صاحب "التتمة" (4) - وهو أنه لا يعتبر القلتان من صوب المغترف فحسب، بل من جميع جوانب النجاسة، فإن هذا الكلام إنما هو في جوانب الماء وأبعاده لا في جوانب النجاسة، وبيان كيفية التباعد واعتبار الأبعاد الثلاثة فيه كما (5) سبق بكشف إشكاله الإمام القفال قرأت (6) ذلك بخط تلميذه أبي محمَّد الجويني عنه (7)، وذكر أنه سأل عن تحقيق ذلك جماعة منهم الشيخ أبو بكر الأودني (8)، والشيخ أبو عبد الله الخضري وجارا فيه أبا يعقوب الأبيوردي (9)، فما استقرت آراؤهم فيه على شيء (10).   (1) (1/ ل 11/ ب). (2) (1/ ل 113/ ب). (3) انظر: التعليقة للقاضي حسين (1/ 491، 492)، الإبانة (ل 4/ أ). (4) انظر النقل عنه في: المجموع (1/ 140). (5) في (د): مما، والمثبت من (أ). (6) في (ب): نقلت. (7) انظر النقل عنه في: المطلب العالي (1/ ل 72/ ب - ل 73/ أ). (8) محمَّد بن عبد الله بن بصير بن ورقة أبو بكر الأودني الجاري، من أصحاب الوجوه، توفي سنة 385 هـ ببخارى، وأودن من قرى بخارى، قيل بضم أوله، وقيل بالفتح. انظر ترجمته في: طبقات ابن الصلاح (1/ 195 - 196)، طبقات الأسنوي (1/ 54). (9) هو يوسف بن محمَّد الأبيوردي من أقران القفال، وتفقه عليه الشيخ أبو محمَّد الجويني، صنف التصانيف السائرة منها: كتاب المسائل في الفقه. انظر ترجمته في: طبقات السبكي (5/ 362)، ذيل طبقات ابن الصلاح (2/ 905). (10) من قوله "قوله في كيفيَّة التباعد ... إلى نهاية هذه الفقرة سقط من (ب). وقد نقل ابن الرفعة هذا عن ابن الصلاح انظر: المطلب العالي (1/ ل 73/أ). الجزء: 1 ¦ الصفحة: 76 قوله في البئر التي يقع فيها فأرة ويتمعط (1) شعرها: "فالطريق أن يستقى الماء (2) بدلاء على الولاء إلى أن ينزف (3) مثل جمَّة البئر مرة، أو مرتين، أو مرات استظهارًا" (4) جمَّة البئر: بفتح الجيم وتشديد الميم: ما اجتمع فيها (5) من الماء (6)، والولاء بكسر الواو والمد: التوالي والتواصل (7)، وفسره صاحب "النهاية" (8): بأن تتابع الدلاء بحيث لا تسكن جمَّة البئر عن تحركها (9) بالدلو الأولى حتى تلحقها الثانية ثم هكذا فهكذا حتى ينزح مثل جمَّة البئر، قال: "والاستظهار عندي أن ينزح مثل "ماء" (10) البئر مرارًا". فإذا قوله في "الوسيط": "مرة" بيان للمشروط، وقوله: "أو مرات استظهارًا" بيان للمستحب، وقوله "استظهارًا" يتعلق بالمرتين والمرات، وصرَّح في "البسيط" (11) بما فسرناه، وقد اقتصر في بعض النسخ على ذكر "مرة"، وفي بعضها "مرة أو مرتين" دون مرات، وفي بعضها جميعهن (12). وهذا الماء   (1) يتمعط: بمعنى يتساقط. انظر: القاموس المحيط (2/ 585)، المصباح المنير (ص 220). (2) في (د): من الماء، والمثبت من (أ) و (ب)، وهو موافق لما في متن الوسيط. (3) يُنْزَف بالزي والفاء: يُخْرَج. انظر: المصباح المنير (ص 229)، التنقيح (ل 27/ أ). (4) الوسيط (1/ 328). (5) في (ب): فيه. (6) انظر: لسان العرب (2/ 365)، القاموس المحيط (4/ 29)، التنقيح (ل 27/ أ). (7) انظر: مختار الصحاح (ص 736)، القاموس المحيط (4/ 465). (8) (1/ ل 115/ أ) (9) في (ب): تحريكها. (10) زيادة من (أ) و (ب). (11) (1/ ل 12/ ب). (12) راجع التنقيح (ل 27/ أ). الجزء: 1 ¦ الصفحة: 77 عند كثرته وعدم تغيره طاهر يمتنع استعماله (1)، فلو استقى منه في دلو، ونظر فلم يجد فيه شيئًا من المتنجس جاز له استعماله. ثم إن الظاهر أنَّا إذا قلنا بطهارة الشعر فلا منع، ولكن ذكر عنه فيما عُلِّق عنه في تدريسه "للوسيط" طرده ذلك وإن قلنا بطهارة الشعر، وعلَّل: بأنَّ الشعر يتمعط ملتصقًا به شيء من جلد الفأرة ولحمها، وذلك نجس لا محالة (2). وقال في الدرس: "وأما جدران البئر (3) وأطرافها فإنها تتنجس (4) بما في الدلاء حالة النزح فلتغسل". ثمَّ إن قلنا: الغسالة (5) طاهرة (6) فلا بأس، وإن قلنا: نجسة فلتنزح تلك الغسالة، وإن شاءَ شاءٍ بحث جدران البئر وأخرج ذلك التراب، والله أعلم. الجريات جمع جرية بكسر الجيم (7)، وهي ههنا اسم لقطعة جارية من الماء (8).   (1) لأنه لا ينزح منه دلو إلا وفيه شيء من أجزاء النجاسة. انظر: فتح العزيز (1/ 222) روضة الطالبين (1/ 135)، مغني المحتاج (1/ 23). (2) راجع: المجموع (1/ 149)، التنقيح (ل 27/ ب). (3) سقط من (ب). (4) في (أ): تنجس. (5) في (ب): إن الغسالة. (6) غسالة النجاسة إن انفصلت متغيرة الطعم أو اللون أو الريح بالنجاسة فهي نجسة بالإجماع، وإن لم تتغير فإن كانت قلتين فطاهرة بلا خلاف، ومطهرة على المذهب، وإن كانت دون القلتين فثلاثة أوجه، وقيل: أقوال، أصحها: إن انفصلت وقد طهر المحل فطاهرة وإلا فنجسة انظر: التعليقة للقاضي أبي الطيب (1/ ل 92/ ب)، الإبانة (ل 4/ ب)، المهذب (1/ 8)، التهذيب (ص 96)، المجموع (1/ 159). (7) قال الغزالي في فصل الماء الجاري: "وطبيعة الماء الجاري التفاصل في الجريات". الوسيط (1/ 329). (8) انظر: التنقيح (ل 28/ أ). الجزء: 1 ¦ الصفحة: 78 قوله (1): "وما على يمينها وشمالها وسمتها إلى العمق فيه طريقان: منهم من قطع بالطهارة، ومنهم من خرَّج على قولي التباعد" (2) هذا (3) ليس على إطلاقه، وشرحه: أن حريم النجاسة - وهو ما يلامس النجاسة، وينعطف عليها، ويلتف بها، ويتغير شكل جريانه (4) بها - نجس قطعًا على المذهب (5)، وما زاد على ذلك مما على يمينها وشمالها إلى حافتي النهر (6) وما في سَمْتِها إلى (7) العمق فذلك الذي فيه الطريقان: منهم (8) من قطع بطهارته؛ لأنه متفاصل عنها كتفاصل ما فوقها وما أمامها، ومنهم من جعل جميع ذلك ماء واحدًا كالراكد، فإن كان دون القلتين فهو نجس، وإن كان أكثر من قلتين خُرِّج على قولي التباعد (9)، والله أعلم.   (1) في (أ) و (ب): وقوله. (2) الوسيط (1/ 329). وقبله: فإذا وقعت نجاسة فإن كانت جامدة تجري بجري الماء فما فوقها طاهر؛ إذ لم يتصل بالنجاسة، فإن الجريات متفاصلة، وما تحتها طاهر؛ إذ النجاسة لم يتصل بها، وما على يمينها ... الخ. (3) سقط من (ب). (4) في (أ): جرايته. (5) انظر: البسيط (1/ ل 13/ أ)، التهذيب (ص 38، 39)، فتح العزيز (1/ 228)، التنقيح (ل 28/ ب). (6) في (أ): البئر. (7) في (ب): من. (8) سقط من (ب). (9) انظر: البسيط (1/ ل 13/ أ)، فتح العزيز (1/ 226)، التنقيح (ل 27/ ب). الجزء: 1 ¦ الصفحة: 79 الجدول (1): النهر الصغير (2)، والله أعلم. قطع في النجاسة المائعة الواقعة في الماء الجاري من غير تغيير (3) بأنها لا تنجسه كان كان قليلاً؛ لأن الأولين كانوا يتوضؤون من الأنهار الصغيرة أسفل من المستنجين منها (4)، واحتج به في الدرس على صحة أختياره لمذهب مالك في أن الماء مطلقًا (5) لا ينجس إلا بالتغير (6)، وادعى أنه نقض على مذهبنا، وأنه بالمصير إلى مذهب مالك يتخلص من مناقضات وتخبيطات تلزمنا في مذهبنا. ولما ارتقى - رحمه الله وإيانا - في ذلك مرتقى لم يكن له ارتقاؤه، لم تستقر قدمه عليه، ولم يستقم نقله ولا دليله، فالذي عليه جمهور أئمة المذهب ونقلته (7) التسوية بين الجاري والراكد في الفرق بين القليل والكثير عملاً بعموم الخبر (8). ونقل صاحب "التلخيص" (9)   (1) في (ب): والجدول. قال الغزالي: "فإن كانت النجاسة واقفة فالحكم ما سبق إلا ما أمام النجاسة؛ فإن الماء يجري عليها وينفصل عنها، فهو نجس فيما دون القلتين، فإذا انتهى إلى حد القلتين فوجهان: .... وقال ابن سريج: هو نجس وإن امتدَّ الجدول فراسخ إلى أن يجتمع في حوض قدر قلتين". أهـ الوسيط (1/ 329 - 330). (2) انظر: الصحاح (4/ 1654)، القاموس المحيط (3/ 474). (3) في (أ) و (ب): تغير (4) سقط من (ب). وانظر: الوسيط (1/ 330 - 331). (5) في (أ): المطلق. (6) تقدم هذا، انظر: (1/ 65). (7) انظر: الحاوي (1/ 340)، التعليقة للقاضي حسين (1/ 490, 492)، التهذيب (ص 28)، وراجع فتح العزيز (1/ 231)، المجموع (1/ 144). (8) أي (إذا بلغ الماء قلتين لم يحمل خبثًا) المتقدم (1/ 63). (9) انظر التلخيص (ص 109). الجزء: 1 ¦ الصفحة: 80 وغيره (1) قولاً قديمًا أن الماء الجاري لا ينجس إلا بالتغير، ولكن من غير فرق بين النجاسة المائعة والجامدة، واختاره بعض الأصحاب (2) احتجاجًا بأن الماء الجاري وارد على النجاسة فلم ينجس المزال به النجاسة، وما احتج به من أمر الأولين لا يسلَّم له (3)؛ فإنه (4) تخمين لا يعضده نقل يعتمد، والله أعلم. الفرق الذي ذكره هو (5) وشيخه (6) بين الأنهار المعتدلة والأنهار العظيمة، بعيد لم يذكره الأكثرون (7)، والله أعلم. قوله: "وهذا الحريم مجتنب في الماء الراكد" (8) غير صحيح على المذهب، وقد بينت ذلك في فصل الراكد (9)، وإنما الحريم المذكور المجتنب مخصوص   (1) كالشيرازي في التنبيه (ص 13)، والبغوي في التهذيب (ص 38). (2) نقله ابن الرفعة عن صاحب التتمة المتولي انظر المطلب العالي (1/ ل 80/ أ)، وراجع فتح العزيز (1/ 231). (3) قال النووي: "وأما ما ذكره من وضوء الأولين فلم يثبت أنهم كانوا يتوضؤون تحت المستنجين، ولا أنهم كانوا يستنجون في نفس الماء". أهـ المجموع (1/ 144)، وراجع التنقيح (ل 28/ ب). (4) في (ب): لأنه. (5) قال الغزالي: "وإن انمحقت - أي النجاسة - لم ينجس الماء وإن كان قليلاً؛ لأن الأولين ما زالوا يتوضؤون ويستنجون من الأنهار الصغيرة، وهذا في الأنهار المعتدلة. وأما النهر العظيم الذي يمكن التباعد فيه عن جميع جوانب النجاسة بقدر قلتين فصاعدًا فالذي قطع به معظم الأئمة أنه لا يجتنب فيه إلا حريم النجاسة. ا. هـ الوسيط (1/ 331). (6) انظر نهاية المطلب (1/ ل 119/ أ). (7) انظر: التنقيح (ل 28/ ب)، المطلب العالي (1/ ل 82/ ب). (8) الوسيط (1/ 331). (9) انظر (1/ 74). الجزء: 1 ¦ الصفحة: 81 بالجاري (1)؛ لأنه متفاصل الأجزاء (2) فينجس حريم النجاسة منه (3) لملاقاته إياها من غير أن يحصل فيه كثرة دافعة لتفاصله، وأما الراكد فليس فيه إلا التباعد بقلتين على قول، وجواز الاغتراف من أي موضع شاء على القول الآخر الصحيح (4)، والله أعلم. فرع (5): الحوض الذي ينصبُّ في وسطه ماء يجري فيه ويمر، وطرفاه (6) راكدان، إذا وقعت نحاسة في الجاري منه، فحكمه على ما سبق: فينجس من الجاري حريمها، ولا ينجس الراكد على طريقة من لم يوجب التباعد منها، بل قطع بطهارة ما وراء حريمها؛ إذ الراكد مما وراء حريمها. وقوله: "إذا لم نوجب التباعد (7) وإن كان الجاري قليلاً" (8) محمول على هذه الطريقة، وهي الطريقة الأولى، وينبغي على الطريقة الثانية الجاعلة ما على (9) يمين النجاسة وشمالها إلى حافتي النهر وإلى العمق شيئًا واحدًا كماء راكد، أن تعتبر الجرية التي فيها النجاسة مع ما يحاذيها من الراكدين إلى حافتي الحوض   (1) راجع البسيط 1/ ل 13/ أ، التهذيب ص 38. (2) سقط من (ب). (3) في (ب): المذكور منه. (4) انظر تفاصيل ذلك في: فتح العزيز 1/ 214، المجموع 1/ 139. (5) انظر: في الوسيط 1/ 331. (6) في (ب): فطرفاه. (7) في (أ): التباعد منها. (8) الوسيط 1/ 331. وقبله: فلو وقعت نجاسة في الجاري فلا ينجس الراكد إذا لم نوجب ... الخ. (9) في (د): على ما، بالتقديم والتأخير، والمثبت من (أ) و (ب). الجزء: 1 ¦ الصفحة: 82 وإلى العمق، فإن لم يبلغ الجميع قلتين فالجميع نجس، وإن كان أكثر من قلتين فعلى الخلاف كما سبق (1). وأما إذا وقعت النجاسة في الراكد وهو أقل من القلتين فهو نجس، و (2) الماء الجاري يلاقي في جريانه ماءً نجسًا فهو كنجاسة واقفة يلاصقها الماء الجاري منحدرًا، فقياس ما تمهد من القاعدة أن يحكم بنجاسة ما يماسُّ الراكد ويلاقيه من الجاري وهو الحريم، وما زاد على ذلك فهو على (3) الطريقة الأولى طاهر، وعلى الطريقة الثانية إن كان قليلاً فنجس، وإن كان كثيرًا فعلى قولي التباعد. وأما قول صاحب الكتاب: "فإن كان يختلط به ما يغيّره لو خالف (4) لونه فينجِّسه" (5) فلا أراه يستقيم، وهو منفلت عن رابطة القاعدة؛ فإنه فرضه مختلطًا به فيجب أن يعتبر بنفسه ولا يقدر بغيره؛ لأن المانع من نجاسة الجاري تفاصله وعدم اختلاطه، فإذا كان مختلطًا به نجس إن كان دون القلتين كماء نجس وقع في ماء قليل، وأيضًا فالماء النجس إذا وقع فيما لا يتنجَّس إلا بالتغير كالماء الكثير فليس كالبول الموافق للماء في صفائه في أنه يعتبر بغيره، ويقدر فيه أنه لو خالفه هل كان يغيره؟ فتأمل ذلك (6)، والله أعلم.   (1) انظر (1/ 72 - 73). (2) في (ب): وأما. (3) في (أ) و (ب): ذلك فعلى. (4) في (أ) و (ب): خالفه. (5) الوسيط (1/ 332). وقبله: وإن وقعت - أي النجاسة - في الراكد وهو أقل من القلتين فهو نجس, والجاري يلاقي في جريانه ماءً نجسًا، فإن كان يختلط به ... الخ. (6) راجع: المطلب العالي (1/ ل 83 / أ - ب). الجزء: 1 ¦ الصفحة: 83 ثم إنه قسَّم النجاسة إلى حكمية وعينية (1)، أما الحكمية فهي: التي لا يشاهد لها عين، ولا يُحَسُّ لها طعم، ولا لون، ولا رائحة. والعينية نقيض ذلك (2)، وهذا أجود وأليق بكلام (3) صاحب الكتاب، من قول صاحب "النهاية" (4): "العينية: التي يشاهد عينها، والحكمية: التي لا يشاهد عينها"، والله أعلم. قوله: "وإن بقي اللون بعد الحتِّ والقرص، فمعفو عنه" (5) فالحتُّ هو الحكُّ، والقرص هو تقطيعه وقلعه بالظفر (6). ثم إن ظاهر كلامه مشعر (7) بأن ذلك شرط، وقد قاله غيره (8) وهو الصحيح (9)، والله أعلم.   (1) حيث قال: "والنجاسة لا تخلو إن كانت حكمية فيكفي إجراء الماء على جميع موارد النجاسة، وإن كانت عينية فلا بد من إزالة عينها". الوسيط (1/ 333). (2) انظر: فتح العزيز (1/ 235)، التنقيح (ل 29/ أ)، المطلب العالي (1/ ل 85/ أ). (3) في (ب): كلام. (4) انظر: نهاية المطلب (1/ ل 102/ ب - ل 103/ أ، 2/ ل 114/ ب). (5) الوسيط (1/ 333) وقبله: وإن كانت - أي النجاسة - عينية فلا بدَّ من إزالة عينها، فإن بقي طعم النجاسة لم يطهر؛ فإنه يدل على بقاء العين، وإن بقي اللون ... الخ. (6) انظر: النهاية في غريب الحديث والأثر (2/ 337، 4/ 40)، تهذيب الأسماء واللغات (2/ 1/ 63). (7) في (ب): يشعر. (8) كالبغوي في التهذيب ص: 94، وراجع: فتح العزيز 1/ 242، روضة الطالبين 1/ 138، المطلب العالي (1/ ل 85/ ب). (9) وصححه إمام الحرمين في نهاية المطلب (2/ ل 114/ ب). وعند جمهور الأصحاب أنه مستحب وليس بشرط انظر: فتح العزيز وروضة الطالبين في الموضعين سابقين. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 84 ثم إن المحل يحكم بطهارته أو يبقى نجسًا ويعفى عنه كدم البراغيث؟ فيه وجهان ذكرهما صاحب التتمة (1) وغيره (2)، والله أعلم. قوله: "وإن بقيت الرائحة فوجهان" (3) وإنما هما قولان معروفان (4)، والله أعلم. قوله: "ويستحب الاستظهار بغسلة ثانية وثالثة" (5) فالاستظهار بالظاء المعجمة وهو الاستعانة (6)، وقد أبعد من قال: تجوز قراءته بالطاء المهملة ومعناه طلب الطهارة (7)، والله أعلم. قوله في الوجهين في وجوب عصر الثوب: "يبتنيان على أن الغسالة طاهرة أو نجسة" (8) فيه إشكال من جهة أن طهارة الغسالة مقطوع بها ما دامت مترددة على   (1) انظر النقل عنه في: التنقيح (ل29 / أ). (2) قال النووى في الموضع السابق: "قوله (عفي عنه) يحتمل أنه أراد أنه نجس ويعفى عنه، ويحتمل أنه أراد طاهر عفي عن الحكم بنجاسته، وهذان الاحتمالان وجهان حكاهما المتولي وغيره، والصحيح منهما - وبه قطع الجمهور - تطهير حقيقة". أهـ (3) الوسيط (1/ 333). (4) انظر: حلية العلماء (1/ 322)، التهذيب (ص 95)، وأظهرهما أنه يطهر وانظر: فتح العزيز (1/ 240)، روضة الطالبين (1/ 138). (5) الوسيط (1/ 333). حيث قال: "ثم يستحب الاستظهار في العينية والحكمية بعد حصول الطهارة بغسلة ثانية وثالثة" ا. هـ. (6) انظر: القاموس المحيط (2/ 156)، المصباح المنير (ص 147). (7) وعلى القراءة بالطاء المهملة سار محقق الوسيط، وجوَّز أن يقرأ بهما الرافعي في فتح العزيز (1/ 243). (8) الوسيط 1/ 334. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 85 المحل غير متغيرة (1)، وإنما الخلاف بعد انفصالها (2)، وفي "نهاية المطلب" (3) هذا البناء محكي عن الشيخ أبي علي السنجي موجهًا: بأنَّا إذا حكمنا بنجاسة الغسالة بعد الانفصال فهي نجسة ما دامت على المحل، فإن عصرت فالبلل الباقي بعد العصر المعتاد طاهرٌ. قلت: وهذا بعيد يأباه النقل والدليل؛ فإن الغسالة قبل انفصالها طاهرة وفاقًا، مقطوع بذلك في طريقتي العراق وخراسان (4)، وفي "الحاوي" (5) نقل الوفاق فيه، وفي "التهذيب" (6) وغيره (7) القطع به، وقد وجدته منصوصًا عليه للشافعي في كتابه "كتاب اختلاف   (1) انظر: الحاوي (1/ 302)، التهذيب (ص 96). (2) أي انفصال الغسالة عن المحل وهي غير متغيرة ففيها ثلاثة أوجه، وقيل: أقوال، انظر (ص 217)، وانظر المراجع السابقة، وكذا المجموع (1/ 159)، التنقيح (ل 29/ أ). (3) انظر: (1/ ل 103/ ب). (4) الطرق: هي اختلاف الأصحاب في حكاية المذهب؛ فيقول بعضهم مثلاً: في المسألة قولان أو وجهان، ويقول الآخر: لا يجوز وجهًا واحدًا أو قولاً واحدًا، وهكذا، وقد اشتهر في نقل المذهب الشافعي طريقتان: طريقة العراقيين، وطريقة الخراسانيين، فالعراقيون هم فقهاء الشافعية الذين سكنوا بغداد وما حولها. والخراسانيون: هم الذين سكنوا مدن خراسان. قال النووي: واعلم أن نقل أصحابنا العراقيين لنصوص الشافعي، وقواعد مذهبه، ووجوه متقدمي أصحابنا أتقن وأثبت من نقل الخراسانيين غالبًا، والخراسانيون أحسن تصرفًا، وبحثًا، وتفريعًا، وترتيبًا غالبًا. المجموع (1/ 65، 69)، طبقات السبكي (1/ 324 - 326). (5) انظر: (1/ 302). (6) انظر: (ص 96). (7) كالإبانة (ل 4/ ب)، وراجع: التنقيح (ل 29/ أ)، المطلب العالي (1/ ل 87/ أ). الجزء: 1 ¦ الصفحة: 86 الحديث" (1) قال فيه: "إذا ورد الماء على النجاسة لم (2) ينجس؛ لأنا لو قلنا: ينجس. لم يطهر الثوب". ثم إنه يمكن أن يوجه هذا البناء بأن المقصود من الغسل إهدار النجاسة عن المحل، وإنما يحصل ذلك بالعصر فوجب، ثم لا يتوجه ذلك على الحكم بطهارة الغسالة؛ فإنه لو أعادها إلى المحل بعد انفصالها لم يمتنع (3)، فيتعين ابتناؤه على الحكم بنجاستها، والله أعلم. ابن سريج (4) قضى بأن الثوب النجس إذا أورده على الماء القليل على قصد غسله أجزأ؛ لأن الأصل نجاسة الماء القليل بملاقاة النجاسة، واستثنى للحاجة ما إذا كانت ملاقاته إياها على جهة الغسل، وكما تنصرف الملاقاة إلى جهة الغسل بكونها على هيئة الغسل بأن يكون الماء واردًا، فكذلك تنصرف إلى جهة الغسل بقصد الغسل مع كون الماء مورودًا، والمقصود من الغسل إزالة أثرها واستهلاكها، وذلك حاصل في هذه الصورة أيضًا. فتوسَّع ابن سريج في الطرق المحصِّلة لهذا المقصود بزيادته (5) هذا الطريق، وزاد عليه طريقًا آخر ليس   (1) انظر: ص: 560. (2) في (أ): لا. (3) في (أ): يمنع. (4) الإمام أحمد بن عمر بن سريج البغدادي أبو العباس، شيخ الشافعية في عصره، وعنه انتشر فقه الشافعي في أكثر الآفاق، توفي سنة 306 هـ، يقال: إن مصنفاته بلغت أربعمائة مصنف منها: الرد على ابن داود في القياس، والرد عليه في مسائل اعترض فيها على الشافعي، وكتاب الخصال. انظر ترجمته في: تهذيب الأسماء (2/ 251)، طبقات السبكي (3/ 21)، طبقات الأسنوي (2/ 20)، وغيرها. وراجع المسألة في: الوسيط (1/ 334). (5) في (أ): زيادة. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 87 معتادًا في الغسل فأنزله منزلة الغسل، وهو مكاثرة الماء النجس بما يُصَبُّ عليه من الماء الطهور فجعله كالغسل له وحكم بطهارته (1)، فهذا وجه قول صاحب الكتاب فيه. "وزاد" (2)، وأيضًا ففي "النهاية" (3) عن ابن سريج أنه قال: "يطهر الماءان إذا قصد به الغسل". فإذًا ذلك زيادة منه في القول بتأثير القصد في ذلك، وأما قول المصنف: "إن ذلك منه بناءً على أن غسالة النجاسة طاهرة" فإنما هو بناء على أن العصر لا يجب بناء على أن الغسالة طاهرة على الوجه الذي سبق إيضاحه (4)، والله أعلم. وأما قضاء ابن سريج بأنه لو وقع الثوب النجس في ماء قليل نجس الماء ولم يطهر الثوب (5)؛ فلأنه معترف بالفرق بين الوارد والمورود، وإنما ألحق المورود بالوارد حيث يوجد القصد ولم يوجد ههنا، ومن ظن به من هذا كونه اشترط النية في إزالة النجاسة فقد غلط عليه، وإنما اعتبر القصد فيما إذا كان الماء   (1) انظر: التنقيح (ل 29/ ب). (2) الوسيط (1/ 334). حيث قال: "فإن أورد الثوب النجس على ماء قليل نجس الماء ولم يطهر الثوب. وقال ابن سريج: يطهر؛ لأن الملاقاة لا تختلف بأن يكون الثوب مورودًا للماء أو ورادًا عليه، وزاد عليه فقال: لو كان في إجانة ماء نجس فكوثر بصب ماء قليل عليه صار الكل طاهرًا بناء على أن غسالة النجاسة طاهرة". أهـ (3) انظر: (1/ 104/ ب). (4) انظر: (1/ 87). (5) قال الغزالي: "ثم مضى - أي ابن سريج - بأن الثوب لو وقع في ماء قليل بتحريك الريح نجس الماء". ا. هـ الوسيط (1/ 334)، وانظر: نهاية المطلب (1/ ل 104/ ب)، البسيط (1/ ل 14/ ب - ل 15/ أ). الجزء: 1 ¦ الصفحة: 88 مورودًا لتنصرف الملاقاة بالقصد إلى جهة الغسل، وليس في ذلك اعتبار منه للقصد إذا كان الماء واردًا (1)، والله أعلم. قوله في نجاسة الأرض: "فإن كانت جامدة فطهارتها برفع عينها" (2) كان ينبغي أن يقول يابسة؛ فإن الجامدة قد تكون رطبة فلا يكفي رفع عينها (3)، والله أعلم. قوله - صلى الله عليه وسلم -: (صبُّوا عليه) (4) ذنوبًا من ماء) (5) حديث (6) ثابت في "الصحيحين" (7) رواه أنس بن مالك وغيره (8). والذَنوب بفتح الذال: الدلو العظيمة (9) الملأى ماءً (10).   (1) انظر: التنقيح (ل 30/ أ)، المطلب العالي (1/ ل 89/ أ). (2) الوسيط (1/ 335). (3) بل يجب غسل موضعها مع ذلك. انظر: التنقيح (ل30/ أ). (4) ما بين القوسين زيادة من (أ) و (ب). (5) استدل به الغزالي على قوله في النجاسة المائعة الواقعة على الأرض كالبول: يفاض الماء عليها بحيث تحصل به الغلبة على النجاسة. ثم ذكر قول أبي حنيفة: أن هذا زيادة في النجاسة، فقال الغزالي: وهو مخالف لقوله - صلى الله عليه وسلم - ثم ساق الحديث. الوسيط (1/ 335). (6) في (ب): حديث صحيح ثابت. (7) انظر: صحيح البخاري - مع الفتح - كتاب الوضوء، باب صبَّ الماء على البول في المسجد (1/ 385) رقم (219)، وصحيح مسلم - مع النووي - كتاب الطهارة، باب وجوب إزالة النجاسات إذا حصلت في المسجد (3/ 190). (8) رواه البخاري في الموضع السابق عن أبي هريرة - رضي الله عنه - برقم (220). (9) في (أ) و (ب): العظيم. (10) انظر: النهاية في غريب الحديث والأثر (2/ 171)، شرح النووي على مسلم (3/ 190)، فتح البارى (1/ 387). الجزء: 1 ¦ الصفحة: 89 وقال ابن السكيت (1): "هي التي فيها ماء قريب من الملء، ولا يقال لها وهي فارغة ذَنوب"، والله أعلم. قوله: "ولا تفريع على هذا القول" (2) ثم إنه فرَّع عليه عقيبه (3)، ففهم منه أنه أراد بقوله "لا تفريع عليه" أنه لا ينبني عليه حكم ولا عمل به (4)، والله أعلم. ذكر حديث لبابة بنت الحارث (5) عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: (إنما يغسل من بول الصبية ويرش على (6) بول الغلام) (7) ولبابة هذه بضم اللام وبباء موحدة   (1) شيخ العربية أبو يوسف يعقوب بن إسحاق بن السكيت البغدادي النحوي المؤدب، مات سنة 244 هـ، له كتاب إصلاح المنطق قال عنه الذهبي: كتاب مشكور في اللغة، وله غيره من التصانيف نحوًا من عشرين كتابًا. انظر ترجمته في: طبقات النحويين واللغويين للزبيدي الأندلسي ص: 202، السير 12/ 16، البداية والنهاية 10/ 360، مراتب النحويين لأبي الطيَّب اللغوي ص: 151. انظر قوله في إصلاح المنطق ص: 361. (2) الوسيط 1/ 335. قبله: وللشافعي - رضي الله عنه - قول قديم في أن الأرض إذا جفت عن البول بالشمس عادت طاهرة. ثم قال: ولا تفريع ... الخ. (3) حيث قال: "إلا الآجر الذي عجن بماء نجس؛ فإنه طاهر على القديم؛ لأن تأثير النار أكثر من تأثير الشمس" أهـ الوسيط 1/ 335 - 336. (4) انظر: التنقيح ل 31/ أ. (5) هي لبابة بنت الحارث بن حزن الهلالية أخت ميمونة أم المؤمنين، زوجة العباس بن عبد المطلب وأم أولاده الستة: الفضل، وعبد الله، ومعبد، وعبيد الله، وقثم، وعبد الرحمن، أسلمت قديمًا، توفيت في خلافة عثمان قبل زوجها العباس، روي لها عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ثلاثون حديثًا. انظر ترجمتها في: أسد الغابة 7/ 253، تهذيب الأسماء 2/ 354، الإصابة 12/ 276. (6) في (ب): من. (7) الوسيط 1/ 337. وقبله: أما المخففة - أي النجاسة - فبول الصبي قبل أن يطعم، يكفي فيه رش الماء بحيث يصيب جميع موارد النجاسة، ولا يشترط الإجزاء ولا الغسل بخلاف الصغيرة، ثم ساق الحديث. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 90 مكررة، وهي أم الفضل زوجة العباس بن عبد المطلب. وهذا الفرق بين البولين قد رويناه (1) في "سنن أبي داود السجستاني" (2)، و"السنن الكبير" للبيهقي (3)، وغيرهما (4)، وبعضها يزيد على بعض، فرويناه من حديث لبابة، وأبي السمح مولى النبي - صلى الله عليه وسلم - وخادمه (5)، وعلي ابن أبي طالب (6)، وأم سلمة (7) رضي الله   (1) في (ب): روينا. (2) في كتاب الطهارة، باب بول الصبي يصيب الثوب 1/ 261 رقم (375). (3) في كتاب الصلاة 2/ 581 رقم (4154). (4) وممن رواه كذلك ابن ماجه في سننه كتاب الطهارة وسننها، باب ما جاء في بول الصبي الذي لم يطعم 1/ 174 رقم (522)، وأحمد في المسند 6/ 339، وابن خزيمة في صحيحه 1/ 143 رقم (282)، والحاكم في المستدرك 1/ 166 وقد صحَّح الحديث ووافقه على ذلك الذهبي، والبغوي في شرح السنة 1/ 385 برقم (295)، وقال ابن الملقن في تذكرة الأخيار ل 9/ ب: "صحيح". وراجع التلخيص الحبير 1/ 254 وما بعدها. (5) يقال: إن اسمه إياد، قال ابن عبد البر: "يقال إنه ضلَّ ولا يدرى أين مات". انظر ترجمته في: الاستيعاب 11/ 311، الإصابة 11/ 179. وحديثه في سنن أبي داود، كتاب الطهارة 1/ 262 رقم (376)، وسنن النسائي كتاب الطهارة 1/ 174 رقم (303)، وسنن ابن ماجه كتاب الطهارة وسننها 1/ 175 رقم (526)، وصحيح ابن خزيمة 1/ 143 برقم (283)، والمستدرك للحاكم 1/ 166 وصحَّحه ووافقه الذهبي على ذلك، وغيرها. (6) حديثه رواه أبو داود في الموضع السابق برقم (378)، والترمذي في جامعه أبواب الصلاة، باب ما ذكر في نضح بول الغلام الرضيع 2/ 509 رقم (610) وقال: "هذا حسن صحيح"، وابن ماجه في الموضع الساق برقم (525)، وعبد الرزاق في مصنَّفه 1/ 381 برقم (1488)، والإمام أحمد في المسند 1/ 97، وابن خزيمة في صحيحه 1/ 143 رقم (284)، وابن حبَّان في صحيحه - انظر الإحسان 4/ 212 رقم (1375)، والحاكم في المستدرك 1/ 165 وقال: "وهو صحيح على شرطهما ولم يخرَّجاه"، والبيهقي في السنن الكبرى 2/ 582 رقم (4158)، والبغوي في شرح السنة 1/ 386 رقم (296)، وغيرهم. (7) حديثها رواه أبو داود في الموضع السابق برقم (379)، وابن أي شيبة في مصنَّفه 1/ 121، والبيهقي في الموضع السابق برقم (4162)، وغيرهم. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 91 عنهم - وفي بعضها (ما لم يطعم) لكن موقوفًا على علي وأم سلمة (1)، فهو حديث حسن يحتج به، وإن لم يلتحق بدرجة الحديث الموسوم بالصحيح. إلا أن التردد المذكور في "الوسيط" بين الحسن والحسين (2) ليس في حديث لبابة، بل فيه الجزم بالحسين بلفظ التصغير، والترديد بينهما هو في حديث أبي السمح. وقد ثبت في "الصحيحين" (3) في بول الغلام خاصة حديث أم قيس بنت محصن (4) (أنها جاءت النبي - صلى الله عليه وسلم - بابن لها صغير لم يأكل الطعام، فأجلسه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في حجره فبال عليه، فدعا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بماء فنضحه عليه ولم يغسله). قوله (5) في "الوسيط": "ومنهم من قاس الصبية عليه. وهو غلط لمخالفة النص" (6) هذا غير مرضي من جهتين: إحداهما (7): إيراده إياه وجهًا لبعض   (1) انظر: عن علي في سنن أبي داود الموضع السابق برقم (377)، والسنن الكبرى برقم (4160)، وعن أم سلمة عند أبي داود برقم (379) والسنن الكبرى برقم (4163). (2) قال الغزالي: "لما روي أن الحسن أو الحسين - رضي الله عنهما - بال في حجر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقالت لبابة بنت الحارث أأغسل إزارك؟ فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - .... ". الوسيط 1/ 337. (3) انظر صحيح البخاري - مع الفتح - كتاب الوضوء، باب بول الصبيان 1/ 390 رقم (223) وصحيح مسلم - مع النووي - كتاب الطهارة، باب حكم بول الطفل الرضيع 1/ 193 - 194، واللفظ المذكور للبخاري. (4) هي أم قيس بنت مِحْصَن بن حُرثان الأسدية، أخت عكاشة بن محصن، أسلمت بمكة قديمًا وبايعت وهاجرت إلى المدينة، يقال: إن اسمها أميمة، روى عنها من الصحابة وابصة بن معبد، كما روى عنها عبيد الله بن عبد الله، ونافع مولى حمنة. انظر ترجمتها في: الاستيعاب 13/ 267، الإصابة 13/ 269. (5) في (أ) و (ب): وقوله. (6) الوسيط 1/ 338. (7) في (أ): أحدهما. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 92 الأصحاب، وهو القول المنصوص عليه للشافعي (1). والثانية: إنزاله إياه بمنزلة الغلط، وهو يرتفع عن (2) ذلك ارتفاعًا، وذلك أن الشافعي - رضي الله عنه - نصَّ على جواز الرش على بول الغلام مستدلاً بالسنة فيه، ثم قال: "ولا يتبين لي فرق بينه وبين بول الصبية". هذا ما نقله المزني في "مختصره" (3)، ونقل صاحب "جمع الجوامع من كتب الشافعي ومنصوصاته" (4) نصَّه على جواز الرش على بول الصبي قبل أن يطعم، وأنه احتج فيه بحديث أم قيس بنت محصن، ثم قال: "ولا يتبين لي في بول الصبي والجارية فرق من السنة الثابتة، ولو غسل بول الجارية أكلت الطعام أو لم تأكل كان أحب إليَّ احتياطًا، وإن رشَّ ما لم تأكل الطعام أجزأ إن شاء الله تعالى". ولم ينقل عنه غير هذا، فذكر الحافظ الفقيه أبو بكر البيهقي أن أحاديث الفرق بينهما كأنها لم تثبت عند الشافعي - رضي الله عنه - وإلى مثل ذلك ذهب البخاري ومسلم حيث لم يودعا شيئًا منها كتابيهما، إلا أن البخاري استحسن حديث أبو السمح. (5) قلت: فالفرق بينهما إذًا كأنه قول مخرَّج لا منصوص، ومع ذلك لا يذكر كثير من المصنفين غيره، ولا يقوى ما يذكر من (6) الفروق بينهما من حيث المعنى، ومن أجودها: أن بول الذكر أرق، وبول الأنثى أثخن، وألصق بالمحل. وللمسوي بينهما أن يقول: الاجتزاء   (1) انظر مختصر المزني ص: 22. (2) في (أ): عند. (3) في الموضع السابق. (4) انظر النقل عنه في: التنقيح ل 31/ ب. (5) السنن الكبرى 2/ 583. (6) في (ب): في. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 93 بالنضح في بول الغلام إنما كان ترخيصًا لكثرة البلوى، وعسر التصون من بوله، والصغير والصغيرة سواء في ذلك (1). ولمَّا ذكر القاضي حسين نص الشافعي في (2) أنه لا يتبين له فرق فيهما قال: "وأصحابنا يجعلون في بول الصبية قولين: أقيسهما: أنه كبول الصبي. والثاني: أنه يغسل" (3)، قلت: ومع ما ذكرناه من رجحان التسوية فيما يرجع إلى نصَّ الشافعي - رضي الله عنه -، فالصحيح الفرق لورود الحديث من وجوه تعاضدت بحيث قامت الحجة (به) (4)، والفرق بينهما من حيث المعنى: أن الاعتناء بحمل الصبي أكثر والابتلاء ببوله أعظم، والله أعلم. ثم إن في تحقيق الفرق بين هذا النضح والغسل الواجب في سائر النجاسات غموضًا، واضطرابًا من الصائرين إليه، فذهب الشيخ أبو محمَّد الجويني (5)، والقاضي حسين (6)، وصاحبه - صاحب "التهذيب" - (7) إلى أنه يجب أن يُغْمَر ويكاثر بالماء كسائر النجاسات، وافتراقهما (8) إنما هو في أنه لا يجب العصر فيه، وفي غيره وجهان، واحتج بذلك صاحب "التهذيب" (9) على أن الأصح وجوب   (1) في (ب): في ذلك سواء، بالتقديم والتأخير (2) سقط من (ب). (3) التعليقة 2/ 936. (4) زيادة من (أ) و (ب). (5) انظر النقل عنه في: المطلب العالي 1/ ل 95/ ب. (6) سقط من (أ). وانظر التعليقة 2/ 936. (7) انظر: التهذيب ص: 102 - 103. (8) في (أ): وافتراقها. (9) انظر التهذيب ص: 99. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 94 العصر في غيره، خلافًا لمن ذهب إلى أن الأصح عدم وجوبه ومنهم صاحب "النهاية" (1)، والمختار ما ذكره صاحب "النهاية" من أن المعتبر فيه: أن يغمر ويكاثر بالماء مكاثرة لا تبلغ جريان الماء وتردده وتقاطره من المحل، بخلاف المكاثرة في غيره فإنه يشترط فيها أن تكون بحيث يجري بعض الماء من المحل ويتقاطر منه وإن لم يشترط عصره. ولقد حققت في هذه المسألة أشياء ذكرت على غير وجهها، ولله الحمد ومنه التوفيق (2)، وهو أعلم. وقوله: "ويغسل الإناء من ولوغ الكلب سبعًا، وفي معنى لعابه عرقه" (3) إنما قال هذا لأن الولوغ يلازمه حصول لعابه فيما ولغ فيه؛ لأن ولوغه في اللغة: عبارة عن شربه بأطراف لسانه (4)، والله أعلم. قوله: "ثم خاصية هذه النجاسة العدد، والتعفير، أما العدد فلا يسقط إلا إذا غمس الإناء في ماء كثير ففيه وجهان" (5) هذا يوهم أن (6) الوجه المذكور في سقوط العدد غير جارٍ في التعفير، وهو جارٍ فيه (7)، وتعليله بأنه "عاد إلى حالة لو كان عليها ابتداءً لم ينجس" (8) يدل على سقوط التعفير عنده أيضًا، والله أعلم.   (1) انظرها: 1/ ل 103/ ب. (2) نقل هذا التحقيق الإمام النووي في التنقيح ل 31/ ب - ل 32/ أ. (3) الوسيط 1/ 338. وبعده: وروثه وسائر أجزائه. (4) انظر: النهاية في غريب الحديث والأثر 5/ 226, القاموس المحيط 3/ 154. (5) الوسيط 1/ 339. (6) في (أ): بأن. (7) انظر: التنقيح ل 32/ أ. والصحيح من الوجهين أنه لا يسقط. وانظر: فتح العزيز 1/ 264، روضة الطالبين 1/ 142. (8) الوسيط 1/ 339. وهو تعليل الوجه الثاني القائل بسقوط العدد إذا غمس في ماء كثير. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 95 قوله: "وأما التعفير فاختلفوا في معناه: فمنهم من قال: هو تعبد لا يعلل" (1) لقائل أن يقول: "التعبد ليس بمعنىً فكيف يدخل في الاختلاف في المعنى؟ وجوابه: أن الاختلاف في المعنى قد يكون في أصله، وقد يكون في تفصيله، فالقائل بالتعبد مخالف في أصله بنفيه له، والقائلان الآخران اختلافهما في تفصيله، والله أعلم. قوله في الصابون: "وعلى قول التعبد اختلفوا عند عدم التراب، فمنهم من جوَّز؛ لأن الاستظهار أيضًا مقصود" (2) لقائل أن يقول: هذا مناقض لكونه تعبدًا؟ وجوابه (3) أن التعبد يتحقق بأن لا يدرك العلة، وإذا لم يدرك بعضها فلم يدركها؛ لأن الشيء ينتفي بانتفاء بعض أجزائه؛ لأن حقيقته لا تتحقق إلا بمجموعها والله أعلم. قوله: "إذا مزج التراب بالخلَّ" (4) صورته: ما إذا غسله سبعًا بالماء وحده، ثم أوصل التراب مرة ثامنة إلى المحل بالخلِّ (5)، أما إذا مزج التراب بالخلِّ (6) ثم   (1) الوسيط الموضع السابق. والمعنيان الآخران هما: الأول: معلل بالاستطهار بغير الماء ليكون فيه مزيد كلفة وتغليظ. والثاني: معلل بالجمع بين نوعي الطهور. وهذا الذي صححه النووي في التنقيح ل32/ ب. وتجدر الإشارة إلى أنه ثبت بالطب الحديث أن في لعاب الكلب جراثيم لا يزيلها ولا يقتلها إلا التراب، وهذا يفيد أن الأمر فيه تعبدي والله أعلم. (2) الوسيط 1/ 340. (3) وجوابه: مكررة في (ب). (4) الوسيط الموضع السابق. وبعده: فهو جائز عند من يعلل بالاستطهار، أو بالجمع بين نوعي الطهور، وهو ممتنع عند من يميل إلى التعبد. (5) سقط من (أ). (6) سقط من (أ). الجزء: 1 ¦ الصفحة: 96 استعمله مع الماء فذلك جائز قطعًا، ولا يتجه فيه خلاف، إلا وجه ضعيف في أن ذلك يخرج التراب عن كونه طهورًا (1)، وليس ذلك مراد المصنف؛ فإنه إنما منع منه (2) على وجه التعبد، والله أعلم. قوله: "الغسلة الثامنة لا تقوم مقام التعفير إلا على وجه بعيد في أن الماء أولى بالتطهير من التراب" (3) هذا يتجه على القول بالاستطهار، ولكن أبى ذلك فيما عُلَّق عنه في الدرس فقال: "إن عللنا بالتعبد فلا، وإن عللنا بالاستطهار بشيء آخر فلا؛ لأنه لا بد من شيء آخر ليكون فيه مزيد كلفة وتغليظ، فيتمُّ الزجر عن موالفة الكلاب، وإن عللنا بالجمع بين نوعي الطهور فيحتمل أن يقال (4): يقوم مقامه؛ لأنهما (5) نوعا طهور، وإن كان الطهور متحدًا، ويمكن أن يقال: أريد نوعا طهور متعدد". قلت: فإذًا ليس المراد بالاستطهار المذكور الاستطهار (6) في قطع (7) النجاسة بل في مقصود الزجر عن مقاربة الكلاب فطامًا (8) لهم عمَّا (9) اعتادوه من موالفتها والله أعلم.   (1) انظر: الإبانة ل 3/ ب، التهذيب ص: 92، فتح العزيز 1/ 266. (2) سقط من (أ). (3) الوسيط 1/ 340. (4) في (ب): يقول. (5) في (أ): لأنها. (6) سقط من (أ). (7) في (أ): قلع. (8) في (ب): فطما. (9) في (أ): على ما. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 97 علل في الدرس القول بأن الماء القليل لا ينجس إذا خرجت الفأرة منه حيَّة (1): بأنه سبحانه وتعالى خلق الحيوانات خلقة تنقلب معها منافذها حالة بروز الخارج منها، ثم يعود المنفذ إلى ما كان، من غير أن تلاقي النجاسة البشرة (2) الظاهرة، حتى لو رؤيت النجاسة على منفذها حكمنا بنجاسة الماء، قال: والوجهان في غير الآدمي من الحيوانات والطيور (3)، والله أعلم. قوله: "الجديدَ أنه إن طهر المحل فهو طاهر ما لم يتغير" (4) فقوله في هذا القول "ما لم يتغير" يفهم (5) منه أنه قد يطهر المحل مع تغير الغسالة فيه، وهذا غير متصور إلا على وجه ضعيف ذكره صاحب "التتمة" (6): أنه يطهر إذا انفصل الماء غير (7) متغير، والنجاسة غير باقية (فيه) (8). فإذًا ينبغي أن نتأوله (9) ونحمل على   (1) قال الغزالي في الوسيط 1/ 341: "وأما الفأرة إذا وقعت في ماء قليل وخرجت حية فلا يحكم بنجاسة الماء على الأظهر، ولا مبالاة بتقدير النجاسة على محل النجو منها ... الخ". (2) في (أ): البشرية. (3) انظر: المطلب العالي 1/ ل 108/ أ. (4) الوسيط 1/ 342. وهو أحد الأقوال الثلاثة التي ذكرها الغزالي في حكم غسالة النجاسة. (5) في (ب): لا يفهم. (6) انظر النقل عنه في: التنقيح ل 33/ ب، المطلب العالي 1/ ل 109/ أ - ب. (7) هكذا مثبتة في جميع النسخ، ولعل الصواب حذفها حتى يستقيم الكلام. قال النووى: "وحكى المتولي وجهًا ضعيفًا أن في الغسالة إذا انفصلت متغيرة وقد زالت النجاسة عن المحل يكون المحل طاهرًا". أهـ التنقيح ل 33/ ب. (8) زيادة من (أ) و (ب). (9) أي حتى يوافق الأصحاب والمذهب على أن الغسالة ما دامت متغيرة فالمحل نجس. انظر: الحاوي 1/ 302، التعليقة للقاضي أبي الطيب 1/ ل 92/ ب، التعليقة للقاضي حسين 1/ 471، المهذب 1/ 8. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 98 تغير يحدث فيها بعد انفصالها عن المحل، فإن المغيِّر للماء ربما تأخر (1) تأثيره عن حالة وقوعه فاعلم ذلك، والله أعلم.   (1) في (أ): تغير. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 99 ومن الباب الثالث في الاجتهاد بين النجس والطاهر قوله: "وللاجتهاد شرائط ستٌ: الأول" (1) هذا يستدعي أن يقول: الأولى، على التأنيث؛ لأن الشرائط جمع شريطة، لكنه حاد عن اللفظ إلى المعنى، والتقدير: الشرط الأول (2)، والله أعلم. قوله فيما لا مجال للعلامة فيه: "لو اشتبه (مذكاة بميتة فلا اجتهاد أيضًا على الأصح) " (3) هذا يتعين تصويره فيما لو اشتبه) (4) لحم مذكاة بلحم ميتة، وإن كان في لفظتي الميتة والمذكاة بعض النَّبوِّ عن (5) هذا؛ وذلك لأن تصويره فيما إذا كانت الميتة والمذكاة بحالهما (6) لم يفصلا، محوج (7) إلى تصويره فيما إذا كانت الميتة (8) ذبيحة مجوسي أو نحو ذلك، ثم لا يحصل حينئذٍ الغرض من ادعاء كونهما (9) مما لا مجال للعلامة فيه؛ لأن ما يكون بحيث يتكلف في تصوير الاشتباه فيه، ويتمحل لكون الأمارات المميزة المانعة من الاشتباه غالبة عليه، لا   (1) الوسيط 1/ 343 - 344. (2) انظر: فتح العزيز 1/ 279، التنقيح ل 34/ أ، المطلب العالي 1/ 115/ أ. (3) الوسيط 1/ 344. وقوله على الأصح أي أصح الوجهين، وجزم به العراقيون. انظر: التعليقة للقاضي حسين 1/ 500، الإبانة ل 5/ أ، فتح العزيز 1/ 280، التنقيح ل 34/ أ. (4) ما بين القوسين زيادة من (أ) و (ب). (5) في (أ): النوعين. بدل "النبوَّ عن" (6) في (أ): بحالها. (7) يفصلا محوج: سقط من (أ). (8) قوله: "فيما إذا كانت الميتة" سقط من (أ). (9) في (د): كونها، المثبت من (أ) و (ب). الجزء: 1 ¦ الصفحة: 100 يستقيم أن (1) يُدَّعي فيه أنه (2) لا مجال للعلامات فيه، بل يصلح مثالاً لما يذكره في الشرط السادس وهو أن يكون للعلامات مجال في المجتهد فيه ثم تقع منه (3) صورة لا تلوح فيها علامة (4). ووجه تجويز الاجتهاد فيهما أنهما لا يخلوان من أمارة من حيث الثقل والخفة؛ فإن لحم الميتة ثقيل يرسب في الماء أولاً، بخلاف لحم المذكاة، والله أعلم. ما ذكره صاحب الكتاب في غلبة الظن بالنجاسة (5)، محصوله أن ظن النجاسة إذا كان مرسلا غير مستند إلى سبب معين، ففي ثبوت النجاسة به قولان (6)، أما إذا استند إلى سبب معين كبول الظبية في الماء الكثير في المسألة المذكورة (7)، فإنه يحكم بالنجاسة قطعًا (8)، وهذا صحيح بدلالة خبر العدل؛ فإنه يوجب الحكم بالنجاسة قطعًا (9) ولا يبالى بأن الأصل عدمها، وإثبات النجاسة بالظن المرسل   (1) في (أ): بأن. (2) في (أ): بأن. (3) سقط من (ب). (4) انظر: الوسيط 1/ 346. (5) قال الغزالي: "وإن كانت النجاسة غالبة على الظن فيلحق بمحل الشك أو اليقين، فعلى وجهين ... ". الوسيط 1/ 345. (6) أصحهما يلتحق بالشك فيجوز استعمال الماء بغير اجتهاد عملاً بالأصل. التنقيح ل 34/ ب. (7) قال الغزالي: "وقد نص الشافعي - رضي الله عنه - على أنه لو رأى ظبية تبول في ماء فانتهى إلى الماء وهو متغير فلا يدرى أنه من طول المكث أو البول أخذ بنجاسته إحالةً على السبب الظاهر". الوسيط 1/ 346. وانظر الأم 1/ 59. (8) انظر: المهذب 1/ 8، التهذيب ص 56، فتح العزيز 1/ 277، المجموع 1/ 205. (9) انظر: حلية العلماء 1/ 102، التهذيب ص: 56، المجموع 1/ 176. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 101 ضعيف، وهو خلاف ظاهر المذهب (1)، وقد (2) قيل: إنه قول مخرَّج من أحد القولين في المقبرة القديمة التي لا يتحقق نبشها (3)، وذكر المحاملي (4) أنه ليس بشيء، وإن بقي التنجيس منصوص (5) عليه في "الأم" (6)، و"حرملة" (7)، والله أعلم. قوله: "اليقين لا يرفع بالشك" (8) هذا قد أنكره بعض الأصوليين (9) على من يقوله من الفقهاء، من حيث إن الشك إذا طرأ على اليقين رفعه لا محالة. وليس   (1) انظر: التهذيب ص: 52، روضة الطالبين 1/ 148. (2) سقط من (ب). (3) انظر: المطلب العالي 1/ ل 121/ أ - ب. (4) الإمام الجليل احمد بن محمَّد بن أحمد بن القاسم بن إسماعيل الضبي البغدادي المعروف بالمحاملي، ويعرف أيضًا بابن المحاملي، وهذه النسبة لأن بعض أجداده كان يبيع المحامل التي يركب عليها في الأسفار، توفي سنة 415 هـ، ومن مصنفاته: المجموع، والمقنع، اللباب، وغيرها. انظر ترجمته في: السير 3/ 403، طبقات السبكي 4/ 48، طبقات الأسنوي 2/ 381. ولم أقف على قوله هذا فيما بين يدي من مصادر. (5) كذا في جميع النسخ بالرفع (منصوص)، ولعل الصواب (منصوصًا) بالنصب على أنه حال من التنجيس، وليس صفة له. (6) 1/ 59. (7) أي مختصر حرملة، وهو حرملة بن يحيى بن عبد الله بن حرملة التجيبي، نسبة إلى تجيب بضم التاء وهي قبيلة، روى عن الشافعي وابن وهب وهو راويته، توفي سنة 243 هـ، ومن تصانيفه: المبسوط، والمختصر. انظر ترجمته في: تهذيب الأسماء 1/ 155، طبقات السبكي 2/ 127، طبقات الأسنوى 1/ 28. لم أقف على النقل عنه فيما بين يدي من مصادر. (8) الوسيط 1/ 345. (9) نقله الزركشي في المنثور في القواعد 2/ 286 عن إمام الحرمين. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 102 الأمر على ما قال؛ لأن المراد من ذلك أن حكم اليقين لا يرفع بالشك، لا نفس اليقين (1)، والله أعلم. والحاجة ماسَّة جدًا في هذا المقام إلى ذكر مهمات كنت حققتها وأوضحتها فيما سبق لي من "شرح مشكل المهذب"، وأنا أعيد (2) ذكرها ههنا (3) إن شاء الله تعالى على وجهها؛ فإن تغييرها مع استقامتها تكلف. فأقول أولاً: إنه يتردد على ألسنة الفقهاء أن الأصل والظاهر إذا تعارضا في مسألةٍ كان فيها خلاف (4)، وممن أطلق ذلك من (5) المذكورين القاضي أبو سعيد الهروي (6) مصنف كتاب "الإشراف على غوامض الحكومات" فإنه قال فيه (7): "كل مسألة تقابل فيها أصلان، أو أصل وظاهر، ففيها قولان". وهذا الإطلاق غير مرضي، والتحقيق الأصولي قاضٍ في ذلك بالتفصيل، فأقول (8): إذا تعارضا فالواجب   (1) انظر: التنقيح ل 34/ ب. (2) في (أ): أعتمد. (3) في (أ): هنا. (4) انظر: التعلقة للقاضي حسين 1/ 237، فتح العزيز 1/ 276، ونقله النووي عن صاحب التتمة انظر المجموع 1/ 206. (5) في (أ): في. (6) القاضي محمَّد بن أحمد بن يوسف الهروي، وقال السبكي: أبو سعيد بن أحمد بن أبي يوسف الهروي، أخذ عن أبي عاصم العبادي وشرح تصنيفه في أدب القضاء، وهو شرح مشهور سماه الإشراف على غوامض الحكومات، توفي سنة 518 هـ انظر ترجمته في: طبقات السبكي 5/ 513، طبقات الأسنوي 2/ 519، طبقات ابن قاضي شهبة 1/ 291, ذيل طبقات ابن الصلاح 2/ 842. (7) انظر النقل عنه في: المجموع 1/ 206. (8) نقل هذا التفصيل النووي واستصوبه في المجموع 1/ 206، والسيوطي في الأشباه والنظائر ص: 64. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 103 النظر في الترجيح كما في سائر صور تعارض (1) الدليلين، فتارة يتردد في الراجح، فيرجح الظاهر مرة, ويرجح الأصل أخرى، فيُجْعل في المسألة قولان كما في الصورة (2) التي تقدم ذكرها (3)، وتارة يترجَّح الدليل المقتضي للعمل بالظاهر قطعًا، فيحكم بالظاهر قطعًا كما فيما ذكرناه من إخبار العدل بوقوع النجاسة، ومن صور ذلك ما إذا رأى ظبية تبول في ماء كثير ثم وجده متغيرًا، فالطريقة الصحيحة أنَّا نحكم بنجاسته (4) قولاً واحدًا، وتارة يترجح الدليل المقتضي لاستصحاب الأصل فيقضى به قولاً واحدًا، و (5) مثال ذلك فيما نحن بصدده أن يظهر احتمال النجاسة وتعم البلوى بحيث تقضي عاطفة الشرع باستصحاب الطهارة قطعًا، فمن أصاب (6) ثوبه شيء من لعاب الخيل، أو (7) البغال، أو (8) الحمير، أو عرقها، جازت صلاته فيه، قطع الشيخ أبو محمَّد الجويني - رحمه الله - بذلك في كتاب "التبصرة في الوسوسة" (9) وذكر أنها وإن كانت لا تزال تتمرغ في الأمكنة النجسة، وتحك بأفواهها قوائمها التي لا تخلوا من النجاسة، فإنا لا نتيقن نجاسة عرقها ولعابها؛ لأنها (10) تخوض الماء   (1) في (أ): تعارض صور، بالتقديم والتأخير. (2) في (د): الصور، والمثبت من (أ) و (ب). (3) راجع (1/ 101). (4) في (ب): بنجاستها. (5) سقط من (أ). (6) فمن أصاب: مكررة في (ب). (7) في (أ) و (ب): و. (8) نفسه. (9) انظر: ص: 542 - 545. (10) في (ب): فإنها. وهي سقط من (أ). الجزء: 1 ¦ الصفحة: 104 الغمر (1)، وتغسل أبدانها، وتكرع (2) في الماء الكثير كثيرًا، فغلَّبْنا أصل الطهارة في لعابها وعرقها، ولم يزل رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وأصحابه، والمسلمون بعدهم، يركبون الخيل (3) والبغال والحمير في الجهاد، والحج، وسائر الأسفار، ولا يكاد ينفك الراكب في مثل ذلك عن أن يصيب ثوبه شيء من عرقها أو (4) لعابها، ثم كانوا يصلون في ثيابهم التي ركبوا فيها وما كانوا يُعِدُّون ثوبين: ثوبًا للركوب، وثوبًا للصلاة، والله أعلم. فصل:- ينتفع به إن شاء الله تعالى في الميز بين موقع الوسواس المذموم، وموقع الاحتياط المحمود، في باب الطهارة والنجاسة - وفيه مسائل: الأولى: ذكر صاحب "نهاية المطلب في دراية المذهب" (5) أن ما يتردد في طهارته ونجاسته مما الأصل طهارته ثلاثة أقسام: أحدها: ما يغلب على الظنَّ طهارته: فالوجه الأخذ بطهارته، ولو أراد الإنسان أن يطلب يقين الطهارة فلا حرج عليه، بشرط أن لا ينتهي إلى الوساوس (6) التي تنكِّد (7) عيشه، وتكدر عليه وظائف العبادات، فإنَّ المنتهي إلى ذلك خارج عن مسالك السلف   (1) أي الكثير. انظر: مختار الصحاح ص: 480، القاموس المحيط 2/ 185. (2) كرع في الماء كرعًا وكروعًا: شرب بفيه من موضعه، من غير أن يشرب بكفه، ولا بإناء، وذلك كما تشرب البهائم؛ لأنها تدخل في أكراعها. انظر: النهاية في غريب الحديث والأثر 4/ 164، مختار الصحاح ص: 567، القاموس المحيط 3/ 102. (3) في (ب): الخيال. (4) في (أ) و. (5) انظر: 1/ ل 17/ ب. (6) في (أ): الوسواس. (7) في (أ): ينكد. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 105 الصالحين، والوسوسة مصدرها الجهل بمسالك الشريعة، أو نقصان في غريزة العقل. الثاني: ما يستوي في طهارته ونجاسته التقديران: فيجوز الأخذ بطهارته، ولو انكفَّ المرء عنه كان محتاطًا. الثالث: ما يغلب على الظن نجاسته: فللشافعي فيه (1) قولان: أحدهما: أنه يجب الأخذ بنجاسته. والثاني: يجوز (2) الأخذ بطهارته (3). المسألة (4) الثانية: اشتد نكير الشيخ أبي محمَّد الجويني - رحمه الله - في كتابه "في الوسوسة" (5) على من لا يلبس ثوبًا جديدًا حتى يغسله، لما يقع ممن (6) يعاني قصر (7) الثياب ودقها، وتجفيفها، من إلقائها وهي رطبة على الأراضى (8) النجسة، ومباشرتها بما يغلب على القلوب نجاسته، من غير أن تغسل بعد ذلك، وذكر أن هذه الطريقة بعينها هي طريقة الخوارج   (1) في (أ): في ذلك. (2) سقط من (أ). (3) في (ب): بالطهارة. قال النووي: هذا الذي أطلقه من القولين ليس على إطلاقه، بل هو على ما سبق تفصيله. - يريد مسألة تعارض الظاهر والأصل السابقة. المجموع 1/ 207. (4) سقط من (ب). (5) ص: 522 - 526. (6) في (أ): مما. (7) قصر الثوب: دقه، ومنه القصَّار الذي هو المحوَّر للثياب؛ لأنه يدقها بالقَصَرة التي هي القطعة من الخشب، وحرفته: القِصارة بالكسر. انظر: مختار الصحاح ص: 537، القاموس المحيط 2/ 203، المصباح المنير ص: 193. (8) في (أ): الأرض. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 106 الحروريَّة (1) أبلاهم الله تعالى بالغلوِّ في غير موضع الغلوِّ، وبالتهاون في موضع الاحتياط. ومن سلك ذلك فكأنه يعترض (2) على أفعال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - والصحابة (3)، والتابعين، وسائر المسلمين، فإنَّهم كانوا يلبسون الجدد من الثياب قبل غسلها، وحال الثياب في أعصارهم كحالها في عصرنا، ولو أمر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بغسلها لما خفي ذلك؛ فإنه مما تعم به البلوى، أرأيت لو أمرت بغسلها أكنت (4) تأمن من أن يصيبها في هذا الغسل ما يتوهم من النجاسة؟! فإن قلت: أباشر غسلها بنفسي. فهل سمعت أحدًا يروي في ذلك خبرًا عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، أو عن أحد من الصحابة (5)، أنهم كانوا يوجهون (6) على الإنسان من طريق اللزوم أو طريق الاحتياط أن يباشر بنفسه غسل ثيابه حتى يأمن عليها أوهام النجاسة؟!، والله أعلم.   (1) الخوارج: هم الذين خرجوا على أمير المؤمنين علي بن أبي طالب في صفين، وانحازوا إلى قرية حروراء، وهي قرية بظاهر الكوفة، وقيل موضع على بعد ميلين منها، فنسبوا إليها، وهي فرقة مشهورة، لها أراء مشهورة، راجع في التعريف بها: مقالات الإسلاميين لأبي الحسن الأشعري 1/ 167، الملل والنحل للشهرستاني 1/ 106، الفصل لابن حزم 2/ 113، فرق معاصرة لغالب العواجي 1/ 66 وما بعدها. وراجع في التعريف ببلدة حروراء: معجم البلدان 2/ 283. (2) في (أ): يعرض. (3) في (أ): أصحابه. (4) في (أ): كنت. (5) في (أ): أصحابه. (6) كذا في جميع النسخ، وفى التبصرة: يوجبون. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 107 الثالثة: قال الشيخ أبو محمَّد (1): "نبغ أقوام يغسلون أفواههم إذا أكلوا خبزًا، ويزعمون أن الحنطة تداس (2) بالثيران، وهي تبول وتروِّث في المداسة أيامًا طويلة, ولا يكاد يخلوا طحين (3) تلك الحنطة وخبزها عن النجاسة، ثم ذكر أن هذا من مذهب الغلوَّ والخروج عن عادة السلف؛ فإنَّا نعلم أن (4) الناس في الأعصار السالفة ما زالوا يدوسون (5) بالحيوانات، كما يفعل أهل هذا (6) العصر، وما روي عن النبي - صلى الله عليه وسلم -، ولا عن أحد من الصحابة، والتابعين، وكل ذي تقوى وورع، أنهم رأوا غسل الفم (7) من ذلك". قلت: والفقه في ذلك أن ما في أيدي الناس من القمح المتنجس بذلك ونحوه يسير جدًا بالنسبة إلى القمح السالم من النجاسة، فقد اشتبه إذًا واختلط قمح نجس قليل بما لا يحصر من القمح الطاهر، فلا منع (8)، بل يجوز التناول من جانب، كما إذا اشتبهت أخته من الرضاع واختلطت بنساء أهل بلد (9) لا يحصرن، فإنه يجوز له التزوج من   (1) انظر التبصرة ص: 581 - 582. (2) داس الشيء برجله يدوسه دوسًا: وطئه، وداس الطعام يدوسه دياسة فانداس، والموضع: مداسة، والمِدْوس ما يداس به. انظر: النهاية في غريب الحديث والأثر 2/ 140، لسان العرب 4/ 442، القاموس المحيط 2/ 343، المصباح المنير ص: 77. (3) في (أ): طين. (4) سقط من (أ). (5) في (أ): يدرسون. (6) في (أ): هذه. (7) في (أ): أفواهم. (8) في (أ): يمنع. (9) في (أ): بلدة. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 108 جانبا (1)، وهذا بالجواز أولى (2)، وفي كلام الأستاذ أبي منصور البغدادي (3) في "شرحه للمفتاح" إشارة إلى أنه وإن تعين ما سقط عليه الروث في حالة الدياسة فهو في محل العفو لعسر (4) الاحتراز منه (5)، والله أعلم. المسألة (6) الرابعة: مهما لم يكن الشك في النجاسة واقعًا فيما تعم به البلوى، وكان لا يلزم من (7) الاحتراز عنه مثل ما سبق من التشديد، والغلو، والتعمق فالاحتراز (8) عنه معدود من الورع، والاحتياط المحمود (9)، وذلك كالاحتراز من أواني المشركين التي لا يغلب على الظن طهارتها، وكسائر الشكوك في الصور الخاصة، وما في معنى هذا (10)، والله أعلم.   (1) انظر: التعليقة للقاضي حسين 1/ 500، التهذيب ص: 54، المجموع 1/ 208. (2) في (ب): أولى بالجواز، بالتقديم والتأخير (3) هو عبد القاهر بن طاهر بن محمَّد التميمي، إمام عظيم القدر، كثير العلم، كان يدرس في سبعة عشر فنًا، من مصنفاته: التفسير، الفرق بين الفرق، التحصيل، الملل والنحل، نفي خلق القرآن، شرح المفتاح لابن القاص، العماد في مواريث العباد، وغيرها، توفي سنة 429 هـ انظر ترجمته في: وفيات الأعيان 3/ 203، طبقات السبكي 5/ 136، طبقات الأسنوي 1/ 194، البداية والنهاية 12/ 48. نقل النووي قوله هذا عن ابن الصلاح في المجموع 1/ 208. (4) في (أ): لتعذر. وهو موافق لنقل النووي عنه. (5) في (ب): عنه. (6) سقط من (ب). (7) في (أ): عن. (8) في (أ): والاحتراز. (9) انظر: التبصرة للجويني ص: 237. (10) مثل: الاحتراز عن ثياب مدمني الخمر وأوانيهم، والاحتراز عن المقبرة التي شك في نبشها، وغير ذلك. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 109 قول صاحب الكتاب: "السادس: أن تلوح (1) له علامة في اجتهاده: فإن تأمل فلم (2) يظهر له علامة تيمم" (3) يعترض فيه عليه بأن يقال (4): ظهور العلامة من ثمرات الاجتهاد، فهو متأخر عنه، فلا يصح جعله شرطاً للاجتهاد؛ لأن شرط الشيء يتقدم عليه، ولا يتأخر (5). وكنا نجيب عنه بأنه لم يود بقوله أولاً "للاجتهاد شرائط ست" نفس الاجتهاد بل الاجتهاد المعمول به، ثم فهمت مما عُلِّق عنه في الدرس أنه ليس مراده: أن تلوح له علامة يعمل بها، بل علامة ينظر فيها، وهذا يتقدم الاجتهاد، وهو من شروطه؛ فإنه لا يمكن الاجتهاد إلا بذلك (6)، والله أعلم. قوله: "ولم يبق من الأول شيء" (7) هذا ليس شرطاً في الحكم المذكور عقيبه (8)؛ فإنَّه إذا كانت قد بقيت من الأول بقيَّة فالحكم في ذلك كالحكم، وإنما تأثيره في أنه لا يجيء فيه الخلاف المذكور في قضاء الصلاة الثانية، بل يجب   (1) في (د): تلون، وهو تصحيف، والمثبت من (أ) و (ب). (2) في (ب): ولم. (3) الوسيط 1/ 346. (4) في (ب): يقول. (5) انظر: التنقيح ل 35/ أ. (6) قد تقدم في الشرط الأول: أن يكون للعلامة مجال في المجتهد فيه، فلو حمل الشرط السادس على ما فهمه ابن الصلاح لكان فيه تكرار. والله أعلم. وانظر في ذلك التنقيح ل 35/ ب. (7) الوسيط 1/ 347. وقبله: الثاني - أي الفرع الثاني -: إذا أدى اجتهاده إلى أحد الإناءين فصلى به الصبح، نادى اجتهاده عند الظهر إلى الثاني، ولم يبق من الأول .... الخ. (8) وهو قوله: "نصَّ الشافعي - رضي الله عنه - على أنه يتيمم ولا يستعمل الآخر ... ". الجزء: 1 ¦ الصفحة: 110 قضاؤها (1) على ما قطع به فيما إذا تحيَّر ولم يجتهد (2)؛ لأن معه ماء طاهراً بيقين، والله تعالى أعلم. المراد بصاحب "التلخيص" أينما ذكره: أبو العباس أحمد بن أبي أحمد بن القاص (3) الطبري (4) صاحب أبي العباس أحمد بن عمر بن سريج (5)، رحمهما الله تعالى وإيانا آمين.   (1) انظر: البسيط 1/ ل 17/ أ. وذكر الشيرازي أن فيها خلافاً كذلك وهو أن فيها ثلاثة أوجه: يعيد، لا يعيد، إن بقي من الأول بقية أعاد وإلا فلا. انظر: المهذب 1/ 9، وكذا التنقيح ل 36/ أ. (2) انظر الوسيط 1/ 348. (3) في (أ): القاضي. (4) تقدم التعريف به 1/ 17، وقد ذكره الغزالي في الفرع الثالث إذ قال: "ثلاثة أواني: واحد منها نجس، اجتهد فيها ثلاثة، واستعمل كل واحد واحداً وصلوا ثلاث صلوات جماعة، كل واحد إمام في واحدة. قال صاحب التلخيص: لا يصح لكل واحد ما كان مقتدياً فيه .... الخ الوسيط 1/ 348. (5) تقدم التعريف به 1/ 87. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 111 ومن الباب الرابع في الأواني قوله: "أما الذكاة فتطهَّر جلد كل ما يؤكل لحمه" (1) ليس على حقيقته؛ فإن الطاهر لا يطهَّر، إذ الحاصل لا يحصل، ولكنه استعارة في استدامة الطهارة، فإن الطهارة (2) في الحالة الثانية مضافة إليها فكانت كالمطهرة فيها (3)، والله أعلم. حكى عن أبي حنيفة - رحمه الله - أنه عمَّم أثر الذكاة والدباغ جميعاً (4)، وصرح في الدرس بأن أبا حنيفة قال: "جلد الخنزير يطهر بالدباغ". ولفظه ههنا كالمصرح بذلك، وفي الذكاة أيضاً، وأبو حنيفة وأصحابه إنما مذهبهم: أن جلد الخنزير لا يطهر بذلك (5)، غير أن أبا يوسف (6) روي عنه طهارة جلد الخنزير بالدباغ، والله أعلم. الشبُّ (7)، والقرظ (8) المذكوران فيما يدبغ به (9)، أما القرظ (10) فهو بالطاء المعجمة لا بالضاد، وهو ورق شجر السلم، ينبت بنواحي   (1) الوسيط 1/ 350. (2) في (أ): الطاهرة. (3) انظر: التنقيح ل 37/ أ - ب. (4) انظر: الوسيط 1/ 350. (5) انظر: مختصر الطحاوي ص: 17، بدائع الصنائع 1/ 85، فتح القدير 1/ 92، الدر المختار 1/ 356، حاشية ابن عابدين 1/ 356 - 357. (6) صاحب الإمام أبي حنيفة، الإمام المجتهد، قاضي القضاة، يعقوب بن إبراهيم بن حبيب بن حبيش الأنصاري الكوفي أبو يوسف، ولي القضاء للرشيد وكان وزيره، توفي سنة 182 هـ. انظر ترجمته في: وفيات الأعيان 6/ 378، تذكرة الحفاظ 1/ 292، البداية والنهاية 10/ 189، تاج التراجم لابن قطلوبغا ص: 315. وانظر قوله في بدائع الصنائع 1/ 86، حاشية ابن عابدين 1/ 357. (7) في (أ): الشث، بالثاء. (8) في (ب): القرض. (9) قال الغزالي: "ثم كيفية الدباغ إحالة الجلد باستعمال الشث والقرظ". الوسيط 1/ 350 - 351. (10) في (ب): القرض. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 112 تهامة (1). وأما الشبُّ فقد ذهب أبو منصور الأزهري الإمام (2) اللغوي صاحب كتاب "الزاهر في شرح ما أشكل من ألفاظ مختصر المزني" (3) - وكان شافعياً أخذ عن واحد عن الربيع (4) - إلى أنه الشبُّ بالباء الموحدة، وهو من جواهر الأرض التي يدبغ بها، يشبه الزاج (5)، وذكر أن ذلك هو السماع، وأنه بالثاء المثلثة تصحيف، وبالباء الموحدة ذكره صاحب "الشامل" (6)، وغيره (7)، ووجدته بخط الإِمام أبي الفرج الدارمي (8)، وغيره (9) بالثاء المثلثة. وفي "صحاح اللغة"   (1) انظر: مختار الصحاح ص: 530، القاموس المحيط 2/ 600 - 601، المصباح المنير ص: 190، المجموع 1/ 223. وتهامة بكسر التاء اسم لكل ما نزل عن نجد من بلاد الحجاز، ومكة من تهامة، وسميت تهامة قيل: من التَّهَم بفتح التاء والهاء وهو شدة الحر وركود الريح، وقيل غير ذلك. انظر: تهذيب الأسماء واللغات 3/ 1/ 44. (2) في (أ): والإمام. (3) مطبوع بعنوان: الزاهر في غريب ألفاظ الشافعي، وانظر: ص: 44، كذا تهذيب اللغة 11/ 289. (4) هو أبو محمَّد الربيع بن سليمان بن عبد الجبار المرادي مولاهم المصري، راوي كتب الشافعي وصاحبه، قال عنه الشافعي: "هو أحفظ أصحابي". توفي سنة 270 هـ. انظر ترجمته في: السير 12/ 587، تذكرة الحفاظ 2/ 586، طبقال السبكي 2/ 132، طبقات الأسنوي 1/ 39. وقوله: "أخذ عن واحد عن الربيع" أي بينه وبين الربيع طبقة؛ فهو لم يدرك الربيع، فمثلاً من شيوخه أبي بكر بن أبي داود السجستاني وهو من تلاميذ الربيع والله أعلم. انظر: سير أعلام النبلاء 12/ 588، 16/ 316. (5) الزاج: شَبّ أبيض له مضيض شديد. انظر تهذيب اللغة 11/ 289. (6) نقله عنه النووي في: المجموع 1/ 223. (7) ونقله النووي كذلك عن الروياني انظر المجموع الموضع السابق. (8) هو محمَّد بن عبد الواحد بن محمَّد بن عمر بن ميمون الدارمي البغدادي، شيخ الشافعية، الإمام العلامة، صاحب المصنفات التي منها: الاستذكار، كتاب في أحكام المتحيرة، جمع الجوامع ومودع البدائع، توفي سنة 448 هـ. انظر ترجمته في: طبقات الشيرازي ص: 128، السير 18/ 52، طبقات السبكي 4/ 182، طبقات الأسنوي 1/ 510. وانظر النقل عنه في: المجموع 1/ 223. (9) كالماوردي في الحاوي 1/ 62، والبغوي في التهذيب ص: 62. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 113 للجوهري (1): "أنه نبت طيَّب الريح، مرُّ الطعم" (2)، يدبغ به. وقال الأزهري: "شجر الطعم، ولا أدري أيدبغ به أم لا" (3). ووجدت بخط الإمام أبى الفتح سليم بن أيوب الرازي في "تعليق" شيخه (4) الشيخ أبي حامد الأسفراييني (5) عنه: "أن أصحابنا قالوه بالثاء المثلثة، والشافعي قاله بالباء الموحدة، قال: وقد قيل: الأمران، وأيهما كان فالدباغ به جائز" (6). قلت: فإذاً يحسن (7) أن يقال: الدباغ جائز بالشبَّ والشثَّ فيجمع بينهما عملاً بالنقلين، والله أعلم. قوله - صلى الله عليه وسلم - (أيما إهاب دبغ فقد طهر) (8) (حديث صحيح عن ابن عباس، ولفظه في صحيح مسلم (9) (إذا دبغ الإهاب فقد طهر) (10)، والإهاب: هو الجلد   (1) 1/ 285. (2) مرُّ الطعم: سقط من (ب). (3) انظر: الزاهر ص: 44، تهذيب اللغة 11/ 272. (4) في (أ): شيخ. (5) شيخ الشافعية ببغداد، أحمد بن أبي طاهر محمَّد بن أحمد الأسفراييني، صاحب طريقة العراق في المذهب الشافعي، تفقه عليه أئمة المذهب كالماوردي، وسليم الرازي، والسنجي، والمحاملي، وغيرهم علق عنه تعاليق في شرح المزني قيل بلغت خمسين مجلداً، توفي سنة 406 هـ. انظر ترجمته في: طبقات الشيرازي ص: 123، وفيات الأعيان 1/ 72، تهذيب الأسماء 2/ 208، طبقات السبكي 4/ 61، طبقات الأسنوي 1/ 57. (6) في (ب): جائز به، وانظر النقل عنه في: المجموع 1/ 223. (7) في (أ): لا يحسن. (8) ذكره الغزالي في الاستدلال للوجه الثاني في مسألة: إذا فرغ من الدباغ فهل يجب إفاضة الماء المطلق على ظاهر الجلد؟ وجهان: أحدهما: يجب. والثاني: لا؛ لأنه قال عليه الصلاة والسلام: ... الحديث. الوسيط 1/ 351 - 352. (9) انظر: - مع النووي - كتاب الحيض، باب طهارة جلود الميتة بالدباغ 4/ 53. (10) ما بين القوسين زيادة من (أ) و (ب). الجزء: 1 ¦ الصفحة: 114 قبل أن يدبغ، ذكره غير واحد منهم: الخليل (1)، وقطع به أبو داود السجستاني صاحب كتاب "السنن" فيه (2)، وحكاه عن النضر بن شميل (3). ولم يذكر فيه صاحب "الصحاح في اللغة". (4) إلا هذا. ومنهم من قال: الإهاب: كل جلد دبغ أو لم يدبغ (5)، والله تعالى أعلم. قوله: "جاز بيعه إلا في قول قديم مستنده موافقة مالك (6): في أنه يطهر ظاهره دون باطنه" (7) هذا المستند مذكور عن طائفة من الخراسانيين (8) وعن   (1) هو الخليل بن أحمد الأزدي الفراهيدي البصري أبو عبد الرحمن، وفراهيد بطن من الأزد، إمام العربية، ومنشئ علم العروض، شيخ سيبويه، توفي سنة 170 هـ، له كتاب العين. انظر ترجمته في: وفيات الأعيان 2/ 244، تهذيب الأسماء 1/ 177، البداية والنهاية 10/ 166. وقوله في كتاب العين 4/ 99 ولفظه: "والإهاب الجلد، وجمعه: أهب". ونقله النووي عنه في المجموع 1/ 215 كنقل ابن الصلاح. (2) في كتاب اللباس 4/ 371 - 372 (3) العلامة الحافظ أبو الحسن النضر بن شميل بن خراشة المازني البصري النحوي، كان إماماً في العربية والحديث، توفي سنة 204 هـ، من تصانيفه: المدخل إلى العين. انظر ترجمته في: تذكرة الحفاظ 1/ 314، البداية والنهاية 10/ 266. (4) 1/ 89، مادة: أهب (5) كالأزهري في الزاهر ص: 31، والخطابي في معالم السنن 4/ 367، والزمخشري في الفائق 1/ 67. (6) ذهب المالكية في المشهور إلى أن جلد الميتة نجس لا يطهر بالدباغ لا في الظاهر ولا في الباطن، غير أنه يجوز استعماله في اليابسات وفي الماء فقط، ولا يصلى عليه، ولا يلبس للصلاة، هذا هو المشهور في المذهب، ومقابله خمسة أقوال: منها هذا الذي ذكره الغزالي. انظر: بداية المجتهد 1/ 152، التلقين 1/ 65، حاشية الدسوقي 1/ 54، شرح الخرشي على مختصر خليل 1/ 89. (7) الوسيط 1/ 352 - 353. وقبله: إذا دبغ الجلد طهر ظاهره وباطنه، وجاز بيعه ... الخ. (8) مثل القفال المروزي كما نقله إمام الحرمين في نهاية المطلب 1/ ل 11/ أ، وانظر المجموع 1/ 227. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 115 ابن أبي هريرة (1) من العراقيين، وكأنهم لم يتجه لهم قوله في القديم: أنه لا يجوز بيعه، إلا بتقدير قول قديم: بأنه لا يطهر باطنه، ولا يصح ذلك عن القديم، ونصُّه في القديم على المنع (2) من البيع له مستند آخر وهو: أن الموت اقتضى المنع من التصرف فيه مطلقاً، ثم رخص في الانتفاع بعينه، فبقي ما سواه على التحريم (3). وذكر صاحب (التقريب) - وهو خبير بنصوص الشافعي - أن جواز الصلاة عليه وفيه نصُّ قول الشافعي في القديم والجديد (4)، والله أعلم. قوله في تعليل جواز أكل الجلد المدبوغ مطلقاً مما يؤكل لحمه وما لا يؤكل: (لأنه طاهر غير مضر ولا محترم) (5) يحتاج فيه إلى أن يقول (6): ولا مستقذر؛ فإن الاستقذار أحد الأسباب (7) المحرمة قطعاً (8)؛ قال الله تعالى: {وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَائِثَ} (9). وأما ما وجدته في (شرح التلخيص) للشيخ أبي علي الحسين بن   (1) أبو علي الحسن بن الحسين البغدادي المعروف بابن أبي هريرة، أحد أئمة الشافعية، تفقه على ابن سريج، له شرحان على المختصر: مبسوط ومختصر، توفي سنة 345 هـ. انظر ترجمته في: طبقات العبادي ص: 77، طبقات الشيرازي ص: 112، طبقات السبكي 3/ 256، طبقات الأسنوي 2/ 518. وانظر النقل عنه في: المجموع 1/ 227. (2) في (أ): أو. (3) انظر: المهذب 1/ 10، التنقيح ل 38/ أ. (4) نقله ابن الرفعة عن ابن الصلاح في المطلب العالي 1/ ل 147/ أ. (5) الوسيط 1/ 353. (6) في (أ): يحتاج أن يقول فيه. (7) في (ب): أسباب. (8) انظر: التنقيح ل 38/ ب. (9) سورة الأعراف الآية [157]. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 116 شعيب السنجي من قوله عند ذكره قول ابن القاص: (إن المني لا يجوز أكله) (1): أصحابنا قالوا: إن الشافعي سئل عن أكله فقال للسائل: "إن استمرأت فكل"، قال أبو علي: "فكأنه لم يقطع بتحريمه" (2). فأقول: ليس الأمر فيه على ما توهمه أبو علي، بل معنى ذلك - إن صحَّ عن الشافعي - الاستبعاد والاطراح لسؤال السائل ولما سأل عنه. وأيضاً فليس ذلك مصيراً إلى أن الاستقذار (ليس) (3) موجباً للتحريم، بل مصيراً إلى أن (4) من لا يستقذره فله أكله؛ لانتفاء الاستقذار في حقه، نظراً إلى نفس الحكمة وإعراضاً عن المظنَّة، ووجدت ذلك بنيسابور بخط الشيخ أبي (5) محمَّد الجويني فيما علَّقه عن شيخه الإمام أبي بكر القفال المروزي من "شرحه للتلخيص" قال: "قال أصحابنا: من اشتهى فليأكل" (6). هكذا ذكره غير (7) منسوب إلى الشافعي، وهذا أشبه، وقد يطلق أحدهم فيقول: قال أصحابنا، ومراده أهل طريقته، لا جميع أصحاب الشافعي فاعلم ذلك، والله أعلم. علَّل في درسه - رحمه الله وإيانا. استثناء شعر الكلب والخنزير وتنجيسه على القول بأن الشعر (8) من الجمادات وأنها لا تنجس (9): بأن منبته   (1) التلخيص ص: 85. (2) لم أقف على من نقل قوله هذا فيما بين يدي من مصادر. (3) زيادة من (أ) و (ب). (4) سقط من (أ). (5) في (ب): أبو، وهو خطأ. (6) لم أقف على من نقل قول القفَّال هذا فيما بين يدي من مصادر. (7) في (د) غيره، والمثبت من (أ) و (ب). (8) في (أ) و (ب): الشعور. (9) قال الغزالي في الوسيط 1/ 355: "إن ألحقناها - أي الشعور بالجمادات، فجميع الشعور طاهرة إلا شعر الكلب والخنزير على أحد الوجهين". أهـ. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 117 نجس (1)، وهو جزء مستحيل من نفس الكلب، بخلاف خضراء الدمن (2) فإن أصلها من الحبَّ الطاهر. قلت: الأولى تعليله (3): بأن نجاسة الكلب والخنزير مغلظة، فاقتطع شعرهما عن سائر الشعور قضية للتغليظ، وكما لم تكن حياتهما دافعة للنجاسة عنهما (4) بخلاف حياة سائر الحيوانات، كذلك الجمادية في شعرهما لا تدفع عنهما النجاسة بخلاف (5) سائر الجمادات، وهذا الوجه هو الصحيح المشهور (6)، والوجه الآخر بعيد غريب (7) والله أعلم. في طهارة الشعر من الجلد المدبوغ قولان معروفان (8)، وقال هو: وجهان (9). ووقع منه من (10) هذا القبيل (11) كثير، خلافاً لنَقَلَةِ المذهب. والقول بطهارته هو الصحيح عند الأستاذ أبي إسحاق الأسفراييني (12)، والقاضي أبي المحاسن   (1) قال الغزالي في الوجيز 1/ 11: "فإن حكمنا أن الشعر لا ينجس بالموت، فالأصح: أن شعر الكلب والخنزير نجس لنجاسة المنبت". أهـ. (2) الشجرة التي تنبت في المزبلة، فتجيء خضراء ناعمة ناضرة، ومنبتها خبيث قذر. النهاية في غريب الحديث والأثر 2/ 42. وكأن هذا جواب على اعتراض مقدَّر وهو: أن التعليل بنجاسة المنبت يقتضي نجاسة خضراء الدمن، وقد نصوا على أنه ليس بنجس العين، فأجاب بما ذكره. وانظر: فتح العزيز 1/ 300. (3) في (أ): في تعليله. (4) سقط من (أ). (5) قوله: "حياة سائر الحيوانات ... بخلاف" سقط من (أ). (6) انظر نهاية المطلب 1/ ل 12/ أ. (7) انظر: التنقيح ل 38/ ب، المطلب العالي 1/ ل 150/ ب. (8) انظر: المهذب 1/ 11، نهاية المطلب 1/ ل 12/ ب، وغيرهما. (9) انظر: الوسيط 1/ 355. (10) سقط من (أ). (11) في (د): القليل، وهو تصحيف، والمثبت من (أ) و (ب). (12) انظر النقل عنه في: المجموع 1/ 239. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 118 الروياني صاحب "بحر المذهب" (1)، والقول بعدم طهارته هو الصحيح عند أبي القاسم الصيمري (2)، والشيخ أبي محمَّد الجويني (3)، وصاحبي "التهذيب" (4) و"المهذب" في "تعليقه" (5)، وغيرهم (6)، وهذا هو الصواب؛ لأحاديث النهي عن لبس جلود السباع، والركوب عليها (7)، والله أعلم.   (1) فخر الإسلام شيخ الشافعية أبو المحاسن عبد الواحد بن إسماعيل بن أحمد بن محمَّد الروياني الطبري، كان يقول: لو احترقت كتب الشافعي لأمليتها من حفظي، توفي سنة 501 هـ، من مصنفاته: بحر المذهب، مناصيص الشافعي، حلية المؤمن، الكافي. انظر ترجمته في: وفيات الأعيان 3/ 198، تهذيب الأسماء 2/ 277، طبقات السبكي 7/ 193، طبقات الأسنوي 1/ 565. انظر قوله في المجموع 1/ 239. (2) القاضي أبو القاسم عبد الواحد بن الحسين الصيمري البصري، وصيمر نهر من أنهار البصرة عليه عدة قرى، وهو من أصحاب الوجوه، تفقه عليه الماوردي، من مؤلفاته: الإيضاح في المذهب، كتاب القياس والعلل. انظر ترجمته في: تهذيب الأسماء 2/ 265، السير 17/ 14، طبقات الأسنوي 2/ 127. وانظر قوله في: المجموع 1/ 239. (3) انظر قوله في: المجموع الموضع السابق. (4) التهذيب ص: 66. (5) في (د): وصاحب المهذب والتهذيب في تعليقه، والمثبت من (أ) و (ب)، ولم أقف على تعليقة لصاحب المهذب، وقد ساق القولين في المهذب 1/ 11 من غير ترجيح. (6) كالقاضي حسين في التعليقة 1/ 222، والشاشي في حلية العلماء 1/ 114. (7) منها ما رواه أبو داود في سننه كتاب اللباس 4/ 374 رقم (4132)، والترمذي في جامعه كتاب اللباس 4/ 212 رقم (1770)، والنسائي في سننه كتاب الفرع والعتيرة 7/ 199 رقم (4264)، وأحمد في المسند 5/ 74 عن أبي المليح عن أبيه: "أن النبي - صلى الله عليه وسلم - نهى عن جلود السباع، وزاد الترمذي: أن تفترش، وأخرجه الحكم في المستدرك 1/ 144 وقال: "حديث صحيح الإسناد". ومنها حديث المقدام بن معدي كرب أنه وفد على معاوية ابن أبي سفيان فقال له: أنشدك بالله هل تعلم أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - نهى عن لبس جلود السباع والركوب عليها؟ قال: نعم. أخرجه: أبو داود في الموضع السابق برقم (4131) والنسائي في الموضع السابق برقم (4266). الجزء: 1 ¦ الصفحة: 119 ما ذكره من نقل إبراهيم البلدي (1) عن الشافعي (2)، نقله البلدي عن المزني عن الشافعي (3)، والله أعلم. ثبت في "الصحيحين" (4) من حديث أم سلمة - رضي الله عنها - عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: (الذي يشرب في آنية الفضة إنما يجرجر في جوفه نار جهنم) (5)، وزاد مسلم في رواية غريبة: (إن (6) الذي يأكل ويشرب في آنية الذهب والفضة) (7). وقوله (يجرجر) هو بضم الياء وكسر الجيم الثانية (8)، وفي قوله (نار جهنم) روايتان مشهورتان (9): أحدهما نصب الراء، وهو الأشهر والأقوى، ولم يذكر   (1) أبو محمَّد إبراهيم بن محمَّد البلدي، صاحب المزني، قال عنه السبكي: معروف الاسم بين المتقدمين غير أن ترجمته عزيزة لم أجدها إلى الآن كما في النفس. وبلد اسم لقرية شرقي الفرات. انظر ترجمته في: طبقات العبادي ص: 41، طبقات السبكي 2/ 255، طبقات الأسنوي 1/ 216، الذيل على طبقات ابن الصلاح 2/ 701. (2) قال الغزالي: "وأما شعور الآدمي فقد نقل إبراهيم البلدي أن الشافعي - رضي الله عنه - رجع عن تنجيسها". أهـ الوسيط 1/ 355. (3) انظر: نهاية المطلب 1/ ل 11/ ب، حلية العلماء 1/ 114. (4) انظر: صحيح البخاري - مع الفتح - كتاب الأشربة، باب آنية الفضة 10/ 98 رقم (5634) وصحيح مسلم - مع النووي - كتاب اللباس، باب تحريم استعمال أواني الذهب والفضة 14/ 29. (5) قال الغزالي: "الفصل الثالث في أواني الذهب والفضة: وهي محرمة الاستعمال على الرجال والنساء؛ لقوله - صلى الله عليه وسلم - ... ". الوسيط 1/ 356. (6) سقط من (ب). (7) صحيح مسلم الموضع السابق، قال الإمام مسلم بعد أن ساق عدة طرق للحديث: "وزاد في حديث علي بن مسهر عن عبيد الله (إن الذي يأكل أو يشرب في آنية الفضة والذهب). وليس في حديث أحد منهم ذكر الأكل والذهب إلا في حديث ابن مسهر". (8) انظر: المجموع 1/ 248، شرح مسلم للنووي 14/ 27، فتح الباري 10/ 99، قال ابن حجر. وهو من الجرجرة وهو صوت يردده البعير في حنجرته إذا هاج نحو صوت اللجام في فك الفرس. أهـ وانظر: تهذيب اللغة 10/ 479، النهاية في غريب الحديث والأثر 1/ 255. (9) انظر: المراجع السابقة. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 120 الأزهري غيره (1)، فالنار على هذا مفعولة والشارب الفاعل. ومعنى يجرجرها في جوفه: يقلبها (2) فيه بجوع متتابع يسمع له صوت يتردد في حلقه. والرواية الأخرى نارُ جهنم بالرفع، فتكون النار فاعلة، ومعناه يصوِّت في جوفه النار. وسمى المشروب ناراً اعتباراً بما (3) يؤول إليه (4)، والله أعلم. قوله: "إذا مُوَّه الإناء بالذهب لم يحرم على أظهر المذهبين" (5) صورته ما (6) ذكره في الدرس، وذكره (7) شيخه (8)، وغيرها (9): ما إذا استهلك الذهب أو الفضة بحيث لا يجتمع منه شيء بالنار، أما إذا كان يجتمع بالنار منه شيء فهو حرام قطعاً (10) والله أعلم. قوله: "تضبيب الإناء بالذهب - يعني أو بالفضة - في محل يلقى فم الشارب محظور على الأظهر" (11) معناه أن الأظهر التحريم فيه (12) مطلقاً، سواء كانت الضبة (13) كبيرة أو صغيرة، للحاجة أو لغير حاجة. والوجه الآخر: أنها   (1) انظر: تهذيب اللغة 10/ 480، 479، النهاية في غريب الحديث والأثر 1/ 255. (2) في (د) و (ب): يلقبها، بتقديم اللام على القاف، وهو خطأ، والمثبت من (أ). (3) في (ب): باعتبار ما. (4) سقط من أ. (5) الوسيط 1/ 358. (6) في (أ) و (ب): على ما. (7) قوله: "في الدرس وذكره" سقط من (ب). (8) في نهاية المطلب 1/ ل 15/ أ - ب. (9) كالفوراني في الإبانة ل 7/ أ. (10) انظر: البسيط 1/ ل 20/ أ، التنقيح ل 39/ أ. (11) الوسيط 1/ 358. (12) في (ب): فيه التحريم، بالتقديم والتأخير (13) الضبة من حديد أو صفر أو نحوه: التي يُشْعَب بها الإناء. انظر: المصباح المنير ص: 135. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 121 كما إذا لم تكن في محل يلقى فم الشارب، فيجري فيها التفصيل المذكور (1)، وهذا الوجه أظهر عند طائفة (2)؛ لأن مناط التحريم من الخيلاء وغيره لا يقتضي فَرْقاً. وأما ما صار إليه من التسوية بين ضبة الذهب وضبة الفضة فقد صار إليه طائفة من الخراسانيين (3)، والصحيح خلافه وأن ضبة الذهب حرام قليلها وكثيرها (4)؛ فإنهما لا يستويان معنىً وحكماً (5). ولذلك حرم على الرجل خاتم الذهب الفضة (6)، بل حُرِّم في الخاتم المباح الأسنان (7) من ذهب (8)، وهذا معترف به في طريقة خراسان (9)، وفي الوسيط أيضاً (10)، والله أعلم.   (1) أي عند الغزالي في الوسيط حيث قال: "وإن لم يلق - أي فم الشارب - وكان صغيراً على قدر الحاجة جاز، وإن كان كبيراً فوق الحاجة حرم، كان وجد أحد المعنيين فوجهان". (2) كإمام الحرمين في نهاية المطلب 1/ ل 16/ أ، والشاشي في حلية العلماء 1/ 123، والرافعي في فتح العزيز 1/ 304 - 305. (3) انظر: المجموع 1/ 256، ونقله الرافعي عن جمهور الأصحاب فتح العزيز 1/ 308. (4) انظر: الحاوي 1/ 79، المهذب 1/ 12، المجموع 1/ 255 - 256. (5) قال الماوردي في الموضع السابق: "لأن الذهب مباهاة وسرف". (6) للحديث الذي رواه البخاري - مع الفتح - كتاب اللباس 10/ 328 رقم (5864) عن أبي هريرة - رضي الله عنه - عن النبي - صلى الله عليه وسلم - (أنه نهى عن خاتم الذهب). ورواه مسلم في صحيحه - مع النووي - كتاب اللباس 14/ 57 عن علي بلفظ: (أن النبي - صلى الله عليه وسلم - نهى عن لبس القسَّيَّ والمعصفر وعن تختم الذهب ..). ومراد المؤلف بهذا بيان اختلاف الذهب والفضة في الأحكام. (7) في (أ): للإنسان، وهو خطأ. (8) أي يحرم جعل أسنان خاتم الفضة المباح التي تمسك الفضة من الذهب. انظر: المطلب العالي 1/ ل 163 / أ. (9) انظر المطلب العالي الموضع السابق. (10) لعله أراد به قوله في المسألة الثانية: "إن التحريم غير مقصور على الشرب، بل في معناه وجوه الانتفاع". الوسيط 1/ 356. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 122 قوله: "معنى الحاجة أن تكون على قدر حاجة الشعب" (1) فالشعب هو بفتح الشين المثلثة، وإسكان العين المهملة، والمراد به: الصدع والشق، وإصلاحه أيضاً يسمى الشعب، ومنه قولهم للمصلح (2): الشَعَّاب (3)، فهو إذاً من الألفاظ المسماة بالأضداد؛ لاستعماله في الجمع والتفريق. ثم إن ذكر الشعب كالمثال، ولا ينحصر ذلك، بل يلتحق به حاجة الشد والتوثق، وما لا يقصد به الزينة (4)، والله أعلم. قوله: "لا أن يعجز عن التضبيب (5) بغيره، نإن ذلك يجوَّز استعمال أصل الإناء" (6) هذا فيه نقص، وتمامه بأن يقال: إن اضطر إلى استعماله، وكذا هو في "النهاية" (7)، والله أعلم. قوله: "وحدُّ الصغير ما لا يظهر على البعد" (8) هذا مقام وَعِرٌ، وفي ضبط ذلك اضطراب من المصنفين، فالذي ضبطه (9) به صاحب التتمة" (10)، وصاحب   (1) الوسيط 1/ 359. وقبله: تضبيب الإناء بالذهب .... إن لم يلق - أي فم الشارب - وكان صغيراً على قدر الحاجة جاز ... ومعنى الحاجة ... الخ. (2) في (أ): المصالح. (3) انظر: الصحاح 1/ 156، النهاية في غريب الحديث والأثر 1/ 477، لسان العرب 7/ 125. (4) انظر: المطلب العالي 1/ ل 166/ أ. (5) في (ب): تضبيب الإناء. (6) الوسيط 1/ 359. وقبله: ومعنى الحاجة أن يكون على قدر حاجة الشعب، لا أن يعجز ... الخ (7) 1/ ل 16/ ب. (8) الوسيط 1/ 359. (9) في (أ): ضبط. (10) انظر النقل عنه في: المجموع 1/ 259. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 123 "التهذيب" (1)، وغيرهما (2): أن الكثير ما استوعب جزءاً من أجزاء الإناء بكماله، مثل أعلاه، أو أسفله، أو شفته، أو عروته (3) جميعها (4)، والصغير ما لا يستوعب ذلك، وهذا حكاه صاحب "النهاية" (5) عن بعض المصنفين، ثم غلَّط قائله من جهة أن الإناء إذا كان كبيراً أسفله ذراع في ذراع فما يشتمل على ثلثي أسفله مثلاً كثير متفاحش، وإن لم يستوعب الأسفل جميعه. ولا ينبغي أن يعد ذلك من الغلط؛ فإنه متوجه بما وجهه به تلميذه الإِمام أبو الحسن إلْكيا الهراسي الطبري (6) - أحد أكابر تلامذته - في كتابه "كتاب زوايا المسائل" وهو أنه إذا استوعبت الفضة جزءاً كاملاً من الإناء خرج عن أن يكون تابعاً للإناء حتى يعد الإناء - إناء نحاس أو حديد - يعد (7) إناء من نحاس وفضة (8)، لكون جزءاً من أجزائه المقصودة بكماله فضة، بخلاف ما إذا لم يستوعب جزءاً فإنه يقع مغموراً   (1) انظر التهذيب ص: 109 - 110. (2) كالفوراني في الإبانة ل 7/ أ. (3) العروة من الدلو والكوز: المقبض. انظر: القاموس المحيط 4/ 406، المصباح المنير ص: 154. (4) في (د): جميعاً، والمثبت من (أ) و (ب). (5) 1/ ل 17/ أ. (6) أبو الحسن علي بن محمَّد بن علي الطبري الهراسي، وإلْكيا بهمزة مكسورة، ولام ساكنة ثم كاف مسكورة بعدها ياء معناه: الكبير بلغة الفرس، برع في المذهب وأصوله، توفي سنة 504 هـ، من تصانيفه: شفاء المسترشدين، كتاب في نقض مفردات الإمام أحمد، وكتاب في أصول الفقه، وأحكام القرآن. انظر ترجمته في: وفيات الأعيان 3/ 286، طبقات السبكي 7/ 231، البداية والنهاية 12/ 184. ولم أقف على كتابه هذا، ونقل النووي قوله هذا في: المجموع 1/ 259. (7) في (د) و (ب): بل يعدُّ، و (بل) هنا مقحمة، والمثبت من (أ). (8) في (د): نحاس وحديد وفضة، وفي (ب): حديد ونحاس وفضة، والمثبت من (أ). الجزء: 1 ¦ الصفحة: 124 تابعاً فلا ينسب (1) الإناء إليهما. والذي ضبطه به صاحب الكتاب هو ضبط شيخه الإمام أبي المعالي (2) واختياره (3). والمراد بهذا ما لا يخرج عن الاعتدال والعادة في رقته وغلظه (4)، ويتشبث طرف منه بذيل الخلاف المعروف في تحريم إناء من نحاس مموه بالفضة (5)، والخلاف في تحليل إناء من فضة مغشَّى بالرصاص (6) مثلاً؛ وذلك أن الصانع لو بالغ في ترقيق ضبة (7) من الفضة خفيفة الوزن حتى صارت تلوح من البعد، أو غلَّظ ضبة (8) فضة ثقيلة الوزن وكثفها حتى صارت لا تلوح من البعد لكان الإفراط في بسطها مع خفة وزنها من قبيل التمويه، ولكان صغرها في مَرْأى العين مع (9) ثقل وزنها من قبيل التغشية بالرصاص (10). ثم إنه لم يضبط البعد الذي ذكره بضابط، وقال تلميذه - صاحب الكتاب - في تدريسه له: "لا يمكن تحديده بالمسافة بالذرعان، وحدٌّ يوقف عليه في أمثال هذا ميئوس عنه"، قال ذلك غير مرة، وجاء تلميذه ابن يحيى في "شرحه   (1) في (ب): ينتسب. (2) انظر: نهاية المطلب 1/ ل 17/ أ. (3) في (أ): واختاره. (4) انظر: المجموع 1/ 259، التنقيح ل 39 /أ. (5) تقدم الكلام عليها 1/ 121. (6) فيها وجهان مشهوران مبنيان على أن الذهب والفضة أيحرمان لعينهما أم للخيلاء؟ إن قلنا: لعينهما، حرم وإلا فلا. انظر: التعليقة للقاضي حسين 1/ 229، التهذيب ص: 110، المجموع 1/ 259. (7) في (أ): ضبطة. (8) في (أ): ضبطة. (9) في (د): مثل، والمثبت من (أ) و (ب). (10) انظر: نهاية المطلب 1/ ل 17/ أ. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 125 للوسيط" فقال: "لعل الضابط فيه مجلس التخاطب" (1). قلت: وهذا بعيد عن مذاق فقه هذا الفصل، وإنما المرجع في معرفة البعد إلى العرف، فما يقول الناس فيه: هذا بعيد، حكمنا فيه بالبعد وما لا فلا (2). ولعل (3) الإمام أبا المعالي إنما أطلق البعد ولم يضبطه اعتماداً منه على كونه معروفاً بين (4) الناس. قلت: وعند هذا ينبغي أن نرجع ونقول - من الابتداء -: المرجع في معرفة القلة والكثرة إلى عرف الناس، ولا نطوِّل بما يؤول الأمر فيه إلى الرجوع إلى عرف مثله، وقد وجدنا لنا في ذلك قدوة وهو القاضي أبا (5) المحاسن الروياني (6) صاحب كتاب "بحر المذهب" فإنه قال: "المرجع في القليل والكثير (7) إلى العرف والعادة"، وهذا متعين؛ لأن للناس في ذلك عرفاً، ألا تراهم يقولون في بعض ذلك: هذا كثير، وفي بعضه: هذا قليل، وقد علم أن ما يطلق غير محصور بحدًّ فالمرجع فيه إلى العرف (8) إذا كان مما يتعارفه الناس كما في الحِرْز، وإحياء المَوَات، والقبض والتفرق في البيع، وغيرها، والله أعلم. ثم ما يتردد في أنه كثير أو قليل (9) فالأصل الإباحة (10)، والله أعلم.   (1) انظر النقل عنه في: التنقيح ل 39/ ب. (2) انظر: فتح العزيز 1/ 308، المجموع 1/ 259، المطلب العالي 1/ ل 166/ ب. (3) سقط من (أ). (4) في (أ): عند. (5) في (د): أبو، والمثبت من (أ) و (ب). (6) انظر النقل عنه في: المجموع 1/ 259، والمطلب العالي 1/ ل 166/ ب. (7) في (أ) و (ب): الكثير والقليل، بالتقديم والتأخير (8) إلى العرف: سقط من (أ). (9) في (أ) و (ب): قليل أو كثير، بالتقديم والتأخير. (10) انظر: المجموع 1/ 259، التنقيح ل 39/ ب، المطلب العالي 1/ ل 166/ ب. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 126 ومن الباب الأول: في صفة الوضوء قوله في تعليل أحد الوجهين في غسل الذمية من الحيض لحق زوجها المسلم: أنه يصح مطلقاً "لأنه استقل بأحد المقصودين كالزكاة في حقِّ الممتنع" (1) هذا لا ينبغي أن يجعل قياساً على ذلك؛ فإنَّ فيه أيضاً وجهين (2): أحدهما: أنه لا تبرأ ذمته من الزكاة باطناً، وليس من طريقته جواز مثل هذا القياس، وإنما ذكره مثالاً ونظيراً، فشبَّه المسألة بالمسألة في جريان الخلاف، وهذا مغاير لقياس الحكم في أحدهما على الحكم في الأخرى، والمقصودان هناك (3) هما: القربة، وسدّ الخَلة (4)، والله أعلم. قوله: "وقت النية: حالة غسل الوجه" (5) أي حالة الشروع فيه (6)، فلا يُفْهَمَنَّ (7) منه اقتران النية بجميعه، ولا التخيير في أن ينوي عند أي (8) جزء أراد. و (9) قوله: "والأكمل أن يقرنها بأول سنن الوضوء" (10) ذكر هو فيما بعد أن أول سنن الوضوء: السواك، ثم التسمية، ثم غسل الكفين، ثم المضمضة (11).   (1) الوسيط 1/ 361. وقبله: فلو أسلمت بعد الغسل، ففي وجوب الإعادة للصلاة وجهان .. والثاني: لا يجب؛ لأنه استقلَّ بأحد المقصودين .... الخ. (2) انظر مثلاً: روضة الطالبين 2/ 67. (3) أي من إخراج الزكاة، انظر: روضة الطالبين الموضع السابق، مغني المحتاج 1/ 415. (4) الخلة بفتح الخاء: الحاجة والفقر. انظر: لسان العرب 4/ 201، القاموس المحيط 3/ 507. (5) الوسيط 1/ 361. (6) سقط من (ب). (7) في (أ): تفهم. (8) في (أ): أول. (9) سقط من (ب). (10) الوسيط 1/ 362. (11) الوسيط 1/ 377 ما بعدها. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 127 والظاهر أن السواك يتأخر فيكون عند المضمضة. ولم يَعُدَّ كثير من الأصحاب السواك والتسمية وغسل الكفين من سنن الوضوء وإن كان مندوباً إليها في ابتدائه؛ لعدم اختصاصها بالوضوء (1)، والله أعلم. قوله: "لو غلط من حدث إلى حدث" (2) أي غلط من سبب حدث به إلى سبب آخر. وإنما صحَّ ههنا قطعاً ولم يجر فيه الخلاف المذكور فيما إذا خصَّ بعض أحداثه بالرفع ولم ينف غيره (3)، وإن سبق منه في "البسيط" (4): أنه ينبغي أن يجرى إذ لا فرق بينهما، وهذا لأنه ههنا قد نوى رفع جميع الحدث القائم به، وذلك هو المقصود، وإنما غلط في ذكر سببه، وذكر السبب لا يشترط، وما غلط فيه كأنه (5) لم يذكره. وفي "النهاية" (6) عن المزني أنه نقل في مسألة الغلط إجماع العلماء على أنه لا يضر. فلو تعمد ذكر (7) غير سببه لم يرتفع حدثه على الأصح لانتفاء ما ذكرناه (8)، والله أعلم.   (1) نقل النووي عن الخراسانيين في التسمية، وغسل الكفين، والسواك وجهين: أحدهما: أنها من سنن الوضوء. والثاني: أنها سنن مستقلة عند الوضوء لا من سننه. المجموع 1/ 345، ونفل الماوردي عن الشيخ أبي حامد فيها أنها هيئة وليست بسنة. الحاوي 1/ 100. (2) الوسيط 1/ 362. وبعده: فكان محدثاً من البول فقال: نويت رفع حدث النوم، ارتفع حدثه (3) قال الغزالي: "فلو عيَّن بعض الأحداث بالرفع ففيه أربعة أوجه ... ". الوسيط 1/ 362. (4) 1/ ل 22/ ب. (5) في (أ) و (ب): كما. (6) 1/ ل 20/ ب، وانظر: مختصر المزني ص: 9. (7) في (أ): ذلك. (8) انظر: فتح العزيز 1/ 320، روضة الطالبين 1/ 159، المجموع 1/ 335. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 128 قوله: "لو نوى ما لا يستحب له الوضوء كاستباحة دخول السوق" (1) ذكر الاستباحة ههنا فضلة ينبغي حذفها (2)، والله أعلم قوله فيمن استيقن الطهارة وشك في الحدث: "لو تطهر احتياطاً ثم تبين الحدث ففي وجوب الإعادة وجهان" (3) فيه إشكال من حيث إنه يقال: هذا ينعطف على أصل صورة المسألة بالرفع؛ فإن وجوب الإعادة ينفي وقوع تطهره احتياطاً، ويلزم منه أن لا يشرع تطهره احتياطاً، بل يحدث ويتطهر وجوباً، ولا سبيل إلى القول بذلك (4)، وجوابه: أنا على القول بوجوب الإعادة لا نطلق القول (5) بأنه لا يرتفع بذلك حدثه على تقدير تحقق حدثه، وإنما نقول: لا يرتفع على تقدير أن ينكشف، ويجعل تطهره هذا رافعاً لحدثه على تقدير أن يكون محدثاً في نفس الأمر غير أنه لم ينكشف، وذلك للضرورة؛ لأنه لا سبيل (6) إلى رفعه - والحالة هذه - إلا بمثل هذه النية، فإذا انكشف زالت الضرورة فوجبت الإعادة بنية جازمة (7)، وهذا كما إذا نسي صلاة من الخمس (8) ولا   (1) الوسيط 1/ 363. وقبله: الوجه الثاني - أي من أوجه كيفية النية -: أن ينوي استباحة الصلاة، أو ما لا يستباح إلا بالوضوء كمس المصحف للمحدث، أو المكث في المسجد للجنب فهو كاف، وإن نوى ما لا يستحب ... الخ. (2) انظر: التنقيح ل 40/ أ. (3) الوسيط 1/ 363. وأصح الوجهين أنه لا يجزيه. انظر: المجموع 1/ 331. (4) انظر: المجموع 1/ 332، التنقيح ل 40/ ب. (5) سقط من (ب). (6) في (ب): ولا سبيل له. (7) انظر: التنقيح ل 40/ ب، المطلب العالي 1/ ل 179/ أ. (8) في (أ) و (ب): خمس. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 129 يعرف عينها فإنا نجعله متفصياً (1) عن عهدتها بنية لا يجزيء مثلها حالة الانكشاف (2)، والله أعلم. قوله فيما إذا نوى فريضة الوضوء: "هو جائز بخلاف ما إذا نوى فرض التيمم؛ لأن الوضوء قربة مقصودة" (3) هذا غير مقطوع به كما أشعر به (4) كلامه، بل هو (5) وجه ضعيف، والصحيح الجواز في التيمم أيضاً (6)؛ لأنه فرض وإن لم يكن قربة مقصودة والوصف بالفرضية غير محصور فيما هو قربة مقصودة (7)، والله أعلم. قوله: "هل يشترط أن يضيف الوضوء إلى الله تعالى؟ فيه وجهان" (8) هذا غير مختص بهذا، بل هو جارٍ ومذكور في وجوهها الثلاثة: فيما إذا نوى رفع الحدث، أو استباحة الصلاة ونحوها أيضاً (9)، والله أعلم.   (1) تفصى بمعنى: خرج وتخلَّص وانفصل. انظر: لسان العرب 10/ 272، المصباح المنير ص: 181. (2) قال النووي: "والتردد في النية مانع من الصحة في غير ضرورة، وقولنا: في غير ضرورة: احتراز ممن نسي صلاة من الخمس فإنه يصلي الخمس وهو متردد في النية، ولكن يعفى عن تردده؛ فإنه مضطر إلى ذلك". أهـ المجموع 1/ 331. (3) الوسيط 1/ 364. (4) سقط من (أ). (5) سقط من (ب). (6) انظر: التنقيح ل 41/ أ، المطلب العالي 1/ ل 180/ أ، وراجع المسألة في: فتح العزيز 2/ 325، المجموع 2/ 225. (7) قوله: "والوصف ... مقصودة" سقط من (ب). وهو مقدم في (أ) بعد كلام الغزالي مباشرة، مع إبدال كلمة مقصودة الأخيرة بـ محصورة. (8) الوسيط 1/ 364. وأصح الوجهين: أنه لا يشترط. انظر: التنقيح ل 41/ أ. (9) انظر: المطلب العالي 1/ ل 180/ ب. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 130 قوله: "لو نوى بغسله (1) الجمعة والجنابة حصلا على الأصح كمن يصلي (الصبح) (2) لتحية المسجد" (3) يعني الفرض والتحية معاً، وفي بعض النسخ: كمن يصلي ركعتي الصبح، والكل سواء في ذلك، ووجه جواز ذلك: أن تحية المسجد عبارة عن صلاة يصليها أول دخول (4) المسجد مُحيياً له بها، كما يحيَّ بتحية السلام في أول اللقاء. وهذا حاصل إذا بدأ فصلى الفرض أو سنته، فهو كما لو نوى بوضوئه رفع الحدث والتبرد (5). ولا بد من إجراء الخلاف في مسألة التحية أيضاً (6) ويكون تشبيهه بمسألة التحية تمثيلاً للمسألة بالمسألة "لا" (7) قياساً للحكم على الحكم (8) كما بيناه في أول الباب (9). وقال في الدرس في مسألة التبرد: "كأن الفقهاء لم يعتنوا بملاحظة جانب الإخلاص، فعن ذلك صححوا   (1) أي الجنب يوم الجمعة. (2) زيادة من (أ) و (ب). (3) الوسيط 1/ 364. (4) في (أ) و (ب): دخوله. (5) انظر: الحاوي 1/ 96، فتح العزيز 1/ 327، روضة الطالبين 1/ 159. (6) قال النووي: "وأما قول الشيخ أبي عمرو: ولا بد من جريان خلاف مسألة التبرد فيه، فغير منقول ولا مقبول، والفرق أن في التبرد أشرك بين قربة وعبادة وهذا علة الفساد على الوجه الضعيف، وأما في مسألة التحية فإنها عبادة تحصل ضمناً فيكون نيتها توكيداً". أهـ التنقيح ل 41/ أ. (7) زيادة من (أ) و (ب). (8) على الحكم: سقط من (أ). (9) في تعليل وجه عدم وجوب إعادة الغسل في حق الذمية تحت المسلم اغتسلت لحق زوجها ثم أسلمت انظر: 1/ 127. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 131 وجه الصحة". قلت: لا ينبغي أن يُظَنَّ بهم ذلك مع اعترافهم يكون ذلك عبادة، فإن نصوص الكتاب والسنة تمنعهم من المصير إلى ذلك، وإنما جوَّزوا هذا فيما هو حاصل قصده أو لم يقصده، فلم يجعلوا قصده (1) إشراكاً وتركاً للإخلاص، بل قصداً للعبادة على صفتها الواقعة كمثل حكاية الحال، والله أعلم. قوله: "لو أغفل لُمعة" (2) هي بضم اللام وإسكان الميم، وهي عبارة عن مقدار قليل لم ينغسل وما حواليه مغسول، أصله من قولهم: لمعة من سواد، أو بياض، أو حمرة في الثوب أو غيره (3)، والله أعلم. صورة تفريق النية على أعضاء الوضوء عنده (4)، وعند شيخه (5)، وما هو المعروف: أن ينوي عند غسل الوجه رفع حدث فحسب، و (6) هكذا عند كل عضو. ووجدت فيما عُلَّق عن الشيخ أبي حامد أحمد بن محمَّد صاحب الكتاب (7)، ومن معاصري شيخه أن صورته: أن ينوي رفع الحدث عن جميع   (1) قوله: "فلم يجعلوا قصده" سقط من (أ). (2) الوسيط 1/ 365. وبعدها: في الغسلة الأولى فانغسلت في الثانية وهو على قصد التنفل، هل يرتفع الحدث؟ فيه وجهان. (3) انظر: النهاية في غريب الحديث والأثر 4/ 272، القاموس المحيط 3/ 108، المصباح المنير ص: 213، وقد تقدم الكلام على تعريف اللمعة في ص: 178. (4) قال الغزالي: "في جواز تفريق النية على أعضاء الطهارة وجهان: أظهرهما: المنع ... " الوسيط 1/ 365، لكن الأصح عند معظم الأصحاب أنه يصح؛ لأنه يجوز تفريق أفعاله. انظر: فتح العزيز 1/ 335، المجموع 1/ 329. (5) انظر: نهاية المطلب 1/ ل 25/ ب. (6) سقط من (أ). (7) أحد شيوخ الغزالي في الفقه، فقد تفقه عليه قبل رحلته إلى إمام الحرمين. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 132 الأعضاء، ثم يعود إلى (1) مثل ذلك في كل عضو (2). وهذا حيد عن صورة المسألة إلى فرع لها، فإن النية الثانية فيما ذكره تتضمن قطع النية الأولى، وإذا قطع النية في أثناء الطهارة انبنى على الوجهين في الصورة المعروفة إن قلنا: يصح الوضوء بنيات في كل عضو نية مفردة صحَّ الوضوء فيما (3) ذكره وإلا فلا، والله أعلم. ما حكاه "عن" (4) الخضري في المستحاضة من أنه يجب الجمع بين نية الاستباحة للحديث القائم واللاحق وبين نية رفع الحدث (5) السابق (6)، وحكاه شيخه عن القفال (7)، مشكل مع ما عرف من القطع بأن نية الاستباحة كافية في رفع الحدث في حق غير المستحاضة (8)، ومن أجل ذلك عدَّه صاحب "النهاية" (9) غلطاً، وحكاه صاحب "التتمة" في الاستحباب دون الوجوب وقال: "لا خلاف أنه لا يجب الجمع بينهما" (10). وقد حُكي وجه غريب: أن نية الاستباحة لا   (1) في (ب): في. (2) نقله ابن الرفعة عن ابن الصلاح في المطلب العالي 1/ ل 186/ ب. (3) في (ب): "فيما الوضوء" وهي مقحمة. (4) زيادة من (أ) و (ب). (5) في (د): الحادث، والمثبت من (أ) و (ب). (6) انظر: الوسيط 1/ 365. (7) انظر: نهاية المطلب 1/ ل 22/ أ. (8) انظر: الوسيط 1/ 363. (9) في الموضع السابق. (10) انظر النقل عنه في: المجموع 1/ 322. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 133 تجزي أصلاً في رفع الحدث (1)؛ لأن نية الاستباحة توجد (2) من غير رفع الحدث كما في التيمم، ولكن لم يحكه هؤلاء مع حكايتهم هذا الوجه في المستحاضة، ولعل وجهه: أن نية الاستباحة في المستحاضة صادفت محلاً آخر تنصرف إليه وهو: الاستباحة من الحدث القائم، بخلاف غيرها، فلا بد لذلك من الإفصاح برفع الحدث السابق، والله أعلم. "الجبهة" (3): موضع السجود (4)، وليست هي الجبين كما تظنه العامة، بل للإنسان جبينان إلى جانبي الجبهة يميناً وشمالاً من الجانبين إلى قصاص الشعر (5). "والذقن" بالذال المعجمة والقاف المفتوحتين: ملتقى اللحيين (6). و"النزعتان": واحدتهما نزعة بفتح الزاء وهما محيطان بالناصية في جانبي الجبين، ينحسر شعر الرأس عنهما (7)، وهما من الرأس؛ لكن استحب الشافعي غسلهما مع الوجه (8). فقيل: إن من العلماء من (9) جعلهما من الوجه فاستحب الخروج من الخلاف (10)، والله أعلم.   (1) انظر: في: فتح العزيز 1/ 321، روضة الطالبين 1/ 159. (2) سقط من (ب). (3) قال الغزالي: "إن حدَّ الوجه من مبتدأ تسطيح الجبهة إلى منتهى ما يقبل من الذقن في الطول، ومن الأذن إلى الأذن في العرض. فلا يدخل في الحد: النزعتان إلى طرفي الجبين، ولا موضع الصلع من الرأس ... " الوسيط 1/ 366. (4) انظر: لسان العرب 2/ 172، القاموس المحيط 4/ 294، المصباح المنير ص: 35. (5) انظر: لسان العرب الموضع السابق، القاموس المحيط 4/ 193. (6) انظر: الصحاح 5/ 2119، لسان العرب 5/ 407. واللحيان بفتح اللام وأحدهما لحي وهما عظما الفكين. انظر: المصباح المنير ص: 210، المجموع 1/ 373. (7) انظر: تهذيب الأسماء واللغات 3/ 2/ 164، لسان العرب 14/ 108، القاموس المحيط 3/ 115. (8) انظر: الأم 1/ 77. (9) في (ب): أن من. (10) انظر: التنقيح ل 42/ أ. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 134 ربما توهم بعضهم أن (1) "المرفق" (2) هو طرف الذراع المحدد الذي من عنده يذرع الذارع، وذلك خطأ، وإنما المرفق عبارة عن مجتمع العظمين المتداخلين، وهما طرف عظم الذراع وطرف عظم العضد، وذلك هو الموضع الذي يتكي عليه المرتفق المتكي (3) إذا ألقم راحته رأسه متكئاً على ذراعه (4) فاعلم ذلك، والله أعلم. قوله: "وإن قطع من فوق المرفق استحب له (5) إمساس الماء ما بقي من عضده؛ فإن تطويل الغرة (6) مستحب" (7) هذا غير مرضي؛ فإنه يوهم وجود تطويل الغرة في اليد، ومن المعلوم الشائع اختصاص الغرة بالوجه (8)، وإن ما في اليدين والرجلين من ذلك هو التحجيل (9)، ولعل هذا وقع له مما روي عنه - صلى الله عليه وسلم -: (تأتي أمتي (10) يوم القيامة غرَّاً محجلين من آثار الوضوء، فمن استطاع أن يطيل غرته فليفعل) (11). ولم يقل فمن استطاع أن يطيل غرته وتحجيله فليفعل،   (1) سقط من (أ). (2) قال الغزالي: "الفرض الثالث: غسل اليدين مع المرفقين". الوسيط 1/ 368. (3) في (أ): والمتكي. (4) انظر: تهذيب اللغة 9/ 112، القاموس المحيط 3/ 320. (5) سقط من (أ) و (ب) وكذا المتن. (6) أصل الغرة بياض في جبهة الفرس فوق قدر الدرهم. انظر: النهاية في غريب الحديث والأثر 3/ 354، تهذيب الأسماء واللغات 3/ 2/ 58. (7) الوسيط 1/ 368. (8) انظر: الفائق للزمخشري 3/ 62، المجموع 1/ 428. (9) انظر: النهاية في غريب الحديث والأثر 1/ 346، لسان العرب 3/ 65. (10) سقط من (ب). (11) رواه البخاري في صحيحه - مع الفتح - كتاب الوضوء، باب فضل الوضوء 1/ 283 رقم (136)، ومسلم في صحيحه - مع النووي - كتاب الطهارة، باب استحباب إطالة الغرة والتحجيل في الوضوء 3/ 135. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 135 فتوهم أن الغرة شاملة لموضع التحجيل، وليس الأمر على ذلك، فإن ذلك من الإيجاز الذي يكتفى فيه بذكر أحد النظيرين كما في قوله تبارك وتعالى {سَرَابِيلَ تَقِيكُمُ الْحَرَّ} (1) ولم يذكر البرد (2). على أنه قد ورد في بعض رواياته (فمن استطاع أن يطيل غرته وتحجيله) (3) فإن كان مراد المصنف: فإنَّ تطويل التحجيل مستحب، ونبَّه بذكر نظيره من الغرة عليه، فلا محذور فيه سوى ما فيه من الإيهام (4)، والله أعلم. قوله: "وإن قطع من المفصل" (5) فالمفصل هو بفتح الميم، وكسر الصاد، ومن قاله بكسر الميم، وفتح الصاد فقد أحال المعنى؛ فإنه هكذا عبارة عن اللسان (6). قوله: "فيه قولان: أحدهما: لا يجب غسل عظم العضد؛ لأن المرفق عبارة عن عظم الساعد وقد زال، ولأن غسل العضد كان تابعاً وقد سقط المتبوع" (7) تحقيق الفرق بين هاتين العلتين: أنه على العلة الأولى ليس (8) المرفق عبارة عن   (1) سورة النحل الآية (81). (2) انظر: تفسير القرطبي 10/ 106، المجموع 1/ 429، فتح الباري 1/ 285. (3) رواها مسلم في صحيحه الموضع السابق. (4) والصحيح في مسألة تطويل الغرة والتحجيل هو عدم مجاوزة ما حدَّه الشارع - صلى الله عليه وسلم -، قال ابن القيم: "والله سبحانه وتعالى قد حدَّ المرفقين والكعبين فلا ينبغي تعديهما، ولأن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لم ينقل من نقل عنه وضوءه أنه تعداهما ... الخ" إغاثة اللهفان 1/ 207 - 208، وراجع: تيسير العلام للبسام 1/ 46 - 48. (5) الوسيط 1/ 368. وبعده: فقولان .... الخ. (6) انظر: القاموس المحيط 3/ 590، المصباح المنير ص: 181. والمراد بالمفصل بفتح الميم ههنا: مفصل الساعد من العضد. انظر: المطلب العالي 1/ ل 202/ ب. (7) الوسيط 1/ 370. (8) فى (ب): أنه ليس. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 136 مجتمع الطرفين، وإنما هو عبارة عن طرف عظم الساعد فحسب، وإنما وجب غسل الطرف الآخر في حالة السلامة لتداخلهما. وأما على التعليل الثاني فيُسَلَّم أن المرفق عبارة عن مجتمع الطرفين، ولكن ليسا أصلاً في الغسل، بل طرف عظم العضد منهما إنما يغسل تابعاً لا أصلاً (1). قوله: "ومنهم من قطع بالوجوب وغلَّط المزني في (2) النقل أو تكلف تأويله" (3) وجه تأويله أنه قال: "فإن كان أقطعهما من المرفقين فلا فرض عليه"، فيحمل على أنه أراد أقطعهما من فوق المرفق (4) كما نقله الربيع؛ لأن (5) ما بعد "من" قد يدخل في المذكور قبلها (6)، والله أعلم. قال: "وإن كشطت (7) جلدة من الساعد" (8) وذكر الحكم فيه، ثم قال: "وإن تدلت من العضد فلا يجب غسلها" (9) فهذا ليس عائداً إلى جلدة الساعد المذكورة، وإنما معناه: وإن تدلت من العضد جلدة تقلعت من العضد (10).   (1) انظر: الإبانة ل 9/ ب، المطلب العالي 1/ ل 203/ أ. (2) سقط من (ب). (3) الوسيط 1/ 370. وقبله: كان قطع من المفصل فقولان: أحدهما: لا يجب غسل عظم العضد ... وهذا القول نقله المزني. والثاني: نقله الربيع، وهو أنه يجب ... ومن الأصحاب من قطع بالوجوب ... الخ. (4) قوله: "فلا فرض ... المرفق" سقط من (أ). غير أن في (ب): (المرفقين)، بدل (المرفق). (5) في (ب): فإن. (6) انظر: المطلب العالي 1/ ل 203/ ب. وقد أُوَّل كذلك بأن مراد المزني بقوله "من المرفقين" أي من فوق المرفقين، فحذف ذلك اختصاراً، واكتفى بفهم السامع، أو أن "من" بمعنى مع. انظر كذلك: الإبانة ل 9/ ب، التنقيح ل 43/ أ. (7) كشطت بمعنى: قلعت ونزعت ونحيت. انظر: لسان العرب 12/ 101، المصباح المنير ص 204. (8) الوسيط 1/ 370. وبعده: وتدلت وجب استيعابها بالغسل. (9) الوسيط 1/ 371. (10) انظر: المطلب العالي 1/ ل 205/ ب. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 137 ثم إن (1) قوله: "ويحتمل على رأي العراقيين أن يجب غسل ما يحاذي الساعد وإن لم يلتصق" (2) تخريج من عنده، خرَّجه في هذا الكتاب لا وجود له في "البسيط". و"النهاية". ولا يصح على أصل العراقيين؛ فإن المحاذاة بمجردها غير معتبرة عندهم أيضاً (3) ولكن خالف أكثرهم في مصيرهم إلى أن الاعتبار في الجلدة المنقطعة بالمحل الذي انتهت إليه، وتدلت منه، من غير نظر إلى أصلها (4)، والجلدة التي فيها الكلام محلها الذي تدلت منه هو من العضد، وقد صرَّح شيخهم الشيخ أبو حامد الأسفراييني (5) في الجلدة المنقلعة (6) من الساعد إذا بلغ (7) تقلعها (8) إلى العضد وتدلت، بأنه لا يلزمه غسلها ولا غسل ما يحاذي منها محل الفرض، بخلاف ما يحاذيه من اليد الزائدة النابتة في العضد، حيث يجب غسل المحاذي منها على ما نصَّ عليه الشافعي - رحمه الله - في "الأم" (9)، فإذا   (1) سقط من (ب). (2) الوسيط الموضع السابق. وقبله وقال العراقيون: لا يجب غسل ما في حد العضد؛ لأنه صار في حد العضد. وإن تدلت من العضد فلا يجب غسلها، وإن التصق بالساعد وجب غسل ظاهر ما التصق بدلاً عما استتر من الساعد، ولا يجب غسل باقيه نظراً إلى أصله، ويحتمل .. الخ. (3) انظر: المطلب العالي 1/ ل 206/ ب. (4) انظر: المجموع 1/ 390. (5) انظر النقل عنه في: المجموع الموضع السابق. (6) في (أ): المنقطعة. (7) في (ب): بلغت. (8) في (أ): مبلغها. (9) لم أجده في الأم بعد البحث الشديد في مظانه منه، وقال ابن الرفعة بعد أن نقل قول الغزالي من أنه نص الشافعي في الأم: "ما عزاه إلى نصه في الأم لم أر له فيما ههنا ذكراً مع الإتقان في طلبه، والجمهور نسبوه إلى اختيار أبي حامد وأتباعه ... " المطلب العالي 1/ ل 207/ أ. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 138 قطع بهذا في الجلدة المتقلعة من الساعد، فما الظن بالمتقلعة من العضد. والفرق بين اليد والجلدة المذكورتين: أنه اجتمع في اليد اسم اليد والحصول في محل اليد المعهودة (1)، بخلاف الجلدة. وقول صاحب الكتاب في اليد: "هذا احتمال" (2) قاله شيخه (3)، وذكر أنه لم ير فيه مخالفاً من الأصحاب للنص. قلت: فيه خلاف من بعض الأصحاب مذكور في "الحاوي" (4)، و"الشامل"، و"التتمة" (5)، والله أعلم. قوله في قدر مسح الرأس: "ما ينطلق عليه الاسم، ولو على بعض شعرة" (6) وكذا قول شيخه (7): "قال الأئمة: لو مسح بعضاً من شعرة كفى لتحقق الاسم". فيه إشكال لم أرهم تعرضوا له وهو: أن الشعرة الواحدة المذكورة إن كانت حالة المسح عليها قارة على الرأس على العادة ففي المسح عليها مسح على ما (8) حواليها، فلا يكون مقتصراً على مسح شعرة، كان اجتذبها من بين شعر الرأس   (1) في (أ): المعهود. (2) الوسيط 1/ 371. وقبله: لو نبتت يد زائدة من الساعد وجب غسلها ... فإن دخل رأسها في حد الساعد نص الشافعي - رضي الله عنه - في الأم على أنه يغسل منها ما يحاذي الساعد؛ لحصول اسم اليد، ومحاذاة محل الفرض، وهذا فيه احتمال. (3) في نهاية المطلب 1/ ل 31/ أ. (4) 1/ 114 (5) انظر النقل عنهما في: المجموع 1/ 388، وممن نقل خلاف بعض الأصحاب فيها كذلك: الشاشي والروياني. انظر: حلية العلماء 1/ 146، فتح العزيز 1/ 352، التنقيح ل 44/ أ. (6) الوسيط 1/ 372. (7) انظر نهاية المطلب 1/ ل 31/ ب. (8) في (أ): ما على، بالتقديم والتأخير. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 139 ومسح عليها قائمة فلا يسمى بذلك ماسحاً للرأس. فليفرض إذاً ذلك فيما إذا كان شعر رأسه مطلياً بشيء وبعض شعره بارز فأمرَّ يده عليها مع ما حولها؛ فإنه يسمى ماسحاً للرأس، ولم يقع المسح في الحقيقة إلا على بعض شعره (1)، والله أعلم. قطع هو (2)، وشيخه (3) بأن غسل الرأس يجزئ، وإن كان لا يسمى مسحاً، ولو وضع يده المبلولة على رأسه ولم يُمِرَّها فعلى وجه اختاره القفال: لا يجزئ؛ لأنّه لا يسمى مسحاً. والفرق: أن الغسل أجزأ لا لكونه مشتملاً على المسح، بل لكونه فوق المسح، فالتنصيص على المسح تنبيه على الغسل من طريق الأولى (4). وأما مجرد البلل فليس بالمسح المنصوص (5)، ولا ما هو أولى منه، وهذا فرق ظاهر، وعلى هذا يمنع كراهية الغسل، وقد حكى بعضهم في الغسل وجهاً: أنه لا يجزئ (6)، والأكثرون ممن جوزوه كرهوه لكونه سرفاً (7)، والله أعلم.   (1) انظر هذا التأويل في: التنقيح ل 44 ب، المطلب العالي 1/ ل 212/ أ. ومسح بعض الرأس قول مرجوح وإنما الواجب مسح جميع الرأس، قال شيخ الإسلام ابن تيمية: "وهذا القول - أي وجوب مسح جميع الرأس - هو الصحيح؛ فإن القرآن ليس فيه ما يدل على جواز مسح بعض الرأس ... إلى أن قال: ومن ظن أن من قال بإجزاء البعض لأن الباء للتبعيض أو دالة على القدر المشترك فهو خطأ أخطأه على الأئمة وعلى اللغة وعلى دلالة القرآن، والباء للإلصاق" مجموع الفتاوى 21/ 123. (2) انظر: الوسيط 1/ 372. (3) انظر: نهاية المطلب 1/ ل 31/ ب. (4) انظر: نهاية المطلب الموضع السابق. (5) في (ب): بمسح منصوص. (6) انظر: التعليقة للقاضي حسين 1/ 274، التهذيب ص: 145. (7) في (ب): لأنه سرف. وانظر نهاية المطلب 1/ ل 32/ أ، البسيط 1/ ل 26/ أ، المجموع 1/ 410. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 140 قوله: "الأظهر (1) الجواز لحصول الإبلال" (2) كان ينبغي أن يقول: لحصول البلل؛ لأن الإبلال عبارة عن: الشفاء، من قولهم: أبلَّ من مرضه إذا شفي (3)، والله أعلم. قوله في المحدث المنغمس في الماء: "إن الماء يلاقي أعضاءه في لحظات متعاقبة" (4) ليس المراد به التعاقب حساً، بل التعاقب حكماً، أي يعتبر ملاقاة الوجه أولاً، ولا يعتد بملاقاة الرأس، ثم يعتد بملاقاة اليدين، وهكذا هكذا لي لحظات معقولة غير محسوسة (5)، والله أعلم. قوله: "ولو حلق الشعر (6) الذي مسح عليه، لم تلزمه الإعادة خلافاً لابن خيران" (7) كذا قال بالخاء المعجمة في أوله، والنون في آخره، كذا وجدته فيما علِّق عنه في الدرس، ووجدته بخطه في أصله بالوسيط، وكذا قاله (8) شيخه (9) وذكر أن العراقيين نقلوه عن ابن خيران. وهذا تصحيف بلا إشكال (10)، وإنما هو عن ابن جرير بالجيم والراء المكررة (11). وهو محمَّد بن جرير   (1) في (أ): "إلا في المحدث الأظهر"، وهي عبارة لا وجه لها هنا، والله أعلم. (2) الوسيط 1/ 373. وهو الوجه الثاني في المسألة السابقة: لو وضع يده مبلولة على رأسه ولم يمرَّها. (3) انظر: تهذيب الأسماء واللغات 3/ 1/ 31، لسان العرب 1/ 460، المصباح المنير ص: 24. (4) الوسيط 1/ 375. (5) انظر تصوير المسألة في: الإبانة ل 10/ ب، فتح العزيز 1/ 361، المجموع 1/ 448. (6) في (ب): شعره. (7) الوسيط 1/ 373. (8) في (ب): قال. (9) انظر: نهاية المطلب 1/ ل 32/ أ. (10) انظر: التنقيح ل 44/ ب. (11) هكذا ذكره الإمام الغزالي في البسيط 1/ ل 26/ أعلى الصواب. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 141 الطبري (1) صاحب اختيار ومذهب منفرد (2)، والله أعلم. ما اختاره فيما إذا خرج منه بلل، ولم يدر أنه مني أو مذي من أنه يتخير (3)، تحقيقه: أن ذمته قد اشتغلت بموجب أحدهما يقيناً، فلم يمكنا (4) العمل بأصل البراءة فيهما معاً لذلك، على نحو ما تقرر في الإناءين (5). فإذا أتى بموجب أحدهما اتجه حينئذٍ الحكم ببراءة ذمته منهما؛ أما من الذي أتى به فقطعاً، وأما من الآخر فظاهراً عملاً بأن الأصل عدمه (6). واتجه العمل بالأصل الآن (7) لكونه عملاً (8) بالأصل في أحدهما خاصة فلا يعارضه يقين الشغل؛ لأنه لم تشتغل ذمته بهذا الواحد المعين يقيناً، وإنما اشتغلت بأحدهما على الجملة، وليس كما إذا نسي صلاة من صلاتين مفروضتين حيث أوجبنا عليه الإتيان بهما معاً؛ لأن ذمته كانت قد اشتغلت بهما معاً فالأصل في كل واحدة (9) منهما بقاء اشتغال   (1) الإِمام المجتهد محمَّد بن جرير بن يزيد بن كثير أبو جعفر الطبري، صاحب التصانيف البديعة الكثيرة منها: التفسير، التاريخ، لطيف القول في أحكام شرائع الإسلام - وهو عبارة عن مذهبه الذي اختاره وجوَّده واحتج له -، اختلاف علماء الأمصار، وكتاب التبصر، وغيرها، توفي سنة 310 هـ. انظر ترجمته في: وفيات الأعيان 4/ 191، تهذيب الأسماء 1/ 78، السير 14/ 267، طبقات السبكي 3/ 120، البداية والنهاية 11/ 156. (2) سقط من (ب). (3) انظر الوسيط 1/ 376. (4) في (ب): يمكننا. (5) فيما إذا تيقنا النجاسة في أحدهما لا بعينه (6) انظر: فتح العزيز 1/ 363. (7) تقدم كلام المؤلف على مسألة: تعارض الأصل والظاهر 1/ 103. (8) في (ب): عمِل. (9) في (د): واحد، والمثبت من (أ) و (ب). الجزء: 1 ¦ الصفحة: 142 ذمته بها. وبان بهذا أن ما اختاره صاحب "المهذب" (1) من وجوب الجمع بين حكميهما، ليس بصحيح وإن كنا نظنه الصحيح، والله أعلم. استدل على أن السواك من سنن الوضوء بقوله - صلى الله عليه وسلم - "السواك مطهرة للفمِّ، مرضاة للربِّ" (2) وهو حديث ثابت روته عائشة - رضي الله عنها - أخرجه ابن خزيمة (3) في "صحيحه" (4)، والنسائي (5)، وغيرهما (6). قوله (7) "مطهرة" يجوز بفتح الميم وكسرها (8). ولكنه لا يدل على كونه من سنن الوضوء، وإنما يدل على أصل (9) كونه سنة. والدليل على كونه من سنن الوضوء حديث أبي هريرة - رضي الله عنه -   (1) انظر: المهذب 1/ 30. (2) انظر: الوسيط 1/ 377. (3) هو الحافظ الفقيه إمام الأئمة محمَّد بن إسحاق بن خزيمة بن المغيرة السلمي النيسابوري أبو بكر الشافعي، صاحب التصانيف، حدَّث عنه البخاري ومسلم في غير صحيحيهما، من تصانيفه: الصحيح، وكتاب التوحيد، توفي سنة 311 هـ. انظر ترجمته في: الجرح والتعديل 7/ 196، تذكرة الحفاظ 2/ 720، طبقات السبكي 3/ 109، شذرات الذهب 2/ 262، وغيرها. (4) في كتاب الوضوء، باب فضل السواك وتطهير الفم به 1/ 70 برقم (135). (5) في سننه كتاب الطهارة، باب الترغيب في السواك 1/ 17 رقم (5). (6) وممن أخرجه كذلك: ابن أي شيبة في المصنَّف 1/ 169، وأحمد في المسند 6/ 47، الدارمي في سننه 1/ 140، وابن حبَّان في صحيحه - انظر الإحسان 3/ 348 رقم 1067 - وأبو نعيم في حلية الأولياء 7/ 159، والبيهقي في السنن الكبرى كتاب الطهارة 1/ 54 رقم (136)، والبغوي في شرح السنَّة 1/ 294 رقم (199) وقال: "هذا حديث حسن"، وقد ذكره البخاري في صحيحه معلقاً بصيغة الجزم، في كتاب الصوم، باب سواك الرطب واليابس للصائم 4/ 187، وقال النووي: صحيح. المجموع 1/ 267. (7) في (أ) و (ب): وقوله. (8) انظر: لسان العرب 8/ 211 وقال: الفتح أعلى، المجموع 1/ 268. (9) سقط من (أ) و (ب). الجزء: 1 ¦ الصفحة: 143 - رضي الله عنه - أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: (لولا أن أشق على أمتي لأمرتهم بالسواك مع كل وضوء) أخرجه ابن خزيمة، والحاكم أبو عبد الله في "صحيحيهما" (1)، ورويناه في كتاب "السنن الكبير" (2) بأسانيد حسنة من حديث مالك (3)، وحماد بن زيد (4)، وغيرهما (5). قوله: "كل خشن يزيل القَلَح" (6) تمامه: ولا يجرح اللثة (7). والقلح هو: بفتح القاف واللام، وهو صفرة ووسخ في الأسنان (8)، والله أعلم.   (1) انظر: صحيح ابن خزيمة كتاب الوضوء 1/ 73 رقم (140)، والمستدرك 1/ 146 وقال: "صحيح على شرطهما". ووافقه الذهبي. وممن رواه كذلك: الإمام أحمد في المسند 2/ 460، والطحاوي في شرح معاني الآثار 1/ 43، وصحَّحه الألباني في إرواء الغليل 1/ 109 رقم (70). (2) انظر: كتاب الطهارة 1/ 58 رقم (147، 148). (3) هو ابن أنس إمام دار الهجرة، وحديثه رقم (147) في الموضع السابق من السنن الكبرى، وهو في موطئه، انظر:- مع الزرقاني - 1/ 193 رقم (142). (4) حماد بن زيد بن درهم الأزدي الجهضمي أبو إسماعيل البصري، الحافظ، الثقة، الثبت، الفقيه، روى حديثه الجماعة، توفي سنة 179 هـ. انظر ترجمته في: تهذيب الأسماء 1/ 167، تذكرة الحفاظ 1/ 228، تقريب التهذيب ص: 178. وحديثه رقم (148) في الموضع السابق من السنن الكبرى. (5) كحماد بن مسعدة التميمي، وهو ثقة، روى حديثه الجماعة، توفي سنة 202 هـ. انظر ترجمته في: الجرح والتعديل 3/ 148، الثقات لابن حبَّان 6/ 222، تقريب التهذيب ص: 178. وحديثه رقم (149) من الموضع السابق من السنن الكبرى، ومحمد بن إسحاق إمام المغازي - ستأتي ترجمته قريباً - وحديثه برقم (150) من السنن الكبرى. (6) الوسيط 1/ 377. وقبله: ثم آلته: قضبان الأشجار، وكل خشن ... الخ. (7) انظر: المهذب 1/ 14، فتح العزيز 1/ 370. واللثة: ما حول الأسنان من اللحم. انظر: المصباح المنير ص: 209. (8) انظر: تهذيب الأسماء واللغات 3/ 2/ 100، القاموس المحيط 1/ 334. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 144 قوله: "ولا يكفي السواك بالإصبع؛ لعدم الاسم" (1) تقريره: أنه جزء منه، ولا يسمى سواكاً ما هو جزء منه، وبهذا خالف الأشنان (2)، والخرقة الخشنة (3)، ونحوهما مما ليس (4) جزءاً منه، ولا يسمى سواكاً، ولكنه في الحقيقة مساو لما يسمى سواكاً. واختار القاضي الروياني (5)، وصاحب "التهذيب" (6) جوازه بالإصبع الخشنة، وهو خلاف المشهور في الطريقتين، والله أعلم. قوله: "ووقته عند الصلاة كان لم يتوضأ؛ لقوله - صلى الله عليه وسلم -: (صلاة بسواك أفضل من سبعين صلاة بغير سواك) " (7) هذا يروى من حديث عائشة - رضي الله عنها - وهو غير قوي، ولذلك لم يخرج في كتب الحديث الأصول، وقد رويناه في كتاب "السنن الكبير" للبيهقي (8) من حديث أحمد ابن حنبل وغيره (9)، بأسانيد لا تقوى (10)، وأخرجه الحاكم (11)   (1) الوسيط 1/ 377. (2) قال ابن منظور: "الأُشنان والإشنان من الحمض: معروف الذي يغسل به الأيدي" لسان العرب 1/ 151. (3) في (أ): والخشنة. (4) في (ب): مما لا ليس، وهي مقحمة. (5) النقل عنه في: المجموع 1/ 282، المطلب العالي 1/ ل 235/ ب. (6) انظر: التهذيب ص: 115. وممن قطع به القاضي حسين في التعليقة 1/ 245. (7) الوسيط 1/ 377. (8) في كتاب الطهارة 1/ 61 رقم (159). (9) رواه البيهقي كذلك من حديث الواقدي، وفرح بن فضالة انظر: السنن الكبرى 1/ 62. (10) قال النووي: "ضعيف، رواه البيهقي من طرق وضعفها كلها، وكذا ضعفه غيره". أهـ المجموع 1/ 268، وانظر: السنن الكبرى 1/ 62، تذكرة الاخيار ل 12/ أ - ل 13/ ب. (11) في (أ): الحاكم أبو عبد الله. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 145 في "صحيحه" (1) وادَّعى أنه صحيح على شرط مسلم ولم يخرجه، ولا (2) يسلم له ذلك؛ فإن الاعتماد فيه على رواية محمَّد ابن إسحاق بن يسار (3) وهو مدلَّس ولم يذكر فيه سماعه. ويغني عنه حديث أبي هريرة - رضي الله عنه - عنه - صلى الله عليه وسلم - (لولا أن أشق على أمتي؛ لأمرتهم بالسواك عند كل صلاة) رواه مسلم (4)، وغيره (5)، والله أعلم. قوله: "عند تغير النكهة" (6) بفتح النون وإسكان الكاف أي رائحة الفم (7). قوله: "أو طول الأزم" (8) هو بهمزة مفتوحة وزاي ساكنة، وهو ترك الأكل، والشرب، وترك الكلام أيضاً، وأصل الأزم في اللغة: الإمساك (9)، والله أعلم.   (1) في كتاب الطهارة 1/ 146. (2) في (أ) و (ب): ولم. (3) إمام المغازي محمَّد بن إسحاق بن يسار أبو بكر المطلبي مولاهم المدني نزيل العراق، صاحب السيرة النبوية، قال عنه الحافظ ابن حجر: "صدوق يدلس، ورمي بالتشيع والقدر" مات سنة 150 هـ وقيل بعدها، روى حديثه البخاري تعليقاً ومسلم والأربعة. انظر ترجمته في: التاريخ الكبير للبخاري 1/ 40، الضعفاء للعقيلي 4/ 23، الجرح والتعديل 7/ 191، الثقات لابن حبَّان 7/ 380، ميزان الاعتدال للذهبي 3/ 468، تقريب التهذيب ص: 467. (4) في صحيحه، كتاب الطهارة، باب السواك 3/ 142 - 143. (5) رواه البخاري في صحيحه - مع الفتح - كتاب الجمعة، باب السواك يوم الجمعة 2/ 435 رقم (887) بلفظ ( ... مع كل صلاة)، وأبو داود في سننه، كتاب الطهارة 1/ 40 رقم (47) من حديث زيد بن خالد الجهني، والترمذي في جامعه كتاب الطهارة 1/ 34 رقم (22)، والنسائي في سننه كتاب الطهارة 1/ 18 رقم (7)، وابن ماجه في سننه كتاب الطهارة 1/ 105 رقم (287). (6) الوسيط 1/ 377 - 378. وقبله: ووقته عند الصلاة وإن لم يتوضأ .... وعند الوضوء وإن لم يصلَّ، وعند تغير ... الخ. (7) انظر: الصحاح 6/ 2253، لسان العرب 14/ 288. (8) الوسيط 1/ 378. وهو بعد قوله السابق: وعند تغير النكهة بالنوم. (9) انظر: لسان العرب 1/ 136، القاموس المحيط 4/ 5، المصباح المنير ص: 5. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 146 قوله: "لقوله - صلى الله عليه وسلم -: (لخلوف فم الصائم أطيب عند الله من ريح المسك) (1) هذا ثابت من حديث أبى هريرة، متفق على صحته (2)، والخلوف: تغير رائحة الفم، وهو بضم الخاء لا غير (3)، وكثير من المحدثين يفتحون الخاء، وهو غلط، والمعنى يفسد به، فإن الخلوف بفتح الخاء هو الشخص الذي يكثر خلفه في وعده، ذكر ذلك الإِمام أبو سليمان الخطابي - رحمه الله - (4). قوله (5) (أطيب عند الله من ريح المسك) أي أفضل عند الله، وأقرب إلى رضاه، وأرجح في الميزان من ريح المسك، الذي يستعمل لدفع الرائحة الكريهة طلباً لرضا الله تبارك وتعالى، حيث يؤمر بمجانبة الرائحة الكريهة، وملابسة (6) الرائحة الطيبة كما في المساجد، وفي الصلوات وغيرها (7)، والله أعلم.   (1) الوسيط 1/ 378. وقبله: ولا يكره إلا بعد الزوال للصائم لقوله - صلى الله عليه وسلم - ... الحديث. (2) انظر: صحيح البخاري - مع الفتح - كتاب الصوم باب فضل الصوم 4/ 125 رقم (1894)، وصحيح مسلم - مع النووي - كتاب الصيام، باب فضل الصيام 8/ 30 - 31. (3) انظر: النهاية في غريب الحديث والأثر 2/ 67، مختار الصحاح ص: 186، المصباح المنير ص: 68. (4) العلامة الحافظ اللغوي أبو سليمان حمد بن محمَّد بن إبراهيم بن الخطاب الخطابي البستي، ويقال اسمه: أحمد، وصوب الذهبي الأول، أحد المشاهير الأعيان، صاحب المصنفات الجليلة منها: معالم السنن، شرح البخاري، غريب الحديث، العزلة، إصلاح غلط المحدثين، بيان إعجاز القرآن، وغيرها، توفي سنة 388 هـ. انظر ترجمته في: السير 17/ 23، طبقات السبكي 3/ 282، البداية والنهاية 11/ 436، طبقات الحفاظ ص: 403. وانظر قوله في إصلاح الأخطاء الحديثيَّة التي يرويها أكثر الناس محرَّفة أو ملحونة (إصلاح غلظ المحدثين) ص: 54 - 55. (5) في (أ): وقوله. (6) في (أ): وملابس. (7) انظر: شرح النووي على مسلم 8/ 30، المطلب العالي 2/ ل 10/ ب، فتح الباري 4/ 127. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 147 قوله: "وكيفيته: أن يستاك عوضاً وطولاً، وإن اقتصر على أحدهما فعرضاً، كذلك كان يستاك رسول الله - صلى الله عليه وسلم - " (1) ليس بثابت في الحديث (2)، ولا في المذهب (3). والمعروف في الطريقتين استحباب الاستياك عرضاً فحسب (4)،   (1) الوسيط 1/ 378. (2) في (أ) و (ب): في الحديث عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وهذا الحديث رواه الطبراني في معجمه الكبير 2/ 47 - 48 برقم (1242)، والبيهقي في السنن الكبرى كتاب الطهارة 1/ 66 عن سعيد بن المسيب عن بهز، قال البيهقي: "وقد روي في الاستياك عرضاً حديثاً لا أحتج بمثله". أهـ، وأورده الهيثمي في مجمع الزوائد 2/ 267 برقم (2573) وقال: "وفيه ثبيت بن كثير وهو ضعيف". وقال الحافظ ابن حجر - بعد أن ساق سند الحديث -: "وفي إسناده ثبيت بن كثير وهو ضعيف، واليمان بن عدي وهو أضعف منه". ورواه البيهقي من طريق آخر عن ابن المسيب عن ربيعة بن أكثم ثم قال بعده: "فأما ربيعة بن أكثم فإنه استشهد بخيبر". أهـ وهذا معناه أن ابن المسيب لم يدركه؛ لأنه ولد في خلافة عمر بن الخطاب. راجع تهذيب الأسماء 1/ 219، وممن رواه من هذا الطريق أبو بكر الشافعي في الفوائد المنتخبة "الغيلانيَّات" 2/ 418 برقم (1016)، والعقيلي في الضعفاء 3/ 229 وقال: "لا يصحُّ". وقال الحافظ ابن حجر عن هذا الطريق: "إسناده ضعيف جداً". وأورد الحديث كذلك أبو داود في المراسيل ص: 74 رقم (5) من طريق عطاء بن أبي رباح بلفظ: (إذا شربتم فاشربوا مصاً، وإذا استكتم فاستاكوا عرضاً). قال الحافظ ابن حجر: "وفيه محمَّد بن خالد القرشي قال ابن القطان: لا يعرف. قلت: - أي الحافظ - وثقه ابن معين وابن حبان". راجع التلخيص الحبير 1/ 372 - 374، وممن أشار إلى ضعف الحديث النووي في التنقيح ل 45/ ب، وابن الملقَّن في تذكرة الأخيار ل 13/ ب، والسيوطي في الجامع الصغير 1/ 49 رقم (711)، والألباني في السلسلة الضعيفة برقم (940 - 942) وضعيف الجامع الصغير وزيادته برقم (562). (3) انظر: المجموع 1/ 280 - 281، التنقيح ل 46/ أ. (4) انظر: الحاوي 1/ 85، التعليقة للقاضي حسين 1/ 245، المجموع الموضع السابق. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 148 إذ يخشى في الاستياك طولاً إدماء اللثة، وإفساد عمور الأسنان: وهو اللحم الذي يتخللها (1)، والله أعلم. حديث (لا وضوء لمن لم يذكر اسم الله تعالى عليه) (2) روي من حديث سعيد بن زيد (3)، وأبي سعيد الخدري (4)، وأبي هريرة (5) - رضي الله عنهم - من وجوه في كل واحد منها نظر (6)، لكنها غير مُطَّرحة، وهي من قبيل ما يثبت باجتماعه الحديث، ثبوت الحديث الموسوم بالحسن (7) وقد أخرجه الترمذي،   (1) انظر: أدب الكاتب لابن قتيبة ص: 64، القاموس المحيط 2/ 173، وعُمور مفرده عَمْر بفتح العين وسكون الميم. انظر: المجموع 1/ 282. (2) الوسيط 1/ 378 - 379. وقبله: التسمية: وهي مستحبة في ابتداء الوضوء لقوله - عليه السلام - .... الحديث. (3) في (أ): سعد بن زيد. وهو سعيد بن زيد بن عمرو بن نفيل بن عبد العزى القرشي العدوي أبو الأعور، وقيل: أبو ثور، أحد العشرة المبشرين بالجنة، وهو من السابقين الأولين البدريين، توفي سنة 50 أو 51 هـ، وروى حديثه الجماعة. انظر ترجمته في: الاستيعاب 4/ 186، أسد الغابة 2/ 378، الإصابة 4/ 188. وحديثه رواه الترمذي في جامعه كتاب الطهارة، باب ما جاء في التسمية عند الوضوء 1/ 37 رقم (25)، وابن ماجه في سننه كتاب الطهارة وسننها، باب ما جاء في التسمية في الوضوء 1/ 140 رقم (398)، والبيهقي في السنن الكبرى كتاب الطهارة 1/ 71 رقم (193)، وغيرهم. (4) انظر حديثه في المصادر المتقدمة في حديث سعيد بن زيد. (5) روى حديثه بالإضافة إلى من تقدم الإمام أحمد في المسند 2/ 418، وأبو داود في سننه كتاب الطهارة، باب التسمية في الوضوء 1/ 75 رقم (101). (6) انظر: نصب الراية للزيلعي 1/ 3 - 8، التلخيص الحبير 1/ 386 - 391. (7) وكذا حكم عليه ابن الملقن في تذكر الأخيار ل 13/ ب، والألباني في إرواء الغليل 1/ 122 وانظر المصادر المتقدمة. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 149 وابن ماجه، ولا يمنع من الحكم بهذا (1) ما ثبت عن أحمد بن حنبل أنه قال في التسمية في الوضوء: "لا أعلم فيه حديثاً ثابتاً" (2). ولا يستشهد على ثبوته بكون الحاكم حكم بصحة إسناده (3)؛ لأنه ابتنى تصحيحه له على روايته إياه من حديث أبي هريرة، ونظرنا فيه فوجدنا إسناده قد انقلب (4) عليه، والله أعلم. حديث (إذا استيقظ أحدكم من نومه) (5) حديث ثابت في الصحيحين من حديث أبي هريرة - رضي الله عنه - (6) غير أن ذكر التكرار ثلاثاً انفرد به مسلم عن البخاري. وقوله (فإنه لا يدري أين باتت يده) (7) سببه على ما ذكره الشافعي - رضي الله عنه - (8)، وغيره (9): أن أهل الحجاز كانوا يقتصرون على الاستنجاء بالحجارة،   (1) في (أ): أنه بهذا، في (ب): له بهذا. (2) انظر: كتاب المسائل عن أبي عبد الله أحمد بن محمَّد بن حنبل وأبي يعقوب إسحاق بن إبراهيم الحنظلي 1/ 83، وجامع الترمذي 1/ 38. (3) انظر: المستدرك 1/ 146. (4) في (أ): اقلبت. وذلك أنه رواه من طريق يعقوب بن أبي سلمة عن أبيه عن أبي هريرة، فظنه الماجشون وصححه لذلك، والصواب أنه الليثي، وهو لا يعرف له سماع من أبيه ولا لأبيه عن أبي هريرة. انظر: تلخيص المستدرك للذهبي 1/ 146، والتلخيص الحبير 1/ 386. (5) قال الغزالي: (غسل اليدين ثلاثاً قبل إدخالهما في الإناء لقوله - صلى الله عليه وسلم - ... ). الوسيط 1/ 379. (6) انظر صحيح البخاري - مع الفتح - كتاب الوضوء، باب الاستجمار وتراً 1/ 316 رقم (162)، وصحيح مسلم - مع النووي - كتاب الطهارة، باب كراهة غمس المتوضئ يده المشكوك في نجاستها في الإناء 3/ 178 - 181. (7) أي في الحديث المتقدم. (8) لم أقف عليه فيما بين يدي من كتبه، لكن نقله عنه النووي في شرح مسلم 3/ 179، والمجموع 1/ 348، وابن حجر في فتح الباري 1/ 318. (9) كابن عبد البر في التمهيد 18/ 236، وراجع: التعليقة للقاضي حسين 1/ 263، نهاية المطلب 1/ ل 25/ ب، المغني لابن قدامة 1/ 141. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 150 فإذا ناموا عرقوا لما في بلادهم من الحرِّ، فتقع يد أحدهم على ذلك المكان فتتنجس. ويلتحق بذلك كل من شك في نجاسة يده وإن لم يقم من نوم (1)، وإن استيقن طهارة يده فاستحباب أصل غسل اليد ثلاثاً ثابت من غير خلاف نعرفه (2)، وقد قال صاحب "نهاية المطلب" فيما وجدناه من "اختصاره للنهاية" (3): "رأيت الأصحاب متفقين على استحباب الغسل". فإذاً قول تلميذه في "الوسيط": "فإن تيقن طهارة يده ففي بقاء الاستحباب وجهان" (4) لا يستفاد منه أن في استحباب أصل الغسل عند التيقن وجهين، وذلك أنه إن أراد به أن في بقاء استحباب أصل الغسل وجهين فهو غلط، وسهو، سبق إليه القلم أو (5) الخاطر، وذلك أنا وجدناه في "البسيط" (6) قد ذكر ذلك كذلك، ونسبه إلى حكاية شيخه، ونظرنا في كلام شيخه (7) فإذا هو إنما حكاه في استحباب تقديم الغسل على الغمس، لا في أصل الغسل، وحكى استحباب أصل الغسل عن الأئمة مطلقاً، وإن أراد بذلك أن في بقاء استحباب تقديم الغسل على الغمس وجهين فلا يكون حاكياً للخلاف في أصل الغسل، بل في تقديمه، فالوجهان في ذلك معروفان محكيان في   (1) انظر: فتح العزيز 1/ 395، روضة الطالبين 1/ 168، المطلب العالي 2/ ل 244/ ب. (2) كذا قال النووي في: المجموع 1/ 350. (3) لم أقف على مختصره هذا, ونقل عنه النووي في المجموع الموضع السابق، وقد نصَّ إمام الحرمين على ذلك في نهاية المطلب 1/ ل 25/ ب حيث قال: " ... ثم قال الأئمة: هذه السنة قائمة وإن استيقن المرء طهارة بدنه". (4) الوسيط 1/ 379. (5) في (أ): و. (6) 1/ ل 28/ أ. (7) قوله: "ونظرنا ... شيخه" سقط من (أ). الجزء: 1 ¦ الصفحة: 151 طريقتي العراق وخراسان (1). لكن لفظه لفظ مُغْلِط، كذلك وقع لفظه في متن الوسيط، وفيما عُلَّق من من تدريسه له، وفي "البسيط" أيضاً يوهم (2) جداً أن الخلاف في استحباب أصل الغسل. والظاهر أن صاحب "الذخائر" أبا المعالي مجلي بن جميع المصري (3) في حكايته الوجهين في أصل الغسل غلط في ذلك من جهته؛ فإنه كثير النقل عنه، والله أعلم. قوله في المضمضة والاستنشاق: "نقل المزني أنه يأخذ غرفة لفيه وأنفه و (4) هكذا روى عبد الله بن زيد عن وضوء رسول الله - صلى الله عليه وسلم - " (5) فالأمر فيه على ما قال، ثبت في "الصحيحين" (6) عن عبد الله بن زيد بن عاصم الأنصاري (7) - وهو   (1) فتح العزيز 1/ 395، المجموع 1/ 349، روضة الطالبين 1/ 168، والوجهان هما: الأول: أنه بالخيار إن شاء غسل ثم غمس، وإن شاء غمس ثم غسل، والثاني: استحباب تقديم الغسل، والأظهر منهما الأول. (2) في (د) و (ب): ويوهم، والواو هنا كأنها مقحمة، والمثبت من (أ). (3) أبو المعالي مجلَّى بن جُميع بن نجا المخزومي الأرسوقي ثم المصري، كان من أئمة أصحاب الشافعي، ترجع إليه الفتيا بديار مصر، توفي سنة 550 هـ، من مصنفاته: كتاب الذخائر. انظر ترجمته في: وفيات الأعيان 3/ 35، طبقات السبكي 7/ 277، البداية والنهاية 12/ 255. وانظر النقل عنه في: المطلب العالي 1/ ل 246/ ب. (4) سقط من (أ). (5) الوسيط 1/ 380. وانظر مختصر المزني ص: 4. (6) انظر صحيح البخاري - مع الفتح - كتاب الوضوء، باب من مضمض واستنشق من غرفة واحدة 1/ 355 رقم (191)، صحيح مسلم - مع النووي - كتاب الطهارة، باب صفة الوضوء 3/ 121 - 122. (7) صحابي جليل من بني مازن ابن النجار بالمدينة، وهو الذي قتل مسيلمة الكذاب بالسيف، قُتل يوم الحرة سنة 63 هـ، روى حديثه الجماعة. انظر ترجمته في: الاستيعاب 6/ 259، أسد الغابة 3/ 250، الإصابة 6/ 91، تقريب التهذيب ص: 304. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 152 غير عبد الله بن زيد بن عبد ربه الأنصاري صاحب الأذان الذي يأتي ذكره في باب الأذان (1) - أنه وصف وضوء رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فتمضمض واستنشق من كف واحد، وفعل ذلك ثلاثاً. وأما قوله: "ونقل البويطي (2): أنه يغرف لفيه غرنة ولأنفه غرفة، وهكذا روى عثمان وعلي عن وضوء رسول الله - صلى الله عليه وسلم - " (3) فهذا لا يعرف ولا يثبت عن عثمان وعلي - رضي الله عنهما -، بل روى أبو داود في "سننه" (4) عن علي ضد ذلك، وهو القول الأول، وأنه وصف وضوء رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فتمضمض مع الاستنشاق بماء واحد. وإنما ل 36/ أاحتج أهل العلم بهذا الشأن لهذا القول - وهو قول الفصل بين المضمضة والاستنشاق - بحديث طلحة بن مصرِّف (5) عن أبيه (6) عن جده (7) (أنه رأى   (1) وهو من سادات الصحابة، شهد العقبة وبدراً، توفي سنة 32 هـ، وحديثه في السنن الأربعة. انظر ترجمته في: الاستيعاب 6/ 203، الإصابة 6/ 90، تقريب التهذيب ص: 304. (2) أبو يعقوب يوسف بن يحيى المصري البويطي، صاحب الشافعي، وبويط قرية في صعيد مصر، وهو من أجل أصحاب الشافعي، توفي ببغداد مسجوناً سنة 231 هـ، من مصنفاته: المختصر. انظر ترجمته في: وفيات الأعيان 7/ 61، طبقات السبكي 2/ 162، طبقات الأسنوي 1/ 208. (3) الوسيط 1/ 380. وانظر مختصر البوبطي ل 1/ أ. (4) كتاب الطهارة، باب صفة الوضوء 1/ 82 - 83 رقم (111، 113). (5) هو أبو عبد الله طلحة بن مصرف بن عمرو بن كعب اليامي الكوفي، قال عنه الحافظ ابن حجر: "ثقة قارئ فاضل"، توفي سنة 112 هـ أو بعدها، روى حديثه الجماعة انظر ترجمته في: الجرح والتعديل 4/ 473، الثقات لابن حبَّان 4/ 393، تهذيب الكمال 13/ 433، تقريب التهذيب ص: 283. (6) مصرَّف بن عمرو اليامي الكوفي، قال عنه الحافظ ابن حجر: "روى عنه طلحة بن مصرف، مجهول"، روى حديثه أبو داود فقط. انظر ترجمته في: الثقات لابن حبَّان 9/ 207، تهذيب التهذيب 10/ 158, تقريب التهذيب ص: 533. (7) عمرو بن كعب بن مصرَّف اليامي الهمذاني، ويقال: كعب بن عمرو، قال ابن عبد البر عنه: "سكن الكوفة، له صحبة، ومنهم من ينكرها، ولا وجه لإنكار من أنكر ذلك، روى حديثه أبو داود". انظر ترجمته في: الاستيعاب 9/ 249، أسد الغابة 4/ 265، الإصابة 8/ 301. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 153 رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يفصل بين المضمضة والاستنشاق). أخرجه أبو داود (1)، وليس إسناده بالقوي (2)، وقد أنكره بعض أئمة الحديث، وجدُّ طلحة هو عمرو بن كعب اليامي الهمداني، وقيل بالعكس كعب بن عمرو، واختُلِف في أن له صحبة. ومصرِّف هو بضم الميم وفتح الصاد المهملة وكسر الراء المشددة وبعدها فاء. والقول الأول - وهو قول الجمع - أكثر في كلام الشافعي وهو رواية المزني (3)، والربيع (4)، وهو الصحيح في الحديث، وأبعد عن السرف في الماء.   (1) في سننه كتاب الطهارة، باب في الفرق بين المضمضة والاستنشاق 1/ 96 رقم (139). (2) انظر المجموع 1/ 352 - 353، وقال في 1/ 360: وأما الفصل فلم يثبت فيه حديث أصلاً، وإنما جاء فيه حديث طلحة بن مصرف وهو ضعيف كما سبق. أهـ وقال في التنقيح ل 46/ ب: هذا منكر لا أصل له. لكن روى الإمام أحمد في المسند 1/ 158 عن علي - رضي الله عنه - أنه دعا بكوز من ماء، فغسل كفيه ووجهه ثلاثاً، وتمضمض ثلاثاً فأدخل بعض أصعابعه في فيه واستنشق ثلاثاً- ثم قال في آخره: هكذا كان وضوء نبي الله - صلى الله عليه وسلم -. وروى أبو داود في سننه كتاب الطهارة، باب صفة وضوء النبي - صلى الله عليه وسلم - 1/ 80 رقم (108) عن ابن أبي مليكة قال: (رأيت عثمان بن عفان سئل عن الوضوء فدعا بماء فأتي بميضأة فأصغاها على يده اليمنى ثم أدخلها في الماء فتمضمض ثلاثاً واستنثر ثلاثاً ... ثم قال هكذا رأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يتوضأ). وحكم الألباني على هذا الحديث بأنه حسن صحيح وذلك في صحيح سنن أبي داود 1/ 23 رقم (99)، ونقل ابن الملقن في تذكرة الأخيار ل 14/ ب عن صحيح ابن السكن عن شقيق بن سلمة قال: (شهدت علي بن أبي طالب وعثمان بن عفان - رضي الله عنهما - توضأ ثلاثاً ثلاثاً وأفردا المضمضة من الاستنشاق ثم قالا: هكذا توضأ رسول الله - صلى الله عليه وسلم -). ثم قال: "روى عنهما من وجوه". أهـ وانظر شرح السنة للبغوي 1/ 318، قال الحافظ ابن حجر - بعد أن ساق حديث شقيق السابق -: "فهذا صريح في الفصل، فبطل إنكار ابن الصلاح". التلخيص الحبير 1/ 401. (3) انظر: المختصر ص: 4. (4) انظر: الأم 1/ 77. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 154 ثم الأصح في تفسيره قول من قال: إنّه بثلاث غرفات؛ إذ في حديث عبد الله ابن زيد في رواية من الصحيح (1) (تمضمض واستنشق ثلاثاً بثلاث غرفات). وخفي ما ذكرناه على طائفة من أئمتنا ذهبوا إلى أن قول الفصل أصح منهم المحاملي (2)، والروياني (3)، وما خفي من ذلك على صاحب الكتاب أكثر؛ فإن المعروف بين نَقَلَةِ المذهب أن في المسألة قولين: أحدهما: أن الجمع أفضل. والثاني: أن الفصل أفضل (4). فلم يذكر هو هذا أصلاً، وقطع بأنه لم يختلف قول الشافعي في المسألة؛ إذ لم يذكر إلا طريقين: أولهما: القطع بأن الفصل هو المستحب لا غير. والثاني: أن الفصل والجمع (5) مستحبان غير أن الجمع هو الأقل (6)، والفصل هو الأكمل (7). وهذا الثاني قد نقله شيخه في "النهاية" (8)، وأما الأول فلم نجده بعد البحث لأحدٍ (9)، ولا وجود له في "بسيطه" و"النهاية" أيضاً، والله أعلم.   (1) انظر: صحيح البخاري - مع الفتح - كتاب الوضوء، باب مسح الرأس مرة 1/ 356 رقم (192)، وصحيح مسلم - مع النووي - كتاب الطهارة، باب صفة الوضوء 3/ 123 - 124 بلفظ: ... من ثلاث غرفات. (2) انظر النقل عنه في: المجموع 1/ 360. (3) انظر النقل عنه في الموضع السابق من المجموع. (4) انظر: الحاوي 1/ 106، التعليقة للقاضي حسين 1/ 264، المهذب 1/ 15 - 16، التنبيه ص: 15، حلية العلماء 1/ 139. (5) في (ب): الجمع والفصل، بالتقديم والتأخير. (6) في (ب): أقل. (7) انظر: الوسيط 1/ 381 - 382. (8) 1/ ل 26/ ب. (9) انظر: التنقيح ل 46/ ب. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 155 و (1) قوله: "يغرف غرفة" يجوز في غرفة منه ضم الغين وهو الشيء المغروف، ويجوز فتح الغين وهي فعل الاغتراف والمصدر (2). وأما قوله قبل (3) ذلك "يأخذ غرفة" فيتعين فيه ضم الغين، فإن الذي يوصف بالأخذ هو المغروف لا فعل الاغتراف، والمصدر قد يقام مقام المفعول، لكن ما فرِّق فيه بين المصدر والمفعول بحركة فردة لا يساوي ما ليس كذلك، والله أعلم. قوله في تقديم المضمضة على الاستنشاق: "هذا التقديم مستحق أو مستحب؟ فيه وجهان" (4) هذا يتشبث بذيل مسألة لطيفة ابتكرناها وهي أنه هل يطلق على شروط النوافل وأركانها أنها مفترضة؟ فهذا الكلام وهو كلام شيخه (5) يتضمن أنه لا بأس بإطلاق ذلك عليها، وفيما نقل عن القاضي حسين في فتاويه (6) أنه سئل عن قراءة الفاتحة في النوافل (7) هل يقال: إنها فرض؟ فقال: "لا أقول إنها فرض ولكن أقول هي (8) شرط كالطهارة والاستقبال". فيخرج أركان النوافل إذاً (9) على وجهين: أحدهما: أنها توصف (10)   (1) سقط من (ب). (2) انظر: القاموس المحيط 3/ 242، المصباح المنير ص: 169. (3) في (أ): بعد. (4) الوسيط 1/ 382. وقبله: إن أخذ لكل واحد غرفة قدم المضمضة على الاستنشاق وهذا التقديم ... الخ. وأصحُّ الوجهين أنه شرط مستحق. انظر: التنقيح ل 46/ ب، الغاية القصوى 1/ 212. (5) انظر: نهاية المطلب 1/ ل 26/ ب. (6) لم أقف على هذه الفتاوى أو النقل عنها فيما بين يدي من مصادر، والله أعلم. (7) في (أ): النافلة. (8) في (ب): إنها. (9) في (د): أيضاً، والمثبت من (أ) و (ب). (10) في (ب): أنه يوصف. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 156 بالشرطية؛ إذ (1) يلزم من انتفائها انتفاء صحتها كما في الشروط، ولا توصف بالفرضية لجواز تركها بترك أصلها. والثاني: أنها توصف بالفرضية (2) من حيث إنه لو أتى بالنافلة مخلاً بركن منها لكان قالباً صورتها (3) الشرعية، ولكان كما لو زاد فيها ركوعاً أو سجوداً فيأثم بتغييره موضوع الشرع فيها، فقد عصى إذاً بترك ركنها على الجملة. وحدُّ الواجب ما يلام شرعاً تاركه بوجه ما، وهذا اختيار (4) القاضي أبي بكر الباقلاني (5)، والإمام الغزالي (6) في حد الواجب. ويرد على الوجه الأول: أن الشرط من شأنه أن ينشأ قبل المشروط، ويتقدم عليه، كما في الطهارة، والاستقبال، وغيرهما، وهذا منتف في هذه الأركان. وأما الثاني فيرد عليه أن التأثيم المذكور ليس على تركه ركن النافلة، بل على تغييره موضوع الشرع، على أن الحدَّ المشهور للواجب ليس فيه قولنا: بوجه ما، وذلك (7) لعله الصواب؛ لأن الحامل على زيادة ذلك: الواجب المخير، والواجب الموسع (8)، أما المخير فليس واحداً (9) من خصاله (10) يوصف بعينه   (1) في (أ): لا. (2) قوله: "لجواز ... بالفرضيَّة" سقط من (أ). (3) في (أ): لصورتها. (4) في (أ): اختاره. (5) انظر النقل عنه في: المستصفى ص: 53، البحر المحيط 1/ 177. (6) انظر المستصفى الموضع السابق. (7) في (أ): كذلك. (8) قال الغزالي: "وقوله "بوجه ما" قصد أن يشمل الواجب المخير: فإنه يلام على تركه مع بدله، والواجب الموسع: فإنه يلام على تركه مع ترك العزم على امتثاله". أهـ المستصفى ص: 53. (9) في (د): بواحد، وفي (ب): واحد، والمثبت من (أ). (10) كخصال: الكفارة، وجزاء الصيد، وفدية الأذى. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 157 بالوجوب حتى يحتاج إلى أن يزيد من أجله في الحد "بوجه ما" نظراً إلي أن كل واحد من الخصال يعصى بتركه على تقدير ترك بدله، وإنما الموصوف بالوجوب واحد منها (1) لا بعينه، فلا يتصور تركه إلا بترك الجميع، وترك الجميع (2) يوجب الذم على كل وجه لا بوجه ما. وأما الموسع (3) فالجائز فيه التأخير لا الترك، وهذا (4) غير هذا، فالصواب في ذلك - والله أعلم - أن لا يقال فيها: شروط ولا فروض، ويقتصر على وصفها بالأركان؛ فإنها عبارة سالمة عن الإشكال، والله أعلم. ذكر أنه يستحب المبالغة فيهما بتصعيد الماء إلى الخياشيم ورده إلى الغلصمة (5). فالخياشيم جمع خيشوم، واختلف فيها اللغويون فقيل: هي أقصى الأنف، وقيل: هي عظام رقاق ليَّنة (6) في أقصى الأنف بينه وبين الدماغ، وقيل غير ذلك، وقد يسمى الأنف كله خيشوماً (7). والغلصمة: هي رأس الحلقوم (8). وقوله: "إلا أن يكون صائماً فيرفق كما ورد في الحديث" (9) هو حديث لقيط   (1) في (أ) و (ب). منهما. (2) في (أ): الجميع بوجه. (3) كقضاء صوم رمضان. (4) في (أ) و (ب): وفي هذا، وهي هنا مقحمة. (5) الوسيط 1/ 382. (6) سقط من (ب). (7) انظر: لسان العرب 4/ 103، المصباح المنير ص: 65، المجموع 1/ 353. (8) انظر: الصحاح 5/ 1997. (9) الوسيط 1/ 382 - 383. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 158 ابن صبرة (1) أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال له: (وإذا استنشقت فبالغ إلا أن تكون صائماً) أخرجه أبو داود (2) , وغيره (3)، وهو حديث حسن الإسناد. وصبرة بفتح الصاد المهملة وكسر الباء، والله أعلم. قوله: "الثامنة: تقديم اليمين على اليسار" (4) استثني صاحب "الحاوي" (5) من ذلك الأذنين فإنه يمسحهما معاً، قال: "وليس في أعضاء الطهارة عضوان لا   (1) هو أبو رزين، ويقال: أبو عاصم لقيط بن عامر بن صبرة بن عبد الله بن المنتفق بن عامر بن عقيل العقيلي الحجازي الطائفي، وهو وافد بني المنتفق إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم -. انظر ترجمته في: الاستيعاب 9/ 287، تهذيب الأسماء واللغات 2/ 72، الإصابة 9/ 14. (2) في سننه كتاب الطهارة، باب في الاستنثار 1/ 97 رقم (142) بلفظ: وبالغ في الاستنشاق ... الحديث. (3) رواه كذلك الترمذي في جامعه كتاب الصوم، باب ما جاء في كراهية مبالغة الاستنشاق للصائم 3/ 155 رقم (788) وقال: "حديث حسن صحيح"، والنسائي في سننه كتاب الطهارة، باب المبالغة في الاستنشاق 1/ 70 رقم (87)، وابن ماجه في سننه كتاب الطهارة، باب المبالغة في الاستنشاق والاستنثار 1/ 142 رقم (407)، والشافعي في مسنده ص: 357، وعبد الرزاق في المصنَّف 1/ 26 رقم (79)، وأحمد في المسند 4/ 33، وابن خزيمة في صحيحه كتاب الوضوء 1/ 78 رقم (150)، وابن حبّان في صحيحه - انظر الإحسان 3/ 332 رقم (1054)، والطبراني في معجمه الكبير 19/ 479 والحاكم في المستدرك 1/ 147 - 148 وقال: "هذا حديث صحيح ولم يخرجاه"، ووافقه الذهبي، وأخرجه البيهقي في السنن الكبرى كتاب الطهارة 1/ 83 رقم (228)، وحكم عليه بالصحة ابن القطان في الوهم والإيهام 5/ 592 رقم (2810)، وابن الملقَّن في تذكرة الأخيار ل 14/ ب، والألباني في الإرواء 4/ 85 رقم (935)، وراجع: نصب الراية 1/ 16، البدر المنير لابن الملقن 3/ 308 وما بعدها، التلخيص الحبير 1/ 405. (4) الوسيط 1/ 383. (5) انظر: الحاوي 1/ 122. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 159 تقدم اليمنى منهما على اليسرى غير الأذنين". وذكر الروياني صاحب "بحر المذهب" (1) أيضاً أنه لا يستحب التيامن فيهما لإمكان الجمع بينهما بمرة، وهكذا الخدان من الوجه. فلو كان أقطع اليد استحب له أن يبدأ بأذنه اليمنى؛ لأنه لا يمكنه مسحهما معاً، والله أعلم. قوله في استيعاب الرأس بالمسح: "فإن عسر تنحية العمامة كمَّل المسح بالمسح على العمامة" (2) قلت: لم أجد أحداً من أصحابنا تعرض لأنه يشترط من وضع العمامة (3) على الطهارة ما يشترط في المسح على الخفين، فيحتمل إلحاقه (4) في ذلك بذلك، ويحتمل أن لا يلتحق به، فإن هذا نوع آخر؛ لأنه مسح وقع بدلاً عن مسح، وذلك مسح وقع بدلاً عن غسل، وههنا يجمع بمسحه على الناصية والعمامة بين الأصل والبدل، ولا يجوز مثل ذلك في المسح على الخف. وقد اشترط أحمد بن حنبل - رضي الله عنه - فيها وضعها على الطهارة (5)، غير أن من مذهبه جواز الاقتصار على مسح العمامة (6)، والله أعلم. ذكر مسح الرقبة في السنن وقال: "لقوله - صلى الله عليه وسلم - مسح الرقبة أمان من الغل" (7) و (8) هذا غير صحيح عند أهل الحديث عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وهو من قول بعض   (1) انظر النقل عنه في: فتح العزيز 1/ 421. (2) الوسيط 1/ 384. (3) كذا في جمع النسخ، ولعل الصواب: لم أجد أحداً من أصحابنا تعرض لاشتراط وضع العمامة ... الخ، وهكذا نقلها عن ابن الصلاح ابن الرفعة في المطلب العالي 1/ ل 256/أ. (4) في (أ): التحاقه. (5) انظر: المغني 1/ 363، الروض المربع 1/ 37، الإنصاف 1/ 172. (6) انظر: كتاب المسائل 1/ 104 - 105، المغني 1/ 379، كشَّاف القناع 1/ 135 (7) الوسيط 1/ 384 - 385. (8) سقط من (ب). الجزء: 1 ¦ الصفحة: 160 السلف (1)، وروى أبو عبيد القاسم بن سلاَّم (2) عن موسى بن طلحة (3) قال: (من مسح قفاه مع رأسه وقى الغل يوم القيامة) (4). والشافعي لم يذكره في كتبه، والله أعلم. (وقد روينا في "السنن الكبير) (5) عن طلحة بن مصرِّف عن أبيه عن جده (أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - توضأ ومسح على سالفته). وفي رواية: على قفاه. قلت:   (1) قال النووي - بعد أن ساق حديث مسح الرقبة السابق -: "هذا حديث باطل، بل موضوع، إنما هو من كلام بعض السلف، ولم يصح عن النبي - صلى الله عليه وسلم - في مسح الرقبة شيء، وليس هو سنة، بل هو بدعة ... " التنقيح ل 47/ ب، وقد حكم بضعفه الحافظ ابن حجر في التلخيص الحبير 1/ 433. (2) الإمام الجليل ذو الفنون أبو عبيد القاسم بن سلام بن عبد الله البغدادي، صاحب التصانيف الكثيرة البديعة في القراءات، والفقه، واللغة، والشعر، توفي بمكة سنة 224 هـ، من تصانيفه: غريب الحديث، الأموال، فضائل القرآن، الطهور، الناسخ والمنسوخ، المواعظ. انظر ترجمته في: وفيات الأعيان 4/ 60، تهذيب الأسماء 2/ 257، طبقات السبكي 2/ 153، البداية والنهاية 10/ 304. (3) هو موسى بن طلحة بن عبيد الله التيمي، أبو عيسى وأبو محمَّد المدني، نزيل الكوفة، ثقة جليل، يقال: إنه ولد في عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، توفي سنة103 هـ، روى حديثه الجماعة. انظر ترجمته في: التاريخ الكبير للإمام البخاري 7/ 286، حلية الأولياء 4/ 371، السير 4/ 364، تقريب التهذيب ص: 551. (4) انظر: كتاب الطهور لأبي عبيد ص: 250 - 251، قال الحافظ ابن حجر: "فيحتمل أن يقال: هذا لأن كان موقوفاً فله حكم الرفع؛ لأن هذا لا يقال من قبل الرأي، فهو على هذا مرسل". أهـ التلخيص الحبير 1/ 433، وأورده الكتَّاني في تنزيه الشريعة المرفوعة عن الأخبار الشنيعة الموضوعة 2/ 75. (5) في كتاب الطهارة، باب إمرار الماء على القفا 1/ 49 رقم (277، 278) قال البيهقي: "والمسند إسناده ضعيف". ورواه أبو داود في سننه كتاب الطهارة، باب صفة وضوء النبي - صلى الله عليه وسلم - 1/ 92 رقم (132)، والإمام أحمد في المسند 3/ 481 ولفظه: (أنه رأى النبي - صلى الله عليه وسلم - يمسح رأسه حتى بلغ القذال وما يليه من مقدَّم العنق مرة). وضعفه الحافظ ابن حجر في التلخيص الحبير 1/ 433، والألباني في ضعيف سنن أبي داود ص: 12 رقم (19). الجزء: 1 ¦ الصفحة: 161 والسالفة: هي جانب العنق من أعلاه من معلق القُرْط من الأذن إلى نقرة الترقوة (1). وفي جميع ذلك ضعف، لكنه يتقوى بعضه ببعض بعض القوة، والله أعلم" (2). قوله: "قد استعان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مرة ركان عليه جُبَّة كمُّها ضيَّق، فعسر عليه الإسباغ منفرداً" (3) وهكذا ذكره شيخه (4)، ذكر أنه استعان مرة بالمغيرة للسبب المذكور. وحديث المغيرة بن شعبة ثابت بروايات كثيرة (5)، في بعضها ذكر السبب الذي ذكره في الاستعانة مشعراً بوجودها منه - صلى الله عليه وسلم - لا لضيق الكم نفسه فحسب، فإنه استعان في غسل وجهه به، فلما انتهى إلى غسل يديه ضاقت كماه فلم يستطع أن يخرج يديه منهما فأخرجهما من أسفل الجبة وغسلهما. وقد استعان - صلى الله عليه وسلم - مراراً في وضوءات متعددة: استعان بأسامة بن زيد - رضي الله عنه - في حجته، عشية دَفَع من عرفة، رواه صاحبا "الصحيحين" (6)، واستعان   (1) انظر: الصحاح 4/ 1377. (2) ما بين القوسين زيادة من (أ). (3) الوسيط 1/ 386. وقبله: الخامسة عشرة: أن لا يستعين في وضوئه بغيره؛ فالأجر على قدر النصب، وقد استعان .... الخ. (4) في نهاية المطلب 1/ ل 38/ ب. (5) رواه البخاري في صحيحه - مع الفتح - كتاب الصلاة، باب الصلاة في الجبة الشامية 1/ 564 رقم (363) وأطرافه في: 182، 203، 206، وغيرها، ومسلم في صحيحه - مع النووي - كتاب الطهارة، باب المسح على الخفين 3/ 169. (6) انظر: صحيح البخاري - مع الفتح - كتاب الوضوء، باب الرجل يوضئ صاحبه 1/ 342 رقم (181)، ومسلم في صحيحه - مع النووي - كتاب الحج، باب الإفاضة من عرفات إلى مزدلفة 9/ 32. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 162 أيضاً بالرُبيِّع بنت معوِّذ بن عفراء (1) مرة أخرى، وحديثها لم يخرِّج في الصحيح، لكنه حديث حسن رواه الشافعي - رضي الله عنه - (2)، وأبو داود (3)، والترمذي (4)، وغيرهم (5). والرُبيَّع هي (6) بضم الراء على التصغير، والله أعلم. قوله: "السابعة عشرة: أن لا ينفض يديه لقوله - صلى الله عليه وسلم -: (إذا توضأتم فلا تنفضوا أيديكم) (7) هذا مذكور في طريقتي خراسان والعراق (8)، ونسبه صاحب "الشامل" إلى أبي علي الطبري (9) صاحب كتاب "الإفصاح"، ثم قال: (وقد   (1) هي الربيَّع بنت معوَّذ بن عفراء الأنصارية من بني النجار، وهي بضم الراء، وفتح الباء الموحدة، وكسر الياء المشددة، ومعوَّذ هو بضم الميم، وفتح العين، وكسر الواو وهو ممن قتلوا أبا جهل، والربيَّع ممن بايع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - تحت الشجرة بيعة الرضوان، روى حديثها الجماعة، توفيت في خلافة عبد الملك سنة بضع وسبعين. انظر ترجمتها في: تهذيب الأسماء 2/ 343، السير 3/ 198، الإصابة 12/ 251. (2) لم أهتد إليه فيما بين يدي من كتب الشافعي، والله أعلم. (3) في سننه كتاب الطهارة، باب صفة وضوء النبي - صلى الله عليه وسلم - 1/ 89 رقم (126). (4) في جامعه كتاب الطهارة، باب ما جاء أنه يبدأ بمؤخر رأسه 1/ 48 رقم (33). وقال: هذا حديث حسن. (5) كابن ماجه في سننه كتاب الطهارة وسننها، باب الرجل يستعين على وضوئه فيصب عليه 1/ 138 رقم (390)، والإمام أحمد في المسند 6/ 358. وقد صحح الحديث أحمد شاكر في تحقيقه لجامع الترمذي 1/ 48، وراجع البدر المنير لابن الملقن 3/ 367 - 373. (6) سقط من (أ). (7) الوسيط 1/ 387 - 388. (8) انظر: المطلب العالي 1/ ل 272/ أ. (9) شيخ الشافعية الحسن بن القاسم تلميذ أبي علي بن أبي هريرة، من مصنفاته: المحرر في النظر وهو أول كتاب صنف في الخلاف المجرد، الإفصاح وهو في المذهب، وألف في الجدل، توفي سنة 350 هـ انظر ترجمته في: طبقات العبادي ص: 84، طبقات الشيرازي ص: 115، السير 16/ 62، طبقات السبكي 3/ 280. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 163 روت ميمونة أن النبي - صلى الله عليه وسلم - اغتسل وجعل ينفض يديه) (1). قلت: حديث لا تنفضوا أيديكم لا صحة له، ولم أجد له أنا في جماعة اعتنوا بالبحث أصلاً (2)، وزاد بعض الفقهاء في آخره: (فإنها مراوح الشيطان) (3). وحديث ميمونة حديث صحيح معروف (4) فليعتمد عليه، والله أعلم. قوله بعد ذكر (5) الدعاء على أعضاء الوضوء، والذكر عند الفراغ منه: "فقد وردت فيها (6) الأخبار الدالة على كثرة فضلها (7) قلت: أما الأدعية على   (1) انظر النقل عنه والنسبة إليه في: المجموع 1/ 458. (2) رواه ابن أبي حاتم في كتابه علل الحديث 1/ 36 رقم (73) من حديث البختري بن عبيد عن أبيه عن أبي هريرة، وقال: "فقال أبي: هذا حديث منكر، والبختري ضعيف الحديث وأبوه مجهول". ورواه ابن حبان في ترجمة البحتري بن عبيد الطائي، وقال: "يروي عن أبيه عن أبي هريرة نسخة فيها عجائب، لا يحل الاحتجاج به إذا انفرد؛ لمخالفته الأثبات في الروايات مع عدم تقدم عدالته" ثم ساق الحديث. انظر: كتاب المجروحين من المحدثين والضعفاء والمتروكين 1/ 202 - 203، وقال النووي: "هذا حديث باطل لا أصل له". أهـ التنقيح ل 48/ أ، وراجع المجموع الموضع السابق، تذكرة الأخيار ل 17/ أ، التلخيص الحبير 1/ 449. (3) انظر: الحاوي 1/ 134، فتح العزيز 1/ 449. (4) رواه البخاري في صحيحه - مع الفتح - كتاب الغسل، باب نفض اليدين من الغسل عن الجنابة 1/ 457 رقم (276)، ومسلم في صحيحه - مع النووي - كتاب الحيض، باب استحباب ترك تنشيف الأعضاء من الغسل والوضوء 3/ 232. (5) سقط من (أ). (6) في (د): فيه، والمثبت من (أ) و (ب). (7) الوسيط 1/ 388. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 164 الأعضاء فلا يصح فيها حديث (1). وأما الذكر الذي ذكره للفَرَاغ من الوضوء فهو ملفَّق من حديثين، فقوله "أشهد أن لا إله إلا الله، وحده لا شريك له، وأن محمداً عبده ورسوله" (2) وارد (3) في حديث ثابت عن عمر - رضي الله عنه - أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: (من توضأ فأحسن وضوءه، ثم قال: أشهد أن لا إله إلا الله، وحده لا شريك له، وأن محمداً عبده ورسوله، فتح الله له (4) ثمانية أبواب الجنة يدخلها من أي باب شاء) رواه مسلم في "صحيحه" (5)، وأبو داود (6)،   (1) قال ابن العربي: "وقد رويت فيها أذكار تقال في أثنائها ولم تصح، ولا شيء في الباب يعوَّل عليه". أهـ عارضة الأحوذي 1/ 65، قال النووي - بعد أن ساق حديث الأدعية على الأعضاء: "هذا الدعاء لا أصل له، ولم يذكره الشافعي والجمهور". أهـ روضة الطالبين 1/ 173، وقال ابن القيِّم: "ولم يحفظ عنه - أي - صلى الله عليه وسلم - أنه كان يقول على وضوئه شيئاً غير التسمية، وكل حديث في أذكار الوضوء الذي يقال عليه فكذب مختلق ... ". زاد المعاد 1/ 195، وقال الحافظ ابن حجر - بعد أن ذكر كلام ابن الصلاح السابق -: "روي فيه عن علي من طرق ضعيفة جداً أوردها المستغفري في الدعوات، وابن عساكر في أماليه ... ". التلخيص الحبير 1/ 450، وراجع تذكرة الأخيار ل 17/ ب وما بعدها. (2) الوسيط 1/ 388. (3) في (أ) و (ب): وزاد. (4) (ب): له الله، بالتقديم والتأخير. (5) انظر: - مع النووي - كتاب الطهارة، باب الذكر المستحب عقب الوضوء 3/ 118 بلفظ في آخره: إلا فتحت له أبواب الجنة الثمانية يدخل من أيها شاء. (6) في سننه كتاب الطهارة، باب ما يقول الرجل إذا توضأ 1/ 118 رقم (169). الجزء: 1 ¦ الصفحة: 165 والنسائي (1)، وابن ماجه (2)، وغيرهم (3). وقوله "سبحانك اللهم وبحمدك، أشهد أن لا إله إلا أنت، أستغفرك وأتوب إليك" (4) ورد به حديث آخر، ليس كالأول في الصحة، وهو ما روي عن أبي سعيد الخدري أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: (من توضأ فقال: سبحانك اللهم وبحمدك، أشهد أن لا إله إلا أنت، أستغفرك وأتوب إليك، كتب في رَقٍّ ثم طُبع بطَابَع، فلم يكسر إلى يوم القيامة) وهو حديث غريب ليس بالقوي، أخرجه أبو عبد الرحمن النسائي في كتاب "اليوم والليلة" (5)، والله أعلم.   (1) في سننه كتاب الطهارة، باب القول بعد الفراغ من الوضوء 1/ 100 رقم (148). (2) في سننه كتاب الطهارة وسننها، باب ما يقال بعد الوضوء 1/ 159 رقم (470). (3) وممن رواه كذلك عبد الرزاق في المصنف 1/ 45 - 46 رقم (142)، وأحمد في المسند 4/ 145، والدارمي في سننه 1/ 196، وابن خزيمة في صحيحه كتاب الوضوء 1/ 110 - 111 رقم (222)، وابن حبَّان في صحيحه - انظر الإحسان 3/ 325 - 326 رقم (1050) -، والبيهقي في السنن الكبرى كتاب الطهارة 1/ 126 رقم (368، 369). (4) الوسيط 1/ 388. (5) انظر: في السنن الكبرى للنسائي، كتاب عمل اليوم والليلة، باب ما يقول إذا فرغ من وضوئه 6/ 25 رقم (9909)، وقال بعده: "هذا خطأ والصواب وقفه". وأخرجه كذلك الطبراني في الأوسط 2/ 271 رقم (1478)، والحاكم في المستدرك 1/ 564 وقال: "صحيح على شرط مسلم"، ووافقه الذهبي، قال الألباني معقباً: "بل هو على شرط الشيخين؛ فإن رجاله كلهم ثقات من رجالهما"، ثم قال في الخلاصة: "إن الحديث صحيح بمجموع طرقه المرفوعة، والموقوف لا يخالفه؛ لأنه لا يقال بمجرد الرأي". سلسلة الأحاديث الصحيحة 5/ 439 - 440. وقد أورده الهيثمي في مجمع الزوائد 1/ 547 ثم قال: "رجاله رجال الصحيح". الجزء: 1 ¦ الصفحة: 166 ومن الباب الثاني في الاستنجاء قوله في آداب قضاء الحاجة: "وهي سبعة عشر" (1) وقال في الدرس: "هي ستة عشر". وإذا عددت ما ذكره في الكتاب وجدتها أكثر من ذلك (2)، وتصانيف الأصحاب متفاوتة في عددها، فمن زائد ومن ناقص. ومما لم يذكر في هذا الكتاب: تجنب قارعة الطريق في ذلك، وتجنب الكلام حالتئذٍ (3)، وأن يقول إذا خرج من الغائط: غفرانك (4). وهكذا الحال فيما ذكره من عدد سنن الوضوء فمما (5) لم يذكره منها: استقبال القبلة حالة الوضوء، ذكره الإمام أبو عبد الله الحليمي (6) قال: "لأن ذلك إذا كان مستحباً للقاعد الذي لا يشتغل بعبادة فهذا أولى" (7). ثم إن هذه الآداب ليست بآداب كل قاضي حاجة، إذ فيها   (1) الوسيط 1/ 391. (2) كذا علق عليه النووي في: التنقيح ل 48/ أ. (3) في (أ): جالساً. (4) راجع هذه الآداب وغيرها في: التهذيب ص: 168 وما بعدها، روضة الطالبين 1/ 177، التنقيح ل 48/ أ، مغني المحتاج 1/ 39، نهاية المحتاج 1/ 129، مواهب الصمد في حل ألفاظ الزّبد 1/ 108. (5) في (د): فيما، وفي (أ): فما، والمثبت من (ب). (6) الحسين بن الحسن بن محمَّد بن حليم أبو عبد الله الحليمي البخاري الشافعي، عن أصحاب الوجوه في المذهب، صاحب المصنفات النفيسة منها: المنهاج في أصول الديانة، ولي القضاء ببخاري، وانتهت إليه الرياسة فيما وراء النهر، توفي سنة 403 هـ. انظر ترجمته في: وفيات الأعيان 2/ 137، طبقات السبكي 4/ 333، البداية والنهاية 11/ 373. (7) لم أقف على قوله هذا في مظانه من كتابه المنهاج، وقد ذكر هذا الأدب المحاملي في اللباب ص: 61. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 167 ما يختص بقاضي الحاجة في الصحراء (1)، ومنها ما يختص بقاضي الحاجة في البنيان (2)، والله أعلم. قوله: "وأن (3) لا يستقبل الشمس والقمر" (4) هذا يفارق مثله في القبلة في أمور أربعة: أحدها: تخصيص (5) هذا بالاستقبال دون الاستدبار، هكذا هو في كلامهم (6)، وفي الحديث المحتج به (7). وما في "الشافي" لأبي العباس الجرجاني (8) من التسوية بين استقبال الشمس واستدبارها في الكراهة، غير معروف. والمعنى   (1) مثل: أن يبعد عن أعين الناظرين، وأن يستتر بشيء إن وجد، وأن لا يكشف عورته قبل الانتهاء إلى موضع الجلوس، وغيرها. (2) مثل: أن يقدم الرِجل اليسرى عند الدخول، واليمنى عند الخروج، وأن يقول عند الدخول: بسم الله اللهم إني أعوذ بك من الخبث والخبائث، وغيرها. (3) سقط من (أ). (4) الوسيط 1/ 391. (5) في (أ): يختص. (6) انظر: التنبيه ص: 18، فتح العزيز 1/ 457. (7) وهو ما رواه محمَّد بن علي الحكيم الترمذي في كتاب المناهي مرفوعاً: (نهى أن يبول الرجل وفرجه باد للشمس، ونهى أن يبول الرجل وفرجه باد للقمر). قال الحافظ ابن حجر: "مداره على عباد بن كثير ... وهو حديث باطل لا أصل له، بل هو من اختلاق عبّاد". أهـ التلخيص الحبير 1/ 458. (8) القاضي أبو العباس أحمد بن محمَّد بن أحمد الجرجاني، كان إماماً في الفقه والأدب، صاحب التصانيف البديعة منها: المعاياة، الشافي، التحرير، كتاب الأدباء، ولي القضاء بالبصرة ودرَّس بها، توفي سنة 482 هـ. انظر ترجمته في: طبقات ابن الصلاح 1/ 371، طبقات السبكي 4/ 74، طبقات الأسنوي 1/ 340. وانظر النقل عنه في: المجموع 2/ 94. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 168 فيه: أن الفحش المحذور (فيه) (1) لا يوجد في الاستدبار؛ لأن استقبالهما إنما هو بوقوع شعاعهما على فرجه في تلك الحالة، ولا يوجد مثله في استدبارهما. والثاني: استواء البنيان والصحراء في كراهة (2) ذلك، صرح به المحاملي (3)، ووجه (4) استوائهما فيما ذكرناه. والثالث: ثبوت التحريم في القبلة، والكراهة (5) ههنا. والرابع: أن مستند ذلك من الحديث صحيح معروف في القبلة (6)، وهو في الشمس والقمر ضعيف لا يعرف، روي في كتاب "المناهي" (7) (أن النبي - صلى الله عليه وسلم - نهى أن يبول الرجل وفرجه باد للشمس، ونهى أن يبول وفرجه باد للقمر). فثبتت الكراهة بما فيه من الإفحاش، وإن لم يثبت فيه حديث (8)، والله أعلم.   (1) زيادة من (أ) و (ب). (2) في (أ): كراهية. (3) انظر النقل عنه في: فتح العزيز 1/ 458. (4) في (ب): ووجهه. (5) في (أ): الكراهية. (6) وهو حديث أبي أيوب الأنصاري أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: (إذا أتيتم الغائط فلا تستقبلوا القبلة ولا تستدبروها ببول ولا غائط ... الحديث. رواه البخاري في صحيحه - مع الفتح - كتاب الصلاة، باب قبلة أهل المدينة 1/ 594 رقم (394)، ومسلم في صحيحه - مع النووي - كتاب الاستطابة، باب آداب قضاء الحاجة 3/ 152. (7) لمحمد بن علي الحكيم الترمذي وقد تقدم قريبًا. (8) ذكر هذه الفروق الأربعة النووي في: المجموع/ 14، والتنقيح ل 48/ ب. وقد دلَّ الدليل الصحيح على جواز استقبالهما حيث قال الشيخ عبد الرحمن السعدي في المختارات الجلية ص: 15، 16: "ولأن قوله (ولكن شرقوا أو غربوا) - كما في حديث أبي أيوب الأنصاري السابق - عام في كل وقت وإذا شرَّق وقت طلوعهما استقبلهما، وإذا غرَّب عند ميلانهما للغروب استقبلهما، فدلَّ ذلك على أنه لا بأس بذلك". الجزء: 1 ¦ الصفحة: 169 قوله في تحريم استقبال القبلة واستدبارها: "إلا إذا كان في بناء" (1) هذا ليس على إطلاقه، بل إنما يجوز في البناء (2) إذا كان متخذاً لذلك، وهو الكنيف (3)، أو كان قريباً من الجدار بنحو ثلاثة أذرع، فلو كان في عرصة (4) دار متباعداً عن الجدار لم يجز (5). وليس الاعتبار عندهم (6) في ذلك بمطلق البناء، ومطلق الساتر، وإنما الاعتبار فيه بما يستر عن أعين المصلين (7) من الملائكة والجن كيلا يستقبلهم أو يستدبرهم بفرجه، وهذا المعنى اعتمده الأصحاب في ذلك (8)، وقد روي عن الشعبي (9) بإسناد   (1) الوسيط 1/ 391. (2) في (ب): في البناء عندهم. (3) الكنيف: المرحاض، وجمعه الكُنُف. انظر: القاموس المحيط 3/ 259، المصباح المنير ص: 207. (4) عرصة الدار: ساحتها، وهي البقعة الواسعة التي ليس فيها بناء. انظر: لسان العرب 9/ 135، المصباح المنير ص: 153. (5) انظر: التنقيح ل 48/ ب. (6) سقط من (أ) و (ب). (7) في (أ): الناس المصلين. (8) انظر: الحاوي 1/ 154، التعليقة للقاضي حسين 1/ 309، فتح العزيز 1/ 460. (9) هو عامر بن شراحيل بن عبد بن ذي كبار أبو عمرو الهمداني ثم الشعبي، كان إماماً حافظاً، ذا فنون، ولد في خلافة عمر بن الخطاب، وقد أدرك خلقاً من الصحابة، روى حديثه الجماعة، توفي سنة 104 هـ على الأشهر. انظر ترجمته في: وفيات الأعيان 3/ 12، السير 4/ 294، البداية والنهاية 9/ 239. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 170 ضعيف (1)، وهو يقتضي (2) فيما لو قعد مستقبلاً للقبلة قريباً من الساتر ولكن خلفه فضاء أنه لا يجوز (3)، وقد أجازه صاحب "التهذيب" (4)، وقد روينا عن ابن عمر - رضي الله عنهما - أنه أناخ راحلته، وجلس يبول إليها، فقيل له في ذلك، فقال: (إذا كان بينك وبين القبلة شيء يسترك فلا بأس) رواه أبو داود في "سننه" (5). فأقول: ليس المعنى المحرَّم ما ذكره من ذكره من (6) استقبال المصلين أو استدبارهم. وإنما المعنى فيه: أن جهة القبلة جهة معظمة، وجب تعظيمها   (1) رواه البيهقي بسنده عن عيسى الخياط، قال: "قلت للشعبي: وأنا أعجب من اختلاف أبي هريرة وابن عمر؛ قال نافع: عن ابن عمر: دخلت بيت حفصة فحانت مني التفاتة فرأيت كنيف رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مستقبلاً القبلة. وقال أبو هريرة: إذا أتى أحدكم الغائط فلا يستقبل القبلة ولا يستدبرها. قال الشعبي: صدقا جميعاً، أما قول أبي هريرة فهو في الصحراء، أن لله عباداً - ملائكة وجن - يصلون فلا يستقبلهم أحد ببول ولا غائط ولا يستدبرهم، وأما كنفهم هذه فإنما هو بيت يبنى لا قبلة فيه". السنن الكبرى 1/ 150 - 151، قال البيهقي بعده: "إلا أن عيسى ابن أبي عيسى الخياط هذا هو عيسى بن ميسرة ضعيف". وراجع إحكام الأحكام شرح عمدة الأحكام لابن دقيق العيد 1/ 52. (2) أي التعليل بكونه يكون مستقبلا أو مستدبرا للمصلين من الملائكة والجن. (3) لأنه يكون مستدبراً الفضاء الذي فيه المصلون. انظر: المجموع 2/ 83. (4) انظر التهذيب ص: 171. (5) كتاب الطهارة، باب كراهية استقبال القبلة عند قضاء الحاجة 1/ 20 رقم (11)، وأخرجه كذلك الدارقطني في سننه 1/ 58 وقال: هذا صحيح ورجاله كلهم ثقات، والحاكم في المستدرك 1/ 154 وقال: "صحيح على شرط البخاري"، ووافقه الذهبي، وأخرجه البيهقي في السنن الكبرى كتاب الطهارة 1/ 149 رقم (438)، وقد حسَّن الحديث الألباني في إرواء الغليل 1/ 100 رقم (61). (6) سقط من (أ). الجزء: 1 ¦ الصفحة: 171 باستقبالها في الصلاة، وذلك ينافي استقبالها بالبول والغائط؛ لما فيه من الاستخفاف بها، والهتك لحرمتها (1)، فإذا استتر بالكنيف المتخذ لذلك، وإن لم يقرب من جداره، أو بساتر آخر قرب منه لم يعدّ هاتكاً لحرمتها، بل يعدُّ معظَّماً لها بتحريه الاستتار عنها بذلك، والله أعلم. قوله: "وأن لا يبول في الجحرة" (2) هو بكسر الجيم وفتح الحاء وفي آخره تاء التأنيث جمع جُحر بضم الجيم، وهو انثقب (3) وهو ما استدار، ويلتحق به ما استطال وهو الشق، والسَرَب. وقوله "ففيها إخبار" (4) كان ينبغي أن يؤخر قوله هذا إلى آخرها، فإن مستند الجميع أخبار، وقد عبَّر المؤلف عن كثير منها بغير ألفاظها، وفيها ما هو ضعيف الإسناد (5). قوله "وأن لا يستصحب شيئاً عليه اسم الله تعالى ورسوله" (6) فقوله "ورسوله" لم نجده لغيره (7)، ورأيت جماعة من المصنفين منهم: صاحب   (1) انظر: المجموع 2/ 83. (2) الوسيط 1/ 392. ولفظه: وأن لا يبول في الماء الراكد، ولا تحت الأشجار المثمرة، ولا في الجِحَرة. (3) انظر: لسان العرب 2/ 183، جامع الأصول 7/ 118، المجموع 2/ 86. (4) الوسيط 1/ 392 أي فيما مضى من آداب قضاء الحاجة. (5) انظر. التنقيح ل 48/ ب. (6) الوسيط 1/ 393. (7) قال النووي في التنقيح ل 48/ ب: "اتفق أصحابنا على كراهة استصحاب ما فيه ذكر الله تعالى سواء الورق، والدراهم، والثياب، وغيرها، ولا يحرم ذلك. وأما ما فيه ذكر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فلم يتعرض له الجمهور، وألحقه المصنف هنا، وفي الإحياء، وتابعه عليه الرافعي". أهـ وانظر: إحياء علوم الدين 1/ 156، وفتح العزيز 1/ 472. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 172 "المهذب" (1) قد صرحوا بأن هذا الأدب مستحب، وليتهم قالوا: يجب، والله أعلم. قوله (2): "وأن لا يدخل ذلك البيت حاسر الرأس" (3) روينا فيه في كتاب "السنن الكبير" للبيهقي (4) مسنداً عن عائشة - رضي الله عنها - قالت: (كان النَّبي - صلى الله عليه وسلم - إذا دخل الخلاء غطى رأسه). لكن إسناده ضعيف جداً (5). قال البيهقي: (وقد روي في تغطية الرأس عند دخول الخلاء عن أبي بكر الصديق - رضي الله عنه - وهو عنه صحيح، وروي عن النبي - صلى الله عليه وسلم - مرسلاً) (6)، والله أعلم. قوله: "يقول عند الدخول: أعوذ بالله من الخبث المُخْبِث" (7) فالمخبث بضم الميم، وإسكان الخاء، وكسر الباء، هو الذي أصحابه وأعوانه خبثاً (8)، وقد يكون المخبث الذي يعلَّم غيره الخبث (9). والثابت في "الصحيحين" (10) أنه - صلى الله عليه وسلم - كان يقول: (اللهم إني أعوذ بك من الخبث والخبائث)، والله أعلم.   (1) انظر: التعليقة للقاضي أبي الطيَّب 1/ ل 44/ ب، المهذب 1/ 25، ونقله النووي: عن المحاملي، وابن الصباغ، والشيخ نصر المقدسي. المجموع 2/ 73. (2) في (أ): وقوله. (3) الوسيط 1/ 394. (4) في كتاب الطهارة 1/ 155 رقم (455). (5) انظر: المجموع 2/ 94، تذكرة الأخيار ل 22/ ب. (6) انظر: السنن الكبرى 1/ 155. قال النووي - بعد ان ساق كلام البيهقي هذا -: "وقد اتفق العلماء علي أن الحديث المرسل، والضعيف، والموقوف، يتسامح به في فضائل الأعمال، ويعمل بمقتضاه، وهذا منها". أهـ المجموع 2/ 94. (7) الوسيط 1/ 394. بلفظ: الخبث والخبائث. (8) انظر: مختار الصحاح ص: 167، القاموس المحيط 1/ 224. (9) انظر: لسان العرب 4/ 10، التنقيح ل 49/ أ. (10) انظر: صحيح البخاري - مع الفتح - كتاب الوضوء، باب ما يقول عند الخلاء 1/ 292 رقم (142)، وصحيح مسلم - مع النووي - كتاب الحيض، باب ما يقول إذا أراد دخول الخلاء 4/ 70. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 173 قوله (1): "يقول عند الخروج: الحمد لله الذي أذهب عني ما يؤذيني، وأبقى عليَّ ما ينفعني" (2) قد روي عن طاووس (3) عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مرسلاً (4)، ولا يثبت (5). ومعناه: أن الطعام ينقسم في المعدة إلى صفوٍ وثفلٍ، فالصفو يستحيل دماً، يثبت في عروقه، وبه قوامه. والثفل هو الفضلة المستقذرة التي يلقيها. وذكر غيره (6) أنه يقول ما روته عائشة - رضي الله عنها - (أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان إذا خرج من (الغائط قال: غفرانك). وهو حديث حسن رواه أبو داود (7)، والترمذي (8)، وغيرهما (9). وما روي عن أبي ذر (أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان إذا خرج   (1) في (أ): وقوله. (2) الوسيط 1/ 394. (3) أبو عبد الرحمن طاووس بن كيسان الفارسي اليمني الجَنَدي نسبة إلى جَنَد وهي قرية معروفة باليمن، من كبار التابعين، ومن العلماء الفضلاء الصالحين، اتفق على جلالته، وفضيلته، ووفور علمه، وحفظه، وتثبته، توفي يوم التروية بمكة سنة 106 هـ على قول الجمهور. انظر ترجمته في: وفيات الأعيان 2/ 509، تهذيب الأسماء 1/ 251، السير 5/ 38 (4) رواه الدارقطني في سننه 1/ 57. (5) انظر: تذكرة الأخيار ل 23/ أ. (6) كالقاضي حسين فى التعليقة 1/ 329، والشيرازي في المهذب 1/ 26. (7) في سننه كتاب الطهارة، باب ما يقول الرجل إذا خرج من الخلاء 1/ 30 رقم (30). (8) في جامعه كتاب الطهارة، باب ما يقول إذا خرج من الخلاء 1/ 12 رقم (7). (9) رواه كذلك النسائي في كتاب عمل اليوم والليلة من السنن الكبرى 6/ 24 وابن ماجه في سننه كتاب الطهارة، باب ما يقول إذا خرج من الخلاء 1/ 110 رقم (300)، وأحمد في المسند 6/ 155، والدارمي في سننه 1/ 183، وابن خزيمة في صحيحه كتاب الوضوء 1/ 48 رقم (90)، وابن حبَّان في صحيحه - انظر الإحسان 4/ 291 رقم (1444) -، والحاكم في المستدرك 1/ 158 وصححه، والبيهقي في السنن الكبرى كتاب الطهارة 1/ 156 رقم (461)، وقال عنه الترمذي: "حسن غريب لا نعرفه إلا من حديث إسرائيل عن يوسف بن أبي بردة". وصححه النووي في المجموع 2/ 75، والألباني في إرواء الغليل 1/ 91 رقم (52). الجزء: 1 ¦ الصفحة: 174 من) (1) الخلاء قال: الحمد لله الذي أذهب عنَّي الأذى (2) وعافاني). أخرجه النسائي في كتاب "اليوم والليلة" (3)، ورفعه إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - غير قوي (4)، والصحيح أنه موقوف على أبي ذر. قوله: "وأن يُعِدَّ النبل قبل الجلوس" (5) فقوله "يعدُّ" هو بضم الياء: أي يهيئ (6). و"النبل" عند الأصمعي (7) بضم النون وفتح الباء، وهي جمع نُبلة على مثال سترة وسُتر، والمحدثون يقولونها بفتح النون (8)، وإياه ذكر الزبيدي   (1) ما بين القوسين زيادة من (أ) و (ب). (2) قوله: "أذهب عنَّي الأذى" سقط من (أ). (3) لم أقف عليه في المطبوع منه، ورواه ابن السني في عمل اليوم والليلة ص: 14 رقم (22) عن النسائي (4) قال الترمذي: "ولا نعرف في هذا الباب إلا حديث عائشة". وقال النووي: "حديث أبي ذر هذا ضعيف، رواه النسائي في كتابه عمل اليوم والليلة من طرق بعضها مرفوع، وبعضها موقوف على أبي ذر، وإسناده مضطرب غير قوي". المجموع 2/ 75، وروى ابن ماجه هذا الحديث عن أنس برقم (301) قال البصيري في مصباح الزجاجة 1/ 129: "هذا حديث ضعيف، ولا يصح فيه بهذا اللفظ عن النبي - صلى الله عليه وسلم - شيء". (5) الوسيط 1/ 394. (6) انظر: الصحاح 2/ 506، التنقيح ل 49/ أ. (7) الإمام أبو سعيد عبد الملك بن قريب بن عبد الملك بن على بن أصمع البصري، صاحب اللغة والغريب، والأخبار، والملح، من أئمة الحديث الكبار، روى حديثه أبو داود، والترمذي، قال الذهبي: أكثر تواليفه مختصرات، وقد فقد أكثرها، توفي سنة 216 هـ. انظر ترجمته في: تهذيب الأسماء 2/ 273، السير 10/ 175 وانظر قوله في: غريب الحديث لأبي عبيد 1/ 56، تاج العروس من جواهر القاموس للزبيدي 8/ 134. (8) في (أ) و (ب): النون والباب وانظر: غريب الحديث الموضع السابق، التلخيص الحبير 1/ 472. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 175 اللغوي (1)، وهي عبارة عن حجارة الاستنجاء الصغار (2). وذكر أبو عبيد الهروي أنه من الأضداد يقال للكبار ويقال للصغار (3). وهذا ورد في حديث رواه بعض أصحاب الغريب (4) أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: (اتقوا الملاعن، وأعدوا النبل) ولم أجده ثابتاً (5) ويغني عنه ما رواه أبو داود (6) من حديث عائشة أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: (إذا ذهب أحدكم إلى الغائط فليذهب معه بثلاثة أحجار)، والله أعلم.   (1) إمام النحو أبو بكر محمَّد بن الحسن بن عبيد الله بن مذحج الزبيدي الشامي الحمصي الأندلسي، صاحب التصانيف البديعة والتي منها: الواضح في العربية، واختصار كتاب العين، طبقات النحاة واللغويين، توفي سنة 379 هـ. انظر ترجمته في: وفيات الأعيان 4/ 372، السير 16/ 417. ولم أقف على قوله هذا فيما بين يدي من المصنفات، والله أعلم. (2) انظر: القاموس المحيط 3/ 620، المصباح المنير ص: 225، التنقيح ل 49/ أ. (3) انظر: غريب الحديث 1/ 56. (4) رواه أبو عبيد في غريب الحديث في الموضع السابق، ورواه ابن أبي حاتم في علل الحديث 1/ 37 رقم (76) من حديث سراقة بن مالك مرفوعاً، وصحَّح أبوه وقفه، وقال الحافظ ابن حجر في التلخيص الحبير 1/ 472: إسناده ضعيف. (5) انظر: الجموع 2/ 93، التلخيص الحبير الموضع السابق. (6) في سننه كتاب الطهارة، باب الاستنجاء بالحجارة 1/ 37 رقم (40)، ورواه كذلك النسائي في سننه كتاب الطهارة، باب الاجتزاء في الاستطابة بالحجارة دون غيرها 1/ 44 رقم (44)، وأحمد في المسند 6/ 108، والدارمي في سننه 1/ 171 - 172، والدارقطني في سننه 1/ 54، وقال: إسناده صحيح. وصححه النووي في المجموع 2/ 96. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 176 قوله (1): "وأن يستبرئ عن البول بالتنحنح والنترة (2) " (3) قد روى أبو بكر بن المنذر (4) في النترة حديثاً (5)، وهو بالنون والتاء المثناة من فوق، وذكر صاحب "صحاح اللغة" (6) أنه الجذب في جفوة. وقد أستحب الجذب صاحب "التهذيب" (7). وذلك مما يخاف من إدمانه الضرر على العضو. وقد حكى القاضي الروياني، وصاحب "التتمة" (8) أن النتر هو: الدلك (الشديد) (9)، وقال الروياني أيضاً:   (1) سقط من (أ). (2) في (ب): النتر. (3) الوسيط 1/ 394. (4) الإمام المشهور أبو بكر محمد بن إبراهيم بن المنذر النيسابوري، المجمع على إمامته وجلالته، ووفور علمه، وجمعه بين الحديث والفقه، صاحب التصانيف البديعة والتي منها: الأوسط، والإشراف، والإجماع، توفي سنة 318 هـ. انظر ترجمته في: تهذيب الأسماء 2/ 196، السير 14/ 490، طبقات السبكي 3/ 102. (5) في كتابه الأوسط في السنن والإجماع والخلاف 1/ 343 ونصه: "روينا عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: إذا بال أحدكم فلينتر ذكره ثلاث مرات". والحديث رواه ابن ماجه في سننه كتاب الطهارة وسننها، باب الاستبراء بعد البول 1/ 118 رقم (326)، والإمام أحمد في المسند 4/ 347 من حديث عيسى بن يزداذ بن فساء عن أبيه، قال البصيري: "أزداذ ويقال له: يزداذ، لا تصح له صحبة، وزمعة ضعيف". مصباح الزجاجة 1/ 138, وقال النووي: "واتفقوا على أنه ضعيف، وقال الأكثرون هو مرسل، ولا صحبة لـ يزداذ". المجموع 2/ 91، وضعفه الألباني في ضعيف سنن ابن ماجه ص: 27 رقم (69). (6) انظر: الصحاح 2/ 822. (7) انظر: التهذيب ص: 179. (8) انظر النقل عنهما في المطلب العالي 1/ ل 283/ ب. (9) زيادة من (أ) و (ب). الجزء: 1 ¦ الصفحة: 177 "هو أن يضع إصبعه على ابتداء مجرى بوله، وهو من عند حلقة الدبر، ثم يسلت (1) المجرى إلى رأس الذكر". وذكر إمام الحرمين (2) نحو هذا. وهو حسن بالغ في الاستبراء (3)، ولكن في لفظ النتر قصور عنه من حيث اللغة، والله أعلم. عبَّر عن نصه في القديم فقال: "ويجوز الاقتصار فيه على الحجر ما لم ينتشر عنه، ما لا ينتشر عن العامة" (4) وإنما عبارته فيما نقله الفوراني (5) في "الإبانة" (6)، وغيره (7): "ما لم (8) ينتشر منه إلا ما ينتشر من العامة"، وهكذا عبارته في "الوجيز" (9)، ومحصولهما واحد، وذلك أنما (10) ينتشر من العامة (11) هو محل   (1) يسلت: يمسح. انظر: النهاية في غريب الحديث والأثر 2/ 388. (2) في نهاية المطلب 1/ ل 41/ أ. (3) بل هو من البدع المحدثة، نبَّه على ذلك ابن القيم ونقله عن شيخه ابن تيمية رحمهما الله. انظر: إغاثة اللهفان 1/ 166 - 167. (4) الوسيط 1/ 396. (5) الإمام عبد الرحمن بن محمَّد بن أحمد بن فوران الفوراني المروزي أبو القاسم، أحد أئمة الشافعية، كان خبيراً بالأصول والفروع، أخذ الفقه عن القفال، له تصانيف في الفقه منها: الإبانة، توفي سنة 461 هـ. انظر ترجمته في: تهذيب الأسماء 2/ 280، طبقات السبكي 5/ 109، البداية والنهاية 12/ 105. (6) ل 11/ ب. (7) كالمزني في مختصره ص: 5، والقاضي حسين في التعليقة 1/ 320. (8) في (د): لا، والمثبت من (أ) و (ب)، لموافقته للمنقول. (9) 1/ 14 - 15 (10) في (أ): ما. (11) في (د): العادة، وهو تصحيف، والمثبت من (أ) و (ب)، غير أن في (ب): من العامة هل هو ... الخ. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 178 الجواز، وما لا ينتشر من العامة هو محل عدم الجواز، فهما نقيضان لا يخلو المحل من أحدهما، والنقيضان أو الضدان اللذان لا يخلو المحل من أحدهما يجوز أن يعبَّر عن كل واحد منهما بنفي ضده إذ (1) يلزم من انتفاء ضده وجوده، ففي عبارته في "الوسيط" عبَّر عن صورة الجواز من المنتشر بنفي ضدها، وفي عبارته في "الوجيز" عبَّر عن صورة الجواز بذكرها بنفسها بلفظ خاص فيها. والمراد بلفظ العامة: معظم الناس، والله أعلم. قوله: "ومنهم من تأوَّل ما نقله الربيع" (2) ذكر الفوراني (3) أنه تأوله على ما إذا كان بين الإليتين، لا في داخل المخرج. وهذا تأويل بعيد، والله أعلم. قوله: "وقال العراقيون: لا يكفي الحجر في دم الحيض الموجب للغسل" (4) لا يُتَوهم من هذا أن فيه خلافاً من غيرهم، فإنه لا يعرف فيه خلاف (5). وسبب نسبته إليهم أنهم بدؤوا بذكره (6). و (7) كذلك قوله: "وعدُّوا الذي من النجاسات   (1) في (أ): إذا. (2) الوسيط 1/ 397. وقبله: ونقل الربيع أنه إن كان في جوف مقعدته بواسير فلا يجزئه الاستنجاء إلا بالماء. فمن الأصحاب من جعل هذا قولاً، وعلل القولين بأن الاعتبار بالخارج أو المخرج، ومن الأصحاب من تأول ... الخ. (3) انظر: الإبانة ل 11/ ب، وراجع نقل التأويل في فتح العزيز 1/ 478. (4) الوسيط 1/ 397. (5) هذا الاتفاق في حق المغتسلة؛ لأنه يلزمها غسل محل الاستنجاء في غسل الحيض، أما إذا انقطع عنها دم الحيض وكان لها عذر في عدم الغسل فقد صرح الماوردي بجواز الاستنجاء بالحجر لها. انظر: الحاوي 1/ 160، المجموع 2/ 128، روضة الطالبين 1/ 178. (6) انظر: التنقيح ل 49/ ب. (7) سقط من (أ). الجزء: 1 ¦ الصفحة: 179 النادرة" (1) لا خلاف فيه، بل المقطوع به في الكتب كونه من النجاسات النادرة (2). وكذلك أسقط بعضهم من قوله في "الوجيز" (3): "وقيل: إن المذي (4) نادر". لفظة "قيل" على أن قول القائل: قيل كذا، من غير أن يذكر غيره، بمنزلة قوله: ذكر كذا، لا يستدعي كونه مختلفاً فيه، والله أعلم. قوله: "ومنهم من قَطَع بما ذكرناه، وهو المنصوص في القديم، وأوَّل هذه النصوص" (5) أما تأويل ما نقله المزني: فهو أنه أراد بقوله: "ما لم يَعْدُ المخرج" (6) حلقة الدبر وما حولها. فعبَّر بالمخرج عن الجميع. وتأويل نقل الربيع: "ما لم يخرج إلى ظاهر الإليتين" (7) ما لم يخرج عن المعتاد. جعل ذلك ضابطاً لذلك على التساهل، والله أعلم. قوله: "احترزنا بالطاهر عن الروث، والعين النجسة" (8) لا يتناول بظاهره (9) النجس بالمجاورة، وهو داخل في ذلك (10)، والله أعلم.   (1) الوسيط 1/ 397. (2) انظر: الحاوي 1/ 160، التعليقة للقاضي أي الطيَّب 1/ ل 45/ أ، حلية العلماء 1/ 181. (3) 1/ 15. (4) في (أ): المني. (5) الوسيط 1/ 397 - 398. وقبله: واختار القفال ... أنه إن خرج غير المعتاد خالصاً لم يكفي الحجر، وقال العراقيون ... ونقل المزني: أنه يستنجي ما لم يعد المخرج. ونقل الربيع: أنه يستنجي ما لم يخرج إلى ظاهر الإليتين. فمنهم من جعل النصين قولين آخرين، ومنهم من قطع ... الخ (6) انظر: مختصره ص: 5. (7) انظر: الأم 1/ 73. (8) الوسيط 1/ 399. وقبله: إن اقتصر على الحجر فليكن طاهراً منشَّفاً غير محترم، ولا يختص بالحجر؛ لأن ما عداه في معناه. احترزنا بالطاهر ... الخ (9) في (د): بالطاهر، والمثبت من (أ) و (ب). (10) انظر: التنقيح ل 49/ أ. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 180 قوله في المنع من الاستنجاء بالزجاج الأملس: "لأنه (1) يبسط النجاسة، فإن نقلها عن محلها تعين الماء" (2) هذا يُصحَّف (3) ويقرأ قوله "فإن" بالتشديد أي النقل لها يوجب استعمال الماء، وإنما صوابه فإن نقلها بحرف الشرط أي إذا استنجى بالزجاج ثم أراد أن يستنجي بالحجر نظرت: فإن نقل الزجاج النجاسة لم يجز ذلك، وتعين الماء، كان لم ينقلها جاز الاستنجاء بالحجر. بخلاف الذي ذكره قبله من الاستنجاء بنجس (4)، فإنه يتعين فيه الماء مطلقاً من غير تفصيل (5). فأراد الفرق في ذلك بين الاستنجائين الفاسدين، كما فعله الفوراني (6)، وهو يحذو حذوه كثيراً، والله أعلم. قوله: "وفي التراب والحُمَمَة اختلاف نصًّ" (7) هي الحممة بضم الحاء المهملة وفتح الميم (8). المشكل في هذا توجه قول من أثبت قولاً في المنع (9) في الحُمَمة الصلبة القالعة، وقول من أثبت قولاً في الجواز في الحممة المتفتتة والتراب (10). أما المنع في الحممة فقد روينا عن ابن مسعود قال: (قدم وفد الجنِّ على رسول الله   (1) في (أ) و (ب): فإنه. (2) الوسيط 1/ 399. (3) في (د): تصحيف، والمثبت من (أ) و (ب). (4) قال الغزالي: "احترزنا بالطاهر عن الروث والعين النجسة؛ فإنها تزيد المحل نجاسة أجنبية، فيتعين الماء بعد استعمالها". الوسيط 1/ 399. (5) وراجع: التنقيح ل 49/ ب - ل 50/ أ. (6) انظر: الإبانة ل 11/ ب. (7) الوسيط 1/ 399. وقبله: وبقولنا - أي احترزنا - منشَّف: عن الزجاج الأملس ... وفي التراب ... الخ. (8) انظر: القاموس المحيط 4/ 44، لسان العرب 3/ 343، والحُمَمة: الفحم. (9) في المنع: سقط من (أ). (10) راجع فتح العزيز 1/ 494 - 495، المطلب العالي 1/ ل 294/ ب - ل 295/ أ. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 181 - صلى الله عليه وسلم - فقالوا: يا محمَّد أنهَ أمتك أن يستنجوا بعظم، أو روثة، أو حممة؛ فإن الله تعالى جعل لنا فيها رزقاً. قال: فنهى النبي - صلى الله عليه وسلم -) كذا أخرجه أبو داود في "سننه" (1) من بين أصحاب الكتب الستة. وأما الجواز في التراب والحممة فقد روينا مرسلاً عن طاووس عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: (ليستطب بثلاثة أحجار، أو ثلاثة أعواد، أو ثلاث (2) حثيات من تراب) رواه الدارقطني في "سننه" (3)، ولا يثبت مرفوعاً، وهو صحيح عن طاووس من قوله، والله أعلم. قوله: "والاستنجاء بيد الغير" (4) هذا القيد على طريقة شيخه (5) حيث قطع بجواز الاستنجاء بيد نفسه، وخطَّأ من ذكره فيه خلافاً، وقال: إنه لا حرج على المرء في تعاطي النجاسة باليد، وحرَّمه بيد غيره. وقد عكس ذلك (6) صاحب "الحاوي" (7) فجوَّزه (8) بيد غيره ولم يجوِّزه (9) بيد نفسه، والله أعلم.   (1) في كتاب الطهارة، باب ما ينهى عنه أن يستنجى به 1/ 36 رقم (39). قال المنذري في مختصر سنن أبي داود 1/ 37: "في إسناده إسماعيل بن عيَّاش وفيه مقال"، وقد صحح الحديث الألباني في صحيح سنن أبا داود 1/ 10 رقم (30). (2) في (د): ثلاثة، والمثبت من (أ) و (ب)؛ لأن مفرد حثيات حثية. (3) 1/ 57. ورواه البيهقي في السنن الكبرى كتاب الطهارة 1/ 178 - 179 رقم (537، 538)، وقال: "الصحيح أنه من كلام طاووس". وقال النووي: "وهذا ليس بصحيح عن النبي - صلى الله عليه وسلم -". المجموع 2/ 113. (4) الوسيط 1/ 399. وقبله: وبقولنا - أي احترزنا بقولنا - غير محترم: عن المطعومات، وما كتب عليه شيء محرّم، والعصفورة الحيَّة، والاستنجاء بيد ... الخ. (5) انظر: نهاية المطلب 1/ ل 42/ ب. (6) سقط من (ب). (7) انظر: الحاوي 1/ 168. (8) في (أ): فجوز. (9) في (أ): فجوز، وفي (ب): يجزه. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 182 قوله في العظم: (قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: إنه طعام إخوانكم من الجن) (1) هذا حديث صحيح أخرجه مسلم (2) من حديث ابن مسعود، والله أعلم. قوله: (قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: يُقبل بواحد ... الحديث) (3) هو حديث لا يثبت، ولا يعرف في كتب الحديث (4). وأما الحديث الذي بعده وهو قوله: "حجر للصفحة اليمنى" (5) فهو حديث رواه سهل بن سعد الساعدي (6) ولفظه: (أَوَلا يجد أحدكم ثلاثة أحجار: حجران للصفحتين، وحجر للمسربة) وليس له إلا إسناد واحد (7)، ولكن قال الدارقطني: "إنه إسناد حسن" (8). والمسربة:   (1) الوسيط 1/ 399. (2) في صحيحه - مع النووي - كتاب الصلاة، كتاب الجهر بالقراءة في الصبح والقراءة على الجن 4/ 170، ورواه البخاري بنحوه من حديث أبي هريرة - رضي الله عنه - انظر صحيح البخاري - مع الفتح - كتاب مناقب الأنصار، باب ذكر الجن ... 7/ 208 رقم (3860). (3) الوسيط 1/ 402. وتمام الحديث: ويدبر بواحد، ويحلق بالثالث. (4) قال النووي: "ضعيف منكر لا أصل له". المجموع 2/ 106، كذا التنقيح ل 50/ أ، وقال ابن الملقن: "ولم أقف على من خرَّجه"، ثم ذكر كلام ابن الصلاح والنووي السابق. تذكر الاخيار ل 23/ ب، وراجع التلخيص الحبير 1/ 511. (5) الوسيط 1/ 402. وتمام الحديث: وحجر للصفحة اليسرى، وحجر للوسط. (6) أبو العباس، وقيل: أبو يحيى سهل بن سعد بن مالك بن خالد بن ثعلبة الخزرجي الأنصاري الساعدي، كان اسمه حَزَناً فسماه النبي - صلى الله عليه وسلم - سهلاً، شهد قضاء النبي - صلى الله عليه وسلم - على المتلاعنين، روي له (188) حديثاً، وهو آخر من مات من الصحابة بالمدينة سنة 91 هـ. انظر ترجمته في: تهذيب الأسماء 1/ 238، السير 3/ 422، الإصابة 4/ 275. (7) انظر: التلخيص الحبير 1/ 515، والحديث أخرجه: الدارقطني في سننه 1/ 56، والبيهقي في السنن الكبرى، كتاب الطهارة 1/ 183 رقم (553). (8) سننه الموضع السابق، وكذا قال البيهقي في السنن الكبرى الموضع السابق، وحسنه النووي في المجموع 2/ 106. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 183 هي مجرى الغائط (1). وعند هذا نقول: لا اختلاف بين الحديثين، وكلاهما يحمل على استيعاب جميع المحل بالثلاثة. وقوله: حجران للصفحتين: معناه كل واحد منهما للصفحتين (2)، والله أعلم. وذكر (3) ما ذكر (4) غيره (5) من أن الخلاف المذكور خلاف (6) في الأحبِّ، أو خلاف في الوجوب؟، وذكر في الدرس أنه ينبغي أن يقال: من قال باستيعاب جميع المحل بكل حجر فلا يجوز عنده تخصيص كل جانب بحجر؛ فإنه أقل، ومن قال بالتخصيص جوَّز الاستيعاب؛ فإنه أعلى. وهذا الذي قاله من عنده (7) مليح.   (1) انظر: لسان العرب 6/ 226، المصباح المنير ص: 104. (2) انظر: المجموع 2/ 106. (3) أي الغزالي وذلك في الوسيط 1/ 403. (4) في (أ): ذكره. (5) انظر: نهاية المطلب 1/ ل 46/ أ، فتح العزيز 1/ 514، وراجع المطلب العالي 1/ ل 302/ ب. (6) سقط من (ب). (7) سقط من (أ). الجزء: 1 ¦ الصفحة: 184 ومن الباب الثالث: في الأحداث أراد الحدث الأصغر، دون الحدث الأكبر، ففيه الباب الرابع، والله أعلم. قوله في الخارج: "طاهراً كان أو نجساً" (1) المراد نجس العين أو طاهر العين وإن كان نجساً بالمجاورة، كما إذا خرجت منه حصاة أو دودة، وبهذا مثَّله في الدرس (2)، ولا سبيل إلى أن نفسره بالمني؛ لكونه طاهراً مطلقاً، فإنه لا يوجب الحدث الأصغر عنده (3) على ما صرح به في آخر باب الغسل (4)، وذلك هو المشهور خلافاً للقاضي أبي الطيِّب الطبري (5) حيث جعله موجباً للحدثين معاً. ومن المستطرف ما بلغني عن بعض المشايخ المعروفين من أصحاب محمَّد بن يحيى من الخلافيين أنه التزم تصوير ذلك (6) في الطاهر من حيث العين، والمجاورة، وزعم أن صورته: أن يبلع حُقَّاً (7) مطبقاً على خاتم، ثم ينزل حتى   (1) الوسيط 1/ 405. وقبله: السبب الأول: خروج الخارج من أحد السبيلين ريحاً كان أو عيناً، نادراً أو معتاداً، طاهراً أو ... الخ (2) انظر: التنقيح ل 50/ ب - ل 51/ أ. (3) سقط من (أ). (4) انظر: الوسيط 1/ 429. (5) القاضي أبو الطيب طاهر بن عبد الله بن طاهر الطبري - من طبرستان - ثم البغدادي الشافعي، شرح مختصر المزني، وصنف في الخلاف والمذهب والأصول والجدل، توفي سنة 450 هـ عن 102 عام لم يختل عقله، ولا تغيَّر فهمه، يفتي مع الفقهاء، ويستدرك عليهم، ويقضي ويشهد. انظر ترجمته في: تهذيب الأسماء 2/ 247، السير 17/ 668، طبقات السبكي 5/ 12. وانظر قوله في: التعليقة 1/ ل 54/ أ، 1/ ل 59/ ب. (6) في (ب): تصويره في الطاهر ... الخ. (7) الحُق بالضم: وعاء من خشب. انظر: القاموس المحيط 3/ 300. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 185 يقف عند حلقة الدبر، وينفتح ويخرج منه الخاتم ساقطاً. أو كما قال، وهذا هوش (1) عجيب، والله أعلم. قوله: "لاسترخاء الأَسْر" (2) هو الأسْر بفتح الهمزة وإسكان السين، وهو (3) الخلق، وقيل: موضع الغائط والبول، ويقع ذلك لصاحب الآدرة (4)، والله أعلم. قوله: "ولا وضوء مما مسته النار، خلافاً لأحمد" (5) هذا (6) غير صحيح؛ إنما هو خلاف لطائفة من الصحابة والتابعين (7)، وخلاف لداود (8) إن اعتبرنا   (1) يقال يهوِّش القواعد: أي يخلطها. انظر: المصباح المنير ص: 246. (2) الوسيط 1/ 405. وقبله: وقد تخرج الريح من الإحليل لاسترخاء ... الخ. (3) في (د): وهو أصل موضع الحلق، والمثبت من (أ) و (ب)، وهو الموافق لنقل ابن الرفعة عنه في المطلب العالي 2/ ل 1/ ب. (4) انظر: القاموس المحيط 2/ 6، تفسير القرطبي 19/ 98 في تفسير قوله تعالى: {وَشَدَدْنَا أَسْرَهُمْ}، التنقيح ل 50/ ب، المطلب العالي الموضع السابق. وصاحب الآدرة: هو عظيم الخصيتين. انظر: المصباح المنير ص: 4. (5) الوسيط 1/ 405. (6) في (د): وهذا، والمثبت من (أ) و (ب). (7) كابن عمر، وزيد بن ثابت، وأبي طلحة، وأبي موسى، وأبي هريرة، وعائشة، وأنس، وعمر بن عبد العزيز، والحسن، والزهري، وأبي قلابة، وأبي مجلز. انظر: المغني 1/ 255، المجموع 2/ 57. (8) هو داود بن علي بن خلف الأصبهاني ثم البغدادي أبو سليمان، إمام أهل الظاهر، الفقيه، أخذ العلم عن إسحاق بن راهويه، وأبي ثور، وفضائله، وزهده، وورعه، ومتابعته للسنة مشهورة، توفي ببغداد سنة 270 هـ، من مصفاته: الإيضاح، والإفصاح، الأصول، الدعاوى، الذب عن السنة والأخبار، الإجماع، إبطال القياس. انظر ترجمته في: تهذيب الأسماء 1/ 182، السير 13/ 97، البداية والنهاية 11/ 51. وانظر النقل عنه في: البسيط للغزالي 1/ ل 32/ أ. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 186 خلافه (1). وأما خلاف أحمد فإنما هو في أكل لحم (2) الجذور، فإنه ينقض الوضوء عنده (3)، وهو قول قديم للشافعي (4) - رضي الله عنهم - قوله: "التفريع: حيث يحكم بانتقاض الطهر، فلو كان الخارج نادراً فقولان" (5) إنما خصَّ النادر بأن جعله تفريعاً دون عكسي الأمرين الآخرين، مع أن الأمور الثلاثة متساوية في كونها قيوداً في الأصل؛ لأنه يتفرع على عكسي الأمرين الآخرين أيضاً، فإنا إذا حكمنا بانتقاض الطهر فيما لو كان المسلك المعتاد منفتحاً، والثقبة الزائدة أسفل المعدة، والخارج معتاداً، وحكمنا بالانتقاض فيما لو كان المسلك المعتاد منسداً، والثقبة فوق المعدة، والخارج معتاداً (6)، فلو كان الخارج منهما نادراً ففي الانتقاض (7) قولان (8)، والله أعلم.   (1) ذكر كل من ترجم لداود - حسب ما اطلعت - مسألة هل يعتبر بخلاف نفاة القياس؟ وذكروا فيها قولين. (2) في (أ): لحوم. (3) انظر: كتاب المسائل ص: 112 - 113، المغني 1/ 250، الإنصاف 1/ 216، الروض المربع 1/ 40. (4) انظر: التلخيص لابن القاص ص: 93، نهاية المطلب 1/ ل 55/ ب، وهو الراجح من حيث الدليل وقد رجحه النووي في المجموع 2/ 58 حيث قال: "والقديم ينتقض وهو ضعيف عند الأصحاب ولكنه هو القوي أو الصحيح من حيث الدليل، وهو الذي أعتقد رجحانه". (5) الوسيط 1/ 407. وبعده: فمحل القطع عند اجتماع ثلاثة أمور: أن يكون السبيل المعتاد منسداً، وأن تكون الثقبة تحت المعدة، وأن يكون الخارج معتاداً. فعند فقد بعض هذه المعاني يثور التردد. أهـ (6) قوله: "فيما لو كان المسلك المعتاد منسداً ... معتاداً" سقط من (أ). (7) في (أ): الاستنقاض. (8) أظهرهما وأصحهما الانتقاض في الصورة التي ذكرها الغزالي، وعدم الانتقاض في الصورتين اللتين ذكرهما ابن الصلاح. انظر: فتح العزيز 2/ 14 - 15، المجموع 2/ 8 - 9. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 187 قوله: "بغَشْية أو إغماء" (1) هما مستعملان بمعنى واحد، وكأنه أراد بالغَشْية ما قصرت مدته، وبالإغماء ما طالت مدته (2)، أو ما يكون معه صرع من غير جنون، كما قال شيخه: "بجنون، أو صَرْعة، أو غَشْية (3)، والله أعلم. (4) قوله: (لما روي أن طلحة قال لرسول الله - صلى الله عليه وسلم -: أمن هذا وضوء؟ وكان قد نام قاعداً، فقال: لا أَوَتضع جنبك) (5) هذا حديث غير ثابت، ولامعروف، وقد روينا ذلك (6) في كتاب "السنن الكبير" (7) بإسناد ضعيف عن حذيفة بن اليمان لا عن طلحة. والمعتمد في المسألة حديث أنس قال: (كان أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ينامون - أي قعوداً - ثم يقومون فيصلون ولا يتوضؤون). رواه مسلم في "صحيحه" (8)، وفي رواية: (على عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم -) (9)، والله أعلم.   (1) الوسيط 1/ 408. وقبله: السبب الثاني: زوال العقل: فإن حصل بغشية ... الخ. (2) انظر: التنقيح ل 51/ أ. (3) نهاية المطلب 1/ ل 42/ ب. (4) هذه الفقرة جميعها سقط من (ب). (5) الوسيط 1/ 408. وقبله: وقال المزني: النوم كالإغماء فينتقض الوضوء بكل حال، وهو ضعيف لما روي ... الحديث. وانظر مختصر المزني ص: 6. (6) في (ب): في ذلك. (7) في كتاب الطهارة، باب ترك الوضوء من النوم قاعداً 1/ 194 رقم (596)، وقال عقيبه: "وهذا الحديث ينفرد به بحر بن كنيز السقاء عن ميمون الخياط، وهو ضعيف لا يحتج بروايته". أهـ ونقل كلامه هذا الزيلعي وابن حجر وأقرَّاه عليه انظر: نصب الراية 1/ 45، التلخيص الحبير 2/ 24 - 25، وقال النووي: "هذا حديث منكر، وقد رواه البيهقي بإسناد ضعيف من رواية حذيفة لا من رواية طلحة". أهـ التنقيح ل 51/ أ - ب. (8) في كتاب الحيض، باب الدليل على أن نوم المجالس لا ينقض الوضوء 4/ 72. (9) رواها أبو داود في سننه كتاب الطهارة، باب في الوضوء من النوم 1/ 138 رقم (200)، والبيهقي في السنن الكبرى كتاب الطهارة 1/ 193 رقم (591). وحكم عليها الألباني بالصحة انظر: صحيح سنن أبي داود 1/ 40 رقم (185). الجزء: 1 ¦ الصفحة: 188 قوله في الآية الواردة في ملامسة النساء ولمسهن (1): "حمله الشافعي على الجسِّ باليد" (2) هو الجَسُّ بفتح الجيم (3)، وهذا التخصيص غير مرضي، فإن الشافعي إنَّما (4) حمله على التقاء البشرتين، والجسَّ باليد، واحتج بقول ابن عمر - رضي الله عنه -: (قُبلة الرجل امرأته وجسها بيده من الملامسة) (5)، والله أعلم. قوله في طهر الملموس: "الثاني: ينتقض؛ تشوفاً إلى المعنى؛ لأنَّ الملامسة مفاعلة" (6) هذا كلام مشكل، لم يبينه في موضع آخر، وبيانه: أنا راعينا الشهوة في ذلك لإشعار لفظ الملامسة به، والملامسة مفاعلة تقتضي استواء الجانبين، والملموس يشارك اللامس في ثوران الشهوة، فجعل لامساً في الحكم، والله أعلم. قوله: "فلكل ساقطة لاقطة" (7) الهاء فيه للمبالغة، وهذا مثل استعملوه في غير هذا يعنون به: لكل ساقطة من الكلام لاقطة يسمعه منك فيحصيه عليك (8)، والله أعلم.   (1) أي قوله تعالى: {أَوْ لَامَسْتُمُ النِّسَاءَ} سورة النساء الآية (43)، وسورة المائدة الآية (6). (2) الوسيط 1/ 410. (3) انظر: لسان العرب 2/ 282، مختار الصحاح ص: 104، والجس: اللمس باليد. (4) سقط من (أ). (5) انظر: الأم 1/ 62 - 63، وأثر ابن عمر أخرجه كذلك الإِمام مالك في الموطأ - مع الزرقاني - كتاب الطهارة، باب الوضوء من قبلة الرجل امرأته 1/ 132 رقم (93)، والبيهقي في السنن الكبرى، كتاب الطهارة 1/ 199 رقم (608). (6) الوسيط 1/ 411. وقبله: الملموس وفيه قولان ... الثاني ... الخ. (7) الوسيط 1/ 411، وقبله: الثالث: في المَحْرَم والصغيرة التي لا تشتهى قولان: أصحهما: أنه لا ينتقض تشوفاً إلى المعنى. والعجوز الهرمة ينتقض الوضوء بلمسها؛ فلكل ساقطة ... الخ (8) انظر: مجمع الأمثال للميداني 2/ 185. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 189 قوله (1) - صلى الله عليه وسلم -: (من مسَّ ذكره فليتوضأ) (2) هذا الحديث حسن ثابت من حديث بسرة بنت صفوان (3)، أخرجه أصحاب كتب "السنن" (4) بأسانيد (5)، ولم يُخرَّج في "الصحيحين".   (1) في (ب): قوله: قال. (2) الوسيط 1/ 412. وقبله: السبب الرابع: مس الذكر، ثم ساق الحديث. (3) بسرة بنت صفوان بن نوفل بن أسد بن عبد العزى، وورقة بن نوفل عمها، وهي جدة عبد الملك بن مروان أم أمه، وهي ممن بايع رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، روي لها (11) حديثاً عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -. انظر ترجمتها في: تهذيب الأسماء 2/ 333، المجموع 2/ 36، الإصابة 12/ 158. (4) في (ب): الكتب الستة. وقد أخرجه أبو داود في سننه كتاب الطهارة 1/ 125 باب الوضوء من مس الذكر رقم (181)، والترمذي في جامعه أبواب الطهارة، باب الوضوء من مس الذكر 1/ 126 رقم (82)، وقال: "هذا حديث حسن صحيح"، والنسائي في سننه كتاب الطهارة، باب الوضوء من مس الذكر 1/ 108 رقم (163)، وابن ماجه في سننه كتاب الطهارة وسننها، باب الوضوء من مس الذكر 1/ 161 رقم (479)، ومالك في الموطأ - مع الزرقاني - كتاب الطهارة، باب الوضوء من مس الفرج 1/ 129 رقم (88)، والشافعي في الأم 1/ 67، وفي المسند ص 355، وأحمد في المسند 6/ 406، والطحاوي في شرح معاني الآثار 1/ 71، وابن خزيمة في صحيحه كتاب الوضوء 1/ 22 رقم (33)، وابن حبَّان في صحيحه - انظر الإحسان 3/ 398 رقم (1114) -، والدارقطني في سننه 1/ 146، والحاكم في المستدرك 1/ 137، والبيهقي في السنن الكبرى كتاب الطهارة 1/ 204 رقم (616)، وانظر الكلام على الحديث في: نصب الراية 1/ 54، التلخيص الحبير 2/ 37، نيل الأوطار 1/ 233 وقد حكموا على الحديث بالصحة. (5) هكذا في جميع النسخ، ولعل فيه نقص، وتمامه: "بأسانيدهم الصحيحة". وهكذا ذكره ابن الملقن في تذكرة الأخيار ل 24/ ب وذلك بعد أن ذكر من رواه من أصحاب الكتب قال: "بأسانيدهم الصحيحة". وهو عادة ينقل كلام ابن الصلاح في حكمه على الأحاديث، والله أعلم. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 190 قوله: "وفي معناه: من مسَّ ذكر غيره، وكذلك المرأة إذا مست فرجها" (1) تحقيق هذا: أنه يجري في الأحكام التعبدية الإلحاق بطريق لا فارق - سميناه قياساً أو لم نسمه قياساً؛ لأنه لا يتوقف على إبراز علة جامعة - وإنما يمتنع فيها قياس العلة وما يلتحق به لتوقفه على علة جامعة تفصيلاً، وذلك متعذر في التعبدي (2)، وهذا مقرر في فنِّ أصول الفقه (3)، والله أعلم. قوله في انتقاض الوضوء بمسَّ فرج الصغير: "قال الشيخ أبو محمَّد: هذا يدل على تحريم النظر إلى فرج الصغير، فيحمل ما روي من تقبيل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - زبيبة الحسن أو الحسين على جريانه وراء الثوب" (4) هذا التأويل صالح لدفع الاستدلال به على عدم الانتقاض، لا للمنع (5) من الاستدلال به على جواز النظر؛ إذ في الحديث: (كنا عند النبي - صلى الله عليه وسلم - فجاء الحسن فأقبل يتمرَّغ عليه، فرفع عن قميصه وقبَّل زبيبته). مع أنه ليس فيه أنه صلى ولم يتوضأ، ثم إنه حديث ضعيف، رويناه في "السنن الكبير" (6) عن أبي ليلى   (1) الوسيط 1/ 412. (2) في (أ): في التعبد. (3) انظر: الإحكام في أصول الأحكام للآمدي 4/ 4، البحر المحيط 5/ 50. (4) الوسيط 1/ 412. وانظر قول أبي محمَّد الجويني في نهاية المطلب لابنه إمام الحرمين 1/ ل 53/ أ - ب. (5) في (د): لأن المنع، والمثبت من (أ) و (ب). (6) في كتاب الطهارة، باب ترك الوضوء من مس الفرج بظهر الكف 1/ 215 رقم (651). قال البيهقي بعده: "فهذا إسناده غير قوي، وليس فيه أنه مسه بيده ثم صلى ولم يتوضأ". قال النووي في التنقيح ل 52/ أ: "وهو حديث ضعيف، متفق على ضعفه". وراجع: تذكرة الأخيار ل 25/ أ - ب، التلخيص الحبير 2/ 62. ورواه الطبراني في معجمه الكبير 3/ 45 رقم (2658) من طريق قابوس بن أبي ظبيان عن أبيه عن ابن عباس، وأورده الهيثمي في مجمع الزوائد 9/ 298 - 299 رقم (15108) وقال: "إسناده حسن". وقال الحافظ ابن حجر في الموضع السابق من التلخيص الحبير: "وقابوس ضعَّفه النسائي". أهـ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 191 الأنصاري (1) يتداوله بُطُون من ولده فيهم من لا يحتج به. والصغير فيه هو الحسن المكبَّر (2) - رضي الله عنه -. وما ذكره من تحريم النظر إلى فرج الصغير فيه وجهان ذكرهما صاحب "التتمة" (3): أحدهما: الجواز لتسامح الناس في ذلك قديماً وحديثاً، وذكر أنه الصحيح، وأن إباحة ذلك تبقى إلى أن يصير بحيث يمكنه أن يستر عورته عن الناس. وفيما عَلَّق عن شيخه القاضي حسين: القطع بأنه يجوز النظر إلى فرج الصغيرة التي لا تُشْتَهى مثل بنت سنة (4)، وذكر مثل ذلك في فرج الصبي الصغير، والله أعلم قوله في دلالة نبات اللحية ونهود الثدي (5): "الأظهر أن لا عبرة بهما (6)؛ لأن ذلك لا يعدُّ نادراً على خلاف المعتاد (7) " (8) ووقع في بعض النسخ "لأن ذلك يعدُّ   (1) في السنن الكبرى: عن عبد الرحمن بن أبي ليلى قال: كنا عند النبي - صلى الله عليه وسلم - ... الحديث، وجاء في ترجمة عبد الرحمن: أنه شهد أحداً مع أبيه أبي ليلى. انظر: الإصابة 6/ 319. أما أبو ليلى والد عبد الرحمن: قيل: اسمه بلال، وقيل: بليل بالتصغير، وقيل: داود بن بلال، وقيل: اسمه كنيته، وقيل غير ذلك، شهد أحداً وما بعدها، ثم سكن الكوفة، وكان مع علي في حروبه، وقيل: إنه قتل بصفين، روى عنه ولده عبد الرحمن وحده. انظر ترجمته في: الاستيعاب 12/ 116، الإصابة 11/ 323. (2) في (أ) و (ب): الكبير (3) انظر النقل عنه في: التنقيح ل 52/ أ. (4) انظر معنى ما نقل عنه في: التعليقة له 1/ 342. (5) أي في بيان حال الخنثى. (6) في (ب): به. (7) في (أ): العادة. (8) الوسيط 1/ 415. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 192 نادراً" من غير حرف "لا"، وهذا مشكل غير مذكور في "البسيط" وأصله - وهو "النهاية" -، وشرحه إذا كان بحرف النفي: أن نبات (1) اللحية للأنثى، ونهود الثدي للذكر كثير، والكثير ليس بنادر ولا مخالف للعادة، فإن العادة العرفية تثبت بالتكرير (2) والكثرة. وإذا كان بغير حرف النفي فمعناه: أن الخنثى شخص خارج عن العادة، فلا يستقيم فيه التمسك بالعادة في اللحية والثدي، فإنه تمسك بالعادة فيما لا عادة فيه. فاعلم ذلك؛ فإنه حسن رائق (3) استضأت في بعضه بما علقته بخراسان مما عُلِّق عنه من (4) درسه - رحمه الله وإيانا - والله أعلم. قوله: "ولا نظر إلى ما قيل من تفاوت عدد الأضلاع؛ فإنه (5) لا أصل له في التشريح (6) " (7) وقع في بعض النسخ "الشرع" بالعين في آخره، وإنما هو التشريح بالحاء في آخره، وهو العلم بتفصيل بدن الإنسان وتركيبه - أحد (8) أقسام علم الطبَّ - (9). كذلك وجدته في أصل المصنف، وفيما عُلِّق عنه من (10) درسه، ومعنى هذا الوجه: أنه إن تساوى الجانب الأيمن منه والجانب الأيسر في عدد   (1) في (أ): إنبات. (2) في (أ): بالتكرر. وفي (ب): بالتكرار. (3) في (ب): رائق حسن، بالتقديم والتأخير. (4) في (أ): في. (5) في (ب): و. (6) في (ب): الشرع. (7) الوسيط 1/ 415. وقبله: فإن قيل: وبم يتبين حال الخنثى .... ولا نظر إلى ما قيل ... الخ. (8) في (أ): واحد. (9) انظر: التنقيح ل 52/ ب. (10) في (أ): في. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 193 الأضلاع فهو أنثى، وإن نقص الجانب الأيسر بضلع فهو ذكر؛ لأن الله تبارك وتعالى خلق حواء من ضلع من جانب آدم الأيسر صلى الله عليهما وسلم، فجاءت أضلاع الذكور من أولاده من الجانب الأيسر (1) ناقصة بضلع، وهذا لا أصل له (2)، والله أعلم. قوله: "لقوله (3) - صلى الله عليه وسلم -: إن الشيطان ليأتي أحدكم وهو (4) في صلاته فينفخ بين إليتيه ويقول: أحدثت أحدثت. فلا ينصرفنَّ حتى يسمع صوتاً، أو يجد (5) ريحاً) (6) هذا الحديث ثابت في "الصحيحين" من حديث عبد الله بن زيد الأنصاري (7)، وفي "صحيح" (8) مسلم من حديث أبي هريرة (9) وليس فيه: إن الشيطان ليأتي أحدكم. ولفظه من حديث عبد الله بن زيد: (شُكي إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - الرجل يخيل إليه أنه يجد الشيء في الصلاة فقال: لا ينصرف حتى يسمع صوتاً أو يجد ريحاً).   (1) قوله: "صلى الله عليهما ... الأيسر" سقط من (ب). (2) انظر الكلام على هذه المسألة في: نهاية المطلب 1/ ل 55/ أ، المجموع 2/ 48. (3) سقط من (ب). (4) وهو: سقط من (أ). (5) في (أ): يسمع. (6) الوسيط 1/ 416. وقبله: قاعدة: يقين الطهارة لا يرفع بالشك في الحدث، ولا يقين الحدث يرفع بشك الطهارة لقوله - عليه السلام - ... الحديث. (7) انظر: صحيح البخاري - مع الفتح - كتاب الوضوء، باب لا يتوضأ من الشك حتى يستيقن 1/ 285 رقم (137)، وصحيح مسلم - مع النووي - كتاب الحيض، باب من تيقن الطهارة ثم شك له أن يصلي بطهارته 4/ 49. (8) في (ب): حديث. (9) انظر: الموضع السابق 4/ 51. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 194 قوله: "فإن (1) غلب على ظنه الحدث فلا تعويل عليه؛ لأن العلامات تندر في الأحداث فلا مجال للاجتهاد فيها بخلاف النجاسات" (2) قلت: سببه أن أسباب الأحداث إذا حلَّت فليس لها آثار تبقى في المحل تدل عليها، وليس كذلك النجاسات، فإن لها آثاراً تبقى في المحل تدل عليها (3) لا جرم ما كان من أسباب الحدث له أمارات تدل عليه عولنا عليها كالمني ودم الحيض في حق المميزة (4)، والله أعلم. قوله: "إذا انتهى المسافر إلى مكان وشكَّ أنه وطنه" (5) من صوره: أن ينتهي إليه في ظلمة الليل. من جوَّز القصر في المسألتين الأخيرتين (6)، ولم يجوَّز في المسألتين الأوليين: الجمعة والمسح (7)، فله الفرق بأن الأمر (8) في نية الإقامة وفي الوطن يتعلق به، فإذا كان شاكاً فيه غير متحقق له، دلَّ ذلك دلالة قوية (9) على عدمه، فقضينا لذلك بعدمه (10) بخلاف انقضاء وقت الجمعة والمسح، والله أعلم.   (1) في (أ): فإذا. (2) الوسيط 1/ 416. (3) قوله: (وليس ... عليها) سقط من (أ). (4) انظر المسألة في: نهاية المطلب 1/ ل 57/ أ، التنقيح ل 53/ أ. (5) الوسيط 1/ 417. وقبله: واستثنى صاحب التلخيص من هذا - أي من قاعدة اليقين - أربع مسائل: .... الثالثة: أذا انتهى المسافر .... الخ وراجع التلخيص ص: 123. (6) في (د) و (ب): الأخريين، والمثبت من (أ). والمسألتان الأخيرتان: الأولى منهما ما تقدم ذكرها، والثانية: لو شك أنه نوى الإقامة أم لا؟ انظر: الوسيط 1/ 417. (7) المسألتان الأوليان: الأولى منهما: أن الناس لو شكوا في انقضاء وقت الجمعة، والثانية إذا شك في انقضاء مدة المسح. انظر: الوسيط 1/ 417. (8) بأن الأمر: سقط من (أ). (9) في (أ): متحقق دل دلالة له قوية، بالتقديم والتأخير. (10) في (أ): بعد موته. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 195 فرع (1): إذا تيقن أنه بعد طلوع الشمس توضأ وأحدث ثم شك في السابق منهما فالذي ذكر أنه الصحيح هو (2) قول ابن القاص، وجمهور الأصحاب. والصحيح خلافه، وهو أنه يجب عليه الوضوء في الصورتين سواء كان قبل طلوع الشمس متطهراً أو كان محدثاً (3). وأما قول ابن القاص صاحب "التلخيص" ومن وافقه: أنه يحكم عليه بضد ما كان عليه قبل طلوع الشمس (4)؛ فإن كان متطهراً قبل طلوعها فهو الآن محدث؛ لأن الطهارة المتقدمة زالت بالحدث المتأخر عن طلوعها - كان متأخراً عن الطهارة الثانية أو متقدماً عليها - ويشكُّ في زوال هذا الحدث بتأخر الطهارة الثانية عنه، والأصل بقاؤه، وهكذا يتقرر مثله فيما إذا كان قبل طلوعها محدثاً، وشبهوا ذلك بما لو (5) أقام بيَّنة بأن له على فلان ألفاً، وأقام المُدعى عليه بيِّنةً بأنه أبرأه من ألف (6)، فإنه يحكم (7) ببراءته؛ لأنه (8) ثبت أن البراءة وردت على دين واجب فأزالته، ونشكُّ هل اشتغلت ذمته بعد البراءة بدين آخر (9)؟ فقد بان ضعفه من حيث إن   (1) انظر: الوسيط 1/ 417. (2) في (أ): هو الصحيح، بالتقديم والتأخير. (3) في (ب): محدثاً أو كان متطهراً، بالتقديم والتأخير. وانظر: حلية العلماء 1/ 198, المجموع 2/ 64، التنقيح ل 53/ ب. (4) انظر: قول ابن القاص ومن وافقه في: التلخيص لابن القاص ص 126، نهاية المطلب 1/ ل 58 / ب، المجموع 2/ 64. (5) في (أ): إذا. (6) في (أ): الألف. (7) في (أوب): فإنا نحكم. (8) في (ب): لا. (9) انظر تقرير قول ابن القاص ومن وافقه في: المهذب 1/ 25، نهاية المطلب 1/ ل 58/ ب، المجموع 2/ 64. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 196 ذلك مُعَارَض بأنَّا قد تيقنَّا بعد طلوع الشمس طهارة، وشككنا في زوالها بتأخر الحدث الموجود بعد الطلوع (1) عنها، والأصل بقاؤها (و) (2) لا فرق بين الحدث والطهارة، إلا أن الحدث علمناه بصفة كونه مزيلاً للطهارة، والطهارة لا نعلمها بصفة كونها مزيلة للحدث؛ لجواز أن تكون طهارةً على طهارة، وهذا لا تأثير له؛ لأن الطهارة على الطهارة مقرونة بانتفاء الحدث أيضاً، فالأصل استمرار انتفاء الحدث سواء كان انتفاؤه بتلك الطهارة أو بالطهارة التي قبلها، وهكذا إذا كان محدثاً قبل طلوعها فقد علمنا بعد طلوعها حدثاً مقروناً بانتفاء الطهارة، فالأصل استمرار انتفاء الطهارة ولا فرق كما ذكرناه، وفي هذا ما يوجب الفرق بين هذا ومسألة البراءة, لأنه لم يوجد مع سبب البراءة سبب آخر شاغل للذمة من قبض آخر أو غيره مضافاً إلى القبض المتقدم حتى يستصحب حكمه، وههنا وجد مع سبب الحدث سبب آخر موجب لزوال الحدث وهو الطهارة الثانية مضافاً إلى ما تقدم من الطهارة، فالأصل بقاء حكمها كما ذكرناه، فوضح التعارض على التساوي في استصحاب كل واحد من الطهارة والحدث الموجودين بعد طلوعها في كل واحد من الصورتين من غير ترجيح لما هو منهما ضد لما كان قبل طلوعها. وإذا تعارضا وتساويا لم يمكن الحكم بطهارته، ولا تصح الصلاة من غير طهارة محكوم بثبوتها. ولهذا قطعوا بأنه إذا لم يتذكر أنه كان قبل طلوع الشمس على طهارة أو حدث فإنه يجب عليه الوضوء (3). فهذا (4) الرأي الذي حققناه ضالة المحقق، ولا أحسبه يعدل عنه إذا تنبه له، واستوفى   (1) في (أ): طلوع الشمس. (2) زيادة من (أ) و (ب). (3) انظر: المجموع 2/ 64. (4) في (أ): هذا. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 197 النظر، وهو على ذلك غريب. وقد ذكره صاحب "الشامل" ورجحه (1)، لكن لم يوضحه كإيضاحنا له، وأحسبه تلقاه من أبي الفرج الدارمي، وكان أبو الفرج من أذكياء أصحابنا العراقيين في طبقة الشيخ أبي حامد الأسفراييني، وكان مولعاً بالتدقيق في مسائل مشكلة دقيقة، وإفرادها بالتصنيف، ووقفت له على مسائل منها، وهذه المسألة منهن، بيَّن فيها أن الصواب: إيجاب الطهارة في الصورتين، وبطلان قول صاحب "التلخيص" (2). وبقوله (3) قال من ذكرها بعده (4) من الأصحاب جماهيرهم، حتى أن أبا الحسن ابن المرزبان (5) - شيخ الشيخ أبي حامد - صار إلى أنه إن كان قبلها متطهراً فهو الآن متطهر، وإن كان محدثاً فمحدث. وهو الوجه الثاني المزيف في "الوسيط" (6)، وغيره (7)، ثم لما وقف على قول صاحب "التلخيص" رجع إلى قوله. ولله الحمد الأتم على ما هدانا وهو الأعلم.   (1) انظر النقل عنه في: التنقيح ل 53/ ب. (2) انظر قول أبي الفرج الدارمي في: المجموع 2/ 65. (3) أي صاحب التلخيص. (4) في (ب): من بعده. (5) أبو الحسن علي بن أحمد بن المرزبان البغدادي، والمرزبان كلمة فارسية معربة معناها: كبير الفلاحين. وهو أحد أركان المذهب ورفعائه، تفقه على أبي الحسن ابن القطان، وعليه أبو حامد الأسفراييني أول قدومه بغداد، توفي سنة 366 هـ. انظر ترجمته في: طبقات ابن الصلاح 2/ 603، طبقات السبكي 3/ 346، طبقات الأسنوي 2/ 378. وانظر قوله في: المجموع 2/ 65، التنقيح ل 53/ ب. (6) 1/ 418 (7) كحلية العلماء 1/ 198. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 198 ما ذكره من الوجهين (1) في مسَّ المحدث صندوق المصحف والغلاف والخريطة (2) مخصوص بما هو مصنوع من ذلك للمصحف ومهيأ له، ويمسه والمصحف فيه (3)، والله أعلم. قوله في الحائض: "وحكى أبو ثور (4) عن أبي عبد الله أنه كان لا يحرم عليها القراءة (5)، إما لحاجة التعليم، وإما (6) خيفةً من النسيان" (7) هذا يوهم نسبة قوله "لحاجة التعليم أو لخيفة النسيان" إلى أبي عبد الله، ويوهم الترديد في ذلك على جهة الشكِّ (8)، وليس الأمر على ذلك، حكى شيخه (9) أن أبا ثور حكى عن أبي عبد الله أنه كان لا يحرَّم قراءة القرآن على الحائض. فجعله بعض   (1) الوسيط 1/ 419. والأصح من الوجهين التحريم. انظر: الغاية القصوى 1/ 219، المطلب العالي 2/ ل 37/ أ. (2) في (أ): والخريطة والغلاف، بالتقديم والتأخير. والخريطة: شبه كيس يصنع من أديم وخرق. انظر: المصباح المنير ص: 64. (3) انظر: التنقيح ل 54/ أ. (4) إبراهيم بن خالد بن أبي اليمان الكلبي البغدادي أبو ثور، ويكنى أيضاً بأبي عبد الله، الإمام الجليل، المجمع على إمامته وجلالته، كان أولا على مذهب أهل الرأي، ثم لما قدم الشافعي بغداد لازمه، وصار من أعلام أصحابه، وهو مع ذلك مجتهد صاحب مذهب مستقل، توفي سنة 240 هـ. انظر ترجمته في: تهذيب الأسماء 2/ 200، السير 12/ 72، طبقات السبكي 2/ 74. (5) في (ب): القراءة عليها، بالتقديم والتأخير (6) في (أ): أو. (7) الوسيط 1/ 420. وبعده: فقيل: أراد بأبي عبد الله: الشافعي - رضي الله عنه -، وقيل: أراد مالكاً - رضي الله عنه -. (8) انظر: التنقيح ل 54/ أ. (9) في نهاية المطلب 1/ ل 40/ ب. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 199 الأصحاب قولاً للشافعي، ثم فرَّع عَليه (1) هؤلاء: فقال قائلون: يختص بالمعلمة لضرورة الاكتساب. وقال آخرون: يعمُّ النسوة (2)، والله أعلم. قوله: "لا بأس للجنب أن يجامع، ويأكل، ويشرب. ولكن يستحب أن يتوضأ وضوءه للصلاة، ويغسل فرجه عند الجماع، فقد ورد فيه حديث" (3) ثبت عن عائشة - رضي الله عنها - (أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان إذا أراد أن يأكل، أو ينام وهو جنب توضأ). أخرجه مسلم في "صحيحه" (4)، وعن أبي سعيد الخدري أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: (إذا أتى أحدكم أهله من الليل ثم أراد أن يعود فليتوضأ بينهما وضوءاً). أخرجه مسلم (5)، وفي "سنن أبي داود" (6) عن   (1) سقط من (أ). (2) راجع: نهاية المطلب الموضع السابق، والمجموع 2/ 356، المطلب العالي 2/ ل 45/ أ. (3) الوسيط 1/ 421. (4) انظر: - مع النووي - كتاب الحيض، باب استحباب الوضوء للجنب إذا أراد أن يأكل أو ينام أو يجامع 3/ 216، ورواه البخاري مختصراً في كتاب الغسل، باب الجنب يتوضأ ثم ينام 1/ 468 برقم (288). (5) أخرجه مسلم سقط من (أ). وانظر: في الموضع السابق 3/ 217 بدون لفظة (من الليل)، وأخرجه بهذا اللفظ البيهقي في السنن الكبرى كتاب الطهارة، باب الجنب يريد أن يعود 1/ 313 رقم (984). (6) في كتاب الطهارة، باب من قال يتوضأ الجنب 1/ 152 رقم (225) من طريق يحيى بن يعمر عن عمار، قال أبو داود عقيبه: "بين يحيى بن يعمر وعمار بن ياسر في هذا الحديث رجل". أي منقطع، ورواه الترمذي في جامعه في أبواب الصلاة، باب ما ذكر في الرخصة للجنب في الأكل والنوم إذا توضأ 2/ 511 رقم (613) قال الترمذي: "هذا حديث حسن صحيح". قال الشيخ أحمد شاكر في تحقيقه لجامع الترمذي - بعد أن ذكر كلام أبي داود السابق من أنه بين يحيى وعمار رجل -: "عمار قتل بصفين سنة 37 هـ، فليس ببعيد أن يلقاه يحيى بن يعمر، وقد روى عن عثمان، وهو أقدم من عمار، ويحيى ثقة لم يعرف بتدليس، فالحديث صحيح كما قال الترمذي". أهـ وضعَّف الحديث الألباني في ضعيف سنن أبي داود ص: 20 رقم (37)، وضعيف سنن الترمذي ص: 66 رقم (616). الجزء: 1 ¦ الصفحة: 200 عمار بن ياسر (أن النَّبي - صلى الله عليه وسلم - رخَّص للجنب إذا أكل، أو شرب، أو نام أن يتوضأ). ثم إنه (1) ترك مسألة النوم والعناية بها عند نَقَلَة المذهب أكثر (2)، وقد نصَّ الشافعي - رضي الله عنه - في البويطي (3) على أنه يكره له أن ينام حتى يتوضأ. روي (4) عن عمر أنه قال: (يا رسول الله أيرقد أحدنا وهو جنب؟ قال: نعم إذا توضأ أحدكم فليرقد). رواه البخاري ومسلم في "صحيحيهما" (5). فقول المصنف "فقد ورد فيه حديث" عائد إلى (6) الجماع، وقد ورد في الجميع أحاديث كما ذكرنا. وكلامه يوهم الاقتصار في الجماع على غسل الفرج، وليس كذلك، بل معه استحباب الوضوء كما سبق في الحديث، واستحبابه مذكور في "البسيط" (7)، و"النهاية" (8)، وغيرهما (9). وكذلك غسل الفرج مع الوضوء مستحب في   (1) سقط من (أ). (2) انظر: التعليقة للقاضي أبي الطيَّب 1/ ل 62/ ب، المطلب العالي 2/ ل 45/ ب. (3) انظر: ل 4/ أ. ولفظه فيه: (ومن أراد النوم وقد أصابته جنابة فليتوضأ قبل أن ينام وضوءه للصلاة وليس ذلك على الحائض). (4) هكذا بصيغة التمريض!، والحديث مخرَّج في الصحيحين كما ذكر. (5) في (ب): في صحيحه. وانظر صحيح البخاري - مع الفتح - كتاب الغسل، باب نوم الجنب 1/ 467 رقم (287)، وصحيح مسلم - مع النووي - كتاب الحيض، باب استحباب الوضوء للجنب إذا أراد أن يأكل أو ينام أو يجامع 3/ 216، من غير قوله في الأخير: أحدكم فليرقد. (6) في (أ) و (ب): على. (7) 1/ ل 38 / أ. (8) 1/ ل 64/ أ. (9) كالإبانة ل 14/ ب، المهذب 1/ 30. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 201 الأكل، والشرب، فالجميع مستحب إذاً في الجميع (1)، والله أعلم. قوله: "روي أن رجلاً سلَّم على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وكان جنباً، فضرب يده على الجدار، ثم أجاب تعظيماً للسلام ... إلى آخر ما ذكره" (2) هذا قد ذكره شيخه (3)، ولا أعرفه معروفًا في نقل المذهب، لكن الحديث ثابت في "الصحيحين" (4)، وغيرهما (5) من حديث أبو الجهم بن الحارث (6) عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، إلا أني لم أجد لقوله: "وكان جنباً" صحة (7)، وفي رواية الشافعي - رضي الله عنه - إشعار بأن حدثه - صلى الله عليه وسلم - كان من البول (8)، والله أعلم.   (1) انظر: المجموع 2/ 156. (2) انظر الوسيط 1/ 421. (3) انظر نهاية المطلب 1/ ل 64/ أ. (4) انظر: صحيح البخاري - مع الفتح - كتاب التيمم، باب التيمم في الحضر إذا لم يجد الماء وخاف فوت الصلاة 1/ 525 رقم (337)، وصحيح مسلم - مع النووي - كتاب الحيض، باب التيمم 4/ 63. (5) أخرجه كذلك أبو داود في سننه كتاب الطهارة، باب التيمم في الحضر 1/ 233 رقم (329)، والنسائي في سننه كتاب الطهارة، باب التيمم في الحضر 1/ 180 رقم (310)، وغيرهما. (6) أبو الجهم بن الحارث بن الصَّمَّة الأنصاري، ويقال: أبو الجهيم، قيِل اسمه: عبد الله، وقيل: الحارث بن الصَّمَّة، وقيل غير ذلك. انظر ترجمته في: الاستيعاب 11/ 179، تهذيب الأسماء 2/ 206، الإصابة 11/ 68. (7) قال النووي: "وأما قول المصنف وشيخه في هذا الحديث أنه - صلى الله عليه وسلم - كان جنباً فشاذ مردود غير معروف ... ". التنقيح ل 54/ ب. (8) رواه الشافعي عن ابن الصَّمَّة قال: (مررت على النبي - صلى الله عليه وسلم - وهو يبول، فسلمت عليه، فلم يرد عليَّ حتى قام إلى جدار فحته بعصا كانت معه، ثم مسح يديه على الجدار فمسح وجهه وذراعيه، ثم ردَّ عليَّ). الأم 1/ 116 - 117. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 202 قوله: "وفضل ماء الجنب طاهر، وهو الذي مسه الجنب، والحائض، والمحدث خلافاً لأحمد" (1) هذا غير صحيح، وأحمد قاطع بطهارته (2)، وإنما خالف في طهوريته في رواية عنه: أنه لا يجوز للرجل أن يتوضأ بما أفضلته المرأة إذا خلت به (3). قوله (4): "وهو الذي مسه الجنب والحائض" كلام عجيب، وكأنه أراد أولاً بقوله: وفضل ماء الجنب: وغيره؛ فإن (5) في (6) أمهات الكتب باباً ترجمته هكذا (7)، أو أراد بقوله "والحائض": وكذا ما مسه الحائض والمحدث، ويصح أن يقرأ قوله: والحائض (8) والمحدث، بالجر (9) عطفاً على الجنب في قوله "ماء الجنب" أي وماء الحائض، لكنه بعيد عن أسلوب كلامه، والله أعلم.   (1) الوسيط 1/ 422. (2) انظر: المغني 1/ 280، الشرح الكبير لعبد الرحمن المقدسي 1/ 110، شرح الذركشي على مختصر الخرقي 1/ 294. (3) انظر: المغني 1/ 282، الكافي لابن قدامة 1/ 61، شرح الذركشي على مختصر الخرقي 1/ 300. (4) في (أ) و (ب): وقوله. (5) في (د) و (أ): (فإن فيه)، وسقط من (ب). (6) (أ): من. (7) انظر مثلاً: الأم 1/ 54، مختصر المزني ص: 8، التعليقة للقاضي حسين 1/ 385، نهاية المطلب 1/ ل 64/ أ. (8) (أ): للحائض. (9) في (أ): ويصح أن يقرأ بالجر. وهي كأنها مقحمة. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 203 ومن الباب الرابع في الغسل أنكر بعض من صنف في غلط العامة والخاصة على الفقهاء قولهم في هذا (باب) (1): الغُسل بضم الغين، وزعم أن الصواب فيه: الغَسل بفتح الغين، وأن الغُسل بضم الغين إنما هو الماء الذي يغتسل به (2). وليس كما قال، بل هو بالضم مشترك بين الماء الذي يغتسل به وبين فعل الاغتسال الذي يعم البدن (3). وقد حققت هذا فيما أمليته من "شرح مشكل المهذب"، والله أعلم. قوله في الولادة بغير نفاس: "الأصحُّ وجوب الغسل؛ لأنه إذا وجب بخروج الماء وهو أصل الولد فبأن (4) يجب بنفس الولد أولى" (5) هكذا قال ذلك (6) شيخه (7)، ولا يكاد يتقرر، وعلله هو في الدرس: بأن الولد لا يكاد ينفك عن لوث يخرج معه من الرحم، وكل ما خرج من الرحم من لوث فموجب للغسل. وهذا قريب، والله أعلم. الحديث في وجوب الغسل بالتقاء الختانين (8) ثابت في الصحيح من حديث أبي   (1) زيادة من (ب). (2) انظر: المجموع 2/ 130. (3) انظر: تهذيب الأسماء واللغات 3/ 2/ 59، القاموس المحيط 3/ 583. (4) في (أ): فلأن. (5) الوسيط 1/ 423. (6) سقط من (ب). (7) في نهاية المطلب 1/ ل 61/ ب. (8) قال الغزالي: "الرابع - أي من موجبات الغسل - الجنابة: وهي المقصودة بالذكر. ويحصل بالتقاء الختانين، أو خروج المني، قالت عائشة - رضي الله عنها - (إذا التقى الختانان فقد وجب الغسل، فعلته أنا ورسول الله - صلى الله عليه وسلم - فاغتسلنا). أهـ الوسيط 1/ 423 - 424. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 204 هريرة (1)، وعائشة (2) - رضي الله عنهما -. وأما باللفظ المذكور ههنا فغير مذكور فيهما (3)، وكأنها أفصحت - رضي الله عنها - بهذا الإفصاح لكون الصحابة اختلفوا (4) في ذلك، فأرادت التأكيد، مع أنها أمهم، وجاءها أبو موسى الأشعري (5) عند اختلافهم (6) يسألها عن ذلك فقال: (أنا أستحييك، فقالت: لا (7) تستحي أن تسألني عن شيء كنت سائلاً عنه أمك التي ولدتك إنما أنا أمك) (8)، والله أعلم.   (1) انظر: صحيح البخاري - مع الفتح. كتاب الغسل، باب إذا التقى الختانان 1/ 470 رقم (291)، وصحيح مسلم - مع النووي - كتاب الحيض، باب بيان أن الغسل يجب بالجماع 4/ 39. (2) انظر صحيح مسلم الموضع السابق 4/ 40. (3) سقط من (ب). وقد جاء في رواية عند مسلم 4/ 42 عن عائشة قالت: (إن رجلاً سأل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن الرجل يجامع أهله ثم يكسل هل عليهما الغسل؟ وعائشة جالسة، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: إني لأفعل ذلك أنا وهذه ثم نغتسل). (4) في (أ) و (ب): اختلفت. (5) هو عبد الله بن قيس بن سليم بن حضار بن حرب بن عامر أبو موسى الأشعري التميمي الكوفي قدم على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مكة قبل هجرته إلى المدينة فأسلم ثم هاجر إلى الحبشة، ثم هاجر إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بعد فتح خيبر مع أصحاب السفينتين، فأسهم لهم منها، استعمله رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على زبيد وعدن وساحل اليمن مع معاذ، واستعمله عمر على الكوفة والبصرة، توفي سنة 50 هـ، وقيل 51 هـ، وروى حديثه الجماعة. انظر ترجمته في: تهذيب الاسماء 2/ 268, السير 2/ 380، الإصابة 6/ 194. (6) عند اختلافهم: سقط من (أ). (7) في (د) و (ب): فلا، والمثبت من (أ). (8) رواه مسلم في صحيحه في الموضع السابق 4/ 40 وتمامه: ( .... قلت: فما يوجب الغسل؟ قالت: على الخبير سقطت، قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: إذا جلس بين شعبها الأربع ومس الختان الختان فقد وجب الغسل). الجزء: 1 ¦ الصفحة: 205 قوله: "وكذلك إذا أولج في فرج ميتة، أو بهيمة، أو في غير المأتى ولا ختان فيه (1) فقوله: "ولا ختان فيه" (2) غير راجع إلى فرج الميتة، بل إلى غير ذلك مما ذكره مما لا ختان فيه، والله أعلم. ثم (3) إن (4) الفرق بين المني والمذي والودي (5) من المشكلات التي تعم بلوى المكلفين بها (6)، وإذا كنا نشرح ما يخصُّ من مشكل (7) هذا الكتاب فما يعمُّه وغيره أولى بذلك، وقد جمعت في ذلك كلام جماعة من الأئمة، ودخل كلامهم بعضه (8) في بعض. أما المني فصفته: أنه من الرجل في حال الصحة أبيض ثخين، يتدفق في خروجه دفعة بعد دفعة، ويخرج منه بشهوة وتلذذ بخروجه، ثم إذا خرج استعقب فتوراً، ورائحته كرائحة طلع النخل، ورائحة الطلع قريبة من رائحة العجين. ووجدت في "تعليق" الشيخ أبي محمَّد الكرُّوني الأصبهاني (9) وهو في طبقة الشيخ أبي إسحاق الشيرازي بخط المعلق عنه: أنه   (1) الوسيط 1/ 424. وقبله: ثم ليس المقصود الختان، فلو قطعت الحشفة فغيَّب قدر الحشفة كفى، وكذلك أذا أولج .... االخ (2) قوله: (فقوله ... فيه) سقط من (أ). (3) في (أ): قوله: ثم. وراجع الوسيط 1/ 424 - 426. (4) سقط من (ب). (5) سقط من (ب)، وفي (أ): والودي والمذي، بالتقديم والتأخير (6) في (ب): تعم بها البلوى. (7) في (أ) و (ب): المشكل، وفي (ب): زيادة (في) بعده. (8) في (ب): كلام بعضهم. (9) أبو محمَّد عبد الله بن محمَّد بن إبراهيم بن يحيى الكروني الأصبهاني، مفتي أصبهان، تفقه على القاضي أبي الطيب الطبري، توفي سنة 469 هـ. انظر ترجمته في: طبقات الأسنوي 2/ 347. وأشار إلى قوله هذا ابن الرفعة في المطلب العالي 2/ ل 54/ أ. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 206 يشبه رائحته أيضاً رائحة القصيل (1). وهذا حسن غريب. وفي "مجموع" المحاملي (2)، و"التهذيب" (3)، وغيرهما (4): أنه (5) إذا يبس كانت رائحته كرائحة البيض. هذه صفاته وقد يفارقه بعضها مع بقاء ما يستقل بإثبات كونه منيَّاً من خواص صفاته التي بينتها، وذلك بأن يمرض فيصير منيُّه رقيقاً أصفراً، أو يسترخي وعاء المني فيسيل من غيرالتذاذ وشهوة، أو يستكثر من الجماع فيحمرُّ كماء اللحم، وربما خرج دماً عبيطاً، وفي "تعليق" أبي محمَّد الأصبهاني المذكور: أنه في الشتاء يكون أبيض ثخيناً، وفي الصيف يكون رقيقًا (6). ثم إن من صفاته المذكورة ما يشاركه فيها غيره كالثخانة، والبياض، يشاركه الودي فيهما، ومنها ما لا يشاركه فيها غيره (7) فهي خواصه التي عليها الاعتماد في معرفته وهي ثلاث: إحداها (8): الخروج بالشهوة مع الفتور عقيبه. الثانية (9): الرائحة التي تشبه رائحة الطلع و (10) العجين كما سبق. الثالثة: الخروج بتزريق (11) ودفق في دفعات. فكل (12) واحدة من هذه الثلاث كافية في إثبات كونه   (1) القصيل: الشعير يجزُّ أخضر لعلف الدواب. انظر: المصباح المنير ص: 193. (2) لم أقف عليه ولا النقل عنه فيما بين يدي من مصادر والله أعلم. (3) ص: 208. (4) كتعليقة القاضي أبي الطيَّب 1/ ل 59/ أ. (5) سقط من (أ). (6) انظر النقل عنه في: المجموع 2/ 141، المطلب العالي 2/ ل 54/ ب. (7) سقط من (ب). (8) في (ب): أحدها. (9) في (د): الثاني، والمثبت من (أ) و (ب). (10) في (ب): أو. (11) يقال: زرق الطائر يَزرُق ويَزْرِق إذا حذف بزرقه حذفاً. انظر: تهذيب اللغة 8/ 428. (12) في (أ): وكل. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 207 منيَّاً، ولا يشترط اجتماعها فيه، وإذا لم يوجد شيء منها لم نحكم بكونه منيَّاً، وغلب على الظن أنه ليس منيَّاً. هذا كله في مني الرجل، أما مني المرأة فهو أصفر رقيق (1)، ولا يكفي ذلك في معرفته؛ فإنه لا يختص به، وفي هذا الكتاب (2)، وفي "النهاية" (3) أنه لا خاصية له إلا التلذذ، وفتور شهوتها عقيب خروجه (4) فلا يعرف إلا بذلك. وذكره القاضي أبو المحاسن الروياني صاحب "البحر" (5): أن رائحته أيضاً مثل رائحة مني الرجل (6). فعلى هذا له خاصيتان يعرف بواحدة منهما أيتهما (7) كانت. وما ذكره بعض شارحي (8) "الوجيز" (9) من قوله: ما ذكره الأكثرون تصريحاً وتعريضاً (10) التسوية بين مني الرجل والمرأة في طرد الخواص الثلاث. فليس كما قال وهذه تصانيفهم! والله أعلم. وأما المذي: فهو ماء أبيض رقيق لزج يخرج عند شهوة لا بشهوة، ولا دفق، ولا يستعقب خروجه فتوراً. وقد (11) قيل: إنه لا يحس بخروجه (12)، والله أعلم.   (1) انظر: التعليقة للقاضي حسين 1/ 370. (2) انظر الوسيط 1/ 426. (3) 1/ ل 60/ ب. (4) في (أ): خروجها. (5) في (ب): بحر المذهب. (6) انظر النقل عنه في: المجموع 2/ 141. (7) في (ب): أيتها. (8) في (ب): وما ذكره شارح. (9) مراده به الرافعي شارح الوجيز في كتابه فتح العزيز 2/ 127 - 128 إذ قال: "لكن ما ذكره الأكثرون تصريحاً وتعريضاً التسوية بين مني الرجل والمرأة في طرد الخواص الثلاث". أهـ (10) في (ب): تلويحاً. (11) سقط من (ب). (12) انظر: الحاوي 1/ 215، نهاية المطلب 1/ ل 60/ أ، حلية العلماء 1/ 218، المجموع 2/ 141. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 208 وأما الودي: فهو يخرج عقيب البول (1)، هذا هو المشهور في تعريفه، وقد روي ذلك عن (2) ابن مسعود - رضي الله عنه - (3). وفي كتاب "التقريب" لابن القفال (4): "أنه يخرج عقيب البول إذا كانت الطبيعة مستمسكة". وفي "نهاية المطلب" (5) أنه يخرج في الغالب عند حمل الشيء الثقيل. والأقاويل متقاربة؛ فإنه إذا كانت الطبيعة منه مستمسكة جهد نفسه عند قضاء الحاجة فالتحق في ذلك (6) بالحامل للشيء الثقيل (7). وأما لونه فقد ذكروا أنه أبيض ثخين (8). وفي "تعليق" الشيخ أبي حامد و"الشامل" (9): أنه كدر ثخين. وفي "أمالي" (10) الشيخ أبي الفرج السرخسي (11) من الخراسانيين: "أنه الماء الأبيض الثخين، الذي يخرج على أَثَر   (1) انظر: الحاوي الموضع السابق، المجموع 2/ 142. (2) سقط من (أ). (3) لم أقف عليه في مظانه من كتب الأحاديث، لكن ذكره ابن الرفعة في المطلب العالي 2/ ل 54/ أ. (4) انظر النقل عنه في: الموضع السابق من المطلب العالي. (5) 1/ ل 59/ ب. (6) في ذلك: سقط من (ب). (7) في (أ) و (ب): لشيء ثقيل. (8) انظر: الوسيط 1/ 426، التهذيب ص: 208، فتح العزيز 2/ 123. (9) انظر النقل عنهما في: المطلب العالي 2/ ل 55/ ب. (10) في (د): إملاء، والمثبت من (أ) و (ب) وهو موافق لنقل ابن الرفعة عن ابن الصلاح في الموضع السابق من المطلب العالي. (11) هو عبد الرحمن بن أحمد بن محمَّد بن أحمد بن عبد الرحمن بن زاز السرخسي النُّوبزي - نسبة إلى قرية من قرى سرخس - المعروف بالزاز، نزيل مرو، وهو من تلاميذ القاضي حسين، صاحب التصانيف والتي منها: التعليقة، والإملاء، توفي سنة 494 هـ. انظر ترجمته في: تهذيب الأسماء 2/ 263، طبقات السبكي 5/ 101، طبقات الأسنوي 2/ 30. نقل قوله ابن الرفعة في الموضع السابق من المطلب العالي عن ابن الصلاح. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 209 البول قطرة أو قطرتين، يشبه المني في اللون (1)، ولا يشبهه في الرائحة". وهذا حسن. ثم إنه بالدال المهملة، ومن قاله بالذال المعجمة فقد غَلِطَ عند أهل اللغة، وأغرب بعض أهل المغرب فحكاه وجهاً فيه (2)، وهو غير مقبول منه (3)، والله أعلم. قوله: "لما روي أن أم سليم (4) جدة أنس بن مالك" (5) هذا غلط تَسَلْسَل (6)، وتوارد عليه أبو بكر الصيدلاني (7)، ثم إمام الحرمين (8)، ثم تلميذه صاحبنا هذا (9)، ثم تلميذه محمَّد بن يحيى (10). فلا خلاف بين أهل الحديث، وأهل المعرفة   (1) في اللون: سقط من (ب). (2) حكاه صاحب مطالع الأنوار، ذكر ذلك النووي في المجموع 2/ 141. (3) سقط من (أ). (4) هي الرميصاء بنت ملحان - بكسر الميم، وقيل بفتحها - ابن خالد بن زيد بن حرام الأنصارية المشهورة بأم سليم، واختلف في اسمها: فقيل: رميلة، وقيل رميثة، وقيل: مليكة، والراجح أن اسمها الرميصاء، تزوجت مالك بن النضر فولدت له أنساً، فأسلمت مع السابقين، فغضب زوجها وخرج إلى الشام فمات بها، فتزوجت بعده أبا طلحة، ومهرها منه إسلامه، كانت تسقي العطشى وتداوي الجرحى يوم أحد، كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يزورها، توفيت في نحو سنة 30 هـ. انظر ترجمتها في: الاستيعاب 12/ 233، تهذيب الأسماء 2/ 363، الإصابة 12/ 226. (5) الوسيط 1/ 426 - 427. وقبله: وأما المرأة فمنيها أصفر رقيق، ولا يعرف في حقها إلا من الشهوة، فإذا تلذذت لخروج الماء اغتسلت لما روي أن أم سليم .... الخ (6) في (أ): تسلل. (7) انظر النقل عنه في: تهذيب الأسماء 2/ 363، التنقيح ل 56/ أ. (8) انظر نهاية المطلب 1/ ل 61/ أ. (9) سقط من (ب). (10) انظر النقل عنه في: تهذيب الأسماء والتنقيح في الموضعين السابقين. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 210 بالصحابة وبالأنساب (1): أن أم سليم أم أنس بن مالك لا جدته (2)، وفي "الصحيحين" (3) الإفصاح بذلك، و (4) لكن من أعرض عن علم الحديث، مع ارتباط العلوم به وقع في أمثال (5) هذا، وما هو أصعب منه من التمسك بالحديث الضعيف، واطراح الصحيح، وإن ارتفعت في علمه منزلته، وأسأل الله عفوه وفضله آمين. قوله: "فقالت عائشة في رواية أخرى: إن أم سلمة - أم المؤمنين - قالت: ذلك" (6) والروايتان في "الصحيح" (7) باختلاف في اللفظ. وقوله - صلى الله عليه وسلم -: (فَمِمَّ الشبه). في جواب إنكارها احتلام المرأة ورؤيتها الماء منها (8)، وَجْهُهُ: أنها أنكرت ذلك بإنكارها مائها من أصله، والله أعلم.   (1) في (ب): والنسب. (2) انظر مصادر ترجمة أم سليم السابقة. (3) انظر: صحيح البخاري - مع الفتح - كتاب الأطعمة، باب من أدخل الضيفان عشرة عشرة 9/ 486 رقم (5450)، وصحيح مسلم - مع النووي - كتاب الأشربة، باب جواز استتباعه غيره إلى دار من يثق برضاه 13/ 222 - 223. (4) سقط من (ب). (5) في (ب): مثل. (6) لم أجده في المطبوع من الوسيط، وذكر ابن الملقن في تذكرة الأخيار ل 28/ ب: أن هذه العبارة توجد في بعض نسخ الوسيط (7) انظر: صحيح البخاري - مع الفتح - كتاب العلم، باب الحياء في العلم 1/ 276 رقم (130)، وصحيح مسلم - مع النووي - كتاب الحيض، باب وجوب الغسل على المرأة بخروج المني منها 3/ 219 - 225. (8) الماء منها: سقط من (ب). وقد قالت عائشة عندما سألت أم سليم النبي - صلى الله عليه وسلم - هل على المرأة غسل إذا احتلمت؟: (فضحت النساء تريت يمينك، أوَ تحتلم المرأة؟) انظر: صحيح مسلم الموضع السابق، الوسيط 1/ 427. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 211 و (تربت يمينك): قلت: معناه في الأصل: افتقرت، ثم استعملوه غير (1) مريدين وقوع ذلك، بل مبالغةً في إيقاظ المخاطب لما ذُكِر ليتيقظ له وتشتد (2) عنايته به؛ لأن بشاعة اللفظ توجب ذلك (3). قوله: "وأقل واجبه أمران" (4) وجهه: أن أصله (5) الأقل الذي هو واجبه أمران (6)، ثم أضاف الأقل إلى الواجب لكونه أعم منه لا عرف في بابه (7)، والله أعلم. قوله: "لقوله - صلى الله عليه وسلم -: (بلُّوا الشعر وأنقوا البشرة؛ فإن تحت كل شعرة جنابة) " (8) هذا حديث ضعيف مروي من حديث ابن سيرين (9) عن أبي هريرة، وقد   (1) في (أ): في غير. (2) في (أ): وتشد، وفي (ب): ويشتد. (3) انظر: النهاية في غريب الحديث والأثر 1/ 184، شرح النووي على مسلم 3/ 221، فتح الباري 1/ 277. (4) الوسيط 1/ 428. وقبله: النظر الثاني: في كيفية الغسل: وأقل واجبه ... الخ (5) في (ب): أصل. (6) انظر: التنقيح ل 56/ أ. (7) راجع: المطلب العالي 2/ ل 59/ ب (8) الوسيط 1/ 428. وقبله: ويجب إيصال الماء إلى منابت الشعور وإن كثفت، ونقض الضفائر أن كان لا يصل إلى باطنها دون النقض لقوله - صلى الله عليه وسلم - ... الحديث. (9) هو محمَّد بن سيرين أبو بكر الأنصارى البصري مولى أنس بن مالك، ولد لسنتين بقيتا من خلافة عثمان، أدرك ثلاثين صحابياً، كان إماماً في التفسير، والفقه، والحديث، وتعبير الرؤيا، مع الزهد والورع، توفي سنة 110 هـ. انظر ترجمته في: تهذيب الأسماء 1/ 82، السير 4/ 606، البداية والنهاية 9/ 279. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 212 أخرجه الترمذي (1) معترفاً بضعفه، والله أعلم. الوضوء المذكور في سنن الغسل (2)، لم أجد (3) في مبسوط ولا مختصر لأحد من أصحابنا تعرضاً لنية هذا الوضوء، إلا لمحمد بن عقيل الشهرزوري (4) نزيل دمشق، وهو جدُّ ابن الشهرزوري الدمشقي (5) لأمه, فإنه قال في مختصره   (1) في جامعه أبواب الطهارة، باب ما جاء أن تحت كل شعرة جنابة 1/ 178 رقم (106)، قال الترمذي عقيبه: "حديث الحارث بن وجيه حديث غريب لا نعرفه إلا من حديثه، وهو شيخ ليس بذاك". والحديث رواه كذلك أبو داود في سننه كتاب الطهارة، باب في الغسل من الجنابة 1/ 171 رقم (248) قال أبو داود عقيبه: "الحارث بن وجيه حديثه منكر، وهو ضعيف". وابن ماجة في سننه كتاب الطهارة وسننها، باب تحت كل شعرة جنابة 1/ 196 رقم (597)، والبيهقي في السنن الكبرى كتاب الطهارة 1/ 270 رقم (827). قال ابن الملقن في كتابه تذكرة الأخيار ل 30/ ب عن الحديث: "وضعفه الأئمة: البخاري، وأبو داود، والترمذي، وغيرهم ... "، وقال الحافظ ابن حجر: "ومداره على الحارث بن وجيه وهو ضعيف جداً". التلخيص الحبير 2/ 165. وممن ضعفه كذلك النووي في المجموع 2/ 184. (2) قال الغزالي: "أما الأكمل فيستحب فيه ستة أمور: الأول: أن يغسل أولاً ما على بدنه من أذى ونجاسة إن كانت. الثاني: أن يتوضأ بعد ذلك وضوءه للصلاة .... " الوسيط 1/ 429. (3) في (أ): أجده. (4) هو أبو بكر محمَّد بن عقيل بن الحسن بن الحسين الشهرزوري الواعظ، كان ثقة حسن المذهب سكن دمشق وحدَّث بها، توفي سنة 453 هـ. انظر ترجمته في: تاريخ دمشق لابن عساكر 54/ 224، ومختصره لابن منظور 23/ 58. (5) هو علي بن المُسَلَّم بن محمَّد بن علي أبو الحسن ابن أبي الفضل السلمي الدمشقي الشافعي الفرضي، كان ثقة، ثبتاً، عالماً بالمذهب والفرائض، يتكلَّم في مسائل الخلاف، ويكثر من إيراد الأحكام، وكان حسن الخط، وموفقاً في الفتاوى، من مؤلفاته: الاستغناء في المذهب، لم يكمله، والتجريد في تفسير القرآن المجيد، ولم يكمله كذلك، ومصنَّف في أحكام الخناثى، توفي سنة 533 هـ. انظر ترجمته في: تاريخ دمشق 43/ 236، السير 20/ 31، العبر 2/ 445، طبقات السبكي 7/ 235، شذرات الذهب 4/ 102. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 213 الموسوم بـ "البلغة": "ثم يتوضأ وضوءه للصلاة بنية الغسل" (1). وأنا أقول: إن كان جنباً من غير حدث أصغر فالأمر على ما ذكره، وأما إذا كان جنباً محدثاً كما هو الغالب فينبغي أن ينوي بوضوئه هذا رفع الحدث الأصغر؛ أما على القول بإيجاب الجمع بين الوضوء والغسل فظاهر؛ لأنه لا يشرع وضوءان (2)، فيجعل هذا الوضوء ذلك الوضوء الواجب، وأما على القول بالتداخل؛ فلأنه إذا نوى بهذا الوضوء رفع الحدث كان فيه خروج من الخلاف (3)، والله أعلم. قوله: "وهل يؤخر غسل الرجلين في وضوئه إلى آخر الغسل؟ فيه قولان لاختلاف الروايتين عن فعل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - " (4) المراد بالروايتين: رواية عائشة، ورواية ميمونة - رضي الله عنهما -. أما رواية عائشة ففيها أنه توضأ - صلى الله عليه وسلم - وضوءه للصلاة قبل إفاضة الماء عليه (5). وهذا ظاهره (6) يقتضي تمام الوضوء، وتقديم غسل قدمه في وضوئه. وأما رواية ميمونة ففيها أنه توضأ وضوءه للصلاة قبل إفاضة الماء عليه أيضاً، لكن فيها بعد ذكر افاضة الماء عليه أنه تنحى فغسل رجليه (7). وقد كان يمكن أن يحمل هذا على موافقة (8) الأول على معنى أنه غسل   (1) نقل قوله النووي في: المجموع 2/ 183 عن ابن الصلاح. (2) انظر: فتح العزيز 2/ 179، المجموع 2/ 183، 195. (3) انظر: روضة الطالبين 1/ 201. (4) الوسيط 1/ 429. (5) رواها البخاري في صحيحه - مع الفتح - كتاب الغسل، باب الوضوء قبل الغسل 1/ 429 رقم (248)، ومسلم في صحيحه - مع النووي - كتاب الحيض، باب صفة الغسل 3/ 229. (6) (ب): ظاهر. (7) رواها مسلم في صحيحه الموضع السابق 3/ 231. (8) في (أ): موافقته. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 214 رجليه آخراً لا تتمة للوضوء، بل لكونه مغتسلاً على الأرض فأفاض على رجليه بعد فراغه إزالة للطين عنهما، لولا أن في رواية (1) من روايات حديث ميمونة رواها البخاري (2): (ثم توضأ وضوءه للصلاة غير قدميه، ثم أفاض عليه الماء (3) ثم نحَّى قدميه فغسلهما). وهذا صريح. قلت: ففي أحد القولين يتأول ظاهر حديث عائشة (على تقديم أكثر الوضوء على الإفاضة، بدلالة أن حديث ميمونة ورد بلفظ حديث عائشة) (4) وبان بهذه الرواية الصريحة أن المراد به تقديم أكثر الوضوء على الإفاضة من غير غسل القدمين. ووجه القول (5) الآخر: أنا نحمل الرواية المصرِّحة عن ميمونة بتأخير (6) غسل القدمين على أن ذلك جرى مرة أو نحوها إبانة لجوازه وتخفيفاً؛ من أجل أنه كان يغلب منه الاغتسال على الأرض فيحتاج إلى إعادة (7) غسل القدمين، فاكتفى بمرة، وكان الغالب منه - صلى الله عليه وسلم - إتمام الوضوء قبل الإفاضة، وإعادة غسل القدمين بعد الفراغ أخذاً بالأكمل، والدلالة عليه ورود (8) أكثر الأحاديث عن عائشة (9) وميمونة بتقديم وضوء الصلاة على الإفاضة، ووضوء الصلاة لا يكون إلا   (1) في (أ): روايات. (2) في صحيحه - مع الفتح - كتاب الغسل، باب الوضوء قبل الغسل 1/ 431 رقم (249). (3) في (ب): الماء عليه، بالتقديم والتأخير (4) ما بين القوسين زيادة من (أ) و (ب). (5) سقط من (ب). (6) في (أ) و (ب): بتأخر. (7) سقط من (ب). (8) في (أ): ورد. (9) سقط من (ب). الجزء: 1 ¦ الصفحة: 215 بغسل الرجلين، وفي كثير منها حتى في رواية (1) عن عائشة لمسلم (في) (2) "صحيحه" (3) إعادة ذكر غسل الرجلين بعد الفراغ، فتكون الروايات الكثيرة واردة بالأفضل الغالب منه - صلى الله عليه وسلم -، ورواية ميمونة المصرَّحة بالتأخير واردة بالجائز، وقد تكون ميمونة شاهدت منه - صلى الله عليه وسلم - الأمرين، فروت هذا مرة، وهذا مرة، فلا يثبت إذاً بحديثها استحباب التأخير، بل جوازه، فافهم ذلك فإنه من المشكل جداً، ولم أرَ لهم تعرضاً لحَلَّه، والله أعلم. قوله: "والأظهر أن تجديد الغسل لا يستحب، فإنه لا ينضبط بخلاف الوضوء" (4) معناه: أنه ينتشر ولا ينضبط زمانه؛ فإنه ينتهي (5) إلى ناقض قد لا يوجد فيودي إلى تجديده لكل صلاة، ويصير بحيث لا يشبه التجديد، ويلتحق بالمستأنف لبعد العهد بالمُجَدَد، بخلاف الوضوء فإنه سينتهي (6) سريعاً إلى ناقض، ويخرج عن كونه تجديداً (7). واستدل شيخه (8): بأنه لم يَرِد فيه ما ورد في تجديد الوضوء، ولم يُؤثر عن السلف الصالحين. والله أعلم.   (1) في (ب): في رواية منها. (2) زيادة من (أ). (3) انظر: - مع النووي - كتاب الحيض، باب صفة غسل الجنابة 3/ 228 - 230. (4) الوسيط 1/ 430. (5) في (أ): فإنه قد ينتهي. (6) في (أ): قد ينتهي. (7) قال النووي: "قوله: الأظهر أنه لا يستحب تجديد الغسل، فإنه لا ينضبط بخلاف الوضوء. معناه: أن الغسل لا ينتهي إلى ناقضه إلا بعد زمان طويل، فيصير في معني المستأنف لبعد العهد، بخلاف الوضوء فإنه ينتهي إلى ناقضه سريعاً ويخرج عن الحاجة إلى التجديد". أهـ التنقيح ل 56/ ب، وراجع: المطلب العالي 2/ ل 69/ أ. (8) في نهاية المطلب 1/ ل 63/ ب. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 216 قوله في الحائض: "يستحب لها أن تستعمل فرصة من مسك، إماطة للرائحة" (1) هي الفِرصة بكسر الفاء وصاد (2) مهملة (3). وقوله: "من مسك" هو بكسر الميم (4) وهو الطيب المعروف، هذا هو المشهور في الرواية في الحديث الصحيح الوارد بذلك (5)، وغيره (6). والفرصة: القطعة من كل شيء، قاله أبو العباس ثعلب (7) , وغيره (8). وقيل الفرصة: سُك معجون بالمسك، كان عند نساء أهل (9) المدينة، والسُك بضم السين: نوع من الطيب، فإذا كان فيه مسك سمي فرصة (10).   (1) الوسيط 1/ 430. وقبله: إما اغتسلت من الحيض فيستحب لها أن تستعمل ... الخ (2) في (أ) و (ب): بصاد. (3) انظر: النهاية في غريب الحديث والأثر 3/ 431، القاموس المحيط 2/ 476. (4) انظر: شرح النووي على صحيح مسلم 4/ 14. (5) انظر: صحيح البخاري - مع الفتح - كتاب الحيض، باب دلك المرأة نفسها إذا تطهرت من الحيض 1/ 494 رقم (314)، وصحيح مسلم - مع النووي - كتاب الحيض، باب استحباب استعمال المغتسلة من الحيض المسك 4/ 13. (6) كذا في جميع النسخ، ولا أرى لها وجهاً هنا، والله أعلم، ومقابل هذا المشهور قد وردت روايات بفتح الميم (مَسك) بمعنى الجلد. انظر: شرح النووي على مسلم 4/ 14. (7) العلامة أبو العباس أحمد بن يحيى بن يزيد بن يسار الشيباني مولاهم البغدادي، وثعلب لقبه، إمام مجمع على إمامته، وكثرة علومه، وجلالته، إمام في النحو، من مصنفاته: كتاب الفصيح، اختلاف النحويين، كتاب القراءات، كتاب معاني القرآن، توفي سنة 291 هـ. انظر ترجمته في: وفيات الأعيان 1/ 102، تهذيب الأسماء 2/ 275، البداية والنهاية 11/ 144. وانظر النقل عنه في: فتح العزيز 2/ 187، التلخيص الحبير 2/ 188. (8) نقل الأزهري عن الأصمعي أن الفرصة: القطعة من الصوف، أو القطن، أو غيره. تهذيب اللغة 13/ 165. (9) سقط من (ب). (10) انظر: الحاوي 1/ 226، المطلب العالي 2/ ل 71/ أ. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 217 وعلى هذا فقوله "من مسك" زيادة في البيان. وجاء في بعض روايات الحديث الصحيحة (1) (فرصة ممسكة) وهو مشعر بذلك. وورد في كتاب عبد الرزاق (2) مفسراً في الحديث أنه يعني بالفرصة: المسك. فقوى هذا القول بذلك فيما يرجع إلى تفسير الحديث لا في مراد الفقهاء من ذلك (3)، والله أعلم.   (1) انظر: صحيح البخاري - مع الفتح - كتاب الحيض، باب غسل المحيض 1/ 496 رقم (315)، وصحيح مسلم - مع النووي - كتاب الحيض، باب استحباب استعمال المغتسلة من الحيض المسك 4/ 15. (2) هو عبد الرزاق بن همام بن نافع الصنعاني أبو بكر، مولى حمير، صاحب المصنف المشهور، عالم اليمن، لزم معمراً، وكان أعلم الناس وأحفظهم عنه، توفي سنة 211 هـ. انظر ترجمته في: الجرح والتعديل 6/ 38، وفيات الأعيان 3/ 216، السبر 9/ 563، طبقات الحفاظ ص: 154. الحديث في مصنفه 1/ 314 رقم (1208). (3) الذي يفهم من كلام الفقهاء هو أن تستعمل الحائض عند تطهرها فرصة فيها مسك لإزالة الرائحة الكريهة من المحل، والحديث يفيد أن الفرصة هي المسك. والله أعلم، وراجع: فتح العزيز 2/ 186، التلخيص الحبير 2/ 189. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 218 ومن كتاب التيمم الحديث الذي ذكره (1) رواه (2) أبو داود (3)، وغيره (4) من حديث أبي ذر فيمن يجنب عند عدم الماء أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال (5): (يا أبا ذر إن الصعيد الطيب طهور، وإن لم تجد الماء إلى عشر سنين، فإذا وجدت الماء فأمسَّه جلدك). قد روى بغير هذا اللفظ (6)، وهو على هذا الوجه قال على أصل في الباب يشكل إثباته وهو: أن التيمم لا يرفع الحدث (7)؛ لأن وجدان الماء ليس من الأسباب الموجبة للغسل والطهارة، والله أعلم. قوله: "أن يتحقق عدم الماء حواليه" (8) صورته: أن يكون في بعض رمال البوادي التي يُقْطع فيها من حيث مجاري العادات أن لا ماء فيها، والله أعلم.   (1) قال الغزالي: "الباب الأول: فيما يبيح التيمم: وهو العجز عن استعمال الماء .... ولقوله - عليه السلام -: التراب كافيك ولو لم تجد الماء عشر حجج". أهـ الوسيط 1/ 431. (2) سقط من (ب). (3) في سننه كتاب الطهارة، باب التيمم 1/ 237 رقم (333). (4) رواه كذلك الترمذي في جامعه أبواب الطهارة، باب ما جاء في التيمم للجنب إذا لم يجد الماء 1/ 211 رقم (124) وقال: "وهذا حديث حسن صحيح"، والنسائي في سننه كتاب الطهارة، باب الصلوات بتيمم واحد 1/ 187 رقم (321)، وأحمد في المسند 5/ 146، وابن حبَّان في صحيحه - انظر الإحسان 4/ 135 رقم (1311) -، والدارقطني في سننه 1/ 176، والحاكم في المستدرك 1/ 186 وقال: "هذا حديث صحيح ولم يخرجاه"، وصححه النووي في المجموع 2/ 220، 244. (5) في (أ): قال له. (6) انظر: سنن أبي داود الموضع السابق رقم (332)، وسنن النسائي الموضع السابق. (7) انظر: المهذب 1/ 33، نهاية المطلب 1/ ل 68/ أ، المجموع 2/ 220. (8) الوسيط 1/ 432. وبعده: فيتيمم من غير طلب، إذ لا معني للطلب مع اليأس. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 219 الضبط الذي ذكره في مكان الطلب (1)، جاء به إمام الحرمين من عنده (2). وشرحه: أن يطلب الماء حواليه إلى حيث لو استغاث برفقته للحقه غوثهم على القرب مع (3) ما هم عليه (4) من تشاغلهم بأشغالهم، وذلك يختلف باختلاف الأماكن صعوداً وهبوطاً، و (5) باختلاف أحوال الرفقة، ونحو ذلك، ثم إنه أتى به في "الوسيط" (6)، وغيره (7) مطلقاً، وذلك (8) يوهم إيجاب التردد إلى حد يلحقه الغوث مطلقاً، وذلك من المغلطات في المذهب، الحادثات من كتبه، وذلك أنه إذا كان في فضاء مستوٍ من الأرض يتسرَّح الطرف فيه، لا حائل فيه يمنع من نفوذ البصر من أكمة (9)، ووهدة (10)، وغيرهما فالطلب الواجب فيه (11) أن ينظر يمينه وشماله، وأمامه ووراءه من غير أن يزايل موضعه ويتردد، لا إلى   (1) سقط من (أ). قال الغزالي: "الحالة الثالثة: أن يتيقن وجود الماء في حد القرب فيلزمه السعي إليه، وحد القرب: إلى حيث يتردد إليه المسافر للرعي والاحتطاب، وهو فوق حد الغوث". أهـ الوسيط 1/ 432. (2) انظر: نهاية المطلب 1/ ل 78/ ب. (3) سقط من (أ). (4) سقط من (أ). (5) سقط من (أ)، وفي (ب): أو. (6) 1/ 432. (7) كالبسيط 1/ ل 39/ أ. (8) سقط من (ب). (9) الأكمة: الموضع يكون أشد ارتفاعاً مما حوله، وهي دون الجبال. انظر: القاموس المحيط 4/ 706. (10) الوهدة: المكان المطمئن. انظر: الصحاح 2/ 554، لسان العرب 15/ 413. (11) سقط من (ب). الجزء: 1 ¦ الصفحة: 220 حيث يلحقه الغوث ولا غيره، هذا هو المنصوص (1) للشافعي (2) - رضي الله عنه - المنقول في كتاب "جمع الجوامع في منصوصاته" (3)، وفي غيره (4)، ورأيته (5) مقطوعاً به في غير واحد من مصنفات الأصحاب (6)، وشيخه الذي من تصرفه بتحديد التردد بمحل الغوث لم يقله في هذه الحالة، بل مخصوصاً (7) بالمكان غير المستوي (8)، والله أعلم. والمتحصَّل مما ذكره: أنه (9) إذا تيقن وجود الماء في حد القرب لزمه طلبه .. إلى آخر ما ذكره (10): أنه (11) يلحظ في القرب من حيث مسافة المكان: ما يتردد إليه   (1) في (أ) و (ب): منصوص. (2) في (ب): الشافعي. (3) وهو مفقود، ولم أجد من نقل عنه فيما بين يدي من مصادر، والله أعلم. (4) انظر: مختصر البويطي ل 2/ ب (5) في (أ): ورواية، وهو خطأ. (6) انظر: المهذب 1/ 34، ونقله إمام الحرمين عن صاحب التقريب في نهاية المطلب 1/ ل 78/ أ، وراجع المجموع 2/ 250. (7) في (ب): بل مخصوص. (8) انظر: نهاية المطلب الموضع السابق. (9) في (ب): (قوله)، بدلاً عن (والمتحصل مما ذكره: أنه). (10) قال الغزالي: "إن تيقن وجود الماء في حد القرب، فيلزمه السعي إليه. وحدُّ القرب إلى حيث يتردد إليه المسافر للرعي والاحتطاب، وهو فوق حد الغوث، فإن انتهى البعد إلى حيث لا يجد الماء في الوقت فلا يلزمه، وإن كان بين الرتبتين فقد نص الشافعي - رضي الله عنه - أنه يلزمه الطلب إن كان على يمين المنزل ويساره، ونص فيما إذا كان قدامه على صوب مقصده: أنه لا يلزمه، فقيل قولان بالنص والتخريج وهو الأصح: أحدهما: أنه يجب؛ لأنه علق التيمم بالفقد، وهذا غير فاقد. والثاني: لا يجب؛ لأنه في الحال فاقد ... " الوسيط 1/ 432. (11) في (ب): والمتحصل أنه. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 221 المسافر للرعي والاحتطاب، ومن حيث الزمان: مصادفة الماء في وقت الصلاة. فإن اجتمع الأمران: بأن كان على مسافة الرعي، ويلقاه (1) في الوقت فهو قريب يلزمه السعي إليه بلا خلاف، وإن انتفى الأمران بأن كان فوق مسافة الرعي، ولا يلقاه في الوقت فبعيد لا يلزمه السعي إليه بلا خلاف، وإن كان بين الرتبتين: أي بأن (2) كان فوق مسافة الرعي، ويلقاه في الوقت ففي وجوب السعي إليه القولان المذكوران. هذا مراده بما بين الرتبتين، وقد (3) يتحقق ما بين الرتبتين على العكس: بأن يكون الماء قريباً من حيث المكان، بعيداً من حيث الوقت والزمان، وفي ذلك أيضاً قولان، وهذا هو (4) ما ذكره بعد هذا (5) في الحالة الرابعة فيما لو لاح للمسافر ماء على حدِّ القرب، ولو اشتغل به لخرج الوقت قبل وصوله إليه (6). ثم اعلم أن اعتبار مسافة الرعي والاحتطاب في حد القرب من تصرفات شيخه الإمام أبي المعالي (7)، لم أجده لغيره بعد بحثي عنه من مدة طويلة (8)، والمنصوص المعروف الذي قطع به غيره اعتبار القرب بالوقت في هذا الماء الذي علم مكانه: فما أمكن وصوله إليه في الوقت فهو قريب يلزمه طلبه، وما لا فلا (9). فجعلوا هذا الطلب مخالفاً للطلب فيما إذا لم   (1) في (أ): فيلقاه. (2) سقط من (أ) و (ب). (3) سقط من (ب). (4) في (أ): هذا هو حدُّ (5) سقط من (ب). (6) انظر: الوسيط 1/ 434. (7) انظر: المطلب العالي 1/ ل 93/ أ - ب. (8) سقط من (أ) و (ب). (9) انظر: منصوصاً في الأم 1/ 110، وبه قطع الشيرازي في المهذب 1/ 34، ونقله النووي عن الأصحاب كلهم. انظر: المجموع 2/ 258. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 222 يعلم وجود الماء، في أن ذلك أخف؛ لكون المطلوب غيرموثوق بالظفر به. وألجأه إلى تصرفه المذكور (1) النص الذي نقله (2): "أن الماء إذا كان قدام المسافر على صوب مقصده، وهو سائر نحوه، ويعلم أنه ينتهي إليه قبل انقضاء الوقت إن لم يعقه عائق، فالتيمم جائز له (3) في أول الوقت". وإن من الأصحاب من سوّى في هذا بين أن يكون الماء قدامه، وأن يكون على يمين المنزل أو (4) يساره (5). فأحوج الإمام ذلك إلى أن يحمل هذا على ما إذا كان هذا الماء منه ليس على مسافة الطلب، التي يلزم المسافر طلبه منها حيث يتوهم الماء حواليه، بل فوق تلك المسافة، إذ لا بدَّ من فرق (6) بين المتوهم والمستيقن، فرأى ضبط ذلك بمسافة الرعي والاحتطاب. فتحصل من ذلك في حد القرب في الاء المستيقن مذهبان: أحدهما: التحديد بالوقت. والثاني: التحديد بمسافة المكان - مسافة الرعي - وهذا مذهب ضعيف مخترع، لم يكن (7) لصاحب الكتاب أن يجعل كلامه مداراً عليه؛ فإنه ناشئ من المصير إلى إثبات قول: إن المسافر النازل في منزل يعلم وجود الماء منه بحيث (8) ينتهي إليه في الوقت لا يلزمه طلبٌ (9)   (1) سقط من (أ). (2) انظر: نهاية المطلب 1/ ل 92/ ب. (3) في (أ): له جائز، بالتقديم والتأخير (4) في (د) و (ب): [و]، والمثبت من (أ). (5) انظر: التهذيب ص: 246، فتح العزيز 2/ 208، المجموع 2/ 258. (6) في (د): إذ لا فرق، والمثبت من (أ) و (ب)، غير أن في (أ): من الفرق، بالألف اللام. (7) في (أ). لم يكن ينبغي. (8) في (د): حيث، والمثبت من (أ) و (ب). (9) في (أ) و (ب): طلبه. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 223 ويتيمم، وتأويله على ما إذا كان فوق مسافة الطلب، ولا يصح ذلك؛ فإنه (1) متلقىً من نصِّه في المسافر السائر لا النازل. وفي السائر ورد حديث ابن عمر - رضي الله عنهما - المذكور (2)، وقد رواه مالك (3)، والشافعي (4)، وغيرهما (5) بنحوٍ من لفظه في الكتاب، وبينهما فرق وهو: أن السائر لا يعد تاركاً لطلب (6) الماء الذي يسير إليه، والنازل يعدُّ تاركاً لطلب الماء الموجود في جانب من جوانب (7) منزله (8). وقد نقل صاحب "التهذيب" (9) في السائر: أن المذهب التيمم له مع كونه على ثقة من وصوله (في طريقه) (10) إلى الماء (11) قبل خروج الوقت لحديث ابن عمر، وعن (12) "الإملاء" (13): أنه لا يجوز ذلك، والله أعلم.   (1) في (ب): لأنه. (2) قال الغزالي: "وروي أن ابن عمر تيمم فقيل: أتتيمم وجدران المدينة تنظر إليك؟ فقال: أوَ أحيا حتى أدخلها، ثم دخل المدينة والشمس حيَّة، ولم يقض الصلاة"، الوسيط 1/ 433. (3) في الموطأ - مع الزرقاني - كتاب الطهارة، باب العمل في التيمم 1/ 165 برقم (119). (4) في الأم 1/ 110، والمسند ص: 359. (5) رواه البخاري معلقاً بصيغة الجزم في صحيحه - مع الفتح - كتاب التيمم، باب التيمم في الحضر 1/ 525، والبيهقي في السنن الكبرى كتاب الطهارة 1/ 342 رقم (1064)، وصححه النووي في التنقيح ل 58 / أ. (6) في (ب): للطلب. (7) في (أ): لطلب الماء من جوانب الموجود في جانب، بالتقديم والتأخير (8) في (ب): المنزل. (9) انظر: التهذيب ص: 245. (10) زيادة من (أ) و (ب). (11) في (ب): الجانب. (12) في (ب): ومن. (13) في (د): الأم، والمثبت من (أ) و (ب). وهو الموافق لما في التهذيب. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 224 ثم إن هذا أول موضع من الكتاب جرى فيه ذكر قولين بالنقل والتخريج (1) فلنشرح ذلك قائلين: إذا نصَّ الشافعي في مسألة على حكم، ونصَّ في مسألة أخرى تماثلها على حكم آخر يخالفه، ونظر الأصحاب فلم يجدوا بينهما فرقاً، فإنهم يسوُّون بينهما فيخرِّجون ما نصَّ عليه من الحكم في هذه في تلك، وما نصَّ عليه في تلك (2) في هذه معتمدين في (3) التسوية بينهما على عدم الفارق بينهما، غيرمتوقفين على علَّة جامعة بينهما، كما يفعله المجتهد في (4): قياس لا فارق في منصوص الشارع، فيحصل عند ذلك في كل (5) واحدة من المسألتين قولان: بالنقل والتخريج، ثم جائز أن يُراد به أنَّ في كل مسألة منهما قولاً منقولاً (6) عن الشافعي وقولاً مخرَّجاً، وجائز أن يُراد به أنه صار في كل مسألة بنقل المنصوص من صاحبتها، والتخريج فيها قولان، وبهذا يشعر قولهم: فمن الأصحاب من نقل وخرَّج وجعلهما على قولين. وأكثر ذلك ما تكلف فيه بعض الأصحاب فرقاً بين المسألتين، فقرر النصين قرارهما ولم يخرِّج فكان فيها (7) طريقتان (8). ثم إن القول المخرج هل ينسب إلى الشافعي - رضي الله عنه - فيه كلام ذكرناه في كتاب "الفتوى" (9) - وهو الكتاب الفرد الذي لا عوض عنه للفقيه - والله أعلم.   (1) انظر: الوسيط 1/ 434. (2) في تلك: سقط من (أ). (3) سقط من (ب). (4) في (أ): المجتهدون. (5) سقط من (ب). (6) سقط من (ب). (7) ق (أ): فيهما. (8) في (أ): طريقان. وانظر فتح العزيز 2/ 206 - 207، التنقيح ل 57/ ب - ل 58/ أ. (9) انظر: 1/ 33 - 34 نقل فيه عن الشيخ أبي إسحاق الشيرازي أنه لا يجوز أن ينسب إليه. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 225 قوله: "إن (1) تيقن وجود الماء قبل مضيَّ الوقت" (2) هذا (3) اليقين راجع (4) إلى نفس الماء، أي هو معلوم الوجود بمجاري العادات كماء (5) الفرات ودجلة. قوله (6): "وإن توقعه بظنِّ غالب" (7) فقوله "غالب" صفة لازمة للظن، فهي للبيان، لا للاحتراز (8)، وذلك كماء الغدران (9) عقيب المطر، والله أعلم. المقيم الحاضر (10) إنما لم يجز له التيمم مع وجود الماء إذا تنبه من غفلة، أو نوم، أو نحو ذلك، وكان بحيث لو تيمم أدرك الوقت، ولو اشتغل بالوضوء فاته الوقت، بخلاف ما لو لاح للمسافر ماء قريب، ولو اشتغل به (11) لفات   (1) في (ب): وإن. (2) الوسيط 1/ 433. وقبله: التفريع: إن قلنا: يجوز التيمم فما الأولى؟ نظر إن تيقن وجود الماء ... الخ (3) في (أ) زيادة: (في آخر الوقت) قبل (هذا)، وهي مقحمة غير موجودة في (د)، ولا (ب)، ولا المطبوع من الوسيط. (4) سقط من (ب). (5) في (أ) و (ب): كما في. (6) في (أ) و (ب): وقوله. (7) الوسيط 1/ 433. وبعده: فقولان ... الخ (8) انظر: التنقيح ل 58 / أ. (9) في (أ): كالغدران. (10) في (أ): الخاص. (11) سقط من (أ). الجزء: 1 ¦ الصفحة: 226 الوقت فإنه يتيمم على أحد القولين كما ذكره (1). وفرَّق بينهما (2) في الدرس: بأن السفر يكثر فيه مثل هذا، فتثبت الرخصة فيه، بخلاف الحضر، والله أعلم. ما ذكره من أنه يعصى بهبته الماء بعد دخول الوقت من غير غرض للمتهب (3)، يوهم إطلاقه أنه لا يعصي إذا كان للمتهب فيه غرض؛ إن (4) كان مثل غرض الواهب أو دونه، بأن كان غرضه طهارة مثل طهارته أو دونها، وهذا قد يوجَّه بما ذكره شيخه (5) من قوله: "لو كان محتاجاً فهو أولى بمائه، وله أن يؤثر رفيقه على نفسه، فإن الإيثار من شيم الصالحين". ولكن ليس الأمر فيه على ذلك؛ فإن هذا كان أطلقه فمراده منه: ما إذا كان عطشاناً، ورفيقه عطشاناً، فله إيثار رفيقه بمائه، فإنه قد قال بعد قوله هذا بنحو ورقة (6): "لو كان للرجل ماء فهو أولى بمائه من كل محدث، وليس له أن يؤثر محدثاً على (7) نفسه   (1) قال الغزالي: "الحالة الرابعة: أن يكون الماء حاضرًا كماء البئر إذا تنازع عليه النازحون، وعلم أن النوبة لا تنتهي إليه إلا بعد فوات الوقت ... - ثم ذكر أن فيها قولين بالنقل والتخريج: أحدهما: يصبر ولا يتيمم، والثاني: يتعجل ويتيمم، ثم قال عقيبه - وهو جار فيما لو لاح للمسافر ماء في حد القرب، وعلم أنه لو اشتغل به لفاتته الصلاة. ولا جريان له في المقيم بحال حتى إذا ضاق عليه الوقت، وعلم فواته لم يتيمم، هكذا قاله الأصحاب". الوسيط 1/ 434 - 435. (2) سقط من (ب). (3) انظر: الوسيط 1/ 436. (4) قوله: (يوهم ... إن) سقط من (أ)، غير أن في (ب): وإن. (5) انظر: نهاية المطلب 1/ ل 96/ ب. (6) انظر: 1/ ل 98/ ب. (7) في (أ): عن. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 227 ويتيمم (1)؛ فإن الإيثار إنما يسوغ في حظوظ الأنفس والمهج، لا فيما يتعلق بالقرب والعبادات". ذكر هذا في مسألة: "الجماعة المحتاجين (2) ينتهون إلى ماء مباح فمن يكون أولى به؟ ". وهكذا ذكره صاحب الكتاب نحو ذلك في هذه المسألة (3) فلنقطع إذاً بأن غرض المتَّهِب الذي تجوز الهبة من أجله غرض العطش ونحوه مما يدفع فيه بالماء التلف. وذكر الإمام في (4) مسألة الماء المباح (5): أن الأصحاب أجروا فيها تفاصيل الصور الآتية في مسألة الماء المأمور بدفعه إلى أولى الناس به (6)، ونسبهم إلى الغلط في ذلك وتبعه هو على ذلك في "البسيط" (7) ذهاباً إلى أن الصواب قسمة الماء بينهم على السواء لتساويهم في سبب الملك، وعدم تأثير زيادة الحاجة في ذلك. والانتصار للأصحاب: أنهم لم يملِّكوا الماء بمجرد الانتهاء إليه قبل الأخذ، وإنما ثبت لهم حق التملك، فيستحب لأحدهم الإعراض عن التملك لمن هو أولى منه (8)، والله أعلم.   (1) في (أ): ولا يتيمم. (2) في (أ) و (ب): من المحتاجين. (3) حيث قال: "والمالك إن كان محدثاً أولى بماء ملكه من الجنب". الوسيط 1/ 438. (4) في (ب): في المسألة المذكورة مسألة ... الخ (5) انظر: نهاية المطلب 1/ ل 98/ ب. (6) أي فيما لو سلَّم الماء إلى وكيله وقال له: سلمه إلى أولى الناس به. فحضر جنب، وحائض، وميت، فمن أولى به؟. انظر المسألة والخلاف فيها في: نهاية المطلب 1/ ل 97/ ب، الوسيط 1/ 438. (7) في (ب): الوسيط. وانظر البسيط 1/ ل 41/ ب. (8) انظر: فتح العزيز 2/ 254. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 228 ثم إنه (1) ذكر السبب الثاني للعجز: أن يخاف على نفسه أو ماله (2). ثم ذكر أن فيه مسألتين: إحداهما: لو وهب منه الماء. والثانية: لو بيع منه بغبن (3). ولقائل أن يقول: أين (4) هذا من ذلك؟ وجوابه: أن تقدير الكلام: السبب الثاني: أن يكون الماء حاضراً، ولكن يحول بينه وبينه حائل، ومن الحائل (5) أن يكون مملوكاً لغيره، فلو وهبه منه، أو باعه منه، فالحكم فيه ما ذكره (6) إلى آخره، والله أعلم. قوله: "وفي قدر ثمن المثل ثلاثة أوجه: أحدها: أنه قدر أجرة نقل الماء (7)، فيه تعرف الرغبة فيه، وإن كان مملوكاً على الأصح، وهذا أعدل الوجوه" (8) في هذا إشارة منه إلى أن هذا الوجه أصح، وصرَّح بأنه الأصح في "الوجيز" (9)، وخالف بذلك (10) جمهور المصنفين (11)، وهو وإن كان أعدل من وجه، ففيه   (1) سقط من (ب). (2) في (ب): ماله أو نفسه، بالتقديم والتأخير (3) انظر: الوسيط 1/ 436 - 437. (4) في (أ): إن. (5) في (د): الجانز، والمثبت من (أ) و (ب). (6) في (أ): ما ذكر فيه. وقد ذكر الغزالي حكم المسألة الأولى: وهي لو وهب منه الماء ... فعليه القبول إذ المنَّة لا تثقيل فيها. وحكم المسألة الثانية: وهي لو بيع الماء بغبن قال: لم يلزمه شراؤه الوسيط 1/ 436 - 437. (7) سقط من (ب). (8) الوسيط 1/ 437. (9) 1/ 19. (10) سقط من (ب). (11) انظر: نهاية المطلب 1/ ل 95/ ب، حلية العلماء 1/ 245، فتح العزيز 2/ 236. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 229 اضطراب من وجه (1) وليت شعري ماذا (2) يقول فيما (3) إذا بعدت المسافة التي نقل منها، بحيث لا يلزمه السعي إليها إذا تيقن الماء فيها، ولا بذل أجرة لمن ينقل إليه الماء منها، وقد لا يكون منقولًا نقلاً لمثله أجرة كما إذا كان قد تناوله مالكه (4) من غدير انتهى إليه، والله أعلم. قوله في الوجه الثاني: "يعتبر بحالة السلامة واتساع الماء" (5) أي في ذلك المكان الذي عدمه فيه مشتريه، والله أعلم (6). قوله: "وتوقع عطش الرفيق في المآل فيه نظر" (7) تبع في هذا التردد شيخه (8) وقد قطع غيرهما بأن الرفيق والبهيمة في ذلك كنفسه فيتيمم (9)، والله أعلم. (قوله) (10): "قال (11) الشافعي - رحمه الله -: لو كان معه ماء فمات، ورفقاؤه محتاجون (12) إليه لعطشهم، يمَّموه وشربوا الماء، وصرفوا ثمنه إلى   (1) من وجه: سقط من (أ) و (ب). (2) في (ب): ما. (3) سقط من (أ). (4) سقط من (ب). (5) الوسيط 1/ 437. (6) من قوله: (قوله في الوجه الثاني ... إلى أخر الفقرة: سقط من (ب). (7) الوسيط 1/ 437 وقبله: السبب الثالث: إن احتاج إليه لعطشه في الوقت، أو لدفع العطش في ثاني الحال، أو لعطش رفيقه في الوقت، أو لعطش حيوان محترم، فكل ذلك يبيح التيمم. وتوقع عطش رفيق ... الخ (8) انظر: نهاية المطلب 1/ ل 96/ ب. (9) كالماوردي في الحاوي 1/ 290، والقاضي حسين في التعليقة 1/ 455. (10) زيادة من (أ) و (ب). (11) سقط من (ب). (12) في (أ): يحتاجون. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 230 ورثته؛ لأن مثل الماء لا قيمة له في (1) ذلك الموضع" (2) عبارته هذه حاملة على اعتقاد (3) أن الشافعي صرَّح بأنه لا يجب مثل الماء، بل قيمته، وليس كذلك، وإنما قال الشافعي: "ويؤدون الثمن في ميراث الميت" (4). وهذه العلة ليست في كلامه، فاختلف أصحابه، فمنهم من قال: أراد بالثمن: المثل؛ لأن الماء مثلي فلا يترك فيه قاعدة ضمان (5) المثليات. ومنهم من قال: أراد به القيمة (6) وهو الذي ذكره (7) وعلَّله صاحب الكتاب، والله أعلم. قوله في نسيان الماء في رحله: "وفيه قوله قديم كما في (8) نسيان الفاتحة، وترتيب الوضوء ناسياً" (9) هكذا وقع بسقوط كلمة "الترك"، وإنما هو: و (10) ترك ترتيب الوضوء ناسياً (11)، والله أعلم.   (1) في (أ) و (ب): في مثل. (2) الوسيط 1/ 437 - 438. وبعده: في غالب الأمر، فكان العدول إلى القيمة أولى. أهـ وانظر قول الشافعي في مختصر المزني ص: 10. (3) في (أ): اعتقاده. (4) مختصر المزنى ص: 10، ولفظه: ( ... وأدوا ثمنه في ميراثه). (5) سقط من (ب). (6) انظر: الحاوي 1/ 292، التعليقة للقاضي حسين 1/ 461، الإبانة ل 17/ أ، المجموع 2/ 277. (7) في (د): ذكر، والمثبت من (أ) و (ب). (8) سقط من (ب). (9) الوسيط 1/ 439. وقبله: السبب الرابع: العجز بسبب الجهل: وفيه أربع صور: إحداها: أن ينسى الماء في رحله بعد أن كان علمه، فتيمم وصلى، قضى صلاته ... وفيه قول قديم ... الخ (10) سقط من (أ). (11) انظر: التنقيح ل 60/ أ. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 231 ذكر من الأمراض ما يلتبس (1) فذكر (2) المرض الذي يخاف من استعمال الماء معه فوت الروح، وذكر ما يخاف معه مرضاً مخوفًا، والفرق بينهما: أن في الأول نفس استعمال الماء يحصل منه الموت. وفي الثاني: بينهما واسطة؛ فيحصل من الاستعمال مرض، ومن ذلك المرض الموت. وذكر شدة الضنى أو بطء البرء (3) ففي بعض النسخ بالواو، وفي بعضها بـ أو. فشدة الضنى: تشتمل على زيادة النحافة، والضعف، وشدة الوجع. وبطء البرء هو تأخر (4) العافية، وإن لم يزدد مقدار المرض (5)، والله أعلم. قوله: "على عضو ظاهر" (6) الظاهر أن "الظاهر" هو (7): ما يبدو في حالة المهنة غالباً كالوجه واليدين (8)، والله أعلم. الخلاف الذي ذكره في تقدير مدة المسح على الجبيرة (9) شاذ ذكره بعض الخراسانيين (10)، وقد ذكره الفوراني (11)، وإمام الحرمين (12). ثم ذكر الإمام أن   (1) أي في السبب الخامس من الأسباب المبيحة للتيمم، وانظر الوسيط 1/ 440. (2) في (د): "فذكر من"، وكأن "من" مقحمة هنا، وهي غير موجودة في (أ) و (ب). (3) قال الغزالي: "وإن لم يخف إلا شدة الضنى، وبطء البرء فوجهان". الوسيط 1/ 440. (4) في (أ): تأخير. (5) انظر: التنقيح ل 60/ أ، المطلب العالي 2/ ل 98/ أ - ب. (6) الوسيط 1/ 440. حيث قال: "ولو خاف بقاء شين قبيح، فإن لم يكن على عضو ظاهر لم يتيمم". (7) سقط من (أ) و (ب). (8) انظر: التنقيح ل 60/ أ. (9) قال الغزالي: "وهل ينزَّل المسح - أي على الجبيرة - منزلة مسح الخفِّ في تقدير مدته، وسقوط الاستيعاب؟ وجهان". الوسيط 1/ 440. والصحيح من الوجهين: وجوب الاستيعاب، وعدم تقدير مدته انظر: المجموع 2/ 330، التنقيح ل 60/ أ. (10) انظر: المجموع 2/ 330، المطلب العالي 2/ ل 102/ ب. (11) انظر: الإبانة ل 18/ ب. (12) انظر: نهاية المطلب 1/ ل 85/ أ. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 232 الخلاف مخصوص بما إذا أمكن رفع الجبيرة ووضعها من غير خلل يعود إلى العضو، فأما إذا كان رفعها يخلُّ بالعضو فلا خلاف أنه لا يجب رفعها (1)، وإنما الخلاف فيه إذا كان يتأتَّى النزع فيه والرفع بعد انقضاء كل يوم وليلة، وإن كان يتأتَّى النزع في كل وقت من غير خلل فلا يجوز المسح، ويجب غسل ما تحتها. قلت: إذا (2) تأملت هذا وجدت حاصله رافعاً للخلاف (3) في التوقيت. ثم إن اقتصاره مع الفوراني على ذكر اليوم والليلة في ذلك في أثناء الكلام مشعر بأنه لا يفترق بالسفر (4) والحضر (5)؛ لأن سببه المرض. ولا اعتماد على ما ذكره بعض الشارحين (6) من أنه في السفر الطويل يتأقت على القول بالتأقيت بثلاثة (7) أيام ولياليهن، من حيث النقل، وإن كان (8) محتملاً من حيث المعنى، وكأنه شُبِّه عليه، والله أعلم. قوله: "وهل يلزمه إلقاء اللصوق عند إمكانه؟ فيه تردد للأصحاب. وينقدح عليه التردد في وجوب لبس الخف على من وجد من الماء ما يكفيه لو مسح، ولا يكفيه لو غسل (9) ... إلى آخره" (10) هذا نقله عن شيخه (11)،   (1) في (أ) و (ب): رفعه. (2) سقط من (ب). (3) في (أ): في الخلاف. (4) في (أ): يفرق في السفر. (5) انظر: المطلب العالي 2/ ل 102/ ب (6) مراده به - على العادة - الرافعي، انظر فتح العزيز 2/ 282. (7) في (ب): ثلاث. (8) سقط من (ب). (9) في (ب): ما لا يكفيه لو غسل، ويكفيه لو مسح، بالتقديم والتأخير. (10) الوسيط 1/ 441 - 442. وقبله: السبب السابع: العجز بسبب الجراحة: فإن لم يكن عليه لصوق فلا يمسح على محل الجرح، وإن كان عليه لصوق فليمسح على اللصوق كالجبيرة. وهل يلزمه .. الخ (11) انظر: نهاية المطلب 1/ ل 87/ أ. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 233 وغيَّره تغييراً قد يوهم (1) غير ما ينبغي. إنما حكى شيخه إيجاب ذلك عن شيخه (2) - والده - وقال: "لم أرَ هذا لأحد من الأصحاب". واستبعده، ثم ذكر أنه قد (3) يترتب عليه أنَّ من كان على طهارة وقد أرهقه حدث ووجد من الماء ما يكفيه لوجهه، ويديه، ورأسه، ولا يكفي لرجليه، ولو لبس الخفَّ لأمكنه أن يمسح على خفيه، فهل يجب عليه أن يلبس الخف ليمسح بعد الحدث عليه (4)؟ قال: "فقياس ما ذكره شيخي: إيجاب ذلك، وهو بعيد عندي، ولشيخي أن ينفصل عنه بأن مسح الخفَّ رخصة محضة، فلا يليق بها إيجاب لبس الخف، وما نحن فيه من مسالك الضرورات فيجب فيه الإتيان بالممكن"، والله أعلم.   (1) في (أ): تغيراً يوهم. (2) سقط من (ب). (3) سقط من (ب). (4) سقط من (أ). الجزء: 1 ¦ الصفحة: 234 ومن الباب الثاني في كيفية التيمم ذكر أن له سبعة أركان: الأول: نقل التراب الطهور (1) إلى الوجه واليدين. الثاني: القصد إلى الصعيد: فلو تعرض لمهب الرياح ومسح به وجهه لم يجز. الثالث: النقل: فلو كان على وجهه تراب فردده (2) عليه لم يجز. الرابع: النية. (3) هذا مشكل، وشرحه: أن المقصود بالركن الأول: اشتراط أصل النقل في منقول مخصوص، وبيان أنه التراب الموصوف. والمقصود بالثاني: أن يكون ذلك النقل بقصده إلى فعل منه، أو ممن ينوب عنه يحصل به النقل. وبالثالث: أن يكون النقل إلى عضو التيمم بفعل التيمم لا قبله؛ فلو كان على وجهه تراب نقله إليه من قبل فأمرَّه عليه لم يجز. والرابع: النية: وهي القصد التي استباحة الصلاة بنقل التراب، والركن الثاني القصد إلى نقل التراب، فتغاير متعلق القصد. وفيما ذكره تكلف، والأولى أن يجتزئ عن الثلاثة الأُوُل (4) بواحد (5)؛ فيقال: نقل التراب إلي الوجه، واليدين، بالقصد لنقله. وصاحب "التهذيب" (6)، وغيره (7) إنما عدوها خمسة (8): النية، والقصد إلى التراب لنقله، ومسح جميع الوجه، ومسح اليدين إلى المرفقين، والترتيب، والله أعلم.   (1) في (أ): الطاهر. (2) في (أ): فرده. (3) انظر: الوسيط 1/ 443 - 445. (4) في (أ) و (ب): الأولى. (5) في (أ): بواحدة. (6) انظر: التهذيب للبغوي 1/ 238. (7) انظر: التعليقة للقاضي حسين 1/ 410، الإبانة للفوراني ل 18/ أ، التنقيح 60/ ب. (8) في (ب): خمسة بالنيَّة: النيَّة ... إلخ. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 235 الحجر الصلد (1): هو الأملس (2)، عبَّر به عن الذي لا تراب، ولا غبار عليه (3)، والله أعلم. الأعفر (4): هو الذي ليس بياضه خالصاً (5). قوله (6) "والأحمر: هو (7) الطين الإرمني" (8) فالإرمني هو بكسر الهمزة وكسر الميم، وهو معروف في الأدوية (9) منسوب إلى إرمينية (10) ناحية منها مدينة (11)   (1) قال الغزالي: "الركن الأول: نقل التراب الطهور إلي الوجه واليدين. فلو ضرب اليد على حجر صلد ومسح وجهه لم يجز". الوسيط 1/ 443. (2) انظر: الصحاح 2/ 498، القاموس المحيط 1/ 426. (3) في (ب): لا تراب عليه ولا غبار، بالتقديم والتأخير. وانظر: التنقيح ل 61/ أ. (4) قال الغزالي: "أما قولنا (تراب): فيندرج تحته الأعفر، والأسود الذي يستعمل في الدواة، والأصفر، والأحمر وهو الطين الأرمني ... " الوسيط 1/ 443. (5) انظر: الصحاح 2/ 752، لسان العرب 9/ 283، المصباح المنير ص: 159. (6) في (أ): وقوله. (7) (ب): وهو، وهو كذا في متن الوسيط. (8) الوسيط 1/ 443. (9) (أ): الأودية. (10) اسم لإقليم عظيم واسع في جهة الشمال، النسبة إليها أرمينيُّ، وسميت بذلك لكون الأرمن فيها، وهي أمة كالروم وقيل غير ذلك، فتحت في زمان عثمان بن عفان - رضي الله عنه - وهي إحدى الجمهوريات السوفيتية المستقلة انظر: معجم البلدان 1/ 191، مراصد الإطلاع على أسماء الأمكنة والبقاع 1/ 60، الروض المعطار في خبر الأقطار للحميري ص: 25، بلدان الخلافة الشرقيَّة ص: 211 وما بعدها. (11) سقط من (ب). الجزء: 1 ¦ الصفحة: 236 خلاط (1)، وهي بكسر الهمزة، وميم مكسورة، بعدها ياء ساكنة، ثم نون مكسورة، بعدها ياء (2) غير مشددة، والله أعلم. السبخ (3) بفتح الباء أفصح وأولى، ويجوز بكسرها (4). قوله (5): "وهو الذي لا ينبت، لا الذي يعلوه ملح. فالملح ليس بتراب" (6) ذكر الشافعي السبخ فيما يجوز التيمم به (7)، وفسَّره (8) هو وشيخه (9): بالذي لا ينبت، لا الذي يعلوه ملح. قلت: الذي يعلوه ملح هو من السبخ، لكنه تراب خالطه ملح، فيلتحق في عدم الجواز بالتراب الذي يخالطه ما ليس بتراب (10)، فهذا وجه ما ذكره، وفيه إشكال (11)، والله أعلم.   (1) في (أ): أخلاط. وهي قصبة أرمينية، فتحها عياض بن غنم، سار إليها من الجزيرة، قال عنها ياقوت الحموي: "البلدة العامرة المشهورة، ذات الخيرات الواسعة، والثمار اليانعة" انظر: معجم البلدان 2/ 435، آثار البلاد للقزويني ص: 524، بلدان الخلافة الشرقيَّة ص: 218. (2) في (أ): بعدها ياء ساكنة، ثم نون مكسورة بعدها ياء غير مشددة. (3) ذكره الغزالي فيما يندرج تحت اسم التراب انظر: الوسيط 1/ 443. (4) ويجوز كذلك بإسكانها انظر: القاموس المحيط 1/ 360، التنقيح ل 61/ أ. (5) في (ب): وقوله. (6) الوسيط 1/ 443. (7) انظر: الأم 1/ 115. (8) في (ب): وفسر. (9) انظر: نهاية المطلب 1/ ل 66/ أ. (10) انظر: التنقيح ل 61/ أ، مغني المحتاج 1/ 96. (11) لعل الإشكال فيه أن النبي - صلى الله عليه وسلم - وصحابته كانوا يتيممون بتراب المدينة، وهي سبخة، فإلحاقه في عدم جواز التيمم به بالتراب الذي يخالطه ما ليس بتراب فيه إشكال، والله أعلم. وانظر: المجموع 2/ 218 - 219. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 237 إنما جاز التيمم بالرمل الذي خالطه غبار التراب (1) مع أنه لا يجوز بالتراب المشوب بالدقيق (2)؛ لأن المتيمم إذا وضع يده على الرمل المخالط للغبار والتراب علق بها (3) الغبار دون الرمل لثقله وتسفله، وخفة الغبار (4)، بخلاف الدقيق (5)، والله أعلم. قوله: "لأن التيمم عبارة عن القصد (إلي الصعيد) (6) " (7) بيانه وتمامه بأن يقول (8): وقد قال الله تبارك وتعالى {فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا طَيِّبًا فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ مِنْهُ} (9) فتضمن مجموع ذلك وجوب القصد إلى الصعيد ونقله إلى وجهه ويديه، والله أعلم.   (1) في (د): غبار وتراب، وفي (ب): غبار تراب، والمثبت من (أ). وقال الغزالي: "اختلف نصُّ الشافعي في الرمل. والأصح: تنزيله على حالتين: فإن كان عليه غبار جاز، وإلا فلا". الوسيط 1/ 444. (2) قال الغزالي: "وقولنا (خالص): يخرج عليه التراب المشوب بالزعفران، والدقيق، فلا يجوز التيمم به". الوسيط الموضع السابق. (3) في (د): به، والمثبت من (أ) و (ب). (4) في (أ): التراب. (5) انظر: التنقيح ل 61/ أ، مغني المحتاج 1/ 96. (6) ما بين القوسين زيادة من (أ) وهي في النسخة المطبوعة من الوسيط. (7) الوسيط 1/ 445. وقبله: الركن الثاني: القصد إلى الصعيد: فلو تعرض لمهب الريح حتى سفَّت عليه ثم مسح وجهه لم يجز؛ لأن التيمم عبارة .... إلخ (8) بأن يقول سقط من (ب). (9) سورة المائدة الآية (6). وفي (ب) بدون قوله "منه" وهي سورة النساء الآية (43). الجزء: 1 ¦ الصفحة: 238 قوله في كيفية التيمم: "فإن السنة أن يضرب ضربة فيفعل كذا وكذا، وفي الضربة الثانية يفعل كذا وكذا" (1) لا يتوهم من هذا أن هذه (2) الكيفية وردت بها السنة؛ فإنه لم يُرِد هو ذلك، ولم يَرِد بها خبر ولا أثر، ولكن لما ثبت عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الاقتصار (3) فيه على ضربتين (4)، وثبت وجوب الاستيعاب، ذكر   (1) انظر: الوسيط 1/ 448. (2) سقط من (ب). (3) في (أ): فالاقتصار. (4) كون النبي - صلى الله عليه وسلم - اقتصر على ضربتين ورد في حديث ابن عمر رواه أبو داود عن طريق محمَّد بن ثابت في سننه كتاب الطهارة، باب التيمم في الحضر 1/ 234 رقم (330) قال أبو داود عقيبه: "سمعت أحمد بن حنبل يقول: روى محمَّد بن ثابت حديثاً منكراً في التيمم، وقال: لم يتابع محمَّد ابن ثابت في هذه القصة على "ضربتين" عن النبي - صلى الله عليه وسلم -، ورووه عن فعل ابن عمر". وقال ابن حجر: "رواه أبو داود بسند ضعيف ... ومداره على محمَّد بن ثابت وقد ضعفه ابن معين، وأبو حاتم، والبخاري، وأحمد". التلخيص الحبير 2/ 327. وروى الضربتين الدارقطني في سننه 1/ 180، والحاكم في المستدرك 1/ 179، والبيهقي في السنن الكبرى كتاب الطهارة 1/ 319 عن ابن عمر من حديث علي بن ظبيان مرفوعاً قال البيهقي: "رواه علي بن ظبيان عن عبيد الله بن عمر فرفعه، وهو خطأ، والصواب بهذا اللفظ عن ابن عمر موقوف". قال الحافظ ابن حجر: "وعلي بن ظبيان ضعفه القطان، وابن معين وغير واحد". التلخيص الحبير 2/ 329. وروى بطرق أخرى ولكنها ضعيفة. راجع التلخيص الحبير 2/ 329 - 334. وروي "التيمم ضربتان" من حديث عمار بن ياسر، وعائشة، وأبي أمامة، والأسلع، وجابر، وكلها متكلم فيها. انظر: السنن الكبرى 1/ 316 فما بعدها، نصب الراية 1/ 150 فما بعدها، مجمع الزوائد 1/ 590، التلخيص الحبير 2/ 329 - 335، نيل الأوطار 1/ 309. والثابت في الصحيحين وغيرهما أن التيمم ضربة واحدة للوجه والكفين. انظر: صحيح البخاري - مع الفتح - كتاب التيمم، باب المتيمم هل ينفخ فيهما 1/ 528 رقم (338)، وصحيح مسلم - مع النووي - كتاب الحيض، باب التيمم 4/ 61. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 239 الشافعي وأصحابه هذه الكيفية؛ ليبينوا كيف يحصل الاستيعاب بضربتين (1). ويتجه أن يقال: إنها مستحبة لكونها طريقاً إلى الوفاء بسنة الاقتصار على ضربتين، والله أعلم.   (1) انظر: الأم 1/ 113، مختصر المزني ص: 8 - 9، المهذب 1/ 32، نهاية المطلب 1/ ل 65/ أ، حلية العلماء 1/ 230، وغيرها. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 240 ومن الباب الثالث أحكام التيمم ما أطلقه من أن الصلاة لا تبطل برؤية الماء بعد الشروع (1)، مقيد بصلاة لا يجب قضاؤها كصلاة المسافر، وإلا فتبطل على المذهب (2). قوله: "الوقت إذا كان متسعاً فالشروع ليس بملزم إذا لم يكن خلل، فكيف إذا كان" (3) هذا غير مرضي ولا مقبول عند نقلة الذهب (4)، بل الحكم في ذلك: أنه لا يجوز له الخروج إذا لم (5) يكن خلل وعذر؛ لقيام الفارق بين الحالين (6). وفي كتاب "التتمة". (7): "أنه إذا شرط في صلاة الفرض، والوقت متسع لم يتضيق، ولم يطرأ عذر، فالخروج غير جائز له بلا خلاف". وقد وجدنا نصَّ صاحب المذهب الشافعي على ذلك، فنصَّ في "الأم" (8) على أن من دخل في صوم واجب من قضاء، أو نذر، أو كفارة، أو في (9) صلاة مكتوبة في وقتها، أو صلاة قضاء، أو نذر، لم يكن له أن يخرج من ذلك كله من غير عذر،   (1) قال الغزالي: "الحكم الأول: أنه يبطل برؤية الماء قبل الشروع في الصلاة ... أما بعد الشروع فلا تبطل". الوسيط 1/ 450. (2) انظر: المهذب 1/ 36، حلية العلماء 1/ 267، روضة الطالبين 1/ 229، كفاية الأخيار 1/ 117. (3) الوسيط 1/ 451. وقبله: فإذا قلنا: لا تبطل صلاته ففيه أربعة أوجه: ... الرابع: أنه ليس له أن يخرج، ولا أن يقلبها نفلاً، بل يلزمه الاستمرار، وهذا بعيد، إذ الوقت إذا كان متسعاً .... إلخ. (4) انظر: التعليقة للقاضي حسين 1/ 417، المهذب 1/ 37، التنبيه ص: 21، التنقيح ل 62/ ب. (5) سقط من (ب). (6) في (أ) و (ب): الحالتين. (7) انظر النقل عنه في: روضة الطالبين 1/ 229. (8) انظره 1/ 473. (9) سقط من (ب). الجزء: 1 ¦ الصفحة: 241 كانتقاض طهر (1)، أو غيره، وإن خرج كان آثماً. والذي صار إليه صاحب الكتاب إنما هو شيء قاله شيخه إمام الحرمين (2) من عنده لم ينقله، بل عقبه بأن قال: "وما عندي أن الأصحاب يسمحون بهذا". فكان (3) من حقِّ صاحب الكتاب أن يُبَيِّن من حال هذه المقالة مثل ما بَيَّنه شيخُه، ولا يدكرها ذكرَ مضيفٍ لها إلى المذهب قاطع بها؛ فإن ذلك يوجب خللاً في معرفة المذهب، وله من أشباه ذلك الكثير - رحمنا الله وإياه -، والله أعلم. قوله في الجمع بين فريضة ومنذورة (4): "يُخرَّج على أنه يسلك بالمنذور (5) مسلك واجب الشرع، أو جائزه، وفيه قولان" (6) المنذور (7) هو كما أوجبه الشرع من غير نذر منه في أصل وجوب فعله بلا خلاف، وإنما هذا (8) الخلاف في أنه في صفته وكيفيته كما يجوز ولا يجب من (9) القربات، أو كما يجب في أصله   (1) سقط من (ب). (2) انظر: نهاية المطلب 1/ ل 74/ أ - ب. (3) في (أ): وكان. (4) أي بتيمم واحد. (5) في (ب): بالمنذورة، وهي الموافقة للنسخة المطبوعة من الوسيط. (6) الوسيط 1/ 452. وهذه قاعدة فقهيَّة متداولة في كتب القواعد الفقهيَّة عند الشافعيَّة، وانظر فيها مثلاً: المنثور في القواعد للزركشي 3/ 270، الأشباه والنظائر للسيوطي ص: 164. وأصح القولين أنها كالفريضة؛ لأنها ممنوعة الترك. انظر: الغاية القصوى 1/ 245. (7) في (ب): بالمنذورة. (8) سقط من (أ). (9) في (أ): في. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 242 منها (1)، والله أعلم. ذكر فيما لو نسي صلاتين مختلفتين من (2) يوم وليلة أنه إن (3) شاء اقتصر على تيممين يؤدي بأولهما الأربع الأُول (4) من الخمس وهي: الصبح، والظهر، والعصر (5)، والمغرب، ثم يتيمم ويصلي الأربع الأخيرة وهي: الظهر، والعصر، والمغرب، والعشاء، فلو عكس وبدأ بالأربع (6) الأخيرة فأداها بالتيمم الأول لم يجزه (7) إلى آخر ما ذكره (8). هذا يوهم تعيُّن ما هو غير متعيِّن في ذلك، فاعلم أنه لا يتعين في ذلك الابتداء بالصبح، ولا أن يأتي بالصلوات على التوالي الواقع فيها في أوقاتها، بل له أن يبدأ بأية صلاة أراد، ويثني بغير الصلاة التي تليها في حالة أدائها في أوقاتها، ولكن يشترط أن يراعي شرطاً واحداً وهو: أن يجعل ما بدأ به في المرة الأولى متروكاً في المرة الثانية، والذي بدأ   (1) أي أن الوفاء بأصل النذر واجب بلا خلاف، وإنما الخلاف في صفته وكيفيته هل يسلك بها مسلك واجب الشرع، أو مسلك جائزه وهو مما يتقرب به؟ فعلى القول بجائزه يعطى المنذور حكم القربات التي لا تجب، حتى يجوز القعود في الصلاة مع القدرة على القيام، ويجوز أداؤها على الراحلة، وعلى القول الأول لا يجوز. وأصح القولين أنه لا يجمع بينهما. انظر: فتح العزيز 2/ 342، التنقيح ل 63/ أ - ب. (2) في (أ): في. (3) في (أ): إذا. (4) في (أ) و (ب): الأولى. (5) سقط من (ب). (6) في (ب): بالأربعة. (7) في (أ) و (ب): لم يجزيه. (8) انظر: الوسيط 1/ 453 - 454. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 243 به في (1) المرة الثانية متروكاً في المرة الثالثة فيما إذا نسي ثلاث صلوات وصلى تسع صلوات بثلاث تيممات. وهناك ضابط يتوسع به ويعتمد عليه في جميع الصور وهو: أن ينظر الناسي (2) إلى عدد ما نسيه من جملة الخمس فيتيمم بعدد المنسي، ثم يصلي بكل تيمم من الصلوات مقدار العدد الذي يجتمع من منسية واحدة إذا ضمها إلى عدد ما لم ينسه من الخمس. و (3) هكذا جرى (4) الأمر فيما سبق ذكره فيما إذا نسي صلاتين مختلفتين من الخمس (5)، فلو أنه نسي ثلاث صلوات: تيمم ثلاثاً وصلى تسع صلوات، ثلاثاً منها بكل تيمم؛ لأن غير المنسي ثنتان وهما مع منسية واحدة ثلاث، فيتيمم ويصلي الصبح، والظهر، والعصر، ثم يتيمم ويصلي الظهر، والعصر، والمغرب، ثم يتيمم ويصلي العصر، والمغرب (6)، والعشاء. فإن كان المنسي أربعاً: تيمم أربعاً، وصلى (7) ثمان صلوات بكل (8) تيمم صلاتين. وإن نسي الخمس: كان تيممه خمسة بموجب القاعدة أيضا، وتساوى عدد التيممات والصلوات. كان نسي ستاً أو أكثر: تيمم للخمس خمسة وجعل الزائد (9) بمثابة ما (10) إذا كان ذلك هو المنسي لا غير، وعمل فيه ما ذكرناه أولاً، والله أعلم.   (1) سقط من (أ). (2) سقط من (ب). (3) سقط من (أ). (4) في (أ): أجرى. (5) العدد الذي لم ينسه من الخمس هو ثلاثة، فإذا أضيف إليها واحدة أصبحت أربع صلوات، فيصلي بكل تيمم من التيممين - بقدر عدد المنسي - أربع صلوات. (6) في (ب): المغرب والعصر، بالتقديم والتأخير (7) في (أ): يصلي. (8) في (ب): كل. (9) في (أ) و (ب): الزائدة. (10) سقط من (أ). الجزء: 1 ¦ الصفحة: 244 قوله: "لقوله - صلى الله عليه وسلم -: أينما أدركتني الصلاة تيممت وصليت" (1) هذا قد رويناه في كتاب "السنن الكبير" (2) من حديث عمرو بن شعيب (3) عن أبيه (4) عن جده أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: (جعلت لي الأرض مسجداً وطهوراً، أينما أدركتني الصلاة تمسحت وصليت). إسناده حسن يحتج بمثله. وفي "الصحيحين" (5) من حديث جابر بن عبد الله نحوه وهو (وجعلت لي الأرض مسجداً وطهوراً، فأيما رجل من أمتي أدركته الصلاة فليصل)، والله سبحانه وتعالى أعلم (6).   (1) الوسيط 1/ 454 - 455. وقبله: الأصل الثاني: أنه لا يتيمم لصلاة قبل دخول وقتها خلافاً لأبي حنيفة، لقوله - عليه السلام - ... وبعده: وإنما تدرك صلاة الخسوف بالخسوف، وصلاة الاستسقاء ببروز الناس إلى الصحراء ... إلخ. وانظر: قول أبي حنيفة في بدائع الصنائع 1/ 54. (2) في كتاب الطهارة 1/ 340 رقم (1060)، وقد رواه الإمام أحمد - من قبله - عن عمرو بن شعيب باللفظ نفسه 2/ 222. قال ابن الملقن في تذكرة الأخيار ل 31/ ب: "هذا الحديث رواه البيهقي بإسناد حسن ... "، وقال أحمد شاكر في تحقيقه لمسند الإمام أحمد 6/ 482: "إسناده صحيح". (3) هو أبو إبراهيم عمرو بن شعيب بن محمَّد بن عبد الله بن عمرو بن العاص، سكن مكة، قال عنه الحافظ ابن حجر: "صدوق". روى حديثه الأربعة، توفي سنة 118 هـ. انظر ترجمته في: الجرح والتعديل 6/ 238، تهذيب الكمال 22/ 64، ميزان الاعتدال 3/ 263، تقريب التهذيب ص: 423. (4) شعيب بن محمَّد بن عبد الله بن عمرو بن العاص، ثبت سماعه عن جده، وعن ابن عمر، وابن عباس، صدوق روى حديثه الأربعة انظر ترجمته في: التاريخ الكبير للبخاري 4/ 218، الجرح والتعديل 4/ 351، تهذيب الأسماء 1/ 246، تقريب التهذيب ص: 267. (5) انظر: صحيح البخاري - مع الفتح - كتاب التيمم، باب التيمم 1/ 519 رقم (335)، وصحيح مسلم - مع النووي - كتاب المساجد ومواضع الصلاة 5/ 3. (6) هذه الفقرة جميعها سقط من (ب). الجزء: 1 ¦ الصفحة: 245 قوله: "كصلاة سلس البول، والمستحاضة" (1) هو بكسر اللام من سلِس، وكل ما ذكر من هذا مع المستحاضة فهو بكسر اللام، وهو الشخص الذي به ذلك. وما ذكر مع الاستحاضة فهو بفتح اللام، وهو عبارة عن المصدر (2)، والله أعلم. ثم إنه عدَّ صلاة المسافر بتيممه في قسم (3) العذر الذي إذا وقع دام (4)، وذلك مستدرك عليه؛ لأن عدم الماء في السفر ليس مما يدوم غالباً، بل الغالب أنه إذا (5) عدمه في بعض المراحل يجده في أكثرها، والصواب ما فعله غيره من الأصحاب (6)، حيث قسموا العذر إلى عام: كالسفر والمرض، وإلى نادر، ثم النادر ينقسم إلى: ما إذا وقع دام، وإلى ما إذا وقع (7) لم يدم. وعدَّ أيضاً في قسم ما لا يدوم ولا بدل فيه: المربوط على خشبة إذا صلى بالإيماء (8). وقطع فيه بوجوب القضاء كمن لم يجد ماءً ولا تراباً، وهذا فيه نظر؛ لأن الإيماء إلى الركوع والسجود بدل عنهما، فالصواب أن يُعدَّ ذلك من قبيل   (1) الوسيط 1/ 456. وقبله: الحكم الثالث: فيما يقضى من الصلوات المؤداة على نوع من الخلل: والضابط فيه: إن كان بسبب عذر إذا وقع دام فلا قضاء فيه كصلاة ... إلخ. (2) انظر: لسان العرب 6/ 325، المصباح المنير ص: 108، التنقيح ل 63/ ب. وسلس البول: الذي لا يستمسكه. انظر: الصحاح 3/ 938. (3) في قسم: سقط من (أ). (4) انظر: الوسيط 1/ 456. (5) في (أ) و (ب): إن. (6) انظر: المهذب 1/ 37، التهذيب ص: 276، فتح العزيز 2/ 351 - 354. (7) في (ب): وإلى إذا ما وقع، بالتقديم والتأخير (8) في (أ): نائماً. وهو خطأ. وانظر الوسيط 1/ 456. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 246 القسم الآخر الذي في القضاء فيه قولان، وهو قسم ما لا يدوم وفيه بدل، وهذا إذا صلى إلى القبلة، وفي المحبوس في حشِّ المومي إلى السجود قولان مشهوران، وقد ذكر الخلاف فيه هو (1) في آخر الباب (2) وهذا مثله. وقد (3) قال الصيدلاني في المربوط المومي: "إن صلى إلى القبلة فلا قضاء، وإلا فعليه القضاء" (4). قوله: "أو من على جرحه، أو فصده، أو حجامته نجاسة" (5) كذا وقع، و (6) فيه عجمة؛ فكأنه لما رأى الجرح يعبَّر به عن محل الجرح، عبَّر (7) بالفصد والحجامة عن محلهما، ولا سواء (8) في ذلك في (9) الاستعمال، والله أعلم. قوله: "روي أن علياً انكسر زنده، فألقى الجبيرة عليه، وكان يمسح عليها، ولم يأمره رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بقضاء الصلاة. وتوقف الشافعي - رضي الله عنه - في صحة هذا   (1) في (أ): هو فيه، بالتقديم والتأخير (2) انظر: الوسيط 1/ 459. وأصح القولين هو وجوب الإعادة. انظر: الغاية القصوى 1/ 247، التنقيح ل 65/ أ. (3) سقط من (ب). (4) انظر النقل عنه في: فتح العزيز 2/ 355، روضة الطالبين 1/ 234. (5) الوسيط 1/ 456. وقبله: وإن لم يكن العذر دائماً نظر: فإن لم يكن عنه بدل وجب القضاء كمن لم يجد ماء ولا تراباً فصلى على حسب حاله، أو المربوط على خشبة إذا صلى بالإيماء، أو من على جرحه ... إلخ (6) سقط من (أ). (7) في (أ): عبَّر به. (8) في (أ): والاستواء. (9) في ذلك في: سقط من (ب). الجزء: 1 ¦ الصفحة: 247 الحديث" (1) قلت: هو ضعيف (2) عند أهل الحديث، مشهور بالضعف (3)، وفيه أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أمره بالمسح عليها، والله أعلم. قوله فيمن صلى عرياناً: "أن كان ممن (4) لا (5) يعتاد السترة" (6) يعني يغلب العري فيهم، عاجزين عن الساتر. وقوله في (عدم) (7) وجوب القضاء على العاري: "وبه قطع صاحب التقريب على الإطلاق" (8) يعني (9) من غير فرق بين من يعم العري فيهم (10)، ومن لا يعم العربي (11) فيهم، بل سوَّى بينهم في عدم وجوب القضاء، والله أعلم.   (1) الوسيط 1/ 457 - 458. (2) الحديث رواه ابن ماجه في سننه كتاب الطهارة وسننها، باب المسح على الجبائر 1/ 215 رقم (657) قال البوصيري في مصباح الزجاجة 1/ 235: "هذا إسناد فيه عمرو بن خالد كذبه الإمام أحمد وابن معين، وقال البخاري: منكر الحديث وقال أبو زرعة ووكيع: يضع الحديث. وقال الحاكم: يروي عن زيد بن علي الموضوعات". أهـ كما روى الحديث الدارقطني في سننه 1/ 226 - 227، والبيهقي في السنن الكبرى كتاب الطهارة 1/ 349 رقم (1082) وقال عقيبه: "عمرو بن خالد الواسطي معروف بوضع الحديث .... " والعقيلي في الضعفاء 3/ 269 وقال: "لا يعرف هذا الحديث إلا من حديث عمرو بن خالد هذا". قال النووي في المجموع 2/ 324: "وأما حديث علي - رضي الله عنه - فضعيف ... "، وقال ابن الملقن في تذكرة الأخيار ل 31/ ب: "إسناده ظاهر الضعف". (3) في (أ): بالضعيف. (4) في (د): مما، والمثبت من (أ) و (ب). (5) سقط من (ب). (6) الوسيط 1/ 458. (7) زيادة من (أ) و (ب). (8) الوسيط 1/ 459. (9) سقط من (ب). (10) سقط من (أ). (11) في (أ): وبين من لا يعم فيهم. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 248 ومن باب المسح على الخفين قوله: "وهو رخصة لم ينكرها إلا الروافض (1) " (2) إنكاره مروي عن غيرهم كأبي بكر بن داود الظاهري (3)، وهو إحدى (4) الروايتين عن مالك (5). ثم إنه (6) استدلَّ على جوازه فقال: "دليلنا قول صفوان بن عسَّال (7): (أمرنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذا كنا مسافرين   (1) الرفض لغة: الترك، والروافض عرفهم أهل اللغة بقولهم: والروافض: كل جند تركوا قائدهم وانصرفوا. وفي الاصطلاح: هم الطائفة ذات الأفكار والآراء الاعتقادية الذين رفضوا خلافة الشيخين، ورفضوا أكثر الصحابة، وزعموا أن الخلافة في علي وذريته من بعده بنص النبي - صلى الله عليه وسلم - ووصيته، وسموا بذلك لأسباب منها: أنهم رفضوا إمامة زيد بن علي وتفرقهم عنه، وقيل: لأنهم رفضوا أكثر الصحابة كما رفضوا إمامة الشيخين - أبي بكر وعمر -، وقيل: لرفضهم الدين. وهي طائفة مشهورة لهام آراؤها الاعتقادية والفقهية المفارقة لآراء أهل السنة الاعتقادية والفقهية. وراجع في ذلك: الصحاح 3/ 1078، القاموس المحيط 2/ 507، مقالات الإِسلاميين 1/ 89، الملل والنحل 1/ 144، الشيعة والتشيع لإحسان إلهي ظهير ص: 270، فرق معاصرة للعواجي 1/ 163. (2) الوسيط 1/ 460. (3) هو أبو بكر محمَّد بن داود بن علي الظاهري، العلامة، البارع، الأديب، الشاعر، الفقيه الماهر، اشتغل على أبيه، واتبعه على مذهبه ومسلكه، صنَّف كتاب الزهرة في الأدب والشعر، وله كتاب في الفرائض، وغيرها، كان يناظر أبا العباس ابن سريج كثيراً ولا ينقطع معه، توفي سنة 297 هـ. انظر ترجمته في: وفيات الأعيان 4/ 259، السير 13/ 109، البداية والنهاية 11/ 117. وانظر النقل عنه في: المجموع 1/ 476، نيل الأوطار 1/ 211. (4) في (ب): أحد. (5) انظر: التمهيد 11/ 141، بداية المجتهد 1/ 39 حاشية الدسوقي 1/ 141. (6) سقط من (ب). (7) هو صفوان بن عسَّال المرادي الصحابي الكوفي، غزا مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - اثنتي عشرة غزوة، روى عنه عبد الله بن مسعود، وزرُّ بن حبيش، وجماعة من التابعين. انظر ترجمته في: الجرح والتعديل 4/ 420، تهذيب الأسماء 1/ 249، الإصابة 5/ 148. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 249 أو سفراً أن لا ننزع خفافنا ثلاثة أيام (1) ولياليهن) (2) وهذا حديث أخرجه النسائي (3)، والترمذي (4)، وغيرهما (5)، وله مرتبة الحديث الحسن (6). وترك الاستدلال بالأحاديث التي هي أقوى منه الثابتة في الصحيحين أو أحدهما عن جرير بن عبد الله البجلي (7)، وسعد بن أبي وقاص (8)، وحذيفة بن اليمان (9)، والمغيرة   (1) سقط من (ب). (2) الوسيط 1/ 460. (3) في سننه كتاب الطهارة، باب التوقيت في المسح على الخفين للمسافر 1/ 89 رقم (126). (4) في جامعه أبواب الطهارة، باب المسح على الخفين للمسافر والمقيم 1/ 159 رقم (96). (5) رواه ابن ماجه في سننه كتاب الطهارة وسننها، باب الوضوء من النوم 1/ 161 رقم (478)، والشافعي فى مسنده ص: 358، وعبد الرزاق في المصنَّف 1/ 204، وابن أبي شيبة في المصنَّف 1/ 177 - 178، وأحمد في المسند 4/ 239، وابن خزيمة في صحيحه 1/ 97 رقم (193)، والطحاوي في شرح معاني الآثار 1/ 82، وابن حبَّان في صحيحه، انظر الإحسان 4/ 147 رقم (1319)، والبيهقي في السنن الكبرى كتاب الطهارة 1/ 415 رقم (1310). (6) قال الترمذي: "هذا حديث حسن صحيح. وقال: قال محمَّد بن إسماعيل: أحسن شيء في هذا الباب حديث صفوان بن عسَّال المرادي". انظر: جامعه 1/ 160 - 161، وصحح الحديث النووي في المجموع 1/ 479، وابن الملقن في تذكرة الأخيار ل 32/ ب. وراجع التلخيص الحبير 2/ 365. (7) انظر حديثه في: صحيح البخاري - مع الفتح - كتاب الصلاة، باب الصلاة في الخفاف 1/ 589 رقم (387)، ومسلم في صحيحه - مع النووي - كتاب الطهارة، باب المسح على الخفين 3/ 164. (8) انظر حديثه في صحيح البخاري - مع الفتح - كتاب الوضوء، باب المسح على الخفين 1/ 365 رقم (202)، ولم يروه عنه الإمام مسلم، وراجع تحفة الأشراف للمزي 3/ 301 برقم (3899). (9) انظر حديثه في: صحيح البخاري - مع الفتح - كتاب الوضوء، باب البول قائماً وقاعداً 1/ 319 رقم (224) مختصراً، وصحيح مسلم - مع النووي - كتاب الطهارة، باب جواز البول قائماً 3/ 165. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 250 ابن شعبة (1)، وعلي بن أبي طالب أخرجه عنه مسلم في "صحيحه" (2)، وعمرو ابن أميَّة الضمرى (3)، وغيرهم (4). وابن عسَّال هو بعين وسين مهملتين، والسين مشددة. وقوله (مسافرين أو سفراً) شك من الراوي في اللفظ، وهما بمعنى واحد، ومن قال فيه: سفرى بألف مقصورة في آخره فهو غالط، وإنما هو سَفْراً آخره راء منونة، وهو جمعٌ واحدُه سافِر كما تقول: صاحب وصحب، وراكب وركب (5). ثم قيل (6): إنه لم يُنطق بسافر واحده، وإنما يقدر، وقيل: بل نطق به (7)، والله أعلم.   (1) انظر حديثه في: صحيح البخاري - مع الفتح - كتاب الوضوء، باب المسح على الخفين 1/ 367 رقم (203)، وصحيح مسلم - مع النووي - كتاب الطهارة، باب المسح على الخفين 3/ 168. (2) انظره - مع النووي - كتاب الطهارة، باب التوقيت في المسح على الخفين 3/ 175. (3) أبو أميَّة عمرو بن أميَّة بن خويلد بن عبد الله الكناني الضمري الصحابي، أسلم قديماً، وهاجر إلى الحبشة، ثم إلى المدينة، أول مشاهده بئر معونة، وكان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يبعثه في أموره، روي له عن النبي - صلى الله عليه وسلم - عشرون حديثاً، توفي بالمدينة قبيل وفاة معاوية رضي الله عنهما. انظر ترجمته في: تحفة الأشراف 8/ 135، تهذيب الأسماء 2/ 24، الإصابة 7/ 85. وحديثه في صحيح البخاري - مع الفتح - كتاب الوضوء، باب المسح على الخفين 1/ 368 رقم (204)، ولم يروه مسلم في صحيحه. انظر: تحفة الأشراف 8/ 136. (4) كحديث بلال عند مسلم في صحيحه - مع النووي - كتاب الطهارة، باب المسح على الخفين ومقدم الرأس 3/ 174، وبريدة بن الحصيب عند مسلم في الموضع السابق، باب استحباب تجديد الوضوء 3/ 177. (5) في (ب): صحب وصاحب، وركب وراكب، بالتقديم والتأخير. وانظر: معالم السنن 1/ 112، النهاية في غريب الحديث والأثر 3/ 177. (6) سقط من (ب). (7) انظر: المجموع 1/ 480. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 251 يحتاج إلى دليل على ما (1) ذكره من اشتراط لبس الخفَّ على طهارة (2)، ودليله الحديث، ومن أدلَّ أحاديثه (3) حديث أبي بكرة (4) (أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أرخص للمسافر ثلاثة أيام ولياليهن، وللمقيم يوماً وليلة، إذا تطهر فلبس خفيه أن يمسح عليهما). وهو حديث حسن (5). قوله في المستحاضة إذا لبست الخفَّ على طهارتها التي لم تُصَلَّ بها (6)، وجوَّزنا لها (7) المسح لا زيادة على صلاة واحدة بالإجماع (8). يعني به إجماع   (1) ساقط من: (أ). (2) قال الغزالي: "وله - أي المسح على الخف - شرطان: الأول: أن يلبس الخف على طهارة تامة قوية". الوسيط 1/ 461. (3) قوله: "ومن أدلَّ أحاديثه" سقط من (ب). (4) اسمه نفيع بن الحارث بن كلدة، وقيل نفيع بن مسروح الثقفي الطائفي، وإنما كني بأبي بكرة لأنه تدلى في حصار الطائف ببكرة، وكان أسلم وعجز عن الخروج إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - إلا هكذا، كان من فضلاء الصحابة، روي له عن النبي - صلى الله عليه وسلم - (132) حديثاً، وأخرج حديثه الجماعة، توفي بالبصرة سنة 51 هـ، وقيل 52 هـ. انظر ترجمته في: الاستيعاب 11/ 157، السير 3/ 5، الإصابة 10/ 183، شذرات الذهب 1/ 58. (5) رواه الشافعي في الأم 1/ 93، والمسند مختصراً ص: 358، وابن أبي شيبة في المصنَّف 1/ 179، وابن خزيمة في صحيحه 1/ 96 رقم (192)، وابن حبَّان في صحيحه - انظر الإحسان 4/ 153 - 154 رقم (1324)، والدارقطني في سننه 1/ 194، والبيهقي في السنن الكبرى كتاب الطهارة 1/ 423 رقم (1339، 1340)، والبغوي في شرح السنة 1/ 331 رقم (237) وحكم النووي عليه بأنه حسن. انظر المجموع 1/ 484، ونقل الحافظ ابن حجر تصحيحه عن: الخطابي والشافعي. انظر التلخيص الحبير 2/ 364. (6) سقط من (ب). (7) في (أ): له. (8) انظر: الوسيط 1/ 461. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 252 الأصحاب المفرِّعين على هذا الوجه، وفيه (1) خلاف محكيٌّ عن الشيخ أبي حامد صاحب "التعليق" (2): أن لها أن (3) تمسح يوماً وليلة، أو ثلاثة أيام ولياليهن غير أنها تجدِّد عند كل صلاة فريضة (4) الوضوء والمسح (5) على الخف. وقاله (6) إمام الحرمين (7) في صورة إشكال أبداه معترفاً بأنه ليس من المذهب، وأن المقطوع به عند الأئمة (8) الأول، والله أعلم. قوله: "الشرط الثاني: أن يكون الملبوس ساتراً، قوياً، مانعاً للماء من النفوذ، حلالا" (9) لا يقال: قطع في الضابط باشتراط كونه مانعاً للماء حلالاً، وهو غيرمقطوع به (10) على ما بيَّنه في التفصيل (11) , لأنا نقول: الوجه فيه وفي أمثاله، أنه يذكر في الضابط القيود المتفق عليها، و (12) القيود المختلف فيها، ولا يذكر فيه الخلاف، بل يُؤخِر ذكر الخلاف فيه إلى التفصيل طلباً لوجازة الضابط، ورشاقته، فلا يكون ذلك على هذه الصفة قطعاً منه بالمختلف فيه.   (1) قوله: (يعني به إجماع ... وفيه) سقط من (أ). (2) انظر النقل عنه في: فتح العزيز 2/ 368، التنقيح ل 66/ أ. (3) سقط من (ب). (4) سقط من (ب). (5) في (أ) و (ب): وتمسح. (6) في (د): وقال، والمثبت من (أ) و (ب). (7) انظر نهاية المطلب 1/ ل 130/ ب - ل 131/ أ. (8) في (ب): الأئمة هو. (9) الوسيط 1/ 462. (10) سقط من (ب). (11) انظر: الوسيط 1/ 463. (12) في (ب): أو. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 253 ومن الفائدة فيه: أنه (1) يكون قد ذكر أولاً - بذكر الجميع - المحلَّ الذي يثبت فيه الحكم اتفاقاً، بخلاف ما (2) إذا لم يذكر في الضابط القيد المختلف فيه؛ فإن من يشترطه ينفي الحكم في القدر المذكور. وهذا قد تكرر من صنيع صاحب الكتاب فيه (3) كثيراً، وقد وجهناه له، (و) (4) الحمد لله. يبقى أن يقال: فقد ترك ههنا في الضابط من القيود المختلف فيها: أن لا يتعذر المشي عليه لأمر غير ضعفه في نفسه؛ لكونه جديداً، أو لكونه (5) مفرط السعة والضيق (6)، وترك أيضاً: كونه يسمى خفاً، فإنه شرط عند الشيخ أبي محمَّد (7)، فلو لفَّ على رجله قطعة جلد وشدَّه لم يمسح عليه عنده. فأقول: ذلك على تقدير اشتراطه يمكن إِدراجه في ضمن كلامه فيقال: قوله "أن يكون الملبوس" المراد به: أن يكون الخفُّ الملبوس؛ لأن الكلام من أوله إلى آخره مسوق في الخفِّ. وقوله "قوياً" يسوغ تفسيره بالذي يقوى لابسه على المشي فيه، وذلك ينفي الضعف من اللابس والملبوس، وإيراده مسألة خفِّ الحديد في تفصيل قيد القوة (8) يصلح (9) محلاً لذلك، والله أعلم.   (1) في (أ) و (ب): أن. (2) سقط من (ب). (3) سقط من (أ). (4) زيادة من (أ) و (ب). (5) في (أ) و (ب): كونه. (6) انظر: فتح العزيز 2/ 374 وقال: أصحهما عدم الجواز. (7) انظر النقل عنه في: فتح العزيز 2/ 377، المطلب العالي 1/ ل 132/ أ - ب. (8) قال الغزالي: "ويجوز على خف من حديد؛ لأن عسر المشي فيه ليس لضعف الملبوس". الوسيط 1/ 463. (9) في (أ): يصح. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 254 قوله: "الملبوس (1) المشفَّ" (2) كان ينبغي أن يقول (3): الشفَّاف؛ فإن المحفوظ فيه (4) (شفَّ) (5) ثلاثياً، لا أشفَّ رباعياً (6)، والله أعلم. قوله: "المشقوق القدم الذي يشد محل الشق منه بشَرَج" (7) هو الشرج بفتح الشين المعجمة والراء، وهو: العُرى التي في محل الشق (8)، والله أعلم. قوله: "ولا على جورب الصوفية" (9) فجورب الصوفية يتخذ من جلد رقيق، ويلبس في المداس، أو النعل، ونحوهما (10)، ويسمونه (11) المخملي بالخاء المعجمة على ما ذكر لي، والله أعلم. قوله: "والمراد بكونه: مانعاً للماء: المنسوج" (12) أي المنسوج بجهة الاحتراز منه، والنفي له (13)، وهكذا مثله في قوله: "والمراد بكونه: حلالاً: المسح على الخفَّ المغصوب" (14) وفي العبارة بعض الشيء، والله أعلم.   (1) سقط من (ب). (2) الوسيط 1/ 462. وبعده: كالزجاج - مثلا - يجوز المسح عليه. (3) في (أ): يقال. (4) سقط من (ب). (5) زيادة من (أ) و (ب). (6) انظر: لسان العرب 7/ 152، التنقيح ل 66/ أ. (7) الوسيط 1/ 462. وبعده: فيه تردد، والصحيح جواز المسح؛ لمسيس الحاجة إليه في العادة. (8) انظر: الصحاح 1/ 324، القاموس المحيط 1/ 267. والعرى: جمع عروة وهي مدخل الزرَّ من القميص ونحوه انظر: لسان العرب 9/ 177. (9) الوسيط 1/ 463. وقبله: وإن كان لا يداوم المشي عليه فلا يجوز المسح على الجوارب ولا على اللفاف، ولا جورب الصوفية. (10) انظر: روضة الطالبين 1/ 239، المطلب العالي 2/ ل 162/ أ، مغني المحتاج 1/ 66. (11) في (أ): يسموه. (12) الوسيط 1/ 463. (13) انظر: التنقيح ل 66/ ب. (14) الوسيط 1/ 463. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 255 والظهارة والبطانة (1) هما بكسر الظاء والباء (2)، والله أعلم. قوله: "لم ينقل عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلا أنه مسح على (3) الخفَّ خطوطاً" (4) معناه: لم ينقل فيما يرجع إلى الاستيعاب وضده إلا هذا، وليس ما ذكره من المسح خطوطاً ثابتاً في الرواية فيما علمناه، ولا وجدناه (5) أصلاً في كتب الحديث (6)، وقول صاحب "النهاية" فيه إنه حديث صحيح (7). غير صحيح، والله أعلم.   (1) قال الغزالي: "والمراد بكونه: مانعاً للماء: المنسوج؛ فإنه وإن كان قوياً ساتراً فينفذ الماء منه إلى القدم، وفيه وجهان: والصحيح جواز المسح عليه؛ لوجود الستر، كما إذا انثقبت ظهارة الخف وبطانته في موضعين غير متوازيين". الوسيط 1/ 463. (2) انظر: المصباح المنير ص: 20 - 21. (3) في (ب): أعلى. (4) الوسيط 1/ 466. وقبله: والغسل وتكرر المسح مكروهان، وقصد الاستيعاب ليس بسنة، إذ لم ينقل .. إلخ (5) في (د): وجدنا، والمثبت من (أ) و (ب). (6) روى ابن ماجه في سننه كتاب الطهارة، باب في المسح أعلى الخف وأسفله 1/ 183 رقم (551) عن جابر قال: (مر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - برجل يتوضأ ويغسل خفيه فقال بيده كأنه دفعه: إنما أمرت بالمسح، وقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بيده هكذا من أطراف الأصابع إلى أصل الساق وخطط بالأصابع). قال الحافظ ابن حجر: إسناده ضعيف جداً، لكن روى ابن أبي شيبة عن الحسن البصري قال: "من السنة أن يمسح على الخفين خطوطاً". التلخيص الحبير 2/ 393، وراجع مصنف ابن أبي شيبة 1/ 182، 185. وروى ابن أبي شيبة عن المغيرة بن شعبة "أن النبي - صلى الله عليه وسلم - وضع يديه على خفيه ومدهما من الأصابع إلى أعلاهما مسحة واحدة، وكأني انظر إلى أثر المسح على خف رسول الله - صلى الله عليه وسلم - خطوطاً بالأصابع". انظر: المصنف 1/ 178. قال الزيلعي في نصب الراية 1/ 480: "غريب". وراجع: المجموع/ 522، التنقيح ل 67/ أ، تذكرة الأخيار ل 33/ أ - ل 34/ أ. (7) انظر: نهاية المطلب 1/ ل 136/ ب. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 256 تعليله إتمام مدة المسح (1) للمسافرين فيما إذا كان ابتداء مدته في الحضر (2): "بأنه لا حَجر في الحدث" (3) معناه: أنه لو منعناه من مسح المسافرين بسب حدثه في الحضر لكان المريد للسفر إذا تهيأ له بلبس الخفِّ قبل الخروج كما جرت العادة، ثم حضره الحدث يمسكه ويحجر على نفسه (فيه) (4) إلى أن يخرج إلى السفر كيلا يحرم مهلة مسح (5) السفر ولا حجر في الحدث (6)، والله أعلم. إذا مسح في السفر (ثم أقام فَضَبْطُ مذهب المزني فيه (7): أنه (8) يمسح في الحضر (9) ثلث ما بقي له من مدة مسح) (10) المسافر (11)، فإن كان قد بقي له يوم: مسح ثلث يوم، وإن بقي له يومان وليلتان: مسح ثلثيهما وهو ثلثا يوم وليلة، والله أعلم.   (1) سقط من (أ)، وفي (ب): مسح المسافرين. (2) في (أ): ابتداء حضرة لكان. وهي لا معنى لها. (3) الوسيط 1/ 468. (4) زيادة من (أ) و (ب). (5) سقط من (ب). (6) انظر: التنقيح ل 67/ ب، المطلب العالي 2/ ل 176/ ب. (7) قال الغزالي: "وقال المزني: يوزع؛ فإن كان قد استوفى يومين وليلتين فقد بقي له ثلث المدة فيستوفي ثلث مدة المقيمين، وعلى هذا قياس منهاجه". الوسيط 1/ 469. وانظر: مذهب المزني في التعليقة للقاضي حسين 1/ 513، فتح العزيز 2/ 401. (8) في (أ): أن. (9) في (أ): الأرض، وهو خطأ. (10) ما بين القوسين زيادة من (أ) و (ب). (11) في (ب): المسافرين. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 257 ومن كتاب الحيض قوله (1): "أما حكم الحيض فهو المنع من أربعة أمور" (2) بل هو أكثر من ذلك، فمن أحكامه غير ذلك: المنع من الطلاق، ومنها وجوب الغسل له (3) عند انقطاعه، ومنها حصول البلوغ به، ومنها تعلق الاستبراء والعدة به (4)، والله أعلم. ما ذكره من الخلاف فيما إذا وجدنا امرأة على خلاف ما ذكر في أقل الحيض وأكثره، وكذا في الطهر (5)، لا يخفى أنه إنما هو فيما إذا (6) استمرت عادتها على ذلك واستقامت، والقول باتباع ذلك والحكم به وإن ضعَّفه إمام الحرمين (7) فهو (8) الصحيح، اختاره جماعة من المحققين (9) و (10) مما علقته بنيسابور من كتاب   (1) سقط من (ب). (2) الوسيط 1/ 472. وهي: الأول: كل ما يفتقر إلى الطهارة. الثاني: الاعتكاف. الثالث: الصوم. الرابع: الجماع. (3) سقط من (أ). وفي (د): به، والمثبت من (ب). (4) انظر هذه الأحكام وغيرها في: الحاوي 1/ 383 - 385، التعليقة للقاضي حسين 1/ 545، التهذيب ص: 299 وما بعدها، فتح العزيز 2/ 430 - 432، روضة الطالبين 1/ 250. (5) قال الغزالي: "لو وجد في عصرآخر امرأة تحيض أقل من ذلك - أي مما ذكر في أقل الحيض - أو أكثر فثلاثة أوجه .... إلخ الوسيط 1/ 472. (6) سقط من (ب). (7) انظر: نهاية الطلب 1/ ل 141 / ب. (8) في (أ): وهو. (9) كالقاضي أبي الطيَّب 1/ ل 132/ ب، ونقل عن أبي إسحاق الأسفراييني، والقاضي حسين، والدارمي، والمتولي. انظر: نهاية المطلب 1/ ل 141/ ب، فتح العزيز 2/ 414، المجموع 2/ 381، المطلب العالي 2/ ل 188/ ب. (10) سقط من (أ). الجزء: 1 ¦ الصفحة: 258 بنيسابور من كتاب "المحيط" لوالد إمام الحرمين عن الأستاذ أبي إسحاق الأسفراييني (1) أنه قال: "كانت امرأة تستفتيني بأسفرايين (2) وتقول: (إن) (3) عادتها في الظهر (4) مستمرة على أربعة عشر، فجعلت ذلك طهراً (5) على الدوام" (6). قلت: وهذا منصوص الشافعي، نقله صاحب "التقريب" فيه (7)، وناهيك به اتقاناً، وتحقيقاً، واطلاعاً، وكأنهم لم يقفوا على النصِّ فيه، والله أعلم. قوله: "في الاستمتاع بما تحت الإزار" (8) أي بما تحت السرة وفوق الركبة "يشهد للإباحة قوله - صلى الله عليه وسلم - اصنعوا كلَّ شيء إلا الجماع" هذا طرف من حديث أنس بن مالك الذي رواه مسلم في "صحيحه" (9): (أن اليهود كانوا إذا حاضت   (1) هو الأستاذ أبو إسحاق إبراهيم بن محمد بن إبراهيم بن مهران الأسفراييني ركن الدين، الفقيه الشافعي، الأصولي، المتكلِّم، من أصحاب الوجوه، له تصانيف فائقة، منها: "الجامع" في أصول الدين والردِّ على الملحدين، "التعليقة" في أصول الفقه، توفي سنة 418 هـ، وقيل 417 هـ. انظر ترجمته في: تهذيب الأسماء 2/ 169، طبقات السبكي 4/ 256، البداية والنهاية 12/ 26، الفتح المبين 1/ 228. (2) هي بفتح الهمزة بليدة حصينة من نواحي نيسابور على منتصف الطريق من جرجان. انظر: معجم البلدان 1/ 211، مراصد الإطلاع 1/ 73، بلدان الخلافة الشرقيَّة ص: 434. (3) زيادة من (أ) و (ب). (4) في الطهر: سقط من (أ). (5) في (أ) و (ب): طهرها. (6) أشار إلى هذه القصة إمام الحرمين في نهاية المطلب 1/ ل 141/ ب، وذكرها النووي في المجموع 2/ 38 عن ابن الصلاح. (7) نقل قول صاحب التقريب النوويُ وابن الرفعة عن ابن الصلاح انظر: المجموع 2/ 380، المطلب العالي 2/ ل 188/ ب. (8) الوسيط 1/ 473. حيث قال: "والاستمتاع بما فوق السرة، وتحت الركبة جائز، وفي الاستمتاع بما تحت الإزار مما سوى الجماع وجهان: ويشهد للإباحة .... إلخ". (9) انظره - مع النووي - كتاب الحيض، باب جواز قراءة القرآن في حجر الحائض 3/ 211. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 259 المرأة فيهم (1) لم يؤاكلوها, ولم يجامعوهن في البيوت، فسأل أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - النبيَ - صلى الله عليه وسلم - فأنزل الله عَزَّ وَجَلَّ (2) {وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْمَحِيضِ قُلْ هُوَ أَذًى .... } إلى آخر الآية (3) فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: (اصنعوا كلَّ شيء إلا النكاح) (4). والتحريم وإن كان ظاهر نصِّ الشافعي - رضي الله عنه - (5)، فدليل الإباحة أقوى من دليله. وحديث عائشة المذكور في الكتاب (6) محتمل (7) أن يكون تركه - صلى الله عليه وسلم - ما تحت الإزار لا للتحريم. فقوله - صلى الله عليه وسلم -: (أنفست؟) هو (8) بفتح النون وكسر الفاء، ومعناه: أحضت؟. وأما بضم النون فمعناه: ولدت (9). وهذا الحديث يروى (10) في "الصحيحين". (11) عن أم سلمة، ورويناه في كتاب "السنن   (1) في (ب): منهم. (2) قوله: (فأنزل .. عَزَّ وَجَلَّ) سقط من (ب). (3) سورة البقرة الآية (222). (4) في (ب): الجماع. (5) انظر: الأم 1/ 129. (6) قال الغزالي: "وللتحريم - أي ويشهد للتحريم - قول عائشة - رضي الله عنها - قالت: كنت مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في مضجعه، فحضت، فانسللت، فقال: مالك أنفست؟ قلت: نعم. فقال: خذي ثياب حيضتك وعودي إلى مضجعك، ونال مني ما ينال الرجل من امرأته إلا ما تحت الإزار". الوسيط 1/ 473. (7) في (ب): المحتمل. (8) في (أ): وهو. (9) انظر: معالم السنن 1/ 220، شرح النووي على مسلم 3/ 207، وقد يقال: بالضم والفتح في الحيض والولادة معاً انظر: النهاية في غريب الحديث والأثر 5/ 95، تهذيب الأسماء واللغات 3/ 2/ 170 - 171. (10) في (ب): مروي، وكلاهما من صيغ التمريض عن المحدثين، وقد تقدم التعليق على ذلك انظر ص: 324. (11) انظر: صحيح البخاري - مع الفتح - كتاب الحيض، باب النوم مع الحائض وهي في ثيابها /503 رقم (322)، وصحيح مسلم - مع النووي - كتاب الحيض، باب الاضطجاع مع الحائض في لحاف واحد 3/ 206. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 260 الكبير" (1) عن عائشة وليس في واحد منهما آخر الحديث المذكور في الكتاب الذي احتج به، والله أعلم. قال: "إذا جامعها والدم عبيط تصدق بدينار، في أواخر الدم يتصدق (2) بنصف دينار، وهو استحباب؛ لحديث ضعيف ورد فيه (3) " (4) فالعبيط بفتح العين المهملة هو الطري (5). وقوله: "لحديث ضعيف (6) " يعني به: حديث ابن عباس - رضي الله عنهما - (أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال في الذي يأتي امرأته وهي حائض: يتصدق بدينار أو بنصف دينار). وهو حديث مشهور أخرجه أبو داود (7)، والنسائي (8)، وغيرهما (9) بهذا اللفظ. ولم يحمله على التخيير بل التقسيم والتفصيل المذكور بين أول الدم وآخره؛ لأنه ورد مبيناً مفصلاً كذلك في رواية   (1) انظره كتاب الحيض 1/ 465 رقم (1494). ورواه كذلك مالك في الموطأ - مع الزرقاني - كتاب الطهارة 1/ 169 رقم (123)، قال الحافظ ابن حجر: "وإسناده عند البيهقي صحيح، وليس فيه قوله: (ونال مني ما ينال الرجل من امرأته) ". أهـ التلخيص الحبير 2/ 429، وراجع: المجموع 2/ 544، تذكرة الأخيار ل 34/ ب. (2) قوله: (بدينار ... الدم يتصدق) سقط من (ب). (3) سقط من (ب). (4) الوسيط 1/ 474. (5) انظر: الصحاح 3/ 1142، لسان العرب 9/ 21. (6) سقط من (أ). (7) في سننه كتاب الطهارة، باب في إتيان الحائض 1/ 181 رقم (264). (8) في سننه كتاب الطهارة، باب ما يجب على من أتى حليلته في حال حيضها 1/ 168 رقم (288). (9) وممن رواه كذلك ابن ماجه في سننه كتاب الطهارة وسننها، باب في كفارة من أتى حائضاً 1/ 210 رقم (640)، وأحمد في المسند 1/ 320، والدارمي في سننه 1/ 255، وابن الجاروود في المنتقى ص: 37 رقم (108)، والحاكم في المستدرك 1/ 172، والبيهقي في السنن الكبرى كتاب الحيض 1/ 469 رقم (1511). الجزء: 1 ¦ الصفحة: 261 رويناها في كتاب "السنن الكبير" (1)، وأخرج الترمذي نحو ذلك أيضاً (2). ورواية التفصيل وإن لم تكن في القوة كالرواية المشهورة فهي تصلح للاعتماد عليها في التفسير الذي ذكرناه. ثم إن هذا الحديث ضعيف من أصله (3) لا يصح رفعه عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -, وإنما هو موقوف على ابن عباس من قوله (4)، وقد كان شعبة (5) رواه مرفوعاً، ثم رجع عن رفعه، ووقفه على ابن عباس، فقيل له: (إنك كنت ترفعه. فقال: إني كنت مجنوناً فصححتُ) (6). وقد حكم الحاكم أبو عبد الله الحافظ النيسابوري بأنه حديث صحيح (7)، ولا التفات إلى ذلك منه؛ فإنه   (1) انظره المصدر السابق برقم (1524). (2) انظر جامعه أبواب الطهارة، باب ما جاء في كفارة إتيان الحائض 1/ 245 رقم (137). (3) قال النووي في المجموع 2/ 360: "اتفق المحدثون على ضعف حديث ابن عباس هذا واضطرابه، وروي موقوفاً، وروي مرسلاً، وألواناً كثيرة، وقد ورواه أبو داود، والترمذي، والنسائي، وغيرهم، ولا يجعله ذلك صحيحاً ... وقد جمع البيهقي طرقه، وبيَّن ضعفها بياناً شافياً، وهو إمام، حافظ، متفق على إتقانه، وتحقيقه، فالصواب أنه لا يلزمه شيء" وراجع تذكرة الأخيار ل 35/ أ، التلخيص الحبير 2/ 422 - 426. (4) انظر: جامع الترمذي 1/ 245، السنن الكبرى 1/ 469 - 470، التنقيح ل 68/ ب. (5) هو أبو بسطام شعبة بن الحجاج بن الورد العتكي الأزدي مولاهم الواسطي البصري، ثقة، حافظ، متقن، كان الثوري يقول: هو أمير المؤمنين في الحديث. وهو أول من فتش بالعراق عن الرجال، وذبَّ عن السنة، روى حديثه الجماعة، توفي سنة 160 هـ. انظر ترجمته في: حلية الأولياء 7/ 144، تذكرة الحفاظ 1/ 193، تقريب التهذيب ص: 266. (6) في (أ): فصحيت. وانظر قوله في السنن الكبرى 1/ 470. (7) انظر: المستدرك 1/ 172. ولم ينفرد الحاكم بتصحيحه فقد توسع ابن القطان في الكلام على هذا الحديث في الوهم والإيهام 6/ 271 وما بعدها رقم (2468) وبيَّن أن له طريقاً صحيحاً، وقد قوَّى الحديث ابن القيِّم في تهذيب مختصر سنن أبي داود 1/ 306 - 308 وردَّ على من ضعفه، وصححه الألباني في الإرواء 1/ 217، وقد بيَّنت اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء برئاسة سماحة الشيخ ابن باز أن الحديث إسناده جيِّد. انظر فتاوى اللجنة الدائمة 5/ 399. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 262 خلاف قول غيره من أئمة الحديث، وهو معروف بالتساهل في مثل ذلك (1). وقد قال الشافعي - رضي الله عنه - في (2) كتاب "أحكام القرآن" (3): "إنه حديث لا يثبت مثله". ثم إن إضافة صاحب الكتاب استحباب ذلك إلى حديث ضعيف غير صحيح، والقاعدة متقررة على أن الحديث الضعيف لا يصلح لإثبات استحباب ولا غيره من الأحكام (4). وإنما المنهج القويم في جواب من احتج بالحديث في إيجاب (5) ذلك أن يقال: عنه جوابان: أحدهما: حمله على الاستحباب بدلالة القياس (6). والثاني: أنه حديث ضعيف، مضطرب في إسناده ومتنه. والمسألة ذات قولين مشهورين: أحدهما: - وهو القديم - الإيجاب. والثاني: - وهو الجديد - نفي الإيجاب (7)، والله أعلم.   (1) قال المؤلف في كتابه علوم الحديث ص: 18 عن الحاكم: "وهو واسع الخطو في شرط الصحيح، متساهل في القضاء به، فالأولى أن نتوسط في أمره فنقول: ما حكم بصحته، ولم نجد ذلك فيه لغيره من الأئمة إن لم يكن من قبيل الصحيح فهو من قبيل الحسن يحتج به ويعمل به إلا أن تظهر فيه علة توجب ضعفه". أهـ، وراجع: المجموع 2/ 360، النكت لابن حجر 1/ 312 - 321. (2) في (د): أيضاً في، وكأن (أيضاً) هنا مقحمة، والمثبت من (أ) و (ب). (3) لم أجده في المطبوع، وانظر العزو إليه في المجموع 2/ 360، تذكرة الأخيار ل 35/ أ. (4) راجع: قواعد التحديث للقاسمي ص: 113، 116، مقدمة كتاب تمام المنة للألباني ص: 32 - 38. (5) في (أ): أصحاب. (6) وهو ما استُدلَّ به للقول الجديد، وهو أنه وطء محرَّم للأذى فلم تتعلق به الكفارة كالوطء في الدبر. انظر: المهذَّب1/ 38. (7) والصحيح منهما هو الجديد وانظر: الحاوي 1/ 385، التعليقة للقاضي حسين 1/ 543، حلية العلماء 1/ 275 - 276، فتح العزيز 2/ 422. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 263 ذكر في المستحاضة أنها تتلجم وتستثفر (1). فالتلجم كيفيته: أن تأخذ أولًا تكة (2) أو نحوها، فتشدُّها في وسطها، ثم تأخذ خرقة عريضة مشقوقة الرأسين، فتشد أحد رأسيها في التكة من مقدمها وعند سرتها، وتمد الخرقة بين إليتيها وعلى فرجها، وتعقد رأسها الآخر من ورائها في التكة المشدودة في وسطها (3). وهذا التلجم هو الاستثفار ههنا فيما ذكره صاحب "الشامل" (4)، وغيره (5). وهو كما قال، غير أن لهما معنيين مختلفين، وقد اجتمعا في هذا الأمر الواحد، فذلك تلجُّم لما فيه من مشابهة اللجام (6)، وهو أيضاً استثفار لما فيه من مشابهة ثَفَر الدابة بفتح الثاء المثلثة (7) والفاء وهو الذي يكون تحت ذنبها (8)، وفي ذلك تسمية لتلك الخرقة لجاماً وثفراً لمشابهتها إياهما (9)، والله أعلم. قوله: "لو انقطع بعد الوضوء ساعة" (10) هذا الانقطاع غير انقطاع الشفاء الذي ذكره قبله (11)، فهذا انقطاع عاد بعده الدم، وذلك انقطاع لم يعد بعده الدم.   (1) انظر: الوسيط 1/ 475. (2) التَّكة بالكسر: رباط السراويل. انظر: القاموس المحيط 3/ 404. (3) انظر: المجموع 2/ 534، نهاية المحتاج 1/ 334. (4) نقله ابن الرفعة في المطلب العالي 2/ ل 200/ ب عن ابن الصلاح. (5) كذا ذكره الأزهري في الزاهر في غريب ألفاظ الشافعي ص: 50، وراجع فتح العزيز 2/ 438. (6) اللجام فارسي معرب: وهو ما يوضع في فم الدابة. انظر: الصحاح 3/ 1142، القاموس المحيط 4/ 146. (7) سقط من (أ) و (ب). (8) انظر: الزاهر في غريب ألفاظ الشافعي ص: 50، النهاية في غريب الحديث والأثر 1/ 214. (9) في (أ): لمشابهتهما إياها. (10) الوسيط 1/ 476. وبعده: تتسع لوضوء وصلاة فلم تصل يلزمها استئناف الوضوء السابق .... إلخ (11) قال الغزالي: "فرع: إذا شفيت قبل الشروع في الصلاة لزمها استئناف الوضوء". الوسيط 1/ 475. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 264 واعلم أنه متى انقطع دمها بعد الوضوء وقبل الصلاة، لزمها استئناف الوضوء في جميع الصور إلا فيما إذا عرفت من عادتها أنه يعود (1) قبل مضي زمان يسع الوضوء، ثم لم يظهر خلاف ما اعتادته، فهذه (2) لها أن تصلي من غير استئناف الوضوء، فلو ظهر خلاف عادتها واتصل الانقطاع، لزمها استئناف الوضوء (3)، والصلاة (4). فقوله: "لو (5) انقطع بعد الوضوء ساعة تتسع لوضوء وصلاة، فلم تصلِّ لزمها استئناف الوضوء السابق على الانقطاع" شامل لما سوى الصور (6) التي استثنيناها، وهي ثلاث صور: إحداها: أن ينقطع وهي تعرف من عادتها دوام الانقطاع الساعة المتسعة لذلك، أو أخبرها بذلك أهل الخبرة والطب. وفي هذه الصورة تمنع من الشروع في الصلاة قبل استئناف الوضوء. الثانية: أن تكون عادتها عود الدم سريعاً قبل مضي الساعة المذكورة، ولكن بأن خلاف ما اعتادته، ودام الانقطاع ساعة متسعة لذلك، فههنا أيضاً يلزمها استئناف الوضوء والصلاة, وإن جاز الشروع في الصلاة من غير استئناف وضوء؛ لأنه كان بناءاً على ظنٍ (7) بان خلافه. والثالثة: أن تكون شاكة بأن بدأت بها الاستحاضة ولم تكن لها عادة، أو لها عادة مضطربة، فيلزمها استئناف الوضوء وتمنع من الصلاة بدونه؛ لأن الأصل دوام الانقطاع، وإذا خالفت   (1) قوله: (وقبل الصلاة ... يعود) سقط من (أ). غير أن في (ب): لا يعود، وهو خطأ. (2) في (أ): فهل. (3) قوله: (فلو ظهر ... الوضوء) سقط من (ب). (4) انظر: التنقيح ل 69 / أ. (5) سقط من (ب). (6) في (أ) و (ب): الصورة. (7) في (ب): الظن. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 265 وصلت من غير استئناف وبان زمان الانقطاع متسعاً لذلك، لزمها استئناف الوضوء والصلاة. وإن عاد من غير اتساع ففي إجزاء الصلاة الوجهان المذكوران في آخر الباب (1). هذا تفصيل المذهب (2) في ذلك إذا عرفته عرفت ما في قوله: "ولو انقطع في الحال وهي لا تدري أيعود أم لا؟ فإن كان لا يبعد من عادتها العود فلها الشروع في الصلاة" (3) فقوله "لا تدري أيعود أم لا؟ " عبارة (4) غير لائقة بالمعتادة التي فيها التفصيل الذي ذكره، و (5) إنما هي عبارة لائقة بصورة الشك التي لا يترتب عليها التفصيل الذي ذكره، ولا يجيء فيها ما ذكره من جواز الشروع في الصلاة بلا خلاف في المذهب (6). ثم إن المعتادة (7) لا يكفي في جواز شروعها في الصلاة من غير استئناف الوضوء أن لا يبعد العود من عادتها، بل يحتاج ذلك إلى أن يظهر من عادتها ذلك (8)، والله أعلم.   (1) في (ب): هذا الباب وانظر: الوسيط 1/ 476. وأصح الوجهين وجوب القضاء انظر: فتح العزيز 2/ 441. (2) راجع: فتح العزيز 2/ 441 - 442، المجموع 2/ 539 - 540. (3) الوسيط 1/ 476. (4) سقط من (ب). (5) سقط من (ب). (6) انظر: فتح العزيز المواضع السابقة، التنقيح ل 69/ ب. (7) في (أ): المعتاد. (8) انظر: التنقيح الموضع السابق. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 266 ومن الباب الثاني في المستحاضات قوله: "وهن أربع" (1) بل هن خمس، والخامسة: الناسية المتحيرة المطلقة وغير المطلقة (2). وقد أفردها بباب، فلعله فعل ذلك لكونها قسماً من أقسام المعتادة. ورجع عن هذا في باب التلفيق (3) وجعلهن أربعاً والناسية الرابعة منهن، وحذف المعتادة المميزة؛ لوضوح حكمها، واستغناءً (4) بما قدَّمه منها في هذا الباب. قالوا: مبتدأة بفتح الدال، مفعولة على أنه يقال: ابتدأها الدم فهي مبتدأة، ولم أجده منصوصاً عليه في كتب اللغة، ولم يقلها الفقهاء بكسر الدال على أنها فاعلة كما في المعتادة وباقي المستحاضات، والله أعلم. قوله في المميزة: "روي أن فاطمة بنت أبي حبيش (5) قالت: إني استحاض فلا (6) أطهر. فقال - صلى الله عليه وسلم -: إنما هو دم عرق انقطع، فإذا أقبلت الحيضة فدعي الصلاة، وإذا أدبرت فاغتسلي وصلي" (7) هذا الحديث ثابت في   (1) الوسيط 1/ 477. حيث قال: "وهن أربع: المستحاضة الأولى: مبتدأة مميزة ... وذكر الثانية وهي: المبتدأة التي ليست مميزة، والثالثة: المعتادة، والرابعة: المعتادة المميزة". (2) عرَّف الغزالي المتحيَّرة المطلقة بقوله: "وهي التي نسيت عادتها قدراً ووقتاً؛ لاعتوار علة، أو وقوعها في جنون"، وغير المطلقة بقوله: "وهي التي تحفظ شيئاً" الوسيط 1/ 488، 493. (3) سيأتي التعريف به في بابه إن شاء الله تعالى. (4) في (د): واستغنى، والمثبت من (أ) و (ب). (5) هي فاطمة بنت أبي حبيش قيس بن المطلب بن أسد بن عبد العزى بن قصي القرشية الأسدية، ثبت ذكرها في الصحيحين، روى عنها عروة بن الزبير. انظر ترجمتها في: الاستيعاب 13/ 110، تهذيب الأسماء 2/ 353، الإصابة 13/ 79. (6) في (د): فلم، والمثبت من (أ) و (ب). (7) الوسيط 1/ 477. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 267 "الصحيحين" (1)، وغيرهما (2) دون قوله "انقطع"، فإنه زيادة لا تعرف (3). وإنما لفظه المتفق عليه: (إنما ذلك عرق وليست بالحيضة، فإذا أقبلت الحيضة فدعي الصلاة، وإذا أدبرت فاغسلي عنك الدم وصلي). وأما قوله "فاغتسلي"، فرواه ابن عيينة (4)، رواه (5) البخاري عنه ومسلم (6) من   (1) انظر: صحيح البخاري - مع الفتح - كتاب الحيض، باب الاستحاضة 1/ 487 رقم (306)، وصحيح مسلم - مع النووي - كتاب الحيض، باب غسل المستحاضة وصلاتها 4/ 16. (2) وممن رواه كذلك: أبو داود في سننه كتاب الطهارة، باب من روى أن الحيضة إذا أدبرت لا تدع الصلاة 1/ 194 رقم (282)، والترمذي في جامعه أبواب الطهارة، باب ما جاء في المستحاضة 1/ 217 رقم (125)، والنسائي في سننه كتاب الطهارة، باب الفرق بين دم الحيض والاستحاضة 1/ 204 رقم (365)، وابن ماجه في سننه كتاب الطهارة، باب ما جاء في المستحاضة 1/ 203 رقم (621). (3) انظر: المجموع 2/ 403، المطلب العالي 2/ ل 203/ ب. قال الحافظ ابن حجر في التلخيص الحبير 2/ 450: "تنبيه: وقع في الوسيط تبعاً للنهاية زيادة بعد قوله: فإنما هو عرق "انقطع" وأنكر قوله: "انقطع" ابن الصلاح، والنووي، وابن الرفعة، وهي موجودة في سنن الدارقطني، والحاكم، والبيهقي من طريق ابن أبي مليكة جاءت خالتي فاطمة بنت أبي حبيش إلى عائشة فذكر الحديث وفيه: فإنما هو داء عرض، أو ركضة من الشيطان، أو عرق انقطع". أهـ وانظر: سنن الدارقطني 1/ 216، المستدرك للحاكم 1/ 175، والسنن الكبرى للبيهقي كتاب الحيض 1/ 521 رقم (1659). وكذا روى هذه الزيادة الإِمام أحمد في المسند 6/ 464. (4) هو سفيان بن عيينة بن أبي عامر الهلالي مولاهم أبو محمد الكوفي ثم المكي، ثقة، حافظ، فقيه، إمام، حجة، أثبت الناس في عمرو بن دينار، تغيَّر حفظه بآخرة، وكان ربما دلَّس لكن عن الثقات، روى حديثه الجماعة توفي سنة 198 هـ. انظر ترجمته في: الجرح والتعديل 4/ 225، حلية الأولياء 7/ 270، تذكرة الحفاظ 1/ 262، تقريب التهذيب ص: 245. (5) في (أ): عن رواه. (6) في (أ): عنه دون مسلم، وفي (ب): عنه دون شك من غير وروى ... إلخ. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 268 غير شك (1). و (روى) (2) الحميدي (3) صاحبه عنه (وكان) (4) خبيراً بحديثه: أنه شك فيه فقال: (وإذا أدبرت فاغتسلي وصلي أو قال اغسلي عنك الدم وصلي) (5). وقوله "عرق انقطع" كأنه رواه من توهم (6) أن الكلام بذلك ينتظم ويتم، وذلك وهم؛ فإن دم الحيض يخرج من قعر الرحم، ودم الاستحاضة يسيل من عرق يقال له (7) العاذل فيما روي عن (8) ابن عباس - رضي الله عنهما (9) - بالعين المهملة، والذال المنقوطة، وهو عرق يقع فمه الذي يسيل منه في أدنى الرحم دون قعره (10)، فقوله - صلى الله عليه وسلم -: (إنما ذلك عرق، وليست بالحيضة) إشارة إلى هذا، والعلم عند الله تعالى.   (1) انظر: صحيح البخاري - مع الفتح - كتاب الحيض باب إقبال المحيض وإدباره 1/ 500 برقم (320)، وصحيح مسلم - مع النووى - كتاب الحيض، باب غسل المستحاضة وصلاتها 4/ 25 لكن من قصة أم حبيبة بنت جحش، لا فاطمة بنت أبي حبيش. (2) زيادة من (أ) و (ب). (3) هو عبد الله بن الزبير بن عيسى أبو بكر القرشي الأسدي المكي، ثقة حافظ فقيه، أجل أصحاب ابن عيينة، توفي بمكة سنة 219 هـ وقيل بعدها روى حديثه الجماعة إلا ابن ماجه فقد أخرج له في التفسير. انظر ترجمته في: الجرح والتعديل 5/ 56، تذكرة الحفاظ 2/ 413، تقريب التهذيب ص: 303، طبقات الحفاظ ص: 178. (4) زيادة من (أ) و (ب). (5) الموجود في مسنده 1/ 87 برقم (160) عن سفيان من غير شك، إذ فيه: "وأمرها أن تغتسل وتصلي فكانت تغتسل لكل صلاة ... الحديث، لكن رواها بلفظ ابن الصلاح عن الحميدي البيهقي في السنن الكبرى كتاب الحيض 1/ 485 رقم (1556). (6) في (أ): انقطع من مكانه رواه يوهم. وهذا لا معنى له. (7) في (أ) و (ب): يسمى. (8) سقط من (ب). (9) رواه عنه ابن معين في تاريخه 4/ 272 برقم (4334). (10) انظر: تهذيب الأسماء واللغات 3/ 1/ 77، القاموس المحيط 1/ 503. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 269 والحيضة: ذكر الإمام الخطابي (1): "أن الصواب فيها كسر الحاء، أي الحالة التي تلزمها الحائض من التجنب والتحيض كالقِعدة والجِلسة". وذكر الزبيدي في "مختصر العين" (2): أنه بكسر الحاء الاسم، والله أعلم. وجه الدلالة في هذه الرواية الصحيحة أن سياق الحديث دال على أن المراد بإقبال الحيضة وإدبارها: إقبال صفة دم الحيض (3) المعروفة به الغالبة عليه (4) وإدبارها، وليس المراد إدبار نفس الدم؛ فإنها قد أخبرت أنه مستمر بها (5) غير منقطع (6). ثم إن المصنف أتى بما هو أوضح في (7) ذلك فقال: "وفي رواية: دم الحيض أسود محتدم بحراني، ذو دفعات، له رائحة تعرف" (8) لكن هذه رواية ضعيفة لا تعرف (9).   (1) في معالم السنن 1/ 179. (2) لم أقف عليه ولا على النقل عنه فيما بين يدي من مصادر، والله أعلم. (3) في (ب): صفة الدم. (4) سقط من (ب). وفي (د): عليها، والمثبت من (أ). (5) سقط من (ب). (6) انظر: التنقيح ل 70 / أ. (7) في (ب): من. (8) الوسيط 1/ 478. وبعده: والمحتدم: اللذَّاع للبشرة لحدته، وله الرائحة الكريهة. والبحراني: ناصع اللون. وانظر: القاموس المحيط 2/ 11، المصباح المنير ص: 14، 48. (9) انظر: التنقيح ل 70/ أ. وذكر ابن الملقن في تذكرة الأخيار ل 38/ أ، وابن حجر في التلخيص الحبير 2/ 450: أنه في تاريخ الضعفاء للعقيلي عن عائشة - رضي الله عنها - أنها قالت: "دم الحيض أحمر بحراني، ودم الاستحاضة كغسالة اللحم". انظر: الضعفاء للعقيلي 4/ 83 وقال بعد أن ساق الحديث من طريق محمد ابن أبي الشمال العطاردي أبو سفيان البصري: "لا يتابع عليه ولا يصح". أهـ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 270 قوله: "المحتدم: اللذَّاع للبشرة بحدته" (1) فمعنى اللذَّاع: المحرق (2). وقوله: "البحراني: الناصع اللون" (3) يعني: الخالص اللون (4). وفي الجمع بين هذا ووصفه بالسواد شيء (5). وقد قال إمام الحرمين (6): "لم يعنِ به أسوداً حالكاً، وإنما أراد أنه تعلوه حمرة مجسَّدة كأنها سواد من تراكم الحمرة". قلت (7): وقد قال الزبيدى (8): "الدم البحراني: الشديد الحمرة". وقال الخطابي (9): "هو الدم الكثير الغليظ الذي يخرج من قعر الرحم، ينسب إلى البحر لكثرته وسعته". قوله (10): "ذو دفعات" الأجود فيه ضم الدال من دفعات؛ فإن الدفعة بالضم للمدفوع (11)، وبالفتح: المرة الواحدة من الدفع الذي هو المصدر (12). ويستغنى عن هذه الرواية الضعيفة بما رواه أحمد بن حنبل (13)،   (1) الوسيط 1/ 478. (2) انظر: لسان العرب 14/ 163، المصباح المنير ص: 211. (3) الوسيط 1/ 478. (4) انظر: الصحاح 3/ 1290، القاموس المحيط 3/ 116. (5) لأن ناصع اللون وهو خالصه أي شديد الحمرة، فكونه يجمع بأن صفته: أسود، وناصع اللون فيه إشكال انظر: التنقيح ل70/ أ. (6) انظر: نهاية المطلب 1/ ل 147 / أ. (7) سقط من (ب). (8) لم أقف على النقل عنه فيما بين يدي من مصادر، والله أعلم. (9) انظر: معالم السنن 1/ 198. (10) في (أ) و (ب): وقوله. (11) في (ب): المدفوع. (12) انظر: المصباح المنير ص: 75، التنقيح ل 70/ أ. (13) لم أقف عليه في المسند، وكل من خرَّج الحديث - حسب ما وقفت - لم ينسبه إلى الإِمام أحمد وانظر مثلًا: التنقيح ل 70/ أ , إرواء الغليل 1/ 223، المعجم المفهرس لألفاظ الحديث 1/ 536، 2/ 145، لكن رواه ابن حزم في المحلى من طريق عبد الله بن أحمد بن حنبل عن أبيه .. إلى آخر السند. انظر المحلى بالآثار 1/ 382. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 271 وأبو داود (1)، والنسائي (2)، وابن ماجه (3): أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال لها: (إن دم الحيض أسود يعرف، فإن كان ذلك فأمسكي عن الصلاة، وإذا (4) كان الآخر فتوضئي وصلي). وهذا وإن لم يخرَّج في "الصحيحين"، فهو حديث حسن محتج به (5)، والله أعلم. قوله فيما إذا رأت (أولًا) (6) خمسة حمرة، ثم ستة عشر سواداً، ثم أطبقت الحمرة: "هي فاقد للتمييز؛ لأن تجريد النظر إلى الأولية ضعيف" (7) أراد أنها فاقدة للتمييز بالاتفاق على الوجوه الثلاثة المذكورة (8)، وإن كان من قال في المسألة التي قبلها (9): إنه تجرد النظر إلى الأولية إذا قلنا: بالجمع وتعذر، فهو   (1) في سننه كتاب الطهارة، باب من قال: إذا أقبلت الحيضة تدع الصلاة 1/ 197 رقم (286). (2) في سننه كتاب الطهارة، باب الفرق بين دم الحيض والاستحاضة 1/ 133 رقم (216). (3) لم أقف عليه في سننه، وقد نصَّ الإِمام المزي في تحفة الأشراف 12/ 85: على أن الحديث رواه أبو داود والنسائي. ولم يذكر غيرهما، والله أعلم. وممن روى الحديث كذلك: الدارقطني في سننه 1/ 207، والحاكم في المستدرك 1/ 174 وقال: "صحيح على شرط مسلم، ولم يخرجاه". ووافقه الذهبي. (4) في (أ): وإن. (5) في (أ): حسن صحيح به، وفي (ب): حسن صحيح محتج به. وقد حكم على الحديث بالصحة كل من ابن حزم في المحلى - بالآثار - 1/ 387، والحاكم في المستدرك 1/ 174، والنووي في التنقيح ل 70/ أ، والألباني في إرواء الغليل 1/ 223. (6) زيادة من (أ) و (ب). (7) الوسيط 1/ 479. (8) قال الغزالي: "فلو رأت أولًا خمسة حمرة، ثم خمسة سواداً، ثم استمرت الحمرة، ففيه ثلاثة أوجه: الأول: أن النظر إلى لون الدم، لا إلى الأولية، فالسواد هو الحيض. الثاني: أنه يجمع إذا أمكن إلا إذا زاد السواد مع الحمرة على خمسة عشر يوماً. الثالث: أنها فاقد للتمييز". الوسيط 1/ 478. (9) وهي فيما لو رأت خمسة حمرة، ثم أحد عشر سواداً، ثم أطبقت الحمرة قال الغزالي: "فعلى الأول - أي الوجه الأول - السواد حيض، وعلى الثاني: هي فاقدة للتمييز. قيل: إنها تقتصر على أيام الحمرة؛ لقوة مجرد الأولية وهو بعيد". الوسيط 1/ 478 - 479. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 272 يقول ههنا: خمسة الحمرة أولًا حيض، ولا تكون فاقدة للتمييز. لكن لا يمنعنا ذلك من القطع بأنها فاقدة للتمييز؛ لأن ذلك وجه ضعيف، لا يبالى به (1)، هذا مراده بهذا الكلام، والله أعلم. قوله فيما إذا رأت المبتدأة خمسة عشر يوماً دماً أحمر، ثم انقلب إلى السواد: "ولا تعهد (2) امرأة تؤمر بترك الصلاة شهراً (كاملًا) (3) إلا هذه" (4) هذا فيه تقصير من حيث إنها تترك الصلاة أكثر من شهر؛ فإنها في أول الشهر الثاني تتحيَّض ستاً، أو سبعاً، أو يوماً وليلة؛ فإنها مبتدأة لا (5) تمييز لها (6)، والله أعلم. قوله في المبتدأة غير المميزة: "والثاني: أنها ترد إلى غالب عادة (7) النساء؛ لقوله - صلى الله عليه وسلم - لبعض المستحاضات: (تحيَّضي في علم الله ستاً، أو سبعاً كما تحيض النساء ويطهرن ميقات حيضهن وطهرهن) (8) فقوله (9) "لبعض المستحاضات" غير   (1) انظر: فتح العزيز 2/ 455، روضة الطالبين 1/ 255. (2) في (أ): إذا لا نعهد. (3) زيادة من (أ) و (ب). (4) الوسيط 1/ 480. وقبله: إذا رأت المبتدأة أولًا خمسة عشر يوماً دماً أحمر، ثم أطبق السواد فقد تركت الصلاة في النصف الأول من الشهر رجاء الانقطاع، وتترك في النصف الثاني رجاء استقرار التمييز، لظهور الدم القوي. إذا فرعنا على أنه لا ينظر إلى الأولية فلا تعهد امرأة ... إلخ (5) في (أ): ولا. (6) انظر: التنقيح ل70/ ب - ل 71/ أ، المطلب العالي 2/ ل 210 / أ. (7) في (ب): عادات. (8) الوسيط 1/ 480: وقبله: المستحاضة الثانية: المبتدأة التي ليست مميزة إما بإطباق لون واحد، أو بفقد شرط من شرائط التمييز ففيها قولان: .... الثاني ... إلخ. (9) في (أ): والله أعلم فقوله، وهي كأنها مقحمة. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 273 مستقيم مع كونه مستدلًا به على حكم مستحاضة معينة، وهذه المستحاضة (1) هي: حمنة بنت جحش أول اسمها حاء مهملة مفتوحة، ثم ميم ساكنة، ثم نون (2). وما ذكره مختصر من حديثها، ونصُّه على جهته: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال لها - بعد كلام -: (فتحيضي ستة أيام، أو سبعة أيام في علم الله، ثم اغتسلي حتى إذا رأيت أنك قد طهرت، فصلي ثلاثاً وعشرين ليلة أو أربعًا وعشرين ليلة (3) وأيامها وصومي، فإن ذلك يجزيك، وكذلك فافعلي كل شهر كما يحيض النساء، وكما يطهرن، ميقات حيضهن وطهرهن ... الحديث). أخرجه أبو داود (4)، والترمذي (5)، وغيرهما (6). وقال البخاري والترمذي: هو حديث   (1) قوله: (غير مستقيم ... المستحاضة) سقط من (ب). (2) هي حمنة بنت جحش بن رئاب الأسدية، وأمها أميمة بنت عبد المطلب عمة رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، كانت تحت مصعب بن عمير، ثم تزوجها طلحة بن عبيد الله فولدت له محمداً وعمران، وهي أخت أم المؤمنين زينب بنت جحش، روى حديثها البخاري في الأدب المفرد، وأبو داود، والترمذي، وابن ماجه انظر ترجمتها في: الاستيعاب 12/ 262، تهذيب الأسماء 2/ 339، السير 2/ 215، الإصابة 12/ 201. (3) قوله: (أو أربعاً ... ليلة) سقط من (أ). (4) في سننه كتاب الطهارة، باب من قال: إذا أقبلت الحيضة تدع الصلاة 1/ 199 رقم (287). (5) في جامعه أبواب الطهارة، باب ما جاء في المستحاضة أنها تجمع بين الصلاتين بغسل واحد 1/ 221 رقم (128). (6) وممن رواه كذلك: ابن ماجه في سننه كتاب الطهارة وسننها، باب ما جاء في البكر إذا ابتدئت مستحاضة ... 1/ 205رقم (627)، والشافعي في الأم 1/ 132، وأحمد في المسند 6/ 439، والدارقطني في سننه 1/ 214، والحاكم في المستدرك 1/ 172 - 173، والبيهقي في السنن الكبرى كتاب الحيض 1/ 500 رقم (1603). الجزء: 1 ¦ الصفحة: 274 حسن (1)، وقال أحمد بن حنبل: "هو حديث صحيح" (2). ثم إن (3) من المشكل أنه ليس في الرواية بيان أنها من أي المستحاضات كانت، وقد ذكر الإِمام الشافعي (4) وغيره (5): أنه يحتمل أنها كانت معتادة، وشكت في الست، أو السبع أيتهما عادتها، فردها إلى ذكرها لما تعلمه (6) من عادتها. فنقول: قوله (كما تحيض النساء ويطهرن، ميقات حيضهن وطهرهن) يدل على أنه (7) ردَّها إلى عادة النساء من غير اعتبار لعادتها، ويلزم من هذا أن (8) تكون مبتدأةً غير   (1) انظر: جامع الترمذي 1/ 225 - 226 لكن فيه أن الترمذي والبخاري قالا: حسن صحيح، وقد نقل البيهقي في السنن الكبرى 1/ 500 - 501 عن الترمذي أنه سمع البخاري يقول: إنه حسن. (2) انظر: جامع الترمذي 1/ 226، السنن الكبرى 1/ 501. لكن قال أبو داود: "سمعت أحمد يقول: حديث ابن عقيل - أي حديث حمنة هذا - في نفسي منه شيء". سنن أبي داود 1/ 202، وقد جمع بين قوليه هذين أحمد شاكر في تعليقه على الترمذي 1/ 226 فقال: "ولعله يريد أن في نفسه شيئاً من جهة الفقه والاستنباط، والجمع بينه وبين الأحاديث الأخرى، وإن كان صحيحاً ثابتاً عنده من جهة الإسناد". أهـ قلت: وفي هذا الجمع نظر؛ لأن الإِمام أحمد في تنصيصه على ابن عقيل بوحي بأنه يطعن في سند الحديث؛ لأن ابن عقيل مختلف في الاحتجاج برواياته. انظر: الجرح والتعديل 5/ 153 - 154، السنن الكبرى 1/ 361، الجوهر النقي لابن التركماني 1/ 501. (3) سقط من (أ). (4) في الأم 1/ 132 - 133. (5) ونقل هذا الاحتمال وترجيحه ابن قدامة عن الإِمام أحمد انظر المغني 1/ 404، وذكر الاحتمال الخطابي في معالم السنن 1/ 201، والبيهقي في السنن الكبرى 1/ 502، ورجحه في معرفة السنن والآثار 1/ 372، والرافعي في فتح العزيز 2/ 458. (6) في (د) و (أ): يعلمه الله، والمثبت من (ب). (7) في (أ) و (ب): أنه. (8) في (ب): أن لا. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 275 مميزة (1)؛ إذ لا جائز أن تكون غيرها من المستحاضات؛ إذ كل واحدة منهن قد دللنا على أنها لا ترد إلى غالب عادة النساء والله أعلم. قوله (2) "تحيَّضي في علم الله" تحقيق معناه: افعلي ما تفعله الحِيَّض فيما علمه الله من عادة (3) النساء و (4) هي ست أو سبع، وأعلمك إياه فتعرَّفي ذلك عنه. وعلم الله ههنا معلومه (5). وقوله (ميقات حيضهن) منصوب على الظرفية أي في (6) ميقات حيضهن (7) وهو أول الشهر، ومبتدأ الشهر من حين رؤية الدم. قال صاحب "التتمة" (8): "وليس المراد (9) من الشهر: الشهر الهلالي، لكن شهراً بالعدد ثلاثين يوماً"، والله أعلم. قوله: "ثم الوقت الذي حُكِمَ بتطهيرها فيه ماذا (10) تفعل؟ فعلى قولين" (11) هذا ليس على إطلاقه، بل هو عندهم مخصوص بما كان منه في الخمسة عشر أما ما جاوز منه الخمسة عشر فلا خلاف أنها لا تحتاط فيه كالمتحيرة، بل هي فيه (12) كالمستحاضة الطاهرة (13)، والله أعلم.   (1) انظر: معالم السنن 1/ 201، نهاية المطلب 1/ ل 151/ أ. (2) في (ب): وقوله. (3) في (ب): عادات. (4) سقط من (أ). (5) انظر: معالم السنن 1/ 201، المجموع 2/ 377. وقد قال الغزالي في الوسيط 1/ 480: وقوله: في علم الله معناه: فيما أعلمك الله من عاداتهن. أهـ (6) سقط من (أ). (7) انظر: المجموع 2/ 378. (8) لم أقف على النقل عنه فيما بين يدي من مصادر والله أعلم. (9) في (ب): ليس من المراد. (10) في (ب): ما. (11) الوسيط 1/ 481. وبعده: أصحهما: أن حكمها حكم الطاهرات المستحاضات. والثاني: أنها تحتاط احتياط المتحيرة كما سيأتي. (12) سقط من (ب). (13) انظر: التنقيح ل 72/ أ، المطلب العالي 2/ ل 215/ أ. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 276 حديث المرأة التي استفتت لها أم سلمة - رضي الله عنها - (1) حديث حسن، أخرجه الأئمة الثلاثة مالك (2)، والشافعي (3)، وأحمد (4)، وأبو داود (5)، والنسائي (6)، وغيرهم (7). وقوله "فإذا خلَّفت ذلك" (8) هو بتشديد اللام: أي تجاوزت ذلك، وجعلته خلفها (9). والاستثفار المذكور قد شرحناه في الباب الأول (10)، والله أعلم.   (1) قال الغزالي: "المستحاضة الثالثة: المعتادة: وهي التي استحيضت بعد عادات منظومة، فترد إلى عاداتها في قدر الحيض وميقاته؛ لما روي أن أم سلمة استفتت لبعض المستحاضات فقال - عليه السلام -: مريها فلتنظر عدد الليالي والأيام التي كانت تحيضهن من الشهر قبل أن يصيبها الذي أصابها، فلتدع الصلاة، فإذا نعلت ذلك فلتغتسل، ثم لتستثفر بثوب، ثم لتصلِّ". الوسيط 1/ 482. (2) في (أ): المالكي. وانظر الموطأ - مع الزرقاني - كتاب الطهارة، باب في المستحاضة 1/ 178 رقم (133). (3) في الأم 1/ 133. (4) في المسند 6/ 293. (5) في سننه كتاب الطهارة، باب في المرأة تستحاض .... 1/ 187 رقم (274). (6) في سننه كتاب الطهارة، باب ذكر الاغتسال من الحيض 1/ 129 رقم (209). (7) وممن رواه كذلك: ابن ماجه في سننه، كتاب الطهارة وسننها، باب ما جاء في المستحاضة التي قد عدَّت أيام أقرائها ... 1/ 204 رقم (623)، والدارمي في سننه 1/ 199 - 200، وابن الجارود في المنتقى ص: 38 رقم (113)، والدارقطني في سننه 1/ 208، والبيهقي في السنن الكبرى, كتاب الحيض 1/ 494 رقم (1581). قال النووي: "حديث أم سلمة صحيح رواه مالك في الموطأ .... بأسانيد صحيحة على شرط البخاري ومسلم". أهـ المجموع 2/ 415، وقال ابن الملقن. بعد أن ذكر أنه روي بالأسانيد الصحيحة -: "وأعل الحديث بالانقطاع بين سليمان وأم سلمة" تذكرة الأخيار ل 38/ ب، وراجع كذلك السنن الكبرى 1/ 493. وأجيب بإثبات سماع سليمان من أم سلمة انظر: تذكرة الأخيار الموضع السابق. (8) وردت في بعض روايات الحديث بدلاً من قوله "فعلت" انظر مثلا: الموطأ, سنن أبي داود في الموضعين السابقين. (9) في (ب): وجعلتها خلفاً. وانظر: النهاية في غريب الحديث والأثر 2/ 66، القاموس المحيط 3/ 186. (10) انظر: 1/ 264. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 277 قوله في آخر الصورة الخامسة: "أو نتشوَّف إلى الأولية فنجعل بقية الشهر استحاضة" (1) لا يتوهمنَّ من قطعه بهذا ههنا أن الوجه الثاني الذي ذكره معه في الصورة التي قبلها (2) في زيادة حيضها في هذا الدور خاصة، لا تجيء ههنا، بل تجيء أيضاً، وقد ذكره شيخه (3)، فنحيِّضها العشرة الأخيرة من هذا الشهر مع الخمسة الأولى (4) من الشهر الثاني فيصير حيضها في هذا الدور خمسة عشر، ثم يحكم لها بالطهر خمسة وعشرين يوماً (5)، ثم نحيِّضها في أول الدور الثالث خمستها، و (6) تعود إلى الأدوار القديمة (7). ولكنه وجه ضعيف (8)، فكأنه تهاون به، فلم يعدَّه، والله أعلم.   (1) الوسيط 1/ 485. والصورة الخامسة: "إذا عاجلها الحيض بحيث عاد النقاء إلى أربعة عشر، فعلى مذهب الجمع لا بدَّ وأن نخلف يوماً من أول الدم، ونجعله استحاضة تتمة للطهر - ثم قال: ثم التفصيل بعده كما سبق: بأن تقيم دورها عشرين إذا أثبتنا العادة بمرة واحدة، إذ لا يمكن أن يجعل تسعة عشر، فيجعل الخامسة عشر طهراً ضرورة. أو لا نثبت بمرة فتقيم دورها القديم من الوقت ولا نبالي بالأولية، أو نتشوف إلى الأولية .... إلخ (2) قال الغزالي في الصورة الرابعة: "إذا تقدم الحيض إلى الخمسة الأخيرة من الشهر، فقد صار خمساً وعشرين مرة واحدة ... إن تشوفنا إلى الأولية أمكن أن نجعل هذه استحاضة، ثم نحيضها في الخمسة الأولى من الشهر الثاني وهو مذهب أبي إسحاق. وعند غيره نحيضها في هذه الخمسة وفي خمسة من أول الشهر فتزيد في حيضها نوبة واحدة، ثم تعود إلى القانون السابق". الوسيط 1/ 484. (3) انظر: نهاية المطلب 1/ ل 157/ أ. (4) في (أ) و (ب): الأخيرة. (5) سقط من (ب) .. ومراده بقية الشهر الثاني. (6) في (أ): ث. (7) انظر: نهاية المطلب 1/ ل 157/ أ، فتح العزيز 2/ 474، روضة الطالبين 1/ 261، التنقيح ل 72/ ب (8) انظر: التنقيح الموضع السابق. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 278 قوله: "المبتدأة إذا رأت خمسة سواداً، ثم أطبق الدم على لون واحد، ففي الشهر الثاني: نحيضها خمسة؛ لأن التمييز أثبت لها عادة" (1) هذا (2) كلام مُغلِط يُفهم منه غير الصواب، فإنه إذا كان الدم (3) المطبق بعد السواد هو الدم الضعيف لم يكن الحكم فيه ما ذكره، بل حكمه ما ذكره في الفرع المذكور في آخر باب النفاس (4): من أنها تكون طاهرة في زمان الدم الضعيف، وإن استمر سنة فصاعداً. وذلك قضية القاعدة في المميزة، وإنما هذا (5) مخصوص بما إذا بطل تمييزها بإطباق الدم الأسود كما فيما (6) ذكره شيخه (7) - رحمه الله وإيانا - من صورتها، أو نحو ذلك، وذلك أن تتمكن من التمييز وتُردُّ إليه، مثل أن ترى الدم الأسود خمسة أيام، والدم الضعيف خمسةً وعشرين (8)، ويتكرر ذلك مراراً، ثم يستمر الدم الأسود ويجاوز الخمسة عشر، فترد إلى الخمسة (9)؛ لأن (10) التمييز أثبتها (11) عادة لها.   (1) الوسيط 1/ 485 - 486. (2) في (د): وهذا، وكأن (الواو) مقحمة هنا، والمثبت من (أ) و (ب). (3) سقط من (أ). (4) انظر: الوسيط 1/ 513. (5) في (أ): هو. (6) سقط من (أ). (7) انظر: نهاية المطلب 1/ ل 158/ ب. (8) في (أ): خمسة وعشرين يوماً. (9) في (ب): الخمسة عشر. (10) في (أ): لا. (11) في (أ): أثبت. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 279 وقول صاحب الكتاب: "ففي الشهر الثاني نحيضها خمسة" صورته على هذا: أن ترى خمسة سواداً، ثم خمسة وعشرين حمرة، ثم ترى السواد في الشهر الثاني ويطبق، فترد إلى الخمسة على أن العادة تثبت بمرة واحدة (1). ثم إن قوله "لو رأت السواد في العشرة فترد إلى العشرة ولا يخرَّج على الخلاف في إثبات العادة بمرة؛ لأن هذه عادة تمييزية فتنسخها مرة واحدة كغير المستحاضة إذا تغيرت عادتها القديمة مرة (2) فإنا نحكم بالحالة الناجزة" (3) هذا دائر بين احتمالين: أحدهما: أن يكون أراد ما إذا كانت ترى خمسة سواداً، وخمسة وعشرين حمرة، وتكرر ذلك، ثم رأت في شهر عشرة سواداً وباقي الشهر حمرة، ثم استمر السواد في الشهر الذي بعده وأطبق، فنردها إلى العشرة، لا إلى الخمسة السابقة، وعلى هذا فدعواه أنه لا يُخرَّجُ على الخلاف في ثبوت العادة بمرة (4) مشكلة؛ فإنَّ تغيُّر التمييز مع استمرار أصل (5) الدم، لا يزيد على التغيُّر بانقطاع الدم من أصله وبالطهر المحسوس (6)، كما إذا كانت عادتها أن تحيض خمسة وينقطع وتكرر ذلك، ثم رأت في شهر عشرة وانقطع، ثم في الشهر الذي بعده رأت الدم واستمر فإن الخلاف جار في أنها ترد إلى العشرة وتثبت العادة بمرة، أو ترد إلى الخمسة ولا تثبت بمرة (7). واحتجاجه بغير   (1) سقط من (أ). وانظر التنقيح ل 73/ أ. (2) في (ب): مرة واحدة. (3) الوسيط 1/ 486. (4) في (ب): بمرة واحدة. (5) سقط من (أ). (6) في (أ): والطهر المحسويبن. (7) انظر: التنقيح ل 73/ ب، المطلب العالي 2/ ل 224/ ب. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 280 المستحاضة لا يستقيم؛ فإنه لا يعتمد فيها على عادة تسبق حتى يقال: تثبت العادة في حقها بمرة أو لا تثبت. وإنما الاعتماد فيها على رؤيتها الدم في زمان الإمكان فاعلم ذلك، والله أعلم. الثاني: أن يكون أراد بذلك نفس الشهر الذي رأت فيه عشرة السواد، والحكم بأنها ترد فيه إلى التمييز (الناجز) (1) فيه في العشرة، ولم يرد بذلك شهراً آخر بعد شهر (2) العشرة (3) بطل فيه التمييز باستمرار السواد (4). ويشهد لإرادته هذا: استشهاده برد غير المستحاضة إلى الحالة الناجزة إذا (5) تغيَّرت عادتها القديمة. ويشهد للاحتمال الأول قوله: "و (6) لا يُخرَّج على الخلاف في إثبات العادة بمرة". فإن ردها في نفس شهر العشرة إلى العشرة (7)، ليس رداً إلى العادة، بل حكماً بالناجزة، وأي الصورتين أراد فليس ينفك عن مؤاخذة؛ إن أراد الأولى ففي استشهاده بغير المستحاضة كما بينت. وإن أراد الثانية ففي قوله "ولا يخرَّج على الخلاف في ثبوت العادة بمرة" كما بينت. والإمام شيخه إنما ذكر الثانية ولم يقل: ولا يخرَّج على الخلاف في إثبات العادة بمرة. ولكن قال: فهي الآن مردودة إلى العشرة ولا يخرَّج هذا على الخلاف في تقديم العادة، أو التمييز (8)،   (1) زيادة من (ب)، وفي (أ): التأخير (2) في (ب): الشهر. (3) في (أ): العدة. (4) انظر: المطلب العالي 2/ ل 224/ ب. (5) في (أ): وإذا. (6) سقط من (ب). (7) إلى العشرة: سقط من (ب). (8) انظر: نهاية المطلب 1/ ل 159/ ب. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 281 وهكذا ذكره هو (1) في "بسيطه" (2)، وادعى أن الخلاف إنما هو في عادات تقدمت في غير الاستحاضة مع أطهار مستقيمة إذا عارضها التمييز القائم في زمان الاستحاضة (3)، وهذه عادات كانت تمييزية في أيام الاستحاضة فلا تُقَدَّم على تمييز ناجز بحال. وهذا لا بأس به، والله أعلم. قوله في الصفرة الواقعة فيما وراء عادتها: "لقول زينب بنت جحش: كنا لا نعتد بالصفرة وراء العادة شيئاً" (4) هذا منكر لم أجده في شيء من كتب الحديث، وكأنه تصحيف مما ذكره شيخه (5) وهي (6) حمنة بنت جحش، وذلك أقرب، ولم يصح أيضاً فيما نعلم (7)، والله أعلم. قوله: "والثالث: وإن كان ما تقدَّمها من الصفرة دم قوي ولو لحظة فهو حيض لقوته، وإن كان الكل صفرة فنقتصر على أيام العادة فيه (8) " (9) هذا لفظه   (1) سقط من (أ). (2) انظره 1/ ل 62/ ب. (3) قوله: (مع أطهار ... الاستحاضة) سقط من (أ). (4) انظر: الوسيط 1/ 486. (5) انظر: نهاية المطلب 1/ ل 159/ ب. (6) في (أ) و (ب): وهو. (7) في (ب): فيما نعلمه. وانظر: تهذيب الأسماء واللغات 2/ 376، تذكرة الأخيار ل 39/ ب. والصواب: أنه من قول أم عطية - رضي الله عنها - انظر: صحيح البخاري - مع الفتح - كتاب الحيض، باب الصفرة والكدرة في غير أيام الحيض 1/ 507 ولفظه: (كنا لا نعدُّ الكدرة والصفرة شيئاً). ورواه أبو داود وغيره بزيادة لفظ: (بعد الطهر). انظر: سنن أبي داود كتاب الطهارة، باب في المرأة ترى الكدرة والصفرة بعد الطهر 1/ 215 رقم (307)، المستدرك 1/ 174 وقال: "هذا حديث صحيح على شرط الشيخين، ولم يخرجاه"، ووافقه الذهبي، السنن الكبرى كتاب الحيض 1/ 498 رقم (1596). (8) في (ب): منه. (9) الوسيط 1/ 487. وقبله: الصفرة والكدرة في أيام الحيض حيض، وذلك فيما يوافق أيام العادة. وما وراء عادتها إلى تمام خمسة عشر فيه ثلاثة أوجه: .... الثالث: .... إلخ. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 282 في "الوسيط" على ما حققته بنيسابور وكان أصل المصنَّف بها، وهو كلام مشكل، وتلخيصه وتقريره: إن كان الواقع وراء العادة من الصفرة هو ما تقدَّمه دم قوي ولو لحظة فهو حيض لقوته (1). ووجه صحته أن الواقع وراء العادة قد سبق ذكره، فرجع (2) الضمير في "كان" إليه، وصار (3) قوله "ما تقدَّمها" خبراً له، وقوله "من الصفرة" بيان له، على أن (4) "من" فيه لبيان الجنس، وأنَّث الضمير في قوله "تقدَّمها" لأن لفظة "ما" فيه وقعت على مؤنث وهو الصفرة، والله أعلم.   (1) انظر: التنقيح ل 73/ ب - ل 74/ أ. (2) في (أ): فيرجع. (3) في (أ): فصار. (4) سقط من (ب). الجزء: 1 ¦ الصفحة: 283 ومن الباب الثالث في المتحيرة (1) قوله في أول الأهلة: "إنه مبادئ أحكام الشرع" (2) ليس بمقبول (3)، وشيخه إنما قال فيه: "فإن المواقيت الشرعية هي الأهلة" (4)، والله أعلم. ذكر أنها تؤمر بالاحتياط والأخذ بأسوأ الاحتمالات في أمور، وجعل الثالث منها (5) ما لا تؤمر فيه بالاحتياط والأخذ بأسوأ الاحتمالات وهو: اعتدادها بثلاثة أشهر إذا طُلِّقت (6). وهذا لا وجه له من حيث نظم الكلام، وإن لم يلزم منه تغليط في الحكم والله أعلم. قلت: يمكن أن يقال: إن اعتدادها بثلاثة أشهر فيه احتياط من حيث إن عدتها بالأقراء، وقد تكون ثلاثة أقراء أقل من ثلاثة أشهر، بل الغالب أن تكون أقل، وأما كون ذلك أسوأ الاحتمالات فهو أسوأها باعتبار أحوال الأقراء في حق من لم تخرج في حيضها وطهرها عن غالب عادات النساء في مجموع زمن الطهر والحيض، والكلام فيمن لم يعلم من عادتها أنها خرجت في مجموع الزمنين عن شهر، فإن علم من عادتها ذلك فلا تعتدُّ بثلاثة أشهر، وأما إن لم يعلم ذلك ولا ضده فيحمل الأمر على الغالب   (1) في (ب): في المستحاضة المتحيرة، وهي هذا في المتن. قال الغزالي: وهي التي نسيت عادتها قدراً ووقتاً. الوسيط 1/ 488. (2) الوسيط الموضع السابق. (3) في (أ): بمنقول. وسبب عدم قبوله أن الزكوات، والعدد، والديات، والكفارات، وغيرها لا تختص بأول الأهلة، والله أعلم. وانظر: التنقيح ل 74/ ب. (4) نهاية المطلب 1/ ل 160/ أ - ب. (5) سقط من (ب). (6) انظر: الوسيط 1/ 489. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 284 فيه؛ لاطِّراده دائماً إلا في النادر , بخلاف مقادير الحيض والطهر فإنها غير مطردة على حال واحدة كاطراده، والله سبحانه أعلم (1). قوله في إيجاب قضاء ستة عشر يوماً إذا صامت جميع شهر رمضان: "قال الشافعي - رضي الله عنه -: تقضي خمسة عشر يوماً. وكأنه لم يخطر له تقدير الطرآن وسط النهار" (2) هذا كما تراه! فيقال له: فقد خطر ذلك لغيره من أئمة أصحابه، ولم يوجبوا إلا قضاء خمسة عشر يوماً (3)، وسببه ما نذكره إن شاء الله تعالى. ومن العجب أنه مع قولهه هذا، قد (4) قال هو في الباب الذي بعد هذا فيما إذا كان حيضها خمسة أضلتها في الشهر فصامت شهر رمضان: "إنها تقضي خمسة" (5). ولم يقل: تقضي ستة لاحتمال الطرآن. ولا يتهيأ له من العذر ما يتهيأ للإمام الشافعي - رضي الله عنه -، لا هذا العذر القاصر الذي اعتذر هو به، إذ قد خطر له ههنا تقدير الطرآن، وتلك المسألة في الذكر قريبة (6) من هذه (غير) (7) بعيدة، ولا   (1) قوله: (قلت: يمكن .... إلخ سقط من (أ) و (ب). قال ابن الرفعة: وقد رأيت حاشية على كتاب ابن الصلاح ... ثم ساق هذا الكلام. المطلب العالي 2/ ل 230/ ب. وهذا يفيد أن هذا الجواب ليس من كلام ابن الصلاح، بل من وضع بعض من حشَّى على كتابه والله أعلم. (2) الوسيط 1/ 489. وراجع مختصر البويطي ل 4/ أ. (3) قال النووي: "هذا الذي قاله الشافعي قال به جمهور أصحابنا المتقدمين". أهـ التنقيح ل 75 /أ، وانظر: الإبانة ل 22/ ب، حلية العلماء 1/ 290 ونقله عن: أبي علي السنجي، والشيخ أبي حامد. (4) في (ب): فقد. (5) انظر: الوسيط 1/ 496. (6) في (ب): قريبة في الذكر، بالتقديم والتأخير. (7) زيادة من (أ) و (ب). الجزء: 1 ¦ الصفحة: 285 ما اعتذر به الأصحاب وذكروه من المستند كذلك؛ إذ منهم من قال: إن (1) كلام الإِمام مفروض فيمن علمت من عادتها أن حيضها لم يكن يطرأ وسط النهار (2). وهذا منتف فيما ذكره لما ننبِّه عليه إن شاء الله تعالى من كلامه هناك. وفيما علقته بنيسابور - صانها الله تعالى وسائر بلاد الإِسلام وأهله - من كتاب "المحيط بمذهب الشافعي - رضي الله عنه - " تأليف الشيخ أبي محمد الجويني (3): "أن عامة مشايخهم لم يوجبوا عليها إلا قضاء خمسة عشر يوماً"، وحكى عن شيخه القفال عن شيخه أبي زيد (4) قوله: "إن الواجب عليها قضاء ستة عشر يوماً لاحتمال الطرآن". ثم قال: "وهذا (5) الذي قاله محتمل ظاهر، غير أن الذي أجمع عليه أصحابنا (6): سلوك سبيل التخفيف والترفيه (7) في بعض الأحوال". قلت: وممن (8) قال بالخمسة عشر من العراقيين: أبو علي صاحب "الإفصاح"، والشيخ أبو حامد الأسفراييني، والمحاملي - رضي الله عنهم - (9). قلت: وما   (1) سقط من (ب). (2) انظر: نهاية المطلب 1/ ل 167/ ب، فتح العزيز 2/ 508، روضة الطالبين 1/ 268. (3) انظر النقل عنه في: المجموع 2/ 447 - 448. (4) هو أبو زيد محمد بن أحمد بن عبد الله بن محمد المروزي الفاشاني - نسبة إلى فاشان إحدى قرى مرو - من أئمة أصحاب الشافعي الخراسانيين، من أصحاب الوجوه، الإِمام المدقق، الزاهد، العابد، أقام بمكة سبع سنين وحدث بها، توفي بمرو سنة 371 هـ. انظر ترجمته في: تهذيب الأسماء 2/ 234، طبقات السبكي 3/ 71، طبقات ابن قاضي شهبة 1/ 144. (5) سقط من (ب). (6) في (أ): أصحاب. (7) في (أ): التحقيقة. (8) في (د): ومن، والمثبت من (أ) و (ب). (9) انظر النقل عنهم في: حلية العلماء 1/ 290، المجموع 2/ 447. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 286 ذكره الشيخ أبو محمد من التخفيف يحتاج إلى تمام؛ فما بالتحكم يخصُّ بالتخفيف شيئاً دون شيء. فأقول: أما الاقتصار في قضاء الصوم على خمسة عشر (1) فلأن تقدير الطرآن في وسط النهار تقدير أمر مفسد للصوم بعد انعقاده، والأصل عدمه، وليس كذلك طرآنه ليلاً، فإنه حينئذٍ لا ينعقد من أصله. وأما التخفيف في قضاء الصلوات بعد أدائها، وفي اعتدادها بثلاثة أشهر؛ فلأن ذلك حرج شديد، والأصل انتفاؤه في الشريعة السمحة، والله أعلم. قوله في قضاء الصوم: "تُقَدِّرُ الشهر نصفين، وهو الدور بكماله في تقديرنا" (2) يعني تقديرنا أكثر الحيض خمسة عشر يوماً (3)، فإن المراد بالشهر ثلاثون (4) يوماً، فإذا كان الحيض خمسة عشر (5)، والطهر خمسة عشر فقد كمل بهما الثلاثون يوماً. وما ذكره من الضابط في صوم يومين فما زاد من الأضعاف، وزيادة يومين (6)، مطرد في صوم (يوم) (7) واحد؛ فيكون المجموع أربعة أيام (8)، فتصوم   (1) سقط من (ب). (2) الوسيط 1/ 490. (3) انظر: التنقيح ل 75 / أ. (4) في (ب): ثلاثين. (5) في (أ): خمسة عشر يوماً. (6) قال الغزالي: "فإن كان عليها قضاء يومين: فتضعِّف فيصير أربعة، وتزيد يومين فيصير ستة، وتصوم ثلاثة ولاءً من أول الشهر، وثلاثة ولاءً من أول النصف الثاني، فيقع اثنان لا محالة في الطهر". أهـ الوسيط 1/ 490 - 491. (7) زيادة من (أ) و (ب). (8) وذلك بتضعيف اليوم وزيادة يومين. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 287 يومين ولاءً من أول الشهر، ويومين (1) ولاءً من أول (2) النصف. لكن لم يذكر ذلك اختياراً لما هو الأقل (3)، وهو الثلاثة المذكورة (4)، والله أعلم. قوله في قضائها الصلوات الفائتة: "فإن كان (5) عليها مائة ظهر (6): فتضعِّف وتريد صلاتين، فتأتي بالنصف وهو: مائة صلاة وصلاة في أول الثلاثين في أي وقت شاءت" (7) أي تجعل الثلاثين في أي وقت شاءت، ولا يتعيَّن أول الشهر (8). ثم قال: "وإنما استغنينا في الصلاة بزيادة صلاتين على الضعف؛ لأن الانقطاع في واحدة لا يفسد ما مضى من الصلوات" (9) فقوله "استغنينا" أي عما تقرر في صوم اليوم الواحد (10)، والصلاة الواحدة من فعلهما (11) ثلاث مرات: مرتين في أول الثلاثين مع التخليل بينهما بما يسعهما، ومرة ثالثة في أول السادس عشر مع تأخيرها عن أوله بمقدار ما خللت به أولاً بين الأوليين (12). وطرد ذلك غير واحد   (1) قوله: (ولاءً من .... ويومين) سقط من (أ). (2) في (د): آخر، والمثبت من (أ) و (ب). (3) في (د) و (ب): أقل، والمثبت من (أ). (4) انظر: الوسيط 1/ 490. (5) سقط من (أ). (6) في (ب): ظهر مثلًا. (7) الوسيط 1/ 491. (8) في (أ): في أول الشهر. وانظر: التنقيح ل 75/ ب. (9) الوسيط 1/ 491. (10) سقط من (أ) و (ب). (11) في (أ): فعلها. (12) انظر: الإبانة ل 23/ أ، الوسيط 1/ 490. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 288 من الأصحاب في الصلوات المتعددة (1) فقال: تصليها أولًا على الولاء، ثم تصبر حتى يمضي مثل الأوقات التي صلتها فيها، ثم تعيدها جميعها مرة أخرى، ولها الفسحة إلى آخر الخمسة عشر، ثم تصبر حتى يمضي (2) من أول السادس عشر مقدار الوقت المتخلل بين المرتين الأوليين، ثم تعيدها مرة أخرى. وهذا وإن كانت تخرج به (عن) (3) العهدة فقد استغنينا عنه بما دون ذلك وهو: التضعيف مع زيادة صلاتين، وفعل النصف أولًا على الولاء والاتصال من غير فصل وتخليل؛ لأنا في الصلاة الواحدة خشينا من انقطاع الحيض أو طرآنه المفسد لها، فتحرَّزنا عن ذلك بتكريرها ثلاث مرات مع الفصل والتخليل. وأما الصلوات فهي عبادات متعددة، (و) (4) إنما يؤثِّر الطرآن والانقطاع بإفساد قضاء واحدة دون غيرها، ويحصل الاحتراز عن ذلك بزيادة صلاتين؛ لأن طرآن الحيض في وسط واحدة، وانقطاعه في أخرى إنما يفسد صلاتين، والكلام مفروض فيما إذا كان الجميع من جنس واحد، فتسلم مائة لا محالة (5). وذلك ما عليها. وعلى الجملة فاستقصاء (6) التقديرات في الصورتين شاهد بهذا الفرق بينهما.   (1) انظر: نهاية المطلب 1/ ل 169/ ب، التهذيب ص: 328 - 329، وراجع فتح العزيز 2/ 11. (2) قوله: (مثل الأوقات ... يمضي) سقط من (ب). (3) زيادة من (أ) و (ب). (4) زيادة من (أ). (5) انظر: المطلب العالي 2/ ل 245/ ب - ل 246/ أ. (6) في (ب): استقصاء. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 289 وأما قوله: "لأن (1) الانقطاع في واحدة لا يفسد ما مضى من الصلوات" فعقدة من العقد، وكان ينبغي أن يقول: لأن الطرآن (2)؛ فإن (3) ما ذكره شأن الطرآن دون (4) الانقطاع الذي يتقدمه لا محالة الحيض المفسد لما مضى قبله. وقد تأولناه له بعد الجهد الجهيد، والأمد الطويل، على أنه ليس المراد (5): لأن الانقطاع في (6) واحدة لا يفسد ما مضى من الصلوات بما يتقدم الانقطاع من الحيض. بل المراد أن الانقطاع لا يفسد ذلك بما يتقدمه من طرآن الحيض الذي هو مما احترزنا عنه في الصلاة الواحدة بما ذكرناه وقلنا: يحتمل أن يطرأ الحيض في واحدة، وينقطع في أخرى على ما شرحناه (7)، والله أعلم. ومما أخلَّ به في ذلك مما لا بد منه، ما ذكره الإِمام (8): من أنه يجب أن يُراعى أن تكون أزمنة الصلوات واغتسالاتها في أول السادس عشر مثل أزمنتها أولًا؛ كيلا يفسد النظام إذ يمكن أن يقع ما يزيد على مثل (9) الأزمنة الأولى في (10) حيض جديد من السادس عشر والله أعلم.   (1) في (ب): فإن. (2) انظر: التنقيح ل 76/ أ، المطلب العالي 2/ ل 246/ أ. (3) في (ب): لأن. (4) في (ب): لا. (5) في (أ): المراد به. (6) سقط من (ب). (7) وانظر: المطلب العالي 2/ ل 246/ أ - ب. (8) انظر: نهاية المطلب 1/ ل 170/ ب. (9) سقط من (ب). (10) في (د): من، وهو خطأ، والمثبت من (أ) و (ب). الجزء: 1 ¦ الصفحة: 290 ومن الباب الرابع في المتحيرة التي تحفظ شيئا ً قوله فيما إذا "قالت: كنت أخلط شهراً بشهر حيضاً، لحظة من (1) أول السادس عشر طهر بيقين، ثم بعده إلى آخر التاسع والعشرين يحتمل الحيض، ولا يحتمل الانقطاع" (2) فهذا كذا وقع في "الوسيط"، و"البسيط" (3)، وهو سهو، وصوابه: إلى آخر الثلاثين (4)؛ فإنه ليس مرادهم بالشهر في هذا، وهذه المسائل الشهر الهلالي؛ فإنه يلزم أن يكون ما يذكره من ذلك دائراً بين اليوم (5) التاسع والعشرين، واليوم الموفي ثلاثين، تارة في هذا، وتارة في هذاك (6) بحسب نقصان الشهر وتمامه، وإنما المراد بالشهر في ذلك ثلاثون يوماً، تعيَّن مبدأها في وقت بعينه. وتذكر أنها كانت تخلط آخر تلك الثلاثين بأول الثلاثين التي بعدها وهكذا هلمَّ جرا. وفي كلام إمام الحرمين إشعار بتصوير (7) ذلك على ما ذكرناه (8)، والله أعلم.   (1) في (أ): في. (2) الوسيط 1/ 494 - 495. وهذه هي الصورة الثالثة فيما إذا لم تحفظ قدر الطهر والحيض. قال الغزالي: الثالثة: قالت: كنت أخلط شهراً بشهر حيضاً بحيض، فلحظة من آخر الشهر الأول، ولحظة في أول الشهر الثاني حيض بيقين، ثم بعده يحتمل الانقطاع إلى قبيل غروب الشمس من اليوم الخامس عشر بلحظة فتغتسل لكل صلاة، ثم لحظة من آخر الخامس عشر، ولحظة من أول السادس عشر طهر بيقين ... إلخ (3) في (ب): فهذا وقع في البسيط ... إلخ. وانظر البسيط 1/ ل 67/ ب. (4) انظر: التنقيح ل 76/ أ، المطلب العالي 2/ ل 251/ ب. (5) سقط من (ب). (6) في (أ) و (ب): ذلك. (7) في (ب): إشارة إلى تصوير. (8) انظر: نهاية المطلب 1/ ل 174/ ب. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 291 قوله في الحالة الأولى للضالة: "أن تحفظ قدر الحيض، ولا تحفظ الأيام التي كان فيها" (1) أي لا تعيَّن أياماً من بعض الشهر محلاً لها، بخلاف الحالة التي بعدها. ثم مثَّل ذلك فقال: "إذا قالت: أضللت خمسة في شهر، وأحفظ أني كنت لا أخلط شهراً بشهر، فتتوضأ لكل صلاة إلى انقضاء الخامس، ثم تغتسل عند كل (2) صلاة إلى انقضاء (3) الشهر، فإذا جاءها شهر رمضان تصوم كله ثم تقضي خمسة" (4) هذا سهو، والصواب: أنها تقضي ستة لاحتمال الطرآن في أثناء يوم (5)، والانقطاع في أثناء اليوم السادس (6)، ولعله - رحمنا الله وإياه - وقع في هذا لما سبق منه في قول الإِمام الشافعي - رضي الله عنه - في المتحيرة المطلقة إذا صامت شهر رمضان تاماً: تقضي خمسة عشر يوماً. من قوله: "كأنه لم (7) يخطر له تقدير (8) الطرآن وسط النهار" (9). ولا يتهيأ له من الاعتذار في هذا ما يتهيأ للإمام الشافعي في ذلك، من أنه فرض المسألة في امرأة حفظت أن حيضها كان   (1) الوسيط 1/ 496. وقد ذكر الغزالي أن لها حالتين: الحالة الأولى التي ذكرها، أما الثانية: فهي أن تحفظ الأيام التي أضلتها والتي أضلت فيها، كأن تقول: أضللت عشرة في عشرين من أول الشهر. (2) سقط من (ب). (3) قوله: (الخامس ... إلى انقضاء) سقط من (أ). (4) الوسيط الموضع السابق. (5) في (د): اليوم، والمثبت من (أ) و (ب). وهو موافق لنقل ابن الرفعة عن ابن الصلاح. انظر المطلب العالي 2/ ل 252/ ب. (6) انظر: التنقيح ل 76/ أ، المطلب العالي الموضع السابق. (7) سقط من (ب). (8) في (د): تقديم، والمثبت من (أ) و (ب). (9) الوسيط 1/ 489، وتقدم الكلام على هذا انظر: 1/ 285. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 292 لا يطرأ نهاراً على ما سبق. فإن قوله "تغتسل عند كل صلاة" يأبى كونه فرضها فيما إذا حفظت أن حيضها لم يكن يطرأ نهاراً (1) فإن هذه لا تغتسل في صلوات النهار؛ لأنه (2) لا يحتمل حالها الانقطاع نهاراً (3). وكذلك ما ذهب إليه من قال: إن ذلك من التخفيف، وتركٌ لبعض التشديد؛ لأن عدم الخطور الذي جعله المستند في ذلك يأبى ذلك؛ لكون اختيار التخفيف يستدعي الخطور. ومن العجب هذا الذهول مع قرب عهده بذلك. ثم إني وجدت الفوراني قد ذكر ذلك كما (4) ذكره (5)، وله عادة بالنسج على منواله، فكأنه نقله من كتابه من غير فكر (6) فيه. وهو سهو قاله من قاله، والفوراني أيضاً ممن يقول بإيجاب قضاء ستة عشر يوماً في صيامها جميع شهر رمضان (7). فسبحان مصرِّف القلوب، وإياه نسأل العصمة والتوفيق والله أعلم. قوله في العادة الدائرة: "وتكرر ذلك ثم استحيضت" (8) هذا التكرير (9) شرط، وإن قلنا: العادة تثبت بمرة (10) فلو أنها حاضت مرة في شهرٍ ثلاثة، ثم   (1) في (ب): بها نهاراً. (2) في (ب): فإنه. (3) قوله: (فإن هذه ... نهاراً) سقط من (أ). (4) في (أ): فيما. (5) انظر: الإبانة ل 24/ أ. (6) سقط من (ب). (7) انظر. الإبانة ل 23/ أ. (8) الوسيط 1/ 498. وقبله: إذا اتسقت عادتها فكانت تحيض في شهر ثلاثاً، وفي الثاني خمساً، وفي الثالث سبعاً، ثم تعود إلى الثلاث، ثم إلى الخمس، ثم إلى السبع، وتكرر ذلك ... إلخ (9) في (أ): التكرار. (10) في (ب): بمرة واحدة. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 293 في الشهر الثاني خمسة، ثم في (الشهر) (1) الثالث سبعة، ثم استحيضت في الرابع، فلا خلاف أنها لا نردُّها في استحاضتها إلى انتظام هذه الأقدار في الأدوار وإن قلنا: العادة تثبت بمرة (2)؛ لأن الكلام في أن اختلاف الأقدار في الأدوار على الاتساق والانتظام هل تثبت عادة تردُّ إليها؟ ولا يوجد ذلك بدون التكرر (3)، والله أعلم. قوله: "فإن قلنا: لا ترد إلى العادة الدائرة فثلاثة أوجه" (4) هو منفرد عن غيره بنقل هذه الأوجه، بناءاً على هذا (5) الوجه (6). والمنقول عن القائلين بهذا الوجه: أنها ترد إلى ما كانت عليه في الشهر الذي قبيل شهر (7) الاستحاضة (8). وإنما ذكر شيخه هذه الوجوه في صورة عدم التكرير (9)، وهي (10): ما إذا وجد هذا الاختلاف في أشهر ثلاثة مرة واحدة، ثم استحيضت ففيما ترد إليه في شهر الاستحاضة هذه الأوجه. فكأن صاحب الكتاب تصرَّف بنقلها من صورة عدم   (1) زيادة من (أ). (2) في (أ): وإن قلنا: تساق والانتظام. وقوله (فلو أنها حاضت ... تثبت بمرة) سقط من (ب). وانظر: نهاية المطلب 1/ ل 182/ ب، فتح العزيز 2/ 526، التنقيح ل 76/ أ. (3) في (ب): التكرار. وانظر: المطلب العالي 2/ ل 257/ ب. (4) الوسيط 1/ 498. (5) في (ب): هذه. (6) أي وجه عدم الرد إلى العادة الدائرة. (7) سقط من (ب). (8) انظر: التنقيح ل 76/ ب، المطلب العالي 2/ ل 257/ أ. (9) انظر: نهاية المطلب 1/ ل 182/ ب - ل 183/ أ. (10) في (أ): التكرر وهو، وفي (ب): التكرار وهو. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 294 التكرير، إلى صورة (1) التكرير (2)، والعلم عند الله تبارك وتعالى. ثم إن اقتصاره أولًا على القول بأنها كالمبتدأة، ثم إعادته ذلك في جملة الوجوه (3) ترجيح منه له، والله أعلم.   (1) قوله: (عدم ... إلى صورة) سقط من (أ)، غير أن في (ب): التكرر. (2) في (أ) و (ب): التكرر. (3) انظر: الوسيط 1/ 498. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 295 ومن الباب الخامس في التلفيق (1) النقاء (2): بمدِّ (3) ومن قصره فقد أحال المعنى؛ لأنه بالقصر عبارة: عن مجتمع الرمل (4) مما يشكل ضبط الفترات المقطوع بكونها حيضاً قولًا واحداً، وقد حررت في ضبطها من كلام الشيخ أبي حامد الأسفراييني (5)، ومما علق عن الشيخ أبي إسحاق الشيرازي في "الخلافيات" (6) أن الفترة المذكورة: عبارة عن حالة انقطاع الدم التي لا يحصل فيها (7) في الفرج نقاء، بل يبقى فيه لوث وأثر حتى لو أدخلت فيه قطنة يخرج عليها حمرة، أو صفرة من أثر الدم، فهي في هذه الحالة حائض قولًا واحداً طال ذلك أو قصر، ومهما (8) صار الفرج (9) نقياً   (1) التلفيق لغة: مصدر لفّق، ولفَّق الثوب يلفَّقه: إذا ضم إحدى الشقتين إلى الأخرى فخاطهما، وتلافق القوم: إذا تلاءمت أمورهم. وصورة التلفيق عند الفقهاء: أن ترى المرأة زماناً نقاءً، وزماناً حيضاً، وزماناً نقاءً، وزماناً حيضاً، فيحكم على أيام النقاء بأنها طهر، وعلى أيام الدم بأنها حيض. وفيه قولان: أحدهما وهو الصحيح: أن الدماء لا تلفق، بل يجعل زمان النقاء المتخلل بين الدماء حيضاً؛ لأن الغالب من عادات النساء أن الدم لا يسيل عنهن على الدوام بل يسيل ساعة وينقطع أخرى، وهذا القول يسمى بقول السحب. والثاني: أنها تلفق. انظر: الصحاح 4/ 1550، القاموس المحيط 3/ 380، المصباح المنير ص: 212، التعليقة للقاضي حسين 1/ 588، نهاية المطلب 1/ ل 184/ ب، فتح العزيز 2/ 536، المجموع 2/ 501 - 502. (2) قال الغزالي: " ... ومذهب أبي حنيفة: أن تسحب حكم الحيض على أيام النقاء، وتجعل ذلك كالفترات بين دفعات الدم .... " الوسيط 1/ 500. (3) في (أ) و (ب). ممدود (4) انظر: الصحاح 6/ 2514، لسان العرب 14/ 273. (5) انظر النقل عنه في: المجموع 2/ 506، التنقيح ل 76/ ب. (6) لم أقف على هذه الخلافيات، وانظر النقل عنه في المصدرين السابقين. (7) في (أ): لا يحصل منها. (8) في (أ): منها. (9) في (د): الفرج إليه، و (إليه) هنا كأنها مقحمة، والمثبت من (أ) و (ب). الجزء: 1 ¦ الصفحة: 296 بحيث لو أدخلت قطنة خرجت بيضاء، فذلك محل الخلاف. فهذا ضبط جلي مرضي. وفات ذلك صاحب "النهاية"؛ فإنه ذكر (1) أن الأصحاب لم يذكروا في ذلك ضبطاً (2)، ومنتهى المذكور فيه (3) أن ما يعتاد تخلله بين دفع (4) الدم فهو من الفترات الملحقة بالحيض، وما يزيد على المعتاد في ذلك فهو على القولين جميعه من غير أن يستثنى قدر الفترة منه، ثم ضبط ذلك من عند نفسه، فذكر أن الحيض يجتمع في الرحم، ثم يدفعه الرحم شيئاً فشيئاً، فإن الرحم ليس منكَّساً في الخلقة حتى يسيل ما فيه دفعة واحدة، فإذا خرجت منه دفعة (5) من الفرج ثم انقطع بقدر ما تنتهي دفعة أخرى من الرحم إلى منفذ الفرج فذلك مقدار الفترة، والزائد على ذلك هو النقاء الذي فيه القولان. هذا شرح ما قاله، ويتجه مخالفته في استثناء قدر الفترة من النقاء الزائد عليها على مقتضى الضبط الأول (6)، والله أعلم. قوله: "فالعادة لا تؤثر في ترك العبادة مع النقاء، ولهذا إذا استحيضت هذه لم تلتقط أيام الحيض من دورها حتى يتخللها أيام (7) الطهر على قول التلفيق أيضاً" (8) هذا كلام مشكل، وتفسيره مع تقريره: أن ترك العبادة لا يثبت بالعادة   (1) انظر: نهاية المطلب 1/ ل 188 / ب. (2) في (أ): ضبطاً بيناً. وهي غير موجودة في النهاية. (3) سقط من (ب). (4) في (أ): ما يعتاد في ذلك دفع ... إلخ. (5) قوله: (واحدة ... منه دفعة) سقط من (ب). (6) انظر: فتح العزيز 2/ 541. (7) سقط من (أ). (8) الوسيط 1/ 502. وقبله: فرع: المبتدأة إذا انقطع دمها تؤمر بالعبادة في الحال، فإذا استمر التقطع ففي الدور الثالث لا تؤمر بالعبادة، وفي الدور الثاني يبنى على أن العادة هل تثبت بمرة واحدة أم لا؟ فيه وجهان غريبان: أحدهما: أنها تؤمر أبداً عند النقاء بالعبادة، ثم إن عاد الدم تبين البطلان، فالعادة لا تؤثر ... إلخ. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 297 مع النقاء (1)؛ لأن ذلك لو ثبت لكان (2) بناءاً على تقدير عود الدم بعده، والنقاء موجود حسَّاً، والأصل استمراره، ويلزم من هذا أن لا يثبت النقاء المتقطع بالعادة، ولأجل عدم ثبوت النقاء المتقطع بالعادة قال الأصحاب: لو استحيضت التي تقطع (3) دمها في زمان صحتها، واتصل دمها في استحاضتها من غير تقطع فإنا لا نلتقط في شهر الاستحاضة الأيام التي كانت ترى فيها الدم، ونجعل حيضها فيها، والأيام التي كانت ترى فيها النقاء نجعلها طهراً على قول التلفيق، ولا نقول قد ثبت لها النقاء المتقطع في ذلك بالعادة (4). وقوله "أيضاً" أتى بكلمة "أيضاً"؛ لأن الأول على قول ترك التلفيق، أي كما لم يثبت النقاء المتقطِّع بالعادة على قول ترك التلفيق، لا يثبت على قول التلفيق أيضاً , والله أعلم. قوله: "لو حاضت عشراً وطهرت خمس سنين، ثم كذلك مرات، ثم استحيضت، فلا نديم طهرها إلى هذا الحد، وعند هذا (يعسر) (5) ضبط مردًّ (6)، فقال (القفال) (7): غاية الدور تسعون يوماً: الحيض منها خمسة عشر فما دونها، والباقي طهر؛ لأنه اكتفي في عدة الآيسة بثلاثة أشهر، فلو تصوِّر   (1) في (ب): بالنقاء. (2) في (أ): لكان ذلك. (3) في (أ): ينقطع. (4) انظر: نهاية المطلب 1/ ل 186/ أ - ب، وراجع التنقيح ل 77/ أ، المطلب العالي 2/ ل 264/ أ. (5) زيادة من (أ) و (ب). (6) كذا في النسخ الثلاث، وفي متن الوسيط (مردِّ) وهو الصواب والله أعلم. (7) زيادة من (أ) و (ب). الجزء: 1 ¦ الصفحة: 298 أن يزيد الدور عليه لما اكتفي به. وهذا المتعلق (1) في هذا المضيق لا بأس به" (2) (هذا) (3) قد حكاه شيخه (4) وقال: "إن الشرع جعل عدة الآيسة ثلاثة أشهر، فكان أقرب معتبر". ولم يزد على هذا، وما زاده (5) صاحب الكتاب من قوله "لو تُصوِّر أن يزيد الدور عليه لما اكتفي به" غير مستقيم؛ فقد زاد الدور على ذلك قطعاً وحساً في غير المستحاضة كهذه التي صُوِّرت (6) المسألة فيها (7)؛ فإنها حاضت عشراً، وطهرت خمس سنين مراراً، فدورها خمس سنين وعشر. ثم إنا نتعجب من قول القفال هذا، كيف أثبت مثل هذا الحكم!؟ وقضى بحيض وطهر اعتباراً بالعدة التي يغلب في تفصيلها التعبد، ويلحظ في أصلها براءة الرحم، فأين الباب من الباب؟!، وأين ما يصحح القياس من جامع وغيره؟. والظاهر من إطلاق الأصحاب الحكم بأن المعتادة ترد في قدر حيضها وطهرها إلى عادتها (8): أنا نردها إلى ما تقدم من طهرها، وإن طال ودام سنين كثيرة، وقد صرَّح الشيخ أبو حامد الأسفراييني (9)، وغيره من أصحابنا (10) بذلك،   (1) في (أ): التعلق. (2) الوسيط 1/ 502 - 503. (3) زيادة من (أ) و (ب). (4) انظر: نهاية المطلب 1/ ل 187/ أ - ب. (5) في (أ): وما زاد. (6) في (ب): التي هي صورة. (7) سقط من (أ). (8) انظر مثلًا: مختصر المزني ص: 14، الحاوي 1/ 401، التعليقة للقاضي حسين 1/ 564. (9) انظر النقل عنه في: التنقيح ل 77/ ب. (10) من أصحابنا سقط من (أ). ونقله النووي في التنقيح الموضع السابق عن: المحاملي والمتولي. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 299 ولا بعد فيه (1)؛ فإن ذلك استحاضة وهي علة مزمنة، تمتد أمد دمها الفاسد، والحديث المعتمد في المعتادة (2) مطلق (3)، والله أعلم. قوله في المستحاضات: "وهن أربع" (4) ترك الخامسة وهي: المعتادة المميزة؛ استغناءً بذكره المعتادة، وبذكره المميزة على (5) ما سبق في الباب الثاني (6)؛ من أنها على وجهٍ: حكمها حكم المعتادة المجردة، وعلى وجهٍ: حكمها حكم المميزة، والله أعلم. قوله على قول التلفيق: "لو كانت تحيض نصف يوم، وتطهر نصف يوم، فتصلي في وقت النقاء، وتترك في وقت الحيض، ولا يبقى مع هذا التقدير: بأقل الحيض، وأقل الطهر، معنى" (7) هذا مندفع؛ فإنا لم نجعل ذلك حيضاً وطهراً، بل بعض حيض ويعض طهر، وإنما الحيض والطهر فيه - كل واحد منهما - القدر الذي قدرناه (8)، ولكن يفرق كل واحد منهما في الآخر، وإنما نفينا   (1) في (أ): في ذلك. (2) في (ب): العادة. (3) لعله يريد حديث أم سلمة في أنها استفتت لبعض المستحاضات فقال لها النبي - صلى الله عليه وسلم -: مريها فلتنظر عدد الأيام والليالي التي كانت تحيضهن من الشهر ... الحديث. انظر الكلام عليه في ص: 393. (4) الوسيط 1/ 505. (5) في (أ) و (ب): استغناءً بذكر المعتادة ويذكر المميِّزة مع ما سبق ... إلخ. (6) انظر: الوسيط 1/ 485. (7) الوسيط 1/ 504. (8) في الحيض يوم وليلة، وفي الطهر خمسة عشر يوماً. انظر: التعليقة للقاضي حسين 1/ 602، حلية العلماء 1/ 281، المجموع 2/ 375 - 376. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 300 ذلك في نصف يوم مقتصراً عليه (1)، والاعتماد على (2) الوجود، وهذا يوجد (3)، والله أعلم. قوله على قول التلفيق فيما إذا انقطع الدم على أقل (4) من يوم وليلة: "في وجوب الغسل وجهان: ... الثاني: يجب؛ لأنه دم في زمان إمكان الحيض فلتغتسل بناءاً على النقاء المشاهد" (5) وفي عدة نسخ: فلتقتصر، بدلاً من قوله: "فلتغتسل"، والصحيح فلتغتسل، و (6) معناه: أن النقاء بعد دم يحكم بكونه دم حيض (7) يوجب الغسل، وهذا الخلاف إنما هو في الانقطاع الأول (8)، فإذا تكرر الانقطاع ففيه ما سبق قريباً في (9) الاعتماد على العادة (10) في التقطع (11)، والله أعلم. قوله عقيب الصورة الثالثة من مسائل المعتادة: "هذا (12) كلام في الدور الأول من استحاضة (13) ذات التلفيق. أما الدور الثاني: فإن انطبق فيه الدم   (1) لأن الشرط أن يبلغ مجموع الدم يوماً وليلة. انظر: الوسيط 1/ 501، فتح العزيز 2/ 544. (2) سقط من (أ). (3) انظر: المطلب العالي 2/ ل 269/ ب. (4) سقط من (ب). (5) الوسيط 1/ 504. (6) سقط من (ب). (7) في (ب): بكونه حيضاً. (8) انظر: التنقيح ل 78/ أ. (9) في (أ): من. (10) على العادة: سقط من (أ). (11) انظر: ص: 411. (12) سقط من (ب). (13) (أ): الاستحاضة. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 301 على أول الدور على ترتيبه في الأول لم يختلف الحكم، وإن اقتضى تعاقب الحالين تراخي الدم عن أول الدور الثاني، فيتعدَّى فيه (1) نظر أبي إسحاق (2) إلى أول الدور، ونظر الأصحاب إلى الدم، وبيانه بصور ذكرناها في المذهب" (3) فقوله "هذا كلام" ليس إشارة إلى المذكور في الصورة الثالثة فحسب، بل إليها وإلى غيرها من الصور المذكورة (4). ومثال ما ذكره من انطباق الدم على أول الدور الثاني: ما إذا كانت ترى يوماً دماً، ويوماً نقاءً. ومثال انطباق النقاء على أول الدور الثاني: ما إذا كانت ترى يومين دماً، ويومين نقاءً. وهذا مما ذكره من الصور الثلاث (5)، لكن لم (6) يتعرض إلا لحكمها في الدور الأول دون الثاني. ومن أمثلة ذلك من (7) الصور التي ذكرها في "البسيط" (8)، ومن "النهاية نقلها (9):   (1) سقط من (ب). (2) هو أبو إسحاق إبراهيم بن أحمد المروزي، من أجل فقهاء الشافعية، تفقه على ابن سريج، وقام بنشر مذهب الشافعي في العراق وسائر الأمصار، وإليه انتهت رئاسة العلم ببغداد، ثم انتقل إلى مصر، وتوفي بها سنة 340 هـ، وله شرح على مختصر المزني، قال النووي: وحيث أطلق أبو إسحاق في المذهب فهو المروزي. انظر ترجمته في: تهذيب الأسماء 2/ 175، طبقات الأسنوي 2/ 375، الذيل على طبقات ابن الصلاح 2/ 699. (3) الوسيط 1/ 507. والصورة الثالثة هي: إذا كانت تحيض يوماً وليلة، وتطهر تسعة وعشرين، فاستحيضت في دور فكانت ترى يوماً دماً وليلة نقاءً، وهكذا .... (4) انظر: التنقيح ل 78 / ب، المطلب العالي 2/ ل 275/ ب. (5) في (د) و (أ): الثلاثة، والمثبت من (ب). (6) في (أ): لكن كذا لم. (7) في (أ): في. (8) انظره: 1/ ل 71/ ب. (9) انظر: نهاية المطلب 1/ ل 191/ ب. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 302 لو كانت عادتها أن تحيض عشراً، وتطهر عشرين، فاستحيضت وتقطع دمها ستاً ستاً، فإن الدور الثاني ينطبق (1) على أوله (2) ستة النقاء، فأبو إسحاق يحمله (3) على الأولية ويقول: قد خلا من العشر الأول ستة عن الدم، فتقتصر على تحيضها الأربعة الباقية التي رأت فيها الدم من العشر. وغيره من الأئمة لا يبالي بفوات الأولية، ويجعل ابتداء دورها الثاني من السابع، ويلحق ستة النقاء الأولى بالدور الأول، ويقول: صارت ستة وثلاثين يوماً. ثم إن فرَّعنا على ترك التلفيق، اقتصرنا على تحييضها ستة ولاءً من أول السابع، وإن فرَّعنا على (4) التلفيق أما مع مجاوزة أيام العادة من الخمسة عشر على وجه، وأما من العشرة من غير مجاوزة (5) العادة على ما تقدم شرحه على وجه، فيحسب ابتداء العشرة، أو الخمسة عشر من أول السابع (6)، والله أعلم. و (7) قوله "المذهب البسيط" عبارة خراسانية - ويسمون نهاية المطلب: "المذهب (8) الكبير" - أي كتاب المذهب البسيط، والله أعلم. ذكر أن المبتدأة إذا تقطَّع (9) دمها: فيوماً دماً، ويوماً نقاءً، فهي في الدور الأول تصوم وتصلي في أيام النقاء إلى خمسة عشر، فإذا تجاوز ذلك بان أنها   (1) في (أ): منطبق. (2) في (د): أول، والمثبت من (أ) و (ب). (3) في (د): يحمل، والمثبت من (أ) و (ب). (4) قوله: (ترك التلفيق - فرَّعنا على) سقط من (أ). (5) في (ب): مجاوزة أيام. (6) انظر: المطلب العالي 2/ ل 277/ أ - ب. (7) سقط من (ب). (8) سقط من (أ). (9) في (أ): انقطع. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 303 مستحاضة، وفي مردها قولان: أحدهما: أنه يوم وليلة، ثم إذا وقع ذلك في شهر رمضان فلا يلزمها إلا قضاء تسعة أيام؛ لأنها صامت سبعة في أيام النقاء من جملة الشطر الأول، ولولا ذلك النقاء لما لزمها إلا ستة عشر، فإذا احتسبنا سبعة منها بقي تسعة (1). هذا فيه سهو أو (2) طغيان من القلم في ثلاثة مواضع منه: أولها: في قوله "قضاء تسعة أيام" وصوابه: ثمانية أيام (3)؛ فإنها هي أيام الدم من الخمسة عشر (4) يوماً، وإذا احتسبنا منها سبعة (5) النقاء والصيام بقي منها ثمانية لا تسعة. والثاني: قوله "ولولا ذلك لما لزمها إلا (6) ستة عشر (7) " وإنما (8) صوابه: إلا خمسة عشر (9)؛ لأن الكلام مفروض فيما إذا كانت ترى يوماً دماً، ويوماً نقاءً فليس فيه احتمال طرآن الدم في بعض يوم. و (10) الثالث: في قوله "بقي منها تسعة" إنما بقى (11) منها ثمانية كما بيناه (12). ولا يحتاج هذا إلى   (1) انظر: الوسيط 1/ 507 - 508. (2) في (ب): و. (3) قد أثبت محقق الوسيط علي محيي الدين وجود نسخ أخرى للوسيط فيها الصواب في المواضع الثلاثة، وهو الذي أثبته في متن الوسيط. انظر: حاشية رقم (5) 1/ 507. (4) سقط من (ب). (5) في (أ): سبعة أيام. (6) في (ب): إلا قضاء. (7) في (أ) و (ب): ستة عشر يوماً. (8) سقط من (أ). (9) في (ب): خمسة عشر يوماً. (10) سقط من (ب). (11) في (أ) و (ب): يبقى. (12) راجع: التنقيح ل 78/ ب، المطلب العالي 2/ ل 277/ ب. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 304 الاستشهاد بما (1) في "التهذيب" وغيره من صواب ذلك؛ فإن الأمر فيه أوضح من ذلك (2) , والله أعلم. قوله: "وقد (3) نصَّ الشافعي - رحمه الله - في موضع على (لزوم) (4) قضاء الصوم (5) كله" (6) يعني قضاء (صوم) (7) النصف الأول، وفيما ذكره بعده من الخلاف في أصله ومبناه (8) ما يدل على ذلك. وقول أبي زيد (9): "إن أصله أنها على قول التلفيق مترددة فيما صامته منه في أيام النقاء السبعة (10)؛ لاحتمال كونها حائضاً في أيام النقاء على قول عدم التلفيق، فكان على القولين اللذين في مسألة الخنثى المذكورة" (11). هذا إنما يستقيم في الدور   (1) سقط من (أ). (2) هذا فيه تعريض بالإمام الرافعي حيث استشهد بالتهذيب وغيره على ذكر الصواب فيها. انظر: فتح العزيز 2/ 566، وراجع: الإبانة ل 26/ ب، التهذيب ص: 347. (3) في (أ): وفي. (4) زيادة من (أ) و (ب). (5) في (أ): الحوائج. (6) الوسيط 1/ 508. وانظر نصَّ الشافعي في الأم 1/ 142 - 143. (7) زيادة من (أ) و (ب). (8) في (أ): بناه. وقد قال الغزالي: "واختلف في أصله قال القفال: أصله أن المبتدأة فيما وراء المردَّ هل يلزمها الاحتياط إلى خمسة عشر أم لها حكم الطاهرات؟ فنصُّ الشافعي - رضي الله عنه - تفريع على الاحتياط ... إلخ الوسيط 1/ 508، وانظر: نهاية المطلب 1/ ل 193/ ب، البسيط 1/ ل 72/ ب. (9) انظر قوله في: الإبانة ل 26/ ب، نهاية المطلب 1/ ل 193/ ب، البسيط 1/ ل 72/ ب. (10) في (ب): التسعة. (11) في (ب): المذكور. وهي إذا اقتدى رجل في صلاته بخنثى فهو مأمور بقضاء الصلاة لجواز أن يكون الخنثى امرأة، فلو لم يقضها حتى تبين أن الخنثى رجل، ففي وجوب القضاء والحالة هذه قولان, لأنه كان متردداً في الأداء فكذلك في هذا المقام يحتمل أن تكون هي حائضاً على قول ترك التلفيق. انظر: المراجع السابقة. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 305 الأول فإنه: يختص بالتردد والتوقف المذكور، والشافعي طرد القولين في قضاء الصوم في الشهور كلها (1). فالوجه بناء القولين على ما ذكره القفال. نعم ما ذكره أبو زيد يوجب إجراء القولين في الدور الأول، وإن قلنا: إن المبتدأة فيما وراء مردها غير مأمورة (2) بالاحتياط (3)، والله أعلم. قوله: "المستحاضة الثالثة: المميزة: وهي التي ترى يوماً دماً قوياً، ويوماً دماً ضعيفاً" (4) هذه (5) ليست منحصرة في النوع الذي ذكر مثاله، وليس يشترط فيها التقطع بين القوي والضعيف، بل تكون مميزة بدون ذلك بأن ترى يوماً دماً قوياً , ويوماً نقاءً، ولم يجاوز (القوي الخمسة (6) عشر، ثم تجاوزها) (7) الضعيف أما متقطعاً، وإما غير متقطع (8)، والله أعلم. ذكر في المتحيرة التي تقطع دمها يوماً فيوماً، أنها على قول السحب إذا أمرناها بالاحتياط فحكمها حكم من أطبق الدم عليها، ثم قال: "وإنما تفارقها في أنا لا نأمرها بتجديد الوضوء في وقت النقاء (9)، ولا نأمرها بتجديد الغسل" (10) هذا   (1) انظر: نهاية المطلب 1/ ل 193/ ب. (2) في (أ): مأمور. (3) انظر: نهاية المطلب الموضع السابق. (4) الوسيط 1/ 508. (5) في (أ): هذا. (6) في (أ): عن خمسة. (7) ما بين القوسين زيادة من (أ) و (ب). (8) انظر: التنقيح ل 78/ ب. (9) سقط من (ب). (10) الوسيط 1/ 509. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 306 مستدرك عليه؛ فإنه يستدعي أن المتحيرة عند انطباق الدم مأمورة بتجديد الوضوء حتى تكون هذه مفارقة لها في ذلك، وليست تلك مأمورة بتجديد الوضوء (وإنما تؤمر بتجديد) (1) الغسل، فكان ينبغي أن يقول: تفارقها في الأمر بتجديد الغسل، وكذلك لا تؤمر بتجديد الوضوء، أو نحو ذلك (2)، والله أعلم.   (1) ما بين القوسين زيادة من (أ) و (ب). (2) قال النووي: "وهذا الإنكار فاسد؛ فإن المتحيرة المطبقة تؤمر بتجديد الوضوء أيضاً في كل وقت لا يحتمل انقطاع الدم فيه بأن قالت: أعلم أن حيضي كان ينقطع عند غروب الشمس، فإنها تؤمر بتجديد الغسل كل يوم عقب غروب الشمس، وتؤمر بتجديد الوضوء في باقي الصلوات ... " التنقيح ل 79/ أ. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 307 ومن الباب السادس في النفاس قوله في التفريع على أن الحامل تحيض: "لو حاضت خمستها وولدت قبل أن تطهر خمسة عشر يوماً، فما بعد الولد نفاس، ونقصان الطهر قبله لا يقدح فيه. أما تلك الخمسة فهل ينعطف عليها؟ الأصح أنه لا ينعطف (1) عليها" (2) معناه لا ينعطف نقصان الطهر على الخمسة بالإفساد، وإخراجها عن كونها حيضاً، وسمي (3) ذلك انعطافاً لكونه أمراً طرأ بعدها، والله أعلم. ما ذكر من أن (4) المعتادة في النفاس المستحاضة ترد إلى عادتها في النفاس ثم ما بعدها دم فساد إلى (5) أن تعود إلى أدوارها في الحيض، وتكمِّل بعد عادتها طهرها (6) المعتاد (7). فقوله "تكمِّل طهرها (8) المعتاد" معناه (9): تجعل زمان (10) دمها فيه (11) دم فساد كما قال أولًا، وهذا إذا كانت لها عادة في الحيض، فلو كانت   (1) في (أ): أنها لا تنعطف. (2) الوسيط 1/ 511 - 512. وقبله: ولا شك أن الحامل قد ترى الدم على أوان الحيض، وهل له حكم الحيض؟ فيه قولان مع القطع بأنه لا يتعلق به مضي العدة. فإن قلنا: إنه حيض فلو كانت تحيض خمسة، وتطهر خمسة وعشرين، فحاضت خمستها ... إلخ (3) في (أ): يسمى. (4) سقط من (ب). (5) في (ب): وإلى. (6) في (د): طهراً، وهو خطأ، والمثبت من (أ) و (ب). (7) انظر: الوسيط 1/ 513. (8) في (د): طهراً، وهو خطأ، والمثبت من (أ) و (ب). (9) سقط من (ب). (10) في (د) و (ب): زمانه، والمثبت من (أ). (11) في (ب): فيه دمها، بالتقديم والتأخير، وهو لا يستقيم. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 308 مبتدأة في الحيض ردت في طهرها بعد عادتها في النفاس إلى ما يجعل طهراً للمبتدأة، ويجعل دمها في أيامه دم فساد، ثم تتحيض حيض المبتدأة على ما سبق في فصلها من الخلاف في مقدار حيضها وطهرها (1)، والله أعلم. قوله في (2) المستحاضة المبتدأة: "قال (3) المزني: ترد المبتدأة إلى أكثر النفاس. وهو تحكم" (4) ليس هذا مما يستحق أن يقال فيه: إنه تحكم، وهذا معدود وجهاً في المذهب، حكاه كذلك الشيخ أبو حامد الأسفراييني (5)، وغيره (6) وذكروه مطلقاً في المبتدأة والمعتادة، وحكاه صاحب "الشامل" عن المزني أيضاً مطلقاً (7)، وتوجيهه والفرق بين في النفاس والحيض: أن ثبوت النفاس في مبدئه يقين، أو هو في ذلك أقرب إلى اليقين من الحيض, لأنه لا معنى للنفاس إلا الدم الخارج بعد الولادة، فلا يزول عنه إلا بيقين. أو (8) إنما هو قريب من اليقين وهو مجاوزة منتهاه وأكثره، بخلاف الحيض. وفيه وجه ثالث (9) وهو: أن الستين نفاس وما بعده حيض؛ لأنهما مختلفان فلا يشترط بينهما طهر فاصل، والله أعلم.   (1) انظر: الوسيط 1/ 480 - 481، وراجع التنقيح ل 80/ أ، المطلب العالي 3/ ل 2/ أ. (2) سقط من (ب). (3) في (ب): وقال. (4) الوسيط 1/ 513. (5) انظر النقل عنه في: المجموع 2/ 531. (6) انظر: المجموع الموضع السابق فقد حكاه عن صاحب العدة، وراجع: المطلب العالي 3/ ل 3/ أ - ب. (7) انظر النقل عنه في: المطلب العالي 3/ ل 3/ ب. (8) في (د): و، والمثبت من (أ) و (ب). (9) وبه قال أبو الحسن ابن المرزباني. انظر: المجموع 2/ 530. أما الوجه الأول - وهو الأصح - فهو: أن دم النفاس إذا جاوز الستين فهو كالحيض إذا جاوز الخمسة عشر في الرد إلى التمييز إن كانت مميزة، أو إلى العادة إن كانت معتادة غير مميزة، أو إلى الأقل أو الغالب إن كانت مبتدأة غير مميزة. والوجه الثاني: هو أن جميع الستين نفاس والزائد عليها استحاضة. وانظر: فتح العزيز 2/ 586. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 309 قوله: "فرع: المميزة إذا رأت يوماً وليلة سواداً، ثم استمرت الحمرة سنة فصاعداً، فقياس التمييز أنها طاهرة في الجميع، ويحتمل أن لا تخلو كل تسعين يوماً من حيض تلقياً (1) مما ذكره القفال" (2) هذا فرع دخيل ههنا، إنما هو من مسائل الحيض ذكره شيخه (3)، وهو ههنا , ولهذا قال يوماً وليلة سواداً ليكون ذلك أقل الحيض، ونرى أن سبب العدول عن تصويره في النفاس إلى تصويره في الحيض: أن المحذور من طول الطهر لا يوجد في (4) النفاس؛ لأنها بعد النفاس ترد إلى أدوار الحيض كما ذكرناه قريباً (5)، ولعل سبب التردد في إلحاق ذلك بمسألة القفال: أن مستند تطويل الطهر هناك (6) - لو ثبت - عادة تقدمت وتصرَّمت، ومستنده ههنا التمييز وانقلاب الدم القوي إلى الضعيف، وهو بمنزلة انقطاعه، ولهذا ثبتت به العادة في الحيض كما يثبت بالانقطاع، وتطويل الطهر آماداً ممتدة بانقطاع الدم ثابت قطعاً (7)، والله أعلم. ذكر فيما إذا انقطع الدم على النفساء فولدث فرأت دماً، ثم انقطع خمسة عشر يوماً، ثم عاد الدم في الستين، فالعائد نفاس أو حيض؟ فيه وجهان: فإذا قلنا: إن العائد نفاس، وراعينا (8) ترك التلفيق، فالأشهر أن مدة النقاء حيض   (1) في (أ): تعليقا. (2) الوسيط 1/ 513 - 514. (3) انظر: نهاية المطلب 1/ ل 202/ ب. (4) في (أ): بعد. (5) انظر: 1/ 308. (6) في (ب): ههنا. (7) انظر: التنقيح ل 80/ أ. (8) في (أ) و (ب): ورأينا. وهو موافق للمتن. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 310 وإن بلغ خمسة عشر (1). فقوله "حيض" كذا وقع (2) في "الوسيط"، و"البسيط" (3)، وفي أصلهما "نهاية المطلب" (4)، وصوابه: أنه نفاس؛ فإنه (5) بين دمي نفاس (6)، وهذا لا ريب فيه، وأحسبهما عبَّرا بالحيض عن النفاس (7) تساهلاً، وتجوُّزاً من حيث إن النفاس كما قيل: هو الحيض المجتمع زمان الحمل (8)، وذلك وإن كان بعيداً لفظاً لا سيَّما في هذه المسألة التي مبناها على الفرق بين الحيض والنفاس، فيقرِّبه أنه يبعد اجتماع هذه الكتب على الغلط، وقد صحَّ التعبير بصيغة النفي عن (9) الإثبات، وبلفظ أحد الضدين عن الضد الآخر، على ما عرفت شواهده في كتاب الله تعالى وغيره (10)، اعتماداً على   (1) انظر: الوسيط 1/ 514، فتح العزيز 2/ 600، روضة الطالبين 1/ 286. (2) في (ب): وقع هكذا. (3) في (أ): البسيط والوسيط، بالتقديم والتأخير، وانظر البسيط: 1/ ل 75/ ب. (4) انظره 1/ ل 203/ أ - ب. (5) في (أ): لأنه خانة. (6) انظر: التنقيح ل 80/ ب. (7) في (ب): عن الحيض بالنفاس. (8) انظر: المهذب 1/ 45. (9) في (د): على، والمثبت من (أ) و (ب). (10) مثال التعبير بصيغة النفي عن الإثبات من القرآن قوله تعالى {لَا أُقْسِمُ بِيَوْمِ الْقِيَامَةِ} {لَا أُقْسِمُ بِهَذَا الْبَلَدِ} أي أقسم بيوم القيامة، وبهذا البلد. انظر: تفسير القرطبي 19/ 60. ومثاله من غير القرآن قول الشاعر: تذكرت ليلى فاعترتني صبابة ... فكاد صميم القلب لا يتقطع ومثال التعبير بأحد الضدين عن الضد الآخر من القرآن: قوله تعالى {وَجَعَلَ لَكُمْ سَرَابِيلَ تَقِيكُمُ الْحَرَّ} سورة النحل الآية [81] أي تقيكم الحر والبرد. انظر: التسهيل لابن جزيء 2/ 159، فتح القدير للشوكاني 3/ 265، أضواء البيان للشنقيطي 3/ 298. ومثاله من غير القرآن قول الشاعر: وما أدري إذا يممَّت أرضاً ... أريد الخير أيهما يلِيني أالخير الذي أنا أبتغيه ... أم الشر الذي هو يبتغيني وانظر تفسير القرطبي 10/ 106. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 311 علم المخاطب بالمراد، لعلمه بأن المتكلم غير غالط. فهذا عذر لطيف دقيق وجدناه لهما - والعلم عند الله تبارك وتعالى - بعد أن كدنا نقضي عليهما بالسهو أو طغيان القلم. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 312 الصندوق الخيَري لِنَشر البُحوثِ وَالرسَائِل العلمية (23) الدرَاسَات الفِقهيَّة (18) شَرحُ مشكِل الوَسِيطِ لأبي عمرو عثمان بن عبد الرحمن الشهرزوري ابن الصَّلاح (ت/ 643 هـ) دراسة وتحقيق د. عبد المنعم خليفة أحمد بلال المجلد الثاني دار كنوز إشبيليا للنشر والتوزيع الجزء: 2 ¦ الصفحة: 1 بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 2 شرح مشكل الوسيط [2] الجزء: 2 ¦ الصفحة: 3 ح دار كنوز إشبيليا للنشر والتوزيع الرياض 1432 هـ فهرسة مكتبة الملك فهد الوطنية أثناء النشر ابن الصلاح، عثمان بن عبد الرحمن شرح مشكل الوسيط/ عثمان بن عبد الرحمن ابن الصلاح؛ عبد المنعم خليفة أحمد بلال الرياض 1432 هـ. 432؛ صفحة 17×24 سم ردمك: 7 - 21 - 701 - 9960 (مجموعة) 6 - 26 - 701 - 9960 (ج 2) 1. الفقه الشافعي أ - بلال عبد المنعم أحمد خليفة (محقق) ب. العنوان ديوي 258.3 80/ 1427 رقم الإيداع: 80/ 1427 ردمك: 7 - 21 - 701 - 9960 (مجموعة) 6 - 26 - 701 - 9960 (ج 2) ساعد على نشره ليباع بسعر التكلفة س هذه الطبعة بدعم من مؤسسة سليمان بن عبد العزيز الراجحي الخيرية جزاهم الله خيراً جميع الحقوق محفوظة الطبعة الأولى 1432 هـ - 2011 م دار كنوز إشبيليا للنشر والتوزيع المملكة العربية السعودية ص. ب 27261 الرياض 11417 هاتف: 4914776 - 4968994 فاكس: 4453203 E- mail: eshbelia@hotmail.com الجزء: 2 ¦ الصفحة: 4 ومن (1) كتاب الصلاة قوله: "قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: بني الإِسلام على خمس .... وقال: الصلاة عماد الدين" (2) فالأول حديث معروف متفق على صحته (3). والثاني غير معروف ولا صحيح (4)، والله أعلم. قوله: "الأول في (5) وقت الرفاهية للصلوات (6) الخمس" (7) فالرفاهة والرفاهية   (1) سقط من (أ). (2) الوسيط 2/ 541. وقبله: كتاب الصلاة: قال الله تعالى: {وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ} وقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: (بني الإِسلام على خمس .... ). (3) انظر: صحيح البخاري - مع الفتح - كتاب الإيمان, باب دعاؤكم إيمانكم 1/ 64 رقم (8)، وصحيح مسلم - مع النووي - كتاب الإيمان, باب أركان الإِسلام ودعائمه العظام 1/ 177. (4) رواه البيهقي في شعب الإيمان 3/ 39 رقم (2807) من حديث قتادة عن عكرمة عن عمر، ثم قال: "قال: أبو عبد الله: عكرمة لم يسمع من عمر، أظنه أراد عن ابن عمر". قال النووي في التنقيح ل 81/ أ: "هذا حديث منكر باطل". قال الحافظ ابن حجر: "قال النووي في التنقيح: هو منكر باطل. قلت: وليس كذلك، بل رواه أبو نعيم شيخ البخاري في كتاب الصلاة ... وهو مرسل رجاله ثقات". أهـ التلخيص الحبير 3/ 9. وروى الترمذي عن معاذ بلفظ قريب منه حيث قال: (كنت مع النبي - صلى الله عليه وسلم - في سفر ... فقلت: يا رسول الله أخبرني بعمل يدخلني الجنة ويباعدني من النار .... الحديث إلى أن قال: ألا أخبرك برأس الأمر كله وعموده، وذروة سنامه؟ قلت بلى يا رسول الله. قال: رأس الأمر الإِسلام، وعموده الصلاة". انظر جامع الترمذي كتاب الإيمان, باب ما جاء في حرمة الصلاة 5/ 13 رقم (2616) ثم قال: هذا حديث حسن صحيح. ورواه الإِمام أحمد في المسند 5/ 231 بلفظ: (رأس الأمر وعموده الصلاة). وراجع: تذكرة الأخيار ل40/ أ. (5) سقط من (ب). (6) في (د): للصلاة، والمثبت من (أ) و (ب)، وهو الموافق لمتن الوسيط. (7) الوسيط 2/ 543. وقبله: والنظر في الصلاة تحصره أبواب: الباب الأول: في المواقيت. وفيه ثلاثة فصول: الأول في وقت الرفاهية ... إلخ. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 5 بلا ياء، وبياء غير مشددة: الدعة والراحة (1). والمراد بهذا الكلام (2) وقت المترفِّه (3) الذي لا عذر له من سفر، وحيض، وصبى، وجنون، وغير ذلك (4) مما يأتي في الفصل الثاني إن شاء الله تعالى. قوله: "والأصل فيه ما روى (5) ابن عباس - رضي الله عنه - .... إلى آخره" (6) هذا حديث حسن أخرجه أبو داود (7)، والترمذي (8)، واحتج به الشافعي (9). إلا قوله   (1) في (أ) و (ب): وهي الدعة والراحة. وانظر: الصحاح 6/ 2232، القاموس المحيط 4/ 297. (2) سقط من (ب). (3) في (أ): الترفه. (4) انظر: التنقيح ل 81/ أ. (5) في (أ) و (ب): ما روي عن. (6) الوسيط 2/ 543. وهو حديث إمامة جبريل للنبي - صلى الله عليه وسلم - المشهور. وقبله: الفصل الأول: في وقت الرفاهية للصلوات الخمس: والأصل فيه .... إلخ (7) في سننه كتاب الصلاة، باب ما جاء في المواقيت 1/ 274 رقم (393). (8) في جامعه أبواب الصلاة، باب ما جاء في مواقيت الصلاة 1/ 278 رقم (149) وقال: "حديث حسن صحيح". وممن رواه كذلك: الشافعي في المسند ص: 362، وعبد الرزاق في المصنَّف 1/ 531، وابن أبي شيبة في المصنَّف 1/ 317، وأحمد في المسند 1/ 333، وابن خزيمة في صحيحه كتاب الصلاة 1/ 168 رقم (325)، والطحاوي في شرح معاني الآثار 1/ 147، والدارقطني في سننه 1/ 258، والحاكم في المستدرك 1/ 193 وقال: "صحيح"، والبيهقي في السنن الكبرى 1/ 535 رقم (1702)، والبغوي في شرح السنة 2/ 9 رقم (349) وقال: "هذا حديث حسن". قال النووي: "صحيح". المجموع 3/ 23، 27، ونقل الحافظ ابن حجر تصحيحه عن ابن العربي وابن عبد البر. انظر: التلخيص الحبير 3/ 6. (9) انظر: الأم 1/ 150. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 6 في آخره "وصلى الصبح حين كاد حاجب الشمس يطلع" فإنه غير صحيح فيه، إنما رووا فيه "أنه صلى الفجر حين أسفر" وبينهما تفاوت كثير (1)؛ فإن حاجب الشمس هو: شعاعها وضوؤها (2) المستعلي عليها، المتصل بها (3)، وما ذكره قد ورد معناه في حديث أبي موسى الأشعري ولفظه: "ثم (4) أخَّر الفجر (5) من الغد حتى انصرف (6) منها، والقائل يقول: قد (7) طلعت الشمس أو كادت". أخرجه مسلم في "صحيحه" (8). لكن لم يكن ذلك في إمامة جبريل - صلى الله عليه وسلم -، بل (9) في صلاة صلَّاها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بعد ذلك؛ إذ أتاه سائل فسأله عن مواقيت الصلاة. وفي إمامة جبريل - صلى الله عليه وسلم - أحاديث أخر عن جماعة من الصحابة غير حديث ابن عباس - رضي الله عنهم - (10).   (1) في (ب): وبينهما فرق كثير وتفاوت. (2) في (ب): هو شعاع ضوئها. (3) في (أ): المتنقل بها. وانظر: الصحاح 1/ 107، القاموس المحيط 1/ 69. (4) في (ب): في، وهو خطأ. (5) في (أ): الصبح. (6) في (أ): انصرفنا. (7) سقط من (ب). (8) انظره - مع النووي - كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب أوقات الصلوات الخمس 5/ 115 - 116. (9) سقط من (ب). (10) منها حديث أبي مسعود عند البخاري في كتاب المواقيت، باب مواقيت الصلاة وفضلها 2/ 5 رقم (521)، وعند مسلم في كتاب المساجد، باب أوقات الصلوات الخمس 5/ 107، وحديث جابر عند الترمذي في جامعه 1/ 281 رقم (150) وقال: "هذا حديث حسن صحيح غريب" ونقل عن البخاري تصحيحه, وحديث أبي هريرة، وأبي سعيد الخدري، وابن عمر في السنن الكبرى 1/ 535 والله أعلم. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 7 قوله في الزوال: "هو عبارة عن ظهور زيادة الظل في جانب المشرق" (1) الأمر في هذا على ما ذكره في الدرس: من أن الزوال يتحقق قبل ظهور زيادة الظل للحسِّ، ولكن لا يرتبط به التكليف؛ كيلا يكون تكليف ما لا يطاق (2)، والله أعلم. ثم (3) إن قوله: "ظهور زيادة الظل" إنما هو على الأغلب؛ فإنه قد لا يبقى للشخص وقت الزوال ظل أصلًا، فالزوال حينئذٍ يكون بظهور أصل الظل لا بزيادته (4)، لكن ذلك نادر، وقد (5) قيل: إنه لا يكون إلا في يوم واحد من السنة في بعض الأماكن (6). وفي "الحاوي" (7) أنه قيل: إن ذلك يكون في مكة في أطول يوم في السنة، وهو اليوم (8) السابع عشر من حزيران (9). والأثبت ما حكاه صاحب "الشامل" (10) عن أبي جعفر الراسبي (11) صاحب كتاب "المواقيت": أنه   (1) الوسيط 2/ 544. (2) في (د): يطيق، والمثبت من (أ) و (ب). وانظر المطلب العالي 3/ ل 20/ أ. (3) في (ب): ثم اعلم. (4) انظر: التعليقة للقاضي حسين 2/ 617، نهاية المطلب 1/ ل 204/ ب - ل 205/ أ، التهذيب ص: 363 - 364، فتح العزيز 3/ 7. (5) سقط من (ب). (6) كمكة وصنعاء. انظر: التعليقة للقاضي أبي الطيَّب 1/ ل 153/ أ، التعليقة للقاضي حسين 2/ 617 , المجموع 3/ 25. (7) 2/ 12. (8) في (أ): في. (9) اسم شهر بالرومية، وهو يقابل شهر يونيو بالأشهر الميلادية. انظر: الصحاح 2/ 629، القاموس المحيط 2/ 59. (10) انظر النقل عن صاحب الشامل في: المطلب العالي 3/ ل 20/ ب. وحكاه عن الراسبي كذلك القاضي أبو الطيَّب في تعليقته 1/ ل 153/ أ. (11) لم أهتد له على ترجمة، والله أعلم. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 8 قبل أن (1) ينتهي طول النهار بستة وعشرين يوماً لا يكون للشخص (2) فيء (3) بمكة عند الزوال، وكذلك (بعد) (4) ما ينتهي بستة وعشرين يوماً (5)، والله أعلم. ما ذكره من أن للعصر أربعة أوقات: وقت الفضيلة، ثم وقت الاختيار، ثم وقت الجواز من غير كراهة، ثم وقت الكراهة وهو عند اصفرار الشمس (6). ليس بالمشهور، وفيه إشكال من حيث إنه يقال: إن الكراهية (7) عند الاصفرار إنما هي بالنسبة إلى النوافل فلا يثبت بذلك وقت رابع للعصر نفسها, ولهذا أحال صاحب "النهاية" (8) في الاحتجاج لإثباته وقتاً رابعاً للعصر (على الأخبار التي ذكرها في باب الأوقات المكروهة. ولكن قد حكى جعله وقتاً رابعاً للعصر) (9) شيخه في "نهايته" عن أبي بكر الصيدلاني ووافقه عليه (10)، وحكى الترمذي في "جامعه" (11) - وناهيك به - عن الشافعي وغيره من العلماء كراهية (12) تأخير   (1) في (د): أنه، وهو خطأ، والمثبت من (أ) و (ب). (2) في (ب): للشمس. (3) الفيء: ما بعد الزوال من الظل. انظر: الصحاح 1/ 63، تهذيب الأسماء واللغات 3/ 1/ 194. (4) زيادة من (أ) و (ب). (5) عبارته على ما نقلها ابن الرفعة عن صاحب الشامل: أنه عند انتهاء النهار في الصيف لا يكون بمكة ظل لشيء من الأشخاص عند الاستواء ستة وعشرين يوماً قبل انتهاء الطول، وستة وعشرين يوماً بعد انتهائه. (6) انظر: الوسيط 2/ 544. (7) في (أ): الكراهة. (8) انظر: نهاية المطلب 1/ ل 206/ ب - ل 207/ أ. (9) ما بين القوسين زيادة من (أ) و (ب). (10) انظر: نهاية المطلب الموضع السابق. (11) 1/ 300. (12) في (أ): كراهة. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 9 العصر نفسها. ويشهد لذلك حديث أنس بن مالك في هذا، سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: (تلك صلاة المنافقين، يجلس أحدهم حتى إذا اصفرَّت الشمس فكانت بين قرني شيطان، (أو على قرني شيطان) (1)، قام فنقر أربعاً، لا يذكر الله تعالى فيها إلا قليلاً). هذا لفظ رواية أبي داود في "سننه" (2)، وهو أدلُّ من لفظ (3) رواية مسلم في "صحيحه" (4). وهذا كلام يفهم منه الذم لكل واحدة من الخصال المذكورة فتثبت (5) الكراهة في كل واحدة منها غير موقوفة على وجود مجموعها (6)، والله أعلم. حديث من أدرك ركعة من الصبح ... إلى آخره (7) مخرَّج في "الصحيحين" من رواية أبي هريرة - رضي الله عنه - (8).   (1) ما بين القوسين زيادة من (أ) و (ب) وهي في متن الحديث. (2) في كتاب الصلاة، باب في وقت صلاة العصر 1/ 288 - 289 رقم (413). ورواه بهذا اللفظ كذلك مالك في الموطأ - مع الزرقاني - 2/ 65 رقم (515)، وأحمد في المسند 3/ 185. (3) سقط من (أ)، وفي (ب): من رواية لفظ مسلم، بالتقديم والتأخير. (4) انظره - مع النووي - كتاب المساجد، باب استحباب التبكير بالعصر 5/ 123 ولفظه: (تلك صلاة المنافق يجلس يرقب الشمس حتى إذا كانت بين قرني شيطان قام فنقرها أربعاً، لا يذكر الله فيها إلا قليلاً). (5) في (أ): فثبتت. (6) في (أ): مجموعهما. (7) انظر الوسيط 2/ 545. وقبله: ودليل الزيادة على بيان جبريل قوله - عليه السلام - ... إلخ (8) انظر: صحيح البخاري - مع الفتح - كتاب المواقيت، باب من أدرك من الفجر ركعة 2/ 67 رقم (579)، وصحيح مسلم - مع النووي - كتاب المساجد، باب من أدرك ركعة من الصلاة فقد أدرك الصلاة 5/ 104. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 10 من الحامل على نفي الاشتراك بين صلاتي الظهر والعصر (1) في طرفي وقتيهما (2)، وتأويل قوله في حديث ابن عباس: (ثم صلى بي العصر حين كان (3) ظل كل شيء مثله. ثم قال: صلى بي من (4) الغد الظهر حين كان ظل كل شيء مثله): حديث عبد الله ابن عمرو بن العاص عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: (وقت صلاة الظهر إذا زالت الشمس ما لم تحضر العصر). خرَّجه مسلم في "صحيحه" (5)، والله أعلم. حديث (إذا أقبل الليل من ههنا (6)، وأدبر النهار من ههنا فقد أفطر الصائم) (7) مخرَّج في "الصحيحين" (8)، وغيرهما (9) من رواية عمر بن الخطاب - رضي الله عنه -   (1) قال الغزالي: "فإن قيل: صلى جبريل - عليه السلام - العصر في اليوم الأول حين صلى فيها الظهر في اليوم الثاني، فليثبت اشتراك بين الوقتين ... إلخ. الوسيط 2/ 545. (2) في (أ): وقتهما. (3) في (أ): صار. (4) في (د): صلى في الغد، وفي (ب): صلى بي الغد، والمثبت من (أ). (5) انظره - مع النووي - كتاب المساجد، باب أوقات الصلوات الخمس 5/ 112 - 113. (6) من ههنا: سقط من (ب). (7) الوسيط 2/ 546. وقبله: فأما المغرب فيدخل وقته بغروب الشمس، ويعلم في قلل الجبال بإقبال الظلام، وانهزام الضوء، وقال - عليه السلام - .... الحديث. (8) انظر: صحيح البخاري - مع الفتح - كتاب الصوم، باب متى فطر الصائم؟ 4/ 231 رقم (1954)، وصحيح مسلم - مع النووي - كتاب الصيام، باب وقت انقضاء الصوم وخروج النهار 7/ 209. (9) ممن رواه كذلك أحمد في المسند 1/ 48، والبيهقي في السنن الكبرى كتاب الصيام 4/ 364 رقم (8004). الجزء: 2 ¦ الصفحة: 11 (ونحوه من رواية عبد الله بن أبي أوفى (1). وفيه مخرَّج (2) في "الصحيحين" من رواية عمر - رضي الله عنه - زيادة) (3): (وغابت الشمس فقد أفطر الصائم) قلت: هذا (4) الجمع بين الجميع للإشعار بأن غيبوبة الشمس عن الأعين مجردة عن إقبال الظلام وإدبار الضياء لا يكفي؛ فإنها قد تغيب عن الأعين من غير أن تغيب بالكلية، وبالأمرين الآخرين يعرف غيبتها بالكلية (5)، والله أعلم. قوله في وقت المغرب: "فيه قولان: أحدهما: أنه يمتد إلى غروب الشفق، وإليه ذهب أحمد (6)؛ لما روي أنه - صلى الله عليه وسلم - صلى المغرب عند اشتباك النجوم" (7) هذا الحديث غير معروف، ولا ثابت (8)، وإنما المعروف حديث أبي أيوب   (1) هو عبد الله بن أبي أوفى واسم أبي أوفى علقمة بن خالد بن الحارث الأسلمي أبو معاوية، وقيل غير ذلك، صاحب رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، ومن أهل بيعة الرضوان، وآخر من مات من الصحابة بالكوفة توفي سنة 86 هـ وقيل: غيرها، روى له عن النبي - صلى الله عليه وسلم - (95) حديثاً، وقد روى حديثه الجماعة. انظر ترجمته في: تهذيب الأسماء 1/ 261، السير 3/ 428، البداية والنهاية 9/ 81. وانظر حديثه في صحيح البخاري - مع الفتح - كتاب الصوم، باب متى فطر الصائم؟ 4/ 231 رقم (1955)، وصحيح مسلم - مع النووي - كتاب الصيام، باب وقت انقضاء الصوم وخروج النهار 7/ 209. (2) كذا في (أ) ولعل الصواب: وفي المخرَّج. (3) ما بين القوسين زيادة من (أ). (4) في (أ): فيكون هذا ... إلخ (5) انظر: فتح الباري 4/ 231 - 232. (6) في (ب): بن حنبل. وانظر: المغني 2/ 24، الإنصاف 1/ 434، الروض المربع 1/ 63. (7) الوسيط 2/ 546. (8) قال النووي في المجموع 3/ 35: "باطل لا يعرف ولا يصح". وقال في التنقيح ل 82/ أ: "هذا غريب ضعيف منكر". أهـ وقد رواه أبو نعيم بهذا اللفظ في كتاب الصلاة من قول عمر - رضي الله عنه - "أنه أرسل إلى أمراء الأمصار أن لا تصلوا المغرب حتى تشتبك النجوم". انظر: تذكرة الأخيار لابن الملقن ل 41/ ب. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 12 الأنصاري (1) أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: (لا تزال أمتي بخير، أو قال: على الفطرة ما لم يؤخروا المغرب إلى أن تشتبك النجوم). أخرجه أبو داود (2)، وروي نحوه من حديث العباس بن عبد المطلب (3)، وغيره (4). ثم إن هذا القول مع ذلك هو الصحيح جزماً، وإن كان الثاني (5) هو المعتمد المعروف عند جماهير أئمة المذهب (6)، والمشهور عن (7) صاحب المذهب (8)، حتى قال الشيخ أبو حامد:   (1) هو أبو أيوب خالد بن زيد بن كليب الأنصاري الخزرجي من بني مالك ابن النجار البدري، شهد العقبة وجميع المشاهد مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وهو الذي نزل عليه النبي - صلى الله عليه وسلم - حين قدم المدينة مهاجراً، وأقام عنده حتى بنيت حجره ومسجده، روى له عن النبي - صلى الله عليه وسلم - (150) حديثاً، وروى حديثه الجماعة. انظر ترجمته في: الجرح والتعديل 3/ 331، تهذيب الأسماء 2/ 177، السير 2/ 402، الإصابة 3/ 56. (2) في سننه كتاب الصلاة، باب في وقت المغرب 1/ 291 رقم (418)، ورواه كذلك الإِمام أحمد في المسند 4/ 147، 5/ 417، 422، وابن خزيمة في صحيحه في كتاب الصلاة 1/ 174 رقم (339)، والحاكم في المستدرك 1/ 190 - 191 وقال: "هذا حديث صحيح على شرط مسلم ولم يخرِّجاه". وقال النووي: "حديث حسن". المجموع 3/ 35. (3) روى حديثه ابن ماجه في سننه كتاب الصلاة، باب وقت المغرب 1/ 225 رقم (689) قال البوصيري في مصباح الزجاجة 1/ 244: "إسناده حسن". وقال النووي: "إسناده جيد". المجموع 3/ 35. ورواه كذلك ابن خزيمة في صحيحه الموضع السابق برقم (340)، والحاكم في المستدرك 1/ 19 وقال: "صحيح الإسناد". (4) روى الإِمام أحمد في المسند 3/ 449، والطبراني في المعجم الكبير 7/ 182 رقم (6671) عن السائب بن يزيد أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: (لا تزال أمتي على الفطرة ما صلوا المغرب قبل طلوع النجم). قال الهيثمي في مجمع الزوائد 2/ 54: "رجاله موثقون". (5) وهو: أنه إذا مضى بعد الغروب وقت وضوء، وأذان، وإقامة، وقدر خمس ركعات، فقد انقضى الوقت. انظر: الوسيط 2/ 547. (6) انظر: الحاوي 2/ 20، التعليقة للقاضي حسين 2/ 620، الإبانة ل 28/ أ، المهذب 1/ 52، التنبيه ص: 25 - 26. (7) في (أ): عند. (8) انظر: الأم 1/ 154، مختصر البويطي ل 5/ ب. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 13 "إنه لا يعرف غيره عن الشافعي" (1). فقد ثبت بأحاديث صحيحة أن وقت المغرب يمتد إلى غروب (2) الشفق، وهذا هو الصحيح عند طائفة من الأصحاب منهم: الزبيري (3)، وابن المنذر (4)، والفقيه الحافظ أبو بكر البيهقي (5)، وصاحب "التهذيب" (6)، واختاره صاحب الكتاب في الدرس (7)، وهو أحد قوليه في القديم، نقله أبو ثور عن الشافعي (8)، وعلق الشافعي في "الإملاء" القول به على ثبوت الحديث به (9)، وقد ثبت فيه أحاديث خرَّجها مسلم في "صحيحه" (10) من رواية أبي موسى الأشعري، وبريدة بن الحصيب (11)، وعبد الله بن عمرو بن   (1) لم أقف على قوله هذا فيما بين يدي من مصادر، لكن قال القاضي أبو الطيب في تعليقته 1/ ل 155/ ب قولًا قريباً من قول أبي حامد إذ قال: "ظاهر مذهبنا أن للمغرب وقتاً واحداً، وعلى ذلك نصَّ الشافعي في كتبه"، ونقله ابن الرفعة في المطلب العالي 3/ ل 33/ ب عن البندنيجي وابن الصبَّاغ. (2) في (د): وقت، وهو خطأ، والمثبت من (أ) و (ب). (3) انظر النقل عنه في: التعليقة للقاضي أبي الطيِّب 1/ ل 155/ ب، التنقيح ل 82/ أ. (4) انظر: الأوسط له 2/ 335. (5) انظر: معرفة السنن والآثار 1/ 404 - 407. (6) انظر: التهذيب ص: 366. (7) انظر: النقل عنه في: المجموع 3/ 30، وقد صرَّح باختياره في إحياء علوم الدين 1/ 229. (8) انظر: الحاوي 2/ 19 - 20، التعليقة للقاضي أبي الطيَّب 1/ ل 155/ ب. (9) سقط من (ب). وانظر: السنن الكبرى 1/ 544، المجموع 3/ 30. (10) انظره - مع النووي - كتاب المساجد، باب أوقات الصلوات الخمس 5/ 109 - 116. (11) هو بريدة بن الحصيب الأسلمي أبو سهل، وقيل غير ذلك، سكن البصرة ثم مرو ومات بها سنة 62 هـ، وهو آخر من توفي من الصحابة بخراسان، روى له عن النبي - صلى الله عليه وسلم - (164) حديثاً، وقد روى حديثه الجماعة. انظر ترجمته في: تهذيب الأسماء 1/ 133، السير 2/ 469، الإصابة 1/ 241. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 14 العاص - رضي الله عنهم -، ومن أصرحها حديث أبي موسى في بيانه - صلى الله عليه وسلم - مواقيت الصلاة (1) لمسائل سأله عنها إذ فيه: (ثم أخَّر المغرب حتى كان عند سقوط الشفق). (وحديث عبد الله بن عمرو أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: (وقت المغرب ما لم يغب الشفق) (2))، وفي رواية عنه: (ووقت المغرب ما لم يسقط ثور الشفق). وهو بالثاء المثلثة أي ثورانه (3)، روى ذلك هكذا مسلم في "صحيحه"، والبخاري وإن لم يخرجها في "صحيحه" فقد قال فيما رواه عنه الترمذي في كتاب "العلل" له (4): "إن حديث أبي موسى حديث حسن". وكذلك قال في حديث بريدة. وأما الحديث الوارد في (5) نفي تأخيرها إلى اشتباك النجوم فممَّا لا يقاوم هذه في صحتها وصراحتها، على (6) أنا نتأوله على تأخيرها على جهة التقرُّب بذلك، أو لاعتقاد أن وقتها لا يدخل إلا عند اشتباك النجوم، كما يحكى عن الشيعة (7). وأما حديث إمامة جبريل - صلى الله عليه وسلم - فما في هذه الأحاديث متأخر عنه من حيث التاريخ (8)، على أني أقول: بيان جبريل - صلى الله عليه وسلم - مستقيم (9) ففي أكثر الصلوات إنما بيَّن (وقت) (10) الاختيار دون وقت الجواز؛   (1) في (أ): الصلوات. (2) ما بين القوسين زيادة من (أ) و (ب)، غير أن في (أ): (أنه - صلى الله عليه وسلم - قال)، بدل (أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال). (3) انظر: النهاية في غريب الحديث والأثر 1/ 229، شرح النووي على مسلم 5/ 112. (4) انظره 1/ 202 - 203، ونقله كذلك البيهقي في السنن الكبرى 1/ 545. (5) في (د): على، والمثبت من (أ) و (ب). (6) في (ب): حتى. (7) انظر: الحاوي 2/ 19. (8) انظر: التهذيب ص: 366، المجموع 3/ 31، التنقيح ل 82/ ب. (9) في (أ) و (ب): متقسم. (10) زيادة من (أ) و (ب). الجزء: 2 ¦ الصفحة: 15 كما في العصر، والعشاء، والصبح على ما عرف، فكذلك في وقت المغرب إنما بيانه لوقت الاختيار، وأنه الوقت الواحد الذي صلاها فيه - صلى الله عليه وسلم - في اليومين (1)، ففي هذا فارق وقت المغرب سائر الأوقات لا فيما قالوه، وفيه جمع بين الأحاديث من الطرفين متعيِّن (2)، يتعيَّن من أجله ترك ما قاله صاحب "التهذيب" (3) على هذا القول: من أن النصف الأول إلى غيبوبة الشفق للاختيار، والنصف الثاني للجواز. وعبارته موهمة نسبة ذلك إلى القائلين بامتداد وقتها إلى سقوط الشفق من الأئمة، وذلك تساهل منه. ثم إني وجدت ما وقع لي لبعض المصنفين المتأخرين من أصحابنا بخطه (4)، والله أعلم. قوله: "لا بأس بتناول لقمة أو لقمتين" (5) هذا الحصر يأباه الحديث (الصحيح) (6)؛ ففي "الصحيحين" (7) عن أنس أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: (إذا قُدِّم العشاء فابدأوا به قبل صلاة المغرب ولا تعجلوا عن عشائكم). وفيهما (8) عن   (1) انظر: المجموع 3/ 31. (2) سقط من (أ). (3) انظر التهذيب ص: 365. (4) لم أقف على مراده بهذا البعض، وقد قال الرافعي قولًا قريباً من قول ابن الصلاح في حديث جبريل وهو من معاصريه انظر: فتح العزيز 3/ 8، والله أعلم. (5) الوسيط 2/ 547. وقبله: والثاني: أنه إذا أمضى بعد الغروب وقت وضوء، وأذان، وإقامة، وقدر خمس ركعات، فقد انقضى الوقت؛ لأن جبريل - عليه السلام - صلى في اليومين في وقت واحد، وعلى هذا لا بأس ... إلخ (6) زيادة من (أ) و (ب). (7) انظر: صحيح البخاري - مع الفتح - كتاب الأذان، باب إذا حضر الطعام وأقيمت الصلاة 2/ 187 رقم (672)، وصحيح مسلم - مع النووي - كتاب المساجد، باب كراهة الصلاة بحضرة الطعام المراد أكله 5/ 45. (8) انظر: صحيح البخاري الموضع السابق رقم (673)، وكذا صحيح مسلم الموضع السابق. ولكن بلفظ: ولا يعجلنَّ. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 16 ابن عمر - رضي الله عنهما - أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: (إذا وضع عشاء أحدكم وأقيمت الصلاة فابدأوا بالعشاء، ولا تعجل حتى تفرغ منه). وفي رواية لأبي داود (1) عن ابن عمر ما معناه: أن ذلك كان في عشائهم وكان خفيفاً، والله أعلم. حديث قراءة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الأعراف في صلاة المغرب (2) أخرجه أبو داود (3)، والترمذي (4)، والنسائي (5) من حديث زيد بن ثابت (6)، ورواه (7) البخاري (8) ولكن لفظه عنه: (أنه سمع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقرأ في المغرب بطولى (9) الطوليين).   (1) في سننه كتاب الأطعمة، باب إذا حضرت الصلاة والعشاء 4/ 135 رقم (3759). قال عنها الألباني: حسنة الإسناد. انظر: صحيح سنن أبي داود 2/ 716 رقم (3197). (2) قال الغزالي: "لو شرع في الوقت ومدَّها حتى مضى هذا القدر - أي الذي حدد في القول الثاني - فإن قلنا: إن مثل هذه الصلاة مقضية في غير المغرب، ففي المغرب وجهان: أحدهما: أنها مؤداة لما روي أنه - عليه السلام - قرأ سورة الأعراف في المغرب. فدَّل على أن آخره غير مقدَّر .... " الوسيط 2/ 547. (3) في سننه كتاب الصلاة, باب قدر القراءة في المغرب 1/ 509 رقم (812). (4) في جامعه أبواب الصلاة، باب ما جاء في القراءة في المغرب 1/ 113 من غير سند حيث قال: "وقد روي عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قرأ في المغرب بالأعراف". (5) في سننه كتاب الصلاة، باب القراءة في المغرب - {المص} 2/ 510 رقم (989). وصحَّح الحديث ابن خزيمة في صحيحه حيث رواه فيه 1/ 259 برقم (516). (6) هو أبو سعيد، وقيل: أبو خارجة زيد بن ثابت بن الضحاك الخزرجي النجاري الأنصاري، شيخ المقرئين والفرضيين، كاتب الوحي والمصحف، روى له عن النبي - صلى الله عليه وسلم - (92) حديثاً، وروى حديثه الجماعة. انظر ترجمته في: تهذيب الأسماء 1/ 200، الإصابة 4/ 41. (7) في (أ): وأخرجه. (8) في صحيحه - مع الفتح - كتاب الأذان، باب القراءة في المغرب 2/ 287 رقم (764). (9) في (أ): بأطول. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 17 أي بأطول السورتين الطويلتين، يعني الأعراف على ما فسَّره الراوي في إحدى (1) روايات الحديث الصحيحة (2). قوله: "أما (3) العشاء فيدخل وقتها (4) بغيبوبة الشفق وهو: الحمرة دون الصفرة والبياض" (5) (هذا خلاف ما ذكره شيخه فإنه قال في "نهايته" (6): "أول وقت العشاء يدخل بزوال الحمرة والصفرة) (7)، وما بين غيبوبة الشمس إلى زوال الصفرة يقرب مما بين الصبح الصادق إلى طلوع قرن الشمس. وما بين زوال الصفرة إلى انمحاق البياض يقرب (8) مما بين الصبح الصادق والكاذب". وهكذا ذكر ذلك هو في "البسيط". (9)، والذي ذكره ههنا في "الوسيط". يشهد له (10) إطلاق النصِّ في "مختصر المزني" (11) وهو قوله: "فإذا غاب الشفق وهو الحمرة فهو أول وقت عشاء الآخرة".   (1) سقط من (أ). (2) جاء في رواية النسائي: قلت: يا أبا عبد الله ما أطول الطوليين؟ قال: الأعراف. قال الحافظ ابن حجر: "أبو عبد الله كنية عروة". فتح الباري 2/ 289. (3) في (أ): وأما، وفي (ب): فأما. (4) سقط من (ب). (5) الوسيط 2/ 547 - 548. (6) انظره 1/ ل 210/ ب - ل 211/ أ. (7) ما بين القوسين زيادة من (أ) و (ب). (8) سقط من (ب). (9) انظره 1/ ل 77/ ب. (10) سقط من (ب). (11) انظره ص: 14. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 18 وهكذا إطلاق كثير من الأصحاب (1)، لكن الذي نقله صاحب "جمع الجوامع في منصوصات الشافعي" عنه (2) لفظه: "والشفق: الحمرة التي في المغرب، فإذا ذهبت الحمرة ولم ير منها شيء فقد حلَّ وقتها , ومن افتتحها وقد بقي من الحمرة شيء أعادها". وهذا يصلح شاهداً للمذكور في "النهاية"؛ لأن الحمرة وكثيراً من الألوان تكون خالصة، ثم تضعف, وترق، وتستحيل ألواناً أُخر تعد بقية لتلك الألوان، وفي حكم جزء منها, بحيث يقال: إنه بقي ببقائها شيء من تلك الألوان, وحتى لا يطلق عليها: إنها ذهبت مع بقاء تلك البقية. وينبغي أن يختار هذا؛ فإنه الأحوط، والله أعلم. احتج من قال وقت الاختيار للعشاء إلى ثلث الليل بحديث بيان جبريل (3)، وقد سبق و (4) ذكرنا أنه حديث حسن (5). وبما هو أصح منه وهو حديث (6) أبي موسى الأشعري في بيان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الأوقات بفعله - بعد بيان جبريل - رواه مسلم (7). وأما قول المصنف: "لقوله - صلى الله عليه وسلم -: لولا أن أشق على أمتي (8) لأمرتهم بالسواك عند كل صلاة، ولأخرت العشاء إلى نصف الليل) (9) فإنما هو في   (1) انظر: التعليقة للقاضي أبي الطيِّب 1/ 157/ أ، التعليقة للقاضي حسين 2/ 621، المهذَّب 1/ 52، التهذيب ص: 366، فتح العزيز 3/ 27. (2) انظر النقل عنه في: المجموع 3/ 38. (3) قال الغزالي: "ثم يمتد وقت الاختيار إلى ثلث الليل على قول؛ لبيان جبريل - عليه السلام -. الوسيط 2/ 548. (4) في (ب): وقد. (5) انظر: 2/ 6. (6) في (أ): وهو أصح منه حديث. (7) تقدم تخريجه انظر: 2/ 7. (8) على أمتي: سقط من (ب). (9) الوسيط 2/ 548. وقبله: وإلى النصف على قول لقوله - عليه السلام - ... الحديث. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 19 "صحيح مسلم" (1)، وغيره (2) من حديث أبي هريرة: (لولا أن أشق على أمتي لأمرتهم بتأخير العشاء، والسواك عند كل صلاة). ولم أجد ما ذكره مع شدة البحث في كتب الحديث (3). فلنحتج له بحديث عبد الله بن عمرو بن العاص أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: (و (4) وقت صلاة العشاء إلى نصف الليل). أخرجه مسلم (5)، وهو متأخر ناسخ (6)، والله أعلم.   (1) لم أجده بعد البحث فيه بهذا اللفظ، وإنما الموجود بلفظ: (ولا أن أشق على أمتي لأمرتهم بالسواك عند كل صلاة). من غير ذكر الشاهد. انظره - مع النووي - كتاب الطهارة، باب السواك 3/ 142 - 143، وراجع: تحفة الأشراف للمزى 10/ 166 رقم (13673). (2) وممن أخرجه كذلك: أبو داود في سننه كتاب الطهارة، باب السواك 1/ 40 رقم (46) بلفظ: (لولا أن أشق على المؤمنين ... ) الحديث وهو بالإسناد نفسه الذي رواه به مسلم، والترمذي في جامعه أبواب الصلاة، باب ما جاء في تأخير العشاء الآخرة 1/ 310 رقم (167) ولفظه: (لولا أن أشق على أمتي لأمرتهم أن يؤخروا العشاء إلى ثلث الليل أو نصفه). وقال: "حسن صحيح"، والنسائي في سننه كتاب المواقيت، باب ما يستحب من تأخير العشاء 1/ 288 رقم (533)، وابن ماجه في سننه كتاب الصلاة، باب وقت صلاة العشاء 1/ 229 رقم (691)، وراجع تحفة الأشراف 10/ 166، جامع الأصول 5/ 251. (3) قال النووي: "هذا الحديث بهذا اللفظ غريب غير معروف"، ثم نقل كلام ابن الصلاح هذا. التنقيح ل 83/ ب. وقال في المجموع 3/ 56: "هو بهذا اللفظ حديث منكر لا يعرف". ورغم قولهما هذا فالحديث رواه الحاكم في المستدرك 1/ 146 ولفظه: (ولا أن أشق على أمتي لفرضت عليهم السواك مع الوضوء، ولأخرت العشاء إلى نصف الليل. قال الحاكم: "وهو صحيح على شرطهما جميعاً، وليس له علة ... ثم قال: وله شاهد بهذا اللفظ فذكره من حديث العباس بن عبد المطلب"، ورواه البيهقي عن الحاكم بسنده ولم يعقبه بشيء. انظر السنن الكبرى كتاب الطهارة 1/ 58 رقم (148). قال ابن الملقن عنه في تذكرة الأخيار ل 43/ أ: "صحيح مشهور". والله أعلم. (4) سقط من (أ). (5) في صحيحه - مع النووي - كتاب المساجد، باب أوقات الصلوات الخمس 5/ 112. (6) لأن قول النبي - صلى الله عليه وسلم - هذا وقع بعد بيان جبريل العملي له لأوقات الصلوات. وانظر: 2/ 7. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 20 قوله: "قال - صلى الله عليه وسلم -: لا يغرنَّكم الفجر المستطيل، فكلوا واشربوا حتى يطلع (1) الفجر المستطير" (2) هذا حديث قد روى مسلم (3) نحوه عن (4) سمرة بن جندب (5) ولفظه: قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: (لا يغرنَّكم من سحوركم أذان بلال، ولا بياض الأفق الستطيل هكذا، حتى يستطير هكذا). وحكاه حماد بن زيد بيديه قال: "يعني معترضاً". المستطير (6): المنتشر (7). والمعترض: الآخذ في العرض (8)، والله أعلم. قوله: "قال سعد القرظ (9): كان الأذان على عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في الشتاء   (1) في (ب): يبدوا. (2) الوسيط 2/ 548. وقبله: فأما الصبح فيدخل وقته بطلوع الفجر الصادق، ويتمادى وقت اختياره إلى الإسفار، ووقت جوازه إلى الطلوع، ولا نظر إلى الفجر الكاذب وهو يبدو مستطيلاً ثم ينمحق، ويبدو الصادق مستطيراً ثم لا يزال الضوء يزداد. ثم ذكر الحديث. (3) في صحيحه - مع النووي - كتاب الصيام، باب صفة الفجر الذي تتعلق به أحكام الصوم 7/ 205. (4) في (أ): من حديث. (5) هو سمرة بن جندب بن هلال الفزاري أبو عبد الرحمن، وقيل: غير ذلك، من علماء الصحابة، نزيل البصرة، روى له عن النبي - صلى الله عليه وسلم - (123) حديثاً، وروى حديثه الجماعة، توفي سنة 59 وقيل: 58 هـ. انظر ترجمته في: تهذيب الأسماء 1/ 235، السير 3/ 183، الإصابة 4/ 257. (6) في (أ): والمستطير. (7) انظر: النهاية في غريب الحديث والأثر 3/ 151، القاموس المحيط 2/ 153. (8) انظر: القاموس المحيط 2/ 513. (9) هو سعد بن عائذ مولى عمار بن ياسر، وسمي سعد القرظ بفتح القاف لأنه كان كما اتجر في شيء خسر فيه فاتجر في القرظ فربح فيه فلزم تجارته، كان المؤذن في قباء زمن النبي - صلى الله عليه وسلم -، ثم نقله أبو بكر إلى المسجد النبوي بعد موت النبي - صلى الله عليه وسلم - وترك بلال الأذان، توفي في زمن الحجاج بن يوسف. انظر ترجمته في: تهذيب الأسماء 1/ 212، الإصابة 4/ 151. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 21 لسُبع يبقى من الليل، وفي الصيف لنصف سُبع" (1) هذا الحديث (2) غريب ضعيف غير معروف عند أهل الحديث (3)، وقد رواه الشافعي بإسناد لا يقوى في كتابه القديم عن سعد القرظ (4) قال: (أذنَّا في زمن النبي - صلى الله عليه وسلم - بقباء، وفي زمن (5) عمر بالمدينة فكان أذاننا (6) للصبح لوقت واحد: في الشتاء لسبع ونصف يبقى، وفي الصيف لسبع يبقى منه). فهذا الواقع في هذا الكتاب وغيره (7) فيه تغيير؛ وإنما هو على علاَّته: سبع ونصف وسبع. وكذلك ذكره صاحب "التقريب" (8). وذكر إمام الحرمين الروايتين (9) من غير تعرض لما نبهنا عليه، والله أعلم. وسعد القرظ هذا هو: مضاف إلى القرظ بفتح القاف والراء، والظاء المعجمة القائمة وهو الذي يدبغ به، وليس فيه ياء النسبة، وكثير من الفقهاء يصحفونه: القرظي بضم القاف مع ياء النسبة اعتقاداً لكونه منسوباً إلى بني قريظة، وكذلك   (1) الوسيط 2/ 549. وقبله: فرع: لا يقدم أذان صلاة على وقتها إلا أذان الصبح ... ثم ساق كلام سعد القرظ. (2) في (ب): حديث. (3) قال النووي: "هذا حديث ضعيف منكر، وقد رواه الشافعي في القديم بإسناد ضعيف عن سعد القرظ". التنقيح ل 83/ ب، وقال ابن الملقن: "هذا الحديث متبع في إيراده كذلك إمامه، ولا أعرفه على هذه الصورة .... " تذكرة الأخيار ل 44/ أ، وراجع التلخيص الحبير 3/ 39. (4) انظر: معرفة السنن والآثار 1/ 412 قال البيهقي: "قال الزعفراني: قال الشافعي في كتاب القديم ... " ثم ساق الحديث بسنده. (5) في (ب): زمان. (6) في (د): أذاننا بالمدينة. وكأنها (بالمدينة) مقحمة, والمثبت من (أ) و (ب). (7) انظر: نهاية المطلب 1/ ل 211/ ب، البسيط 1/ ل 77/ ب، الوجيز 1/ 33. (8) انظر النقل عنه في: نهاية المطلب الموضع السابق، التلخيص الحبير 3/ 40. (9) انظر: نهاية المطلب الموضع السابق. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 22 وقع في كثير من نسخ هذا الكتاب وهو غلط، وإنما لُقِّبَ بهذا؛ لأنه كان كلما اتجر في شيء خسر فيه، فاتجر في القرظ فربح فيه فلزم التجارة فيه، فَلُقَّبَ به، والله أعلم. قوله: "لو اقتصر على ما بعد الصبح أجزأه" (1) وفي بعض النسخ على ما قبل الصبح. وكلاهما جائزان، ولكن "بعد" هو الصحيح في النقل، وهو (2) الذي علقته مما علق عنه في درسه، وفوقه صحّ بخطي، وذلك هو المستحب عند إرادة الاقتصار على أحدهما؛ فإنه العهود في سائر الصلوات (3)، والله أعلم. قوله فيما إذا وقع بعض الصلاة خارج الوقت: "إن جعلناه قضاءً لم يجز التأخير إليه قصداً" (4) هذا يشعر بجواز التأخير إليه إذا جعلناها (5) مؤداة، وذلك فيه تردد من الشيخ أبي محمد الجويني (6) ومال إلى أنه لا يجوز، وهو المقطوع به في "التهذيب" (7)، والله أعلم.   (1) الوسيط 2/ 549. وقبله: ثم الأولى أن يؤذن مؤذنان: أحدهما: قبل الصبح، والآخر بعده. ولو اقتصر .... إلخ (2) في (د): وهذا، والمثبت من (أ) و (ب). (3) انظر: التنقيح ل 84/ أ. (4) الوسيط 2/ 550. وقبله: ولو أدى في آخر الوقت ووقع بعضه خارج الوقت فهي مؤداة نظراً إلى ابتدائها على وجه، ومقضية نظراً إلى تمامها على وجه، والواقع في الوقت مؤدى والباقي قضاء على وجه ثالث. فإن جعلناه قضاء ... إلخ (5) في (ب): جعلناه. (6) انظر النقل عنه في: نهاية المطلب 1/ ل 209/ ب. (7) ص: 370. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 23 ثم إنه أطلق ذكر البعض وإطلاقه يجيء على قول في أن المعذور يدرك بتكبيرة (1)، والصحيح أن هذا (2) الخلاف لا يجيء فيما إذا كان البعض الواقع في الوقت ما دون ركعة بل يقطع بكونها قضاءً (3)، والله أعلم. حديث الصلاة (4) (أول الوقت رضوان الله (5)) (6) رواه الدارقطني من حديث جرير بن عبد الله (7)، وقد روي من حديث أنس (8). وخرَّج الترمذي (9) نحوه من حديث ابن عمر - رضي الله عنهما -، ولا يصح هذا الحديث قال الحافظ أحمد   (1) انظر: نهاية المطلب 1/ ل 209/ ب، فتح العزيز 3/ 43. (2) سقط من (ب). (3) انظر: نهاية المطلب الموضع السابق، فتح العزيز 3/ 41، روضة الطالبين 1/ 295. (4) سقط من (أ) و (ب). (5) سقط من (ب). (6) الوسيط 2/ 550. وقبله: القاعدة الثانية: تعجيل الصلوات في أوائل الأوقات أفضل عندنا ... ثم ساق الحديث. (7) في سننه 1/ 249. (8) رواه البيهقي في السنن الكبرى كتاب الصلاة 1/ 640 وقال: "وروي هذا الحديث على اللفظ الأول - أي "الوقت الأول رضوان الله" من حديث ابن عمر - عن ابن عباس، وجرير بن عبد الله، وأنس بن مالك مرفوعاً، وليس بشيء، وله أصل في قول أبي جعفر محمد بن علي الباقر". قال الحافظ ابن حجر: "أما حديث أنس فرواه ابن عدي والبيهقي من رواية بقية ... قال ابن عدي: تفرد به بقية عن مجهول عن مثله ولا يصح". التلخيص الحبير 3/ 48. وراجع: الكامل في الضعفاء لابن عدي 2/ 509. (9) في جامعه أبواب الصلاة، باب ما جاء في أول الوقت من الفضل 1/ 321 رقم (172) وقال بعده: هذا حديث غريب. ورواه كذلك الدارقطني في سننه 1/ 249. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 24 البيهقي - بعد أن رواه من حديث ابن عمر وضعّفه: "وقد روي (1) بأسانيد أخر كلها ضعيفة (2) " قلت: تغني عنه أحاديث منها (3): ما روي عن ابن مسعود قال: (سألت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أي العمل (4) أفضل؟ قال: الصلاة في أول وقتها). رواه ابن خزيمة بهذا اللفظ في "صحيحه" (5)، والله أعلم. ما ذكره من حديث اشتكاء النار إلى ربها تبارك وتعالى، والأمر بالإبراد بالظهر (6) رواه البخاري (7) ومسلم (8) من حديث أبي هريرة بمعناه. وفيح جهنَّم: غليانها واشتداد حرها وانتشاره (9).   (1) في (د): يروى، والمثبت من (أ) و (ب)، وهو موافق للفظ البيهقي. (2) في (د) و (ب): ضعيف، والمثبت من (أ). وانظر السنن الكبرى 1/ 639. وقال النووي في المجموع 3/ 62: "حديث أول الوقت رضوان الله حديث ضعيف رواه الترمذي من رواية ابن عمر، والدارقطني من رواية ابن عمر، وجرير بن عبد الله، وأبي محذورة، وأسانيد الجميع ضعيفة". ثم ساق كلام البيهقي السابق. وراجع نصب الراية 1/ 242 - 243. (3) في (أ): يغني عن هذه الأحاديث كلها ما روي ... إلخ (4) في (أ): الأعمال. (5) في كتاب الصلاة 1/ 169 رقم (327). ورواه بهذا اللفظ الحاكم في المستدرك 1/ 188 ثم قال: "وهو صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه". ووافقه الذهبي على ذلك، والبيهقي في السنن الكبرى كتاب الصلاة 1/ 637 رقم (2043). والحديث رواه الشيخان بلفظ: (الصلاة على وقتها). انظر: صحيح البخاري - مع الفتح - كتاب مواقيت الصلاة، باب فضل الصلاة لوقتها 2/ 12 رقم (527)، وصحيح مسلم - مع النووي - كتاب الإيمان, باب أفضل الأعمال 2/ 74. (6) انظر: الوسيط 2/ 551 - 552. (7) في صحيحه - مع الفتح - كتاب مواقيت الصلاة، باب الإبراد بالظهر في شدة الحر 2/ 23 رقم (536، 537). (8) في صحيحه - مع النووي - كتاب المساجد، باب استحباب الإبراد بالظهر في شدة الحر 5/ 117. (9) انظر: النهاية في غريب الحديث والأثر 3/ 484، القاموس المحيط 1/ 331. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 25 قوله: "ثم قيل: إن الإبراد سنة للأمر الوارد، وقيل: رخصة" (1) هذا مشكل (2)، وكذا هو في "البسيط" (3)، و"النهاية" (4) غير مبيَّن، فأقول: قد سبق أن التأخير في غير حالة الإبراد تقصير، فأثر الرخصة في حالة الإبراد على هذا الوجه يظهر في نفي التقصير، مع أن الفضيلة في التقديم، بخلاف الوجه الآخر؛ فإن الفضيلة فيه في التأخير، وهذا الآن واضح، وقد كنت تطلبت لذلك بخراسان شرحاً وبياناً، فوجدت بخط الشيخ أبي محمد الجويني فيما علقه عن شيخه القفَّال من شرحه "للتلخيص (5) " عند ذكره (6) قول صاحب "التلخيص" (7) في الإبراد: "فمنهم من جعل تأخيرها أفضل، ومنهم من جعلها رخصة". قال الشيخ أبو محمد (8): "فقلت للشيخ ما معنى قوله "ومنهم من جعلها رخصة" وقد أجمعوا على أنه يجوز له أن يصلي الصلاة في آخر وقتها، فكيف يسمى الإبراد رخصة؟ فقال الشيخ: إنما يسمى ذلك رخصة على معنى أنه يؤخرها ثم يدرك مع ذلك فضيلة التقديم إلى أول الوقت، وإن كان يجوز له تأخيرها" (9). ووجدت في "شرح التلخيص" للشيخ أبي علي السنجي تلميذ   (1) الوسيط 2/ 552. (2) لأنه جزم بأن الإبراد مستحب ثم ذكر فيه خلافاً. انظر: التنقيح ل 84/ ب. (3) 1/ ل 78/ ب. (4) 1/ ل 233/ أ. (5) في (د): التلخيص، والمثبت من (أ) و (ب). (6) في (ب): ذكر. (7) قول صاحب التلخيص: مكررة في (د). وانظر التلخيص ص: 156. (8) بياض في (د)، والمثبت من (أ) و (ب). (9) قد نقل هذا عن ابن الصلاح ابن الرفعة في المطلب العالي 3/ ل 64/ ب. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 26 القفال ما حكايته: التأخير أفضل على ظاهر الخبر من التعجيل ومنهم من قال وهو الأصح: إن التأخير رخصة، وليس (1) بعزيمة، فالأفضل أداؤها في أول الوقت، وللشافعي ما يدل عليه (2). وذكر صاحب "التهذيب" (3) نحواً مما ذكره أبو علي، غير أنه قال: "الأصح أن التأخير أفضل". ووجدت فيما علق عن صاحب الكتاب في تدريسه له: هذا أمر ورد عقيب الحثِّ على المبادرة إلى الصلاة في أول الوقت والأمر بذلك، فكان أمر (4) رخصة وإباحة في تأخيرها في شدة الحرَّ، وكان هذا الأمر يشبه الأمر الوارد عقيب الحظر كقوله تعالى: {وَإِذَا (5) حَلَلْتُمْ فَاصْطَادُوا} (6). فأقول: أما هذا وما قاله الشيخ أبو علي فراجعان إلى ما ذكرته أولًا، وبما ذكرته يتمَّان ويتقرران، وأما ما ذكره الإِمام القفال فهو (7) غير مرضي، وحاصله يرجع إلى أنه رفع الخلاف (8) بين الوجهين، وادعى اتفاقهما على أن التأخير أفضل؛ فإنه أثبت فيه فضيلة التقديم، ومعلوم أن فضيلة التقديم هي الأفضلية، وردَّ الخلاف إلى تسميته رخصة، وذلك خلاف   (1) في (أ): ليست. (2) راجع: مختصر البويطي ل 5/ ب. وانظر النقل عن أبي علي السنجي في المجموع 3/ 59. (3) انظر: التهذيب ص: 373. (4) سقط من (ب). (5) في جميع النسخ: فإذا، والآية: {وإذا} (6) سورة المائدة الآية (2). وراجع مسألة: الأمر الوارد عقيب الحظر يفيد الإباحة في: المستصفى ص: 211، الإحكام في أصول الأحكام للآمدي 2/ 178، شرح تنقيح الفصول للقرافي ص: 139 - 140، شرح الكوكب المنير 3/ 56 - 57. (7) سقط من (ب). (8) في (ب): رفع الخلاف من الخلاف، و (من الخلاف) هنا مقحمة. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 27 ما يوجبه إيراد صاحب "التلخيص" له (1)، فإنه يقتضي أن التأخير ليس بأفضل على الوجه الثاني، والعلم عند الله تبارك وتعالى. قد يستبشع عده الكفر من الأعذار (2)، ولكن لما كانت الصلاة لازمة في (3) حال الكفر وسقطت عنه بإسلامه، كما سقطت عن الحائض ونحوها، عُدَّ من المعذورين نظراً إلى الإسقاط (4)، والله أعلم. إيجاب الظهر على المعذورين المذكورين بإدراكهم وقت العصر (5) رويناه في كتاب "السنن الكبير" (6) عن عبد الرحمن بن عوف وابن عباس - رضي الله عنهم -. قال الحافظ أحمد البيهقي: "ورويناه عن جماعة من التابعين، وعن الفقهاء السبعة من أهل المدينة رضي الله عنهم" (7). وقياسنا إياهم على المعذور بالسفر إنما هو في توسيع الوقت عليهم، وذلك في نفسه تخفيف، وإيجاب الظهر عليهم   (1) سقط من (أ). (2) قال الغزالي: "الفصل الثاني: في وقت أرباب الأعذار: ونعني بالعذر: الجنون، والصبى، والحيض، والكفر". الوسيط 2/ 554. (3) سقط من (أ). (4) انظر: فتح العزيز 3/ 71، التنقيح ل 84/ ب، المطلب العالي 3/ ل 71/ ب. (5) قال الغزالي: "أما الظهر فيلزم أيضاً بإدراك وقت العصر؛ لأنه وقته في حق المعذور بالسفر، وهذا العذر أشد ... " الوسيط 2/ 554. (6) في كتاب الصلاة، باب قضاء الظهر والعصر بإدراك وقت العصر ... 1/ 569 رقم (1815, 1816)، وحديث عبد الرحمن في سنده مجهول وهو: مولى لعبد الرحمن بن عوف، وحديث ابن عباس فيه: يزيد ابن أبي زياد، وليث بن أبي سليم وهما ضعيفان. انظر: الجوهر النقي لابن التركماني 1/ 569 - 570. (7) السنن الكبرى 1/ 570. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 28 لازم من ذلك لا أنه محل القياس، على أنه من حيث المعنى لا يضاد التخفيف من حيث كونه تأهيلاً (1) لهم للعبادة المكتوبة، والله أعلم. القول بأنه لا يعتبر في ذلك إدراك زمان الطهارة (2)، في توجيهه إشكال مع أنه الأصح عند صاحب "النهاية" (3)، وتقريره: أن الطهارة إنما تعتبر في الصحة لا في الإلزام؛ ولهذا تجب الصلاة على المحدث مع أنه في حالة الحدث غير متمكن من أدائها، وذلك لما تقرر في أصول الفقه في مسألة "خطاب الكفار بالفروع": من أنه ليس من شرط الفعل المأمور به أن يكون شرطه حاصلاً حالة الأمر به (4)، والله أعلم. قوله: "المتعدي بالظهر قبل فوات الجمعة، لا يصح ظهره على وجه" (5) إنما هو قول مشهور (6)، وقد ذكره هو في كتاب الجمعة قولًا (7)، والله أعلم.   (1) في (د): ناهياً، وهو تصحيف، والمثبت من (أ) و (ب). (2) قال الغزالي: "أما الظهر فيلزم أيضاً بإدراك وقت العصر ... ولكنه بكم يصير مدركاً؟ فيه قولان: أحدهما: بما يصير به مدركاً للعصر. والثاني: لا بدَّ من زيادة أربع ركعات على ذلك ليتصور الفراغ من الظهر فعلاً، ثم لزوم العصر بعده. وهل تعتبر مدة الوضوء مع ذلك؟ فعلى قولين". الوسيط 2/ 555. (3) انظر: نهاية المطلب 1/ ل 215/ أ. (4) انظر: البحر المحيط للزركشي / 414، إرشاد الفحول للشوكاني 1/ 70. (5) الوسيط 2/ 555. وقبله: فلو صلى - أي الصبي - الظهر فبلغ ووقت الجمعة قائم، قال ابن الحداد: تلزمه الجمعة. وهو غلط عند الأكثرين. ومنهم من وجهه: بأن الصبي مضروب على ترك حضور الجمعة، والمتعدي بالظهر .... إلخ (6) انظر: الأم 1/ 327، وراجع: التهذيب ص: 688، التنقيح ل 85/ أ. وأصحهما: أنه لا يصح؛ لأن فرضه الجمعة. (7) سقط من (ب). وانظر الوسيط 2/ 764. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 29 قوله: "لأن سقوط القضاء عن المجنون رخصة، وعن الحائض عزيمة" (1) ذكر في الدرس أن الفرق بينهما عسر، وأورد عليه وجوب قضاء الصوم عليها. ونحن نقرر الفرق بعون الله تعالى: فاعلم أن العزيمة: عبارة عن كل حكم ثابت على وفق الدليل. والرخصة: عبارة عن كل حكم ثابت على خلاف الدليل لمعارض راجح (2). فإذا عرفت ذلك فإنما كان سقوط قضاء الصلاة عن الحائض عزيمة؛ لأنها مكلفة بترك الصلاة، فإذا تركتها فقد قامت بالأمر في الترك، فلم تُكَلَّف مع ذلك بالقيام بالأمر بالفعل قضاء، ولم يجمع عليها قيام بالأمرين تركاً وفعلاً، فهذا مناسب معقول موافق للدليل. ولا نقول: الفرق بين الصلاة والصوم كثرتها وندرة الصوم حتى يكون إسقاط قضائها تخفيفاً ورخصة، بل سبب إسقاط قضائها ما ذكرناه. وذلك يقتضي إسقاط قضاء الصوم أيضاً، غير أن للشارع زيادة عناية بصوم رمضان، فأوجب قضاءه عليها بأمر مجدَّد في وقت ثان، وتسميته قضاء مجاز، وهو في الحقيقة فرض مبتدأ، فمخالفة الدليل - إن كانت - ففي وجوب قضاء الصوم، لا في سقوط قضاء الصلاة. فتقرر إذاً أن سقوط قضاء الصلاة عنها (3) ليس رخصةً، وأن المرتدة ساوت المسلمة في مستنده فتساويا في الحكم فيه. وأما إن سقوط القضاء عن المجنون رخصة؛ فلأن الدليل يقتضي أن من فاتته الصلاة في وقتها - من غير أن يكون مكلفاً بتركها في وقتها - يؤمر بقضائها في وقت ثانٍ؛ لئلا يخلو من وظيفتها , ولهذا وجب   (1) الوسيط 2/ 557. وقبله: ولو ارتدَّت، أو سكرت ثم حاضت، لا يلزمها قضاء أيام الحيض؛ لأن سقوط القضاء ... إلخ (2) انظر: البحر المحيط 1/ 325، 327، شرح الكوكب المنير 1/ 476، 478. (3) سقط من (ب). الجزء: 2 ¦ الصفحة: 30 قضاؤها على النائم، وإنما أسقط ذلك عن المجنون تخفيفاً عنه ورخصة، والمرتد (1) ليس أهلاً لذلك، فألزم بقضائها بعد إسلامه وإقامته (2) لذلك، فاعلم ذلك، فقد قررته، فتقرر إن شاء الله تعالى (3). قوله - صلى الله عليه وسلم -: "لا صلاة بعد الصبح حتى تطلع الشمس ... إلى آخره (4) مخرَّج في "الصحيحين" من حديث أبي سعيد الخدري (5)، ومن حديث أبي هريرة (6)، وغيره من الصحابة (7) نحوه رضي الله عنهم. قوله: "ووجه تعلقهما (8) بالفعل أنه يتمادى بالبدار" (9) عبارة قلقة، وتحريرها أن نقول: وجه تعلقهما بالفعل: أنهما إنما يوجدان بوجود الفعل حتى يطول زمانهما بالبدار، ويقصر بالتأخير، أو نحو هذا (10)، والله أعلم.   (1) في (ب): المرتدة. (2) في (أ) و (ب): وإفاقته. وما أثبته موافق لنقل ابن الرفعة عنه في المطلب العالي 3/ 93/ ب. (3) انظر: فتح العزيز 3/ 100 - 101، المطلب العالي الموضع السابق فقد نقل تحقيق ابن الصلاح هذا كله. (4) الوسيط 2/ 558. وقبله: الفصل الثالث: في الأوقات المكروهة: وهي خمسة: اثنان منها يتعلق بالفعل فهما من قوله - عليه السلام - ..... الحديث. (5) انظر: صحيح البخاري - مع الفتح - كتاب مواقيت الصلاة، باب لا يتحرى الصلاة قبل غروب الشمس 2/ 73 رقم (586)، وصحيح مسلم - مع النووي - كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب الأوقات التي نهي عن الصلاة فيها 6/ 112. (6) انظر: صحيح البخاري الموضع السابق برقم (588)، وكذا صحيح مسلم الموضع السابق 6/ 110. (7) كعمر، وابن عمر، وابن عباس انظر: صحيح البخاري، وصحيح مسلم في المواضع السابقة. (8) في (أ): تعلقها. (9) الوسيط 2/ 558. وقبله: في الأوقات المكروهة وهي خمسة: اثنان منهما يتعلق بالفعل .... ووجه تعلقهما ... إلخ (10) انظر: التنقيح ل 86/ أ، المطلب العالي 3/ ل 96/ ب. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 31 ما ذكره من حديث: (أن الشمس تطلع ومعها قرن شيطان فإذا ارتفعت فارقها) (1) رواه الإِمام مالك في "موطئه" (2)، والنسائي (3). والراوي له الصنابحي، وهو بصاد مهملة مضمومة بعدها نون ثم ألف ثم باء موحدة ثم حاء مهملة ثم ياء النسب، وسماه مالك عبد الله، وخالفوه في ذلك وقالوا: إنما هو أبو عبد الله واسمه عبد الرحمن (4)، والله أعلم. وقرن الشيطان: ورد ذكره في عدَّة أحاديث (5)، فقيل: قرنه أمته وشيعته (6).   (1) الوسيط 2/ 558. وقال قبل الحديث: "وثلاثة منها تتعلق بالوقت وهو: وقت طلوع الشمس، والاستواء، والغروب". (2) انظره - مع الزرقاني - كتاب الصلاة، باب النهي عن الصلاة بعد الصبح والعصر 2/ 63 رقم (513). (3) في سننه كتاب المواقيت، باب الساعات التي نهي عن الصلاة فيها 1/ 297 رقم (558). وممن رواه كذلك ابن ماجه في سننه كتاب إقامة الصلاة والسنة فيها، باب ما جاء في الساعات التي يكره فيها الصلاة 1/ 397 رقم (1253)، والحديث مرسل لأن راويه وهو الصنابحي تابعي انظر: التنقيح ل 86/ أ، وقال البوصيري: "هذا إسناد مرسل ورجاله ثقات". مصباح الزجاجة 1/ 412 - 413، وراجع: التمهيد 4/ 4، تذكرة الأخيار ل 46/ ب. (4) ذكر ابن القطان أنه قد وافق مالكاً ثلاثة من الثقات: محمد بن مطرف، وزهير بن محمد، وحفص بن ميسرة. انظر: الوهم والإيهام 2/ 614 - 615 وراجع: التمهيد 4/ 1 - 6. والصنابحي: هو أبو عبد الله عبد الرحمن ابن عسيلة المرادي ثم الصنابحي نزيل دمشق، قدم المدينة بعد وفاة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بليال، وصلى خلف الصديق، وهو ثقة من كبار التابعين، توفي في خلافة عبد الملك سنة 71 هـ، وقد روى حديثه الجماعة. انظر ترجمته في: الجرح والتعديل 5/ 262، السير 3/ 505، البداية والنهاية 8/ 327، تقريب التهذيب ص: 346. (5) منها حديث الباب، وحديث عمرو بن عبسة الآتي قريباً، وحديث أبي هريرة في سنن ابن ماجه كتاب إقامة الصلاة، باب ما جاء في الساعات التي تكره فيها الصلاة 1/ 397 رقم (1252)، وحديث ابن عمر في صحيح مسلم - مع النووي - كتاب صلاة المسافرين، باب الأوقات التي نهي عن الصلاة فيها 6/ 112. (6) انظر: النهاية في غريب الحديث والأثر 4/ 52، شرح النووي على مسلم 6/ 112، تذكرة الأخيار ل 47/ أ. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 32 وقيل: قرنه جانب رأسه (1)، وهذا ظاهر هذا (2) الحديث. ومعناه: أنه يدني رأسه إلى الشمس في هذه الأوقات ليكون الساجدون للشمس في هذه الأوقات كالساجدين له، وحينئذٍ يكون له ولشياطينه تسلط زائد، وتمكن من أن يلبسوا على المصلين صلاتهم، ويهوشونها (3) (عليهم) (4) فكرهت لهم الصلاة (فيها) (5) صيانة لها، كما كرهت في الأماكن التي هي مأوى الشيطان (6). وفي حديث عمرو بن عبسة (7) عنه - صلى الله عليه وسلم - وهو مما أخرجه أبو داود (8) والنسائي (9) - (فإنها تطلع   (1) انظر: المصادر المتقدمة، التنقيح ل 86/ أ. (2) سقط من (أ). (3) الهوشة: الاختلاط، والاضطراب، والهيج، والفتنة. ويهوشونها بمعنى يخلَّطونها. انظر: الصحاح 3/ 1028، القاموس المحيط 2/ 450. (4) زيادة من (أ) و (ب). (5) زيادة من (أ) و (ب). (6) انظر: شرح النووي على مسلم الموضع السابق، المجموع 3/ 162. (7) هو أبو نجيح، وقيل: أبو شعيب عمرو بن عَبَسة السلمي البجلي الصحابة، أسلم قديماً بمكة، وأمره الرسول - صلى الله عليه وسلم - أن يرجع إلى قومه، ثم قدم المدينة بعد الخندق، ثم نزل حمص واستقر بها، روي له عن النبي - صلى الله عليه وسلم - (38) حديثاً، وروى حديثه مسلم والأربعة، توفي بعد سنة ستين. انظر ترجمه في: أسد الغابة 3/ 248، تهذيب الأسماء 2/ 31، السير 2/ 456. (8) في سننه كتاب الصلاة، باب من رخَّص فيهما - أي النافلة بعد العصر - إذا كانت الشمس مرتفعة 2/ 56 رقم (1277). (9) في (أ): الترمذي. والحديث فيهما؛ فقد رواه النسائي في سننه كتاب المواقيت، باب النهي عن الصلاة بعد العصر 1/ 303 رقم (507)، والترمذي في جامعه كتاب الدعوات 5/ 532 رقم (3579) مختصراً، وقال: "هذا حديث حسن صحيح غريب من هذا الوجه". والحديث رواه مسلم في صحيحه - مع النووي - كتاب صلاة المسافرين، باب الأوقات التي نهي عن الصلاة فيها 6/ 114 - 118. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 33 بين قرني شيطان فيصلي لها الكفار) وفي رواية النسائي (حتى ترتفع قيد رمح)، وفيه في الغروب (فإنها تغرب بين قرني شيطان، ويصلي لها (1) الكفار)، وفيه في حالة الاستواء (فإن جهنَّم تسجَّر وتفتَّح أبوابها) وهذا لا ينافي ما ذكرناه؛ فإن فتح أبواب جهنَّم يوشك أن يكون لاستيلاء الشيطان، وما يصدر من شيعته حينئذٍ، والله أعلم. قوله: "فأما المنوط بالطلوع فمن وقت بدو إشراق الشمس إلى طلوع قرصها. وقيل: يمتد إلى استيلاء سلطان الشمس لقوله - صلى الله عليه وسلم -: (فإذا ارتفعت فارقها) " (2) فقوله "بدو إشراق الشمس" غير مستقيم على هذا الوجه؛ لأن إشراق الشمس إضاؤتها يقال: شرقت شروقاً (3) إذا طلعت، وأشرقت إشراقاً إذا أضاءت بعد طلوعها (4)، فالصواب إذاً ما وقع في بعض النسخ: بدو شروق الشمس (5). قوله (6) في الوجه الآخر "إلى استيلاء (سلطان الشمس" يسبق إلى الفهم منه استيلاء) (7) حرِّها, وليس ذلك المراد منه، بل المراد به (8) ظهور شعاعها. وكأن هذا هو (9) قول من قال: حتى ترتفع قيد رمح (10)، وذلك هو الصحيح لحديث عمرو بن عبسة، والله أعلم.   (1) في (ب): إليها. (2) الوسيط 2/ 559. (3) في (ب): شرقت الشمس شروقاً. (4) انظر: القاموس المحيط 3/ 338، المصباح المنير ص: 118. (5) انظر: التنقيح ل 86/ أ. (6) في (أ) و (ب): وقوله. (7) ما بين القوسين زيادة من (أ) و (ب). (8) في (أ): منه. (9) سقط من (أ). (10) انظر: التنقيح ل 86/ ب. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 34 قوله (1): "وأما الاستواء فهو عبارة عن وقت (2) وقوف الظل" (3) معناه ما ذكره في الدرس: أن ترى الظل كأنه واقف، وإن لم يكن بالحقيقة واقفاً؛ فإن الشمس لا تفتر عن سيرها أبداً، وهي (4) أبداً متحركة، والظل بحسبها يتحرك، والله أعلم. حديث قيس بن قهد (5) رواه الشافعي (6)، وأخرجه أبو داود (7)، وابن ماجه (8)، والترمذي (9)، وذكر الترمذي أن الراوي له عن قيس (10) محمد بن إبراهيم التيمي (11)   (1) في (أ): وقوله. (2) سقط من (أ). (3) الوسيط 2/ 559. وبعده: قبل ظهور الزيادة. (4) مكررة في (ب). (5) قال الغزالي: "ويستثنى من هذه الكراهية من الصلوات: ما لها سبب، ومن الأيام: الجمعة، ومن البقاع: مكة. فأما الأول: فلما روي أنه - عليه السلام - رأى قيس بن قهد يصلي بعد الصبح. فقال: ما هذا؟ فقال: ركعتا الفجر. فلم ينكر". الوسيط 2/ 559. (6) في الأم 1/ 268. (7) في سننه كتاب الصلاة، باب من فاتته - ركعتا الفجر - متى يقضيها؟ 2/ 51 رقم (1267). (8) في سننه كتاب إقامة الصلاة، باب ما جاء فيمن فاتته الركعتان قبل صلاة الفجر متى يقضيهما 1/ 365 رقم (1154). (9) في جامعه أبواب الصلاة، باب ما جاء فيمن تفوته الركعتان قبل الفجر ... 2/ 284 رقم (422). وممن رواه كذلك: الإِمام أحمد في المسند 5/ 447، وابن خزيمة في صحيحه كتاب الصلاة 2/ 164 رقم (1116)، والبيهقي في السنن الكبرى كتاب الصلاة 2/ 640 رقم (4391 - 4392). (10) في (أ): قيس بن محمد ... إلخ (11) هو محمد بن إبراهيم بن الحارث بن خالد التيمي أبو عبد الله المدني، تابعي جليل، قال عنه الحافظ ابن حجر: ثقة له أفراد. روى حديثه الجماعة، توفي سنة 120 هـ على الصحيح. انظر ترجمته في: تهذيب الأسماء 1/ 76، تقريب التهذيب ص: 465. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 35 ولم يسمع منه، فهو مرسل (1). وقيس وابن قهد بالقاف لا بالفاء (2)، والله أعلم. قطع بكراهيَّة (3) ركعتي الإحرام (4)؛ لأن سببها متأخر، وهو غيب قد لا يوجد. وفيه وجه آخر: أنهما لا يكرهان، وهذا نراه أقوى؛ لأن سببهما إرادة الإحرام وذلك غير متأخر (5). وقوله: "و (6) في الاستسقاء تردد؛ لأن تأخيره ممكن" (7) هذا إذا نقض بالفائتة أجبنا: بأن الفائتة تأخيرها خطر، ويخشى منه فتور الداعية، ولا كذلك   (1) الجامع الصحيح للترمذى 2/ 286. وقال النووي: ضعيف في إسناده انقطاع. التنقيح ل 86/ ب. لكن رواه ابن حبَّان في صحيحه - انظر الإحسان 4/ 429 - 430 رقم (1563)، والحاكم في المستدرك 1/ 275 وقال: "صحيح على شرطهما"، ووافقه الذهبي، وذلك من طريق ليس فيها انقطاع كما قال ابن الملقّن في تذكرة الأخيار ل 47/ أ. (2) هو قيس بن قهد الأنصاري الخزرجي الصحابي شهد بدراً وما بعدها، توفي في خلافة عثمان. قال النووي: "بهذا ذكره الفقهاء وبعض المحدثين، ورواه أكثر المحدثين: قيس بن عمرو, ولم يذكر أبو داود وآخرون من أهل السنن فيه إلا قيس بن عمرو ... وهو الصحيح". قال ابن حجر: "وذكر العسكري أن قهداً لقب عمرو والد قيس، وبهذا يجمع الخلاف في اسم أبيه". انظر: الاستيعاب 9/ 188، تهذيب الأسماء 2/ 63، الإصابة 8/ 207، التلخيص الحبير 3/ 117، تقريب التهذيب ص: 457. (3) في (أ): كراهتي. (4) قال الغزالي: "وأما ركعتا الإحرام فيكره؛ لأن سببهما الإحرام وهو عذر متأخر عنهما". الوسيط 2/ 560. (5) انظر: التنقيح ل 86/ ب - ل 87/ أ، المطلب العالي 3/ ل 100/ ب. هذا ولم يثبت عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه خصَّص الإحرام بصلاة خاصة بها، وإنما كان إحرامه في حجة الوداع بعد صلاة الظهر والله أعلم. انظر: زاد المعاد 2/ 159. (6) سقط من (أ). (7) الوسيط 2/ 560. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 36 الاستسقاء؛ فإنه يجتمع له الناس بأبلغ رغبة ورهبة، فلا يخشى من تأخيرها عن الوقت المكروه - مع قصره - فتور وفوت، والمسألة فيها وجهان لفريقين من الأصحاب، كل منهما جازم بقوله غير متردد (1)، فتعبير المصنف عن ذلك بالتردد غير مرضي، وله من ذلك الكثير، وقد اعتذرت له (2) بأن كل واحد من الوجهين مخرَّج على أصل المذهب، فينشأ منهما تردد بالنسبة إلى أصل المذهب، والله أعلم. قوله: "وأما استثناء يوم الجمعة فلما روى أبو سعيد (3) الخدري أنه نهى (4) عن الصلاة نصف النهار حتى تزول الشمس إلا يوم الجمعة) (5) هكذا وقع ههنا من غير تصريح بالناهي وهو رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وهو مصرَّح به في غير هذا الكتاب (6)، وقد روي هذا الحديث عن أبي سعيد الخدري (7) في جماعة من الصحابة بأسانيد لا تقوى. و (8) رواه أبو داود (9) من حديث   (1) انظر الوجهين في: البسيط 1/ ل 81/ أ - ب، فتح العزيز 3/ 112، روضة الطالبين 1/ 303. وأصحهما أنه لا يكره. (2) سقط من (أ). (3) في (ب): فلما روي عن أبي سعيد. (4) في (د): نهى كذا، وكأن (كذا) هنا مقحمة، والمثبت من (أ) و (ب). (5) الوسيط 2/ 560. (6) كالبسيط 1/ ل 81/ ب. (7) رواه الشافعي في مختصر المزني ص: 23 من غير إسنار، والبيهقي في معرفة السنن والآثار 2/ 278، وأشار إليه في السنن الكبرى 2/ 652 بعد روايته عن أبي هريرة فقال: وروي في ذلك عن أبي سعيد الخدري، وعمرو بن عبسة، وابن عمر مرفوعاً. (8) في (أ): قد. (9) في سننه كتاب الصلاة، باب الصلاة يوم الجمعة قبل الزوال 1/ 653 رقم (1083). الجزء: 2 ¦ الصفحة: 37 أبي قتادة (1) وذكره أن في إسناده إرسالاً (2). ورواه الشافعي من حديث أبي هريرة (3)، ونبَّه الحافظ الإِمام (4) أحمد البيهقي على ضعف أسانيده ثم (5) قال: "والاعتماد على أن النبي - صلى الله عليه وسلم - استحب التبكير إلى الجمعة، ثم رغَّب في الصلاة إلى خروج الإِمام، من غير تخصيص ولا استثناء" (6)، والله أعلم. قوله: "بل هو خاصيَّة يوم الجمعة" (7) معناه: لا يكره فيه عند طلوع الشمس، وغروبها , ولا في شيء من الأوقات. وهذا ضعيف؛ فإن الحديث لا يقتضي ذلك إلا عند (8) الاستواء (9)، والله أعلم. حديث أبي ذر في استثناء مكة (10) فيه نظر وإسناده ضعيف، وقد رواه   (1) هو الحارث بن ربعي على الصحيح أبو قتادة الأنصاري السلمي المديني, فارس رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، شهد أحداً والحديبية، روى حديثه الجماعة، توفي سنة 54 هـ. انظر ترجمته في: الجرح والتعديل 3/ 74، الاستيعاب 12/ 336، السير 2/ 449، الإصابة 11/ 302. (2) قال أبو داود: "هو مرسل، مجاهد أكبر من أبي الخليل، وأبو الخليل لم يسمع من أبي قتادة". سنن أبي داود 1/ 653. وعلى قوله هذا يكون منقطعاً، وقد عبَّر عن المنقطع بالمرسل. (3) في الأم 1/ 266. ورواه البغوي في شرح السنة 2/ 64 من غير سند من حديث عمر - رضي الله عنه -. (4) في (أ) و (ب): الإِمام الحافظ. (5) سقط من (أ). (6) السنن الكبرى 2/ 652. (7) الوسيط 2/ 560. وقبله: - بعد أن ساق حديث أبي سعيد الخدري - فقيل: يختص ذلك بمن يغشاه النعاس، فقُصد طرده بركعتين. وقيل: إنه لا يختص به، بل هو ... إلخ. (8) إلا عند: سقط من (أ). (9) انظر: التهذيب ص: 568، فتح العزيز 3/ 118 - 119، روضة الطالبين 1/ 304. (10) قال الغزالي: "وأما استثناء مكة: فلما روي عن أبي ذر أنه أخذ بعضادتي الكعبة وقال: من عرفني فقد عرفني، ومن لم يعرفني فأنا جندب سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: لا صلاة بعد الصبح حتى تطلع الشمس، ولا بعد العصر حتى تغرب إلا بمكة". الوسيط 2/ 561. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 38 الشافعي (1)، وأحمد (2)، وأخرجه الدارقطني (3)، والبيهقي (4) والله أعلم. قوله (5) "أخذ بعضادتي الكعبة (6) " أي بعضادتي بابها، وهما الخشبتان المنصوبتان عن يمين الداخل وشماله (7). وفي غير هذه الرواية: فأخذ بحلقة باب الكعبة (8)، والله أعلم. حديث: (يا بني عبد مناف من ولي منكم من أمور الناس شيئاً فلا يمنعن أحداً طاف بهذا البيت في (أي) (9) ساعة شاء من ليلٍ أو نهارٍ) (10). رواه جبير بن مطعم (11)   (1) في مختصر المزني ص: 23 من غير إسناد. (2) في المسند 5/ 165. (3) في سننه 1/ 424. (4) في السنن الكبرى كتاب الصلاة 2/ 647 رقم (4414). وقال: وهذا الحديث يعد في أفراد عبد الله بن المؤمل، وعبد الله بن المؤمل ضعيف .. إلخ. وقال النووي في التنقيح ل 87/ أ: "ضعيف". وكذا حكم عليه الزيلعي في نصب الراية 1/ 254. وقال ابن الملقن: "وأعل بالضعف، والانقطاع، والاختلاف في إسناده". تذكرة الأخيار ل 47/ ب. وقال الحافظ ابن حجر: "وعبد الله ضعيف، وذكر ابن عدي هذا الحديث من جملة ما أنكر عليه". أهـ التلخيص الحبير 3/ 125، وراجع الكامل لابن عدي 4/ 1455. (5) في (أ) و (ب): وقوله. (6) في (ب): وقوله بعضادتي البيت ... إلخ (7) انظر: المصباح المنير ص: 158، التنقيح ل 87/ أ، تذكرة الأخيار ل 47/ ب. (8) كما في الرواية التي رواها أحمد في المسند، والبيهقي في السنن الكبرى. (9) زيادة من (أ) و (ب). (10) الوسيط 2/ 561. وقبله: ولذلك لا يكره الطواف في سائر الأوقات - ثم ساق الحديث. (11) هو أبو محمد ويقال: أبو عدي جبير بن مطعم بن عدي بن نوفل بن عبد مناف بن قصي القرشي النوفلي المدني، قيل أسلم يوم فتح مكة، وقيل: قبل ذلك، وكان شريفاً مطاعاً، روي له عن النبي - صلى الله عليه وسلم - (60) حديثاً وقد روى حديثه الجماعة, توفي سنة 59 هـ، وقيل غير ذلك. انظر ترجمته في: تهذيب الأسماء 1/ 146، السير 3/ 95، الإصابة 2/ 65. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 39 أخرجه أبو داود (1)، والترمذي (2)، والنسائي (3)، وابن ماجه (4). قال الترمذي فيه: "حسن صحيح". وفي رواية له صحيحة: (فلا يمنعن أحداً طاف بهذا البيت وصلى أي (5) ساعة شاء) (6). وهذا يصلح دليلاً في الصلاة، واحتمال حمله على ركعتي الطواف قوي، والله أعلم. الوجهان المذكوران في انعقاد الصلاة في هذه الأوقات (7) مأخذهما: أن النهي راجع إلى نفس الصلاة، أو إلى أمر خارج. وهذا لا يحملنا على (8) أن نقول: هذه الكراهة كراهة تحريم (9)، خلافاً لما دلَّ عليه إطلاقهم: من أنها كراهة   (1) في سننه كتاب المناسك (الحج)، باب الطواف بعد العصر 2/ 449 برقم (1894). (2) في جامعه كتاب الحج، باب ما جاء في الصلاة بعد العصر وبعد الصبح لمن يطوف 3/ 220 رقم (868). (3) في سننه كتاب المواقيت، باب إباحة الصلاة في الساعات كلها بمكة 1/ 308 رقم (584). (4) في سننه كتاب إقامة الصلاة والسنة فيها، باب ما جاء في الرخصة في الصلاة بمكة في كل وقت 1/ 398 رقم (1254). وممن رواه كذلك الشافعي في الأم 1/ 267، وأحمد في المسند 4/ 80، وابن حبَّان في صحيحه - انظر الإحسان 4/ 421 رقم (1553)، والحاكم في المستدرك 1/ 448 وقال: "هذا حديث صحيح على شرط مسلم ولم يخرجاه". (5) في (أ) و (ب): أية. (6) انظر: هذه الرواية في سنن النسائي كتاب الحج، باب إباحة الطواف في كل الأوقات 5/ 245 رقم (2924). (7) قال الغزالي: "لو تحرَّم بالصلاة في وقت الكراهية ففي الانعقاد وجهان .... " الوسيط 2/ 562. وأصح الوجهين أنها لا تنعقد. انظر: فتح العزيز 3/ 128، المجموع 4/ 181. (8) سقط من (أ). (9) سقط من (ب). الجزء: 2 ¦ الصفحة: 40 تنزيه (1)؛ وذلك أن نهي التنزيه أيضاً يضاد الصحة إذا رجع إلى نفس الصلاة، فإنها (2) لو صحت لكانت عبادة مأموراً بها، والأمر والنهي الراجعان إلى نفس الشيء يتناقضان على ما تقرر في أصول الفقه (3)، والله أعلم. قوله في جواز أداء المنذورة فيها (4): "لأن النذر سبب كالقضاء" (5). ذهب بعض المشايخ إلى (6) أنه كان ينبغي أن يقول: كالفوات؛ لأنه هو السبب (7). قلت: ليس ذلك على ما توهمه؛ فإن النذر ههنا ليس (8) عبارة عن فعل النذر، الذي هو الالتزام، حتى يقابل بالفوات، وإنما المراد بالنذر والقضاء: وصف الصلاتين بكونهما (9) منذورة ومقضية. فصفاتهما هاتان سبب لجواز فعلهما فيها (10)، والله أعلم.   (1) انظر: المطلب العالي 3/ ل 103/ ب. (2) في (ب): لأنها. (3) انظر: روضة الناظر مع شرحها لابن بدران 1/ 134 - 136، وراجع: المجموع 3/ 181، التنقيح ل 87/ أ. (4) أي في وقت الكراهة. (5) الوسيط 2/ 562. (6) سقط من (ب). (7) انظر: فتح العزيز 3/ 129، التنقيح ل 87/ أ. (8) سقط من (أ). (9) في (د) و (أ): بكونها، والمثبت من (ب). (10) انظر: المطلب العالي 3/ ل 105/ ب. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 41 ومن باب الأذان ما ذكره من الحديث في بدء الأذان (1) لم نجده بجملته في رواية واحدة، وهو كالملتقط مما جاء في ذلك من روايات متفرقة مع تفاوتها في صحة أسانيدها (2). وما ذكره من أن عبد الله بن زيد هو أذن أولًا (3). لم أجده بعد البحث، وهو غير صحيح (4)، وفيما رواه أبو داود (5)، وغيره (6) خلافه، وأن بلالاً هو الذي أذَّن أولًا بإلقاء عبد الله بن زيد (7) عليه. وكذلك لم أجد بعد إمعان البحث ما ذكره من رؤيا بضعة عشر من الصحابة مثل ذلك (8)، والله أعلم. وقوله - صلى الله عليه وسلم -: (فإنه أندى منك صوتاً (9)): أي أبعد صوتاً وأرفع (10).   (1) انظر: الوسيط 2/ 563 - 564. (2) انظر: التنقيح ل 87/ ب، المطلب العالي 3/ ل 106/ ب وما بعدها، تذكرة الأخيار ل 48/ أوما بعدها. (3) انظر: الوسيط 2/ 563. (4) قال النووي: "قوله: ائذن لي مرة واحدة فأذن بإذنه. هذا باطل، والصواب ما وقع في سنن أبي داود وغيره أنه ألقاه على بلال فأذن بلال، ولم ينقل أن عبد الله بن زيد أَذَّن". التنقيح ل 87/ ب، وراجع تذكرة الأخيار ل 51/ ب. (5) انظر: سنن أبي داود كتاب الصلاة باب كيف الأذان 1/ 337 رقم (499). (6) كالترمذي في جامعه أبواب الصلاة باب ما جاء في بدء الأذان 1/ 358 رقم (189) وقال: "حديث حسن صحيح", وابن ماجه في سننه كتاب الأذان والسنة فيها، باب بدء الأذان 1/ 232 رقم (706). (7) في (د): زيد بن عبد الله، بالتقديم والتأخير، والتصويب من (أ) و (ب). (8) انظر: التنقيح ل 87/ ب، المطلب العالي 3/ ل 108/ أ، تذكرة الأخيار ل 52/ أ. (9) في (أ): صوتاً منك، بالتقديم والتأخير (10) انظر: النهاية في غريب الحديث والأثر 5/ 37. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 42 قوله (1): (روي أن (2) النبي - صلى الله عليه وسلم - قال لأبي سعيد الخدري: إنك رجل تحب الغنم والبادية (3)، فإذا دخل وقت الصلاة فأذَّن وارفع صوتك؛ فإنه لا يسمع صوتك شجر، ولا مدر، ولا حجر إلا شهد لك يوم القيامة) (4). أصل هذا الحديث ثابت رواه الشافعي عن مالك (5)، وأخرجه البخاري في "صحيحه" (6) عن ابن أبي أويس (7) عن مالك. لكن قول صاحب الكتاب وقول شيخه (8): (إن   (1) سقط من (أ). وفي (ب): وقوله. (2) سقط من (ب). (3) في (ب): البادية والغنم، بالتقديم والتأخير (4) الوسيط 2/ 565 وقبله: في المحل الذي يشرع فيه الأذان: وهو جماعة الرجال في كل مفروضة مؤداة. وفي الضابط قيود أربعة: الأول: الجماعة: فالمنفرد في بيته أو في سفر إذا لم يبلغه نداء المؤذن فيه قولان: الجديد: أنه يؤذن ويقيم. ثم ساق حديث أبي سعيد. (5) انظر: الأم 1/ 178. ورواه مالك في الموطأ كتاب الصلاة، باب ما جاء في النداء للصلاة 1/ 206 برقم (148). (6) انظره - مع الفتح - كتاب التوحيد، باب قول النبي - صلى الله عليه وسلم -: الماهر بالقرآن مع سفرة الكرام البررة وزينوا القرآن بأصواتكم 13/ 528 رقم (7548). ورواه برقم (609) عن عبد الله بن يوسف عن مالك، وبرقم (3296) عن قتيبة عن مالك. (7) هو إسماعيل بن عبد الله بن عبد الله بن أويس بن مالك بن أبي عامر الأصبحي أبو عبد الله ابن أبي أويس المدني، حليف عثمان بن عبيد الله التيمي، قال عنه ابن معين: "صدوق ضعيف العقل، ليس بذلك". وقال أبو حاتم: "محله الصدق، وكان مغفلاً". وقال أحمد بن حنبل: "لا بأس به". وقال ابن حجر: "صدوق أخطأ في أحاديث من حفظه". توفي سنة 226 هـ، وروى حديثه الجماعة إلا النسائي. انظر ترجمته في: التاريخ الكبير للبخاري 1/ 364، الجرح والتعديل 2/ 180، تقريب التهذيب ص: 108. (8) انظر: نهاية المطلب 1/ ل 223/ أ. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 43 النبي - صلى الله عليه وسلم - قال لأبي سعيد: إنك رجل تحب الغنم والبادية). وهم وتحريف، إنما القائل لذلك أبو سعيد للراوي (1) عنه وهو عبد الله بن عبد الرحمن بن أبي صعصعة (2): إني أراك تحب الغنم والبادية. ولفظه في كتاب البخاري عن أبي صعصعة المذكور: أن أبا سعيد الخدري قال له: (إني أراك تحب الغنم والبادية (3) فإذا كنت في غنمك أو (4) باديتك فأذَّنت بالصلاة فارفع صوتك بالنداء؛ فإنه لا يسمع مدى صوت المؤذن جنٌّ، ولا أنسٌ، ولا شيء إلا شهد له يوم القيامة. قال أبو سعيد: سمعته من رسول الله - صلى الله عليه وسلم -). ورواية الشافعي عن مالك نحو هذا أيضاً. قوله: "فلا أذان في جماعة النوافل كصلاة الخسوف، والاستسقاء، والجنازة، والعيد" (5) كان ينبغي أن يُؤخِّر ذكر الجنازة ويقول: وكذا صلاة الجنازة؛ فإنها ليست من النوافل (بل) (6) فرض كفاية عنده (7)، وعند غيره (8).   (1) في (د) و (أ): الراوي، والمثبت من (ب). (2) وهو الأنصاري المازني المدني، قال عنه الحافظ ابن حجر: "ثقة"، روى حديثه البخاري، وأبو داود، والنسائي, وابن ماجه. انظر ترجمته في: التاريخ الكبير للبخاري 5/ 130، الثقات لابن حبَّان 5/ 13، تهذيب الكمال 15/ 208، تقريب التهذيب ص: 311. (3) قوله: (ولفظه في ... والبادية) قط من (أ) و (ب). إلا أن قوله: (المذكور أن أبا سعيد الخدري قال له). موجودة في (ب) بعد قوله: (وهو عبد الله بن عبد الرحمن بن أبي صعصعة). (4) في (أ): و. (5) الوسيط 2/ 566. (6) زيادة من (أ) و (ب). (7) انظر: الوسيط 2/ 823. (8) انظر مثلاً: المهذب 1/ 132، حلية العلماء 2/ 342. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 44 قوله: "بل ينادى لها: الصلاة جامعة" (1) هو (2) بنصب الصلاة على الإغراء، وبنصب جامعة على الحال (3). والذي ذكره أبو حامد الأسفراييني (4)، وصاحب "التهذيب" (5)، وآخرون (6) أنه لا ينادى لها أيضاً: الصلاة جامعة. ولكن ما ذكره المصنف قد ذكره جماعة (7)، والله أعلم. ما ذكره في الجمع بين الصلاتين في وقت الثانية من أنه يشهد للقول بأنه: لا يؤذن، ويقتصر على إقامتين لهما أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أخَّر المغرب إلى العشاء بالمزدلفة بإقامتين (8). فهذا ممّا اختلفت الرواية فيه عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وذلك مستند اختلاف القول؛ فروى البخاري (9) من حديث ابن عمر (أنه - صلى الله عليه وسلم - جمع بينهما كل واحدة منهما بإقامة)، وفي رواية (لم يناد في كل واحدة منهما إلا بإقامة) (10)، وروى مسلم في "صحيحه" (11) من حديث جابر (أنه - صلى الله عليه وسلم - جمع   (1) الوسيط 2/ 566. (2) في (أ): بل. (3) انظر: التنقيح ل 88/ ب، المطلب العالي 3/ ل 115/ ب. (4) انظر النقل عنه في: فتح العزيز 3/ 148. (5) انظر: التهذيب ص: 398. (6) كالمحاملي وغيره. انظر: التنقيح ل 88/ ب. (7) كالفوراني في الإبانة ل 30/ أ، والشيرازي في المهذب 1/ 120، 122، والشاشي في حلية العلماء 2/ 301. (8) انظر: الوسيط 2/ 567. (9) في صحيحه - مع الفتح - كتاب الحج، باب من جمع بينهما أي المغرب والعشاء بالمزدلفة - ولم يتطوع 3/ 611 رقم (1673). (10) انظر هذه الرواية عند: البيهقي في السنن الكبرى كتاب الحج 5/ 196 رقم (9493). (11) انظره - مع النووي - كتاب الحج، باب حجة النبي - صلى الله عليه وسلم - 8/ 187. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 45 بينهما بأذان وإقامتين)، ورواية جابر في الحج ترجحت على رواية غيره؛ بأنه اقتص ذكر (1) حجته - صلى الله عليه وسلم - فساقه سياقة دلت (2) على جودة حفظه. وأيضاً ففي رواية عند (3) أبي داود (4) وغيره (5) ابن عمر أيضاً أنه أذَّن وأقام للمغرب، والله أعلم. قوله: "الجماعة الثانية في المسجد المطروق هل يؤذن لها؟ فيه قولان نقلهما صاحب "التقريب"" (6)، (ليس فيما رأيناه من النقل عن صاحب "التقريب") (7) التقييد بالمطروق (8)، فلعل (9) المصنِّف خصَّصه بالمطروق؛ لأن إقامة الجماعة الثانية في غير المطروق الذي له إمام راتب مكروهة على الأصح (10)؛ أو لأن الحاجة إلى إقامة الجماعة الثانية إنما تدعو غالباً في المسجد المطروق (11)، والله أعلم.   (1) سقط من (أ). (2) في (ب): فدلت. (3) في (أ): عن (4) انظر: سنن أبي داود كتاب المناسك، باب الصلاة بجمع 2/ 477 رقم (1933). (5) أشار إليه الترمذي في جامعه كتاب الحج، باب ما جاء في الجمع بين المغرب والعشاء بالمزدلفة 3/ 236. (6) الوسيط 2/ 568. (7) ما بين القوسين زيادة من (أ) و (ب)، غير أن في (ب): (في النقل) بدلًا عن (من النقل). (8) انظر: النقل عن صاحب التقريب في: نهاية المطلب 1/ ل 222/ أ، فتح العزيز 3/ 146. (9) في (ب): ولعلل. (10) انظر: المهذب 1/ 95، المجموع 4/ 222، التنقيح ل 89/ أ. (11) انظر: فتح العزيز 3/ 146، التنقيح الموضع السابق. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 46 قوله: "الأذان مثنى مثنى مع الترتيل (1)، والإقامة فرادى مع الإدراج (2) بأخبار صحت في ذلك" (3). هذا صحيح في كون الأذان مثنى والإقامة فرادى روينا عن أنس - رضي الله عنه - أنه قال: (أُمر بلال أن يشفع الأذان ويوتر الإقامة). اتفقا على صحته (4)، وفي رواية البخاري (5): (إلا الإقامة) (6)، ورواه يحيى بن معين (7)، وقتيبة بن سعيد (8): (أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أمر بلالًا بذلك)، (9). وأمّا   (1) قال الرافعي: "الترتيل: أن يأتي بكلماتها مبينة من غير تمطيط يجاوز الحد ... والترسل هو الترتيل" فتح العزيز 3/ 164 - 165. (2) قال النووي: "معنى الإدراج: يدخل بعض كلماتها في بعض ولا يترسَّل فيها ويقطع بعضها عن بعض بخلاف الأذان". تهذيب الأسماء واللغات 3/ 1/ 104، وقبله قال الرافعي: "والإدراج": أن يأتي بالكلمات حدراً من غير فصل". فتح العزيز الموضع السابق. (3) الوسيط 2/ 569. وفيه كلمة مثنى واحدة. (4) انظر: صحيح البخاري - مع الفتح - كتاب الأذان، باب الأذان مثنى مثنى 2/ 98 رقم (605)، وصحيح مسلم - مع النووي - كتاب الصّلاة، باب الأمر بشفع الأذان وإيتار الإقامة 4/ 77. (5) في (د) و (ب): للبخاري، والمثبت من (أ). (6) وهي كذلك في صحيح مسلم انظر: الموضع السابق منه. (7) هو أبو زكريا يحيى بن معين بن عون الغطفاني مولاهم البغدادي، إمام الجرح والتعديل، قال عنه الحافظ ابن حجر: "ثقة حافظ مشهور"، توفي بالمدينة النبوية سنة 233 هـ، وروى حديثه الجماعة. انظر: تذكرة الحفاظ 2/ 429، تقريب التهذيب ص: 597، طبقات الحفاظ ص: 185. (8) هو أبو رجاء قتيبة بن سعيد بن جميل بن طريف الثقفي البغلاني، قال عنه الحافظ ابن حجر "ثقة ثبت"، توفي سنة 240 هـ، روى حديثه الجماعة. انظر ترجمته في: تهذيب الكمال 23/ 523, السير 11/ 13، تقريب التهذيب ص: 454. (9) انظر: السنن الكبرى 1/ 608. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 47 وصف الترتيل في الأذان والإدراج فروي فيه حديث لا يصح؛ وهو ما رويناه من حديث جابر وأبي هريرة أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال لبلال: (إذا أذنت فترسل، وإذا أقمت فاحذم) (1). ورويناه موقوفاً من كتاب أبي عبيد في "غريب الحديث" (2) بإسناده عن أبي الزبير مؤذن بيت المقدس (3) أن عمر بن الخطّاب قال له ذلك. قال أبو عبيد: "قال الأصمعي: الحذم: الحدر في الإقامة، وقطع التطويل" (4). قلت: هو الحذم بالحاء المهملة والذال المعجمة (من قاله الجذم بالجيم أو بالخاء المعجمة) (5) فلم يصب في روايته (6)؛ أخبرت بقراءتي في كتاب "مجمع الغرائب" عن جامعه أبي الحسن عبد الغافر بن إسماعيل الفارسي (7) قال عند ذكره هذا   (1) رواه الترمذي في جامعه عن جابر أبواب الصلاة، باب ما جاء في الترسل في الأذان 1/ 373 رقم (195) وفي آخره: "وإذا أقمت فاحدر". قال الترمذي: "لا نعرفه إلا من هذا الوجه، من حديث عبد المنعم، وهو إسناد مجهول". وكذا عند الحاكم في المستدرك 1/ 204، ورواه الدارقطني في سننه 1/ 238 عن عمر بلفظ ... وإذا أقمت فاحذم. ورواه عن جابر وأبي هريرة البيهقي في السنن الكبرى كتاب الصلاة 1/ 628 - 629 رقم (2008، 2009). قال الحافظ ابن حجر: "وضعفوه إلا الحاكم فقال: ليس في إسناده مطعون غير عمرو بن فائد" التلخيص الحبير 3/ 165. (2) انظره 2/ 24. ورواه البيهقي بسنده عن أبي عبيد في الموضع السابق من السنن الكبرى برقم (2011). (3) قال النووي: "لا يعرف اسمه". ونقل ذلك عن أبي أحمد الحاكم وغيره. انظر: تهذيب الأسماء 2/ 232، المجموع 3/ 110. (4) غريب الحديث 2/ 24. (5) ما بين القوسين زيادة من (أ) و (ب). غير أن في (ب): من قال ... إلخ. (6) انظر: غريب الحديث لأبي عبيد الموضع السابق. (7) هو عبد الغافر بن إسماعيل بن عبد الغافر الفارسي ثم النيسابوري أبو الحسن، الحافظ البارع، تفقه بإمام الحرمين، وبرع في المذهب، من تصانيفه: مجمع الغرائب وهو في غريب الحديث، السياق لتاريخ نيسابور، المفهم لشرح مسلم، توفي سنة 529 هـ. انظر ترجمته في: السير 20/ 16، طبقات السبكي 7/ 171، طبقات الأسنوي 2/ 275. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 48 الحديث كما ذكرته: "أصل الحذم: الإسراع في المشي، فأمَّا الخذم والجذم بالخاء والجيم فهما من القطع وليسا في هذا الحديث" (1)، والله أعلم. قوله: "وبالغ مالك في الإفراد" (2) يعني في الإقامة، فيقول: الله أكبر مرة واحدة، وكذلك في آخر الأذان، وفي: قد قامت الصلاة مرة واحدة، والله أعلم. قوله: "الترجيع مأمور به لقول (3) أبي محذورة (4): علمني رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الأذان تسع عشرة (5) كلمة" (6) رواه مسلم (7)، وأبو داود (8)، والترمذي (9)،   (1) لم أقف على النقل عنه فيما بين يدي من مصادر، والله أعلم. (2) الوسيط 2/ 570. وراجع مذهب مالك في بداية المجتهد 1/ 195، التلقين 1/ 92، حاشية الدسوقي 1/ 192. (3) في (أ): الحديث. (4) اختلف في اسمه فقيل: أوس بن مِعْير بن لوذان، وقيل: سمير بن عمير بن لوذان، وقيل غير ذلك، وهو قرشي جمحي، صاحب رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، ومؤذن المسجد الحرام، كان من أندى الناس صوتاً وأطيبه، توفي سنة 59 هـ، وروى حديثه مسلم والأربعة. انظر ترجمته في: تهذيب الأسماء 2/ 266، السير 3/ 117، الإصابة 12/ 12. (5) في (ب): عشر. (6) الوسيط 2/ 570. وبعده: وكيفيته: أن يذكر كلمتي الشهادة مع خفض الصوت مرتين، ثم يعود إليه ويرفع الصوت. (7) انظر صحيح مسلم - مع النووي - كتاب الصلاة، باب صفة الأذان 4/ 80. ولكن بسبع عشرة كلمة؛ إذ أن التكبير في أوله مرتان. وقد نقل النووي في شرحه له 4/ 81 عن القاضي عياض أنه وقع في بعض طريق صحيح مسلم أربع مرات. فيكون بذلك تسع عشرة كلمة. (8) في سننه كتاب الصلاة، باب كيف الأذان 1/ 340 رقم (500). (9) في جامعه أبواب الصلاة، باب ما جاء في الترجيح في الأذان 1/ 367 رقم (192) وقال: "هذا حديث حسن صحيح". الجزء: 2 ¦ الصفحة: 49 والنسائي (1)، وغيرهم (2)، وهو في رواية مسلم وأكثر الروايات مفصَّل مع الترجيع تسع عشرة (3) كلمة، وإن لم يقولوا: تسع (4) عشرة كلمة، والله أعلم. التثويب في أذان الصبح (5) رواه أبو داود (6)، وغيره (7) في حديث أبي محذورة. ولم يخرَّج في "الصحيحين". وأكثر أصحابنا أو (8) الكثير منهم لما يجعلوا المسألة ذات قولين، ورأوا القطع باستحبابه (9). وفي "المهذب" (10): "قال أصحابنا يسن   (1) في سننه كتاب الأذان، باب كم الأذان من كلمة 2/ 331 رقم (629). (2) وممن رواه كذلك ابن ماجه في سننه كتاب الأذان والسنة فيها، باب الترجيع في الأذان 1/ 235 رقم (709)، والشافعي في مسنده ص: 364، وأحمد في المسند 3/ 409، والبيهقي في السنن الكبرى كتاب الصلاة 1/ 613 رقم (1968). (3) في (ب): تسعة عشر، وهو خطأ. (4) في (أ) و (ب): إنه تسع عشرة كلمة. (5) قال الغزالي: "التثويب في أذان الصبح مشروع على القديم". الوسيط 2/ 570. والتثويب هو: أن يقول المؤذن في أذان الصبح بعد الحيعلة: الصلاة خير من النوم، مرتين. انظر: المهذب 1/ 56، النهاية في غريب الحديث والأثر 1/ 227، فتح العزيز 3/ 169. (6) في سننه كتاب الصلاة، باب كيف الأذان 1/ 341 رقم (501). (7) كالنسائي في سننه كتاب الأذان، باب التثويب في أذان الفجر 2/ 341 رقم (646)، وابن خزيمة في صحيحه كتاب الصلاة 1/ 200 رقم (385)، والبيهقي في السنن الكبرى كتاب الصلاة 1/ 622 رقم (1971 - 1981). وراجع تذكرة الأخيار ل 56/ أ، والتلخيص الحبير 3/ 171 فقد نقلا تصحيحه عن جماعة من الأئمة. (8) في (ب): و. (9) انظر مثلاً: التعليقة للقاضي حسين 2/ 656، التنبيه ص: 27، حلية العلماء 2/ 40، التهذيب ص: 297. (10) 1/ 57. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 50 ذلك قولاً واحداً، وإنما كرهه في الجديد لأن أبا محذورة لم يحكه، وقد صحَّ ذلك في حديث أبي محذورة (1) "، والله أعلم. قوله: "المشهور أنه ليس ركناً وجهاً واحداً، وفيه احتمال (2) " (3) أي ليس فيه خلاف، وإن كان في الترجيح خلاف. "وفيه احتمال (4) " أبداه شيخه (5)؛ لأنه كسائر الأذان في شرعيَّة رفع الصوت به (6)، فكان أولى بالخلاف من الترجيع (7)، والله أعلم. ثم إنه عدَّ (8) رفع الصوت في الأذان العام الذي يعتبر فيه الإبلاغ ركناً، والترتيب شرطاً (9). وقد سبق منه في الوضوء عدُّ الترتيب ركناً (10) وهذا مشكل وشرحه: أن المبلغ إنما هو أذان يرفع به الصوت، (فرفع الصوت) (11) إذاً جزء من المبَلَغ فكان ركناً فيه، والترتيب هئية فيه يحصل أصل الإبلاغ والإعلام بدونه لما فيه من التصريح بقوله (12): حيَّ على الصلاة. ثم إنَّ له التساهل   (1) في (ب): وفي حديث أبي محذورة قد صحَّ ذلك، بالتقديم والتأخير. (2) فيه احتمال: سقط من (أ). (3) الوسيط 2/ 571. والكلام عن التثويب. (4) في (ب): خلاف. (5) انظر: نهاية المطلب 1/ ل 221/ ب. (6) سقط من (أ). (7) انظر: التنقيح ل 89/ ب. (8) في (د): عند، وهو تصحيف، والمثبت من (أ) و (ب). (9) انظر: الوسيط 2/ 572. (10) انظر: الوسيط 1/ 375. (11) ما بين القوسين زيادة من (أ) و (ب). (12) في (أ): بقول. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 51 بتسمية الشرط ركناً على جهة الاستعارة، ولهذا عدَّ الترتيب ركناً في الوضوء. وسيأتي إن شاء الله تبارك وتعالى تمام الكلام في هذا في أول باب استقبال القبلة، والله أعلم. قوله في (1) أذان الكافر لا يصح: "ويتصور ذلك منه إذا كان (2) عيسوياً أن يعتقد أن محمداً - صلى الله عليه وسلم - رسول الله إلى العرب (3) " (4) العيسوية: طائفة من اليهود، وليست هذه التسمية (5) نسبة (6) إلى عيسى بن مريم - صلى الله عليه وسلم - وعلى نبينا والنبيين وسلم، وإنما هي (7) نسبة إلى أبي (8) عيسى الأصفهاني اليهودي (9). ولا يضيق تصوير ذلك، ولا ينحصر فيما ذكره، بل ذلك متصور في كل كافر؛ لأنه وإن صار مسلماً بالشهادتين، فأول أذانه باطل لكفره حينئذٍ، فيبطل أذانه ببطلان أوله (10)، والله أعلم.   (1) في (أ): في أن. (2) في (ب): وتصور ذلك بأن يكون. (3) في (د): يعتقد أن محمداً رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مبعوث إلى العرب، والمثبت من (أ) و (ب) لموافقته نصَّ الوسيط. (4) الوسيط 2/ 573. (5) في (أ) و (ب): النسبة. (6) سقط من (ب). (7) في (ب): هو. (8) سقط من (ب). (9) انظر: الملل والنحل 2/ 239 - 240، المجموع 3/ 99، مغني المحتاج 1/ 137. واسم أبي عيسى هذا: إسحاق بن يعقوب، وقيل: عويفد الوهيم أي عابد الله، وقد كان في زمان المنصور، وتبعه على ضلالته وكفره طائفة، وقد خالف اليهود في أشياء كثيرة، وحرَّم الذبائح كلها، ونهى عن أكل كل ذي روح على الإطلاق، وأوجب عشر صلوات، إلى غير ذلك من ضلالاته. (10) انظر: التنقيح ل 90/ أ، والمجموع ومغني المحتاج في الموضعين السابقين. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 52 قوله: "ولا يعتد بأذان المجنون، والسكران المخبط" (1) هو المخبَط بفتح الباء، وهو الذي غلب عليه (2) السكر حتى صار كالنائم، والمغشي عليه (3). فالصحيح أنه لا يجري فيه الخلاف في أن السكران كالصاحي في أقواله وأفعاله (4)، والله أعلم. قوله في صفات المؤذن: "أن يكون عدلاً ثقة" (5) جمع بينهما كما جمع الشافعي بينهما (6)، واختلف أصحابه في وجه ذلك، فقيل: جمع بينهما تأكيداً. وقيل: أراد عدلاً إن كان حراً، ثقة إن كان عبداً. وقيل: أراد عدلاً في دينه، ثقة في علمه بالأوقات (7)، والله أعلم. قوله: "وقيل: سبب امتناعه (8) - صلى الله عليه وسلم -" (9) تقديره: وقيل: بل الأذان أفضل، وسبب امتناعه - صلى الله عليه وسلم - (من الأذان) (10) كذا وكذا. وما ذكره من السبب في ذلك   (1) الوسيط 2/ 573. (2) سقط من (ب). (3) انظر: التنقيح ل 90/ ب، المطلب العالي 3/ ل 133/ ب. (4) انظر: المجموع 3/ 100، وراجع الخلاف في أقوال وأفعال السكران روضة الطالبين 6/ 59. (5) الوسيط 2/ 573. (6) انظر: الأم 1/ 171. (7) انظر: الحاوي 2/ 57، فتح العزيز 3/ 193، التنقيح ل 90/ ب. (8) في (د): امتناعه قوله، و (قوله) هنا مقحمة، والمثبت من (أ) و (ب). (9) الوسيط 2/ 574. حيث قال: "إنَّ الإمامة أفضل من التأذين على الأصح؛ لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - واظب على الإمامة ولم يؤذن. وقيل: سبب ذلك أنه لو قال: حيَّ على الصلاة لَلَزم الحضور. وقيل: سببه أنه لو قال: أشهد أن محمداً رسول الله لخرج عن جزل الكلام، ولو قال: أشهد أني رسول الله لتغيَّر نظم الأذان". (10) ما بين القوسين زيادة من (أ) و (ب). الجزء: 2 ¦ الصفحة: 53 يشتمل على دعاوى غير صحيحة، والصحيح في سبب ذلك (1): (أن) (2) اشتغاله - صلى الله عليه وسلم - بأعباء النبوة، والأمور المهمة كان يشغله عن التأذين؛ لاحتياجه إلى صرف وقتٍ في مراقبة المواقيت، كما امتنع الخلفاء الراشدون منه مع انتفاء ما ذكره من السبب فيهم. وعن عمر - رضي الله عنه - أنه قال: "لو أطقت الأذان مع الخِلِّيفي لأذنت" (3). والخلِّيفي بكسر الخاء وتشديد اللام المكسورة: الخلافة (4)، والله أعلم.   (1) قوله: "يشتمل على ... ذلك" سقط من (ب). (2) زيادة من (أ) و (ب). (3) هذا الأثر رواه البيهقي في السنن الكبرى كتاب الصلاة 1/ 636 رقم (2041) بلفظ: (لو كنت أطيق الأذان مع الخليفة لأذنت). قال النووي: "إسناده صحيح". المجموع 3/ 79. (4) في (ب): هي الخلافة. وانظر: النهاية في غريب الحديث والأثر 2/ 69. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 54 ومن باب استقبال القبلة (1) قوله في صخرة بيت المقدس. "هي قبلة الأنبياء" (2) - صلى الله عليهم - مروي عن الزهري (3)، ولم نجد له إسناداً صحيحاً (4). ومشهورٌ أن إبراهيم - صلى الله عليه وسلم - وعلى نبينا - كانت قبلته الكعبة، وذلك هو السبب في ائثار رسول الله - صلى الله عليه وسلم - استقبال الكعبة فيما رواه (ابن) (5) جرير الطبري (6) بإسناده عن ابن عباس رضي الله عنهما (7). وروى أيضاً عن مجاهد (8) أن السبب: قول اليهود: يخالفنا محمَّد ويتبع   (1) في (ب): ومن الباب الثالث في الاستقبال. (2) الوسيط 2/ 577. (3) هو محمَّد بن مسلم بن عبيد الله بن عبد الله بن شهاب الزهري القرشي أبو بكر، من صغار التابعين, إمام فقيه حافظ، متفق على جلالته وإتقانه، توفي سنة 124 هـ، وروى حديثه الجماعة. انظر ترجمته في: تذكرة الحفاظ 1/ 108، البداية والنهاية 9/ 354، تقريب التهذيب ص: 506، طبقات الحفاظ ص: 42 - 43. (4) قال النووي: "لم يصح فيه شيء". التنقيح ل 91/ أ، وراجع: المطلب العالي 3/ ل 152/ أ، تذكرة الأخيار ل 58/ أ. (5) زيادة من (أ) و (ب). (6) هو الإمام المجتهد أبو جعفر محمَّد بن جرير بن يزيد بن كثير الطبري، صاحب التصانيف البديعة، جمع من العلوم ما لم يشاركه فيه أحد من أهل عصره، من تصانيفه: التاريخ، والتفسير، وتهذيب الآثار ولم يتمه، وغيرها، توفي سنة 310 هـ. انظر ترجمته في: السير 14/ 267، طبقات السبكي 3/ 120، البداية والنهاية 11/ 156. (7) انظر: تفسير الطبري - جامع البيان عن تأويل آي القرآن - 2/ 7. (8) هو أبو الحجاج مجاهد بن جبر، ويقال: ابن جبير المكي المخزومي مولاهم، من أخصِّ أصحاب ابن عباس، كان أعلم أهل زمانه بالتفسير، قال عنه الحافظ ابن حجر: ثقة إمام في التفسير، وفي العلم روى حديثه الجماعة، توفي سنة 101 هـ، وقيل غير ذلك. انظر ترجمته في: الجرح والتعديل 8/ 319، تهذيب الأسماء 2/ 83، البداية والنهاية 9/ 232، تقريب التهذيب ص: 520. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 55 قبلتنا (1). وهذا أقوم من قول (2) صاحب الكتاب: "عيَّرته (3) اليهود وقالوا: إنه على ديننا ويصلّي إلى (4) قبلتنا" (5) وينبغي أن يفسر: بأنه على ديننا في (6) القبلة. قوله: "وكان (7) يقف بين الركنين اليمانيين" (8) هو (9) مقتضى ما رويناه عن ابن عباس - رضي الله عنهما - أنه كان يصلّى نحو بيت المقدس والكعبة بي يديه (10). فإن هذا إنّما يتهيأ بالوقوف بين الركنين اليمانيين. والركنان اليمانيان: أحدهما: الركن الأسود الذي لا يسمى منفرداً بالركن اليماني، لكن هذا من باب قولهم في أبى بكر وعمر: العمران، وفي الأب والأم (11): الأبوان. والياء في آخر اليماني غير مشددة عند جماهير النحويين لكونها ليست (12) ياء النسب؛   (1) انظر: تفسير الطبري 2/ 23. (2) في (أ): كلام. (3) في (أ): فعيَّرته. (4) في (أ): على. (5) الوسيط 2/ 577. (6) في (ب) على. (7) في (د): وإن كان، و (إن) مقحمة، والمثبت من (أ) و (ب). (8) الوسيط 2/ 577. وبعده: إذ كان لا يؤثر استدبار الكعبة. (9) في (د): وهو، والواو هنا كأنّها مقحمة، والمثبت من (أ) و (ب). (10) رواه أحمد في المسند 1/ 325، والبيهقي في السنن الكبرى كتاب الصلاة 2/ 4 رقم (2193). قال الهيثمي: "رجاله رجال الصحيح". مجمع الزوائد 2/ 118 - 119. (11) في (ب): الأم والأب، بالتقديم والتأخير. (12) سقط من (ب). الجزء: 2 ¦ الصفحة: 56 لأن الألف عوض منها (1)، فلا يجمع بين العوض والمعوض (2). وأجاز المبرد (3)، وغيره (4) تشديدها، وهو غريب شاذ عند أهل العربية، والله أعلم. قوله: "وللاستقبال ثلاثة أركان: الصلاة، والقبلة، والمصلّي" (5) قلت: للإمام الغزالي - رحمه الله وإيانا - تصرف في استعمال لفظة الركن، كرره في تصانيفه، قد أشكل على الأكثرين (6) تحقيقه، وتنقيحه، ومع كثرة تداوره (7) في   (1) في (ب): عنها. (2) انظر: تهذيب اللغة 15/ 528، الصحاح 6/ 2219، تهذيب الأسماء واللغات 3/ 2/ 201. (3) أبو العباس محمَّد بن يزيد بن عبد الأكبر الأزدى النحوي البصري، إمام اللغة العربية، وكان ثقة فيما ينقله، وقيل: سمي المبرد؛ لأن المازني أعجبه جوابه فقال له: قم فأنت المبرِّد. أي المثبت للحق، ثم غلب عليه، وقيل لغير ذلك، من مصنفاته كتاب الكامل في الأدب، توفي سنة 285 هـ. انظر ترجمته في: وفيات الأعيان 4/ 313، السير 13/ 576، البداية والنهاية 11/ 84. وقد نقل قوله كنقل ابن الصلاح النووي في تهذيب الأسماء واللغات 3/ 2/ 201، ولكن وقفت له في كتابه المقتضب 3/ 145 ما يفيد مرافقته لجمهور النحويين حيث قال: "ومن ذلك قولهم في النسب إلى الشام واليمن: يمان يا فتى، وشام يا فتى، فجعلوا الألف بدلًا من إحدى الياءين، والوجه: يمنيِّ وشاميِّ، ومن قال: يماني فهو كالنسب إلى منسوب، وليس بالوجه" والله أعلم. (4) نقله الجوهري عن حكايه سيبويه، وأنشد لأمية بن خلف: يمانيَّاً يظل يشدُّ كيراً .. الصحاح 6/ 2219. (5) انظر الوسيط 2/ 577. (6) في (د) و (ب): الأكثرين من، و (من) هنا كأنها مقحمة، والمثبت من (أ). (7) في (د): تحاوره، والمثبت من (أ) و (ب). وهو بمعنى دورانه فيها. انظر: القاموس المحيط 2/ 90. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 57 كتبه لم أجد أحداً (1) تقدّم بكشفه من أهل العناية بكلامه، وقد منَّ الله تعالى الكريم بكشفه بعد مدة مديدة (2). ووجه الإشكال فيه: أن ركن الشيء عند الغزالي (3)، وغيره (4): "ما تركبت حقيقة الشيء منه ومن غيره". ثم إنه لا يزال في أمثال هذا (5) يستعمل الركن فيما ليس جزءاً من الحقيقة كما فعله ههنا؛ فإنه عدَّ الصّلاة، والمصلّى، والقبلة أركاناً للاستقبال، وليست داخلة في حقيقة الاستقبال قطعاً، ولا يستقيم أن يقال: إنه (6) أراد بالركن ما لا بدَّ منه في الاستقبال مثلًا تجوُّزاً منه؛ لأن ذلك يبطل (7) بالزمان والمكان، ويبطل بالشروط فإنها لا بدَّ منها وهو يجعلها غير الأركان. فأقول - والله الموفق -: إنَّ ركن الشيء - فيما نحن بصدده، وفي (8) أمثاله - عبارة عمَّا لا بدَّ للشيء منه (9) في   (1) سقط من (ب). (2) في (ب): طويلة. (3) لم أجده منصوصاً في كتبه، ولكن يفهم من كلامه وتقسيماته، مثل أركان القياس، وشروط الأركان. انظر: المستصفى ص: 324 فما بعدها. (4) رغم اشتهار تعريف الركن بهذا إلا أني لم أجده في أمهات كتب الأصول، وانظره في: أصول السرخسي 2/ 12، التعريفات للجرجاني ص: 112، نزهة الخاطر العاطر شرح كتاب روضة الناظر لابن بدران 2/ 303، أصول الفقه الإِسلامي لوهبة الزحيلي 1/ 100. (5) سقط من (ب). (6) سقط من (ب). (7) سقط من (ب). (8) سقط من (ب). (9) في (د): منها للشيء منها، والمثبت من (أ) و (ب)، وهو موافق لنقل ابن الرفعة عنه. انظر: المطلب العالي 3/ ل 156/ أ. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 58 وجود صورته عقلاً، إما لكونه داخلاً في حقيقته، وإما لكونه لازماً له به (اختصاص) (1)، فقولنا: لا بدَّ له منه وجود صورته فيه: احتراز عن الشرط؛ فإنه لا بدَّ منه في وجود صحته شرعاً، لا في وجود (2) صورته (3) حسَّاً. ومن أجل هذا اعتذر في كتاب النكاح حيث عدَّ (4) الشهادة من الأركان فقال: هي شرط لكن تساهلنا بتسميتها ركناً (5). وقولنا: لكونه داخلاً في حقيقته، أو لازماً له به اختصاص، أحترزنا به عن الزمان والمكان ونحوهما (6) من الأمور العامة التي لا بدَّ منها ولا تعد أركاناً. وما جعله أركاناً للاستقبال بهذه المثابة فإنّه لا بدَّ في وجود (7) صورة (8) الاستقبال حسَّاً وعقلًا من: المستقبِل، والمستقبَل، وما فيه الاستقبال. وهذه الأمور الثلاثة في هذا (9) الاستقبال الذي نحن بصدده هي: المصلي، والقبلة، والصلاة. ثم إنّه قد يستعير اسم الركن للشرط، كما فعله في عده الترتيب في الوضوء من أركانه (10)، وكذا في الشهادة في النكاح، والله أعلم.   (1) زيادة من (أ) و (ب). (2) في (د): أصل، والمثبت من (أ)، وهو موافق لنقل ابن الرفعة عنه. (3) قوله: (فيه. احتراز ... صورته) سقط من (ب). (4) سقط في (ب). (5) انظر الوسيط 5/ 53. (6) سقط من (أ). (7) في (د): وجوده، وهو خطأ، والمثبت من (أ) و (ب). (8) في (أ): صورته، وهو خطأ. (9) في (ب): هي في. (10) انظر: الوسيط 1/ 375. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 59 ما ذكره من أن (1) الفريضة مع تمام أركانها لا تصح على البعير المعقول (2)، وتصح في الزورق المشدود على الساحل (3). هو طريقة شيخه (4)، ولا يقوى الفرق بينهما، ولا يرتضى ذلك، وهو خلاف نقل صاحب "التهذيب" (5)، وغيره (6) من (7) أنه تجوز الفريضة (مع) (8) تمام أركانها على الدابة واقفةً. وفي السائرة وجهان: أحدهما: الجواز كالسفينة الجارية (9)، والله أعلم. قوله: "روي أنّه - صلى الله عليه وسلم - أوتر على البعير، فاستدلَّ به الشافعي على أنه (10) غير واجب" (11) هذا مشكل من حيث إنَّ الوتر كان واجباً على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - (12)، وقد   (1) سقط من (ب). (2) المعقول: المشدود، يقال: عقلت البعير عقلًا هو أن تثني وظيفه - أي ما فوق الرسغ إلى الساق - مع ذراعه فتشدهما جميعاً في وسط الذراع بحبل. وذلك هو العقال. انظر: المصباح المنير ص: 160، وفي تعريف الوظيف ص: 255. (3) انظر: الوسيط 2/ 578. (4) انظر: نهاية المطلب 2/ ل 3/ أ. (5) انظر: التهذيب ص: 414. (6) كالشاشي في حلية العلماء 2/ 77. وممن نقله كذلك المتولي والروياني انظر: التنقيح ل 91/ ب. (7) في (أ): مع. (8) زيادة من (أ) و (ب). (9) أصحهما عدم الجواز. انظر: فتح العزيز 3/ 210، روضة الطالبين 1/ 319. (10) في (ب): أن الوتر. (11) الوسيط 2/ 579، وانظر نصَّ كلام الشافعي في: مختصر المزني ص: 16. (12) ذكر النووي أن الصحيح عند أصحاب الشافعي: أن الوتر واجب على النبي - صلى الله عليه وسلم -، وقيل سنة. تهذيب الأسماء واللغات 1/ 38 وراجع المجموع 4/ 20. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 60 أداه مع ذلك على الراحلة (1). وسئلت عن ذلك بنيسابور - حرسها الله تعالى وسائر بلاد الإسلام وأهله - فأجبت: بأن الاستدلال بذلك وقع على نفي وجوبه على العموم، كما صار إليه أبو حنيفة (2). فنقول: لو كان واجباً على المكلفين على العموم لما جاز أداؤه على الراحلة كسائر الواجبات التي هي على العموم، وقد جاز أداؤه على الراحلة (3) بدلالة فعله - صلى الله عليه وسلم -، فلا يكون (4) واجباً على العموم، ولا أثر للنزاع في (5) التسمية (6) التي لا مستند لها عند التحقيق إلا اصطلاح مجرد أريد به الفرق بين المقطوع بلزومه، وغير المقطوع. وهذا الذي قررته حاكم بالإبطال على ما رأيته من بعد (من) (7) حكاية الروياني (8) صاحب "البحر" عن والده (9) من قدحه في الاستدلال المذكور، وقوله: لم يدل ذلك على نفي وجوبه عنه، فلأن لا يدل على نفي وجوبه عن غيره أولى، والله أعلم.   (1) روى الشيخان عن ابن عمر - رضي الله عنه - قال: (كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يسبِّح على الراحلة قِبَلَ أي وجه توجه، ويوتر عليها ... الحديث) انظر: صحيح البخاري - مع الفتح - كتاب تقصير الصلاة، باب ينزل أي من الدابة - للمكتوبة 2/ 669 رقم (1098)، وصحيح مسلم - مع النووي - كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب جواز صلاة النافلة على الدابة حيث توجَّهت 5/ 210. (2) مروي عن أبي حنيفة ثلاث روايات في الوتر: فرض، واجب، سنة. انظر: المبسوط 1/ 155، بدائع الصنائع 1/ 270، حاشية ابن عابدين 2/ 439. (3) قوله: (كسائر ... الراحلة) سقط من (ب). (4) سقط من (ب). (5) في (أ): على. (6) هذا جواب على اعتراض مقدَّر وهو: لو اعترض حنفي بأن الوتر واجب، وليس بفرض. فالجواب ما ذكره المؤلف. والله أعلم (7) زيادة من (أ) و (ب). (8) انظر النقل عنه في: التنقيح ل 92/ أ. (9) وهو إسماعيل بن الشيخ أبي العباس أحمد بن محمَّد بن أحمد الروياني الطبري، قال الأسنوي: تكرر ذكره في الرافعي ... ولم أقف له على تاريخ الوفاة. انظر ترجمته في: طبقات الأسنوي 1/ 565. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 61 قوله: "فلو كان راكب تعاسيف فلا يتنفل أصلًا" (1) ذكر الأزهري (2) أن العسف: هو ركوب الأمر بغير رويَّة، وركوب الفلاة وقطعها من (3) غير صوب. وقوله "فلا يتنفل أصلًا" أطلقه، وقد قيده شيخه في "النهاية" (4) فقال: "فلا يتنفل أصلًا إذا لم يكن مستقبلًا في جميع صلاته". فأقول: التنفل على الراحلة رخصة من رخص السفر على ما تقرر (5)، وراكب التعاسيف لا يترخص برخص السفر، فهو إذاً كالمقيم. والمقيم لو تنفل على الدابة مستقبلًا للقبلة في جميع الصلاة ففي "النهاية" (6) عن القفال تجويز ذلك. والصحيح أنه كالمتنفل مضطجعاً مع القدرة مومياً إلى الركوع والسجود، وذلك غير جائز على ظاهر المذهب (7)، والله أعلم. ما ذكره من أن تحريفه دابته عن صوب طريقه (8) عمداً مبطل لصلاته (9). ليس على إطلاقه؛ فإنه لو حرفها إلى القبلة لم تبطل صلاته؛ فإنها هي الأصل، وإنما هو مخصوص بما إذا حرفها عن صوب الطريق إلى غير جهة القبلة. وبذلك قيد غيره كلامه في ذلك (10)، والله أعلم.   (1) الوسيط 2/ 580. وبعده: لأن الثبوت على جهة لا بدَّ منه. (2) انظر: تهذيب اللغة 2/ 106. (3) في (أ) و (ب): على. (4) 2/ ل 5/ ب. (5) انظر: الوسيط 2/ 579. (6) 2/ ل 2/ أ. (7) انظر: فتح العزيز 3/ 299، المجموع 3/ 276. (8) في (ب): الطريق. (9) انظر: الوسيط 2/ 581. (10) انظر: فتح العزيز 3/ 215، التنقيح ل 93/ أ. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 62 ذكر أنّه إذا أماله عن قبلته إنسان وقصر الزمان فقيل البطلان وجهان. وقال فيما إذا كان بجماح (1) دابته: الظاهر أنّه لا تبطل (2). فاعلم أنّهم قطعوا في الجماح بعدم البطلان مع قصر الزمان (3)، فإن كان أراد بقوله "الظاهر أنّه لا تبطل" أن فيه خلافاً، فقد انفرد بذلك عن غيره (4)، والله أعلم. قوله في جماح الدابة: "لا يسجد للسهو إذ لا تقصير منه" (5) وجهه: أن ذلك فعل الدابة لا فعله، بخلاف انحرافه ناسياً، ومنهم من سوَّى فقال. يسجد فيهما (6)، والله أعلم. قوله: "وإن كان في مرقد (7) فليتم الركوع والسجود" (8) وهكذا يلزمه استقبال القبلة في جميع صلاته لتيسره (9)، والله أعلم. ما ذكره من (10) أن (11) الماشي يتشهد لابثاً على الأرض، ولا يمشي إلا في حالة القيام (12) قد نقله الشيخ أبو محمَّد الجويني (13) عن نصِّ الشافعي، وأضاف   (1) جمح الفرس براكبه يجمح جماحاً وجموحاً: اسعتصى حتى غلبه. انظر: المصباح المنير ص: 41. (2) انظر: الوسيط 2/ 581. (3) انظر: الإبانة ل 31/ أ، المهذب 1/ 69، حلية العلماء 2/ 79. (4) انظر: فتح العزيز 3/ 216. (5) الوسيط 2/ 581. (6) انظر: المهذب 1/ 69، حلية العلماء 2/ 79، روضة الطالبين 1/ 321. (7) المرقد: المضجع، وذلك كراكب السفينة مثلًا. انظر: الصحاح 2/ 476، القاموس المحيط 1/ 409. (8) الوسيط 2/ 581. (9) انظر: التنقيح ل 93/ أ. (10) في (أ): في. (11) سقط من (ب). (12) انظر: الوسيط 2/ 582. (13) انظر النقل عنه في: فتح العزيز 3/ 217. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 63 ولده إمام الحرمين نقل ذلك عن النصِّ إلى الأصحاب (1)، وغيرهما نقل النصَّ في لبثه في الركوع والسجود دون التشهد وألحقوا التشهد (2) بالقيام في جواز مشي الماشي فيه؛ لطول زمانه، وإلى هذا صار الشيخ أبو حامد الأسفراييني (3)، وغيره من العراقيين (4)، وصاحبا (5) "التهذيب" (6)، و"التتمة" (7) من الخراسانيين، وهو ظاهر المذهب (8)، والله أعلم. وأما قوله: "وحكم استقباله حكم راكب بيده زمام دابته" (9) فهذا إطلاق غير مرضي، والصواب فيه (10) ما ذكره شيخه (11) من أن هذا إنما هو على تخريج ابن سريج (12) في أن الماشي ليس عليه اللبث، وأنه كالراكب في جواز السير، والإيماء في الركوع وغيره. فعلى هذا حكم استقباله في حالة التحرم وما بعده حكم راكب وغيره زمام دابته، وأما إذا فرعنا على النص، وظاهر المذهب في   (1) انظر: نهاية المطلب 2/ ل 7/ ب. (2) وألحقوا التشهد: سقط من (ب). (3) انظر النقل عنه في: فتح العزيز 3/ 217، التنقيح ل 94/ أ. (4) انظر: المجموع 3/ 237. (5) في (د): صاحب، والمثبت من (أ) و (ب). (6) انظر: التهذيب ص: 412. (7) انظر النقل عنه في: التنقيح ل 94/ أ. (8) انظر: فتح العزيز 3/ 217، روضة الطالبين 1/ 322، المنهاج 1/ 144، الغاية القصوى 1/ 277، مغني المحتاج 1/ 144. (9) الوسيط 2/ 582. وقبله: أمّا الماشي فيتنفل عندنا ... وحكم استقباله ... إلخ (10) سقط من (أ) و (ب). (11) في نهاية المطلب 2/ ل 8/ أ. (12) سقط من (ب). الجزء: 2 ¦ الصفحة: 64 وجوب اللبث في ذلك، فاستقباله القبلة في التحرم وهذه الأفعال واجب قطعاً، قطع به الأصحاب (1) ووجهه ظاهر، والله أعلم. ذكر أنّه إذا استقبل وهو في جوف الكعبة - زادها الله شرفاً - بابها وهو (2) مفتوح والعتبة مرتفعة قدر مؤخرة الرحل جاز ذلك (3). فمؤخرة الرحل: الصحيح أنها بميم مضمومة، تاء همزة ساكنة، ثم خاء معجمة مكسورة، وفي آخرها (4) تاء التأنيث، وهي عبارة (عمَّا) (5) يستند إليه راكب الرحل من خلف ظهره (6). والرحل منزلته من ظهر الجمل منزلة البردعة (7) من ظهر الحمار. ثم ما مقدار مؤخرة الرحل؟ ففي "النهاية" (8) في نفس هذه المسألة: "أنّها تقارب ثلثي ذراع". وفي "المهذب" (9) في بيان سترة المصلّي ممّن يمر بين يديه أن مؤخرة الرحل: "ذراع"، (وذكره) (10) عن   (1) انظر: التعليقة للقاضي حسين 2/ 674، الإبانة ل 31/ أ، المهذب 1/ 69، حلية العلماء 2/ 77. (2) سقط من (ب). (3) انظر: الوسيط 2/ 583. (4) في (ب): ثم تاء ... (5) زيادة من (أ) و (ب). (6) انظر: المصباح المنير ص: 3. (7) البردعة: بالدال والذال، ما يركب عليه، وهي بمنزلة السرج للفرس. انظر: المصباح المنير ص: 17. (8) 2/ ل 10/ ب. (9) 1/ 69. (10) زيادة من (أ) و (ب). الجزء: 2 ¦ الصفحة: 65 عطاء (1). و (2) هذا قد رويناه في "السنن الكبير" (3) بإسناد صحيح عن عطاء - وهو ابن أبي رباح - وعن قتادة (4): "أنّها ذراع وشبر". ورويِّنا من "سنن أبي داود" (5) عن عطاء قال: "مؤخرة الرحل ذراع فما فوقه". وذكر ابن الصباغ (6)، وغيره (7) أنّه يكفي في ذلك شاخص دون ذلك، ويجزئ أن يكون مستقبلًا جزءاً من البيت، والله أعلم. قوله: "ولو غرز بين يديه خشبة فوجهان" (8) هذا عنده فيما إذا لم تكن مسمَّرة (فإن كانت مسمَّرة) (9) كفت من غير خلاف يجري فيها من جهة   (1) هو أبو محمَّد عطاء بن أبي رباح، واسم أبي رباح أسلم، المكي القرشي مولاهم، من كبار التابعين، قال عنه الحافظ ابن حجر: "ثقة فقيه فاضل، لكنه كثير الإرسال". روى حديثه الجماعة، توفي سنة 114 وقيل: 115 هـ. انظر ترجمته في: الجرح والتعديل 6/ 330، السير 5/ 78، تقريب التهذيب ص: 391. (2) سقط من (ب). (3) في كتاب الصلاة 2/ 381 رقم (3458). (4) هو أبو الخطّاب قتادة بن دعامة بن قتادة السدوسي البصري التابعي، ولد أعمى، قال عنه الحافظ ابن حجر: ثقة ثبت. روى حديثه الجماعة، توفي سنة 117 هـ. وقيل: 118 هـ. انظر ترجمته في: تهذيب الأسماء 2/ 57، السير 5/ 269، تقريب التهذيب ص: 453. (5) في كتاب الصلاة، باب ما يستر المصلّي 1/ 442 رقم (686). قال النووي: إسناده صحيح. المجموع 3/ 246. (6) انظر النقل عنه في: فتح العزيز 3/ 220. (7) وهو محكي كذلك عن الشيخ أبي حامد انظر: فتح العزيز الموضع السابق. (8) الوسيط 2/ 584. (9) ما بين القوسين زيادة من (أ) و (ب). الجزء: 2 ¦ الصفحة: 66 الثبات (1). لكن في "النهاية" (2) أنّه يطرد فيه (3) الخلاف الآتي فيما إذا وقف على طرف الكعبة خارجاً ونصف بدنه خارجاً عن محاذاة الركن (4)، والله أعلم. قوله: "أمّا في سائر البلاد فيجوز الاعتماد على المحراب المتفق عليه" (5) يعني المتفق عليه بين (6) أهل البلدة على تعاقب الأزمان (7)، وهذا مخصوص بالبلاد والقرى الكثيرة الأهلين (8). وقوله "فيجوز الاعتماد عليه" بل يجب الاعتماد عليه فيما يرجع إلى أصل جهته (9). ثم إنَّ في النفس إشكالًا من هذا الحكم. ومن أحسن ما قيل في تقريره قول صاحب "الحاوي" (10) فيه: "إنّه يتعذر مع اتفاقهم على قديم الزمان، وتعاقب الأعصار، وكثرة العدد، أن يكونوا على خطأ يستدركه الواحد باجتهاده". ولا يزول الإشكال بهذا؛ فإنهم بعض الأمة، بل عدد يسير بالنسبة إلى سائر الأمة، وبعض الأمة (11) يتمكن منهم (12) احتمال الخطأ، ولهذا لم يكن اتفاق مثلهم من العلماء على حكم من أحكام الشرع   (1) انظر: التنقيح ل 94/ ب، المطلب العالي 3/ ل 176/ ب. (2) 2/ ل 10/ أ. (3) سقط من (ب). (4) انظر: الوسيط 2/ 584. (5) الوسيط 2/ 585. (6) في (أ): عند. (7) في (أ): الزمان. (8) انظر: التنقيح ل 95/ أ، المطلب العالي 3/ ل 180/ ب (9) انظر: التهذيب ص: 419. (10) انظر: الحاوي 2/ 71. (11) سقط من (ب). (12) في (أ): منه. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 67 حجة. فأقول: إن لم يكن ذلك إجماعاً فالإجماع منعقد على اتباعه والعمل به (1)؛ فإن جميع السلف والخلف مجمعون على أن (2) من انتهى إلى بلد صلّى إلى قبلة أهله ولم يجتهد، والله أعلم. قوله في الأعمى: "قلَّد شخصاً، بصيراً، مكلفاً، مسلماً، عارفاً بأدلة القبلة" (3) ترك شرط العدالة (4) مع كونه (5) ذكر ما هو أوضح منه وهو التكليف وغيره، والله أعلم. قوله: "وإن أرتج عليه طريق الصواب" (6) أُرتج هو بضم الهمزة، وإسكان الراء، وكسر التاء: أي أغلق عليه، ونفد نظره (7)، بخلاف الذي ذكره قبله (8). قوله: "فيصلّي على حسب حاله" (9) هو بفتح السين أي على قدر حاله (10)، وأكثر الفقهاء يغلطون بتسكين السين منه. قوله: "وأمّا البصير الجاهل بالأدلة" (11) يعني به: المتمكن من تعلمها (12)، والله أعلم.   (1) وممن نقل الإجماع على ذلك صاحب الشامل انظر: المجموع 3/ 201. (2) في (أ): أنسه. (3) الوسيط 2/ 585. (4) انظر: التنقيح ل 95/ أ. (5) في (ب): أنه. (6) الوسيط 2/ 585. (7) انظر: الصحاح 1/ 317، القاموس المحيط 1/ 259، المصباح المنير ص 83. (8) وهو المجتهد الذي ضاق عليه الوقت وهو مارٌّ في نظره. انظر: الوسيط 2/ 585. (9) الوسيط 2/ 586. (10) انظر: القاموس المحيط 1/ 72، التنقيح ل 95/ ب. (11) الوسيط 2/ 586. (12) انظر: التنقيح ل 95/ ب. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 68 قوله: "أمّا إذا كان له الخطأ يقيناً ولم يظهر له جهة (1) الصواب إلا بالاجتهاد، ففي القضاء قولان مرتبان، وأولى بأن لا يجب؛ لأن الخطأ ممكن في القضاء فأشبه خطأ الحجيج يوم عرفة" (2) يرد عليه أن يقال: ليس مثله؛ لأن القضاء ليس على الفور، فهو متمكن من تأخيره إلى أن يصل إلي بعض محاريب البلد (3) التي يأمن معها من الخطأ. وقد (4) اعترض إمام الحرمين (5) بنحو هذا على ذلك. فأقول في تقريره: لو وجب القضاء لجاز له على الفور بالاجتهاد؛ فإنّه لا يجب تأخيره ولأمكن (6) فيه حينئذٍ من الخطأ ما ليس مثله فيما إذا بان له جهة الصواب يقيناً. وهذا القدر كاف في ترتيبه عليه، وفي ثبوت الأولوية (7) (المذكورة) (8). وينبغي أن يشرح معنى (9) ترتيب الخلاف على الخلاف (10).   (1) في (ب): ولم تظهر جهة ... إلخ. (2) الوسيط 2/ 587. وقبله: فأمَّا من اجتهد في أول الوقت وهو متمكن من الصبر فالأوجه أن يقال: اجتهاده صحيح بشرط الإصابة، وسلامة العافية، أمّا إذا بان الخطأ ... إلخ. (3) في (أ) و (ب): البلاد. (4) في (ب): فقد. (5) انظر: نهاية المطلب 2/ ل 14/ ب. (6) في (أ): لا يمكن، وفي نقل ابن الرفعة عن ابن الصلاح: ولا يأمن. انظر: المطلب العالي 3/ ل 190/ أ. (7) في (ب): الأوليَّة. (8) زيادة من (أ) و (ب). (9) سقط من (ب). (10) يوجد بياض بعده في (أ) بمقدار سطرين ونصف السطر، ولا يوجد شيء في (د) و (ب). وفي معنى ترتيب الخلاف على الخلاف قال الرافعي: "ومتى رتَّب المذهبيون صورة على صورة في الخلاف جعلوا الثانية أولى بالنفي أو الإثبات، حصل في الصورة المرتبة طريقان: أحدهما: طرد الخلاف. والثاني: القطع بما في الصورة الأخيرة". فتح العزيز 3/ 234 - 235، وراجع المطلب العالي 3/ ل 190/ أ - ب. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 69 قوله فيما إذا بان له الخطأ في أثناء الصلاة: "الثاني: أنّه يستأنف؛ لأن الجمع في صلاة واحدة بين جهتين مستنكر" (1) قلت: الفرق بين هذا وبين فعل أهل قباء (2): أن ذلك جمع بين قبلتين كلّ واحدة منهما صواب، وهذا جمع بين جهتين (3) والقبلة واحدة، وإحدى الجهتين خطأ، فلا يجوز؛ كالجمع في قضيَّة واحدة بين حكمين مختلفين، والله أعلم. قوله فيما إذا أدرك في أثناء الصلاة جهة الصواب على القرب: "مدة القرب تعتبر بما إذا صُرف وجه المصلّي عن القبلة قهراً" (4) هذا مشكل؛ فإنّه يسبق إلى الفهم منه (5) أنّه أحال على ذلك في بيان مقدار مدَّة القرب، وذلك حوالة على عدم؛ فإنه لم يذكر ذلك هنالك (6) والعهد به قريب (7). والأمر فيه (8) ما   (1) الوسيط 2/ 587. (2) فعلهم ما ورد في حديث ابن عمر قال: (بينا الناس بقباء في صلاة الصبح إذ جاءهم آت فقال: إنَّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قد أنزل عليه الليلة قرآن، وقد أمر أن يستقبل الكعبة، فاستقبلوها. وكانت وجوههم إلى الشام، فاستداروا إلى الكعبة). انظر: صحيح البخاري - مع الفتح - كتاب الصلاة، باب ما جاء في القبلة 1/ 603 رقم (403)، وصحيح مسلم - مع النووي - كتاب المساجد، باب تحويل القبلة من المقدس إلى الكعبة 5/ 10. (3) في (ب): جهتين مختلفتين. (4) الوسيط 2/ 587. (5) سقط من (ب). (6) في (ب): هناك. (7) انظر: التنقيح ل 96/ ب. (8) في (أ) و (ب): فيه على. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 70 ذكره شيخه (1) من أنّه يعتبر في ذلك طول الزمان وقصره؛ فإن طال بطلت صلاته، وإن قصر فوجهان وإن لم يمض ركن في تلك الحالة، ولا يعتبر في ذلك ما اعتبر فيما إذا شكَّ بعد التحرُّم بالصلاة (2) في النيَّة (3)، ثم تذكَّر أنّه كان قد نوى، كما ذهب إليه الشيخ أبو محمّد (4) من أنّه إن مضى في حالة الشكِّ ركن لا يزاد مثله بطلت صلاته و (5) إن قصر الزمان، وإن لم يمضِ ركن لم تبطل صلاته، وإن طال الزمان فعلى أحد الوجهين؛ وهذا لأنه في حالة تردده في جهة القبلة في حكم المنحرف عن القبلة. ثم إنّه ينبغي أن يرجع في معرفة طول الزمان إلى العرف، فإن لأهله حكماً شائعاً فيما طال من الزمان، وفيما قصر منه (6). وفيما علَّقته (7) ممّا علِّق عنه في الدرس تحديد طول الزمان بأن يمضي ركن أو وقت مضي ركن. وهذا شيء آخر غير مرضي، والله أعلم. ما (8) ذكره من الخلاف في أن مطلوب المجتهد في اجتهاده جهة الكعبة، أو عينها، ونسبته الخلاف إلى الأصحاب، وقدحه في القول بالجهة بدلالة الصف الطويل (9) القريب من الكعبة الخارج بعضه من محاذاة الكعبة، وقدحه في القول   (1) انظر: نهاية المطلب 2/ ل 16/ أ. (2) في (د): في الصلاة، والمثبت من (أ) و (ب). (3) في (د) و (أ): بالنيَّة، والمثبت من (ب). (4) في (ب): أبو محمَّد الحويني. وانظر النقل عنه في: نهاية المطلب 2/ ل 16/ أ. (5) سقط من (أ). (6) انظر: التنقيح ل 97/ أ. (7) في (أ): علَّقته بخراسان. (8) في (ب): قوله: ما، وهي هنا مقحمة. (9) سقط من (ب). الجزء: 2 ¦ الصفحة: 71 بالعين بدلالة الصف الطويل البعيد، وتأويله قولهم، وقوله: "لعلّ مراد الأصحاب أن بين موقف المحاذي الذي يقول الحاذق فيه (1): انه على غاية السداد. وبين موقفه الذي يقال فيه: إنه خرج فيه عن اسم الاستقبال بالكلية، مواقف يقال فيها: إنَّ بعضها أسدَّ من بعض، وإن كان الكل سديداً، فطلب الأسدَّ هل يجب؟ فيه وجهان" (2) فأقول: حاصل ما ذكره: القطع بأنّه يجب على المجتهد أن (3) يطلب باجتهاده استقبال (4) عين الكعبة ومحاذاتها من حيث الاسم لا من حيث الحقيقة التي من شأنها أنّه لو مدَّ خيط مستقيم من موقفه إلى الكعبة (5) لانتهى إليها نفسها، ورد الخلاف المذكور إلى أنّه هل (6) يجب طلب (7) الأقوم والأسدّ ممّا يشمله اسم الاستقبال، أو (8) يكفي مجرد ما هو سديد يشمله اسم الاستقبال، وإن لم يكن بالأسدِّ؟ (9) ثم إنَّ سياق كلامه يقتضي أن موقف المحاذي لها على غاية السداد ليس من قبيل الأسد المذكور، وليس كذلك بل هو منه وأولى. إذا (10) فهمت ما صار إليه فاعلم أن هذه طريقة اخترعها إمام   (1) سقط من (ب). (2) الوسيط 2/ 588. (3) في (أ): بأن. (4) سقط من (ب). (5) في (أ): بالكعبة. (6) سقط من (ب). (7) سقط من (ب). (8) في (أ): و. (9) انظر: المطلب العالي 3/ ل 193/ ب. (10) في (أ): وإذا. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 72 الحرمين (1)، واتبعه هو فيها مع تصرف يسير، والذي عليه نَقَلَةُ المذهب أن المسألة ذات قولين، لا ذات وجهين (2): أحدهما - وهو نصُّه في "الأم" (3) -: أن فرضه طلب عين الكعبة. ومن الأصحاب من جعله المذهب قولًا واحداً، وقال: القول الثاني المنسوب إلى نقل المزني (4): أن فرضه الجهة، لا يعرف للشافعي، وإنّما هو قول أبي حنيفة (5)، وهذه هي طريقة الشيخ أبي حامد الأسفراييني (6)، وهذا القول هو الأصح عند جماعة منهم: القفال (7)، ومن الدليل عليه حديث ابن عباس في "الصحيحين" (8) (أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لما دخل البيت، خرج وصلّى إليه وقال هذه القبلة). ومن الدليل على القول بأن الجهة فرضه ما ثبت من قول عمر بن الخطاب - رضي الله عنه -: (ما بين المشرق والمغرب قبلة) (9).   (1) انظر: نهاية المطلب 2/ ل 17/ ب - ل 18/ أ. (2) وأظهر القولين هو أن المطلوب عين الكعبة، انظر: التعليقة للقاضي حسين 2/ 681، المهذب 1/ 67، التنبيه ص: 29، حلية العلماء 2/ 72، فتح العزيز 3/ 242. (3) 1/ 190. (4) انظر: مختصر المزني ص: 16. (5) انظر مذهب أبي حنيفة في: بدائع الصنائع 1/ 118، فتح القدير 1/ 270، اللباب شرح الكتاب 1/ 64. (6) انظر النقل عنه في: التنقيح ل 97/ أ. (7) انظر النقل عنه في: روضة الطالبين 1/ 329. (8) انظر: صحيح البخاري - مع الفتح - كتاب الصلاة، باب قول الله تعالى: {وَاتَّخِذُوا مِنْ مَقَامِ إِبْرَاهِيمَ مُصَلًّى} 1/ 597 رقم (398)، وصحيح مسلم - مع النووي - كتاب الحج، باب استحباب دخول الكعبة للحاج وغيره 9/ 87. (9) رواه البيهقي في السنن الكبرى كتاب الصلاة 2/ 15 رقم (2232). قال النووي: "وصح عن عمر - رضي الله عنه - موقوفاً عليه". المجموع 3/ 208. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 73 ومنهم من رفعه عنه إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، والمشهور وقفه على عمر - رضي الله عنه - (1). ثم إنّه لا يقدح في القول بالعين صحة صلاة (2) الصف الطويل كما ذكره؛ لأنّه كلما بعدت المسافة كثر المحاذي للعين حقيقة (3)، ألا ترى أن النار المشتعلة على رأس جبل يقف من لا يحصى من الخلق في محاذاتها بحيث يكون كل واحد منهم محاذياً لعينها حتى لو مدَّ من موضعه خيطاً إليها لاتصل الخيط بها نفسها (4)، ولأنّه إن خرج بعضهم عن مسامتة (5) عينها حقيقة فهو غير متعين فلا يحكم على أحد متهم ببطلان صلاته لذلك، كما لو صلّى أربع (6) إلى (7) أربع جهات بأربع اجتهادات (8). ثم إنا لو سلكنا طريقة من يفسر استقبال (9) عينها بما يعد استقبالًا لعينها اسماً لا حقيقة، واكتفينا بذلك، لكنا مكتفين بأصل اسم (10) الاستقبال   (1) انظر: السنن الكبرى الموضع السابق. ورواه الترمذي عن أبي هريرة مرفوعاً وقال: "حديث حسن صحيح"، وصححه أحمد شاكر في تحقيقه لجامع الترمذي. انظر: جامع الترمذي أبواب الصلاة، باب ما جاء أن ما بين المشرق والمغرب قبلة 2/ 173 رقم (344)، وأخرجه كذلك ابن ماجه في سننه كتاب إقامة الصلاة والسُّنَّة فيها، باب القبلة 1/ 323 رقم (1011). (2) في (أ) و (ب): صلوات. (3) سقط من (ب). (4) في (أ): بنفسها. (5) سامته مسامتة بمعنى قابله ووازاه. انظر: المصباح المنير ص: 109. (6) في (د): أربعة، والمثبت من (أ). (7) أربع إلى: سقط من (ب). (8) في هذه المسألة - لو صلّى أربع صلوات إلى أربع جهات بأربع اجتهادات - قال الغزالي: "فالنص أنّه لا قضاء قولًا واحداً؛ لأن الخطأ لم يتعين". الوسيط 2/ 589. (9) في (ب): استقبال القبلة. والقبلة هنا كأنّها مقحمة. (10) في (ب): باسم، بدلًا عن (بأصل اسم). الجزء: 2 ¦ الصفحة: 74 مسوِّين بين جميع من يشمله اسم المستقبل (1) من غير تخصيص للأسدِّ كما ذكره. وأمّا قدحه في القول بأن فرضه الجهة بدلالة أن الصف القريب من الكعبة إذا خرج بعضهم عن محاذاة عين الكعبة لم تصح صلاته، وإن كان مستقبلًا للجهة. فأقول: إنه غير ممتنع من (2) أن يفرق في ذلك بين القريب والبعيد (3)؛ فيكتفى في حق البعيد بالجهة، وإن لم توجد محاذاة العين أصلًا، ترخيصاً وتوسعةً؛ لما في إيجاب محاذاة العين عليه من الإحواج (4) إلى تعلم (5) أدلة القبلة مع العسر في تعلمها واستعمالها. فقد قررنا - ولله الحمد الأكمل - وجه ما اشتهر بين العلماء منا ومن غيرنا من الاختلاف في أن الفرض طلب عين الكعبة أو جهتها، ووضح معناه من غير حاجة إلى سلوك المضيق الوعر الذي سلكه صاحب الكتاب وشيخه ومن أخذ عنهما، والله أعلم. قوله: "ولو قطع بخطئه، فيلزمه القبول" (6) يعني سواء كان القاطع بخطأ مقلِّده أعلم من مقلَّده، أو دونه، أو مثله، وإن ساوى مقلّده في كونهما مجتهدين؛ نظراً إلى كونه قطع والأول لم يقطع. هكذا نقل ذلك إمام   (1) قوله: (مسوِّين ... المستقبل) سقط من (ب). (2) سقط من (أ) و (ب). (3) في (د): القرب والبعد، والمثبت من (أ) و (ب). (4) في (أ): الاحوجاج. (5) في (د): إلى أن يتعلم، والمثبت من (أ) و (ب). (6) الوسيط 2/ 589. وقبله: إذا تحرَّم المقلِّد بالصلاة، فقال له من هو دون مقلِّده أو مثله: أخطأ بك فلان، لم يلزمه قبوله، وإن كان أعلم منه فهو كتغير اجتهاد البصير أثناء الصلاة. ولو قطع ... إلخ. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 75 الحرمين (1) عن الأئمة. وأنا أقول: هذا فيه نظر وينبغي أن لا يقبل منه إذا كان دون الأول، أو مثله كما لو لم يقطع؛ لأنّه في نفس الأمر ظان فهو في قطعه مجازف, واضعٌ للقطع في غير موضعه، فلا يقع به ترجيح، وهذا في غاية الاتجاه (2)، والله أعلم.   (1) انظر: نهاية المطلب 2/ ل 19/ ب. (2) انظر: التنقيح ل 98/ أ. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 76 ومن الباب الرابع في كيفية الصلاة قوله: "أفعال الصلاة تنقسم إلى أركان، وأبعاض، وسنن" (1) قلت: ركن الصلاة عبارة عما هو جزء من أجزائها الأصلية، وحقيقتها متركبة منه ومن غيره، وفي قولي: الأجزاء الأصلية: احتراز (2) عن السنن, والأبعاض، وغيرها، التي إذا وجدت كانت معدودة من أجزائها، ولكنها ليست أجزاء أصلية؛ لكون (3) حقيقتها توجد بدونها. وفي ذلك أيضاً احتراز (4) عن الشروط؛ فإن الشرط خارج عن حقيقتها مع كونه أمراً وجودياً يتوقف عليه صحتها. وفي قولي: وجودي: احتراز عن عدم المانع؛ فإنّه أمر خارج يتوقف عليه صحتها، ولكنه ليس أمراً وجودياً (5) فاعلم ذلك، والله أعلم. وأمّا تسمية (6) ما يجبر بالسجود من السنن أبعاضاً (7). فقد نقل إمام الحرمين (8) هذه التسمية عن الأئمة وذكر في توجيهها ما معناه موضحاً: أن كل واحدة (9) منها أطلقوا عليه أنّه (10) بعض السنن التي تجبر بالسجود؛ فإن البعض يطلق   (1) الوسيط 2/ 591. (2) سقط من (ب). (3) في (د): كونها، والمثبت من (أ) و (ب). (4) في (أ) و (ب): احتراز أيضاً، بالتقديم والتأخير (5) انظر: التنقيح ل 98/ أ، المطلب العالي 3/ ل 199/ أ - ب. (6) في (أ) و (ب): تسميته. (7) قال الغزالي: "وأما الأبعاض: فما يجبر تركه بسجود السهو". الوسيط 2/ 592. (8) انظر: نهاية المطلب 2/ ل 96/ ب. (9) في (أ): واحد. (10) في (ب): أن. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 77 على الأقل وهي كذلك، ثم قالوا (1) في جميعها: الأبعاض التي تجبر بالسجود ثم اختصروا فقالوا: الأبعاض. وهذا تكلف، وهذه التسمية إنّما هي من قول بعض الأصحاب (2)، ولعلّ الوجه في تسميتها بذلك: أن هذه السنن (3) لما تأكدت حتى جبرت بالسجود مُيِّزت عن سائر السنن باسم يشبه اسم الأركان التي هي أجزاء على الحقيقة إشعاراً بتأكدها (4). ثم وجدت نحو هذا محكياً عن بعضهم (5)، ولله الحمد. قوله: "وأمّا النية فبالشروط أشبه، ولو كانت النية ركناً لافتقرت إلى نيّة" (6) قد خالف هذا في نيّة الصوم، فإنّه جعلها فيه ركناً (7). والمسألة فيها وجهان محكيان (8). وقوله "لو كانت ركناً لافتقرت إلى نيّة" يمنع ويقال (9): لما افتقرت حينئذٍ إلى نيّة تعين ما نذكره من امتناع (10) أن تكون النية منوية، ولكان (11) يفرق   (1) في (ب): ثم قال ثم. (2) وهو الفوراني كما في الإبانة ل 32/ ب، كذا قال ابن الرفعة في المطلب العالي 3/ ل 201/ أ. (3) سقط من (ب). (4) انظر: التنقيح ل 98/ أ، المطلب العالي الموضع السابق. (5) وقد حكاه كذلك الرافعي في فتح العزيز 3/ 256، وانظر المطلب العالي الموضع السابق. (6) الوسيط 2/ 592. (7) انظر الوسيط 2/ 518. (8) أظهرهما وأصحهما عند الأكثرين أنّها ركن. وانظر: فتح العزيز 3/ 255، المجموع 3/ 277، المنهاج 1/ 148، كفاية الأخيار 1/ 197، مغني المحتاج 1/ 148. (9) في (أ): فيقال. (10) من امتناع: سقط من (ب). (11) في (د): لكن، والمثبت من (أ) و (ب). الجزء: 2 ¦ الصفحة: 78 بينها وبين سائر (1) الأركان بهذا الفارق، فينبغي أن لا يقول: لافتقرت. ويقول: لكانت (2) منوية بنية الصلاة المشتملة على جميع أركانها، ولا يعقل أن تكون النية منوية (3)، والله أعلم. قوله في بيان حقيقة النيَّة: "ليس فيها نطق، و (4) نظم حروف لا بالقلب ولا باللسان. نعم تستحب مساعدة اللسان للقلب (5) " (6) لا تناقض في هذا، ومعناه: أن النطق المعبِّر عن النيَّة باللسان ليس نيَّة في الحقيقية، وإنّما هو إعانة على حضور حقيقة النية في القلب (7)، والله أعلم. قوله: "قال الشافعي: ينوي مع التكبير لا قبله ولا بعده" (8) إنّما لفظه على ما نصَّ عليه المزني (9): "نوى صلاته في حال التكبير لا بعده ولا قبله" وهذا اللفظ يحتمل من اختلاف الأصحاب الواقع في ذلك ما لا يحتمله ما ذكره (10).   (1) وبين سائر: سقط من (ب). (2) في (أ): لو كانت. (3) انظر: المطلب العالي 3/ ل 199/ ب. (4) في (ب): ولا. (5) في (د): بالقلب، والمثبت من (أ) و (ب) وهو موافق للمتن. (6) الوسيط 2/ 594. (7) ذكر ابن القيم في هديه - صلى الله عليه وسلم - في الصلاة: أنّه - عليه السلام - لم يتلفظ بالنية البتة، وأن ما يفعله بعض الناس اليوم من التلفظ بها بدعة، لم تنقل عن النبي - صلى الله عليه وسلم - بإسناد صحيح، ولا ضعيف، ولا مسند، ولا مرسل، بل ولا عن أحد من أصحابه، ولا استحسنه أحد من التابعين، ولا الأئمة الأربعة. انظر: زاد المعاد 1/ 201. (8) الوسيط 2/ 595. (9) في المختصر ص: 17. (10) ذكر الغزالي أن الأصحاب لهم فيه ثلاثة أوجه ... الوسيط 2/ 596. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 79 قوله (1) في الوجه الأول: "يبسط النية على التكبير بحيث ينطبق أولها (2) على أوله، وآخرها (3) على آخره" (4) و (5) هذا تساهل منه في العبارة؛ فإن نفس النية (6) عنده وعند المحققين لا يتصور انبساطها؛ فإنها قصد، والقصد إنّما يوجد في لحظة واحدة، وإنّما الذي ينبسط (7) على التكبير على هذا الوجه علوم متعددة بصفات الصلاة المنوية، متعددة من كونها: ظهراً، و (8) فرضاً، وغيرهما، فيحصرها (9) في ذهنه من أول التكبير إلى آخره، فإذا تكامل في ذهنه في آخر التكبير العلم بصفات الصلاة قصد حينئذٍ فعلها، فينطبق على أول التكبير أول تلك العلوم، وعلى آخره القصد إلى فعل الصلاة الموصوفة بتلك الصفات المعلومة، وآخره هو وقت انعقادها فليقترن نفس النية به!. وقد أشار إلى هذا فيما أتى به من التحقيق بعده (10)، وهذا تحقيق سبق إليه شيخه إمام الحرمين   (1) في (أ) و (ب): وقوله. (2) في (د) و (أ): أوله، والمثبت من (ب)، وهو موافق للمتن، وللتأنيث. (3) في (د) و (أ): آخره، والمثبت من (ب)، وهو موافق للمتن، وللتأنيث. (4) الوسيط 2/ 596. (5) سقط من (أ) و (ب). (6) سقط من (ب). (7) في (أ): يبسط. (8) في (ب): أو. (9) في (ب): فيحصرهما. (10) حيث قال: "والتحقيق فيه: أن النية قصد، ولكن شرطه الإحاطة بصفات المقصود، وهو كون الصلاة ظهراً، وأداء، وغير ذلك، وربما يعسر إحضار علوم متعددة في وقت واحد، فالمقصود أن يتمثل له إحضار هذه المعلومات عند أول التكبير، ويقترن القصد به، ويستديم العلم إلى آخر التكبير ... " الوسيط 2/ 596. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 80 فذكر ما شرحه (1): أن النية نفسها لا يتصور انبساطها على أزمنة مترتبة، وإن الذي يترتب وينبسط علوم متعاقبة متعددة. أمّا على قول من قال: يقرن النية بهمزة التكبير، ويستديمها إلى آخر التكبير (2) فهي العلوم المتعلقة بصفات الصلاة المنوية، فمن لم يهجم على قلبه تلك العلوم كما هو الواقع في العادة يقدم استحضار تلك العلوم في ذهنه قبل التكبير فإذا اجتمعت قصد فعلها بصفاتها قصداً مقترناً بأول التكبير (3) فتكون نفس النية مقرونة بأول جزء من التكبير، والمتقدم إنّما هو العلم بصفات الصلاة. ثم المستدام إلى آخر (4) التكبير ليس نفس (5) النية لما سبق، وإنّما هو العلم بجريان النية، وبذكرها بقلبه، وحاصل ذلك علوم أخر مترتبة متعلّقة بغير ما تعلّقت به (6) تلك العلوم المتقدمة، إذ تلك متعلّقة بصفات الصلاة، وهذه متعلّقة بجريان نيّة الصلاة بصفاتها. وأمّا على الوجه الآخر - الأوّل في الكتاب - فلا يقدم عليه تلك العلوم بصفات الصلاة على التكبير، بل يبسطها من أوله إلى آخره، ويقرن نفس النية بآخر التكبير. ولا يبعد (7) عند إمام الحرمين على هذا الوجه   (1) انظر: نهاية المطلب 2/ ل 22/ ب. (2) انظر: الوسيط 2/ 596. وهو الوجه الثاني. (3) قوله: (فإذا اجتمعت ... بأول التكبير) سقط من (ب). (4) سقط من (ب). (5) سقط من (ب). (6) سقط من (ب). (7) في (د): ولا يتقيد، والمثبت من (أ) و (ب). الجزء: 2 ¦ الصفحة: 81 جواز تأخير (1) أولها عن أول التكبير؛ لأن الاعتبار على هذا (2) إنّما هو باقتران نفس النية بآخر (3) التكبير، إذ به يقع الانعقاد. هذا إيضاح ما ذكره، ثم إنّه اختار من عنده أنّه لا يلزم التدقيق المذكور في تحقيق مقارنة (4) النية، وأنّه يكفي المقارنة العرفية العاميَّة (5) بحيث يعد مستحضراً لصلاته غير غافل عنها اقتداء بالأولين في تساهلهم في ذلك (6). ووافقه على ذلك صاحب الكتاب في "بسيطه" (7). وقدح قادح فيما قاله إمام الحرمين في امتناع بسط نفس النية وقال: لا مانع من (8) بسط النية إلا كونها (9) عرضاً فرداً، والعرض الفرد لا يتصور بسطه (10). وذلك لازم له في العلم والذكر؛ لأنّها أعراض لا يمكن بسط الفرد منها، فإن عني ببسط العلوم توالي أمثالها، فذلك جوابنا في بسط النية، إذ لا معنى لبسط العرض واستمراره إلا توالي أمثاله، وهذا لا يستقيم؛ لأن قوله: "يبسط النية"، مريداً به: توال نيات أمثال. إن أراد به أنّه يتذكر نيته، وتذكرها بقلبه ذكراً بعد ذكر، فهذا لم يمنعه الإمام بل أثبته على القول باقتران النية بهمزة   (1) في (ب): تأخر. (2) على هذا: سقط من (ب). (3) قوله: (أولها ... نفس النية بآخر) سقط من (أ). (4) في (أ): مفارقة. (5) في (أ) العامة. (6) انظر: نهاية المطلب 2/ ل 22/ ب. (7) 1/ ل 95/ أ. (8) في (أ): في. (9) في (ب): لكونها. (10) لم أقف على مراده بهذا القائل. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 82 التكبير، وهو الأصح الأشهر، وذلك على الحقيقة إنّما هو علوم بجريان النية متعاقبة إلى آخر التكبير، وليست نيات أمثالًا، فلا يتحقق به ما ادعاه من بسط النية نفسها. وإن أراد به توالي نيات متجددات ينشئها نيّة بعد نيّة، فهذا باطل مُبْطَل؛ لأن النية الثانية تتضمن إبطال ما قبلها على ما (1) عرف فيمن كبَّر في إحرامه بالصلاة تكبيرات بنيات منشأت (2)، إذ من ضرورة إنشاء عقد حلُّ ما انعقد قبله؛ فإن المنعقد لا يعقد، فكيف يستقيم إلحاق النيات المتنافية بالعلوم المتواردة (3)؟، والله أعلم. قوله في التكبير: "من غير قطع ولا عكس" (4) فقوله "من غير قطع" احتراز من قوله: الله الجليل أكبر. قوله (5) "ولا عكس" احتراز من قوله: أكبر الله. وما ذكره من أن (6) قوله: "أكبر الله (7) "، لا يسمى تكبيراً. وقوله: "عليكم السلام" يسمى تسليماً (8). توجيهه: أن العرب اعتادت في التسليم قولها: عليك سلام الله، ونحوه، ولم تعتد في التكبير: أكبر الله (9)، والله أعلم.   (1) في (أ): من. (2) انظر هذه المسألة في: المجموع 3/ 298. (3) في (أ) و (ب): المتواترة. (4) الوسيط 2/ 596. وقبله: القول في التكبير وسننه: والنظر في القادر والعاجز: أمّا القادر فيتعين عليه أن يقول: الله أكبر بعينه من غير قطع ... إلخ (5) في (أ) و (ب): وقوله. (6) سقط من (ب). (7) في (ب): الله أكبر، بالتقديم والتأخير، وهو خطأ. (8) انظر: الوسيط 2/ 597. (9) انظر: التنقيح ل 99/ ب، المطلب العالي 3/ ل 223/ أ. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 83 تحقيق الفرق في أن العاجز عن التكبير يأتي بمعناه، والعاجز عن الفاتحة لا يأتي بمعناها (1): أن النظم المعجز لا يتهيأ الاحتواء على لطائف معانيه ودقائقه في ترجمته وتفسيره، بخلاف غير المعجز؛ ولأن معنى التكبير منتظم ذكراً، ومعنى الفاتحة لا ينتظم كله ذكراً، ولا إعجاز في التكبير (2)، والله أعلم. قوله في الاحتجاج للقول بأن الرفع إلى حذو المنكبين: "رواه أبو حميد الساعدي (3) في عشرة من جملة الصحابة" (4) أي رواه أبو حميد (5) بمحضر من عشرة من الصحابة هو أحدهم، أو زائد عليهم فصدقوه. والحديث ثابت رواه البخاري (6) من غير بيان لعددهم ذاكراً (7) أن ذلك في نفر منهم. وعند أبي داود (8)، وغيره (9) بيان أنّهم كانوا عشرة. وعلى وفق روايتهم المذكورة رواية ابن   (1) في (ب): بمعناه. قال الغزالي: "أمّا العاجز فيأتي بترجمته، ولا يُجْزِؤه ذكرآخر لا يؤدي معناه، بخلاف العاجز عن الفاتحة فإنّه يعدل إلى ذكرآخر لا إلى ترجمتها". أهـ الوسيط 2/ 597. (2) انظر: التهذيب ص: 437، فتح العزيز 3/ 268، المجموع 3/ 299. (3) قيل: اسمه عبد الرحمن بن سعد، وقيل: المنذر بن سعد، وقيل غير ذلك، الأنصاري أبو حميد الساعدي، من فقهاء الصحابة، شهد أحداً وما بعدها، توفي في آخر خلافة معاوية، روي له عن النبي - صلى الله عليه وسلم - (26) حديثاً، وقد روي حديثه الجماعة. انظر ترجمته في: الاستيعاب 11/ 199، تهذيب الأسماء 2/ 215، الإصابة 11/ 89. (4) الوسيط 2/ 598. (5) قوله: (في عشرة ... أبو حميد) سقط من (أ). (6) انظر صحيحه - مع الفتح - كتاب الأذان، باب سنة الجلوس في التشهد 2/ 355 رقم (827). (7) في (أ): بل ذكراً. (8) في سننه كتاب الصلاة، باب افتتاح الصلاة 1/ 467 رقم (730). (9) كالترمذي في جامعه أبواب الصلاة، باب (منه) 2/ 105 رقم (304، 305) وقال: هذا حديث حسن صحيح، وابن ماجه في سننه كتاب الصلاة، باب إتمام الصلاة 1/ 337 رقم (1061). الجزء: 2 ¦ الصفحة: 84 عمر في "الصحيحين" (1)، ورواية علي ابن أبي طالب فى "سنن أبي داود" (2)، ورواية غيرهم (3). وأمّا الرفع إلى محاذاة الأذنين (4) فقد رواه مالك بن الحويرث (5)، ووائل بن حجر عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - روى ذلك مسلم في "صحيحه" (6). وفي رواية لأبي داود (7) في حديث وائل بن حجر: (رفع يديه حتى كانتا بحيال منكبيه، وحاذى بإبهاميه أذنيه)، وهذا شاهد لما ذكر صاحب "شرح السُّنَّة" (8) من أنّه حكى عن   (1) انظر: صحيح البخاري - مع الفتح - كتاب الأذان، باب رفع اليدين في التكبيرة الأولى مع الافتتاح سواء 2/ 255 رقم (735)، وصحيح مسلم - مع النووي - كتاب الصلاة، باب استحباب رفع اليدين حذو المنكبين 4/ 93. (2) في كتاب الصلاة، باب من ذكر أنّه يرفع يديه إذا قام من الثنيتين 1/ 475 رقم (744). (3) كأبي هريرة عند أبي داود في سننه كتاب الصلاة، باب افتتاح الصلاة 1/ 473 رقم (738)، وابن ماجه في سننه كتاب إقامة الصلاة، باب رفع اليدين إذا ركع وإذا رفع رأسه من الركوع 1/ 279 رقم (860). ووائل بن حجر عند أبي داود في سننه كتاب الصلاة، باب رفع اليدين في الصلاة 1/ 465 رقم (724). (4) انظر الوسيط 2/ 599. (5) أبو سليمان مالك بن الحويرث الليثي نزيل البصرة، قدم على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في شبيبة متقاربين فأقاموا عنده عشرين ليلة، ثم أذن لهم في الرجوع إلى أهليهم، وأمرهم أن يعلموهم، روي له عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - (15) حديثاً، توفي سنة 94 هـ. انظر ترجمته في: الجرح والتعديل 8/ 207، تهذيب الأسماء 2/ 80، الإصابة 9/ 43. (6) انظره - مع النووي - كتاب الصلاة، باب استحباب رفع اليدين حذو المنكبين 4/ 94، وحديث وائل في باب وضع اليدين علي الصدر في الصلاة 4/ 114. (7) في سننه كتاب الصلاة، باب رفع اليدين في الصلاة 1/ 465 رقم (724). قال النووي: إسناده منقطع. المجموع 3/ 306. (8) في (د): شرح التنبيه، والمثبت من (أ) و (ب). الجزء: 2 ¦ الصفحة: 85 أبي ثور عن الشافعي أنّه جمع (1) رواية المنكبين ورواية الأُذُنَين هكذا. وفي رواية أخرى قليلة عن وائل (2): (إبهاميه إلى شحمة أذنيه) (3). ثم إنَّ المشهور في المذهب قطع القول بالرفع إلى حذو المنكبين (4)، ورجحه الشافعي (5) بأنّه أثبت إسناداً، ورواه عدد من الصحابة رضي الله عنهم، وهو مرجح أيضاً بأن الرواية اختلفت (6) عمن روى الرفع إلى محاذاة الأُذُنَين بخلاف من روى الرفع إلى حذو المنكبين (7). والقول بالرفع إلى حذو الأُذُنَين منسوب فيما لا تحصيه من كتب المذهب (8) إلى أبي حنيفة، ومعدود ذلك من مسائل الخلاف بيننا وبينه. وأمّا الذي في "الوسيط" من جعل ذلك قولًا للشافعي (9) فغريب (10)، وما ذكره من الحكاية عن   (1) سقط من (ب). (2) في (أ): وائل بن حجر. (3) أخرجها أبو داود في سننه كتاب الصلاة، باب افتتاح الصلاة 1/ 437 رقم (737)، والنسائي في سننه كتاب الافتتاح، باب موضع الإبهامين عند الرفع 2/ 460 رقم (881). وضعف هذه الرواية الإمام النووي في التنقيح ل 100/ ب. (4) انظر: مختصر المزني ص: 17، التهذيب ص: 441، فتح العزيز 3/ 270، روضة الطالبين 1/ 338. (5) انظر: مختصر البويطي ل 6/ ب. (6) في (ب): اختلفت أيضاً عمن. (7) انظر: المجموع 3/ 306. (8) انظر مثلًا: التعليقة للقاضي حسين 2/ 729، الإبانة ل 33/ أ، حلية العلماء للشاشي 2/ 95، وراجع رحمة الأُمَّة في اختلاف الأئمة ص: 38، مختصر الطحاوي ص: 26، شرح معاني الآثار 1/ 197، الدر المختار 2/ 182، حاشية ابن عابدين 2/ 182. (9) انظر: الوسيط 2/ 599 - 600. (10) انظر: فتح العزيز 3/ 270، المجموع 3/ 306. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 86 الشافعي من جمعه بين الروايات لما سئل عن ذلك (1) حين قدم العراق (2)، هو هذا القول الثاني الغريب بزيادة شرح، وكذا هو في كتاب شيخه (3) جعل في المسألة قولين فحسب، وثانيهما على ما ذكرته (4)، وذكر أنّه على القول بالرفع إلى (5) حذو المنكبين لا يجاوز بأصابعه منكبيه. وأمّا الواقع في بعض نسخ (6) "الوجيز". من جعل ذلك على ثلاثة أقوال: أحدها أنّه يرفع إلى حذو منكبيه. والثاني: إلى أن يحاذي رؤوس أصابعه أذنيه. والثالث: إلى أن يحاذي أطراف أصابعه أذنيه، وإبهاماه شحمتي أذنيه، وكفاه منكبيه (7). فيما لا يعرف، ولا صحة له (8)، وجماهير الأصحاب لم يذكروا في المسألة خلافاً، بل منهم من قطع بقول الرفع إلى حذو المنكبين، وذلك هو الأكثر، والأشهر كما سبق (9). ومنهم من قطع بالجمع بين الروايات (10) وهو (11) من المستغرب. والحكاية   (1) سقط من (ب). (2) انظر: الوسيط 2/ 599. (3) انظر: نهاية المطلب 2/ ل 33/ أ. (4) أي كونه غريباً. (5) سقط من (ب). (6) في (ب): النسخ من. (7) انظر: الوجيز 1/ 41. (8) انظر: فتح العزيز 3/ 270، المجموع 3/ 306. (9) انظر: 1/ 394. (10) كالقاضي أبي الطيب في التعليقة 1/ ل 192/ ب، والبغوي في التهذيب ص: 442، وراجع المجموع 3/ 306. (11) في (أ): وهي. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 87 المذكورة في الكتاب في الجمع عن صاحب المذهب الشافعي (1)، قد كنت أستنكرها، ولا أراها (2) تصح عنه، ثم وجدت مصداق ذلك في كتاب "التقريب" (3) وعلقته منه بنيسابور: ذكر أنّه حُكي له ذلك عن الشافعي. ثم استنكره، وذكر أنّه لم يجد له أصلًا في أمهات كتب الشافعي، وأن الموجود في الكتاب القديم: أنّه يرفع إلى حذو المنكبين (4). قلت: وإن لم يصح ذلك رواية عن الشافعي فهو متجه، وقد اختاره صاحب الكتاب في تدريسه له (5)، والله أعلم. ذكر أن (في) (6) وقت رفع اليدين أوجهاً ثلاثة نسب كل وجه منها إلى رواية صحابي (7)، وليس ما ذكره بعينه، ولفظه وارداً في رواياتهم؛ فقوله: "إنّه يرفع غير مكبِّر ثم يبتدئ التكبير عند إرسال اليد وهي رواية الساعدي" يعني المروية في عشرة من الصحابة، وفيها (كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذا قام إلى الصلاة يرفع يديه حتى يحاذي بهما منكبيه، ثم يكبَّر حتى يقرَّ كل عظم (8) في موضعه معتدلًا، ثم يقرأ). رويناه في كتاب أبي داود (9) هكذا بكلمة "حتى" التي للغاية، وهي تدل   (1) انظر: الوسيط 2/ 599 - 600، وحكاها كذلك القاضي حسين في التعليقة 2/ 730. (2) في (ب): أراه. (3) انظر النقل عنه في: تذكرة الأخيار ل 60/ أ، وراجع المطلب العالي 3/ ل 227/ ب. (4) في (ب): منكبيه. (5) سقط من (ب). (6) زيادة من (أ) و (ب). (7) انظر: الوسيط 2/ 600 - 601. (8) في (ب): عضو. (9) قال ابن الملقن: "إسناده صحيح". تذكرة الأخيار ل 60/ ب. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 88 بالمعنى على ما ذكره. ورواية البخاري (1) (رأيته إذا كبَّر جعل يديه حذاء (2) منكبيه) وهذا لا يدل على ذلك، بل على خلافه، والله أعلم. قوله: "وقيل يبتدئ الرفع مع التكبير، فيكون انتهاء التكبير مع انتهاء اليد إلى مقرها، وهذه (3) رواية وائل بن حجر" (4) فقوله "إلى مقرهما (5) " معناه: إلى مقرهما من الصدر، فذلك هو مقرهما لا غير. وهذا (6) ما ذكره صاحب "التقريب" (7)، فإنّه قال فيه: "ينهيه مع انتهاء الإرسال" (8). قوله (9) في الوجه الثالث: "قارتان حذو منكبيه" (10) لا يستفاد منه تفسير مقرهما ههنا بحذو المنكبين؛ فإن ذلك القرار إنّما هو على الوجه الثاني (11)، أمّا على هذا الوجه فلا يقرهما إذا حاذى منكبيه، وإذا كان كذلك فهذا خلاف ما   (1) كذلك تقدّم تخريجها في الصفحة السابقة نفسها. (2) في (أ): حذو. (3) في (أ): وهذا. (4) الوسيط 2/ 600 - 601. (5) هكذا بالتثنية في جميع النسخ - التي بين يدي -، وفي المتن بالإفراد!. (6) سقط من (ب). (7) نقله ابن الرفعة عنه عن ابن الصلاح في المطلب العالي 3/ ل 229/ أ. (8) في (د) بعد كلمة الإرسال: لا الوجه فهذا التفسير هو الذي قطع به صاحب المهذب. وهو هنا كأنه مقحم، وهو غير موجود في (أ) و (ب)، وسيأتي موضعه عند المؤلف بعد أسطر. (9) في (أ) و (ب): وقوله. (10) الوسيط 2/ 601. وبعده: ولا يكبر في الرفع والإرسال، وهي رواية ابن عمر. (11) في (د): الثالث، والمثبت من (أ) و (ب). الجزء: 2 ¦ الصفحة: 89 ذكره شيخه (1) في ذلك؛ فإنّه ناط على هذا الوجه انتهاء التكبير بانتهاء اليد نهايتها في الرفع، وهذا الوجه بهذا التفسير هو الذي قطع به صاحب "المهذب" (2). ثم إنَّ (3) أصل هذا الوجه إنّما ورد في بعض روايات حديث وائل بن حجر، فقد رويناه (4) في كتاب أبي داود السجستاني (5) عنه (أنّه أبصر النبي - صلى الله عليه وسلم - حين قام إلى الصلاة رفع يديه حتى كانتا بحيال منكبيه، وحاذى بإبهاميه أذنيه، ثم كبَّر). نعم في رواية أخرى لأبي داود (6)، وغيره (7) (أنّه رآه - صلى الله عليه وسلم - يرفع يديه مع التكبيرة) (8). وليعلم المتفقه الذي لا اشتغال له بالحديث أن وائل بن حجر هذا هو بحاء مهملة مضمومة، ثم جيم ساكنة. قوله: "وقيل: يكبر ويداه قارتان حذو منكبيه، ولا يكبر في الرفع والإرسال، وهذه رواية ابن عمر رضي الله عنهما" (9) هذه رواية قليلة عن ابن   (1) انظر: نهاية المطلب 2/ ل 33/ أ. (2) انظر: المهذب 1/ 71. (3) في (د): إنّه، وهو خطأ، والمثبت من (أ) و (ب). (4) في (ب): روينا. (5) في كتاب الصلاة، باب رفع اليدين في الصلاة 1/ 465 رقم (724). وهو من رواية عبد الجبار بن وائل عن أبيه، قال النووي: "لم يسمع من أبيه". المجموع 3/ 306، فهي إذن منقطعة، وراجع الجوهر النقي 2/ 38، وتذكرة الأخيار ل 60/ أ. (6) انظر سننه الموضع السابق برقم (725). وهي من رواية عبد الجبار بن وائل عن أهل بيته وهو لم يسمع من أبيه، وأهل بيته مجهولون، وقال عنها الألباني: "صحيحة". انظر: صحيح سنن أبي داود 1/ 139 رقم (665). (7) كالبيهقي في السنن الكبرى كتاب الصلاة 2/ 40 رقم (2311، 2312). (8) في (أ): التكبير. (9) الوسيط 2/ 601. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 90 عمر - رضي الله عنهما -، وهي ما رواه أبو داود (1) عن (ابن) (2) عمر قال: (كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذا قام إلى الصلاة رفع يديه حتى يكونا حذو منكبيه ثم كبَّر وهما كذلك). ورواه مسلم في "صحيحه" (3) من غير أن يقول: وهما كذلك، وهو يقتضي (ذلك) (4) أيضاً، من حيث إنّه يقتضي وجود تمام التكبير في حالة كون اليدين حذو المنكبين، والله أعلم. وبعد هذا كله لطيفة علقته بنيسابور مما علِّق عن صاحب الكتاب في الدرس (5) قال: "ثم حالة إرسال اليدين لا ينبغي أن يرسل يديه ثم يستأنف رفعهما إلى الصدر (6)، فإني سمعت واحداً من المحدثين يقول: الخبر إنّما ورد بأنّه يرسل يديه إلى صدره" (7)، والله أعلم.   (1) في سننه كتاب الصلاة، باب رفع اليدين في الصلاة 1/ 463 رقم (722)، قال النووي: "إسناده صحيح أو حسن". التنقيح ل 101/ أ، وكذا قال ابن الملقن في تذكرة الأخيار ل 60/ ب: "إسنادها صحيح". (2) زيادة من (أ) و (ب). (3) انظره - مع النووي - كتاب الصلاة، باب استحباب رفع اليدين حذو المنكبين 4/ 93 - 94. (4) زيادة من (أ) و (ب). (5) في (ب): تدريسه. وانظر: التنقيح ل 101/ أ، المجموع 3/ 311، وقد ذكر ذلك المصنف - الغزالي - في إحياء علوم الدِّين 1/ 182. (6) في (ب): صدره. (7) لعلّ ممّا يدل عليه حديث وائل بن حجر في وصف صلاة النبي - صلّى الله عليه وسلم - حيث قال: (فقام رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فاستقبل القبلة، فكبَّر، فرفع يديه حتى حاذتا أذنيه، ثم أخذ شماله بيمينه ... الحديث) رواه أبو داود في سننه كتاب الصلاة، باب رفع اليدين في الصلاة 1/ 465 رقم (726)، والنسائي في سننه كتاب الافتتاح، باب موضع اليمين من الشمال في الصلاة 2/ 463 رقم (888)، وصححه النووي في المجموع 3/ 312. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 91 قوله في قيام المريض: "فإن لم يقدر إلا على حدِّ الراكعين قعد" (1) وجهه: أن حدَّ الركوع مفارق حدَّ القيام، فلا يعد به قادراً على القيام. وهذا ذكره شيخه (2) معتمداً على دلالة (3) كلام الأئمة عليه من غير نقل صريح وقال: "الذي دلَّ عليه (4) كلامهم أنّه يقعد ولا يجزئه غيره". وهو خلاف ظاهر المذهب (5)، والذي ذكره العراقيون، أو من ذكره منهم (6)، وصاحب "التتمة" (7)، وصاحب "التهذيب" (8): أنّه لا يجزيه القعود، بل يقوم في حدِّ الراكع؛ فإنّه أقرب إلى القيام من القعود، فإذا ركع زاد في انحنائه إن أمكنه؛ تمييزاً بين القيام والركوع (9)، والله أعلم. وعلل هو في الدرس: بأنّه إذا قام فناصب نصفه الأدنى، وإذا قعد فناصب نصفه الأعلى، والنصف الأعلى بالنصب أولى (10). قوله: (قال - صلى الله عليه وسلم -: لا تقعوا إقعاء الكلاب) (11) هذا رواه ابن ماجة (12) من حديث أبي موسى الأشعري، وعلي عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، ولفظه: (لا تُقع إقعاء   (1) الوسيط 2/ 602. (2) انظر: نهاية المطلب 2/ ل 70/ ب. (3) سقط من (أ). (4) في (أ): على، وفي (ب): عليهم. (5) انظر: فتح العزيز 3/ 284، روضة الطالبين 1/ 340، التنقيح ل 101/ ب. (6) انظر: فتح العزيز الموضع السابق، المجموع 3/ 262. (7) انظر النقل عنه في المصادر السابقة. (8) انظر: التهذيب ص: 526. (9) في (ب). الركوع والقيام، بالتقديم والتأخير. (10) انظر: المطلب العالي 3/ ل 235/ أ. (11) الوسيط 2/ 603. وقبله: ولو عجز عن القيام قعد، ولا يتعين في القعود هيئة للصحة، ولكن الإقعاء منهي عنه، وهو أن يجلس على وركيه، وينصب فخذيه وركبتيه قال - صلى الله عليه وسلم - ... الحديث. (12) في سننه كتاب إقامة الصلاة، باب الجلوس بين السجدتين 1/ 289 رقم (895). وراجع تحفة الأشراف 6/ 430 رقم (9028). الجزء: 2 ¦ الصفحة: 92 الكلب (1) "، وروى (2) عن أنس بن مالك نحوه. وروينا نحوه من حديث أبي هريرة (3). وأسانيد الجميع أسانيد واهية (4). نعم ورد النهي عن الإقعاء مطلقاً (5) من حديث سمرة بن جندب قال: (نهى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن الإقعاء في الصلاة) (6)، وهو محمول على الإقعاء المذكور في الكتاب، الذي (7) هو أن يضع إليتيه على الأرض، وينصب ساقيه، ويضع يديه على الأرض (8). وهذا الإقعاء غير ما صحَّ عن ابن عباس، وابن عمر رضي الله عنهم: من الإقعاء بين السجدتين (9).   (1) في (د): الكلاب، والمثبت من (أ) و (ب)، وهو موافق لمتن الحديث. (2) أي ابن ماجه في سننه الموضع السابق برقم (986). (3) رواه الإمام أحمد في المسند 2/ 311، والبيهقي في السنن الكبرى كتاب الصلاة 2/ 173 رقم (2741) ولكن بلفظ (القرد) دون الكلب. (4) قال النووي - بعد أن ذكر طرق الحديث -: "وأسانيد الجميع ضعيفة جداً". التنقيح ل 101/ ب. وقال في المجموع 3/ 436: "والحاصل أنّه ليس في النهي عن الإقعاء حديث صحيح". وقال ابن الملقن في تذكرة الأخيار ل 61/ أ - ب: "أسانيده كلها ضعيفة". وراجع التلخيص الحبير 3/ 286. (5) قوله: (نحوه من حديث ... مطلقاً) سقط من (ب). (6) رواه الحاكم في المستدرك 1/ 272 وقال: "هذا حديث صحيح على شرط البخاري، ولم يخرجاه". والبيهقي في السنن الكبرى كتاب الصلاة 2/ 172 رقم (2739). وتُكُلِّمَ فيه أيضاً؛ لأنّه من رواية الحسن عن سمرة، ورواية الحسن عن سمرة مسألة مشهورة بالخلاف هل سمع منه مطلقاً، أو لا مطلقاً، أو سمع حديث العقيقة فقط؟ انظر: تذكرة الأخيار ل 61/ ب. (7) في (ب): (و). (8) انظر: الوسيط 2/ 603. (9) رواه عنهما البيهقي في السنن الكبرى كتاب الصلاة 2/ 171 - 172، ثم قال البيهقي: "وحديث ابن عباس وابن عمر صحيح". الجزء: 2 ¦ الصفحة: 93 وقال ابن عباس: (هو سنة نبيك - صلى الله عليه وسلم -). أخرجه عنه مسلم في "صحيحه" (1). فذلك الإقعاء: هو أن يضع إليتيه على عقبيه قاعداً عليهما، وعلى أطراف أصابعه (2) وقد استحبَّه الشافعي في الجلوس بين السجدتين في "الإملاء". (3)، وفي كتاب البويطي (4). وقد خبط من المصنفين في هذا من لم يقف على أن الإقعاء نوعان كما ذكرناه (5)، وفيه في "المهذب" (6) تخليط، ولله الحمد الأوفى على الهداية، وهو أعلم. احتج على أنّه (7) يجب على المريض ما استطاع من قعود، ثم اضطجاع، ثم إيماء، ثم إجراء الأفعال على قلبه بقوله - صلى الله عليه وسلم -: (إذا أمرتكم بأمر فأتوا منه ما استطعتم) (8) و (9) هذا حديث متفق على صحته من حديث أبي هريرة - رضي الله عنه - (10). ولكن قدح في احتجاجه الشيخ أبو القاسم الرافعي شارح "الوجيز" (11)،   (1) انظره - مع النووي - كتاب المساجد، باب جواز الإقعاء على العقبين 5/ 18 - 19. (2) انظر: غريب الحديث لأبي عبيد 1/ 129، 266. (3) انظر النقل عنه في: معرفة السنن والآثار 2/ 18، التنقيح ل 101/ ب. (4) انظره ل 7/ ب. (5) في (أ) و (ب): ذكرنا. (6) في (د): المذهب، والمثبت من (أ) و (ب). وانظر المهذب 1/ 77. (7) في (ب): احتجَّ بأنه يجب ... إلخ (8) انظر: الوسيط 2/ 605 (9) سقط من (أ). (10) انظر: صحيح البخاري - مع الفتح - كتاب الاعتصام بالكتاب والسُّنَّة، باب الإقتداء بسنة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - 13/ 264 رقم (7288)، وصحيح مسلم - مع النووي - كتاب الحج، باب فرض الحج مرة في العمر 9/ 100 - 101. (11) انظر: فتح العزيز 3/ 295. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 94 متمسكاً بأن القعود لا يشتمل عليه القيام، فلا يكون باستطاعته إياه مستطيعاً لشيء من القيام المأمور به، فلا يتناوله الحديث، وهكذا القول في الباقي. قلت: قد احتج أيضاً بهذا الحديث على ذلك إمام الحرمين (1)، فأقول: لا نقول: إنه بإتيانه بالقعود يكون آتياً بما استطاعه من القيام المأمور به، ولكنَّا نقول: بإتيانه به يكون آتياً بما استطاعه من الصلاة المأمور بها، فالصلاة بالقعود، أو الاضطجاع، أو (2) غيرهما من الأمور المذكورة صلاة؛ لأنه يطلق عليها اسم الصلاة، ويقال: صلى كذا وكذا، فصلاته صحيحة أو فاسدة، فهذه (3) أنواع لجنس الصلاة (4) بعضها أدنى من بعض، فإذا عجز عن الأعلى منها واستطاع الأدنى كان بإتيانه به آتياً بما استطاع من الصلاة (5)، والله أعلم. قوله: "وقال أبو حنيفة: إذا عجز عن القعود سقطت الصلاة" (6) هذا مما أُنكر عليه إذ لا يصح هذا عن أبي حنيفة، والمنقول عنه خلافه في كتب أصحابه (7)، وأصحابنا (8)، وإنما الثابت عنه أنه إذا عجز عن الإيماء برأسه سقطت عنه الصلاة، والله أعلم.   (1) انظر: نهاية المطلب 2/ ل 70/ ب. (2) في (أ) و (ب): و. (3) في (أ): هذا. (4) سقط من (ب). (5) انظر: التنقيح ل 101/ ب - ل 103/ أ. (6) الوسيط 2/ 605. (7) كالمبسوط 1/ 216 - 217، بدائع الصنائع 1/ 106. (8) انظر: حلية العلماء 2/ 221، رحمة الأمة في اختلاف الأئمة ص: 39، فتح العزيز 3/ 295. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 95 قوله: "من به رمد وقال الأطباء: لو اضطجعت أياماً أفادت المعالجة" (1) كان ينبغي أن يقول (2): من نزل الماء في عينيه؛ فإن العلاج المذكور علاجه، ولا تسميه أهل الصناعة رمداً (3) وقوله: "ووقع ذلك لابن عباس فاستفتى عائشة، وأبا هريرة فلم يرخصا له" (4) هذا لا يصح هكذا، والثابت في ذلك ما رويناه (5) (أنه نزل في عينيه الماء فقيل له: تستلقي سبعة أيام لا تصلي إلا مستلقياً، فكره هو ذلك) (6). وأما استفتاؤه عائشة وأبا هريرة فلا يصح (7)، وكذا المذكور في "المهذب" (8) من أن عبد الملك   (1) الوسيط 2/ 606 - 607. وبعده: ففيه خلاف، ووقع ذلك لابن عباس .... إلخ (2) سقط من (ب). (3) قال النووي: " ... وأنكروا عليه تسميته رمداً؛ لأن الأطباء لا يسمونه رمداً، وهذا الإنكار ضعيف؛ فإن المسألة غير منحصرة في غير الرمد، بل لو احتاج إلى ذلك في الرمد جرى الوجهان". التنقيح ل 103/ ب. والأصح من الوجهين هو أنه يجوز له الاضطجاع والاستلقاء انظر: الوجيز 1/ 42، فتح العزيز 3/ 296، الغاية القصوى 1/ 293. (4) الوسيط 2/ 607. (5) في (أ): روينا. (6) رواه البيهقي في السنن الكبرى كتاب الصلاة 2/ 438 رقم (3684)، وصحح النووي إسناده عن عمرو بن دينار انظر: التنقيح ل 103/ ب. (7) كذا قال النووي في المجموع 4/ 315، والتنقيح ل 103/ ب. لكن روى هذه القصة الحاكم في المستدرك 3/ 545 - 546 بإسناد جيِّد كما قال ابن الملقن في تذكرة الأخيار ل 62/ أ. (8) 1/ 101. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 96 ابن مروان (1) حمل إليه (2) الأطباء على البُرُد، فذكروا له ذلك فاستفتى عائشة وأم سلمة، فنهتاه (3). وإنما تولى عبد الملك الخلافة بعد موتهما، وموت أبي هريرة بسنين عدة (4)، والله أعلم. قوله - صلى الله عليه وسلم - (5): (لا صلاة إلا بفاتحة الكتاب) (6) صحيح متفق على صحته (7) من حديث عبادة بن الصامت - رضي الله عنه -، ورواه الإمام أبو بكر ابن خزيمة في "صحيحه" (8) بإسناد صحيح من حديث أبي هريرة قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "لا تجزي صلاة   (1) أبو الوليد عبد الملك بن مروان بن الحكم بن أبي العاص بن أمية الأموي أمير المؤمنين، كانت خلافته بعد أبيه سنة 65 هـ، ثم استقل بالخلافة بعد مقتل عبد الله بن الزبير سنة 73 هـ وكان قبل الخلافة من العبَّاد الزهاد الفقهاء، توفي سنة 86 هـ. انظر ترجمته في: تهذيب الأسماء 1/ 309، السير 4/ 246، البداية والنهاية 9/ 66. (2) في (ب): عليه. (3) أثر عبد الملك هذا رواه البيهقي في السنن الكبرى كتاب الصلاة 2/ 438 رقم (3685). قال النووي: "إسناده ضعيف". المجموع 4/ 314. (4) انظر: الجوهر النقي 2/ 438. قال النووي - بعد أن ذكر إنكار بعث عبد الملك البرد -: "وهذا الإنكار باطل؛ فإنه لا يلزم من بعثه أن يبعث في زمان خلافته، بل بعث في خلافة معاوية، وزمن عائشة وأم سلمة، ولا يستكثر بعث البرد من مثل عبد الملك؛ فإنه كان قبل خلافته من رؤساء بني أمية وأشرافهم ... " المجموع 4/ 315، وراجع: تهذيب الأسماء 1/ 310. (5) سقط من (ب). (6) الوسيط 2/ 609. وقبله: أن أصل الفاتحة متعين على الإمام، والمأموم في الصلاة السرية، والجهرية، إلا في ركعة المسبوق. وقال أبو حنيفة: تقوم ترجمتها وغيرها من السور مقامها، وخالف قوله - عليه السلام -: (لا صلاة ... الحديث. (7) انظر: صحيح البخاري - مع الفتح - كتاب الأذان، باب وجوب القراءة للإمام والمأموم 2/ 276 رقم (756)، وصحيح مسلم - مع النووي - كتاب الصلاة، باب وجوب قراءة الفاتحة في كل ركعة 4/ 100، لكن لفظهما: (لا صلاة لمن لم يقرأ بفاتحة الكتاب). (8) انظره في كتاب الصلاة 1/ 248 رقم (490). الجزء: 2 ¦ الصفحة: 97 لا يقرأ فيها بفاتحة الكتاب). وهكذا رواه أبو حاتم ابن حبَّان (1) في "صحيحه" (2). وإن تفرد بهذه اللفظة (3) شعبة، ثم عنه وهب بن جرير (4)، فزيادة الثقة مقبولة لما عرف (5)، والله أعلم. قوله: "تجب قراءة بسم الله الرحمن الرحيم؛ إذ روى البخاري أن النبي - صلى الله عليه وسلم - عدَّ الفاتحة سبع آيات، وعدَّ بسم الله الرحمن الرحيم آية منها" (6) ما ذكره من رواية البخاري له وهم، فلم يرو البخاري ذلك ولا مسلم (7)، وإذا قيل: روى البخاري، أو مسلم كذا وكذا فإنما يطلق ذلك على ما روياه في "صحيحيهما". وهو مع ذلك حديث ثابت من حديث ابن جريج عن ابن أبي مليكة (8) عن   (1) هو الإمام العلامة أبو حاتم محمَّد بن حبان بن أحمد بن حبان البستي، أحد الحفاظ الكبار، المصنفين، المجتهدين، شيخ خراسان، كان من أوعية العلم في الفقه، واللغة، والحديث، والوعظ، صاحب الكتب المشهورة، والتي منها: المسند الصحيح، تاريخ الثقات، الضعفاء، توفي سنة 354 هـ. انظر ترجمته في: تذكرة الحفاظ 3/ 920، البداية والنهاية 11/ 276، طبقات الحفاظ ص: 374. (2) انظر: الإحسان في تقريب صحيح ابن حبان 5/ 91 رقم (1789). (3) في (أ): اللفظ. (4) هو وهب بن جرير بن حازم بن زيد الجهضمي أبو العباس، وقيل: أبو عبد الله الأزدي البصري، قال الحافظ ابن حجر: "ثقة". روى حديثه الجماعة، توفي سنة 206 هـ. انظر ترجمته في: الجرح والتعديل 9/ 28، تقريب التهذيب ص: 585. (5) انظر: علوم الحديث للمؤلف ص: 92، نزهة النظر لابن حجر ص: 31. (6) الوسيط 2/ 610. (7) انظر: التنقيح ل 104/ أ، التلخيص الحبير 3/ 317. (8) وهو عبد الله بن عبيد الله بن أبي مليكة القرشي التيمي المكي أبو بكر الأحول، وقيل: أبو محمَّد، أدرك ثلاثين من الصحابة، قال الحافظ ابن حجر: "ثقة فقيه". روى حديثه الجماعة، توفي سنة 117 هـ. انظر ترجمته في: تذكرة الحفاظ 1/ 101، تقريب التهذيب ص: 312، طبقات الحفاظ ص: 41. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 98 أم سلمة - رضي الله عنها - عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ... أخرجه بمعناه الإمام ابن خزيمة في صحيحه (1)، واحتج به في المسألة، وإن كان قد رواه عن عمر بن هارون (2) عنه، وليس بالقوي، فقد تابع عمر عليه غيره. وقال فيه البويطي في كتابه (3): "أخبرني غير واحد عن حفص بن غياث (4) عن ابن جريج". وثبت عن ابن عباس - رضي الله عنهما - أنه قال في قوله تبارك وتعالى: {وَلَقَدْ آتَيْنَاكَ سَبْعًا مِنَ الْمَثَانِي وَالْقُرْآنَ الْعَظِيمَ} (5): "إنها فاتحة الكتاب، وإن بسم الله الرحمن الرحيم الآية السابعة" (6). وروينا ذلك عن علي (7)،   (1) في كتاب الصلاة 1/ 248 رقم (493). وممن رواه كذلك: الدارقطني في سننه 1/ 312 - 313 وقال: إسناده صحيح وكلهم ثقات، والحاكم في المستدرك 1/ 232 وقال: "هذا حديث صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه"، وقال النووي: "صحيح". التنقيح ل 104/ أ. (2) هو عمر بن هارون بن يزيد الثقفي مولاهم البلخي، قال عنه الحافظ ابن حجر: "متروك، وكان حافظاً". وقال عنه في التلخيص الحبير: "ضعيف". روى حديثه الترمذي وابن ماجه، توفي سنة 194 هـ. انظر ترجمته في: الجرح والتعديل 6/ 140، ميزان الاعتدال 4/ 148، تقريب التهذيب ص: 417، التلخيص الحبير 3/ 316. (3) ل 6/ ب. (4) هو حفص بن غياث بن طلق بن معاوية النخعي أبو عمر الكوفي، قال عنه الحافظ ابن حجر: ثقة، فقيه، تغير حفظه قليلاً في الآخر. روى حديثه الجماعة، توفي سنة 194 هـ، وقيل: 195 هـ. انظر ترجمته في: الجرح والتعديل 3/ 185، السير 9/ 22، تقريب التهذيب ص: 173، طبقات الحفاظ ص: 124. (5) سورة الحجر الآية (87). (6) رواه عنه البيهقي في السنن الكبرى كتاب الصلاة 2/ 66 رقم (2387)، وصحح إسناده الحافظ ابن حجر في التلخيص الحبير 3/ 337. (7) رواه عنه الدارقطني في سننه 1/ 313، والبيهقي في الموضع السابق برقم (2388)، وضعَّف إسناده ابن التركماني في الجوهر النقي 2/ 66؛ إذ في سنده: أسباط، وإسماعيل ابن عبد الرحمن السدي، وعبد خير وقد تُكلم فيهم. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 99 وأبي هريرة (1) رضي الله عنهم. قال الحافظ أحمد البيهقي: "قد علمنا بالروايات الصحيحة عن ابن عباس أنه كان يعدُّ بسم الله الرحمن الرحيم آية من الفاتحة" (2). ومن الحجة في إثباتها في أول كل سورة قول ابن عباس - رضي الله عنهما -: (كان النبي - صلى الله عليه وسلم - لا يعرف انقضاء السورة حتى تنزل عليه (3) بسم الله الرحمن الرحيم). وفي رواية: (كان المسلمون لا يعلمون انقضاء السورة حتى تنزل بسم الله الرحمن الرحيم) (4) أخرجه أبو داود (5)، وصححه الحاكم في "صحيحه" (6) وقال: "إنه صحيح على شرط الشيخين". واحتج به الشافعي في "سنن حرملة". (7). ولكثير من مخالفينا (8) في مسألتي: إثبات البسملة، والجهر بها استجراء على نسبتنا إلى (9). ضعف الحجة فيهما، وها نحن نأتي في ذلك بالحجة الواضحة غير   (1) رواه عنه الدارقطني في سننه 1/ 306، والبيهقي في الموضع السابق برقم (2389) وقال: "روي عن أبي هريرة - رضي الله عنه - مرفوعاً وموقوفاً، والموقوف أصح". وذكر الحافظ ابن حجر أن رجال إسناده ثقات، وقال: "وصحح غير واحد من الأئمة وقفه على رفعه ... " التلخيص الحبير 3/ 317. (2) معرفة السنن والآثار 1/ 513. (3) سقط من (أ) و (ب). (4) قوله: (وفي رواية ... بسم الله الرحمن الرحيم) سقط من (ب). (5) في سننه كتاب الصلاة، باب من جهر بها 1/ 499 رقم (788). (6) 1/ 231 - 232. وراجع: التلخيص الحبير 3/ 318. (7) انظر النقل عنه في: معرفة السنن والآثار 1/ 514. (8) في (ب): ولكثرة مخالفينا. (9) في (ب): على. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 100 الواهية إن شاء الله تبارك وتعالى، فمن أقوى ما نحتج به في إثبات كون البسملة من الفاتحة، ومن كل سورة - سوى براءة - إجماع الصحابة، وسائر المسلمين على كتبها بين دفتي المصحف، ومع القرآن بخط القرآن، من غير تمييز (1)؛ فلو لم تكن في (2) ذلك كله من القرآن لما استجازوا كتبها معه كذلك غير مقرون ببيان شاف شائع أنها ليست من القرآن؛ لأن ذلك يحمل قطعاً على اعتقاد (3) ما ليس بقرآن قرآناً. وهذا دليل قاطع أو كالقاطع، حرَّر (4) نحوه صاحب الكتاب، وقرره في كتابه (5) "في حقيقة القولين" (6)، ثم في "المستصفى" (7). ولا يقال: إن القرآن لا يثبت شيء منه إلا بالتواتر، وبدليل قاطعٍ قاطعٌ (8) للشك، والاحتمال لما عرف، ولا وجود له ههنا؛ لأنا نقول: البسملة أصلها ثابت بالتواتر في سورة النمل (9)، وإنما الكلام في عدد مواضعها، وأنها منه مرة أو مرات، وذلك يجوز إثباته بالاجتهاد كعدد الآي، ومقاديرها (10)، والله أعلم.   (1) انظر نقل الإجماع في: معرفة السنن والآثار 1/ 512، المجموع 3/ 335. (2) سقط من (أ). (3) في (أ): اعتقادنا. (4) في (ب): وحرَّر. (5) في كتابه: سقط من (أ). (6) لم أقف عليه. (7) ص: 82 - 84. (8) سقط من (ب). (9) الآية (30). (10) انظر: المستصفى ص: 83. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 101 وأما الجهر بها: فدليله حديث نعيم بن عبد الله المُجْمِر (1) قال: (صليت وراء أبي هريرة فقرأ بسم الله الرحمن الرحيم، ثم قرأ بأم القرآن حتى بلغ {وَلَا الضَّالِّينَ} فقال: آمين، وقال الناس. ويقول كلما سجد: الله أكبر، وإذا قام من الجلوس قال: الله أكبر، ويقول إذا سلَّم: والذي نفسي بيده إني لأشبهكم صلاة برسول الله (2) - صلى الله عليه وسلم -). أخرجه النسائي (3)، وأورده الإمام أبو بكر ابن خزيمة في "صحيحه" (4)، وإسناده صحيح، وأخرجه الحاكم أبو عبد الله في "صحيحه" (5) وقال: "هذا حديث صحيح على شرط الشيخين، ولم يخرجاه". واحتج به أبو بكر الخطيب الحافظ (6) في كتابه "في إثبات الجهر بالتسمية" (7) ورواه   (1) في (أ): بن المجْمِر. وهو أبو عبد الله نعيم بن عبد الله المدني، مولى عمر بن الخطاب، يعرف بالمجمِر بضم الميم، وسكون الجيم، وكسر الميم الثانية؛ لأنه كان يبخِّر المسجد، يقال: إنه جالس أبا هريرة - رضي الله عنه - عشرين عاماً، قال عنه الحافظ ابن حجر: "ثقة". روى حديثه الجماعة. انظر ترجمته في: التاريخ الكبير 8/ 96، الجرح والتعديل 8/ 460، الثقات لابن حبَّان 5/ 476، تقريب التهذيب ص: 565. (2) في (ب): بصلاة رسول الله. (3) في سننه كتاب الافتتاح، باب قراءة بسم الله الرحمن الرحيم 2/ 471 رقم (904). (4) في كتاب الصلاة 1/ 251 رقم (499). (5) 1/ 232. كذا ابن حبَّان في صحيحه. انظر: الإحسان 5/ 104 رقم (1801). (6) العلامة أبو بكر أحمد بن علي بن ثابت بن أحمد بن مهدي الخطيب البغدادي، أحد مشاهير الحفاظ، صاحب التصانيف العديدة البديعة، والتي بلغت نحواً من ستين مصنفًا منها: تاريخ بغداد، شرف أهل الحديث، المتفق والمفترق، اقتضاء العلم العمل، الفقيه والمتفقه، توفي سنة 463 هـ. انظر ترجمته في: تذكرة الحفاظ 3/ 1135، السير 18/ 270، طبقات السبكي 4/ 29، البداية والنهاية 12/ 108. (7) لم أقف على كتابه هذا، والله أعلم. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 102 من وجوه متعددة مرضية، ثم قال: "وقد روى جماعة عن أبي هريرة أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يجهر ببسم الله الرحمن الرحيم، ويأمر به"، ثم ساق أحاديثهم بأسانيدها. وروى الخطيب أيضاً عن جماعة من الصحابة عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنه جهر بالتسمية منهم: عمر، وعلي، وعمار (1)، وابن عباس، وابن عمر، في بضعة عشر نفساً. قال: "وممن سمي لنا أنه حفظ عنه الجهر بالتسمية من أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - (2) الأئمة الأربعة: أبو بكر، وعمر، وعثمان، وعلي"، وعدَّ منهم سبعة عشر نفساً، ثم ساق ذلك عنهم بأسانيدهم، قال: "فأما من روى عنه ذلك من التابعين، ومن بعدهم فهم أكثر من أن يذكروا" (3)، ثم ذكر أن (4) ذلك في الجهر بالتسمية في أول الفاتحة، وأما في الجهر بها في أول كل سورة، فيدل (عليه) (5) من ذلك ما كان من الأحاديث مطلقاً فيه: أنه (6) كان يجهر ببسم الله الرحمن الرحيم، وذكر أيضاً أحاديث كثيرة عنه - صلى الله عليه وسلم - أنه كان يجهر بالتسمية في السورتين جميعاً (7). قلت: واعتمد الشافعي في ذلك على   (1) في (أ): وعثمان. (2) قوله: (قال ... رسول الله - صلى الله عليه وسلم -) سقط من (ب). (3) انظر النقل عنه في: المجموع 3/ 341. (4) في (أ) و (ب): أن كل ذلك. (5) زيادة من (أ) و (ب). (6) في (ب): أن. (7) لم أقف على قوله هذا فيما بين يدي من كتبه، ونقله ابن الصلاح من كتابه السابق "الجهر بالتسمية" ولم أقف عليه، ولم أقف على من نقل قوله هذا حسب ما وقفت عليه من مصادر، والله أعلم. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 103 إجماع أهل المدينة (1) - ولا خلاف في كونه حجة في النقل (2) - وذلك ما رويناه عن أنس بن مالك قال: (صلى معاوية بالمدينة صلاة كذا، فجهر فيها بالقراءة (3) فقرأ ببسم الله الرحمن الرحيم لأم القرآن، ولم يقرأ بها للسورة التي بعدها، حتى قضى تلك القراءة، ولم يكبِّر حتى (4) يهوي، حتى قضى تلك الصلاة، فلمَّا سلَّم ناداه من شهد ذلك من المهاجرين والأنصار من كل مكان يا معاوية أسرقت الصلاة أم نسيت؟ فلما صلى بعد ذلك قرأ بسم الله الرحمن الرحيم للسورة التي بعد أم القرآن، وكبَّر حين (5) يهوي ساجداً. وروينا نحوه عن عبيد ابن رفاعة الزرقي (6)، عن معاوية، وفيه (7) أنهم قالوا له: (أسرقت صلاتك أين بسم الله الرحمن الرحيم؟) ورواه يعقوب ابن سفيان (8)   (1) في (د): واعتمد بن مالك قال: صلى معاوية بالمدينة، ولا خلاف ... إلخ، وهو حشو لا معنى له هنا، والمثبت من (أ) و (ب). وانظر: الأم 1/ 212 - 213، والمجموع 3/ 346. (2) انظر: البحر المحيط 4/ 486. (3) في (د) و (ب): صلاة فجهر كذا فيها، بالتقديم والتأخير، و (كذا) غير موجودة في لفظ الحديث، والمثبت من (أ) غير أن فيه فيجهر. (4) في (ب): حين. (5) في (أ): حتى. (6) هو عبيد بن رفاعة بن رافع بن مالك الأنصاري الزرقي، ويقال فيه: عبيد الله، ولد في عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وليس له صحبة، قال الحافظ ابن حجر: "وثقه العجلي، وروى له البخاري في الأدب، والأربعة". انظر ترجمته في: الثقات لابن حبَّان 5/ 133، تهذيب الكمال 19/ 205، تقريب التهذيب ص: 377. (7) في (ب): وفيهم. (8) في (ب): سليمان. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 104 الفارسي (1) أحد أئمة الحديث المتقدمين في كتابه في "الصلاة" (2) عن أبي بكر الحميدي، واعتمد عليه يعقوب أيضاً في إثبات الجهر بالتسمية. وأخرجه الحاكم أبو عبد الله في "صحيحه" (3) وقال: "هذا حديث صحيح على شرط مسلم". وأما ما يحتج به المخالفون من الحديث المروي عن أنس بن مالك قال: (صليت مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وأبي بكر، وعمر (4)، وعثمان فلم أسمع أحداً منهم (5) يقرأ (6) بسم الله الرحمن الرحيم). وفي رواية: (وكانوا يستفتحون بـ {الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ} لا (7) يذكرون بسم الله الرحمن الرحيم في أول قراءة ولا في (8) آخرها). ورواه جماعة فلم يجهروا ببسم الله الرحمن الرحيم.   (1) هو أبو يوسف يعقوب بن سفيان بن جوان الفارسي الفسوي، الإمام المحدث الرحالة، فقد رحل في طلب الحديث إلى البلدان النائية، من مصنفاته: التاريخ، المعرفة، مشيخته، قال عنه الحافظ ابن حجر: "ثقة حافظ"، روى حديثه الترمذي والنسائي، توفي سنة 277 هـ. انظر ترجمته في: السير 13/ 180، البداية والنهاية 11/ 63، تقريب التهذيب ص 608. (2) انظر النقل عنه في: المجموع 3/ 346. (3) 1/ 233. وممن رواه كذلك: الشافعي في مسنده ص: 367، والدارقطني في سننه 1/ 311 وقال: "رجاله كلهم ثقات"، والبيهقي في السنن الكبرى كتاب الصلاة 2/ 71 - 72 رقم (2408، 2410). (4) سقط من (أ). (5) في (أ): منهم أحداً، بالتقديم والتأخير. (6) في (ب): يجهر بقراءة. (7) في (أ): ولا. (8) سقط من (ب). الجزء: 2 ¦ الصفحة: 105 فهذا مما أخرجه مسلم (1)، ولم يخرجه البخاري، وتركه الشافعي بعد اطلاعه عليه (2)، وروايته إياه عن مالك (3)، مع ما كان الشافعي (4) عليه من المبالغة في اتباع الحديث الصحيح، حتى أمر أصحابه إذا ظفروا بحديث صحيح على خلاف مذهبه بأن يتركوا مذهبه ويتبعوا الحديث (5)؛ وذلك أنه من قبيل الحديث المعلل الذي يترك وإن كانت الرواة له ثقات، لكونه اطلع فيه على علة خفية، غامضة، قادحة في صحته، كاشفة عن وهم فيه، دخل على بعض رواته، بحيث يغلب ذلك فيه على الظن، فيحكم به، أو يتردد فيه، فيتوقف ويمتنع الحكم بصحته، وربما خفيت علته (6) على أكثر حفاظ الحديث، واطلع عليها الفرد منهم (7)، وبيان ذلك في هذا الحديث: أن الأكثرين رووه "فكانوا (8) يستفتحون القراءة بـ {الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ} "، من غير تعرض لذكر البسملة،   (1) انظر صحيحه - مع النووي - كتاب الصلاة، باب حجة من قال: لا يجهر بالبسملة 4/ 110 - 111. وقوله: ورواه جماعة فلم يجهروا ... إلخ انظره في السنن الكبرى كتاب الصلاة 2/ 74 رقم (2415). (2) سقط من (ب). (3) رواه الشافعي في مسنده ص: 367، ولكن عن سفيان عن أيوب وليس عن مالك. (4) في (أ): للشافعي. (5) انظر: المجموع 1/ 63، إعلام الموقعين عن ربِّ العالمين لابن القيَّم 2/ 285، مقدمة صفة صلاة النبي - صلى الله عليه وسلم - للألباني ص: 50. (6) في (ب): صحته، وهو خطأ. (7) قال المؤلف في كتابه علوم الحديث ص: 96: الحديث المعلل: "هو الحديث الذي اطلع فيه على علة تقدح في صحته، مع أن الظاهر السلامة منها، ويتطرق ذلك إلى الإسناد الذي رجاله ثقات، الجامع شروط الصحة من حيث الظاهر". وراجع: نزهة النظر ص: 43. (8) في (أ): وكانوا. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 106 وذلك هو المتفق على صحته، المخرَّج في "الصحيحين" (1)، فاتهم الأقلون الذين رووه باللفظ النافي للبسملة: أنهم رووه بالمعنى متوهمين أن قوله: فكانوا يستفتحون بـ {الْحَمْدُ (لِلَّهِ) (2)} معناه: أنهم لم يكونوا يبسملون، وأخطأوا في ذلك؛ لأن معناه: أن السورة التي كانوا يستفتحون القراءة بها من السور (3) هي الفاتحة، وليس فيه تعرض للبسملة (4). والتهمة تسقط الاحتجاج بما تمكنت منه عند أهل الحديث (5). على أنه انضم إلى ذلك أمور شاهدة بالوهم في اللفظ النافي المذكور منها: أنه ثبت عن أنس أنه سئل عن الافتتاح بالبسملة فقال: (إنك لتسألني عن شيء لا أحفظه، وما سألني عنه أحد قبلك)، رواه الإمام أبو الحسين الدارقطني بإسناده (6) وقال: "هذا إسناد صحيح". ورواه الحافظ أبو بكر الخطيب وقال: "هذا حديث صحيح الإسناد، ثبت الرجال، لا علة فيه، ولا مطعن عليه" (7). ومنها ما رويناه عن محمَّد بن أبي السري العسقلاني (8) قال: "صليت خلف المعتمر بن   (1) انظر: صحيح البخاري - مع الفتح - كتاب الأذان، باب ما يقول بعد التكبير 2/ 265 رقم (743)، وصحيح مسلم - مع النووي - كتاب الصلاة، باب حجة من قال: لا يجهر بالبسملة 4/ 111. (2) زيادة من (أ). (3) في (د) و (ب): من السورة، والمثبت من (أ). (4) راجع: السنن الكبرى 2/ 75، المجموع 3/ 351 - 352. (5) انظر: نزهة النظر ص: 40 - 41 (أسباب الطعن في الحديث). (6) انظر: سننه 1/ 216. (7) لم أقف على قوله هذا وروايته للحديث فيما بين يدي من مصادر، والله أعلم. (8) هو محمَّد بن المتوكل بن عبد الرحمن الهاشمي مولاهم العسقلاني المعروف بابن أبي السري، قال عنه الحافظ ابن حجر: "صدوق عارف له أوهام كثيرة". وروى حديثه أبو داود، توفي سنة 238 هـ. انظر ترجمته في: الجرح والتعديل 8/ 105، الثقات لابن حبَّان 9/ 88، تقريب التهذيب ص: 504. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 107 سليمان (1) ما لا أحصي صلاة الصبح والمغرب، فكان يجهر ببسم الله الرحمن الرحيم قبل فاتحة الكتاب (2)، وبعدها، وسمعت المعتمر يقول: ما آلوا أن أقتدي بصلاة أبي (3)، وقال أبي: ما آلوا أن أقتدي بصلاة أنس بن مالك، وقال أنس: ما آلوا أن أقتدي بصلاة رسول الله - صلى الله عليه وسلم -". رواه الحافظ أبو بكر البيهقي (4) وقال: "رواته كلهم ثقات". وليس هذا مناقضاً للذي قبله؛ لإمكان أن يكون أنس سمعه من بعض الصحابة عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فرواه عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حين ذكر أنه مقتدٍ به فيه. ثم إنه ليس في نفي الجهر إثبات الإسرار؛ فإن الجهر قد يطلق ويراد به: الجهر الشديد (5) قال الله تعالى: {وَلَا تَجْهَرْ بِصَلَاتِكَ وَلَا تُخَافِتْ بِهَا وَابْتَغِ بَيْنَ ذَلِكَ سَبِيلًا} (6). وفي بعض ما ذكرناه جواب عمَّا احتجوا   (1) أبو محمَّد المعتمر بن سليمان بن طرخان التيمي البصري، مولى لبني مرة، ونسب لتيم لنزوله فيهم هو وأبوه، قال عنه الحافظ ابن حجر: "ثقة"، روى حديثه الجماعة، توفي سنة 187 هـ. انظر ترجمته في: الجرح والتعديل 8/ 402، تذكرة الحفاظ 1/ 266، تقريب التهذيب ص: 539. (2) سقط من (ب). (3) هو أبو المعتمر سليمان بن طرخان التيمي البصري، قال عنه الحافظ ابن حجر: "ثقة عابد"، روى حديثه الجماعة. توفي سنة 143 هـ. انظر ترجمته في: التاريخ الكبير 4/ 20، تذكرة الحفاظ 1/ 150، تقريب التهذيب ص: 252. (4) في معرفة السنن والآثار 1/ 525. وممن رواه كذلك: الحاكم في المستدرك 1/ 233 - 234 وقال: "رواة هذا الحديث عن آخرهم ثقات". (5) انظر: القاموس المحيط 2/ 50، المجموع 3/ 353. (6) سورة الإسراء الآية (110). وراجع تفسير ابن كثير 3/ 69. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 108 به من حديث عبد الله بن مُغَفَّل المزني (1) الوارد (2) بنحو ما رووه عن أنس (3). على أنه يرويه أبو نعامة قيس ابن عباية الحنفي (4) عن ابن عبد الله (5)   (1) سقط من (أ). وهو عبد الله بن مغفل بن عبد غنم، ويقال: ابن عبد نهم المزني المدني البصري، صحابي جليل، من أهل بيعة الرضوان، روي له عن النبي - صلى الله عليه وسلم - (43) حديثاً، وروى حديثه الجماعة، توفي سنة 60 هـ. انظر ترجمته في: الاستيعاب 7/ 38، تهذيب الأسماء 1/ 290، الإصابة 6/ 223. (2) في (أ): المروي. (3) وهو عن ابن عبد الله بن مغفل قال: (سمعني أبي وأنا في الصلاة أقول: بسم الله الرحمن الرحيم فقال لي: أي بني محدَث، إياك والحدث، قال: ولم أر أحداً من أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان أبغض إليه الحدث في الإِسلام - يعني منه - قال: وقد صليت مع النبي - صلى الله عليه وسلم -، ومع أبي بكر، ومع عمر، ومع عثمان، فلم أسمع أحداً منهم يقولها، فلا تقلها، إذا صليت فقل {الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ}. رواه الترمذي في جامعه أبواب الصلاة، باب ما جاء في ترك الجهر ببسم الله الرحمن الرحيم 2/ 12 رقم (244) وقال: "حديث حسن"، والنسائي في سننه كتاب الافتتاح، باب ترك الجهر ببسم الله الرحمن الرحيم 2/ 472 رقم (907)، وابن ماجه في سننه كتاب إقامة الصلاة، باب افتتاح القراءة 1/ 267 رقم (815)، وأحمد في المسند 4/ 85، قال الزيلعي في نصب الراية 1/ 333: "وهو وإن لم يكن من أقسام الصحيح، فلا ينزل عن درجة الحسن". (4) في (أ): أبو نعامة عن قيس، و (عن) هنا مقحمة. وهو قيس بن عباية أبو نعامة الحنفي، وعباية: بعين مهملة مفتوحة، وتخفيف الموحدة، ثم التحتانية، قال عنه الحافظ ابن حجر: "ثقة". توفي سنة 110 هـ، روى حديثه البخاري في جزء القراءة، والأربعة. انظر ترجمته في: الكنى والأسماء للإمام مسلم 2/ 848، المقتنى في سرد الكنى للذهبي 2/ 115، تقريب التهذيب ص: 457. (5) قوله: (أنس ... ابن عبد الله) سقط من (ب). الجزء: 2 ¦ الصفحة: 109 ابن مُغَفَّل (1) عن أبيه، وتفرد به أبو نعامة، ولم يحتج به صاحبا الصحيح. وابن عبد الله بن مُغَفَّل مجهول (2). ثم إنا إذا تنزلنا عن هذا المقام إلى مقام الترجيح فلما احِتَجَجْنا به الرُجْحَان من حيث إنه: لم يختلف في لفظه، وما تعلقوا به يختلف في لفظه. ولأن نفي الجهر إنما (3) رواه صحابيان، وإثبات الجهر رواه أربعة عشر صحابياً أو أكثر. ولأن من روى الجهر مثبت، ومن روى عدمه نافٍ، وقد عرف أن المثبت مقدم على النافي (4). هذا ولله الحمد بيان شاف على اختصار (5) كافٍ. ومسألة البسملة معدودة من مشكلات المذهب، وهي أصولية، فقهية، حديثية، وقد أوفيناها حقها من فنونها، بعون الله وتوفيقه، وهو أعلم. ذكر أنه لو ترك الموالاة في الفاتحة ناسياً فقد "نقل العراقيون (6) أنه لا يضر" (7) يعني عن الشافعي - رضي الله عنه - ثم قال: "وللشافعي قول في القديم (8) أنه لو ترك الفاتحة   (1) في (د): معقل، والمثبت من (أ) و (ب). قال الحافظ ابن حجر: "اسمه يزيد". تقريب التهذيب ص: 695، وراجع نصب الراية 1/ 332 - 333، تحقيق أحمد شاكر على جامع الترمذي 2/ 13. (2) انظر: المجموع 3/ 355، ولكن ذكر الزيلعي في نصب الراية الموضع السابق: أنه قد تابع أبا نعامة في الرواية عنه: ابن عبد الله بن بريدة، وأبو سفيان السعدي، فقد ارتفعت الجهالة عنه برواية هؤلاء الثلاثة عنه. وراجع تعليق أحمد شاكر الموضع السابق. (3) سقط من (ب). (4) راجع: البحر المحيط 6/ 172، شرح الكوكب المنير 4/ 682. (5) في (أ) و (ب): اختصاره. (6) في (ب): العراقين، وهو خطأ. (7) الوسيط 2/ 612. (8) في (أ) و (ب): قول قديم. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 110 ناسياً لم يضر، ... ولكن ليس هذا تفريعاً عليه؛ إذ فرق بينه وبين ترك ترتيبها ناسياً" (1). فقوله "إذ فُرِّق" هو بضم الفاء، لا بفتحها؛ لأن هذا الفرق ليس عن الشافعي، وإنما ذكره الشيخ أبو محمَّد الجويني زيادة على النص تفريعاً على الجديد لا على القديم (2)؛ فإن ترك ترتيبها لا يضر على القديم إذ لا يزيد على تركها من أصلها. قوله: "ويتأيد ذلك بأنّه لو طوَّل ركناً قصيراً ناسياً لم يضر، وإن انقطعت به موالاة (3) الأركان" (4) يعني يتأيد ما سبق من أن ترك الموالاة في الفاتحة ناسياً (لا (5) يضر: بأن ترك الموالاة بين أركان الصلاة ناسياً) (6) لا يبطلها، مع أنه يبطلها ترك الترتيب ناسياً، كما لو قدَّم السجود على الركوع ناسياً، فكما فرَّقنا بين الموالاة والترتيب في الأركان، كذلك نفرق بينهما في القراءة فاعلم ذلك (7)، والله أعلم. قوله في جهر المأموم بالتأمين: (لما روى أبو هريرة أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان إذا أمَّن أمَّن من خلفهُ حتى كان للمسجد ضجة) (8) هكذا أورده شيخه (9) - رحمه الله وإيانا -   (1) الوسيط الموضع السابق. (2) انظر النقل عنه في نهاية المطلب 2/ ل 36/ ب، وقال النووي في التنقيح ل 104/ ب: "معناه أن أبا محمَّد فرَّق بينهما فقال: لو ترك الترتيب ناسياً لم يجزه، ولو ترك الموالاة ناسياً أجزأه على الجديد". (3) سقط من (ب). (4) الوسيط 2/ 612. (5) في (ب): لم. (6) ما بين القوسين زيادة من (أ) و (ب). (7) انظر: التنقيح ل 104/ ب، المطلب العالي 3/ ل 269/ ب. (8) الوسيط 2/ 614 - 615 وقبله: ثم اختلف نص الشافعي - رضي الله عنه - في جهر المأموم به فقيل: إن كان في القوم كثرة جهروا ليبلغ الصوت وإلا فلا. وقيل: فيه قولان: أحدهما: نعم لما روى أبو هريرة ... إلخ. (9) انظر: نهاية المطلب 2/ ل 41/ أ. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 111 وهو غير صحيح (1) مرفوعاً إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - (2) وإنما رواه الإمام الشافعي (3) بإسناده عن عطاء - هو ابن أبي رباح - قال: (كنت أسمع الأئمة ابن الزبير ومن بعده يقولون: آمين، ومن خلفهم: آمين، حتى إن (4) للمسجد لَلَجة). قوله (5) "إن للمسجد" أي لأهله. وفي "صحاح اللغة" (6): "سمعت لَجة الناس بالفتح أي أصواتهم، وضجتهم، والتجت الأصوات: أي اختلطت"، والله أعلم. قوله: "وأما الضجَّة: فهي هيمنة حصلت من همس القوم عند كثرتهم (7) " (8) فالهمس في اللغة: هو الصوت الخفي (9)، وقال أبو عبيد (10): "الهيمنة: الكلام   (1) قوله: (رحمه الله ... صحيح) سقط من (أ). (2) قال النووي: "هكذا ذكر هذا الحديث هو في البسيط، وشيخه في النهاية، وهو غلط ... " التنقيح ل 105/ أ. قال الحافظ ابن حجر: "لم أره بهذا اللفظ، لكن روى معناه ابن ماجه من حديث بشر ابن رافع عن أبي عبد الله ابن عمَّ أبي هريرة عن أبي هريرة قال: ترك الناس التأمين، كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذا قال: {غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلَا الضَّالِّينَ} قال: آمين، حتى يسمعها أهل الصف الأول فيرتج بها المسجد. ورواه أبو داود من هذا الوجه بلفظ: حتى يسمع من يليه من الصف الأول. ولم يذكر قول أبي هريرة. وبشر ابن رافع ضعيف، وابن عمَّ أبي هريرة قيل: لا يعرف، وقد وثقه ابن حبَّان".أهـ التلخيص الحبير 3/ 350، وانظر: سنن أبي داود كتاب الصلاة، باب التأمين وراء الإمام 1/ 575 رقم (934)، وسنن ابن ماجه كتاب إقامة الصلاة، باب الجهر بآمين 1/ 278 رقم (853)، وراجع في ذلك: تذكرة الأخيار ل 63/ أ. (3) انظر: مسنده ص: 374. (4) سقط من (ب). (5) في (أ) و (ب): وقوله. (6) 1/ 338. (7) في (ب): لكثرتهم. (8) الوسيط 2/ 615. (9) انظر: الصحاح 3/ 991، القاموس المحيط 2/ 403. (10) في غريب الحديث 1/ 158. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 112 الخفي" (1). وذكر غيره نحو ذلك (2). والظاهر من كلام المصنف أنه أراد بها صوتاً فيه اختلاط، وارتفاع، وفي ذلك زيادة على معناها الذي وجدناه عن أهل اللغة، والله أعلم. حديث إذا قال الإمام: {وَلَا الضَّالِّينَ} فقولوا: آمين (3). حديث متفق على صحته (4). ولكن قول صاحب الكتاب فيه ههنا، وفي "البسيط" (5) أيضاً "غفر له ما تقدم من ذنبه وما تأخر" غير صحيح منه قوله "وما تأخر" (6)، والله أعلم.   (1) قوله: (وقال أبو عبيد ... الخفي) سقط من (ب). (2) كالزمخشري في الفائق 4/ 115 - 116، وابن الجوزي في غريب الحديث 2/ 502، وابن منظور في لسان العرب 15/ 148. (3) الوسيط 2/ 615. حيث قال الغزالي: "ثم المستحب أن يؤمِّن مع تأمين الإمام لا قبله، ولا بعده؛ لأنه يؤمِّن لقراءته لا لتأمينه، وقد روي عنه - عليه السلام - أنه قال: إذا قال الإمام ... الحديث". (4) انظر: صحيح البخاري - مع الفتح - كتاب الأذان، باب جهر المأموم بالتأمين 2/ 311 رقم (782)، وصحيح مسلم - مع النووي - كتاب الصلاة، باب التسميع والتحميد والتأمين 4/ 128 - 129 بلفظ: إذا أمَّن الإمام فأمنوا ... الحديث، وفي رواية: (إذا قال القارئ: {غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلَا الضَّالِّينَ} فقال من خلفه: آمين ... الحديث". (5) 1/ ل 101/ ب. (6) قال النووي في التنقيح ل 105/ ب: "فإن قوله: "وما تأخر" زيادة باطلة، لا ذكر لها في الحديث، ولم يذكرها إمام الحرمين". أهـ وقال الحافظ ابن حجر: "ذكر الغزالي في الوسيط، وفي الوجيز زيادة "ما تقدم من ذنبه وما تأخر" قال ابن الصلاح: وهي زيادة ليست بصحيحة. وليس كما قال، كما بينته في طرق الأحاديث الواردة في ذلك". أهـ التلخيص الحبير 3/ 352. لكن الحافظ نفسه نصَّ في فتح الباري 2/ 310 على أنها شاذة حيث قال: "وقع في أمالي الجرجاني .. في آخر هذا الحديث (وما تأخر) وهي زيادة شاذة". الجزء: 2 ¦ الصفحة: 113 قوله: (لقول أبي سعيد الخدري: حزرنا (1) قراءة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في الأوليين من الظهر فكانت قدر سبعين آية) (2) فقوله ههنا، وفي "البسيط" (3) أيضاً "سبعين آية" وهم تسلسل وتوارد عليه شيخه (4)، ثم هو، ثم تلميذه محمد بن يحيى (5)، وإنما صوابه: فكانت قدر ثلاثين آية، والحديث صحيح أخرجه مسلم (6) من وجوه منها - وهو أوضحها - (أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يقرأ في صلاة الظهر في الركعتين الأوليين في كل ركعة قدر ثلاثين آية، وفي الأخريين (7) قدر خمس عشرة (8) آية، أو قال نصف ذلك. وفي العصر في الركعتين الأوليين في (9) كل ركعة قدر خمس عشرة (10)، وفي الأخريين (11) قدر نصف ذلك". ثم إن حديث أبي سعيد لا دلالة فيه على استحباب قراءة السورة في الثالثة والرابعة من غير الظهر كما قاله   (1) حزرنا بفتح الزاء ثم الراء بمعنى: قدَّرنا. انظر: المصباح المنير ص: 51. (2) الوسيط 2/ 616. وقبله: الثاني: السورة - يعني التي بعد الفاتحة - ويستحب قراءتها للإمام والمنفرد في ركعتي الفجر والأوليين من غيرهما. وهل تستحب في الثالثة والرابعة؟ قولان منصوصان: الجديد: أنها تستحب لقول أبي سعيد الخدري ... إلخ. (3) 1/ ل 101/ ب. (4) انظر: نهاية المطلب 2/ ل 41/ ب. (5) انظر النقل عنه في التنقيح ل 105/ ب. (6) انظر صحيحه - مع النووي - كتاب الصلاة، باب القراءة في الظهر والعصر 4/ 172. (7) في (أ): الأخيرتين. (8) في (ب): عشر، وهو خطأ؛ لأن المعدود مؤنث. (9) سقط من (ب). (10) في (ب): عشر، وهو خطأ؛ لأن المعدود مؤنث. (11) في (د) و (أ): الأخيرتين، والمثبت من (ب)، وهو موافق للفظ الحديث. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 114 في الجديد، وقد روى الربيع عنه (1) أنه احتج في ذلك بما رواه عن مالك بسنده عن أبي عبد الله الصنابحي أنه صلى خلف أبي بكر الصديق - رضي الله عنه - صلاة المغرب، فلما قام في الركعة الثالثة دنا منه فسمعه (2) قرأ بعد الفاتحة هذه الآية {رَبَّنَا لَا تُزِغْ قُلُوبَنَا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا وَهَبْ لَنَا مِنْ لَدُنْكَ رَحْمَةً إِنَّكَ أَنْتَ الْوَهَّابُ} (3). وروى أيضاً عن مالك عن نافع عن ابن عمر - رضي الله عنهما - (أنه كان إذا صلى وحده يقرأ في الأربع جميعاً، في كل ركعة بأم القرآن وسورة) (4). وحجة القول الآخر (5) وهو قديم، ورواه البويطي (6) أيضاً: حديث أبي قتادة في "الصحيحين" (7): (أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان يقرأ في الركعتين الأوليين من الظهر والعصر بفاتحة الكتاب وسورة. قال ويسمعنا الآية أحياناً. ويقرأ في الركعتين الأخريين (8) بفاتحة الكتاب).   (1) لم أقف عليه في الأم، ولا في المسند، ولكن رواه البيهقي عن الشافعي عن مالك انظر: السنن الكبرى كتاب الصلاة 2/ 93 رقم (2479). وانظره في الموطأ - مع الزرقاني - كتاب الصلاة، باب القراءة في المغرب والعشاء 1/ 239 رقم (170). (2) في (أ): فسمعته. وفي الأثر: فدنوت منه حتى إن ثيابي تكاد تمس ثيابه فسمعته قرأ بأم القرآن وهذه الآية .... إلخ. (3) سورة آل عمران الآية (8). (4) انظر: السنن الكبرى الموضع السابق برقم (2480). (5) وهو أن القراءة بعد الفاتحة في الركعتين الأخريين غير مستحبة، قال الغزالي: "لأن مبناهما على التخفيف". الوسيط 2/ 617. (6) انظر مختصره ل 7 / أ. (7) انظر: صحيح البخاري - مع الفتح - كتاب الأذان، باب يقرأ في الأخريين بفاتحة الكتاب 2/ 304 رقم (776)، وصحيح مسلم - مع النووي - كتاب الصلاة، باب القراءة في الظهر والعصر 4/ 172. (8) في (د) و (أ): الأخيرتين، والمثبت من (ب)، وهو موافق للفظ الحديث. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 115 حديث (إذا كنتم خلفي فلا تقرؤوا إلا بفاتحة الكتاب) (1) أخرجه (2) بمعناه أبو داود (3)، والترمذي (4)، والنسائي (5) من رواية عبادة بن الصامت، وذكر البيهقي (6) أنه حديث صحيح، والله أعلم. قوله في الركوع: "أن ننال راحتاه ركبتيه بالانحناء لا بالانخناس" (7) فالانخناس هو التأخر (8) بمعنى أنه لو نصب ركبتيه، وانحط بقامته إلى خلف كأنه (9) يهوي   (1) الوسيط 2/ 617. وقبله: أما المأموم فلا يقرأ السورة في الجهرية، بل يقرأ الفاتحة في سكتة الإمام بعد الفاتحة، ثم يستمع السورة. فإن لم يبلغه صوت الإمام فوجهان: القياس أنه يقرأ؛ لأنه كالمنفرد عند ذوات السماع. والثاني: لا؛ لقوله - صلى الله عليه وسلم - ... الحديث. (2) في (ب): أخرجاه. (3) في سننه كتاب الصلاة، باب من ترك القراءة في صلاته بفاتحة الكتاب 1/ 515 رقم (823). (4) في جامعه أبواب الصلاة، باب ما جاء في القراءة خلف الإمام 2/ 116 رقم (311) وقال: "حديث عبادة حديث حسن". (5) في سننه كتاب الافتتاح، باب قراءة أم القرآن خلف الإمام فيما جهر به الإمام 2/ 479 رقم (919). وممن رواه كذلك: الإمام أحمد في المسند 5/ 316، والطحاوي في شرح معاني الآثار 1/ 215، وابن حبَّان في صحيحه - انظر الإحسان 5/ 86 رقم (1785) -، والدارقطني في سننه 1/ 318 وقال: "هذا إسناد حسن"، والحاكم في المستدرك 1/ 238. (6) انظر: السنن الكبرى 2/ 236. وكذا صححه النووي في التنقيح ل 106/ أوابن الملقن في تذكرة الأخيار ل 63/ أ، ونقل الحافظ ابن حجر في التلخيص الحبير 3/ 311 تصحيحه عن عدد من الأئمة. (7) الوسيط 2/ 618. وقبله: القول في الركوع: وأقله أن ينحني إلى أن تنال ... إلخ. (8) انظر: الصحاح 3/ 925، القاموس المحيط 2/ 335، المصباح المنير ص: 70. (9) في (د): كأن، والمثبت من (أ) و (ب). الجزء: 2 ¦ الصفحة: 116 إلى القعود فإنَّ يديه تنال بذلك ركبتيه، ولا يكون ذلك ركوعاً؛ لكونه لم يكن بالانحناء (1)، والله أعلم. ما ذكره من الفرق بين القيام والقعود للتشهد حيث وجب فيهما الذكر، وبين الركوع حيث لا يجب فيه ذكر: فإن صورة الركوع تخالف المعتاد، فاكتفى بها في انتهاضه عبادة من غير ذكر (2). يرد عليه قيام الاعتدال عن الركوع، والقعود بين السجدتين. ويجاب عنه: بأن وقوع هذين فاصلين بين صورتين غير معتادتين محدودين بهما أخرجهما من قبيل القيام والقعود المعتادين (3)، والله أعلم. قوله: "يستوي ظهره، وعنقه كالصفيحة" (4) الصفيحة: هي السيف العريض (5)، والله أعلم. قوله: "ويترك الأصابع على جبلَّتها" (6) كذا في نسخ بالباء، وفي نسخ أخر على جملتها بالميم، وكلاهما حسن؛ فالأول معناه: يدعها على طبيعتها التي جبلت عليها من التفريج اليسير، ولا (7) يتكلف ضمها، ولا تفريجها كثيراً.   (1) انظر: فتح العزيز 3/ 365، روضة الطالبين 1/ 355، مغني المحتاج 1/ 164. (2) انظر: الوسيط 2/ 618. (3) انظر: التنقيح ل 106/ أ، المطلب العالي 3/ ل 293/ ب. (4) الوسيط 2/ 619. وقبله: وأما الأكمل فهيئته: أن ينحني بحيث يستوي ... إلخ. (5) انظر: الصحاح 1/ 383. (6) الوسيط 2/ 619. وقبله: - بعد قوله كالصفيحة - وينصب ركبتيه، ويضع كفيه عليهما، ويترك الأصابع .... إلخ. (7) في (أ): فلا. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 117 والثاني معناه: على اجتماعها المعتاد، لا يزيله بزيادة في ضمها، أو تفريجها، والله أعلم. قوله: "والذكر المشهور: سبحان ربي العظيم وبحمده" (1) أما سبحان ربي؛ العظيم فثابت عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أخرجه مسلم في "صحيحه" (2) من حديث حذيفة ابن اليمان. وأما قوله "وبحمده" فقد رواه أبو داود السجستاني (3) في كتابه (4) بإسناده عن عقبة بن عامر قال: (كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذا ركع قال: سبحان ربي العظيم وبحمده، ثلاثاً، وإذا سجد قال: سبحان ربي الأعلى وبحمده، ثلاثاً). ثم قال أبو داود: "وهذه الزيادة نخاف (5) أن لا (6) تكون محفوظة". وروى ابن (7) المنذر قال: "قيل لأحمد بن حنبل يقول: سبحان ربي العظيم وبحمده؟ فقال: أما أنا فلا أقول (8) وبحمده" (9). وليس ذلك في نصِّ الشافعي، ولم أجده في "جمع الجوامع من منصوصات الشافعي"، لكن ذكره   (1) الوسيط الموضع السابق. (2) انظره - مع النووي - كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب استحباب تطويل القراءة في صلاة الليل 6/ 61. (3) في (د): والسجستاني، والواو هنا مقحمة، والمثبت من (أ) و (ب). (4) انظره كتاب الصلاة، باب ما يقول الرجل في ركوعه وسجوده 1/ 542 رقم (870)، وقال النووي: "إسناده ضعيف". انظر: التنقيح ل 106/ ب. (5) في (أ): بخلاف، وهو خطأ. (6) في (ب): ألا. (7) سقط من (ب). (8) في (أ): أما أنا فأقول. (9) انظر: الأوسط في السنن والإجماع والاختلاف 3/ 159. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 118 صاحب "الشامل" (1)، وحكى عن أحمد ما ذكرناه، وجعله مسألة خلاف، واحتج بحديث ضعيف، وبأنه زيادة حمد. وهذا غير مرضي. ثم إن معنى قوله "وبحمده" عند بعضهم: وبحمده ابتدئ، وقيل معناه: بحمدٍ (2) سبحتك وهذا أشهر. قلت: وعلى هذا فقوله "بحمده (3) " حال، والتقدير فيه: وحامداً سبحته (4)، والباء بمعنى مع (5)، والله أعلم. قوله: "وروى أبو هريرة أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يقول: اللهم لك ركعت ... إلى آخره" (6) هذا حديث ثابت، لكن من حديث علي بن أبي طالب - رضي الله عنه - أخرجه مسلم في "صحيحه" عنه (7)، ولكن (8) دون قوله "أنت ربي" ودون قوله "وما استقلت به قدمي لله ربِّ العالمين" وهما في رواية الشافعي (9). وأما من حديث أبي هريرة: فقد رواه الشافعي (10) عن   (1) انظر النقل عنه في: التنقيح ل 106/ ب. (2) في (ب): وبحمدك. (3) في (أ): وبحمده. (4) في (أ): سبحتك. (5) راجع: المجموع 3/ 415، المطلب العالي 3/ ل 297/ ب. (6) الوسيط 2/ 620. وتمام الحديث عند الغزالي: ... وبك آمنت، ولك أسلمت، أنت ربي، خشع سمعي، وبصري، ومخي، وعظمي، وعصبي، وما استقلت به قدمي لله ربَّ العالمين. أهـ (7) انظره - مع النووي - كتاب صلاة المسافرين، باب صلاة - صلى الله عليه وسلم - ودعائه في الليل 6/ 57. (8) سقط من (أ). (9) في (أ): للشافعي. وانظر مسنده ص: 368. (10) قوله: (وأما حديث ... الشافعي) سقط من (ب). الجزء: 2 ¦ الصفحة: 119 إبراهيم بن محمَّد (1) وهو (2) ابن أبي يحيى، وهو وإن كان ثقة عنده (3)، فهو مجروح عند سائر (4) أهل الحديث (5). وأما قوله "لله" آخراً، مع قوله "لك (6) " أولًا فتأكيد، والله أعلم. مذهبنا في أن المأموم يجمع بين قوله: سمع الله لمن حمده، وبين قوله: ربنا لك الحمد (7). يخفى دليله، ودليله (8) حديث أبي هريرة - رضي الله عنه - (كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم -   (1) انظر مسنده الموضع السابق. لكن دون قوله: ومخي وعصبي، وبزيادة: وشعري وبشري. وإبراهيم بن محمَّد هو ابن أبي يحيى واسمه سمعان الأسلمي مولاهم أبو إسحاق المدني، ومنهم من قال فيه: إبراهيم بن محمَّد بن أبي عطاء، روى حديثه ابن ماجه، قال عنه الحافظ ابن حجر: "متروك"، توفي سنة 184 هـ، وقيل غير ذلك. انظر ترجمته في: الجرح والتعديل 2/ 125، تهذيب الكمال 2/ 184، تقريب التهذيب ص: 93. (2) سقط من (ب). (3) انظر توثيق الشافعي له في تهذيب الكمال 2/ 189، وهو كثيراً ما يعبِّر عنه بقوله: أخبرنا الثقة، وتكرر هذا كثيراً في مسنده انظر مثلًا ص: 353، 354، 355، 362، 364، والله أعلم. (4) سقط من (أ). (5) انظر: الجرح والتعديل 2/ 126 - 127، تهذيب الكمال 2/ 186 - 187، تهذيب الأسماء 1/ 103 - 104. (6) سقط من (أ). (7) قال الغزالي: "ويستحب أن يقول - أي إذا اعتدل من الركوع -: (سمع الله لمن حمده) عند الرفع، ثم يقول: (ربنا لك الحمد) يستوي فيه الإمام والمأموم والمنفرد". أهـ الوسيط 2/ 621، وراجع: فتح العزيز 3/ 405، روضة الطالبين 1/ 357. (8) سقط من (ب). الجزء: 2 ¦ الصفحة: 120 إذا قال (1): سمع الله لمن حمده قال: اللهم ربنا لك الحمد). رواه البخاري في "صحيحه" (2)، مع ما ثبت في "الصحيحين" (3) من حديث مالك بن الحويرث أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: (صلوا كما رأيتموني أصلي). وقد روي جمع المأموم بينهما عن محمَّد بن سيرين، وعطاء، وأبي بردة ابن أبي موسى الأشعري (4)، وقد روي فيه حديثان، لكنهما ضعيفان (5). وقد صار عمل الناس على ترك الجمع بينهما، والله أعلم. قوله: "روي أنه - صلى الله عليه وسلم - قال: ربنا لك الحمد ملء السموات (6) .... إلى آخر ما ذكره" (7) هذا بتمامه رواه أبو سعيد الخدوي أخرجه مسلم في "صحيحه" (8)، إلا   (1) في (ب): يقول، وهو تصحيف. (2) انظره - مع الفتح - كتاب الأذان، باب ما يقول الإمام ومن خلفه إذا رفع رأسه من الركوع 2/ 329 رقم (795). (3) انظر: صحيح البخاري - مع الفتح - كتاب الأذان، باب الأذان للمسافرين إذا كانوا جماعة والإقامة 2/ 131 رقم (631)، وصحيح مسلم - مع النووي - كتاب المساجد، باب من أحق بالإمامة 5/ 174 وفيه أصل الحديث من غير اللفظة موضع الشاهد. (4) الإمام الفقيه الثبت، قيل اسمه: عامر، وقيل: الحارث، وقيل: اسمه كنيته، وهو ابن صاحب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عبد الله بن قيس أبي موسى الأشعري، وهو تابعي كوفي، ولي القضاء في الكوفة زمن الحجاج ثم عزله، وكان عالماً، حافظاً، ثبتاً، روى حديثه الجماعة، توفي سنة 104هـ، وقيل غير ذلك. انظر ترجمته في: السير 4/ 343، البداية والنهاية 9/ 240، تقريب التهذيب ص: 621. وانظر النقل عن ثلاثتهم في: المجموع 3/ 419، والسنن الكبرى 2/ 138 ونقله عن: عطاء وأبي بردة، المغني 2/ 189 ولم ينقله عن عطاء. (5) أشار إليهما البيهقي في السنن الكبرى الموضع السابق. (6) في (أ): وملء الأرض، وفي (ب): والأرض. (7) الوسيط 2/ 621. (8) انظره - مع النووى - كتاب الصلاة، باب ما يقول إذا رفع رأسه من الركوع 4/ 194. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 121 أن الذي ضبطناه من رواية مسلم وحققناه: (أحق ما قال العبد، وكلنا لك عبد) بلفظ "أحق" على وزن أفعل الذي للتفضيل، وبالواو في "وكلنا (1) "، وهكذا رويناه في "سنن أبي داود" (2)، وكتاب "السنن الكبير" (3)، وغيرهما (4). فيكون معناه: أحق ما قال (5) العبد قوله: لا مانع لما أعطيت ... إلى آخره، (و) (6) قوله "وكلنا لك عبد" اعتراض اعترض بين المبتدأ والخبر. أو (7) يكون قوله "أحق ما قال العبد" خبراً لما قبله أي قوله "ربنا لك الحمد ... إلى آخره أحق ما قال العبد" والأول أولى (8). والذي وقع في الكتاب من قوله: "حق ما قال العبد، كلنا لك عبد" بحذف الألف من قوله "حق"، وحذف الواو في قوله "كلنا لك" هو الواقع فيما لا أحصيه من كتب الفقه (9)، وكذلك وجدته بخط الإمام المصنف أبي الفتح سليم بن أيوب الرازي عن شيخه - شيخ   (1) في (ب): وكلنا لك عبد. (2) في كتاب الصلاة، باب ما يقول إذا رفع رأسه من الركوع 1/ 529 رقم (847). (3) في كتاب الصلاة 2/ 136 رقم (2609). (4) في (ب): وغيرها. وممن رواه كذلك النسائي في سننه كتاب التطبيق، باب ما يقول في قيامه ذلك 2/ 545 رقم (1067)، وأحمد في المسند 3/ 87، وابن خزيمة في صحيحه، كتاب الصلاة 1/ 310 رقم (613)، وابن حبَّان في صحيحه - انظر: الإحسان 5/ 233 رقم (1905). (5) في (ب): قوله. (6) زيادة من (أ) و (ب). (7) في (د): و، والمثبت من (أ) و (ب). (8) انظر: المجموع 3/ 415. (9) كالتعليقة للقاضي حسين 2/ 757، المهذب 1/ 75، فتح العزيز 3/ 407 - 408. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 122 العراقيين - أبي حامد الأسفراييني في تعليقه عنه، ورواه في حديث أبي سعيد هكذا (1)، والله أعلم. ثم إن كلمة "العبد" للجنس (2). وقوله: "ملء السموات" هو بكسر الميم منصوباً على الحال أي مالئاً للسموات (3)، والرفع فيه جائز، ولابن خالويه (4) مسألة فيها جواز الرفع (5). والمراد بهذا الكلام أنه لا يخلو جزء منها عن حمد، وذلك كناية عن عظم (6) قدره. قوله (7) (لا ينفع ذا الجد منك الجد) المشهور فيه فتح الجيم، وهو الرواية الصحيحة ويراد بالجد: الحظ، ويراد به: الغنى والمال، ويراد به: العظمة أيضاً (8). وتحقيق معناه عندي: ولا يجلب إلى ذي   (1) لم أقف على النقل عن سليم، ولكن انظر النقل عن الشيخ أبي حامد في: المطلب العالي 3/ ل 307/ أ. (2) انظر: التنقيح ل 107/ أ. (3) انظر: المجموع 3/ 416. (4) هو الحسين بن أحمد بن خالويه أبو عبد الله النحوي اللغوي، صاحب، أصله من همذان، ثم دخل بغداد، ثم صار إلى حلب، فعظمت مكانته عند آل حمدان، من مصنفاته: كتاب ليس في كلام العرب، وكتاب الآل، وأعرب ثلاثين سورة من القرآن، وشرح الدريدية، وغيرها، توفي سنة 370 هـ. انظر ترجمته في: وفيات الأعيان 2/ 178، البداية والنهاية 11/ 317، بغية الوعاة في طبقات اللغويين والنحاة للسيوطي ص: 231. (5) قال النووي: " ... وصنف فيه ابن خالويه مسألة فيها جواز النصب والرفع، ورجح النصب، كما جزم به الجمهور". أهـ التنقيح ل 107/ أ. (6) في (أ): عظيم. (7) في (أ) و (ب): وقوله. (8) انظر: الصحاح 2/ 452، القاموس المحيط 1/ 389، المصباح المنير ص: 36. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 123 الجد نفعاً منك الجد الذي له، إنما ينفعه طاعتك، فاعلم ذلك؛ فإنه إفصاح عن معناه، لا (1) يستدرك من كلامهم فيه، والله أعلم. قوله: "روى أنس بن مالك - رضي الله عنه - أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لم يزل يقنت في الصبح حتى فارق الدنيا" (2) هذا حديث قد (3) حكم بصحته غير واحد من حفاظ الحديث منهم: أبو عبد الله محمَّد بن علي البلخي من أئمة الحديث (4)، وأبو عبد الله الحاكم (5)، وأبو بكر البيهقي (6). وأما المروي في "صحيح مسلم" (7) من   (1) في (أ): ولا. (2) الوسيط 2/ 622. وقبله: فإن كان في صلاة الصبح استحب القنوت في الركعة الأخيرة ... لما روى أنس ... الحديث. والحديث رواه الشافعي في مختصر المزني ص: 19، والدارقطني في سننه 2/ 38، والبيهقي في السنن الكبرى كتاب الصلاة 2/ 287 رقم (3104)، وغيرهم، وصححه النووي في المجموع 3/ 504، وراجع: نصب الراية 2/ 131، التلخيص الحبير 3/ 417. (3) سقط من (ب). (4) هو الحافظ أبو بكر، وأبو عبد الله محمَّد بن علي بن طرخان جباش البلخي ثم البيكندي، كان واسع الراحلة، عالي الهمة، سمع قتيبة، ولوينا، وهشام بن عمار، وطبقتهم، توفي سنة 298 هـ. انظر ترجمته في: تذكرة الحفاظ 2/ 694. وانظر نقل تصحيحه في المجموع 3/ 504. (5) قال الحافظ ابن حجر: "عزاه النووي إلى المستدرك للحاكم، وليس هو فيه، وإنما أورده وصححه في جزء له منفرد في القنوت، ونقل البيهقي تصحيحه عن الحاكم فظن الشيخ أنه في المستدرك". أهـ التلخيص الحبير 3/ 418، وانظر السنن الكبرى 2/ 287. (6) انظر: السنن الكبرى الموضع السابق. (7) انظره - مع النووى - كتاب المساجد، باب استحباب القنوت في جميع الصلوات 5/ 180. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 124 حديث عبد الرحمن بن مهدي (1) بإسناده عن أنس (أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قنت شهراً يدعو على أحياء من أحياء العرب، ثم تركه). فإنما المراد به أنه ترك دعاءه على أولئك الكفار خاصة، ولعنته لهم (2)؛ فقد روينا عن عبد الرحمن بن مهدي - ومحله من الإمامة (3) في الحديث معروف - أنه قال فيه: "إنما ترك اللعن" (4). وروينا في حديث أنس الأول عنه (أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قنت شهراً يدعو عليهم، ثم تركه، فأما في الصبح فلم يزل يقنت حتى فارق الدنيا) (5). وذكر أبو عبد الله الحاكم أنه صحيح الإسناد رجاله ثقات (6). وروى مسلم في "صحيحه" (7) عن البراء بن عازب (أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان يقنت في الصبح والمغرب). وفي رواية أخرى رواها أبو داود (8): (أنه كان يقنت في صلاة الصبح). ولم يذكر المغرب، ولا يضرنا في التمسك بالأول ترك الناس القنوت في المغرب؛ لأن ذلك لم   (1) هو عبد الرحمن بن مهدي بن حسَّان العنبري، وقيل الأزدي مولاهم، أبو سعيد البصري، إمام أهل الحديث في عصره، قال عنه الحافظ ابن حجر: "ثقة، ثبت، حافظ، عارف بالرجال والحديث"، روى حديثه الجماعة، توفي سنة 198 هـ. انظر ترجمته في: تهذيب الأسماء 1/ 304، تذكرة الحفاظ 1/ 329، تقريب التهذيب ص: 351. (2) في (ب): ولعنتهم. (3) في (د): الأمة، وهو تصحيف، والمثبت من (أ) و (ب). (4) انظر الرواية عنه في: السنن الكبرى 2/ 287، 302. (5) تقدم تخريجه قريباً. (6) تقدم عزوه قريباً. (7) انظره - مع النووى - كتاب المساجد، باب استحباب القنوت في جميع الصلوات 5/ 180. (8) في سننه كتاب الصلاة، باب القنوت في الصلوات 2/ 141 رقم (1441). وصححها الألباني في صحيح سنن أبي داود 1/ 270 رقم (1278). الجزء: 2 ¦ الصفحة: 125 يوجد مثله في الصبح، ووقع ذلك منهم في المغرب؛ لأن تركه غير محظور، فكان ذلك مصيراً منهم إلى ما لا حرج فيه في إحدى الصلاتين توسعاً، أو لغير ذلك. وأما الصبح فقد روينا عن العوام بن حمزة (1) قال: (سألت أبا عثمان (2) عن القنوت في الصبح قال: بعد الركوع. قلت: عمن؟ قال: عن أبي بكر، وعمر، وعثمان رضي الله عنهم) (3). وذكر البيهقي أن إسناده حسن (4). وعن الشافعي - رضي الله عنه - أنه قال: "قنت بعد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في الصبح: أبو بكر، وعمر، وعلي (5) كلهم بعد الركوع، وعثمان بعض (6) إمارته، ثم قدَّم القنوت قبل الركوع وقال: ليدرك من سبق" (7). هذا بيان شاف لصحة مذهبنا في القنوت، وكثيراً ما يصول مخالفونا علينا بما في الصحيح من قوله: (قنت شهراً ثم تركه)،   (1) هو العوام بن حمزة المازني البصري، قال عنه الحافظ ابن حجر: "صدوق ربما وهم، روى حديثه البخاري في جزء القراءة". انظر ترجمته في: الجرح والتعديل 7/ 22، تهذيب الكمال 22/ 425، تقريب التهذيب ص: 433. (2) هو عبد الرحمن بن ملِّ بن عمرو بن عدي بن وهب أبو عثمان النهدي الكوفي نزيل البصرة، أدرك الجاهلية وأسلم في عهد النبي - صلى الله عليه وسلم - ولم يلقه، قال عنه الحافظ ابن حجر: "ثقة ثبت عابد". روى حديثه الجماعة، توفي سنة 95 هـ، وقيل بعدها. انظر ترجمته في: الجرح والتعديل 5/ 283، تهذيب الكمال 17/ 424، تقريب التهذيب ص: 351. (3) رواه البيهقي في السنن الكبرى كتاب الصلاة 2/ 288 رقم (3108). (4) انظر: السنن الكبرى الموضع السابق. (5) في (ب): وعثمان وعلي ... ، و (عثمان) ههنا مقحم. (6) في (أ): بعد. (7) نقله البيهقي عن الشافعي في القديم، قال: "قال الشافعي في القديم: أخبرنا رجل عن علي ابن يحيى عن الحسن قال ... " ثم ساق الحديث بنحوه. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 126 حتى اغتر بذلك بعض أصحابنا فترك القنوت في الصبح؛ حدثني (1) شيخنا أبو المظفر السمعاني - رحمه الله - بمدينة مرو - جبرها الله وسائر بلاد الإسلام وأهله - عن والده الحافظ أبي سعد السمعاني (2) عن أبي الحسن محمد بن عبد الملك الكرجي (3) - وكان فقيهاً، محدثاً، من أكابر أصحاب الشيخ أبي إسحاق الشيرازي، غير أنه كان لا يقنت في صلاة الصبح، ويقول: "صحَّ عندي أن النبي - صلى الله عليه وسلم - ترك القنوت في صلاة الصبح" - قال السمعاني أبو سعد: "وحكى لي - رحمه الله - قال: رأيت ليلة الشيخ أبا إسحاق الشيرازي في النوم فسلمت عليه، وأردت أن أقبِّل يده فأعرض عني وامتنع، فقلت: يا سيِّدنا أنا من جملة غلمانك، وأذكر "المهذب" من تصنيفك في الدرس، فقال لي (4): لمَ تركت   (1) في (ب): وحدثني. بزيادة الواو. (2) هو أبو سعد عبد الكريم بن الحافظ أبي بكر محمَّد بن أبي المظفر منصور السمعاني المروزي الشافعي، صاحب التصانيف الكثيرة الجليلة، والتي منها: الأنساب، الذيل على تاريخ بغداد، ومعجم البلدان، كان رحمه الله واسع الرحلة، والسماع، توفي سنة 506 هـ. انظر ترجمته في: السير 20/ 456، طبقات السبكي 7/ 180، طبقات الأسنوي 2/ 55، البداية والنهاية 12/ 187. (3) هو محمَّد بن عبد الملك بن محمَّد بن عمر بن محمَّد الكرجي - بالجيم - أبو الحسن بن أبي طالب، كان إماماً فقيهاً، محدثاً، أديباً، شاعراً، ورعاً، أفنى عمره في العلم ونشره، صنف التصانيف في الفقه، والتفسير منها كتابه الذرائع في علم الشرائع. توفي سنة 532 هـ. انظر ترجمته في: طبقات ابن الصلاح 1/ 215، طبقات السبكي 6/ 137، طبقات الأسنوي 2/ 348. (4) سقط من (ب). الجزء: 2 ¦ الصفحة: 127 القنوت في صلاة الصبح؟ فقلت له: إن الشافعي - رضي الله عنه - قال: إذا صحَّ الحديث عن النبي - صلى الله عليه وسلم - (1) فاتركوا قولي، وخذوا بحديث (2) النبي - صلى الله عليه وسلم - فإن ذلك قولي. فهذا أيضاً قول الشافعي، وشرعت معه في شرح الحديث، وهو يصغى إليَّ (إلى) (3) أن تبسَّم في وجهي"، أو كما قال (4)، والله أعلم. قوله: "ثم كلماته مشهورة، وهي متعينة ككلمات التشهد" (5) هكذا ذكر (6) ذلك شيخه (7) معيناً قوله: اللهم اهدنى فيمن هديت ... إلى آخره. وهذا شذوذ مردود مخالف لجمهور الأصحاب (8)، بل مخالف لجماهير العلماء، فقد حكى القاضي أبو الفضل السبتي المالكي (9) اتفاقهم على أنه لا يتعين في القنوت دعاء   (1) في (أ): زيادة بعد - صلى الله عليه وسلم -: (وهو يصغى إليَّ). (2) في (ب): يقول. (3) زيادة من (أ) و (ب). (4) انظر هذه الحكاية في: طبقات السبكي 6/ 139. (5) الوسيط 2/ 622 - 623. (6) في (ب): ذكره. (7) انظر نهاية المطلب 2/ ل 56/ أ. (8) انظر: الحاوي 2/ 153، التعليقة للقاضي حسين 2/ 799، التهذيب ص: 493، فتح العزيز 3/ 436. (9) هو القاضي أبو الفضل عياض بن موسى بن عياض اليحصبي الأندلسي السبتي المالكي، إمام، بارع، متفنن، متمكن في علم الحديث، والفقه، والأصول، والعربية، وغيرها، صاحب المصنفات البديعة، والتي منها: الشفا في شرف المصطفى، ترتيب المدارك وتقريب المسالك، الإكمال في شرح صحيح مسلم، شرح حديث أم زرع، توفي سنة 544 هـ. انظر ترجمته في: وفيات الأعيان 3/ 483، البداية والنهاية 12/ 241، الديباج المذهب 2/ 46. لم أقف على قوله هذا فيما بين يدي من كتبه، وانظر النقل عنه في التنقيح ل 107/ ب. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 128 قال: "إلا ما روي عن بعض أهل الحديث من تخصيصه بقنوت مصحف أبي بن كعب - رضي الله عنه - وهو: اللهم إنا نستعينك، ونستغفرك .... إلى آخره" (1). بل مخالف لفعل رسول الله فإنه كان يقول في قنوته: (اللهم أنج فلاناً وفلاناً، اللهم ألعن فلاناً وفلاناً" (2). من غير تقيُّد (3) بمعين، فليعد هذا إذاً غلطاً، غير معدود وجهاً في المذهب (4)، والله أعلم. وجه طريقة من قال: إن لم تنزل نازلة لم يجز القنوت، وإن نزلت فقولان: القياس على سائر الأركان؛ فإنها (5) لا يقنت فيها وإن نزلت نازلة (6). وهذه الطريقة (7) وإن قربها المؤلف، فهي بعيدة مخالفة لظاهر المذهب (8)، ومخالفة لما   (1) انظر: المغني 2/ 583 - 584 في قنوت مصحف أبيِّ. (2) رواه مسلم في صحيحه - مع النووى - كتاب المساجد، باب استحباب القنوت في جميع الصلاة 5/ 176 من حديث أبي هريرة قال: (كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول حين يفرغ من صلاة الفجر من القراءة، ويكبر ويرفع رأسه: سمع الله لمن حمده، ربنا ولك الحمد، ثم يقول وهو قائم: اللهم أنج الوليد بن الوليد، وسلمة بن هشام، وعياش بن أبي ربيعة، والمستضعفين من المؤمنين، اللهم أشدد وطأتك على مضر، واجعلها عليهم كسني يوسف، اللهم ألعن لحيان، ورعلًا، وذكوان ... الحديث). (3) في (أ): تقييد. (4) وراجع: المجموع 3/ 479. (5) في (أ): فإنه. (6) قال الغزالي: "ثم قال العراقيون: إذا نزلت بالمسلمين نازلة وأرادوا القنوت في الصلوات الخمس جاز، وإن لم تنزل فقولان. وقيل: إن لم تنزل لم يجز، وإن نزلت فقولان، وهو أقرب". أهـ الوسيط 2/ 623. (7) سقط من (ب). (8) انظر: فتح العزيز 3/ 438 - 439، التنقيح ل 107/ ب. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 129 ثبت عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من قنوته في جميع الصلوات عند نزول النازلة (1)، والله أعلم. ما ذكره من الخلاف في الجهر بالقنوت (2). ليس على إطلاقه؛ فإن المنفرد لا يجهر به كما في سائر الأذكار، والدعوات، وإنما الخلاف في الإمام (3)، والله أعلم. ما ذكره من أنه يرفع يديه في القنوت، ويمسح بهما وجهه (4). قد (5) نفى الأمرين طائفة من أئمتنا (6)، وهو اختيار صاحبي "المهذب" (7)، و"التهذيب" (8). ومنهم من أثبت الرفع دون مسح الوجه (9)، وبهذا نقول، ونعمل، وإليه ذهب من أئمتنا أبو بكر الحافظ البيهقي الإمام في الحديث، والفقه (10)، واحتج في الرفع   (1) روى أبو داود في سننه كتاب الصلاة، باب القنوت في الصلوات 2/ 143 رقم (1443)، والإمام أحمد في المسند 1/ 301 عن ابن عباس قال: ((قنت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - شهراً متتابعاً في الظهر، والعصر، والمغرب، والعشاء، وصلاة الصبح، في دبر كل صلاة إذا قال: سمع الله لمن حمده من الركعة الأخيرة يدعو على أحياء من بني سليم ... الحديث)، وأخرجه الحاكم في المستدرك 1/ 225 وقال: "صحيح". ووافقه الذهبي. (2) قال الغزالي: "واختلفوا في الجهر به في الصلاة الجهرية، والظاهر أن الجهر مشروع". أهـ الوسيط 2/ 623. (3) انظر: الحاوي 2/ 154، فتح العزيز 3/ 443، روضة الطالبين 1/ 360. (4) انظر: الوسيط 2/ 624. (5) في (ب): فقد. (6) في (ب): الأصحاب. (7) في (د): المذهب، والمثبت من (أ) و (ب). وانظر المهذب 1/ 82. (8) انظر: التهذيب ص: 494. (9) في (ب): دون المسح. (10) انظر: السنن الكبرى 2/ 299 - 301. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 130 بما رواه بإسناد معتمد عن أنس (1) في قصة قتل القراء الذين قنت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بسببهم (2) قال: (لقد رأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كلما صلى الغداة رفع يديه يدعو (3) عليهم - يعني على الذين قتلوهم -) (4). واحتج أيضاً بأن عدداً من الصحابة - رضي الله عنهم- رفعوا أيديهم في القنوت، وروى بإسناد صحيح عن عمر - رضي الله عنه - "أنه رفع يديه في القنوت، وجهر بالدعاء" (5). ثم قال: "وأما مسح اليدين بالوجه عند الفراغ من الدعاء فلست أحفظه عن أحد من السلف في دعاء القنوت، وإن كان روي (6) عن بعضهم في الدعاء خارج الصلاة، وقد روي فيه (7) عن النبي - صلى الله عليه وسلم - حديث فيه ضعف (8)، وهو مستعمل عند بعضهم خارج الصلاة، فأما في الصلاة فهو عمل لم يثبت بخبر صحيح، ولا أثر   (1) عن أنس: سقط من (ب). (2) سقط من (ب). (3) في (د): ويدعو، والمثبت من (أ) و (ب)، وهو الموافق للفظ الحديث. (4) انظر: السنن الكبرى كتاب الصلاة 2/ 299 رقم (3145). قال الحافظ ابن حجر: "وفيه علي بن صقر، وقد قال فيه الدارقطني: ليس بالقوي". أهـ التلخيص الحبير 3/ 446. (5) في (ب): في الدعاء. وانظر الأثر في الموضع السابق من السنن الكبرى برقم (3150) وقال: "وهذا عن عمر - رضي الله عنه - صحيح". (6) في (ب): قد روي. (7) في (ب): فيه حديث. وهي مقحمة هنا. (8) كأنه يشير إلى حديث ابن عباس أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: ( ... سلوا الله ببطون أكفكم، ولا تسألوه بظهورها، فإذا فرغتم فامسحوا بهما وجوهكم). قال أبو داود: "روي هذا الحديث من غير وجه عن محمَّد بن كعب كلها واهية، وهذا الطريق أمثلها، وهو ضعيف أيضاً". أهـ انظر: سنن أبي داود كتاب الصلاة، باب الدعاء 2/ 163 - 164 رقم (1485). الجزء: 2 ¦ الصفحة: 131 ثابت، ولا قياس، فالأولى أن لا يفعله، ويقتصر على ما فعله السلف - رضي الله عنهم - من رفع اليدين دون مسحهما بالوجه في الصلاة وبالله التوفيق" (1). وروى بإسناده (2) عن عبد الله بن المبارك (3) أنه سئل عن مسح الوجه بعد الدعاء فقال: "لم أجد له ثبتاً". وله - أعني البيهقي - رسالة إلى الشيخ أبي محمَّد الجويني ينكر عليه فيها قوله بأشياء ضعيفة منها مسحه وجهه بيديه في قنوت الصبح (4). قلت: روى الترمذي (5) بإسناده عن (6) عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - قال: (كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذا رفع يديه في الدعاء (7) لم يحطهما حتى يمسح بهما وجهه). ونقله الشيخ عبد الحق (8) إلى كتابه   (1) السنن الكبرى 2/ 300 - 301. (2) أي البيهقي انظر: السنن الكبرى الموضع السابق برقم (3152). (3) هو الإمام أبو عبد الرحمن عبد الله بن المبارك بن واضح الحنظلي مولاهم المروزي، قال عنه الحافظ ابن حجر: "ثقة، ثبت، فقيه، عالم، جواد، مجاهد، جمعت فيه خصال الخير". روى حديثه الجماعة، توفي سنة 181 هـ. انظر ترجمته في: الجرح والتعديل 5/ 179، تهذيب الأسماء 1/ 285، السير 8/ 378، تقريب التهذيب ص: 320. (4) انظر: المجموع 3/ 501، وقد طبعت هذه الرسالة ضمن طبقات الشافعية للسبكي 5/ 77 - 90، ومسألة مسح الوجه باليدين ضمنه 5/ 83 - 85. (5) في جامعه كتاب الدعوات، باب ما جاء في رفع الأيدي عند الدعاء 5/ 432 رقم (3386). (6) في (ب): إلى. (7) في (أ): للدعاء. (8) هو أبو محمَّد عبد الحق بن عبد الرحمن بن عبد الله بن الحسين الأزدي الأندلسي الإشبيلي المعروف بابن الخراط، الإمام، الحافظ، الفقيه، الخطيب، له كتاب الأحكام، والجمع بين الصحيحين، والمعتل من الحديث، وغيرها من المصنفات الكثيرة في الحديث، والغريب، والعلل، والأنساب، توفي سنة 582 هـ انظر ترجمته في: تهذيب الأسماء 1/ 292، السير 21/ 198، تذكرة الحفاظ 4/ 1350. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 132 في "الأحكام" (1) وذكر أن الترمذي قال: هذا حديث صحيح غريب. وهذا غير صحيح عن الترمذي، وليس في أصل الحافظ أبي حازم العبدويي (2)، وغيره (3) فيه إلا: "هذا حديث غريب". وذكر (4) أنه تفرد به حماد ابن عيسى (5). قلت: حماد ضعفه أحمد بن حنبل (6)، وأبو حاتم الرازي (7)، والدارقطني (8)، والله أعلم.   (1) لم أقف على قوله هذا في الأحكام الوسطى والصغرى المطبوعان، وانظر النقل عنه في: المجموع 3/ 501، المطلب العالي 3/ ل 321/ أ. وهو هكذا مثبت في المطبوع من جامع الترمذي. (2) هو الحافظ أبو حازم عمر بن أحمد بن إبراهيم بن عبدويه العبدويي النيسابوري الأعرج، من سلالة عبد الله ابن مسعود الهذلي الصحابي الجليل، تميَّز في علم الحديث، وجمع وخرَّج، وكتب العالي والنازل، توفي سنة 477 هـ. انظر ترجمته في: السير 17/ 333، تذكرة الحفاظ 3/ 1072، طبقات الحفاظ ص: 417. (3) لم أقف على أصله هذا لجامع الترمذي، أو أصول أخرى عند غيره، ولم أقف على النقل لذلك فيما بين يدي من مصادر، والله أعلم. (4) أي الترمذي وذلك في جامعه عقيب روايته للحديث. (5) هو حماد بن عيسى بن عبيدة الجهني الواسطي نزيل البصرة، قال عنه الحافظ ابن حجر: "ضعيف". توفي سنة 208 هـ غرقاً، روى حديثه الترمذي وابن ماجه. انظر ترجمته في: الجرح والتعديل 3/ 145، تقريب التهذيب ص: 178. (6) لم أقف على تضعيفه له فيما بين يدي من كتبه، وكل من ترجم لحماد - فيما وقفت عليه - لم يذكر تضعيف الإمام أحمد له، والله أعلم. (7) هو الإمام الحافظ الكبير محمَّد بن إدريس بن المنذر الحنظلي الغطفاني الرازي، أحد الأعلام، وكان من بحور العلم، برع في المتن والإسناد، وهو أحد الأئمة العارفين بعلل الحديث، والجرح والتعديل، سمع الكثير، وطاف بالبلاد، توفي سنة 277 هـ. انظر ترجمته في: تذكرة الحفاظ 2/ 567، السير 13/ 247، طبقات السبكي 2/ 207، البداية والنهاية 11/ 63، طبقات الحفاظ ص: 255. وانظر قوله في الجرح والتعديل لابنه 3/ 145. (8) انظر: الضعفاء والمتروكين له ص: 183. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 133 قوله: "لقوله - صلى الله عليه وسلم -: أمرت أن أسجد على سبعة آراب" (1) هذا حديث مخرَّج في "الصحيحين" (2) من رواية ابن عباس رضي الله عنهما؛ ففي رواية: (أمرت أن أسجد على سبعة أعظم)، وفي رواية: (أمرنا النبي - صلى الله عليه وسلم - أن نسجد على سبعة أعضاء: الجبهة، واليدين، والركبتين، والرجلين). والآراب هي الأعضاء (3)، وأحدها إرب بكسر الهمزة، وإسكان الراء. ولم يعد الأنف ثامناً؛ لأنه عده مع الجبهة واحداً، بيَّن ذلك طاووس أحد الرواة عن ابن عباس رضي الله عنهما (4)، والله أعلم. (ومن) (5) جوَّز ترك وضع اليدين والركبتين والقدمين (6) فعدم وضعها لا يوجد معاً، إنما يقع على البدل (7)، والله أعلم.   (1) الوسيط 2/ 624. وقبله: وهيئة الساجد: أما الموضوع: فالجبهة، ولا يقوم غيرها مقامها، ثم يكفي أقل ما يطلق عليه الاسم، وفي وضع اليدين والركبتين والقدمين قولان: أحدهما: يجب لقوله - صلى الله عليه وسلم ... الحديث. (2) انظر: صحيح البخاري - مع الفتح - كتاب الأذان، باب السجود على سبعة أعظم 2/ 344 رقم (809)، وصحيح مسلم - مع النووى - كتاب الصلاة، باب أعضاء السجود 4/ 206 بلفظ: أعظم. وأما بلفظ: آراب فقد رواه أبو داود في سننه كتاب الصلاة، باب أعضاء السجود 1/ 552 رقم (890)، وابن ماجه في سننه كتاب إقامة الصلاة، باب السجود 1/ 286 رقم (885). (3) انظر: الصحاح 1/ 86، النهاية في غريب الحديث والأثر 1/ 36. (4) انظر: سنن النسائي 2/ 557، السنن الكبرى 2/ 149. (5) زيادة من (أ) و (ب). (6) هذا هو القول الثاني في وضع اليدين والركبتين والقدمين هل يجب أم لا؟ انظر: الوسيط 2/ 624. (7) انظر: فتح العزيز 3/ 455، المجموع 3/ 428. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 134 قوله في كشف اليدين: "قولان: أحدهما: يجب لقول خبَّاب بن الأرت (1) شكونا إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حرَّ الرمضاء في وجوهنا وأكفنا فلم يُشكنا" (2) الرواية فيه (3) في جباهنا (4) وهو حديث أخرج أصله مسلم في "صحيحه" (5). وهذا الذي ذكره هو وغيره من الفقهاء (6) قد يغتر به، ويتوهم منه أن الصحيح هذا القول، وليس كذلك، بل الصحيح ومنصوص الشافعي في كتبه: "أنه لا يجب كشفهما"، وقال في السبق والرمي (7): "قد (8) قيل فيه قول آخر: إنه يجب. وحديث خبَّاب لا حجة فيه؛ فإنه لم يذكر فيه أنهم شكوا من كشفها، وهي واقعة عين، وقد تقرر في (9) أصول الفقه أن وقائع الأعيان لا يحتج بها؛ لتطرق الاحتمالات إليها (10). على أنه قد بان أن شكايتهم كانت من غير ذلك   (1) هو خبَّاب بن الأرت بن جندلة التميمي أبو عبد الله وقيل غير ذلك، مولى أم أنمار الخزاعية، صحابي جليل أسلم قديماً، وهو ممن تعذب في الله تعالى، شهد بدراً وما بعدها من المشاهد، روي له عن النبي - صلى الله عليه وسلم - (32) حديثاً، توفي بالكوفة سنة 37 هـ. انظر ترجمته في: تهذيب الأسماء 1/ 174، البداية والنهاية 7/ 322، الإصابة 3/ 76. (2) الوسيط 2/ 625. (3) سقط من (ب). (4) قوله: الرواية ... جباهنا) سقط من (أ). (5) انظره - مع النووي كتاب المساجد، باب استحباب تقديم الظهر في أول الوقت 5/ 121. (6) انظر مثلًا: التعليقة للقاضي حسين 2/ 760. (7) انظر النقل عنه في المهذب 1/ 76. (8) في (ب): وقد. (9) سقط من (ب). (10) انظر: الإحكام في أصول الأحكام للآمدي 2/ 263 - 265، البحر المحيط 3/ 189 - 191، إرشاد الفحول 1/ 469. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 135 وهو تعجيل الصلاة من غير إبراد قبل نسخ ذلك بالإبراد؛ بدلالة أن في (1) بعض رواياته: (شكونا إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الرمضاء فما أشكانا، وقال: إذا زالت الشمس فصلوا). (2) وقد روينا عن المغيرة بن شعبة قال: (كنا نصلي (3) مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - صلاة الظهر بالهاجرة فقال لنا: أبردوا بالصلاة؛ فإن شدة الحر من فيح جهنم). رواه أحمد بن حنبل (4)، والترمذي (5)، وذكر أنه سأل البخاري عنه فعده محفوظاً. وقد ورد (6) غير ذلك في كون الإبراد ناسخاً (7). ثم إن قوله "في   (1) سقط من (ب). (2) انظر هذه الرواية في: المعجم الكبير للطبراني 4/ 79 رقم (3703)، والسنن الكبرى كتاب الصلاة 1/ 644 رقم (2066)، وصححها ابن القطان في الوهم والإيهام 5/ 597. (3) سقط من (أ). (4) في المسند 4/ 250. (5) أشار إليه في جامعه في أبواب الصلاة، باب ما جاء في تأخير الظهر في شدة الحر 1/ 296 بعد أن روى في الباب حديث أبي هريرة قال: "وفي الباب عن أبي سعيد، وأبي ذر، وابن عمر، والمغيرة ... " ولم ينسبه في تحفة الأشراف 8/ 490 من رواية المغيرة إلا لابن ماجه. قال البيهقي - بعد ما روى حديث المغيرة هذا -: "قال أبو عيسى الترمذي فيما بلغني عنه: سألت محمداً - يعني البخاري - عن هذا الحديث فعده محفوظاً ... " السنن الكبرى 1/ 645. فلعل الحديث والكلام عليه في بعض نسخ جامع الترمذي دون بعض والله اعلم. وممن روى الحديث كذلك: ابن ماجه في سننه كتاب الصلاة، باب الإبراد بالظهر في شدة الحرِّ 1/ 223 رقم (680) قال البوصيري: "هذا إسناد صحيح، رجاله ثقات". مصباح الزجاجة 1/ 243، والطحاوي في شرح معاني الآثار 1/ 187، وابن حبَّان في صحيحه - انظر الإحسان 4/ 372 رقم (1505)، والطبراني في الكبير 20/ 400 رقم (949)، قال ابن حجر: "وفي رواية للخلال - أي من حديث المغيرة -: وكان آخر الأمرين من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الإبراد. قال: وسئل البخاري عنه فعدَّه محفوظاً". (6) في (ب): روي. (7) راجع السنن الكبرى الموضع السابق. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 136 جباهنا وأكفنا" زيادة وقعت في رواية قليلة (1)، وليست في روايات مسلم، والبزار أبي بكر (2)، والطبراني أبي القاسم (3)، وغيرهم (4) مع كثرتها، والله أعلم. وخبَّاب هو بخاء منقوطة مفتوحة، ثم باء موحدة مشددة. والأرت على لفظ الأرت في اللسان (5). والرمضاء: الرمل الذي اشتدت حرارته من الشمس (6)، والله أعلم.   (1) عند البيهقي في السنن الكبرى كتاب الصلاة 2/ 154 رقم (2671)، وصححها ابن الملقن في تذكرة الأخيار ل 66/ ب. (2) وهو أبو بكر أحمد بن عمرو بن عبد الخالق البصري البزار، صاحب المسند، الحافظ الشهير رحل في آخر عمره ينشر علمه، توفي بالرملة سنة 292 هـ. انظر ترجمته في: السير 13/ 554، تذكرة الحفاظ 2/ 653، طبقات الحفاظ ص: 285. وانظر الحديث في كشف الأستار عن زوائد البزار 1/ 188 رقم (370). (3) هو الحافظ أبو القاسم سليمان بن أحمد بن أيوب الطبراني، صاحب المعاجم الثلاثة، وكتاب السنة، ومسند الشاميين، وغيرها من المصنفات المفيدة، عمَّر مائة سنة، أكثر من الترحال ورحل إليه المحدثون من الأقطار، توفي بأصبهان سنة 360 هـ. انظر ترجمته في: وفيات الأعيان 2/ 407، تذكرة الحفاظ 3/ 912، البداية والنهاية 11/ 287، طبقات الحفاظ ص: 372. وانظر الحديث في المعجم الأوسط رقم (2075). (4) كرواية النسائي في سننه كتاب المواقيت، باب أول وقت الظهر 1/ 268 رقم (496)، وأحمد في المسند 5/ 108. (5) والأَرَتُّ في اللسان من الأُرْتَة، وهي الشعر الذي على رأس الحرباء. انظر: تهذيب اللغة 14/ 310، لسان العرب 1/ 112. (6) انظر: الصحاح 3/ 1080، النهاية في غريب الحديث والأثر 2/ 264، القاموس المحيط 2/ 509. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 137 قوله: (قالت عائشة رضي الله عنها: رأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في سجوده كالخرقة البالية) (1) لم أجد لهذا بعد البحث صحة (2)، والأحاديث الصحيحة في التجافي في السجود تنفيه، منها: حديث ميمونة - رضي الله عنها - قالت: (كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذا سجد لو أرادت بَهْمَة أن تمر من تحته لمرَّت مما يتجافى) رواه مسلم في "صحيحه" (3). والبَهْمَة بفتح الباء، وإسكان الهاء: الصغيرة من أولاد الغنم (4).   (1) الوسيط 2/ 626. وقبله: ثم لا يكفي في الوضع الإمساس مع إقلال الرأس، بل لا بدَّ وأن يرخي رأسه؛ قالت عائشة ... الحديث. (2) قال النووي: "هذا حديث منكر لا يعرف له أصل". التنقيح ل 109/ أ، وقال ابن حجر: "لم أجده هكذا". ثم قال: "نعم روى ابن الجوزي في العلل له من حديث عائشة: لما كانت ليلة النصف من شعبان بات عندي ... الحديث وفيه: فانصرفت إلى حجرتي فإذا به كالثوب الساقط على وجه الأرض ساجداً ... الحديث، وفي إسناده سليمان بن أبي كريمة ضعفه ابن عدي فقال: عامة أحاديثه مناكير". أهـ التلخيص الحبير 3/ 470 - 471. وانظر العلل المتناهية في الأحاديث الواهية لابن الجوزي 2/ 67 وقال: "هذا حديث لا يصح". وراجع الكامل لابن عدي 3/ 1112. والحديث أورده الهيثمي في مجمع الزوائد 2/ 314 رقم (2775) عن عائشة قالت: (كانت ليلتي من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فانسلَّ، فظننت أنه انسلَّ إلى بعض نسائه، فخرجت غيرى فإذا أنا به ساجداً كالثوب الطريح ... الحديث) قال الهيثمي: "رواه أبو يعلى، وفيه عثمان بن عطاء الخرساني وثقه دحيم، وضعفه البخاري ومسلم وابن معين وغيرهم". انظر: مسند أبي يعلى الموصلي 8/ 121 رقم (4661)، وراجع: تذكرة الأخيار ل 67/ أ. (3) انظره - مع النووي - كتاب الصلاة، باب الاعتدال في السجود ووضع الكفين على الأرض 4/ 211 بلفظ: (كان النبي - صلى الله عليه وسلم - إذا سجد لو شاءت بهمة أن تمر بين يديه لمرَّت). (4) انظر: الصحاح 5/ 1875، النهاية في غريب الحديث والأثر 1/ 168، شرح مسلم للنووي 4/ 211. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 138 التنكيس في السجود المذكور إيجابه (1) في طريقة الخراسانيين (2) تطلبت زماناً مستنده فوجدت أبا حاتم ابن حبَّان قد روى في "صحيحه" (3) بإسناد (جيِّد) (4) عن أبي إسحاق (5) قال: (وصف لنا البراء بن عازب السجود: فوضع يديه بالأرض، ورفع عجيزته وقال: هكذا كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يفعل). وقد أخرج نحوه أبو داود من قبله (6). قوله: "فإن كان به مرض يمنعه (7) من التنكيس فهل يجب عليه وضع وسادة ليضع الجبهة عليها؟ فيه وجهان: أظهرهما: الوجوب" (8) معناه: يجب الوضع   (1) في (د): وإيجابه، والواو هنا مقحمة، والمثبت من (أ) و (ب). (2) قال الغزالي: "أما هيئة السجود: فهو التنكيس بحيث يكون أسافله أعلى من أعاليه". الوسيط 2/ 626، قال النووي: "قال أصحابنا الخراسانيون: التنكيس في السجود شرط لصحته". المجموع 3/ 435. (3) لم أقف عليه في الإحسان بعد البحث الشديد فيه، والله أعلم. (4) زيادة من (أ) و (ب). (5) هو أبو إسحاق عمرو بن عبد الله بن أبي شعيرة الهمداني، قال عنه الحافظ ابن حجر: "ثقة مكثر عباد، من الثالثة، اختلط بآخرة"، توفي سنة 129 هـ وقيل قبلها، روى حديثه الجماعة. انظر ترجمته في: الكنى والأسماء للإمام مسلم 1/ 35, الجرح والتعديل 6/ 242، المقتنى في سرد الكنى للذهبي 1/ 64، تقريب التهذيب ص: 423. (6) انظر: سننه كتاب الصلاة، باب صفة السجود 1/ 554 رقم (896)، ورواه النسائي وابن خزيمة بلفظ ابن حبان الذي ساقه المؤلف. انظر: سنن النسائي كتاب التطبيق، باب صفة السجود 2/ 560 رقم (1103)، وصحيح ابن خزيمة كتاب الصلاة 1/ 325 رقم (646). قال النووي: "إسناده حسن". المجموع 3/ 436. قال السندي في حاشيته على سنن النسائي: "ورفع عجيزته: أي عجزه، والعجز: مؤخرة الشيء، والعجيزة للمرأة فاستعارها للرجل". (7) في (ب): يمنع. (8) الوسيط 2/ 626. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 139 من غير تنكيس، ولا يسقط مع إمكانه بسقوط التنكيس. وعلى الوجه الآخر: يكفيه إمالة رأسه نحو الأرض بقدر الإمكان، من غير وضع لجبهته (1) على شيء، وهذا أظهر عند غيره (2)، والله أعلم. قوله: "ويجافي مرفقيه عن جنبيه بحيث ترى عُفْرة إبطيه" (3) عفرتهما هي: بضم العين المهملة، وإسكان الفاء أي بياضهما، وهو (4) بياض غير خالص، فيه قليل حمرة (5). وإنما هذا في لابس الرداء، أو نحوه (6) من غير قميص (7)، ومستند هذا وغيره من السنن والهيئات التي ذكرها أحاديث وردت حذفها اختصاراً، والله أعلم. قوله: "ولا يؤمر بضم الأصابع إلا ههنا" (8) وقطع الروياني صاحب الكتاب الموسوم بـ "البحر" (9)، وغيره (10) بأنه يؤمر بضم الأصابع من اليد اليسرى في   (1) في (ب): الجبهة. (2) انظر: التهذيب ص: 467، فتح العزيز 3/ 468، وراجع: روضة الطالبين 1/ 363، المجموع 3/ 436، المطلب العالي 3/ ل 331/ أ. (3) الوسيط 2/ 627. وقبله: أما الأكمل فليكن أول ما يقع على الأرض منه ركبتاه ... ويضع الأنف على الأرض مع الجبهة مكشوفاً، ويفرق ركبتيه، ويجافي ... إلخ (4) في (أ) و (ب): وهي. (5) انظر: الصحاح 2/ 752، القاموس المحيط 2/ 169، المصباح المنير ص: 169. (6) في (ب): وغيره. (7) لأن لابس القميص لا يرى إبطه. وانظر التنقيح ل 109/ ب. (8) الوسيط 2/ 627. وقبله: ويضع يديه منشورة الأصابع على موضعهما في رفع اليدين، وأصابعهما مستطيلة في جهة القبلة مضمومة، ولا يؤمر ... إلخ (9) انظر النقل عنه في: التنقيح ل 109/ ب. (10) نقله النووي في الموضع السابق عن: الشيخ أبي حامد، وأبي علي البندنيجي، والمحاملي. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 140 التشهد أيضاً. وهذا ينبغي أن يكون أصح الوجهين؛ لأن المعنى في ذلك في السجود كونها بالضم تصير موجهة نحو القبلة، وهذا موجود في التشهد (1)، والله أعلم. قوله في إثبات جلسة الاستراحة: (كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لا ينهض حتى يستوي قاعداً) (2) هذا رواه البخاري (3) من حديث مالك بن الحويرث الليثي - رضي الله عنه -. قوله: "كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذا قام في صلاته وضع يديه على الأرض كما يضع العاجن (4) " (5) هذا حديث لا يعرف، ولا يصح، ولا يجوز أن يحتج به، وقد نسب إلى رواية ابن عباس رضي الله عنهما (6)، وقد صار في هذا الكتاب، وفي "الوجيز" (7) مظنة للغلط، فمن غالط في لفظه؛ بقوله: العاجز بالزاي، وإنما هو بالنون، وقد جعله صاحب الكتاب فيما علِّق عنه من درسه بالزاي أحد الوجهين فيه، وليس كذلك. ومن غالط في معناه غير غالط في لفظه يقول: هو   (1) انظر: روضة الطالبين 1/ 364، التنقيح ل 109/ ب. (2) الوسيط 2/ 628. (3) انظر: صحيحه - مع الفتح - كتاب الأذان، باب من استوي قاعداً في وتر من صلاته ثم نهض 2/ 352 رقم (823). ولفظه ... فإذا كان في وتر من صلاته لم ينهض حتى يستوي قاعداً. (4) في (د): العاجز، والمثبت من (أ) و (ب) وهو موافق للفظ الوسيط. (5) الوسيط 2/ 629. (6) قال النووي في التنقيح ل 110 / أ: "هذا حديث ضعيف باطل لا يعرف نسبه بعضهم إلى رواية ابن عباس ولا يصح". وقال في المجموع 3/ 442: "حديث ضعيف أو باطل لا أصل له". وراجع التلخيص الحبير 3/ 494. (7) 1/ 44. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 141 بالنون ولكنه عاجن عجين الخبز؛ فيقبض أصابع كفيه ويضمها كما يفعله عاجن العجين، ويتكي عليها، ويرتفع، ولا يضع راحته على الأرض، وهذا جعله المصنف في درسه الوجه الثاني فيه، وعمل به (1) كثير من عامة العجم، وغيرهم. وهو إثبات شرعية هيئة في الصلاة لا عهد بها، بحديث لم يثبت، ولو (2) ثبت لم يكن ذلك معناه؛ فإن العاجن في اللغة الرجل المسن الكبير الذي إذا قام اعتمد على الأرض بيديه من الكبر (3)، وأنشدوا: فأصبحت كنتيَّاً وأصبحت عاجناً (4) ... وشر خصال المرء كنت وعاجن (5) فإن كان وصف الكبير بذلك مأخوذاً من عاجن العجين فالتشبيه في شدَّة الاعتماد عند وضع اليدين، لا في كيفية ضم أصابعهما. وأما الذي في كتاب "المحكم في اللغة" للمغربي المتأخر الضرير (6) من قوله في العاجن: "إنه المعتمد   (1) سقط من (ب). (2) في (ب): ولم. (3) انظر: الصحاح 6/ 2161، القاموس المحيط 4/ 243، المصباح المنير ص: 150. (4) وهو للأعشى، انظر: همع الهوامع للسيوطي 2/ 193، الدرر اللوامع على همع الهوامع لأحمد بن الأمين الشنقيطي 2/ 229، معجم الشواهد العربيَّة لعبد السلام هارون 1/ 391 وذكر أنه ليس في ديوانه. قال الجوهري: يقال للرجل إذا شاخ كنتيٌّ؛ كأنه نُسب إلى قوله: كنتُ في شبابي كذا وكذا، ثم ساق الشاهد. الصحاح 6/ 2191. (5) في (أ): وأصبحت قد كنت عاجناً. (6) هو أبو الحسن علي بن إسماعيل المرسي الضرير، كان إماماً حافظاً في اللغة، أخذ علم العربيَّة عن أبيه وكان ضريراً كذلك وغيره، من مؤلفاته: المحكم في اللغة، العالَم في اللغة، شواذ اللغة، شرح الحماسة، وغيرها، توفي سنة 458 هـ. انظر ترجمته في: السير 18/ 144، البداية والنهاية 12/ 101، بغية الوعاة 2/ 143، شذرات الذهب 3/ 305. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 142 على الأرض بجُمعه" (1). وجُمع الكفِّ بضم الجيم هو أن يقبضها كما ذكروه (2)، فغير مقبول (3)؛ فإنه (4) ممن لا يقبل ما يتفرد به؛ فإنه كان يغلط، ويغلطونه كثيراً، وكأنه أضرَّ به في كتابه مع كبر حجمه ضرارته، والله أعلم. إذا هوى (5) إلى السجود فسقط إلى الأرض على جنب ثم استدَّ - أي إذا (6) استقام (7) - ساجداً على جبهته، ذكرها في الكتاب (8) ذكراً مشكلًا، يخشى منه على الناظر الغلط. فأقول: لها صور نذكرها على ترتيبها في الكتاب: إحداها: أن يقصد السجود بانقلابه على جبهته فيجزيه عن السجود. والثانية: أن يقصد بانقلابه على جبهته (9) الاستقامة من وقعته على جنبه (10) قاصداً صرفه عن السجود فهذا غير مجزئ. الثالثة: أن (11) يقصد الاستقامة ولا يقصد صرف ذلك عن السجود، بل هو غافل عنه، فالنصُّ أنه لا يجزئه (12) عنه. الرابعة: - ولم   (1) المحكم والمحيط الأعظم في اللغة 1/ 200. (2) انظر في تعريف جُمع: الصحاح 3/ 1198، المصباح المنير ص: 42. (3) في (ب): فغير مقبول منه. (4) سقط من (ب). (5) في (ب): أهوى. (6) سقط من (أ) و (ب). (7) انظر: المصباح المنير ص: 103. (8) انظر: الوسيط 2/ 629 - 630. (9) قوله: (فيجزيه .... جبهته) سقط من (أ). (10) في (أ): جبهته. (11) في (ب): أن لا. و (لا) هنا مقحمة. (12) في (ب): يجزئ. وانظر الأم 1/ 223 - 224. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 143 يذكرها - أن لا يقصد شيئاً لا السجود ولا الاستقامة فيجزئه ذلك عن السجود أيضاً قطعاً (1) ثم إن ما ذكره من أنه إذا لم يعتد بذلك عن سجوده، فيكفيه أن يرفع رأسه من سجدته التي انقلب من وقعته إليها، ويعتدل جالساً، ثم يهوي من جلوسه إلى السجود، ولا يلزمه القيام ليهوي منه إلى السجود على الظاهر (2). ليس على إطلاقه بل هو (3) كما ذكره شيخه (4) مخصوص بالصورة الثالثة، وهي ما إذا قصد الاستقامة غافلًا عن السجود، وهي إحدى صورتي عدم الإجزاء على النصِّ في أنه لا يجزئه. وأما (5) الصورة الثانية وهي: ما إذا قصد الصرف عن السجود، فهذا تبطل صلاته على ما ذكره شيخه (6)؛ لكونه زاد فعلًا لا يزاد مثله في الصلاة عامداً. ثم إن هذا التردد ذكره شيخه من عنده (7). ووجه الاكتفاء بالاعتدال جالساً، ثم الهوي منه إلى السجود، وذلك هو الأظهر عنده: أن ذلك كافٍ في الفصل بين السجدتين الأصليتين. وادعى أنه لو قام على هذا كان زائداً قياماً من غير حاجة (8)، والله أعلم.   (1) انظر: التهذيب ص: 469، التنقيح ل 110/ ب، مغني المحتاج 1/ 169. (2) انظر: الوسيط 2/ 630. (3) سقط من (ب). (4) انظر: نهاية المطلب 2/ ل 50/ ب. (5) في (أ) و (ب): وأما في. (6) في (ب): ذكر شيخه. (7) أي قوله: ... ولا يلزمه القيام على الأظهر، والله أعلم، وانظر نهاية المطلب الموضع السابق. (8) انظر: نهاية المطلب الموضع السابق. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 144 قوله: "وفي الإبهام أوجه" (1) إنما هي أقوال منصوصة معروفة (2)، وأصحها أنه يضمها إلى الوسطى المقبوضة (3). ثم ذكروا أن في كيفية ذلك وجهين: أحدهما: كالعاقد ثلاثة وعشرين. والثاني: كالعاقد ثلاثة وخمسين (4). وهذا تركه المؤلف وهو أصحها، وأثبتها إسناداً رواه مسلم في "صحيحه" (5) عن ابن عمر عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -. والعقد ثلاثة وخمسين: أن يضع الإبهام أسفل من المسبحة على حرف راحته، إلى جانب المسبحة (6). والعقد ثلاثة وعشرين: أن يضع الإبهام على حرف إصبعه الوسطى (7)، وذلك معروف عند (أهل) (8) الحساب، والله أعلم. الشافعي - رضي الله عنه - كالمتفرد بإيجاب الصلاة على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في التشهد (9)، ويا حبذا ذلك التفرد (10)، وقد نسبه جماعة إلى مخالفته (11) الإجماع في   (1) الوسيط 2/ 631. وقبله: ثم يضع اليد اليسرى - أي في التشهد - على طرف الركبة منشورة مع التفريج المقتصد، وأطراف الأصابع مسامتة للركبة، وأما اليد اليمنى فيضعها كذلك، لكن يقبض الخنصر، والبنصر، والوسطى، ويرسل المسبحة، وفي الإبهام ... إلخ. (2) انظر: حلية العلماء 2/ 125 - 126، التهذيب ص: 473، فتح العزيز 3/ 497 - 498. (3) انظر: المصادر السابقة، والمجموع 3/ 454. (4) انظر: المصادر السابقة. (5) انظره - مع النووي - كتاب المساجد، باب صفة الجلوس في الصلاة 5/ 80. (6) انظر: حلية العلماء 2/ 126، التنقيح ل 111/ أ. (7) انظر المصادر السابقة. (8) زيادة من (أ). (9) أي الأخير قال الغزالي: "فأما التشهد فواجب في الأخير خلافاً لأبي حنيفة، والصلاة على الرسول واجبة معه، وعلى (الآل) قولان. والتشهد الأول مسنون، وفي الصلاة على الرسول فيه قولان؛ لأنه مبني على التخفيف". أهـ الوسيط 2/ 631 - 632. (10) في (د): من تفرده، وفي (ب): من تفرد به، والمثبت من (أ). (11) في (أ): مخالفة. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 145 ذلك (1)، وليس كذلك؛ وقد رواه البيهقي عن الشعبي (2)، وأصحابنا يحتجون له بحديث أبي مسعود البدري (3) (أنهم سألوا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقالوا: كيف نصلي عليك - وفي رواية صحيحة احتج بها أبو حاتم ابن حبَّان في "صحيحه" (4)، والحاكم أبو عبد الله الحافظ وصححها (5): كيف نصلي عليك إذا نحن (6) صلينا عليك في صلاتنا - فقال - صلى الله عليه وسلم -: قولوا: اللهم صلي على محمَّد، وعلى آل محمَّد ... إلى قوله: إنك حميد مجيد) (7). وهذا فيه ما يدل أنه ندب (8)، لكن يقال: خولف   (1) نقله ابن القيم عن الطحاوي، والقاضي عياض، والخطابي، وابن المنذر. وذلك في كتابه القيِّم جلاء الأفهام في فضل الصلاة والسلام على محمَّد خير الأنام ص: 251. وراجع الشفاء للقاضي عياض 2/ 62 ونقله عن الطحاوي، الأوسط لابن المنذر 3/ 213 - 214. (2) انظر: معرفة السنن والآثار 2/ 43، والقول بوجوبه مروي عن عمر بن الخطاب، وابنه، وابن مسعود، وأبي مسعود البدري، ومن التابعين: أبي جعفر محمَّد بن علي، ومقاتل بن حيَّان، وهو إحدى الروايتين عن إسحاق بن راهويه، وأحمد بن حنبل وهي ظاهر الرواية عنه. انظر: المغني 2/ 228، المجموع 3/ 467، جلاء الأفهام ص: 253 - 255. (3) هو عقبة بن عمرو بن ثعلبة أبو مسعود الأنصاري النجاري، قيل: لم يشهد بدراً - قال الذهبي: على الصحيح - وإنما نقول ماء ببدر فشهر بذلك، وكان ممن شهد بيعة العقبة، روى حديثه الجماعة، توفي في خلافة علي - رضي الله عنه -. انظر ترجمته في: السير 2/ 493، الإصابة 7/ 24. (4) انظر: الإحسان 5/ 289 رقم (1959). (5) انظر: المستدرك 1/ 268 وقال: "حديث صحيح على شرط مسلم ولم يخرجاه"، وممن رواه كذلك الإمام أحمد في المسند 4/ 119، وابن خزيمة في صحيحه كتاب الصلاة 1/ 352 رقم (711)، والدارقطني في سننه 1/ 355 وقال: "هذا إسناد حسن متصل". (6) سقط من (أ). (7) أصل الحديث رواه مسلم في صحيحه - مع النووى - كتاب الصلاة، باب الصلاة على النبي - صلى الله عليه وسلم - بعد التشهد 4/ 123 - 125. (8) في (ب): ما يدل على أنه ندب. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 146 ظاهر الأمر في الزيادة على أصل الصلاة عليه، فبقي في أصل الصلاة عليه (1). واحتج أبو حاتم، وأبو عبد الله في "صحيحيهما" (2) بما روياه عن فضالة بن عبيد الأنصاري (3) (أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - رأى رجلًا يصلي لم يحمد الله، ولم يمجده، ولم يصل على النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال - صلى الله عليه وسلم -: عجَّل هذا، ثم دعاه النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال: إذا صلى أحدكم فليبدأ بتحميد ربه والثناء عليه، وليصل على النبي - صلى الله عليه وسلم -، وليدع بعد بما (4) شاء). و (5) قال الحاكم: "هذا حديث صحيح على شرط مسلم، ولم يخرجه" (6)، والله أعلم.   (1) أي أن قوله في الزيادة: "إذا نحن صلينا عليك في صلاتنا" صارفة للأمر في قوله: (قولوا ... ) إلى الندب، لكن يبقى الأمر على الوجوب في أصل الصلاة، والله أعلم. (2) انظر: الإحسان 5/ 290 رقم (1960)، المستدرك 1/ 268. (3) هو أبو محمَّد فضالة بن عبيد بن نافذ الأنصاري الأوسي، أول مشاهده أحد، وشهد بيعة الرضوان، سكن دمشق، وولي قضاءها لمعاوية، وأمَّره على غزو الروم في البحر، توفي سنة 53 هـ، وروي له عن النبي - صلى الله عليه وسلم - (50) حديثاً، وروى حديثه الجماعة. انظر ترجمته في: تهذيب الأسماء 2/ 50، البداية والنهاية 8/ 81، الإصابة 8/ 97. (4) في (د): ما، والمثبت من (أ) و (ب) لموافقته نص الحديث. (5) سقط من (أ). (6) انظر: المستدرك 1/ 268 ولفظه: "صحيح على شرط الشيخين، ولا تعرف له علة، ولم يخرجاه". ووافقه الذهبي، والحديث أخرجه كذلك أبو داود في سننه كتاب الصلاة، باب الدعاء 2/ 162 رقم (1481)، والترمذي في جامعه كتاب الدعوات، باب (65) 5/ 482 رقم (3477) وقال: "هذا حديث حسن صحيح"، والنسائي في سننه كتاب السهو، باب التمجيد والصلاة على النبي - صلى الله عليه وسلم - في الصلاة 3/ 51 رقم (1283) مختصراً، وأحمد في المسند 6/ 28. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 147 اعلم - علمَّك (1) الله وإيَّاي - أن التشهد وقع فيه في أكمله وأقله (2) اشتباه واضطراب في المصنفات (3) ونسخها، وأنا أسأل الله تعالى من فضله، وأضبطه ضبطاً (4) معتمداً مزيحاً للإشكال، صادراً عن الإتقان، مستحقاً لأن يرحل فيه، فأقول: اختار الإمام الشافعي - رضي الله عنه - تشهد ابن عباس المعروف (5)، ويجوز عنده غيره كتشهد ابن مسعود (6)، وغيره (7). وفي أكمله خلاف في موضعين منه،   (1) في (ب): أعلمك. (2) في (ب): أقله وأكمله، بالتقديم والتأخير. (3) انظر: الوسيط 2/ 632. (4) سقط من (ب). (5) وهو ما رواه مسلم في صحيحه - مع النووى - كتاب الصلاة، باب التشهد في الصلاة 4/ 118 قال: (كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يعلمنا التشهد كما يعلمنا السورة من القرآن فكان يقول: التحيات المباركات، الصلوات الطيبات لله، السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته، السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين، أشهد أن لا إله إلا الله، وأشهد أن محمداً رسول الله). (6) وهو ما رواه البخاري في صحيحه - مع الفتح - كتاب الأذان، باب التشهد في الآخرة 2/ 363 رقم (831)، ومسلم في صحيحه الموضع السابق 4/ 116 وفيه: (فإذا صلى أحدكم فليقل: التحيات لله، والصلوات والطيبات، السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته، السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين - فإنكم إذا قلتموها أصابت كل عبد لله صالح في السماء والأرض - أشهد أن لا إله إلا الله، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله). (7) كتشهد عمر في الموطأ - مع الزرقاني - كتاب الصلاة، باب التشهد في الصلاة 1/ 267 رقم (200)، وأبي موسى الأشعري في صحيح مسلم الموضع السابق 4/ 121، وتشهد عائشة وابن عمر في الموطأ الموضع السابق برقم (201، 202)، قال النووي - بعد أن ذكر هذه الأحاديث -: "فهذه الأحاديث الواردة في التشهد وكلها صحيحة ... قال الشافعي والأصحاب: وبأيها تشهد أجزأه، لكن تشهد ابن عباس أفضل". المجموع 3/ 457، وراجع: الأم 1/ 228. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 148 وهما: إثبات الألف واللام في السلام في موضعيه منه، وإثبات أشهد في المرة الثانية (1) منه. فالذي في هذا الكتاب، و"النهاية" (2)، و"المهذب" (3)، وغيرها (4) إسقاط الألف واللام من قوله: "سلام"، وإثبات "أشهد" في المرة الثانية. أما التنكير في "سلام" فهو في (5) رواية الشافعي لحديث ابن عباس (6) من غير خلاف عنه فيه فيما نعلم، وعليه نصَّ (7). أما إثبات أشهد فقد اختلف عليه فيه؛ ففي "مختصر المزني": إثباته مع تنكير السلام (8)، كما في هذا الكتاب. وفي رواية الترمذي لحديث ابن عباس أخرجه في "جامعه" (9) وقال: "حديث ابن عباس حديث حسن صحيح غريب". استظهرت في ذلك بأصل الحافظ الكبير أبي حازم (10) العبدويي به. وفي رواية الربيع عن الشافعي على ما (11) نقله عنه البيهقي (12) الإسقاط في الموضعين: في "أشهد"، والألف واللام، وهذه إحدى   (1) في (د): الثالثة، وهو خطأ، والمثبت من (أ) و (ب). (2) انظره 2/ ل 52/ ب. (3) انظره 1/ 78. (4) كالإبانة ل 34/ ب، حلية العلماء 2/ 126، التهذيب ص: 475. (5) سقط من (أ) و (ب). (6) انظر: الأم 1/ 228، المسند ص: 370. (7) راجع الأم الموضع السابق. (8) انظره ص: 19. (9) انظره أبواب الصلاة، باب منه - أي التشهد - أيضاً 2/ 83 رقم (290). (10) أبي حازم: سقط من (ب). (11) سقط من (ب). (12) انظر: معرفة السنن والآثار 2/ 30. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 149 طريقتي العراقيين على ما صرح به في "البسيط" (1)، ونقل عنهم طريقة ثانية وهي: الإثبات في الموضعين، وهذا ما رواه مسلم في "صحيحه" (2)، وأبو داود في "سننه" (3) في حديث ابن عباس. فقد ثبت إذاً إثبات الألف واللام في "السلام" في معظم الروايات، وأكثر التشهدات الثابتة فينبغي أن نختاره، والعلم عند الله تبارك وتعالى. وأما الأقل على رأي الشافعي فقد ضبطه صاحب الكتاب في درسه له (4) ضبطاً بيِّناً، فذكر أنه أسقط فيه من الأكمل أربع كلمات وهي: المباركات، والصلوات، والطيبات، وبركاته. وأسقط العراقيون كلمة أخرى وهي: أشهد في الثانية (5). فبان بهذا أن ما اختلفت (6) فيه نسخ "الوسيط" من إسقاط "وبركاته" فيه أو إثباتها، الصواب منه إسقاطها، وهو الذي وجدته في "جمع الجوامع من منصوصات الشافعي" (7)، وكذلك هو في "تعليق" الشيخ أبي حامد الأسفراييني (8) على ما قرأته بخط تلميذه الإمام المصنف أبي الفتح سليم بن أيوب الرازي. ومع ذلك فعن بعض العراقيين إثبات "وبركاته" فيه (9)، وكذلك   (1) 1/ ل 105/ أ. (2) تقدم قريباً. (3) انظره كتاب الصلاة، باب التشهد 1/ 596 رقم (974). (4) سقط من (ب). وانظر: المطلب العالي 3/ ل 361/ أ. (5) راجع: الوسيط 2/ 632 - 633. (6) في (أ): ما اختلف. (7) انظر: المطلب العالي 3/ ل 361/ أ. (8) انظر النقل عنه في: المجموع 3/ 459. (9) راجع: فتح العزيز 3/ 512، روضة الطالبين 1/ 369. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 150 وجدته في "التهذيب" (1)، وفيه أيضاً: وأشهد أن محمداً رسوله (2) بالإضمار. فقد حصل في المنقول عن الشافعي في الأقل خلاف في ثلاثة أشياء: في قوله: وبركاته، وفي أشهد في المرة الثانية، وفي قوله: رسول الله. وقوله: "ورسوله" بعيد غريب عنه. وأما الأقل عند ابن سريج ففيه في كثير من نسخ "الوسيط" (سلام علينا وعلى عباد الله الصالحين) وهو غير صحيح، وإنما هو (سلام على عباد الله الصالحين) (3) وقد ضبطه في الدرس بأنه أسقط مع الكلمات المسقطة في الأقل عن الشافعي كلمتين أخريين، وفي هذا إثبات كلمة (الصالحين)، وكذلك هو في "النهاية" (4)، وغيره (5) عن ابن سريج. وصرَّح القاضي الروياني في "شرح مشكل مختصر المزني" (6) بأن ابن سريج أسقط أيضاً ذكر كلمة "الصالحين"، والله أعلم. قوله - صلى الله عليه وسلم -: (ثم ليتخير أحدكم من الدعاء أعجبه إليه) (7) رواه ابن مسعود، أخرجه البخاري في "صحيحه" (8)، وروى نحوه مسلم (9)، والله أعلم.   (1) انظره ص: 475. (2) مكررة في (ب). (3) قال الغزالي: "أما ابن سريج فإنه أوجز بالمعنى وقال: التحيات لله، سلام عليك أيها النبي، سلام على عباد الله الصالحين، أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسوله" الوسيط 2/ 633. (4) 2/ ل 53/ أ. (5) كالتعليقة للقاضي حسين 2/ 807، والبسيط 1/ ل 104/ أ. (6) لم أقف عليه، ونقله ابن الرفعة عن ابن الصلاح في المطلب العالي 3/ ل 362/ ب. (7) الوسيط 2/ 635. وقبله: ثم يستحب بعده الدعاء - أي بعد التشهد والصلاة على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ويختصر إن كان إماماً قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بعد تعليم التشهد - ثم ليتخير ... الحديث. (8) انظره - مع الفتح - كتاب الأذان، باب ما يتخير من الدعاء بعد التشهد ... 1/ 373 رقم (835). (9) انظر صحيحه - مع الفتح - كتاب الصلاة، باب التشهد في الصلاة 4/ 115 - 117 ولفظه: (ثم يتخير من المسألة ما شاء). الجزء: 2 ¦ الصفحة: 151 قوله: "العاجز عن الدعاء لا يدعو بالعجمية بحال" (1) هذا في الذي يخترعه بالعجمية (2)، فأما الدعاء المسنون المأثور بالعربية ففي إتيان العاجز بترجمته الأوجه التي ذكرها في سائر الأذكار المسنونة (3)، والله أعلم. قوله: "ولو قال: سلامٌ عليكم فوجهان في إقامة التنوين مقام الألف واللام" (4) قلت: لا ينبغي أن يكون في هذا خلاف؛ فإن المنون لا يقوم مقام المعرَّف في المعنى وهو قاصر عنه (5)، وإنما جاز الأمران في التشهد؛ لورود النصِّ بهما (6)، وههنا لم يرد النصُّ إلا بالمعرَّف، وإنما يقال هذا في علم العربية بمعنى أنهما يتعاقبان ولا يجتمعان، بل إذا حذف أحدهما وجد الآخر، وقام مقامه (7)، والله أعلم. قوله: "فأما الأكمل فأن يقول: السلام عليكم ورحمة الله" (8) اعلم أنه لا يسن في هذا "وبركاته" هذا هو المشهور المحفوظ (9)، ووقع فيه في "نهاية المطلب" (10)   (1) الوسيط 2/ 635. (2) في (ب): من العجمية. وانظر: التهذيب ص: 479، التنقيح ل 111/ ب وقال: "تبطل بلا خلاف". (3) وهي: المنع، الجواز، ما يجبر تركه بسجود السهو يأتي بترجمته وما لا فلا. انظر: الوسيط 2/ 635، والأصح من هذه الأوجه: الجواز. راجع: التنقيح ل 111/ ب، روضة الطالبين 1/ 371. (4) الوسيط 2/ 636. (5) راجع: التنقيح ل 112/ أ، نهاية المحتاج 1/ 536. (6) تقدم بيان ذلك وهو في قوله: (السلام عليك أيها النبي) كما ورد في حديث ابن مسعود وغيره، وقوله: (سلام عليك أيها النبي) كما في رواية الترمذي لحديث ابن عباس. راجع ص: 549. (7) انظر: المجموع 3/ 476. (8) الوسيط 2/ 636. (9) انظر: المجموع 3/ 478 - 479. (10) انظره 2/ ل 55/ ب. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 152 "وبركاته"، ووجدته أيضاً في كتاب "المدخل إلى المختصر". لزاهر السرخسي (1)، وفي "الحلية" (2) للقاضي الروياني، ولا يوثق بذلك؛ فإنه شاذ في نقل المذهب، ومن حيث الحديث أيضاً، فلم أجده في شيء من الأحاديث الواردة في السلام إلا في حديث رواه أبو داود (3) عن وائل بن حجر (أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان يسلم عن يمينه وعن شماله: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته). وهذه زيادة قد نسبها الحافظ أبو القاسم الطبراني في "معجمه" (4) إلى رواية موسى بن قيس الحضرمي (5)، وعنه أخرجها أبو داود والله أعلم. (وموسى بن قيس ثقة، وثَّقه يحيى ابن معين (6)، وغيره (7)، وروى له مسلم في "صحيحه" (8)) (9).   (1) هو أبو علي زاهر بن محمَّد بن أحمد بن عيسى السرخسي، شيخ عصره بخراسان الفقيه، المقرئ، المحدث، قال النووي: "كان من كبار أئمة أصحابنا في العصر والرتبة، لكن المنقول عنه في المذهب قليل جداً". توفي سنة 389 هـ. انظر ترجمته في: تهذيب الأسماء 1/ 192، طبقات السبكي 3/ 293، طبقات الأسنوي 2/ 26، الذيل على طبقات ابن الصلاح 2/ 751. وانظر النقل عنه في: المجموع 3/ 478. (2) انظرها ل 33/ ب. (3) في سننه كتاب الصلاة، باب في السلام 1/ 607 رقم (997). وممن رواه كذلك: البغوي في شرح السنة 2/ 289 رقم (697)، ورواه عبد الرزاق في المصنَّف 2/ 219 - 220 عن ابن مسعود، وعن عمار بن ياسر، وهو في صحيح ابن حبَّان عن ابن مسعود انظر: الإحسان 5/ 333 رقم (1993). قال النووي: "هذا الحديث إسناده في سنن أبي داود إسناد صحيح". المجموع 3/ 479. (4) الكبير 22/ 46 رقم (115). (5) هو أبو محمَّد الفرَّاء موسى بن قيس الحضرمي الكوفي، يلقب "صفور الجنة" قال عنه الحافظ ابن حجر: "صدوق رمي بالتشيع، روى حديثه أبو داود، والنسائي في الخصائص". انظر ترجمته في: الجرح والتعديل 8/ 157، تهذيب الكمال 29/ 134، تقريب التهذيب ص: 553. (6) انظر النقل عنه في: الجرح والتعديل 8/ 158. (7) سئل أحمد بن حنبل فقال: "لا أعلم إلا خيراً". وقال أبو حاتم: "لا بأس به". انظر: كتاب العلل ومعرفة الرجال 1/ 152، الجرح والتعديل 8/ 158. (8) كل من ترجم له لم يذكر أنه روى له إلا أبو داود، والنسائي في الخصائص فقط، والله أعلم. (9) ما بين القوسين زيادة من (أ). الجزء: 2 ¦ الصفحة: 153 قوله: "لا ترتيب عليه في قضاء الفوائت، نعم رعاية الترتيب بين الفائتة والمؤداة عندنا يستحب" (1) هذا يوهم أن الترتيب بين الفوائت لا يستحب عندنا، وهو مستحب عندنا أيضاً (2) لفعل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - (3)، وللخروج من الخلاف (4)، والله أعلم.   (1) الوسيط 2/ 637. وقبله: على من فاتته صلوات فلا ترتيب عليه ... إلخ. (2) انظر: فتح العزيز 3/ 525، روضة الطالبين 1/ 375. (3) كأنه يشير إلى حديث ابن مسعود قال: (إن المشركين شغلوا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن أربع صلوات يوم الخندق حتى ذهب من الليل ما شاء الله، فأمر بلالًا فأذن، ثم أقام فصلى الظهر، ثم أقام فصلى العصر، ثم أقام فصلى المغرب، ثم أقام فصلى العشاء). أهـ رواه الترمذي في جامعه أبواب الصلاة، باب ما جاء في الرجل تفوته الصلوات بأيتهن يبدأ 1/ 337 رقم (179) وقال: "حديث عبد الله ليس بإسناده بأس إلا أن أبا عبيدة - ابن عبد الله - لم يسمع من عبد الله"، والنسائي في سننه كتاب الصلاة، باب كيف يقضي الفائت من الصلاة 1/ 323 رقم (621) وهو بنفس طريق الترمذي. قال العلامة أحمد شاكر في تحقيقه لجامع الترمذي: "وهو منقطع كما قال الترمذي، ولكنه يعتضد بحديث أبي سعيد الخدري .. ". وفي الباب عن أبي سعيد، وجابر، أما حديث جابر فرواه الترمذي عقب الحديث السابق وقال عنه: "حديث حسن صحيح"، وحديث أبي سعيد رواه أحمد 3/ 25 وصححه أحمد شاكر في تحقيقه لجامع الترمذي الموضع السابق. (4) انظر: فتح العزيز 3/ 525، التنقيح ل 112/ أ. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 154 ومن الباب الخامس في شرائط الصلاة قوله: "الشرائط ستة: الأول ... " (1) هذا لا يستقيم على لفظ الشرائط؛ فإنها جمع شريطة، فرده إلى المعنى وتقول تقديره: الشرائط ستة أشياء: الأول (2). ثم إنه عدَّ منها ما ليس بشرط، وإنما هو من قبيل عدم المانع كترك الأفعال، وترك الكلام (3)، (وترك الأكل) (4). وتَرَكَ ما هو شرط حقيقة كاستقبال القبلة؛ فإنه عنده وعند الجمهور شرط لا ركن (5)، ودخول الوقت، وقد ذكرهما فيما سبق (6)، ولكن إذ (7) تعرض لعدِّ (8) الشروط فلا بدَّ من ذكرهما مع الحوالة على ما تقدم، وكذلك الترتيب بين أفعال الصلاة، وكذلك الموالاة بينها (9) على الأصح (10). وليس بمرضي ما صار إليه صاحب "الحاوي" (11) من ضبط الشروط   (1) الوسيط 2/ 639. (2) انظر: التنقيح ل 112/ أ. (3) في (ب): كترك الكلام وترك الأفعال، بالتقديم والتأخير. (4) ما بين القوسين زيادة من (أ). (5) انظر: التعليقة للقاضي حسين 2/ 672، المهذَّب 1/ 67، التهذيب ص: 411، التنقيح ل 112/ أ، الغاية القصوى 1/ 277، المطلب العالي 4/ ل 1/ أ. (6) ذكر المواقيت في الباب الأول من كتاب الصلاة 2/ 543، واستقبال القبلة في الباب الثالث 2/ 577. (7) في (ب): إذا. (8) في (د) و (ب): لعدها، وهو خطأ، والمثبت من (أ). (9) في (د) و (ب): بينهما، والمثبت من (أ). (10) انظر: التنقيح ل 112/ أ. (11) انظر: الحاوي 2/ 232. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 155 بأنها: "ما يجب تقديمه على الصلاة". فإن التحقيق في ضبط الشرط ما ذكرناه في أول باب كيفية الصلاة (1)، وأيضاً فصاحب الكتاب بهذا؛ لِعَدِّه ترك الكلام من الشروط (2)، والله أعلم. قوله: "لو أحدث في الصلاة عمداً أو سهواً" (3) أي ذاكراً للصلاة، أو (4) غافلًا عنها مع كونه مختاراً للحديث، بخلاف من سبقه الحدث (5). قوله (6): "على القديم لا تبطل، لما روى مرسلًا أنه، - صلى الله عليه وسلم - قال: من قاء، أو رعف أو أمذى في صلاته فلينصرف وليتوضأ، وليس على صلاته، ما لم يتكلم" (7) صرَّح في الدرس بأن المرسل حجة في القديم، وهذا لا يعرف، والحديث قد روي موصولًا (8)،   (1) انظر: 2/ 77. (2) أي صاحب الكتاب الإمام الغزالي سار على هذا الضبط، والدليل على ذلك عده ترك الكلام من الشروط، وذلك في الشرط الرابع 2/ 653، وترك الكلام المطلوب ما يكون في أثناء الصلاة لا ما يتقدمها والله أعلم. (3) الوسيط 2/ 639. وقبله: الأول - أي الشرط الأول - الطهارة عن الحدث: فهي شرط في الابتداء، والدوام حتى لو أحدث ... إلخ. (4) في (ب): و. (5) فإنه تبطل طهارته بلا خلاف، وفي بطلان صلاته قولان: أشهرهما الجديد وهو البطلان أيضاً. انظر: فتح العزيز 4/ 4، روضة الطالبين 1/ 377. (6) في (أ) و (ب): وقوله. (7) الوسيط 2/ 639 وقبله: ولو سبقه الحدث لسبق بول، أو مني، أو مذي، أو خروج ريح بطلت صلاته على الجديد. وعلى القديم ... إلخ (8) رواه موصولًا ابن ماجه في سننه كتاب إقامة الصلاة، باب ما جاء في البناء على الصلاة 1/ 385 رقم (1221)، والدارقطني في سننه 1/ 154، والبيهقي في السنن الكبرى كتاب الصلاة 2/ 362 رقم (3382). الجزء: 2 ¦ الصفحة: 156 وكان ينبغي أن يقول: لما روي موصولًا، لكنه على الجديد لم يعمل به؛ لأنه لم يصح وصله، وإنما هو مرسل ضعيف. وشرح ذلك أن هذا الحديث رواه جماعة عن إسماعيل ابن عيَّاش (1) عن ابن جريج عن أبيه (2) عن (3) ابن أبي مليكة عن عائشة عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، ورواه عن إسماعيل جماعة عن ابن جريج عن أبيه عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - (4) مرسلًا (5)، والمحفوظ فيه المرسل، كذلك رواه جماعة غيره من الثقات (6)، ووصله المذكور أحد ما   (1) هو إسماعيل بن عيَّاش بن سليم العنسي أبو عتبة الحمصي، قال عنه الحافظ ابن حجر: "صدوق في روايته عن أهل بلده، مخلِّط في غيرهم". توفي سنة 81 هـ وقيل: 82 هـ، روى حديثه البخاري في رفع اليدين والأربعة. انظر ترجمته في: الجرح والتعديل 2/ 191، الكامل لابن عدي 1/ 288، تقريب التهذيب ص: 109. (2) هو عبد العزيز بن جريج المكي مولى آل أمية بن خالد القرشي، والد عبد الملك، قال عنه الحافظ ابن حجر: "لين، قال العجلي: لم يسمع من عائشة، وأخطأ خُصَيف فصرَّح بسماعه". روى حديثه الأربعة. انظر ترجمته في: الجرح والتعديل 5/ 379، تهذيب الكمال 18/ 117، تقريب التهذيب ص: 356. (3) كذا في جميع النسخ، وسند الحديث يقتضي إضافة (و) قبل (عن ابن أبي مليكة)؛ فإن عبد الملك بن جريج رواه عن أبيه وعن ابن أبي مليكة عن عائشة، هكذا هو عند البيهقي في الموضع السابق. (4) قوله: (ورواه ... رسول الله - صلى الله عليه وسلم -) سقط من (ب). (5) سقط من (أ). وراجع: سنن الدارقطني 1/ 154، السنن الكبرى 2/ 363, نصب الراية 1/ 38، التلخيص الحبير 4/ 5. (6) قال البيهقي: "وهذا الحديث أحد ما أنكر على إسماعيل بن عياش، والمحفوظ ما رواه الجماعة عن ابن جريج عن أبيه عن النبي - صلى الله عليه وسلم - مرسلًا؛ كذلك رواه محمَّد بن عبد الله الأنصاري، وأبو عاصم النبيل، وعبد الرزاق، وعبد الوهاب بن عطاء وغيرهم عن ابن جريج". أهـ السنن الكبرى 2/ 363. وراجع: سنن الدارقطني الموضع السابق. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 157 أنكر على إسماعيل بن عيَّاش، وأهل الحديث يضعفون إسماعيل فيما يرويه عن غير أهل الشام؛ لسوء حفظه عنهم (1)، وابن جريج ليس شاميَّاً فاعلم ذلك؛ فإنَّ في "نهاية المطلب" على هذا الحديث كلاماً غير قويم (2)، والله أعلم. قوله (3) "رعف" الصحيح فيه فتح (4) العين، وقد روي ضمها على ضعف فيه (5)، وروي أن هذه الكلمة كانت السبب في لزوم سيبويه (6) الخليل بن أحمد، وتعويله عليه في طلب العربية بعد أن كان يطلب الحديث والتفسير؛ وذلك أنه   (1) انظر: الكامل في الضعفاء لابن عدي 1/ 288، السنن الكبرى الموضع السابق، تقريب التهذيب ص: 109. (2) انظره 2/ ل 61/ ب، حيث قال: "توجيه القديم: الحديث المدوَّن في الصحاح!، وهو ما رواه ابن أبي مليكة عن عائشة ... وإنما لم يعمل الشافعي به في الجديد لإرسال ابن أبي مليكة!؛ فإنه لم يلق عائشة، ولا حجَّة في المراسيل عنده. وقد روى إسماعيل بن عيَّاش في طريقه عن ابن أبي مليكة عن عروة عن عائشة، فأسند، وإسماعيل هذا سيءُ الحفظ كثير الغلط فيما يرويه عن غير الشاميين، وابن أبي مليكة ليس من الشاميين!. (3) في (ب): وقوله. (4) سقط من (ب). (5) انظر: الصحاح 4/ 1365، التنقيح ل 112/ ب. (6) في (أ): سق فيه، هكذا!. وسيبويه هو أبو بشر عمرو بن عثمان بن قنبر الفارسي ثم البصري، إمام النحاة ومعنى سيبويه: رائحة التفاح، وإنما سمي بذلك؛ لأن أمه كانت ترقصه وتقول له ذلك، دخل بغداد وناظر الكسائي، صنَّف في النحو كتاباً لا يلحق شأوه المعروف بالكتاب، توفي سنة 180 هـ. انظر ترجمته في: وفيات الأعيان 1/ 487، البداية والنهاية 10/ 182، بغية الوعاة في طبقات النحاة 2/ 229. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 158 سأل يوماً حماد بن سلمة (1) فقال له: "أَحدَّثك هشام بن عروة (2) عن أبيه (3) في (4) رجل رعف في الصلاة - وضم العين - فقال له: أخطأت، وإنما هو (5) رعف بفتح العين"، فانصرف إلى الخليل ولزمه (6)، والله أعلم. قوله في احتجاجه للقديم (7): "ولأنه لو انحلَّ إزاره عن عورته فردَّة على القرب، أو وقعت عليه نجاسة يابسة فنفضها لم تبطل صلاته قولًا واحداً، ولو   (1) هو أبو سلمة حماد بن سلمة بن دينار البصري، قال عنه الحافظ ابن حجر: "ثقة عابد، أثبت الناس في ثابت، وتغير حفظه بآخرة، توفي سنة 167 هـ، روى حديثه البخاري تعليقاً، ومسلم، والأربعة. انظر ترجمته في: الجرح والتعديل 3/ 140، تذكرة الحفاظ 1/ 202، ميزان الاعتدال 2/ 113، تقريب التهذيب ص: 178. (2) هو هشام بن عروة بن الزبير بن العوام الأسدي المدني أبو المنذر، أحد الأئمة المشهورين بالمدينة، المكثرين من الحديث، المعدودين من أكابر العلماء، قال عنه الحافظ ابن حجر: "ثقة فقيه، ربما دلَّس"، روى حديثه الجماعة، قدم بغداد على المنصور فمات فيها سنة 146 هـ، وقيل سنة 145. انظر ترجمته في: تذكرة الحفاظ 1/ 144، شذرات الذهب 1/ 218، تقريب التهذيب ص، 573، طبقات الحفاظ ص: 61. (3) هو أبو عبد الله عروة بن الزبير بن العوام الأسدي المدني، أحد فقهاء المدينة السبعة، جمع بين العلم والسيادة والعبادة، كثير الحديث، وهو شقيق عبد الله بن الزبير وأمهما أسماء بنت أبي بكر الصديق، توفي سنة 94 هـ، قال عنه الحافظ ابن حجر: "ثقة فقيه مشهور، روى حديثه الجماعة". انظر ترجمته في: تهذيب الأسماء 1/ 231، تذكرة الحفاظ 1/ 62، تقريب التهذيب ص: 389. (4) في (أ): عن. (5) وإنما هو: سقط من (ب). (6) أشار إلى هذه القصة ابن كثير في البداية والنهاية 10/ 182. (7) وهو: لو سبقه الحدث لم تبطل صلاته. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 159 كان ذلك عن (1) قصد لبطلت مع قصر الزمان" (2) (معنى كلامه هذا: أن عدم البطلان في هذا إنما كان لكونه مسلوب الاختيار فيه، ولم يكن لقرب الزمان؛ بدلالة أنه لو تعمده مع قصر الزمان) (3) لبطلت. وسلب الاختيار موجود فيمن سبقه الحدث، وجوابه: أن عدم البطلان في ذلك مضاف إلى الأمرين: سلب الاختيار، وقرب الزمان؛ حتى لو احتاج في ستر عورته ودفع النجاسة إلى زمان غير قصير لبطلت على الجديد، ولكان فيه قولًا سبق الحدث (4)، والله أعلم. قوله: "وفي إلحاق البيضة المذرة بالحيوان تردد" (5) فالمذرة هي الفاسدة (6). وهذا التردد مخصوص بما إذا كان مذرها باستحالتها دماً؛ فإن المنذر بدون ذلك لا ينجس كإنتان اللحم (7)، والله أعلم. قوله: "ولا يجري في القارورة المصممة الرأس خلافاً لابن أبي هريرة" (8) فالمصممة الرأس: هي المسدودة (9) الرأس، وصمامها سدادها. وهذا الخلاف   (1) في (د): على، وفي (ب): مع، والمثبت من (أ) لموافقته السياق، وفي المتن: ذلك قصداً ... إلخ (2) الوسيط 2/ 639 - 640. (3) ما بين القوسين زيادة من (أ) و (ب). (4) انظر: فتح العزيز 4/ 12، روضة الطالبين 1/ 378. (5) الوسيط 2/ 641. وقبله: ولو حمل طيراً لم تبطل صلاته؛ لأن ما في البطن ليس له حكم النجاسة قيل الخروج، وما على منفذه لا مبالاة به، ومنهم من قطع بالبطلان؛ لأن منفذ النجاسة لا يخلو عن النجاسة، وفي إلحاق البيضة ... وبعده: لأن النجاسة فيها أيضاً مستترة خلقة. أهـ (6) انظر: الصحاح 2/ 813، القاموس المحيط 2/ 221، المصباح المنير ص: 216. (7) انظر: التهذيب ص: 82، التنقيح ل 113/ ب. (8) الوسيط 2/ 641. وقبله: - بعد أن ذكر التردد في إلحاق البيضة المذرة بالحيوان - ويطرد ذلك فيمن حمل عنقوداً واستحال باطن حباته خمراً، وكذلك في كل استتار خلقي، ولا يجري في ... إلخ. (9) في (أ): مسددة. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 160 مخصوص بالمصممة بالرصاص ونحوه، ولا يجري في المصممة بخرقة ونحوها (1)، والله أعلم. قوله في طين الشوارع: "وإذا انتهى إلى حدٍّ ينسب صاحبه إلى سقطة، أو نكبة من دابة لم يعف عنه" (2) كان ينبغي أن يقول: أو كبوة من دابة أي سقطة وعثرة من دابة (3)؛ فإن النكبة (4) مصدر نكب عن الطريق أي عدل عنه (5)، والله أعلم. ثم إنه قال: "وكذا ما على أسفل الخفِّ من نجاسة لا تخلو الطريق عن مثلها في حق من يصلي مع الخفَّ" (6) فخالف في نقله هذا نقلة المذهب؛ فإنهم ذكروا في ذلك قولين (7): أحدهما - وهو الجديد وعليه الفتوى -: أنه يجب غسله كالثوب إذا أصابته نجاسة مثلها. والثاني - وهو القديم - أنه إذا مسحه بالأرض والنجاسة يابسة عفي عنها لحديث أبي سعيد الخدري أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: (إذا جاء أحدكم إلى المسجد فينظر، فإن رأى في نعليه قذراً، أو أذى فليمسحه وليصل   (1) إذ لا تصح الصلاة قطعاً لحامل المصممة بالخرقة. انظر: المجموع 3/ 150، التنقيح ل 113/ ب. (2) الوسيط 2/ 642. وقبله: طين الشوارع المستيقن نجاسته يعفى عنه بقدر ما يتعذر الاحتراز عنه، فإن انتهى إلى حدٍّ .... إلخ. (3) انظر: الصحاح 6/ 2471، لسان العرب 12/ 20. (4) في (أ): فالنكبة. (5) انظر: الصحاح 1/ 228، لسان العرب 14/ 277، القاموس المحيط 1/ 179. (6) الوسيط 2/ 641. (7) انظر: التعليقة للقاضي أبي الطيِّب 1/ ل 123/ أ، التنبيه ص: 28، التهذيب ص: 558 - 559، فتح العزيز 4/ 44 - 45. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 161 فيهما). أخرجه أبو داود (1). وفي روايته (قذراً، أو قال أذى) فهو إذاً تردد من الراوي. وعلى الجديد يتأول ذلك على ما يستقذر مما هو طاهر من مخاط ونحوه (2). ثم إنهم شرطوا (3) للعفو على القديم: أن تكون النجاسة جافة، فأما إذا كانت رطبة حالة دلكها بالأرض فلا عفو بلا خلاف؛ فإن ذلك في الرطبة يوجب انتشارها (4). ثم إنهم لم يفرقوا بين القليل والكثير فيما يصيب النعل من النجاسة بخلاف ما يصيب الثوب من طين الشوارع المستيقن نجاسته (5)، والله أعلم. قوله: "دم البثرات (6) يعفى (عنه) (7) " (8) واحتج بفعل ابن عمر - رضي الله عنهما -، وقد رويناه في "السنن الكبير" (9) بإسناد جيد عن بكر بن عبد الله   (1) في سننه كتاب الصلاة، باب الصلاة في النعل 1/ 429 رقم (650). وممن رواه كذلك أحمد في المسند 3/ 20، والحاكم في المستدرك 1/ 260، والبيهقي في السنن الكبرى كتاب الصلاة 2/ 604 رقم (4250) قال الحاكم: "صحيح على شرط مسلم ولم يخرجاه" ووافقه الذهبي، وقال النووي: "إسناده صحيح". المجموع 3/ 132. (2) في (ب): وغيره. وانظر: معرفة السنن والآثار 2/ 225. (3) كذا في (أ). (4) انظر: فتح العزيز 4/ 48. (5) انظر المرجع السابق 4/ 45 - 46. (6) في (د): البراغيث، وهو تصحيف، والمثبت من (أ) و (ب). (7) زيادة من (ب). (8) الوسيط 2/ 642. والبثرات: مفردها بثرة، وهي خرَّاج صغير يخرج بالجلد انظر: المصباح المنير ص: 14. (9) انظره كتاب الطهارة 1/ 221 رقم (667)، والأثر علقه البخاري في صحيحه بصيغة الجزم انظر صحيح البخاري - مع الفتح - كتاب الوضوء، باب من لم ير الوضوء إلا من المخرجين 1/ 336. قال الحافظ ابن حجر: "وصله ابن أبي شيبة بإسناد صحيح". فتح الباري 1/ 336، وانظر مصنف ابن أبي شيبة 1/ 138، وقال النووي: "إسناده حسن". التنقيح ل 113/ ب. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 162 المزني (1) قال: (رأيت ابن عمر عصر بثرة في وجهه، فخرج شيء من دم فحكه بين إصبعيه، ثم صلى ولم يتوضأ). ثم إنه أطلق العفو عن دمها، وأراد القليل منه دون الكثير، كما صرَّح به في دم البراغيث (2)، وفيهما وجه آخر: أنه يعفى عن الكثير فيهما، وهو الأصح عند العراقيين، أو من قال ذلك منهم (3)، والله أعلم. ولطخات الدماميل (4) يستضاء في العفو (5) عنها بالحديث المروي عن ابن عباس - رضي الله عنهما - (أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - رخَّص في دم الحبون) - يعني الدماميل - وكان عطاء يصلي وهو في ثوبه. رويناه في كتاب "السنن (الكبير) " (6)، وإسناده وإن كان فيه بقيَّة (7) عن ابن جريج (8)، فبقيَّة ثقة فيما يرويه عن الثقات، لكن   (1) هو أبو عبد الله بكر بن عبد الله المزني البصري، قال عنه الحافظ ابن حجر: "ثقة ثبت جليل". توفي سنة 106 هـ، روى حديثه الجماعة. انظر ترجمته في: الجرح والتعديل 2/ 388، طبقات ابن سعد 7/ 209، تقريب التهذيب ص: 127. (2) حيث قال: "دم البراغيث معفو عنه، إلا إذا كثر كثرة يندر وقوعه". أهـ الوسيط 2/ 642. (3) انظر: حلية العلماء 2/ 49، فتح العزيز 4/ 51، روضة الطالبين 1/ 385، ونسب النووي في التنقيح ل 113/ ب تصحيح هذا الوجه للجمهور. (4) قال الغزالي: "وأما لطخات الدماميل، والقروح، والفصد فما يدوم منها غالباً يلحق بدم الاستحاضة، وما لا يدوم يلحق بدم الأجنبي". الوسيط 2/ 642 - 643. (5) في (أ): بالعفو. (6) زيادة من (أ) و (ب). وانظر الحديث فيه في كتاب الصلاة 2/ 567 رقم (14096). (7) هو بقيَّة بن الوليد بن صائد بن كعب الكلاعي أبو يُحمد بضم التحتانية، وسكون المهملة، وكسر الميم، قال عنه الحافظ ابن حجر: "صدوق كثير التدليس عن الضعفاء"، روى حديثه البخاري تعليقاً، ومسلم، والأربعة، توفي سنة 197 هـ. انظر ترجمته في: الجرح والتعديل 2/ 434، الكامل لابن عدي 2/ 504، المغني في الضعفاء للذهبي 1/ 109، تقريب التهذيب ص: 126. (8) سقط من (د) و (ب)، وفي (أ): ابن عطاء، والتصويب من السنن الكبرى، ومما يأتي من كلام المؤلف. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 163 تفرد به عن ابن جريج، وهو ممن لا يحتمل تفرده، قال أبو أحمد ابن عدي الحافظ (1): "يشبه أن يكون (2) بين بقيَّة وبين ابن جريج بعض المجهولين، أو بعض الضعفاء؛ لأن بقيَّة كثيراً ما (3) يفعل ذلك) (4). والحُبُون بضم الحاء والباء، وبالنون، واحدها حِبْن بكسر الحاء، وإسكان الباء (5)، والله أعلم. قوله وفي الدماميل والقروح: "وما لا يدوم غالباً يلحق بدم الأجنبي" (6) ولم يذكر حكم دم الأجنبي مطلقاً، وإنما ذكر حكم دم البثرات من الأجنبي خاصة، وعليه أحال (7). هذا وحكم دم الأجنبي مطلقاً: أن الكثير لا يعفى عنه (8)، وفي القليل خلاف قيل: وجهان، والصحيح المشهور قولان: أحدهما نصُّه في "الإملاء" (9): أنه لا يعفى عنه كسائر النجاسات. والثاني - وهو   (1) هو الحافظ أبو أحمد عبد الله بن عدي بن عبد الله الجرجاني، الإمام الناقد، الجوَّال، له كتاب الكامل في الجرح والتعديل، وقال الذهبي: "بلغني أنه صنف كتاباً سماه الانتصار على أبواب المختصر للمزني"، توفي سنة 365 هـ. انظر ترجمته في: السير 16/ 154، طبقات السبكي 3/ 315، البداية والنهاية 11/ 302، طبقات الحفاظ ص: 380. (2) قوله: (تفرد به ... أن يكون) سقط من (أ). (3) سقط من (أ). (4) الكامل في ضعفاء الرجال 2/ 507. (5) وهي خراج كالدُّمَّل. انظر: الصحاح 5/ 2096، النهاية في غريب الحديث والأثر 1/ 335، القاموس المحيط 4/ 198. (6) الوسيط 2/ 643. (7) قال الغزالي - في حكم دم البثرات -: "وإن أصابه من بدن غيره فوجهان: أصحهما: المنع - أي منع العفو -؛ لإمكان الاحتراز". الوسيط 2/ 642. (8) لا يعفى عنه: سقط من (ب). (9) انظر النقل عنه في: معرفة السنن والآثار 2/ 228، المهذب 1/ 60. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 164 نصُّه في "الأم" (1)، والقديم (2) -: أنه يعفى عنه؛ لأن جنس الدم محل للعفو على الجملة، وهو مما يتسامح فيه الناس، وهذا الأصح عند العراقيين (3)، وصاحب "التهذيب" (4). والأول أصح عند إمام الحرمين (5) في آخرين (6). ثم في ضبط القليل على القديم قولان: أحدهما: قدر الدينار فما دونه. والثاني: ما دون الكفِّ (7). وأما على الجديد فقيل: هو القدر الذي يتعافاه الناس في العادة، وقيل: هو الذي لا يظهر للناظر إلا بتأمل وتطلُّب (8)، والله أعلم. قوله عن صاحب "التلخيص" في وقوع الغسل على منتصف النجاسة من الثوب: "إذا غسل النصف (الثاني ينعكس أثر النجاسة على النصف) (9) الأول لاتصاله به" (10) هذا مشكل من حيث كونه يوهم أن سريان النجاسة وانعكاسها مختص   (1) 1/ 124. (2) انظر النقل عن القديم في: فتح العزيز 4/ 62. ونقل الشيرازي عن القديم أنه يعفى عما دون الكف، ولا يعفى عن الكف. المهذب 1/ 60، وكذا نقله الشاشي في حلية العلماء 2/ 49، والبغوي في التهذيب ص: 557 - 558. (3) انظر: المهذَّب 1/ 60، فتح العزيز 4/ 62. (4) انظر: التهذيب ص: 557. (5) انظر: نهاية المطلب 2/ ل 111/ أ. (6) كالقاضي حسين في التعليقة 2/ 921، والرافعي في فتح العزيز 4/ 62. (7) انظر: التعليقة للقاضي حسين 2/ 921 - 922، التهذيب ص: 557 - 558. (8) في (أ): وطلب. وانظر فتح العزيز 4/ 52 - 53، المجموع 3/ 134. (9) ما بين القوسين زيادة من (أ) و (ب). (10) الوسيط 2/ 643 - 644. وقبله: ولو أشكل محل النجاسة فغسل نصفه، ثم غسل نصفه الثاني، قال صاحب التلخيص: لم يطهر؛ لاحتمال أن تكون النجاسة على وسط الثوب، فإذا غسل النصف الثاني ... إلخ. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 165 بالنصف المغسول ثانياً، وليس كذلك (فإنه شامل للنصفين) (1)؛ فإنه إذا غسل نصفاً أولًا تنجس بالسراية من النصف الآخر الذي لم يغسله، ثم إذا غسل النصف الذي بقي تنجس أيضاً بالسراية من الأول المتنجس بعد غسله إليه، فإذاً المراد بقوله "الثاني" الآخر لا الأخير. وليس ما قطع به من قول ابن القاص مقطوعاً به؛ فقد خولف فيه (2). والقول بتنجيس المتصل بالمغسول متجه، فلو عاد فغسله (3) موضع النجاسة وبعض الغسل، ثم عاد فغسل الطرفين الواقعين في منتهى الغسلين أجزأ ذلك (4). أما القول بنجاسة المتصل بالمتصل وهلمَّ جرّا طرداً لقاعدة السراية فباطل بما (5) عرف في الفأرة الواقعة في السمن غير المائع (6)، وباطل بالنجاسة تقع في فضاء أفيح (7) من الأرض ممطور (8)، والله أعلم. قوله: "لو ألقى طرف عمامته على نجاسة بطلت صلاته سواء كان ذلك الطرف يتحرك بحركته أو لم يتحرك" (9) ليس المراد بهذا مطلق الحركة، وإنما المراد به   (1) ما بين القوسين زيادة من (أ) و (ب). (2) انظر: الإبانة ل 37/ أ، فتح العزيز 4/ 17، روضة الطالبين 1/ 379. (3) في (ب): فغسله قوله، وكأنها مقحمة. (4) سقط من (ب). (5) في (د): فيما، وفي (أ): مما، والمثبت من (ب). (6) روى البخاري في صحيحه عن ميمونة رضي الله عنها قالت: (سئل النبي - صلى الله عليه وسلم - عن فأرة سقطت في سمن فقال: ألقوها وما حولها، وكلوه). انظر صحيحه - مع الفتح - كتاب الذبائح والصيد، باب إذا وقعت الفأرة في السمن الجامد أو الذائب 9/ 585 رقم (5540). (7) أفيح بمعنى واسع. انظر: القاموس المحيط 1/ 331، المصباح المنير ص: 185. (8) فقد دلَّ هذان المثالان على أن النجاسة الواقعة في الجامد لا تتعدى من محل إلى محل. وانظر التعليقة للقاضي حسين 2/ 927. (9) الوسيط 2/ 644. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 166 حركة المصلي في انخفاضه وارتفاعه (1). وما ذكره من التسوية بين أن يتحرك، وأن لا يتحرك قد ذكره شيخه (2)، وغيره (3)، وقد سبق قوله: "لو سجد على طرف كمه الذي يتحرك بحركته لم يجز" (4) فخصَّ التحرك في هذا، ولم يسوِّ، وهكذا ذكر ذلك شيخه (5) مصرِّحاً بالفرق بينهما في فصل السجود، واعداً (6) بأنّه سيوضح المعنى الفارق بينهما إذا انتهى إلى ما (7) ههنا، ثم لما انتهى إلى ما ههنا أغفل ذكره، ولعل الفارق بينهما (8): أن المعتبر في السجود أن يضع جبهته على قرار؛ للأمر الوارد بتمكينها من الأرض (9)، وإنما يخرج ذلك عن كونه قراراً بأن يكون بحيث يتحرك بحركته. وأما ههنا فالمعتبر أن لا يكون شيء مما ينتسب (10) إليه لُبساً ملاقياً نجاسة؛ لقوله (11) تبارك وتعالى {وَثِيَابَكَ فَطَهِّرْ} (12)،   (1) انظر: فتح العزيز 3/ 22، روضة الطالبين 1/ 380. (2) انظر: نهاية المطلب 2/ ل 128/ ب. (3) كالقاضي حسين في التعليقة 2/ 952، والشيرازي في المهذب 1/ 61. (4) الوسيط 2/ 626. (5) انظر: نهاية المطلب 2/ ل 47/ أ. (6) في (د): قاعداً، وهو خطأ، والمثبت من (أ) و (ب). (7) سقط من (ب). (8) الفارق بينهما: سقط من (أ). (9) روى عبد الرزاق في مصنفه 5/ 15، وابن حبان في صحيحه - انظر الإحسان 5/ 205 رقم (1887) -، والطبراني في الكبير 12/ 425 رقم (13566) عن ابن عمر رضي الله عنهما أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: (إذا سجدت فمكِّن جبهتك من الأرض، ولا تنقر نقراً). قال النووي: "غريب ضعيف". المجموع 3/ 422، وانظر: التلخيص الحبير 3/ 451. (10) في (أ) و (ب): ينسب. (11) في (أ): كقوله. (12) سورة المدثر الآية (4). الجزء: 2 ¦ الصفحة: 167 وطرف عمامته وإن طال منسوب إلى لبسه له كطرف ذيله الذي طال بحيث لا يتحرك بحركته (1)، والله أعلم. و (2) الخلاف الذي ذكره فيما إذا كان الطرف الملاقي للنجاسة بيده، تخصيصه إياه بما إذا كان ذلك (3) الطرف لا يتحرك بحركته دون المتحرك (4) لم نجده لشيخه (5)، ومن تلقاه عنه، والله أعلم. قوله فيما إذا كان طرف الحبل الذي بيده على عنق كلب: "إن كان قريباً بحيث لو لم يتعلق بالكلب لكان هو حامله فوجهان مرتبان. وأولى بالمنع" (6) هذا قد يخفى تصويره من حيث إن الوجهين المرتب عليهما قد خصصهما بما إذا كان الطرف لا يتحرك بحركته، وذلك يستدعي أن يكون الطرف الذي على عنق الكلب لا يتحرك بحركة المصلي مع كونه قريباً منه، فلنفرضه فيما إذا كان في رأس ذلك الطرف شيء ثقيل يمنعه من التحرك بحركته، والله أعلم.   (1) انظر: فتح العزيز 4/ 22، المجموع 3/ 148. (2) سقط من (أ) و (ب). (3) سقط من (أ). (4) قال الغزالي: "ولو قبض على حبل أو طرف عمامة فإن كان يتحرك الملاقي للنجاسة بحركته بطلت صلاته، وإلا فوجهان؛ لأنه لا ينسب إليه لبساً بخلاف العمامة". أهـ الوسيط 2/ 644. (5) كذا في جميع النسخ، وهو لا يستقيم إلا بزيادة حرف الاستثناء (إلا) قبل قوله "لشيخه ... إلخ"؛ لأن هذا الخلاف إنما حكاه إمام الحرمين ثم من تلقَّاه عنه. انظر: نهاية المطلب 2/ ل 129/ أ، وراجع: فتح العزيز 4/ 25، التنقيح ل 114/ ب. (6) الوسيط 2/ 644. وقبله: ولو كان طرف الحبل على عنق كلب فهو كما إذا كان على نجاسة وإن بعد منه، وإن كان قريباً ... إلخ. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 168 ما ذكره من تخصيص وجوب نزع (1) العظم النجس المجبور به عند خوف الهلاك: بما إذا لم يستتر العظم باللحم (2)، هو مذهب أبي حنيفة (3)، واختيار شيخه إمام الحرمين (4)، ووجهٌ لبعض من تقدمه من الأصحاب (5)، وهو مطرد فيما إذا لم يخف الهلاك، وأكثر الأصحاب على خلافه، وأنه لا فرق حيث وجب النزع بين أن يستتر العظم باللحم أو لا يستتر؛ لأنها نجاسة أجنبية حصلت في غير معدنها (6)، والله أعلم. قوله - صلى الله عليه وسلم -: (لعن الله (7) الواصلة، والمستوصلة، والواشمة، والمستوشمة) (8) ثابت في "الصحيحين" (9) من رواية ابن عمر رضي الله عنهما، وغيره (10). وأما   (1) في (ب): النزع. (2) في (د): اللحم بالعظم، والمثبت من (أ) و (ب). وانظر الوسيط 2/ 645. (3) انظر: مختصر الطحاوي ص: 17، رؤوس المسائل لأبي القاسم الزمخشري ص: 171، حاشية ابن عابدين 1/ 539. (3) انظر: نهاية المطلب 2/ ل 121/ أ. (4) انظر: نهاية المطلب 2/ ل 121/ أ. (5) في (ب): لبعض الأصحاب ممن تقدمه. والمؤدى واحد. وكذا حكاه الرافعي في فتح العزيز 4/ 27. (6) انظر: الحاوي 2/ 255، التعليقة للقاضي حسين 2/ 940، الإبانة ل 36/ أ، المجموع 3/ 138. (7) سقط من (ب). (8) قال الغزالي: "المسألة الثانية: في وصل الشعر: وقد قال - صلى الله عليه وسلم -: ... الحديث -وبعده - والوشر تحديد أطراف الأسنان. والوشم: نقز الأطراف بالحديدة وتسويدها". أهـ الوسيط 2/ 645 - 646. (9) انظر: صحيح البخاري - مع الفتح - كتاب اللباس، باب وصل الشعر 10/ 387 رقم (5937)، وصحيح مسلم - مع النووي - كتاب اللباس والزينة، باب تحريم فعل الواصلة، والمستوصلة، والواشمة، والمستوشمة 14/ 15. (10) كعائشة، وأسماء، وعبد الله بن مسعود في الصحيحين الموضع السابق، وأبي هريرة عند البخاري وحده الموضع السابق. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 169 قوله "والواشرة والمستوشرة" فزيادة ليست في روايات هذا الحديث الصحيحة، وذكرها فيه أبو عبيد في كتابه "في غريب الحديث" (1) بغير إسناد، ولم أجد لها ثبتاً بعد البحث الشديد، غير أن أبا داود، والنسائي رويا في حديث آخر عن أبي ريحانة الأزدي (2) عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - (أنه نهى عن الوشر والوشم) (3)، والله أعلم. قوله: "فإن كان شعر أجنبية ليست من ذوات المحارم فيحرم" (4) كأنه عنى بالأجنبية ههنا التي ليست بزوجة لزوج الواصلة، ولا أمة له (5). ثم لا يخفى أن في بعض ما خصَّ به بعض الأقسام المذكورة من التعليل ما يشاركه فيه غيره من الأقسام (6)، والله أعلم.   (1) انظره 1/ 166، وراجع: تذكرة الأخيار ل 69/ أ. (2) هو شمعون بن زيد أبو ريحانة الأزدي، حليف الأنصار، ويقال: مولى رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، الصحابة، شهد فتح دمشق، وقدم مصر، وسكن بيت المقدس، روى حديثه أبو داود، والنسائي، وابن ماجه. انظر ترجمته في: الاستيعاب 5/ 93، أسد الغابة 2/ 529، الإصابة 5/ 86، تقريب التهذيب ص: 268. (3) انظر: سنن أبي داود كتاب اللباس، باب من كرهه - أي لبس الحرير - 4/ 325 رقم (4049)، وسنن النسائي كتاب الزينة، باب تحريم الوشر 8/ 527 رقم (5125) ورواه أحمد في المسند 1/ 415 عن ابن مسعود، وقد حكم ابن الملقن بثبوت زيادة الوشر. انظر: تذكرة الأخيار ل 69/ أ، وقد حكم الألباني على الحديث بالضعف انظر: ضعيف سنن أبي داود ص: 401 رقم (875) وضعيف سنن النسائي ص: 223 رقم (380). وراجع التلخيص الحبير 4/ 30. (4) الوسيط 2/ 646. (5) انظر: فتح العزيز 4/ 32، روضة الطالبين 1/ 381. (6) انظر: الوسيط 2/ 646 - 647. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 170 قوله - صلى الله عليه وسلم -: (المتشبِّع بما لم يعط كلابس ثوبي زور) (1) حديث صحيح يروى من حديث عائشة (2)، وأسماء (3) ابنتي الصديق، وغيرهما (4) رضي الله عنهم. ومن أحسن ما قيل في تفسير قوله (كلابس ثوبي زور) وجهان - أنا أحررهما - أحدهما (5): أن معناه: المتشبع بما لم يعط كالكاذب المتعاطي قول الزور، والعرب تكني بالثوب عن الصفة والحال، فيقولون: لبس فلان ثوب كذا وكذا، أي اتصف بكذا وكذا، وتثنية الثوب من أجل أن الحلة ثوبان، وهي أقل ما (6) يتجمل به العربي. الثاني: أن أحدهم كان إذا نهض ليشهد بشهادة زور لبس ثوبي جماله؛ ليلحظ ويراعى، فتقبل شهادته، فأضيف الزور إلى الثوبين لذلك، وكنى بلبسهما عن شهادة الزور (7)، والله أعلم.   (1) الوسيط 2/ 646. وقبله: وإن كان شعر بهيمة - أي الموصول به - فإن لم تكن ذات زوج فهي متعرضة للتهمة فيحرم عليها، وإن كانت ذات زوج حَرُم للخداع، ولقوله - عليه السلام -: المتشبع ... الحديث. (2) رواه عنها مسلم في صحيحه - مع النووى - كتاب اللباس والزينة، باب النهي عن التزوير في اللباس وغيره 14/ 110. (3) رواه عنها الشيخان، انظر: صحيح البخاري - مع الفتح - كتاب النكاح، باب المتشبع بما لم ينل، وما ينهى من افتخار الضرة 9/ 228 رقم (5219)، وصحيح مسلم الموضع السابق. (4) قال السخاوي في المقاصد الحسنة ص: 407 - بعد أن ساق حديث أسماء باللفظ المذكور -: "ورواه العسكري من حديث أيوب بن سويد عن الأوزاعي عن محمَّد بن المنكدر عن جابر مرفوعاً بلفظ: من تحلى بباطل كان كلابس ثوبي زور. ومن حديث ابن جريج عن صالح مولى التوأمة عن أبي هريرة مرفوعاً باللفظ الثاني، وفي الباب أيضاً عن سفيان الثقفي، وعائشة". أهـ (5) سقط من (ب). (6) في (د): مما، والمثبت من (أ) و (ب). (7) انظر: معالم السنن 5/ 270، شرح النووي على مسلم 14/ 110 - 111، فتح الباري 9/ 228 - 229. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 171 قوله: "إذ لا معنى للتحريم إلا بسبب التزوير" (1) يعني في هذه الصورة، وإلا فللتحريم معانٍ وأسباب غير ذلك سبقت (2)، والله أعلم. أما قوله: "وفي إلحاق تحمير الوجنة بوصل الشعر تردد للصيدلاني" (3) ففي كلام الصيدلاني خلاف ما حكاه؛ إذ ذكر في طريقته أن تحمير الوجنة (4) كوصل الشعر الطاهر في التفصيل المذكور، والفرق بين أن تكون ذات زوج لم يأذن فلا يجوز، (و) (5) بين أن يكون يأذن الزوج فيجري فيه الوجهان (6). واستبعد إمام الحرمين طرد هذا الخلاف فيما إذا أذن الزوج، ورأى القطع بالجواز (7)، والله أعلم. قوله: "ويتصل بمكان الصلاة نهي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن الصلاة في سبعة مواطن: المزبلة، والمجزرة، وقارعة الطريق، وبطن الوادي، والحمام، وظهر   (1) الوسيط 2/ 647. وقبله: وإن كان بإذن الزوج فوجهان: أحدهما: المنع؛ لعموم الحديث، ولأن ذلك تصرف في الخلقة بالتغيير. والثاني: الجواز، وهو القياس؛ إذ لا معنى ... إلخ. (2) انظر: الوسيط 2/ 646. فقد ذكر من أسباب تحريم وصل الشعر: كونه نجساً، وكونه شعر امرأة أجنبية، وكونه شعر رجل، والتعرض للتهمة، والخداع ... إلخ (3) الوسيط 2/ 647. (4) الوجنة من الإنسان: ما ارتفع من لحم خدِّه، والأشهر فتح الواو، وحُكي التثليث. انظر: المصباح المنير ص: 248. (5) زيادة من (أ) و (ب). (6) انظر نقل طريقة الصيدلاني هذه في: نهاية المطلب 2/ ل 122/ ب - ل 123/ أ، فتح العزيز 4/ 33. وطريقته هي طريقة القاضي حسين كما في التعليقة 2/ 942. (7) انظر: نهاية المطلب 2/ ل 123/ ب. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 172 الكعبة، وأعطان الإبل" (1) هكذا أورده شيخه (2)، وحكم بأنّه حديث صحيح، وليس ذلك بصحيح (3) عند أهل الحديث، وقد أخرجه الترمذي (4)، وابن ماجه (5) عن ابن عمر، وفي رواية للترمذي عن عمر - رضي الله عنه - عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - (6). وقال: "إسناده ليس بذاك (7) القويِّ" (8). قوله (9) "وبطن الوادي" ليس منه، وإنما فيه "المقبرة" بدلًا منه. وقد عُلل النهي عن الصلاة في بطن الوادي باختلال الخشوع فيه، خوفاً من سيل هاجم، فلو لم يخف سيل فلا نهي (10). وهذا النهي لم أجد له ثبتاً، ولا وجدت له ذكراً في كتب من يرجع إليهم في مثل ذلك، كيف والمسجد الحرام إنما هو في بطن وادٍ، وكثيراً ما هجمت السيول   (1) الوسيط 2/ 648. (2) انظر: نهاية المطلب 2/ ل 131/ ب. (3) في (ب): بحديث صحيح. (4) في جامعه أبواب الصلاة، باب ما جاء في كراهية ما يصلى إليه وفيه 2/ 177 رقم (346). (5) في سننه كتاب المساجد والجماعات، باب المواضع التي تكره فيها الصلاة 1/ 246 رقم (746)، وقد ذكرا (المقبرة) بدلًا عن (بطن الوادي) قال الحافظ ابن حجر: "وهي زيادة باطلة لا تعرف". أهـ التلخيص الحبير 3/ 222، والحديث ضعفه النووي في المجموع 3/ 151، 198، وروضة الطالبين 1/ 383. (6) انظر جامع الترمذي 2/ 179. (7) في (أ): بذلك. (8) قال هذا في حديث ابن عمر، وقال عن حديث عمر: "وحديث داود عن نافع عن ابن عمر عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أشبه وأصح من حديث الليث بن سعد - أي حديث عمر -". جامع الترمذي 2/ 179. (9) في (أ) و (ب): وقوله. (10) انظر: فتح العزيز 4/ 37، روضة الطالبين 1/ 383. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 173 عليه على غفلة. والذي ذكره الشافعي - رضي الله عنه - في ذلك إنما هو وادٍ خاص (1)، وهو الذي (2) نام رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فيه ومن معه عن الصلاة حتى فاتت، فكره أن يصلي فيه، وقال: (اخرجوا بنا من هذا الوادي؛ فإن فيه شيطاناً). رواه أبو هريرة (3)، والله أعلم. أعطان الإبل: واحدها عطن بالعين والطاء المفتوحتين المهملتين (4). قوله (5) في تفسيره: "الإبل تزدحم في المنهل ذوداً ذوداً حتى إذا شربت استيقت فلا يؤمن من (6) نفارها في ذلك الموضع" (7) أما المنهل فهو ههنا (8) عبارة عن الماء الذي يورد إذا كان على طريق (9)، وكل ماء على غير طريق لا يسمى منهلًا، وتسمى أيضاً المنازل التي تنزلها السفارة على الطرق (10) التي يكون فيها الماء مناهل (11).   (1) انظر: الأم 1/ 189. (2) سقط من (ب). (3) أخرجه عنه مسلم في صحيحه - مع النووى - كتاب المساجد، باب قضاء الفائتة، واستحباب تعجيله 5/ 183. (4) انظر: الصحاح 6/ 2165، القاموس المحيط 4/ 246. وهما: مبرك الإبل حول الماء. انظر: النهاية في غريب الحديث والأثر 3/ 258. (5) في (أ) و (ب): وقوله. (6) سقط من (أ). وهي غير موجودة في المتن. (7) الوسيط 2/ 649. (8) في (أ): ههنا فهو، بالتقديم والتأخير. (9) في (ب): الطريق. (10) في (أ): الطريق. (11) انظر: الصحاح 3/ 631، 5/ 1837. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 174 والذود من الإبل ما بين الثلاث إلى العشر (1) هذا قول الأصمعي (2)، وأما قول أبي عبيد إن الذود ما بين الاثنين إلى التسع، ويختص بالإناث دون الذكور (3)، فلا يفسَّر به المذكور في الكتاب؛ لأنه عام للذكور والإناث. قوله (4) "استيقت" هو بتاء مثناة من فوق مكسورة، ثم ياء مثناة من تحت ساكنة أي سيقت فعل ما لم يسم فاعله، يقال: ساقها، واستاقها فاعلمه فإنه يصحف. ثم إن كلامه فيه نقص، وإتمامه بأن يقول: ذوداً ذوداً كلما شرب ذود يجيء إلى موضع حتى إذا شربت الأذواد كلها ساقوها، فذلك الموضع هو العطن. وقد أفصح شيخه (5)، وغيره (6) عن ذلك، وذكر الأزهري الإمام في علم (7) اللغة في صفة العطن: "أن الإبل تجيء إليه إذا شربت الشربة الأولى، وتترك فيه حتى تعاد إلى الماء وتشرب شربة ثانية، ثم تساق، وهذا إنما يفعل في الصيف" (8)، والله أعلم. قوله: "قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في الإبل: إنها جنٌّ خلقت من جنٍّ ... إلى آخره" (9) هذا رواه الشافعي - رضي الله عنه - (10) عن إبراهيم بن أبي يحيى في حديث عبد الله بن مُغَفَّل   (1) في (أ): العشرة، وهو لا يصح؛ لأن لفظ الذود مؤنث. (2) انظر النقل عنه في: تاج العروس 2/ 347. (3) لم أقف عليه في كتابه غريب الحديث بعد البحث، والنقل عنه في النهاية في غريب الحديث والأثر لابن الأثير 2/ 171. (4) في (أ) و (ب): وقوله. (5) انظر: نهاية المطلب 2/ ل 131/ ب. (6) وقد ذكره الشافعي في الأم 1/ 189، ومختصر المزني ص: 23، وذكره الماوردي في الحاوي 2/ 269. (7) سقط من (ب). (8) انظر: الزاهر في غريب ألفاظ الشافعي ص: 71. (9) الوسيط 2/ 649. (10) انظر: الأم 1/ 188، المسند ص: 360. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 175 المزني في أمره - صلى الله عليه وسلم - بالصلاة في مراح الغنم، والنهي عنها في أعطان الإبل، وابن أبي يحيى وإن كان ضعيفاً (1)، فقد روينا ذلك في كتاب "السنن الكبير" (2) بمعناه بإسناد جيِّد عن عبد الله بن مُغَفَّل المزني قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: (صلوا في مرابض الغنم، ولا تصلوا في أعطان الإبل؛ فإنها خلقت من الشياطين) وأخرج أبو داود في "سننه" (3) نحوه من حديث البراء بن عازب عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -. واسم الشيطان يطلق على كل جنيٍّ كافر (4). قوله في القولين في وجوب إعادة الصلاة على من استصحب النجاسة فيها جاهلًا، أو ناسياً: "منشأ القولين أن الطهارة عنها من قبيل الشرائط فلا يكون الجهل في تركها عذرًا، أو (5) استصحابها من قبيل المناهي فلا يعد الناسي مخالفاً" (6) هذا ربما أوهم أن في النهي عن استصحابها خلافاً، وليس كذلك فلا خلاف أن استصحابها من المناهي (7)، وإنما محل هذا الخلاف: أنه (هل) (8) يضم إلى ذلك   (1) انظر: 2/ 120. (2) في كتاب الصلاة 2/ 629 رقم (4357)، قال النووي: "حديث حسن". المجموع 3/ 160. (3) انظره في كتاب الصلاة، باب النهي عن الصلاة في مبارك الإبل 1/ 331 رقم (493)، والحديث رواه كذلك الترمذي مختصراً في جامعه أبواب الطهارة، باب ما جاء في الوضوء من لحوم الإبل 1/ 122 رقم (81)، وابن ماجه في سننه كتاب الطهارة، باب ما جاء في الوضوء من لحوم الإبل 1/ 166 رقم (494)، والإمام أحمد في المسند 4/ 288، وابن خزيمة في صحيحه 1/ 21 - 22 رقم (32) وقال بعده: "ولم نر خلافاً بين علماء أهل الحديث أن هذا الخبر أيضاً صحيح من جهة النقل؛ لعدالة ناقليه". (4) انظر: القاموس المحيط 4/ 235، المصباح المنير ص: 119. (5) في (د): و، والمثبت من (أ) و (ب)، وهو موافق لمتن الوسيط. (6) الوسيط 2/ 650. (7) انظر: المجموع 3/ 156 - 157. (8) زيادة من (أ) و (ب). الجزء: 2 ¦ الصفحة: 176 كون التطهر منها شرطاً؟ فعلى الجديد يضم ذلك إلى ذلك حتى تفسد الصلاة بانتفاء طهارة الخبث على كل حال كان (1) بعذر أو بغير (2) عذر؛ فإن ذلك شأن الشرط، إذ الشرط عبارة عن أمر وجودي يلزم من انتفائه انتفاء الحكم، مع وجود علته، وسواء في ذلك المعذور وغير المعذور، والمكلف وغير المكلف (3)، كما في الشروط الثابتة في أحكام الصبيان (4) إذ الشرط لا يتلقى من خطاب التكليف، بل من خطاب الوضع والأخبار. ثم إنا نثبت (5) شرطية طهارة الخبث بالقياس على طهارة الحدث؛ لكون النص ورد فيها بصيغة تفيد الاشتراط، وهو قوله - صلى الله عليه وسلم -: (لا يقبل الله صلاة بغير طهور) (6). ودليل القول (7) القديم ما (8) رويناه في "سنن أبي داود" (9)،   (1) سقط من (ب). (2) في (د) و (ب): غير، والمثبت من (أ). (3) انظر: البحر المحيط 1/ 309، شرح الكوكب المنير 1/ 452، فتح العزيز 4/ 71. (4) كتلفظه بالطلاق علامة على نفوذه، وكالحكم في وجوب الحد عليه بالقتل والزنا، وغيره. انظر: الإحكام في أصول الأحكام للآمدي 1/ 152. (5) في (أ): إنما ثبت. (6) رواه مسلم في صحيحه - مع النووي - كتاب الطهارة، باب وجوب الطهارة للصلاة 3/ 102 من حديث ابن عمر رضي الله عنهما ولفظه: (لا تقبل صلاة ... الحديث)، واللفظ المذكور لابن ماجه لكن من حديث أبي بكرة، انظر سنن ابن ماجه كتاب الطهارة، باب لا يقبل الله صلاة بغير طهور 1/ 100 رقم (274). (7) في (ب): ودليل القولي القول، وهي كأنها مقحمة. (8) في (ب): مما. (9) انظره كتاب الصلاة، باب الصلاة في النعل 1/ 426 رقم (650). الجزء: 2 ¦ الصفحة: 177 وغيره (1) عن أبي سعيد الخدري - رضي الله عنه - قال: (بينما رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يصلي بأصحابه إذ خلع نعليه فوضعهما عن يساره، فلما رأى القوم ذلك ألقوا نعالهم، فلما قضى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - صلاته قال: ما حملكم على إلقائكم (2) نعالكم؟ قالوا: رأيناك ألقيت نعليك (3) فألقينا نعالنا، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: إن جبريل - عليه السلام - أتاني فأخبرني أن فيهما قذراً أو قال أذى). وفي رواية: (خبثاً). واختصره صاحب الكتاب بالمعنى، ووقع فيه تغيير كلمة لا على ما يشترط (4) في جواز الرواية بالمعنى، وهو قوله: "إن على نعليك نجاسة" (5) والله أعلم. والجواب للجديد عن هذا الحديث: أن قوله "قذراً، أو أذى، أو خبثاً" يحتمل أن يكون المراد به ما ليس بنجس من المستقذرات كالمخاط وغيره (6)، والله أعلم. قوله: "وأما الحرَّة فجميع بدنها عورة في حق الصلاة إلا الوجه واليدين" (7) فقوله "في حق الصلاة" احتراز عن العورة في حق النظر إليها فإنها تشمل الوجه واليدين، على تفصيل فيه سيأتي إن شاء الله تعالى (8).   (1) وممن رواه كذلك أحمد في المسند 3/ 20، وابن خزيمة في صحيحه 1/ 384 رقم (786)، والحاكم في المستدرك 1/ 260 وقال: "صحيح على شرط مسلم"، ووافقه الذهبي، وقال النووي: "إسناده صحيح". المجموع 3/ 132، 156. (2) في (أ): إلقاء. (3) في (د): نعلك، والمثبت من (أ) و (ب)، وهو موافق للفظ الحديث. (4) في (ب): يشرط. (5) انظر: الوسيط 2/ 650. وفرق بين النجاسة والقذر على ما يأتي عند المؤلف في جواب القول الجديد على هذا الحديث. (6) انظر: التعليقة للقاضي حسين 2/ 923، التهذيب ص: 559، المجموع 3/ 156. (7) الوسيط 2/ 651. وقبله: والنظر في العورة والساتر: أما العورة من الرجل فما بين السرة والركبة، ولا تدخل السرة والركبة فيه على الصحيح. وأما الحرة ... إلخ. (8) وذلك في أول كتاب النكاح. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 178 ذكر أن في عقد الجماعة للعراة قولين: أحدهما: أنها (1) سنة. والثاني: أن تركها أولى (2). هذه المسألة ذات قولين جديد وقديم، والثاني هو القديم، وأما الأول وهو الجديد فقد ذكر صاحب الكتاب فيه أن الجماعة أولى، وهكذا حكاه صاحب "التتمة" (3)، والذي حكاه القاضي حسين (4)، وصاحب "المهذب" (5)، وغيرهما (6) فيه أن الجماعة والانفراد سواء، وهذا النقل هو المعتمد (7)، والله أعلم. قوله: "الشرط الرابع: ترك الكلام" (8) اتبع الفوراني في هذا (9)، وهو أصولي لا يليق به ذلك؛ فإنه قد تقرر في قاعدة أصول الفقه أن هذا وأمثاله من قبيل عدم المانع، لا من قبيل الشروط، وإن تساوى الأمران في توقف الحكم عليهما، فهما متباينان في الحقيقة (10).   (1) في (د) و (أ): أنه، والمثبت من (ب). (2) انظر: الوسيط 2/ 653. (3) لم أقف على النقل عنه فيما بين يدي من مصادر، والله أعلم. (4) انظر: التعليقة 2/ 823. (5) انظر: المهذب 1/ 66. (6) كالشاشي في حلية العلماء 2/ 68. (7) انظر: المجموع 3/ 186. (8) الوسيط 2/ 653. (9) انظر: الإبانة ل 37/ ب. (10) فالشرط ينتفي الحكم بانتفائه، والمانع ينتفي الحكم لوجوده. ووجه توقف الحكم عليهما: أن وجود المانع وانتفاء الشرط سواء في استلزامها انتفاء الحكم، وانتفاء المانع ووجود الشرط سواء في أنهما لا يلزم منهما وجود الحكم ولا عدمه. انظر: البحر المحيط 1/ 310، شرح الكوكب المنير 1/ 460 - 461. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 179 ذكر أن الكلام إن كان مفهماً فالحرف الواحد منه مبطل للصلاة كقوله "ق" و"ع"، وإن لم يكن مفهماً (1) فلا تبطل إلا بتوالي حرفين (2). هذا أولًا فيه إطلاق الكلام على (3) غير المفيد، ومن المشهور أن اسم الكلام مخصوص بالمفيد (4)، لكن هذا اصطلاح النحويين، أما الفقهاء والأصوليون، واللغويون (5) فيطلقون اسم الكلام على المفيد وغير المفيد (6). قوله (7) " ((ق)) و ((ع)) " لا يستعمل إلا موصولًا بهاء السكت "قه" و"عه"، ولكنه بغير هاء السكت مفهم وإن كان لحناً، وإنما (8) اشترطنا حرفين في (9) غير المفهم؛ لأن ما دون الحرفين ليس من جنس الكلام (10)؛ لأن الكلام عبارة عن أصوات (منقطعة) (11) ومنتظمة (12)، إذ ما ليس كذلك فإنه صوت غُفْلٍ كصوت الأخرس، والبهيمة، ولا يتهيأ الانتظام   (1) في (ب): مبطلًا، وهو تصحيف. (2) انظر: الوسيط 2/ 653. (3) سقط من (ب). (4) انظر: أوضح المسالك لابن هشام 1/ 29، شرح ابن عقيل على ألفية ابن مالك 1/ 19. (5) في (ب): الأصوليين واللغويين. (6) انظر: فتح العزيز 4/ 107، روضة الطالبين 1/ 394، شرح ابن عقيل الموضع السابق، شرح الكوكب المنير 1/ 122. (7) في (أ) و (ب): وقوله. (8) في (ب): وإن. (9) في (أ): من. (10) انظر: البسيط 1/ ل 113/ ب. (11) زيادة من (أ) و (ب). (12) سقط من (ب). وانظر تعريف الكلام في: المصباح المنير ص: 206. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 180 بأقل من حرفين، وأما الحرف الواحد المفهم فإنه لمَّا أفاد معنى - والإفادة هي المقصود (1) من الكلام - ألحقناه بالحرفين في ذلك، بل هو أولى والله أعلم. الصوت الغُفْل: بضم الغين المعجمة، وإسكان الفاء هو العاطل (2) الذي لا تقطيع فيه، من قولهم: أرض غفل أي لا علم بها، ولا أثر عمارة (3)، والله أعلم (4). قوله: "وهل تبطل بحرف واحد بعده مدَّة؟ فيه تردد" (5) هذا (6) التردد هو للشيخ أبي محمَّد الجويني حكاه عنه ولده إمام الحرمين (7)، وصورته فيما نقله: فيما (8) إذا أتى بحرف وتبعه بصوت غُفل، ثم ذكر أن (9) عنده أن هذا (10) التردد من شيخه لم يقع فيما إذا كان الصوت الغفل مدَّة؛ لكون المدَّات تكون ألفاً، أو واواً، أو ياء (11). وهي وإن كانت إشباعاً للحركات الثلاث فهي معدودة حروفاً   (1) في (أ): المقصودة. (2) العاطل: الخالي المفرغ، من قولهم: عطلت المرأة عطلًا إذا لم يكن عليها حلي، فهي عاطل وعُطُل. انظر: القاموس المحيط 3/ 574، المصباح المنير ص: 158. (3) انظر: الصحاح 5/ 1783، القاموس المحيط 3/ 584. (4) قوله: (الصوت الغفل ... والله أعلم) سقط من (ب). (5) الوسيط 2/ 653. (6) في (ب): وهذا. (7) انظر: نهاية المطلب 2/ ل 63/ أ. (8) في (ب): ما. (9) في (د): أن ذلك، وكأن (ذلك) ههنا مقحمة، والمثبت من (أ) و (ب). (10) أن هذا: سقط من (ب). (11) أو ياء: سقط من (ب). الجزء: 2 ¦ الصفحة: 181 وإنما تردد شيخه في صوت غفل بعد حرف ليس مدَّة وإشباعاً لإحدى الحركات الثلاث، فغيَّر صاحب الكتاب صورة ذلك فيه دون "البسيط" (1)، وأجرى التردد فيما إذا كان ذلك مدَّة، وهو خلاف النقل، وبعيد من حيث المعنى، فإن كان قد صار إلى عدم (2) الإبطال فيه صائر (3) فهو يتوجه بأن إشباع الحركة في حكم الحركة لا يعد حرفاً ثانياً، والله أعلم. ذو اليدين (4) اسمه خِرْباق بخاء معجمة مكسورة، ثم راء ساكنة، ثم باء موحدة، ثم ألف، ثم قاف. لُقِّب ذا اليدين لطول كان في يديه، وهو من بني سليم (5) وحديثه ثابت في "الصحيحين" (6)، والحديث حديث أبي هريرة وفيه ذكر ذي اليدين، واختصاره: (أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - صلى الظهر أو العصر فسلَّم من ركعتين، ثم قام إلى خشبة في مقدم المسجد فوضع يده عليها فقال له ذو اليدين: أقصرت الصلاة أم نسيت يا رسول الله؟ فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: أصدق ذو اليدين؟ فقال الناس: نعم. فصلى اثنتين أخريين، ثم سلَّم، ثم سجد).   (1) انظره 1/ ل 113/ ب. (2) إلى عدم: مكررة في (ب). (3) حكاه الرافعي والنووي وجهاً انظر: فتح العزيز 4/ 107، روضة الطالبين 1/ 394. (4) قال الغزالي: "أما أعذار الكلام فخمسة ... الثاني: النسيان: وهو عذر في قليل الكلام لحديث ذي اليدين ... " الوسيط 2/ 654 - 655. (5) هو خرباق بن عمرو، وليس هو ذا الشمالين كما قاله الزهري؛ لأن ذا الشمالين خزاعي وقتل يوم بدر، وذو اليدين سلمي عاش بعد النبي - صلى الله عليه وسلم - زماناً حتى روى المتأخرون من التابعين عنه. انظر ترجمته في: أسد الغابة 2/ 179، تهذيب الأسماء 1/ 185، الإصابة 3/ 87. (6) انظر: صحيح البخاري - مع الفتح - كتاب الصلاة، باب تشبيك الأصابع في المسجد وغيره 2/ 674 رقم (482)، وصحيح مسلم. مع النووي - كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب السهو في الصلاة والسجود له 5/ 67 - 68. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 182 قوله: "الجهل بتحريم الكلام عذر في حق قريب العهد بالإِسلام؛ لأحاديث وردت فيه" (1) ورد في ذلك حديث صحيح خرَّجه مسلم (2)، وهو حديث معاوية بن الحكم السلمي (3) أنه تكلم في صلاته خلف رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وهو حديث عهد بجاهلية، فلما انصرف رسول الله - صلى الله عليه وسلم - دعاه فأعلمه بأن الصلاة لا يصلح فيها شيء من كلام الناس (4). ولم يذكر أنه - صلى الله عليه وسلم - أمره بالإعادة، وأما أحاديث فمن لنا بها!، والله أعلم. قوله: "ولو التفَّت (5) لسانه بكلمة بدرت منه فهذا عذر، وأبو حنيفة يوافق عليه؛ لأنه لا (6) يزيد على سبق الحدث" (7) ليس هذا تعليلًا لحكم المسألة، وإنما هو تعليل لما ادَّعاه من غير نقل وإن عنده من موافقة أبي حنيفة، أي ليس يخالف في ذلك وإن خالف في الناسي وقال: ببطلان صلاته (8)، لكون (9) سبق   (1) الوسيط 2/ 655. (2) انظر: صحيحه - مع النووى - كتاب المساجد، باب تحريم الكلام في الصلاة 5/ 20. (3) معاوية بن الحكم السلمي من مسلمة الفتح، كان يسكن في بني سليم وينزل المدينة، وقيل: سكن المدينة، يعد في أهل الحجاز، روى حديثه مسلم. انظر ترجمته في: الاستيعاب 10/ 131، أسد الغابة 5/ 207، تهذيب الأسماء 2/ 102، الإصابة 9/ 229، تقريب التهذيب ص: 537. (4) في (ب): الآدميين. (5) في (أ) و (ب): التفَّ، والموجود في المتن: انفلت. والتفَّت بمعنى اختلطت. وانفلت بمعنى خرج بسرعة. انظر: المصباح المنير ص: 182، 212. (6) سقط من (ب). (7) الوسيط 2/ 656. (8) انظر قول أبي حنيفة في: بدائع الصنائع 1/ 233، الدر المختار، وحاشية ابن عابدين عليه 2/ 371. (9) في (ب): لكن. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 183 اللسان شبيهاً بسبق الحدث وسبق الحدث عنده غير مبطل للصلاة (1)، والله أعلم. ما ذكره من حديث ابن عباس رضي الله عنهما في إدارة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في صلاته (2) إياه من يساره إلى يمينه (3) مخرَّج في "الصحيحين" (4) بروايات. حديث أبي بكرة في ركوعه خلف الصف، ثم مشيه إلى الصف (5)، ثابت (6) أخرجه البخاري (7)، وأبو داود (8)، والنسائي (9). وقوله: "ثم (10) خطا خطوة" (11) كأنه ذكره بالمعنى؛ فإن ما في رواية أبي داود من أنه مشى إلى الصف يتضمن ذلك؛ فإن أقل المشي خطوة.   (1) انظر: بدائع الصنائع 1/ 220، حاشية ابن عابدين 2/ 351. (2) في صلاته: سقط من (ب). (3) انظر: الوسيط 2/ 657. وقبله: وأما الفعل القليل فإن كان من جنس الصلاة كالركوع، أو القيام فهو مبطل، وإن لم يكن من جنسها فلا لما روي أنه - عليه السلام - ... ثم ساق حديث ابن عباس. (4) انظر: صحيح البخاري - مع الفتح - كتاب الأذان، باب إذا قام الرجل عن يسار الإمام فحوَّله الإمام إلى يمينه لم تفسد صلاتهما 2/ 224 رقم (698)، وصحيح مسلم - مع النووي - كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب صلاة النبي - صلى الله عليه وسلم - ودعائه بالليل 6/ 44. (5) انظر: الوسيط 2/ 657 ذكره الغزالي بعد حديث ابن عباس السابق. (6) في (أ): ثابت في الصحيحين، وهي مقحمة هنا، بدليل قوله: أخرجه البخاري ... ولم يذكر مسلماً. (7) انظر صحيحه - مع الفتح - كتاب الأذان، باب إذا ركع دون الصف 2/ 312 رقم (783). (8) انظر سننه كتاب الصلاة، باب الرجل يركع دون الصف 1/ 440 رقم (683، 684). (9) انظر سننه كتاب الإمامة، باب الركوع دون الصف 2/ 454 رقم (780). (10) سقط من (ب). (11) الوسيط 2/ 657. وذكرها الغزالي في سياقه لحديث أبي بكرة. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 184 ذكر أنه - صلى الله عليه وسلم - قال: (إذا مرَّ المار بين يدي أحدكم فليدفعه، فإن أبى فليدفعه (1)، فإن أبى فليقاتله؛ فإنه شيطان) (2) هذا حديث صحيح (3) أخرجه مسلم (4) من رواية ابن عمر - رضي الله عنهما -، وأخرجاه (5) من رواية أبي سعيد الخدري أيضاً، ولكن ليس في أكثر رواياتنا قوله ثانياً (فإن أبى فليدفعه) (6). وقوله (فإنه (7) شيطان) الصحيح أن معناه: فإن معه شيطاناً؛ بدلالة رواية ابن عمر: (فإن معه القرين) (8)، والله أعلم. قوله: "وهذا الدفع ليس بواجب، والمرور ليس بمحظور، ولكنه مكروه" (9) هذا أنكره عليه الشيخ أبو الفتوح العجلي الأصبهاني، وذكر أنه سهو منه، وأن   (1) فإن أبى فليدفعه: سقط من (أ). (2) الوسيط 2/ 657 - 658. وذكره المصنف بعد حديث أبي بكرة السابق. (3) سقط من (ب). (4) في صحيحه - مع النووى - كتاب الصلاة، باب سترة المصلي 4/ 224. ولفظه في آخره: فإن معه قرين. (5) انظر: صحيح البخاري - مع الفتح - كتاب الصلاة، باب يرد المصلي من مرَّ بين يديه 1/ 693 رقم (509)، وصحيح مسلم الموضع السابق. ولفظه في آخره: فإنما هو شيطان. (6) جاء في رواية للبخاري: (فليمنعه، فإن أبى فليمنعه، فإن أبى فليقاتله ... الحديث) انظر: صحيح البخاري - مع الفتح - كتاب بدء الخلق، باب صفة إبليس وجنوده 6/ 386 رقم (3274). (7) في (أ): إنه، وفي (ب): إنما هو. (8) انظر: تذكرة الأخيار ل 71/ ب، فتح الباري 1/ 695. (9) الوسيط 2/ 658. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 185 المرور حرام (1). وأن صاحب "التهذيب" قال: "لا يجوز المرور" (2). و (3) ما قاله هو الصحيح؛ لأن في "صحيح البخاري" (4): (لو يعلم المارُّ (بين يدي المصلي) (5) ما عليه من الإثم). قلت: وغير صاحب "التهذيب" قال مثل ما (6) قاله (7)، وحديث: لو يعلم المارُّ ... متفق على صحته أخرجه البخاري (8)، ومسلم (9) عن أبي جهيم (10) الخزرجي عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: (لو يعلم المارُّ بين يدي المصلي   (1) لم أقف على قوله هذا فيما بين يدي من مصادر، والله أعلم. (2) انظر: التهذيب ص: 517. (3) سقط من (أ). (4) انظره - مع الفتح - كتاب الصلاة، باب إثم المار بين يدي المصلي 1/ 696 رقم (510) لكن بدون قوله: "من الإثم" قال الحافظ ابن حجر: "زاد الكشميهني "من الإثم" وليست هذه الزيادة في شيء من الروايات عند غيره، والحديث في الموطأ بدونها". أهـ فتح الباري 1/ 696. (5) ما بين القوسين زيادة من (أ). (6) سقط من (ب). (7) كالرافعي في فتح العزيز 4/ 132، وقد نسب النووي القول بالتحريم إلى المحققين انظر المجموع 3/ 249. (8) تقدم قريباً. (9) في صحيحه - مع النووى - كتاب الصلاة، باب بيان سترة المصلي 4/ 224. (10) في (ب): جهم. وهو أبو جهيم ابن الحارث بن الصَّمَّة بن عمرو الأنصاري، قيل: اسمه عبد الله وقد ينسب إلى جده، وقيل: هو عبد الله بن جهيم بن الحارث بن الصِّمَّة، وقيل: اسمه الحارث بن الصِّمَّة، وقيل: هو آخر غيره، صحابي معروف، وهو ابن أخت أبيّ بن كعب، بقي إلى زمان معاوية، روى حديثه الجماعة. انظر ترجمته في: الاستيعاب 11/ 179، أسد الغابة 6/ 59، تهذيب الأسماء 2/ 206، تقريب التهذيب ص: 629. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 186 ماذا عليه لكان أن يقف أربعين خيراً له من أن يمرَّ بين يديه). قال أبو النضر (1) - وهو الذي رواه عنه (2) مالك -: (لا أدري قال: أربعين يوماً، أو شهراً، أو سنةً). وروى البزار فيه (3) في "مسند" (4): (أربعين خريفاً). وليس في الحديث لفظة (5) الإثم تصريحاً، ولكن ترجم البخاري وغيره (6) عليه بباب (7): إثم المارِّ. وسياق الحديث دال على عظم الإثم فيه (8)، والأمر بقتاله دال على ذلك أيضاً. وما قال (9) وإن قاله شيخه (10) فلا ينبغي أن يعرج عليه، وقد قال الروياني (11) - صاحب كتاب "بحر المذهب" -: "له أن يضربه على ذلك وإن أدى إلى قتله"، والله أعلم.   (1) هو سالم بن أبو أمية المدني، مولى عمر بن عبيد الله التيمي، حدَّث عن أنس بن مالك وغيره، قال عنه الحافظ ابن حجر: "ثقة ثبت، وكان يرسل"، روى حديثه الجماعة، توفي سنة 129 هـ. انظر ترجمته في: الجرح والتعديل 4/ 179، السير 6/ 6، تقريب التهذيب ص: 226. (2) سقط من (ب). (3) سقط من (أ). وفيه: أي في لفظ الحديث. (4) انظر: مجمع الزوائد للهيثمي 2/ 202 رقم (2302) وقال بعده: "رواه البزار ورجاله رجال الصحيح". (5) في (د): لفظة ثم الإثم، و (ثم) هنا مقحمة، والمثبت من (أ) و (ب). (6) كالبيهقي في السنن الكبرى 2/ 380. (7) في (أ): باب. (8) سقط من (ب). (9) في (د): وما قاله شيخه ... ، و (شيخه) هنا مقحمة، والمثبت من (أ) و (ب). (10) انظر: نهاية المطلب 2/ ل 76/ أ. (11) انظر النقل عنه في: فتح العزيز 4/ 133. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 187 ما ذكره في (1) الخط بين يدي المصلي من أن الشافعي - رضي الله عنه - قد صار إلى القول به في القديم، ثم رجع عنه في الجديد (2)، ذكره شيخه في النهاية (3)، وجعل المسألة ذات (4) قولين: أصحهما الجديد، وهذا صحيح، فقد نقل البيهقي (5) - وناهيك به - أن الشافعي صار إليه في القديم، وفي "سنن حرملة"، ونفاه في البويطي. وقطع صاحب "المهذب" (6)، والفوراني (7)، وصاحب "التتمة" (8)، والأكثرون (9) بالاكتفاء بالخط، ولم يثبتوا قولًا ثانياً، وفاتهم ما حققناه. ومستند القول القديم حديث أبي هريرة - رضي الله عنه - أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: (إذا صلى أحدكم فليجعل تلقاء وجهه شيئاً، فإن لم يجد فلينصب عصا، فإن لم يكن معه (10) عصا فليخطط (11) خطاً، ثم لا يضره ما مرَّ   (1) في (أ) و (ب): من. (2) انظر: الوسيط 2/ 658. (3) انظرها 2/ ل 76/ ب. (4) في (ب): على. (5) انظر: معرفة السنن والآثار 2/ 118، والسنن الكبرى 2/ 384. وراجع مختصر البويطي ل 8/ أ. (6) انظر: المهذب 1/ 69. (7) انظر: الإبانة ل 43/ أ. (8) لم أقف على النقل عنه فيما بين يدي من مصادر، والله أعلم. (9) نسبه الرافعي للجمهور، والنووي للأكثرين. انظر: فتح العزيز 4/ 133، المجموع 3/ 247. (10) سقط من (ب). (11) في (د): فليخط، والمثبت من (أ) و (ب)؛ لموافقته لفظ الحديث. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 188 أمامه) أخرجه أبو داود في "سننه" (1)، وذكر أنه سمع أحمد بن حنبل وصف الخط فذكر أنه مثل الهلال. وذكر أبو داود عن غيره (2) أن الخط بالطول (3). وقد روينا (4) عن الحميدي تلميذ الشافعي في الفقه، ورفيقه في الحديث (5) أنه ذكر أن الخط (6) مثل الهلال العظيم (7). وإنما رجع الشافعي (8) عن ذلك في الجديد؛ لكونه رأى الحديث غير ثابت. وهو كذلك؛ فإنه مضطرب الإسناد جداً (9)، والله أعلم.   (1) انظره كتاب الصلاة، باب الخط إذا لم يجد عصا 1/ 443 رقم (689). وممن رواه كذلك: ابن ماجه في سننه كتاب إقامة الصلاة، باب ما يستر المصلي 1/ 303 رقم (943)، وأحمد في المسند 2/ 249، والبيهقي في السنن الكبرى كتاب الصلاة 2/ 383 رقم (3466)، ونقل الحافظ ابن حجر تصحيحه عن أحمد، وابن المديني وقال: "وأشار إلى ضعفه سفيان بن عيينه، والشافعي، والبغوي، وغيرهم". التلخيص الحبير 4/ 132. (2) قال أبو داود: "سمعت مسدداً قال: قال ابن داود: الخط بالطول". سنن أبي داود 1/ 444. (3) في (ب): بالطويل. (4) في (ب): رويناه. (5) في الحديث: سقط من (ب). (6) في (ب): (أنه)، بدلًا عن: (أن الخط). (7) رواه عنه البيهقي بسنده في السنن الكبرى كتاب الصلاة 2/ 384 رقم (3470). (8) في (أ): إنما الشافعي رجع، بالتقديم والتأخير (9) قال النووي: "ونفاه - أي الشافعي - في البويطي لاضطراب الحديث الوارد فيه وضعفه". روضة الطالبين 1/ 398، وقال الحافظ ابن حجر: "وأورده - أي حديث الخط - ابن الصلاح - أي في مقدمته ص: 104 - مثالاً للمضطرب، ونُوزع في ذلك كما بينته في النكت". أهـ التلخيص الحبير 4/ 132، وراجع النكت 2/ 772 - 774، وقال في بلوغ المرام - مع سبل السلام - 1/ 300: " ... وصححه ابن حبان ولم يصب من زعم أنه مضطرب بل هو حسن"، وقد صحح الحديث ابن خزيمة حيث أورده في صحيحه 2/ 13، وابن حبان في صحيحه - انظر الإحسان 6/ 125 برقم (2361). الجزء: 2 ¦ الصفحة: 189 ثم إن قوله: "بأن يستقبل جداراً، أو سارية، أو يبسط (1) مصلى، أو ينصب شبة بعيدة منه بقدر ما بين الصفين ... إلى قوله: ولو خطَّ على الأرض خطًا مال في القديم إلى الاكتفاء به" (2) مشعر بتخييره بين هذه الأمور من غير ترتيب، وليس كذلك، بل هي على الترتيب: يقدم البناء، ثم العصا، ثم الخطّ، كما ذكره صاحب "المهذب" (3)، وغيره (4)؛ وذلك لأن حديث أبي هريرة - رضي الله عنه - المذكور مصرِّح بالترتيب بين ذلك (5). وقوله "خشبة بعيدة منه بقدر ما بين الصفي" ليس مخصوصاً بالخشبة، بل هو شامل لما سبق ذكره من الجدار وغيره. وما بين الصفين مقدَّر بثلاث أذرع (6)، وأصله حديث سهل بن سعد (كان بين مصلى النبي - صلى الله عليه وسلم - وبين الجدار ممرِّ الشاة) أخرجاه في "صحيحيهما" (7). وقد قُدِّر ممرُّ الشاة بثلاث (8) أذرع (9)، والله أعلم.   (1) في (أ): ينصب. (2) الوسيط 2/ 658. (3) انظر: المهذب 1/ 69. (4) كالبغوي في التهذيب ص: 516 - 517. (5) وهو قوله: (فليجعل تلقاء وجهه شيئاً، فإن لم يجد فلينصب عصا، فإن لم يكن معه عصا فليخطط خطاً ... ) الحديث. (6) في (أ): ذراع. وذكَّر العدد؛ لأن أذرع مؤنثة انظر: المصباح المنير ص: 79. (7) انظر: صحيح البخاري - مع الفتح - كتاب الصلاة، باب قدر كم ينبغي أن يكون بين المصلي والسترة 1/ 684 رقم (496)، وصحيح مسلم - مع النووى - كتاب الصلاة، باب بيان سترة المصلي 4/ 225. (8) في (أ): بثلاثة. (9) انظر: المهذب 1/ 69، فتح الباري 1/ 685. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 190 قوله: "ومهما لم يجد المارُّ سبيلًا سواه فلا يدفع بحال" (1) هذا مستنكر لم يذكره غير شيخه (2) ومن تلقاه عنه فيما علمناه، وهو على خلاف ظاهر الحديث وإطلاقه، وخلاف ما ثبت في "الصحيحين" من حديث أبي سعيد الخدري - رضي الله عنه - (3) (أنه صلى يوم جمعة إلى شيء يستره، فأراد شاب أن يجتاز بين يديه، فدفع أبو سعيد في صدره، فنظر الشاب فلم يجد مساغاً (4) إلا بين يديه، فعاد ليجتاز، فدفعه أبو سعيد أشد من الأولى، فشكاه، فقال أبو سعيد: سمعت النبي - صلى الله عليه وسلم - يقول: إذا صلى أحدكم إلى شيء يستره من الناس فأراد أحد أن يجتاز بين يديه فليدفعه، فإن أبى فليقاتله؛ فإنما هو شيطان). قوله في المصلي إذا قرأ من المصحف: "قال أبو حنيفة: إن لم يحفظ القرآن عن ظهر قلبه لم يجز" (5) أي لم تجز القراءة من المصحف (6)، فإن كان يحفظه لم تضره القراءة من (7) المصحف (8)، والله أعلم. قوله في حدِّ الفعل القليل: "غاية ما قيل فيه: إنه الذي لا يعتقد الناظر إلى فاعله أنه معرض عن الصلاة، وهذا لا يفيد تحديداً" (9) شرح هذا في درسه،   (1) الوسيط 2/ 659. (2) انظر: نهاية المطلب 2/ ل 76/ ب. (3) تقدم 1/ 493. (4) المساغ: الممر. انظر: فتح الباري 1/ 695. (5) الوسيط 2/ 659. وقبله: وأصناف الأفعال كثيرة فليعوِّل المكلف منه على اجتهاده، ولو قرأ القرآن في المصحف وهو يقلِّب الأوراق أحياناً لم يضره، وقال أبو حنيفة .... إلخ. (6) من المصحف: سقط من (أ). (7) في (أ): في. (8) انظر: الدُّر المختار، وحاشية ابن عابدين عليه 2/ 384. (9) الوسيط 2/ 659. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 191 فذكر أن الذي يعدُّ به معرضاً عن الصلاة لا يمكن تحديده، ومن طلب ما لم يخلق أتعب ولم يرزق، وليس في أمثال (1) هذا حد محدود (2)، بل ينتهي الفعل في الكثرة إلى حدِّ يقطع بأنه كثير، ويتراجع في القلة إلى حدٍّ يقطع بأنّه قليل، وفيما بين ذلك أوساط متشابهة، يرجم فيها بالظنِّ، ويؤخذ بغالب الرأي، كما في نظائره (3)، والله أعلم.   (1) في (أ): مثال. (2) في (ب): محدد. (3) في (ب): نظيره. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 192 ومن الباب السادس في أحكام السجدات من المشكل الفرق بين الأبعاض التي هي: التشهد الأول، والجلوس فيه، والقنوت، والصلاة على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في التشهد الأول، وعلى آله في التشهد الأخير، إذا رأيناهما سنتين؛ حيث يشرع في تركها سجود السهو، وبين تكبيرات صلاة العيد، والسورة، والجهر في القراءة المفروضة في الجهرية (1)؛ حيث لا يشرع عندنا (2) في تركها السجود خلافاً لأبي حنيفة، وما ذكره المصنف في معرض الفرق يصعب تقريره (3)، فأقول مستعيناً بالله: كل واحد من هذه الأبعاض شعار ظاهر خاص بالصلاة، وقد ورد النصُّ في حديث ابن بحينة (4)   (1) قوله: (المفروضة ... الجهريَّة) سقط من (ب). (2) سقط من (ب). (3) قال الغزالي: "وإنما يتعلق السجود من جملة السنن بما يؤدي تركه إلى تغيير شعار ظاهر خاص بالصلاة وهي أربعة: التشهد الأول، والجلوس فيه، والقنوت في صلاة الصبح، والصلاة على الرسول - صلى الله عليه وسلم - في التشهد الأول، وعلى الآل في التشهد الثاني، إن رأيناهما سنتين ولا يتعلق السجود بترك السورة، ولا بترك الجهر، وسائر السنن، ولا بترك تكبيرات صلاة العيد وإن كان شعاراً ظاهراً، ولكنه ليس خاصاً في الصلاة، بل يشرع في الخطبة وغيرها في أيام العيد. وعلَّق أبو حنيفة بالسورة، وتكبيرات العيد، وترك الجهر". أهـ الوسيط 2/ 663، وراجع قول أبي حنيفة في: بدائع الصنائع 1/ 166 - 167، الدر المختار مع حاشية ابن عابدين عليه 2/ 545. (4) في (أ): أبي بحينة. وهو عبد الله بن مالك بن القِشْب الأزدي أبو محمَّد الأسدي، من أزد شنوءه، المعروف بابن بحينة وهي أمه: بحينة بنت الحارث بن عبد المطلب، صحابي معروف، توفي بعد الخمسين، روى حديثه الجماعة. انظر ترجمته في: الجرح والتعديل 5/ 150، الاستيعاب 7/ 9، الإصابة 6/ 204، تقريب التهذيب ص: 320. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 193 بالسجود في ترك التشهد الأول منها (1)، والباقي مقيس عليه. أما أن التشهد وجلوسه، والقنوت المطوَّل لركنٍ قصير كذلك فذلك ظاهر (2). وأما الصلاة على رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وعلى آله ففي مقام المناظرة يكفينا المنع على رأي (3)، وأما في مقام التحقيق فإنا نقول: ألحقناها بالتشهد الأول لشبهها به (4)؛ لكونها (5) واجبة في الصلاة على الجملة على مذهب (6). ولا وجود (7) لما ذكرناه في الأمور الثلاثة المذكورة: أما الجهر، وقراءة السورة؛ فالجهر هيئة، والسورة تابعة للقراءة المفروضة فيها، وإن كانا ظاهرين فلا يعدان من الشعار الظاهر (8) ولا   (1) رواه البخاري في صحيحه - مع الفتح - كتاب الأذان، باب من لم ير التشهد الأول واجباً 2/ 361 رقم (829)، ومسلم - مع النووى - كتاب المساجد، باب السهو في الصلاة والسجود له 5/ 58. (2) أي في كونها يسجد لها؛ فقد نصَّ على السجود لترك الجلوس للتشهد، والجلوس مقصود للذكر، فلو قعد ولم يقرأ التشهد سجد كذلك. وأما القنوت فهو - كما يقولون - ذكر مقصود في نفسه، حيث إنه شرع له محل مخصوص به بدليل أن الرفع من الركوع ركن قصير، فيطوَّل للقنوت، وحيث لا يقنت يمنع من تطويله! فهذه الأبعاض ظاهرة في كونها شعاراً ظاهراً خاصاً بالصلاة والله أعلم. وراجع: فتح العزيز 4/ 138 - 139. (3) إذ أن فيهما قولين: الاستحباب وعدمه. انظر: فتح العزيز 3/ 257، روضة الطالبين 1/ 332. (4) سقط من (ب). (5) في (أ) و (ب): كونها. (6) انظر: فتح العزيز 4/ 139، المجموع 3/ 465. (7) في (ب): ولا وجوب، وهو تصحيف. (8) في (ب): الشعائر الظاهرة. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 194 هما خاصان بالصلاة. وأما تكبيرات العيد فغير خاصيَن بالصلاة لكونهما مشروعين في الخطبة، و (1) في أعقاب الصلاة، وغيرها في أيام العيد، والله أعلم. قوله: "لا يبعد أن يناط السجود بترك ما ليس بمبطل من المنهيات" (2) هكذا وقع في النسخ، وصوابه: بفعل ما ليس بمبطل، والله أعلم. قول الأصحاب: الاعتدال من الركوع ركن قصير، الغرض منه الفصل، وليس مقصوداً في نفسه (3)، يمكن أن يستدل عليه بحديث أبي هريرة المخرَّج في "صحيح البخاري" (4)، وغيره (5) في تعليم النبي - صلى الله عليه وسلم - المسيء صلاته من حيث كونه لم يذكر في الاعتدال من الركوع الطمأنينة وذكرها في الركوع، والسجود، والقعود بين السجدتين. فإذا لم يحمل على عدم وجوب الطمأنينة فيه، تعيَّن حمله على أنه ركن قصير، يخفف ولا يطوَّل. وأيضاً، فإنه لو كان مقصوداً في   (1) سقط من (ب). (2) الوسيط 2/ 665. وقبله: ومواضع السهو ستة ... الأول: إذا نقل ركناً إلى غير محله كما لو قرأ الفاتحة أو التشهد في الاعتدال عن الركوع فقد جمع بين النقل والتطويل ... فأما إذا وجد النقل إلى ركن طويل، أو تطويل القصير بغير نقل ففي البطلان وجهان: أحدهما: نعم كنقل الركوع والسجود. والثاني: لا؛ لأن القراءة كالجنس الواحد. وعلى هذا هل يسجد لسهوه؟ فوجهان: وجه قولنا: يسجد أنه تغيير ظاهر؛ فكما لا يبعد أن يناط السجود بترك ما ليس بواجب من السنن, لا يبعد ... إلخ. (3) انظر: الوسيط 2/ 664، فتح العزيز 4/ 143، المجموع 4/ 126. (4) انظره - مع الفتح - كتاب الأذان، باب أمر النبي - صلى الله عليه وسلم - الذي لا يتم ركوعه بالإعادة 2/ 323 رقم (793). (5) وممن رواه كذلك الإمام مسلم في صحيحه - مع النووي - كتاب الصلاة، باب واجبات الصلاة 4/ 105 - 107. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 195 نفسه طويلاً لوجب فيه ذكر (1)؛ لأن (2) القيام من الأفعال المعتادة فلا بدَّ من ذكر يصرفه عن جهة العادة إلى جهة العبادة كما وجب ذلك في القيام الأول، وفي الجلوس الأخير، بخلاف الركوع والسجود فإن هيئتهما غير المعتادة كافية في (3) صرفهما إلى العبادة (4)، ولا يجب؛ فإن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لم يذكره للمسيء صلاته، وتأخير البيان عن وقت الحاجة غير جائز (5). وأما الاعتدال بين السجدتين فقد حكى المصنف أن المشهور فيه أنه ركن طويل (6)، وقال الشيخ أبو علي: "لا يبعد تشبيهه بالاعتدال عن الركوع" (7). ويدل على الأول: ما استدللنا به من حديث المسيء صلاته، ويدل على الثاني: ما ذكرنا (8) من المعنى. وقد حكاه (9) عن الشيخ أبي علي في صورة احتمال أبداه (10)، وهو أعلى حالاً من ذلك؛ فإنه الذي صار إليه الشيخ   (1) في (د): ذكره، والمثبت من (أ) و (ب). (2) سقط من (أ). (3) في (د): إلى، والمثبت من (أ) و (ب). (4) انظر: فتح العزيز 4/ 143 - 144. (5) هذه قاعدة أصولية مجمع عليها كما ذكرها الآمدي في الإحكام 1/ 189، وراجع: شرح اللمع للشيرازي 1/ 563، شرح الكوكب المنير 2/ 194 - 195. (6) انظر الوسيط 2/ 665. (7) انظر الوسيط الموضع السابق. (8) في (أ): ذكرناه. (9) أي الإمام الغزالي حيث قال: "وقال الشيخ أبو علي: لا يبعد تشبيهه بالاعتدال عن الركوع؛ لأن المقصود الظاهر منه الفصل بين السجدتين". أهـ الوسيط 2/ 665. (10) سقط من (ب). الجزء: 2 ¦ الصفحة: 196 أبو محمد الجويني في كتابه "في الفرق والجمع" (1)، وصاحب "التهذيب" (2)، وغيرهما (3). ولما كنت بنيسابور - حرسها الله، وسائر بلاد الإسلام وأهله - سألني الشيخ الأصيل أبو بكر القاسم بن عبد الله ابن (4) الصفَّار (5) - وهو أحد مشايخنا في رواية الحديث، وكان إذ ذاك مفتي خراسان رحمه الله وإيانا - قال لي: لماذا كان الاعتدال ركناً قصيراً (6)، والجلوس بين السجدتين طويلاً؟ فقلت له: بحثت عن هذا بالفكر والمطالعة فلم يحصل فيه شيءٌ واضحٌ، وكأنهم لما كان القيام قد استوفى حظه قبل الاعتدال غلب على ظنهم أن الغرض منه إنما هو مجرد الفصل، وهو يحصل بأصله من غير تطويل (7)، وهذا منتفٍ في الجلوس بين السجدتين. فقال: هل فيه نص؟ فقلت: حديث الأعرابي لم يتعرض للطمانينة في الاعتدال، وتعرض لها في غيره، فإذا لم يدل هذا على عدم وجوب الطمأنينة فيه، دلَّ على أنه ليس المقصود إلا نفسه وأصله، والله أعلم.   (1) انظر النقل عنه في: فتح العزيز 4/ 146. (2) انظر: التهذيب ص: 471. (3) كالقاضي حسين في التعليقة 2/ 766، وهو الذي صححه الرافعي في فتح العزيز 4/ 146. (4) سقط من (أ). (5) الإمام، الفقيه، المسند أبو بكر القاسم بن عبد الله بن عمر بن أحمد النيسابوري ابن الصفَّار الشافعي، مفتي خراسان، كان فقيهاً كبيراً، محدثاً مكثراً، عالي الإسناد، مواظباً على نشر العلم، قتل عند دخول التترنيسابور سنة 618 هـ. انظر ترجمته في: السير 22/ 109، طبقات السبكي 8/ 353، شذرات الذهب 5/ 81، الذيل على طبقات ابن الصلاح 2/ 829. (6) في (ب): ركن قصير. (7) في (أ) و (ب): تطويله. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 197 قوله: "لو ترك أربع سجدات من أربع ركعات كذلك" (1) يعني به أنه عرف أن كل ركعة ترك منها سجدة، خلاف (2) الصورتين المذكورتين في الفرع الآتي (3)، والله أعلم. قوله فيما إذا كان التارك لسجدة قد جلس لقصد الاستراحة: "يُبنى على الخلاف في أن الفرض هل يتأدَّى بنية النفل؟ " (4) ليس هذا (5) على ظاهره؛ فإن نية النفل لا تكون مؤديِّة للفرض من غير (6) خلاف (7)، وإنما الباء في قوله "بنية النفل" هي الباء المستعملة بمعنى المصاحبة، كما في قولهم: حضر فلان بعشيرته والمعنى: هل يتأدى هذا الفرض مع ما صحبه من نيَّة النفل بما سبق في أول الصلاة من نية الفرض الشاملة المستصحبة حكماً، والله أعلم. قوله فيما لو قام قبل التشهد الأول ناسياً، وكان مأموماً، وقد قعد الإمام: "هل يرجع؟ فعلى وجهين: أحدهما: نعم ... والثاني: لا" (8) هذا الخلاف عند   (1) الوسيط 2/ 666. وقبله: فلو ترك سجدة من الأولى, وقام إلى الثانية، فلا يعتد من سجدتيه في الثانية إلا بواحدة فليتم بها الركعة الأولى، فلو ترك أربع سجدات ... إلخ. (2) في (أ): بخلاف. (3) انظر: الوسيط الموضع السابق. (4) الوسيط 2/ 667 وقبله: إذا تذكر في قيام الثانية أنه ترك سجدة فليجلس للسجود، فإن كان قد جلس بين السجدتين على قصد الفرض لم يلزمه إلا السجود، وإن كان جلس على قصد الاستراحة ... إلخ. (5) في (أ) و (ب): هذا ليس, بالتقديم والتأخير. (6) سقط من (ب). (7) انظر: فتح العزيز 4/ 150، الأشباه والنظائر للسيوطي ص: 46. (8) الوسيط 2/ 667. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 198 شيخه (1) هو في جواز الرجوع، ولا خلاف عنده في (2) أنه لا يجب الرجوع. وعند الشيخ أبي حامد الأسفراييني (3)، وآخرين (4) هو (5) في وجوب الرجوع، وصاحب الكتاب إنما أراد ما ذهب إليه شيخه، وكلامه ههنا دال على ذلك، ومصرِّح به (6) في غير كتابه هذا (7). قوله (8): "ولا خلاف أنه لو قام عمداً لم تبطل صلاته، ولم يجز له الرجوع إلى موافقة الإمام (9) " (10) هذا مشكل؛ فإن الخلاف في بطلان صلاته غيرُ خافٍ، وقد ذكره هو في باب: صلاة الجماعة، في مسألة تقدم المأموم بركن واحد أو (11) أكثر (12)، والاعتذار عنه أن قوله "لا خلاف" راجع إلى قوله "لم يجز له الرجوع"،   (1) انظر: نهاية المطلب 2/ ل 91/ أ. (2) سقط من (أ). (3) في (ب): أبي إسحاق الأسفراييني. وأبو حامد المثبت هو المنقول عنه هذا القول انظر: فتح العزيز 4/ 158، روضة الطالبين 1/ 411، المجموع 4/ 133. (4) كالشيرازي في المهذب 1/ 96، والبغوي في التهذيب ص: 542. (5) سقط من (ب). (6) سقط من (ب). (7) كالبسيط 1/ ل 119/ أ, والوجيز 1/ 51. (8) في (أ) و (ب): وقوله. (9) في (أ): إلى موافقته. (10) الوسيط 2/ 667. وبعده: كما لو رفع رأسه قبل الإمام قصداً ورجع إلى السجود مع العلم بطلت صلاته. (11) في (ب): و. (12) انظر: الوسيط 2/ 712. وراجع: المهذب 1/ 91، روضة الطالبين 1/ 411، المجموع 4/ 135. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 199 وقوله (1) "لم تبطل صلاته" كلام اعترض قاله على ظاهر المذهب (2) , ولم يقصده بنفي الخلاف، وآية ذلك أن أصل الكلام مسوق في جواز الرجوع فقصد بذلك بيان (أن) (3) الخلاف المذكور في جواز الرجوع (4) في صورة الظن، لا جريان له في صورة العمد. ثم إن هذا القطع بعدم جواز الرجوع في صورة العمد على طريقة شيخه - رحمه (5) الله وإياهما -. وأما طريقة العراق (6) ففيها القطع بأن المأموم لو ركع (7) قبل الإمام عمداً جاز له أن يرجع إلى الركوع مع الإمام، بل يستحب. فإذاً ليس يسلم من المؤاخذة بكونه نفى الخلاف فيما (8) فيه خلاف، لكنا صرفنا ذلك من جهة إلى جهة أخرى؛ لعلمنا باطلاعه على الخلاف في تلك الجهة، والله أعلم. قوله: "أما إذا تذكر ترك التشهد قبل الانتصاب فيرجع ثم يسجد للسهو إن كان قد انتهى إلى حدِّ الراكعين" (9) و (10) لا ينبغي تجويزه (11)؛ لأن فيه كما ذكر   (1) سقط من (ب). (2) راجع: فتح العزيز 4/ 393 - 395، روضة الطالبين 1/ 476 - 477. (3) زيادة من (أ). (4) قوله: (فقصده ... الرجوع) سقط من (ب). (5) كذا في جميع النسخ، ولعله: رحمنا ... وانظر: نهاية المطلب 2/ ل 91/ أ. (6) راجع: حلية العلماء 2/ 191، روضة الطالبين 1/ 476 - 477. (7) في (د): وقع، وهو تصحيف، والمثبت من (أ) و (ب). (8) في (أ): مما. (9) الوسيط 2/ 668. وبعده: لأنه زاد ركوعاً، وإن كان دون حدِّ الركوع فلا يسجد. (10) سقط من (ب). (11) أي في قوله "فيرجع" فهو مشعر بالجواز؛ وذلك لأنه إذا انتصب فلا يجوز له الرجوع، أما إذا كان قبل الانتصاب فيرجع، وذلك اعتباراً بالحالة السابقة والله أعلم. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 200 زيادة ركوع، وتعمد زيادة الركوع لا تجوز، وهذا التفصيل إحدى الطرق في المسألة، وقد ذكرها غيره بلفظ مشعر بوجوب (1) الرجوع لا بتجويزه (2). ثم اعلم أنه ليس الانتهاء إلى حدِّ الراكعين في حقِّ الناهض من الجلوس كالانتهاء إلى حدِّ الراكعين في حقِّ القائم الهاوي، بل ذلك يعتبر فيه أقل الركوع على ما عرف حدُّه (3) , وهذا يعتبر فيه أكمل الركوع، بل أكثر منه مما يسمى ركوعاً (4) , والله أعلم. قوله فيما إذا جلس عن قيام قبل السجود ساهياً: "إن كان خفيفاً فلا يسجد للسهو؛ لأن جلسة الاستراحة معهودة في الصلاة، وهذا يساويها، وإن لم يكن في محله، بخلاف الركوع والسجود" (5) معناه: أن جلسة الاستراحة معهودة في الصلاة، مع كونها غير مقصودة في الصلاة، وإنما زيدت فيها (6) للاستراحة مع التخفيف فيها، فزيادة ما يساويها في الصلاة عمداً لا يبطلها, ولا سجود في سهوها، وهي ملتحقة بالفعل القليل من غير جنس الصلاة في عدم تأثيره في تغيير نظم الصلاة، فلا تبطل بعمدها, ولا يسجد لسهوها، والله أعلم.   (1) في (د) و (ب): بوقوع، وهو تصحيف, والمثبت من (أ). (2) كالماوردي في الحاوي 2/ 218، والقاضي حسين في التعليقة 2/ 884 (3) قال الغزالي: "وأقل ركوعه أن ينحني بحيث يقابل جبهته ما وراء ركبتيه من الأرض، فيحصل الأقل بأقل المقابلة، والأكمل بتمامها بحيث يحاذي جبهته محل السجود". أهـ الوسيط 2/ 604. (4) انظر: فتح العزيز 4/ 159، روضة الطالبين 1/ 411. (5) انظر: الوسيط 2/ 668. (6) سقط من (ب). الجزء: 2 ¦ الصفحة: 201 ذكر أنه إذا تشهد وقام إلى الخامسة ساهياً وعاد فالقياس أنه لا يعيد التشهد ويسلِّم (1)، وظاهر (2) النصِّ أنه يتشهد (3)، وعلَّله ابن سريج بمعنيين، ثم قال: "والمعنيان ضعيفان. وفُرِّع على المعنيين" (4) فقوله (5) "وفرِّع (6) " عائد إلى ابن سريج، وليس يستفاد من إيراده هذا، وعبارته فيه (7) نقل ما اعتمد عليه (8) أئمة المذهب، وإنما ذلك (هو) (9) الوجه الأول فإياه اختار جمهور الأصحاب (10) , والله أعلم. قوله: "السادس: إذا شكَّ في عدد الركعات" (11) هذا هو الموضع السادس من المواضع التي ذكر أنها (12) مواضع السهو، وأنها ستة، وليس في هذا سهو، فكأنه أراد بمواضع السهو: مواضع سجود السهو، أو (13) أراد مواضع   (1) في المتن: بل يسجد للسهو ويسلَّم. (2) في (أ): فظاهر. (3) راجع: الأم 1/ 247، مختصر المزني ص: 20 (4) الوسيط 2/ 669. (5) في (ب): وقوله. (6) في (أ): ففرَّع. (7) سقط من (ب). (8) سقط من (ب). (9) زيادة من (أ) و (ب). (10) انظر: الحاوي 2/ 218، التعليقة للقاضي حسين 2/ 882، التهذيب ص: 538. (11) الوسيط 2/ 670. (12) في (د): ذكرناها، والمثبت من (أ) و (ب). (13) في (ب): و. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 202 (السهو) (1) وما يلتحق بالسهو. ثم إن مواضع السهو (2) ليست منحصرة في الستة التي (3) ذكرها (4)، والله أعلم. المذكور من طول الفصل وقصره في الشك الطارئ بعد السلام (5) قيل فيه: إن الطويل ما زاد على قدر ركعة، والقصير ما دون ذلك. وقيل: إن الطويل ما كان على (6) قدر الصلاة التي كان فيها. والأقوى إن الرجوع في ذلك إلى العرف والعادة (7). قلت: فعلى هذا يجري فيه ما حكيناه من (8) الضبط في الفعل الكثير والقليل عن المصنف رحمنا الله وإيَّاه (9)، والله أعلم. قوله: "وليس من الشكِّ أن لا يتذكر كيفية صلاته، بل الشك أن يتعارض اعتقادان على التناقض بأسباب حاضرة في الذكر" (10) هذا صحيح مع إبهام في العبارة، فالشكُّ: أن يتقابل احتمالان في شيء واحد، وهما: احتمال أنه ثابت،   (1) زيادة من (أ). (2) قوله: (ثم ... السهو) سقط من (ب). (3) في (ب): الذي. (4) انظر: فتح العزيز 4/ 165. (5) قال الغزالي: "ولو سلَّم ثم شكَّ ففيه ثلاثة أقوال ... والقول الثالث: - وهو من تصرُّف الأصحاب - أنه إذا شكَّ بعد تطاول الزمان فلا يعتبر؛ لأن من تفكر في صلاة نفسه في أمسه فيتشكك فيها، وإن قرب الزمان يعتبر". أهـ الوسيط 2/ 670. (6) سقط من (أ) و (ب). (7) انظر: فتح العزيز 4/ 166، روضة الطالبين 1/ 415. (8) في (ب): في. (9) راجع: الوسيط 2/ 659. (10) الوسيط 2/ 670. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 203 واحتمال أنه غير ثابت، ويتساويان حتى يتردد بينهما على السواء، ولن يقع ذلك إلا (1) ولكل واحد منهما سبب يوجب إمكانه واحتماله، فذلك التردد (2) هو الشكُّ نفسه، والباقي سببه (3)، وإذا عرفت ذلك عرفت أنه ليس من الشكِّ (4) أن لا يتذكر كيفية صلاته السابقة؛ فإن ذلك عدم محض، والشكُّ أمر وجودي، والله أعلم. شرح ما ذكره في سبب شرعية سجود السهو فيما (5) إذا شكَّ أنه صلى ثلاثاً أو أربعاً، فأخذ بالأقل فما وجه سجوده، مع أن الأصل أنه لم يزد؟ أما الشيخ أبو محمد الجويني في آخرين فإنهم أبوَا تعليله، وقالوا: مستنده نصُّ الحديث (6)،   (1) في (أ): الأول. (2) قوله: (بينهما على ... التردد) سقط من (ب). (3) انظر: التعريفات للجرجاني ص: 128، البحر المحيط 1/ 77 - 79. (4) سقط من (ب). (5) في (أ): السهو وفيما. والواو هنا مقحمة. والله أعلم. (6) إشارة إلى حديث أبي سعيد الخدري: (إذا شكَّ أحدكم في صلاته فلم يدر صلى ثلاثاً أو أربعاً فليطرح الشكَّ وليبن على ما استيقن ثم يسجد سجدتين ... الحديث) رواه مسلم في صحيحه - مع النووي - كتاب المساجد، باب السهو في الصلاة والسجود له 5/ 60. وروى الترمذي وغيره عن عبد الرحمن بن عوف قال: سمعت النبي - صلى الله عليه وسلم - يقول: (إذا سها أحدكم في صلاته فلم يدر واحدة صلى أو اثنتين فليبن علي واحدة ... فإن لم يدر ثلاثاً صلى أو أربعاً فليبن علي ثلاث، وليسجد سجدتين قبل أن يسلَّم). انظر: جامع الترمذي أبواب الصلاة، باب ما جاء في الرجل يصلي فيشكُّ في الزيادة والنقصان 2/ 244 رقم (398) وقال: "هذا حديث حسن غريب صحيح"، وممن رواه كذلك ابن ماجه في سننه كتاب إقامة الصلاة، باب ما جاء فيمن شك في صلاته فرجع إلى اليقين 1/ 381 رقم (1209)، والحاكم في المستدرك 1/ 324 وقال: "صحيح على شرط مسلم"، ووافقه الذهبي، راجع: التلخيص الحبير 4/ 169. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 204 ولا اتجاه له من حيث المعنى. وأما الشيخ أبو علي السنجي في آخرين فإنهم عللوه بأنه أتى بالركعة الأخيرة على تردد في أنها زائدة، فإن كانت زائدة فسجوده لزيادتها، وإن لم تكن زائدة فتردده فيها نقص وضعف في النيِّة يجبر (1) بالسجود، حتى لو زال التردد بعد إتيانه بها متردداً وقبل السلام عرف أنها أصلية سجد للسهو؛ لاقترانها بالتردد. وأبى الشيخ أبو محمد السجود فيما إذا زال تردده قبل السلام، وقال: "المعتمد الحديث، وإنما ورد فيما إذا دام التردد إلى ما بعد السلام" (2). ورجَّح إمام الحرمين (3) هذا، ناقضاً ما قاله الشيخ أبو علي بما إذا كان عليه فائتة وشكَّ في قضائه إيَّاها فإنه يقضيها ثم لا يسجد للسهو، وإن كان يقضيها (4) متردداً في كونها مفروضة عليه. وجاء عن القفال ما يوافق المذكور عن الشيخ أبي علي (5)، وصاحب "التهذيب" (6) (في) (7) طائفة (8) لم يذكروا غيره. قلت: - وأسال الله توفيقه وعصمته - الأوجه موافقة الشيخ أبي علي في تعليله دون تفريعه؛ فإنه ليس هذا التردد كالتردد الذي نقض (به) (9) الإمام فإن   (1) في (أ): فجبر. (2) انظر: الوسيط 2/ 671. (3) انظر: نهاية المطلب 2/ ل82/ أ. (4) في (ب): يقضها. (5) انظر النقل عنه في: التعليقة للقاضي حسين 2/ 878. (6) سقط من (ب). وانظر التهذيب ص: 539. (7) زيادة من (أ) و (ب). (8) انظر: التعليقة للقاضي حسين 2/ 878 وما بعدها، فتح العزيز 4/ 171 حيث قال: "ولم يورد صاحب التهذيب وكثيرون سواه". (9) زيادة من (أ) و (ب). الجزء: 2 ¦ الصفحة: 205 هذا فيه احتمال زيادة مبطلة بخلاف ذلك. وأما تفريعه فيما إذا زال التردد قبل السلام فنقول: وإن علَّلنا بالتردد فلا يسجد في هذه الصورة؛ فإن المقتضي للسجود تردد يدوم إلى آخر الصلاة، وقد ألمَّ صاحب الكتاب (1) بهذا في درسه، والله أعلم. قوله: "وقال ابن أبي ليلى: لكل سهو سجدتان. وهو لفظ الخبر" (2) هذا خبر لا يثبت، وقد رويناه في "السنن الكبير" (3) من حديث ثوبان (4) عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: (لكل سهو سجدتان بعد ما يسلَّم) وأخرجه أبو داود (5)، وضعَّف البيهقي إسناده وقال: "حديث أبي هريرة وعثمان وغيرهما في اجتماع عدد من السهو على النبي - صلى الله عليه وسلم - ثم اقتصاره على سجدتين يخالف   (1) سقط من (ب). (2) الوسيط 2/ 672. وقبله: إذا تكرر السهو لم يتكرر السجود، بل تكفي لجميع أنواع السهو سجدتان، وقال ابن أبي ليلى ... إلخ. (3) انظره كتاب الصلاة 2/ 476 رقم (3822). (4) هو أبو عبد الله، ويقال: أبو عبد الرحمن ثوبان بن بُجْدُد, ويقال: ابن حجدر الهاشمي مولى رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، أصابه السبي فاشتراه النبي - صلى الله عليه وسلم - وأعتقه، فلزم النبي - صلى الله عليه وسلم - وصحبه، وحفظ عنه كثيراً من العلم، روي له عن النبي - صلى الله عليه وسلم - (127) حديثاً، توفي سنة 54 هـ. انظر ترجمته في: تهذيب الأسماء 1/ 140، السير 3/ 15، الإصابة 2/ 29. (5) في سننه كتاب الصلاة، باب من نسي أن يتشهد وهو جالس 1/ 630 رقم (1038)، ورواه كذلك ابن ماجه في سننه كتاب إقامة الصلاة، باب ما جاء فيمن سجدهما بعد السلام 1/ 385 رقم (1219)، وعبد الرزاق في المصنَّف 2/ 322، أحمد في المسند 5/ 280. قال النووي: "وهذا حديث ضعيف ظاهر الضعف". أهـ المجموع 4/ 155، وراجع: تذكرة الأخيار ل 72/ أ. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 206 هذا" (1) والله أعلم. ولو ثبت فهو مشترك الدلالة إذ يحتمل أن يكون معناه: أن السجدتين تكفيان كل سهو بجميع أنواعه (2)، والله أعلم. قوله في المسبوق إذا ظنَّ أن الإمام قد سلَّم فقام، ثم بان له أن الإمام لم يسلِّم: "فليرجع إلى القعود، أو لينتظر (3) قائماً سلامه ثم ليشتغل بقراءة الفاتحة" (4) هذا التخيير لا يعرف وهو مخالف للقاعدة (5)، ولم نره لغيره، والذي ينبغي فيه أنه يجب عليه (6) الرجوع لما في تركه من المخالفة (الزائدة على المخالفة) (7) بالسبق   (1) السنن الكبرى 2/ 477، لكنه ذكر عمران بدلاً عن عثمان. وحديث أبي هريرة المشار إليه هو حديث ذي اليدين المتقدم. أما حديث عمران فهو ما رواه مسلم في صحيحه - مع النووي - كتاب المساجد، باب السهو في الصلاة والسجود له 5/ 70 (أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - صلى العصر فسلَّم في ثلاث ركعات، ثم دخل منزله، فقام إليه رجل يقال له الخرباق وكان في يديه طول فقال: يا رسول الله فذكر له صنيعه، وخرج غضبان يجر رداءه حتى انتهى إلى الناس فقال: أصدق هذا؟ قالوا: نعم، فصلى ركعة ثم سلَّم، ثم سجد سجدتين، ثم سلَّم). ونحوه حديث ابن مسعود المروي في الصحيحين انظر: صحيح البخاري - مع الفتح - كتاب السهو، باب إذا صلى خمساً 3/ 113 رقم (1226)، وصحيح مسلم الموضع السابق 5/ 66 - 67. (2) انظر: المجموع 4/ 143. (3) في (ب): أو لينظر. (4) الوسيط 2/ 673. وقبله: فرع: لو سمع صوتاً فظنَّ أن الإمام سلَّم فقام ليتدارك، ثم عاد إلى الجلوس والإمام بعد في الصلاة فكل ما جاء به سهو لا يعتد به ولا يسجد؛ لأن القدوة مطردة، فإذا سلَّم الإمام فليتدارك الآن. وإن تذكر في القيام أن الإمام لم يتحلل فليرجع ... إلخ (5) أي القاعدة الثالثة وهي: إذا سها المأموم لم يسجد، بل الإمام يتحمل عنه ... إلخ الوسيط 2/ 673. (6) سقط من (ب). (7) ما بين القوسين زيادة من (أ) و (ب). الجزء: 2 ¦ الصفحة: 207 بركن يفعله الإمام بعده؛ فإنه موافق له في أصل فعله، فإن كان أراد بهذا الترديد وجهين، وألحقه بالسبق بركن واحد فيما إذا غلط فسبق الإمام فقد سبق منه فيه وجهان: أحدهما: يجوز له العود. والثاني: لا يجوز بل ينتظره (1) فقد أبعد (2) لفظاً ومعنىً، والله أعلم. ما ذكره في الخلاف المعروف في المسبوق إذا سها الإمام فسجد لسهوه وسجد معه، فهل يعيد المسبوق في آخر صلاة (3) نفسه سجود ذلك السهو؟ من أن مأخذ الخلاف: هو أنه يسجد لسهو الإمام، أو لمتابعته (4). معناه: أن سهو الإمام أدخل نقصاً على صلاته، وصلاة المأموم؛ لارتباط صلاته بصلاته فسهو الإمام (5) مع قطع (6) النظر عن المتابعة يقتضي توجُّه السجود على المأموم جبراً للنقص الذي تعدى إلى صلاته. وعلى الرأي الآخر إنما يسجد لمتابعة الإمام لا للسهو؛ فإنه لم يوجد منه سهو (7)، والله أعلم. قوله (8) قبل هذا فيما إذا ترك الإمام السجود لسهوه: "أن المأموم يسجد ثم يسلَّم؛ لأن السجود لسهو الإمام ولمتابعته جميعاً" (9) لا ينبغي أن يجعله تعليلاً   (1) انظر: الوسيط 2/ 667. (2) في (ب): بعد. (3) في (أ): صلاته, وهو خطأ. (4) في (ب): والمتابعة. وانظر الوسيط 2/ 674. (5) سقط من (ب). (6) في (أ): مطَّرح، وهما بمعنى. (7) انظر: فتح العزيز 4/ 178. (8) في (أ): وقوله. (9) الوسيط 2/ 673. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 208 منه بمجموعهما على أن يكون (1) كل واحد منهما جزء العلَّة بل علتين مستقلتين (2) فاعلمه، والله أعلم. قوله في اختلاف القول في أن سجود السهو قبل السلام أو بعده: "مستند (3) الأقوال تعارض الأخبار، ولكن كان آخر سجرد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قبل السلام" (4) أما تعارض الأخبار فلأنه ثبت حديث عبد الله بن مالك بن بحينة في ترك رسول الله - صلى الله عليه وسلم - التشهد الأول، وأنه سجد سجدتي السهو قبل السلام. أخرجاه في "صحيحيهما" (5). وثبت حديث أبي هريرة وغيره (6) في تسليمه - صلى الله عليه وسلم - في صلاة العصر من ركعتين (7)، وكلامه ذا اليدين (8) وإتمامه ما بقي من صلاته، وأنه سجد سجدتي السهو بعد السلام. وثبت حديث عبد الله بن مسعود (أن النبي - صلى الله عليه وسلم - صلى الظهر خمساً وسلَّم (9)، فقيل له: أزيد في الصلاة؟ فسجد سجدتي السهو بعد السلام). أخرجاه في "الصحيحين" (10)، لكن في هذين الحديثين بيان أنه - صلى الله عليه وسلم - لم يذكر السهو إلا بعد السلام، وفي هذا ما يمنع الاحتجاج   (1) سقط من (أ). (2) لأنه قد علَّل بكل واحدة منهما لقول مستقل كما تقدم في المسألة السابقة. (3) في (أ): ومستند. (4) الوسيط 2/ 675 - 676. (5) تقدم تخريجه 2/ 194. (6) كعمران وابن مسعود وتقدم تخريجهما مع حديث أبي هريرة. (7) من ركعتين: سقط من (ب). (8) في (د): وكلام ذو اليدين، وهو تحريف، والمثبت من (أ) و (ب) .. (9) سقط من (ب). (10) انظر: التخريج قبل صفحتين. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 209 به في محل النزاع. وثبت حديث أبي سعيد الخدري أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: (إذا شكَّ أحدكم في صلاته فلم يدرِ كم صلى فليطرح الشكَّ، وليبن على ما استيقن, وليسجد سجدتين وهو جالس قبل أن يسلَّم) أخرجه مسلم في "صحيحه" (1)، وأخرج أبو داود صاحب "السنن" بإسناده (2) عن عبد الله بن جعفر (3) أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: (من شكَّ في صلاته فليسجد سجدتين بعد ما يسلِّم). وذكر الحافظ أحمد (4) البيهقي أن إسناده لا بأس به، إلا أن حديث أبي سعيد الخدري أصحُّ إسناداً منه، ومعه حديث عبد الرحمن بن عوف وأبي هريرة (5). قلت: فإذاً الاعتماد في تصحيح القول الجديد (6) على ترجيح الأحاديث الواردة بأنه قبل السلام أصحُّ إسناداً، وأقوى، وأظهر دلالة. وأما أن آخر الأمرين من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قبل السلام فقد اعتمده الشافعي - رضي الله عنه - (7)، وروى   (1) تقدم تخريجه في 2/ 204. (2) وذلك في سننه كتاب الصلاة، باب من قال بعد السلام 1/ 625 رقم (1033). (3) أبو جعفر عبد الله بن جعفر بن أبي طالب القرشي الهاشمي، ولد بأرض الحبشة، أحد الأجواد، له صحبة، ورواية، وعداده في صغار الصحابة، نشأ في حجر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وكفالته بعد وفاة أبيه يوم مؤتة، روي له عن النبي - صلى الله عليه وسلم - (25) حديثاً، وقد روى حديثه الجماعة، توفي سنة 80 هـ. انظر ترجمته في: الاستيعاب 6/ 133، تهذيب الأسماء 1/ 263، البداية والنهاية 9/ 35، الإصابة 6/ 38. (4) في (ب): أحمد الحافظ، بالتقديم والتأخير. (5) السنن الكبرى 2/ 476. (6) القائل بأن موضعه قبل السلام. انظر: الأم 1/ 246، الوسيط 2/ 674. (7) انظر: الأم، الموضع السابق. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 210 عن الزهري أنه قال ذلك (1)، وهو مرسل، وإسناده غير محتج به (2)، لكنه (3) يصلح (4) لإلزام الخصم وهو مالك وأبو حنيفة (5) فإنهما يريان الاحتجاج بمثل ذلك (6). وأما بالنسبة إليه وإلى إثبات الحكم به فالمرسل إذا اعتضد بمرسل آخر أو نحو ذلك كان عنده حجة (7)، فلعل هذا المرسل كان عنده بهذه المثابة، فهذا هو العذر عما يقال من أن الإلزام يصلح للمناظر في مقام الجدل دون مقام التحقيق. وسلك إمام الحرمين في المنع من الاحتجاج بقول الزهري مسلكاً آخر فقال: "فعل النبي - صلى الله عليه وسلم - لا يتضمن الإيجاب عند المحققين، ولكنه يتضمن الجواز والإجزاء، فلئن صحَّ ما ذكره الزهري أنه سجد قبل السلام أجزأ، فهذا لا يغيِّر   (1) نسبه البيهقي في السنن الكبرى 2/ 480 الى رواية الشافعي في القديم، وهذا في معرفة السنن والآثار 2/ 171. (2) ذكر البيهقي أنه منقطع، وأن مطرفاً - أحد رواته - غير قوي. انظر: السنن الكبرى 2/ 481، وراجع التلخيص الحبير 4/ 180. (3) في (أ): لكونه. (4) في (د): لا يصلح، و (لا) هنا مقحمة، والمثبت من (أ) و (ب). (5) ذهب أبو حنيفة - رحمه الله - إلى أن محل سجود السهو بعد السلام مطلقاً. وذهب مالك - رحمه الله - إلى أنه إن سها بزيادة سجد بعد السلام، وإن سها بنقصان سجد قبل السلام. انظر: بدائع الصنائع 1/ 172، الدر المختار ومعه حاشية ابن عابدين 2/ 540، التلقين في الفقه المالكي 1/ 111، الكافي لابن عبد البر 1/ 195، القوانين الفقهية لابن جزي ص 73 حاشية الدسوقي 1/ 274. (6) انظر: كشف الأسرار للبخاري الحنفي 3/ 2، أصول السرخسي 1/ 360، فواتح الرحموت لابن نظام الدين 2/ 174، التمهيد 1/ 3 وما بعدها، شرح تنقيح الفصول ص: 379، علوم الحديث للمؤلف ص: 59، تدريب الراوي للسيوطي 1/ 162. (7) أي الشافعي، وانظر الرسالة ص: 462 وما بعدها. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 211 ذلك ولا ينفي جواز ما تقدم" (1). قلت: ولكنه (2) فعله - صلى الله عليه وسلم - في الصلاة يتميز عن فعله في غيرها؛ بدليل من خارج يوجب حمله على الوجوب وهو قوله - صلى الله عليه وسلم -: (صلوا كما رأيتموني أصلي) (3) فاندفع ما ذكره، والله أعلم. قوله: "وفي الحج سجدتان قال - صلى الله عليه وسلم -: من لم يسجدهما لا يقرأهما" (4) هذا حديث أخرجه أبو داود في "سننه" (5) عن عقبة بن عامر قال: (قلت: يا رسول الله في سورة الحج سجدتان؟ قال نعم، ومن لم يسجدهما فلا يقرأهما). في إسناده من لا حجة فيه وهو ابن لهيعة (6) عن مِشْرَح بن   (1) نهاية المطلب 2/ ل 82/ ب - 83/ أ. (2) كذا في النسخ الثلاثة ولعل الصواب: ولكن. (3) تقدم تخريجه، انظر: 2/ 121. (4) الوسيط 2/ 677. وقبله: سجدة التلاوة: وهي سنة مؤكدة، وقال أبو حنيفة: إنها واجبة. ومواضعها في القرآن أربع عشرة آية، وليس في سورة (ص) سجدة خلافاً لأبي حنيفة، وفي الحج ... الخ (5) انظره في كتاب الصلاة، باب تفريع أبواب السجود وكم سجدة في القرآن؟ 2/ 120 رقم (1402)، وممن أخرجه كذلك: الترمذي في جامعه أبواب الصلاة، باب ما جاء في السجدة في الحج 2/ 470 رقم (578) وقال: "هذا حديث ليس إسناده بذاك القوي"، والدارقطني في سننه 1/ 408، والحاكم في المستدرك 2/ 390 وقال: "هذا حديث لم نكتبه مسنداً إلا من هذا الوجه، وعبد الله بن لهيعة بن عقبة الحضرمي أحد الأئمة، إنما نقم عليه اختلاطه في آخر عمره". وراجع التلخيص الحبير 4/ 187. (6) هو أبو عبد الرحمن عبد الله بن لهيعة بن عقبة بن فرعان الحضرمي المصري القاضي، قال عنه الحافظ ابن حجر: "صدوق خلط بعد احتراق كتبه، ورواية ابن المبارك وابن وهب عنه أعدل من غيرهما, وله في مسلم بعض شيء مقرون". روى حديثه أبو داود والترمذي وابن ماجه، توفي سنة 194 هـ. انظر ترجمته في: الجرح والتعديل 5/ 145، تهذيب الأسماء 1/ 283، المغني في الضعفاء 1/ 352، تقريب التهذيب ص: 319. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 212 هاعان (1) عن عقبة، وابن لهيعة ومشرح ضعيفان، لكن له شاهد يقويه (2)، وقد روي ذلك عن جماعة من (3) الصحابة رضي الله عنهم (4). وقوله (من لم يسجدهما فلا يقرأهما) معناه والله أعلم: من لم يرد أن يسجدهما فلا يقرأ آيتيهما (5)، والله أعلم. ما ذكره من قول ابن عباس - رضي الله عنهما -: (ما سجد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في المفصَّل بعد ما هاجر) (6) في إسناده ضعف (7)، ولو صحَّ إسناده فالإثبات   (1) هو أبو مصعب مشرح - بكسر أوله وسكون ثانيه وفتح ثالثه وآخره مهملة - بن هاعان المعافري المصري، قال عنه الحافظ ابن حجر: "مقبول". توفي سنة 128 هـ، روى حديثه البخاري في خلق أفعال العباد، وأبو داود، والترمذي، وابن ماجة. انظر ترجمته في: الجرح والتعديل 8/ 431، ميزان الاعتدال 5/ 242، تقريب التهذيب ص: 532. (2) وهو ما رواه البيهقي في معرفة السنن والآثار 2/ 153 مرسلاً من طريق خالد بن معدان. حيث قال: "هذا المرسل إذا انضمَّ إلى رواية ابن لهيعة صار قويَّاً". (3) في (ب): عن جماهير. (4) قال الحاكم في المستدرك 2/ 390 بعد روايته للحديث: "وقد صحت الرواية فيه من قول عمر بن الخطاب، وعبد الله بن عباس، وعبد الله بن عمر، وعبد الله بن مسعود، وأبي موسى، وأبي الدرداء، وعمار رضي الله عنهم". أهـ. (5) قال الشيخ أحمد شاكر: "هذا الكلام من كلام العرب لا يراد به ظاهره، إنما هو تقريع وزجر ... وإنما يريد - صلى الله عليه وسلم - في هذا الحديث - أن يحض القارئ على السجود في الآيتين، فكما أنه لا ينبغي له أن يترك قراءتهما، لا ينبغي له إذا قرأهما أن يدع السجود فيهما". تعليقه على جامع الترمذي 2/ 471. (6) الوسيط 2/ 678. وقبله: والقول القديم: إن السجدات إحدى عشرة إذ روى ابن عباس ... الخ. (7) رواه أبو داود في سننه كتاب الصلاة، باب من لم ير السجود في المفصَّل 2/ 121 رقم (1403)، والبيهقي في السنن الكبرى كتاب الصلاة 2/ 443 رقم (3701) وضعفه، وكذا ضعَّف إسناده النووى في المجموع 4/ 60، وابن حجر في التلخيص الحبير 4/ 186. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 213 يقدم (على) (1) النفي على ما عرف (2)، وذلك فيما ذكره من حديث أبي هريرة (3). أخرجه الإمامان في "صحيحيهما" (4) عن أبي هريرة أنه قرأ في صلاة العتمة {إِذَا السَّمَاءُ انْشَقَّتْ} فسجد، وقال: (سجدت بها خلف أبي القاسم - صلى الله عليه وسلم - فلا أزال أسجدها (5) حتى ألقاه). وأخرج (6) مسلم في "صحيحه" (7) عن أبي هريرة قال: (سجدنا مع النبي - صلى الله عليه وسلم - في: {إِذَا السَّمَاءُ انْشَقَّتْ} وفي {اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ}. وقد علم أن أبا هريرة إنما أسلم بعد الهجرة بست سنين (8)، والله أعلم. قوله (9) في الكتاب: "بسنين" (10) تصحَّف بفتح السين على التثنية، وإنما صوابه بكسر (11) السين على الجمع، وهو (12) ستٌّ، والله أعلم.   (1) زيادة من (أ) و (ب). (2) راجع مثلاً: البحر المحيط 6/ 172، شرح الكوكب المنير 4/ 682. (3) قال الغزالي: "ولكن روى الشافعي - رضي الله عنه - بإسناده في الجديد أنه - عليه السلام - سجد في سورة: {إِذَا السَّمَاءُ انْشَقَّتْ} قد رواه أبو هريرة، وقد أسلم بعد الهجرة بسنين". أهـ الوسيط 2/ 678 - 679. (4) انظر: صحيح البخاري - مع الفتح - كتاب سجود القرآن، باب من قرأ السجدة في الصلاة فسجد بها 2/ 651 رقم (1078)، صحيح مسلم - مع النووي - كتاب المساجد، باب سجود التلاوة 5/ 78. (5) في (أ): أسجد بها. (6) في (د) و (ب): أخرجه، والمثبت من (أ). (7) 5/ 76 - 77. (8) في عام خيبر. (9) في (أ) و (ب): وقوله. (10) الوسيط 2/ 679. (11) سقط من (ب). (12) في (أ): وهي. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 214 قوله في أقل ما يجزئ في سجدة (1) التلاوة: "الصحيح أنها سجدة فردة" (2) يعني من غير تحرُّم، وسلام، وتشهد، وظاهر كلامه وكلام شيخه (3) أنها بغير نية أيضاً، ولا يستقيم مع هذا القول بأن هذا الوجه هو الصحيح، بل لا وجه لتصحيحه, وتصحيحهما (4) من غير نية؛ لمساواتها العبادات المفتقرة إلى النية، والله أعلم. قوله: "كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول في سجود التلاوة: سجد وجهي للذي خلقه وصوره (5)، وشق سمعه وبصره بحوله وقوته" (6) أخرجه أبو داود (7) بإسناد فيه ضعف (8) عن عائشة رضي الله عنها، وفيه أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان يقول في سجود القرآن بالليل (بها) (9).   (1) في (ب): سجود. (2) الوسيط 2/ 679. (3) انظر: نهاية المطلب 2/ ل 79/ أ - ب. (4) في (أ) و (ب): تصحيحها، والمراد بهما إمام الحرمين والغزالي. (5) سقط من (أ) و (ب). (6) الوسيط 2/ 680. (7) في سننه كتاب الصلاة، باب ما يقول إذا سجد 2/ 126 رقم (1414)، وممن رواه كذلك الترمذي في جامعه أبواب الصلاة، باب ما يقول في سجود القرآن 2/ 474 رقم (580) وقال: "هذا حديث حسن صحيح"، والنسائي في سننه كتاب التطبيق، باب نوع آخر 2/ 571 رقم (1128)، والدارقطني في سننه 1/ 406، والحاكم في المستدرك 1/ 220 وقال: "هذا حديث صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه"، ووافقه الذهبي، ورواه البيهقي في السنن الكبرى كتاب الصلاة 1/ 460 رقم (3774). (8) لأنه جاء في سنده عنده عن خالد الحذاء عن رجل عن أبي العالية، لكن رواية غيره: عن خالد الحذاء عن أبي العالية بإسقاط هذا الرجل الذي لا يعرف حاله. ونظر: تذكرة الأخيار ل73/ ب. (9) زيادة من (أ). الجزء: 2 ¦ الصفحة: 215 قوله (1): "روى أنه قال: اللهم اكتب لي بها عندك أجراً، واحطط لي بها وزراً، واجعلها لي (2) عندك ذخراً، واقبلها مني كما قبلت من عبدك داود - عليه السلام -" (3) هذا مروي عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: (جاء رجل إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال: يا رسول الله إني رأيتني الليلة وأنا نائم كأنِّي أصلي خلف شجرة، فسجدت فسجدت الشجرة بسجودي، فسمعتها وهي تقول: اللهم اكتب لي بها أجراً، وضع عني بها وزراً، واجعلها لي عندك ذخراً، وتقبلها مني كما تقبلتها من عبدك (داود) (4) قال ابن عباس: فقرأ النبي - صلى الله عليه وسلم - سجدة فسمعته (وهو) (5) يقول مثل ما أخبر (6) الرجل عن قول الشجرة) (7). قوله: "ولا يستحب رفع اليدين، (و) (8) في غير الصلاة قال العراقيون: يستحب رفع اليدين؛ لأنها تكبيرة التحرُّم" (9) ونقله عن "الوسيط" شارح   (1) في (ب): وقوله. (2) سقط من (أ). (3) الوسيط 2/ 680. (4) زيادة من (ب). (5) زيادة من (أ)، وهي في متن الحديث. (6) في (أ) و (ب): أخبره. (7) رواه الترمذي في جامعه أبواب الصلاة، باب ما يقول في سجود القرآن 2/ 472 رقم (579) وقال: "هذا حديث حسن غريب من حديث ابن عباس لا نعرفه إلا من هذا الوجه"، وابن ماجه في سننه كتاب اقامة الصلاة، باب سجود القرآن 1/ 334 رقم (1053)، وابن خزيمة في صحيحه كتاب الصلاة 1/ 282 رقم (562)، والحاكم في المستدرك 1/ 219 - 220 وقال: "هذا حديث صحيح رواته مكيون، لم يُذكر واحد منهم بجرح، وهو من شرط الصحيح ولم يخرجاه"، ووافقه الذهبي. (8) زيادة من (ب)، وهي في المتن. (9) الوسيط 2/ 680 وقبله: أن التحرم لا بدَّ منه. أما السلام فلا. هذا في غير الصلاة. أما المصلي فتكفيه سجدة واحدة، ويستحب في حقه تكبير الهوي، ولا يستحب رفع اليد ... إلخ. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 216 "الوجيز" (1): "ولا يستحب رفع اليدين في الصلاة وقال العراقيون ... إلى آخره، بإسقاط كلمة "غير" ثم قال معترضاً عليه: "هذا شيء بدع حكماً أو (2) علة، ولا يكاد يوجد نقله لغيره، ولا ذكر له في كتبهم". وهذا تحريف لما في "الوسيط" وقع فيه (3) (من جهة النسخة التي نقل منها، والله أعلم) (4).   (1) انظر: فتح العزيز 4/ 197. (2) في (أ): و. (3) في (أ): فيها. (4) ما بين القوسين زيادة من (أ) و (ب). الجزء: 2 ¦ الصفحة: 217 ومن الباب السابع في صلاة التطوع قوله: "وزاد آخرون ركعتين أُخريين قبل الظهر" (1) هذا هو (2) قول من يقول: يسن (3) قبل الظهر أربع، وبعده ركعتان، ويجعل عدد الرواتب المؤكدة ثلاث عشرة ركعة، ومستند هذا الوجه (والوجه) (4) الأول وهو أنها إحدى عشرة ركعة من الحديث (حديث) (5) صحيح ثابت في "الصحيحين" (6). ومستند الوجه الثالث وهو زيادة أربع قبل العصر مضمومة إلى الثلاث عشرة دون ذلك روينا أن ابن عمر قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: (رحم الله امرءاً صلى قبل العصر أربعاً) أخرجه أبو داود (7)، والترمذي (8)، ورواه البخاري في   (1) الوسيط 2/ 683. وقبله: الأول: في السنن الرواتب تبعاً للفرائض: وهي إحدى عشرة ركعة: ركعتان قبل الصبح، وركعتان قبل الظهر، وركعتان بعده، وركعتان بعد المغرب، وركعتان بعد العشاء، والوتر ركعة. وزاد آخرون ... إلخ. (2) سقط من (ب). (3) سقط من (ب). (4) زيادة من (أ) و (ب). (5) زيادة من (ب). (6) في (أ) و (ب) الصحيح. وقد روى الشيخان عن ابن عمر أن السنن الرواتب عشر ركعات، وعن عائشة أنها اثنتا عشرة ركعة ومع الوتر تصبح إحدى عشرة، وثلاث عشرة ركعة انظر: صحيح البخاري - مع الفتح - كتاب التهجد، باب الركعتين قبل الظهر 3/ 70 رقم (1180، 1182)، وصحيح مسلم - مع النووي - كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب فضل السنن الرواتب 6/ 7 - 8 (7) في سننه كتاب الصلاة، باب الصلاة قبل العصر 2/ 53 رقم (1271). (8) في جامعه أبواب الصلاة، باب ما جاء في الأربع قبل العصر 2/ 292 رقم (430) وقال: "هذا حديث غريب حسن". الجزء: 2 ¦ الصفحة: 218 "تاريخه" (1) لا في "صحيحه"، والله أعلم. قوله: "واستحب بعض الأصحاب ركعتين قبل المغرب" (2) قلت: هذا هو الصحيح؛ فإن فيهما (3) أحاديث ثابتة في "الصحيحين" (4)، وغيرهما (5)، ولكن لا ترقيهما (6) من درجة الاستحباب إلى درجة السنن الراتبة المؤكدة، فقد روى عبد الله بن مغفل المزني قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: (صلوا قبل المغرب ركعتين، ثم قال: صلوا قبل المغرب ركعتين، ثم قال في الثالثة: لمن شاء كراهية أن يتخذها (7) الناس سنة) أخرجه البخاري في "صحيحه" (8)، وحاصله أنها مستحبة، لا (9) سنة، والله أعلم.   (1) لم أقف عليه فيه بعد البحث، وممن رواه أحمد في المسند 2/ 117، وابن خزيمة في صحيحه كتاب الصلاة 2/ 206 رقم (1193)، وابن حبَّان في صحيحه - انظر الإحسان 6/ 206 رقم (2453)، والبيهقي في السنن الكبرى كتاب الصلاة 2/ 665 رقم (4485) وقد نسبه إلى رواية البخاري في التاريخ, والبغوي في شرح السنة 2/ 437 رقم (888)، قال الحافظ ابن حجر: "وفيه محمَّد بن مهران وفيه مقال، لكن وثقه ابن حبان وابن عدي". التلخيص الحبير 4/ 215. (2) الوسيط 2/ 683. (3) في (أ) و (ب): فيها. (4) انظر: صحيح البخاري - مع الفتح - كتاب التهجد، باب الصلاة قبل المغرب 3/ 71 رقم (1183) عن عبد الله بن مغفل المزني، وصحيح مسلم - مع النووي - كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب استحباب ركعتين قبل صلاة المغرب 6/ 123 عن أنس. (5) كأبي داود في سننه كتاب الصلاة, باب الصلاة قبل المغرب 2/ 59 رقم (1281) عن عبد الله بن مغفل، وكذا الإِمام أحمد في المسند 5/ 55. (6) في (أ) و (ب): ترقيها. (7) في (ب): يتخذ. (8) انظر الهامش رقم (3) المتقدِّم. (9) في (ب): أو. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 219 قوله: "أوتر - صلى الله عليه وسلم - بواحدة، وثلاث، وخمس، وكذا بالأوتار إلى إحدى عشرة" (1) هذا فيه شيء؛ إذ لا يعلم في روايات الوتر مع كثرتها أنه - صلى الله عليه وسلم - أوتر بواحدة فحسب، فإن أراد ما روي أنه - صلى الله عليه وسلم - كان يصلي إحدى عشرة ركعة يوتر منها بواحدة (2)، فهذا ليس واحدة فحسب، وهو من قبيل قوله: أوتر بإحدى عشرة (3)، ولكن روي عنه - صلى الله عليه وسلم - أنه سوَّغ الوتر بواحدة (4).   (1) الوسيط 2/ 684. وقبله: أما الوتر فسنة ... وأحكامه خمسة: الأول: أنه عليه الصلاة والسلام أوتر بواحدة ... إلخ. (2) رواه مسلم في صحيحه - مع النووي - كتاب صلاة المسافرين وقصرها 6/ 16 عن عائشة. (3) قال الترمذي في جامعه 2/ 320: "وقد روي عن النبي - صلى الله عليه وسلم - الوتر بثلاث عشرة، وإحدى عشرة، وتسع، وسبع, وخمس، وثلاث, وواحدة". وكذا قال الحاكم في المستدرك 1/ 306: "صحَّ وتر النبي - صلى الله عليه وسلم - بثلاث عشرة ... إلى آخر ما قاله الترمذي ثم قال: "وأصحها وتره - صلى الله عليه وسلم - بواحدة". قال ابن الملقن في تذكرة الأخيار ل74/ أ: "وفي الصحاح لابن السكن عن عائشة "أنه - عليه السلام - أوتر بواحدة. ثم قال: "وهو صحيح أيضاً؛ لأنه - عليه السلام - قال: (إن الله وتر يحب الوتر). أهـ وحديث (إن الله وتر .. الحديث) رواه البخاري في صحيحه - مع الفتح - كتاب الدعوات، باب لله مائة اسم غير واحدة 11/ 218 رقم (6410)، ومسلم في صحيحه - مع النووي - كتاب الذكر والدعاء والتوبة والاستغفار، باب أسماء الله تعالى وفضل من أحصاها 17/ 4 - 5 وروى ابن ماجه في سننه كتاب إقامة الصلاة، باب ما جاء في الركعتين بعد الوتر جالساً 1/ 377 رقم (1196) عن عائشة رضي الله عنها قالت: (كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يوتر بواحدة. ثم يركع ركعتين يقرأ فيهما وهو جالس, فإذا أراد أن يركع قام فركع) قال البوصيري في مصباح الزجاجة 1/ 395: "هذا إسناد صحيح ورجاله ثقات". (4) لعلَّ مراده به ما أخرجه أصحاب السنن عدا الترمذي عن أبي أيوب الأنصاري أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: (الوتر حق على كل مسلم، فمن أحب أن يوتر بخمس فليفعل، ومن أحب أن يوتر بثلاث فليفعل، ومن أحب أن يوتر بواحدة فليفعل) انظر: سنن أبي داود كتاب الصلاة، باب كم الوتر 2/ 132 رقم (1422)، وسنن النسائي كتاب قيام الليل، باب ذكر الاختلاف على الزهري في حديث أبي أيوب في الوتر 3/ 265 رقم (1709)، وسنن ابن ماجه كتاب إقامة الصلاة، باب ما جاء في الوتر بثلاث وخمس وسبع وتسع 1/ 376 رقم (1190)، قال الحاكم: "هذا حديث صحيح الإسناد على شرط الشيخين ولم يخرجاه". أهـ المستدرك 1/ 322، وذكر النووي أن إسناده صحيح. انظر المجموع 4/ 17. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 220 وقوله: "والنقل متردد في ثلاث عشرة" (1) اعلم أن معناه: أن النقل فيها في ثبوته وصحته تردد؛ وذلك أنه روي عن عائشة رضي الله عنها أنه - صلى الله عليه وسلم - لم يكن يوتر بأكثر من ثلاث عشرة. أخرجه أبو داود (2)، وقد روي بلفظ آخر هذا (3) أصرح منه (4)، لكن يرد عليه وجوه ثلاثة: أحدها: أنه روي عن عائشة رضي الله عنها أنها قالت: (كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يصلي فيما بين أن يفرغ من صلاة العشاء إلى الفجر إحدى عشرة ركعة يسلِّم من كل ركعتين ويوتر بواحدة ويسجد سجدة). أخرجه مسلم في "صحيحه" (5)، وهذا يتضمن نفي الزيادة على إحدى عشرة ركعة. والثاني: أنا روينا عن عائشة رضي الله عنها أنها قالت: (كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يصلي ثلاث عشرة ركعة بركعتيه قبل الصبح) أخرجه أبو داود (6)، وهذا تفسير   (1) الوسيط 2/ 684. (2) في سننه كتاب الصلاة، باب في صلاة الليل 2/ 97 رقم (1362)، وسكت عنه المنذري في مختصر سنن أبي داود 1/ 104، وحكم عليه الألباني بالصحة. انظر: صحيح سنن أبي داود 1/ 254 رقم (1214). (3) سقط من (ب). (4) إشارة إلى الرواية التي أوردها مسلم في صحيحه - مع النووي - كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب صلاة الليل والوتر 6/ 16 - 17 عن عائشة رضي الله عنها قالت: (كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يصلي من الليل ثلاث عشرة ركعة يوتر من ذلك بخمس لا يجلس في شيء إلا في آخرها). (5) انظره الموضع السابق، لكن دون قوله: (ويسجد سجدة)، وهي موجودة في جميع نسخ المخطوط - التي بين يدي -، ولا معنى لها هنا، والله أعلم. (6) في سننه كتاب الصلاة، باب في صلاة الليل 2/ 96 رقم (1359)، والحديث رواه الإمام مسلم في صحيحه الموضع السابق 6/ 17 ولفظه: (أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان يصلي ثلاث عشرة ركعة بركعتي الفجر). الجزء: 2 ¦ الصفحة: 221 لرواية الثلاث عشرة نافٍ لمخالفتها رواية الإحدى عشرة. والثالث: رواية (1) الأسود بن يزيد (2) أنه سأل عائشة عن صلاة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بالليل فقالت: (كان يصلي ثلاث عشرة ركعة (3) من الليل، ثم إنه صلى إحدى عشرة ركعة (4) وترك ركعتين) أخرجه أبو داود (5). وقد اختار الفوراني (6)، وصاحب "التهذيب" (7) أن أكثره ثلاث عشرة، وإنما ظاهر المذهب إحدى عشرة ركعة (8)، والله أعلم. والفصل في الثلاث وما وراءها من الأعداد (9) أقوى إسناداً، وأثبت، ومن أدلته حديث ابن عمر رضي الله عنهما المتفق على صحته (10) قال: قال رسول   (1) مكررة في (ب). (2) أبو عمرو ويقال: أبو عبد الرحمن الأسود بن يزيد بن قيس النخعي الكوفي، تابعي مخضرم، الإمام الفقيه، قال عنه الحافظ ابن حجر: "ثقة مكثر فقيه". روى حديثه الجماعة، توفي سنة 74 أو 75 هـ. انظر ترجمته في: الجرح والتعديل 2/ 292، تهذيب الأسماء 1/ 122، تقريب التهذيب ص: 111. (3) سقط من (أ). (4) سقط من (أ). (5) في سننه كتاب الصلاة, باب في صلاة الليل 2/ 98 رقم (1363)، وقد حكم عليه الألباني بالضعف انظر: ضعيف سنن أبي داود ص: 132 رقم (293). (6) انظر: الإبانة ل 40/ أ. (7) انظر: التهذيب ص: 578. (8) انظر: المجموع 4/ 12، روضة الطالبين 1/ 430. (9) قال الغزالي: "إن زاد على الواحدة ففي التشهد وجهان: أحدهما: أنه يتشهد تشهدين في الأخيرتين. والثاني: أن يتشهد في الأخيرة تشهداً واحداً؛ كيلا يشتبه بالمغرب إن كان ثلاثاً. وكل ذلك منقول، والكلام في الأولى". أهـ الوسيط 2/ 685. (10) انظر: صحيح البخاري - مع الفتح - كتاب الوتر، باب ما جاء في الوتر 2/ 554 رقم (990)، وصحيح مسلم - مع النووي - كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب صلاة الليل مثنى مثنى والوتر ركعة من آخر الليل 6/ 34 واللفظ لمسلم. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 222 الله - صلى الله عليه وسلم -: (صلاة الليل مثنى مثنى فإذا رأيت الصبح يدركك (1) فأوتر بواحدة)، ومنها حديث الزهري عن عروة عن عائشة (أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان يصلي بالليل إحدى عشرة ركعة يسلِّم من كل ركعتين ويوتر بواحدة). أخرجه مسلم في "صحيحه" (2)، والله أعلم. قوله: "الأفضل في عدد الركعات ماذا؟ فيه أربعة أوجه ... إلى آخره" (3) هذا مشكل من حيث إنه (4) ينبغي أن تتوارد الأوجه الأربعة على شيء واحد، وصورة ما أورده غير وافية بذلك، ويمكن أن نقول: إن ما ذكره يتضمن تواردها على أن الركعة الفردة هل (5) هي أفضل من ثلاث موصولة؟ ففيه الأوجه الأربعة: أحدها: أن الثلاث الموصولة أفضل من الفردة مطلقاً. والثاني: أن الفردة أفضل من الموصولة مطلقاً. والثالث: التفصيل: فالركعة الفردة أفضل إن تقدمها ركعتان، وإن لم (6) يتقدمها ركعتان فالثلاث الموصولة أفضل. والرابع: التفصيل من وجه آخر: فالثلاث الموصولة أفضل من الركعة الفردة (7) من الإمام دون غيره (8). هذا ما (9) أمكن من الاعتذار له، وليس بتام؛   (1) في (أ): مدركك. (2) انظره - مع النووي - كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب صلاة الليل والوتر 6/ 16. (3) الوسيط 2/ 685 - 687. (4) سقط من (ب). (5) سقط من (أ). (6) سقط من (ب). (7) في (أ): المفردة. (8) انظر هذه الأوجه في: حلية العلماء 2/ 143، المجموع 4/ 13. (9) في (د): إذا، والمثبت من (أ) و (ب). الجزء: 2 ¦ الصفحة: 223 لأن الأفضلية على الوجه الثالث ليست للركعة الفردة (1) خاصة، بل لها وللركعتين اللتين (2) تقدمتاها، وقد اعترف هو بذلك في قوله في هذا الوجه: "ثلاث مفصولة أفضل من ثلاث موصولة" (3)، والله أعلم. ثم إنه صدَّر الكلام بقوله: "الأفضل في عدد الركعات ماذا؟ " وذلك يستدعي أن يذكر أن ثلاثاً مفصولة أفضل من ثلاث موصولة أم لا؟ وفي ذلك ثلاثة أوجه: أظهرها: ما ذكره العراقيون وبعض الخراسانيين: أن الثلاث المفصولة أفضل من الموصولة. والثالث: إن كان إماماً فالموصولة أفضل وإلا فالمفصولة أفضل (4)، والله أعلم. حديث أبي بكر وعمر في تقديم الوتر على النوم وتأخيره (5) ثابت، إسناده جيِّد، رواه الشافعي (6) عن سعيد بن المسيب (7) مرسلاً، وقد عرف أن مرسل   (1) في (أ): المفردة. (2) في (د): اللذين، والمثبت من (أ) و (ب). (3) الوسيط 2/ 686. (4) انظر هذه الأوجه وتصحيح ما صححه ابن الصلاح في: نهاية المطلب 2/ ل 143/ أ, فتح العزيز 4/ 229، روضة الطالبين 1/ 431، المجموع الموضع السابق. (5) قال الغزالي: "وليكن الوتر آخر صلوات التهجد؛ كان عمر - رضي الله عنه - لا يوتر وينام ثم يقوم ويصلي ويوتر، وكان أبو بكر - رضي الله عنه - يوتر ثم ينام، ويقوم ويتهجد ووتره سابق، فترافعا إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال: هذا أخذ بالحزم - عنى به أبا بكر - وهذا أخذ بالقوة - عنى به عمر -". الوسيط 2/ 687. (6) في سننه ص: 279 - 280 برقم (174، 176). (7) هو أبو محمد سعيد بن المسيب بن حُزن المخزومي القرشي المدني، سيِّد التابعين، الإمام الجليل، أحد الفقهاء السبعة بالمدينة، جمع الحديث، والتفسير، والفقه, والورع، مع العبادة، توفي سنة 93 هـ، وقيل: 94 هـ. انظر ترجمته في: وفيات الأعيان 2/ 117، تهذيب الأسماء 1/ 219، تذكرة الحفَّاظ 1/ 54، شذرات الذهب 1/ 103. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 224 سعيد حجة (1). ورواه أبو داود من حديث أبي قتادة موصولاً (2)، وحكم الحاكم أبو عبد الله بأنه صحيح على شرط مسلم (3). وما حكاه عن ابن عمر من نقض الوتر (4) ليس من تمام هذا الحديث، بل هو من (5) حديث آخر، ثابت عن ابن عمر، رواه الشافعي عن مالك (6). وخالف ابن عمر غيره من الصحابة فلم يروا نقض الوتر منهم: ابن عباس (7)، وأبو هريرة (8) رضي الله عنهم.   (1) قال الشافعي في مختصر المزني ص: 88: "وإرسال ابن المسيب عندنا حسن". وراجع المجموع 1/ 61. (2) انظر سننه كتاب الصلاة، باب في الوتر قبل النوم 2/ 138 رقم (1434). (3) انظر: المستدرك 1/ 301، والحديث رواه ابن خزيمة في صحيحه موصولاً في كتاب الصلاة 2/ 145 رقم (1084)، وحكم عليه ابن القطان بالصحة وقال عن رجاله: "كلهم ثقات". الوهم والإيهام 2/ 354 - 355 حديث رقم (352)، وقال ابن حجر: "الحديث حسن". التلخيص الحبير 4/ 235 - 236. ورواه ابن ماجه عن ابن عمر في سننه كتاب إقامة الصلاة، باب ما جاء في الوتر أول الليل 1/ 379 رقم (1203)، قال البوصيري: "هذا إسناد صحيح رجاله ثقات". مصباح الزجاجة 1/ 398، ورواه الإمام أحمد في المسند 3/ 309، 330 عن جابر. (4) قال الغزالي: "وكان ابن عمر يوتر ثم إذا انتبه صلى ركعة وجعل وتره شفعاً، ويتهجد ثم أعاد الوتر، وسمي ذلك نقض الوتر". الوسيط 2/ 688. (5) سقط من (أ) و (ب). (6) انظر: الأم 1/ 259. ورواه مالك في الموطأ - مع الزرقاني - كتاب الصلاة، باب الأمر بالوتر 1/ 368 رقم (272). (7) رواه عنه الشافعي في الموضع السابق من الأم، وابن أبي شيبة في مصنفه 2/ 283 - 284. (8) نقله عنه وعن أبي بكر، وعمَّار، وسعد بن أبي وقاص، وعائذ بن عمرو، وابن عباس، وعائشة: ابن قدامة في المغني 2/ 598. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 225 وقول صاحب الكتاب: "واختار الشافعي فعل أبي بكر الصديق" (1) هذا ليس مناقضاً لقوله "وليكن الوتر آخر التهجد" لا من حيث إنا نحمل هذا على نقض الوتر، وذلك على تقديم الوتر، فإن مراده بهذا أنه اختار فعل أبي بكر في الحزم بتقديم الوتر على ما بيَّنه في "البسيط" (2)، وشيخه في "النهاية" (3)، وإنما اندفاع المناقضة بأن ذلك الأولى في حق من لم ينم، أو نام وهو واثق باستيقاظه، وهذا الحزم في حق من لم يكن كذلك، وقد صحَّ عن جابر قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: (من خاف أن لا يقوم من آخر الليل فليوتر أوله، ومن طمع أن يقوم آخره فليوتر آخره؛ فإن صلاة آخر (4) الليل محضورة مشهودة، وذلك أفضل) أخرجه مسلم في "صحيحه" (5)، والله أعلم. قوله: "والعادة قراءة {سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى} إلى قوله وقيل: إن عائشة روت ذلك" (6) مثل (7) هذا لا يذكر بهذه العبارة؛ فرواية عائشة لذلك مشهورة في كتب الفقه، والحديث أخرجه أبو داود (8)، والترمذي (9)، وابن ماجه (10)،   (1) الوسيط 2/ 688. (2) 1/ ل 124/ أحيث قال: "وميل الشافعي رحمه الله إلى الحزم؛ لأن ترك الصلاة على خطر الانتباه بعيد". (3) 2/ ل 143/ أ. (4) سقط من (أ). (5) انظره - مع النووي - كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب صلاة الليل مثنى مثنى والوتر ركعة من آخر الليل 6/ 34 - 35. (6) الوسيط 2/ 689. (7) في (أ): ومثل. (8) في سننه كتاب الصلاة، باب ما يقرأ في الوتر 2/ 133 رقم (1424). (9) في جامعه أبواب الصلاة، باب ما جاء فيما يقرأ به في الوتر 2/ 326 رقم (463) وقال: "وهذا حديث حسن غريب". (10) في سننه كتاب إقامة الصلاة، باب ما جاء فيما يقرأ في الوتر 1/ 371 رقم (1173). الجزء: 2 ¦ الصفحة: 226 وغيرهم (1)، وقال الحاكم أبو عبد الله: "هذا حديث صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه" (2)، والله أعلم. ما ذكره (3) من أن ما تشرع فيه الجماعة (أفضل) (4) يستثنى من إطلاقه (5) التراويح فإن فيها على قولنا يشرع فيها الجماعة خلافاً، الأصحُّ أن الرواتب أفضل منها (6)؛ لترك النبي - صلى الله عليه وسلم - التراويح (7). جعل صلاة الضحى، والعيدين من غير الرواتب (8) وهذا مما اختلف فيه اصطلاح الأصحاب: إذ منهم من جعل الرواتب عبارة عن النوافل التابعة   (1) وممن أخرجه كذلك ابن حبان في صحيحه انظر الإحسان 6/ 188 رقم (2432)، والدارقطني في سننه 2/ 34 - 35، والبيهقي في السنن الكبرى كتاب الصلاة 3/ 54 رقم (4851 - 4854). (2) المستدرك 1/ 305. ووافقه الذهبي. (3) في (د) و (ب): ما ذكر، والمثبت من (أ). (4) زيادة من (أ). (5) قال الغزالي: "الفصل الثاني: في غير الرواتب: وهي تنقسم إلى ما تشرع فيه الجماعة كالعيدين والخسوفين والاستسقاء، وهي أفضل مما لا جماعة فيه". الوسيط 2/ 690. (6) راجع: فتح العزيز 4/ 257، روضة الطالبين 1/ 434، المجموع 4/ 5. (7) إشارة إلى ما روته عائشة (أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - صلى ذات ليلة في المسجد فصلى بصلاته ناس، ثم صلى من القابلة فكثر الناس، ثم اجتمعوا من الليلة الثالثة أو الرابعة فلم يخرج إليهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فلما أصبح قال: قد رأيت الذي صنعتم، ولم يمنعني من الخروج إليكم إلا أني خشيت أن تفرض عليكم، وذلك في رمضان). انظر: صحيح البخاري - مع الفتح - كتاب التهجد، باب تحريض النبي - صلى الله عليه وسلم - على قيام الليل 3/ 14 رقم (1129)، وصحيح مسلم - مع النووي - كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب الترغيب في صلاة التراويح 6/ 41. (8) انظر: الوسيط 2/ 690 - 691. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 227 للفرائض فحسب، ومنهم من جعلها عبارة عن النوافل (1) المخصوصة بوقت خاص فجعل منها صلاة التراويح، وصلاة العيدين، وصلاة الضحى، وهو اختيار صاحب "المهذب" (2)، والله أعلم. قوله: "أحدهما: أن الوتر أفضل؛ لأنه - صلى الله عليه وسلم - قال: إن الله زادكم صلاة هي خير لكم من حمر النَعم" (3) هذا حديث حسن الإسناد أخرجه أبو داود (4)، وابن ماجه (5)، والترمذي (6) ولفظه: (إن الله أمدكم بصلاة)، وذكر الترمذي أنه حديث غريب. قلت: الاستدلال به مندفع فإنا روينا مثله في ركعتي الفجر في "السنن الكبير" (7) من حديث أبي حفص عمر بن محمد بن بجير البخاري الحافظ (8)   (1) قوله: (التابعة .... عن النوافل) سقط من (أ). (2) انظر: المهذب 1/ 83 - 84. وراجع: التهذيب ص: 570، 585، فتح العزيز 4/ 211، روضة الطالبين 1/ 429. (3) الوسيط 2/ 690 وقبله: أما الرواتب فأفضلها الوتر، وركعتا الفجر، وفيهما قولان: أحدهما: أن الوتر أفضل .... إلخ (4) في سننه كتاب الصلاة، باب استحباب الوتر 2/ 128 رقم (1418). (5) في سننه كتاب إقامة الصلاة، باب ما جاء في الوتر 1/ 369 رقم (1168). (6) في جامعه أبواب الصلاة، باب ما جاء في فضل الوتر 2/ 314 رقم (452)، وممن أخرجه كذلك الحاكم في المستدرك 1/ 306 وقال: "حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه؛ لتفرد التابعي عن الصحابي"، ووافقه الذهبي. (7) انظره كتاب الصلاة 2/ 659 رقم (4463). قال عنه الذهبي: "حديث غريب صالح الإسناد". أهـ السير 14/ 403. (8) الإمام، الثبت، الجوَّال، أبو حفص عمر بن محمد بن بجير الهمذاني السمرقندي، محدث ما وراء النهر، مصنف المسند، والصحيح، والتفسير، وغير ذلك، كان من أوعية العلم، توفي سنة 311 هـ. انظر ترجمته في: السير 14/ 402، تذكرة الحفاظ 2/ 719، طبقات الحفاظ ص: 339، شذرات الذهب 2/ 258. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 228 بإسناده عن أبي سعيد الخدري قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: (إن الله عزَّ وجلَّ زادكم صلاة إلى صلاتكم هي خير لكم من حمر النَّعم (1) ألا وهي الركعتان (2) قبل صلاة (3) الفجر) وذكر الحافظ البيهقي أن إسناد هذا أصحُّ من إسناد الحديث الأول، وأن البخاري قال في رجال إسناد الحديث الأول: "إنه لا يعرف سماع بعضهم من بعض". قال: "وبلغني عن محمد بن إسحاق ابن خزيمة أنه قال: لو أمكنني أن أرحل إلى بجير (4) لرحلت إليه في هذا الحديث" (5). قوله: "والثاني: أن ركعتي (6) الفجر أفضل؛ لقوله - صلى الله عليه وسلم -: ركعتا الفجر هي (7) خير لكم من الدنيا وما فيها" (8) هذا صحيح أخرجه مسلم من حديث عائشة رضي الله عنها (9) , وأخرج البخاري ومسلم (10) عنها قالت: "لم يكن النبي - صلى الله عليه وسلم -   (1) قوله: (هذا حديث حسن .... النعم) سقط من (ب). (2) في (أ): ركعتان، وقوله: ألا وهي الركعتان مكرر في (ب). (3) سقط من (ب). (4) في السنن الكبرى: ابن بجير. (5) السنن الكبرى 2/ 659. (6) في (ب): ركعتا. (7) سقط من (ب). (8) الوسيط 2/ 691. (9) انظر صحيح مسلم - مع النووي - كتاب صلاة المسافرين، باب استحباب ركعتي سنة الفجر 6/ 5. (10) انظر: صحيح البخاري - مع الفتح - كتاب التهجد، باب تعاهد ركعتي الفجر ومن سماهما تطوعاً 3/ 55 رقم (1163)، وصحيح مسلم الموضع السابق 6/ 4. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 229 على شيء من النوافل أشد تعاهداً منه على ركعتي (1) الفجر" وفي هذا ترجيح للقول بأن ركعتي الفجر أفضل (2)، وإن كان قد قيل: إنه المرجوح (3). وقد اختلف في وجوبها أيضاً (4): فعند بعض أصحاب أبي حنيفة أنهما واجبتان (5)، والله أعلم. قوله: "وقد قال - صلى الله عليه وسلم -: فضل تطوع الرجل في بيته على تطوعه في المسجد كفضل صلاته المكتوبة في المسجد على صلاته في بيته" (6) لم أجد له هكذا ثبتاً وقد روي نحوه (7) بإسناد ضعيف عن ضمرة بن (حبيب) (8) مرسلاً (9). ولكن   (1) في (ب): ركعة. (2) في (د): لا، وهو خطأ، والمثبت من (أ) و (ب). (3) انظر: فتح العزيز 4/ 261، المجموع 4/ 26. (4) كأن هذا جواب عن اعتراض مقدَّر وهو أن الوتر أفضل من ركعتي الفجر لكون الوتر مختلف في وجوبه بخلاف ركعتي الفجر فمجمع على سنتيهما، والله أعلم. (5) انظر: الدر المختار مع حاشيته لابن عابدين 2/ 453 - 454. (6) الوسيط 2/ 691 - 692. وقبله: "وفي التراويح ثلاثة أوجه: ... الثالث: أنه إن كان لا يخاف الكسل، ويحفظ القرآن فالانفراد أولى، وإلا فالجماعة، وقد قال - صلى الله عليه وسلم - ... " الحديث. (7) في (أ): مثله. (8) حبيب: سقط من (د)، وبياض في (ب)، وفي (أ): جندب، وحبيب استفدته من تخريج الحديث. وضمرة بن حبيب هو ابن صهيب الزبيدي أبو عتبة الحمصي قال عنه الحافظ ابن حجر: "ثقة"، ووثقه كذلك يحيى بن معين، وأبو حاتم، توفي سنة 130 هـ. انظر ترجمته في: الجرح والتعديل 4/ 467، ميزان الاعتدال 3/ 44، تقريب التهذيب ص: 280. (9) قال الحافظ العراقي: "رواه آدم بن أبي إياس في كتاب الثواب من حديث ضمرة بن حبيب مرسلاً، ورواه ابن أبي شيبة في المصنف فجعله عن ضمرة بن حبيب عن رجل من أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - موقوفاً". أهـ المغني عن حمل الأسفار في الأسفار في تخريج ما في الإحياء من الأخبار - بهامش الإحياء - 1/ 237، وانظر مصنف ابن أبي شيبة 2/ 256. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 230 ثبت في الصحيحين (1) من حديث زيد بن ثابت أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: (أفضل (2) الصلاة صلاة المرء في بيته إلا المكتوبة) وفي رواية أبي داود (3) صاحب "السنن" (صلاة المرء في بيته أفضل من صلاته في مسجدي هذا إلا المكتوبة). قوله: "و (4) روي أنه قال: صلاة (5) في مسجدي هذا أفضل من مائة صلاة في غيره من المساجد إلا المسجد الحرام، وصلاة في المسجد الحرام أفضل من ألف صلاة في مسجدي هذا، وأفضل من ذلك كله رجل يصلي في زاوية بيته ركعتين لا يعلمهما إلا الله تعالى" (6) لم أجد له ثبتاً هكذا بمجموعه في حديث واحد، ولكن قد رويناه مفرقاً في أحاديث، غير أن قوله (صلاة في مسجدي هذا أفضل من مائة صلاة) سهو وقع من شيخه (7)، ثم منه في "الوسيط" و"البسيط" (8)، و (9) إنما رواه الناس: (صلاة في مسجدي هذا أفضل من ألف صلاة في غيره من المساجد إلا المسجد   (1) انظر: صحيح البخاري - مع الفتح - كتاب الأذان، باب صلاة الليل 2/ 251 رقم (731)، وصحيح مسلم - مع النووي - كتاب صلاة المسافرين، باب استحباب صلاة النافلة في البيت 6/ 69 - 70. (2) سقط من (أ). (3) انظر سنن أبي داود كتاب الصلاة، باب صلاة الرجل التطوع في بيته 1/ 632 رقم (1044). (4) سقط من (ب). (5) سقط من (أ) و (ب). (6) الوسيط 2/ 692. (7) لم أهتد إلى موضعه في نهاية المطلب بعد البحث الشديد فيه، والله أعلم. (8) انظره 1/ ل 125/ ب. (9) سقط من (أ) و (ب). الجزء: 2 ¦ الصفحة: 231 الحرام). أخرجه مسلم في "صحيحه" (1) هكذا من حديث ابن عمر رضي الله عنهما، وأخرجا مثله في "الصحيحين" (2) من حديث أبي هريرة - رضي الله عنه -، وروينا مثله في كتاب "السنن الكبير" (3) من حديث عبد الله بن الزبير وزاد (و (4) صلاة في المسجد الحرام خير من مائة صلاة في مسجدي) وروى نحو هذا أبو عبد الله ابن ماجه في "سننه" (5) من حديث جابر، وإسناد هذه الزيادة إسناد جيِّد (6)، فتضمن أن صلاة في المسجد الحرام أفضل من مائة ألف صلاة في غيرهما. وأما باقي الحديث فقد روي نحوه بإسناد ضعيف (7)، ولكنه في معنى حديث زيد بن ثابت الثابت الذي أوردناه، والله أعلم.   (1) انظره - مع النووي - كتاب الحج، باب فضل الصلاة بمسجد مكة والمدينة 9/ 165. (2) انظر: صحيح البخاري - مع الفتح - كتاب فضل الصلاة في مسجد مكة والمدينة، باب فضل الصلاة في مسجد مكة والمدينة 3/ 76 رقم (1190)، وصحيح مسلم الموضع السابق 9/ 163 - 165. (3) انظره كتاب الحج 5/ 404 رقم (10278). (4) سقط من (ب). (5) انظره كتاب إقامة الصلاة، باب ما جاء في فضل الصلاة في المسجد الحرام ومسجد النبي - صلى الله عليه وسلم - 1/ 451 رقم (1406). ورواه من هذا الوجه الإمام أحمد في المسند 3/ 343, 397. (6) قال البوصيري في مصباح الزجاجة 1/ 453: "هذا إسناد صحيح رجاله ثقات". وقال عنه الألباني: "وهذا سند صحيح على شرط الشيخين ... " إرواء الغليل 4/ 146. (7) قال الحافظ العراقي - بعد أن ساق الحديث: "أخرجه أبو الشيخ في الثواب من حديث أنس - ثم ساق الحديث - ثم قال: وإسناده ضعيف، وذكر أبو الوليد الصفار في كتاب للصلاة تعليقاً من حديث الأوزاعي قال: دخلت على يحيى فأسند لي حديثاً فذكره ... إلخ". المغني عن حمل الأسفار 1/ 237. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 232 ما ذكره من (1) التطوعات غير المحصورة في عدد من أن له أن يتشهد في كل ركعة (2)، إنما ذكره شيخه (3) احتمالاً أبداه من عنده، ولم يذكره غيره فيما نعلمه (4)، والظاهر المنع (5)؛ فإنه (6) اختراع كيفية لا نظير لها, ولا أصل يتم إلحاقه به، والله أعلم. قوله في قضاء النوافل: "والثاني: لا يقضى؛ لأن الأصل أن القضاء (يجب) (7) بأمر مجدد، أما الفرائض فإنها ديون لازمة" (8) معناه: أن الدليل يقتضي أن القضاء حيث يثبت إنما يثبت (9) بأمر مجدد لا بالأمر بالأداء؛ فإنه قاصر عما بعد الوقت. أما الفرائض فإنما (10) وجد الأمر المجدد بقضائها بعد الوقت؛ لأنها في الوقت ديون لازمة، فإذا لم تؤدَّ فيه وجب أن تستدرك بعده بتأكدها باللزوم، وهذا غير موجود في النوافل، فلا يلزم تجدد الأمر بالندب بعد وقتها بقضائها (11)، والله أعلم.   (1) في (أ) و (ب): في. (2) انظر: الوسيط 2/ 693. (3) انظر: نهاية المطلب 2/ ل 138/ أ. (4) وراجع: فتح العزيز 4/ 274. (5) قال النووي عن هذا الذي صححه المؤلف: "هو الصحيح المختار". روضة الطالبين 1/ 438. (6) في (ب): لأنه. (7) زيادة من (أ). (8) الوسيط 2/ 693. (9) قوله: (بأمر مجدد .... يثبت) سقط من (أ). (10) في (أ): فإنها. (11) انظر: فتح العزيز 4/ 277، والراجح من الأقوال في قضاء النوافل أن المؤقتة كالعيد والضحى والرواتب التابعة للفرائض: تقضى. أما غير المؤقتة التي تفعل لسبب عارض كصلاة الكسوفين، والاستسقاء، وتحية المسجد فلا مدخل للقضاء فيها. انظر: التهذيب ص: 585، روضة الطالبين 1/ 439. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 233 قوله: "وقيل: إن فائت النهار يقضى بالنهار، وفائت الليل يقضى بالليل" (1) معناه ذلك النهار، وتلك الليلة اللذين (2) وقع فيهما الفوت (3)، فما فات بالنهار يقضى ما لم تغرب الشمس من ذلك اليوم، وفائت الليل يقضى (4) ما لم يطلع الفجر من تلك الليلة وهكذا نقله في "البسيط" (5)، وكذا (6) نقله غيره (7)، وقال إمام الحرمين في حكايته له: "ما لم تطلع الشمس"، ثم استنكره (8)، والله أعلم. ما ذكره في سنة صلاة الصبح من أنها إذا فعلت بعد الفرض فهي أداء لا قضاء (9). قد طرده غيره في سائر سنن الصلوات (10) المقدمة عليه (11)، فوقتها يبقى ما بقي وقت الفرض، وفيها عن القاضي حسين وجه غريب أنها بعد فرضها لا تكون أداءً (12)، والله أعلم.   (1) الوسيط 2/ 694. (2) في (ب): التي. (3) في (أ) و (ب): الفوات، وكلاهما صحيح. (4) في (أ): يقضى بالليل. (5) 1/ ل 126/ ب. (6) في (ب): وهكذا. (7) فقد نقله المسعودي عن القديم انظر: فتح العزيز 4/ 279. (8) انظر: نهاية المطلب 2/ ل 136/ أ (9) انظر: الوسيط 2/ 694. (10) في (ب): في سائر السنن التي للصلوات. (11) انظر: المهذب 1/ 83، ونقله النووي عن الأصحاب وقال: "هذا هو المذهب". المجموع 4/ 11. (12) انظر: التعليقة 2/ 708. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 234 ما ذكره من أنه لو نذر القيام في كل (1) نافلة لم يلزمه، ولو نذر أن يصلي أربع ركعات قائماً لزمه ذلك (2) الذي فهمناه من الفرق بينهما أنه (3) في الصورة الأولى وجَّه (النذر) (4) نحو الصفة (وهي) (5) القيام الذي رخَّص الشرع في تركه (6)، فكان ذلك شاملاً للجنس أجمع، وذلك تغيير لوضع الشرع في الجنس أجمع مع أنه صفة تابعة للموصوف لا تستقل، بخلاف الصورة الثانية فإنه وجَّه النذر فيها نحو الموصوف الفرد وهو صلاة أربع ركعات موصوفة بصفة القيام، فكان من قبيل ما لو نذر إعتاق عبد سليم من العيب وأمثال ذلك، والله أعلم.   (1) سقط من (أ). (2) انظر: الوسيط 2/ 694. (3) في (أ): أن. (4) زيادة من (أ). (5) زيادة من (أ) و (ب). (6) وذلك لما رواه مسلم في صحيحه - مع النووي - كتاب صلاة المسافرين، باب جواز النافلة قائماً وقاعداً 6/ 8 - 15 عن عبد الله بن شقيق العقيلي قال: (سألت عائشة عن صلاة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بالليل فقالت: كان يصلي ليلاً طويلاً قائماً، وليلاً طويلاً قاعداً، وكان إذا قرأ قائماً ركع قائماً، وإذا قرأ قاعداً ركع قاعداً). وفي رواية قال عبد الله: (قلت لعائشة: هل كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يصلي وهو قاعد؟ قالت: نعم بعد ما حطَّمه الناس). الجزء: 2 ¦ الصفحة: 235 ومن كتاب الصلاة بالجماعة من الباب الأول منه: إذا قلنا: إن الجماعة فرض كفاية (1) فالمعتبر في الكفاية أن تظهر إقامة الجماعة في جميع البلد، ولا يخفى على أهله إقامتها، وإن حصل ذلك بأقلهم، وتركها جماهيرهم (2)، والله أعلم. قوله: "قال - عليه السلام -: (تقف إمامة النساء وسطهن) وكانت عائشة تفعل ذلك" (3) أما رواية ذلك عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فلا يعرف (4). وأما فعل عائشة فقد ذكره الشافعي (5)، وبه احتج، وبمثله عن أم سلمة (6)، وذكر آثاراً موقوفة غير مرفوعة إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم -   (1) قال الغزالي: "الباب الأول: في فضل الجماعة: وهي مستحبة غير واجبة إلا في صلاة الجمعة ... وقال بعض أصحابنا: هي فرض كفاية". الوسيط 2/ 695، وهي الصحيح في المذهب انظر: المجموع 4/ 184، كفاية الأخيار 1/ 255. (2) انظر: فتح العزيز 4/ 286، المجموع 4/ 185 - 186، مغني المحتاج 1/ 229. (3) الوسيط 2/ 695 - 696. وقبله: تحوز المرأة فضل الجماعة اقتدت برجل أو امرأة، قال - عليه السلام -: .. إلخ. (4) روى البيهقي في السنن الكبرى كتاب الصلاة 1/ 600 رقم (1921) عن أسماء قالت: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: (ليس على النساء أذان، ولا إقامة، ولا جمعة، ولا اغتسال جمعة، ولا تقدمهن امرأة ولكن تقوم في وسطهن). قال البيهقي: "هكذا رواه الحكم بن عبد الله الأيلي وهو ضعيف، ورويناه في الأذان والإقامة عن أنس بن مالك موقوف، ومرفوعاً، ورفعه ضعيف". أهـ، وراجع تذكرة الأخيار ل 78/ أ. (5) انظر: الأم 1/ 292. (6) انظر: الأم الموضع السابق، والمسند ص: 375. والآثار عن عائشة وأم سلمة رواها كذلك عبد الرزاق في مصنفه 3/ 140 - 141، والدارقطني في سننه 1/ 404 - 405، والبيهقي في السنن الكبرى 3/ 178، وصحح إسنادهما النووي في المجموع 4/ 199، وراجع نصب الراية 2/ 30 - 31، التلخيص الحبير 4/ 425. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 236 قوله: "وردت رغائب في فضيلة التكبيرة الأولى" (1) فمنها ما روي عن عبد الله بن مسعود - رضي الله عنه - (أنه اشتد إلى الصلاة ثم قال: بادروا حدَّ الصلاة) (2). يعني: التكبيرة الأولى. ومنها ما روي أن السلف رضي الله عنهم كانوا يعزُّون أنفسهم ثلاثة أيام إذا فاتتهم التكبيرة الأولى، ويعزُّون سبعاً إذا فاتتهم الجماعة. ولم أقف على أسانيدها (3)، ونقاد أهل الحديث يتسامحون في أسانيد الرغائب والفضائل (4)، والله أعلم. ما ذكره من أن فضيلة الجماعة (5) لا تحصل لمن لم يدرك الركوع الأخير، وإنما أدرك بعده (6). مخالف لما قطع به الشيخان: صاحب "المهذب" (7)، و"التهذيب" (8)،   (1) الوسيط 2/ 696. (2) رواه الطبراني عن رجل من طي عن أبيه: (أن ابن مسعود خرج إلى المسجد فجعل يهرول فقيل له. أتفعل هذا وأنت تنهى عنه قال: إنما أردت حدَّ الصلاة التكبيرة الأولى). المعجم الكبير 9/ 292 رقم (9259)، قال الهيثمي: "وفيه من لم يسم كما تراه". مجمع الزوائد 2/ 152. (3) ذكر ابن الملقن وابن حجر مجموعة من الآثار في فضل إدراك التكبيرة الأولى. انظر: تذكرة الأخيار ل 78/ أ، التلخيص الحبير 4/ 289. (4) انظر المجموع 1/ 59، وقد منع من العمل بالضعيف مطلقاً طائفة إلا بشروط، راجع: قواعد التحديث للقاسمي ص: 113، 116، مقدمة تمام المنَّة للألباني ص: 32 - 38. (5) سقط من (ب). (6) انظر: الوسيط 2/ 696. (7) انظر: المهذب 1/ 95. (8) انظر: التهذيب ص: 597. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 237 وغيرهما من العراقيين (1)، وغيرهم (2) من أنها تحصل ولو (3) لم يدرك إلا التشهد؛ لأنه لولا ذلك لما جاز له زيادة ذلك في صلاته (4)، والله أعلم. ما ذكره فيمن صلى منفرداً ثم أعاد في جماعة وقلنا: إن الفرض هو الأول، والثاني نفل من أنه لا ينوي الفرضية (5). فهذا رأي شيخه (6)، واستبعد أن ينوي الفرضية مع علمه بأنها ليست بفرض، ولكن معظم الأصحاب على أنه ينوي الفرض (7). فأقول: وجهه أنه إنما استحب له إعادتها جماعة ليحصل له ثواب الجماعة في فرض وقته حتى يكون (8) بمنزلة من صلاها جماعة من (9) الأول، فهو في التقدير مصلٍ أولاً فلينو الفرض، وذلك توسيع للطريق إلى حيازة فضيلة الجماعة في فرائض الأوقات لشدة الاعتناء بها، والله أعلم. قوله: "لا رخصة في ترك الجماعة إلا بعذر" (10) هذه العبارة صحيحة وإن قلنا: إنها سنة؛ لأنها من السنن المؤكدة التي يكره تركها (11)، وقد قال   (1) نسبه النووي: إلى جمهور العراقين. انظر: المجموع 4/ 219، وراجع: فتح العزيز 4/ 288 (2) نسبه النووي كذلك إلى جمهور الخراسانيين. انظر: المجموع الموضع السابق. (3) سقط من (ب). (4) انظر: التنبيه ص: 38، فتح العزيز 4/ 288، كفاية الأخيار 1/ 257. (5) انظر: الوسيط 2/ 696 - 697. (6) انظر: نهاية المطلب 2/ ل 69/ ب. (7) انظر: الإبانة ل 41/ أ، التهذيب ص: 593، الغاية القصوى 1/ 313. (8) مكررة في (د). (9) في (أ): في. (10) الوسيط 2/ 697. (11) تقدم أن المذهب أن حكمها أنها فرض كفاية, وقد دلّت أدلة كثيرة على وجوبها على الأعيان راجعها في المغني لابن قدامة 3/ 3 - 6، مجموع فتاوي شيخ الإسلام ابن تيمية 23/ 239 وما بعدها، فتح الباري 2/ 148 وما بعدها. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 238 رسول - صلى الله عليه وسلم -: (من سمع النداء فلم يجب فلا صلاة له إلا من عذر) (1). وقوله (2): "كالمطر مع (3) الوحل، والريح العاصفة بالليل دون النهار" (4) فقوله "بالليل" يرجع إلى الريح خاصة (5). قوله (6) "كالمطر مع الوحل" ليس معناه: أن المطر إنما يكون عذراً إذا انضم إليه الوحل، وإنما معناه اجتماع المطر والوحل، والريح في أن كل واحد منها (7) عذر مستقل بانفراده (8)، والله أعلم. قوله: "وقد قال - صلى الله عليه وسلم - (لا يصلين أحدكم وهو زناء) وروي (وهو ضام وركيه) أي حاقن" (9)، فالزَنَاء هو بفتع الزاي، وتخفيف النون، وبالمد، ومعناه الحاقن (10).   (1) رواه ابن ماجة في سننه كتاب المساجد والجماعات، باب التغليظ في التخلف عن الجماعة 1/ 260 رقم (793)، والدارقطني في سننه 1/ 420، والحاكم في المستدرك 1/ 245، قال الحافظ ابن حجر: "إسناده صحيح". التلخيص الحبير 4/ 304. ورواه أبو داود بلفظ: (من سمع المنادي فلم يمنعه من اتباعه عذر، قالوا: وما العذر؟ قال: خوف أو مرض، لم تقبل منه الصلاة التي صلى). انظر: سنن أبي داود كتاب الصلاة، باب التشديد في ترك الجماعة 1/ 373 رقم (551)، وفيه أبو جناب وهو ضعيف ومدلس، وقد عنعن كما قاله الحافظ ابن حجر في التلخيص الحبير الموضع السابق. (2) في (أ) و (ب): قوله. (3) في (ب): و. (4) الوسيط 2/ 697. وقبله: لا رخصة في ترك الجماعات إلا بعذر عام، كالمطر ... إلخ. (5) قوله: (وقوله ... الريح خاصة) سقط من (أ). (6) في (أ) و (ب): وقوله. (7) في (د): منهما، والمثبت من (أ) و (ب). (8) انظر: المهذب 1/ 94، روضة الطالبين 1/ 449 - 450. (9) الوسيط 2/ 697 - 698. وقبله: لا عذر في ترك الجماعات إلا بعذر عام ... أو خاص مثل أن يكون مرضاً ... أو كان حاقناً وقد قال - صلى الله عليه وسلم - ... إلخ. (10) انظر: غريب الحديث لأبي عبيد 1/ 94 - 95، النهاية في غريب الحديث والأثر 2/ 314. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 239 قوله (1) "أي حاقن" وقع في بعض النسخ بالنون، وفي بعضها بالباء حاقب، فيكون بالنون تفسيراً للرواية الأولى، وبالباء تفسيراً للرواية الثانية، وهو بالباء، وبالنون للبول (2). أما قوله "وهو زناء" فهو بهذا اللفظ غريب رواه أبو عبيد في "غريب الحديث" (3) بإسناد ضعيف (4)، وهو بمعناه صحيح؛ روى أبو داود (5) من حديث أبي هريرة أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: (لا يحل لرجل يؤمن بالله واليوم الآخر أن يصلي وهو حقن حتى يتخفف)، وروى أبو داود (6)، والترمذي (7) نحوه من حديث ثوبان، والله أعلم. وأخرج مسلم في "صحيحه" (8) من حديث عائشة رضي الله عنها أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: (لا صلاة بحضرة الطعام، ولا لمن   (1) في (أ) و (ب): وقوله. (2) انظر: النهاية في غريب الحديث والأثر 1/ 411، 416، لسان العرب 3/ 265، المصباح المنير ص: 55، 56. (3) 1/ 94. (4) قال ابن الملقن في تذكرة الأخيار ل 79/ أ: "وهذا إسناد ضعيف كما شهد له بذلك ابن الصلاح، والنووي، وسبب ضعفه أبو بكر بن أبي مريم وقد ضعفه أحمد وغيره لكثرة غلطه". أهـ (5) في سننه كتاب الطهارة، باب أيصلي الرجل وهو حاقن 1/ 70 رقم (91)، ورواه كذلك الحاكم في المستدرك 1/ 168 وذكر أن إسناده صحيح. (6) في الموضع السابق برقم (90). (7) في جامعه أبواب الصلاة، باب ما جاء في كراهية أن يخص الإمام نفسه بالدعاء 1/ 189 رقم (357) وقال: "حديث حسن"، وممن رواه كذلك ابن ماجه في سننه كتاب الطهارة وسننها، باب ما جاء في النهي للحاقن أن يصلي 1/ 202 رقم (619). (8) انظره - مع النووي - كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب كراهية الصلاة بحضرة الطعام المراد أكله 5/ 47. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 240 يدافعه (1) الأخبثان). وأما قوله "وهو ضام وركيه" فقد رواه مالك في "موطئه" (2) ولكن عن عمر بن الخطاب موقوفاً عليه.   (1) في (أ): يدافع. (2) انظره - مع الزرقاني - كتاب الصلاة، باب النهي عن الصلاة والإنسان يريد الحاجة 1/ 458 رقم (380). الجزء: 2 ¦ الصفحة: 241 ومن الباب الثاني في صفات الأئمة قوله: "و (1) من صحت صلاته في نفسه صحَّ الإقتداء به إلا المقتدي، والمرأة، والأمي" (2) هذا الحصر غير سالم؛ إذ ليس المراد بقوله "صحَّ الإقتداء به (3) " صحة الإقتداء به على الجملة، بل صحة الإقتداء به مطلقاً؛ بدلالة استثنائه المرأة، والأمي اللذين يصح إقتداء مثلهما بهما (4)، وعند هذا يرد عليه ما إذا اختلف اجتهاد شخصين في القبلة، وفي (5) الأواني، وأشباه ذلك؛ فإنه لا يصح إقتداء أحدهما بالآخر مع صحة صلاته في نفسه (6)، والله أعلم. ما ذكره في إقتداء القارئ بالأمي من أن الجديد أنه لا يصح، والقديم أنه يصح، والقول المخرَّج أنه يصح في الصلاة السرِّية ولا يصح في الجهرية (7). مخالف للنقل الصحيح المعروف في التصانيف: إنما القديم هو ما جعله مخرَّجاً وهو الفرق بين السرِّية والجهرية، والمخرَّج هو ما جعله القديم، وهو أنه يصح مطلقاً (8)، والله أعلم.   (1) سقط من (ب). (2) الوسيط 2/ 699. وقبله: وكل من لا تجزيء صلاته عن وجوب القضاء فلا يصح الإقتداء به كمن لم يجد ماء ولا تراباً، ولو اقتدى به مثله ففيه تردد. ومن صحت ... إلخ (3) سقط من (ب). (4) انظر: الإبانة ل 42/ أ، حلية العلماء 2/ 199، 204، روضة الطالبين 1/ 455. (5) سقط من (ب). (6) راجع: الحاوي 2/ 72، التعليقة للقاضي حسين 2/ 687. (7) انظر: الوسيط 2/ 701. (8) انظر: الحاوي 2/ 330 - 331، التعليقة للقاضي حسين 2/ 1033، وقد نسب هذا النقل الرافعي والنووي إلى الجمهور انظر: فتح العزيز 4/ 318، المجموع 4/ 267. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 242 قوله: "قال - صلى الله عليه وسلم -: يؤمكم أقرؤكم، فإن لم يكن فأعلمكم بالسنة، فإن لم يكن، فأقدمكم سنَّاً" (1) هذا حديث رواه أبو مسعود عقبة (2) بن عمرو البدري الأنصاري أخرجه مسلم في "صحيحه" (3) ولفظه (يؤم القوم أقرؤهم لكتاب الله، فإن كانوا في القراءة سواء فأعلمهم بالسنَّة، فإن كانوا في السنة سواء فأقدمهم هجرة، فإن كانوا في الهجرة سواء فأقدمهم سنَّاً) وهذا بظاهره يحتج به لأبي حنيفة وأحمد في تقديمهما الأقرأ على الأفقه (4)، وجوابه ما ذكره في (5) الكتاب من أن أقرأهم في ذلك العصر كان أفقههم (6). ولو قال: كان أقرؤهم فقيهاً لكان أسلم (7). وقد قال الشافعي - رضي الله عنه -: (كانوا يسلمون كباراً فيتفقهون (8) قبل أن يقرأوا) (9). قلت: فإذاً في قوله (يؤم القوم أقرؤهم) تقديم الأقرأ الأفقه،   (1) الوسيط 2/ 703. وقبله: الفصل الثاني: فيمن هو أولى بالإمامة: - ثم ذكر الحديث -. (2) في (أ): أبو مسعود بن عقبة، و (ابن) هنا مقحمة. (3) انظره - مع النووي - كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب من أحق بالإمامة 5/ 172 - 173. (4) الموجود في كتب الحنفية تقديم الأفقه على الأقرأ، وهكذا نقله عنهم النووي في المجموع 4/ 282، وانظر: شرح فتح القدير لابن الهمام 1/ 347 - 348، بدائع الصنائع 1/ 157 - 158، الدر المختار مع حاشية ابن عابدين عليه 2/ 294. أما مذهب أحمد فهو كما قال ابن الصلاح تقديم الأقرأ على الأفقه انظر: المغني 3/ 11 وقد نسبه إلى أصحاب الرأي، الفروع لابن مفلح 2/ 4، شرح الزركشي على مختصر الخرقي 2/ 80. (5) في (ب): ما ذكر إلى. (6) انظر: الوسيط 2/ 703. (7) من حيث إنه قد يكون أكثرهم قراءة، ولكن ليس أكثرهم فقهاً رغم أنه فقيه، والله أعلم. (8) في (ب): فيفقهون. (9) الأم 1/ 283. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 243 أو الأقرأ الفقيه، أو القارئ الفقيه، على الفقيه الذي ليس بقارئ إلا أنه يحسن الفاتحة وما يكفي المصلي. وفي قوله (فإن كانوا في القراءة (1) سواء فأعلمهم بالسنة) تقديم الأفقه من القارئَين المتساويَيَن (2) في القراءة على الآخر. ونحن قائلون بكل ذلك فاعلم ذلك فإنه من المشكل على المذهب، والله أعلم. قوله: "فأحق الخصال الفقه، ثم ظهور الورع، ثم السنُّ, والنسب" (3) ترك القراءة وهي من (4) آكدها فهي خمس، ومن الأصحاب من ضمَّ إليها الهجرة فجعلها ستاً (5)، والله أعلم. ما ذكره من الاحتجاج لتقديم النسب بقوله - صلى الله عليه وسلم -: (قدموا قريشاً). ولتقديم (6) السنِّ بقوله: (فأقدمهم سنَّاً) (7) فهذا صحيح الإسناد صحيح (8). و (قدموا (9)   (1) في (ب): بالقراءة. (2) في (أ): المتساوين. (3) الوسيط 2/ 703. (4) سقط من (ب). (5) انظر: التهذيب ص: 636. (6) في (د): ولتقدم، والمثبت من (أ) و (ب). (7) انظر: الوسيط 2/ 703. (8) هو جزء من حديث أبي مسعود البدري المتقدم الذي رواه مسلم، وروى أيضاً عن مالك بن الحويرث قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ( ... فإذا حضرت الصلاة فليؤذن لكم أحدكم، ثم ليؤمكم أكبركم) انظر: صحيح مسلم - مع النووي - كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب من أحق بالإمامة 5/ 174، والحديث رواه كذلك البخاري في صحيحه - مع الفتح - كتاب الأذان، باب من قال: ليؤذن في السفر مؤذن واحد 1/ 130 رقم (628). (9) في (أ): وحديث قدموا ... إلخ. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 244 قريشاً) إسناده مرسل (1)، وهو وإن كان مرسلاً جيِّداً لا يبلغ درجة الصحيح، والله أعلم.   (1) رواه الإمام الشافعي في الأم 1/ 287، والبيهقي في السنن الكبرى كتاب الصلاة 3/ 172 رقم (5297) وقال: "هذا مرسل، وروي موصولاً وليس بالقوي". وراجع التلخيص الحبير 4/ 334، المقاصد الحسنة ص: 304، وصححه الألباني في صحيح الجامع الصغير وزيادته 2/ 808 رقم (4383)، وفي إرواء الغليل 2/ 295 رقم (519). الجزء: 2 ¦ الصفحة: 245 ومن الباب الثالث في شرائط القدوة ما ذكره في تقدم (1) المأموم على الإمام وتأخره ومساواتهما من أن التعويل على الكعب (2). شاذ، والمذكور في "نهاية المطلب" (3)، و"التهذيب" (4)، وغيرهما (5) في ذلك العقب (6)، والتعويل عليه أولى؛ فإن التقدم (7) والمساواة فيه أحرى بأن يدرك ولا يخفى، والله أعلم. قوله: "وإن كانا في مسجدين وبينهما باب لافظ" (8) أي لاصق بالأرض نافذ من غير فاصل بينهما من طريق أو غيره، هذا ما أشعر به ما علقته من بعض   (1) في (د) و (أ): تقديم، والمثبت من (ب). (2) على الكعب: سقط من (أ). وقال الغزالي: "الأول: أن لا يتقدم في الموقف على الإمام، فإن فعل بطلت صلاته على الجديد ... ولو ساواه جاز، ولكن التخلف قليلاً أحبُّ، ثم التعويل على مساواة الكعب". أهـ الوسيط 2/ 705. (3) 2/ ل 161/ ب. (4) ص: 625. (5) كالتعليقة للقاضي حسين 2/ 1048، وحلية العلماء للشاشي 2/ 214. (6) العقب هو مؤخرة القدم. أما الكعب فقيل: هو العظم الناشز في جانب القدم عند ملتقى الساق والقدم، فيكون لكل قدم كعبان عن يمينها ويسرتها، وقيل: هو المفصل بين الساق والقدم. انظر: القاموس المحيط 1/ 141، 165، المصباح المنير ص 159، 204. (7) في (أ) و (ب): التقديم. (8) الوسيط 2/ 707. حيث قال: "الشرط الثاني: أن يجتمع الإمام والمأموم في مكان واحد فلا يبعد تخلفه، ولا يكون بينهما حائل ليحصل بسببه الاجتماع. والمواضع ثلاثة: موضع بني للصلاة فهو جامع وإن اختلف البناء، وبعد التخلف فهو كالمسجد، فلو وقف على سطح والإمام في بئر في المسجد صحَّ، ولو كانا في بيتين في المسجد، أو مسجدين متجاورين وبينهما باب لافظ مفتوح أو مردود صحَّ". الجزء: 2 ¦ الصفحة: 246 التعاليق الخراسانية، ولم أجد الكلمة في كتب اللغة، وكأنه مستعار من قولهم: لفَظ الشيء من فيهِ إذا نبذه ورماه (1)، وكأن الباب الموصوف لسهولة (2) النفوذ منه يرمي من أحد المكانين إلى الآخر (3)، والله أعلم. "غلوة سهم" (4): أي رمية سهم أبعد ما يقدر عليه الرامي، والغلوة غايتها (5)، والله أعلم. قوله: "نهر لا يخيض فيه غير السابح" (6) وفي بعض النسخ بإسقاط كلمة "فيه" والأول أولى؛ يقال: أخاض القوم خيلهم الماء إذا خاضوا بها الماء، حكاه الأزهري في "تهذيب اللغة" (7)، فيكون التقدير في هذا: نهر لا يخيض أحد الماء   (1) انظر: الصحاح 3/ 1179، المصباح المنير ص: 212. (2) في (د): بسهولة، والمثبت من (أ) و (ب). (3) في (د): من إحدى المكانين إلى آخر، والمثبت من (أ) و (ب). (4) في (أ): قوله: غلوة سهم. قال الغزالي: "الموضع الثاني: الساحة التي لا يجمعها حائط فينبغي أن يكون المأموم فيها على حدِّ القرب: وهو غلوة سهم، ما بين مائتي ذراع إلى ثلاثماثة؛ لأن المكان إذا اتسع كان هذا اجتماعاً". أهـ، ذكر صاحب "المقادير الشرعية" ص: 300 أن غلوة السهم تعادل 400 ذراع أي ما يعادل 192 متراً. أهـ، وعليه يكون مقدارها على ما ذكره الغزالي ما بين 96 - 144 متراً. (5) انظر: لسان العرب 10/ 113، المصباح المنير ص: 172. (6) الوسيط 2/ 708. وقبله: فرع: إذا كان بين الإمام والمأموم شارع مطروق أو نهر لا يخوض فيه غير السابح، فقط انقطاع الاجتماع به وجهان. أهـ وقول ابن الصلاح: يخيض، وفي المتن: يخوض كلاهما صحيح؛ فإنه من قولهم خضت الماء أخوضه خوضاً وخِياضاً، والموضع مخاضة وهو ما جاز الناس فيها مشاة وركباناً والله أعلم انظر: تهذيب اللغة 7/ 467، الصحاح 3/ 1075. (7) انظره الموضع السابق. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 247 فيه دابة ولا غيرها لكثرته إلا السابح الذي يخيض نفسه فيه بسباحته وعلى هذا فغير السابح مرفوع بالفاعلية، وإذا حذفنا منه كلمة "فيه" نصبنا غيراً، وجعلنا النهر والماء فاعلاً، فيكون مجازاً لا بأس (1) به إن ساعده نقل، على أن في توقف المجاز على النقل خلافاً (2)، وهذا الوجه هو مراد صاحب الكتاب؛ بدلالة قوله في البحر: "فإن كان ما بينهما يخيض السفينة" (3)، والله أعلم. قوله في الإمام والمأموم إذا كانا في أبنية مملوكة: "فإذا وقفا في بنائين (لم) (4) يصح إلا باتصال (5) محسوس" (6) فقوله في بناء (7) فيه (8) احتراز مما إذا كانا في بيت واحد و (9) نحوه فإنه لا يعتبر فيهما إلا القرب المعتبر في الساحة كما سبق. قوله (10) "إلا باتصال محسوس كما إذا تواصلت المناكب" يعني به في الصف الواقف خلف الإمام في البناء الذي هو فيه إذا امتدَّ طولاً إلى بناء آخر، إما على   (1) لا بأس: سقط من (ب). (2) هذه المسألة تعرف بمسألة: هل المجاز يتوقف على السمع ويشترط فيه الوضع أم لا؟ انظرها في: البحر المحيط 2/ 192 - 193، شرح التلويح على التوضيح للتفتازاني مع متنه 1/ 152 - 153. (3) الوسيط 2/ 709. (4) زيادة من (أ) و (ب). (5) في (د) و (ب): إلا يصال، وهو خطأ، والمثبت من (أ). (6) الوسيط 2/ 708. وبعده: كما إذا تواصلت المناكب على الباب المفتوح بين البنائين. (7) هذا في جميع النسخ، ولعل الصواب: بنائين، كما هو في المتن, والله أعلم. (8) سقط من (أ) و (ب). (9) في (أ): أو. (10) في (أ) و (ب): وقوله. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 248 اليمين، وإما على اليسار، وهذا الصف (1) هو المذكور في قوله "ولو تقدم على (2) الصف المتصل في البناء الذي ليس فيه الإمام لم تصح صلاته" (3). وفيه احتراز عما إذا تقدم على الصف المذكور مأموم في البناء الذي فيه الإمام فإنه تصح صلاته؛ لكونه مع الإمام, والله أعلم. ذكر أن الإمام والمأموم إذا كانا في البحر في سفينتين مكشوفتين جاز إذا كان بينهما أقل من غلوة سهم، وقال "فهو كالذي على الأرض لا كالنهر على الأرض" (4) أراد أن ما يتخلل السفينتين من البحر وإن كان لا يخوضه غير السابح فلا (5) يقطع الاتصال, بخلاف ما (6) إذا كانا على الأرض وبينهما نهر لا يخوضه غير السابح فإنه يقطع الاتصال على أحد الوجهين (7) والفرق ما أشار إليه من أنهما ههنا في سفينتين (8)، وما بينهما من البحر يخاض بالسفينة, والله أعلم. قوله (9): "في سفينتين مكشوفتين" فيه احتراز مما إذا كانتا مسقفتين فيهما أبنية؛ فإنهما كالدارين (10)، والله أعلم.   (1) في (د): الوصف، وهو تصحيف، والمثبت من (أ) و (ب). (2) تكررت في (ب). (3) الوسيط 2/ 709. (4) الوسيط 2/ 709. (5) في (ب): لا. (6) سقط من (أ). (7) وهو الوجه المرجوح منهما. انظر: فتح العزيز 4/ 347، روضة الطالبين 1/ 466. (8) في (ب): سفينة. (9) في (أ) و (ب): وقوله. (10) انظر: الحاوي 2/ 347، التعليقة للقاضي حسين 2/ 1063، التهذيب ص: 632. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 249 قوله: "إذا اختلف موقف الصف الواقف خلف الإمام ارتفاعاً وانخفاضاً" فشرح ما ذكره فيه (1): أنه يشترط الاتصال بين المستفل وبين المعتلي (2) الواقف إلى جانبه، بأن يكون المستفل بحيث يلقى رأسه ركبة المعتلي، فلو كان المستفل قصيراً، والمعتلي طويلاً نظر فإن كان موقف المستفل بحيث يلقى رأسه ركبة المعتلي لو كان لكل واحد منهما قامة معتدلة كفى ذلك (3)، وصاحب "التقريب" لم يعتبر الركبة في كل (4) ذلك وقال: "يكفي أن يلقى قدمه" (5)، والله أعلم. قوله: "كما إذا قال: بعت هذه الرمكة فإذا هي نعجة" (6) هكذا وقع في كلامه، والرمكة هي الأنثى من البراذين (7)، ولا تشتبه (8) بالنعجة، وصوابه: فإذا هي بغلة، والله أعلم.   (1) قال الغزالي: "إذا اختلف الموقف ارتفاعاً وانخفاضاً فهو كاختلاف البناء، فلا بدَّ من اتصال محسوس، وهو أن يلقى رأس المستفل ركبة العالي تقديراً، لو قدِّر لكل واحد منهما قامة معتدلة). الوسيط 2/ 709. (2) في (أ): المستعلي. (3) انظر: فتح العزيز 4/ 352، المجموع 4/ 307، روضة الطالبين 1/ 467. (4) سقط من (ب). (5) انظر النقل عنه في: نهاية المطلب 2/ ل 167/ أ، وقوله هو الذي قطع به الجمهور. انظر: المراجع السابقة. (6) الوسيط 2/ 710. وقبله: ولو نوى المقتدي نيته بالحاضر، وقال: نويت الإقتداء بزيد الحاضر، فإذا هو عمرو ففي الصحة وجهان، كما إذا قال: بعت هذه الرمكة ... إلخ (7) انظر: الصحاح 4/ 1588، المصباح المنير ص: 91. والبراذين: جمع برذون بكسر الموحدة، وسكون الراء، وفتح المعجمة، والمراد الجفاة الخلقة من الخيل، وأكثر ما تجلب من بلاد الروم، ولها جَلَد على السير في الشعاب والجبال والوعر بخلاف الخيل العربية. انظر: فتح الباري 6/ 79. (8) في (أ): تشبيه. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 250 قال: "الشرط الخامس: الموافقة. ثم قال: الشرط السادس: المتابعة (1) وكل واحد من هذين اللفظين يصلح لأَن يكون في موضع الآخر، لكن اصطلح مع نفسه فعبَّر بالموافقة عن مجانبة مخالفة الإمام في ترك سجدة التلاوة ونحوها، وبالمتابعة عن مجانبة مخالفته في وقت الفعل تقدماً وتأخراً، لا (2) في أصل الفعل، والله أعلم. قوله في "المسبوق إذا أدرك بعض الفاتحة فثلاثة أوجه: أحدها: يترك القراءة ويركع. والثاني: يتمم؛ لأنه التزم بالخوض. والثالث: إذا اشتغل بدعاء الاستفتاح فقد قصَّر فليتدارك وإلا فليركع. فإن قلنا (3): يتدارك فرفع الإمام رأسه من الركوع قبل ركوعه فقد فاتته هذه الركعة، وتبطل صلاته على أحد الوجهين؛ لأن هذا الركوع قائم مقام ركعة فكأنه سبقه بركعة، وهو بعيد" (4) يعني: لأنه ركن واحد والسبق بركن غير مبطل (5). هذا مشكل من حيث إنه أطلق قوله في التفريع "فإن قلنا: يتدارك" فأوهم أنه على الوجه الثاني المقول (6) فيه: بوجوب تدارك ما بقي من الفاتحة لكونه التزم ذلك بالشروع فيها: تفوته تلك الركعة إذا رفع الإمام رأسه من الركوع قبل فراغه من التدارك، ومن   (1) الوسيط 2/ 711. (2) في (أ): إلا، وفي (ب): ولا. (3) سقط من (ب). (4) الوسيط 2/ 713. (5) انظر: التعليقة للقاضي حسين 2/ 1051، المهذَّب 1/ 96، حلية العلماء 2/ 194، التهذيب ص: 619. (6) في (أ): القول. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 251 المعلوم المسطور أنه ليس كذلك، وأنه يكون مدركاً للركعة وإن لم يلحق الإمام إلا بعد أركان، فلا يضره ذلك لكونه معذوراً غير مقصِّر في (1) التخلف (2). وأحسب هذا الإيهام تعدى إليه - رحمه الله وإيانا - لما ذكره في درسه بعد طول العهد فإني رأيت هناك بخراسان في "الوسيط" الذي علَّقه عنه من الدرس ضابط يقظ من تلامذته: هذا مذكور (3) على أنه وجه زيَّفه، وذكر فيه أنه قد قيل: إن هذه الركعة قد فاتته؛ لأن المسبوق إنما يدرك الركعة إذا أدرك الإمام في الركوع، ثم قال: وليس بشيء، بل الأصح أنه يكون مدركاً للركعة، فإن قلنا: فاتته الركعة ففي بطلان صلاته وجهان (4). وهذا التزييف إنما يتأتي (5) على تقدير حمل ذلك على إطلاقه بحيث يندرج فيه الوجه الثاني. أما إذا خصصناه بالوجه الثالث القول فيه بالتدارك بناءً على تقصيره (6) كما سنبينه إن شاء الله تعالى، فلا وجه لتزييفه، وقد حدثني بعض أصحابنا الطوسيين غير مرة أنه أرسله من استشكل ذلك بطوس (7) إلى من كان عنده أصل (8) الإمام الغزالي بخطه من ذريَّة   (1) سقط من (ب). (2) انظر: حلية العلماء 2/ 193، التهذيب ص: 620. (3) في (أ): مذكوراً، بالنصب. (4) أصحهما عدم البطلان. انظر: فتح العزيز 4/ 392، روضة الطالبين 1/ 476. (5) في (د): يأتي، والمثبت من (أ) و (ب). (6) وذلك لاشتغاله بدعاء الاستفتاح عن قراءة الفاتحة الواجبة. (7) من مدن خراسان المشهورة، بينها وبين نيسابور قدر عشرة فراسخ، وهي تشتمل على بلدتين: الطابران، ونوقان، فتحت في عهد الخليفة الراشد عثمان بن عفَّان - رضي الله عنه -. انظر: معجم البلدان 4/ 55. (8) في (أ): أصلي. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 252 ابنته فأخرج له الأصل، وإذا فيه: فإن (قلنا) (1): لا يتدارك. و"لا" فيه ملحقة، وليس الأمر في ذلك على ذلك، وإنما هو في "الوسيط": "فإن قلنا: يتدارك" من غير "لا" (2)، ووجهه: أنه مخصوص بالتدارك المقول به في الوجه الثالث؛ فإنه مبني فيه على التقصير، دون التدارك المقول به في الوجه الثاني؛ فإنه غير مبني على تقصيره بل على أن الشروع (3) مُلْزم. وهذا التخصيص مصرَّح به في "البسيط" (4)، وكذلك صرَّح في "النهاية" (5) بأن الحكم بفوات الركعة وما تفرَّع عليه جار على الوجه الثالث نحو جريانه على الوجه الأول المقول فيه بوجوب الركوع، إذا خالف ولم يركع بل قرأ حتى فاته الركوع، والله أعلم.   (1) زيادة من (أ) و (ب). (2) في (د): من غيره، والمثبت من (أ) و (ب). (3) في (ب): الشرع. (4) 1/ ل 132/ أ. (5) 2/ ل 157/ ب. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 253 ومن كتاب صلاة المسافرين ذكر أن حدَّ السفر: (الانتقال مع ربط القصد بمقصد معلوم) (1). وهذا يحتاج إلى تمام بأن يقال: الانتقال من محل الإقامة؛ كيلا ينتقض بالانتقال من دار إلى دار هما في بلدة واحدة ونحو ذلك. وقوله: "الهائم، وراكب التعاسيف لا يترخص" (2) قال الشيخ أبو الفتوح العجلي: هما عبارتان عن معبَّر (3) واحد (4). وليس كذلك إنما الفرق بينهما مما يشكل، والفرق والله أعلم: أن الهائم الذي خرج على وجهه ولا يدري أين يتوجه وإن سلك طريقاً مسلوكاً. وراكب التعاسيف: لا يسلك طريقاً، وكلاهما مشتركان في أنهما لا يقصدان (5) مقصداً معلوماً (6)، والله أعلم. قوله في ابتداء السفر أنه: "الانفصال عن الوطن، والمستقر" (7) فالمستقر أعم من الوطن؛ فإنه يشمل مقر المقيم غير المستوطن (8).   (1) انظر: الوسيط 2/ 715. (2) الوسيط 2/ 715. وبعده: وإن مشى ألف فرسخ. (3) في (د): من غير، والمثبت من (أ) و (ب). (4) انظر النقل عنه: في تهذيب الأسماء واللغات 3/ 1/185. (5) في (ب): لا يقصدان طريقاً مسلوكاً قصداً معلوماً. (6) انظر: تهذيب الأسماء واللغات 3/ 1/185، المصباح المنير ص: 247. (7) الوسيط 2/ 715. وقبله: وأمر السفر ظاهر، وإنما الغموض في بدايته ونهايته. أما البداية فهي الانفصال ... إلخ. (8) الوطن: مكان الإنسان ومقره. والمستوطن الذي اتخذ وطناً. انظر: الصحاح 6/ 2214، المصباح المنير ص: 254. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 254 قوله في السفر من البلد غير المسوَّر: "لا يشترط مجاوزة المزارع، والبساتين التي يُخرج إليها للتنزه" (1) فقوله "للتنزه" احتراز مما إذا كانوا يسكنونها ولو في بعض فصول السنة، فإنه يشترط في الترخص مجاوزتها (2)، والله أعلم. ما ذكره في ترخص المسافر من قرية من أنه لا بدَّ فيها من مجاوزة المزارع والبساتين المحوطة دون التي ليست بمحوطة (3). مخالف لما ذكره غيره؛ ففي طريقة العراق: أن القرية كالبلدة في أنه ليس يشترط مجاوزة البساتين والمزارع (4). وفي طريقة شيخه إمام الحرمين: أنه لا يشترط في القرية مجاوزة المزارع محوطة كانت أو غير محوطة، ويشترط مجاوزة البساتين إن كانت محوطة، ولا يشترط إن لم تكن محوطة (5)، والله أعلم. قوله: "النادي والدمن" (6) فالنادي ههنا: مجلس الناس ومجتمعهم للحديث (7). والدِمن: بكسر الدال المهملة جمع دمنة وهي ما تلبد من   (1) الوسيط 2/ 715. (2) انظر: نهاية المطلب 2/ ل173/ ب، فتح العزيز 4/ 436، روضة الطالبين 1/ 484، ورجَّح في المجموع 4/ 347 عدم اشتراط مجاوزتها؛ لأنها ليست من البلد، فلا تصير منه بإقامة بعض الناس فيها بعض فصول السنة. (3) انظر: الوسيط 2/ 716. (4) انظر: الحاوي 2/ 369 - 370، المهذَّب 1/ 102، حلية العلماء 2/ 229، فتح العزيز 4/ 437، المجموع 4/ 348، وصححه النووي فيه. (5) انظر: نهاية المطلب 2/ ل 174/ أ. (6) الوسيط 2/ 716. قال الغزالي: "الثالث الصحراء: والانفصال عنها بمجاوزة الخيام، والنادي، والدمن". (7) انظر: الصحاح 6/ 2505، القاموس المحيط 4/ 454. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 255 السرجين (1) ونحوه، وقيل: أراد بها مطارح التراب، والمواضع التي يتردد أهل الخيام إليها (2). قوله: "قال الشافعي: لو نزلوا في وادٍ والسفر في عرضه (3) فلا بدَّ من جزعه" (4) فقوله "في عرضه" لك أن تقرأه بفتح العين، ولك أن تقرأه بضمها أي جانبه، وهو بضمها أيضاً: وسطه، والجميع راجع إلى معنى واحد (5)، وفيه احتراز مما إذا كان السفر في طول الوادي. وجزعه: هو بفتح الجيم، وإسكان الزاي المنقوطة أي قطعه (6). وهذا وما ذكره في الربوة والوهدة (7) المراد به ما إذا لم يتسع ذلك بحيث يخرج عن كون جميعه منسوباً إليهم (8). أما إذا اتسع فلا يعتبر غير مجاوزة الخيام، والنادي، والدمن، وملعب الصبيان، وحظائر الإبل والغنم، ونحو ذلك (9). وفي قول صاحب الكتاب في المحتطب: "إلا أن يتسع بحيث لا يختص بالنازلين" (10) تنبيه على ذلك، والله أعلم.   (1) السرجين: الزبل. انظر: المصباح المنير ص: 104. (2) انظر: القاموس المحيط 4/ 213، المصباح المنير ص: 76، المجموع 4/ 349. (3) في (د): عروضه، وهو خطأ، والمثبت من (أ) و (ب). (4) الوسيط 2/ 716. ولفظ الشافعي في الأم 1/ 320: "فإن كان في عرض وادٍ، فحتى يقطع عرضه". أهـ (5) انظر: مختار الصحاح ص: 426، المصباح المنير ص: 153. (6) انظر: لسان العرب 2/ 274، القاموس المحيط 3/ 16. (7) قال الغزالي: "وقال الأصحاب: إن كانوا على ربوة فلا بدَّ من الهبوط، أو في وهدة فلا بدَّ من الصعود". أهـ الوسيط 2/ 716. والربوة: ما ارتفع من الأرض. والوهدة: ما انخفض من الأرض. انظر: مختار الصحاح ص: 231، 738، القاموس المحيط 1/ 482، 4/ 364. (8) انظر: فتح العزيز 4/ 438، المجموع 4/ 348. (9) انظر: المراجعين السابقين. (10) الوسيط 2/ 716. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 256 قوله في الإقامة: "إذا زادت على ثلاثة أيام انقطع الترخص، ولا يحسب في الثلاث يوم الدخول ويوم الخروج" وكذلك قوله في العزم على الإقامة مدة تزيد على ثلاثة أيام (1). فهذه عبارة شيخه أيضاً (2). وعبارة الشافعي (3)، ومعظم أصحابه (4) في ذلك إقامة أربعة أيام، ومفهومه وما صرَّح به بعضهم أنه لا يعتبر في ذلك الزيادة على ثلاثة أيام إذا لم تبلغ الأربعة (5)، وعبارة صاحب الكتاب عند التحقيق راجعة إلى ذلك؛ لأنه وإياهم لا يحسبون في ذلك يومي الدخول والخروج، ويلزم من ذلك أن يكون ما ذكره (6) من الزيادة على ثلاثة أيام تمام الأربعة وهو يوم؛ لأن ما دون اليوم يكون يوم الدخول، أو يوم الخروج لا محالة، وقد اشترطنا في الزيادة أن تكون خارجة عن يومي (7) الدخول والخروج، وهذا لطيف فافهمه، ولا نقول مثل ذلك في عبارة شيخه؛ لأنه قد صرَّح بالمخالفة فقال: "إن نوى مقام أربعة أيام، أو مقام ثلاثة أيام ولحظة صار مقيماً" (8). وإنما يستقيم هذا مع القول باحتساب يومي الدخول والخروج،   (1) انظر: الوسيط 2/ 717. (2) انظر: نهاية المطلب 2/ ل176/ ب. (3) انظر: الأم 1/ 320، مختصر المزني ص: 29. (4) انظر مثلاً: التلخيص لابن القاص ص: 174، الحاوي 2/ 371، التعليقة للقاضي حسين 2/ 1059، المهذب 1/ 103، حلية العلماء 2/ 232. (5) انظر: التلخيص لابن القاص الموضع السابق، فتح العزيز 4/ 446 - 447، المجموع 4/ 361. (6) في (د) و (ب): ما ذكراه، والمثبت من (أ). (7) في (ب): يوم. (8) نهاية المطلب 2/ ل 176/ ب. ولفظه: "مقام ثلاثة أيَّام وزيادة". الجزء: 2 ¦ الصفحة: 257 وسياق كلامه يشعر (1) بأن في ذلك خلافاً، وهو (2) كذلك؛ فقد حكى فيه صاحب "التهذيب" (3)، وغيره (4) وجهين، والله أعلم. قوله: "ثم المقيم فوق الثلاث إذا كان عازماً على أن شغله لا يتنجَّز في الثلاث فلا يترخص" (5) هذه عبارة غير مرضية، وقد غيرت في بعض النسخ، وتمامها، وتحريرها بأن يقال: المقيم فوق الثلاث إذا كان عازماً من الابتداء على أن شغله لا ينجزه (6) في الثلاث، فيجعل التنجيز من فعله، والله أعلم. قوله: "روي أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قصر في بعض الغزوات ثمانية عشر يوماً، وروي سبعة عشر يوماً، وروي عشرين يوماً" (7) أما ثمانية عشر، وسبعة عشر ففي إقامته - صلى الله عليه وسلم - عام فتح مكة، وفي حرب هوازن (8). أما ثمانية عشر فقد رويناه في   (1) في (أ) و (ب): مشعر. (2) في (د): وهي، والمثبت من (أ) و (ب). (3) انظر: التهذيب ص: 651، وصحح أنه لا يحسب. (4) كالقاضي حسين في التعليقة 2/ 1095، وصحح الرافعي عدم احتسابهما انظر: فتح العزيز 4/ 447. (5) الوسيط 2/ 717. (6) في (أ): يتنجَّز. (7) الوسيط 2/ 717. وقبله: ثم المقيم فوق الثلاثة إذا كان عازماً على أن شغله لا يتنجَّز في الثلاثة فلا يترخص ... إلا إذا كان شغله قتالاً ففيه قولان: أحدهما يترخص لما روي أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قصر ... إلخ. (8) مراده بحرب هوازن غزوة حنين، وهوازن قبيلة مضرية عدنانية يعود نسبها إلى قيس عيلان، وهي من أهم بطون قيس عيلان، ومواطنها ما بين غور - كل ما انحدر سيله مغرِّباً - تهامة إلى ما وراء بيشة وناحية السراة، والطائف، وذي المجاز، وحنين، وأوطاس، وما صاقبها من البلاد. ومن هوازن تفرعت قبيلة ثقيف. انظر: البداية والنهاية 4/ 321، مرويات غزوة حنين وحصار الطائف 1/ 23، 37. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 258 "سنن أبي داود" (1)، ورويناه في كتاب "السنن الكبير" (2) عن عمران بن الحصين، وفي إسناده علي بن زيد (3) وليس بالقوي (4). وأما رواية سبعة عشر بنقصان ثلاثة من عشرين فقد رويناه من وجوه عن ابن عباس رضي الله عنهما، منها في "السنن" لأبي داود (5). لكن الذي روينا (6) عن ابن عباس في "صحيح البخاري" (7)   (1) انظره كتاب الصلاة، باب متى يتم المسافر؟ 2/ 23 رقم (1229). (2) انظره كتاب الصلاة 3/ 216 رقم (5471)، وأخرجه الترمذي بنحوه في جامعه أبواب الصلاة، باب ما جاء في التقصير في السفر 2/ 430 رقم (545) وقال: "هذا حديث حسن صحيح". (3) هو أبو الحسن علي بن زيد بن عبد الله بن زهير بن عبد الله بن جدعان التيمي البصري الأعمى، أصله حجازي، وهو معروف بعلي بن زيد بن جُدعان، قال عنه الحافظ ابن حجر: "ضعيف", أخرج حديثه البخاري في الأدب المفرد، ومسلم مقروناً، والأربعة، توفي سنة 131 هـ وقيل قبلها. انظر ترجمته في: الجرح والتعديل 6/ 186، السير 5/ 206، تقريب التهذيب ص: 401. (4) قال الحافظ ابن حجر: "وعلي ضعيف، وإنما حسَّن الترمذي حديثه لشواهده، ولم يعتبر الاختلاف في المدة كما عرف من عادة المحدثين من اعتبارهم الاتفاق على الأسانيد دون السياق". أهـ التلخيص الحبير 4/ 449، وراجع تذكرة الأخيار ل80/ أ. (5) انظره كتاب الصلاة، باب متى يتم المسافر؟ 2/ 24 رقم (1230)، والحديث بهذا اللفظ رواه ابن حبان في صحيحه - انظر: الإحسان 6/ 457 رقم (2750) -، قال النووي: "إسناده صحيح على شرط البخاري". المجموع 4/ 360، وقال ابن الملقن: "وإسناده على شرط البخاري". تذكرة الأخيار ل 80/ أ. (6) في (أ) و (ب): رويناه. (7) انظره - مع الفتح - كتاب تقصير الصلاة، باب ما جاء في التقصير، وكم يقيم حتى يقصر 2/ 653 رقم (1080). الجزء: 2 ¦ الصفحة: 259 تسعة عشر، بنقصان واحد من عشرين، وذكر الحافظ أحمد البيهقي أن هذه أصح الروايات عن ابن عباس، قال: "ويمكن الجمع بينهما بأن يكون من قال (1): سبعة عشر يوماً لم يعد يوم الدخول، ويوم الخروج، ومن قال: تسعة عشر عدهما، ومن قال: ثمانية عشر عدَّ أحدهما، والله أعلم" (2). وأما رواية عشرين يوماً ففي غزوة تبوك (3)، روينا من حديث جابر بن عبد الله قال: (أقام رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بتبوك عشرين يوماً يقصر الصلاة) أخرجه أبو داود (4)، وذكر (5) الحافظ أحمد البيهقي أنه غير محفوظ مسنداً، بل مرسلاً من غير ذكر جابر (6). فالأصح إذاً ما رواه البخاري وهو تسعة عشر يوماً، وهذا يقتضي تعينها (7) دون سائر الأعداد على القول بأنه لا تجوز الزيادة في ذلك على مدة إقامته   (1) في (د): قال من، بالتقديم والتأخير، والمثبت من (أ) و (ب). (2) السنن الكبرى 3/ 215، 216. (3) هي بفتح التاء، وضم الباء، وهي في أطراف الشام، وتقع في المنطقة الشمالية من المملكة العربية السعودية، بينها وبين المدينة نحو أربعة عشر مرحلة (700 كلم تقريباً)، وبينها وبين دمشق إحدى عشرة مرحلة، وكان غزو النبي - صلى الله عليه وسلم - لتبوك سنة تسع من الهجرة، وهي آخر غزواته بنفسه، ومنها راسل عظماء الروم. انظر: السيرة النبوية لابن هشام 4/ 515، معجم البلدان 2/ 17، تهذيب الأسماء واللغات 3/ 1/43. (4) في سننه كتاب الصلاة، باب إذا أقام بأرض العدو يقصر 2/ 27 رقم (1235). (5) في (أ) و (ب): ولكن ذكر. (6) السنن الكبرى 3/ 217. قال النووي: "رواية المسند تفرد بها معمر بن راشد وهو إمام مجمع على جلالته، وباقي الإسناد صحيح على شرط البخاري ومسلم، فالحديث صحيح؛ لأن الصحيح أنه إذا تعارض في الحديث إرسال وإسناد حكم بالمسند". أهـ المجموع 4/ 361. (7) في (أ): تعيينها. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 260 عازم، قاصراً صلاته على النبي (1) - صلى الله عليه وسلم - (2). وحكى إمام الحرمين (3)، وغيره (4) في ذلك طريقين: أحدهما: أن في ذلك ثلاثة أقوال: أحدها: أنها سبعة عشر. والثاني: ثمانية عشر. والثالث: عشرون. والثاني: أن المعتمد ثمانية عشر. قلت: والذي رأيته في كلام الشافعي ولم يحكِ صاحب "الحاوي" غيره (5): سبعة عشر أو ثمانية عشر على الترديد. وهذا يقتضي الاقتصار على الأقل (6) سبعة (7) عشر، ولا ينبغي أن يعدل عن اختيار ما حققناه؛ فإنه من تحقيق أهل الحديث، وعليهم الاعتماد في مثل هذا. وفي كتاب إمام الحرمين من المزال عن وجهه في هذا المقام: أنه عكس فجعل رواية ثمانية عشر عن ابن عباس، ورواية سبعة عشر عن عمران بن الحصين، وأنه جعل رواية عشرين يوماً واردة في غزوة فتح مكة (8)، وإنما وردت في غزوة تبوك كما سبق ذكره، والله أعلم. قوله: "روى أن ابن عمر رضي الله عنهما أقام على قتال بأذربيجان ستة أشهر، وكان يقصُر" (9) هذا رويناه في "السنن الكبير" (10)، وإسناده   (1) على النبي: سقط من (أ) و (ب). (2) هذا القول صححه الرافعي والنووي انظر: فتح العزيز 4/ 449، المجموع 4/ 363. والقول المقابل له: الترخص أبداً. (3) انظر: نهاية المطلب 2/ ل179/ ب. (4) كذا حكاه الرافعي في: فتح العزيز 4/ 449 - 451. (5) انظر: الحاوي 2/ 374، وقد حكاه عن نصِّه في الإملاء. (6) في (د): الأول، وهو تصحيف، والمثبت من (أ) و (ب). (7) في (ب): تسعة، وهو خطأ؛ فإنها ليست الأقل. (8) انظر: نهاية المطلب 2/ ل179/ ب. (9) الوسيط 2/ 719 وقبله: .. فإن قلنا يترخص ففي الزيادة على هذه المدة - أي التي قصر فيها النبي - صلى الله عليه وسلم - قولان: الأقيس: الجواز, لأنه لو طال القتال على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - استمر على القصر ولما روي أن ابن عمر ... إلخ (10) انظره كتاب الصلاة 3/ 217 رقم (5467). الجزء: 2 ¦ الصفحة: 261 جيَّد (1). وأذربيجان الأفصح أنها بهمزة في أولها مفتوحة من غير مدٍّ، ثم ذال معجمة ساكنة، ثم راء مفتوحة، ثم باء موحدة مكسورة. ويقال. بهمزة ممدودة، ثم ذال مفتوحة، ثم راء ساكنة، وهذا أشهر، وهي ناحية تشتمل على بلاد معروفة (2)، والله أعلم. ما ذكره من أن السفر الطويل حدُّه (3) بالأميال (4) ثمانية وأربعون (5) ميلاً بالهاشمي (6)، وكل ثلاثة أميال فرسخ (7). فالميل: أربعة آلاف خطوة، وكل خطوة ثلاثة أقدام (8)، فكل ميل إذاً: اثنا عشر ألف قدم. والمعتبر في كل ذلك الوسط (9). وقوله "بالهاشمي" نسبة إلى بني هاشم (10)، وفيه احتراز من أميال   (1) قال ابن الملقن وابن حجر: "صحيح الإسناد". انظر: تذكرة الأخيار ل80/ ب، التلخيص الحبير 4/ 451. (2) هي إحدى الجمهوريَّات الإسلاميَّة المستقلة عن الاتحاد السوفياتي، وهي تقع في جنوب شرق بلاد القفقاس، وصلها الإسلام في عهد عمر - رضي الله عنه -. انظر: تهذيب الأسماء واللغات 3/ 1/17، حاضر العالم الإسلامي 2/ 449 - 450. (3) سقط من (ب). (4) في (ب): بأميال. (5) في (د): وأربعين، والمثبت من (أ) و (ب). (6) في (أ): بالهاشمية. (7) الوسيط 2/ 720. وقبله: القيد الثاني: الطويل: وحده: مسيرة يومين، وبالمراحل: مرحلتان، وبالأميال .. إلخ. ومقدار ذلك بالكيلومترات 80.64 كم. انظر: المقادير الشرعية ص 300. (8) سقط من (ب). (9) انظر: فتح العزيز 4/ 453، روضة الطالبين 1/ 489. (10) انظر: الزاهر في غريب ألفاظ الشافعي ص: 77، تحرير التنبيه ص: 92. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 262 بني أميَّة، (و) (1) هي أكبر، وبها حدَّد (2) الشافعي في القديم فقال: أربعون ميلاً (3). يريد أميال بني أميَّة، والمقدار واحد (4). وأخطأ بعض الشارحين "للوجيز" فأفحش (5)؛ فزعم أن ذلك نسبة إلى هاشم جدِّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - (6). وكأنه لم يدر (7) أن النسبة إلى بني هاشم: هاشمي، وليس يخفى أن ذلك لا يلائم حال هاشم، وإنما يلائم حال بني هاشم حين أفضت الخلافة إلى بني هاشم لما تولاها (8) بنو العبَّاس، والله أعلم. ذكر أن الرخص المتعلقة بالسفر الطويل والقصير (9) أربع: الصلاة على الراحلة، وترك الجمعة، والتيمم، وأكل الميتة (10). قال تلميذه محمد بن يحيى: "تناول الميتة رخصة السفر والحضر جميعاً مهما تحققت الضرورة" (11). قلت: إنما يجعل (12) أكل الميتة من رخص السفر حيث يكون الاضطرار ناشئاً من السفر   (1) زيادة من (أ) و (ب). (2) في (أ): حدده. (3) انظر النقل عنه في: الحاوي 2/ 360. (4) فكل خمسة من أميال بني أميَّة تعادل ستة من أميال بني هاشم. انظر: المجموع 4/ 323. (5) في (ب): فاحش. (6) مراده به الرافعي؛ حيث ذكر ذلك في: فتح العزيز 4/ 453. (7) في (د) يرد، وفي (ب): يدرك، والمثبت من (أ). (8) في (د). ولاها، والمثبت من (أ) و (ب). (9) في (ب): ذكر أن رخص السفر المتعلقة بالطويل والقصير (10) انظر: الوسيط 2/ 721. (11) لم أقف على النقل عنه فيما بين يدي من مصادر، والله أعلم. (12) في (ب): جعل. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 263 في حق من كان بحيث لو أقام في الحضر لم يضطر، وهكذا التيمم بسبب عدم الماء، وذلك هو الغالب؛ فإن عدم الطعام والماء (1) لا يكاد يقع في الحضر. وقد يقال في التيمم: إنه أراد التيمم الذي لا تجب إعادة الصلاة المؤداة به، فإن ذلك يعم السفر الطويل والقصير على أصح القولين (2). ولكن ذلك مخالف لظاهر لفظه، والله أعلم. قوله: "القيد الثالث: المباح" (3) لم يرد بالمباح ههنا ما قرره في أصول الفقه من أن المباح: ما استوى طرفاه في عدم الثواب والعقاب (4). إنما المباح ههنا على اصطلاح الفقهاء، وهو: ما (5) لا حرج في فعله (6). فيدخل فيه الواجب والمندوب إليه، والله أعلم. قوله في شرط القصر: "هو اثنان: أحدهما: أن لا يقتدي بمتم. والثاني: أن يستمر على نية القصر جزماً في جميع صلاته" (7) هذا يفهم منه انحصار الشرط (8) في هذين الاثنين، وليس كذلك، فإن له شروطاً منها: أن لا يقيم في جزء من صلاته، بل يستمر سفره من أولها إلى آخرها، فلو نوى الإقامة في أثناء   (1) في (ب): الماء والطعام، بالتقديم والتأخير (2) انظر: روضة الطالبين 1/ 235. (3) الوسيط 2/ 722. (4) انظر: المستصفى ص: 59. (5) في (أ): مما. (6) انظر: البحر المحيط 1/ 276 - 277، شرح الكوكب المنير 1/ 427. (7) الوسيط 2/ 724 - 725. (8) في (ب): الشروط. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 264 صلاته، أو طرأت الإقامة نفسها بأن (1) انتهت السفينة وهو يصلي فيها إلى وسط بلده، لزمه الإتمام. ومنها: علم القاصر بجواز القصر، فلو قصر جاهلاً بذلك (2) لم يصح قصره وإن نوى؛ لأنه لا يجوز له ترك ما أمر به من الإتمام من غير علم بما يجوز له تركه (3)، والله أعلم. (قوله) (4) في عدم اشتراط الترتيب على أحد الوجهين فيما إذا أخَّر الظهر إلى وقت العصر: "وجه الفرق أن العصر في وقته، فلم يفتقر (5) إلى تقديم غيره، بخلاف العصر في وقت الظهر" (6) هذا مشكل وإيضاحه: أنا إنما اشترطنا الترتيب أي تقديم الظهر على العصر في الجمع (7) في وقت الأولى لأن العصر في غير وقته، وإنما يصح مجموعاً إلى غيره وهو الظهر، فلا بدَّ (8) من وجود الظهر المجموع إليه أولاً ليُجمع إليه غيره، بخلاف الجمع في وقت العصر، فإن العصر واقعة في وقتها، فتصح وإن لم تقدم الظهر عليها، وتصح الظهر مؤخرة بوصف الجمع لأن الجمع قد (9) وقع ضرورة بحصولها في وقت العصر على وجه   (1) في (أ): بل. (2) سقط من (ب). (3) انظر: فتح العزيز 4/ 468، روضة الطالبين 1/ 497، كفاية الأخيار 1/ 275. (4) زيادة من (أ) و (ب). (5) في (ب): في وقتها فلم نفتقر. (6) الوسيط 2/ 728. وقبله: ثم شرائط الجمع ثلاثة: الأول: الترتيب: وهو تقديم الظهر على العصر مهما عجَّل العصر، فإن أخَّر الظهر إلى وقت العصر ففي تقديمه وجهان: ووجه الفرق ... إلخ. (7) في الجمع: سقط من (ب). (8) في (د): ولا بدَّ، والمثبت من (أ) و (ب). (9) سقط من (ب). الجزء: 2 ¦ الصفحة: 265 ما دُوِّن فيه (1)، والله أعلم. قوله: "نيَّة الجمع عند التقديم في أول صلاة الأولى أو في وسطها" (2) هذا اقتصار منه على القول الأصح المنصوص عليه في الجمع بالسفر (3)، وترك القول الثاني المنصوص عليه في الجمع بالمطر وهو أنه لا يجوز إلا عند التحرم بالصلاة الأولى (4)، ومن المتصور ذكر القولين في الجمعين (5). قوله (6): "فلو نوى في أول الصلاة الثانية لم يجز. وقال المزني: يجوز" (7) هذا ليس مذهب (8) المزني، وإنما هو قول ثالث مخرَّج خرَّجه المزني للشافعي. وإنما قول المزني ومذهبه أن نيَّة الجمع (9) ليست شرطاً أصلاً، ويكفي فعل الجمع وصورته (10). ثم إن   (1) وهذا هو الوجه الصحيح، الذي لم يذكر كثيرون سواه، وهنالك وجه آخر في أنه يشترط الترتيب كذلك، وعليه فلو أخلَّ بالترتيب كانت الأولى قضاءً. التعليقة للقاضي حسين 2/ 1122، فتح العزيز 4/ 477، كفاية الأخيار 1/ 277. (2) الوسيط 2/ 728. وقبله: الثالث - أي الشرط الثالث - نيَّة الجمع ... إلخ. (3) انظر: مختصر المزني ص: 30، التلخيص لابن القاص ص: 174، التعليقة للقاضي حسين 2/ 1127، المهذَّب 1/ 104, مجموع 4/ 374. (4) انظر: المصادر السابقة. (5) لقول الشافعي: "والسنة في المطر كالسنة في السفر". انظر: مختصر المزني والتلخيص في الموضعين السابقين. (6) في (أ) و (ب): وقوله. (7) الوسيط 2/ 728. قال المزني - بعد أن نقل قول الشافعي: "فإن نوى مع التسليم الجمع كان له الجمع -: هذا عندي أولى" المختصر ص: 30. (8) في (ب): قول. (9) سقط من (ب). (10) لم أجده منصوصاً عليه في المختصر، ولكن نقله عنه الشاشي في: حلية العلماء 2/ 242. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 266 القول الثالث الذي خرَّجه المزني إنما هو تجويز إيقاع نيَّة الجمع بين الصلاتين، فلو أنه نوى الجمع في أول الصلاة الثانية فالظاهر من كلام المفرِّعين على تخريجه هذا أن ذلك لا يجوز؛ لأنها جازت بين الصلاتين لتعلق الجمع بالصلاتين، قال إمام الحرمين: "ليس يبعد عن القياس تجويز ذلك" (1). على هذا إذا عرفت هذا فالذي ذكره في الكتاب اختصار منه لكلام شيخه في ذلك على وجه يخلُّ بفهم المنقول عن المزني موهماً غيره، والله أعلم. قوله: "جمع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بالمدينة من غير خوف ولا سفر. قال الشافعي - رضي الله عنه -: ما أراه إلا من عذر المطر" (2) هذا رواه الشافعي (3)، وغيره (4) عن مالك بإسناده عن ابن عباس رضي الله عنهما، قال مالك: "أرى ذلك كان في مطر" (5). هذا الحديث رواه مسلم في "صحيحه" من وجهين: أحدهما: هكذا. والثاني: "جمع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بين الظهر والعصر، والمغرب والعشاء بالمدينة من غير خوف ولا مطر" (6). فلا   (1) نهاية المطلب 2/ ل197/ ب. (2) الوسيط 2/ 729 - 730. وقبله: السبب الثاني - أي للجمع -: المطر، وقد جمع رسول الله ... إلخ. (3) في: المسند ص: 449، السنن 1/ 134، مختصر المزني ص: 30. (4) فقد رواه الإمام مسلم في صحيحه - مع النووي - كتاب صلاة المسافرين، باب جواز الجمع بين الصلاتين في السفر 5/ 215 عن يحيى بن يحيى عن مالك، وأبو داود في سننه كتاب الصلاة، باب الجمع بين الصلاتين 2/ 14 رقم (1210) عن القعنبي عن مالك، والنسائي في سننه كتاب المواقيت، باب الجمع بين الصلاتين في الحضر 1/ 315 رقم (600) عن قتيبة عن مالك، والبيهقي في السنن الكبرى كتاب الصلاة، 3/ 236 رقم (5543) من طريق الشافعي عن مالك. (5) انظر: الموطأ - مع الزرقاني - كتاب الصلاة، باب الجمع بين الصلاتين في الحضر والسفر 1/ 417 رقم (328). (6) انظر: صحيح مسلم الموضع السابق 5/ 216 - 217. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 267 حجة إذاً فيه، وقد حمل الجمع فيه (1) عمرو بن دينار (2) - وهو أحد رواته - على تأخير الأولى إلى آخر وقتها، وتقديم الثانية إلى أول (3) وقتها (4). ولم يمنعنا مثل هذا التأويل (5) من القول بالجمع في السفر (6)؛ لأن في بعض رواياته الثابتة التصريح بما معناه الجمع بين الصلاتين في وقت إحداهما (7)، فينبغي إذاً أن يَعدل إلى الاحتجاج بالقياس على الجمع في السفر (8)، ويعضده بورود فعل مثل ذلك في   (1) سقط من (ب). (2) أبو محمد عمرو بن دينار الجمحي مولاهم المكي التابعي قال عنه النووي: أجمعوا على جلالته، وإمامته، وتوثيقه، وهو أحد أئمة التابعين، وأحد المجتهدين أصحاب المذاهب. وقال عنه ابن حجر: "ثقة ثبت"، روى حديثه الجماعة، توفي سنة 126 هـ. انظر ترجمته في: الجرح والتعديل 6/ 231، تهذيب الأسماء 2/ 27، تذكرة الحفاظ 1/ 113، تقريب التهذيب ص: 421. (3) سقط من (ب). (4) انظر قوله هذا في: صحيح البخاري - مع الفتح - كتاب التهجد، باب من لم يتطوع بعد المكتوبة 3/ 62 رقم (1174)، وصحيح مسلم الموضع السابق، والسنن الكبرى 3/ 238. (5) سقط من (ب). (6) في (د): في الجمع بالسفر، والمثبت من (أ) و (ب). (7) من النصوص الدالة على ذلك: الحديث الذي رواه الشيخان عن أنس - رضي الله عنه - قال: "كان النبي - صلى الله عليه وسلم - إذا ارتحل قبل أن تزيغ الشمس أخَّر الظهر إلى وقت العصر ثم يجمع بينهما". انظر: صحيح البخاري مع الفتح - كتاب تقصير الصلاة، باب يؤخِّر الظهر إلى العصر إذا ارتحل قبل أن تزيغ الشمس 2/ 678 رقم (1111)، وصحيح مسلم - مع النووي - كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب جواز الجمع بين الصلاتين في السفر 5/ 214. وروى البيهقي عن أنس - رضي الله عنه - قال: (كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذا كان في سفر فزالت الشمس صلى الظهر والعصر جميعاً ثم ارتحل). انظر: السنن الكبرى كتاب الصلاة، باب الجمع بين الصلاتين في السفر 3/ 231 رقم (5523)، قال النووي: "صحيح الإسناد". المجموع 4/ 372. (8) في (ب): بالسفر. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 268 المطر عن ابن عمر (1)، وابن عباس (2) رضي الله عنهما، وبما رويناه بإسناد جيِّد عن موسى بن عقبة (3) "أن (4) عمر بن عبد العزيز (5) كان يجمع بين المغرب والعشاء الآخرة إذا كان مطر، وأن سعيد بن المسيب، وعروة بن الزبير، وأبا بكر بن عبد الرحمن (6)، ومشيخة ذلك الزمان كانوا يصلون معهم ولا ينكرون ذلك" (7). فدَّل هذا مع غيره على شهرة ذلك وانتشاره من غير منكر، فاعتمد ذلك؛ فإن تقرير تجويز الجمع بالمطر منا مشكلات المذهب، ولذلك توقف   (1) رواه عنه مالك انظره في الموطأ - مع الزرقاني - كتاب الصلاة، باب الجمع بين الصلاتين في الحضر والسفر 1/ 418 رقم (329)، والبيهقي في السنن الكبرى كتاب الصلاة 3/ 240 رقم (5556). (2) رواه عنه البيهقي في الموضع السابق من السنن الكبرى وفي سنده مجهول. (3) هو أبو محمد موسى بن عقبة بن أبي عيَّاش الأسدي مولى آل الزبير, كان بصيراً بالمغازي النبوية، قال عنه الحافظ ابن حجر: ثقة فقيه إمام في المغازي. روى حديثه الجماعة، توفي سنة 141 هـ، وقيل بعد ذلك. انظر ترجمته في: الجرح والتعديل 8/ 154، السير 6/ 114، تقريب التهذيب ص: 552. (4) في (د): بن، والمثبت من (أ) و (ب). (5) هو الخليفة الأموي عمر بن عبد العزيز بن مروان أبو حفص القرشي التابعي، ولي الخلافة بعد سليمان بن عبد الملك سنة 99 هـ، وكان خليفة عادلاً، صالحاً، زاهداً، أحد الفقهاء السبعة بالمدينة، وشهرته أطبقت الآفاق، توفي سنة 101 هـ. انظر ترجمته في: تهذيب الأسماء 2/ 17, البداية والنهاية 9/ 200، تاريخ الخلفاء للسيوطي ص: 228. (6) هو أبو بكر بن عبد الرحمن بن الحارث بن هشام القرشي المخزومي المدني التابعي، أحد فقهاء المدينة السبعة، واسمه كنيته على الصحيح، وكان ثقة، عالماً، عاقلاً، سخياً، كثير الحديث, توفي سنة 94 هـ بالمدينة. انظر ترجمته في: وفيات الأعيان 1/ 253, تذكرة الحفاظ 1/ 63، طبقات الحفاظ ص: 24. (7) رواه البيهقي في السنن الكبرى كتاب الصلاة 3/ 240 رقم (5558). الجزء: 2 ¦ الصفحة: 269 بعض أصحابنا فيه وعنه (1)، وطرد القياس في الجمع بعذر المرض (2) جماعة من أصحابنا فجوَّزوه (3) منهم: أبو سليمان الخطابي (4)، والقاضي الحسين (5)، والروياني (6)، وغيرهم (7)، والله أعلم. قوله: "وفي الثلج خلاف" (8) هذا في (9) الثلج الذي يذوب، ووجه المنع: أن نفضه عن الثوب ممكن (10)، والله أعلم. قوله: "قال الأصحاب: التقديم بعذر المطر جائز، وفي التأخير وجهان" (11) لا يصح ذلك عن الأصحاب، فمشهور عنهم ذكرهم قولين في ذلك لا وجهين (12)، والله أعلم.   (1) كالمزني انظر النقل عنه في: المجموع 4/ 381، روضة الطالبين 1/ 501. (2) في (د): المطر، وهو خطأ، والمثبت من (أ) و (ب). (3) في (ب): فجوَّزه. (4) انظر: معالم السنن 2/ 15. (5) لم أقف عليه في الجزء الموجود من التعليقة، وانظر النقل عنه في: فتح العزيز 4/ 481، المجموع 4/ 383. (6) انظر النقل عنه في الموضعين السابقين من فتح العزيز والمجموع. (7) نقله النووي كذلك عن المتولي صاحب التتمة. انظر: المجموع الموضع السابق. (8) الوسيط 2/ 731. وقبله: ولا خلاف أن الأوحال والرياح لا تلحق بالمطر، وفي الثلج ... إلخ. (9) سقط من (ب). (10) الوجه القائل بجواز الجمع هو الصواب الذي قطع به الجمهور في الطريقتين كما قال النووي، والوجه الثاني المانع شاذ ضعيف أو باطل. انظر: المجموع 4/ 381. وقد علل القاضي حسين وجه المنع بأن السنة وردت في المطر، والمطر مخصوص من القياس، فلا يقاس عليه غيره. انظر: التعليقة 2/ 1127. (11) الوسيط 2/ 731. وبعده: لأنه بالتقديم يفرغ قلبه، وفي التأخير لا يأمن انقطاع المطر. (12) انظر: المهذب 1/ 105، حلية العلماء 2/ 243، وقد نقل فيها وجهين القاضي حسين في التعليقة 2/ 1126، والفوراني في الإبانة ل 46/ أ. وأصحهما عدم الجواز، انظر: المجموع 4/ 381. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 270 ومن كتاب الجمعة ما ذكره من أن شرائطها ست (1). المراد به شرائطها المختصة بها، وإلا فشرائط سائر الصلوات شرائط فيها أيضاً (2) والله أعلم. ما اختاره من أنه إذا عظم البلد، وعسر الاجتماع في موضع واحد للزحمة جازت الزيادة على جمعة واحدة من غير تخصيص لبغداد بذلك (3). هو الصحيح، وهو اختيار المزني (4)، وابن سريج (5)، وأبي إسحاق المروزي (6)، وأبي عبد الله الحناطي (7)، والقاضي أبي (8) القاسم بن كجِّ (9)، والقاضي   (1) قال الغزالي: "كتاب الجمعة: وفيه ثلاثة أبواب: الباب الأول: في شرائطها: وهي ستة .. " الوسيط 2/ 733. (2) سقط من (ب). (3) انظر: الوسيط 2/ 733. (4) لم أجده في مختصره، وانظر النقل عنه في: الحاوي 2/ 448. (5) انظر النقل عنه في: فتح العزيز 4/ 501، روضة الطالبين 1/ 510. (6) انظر النقل عنه في: الحاوي الموضع السابق. (7) هو أبو عبد الله الحسين بن محمد بن الحسن الطبري، الحناطي بالحاء المهملة المفتوحة ثم نون مشددة، قدم بغداد وحدَّث بها، قال النووي: "وله مصنفات نفيسة، كثيرة الفوائد، والمسائل الغريبة المهمة"، توفي بعد الأربعمائة. انظر ترجمته في: تهذيب الأسماء 2/ 254، طبقات السبكي 4/ 367. وانظر النقل عنه في الموضعين السابقين من فتح العزيز وروضة الطالبين. (8) في (ب): أبو، وهو خطأ. (9) هو القاضي أبو القاسم يوسف بن أحمد بن كجِّ الدينوري، كان يضرب به المثل في حفظ المذهب، وهو من أصحاب الوجوه، من مصنفاته: التجريد وهو مطوَّل، ارتحل الناس إليه من الآفاق، توفي سنة 405 هـ. انظر ترجمته في: وفيات الأعيان 7/ 65، طبقات السبكي 5/ 359، شذرات الذهب 3/ 177. والنقل عنه في الموضعين السابقين من فتح العزيز وروضة الطالبين. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 271 الروياني (1). وجعل صاحب الكتاب من هذا القبيل ما إذا كان في وسط البلد نهر عظيم لا يخيض إلا السابح (2) كدجلة في بغداد، مضيفاً ذلك إلى عسر الاجتماع في مسجد واحد بسبب النهر (3). وغيره جعل ذلك سبباً آخر لتجويز جمعتين في الجانبين مضيفاً ذلك إلى أن النهر فاصل يقطع (4) حكم أحد الشقين عن الآخر (5) , والله أعلم. قوله: "وما ذكره متجه فهو في محل التردد" (6) أي استصحاب حكم التفرق في القرى التي تواصلت بعد تفرقها في جواز عقد جمعتين أو جمع، وجواز (7) الترخص للمسافر (8) من إحداها واقع في محل التردد والاحتمال، والله أعلم.   (1) كذا النقل عنه في المرجعين السابقين. (2) في (د): بالسابح، والمثبت من (أ) و (ب). (3) قال الغزالي: "فرعان: أحدهما: إذا كثر الزحام، وعسر الاجتماع في مسجد واحد إما للزحمة، واما لنهر لا يخوض إلا السابح كدجلة، فيجوز عقد جمعتين كما ببغداد". الوسيط 2/ 735. (4) في (أ): فاصل مجمع يقطع. (5) قال به أبو الطيب ابن سلمة نقله عنه الرافعي والنووي، انظر: فتح العزيز 4/ 499، روضة الطالبين 1/ 510. (6) الوسيط 2/ 736. وقبله: ومنهم من علل حكم بغداد بأنها كانت قرى متفاصلة فحدثت العمارات الواصلة فاستمر الحكم القديم. قال صاحب التقريب: "حكم هذه العلة يقتضي أن يترخص المسافر عن قريته وإن لم يتجاوز هذه العمارات استصحاباً لما كان، فإن لم يجوز له الترخص نظراً إلى ما حدث فمقتضاه منع الجمعتين". وما ذكره متجه ... إلخ. (7) في (ب): وفي جواز. (8) في (ب): للمسافرين. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 272 يُتَصَور معرفة التلاحق (1) من غير تعيين بأن يسمع من هو معذور وهو خارج المسجدين تكبيرتي (2) التحرُّم متلاحقتين ولا يعرف السابقة فيُخبر بذلك (3)، والله أعلم. قوله فيما إذا تعينت الجمعة السابقة ثم التبست: "فالمذهب أن الجمعة فائتة" (4) أي على الجميع إعادة الظهر، وليس لهم فعل الجمعة (5)، وإلا فالجمعة السابقة في نفس الأمر صحيحة غير فائتة (6)، والله أعلم. قوله: "و (7) مستند العدد: أن المقصود الاجتماع، ولم ينقل في التقدير خبر. والأربعون أكثر ما قيل. وقال (8) جابر بن عبد الله: مضت السنة أن في كل أربعين فما فوقها جمعة، فاستأنس الشافعي به، وبمذهب عمر بن عبد العزيز،   (1) قال الغزالي: "لو عقدت جمعتان فالسابقة هي الصحيحة إن كان فيها السلطان، وإن كان السلطان في الثانية فوجهان ... ثم النظر في السبق إلى تحريمة الصلاة، وقيل. إلى التحلل، وقيل: إلى أول الخطبة وهما ضعيفان. أما إذا وقعتا معاً تدافعتا. وإن احتمل التساوق والتلاحق تدافعتا أيضاً، واستؤنفت الجمعة؛ إذ لم يحصل لأحد براءة الذمة في حال، وإن تلاحقتا, ولكن لم يعرف السابق فقولان .... " الوسيط 2/ 736 - 737. (2) في (د) و (ب): بتكبيرتي، والمثبت من (أ). (3) راجع: فتح العزيز 4/ 507 - 508، روضة الطالبين 1/ 512. (4) الوسيط 2/ 737. (5) في ذلك قولان: الأول: عليهم إعادة الجمعة. والثاني - وهو أظهرهما -: عليهم إعادة الظهر. انظر: الأم 1/ 331، الحاوي 2/ 450، فتح العزيز 4/ 507. (6) انظر: فتح العزيز الموضع السابق. (7) سقط من (ب). (8) مكررة في (د). الجزء: 2 ¦ الصفحة: 273 وبالاحتياط" (1) في هذا الكلام أمران زادهما على ما في "البسيط" (2)، و"نهاية المطلب" (3) - وهما غير مرضيين - أحدهما: قوله "ولم ينقل في التقدير خبر (4) " مع جزمه بأن جابراً قال: مضت السنة ... إلى آخره. والثاني: قوله "فاستأنس الشافعي به، وبمذهب عمر بن عبد العزيز" وهذا لأن حديث جابر (5) وإن كان ضعيفاً عند أهل الحديث (6)، فهو - رحمه الله - وإيانا - لكونه لم يعان (7) علمهم (8) قد أثبته، حيث أورده إيراد الثابت قائلاً: "قال جابر", ولو كان عنده   (1) الوسيط 2/ 738 - 740. وقبله: الشرط الرابع: العدد: فلا تنعقد الجمعة عندنا بأقل من أربعين ذكوراً، مكلفين، أحراراً، مقيمين، لا يظعنون شتاء، ولا صيفاً إلا لحاجة ... ومستند العدد ... إلخ. ومذهب عمر بن عبد العزيز رواه الشافعي في الأم 1/ 328، والبيهقي في السنن الكبرى 3/ 253. (2) انظره 1/ ل138/ ب. (3) انظره 2/ ل203/ ب. (4) سقط من (ب). (5) في (د): بن جابر، والمثبت من (أ) و (ب). (6) رواه الدارقطني في سننه 2/ 3 - 4، والبيهقي في السنن الكبرى كتاب الجمعة 3/ 253 رقم (5607) قال البيهقي: "هو حديث لا يحتج بمثله". أهـ وضعفه النووي في المجموع 4/ 502، والزيلعي في نصب الراية 2/ 198؛ إذ في سنده عبد العزيز بن عبد الرحمن عن خصيف قال ابن حجر في التلخيص الحبير 4/ 511: "قال أحمد: اضرب على حديثه؛ فإنها كذب أو موضوعة، وقال النسائي: ليس بثقة، وقال الدارقطني: منكر الحديث، وقال ابن حبَّان: لا يجوز أن يحتج به". (7) أي يهتم ويحتفل. انظر: مختار الصحاح ص: 459، المصباح المنير ص: 165. (8) في (أ): عليهم، وهو تصحيف. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 274 ضعيفاً لقال: وروي عن جابر، أو نحو هذا. وإذا كان كذلك فهو خبر وارد في التقدير حجة فيه بمفهومه، إذ من أصلنا أن (مثل) (1) هذا المفهوم حجة (2)، وأن قول الصحابي: مضت السنة، محمول على سنة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - (3). فعلى هذا لم يكن ينبغي أن يقول: لم يرد في التقدير خبر، ولا أن يقول: فاستأنس الشافعي به؛ لأن (4) هذا إنما يقال فيما ليس ينتهض حجة ويصلح للترجيح. وأيضاً فهذا الحديث غير (5) موجود في كلام الشافعي المنقول في ذلك (6). وإصلاح هذا الكلام بأن يقال: لم يَرِد في التقدير خبر ثابت، وقد روي عن جابر كذا (7)، فيُستأنس (8) به، وبمذهب عمر. وكأنه - رحمه الله وإيانا - لم ير حين ما قال ذلك أن قول الصحابى: مضت السنة محمول على سنة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال ذلك. وتحرير (9) الدليل في المسألة أن نقول: الأصل الظهر، ولا يُعْدَل عنه إلى الجمعة إلا بشرط أصل العدد بالإجماع (10)، وقد ثبت ذلك في عدد الأربعين بدلالة   (1) زيادة من (أ) و (ب). (2) أي مفهوم العدد وانظر: البحر المحيط 4/ 41, إرشاد الفحول 2/ 64، تفسير النصوص في الفقه الإسلامي لمحمد أديب الصالح 1/ 729. (3) انظر: المستصفى ص: 105، المجموع 1/ 59. (4) في (ب): فإن. (5) في (أ): فهذا الحديث ليس غير. و (ليس) هنا مقحمة (6) راجع: الأم 1/ 328، مختصر المزني ص: 31. (7) في (أ) و (ب): كذا وكذا. (8) في (أ): فاستأنس. (9) في (د): وتجويز، وهو خطأ، والمثبت من (أ) و (ب). (10) نقله كذلك النووي في: المجموع 4/ 504. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 275 حديث كعب بن مالك: (أن أسعد (1) بن زرارة صلى الجمعة (2) بالمدينة بأربعين رجلاً قبل مَقْدَم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إليها). رواه أبو داود (3)، وغيره (4)، وهو حسن الإسناد صحيح، فيبقى فيما دون الأربعين على الأصل، والله أعلم. ما ذكره من أن القولين في اشتراط الموالاة في الخطبة يقربان من القولين (5) في اشترط الموالاة في الوضوء (6). يقال عليه: إن بينهما تباعداً من حيث إن الجديد والأصح في الوضوء أنها لا تشترط، والجديد ههنا والأصح أنها تشترط (7)، وأيضاً فترك الموالاة في الوضوء بعذر لا يقدح قولاً واحداً على أصح الطريقين   (1) في (أ): سعد. (2) في (ب): يوم الجمعة. (3) في سننه كتاب الصلاة، باب الجمعة في القرى 1/ 645 - 646 رقم (1069). (4) وممن رواه كذلك: ابن ماجه في سننه كتاب إقامة الصلاة، باب في فرض الجمعة 1/ 343 رقم (1082)، والدارقطني في سننه 2/ 5 - 6، والحاكم في المستدرك 1/ 281 وقال: "هذا حديث صحيح على شرط مسلم، ولم يخرجاه". أهـ ووافقه الذهبي، وأخرجه كذلك البيهقي في السنن الكبرى كتاب الجمعة 3/ 252 رقم (5606) وقال: "وهذا حديث حسن الإسناد صحيح". أهـ، وقال النووي: "حديث حسن، رواه أبو داود والبيهقي وغيرهما بأسانيد صحيحة". المجموع 4/ 504. (5) في (د): القول، والمثبت من (أ) و (ب). (6) انظر: الوسيط 2/ 740. قال الغزالي: "إذا انفضَّ القوم فله ثلاثة أحوال: الأولى: في الخطبة فلو سكت الإمام، وعادوا على قرب، أو مكانهم آخرون بني عليه، وإن مضى ركن في غيبتهم لم يعتدَّ به؛ لأن الخطبة واجبة الاستماع فلا بدَّ من سماع أربعين جميع الأركان قولاً واحداً، وإن طال سكوت الإمام ففي جواز البناء قولان يقربان من قولي الموالاة في الوضوء". أهـ (7) انظر: التهذيب ص: 696، فتح العزيز 4/ 519 - 520. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 276 على ما ذكره الإمام في "نهايته" في باب الوضوء (1)، وههنا نقل القولين مطلقاً في مسألة الانفضاض مع أنه عذر في حق الخطيب، وفيما لو سكت وطال من غير انفضاض (2). ولعل سبب الفرق: أن للموالاة تأثيراً عظيماً في إيقاظ القلوب الذي هو المقصود من الخطبة، وذلك يفوت بتركها، وسواء فيه وجود (3) العذر وعدمه. وما هو المقصود من الوضوء لا يفوت بترك الموالاة، والله أعلم. قوله في انفضاضهم في أثناء الصلاة فيه أقوال: "أحدها: أنه تبطل الجمعة بنقصان العدد في لحظة كما في الوقت، وكما في الخطبة" (4) يعني به ما إذا أتى بركن من أركان الخطبة (5) في حال انفضاضهم فإنها لا تصح قولاً واحداً (6)، وإنما لم يجر فيها هذا الخلاف؛ لأن المصلي مصل (7) لنفسه، وذلك موجود في حالة الانفضاض (8)، والخطيب يخطب لغيره، وذلك مفقود في حالة الانفضاض, فلم يلزم من المسامحة في نقصان العدد في الصلاة على قول (9)، المسامحة في الخطبة، والله أعلم.   (1) انظره 1/ ل 37/ أ. (2) انظر: نهاية المطلب 2/ ل 204/ ب. (3) في (أ): وسواء فيه في وجود. (4) الوسيط 2/ 741. (5) انظر أركان الخطبة في: الوسيط 2/ 750 - 751. (6) انظر: الوسيط 2/ 740. (7) في (د) و (ب): مصلي، والمثبت من (أ). (8) في (ب): الانفصال. (9) انظر: نهاية المطلب 2/ ل204/ ب، فتح العزيز 4/ 527 - 528، روضة الطالبين 1/ 515. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 277 قوله فيما إذا كان الإمام عبداً، أو مسافراً، والمأمومون مع كمال صفاتهم (1): "فيه وجه أنا إذا قلنا: إن الإمام محسوب من الأربعين لا يصح بل يشترط فيه صفات الكمال" (2) شرحه: أنا (3) إذا قلنا: الإمام محسوب من الأربعين فمعناه أنه تصح الجمعة بأربعين كاملين من غير زيادة أحدهم الإمام (4)، فإذا كان عدد الكاملين المأمومين أربعين فهل يجوز أن يكون الإمام غير كامل عبداً، أو مسافراً؟ أو يشترط فيه صفات الكمال وإن تمَّ عدد الأربعين الكاملين بالمأمومين؟ فوجهان: أحدهما: أنه لا يجوز، ويشترط الكمال فيه؛ لأنه (5) ركن في العدد الكامل، فينبغي أن يشترط فيه صفات الكمال وإن كان زائداً. والثاني: - وهو الصحيح - أنه يجوز ذلك؛ لأن عدد الكاملين قد تمَّ دونه، والكمال لا يشترط في أكثر من أربعين (6). ومعنى قولنا: إن الإمام محسوب من الأربعين: أنه يجوز أن يتم به عدد الأربعين الكاملين، ولا يشترط أن يكون زائداً على الأربعين، ولا إذا كان زائداً أن يكون كاملاً في صفاته فاعلم، والله أعلم.   (1) في (ب): مع خصال كمال. (2) الوسيط 2/ 742. (3) في (ب): أنه. (4) سقط من (ب). (5) في (ب): لأن. (6) انظر: الوسيط الموضع السابق، فتح العزيز 4/ 540 - 541، الغاية القصوى 1/ 337. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 278 قوله في الاستخلاف: "الجديد جوازه، وقد نقل فيه الخبر" (1) ورد في ذلك في "الصحيحين" (2) حديث سهل بن سعد الساعدي في صلاة أبي بكر - رضي الله عنه - بالناس لغيبة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في إصلاحه بين طائفتين من الأنصار (3)، ثم رجوعه - صلى الله عليه وسلم - في أثناء الصلاة، وتقدمه وتأخر أبي بكر، وإئتمامهم به - صلى الله عليه وسلم - في بقية الصلاة، والله أعلم. قوله في المزحوم عن السجود في الجمعة: "ينتظر التمكن، وقيل: إنه يومئ، أو (4) يتخير بين الإيماء والانتظار كتخيُّر العاري بين الصلاة قائماً أو قاعداً، وهو ضعيف" (5) هذه عبارة توهم خلاف الصواب، ويحتاج في تطبيقها على الصواب إلى تكلُّف من موفَّق، والعبارة المفصحة عن الصواب في ذلك أن نقول: ينتظر التمكن من السجود، هذا (6) هو المذهب الذي قطع به الجمهور (7). وقيل: - وهو   (1) الوسيط 2/ 743. قبله: المسألة الثانية في الاستخلاف: وقد اختلف قول الشافعي - رضي الله عنه - في جواز أداء صلاة واحدة خلف إمامين بأن تبطل صلاة الأول بحدث أو غيره فيستخلف غيره في الباقي، الجديد جوازه ... إلخ. (2) انظر: صحيح البخاري - مع الفتح - كتاب الأذان، باب من دخل ليؤم الناس فجاء الإمام الأول فتأخر الأول، أو لم يتأخر جازت صلاته 2/ 196 رقم (684)، وصحيح مسلم - مع النووي - كتاب الصلاة، باب تقديم الجماعة من يصلي بهم إذا تأخر الإمام ولم يخافوا مفسدة بالتقديم 4/ 144 - 146. (3) هم بني عمرو بن عوف كما جاء في الحديث. (4) في (أ): و. (5) الوسيط 2/ 746. وقبله: إذا زحم المقتدي عن سجود الركعة الأولى فليسجد على ظهر غيره على هيئة التنكيس، فإن عجز عن التنكيس فله نية الانفراد في غير الجمعة لعذر الزحمة، وفي الجمعة ينتظر التمكن ... إلخ. (6) في (ب): وهذا. (7) انظر: المهذب 1/ 116، حلية العلماء 2/ 289، الغاية القصوى 1/ 338، المجموع 4/ 564 وقال: "قطع به الأكثرون". الجزء: 2 ¦ الصفحة: 279 قول الشيخ أبي محمد الجويني وطريقته - إن فيه مع هذا الوجه (1) وجهين آخرين: أحدهما: أنه يومئ إلى السجود أقصى الإمكان كالمريض. والثاني وهو الثالث: أنه يتخير بين الإيماء وانتظار التمكن (2). وهذه الوجوه الثلاثة تضاهي الوجوه الثلاثة في العاري: في وجه يصلي قاعداً ويومئ بالسجود حذاراً من كشف السوأتين. وفي (3) وجه يصلي قائماً متمماً للركوع والسجود. وفي وجه ثالث يتخيَّر بين الأمرين (4). وهذه الطريقة ضعيفة، والصحيح المعروف القطع (5) بتعيُّن (6) الانتظار للتمكن من السجود لما ذكره في الكتاب (7)، والله أعلم. ذكر (8) فيما إذا فرغ المزحوم من سجود الركعة الأولى فصادف الإمام رافعاً رأسه من ركوع الركعة الثانية أنه إذا قلنا: إنه ليس كالمسبوق فيجري على ترتيب صلاة نفسه، ويسعى خلف الإمام بحسب الإمكان، والقدوة منسحبة عليه (9). معناه: أنه مع (10) تخلفه عن الإمام ومخالفته له في حكم المقتدي، حتى   (1) سقط من (ب). (2) انظر النقل عنه في: نهاية المطلب 2/ ل207/ أ، فتح العزيز 4/ 564. (3) في (ب): وفيه. (4) انظر: المجموع 3/ 183 وقال: "المذهب الصحيح وجوب القيام". (5) سقط من (ب). (6) في (أ): بتعيين. (7) قال الغزالي: "لأن دقيقة التخلف عن الإمام لا تقاوم ما بين السجود والإيماء؛ فإن الإيماء ترك السجود". أهـ الوسيط 2/ 746. (8) في (د): قوله ذكر ... ، و (قوله) هنا مقحمة. (9) انظر: الوسيط 2/ 747. (10) سقط من (ب). الجزء: 2 ¦ الصفحة: 280 لو سها في تلك الحالة لم يسجد لسهو نفسه، وتحمَّل عنه الإمام. ثم إنه تحتسب (1) له الركعة الثانية التي أتى بها قبل سلام (2) الإمام، وإن لم يفعلها مع الإمام؛ لكونه في حكم المقتدي، وهكذا إذا أتى بها على هذا الرأي قبل سلام الإمام وكان الإمام عند فراغ المزحوم من السجود راكعاً أو في التشهد، والله أعلم. قوله فيما إذا لم يتمكن من سجود (3) الركعة الأولى حتى ركع الإمام في الثانية وقلنا بأصح القولين: إنه لا يشتغل بالسجود بل يركع مع الإمام (4) فخالف عالماً واشتغل بالسجود: "إن نوى قطع القدوة ففيه قولان كما في سائر؛ لأنه (5) الآن قد فاتت الجمعة" (6) معناه (7) أنه لما (8) نوى مفارقة الإمام قبل السجود لم يكن مدركاً مع الإمام ركعة، ولا جمعة، فيلزم التحاقها بباقي الصلوات (9) التي في (10) بطلانها بقطع القدوة في أثنائها قولان (11). ثم إذا قلنا: لا   (1) في (أ): تحسب. (2) في (د): السلام، والمثبت من (أ) و (ب). (3) في (د): سجوده، والمثبت من (أ) و (ب). (4) صححه البغوي في التهذيب ص: 678، والرافعي في فتح العزيز 4/ 566، والنووي في المجموع 4/ 565. (5) في (أ): لأن. (6) الوسيط 2/ 748. (7) في (أ): ومعناه. (8) في (أ): لو. (9) في (أ): الصلاة. (10) سقط من (ب). (11) الصحيح منهما وهو المذهب القول بعدم البطلان. انظر: فتح العزيز 4/ 402 - 403، روضة الطالبين 1/ 478. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 281 تبطل من هذه الجهة فهل يحتسب (1) له ذلك من الظهر (2)، أو من (3) النفل؟ فيه القولان (4) المعروفان على ما ذكره في أول التنبيهات الآتية (5)، والله أعلم. قوله: "هل تصلح القدوة الحكمية لإدراك الجمعة؟ وجهان. ومن منع جعل الركوع الثاني (6) نهاية انسحاب (7) حكم القدوة، فإذا سجد قبله كان كالمقتدي حسَّاً، وإن كان بعده كان مقتدياً حكماً" (8) معنى ذلك أن من (9) منع الإدراك بالقدوة الحكمية ولم يصححها فليس ذلك مطلقاً فإنه لا يمنعها فيما إذا سجد المزحوم السجدتين اللتين زحم عنهما، وأدرك الإمام قائماً في الركعة الثانية،   (1) في (أ): يجب، وهو خطأ، وفي (ب): يحسب. (2) في (ب): الفرض. (3) سقط من (ب). (4) في (د) و (أ): قولان، والمثبت من (ب). (5) قال الغزالي: "إنا حيث حكمنا بفوات الجمعة هل تنقلب صلاته ظهراً؟ فيه قولان يبنيان على أن الجمعة ظهر مقصور أو هي صلاة على حيالها، وفيه قولان: فإن قلنا: إنها ظهر مقصور جاز أن يتأدى الظهر بتحريمة الجمعة كما يتأتى الإتمام بنية القصر. وإن قلنا: لا تتأدى ظهراً فهل تنقلب نفلاً؟ ينبني على أن من تحرَّم بالظهر قبل الزوال هل تنعقد صلاته نفلاً؟ فيه قولان". أهـ الوسيط 2/ 749. ورجَّح النووي أنها صلاة بحيالها، انظر: روضة الطالبين 1/ 528، ورجَّح هو والرافعي فيمن تحرَّم بالظهر قبل الزوال أنه إن كان عالماً بالحال بطلت صلاته، وإن كان لاجتهاد، الأصح انعقادها نفلاً. انظر: فتح العزيز 4/ 264 - 265، روضة الطالبين 1/ 336. (6) سقط من (ب). (7) في (د): استحباب، وهو تصحيف، والمثبت من (أ) و (ب). (8) الوسيط 2/ 748. وقبله: ... وإن فات الركوع نظر فإن راعى ترتيب صلاة نفسه فإذا سجد في ركعته الثانية حصلت له ركعة ملفقة؛ لوقوع السجدة بعد الركوع الثاني. فإن قلنا: يدرك بالملفقة فقد حصل السجود في قدوة حكمية فهل تصلح الحكمية ... إلخ. (9) سقط من (أ). الجزء: 2 ¦ الصفحة: 282 فقام وقرأ في الركعة الثانية، فهذا باتفاق الأصحاب مدرك للركعتين (1)، ويعفى عن هذا التخلف، وقد سبق ذكره في أول صورة الزحام (2)، وإنما ذلك لعذر الزحام، فإنه لو تخلف مثل هذا التخلف مختاراً من غير عذر بطلت قدوته. وإنما الخلاف في القدوة الحكمية الواقعة فيما إذا كان سجوده في الركعة الأولى واقعاً بعد ركوع الإمام في الركعة الثانية (في الركعة) (3) الملفقة المذكورة من غير إقتداء حسِّي فيه فهذا تخلف مفرط، فاختلفوا لذلك (4). فهذا معنى قول صاحب الكتاب "جعل الركوع الثاني نهاية انسحاب حكم (5) القدوة، فإذا سجد قبله كان كالمقتدي حسَّاً، وإن كان بعده كان مقتدياً حكماً" فإن قلت: فقد ذكر بعد هذا في التفريع على القول الثاني: أنه إذا لم يتبع الإمام في الركوع وجرى على ترتيب صلاة نفسه وسجد، فسجوده واقع في قدوة حكمية، و (6) في الإدراك بها الوجهان (7). فأجرى الوجهين وإن سجد وأدرك الإمام راكعاً بعد. قلت: ليس معنى قوله: "وإن كان بعده" كان بعد فراغ الإمام من الركوع، بل معناه كان بعد شروعه في الركوع. قوله (8): "وجعل الركوع الثاني نهاية انسحاب حكم   (1) انظر: الحاوي 2/ 416، حلية العلماء 2/ 289، المجموع 4/ 565. (2) في (ب): سبق ذكره أول الكتاب صورة الزحام. (3) زيادة من (أ) و (ب). (4) في (أ) و (ب): فيه لذلك. وفيه وجهان كما تقدم في نصِّ الوسيط، أصحهما أنه يدرك بها الجمعة انظر: حلية العلماء 2/ 289، فتح العزيز 4/ 568. (5) سقط من (ب). (6) سقط من (ب). (7) انظر: الوسيط 2/ 749. (8) في (أ) و (ب): وقوله. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 283 القدوة" أي الشروع في الركوع الثاني، فإذا لم يبتدئ بسجوده حتى ركع الإمام ولم يدرك القيام فهذا أيضاً لم يسجد إلا بعد انتهاء الإمام إلى الركوع الذي هو (1) نهاية إدراك المسبوق، فهو تخلف كثير غير محتمل في ذلك، فافهم ذلك فإنه مِعْوص (2)، والله أعلم. ما ذكره من أن (3) القائل ببطلان الصلاة إذا لم تصح جمعة (4) لا يأمر أولاً بما يفضي آخراً إلى البطلان (5). مثاله: إذا لم يتمكن من السجود حتى ركع الإمام في الركعة الثانية وأمرناه بالركوع معه، وقلنا: المحسوب هو الركوع الأول، ويتلفق له ركعة من الركوع في الأولى والسجود في الثانية، فمن قال: لا يدرك بها الجمعة، وتبطل صلاته لا يأمره أولاً بالركوع، بل يقول: امتنع عليه تدارك السجود فتنقطع صلاته أصلاً، والله أعلم. قوله في النسيان على أحد الوجهين: "لا ينتهض عذراً مرخصاً في التخلف" (6) ذكر شيخه أنه على هذا يجعل المتخلف ناسياً كالمتخلف عامداً (7)، والله أعلم.   (1) سقط من (ب). (2) يقال: كلام عويص إذا صعب وعسر فهم معناه. انظر: الصحاح 3/ 1046، المصباح المنير ص: 166. (3) سقط من (ب). (4) في (أ): جمعته. (5) قال الغزالي: " ... فإن قلنا: لا تنعقد صلاته نفلاً فالقائل بهذا لا يأمره في مسائل الزحام بالفعل الذي أمرناه به إذا كان يفضي آخره إلى البطلان؛ فإنه تفريع يرفع آخره أوله". أهـ الوسيط 2/ 750. (6) الوسيط 2/ 750. وقبله: التنبيه الثالث: النسيان هل يكون عذراً كالزحام؟ فيه وجهان: أحدهما: نعم؛ لأن النسيان والقهر في الأفعال الكثيرة على وتيرة واحدة في الصلاة. والثاني: لا؛ لأن عذر النسيان نادر فلا ينتهض ... إلخ. (7) انظر: نهاية المطلب 2/ ل216/ أ. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 284 قوله في الخطبة: "و (1) في اختصاص القراءة بالأولى وجهان" (2) الوجه الثاني عنده أنها تجوز في أية خطبة كانت (3). وعند غيره (4) وجه ثالث أنها تجب فيهما (5)، والله أعلم. قوله: "وصاحب التلخيص لم يعدَّ إلا الثلاثة" (6) وفي بعض النسخ "وصاحب التقريب" والأول هو الصحيح، والله أعلم. قوله في شروط الخطبة: "والمستند الاتباع، فإن هذه الأمور لم تختلف باختلاف الأحوال" (7) معناه: أنها لم تترك فيما (8) سلف، بل ووظب (9) عليها مع   (1) سقط من (أ). (2) الوسيط 2/ 751. وقبله: والأركان الثلاثة الأُوَل - أي الحمد لله، والصلاة على رسول الله، والوصية بتقوى الله - واجبة في الخطبتين، والدعاء لا يجب في الثانية، وفي اختصاص ... إلخ. وذكر في البسيط 1/ ل146/ ب أن الدعاء يختص بالخطبة الأخيرة، ولا يجزيء في الأولى. وقال في الوجيز 1/ 64: "والدعاء لا يجب إلا في الثانية". أهـ فلعله سقط من الوسيط (إلا)، والله أعلم. (3) انظر: البسيط الموضع السابق، وهو الذي أثبته البيضاوي في تلخيصه للوسيط. انظر الغاية القصوى 1/ 340. (4) كالشيرازي في المهذب 1/ 112، والشاشي في حلية العلماء 2/ 278. (5) في (ب): فيها. (6) الوسيط 2/ 751. وبعده: ولم ير الدعاء، والقراءة ركناً، ونقل ذلك عن إملاء الشافعي - رضي الله عنه -. أهـ وفي التلخيص ص: 179 قال ابن القاص: "وأصل الخطبتين للجمعة أن يحمد الله في كل واحدة منهما, ويصلي على النبي - صلى الله عليه وسلم - في كل واحدة منهما، ويتوصى بتقوى الله في كل واحدة منهما, ويقرأ آية في إحديهما". أهـ فقد نصَّ على القراءة، فإذاً قد اعتبر الأركان عدا الدعاء. والله أعلم. (7) الوسيط 2/ 752. وقبله: الطرف الثاني: الشرائط: وهي ستة: الأول: الوقت .. الثاني: تقديمها على الصلاة .. الثالث: القيام فيهما. الرابع: الجلوس بين الخطبتين مع الطمأنينة. والمستند الاتباع ... إلخ. (8) في (د): فما، والمثبت من (أ) و (ب). (9) يقال: وظب على الأمر وظباً من باب وعد, ووظوباً، وواظب عليه مواظبة: لازمه وداومه. انظر: المصباح المنير ص: 255. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 285 اختلاف الأحوال، ولو لم تكن واجبة لم تكن كذلك، والله أعلم. و (1) إنما عددنا القيام من (2) الخطبتين شرطاً، وعددنا القيام في الصلاة ركناً (3)؛ لأن ركن الشيء (4) جزء منه، فإنه عبارة عما تقوم حقيقته به وبغيره (5)، والقيام في الصلاة (6) كذلك؛ فإن اسم الصلاة يشمله فإنها: اسم لأفعال وأقوال (7)، القيام منها. وليس القيام في الخطبة كذلك؛ فإنه خارج عن مسمى الخطبة وموضوعها، إذ الخطبة خطاب (8). وقد سبق منا في باب الأذان كلام في الفرق بين الركن والشرط (9). وقد أورد صاحب الكتاب في "البسيط" (10) على نفسه في ذلك سؤالاً، وأجاب عنه بما معناه: أن التسوية بينهما يجعله شرطاً فيهما أو ركناً فيهما جائز، وإذا فرقنا (11) بينهما فوجهه: أن مقصود الخطبة: الذكر والوعظ، والقيام هيئة في أداء الذكر فلم يكن من نفس الخطبة. والصلاة عبارة عن أفعال، والقيام من نفسها. وقد سبقه شيخه بنحو ذلك (12)، والله أعلم.   (1) سقط من (أ) و (ب). (2) في (ب): بين. (3) انظر: الوسيط 2/ 602، 752. (4) سقط من (ب). (5) تقدم تعريف الركن انظر: 2/ 58. (6) في (أ): الصلوات. (7) انظر: معجم لغة الفقهاء، ص: 275. (8) قال الغزالي في البسيط 1/ ل147/ أ: "مقصود الخطبة معقول وهو الذكر والوعظ". أهـ. (9) في (ب): الشرط والركن، بالتقديم والتأخير وانظر: 2/ 51. (10) انظره 1/ ل147/ أ. (11) في (أ): فرقناه. (12) انظر: نهاية المطلب 2/ ل88/ أ. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 286 قوله: "يُسمع أربعين موصوفين بصفات الكمال؛ لأنه لا فائدة في حضور من غير سماع. وفي وجوب الإنصات وترك الكلام على من عدا الأربعين قولان" (1) مقتضاه القطع بوجوب الإنصات على الأربعين، وتخصيص الخلاف بمن عدا الأربعين، وهذا بعيد مخالف لنقل غيره؛ فإن الأصحاب أطلقوا نقل القولين في السامعين مطلقاً (2)، والله أعلم. سليك الغطفاني (3): بسين مهملة مضمومة، بعدها لام مفتوحة، ثم ياء ساكنة، ثم كاف (4). وغطفان بعين معجمة، وطاء مهملة، وفاء مفتوحات قبيلة معروفة (5). وحديثه ثابت أخرجه مسلم بمعناه (6).   (1) الوسيط 2/ 753 - 754. وقبله: السادس - أي الشرط السادس - رفع الصوت: بحيث يُسمع .. إلخ. (2) انظر: الحاوي 2/ 430 - 431، الإبانة ل47/ ب، المهذب 1/ 115، فتح العزيز 4/ 595. والقولان هما: الإنصات فرض والكلام حرام وهذا قوله القديم، أما الجديد - وهو الصحيح في المذهب -: أن الإنصات سنة والكلام غير محرَّم. وانظر: المجموع 4/ 523. (3) قال الغزالي: "والقول الجديد إنه لا يجب السكوت كما لا يجب على الخطيب؛ إذ قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في أثناء الخطبة لسليك الغطفاني: لا تجلس حتى تصلي ركعتين". أهـ الوسيط 2/ 754 - 755. (4) هو سليك بن عمرو، وقيل: ابن هدبة الغطفاني، وقع ذكره في الصحيح في هذه القصة. انظر ترجمته في: أسد الغابة 2/ 441، تهذيب الأسماء 1/ 231، الإصابة 4/ 243. (5) وتُنسب إلى غطفان بن سعد بن قيس بن عيلان، وهي شعب عظيم متسع كثير البطون والأفخاذ، كانت ديارهم شرق المدينة إلى القصيم إلى خيبر. انظر: جمهرة أنساب العرب لابن حزم ص 248، فتح الباري 2/ 473، معجم قبائل الحجاز لعاتق بن غيث البلادي ص 382. (6) انظر: صحيحه - مع النووي - كتاب الجمعة، باب تحية المسجد والإمام يخطب 6/ 163. والحديث رواه البخاري كذلك من غير تصريح بسليك الغطفاني بلفظ "جاء رجل", قال ابن حجر في شرحه: "هو سليك ... " انظر: صحيح البخاري - مع الفتح - كتاب الجمعة، باب إذا رأى الإمام رجلاً جاء وهو يخطب، أمره أن يصلي ركعتين 2/ 473 رقم (930)، وراجع فتح الباري الموضع السابق. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 287 قوله: "وسأل ابن أبي الحُقيق عن كيفية القتل (1) بعد قفوله من الجهاد" (2) هكذا وقع ههنا، وفي "البسيط" (3)، وهو من السهو الفاحش، وقد غيِّر في بعض النسخ إلى صوابه (4)، وصوابه ما قاله الإمام الشافعي: "وسأل الذين قتلوا ابن أبي الحقيق" (5). وابن أبي الحُقيق بضم الحاء المهملة، وقافين بينهما ياء ساكنة، و (6) هو أبو رافع اليهودي (7) كان يؤذي النبي - صلى الله عليه وسلم -، فأرسل إليه جماعة من الصحابة ليقتلوه بخيبر، فقتلوه، فرجعوا والنبي - صلى الله عليه وسلم - على المنبر يوم الجمعة، فقال: أقتلتموه؟ قالوا: نعم (8). والحديث طويل معروف بين أهل العلم بالمغازي (9)، والله أعلم.   (1) في (د): النقل، وهو تصحيف، والمثبت من (أ) و (ب). (2) الوسيط 2/ 755. وقبله: حديث سليك السابق. (3) 1/ ل147/ ب ولفظه في النسخة التي عندي منه على الصواب: سأل قاتل ابن أبي الحقيق .. إلخ. (4) أثبت الصواب محقق الوسيط من بعض نسخه. (5) الأم 1/ 348. (6) سقط من (أ) و (ب). (7) ذكر البخاري أن اسمه عبد الله بن أبي الحقيق، ويقال سلاَّم بن أبي الحقيق. انظر: صحيح البخاري - مع الفتح - كتاب المغازي 7/ 395، وراجع البداية والنهاية 4/ 139. (8) بياض في (د) و (أ):، وهي مثبتة من (ب). (9) انظر: سيرة ابن هشام 3/ 273 وما بعدها، البداية والنهاية 4/ 139 وما بعدها، وأورد البخاري قصة مقتله في صحيحه مع الفتح كتاب المغازي، باب قتل أبي رافع عبد الله بن أبي الحُقيق، ويقال سلاَّم ابن أبي الحُقيق كان بخيبر 7/ 395 رقم (4038 - 4040)، وفي كتاب الجهاد، باب قتل النائم المشرك 6/ 179 رقم (3022، 3023)، وهو باللفظ الذي ذكره المؤلف رواه البيهقي في السنن الكبرى كتاب الجمعة 3/ 314 رقم (5840)، وقال: "وهذا وإن كان مرسلاً فهو مرسل جيِّد، وهذه قصة مشهورة فيما بين أرباب المغازي". أهـ وراجع: التلخيص الحبير 4/ 588. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 288 قوله في الإنصات: "إن قلنا: لا يجب فيشمِّت (1) العاطس، وفي رد السلام وجهان؛ لأنه تَرَكَ المستحب اختياراً" (2) معناه: يستحب تشميت العاطس، وفي استحباب رد السلام وجهان: أحدهما: لا يستحب؛ لأن المسلِّم ترك بسلامه المستحب من الإنصات اختياراً، بخلاف العاطس في عطسته، فإنها بغير اختياره، فلا يستحب رد سلامه، وحكى صاحب "التهذيب" (3) الوجهين في وجوب الرد وقال: "أصحهما وجوبه". لكن إمام الحرمين شيخه إنما جعلهما (4) في الاستحباب كما ذكرنا (5)، وعليه دلَّ سياق كلامه في "الوسيط"، فإن قوله "وفي الرد وجهان" ترديد منه فيما قطع به في الذي قبله من تشميت العاطس، والذي قطع به في تشميت العاطس إنما هو الاستحباب لا الوجود فاعلم ذلك (6).   (1) في (د): فتشميت، والمثبت من (أ) و (ب). (2) الوسيط 2/ 7556. وقبله: إن قلنا: يجب الإنصات ففي من لا يسمع صوت الخطيب وجهان؛ لأنه ربما يتداعى إلى كلام السامعين. وعلى وجوب الإنصات لا يسلَّم الداخل، فإن سلَّم لا يُجاب، وفي تشميت العاطس وجهان؛ لأنه غير مختار. وإن قلنا: لا يجب ... إلخ وقد صاغ محقق الوسيط كلام الغزالي صياغة توهم خلاف المقصود؛ فقد قال - بعد قوله "أنه غير مختار" -: فإن قلنا: لا يجب تشميت العاطس ففي رد السلام وجهان ... إلخ، فقد جعل قوله: "ن قلنا: لا يجب" تفريع لقوله "في تشميت العاطس وجهان"، وإنما هو تفريع لقوله "ن قلنا: يجب الإنصات" والله أعلم. (3) انظر: التهذيب ص: 694. (4) في (د): جعلها، والمثبت من (أ) و (ب). (5) في (أ) و (ب): ذكرناه. وانظر نهاية المطلب 2/ ل90/ أ. (6) وانظر: فتح العزيز 4/ 591. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 289 قوله: "وعلى الأقوال: يصلي الداخل تحيَّة المسجد" (1) ليس في ذلك أقوال، وإنما هما (2) قولان (3)، فكأنه عبَّر بلفظ الجمع عن المثنى، وفي ذلك إلباس من غير حاجة، والله أعلم. قوله (4): "ويؤذن المؤذنون بين يديه، ولم يكن أذان سوى ذلك إلى زمان عثمان - رضي الله عنه - ... إلى آخره" (5) رواه البخاري في "صحيحه" بمعناه (6) من حديث السائب بن يزيد (7)، لكن قوله: "ويؤذن المؤذنون بين يديه" بلفظ الجمع يوهم أنه كان يؤذن مؤذنون بين يدي رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وليس كذلك، فإنه لم يكن يؤذن بين يديه - صلى الله عليه وسلم - إلا مؤذن واحد وهو بلال، يؤذن   (1) الوسيط 2/ 756. (2) في (أ): هو. (3) اللذان تقدما من وجوب الإنصات وعدم وجوبه. (4) سقط من (ب). (5) الوسيط 2/ 757. وقبله: ويستحب للخطيب إذا انتهى إلى المنبر أن يسلَّم على من عند المنبر، فإذا صعد المنبر أقبل على الناس بوجهه وسلَّم على الجميع، ثم يجلس بعد السلام، ويؤذن المؤذنون ... إلخ. (6) انظره - مع الفتح - كتاب الجمعة، باب الأذان يوم الجمعة 2/ 457 رقم (912). (7) في (د): زيد، وهو خطأ، والمثبت من (أ) و (ب). وهو أبو يزيد السائب بن يزيد بن سعيد بن تمامة ابن أخت النمر - وذلك شيء عرفوا به - الكندي المدني وأبو السائب صحابي، وولد السائب سنة ثلاث من الهجرة، وتوفي بالمدينة سنة 94 هـ على الصحيح روي له عن النبي - صلى الله عليه وسلم - خمسة أحاديث. انظر ترجمته في: أسد الغابة 2/ 321، تهذيب الأسماء 1/ 208، السير 3/ 437، شذرات الذهب 1/ 99. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 290 على باب المسجد - رضي الله عنه - (1)، ولذلك استحب أبو علي الطبري (2)، وغيره (3) أن يكون مؤذناً واحداً (4)، والله أعلم. قوله: "كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يشغل إحدى يديه بحرف المنبر (5)، ويعتمد بالأخرى على عَنَزة، أو سيف، أو قوس" (6) لم نجد له إسناداً ثابتاً (7)، وقد جاء (في) (8)   (1) أورد البخاري في صحيحه بعد الباب السابق باب: المؤذن الواحد يوم الجمعة، أورد فيه حديث السائب ابن يزيد السابق وفيه زيادة: "ولم يكن للنبي - صلى الله عليه وسلم - مؤذن غير واحد". وذكر الحافظ ابن حجر أن المؤذن الراتب هو بلال، وأما أبو محذورة وسعد القرظ فكان كل واحد منهما بمسجده الذي رتَّب فيه، وأما ابن أم مكتوم فلم يرد أنه كان يؤذن إلا في الصبح. ثم ذكر أن بهذا التبويب رد على ابن حبيب الذي ذكر أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان إذا رقى المنبر وجلس أذن المؤذنون، وكانوا ثلاثة واحد بعد واحد، فإذا فرغ الثالث قام فخطب. ثم ذكر الحافظ أن هذه دعوى تحتاج لدليل، وأن ذلك لم يرد صريحاً من طرق متصلة يثبت مثلها، ثم قال: "ثم وجدته في مختصر البويطي عن الشافعي". أهـ فتح الباري 2/ 459 - 460، وراجع مختصر البويطي ل6/ أ. قلت: فلعل هذا الذي دعا الإمام الغزالي للتعبير بصيغة الجمع. (2) انظر النقل عنه في: فتح العزيز 4/ 600، وروضة الطالبين 1/ 536. (3) نقله الرافعي والنووى في الموضعين السابقين عن المحاملي كذلك. (4) في (ب): مؤذن واحد. وهي كذلك صواب على اعتبار كان تامة، والله أعلم. (5) حرف المنبر: جانبه وطرفه. انظر: النهاية في غريب الحديث والأثر 1/ 369، المصباح المنير ص: 50. (6) الوسيط 2/ 758. وقبله: ثم إذا فرغ المؤذن قام الخطيب، وخطب، ويشغل يديه؛ كيلا يلعب بهما، كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ... إلخ (7) سقط من (أ)، وفي (ب): ثبتاً. (8) زيادة من (أ) و (ب). الجزء: 2 ¦ الصفحة: 291 الاعتماد على العصا أحاديث ضعيفة (1)، والله أعلم. العنزة: عصا في رأسها زجٌ مثل سنان الرمح (2)، والله أعلم (3). الحديث الذي ذكره في قصر الخطبة (4) هو صحيح أخرجه مسلم (5) من حديث عمار بن ياسر، ولفظه: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: (إن طول صلاة الرجل، وقصر خطبته مَئِنَّة من فقهه) وقوله (مَئِنَّة) هو بفتح الميم (6)، ثم همزة مكسورة، ثم نون مفتوحة مشددة، بعدها تاء التأنيث، أي دلالة مثبتة لفقهه (7)، والله أعلم.   (1) روى أبو داود في سننه كتاب الصلاة، باب الرجل يخطب على قوس 1/ 658 رقم (1096) من حديث الحكم بن حزن الكُلَفي وفيه: " ... فأقمنا بها أياماً، شهدنا فيها الجمعة مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فقام متوكئاً على عصا أو قوس ... ", ورواه ابن خزيمة في صحيحه كتاب الصلاة 2/ 352 رقم (1452)، وحسنه النووي وابن الملقن وابن حجر. انظر: المجموع 4/ 526، تذكرة الأخيار ل82/ ب، التلخيص الحبير 4/ 602. أما الاعتماد على العنزة فرواه البيهقي في معرفة السنن والآثار 3/ 50 - 51، قال ابن الملقن في الموضع السابق من تذكرة الأخيار: "مرسل وضعيف". أما الاعتماد على السيف ففد قال ابن القيم في زاد المعاد 1/ 429: "ولم يحفظ عنه أنه اعتمد على سيف"، ثم قال: "فإنه لا يحفظ عنه بعد اتخاذ المنبر أنه كان يرقاه بسيف، ولا قوس، ولا غيره، ولا قبل اتخاذه أنه أخذ بيده سيفاً البتة، وإنما كان يعتمد على عصا أو قوس". أهـ (2) انظر: القاموس المحيط 2/ 294، المصباح المنير ص: 164. والزُّجُّ: بالضم الحديدة التي في أسفل الرمح، وجمعه زِجاج. انظر: المصباح المنير ص: 95. (3) قوله: (العنزة ... والله أعلم) سقط من (ب). (4) قال الغزالي: "ويستحب أن تكون الخطبة بليغة، قريبة من الأفهام، خالية من الغريب، مؤداة على ترتيل، مائلة إلى القصر، قال - صلى الله عليه وسلم -: قصر الخطبة، وطول الصلاة مئنَّة من فقه الرجل". الوسيط 2/ 759. (5) انظر صحيحه - مع النووي - كتاب الجمعة، باب صلاة الجمعة وخطبتها 6/ 158. (6) في (أ) و (ب): هو بميم مفتوحة. والمؤدى واحد. (7) انظر: غريب الحديث لأبي عبيد 2/ 196 - 197، النهاية في غريب الحديث والأثر 4/ 290. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 292 ومن الباب الثاني فيمن تلزمه الجمعة قوله: "ويلتحق بالمرض (عذر المطر) (1)، والوحل الشديد على الأصح" (2) فقوله "على الأصح" راجع إلى الوحل فحسب، والمطر عذر وفاقاً (3)، والله أعلم. قوله في جواز ترك الجمعة لمن يمرِّض مريضاً: "إن كان يندفع بحضوره ضرر يُعدُّ دفعه من (4) فروض الكفايات كان عذراً، وإن لم يبلغ تلك الدرجة فثلاثة أوجه" (5) فالضرر الذي دفعه فرض كفاية هو الذي يؤدي إلى الهلاك، والذي لا يبلغ تلك الدرجة هو الضرر الظاهر الذي لا يؤدي إلى الهلاك، قال ذلك شيخه في "نهايته" (6)، والله أعلم. قوله في المقيم غير المستوطن: "لزمته الجمعة، ولم يتمَّ العدد به؛ لأنه ليس (7) مستوطناً، ولا مسافراً" (8) فجمع بين حكمين وخلط تعليلهما، فقوله "ليس مستوطناً" تعليل لقوله "ولم يتمَّ العدد به" (و) (9) قوله "ولا مسافراً" لقوله "لزمته الجمعة"، والله أعلم.   (1) ما بين القوسين زيادة من (أ) و (ب). (2) الوسيط 2/ 761. وبعده: وجميع ما ذكرناه من الأعذار في ترك الجماعة، وعذر التمريض أيضاً. (3) انظر: الحاوي 2/ 425، المهذَّب 1/ 109، التهذيب ص: 590. (4) سقط من (ب). (5) الوسيط 2/ 761. وبعده: يفرَّق في الثالث بين القريب والأجنبي. وصحح الرافعي والنووي: أنه عذر. انظر: فتح العزيز 4/ 606، روضة الطالبين 1/ 540. (6) انظره 2/ ل225/ أ. (7) في (أ): غير. (8) الوسيط 2/ 762. (9) زيادة من (أ) و (ب). الجزء: 2 ¦ الصفحة: 293 قوله: "وجوب الجمعة ليس على التوسع، فإنها تضيق بمبادرة الإمام" (1) إنما قال هذا مع أن وقتها موسَّع إلى آخر وقت الظهر؛ لكونه أراد إلى آخر الوقت مطلقاً، مثل توسيع الظهر فإنه إذا عجَّلها (2) الإمام وجب تعجيلها (3)، والله أعلم. قوله: "لأن الصلاة منسوبة إلى اليوم، وجميع اليوم منسوب إلى الصلاة" (4) هذا غير مرضي؛ لأنه لا يقال: يوم صلاة الجمعة، وإنما يقال: يوم الجمعة، وليست الجمعة اسماً للصلاة، وإنما الجمعة فيه اسم لليوم فيضاف إلى اسمه الخاص للتمييز، كما يقال: يوم الخميس، ويوم السبت، ونحو ذلك، والله أعلم. قوله: "لما روي أن عبد الله بن رواحة تخلَّف عن جيش جهزهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وتعلل بصلاة الجمعة ... إلى آخره" (5) هذا حديث ضعيف تفرد به (6)   (1) الوسيط الموضع السابق. وقبله: العذر إذا طرأ بعد الزوال وقبل الشروع في الصلاة أباح الترك للجمعة، إلا السفر فإنه لا ينشأ بعد الزوال؛ لأن اختياره إليه، ووجوب الجمعة ... إلخ. (2) في (د): جعلها، وهو تصحيف، والمثبت من (أ) و (ب). (3) انظر: فتح العزيز 4/ 610. (4) الوسيط 2/ 762. وقبله: وفي جواز السفر قبل الزوال وبعد الفجر قولان: أحدهما: الجواز وهو الأقيس؛ لأن الوجوب بالزوال. والثاني: لا؛ لأن الصلاة منسوبة .... إلخ (5) الوسيط 2/ 763. وقبله: قال الصيدلاني: التردد في السفر المباح، أما الواجب والطاعة فجائز؛ لما روي أن عبد الله بن رواحة ... وتتمة الحديث: لما سأله رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال - عليه السلام -: لو أنفقت ما في الأرض جميعاً ما أدركت غُدوتهم. (6) في (ب): يرويه. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 294 الحجاج بن أرطأة (1) وهو ضعيف لا حجة فيه (2)، وقد أخرجه الترمذي (3) لكن ضعفه، والله أعلم. قوله (4): "فأمَّا من لا يرجى زوال عذره فلا بأس بتعجيل الظهر في حقهم" (5) لا يتوهم من عبارته هذه أنّه ليس الأولى تعجيل الظهر، فإنّه الأولى لحيازة فضيلة الأوليَّة (6)، والله أعلم.   (1) هو حجاج بن أرطأة بن ثور بن هبيرة النخعي أبو أرطأة الكوفي الفقيه القاضي، أحد الأئمة في الحديث والفقه، قال النووي: "واتفقوا على أنّه مدلس, وضعفه الجمهور، فلم يحتجوا به، ووثقه شعبة وقليلون". وقال ابن حجر: "صدوق كثير الخطأ والتدليس". توفي سنة 245 هـ بالري. انظر ترجمته في: تهذيب الأسماء 1/ 152، المغني في الضعفاء 1/ 149، تقريب التهذيب ص: 152. (2) سقط من (ب). (3) في جامعه أبواب الصلاة، باب ما جاء في السفر يوم الجمعة 2/ 405 رقم (527) قال الترمذي: "هذا حديث غريب لا نعرفه إلا من هذا الوجه". أهـ، والحديث رواه كذلك الإمام أحمد في المسند 1/ 224، والبيهقي في السنن الكبرى كتاب الجمعة 3/ 266 رقم (5656) وقال: "والحجاج ينفرد به". قال النووى: "حديث ضعيف جداً". المجموع 4/ 500، وراجع تذكرة الأخيار ل 83/ أ، التلخيص الحبير 4/ 610. (4) سقط من (أ). (5) الوسيط 2/ 763. وقبله: يستحب لمن يرجو زوال عذره أن يؤخر الظهر إلى فوات الجمعة. ثم قال: فأمَّا من لا يرجى ... إلخ (6) في (د) و (أ): الأولوية، والمثبت من (ب)، وانظر: فتح العزيز 4/ 611، وقال النووى: "هذا اختيار أصحابنا الخراسانيين، وهو الأصح. روضة الطالبين 1/ 544. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 295 ومن الباب الثالث (1) قوله: "قال رسول الله (2) - صلى الله عليه وسلم -: من غسَّل واغتسل، وبكَّر وابتكر، ولم يرفث خرج من ذنوبه كيوم ولدته أمُّه" (3) هذا الحديث رواه أبو داود (4)، والترمذي (5)، وابن ماجه (6)، وغيرهم (7) من حديث أوس بن أوس الثقفي (8) عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -. وليس في روايتهم (ولم يرفث خرج من ذنوبه كيوم ولدته أمه)، وإنما نصُّ   (1) وهو في كيفية أداء الجمعة. (2) قال رسول الله: سقط من (ب). (3) الوسيط 2/ 765. وقبله: وهي - أي الجمعة - كسائر الصلوات وإنّما تتميز منها بأربعة أمور: الأول: الغسل: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ... إلخ. (4) في سننه كتاب الطهارة، باب في غسل يوم الجمعة 1/ 246 رقم (345). (5) في جامعه أبواب الصلاة، باب ما جاء في فضل الغسل يوم الجمعة 2/ 367 رقم (496) وقال: "حسن". (6) في سننه كتاب إقامة الصلاة، باب ما جاء في الغسل يوم الجمعة 1/ 346 رقم (1087). (7) وممن رواه كذلك: النسائي في سننه كتاب الجمعة، باب فضل الغسل يوم الجمعة 3/ 105 رقم (1380)، والإمام أحمد في المسند 2/ 209، وابن خزيمة في صحيحه كتاب الجمعة 3/ 128 رقم (1758)، والحاكم في المستدرك 1/ 281 - 282 وقال: "قد صحَّ هذا الحديث بهذه الأسانيد على شرط الشيخين ولم يخرجاه"، والبيهقي في السنن الكبرى كتاب الجمعة 3/ 321 رقم (5866)، وقال النووي: "هذا حديث حسن". المجموع 4/ 542، وراجع: تذكرة الأخيار ل 83/ أ - ب. (8) أوس بن أوس الثقفي الصحابي، عداده في أهل الشام، وقيل: هو أوس بن أبي أوس، وخُطِّئ من قال بذلك، روى له أصحاب السنن الأربعة، وروى عنه أبو الأشعث الصنعاني، وابنه عمرو بن أوس، وغيرهما. انظر ترجمته في: الاستيعاب 1/ 223، أسد الغابة 1/ 164، الإصابة 1/ 127. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 296 الحديث: (من غسَّل يوم الجمعة واغتسل، وبكَّر وابتكر، ومشى ولم يركب، ودنا من الإمام فاستمع (1)، ولم يلغ (2)، كان له بكل خطوة عمل سنة أجر صيامها وقيامها). هذا (3) لفظ أبي داود، وألفاظ (4) الباقين نحوه، وهو حديث ثابت له مرتبة الحديث الحسن. ثم إنَّ بعضهم رواه (من غسَّل) بتشديد السين أي جامع أهله فألجأها إلى الغسل، واستحب ذلك ليأمن من (5) أن يرى في طريقه ما يشغل قلبه عما هو بصدده. ومنهم من فسره على رواية التشديد بالمبالغة في الوضوء أي غسل أعضاء وضوئه غسلًا بعد غسل ثلاثاً ثلاثاً، ثم اغتسل للجمعة. ومنهم من رواه بتخفيف السين، وحمله الأزهري أيضاً على الجماع وقال: (يقال: غسل امرأته إذا جامعها) (6). وقيل: معناه غسل ثيابه ورأسه (7). وقيل: معناه توضأ. وأبعد بعض الفقهاء (8) فرواه عسَّل بالعين المهملة، والسين المشددة، أي جامع؛ فإن لذة الجماع تشبَّه بلذة العسل، وليس ذلك (9)   (1) في (ب): فاستمع من الإمام. (2) من اللغو وهو التكلم بالمطرح من القول وما لا معنى له، والمراد التكلم مطلقًا والله أعلم. انظر: النهاية في غريب الحديث والأثر 4/ 257 - 258. (3) في (أ): وهذا. (4) في (ب): لفظ. (5) سقط من (ب). (6) تهذيب اللغة 8/ 36. (7) في (ب): رأسه وثيابه، بالتقديم والتأخير (8) انظر: المجموع 4/ 543، تذكرة الأخيار ل 83/ ب هكذا نقلاه عن بعض الفقهاء ولم يحدداه، ولم أقف عليه فيما بين يدي من مصادر. (9) سقط من (ب). الجزء: 2 ¦ الصفحة: 297 معروفًا (1). والذي نختاره في ذلك أنّه بتخفيف السين، وأن معناه: غسل رأسه؛ بدلالة رواية من روى الحديث (2) فقال فيه: (من غسل رأسه يوم الجمعة واغتسل). أخرج هذه الرواية أبو داود (3)، وما اخترناه هو الذي اختاره الإمام الحافظ أحمد البيهقي وقال: (روينا هذا التفسير عن مكحول (4)، وسعيد بن عبد العزيز (5)، وهو بيِّن (6) في رواية أبي هريرة عن النبي - صلى الله عليه وسلم -، (ثم) (7) في (8)   (1) انظر هذه الأوجه في المرجعين السابقين، وكذا: الحاوي 2/ 427، معالم السنن 1/ 246 - 247، حاشية السيوطي على سنن النسائي 3/ 105 - 106، حاشية السندي علي النسائي كذلك 3/ 106. (2) في (أ): هذا الحديث. (3) في سننه كتاب الطهارة، باب في الغسل يوم الجمعة 1/ 247 رقم (346)، وحكم الألباني على هذه الرواية بالصحة انظر: صحيح سنن أبي داود 1/ 70 - 71 رقم (334). (4) هو أبو عبد الله مكحول بن زيد، ويقال: ابن أبي مسلم بن شاذل الكابلي الدمشقي، عالم أهل الشام، عداده في أواسط التابعين، من أقران الزهري، ولم يكن في زمانه أبصر منه بالفتيا، قال عنه الحافظ ابن حجر: "ثقة فقيه كثير الإرسال مشهور". روى حديثه البخاري في جزء القراءة ومسلم والأربعة، توفي سنة 112 هـ. انظر ترجمته في: حلية الأولياء 5/ 177، السير 5/ 155، تقريب التهذيب ص: 545، شذرات الذهب 1/ 146. (5) هو أبو محمَّد، ويقال: أبو عبد العزيز سعيد بن عبد العزيز بن أبي يحيى التنوخي الدمشقي، الإمام القدوة، مفتي دمشق، قال عنه الحاكم: "سعيد بن عبد العزيز لأهل الشام كمالك لأهل المدينة في التقدم والفقه والأمانة"، وقال عنه ابن حجر: "ثقة إمام، سوَّاه أحمد بالأوزاعي، وقدمه على أبي مسهر، لكنه اختلط في آخر أمره، روى حديثه البخاري في الأدب المفرد، ومسلم والأربعة". توفي سنة 167 هـ. انظر ترجمته في: الجرح والتعديل 4/ 32، تذكرة الحفاظ 1/ 219، السير 8/ 32، تقريب التهذيب ص: 238. (6) في (د): بيِّن به، و (به) كأنها مقحمة هنا، والمثبت من (أ) و (ب). (7) زيادة من (أ) و (ب). (8) سقط من (ب). الجزء: 2 ¦ الصفحة: 298 رواية ابن عباس رضي الله عنهم، وإنما أفرد الرأس بالذكر لأنّهم كانوا يجعلون فيه الدهن أو الخطمي (1) أو غيرهما (2)، وكانوا يغسلونه أولًا ثم يغتسلون) (3). قوله (4): "بكَّر" أي (5) إلى صلاة الجمعة. وقيل: إلى المسجد الجامع. "وابتكر" أي الخطبة، أي أدرك (6) الخطبة من أولها. وقيل: هما بمعنى واحد جمع بينهما للتأكيد (7). وفي "الوسيط": (بكَّر إلى صلاة الصبح، وابتكر إلى الجمعة) (8) وهو غريب، والله أعلم. قوله: "و (9) قال الصيدلاني: من عدم الماء تيمم. وهو بعيد؛ لأن الغرض نفي الروائح الكريهة والتنظف (10) " (11) هذا غير مرضي؛ فإن الذي قاله   (1) الخِطْمِيُّ قال صاحب الصحاح 5/ 1915: "بالكسر الذي يغسل به الرأس". (2) في (د) و (ب): أو غيرها، والمثبت من (أ). (3) انظر: معرفة السنن والآثار 2/ 513، السنن الكبرى 3/ 321 - 322. ولعل مراده برواية أبي هريرة وابن عباس التي رواهما أبو داود في سننه بعد رواية أوس السابقة برقم (351، 353)، والله أعلم. (4) في (ب): وقوله. (5) سقط من (ب). (6) في (د): أدكر، هكذا!، والمثبت من (أ) و (ب). (7) انظر تفسير بكَّر وابتكر في: تهذيب اللغة 10/ 226، معالم السنن 1/ 247، المجموع 4/ 543، تذكرة الأخيار ل83/ ب. (8) الوسيط 2/ 765. (9) سقط من (ب). (10) في (أ): والتنظيف. وهو المثبت في المتن. (11) الوسيط 2/ 765. وبعده: ولذلك كان أقربه إلى الرواح أحبَّ إلينا. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 299 الصيدلاني هو الذي قاله غيره من الأصحاب (1)، واستبعاده لذلك (2) لا يصح؛ فإن الوضوء شرع للوضاءة وللنظافة (3) على ما أشعر به اسمه (4)، ثم يقوم مقامه (5) التيمم، فكذلك هذا الغسل. والمعنى في ذلك: أن معنى العبادة فيه أيضاً مقصود، فإذا فقد أحد المقصودين استقل به المقصود الآخر، كما في الزكاة المأخوذة قهراً من الممتنع على ما عرف (6)، والله أعلم. قوله: "وذكر صاحب التلخيص الغسل من الحجامة، والخروج من الحمام. وأنكر معظم الأصحاب استحبابهما" (7) هكذا نقل ذلك شيخه عن معظم الأصحاب (8)، وقد خفي على من أنكر ذلك أنّه نصُّ الشافعي، ففي "جمع الجوامع من منصوصات الشافعي وكتبه". (9) عنه (10) أنّه قال: "أحب الغسل من   (1) راجع: فتح العزيز 4/ 616، المجموع 4/ 534، روضة الطالبين 1/ 547. (2) سقط من (أ). (3) في (أ): والنظافة. (4) أي من حيث الوضع اللغوي وانظر: الصحاح 1/ 80, القاموس المحيط 1/ 41. (5) في (د): مقام، والمثبت من (أ) و (ب). (6) فإن مقصود الزكاة أمران: الأول: التقرب إلى الله وتنمية المال. والثاني: كفاية الأصناف التي تصرف لهم. فالزكاة المأخوذة قهراً من الممتنع ينتفي المقصود الأول منها ويحصل الثاني، والله أعلم. وانظر روضة الطالبين 2/ 66 - 67. (7) الوسيط 2/ 766. وقبله: والأغسال المسنونة هي الغسل للجمعة والعيدين ... وذكر صاحب ... إلخ. وانظر التلخيص ص: 179. (8) انظر: نهاية المطلب 2/ ل84/ أ. (9) انظر النقل عنه في: روضة الطالبين 1/ 550. (10) سقط من (ب). الجزء: 2 ¦ الصفحة: 300 الحجامة، والحمام، وكل أمر غيَّر الجسد". ولم يذكر عنه قولًا آخر على خلاف ذلك. وكان من أنكره استبعده من حيث المعنى، ولا بُعْدَ فيه، والمعنى فيه ما أشار إليه الشافعي - رضي الله عنه - وهو أن ذلك يغيِّر الجسد ويضعفه، والغسل يشدُّ الجسد وينعشه. وينبغي أن يكون المراد بالغسل من الحمام (الغسل في الحمام) (1) عند إرادة الخروج منه (2)، وهو الذي أعتاده الخارجون من الحمام من صبِّ الماء على أجسادهم عند الخروج، وقد روينا في كتاب "السنن الكبير" للبيهقي (3) عن عائشة رضي الله عنها قالت: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - (4): (الغسل من خمسة: من الجنابة، والحجامة، وغسل يوم الجمعة، وغسل الميِّت، والغسل من ماء الحمام)، ورويناه (5) في (6) كتاب "السنن" لأبي داود (7) (أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يغتسل من أربع: من الجنابة، ويوم الجمعة، ومن الحجامة، وغسل (الميِّت) (8)).   (1) ما بين القوسين زيادة من (أ) و (ب). (2) انظر: فتح العزيز 4/ 618. (3) انظره كتاب الطهارة 1/ 448 رقم (1431) قال البيهقي: وترك - أي الإمام مسلم - هذا الحديث فلم يخرجه، ولا أراه تركه إلا لطعن بعض الحفاظ فيه وقال النووي: وروى البيهقي بإسناد ضعفه عن عائشة، ثم ساق الحديث. المجموع 2/ 203. (4) سقط من (ب). (5) في (ب): وروينا. (6) في (أ) و (ب): من. (7) انظره كتاب الطهارة، باب في الغسل يوم الجمعة 1/ 248 رقم (348)، ورواه ابن خزيمة في صحيحه كتاب الوضوء 1/ 126، وراجع: بلوغ المرام - مع شرحه سبل السلام - 1/ 178، عون المعبود 2/ 10. (8) زيادة من (أ) و (ب). الجزء: 2 ¦ الصفحة: 301 ولم يذكر الحمام. وحديث عائشة هذا وإن كان في إسناده عندهم ضعف فله شاهد يقويه قال البيهقي: "له شاهد من حديث عبد الله بن عمرو بن العاص" (1). ثم روى (2) بإسناد صحيح عن عبد الله بن عمرو قال: (كنا نغتسل من خمس (3): من الحجامة، والحمام، ونتف الإبط، ومن الجنابة، ويوم الجمعة) (4)، قوله: ونتف الإبط يشهد لقول الشافعي - رضي الله عنه - "وكل أمر غيَّر الجسد"، والله أعلم. ما ذكره من الحديث في البكور إلى الجامع (5)، مخرَّج في "الصحيحين" (6) بمعناه من حديث أبي هريرة، والله أعلم. حديث أبي هريرة في تطيُّب المرأة الخارجة إلى المسجد (7) رويناه (8) بمعناه   (1) السنن الكبرى 1/ 448. (2) في (ب): عمر. (3) في (ب): غسل. (4) انظر السنن الكبرى الموضع السابق حديث رقم (1432)، ولم أقف على من تكلم على هذا الحديث صحة أو ضعفاً بعد البحث، والله أعلم. (5) قال الغزالي: "الثاني - أي من مميزات الجمعة عن بقية الصلوات - البكور إلى الجامع قال - صلى الله عليه وسلم -: من راح إلى الجمعة في الساعة الأولى فكأنما قرَّب بدنة ... الحديث. (6) انظر: صحيح البخاري - مع الفتح - كتاب الجمعة، باب فضل الجمعة 2/ 425 رقم (881)، وصحيح مسلم - مع النووي - كتاب الجمعة، باب فضل التهجير يوم الجمعة 6/ 145. (7) قال الغزالي: "ولا بأس بحضر العجائز لا في شهرة الثياب. وعليهن اجتناب الطيب، رأي أبو هريرة امرأة تفوح منها رائحة المسك فقال: تطيَّبت للجمعة؟ فقالت: نعم. فقال: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: أيُّما امرأة تطيبت للجمعة لم يقبل الله صلاتها حتى ترجع إلى بيتها وتغتسل اغتسالها من الجنابة". أهـ الوسيط 2/ 766 - 767. (8) في (ب): روينا. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 302 في "السنن الكبير" (1) من غير وجه واحد، ورواه الإِمام الشافعي - رضي الله عنه - (2)، وليس فيه ما ذكره فيه من أنّها تطيَّبت للجمعة، ولا قوله في الحديث المرفوع (أيُّما امرأة تطيَّبت للجمعة) وإنّما فيه: أن المرأة المذكورة تطيَّبت للمسجد، والحديث المرفوع هو (3) (في) (4) امرأة تطيَّبت فخرجت تريد المسجد، والله أعلم. مستند القول (الجديد) (5) في أنّه يقرأ في الجمعة سورة: الجمعة و {إِذَا جَاءَكَ الْمُنَافِقُونَ} (6) حديث أبي هريرة (أنّه سمع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقرأ بهما فيها). وحديث ابن عباس (أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان يقرأ بهما فيها). أخرجهما مسلم في "صحيحه" (7). ومستند القول القديم أنّه (8) يقرأ في الأولى {سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى}   (1) انظره كتاب الصلاة 3/ 190 - 191 رقم (5374، 5375)، وفي كتاب الجمعة 3/ 348 - 349 رقم (5973). (2) في سننه 1/ 288 - 289 رقم (182). والحديث رواه كذلك أبو داود في سننه كتاب الترجل، باب ما جاء في المرأة تتطيب للخروج 1/ 401 رقم (4174)، وابن ماجه في سننه كتاب الفتن، باب فتنة النساء 2/ 1326 رقم (4002)، والإمام أحمد في المسند 2/ 246، والبيهقي في السنن الكبرى كتاب الصلاة 2/ 191 رقم (5375)، والحديث صححه ابن خزيمة إذ رواه في صحيحه كتاب الصلاة 3/ 92 رقم (1682)، وصححه الألباني في صحيح سنن أبي داود 2/ 787 رقم (3517). (3) سقط من (ب). (4) زيادة من (أ) و (ب). (5) زيادة من (أ) و (ب). (6) انظر: الوسيط 2/ 767. وراجع الأم 1/ 351. (7) انظره - مع النووي - كتاب الجمعة، باب ما يقرأ في صلاة الجمعة 6/ 166، 167 - 168. (8) في (أ) و (ب): في أنّه. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 303 وفي الثانية {هَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ الْغَاشِيَةِ} (1) حديث النعمان بن بشير (أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان يقرأ بهما في الجمعة)، رواه مسلم في "صحيحه" (2)، ورواه أبو داود (3)، والنسائي (4) من حديث سمرة بن جندب. وقد نقل الربيع راوي الكتب الجديدة أنّه سأل الشافعي عن ذلك فذكر أنّه يختار سورة الجمعة، وسورة المنافقين، ولو قرأ {سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى} و {هَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ الْغَاشِيَةِ} كان حسنًا (5). وهذا أحسن (6) من إطلاق قولين على الوجه الذي ذكره (7)، والله أعلم.   (1) انظر: الوسيط 2/ 767. (2) انظره في الموضع السابق 6/ 167. (3) في سننه كتاب الصلاة، باب ما يقرأ به في الجمعة 1/ 671 رقم (1125). (4) في سننه كتاب الجمعة، باب القراءة في الجمعة بـ {سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى} و {هَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ الْغَاشِيَةِ} 3/ 124 رقم (1421). (5) انظر النقل عنه في: المجموع 4/ 531. (6) في (أ): الأولى. (7) قال النووي: "والصواب هاتين سنة، وهاتين سنة، وكان النبي - صلى الله عليه وسلم - يقرأ بهاتين تارة، وبهاتين تارة". أهـ المجموع الموضع السابق. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 304 ومن كتاب صلاة الخوف - نسأل الله الأمن من (1) عذابه - قوله: "الأول (2): صلاة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ببطن نخل (3) إذ صدع أصحابه صدعين" (4) أي فرَّقهم فرقتين، وأصل الصدع الشق، ويقال: تصدَّع القوم أي تفرقوا (5). واختار (6) بعض من شرح "الوجيز" (7) تشديد الدال منه، ولم يختر مختاراً، والمختار التخفيف. وقوله "صدعين" دال عليه ظاهر؛ فإن المشدَّد يجيء مصدره تصديعين، والله أعلم. ونخل: مكان من نجد من أرض غطفان، وهو غير نخلة الموضع الذي بقرب مكة الذي جاء إليه وفد الجنِّ (8). و (9) روى هذه   (1) سقط من (ب). (2) في (أ): الأولى. (3) بطن نخل: قرب المدينة على طريق البصرة، ذكر ابن كثير أنّها على بعد ليلتين من المدينة. ونقل النووي أنّها مكان من نجد من أرض غطفان، ثم نقل أنّها قرية بالحجاز وقال: "لا مخالفة بينهما"، وهذه الصلاة كانت في غزوة ذات الرقاع التي كانت سنة أربع وقيل: سنة خمس. انظر: سيرة ابن هشام 2/ 203، معجم البلدان 1/ 221، تهذيب الأسماء واللغات 3/ 1/ 38 - 39، البداية والنهاية 10/ 93، زاد المعاد 3/ 250، فتح الباري 7/ 482. (4) الوسيط 2/ 769. وقبله: كتاب صلاة الخوف: وهي أربعة أنواع: الأول ... إلخ (5) انظر: الصحاح 3/ 1241 - 1242، النهاية في غريب الحديث والأثر 3/ 16. (6) في (د): أجاز، والمثبت من (أ) و (ب). (7) مراده به الرافعي - كما هي عادته في ذكره - وانظر فتح العزيز 4/ 627. (8) قصة وفد الجن إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - بنخلة رواها الإمام أحمد في المسند 1/ 167 عن الزبير بن العوام، قال ابن كثير: "تفرد به أحمد". وراجع القصة في تفسير قوله تعالى: {وَإِذْ صَرَفْنَا إِلَيْكَ نَفَرًا مِنَ الْجِنِّ} سورة الأحقاف الآية (29)، وانظر سيرة ابن هشام 1/ 422، تفسير ابن كثير 4/ 162، البداية والنهاية 3/ 135. (9) سقط من (أ) و (ب). الجزء: 2 ¦ الصفحة: 305 الصلاة (1) جابر بن عبد الله أخرجه مسلم في "صحيحه" (2). ذكر (3) صلاة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بعسفان (4)، وهذه الصلاة رواها أبو عيَّاش الزرقي (5) أحد الصحابة, أخرج حديثه أبو داود (6)، والنسائي (7)،   (1) أي صلاة النبي - صلى الله عليه وسلم - ببطن نخل، فقد قال الغزالي - بعد قوله "صدع أصحابه صدعين": (فصلى بطائفة ركعتين وسلَّم، ثم صلى بالطائفة الأخرى ركعتين، هي له سنة ولهم فريضة ... ) الوسيط 2/ 769. (2) انظره - مع النووي - كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب صلاة الخوف 6/ 125. (3) أي الإمام الغزالي حيث قال: "النوع الثاني: صلاته بعسفان حيث لم تشتد الحرب، إذ كان العدو في جهة القبلة، وكان خالد بن الوليد مع الكفار بعد، فدخل وقت العصر فقالوا: قد دخل عليهم وقت صلاة هي أعز عليهم من أرواحهم، فإذا شرعوا فيها حملنا عليهم حملة، فنزل جبريل - عليه السلام - وأخبره به، فرتَّب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أصحابه صفين وصلى بهم، فحرسه الصف الأول في السجود الأول، ولم يسجدوا حتى قام الصف الثاني فسجد الحارسون ولحقوا، وكذلك فعل الصف الثاني في الركعة الثانية". أهـ الوسيط 2/ 769 - 770. (4) عسفان بضم العين، وسكون السين المهملة، بلدة معروفة بين الجحفة ومكة، قال النووي: وهي قرية جامعة، بها منبر، وهي بين مكة والمدينة، على نحو مرحلتين من مكة. ثم ذكر أن المرحلتين تعادل: ثمانية وأربعين ميلًا. انظر: تهذيب الأسماء واللغات 3/ 2/ 56، معجم البلدان 4/ 137، مراصد الإطلاع 2/ 940. (5) اختلف في اسمه فقيل: زيد بن الصامت، وقيل: ابن النعمان، وقيل عبيد بن معاوية، وقيل غير ذلك، الأنصاري، له صحبة، عمَّر بعد النبي - صلى الله عليه وسلم - فعاش إلى خلافة معاوية، ومات بعد الأربعين، وقيل: بعد الخمسين. انظر ترجمته في: الاستيعاب 12/ 74، أسد الغابة 6/ 235، الإصابة 11/ 273. (6) في سننه كتاب الصلاة، باب صلاة الخوف 2/ 28 رقم (1236). (7) في سننه كتاب صلاة الخوف 3/ 196 - 197 رقم (1548، 1549). الجزء: 2 ¦ الصفحة: 306 وغيرهما (1)، وله مرتبة الحسن من الحديث. وروى جابر بن عبد الله نحو ذلك أخرجه مسلم في "صحيحه" (2). وفي الحديث (3): (صلاة هي أحب إليهم من الأولاد). وفي رواية: (أحب إليهم من أبنائهم). لا (4) كما ذكره في الكتاب من قوله (5): "أعزُّ عليهم من أرواحهم"، والله أعلم. قوله (6) في الحديث: "فحرسه الصف الأول في السجود الأول (7)، ولم يسجدوا حتى قام الصف الثاني، فسجد الحارسون ولحقوا" هذا سهو وصوابه: فسجد معه الصف الأول، فهكذا هو في الحديث عنه - صلى الله عليه وسلم -، وإنّما قوله "فحرسه الصف الأول" نصُّ الشافعي (8)، ولفظ الحديث في رواية لمسلم في "صحيحه" (9): (صفنا صفين، والمشركون بيننا وبين القبلة، فكبَّر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وكبَّرنا، وركع فركعنا، ثم   (1) وممن رواه كذلك ابن حبان في صحيحه انظر: "الإحسان 7/ 126 - 128، والحاكم في المستدرك 1/ 337 وقال: "هذا حديث صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه" والبيهقي في السنن الكبرى كتاب صلاة الخوف 3/ 365 رقم (6025) وقال: "وهذا إسناد صحيح، وقد رواه قتيبة بن سعيد عن جرير فذكر فيه سماع مجاهد من أبا عيَّاش زيد بن الصامت الزرقي". أهـ وقال النووي، "صحيح". المجموع 4/ 421. (2) انظره - مع النووي - كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب صلاة الخوف 6/ 125 - 127. (3) في (د): حديث، والمثبت من (أ) و (ب). (4) سقط من (أ). (5) في (أ): قولهم له. (6) في (أ) و (ب): وقوله. (7) قوله: (في السجود الأول) سقط من (ب). (8) انظر: الأم 1/ 366. (9) تقدم تخريجها قريباً. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 307 سجد وسجد معه الصف - أي الأول - (1) فلما قاموا سجد الصف الثاني، ثم تأخر الصف الأول، وتقدَّم الصف الثاني فقاموا مقام الأول، فكبَّر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وكبَّرنا (2)، وركع فركعنا، ثم سجد وسجد معه الصف الأول، وقام الثاني، فلما سجد الصف الثاني جلسوا جميعاً). وباقي الروايات في معناه. وأما نصُّ الشافعي فمن أصحابه من أباه، ولم يعدُّه من المذهب، وقال: مذهبه ما ورد به الحديث (3) فإنّه قال - رضي الله عنه -: "إذا وجدتم في كتابي خلاف سنة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقولوا بسنَّة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ودعوا ما قلته" (4). ومنهم من قال: إنَّ ذلك من الشافعي تجويز لما ذكره (5) من غير أن ينفي ما ورد به الحديث، فيحمل ذلك على أنّه أراد جواز (6) الأمرين؛ لأن المعنى يقتضي ذلك (7). قلت (8): وآية ذلك أنّه روى الحديث كما رواه غيره، ثم ذكر الكيفية الأخرى. قلت: (ووجه) (9) ما ذكره الشافعي - رضي الله عنه -: أن الحراسة بالصف الأول أليق. ووجه ما ورد به الحديث   (1) هذا في جميع النسخ، والحديث صرَّح بذلك إذ فيه: ... ثم سجد وسجد معه الصف الأول. (2) في (د): كبَّر، وفي (ب): فكبَّرنا، والمثبت من (أ)، وهو الموافق لما في الحديث. (3) نقل النووي هذا القول عن الشيخ أبي حامد، والمحاملي، والبندنيجي، وابن الصباغ، والشيخ نصر. انظر: المجموع 4/ 421، وراجع فتح العزيز 4/ 629. (4) تقدم توثيقه. (5) في (أ): ذكر. (6) في (ب): أنّه جوَّز ... إلخ (7) صوَّب هذا الوجه النووي ونسبه إلى البغوي والروياني وغيرهما من المحققين. انظر: المجموع 4/ 422، وراجع: التهذيب ص: 721، فتح العزيز 4/ 629. (8) قوله: (من غير ... قلت) سقط من (أ). (9) زيادة من (أ) و (ب). الجزء: 2 ¦ الصفحة: 308 من حيث المعنى أن الصف الأول أفضل فَلْيُخَصُّوا بفضيلة السجود مع الإمام، والله أعلم. غزوة ذات الرقاع (1): ثبت في "الصحيحين" (2) عن أبي موسى الأشعري - رضي الله عنه - أنّه قال فيها: (نقبت أقدامنا فكنا نلف على أرجلنا الخرق، فسميت غزوة ذات الرقاع لما كنا نعصب على أرجلنا من الخرق). قوله "نقبت" بالنون والقاف المكسورة أي تقرحت وتقطَّعت جلودها (3). قلت: وفي "صحيح مسلم" (4) عن جابر: (حتى إذا كنا بذات الرقاع). فقال بعضهم: من أجل هذا الأصح أنّه   (1) قال الغزالي: "النوع الثالث: غزوة ذات الرقاع وهو أن يلتحم القتال، فلا يحتمل الحال تخلُّف الكل واشتغالهم بالصلاة، وكذلك كان في ذات الرقاع، فصدع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أصحابه صدعين، وانحاز بطائفة إلى حيث لا تبلغهم سهام العدو، وصلى بهم ركعة، وقام بهم إلى الثانية، وانفردوا بالركعة الثانية وسلَّموا، وأخذوا مكان إخوانهم في الصف، وانحازت الفئة المقاتلة إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وهو قائم ينتظرهم، واقتدوا به في الركعة الثانية، فلما جلس رسول الله - صلى الله عليه وسلم - للثانية قاموا وأتموا الركعة الثانية ولحقوا به وتشهدوا، وسلَّم بهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم -. هذه رواية خوَّات بن جبير" الوسيط 2/ 771 - 772. وغزوة ذات الرقاع كانت في السنة الرابعة للهجرة، وقيل: في الخامسة. انظر: سيرة ابن هشام 3/ 203، فتح الباري 7/ 481 - 482، السيرة النبوية الصحيحة لأكرم ضياء العمري 2/ 462. (2) انظر: صحيح البخاري - مع الفتح - كتاب المغازي، باب غزوة ذات الرقاع ... 7/ 481 رقم (4128)، وصحيح مسلم - مع النووي - كتاب الجهاد والسير، باب غزوة ذات الرقاع 12/ 197. (3) انظر: شرح النووي على مسلم 12/ 197، المجموع 4/ 407، وذكر الحافظ ابن حجر في فتح البارى 7/ 486: أنّها بمعنى رقَّت، يقال: نقب البعير: إذا رقَّ خفه. وانظر: الصحاح 1/ 227، النهاية في غريب الحديث والأثر 5/ 102. (4) انظره - مع النووي - كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب صلاة الخوف 6/ 129. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 309 اسم موضع (1). قلت: يجمع بين هذا وما (2) قاله أبو موسى بأن يقال: سُمِّيت البقعة ذات الرقاع لما ذكر (3) أبو موسى، والله أعلم. والحديث الذي ذكره في صلاتها ثابت بمعناه في "الصحيحين" (4). قوله (5): "هذه رواية خَوَّات بن جبير" (6) وفي بعض النسخ (7): رواية صالح بن خوَّات بن جبير (8). وهذا أولى؛ لأنه أجمع للروايات، إذ في رواية - وهي قليلة - عن صاع بن خوَّات عن أبيه خوَّات عن النبي (9). والأكثر وهو الأصح عن   (1) ذُكر أنّه اسم موضع، ولكن لم أجد من يُدلَّل له بهذا الحديث. انظر: المجموع 4/ 407، فتح الباري 7/ 483. (2) في (أ): وبين ما. (3) في (أ) و (ب): ذكره. (4) انظر: صحيح البخاري - مع الفتح - كتاب المغازي، باب غزوة ذات الرقاع ... 7/ 486 رقم (4129)، وصحيح مسلم - مع النووي - كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب صلاة الخوف 6/ 128. (5) في (أ): وقوله: قلت. (6) الوسيط 2/ 772. وخوَّات بن جبير هو بخاء معجمة، وتشديد الواو، وهو خوَّات بن جبير بن النعمان ابن أميَّة بن امرئ القيس الأنصاري الأوسي أبو عبد الله، وقيل: أبو صالح، أحد فرسان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - شهد بدراً هو وأخوه عبد الله بن جبيرعلى قول، توفي بالمدينة سنة 40 هـ وعمره (94) سنة. انظر ترجمته في: الاستيعاب 3/ 208، أسد الغابة 2/ 148، تهذيب الأسماء 1/ 178، الإصابة 3/ 158. (7) بعض النسخ: سقط من (ب). (8) هو صالح بن خوَّات بن جبير بن النعمان الأنصاري المدني التابعي، قال عنه الحافظ ابن حجر: "ثقة"، روى حديثه الجماعة انظر ترجمته في: الجرح والتعديل 4/ 399، تهذيب الأسماء 1/ 248، تقريب التهذيب ص: 271. (9) رواها ابن خزيمة في صحيحه كتاب الصلاة 2/ 301 رقم (1360)، والبيهقي في السنن الكبرى, كتاب صلاة الخوف 3/ 359 رقم (6010)، وراجع التلخيص الحبير 4/ 635. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 310 صالح بن خوَّات عن سهل بن أبي حثمة (1) عن النبي - صلى الله عليه وسلم -، أو عن صالح عمَّن صلى مع النبي - صلى الله عليه وسلم - (2). وخوَّات أوله خاء معجمة مفتوحة، ثمَّ واو مشددة، وفي آخره تاء مثناة من فوق، والله أعلم. ثمَّ إنّه (3) ذكر هذا الحديث بالمعنى على رأيه (4) في جواز رواية الحديث بالمعنى (5)، ووقع فيه مما لا يجوز في ذلك. قوله: "وانحازت الفئة المقاتلة" فأوهم أنّه كان فيها قتال، وهذه الغزوة كان فيها خوف من غير قتال، ذكر ذلك إمام المغازي (6) محمَّد بن إسحاق (7)، وإن أمكن تأويل لفظ المُقَاتِلة (8) فمثل ذلك غير جائز لمن (9) يروي بالمعنى (10)، والله أعلم.   (1) أبو يحيى ويقال: أبو محمَّد سهل بن أبي حثمة - بفتح الحاء المهملة، وإسكان المثلثة - واسم أبي حثمة عبد الله، وقيل: عامر بن ساعدة بن عامر بن عدي الأنصارى الخزرجي المدني، صحابي صغير، ولد سنة ثلاث من الهجرة، روى له عن النبي - صلى الله عليه وسلم - (25) حديثاً، وروى حديثه الجماعة، توفي في خلافة معاوية. انظر ترجمته في: أسد الغابة 2/ 468، تهذيب الأسماء 1/ 237، الإصابة 4/ 271، تقريب التهذيب ص: 257. (2) تقدم تخريجهما قريباً من الصحيحين. (3) سقط من (ب). (4) في (أ): رواية. (5) انظر: المستصفى ص: 133. (6) إمام المغازي: سقط من (أ). (7) انظر سيرته 2/ 692. (8) يمكن تأويله على أنّهم كانوا في مقابلة العدو على أُهبة القتال، والله أعلم. (9) في (أ): من. (10) إذ يشترط في الرواية بالمعنى على ما قاله الغزالي: "أن يكون إبدال اللفظ بما يرادفه ويساويه في المعنى، وأن لا يتطرق إلى اللفظ المُبْدل تفاوت بالاستنباط والفهم". انظر: المستصفى ص: 133. وهنا لفظ المقاتلة مفاعلة وهي تقتضي المشاركة؛ والمخالطة، والله أعلم. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 311 قوله في صلاة ذات الرقاع: "وهو أن يلتحم القتال" (1) هذا ليس شرطاً فيها، فإنهم (2) لم يخوضوا في القتال بعد، بل كان العدو في منازلهم وخاف المسلمون هجومهم عليهم إذا اشتغلوا بالصلاة، كان الحكم كذلك في تفرقهم فرقتين على الوجه المذكور (3)، والله أعلم. ما ذكره من رواية ابن عمر رضي الله عنهما (4) ثابت بمعناه في "الصحيحين" (5)، وغيرهما (6)، غير أن فيه بعد ذكر سلام الإمام أن كل طائفة قضت ركعة ركعة. وليس فيه ما ذكره في الكتاب من قوله "ورجعوا إلى مكان   (1) الوسيط 2/ 771. (2) في (د) و (أ). فإنَّه لو لم يخوضوا، وهو لا يستقيم، والمثبت من (ب). (3) إذ كذا كانت غزوة ذات الرقاع التي وردت فيها صفة الصلاة كان فيها خوف من غير قتال. (4) قال الغزالي - بعد سرده لرواية خوَّات بن جبير -: "روى ابن عمر أنّه لما قام إلى الثانية ما انفردوا بالركعة لكن أخذوا مكان إخوانهم في الصف وهم في الصلاة، وانحاز الآخرون فصلوا ركعة، فتحلل بهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ورجعوا إلى مكان إخوانهم وعليهم بعد ركعة، ثم رجع الفريق الأول فأتموا الركعة الثانية منفردين، ونهضوا إلى الصف، وعاد الآخرون وأتموا كذلك". أهـ الوسيط 2/ 772. (5) في (ب): في الصحيحين بمعناه، بالتقديم والتأخير. وانظر: صحيح البخاري - مع الفتح - كتاب صلاة الخوف، باب صلاة الخوف 2/ 497 رقم (942)، وصحيح مسلم - مع النووي - كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب صلاة الخوف 6/ 124 - 125. (6) وممن رواه كذلك أبو داود في سننه كتاب الصلاة، باب من قال: يصلي بكل طائفة ركعة ثم يسلِّم فيقوم كل صف فيصلون لأنفسهم ركعة 2/ 35 رقم (1243)، والترمذي في جامعه أبواب الصلاة، باب ما جاء في صلاة الخوف 2/ 453 رقم (564) وقال: "هذا حديث صحيح"، والنسائي في سننه كتاب صلاة الخوف 1/ 191 - 193 رقم (1538 - 1541)، وابن ماجه في سننه كتاب إقامة الصلاة، باب ما جاء في صلاة الخوف 1/ 399 رقم (1258) لكن رواه من قول النبي - صلى الله عليه وسلم - لا من فعله. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 312 إخوانهم وعليهم بعد ركعة، ثم رجع الفريق الأول فأتموا الركعة الثانية منفردين، ونهضوا إلى الصف، وعاد الآخرون وأتموا كذلك" فهذا فيه من الرجوع زيادة زائدة (1) على ما في كتب الحديث المعتمدة، والله أعلم. قوله في غزوة ذات الرقاع: "هي آخر الغزوات" (2) غير صحيح، فليست آخرها، ولا هي (3) من أواخرها، فقد أحصى إمام المغازي والسير محمَّد بن إسحاق غزوات رسول الله - صلى الله عليه وسلم - سبعاً وعشرين (4)، وذكر أن آخرها غزوة تبوك، وذكر ميقات غزوة ذات الرقاع وهو (5) قبل أواخرها (6)، والله أعلم. قوله: "ومن أصحابنا من قال: تصحُّ الصلاة على وفق رواية ابن عمر. وهو بعيد" (7) فنسب هذا إلى بعض الأصحاب، وهو قول للشافعي (8) مشهورٌ جديدٌ نصَّ عليه في كتاب "الرسالة" (9). وقال "هو بعيد" وهو (10) صحيح، قيل: هو الأصحُّ؛ لصحة الروايتين، وعدم امتناع تجويزه (11)، والله أعلم.   (1) سقط من (أ). (2) الوسيط 2/ 773. (3) سقط من (ب). (4) في (أ): سبعاً وعشرين غزوة. (5) في (ب): وهي. (6) انظر: سيرة ابن إسحاق 3/ 692، 4/ 943. (7) الوسيط 2/ 774 - 775. وبعده: لأنه تخيير في أفعال كثيرة مستغنىً عنها. (8) في (أ): الشافعي. (9) ص: 267. (10) سقط من (ب). (11) في (ب): تجويزها، وفي (أ): المعارض. وانظر: الإبانة ل 49/ ب، حلية العلماء 2/ 249، فتح العزيز 4/ 633 - 634، المجموع 4/ 409. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 313 قوله: "نقل المزني أنَّ الإمام يقرأ بالطائفة الثانية الفاتحة وسورة. ومعناه أنّه يسكت قبله منتظراً. وغلَّطه الأصحاب، وقالوا: لا يسكت، لكنهم إذا لحقوا مدَّ القراءة وهو نقل الربيع. وتوجيه قول المزني: التسوية بين الفريقين" (1) هذا فيه خلل في كيفية النقل، يوهم خلاف الثابت في نفس الأمر؛ من حيث إنّه قطع بأنّه يسكت على نقل المزني، ونسب إلى الأصحاب على الإطلاق تغليط المزني، ثم إنّه وجَّه ما نقله. أمّا السكوت: فليس في نقل المزني (2) ذكرٌ للسكوت (3). وقد فرَّعوا عليه أنّه يسبِّح ويذكر الله بما شاء (4). وأمّا نسبته الأصحاب على الإطلاق إلى تغليط المزني، وضمه إلى ذلك توجيه ما نقله من غير أن يذكر بينهما خلافاً لذلك عن غيره، أو من عند (5) نفسه: فهو في صورته مستنكر؛ فإن الغلط لا توجيه له، ثم إنَّ الأصحاب في ذلك مختلفون، فأصح الطرق أن المسألة على قولين: أحدهما: ما نقله المزني (6)، والله أعلم. ليلة الهرير (7): ليلة من ليالي صفين (8) كان لهم فيها (9) هريرة عندما يحمل   (1) الوسيط 2/ 774. وقبله: ثم النظر في هذه الصلاة في طرفين: أحدهما: في كيفيتها: وقد تشككوا - أي ترددوا - في ثلاثة مواضع: الأول: نقل المزني ... إلخ. (2) نقل المزني: سقط من (ب). (3) في (أ): السكوت وانظر نقل المزني في: المختصر ص: 34. (4) انظر: الحاوي 2/ 462، فتح العزيز 4/ 637، المجموع 4/ 411. (5) سقط من (أ). (6) انظر: الحاوي 2/ 462 - 463، التنبيه ص: 42، المهذب 1/ 106، حلية العلماء 2/ 246. (7) قال الغزالي: "الطرف الثاني: في تعدية النصِّ إلى صلاة المغرب، وصلاة الحضر، والجمعة. أمّا صلاة المغرب فليُصلِّ الإمام فيها بالطائفة الأولى ركعتين، وبالثانية ركعة ... وروي عن علي - رضي الله عنه - أنّه صلى بالطائفة الأولى ركعة، وبالثانية ركعتين في ليلة الهرير". الوسيط 2/ 775. (8) التي وقعت بين علي ومعاوية رضي الله عنهما، وكانت في نهاية سنة 36 هـ وبداية سنة 37 هـ. انظر: البداية والنهاية 7/ 264 وما بعدها. (9) سقط من (ب). الجزء: 2 ¦ الصفحة: 314 بعضهم على بعض (1). والهرير (2) ........ قوله: "هل (3) يحرم الانتظار الثالث فعلى قولين، فإن قلنا (4): يحرم فهل تبطل الصلاة به (5)؟ فعلى قولين" (6) هذا شذوذ لا يعرف، والمعروف أن في (7) بطلان الصلاة قولين (8) فحسب (9) دون البناء والترتيب الذي ذكره. وما ذكره كما أنّه بعيد من حيث النقل، فهو بعيد من حيث إنّه لا يتجه مع القول بالتحريم تردُّد في البطلان، والله أعلم.   (1) انظر: المجموع 4/ 414، تذكرة الأخيار ل86/ أ. والأثر عن علي رواه البيهقي بغير إسناد في السنن الكبرى كتاب صلاة الخوف 3/ 359، وأشار إلى ضعفه حيث قال: "ويُذكر عن جعفر ابن محمَّد عن أبيه أن عليَّاً - رضي الله عنه - صلى المغرب صلاة الخوف ليلة الهرير". وراجع: المجموع وتذكرة الأخيار المواضع السابقة. (2) كذا في جميع النسخ، وبعدها بياض في (أ)، ولا يوجد في (د) و (ب) شيء. ولعله أراد ضبط الكلمة: وهي بفتح الهاء، وكسر الراء، والله أعلم. والهرير في اللغة: صوت الكلب وهو دون النباح انظر: المصباح المنير ص: 244. (3) في (أ): وهل. (4) سقط من (ب). (5) سقط من (أ) و (ب). (6) الوسيط 2/ 776. وقبله: أمّا الرباعية في الحضر فليُصلَّ الإمام بالطائفة الأولى ركعتين، وبالثانية ركعتين، فلو فرَّقهم أربع فرق وصلَّى بكل فرقة ركعة فهل يحرم ... إلخ (7) سقط من (ب). (8) سقط من (ب). (9) الصحيح منهما عدم البطلان. انظر: الأم 1/ 363، مختصر المزني ص: 34، الحاوي 2/ 466، المهذَّب 1/ 106، حلية العلماء 2/ 251. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 315 قوله: "فعلى هذا يمتنع الانتظار في الركعة الثالثة، وما قبلها جرى على وجهه" (1) هذا غير مرضي من حيث إنّه يوهم أن مطلق الانتظار في الركعة الثالثة (2) ممتنع مبطل، وليس كذلك باتفاق؛ فإنّه ينتظر فيها فراغ الطائفة الثانية، وينتظر مجيء الطائفة الثالثة، ولا منع بالاتفاق من انتظاره لفراغ الطائفة الثانية؛ فإنّه غير زائد على ما ورد به النصُّ (3). وإنّما الزائد الممتنع (4) انتظار غير ذلك، لمجيء الطائفة الثالثة. وعنده يقع الإبطال على النصِّ (5). وبهذا الإيضاح يبعد (6) تخريج ابن سريج من (7) أن المنع يختصُّ بالركعة الرابعة (8). وأمّا قوله (9) في توجيهه "إن الانتظار (في الثالثة هو الانتظار) (10) الثاني للإمام بدلًا عن انتظاره في التشهد، إلا أن المُنْتَظَر في التشهد ثمَّ هو المُنْتَظر في القيام بعينه، وههنا المُنْتَظَر   (1) الوسيط 2/ 776. وقبله: فإن قلنا يحرم - أي الانتظار الثالث - فهل تبطل به الصلاة؟ فعلى قولين: أحدهما: يجوز ذلك كلما جاز بالمرة الأولى والثانية. والثاني: لأنّه رخصة فلا يزاد على محل النصِّ، فعلى هذا يمتنع ... إلخ. (2) سقط من (ب). (3) إذ ورد النصُّ في حديث خوَّات بن جبير المتقدم بانتظارين الأول: في الركعة الثانية لمجيء الطائفة الثانية. والثاني: في التشهد لتكمل الطائفة الثانية صلاتها وتلحقه في التشهد ثم يسلِّم بهم. انظر: الوسيط 2/ 772. (4) في (ب): الممتنع الزائد، بالتقديم والتأخير. (5) وذلك لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - انتظر في الركعة الثانية فراغ الطائفة الثانية فقط، والإمام هنا ينتظر فراغ الثانية وذهابها إلى وجه العدو، ومجيء الثالثة. وانظر: فتح العزيز 4/ 640. (6) في (أ): يبطل. (7) سقط من (أ) و (ب). (8) انظر: الوسيط 2/ 776. (9) في (ب): قولهم. (10) ما بين القوسين زيادة من (أ) و (ب). الجزء: 2 ¦ الصفحة: 316 ثانياً غير المُنْتَظَر أوَّلاً. وهذا لا يقدح وهو متجه" (1) فهذا غير مسلَّم؛ فإن الانتظار في الثالثة الذي هو الانتظار الثاني بدلًا عن انتظاره في التشهد، إنّما هو انتظاره فراغ الطائفة الثانية دون ما يتصل به من انتظاره لمجيء الطائفة الثالثة، وهذا غير ما (2) ألقاه من الفرق بأن المنتَظَر ههنا ثانياً غير المنتظَر أولاً. فإذاً لا (3) يتجه قول ابن سريج إلا بأن نتكلف ونقول: لمَّا اتصل انتظاره لمجيء الثالثة (4) بانتظاره فراغ الثانية تَنزَّلا منزلة انتظار واحد، وإذا كان واحداً كان الثاني لا محالة، فلا يكون زائداً (5) من حيث العدد، وإنّما يكون فيه زيادة من حيث القدر، والزيادة في القدر لا تضرُّ، كما لو فرَّقهم فرقتين وصلى بكل فرقة ركعتين، والله أعلم. قوله: "في وجوب رفع السلاح في هذه الصلاة (6)، وصلاة عُسفان قولان" (7) أراد برفع السلاح إشالته وحمله، وليس ذلك متعيِّناً بعينه، فإنّه لو وضعه بين   (1) الوسيط 2/ 776. وقبله: وقال ابن سريج: - تخريجاً - المنع يختص بالركعة الرابعة؛ فإن الانتظار في الثالثة ... إلخ. (2) سقط من (ب). (3) في (أ): لم. (4) في (ب): الطائفة الثالثة. (5) في (ب): فلا زائد. (6) سقط من (ب). (7) الوسيط 2/ 777. وبعده: والوجه أن يقال: إن كان في البعد عن السلاح خطر ظاهر فهو محرم في الصلاة وغيرها - أي وضعه -، وإن كانت الموضوعة والمحمولة واحدة لتيسر أخذها في الحال فلا يحرم، وإن لم يظهر في تنحية السلاح خلل فهذا محل الجزم، ففي وجوب الأخذ به واستحبابه تردد، وكيف ما كان فلا تبطل الصلاة بتركه؛ لأنَّ العصيان لا يتمكَّن من نفس الصلاة. أهـ وأظهر القولين أنّه يستحب النظر: روضة الطالبين 1/ 565. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 317 يديه بحيث يكون تمكنه من تناوله عند الحاجة إليه كتمكنه منه لو حمله كان ذلك كالحمل من غير شكٍّ (1). وخصَّص (2) الخلاف بصلاة ذات الرقاع، وصلاة عُسفان، دون صلاة بطن نخل، وليس ذلك مختصاً بهما، والمعنى شامل للجميع، وكلام غيره مطلق في صلاة الخوف على الإطلاق (3)، والله أعلم. قوله: "رجالاً وركباناً" (4) ليس رجالاً ههنا (5) جمع رَجُل، بل جمع رَاجل، كما يقال صاحب وصحاب (6)، والله أعلم. قوله - صلى الله عليه وسلم -: (من قُتِل دون ماله فهو شهيد) (7) حديث صحيح من حديث عبد الله ابن عمرو بن العاص، وغيره (8)، رواه مسلم (9)، وغيره (10)، والله أعلم.   (1) انظر: نهاية المطلب 2/ ل 102/ ب، فتح العزيز 4/ 643، المجموع 4/ 424. (2) في (د): تخصيص، والمثبت من (أ) و (ب). (3) انظر: الحاوي 2/ 467، الإبانة ل50/ ب، المهذَّب 1/ 107. (4) الوسيط 2/ 778. حيث قال: "النوع الرابع: صلاة شدة الخوف: وذلك إذا التحم الفريقان، ولم يحتمل تخلف طائفة عن القتال، فلا سبيل إلا الصلاة رجالاً وركباناً، مستقبلي القبلة وغير مستقبليها، إيماءً بالركوع والسجود ... " (5) سقط من (ب). (6) انظر: الصحاح 4/ 1075، المفردات في غريب القرآن ص 190، لسان العرب 5/ 156 - 157. (7) قال الغزالي: "والنظر الآن في السبب المُرخِّص - أي لصلاة الخوف -، وهو خوف مخصوص. ويتبين خصوصه بمسائل: ... الثانية: القتال المباح كالواجب في الترخص، وذلك كالذبِّ عن المال ... قال - عليه السلام -: من قتل ... " الوسيط 2/ 778. (8) كأبي هريرة وحديثه في مسلم كما سيأتي في الذي بعده. (9) في صحيحه - مع النووي - كتاب الإيمان، باب هدر دم من قصد أخذ مال غيره بغير حق 2/ 163 - 164 حيث روى حديث ابن عمرو وأبي هريرة. (10) والحديث رواه البخاري في صحيحه - مع الفتح - كتاب المظالم والغصب، باب من قاتل دون ماله 5/ 147 رقم (2480). الجزء: 2 ¦ الصفحة: 318 قوله: "وكذا من هرب من حقِّ القصاص في وقت يتوقع من التأخُّر (1) سكونَ الغليل، وحصول العفو. هكذا ذكره الأصحاب" (2) هذا إشارة منه إلى استبعاد ذلك (3) كما استبعده شيخه، فإنّه استبعد جواز الهرب من أصله (4)، والله أعلم. قوله: "وكذلك في تجليل الخيل (5) بجلٍّ (6) من جلد (7) الكلب تردد" (8) هكذا وقع في النسخ، وهذا في "البسيط" (9)، و"النهاية" (10)، وغيرهما (11) إنّما هو في   (1) في (ب): التأخير، وهي كذا في المتن. (2) الوسيط 2/ 780. وقبله: الثالثة: لو تغشاه حريق، أو غرق، أو تبعه سبع، أو مُطَالِب بالدَين وهو معسر خائف من الحبس عاجز من بيِّنة الإعسار، فله صلاة الخوف، وكذا من هرب ... إلخ (3) في (ب): إلى الاستبعاد كما استبعده. (4) انظر: نهاية المطلب 2/ ل106/ أ. (5) في (ب): الفرس. (6) جلُّ الدابة كثوب الإنسان يلبسه يقيه البرد. انظر: المصباح المنير: 41. (7) في (ب): جلِّ. (8) الوسيط 2/ 781. وقبله: لبس الحرير، وجلد الكلب والخنزير جائز عند مفاجأة القتال، وليس جائزاً في حالة الاخيار، بخلاف الثياب النجسة، وفي جلد الشاة الميِّتة وجهان يبتنيان علا أن تحريم لبس جلد الكلب للتغليظ أو لنجاسة العين؟ وكذلك في تجليل ... إلخ. وبعده: والظاهر جوازه. (9) 1/ ل157/ ب. (10) 2/ ل109/ أ. (11) حكاه النووي عن: جماعة من الخراسانيين. انظر: المجموع 4/ 448، وراجع فتح العزيز 4/ 655. وصحح الرافعي والنووي: وجه الجواز في تجليل الكلب بجّلٍ من جلد كلب، لاستوائهما في غلظ النجاسة. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 319 تجليل الكلب بجلد (1) كلب. وهكذا ذكره في درسه، وعلَّل الجواز بأن هذا اللباس لائق بهذا اللابس. وذلك هو الوجه، ويبعد طرده في الخيل، وإن لم يكن عليها تعبد؛ لأن المنع إنّما هو (2) لاستعماله للنجاسة المغلظة في غير معدنها (3)، وهذا شامل لاستعماله إياها في الخيل دون الكلب، والله تعالى أعلم.   (1) في (أ): بجلِّ. (2) سقط من (ب). (3) في (ب): محلها. والنجاسة المغلظة إذا كانت في غير معدنها يجب إزالتها. انظر: فتح العزيز 4/ 27، المجموع 3/ 138. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 320 ومن (1) كتاب صلاة العيدين وفي شرحي له ولما يليه إلى طرف من أول الجنائز تعرض لزيد على المشْتَرَط في سائر الشرح؛ لكوني جمعته من نحو ثلاثين سنة تقدمت قوله: "وهي سنة مؤكدة" (2) قلت: تأكيدها من أثره أنّه يكره تركها، كما كره (3) ترك سنن الصلاة (4) حيث كانت مؤكدة، وليس ذلك (5) عاماً في جميع السنن (6). وقول (7) من قال: المكروه ترك الأولى (8). غير صحيح، ويلزم منه أن يكون ترك استغراق الوقت أو معظمه بالعبادة مكروهاً، و (9) لا سبيل إليه. وبعد ذكري هذا وجدت من كلام إمام الحرمين ما يعضده وذلك أنّه حكى في غسل الجمعة أن تركه مكروه ثم قال: "وهذا عندي جارٍ في كل مسنون صحَّ الأمر به مقصوداً" (10).   (1) سقط من (أ) و (ب). (2) الوسيط 2/ 783. وبعده: على كل من يلزمه حضور الجمعة. (3) في (أ): يكره. (4) في (ب): الصلوات. (5) سقط من (ب). (6) في (أ): الصلاة. وهذا على القول بأن حدَّ السنن ما سوى الواجبات. انظر: المجموع 4/ 2. (7) في (أ): وقوله. (8) ذكر الآمدي أن من إطلاقات المكروه: ترك الأولى. وكذا الزركشي. انظر: الإحكام للآمدي 1/ 122، البحر المحيط 1/ 296 - 297. (9) سقط من (أ). (10) نهاية المطلب 2/ ل83/ أ. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 321 قوله (1): "على كل من يلزمه حضور الجمعة" (2) هذا يرجع إلى تأكدها، لا إلى أصل الاستنان؛ فإنّه ثابت (3) فيمن لا يلزمه حضور الجمعة (4). قوله: "والنقل المتواتر" (5) بالنون والقاف، ووقع في بعض النسخ "والفعل" (6) وهو تصحيف؛ فإن التواتر في لسان أهل العلم من صفة النقل (7)، لا يوصف به الفعل، إلا أن يعني به نقله، فيقع إذاً في تطويل وبعدٍ مستكره، والله أعلم. قوله: "قيل: أراد به صلاة عيد النحر" (8) أي بقوله {فَصَلِّ}، وقوله {انْحَرْ} دال على أنّه عيدُ النحر (9). قوله: "وأقلها ركعتان كسائر النوافل" (10) (الأقلية محلها قوله "كسائر النوافل") (11) لا كونها ركعتين؛ فإن الأكمل أيضاً ركعتان (12)، والأكمل ما فيه   (1) في (أ) و (ب): وقوله. (2) الوسيط 2/ 783. (3) في (أ): يثبت. (4) كالنساء، والعبيد، والمسافر، وغيرهم، والله أعلم. (5) الوسيط 2/ 783. حيث قال: "والأصل فيه الإجماع، والنقل المتواتر عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ... ". (6) وهو الذي أثبته محقق الوسيط. (7) انظر: علوم الحديث للمؤلف مع شرحه التقييد والإيضاح ص: 225، تقريب النواوي مع شرحه تدريب الراوي 2/ 159 - 160. (8) الوسيط 2/ 783. وقبله ... وقوله تعالى: {فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ} قيل: أراد به ... إلخ (9) انظر: الجامع لأحكام القرآن للقرطبي 20/ 148، حيث نقل هذا التفسير عن قتادة، وعطاء، وعكرمة. وانظر هذا التفسير مسنداً إليهم في تفسير الطبري 30/ 326 - 327. (10) الوسيط 2/ 784. (11) ما بين القوسين زيادة من (أ) و (ب). (12) انظر: المهذَّب 1/ 120، فتح العزيز 5/ 6. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 322 التكبيرات الزائدة التي تباين بها سائر النوافل. ثم المراد أنّها كسائر النوافل في أركانها لا في (1) شروطها (2) إذ تختصُّ من الشروط: بالوقت المعين، ونيَّة (3) صلاة العيد (4)، والله أعلم. والأحسن قول شيخه: "كسائر النوافل مع نيَّة صلاة العيد" (5). وهكذا قال هو فى الخسوف (6). قوله: "لست من أبعاضها" (7) سبق بيانه في باب سجود السهو (8). قوله: "ما بين طلوع الشمس" (9) هو كذلك (10)، لكن الأفضل تأخيرها إلى أن ترتفع قيد رمح (11). فإن قلت: من يقول تمتدُّ الكراهة (12) إلى الارتفاع ينبغي أن لا يَدخُل وقتها عنده إلا بعده. قلت: وقت الكراهة قد يكون من وقت صلاة لا تشملها الكراهة كما في آخر وقت صلاة العصر.   (1) سقط من (ب). (2) في (د) و (ب): شرطها، والمثبت من (أ). (3) في (أ) و (ب): وبنيَّة. (4) انظر: فتح العزيز 5/ 6 - 7، روضة الطالبين 1/ 578. (5) انظر: نهاية المطلب 2/ ل111/ أ. (6) انظر: الوسيط 2/ 796. (7) الوسيط 2/ 784. وقبله: وأقل هذه الصلاة ركعتان كسائر النوافل، والتكبيرات الزائدة ليست ... إلخ (8) انظر: 2/ 193، وتقدَّم تعريفه للأبعاض 2/ 77. (9) الوسيط 2/ 784. حيث قال: ووقتها ما بين طلوع الشمس إلى زوالها. (10) لأنها من ذوات الأسباب، وذوات الأسباب يجوز عندهم أداؤها في أوقات النهي، وضابط ذات السبب كما قال النووي: "هي التي لها سبب متقدم عليها". فيدخل فيه صلاة العيد، والله أعلم. انظر: المجموع 4/ 170. (11) انظر: المهذَّب 1/ 118، التهذيب ص: 734، المجموع 5/ 4، كفاية الأخيار 1/ 298. (12) في (ب): الكراهيِّة. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 323 قوله: "ويجوز أداؤها في الجبَّانة (1) " (2) أي: وفي أنّه يجوز أداؤها، فهذان (3) استثناءان، ومن أصحابنا من ضمَّ إليهما: إسقاط العدد (4). والجبَّانة: الصحراء، والمقبرة تسمى جبَّانة؛ لكونها في الصحراء (5). التكبيرات المرسلة (6): هي التي تسترسل في كل وقت وحال من المدَّة؛ المعيَّنة، خلاف (7) التكبيرات المقيَّدة بأعقاب الصلاة (8)، والتكبيرات الزائدة في الصلاة (9)، و (10) في أول الخطبتين فهذه أربعة أنواع (11). وهذا التقييد والخصوص إنّما هو في التكبير من حيث كونه شعاراً يظهر، وترتفع (12) به الأصوات، وإلا فالتكبير في نفسه ذكر مستحب في جميع الأوقات. وفي قوله "ليلة العيدين" تسوية بين عيد الفطر وعيد الأضحى في التكبيرات المرسلة في   (1) في (ب): الجبَّانة البارزة. وهي كذا في المتن. (2) الوسيط 2/ 784. وقبله: وقال في القديم: شرطها كشرط الجمعة إلا أن خطبتها تتأخر، ويجوز أداؤها ... إلخ (3) في (ب): فهذا. (4) انظر: التهذيب ص: 733، فتح العزيز 5/ 9، روضة الطالبين 1/ 578. (5) انظر: لسان العرب 2/ 172، المصباح المنير ص: 35. (6) قال الغزالي: "وله - أي العيد - سنن: الأولى: إذا غربت الشمس ليلة العيدين استحبت التكبيرات المرسلة إلى أن يحرم الإمام بالعيد ..... " الوسيط 2/ 784. (7) في (أ): بخلاف. (8) انظر: المنهاج للنووي 1/ 314، مغني المحتاج 1/ 314، نهاية المحتاج 2/ 397، (9) في (ب): الصلوات. (10) سقط من (ب). (11) انظر هذه التكبيرات في: الوسيط 2/ 789 - 790. (12) في (أ): ترفع، وفي (ب): يرفع. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 324 مبتدأها ومنتهاها، والخلاف الآتي في التكبيرات المرسلة (1) في عيد الأضحى (2) إنّما هو فيما بعد ذلك من الأوقات التي يستحب فيها (3) التكبيرات المقيَّدة بأدبار الصلوات (4)، والله أعلم. قوله في التكبيرات المرسلة: "والناس يصبحون مكبِّرين حيث كانوا، وفي الطرق رافعي أصواتهم، كذلك كان يفعل رسول الله - صلى الله عليه وسلم -" (5) هذا مروي عن ابن عمر عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من وجهين ضعيفين، والصحيح أنّه موقوف على ابن عمر ذكر الحافظ أبو بكر البيهقي - رحمه الله - (6). وإنما ذكره الشافعي موقوفاً (7)، والله أعلم. نَقْلُه النصوص المختلفة في آخر وقت التكبير ههنا (8) عليه كلامان: أحدهما: أنّه ساق الكلام سياق من يرى التأويل الجامع بين النصِّ الأول وغيره، جارياً في   (1) سقط من (ب). (2) انظر: الوسيط 2/ 791. (3) سقط من (ب). (4) في (أ): الصلاة. (5) الوسيط 2/ 784 - 785. (6) انظر: السنن الكبرى كتاب صلاة العيدين 3/ 395 حيث ذكر الصحيح أنّه موقوف ثم قال: "وقد روي من وجهين مرفوعاً أما أمثلهما" - ثم ساقه برقم (6130) وقد رواه ابن خزيمة في صحيحه كتاب الصلاة 2/ 343 رقم (1431) - ثم قال البيهقي: "وأما أضعفهما" - وساقه برقم (6131). وقد روى المرفوع عن ابن عمر الحاكم في المستدرك 1/ 297 - 298 وقال: "هذا الحديث غريب الإسناد والمتن". وراجع التلخيص الحبير 5/ 14. (7) انظر: الأم 1/ 385، المسند ص: 384. (8) قال الغزالي - بعد ذكر حديث ابن عمر -: "ونصَّ في مواضع أنّهم يكبِّرون إلى خروج الإمام، وقيل: إنّه قول آخر. والصحيح أن المراد به تحرُّم الإمام؛ لأنّه يتصل به غالباً، ونُقل نصٌّ آخر: أنّه يدوم إلى آخر الخطبة". أهـ الوسيط 2/ 785. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 325 النصِّ الذي فيه ذكر خروج الإمام دون النصِّ الثالث، وقد أوَّل ذلك من أوَّل هذا، وجعل المسألة على قول (1) واحدٍ، وهي الطريقة المرضيَّة (2)، وتأويل الثالث: أنّه أراد دوام جنس التكبير إلى الفراغ لا التكبير المرسل خاصّة. والطريقة الثانية (3) في المسألة جعلها على (4) ثلاثة أقوال (5)، وتظهر فائدة دوام التكبير إلى الفراغ على القول الثالث في حقَّ من لم يدرك المصلى بعد. فهاتان طريقتان ليس غيرهما في (6) نقل شيخه (7)، وغيره (8). الثاني: أنّه قال في النصِّ الثالث "إلى آخر الخطبة" والذي نقله في ذلك شيخه، وغيره، وصاحب "المهذَّب" منهم (9): إلى أن ينصرف الإمام من الصلاة، وهو القديم. لكن (قد) (10) يعذر فيه من حيث إن الشيخ أبا حامد قد قال أيضاً: "والخطبتين" (11). ومع هذا فأحسن أحواله أن يجعل شاذاً. ولمَّا أورد شيخه التأويل الذي ذكرناه   (1) سقط من (ب). (2) انظر: المهذَّب 1/ 121، نهاية المطلب 2/ ل110/ أ، حلية العلماء 2/ 312، روضة الطالبين 1/ 587. (3) في (أ): الثالثة. (4) سقط من (أ). (5) أظهرها: يكبِّرون إلى أن يحرم الإمام بصلاة العيد. انظر: المجموع 5/ 32، المنهاج للنووي 1/ 314، كفاية الأخيار 1/ 300. (6) في (د): من، والمثبت من (أ) و (ب). (7) انظر: نهاية المطلب 2/ ل110/ أ. (8) كالماوردي في الحاوي 2/ 485، والشيرازي في المهذَّب 1/ 121، والشاشي في حلية العلماء 2/ 312. (9) انظر: المصادر المتقدمة. (10) زيادة من (أ) و (ب). (11) انظر النقل عنه في: حلية العلماء 2/ 312. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 326 في الطريقة الأولى لهذا النصِّ قال: "ولكن يرد على هذا التأويل تكبيرات الخطبة، وذلك يدل على أنّها غير مندرجة فيه بلا خلاف" (1)، والله أعلم. ولست أُبعدُ أن يكون قائل هذا قد فهم من قوله (حتى ينصرف من الصلاة) الرجوع عنها، وذلك بالفراغ من الخطبتين، وهو (2) غلط؛ فإن الانصراف من الصلاة عندهم هو التسليم منها (3)، والله أعلم. الصحيح أنّه لا يستحب التكبير المقيَّد في أعقاب صلوات (4) ليلة عيد (5) الفطر وصبيحتها (6)؛ لأنّه لم يؤثر ذلك، هذا مستنده، وأمّا تعليله ذلك بغرض التمييز (7) فضعيف من وجوه منها: حصوله بغير ذلك، ومنها: أنّه ليس تحته حكمة. إحياء ليلتي العيد، جاء فيه ما ذكر (8). لكن نقله الشافعي موقوفاً على أبي الدرداء (9) ولفظه (من قام ليلتي العيدين لله محتسباً لم يمت (10) قلبه   (1) انظر: نهاية المطلب 2/ ل110/ أ. (2) في (أ): وهذا. (3) سقط من (ب). (4) في (د): صلاة، والمثبت من (أ) و (ب). (5) سقط من (ب). (6) انظر: حلية العلماء 2/ 313، المجموع 5/ 32، مغني المحتاج 1/ 314، وقطع بهذا القول الماوردي في الحاوي 2/ 485، والبغوي في التهذيب ص: 742. (7) قال الغزالي: "وهل تستحب هذه التكبيرات أدبار الصلوات ليلة العيد وصبيحته فعلى وجهين: ووجه المنع: أن يتميز هذا الشعار عن شعار التكبيرات المقيَّدة في عيد النحر". الوسيط 2/ 785. (8) قال الغزالي: "الثانية - أي من سنن العيد - إحياء ليلتي العيد، قال - عليه السلام -: من أحيا ليلتي العيد لم يمت قلبه يوم تموت القلوب". الوسيط 2/ 785 - 786. (9) اسمه عويمر، وقيل عامر بن زيد بن قيس الخزرجي الأنصاري الصحابي، كان فقيهاً، حكيماً، زاهداً، شهد ما بعد أحد من المشاهد مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، روي له عن النبي - صلى الله عليه وسلم - (179) حديثاً, توفي بدمشق في خلافة عثمان سنة 31 هـ، وقيل: 32 هـ. انظر ترجمته في: الاستيعاب 11/ 226، أسد الغابة 6/ 97، تهذيب الأسماء 2/ 228. (10) في (ب): يموت. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 327 حين (1) تموت القلوب) قال الشافعي: "وبلغنا أنّه كان يقال: إنَّ (2) الدعاء يستجاب في خمس ليالٍ (3): في ليلة الجمعة، وليلة الأضحى، وليلة الفطر، وأول ليلة من (4) رجب، وليلة النصف من شعبان" (5). وقد روى هذا الحديث غير الشافعي مرفوعاً إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من حديث أبي أمامة الباهلي (6) وإسناده موقوفاً ومرفوعاً ضعيف (7)، لكن عند أهل العلم تساهل (8) في أحاديث الفضائل (9)، والله أعلم. ويوم تموت القلوب: هو (10) يوم القيامة إذا غمرها   (1) في (أ) و (ب): يوم. وما في (د) - المثبت - هو الموافق للفظ الإمام الشافعي في روايته له. (2) سقط من (ب). (3) في (ب): ليالي، بالياء في آخرها. (4) سقط من (ب). (5) الأم 1/ 384. (6) هو الصحابي صُدَيُّ بن عجلان بن الحارث أبو أمامة الباهلي، مشهور بكنيته، وهو ممن بايع تحت الشجرة، سكن مصر ثم انتقل إلى حمص فسكنها ومات فيها، وهو آخر من مات من الصحابة بالشام سنة 86 هـ وله (106) سنوات، روي له عن النبي - صلى الله عليه وسلم - (250) حديثاً. انظر ترجمته في: تهذيب الأسماء 2/ 176، الإصابة 5/ 132، شذرات الذهب 1/ 96. وحديثه رواه ابن ماجه في سننه كتاب الصيام، باب فيمن قام في ليلتي العيدين 1/ 567 رقم (1782)، قال البوصيري: "هذا إسناد ضعيف لتدليس بقيَّة، ورواته ثقات ... ". مصباح الزجاجة 2/ 46، وقال الألباني: "ضعيف جداً". سلسلة الأحاديث الضعيفة والموضوعة 2/ 11 رقم (521)، وراجع التلخيص الحبير 5/ 19. (7) قال النووي: "رواه - أي الشافعي - عن أبي الدرداء موقوفاً، وروي من رواية أبي أمامة موقوفاً عليه ومرفوعاً كما سبق وأسانيد الجميع ضعيفة". المجموع 5/ 42. (8) في (أ): يتساهل. (9) انظر ص: 626. (10) سقط من (ب). الجزء: 2 ¦ الصفحة: 328 الخوف لعظم الهول (1). وقد ذكر الصيدلاني (2) أنّه لم يرد شيء من الفضائل (3) مثل هذا؛ لأن ما أضيف إلى القلب أعظم كقوله تعالى {وَمَنْ يَكْتُمْهَا فَإِنَّهُ آثِمٌ قَلْبُهُ} (4)، والله أعلم. والظاهر أن الإحياء (5) يحصل بالمعظم (6). وقد قال بعض من رأيته بنيسابور، وشرح هذا الكتاب: "لا خلاف في أنّه يحصل بالبعض" (7). الخلاف في جواز تقديم (8) الغسل على طلوع الفجر (9). حكاه جماعة قولين (10)، والأصح جوازه (11)، وعليه نصَّ في كتاب البويطي (12)، والله أعلم.   (1) انظر: تذكرة الأخيار ل 86/ أ، ولا دليل يعضد هذا التفسير، ولعل ابن الملقِّن أخذه عن ابن الصلاح فهو كثير النقل عنه، والله أعلم. (2) انظر النقل عنه في: فتح العزيز 5/ 20. (3) في (ب): من الفضائل شيء، بالتقديم والتأخير. (4) سورة البقرة الآية (283). قال شيخ الإسلام ابن تيمية: "وأشد من ذلك ما يذكره بعض المصنفين في الرقائق والفضائل، في الصلوات الأسبوعية والحولية ... وصلاة الألفيَّة التي في أول رجب، ونصف شعبان، والصلاة الاثني عشرية التي في أول ليلة جمعة من رجب، والصلاة التي في ليلة سبع وعشرين من رجب، وصلوات أُخر تذكر في الأشهر الثلاثة، وصلاة ليلتي العيدين، وصلاة يوم عاشوراء، وأمثال ذلك من الصلوات المرويَّة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - مع اتفاق أهل المعرفة بحديثه أن ذلك كذب عليه، ولكن بلغ ذلك أقواماً من أهل العلم والدين، فظنوه صحيحاً، فعملوا به، وهم مأجورون على حسن قصدهم واجتهادهم، لا على مخالفة السنة". أهـ مجموع الفتاوى 24/ 201 - 202. (5) في (ب): إحياء. (6) راجع: المجموع 5/ 43، روضة الطالبين 1/ 582. (7) لم أقف عليه، لكن نقله النووي في الموضعين السابقين بقوله: "وقيل: يحصل بساعة". (8) في (د): تقدم، والمثبت من (أ) و (ب). (9) قال الغزالي: "الثالثة - أي من السنن - الغسل بعد طلوع الفجر. أما قبله فهل يجزئ؟ فيه وجهان". الوسيط 2/ 786. (10) كالشيرازي في المهذَّب 1/ 119، والشاشي في حلية العلماء 2/ 301 - 302. (11) نقل النووي في المجموع 5/ 7 اتفاق الأصحاب على صحته. (12) انظره ل9/ أ. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 329 وقوله: "فيجعل جميع الليل وقتاً" (1) قد قيل: بل من نصف الليل، (2) كما في الأذان للصبح (3)، وأيضاً فغرض التبكير لا يتجاوزه ولا يزيد عليه، وهذا أشبه (4). قوله: "بالثياب البيض" (5) فيه نظر، وغيره أطلق الزينة (6)، وصاحب المذهب الشافعي - رضي الله عنه - احتجَّ بأنّه - صلى الله عليه وسلم - كان يلبس في العيد برد حِبَرة (7). وقال: "فأحبُ أن يلبس الرجل أحسن ما يجد في الأعياد، والجمعة (8)، ومحافل الناس". لكن قال   (1) الوسيط 2/ 786. وقبله: والثاني - أي الوجه الثاني في هل يجزيء الغسل قبل الفجر؟ - نعم؛ لأن أهل القرى يبكِّرون ليلاً فيعسر عليهم الغسل بعد الخروج، فيجعل ... إلخ. (2) انظر: التعليقة للقاضي أبي الطيَّب 2/ ل157/ أ، المهذَّب 1/ 119، حلية العلماء 2/ 302. (3) سقط من (ب). (4) وهو الذي صححه النووي في: روضة الطالبين 1/ 583، والمجموع 5/ 7. (5) الوسيط 2/ 786. وقبله: الرابعة - أي من السنن - التطيُّب والتزيُّن بالثياب ... إلخ. (6) كالقاضي أبي الطيَّب في تعليقته 2/ ل159/ ب، والشيرازي في المهذَّب 1/ 119، والبغوي في التهذيب ص: 733، ونقل النووي اتفاق الأصحاب على استحباب لبس أحسن الثياب. المجموع 5/ 8. (7) رواه الشافعي في المسند ص: 384، والبيهقي عن الشافعي في السنن الكبرى كتاب صلاة العيدين 3/ 397 رقم (6137)، قال النووي: "إسناده ضعيف". المجموع 5/ 8. إذ قد رواه الشافعي عن شيخه إبراهيم بن محمَّد ابن أبي يحيى وهو ضعيف. وحبرة: بكسر الحاء، وفتح الباء، قال الأزهري: "هو وشيٌ معلوم، كقولك: ثوب قِرْمِز، والقرمز صبغة، فأضيف - أي البُرْد - إلى وشيِّه كما أضيف الآخر إلى صبغه". الزاهر في غريب ألفاظ الشافعي ص: 82. (8) في (أ): والجمع، والمثبت موافق لنص الشافعي. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 330 (في) (1) النساء: "يلبسن ثياباً قصدةً (2) من البياض أو غيره، وأكره لهن الصبغ كلها؛ فإنها (3) تشبه الزينة أو الشهرة أو هما" (4). وهذا هو الذي لا ينبغي غيره، والله أعلم. تخصيصه العجائز (5) يأباه حديث أم عطيَّة في الصحيح (6): (كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يخرج العواتق (7) ... الحديث). وهو على هذا الإطلاق يشترط تركهن التجمل والتطيُّب (8). لكن تخصيص العجائز، وغير ذوات الهيئات نصُّ الشافعي (9). وأجيب عن (10) الحديث بأن ذلك كان في زمانه، وأمّا بعده فعلى حديث عائشة رضي الله عنها: (لو علم ما أحدثن لمنعهن الخروج) (11). ولكن هذا فيه تسوية بين العجائز وغيرهن في المنع، فالفرق إذاً في غير ذوات الهيئات بين العجائز وغيرهن غير متجه،   (1) زيادة من (أ) و (ب). (2) في (د) و (أ) قصداً، والمثبت من (ب) وهي موافقة للفظ الشافعي في الأم. (3) سقط من (ب). (4) الأم 1/ 388. (5) قال الغزالي: "وأمّا العجائز فيخرجن في بذلة الثياب". أهـ الوسيط 2/ 786. (6) انظر: صحيح البخاري - مع الفتح - كتاب العيدين، باب خروج النساء والحُيَّض إلى المصلى 2/ 537 رقم (974)، وصحيع مسلم - مع النووي - كتاب صلاة العيدين، باب إباحة خروج النساء في العيدين إلى المصلى 6/ 178 - 180. (7) العواتق: جمع عاتق، وهي الجارية البالغة، وقيل: التي قاربت البلوغ، وقيل: هي ما بين أن تبلغ إلى أن تعنس ما لم تتزوج. انظر: النهاية في غريب الحديث والأثر 3/ 179، شرح النووي على مسلم 6/ 178. (8) انظر: المهذَّب 1/ 119، التهذيب ص: 741. (9) انظر: الأم 1/ 400. (10) سقط من (ب). (11) رواه البخاري في صحيحه - مع الفتح - كتاب الأذان، باب انتظار الناس قيام الإمام العالم 2/ 406 رقم (869)، ومسلم في صحيحه - مع النووي - كتاب الصلاة، باب خروج النساء إلى المساجد إذا لم يترتب عليه فتنة، وأنّها لا تخرج مطيَّبة 4/ 163 - 164. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 331 ووجدت نصَّ الشافعي (1) في أصل أصيل من "جمع (2) الجوامع في منصوصاته": بالواو "وغير ذوات الهيئة" (3) وهو في "المختصر" (4): "العجائز غير ذوات الهيئة" من غير "واو" وجدته كذلك (فيه) (5)، وفي "الحاوي" (6)، و"النهاية" (7) نقلاً عنه. وقد قطع (8) صاحب "الحاوي" بما في "الوسيط"، ونقل ما ذكرته عن (9) بعص البغداديين وردَّه (10). وما ذكرته هو اختيار صاحب "المهذَّب" (11)، والله أعلم. قوله: "التزيُّن بالحرير والإبريسم المحض" (12) الإبريسم (13) أعم، وهو بفتح الراء على الأشهر في اللغة (14)، قال صاحب "كتاب العين" (15): "الحرير ثياب من إبريسم"، فخصصه بالثياب، والله أعلم.   (1) في (أ): للشافعي. (2) في (د): الجمع، والمثبت من (أ) و (ب). (3) لم أقف على النقل عنه، لكن هو لفظه نفسه في الأم 1/ 400. (4) ص: 37. (5) زيادة من (أ) و (ب). (6) 2/ 494 - 495. (7) 2/ ل112/ ب. (8) في (د): نقل، والمثبت من (أ) و (ب). (9) في (ب): من. (10) انظر الحاوي الموضع السابق. (11) انظر: المهذَّب 1/ 119. (12) الوسيط 2/ 786. وقبله: ويحرم على الرجال التزيُّن ... إلخ (13) (المحض) الإبريسم): سقط من (أ). (14) هو معرَّب، وفيه ثلاث لغات: كسر الهمزة والراء والسين (إِبْرِيسِم)، فتح الثلاثة (أَبْرَيسَم) كسر الهمزة وفتح الراء والسين (إِبْرَيسَم)، أمّا كونه بفتح الراء هو الأشهر فلم أقف على من قال بذلك، وهو يحتاج إلى دليل، ولعل الإشتهار جاء من كونه ورد على لغتين، والله أعلم. وانظر: المصباح 5/ 1871، تهذيب الأسماء واللغات 3/ 1/ 25 - 26، لسان العرب 1/ 376، المصباح المنير ص: 16 - 17. (15) لم أقف عليه في المطبوع منه، والله اعلم. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 332 القزُّ كالحرير باتفاق الأصحاب في نقل شيخه (1). وفي "التتمة" (2) وجه في إباحته. قوله: "ومنهم من نظر إلى الظهور فأحلَّ الخزَّ وحرَّم العتابي" (3) المخصوص من هذا بهذه الطريقة (4): تحريم العتابي. لا تحليل الخزِّ، فإنّه شامل للطريقين (5)؛ لأن سداه (6) هو الإبريسم، ولحمته صوف، والسدى منه أقل من اللُحمة فيما قال صاحب "التهذيب" (7)، وغيره (8). وقد نصَّ على (9) تحليله صاحب "المهذَّب" (10) وهو ممن يقول بالطريقة الأولى في العراقيين (وكذا نصَّ على تحليل   (1) انظر: نهاية المطلب 2/ ل107/ ب. (2) انظر النقل عنه في: فتح العزيز 5/ 29. (3) الوسيط 2/ 786. وقبله: المركَّب من الإبريسم وغيره فيه طريقان: منهم من نظر إلى القلة والكثرة في الوزن. ومنهم من نظر إلى الظهور ... إلخ. والخزُّ: الثوب، والمراد به الثوب الذي فيه حرير لكن لم يظهر الحرير. وأمّا العتابي: فهو ثوب ينسج كذلك من الحرير وغيره، ولكن يظهر عليه الحرير. انظر: الصحاح 3/ 877، المصباح المنير ص: 64، وقد أشار إلى هذا المعنى المؤلف فيما سيأتي من كلامه. (4) في (ب): من هذه الطريقة. (5) أي طريقة من نظر إلى الوزن - قلة وكثرة -، وطريقة من نظر إلى الظهور. (6) السدى بفتح السين خلاف اللُحمة بضم اللام، وهو ما يمدُّ طولاً في النسج. انظر: المصباح المنير ص: 103. (7) انظر: التهذيب ص: 730. (8) كالفوراني في الإبانة ل 51/ أ. (9) في (ب): عليه. (10) انظر المهذَّب 1/ 108. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 333 الخزِّ القاضي أبو الطيَّب في "تعليقه" (1)، وصاحب "الشامل" (2)، وصاحب "التتمة" (3)، وغيرهم (4) ممن يقول مثل صاحب "المهذَّب" (5). تنبيه: ما ذكره (6) في وصف الخزِّ، وتمييزه عن غيره من أن سداه إبريسم ولُحمته صوف، واللُحمة أكثر، وأنَّ من نظر إلى الظهور أحلَّ الخزِّ، وحرَّم العتابي (7). قد يتوهم منه أنَّ سدى كل ثوب مطلقاً أظهر (8) من لُحمته، وأن اللُحمة مطلقاً أكثر (من السدى) (9)، وليس ذلك كذلك، بل يختلف باختلاف (10) الصنعة، واختلاف أنواع الثياب؛ فمنها: ما يدفن الصانع اللُحمة منه في السدى، ويجعل السدى هو الظاهر. ومنها ما يظهر اللُحمة منه على السدى ويدفن السدى فيها (11). وكذلك منها ما يكون السدى منه أكثر وزناً. ومنها ما تكون اللُحمة منه أكثر   (1) انظره 2/ ل155/ أ. (2) لم أقف على النقل عنه فيما بين يديَّ من مصادر، والله أعلم. (3) لم أقف على النقل عنه فيما بين يديَّ من مصادر، والله أعلم. (4) كالفوراني في الإبانة ل51/ أ، ونسبه الرافعي للجمهور انظر: فتح العزيز 5/ 29. (5) ما بين القوسين زيادة من (أ). (6) في (د) و (ب): ما ذكر، والمثبت من (أ). (7) انظر: الوسيط 2/ 786. (8) كذا في جميع النسخ، ونقل النووي كلام ابن الصلاح هذا وفيه (أقل) بدلاً عن (أظهر)، ولعلها هى الصواب؛ لموافقتها قوله بعدها "وأن اللُحمة أكثر من السدى"، والله أعلم. وانظر المجموع 4/ 437 - 438. (9) زيادة من (أ) و (ب). (10) في (ب): ذلك باختلاف. (11) سقط من (ب). الجزء: 2 ¦ الصفحة: 334 وزناً. وإنّما وقع الخزُّ في ذلك على الوجه المذكور بحسب الصنعة وكيفيتها فاعلم ذلك، والله أعلم. ثم إنَّ الصحيح عند إمام الحرمين مراعاة الظهور (1)، واختيار صاحب الكتاب في درسه أن الأرجح مراعاة الوزن، وهذا أصحُّ، وإليه ذهب أكثر الأصحاب (2). وإذا كان الإبريسم وغيره نصفين سواء ففيه (3) وجهان، وبالتحريم قال البصريون (4) من العراقيين (5)، والجواز فيه هو الأصحُّ عند صاحبي "المهذَّب" (6)، و"التهذيب" (7)، وغيرهما (8)، وإليه ذهب البغداديون من العراقيين (9)، والله أعلم. قوله: "كان لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - ثوب كذلك" (10) إيجازٌ منه لما ذكره (11) شيخه عن شيخه أنّه - صلى الله عليه وسلم - كان له فرُّوج حرير، قال: "وكان يفسره بالثوب المطرَّف بالحرير   (1) انظر: نهاية المطلب 2/ ل107/ ب - ل108/ أ. (2) انظر: الحاوي 2/ 478، الإبانة ل51/ أ، التهذيب ص: 730. (3) في (ب): فيه. (4) قوله: (وإذا كان الإبريسم ... البصريون) سقط من (أ). (5) انظر: الحاوي 2/ 479، وصححه النووي في المجموع 4/ 438. (6) انظر المهذَّب 1/ 108. (7) انظر: التهذيب ص: 731. (8) كالقاضي أبي الطيِّب في تعليقته 2/ ل155/ أ، ونسبه النووي إلى جمهور الأصحاب انظر: المجموع 4/ 438، وراجع: كفاية الأخيار 1/ 313. (9) انظر: الحاوي 2/ 479. (10) الوسيط 2/ 787. وقبله: المسألة الثانية: الثوب المطرَّز والمطرَّف بالديباج مباح؛ كان لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - ... إلخ. (11) في (ب): قال. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 335 كالفِراء وغيرها" (1). قلت: هو الفَرُّوج بفتح الفاء، وتشديد الراء، وتفسيره فيما رواه أبو داود في "سننه" (2) عن أسماء بنت أبي بكر الصديق رضي الله عنهما (أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان له جُبَّة مكفوفة الجيب والكمين والفرجين بالديباج). وأخرج نحوه مسلم (3) في "صحيحه" (4)، وفي كتاب البخاري (5) أن الفروُّج: هو القباء (6) الذي فيه شقٌّ من خلفه، والله أعلم. الأصحُّ أنّه يحرم على النساء افتراش الحرير (7)، كما في الأواني، وبه قطع في "التهذيب" (8). والأظهر تحريم إلباس الصبيان الحرير (9) لعموم الحديث (الحرير   (1) انظر: نهاية المطلب 2/ ل108/ أ. (2) انظره كتاب اللباس، باب الرخصة في العَلَم وخيط الحرير 4/ 328 رقم (4054). (3) في (ب): مسلم نحوه، بالتقديم والتأخير (4) انظره - مع النووي - كتاب اللباس والزينة، باب تحريم الذهب والحرير على الرجال وإباحته للنساء 14/ 42 - 43. (5) انظر صحيح - مع الفتح - كتاب اللباس، باب القباء وفرُّوج حرير وهو القباء، ويقال هو الذي له شقٌّ من خلفه 10/ 28، وكذا ذكره أبو عبيد في غريب الحديث 1/ 466. (6) القباء: نوع من الثياب، والجمع أقبية. انظر: القاموس المحيط 4/ 427. (7) قال الغزالي: "المسألة الثالثة: افتراش الحرير محرَّم على الرجال، وفي تحريمه على النساء خلاف تلقِّياً من المفاخرة". الوسيط 2/ 787. (8) ص: 731. (9) قال الغزالي: "وفي تحريم إلباس الصبيان الديباج خلاف من حيث إن شهامة الصبي لا تأبي ذلك". الوسيط 2/ 787. وقال النووي: "وقطع الشيخ نصر في تهذيبه بالتحريم". المجموع 4/ 436. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 336 والذهب حرام على ذكور أمتي وحلٌّ لإناثهم) رويناه من حديث عقبة (بن عامر) (1)، وغيره (2)، وهو ثابت حسن، والله أعلم. قوله: "أرخص لحمزة (في الحرير) (3) ولم يخصَّص" (4) المعروف ما في "الصحيحين" (5)، وغيرهما (6) من حديث أنس (أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أرخص   (1) زيادة من (أ) و (ب). وحديثه رواه البيهقي في السنن الكبرى كتاب صلاة الخوف، 3/ 390 رقم (6113)، وحسَّنه النووي في المجموع 4/ 440، وابن حجر في التلخيص الحبير 1/ 307. (2) رواه أصحاب السنن عدا الترمذي عن علي بن أبي طالب انظر: سنن أبي داود كتاب اللباس، باب في الحرير للنساء 4/ 330 رقم (4057)، وسنن النسائي كتاب الزينة، باب تحريم الذهب على الرجال 8/ 539 رقم (5159)، وسنن ابن ماجه كتاب اللباس، باب لبس الحرير والذهب للنساء 2/ 1189 رقم (3595)، قال النووي في الموضع السابق: "حديث حسن". ورواه الترمذي عن أبي موسى الأشعري انظر: جامعه كتاب اللباس، باب ما جاء في الحرير والذهب 4/ 189 رقم (1720) قال الترمذي: "وفي الباب عن عمر، وعلي، وعقبة بن عامر، وأنس، وحذيفة، وأم هانئ، وعبد الله بن عمرو، وعمران ابن الحصين، وعبد الله بن الزبير، وجابر، وأبي ريحان، وابن عمر، وواثلة بن الأسقع، وحديث أبي موسى حديث حسن صحيح". (3) زيادة من (ب). (4) الوسيط 2/ 788. وقبله: وحيث حرَّمنا الحرير، أبحناه لحاجة القتال، ولحاجة الحكَّة مع السفر، ولو انفردت عن السفر وأمكن التعهد ففيه خلاف. ووجه الجواز أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أرخص ... إلخ (5) انظر: صحيح البخاري - مع الفتح - كتاب اللباس، باب ما يرخص للرجال من الحرير للحكة 10/ 308 رقم (5839)، وصحيح مسلم - مع النووي - كتاب اللباس والزينة، باب إباحة لبس الحرير للرجل إذا كان به حكة 14/ 52 - 53. (6) وممن رواه كذلك: أبو داود في سننه كتاب اللباس، باب في لبس الحرير لعذر 4/ 329 رقم (4056)، والترمذي في جامعه كتاب اللباس، باب ما جاء في الرخصة في لبس الحرير في الحرب 4/ 190 رقم (1722)، والنسائي في سننه كتاب الزينة، باب الرخصة في لبس الحرير 8/ 588 رقم (5325)، وابن ماجه في سننه كتاب اللباس، باب من رُخِّص له في لبس الحرير 2/ 1188 رقم (3592). الجزء: 2 ¦ الصفحة: 337 لعبد الرحمن ابن عوف والزبير في لبس الحرير لحكة كانت بهما. وفي رواية أخرى في "الصحيحين" (1) في السفر. وأمّا ذكر (2) حمزة في ذلك فوهم، والله أعلم. واستدلاله بأنّه (3) مطلق من غير تخصيص. يقال عليه: قد عرف في الأصول أن التمسك بعموم الأفعال ووقائع الأعيان لا يصح (4)، مثل جمع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في السفر (5)، وقضى بالشفعة فيما لم يقسم (6)، وذلك لأنها لا تقع إلا على وجه واحد معيَّن (7)، وإن كان لفظ الناقل مطلقاً. وجواب هذا - والله أعلم - أن التمسك ههنا واقع بإطلاق إذنه - صلى الله عليه وسلم - في اللبس لحكة من غير فصل بين حالة السفر وحالة الحضر، فيكون تمسُّكاً بعموم قول لا فعل، نعم يبطل هذا من   (1) انظر: صحيح البخاري - مع الفتح - كتاب الجهاد والسير، باب الحرير في الحرب 6/ 118 رقم (2920) ولفظه فيه: "فرأيته عليهما في غزاة". وجاء التصريح بالرخصة في السفر في رواية مسلم في صحيحه الموضع السابق. (2) في (ب): ذكره. (3) في (أ): بأن. (4) انظر: المستصفى ص: 238 - 239، الإحكام للآمدي 2/ 252 - 255، 263، البحر المحيط 3/ 166 - 170، 189، شرح الكوكب المنير 3/ 213 - 215. (5) تقدَّم الدليل عليه في كتاب صلاة المسافرين ص: 576. (6) سقط من (ب). والحديث رواه البخاري في صحيحه - مع الفتح - كتاب الشفعة، الشفعة فيما لم يقسم 4/ 509 رقم (2257)، ومسلم في صحيحه - مع النووي - كتاب المساقاة والمزارعة، باب الشفعة 11/ 45 - 46. (7) فجمعه بين الصلاتين في السفر يحتمل وقوعهما في وقت الصلاة الأولى، ويحتمل وقوعهما في وقت الصلاة الثانية، فلا يعم وقتيهما، وقوله: قضى بالشفعة، يحتمل أن القضاء وقع لصفة يختص بها المقضي له، والله أعلم. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 338 وجه آخر وهو: أن الإطلاق منتف لثبوت التقييد بالسفر في الرواية الأخرى (1) الصحيحة على ما بيَّناه، فالصحيح إذاً اشتراط السفر، والله أعلم. قوله في تأخير التبكير في عيد الفطر: "ليتسع تفرقة الصدقات" (2) يعني صدقة الفطر خاصة. إذا كان المسجد واسعاً بغير مكة (3)، فالأصحُّ أن المسجد أولى من الصحراء (4)، والله أعلم. قوله: "نودي: الصلاة جامعة" (5) بالنصب فيهما على الإغراء في الأول، وعلى الحال في الثاني، والله أعلم. قوله: "يقول بين كل تكبيرتين: سبحان الله، والحمد لله، ولا إله إلا الله، والله أكبر" (6) هذا قول الأكثر (7)، ومن أصحابنا (8) من قال: "يقول: لا إله إلا   (1) في (د): الأولى، والمثبت من (أ) و (ب). (2) الوسيط 2/ 788. (3) قال الغزالي: "والصلاة في الصحراء أفضل إلا بمكة، فإن اتسع المسجد ببلدٍ آخر فوجهان ... " الوسيط 2/ 788. (4) قطع به البغوي في التهذيب ص: 735، والعراقيون كما نقله الرافعي والنووي انظر: فتح العزيز 5/ 40، روضة الطالبين 1/ 582. (5) قال الغزالي: "ينبغي أن يخرج القوم قبل الإمام ينتظرونه، ولا بأس لو صلوا متنفلين، فإذا خرج الإمام تحرَّم بالصلاة، ولم ينتظر أحداً، فإذا انتهى إلى المصلى نودي: ... إلخ". الوسيط 2/ 789. (6) الوسيط الموضع السابق. وقبله: ... ثم يكبَّر سبعاً سوى تكبيرة الإحرام والهوي، ويقول بين كل تكبيرتين .... إلخ. (7) انظر: نهاية المطلب 2/ ل111/ أ، التهذيب ص: 736. وراجع: المجموع 5/ 17، مغني المحتاج 1/ 311. (8) انظر: حلية العلماء 2/ 360، وقد حكاه الصيدلاني عن بعض الأصحاب. انظر: المجموع 5/ 17. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 339 الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد، بيده الخير، وهو على كل شيء قدير"، وقال أبوا (1) نصر - ابن الصبَّاغ (2)، والبندنيجي الأخير (3) -: "إنَّ (4) قال ما اعتاده الناس فحسن وهو: "الله أكبر كبيرا، والحمد لله كثيرا، وسبحان الله بكرة وأصيلا، وصلى الله على محمَّد النبي (الأمِّي) (5) و (على) (6) آله وسلَّم تسليماً كثيراً"، قلت: الأمر في ذلك واسع، وفي ذكر الصلاة على (7) النبي - صلى الله عليه وسلم - نظر، ووجدته في "المستظهري" (8) من غير ذكر الصلاة وهو الجيِّد (9). وهذا الذكر   (1) في (د) و (أ): أبو، والمثبت من (ب). (2) انظر النقل عنه في: حلية العلماء 2/ 305 - 306، والمجموع الموضع السابق. (3) هو أبو نصر محمَّد بن هبة الله بن ثابت البندنيجي الشافعي، الضرير، تلميذ أبي إسحاق الشيرازي، درَّس في أيَّام شيخه، ثم جاور، له كتاب المعتمد في الفقه يقع في جزئين ضخمين، وهو يشتمل على أحكام مجرَّدة غالباً عن الخلاف، أخذها من الشامل لابن الصبَّاغ، وله فيه اختيارات غريبة، توفي سنة 495 هـ. انظر ترجمته في: السير 19/ 196، طبقات السبكي 4/ 207، طبقات ابن قاضي شهبة 1/ 272. وقوله "الأخير": يريد أن يميزه بها عن البندنيجي المتقدم: الحسن بن عبد الله، المتوفى سنة 425 هـ، من أصحاب الشيخ أبي حامد الأسفراييني. انظر: طبقات السبكي 4/ 305، طبقات الأسنوي 1/ 193. (4) في (أ): وإن. (5) زيادة من (أ). (6) زيادة من (أ). (7) الصلاة على: سقط من (ب). (8) وهو حلية العلماء، وانظره 2/ 306. (9) ورد ذكر الصلاة على النبي - صلى الله عليه وسلم - عن ابن مسعود رواه عنه البيهقي في السنن الكبرى كتاب صلاة العيدين، 3/ 410 - 411 رقم (6186)، قال النووي: "إسناده حسن". المجموع 5/ 16. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 340 لا يكون عقيب السابعة والخامسة، ولا قبل الأولى من الركعة الأولى (1)، وأمّا قبل الأولى من الركعة الثانية فقد قال الإمام أبو المعالي في "نهاية المطلب" (2): "وتخلل التسبيح بين التكبيرة التي ارتفع بها وبين التكبيرات التي يفتتحها، ثم كذلك بين كل تكبيرتين". وهذا لم أجده لغيره، ولا ذكره صاحبه الغزالي، وفي النفس منه حزازة والله المسؤول. قوله: "يكبِّر قبل الخطبة الأولى" (3) هذا حكم منه بأن التكبيرات ليست من نفس الخطبة بل قبلها، وقد صرَّح به غير (4) واحد، ونقله الشيخ أبو حامد الأسفراييني (5) عن ظاهر كلام الشافعي، وقد راجعت أنا نصوص الشافعي في "جمع (6) الجوامع" (7) فوجدته - رضي الله عنه - قد (8) روى قول عبيد الله بن عبد الله (9) بن عتبة (10): "السنة   (1) انظر: فتح العزيز 5/ 49، مغني المحتاج 1/ 311. (2) 2/ ل 111/ أ. (3) الوسيط 2/ 789 - 790 حيث قال: "المسألة السابعة: الخطبة بعد الصلاة: وهي كخطبة الجمعة إلا في شيئين: أحدهما: أنّه يكبِّر قبل الخطبة الأولى تسع تكبيرات، وقبل الثانية سبع تكبيرات على مثال الركعتين". (4) سقط من (ب). (5) انظر النقل عنه في: المجموع 5/ 23. (6) في (د): جميع، والمثبت من (أ) و (ب). (7) لم أجد من نقله عنه، لكن نقل المؤلف الآتي بعده كله في الأم 1/ 397 - 398. (8) في (د): وقد، الواو هنا مقحمة، والمثبت من (أ) و (ب). (9) بن عبد الله: سقط من (أ). (10) هو أبو عبد الله عبيد الله بن عبد الله بن عتبة بن مسعود الهزلي المدني التابعي، أحد فقهاء المدينة السبعة، اتفقوا على جلالته، وإمامته، وعظم منزلته، قال عنه الحافظ ابن حجر: "ثقة فقيه ثبت". روى حديثه الجماعة، توفي سنة 94 هـ، وقيل 98 هـ، وقيل غير ذلك. انظر ترجمته في: الجرح والتعديل 5/ 319، تهذيب الأسماء 1/ 312، تقريب التهذيب ص: 372. قال النووي عن أثره: "إسناده ضعيف". المجموع 5/ 22. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 341 أن يبتدئ الإمام قبل الخطبة بتسع تكبيرات تترى، لا يفصل بينهما بكلام (1)، ثم يخطب، ثم يجلس جلسة، ثم يقوم في الخطبة الثانية، فيفتتحها بسبع تكبيرات تترى، لا يفصل بينهما بكلام، ثم يخطب". قال الشافعي: "ونقول بقول عبيد الله". وقال بعد كلام: "وإن أدخل بين التكبير (الحمد (2) والتهليل) كان حسناً، ولا ينقص من عدد التكبير شيئاً، ويفصل بين خطبته وتكبيره". ثم نقل (3) ذلك عن أبي هريرة، وعن عمر بن عبد العزيز - رضي الله عنهما - وفي الذي عن أبي هريرة أنه يكبِّر أكثر من خمسين تكبيرة (4) في فصول الخطبة بين ظهري الكلام. فهذا فيه فوائد منها: أمر الموالاة والفصل، وقد ذكره غير واحد من العراقيين، والخراسانيين، وفيهم المصنِّف في "البسيط" (5)، وصاحب "الحاوي" (6) ونقل النصَّ اختصاراً. ومنها: أن صاحب "المستظهري". قال: " (في) (7) أنها قبل الخطبة نظر" (8). وربما توهم أنّه يعضده قول من قال - كقول صاحب "المهذَّب" -: "إنّه يستفتح الخطبة بالتكبيرات" (9). بناءً على أن (10) استفتاحها بها يدل على أنّها   (1) في (د): كلام، والمثبت من (أ) و (ب)، لموافقة لنصِّ كلام الشافعي. (2) في (د): التحميد، وفي (ب): والحمد، والمثبت من (أ) لموافقته لفظ الشافعي في الأم. (3) في (د): نقل بعد ذلك، وكأن (بعد) هنا مقحمة، والمثبت من (أ) و (ب). (4) سقط من (ب). (5) انظره 1/ ل158/ أ. (6) انظر: الحاوي 2/ 493. (7) زيادة من (أ) و (ب). (8) انظر المستظهري (حلية العلماء) 2/ 306. (9) انظر: المهذَّب 1/ 120. (10) سقط من (أ). الجزء: 2 ¦ الصفحة: 342 منها، وفيما نقلناه من (1) النصِّ ما يدفع ذلك وهو قوله: يفتتحها بها ثم يخطب. وهذا لأن افتتاح الشيء قد يكون بما هو من مقدماته لا من نفسه، ألا تراه - صلى الله عليه وسلم - جعل الطهارة مفتاح الصلاة (2) وليست منها. قوله: "على مثال الركعتين" (3) أي أن في الركعة (4) الأولى تسعاً بتكبيرة الإحرام وتكبيرة الركوع، وفي الثانية سبعاً بتكبيرة الارتفاع وتكبيرة الركوع، هذا معناه صرَّح به شيخه (5)، وليس (6) كما فسره من شرح "الوجيز" (7) من أن معناه (8) أن التفاوت بين التسعة والسبعة كقدر التفاوت بين السبعة والخمسة، والله أعلم. قوله: "كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يخرج من طريق، ويعود من طريق" (9) رواه البخاري في "صحيحه" (10) من حديث جابر - رضي الله عنه -.   (1) في (ب): وفيما نقلنا عن. (2) إشارة إلى حديث علي بن أبي طالب: "مفتاح الصلاة الطهور، وتحريمها التكبير وتحليلها التسليم". رواه أبو داود في سننه كتاب الطهارة، باب فرض الوضوء 1/ 49 رقم (61)، والترمذي في جامعه أبواب الطهارة، باب ما جاء أن مفتاح الصلاة الطهور 1/ 8 رقم (3) وقال: "هذا الحديث أصحُّ شيء في هذا الباب وأحسن"، وابن ماجه في سننه كتاب الطهارة، باب مفتاح الصلاة الطهور 1/ 101 رقم (275) وقد حكم على الحديث بالصحة الحاكم في المستدرك 1/ 132. (3) تقدم أنّه في: الوسيط 2/ 790. (4) سقط من (ب). (5) انظر: نهاية المطلب 2/ ل111/ أ. (6) في (ب): وليس معناه. (7) مراده به الرافعي انظر: فتح العزيز 5/ 56. (8) من أن معناه: سقط من (ب). (9) الوسيط 2/ 790. وقبله: المسألة الثامنة: إذا فرغ من الخطبة انصرف إلى بيته من طريق آخر؛ كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - .... إلخ (10) انظره - مع الفتح - كتاب العيدين، باب من خالف الطريق إذا رجع يوم العيد 2/ 547 رقم (986). الجزء: 2 ¦ الصفحة: 343 قوله (1): "إنّه كان يحذر مكائد المنافقين" (2) أي لئلا يُعرف طريقه لو لم يخالف فيه فيرصدوه، ويتمكنوا من المكروه به؛ لانتشار الخلق في هذا اليوم. وفيه وجه آخر: أنّه كان يقصد بذلك غيظ المنافقين. وفيه نحو (3) عشرة أوجه (4)، قيل: إنَّ أشبهها أنّه كان يفعله لئلا يكثر الزحام فتجتمع الناس على طريقه على تقدير أن تعرف طريقه في الرجوع وأنّها الأولى؛ لأنّه روي في حديث ابن عمر: "لئلا يكثر الزحام" (5). قوله: "أطول الطريقين؛ لأنّه قربة" (6) أي و (7) الانصراف ليس بقربة كما صرَّح به شيخه (8)، وغيره (9)، وليس بصحيح؛ لأنّه يثاب على رجوعه كما في الرجوع من المسجد، والمعنى فيه ظاهر، وفيما رواه أبيُّ بن كعب   (1) في (أ) و (ب): وقوله. (2) الوسيط 2/ 790. (3) في (ب): نحو من. (4) انظرها في: المجموع 5/ 12، زاد المعاد 1/ 449، فتح الباري 2/ 548. (5) رواه البيهقي في معرفة السنن والآثار 3/ 56 وضعَّفه حيث قال: "وروى من وجه غير معتمد عن عبد الرحمن بن عبد الله العمري عن أبيه عن نافع عن ابن عمر، وزاد فيه: (ليتسع الناس في الطرق). وعبد الرحمن هذا أيضاً ضعيف". أهـ وراجع: فتح الباري 2/ 548. (6) الوسيط 2/ 790. وقبله: وقيل - أي من الأوجه في مخالفة الطريق - إنّه كان يسلك أطول الطريقين في الذهاب ... إلخ (7) سقط من (أ). (8) انظر: نهاية المطلب 2/ ل113/ أ. (9) كالبغوي في التهذيب ص: 740، وأشار إليه الشاشي في حلية العلماء 2/ 311. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 344 من حديث الرجل الذي آثر بُعْد منزله من المسجد كيما يكتب (1) أثره وخطاه، ورجوعه إلى أهله، وإقباله وإدباره أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال له: (أنطاك الله ذلك كله) أخرجه مسلم في "صحيحه" (2). إذا لم يعلم السبب فقد سلَّم أبو إسحاق القائل "بأنه لا (3) يستحب لمن لم يشاركه" (4) أنه يستحب. وقول ابن أبي هريرة: "إنه يستحب لمن لم (5) يشاركه" (6)، هو الأصحُّ (7)، كما في الرمل والاضطباع في الطواف، ولا يبطل بأن يقال: هذا إثبات للحكم (8) مع انتفاء المعنى الذي هو سببه؛ لأنا نجعل سببه المعنى الناشئ من الإقتداء به - صلى الله عليه وسلم - كالتيمُّن به مثلاً، فهو إثبات للحكم مع انتفاء سببه الأول، لا مع انتفاء سبب (ما) (9) مطلقاً، والله أعلم.   (1) في (د): كما تكتب، والمثبت من (أ) و (ب). (2) أنظره - مع النووي - كتاب المساجد، باب فضل الصلاة المكتوبة في جماعة 5/ 167، ولفظه في آخره: "قد جمع الله لك ذلك كله أما لفظ "أنطاك" فقد جاء في رواية أبي داود في سننه كتاب الصلاة، باب ما جاء في فضل المشي إلى الصلاة 1/ 377 رقم (557). (3) سقط من (ب). (4) قال الغزالي: "ثم من شارك النبي - صلى الله عليه وسلم - في هذه المعاني - أي معاني مخالفة الطريق - تأسى به، ومن لم يشاركه في السبب ففي التأسي به في الحكم وجهان". أهـ الوسيط 2/ 790 - 791، وانظر قول أبي إسحاق في: فتح العزيز 5/ 56، المجموع 5/ 13. (5) سقط من (ب). (6) انظر قوله في الموضعين السابقين من فتح العزيز والمجموع. (7) وقد نقله النووي اتفاق الأصحاب على تصحيحه. انظر المجموع 5/ 12. (8) في (أ): الحكم. (9) زيادة من (أ) و (ب). الجزء: 2 ¦ الصفحة: 345 في تكبير الأضحى (1): يكبِّر عقيب (2) الصلاة التي عندها الانتهاء على كل (3) قول، والقول بأنّه من الظهر يوم النحر إلى الصبح من آخر أيَّام التشريق هو الأصحُّ، وهو ظاهر المذهب (4)، ويعتضد بتكبير الحجيج فإن المحاملي قال (5): "إن الأمر في تكبيرهم على هذا قولاً واحداً" (6). ونقله إمام الحرمين عن العراقيين، وقطع به فيما يرجع إلى (7) الابتداء، وتردد فيه في الانتهاء (8). وظاهر أمره أنه لم يعلم أن منصوص الشافعي ابتداءً وانتهاءً على ما قالوه، وهو في "جمع الجوامع من المنصوصات" (9)، وإنما كان الحاجُّ على ذلك لأنهم يُلبُّون (10)   (1) قال الغزالي: "المسألة التاسعة: يستحب في عيد النحر رفع الصوت بالتكبير عقب خمس عشرة مكتوبة أولها: الظهر من يوم النحر، وآخرها الصبح من آخر أيام التشريق، وهو مذهب ابن عباس. وفيه قولان آخران: أحدهما: أنه يستحب عقب ثلاث وعشرين صلاة أولها: الصبح يوم عرفة، وآخرها العصر من آخر أيام التشريق. والآخر: أنه يدخل وقته عقب صلاة المغرب ليلة النحر، ولم يتعرض في هذا النصَّ للآخر". أهـ الوسيط 2/ 791. (2) في (أ): عقب. (3) سقط من (ب). (4) انظر: الأم 1/ 400، مختصر المزني ص: 37، الإبانة ل52/ أ، حلية العلماء 2/ 313 - 314، مغني المحتاج 1/ 314. (5) سقط من (ب). (6) انظر النقل عنه في: المجموع 5/ 33. (7) سقط من (ب). (8) انظر: نهاية المطلب 2/ ل113/ ب. (9) انظر النقل عنه في: المجموع 5/ 33. ونصُّ الشافعي موجود كذلك في: الأم 1/ 400، ومختصر المزني ص: 37. (10) سقط من (ب). الجزء: 2 ¦ الصفحة: 346 فيما قبل ذلك. والقول الثالث وهو أنها (1) من الصبح يوم عرفة إلى العصر من آخر أيَّام التشريق اختاره (2) ابن سريج (3)، ومذهب أحمد (4)، قال أبو بكر الصيدلاني والقاضي الرويانى (5): "والعمل عليه (6) في الأمصار". قوله: "ولم يتعرَّض في هذا النصَّ للآخر" (7) هكذا هو في كتاب شيخه (8)، ووقع في "المهذَّب" (9)، وغيره (10) التعرُّض للآخر على هذا القول وأنه الصبح (11) من آخر أيَّام التشريق، من غير تصريح بأن ذلك عن (12) نقل أو تخريج، ثم وجدته في "الحاوي" (13): "قال الشافعي - رضي الله عنه -: يبتدئ من بعد المغرب إلى بعد صلاة الصبح". وهذا نقل، والله أعلم.   (1) في (ب): أنه. (2) في (أ) و (ب): اختيار. (3) انظر الوسيط 2/ 791. (4) انظر: المغني 3/ 288، كشَّاف القناع 2/ 64، الإنصاف 2/ 436، الروض المربع 1/ 310. (5) انظر النقل عنهما في: روضة الطالبين 1/ 588. (6) في (أ): على هذا. (7) تقدم أنه في: الوسيط 2/ 791. وهو القول الثالث في المسألة. (8) انظر: نهاية المطلب 2/ ل113/ ب. (9) 1/ 121. (10) كحلية العلماء 2/ 313. (11) في (د): فإنه الصحيح، وهو تصحيف، والمثبت من (أ) و (ب). (12) سقط من (ب). (13) 2/ 498. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 347 قوله: "كما اختلفوا في أن (1) التكبيرات المرسلة ليلتي (2) العيدين هل تستحب عقيب الصلوات؟ " (3) هذا سهو منشأه (4) - والله أعلم -: إما سبق القلم، أو تغيير من الناقل، والصواب: ليلة العيد بلا تثنية؛ لأن (5) التشبيه وقع بالخلاف في التكبيرات المقيَّدة ليلة عيد الفطر (6). أما ليلة عيد النحر فلا يتصور فيها خلاف في التكبير المقيَّد عند من جعلها من هذه الأيَّام. ثم إن لفظه في أن المرسلة هل تستحب عقيب الصلوات (7)؟ يستنكر من حيث إن ذلك تقييد، والتقييد لا يوجد في المرسل، ويعتذر عنه بأن المراد: هل يستحب مثلها عقيب الصلوات (8)؟. ثم إرسال التكبير (9) في أيَّام استحباب التكبيرات المقيَّدة في عيد النحر بعيد (10)، والله أعلم. قوله في التكبير خلف الصلوات المقضيَّة في هذه الأيَّام: "هل هو مقضي أو مؤدى؟ فيه قولان (11) " (12) الظاهر فيه أنهما قولان مخرَّجان؛ فإنهما من تصرُّف   (1) سقط من (ب). (2) في (أ): ليلة. (3) الوسيط 2/ 792. وقبله: ثم اختلفوا في أربع مسائل: الأولى: أنَّ إرسال هذه التكبيرات في هذه الأيَّام هل يستحب من غير صلاة؟. كما اختلفوا ... إلخ. (4) في (أ): ومنشأه. (5) في (ب): لا. (6) انظر الخلاف في التكبير المقيَّد في عيد الفطر في: المهذَّب 1/ 121، حلية العلماء 2/ 313، فتح العزيز 5/ 17 إذ فيها وجهان: أظهرهما أنه لا يستحب. (7) في (أ): الصلاة. (8) في (أ): الصلاة. (9) في (ب): التكبيرات. (10) في (أ): تعبُّد. (11) في (ب): القولان. (12) الوسيط 2/ 792. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 348 الأصحاب في نقل شيخه (1)، وغيره (2)، وهما مخرَّجان من القولين في النوافل (3)؛ لأن مأخذهما: أن (4) النظر إلى الوقت حتى يكبِّر فيها، أو إلى أنه شعار ظاهر في هذه الأيَّام فيختصُّ (5) بالظاهر منها من الصلوات حتى لا يكبِّر في النوافل. وهذا يقتضي (6) إجراء الخلاف فيما نحن بصدده، إن (7) قلنا: يكبَّر هناك فهو ههنا إذاً، وإن قلنا: لا (8) فتكبيره ههنا (9) ليس نظراً إلى الوقت بل يكون قضاءً للتكبير الفائت في وقته تبعاً للصلاة المقضيَّة ويظهر من هذا ما ذكره آخراً، وهو أنه لا يكبِّر على هذا القول فيما يقضي (10) من صلوات غير هذه الأيَّام (11)؛ لأنه لم يكن فيها تكبير حتى يقضى عند فواته بقضائها. والأصحُّ أنه يكبِّر عقيب   (1) انظر: نهاية المطلب 2/ ل114/ أ. (2) كالفوراني في الإبانة ل52/ ب. (3) قال الغزالي: "الثانية - أي من المسائل المختلف فيها - أنها تستحب عقيب الفرائض، وعقيب النوافل قولان". الوسيط 2/ 792، والقول بالاستحباب صححه الرافعي والنووي وغيرهما انظر: فتح العزيز 5/ 60، المجموع 5/ 36، وراجع: مغني المحتاج 1/ 314، كفاية الأخيار 1/ 301. (4) سقط من (ب). (5) في (ب): فيُخصُّ. (6) في (د): لا يقتضي، و (لا) هنا مقحمة، والمثبت من (أ) و (ب). (7) في (ب): وإن. (8) في (ب): لا يكبَّر. (9) سقط من (ب). (10) سقط من (ب). (11) انظر: الوسيط 2/ 792. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 349 كل صلاة مفعولة في أيَّام التكبير، فيدخل في ذلك النوافل والفوائت كلها، ويكون التكبير خلف فوائت هذه الأيَّام أداءً لا قضاءً (1)، والله أعلم. إذا كبَّر الإمام على خلاف اعتقاد المقتدي، بأن كبَّر يوم عرفة مثلاً، والمقتدي يرى أن مبتدأه بعده، هل يوافق بسبب القدوة؟ وهكذا لو كان بالعكس فهل يوافق في الترك؟ فيه الخلاف الذي ذكره (2). والأصحُّ أنه يتبع اعتقاد نفسه (3). وأما التكبيرات التي في نفس الصلاة فهي كالقنوت قطعاً، يتبع الإمام في الجميع على خلاف اعتقاده فعلاً وتركاً، هذه طريقته (4)، والله أعلم. قال: "ثم (5) يقول بعده: كبيراً" (6) لفظ الشافعي (7)، وغير (8) واحد من أصحابه (9): "وإن زاد فقال: الله أكبر كبيراً ... إلى آخره فحسن". وهذا هو الذي   (1) انظر: روضة الطالبين 1/ 588، مغني المحتاج 1/ 314، كفاية الأخيار 1/ 301. (2) قال الغزالي: "الرابعة - أي مما اختلفوا فيه من المسائل - إذا كبَّر الإمام خلف صلاة على خلاف اعتقاد المقتدي فقد تردد ابن سريج في أنه هل يوافق بسبب القدوة؟ كما يوافق في القنوت من حيث إن توابع الصلاة من الصلاة". الوسيط 2/ 792. (3) انظر: المجموع 5/ 38، مغني المحتاج 1/ 315. (4) أي طريقة الإمام الغزالي والتي تفهم من سياق كلامه، وانظر الإبانة ل52/ ب. (5) سقط من (أ). (6) الوسيط 2/ 793. وقبله: وكيفية هذه التكبيرات أن يقول: الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر ثلاثًا نسقاً .. ثم يقول: .... إلخ. (7) انظر: الأم 1/ 401. (8) في (د): وغيره، وهو خطأ، والمثبت من (أ) و (ب). (9) كالماوردي في الحاوي 2/ 500، والشيرازي في المهذَّب 1/ 121. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 350 ينبغي في هذا؛ لأن هذه الزيادة دون الثلاث الأول (1) في المرتبة استحباباً ومستنداً، فالثلاث منقولة (2) في ذلك دون ما بعدها، ولكن لمّا وردت في الحجِّ (3) كانت زيادتها ههنا لمن يريد الزيادة أحسن من غيرها. وقوله "يقول بعده: كبيراً" يمكن التوفيق بينه وبين النصَّ بأن يقال: قول الشافعي في الزيادة فقال: الله أكبر، حكاية منه للتكبيرة (4) الثالثة أعادها لئلا يفرد "كبيراً" بالذكر مع أنه لا يستقل لكونه من تتمة الثالثة، وهذا حسن عايص (5)، وقد قال شيخه الإمام: "ذكر الصيدلاني عن الشافعي أنه كان يرى أن يقول بعد التكبيرات الثلاث (6): كبيراً ... إلى آخره" (7)، فنسبه إلى الشافعي، وأراه أخذه من المأخذ الذي ذكرته، والله أعلم. إذا فاتت صلاة العيدين في قضائها أربعة أقوال (8) هذا على (9) القول الصحيح في أنها لا تعتبر فيها شرائط الجمعة (10)، أما إذا قلنا (11) باعتبارها فلا تقضى على   (1) في (أ): الأولى. (2) روى البيهقي عن جابر وابن عباس التكبير ثلاثاً عقب صلوات أيَّام التشريق انظر: معرفة السنن والآثار 3/ 62، والسنن الكبرى كتاب صلاة العيدين 3/ 440 رقم (6280، 6281)، ورواه كذلك في الموضع السابق عن الحسن البصري وعطاء. (3) كما في رواية جابر في صفة حجة النبي - صلى الله عليه وسلم - التي رواها مسلم في صحيحه - مع النووى - كتاب الحجَّ، باب حجة النبي - صلى الله عليه وسلم - 8/ 177. وراجع: المجموع 5/ 39، التلخيص الحبير 5/ 12. (4) في (ب): التكبير (5) في (أ): غامض. (6) سقط من (ب). (7) نهاية المطلب 2/ ل113/ ب. (8) انظر: الوسيط 2/ 793. (9) في (أ): هذا هو على. (10) انظر: حلية العلماء 2/ 307 - 308 (فتح العزيز 5/ 63 - 64، مغني المحتاج 1/ 315 - 316. (11) سقط من (ب). الجزء: 2 ¦ الصفحة: 351 ما صرَّح هو (به) (1) في "البسيط" (2)، وشيخه في "النهاية" (3) قولاً واحداً كالجمعة، وأصحُّ الأقوال أنها تقضى أبداً (4)، والله أعلم. قوله: "ولكن يوم الحادي والثلاثين (5) إن فات يوم الثلاثين" (6) أي أنها تقضى في اليومين إن قضاها في الثلاثين فذاك، وإلا ففي الحادي والثلاثين؛ "لأنه يحتمل هذا اليوم الأداء" (7) أي قد يكون يوم عيد بأن يكون شهر الصوم تاماً، والمعنى فيه (8) أنه لا يكون حينئذٍ (قد) (9) أقيم هذا الشعار الظاهر في غير أوانه حتى يلزم منه شنعة ظاهرة، ترك السنة أهون منها (10). قوله: "وقد سبق نظيره في النوافل" (11) أما (12) الأول والرابع فبأعيانهما (13)، وإطلاق النظير عليهما (14) هو التحقيق لحصول التغاير بتعدد المحلين، وأما الثاني   (1) زيادة من (أ) و (ب). (2) 1/ ل158/ ب. (3) 2/ ل116/ أ. (4) انظر: فتح العزيز 5/ 65، المجموع 5/ 28، مغني المحتاج 1/ 315. (5) سقط من (أ). (6) الوسيط 2/ 793. وهذا هو القول الثاني من الأقوال الأربعة، وهو أنها تقضى. (7) انظر: الوسيط الموضع السابق. (8) سقط من (ب). (9) زيادة من (أ) و (ب). (10) انظر: نهاية المطلب 2/ ل116/ ب. (11) الوسيط 2/ 793. وقبله: إذا فات صلاة العيدين بزوال الشمس ففي قضائها أربعة أقوال: أحدها لا يقضي. والثاني: يقضي، ولكن يوم الحادي والثلاثين إن فات يوم الثلاثين؛ لأنه يحتمل هذا اليوم الأداء. والثالث: يقضي طول هذا الشهر. والرابع: أنه يقضي أبداً وقد سبق نظيره ... إلخ. (12) سقط من (ب). (13) انظر: الوسيط 2/ 693 - 694. (14) في (أ): عليها. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 352 والثالث فلا وجود لهما هناك ولا لنظيرهما على التحقيق، لكن مراده ما هو نظير من حيث التشبيه الظاهري، وذلك هو الوجه الذي قيل فيه هنالك: إنه يتقيَّد قضاء نافلة كل صلاة بما قبل وقت الصلاة الأخرى. وهكذا الوجه الآخر: إنه يقضى فائت النهار بالنهار، وفائت الليل بالليل؛ فإن هذا نظيره في أنه تقييد للقضاء بوقت دون وقت، فهذا وجهه من حيث التنظير (1). وأما وجهه من حيث التقرير: فلكون (2) ذلك يشتمل على رعاية المعهود في هذا الشعار الظاهر، ويبعد مما يوقع في سمعه لا يعرف الثاني (3) كنهها، وتخصيص الشهر مع أنه شهر العيد يشتمل على بعض هذا (4) وإن لم يشتمل على كله، وهذا يقتضي أن لا يطرد هذان في المصلي منفرداً، وقد قال الإمام أبو المعالي: "إن الظاهر ذلك" (5). قوله: "أما (6) إذا شهدوا بهلال شوال بعد الغروب من يوم الثلاثين لم يصغ إليهم؛ لأنه لا فائدة إلا ترك صلاة العيد" (7) هذا تعليل شيخه في "نهاية المطلب" (8) وقال في آخره: "إذا سقطت فائدة الشهادة لم نصغ إليها، وجعلنا وجودها كعدمها". اعلم أن هذا مشكل يوقع - إلا من عصمه الله - في وهمين:   (1) سقط من (ب). (2) في (د) و (أ): فكون، والمثبت من (ب). (3) في (أ): فيها الثاني. (4) سقط من (أ). (5) انظر: نهاية المطلب 2/ ل117/ أ. (6) سقط من (ب). (7) انظر: الوسيط 2/ 793. وقبله: إذا شهدوا على الهلال قبل الزوال أفطرنا وصلينا، وإن أنشأوا الشهادة بعد الغروب يوم الثلاثين ... إلخ. (8) 2/ ل115/ ب. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 353 أحدهما: اعتقاد بطلان الشهادة، وعدم قبولها (1) رأساً، وهذا لا سبيل إليه؛ فإنه لا سبيل إلى نفي الأحكام المتعلقة بأول شوال بيمين، أو نذر، أو عتق يعلق، وطلاق، وغير ذلك بعد قيام البيِّنة العادلة على استهلال الشهر (2). الثاني: يوهم كون عدم الإصغاء لكون المقتضي (3) إلى ترك صلاة العيد لا يثبت على تجرده، وبانفراده بالبيِّنة، ولا تسمع فيه الشهادة، وأحسب (4) الإمام الغزالي لم يسلم من (5) هذا؛ من حيث إنه (6) وصل كلامه هذا في "البسيط" (7) بأن قال: "وهذا شعار ظاهر لا يجوز الإخلال به ما أمكن، فلا يصغى (8) ". وهذا أيضاً فاسد جداً؛ لأن ترك صلاة العيد: إما من الأمور المحذورة وإما من غير المحذورة (9) وكل ذلك مما يثبت أسبابه بالبيِّنة، ولا ترد فيه شهادة الشهود مهما كان المقتضي (10) إليه مما يدرك ويعلم، فهو كسائر ما يشهد به من غير فرق. وأيضاً فتقدير قبول (11) الشهادة لا يترك الصلاة على القول بشرعيَّة قضائها وهو   (1) في (ب): ونفيها راساً. (2) انظر: فتح العزيز 5/ 63، المجموع 5/ 28، مغني المحتاج 1/ 315. (3) في (أ) و (ب): المفضي. (4) في (د) و (ب): واحتسب، والمثبت من (أ). (5) سقط من (ب). (6) في (أ): من هذا لكونه وصل ... إلخ. (7) 1/ ل158/ ب. (8) في (ب): فلا يصغى إليه، وهي لا توجد في لفظ البسيط. (9) قوله: (وإما ... المحذورة) سقط من (ب). (10) في (أ) و (ب): المفضي. (11) في (د): القبول، والمثبت من (أ) و (ب). الجزء: 2 ¦ الصفحة: 354 الصحيح (1)، وإنما تصير مقضيَّة فحسب، فأيُّ مانع من قبول الشهادة في ذلك؟ وكيف يلزم الإخلال الذي ادَّعى أنه نفى قبولها خوفاً منه؟ وفساد هذا من الأمور التي ينتهي ظهورها إلى أن يعتري المحتجَّ لها وقفة حيرة؛ لتزاحم وجوه حجاجها، وتسابقها إلى الذهن. وبعد هذا فالذي وقع عليه خاتم البحث في تصحيح هذا الكلام وتوضيحه: أن يحمل مطلقه على مقيَّد يصحُّ به، وأن يردَّ أصله إلى ما اعتمد عليه صاحب المذهب الشافعي - رضي الله عنه - من قوله - صلى الله عليه وسلم - فيما رواه هو (2)، وغيره (3) من حديث عائشة رضي الله عنها: (الفطر يوم تفطرون، والأضحى يوم تضحُّون، وعرفة يوم تعرفون) ورواه أبو داود (4) بإسناد جيَّد عن أبي هريرة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: (فطركم يوم تفطرون، وأضحاكم (5) يوم تضحُّون، وكل عرفة موقف) بأن يقال: المنفي من الإصغاء إلى هذه الشهادة مخصوص بما يقتضيه من ترك صلاة العيد، فلا تقبل فيه (6) هذه الشهادة بالنسبة   (1) كما تقدَّم قريباً. (2) انظر: الأم 1/ 383، المسند ص: 384. (3) وممن رواه كذلك: الترمذي في جامعه كتاب الصوم، باب ما جاء في الفطر والأضحى متى يكون؟ 3/ 165 رقم (802)، وقال: "هذا حديث حسن غريب صحيح من هذا الوجه". وصححه النووي في: المجموع 5/ 27. (4) في سننه كتاب الصوم، باب إذا أخطأ القوم الهلال 2/ 743 رقم (2324)، وأخرجه كذلك الترمذي في جامعه كتاب الصوم، باب ما جاء الصوم يوم تصومون ... 3/ 80 رقم (697) وقال: "هذا حديث حسن غريب"، وابن ماجه في سننه كتاب الصيام، باب ما جاء في شهري العيد 1/ 531 رقم (1660)، قال النووي: "رواه أبو داود والترمذي بأسانيد حسنة". المجموع 5/ 27. (5) في (د): والأضحى، والمثبت من (أ) و (ب) لموافقته لفظ أبي داود. (6) سقط من (أ) و (ب). الجزء: 2 ¦ الصفحة: 355 إلى صلاة العيد، ولا يصغى إليها في أمرها، ولا ينتهض ذلك في نفسه مصححاً لها؛ لأنه لا فائدة تحته؛ لأن فائدته ترك صلاة العيد، وهي لا تصير متروكة بذلك (1)، أي لا يتبيَّن أنها تركت في وقتها حتى إن فعلت كانت قضاءً مختلفاً في شرعيته (2)؛ لأن وقتها الغد، وإن بان أنه اليوم الثاني؛ لأن يوم العيد ليس عبارة عن أول يوم من شوال، بل هو عبارة عن أول يوم يفطر فيه الناس؛ بدليل الحديث الذي ذكرناه، فإنه ليس يمكن حمل قوله (الفطر يوم تفطرون) على الإفطار نفسه؛ فإنه لا فائدة في ذكره، فيبقى أن معناه: عيد الفطر يوم تفطرون، ويسمى عيد الفطر فطراً، كما تسمى صلاة الظهر ظهراً مثلاً (3)، والأمر في هذا كما (4) في التعريف فإنه تابع لفعلهم، لا للثابت (5) في نفس الأمر، فلو عرَّفوا اليوم العاشر وقع موقعه، وكان يوم عرفة في حقهم. فإن قلت: فيما ذكرته جواب عن الإيهام الأول أيضاً؛ لأن الشهادة إذا لم تقبل بالنسبة إلى صلاة العيد لزم بطلانها مطلقاً؛ لأنهم ما أنشأوها إلا لذلك؟ قلت: هذا غلط؛ لأنهم شهدوا بالهلال نفسه فحسب، وليس للشهود التعرُّض لفوائد ما يشهدون به وآثاره، ولو تعرَّضوا لذلك للغي (6) تعرُّضهم، ولم يؤثَّر على ما لا يخفى، والله أعلم بالصواب، وإليه اللجأ (7) في العصمة والثواب.   (1) انظر: المجموع 5/ 28، روضة الطالبين 1/ 585. (2) راجع فتح العزيز 5/ 63، المجموع الموضع السابق. (3) سقط من (أ). (4) سقط من (ب). (5) في (ب): للإثبات. (6) في (ب): لغا. (7) في (أ): ألجأ. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 356 قوله فيما إذا ثبت أنه يوم العيد في آخر النهار وجهان: أحدهما: المبادرة أولى. والثاني: التأخر إلى غدٍ أولى. ينظر في الثاني إلى نسبة وقت القضاء للأداء (1). هو نسبة بالنون أي أن الغد له انتساب إلى الأداء من حيث إنه قد يكون وقت أداء فيما إذا وقع العيد فيه، ولا نقرر هذه النسبة بالشَّبه الحاصل بكونها مفعولة أول النهار. ومن قرأه تشبَّه بالتاء والشين المثلثة ثم الباء المشدَّدة فقد صحَّف (2)، وهو من حيث المعنى غير مستقيم من وجوه: الأول: أن القائل الأول يعارضه بمثله فيقول: فعلها بعد الزوال يشبه الأداء من حيث وقوعه في يوم (3) العيد، ففي كل واحد منهما مشابهة للأداء ليست في الآخر فيتعارضان. وأما ترجيح الأول بالمبادرة فللثاني أن يعارضه فيُرجِّح (4) بأن الاجتماع في غد أمكن وأيسر. وإن كان لا خلاف على (5) ما قاله الإمام أبو المعالي إنه (6) إذا شقَّ جمع الناس فضحوة الغد أولى (7).   (1) انظر: الوسيط 2/ 793 - 794 حيث قال: "وإن أنشأوا الشهادة بين الزوال والغروب أفطرنا وبان فوات العيد، فإن رأينا قضاءها فبقيَّة اليوم أولى، أو يوم الحادي والثلاثين؟ فيه وجهان: ينظر في أحدهما إلى المبادرة، وفي الثاني إلى أن يشبَّه وقت القضاء للأداء". أهـ والمبادرة أولى إذا أمكن جمع الناس، أما إذا لم يمكن فالتأخير أولى. انظر: فتح العزيز 5/ 65، روضة الطالبين 1/ 586. (2) وهو ما أثبته محقق الوسيط كما تقدَّم النقل عن الوسيط. (3) في (ب): اليوم. (4) في (أ) و (ب): ويرجَّح. (5) في (ب): وإن كان على خلاف ... إلخ، وهو خطأ. (6) في (أ) و (ب): في أنه. (7) انظر: نهاية المطلب 2/ ل116/ ب. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 357 قوله: "فإن الغلط ممكن" (1) أي في الهلال لا في شهادة من شهد، وقوله "ممكن" أحسن منه أن يقول: كثير، كما (2) قاله في موضع آخر (3). قوله (4): "لا يمكن تفويته" (5) هذا يظهر توجيهه على قولنا (6): إن صلاة العيد لا تقضى، فيظهر تشبيهها (7) بالغلط في الوقوف بعرفة. وأما إذا قلنا: تقضى، فيضعف توجيهه ومع ذلك فيقال فيه: إخراج هذا الشعار عن وقته المعهود محذور، وهذا الوجه مخصوص بما إذا كانوا معذورين، أما إذا تعمدوا إخراجها عن وقتها فهي فائتة قطعاً كما في الوقوف. ثم إنَّ (8) الأصحَّ أنها قضاء ويبادر إليه في بقيَّة النهار (9). قال فيما إذا لم يعدَّلوا إلا ليلاً: "ففي فوات الصلاة وجهان" (10) وفي "بسيطه" (11)، وكتاب شيخه (12): قولان: الثاني: يعتضد بما إذا عُدِّلوا قبل   (1) الوسيط 2/ 794. وقبله: وفيه وجه - أي في المسألة السابقة - أنا نفطر ولا نحكم بفوات الصلاة فإن الغلط ... إلخ. (2) في (د): ما، والمثبت من (أ) و (ب). (3) كما في البسيط 1/ ل159/ أ. (4) في (ب): وقولنا. (5) الوسيط 2/ 794. حيث قال: "وفيه وجه أنا نفطر ولا نحكم بفوات الصلاة؛ فإن الغلط ممكن، وهذا شعار عظيم لا يمكن تفويته، فيصلى يوم الحادي والثلاثين بنيَّة الأداء". أهـ (6) في (أ): قوله. (7) في (د): نسبتها، والمثبت من (أ) و (ب). (8) سقط من (ب). (9) انظر: فتح العزيز 5/ 65، المجموع 5/ 28، مغني المحتاج 1/ 315، وهذا إذا أمكن جمع الناس - كما تقدم - وإلا كان تأخيره إلى الغد أولى. والله أعلم. (10) الوسيط 2/ 794. وبعده: أحدهما: لا؛ لأن النظر إلى وقت التعديل، وقد عدَّل في غير وقته. والثاني: أن النظر إلى وقت الشهادة. أهـ (11) 1/ ل159/ أ. (12) انظر: نهاية المطلب 2/ ل116/ أ. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 358 طلوع الشمس؛ فإنه لا خلاف أنها أداء غير فائتة، ولا نظر إلى وقت الشهادة، لكن للأول (1) أن يفرِّق بأن التعديل هناك جرى بعد دخول وقت الصلاة، وبعد أن شُرع فعلها أداء، بخلاف هذا، والصحيح هو الأول (2)، والله أعلم. قوله في ترك أهل القرى القريبة صلاة الجمعة: "القياس أنه لا يجوز، وقال العراقيون: الصحيح الجواز" (3) هذا وجه نقله هو وشيخه (4) عن العراقيين، فلا ينبغي أن يتوهم من تأخيره ذكر العراقيين أنهم لم يذكروا وجهاً في المنع، فإنه قد أشار إلى ذلك بقوله عنهم "الصحيح الجواز". والقول بجواز ترك الجمعة هو الصحيح (5)، وهو مذهب الشافعي - رضي الله عنه - نصَّ عليه في الجديد (6)، والقديم (7) واحتجَّ له (8). وحديث أبي هريرة الذي ذكره في الكتاب (9) مخرَّج في "سنن أبي داود" (10) ولفظه أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال:   (1) في (د): الأولى، والمثبت من (أ) و (ب). (2) انظر: المجموع 5/ 29، مغني المحتاج 1/ 316. (3) الوسيط 2/ 794. (4) انظر: نهاية المطلب 2/ ل117/ أ. (5) انظر: المهذَّب 1/ 109، حلية العلماء 2/ 266. (6) انظر: الأم 1/ 398 - 399. (7) انظر النقل عن القديم في: فتح العزيز 5/ 67. (8) انظر: الأم الموضع السابق، المسند ص: 386. (9) قال الغزالي: "ورووا عن أبي هريرة أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان يرَّخص لأهل السواد في مثل هذا اليوم في الانصراف". أهـ الوسيط 2/ 794. (10) انظره كتاب الصلاة، باب إذا وافق يوم الجمعة يوم عيد 1/ 647 رقم (1073)، وممن رواه كذلك ابن ماجه في سننه كتاب إقامة الصلاة، باب ما جاء فيما إذا اجتمع العيدان في يوم 1/ 426 رقم (1311)، والحاكم في المستدرك 1/ 288 وقال: "هذا حديث صحيح على شرط مسلم"، قال البوصيري في مصباح الزجاجة 1/ 429: "هذا إسناد صحيح رجاله ثقات". وضعَّف النووي إسناده انظر: المجموع 4/ 492، وقال ابن حجر: "وفي إسناده بقيَّة". التلخيص الحبير 5/ 68، وراجع تذكرة الأخيار ل86/ ب. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 359 (قد (1) اجتمع (2) في يومكم هذا عيدان فمن شاء أجزأه من (3) الجمعة (4) وإنا مجمِّعون) وفي غيره (فمن أحبَّ أن يشهد معنا الجمعة فليفعل، ومن أحبَّ أن ينصرف فليفعل) (5)، والحديث المرفوع في ذلك عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من رواية أبي هريرة - رضي الله عنه - وغيره (6) مطلق، وتخصيصه بأهل السواد يروى (7) فيه من وجه ضعيف (8)، ولكن صحَّ عن عثمان من قوله، روى البخاري عنه (9) أنه خطب في مثله وقال: (فمن (10) أحبَّ من أهل العوالي ... ) وذكر مثله. وروى الشافعي   (1) في (د): إذا، والمثبت من (أ) و (ب). (2) سقط من (ب). (3) في (أ): عن. (4) في (د): من الجمعة إلى الجمعة، و (إلى الجمعة) مقحمة، والمثبت من (أ) و (ب). (5) لم أقف عليه بهذا اللفظ فيما بين يديَّ من مصادر حديثية، وقد ذكره بهذا اللفظ الحافظ ابن حجر في التلخيص الحبير 5/ 67 ونسبه إلى رواية زيد بن أرقم، ثم خرَّجه من عدَّة كتب لم أجده بهذا اللفظ فيها وفي غيرها، وانظر: إتحاف المهرة بالفوائد المبتكرة من أطراف العشرة للحافظ ابن حجر 4/ 569 - 570. (6) كرواية زيد بن أرقم عند أبي داود في سننه الموضع السابق برقم (1070)، والنسائي في سننه كتاب العيدين، باب الرخصة في التخلف عن الجمعة لمن شهد العيد 3/ 215 رقم (1590)، وابن ماجه الموضع السابق برقم (1310) قال الحافظ ابن حجر: "صححه علي بن المديني". التلخيص الحبير 5/ 67. (7) في (أ) و (ب): مروي. (8) قال البيهقي بعد روايته لحديث أبي هريرة برقم (6289): "ويروى عن سفيان بن عيينة عن عبد العزيز موصولاً مقيَّداً بأهل العوالي، وفي إسناده ضعف". أهـ السنن الكبرى 3/ 444. (9) انظر: صحيح البخاري - مع الفتح - كتاب الأضاحي، باب ما يؤكل من لحوم الأضاحي وما يتزود منها 10/ 26 رقم (5571 - 5572). (10) في (د): من، والمثبت من (أ) و (ب)، وهو كذا في الحديث. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 360 - رضي الله عنه - عن عمر بن عبد العزيز عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في مثله مرسلاً (1) وأنه قال: (فمن أحبَّ من أهل العالية (2)) وهي في سواد المدينة (3) - حرسها الله تعالى. وبعد هذا فقول الغزالي - رحمه الله وإيَّانا - "روي عن أبي هريرة - رضي الله عنه - أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان يرخَّص لأهل السواد في مثل هذا اليوم في الانصراف" رواية منه للرواية الضعيفة، ويحتمل أن يكون رواية منه لحاصل حديث أبي هريرة على المعنى من حيث إن المطلق منه (4) خُصَّص بقول عثمان المنتشر من غير (5) نكير، واستجاز ذلك بقوله: "إن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان ... " ولو قال: روي عن أبي هريرة قال: كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ... إلى آخره، لما ساغ له إلا أن يكون قد روي بهذا اللفظ؛ لأنه تغيير، ولا يجوز مثله ولا على مذهب من يجيز (6) الرواية بالمعنى، والله أعلم. على أن (7) ما أتى به مع هذا مستكره (8)، وكان الأولى به مجانبة أمثاله لما فيه من الإيهام وقلة من يفهم الفرق بينهما، والله أعلم.   (1) انظر: الأم 1/ 398، المسند ص: 386. (2) قال النووي: "هي مواضع وقرى بقرب مدينة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من جهة الشرق، وأقرب العوالي إلى المدينة على أربعة أميال، وقيل: على ثلاثة، وأبعدها: ثمانية". أهـ تهذيب الأسماء واللغات 3/ 2/ 54، وانظر فتح الباري10/ 30، والعوالي الآن بعض أحياء المدينة في الجهة الجنوبية الشرقية، والله أعلم. (3) سواد المدينة: أي قرى المدينة، وسمَّيت سواداً لسوادها بالزرع والأشجار؛ لأن الخضرة ترى من البعد سوداء، والله أعلم. وانظر: المجموع 4/ 491، تهذيب الأسماء واللغات 3/ 1/160. (4) سقط من (ب). (5) سقط من (ب). (6) في (أ): تخيَّر، وفي (ب): يجوَّز. (7) سقط من (أ). (8) في (أ): مستنكر. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 361 ومن باب الخسوف المشهور بين الفقهاء أن الخسوف مخصوص بالقمر، والكسوف مخصوص بالشمس (1)، والأشهر بين أهل اللغة (2) خلافه، وأنهما مستعملان (3) فيهما جميعاً، ولهم أقاويل وأشبهها وأصحها أنهما يستعملان فيهما على معنى واحد (4). والمعروف بين الفقهاء قد نقله أيضاً غير واحد من أهل الشأن، وقال صاحب "الصحاح" منهم: الأفصح في الشمس الكسوف، وفي القمر الخسوف (5). ومن أهل اللغة من فرَّق بينهما من وجه آخر فقال: الكسوف ذهاب بعض الضوء، والخسوف ذهاب جميعه (6). ما ذكره من حديث الخسوف (7) صحيح متفق على صحته من رواية جماعة (8) من الصحابة منهم: عائشة، وابن عمر، وابن عباس،   (1) انظر: المجموع 5/ 43، فتح الباري 2/ 622. (2) سقط من (ب). (3) في (ب): يستعملان. (4) انظر: تهذيب اللغة 7/ 183، الزاهر في غريب ألفاظ الشافعي ص: 83، تهذيب الأسماء واللغات 3/ 1/90، لسان العرب 12/ 95، القاموس المحيط 3/ 178. (5) الصحاح 4/ 1421. (6) انظر: شرح النووي على مسلم 6/ 198، المصباح المنير ص: 65، والموجود في بعض كتب اللغة عكسه وهو أن الخسوف ذهاب البعض، والكسوف ذهاب الكل. انظر مثلاً: القاموس المحيط 3/ 178. (7) قال الغزالي: " ... ولما مات إبراهيم ولد النبي - عليه السلام - كسفت الشمس فقال بعض الناس: إنها كسفت لموته، فخطب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وقال: إن الشمس والقمر لآيتان من آيات الله لا يخسفان لموت أحد ولا لحياته، فإذا رأيتم ذلك فافزعوا إلى ذكر الله والصلاة" الوسيط 2/ 795. (8) في (ب): جماعة من الجماعة. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 362 وأبي (1) موسى، والمغيرة بن شعبة، وغيرهم (2)، ولفظه في الكتاب قريب من لفظ (3) رواية أبي مسعود الأنصاري. قوله (4): "لا يخسفان" هو بفتح الياء، وقد منعوا من أن يقال بالضم (5). قوله: "فلو تمادى الخسوف جاز أن يريد ثالثاً ورابعاً على أحد الوجهين؛ إذ روى (6) أحمد بن حنبل أن الركوع في كل ركعة ثلاث، فليحمل على صورة التمادي (7)، والقياس المنع ان لم يصحّ الخبر" (8) أما نسبة ذلك إلى أحمد بن حنبل فلا يرتضيه أهل الحديث؛ فإن أحمد وغيره من حفاظ الحديث مشتركون في روايته (9)، والمعتاد في مثل ذلك أن يضاف إلى من تفرد بروايته، وهو في هذا   (1) في (أ) و (ب): أبو، وهو خطأ. (2) سقط من (أ). وقد روي من رواية أسماء بنت أبي بكر، وابن عمرو، وأبي مسعود البدري، وقد روى حديثهم جميعاً البخاري في صحيحه - مع الفتح - كتاب الكسوف 2/ 611 فما بعدها برقم - مرتبة على حسب ذكرهم - (1044، 1042، 1052، 1059، 1043، 1053، 1051، 1057) وصحيح مسلم - مع النووي - كتاب الكسوف 6/ 198 فما بعدها. (3) سقط من (أ). (4) في (أ) و (ب): وقوله. (5) انظر: فتح الباري 2/ 614. (6) في (أ): رواه. (7) في (د): المنادي، وهو تصحيف، والمثبت من (أ) و (ب). (8) الوسيط 2/ 796. وقبله: ثم أقل الصلاة ركعتان ... وفي كل ركعة قيامان وركوعان، فلو تمادى ... إلخ (9) رواه الإمام أحمد في المسند 3/ 318 عن جابر، 6/ 76 عن عائشة، ورواه الإمام مسلم عنهما في صحيحه - مع النووي - كتاب الكسوف 6/ 205، 208. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 363 الحديث فوق أحمد وطبقته، وهو عبيد بن عمير (1) المتفرد به عن عائشة رضي الله عنها، أو عبد الملك بن أبي سليمان (2) المتفرد به من حديث جابر. وأما قوله "القياس المنع إن لم يصح الخبر" فلا يخفى أن القياس المنع صحَّ الخبر أو لم يصحّ (3)، فإذاً فيه محذوف تقديره: فالقياس المنع، فيمنع منه إن لم يصحّ الخبر. ثم إنَّ هذا الخبر قد اختلفوا في صحته فصححه مسلم وأخرجه في "صحيحه" من حديث عائشة وجابر، وكذلك صحَّح ما تفرد به حبيب ابن أبي ثابت (4) في حديث ابن عباس (أنه - صلى الله عليه وسلم - صلاها ركعتين في كل ركعة أربع ركوعات) (5)، فمن أصحابنا من ذهب أيضاً إلى تصحيح هذه الأخبار جميعاً، وأنه - صلى الله عليه وسلم - صلاّها   (1) هو أبو عاصم عبيد بن عمير بن قتادة الليثي المكي، ولد في عهد النبي - صلى الله عليه وسلم -، وعُدَّ في كبار التابعين، كان قاصَّ أهل مكة، قال عنه الحافظ ابن حجر: "مجمع على ثقته"، توفي قبل ابن عمر، روى حديثه الجماعة. انظر ترجمته في: أسد الغابة 3/ 545، تهذيب الكمال 19/، تقريب التهذيب ص: 377. (2) هو أبو عبد الله عبد الملك بن أبي سليمان العَرْزَمي الكوفي، واسم أبيه ميسرة، وثقه أحمد ابن حنبل، وقال أبو زرعة: "لا بأس به"، وقال ابن حجر: "صدوق له أوهام"، روى حديثه البخاري تعليقاً ومسلم والأربعة، توفي سنة 145 هـ. انظر ترجمته في: الجرح والتعديل 5/ 367, الثقات لابن حبَّان 7/ 97، تقريب التهذيب ص: 363. (3) إذ أنها كيفية غير معهودة في الصلاة، والله أعلم. (4) هو أبو يحيى حبيب بن أبي ثابت، واسم أبي ثابت قيس، ويقال: هند، بن دينار الأسدي مولاهم الكوفي، قال عنه الحافظ ابن حجر: "ثقة فقيه جليل، وكان كثير الإرسال والتدليس"، توفي سنة 119 هـ، وروى حديثه الجماعة. انظر ترجمته في: تذكرة الحفاظ 1/ 116، تقريب التهذيب ص: 150، طبقات الحفاظ ص: 44. (5) انظر: صحيح مسلم - مع النووي - كتاب الكسوف، باب من قال إنه ركع ثمان ركعات في أربع سجدات 6/ 213 - 214. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 364 مرات مرة بركوعين في كل ركعة، ومرة بثلاث ركوعات في كل ركعة، ومرة بأربع ركوعات، وأن الجميع جائز، وأنه - صلى الله عليه وسلم - كان يزيد في الركوع عند تمادي الخسوف، ذهب (1) إلى ذلك جماعة من أئمتنا الجامعين بين الفقه والحديث منهم: ابن خزيمة (2)، وصاحبه أبو بكر ابن إسحاق الصبغي (3)، ثم أبو سليمان الخطابي (4)، ثم قيل: إنه على هذا الوجه لا تختصُّ الزيادة بما ذكر، بل يجوز أكثر من أربع على حسب (5) تمادي الخسوف، وهو مذهب إسحاق بن راهويه (6). وأما مذهب الشافعي (7) والبخاري صاحب "الصحيح" (8) في ذلك فهو الترجيح والقول بالركوعين في كل ركعة فقط؛ لأن ذلك أصحُّ إسناداً، وأوثق   (1) في (د): وذهب، والواو هنا كأنها مقحمة، والمثبت من (أ) و (ب). (2) انظر: صحيحه 2/ 318. (3) هو أبو بكر أحمد بن إسحاق بن أيوب بن يزيد النيسابوري الشافعي المعروف بالصبغي، جمع، وصنَّف، وبرع في الفقه, وتميَّز في علم الحديث، من مصنفاته: كتاب الإيمان، والأسماء والصفات، والخلفاء الأربعة، والأحكام، والإمامة، توفي سنة 342 هـ انظر ترجمته في: الوافي بالوفيات 6/ 239، السير 15/ 483، طبقات السبكي 3/ 9، شذرات الذهب 2/ 361. وانظر النقل عنه في: زاد المعاد 1/ 455. (4) انظر: معالم السنن 1/ 698. (5) سقط من (ب). (6) المنقول من مذهب ابن راهويه عدم الزيادة على أربع ركوعات في كل ركعة لعدم ثبوت الزيادة عنده. انظر: المغني 3/ 329، فتح الباري 2/ 618. (7) انظر: الأم 1/ 407 - 408، مختصر المزني ص: 38. (8) في (ب): حديث. ويدل على ذلك أنه لم يورد في صحيحه إلا الركوعين في كل ركعة، والله أعلم. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 365 رجالاً، وأكثر (1) عدداً، مع أن كل ذلك راجع إلى حكاية صلاة واحدة وهي صلاته - صلى الله عليه وسلم - في الخسوف الواقع يوم مات ابنه إبراهيم - صلى الله عليه وسلم - وعليه (2). ومقتضى هذا أن يكون المذهب (3) أن لا تُستأنف صلاة أخرى عند تمادي الخسوف، وأن لا يقتصر على ركوع واحد عند سرعة الانجلاء (4)، والله أعلم. يستحب (5) أن يقول في اعتداله من كل ركوع: سمع الله لمن حمده ربنا لك الحمد (6). ورد به نصُّ الحديث المتفق على صحته (7)، ونصَّ عليه الشافعي - رضي الله عنه - (8).   (1) في (ب): وأقل. (2) سقط من (ب). وانظر. السنن الكبرى 3/ 455 - 456، زاد المعاد 1/ 455، فتح الباري 2/ 618. (3) سقط من (ب). (4) انظر: فتح العزيز 5/ 71، مغني المحتاج 1/ 317، كفاية الأخيار 1/ 302. (5) في (ب): ويستحب. (6) لعل تنصيص ابن الصلاح على هذه المسألة رغم عدم تطرق الإمام الغزالي لها هو وجود إشكال من جهة كون القيام للقراءة لا للاعتدال، والجواب عنه أن صلاة الكسوف جاءت على صفة مخصوصة فلا مدخل للقياس فيها، والله أعلم. وانظر فتح الباري 2/ 616. (7) انظر: صحيح البخاري - مع الفتح - كتاب الكسوف، باب خطبة الإمام في الكسوف 2/ 620 رقم (1046)، وصحيح مسلم - مع النووى - كتاب الكسوف، باب صلاة الكسوف 6/ 201 - 202. (8) انظر: الأم 1/ 408، مختصر المزني ص: 38. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 366 هذا الذي قاله من التقدير بالسور الأربع (1) رواية (2) البويطي (3)، وابن أبي الجارود (4) عن الشافعي، ورواية غيرهما عنه هو المشهور (5)، وهو ما في "المهذَّب" (6): أن في القومة الأولى: سورة البقرة أو قدرها إن كان لا يحفظها، وفي الثانية: بقدر مائتي آية من البقرة، وفي الثالثة: خمسون ومائة آية، وفي الرابعة: بقدر مائة آية. ورواية البويطي وابن أبي الجارود تقارب هذا، وأنا أنقلها على نصِّها من "الجمع لمنصوصات الشافعي - رضي الله عنه -" (7) لما فيها من الفوائد قال: "يقول في القيام الأول نحواً من سورة البقرة، ثم يركع نحواً من قراءته، ويقرأ في القيام الثاني نحواً من آل عمران، ثم يركع نحواً من قراءته، ويقيم في   (1) قال الغزالي: "فأما الأكمل فهو أن يقرأ في القومة الأولى بعد دعاء الاستفتاح سورة الفاتحة والبقرة، وفي الثانية سورة الفاتحة وآل عمران، وفي الثالثة سورة الفاتحة والنساء، وفي الرابعة سورة الفاتحة والمائدة، أو مقدارها من القرآن، وذلك بعد الفاتحة في كل قومة". أهـ الوسيط 2/ 796. (2) في (ب): رواه. (3) انظر مختصره ل9/ أ. (4) هو أبو الوليد موسى بن أبي الجارود المكي الشافعي، راوي كتاب الأمالي عن الشافعي، وأحد الثقات من أصحابه حتى قيل: يُرجع إليه عند اختلاف الرواية، وقد روى حديثه الترمذي. انظر ترجمته في: طبقات السبكي 2/ 161، تهذيب الكمال 29/ 41، تهذيب التهذيب 10/ 339. وانظر النقل عنه في: التعليقة للقاضي أبي الطيَّب 2/ ل174/ أ. (5) انظر: رواية الربيع في: الأم 1/ 407 - 408، ورواية المزني في: المختصر ص: 38. (6) 1/ 122. (7) انظر النقل عنه في: المجموع 5/ 49. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 367 كل سجدة نحواً مما أقام في ركوعه، ثم يقرأ في القيام الأول في الركعة الثانية نحواً من سورة النساء، ثم يركع نحواً من قراءته، ثم يقرأ في القيام الثاني من الركعة الثانية (1) نحواً من سورة المائدة، ثم يركع نحواً من قراءته، ثم يرفع (2)، ثم يخرُّ ساجداً، فيسجد سجدتين يقيم في كل سجدة نحواً مما أقام في ركوعه). فهذا منقول على الاتفاق، وما فيه من مساواة كل ركوع لما قبله من (3) القراءة لم أجد لأحد من الأصحاب موافقته، ولا في الركوع الثاني، مع اختلافهم الكثير فيه (4)، إلا أني وجدت بخطَّ الشيخ الوالد رحمه الله حكاية قول كذلك. وما ذكره المؤلف في الركوعات (5) هو نصُّ الشافعي (6) المشهور (7) إلا الركوع الثاني فإنه لم يقدَّر تسبيحه، (وقال) (8): "يسبِّح بقدر ما يلي الركوع الأول". واختلف الأصحاب في مقداره على خمسة أوجه: أحدها: ما في الكتاب وهو ثمانون آية، و (9) هو قول الشيخ أبي حامد الأسفراييني من العراقيين، وصاحب   (1) قوله: (نحواً من سورة ... الركعة الثانية) سقط من (ب). (2) في (د): يركع، وهو تصحيف، والمثبت من (أ) و (ب). (3) سقط من (ب). (4) انظر: فتح العزيز 5/ 73، المجموع 5/ 49. (5) حيث قال: "فأما الركوع فيسبَّح في الأول مقدار مائة آية، وفي الثاني بقدر ثمانين، وفي الثالث بقدر سبعين، وفي الرابع بقدر خمسين آية". الوسيط 2/ 796 - 797. (6) في (أ): للشافعي. (7) انظر: مختصر المزني ص: 38. (8) زيادة من (أ) و (ب). (9) سقط من (ب). الجزء: 2 ¦ الصفحة: 368 "التقريب" من الخراسانيين (1)، والمراد بالآيات في هذا وما ذُكِر (2) معه الآيات (3) المقتصدة (4). والثاني: تسعون آية بالتاء المثناة في أوله، وقد عُزي (5) إلى الشيخ أبي حامد (6). والثالث: بقدر خمس وثمانين آية، وهو قول سليم الرازي (7). والرابع: بقدر (8) سبعين آية، وهذا هو الذي ذكره الشيخ أبو (9) إسحاق (10) ولا ينبغي أن يستبعد؛ فإنه يوافق نقل الربيع عنه (11) أنه يسبِّح بقدر ثلثي الركوع الأول. والسبعون ثلثان على التقريب، وصير إليه دون التحقيق لما فيه من الكسر، وهو مستكره فيما مبناه على التقريب. و (12) الخامس: بقدر الركوع   (1) انظر النقل عنهما في: المجموع 5/ 49. (2) في (أ): وما ذكره. (3) في (ب): آيات. (4) انظر: مغني المحتاج 1/ 318. (5) في (أ): عزي أيضاً. (6) لم أقف على من عزاه إليه، وهذا القول قال به الشيرازي في التنبيه على ما قاله النووي في المجموع 5/ 49، لكن الموجود في التنبيه ص: 46 بقدر سبعين آية، والله أعلم. (7) انظر النقل عنه في: المجموع الموضع السابق. (8) سقط من (ب). (9) سقط من (ب). (10) انظر: المهذَّب 1/ 122، وتقدَّم نقله عن التنبيه. (11) أي الشافعي، انظر: الأم 1/ 408. (12) سقط من (ب). الجزء: 2 ¦ الصفحة: 369 الأول، قاله أبو حفص الأبهري (1) صاحب كتاب "الهداية" (2)، رأيته بأبهر (3)، وهو غريب في غريب (4). قوله: "وأما السجدات فلا يطوَّلها. ونقل البويطي عنه أنها على قدر الركوع الذي قبله. ولا خلاف أن القعدة بين السجدتين لا تطوَّل" (5) هذا يتضمن أن الصحيح عنده أنه لا يطوِّلها من حيث إنه أفتى به أولاً، وذلك هو المشهور في نقل المذهب (6). والقول بتطويلها ينسب إلى أبي العباس ابن سريج (7)، وقد قال صاحب "المهذَّب": "ليس بشيء؛ لأن الشافعي لم يذكر ذلك، ولا نقل ذلك في خبر، ولو كان قد أطال لنقل" (8). وهذا عجب (9)! أما الشافعي - رضي الله عنه - فقد راجعت كتاب البويطي فوجدت نقله لذلك فيه حقاً، وقد سبق نقلنا لذلك من   (1) لم أهتد إلى ترجمته فيما بين يدي من مصادر، والله أعلم. (2) انظر النقل عنه في: المجموع 5/ 49. (3) أَبْهَر مدينة مشهورة بين قزوين وزنجان وهمدان، بينها وبين زنجان خمسة عشر فرسخاً، وبينها وبين قزوين اثنا عشر فرسخاً، وقد فتحت في عهد عثمان - رضي الله عنه - على يد البراء بن عازب صلحاً، وتقع الآن في جمهورية إيران، وأبهر بليدة كذلك من نواحي أصفهان، وهي كذلك في إيران. انظر: معجم البلدان 1/ 105 وما بعدها. (4) في غريب: سقط من (أ). وانظر المجموع الموضع السابق. (5) الوسيط 2/ 797. وانظر نقل البويطي في مختصره ل9/ أ. (6) انظر: المهذَّب 1/ 122، البسيط 1/ ل161/ أ، حلية العلماء 2/ 317. (7) انظر النقل عنه في: المهذَّب وحلية العلماء في الموضعين السابقين. (8) المهذَّب الموضع السابق. (9) في (ب): أعجب. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 370 "جمع الجوامع لمنصوصات الشافعي"، ونقل الترمذي ذلك (1) في كتابه عن الشافعي (2). وأما الخبر فيه (3) عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فثابت متفق على صحته، إذ في "الصحيحين" (4) من حديث أبي موسى الأشعري في ذلك عنه - صلى الله عليه وسلم -: (فقام يصلي أطول قيام وركوع وسجود رأيته يفعله في صلاته) وفي "الصحيحين" (5)، أيضاً من حديث عبد الله بن عمرو بن العاص (6) في صفة صلاته - صلى الله عليه وسلم - فقالت عائشة: (ما ركعت ركوعاً (قطٌّ) (7)، ولا سجدت سجوداً قطٌّ كان أطول منه). وفي رواية النسائي (8): فكانت عائشة تقول: (ما سجد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - سجوداً، ولا ركع ركوعاً أطول منه). وفي "صحيح البخاري" (9) من حديث أسماء بنت الصدِّيق رضي الله عنها: (ثم سجد فأطال السجود (ثم رفع، ثم سجد فأطال السجود) (10))، وذكرت مثل ذلك في الركعة الثانية. وفي "صحيح مسلم" (11) من   (1) في (ب): وذلك. (2) انظر: جامعه 2/ 450. (3) سقط من (أ). (4) تقدم تخريجه في أول الباب، ولفظه عند مسلم: ... فقام يصلي بأطول قيام وركوع وسجود ما رأيته يفعله في صلاة قطّ. وعند البخاري: ما رأيته قطّ يفعله. (5) قوله: (من حديث أبي موسى ... وفي الصحيحين) سقط من (ب). (6) تقدم تخريجه كذلك في أول الباب. واللفظ هنا لمسلم. (7) زيادة من (أ) و (ب)، وهي في لفظ الحديث. (8) في سننه كتاب الكسوف، باب نوع آخر (13) 3/ 153 رقم (1479). (9) انظره - مع الفتح - كتاب الأذان، باب (90) 2/ 270 رقم (745). (10) ما بين القوسين زيادة من (أ) و (ب)، وهي في متن الحديث. (11) انظره - مع النووي - كتاب الكسوف، باب ما عرض على النبي - صلى الله عليه وسلم - في صلاة الكسوف من أمر الجنة والنار 6/ 208. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 371 حديث جابر بن عبد الله: (وركوعه (نحواً) (1) من سجوده). وفي "سنن أبي داود" (2) من حديث عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنه وعنهم: (ثم سجد فلم يكد يرفع، ثم رفع فلم يكد يسجد، ثم سجد فلم يكد يرفع، قال: ثم فعل في الركعة الأخرى مثل ذلك). وفي "سنن النسائي" عنه (3) نحو ذلك (4) قال: (سجد فأطال السجود، ثم رفع رأسه وجلس (5) فأطال الجلوس، ثم سجد فأطال السجود، وقال: وصنع في الركعة الثانية مثل ما صنع في الأولى). وقد أخرج ابن خزيمة حديث عبد الله بن عمرو في "صحيحه" (6). إذا عرفت ذلك عرفت أن الصحيح خلاف ما صححوه، بل يتجه أن يقال: لا قول للشافعي غير القول بتطويل السجود؛ لما عرف عنه من إيصائه (7) بأن الحديث إذا صحَّ على خلاف قوله فليترك قوله وليعمل بالحديث فإن مذهبه الحديث. ثم إن صاحب "التهذيب" قال: "هل يطيل السجود؟ فيه قولان: أحدهما: يطيل كالركوع: والسجود (8) الأول كالركوع الأول، والسجود الثاني كالركوع الثاني" (9). وهذا أحسن من الإطلاق الذي في كتاب البويطي: أنه نحو الركوع الذي قبله.   (1) زيادة من (أ) و (ب)، إلا أنه في (ب): بالرفع. (2) انظره كتاب الصلاة، باب من قال يركع ركعتين 1/ 704 رقم (1193). (3) سقط من (ب). (4) انظره كتاب الكسوف، باب نوع آخر (14) 3/ 154 رقم (1481). (5) سقط من (أ). (6) انظره أبواب صلاة الكسوف 2/ 321 رقم (1389). (7) في (أ) انصافه. (8) كذا جميع النسخ بالواو، وفي التهذيب (فالسجود) بالفاء وهو الصواب. (9) كالركوع الثاني: سقط من (ب). وانظر: التهذيب ص: 748. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 372 وأما قطعه بأن القعدة بين السجدتين لا تطوَّل (1). فإنه يأباه ما ذكرناه من حديث عبد الله بن عمرو بن العاص، والحمد لله الذي هدانا لهذا، وهو أعلم. قال (2): "يستحب أن يخطب خطبتين كما في صلاة العيد، إلا أنه لا يجهر في الكسوف، ويجهر في الخسوف" (3) هذا مشكل والاستثناء راجع إلى ما تضمنه الإطلاق من أن ما ذكر من كيفية الصلاة يعمُّ (4) صلاة الكسوف والخسوف فكأنه قال: وتستوي صلاة الخسوف وصلاة (5) الكسوف إلا في الجهر، وقد أفصح عن هذا في "البسيط" (6). ثم إن الرواية قد اختلفت عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في الجهر والإسرار في كسوف الشمس (7)، ومن روى الجهر أكثر فلذلك رجَّحناه (8)، والله أعلم.   (1) قال الغزالي: "ولا خلاف أن القعدة بين السجدتين لا تطوَّل". الوسيط 2/ 797. (2) في (ب): قوله. (3) الوسيط 2/ 797. وقبله: ثم إذا فرغ من الصلاة يستحب ... إلخ. (4) في (أ): ويعمُّ. (5) سقط من (أ). (6) 1/ ل161/ أ. (7) فقد روى البخاري ومسلم وغيرهما عن عائشة رضي الله عنها قالت: (إن النبي - صلى الله عليه وسلم - صلى صلاة الكسوف وجهر بالقراءة فيها)، وفي الباب عن أبيِّ بن كعب، وعلي بن أبي طالب، وهو مروي عن زيد بن أرقم، والبراء بن عازب، والعلاء بن يزيد. وروى الترمذي عن سمرة ابن جندب قال: (صلى بنا النبي - صلى الله عليه وسلم - في كسوف لا نسمع له صوتاً) قال الترمذي: "حديث سمرة حسن صحيح"، وفي الباب عن ابن عباس. انظر: صحيح البخاري - مع الفتح - كتاب الكسوف، باب الجهر بالقراءة في الكسوف 2/ 638 رقم (1065)، وصحيح مسلم - مع النووي - كتاب الكسوف، باب صلاة الكسوف 6/ 203 - 204، وجامع الترمذي أبواب السفر، باب ما جاء في صفة القراءة في الكسوف 2/ 451 - 452 رقم (562، 563) وكلا الحديثين من لفظه، وراجع: التمهيد 3/ 310 - 311، ونصب الراية 2/ 232 - 234، والتلخيص الحبير 5/ 77 - 78، وفتح الباري 2/ 639 - 640. (8) ورجحه ابن خزيمة، والخطابي، وابن المنذر. انظر: صحيح ابن خزيمة 2/ 327، معالم السنن 1/ 702 ونقله عنه الرافعي في فتح العزيز 5/ 77، الأوسط لابن المنذر 5/ 298. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 373 قوله (1): "و (2) الجماعة فيهما (3) مسنونة" (4) يجوز أن يجعل معطوفاً على الاستثناء، أي: وإلا في أن الجماعة فيهما (5) مسنونة قولاً واحداً، بخلاف صلاة العيد، فإن في إلحاقها بالجمعة في اشتراط الجماعة خلافاً سبق، وهذا على طريقة من قطع هنا (6) بنفي الاشتراط (7). ومن أصحابنا من طرد ذلك الخلاف في الخسوفين (8)، فعلى هذا يجعل كلاماً مستأنفاً واقتصاراً منه على الأصحَّ. (الأصح) (9) في المسبوق المدرك للركوع الثاني أنه لا يكون مدركًا (10)؛ لأنه مع أنه تعدى بالرخصة عن موضعها إلى ما لا تشبهه، يوقع (11) في خبط وتغيير   (1) في (أ): وقوله. (2) سقط من (ب). (3) في (أ): فيها، وهي موافقة لما في الوسيط. (4) الوسيط 2/ 797. (5) في (أ): فيها. (6) في (أ) و (ب): ههنا. (7) انظر: المهذَّب 1/ 120 - 121، المجموع 5/ 45. (8) قال إمام الحرمين: "ذكر شيخنا الصيدلاني أن من أئمتنا من خرَّج في صلاة الخسوفين وجهاً أن الجماعة شرط فيها كالجمعة". نهاية المطلب 2/ ل120/ ب، وراجع: فتح العزيز 5/ 75. (9) زيادة من (أ) و (ب). (10) قال الغزالي: "فروع ثلاثة: الأول: المسبوق إذا أدرك الركوع الثاني نقل البويطي أنه لا يكون مدركاً؛ لأن الأصل هو الأول، وقال صاحب التقريب: يصير مدركاً للقومة التي قبلها، فيبقى عليه قيام واحد وركوع واحد، والأول أصح". الوسيط 2/ 797. (11) في (د): نشتبه فوقع، والمثبت من (أ) و (ب). الجزء: 2 ¦ الصفحة: 374 لنظم الصلاة المعهودة، فإنه إذا بقي عليه قومة وركوع فحسب فيلزم في التدارك أحد محذورين: إما أن يقعد عن اعتداله من الركوع ويتشهد ويسلَّم؛ لأن السجود (1) أتى به، ووقع محسوباً له كما قبله، وإما أن يعود ويسجد مرَّة أخرى، وكل واحد منهما تغيير لنظم هذه (2) الصلاة، والله أعلم. قوله: "في جنح (الليل) (3) " (4) هو بكسر الجيم وضمه أي طائفة منه (5). قوله: (6): "لأن الليل باق، وسلطان القمر في جميعه" هذا كلام الأصحاب (7)، وليس ينثلج الصدر به، ولعل تحقيقه - والله أعلم -: أن بقاء (8) الليل الذي هو مظنة سلطانه - مع أن الأصل بقاء الخسوف في نفسه - يوجب بقاء شرعية الصلاة، كما إذا غطَّاه غيم، بخلاف ما إذا طلعت الشمس في الخسوف، أو غربت في الكسوف فإن ذلك كزوال الكسوف بالانجلاء؛ من حيث إن القمر الخاسف أو الشمس الكاسفة مجموع يتركب من ذات ووصف،   (1) في (أ): التشهد. (2) سقط من (ب). (3) زيادة من (أ) و (ب). (4) الوسيط 2/ 797 حيث قال: "تفوت صلاة الكسوف بالانجلاء، وبغروب الشمس كاسفة وتفوت صلاة الخسوف بالانجلاء، وبطلوع قرص الشمس، ولا تفوت بغروب القمر في جنح الليل خاسفاً؛ لأن الليل باق، وسلطان القمر في جميعه". أهـ (5) انظر: الصحاح 1/ 360، القاموس المحيط 1/ 300. (6) في (أ) و (ب): وقوله. (7) انظر: الحاوي 2/ 511، الإبانة ل53/ أ، المهذَّب 1/ 123. (8) في (أ): يقال. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 375 فكما يعدم المجموع بانتفاء الوصف الذي هو الكسوف، يعدم بانتفاء الذات (1) التي هي القمر أو الشمس، وفي زوال محلهما من ليل ونهار (2) زوالهما؛ لأن وجود الشيء إنما يكون في محله، وذات الشمس وإن بقيت بعد الغروب على الجملة فلم تبق على الوجه الذي (3) كانت باعتباره شمساً؛ لأن الشمس نور خاصِّيته إضاءة ما بين الخافقين، فلا يبقى مع انتفائها شمساً، وإن بقي شمساً فلا يبقى شمساً يصلى لكسوفه؛ لأن الصلاة مخصوصة بخسوف ما يضيء هذا العالم، لما (4) لا يخفى من تأثيره في اقتضاء الفزع والالتجاء عند فقدانه. إذا ظهر ذلك ففي ما إذا غاب القمر في الليل لم يثبت زوال الخسوف بواحد من الطريقين (5) بخلاف الباقي. قوله فيما إذا غاب القمر خاسفاً بعد طلوع الصبح: "الجديد: أنه لا يفوت" (6) فيه إشارة إلى أن الصحيح أنها لا تفوت (7)، والله أعلم. الأصحُّ من القولين فيما إذا اجتمع صلاة العيد وصلاة الكسوف ولم يخف فوات العيد (8): أن (9) يبدأ بصلاة الكسوف (10)، والله أعلم.   (1) في (ب): اللذات. (2) في (ب): الليل والنهار. (3) في (ب): التي. (4) سقط من (ب). (5) وهما الانجلاء، وطلوع قرص الشمس كما تقدَّم نقله عن الوسيط، والله أعلم. (6) الوسيط 2/ 797. (7) انظر: الحاوي 2/ 511، المجموع 5/ 55. (8) قال الغزالي: "إذا اجتمع عيد وخسوف وخيف الفوات فالعيد أولى. وإن اتسع الوقت فقولان: أحدهما: الخسوف أولى؛ لأنه على عرض الفوات والانجلاء. والثاني: العيد أولى؛ لأنه سنة مؤكدة ربما يعوق عنها عائق".أهـ الوسيط 2/ 797 - 798. (9) سقط من (ب). (10) انظر: الحاوي 2/ 509، الإبانة ل53/ أ. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 376 قوله: "ولو أنكر منجِّم وجود الكسوف (1) يوم العيد، لم (2) نزده على قولنا: إن الله على كل شيء قدير" (3) ردٌّ لدعواه امتناعه، وهو إشارة إلى الوجه الذي يبيِّن الأصحاب فيه إمكانه ووقوعه (4) بما رواه الزبير بن بكَّار (5) في "الأنساب" (6) من موت إبراهيم ابن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في العاشر أو (7) الثالث عشر من شهر ربيع الأول. وروى لنا (8) ما رواه البيهقي بإسناده (9): أن الشمس كسفت يوم قتل الحسين - رضي الله عنه -. وقتل يوم عاشوراء بلا إشكال (10). قوله: "قال الشافعي: يخطب (11) للجمعة والكسوف خطبة واحدة يتعرَّض فيها للكسوف والجمعة (12) " (13) هذا فيه تغيير للفظ الشافعي في   (1) في (ب): وجود الكسوف، ولم يخف فوات العيد أن يبدأ بصلاة الكسوف. وهذا سبق نظر. (2) سقط من (ب). (3) الوسيط 2/ 798. (4) انظر: الحاوي 2/ 509، معرفة السنن والآثار 3/ 91، فتح العزيز 5/ 83. (5) النسَّابة الحافظ أبو عبد الله الزبير بن بكَّار بن عبد الله بن مصعب بن ثابت بن عبد الله بن الزبير الأسدي المدني المكي، مصنَّف كتاب "جمهرة نسب قريش وأخبارها"، قال عنه الحافظ ابن حجر: "ثقة"، روى حديثه ابن ماجه، توفي سنة 256 هـ. انظر ترجمته في: الجرح والتعديل 3/ 585، السير 12/ 311، شذرات الذهب 2/ 133، تقريب التهذيب ص: 214. (6) انظر النقل عنه في: معرفة السنن والآثار 3/ 91. (7) في (ب): أو في. (8) انظر النقل عنه في الموضع السابق من معرفة السنن والآثار. (9) انظر: السنن الكبرى كتاب صلاة الخسوف 3/ 468 رقم (6352)، وراجع معرفة السنن والآثار 3/ 91، وفي سنده ابن لهيعة. (10) انظر: البداية والنهاية 8/ 200. (11) في (أ) و (ب): ويخطب. (12) قوله: (والكسوف ... والجمعة) سقط من (ب). (13) الوسيط 2/ 798. وبعده: حتى لا يطول الوقت. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 377 "المختصر" (1) بما يوهم غير الصواب، وذلك أن الشافعي قال: "يخطب للجمعة (2) ويذكر فيها الكسوف". وقال في مسألة اجتماع العيد والكسوف: "يخطب للعيد والخسوف". وبين الكلامين فرق في المعنى يقتضيه افتراق المسألتين في أن خطبته لا تكون للجمعة والخسوف؛ إذ لو (3) نوى بخطبته الجمعة والكسوف لم يجز؛ لأن خطبة الجمعة فرض، والتشريك بين الفرض والنفل غير جائز على ما عرف (4). ولو نوى في المسألة الأخرى الخطبة للعيد والكسوف لجاز (5)؛ لكونهما سنتين، والله أعلم. ثم إن قوله: "خطبة واحدة" ليس معناه أنها خطبة فردة، بل معناه أنه لا يزيد على الخطبتين اللتين للجمعة، والله أعلم (6). قال: "وكذا يفعل عند اجتماع العيد والكسوف" (7) هذا كما قال، وإن لم يلزم التوالي بين (8) أربع خطب كما لزم في بعض صور المسألة التي قبلها، وهي ما (9) إذا قدَّم الخسوف على الجمعة عند اتساع الوقت، فإنه لو خطب لهما   (1) انظره ص: 38. (2) في (ب): في الجمعة. (3) في (أ): إذا. (4) انظر: فتاوى ابن الصلاح 1/ 236، الأشباه والنظائر للسيوطي ص: 22. (5) في (أ) و (ب): جاز. (6) قوله: (ثم إن ... إلخ) سقط من (ب). (7) الوسيط 2/ 798. وقبله: ولا بأس بوقوع الخطبة قبل صلاة الكسوف؛ لأنها ليست من شرائطها، وكذا يفعل ... إلخ. (8) في (أ): على. (9) سقط من (ب). الجزء: 2 ¦ الصفحة: 378 لتوالت أربع خطب، فلا يجمع ههنا أيضاً مع أن خطبتين تقعان (1) بين الصلاتين، وخطبتين بعدهما، وذلك للاستغناء بخطبتين فقط ويكونان ههنا على الشركة بينهما، بخلاف الجمعة. صلاة (2) الجنازة تقدَّم على الصلوات (3) المذكورة عند ضيق الوقت واتساعه؛ لما يخشى عليه من الانفجار إلا مع الجمعة عند ضيق الوقت (4)، وهذا يتوقف على تكلف في تصويره؛ فإن صلاة الجنازة لا يكاد يظهر تأثيرها في تفويت الجمعة لقرب زمانها، فالصحيح عند هذا تقديم الجمعة؛ لأنها آكد من وجوه، وسقوطها إلى بدل لا يوجب ترجيح صلاة (5) الجنازة عليها، وقد حققت ذلك في المسألة التي أفردتها في أن تارك صلاة الجمعة (6) يقتل. قوله: "ولا يصلى لغير الخسوفين" (7) معطوف على ما قبله في أنه أيضاً قول الشافعي - رضي الله عنه -. أي هذه الصلاة المخصوصة. وأما بالنظر إلى مطلق الصلاة فلا   (1) في (أ): تقع. (2) في (أ): وصلاة. (3) في (أ): الصلاة. (4) قال الغزالي: "ولو اجتمع جنازة مع هذه الصلوات فهي مقدمة إلا مع الجمعة عند ضيق الوقت ففيه خلاف، والأصح تقديم الجمعة، ووجه تقديم الجنازة أن الجمعة لها بدل". أهـ الوسيط 2/ 798. (5) سقط من (ب). (6) في (ب): الجماعة. (7) الوسيط 2/ 798. حيث قال الغزالي: "ثم قال الشافعي: ولا يبرز بالناس؛ لأنه ربما يفوت بالبروز. ولا يصلى لغير الخسوفين من الآيات كالزلازل وغيرها".أهـ وانظر قول الشافعي في الأم 1/ 409. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 379 منع إلا في أنه لا يصلي لها جماعة، إذ تستحب الصلاة فرادى ذكره صاحب "التهذيب" (1)، وأشار إليه صاحب المذهب (2).   (1) انظر: التهذيب ص: 753. (2) في (أ) و (ب): المهذَّب، وقد نصَّ عليه الإمام الشافعي في الأم 1/ 409، وانظر المهذَّب 1/ 123. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 380 ومن باب صلاة الاستسقاء قال: "ماء السماء و (1) العيون" (2) هكذا هو عندي وعند غيري بالواو، والأجود "أو" على ما في بعض النسخ (3)، وكما هو في غير "الوسيط" (4)؛ لأن كل واحد منهما مستقل بالسببيَّة، فالسبب حصول الضرر بانقطاع ماء السماء، أو العيون، أو الأنهار. والواو أيضاً تتأول على ذلك، والله أعلم. قال: "فيسنُّ لنا أن نستسقي لهم (5) " (6) هذا قد نصَّ الشافعي عليه (7)، وسياق كلامه وكلام غير واحد من أصحابه (8) يدل على أنه استسقاء بالصلاة، ولفظ شيخنا الغزالي في "البسيط" (9) من أدلِّها على ذلك، والشيخ أبو إسحاق يقول: "ويستحب لأهل الخصب أن يدعوا لأهل الجدب" (10)، وهذا يوهم   (1) سقط من (ب). (2) الوسيط 2/ 799. وقبله: وهي سنة عرفت من فعل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ... وسببها أن ينقطع ماء السماء ... إلخ (3) وهو المثبت في طبعة الوسيط. (4) كالبسيط 1/ ل162/ أ. (5) سقط من (ب). (6) الوسيط 2/ 799. وقبله: ولو أُخبرنا أن طائفة من المسلمين ابتلوا به فيسنُّ ... إلخ. (7) انظر: الأم 1/ 411، مختصر المزني ص: 39. (8) أشار إليه إمام الحرمين في نهاية المطلب 2/ ل121/ ب، والرافعي في فتح العزيز 5/ 89. قال النووي: " .. وهكذا عبارة الأصحاب: يستحب لأهل الخصب أن يدعوا لأهل الجدب، ولم يتعرَّضوا للصلاة، وظاهر كلامهم أنه لا تشرع الصلاة". أهـ المجموع 5/ 92. (9) 1/ ل162/ أحيث قال: " ... فيستحب عندنا صلاة الاستسقاء ولا يتقيَّد ذلك بالعموم، بل لو أخبرنا أن طائفة من المسلمين ابتلوا به فيسنُّ لنا أن نستسقي لهم نصَّ الشافعي عليه". أهـ (10) المهذَّب 1/ 125. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 381 خلاف ذلك والله أعلم. فأقول: يمكن تخريجه على خلاف من حيث إنَّ النعمة حاصلة للمستسقي، واستسقاؤهم لغيرهم استزادة للنعمة، فهو كالصلاة لاستزادة النَّعمة، على ما يأتي (1)، ويمكن الفرق بينهما، والله أعلم. قوله في تكريرها: "كما يراه الإمام" (2) أي ناظراً في مقدار ضرورتهم (3)، وما ينالهم من المشقَّة في الاجتماع، عاملًا بحسب المصلحة. ثم هل يقدم على المرة الثانية أو الأخرى صيام ثلاثة أيَّام نقل (4) في ذلك نصَّان (5): فمن الأصحاب من حملهما على اختلاف حالين وعلى ما يراه الإمام (6): إن رأى الحال يقتضي التنجيز خرج بهم من الغد، و (7) إن اقتضت الحال التأخير صاموا ثلاثة أيَّام (8) قبل الخروج. وجعل أبو الحسين ابن القطَّان (9) المسألة على قولين، وقال:   (1) في الصفحة الآتية. (2) الوسيط 2/ 799. وقبله: ثم إن سقوا يوم الخروج فذاك، وإن تمادى تكرر ثانياً وثالثاً كما يراه ... إلخ. (3) في (د): صورتهم، والمثبت من (أ) و (ب). (4) سقط من (ب). (5) ففي الأم 1/ 412: "وأحبُّ كلما أراد الإمام العودة إلى الاستسقاء أن يأمر الناس أن يصوموا قبل عودته إليه ثلاثاً". وفي مختصر المزني ص: 39: "فإن سقاهم الله وإلا عادوا من الغد للصلاة والاستسقاء حتى يسقيهم الله". أهـ (6) نقله النووي في المجموع 5/ 88 عن الشيخ أبي حامد الأسفراييني، والمحاملي, والبندنيجي. وانظر فتح العزيز 5/ 90. (7) سقط من (ب). (8) قوله: (نقل ... ثلاثة أيَّام) سقط من (أ). (9) هو أبو الحسين أحمد بن محمَّد بن أحمد بن القطَّان البغدادي، أحد أئمة الشافعية، وأحد أصحاب الوجوه، وصنَّف في أصول الفقه وفروعه، تفقَّه على ابن سريج، توفي سنة 359 هـ. انظر ترجمته في: تهذيب الأسماء 2/ 214، السير 16/ 159، طبقات الأسنوي 2/ 298، البداية والنهاية 11/ 286. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 382 "ليس في باب الاستسقاء مسألة فيها قولان إلا هذه" (1)، وعلى هذا فالأظهر أنهم يخرجون من الغدِ (2). قلت: وفي قلب الرداء من الأعلى إلى الأسفل قولان يأتي إن شاء الله تعالى ذكرهما (3)، وتلك أولى بأن تذكر في معرض ما ذكره لما سبق من تنزيل من (4) نزَّل النصَّين على اختلاف حالين (5)، والله أعلم. قوله: "وكذا في أدائها للاستزادة في النِّعمة" (6) أي إذا لم يبتلوا بالجدب وأرادوا الاستسقاء طلباً للزيادة، وهو في هذا أبعد؛ لأن ذلك لم يعهد عمَّن سلف، والأصحُّ والمشهور، والمنصوص أنهم لا يصلُّون للشكر أيضاً (7)؛ لأن   (1) انظر النقل عنه في: حلية العلماء 2/ 326. (2) انظر: فتح العزيز 5/ 90، المجموع 5/ 88. (3) ذكرها ابن الصلاح هنا تعريضاً بقول ابن القطَّان السابق. (4) سقط من (ب). (5) انظر: حلية العلماء 2/ 326 حيث قال: "وقيل: إنها ليست على قولين، وإنما جوَّز هذا وهذا". أهـ (6) الوسيط 2/ 799. وقبله: فإن سقوا قبل الاستسقاء خرجوا للشكر والموعظة، وفي أداء الصلاة للشكر وجهان، وكذا في أدائها .... إلخ. (7) وفي كلامه هذا نظر - من حيث المذهب الشافعي -؛ إذ قال النووي: "والصواب الجزم بالصلاة - أي للشكر - كما نصَّ عليه الشافعي، والمصنَّف، والأصحاب، ولا تغتر بما وقع في كلام بعض المتأخرين - وكأنه يعرَّض بابن الصلاح - من أن الأشهر ترك الصلاة؛ فإنه غلط فاحش وسبق قلم، أو غباوة، وإلا فكتب الأصحاب متظاهرة على استحباب الصلاة، وممن ذكرها الشافعي، والشيخ أبو حامد، والماوردي، والمحاملي في كتبه، والقاضي أبو الطيَّب، وسليم الرازي، وصاحب العدة، والبغوي، والشيخ نصر المقدسي في كتبه، وخلائق لا يحصون ... " المجموع 5/ 90 - 91، وانظر الحاوي 2/ 521، التعليقة للقاضي أبي الطيِّب 2/ ل181/ أ - ب، المهذَّب 1/ 125، التهذيب ص: 758. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 383 صلاة الاستسقاء الواردة وقعت لاستدفاع الجدوبة، وهذا دونها في المعنى فلا يقاس عليها. قال: "ووقتها وقتها" (1) هذا حكاه شيخه (2)، وهو في "البسيط" أيضاً (3) عن الشيخ أبي علي (4) وحده، قال شيخه: "وهذا وإن كان وفاءً (5) بالتشبيه على الكمال - يعني (6) بصلاة العيد - ولكني (7) لم أره لغيره من الأئمة". قلت: قد قاله غيره وهو الشيخ أبو حامد الأسفراييني (8)، وهو مع هذا شذوذ في المذهب بعيد، ويا ليته لم يورده في هذا الكتاب هكذا (9) مقطوعاً به بل كان يورده كما أورده في "البسيط" (10)، وكما أورده (11) شيخه الإمام، وعنه نقل ذلك (12)، وأحسبه لمَّا أراد الاقتصار اقتصر عليه من حيث إنه رأي أنه المنقول لا غير، من   (1) الوسيط 2/ 799. وقبله: ثم أقلُّ هذه الصلاة كأقلِّ صلاة العيد. ووقتها ... إلخ. (2) انظر: نهاية المطلب 2/ 121/ ب. (3) 1/ ل 162/ ب. (4) وهو السنجي كما في (أ) و (ب). (5) في (د): وقتاً، والمثبت من (أ) و (ب). (6) سقط من (ب). (7) في (ب): ولكن. (8) انظر النقل عنه في: المجموع 5/ 76. (9) في (ب): هذا. (10) 1/ ل 162/ ب حيث قال: "قال الشيخ أبو علي يدخل وقتها بطلوع الشمس، ويخرج بالزوال كما في العيد، وهذا وفاءً بكمال التشبيه، ولكن لم يُرَ هذا لغيره". أهـ (11) في (ب): أورد. (12) سقط من (ب). الجزء: 2 ¦ الصفحة: 384 جهة أن قول شيخه: "لم أره لغيره من الأئمة" ليس دالاً على نقل خلافه عن (1) أحد من الأئمة كما لا يخفى، فاقتصر لذلك (2) على ما رآه المنقول. ثم إن المصير إلى أن وقتها وقت صلاة العيد لا مستند له يصحُّ من حيث إن مقاصد الاستسقاء لا تتقيَّد بوقت دون وقت، وما اعتمد عليه من التشبيه بالعيد مندفع؛ فإنه لا يختصُّ الاستسقاء بيوم، وإن اختصَّ العيد بيوم، فكذلك لا يختصُّ بوقت من اليوم وإن اختصَّ به العيد، وهذا واضح بيَّن، وعدم اختصاصها بوقت هو الذي ذكره صاحب "الحاوي" (3)، وصاحب "الشامل" (4)، وصاحب "التتمَّة" (5)، وقد نصَّ الشافعي عليه، نقله عنه صاحب "جمع الجوامع لمنصوصاته" (6)، وفي هذا الكتاب أيضاً ما يشعر بعدم الاختصاص عند الأصحاب وهو ما سبق من نقله اختلافهم في كراهة (7) صلاة الاستسقاء في الأوقات المكروهة (8)، إذ ليس (9) في وقت صلاة العيد وقت يكره فعلها فيه.   (1) في (ب): من. (2) في (أ): كذلك. (3) انظر: الحاوي 2/ 518. (4) انظر النقل عنه في: المجموع 5/ 76. (5) انظر النقل عنه في: فتح العزيز 5/ 98. (6) انظر النقل عنه في: الموضع السابق من المجموع. (7) في (أ) و (ب): كراهيَّة. (8) انظر: الوسيط 2/ 560. (9) في (د): ليست، والمثبت من (أ) و (ب). الجزء: 2 ¦ الصفحة: 385 قوله: "ثم يخرجون في الرابع صياماً" (1) ممن قطع به صاحب "الحاوي" (2)، و"المهذَّب" (3)، ثم رأيته منصوصاً للشافعي (4)، وهو بخلاف يوم عرفة؛ فإنه يستحب فيه للحاجِّ الإفطار تقوِّياً على الدعاء، والفرق كون ذلك مفروضاً في هذه الصلاة (5) في أول النهار على العادة قبل ظهور تأثير الصوم في الضعف (6). قوله: "في ثياب بذلة وتخشُّع" (7) ينبغي أن يجعل: وتخشُّع (8) عطفاً على ثياب لا على بذلة حتى يكون معناه: يخرجون في تخشُّع وثياب بذلة (9)، وعلى تقدير عكسه لا يكون قد تعرَّض لصفتهم في أنفسهم وهي المقصودة (10)، التي الثياب البذلة وصلة إليها، وقد يكون الرجل في ثياب تخشُّع وبذلة، وهو (في) (11) تجبُّر (12) في نفسه، والله أعلم.   (1) الوسيط 2/ 799. وقبله: وأكملها أن يأمر الناس بالتوبة، والخروج عن المظالم، وأن يستحلَّ بعضهم بعضاً، ويأمرهم بالصوم ثلاثة أيَّام، ثم يخرجون ... إلخ. (2) انظر: الحاوي 2/ 516. (3) انظر: المهذَّب 1/ 123. (4) انظر: الأم 1/ 412. (5) في هذه الصلاة: سقط من (ب). (6) انظر: الحاوي 2/ 517، المجموع 5/ 70. (7) الوسيط 2/ 799. وقبله قوله السابق. (8) قوله: (ينبغي ... وتخشُّع) سقط من (ب). (9) وهي ما يمتهن من الثياب في الخدمة. انظر: المصباح المنير ص: 16. (10) في (ب): المقصود. (11) زيادة من (أ) و (ب). (12) في تجبُّر: مكررة في (ب). الجزء: 2 ¦ الصفحة: 386 قوله: "وفي إخراج البهائم قصداً تردد" (1) يعني وجهين (2)، والأصحُّ عنده أنه يستحب؛ فإنه لم يذكر في "الوجيز" لفظاً غيره (3)، لكن غيره (4) نقل أن المنصوص في "الأم" (5) نفي الاستحباب. والاستحباب قول أبي إسحاق المروزي (6)، والله أعلم. ولذلك تأثير ظاهر إذا وجدت الكيفيَّة التي فعلها قوم يونس - صلى الله عليه وسلم - حيث فرَّقوا بين البهائم وأولادها مع فعلهم مثله في أنفسهم (7)، وهو متجه بدون ذلك لما فيه من توافق فاقات المضطرين، وتظافر رغبات الراغبين (8) على اختلاف أنواعها وأنواعهم، والله أعلم. قوله: "ولا بأس بخروج أهل الذمَّة" (9) هذه عبارة يطلقها الفقهاء في مباح خولف المبيح في إباحته، أو في مباح تركه أولى، وهذا عند الأصوليين المتأخرين غير مباح، بل مكروه (10). وليس هذا بالقول (11) المزيَّف المحكي في   (1) الوسيط 2/ 800. وقبله: ويستحب إخراج الصبيان، وفي إخراج البهائم ... إلخ. (2) في (ب): على وجهين. (3) في (ب): لفظاً في الوجيز، بالتقديم والتأخير، وانظر الوجيز 1/ 72. (4) كالشيرازي في المهذَّب 1/ 124، والشاشي في حلية العلماء 2/ 322. (5) حيث قال الشافعي: "ولا آمر بإخراج البهائم". الأم 1/ 413. (6) انظر النقل عنه: في المهذَّب وحلية العلماء في الموضعين السابقين. (7) انظر: البداية والنهاية 1/ 217، وراجع تفسير قوله تعالى: {فَلَوْلَا كَانَتْ قَرْيَةٌ آمَنَتْ فَنَفَعَهَا إِيمَانُهَا إلا قَوْمَ يُونُسَ}، سورة يونس الآية (98) كالجامع لأحكام القرآن 8/ 245، وتفسير ابن كثير 2/ 433. (8) في (ب): الداعين. (9) الوسيط 2/ 800. وبعده: إن انحازوا إلى جانب. (10) انظر مثلاً: الإحكام للآمدي 1/ 122. (11) في (ب): القول. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 387 الأصول أن المكروه: ترك الأولى (1)، فإنه لا يخفى على (2) ذي فطنة أنه غيره، والله أعلم. قوله: "ومن أصحابنا من قال: هي (3) كصلاة العيد، إلا أنه يبدل السورة" (4) هذا مشكل، وحلُّه أن المضاف إلى بعض الأصحاب ليس قوله: هي كصلاة العيد؛ فإنه لا خلاف فيه بينهم، وإنما هو إبدال السورة (5)، والمذهب: أنها في السورتين أيضاً كصلاة العيد (6). قوله: "ثم يلحف" (7) أي يلحَّ، والإلحاف واللحاف (8) من أصل واحد وهو الشمول، كان الملُحِف يشمل (9) بسؤاله وجوه الطلب (10).   (1) تقدم ذكر هذا ص: 629. (2) في (ب): عن. (3) في (ب): إنها. (4) الوسيط 2/ 800. وبعده: في إحدى الركعتين فيقرأ {إِنَّا أَرْسَلْنَا نُوحًا} لاشتمالها على قوله تعالى {يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُمْ مِدْرَارًا}. أهـ (5) نقله غير واحد عن بعض الأصحاب هكذا غير منسوب لأحد انظر: الحاوي 2/ 518، المهذَّب 1/ 124، حلية العلماء 2/ 324، فتح العزيز 5/ 97. (6) انظر: المصادر السابقة، المجموع 5/ 74 - 75، مغني المحتاج 1/ 323 - 324. (7) الوسيط 2/ 800. حيث قال: "ثم يخطب الإمام خطبتين بعد الفراغ كما في العيد، لكن يبدل التكبيرات بالاستغفار، ثم يلحف بالدعاء في الخطبة الثانية". أهـ. (8) سقط من (ب). (9) في (ب): يشتمل. (10) انظر: الصحاح 4/ 1426، النهاية في غريب الحديث والأثر 4/ 237، القاموس المحيط 3/ 262. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 388 قال: "ويستقبل القبلة فيها" (1) أي بعد أن يأتي ببعضها مستقبلاً للناس، وذكر صاحب "الكافي" الزبيري: أن ذلك إذا بلغ نصفها (2). ويجهر في دعائه وهو مستقبل (3) للناس، ويسرُّ وهو مستقبل القبلة، واحتجَّ لهذا صاحب "الحاوي" (4)، وغيره (5): بأنّه أبلغ، واستشهد بقوله تعالى: {ثُمَّ إِنِّي أَعْلَنْتُ لَهُمْ وَأَسْرَرْتُ لَهُمْ إِسْرَارًا} (6). والتحويل يكون بعد الاستقبال كما قال (7)، وفي لفظ حديث عبد الله بن زيد ما يدلُّ عليه (8)، والله أعلم. قوله: "فيقلب الأعلى إلى الأسفل، واليمين إلى اليسار، والظاهر إلى الباطن" (9) جمع شيخه (10)، ثم هو في تفسير القول الجديد بين ثلاثة أنواع من   (1) الوسيط 2/ 800. وقد ذكره بعد كلامه السابق. (2) لم أقف على النقل عنه فيما بين يديَّ من مصادر، والله أعلم. (3) في (د): يستقبل، والمثبت من (أ) و (ب). (4) انظر: الحاوي 2/ 519. (5) كالشيرازي في: المهذَّب 1/ 125. (6) سورة نوح الآية (9). (7) قال الغزالي: "ويستقبل القبلة فيهما، ويستدبر الناس، ثم يحوَّل رداءه تفاؤلاً بتحول الحال" الوسيط 2/ 800. (8) روى البخاري ومسلم عن عبد الله بن زيد "أن النبي - صلى الله عليه وسلم - خرج إلى المصلى فاستسقى فاستقبل القبلة، وقلب - وفي رواية حوَّل - رداءه ... الحديث". انظر: صحيح البخاري - مع الفتح. كتاب الاستسقاء، باب تحويل الرداء في الاستسقاء 2/ 578 رقم (1012)، وصحيح مسلم - مع النووي - كتاب صلاة الاستسقاء، باب صلاة الاستسقاء 6/ 188 - 189. (9) الوسيط 2/ 800. وهو بعد قوله السابق. (10) انظر: نهاية المطلب 2/ 122/ أ. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 389 التحويل. والذي رأيته في كلام الشافعي (1)، وغيره من أصحابنا (2): النكس والتحويل من اليمين إلى اليسار، من غير ضم للثالث إليهما في الذكر. وذلك هو الصواب، ويتبيَّن ذلك بالنظر في كيفيته، وعهدي بالمتفقهة (3) وهم أو أكثرهم لا يهتدون لتصوير الجمع بين النكس والتحويل بفعل واحد!، وكيفيته: أنه إذا أراد التحويل الذي هو أن يجعل الطرف الذي على منكبه الأيمن على منكبه الأيسر فلا يفعله بأن يقلب الطرف الذي هو على منكبه الأيمن إلى جهة المنكب الأيسر رافعاً ذلك الطرف إلى هذا الطرف من غير إدارة، فإن الذي يحصل به هو التحويل من اليمين إلى اليسار مع انقلاب الظاهر إلى الباطن من غير تنكيس. بل ينبغي أن يديره في جانبه الأعلى آخذاً في صوب القفا دائراً أو بالعكس حتى يستدير ذلك الجانب إلى هذا الجانب، ويصير الأعلى أسفل، فيجتمع فيه التحويل والتنكيس، دون انقلاب الظاهر إلى الباطن، وعند هذا فإنما يحصل انقلاب الظاهر مع التحويل من اليمين وحده كما ذكرت، أو يحصل مع التنكيس وحده أيضاً وهو أن يرفع الطرف (4) الذي يلي القفا فيقلبه إلى أسفل (5)، أو (6) يأخذ الطرف الأسفل فيجعله على عاتقه، فيصير الأسفل   (1) انظر: الأم 1/ 418. (2) في (أ) و (ب): أصحابه. وانظر: الحاوي 2/ 519، المهذَّب 1/ 125، حلية العلماء 2/ 325. (3) في (د): بالمتفقه، والمثبت من (أ) و (ب). (4) سقط من (ب). (5) في (أ) و (ب): الأسفل. (6) في (أ): إلى الأسفل ويأخذ. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 390 مكان الأعلى، ويحصل التنكيس مع انقلاب (1) الظاهر إلى الباطن من غير تحويل اليمين إلى اليسار. وإذا فهم هذا فليس الأمر فيه على الإطلاق في مطلق الرداء كما أطلق المصنِّف وشيخه، بل الجمع بين التحويل والتنكيس مخصوص بما يسهل (2) فيه ذلك كالرداء المربَّع (3)، دون ما يشقُّ فيه و (4) ذلك كالساجِّ الذي ذكره المزني (5) في تصويره، وهو الطيلسان (6) المقوَّر ينسج كذلك (7)، وعبَّر الشيخ أبو إسحاق عنه بالرداء المدوَّر (8)، وهكذا ما (9) مثَّل به صاحب "التتمة" من الرداء الذي له طرفان (10)، يعني الطويل، فهذا يقتصر فيه على التحويل من اليمين إلى اليسار مع انقلاب الظاهر وهو ما صوَّرته أولاً، فخرج منه أن التحويل له كيفيتان: إحداهما: تحصل مع انقلاب الظاهر دون   (1) في (ب): الانقلاب. (2) في (د): يشتمل، وهو خطأ، والمثبت من (أ) و (ب). (3) انظر: المهذَّب 1/ 125، فتح العزيز 5/ 103، المجموع 5/ 82، مغني المحتاج 1/ 325. (4) سقط من (أ) و (ب). (5) انظر مختصره ص: 39. (6) الطيلسان فارسي معرَّب، وهو من لباس العجم. انظر: الصحاح 3/ 944، المصباح المنير ص: 142. (7) قال الأزهري: "والمقوَّر من قوَّرت البطيخ والجيب". الزاهر في غريب ألفاظ الشافعي ص: 83، وقال الفيومي في المصباح ص: 198: "قوَّرت الشيء تقويراً قطعت من وسطه خَرْقاً مستديراً كما يقوَّر البطيخ". (8) انظر: المهذَّب 1/ 125. (9) سقط من (ب). (10) لم أقف على النقل عنه فيما بين يديَّ من مصادر، والله أعلم. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 391 التنكيس، وهذا هو المخصوص بالساجَّ والرداء الطويل. وفي الكيفية (1) الأخرى يحصل مع التنكيس دون انقلاب الظاهر، وهو المذكور في الرداء المربَّع. فجمع الإمام أبو المعالي ثم صاحبه الغزالي - رحمنا الله وإيَّاهما - بين الأنواع الثلاثة في مطلق الرداء وادَّعيا حصولها (2) مجتمعة، وقد وضح عدم تصوره (3). فإن قلتَ: يتصور بفعل ثان، فيأتي أولاً بالتحويل والتنكيس كما سبق، ثم يقلب الرداء ظهراً لبطن، أو يأتي بالتنكيس أولاً ثم بالتحويل (4) من اليمين. قلتُ: إذا فعل ذلك زال وصف آخر وهو في المثال الأول التنكيس؛ فإنه يعود الأعلى أعلى كما كان. وفي المثال الثاني يعود الباطن باطناً كما كان. ثم لفظ الإمام فيه: "يقلب الأسفل إلى الأعلى، وما كان من اليمين إلى اليسار، ومن اليسار إلى اليمين، وهو في ذلك يقلب ما كان يلي البدن إلى الظاهر". ولولا لفظه هذا لكان يمكن أن يقال: إنه أراد حصول الأنواع الثلاثة على الجملة، وإن كان على التعاقب في صورتين، لكن لفظه هذا ثم لفظ "الوسيط" المعبِّر عنه لا يستعمل في التصانيف إلا للجمع بينهما في حالة واحدة، وإن ساغ في كلام العرب استعماله فيما يتعاقب، فلا يحمل على مثله ما يوجد في مخاطبات الناس، لا سيَّما في كتب الفقه، ثم إنَّ ذلك لا أصل له في المذهب ولا في السنة، فلا سبيل إلى المصير إليه، فليُتأمل ذلك؛ فإنه من نفائس ما وقع عليه (5) خاتم البحث، والله أعلم.   (1) في (ب): كيفية. (2) في (ب): حصوله. (3) في (ب): تصويره. (4) قوله: (والتنكيس ... بالتحويل) سقط من (ب). (5) سقط من (أ). الجزء: 2 ¦ الصفحة: 392 واقتصر صاحب "التتمة" في الرداء المربَّع على التنكيس مع انقلاب الظاهر، وذكر أنه الأولى (1). ولم أره لغيره، وهو بعيد، بل هو - والله أعلم - غلط، وخروج عن الجديد والقديم معاً، وهو تحريف للقول (2) القديم؛ لأنه في القديم اقتصر على قلب الظاهر مع التحويل من اليمين إلى اليسار (3) احتجاجاً بفعل النبي - صلى الله عليه وسلم - (4)، فجعل هو التنكيس بدل التحويل، فكان مخالفاً لما فعل ولما همَّ به - صلى الله عليه وسلم - ومنشأ هذا الوهم: لفظة في الحديث حملها على غير وجهها، وذلك أنه احتجَّ بحديث عبد الله بن زيد (أن النبي - صلى الله عليه وسلم - استسقى وكان عليه خميصة له سوداء، فأراد أن يأخذ أسفلها فيجعله أعلاها، فلمَّا ثقلت عليه قلبها على عاتقه). أخرجه أبو داود (5)، وهو حديث حسن، فحمل هذا على أنه أخذ الطرف الأسفل من شقه الأيسر فجعله على عاتقه وقال: (إنه يصيِّر الأعلى   (1) لم أقف على النقل عنه فيما بين يدي من مصادر، والله أعلم. (2) في (ب): القول. (3) انظر: النقل عن القديم: في المجموع 5/ 86، روضة الطالبين 1/ 606، مغني المحتاج 1/ 325. (4) فيما رواه عبد الله بن زيد كما سيأتي قريباً. (5) في سننه كتاب الصلاة، باب جماع أبواب صلاة الاستسقاء وتفريعها 1/ 688 رقم (1164)، وممن رواه كذلك النسائي مختصراً في سننه كتاب الاستسقاء، باب الحال التي يستحب للإمام أن يكون عليها إذا خرج 3/ 173 رقم (1506)، والشافعي في مسنده ص: 387، وفي الأم 1/ 418، وأحمد في المسند 4/ 41، والحاكم في المستدرك 1/ 327 وقال: "هو صحيح على شرط مسلم"، والبيهقي في السنن الكبرى كتاب الاستسقاء 3/ 489 رقم (6417)، قال النووي في المجموع 5/ 80: "صحيح أو حسن", وراجع: تذكرة الأخيار ل88/ أ، التلخيص الحبير 5/ 103. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 393 أسفل والأسفل أعلى). وهذا سهو عظيم؛ فإن (قوله) (1): (قلبها) ليس منحصر المعنى (2) في انقلاب الأسفل، بل تحويله من اليمين إلى اليسار يجوز (3) أن يقال فيه: قلبها على عاتقه؛ لما لا يخفى وجهه في اللغة (4)، ونسأل الله العصمة والإثابة. قوله: "فترك" يعني: واقتصر على التحويل من اليمين إلى اليسار مع انقلاب الظاهر إلى الباطن، والاقتصار على هذا (هو) (5) القول القديم، والله أعلم. قوله: "خميصة" هو (6) كساء أسود له علمان في طرفيه (7)، نُسب هذا القول إلى أهل الحجاز وغيرهم (8)، وهو البرَّكان (9)، وقال أبو عبيد في صفته: "مربَّع" (10). وقال الأصمعي: "كساء من صوف وخذًّ" (11). وقال الجوهري:   (1) زيادة من (أ) و (ب). (2) سقط من (أ). (3) في (ب): ويجوز، والواو هنا مقحمة. (4) إذ يقال في اللغة: قلبته قلباً إذا حوَّلته عن وجهه انظر: القاموس المحيط 1/ 158، المصباح المنير ص: 195. وهذا المعنى يشمل تحويل أسفلها إلى أعلاها، وتحويل ما كان في اليمين إلى اليسار، والله أعلم. (5) زيادة من (أ) و (ب). (6) في (أ): هي. (7) في (د) و (ب): طرفه، والمثبت من (أ). (8) انظر: الزاهر في غريب ألفاظ الشافعي ص: 84، المجموع 5/ 82. (9) هكذا تسميه العرب، وأهل الحجاز يسمونه البرنكان انظر: الزاهر الموضع السابق. (10) انظر: غريب الحديث 1/ 138. (11) انظر النقل عنه في غريب الحديث الموضع السابق. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 394 "كساء رقيق أصفر أو أحمر أو أسود" (1). ويدل على قوله: أن في الحديث: "خميصة سوداء". وظاهره أنها قد تكون غير سوداء. الدعاء الذي ذكره (2) هو الذي نصَّ عليه إمام المذهب (3) وذكره عن سالم (4) عن أبيه عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - (5). وقوله "هنيئاً مريئاً" الهنيء: الطيِّب الذي لا   (1) لم أقف عليه في تعريفه للخميصة في الصحاح 3/ 1038 وقال في تعريفه: "كساء أسود له علمان. فإن لم يكن معلماً فليس بخميصة". أهـ، ونقل النووي هذا القول من غير نسبة لأحد فقال: "وقيل: كساء ... إلخ" المجموع 5/ 82. (2) قال الغزالي: "ويستحب أن يدعو في الخطبة الأولى ويقول: اللهم اسقنا غيثاً مغيثاً، هنيئاً مريعاً، غدقاً مجلّلاً، طبقاً، سخَّاً، دائماً. اللهم اسقنا الغيث ولا تجعلنا من القانتين، اللهم إن بالعباد والبلاد من اللأواء والضنك والجهد ما لا نشكو إلا إليك. اللهم أنبت لنا الزرع، وأدرَّ لنا الضرع، واسقنا من بركات السماء. اللهم ارفع عنا الجهد والجوع والعرى، واكشف عنا ما لا يكشفه غيرك. اللهم إنا نستغفرك إنك كنت غفَّاراً، فأرسل السماء علينا مدراراً. أهـ الوسيط 2/ 801. (3) انظر: الأم 1/ 417، مختصر المزني ص: 40. (4) هو سالم بن عبد الله بن عمر بن الخطاب أبو عمر وقيل: أبو عبد الله القرشي العدوي المدني التابعي، الإمام الفقيه، الزاهد، العابد، وعُدَّ من الفقهاء السبعة بالمدينة قال عنه الحافظ ابن حجر: "أحد الفقهاء السبعة، وكان ثبتاً، عابداً، فاضلًا"، وكان يشبَّه بأبيه في الهدي والسمت، توفي سنة 106 هـ، وروى حديثه الجماعة. انظر ترجمته في: تهذيب الأسماء 1/ 207، تذكرة الحفاظ 1/ 88، تقريب التهذيب ص: 226، شذرات الذهب 1/ 133. (5) قال الحافظ ابن حجر: "ولم نقف له على إسنادٍ، ولا وصله البيهقي في مصنفاته، بل رواه في المعرفة من طريق الشافعي قال: ويروى عن سالم به. ثم قال: وقد روينا بعض هذه الألفاظ وبعض معانيها في حديث أنس بن مالك، وفي حديث جابر، وفي حديث عبد الله بن جراد، وفي حديث كعب بن مرَّة، وفي حديث غيرهم. ثم ساقها بأسانيده". التلخيص الحبير 5/ 101، وراجع معرفة السنن والآثار 3/ 100 - 101. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 395 ينغصه شيء (1)، أي ليكون مُنْمياً مُسْمناً للحيوان. والمريء: المحمود العاقبة أي فلا وباء فيه (2). "مريعا" هو من المراعة، وهي الخصب (3)، وروي: مربعاً بالباء الموحدة (4)، ومرتعاً بالتاء المثناة من فوق ويعودان إلى الأول (5). "غدقاً": كثير الماء (6). "مجلَّلاً طبقاً": أما المجلّل ففيه إشعار بالنفع والكفاية، أي يعم البلاد والعباد نفعه (7). وأما الطبق فهو (8) بفتح الباء، وهو الذي يطبق البلاد، ويصير كالطبق عليها، وفيه مبالغة (9). و (10) في الحديث وذكره الشافعي وأصحابه (11): "عامَّاً طبقاً" بدأ بالعام ثم اتبعه بالطبق؛ لأنه صفة زيادة في العام، فقد يكون عامَّاً وهو طلٌّ يسير (12). قوله (13) "سحَّاً" فيه إشعار بشدة وقعه على الأرض، فهو مشعر بقوته (14).   (1) انظر: الزاهر ص: 85، المفردات في غريب القرآن ص: 546، المجموع 5/ 81. (2) انظر: الزاهر والمجموع الموضع السابق، النهاية في غريب الحديث والأثر 4/ 313. (3) انظر: الصحاح 3/ 1223، الزاهر والمجموع الموضع السابق. (4) في (د): الواحدة، والمثبت من (أ) و (ب). (5) في (د): ويعود إلى أن الأول، والمثبت من (أ) و (ب). وانظر: المجموع الموضع السابق. (6) انظر: المفردات في غريب القرآن ص: 358. (7) انظر: الزاهر والمجموع الموضع السابق، النهاية في غريب الحديث والأثر 1/ 289. (8) سقط من (ب). (9) انظر: الزاهر والمجموع الموضع السابق، النهاية في غريب الحديث والأثر 3/ 113. (10) سقط من (ب). (11) كالماوردي في الحاوي 2/ 523، والشيرازي في التنبيه ص: 47. (12) انظر: المجموع الموضع السابق. (13) في (أ) و (ب): وقوله. (14) انظر: الزاهر والمجموع الموضع السابق. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 396 "اللأْواءُ": شدة المجاعة (1). و"الضنك": الضيق (2) و"الجهد" بفتح الجيم قلة الخير (3). و"بركات السماء" المطر الكثير النافع (4). وترك المؤلف: وأنبت لنا من بركات الأرض. وهو في الدعاء كما ذكره غيره (5). السماء ههنا السحاب (6). "مدراراً" أي كثير الدَرِّ والمطر (7).   (1) انظر: المصباح المنير ص: 214. (2) انظر: القاموس المحيط 3/ 424. (3) انظر: الصحاح 2/ 460، القاموس المحيط 1/ 396. (4) انظر: الزاهر والمجموع الموضع السابق. (5) فقد نصَّ عليه الشافعي في الأم 1/ 417، والماوردي في الحاوي 2/ 523، والشيرازي في التنبيه ص: 48. (6) انظر: الزاهر ص: 86. (7) انظر: الزاهر الموضع السابق، المجموع 5/ 82. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 397 كتاب الجنائز المحتضر (1): الذي حضره الموت، ويستعمل هذا اللفظ عند الإطلاق في المكروه من موت وغيره (2)، والله أعلم. قال: "والتعزية والبكاء" (3) قلت: أما التعزية فهي مؤخرة عن الدفن استحباباً (4). وأما البكاء فمتقدم على الموت (5)، حتى لقد نصَّ الشافعي على كراهيَّته بعد الموت (6). فيقال: كيف أخَّر ذكره مع التزامه ترتيب الوجود (7)؟ وجوابه: أن البكاء لم يذكر مع هذه الأشياء لكونه قسيماً لها؛ فإنه غير مأمور به، وإنما يُذكر تبعاً للتعزية في بابها؛ لأن التعزية تصبير عن البكاء ومنع من أسبابه (8)، فتأخر عنها في الذكر لذلك، والله أعلم.   (1) قال الغزالي: "كتاب الجنائز: والنظر فيه يتعلق بآداب المحتضر، وبغسل الميِّت ... القول في المحتضر: من أشرف على الموت فليستقبل به القبلة". أهـ الوسيط 2/ 803. (2) انظر: الصحاح 2/ 634، النهاية في غريب الحديث والأثر 1/ 399 - 400، لسان العرب 3/ 216. (3) الوسيط 2/ 803. وقبله: والنظر فيه يتعلق بآداب المحتضر، وبغسل الميَّت، وتزيينه، وتكفينه، وحمل جنازته، والصلاة عليه، ودفنه، والتعزية ... إلخ (4) انظر: التهذيب ص: 814، المجموع 5/ 306، مغني المحتاج 1/ 355. (5) يعني استحباباً، وإلا فهو جائز قبل الموت وبعده. انظر: التهذيب ص: 815، فتح العزيز 5/ 254 - 255، المجموع 5/ 307. (6) نصُّ الشافعي في الأم 1/ 468: "وأرخص في البكاء بلا أن يتأثر، ولا أن يعلن إلا خيراً، ولا يدعون بحرب قبل الموت، فإذا مات أمسكن". أهـ (7) حيث قال: "فيجرى فيه على ترتيب الوجود اعتباراً". الوسيط 2/ 803. (8) انظر: الزاهر ص: 91 - 92، المصباح المنير ص: 155. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 399 اختار أن المحتضر يلقى على قفاه وأخمصاه إلى القبلة (1). وعلى هذا عمل العامَّة (2)، وينبغي على هذا أن يُرفع رأسه قليلاً حتى يكون بوجهه (3) مستقبلاً للقبلة. والوجه الآخر وهو أن يُضجع على جنبه الأيمن مستقبل القبلة كالموضوع في اللحد، وهو نصُّ الشافعي (4)، ومذهب أبي حنيفة (5)، وهو الأصحُّ عند الأكثر (6)، ولم يذكر العراقيون أو جمهورهم غيره (7). فإن لم يتمكن من ذلك تعيَّن وضعه على القفا، والله أعلم. قوله - صلى الله عليه وسلم -: (لا يموتنَّ أحدكم إلا وهو يحسن الظنَّ بالله عزَّ وجلَّ) (8) أخرجه مسلم (9) في "صحيحه" من حديث جابر - رضي الله عنه - (10). ومعناه: يموت وهو ظانُّ أنه يرحمه (11)، والله أعلم.   (1) انظر: الوسيط 2/ 803. (2) انظر: نهاية المطلب 2/ ل 123/ ب - ل 124/ أ. (3) في (د): توجيهه، والمثبت من (أ) و (ب). (4) انظر: مختصر البويطي ل55/ ب. (5) انظر: بدائع الصنائع 1/ 298، الدرُّ المختار وحاشيته لابن عابدين 3/ 78. (6) انظر: المهذَّب 1/ 126، فتح العزيز 5/ 107، المجموع 5/ 116. (7) قوله أو جمهورهم استدراك منه؛ لأنه قد نقل الوجه الآخر من العراقيين الماوردي في الحاوي 3/ 4، والشاشي في حلية العلماء 2/ 330. (8) قال الغزالي: "وليكن هو في نفسه حسن الظنَّ بالله عزَّ وجلَّ قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: لا يموتنَّ ... الحديث" الوسيط 2/ 803. (9) في (ب): البخاري. وهو وهم. (10) انظره - مع النووي - كتاب الجنَّة وصفة نعيمها وأهلها، باب الأمر بحسن الظنَّ بالله تعالى عند الموت 17/ 209. (11) في (ب): يرحمه الله. وانظر: شرح النووي على مسلم 17/ 210. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 400 قال: "فإنها تُسْرع إليه الفساد" (1) المحفوظ في أسرع أنه لازم، واستعمله هو متعدَّياً، وله اتجاه إن ساعده النقل بأن يجعل متعدي سرُع بضم الراء فهو سريع (2). الأصحُّ أنه لا (3) تشترط النيَّة على الغاسل (4)؛ لأن النيَّة إنما تشترط على المغتسل لا على الغاسل، كما لو غسل حيَّاً أو وضأه، ومع هذا فما ذكره من سقوط الغسل بناءً على هذا فيمن لفظهُ البحرُ وانغسلت أعضاؤه (5)، قاله شيخه (6)، وغيره (7)، وهو بعيد، والصحيح (8)، والمنصوص (9): أنا وإن لم نوجب النيَّة فلا بدَّ من إعادة غسل الغريق؛ لأن أصل الفعل مستحق فرض على الكفاية، وما ذكره يلحقه بإزالة النجاسة التي هي من قبيل التروك (10). وقد   (1) الوسيط 2/ 804. وقبله: ويصان عن الثياب المُدَفِيَّة؛ فإنها تُسْرع ... إلخ (2) انظر: لسان العرب 6/ 241، القاموس المحيط 3/ 49. (3) سقط من (ب). (4) قال الغزالي: "وفي النيَّة - أي في اشتراطها على الغاسل - وجهان: أحدهما: لا تجب؛ لتعذُّرها على المغسول. والثاني: أنها تجب على الغاسل؛ وإنما الميَّت محلُّ الغسل". أهـ الوسيط 2/ 804. والذي صححه ابن الصلاح هو الراجح في المذهب قال النووي: "صححه الأكثرون وهو ظاهر نصَّ الشافعي". أهـ روضة الطالبين 1/ 613، وراجع فتح العزيز 5/ 114، المجموع 5/ 164. (5) انظر: الوسيط 2/ 804. (6) انظر: نهاية المطلب 2/ ل125/ ب. (7) كالفوراني في الإبانة ل 53/ أ, والبغوي في التهذيب ص: 770. (8) انظر: فتح العزيز 5/ 114 - 115، المنهاج للنووي 1/ 332، مغني المحتاج 1/ 332. (9) انظر: مختصر البويطي ل55/ ب. (10) وهي لا يشترط فيها نيَّة لحصول المقصود منها. انظر: الأشباه والنظائر للسيوطي ص: 12. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 401 نقل عن نصَّ الشافعي. أنَّ غسل الذمِّية زوجها (1) المسلم جائز، وأنَّ الغريق يعاد غسله (2). فنصَّ على هذا مع أنَّ نصَّه الأول يدلُّ على عدم وجوب النيَّة فدلَّ ذلك على ما قلناه، والله أعلم. قوله: "أن ينقل إلى (3) موضع خالٍ على لوح" (4) أي فيغسل على لوح، وليس المراد أن يكون النقل على لوح، والله أعلم. إنما يفتق القميص الذي يغسل فيه ولا يرفع طرفه (5)؛ لئلا يقع البصر على شيء من بدنه، فقد يتغيَّر شيء من بدنه بثوران دم أو غيره، فيعتقد كونه عقوبة. قال: "أن يحضر ماءً بارداً" (6) أي يكون الغسل به، فهو الأولى إلا عند الحاجة إلى المسخَّن بسبب في المغسول أو الغاسل. قال: "ولو استعمل السَّدر جاز" (7) هذه عبارة من لا يراه مستحبَّاً، وهو مستحبٌّ للحديث (اغسلوه بماء وسدر) (8).   (1) في (د): لزوجها، والمثبت من (أ) و (ب). (2) انظر: فتح العزيز 5/ 115، المجموع 5/ 164. (3) في (د): من، والمثبت من (أ) و (ب). (4) الوسيط 2/ 804. (5) قال الغزالي: "ولا ينزع قميصه بل يغسل فيه، وإن مسَّت الحاجة إلى مسِّ بدنه فتق الغاسل القميص، وأدخل يده فيه". أهـ الوسيط 2/ 804. (6) الوسيط الموضع السابق وبعده: كيلا يتسارع إليه الفساد. (7) الوسيط الموضع السابق. وعبارته: "وليكن طاهراً طهوراً، ولو استعمل السدر في بعض الغسلات جاز، لكن المتغيَّر بالسدر لا يتأدى به الفرض خلافاً لأبي إسحاق المروزي". أهـ (8) وهو حديث الرجل الذي وقصته ناقته، وقد رواه الشيخان انظر: صحيح البخاري - مع الفتح - كتاب الجنائز، باب كيف يكفَّن المحرم 3/ 164 رقم (1267)، وصحيح مسلم - مع النووي - كتاب الحجَّ، باب ما يفعل بالمحرم إذا مات 8/ 126. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 402 قال: "لا يتأدى به الفرض" العبارة الجيِّدة: لا يحسب من الغسلات الثلاث؛ لأنه لا (1) يتأدى به النفل أيضاً، وقول أبي إسحاق يتوجَّه بأنّه مأمور باستعمال السِّدر فلا يسلب الطهوريَّة؛ لأنه (2) يلتحق (3) بما يشقُّ حفظ الماء عنه. قوله: "وعنده تكون مجمرة (4) متَّقدة" (5) هو هكذا في غير نسخة بتقديم عنده، وهو عجمة، وكأنه ترجمةٌ عجميَّةٌ هذا الكلام، والله أعلم. قوله: "خيفة من تسارع الفساد" (6) أي بدخول الماء في (7) جوفه. قوله: "لو (8) خرجت منه نجاسة" (9) أي من أحد السبيلين. أما من غيرهما فلا يجيء إلا وجه الاقتصار على غسل المحلِّ، ووجه إعادة الغسل في جميع البدن على احتمال عند الإمام أبي المعالي (10). من قال بالوجه الأول فوجهه أن هذا   (1) سقط من (ب). (2) في (أ): لا. (3) قوله: (يتوجَّه ... يلتحق) سقط من (ب). (4) المجمرة: المبخرة والمدخنة. انظر: المصباح المنير ص: 44. (5) الوسيط 2/ 805. وبعده: فائحة بالطيِّب. (6) الوسيط 2/ 805 - 806. وقبله: ثم يوضئه ثلاثاً مع المضمضة والاستنشاق، فإن كانت أسنانه متراصة فلا يفتحها للمضمضة، بل يوصل الماء إلى ثغره، وإن كانت مفتوحة ففي إيصال الماء داخل الفم تردد خيفة من تسارع ... إلخ. (7) في (أ) و (ب): إلى. (8) في (ب): ولو. (9) الوسيط 2/ 806. وبعده: بعد الغسل ففيه ثلاثة أوجه: أحدها: أنه يعيد الكل. الثاني: أنه يعيد الوضوء دون الغسل. الثالث: أنه يقتصر على إزالة النجاسة. أهـ (10) انظر: نهاية المطلب 2/ ل125/ ب. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 403 خاتمة طهارته فلا يكتفى إلا بالطهارة الكاملة. ومن قال بالثالث قال: إنها لم تنقض طهارته، ولم توجب حدثاً فهي كالنجاسة الأجنبية، وهذا هو الصحيح (1)، وبه قال مالك (2)، وأبو حنيفة (3). قوله: "وكان في غسله ما يهرِّيه" (4) يقال: هرَّأه (5) بالهمزة هذا هو الأصل (6)، والله أعلم. ذكر أن في غسل الأمة والمستولَدة وجهين (7). وليس الوجهان (8) على التساوي فيهما (9)؛ فإن في الأمة المنع (أقوى) (10) لكون الملك فيها صار للورثة، والمستولدة أشبه بالزوجة، وعتقها كانتهاء النكاح بالموت في حق الزوجة، ومع   (1) انظر: فتح العزيز 5/ 123، روضة الطالبين 1/ 616، كفاية الأخيار 1/ 316. (2) انظر: بداية المجتهد 1/ 423، عقد الجواهر الثمينة لابن شاس 1/ 255، حاشية الدسوقي 1/ 415. (3) انظر: بدائع الصنائع 1/ 301، الدرُّ المختار مع حاشية ابن عابدين عليه 3/ 89. (4) الوسيط 2/ 804. حيث قال: "لو احترق مسلم وكان في غسله ما يهرَّيه يمَّمناه". أهـ (5) سقط من (ب). (6) انظر: الصحاح 1/ 83. يقال: هرأت اللحم هرْءاً، وأهرأته وهرَّأته تهرية إذا أجدت إنضاجه حتى سقط عن العظم. (7) قال الغزالي: "ويجوز للرجال غسل الرجال، وللنساء غسل النساء، وعند اختلاف الجنس فلا يجوز إلا بزوجيَّة أو محرميَّة، ويجوز بمِلك اليمين للسيِّد في أمته ومستولَدته وهل يجوز لهما غسل السيِّد؟ فوجهان .... " الوسيط 2/ 806. (8) في (ب): الوجهين. (9) في (أ): فيهما على التساوي، بالتقديم والتأخير. (10) زيادة من (أ) و (ب). الجزء: 2 ¦ الصفحة: 404 ذلك فالأظهر في الصورتين المنع (1)، بخلاف الزوجة فإنَّ أثر النكاح باقٍ بعد الموت، والله أعلم. ذكر أنه إذا مات رجل أو امرأة ولم يوجد إلا أجنبي من غير الجنس تولى الغسل. قال: "وكذلك الخنثى يتولى غسله الرجال والنساء استصحاباً لحكم (2) الصغر" (3) هذا في "النهاية" (4)، و"البسيط" (5) مختصٌّ (6) بالخنثى أي لو مات الخنثى صغيراً لجاز للجنسين (7) غسله (8)، وجَّهه به القفَّال ولم يرتضه إمام الحرمين (9) من حيث إن مقتضاه جواز ذلك بعد بلوغه في حال الحياة أيضاً (10) استصحاباً. وإنما علة الحكم في الصور الثلاث مسيس الحاجة. قلت: ولما ذكر (11) القفَّال اتجاه من حيث إنَّ ذلك إنما جاز في الخنثى في حال الصغر من حيث إنه يجوز النظر إلى عورة الصغير الذي لا يشتهى للحاجة الحآقَّة (12)، فإنه   (1) انظر: التهذيب ص: 775، فتح العزيز 5/ 126، روضة الطالبين 1/ 619. (2) في (د): بالحكم، والمثبت من (أ) و (ب). (3) الوسيط 2/ 807. (4) 2/ ل126/ أ - ب. (5) 1/ ل164/ أ. (6) في (أ): مخصوص. (7) في (أ): للجنس. (8) في (أ): غسله أيضاً. (9) انظر: نهاية المطلب 2/ ل126/ ب. (10) سقط من (ب)، وفي (أ): ذكر أيضاً. (11) في (أ): قال. (12) في (ب): اللحاقة يقال: حقّت الحاجة إذا نزلت واشتدَّت فهي حآقَّة. انظر: المصباح المنير ص: 55. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 405 يشقُّ الصون والتصوُّن عن ذلك فيستصحب ذلك فيها بعد الموت في الحالة المذكورة؛ لاشتراك الحالين في عدم الاشتهاء، وتحقق الحاجة، ولا نستصحبه في حال حياته بعد بلوغه؛ لقيام المغيِّر، وهذا يتمشَّى في الصور الثلاث، والله أعلم. ثم إنَّ ترجيحه للقول بالغسل هو رأي شيخه (1)، والأكثر من الأصحاب على أن الأصحَّ القول بالتيمم (2)، وهو مذهب أبي حنيفة (3)، وهذا أقوى، والله أعلم. قوله في توجيه الوجه المذكور في تقديم المحارم على الزوج في غسل المرأة: "لأن النكاح كالمنقطع بالموت" (4) أي كالمنقطع أثره بالموت، وإلا فالنكاح نفسه منقطع بالموت لا كالمنقطع، والله أعلم. الأظهر تقديم النساء على الزوج، وتقديم الزوج على الرجال المحارم (5). قوله في توجيه القول باستحباب (6) قلم أظفار الميَّت: "لقوله - صلى الله عليه وسلم -: افعلوا بموتاكم كما (7) تفعلون بأحيائكم" (8) بحثت عنه فلم أجده   (1) انظر: نهاية المطلب 2/ ل126/ ب، ورجحه البغوي في التهذيب ص: 775. (2) انظر: فتح العزيز 5/ 126، المنهاج 1/ 335، روضة الطالبين 1/ 619. (3) انظر: بدائع الصنائع 1/ 306، الدرُّ المختار مع حاشية ابن عابدين عليها 3/ 94. (4) الوسيط 2/ 807. (5) قال الغزالي: "إذا ازدحم جمع يصلحون للغسل على امرأة فالبداية بالنساء المحارم، ثم بعدهنَّ بالأجنبيات، ثم بالزوج، ثم برجال المحارم ... ". وانظر: الوجيز 1/ 73، فتح العزيز 5/ 128، المجموع 5/ 135. (6) في (أ): استصحاب. (7) في (أ) و (ب): ما، وهي كذا في المتن. (8) الوسيط 2/ 808. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 406 ثابتاً (1)، والله أعلم. وإجراؤه الخلاف في الاستحباب قد صار إليه صاحب "المهذَّب" (2)، وصاحبه أبو العباس الجرجاني (3). وقد قال المحاملي (4)، والروياني (5)، وغيرهما (6): لا خلاف في أنه لا يستحب وإنما الخلاف في أنَّ ذلك مكروه أو غير مكروه، ثم إنَّ الأصحَّ أنه يقلَّم أظفاره، قاله المحاملي (7)، وهو الجديد (8)، والله أعلم. الأصحُّ جواز تطييب الميَّتة المعتدَّة (9)، والله أعلم.   (1) قال ابن الملقَّن: "هذا الحديث لم أر من خرَّجه". أهـ تذكرة الأخيار ل88/ أ. وقال ابن حجر: "وقد روى ابن أبي شيبة عن محمَّد بن أبي عدي عن حميد عن بكر - هو ابن عبد الله المزني - قال: قدمت المدينة فسألت عن غسل الميَّت فقال بعضهم: اصنع بميَّتك كما تصنع بعروسك غير أن لا تجلو. وأخرجه أبو بكر المروزي في كتاب الجنائز له ... وإسناده صحيح، لكن ظاهره الوقف". أهـ التلخيص الحبير 2/ 106 (طبعة شركة الطباعة الفنيَّة المتحدة)، وانظر مصنَّف ابن أبي شيبة 3/ 245 غير أنه في آخره: "غير أن لا تحلقه". (2) انظر: المهذَّب 1/ 129، وقطع في التنبيه ص: 50 باستحبابه. (3) انظر النقل عنه في: المجموع 5/ 179. (4) انظر النقل عنه في: المجموع الموضع السابق. (5) انظر النقل عنه في: فتح العزيز 5/ 130. (6) نقله النووي عن الشيخ أبي حامد والبندنيجي وابن الصبَّاغ وغيرهم. المجموع 5/ 179. (7) انظر النقل عنه في: المجموع الموضع السابق. (8) انظر: الحاوي 3/ 12، حلية العلماء 2/ 336. (9) قال الغزالي: "وفي صيانة المعتدَّة عن الطيب وجهان: ووجه الفرق: أن امتناعها تحرز عن الرجال، أو تفجُّع على الزوج". أهـ الوسيط 2/ 808. وراجع: فتح العزيز 5/ 129 - 130، روضة الطالبين 1/ 621. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 407 قوله في التكفين: "وأحبُّ الثياب إلى الله (1) تعالى البيض" (2) هذا إشارة منه إلى حديث ذكره شيخه (3)، وهو أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: (أحبُّ الثياب إلى الله البيض تلبسها أحياؤكم وتكفَّن فيها موتاكم) وإنما المحفوظ في لفظ الحديث: (إنها خير الثياب أو من خيرها). هكذا رويناه من وجوه، واحتجَّ به الشافعي ورواه بإسناده عن سمرة بن جندب (4) قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: (خير ثيابكم هذه الثياب البياض (5)، فليلبسها أحياؤكم، وكفَّنوا فيها موتاكم) وروي نحوه من حديث ابن عباس عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وإسناده جيَّد (6)، والله أعلم.   (1) في (أ): أهله. (2) الوسيط 2/ 808. (3) انظر: نهاية المطلب 2/ ل129/ ب - ل130/ أ. (4) لم أقف عليه فيما بين يديَّ من كتب الشافعي، وقد نصَّ على استحباب البياض واستدلَّ له بحديث عائشة في كفن النبي - صلى الله عليه وسلم - انظر: الأم 1/ 444، مختصر المزني ص: 42، مختصر البويطي ل55/ ب. أما حديث سمرة هذا فقد رواه النسائي في سننه كتاب الجنائز، باب أي الكفن خير 4/ 335 رقم (1895)، وابن الجارود في المنتقى ص: 185، والحاكم في المستدرك 1/ 354 وقال: "صحيح"، ووافقه الذهبي، ورواه البيهقي في السنن الكبرى كتاب الجنائز 3/ 565 رقم (6690، 6691)، قال الحافظ ابن حجر في فتح الباري 3/ 162: "إسناده صحيح". وكذا قال الألباني في أحكام الجنائز ص: 82. (5) في (أ): البيض. (6) رواه أبو داود في سننه كتاب اللباس، باب في البياض 4/ 332 رقم (4061)، والترمذي في جامعه كتاب الجنائز، باب ما يستحبُّ من الأكفان 3/ 319 - 320 رقم (994) وقال: "حديث حسن صحيح"، وابن ماجه في سننه كتاب اللباس، باب البياض من الثياب 2/ 1181 رقم (3566)، والبيهقي في السنن الكبرى كتاب الحجَّ 5/ 50 رقم (8951) بسنده عن الشافعي إلى ابن عباس، وراجع التلخيص الحبير 4/ 620. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 408 قوله في تكفين المرأة في الحرير: "يكره لأجل السرف" (1) قلت: قد حرَّمنا على أصحِّ الوجهين (2) على المرأة افتراش الحرير؛ لأنه أبيح لها لما فيه من تزيينها وتحسينها لرجلها، ولا وجود لذلك في افتراشها، وكذلك لا وجود (3) لذلك في تكفينها به بل أولى (4)، والله أعلم. الأصحُّ أن للغرماء المنع من الزيادة على ثوب واحد (5) وهذا في الدين المستغرق (6)، والله أعلم. قوله: "أما المرأة إن (7) لم تُخْلِف مالاً فهل يجب على الزوج تجهيزها؟ فيه وجهان" (8) هذا الخلاف غير مخصوص (9) بما إذا لم تخلف مالاً، وهو عندهم   (1) الوسيط 2/ 808. (2) قوله: (على أصح الوجهين) سقط من (ب). (3) في (ب): وجه. (4) المشهور في المذهب القطع بجواز تكفينها به؛ لأنه يجوز لها لبسه في الحياة، لكن يكره تكفينها فيه, لأن فيه سرفاً، ويشبه إضاعة المال، بخلاف اللبس في الحياة فإنه تجمُّل للزوج. انظر: التهذيب ص: 779، فتح العزيز 5/ 131، المجموع 5/ 197، وقال في روضة الطالبين 1/ 623: "ولنا وجه شاذٌّ منكر أنه يحرم تكفين المرأة في الحرير". (5) قال الغزالي: "والصحيح أن الورثة يلزمهم الثاني والثالث - أي الثوب - وهل للغرماء المنازعة فيهما؟ فيه وجهان ... " الوسيط 2/ 809. (6) انظر: التهذيب ص: 781، فتح العزيز 5/ 134، المجموع 5/ 195. (7) في (أ): إذا. (8) الوسيط 2/ 809. (9) في (أ): ليس مخصَّصاً. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 409 مطلق في الزوجة المعسرة والموسرة (1)، وما ذكره في الكتاب من التعليل شامل لهما، وصرَّح بالتسوية بينهما في ذلك الشيخ أبو حامد (2)، وغيره (3). ثم إنَّ في الأصحِّ من الوجهين اختلافاً وخفاءً، فالأصحُّ عند الشيخ أبي حامد، والمحاملي (4)، والشيخ أبي إسحاق الشيرازي (5) القول بالوجوب، والأصحُّ عند القاضي الرويَّاني (6)، والقاضي أبي علي الفارقي (7) تلميذ الشيخ أبي إسحاق نفي الوجوب، ولعل هذا أقرب؛ فإن النكاح قد انتهى بالموت، وأيضاً فكسوة الزوجة وسائر نفقتها في مقابلة الاستمتاع، وقد خرجت بالموت عن أهليَّة ذلك بالكليَّة، وليست كالمريضة المدنفة (8) ونحوها؛ فإنها محل الاستمتاع على الجملة بالنظر وغيره، وليست كالأمة؛ فإن نفقتها ليست في مقابلة الاستمتاع، ولهذا يجب مع المحرميَّة، ولا يسقط بالإباق والنشوز (9)،   (1) انظر: الحاوي 3/ 29، الإبانة ل54/ أ، المهذَّب 1/ 129، حلية العلماء 2/ 338. (2) لم أقف على النقل عنه فيما بين يديَّ من مصادر، والله أعلم. (3) نقله النووي في المجموع 5/ 189 عن: البندنيجي، والعبدري، وابن الصبَّاغ، وسائر الأصحاب. (4) انظر النقل عنه في: المجموع 5/ 189. (5) انظر: المهذَّب 1/ 130، التنبيه ص: 50. (6) لم أقف على النقل عنه فيما بين يديَّ من مصادر، والله أعلم. (7) لم أقف على النقل عنه فيما بين يديَّ من مصادر، والله أعلم. (8) المدنفة: التي لازمها المرض. انظر: القاموس المحيط 3/ 190، المصباح المنير ص: 76. (9) لأن الإنفاق عليها سببه الملك انظر: المجموع 5/ 190. والنشوز: أصله الارتفاع، ونشزت المرأة من زوجها إذا عصته وامتنعت عليه. انظر: المصباح المنير ص: 231. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 410 ويترجَّح بأنّه قول الأئمة أبي حنيفة (1)، وأحمد (2)، وأحد أقوال مالك وأصحابه (3)، والله أعلم. الإزار المذكور في أكفان المرأة الخمسة (4). ذكر المحاملي (5)، وغيره (6) أنه المئزر الذي يشدُّ في الوسط لا الإزار الذي تتغطى به المرأة فوق ثيابها. ويدل عليه قول الشافعي: وأحبُّ إليَّ أن يجعل الإزار دون الدرع لأمر النبي - صلى الله عليه وسلم - بذلك في ابنته (7)، والله أعلم. الأصحُّ من القولين في المرأة إذا كفَّنت في خمسة أنه (8) يجعل فيها قميص (9)، روى ذلك أبو داود (10) عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في تكفين ابنته أم كلثوم، وإيَّاه صحح   (1) هو قول محمَّد بن الحسن من الحنفيَّة، وقال أبو يوسف بوجوبه على الزوج وعليه الفتوى، أما أبو حنيفة فلا رواية له في هذه المسألة كما قال ابن عابدين، وانظر المسألة في بدائع الصنائع 1/ 308 - 309، الدر المختار مع حاشية ابن عابدين عليه 3/ 101، ونسبه إلى أبي حنيفة صاحب كتاب رحمة الأمة ص: 87. (2) انظر: المغني 3/ 457، كشَّاف القناع 2/ 119 - 120، الإنصاف 2/ 510، الروض المربع 1/ 337. (3) انظر: عقد الجواهر الثمينة 1/ 260، رحمة الأمة في اختلاف الأئمة ص: 87. (4) قال الغزالي: "وإن كفَّنت في خمس: فإزار وخمار وثلاث لفائف". أهـ الوسيط 2/ 809. (5) انظر النقل عنه في: فتح العزيز 5/ 137، روضة الطالبين 1/ 626. (6) انظر: المهذَّب 1/ 131، وراجع: المجموع 5/ 207. (7) الأم 1/ 445. والحديث سيأتي تخريجه قريباً إن شاء الله. (8) في (ب): أن (9) قال الغزالي: "وإن كفَّنت في خمس فإزار وخمار وثلاث لفائف، وفي قول: تبدل لفافة قميص. وإن كفَّنت في ثلاث فثلاث لفائف. وإنما التردد في القميص إذا كفَّنت في خمس". أهـ الوسيط 2/ 809. (10) في سننه كتاب الجنائز، باب في كفن المرأة 3/ 509 رقم (3157)، قال النووي: "إسناده حسن إلا رجلاً لا أتحقق حاله، وقد رواه أبو داود فلم يضعِّفه". المجموع 5/ 205، وقد حكم عليه الزيلعي بالضعف، وكذا الألباني. انظر: نصب الراية 2/ 258، ضعيف سنن أبي داود ص: 319 رقم (691)، أحكام الجنائز ص: 85، وراجع التلخيص الحبير 5/ 136 - 137. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 411 الماوردي (1)، والرويَّاني (2)، واختاره المزني (3)، لكن إيراده مشعر بأن الأرجح عنه (4) أن لا يكون فيها قميص والله أعلم. قال: "ويستحبُّ أن يبخِّر الكفن بالعود، وهو أولى من المسك" (5) أي ذلك أولى من تطييب الكفن بالمسك لا من (6) التبخير به؛ فإن المسك لا يبخَّر به، فالكلام في أصل التطييب، لا في خصوص التبخير، وهذا نقلُ شيخه (7) قال: "رأي الشافعي تجمير الأكفان بالعود، واختاره على المسك؛ لما صحَّ عنده من كراهيَّة ابن عمر - رضي الله عنهما - لاستعمال المسك في الكفن فآثر الخروج من خلافه". قلت: هذا عكس الثابت في ذلك؛ فقد روى الفقيه الحافظ أبو بكر البيهقي بإسناده الصحيح عن الشافعي - رضي الله عنه - قال: (وسئل ابن عمر عن المسك أحنوط (8) هو؟ فقال: أو ليس من أطيب (9) طيبكم (10)!) وروى البيهقي   (1) انظر: الحاوي 3/ 28. (2) لم أقف على النقل عنه فيما بين يدي من مصادر، والله أعلم (3) انظر: مختصره ص: 43. (4) في (أ) و (ب): عنده. والضمير في عنه راجع إلى الشافعي - والله أعلم - حيث قال المزني: "وأحبُّ أن يكون أحدها درعاً لما رأيت فيه من قول العلماء، وقد قال به الشافعي مرَّة معها ثمَّ خطَّ عليه". أهـ (5) الوسيط 2/ 810. (6) في (د): لأن، وفي (أ): إلا من، والمثبت من (ب). (7) انظر: نهاية المطلب 2/ ل130/ أ. (8) الحنوط: بفتح الحاء وضم النون أنواع من الطيب تخلط للميَّت خاصة، ولا يقال في غير طيب الميِّت حنوط. انظر: تهذيب الأسماء واللغات 3/ 1/74، المجموع 5/ 199، المصباح المنير ص: 59. (9) في (ب): الطيب. (10) انظر: معرفة السنن والآثار 3/ 137. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 412 بإسناده (1) عن نافع قال: (مات سعيد بن زيد فقالت أم سعيد لعبد الله بن عمر: أنحنِّطه بالمسك؟ فقال: أي طيب أطيب من المسك! هاتي مسكك، فناولته إيَّاه). قال: (وروينا عن علي - رضي الله عنه - أنه أوصى أن يحنَّط بمسك كان عنده قال: هو فضل حنوط رسول الله - صلى الله عليه وسلم -). القول في حمل الجنازة: حمل الجنازة بين العمودين أفضل (2). روي (3) عن جماعة من الصحابة رضي الله عنهم أنهم فعلوا ذلك منهم: عثمان بن عفَّان، وسعد بن أبي وقَّاص، وابن عمر، وأبو هريرة، وغيرهم (4). وكيفيته: أن يتوسَّط الحامل العمودين البارزين من النعش، فيضعهما على عاتقيه (5)، وذلك مخصوص بالعمودين المتقدمين أمام النعش، وأما العمودان المؤخران فلا يفعل ذلك فيهما؛ فإنه لا يكاد يرى ما بين يديه، وإنما يحمل العمودين المتأخرين شخصان، فيكون أقلهم ثلاثة، هذا هو المعروف المقطوع به في كتب الأئمة (6).   (1) انظر: معرفة السنن والآثار الموضع السابق، والسنن الكبرى كتاب الجنائز 3/ 569 رقم (6708). (2) قال الغزالي: "الأولى أن يحمله ثلاثة، ويكون السابق بين العمودين، فإن لم يستقل بحمل الخشبتين فرجلان من جانبيه وهو بين العمودين فيكونون خمسة ... " الوسيط 2/ 810. (3) في (ب): وروي. (4) كابن الزبير، وقد رواه عنهم جميعاً الإمام الشافعي في الأم 1/ 450، والبيهقي في معرفة السنن والآثار 3/ 148 - 149، قال النووي: "والآثار المذكورة عن الصحابة رضي الله عنهم رواها الشافعي والبيهقي بأسانيد ضعيفة، إلا الأثر عن سعد بن أبي وقَّاص فصحيح". أهـ المجموع 5/ 269. (5) في (د) و (أ): عاتقه، والمثبت من (ب). (6) انظر: الإبانة ل54/ ب، المهذَّب 1/ 135، البسيط 1/ ل166/ أ، حلية العلماء 2/ 363. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 413 وأما الذي يفعل في هذه البلاد من الحمل بين العمودين المتأخرين أيضاً، والاقتصار على اثنين فشيء لا يعرف، وبقيت نحواً من ثلاثين سنة لا أجد ذلك منقولاً عن أحد من الأئمة، ثم إنَّي وجدته في كتاب "الاستذكار (1) " لأبي الفرج الدارمي محكيَّاً عن أبي إسحاق وأنه يحمل في المؤخرة كما يحمل في المقدمة (2)، وهو غريب جدَّاً، والله أعلم. قوله: "ومن أراد أن يحمل الجنازة فليحملها من جوانبها ... إلى آخره" (3) هذا فرَّعه غيره (4) على هيئة التربيع: وهو أن يحمل الجنازة أربعة: اثنان من (5) مقدمها، واثنان من (6) مؤخرها. وهي أفضل عند بعض الأصحاب (7)، وصاحب الكتاب لم يذكرها فكأنه فرَّع ذلك على ما ذكره من الحمل بين العمودين بتقدير أن يقع لخمسة، فإن ذلك يتهيأ على ذلك أيضاً. ثم إن قوله: "ومن أراد أن يحمل الجنازة فليحملها من جميع جوانبها" يقتضي أنَّ حملها بين أربعة أو خمسة أولى، وليس كذلك عنده (8)، وعند الجمهور (9)، وإنما ذكرت   (1) سقط من (ب). (2) انظر النقل عن الدارمي في حكايته عن أبي إسحاق المروزي في: المجموع 5/ 270. (3) الوسيط 2/ 810. (4) كالشيرازي في المهذَّب 1/ 135، والشاشي في حلية العلماء 2/ 362 - 363. (5) في (أ) و (ب): في. (6) في (أ) و (ب): في. (7) كالشاشي في حلية العلماء 2/ 363. (8) لأنه صرَّح بقوله: والأولى أن يحمله ثلاثة. الوسيط 2/ 810. (9) انظر: فتح العزيز 5/ 142، المجموع 5/ 269. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 414 الخمسة على تقدير (1)، فكان ينبغي أن (2) لا يعدل عن عبارته في "البسيط" (3) وهي: "من أراد أن يحمل الجنازة من جميع جوانبها فليبدأ بالشقِّ الأيسر ... إلى آخره"، والله أعلم. قوله في الإسراع بالجنازة: "قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: إن كان خيراً فإلى خير تقدَّمونه، وإن كان غير ذلك فبعداً لأهل النار" (4) هذا حديث ضعيف (5)، والصحيح في ذلك أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: (أسرعوا بالجنازة؛ فإن تك صالحة فخير تقدَّمونها إليه (6)، وإن تكن سوى ذلك فشرٌّ تضعونه عن (7) رقابكم) أخرجه البخاري (8) ومسلم (9) من حديث أبى هريرة، والله أعلم.   (1) وهو كونها ثقلت عليهم كما مرَّ في كلام الغزالي السابق. (2) سقط من (ب). (3) 1/ ل166/ ب. (4) الوسيط 2/ 811. (5) رواه أبو داود في سننه كتاب الجنائز، باب الإسراع بالجنازة 3/ 525 رقم (3184) عن ابن مسعود ولفظه: (سألنا نبينا - صلى الله عليه وسلم - عن المشي مع الجنازة فقال: ما دون الخبَبَ إن يكن خيراً تعجَّل إليه، وإن يكن غير ذلك فبعداً لأهل النار). قال أبو داود: "وهو ضعيف ... "، ورواه كذلك الترمذي في جامعه كتاب الجنائز، باب ما جاء في المشي خلف الجنازة 3/ 332 رقم (1011) وقال: "هذا حديث لا يعرف من حديث عبد الله بن مسعود إلا من هذا الوجه". ونقل تضعيفه عن البخاري، وراجع: تذكرة الأخيار ل88/ أ، التلخيص الحبير 5/ 144 - 145. (6) سقط من (ب). (7) في (ب): على. (8) في صحيحه - مع الفتح - كتاب الجنائز، باب السرعة بالجنازة 3/ 218 رقم 1315). (9) في صحيحه - مع النووي - كتاب الجنائز، باب الإسراع بالجنازة 7/ 12. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 415 قوله فيما (1) إذا وجد بعض الميِّت: "قال أبو حنيفة: لا يصلى عليه إلا إذا وجد النصف الأكبر" (2) معناه: إلا إذا وجد أكثر من النصف، وذلك يصحُّ على أن يجعل النصف ههنا عبارة عن أحد قسمي الشيء، وإن لم يستويا، وقد جاء ذلك (3) في قول الشاعر (4): إذا متُّ كان الناس نصفان ... شامت وآخر مثن بالذي كنت أصنع والله أعلم. قوله في السقط: "صرخ واستهلَّ" (5) تأكيد، والاستهلال رفع الصوت (6)، وكأنَّ الصراخ نوع منه، وهو ما كان فيه انزعاج (7)، والله أعلم. الأقوال المذكورة في السقط الذي بلغ الحدَّ الذي ينفخ فيه الروح (8) وعلامة ذلك التخطيط أصحها: أنه يغسل ولا يصلَّى عليه (9)، والله أعلم.   (1) في (ب): وفيما. (2) الوسيط 2/ 812. وراجع قول أبي حنيفة في بدائع الصنائع 1/ 316. (3) سقط من (أ). (4) هو العجير بن عبد الله السلولي، وهو شاعر إسلامي يحتجُّ بشعره. انظر: الدرر اللوامع على همع الهوامع لأحمد بن الأمين الشنقيطي 1/ 46، معجم الشواهد العربيَّة لعبد السلام هارون 1/ 217. (5) الوسيط 2/ 812 حيث قال: "السقط إن صرخ واستهلَّ فهو كالكبير، وإن لم يظهر عليه التخطيط فيوارى في خرقة، ولا يغسَّل ولا يصلى عليه؛ لأنه لم يتحقق موته". (6) انظر: غريب الحديث لأبي عبيد 1/ 172، الصحاح 5/ 1852، النهاية في غريب الحديث والأثر 5/ 271. (7) انظر: لسان العرب 7/ 318. (8) في (د): فيه الروح فيه، و (فيه) هنا مقحمة، والمثبت من (أ) و (ب). وقال الغزالي في السقط: "وإن ظهر شكل الآدمي ففيه ثلاثة أقوال: أحدها: أنه كالكبير استدلالاً بالشكل على الروح. والثاني: لا يغسل ولا يصلى عليه؛ لأنه لم تتحقق حياته. الثالث: أنه يغسل ولا يصلَّى عليه". أهـ الوسيط 2/ 812. (9) انظر: الأم 1/ 455، فتح العزيز 5/ 147 - 148، المجموع 5/ 256. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 416 قوله في السقط: "والكفن لا يجب إكماله إلا إذا أوجبنا الصلاة عليه" (1) ليس مراده بإكماله: ستر جميعه؛ فإنه يوجب (2) ذلك وإن لم يوجب الصلاة عليه، وإنما المراد: إكماله بالثاني والثالث الواجب على الصحيح في حقَّ الورثة (3)، والله أعلم. قوله: "القيد الثالث: الشهادة" (4) كان ينبغي أن يقول: عدم الشهادة؛ فإنه القيد في الصلاة كما تقدَّم، ولكن لمَّا كان المقصود الآن بالبيان إنما هو نفس الشهادة قال ذلك، ومع هذا ففيه حيد عن نهج الكلام، والله أعلم. قوله: "فإن كان في قتال أهل البغي، أو مات حتف أنفه (5) في قتال الكفَّار، أو مات بعد انقضاء القتال بجراحة مثخنة (6) أصابته في القتال، أو قتله حربي اغتيالاً من غير قتال ففي الكل قولان" (7) كان ينبغي أن يقول: ففي الكل خلاف؛ لأن المحكي فيما إذا (8) مات في المعترك حتف أنفه لا   (1) الوسيط 2/ 812. (2) في (أ): يجب. (3) انظر: المجموع 5/ 256. (4) الوسيط 2/ 813 وقبله: فيمن يصلى عليه: وهو كل ميَّت مسلم ليس بشهيد. فهذه ثلاثة قيود ... القيد الثالث ... إلخ. (5) أي مات من غير ضرب ولا قتل. انظر: المصباح المنير ص: 46. (6) أي بجراحة أضعفته وأوهنته انظر: القاموس المحيط 4/ 191، المصباح المنير ص: 31. (7) الوسيط 2/ 813. وقبله: القيد الثالث: الشهادة: فلا يغسَّل الشهيد ولا يصلَّى عليه. والشهيد من مات بسبب القتال مع الكفَّار في وقت قيام القتال، فهذه ثلاثة معان، فإن كان في قتال ... إلخ (8) في (أ): فيمن. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 417 بسبب من أسباب القتال، وفيما إذا قتله حربي اغتيالاً من غير قتال وجهان (1) (لا قولان) (2). ثم إنَّ الأظهر في الجميع أنه لا يثبت فيها حكم الشهادة المذكورة (3)، والله أعلم. قوله: "وأمَّا القتيل ظلماً من مسلم، أو ذمِّي، أو (4) المبطون (5)، أو (6) الغريب (7) فهؤلاء يغسلون ويصلَّى (8) عليهم، وإن ورد فيهم لفظ الشهادة" (9) هذا يوهم ورود لفظ الشهادة (10) في القتيل (11) ظلماً، وليس كذلك (12) , وإنما   (1) انظر: فتح العزيز 5/ 154، المجموع 5/ 261. (2) زيادة من (أ) و (ب). (3) انظر: الحاوي 3/ 35 - 36، المهذَّب 1/ 135، مغني المحتاج 1/ 350. (4) في (أ): و. (5) المبطون: الذي يموت بمرض بطنه كالاستسقاء ونحوه. انظر: النهاية في غريب الحديث والأثر 1/ 136. (6) في (أ): و. (7) الغريب: الذي بعد عن وطنه، فعيل بمعنى فاعل. انظر: المصباح المنير ص: 169. (8) في (ب): يصلُّون. (9) الوسيط 2/ 813. (10) قوله: (هذا يوهم ... الشهادة) سقط من (ب). (11) في (أ): المقتول. (12) روى الإمام أحمد في المسند 2/ 205 عن ابن عمرو - رضي الله عنه - قال: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: (ما من مسلم يظلم بمظلمة فيقاتل فيقتل إلا قتل شهيداً) لكن في سنده مجهولان، وراجع: تذكرة الأخيار ل88/ ب. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 418 ورد لفظ الشهادة (1) من جملة ما ذكر في المبطون (2)، والغريب (3) وذلك مراده، والله أعلم. قال: "قاطع الطريق إذا صلب قيل (4): لا يصلَّى عليه تغليظاً. والظاهر: أنه يغسَّل ويصلى عليه" ثمَّ فرَّع على الخلاف في كيفية قتله وصلبه (5)، وقال في آخر ذلك: "ومن رأى أنه يقتل مصلوباً ويبقى فلا يُتمكَّن من الصلاة عليه" (6) هذا ليس تكريراً للأوَّل، بل ذلك جمع منه بين طريقين خلطهما (7) ههنا، وفصل بينهما في "البسيط" (8) فقال فيه بعد قوله "والظاهر أنه يغسل ويصلى عليه": "ومن أصحابنا من فرَّع على كيفيَّة قتله". ثم حكى الخلاف المذكور في كيفيَّة قتله، وتفريع أمر الصلاة عليه، فيكون الوجه المذكور أولاً (9) في ترك الصلاة   (1) قوله: (في القتيل ظلماً ... الشهادة) مكررة في (د). (2) روى البخاري ومسلم من حديث أبي هريرة - رضي الله عنه - أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: (الشهداء خمسة: المطعون والمبطون ... الحديث) انظر: صحيح البخاري - مع الفتح - كتاب الجهاد، باب الشهادة سبع سوى القتل 6/ 50 رقم (2829)، وصحيح مسلم - مع النووي - كتاب الإمارة، باب بيان الشهداء 13/ 62. (3) روى ابن ماجه في سننه كتاب الجنائز، باب ما جاء فيمن مات غريباً 1/ 515 رقم (1613) عن ابن عباس - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: (موت غربة شهادة) قال الحافظ ابن حجر: "إسناده ضعيف". التلخيص الحبير 5/ 272. (4) في (د): وقيل، والواو هنا كأنها مقحمة، والمثبت من (أ) و (ب). (5) في (ب): صلبه وقتله، بالتقديم والتأخير (6) الوسيط 2/ 814. (7) في (أ): طرفين خلطا. (8) انظره 1/ ل167/ ب. (9) في (ب): أولى. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 419 مستمدَّاً من التغليظ كيف كانت هيئة القتل، ويكون الوجه المتأخر في ذلك مخصوصاً بكيفيَّةٍ في قتلةٍ خاصة على قول من قال بها، والله أعلم. قوله: "لقوله - صلى الله عليه وسلم -: زمِّلوهم (1) بكلومهم (2) ودمائهم، فإنهم يحشرون يوم القيامة وأوداجهم (3) تشخب دماً" (4) أخرجه النسائي بمعناه (5)، وتمامه: اللون لون دم، وريحه ريح المسك. وقوله "تشخب دماً" بفتح الخاء وبضمِّها أي تنفجر دماً (6)، والله أعلم. قوله في إزالة ما سوى الدم من النجاسات: " (الثاني) (7): لا تزال؛ فإن إزالتها تؤدي إلى إزالة أثر الشهادة. والثالث: إن كان يؤدي إلى الإزالة فلا تزال وإلا فتزال" (8) فالقائل بهذا الوجه الثالث يجعل ذلك موكولاً (9) إلى تحري   (1) أي لفُّوهم في ثيابهم التي فيها دماؤهم. وكل ملفوف في ثياب فهو مزمَّل. انظر: غريب الحديث لأبي عبيد 1/ 246، النهاية في غريب الحديث والأثر 2/ 313. (2) كلوم: جمع كلم وهو الجُرح. انظر: النهاية في غريب الحديث والأثر 4/ 199، المصباح المنير ص: 206. (3) أوداجهم: هي ما أحاط بالعنق من العروق التي يقطعها الذابح، وأحدها وَدَج. انظر: النهاية في غريب الحديث والأثر 5/ 165. (4) الوسيط 2/ 814. وقبله: فإن قيل: فبماذا يفارق الشهيد غيره؟ قلنا: في أربعة أمور: الأول: الغسل؛ فإنه حرام في حقَّه وإن كان جنباً لقوله - صلى الله عليه وسلم - ... إلخ. (5) انظر: سنن النسائي كتاب الجنائز، باب مواراة الشهيد في دمه 4/ 382 رقم (2001) قال الزيلعي في نصب الراية 2/ 307: "حديث غريب". والحديث رواه الشافعي في مسنده ص: 506، والبيهقي في السنن الكبرى، كتاب الجنائز 4/ 17 رقم (6800). (6) انظر: الصحاح 1/ 152، لسان العرب 7/ 49. (7) زيادة من (أ) و (ب). (8) الوسيط 2/ 815. (9) في (ب): موكلاً. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 420 الغاسل وظنِّه، فما (1) يظنُّه مؤدِّياً إلى إزالة دم الشهادة يتركه، وما لا فلا، وفي الوجه الذي قبله يسدُّ الباب ويمنع من الغسل مطلقاً؛ فإنه قد (2) يؤدِّي إلى إزالة دم الشهادة فيما يظن أنه لا يؤدِّي مع كونه في نفس الأمر يؤدِّي، والظاهر الوجه الأول وأنها تزال (3)، والله أعلم.   (1) في (أ): فيما. (2) سقط من (ب). (3) في (أ): لا تزال. وانظر: فتح العزيز 5/ 157، المنهاج للنووي 1/ 351، مغني المحتاج 1/ 351، نهاية المحتاج 2/ 499. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 421 ومن باب ترك الصلاة قوله (1): "قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: من ترك صلاة متعمِّداً فقد كفر" (2) هكذا ذكر الحديث شيخه بهذا اللفظ وجعلاه في "النهاية" (3)، و"البسيط" (4) مستنداً للصحيح من (5) المذهب: أنه يقتل بترك صلاة واحدة (6)؛ نظراً إلى كون الصلاة فيه منكرة. هذا الحديث بهذا اللفظ لا نعرفه (من وجه معتمد) (7) ولكن معتمده ثبت (8) - (من وجه معتمد) (9) - من (10) حديث جابر أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: (بين   (1) سقط من (ب). (2) الوسيط 2/ 832. وقبله: تارك الصلاة يقتل؛ قال - عليه السلام - ... إلخ. (3) 2/ ل123/ أ. (4) 1/ ل174/ أ. (5) في (أ) و (ب): في. (6) انظر: الإبانة ل 56/ ب، التنبيه ص: 25، المجموع 3/ 13 - 14، المنهاج 1/ 327. (7) ما بين القوسين زيادة من (أ) و (ب). وروى عبد بن حميد في المنتخب من مسنده ص: 318 رقم (1043) من طريق عمر بن زيد الصنعاني قال: أخبرني أبو الزبير أنه سمع جابر بن عبد الله قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: (ليس بين العبد وبين الكفر أو قال الشرك إلا أن يدع صلاة مكتوبة) وعمر بن زيد الصنعاني قال عنه الحفاظ ابن حجر: "ضعيف" تقريب التهذيب ص: 412، وقال ابن الملقَّن في تذكرة الأخيار ل91/ ب: "رواه البزار - أي هذا اللفظ الذي ساقه الغزالي - من حديث أبي الدرداء كذلك بإسنادٍ صحيح على شرط الترمذي ... "، ولم أقف عليه في المطبوع من مسند البزار، والله أعلم. (8) قوله: (ولكن ... ثبت) سقط من (ب). (9) ما بين القوسين زيادة من (أ). (10) في (أ) و (ب): وقد ثبت من، وفي (د): عن بدلاً من (من) المثبتة من (أ) و (ب). الجزء: 2 ¦ الصفحة: 422 العبد وبين الكفر ترك الصلاة) أخرجه مسلم (1)، وأبو داود (2)، وغيرهما (3) بتفاوت يسير بين (4) رواياتهم في اللفظ. وأخرج النسائي (5)، والترمذي (6)، وغيرهما (7) من حديث بريدة ابن الحصيب قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: (العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة فمن تركها فقد كفر)، والله أعلم. قوله (8): "وقيل: لا يقتل إلا (9) إذا صار الترك عادة له (10) " (11) هذا القائل لا يخصُّ ذلك بعدد، بل متى ما ظهر اعتياده للترك (12) توجَّه قتله.   (1) في صحيحه - مع النووي - كتاب الإيمان، باب إطلاق الكفر على تارك الصلاة 2/ 70 - 71. (2) في سننه كتاب السنَّة، باب في ردَّ الإرجاء 5/ 58 - 59 رقم (4678). (3) وممن رواه كذلك: الترمذي في جامعه كتاب الإيمان، باب ما جاء في ترك الصلاة 5/ 14 - 15 رقم (2619) , والنسائي في سننه كتاب الصلاة، باب الحكم في ترك الصلاة 1/ 251 رقم (463)، وابن ماجه في سننه كتاب إقامة الصلاة، باب ما جاء فيمن ترك الصلاة 1/ 342 رقم (1078). (4) سقط من (ب). (5) في سننه الموضع السابق برقم (462). (6) في جامعه الموضع السابق برقم (2621) وقال: "هذا حديث حسن صحيح غريب". (7) وممن رواه كذلك: ابن ماجه في سننه الموضع السابق برقم (1079)، أحمد في المسند 5/ 346. (8) سقط من (ب). (9) سقط من (ب). (10) سقط من (ب). (11) الوسيط 2/ 833. (12) في (ب): بالترك. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 423 أمَّا (1) قوله (2): "وقيل: إذا ترك صلاتين أو ثلاثة" (3) هذه عبارة موهمة، فليس أحد يجعل ذلك مردَّداً بين صلاتين وثلاثة، ولكن اعتبر بعضهم في ذلك صلاتين (4)، وبعضهم ثلاثة (5)، فحكى الوجهين - رحمه الله وإيَّانا - بهذه العبارة البعيدة عن (6) الإشعار بذلك، والله أعلم. (قوله) (7): "وقال صاحب التلخيص: لا يرفع نعشه" (8) أراد نعش (9) القبر الذي (10) ذكره (11) فيما سبق، وهو ارتفاعه عن الأرض، وعبارتهم عن ذلك: أنه يطمس قبره (12)، والله أعلم.   (1) سقط من (ب). وفي (أ): وأمَّا. (2) في (د): وقوله، والواو هنا مقحمة، والمثبت من (أ) و (ب). (3) الوسيط 2/ 833. وهو بعد كلامه السابق. (4) يحكى عن أبي إسحاق المروزي. انظر: الحاوي 2/ 527، المهذَّب 1/ 51. (5) يحكى عن الاصطخري. انظر: المصدرين السابقين، مغني المحتاج 1/ 328. (6) في (أ) و (ب): من. (7) زيادة من (أ) و (ب). (8) الوسيط 2/ 833. وبعده: ولا يصلى عليه وهو تحكُّم لا أصل له. وراجع التلخيص ص: 186. (9) في (أ) و (ب): به نعش. (10) سقط من (ب). (11) في (د): ذكر، والمثبت من (أ) و (ب). والضمير يعود إلى الإمام الغزالي وانظر الوسيط 2/ 825. (12) انظر: مغني المحتاج 1/ 328. ولكن المشهور في المذهب أنه لا يطمس قبره كبقيَّة أهل الكبائر من المسلمين إذا حدُّوا. انظر: نهاية المطلب 2/ ل123/ ب، التهذيب ص: 389، فتح العزيز 5/ 312، المنهاج 1/ 328، نهاية المحتاج 2/ 431. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 424 الصندوق الخيَري لنِشر البُحوثِ وَالرسَائِل العلمية (24) الدرَاسَات الفِقهيَّة (19) شَرحُ مشكِل الوَسِيطِ لأبي عمرو عثمان بن عبد الرحمن الشهرزوري ابن الصَّلاح (ت/ 643 هـ) دراسة وتحقيق د. محمد بلال بن محمد أمين المجلد الثالث دار كنوز إشبيليا للنشر والتوزيع الجزء: 3 ¦ الصفحة: 1 بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 2 شرح مشكل الوسيط (3) الجزء: 3 ¦ الصفحة: 3 ح دار كنوز إشبيليا للنشر والتوزيع الرياض 1432 هـ فهرسة مكتبة الملك فهد الوطنية أثناء النشر ابن الصلاح، عثمان بن عبد الرحمن شرح مشكل الوسيط/ عثمان بن عبد الرحمن ابن الصلاح؛ محمد بلال بن محمد أمين الرياض 1432 هـ. 647؛ صفحة 17×24 سم ردمك: 7 - 21 - 701 - 9960 (مجموعة) 3 - 26 - 701 - 9960 (ج 3) 1. الفقه الشافعي أ - محمد بلال بن محمد أمين (محقق) ب. العنوان ديوي 258.3 80/ 1427 رقم الإيداع: 80/ 1427 ردمك: 7 - 21 - 701 - 9960 (مجموعة) 3 - 26 - 701 - 9960 (ج 3) ساعد على نشره ليباع بسعر التكلفة س هذه الطبعة بدعم من مؤسسة سليمان بن عبد العزيز الراجحي الخيرية جزاهم الله خيراً جميع الحقوق محفوظة الطبعة الأولى 1432 هـ - 2011 م دار كنوز إشبيليا للنشر والتوزيع المملكة العربية السعودية ص. ب 27261 الرياض 11417 هاتف: 4914776 - 4968994 فاكس: 4453203 E- mail: eshbelia@hotmail.com الجزء: 3 ¦ الصفحة: 4 ومن كتاب الزكاة قوله: "ومن السنة قوله - صلى الله عليه وسلم -: بني الإسلام على خمس (1). وقوله (2) مانع الزكاة في النار" (3). أما الحديث الأول فصحيح من حديث ابن عمر (4) - رضي الله عنهما - أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: (بني الإسلام على خمس شهادة أن لا إله إلا الله، وأن محمداً رسول الله، وإقام الصلاة، وإيتاء الزكاة، وحج البيت، وصوم رمضان) (5).   (1) نهاية 1/ ق 173/ أ. (2) في (د) (قول). (3) الوسيط 1/ ق 116/ أ. (4) هو عبد الله بن عمر بن الخطاب بن نفيل أبو عبد الرحمن القرشي العدوي أسلم صغيراً، ثم هاجر مع أبيه إلى المدينة، وأول مشاهده الخندق، وهو أحد المكثرين من الصحابة في رواية الحديث عن النبي - صلى الله عليه وسلم - وكان أشد الناس اتباعاً للأثر مات بمكة سنة 73 هـ. انظر: تذكرة الحفاظ 1/ 37، البداية والنهاية 9/ 5, الإصابة 2/ 347 - 350. (5) من حديث ابن عمر رواه البخاري 1/ 64 مع الفتح، كتاب الإيمان، باب دعاؤكم إيمانكم و 8/ 32، كتاب التفسير، باب {وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّى لَا تَكُونَ فِتْنَةٌ وَيَكُونَ الدِّينُ لِلَّهِ ... } الآية. ومسلم 1/ 146 مع النووي، كتاب الإيمان، باب بيان أركان الإسلام ودعائمه العظام. إلا أن في بعض رواياته تقديم ذكر الصوم على الحج. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 5 وأما قوله: "مانع الزكاة في النار" فغير محفوظ بهذا اللفظ (1). والله أعلم. قوله: "فتجب الزكاة على الصبي والمجنون" (2). من أصحابنا من أبى هذه العبارة، وقال: يجب في مالهما، ولا يجب عليهما؛ لأنهما غير مكلفين (3)، وليس ذلك كما قال، فإن المعنى بوجوبها عليهما ثبوتها في ذمتهما كما يقال: يجب عليهما ضمان ما أتلفاه. والله أعلم.   (1) قال ابن حجر في التلخيص 2/ 149: "قال ابن الصلاح: لم أجد له أصلاً، وهو عجيب منه فقد رواه الطبراني في الصغير [2/ 58] في من اسمه محمَّد فقال: حدثنا محمد بن أحمد بن أبي يوسف الخلال المصري، ثنا أشهب، عن الليث، عن يزيد بن أبي حبيب، عن سعد بن سنان، عن أنس - رضي الله عنه - بهذا وزاد: (يوم القيامة). وروينا في مشيخة الرازي في ترجمة أبي إسحاق الحبال من هذا الوجه، وزاد مع الليث ابن لهيعة، والمحفوظ بهذا الإسناد حديث (المعتدي في الصدقة كمانعها) رواه الترمذي وحسنه، فإن كان هذا محفوظاً فهو حسن، ويؤيده حديث أبي هريرة الطويل (ما من صاحب ذهب ولا فضة لا يؤدي منها حقها، إلا إذا كان يوم القيامة صفحت له صفائح من نار فأحمي عليها في نار جهنم فيكوى بها جنبه) الحديث متفق عليه". قلت: وأورده الهيثمي في المجمع 3/ 64 وقال: "وفيه سنان بن سعد، وفيه كلام كثير وقد وثق. وكذلك أورده السيوطي في الجامع الصغير 2/ 496 ورمز له بالحسن، ووافقه الألباني في صحيح الجامع الصغير وزيادته 2/ 1011 رقم (5807). (2) الوسيط 1/ ق 116/ أ. (3) انظر: مسألة وجوب الزكاة في مال الصبي والمجنون في: الأم 2/ 35، مختصر المزني ص 51، الحاوي 3/ 152، المهذب 1/ 459، فتح العزيز 5/ 326، المجموع 5/ 297، مغني المحتاج 1/ 409. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 6 ما ذكره من أن الزكاة لا تجب (1) على الكافر الأصلي (2)، مع أن الكافر عندنا مخاطب (3) بالفروع (4). المراد به أنها لا تجب عليه مؤداةً لكونها تسقط عنه بالإسلام (5). وفائدة الوجوب تعذيبه عليها إذا مات كافراً (6)، عافانا الله من بلائه آمين. قوله: "كل ذلك لفظ أبي بكر - رضي الله عنه - كتبه في كتاب الصدقة لأنس" (7).   (1) في (أ) (يجب) بالياء. (2) انظر: الوسيط 1/ ق116/ أ. (3) في (أ) (أن الكفار عندنا مخاطبون) وفي (ب) (أن الكفار مخاطبون عندنا). (4) وهو ظاهر المذهب، وظاهر مذهب الإمام مالك، وهو أصح الروايتين عن الإمام أحمد وهو مذهب بعض الحنفية وغيرهم. وذهب أكثر الحنفية، والإمام الشافعي في قول، والإمام أحمد في رواية إلى أنهم لا يخاطبون بها غير النواهي. انظر: البرهان 1/ 107، المستصفى 1/ 91، نهاية السول 1/ 370 - 383، أصول السرخسي 2/ 338، فواتح الرحموت 1/ 128، أحكام الفصول ص 224، والتمهيد لأبي الخطاب 1/ 298 - 299، روضة الناظر 1/ 229 - 232، المسودة ص 46، إرشاد الفحول 1/ 70 - 74. (5) لأن الإسلام يجب ما قبله كما في قوله تعالى: {قُلْ لِلَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ يَنْتَهُوا يُغْفَرْ لَهُمْ مَا قَدْ سَلَفَ} [الأنفال، الآية 38]، ولأن في إيجاب ذلك عليه تنفيراً عن الإسلام فعفي عنه. انظر: الأم 2/ 35، المهذب 1/ 180، التهذيب (كتاب الزكاة) ص 122، فتح العزيز 5/ 528، المجموع 5/ 299، الروضة 2/ 4، مغني المحتاج 1/ 408. (6) أي زيادة على عذاب الكفر. انظر: المجموع 3/ 5. (7) الوسيط 1/ 116/ ب. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 7 هذا الكتاب، صحيح أسنده الصديق إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - رواه البخاري في صحيحه (1). وفيما أورده صاحب الكتاب من قوله: "فابن لبون ذكر، وليس معه شيء" (2). حَيْد عن (3) نظام (4) لفظ الكتاب (5)، من حيث إن قوله: "وليس معه شيء" ليس ها هنا فيه، وإنما هو في آخر الكتاب في فصل آخر في معنى هذا (6). والله أعلم. وقوله: "بنت مخاض (7) أنثى" وقوله: "فابن لبون ذكر" (8).   (1) مفرقاً في كتاب الزكاة وغيرها ومنها: 3/ 365، 368، 370، 371، باب العَرْض في الزكاة، وباب لا يجمع بين متفرّق ولا يفرق بين مجتمع، وباب من بلغت عنده صدقة بنت مخاضٍ وليست عنده، وباب زكاة الغنم، و5/ 155 في كتاب الشركة باب ما كان من خليطين فإنهما يتراجعان بينهما بالسوية في الصدقة. و10/ 341 في كتاب اللباس، باب هل يجعل نقش الخاتم ثلاثة أسطر؟ من حديث أنس - رضي الله عنه -. (2) الوسيط 1/ 116/ ب. وابن لبون عن الإبل، هو الذي استكمل سنتين ودخل في الثالثة، وسمي بذلك؛ لأن أمه وضعت غيره وصارت ذات لبن والأنثى بنت لون. انظر: الزاهر ص 93، النهاية في غريب الحديث 4/ 228، المصباح المنير ص 543. (3) في (د) (من). (4) في (ب) (نظم). (5) يعني به الكتاب المذكور الذي كتبه أبو بكر - رضي الله عنه - في الصدقة. (6) وهو عند قوله - صلى الله عليه وسلم -: (ومن بلغت صدقته بنتَ مخاضٍ، وليست عنده، وعنده بنتُ لبونٍ، فإنها تقبلُ منه ويعطيه المصدقُ عشرين درهماً، أو شاتين، فإن لم يكن عنده بنتُ مخاض على وجهها وعنده ابن لبون فإنه يقبل منه وليس معه شيء) انظر: الهامش الأول. (7) من الإبل هي التي استكملت السنة وطعنت في الثانية، وسميت بذلك؛ لأن أمها لحقت بالمخاض من الإبل وهنّ الحوامل ثم لزمها هذا الاسم وإن لم تحمل الأم. انظر: الزاهر ص 93، الصحاح 3/ 1105، المصباح المنير ص 566. (8) الوسيط 1/ ق 116/ ب. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 8 الصحيح أنه من التأكيد الذي يأتي به أهل (1) اللسان عند شدة الاعتناء بالمذكر (2) و [تأنيثه] (3) مبالغة كما في قوله: - صلى الله عليه وسلم - (ما أبقت الفرائض فلأولى رجل ذكر) (4). وعندي أنه يضارع (5) التأكيد بتكرير اللفظ (6) وإعادته بعينه كما في كلمات الأذان، والمعنى فيهما (7) أن السامع إن غفل عن الأول فلا يكاد (8) يغفل عن الثاني معه (ولا يصح قول من قال: إنه احتراز عن الخنثى (9) فإن الاحتراز قد   (1) ساقط من (د). (2) في (أ) (بالمؤكد). (3) في (د) و (أ) [أتأنثه] غير منقوط، وساقطة من (ب) ولعل الصواب ما أثبته والله أعلم. (4) انظر: معالم السنن 2/ 220 - 221، النهاية في غريب الحديث 4/ 224. وحديث (ما أبقت الفرائض ... ). (5) في (أ) (تضارع) ومعنى يضارع أي يشابهه، والمضارعة المشابهة. انظر: مختار الصحاح ص 334، والقاموس ص 958. (6) نهاية 1/ ق 173/ ب. (7) في (د) (فيها). (8) ساقط من (د). (9) انظر: فتح العزيز 5/ 320، والمجموع 5/ 354، وفتح الباري 3/ 374، 12/ 14. والخنثى لغة من الخُنْث وهو اللين، والخَنِثُ بكسر النون من فيه انخناث أي تكسُّرٌ وتَثَنَّ، أو من قولهم: خنث الطعام إذا اشتبه أمره فلم يخلص طعمه، ويكون في الآدمي والإبل والبقر فقط. واصطلاحاً: من له آلتا الرجال والنساء جميعاً، أو ليس شيء منهما أصلاً. انظر: الصحاح 1/ 281، تهذيب الأسماء واللغات 3/ 1/ 100، القاموس ص 216، التعريفات للجرجاني ص 91، العذب الفائض 2/ 53. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 9 حصل بقوله: بنت وابن، ثم أن الخنثى جائز على الرأي الصحيح (1)) (2) والله أعلم. ما ذكره في زكاة الغنم من حديث ابن عمر - رضي الله عنهما - عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - (3) إسناده جيد، وهو حديث حسن أخرجه أبو داود وغيره (4). والله أعلم.   (1) وصححه أيضاً الرافعي والنووي. انظر: فتح العزيز 5/ 321، 350، المجموع 5/ 368، الروضة 2/ 12. (2) ما بين القوسين ساقط من (ب) وبعده خمسة أسطر تقريباً مقحمة من باب الخلطة الآتي ذكره. (3) انظر: الوسيط 1/ ق 116/ ب. (4) أبو داود 2/ 224 - 226 في كتاب الزكاة، باب في زكاة السائمة، والترمذي 3/ 17 في كتاب الزكاة، باب ما جاء في زكاة الإبل والغنم، وابن ماجة 1/ 573 في كتاب الزكاة، باب صدقة الإبل، وأحمد 2/ 14 - 15، والدارمي 1/ 381، ومالك في الموطأ 1/ 219، وابن أبي شيبة في المصنف 3/ 121، والحاكم 1/ 549، والبيهقي في الكبرى 4/ 88 من طرق عن سفيان بن حسين عن الزهري، عن سالم، عن أبيه قال: كتب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كتاب الصدقة فلم يخرجه إلى عماله حتى قبض، فقرنه بسيفه، فعمل به أبو بكر حتى قبض، ثم عمل به عمر حتى قبض، فكان فيه ( ... وفي الغنم في كل أربعين شاةً شاةٌ إلى عشرين ومائة، فإن زادت واحدة فشاتان إلى مائتين، فإن زادت واحدة علي المائتين ففيها ثلاث شياه إلى ثلاثمائة، فإن كانت الغنم أكثر من ذلك ففي كل مائة شاةٍ شاةٌ، وليس فيها شيء حتى تبلغ المائة، ولا يفرق بين مجتمع، ولا يجمع بين متفرق مخافة الصدقة ... الحديث). قال الترمذي: حديث ابن عمر حديث حسن. والعمل على هذا الحديث عند عامة الفقهاء، وقد روى يونس بن يزيد، وغير واحد عن الزهري عن سالم بهذا الحديث ولم يرفعوه، وإنما رفعه سفيان بن حسين. قال الحاكم: ويصححه على شرط الشيخين حديث ابن المبارك عن يونس بن يزيد، عن الزهري، وإن كان فيه أدنى إرسال فإنه شاهد صحيح لحديث سفيان بن حسين وقال الذهبي في التلخيص: سفيان بن حسين وثقه ابن معين، ويقوى الحديث. وقال ابن حجر في التلخيص 2/ 151: يقال: تفرد بوصله سفيان بن حسين، وهو ضعيف في الزهري خاصة، والحفاظ من أصحاب الزهري لا يصلونه. وصححه الألباني. انظر: صحيح سنن أبي داود 1/ 298 رقم (1400) وصحيح سنن ابن ماجة 1/ 302 رقم (1462). والله أعلم. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 10 (حَيْد عن نظام لفظ الكتاب من حيث إن (1)) (2) عين الشراء في تحصيل ما يخرجه (3) من الواجب في مسائل ذكرها (4)، ولا تتعين، والمراد تحصيله إما (5) بهذا (6) الشراء، وإما بغيره. والله أعلم. قوله: "الخنثى من بنات اللبون" (7). فيه تناقض من حيث ظاهر (8) اللفظ، فإنما كان من (9) بنات اللبون كان من بنت لبونٍ لا خنثى، وكأنه أراد خنثى من جنس بنات اللبون - والله أعلم. وقوله فيه: "لتشوه الخلقة بهذا النقصان" (10) عبارة فيها كزازَةٌ ولو عكس فقال: لنقصانه (11) بتشوه (12) الخلقة لكان حسناً، وفي   (1) كذا في (د) ولعل الصواب (إنه). (2) ما بين القوسين ساقط من (أ) و (ب). (3) في (ب) (يجده). (4) ولفظه في الوسيط 1/ ق 117/ ب "النظر الثاني: في كيفية العدول عن بنت مخاض عند فقدها إلى ابن لبون، وفيه أربع مسائل: الأولى: إن لم يكن في إبله بنت مخاض ولا ابن لبون يخير في الشراء؛ لأنه مهما اشترى ابن لبون فقد صار هذا موجوداً ... وقال صاحب التقريب: يتعين شراء بنت مخاض ... إلخ". (5) ساقط من (ب). (6) ساقط من (د). (7) الوسيط 1/ ق 117/ ب. (8) في (ب) (الظاهر). (9) ساقط من (ب). (10) الوسيط 1/ ق 117/ ب. (11) في (د) (لنقصا) بإسقاط النون (12) في (د) (لتشوه). الجزء: 3 ¦ الصفحة: 11 "البسيط" (1) "لأنه مشوه الخلقة، وتنقص (2) الرغبة فيه"، ويتوجه (3) ما قاله (4) ها هنا، بأن يقال: المراد بهذا النقصان (5) الخنوثة. والله أعلم. (6) النظر الثالث: في الاستقرار (7)، أي في استقرار الفريضة على حساب واحد، وهو أن في كل أربعين بنت لبون، وفي كل خمسين حقّة (8)، والانبساط المذكور مقدمة لذلك العبارة، عن (9) الانبساط (10) أن يقال: يجعل في كل أربعين وثلث، بنت لبون.   (1) 2/ ق 176/ ب. (2) في (ب) (وينقص). (3) في (أ) و (ب) (يوجه). (4) في (ب) (ما قالها). (5) في (د) (اللفظان). (6) من هنا إلى قوله: "قال: وفي القديم قول أنه يبنى وفي بعض النسخ ... " ساقط من (ب) بمقدار إحدى عشرة ورقة بالمقارنة مع (د). (7) الوسيط 1/ ق 118/ أوتمامه (فإذا زادت واحدة على مائة وعشرين ففيها ثلاث بنات لبون، وفي انبساط الواجب على الواحد وجهات القياس إنه ينبسط، والثاني: أنه لا ينبسط حتى يكون في كل أربعين بنت لبون). (8) حقَّة بكسر الحاء وتشديد القاف، والجمع حقاق بالكسر، وهما التي استكملت ثلاث سنين ودخلت في الرابعة، وسمي حقة؛ لأنها استحقت أن تركب ويحمل عليها، أو استحق الضِّراب. انظر: الزاهر ص 93، شرح السنة 3/ 332، القاموس ص 1130. (9) في (د) (على). (10) في (د) زيادة (المذكور) ولعل الصواب حذفها. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 12 هذا عبارة شيخه (1)، والأحسن عبارة صاحب "التتمة" (2) وهي (3) أنه يخص الواحد جزء من مائة واحد وعشرين جزءاً من ثلاث بنات لبون؛ لأنه القياس وظاهر الحديث، وإنما كان القياس الانبساط اعتباراً برؤس (4) سائر النصب كالخامس والعشرين، والسادس والثلاثين، وغيرهما، فإنه يأخذ (5) قسطاً من الواجب، ويعتضد من الحديث بقوله - صلى الله عليه وسلم - في كتاب الصدقة الذي كان عند آل عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - ورواه أبو داود في السنن (6) (فإذا كانت إحدى وعشرين ومائة ففيها ثلاث بنات لبون).   (1) في نهاية المطلب 2/ ق 9. وشيخه، هو عبد الملك بن الشيخ أبي محمد عبد الله بن يوسف بن محمَّد الجويني، أبو المعالي إمام الحرمين، رئيس الشافعية بنسابور، قال ابن السمعاني: "كان إمام الأئمة على الإطلاق، المجمع على إمامته شرقاً وغرباً" وله المصنفات الكثيرة منها: نهاية المطلب في دراية المذهب، والبرهان في أصول الفقه، والشامل في أصول الدين، وغيرها. انظر: الأنساب 3/ 430، البداية والنهاية 12/ 138، طبقات ابن قاضي شهبة 1/ 255 - 256، طبقات ابن هداية الله ص 238، الأعلام 4/ 160. (2) وصاحب التتمة، هو عبد الرحمن بن المأمون بن علي النيسابوري المتولي، أحد أصحاب الوجوه، تفقه على الفوراني والقاضي حسين وغيرهما، وبرع في العلوم الكثيرة، ومن أشهر مصنفاته: التتمة المذكور، ولم يكمله وصل فيه إلى كتاب القضاء، مات ببغداد سنة 478 هـ. انظر: طبقات الأسنوي 1/ 305، البداية والنهاية 12/ 137، طبقات ابن قاضي شهبة 1/ 247 - 248، العقد المذهب ص 100، طبقات ابن هداية الله ص 238. (3) في (د) (وهو). (4) نهاية 1/ ق 174/ أ. (5) في (أ) (فإنها تأخذ). (6) سبق تخريجه منه ومن غيره قبل قليل. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 13 ووجه عدم الانبساط قوله في كتاب أبي بكر الصديق - رضي الله عنه - الذي مضى في "الوسيط" (1) ذكره، وهو في صحيح البخاري (2) (فإذا زادت على عشرين ومائة، ففي كل أربعين بنت لبون) وهذا يوجب إخراج الواحدة عن المقابلة، ولا يمتنع أن يكون الشيء مغيراً للفرض (3) وإن (4) لم يكن له نصيب منه كالأخوين مع الأبوين يغيران نصيب (5) فرض الأم، ولا نصيب لهما منه (6)، والمذهب هو الأول (7). قلت: ولم أر لهم انفصالاً عن قوله - صلى الله عليه وسلم - (فإذا زادت عن (8) عشرين ومائة) (9).   (1) في 1/ ق 116/ ب. (2) في (أ) (الصحيح للبخاري) وسبق تخريج الحديث منه قبل قليل. (3) في (أ) (للفروض). (4) في (د) (فإن). (5) ساقط من (أ). (6) أي يغيران فرض الأم من الثلث إلى السدس، ولا حظ لهما في الميراث لقوله تعالى: {وَلِأَبَوَيْهِ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا السُّدُسُ مِمَّا تَرَكَ إِنْ كَانَ لَهُ وَلَدٌ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ وَلَدٌ وَوَرِثَهُ أَبَوَاهُ فَلِأُمِّهِ الثُّلُثُ فَإِنْ كَانَ لَهُ إِخْوَةٌ فَلِأُمِّهِ السُّدُسُ} النساء الآية 11. وانظر: الحاوي 3/ 83، التهذيب (كتاب الزكاة) ص 43، ومعالم التنزيل 1/ 402، وأحكام القرآن لإلكيا الهراسي 1/ 345. (7) انظر: الأم 2/ 9، مختصر المزني ص 47، الحاوي 3/ 83، فتح العزيز 5/ 318, (المجموع 5/ 356، الروضة 2/ 7. (8) كذا في النسختين وفي صحيح البخاري (على). (9) وتمامه (ففي كل أربعين بنت لبون، وفي كل خمسين حقة) هذا قطعة من حديث أنس سبق تخريجه قبل قليل. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 14 والانفصال معناه: أنه على (1) النصاب الذي هو مائة وإحدى وعشرين، فعبر عن النصاب بمعظمه (2) اختصاراً على عادتهم في تسمية الشيء بمعظمه، فيكون المراد بهذا الحديث بيان الحكم فيما زاد على هذا النصاب الذي هو مائة وإحدى وعشرين (3)، لا بيان هذا النصاب، وواجبه، والدليل على أن هذا هو المراد به قوله - صلى الله عليه وسلم - (وفي كل خمسين حقة) وهذا لا وجود له في مائة وإحدى وعشرين. وأما الحديث الآخر (4) فوارد لبيان مقدار هذا النصاب وواجبه، فانتفى التعارض بينهما. والله أعلم. ثم فائدة هذا الخلاف، ما إذا تلف الحادي والعشرون (5) بعد المائة قبل التمكن من الأداء، وبعد الوجوب، فعلى وجه الانبساط يسقط من الواجب جزء من مائة وإحدى وعشرين جزءاً، وعلى الآخر لا يسقط شيء (6). قوله: "وعلى هذا بنى" (7) (8).   (1) في (أ) (إلى)، والمثبت من (د). (2) في (أ) (بعظمه). (3) في (أ) (عشرون). (4) يعني حديث ابن عمر السابق الذي جاء فيه "فإذا كانت إحدى وعشرين ومائة ففيها ثلاث بنات لبون حتى تبلغ تسعاً وعشرين ومائة". (5) في (د) (العشرين). (6) انظر: المهذب 1/ 476 - 477، فتح العزيز 5/ 319، المجموع 5/ 356، الروضة 2/ 7. (7) الوسيط 1/ ق 118/ أولفظه قبله، (في انبساط الواجب على الواحد وجهان: القياس أنه ينبسط، والثاني: لا ينبسط حتى يكون في كل أربعين بنت لبون وعلى هذا ... إلخ). (8) نهاية 1/ ق 174/ ب. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 15 الباني عليه وهو أبو سعيد الإصطخري (1) جرد نظره إلى قوله - صلى الله عليه وسلم - (فإذا زادت) والبعض زيادة (2)، وليس بصحيح لما ذكرناه من فساد الأصل الذي بناه (3) عليه، ولو سلّم له ذلك لم يصحّ له هذا، فإنه لا عهد بمثله؛ إذ سائر النصب، لا تتغير (4) بأقلّ من واحدة، ويختصّ (5) الحديث بزيادة واحد (6) بالقياس عليها (7)، والله أعلم. قوله: "عن أبي حنيفة يستأنف الحساب عند ذلك" (8) أي (9) عند المائة والعشرين قال: فيجب في كل خمس شاة، يعني إلى خمس وعشرين، فيجب فيها بنت مخاض مع الحقتين اللتين (10) كانتا، فإذا بلغت المائة والخمسين، ففيها   (1) هو الحسن بن أحمد بن يزيد بن عيسى بن الفضل أبو سعيد الإصطخري، أحد أصحاب الوجوه في المذهب، وشيخ الشافعية في العراق، وله مصنفات كثيرة منها: أدب القضاء، وكتاب الفرائض الكبير، مات سنة 328 هـ. انظر: تهذيب الأسماء واللغات 2/ 237، وفيات الأعيان 1/ 357، البداية والنهاية 11/ 204، طبقات ابن قاضي شهبة /109. (2) انظر: عن الوجه المنسوب للإصطخري وعن استدلاله، المهذب 1/ 476، وحلية العلماء 3/ 31، التهذيب (كتاب الزكاة) ص 43، فتح العزيز 5/ 318. (3) في (أ) (بنا). (4) في (د) (لا تعبّر). (5) في (أ) (يخصص). (6) في (أ) (واحدة). (7) وبنحو هذا أجاب الرافعي فقال: "بأن الزيادة مفسرة بالواحدة لا بجزء من الواحدة، ولأن الزكاة مبنية على تغيير واجبها بالأشخاص دون الأشقاص". فتح العزيز: 5/ 318. (8) الوسيط: 1/ ق 118/ أ. (9) في (أ) (إلى). (10) في (د): (اللذين). الجزء: 3 ¦ الصفحة: 16 ثلاث حقاق، ثم يستأنف فريضة الخمس الشياه (1) إلى مائة وخمسة وسبعين، فيجب فيها بنت مخاض مع الحقاق الثلاث، في تفصيل معروف لهم (2). قوله: "وقال ابن خيران: يتخير" (3). هكذا قال، وإنما هو ابن جرير الطبري (4)، صاحب المذهب، وقد سبقه بهذا (5) التعبير شيخه (6)، فإنه قال: "حكى العراقيون (7) أن ابن   (1) في (د) (للشاة). (2) انظر ذلك التفصيل في: الأصل لمحمد بن حسن: 2/ 2 - 4، مختصر الطحاوي: ص 543، المبسوط: 2/ 251 - 252، بدائع الصنائع: 2/ 27، الهداية مع فتح القدير: 2/ 174. (3) الوسيط 1/ 118/ أ. (4) هو محمد بن جرير بن يزيد بن كثير أبو جعفر الطبري، الإمام الجليل، المجتهد المطلق كان قد جمع من العلوم ما لم يشاركه فيها أحد من أهل عصره، وله مصنفات كثيرة منها: جامع البيان في تأويل أي القرآن، واختلاف العلماء، وتاريخ الرسل والملوك، مات سنة 310 هـ. انظر: تهذيب الأسماء واللغات 1/ 78، وفيات الأعيان 3/ 332، البداية والنهاية 11/ 155 - 156. (5) في (أ) (بذلك). (6) نهاية المطلب 2/ ق 10. (7) وعند الشافعية طريقتان في نقل المذهب، انتشرتا في القرن الرابع والخامس الهجريين، ثم جمع بينهما، وأصبحتا في ذمة التاريخ، وهما طريقة العراقيين، وطريقة الخراسانيين. فطريقة العراقيين: كانت بزعامة أبي حامد الأسفرايني المتوفى سنة 406 هـ وهو شيخ العراقيين وانتهت إليه رئاسة المذهب الشافعي في بغداد، وتبعه خلق لا يحصون، منهم أبو الحسن الماوردي، والقاضي أبو طيب الطبري، والمحاملي أحمد، وأبو إسحاق الشيرازي، وغيرهم، فهؤلاء سلكوا طريقة في تدوين الفروع عرفت بطريقة العراقيين. وأما الطريقة الخراسانيين: فكانت بزعامة أبي بكر عبد الله بن أحمد المروزي المعروف بالقفال الصغير المتوفى سنة 417 هـ وهو شيخ الخراسانيين، وتبعه جماعة لا يحصون منهم: أبو علي السنجي، وأبو محمد الجويني، والفوراني صاحب الإبانة، والقاضي حسين المروروذي وغيرهم، فهؤلاء سلكوا طريقة في تدوين الفروع عرفت بالطريقة الخراسانية. ثم جاء بعدهم بعض الفقهاء، فجمعوا بين الطريقتين، منهم: الروياني، وابن الصباغ، والمتولي، وإمام الحرمين الجويني، وأبو بكر الشاشي المعروف بالقفال الكبير، وأبو حامد الغزالي، وغيرهم. انظر: المجموع 1/ 182، تهذيب الأسماء واللغات 2/ 208 - 210. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 17 خيران (1) من شيوخنا" قال: كذا، وإنما حكاه العراقيون عن ابن جرير الطبري (2)، وهو معروف الإشكال فيه. وقوله: "من شيوخنا"، زيادة تركيب على اعتقاده أنه (3) ابن خيران، وهكذا وقع فيما سبق في الطهارة (4)، ثم (5) إن ابن جرير قال: إذا مسح رأسه ثم حلقه انتقض طهره (6)، جعله هو عن ابن خيران (7)، وهو سهو أيضاً، وقد نبهنا عليه في موضعه، واستظهرت بعد جزمي بذلك بمراجعة (8) كتاب القاضي [أبي نصر] (9) ابن الصباغ (10)، في اختلاف المذاهب (11) بخطه، فوجدته ابن جرير في الموضعين (12) والله أعلم.   (1) هو الحسين بن صالح بن خيران البغدادي، أحد أئمة المذهب، كان فقيهاً ورعاً تقياً زاهداً عرض عليه القضاء في زمن المقتدر بالله فلم يقبله، مات سنة 320 هـ. انظر: طبقات الفقهاء للشيرازي ص 125، وفيات الأعيان 1/ 400، البداية والنهاية 11/ 182، طبقات ابن قاضي شهبة 1/ 92 - 93، طبقات ابن هداية الله ص 200. (2) فإنه قال: إن المصدق بالخيار فيما زاد على مائة وعشرين، بين ثلاث بنات لبون كما قال الشافعي، وبين حقتين وشاة كما قال أبو حنيفة. انظر: الحاوي 3/ 83، فتح العزيز 5/ 320، المجموع 5/ 366. (3) ساقط من (د). (4) انظر: ق 23/ ب من نسخة (أ). (5) ساقط من (أ). (6) انظر: المجموع 1/ 699. (7) انظر: الوسيط 1/ 373 من الجزء المحقق بتحقيق القره داغي. (8) في (د) (لم أخصه) كذا. (9) في النسختين (أبي منصور) وهو خطأ والتصحيح من مصادر ترجمته الأتية. (10) في (د) (الصباغ) بإسقاط كلمة (ابن) وهو عبد السيد بن محمد بن عبد الواحد بن محمد بن الصباغ، أبو نصر البغدادي، الفقيه الشافعي، وإمام الشافعية في العراق، كانت الرحلة إليه في عصره، وله مؤلفات كثيرة منها: الشامل في الفقه، والكامل في الفقه، والعدة في أصول الفقه، توفي سنة 477 هـ. انظر: البداية والنهاية 12/ 136، طبقات ابن قاضي شهبة 1/ 251، طبقات ابن هداية الله ص 237. (11) في (د) (المذهب). (12) قال النووي "اتفق أصحابنا على تغليط الغزالي في هذا النقل، وتغليط شيخه في النهاية في نقله مثله، وليس هو قول ابن خيران، وإنما هو قول ابن جرير الطبري". المجموع 5/ 366. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 18 وهذا القول يكاد يكون خارقاً (1) للإجماع، فإن التخيير خروج عن المذهبين وغيرهما (2). والله أعلم (3). قوله: "خمسينات، وأربعينات" (4) مستنكر في العربية إلا على شذوذ (5)، مستخرج من أجزاء هذه الصيغ لمجرى المفردات (6) في إعراب آخر كما في قول الشاعر: "وجاوزت حدّ الأربعينا" (7).   (1) في (أ) (خرقاً). (2) لأنه يؤدي إلى إسقاط الخبرين جميعاً؛ لأنه إن ثبت أن فرضه بنات لبون لم يجز اعتبار الشاة، وإن ثبت أن فرضه شاة لم يجز اعتبار بنات اللبون، فاعتبارهما إسقاطهما. انظر: الحاوي 3/ 83. (3) نهاية 1/ ق 175/ أ. (4) الوسيط 1/ ق 118/ أ. (5) وقد تعقبه النووي بقوله: "هذا قد أنكره بعض أهل العربية، قال: ولا يجوز جمع الخمسين، والأربعين ونحوهما، وهذا الإنكار ضعيف، والصواب جوازه، وقد حكاه ابن بري وغيره عن سيبويه، قال: كل جمع مذكر لم يجمع جمع تكسير يجوز جمعه بالألف والتاء قياساً كحمّام، وحمّامات، فيجوز أربعينات ونحوها". تهذيب الأسماء واللغات 3/ 1/ 117. (6) في (أ) (لمجرد المفرد). (7) في (د) (الأربعين) وهذا عجز بيت من الوافر ينسبونه لسحيم بن وئيل الرَّياحي وصدره: "وماذا يبتغي الشعراء مني، وفي رواية وماذا يدَّري الشعراء .... " انظر: مفردات ألفاظ القرآن ص 312، لسان العرب 5/ 13، البصائر لفيروز آبادي 2/ 597، وكما هو في ديوان جرير ص 577، من مقطوعة له. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 19 قوله: اجتماع الحقاق وبنات اللبون " (ولم) (1) يوجد في ماله إلا أحد السنين أخذ" (2) أي (3) وإن كان غير الأغبط (4)، وإن قلنا: الواجب الأغبط عند وجودهما؛ لأن وجوده مع عدم الأغبط يوجب تجويزه (5) كما كان عدم بنت مخاض يجوَّز ابن لبون مع كونه بدلاً، ففيما يصلح أن يكون عين (6) الواجب أولى. وفي غير هذه الطريقة ما يقتضي أنه لا يجوز على قول تعيين الأغبط (7) والله أعلم. ما في الكتاب قوله والذي لا ينبغي غيره، إذ فيما رواه أبو داود (8) في كتاب آل عمر - رضي الله عنه - (إذا كانت مائتين ففيهما أربع حقاق، أو خمس بنات لبون، الخيرة إلى المعطي).   (1) ما بين القوسين ساقط من (د). (2) الوسيط 1/ ق 118/ أ. (3) ساقط من (أ). (4) وذكر الماوردي والنووي وغيرهما، أن هذا بلا خلاف بين الأصحاب. انظر: الحاوى 3/ 93، التهذيب (كتاب الزكاة) ص 56، فتح العزيز 5/ 352، المجموع 5/ 377. (5) في (د) (تجويز) بإسقاط الضمير. (6) في (أ) (غير). (7) يعني الطريقة التي تقول: إن المسألة المذكورة على قولين: أحدهما: أن الواجب أحد الصنفين، وهو المذهب كما سبق. والثاني: أن الواجب تعيين الأغبط، وهو الحقاق؛ لأن رغبة الشرع في زيادة السن أكثر منه في زيادة العدد، وهذا قول ضعيف كما صرح به النووي وغيره. انظر: فتح العزيز 5/ 351، المجموع 5/ 377، الروضة 2/ 13. (8) 2/ 226 - 227 في كتاب الزكاة، باب في زكاة السائمة، وكما رواه الحاكم 1/ 550 - 551 من طرق عن ابن المبارك، عن يونس بن يزيد، عن الزهري، عن سالم نحو حديث ابن عمر السابق، وهذه الرواية مرسلة كما سبقت الإشارة إليه في كلام الترمذي وغيره. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 20 ثم (1) قال: "وإن فقدا معاً، فله أن يشتري ما شاء على الصحيح" (2). يعني (3) أن فيه وجهاً آخر أن تساويهما في الفقد (4) في إيجاب الأصلح كتساويهما في الوجود (5) وسبق نظيره (6). قال: "فإن لفظ الخبر دلّ على أنّ الخيرة للمعطي" (7). هذا يوهم أنه (8) فرَّق بينهما بالخبر، وليس كذلك، فإن النصوص والإجماع لا يصح (9) الفرق بها؛ لأن المنازع يقول: ورود النص هناك يدلّ على مثله ها هنا بطريق القياس، فلا يندفع إلا بفرق من حيث المعنى يبطل القياس، ويمنع من الجمع، وهذه قاعدة بينة (10) في الفرق، وبعد هذا فالفرق المعنوي بين هذا والجُبْران (11)، أن (12) الجبران شرع للتخفيف على معطيه، فكانت الخيرة في   (1) في (د) زيادة (أخذ) ولعل الصواب حذفها. (2) الوسيط 1/ ق 118/ أ. (3) في (د) (بمعنى). (4) (أ) (العدم). (5) وهو أنه يتعين شراء الأجود والأنفع للمساكين. انظر. المجموع 5/ 378، مغني المحتاج 1/ 371. (6) يعني في الوسيط 1/ ق 117/ ب. (7) الوسيط 1/ ق 118/ أولفظه قبله " ... فلا بدّ من ترجيح، وغرض المساكين أولى ما يرجح به، بخلاف الشاة والدراهم في الجبران فإن لفظ الخبر ... إلخ". (8) في (د) (أن). (9) في (د) (يصح) بإسقاط كلمة "لا". (10) ساقط من (أ). (11) يقال: جبرتُ نصاب الزكاة بكذا، أي عادلته به، واسم ذلك الشيء الجبران، ويأتي بمعنى التكميل، ومنه قول الفقهاء: دم التمتع والقران في الحج دم جُبْران لا دم جزاء. انظر: المصباح المنير ص 89، معجم لغة الفقهاء ص 138. (12) ساقط من (د). الجزء: 3 ¦ الصفحة: 21 كيفيته إليه رعاية لجانبه إلحاقاً لوصفه بأصله في ذلك، (والكلام) (1) هنا في تعيين أحد الواجبين، وصفة الواجب، وقد علم أن (2) غرض المساكين هو المقصود بأصل الإيجاب، فكان هو أولى (3) بالرعاية في صفة الواجب إلحاقاً للوصف (4) بالأصل أيضاً. وهذا قوي يظهر به ضعف اختيار ابن سريج (5)، وإن كان المؤلف وشيخه (6) قد استقوياه (7). قوله: "الأسنان المعتبرة" (8) أي التي تعتبر في تزايد النصب حتى تقع زيادة سنّ بالإجْذَاع (9) وقعة (10) في مقابلة الخمسة عشر الزائدة على الست والأربعين،   (1) ما بين القوسين ساقط من (أ). (2) نهاية 1/ 175/ ب. (3) في (أ) (الأولى). (4) في (د) (للأصل) وهو خطأ. (5) فإنه اختار في الحال الثالث: وهو أن يوجد الصنفان معاً بصفة الإجزاء، أن المالك بالخيار فيهما، كما يخيّر المالك في الجبران. والمذهب كما سبق القطع بوجوب الأغبط للمساكين. انظر: الودائع لمنصوص الشرائع 1/ 320، الحاوي 3/ 94، فتح العزيز 5/ 353، الروضة 2/ 14. وابن سريج: هو أحمد بن عمر بن سريج البغدادي القاضي أبو العباس، الفقيه الأصولي المتكلم، حامل لواء الشافعية في زمانه، وعنه انتشر فقه الشافعي في أكثر الأفاق، ومن مصنفاته: الودائع لمنصوص الشرائع، وتعليق على مختصر المزني، مات ببغداد سنة 306 هـ. انظر: تهذيب الأسماء واللغات 2/ 251، البداية والنهاية 11/ 137، طبقات ابن قاضي شهبة 1/ 89، طبقات ابن هداية الله ص 197. (6) انظر: نهاية المطلب 2/ ق 10، والبسيط 1/ ق 177/ أ. (7) في (أ) (استقرباه). (8) الوسيط 1/ ق 118/ أولفظه قبله "ونقل العراقيون قولاً: أن الحقة تتعين؛ لأن رغبة الشرع في زيادة السنن أكثر منه في زيادة العدد، فإنه لم يزد في العدد إلا بعد انقطاع الأسنان المعتبرة". (9) الجذَعُ، والجَذَعة: من الإبل ما دخل في السنة الخامسة، وسمي بذلك؛ لأنها تجذع السنّ فيها أي تسقطها. انظر: الزاهر ص 93، النهاية في غريب الحديث 1/ 250. (10) كذا في (أ) وفي (د) (وقفت) ولعل الصواب: "وقوعها" والله أعلم. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 22 فإنما انتهت عند الجذَعَة؛ لأن (1) زيادة سن الثنية (2)، والرَّبَاعِية (3)، وما بعدها (4) لا تؤثر (5) زيادة منافعها، وكثير من ذلك تصاعد في الكبر المفضي إلى تراجع القوى والمنافع. والله أعلم. وإذا قلنا: زيادة سن الثّنيّة تقابل بالجبران، فنقول: ما فيه من الزيادة، وإن قاوم الجبران فلا يلزم أن يقاوم زيادة العدد، والشارع هو العالم بكمية (6) ذلك (7). والله أعلم. قال: "إن أخذه باجتهاده - أي اجتهد فيما هو الأغبط، فظنّ أن ما أخذه هو الأغبط، وأخطأ فلم يكن - فوجهان" (8). أحدهما: يجزئ (9).   (1) في (أ) (فإن). (2) الثنية للأنثى من الإبل، وهي ما دخلت في السنة السادسة، وسميت بذلك؛ لأنها تلقي ثنيتها، ويقال للذكر ثني. انظر: الزاهر ص 93، شرح السنة 3/ 332، المصباح المنير ص 85. (3) الرَّبَاعية للأنثى من الإبل، وهي التي طعنت في السنة السابعة، وألقت رباعيتها. انظر: الزاهر ص 93، المصباح المنير ص 217، مختار الصحاح 203. (4) كالسَّدِيس: وهو ما طعن في السنة الثامنة، وذلك إذا ألقى السنّ التي بعد الرّبَاعية. والبازل: وهو ما طعن في السنة التاسعة، والمُخلِف: وهو ما طعن في السنة العاشرة. ثم ليس له بعد ذلك اسم، ولكن يقال: بازل عام، وبازل عامين، ومخلف عام، ومخلف عامين. انظر: الزاهر ص 93، النهاية في غريب الحديث 2/ 354، شرح السنة 3/ 332 - 333. (5) في (د) زيادة (والله أعلم قوله:) والصواب حذفها. (6) في (د) (بمكنه) كذا. (7) ساقط من (د). (8) الوسيط 1/ 118/ أ. (9) هذا هو ظاهر المذهب. انظر: الحاوي 3/ 94، الوجيز 1/ 81، التهذيب (كتاب الزكاة) ص 54، فتح العزيز 5/ 353، المجموع 5/ 379، الروضة 2/ 14. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 23 قلت: وجهه من القياس، لو أخذ غير الأغبط عامداً (1) باجتهاده في تجويزه إلحاقاً لهذا الاجتهاد بذلك الاجتهاد. والثاني: لا (2)؛ لأنه بان خطأوه في اجتهاده، فنظيره هناك أن يتبين (3) له الخطأ في اجتهاد التجويز، وذلك بأن يظهر دليل قاطع على خلافه، فإنه ينقض، وهذا الفرق يتجه فيما إذا بان ترك الأغبط قطعاً، وإلا فلا يظهر بينهما فرق. والله أعلم. وجه عدم وجوب التفاوت (4)، ما ذكرنا من وقوعه الموقع بناءً على الاجتهاد والوجه (5) الآخر لم أر له توجيهاً يفرح به، ولعله أن تأثير الاجتهاد يظهر في إجزاء المأتي به، وقد حصل ذلك، وقدر التفاوت (6) ليس فيه إلا ترك محض وتأثير الاجتهاد في النفاذ (7) المانع من نقضه، إنما هو فيما يفعل لا فيما يترك فإنه لا يلزم من مخالفته في الترك نقضه؛ لكونه عدماً محضاً لا يتصور نقضه. والله أعلم.   (1) في (أ) (عائداً). (2) انظر: المهذب 1/ 201، الوجيز 1/ 81، فتح العزيز 5/ 353، المجموع 5/ 379. (3) في (د) (بين). (4) وتوضيح ذلك، أنه إذا قلنا بالوجه الأول، وهو الإجزاء وإن كان غير الأغبط، فهل يجب إخراج قدر التفاوت بين الصنفين؟. فيه وجهان: أحدهما: أنه يستحب ولا يجب. والثاني: وهو المذهب، أنه يجب، لوقوع البخس في حق المساكين. انظر: التهذيب (كتاب الزكاة) ص 54 - 55، فتح العزيز 5/ 354، المجموع 5/ 379. (5) في (د) (الفرق) بدل (الوجه). (6) نهاية 1/ ق 176/ أ. (7) في (د) يحتمل ما أثبتها، وفي (أ) مهملة. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 24 قوله: "فإن لم يجد شقصاً (1) [أخذنا الدراهم"] (2). ينبغي أن يخصص هذا بما إذا كان نقد البلد دراهم (3)، فإن كان غيرها فما هو نقد البلد (4). والله أعلم. وجه وجوب الشقص امتناع إخراج القيمة مع الإمكان، ووجه الآخر الحذار من ضرر التشقيص (5)، وعلى هذا فلو أخرجه فلشيخه (6) تردد في إجزائه لما فيه من العسر في حق المساكين أيضاً، وظاهر المذهب عنده إجزاؤه (7)، ولم يعلله، ولعل علته أن الشقص هو الأصل، فلا حق للمسكين في غيره، وليس له على المزكى إبدال ما يستحقه بأيسر منه، وإنما جاز الإبدال رفعاً (8) للعسر عن   (1) تكرر في (د). (2) في النسخ (أخذ بالدراهم) والمثبت من الوسيط 1/ ق 118/ أولفظه قبله "ففي وجوب قدر التفاوت وجهان: فإن قلنا: يجب، فإن لم يجد ... إلخ". (3) دراهم جمع درهم بكسر الفاء وفتح الهاء في اللغة المشهورة، وهو اسم للمضروب من الفضة، وهو معرّب، والدرهم الإِسلامي ستة دَوَانِقَ، والدَّانِق الإِسلامي حبّتا خَرنُوبٍ، وثُلُثَا حبّة خرنوب، فيكون الدرهم الإسلامي ست عشرة حبّة خرنوب. انظر: تحرير ألفاظ التنبيه ص 78، المصباح المنير ص 193، 201. (4) قال النووي: مرادهم نقد البلد قطعاً، وصرح به جماعة منهم: القاضي حسين، وإبراهيم المرّوذي وغيرهما. انظر: المجموع 5/ 380، الروضة 2/ 15. (5) في (د) (الشقص). وانظر: التهذيب (كتاب الزكاة) ص 55، فتح العزيز 5/ 354، المجموع 5/ 380، الروضة 2/ 15. (6) في (أ) (ولشيخه) وانظر: نهاية المطلب 2/ ق 11. (7) وانظر: فتح العزيز 5/ 354، الروضة 2/ 15. (8) في (أ) (دفعاً). الجزء: 3 ¦ الصفحة: 25 المالك، فإذا (لم يرده) (1) لم يلزم به، يجب من جنس الأغبط (2)؛ لأنه الأصل، فإذا لم يدرك كله لم يترك كله (3). الفرع الثاني: "لو جعل الحقاق أصلاً" (4) يعني فيما إذا عدم (5) الحقاق وبنات اللبون. قوله: "لأنه تخطى سناً واجباً، وهو أصل". فيه إحتراز مما يجيء بعده، فيما إذا كان واجبه بنت لبون، فرقى إلى الجذعة فإنه يجوز، وإن (6) تخطى سناً لكن غير واجب ولا أصل (7). وجه تأثيره في الفرق، هو أنه إذا كان السن المتخطّى واجباً أمكن أن يجعله أصلاً لما يخرجه، ويقتصر على جبرانه الواحد، بخلاف ما إذا لم يكن واجباً، ففيما إذا أخرج الجذعة، وليس واجبه إلا بنت لبونٍ، لا يمكنه جعل ما تخطّاه من الحقة أصلاً؛ لأنها ليست من واجبه، وها هنا إذا أخرج الجذاع عن بنات   (1) ما بين القوسين ساقط من (أ). (2) يعني إذا أوجبنا الشقص، فالأصح أنه يجب من جنس الأغبط؛ لأنه الأصل. انظر: فتح العزيز 5/ 354، الروضة 2/ 15. (3) في (د) (كلمه) كذا. (4) الوسيط 1/ 118/ ب وتمامه "ونزل إلى بنات المخاض، وضمّ إلى ثمنه جبرانات، أو اتخذ بنات اللبون أصلاً، ورقى إلى الجذاع وطلب عشر جبرانات، لا يجوز؛ لأنه تخطى ... إلى آخر ما ذكره بعده". (5) في (أ) (فقد). (6) في (أ) (فإن). (7) هذا هو المذهب، وبه قطع جماهير الأصحاب. انظر: الوجيز 1/ 81 - 82، التهذيب (كتاب الزكاة) ص 56، فتح العزيز 5/ 352، المجموع 5/ 378، الروضة 2/ 14. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 26 اللبون يمكنه أن يجعلها عمّا تخطّاه من الحقاق؛ لأنها من واجبه، فتقديره إيّاها عن بنات اللبون تكثير للجبران بالتشهي فلا يجوز (1). قوله: "فيما إذا أخرج (2) حقةً، وثلاث بنات لبون بثلاث جبراناتٍ فالمذهب جوازه، وقيل: يمتنع (3) هذا" (4). ومال عليه الإمام ابن الجويني (5) وقال: إنه مزيف لا أصل له، ولا اعتداد به. وقد (6) قال صاحب "التتمة" (7): إنه الصحيح. ووجهه (8) إلحاق بعض (9) الفرض بكله في المنع من العدول إلى الجبران عنه مع وجوده. والجواب عنه، أنه الأسوأ (10)، فإنه والحالة هذه لا يستغنى عن الجبران بكل حالٍ، فلا يتغير طريقه بخلاف وجود الكل، فإنه يستغنى معه (11) عن الجبران رأساً. والله أعلم.   (1) انظر: الوجيز 1/ 81 - 82، فتح العزيز 5/ 352، المجموع 5/ 378، الروضة 2/ 514. (2) نهاية 1/ ق 176/ ب. (3) في (أ) (يمنع). (4) الوسيط 1/ ق 118/ ب. (5) يعني إمام الحرمين سبقت ترجمته. وانظر: نهاية المطلب 2/ ق 13. (6) ساقط من (د). (7) انظر: قول صاحب التتمة في فتح العزيز 5/ 355، المجموع 5/ 381. (8) في (أ) (ووجه). (9) في (د) (بعد) بدال مهملة. (10) كذا في (د)، وفي (أ) (لأسوأ، أو لا سواء). والله اعلم. (11) في (أ) (عنه). الجزء: 3 ¦ الصفحة: 27 قوله (1): " [جبران] (2) كل مرتبة في السن منصوص عليه" (3)، أي في الحديث، وهو موجود في تمام حديث أبي بكر (4) الصديق (5) - رضي الله عنه - في الثلاثة، الجذعة، والحقّة، وبنت اللبون، إعطاءً وأخذاً (6). "فإن رقى سنّين" (7) يعني مع فقد السنّ الأقرب (8) كما إذا وجب عليه (9) بنت مخاض، وليست عنده، ولا بنت لبون فرقى إلى الحقة.   (1) بياض في (د). (2) في النسختين (جواب) وهو تحريف والمثبت من الوسيط. (3) الوسيط 1/ ق 118/ ب. (4) ما بين القوسين ساقط من (أ). (5) سبق تخريجه في ص 8. وموضع الشاهد منه "ومن صدقته بنت مخاض وليست عنده، وعنده بنت لبون فإنها تقبل منه ويعطيه المصدق عشرين درهماً أو شاتين، فإن لم يكن عنده بنت مخاض على وجهها، وعنده ابن لبون، فإنه يقبل منه وليس معه شيء، ومن بلغت عنده من الإبل صدقة الجذعة، وليست عنده جذعة، وعنده حقّة، فإنها تقبل منه الحقة ويجعل معها شاتين إن استيسرتا له أو عشرين درهماً، ومن بلغت عنده صدقة الحقة، وليست عنده الحقة وعنده الجذعة، فإنها تقبل منه الجذعة، ويعطيه المصدق عشرين درهما أو شاتين، ومن بلغت عنده صدقة الحقة وليست عنده إلا بنت لبون فإنها تقبل منه بنت لبون، ويعطي شاتين أو عشرين درهماً، ومن بلغت صدقته بنت لبون وعنده حقّة فإنها تقبل منه الحقة، ويعطيه المصدق عشرين درهماً أو شاتين، ومن بلغت صدقته بنت لبونٍ وليست عنده، وعنده بنت مخاضٍ فإنها تقبل منه بنت مخاض ويعطي معها عشرين درهماً أو شاتين". (6) انظر: التهذيب (كتاب الزكاة) ص 46، فتح العزيز 5/ 360، المجموع 5/ 375، 367، الروضة 2/ 17. (7) الوسيط 1/ 118/ ب وتمامه " ... وجمع بين جبرانين". (8) في (أ) زيادة (كما إذا لم يكن عنده) وهي عبارة مقحمة هنا، وموضعها بعد قليل. (9) ساقط من (د). الجزء: 3 ¦ الصفحة: 28 قال غيره: وكذا لو (1) رقى ثلاثة أسنان، كما إذا لم يكن عنده حقة ورقى إلى الجذعة في الصورة المذكورة، فهذا جائز بلا خلاف في المذهب (2)، والخلاف يأتي فيما إذا وجد السنّ الأقرب (3) فيما (4) بين سنّين (5). ولا جبران في غير زكاة الإبل أصلاً (6)، وإنما خص (7) المؤلف البقر (8) بذكر ذلك فيها (9) لإمكان الجبران فيها لتعدد الرتبة فيها فيما (10) بين سنَّين دون الغنم، وإنما لم نقسها على المنصوص كما قسنا على المنصوص الزيادة على (السنّ   (1) ساقط من (أ). (2) هذا في الصعود، وكذلك في النزول سواء بسواء. انظر: التهذيب (كتاب الزكاة) ص 48، فتح العزيز 5/ 366 - 367، المجموع 5/ 372 - 373، الروضة 2/ 18. (3) في (أ) (للأقرب). (4) في (أ) (فيها). (5) كما إذا وجبت عليه بنت لبون فلم يجدها في ماله، ووجد حقة وجذعة فرقى إلى الجذعة، ففيه وجهان: أحدهما: يجوز، كما إذا لم يجد الحقة. والثاني: لا يجوز، وبه قال أكثر الأصحاب وجزم به صاحب التهذيب وصححه الرافعي والنووي، ثم قال الرافعي: وموضع الخلاف فيما إذا صعد إلى الجذعة وطلب جبرانين، أما إذا رضي بجبران واحد فلا خلاف في الجواز، وكذلك يجري الخلاف في النزول من الحقة إلى بنت المخاض مع وجود بنت اللبون. انظر: المهذب 1/ 200، الوجيز 1/ 82، التهذيب (كتاب الزكاة) ص 50، فتح العزيز 5/ 367، الروضة 2/ 19. (6) انظر: التهذيب (كتاب الزكاة) ص 74، فتح العزيز 5/ 369، المجموع 5/ 375. (7) في (د) (خصص). (8) قال في الوسيط 1/ 118/ ب "ولا مدخل للجبران في زكاة البقر". (9) في (د) (فيما). (10) ساقط من (أ). الجزء: 3 ¦ الصفحة: 29 الواجد في المسألة قبلها؛ لأن القياس يتوقف على معرفة مساواة مقدار التفاوت بين) (1) السنَّين في هذا المقدار، لمقدار (2) التفاوت المنصوص عليه، ولا سبيل إليه. وقد منع ابن المنذر (3) - وهو أحد من يكثر اختياره لغير المذهب من أصحابنا - من (4) الأول أيضاً (5) وجهٌ (6) على المنصوص. ونحن نقول: ما أخرجه مع (7) جبران أحد السنّين منزل بالنص منزلة السنّ الأقرب، فيصير المجموع مع الجبران الثاني كما لو كان المخرج معه السنّ الأقرب وحده، مثاله: إذا وجب عليه حقة، فأخرج بنت مخاض مع جبرانين، فهي مع الجبران الأول منزلة بالنص منزلة بنت لبون فتكون هي في الجبران الأول مع الجبران الثاني كبنت لبون مع الجبران الذي بينها وبين الحقة، وهو ثابت في الصحيحين أيضاً بالنص (8). والله أعلم.   (1) ما بين القوسين ساقط من (أ). (2) ساقط من (د). (3) هو محمَّد بن إبراهيم بن المنذر، أبو بكر النيسابوري كان محدثاً ثقةً فقيهاً عالماً مجتهداً لا يقلد أحداً، وله مصنفات نافعة كثيرة منها: المبسوط في الفقه، والأوسط في السنن والإجماع والاختلاف، والإجماع، مات بمكة سنة 319 هـ وقيل غير ذلك. انظر: طبقات الفقهاء للشيرازي ص 118، تهذيب الأسماء واللغات 2/ 196، طبقات ابن قاضي شهبة 1/ 98. (4) نهاية 1/ ق 177/ أ. (5) يعني القول بثبوت الجبرانين والثلاثة، فإنه ذهب إلى أنه لا يجوز زيادة على جبران واحد. انظر: الإقناع له 1/ 169، والمجموع 5/ 374. (6) في (أ) (وجهه). (7) في (أ) (من). (8) في (أ) (ثابت أيضاً في النص في الصحيحين) ويعني بالنص حديث أنس السابق انظر: ص 7. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 30 "الأولى: أن الخيرة إلى المعطي" (1) حجته أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال فيه: (ويعطي معها شاتين، أو عشرين درهماً) (2) وهو ظاهر في تخييره، ولأنه تخيير (3) بين أمرين، فكانت (4) الخيرة فيه إلى الفاعل لا إلى غيره، كما في الكفارة المخيرة. والخلاف المذكور في المسألتين، موضعه ما إذا كان أحد الأمرين أغبط (5)، أما إذا تساويا فالأظهر القطع بأن المتبع اختيار المالك (6). والله أعلم. قال: "ومن أصحابنا من نقل نصاً عن "الإملاء" ( ... إلى آخره" (7). اعلم أنّ هذا مشكل، لا يتفطن له، وذلك أن مساق هذا يوهم نقل نصٍ عن "الإملاء") (8) في الانخفاض والارتفاع، احتجاجه لاستبعاده يشعر به، وليس الأمر على ذلك، فإن النص في "الإملاء" منقول في كتاب شيخه (9) ثمّ في "البسيط" (10) وغيرهما (11) في المسألة الأولى، (وهي في تعيين المُخْرَج، ثم في   (1) الوسيط 1/ 118/ ب وتمامه " ... في تعيين الشاتين أو الدراهم، وفي الانخفاض لتسليم الجبران، أو الارتفاع لأخذ الجبران". (2) هذا قطعة من حديث أنس - رضي الله عنه - (3) في (أ) (يخير). (4) في (أ) (وكان). (5) في (أ) (الأغبط). (6) انظر: المجموع 5/ 377، الروضة 2/ 18, مغني المحتاج 1/ 373. (7) الوسيط 1/ ق 118/ ب وتمامه " ... أن المتبع الأغبط". (8) ما بين القوسين ساقط من (د). (9) نهاية المطلب 2/ ق 8. (10) 1/ ق 178/ أ. (11) انظر: فتح العزيز 5/ 361. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 31 الانخفاض والارتفاع خلاف مخرّج على القولين في المسألة الأولى) (1)، فسبيلنا أن نوفق بينهما، وهذا ينطبق على ذلك على استكراه، وذلك أنه نقل نص "الإملاء" بالمعني لا على اللفظ، فإن المنقول منه أن الخيرة للساعي (2)، لكن لمّا كان خيار الساعي مقصوراً على الأغبط للمساكين، نقله هو كذلك مصرحاً به، وقال: عن "الإملاء" أن التبع الأغبط، بلفظ يصلح للنقل بالمعني، وأن قوله نسبه لهذا الحكم إلى "الإملاء" (3) لا لهذا اللفظ، ولهذا كان قولنا: إن كذا كان كذا، صيغة يختارها من ينقل بالمعنى. ثمّ مقتضى هذا القول في المسألة الأولى، أنه (4) إذا كان المعطي هو (5) المالك، فلا يتبع خيرته، بل يتبع الأغبط للمساكين، ثم لمّا خرج من هذا أيضاً في المسألة الثانية (6) أنه لا خيرة للمالك، والمخرج من النص داخل في معناه، أضاف المؤلف الجميع إلى نص "الإملاء" لكون معناه هو المنقول، وإنّه من معناه. وقوله: "وهو بعيد؛ لأنه أثبت ترفيهاً للمالك (7) " (8). تندرج (9) فيه المسألة الأولى، لما ذكرته من أن محل مخالفة هذا القول فيها ما إذا   (1) ما بين القوسين ساقط من (د). (2) انظر: فتح العزيز 6/ 361, المجموع 6/ 371. (3) نهاية 1/ ق 177/ ب. (4) ساقط من (أ). (5) ساقط من (د). (6) في (أ) (الثالثة) وهو خطأ. (7) في (أ) (للمساكين). (8) الوسيط 1/ ق 188/ ب ولفظه قبله "ومن أصحابنا من نقل نصاً عن الإملاء أن المتبع الأغبط للمساكين، كما في اجتماع الحقاق وبنات اللبون، وهو بعيد ... إلخ". (9) في (أ) (يندرج). الجزء: 3 ¦ الصفحة: 32 كان المعطي هو المالك. فإن قلتَ: ففي بعض النسخ في المسألة الثانية "قيل: الخيرة للمالك" بزيادة "قيل" وفيه خلاَصٌ من الإشكال؛ لأنه يكون قد قطع في المسألة الأولى بأن (1) الخيرة للمعطي من غير خلاف، وفي المسألة الثانية، نقل عن بعض الأصحاب، من أن الخيرة للمالك، وعن النصّ أن الخيرة للساعي حتى يكون المتبع هو الأغبط (2) وهذا وان كان خلاف نقل شيخه (3)، ونقله هو على ما سبق، لكنه ثابت هكذا في طريقة العراق في "المهذب" (4) وغيره (5) فلعله اختار في هذا الكتاب تلك الطريقة. قلت: يمنع حمل (6) كلامه على ذلك كونه نسب النص إلى "الإملاء" ونصّ "الإملاء" منقول في الأولى كما سبق، والنصّ المنقول في المسألة الثانية هو عن المزني في مختصره (7).   (1) في (د) (فإن). (2) انظر: فتح العزيز 5/ 361، الروضة 2/ 17 - 18. (3) انظر: نهاية المطلب 2/ ق 8. (4) 1/ 200. (5) انظر: التهذيب (كتاب الزكاة) ص 51، فتح العزيز 5/ 361 - 362، المجموع 5/ 371. (6) ساقط من (د). (7) ص 48. هذا وقد جمع الإِمام الرافعي بين هذه النصوص المنقولة، فقال بعد ذكره لها أن للأصحاب فيه طريقان: أحدهما: أن المسألة على قولين: أصحهما: أن الخيرة للمعطي. والثاني: أن الخيار إلى الساعي. والطريقة الثانية: وبها قال الأكثرون: إن الخيرة إلى المعطي بلا خلاف. انظر: فتح العزيز 5/ 361 - 362. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 33 قال: "أحدهما: له ذلك كسائر الأسنان" (1) ويخالف الفصيلَين (2)، أن الثنية تقع موقع الجذعة لو لم يطلب جبراناً بلا خلاف (3)، فهي من الأسنان المجزئة وإن لم تكن من الواجبة بخلاف الفصيل. وجه الجواز في المسألة (4) الرابعة (5): أن القريب الموجود ليس واجب ماله، فلا يمنع وجوده مما سوغه له فقد الواجب. قال: "لا يجوز تفريق الجبران" (6). هذا إذا كان من المالك (7)، أما إذا كان من الساعي، فالصحيح من المذهب على ما ذكره المتولي، أنه يجوز (8)؛ لأنه ليس زكاة، بل هو عوض لما (9) زاده فلا حجر عليه. والله أعلم.   (1) الوسيط 1/ ق 119/ أولفظه قبله "الثانية: لو وجبت عليه بنت مخاض فنزل إلى فصيل مع جبران لم يجز؛ لأنه ليس ذلك سناً من أسنان الزكاة، ولو وجبت حقة فأخرج ثنية قبل، ولو طلب الجبران فوجهان: أحدهما: له ذلك ... إلخ". (2) الفصيلين تثنية فصيل، وهو ولد الناقة إذا فصل عن أمه، والأنثى فصيلة. انظر: الزاهر ص 93، المصباح المنير ص 474. (3) انظر: المهذب 1/ 200، الوجيز 1/ 81، التهذيب (كتاب الزكاة) ص 52، فتح العزيز 5/ 365، المجموع 5/ 372، الروضة 2/ 18، الغاية القصوى 1/ 372. (4) نهاية 1/ ق 178/ أ. (5) قال في الوسيط 1/ ق 119/ أ " ... ولو رقى من بنت لبون إلى الجذعة مع وجود بنت مخاض فوجهان مرتبان: والأول: الجواز؛ لأن القريب الموجود ليس في جهة الترقي". (6) الوسيط 1/ ق 119/ أوتمامه "بإخراج شاة وعشرة دراهم". (7) هذا هو المذهب واتفق عليه الأصحاب. انظر: الوجيز 1/ 82، التهذيب (كتاب الزكاة) ص 46 - 47، المجموع 5/ 374، الروضة 2/ 19، مغني المحتاج 1/ 373 - 374. (8) بشرط أن يرضى به رب المال, لأن ذلك من حقه وله اسقاطه بالكلية، إلا فلا يجوز. انظر: التهذيب (كتاب الزكاة) ص 46 - 37، المجموع 5/ 374، الروضة 2/ 19، مغني المحتاج 1/ 373 - 374. (9) في (أ) (على ما). الجزء: 3 ¦ الصفحة: 34 قال: "جاز كما في الكفارتين" (1). والوجه الضعيف المذكور في الحقاق، وبنات اللبون في أربع المائة (2)، لم يذكره ها هنا هو وعيره أيضاً، ولعل الفرق أن الجبران ها هنا متعدد قطعاً لتعدد المجبور، وهناك لا نسلم أنها (3) نصابان، بل الأربع المائة (4) نصاب واحد، وإن كان بعضها يستقل أنصاباً (5) لو انفرد، كما أن المائتين كذلك، ثم هي نصاب واحد (6) لا يجوز تبعيض واجبه، وما يجيء في الخُلْطَة من هون فرض السبعين ينبسط عليها كلها (7) يستعان به في هذا، والله أعلم. قال: "المرض والعيب" (8).   (1) الوسيط 1/ ق 119/ أولفظه قبله " ... ولو رقى بسنين وجمع بين عشرين درهماً وشاتين، جاز كما ... إلخ". (2) من المعلوم في المذهب أن على صاحب أربعمائة ثمان حقاق، أو عشر بنات لبون؛ لأنها ثمان خمسينات، أو عشر أربعينات، ويعود فيها من الخلاف والتفريع جميع ما سبق في المائتين، وهذا متفق عليه بين الأصحاب. وأما الوجه الذي أشار إليه المصنف - رحمه الله - هو أنه لو أخرج عنها أربع حقاق وخمس بنات لبون فهل يجوز هذا؟ فيه وجهان: أحدهما: يجوز وبه قال جمهور الأصحاب وصححه الرافعي والنووي. والثاني: لا يجوز وبه قال الإصطخري. انظر: التهذيب (كتاب الزكاة) ص 58، فتح العزيز 6/ 356، المجموع 5/ 382، الروضة 2/ 16. (3) في (أ) (أنهما) (4) ساقط من (د). (5) في (د) (نصاباً). (6) ساقط من (د). (7) الوسيط 1/ ق 121/ أ. (8) الوسيط 1/ ق 119/ أولفظه قبله "النظر السادس: في صفة المخرج من حيث النقصان والكمال، والنقصان خمسة: المرض والعيب ... ". الجزء: 3 ¦ الصفحة: 35 لو قال: العيب وحده لأجزأ (1) عن المرض من حيث إنهما من وصفها (2) الأخص والأعم، ثم الصحيح في (3) العيب أنه الذي (4) يردّ به المبيع (5). و (6) قيل: إنه يعتبر معه أيضاً عيوب الضَحَايَا، وإن لم تنقص (7) الماليةَ كالشرقاء (8) ونحوها (9)، وهو مزَّيفٌ؛ لأنه تمليك مال فلا يعتبر فيه إلا ما يخلّ بالمالية، ولا يرد عليه الخصي (10) , لأنه يخلّ بالمالية من وجهٍ، فلم يكن ذلك مسقطاً حكم النقيصة من الرد، وهذا إذا لم يقل: إن عيوب الضحَّية يرد بها المبيع، وهو المذهب (11). ما ذكره من أن اسم الشاة لا ينطلق على الذكر (12)، ظاهره يقتضي أن لفظ الشاة لا يستعمل في الذكر، وهو غير صحيح في اللغة (13)، غير أن الشاة الواجبة   (1) (أ) (أجزأ). (2) في (د) (وقتها). (3) في (أ) (من). (4) ساقط من (د). (5) وصححه أيضاً الرافعي والنووي. انظر: فتح العزيز 5/ 373، المجموع 5/ 390، الروضة 2/ 21، مغني المحتاج 1/ 375. (6) في (أ) زيادة (قد) ولعل الصواب حذفها. (7) في (أ) (لم ينقص) بالياء. (8) الشرقاء: مشقوقة الأذن طولاً. انظر: المصباح المنير ص 311، القاموس ص 1158. (9) كالخرقاء، والمقابلة والمدابرة. انظر: التهذيب (كتاب الزكاة) ص 77، فتح العزيز 5/ 373، المجموع 5/ 390، مغني المحتاج 1/ 375. (10) في (أ) (الخصاء). (11) انظر: الروضة 2/ 126. (12) انظر: الوسيط 1/ ق 119/ أ. (13) انظر: المصباح المنير ص 328، القاموس ص 1611. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 36 مفسرة بالجذعة (1) من الضأن، والثنية (2) من المعز (3) كما جاء عن سويد بن غَفَلَة (4) سمعت مصدق رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: (أمرت بالجذعة من الضأن، والثنية من المعز) (5).   (1) الجذعة من الضأن ما تمت له سنة، ودخلت في الثانية، وقيل: أقل من السنة. انظر: الزاهر ص 96، القاموس ص 915، مختار الصحاح ص 86. (2) الثنية من المعز، ما تمت له سنتان ودخل في الثالثة. وقيل: ما دخلت في السنة الثالثة. انظر: الزاهر ص 96، اللسان 14/ 123، القاموس ص 1637. (3) نهاية 1/ ق 178/ ب. (4) هو سويد بن غفلة، أبو أمية الجعفي مخضرم من كبار التابعين، قدم المدينة يوم دفن النبي - صلى الله عليه وسلم -، وكان مسلماً في حياة النبي - صلى الله عليه وسلم - روى عن الخلفاء الأربعة وابن مسعود وبلال وغيرهم، مات سنة 81 هـ وقيل: بعدها، وعمره أنذاك 130 أو 131 سنة. انظر: تهذيب الأسماء واللغات 1/ 240، الإصابة 2/ 100، التقريب ص 260. (5) رواه أبو داود 2/ 236 - 237 في كتاب الزكاة، باب زكاة السائمة، والنسائي 5/ 22 في كتاب الزكاة، باب الجمع بين المتفرق، والتفريق بين المجتمع، وابن ماجة 1/ 576 في كتاب الزكاة، باب ما يأخذ المصدق من الإبل، وأحمد 4/ 315، أبو عبيد في الأموال ص 355، وابن أبي شيبة 3/ 126، والطبراني في الكبير 7/ 108، والبيهقي في الكبرى 4/ 170. من طريق هلال بن خبّاب عن ميسرة أبي صالح عنه قال: - واللفظ للنسائي - (أتانا مصدق النبي - صلى الله عليه وسلم - فأتيته فجلست إليه فسمعته يقول: إن في عهدي أن لا نأخذ راضعَ لبن، ولا نجمع بين متفرق ولا نفرّق بين مجتمع، فأتاه رجل بناقة كوماء، فقال: خذها فأبى). ولم يذكر كلهم فيه "الجذعة والثنية" فلذا قال النووي: في المجموع 5/ 364 "ليس فيه دليل للجذعة والثنية الذي هو مقصود المؤلف" يعني صاحب المهذب. قلت: قد ورد في حديث آخر صريحا تفسير الشاة الواجبة في الصدقة بالجذعة والثنية، وهو ما رواه الطبراني في الكبير 7/ 170 بسنده إلى أبي سَعْر الدؤلي عن أبيه قال: (كنت في ناحية فجاء رجل فسلم، وأنا بين ظهراني غنمي فقلت: من أنت؟ فقال: أنا رسول رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقلت فما تريد؟ فقال: أريد صدقة غنمك، قال: فجئته بشاة ماخض حين ولدت، فلما نظر إليها قال: ليس حقنا في هذه، فقلت ففيمَ حقك؟ قال: في الثنية والجذعة واللَّجبة). وحديث سويد بن غفلة قد حسنه المنذري والنووي والألباني. انظر: المجموع 5/ 364، مختصر المنذري 2/ 196، صحيح سنن أبي داود رقم (14009) صحيح سنن النسائي 2/ 519، رقم (2305). الجزء: 3 ¦ الصفحة: 37 وإذا كان ذلك (1) كذلك فلا ينطلق ذلك على الذكر والسخلة (2). "الوجه الثالث: حيث يؤدي إلى التسوية" (3) وهو فيما (4) يتغير الفرض فيه بالسن لا بالعدد، والقائل بالوجه الثاني لم يقتصر على هذا؛ لأن الأولى من عليته شاملة للجميع. "قال: لمصدَّق (5) أي ساعيه، وهو بتخفيف الصاد وتشديد الدال وكسرها (6)، كأنه من صدّق المال، إذا أخرج صدقته، والشافعي - رحمه الله - يستعمل ذلك في كلامه كثيراً (7) والمصّدَّق، كذلك مع زيادة تشديد الصاد (8) الذي يأخذ الصدقة (9). والله أعلم.   (1) ساقط من (د). (2) السخلة: تطلق على الذكر والأنثى من أولاد الضأن والمعز ساعة تُولَد، والجمع سخال. انظر: الزاهر ص 96، المصباح المنير ص 269. (3) الوسيط 1/ ق 119/ ب وتمامه "فلا يأخذ إلا أنثى وكبيرة". (4) في (أ) (مما). (5) قال في الوسيط 1/ 119/ ب " ... والغالب أن كل المال لا ينفك عن الصغيرة والذكر، ولما روي أن عمر - رضي الله عنه - قال: لمصدقه أعدد عليهم بالسخلة يروح بها الراعي على يديه، ولا تأخذها، ولا تأخذ الأكُولَةَ ولا الرُّبيَّ ولا الماخض ولا فحل الغنم، وخذ الجذعة من الضأن والثّنية من المعز، وذلك عدل بين غِذَاءِ المال وخياره". وهذا الأثر رواه مالك في الموطأ 1/ 223، والشافعي في الأم 2/ 14، وعبد الرزاق في المصنف 4/ 11 - 14، وأبو عبيد في الأموال ص 353، وابن أبي شيبة في المصنف 3/ 134، والبيهقي في الكبرى 4/ 169، كلهم من طريق سفيان بن عيينة ثنا بشر بن عاصم عن أبيه أن عمر استعمل أباه سفيان بن عبد الله على الطائف، فقال له عمر فذكره. وصححه النووي في المجموع 5/ 362 / والحافظ ابن حجر في التلخيص 2/ 154. (6) انظر: تهذيب اللغة 8/ 357، اللسان 10/ 196 - 197، مختار الصحاح ص 315. (7) انظر: الأم 2/ 9 - 17. (8) في (أ) زيادة (كذلك وقع في الأصلين يأخذ، وصوابه: يدفع). (9) وفي تهذيب اللغة 8/ 357، واللسان 10/ 196 - 197، المصّدِّق بتشديد الصاد والدال، فهو المتصدِّق أدغمت التاء في الصاد فشددت، قال الله تعالى: {إِنَّ الْمُصَّدِّقِينَ وَالْمُصَّدِّقَاتِ} أي المتصدقين والمتصدقات، وهم الذين يُعطُون الصدقات. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 38 "بين غِذَاءِ المال" وقع في بعض النسخ، "بين رديء المال". وهو غير صحيح، إنما هو "بين غِذاء المال" جمع غَذِيًّ، وهو (1) السخلة الصغيرة (2). ذكر الأزهري (3) - رحمه الله - وهو إمام في (4) هذا الشأن أن "الرُّبَّي" القريبة العهد بالولادة (5)، ما بينها وبين خمس عشرة (6) ليلةً، وهي بمنزلة النفساء من النساء، وذكر شيخه (7) أيضاً أنها القريبة العهد من الولادة التي تُربّي ولدها. "والماخض" الحامل التي أخذها المخاض، وهو وجع الولادة (8). قال: "وهو الأصح" (9) هذا عبارة يفهم سامعها أن الأصحاب خالفوا قول الشافعي، وأن الأصح ذلك، وأن الأصح قولهم، وليس كذلك، وإنما (10) تأولوا   (1) في (د) (هي). (2) انظر: الزاهر ص 97، تهذيب اللغة 8/ 174، المصباح المنير ص 443 - 444. (3) انظر: الزاهر ص 97، والأزهري هو محمَّد بن أحمد بن الأزهر بن طلحة أبو منصور الأزهري الهروي، كان رأساً في اللغة والتفسير والفقه، وله مؤلفات كثيرة منها: تهذيب اللغة، والزاهر في غريب ألفاظ الشافعي، وغيرهما، مات سنة 370 هـ أو في التي بعدها. انظر: سير أعلام النبلاء 16/ 315، طبقات الأسنوي 1/ 29، طبقات ابن هداية الله ص 211. (4) ساقط من (د). (5) في (أ) (من الولادة). (6) في (د) (خمسة عشر). (7) نهاية المطلب 2/ ق 27. (8) انظر: الزاهر ص 97، المصباح المنير ص 565، القاموس ص 842. (9) الوسيط 1/ ق 120/أولفظه قبله "فإن كان الكل معيباً وبعضه أردأ، قال الشافعي - رحمه الله- يخرج الأجود، وقال الأصحاب: يأخذ الوسط بين الدرجتين وهو الأصح". (10) في (أ) (إنما). الجزء: 3 ¦ الصفحة: 39 قوله، وليس لفظه ما نقله هو، وإنما قال: "يأخذ منه خير المعيب (1) " (2) وفسروه على وجوه منها: ما قاله أبو علي بن خيران (3)، واختاره الشيخ أبو حامد (4)، وذكر أنه مراد الشافعي نصّ عليه في "الأم" (5) وهو أنه يأخذ خير الفرضين المعيبين (6) فيما إذا اجتمع (7) الفرضان، الحقاق (8) وبنات اللبون (9) وهو عبارة عن القول الصحيح الذي يتعين فيه الأغبط على ما سبق (10). ومنهم من قال: إنه عبّر بالخير عن الوسط كما يعبّر بالوسط عن الخير (11) كقوله تعالى: {وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا} (12) وغير ذلك (13). والله أعلم.   (1) (د) (المعين). (2) انظر: مختصر المزني ص 48. (3) لم أقف على قول ابن خيران هذا فيما عندي من المصادر. (4) هو أحمد بن محمد بن أحمد الإسفراييني أبو حامد، إمام طريقة العراق وشيخ المذهب، انتهت إليه رئاسة الدين والدنيا ببغداد، وله مصنفات كثيرة منها: شرح مختصر المزني، المسمى بـ "تعليقة الكبرى"، والبستان وغيرهما مات سنة 406 هـ. انظر: طبقات الفقهاء للشيرازي ص 131، تهذيب الأسماء واللغات 208، البداية والنهاية 12/ 3. (5) 2/ 48. (6) في (د) (المعينين). (7) نهاية 1/ ق 179/ أ. (8) في (د) (الحقان). (9) أي ولم يرد خير جميع المال. انظر: الحاوي 3/ 98، فتح العزيز 5/ 372، المجموع 5/ 391. (10) انظر: ص: 125. (11) في (د) (كما يعبر بالخير عن الوسط). (12) سورة البقرة الآية 143. وانظر: فتح العزيز 5/ 372، المجموع 5/ 391، الروضة 2/ 21. (13) انظر: الحاوي 3/ 99، المجموع 5/ 391. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 40 ما ذكره من أنواع الإبل (1) ورد في كلام الشافعي (2) - رحمه الله - وفيما علق عن المؤلف في الدرس أن "المَهريَّة" رديئة والباقية خيار (3) وليس كما قال. قال الأزهري (4) (وغيره) (5): "المهريَّة: منسوبة (6) إلى مَهْرَة بن حَيْدَان قبيلة من أهل اليمن، وفيها نجائب تَسْبِقُ الخيل، والأرحَبِيَّة من إبل اليمن أيضاً (7)، وكذلك المُجَيْدِيَّة أيضاً (8) ". وقد ثبت لي من وجوه أن المُجَيدية بضم الميم وفتح الجيم. والله أعلم.   (1) انظر: الوسيط 1/ ق 120/ أ. (2) انظر: الأم 2/ 16، مختصر المزني ص 49. (3) في (أ) (جياد). (4) انظر: الزاهر ص 98. (5) ما بين القوسين ساقط من (أ)، وانظر: الصحاح 2/ 821، المصباح المنير ص: 583. (6) في (أ) (منسوب). (7) وقيل: منسوب إلى أرحب، قبيلة من همدان، وقيل: موضع، وقيل: فحل، وإليه أو إليهم ينسب النجائب الأرحبية. انظر: تهذيب الأسماء واللغات 3/ 1/ 120. اللسان 1/ 416 (8) المجيدية: منسوبة إلى فحل من الإبل يقال له: مُجيد، وهي دون المهرية. انظر: المصباح المنير ص 564. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 41 باب صدقة الخُلَطاء جمع في الحديث الذي ذكره (1) بين ما رواه أنس (2) في كتاب الصديق - رضي الله عنهما - وهو إلى قوله: "بالسوية" وهو في صحيح البخاري (3) وبين ما رواه الدارقطني (4) من حديث سعد بن أبي وقاص (5) - رضي الله عنه -. وذلك هو الباقي، وهذا   (1) قال في الوسيط 1/ ق 120/ ب "ودليل تأثير الخلطة قوله - صلى الله عليه وسلم - (لا يجتمع بين متفرق ولا يفترق بين مجتمع خشية الصدقة، وما كان من خليطين فإنهما يتراجعان بينهما بالسوية، والخليطان ما اجتمعا على الرعي والفحولة والحوض". (2) هو أنس بن مالك بن النضر، أبو حمزة الأنصاري الخزرجي، خادم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأحد المكثرين من الرواية عنه، ومناقبه كثيرة جداً، وسكن البصرة ومات بها سنة 91 هـ. وقيل: 93، وهو آخر الصحابة موتاً بالبصرة. انظر: الاستيعاب 1/ 71 - 73، طبقات الفقهاء للشيرازي ص 33، تذكرة الحفاظ 1/ 44، الإصابة 1/ 71 - 72. (3) سبق تخريجه. (4) في سننه 2/ 104، وكما رواه أبو عبيد في الأموال ص 357، وابن زنجويه في الأموال 2/ 863، وابن أبي حاتم في علل الحديث 1/ 291، وابن حزم في المحلى 6/ 55، والبيهقي في الكبرى 4/ 206، كلهم من طريق ابن لهيعة عن يحيى بن السائب بن يزيد، قال: صحبت سعد بن أبي وقاص فذكر كلاماً فقال: إلا إني سمعته ذات يوم يقول: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - (لا يفرق بين مجتمع، ولا يجمع بين مفرَّق، والخليطان ما اجتمع على الحوض والرعي والفحل). قال البيهقي: أجمع أصحاب الحديث على ضعف ابن لهيعة، وترك الاحتجاج بما ينفرد به. وقال ابن أبي حاتم في علله: سألت أبي عن هذا الحديث، فقال: هذا حديث باطل عندي، ولا أعلم أحداً رواه غير ابن لهيعة. ونقل ابن حجر في التلخيص 2/ 155، عن ابن معين أنه قال: هذا الحديث باطل، وإنما هو من قول يحيى بن سعيد، هكذا حدّث به الليث بن سعد عن يحيى بن سعيد من قوله. وضعفه أيضاً النووي في المجموع 5/ 409. (5) هو سعد بن مالك بن وهيب بن عبد مناف أبو إسحاق القرشي الزهري، أحد العشرة المبشرين بالجنة، أسلم قديماً بعد أربعة وقيل: ستة، وهو ابن سبع عشرة سنة، وهو أول من رمي بسهم في سبيل الله، ومناقبه كثيرة، مات بالعقيق سنة 55 هـ على المشهور. انظر: تهذيب الأسماء واللغات 1/ 213، الإصابة 2/ 33، التقريب ص 232. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 42 من التصرف (1) الممنوع منه في رواية الحديث؛ لأن عصوم قوله في رواية (أنس "وما) (2) كان من خليطين" يحتج به على (3) نفي تأثير الخلطة في غير المواشي. وقوله: في رواية سعد "والخليطان ما اجتمعا" يحتج به على (4) تغير الحال فيه كما لا يخفى، فإذا ساق الجميع مساق الحديث الواحد تغيّر المعنى، وصار قوله: "والخليطان ما اجتمعا على الرعي" قرينة مخصصة عموم قوله: "وما كان من خليطين فإنهما يتراجعان بينهما بالسوية" وأيضاً فالحديثان متفاوتان في صحة الإسناد، والأخير (5) ضعيف الإسناد، والراوي له غير الراوي للأول، (6) فإدراج أحدهما على الآخر غير سائغ عند أهل الحديث، وغيرهم. والله أعلم. قوله في الحديث "على الرعي" روي هكذا بلفظ المصدر، وروي "الراعي" على اسم الفاعل (7). وقوله "والفحولة" هكذا رأيته في كتاب شيخه (8) وهو جمع فحل (9) وهو في غيره "الفحل" وكذا هو في بعض نسخ الوسيط.   (1) في (أ) (المنصرف). (2) ما بين القوسين ساقط من (أ). (3) في (أ) (من). (4) ساقط من (د). (5) في (أ) (فالأخير). (6) نهاية 1/ ق 179/ ب. (7) انظر: مصادر تخريج الحديث السابقة. (8) نهاية المطلب 2/ ق 34. (9) وهو الذكر من كل حيوان وجمعه أفحُل، وفحول وفحُولة وفحال وفِحالة. انظر: اللسان 11/ 516، والقاموس ص 1345. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 43 النهي المذكور عن الجمع، والتفريق، يشترك فيه المالك والساعي (1)، وكذلك كان قوله - صلى الله عليه وسلم - (خشية الصدقة) (2) مفسراً بتفسير الشافعي على خشية الوالي، وخشية المالك، فخشية الوالي من أن تقل الصدقة، وخشية المالك أن تكثر الصدقة (3). وقوله: "وما كان من خليطين فإنهما يتراجعان" يدل على الشرط الأول (4). "المَسْرَح" (5) المكان الذي تخرج فيه سارحةً إلى المْرعى (6). "والمُرَاح" بالضم مبيتها (7). "والمَشْرب" وفي بعض النسخ (8) "المشرَع" وهو موردها من نهر وغيره (9) والمَشْرب أولى؛ لأنه أعم فإنه قد لا تشرع بأن كانت تسقى في الأوعية. الضابط في محل الوفاق من شروط الخلطة أن ما يلزم من الافتراق فيه، افتراق ماشيتهما (10) فالاتحاد فيه شرط، وليس (المعني بالاتحاد في هذه الأمور كلها أن   (1) انظر: المجموع 5/ 408، فتح الباري 3/ 368. (2) هذا قطعة من حديث أنس الذي سبق تخريجه انظر: ص 8. (3) انظر: الأم 2/ 20، مختصر المزني ص 50. (4) وهو أن يكون الخليطان ممن تجب عليهما الزكاة، فلو كان أحدهما كافراً، أو مكاتباً فلا أثر للخلطة بلا خلاف. انظر: الوسيط 1/ ق 120/ ب، المهذب 1/ 205، المجموع 5/ 409. (5) قال في الوسيط 1/ ق 120/ ب "الشرط الثاني: المسرح، والمرعى والمشرع فإن التفريق في شيء من ذلك ينافي الخلطة في نفس المال". (6) وقيل: هو المرتع الذي ترعى فيه الماشية. انظر: النظم المستعذب 1/ 151، تحرير ألفاظ التنبيه ص 79. (7) انظر: المصدرين السابقين. (8) (أ) (وفي نسخ) بدل (وفي بعض النسخ). (9) انظر: المصباح المنير ص 308. (10) في (د) (ماشيتها). الجزء: 3 ¦ الصفحة: 44 يكون واحداً، ما لماشية أحدهما تشاركها فيه ماشية الآخر وليس) (1) فيه ماشية الآخر، وإن تعدد (2). "المَحلَبْ" بفتح الميم، هو موضع الحلب (3)، ويشترط الاشتراك فيه اتفاقاً (4)، ولعله إنما لم يذكره مع (5) الأربعة (6)؛ لأنه لازم الحصول (7) منها، والمِحْلَب بكسر الميم، الإناء (8) وفيه الخلاف (9)، والحالب كالراعي (10). قوله: (تكون المحالب (11) بينهم فَوْضَى) (12) على وزن مرضى، أي مشتركة يحلب كل واحد فيها. غَيْرُ شيخه (13) جعل هذه الثلاثة (14) محل اتفاق، ومنهم   (1) ما بين القوسين ساقط من (د). (2) كذا في النسختين وفيها ركاكة. (3) انظر: اللسان 1/ 334، تهذيب الأسماء واللغات 3/ 1/ 18. (4) انظر: مختصر المزني ص 50، والحاوي 3/ 140 - 141، التهذيب (كتاب الزكاة) ص 99، فتح العزيز 5/ 397، المجموع 5/ 10، الروضة 2/ 29. (5) في (د) (من). (6) وهي المسرح، والمشرع، والمرعى، والمراح. (7) في (د) (الحصول). (8) الذي يحلب فيه. انظر: اللسان 1/ 329، تحرير ألفاظ التنبيه ص 80. (9) على وجهين: أصحهما أنه ليس بشرط. انظر: فتح العزيز 5/ 397 - 398، المجموع 5/ 411، الروضة 2/ 29. (10) أي في اشتراط كل واحد منهما وجهان: الأصح في الحالب أنه لا يشترط. والأصح في الراعي أنه يشترط كاشتراط اتحاد المسرح والمراح. انظر: المهذب 1/ 250، البسيط 1/ ق 180 /أ، التهذيب (كتاب الزكاة) ص 99، فتح العزيز 5/ 397، 394، المجموع 5/ 410 - 411، مغني المحتاج 1/ 377. (11) في (د) (المحلب). (12) الوسيط 1/ ق 120/ ب. (13) انظر: نهاية المطلب 2/ ق 36. (14) أي الراعي، والفحل، والمِحلب. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 45 صاحب "المهذب" (1) و"التتمة" (2)، وحديث سعد لو ثبت يضعف إجراء الخلاف فيها لمن (3) اشترط خلط اللبن (4)، يحتج بأن فيه الوفاء بتمامه مشابهة المالين للمال الواحد، ثم يكون تقاسمهما من قبيل تواكل المسافرين في أزوادهم المختلطة، وهو إباحة من (5) البعض للبعض، ومن قبيل الاصطلاح في مالين اختلطا مع الجهل بمقدارهما، وفيه هبة (6) مع الجهالة. قال: "القصد هل يراعى في الخلطة" (7). يعني حصولاً وزوالاً، ولهذا قال: "أو تفرقت" ووجه الاشتراط (8) أن الخلطة والانفراد معنىً يغير الفرض فافتقر إلى النية، كالسفر المرخص.   (1) 1/ 205. وصاحب المهذب هو إبراهيم بن علي بن يوسف بن عبد الله أبو إسحاق الشيرازي الفيروزآبادي، كان زاهداً عابدا ورعا كبير القدر، برع في الفقه وأصوله، وله مصنفات كثيرة منها: المهذب, والتنبيه، واللمع وشرحه، وغيرها مات سنة 476 هـ على المشهور. انظر: تهذيب الأسماء واللغات 2/ 172، البداية والنهاية 12/ 134، طبقات ابن قاضي شهبة 1/ 238. (2) لم أقف عليه عند غير المصنف. (3) نهاية 1/ ق 180/ أ. (4) وهو قول أبي إسحاق المروزي، والصحيح أنه لا يشترط، بل لا يجوز؛ لأنه يؤدي إلى الربا، فإن لبن أحدهما قد يكون أكثر، فعند القسمة يأخذ أحدهما غالباً أكثر من حقه. انظر: فتح العزيز 5/ 398 - 399، المجموع 5/ 411، مغني المحتاج 1/ 377. (5) ساقط من (أ). (6) في (د) (هبته). (7) الوسيط 1/ ق 1/ 120/ ب وتمامه "حتى لو اختلطت المواشي بنفسها وتفرقت بنفسها من غير قصد المالكين فهل يؤثر؟ فيه وجهان: كما سيأتي في العلف والأسامة". (8) انظر: المهذب 1/ 205، البسيط 1/ ق 180، التهذيب (كتاب الزكاة) ص 101، فتح العزيز 5/ 399. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 46 "الثاني: لا" (1) لفظ تعليله يشبه ما يمتنع مثله في العلل، وتحريره أن القول بتأثير الخلطة (2) يجر أضراراً؛ لأنها يفيد تثقيلاً من غير تخفيف فيمتنع. قال: "غاية الممكن اتحاد الناطور، والنهر" (3). يجاب عنه: بأنه أكثر من ذلك إذ فيه مع ذلك اتحاد المُلَقَّح، والمُنَقَّح، والصعاد (4)، والساقي، والجرين (5). وقد مال الإمام (6) إلى اشتراط التجاور مع عدم الحائل بينهما، قد اختار جماعة غير شيخه إجراء القول في خلطة الجوار (7)   (1) الوسيط 1/ ق 120/ أولفظه قبله "السادس: أن يكون ما فيه الخلط نعماً، أما الثمار والزروع فهل يقاس الخلطة فيهما على المواشي؟ فيه ثلاثة أقوال: ... والثاني: لا؛ لأن الخلطة في المواشي قد تزيد في الزكاة، وقد تنقص، وها هنا لا يفيد إلا مزيداً فلم يكن في معناه". (2) أي في غير المواشي. (3) الوسيط 1/ ق 120/ أ. والناطور: بالطاء المهملة، حافظ الزرع والكرم. انظر: تهذيب الأسماء واللغات 3/ 2/ 168، المصباح المنير ص 611. (4) الصِّعاد جمع الصَّعْدَة: وهي القناة تنبت مستوية فلا تحتاج إلى تثقيف والقصبة. انظر: المعجم الوسيط 1/ 514. (5) الجرين: بفتح الجيم وكسر الراء، هو الموضع الذي يجفف فيه الثمار، والبيدر الذي يداس فيه الطعام. انظر: اللسان 13/ 86، تهذيب الأسماء واللغات 3/ 1/ 50. (6) يعني به إمام الحرمين. انظر: نهاية المطلب 2/ ق 39. (7) خلطة الجوار، وتسمى بخلطة الأوصاف، وهو أن يكون لكل واحد منهما ماشية متميزة، ولا اشتراك بينهما لكنهما متجاورتان مختلطان في المُراح، والمَسرح، والمرعى وسائر الشروط المذكورة. والنوع الثاني: خلطة الاشتراك، وتسمى بخلطة الشيوع، وخلطة أعيان، وهو أن يكون المال مشتركاً مشاعاً بينهما بحيث لا يتميز نصيب أحدهما عن الآخر، بأن ورثا ماشية أو ابتاعاها معاً ونحو ذلك. وكل واحدة من الخلْطَتين تؤثر في زكاة المواشي بلا خلاف في المذهب ويصير مال الشخصين والأشخاص كمال الواحد، وهل تؤثر في غير المواشي من الزروع والثمار والأثمان، وأموال التجارة ونحو ذلك، ففيها ثلاثة أقوال: أصحها تأثير الخلطتين فيها، والثاني: المنع، والثالث: تأثير خلطة الشيوع فيها دون خلطة الجوار. انظر: الحاوي 3/ 133، 142، المهذب 1/ 208، البسيط 1/ ق 180/ ب، التهذيب (كتاب الزكاة) ص 98، فتح العزيز 5/ 404، 389، المجموع 5/ 429، 407، الروضة 2/ 30. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 47 في الأثمان أيضاً (1). قال: "و (2) إن كانت الأموال شائعة فلا حاجة إليه" (3). أي؛ لأنه ينطبق مقدار ما لكل (4) واحد منهما من المأخوذ على مقدار الواجب عليه ضرورة، لكن هذا بشرط أن يكون المخرَج من جنس النصاب، أما إذا كان من غير جنسه كالشاة من خمس من الإبل فقد تكون (5) من خاص مال أحدهما فيثبت التراجع (6). وقوله: "فلا حاجة إليه" عبارة مليحة فيها إشارة إلى ما قاله شيخه (7) من أن أصل التراجع فيه ثابت على قانون المذهب، ولكنه غير مفيد، وهو خارج على أقوال التَقَاصّ (8). قال: "يأخذ من عُرْض المال" (9) هو بضم العين، ومعناه من جانب المال، أي من أي ناحية أراد.   (1) وهم العراقيون والإمام البغوي وغيرهم. انظر: المصادر السابقة. (2) ساقطة من (د). (3) الوسيط 1/ ق 121/ أولفظه قبله "الفصل الثاني: في التراجع، فإن كانت ... إلخ". (4) في (أ) (مال كل). (5) في (أ) (يكون). (6) انظر: الحاوي 3/ 144 - 145، المهذب 1/ 208، البسيط 1/ ق 180/ ب، التهذيب (كتاب الزكاة) ص 107، المجموع 5/ 428، الروضة 2/ 32. (7) انظر: نهاية المطلب 2/ ق 39. (8) أقوال التقاصّ هي الأقوال الأربعة المشهورة التي يذكرها الشافعية في كتاب الكتابة في حالة تماثل الدينين جنساً وقدراً، وأصحها: يسقط أحد الدينين بالآخر من غير توقف على رضاهما، ولا رضا أحدهما. والثاني: يشترط رضا أحدهما. والثالث: يشترط رضاهما. والرابع: لا يسقط وإن رضيا. انظر: الوجيز 2/ 292، المجموع 5/ 426 - 428. (9) الوسيط 1/ ق 121/ أولفظه قبله "وإن كانت متجاورة مختلفة فالساعي يأخذ من ... إلخ". الجزء: 3 ¦ الصفحة: 48 قوله: "رجع بأربعة أسباع ما أخذ منه" (1) يعني بقيمته كما صرّح به أولاً. قول أبي إسحاق (2) يتضمن أنه لا رجوع فيما إذا أخذ المسنَّة (3) من صاحب الأربعين والتبيع (4) من الآخر (5). قوله: "أنه يبطل حكم اتحاد المالين" (6) أي ولو كان الجميع لواحد لكان واجب الجميع التبيع، والمسنّة حتى لا واحد منهما إلا وفيه جزءٌ من مسنّة وتبيع، ولا يقال: المسنة في أربعين، والتبيع في ثلاثين (7) فإنه لا يتميز الأربعين عن الثلاثين.   (1) الوسيط 1/ ق 121/ أولفظه قبله "وإن أخذهما من صاحب ثلاثين رجع على الآخر بأربعة أسباع ما أخذ منه". (2) قال في الوسيط 1/ ق 121/ أ "وقال أبو إسحاق المروزي: إذا قدر الساعي على أن يغنيهما عن التراجع بأن يأخذ من كل واحد واجبه لزمه ذلك". وأبو إسحاق هو: إبراهيم بن أحمد المروزي شيخ المذهب، وإليه انتهت رئاسة العلم في بغداد في زمانه، وقال النووي: "حيث أطلق أبو إسحاق في المذهب فهو المروزي" وله مصنفات كثيرة منها: شرح مختصر المزني، وكتاب التوسط بين الشافعي والمزني، مات سنة 340 هـ. انظر: طبقات الفقهاء للشيرازي ص 121، تهذيب الأسماء واللغات 2/ 175، طبقات ابن قاضي شهبة 1/ 105. (3) المسنَّة من البقر هي التي أتى عليها حولان ودخلت في الثالثة، وهي ثنِيَّة؛ لأنها تجذع لا السنة الثانية. انظر: الزاهر ص 95، شرح السنة 3/ 334. (4) التبيع: هو ولد البقر الذي أتى عليه حول كامل، ودخل في الثانية، وسمي بذلك؛ لأنه يتبع أمه. انظر: الزاهر ص 95، تحرير ألفاظ التنبيه ص 78، المصباح المنير ص 72. (5) انظر: المجموع 5/ 427، الروضة 2/ 32. (6) الوسيط 1/ ق 121/ ب ولفظه قبله "ما ذكره [يعني أبا إسحاق المروزي] قادح في حقيقة الخلطة؛ لأنّه يبطل ... إلخ". (7) في (د) (الثلاثين). الجزء: 3 ¦ الصفحة: 49 استدراك: هذا الذي قاله قول شيخه (1)، وعزاه إلى الشيخ أبي محمَّد (2) و (3) الصيدلاني (4)، وذكر أن في بعض التصانيف خبطاً في ذلك، وهو أنه ذكر فيه أنه لو كان واجب المال شاتين فأخذ الساعي من أحدهما شاة ومن الآخر شاة فلا تراجع؛ لأنه أخذ من كل واحد منهما ما وجب عليه. قال: "وهذا (5) قول من لا علم عنده بحقيقة الأصل الذي مهدناه، ولو حمل هذا على سقوط فائدة التراجع - يعني من حيث تساوى المرجوع به وحصول التقاض (6) - لاستقام في المعنى، ولكن لفظ الكتاب دليل على أن كلّ واحد   (1) نهاية المطلب 2/ ق 37. (2) هو عبد الله بن يوسف بن عبد الله بن يوسف أبو محمَّد الجويني، والد إمام الحرمين، ويلقب بركن الإسلام، وكان إماماً في التفسير والحديث والفقه وأصوله، وله مصنفات كثيرة منها: التفسير الكبير، والتبصرة، والسلسلة في معرفة القولين والوجهين، وغيرها، مات سنة 438هـ. وقيل: غير ذلك. انظر: وفيات الأعيان 2/ 250، البداية والنهاية 12/ 61، طبقات ابن قاضي شهبة 1/ 209، طبقات ابن هداية الله 228، هدية العارفين 1/ 451. (3) ساقطة: من (أ). (4) هو محمَّد بن داود بن محمَّد أبو بكر المروزي الداودي المعروف بالصيدلاني نسبة إلى بيع العطر، كان إماما في الفقه والحديث، ومن أئمة الوجوه الخراسانيين، له مصنفات جليلة منها: شرح مختصر المزني، وشرح فروع ابن حداد، ولم أقف على تحديد تاريخ وفاته، إلا أن ابن هداية الله ذكر أنه توفي بعد وفات القفال المروزي بنحو عشر سنين، والقفال توفي سنة 417 هـ فيكون وفات الصيدلاني في حدود سنة 427 هـ والله أعلم. انظر: طبقات الأسنوي 2/ 129، طبقات ابن قاضي شهبة 1/ 218، طبقات ابن هداية الله ص 230. (5) في (د) (هو). (6) في (د) (التقابض). الجزء: 3 ¦ الصفحة: 50 منفرد بواجبه، لا شيوع له وهذا خطأ صريح" ثم ذكر أن ذلك المصنف حكى عن أبي إسحاق ما سبق ذكره، وقال: "هذا لم أره إلا في هذا الكتاب، وقال: (1) هذا خبط مطرَّح من المذهب، ولا ينبغي أن تطرق إلى أصول المذهب أمثال ذلك، ويعتقد أنه من الوجوه الضعيفة بل هو هفوَةٌ نقلناها" (2). قلت: التصنيف الذي نقل (3) منه ذلك هو كتاب الفُورَاني أبي القاسم (4) وهو كثير الميل عليه والتخطئة له، يقول: قال بعض المصنفين كذا، وفي بعض التصانيف كذا، ولا يسميه ولا كتابه (5)، ثم يفرِّط في تتبعه ومؤاخذته حتى يفضي به إلى الظلم له، وإلى أن يتصف هو بما (6) يصفه به (7) من الخطأ والسهو، وهذا الموضع من ذلك، و (8) أنا أنبه إن شاء الله تعالى على ذلك نقلاً ودلالةً.   (1) في (أ) زيادة (و). (2) نهاية المطلب 2/ ق 38 - 39. (3) في (د) (نقله). (4) انظر: الإبانة 1/ ق 60/ ب. والفُوراني هو عبد الرحمن بن محمَّد بن أحمد بن محمد المروزي الفوراني ثقة جليل القدر واسع الباع في دراية المذهب، وشيخ الشافعية بمرو، وله مصنفات كثيرة منها: الإبانة عن أحكام فروع الديانة هو الذي نقل عنه إمام الحرمين، وأشار إليه المصنف، والعمدة، وغيرهما مات سنة 461 هـ. انظر: تهذيب الأسماء واللغات 2/ 280، البداية والنهاية 12/ 106، طبقات ابن قاضي شهبة 1/ 148، طبقات ابن هداية الله ص 244. (5) في (د) (ولا كناية). (6) نهاية 1/ 181/ أ. (7) ساقط من (أ). (8) ساقطة من (د). الجزء: 3 ¦ الصفحة: 51 أما ما أنكره في (1) الشاتين، فليس ذلك قول المصنف، بل هو قول إمام المذهب ومذهبه، فإنه قال: فيما حكاه صاحب "جمع الجوامع" (2) في منصوصات الشافعي فيه "لو كانت غنماهما سواء، وكانت فيها عليهما شاتان فأخذت من غنم كل واحد منهما شاة، وكانت قيمة الشاتين المأخوذتين متفاوتة، لم يرجع واحد منهما على صاحبه بشيء؛ لأنه لم يأخذ (3) منه إلا ما عليه في غنمه (4) لو كانت على الانفراد" (5) نقل فيه هذا من غير خلاف، وهذا (6) أصرح في نفي الشيوع مما حكاه عن الفوراني. وما استغربه عن أبي إسحاق، فهو مشهور يذكرها في التصانيف مقروناً بحكاية خلافه عن أبي عدي ابن أبي هريرة (7)،   (1) في (د) (من). (2) هو أحمد بن محمَّد بن محمَّد أبو سهل الزوزني المعروف بابن عِفْرِيس، وقيل: عَفْرَنس، أحد أعلام الشافعية، ومن مصنفاته: جمع الجومع المذكور جمعه من جميع كتب الشافعي، مات سنة 362 هـ. انظر: طبقات السبكي 2/ 227، طبقات الأسنوي 1/ 337، طبقات ابن قاضي شهبة 1/ 138، طبقات ابن هداية الله ص 210. (3) في (د) (لم يوجد). (4) في (د) زيادة (و). (5) انظر: الأم 2/ 201، المجموع 5/ 427، الروضة 2/ 32. وقال النووي: بعد ذكره لهذا النص "هذا نصه بحروفه وفيه تصريح بمخالفة ما ذكروه - يعني إمام الحرمين وموافقيه - وأنه يقتضي أنه إذا أخذ من صاحب الثلاثين تبيعاً ومن صاحب الأريعين مسنّة فلا تراجع". (6) في (أ) (وهو). (7) وهو ذهب إلى أنه يجوز للساعي أن يأخذ من أي المالين شاء، سواء وجد الفرض في نصيبهما أو في نصيب أحدهما ويرجع المأخوذ منه على خليطه بقدر حصته. انظر: الحاوي 3/ 145، المهذب 1/ 207، التهذيب (كتاب الزكاة) ص 109، فتح العزيز 5/ 408، المجموع 5/ 425، الروضة 2/ 31. وابن أبي هريرة هو الحسن بن الحسين أبو علي البغدادي المعروف بابن أبي هريرة، أحد أئمة الشافعية، ومن أصحاب الوجوه، تفقه على ابن سريج وغيره، وشرح مختصر المزني بشرحين مختصراً ومبسوطاً، توفي سنة 345 هـ. انظر: طبقات الفقهاء للشيرازي ص 121، طبقات ابن قاضي شهبة 1/ 126، طبقات ابن هداية الله ص 205. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 52 (وقد) (1) قال الشيخ أبو حامد: قول أبي علي أشبه بالمذهب (2)، وقول أبي إسحاق أقيس، ثم إن أبا حامد وغيره (3) لم يحكوا الخلاف إلا في جواز الأخذ من أي المالين كان. وأما إشاعة الزكاة الواجبة عليهما حتى يتغير واجب كل منهما عما (4) كان عليه عند الانفراد، كما في صورة التبيع، والمسنّة على ما ذكره، فهو (5) - والله أعلم - خطأ على المذهب، ولا أصل له يصحّ، بل الوجه، القطع بأن (6) على صاحب الثلاثين التبيع، وعلى الآخر المسنّة، والتراجع يثبت على نحو ذلك وبحسبه (7). وفيما نقلناه عن (8) نصّ الشافعي - رحمه الله - ما يبينه، وذلك منه في موضعين: أحدهما: تعليله. والآخر: تصويره فيما إذا كانت القيمة متفاوتة. فإن قال: وإن كانت متفاوتة فهي متساوية في ما يحصل به الإجزاء فلا تراجع في الزائد عليه.   (1) ما بين القوسين ساقط من (أ). (2) وصححه الرافعي والنووي، وقال النووي: إنه قول جمهور أصحابنا المتقدمين. انظر: فتح العزيز 5/ 408، المجموع 5/ 425. (3) انظر: الحاوي 3/ 145، المهذب 1/ 207، التهذيب (كتاب الزكاة) ص 109، فتح العزيز 5/ 408. (4) في (د) (كما). (5) في (د) (هو). (6) ساقط من (د). (7) انظر: المجموع 5/ 427، الروضة 2/ 32 - 33. (8) في (أ) (من). الجزء: 3 ¦ الصفحة: 53 قلت (1): لا نظر إلى المجزئ، بل إلى المأخوذ، ولولا ذلك لكان إذا أخذ من أحدهما تبيع ومسنّة لا يرجع بقيمة ماخوذٍ بعينه، بل بقيمة (2) أقل تبيع مجزئ، ولا صائر إليه. ولا يُعَارض هذا نصّ الشافعيّ (3)، فيما لو كانت في غنمهما ثلاث شياه، ولأحدهما الثلث (4) فأُخذَت منه كلها رجع على خليطه بقيمة ثلثي الثلاث شياه (5) المأخوذة من غنمهما, ولا يرجع عليه بقيمة شاتين منها؛ لأن الشياه الثلاث أخذت معاً، فثُلُثَاها عن خليطه، وثُلْثُها عنه مختلطةً لا مقسومةً. فهذا لا حجة فيه لما ذكر؛ لأن كل شاةٍ من الثلاث يتأدى بها ما كان واجب كل واحد (6) منهما، ولا تمييز ولا ترجيح، فلزم الشيوع على وجه ليس في تغيير الواجب عما كان عليه عند الانفراد بخلاف ما نحن في ذكره. وأما بطلانه من حيث الدليل، فهو أن حكم (7) اتحاد المالين لم يوجب الشيوع في نفس المالين حتى يُشَيَّعَ مال هذا في مال ذاك، ومال ذاك في مال هذا بحيث يحتاجان إلى القسمة عند الافتراق، فكيف يوجب الشيوع في الزكاة المتعلقة بهما (8) المبنية عليهما، وهذا قاطع به أنه ليس في شيء من   (1) نهاية 1/ ق 181/ ب. (2) في (د) (بقيمته). (3) انظر: الأم 2/ 20. (4) في (د) (الثلاث). (5) في (أ) ( ... بثلثي قيمة الثلاث الشياه). (6) في (د) (واحدة). (7) في (أ) (حكمه). (8) في (د) (بها). الجزء: 3 ¦ الصفحة: 54 المنصوص هذا الوصف، وهو اتحاد المالين حتى يلزمنا الوفاء بتمام مقتضاه، وإنما الوارد في النصوص (1) صيرورتهما كالمال الواحد في وجوب أصل الزكاة، وقدرها، وأدائها (2)، وذلك يثبت الاتحاد في ذلك لا مطلق الاتحاد، لما لا يخفى وجهه. ولو سلمنا ذلك، ومنعنا (3) الشيوع في زكاة مال الواحد ذهاباً إلى أن المسنّة تجب في أربعين لا بعينها من غير اشاعة كما قال أكثر الأصحاب، فيما إذا باع صاعاً (4) من صُبْرة (5) كما سيأتي إن شاء الله تعالى، لساغ ذلك وتمشّى، ولكن لا حاجة إلى ذلك، فإن الأول (6) مستقل (7) بإبطال الشيوع على القطع. وأسأل الله العصمة والهداية، وهذا من نفيس ما وقع عليه خاتم البحث. والله أعلم.   (1) في (أ) (المنصوص). (2) انظر: الأم 2/ 19، مختصر المزني ص 50، البسيط 1/ ق 180/ أ، التهذيب (كتاب الزكاة) ص 96، فتح العزيز 5/ 389 - 390، المجموع 5/ 407، الروضة 2/ 27. (3) في (د) (ومعنى). (4) سيأتي تعريف المصنف به في صدقة الفطر. (5) الصُّبرة: واحدة صُبَر الطعام، يقال: اشتريت الشيء صُبْرةً أي بلا وزن ولا كيل، وهو من الطعام وغيره الكُومة المجموعة. انظر: الصحاح 2/ 707، تهذيب الأسماء واللغات 3/ 1/ 172. (6) يعني به مسألة الزكاة. وبها نهاية 1/ ق 182/ أ. (7) في (أ) (يستقل). الجزء: 3 ¦ الصفحة: 55 ذكر اطراد تخريج (1) ابن سريج في المالك الواحد (2)، وهكذا القولان يطردان فيه، ففي الجديد يجب في الأربعين الأول عند تمام سنتها شاةً (3)، وعلى القديم نصف شاةٍ (4)، وفي المستقبل في (5) كل واحد (6) نصف شاة باتفاق القولين (7). قال: "وهو بعيد" (8)؛ لأن خليطه لم يخلط في جميع سنة، فالتسوية بينهما في النفي تسوية بين المتفاوتين، وهو ممتنع، وعند ذلك فالاستدلال بأن مقتضى الخلطة التساوي يقع مشترك الإلزام (9) على التعارض. والله أعلم.   (1) في (أ) (ترجيح). (2) قال في الوسيط 1/ 121/ ب "فإذا ملك أربعين من الغنم غرة المحرم، وملك غيره مثله في ذلك الوقت ثم خلطا غرة صفر فالقول الجديد: أن الواجب في الحول الأول على كل واحد شاة تغليباً للانفراد. وعلى القديم: يجب نصف شاة نظراً إلى آخر الحول. فإذا ملك الثاني غرة صفر وخلطه غرة ربيع الأول فقد زاد تفرق أوائل الحولين فعلى الجديد يجب زكاة الانفراد في السنة الأولى ... على القديم: تجب زكاة الخلطة في الأولى والثانية على كل واحد نصف شاة ... خرّج ابن سريج - رحمه الله - قولاً ثالثاً: إن الواجب أبداً زكاة الانفراد فقد تعذر تفرق الأحوال، وكان هذا مانع في الخلطة، ثم طرد هذا في الواحد إذا اشترى أربعين ثم اشترى أربعين، فأوجب في كل أربعين شاة عند تمام سنته ... إلخ". (3) انظر: الحاوي 3/ 149، البسيط 1/ ق 181/ أ، فتح العزيز 5/ 449، المجموع 5/ 417، الروضة 2/ 35. (4) انظر: المصادر السابقة. (5) ساقط من (د). (6) ساقط من (أ). (7) انظر: البسيط 1/ 181/ أ، التهذيب (كتاب الزكاة) ص 104، فتح العزيز 5/ 449، المجموع 5/ 417. (8) الوسيط 1/ ق 121/ ب وقبله "فرعان: أحدهما: إذا ملك أربعين، وملك الآخر بعد شهر أربعين وكما ملك خلط، فعلى القديم: على كل واحد عند كمال سنته نصف شاة، وعلى الجديد: على الأول شاة، وعلى الثاني نصف شاة، فإنه كان خليطاً في جميع سنته، وذكر بعض أصحابنا أن عليه شاة؛ لأن خليطه لم ينتفع بخلطه، فهو أيضاً لا ينتفع تسوية بينهما، وهو بعيد". (9) في (أ) (إلا لزم). الجزء: 3 ¦ الصفحة: 56 وأما تخريج ابن سريج فلا يخفى وجوب (1) شاة على كل واحد أبداً. قال: "وعلى التخريج (2) لا يجب على الثاني شيء أصلاً" (3) لأن ماله من العشرين منفرد (4) لم يثبت له حكم الخلطة على ما سبق. والله أعلم.   (1) في (د) (وجب). (2) في (أ) (الترجيح). (3) الوسيط 1/ ق 122/ أ. (4) في (أ) زيادة (له). الجزء: 3 ¦ الصفحة: 57 الفصل الرابع (1) هو وما بعده غَمْرَة (2) الخلطة وعَوِيصها (3). قوله: "ببلدة أخرى" (4) كذا وقع في كلام الشافعي (5) - رحمه الله - وهو مثالٌ لا قيد في الحكم المذكور، والمسألة مفروضة عند اتفاق الحول (6) فإن لم يتفق بأن كان الخلط بعد مضي بعض (7) الحول فيعود التفصيل المتقدم (8) في الفصل قبله (9)، وتكون الصورة قد جمعت الخلطة والانفراد في الحول، والخلطة والانفراد في الملك. قال: "وأما صاحب الستين فقد اجتمع في حقه الأمران. إلى آخره" (10).   (1) وتمامه "في اجتماع المختلط والمنفرد في ملك واحد". الوسيط 1/ ق 122/ أ. (2) الغَمْرَة: الشدَّة والجمع غُمَرٌ، ومنه غمرات الوت لشَدَائدِه، وجاءت بمعنى الزَّحمة وزناً ومعنىً يقال: دخلت في غُمار الناس، أي في زحمتهم وكثرتهم. انظر: الصحاح 2/ 772 - 773، المصباح المنير ص 453. (3) العويص من الكلام: ما يَعْسُر فهم معناه انظر: الصحاح 3/ 1047، المصباح المنير ص 438. (4) الوسيط 1/ ق وقبله "لو خلط عشرين بعشرين لغيره، وهو يملك أربعين ببلدة أخرى، فقد اجتمع في حقه الخلطة والانفراد، ففيه قولان ... ". (5) انظر: الأم 2/ 26، مختصر المزني ص 51. (6) بين صاحب الستين، وصاحب العشرين. (7) ساقط من (أ). (8) في (أ) (المقدم). (9) في (أ) (بعده) خطأ. (10) الوسيط 1/ ق 122/ أوتمامه "الانفراد، والخلطة، فعلى وجه يلزمه شاة تغليباً للانفراد وكأنه انفرد بالجميع، وعلى الثاني: ثلاثة أرباع شاة تغليباً للخلطة فكأنه خالط بالجميع .... ". الجزء: 3 ¦ الصفحة: 58 هذا كله تفريع على خلطة العين (1)، وأما على خلطة الملك (2)، فالواجب عليه (3) ثلاثة أرباع شاة لا غير ضماً للمالين معاً، وذلك ثمانون فيها شاة (4) بينهما (5) لا غير، وهو حكم المسألة في نصّ الشافعي (6)، وما عليه عامة الأصحاب فيما قيل (7). ومنشأ الوجوه في صاحب الستين (8) على (9) قول (10) خلطة العين (11)، أن بعمق ماله مختلط، وبعضه منفرد، فاختلف الأصحاب في أنه هل يجمع في حقه بين حكم الانفراد والخلطة أم لا؟ على وجهين: أحدهما: لا؛ لأن الملك متحد فلا يثبت له إلا أحد الحكمين، فعلى هذا قيل: بتغليب الانفراد (12)؛ لأنه الأصل - قال الإمام (13): وهذا ظاهر المذهب.   (1) خلطة العين: معناها، أن حكم الخلطة يقصر على المخلوط فقط. انظر: الروضة 2/ 38. (2) خلطة الملك: معناها، أن كل ما في ملكه ثبت فيه حكم الخلطة. انظر: المصدر السابق. (3) يعني على صاحب الستين. (4) في (أ) (شاة فيها). (5) في (أ) (بعينها). (6) انظر: الأم 2/ 27، مختصر المزني ص 51. (7) انظر: الحاوي 3/ 150، والمهذب 2/ 206، وحلية العلماء 3/ 67، التهذيب (كتاب الزكاة) ص 111، فتح العزيز 5/ 469، المجموع 5/ 321، الروضة 2/ 38. (8) في (د) (الشاتين). (9) نهاية 1/ 182/ ب. (10) في (أ) (قوله). (11) في (د) (الأربعين). (12) وصار كأنه منفرد بجميع الستين، وفيها عليه شاة وهذا نصّ الشافعي واختاره جمهور الأصحاب. وصححه البغوي والرافعي والنووي. انظر: الأم 2/ 27، مختصر المزني ص 51، الحاوي 3/ 151، البسيط 1/ ق 182، التهذيب (كتاب الزكاة) ص 112، فتح العزيز 5/ 471، والمجموع 5/ 421. (13) انظر: نهاية المطلب 2/ ق 42. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 59 وقيل: بتغليب الخلطة (1)؛ لأن بعض ماله مختلط (2) عيناً، والبعض الآخر مخالط للمختلط برابط (3) فكأن الكل مختلط فعلى هذا الحكم على هذا القول في صاحب الستين كالحكم فيه على القول الآخر (4) - وهو - اختيار أبوي (5) علي ابن أبي هريرة، والطبري (6)، وهذان هما الوجهان الأولان في الكتاب. الوجه الثاني: يجمع (7) بين اعتبار الانفراد، والمختلطة، لاجتماعهما في ملكه (8)، فعلى (9) هذا في كيفية ذلك الوجهان الآخران. أحدهما: وهو الثالث: أنه يقدر من كل واحد من المختلط، والمنفرد أن جميع المال معه، وبمنزلته، فيقدر في العشرين أنه (10) مخالط بالستين والمجموع   (1) انظر: الأم 2/ 27، مختصر المزي ص 51، الحاوي 3/ 151، البسيط 1/ ق 182، فتح العزيز 5/ 471، المجموع 5/ 421. (2) في (أ) (مختلطاً). (3) في (أ) (برابطة). (4) يعني به القول السابق، بأن الخلطة خلطة ملك، فكان الواجب فيه على صاحب الستين ثلاثة أرباع شاة، وربعها على صاحب العشرين وكذا ها هنا تغليباً للخلطة، فجملة ماله ستون، وبعض ماله مختلط بعشرين فيكون جملته ثمانين فحصة الستين منها ثلاثة أرباع شاة. (5) في (د) (أبي). (6) هو الحسن، وقيل: الحسين بن القاسم أبو علي الطبري، تفقه على أبي علي بن أبي هريرة، وهو أول من صنف في الخلاف المجرد وله مصنفات كثيرة منها: المحرر في النظر، والإفصاح في المذهب، وغيرهما. مات رحمه الله سنة 350 هـ. انظر: طبقات الشيرازي ص 123، تهذيب الأسماء واللغات 2/ 261 - 662، البداية 11/ 245، طبقات ابن قاضي شهبة 1/ 127. (7) ساقط من (د). (8) انظر: الحاوي 3/ 150، البسيط 1/ 182/ أ، فتح العزيز 5/ 473، المجموع 5/ 421. (9) في (أ) (وعلى) (10) في (د) (أم). الجزء: 3 ¦ الصفحة: 60 ثمانون، فحصة العشرين ربع، ويقدر في الأربعين كأنه منفرد بالستين فحصة الأربعين ثلثا شاة، والمجموع أحد عشر جزءاً من اثني عشر جزءاً من شاة (1). الآخر (2): إن اعتبار جميع ماله في ذلك صحيح في الأربعين حتى يجب فيها ثلثا شاة، وأما في العشرين فلا, لأن ذلك يقضي إلى أن يجب فيها ربع، ومقتضى الخلطة التساوي، فينبغي أن يجب عليه فيها مثل ما نوجبه (3) على خليطه، وهو نصف شاة، والمجموع (4) شاة، وسدس (5)، فكانا من الوجه الذي قبله. لحظنا في اعتبار الخلطة من الاعتبارين خلطة الملك فقدرناه في العشرين مخالطا بجميع ملكه، وفي هذا (6) الوجه لحظنا خلطة العين فلم نقدره مخالطا بأكثر من العشرين، ويعتضد هذا بأن التفريع على خلطة العين، فينبغى الوفاء بها في كل التفاصيل. والله أعلم.   (1) انظر: الحاوي 3/ 150. (2) أي الوجه الآخر، وهو الرابع. انظر: المهذب 1/ 207، البسيط 1/ 182 /أ، الوجيز 1/ 84، فتح العزيز 5/ 473، المجموع 5/ 421. (3) في (أ) (يوجبه). (4) في (أ) زيادة (نصف). (5) وهو المحكي عن ابن سريج وصاحب التقريب انظر: المهذب 1/ 207، البسيط 1/ ق 182 الوجيز 1/ 84، فتح العزيز 5/ 473، المجموع 5/ 428. (6) نهاية 1/ ق 183/ أ. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 61 الفصل الخامس (1) قال: "ضما إلى مال الخليطين" (2) لأنه خالطهما معا فكما يضم على هذا القول جميع ماله برابطة إلى الخليط الواحد (3) فكذلك إليهما (4). قال: "ضماً إلى خليط خليطه" (5) أي إلى ماله, لأنه إذا ضم إلى خليطه ضم إلى ما يتحد معه ويساويه, لأن المساوي للمساوي مساوٍ. قال: "وهو ها هنا بعيد" (6) لأن هذا الوجه يغَلَّب الانفراد حيث يتحقق الانفراد في بعض ماله، وها هنا لم ينفرد بشيء من ماله، وليس فيه أكثر من (7) الخلطة لم تتم بالنسبة إلى كل واحد فيجعل كأن لم يكن وذلك لا يقوى، وهذا   (1) الوسيط 1/ 122/ ب، وتمامه " ... في تعدد الخليط". (2) الوسيط 1/ 122/ ب، ولفظه قبله "إذا ملك أربعين فخلط عشرين بعشرين لرجل، وعشرين بعشرين لآخر، هما لا يملكان غيره، فإن قلنا: خلطة الملك فعلى صاحب الأربعين نصف شاة، ضما إلى مال الخليطين، فإن الكل ثمانون". (3) في (أ) (للواحد). (4) انظر تفصيل الكلام على هذه المسألة في: البسيط 1/ ق 182/ أ، حلية العلماء 3/ 69، كتاب الزكاة من التهذيب ص 113 - 116، فتح العزيز 5/ 476 - 481، المجموع 5/ 422 - 424، الروضة 2/ 39 - 41. (5) الوسيط 1/ 122/ ب، ولفظه قبله "وأما صاحب العشرين فيلزمه ثلث شاة ضما لماله إلى مال خليطه فقط، أو ربع شاة ضما إلى خليط خليطه". (6) الوسيط 1/ 122/ ب، ولفظه "فإن فرعنا على خلط العين، فعلى صاحب العشرين نصف شاة، وفي صاحب الأربعين الوجوه الأربعة، فإن قلنا: يتغلب الانفراد فقد انفرد كل خليط ببعض ماله، فكأنه انفرد بالكل فعليه شاة، وهو بعيد ها هنا". (7) في (أ) زيادة (أن). الجزء: 3 ¦ الصفحة: 62 كما يوجب ضعف هذا الوجه (1)، يوجب قوة الذي بعده وهو تخليط وهو الأصح لذلك. قال: "فإن أخذنا حكمه من حكم خليطه" (2) يعني الوجه الرابع في الفصل الذي قبل هذا (3)، وهو إنّا نوجب (عليه مثل ما نوجب) (4) على خليطه اقتصاراً (5) على ما توجبه (6) خلطة العين من غير مجاورةٍ لمحلها، فها هنا خليطه في كل عشرين عليه نصف شاة، فعليه إذاً في كل واحد منهما نصف شاة (7) لكن عليه إشكالان: أحدهما: أنه لا يتحقق به في هذه الصورة المجمع (8) بين الاعتبارين (9) بخلاف ما هنالك, لأن المعتبر في كل واحد من العشرين حكم الخلطة لا غير فلا وجه لجعله من قبيل الجمع بين الاعتبارين. والثاني: أن الحكم على هذا الوجه وجوب (10) شاة، وهو الوجه الأول، فتكون الوجوه ثلاثة لا أربعة.   (1) انظر: البسيط 1/ 182/ ب، فتح العزيز 5/ 477، الروضة 2/ 39. (2) الوسيط 1/ 122، وتمامه "فعليه في كل عشرين نصف شاة". (3) انظر ص 61. (4) ما بين القوسين ساقط من (د). (5) في (أ) (اختصارا). (6) في (د) نوجب). (7) والمجموع شاة هي واحب ماله. انظر البسيط 1/ ق 182/ ب، فتح العزيز 5/ 477 وما بعدها. (8) كذا في النسختين ولعل الصواب (الجمع) والله أعلم. (9) في (د) (العبارتين). (10) في (أ) (يوجب). الجزء: 3 ¦ الصفحة: 63 ويجاب (1) عن هذا بأنا جعلناه وجهاً آخر, لأن المأخذ فيه مخالف (2) لذلك المأخذ (3) لكن يقال عليه تعدد المأخذ، لا يوجب (4) تعدد المبنى. والله أعلم. قال: "وإن عرفناه بالنسبة" (5) (6) ضمير الهاء يعود (7) إلى حكمه، أو إلى الجمع بين الاعتبارين. وقوله "بالنسبة" أي لنسبة (8) كل عشرين إلى المجموع الحاصل من جميع ماله، ومال الخليط، وذلك ستون، فيخص كل عشرين ثلث (9) وهذا هو الوجه الثالث في الفصل الذي قبله. وعبارة الكتاب قَلِقَة كَزَّة (10) في صورة الخمسة (11) والعشرين (12).   (1) في (د) (فيجاب). (2) في (أ) زيادة (يوجب). (3) نهاية 1/ ق 183/ ب. (4) في (أ) (لا يوجد). (5) الوسيط 1/ 122/ ب. (6) في (د) زيادة (إلى) والصواب حذفها. (7) في (أ) (تعود) بالتاء. (8) في (أ) (بنسبة). (9) انظر: فتح العزيز 5/ 477 - 478. (10) كزَّة: أي ضيقة، يقال: كزَزتُ الشيء فهو مكزوزٌ، أي ضيقته. انظر: الصحاح: 3/ 893. (11) في (أ) (الخمس). (12) في (د) (عشرين)، ولفظ المسألة في الوسيط 1/ 122/ ب "ولو ملك خمسا وعشرين من الإبل فخلط كل خمسة بخمسة لرجل آخر فمجموع المال خمسون، فإن قلنا بخلطة الملك فعلى مالك الخمس والعشرين نصف حقة؛ لأن في الخمسين حقة، وإن ضممنا في حق كل واحد منهم (ماله) إلى خليط خليطه، فواجبه عشر حقة, لأن المجموع خمسون، وإن لم نضم إلا إلى خليطه فواجبه سدس بنت مخاض, لأن المجموع ثلاثون". الجزء: 3 ¦ الصفحة: 64 قال: "وإن فرعنا على خلطة العين (1) فتعود الأوجه" (2) يعني في صاحب الخمسة والعشرين. أما لأصحاب الخمسات فيعتبر وجهاً واحداً في كل واحدة ما خالطت وهو خمسة فتكون (3) عشرة فيها شاتان، وحصة الخمسة شاة فعليهم خمس (4) شياه (5). وجه تغليب الانفراد ها هنا أيضاً ضعيف (6)، والمغَلَّب للخلطة قوي كما سبق (7). قال: "وعلى أخذ حكمه من حكم خليطه خمس شياه" لأن كل (8) خمسة فيها ما في الخمسة المخالطة (9) لها وهو شاة كما سبق، على هذا القول. وعلى الجمع بين الاعتبارين (10) بالنسبة يقدر (11) كما سبق في كل خمسة أنها مع باقي   (1) ساقط من (أ). (2) الوسيط 1/ 123/ أ، وتمامه "الأربعة، فعلى تغليب الانفراد يجب بنت مخاض، وعلى تغليب الخلطة نصف حقة، وعلى أخذ حكمه من حكم خليطه خمس شياه، وعلى النسبة في الاعتبارين خمسة أسداس بنت مخاض إذ ينسب جميع ماله إلى كل خليط، فيكون ثلاثين، واجبه بنت مخاض وحصة الخمس سدس بنت مخاض فيجتمع خمسة أسداس لأجل كل خليط". (3) في (أ) (فيكون). (4) في (د) (خمسة). (5) انظر: البسيط 1/ ق 182/ ب، حلية العلماء 3/ 69، فتح العزيز 5/ 478، المجموع 5/ 423. (6) انظر المصادر السابقة. (7) انظر ص 59. (8) ساقط من (د). (9) في (أ) (المختلطة). (10) في (د) (وعلى الجميع بالاعتبارين) بدل (وعلى الجمع بين الاعتبارين). (11) في (د) (المقدرة). الجزء: 3 ¦ الصفحة: 65 ماله مخالطة بخمسة الخليط، وذلك ثلاثون، وحصة الخمسة من بنت المخاض الواجبة فيها سدس (1) سواء قلنا: الوَقَصُ (2) ينسحب عليه الفرض، أو لا؟ لما لا يخفى. قال (3): "لأنا نتبع المفرد المخلوط إذا كان نصاباً" (4) أي كان المخلوط نصاباً. والله أعلم. الشرط الثاني (5): قوله: "الحاصلة من مال (6) الزكاة" (7) أحد شروط ثلاثة   (1) أي سدس بنت المخاض، وهكذا يقدر في حق سائر الخلطاء فيجتمع خمسة أسداس بنت مخاض. وانظر البسيط 1/ 182/ ب وفتح العزيز 5/ 479، والروضة 2/ 40. (2) الوقص: بفتح القاف وإسكانها واحد الأوقاص، والمشهور في كتب اللغة فتحها، والمشهور في استعمال الفقهاء إسكانها. وقيل: إنه مشتق من قولهم: "رجل أوقص" إذا كان قصير العنق لم يبلغ عنقه حد أعناق الناس، فسمَّي وقص الزكاة لنقصانه عن النصاب، وهو ما بين الفريضتين. والشَّنق مثله عند أكثر أهل اللغة، وقيل: الشنق يختص بأوقاص الإبل، والوقص يختص بالبقر والغنم. ويقال: في الوقص: وقس بالسين المهملة، ولكن المشهور، أن الوقص: ما بين الفريضتين، والوقس: ما دون النصاب. انظر: اللسان 7/ 106 - 107، تهذيب الأسماء واللغات 3/ 2/ 193، تحرير ألفاظ التنبيه ص 77، المصباح المنير ص 688. (3) ساقط من (د). (4) الوسيط 1/ ق 123/ أوقبله "فرع، إذا ملك خمساً وستين من الغنم فخلط خمسة عشر منها بخمسة عشر لرجل لا يملك غيرها ... وإن قلنا: بخلط الملك فوجهان: أحدهما: لا عبرة به؛ لأنا نتبع ... إلخ". (5) كذا في النسختين وهو خطأ، والصواب: (الثالث) كما في الوسيط؛ ولأن الشرط الأول: أن يكون نعماً فلا زكاة إلا في الإبل و ... والثاني: أن يكون نصاباً ... وقد سبقا، وهذا ثالثها. انظر: الوسيط 1/ ق 116. (6) في (د) (المال) بدل (من مال). (7) الوسيط 1/ ق 123/ أولفظه قبله "الشرط الثالث: أن يبقى النصاب حولاً، فلا زكاة في النعم حتى يحول عليه الحول، إلا السخال الحاصلة من مال الزكاة في وسط الحول فإنه تجب الزكاة فيها". الجزء: 3 ¦ الصفحة: 66 هي (1) مشترطة في ضم السِّخال إلى نصاب الأمهات (2). والشرط الثاني والثالث: ما ذكره في الفرع الأول، والثاني (3): أن يكون عنده نصاب قد (4) انعقد (5) عليه الحول (وأن ينتج قبل انقضاء الحول) (6). قوله: "لكن يضم إليه في العدد كما ذكرناه في الخلطة" (7). ليس معناه أنّ هذا الضمَّ قد ذكره في الخلطة، فإنه لم يذكر فيها إلا تخريج ابن سريج الذي هو ضد ذلك (8)، وإنما معناه: أنه يضم إليه في العدد مثل الضم الذي ذكرناه في خلطة المالين (9) لمالكين، أي إن اتفق زمان الملك فيها (10) كان   (1) ساقط من (أ). (2) هذه الشروط ليست مقصورة على السخال فقط، بل يشمل عموم النتاج من العجاجيل والفُصلان ونحو ذلك. انظر: التهذيب (كتاب الزكاة) ص 79، فتح العزيز 5/ 487، المجموع 5/ 340. (3) انظر: الوسيط 1/ ق 123/ ب. (4) نهاية 1/ 184/ أ. (5) ساقط من (د). (6) ما بين القوسين ساقط من (د). وانظر: تفصيل الكلام على هذه الشروط في الحاوي 3/ 114 - 117، البسيط 1/ ق 183/ أ، فتح العزيز 5/ 483 - 484، المجموع 5/ 340، الروضة 2/ 41. (7) الوسيط 1/ ق 123/ أوقبله "فإن حصل من غير مال الزكاة وكان نصاباً أفرد بحوله ولم يضم إلى المال في الحول خلافاً لأبي حنيفة، ولكن يضم ... إلخ". (8) لأنه قال: لا يضم إليه في العدد عند اختلاف الحول، كما لا يضم في الحول. انظر: البسيط 1/ ق 183/ ب، المجموع 5/ 332. (9) ساقط من (د). (10) في (أ) (فيهما). الجزء: 3 ¦ الصفحة: 67 الضم واقعاً بالاتفاق، وإن ملك أحدهما بعد الثاني كان على الأقوال الثلاثة (1)، الجديد والقديم، وتخريج ابن سريج كما شرحته هناك (2). والله أعلم. فقد (3) قيل: إنه يجب فيها زكاة الحول الماضي (4)، إذا قلنا: الإمكان من شرائط الوجوب (5) نظراً إلى كونه قبل الوجوب، وهو ضعيف؛ لأن التبعية بعد الحول تضعف، وإن تأخر الوجوب، وإلحاقها بما قبل الحول ممتنع لقيام الفرق. قوله: "لأن الحول الثاني تأخر" (6) هذا؛ لأن الحول لا يستأخر كما يستأخر (7) الوجوب، وعند هذا (فنقول: كذلك) (8) لا ينبغي (9) أن تستأخر (10) التبعية في الحول حتى تثبت في هذه الصورة كما قال القائل الآخر: إذا ماتت (11) الأمهات لم تنقطع   (1) ساقط من (أ). (2) انظر: ص 56 وما بعدها. (3) في (أ) (قد). (4) انظر: الحاوي 3/ 117، فتح العزيز 5/ 483، المجموع 5/ 340. (5) وهو قول الشافعي في القديم، ونص عليه في الأم، والصحيح باتفاق الأصحاب أنه ليس من شرائط الوجوب إنما هو من شرائط الضمان. انظر: الأم 2/ 17، الحاوي 3/ 103، المهذب 1/ 196، فتح العزيز 5/ 483، المجموع 5/ 342. (6) الوسيط 1/ ق 123/ ب ولفظه قبله "فإن قلنا: من شرائط الوجوب فوجهان: أحدهما: أنه يجب كما لو حدث قبل مضي الحول، والثاني: لا؛ لأن الحول ... إلخ". (7) في (أ) (لا يتأخر باستخار) بدل (لا يستأخر كما يستأخر). (8) ما بين القوسين ساقط من (د). (9) في (د) (فلا ينبغي). (10) في (د) (استأخر). (11) في (أ) (مات). الجزء: 3 ¦ الصفحة: 68 التبعية (1)؛ لأن التبعية وقعت في الحول لا في الوجود (2) بمعنى أن ما مضى من الحول على الأمهات ماضٍ على السخال حكماً وتقديراً، وذلك لا يزول بالموت. قال: "الشرط الرابع (3): أن (4) لا يزول ملكه" (5). هذا الشرط يندرج في الشرط الأول (6) بمقتضى عبارته، فإنه قال فيه: "أن يبقى النصاب حولاً" وذلك يتضمن أن لا يزول ملكه في أثنائه، ولكن كأنه   (1) لم أجد أحداً قال بهذه الصورة هكذا مطلقاً كما ذكرها المصنف - رحمه الله - وتوضيح المسألة كالتالي: أولاً: إذا ماتت الأمهات والنتاج نصاب، لم تنقطع التبعية ويزكى بحول الأمهات بلا خلاف في المذهب. ثانياً: وإذا ماتت الأمهات كلها أو بعضها والنتاج دون النصاب فعلى ثلاثة أوجه: أحدها: وهو الصحيح الذي قطع به الجمهور، أن التبعية لم تنقطع ويزكى بحول الأمهات أيضاً. والثاني: يزكى بحول الأمهات بشرط أن يبقى منها نصاب، فلو نقصت عن النصاب انقطعت التبعية، وكان حول النتاج من حين بلغ نصاباً. وبه قال أبو القاسم الأنماطي - رحمه الله - والثالث: يزكي بحول الأمهات بشرط بقاء شيء منها ولو واحدة، وروي هذا عن أبي حامد الإسفرايني. انظر: المهذب 1/ 196، البسيط 1/ 183/ ب، حلية العلماء 3/ 29، التهذيب (كتاب الزكاة) ص 83، فتح العزيز 5/ 486 - 487، المجموع 5/ 340، الروضة 2/ 42. (2) في (أ) (الوجوب). (3) في (أ) (الثالث) وهو خطأ. (4) ساقط من (أ). (5) الوسيط 1/ ق 123/ ب وتمامه " ... في أثناء الحول". (6) كذا في النسختين وهو خطأ والصواب (الثالث) كما سبق التنبيه عليه قبل قليل. أو يكون صحيحاً باعتبار ما ذكره المصنف لا باعتبار ما في الوسيط. والله أعلم. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 69 قصد بذلك وجوده أولاً حتى لا يجب في المستفاد في أثناء (1) الحول، وقصد بهذا وجوده دواماً (2) حتى لا يجب (3) في المبدل مع ذكره (4). والله أعلم. فالشرط الأول (5) على مناقضة مذهب أبي (6) حنيفة في أن المستفاد في آخر الحول يزكى مع الأصل (7)، والشرط (8) الثاني (9): على منافاة مذهبه، في أن النصاب يعتبر في طرفي الحول حتى لو انتقص في أثناء الحول لم ينقطع الحول عنه (10). قال: "وفي القديم قول أنه يبنى" وفي بعض النسخ "وفي القديم قولان: أحدهما: يبنى" (11) يعني والثاني كالجديد، لكن لم أجده (12) في موضع آخر عن   (1) في (د) (إثبات) وهو تحريف. (2) في (د) (وأما) بدل (دواماً). (3) في (د) (لا يجد). (4) في (د) "مع ما ذكره"، واتفقت نصوص الشافعي والأصحاب على أن بقاء الماشية في ملكه حولا كاملا شرط زكاة، فلو زال ملكه لحظةً أثناء الحول، ثم عاد إليه انقطع الحول، واستأنف الحول من حين يجدد الملك، كذا المبادلة. انظر: البسيط 1/ 184/ أ، حلية العلماء 3/ 25 - 26، فتح العزيز 5/ 489، المجموع 5/ 328، الروضة 2/ 44، مغني المحتاج 1/ 379. (5) كذا في النسختين وهو خطأ والصواب (الثالث) كما سبق التنبيه عليه قبل قليل. (6) نهاية 1/ ق 184/ ب. (7) انظر: المبسوط 2/ 164، وبدائع الصنائع 2/ 834، وشرح فتح القدير 2/ 196. (8) في (د) (والشرع) وهو تحريف. (9) كذا في النسختين وهو خطأ والصواب (الرابع) كما سبق قبل قليل. (10) انظر: المبسوط 2/ 172، وبدائع الصنائع 2/ 837، والبحر الرائق 2/ 239. وإلى كلمة (عنه) ينتهي السقط من نسخة (ب) بمقدار إحدى عشرة ورقةً، وقد سبق التنبيه على بدايته في ص: 106. (11) الوسيط 1/ ق 123/ ب ولفظه قبله تحت الشرط الرابع "أن لا يزول ملكه في أثناء الحول" ثم قال: "وكذلك إذا انقطع ملكه بالردة ثم أسلم وكذلك إذا مات لا يبنى حول وارثه على حوله، وفي القديم قولان ... إلخ". (12) في (د) (لم أجد) بدون الضمير. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 70 القديم إلا قولاً واحداً أنه يبنى (1)؛ لأن الوارث يملك بالسبب الذي ملك به المورث (2)، فعين ذلك الملك أنتقل إلى الوارث، وهكذا في الردة، عين الملك الأول عاد بحاله من غير حاجة إلى إنشاء سبب جديد للملك. والله أعلم. قال: "أثم وسقطت الزكاة" (3). هذا شاذ (4)، والموجود في طريقة (5) خراسان، وطريقة (6) العراق، أنه يكره ذلك (7) وقد نصّ الشافعي (8) على الكراهة (9) (فيه، وقد) (10) حكى شيخه (11) ما حكاه من التأثيم (12) عن بعض المصنفين، وقال: فيه احتمال من حيث (13) أنه   (1) انظر: التهذيب (كتاب الزكاة) ص 122، التنبيه ص 76، فتح العزيز 5/ 412، الروضة 2/ 46 (2) في (أ) (الموروث) (3) الوسيط 1/ ق 123/ ب ولفظه قبله "ومن قصد بيع ماله في آخر الحول دفعاً للزكاة أثم ... إلخ". (4) في (ب) (إشارة). (5) في (أ) (طريق). (6) في (أ) (طريق). (7) ويصح البيع، ويسقط عنه الزكاة. انظر: الحاوي 3/ 196، المهذب 1/ 210، الوجيز 1/ 85، حلية العلماء 3/ 76، فتح العزيز 5/ 492، المجموع 5/ 451. (8) انظر: الأم 2/ 32. (9) في (أ) (المواهبة). (10) ما بين القوسين ساقط من (د)، وكلمة (فيه) ساقطة من (أ). (11) انظر: نهاية المطلب 2/ ق 66. (12) في (د) (الثانية). (13) في (ب) (حديث). الجزء: 3 ¦ الصفحة: 71 تصرف مسوغ (1). ثم علة هذا الذي ذكره، أنه (2) قصد الفرار، فكان (3) آثماً بقصده لا بفعله، وقد عوقب أصحاب الصريم (4) بمثله. قوله في اشتراط السوم "لمفهوم قوله: - صلى الله عليه وسلم - (5) (في سائمة الغنم زكاة) (6). هو في كتاب أبي بكر الصديق - رضي الله عنه - (عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -) (7) ولفظه في صحيح البخاري (8) (وصدقة الغنم في سائمتها (9) إذا كانت أربعين إلى عشرين ومائة شاة) إلى آخر تفصيل النصب. وفي رواية ذكرها أبو داود (10) (في سائمة الغنم إذا كانت أربعين ففيها شاة) إلى آخر تفصيل النصب، فأحسب أن   (1) في (أ) (متبوع). (2) في (د) (أن). (3) في (ب) (وكان). (4) أصحاب الصريم: هم أصحاب الجنّة (البستان) المذكورين في قوله تعالى: {إِنَّا بَلَوْنَاهُمْ كَمَا بَلَوْنَا أَصْحَابَ الْجَنَّةِ إِذْ أَقْسَمُوا لَيَصْرِمُنَّهَا مُصْبِحِينَ (17) وَلَا يَسْتَثْنُونَ (18) فَطَافَ عَلَيْهَا طَائِفٌ مِنْ رَبِّكَ وَهُمْ نَائِمُونَ (19) فَأَصْبَحَتْ كَالصَّرِيمِ} سورة القلم الآية 17 - 20. وقال بعض السلف: إن هؤلاء قد كانوا من أهل اليمن، من قرية يقال لها: ضروان، على ستة أميال من صنعاء. وقيل: كانوا من أهل الحبشة وكان لرجل من أهل العبادة والدين، فلماء مات وورثه بنوه، منعوا الناس خيرها وبخلوا بحق الله فيها، فصارت عاقبتهم إلى ما قصّ الله في كتابه. انظر: تفسير ابن كثير 4/ 523 وفتح القدير 5/ 271. (5) في (أ) زيادة (ذلك). (6) الوسيط 1/ ق 124/ أ. (7) ما بين القوسين ساقط من (د). (8) من حديث أنس - رضي الله عنه - سبق تخريجه منه انظر: ص 8. (9) السائمة، والسائم مفرد السوائم، هي المواشي التي ترعى بنفسها، ولفظ (السائمة) يقع على الشاة الواحدة وعلى الشياه الكثيرة. انظر: النهاية في غريب الحديث 2/ 426، تحرير ألفاظ التنبيه ص 76، المصباح المنير ص 297. (10) 2/ 221 في كتاب الزكاة، باب زكاة السائمة من حديث أنس. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 72 قول الفقهاء والأصوليين "زكاة" اختصار (1) منهم للمفصل في لفظ الحديث من مقادير الزكاة المختلفة باختلاف النصب. والله أعلم (2). تحقيق ما ذكره في اعتبار القصد في السوم والعلف (3) (إن الأصحاب أولاً: اختلفوا في اشتراط القصد في السوم، والعلف) (4) المؤثرين، ثم إذا اشترطنا القصد (5) ففي معنى القصد المشترط وجهان: أحدهما: وهو قول الأكثرين، أنه قَصْد نفس السوم والعلف حتى، ذا لم يقصدهما أصلاً، بأن اعتلفت السائمة بنفسها من غير قصد منه فهي سائمة كما كانت، وكذلك إذا استامت المعلوفة بنفسها (6). والثاني: ما ذكره (7) الشيخ أبو علي السِّنجي (8)، وحاصله اعتبار (9) قصد خاص في سورة خاصةٍ، وهي ما إذا كانت عنده سائمة يعلفها في زمن تعذر   (1) في (أ) (اختصاراً). (2) نهاية 1/ ق 185/ أ. (3) انظر: الوسيط 1/ ق 124/ أ. (4) ما بين القوسين ساقط من (د). (5) انظر: البسيط 1/ ق 184/ أ، فتح العزيز 5/ 496، المجموع 5/ 325، الروضة 2/ 42. (6) وبه قطع صاحب المهذب وصححه النووي وغيره. انظر: المهذب 1/ 195، البسيط 1/ ق 184/ أ، فتح العزيز 5/ 497، المجموع 5/ 325، نهاية المحتاج 3/ 67. (7) في (د) زيادة (عن) لعل الصواب حذفها. (8) هو الحسين بن شعيب بن محمَّد أبو علي السنجي المروزي، من أصحاب الوجوه في المذهب، وهو أول من جمع بين الطريقتين (طريقة العراق والخراسان) بالتأليف، ومن مؤلفاته: شرح مختصر المزني، وشرح التلخيص لابن القاص، وشرح فروع ابن الحداد، وغيرها، واختلف في سنة وفاته فقيل: سنة 427 وقيل: 430 هـ وقيل غير ذلك. انظر: تهذيب الأسماء واللغات 2/ 361، وفيات الأعيان 1/ 400، البداية والنهاية 12/ 63, طبقات ابن قاضي شهبة 1/ 207، طبقات ابن هداية الله ص 227. (9) ساقط من (ب). الجزء: 3 ¦ الصفحة: 73 المرعى لتراكم الثلوج أو نحو ذلك، فهذا العلف يشترط في تأثيره القصد إن قصد به إخراجها (1) إلى قبيل المعلوفة (2) أثّر و (3) قطع الحول، وإن لم يقصد ذلك لم يؤثر، وإن كثر وقصده (فهي في حكم المعلوفة) (4) (5). ومن قال: لا يعتبر القصد مطلقاً، قال: ينقطع (6) الحول بهذا العلف أيضاً (7) وهو الأظهر. والله أعلم. قوله: في الدين "إن كان مليئاً وجبت الزكاة" (8) هذا إذا كان مع ملائه بحيث لا يمنعه مانع من استيفائه (9) من (10) مماطل (11) ونحوه (12). والله أعلم.   (1) في (ب) زيادة (السائمة). (2) في (ب) زيادة (بل). (3) ساقطة من (ب). (4) ما بين القوسين ساقط من (ب). (5) انظر: المهذب 1/ 195، فتح العزيز 5/ 497، المجموع 5/ 325. (6) في (د) (لا ينقطع). (7) ساقط من (ب) وانظر: فتح العزيز 5/ 496، المجموع 5/ 325، الروضة 2/ 48. (8) الوسيط 1/ ق 124/ ب. (9) في (د) (استيفاء). (10) ساقط من (د). (11) في (أ) و (ب) (مطال). (12) هذا هو القول الجديد، وصححه الرافعي والنووي وغيرهما. وفي القديم أنه لا زكاة في الدين بحال. انظر: البسيط 1/ 185/ ب، التهذيب (كتاب الزكاة) ص 165، فتح العزيز 5/ 502، المجموع 5/ 156، الاستغناء 1/ 478، نهاية المحتاج 3/ 132. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 74 ما ذكره من الخلاف في أن (1) الملك (2) في زمن (3) الخيار خلافاً (لتسلط الغير) (4) على ملكه (5). هذا ظاهر، إذا قلنا: الملك للمشتري فإن البائع تسلَّط على ملكه بما يملكه من الفسخ، وغير ظاهر إذا قلنا: الملك للبائع من حيث إن المشتري غير متسلّط (6) على ملكه من حيث كونه غير مستقل (7) بالإجازة (8) وقد قطع غيره (9) بأنه لا زكاة عليه (10) ولكنا نقول: لو غفل البائع حتى انقضى الخيار لملكه المشتري عليه، فهذا نوع من تسلّط الغير عليه يوجب إجراء الخلاف فيه. يبقى (11) أن (12) الخلاف فيه يكون مرتباً فلا ينبغي أن يساقا مساقاً واحداً. والله أعلم. ما ذكره من أن اللُّقَطَة في السنة الثانية إذا لم يتملكها الملتقِط، ففي وجوب زكاتها على مالكها (13) خلاف مرتب على الخلاف (في السنة الأولى، وأولى بأن   (1) في (أ) (أن في). (2) في (ب) زيادة (للمشتري). (3) في (أ) و (ب) (زمان). (4) ما بين القوسين ساقط من (ب). (5) انظر: الوسيط 1/ ق 124/ ب. (6) في (أ) (مسلط). (7) تكرر في (ب). (8) في (أ) (الإجازة). (9) في (أ) (قطع وغيره) وفي (ب) (قطع به غيره). (10) انظر: البسيط 1/ 185/ أ. التهذيب (كتاب الزكاة) ص 157، فتح العزيز 5/ 504، المجموع 5/ 321. (11) نهاية 1/ ق 185/ ب. (12) ساقط من (ب). (13) ساقط من (أ). الجزء: 3 ¦ الصفحة: 75 لا تجب (1)، فمراده بالخلاف في السنة الأولى، الخلاف) (2) الذي سبق (3) في الضّالّ ونحوه (4). والله أعلم. ذكر صورة التي (5) تجب فيها الزكاة على المديون، لانتفاء تثنية الزكاة فيها عند من علل بها، فقال (6) فيها: "أو كان المال (7) سائمة" (8). صورته: ما إذا كان عليه (9) أربعون شاةً (10) عن دين سلم (11) مثلاً، وهو يملك أربعين (شاةً سائمةً، فإيجاب الزكاة عليه فيها لا يفضي إلى تثنية الزكاة إذ لا يجب في الأربعين) (12) التي هي دين عليه على مالكها شيء؛ لأن ما اشترط في زكاته السُّوم لا زكاة فيه إذا كان ديناً لتعذر السوم في الدين (13). والله أعلم.   (1) انظر: الوسيط 1/ ق 125/ أ. (2) ما بين القوسين ساقط من (ب). (3) يعني في الوسيط 1/ ق 124/ ب. (4) ففي وجوب الزكاة فيه ثلاثة طرق: أصحها: أن المسألة على قولين، أظهرهما: وهو الجديد: وجوبها. والقديم لا تجب. والطريق الثاني: القطع بالوجوب، والطريق الثالث: إن عادت بتمامها وجبت وإلا فلا. انظر: المهذب 1/ 133، فتح العزيز 5/ 504، الروضة 2/ 49. (5) ساقط من (ب). (6) في (د) (بأن يقال) بدل (فقال). (7) في (د) (المالك). (8) الوسيط 1/ ق 125/ أ. (9) ساقط من (د). (10) ساقط من (أ). (11) ساقط من (ب). (12) ما بين القوسين ساقط من (ب). (13) انظر: فتح العزيز 5/ 507، المجموع 5/ 320، الروضة 2/ 55. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 76 وقال أيضاً: "أو كان قدر الدين أقل من نصاب" (1) وصورته: عليه مائة درهم لا يملك رب الدين غيرها، والمديون يملك مائتا درهم (2). والله أعلم وذكر منها: ما إذا (3) كان المديون غنياً بالعقار (4)، وهذا؛ لأن تثنية الزكاة إنما تحققت فيما إذا كان عليه مائتا درهمٍ مثلاً، وهو يملك مائتي (5) درهمٍ من حيث إن الزكاة وجبت فيها (6) على صاحب الدين باعتبار ملأة المديون بما في يده من المائتين (7)، فإيجاب الزكاة على المديون فيها في حكم تثنية الزكاة. فإذا (8) كان غنياً بغير المائتين فلم (9) يكن إيجاب الزكاة على صاحب الدين في المائتين باعتبار ملاءَة المديون بالمائتين لكونه (10) مليئاً بغيرها من عقار، أو غيره (11). والله أعلم.   (1) الوسيط 1/ ق 125/ أوتمامه "لأنه لا يؤدي إلى التثنية". (2) انظر: البسيط 1/ ق 186/ أ. (3) ساقط من (أ). (4) العَقار: بفتح العين يطلق على الضَّيْعَة والنخل والأرض ونحو ذلك، وقيل: إن النخل خاصة يقال له عَقاراً، وبضم العين يطلق على أصل كل شيء. انظر: النهاية في غريب الحديث 3/ 274، تهذيب الأسماء واللغات 3/ 2/ 28. (5) في (د) (مائتا). (6) في (أ) (فيها وجبت). (7) في (ب) زيادة (لم يكن) لعل الصواب حذفها. (8) في (أ) (فإن) وفي (ب) (وإن). (9) في (د) و (ب) (لم). (10) نهاية 1/ ق 186/ أ. (11) وجوب الزكاة على المديون الغني بالمال الذي لا زكاة فيه كالعقار ونحوه هو المذهب، وقطع به جمهور الأصحاب. انظر: البسيط 1/ ق 186/ أ، والوجيز 1/ 86، فتح العزيز 5/ 507، المجموع 5/ 320، الروضة 2/ 55، الغاية القصوى 1/ 385. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 77 قوله: "ملك نصاباً زكاتياً" (1). هذا لحنٌ، وصوابه عند أهل العربية "زكوياً" (2) والله أعلم. سقوط الأجرة بانهدام الدار (3) واقع بطريق إنفساخ العقد الموجب للأجرة، فإنه قضية المعاوضة، فكان دالاً على عدم (4) استقرارها. وسقوط نصف الصداق (5) بالطلاق قبل الدخول ليس بطريق الانفساخ فإن الطلاق تصرف في المعقود عليه يُضاهي التصرف في العبد المشترى بالعتق، وإنما الطلاق سبب مبتدأ أوجب للزوج ملكاً (6) مجدداً في شرط الصداق فلم يكن دالاً على (7) عدم (8) استقرار ملكها الصداق قبل الدخول (9). والله أعلم. قوله (10): "قال الشافعي - رحمه الله - إذا قال بلسانه هذا زكاة مالي أجزأه" (11) علّقت مما علق عن صاحب الكتاب في تدريسه له بطوس (12) من خط ظابط من   (1) الوسيط 1/ ق 125/ أ. (2) انظر: أوضح المسالك 4/ 250. (3) قال في الوسيط 1/ ق 125/ أ "إذا اكترى داراً أربع سنين بمائة دينار نقداً، ففيما يجب في السنة الأولى قولان: أحدهما: زكاة المائة كما في الصداق قبل المسيس إذ لا فرق بين توقع رجوع الأجرة بانهدام الدار، وبين توقع رجوع الصداق بالطلاق". (4) ساقط من (د). (5) في (د) (الطلاق). (6) في (ب) (حقاً). (7) في (ب) (دلائل) بدل (دالا على). (8) ساقط من (ب). (9) انظر: المجموع 5/ 510. (10) في (د) (قال). (11) الوسيط 1/ ق 126/ أوتمامه "فمنهم من أجراه على الظاهر ولم يشترط النية بالقلب". (12) طوس: هي مدينة بخراسان بينها وبين نيسابور نحو عشرة فراسخ، وقيل ستة عشر فرسخاً تشتمل على بلدتين يقال لإحداهما: الطابران، وللأخرى نوقان. انظر: معجم البلدان 4/ 55، الأنساب للسمعاني 4/ 80، المعطار في خبر الأقطار ص 398. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 78 تلامذته مما (1) اختصاره، أن من أصحابنا من أجراه على ظاهره، وقال يكفي الذكر باللسان (2)؛ لأنّ هذا يشبه المعاوضة، (والمعاوضة) (3) يكفي (4) فيها الإيجاب، والقبول من غير نية. قلت: وجه شبهه بالمعاوضة أنه تمليك. قال: "وليس بشيء، وإنما قال الشافعي - رحمه الله - ذلك؛ لأن ذكر اللسان ها هنا لا ينفك عن نية القلب بخلاف الصلاة، والوضوء؛ لأنهما يتكرران كثيراً، فقد ينوي باللسان والقلب ذاهل" (5). والله أعلم.   (1) في (أ) و (ب) (ما). (2) اختلف النقل عن الإمام الشافعي - رحمه الله - في هذه المسألة، فقال: "إذا ولي الرجل زكاة ماله لم يجزه إلا بنية أنه فرض، والنية هي القصد". وقال في موضع آخر: "إذا قال بلسانه هذا زكاة مالي أجزأه". واختلف الأصحاب في هل المعتبر قصد القلب أم يكفي القول باللسان؟ فقالوا: في المسألة طريقان، وقيل: قولان: أحدهما: أنه لا بدّ من نية القلب ولا يجزئ التلفظ بها وجهاً واحداً، وبه قطع العراقيون وبعض الخراسانيين. والثاني: فيه وجهان: أحدهما: يكفيه التلفظ باللسان دون نية القلب، وهو اختيار القفال. والثاني: يتعين عليه نية القلب ولا يكفيه التلفظ بها، وبه قطع الغزالي في الوجيز، وصححه صاحب التهذيب والرافعي. انظر: الأم 2/ 30، مختصر المزني ص 52، البسيط 1/ ق 188/ أ، الوجيز 1/ 87، التهذيب (كتاب الزكاة) ص 144، فتح العزيز 5/ 522 - 523، المجموع 6/ 158. (3) ما بين القوسين ساقط من (د) و (ب). (4) في (أ) (تكفي) بالتاء. (5) فيه نظر؛ لأن معنى النية القصد كما تقدم وهو اعتقاد القلب فعلَ الشيء وعزمه عليه من غير تردد ومتى خطر بقلبه شيئاً وقصده. فقد نوى، والتلفظ بها باللسان بدعة غير مشروع في سائر العبادات غير الحج والعمرة، ولم ينقل أحد عن النبي - صلى الله عليه وسلم - بإسناد صحيح، ولا ضعيف ولا مرسل أنه - صلى الله عليه وسلم - تلّفظ بها، بل ولا عن أحد من أصحابه، ولا استحسنه أحد من التابعين. انظر: زاد المعاد لابن القيم 1/ 201. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 79 قوله: "لو قال هذا عن مالي الغائب إن كان باقياً، وإن كان تالفاً فعن الحاضر، أو هو صدقة جاز؛ لأنّ مقتضى الإطلاق هذا، وقال صاحب "التقريب" يقع عن الغائب (إن كان باقياً، وإن كان تالفاً لم يقع عن الحاضر) (1) (2)؛ لأنه بناه على فوات الغائب والأصل (3) عدم التعيين (4) " (5). هذا من المشكلات الصعبة التي لا يفطن لها (6) لكونها لها ظاهر يفهم منه ما يتوهم أنه المراد، مع كونه ليس بالمراد، والإشكال منه في مواضع: الأول: في قوله: "أو هو صدقة" يفهم منه أنه ردّد بين (7) الأمرين، وليس كذلك، فإنه لو ردد بينهما لم يقع عن الحاضر لفساد النية بالتّردّد، وإنما المراد أنه قال: عن الحاضر فحَسْب، أو قال: هو صدقة فحسب يعني صدقة التطوع (8)، وهذا لفظه (9) في "البسيط" (10) و"الوجيز" (11) أيضاً (12)، وفي بعض نسخ "الوسيط" "أو قال: هو صدقة" وهذه عبارة لا بأس بها. والله أعلم.   (1) ما بين القوسين ساقط من (ب). (2) نهاية 1/ ق 186/ ب. (3) في (أ) (والأصلي). (4) كذا في النسخ وفي الوسيط "والأصل عدم الفوات". (5) الوسيط 1/ ق 127/ ب. (6) ساقط من (أ). (7) ساقط من (ب). (8) في (أ) و (ب) (تطوع). (9) في (ب) (اللفظ). (10) 1/ ق 188/ أ. (11) 1/ 87. (12) ساقط من (ب). الجزء: 3 ¦ الصفحة: 80 الإشكال الثاني: في قوله: "لأن مقتضى (1) الإطلاق هذا" يفهم منه أنه في صورة الإطلاق، وهي ما إذا أخرج مطلقاً من غير تعيين لمال (2) وقع عن الغائب إذا كان باقياً، وإن كان تالفاً فعن الحاضر وليس كذلك، فإنه عند الإطلاق لا يقع عن الغائب بعينه إذا كان باقياً، فإذاً قوله: "لأن مقتضى الإطلاق هذا" تفسيره أن مقتضى الإطلاق الوقوع عن الحاضر على تقدير تلف الغائب، وهذا هو المقصود بالكلام، وفيه الاختلاف المذكور (3). والله أعلم. الإشكال الثالث: في قوله: قال صاحب التقريب: كذا وكذا، المفهوم منه أنه جزم بذلك، وإنما ذكر أن وقوعه عن الحاضر على تقدير تلف الغائب احتمالاً، وهكذا حكاه هو في "البسيط" (4) وشيخه في "النهاية" (5). والله أعلم. (6) الإشكال الرابع: في قوله: "لأنه بناه على فوات الغائب والأصل عدم التعيين" تفسيره: أن الأصل عدم التعين (7) الحاضر بفوات الغائب؛ لأن الأصل   (1) في (أ) (مطلق). (2) في (أ) (المال). (3) المذهب والذي قطع به الجمهور، أنه لا يشترط تعيين المال المزكّى في النية، فلو ملك مائتي درهم حاضرة، ومائتي درهم غائبة، فأخرج عشرة دراهم بنية زكاة ماله أجزأه بلا تعيين. وكذا لو ملك أربعين شاةً وخمسة أبعرة فأخرج شاتين بنية الزكاة اجزأه بلا تعيين. انظر: المهذب 1/ 230، البسيط 1/ ق 188/ أ، الوجيز 1/ 87، التهذيب (كتاب الزكاة) ص 147 - 148، المجموع 6/ 160، الروضة 2/ 64 - 65. (4) 1/ ق 188/ أ. (5) 2/ ق 59، وانظر: المجموع 6/ 160، والروضة 2/ 64 - 65. (6) في (أ) زيادة (و) ولعل الصواب حذفها. (7) في (أ) (التعيين). الجزء: 3 ¦ الصفحة: 81 عدم فواته فلا يصح نيته بالنسبة إلى (1) الحاضر لما فيها من التردد والشك وعدم ابتنائها على استصحاب أصلٍ بخلاف الغائب. والله أعلم. ذكر أن في جواز تقديم نية الزكاة على التسليم إلى المستحق، أو نائبه (2) (ثلاثة أوجه، وأن الثالث: أنه (3) إن قدر (4) على التسليم إلى المستحق أو نائبه) (5) (ولكن إن (6) اقترنت بتسليمه إلى الوكيل (7) الذي وكله في التسليم إلى المستحق، أو نائبه) (8) جاز وإلا فلا. ثمّ قال: "ولو سلم إلى الوكيل من وكله (9) في النية عند التفريق فجائز" (10) فهذا لم يذكره تماماً (11) للوجه الثالث مخصوصاً (12) دون الوجهين المتقدمين، بل هو كلام مستأنف، والجواز فيه ثابت عنده على الوجوه الثلاثة اتفاقاً (13). والله أعلم.   (1) نهاية 1/ ق 187/ أ. (2) في (د) زيادة وتكرار (ولكن اقترنت بتسليمه إلى الوكيل الذي وكله في التسليم إلى المستحق أو نائبه). (3) ساقط من (ب). (4) في (د) و (أ) (قدم). (5) ما بين القوسين ساقط من (أ). (6) ساقط من (أ). (7) ساقط من (أ). (8) ما بين القوسين ساقط من (ب). (9) في (أ) (ووكله). (10) في (ب) (فهو جائز) وكذا في الوسيط 1/ ق 127/ ب. (11) في (أ) (تاماً). (12) ساقط من (د). (13) انظر: البسيط 1/ ق 188/ ب. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 82 ما ذكره من أن الساعي يرد المواشي إلى منهلٍ قريب (1)، يريد به قريباً من المرعى، أي كل ماشيةٍ إلى منهلها، وقد فسرنا المنهل في الباب الخامس من كتاب الصلاة (2). والله أعلم. قوله: "وأُتِي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بصدقة أبي أوفى، فقال - صلى الله عليه وسلم - (اللهم صلّ على أل أبي أوفى) (3). هذه عبارة (4) ربما أوهَمت أن الآتي بها غير أبي أوفى (5)، إنما هو أبو أوفى، ثبت في الصحيحين (6) عن عبد الله (7) بن أبي أوفى قال: كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذا   (1) انظر: الوسيط 1/ ق 128/ أ. (2) ق 80/ ب من نسخة (أ)، ولفظه بالاختصار، المنهل ها هنا عبارة عن الماء الذي يورد، إذا كان على طريقٍ، وكل ماء على غير طريق لا يسمى منهلاً. وانظر: النهاية في غريب الحديث 5/ 138، القاموس ص 1377. (3) الوسيط 1/ ق 128/ أ. (4) في (أ) (عبارته هذه) وفي (ب) (عبارة هذه). (5) أبو أوفى: هو علقمة بن خالد بن الحارث بن أسيد بن ثعلبة الأسلمي، صحابي جليل من أصحاب الشجرة، ولم أقف على تاريخ وفاته. انظر: أسد الغابة 6/ 24، الإصابة 4/ 263. (6) البخاري 3/ 423 مع الفتح كتاب الزكاة، باب صلاة الإِمام، ودعائه لصاحب الصدقة، و7/ 513 في كتاب المغازي، باب غزوة الحديبية، و11/ 140 في كتاب الدعوات، باب قول الله تعالى: {وَصَلِّ عَلَيْهِمْ} ومن خصّ أخاه دون نفسه. ومسلم 7/ 184 - 185 مع النووي في كتاب الزكاة، باب الدعاء لمن أتى بصدقته. (7) نسبه كنسب أبيه، وكنيته أبو معاوية، وقيل: أبو محمَّد، وقيل: أبو إبراهيم، صحابي شهد بيعة الرضوان وما بعدها من المشاهد مات سنة 86، وقيل: في التي بعدها، وهو آخر من مات بالكوفة من الصحابة. انظر: تهذيب الأسماء واللغات 1/ 261، البداية والنهاية 9/ 82، التقريب ص 296. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 83 أتاه قوم بصدقة قال: (اللهم صلّ عليهم) فأتاه أبي (1) أبو أوفى بصدقته فقال: (اللهم صلّ على آل أبي أوفى). والله أعلم. قوله: "لما روي أن العباس استلف منه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - صدقة عامين" (2). هذا مروي عن علي بن أبي طالب - رضي الله عنه - أخرجه أبو داود وابن ماجة (3). والترمذي (4) في موضعين من كتابه، وذكر في أحدهما: أنه حديث حسن،   (1) ساقط من (د). (2) الوسيط 1/ ق 128/ أولفظه قبله "ويجوز تعجيل الزكاة قبل الحلول خلافاً لمالك - رحمه الله - لما روي أن ... إلخ". (3) نهاية 1/ ق 187/ ب. (4) أبو داود 2/ 275، في كتاب الزكاة، باب تعجيل الزكاة، وابن ماجة 1/ 572 في كتاب الزكاة، باب تعجيل الزكاة قبل محلها، والترمذي 3/ 63، في كتاب الزكاة، باب ما جاء في تعجيل الزكاة، ولم أجده في موضع آخر منه كما لم يحسنه في الموضع المذكور، كما رواه الدارقطني 2/ 123، والحاكم 3/ 375، والبيهقي في الكبرى 4/ 186 من طرق عن الحجاج ابن دينار عن الحكم عن حُجية بن عدي عن علي - رضي الله عنه - بلفظ (أن العباس سأل النبي - صلى الله عليه وسلم - في تعجيل صدقته قبل أن تحل فرخص له في ذلك). قال الحاكم: هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه، ووافقه الذهبي، وحسنه الألباني في صحيح سنن أبي داود برقم (1436). وصحيح سنن ابن ماجة برقم (1452). قلت: لفظ رواية هؤلاء الجماعة غير رواية صاحب المتن (الغزالي) كما رأيت، والصواب أن هذا الحديث رواه الطبراني في الكبير 10/ 87، والبزار (كشف الأستار 1/ 424) من حديث ابن مسعود بهذا اللفظ، وفي إسناده محمَّد بن ذكوان وهو ضعيف كما قال الحافظ ابن حجر في التلخيص 2/ 163. ورواه الدارقطني 2/ 124، والبيهقي في الكبرى 4/ 187 من حديث علي مرفوعاً بلفظ (إنا قد أخذنا من العباس زكاة العام عام الأول). وذكر له البيهقي شواهد ومتابعات كثيرة، ورجح أن الصحيح أنه مرسل، وقال ابن حجر في التلخيص 2/ 163 رجاله ثقات إلا أن فيه انقطاعاً. ورواهما أيضاً من طريق الحسن بن عمارة عن الحكم عن موسى بن طلحة عن أبيه بلفظ ( ... إنا كنا احتجنا إلى مالٍ، فتعجلنا من العباس صدقة ماله لسنتين) قال الدارقطني اختلفوا عن الحكم في إسناده، والصحيح عن الحسن بن مسلم مرسل، وقال ابن حجر في التلخيص في إسناده الحسن بن عمارة وهو متروك. والله أعلم. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 84 وأخرج مسلم في صحيحه (1) بمعناه من حديث أبي هريرة (2). والله أعلم. قوله: في تعجيل صدقة عامين "الصحيح بحكم الخبر جوازه" (3). وهو كما قال (4) ويشكل على وجه المنع، و (5) الجواب عن الخبر، وقد (6) قال صاحب "التهذيب" (7) الأصح أنه لا يجوز (8). قوله: "استلف منه صدقة عامين" أي مرتين، أو صدقة مالين لكل واحد حول (9) منفرد (10). والله أعلم.   (1) 7/ 56 في كتاب الزكاة، باب وجوب الزكاة ومقدارها، بلفظ (بعث رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عمر على الصدقة، فقيل: مَنَعَ ابن جميلٍ، وخالدٌ، والعباسُ ... فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأما العباس فهي عليّ ومثلها معها ... ) الحديث. وكما رواه البخاري 3/ 388 في كتاب الزكاة، باب قول الله تعالى: {وَفِي الرِّقَابِ وَالْغَارِمِينَ وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ} بلفظ ( ... وأما العباس فهي عليه صدقةٌ ومثلها معها) وفي رواية (هي عليه ومثلها معها). (2) أبو هريرة، اختلف في اسمه واسم أبيه اختلافاً كثيراً، والأصح عند الأكثرين أنه عبد الرحمن بن صخر الدوسى، أسلم عام خيبر سنة سبع، ولزم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بعد إسلامه ولم يفارقه في حضر ولا سفر، كان أكثر الصحابة حديثاً عن النبي - صلى الله عليه وسلم - ومناقبه كثيرة، مات بالمدينة سنة 57 أو 58 أو في التي بعدها. انظر: الاستيعاب 4/ 332، تهذيب الأسماء واللغات 2/ 270، البداية والنهاية 8/ 99 - 109، التقريب ص 680. (3) الوسيط 1/ ق 128/ أ. (4) وبه قال أبو إسحاق المروزي وصححه الجرجاني والشاشي وغيرهما. انظر: المهذب 1/ 225 البسيط 1/ ق 189/ ب، الوجيز 1/ 88، فتح العزيز 5/ 53، المجموع 6/ 115. (5) (و) ساقطة عن (د). (6) ساقط من (أ) و (ب). (7) ص 129 من كتاب الزكاة. (8) ونقل الرافعي تصحيحه عن الأكثرين. انظر: البسيط 1/ ق 189/ ب، فتح العزيز 5/ 532، المجموع 6/ 115. (9) في (د) (قول). (10) هذا جواب من أصحاب الوجه الثاني على الحديث الذي أُستدل به للوجه الأول. انظر: التهذيب (كتاب الزكاة) ص 130، فتح العزيز 5/ 532، المجموع 6/ 115. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 85 دخول شهر رمضان في تعجيل زكاة الفطر (1) بمثابة انعقاد الحول على النصاب (2)، وقد احتج الشافعي فيه بفعل ابن عمر - رضي الله عنهما - وإخراجه زكاة الفطر قبل الفطر بيومين أو ثلاثة (3)، وذلك يصلح للاحتجاج (4) به عند الإيثار (5) من غير نكير - والله أعلم. ذكر أن (6) الصحيح في الرُّطب والعنب، أنه لا يجوز تعجيل زكاتهما قبل الجفاف، ثمّ ذكر في الحبّ أن الصحيح جواز أداء زكاته عند الإدراك قبل الفرك والتنقية (7).   (1) قال في الوسيط 128/ ب "أما زكاة الفطر فوقت وجوبها استهلال شوال، ويجوز التعجيل إلى أول رمضان". (2) في (د) و (ب) (الحول). وذكر غيره في وقت تعجيلها ثلاثة أوجه: الصحيح الذي قطع به جمهور الأصحاب أنه يجوز بعد دخول شهر رمضان، ولا يجوز قبله. والثاني يجوز بعد طلوع فجر اليوم الأول من رمضان، وبعده إلى آخر الشهر، ولا يجوز في الليلة الأولى؛ لأنه لم يشرع في الصوم. والثالث: يجوز في جميع السنة. انظر: التهذيب (كتاب الزكاة) ص 132، فتح العزيز 5/ 533، المجموع 6/ 87، الروضة 2/ 72. (3) رواه مالك في الموطأ 1/ 237، والشافعي في المسند ص: 94، وابن خزيمة 4/ 90، وابن حبان 8/ 93، والبيهقي في الكبرى 4/ 188، والبغوي في شرح السنة 6/ 76. بلفظ "إن ابن عمر كان يبعث بزكاة الفطر إلى الذي يجمع عنده قبل الفطر بيومين أو ثلاثة" ولفظ ابن خزيمة وابن حبان "بيوم أو يومين". (4) في (ب) (للإجماع). (5) كذا في النسخ ولعل الصواب (الإشتهار) والله أعلم. (6) في (أ) زيادة (في) ولعل الصواب حذفها. (7) انظر: الوسيط 1/ ق 128/ ب. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 86 وهذا قد يتوهم منه افتراق النوعين فيما هما فيه غير مفترقين، فنقول: ما ذكره من الفرق بين النوعين في الجواز على ما هو الصحيح عنده (ليس هو (1) في حالة واحدة لهما) (2) إنما هو في حالتين غير متساويتين، فاختياره في الجواز (3) في الرُّطب والعنب إنما هو قبل الإدراك وهو أن يصيرا تمراً و (4) زبيباً. واختياره (5) الجواز (6) في الحبّ إنما هو عند إدراكه وتهيؤُه للدوَّاس (7) والتنقية، والجواز ثابت عند الإدراك فيهما (8) غير أن في الحبّ قبل تنقيته وجهاً أنه لا يجوز (9) من جهة (10) أنه لا يتحقق بلوغه نصاباً فلو تيقن كونه نصاباً لم يكن للمنع مساغ.   (1) ساقط من (د). (2) ما بين القوسين ساقط من (ب). (3) كذا في (د) وفي (أ) و (ب) (واختيار الجواز). (4) في (ب) (أو). (5) في (ب) (واختيار) بإسقاط الضمير (6) ساقط من (د). (7) في (أ) (للدارس) والدياسة في الطعام، أن يوطأ بقوائم الدوابّ، أو يكرر عليه المِدْوَسُ يعني الجَرْجَر حتى يصير تِبْناً، ويقال: دَاسَ الرجل الحنطة يدوسها دَوساً ودياساً مثل الدّراس. انظر: المغرب 1/ 298، المصباح المنير ص 203. (8) انظر: التهذيب (كتاب الزكاة) ص 131، فتح العزيز 5/ 534، المجموع 6/ 132. (9) انظر: المصادر السابقة. (10) في (ب) (بل جهته). الجزء: 3 ¦ الصفحة: 87 والاشتداد (1) في الحبّ مثل (2) بدو الصلاح في الثمار مثل أن يبدو الزَّهْوُ (3) في ثمرة النخل، وهو أن يحمرّ أو يصفرّ، فمن الاشتداد إلى التنقية ومن الزهو إلى الجفاف وجهان في جواز التعجيل: أحدهما: أنه يجوز (4)، وهذا هو الأرجح، وإن كان صاحب الكتاب قد رجح عدم الجواز (5)، وتعجب إمام الحرمين (6) من اختلاف أئمتنا في هذا مع قولهم: بأن الزكاة تجب باشتداد الحب، وبدو الزهو (7) كما سيأتي إن شاء الله تعالى، مع أن التعجيل يقع قبل الوجوب، وهذا اختلاف منهم في التعجيل بعد الوجوب، ثمّ قال: "السرّ فيه أنا إن (8) قلنا: بوجوب الزكاة بعد الصلاح،   (1) نهاية 1/ ق 188/ أ. (2) في (أ) (قيل). (3) الزهو: هو البُسْر، يقال: زها النخل يزهو إذا ظهرت ثمرته، وأزهى يَزهى إذا اصفرّ وأحمرّ، وقيل: هما بمعنى الاحمرار والاصفرار. انظر: الصحاح 6/ 2369، النهاية في غريب الحديث 2/ 323. (4) انظر: المهذب 1/ 227، حلية العلماء 3/ 118، التهذيب (كتاب الزكاة) ص 131 - 132، فتح العزيز 5/ 534، المجموع 6/ 132. (5) هذا هو الوجه الثاني، وصححه صاحب المهذب والرافعي. انظر: المصادر السابقة. (6) نهاية المطلب 2/ ق 48. (7) هذا هو المنصوص وقطع به جمهور الأصحاب وصححه النووي. انظر: الأم 2/ 48، مختصر المزني ص 55، التهذيب (كتاب الزكاة) ص 131، فتح العزيز 5/ 534، المجموع 6/ 448. (8) في (أ) و (ب) (إذا). الجزء: 3 ¦ الصفحة: 88 فإنا لا نوجب إخراجها إلى (1) التنقية والتجفيف. وفائدة الحكم بالوجوب منع (2) التصرف في حق المساكين من الزروع (3) والثمار، فصار عدم الإيجاب للإخراج قريباً بما قبل حلول (4) الحول في (5) المواشي وغيرها". والله أعلم. قوله: فيما يطرأ على قابض الزكاة المعجلة (6) من موانع الإجزاء "أو استغنى بمال آخر" (7) ليس على حالة واحدة، إنما قال: "آخر" احترازاً مما إذا استغنى بالزكاة، فإنه لا يمنع؛ لأنه المقصود منها (7). والله أعلم. قوله: "فيما إذا ثبت للمالك الرجوع فيما عجله، وقد تعيّب في يد القابض ففي وجوب الأرش عليه وجهان: أقيسهما: الوجوب قياساً للجزء على الكل. والثاني: لا، كما لو ردّ العوض في البيع، ووجد بالمعوض عيباً قنع به وإن كان يستحق بدله عند الفوات، وفي هذا الاستشهاد أيضاً نظر" (8). هذا قد استبعده أيضاً إمام الحرمين (9)، ولم يذكرا (10) وجهه.   (1) كذا في النسخ ولعل الصواب (قبل) والله أعلم. (2) في (أ) و (ب) (مع). (3) في (أ) و (ب) (الزرع). (4) في (د) (حول). (5) في (د) (من). (6) في (ب) (المعجل). (7) انظر: التهذيب (كتاب الزكاة) ص 133، فتح العزيز 5/ 535، مغني المحتاج 1/ 427. (8) الوسيط 1/ ق 129/ ب. (9) انظر: نهاية المطلب 2/ ق 52. (10) في (د) (لم يذكر). الجزء: 3 ¦ الصفحة: 89 قلت: وجهه - والله أعلم - إن الجزء وصف (1) لا يقابله شيء من العوض المسمى المستحق (2) في العقد (3) على ما عرف فلم يعوض أيضاً بالأرش (4) عند الفوات بل يخير بين (5) أن يرضى به فيأخذه معيباً من غير أرش، وبين أن لا يرضى به ويعدل عنه إلى القيمة، ولهذا (6) كان في العيب الذي يجده المشتري بالمبيع لا يملك طلب (7) الأرش مهما تمكن من الرد. ما ذكره في الوجهين، في ردّ الزوائد (8) المنفصلة من أن "مأخذهما إن أداه متردد بين وجود التمليك وعدمه، أو هو تمليك لا محالة" (9). قد كنت أتأول التردد الذي ذكره فيه على أصل الاحتمال، وإن كان مرجوحاً، فإنه إذا حملناه على ظاهره، وهو تردد الشك لزم منه أن لا يملك المسكين القابض التصرفَ فيه، ولا يعرف في جواز تصرفه في ذلك خلاف (10)   (1) في (د) (الوصف). (2) ساقط من (أ). (3) نهاية 1/ ق 188/ ب. (4) الأرشُ: مفرد الأروش مثل فلس وفلوس، وأصله الفساد، وهو ها هنا جزء من ثمن المبيع الذي يأخذه المشتري من البائع إذا اطلع على عيب في المبيع. انظر: النهاية في غريب الحديث 1/ 39، المصباح المنير ص 12، القاموس ص 753. (5) ساقط من (ب). (6) في (د) (وإلى هذا). (7) ساقط من (د). (8) في (ب) زيادة (و) والصواب حذفها. (9) الوسيط 1/ ق 129/ ب وتمامه " ... ولكن مردد بين الزكاة والعوض وهما احتمالان ظاهران". (10) انظر: البسيط 1/ 190/ ب، فتح العزيز 5/ 543، المجموع 6/ 123، الروضة 2/ 79. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 90 حتى وجدت شيخه الإمام قد عبّر عنه بأن الملك على هذا موقوف إلى أن ينكشف الأمر في المال (1)، فهذا إذاً مستنكر جداً، وكتب الأصحاب فيما نعلم قاطبةً بخلافه، وبالحكم بثبوت الملك وجواز التصرف (2)، وذلك؛ لأن (الأصل و) (3) الظاهر كيف ما قدرت جهة الملك (وجواز التصرف، وكان (4) ذلك؛ لأن الأصل) (5) عدم الطوارئ المانعة من الملك. والله أعلم. ما ذكره (6) من أنا وإن قلنا: إن الواجب ينبسط على الوقص، فلا يسقط (7) على وجه شيء من الواجب بتلف الوقص بعد الحول، وقبل التمكن من الأداء على قولنا: إن (8) التمكن شرط للضمان؛ لأن الوقص وقاية للنصاب (9). معناه: أنه كما جعل في القراض الربح وقاية لرأس المال (حتى لا ينقص بالخسران شيء من رأس المال) (10) ما بقي شيء (11) من الربح، فكذلك الوقص   (1) انظر: نهاية المطلب 2/ 52. (2) انظر: البسيط 1/ ق 190/ ب، فتح العزيز 5/ 543، المجموع 6/ 123، الروضة 2/ 97. (3) ما بين القوسين ساقط من (د). (4) ساقط من (د) و (أ). (5) ما بين القوسين ساقط من (د) و (أ). (6) في (د) (ذكر) بإسقاط الضمير. (7) في (أ) (فلا يبسط). (8) ساقط من (د). (9) انظر: الوسيط 1/ ق 130/ أ. (10) ما بين القوسين ساقط من (ب). (11) ساقط من (ب). الجزء: 3 ¦ الصفحة: 91 لا يسقط إذا تلف شيء مما عنده يحسب من الوقص، ولا يحسب من النصاب شيء من واجب النصاب تلف شيء (1) مما عنده ما بقي شيء من الوقص. ثمّ إن هذا الوجه إنما قاله إمام الحرمين (2)، وتفرد به ولم يورده صاحب الكتاب كما (3) قاله، وذلك أن صاحب الكتاب نقل القولين على ما ذكرهما الأئمة من قبل: أحدهما: أنه لا ينبسط الواجب على الوقص أصلاً (4). والثاني: أنه ينبسط (5)، فعلى هذا يسقط (6) بتلف الوقص شيء من الواجب، ثمّ ذكر قول الإمام أنه وقاية فلا يسقط شيء، ولم يقله الإمام هكذا ولكن قال: بعد (7) حكايته نقل الأئمة، ينبغي أن يقطع بالانبساط، وتردد (8) القولين إلى أنه هل يسقط بتلف الوقص شيء من الواجب؟ فعلى قول لا يسقط، (9) ونجعله وقايةً للنصاب، وعلى قول يسقط. والله أعلم.   (1) نهاية 1/ ق 189/ أ. (2) انظر: نهاية المطلب 2/ ق 17. وسيذكر المؤلف نصّ قوله بعد قليل. (3) في (أ) و (ب) (على ما). (4) وهو الجديد وصححه القفال والبغوي والرافعي والنووي وغيرهم. انظر: مختصر المزني ص 48، البسيط 1/ 192، حلية العلماء 3/ 32، التهذيب (كتاب الزكاة) ص 67، فتح العزيز 5/ 548، المجموع 6/ 357. (5) وهو القديم، انظر: المصادر السابقة. (6) ساقط من (د). (7) في (أ) و (ب) (في) بدل (بعد). (8) في (أ) و (ب) (ترد). (9) في (د) زيادة (فيه) ولعل الصواب حذفها. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 92 ذكر أن إمكان الأداء يفوت بأمرين: أحدهما: غيبة (1) المال الذي وجبت فيه الزكاة، وقال: "فإنا إن جوزنا نقل الصدقة فلا نوجب إخراج الزكاة من مال (2) آخر ما لم يتيقن بقاء المال" (3). هذه العبارة فيها تساهل فإن إمكان الأداء مع ذلك من (4) مال آخر قائم ولكن أراد إمكان الأداء الواجب. فقوله (5): "ما لم يتيقن بقاء المال" يشعر بأنه لو تيقن بقاء المال لوجب الإخراج من مال آخر، وليس كذلك، فإنه حينئذٍ يجوز له الإخراج من غير (6) المال، ولكنه أراد نفي وجوب الإخراج أصلاً، وخصّ المال الآخر بالذكر؛ لأن (7) الكلام فيه. والله أعلم. قوله: "الثاني (8) غيبة المستحق وهو المسكين في المال الباطن، والسلطان في المال الظاهر على أحد القولين" (9). أراد بالمستحقّ، مستحقّ الأخذ لا مستحق المأخوذ.   (1) في (أ) (بغيبة). (2) في (أ) (ملك). (3) الوسيط 1/ ق 130/ أ. (4) ساقط من (أ). (5) في (أ) و (ب) (قوله). (6) في (أ) و (ب) (عين). (7) في (أ) و (ب) (لكون). (8) ساقط من (د). (9) الوسيط 1/ ق 130/ أ. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 93 وقوله: "وهو المسكين في المال الباطن" حصر له في المسكين (1) وليس بمنحصر فإنه يجوز صرف زكاة المال الباطن (2) إلى السلطان أيضاً (3)، فينبغي أن يقول: وهو المسكين أو (4) السلطان أو نائبه. قوله: "وعلى أحد القولين" يعني به القول بوجوب صرف زكاة المال الظاهر (5) إلى الإمام (6). والله أعلم. ثمّ إنه حصر فوات الإمكان في الأمرين المذكورين، وليس منحصراً فيها، إذ يفوت إمكان الأداء أيضاً بمانع في نفسه، ومن ذلك أن يكون مشغولاً بأمر مهمَّ دينيّ، أو دنيويّ، وقد ذكر ذلك غيره (7). والله أعلم.   (1) نهاية 1/ ق 189/ ب. (2) المال الباطن: كالذهب والفضة، والركاز وعروض التجارة، وزكاة الفطر، وفيها وجه أنها من الأموال الظاهرة. انظر: فتح العزيز 5/ 520، المجموع 6/ 137، الروضة 2/ 61، مغني المحتاج 1/ 413. (3) المذهب أنه مخيّر بين صرفها إلى الإمام أو إلى المساكين، والخلاف في أيهما أفضل، فيه وجهان: أصحهما عند الجمهور أن الصرف إلى الإمام أفضل. انظر: اللباب ص 181، المهذب 1/ 227، الوجيز 1/ 87، التهذيب (كتاب الزكاة) ص 70، فتح العزيز 5/ 521، المجموع 6/ 138. (4) في (أ) و (ب) (و). (5) المال الظاهر: كالمواشي، والزروع، والثمار، والمعادن. انظر: فتح العزيز 5/ 520، المجموع 6/ 137، الروضة 2/ 61، مغني المحتاج 1/ 413. (6) وهو القديم، لكن بشرط أن يكون الإمام عادلا، فإن كان جائراً فوجهان: أحدهما: يجوز ولا يجب، والثاني: هو أصحهما، يجب أيضاً، وفي الجديد، وهو أصحهما، جواز إخراجها بنفسه. انظر: فتح العزيز 5/ 520، المجموع 6/ 137، الروضة 2/ 61، مغني المحتاج 1/ 413. (7) في (ب) (غيره ذلك) وانظر: التهذيب (كتاب الزكاة) ص 65، فتح العزيز 5/ 551، المجموع 6/ 307، الروضة 2/ 85. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 94 ذكر أن في (1) متعلق الزكاة أقوالاً مضطربةً يعبّر عنها بأن (يقال: إن) (2) الزكاة تتعلق بالذمة، أو بالعين، ثم ذكر أن في تحقيق تعلقها بالعين ثلاثة أقوال: أحدها: أنها شركة، والثاني: أنها (3) كتعلق الرّهن، والثالث: أنها (4) كتعلق أرش الجناية، ثمّ قال: ويتفرع على هذه الأقوال الأربعة كذا وكذا (5). وأراد بالرابع: القول بأنها (6) تتعلق بالذمّة (دون العين، وقد تضمنه قوله أولاً "يعبّر عنها بأن الزكاة تتعلق بالذمّة) (7) أو بالعين" فلذلك (8) قال: هذا. والله أعلم. قوله: "فيما إذا باع النصاب قبل أداء الزكاة، فإن قلنا: لا تتعلق بالعين فصحيح، ولكن السّاعي يأخذ شاةً من المشتري إن لم يؤدّ المالك من موضع آخر فينتقض البيع فيها ... إلى آخره" (9). هذا (10) نوع تعلق بالعين أَثبته مفرعاً على القولين (11) فإنها (12) لا تتعلق بالعين وهو قول التعلق بالذمة، فإن أجريناه على إطلاقه (13) كان   (1) ساقط من (ب). (2) ما بين القوسين ساقط من (ب). (3) في (د) (أنه). (4) في (د) و (ب) (أنه). (5) انظر: الوسيط 1/ ق 130/ ب. (6) في (د) (فإنها). (7) ما بين القوسين ساقط من (د). (8) في (د) (فكذلك). (9) الوسيط 1/ ق 130/ ب وتمامه "والباقي يخرج على قول تفريق الصفقة". (10) ساقط من (د). (11) في (د) (القول) ويعني بالقولين، قول التعلق بالعين وقول التعلق بالذمة. انظر: فتح العزيز 5/ 554، مغني المحتاج 1/ 419. (12) في (د) (بأنها) بالباء وفي (ب) (فإنه). (13) في (ب) (الخلاف). الجزء: 3 ¦ الصفحة: 95 مناقضا (1) فليحمل قوله: "وإن قلنا: لا تتعلق بالعين" على نفي التعلق المثبت على الأقوال الأخر، وهو تعلق الشركة والرهن، وأرش الجناية (على القول) (2) ببطلان بيع العبد الجاني (3)، وقد ذكر إمام الحرمين (4) أن (5) هذا التعلق وهو تتبع الساعي للمشتري متفق عليه (6) وأن قول الذمة حاصله راجع إلى القول بأن تعلق الزكاة كتعلق أرش الجناية على أحد القولين فيه (7) وهو لا يمنع من بيع العبد الجاني غير أن السيّد غيرُ مطالب بالفداء أصلاً، ومالك المال ها هنا مطالب بأداء الزكاة ولا ينفي (8) القول (9) بأن تعلّق (الزكاة تعلق بالعين) (10) مشبّه (11) بتعلق أرش الجناية إلا على (12) القول الآخر، وهو أنه يمتنع بيع العبد الجاني لأحد، ثمّ على هذه الطريقة وهي جعل المسألة على أقوال أربعة،   (1) في (أ) و (ب) (تناقضا). (2) ما بين القوسين ساقط من (ب). (3) اختلف في صحة بيع العبد الجاني على قولين: أصحهما: يصح بيعه، والثاني: لا يصح وهو ما أشار إليه المصنف. انظر: التنبيه ص 132، الوجيز ص 134. (4) انظر: نهاية المطلب 2/ ق 65. (5) ساقط من (ب). (6) نهاية 1/ ق 190/ أ. (7) ساقط من (د). (8) في (أ) (ولا يبقى). (9) ساقط من (ب). (10) ما بين القوسين ساقط من: (د). (11) في (أ) و (ب) (يشبه). (12) ساقط من (د). الجزء: 3 ¦ الصفحة: 96 وهي طريقة شيخه الإمام (1)، وأكثر المصنفين فيما نعلم جعلوا المسألة على قولين (2): أحدهما: قول الشركة (3) (وهو الجديد، والصحيح عندهم. والثاني: قول الذمة، وهو القديم، وهو بعينه القول بأن المال مرتهن. والله أعلم. قوله: "وأما على قول الشركة) (4)، فالبيع باطل في قدر الزكاة، وفي الباقي قولاً تفريق الصفقة" (5). هذا يحوج إلى بيان كيفية الشركة، فعند أبي بكر الصيدلاني أن الواجب في الأربعين مثلاً (6) شاة مبهمة (7) غير معيّنة، وليس جزءاً شائعاً منسوبا إلى المال بطريق الجزئية (8) وبهذا قطع صاحب "التتمة" (9) وقال: إذا لم تكن موجودةً في   (1) انظر: نهاية المطلب 2/ ق 65. (2) انظر: المهذب 1/ 197، التهذيب (كتاب الزكاة) ص 88، فتح العزيز 5/ 552، المجموع 5/ 345، الروضة 2/ 85، مغني المحتاج 1/ 419، نهاية المحتاج 3/ 146. (3) يعني قول التعلق بالعين، ويصير المساكين شركاء لرب المال في قدر الزكاة. انظر: المصادر السابقة. (4) ما بين القوسين ساقط من (ب). (5) الوسيط 1/ ق 131/ أ. (6) ساقط من (أ) و (ب). (7) في (د) (منهم). (8) انظر: قول الصيدلاني في: البسيط 1/ ق 193، فتح العزيز 5/ 555، المجموع 5/ 454. (9) انظر: ما قطع به صاحب التتمة في فتح العزيز 5/ 555، الروضة 2/ 85. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 97 النصاب يقدرها (1)، وعلى هذا هو من قبيل ما إذا اجتمعت (2) الصفقة معلوماً ومجهولا (3) ففي بطلان البيع طريقان (4): أحدهما: القطع ببطلانه في الجميع (5). والثاني: تخريجه على قولين في الباقي، والجواز ينبني على القول بأنا إذا فرقنا الصفقة فما صحّ البيع فيه مقابل بجميع الثمن لا بقسطه (6). وعند إمام الحرمين (7) أن الواجب جزء شائع في جميع الأربعين فيبطل البيع في (8) جزء من كل شاة، وفي الباقي قولا تفريق الصفقة. قلت: (9) هذا مخالف لظواهر (10) نصوص (11) الأحاديث (12). والله أعلم. ذكر فيما إذا أصدق امرأته أربعين شاةً وحال عليها الحول، ثمّ طلقها قبل إخراجها زكاتها، وقلنا: إن تعلق الزكاة تعلق استيثاق "إن الظاهر أنه يلزمها   (1) في (أ) (يقدر بها). (2) في (أ) (جمعت). (3) كقولك: بعتك هذا العبد وعبد آخر. انظر: المجموع 9/ 384. (4) في (د) (الطريقين). (5) انظر: المهذب 1/ 358، المجموع 9/ 384، الروضة 3/ 94. (6) وإن قلنا: مقابل القسط لم يصح لتعذر التقيسط. انظر: المصادر السابقة. (7) انظر: نهاية المطلب 2/ ق67. (8) (د) (من) و. (9) نهاية 1/ ق 190/ ب. (10) في (أ) (لظهور). (11) ساقط من (د). (12) لعله يعني بالأحاديث حديث أنس وابن عمر في الصدقة وقد تقدم ذكرهما انظر: ص 8، 10 والله أعلم. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 98 فك حق الزوج بأداء (1) الزكاة من موضع آخر، كما لو كانت قد رهنت (2) " (3) إنما جعل رهنها له (4) أصلاً؛ لأنها أنشأته باختيارها فيظهر إيجاب الفك. وأما شيخه الإمام (5) فإنه لم (6) يجعله أصلاً، بل نظيراً وقاسهما على من استعار ليرهن، فإنه يجب عليه فكه، وفي بعض نسخ "الوسيط" كما لو استعارت ورهنت" وكأنّه تغيير ممن (7) لحظ ما في "النهاية" (8) والأول على وفق ما ذكره في "البسيط" (9) والله أعلم. ذكر فيما إذا أخرج زكاة المال المرهون منه أنه لو أيسر فهل يلزمه جبره (10) للمرتهن بقيمة المخرج؟ فيه وجهان (11): إنما قال: لو أيسر؛ لأن إخراج الزكاة من المرهون إنما يجوز إذا كان معسراً بأدائها من مال آخر. والله أعلم.   (1) في (أ) (لأداء). (2) في (د) و (ب) (وهبت). (3) الوسيط 1/ ق 131/ ب. (4) في (د) (لا). (5) انظر: نهاية المطلب 2/ 67. (6) ساقط من (ب). (7) في (د) (من). (8) 2/ ق 67. (9) 1/ ق 194/ ب. (10) ساقط من (ب). (11) انظر: الوسيط 1/ ق 131/ ب. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 99 ومن النوع الثاني، وهو زكاة المعشرات قوله في ضبط (1) جنس ما يجب فيه: "أنبتته أرض مملوكة، أو مستأجرة" (2). خصّ المستأجرة بالذكر دون المستعارة ونحوها؛ لأنه أراد أن (3) العشر في زرع الأرض المستأجرة يجب على المستأجر (4)، احترازاً من مذهب أبي حنيفة أنه يجب على مالك الأرض (5)، والله أعلم.   (1) من هنا وقع في (د) تقديم وتأخير، حيث وقع قوله " ... جنس ما يجب فيه: أنبتته أرض مملوكة أو مستأجرة" إلى قوله "حتى تبلغ أربعة دنانير فيجب فيها دينار" في بداية النوع الثالث، وهو زكاة النقدين بمقدار ثلاث أوراق ونصف ورقة بعد قوله "توفيقا بين قول شيخه وبين قوله: وذلك بعيد، فإنه قال: على قياس هذا" في النوع الخامس، وهو زكاة المعدن والركاز. وعلى هذا أشرنا إلى نهاية كل ورقة في هذا الوضع حسب ورودها في النسخة المذكورة ليسهل مراجعتها عند الحاجة، فلذا نجد أرقام (191/ أ - 195/ أ) بعد أرقام (195/ ب - 200/ أ). (2) الوسيط: 1/ ق 131/ ب، وتمامه " ... خراجية، أو غير خراجية، فيجب فيه العشر على الحرّ المسلم". (3) ساقط من (د). (4) انظر: البسيط: 1/ ق 195/ أ، المهذب: 1/ 213، فتح العزيز: 5/ 569، المجموع: 5/ 481، الروضة: 2/ 95. (5) انظر: المبسوط: 3/ 5، بدائع الصنائع: 2/ 931، فتح القدير: 2/ 250، البحر الرائق: 2/ 255. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 100 الثُّفّاء (1): بضم الثاء المثلثة، والفاء المشدّدة، والمدّ، وهو حبّ الرَّشَاد، بهذا فسّره الأزهري أبو منصور وغيره (2)، والرشاد بقلة معروفة تؤكل في حال (3) الاختيار، وحبّه هو الذي يقتات (4) في حالة (5) الاضطرار. وذكر صاحب "الصحاح في اللغة" (6) أنه (7) الخَرْدَل، قال: ويقال: إنه (8) الحُرْف يعني (9) حبّ (10) الرشاد. قلت: الأول هو الذي فسّروا به، الثفاء في كلام الشافعي رحمه الله، والله تعالى أعلم.   (1) قال في الوسيط: 1/ ق 132/ أ "واحترزنا بحالة الاختيار عن الثفاء والترمس، فإن العرب تقتاته في حالة الاضطرار". (2) انظر: الزاهر: ص 103، تهذيب اللغة: 15/ 150، النهاية في غريب الحديث: 1/ 214، لسان العرب: 1/ 41، القاموس: ص 44. (3) في (ب): (حالة). (4) في (د) زيادة (به) ولعل الصواب حذفها. (5) في (أ) (حال). (6) 1/ 39، وصاحب الصحاح هو: إسماعيل بن حماد، أبو نصر الجوهري التركي، إمام اللغة، واحد من يضرب به المثل في ضبط اللغة، وأول من حاول الطيران، ومات في سبيله، ومن أشهر مؤلفاته: الصحاح، وكتاب في العروض، ومقدمة في النحو، وغيرها، مات سنة 393 هـ. انظر: معجم الأدباء: 2/ 269، سير أعلام النبلاء: 7/ 80، كشف الظنون: 2/ 1071. (7) نهاية 1/ ق 195/ ب. (8) ساقط من (د). (9) ساقط من (د). (10) في (د) (لحب). الجزء: 3 ¦ الصفحة: 101 "التُّرْمُسُ": بضم أوله، وثالثه، معروف مشاهد في ديارنا، ولكنا نَصفه لغيرنا، وهو شبيه بالباقلاّ (1) إلا أنه أصغر منه (2). قال صاحب "الحاوي" (3) فيه: هو أصغر من الباقلاّ، يضرب إلى الصفرة، فيه ضرب من المرارة، يكسر بالملح، يأكله أهل الشام تفكّها، وأهل العراق تداويا، والله أعلم. ذكر "أن الخراج عندنا أجرة (4) لا يضرب على مالك (5) الأرض، وإنما يضرب على الكفار في أرض مملوكة للمسلمين (6) أو لبيت المال، فإن أسلموا لم يسقط؛ لأنه أجرة، (وما يضرب عليهم في أراضيهم المملوكة فيسقط بإسلامهم (7)؛ لأنه جزية) (8) " (9).   (1) الباقلا: فيه لغتان: التشديد مع القصر، والتخفيف مع المدّ، وهو الفول. انظر: النظم المستعذب: 1/ 212، تحرير ألفاظ التنبيه: ص 80، المصباح المنير: ص 58. (2) وهو حمل شجر، له حبّ مُضَلّعٌ مُحَزّزٌ، وقيل: هو الباقلا المصري. انظر: المصباح المنير: ص 73، القاموس ص 688. (3) 3/ 243، وصاحب الحاوي هو علي بن محمَّد بن حبيب، أبو الحسن البصري الماوردي الشافعي، أحد أصحاب الوجوه في المذهب، كان ثقة، وولي القضاء ببلدان شتى، وله مصنفات كثيرة، منها: الحاوي الكبير في الفقه، والأحكام السلطانية، والنكت والعيون في التفسير وغيرها، مات سنة 450 هـ، انظر: تاريخ بغداد: 12/ 102، طبقات الفقهاء للشيرازي: ص 138، سير أعلام النبلاء: 18/ 64، طبقات ابن قاضي شهبة: 1/ 231، طبقات ابن هداية الله: ص 230، كشف الظنون: 1/ 19. (4) ساقط من (د). (5) في (أ): (صاحب). (6) في (د) (المساكين). (7) في (ب): (بإسلامه). (8) ما بين القوسين ساقط من (أ). (9) الوسيط: 1/ ق 132/ أ. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 102 فقوله: "لا يضرب على مالك الأرض" أي: المالك المسلم. وقوله "في أرض مملوكة للمسلمين، أو لبيت المال" فالمراد بالتي للمسلمين (1) أرض من أراضي الكفار، صارت فيئا للمسلمين بمصالحتهم عليها أو بانجلائهم عنها، والفيء قد علم أن أكثره على الأصح لطوائف من المسلمين موصوفين لا لبيت المال مطلقا (2). وقوله "أو لبيت المال" المراد به أرض السَّوَاد (3) الموقوفة لمصالح (4) المسلمين مطلقا، وخمس الخمس من أراضي الفيء كذلك هو أيضاً (5) لبيت المال، ولمصالح المسلمين مطلقا (6)، فالخراج (7) في كل ذلك يثبت على (سكانها (8) من) (9) الكفار والمسلمين؛ لأنه أجرة (10)، والله أعلم.   (1) تكرر في (ب). (2) انظر: اللباب: ص 183، المهذب: 2/ 320، الوجيز: 1/ 288 - 289، حلية العلماء: 7/ 693. (3) أرض السواد يطلق على أرض العراق، وسميت بذلك لكثرة خضرتها. انظر: النظم المستعذب: 2/ 339، المصباح المنير: ص 294. (4) في (أ) و (ب) (على مصالح). (5) في (أ) و (ب): (أيضا هو). (6) ساقط من (ب). (7) في (ب): (والخراج). (8) في (د) (ساكنها). (9) ما بين القوسين ساقط من (ب). (10) انظر: المهذب: 1/ 213، البسيط: 1/ ق 195/ أ، كتاب الزكاة من التهذيب: ص 198، فتح العزيز 5/ 566، المجموع: 5/ 478. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 103 قوله: "وذكر في الوَرْسِ والعسل (1) قولين (2)، وفي الزَّعْفَرَان قولين مرتّبين، وأولى بأن لا تجب" (3) لأنهما مرتبان على قول (4) الورس لا على قولي (5) العسل (6)، والوَرْس ثمر شجرٍ يكون باليمن، أصفر يُصْبَغُ به (7). إن قلنا: لا تجب (8) في الورس، ففي الزعفران أولى، وان قلنا: تجب فيه، ففي الزعفران قولان: أحدهما: لا تجب (9)، والفرق أن الورس (10) ثمر شجر لها ساق، والزعفران نبات كالخضروات، والله أعلم. قوله: "روي أن الوَسْقَ ستون صاعا" (11).   (1) في (أ) زيادة: (والعلس)، وهو مقحمة، وموضعها بعد قليل. (2) في (ب) (قولان). (3) الوسيط: 1/ ق 132/ أ، ولفظه قبله "وأوجب الشافعي - رحمه الله - الزكاة في الزيتون، وذكر في الورس ... إلخ". (4) كذا في (د) و (ب)، وساقط من (أ)، ولعل الصواب (قولَيْ)، والله أعلم. (5) في (د) (قول). (6) أصحهما، وهو الجديد أنه لا تجب. انظر: المهذب: 1/ 209، البسيط: 1/ ق 195/ ب، حلية العلماء: 3/ 73 - 74، فتح العزيز: 5/ 563، المجموع: 5/ 436، الغاية القصوى: 1/ 377. (7) وقيل: نبت أصفر كالسمسم يكون باليمن، يُصْبَغُ به. انظر: النهاية في غريب الحديث: 5/ 173، تهذيب الأسماء واللغات: 3/ 2/ 190، المصباح المنير: ص 655، القاموس: ص 747. (8) في (أ): (لا يجب) بالياء. (9) وهو الجديد، وصححه النووي وغيره. انظر: كتاب الزكاة من التهذيب: ص 175، فتح العزيز: 5/ 562، المجموع: 5/ 436، مغني المحتاج: 1/ 382. (10) نهاية 1/ ق 196/ أ. (11) الوسيط: 1/ ق 132/ أ، ولفظه قبله "أما قدر الموجب فهو خمسة أوسق، كل وسق ستون صاعا، كل صاع أربعة أمداد، والمجموع ثمان مائة منّ، ومنهم من قال: هو تحديد, لأنه روي أن الوسق ... إلخ". الجزء: 3 ¦ الصفحة: 104 قد روى أبو سعيد الخدري (1) عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، أنه (2) قال: (ليس فيما دون خمسة أوسق من التمر صدقة)، هذا القدر ثابت في الصحيحين (3)، وفي رواية (4)، إسنادها غير قويّ، رواها أبو داود في سننه (5) عن أبي سعيد عن النبي - صلى الله عليه وسلم -: (ليس فيما دون خمسة أوسق (6) زكاة، والوسق ستون (7) مختوماً)، ورواه   (1) هو سعد بن مالك بن سنان الأنصاري الخزرجي، صحابي جليل، ومن فقهائهم، كان من المكثرين في رواية الحديث عن النبي - صلى الله عليه وسلم -، واستصغر يوم أحد، ثم أول مشاهده الخندق، وغزا مع النبي - صلى الله عليه وسلم - اثنتي عشرة غزوة، ومناقبه كثيرة، مات بالمدينة سنة 63 هـ، أو 64، أو 65 هـ، وقيل: 74 هـ، والله أعلم. انظر: الاستيعاب: 2/ 47، تهذيب الأسماء واللغات: 2/ 237، البداية والنهاية: 9/ 5، الإصابة: 2/ 35. (2) ساقط من (ب). (3) رواه البخاري: 3/ 318 مع الفتح في كتاب الزكاة، باب ما أدّى زكاته فليس بكنز، وباب زكاة الورق، وباب ليس فيما دون خمس ذود صدقة، وباب ليس فيما دون خمسة أوسق صدقة، ومسلم في: 7/ 42 مع النووي في أول كتاب الزكاة. (4) في (ب) زيادة (يصح). (5) 2/ 209 في كتاب الزكاة، باب ما تجب فيه الزكاة، وكما رواه النسائي: 5/ 30 في كتاب الزكاة، باب القدر الذي تجب فيه الصدقة، وابن ماجه: 1/ 586 كتاب الزكاة، باب الوسق ستون صاعا، وأحمد: 3/ 45، 30، 6، 73، 59، وأبو عبيد في الأموال: ص 516، وابن أبي شيبة في المصنف: 3/ 138, والبيهقي في الكبرى: 4/ 204، ومعرفة السنن: 2/ 52، كلهم من طريق أبي البختري الطائي عنه به. وقال أبو داود: وهو منقطع، لم يسمع أبو البختري من أبي سعيد الخدري، وقال أبو حاتم: لم يدركه. ورواه الدارقطني: 2/ 129، وابن حبان 8/ 76 من طريق أخرى عنه به، وقال الألباني في الإرواء: 3/ 276 "في طريق الدارقطني عبد الله بن صالح وأبو بكر بن عياش، وفيهما ضعف". وله شاهد من حديث جابر بن عبد الله عند ابن ماجه: 1/ 587 في الموضع السابق. قال البوصيري في الزوائد: ص 262 "إسناد حديث جابر ضعيف؛ لاتفاقهم على ترك حديث محمَّد بن عبيد الله العزرمي"، وضعّفه أيضا ابن حجر في التلخيص: 2/ 169. (6) في (ب) (أوساق). (7) في (أ) (يثبت). الجزء: 3 ¦ الصفحة: 105 بعضهم (الوسق ستون صاعاً)، والمختوم هو الصاع كان يختم بختم (1) ولي الأمر، وهذا التفسير (2)، والتقدير للوسق، الظاهر أنه (3) من قول الراوي أُدْرِجَ (4) في الحديث. وقد روي تقدير الوسق بذلك عن ابن عمر (5)، وسعيد بن المسيَّب (6)، وإبراهيم النخعي (7)، وغيرهم (8) ممن ينتهض تفسيره حجَّة، والشأن وراء (9) هذا   (1) ساقط من (د). (2) في (ب) (تفسير). (3) ساقط من (ب). (4) في (أ) و (ب) (فأدرج). (5) رواه عنه ابن أبي شيبة في المصنف: 3/ 138، والبيهقي في الكبرى: 4/ 204، والمعرفة: 2/ 52. (6) انظر قوله هذا في المصادر السابقة، وهو سعيد بن المسيب بن حزن بن أبي وهب القرشي، المخزومي، أحد كبار علماء التابعين، ومن الفقهاء السبعة بالمدينة، اتفق أهل العلم على إمامته وفضله، روى عن جمع غفير من الصحابة، مات بالمدينة سنة 93 هـ، وقيل: 94، وقد ناهز الثمانين. انظر: طبقات الشيرازي: ص 39، تهذيب الأسماء واللغات: 1/ 219، تذكرة الحفاظ: 1/ 84، البداية والنهاية: 9/ 188، التقريب: ص 241. (7) انظر قوله هذا في المصادر السابقة، ومصنف عبد الرزاق: 4/ 142، وكتاب الأموال لأبي عبيد: ص 515، وهو إبراهيم بن يزيد بن قيس بن الأسود، أبو عمران، النخعي الكوفي، تابعي جليل، أجمع أهل العلم على توثيقه وجلالته، وبراعته في الفقه، مات سنة 96 هـ. انظر: طبقات ابن سعد: 6/ 188، طبقات الشيرازي: ص 83، تهذيب الأسماء واللغات: 1/ 104، التقريب: ص 95. (8) كقتادة، وأبي قلابة، والحسن البصري، والشعبي، وابن سيرين. انظر: المصادر السابقة (9) ساقط من (د). الجزء: 3 ¦ الصفحة: 106 فيما ذكره هو، وذكروه من تقدير الصاع بالأَرْطال (1)، فإنه على (2) غاية من الإشكال بعيدة لاختلاف ذلك باختلاف المكيلات، ومقدارها وزنا، فسلك إمام الحرمين (3) - رحمنا الله وإياه - في التخلص (4) من ذلك مسلكا عجيبا بعيداً (5)، فذهب إلى أن المعتبر فيما علقه الشارع بالصاع ليس مقدرا (6) (بالصاع والمد، بل) (7) مقدرا بالكيل) (8)، معتبرا (9) بما (10) يحويه مكيال   (1) الأرطال جمع رطل - بكسر الراء وفتحها، لغتان مشهورتان، والكسر أشهر، وغالب استعماله، وهو تسعون مثقالا، وهي مائة وثمانية وعشرون درهما، وأربعة أسباع درهم، وقيل: 128 درهما فقط، وقيل: 130 درهما، وقال النووي: والأول أظهر، ثم قال: واعلم أنه متى أطلق الرطل في هذه الكتب ونحوها أرادوا رطل بغداد. فيكون الرطل بالغرام الحالي على القول الأول: 407، 695 غراما، وعلى القول الثاني: 405، 880 غراما، وعلى الثالث: 412، 23 غراما. انظر: معجم لغة الفقهاء: ص 223. انظر: تهذيب الأسماء واللغات: 3/ 1/ 123، المصباح المنير: ص 230، المجموع، 6/ 89، الروضة:، المغني لابن قدامة: 1/ 295، فتح القدير: 2/ 296. (2) ساقط من (ب). (3) في (أ) زيادة (أبو المعالي). (4) في (أ) (التلخص) كذا. (5) في (د) و (ب) (بديعاً). (6) في (د) و (أ) (مقدارا). (7) ما بين القوسين ساقط من (د). (8) ما بين القوسين ساقط من (ب). (9) في (د) زيادة (مكيلا) ولعل الصواب حذفها. (10) ساقط من (د) , والمثبت. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 107 (الصاع (1) والمدّ) (2) بل (3) (هو مقدار موزون عبر عنه بالصاع والمدّ) (4) وهو خمسة أرطال وثلث، ومدّ وثلث (5)، وهذا بعيد؛ لأنه (6) لم يساعده (7) النقل من حيث اللغة والخبر (8) والأثر، والصحيح ما ذهب إليه أبو الفرج الدارمي (9) أن الاعتصاد (10) في ذلك على الكيل، لا على الوزن (11)، على ما سنوضحه إن شاء الله تعالى في باب زكاة الفطر.   (1) في (د) (بالصاع). (2) ما بين القوسين ساقط من (أ). (3) ساقط من (أ) و (ب). (4) ما بين القوسين ساقط من (ب). (5) انظر: نهاية المطلب: 2/ ق 72. (6) ساقط من (أ) و (ب). (7) في (أ) (لا يساعده)، وساقط من (ب). (8) ساقط من (ب). (9) هو محمَّد بن عبد الواحد بن محمَّد بن عمرو، أبو الفرج الدارمي، البغدادي، الشافعي، كان فقيها مدققا متأدّبا شاعرا, وله مصنفات كثيرة، منها: الاستذكار، وجامع الجوامع ومودع البدائع وغيرهما، مات سنة 449 هـ. انظر: طبقات الشيرازي: ص 136، طبقات ابن قاضي شهبة: 1/ 234، طبقات ابن هداية الله، ص 229، الأعلام: 7/ 133. (10) في (ب) (والاعتماد) بدل (أن الاعتماد). (11) انظر ما ذهب إليه الدارمي في: فتح العزيز: 5/ 566، المجموع: 5/ 440، الروضة: 2/ 94. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 108 وذهب القاضي الروياني (1) إلى أن المعتبر في الوسق هو الكيل، والوزن ذكر على سبيل التقريب، وفي الكيل وجهان في أنه تحديد أو تقريب (2)، والله أعلم. قوله: "والوسق (3) حمل البعير" (4). هذا كما قال ههنا، لا حيث يذكر (5)، فإن الوسق هو الوِقْرُ، وكل شيء حملتَه فقد وَسَقْتَه وسقا، ذكره الأزهري (6)، والله أعلم. قوله (7): "الرُّطَب الذي (8) لا يتتمر (9) يُوَسَّق رطبا على الصحيح" (10).   (1) انظر ما ذهب إليه الروياني في فتح العزيز 5/ 566، المجموع 5/ 440، والروياني هو عبد الواحد بن إسماعيل بن أحمد بن محمَّد، أبو المحاسن الروياني الطبري الشافعي، المعروف بصاحب البحر، برع في المذهب حتى كان يقال له: شافعي زمانه، وولي قضاء طبرستان، وله مصنفات كثيرة، منها: بحر المذهب، والكافي، وحلية المؤمن، وقتله الباطنية سنة 501، أو 502 هـ. انظر: وفيات الأعيان: 2/ 369، البداية والنهاية: 12/ 184، طبقات ابن قاضي شهبة: 1/ 287، طبقات ابن هداية الله: ص 247، كشف الظنون: 1/ 226. (2) أصحهما عند جمهور الأصحاب أنه للتحديد. انظر: كتاب الزكاة من التهذيب: ص 176، فتح العزيز: 5/ 565 - 566، المجموع: 5/ 435، الروضة: 2/ 94، مغني المحتاج: 1/ 383. (3) نهاية 1/ ق 196/ ب. (4) الوسيط: 1/ ق 132/ أ. (5) ساقط من (ب). (6) انظر: تهذيب اللغة: 9/ 237. (7) ساقط من (ب). (8) ساقط من (د). (9) في (د) (يتمير) كذا. (10) الوسيط: 1/ ق 132/ ب. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 109 ههنا صورتان (1): إحداهما: أن لا يجيء منه تمر (2) أصلاً، وإذا تمّر فسد. والأخرى: أن يجيء منه تمر (3)، ولكن حشف (4) لا يقصد بالتَّتْمِير. والأصح في الصورتين أنه يوسق رطبا (5) لكن الذي هو خلاف الأصح (6) في صورة الحشف وجهان (7): أحدهما: أنه يعتبر بنفسه فيعتبر (8) بلوغ الجاف (9) منه إن كان حشفا خمسة أوسق. والثاني: يعتبر بغيره (10) بأقرب الأنواع إليه، فيقال: لو كان هذا من ذلك (11) لكان يبلغ نصابا.   (1) انظر: المهذب: 1/ 209، البسيط: 1/ ق 197/ ب وما بعدها، فتح العزيز: 5/ 568، المجموع: 5/ 440، الروضة: 2/ 97. (2) في (ب) (تمرا). (3) في (ب) (تمرا). (4) الحشف أردأ التمر، والواحدة حشفة. انظر: المصباح المنير: ص 137. (5) انظر: فتح العزيز: 5/ 556، المجموع: 5/ 440، الروضة: 2/ 97. (6) ساقط من (أ). (7) انظر: فتح العزيز 5/ 556، المجموع 5/ 440، الروضة 2/ 97. (8) في (د) (معتبر). (9) في (د) (الجفاف). (10) في (د) زيادة (قوبل وصح). (11) في (أ) و (ب) (ذاك). الجزء: 3 ¦ الصفحة: 110 وأما الصورة الأخرى (1) فخلاف (2) الصحيح فما هو اعتباره بغيره، والظاهر أنها التي أوردها صاحب الكتاب؛ لأنه قال "لا يَتَتَمَّر", ولم يقل "لا يتمر"، والله أعلم. قوله في العَلَسِ إنه "حنطة توجد بالشام" (3)، فيه نظر، فإنا نحن بالشام (4) لم نجده فيها، ولم يخبرنا أحد (5) أنه وجده (6) فيها، وقد روى الأزهري في كتابه الكبير "تهذيب اللغة" (7) عن الشافعي - رحمه الله - أنه قال: العَلَس ضَرْب من القمح يكون في الكِمَامِ منه حبتان، يكون بناحية اليمن (8)، ولم يذكر الأزهري غير هذا.   (1) يعني الصورة الأولى. (2) في (ب) (بخلاف). (3) الوسيط: 1/ ق 132/ ب. (4) الشام هي إقليم كبير، حدها طولا من العريش إلى الفرات، وقيل إلى نابلس، وأما عرضها فمن جبلي طيي من نحو القبلة إلى بحر الروم، ومن أشهر مدنها: حلب، وحماة، وحمص، ودمشق، والبيت المقدس، وطرابلس، وعسقلان. نظر: الأنساب: 3/ 387، معجم البلدان: 3/ 354، تهذيب الأسماء واللغات: 3/ 1/ 171. (5) ساقط من (ب). (6) في (د): (وجد) بإسقاط الضمير. (7) 2/ 96. وانظر: الزاهر: ص 102. (8) اليمن هي بلاد كبيرة، حدودها بين عمان إلى نجران، ثم يلتوي على بحر العرب إلى عدن إلى الشحر حتى يجتاز عمان، فينقطع من بينونة، وهي بين عمان والبحرين. انظر: معجم البلدان: 5/ 511. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 111 وكذلك قال صاحب "صحاح اللغة" (1)، و (2) هو طعام أهل صنعاء، وصنعاء بناحية اليمن (3)، والله أعلم. قوله: "وأما السُّلْت فإنه حَبّ يساوي الشعير في صورته، والحنطة بطبعه" (4). هذا وإن قاله الصيدلاني (5) فهو خلاف الصواب، وخلاف من ذكره من لا أحصيهم من العراقيين وغيرهم من أهل اللغة (وغيرهم) (6)، وإنما هو على العكس مما ذكره، هو يشبه الشعير في طبعه (7) والقمح في صورته (8). قال الأزهري في كتابه في (9) "شرح ألفاظ مختصر (10) المزني" (11): لا قشر له، فهو كالحنظة في ملاسته، وهو كالشعير في طبعه.   (1) 3/ 952. (2) ساقط من (أ) و (ب). (3) وهي مدينة كبيرة من مدن اليمن، بينها وبين عدن ثمانية وستون ميلا. انظر: الأنساب: 3/ 207، معجم البلدان: 3/ 484، تهذيب الأسماء واللغات: 3/ 1/ 182. (4) الوسيط: 1/ ق 132/ ب. (5) انظر القول المنسوب إلى الصيدلاني في. فتح العزيز: 5/ 569، المجموع: 5/ 473، الروضة: 2/ 98. (6) ما بين القوسين ساقط من (ب). (7) نهاية 1/ ق 197/ أ. (8) وقال النووي: هذا هو المعروف عند أهل اللغة، وعليه جمهور الأصحاب انظر: كتاب الزكاة من التهذيب: 189، فتح العزيز: 5/ 569، المجموع: 5/ 473، الروضة: 2/ 98. (9) ساقط من (ب). (10) ساقط من (ب). (11) وهو المسمى بـ "الزاهر في غريب ألفاظ الشافعي". انظر: ص 102 منه. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 112 وقال صاحب كتاب "العين في اللغة" (1) السُّلْتُ شعير لا قشر له أجرد يكون بالغَوْر (2)، [وأهل الحجاز] (3) يتبرّدون بسويقه في الصيف. وقال صاحب "الصحاح" (4): السُّلْت ضرب من الشعير ليس له (5) قشر، كأنه الحنطة، والله أعلم. قوله: "وذهب مالك - رحمه الله - إلى أن الحمّص، والباقلاّ، والعدس، وهي التي تسمى القِطنيّة يضمّ بعضها إلى بعض" (6).   (1) 7/ 237، وصاحب كتاب العين هو خليل بن أحمد بن تميم، أبو عبد الرحمن الفراهيدي، ويقال: الفرهودي، الأزدي، إمام النحاة، واتّفق العلماء على جلالته وتقدّمه في العلوم العربية، وهو الذي اخترع علم العروض، وبعض العلماء يشك في صحة نسبة كتاب العين إليه، مات سنة 170 هـ، وقيل: 160 هـ، والله أعلم. انظر: معجم الأدباء: 11/ 72، تهذيب الأسماء واللغات: 1/ 177، وفيات الأعيان: 2/ 244، والبداية والنهاية: 1/ 173، سير أعلام النبلاء: 7/ 429. (2) الغَوْر - بفتح الغين، وسكون الواو، وهو تهامة وما يلي اليمن، وقيل: ما بين ذات عرق إلى البحر غور تهامة، وسمي بذلك؛ لانخفاضه من الأرض. انظر: معجم البلدان: 4/ 245، تهذيب الأسماء واللغات: 3/ 267، الروض المعطار: ص 431. (3) في النسخ (والحجاز) والتصحيح من كتاب العين 7/ 237، والحجاز - بالكسر: إقليم مروف، وحدّها من تخوم صنعاء من العبلاء وتبالة إلى تخوم الشام، ومنها: مكة على قول، والمدينة، والطائف وغيرها، وسمي حجازا؛ لأنه حجز بين تهامة ونجد. انظر: معجم البلدان: 2/ 218 وما بعدها، تهذيب الأسماء واللغات: 3/ 80. (4) 1/ 253. (5) في (د): (فيه) بدل (له) والمثبت من (أ) و (ب)، وهو الموافق لما في "الصحاح". (6) الوسيط: 1/ ق 132/ ب. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 113 هذا يوهم انحصار القِطْنِيَّة (1) في الثلاثة المذكورة، وليس كذلك، بل هي (2) حبوب (3) كثيرة، منها: الهُرْطُمان، والجُلْبَان، (والمَاشُ، وقد قيل: إن الهرطمان هو الجلبان (4)، وقيل: إن الجلبان) (5) هو الماش (6)، ولا يثبت أنه غير الماش، وهو (7) يشبه الماش. ومنها: اللُّوبيَاء (8)، ومنها: الذُّرَة، والدُّخْنُ، والجَارُوسُ، وهما نوعان من الذرة إلا أنهما أصغر حبّا (9).   (1) ساقط من (ب). (2) في (د) و (ب): (هو). (3) في (د): (ضرب). (4) وقيل: إن الهرطمان هو صنف من الحبوب، قريب من الشعير، وإنه ينبت كنبات الحنطة، ويشبه الكشد باليمن. انظر: النظم المستعذب: 1/ 212، تحرير ألفاظ التنبيه: ص 80، المعتمد في الأدوية المفردة: ص 534. والجُلْبَان: هو حبّ أغبر أكدر على لون الماش، إلا أنه أشد كُدْرةً، وأعظم جُرما يطبخ، ويقال له أيضاً: القفص. انظر: تهذيب اللغة: 11/ 93، الزاهر: ص 102، المصباح المنير: ص 104. (5) ما بين القوسين ساقط من (د). (6) والماش: وهو المجّ، حبّ كالعدس إلا أنه أشدّ استدارة منه، أعجمي معرّب، وقال الأزهري: هذه الحبة التي يقال لها: الماش، والعرب تسميه: الخلّرْ، والزَّن. انظر: الزاهر: ص 102، المغرّب: ص 347، النظم المستعذب: 1/ 212، المصباح المنير: ص 585. (7) ساقط من (د). (8) اللُّوبياء: مذكر، يمدّ ويقصر، يقال: اللوبياء، واللوبيا، واللبياج، وهو الدُّجر. انظر: الزاهر: 102، ألفاظ التنبيه: ص 80. (9) وقيل: هما اسمان لمسمى واحد، وقيل: الجاروس نوع من الدخن، غليظ القشر، يشبه الذرة. انظر: الزاهر: ص 102، النظم المستعذب: 1/ 212، القاموس: ص 1542. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 114 قال صاحب "الحاوي" (1): القِطْنِيَّة هي (2) الحبوب المقتاتة سوى البر والشعير. قلت: وهي بكسر القاف، سميت بذلك لكونها (3) تقطن في البيوت، أي تقيم فيها عند إدخارها (4)، وعند مالك يضمّ البعض من كل ذلك إلى البعض (5)، والله أعلم. ما ذكره من النخل (6) التي تحمل في السنة حملين لا تضمّ (7) أحدهما إلى الثاني (8) محمول (9) على ما إذا تأخر اطلاع الثاني عن جذاذ الأول (10)، ثم إن حملين في عام واحد قد يستبعد (11) في النخل والكَرْمِ، إنما يقع ذلك في التين، ولا زكاة فيه (12).   (1) 3/ 242. (2) في (ب): (هو). (3) في (ب): (كونها). (4) وحكى الهروي فيه لغة ثانية، وهي بفتح القاف، وسكون الطاء. انظر: الزاهر: ص 103، والنظم المستعذب: 1/ 212، والمصباح المنير: ص 509. (5) انظر قول الإمام مالك في: المدونة: 1/ 348، التفريع: 1/ 292،: 9/ 258، الذخيرة: 3/ 80. (6) في (أ) و (ب): (النخلة). (7) في (أ) و (ب): (يضم). (8) انظر: الوسيط: 1/ ق 133/ أ. (9) في (ب): (محمولا). (10) انظر: الحاوي: 3/ 219، البسيط: 1/ ق 196/ ب، كتاب الزكاة من التهذيب: 177، فتح العزيز: 5/ 572، الروضة: 2/ 101، مغني المحتاج: 1/ 384. (11) في (ب): (استبعد). (12) انظر: الحاوي: 3/ 210، المهذب: 1/ 208، حلية العلماء: 3/ 72، فتح العزيز: 5/ 572، المجموع: 5/ 434، الروضة: 2/ 101. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 115 وقيل: إنما ذكر ذلك في النخل على سبيل التقدير، ولكن يبعد أن يطلق الشافعي - رحمه الله - تصوير ذلك إلا وقد اطّلع على وقوع ذلك (1)، والله أعلم. ذكر أنه لو كانت له تَهَامِيّة تحمل في السنة ثمرتين (2) فأطلعت نَجْديّة له (3) قبل (4) جداد (5) التَّهَامِيّة الأولى (6)، وضممناها إليها، فلو (7) جُدّتْ التهامية (8)، ثم أطلعت حملها الثاني قبل جداد النجدية المضمومة لم يضمه إلى النجدية؛ لأنه يؤدي إلى ضم (9) ثمرة التهامية الثانية إلى ثمرتها الأولى بواسطة (10) النجدية، وذلك ممتنع كما تقدم، ثم قال: "فلو لم تكن الأولى لكنا نضمّ الثانية إلى النجدية لزوال هذا المحذور" (11).   (1) انظر: المصادر السابقة. (2) كذا في النسخ وفي الوسيط: " ... تثمر في السنة مرتين". (3) في (أ) و (ب): (له نجدية). (4) في (أ) زيادة (صرام التهامية). (5) في (ب): (صرام). (6) في (د): (الأول)، والمثبت من (أ) و (ب). (7) في (د) زيادة (و)، ولعل الصواب حذفها. (8) نهاية 1/ ق 197/ ب. (9) ساقط من (د)، والمثبت من (أ) و (ب). (10) (د): (بواسط)، والمثبت من (أ) و (ب). (11) الوسيط: 1/ ق 133/ أ. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 116 معناه: فلو لم تكن يعتبر قضية الضم (1) الأولى، بأن وقع إطلاع النجدية (2) بعد جداد ثمر (3) التهامية (4) الأولى، فلم نضمها إليها، ثم أطلعت (5) ثمرة التهامية الثانية قبل جداد النجديّة، فإنا نضمها (6) إليها؛ لانتقاء المانع المذكور (7)، والله أعلم. ذكر في الذرة التي (8) تزرع وتحصد في السنة مراراً أنه على قول كان (9) "مهما وقع الزرعان، والحصادان في سنة واحدة ضمّا (10)؛ لأن ذلك معتاد فيعد ارتفاع   (1) في (أ) و (ب) (فلو لم يكن يعتبر الضم قضية الفم) وكذا. (2) النجدية: نسبة إلى نجد - بفتح النون، ونجد اسم لما ارتفع من الأرض، وهي بلاد معروفة من جزيرة العرب أعلاه من جهة الحجاز ذات عِرْق، وأسفله العراق، والشام. انظر: معجم البلدان: 5/ 303، ما بعدها، تهذيب الأسماء واللغات: 3/ 2/ 175، الروض المعطار: ص 572. (3) في (أ) و (ب): (ثمرة). (4) التَّهامية: نسبة إلى تِهَامَة، وتِهَامَة اسم لكل ما نزل عن نجد من بلاد الحجاز وحدودها من بحر القُلْزم إلى جرش ونجران، ومن مكة إلى صنعاء، وسميت تهامة من التهم، وهو شدّة الحر وركود الريح، وقيل: سميت بذلك لتغير هوائها. انظر: تهذيب الأسماء واللغات: 3/ 1/ 44، والمصباح المنير: ص 77، والروض المعطار: 141. (5) في (أ): (فأطلعت) بدل (ثم أطلعت). (6) في (أ): (نضمه). (7) انظر: البسيط: 1/ ق 196/ ب، كتاب الزكاة من التهذيب: ص 178، فتح العزيز: 5/ 173، المجموع: 5/ 442، الروضة: 2/ 102. (8) في (ب): (الذي). (9) كذا في النسخ، ولعل الصواب (قال)، والله أعلم. (10) في (ب): (ضممنا). الجزء: 3 ¦ الصفحة: 117 سنة واحدة" (1)، فالمراد بارتفاع السنة (2) مغلها، وأما (3) السنة فالمراد بها سنة عربية، اثنا عشر شهرا، كذا قال ذلك شيخه في طائفة (4). وأما الشيخ أبو حامد الإسفراييني في طائفة من العراقيين (5)، فإنهم اعتبروا بدلاً (6) من السنة، (وقالوا) (7) في هذا القول الثاني: يعتبر أن يكون الزرعان في فصل واحد (8)، والحصادان في فصل واحد (9). وذكر أبو المحاسن الروياني أن المراد بالفصل ههنا أربعة أشهر (10)، وظاهر إطلاقه أنه ثلاثة أشهر؛ إذ فصول السنة أربعة (11) فصول، والله أعلم.   (1) الوسيط: 1/ ق 133/ أ. (2) ساقط من (ب). (3) في (ب): (وفيها) بدل (وأما). (4) انظر: نهاية المطلب: 2/ ق 119، وكتاب الزكاة من التهذيب: ص 195، وفتح العزيز: 5/ 575، ومغني المحتاج: 1/ 384. (5) انظر: فتح العزيز: 5/ 575. (6) كذا في النسخ ولعل الصواب (اعتبروا الفصل بدلاً). (7) ما بين القوسين ساقط من (ب). (8) ساقط من (د). (9) وقد ذكر النووي وغيره عشرة أقوال في المسألة، وذكر أن أصحها عند الأكثرين: إن وقع الحصادان في سنة واحدة ضمّ، وإلا فلا. انظر: حلية العلماء: 3/ 73 - 74، والمجموع: 5/ 475 - 476، والروضة: 2/ 103، ومغني المحتاج: 1/ 384 - 385. (10) وكذا في الروضة: 1/ 103، والمجموع 5/ 476 بدون نسبة لأحد. (11) في (ب): (أربع). الجزء: 3 ¦ الصفحة: 118 (1) ذكر (2) سبب تناثر الحبّات مرة نقر (3) العصافير، ومرة هبوب الرياح (4)، وكلاهما معا سبب على ما لا يخفى، وتخصيصه أحدهما بالذكر على سبيل المثال لا على سبيل القيد، والله أعلم. ما ذكر (5) في الاستخلاف الذي ذكره الشافعي في الذرة من أن بعضهم حمله على ما ينبت من الحبات المتناثرة من الزرع الأول، وبعضهم على ما ضعف من الزرع الأول، وتأخر إدراكه عنه (6) فهو على (7) خلاف ظاهر لفظ الاستخلاف، فإن المستخلف عبارة عما ينبت من نفس أصول الزرع الأول، فإذا ظاهره وجه ثالث تركه (8)، وهو أن (9) ذلك مفروض في الذرة التي تسمى الهنديّة، تحصد ويبقى ساقها فتخرج منها (10) سنابل أخرى (11)، والله أعلم.   (1) في (ب) زيادة (و). (2) في (ب) زيادة (في). (3) في (أ): (نقبر). (4) كذا في النسخ، وفي الوسيط: 1/ ق 133/ ب "إذا انزرعت الذرة الثانية بتناثر حبات الأول بنقر العصافير، وهبوب الريح ... إلخ". (5) في (أ) و (ب): (ذكره). (6) انظر: الوسيط: 1/ ق 133/ ب. (7) نهاية 1/ ق 198/ أ. (8) ساقط من (ب). (9) ساقط من (ب). (10) في (أ) و (ب) (منه). (11) انظر: كتاب الزكاة من التهذيب: ص 192، فتح العزيز: 5/ 576، المجموع: 5/ 476، الروضة: 2/ 104. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 119 قوله: "فهو العشر فيما سقت السماء، ونصف العشر فيما سقي بنضح أو دالية؛ للحديث" (1). قد وردت في ذلك أحاديث ثابتة، منها: حديث ابن عمر - رضي الله عنهما - أن (2) النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: (فيما سقت السماء والعيون، أو كان عَثَرِياً العشر، وما سقي بالنضح نصف العشر)، رواه البخاري في صحيحه (3). والعَثَريّ: بعين مهملة وثاء مثلثة مخفّفة (4)، مفتوحتين، وفي آخره (5) ياء مشدّدة، وهو عند بعض أهل اللغة: العِذِي (6)، والأصح ما ذهب إليه الأزهري وغيره من أهل اللغة (7) أنه (8) مخصوص بما يسقى من ماء السيل (9)   (1) في (ب): (الحديث). الوسيط: 1/ ق 133/ ب، ولفظه قبله "الطرف الثاني في الواجب والنظر في قدره وجنسه، أما قدره فهو العشر ... إلخ". (2) في (ب): (عن). (3) 3/ 407 في كتاب الزكاة، باب العشر فيما يسقى من ماء السماء، وبالماء الجاري، وكما رواه مسلم: 7/ 47 في كتاب الزكاة، باب ما فيه العشر ونصف العشر من حديث جابر - رضي الله عنه - بلفظ: (فيما سقت الأنهار والغيم العشر، وفيما سقي بالسانية نصف العشر). (4) ساقط من (أ) و (ب). (5) في (أ) و (ب): (آخرها). (6) العِذِي - بكسر العين وفتحها، والجمع أعذاء، وهو الزرع الذي لا يسقيه إلا ماء المطر. انظر: الصحاح: 2/ 737، النهاية في غريب الحديث: 3/ 182، النظم المستعذب: 1/ 210، المصباح المنير: ص 399، 393، القاموس: ص 1689، 560. (7) انظر: تهذيب اللغة: 3/ 324، النهاية في غريب الحديث: 3/ 182، فتح الباري: 3/ 408, المجموع: 5/ 444. (8) ساقط من (ب). (9) في (أ): (السماء). الجزء: 3 ¦ الصفحة: 120 والمطر (1) في (2) عاثور، وهو شبه ساقية تحفر له، يجري فيه الماء إلى أصوله، وسمي ذلك عاثورا (3)؛ لأنه يتعثر بها (4) المارّ الذي لا يشعر بها، وهذا (5) هو الذي فسّره الشيخ أبو إسحاق - رحمه الله - في "مهذبه" (6)، لكنه لم يقيّده بماء (7) السيل من ماء (8) المطر، فاشكل على القلعي اليمني (9) شارح ألفاظه، فقال في معرض الإنكار، العَثَرِيّ: هو ما سقت السماء، لا اختلاف فيه بين أهل اللغة (10)، فوقع فلم يسلم أيضاً من حيث إنه أطلق أيضاً ولم يقيّد، والله أعلم.   (1) في (ب): (والنضح). (2) ساقط من (ب). (3) في (د): (عاثور) وفي (ب) (ومن ذلك عاثور) بدل (وسمي ذلك عاثورا). (4) في (ب): (به). (5) في (ب): (فهذا). (6) 1/ 210. (7) تكرر في (ب). (8) ساقط من (ب). (9) هو محمَّد بن علي بن الحسن بن علي بن أبي علي، أبو عبد الله القلعي اليمني، من علماء الشافعية باليمن، وله مصنفات كثيرة، منها: تهذيب الرياسة في ترتيب السياسة، وإيضاح الغوامض في علم الفرائض، واحترازات المهذب، واللفظ المستغرب في تفسير الغريب من المهذب، وهذا هو الذي أشار إليه المصنف وغيرها، مات سنة 630 هـ انظر: طبقات الأسنوي: 2/ 324، طبقات السبكي: 4/ 89، الأعلام: 6/ 281، معجم المؤلفين: 10/ 311. (10) انظر: تهذيب الأسماء واللغات: 3/ 6، والمجموع: 5/ 444. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 121 والنضح: بالحاء المهملة، هو استقاء الماء بالدوابّ من بعير، أو بقر، أو حمار، والنضح ههنا مأخوذ من النضح الذي هو بمعنى الصبّ (1)، والنضح أيضاً الرشّ (2)، والله أعلم. ما ذكره من الدَّالِيّة، والناعورة، والدُّولاَب (3)، وهو بفتح الدال فهي آلات معروفة عند الناس (4)، والله أعلم. وجوب الزكاة عند بدوّ الصلاح (5) واشتداد الحبّ (6)، وهو وجوب ثبوت في الذمة فحسب من غير إيجاب الأداء في الحال، وتنجُّز (7) الثبوت في الذمة مع   (1) انظر: اللسان: 2/ 619، تحرير التنبيه: ص 82، المصباح المنير: ص 609، النهاية في غريب الحديث: 5/ 609، فتح الباري: 3/ 408. (2) كما يقال: نضح البيت، ينضحه نضحا، إذا رشّ عليه انظر: المصادر السابقة. (3) انظر: الوسيط: 1/ ق 133/ ب. (4) أما الدالية: واحدة الدوالي، وهي دلو ونحوها، وقيل: هي المنجنون التي تديرها البقرة (الدابة) فارسي معرب. انظر: الصحاح: 2/ 832، اللسان: 14/ 266، المصباح المنير: ص 199. وأما النَّاعُورة: واحدة النواعير، وهي الآلة التي يستقى بها، يديرها الماء بنفسه. انظر: الصحاح: 2/ 832، مجمل اللغة: 4/ 875، مختار الصحاح: ص 587. وأما: الدُّولاب بفتح الدال وضمها، والفتح أفصح، واحد الدواليب، وهو المَنْجَنُون التي تديرها البقرة، أو الدابة، فارسيّ معرّب. انظر: اللسان: 1/ 377، النظم المستعذب: 1/ 210، المصباح المنير: ص 198. (5) نهاية 1/ ق 198/ ب. (6) قال في الوسيط: 1/ ق 134/ أ "الثالث: في وقت الوجوب، فهو في الثمار بالزهو، وبدوّ الصلاح، وفي الحبوب باشتدادها، فيجب بها إخراج الثمر والحب إلى المساكين عند الجفاف والتنقية". (7) ساقط من (ب) وبعدها في (أ) زيادة (و). الجزء: 3 ¦ الصفحة: 122 تأخّر الأداء معقول كما في الدين المؤجّل، وفي هذا جواب عن قوله "يستحيل وجوب التمر مع عدمه" (1)، والله أعلم. قوله: "إذا تلف المال بجائحة سماوية سقطت الزكاة بكل حال" (2). يعني سواء جعلنا الخرص (3) تضمينا (4)، أو عبرة (5)؛ لأن بقاء الضمان مشروط (6) ببقاء المال إلى الإمكان، والله أعلم. ما ذكره على قول العبرة (7) من أن (8) الخرص لا يؤثر في تغيير الحكم (9) ليس على إطلاقه، فإنه يؤثر (10) على هذا القول (11) أيضاً في أنه لا يقبل قوله في قدر   (1) ولفظه قبله "وحكى صاحب التقريب قولاً أن سبب الوجوب الجفاف والتنقية؛ إذ يستحيل ... إلخ". (2) الوسيط: 1/ ق 134/أ. (3) الخرص: مصدر خرص يخرص، وهو حزر ما على النخل والكرم من الرطب تمرا، ومن العنب زبيبا. انظر: النهاية في غريب الحديث: 2/ 22، النظم المستعذب: 1/ 208، تحرير ألفاظ التنبيه: ص82. (4) ومعنى التضمين: أن حق المساكين ينقطع به من عين التمر، وينتقل إلى ذمة المالك. انظر: فتح العزيز: 5/ 588، والروضة: 2/ 111. (5) في (د) و (ب): (وغيره). ومعنى العبرة: أنه مجرد اعتبار للقدر، ولا يصير حق المساكين في ذمة المالك. وانظر تفصيل الكلام على المسألة في: فتح العزيز: 5/ 588، المجموع: 5/ 561، وما بعدها، الروضة: 2/ 111، مغني المحتاج /1/ 387، نهاية المحتاج: 3/ 81. (6) في (د): (شروط). (7) (ب): (من قول المعتبرة) بدل (على قول العبرة). (8) ساقط من (د). (9) انظر: الوسيط: 1/ ق 134/ ب. (10) في (أ): (لا يؤثر) وبعده في (ب) زيادة (عندهم) ولعل الصواب حذفها. (11) في (ب): (الأمران) بدل (على هذا القول). الجزء: 3 ¦ الصفحة: 123 الزكاة إذا أتلف (1) المال، ولزمه ضمان قدر الزكاة، وادعى أن مقدار الزكاة قدر هو أنقص مما ذكره الخارص وقبل (2) تولي (3) الخرص فقبل (4) قوله في ذلك، وأثر أيضاً في نفاذ تصرفه قبل الجفاف فيما عدا قدر الزكاة، وإن منعناه قبل الخرص على قول (على ما) (5) بينه (6) في الكتاب في المسألة الثانية، والله أعلم. إذا ادعى رب المال تلفه بجائحة فشرح ما ذكره في الكتاب فيه "أنه يصدق إلا إذا كذّبته المشاهدة" (7) مثل أن يدعي تلفه بحريق، والمشاهدة شاهدة بعدمه، وإن أمكن صدقه، ولكنه على خلاف الظاهر، بأن (8) ادعى تلفه بنهب أو (9) غارة (10) ولم يظهر، والغالب أنه لو وقع لظهر، فقد قال العراقيون (11): لا بد من بينة تشهد بأصل الواقعة، وإن لم   (1) في (أ) و (ب): (تلف). (2) ساقط من (أ) و (ب). (3) في (ب): (لولا). (4) في (أ) و (ب): (يقبل). (5) ما بين القوسين ساقط من: (ب). (6) في (د): (بينته)، والمثبت من (أ) و (ب)، وهو الصواب. (7) الوسيط: 1/ ق 134/ ب. (8) في (أ): (فإذا)، وفي (ب): (فإن). (9) في (د): (و)، والمثبت من (أ) و (ب). (10) وعرف وقوع ذلك صدق بلا يمين. انظر: الحاوي: 3/ 227. البسيط: 1/ ق 199/ ب، كتاب الزكاة من التهذيب: ص 183، فتح العزيز: 5/ 591، المجموع: 5/ 463. (11) انظر: نهاية المطلب: 2/ ق 78، البسيط: 1/ ق 199/ ب، فتح العزيز: 5/ 591، المجموع: 5/ 463، الروضة: 2/ 114، مغني المحتاج: 1/ 388. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 124 يتعرض للتفصيل أي تشهد بوجود (1) أصل النهب هناك، (وإن لم تشهد) (2) بأن ماله نهب. قلت (3): يقبل (4) قوله مع يمينه في تلفه أو مقدار ما يدعي تلفه بذلك النهب، ومثل هذا مطرد (5) في الوديعة (6). و (7) قال الشيخ أبو محمَّد (8): لا يكلف ببينة على وجود أصل النهب، بل يصدق بدون ذلك، فإن الأمين (9) يصدق بيمينه إذا ادعى ممكنا (10)، وإن كان على (11) خلاف الظاهر، كما يصدق المودَع في دعواه ردّ الوديعة، وإن كان الأصل والظاهر عدم الرد، والله أعلم. قوله (12): "وحيث يصدق باليمين فهي مستحقة، أو مستحبة فيه خلاف ذكرناه" (13).   (1) في (أ): (بوجوب) بالباء. (2) ما بين القوسين ساقط من (ب). (3) في (أ) و (ب): (بل) بدل (قلت). (4) في (د): (فقبل). (5) في (ب): (يطرد). (6) نهاية 1/ ق 199/ أ. (7) ساقط من (أ) و (ب). (8) في (أ): (أبو حامد)، وهو خطأ، وانظر: نهاية المطلب: 2/ ق 78، والبسيط: 1/ ق 199/ ب، والمجموع: 5/ 463. (9) في (ب): (فإن كل أمين). (10) في (أ) و (ب): (نهبا). (11) ساقط من (د). (12) ساقط من (د). (13) الوسيط: 1/ ق 134/ ب. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 125 إنما يقال هذا فيما سبق ذكره في الكتاب، ولم يسبق أصلاً (1). قوله فيما ذكره من الخلاف في (2) قسمة الرطب (3)، والإشكال فيه ناشئ (4) من القول بأن القسمة بيع (5)، والقول (6) بأن الرطب (7) لا يجوز بيع بعضه ببعض (8)، وإن كان لا يجيء منه تمر، لكونه قطع في غير أوانه، أو لغير ذلك. ذهب إمام الحرمين (9) إلى أنه مبني على القول بأن المسكين شريك، أما إذا لم نقل (10) بالشركة فلا إشكال؛ إذ لا يكون حينئذ تسليم حق الزكاة إلى الساعي   (1) قلت: فيه وجهان مشهوران، أصحهما: أن اليمين مستحبة. انظر: كتاب الزكاة من التهذيب: ص 183، فتح العزيز: 5/ 591، المجموع: 5/ 463، الروضة: 2/ 114. (2) ساقط من (د). (3) قال في الوسيط: 1/ ق 135/ أ "إذا أصاب النخيل عطش يستضر بالثمار، فللمالك قطعها وإن تضرر بها المساكين ... ثم قال الشافعي - رحمه الله - يأخذ الساعي عشر الرطب أو ثمن عشره، ولا يلزمه التمر، فإنه في القطع معذور، واختلفوا في قوله - رحمه الله - (أو ثمن عشر)، فقيل: معناه ترديد قوله إلا إذا فرعنا أن المسكين شريك، وأن القسمة بيع ليمتنع تسليم الرطب بالقسمة فرجع إلى الثمن للضرورة ... إلخ". (4) في (د)، و (ب): (الناشئ). (5) انظر: كتاب الزكاة من التهذيب: 185، فتح العزيز: 5/ 593، المجموع: 5/ 463. (6) تكرر في (ب). (7) في (ب): (أن مع الرطب). (8) هذا هو المذهب، وذهب المزني إلى جواز بيع بعضه ببعض. انظر: مختصر المزني: ص 87، اللباب: ص 230، المهذب: 1/ 364، الوجيز: 1/ 137، مغني المحتاج: 2/ 26. (9) انظر: نهاية المطلب 2/ ق 115. (10) في (أ): (لم يقل). الجزء: 3 ¦ الصفحة: 126 قسمة، بل توفية حق لمستحقه، فإذاً قوله في الكتاب في الطريق الأول "إذا فرعنا على أن المسكين شريك" غير مخصوص بالطريق الأول، بل هو (1) قيد شامل للجميع، والله أعلم. قوله: "نص في الكبير على أنه لو باع الثمرة قبل بدو الصلاح من غير شرط القطع" (2). المزني (3) - رحمه الله - له "المختصر الكبير" وهو كالمتروك، و"المختصر الصغير" (4)، وهو هذا المختصر المشهور المعروف بـ "مختصر (5) المزني" الذي أكثر   (1) في (ب): (فهو) بدل (بل هو). (2) الوسيط: 1/ ق 135/ أ، وتمامه "فالبيع باطل". (3) هو: إسماعيل بن عيسى بن عمرو بن إسحاق، أبو إبراهيم المزني المصري، أحد أصحاب الشافعي، وكان زاهدا عالما مجتهدا قوي الحجة، وقال الشافعي: المزني ناصر مذهبي، وصنف كتبا كثيرة، منها: المختصر، والجامع الكبير، والجامع الصغير، والترغيب في العلم وغيرها، مات سنة 264 هـ. انظر: طبقات الشيرازي: ص 79، تهذيب الأسماء واللغات: 2/ 285، طبقات ابن قاضي شهبة: 1/ 58، طبقات ابن هداية الله: ص 189، هدية العارفين: 5/ 207، الأعلام: 1/ 329. (4) في (أ): (صغير) خطأ، وذكر فؤاد سزكين في تاريخ التراث العربي: 3/ 194 أنه كانت توجد منه نسختان كبيرة وصغيرة، وكانت النسخة الصغيرة متداولة في عصر ابن النديم، وذكر كل من صاحب دائرة المعارف الإِسلامية: 3/ 864، وبركلمان: 3/ 298 أن النسخة الكبيرة قد وصلت إلينا، وهذا غير صحيح، وقال: إن كل الشروح تعتمد على النسخة الصغيرة كما ذكر ابن النديم. (5) في (أ): (مختصر) بإسقاط الباء. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 127 تصانيف الأئمة شروح له، وله "الجامع الكبير" (1) و"الجامع الصغير" (2)، والله أعلم. قوله: "إذا أتلف المشتري الثمار" (3). يعني بعد بدو الصلاح (4) في يده، وهي باقية على ملك البائع لفساد البيع، ثم إن مما ذكره في الحكم المذكور من أنه تفريع على القول بتعلق الزكاة (5) بالعين كما في المرهون، وعلى القول بأن الخرص تضمين مشكل جداً، فإنه على قولنا بأن الخرص تضمين يزول به تعلقها بالعين، وتتحول الزكاة إلى الذمة كما سبق بيانه، وهذا إشكال لم أجد له تعرضا في "البسيط" (6) و"نهاية المطلب" وغيرهما، وقد قضيت من ذلك عجبا، والممكن في حله (7)، أنا على قول التضمين أزلنا (8) تعلق الزكاة بالعين تمكينا للمالك من التصرف في الثمار بالبيع ونحوه، وتصرف المالك في هذه الصورة ممتنع بسبب حجر الفلس، فيبقى   (1) انظر: طبقات الشيرازي ص 79، هدية العارفين: 5/ 207، الأعلام: 1/ 329. (2) انظر: المصادر السابقة. (3) الوسيط: 1/ ق 135/ ب، وتمامه "ثم أفلس البائع وحجر عليه، واجتمع عليه الزكاة والديون فيؤخذ القيمة من المشتري"، ثم قال: "وهذا تفريع على خمسة أصوال، فأخذ القيمة تفريع على تعليق حقهم بالعين كما في الرهن ... إلخ". (4) في (أ) و (ب): (صلاحها). (5) نهاية 1/ ق 199/ ب. (6) في (أ): (الشرط) خطأ. (7) في (ب): (حكمه). (8) في (أ) (أن لنا). الجزء: 3 ¦ الصفحة: 128 التعلق بالعين على ما كان (1)، و (2) فائدة التضمين (3) رعاية جانب المساكين (4) , وتكون هذه الصورة مستثناة من تلك القاعدة لذلك، والله أعلم.   (1) في (أ): (كما كان) بدل (على ما كان). (2) ساقط من (د). (3) في (د) زيادة: (إلى) لعل الصواب حذفها. (4) في (أ): (المسكين). الجزء: 3 ¦ الصفحة: 129 ومن النوع الثالث، وهو زكاة النقدين (1) قوله: "ولا وقص فيه، خلافا لأبي حنيفة" (2)، وعنده (3) أنه لا زكاة فيما زاد على مائتي درهم (4) (حتى تبلغ (5) أربعين درهما فيجب فيها (6) درهم) (7)، ولا زكاة فيما زاد على عشرين دينارا (8) حتى تبلغ أربع دنانير فيجب فيها دينار (9)، ثم هكذا في كل أربعين، وكل أربعة (10)، والله أعلم.   (1) النقدان: الدراهم والدنانير. انظر: تحرير ألفاظ التنبيه: 84. (2) الوسيط: 1/ ق 135/ ب، ولفظه قبله " ... والذي زاد فبحسابه، يجب فيه ربع العشر، ولا وقص ... إلخ". (3) في (د): (وعنه). (4) مائتا درهم يساوي 595 غراماً بالوزن الحديث. انظر: الإيضاح والتبيان: ص 49، معجم لغة الفقهاء: ص 208. (5) في (أ): (يبلغ). (6) ساقط من (أ). (7) ما بين القوسين ساقط من (ب). (8) الدينار: هو المثقال وزنه ثنتان وسبعون حبَّة من حب الشعير الممتلئ، ويساوي 4، 25 غراماً من الذهب الخالص، فيكون نصاب الذهب (عشرون ديناراً) يساوي 85 غراماً. انظر: تحرير ألفاظ التنبيه ص 83، المصباح المنير: ص 200 - 201، الإيضاح والتبيان ص 48 - 49. (9) في (ب): (ديناراً) وهو خطأ، أعني الحكم المنسوب لأبي حنيفة، والصواب (قيراطان). انظر مصادر المسألة في الهامش الآتي. (10) يعني في كل أربعين درهماً، درهم وفي كل أربعة دنانير "مثاقيل" قيرطان. انظر: مختصر الطحاوي ص 47، المبسوط: 2/ 189، الهداية مع فتح القدير: 2/ 209، 215، البحر الرائق: 2/ 243. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 130 قوله: "وتصح المعاملة على الدراهم المغشوشة، وإن لم يكن قدر النقرة معلوماً على أحد الوجهين، كالغالية وهي المعجونات" (1). ظاهر هذا، القطع من غير خلاف بالمنع من المعاملة بها (2) في الذمة كالمعجونات يجوز بيعها (3) معينة مشاهدة، ولا يجوز السلم فيها (4)، وهكذا ذكر ذلك صاحب "الحاوي" (5) وقطع به. وقد قيل: إذا جوزنا المعاملة بها معينة جازت بها في الذمة (6)، وذكر صاحب "التتمة" (7) أنا إذا جوزنا التعامل بها فهي مثلية، وهذا يقتضي جواز (8) التعامل بها في الذمة. و (9) ذكر أنه لو كانت له آنية من الذهب والفضة مختلطا، وزنه ألف وأحدهما ستمائة، ولم يدر أيهما الستمائة (10) يلزمه التميز، (فإن عسر فالمذهب أنه يخرج   (1) الوسيط: 1/ ق 136/ أ، ومعنى النقرة: هي القطعة المذابة من الفضة، وقبل الذوب هي تبر. انظر: المصباح المنير: ص 621. والغالية: هي أخلاط من الطيب، ويقال: تغليت بالغالية إذا تطيبت بها. انظر: تهذيب الأسماء واللغات: 3/ 2/ 62، المصباح المنير: ص 452. (2) في (ب) زيادة: (و). (3) في (أ): (بيع بعضها). (4) انظر: البسيط: 1/ ق 203/ أ، الوجيز: 1/ 93، فتح العزيز 6/ 17، المجموع: 5/ 497. (5) 3/ 260. (6) انظر: فتح العزيز 6/ 17، الروضة 2/ 119. (7) لم أقف على ما ذكره صاحب التتمة عند غير المصنف. (8) نهاية 1/ ق 191/ أ. (9) ساقط من (د). (10) في (أ): (ست المائة). الجزء: 3 ¦ الصفحة: 131 من كل واحد زكاة ستمائة ... إلى آخره) (1). فاستعمل لفظ "الآنية" كما تستعملها العامة في الواحد، ولا يجوز ذلك في اللغة، فإن الآنية جمع إناء (2)، والله أعلم. وقوله: "يلزمه (3) التمييز" ليس على ظاهره، وإطلاقه؛ إذ له أن يترك التمييز (4) بالسَّبك، ويخرج من كل واحد منهما الأكثر، وهو ستمائة (5)، وأيضاً فله طريق آخر ذكره في "البسيط" (6) عن الأصحاب فيه نوع (7) هندسة وهو أن يلقي (8) ذلك في إناء من ماء (9) بحيث يعرف به مقدار ما فيه من كل واحد من الذهب والفضة، وذلك (10) أن الذهب أجزاؤه (11) أشد (12)   (1) الوسيط: 1/ ق 136/ أ، وتمامه "يخرج عما عليه باليقين؛ لأنه إذا أخرج زكاة أربعمائة ذهب وأربعمائة فضة فنعلم اشتغال ذمته بعد ذلك يقينا ولا يبرا يقينا إلا بما ذكرناه". (2) انظر: الصحاح: 6/ 2274، تحرير ألفاظ التنبيه: 14. (3) في (د): (يلزمنا). (4) ساقط من (أ). (5) انظر: البسيط: 1/ ق 203، كتاب الزكاة من التهذيب: ص 205، المجموع: 5/ 494، الروضة: 2/ 119، نهاية المحتاج: 3/ 87. (6) 1/ ق 203، وانظر أيضاً: المصادر السابقة. (7) في (أ) زيادة: (و). (8) في (ب): (اتخاذ) بدل (أن يلقى). (9) ساقط من (د). (10) في (أ) و (ب): (ذاك). (11) ساقط من (أ) و (ب). (12) في (أ): (أكثر)، وهو الموافق لما في البسيط. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 132 تراصّا (1) واكتنازاً (2) من أجزاء الفضة فيتفاوت ارتفاع الماء فيوضع (3) فيه (4) من الذهب الخالص قدر الإناء المخلوط في الماء، ويحكم الموضع الذي ارتفع إليه الماء (5)، ويضع فيه من الفضة الخالصة مثل ذلك، ويعلّم على الموضع الذي ارتفع إليه الماء أيضاً ثم يوضع الإناء المخلوط في ذلك الماء وينظر إلى ارتفاع الماء به، فإن كان أقرب إلى علامة الذهب الخالص دلّ على أن الذهب فيه هو الأكثر، وإن كان بالعكس فعلى العكس (6)، فإذا قوله "يلزمه التمييز" مخصوص بحالة عدم طريق آخر غير التمييز، والله أعلم. و (7) قوله: "وإن (8) عسر" ولم يقل تعذر التمييز، يشعر بأنه إذا أمكن التمييز، ولكن تعذر زمان (9) لم يجز (10) التأخير (11) لذلك، فالزكاة (12) على   (1) في (د): (تراخيا)، وهو تحريف، ومعنى تراصاً أي تلاصقاً بعضه ببعض. انظر: الصحاح: 3/ 1041، المصباح المنير: ص: 228. (2) يقال: اكتَنَزَ الشئُ اكتنَازاً اجتمعَ وامتلأَ. انظر: الصحاح: 3/ 893، المصباح المنير: ص: 542. (3) في (ب): (ويوضع). (4) ساقط من (د) و (أ). (5) في (ب) زيادة (أيضاً) والصواب حذفها .. (6) وهناك طرق أخرى أسهل من هذه. انظرها في: مغني المحتاج: 1/ 390، نهاية المحتاج: 3/ 87. (7) ساقط من (أ) و (ب). (8) في (أ) و (ب): (فإن). (9) في (أ) و (ب) زيادة: (فإن). (10) نهاية 1/ ق 191/ ب. (11) في (أ) و (ب): (الناطر) كذا. (12) في (د): (فلا زكاة)، وهو خطأ. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 133 الفور فلا يجوز تأخيرها مع (1) وجود مستحقيها (2)، وقد ذكر الإمام (3) شيخه نحواً من ذلك. قوله: " (4) حيث شرطنا القصد، فطارؤها بعد الصياغة (5) كمقارنها في الاسقاط والإيجاب" (6). هذه العبارة فيها كزَازَةٌ، ومعناها أن كل نية اعتبرناها في الإيجاب، و (7) الإسقاط، فطارؤها كمقارنها حتى لو اتخذت المرأة (8) حلياً مباحاً للاستعمال ثم قصدت جعله مكنوزا (9) غير مستعمل انعقد عليه الحول (10)، ولو اتخذته ليكون مكنوزا ثم قصدت استعماله انقطع الحول (11)، وإنما كان ذلك (12) كنية   (1) ساقط من (أ) و (ب). (2) في (أ): (بوجود مستحقها)، وفي (ب): (لوجود مستحقها). وانظر: مغني المحتاج: 1/ 390، نهاية المحتاج: 3/ 88. (3) في (أ) زيادة: (و) والصواب حذفها. (4) في (أ) زيادة: (من) ولعل الصواب حذفها. (5) في (أ): (الصناعة). (6) الوسيط: 1/ ق 136/ ب. (7) في (ب): (أو). (8) في (أ): (امرأة). (9) في (د): (مكنونا). (10) هذا هو المذهب المشهور وقطع به الجمهور. انظر: نهاية المطلب: 2/ ق 83، البسيط: 1/ ق 204، فتح العزيز: 6/ 37، المجموع: 5/ 519، الروضة: 2/ 122، مغني المحتاج: 1/ 391، ونهاية المحتاج: 3/ 90. (11) انظر: المصادر السابقة. (12) في (د): (كذلك). الجزء: 3 ¦ الصفحة: 134 القُنْية (1) لا كنية التجارة؛ لأن الحلي للقِنْية والإمساك، فيكون تبديل القصد فيه نقلا له من نوع قِنْية إلى نوع قِنْية أخرى فتقع (2) النية فيه مقترنة بالمنوي، والله أعلم. قوله: "لو انكسر الحلي بحيث يتعذر استعماله إلا بالإصلاح ففيه ثلاثة أوجه" (3). صورته ما إذا كان بحيث لا يتوقف استعماله على سبك جديد، فإنه عند ذلك لا خلاف في وجوب الزكاة فيه (4). ثم إنه ذكر أن أحد الأوجه الثلاثة: أنه ينعقد عليه الحول، والثاني: لا ينعقد، والثالث: إن قصد المالك إصلاحه فلا زكاة، وإن قصد أن لا يصلحه جرى في الحول، وإن لم يشعر به إلا بعد سنة ثم قصد إصلاحه ففي السنة [الماضية] (5) وجهان على هذا الوجه (6). وهذا يتضمن أن فيما إذا قصد أن لا يصلحه خلافا (7)، (وذلك) (8) لا   (1) القنية - بكسر القاف وضمها: الملك والادخار. انظر: الصحاح: 6/ 2467، مجمل اللغة: 3/ 738، النظم المستعذب: 1/ 216. (2) في (ب): (تقع). (3) الوسيط: 1/ ق 136/ ب. (4) انظر: نهاية المطلب: 2/ ق 83، والبسيط: 1/ ق 205/ أ، والمجموع: 5/ 520، وكفاية الأخيار: ص 267. (5) ساقط من (ب)، وفي (د) و (أ): (الثانية)، وهو خطأ، والتصحيح من الوسيط. (6) انظر: الوسيط: 1/ ق 137/ أ. (7) في (أ) و (ب): (كلاما). (8) ما بين القوسين ساقط من (د). الجزء: 3 ¦ الصفحة: 135 يعرف (1)، وقد ذكر شيخه (2) أنه لا خلاف في (3) أنه تجب فيه الزكاة (4)، ولم يطلق إيراد الأوجه الثلاثة كما فعله صاحب الكتاب، بل قيد (5) فقال: ينتظم فيه إذا قصد الإصلاح، أو لم يقصد شيئاً ثلاثة أوجه (6): أحدها: أنه يجري في الحول مطلقاً. والثاني: لا يجري ما لم يقصد رده تبراً (7). والثالث: إن قصد الإصلاح لم يجر في الحول، وإن قصد جرى. وعلى هذا فيما إذا لم يشعر حتى مضت سنة، فلما عرف قصد الإصلاح احتمالان تردد بينهما، ولم يجعلهما وجهين كما في الكتاب، (وذكر أنه لا نقل عنده فيه، فهذا هو المعتمد في النقل، وما في الكتاب) (8) تصرف منه غير معتمد، والله أعلم. قوله: "فإن قيل: ما المحظور في عينه مما يتخذ من الذهب والفضة؟ قلنا: هو ثلاثة أقسام ... إلى آخره" (9).   (1) في (ب): (لا يعتبر)، وفي (أ) بإسقاط (لا). (2) انظر: نهاية المطلب: 2/ ق 83 - 84. (3) ساقط من (أ) و (ب). (4) في (د) و (أ) زيادة (فيه) ولعل الصواب حذفها. (5) نهاية 1/ ق 192/ أ. (6) انظر: فتح العزيز: 6/ 26، والمجموع: 5/ 520، وكفاية الأخيار: ص 267. (7) التّبر: كسارة الذهب والفضة مما يخرج من المعادن وغيرها، مأخوذ من: تبرت الشيء إذا كسرته، وقيل: غير ذلك. انظر: الزاهر: ص 105، المصباح المنير: ص 72، القاموس: ص 454. (8) ما بين القوسين ساقط من (د). (9) الوسيط: 1/ ق 137/ أ، وتمامه يأتي خلال شرح المصنف. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 136 فالمراد بالمحظور في عينه ما يكون التحريم فيه منوطا بوصف لازم لعينه (1)، ويقابله المحظور باعتبار القصد، فالتحريم فيه تابع لقصد المتخذ المستعمل، لا يوصف في عينه، كما في اتخاذ الرجل حلي النساء (2) لنفسه لا لهن (3). وقوله "وهو على ثلاثة أقسام" لم يرد به أن الحلى المحظور في (4) عينه ثلاثة أقسام، بل (5) استأنف فقسم جنس الحلى إلى ثلاثة أنواع، منها: المحظور في عينه (6)، ومنها: مكروه (7). و (8) قوله (9) "هو" إشارة إلى جنس الحلى مطلقا، والله أعلم.   (1) كالأواني وآلات الملاهي والصور والملاعق ونحو ذلك من الذهب والفضة. انظر: نهاية المطلب: 2/ ق 82، البسيط: 1/ ق 204، كتاب الزكاة من التهذيب: ص 206، فتح العزيز: 6/ 23، الروضة: 2/ 121، كفاية الأخيار: ص 267. (2) كالسوار والخلخال والطوق والعقد ونحوها. انظر: المصادر السابقة. (3) أو قصدت المرأة بحلى الرجال كالسيف والمنطقة أن تلبسه أو تلبسه جواريها أو غيرهن من النساء، فكل ذلك حرام باعتبار القصد. انظر: المصادر السابقة. (4) ساقط من: (د). (5) في (أ) و (ب): (ثم). (6) كما سبق آنفا. (7) كالتضبيب القليل في الإناه للزينة، ومنها: المباح وهو الحلى المعد للاستعمال. انظر: المهذب: 1/ 215، 24، فتح العزيز: 1/ 35، المجموع: 1/ 313، كفاية الأخيار: ص 267. (8) ساقط من (أ). (9) ساقط من (د). الجزء: 3 ¦ الصفحة: 137 ما ذكره من أن الذهب حرام على الرجال مطلقا "إلا (1) في اتخاذ الأنف لمن جدع أنفه" (2) ليس على ظاهره في الحصر (3)، فإن السنن والأنملة ونحوهما كذلك (4)، والله أعلم. وقوله: "وقد أمر به رسول الله - صلى الله عليه وسلم -". روي أن عرفجة بن أسعد (5) "أصيب أنفه يوم الكُلاَب فاتخذ أنفا من ورق فأنتن عليه فأمره النبي - صلى الله عليه وسلم - أن يتخذ أنفاً من ذهب" أخرجه أبو داود (6)، والترمذي والنسائي وغيرهم (7)، وهو في مرتبة الحديث الحسن.   (1) في (ب): (لا). (2) الوسيط: 1/ ق 137/ أ، وتمامه المذكور بعده. (3) في (د): (الخصوص). (4) انظر: الحاوي: 3/ 275، فتح العزيز: 6/ 25، المجموع: 1/ 5، 312/ 521، الروضة: 2/ 123، نهاية المحتاج: 3/ 91. (5) هو عرفجة بن أسعد بن كرز، وقيل: كرب بن صفوان، أبو نعيم التميمي السعدي، وقيل: العطاردي كان من الفرسان في الجاهلية ثم أسلم فأذن له النبي - صلى الله عليه وسلم - أن يتخذ أنفا من ذهب، وهو معدود في أهل البصرة. انظر: الاستيعاب: 3/ 124، وتهذيب الأسماء واللغات: 1/ 330، الإصابة: 2/ 474. (6) نهاية 1/ ق 192/ ب. (7) رواه أبو داود: 4/ 434 في كتاب الخاتم، باب ما جاء في ربط الأسنان بالذهب، والترمذي: 4/ 211 في كتاب اللباس، باب ما جاء في شد الأسنان بالذهب، النسائي: 8/ 163 في كتاب الزينة، باب من أصيب أنفه هل يتخذ أنفا من ذهب؟ كما رواه أحمد في المسند: 5/ 656، ابن أبي شيبة في المصنف: 8/ 499، الطحاوي في شرح معاني الآثار: 4/ 257 - 258، ابن حبان: 12/ 276، الطبراني في الكبير: 7/ 369، البيهقي: 2/ 597 كلهم عن طريق أبي الأشهب عن عبد الرحمن بن طرفة عنه به. قال الترمذي: هذا حديث حسن غريب، وحسنه أيضاً النووي في المجموع: 1/ 310، والألباني في صحيح سنن أبي داود: 2/ 796 رقم (3561). الجزء: 3 ¦ الصفحة: 138 ويوم الكُلاَب: هو بضم الكاف وتخفيف اللام (1)، فاعلمه وتوق هُجْنَةَ (2) التصحيف. والكُلاَب (3): هو اسم ماء من مياه العرب كانت عنده وقعة لهم في الجاهلية فيها أصيب أنف عرجفة - رضي الله عنه - (4). قوله: "سكاكين المهنة" (5) يعني الخدمة، يقال: بفتح الميم وكسرها، وإسكان الهاء (6). (قوله: "كما لم تجز (7) تحلية الدواة والسرير" (8) أي سرير الكتب، وهو محملها، والله أعلم) (9).   (1) وهو يوم معروف من أيام العرب في الجاهلية كانت لهم فيه وقعة. انظر: معالم السنن: 4/ 434، تهذيب الأسماء واللغات: 3/ 2/ 125. (2) الهُجْنَةُ في الكلام العَيْب والقبح. انظر: المصباح المنير: ص 635، القاموس: ص 1599. (3) في (د): (فالكلام)، والمثبت من (أ) و (ب). (4) وقيل: هو اسم موضع كان فيه وقعتان مشهورتان، يقال فيهما: الكلاب الأول والكلاب الثاني، وفي الثاني حضر عرفجة، وقيل: هو ما بين الكوفة والبصرة على ست أو سبع ليال من اليمامة. انظر: مختصر المنذري: 2/ 107، عارضة الأحوذي: 5/ 87، تهذيب الأسماء واللغات: 3/ 125، المصباح المنير: ص 537. (5) الوسيط: ج 1/ ق 137/ ب، وتمامه "إذا حليت بالفضة فاستعمال الرجال لها فيه تردد". (6) انظر: المصباح المنير: ص 583، القاموس: ص 1595. (7) في (أ): (لم يجز). (8) الوسيط: 1/ ق 137/ ب، ولفظه قبله "فأما غير المصحف من الكتب لم يجز تحليتها بفضة ولا ذهب، كما لم يجز تحلية الدواة ... إلخ". (9) ما بين القوسين ساقط من (ب). الجزء: 3 ¦ الصفحة: 139 ومن النوع الرابع، (وهو) (1) زكاة التجارة ذكر أن مال التجارة "كل مال (2) قصد (3) الاتجار فيه عند اكتساب الملك (4) فيه بمعاوضة محضة" (5). فهذه ثلاثة قيود، وذكر مثل ذلك في "البسيط" (6)، وذكر فيه (7) القيود الثلاثة باحترازات ثلاثة: أحدها (8): لقوله "عند اكتساب الملك" فمجرد نية التجارة لا يكفي (9). والثاني: لقوله: "بمعاوضة محضة" فلا تؤثر (10) نية التجارة عند الإتهاب (11) ونحوه (12).   (1) ما بين القوسين ساقط من (أ). (2) ساقط من (ب). (3) في (ب) زيادة (به) ولعل الصواب حذفها. (4) ساقط من: (ب). (5) الوسيط: 1/ ق 137/ ب. (6) 1/ ق 205/ أ. (7) ساقط من: (أ) و (ب). (8) في (أ): (أحدهما) خطأ. (9) هذا هو المذهب وقطع به الجمهور، وقيل: إن مجرد النية كاف. انظر: البسيط: 1/ ق 205/ أ، الوجيز: 1/ 94، كتاب الزكاة من التهذيب: ص 217، المجموع: 6/ 6، الروضة: 2/ 127، مغني المحتاج: 1/ 398، نهاية المحتاج: 3/ 103. (10) في (د) زيادة: (فيه)، ولعل الصواب حذفها. (11) الإتهاب: قبول الهبة. انظر: اللسان: 1/ 803، والقاموس: ص 182. (12) انظر: البسيط: 1/ ق 20/ أ، كتاب الزكاة من التهذيب: ص 217، المجموع: 6/ 6، الروضة: 2/ 127، مغني المحتاج: 1/ 398، نهاية المحتاج: 3/ 103. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 140 والثالث: لقوله (1) "محضة" ففي الخلع ونحوه وجهان (2). وهذا واضح لا إشكال (3) فيه، وأما ههنا فإنه لم يجعل الثالث إلا أحتراز (4) عن المحضة لمكان الخلاف فيه، وجعل الثالث "ما إذا اشترى عبداً على نية التجارة بثوب قنية فرد عليه (5) بالعيب، وقال: انقطع حوله؛ لأن الثوب (6) العائد إليه لم تجر فيه النية" (7). وفي هذا إشكال، ووجهه: أن يجعل احترازا عن أصل قيد الاتجار، فإنه انتفى قصد الاتجار برد ثوب (8) القنية بعد وجوده أولا كما بين، ولم يذكر في ذلك ما إذا لم يوجد قصد الاتجار أصلاً، فإن ذلك (9) لا يخفى، وذكر الصورة المذكورة لاحتياجها إلى البيان، والله أعلم.   (1) ساقط من (ب). (2) يعني لو خالع، وقصد بعوض الخلع التجارة في حال المخالعة، هل يكون مال تجارة؟ فيه وجهان: أصحهما: أنه يكون مال تجارة. والثاني: لا يكون لها. انظر: البسيط: 1/ ق 205، كتاب الزكاة من التهذيب: ص 217 وما بعدها، فتح العزيز: 6/ 49، المجموع: 6/ 7، الروضة: 2/ 128. (3) في (د): (واضح الإشكال). (4) في (ب): (لاحتراز). (5) (فرد عليه) تكرر في (ب). (6) في (د) (الثبوت)، وهو تحريف. (7) الوسيط: 1/ ق 138/ أ. (8) (د) (ثبوت). (9) نهاية 1/ ق 193/ أ. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 141 ذكر أن في وقت اعتبار النصاب في الحول أربعة أقوال (1)، وإنما المنصوص منها: أنه لا يعتبر إلا في آخر الحول، وهو الأصح (2). والثاني: مخرّج (3). وما ذكره من القول الرابع: أن نقصان النصاب بانخفاض السعر لا يؤثر، فإن صار النقصان محسوسا بالرد إلى الناضّ (4) أثر، فهو تصرف منه، وإنما الخلاف في المسألة في نقل غيره ثلاثة أقوال (5). فإذا (6) قلنا: باعتبار آخر الحول، وأنه لا يؤثر النقصان في (7) أثناء الحول فذلك إذا كان النقصان بانخفاض السعر، فلو كان محسوسا بالتنضيض (8) ففيه وجهان مشهوران.   (1) انظر: الوسيط: 1/ ق 138/ أ. (2) وصححه أيضاً الرافعي والنووي. انظر: مختصر المزني: ص 58، البسيط: 1/ ق 205/ ب، كتاب الزكاة من التهذيب: ص 216، فتح العزيز: 6/ 46، المجموع: 6/ 13، الروضة: 2/ 129. (3) وذكر الرافعي والنووي أن الثاني والثالث كلاهما مخرجان. انظر: المصادر السابقة. (4) في (أ): (الناقص)، وهو تحريف. والناض: اسم للدراهم والدنانير عند أهل الحجاز، وقال أبو عبيد: إنما يسمونه ناضا إذا تحول عينا بعد أن كان متاعا وهو ضد العرض. انظر: الزاهر: ص 106، النظم المستعذب: 1/ 215، تحرير ألفاظ التنبيه: 83، المصباح المنير: ص 610. (5) كإمام الحرمين والغوي والرافعي والنووي وغيرهم إلا أن البغوي والشيخين عبروا عنها بالأوجه، وصرح الشيخان بأن الصحيح أنها أوجه. انظر: نهاية المطلب: 2/ ق 85، البسيط: 1/ ق 205/ ب، كتاب الزكاة من التهذيب: ص 216، فتح العزيز: 6/ 46، المجموع: 6/ 13، الروضة: 2/ 129، مغني المحتاج: 1/ 397. (6) في (أ) و (ب): (فإن). (7) في (د): (من). (8) في (أ) (بالتنقيص). الجزء: 3 ¦ الصفحة: 142 أحدهما: أنه يؤثر، وإن لم يؤثر النقصان بالسعر (1)، فجعله صاحب الكتاب قولاً رابعاً، ثم المراد به الرد إلى الناض الذي وقع به الشراء، ويعتبر (2) التقويم، ولا ناضّ آخر فإنه لو اشترى السلعة بالدراهم، ثم باعها بالدنانير فهي في حكم السلعة ههنا (3) يفتقر (4) إلى التقويم بالدراهم (5) كما سنذكره (6) في الكتاب، والله أعلم. (7) ذكر اختلاف الأقوال: في أن النصاب يعتبر في آخر الحول فحسب أو يعتبر في جميعه، أو يعتبر في طرفيه؟ ثم ذكر اختلاف الوجهين في أنه إذا قلنا: يعتبر في آخر الحول فلم يكن في آخره نصابا، وبلغ نصابا في وسط الحول الآخر، فهل تجب الزكاة حينئذ (8)؟ ثم (9) قال: "فرع، إذا لم يعتبر وسط الحول،   (1) انظر: المجموع: 6/ 13، فتح العزيز: 6/ 46، الروضة: 2/ 129. (2) في (أ) و (ب) (يقع). (3) ساقط من (أ) و (ب). (4) في (أ): (فتفتقر). (5) انظر: كتاب الزكاة من التهذيب ص 219، فتح العزيز: 6/ 58، المجموع: 6/ 17، الروضة: 2/ 131. (6) في (د): (سنذكر) بإسقاط الضمير. (7) في (أ) و (ب) زيادة: (و). (8) سبق تفصيل الكلام عن هذه المسائل آنفا، وإعادتها - والله أعلم - لأجل توضيح صورة الفرع المذكور بعدها. (9) ساقط من (أ). الجزء: 3 ¦ الصفحة: 143 فاشترى عرضا بمائتي درهم وباعه بعشرين ديناراً لا تسوّى (1) مائتين ... إلى آخره" (2). فانعقد من هذا الإيراد عنده إشكال إذ أوهم أنه أراد بقوله "إذا لم يعتبر وسط الحول" التفريع على ما ذكره في مسألة وقت اعتبار النصاب من (3) الحول (4)، القول بأنه لا يعتبر النصاب في أثناء الحول، وليس الأمر به على ذلك، وإنما أراد التفريع على أحد الوجهين في المسألة المذكورة قبيله، فيما (5) إذا بلغ نصابا في وسط الحول الثاني، وعنى بقوله "إذا لم يعتبر وسط الحول" عدم (6) اعتبار بلوغ المال نصابا في وسط الحول الثاني في وجوب الزكاة، وهو الوجه الأول من الوجهين منهما (7)، المنقول فيه: أنه يسقط حكم الحول الأول، ويبطل ويستأنف حول جديد من منقرضه (8)، ولم يذكر التفريع على الوجه الثاني المقول فيه بوجوب الزكاة عند بلوغه نصابا، وابتداء الحول الثاني من حينئذ (9).   (1) سيأتي بعد قليل تعقيب المصنف على الغزالي حول هذه الكلمة. (2) الوسيط: 1/ ق 138/ ب. والعَرْض بفتح العين وسكون الراء والجمع عروض، وهي الأمتعة التي لا يدخلها كيل ولا وزن ولا تكون حيوانا ولا عقارا. انظر: النظم المستعذب: 1/ 219، تحرير ألفاظ التنبيه: ص 84، المصباح المنير: ص 404. (3) نهاية 1/ ق 193/ ب. (4) في (د) زيادة (من) والصواب حذفها. (5) في (ب): (ما). (6) في (د): (عند). (7) في (أ): (منها). (8) انظر: التنبيه: ص 84، كتاب الزكاة من التهذيب: ص 216، فتح العزيز: 6/ 51، الروضة: 2/ 129. (9) انظر: المصادر السابقة. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 144 والذي ذكره هو في "البسيط" (1)، وشيخه في "النهاية" (2) تفريعا على القطع بأنه (3) ينتظر (4) بالدنانير إلى أن تبلغ قيمتها مائتي درهم، ولو مضت سنون ولم تبلغها فلا زكاة فيها، والله أعلم. (و) (5) قوله "لا تَسْوى مائتين" لغة (6) عامية - بفتح التاء، وضمها وإسكان السين -، والمشهور في علم اللغة إبطالها، ولأن (7) الصواب: لا يساوي الشيءُ الشيء (8)، وأثبت الليث (9) راوي "كتاب العين" عن الخليل: "يَسْوَى" لغة قليلة   (1) 1/ ق 206/ أ. (2) 2/ ق 87 - 88. (3) في (د) (عليه القطع بأن) بدل (على القطع بأنه). (4) في (أ): (ينظر). (5) ساقط من (د). (6) تكرر في (د). (7) في (ب) (أن) وساقط من (أ). (8) يقال: ساوى الشيء الشيء إذا عادله، وساويت بين الشيئين إذا عدلت بينهما وسويت، ويقال: لا يساوى الثوب وغيره كذا وكذا. انظر: تهذيب اللغة: 13/ 126، مجمل اللغة: 2/ 477، اللسان: 14/ 410. (9) هو الليث بن المظفر، وقيل: الليث بن نصر بن يسار، وقيل: الليث بن رافع بن نصر بن يسار الخراساني صاحب الخليل، وراوي "كتاب العين" عنه، وكان من أكتب الناس في زمانه بارعاً في الأدب بصيراً بالشعر، والغريب والنحو، ولم أجد أحدا ذكر سنة وفاته. انظر: إنباه الرواة على أنباه النحاة: 3/ 42، معجم الأدباء: 17/ 43 - 51، بغية الوعاة: 2/ 270، طبقات الشعراء لابن المعتز: ص 38 - 39. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 145 غير متصرفة، فقال: "يسوى" نادرة، ولا يقال منه سَوِيَ، ولا سَوَى، يعني (1) لها فعل ماضٍ، لا بكسر الواو ولا بضمها (2). وأنكر ذلك على الليث أبو منصور الأزهري، وذكره في كتابه (3) "أوهام كتاب (4) العين"، وقال: "لا يَسْوَى" (5) ليس من كلام العرب (6)، (وكذلك) (7) "لا يُسْوَى"، وكذلك قال في كتابه الكبير "تهذيب اللغة" (8). وذكر أبو القاسم الزجاجي (9) صاحب "الجمل في النحو" أن "سوى" يجيء كثيرا في أشعار المُحْدَثين (10) في كلام العامة، ولم يسمع في أشعار المتقدمين ولا في لغاتهم (11)، والله أعلم.   (1) في (أ): (لغة). (2) انظر: كتاب العين: 7/ 326. (3) في (أ) و (ب) زيادة: (في). (4) ساقط من (د). (5) في (أ): (لا يستوى). (6) في (د) زيادة (لا يسوى) والصواب حذفها. (7) ما بين القوسين ساقط من (د). (8) في 13/ 126. (9) هو عبد الرحمن بن إسحاق، أبو القاسم الزجاجي البغدادي النهاوندي النحوي، حدّث عن الزجاج، ونفطويه، والأخفش الصغير وغيرهم، وله مصنفات كثيرة، منها: الإيضاح في النحو والجمل في النحو، وشرح أدب الكاتب لابن قتيبة، وغيرها، مات سنة 339 هـ، وقيل: 337 هـ، وقيل: 340 هـ. انظر: الأنساب: 3/ 140، وفيات الأعيان: 3/ 136، بغية الوعاة: 2/ 77، معجم المؤلفين: 5/ 124، كشف الظنون: 1/ 603، هدية العارفين: 5/ 513. (10) نهاية 1/ 194/ أ. (11) انظر: كتابه حروف المعاني ص 10. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 146 ذكر أنه إذا اشترى سلعة للتجارة (1) بنصاب من النقدين، فابتداء (2) الحول من حين (3) ملك النقد، وبنى (4) حول التجارة على حوله؛ لأنهما متشابهان (5) في الواجب (6)، وهو ربع العشر، والموجب فيه - يعني النصاب - متعلق الوجوب (7) - يعني مالية النقد -، فإنها (8) مقدرة في سلعة التجارة، والحالة هذه، والنقد هو المخرج زكاة (9). قال: "وهكذا إن كان النصاب ناقصا مهما نظرنا إلى آخر الحول" (10). يعني به أنه إذا تمت قيمة السلعة نصابا، وتم الحول من أول ما ملك النقد وجبت الزكاة، صرح بهذا المعنى في "البسيط" (11)، وكلامه ههنا، وفي "الوجيز" (12) مشعر به، وهو غير صحيح، والصواب ما قاله غيره وقطعوا (13) به   (1) في (د) و (ب): (التجارة). (2) في (د): (كابتداء). (3) في (أ) و (ب): (حيث). (4) في (أ) (ويبنى). (5) في (د) (منشأهما). (6) كذا في النسخ ولعل الصواب (في قدر الواجب). (7) انظر: الوسيط: 1/ ق 138/ ب. (8) في (أ): (فإنه)، وفي (ب): (وإنه). (9) انظر: المهذب: 1/ 217، الوجيز: 1/ 95، كتاب الزكاة من التهذيب: ص 223، فتح العزيز: 6/ 53، المجموع: 6/ 14، الروضة: 2/ 130. (10) الوسيط: 1/ ق 138/ ب. (11) 1/ ق 206/ أ. (12) 1/ 95. (13) في (أ): (وقطع). الجزء: 3 ¦ الصفحة: 147 من أن حوله إنما ينعقد من وقت الشراء (1)، وذلك لأنه من قبل ذلك لم يكن نصابا، ولا مال تجارة حتى يجري في الحول، والله أعلم. قوله في (2) تبعيه زكاة أرض الحديقة المشتراة للتجارة لزكاة ثمارها: "لا تتبع إلا ما يدخل في المساقاة من الأراضي المتخللة بين الأشجار" (3)، يعني به ما يدخل من المزارعة (4) على الأرض (5) في المساقاة على الشجر حتى تجوز المزارعة فيها تبعاً للمساقاة على الشجر، وهي الأرض التي لا يمكن إفرادها بالسقي، والعمل على الأشجار، بل يلزم من سقيها سقي الشجر ونحو ذلك، والله أعلم.   (1) انظر: كتاب الزكاة من التهذيب: ص 223، فتح العزيز: 6/ 53، إيضاح الأغاليط: ق 6 - 8، المجموع: 6/ 14، الروضة: 2/ 53، مغني المحتاج: 1/ 398. (2) ساقط من (ب). (3) الوسيط: 1/ ق 140/ أ. (4) في (أ) و (ب): (الزراعة). (5) في (د) (الأراضي). الجزء: 3 ¦ الصفحة: 148 النوع الخامس: زكاة المَعْدن (1) والرَّكَاز (2) قوله: "الثالث: أن ما يصادفه قليلاً مع كثرة العمل، ففيه (3) ربع العشر، وما يصادفه مجموعا بالإضافة إلى العمل ففيه (4) الخمس" (5). أي إذا كان ما وجده بمنزلة المجموع من حيث كونه غير محتاج إلى الحفر والطحن والمعالجة بالنار، وهو مع ذلك جملة غير قليلة صادفها (6) دفعة واحدة ففيه الخمس (7)؛ لخفة المؤونة فيه.   (1) المَعْدن: هو اسم للمكان الذي خلق فيه الجوهر من الذهب والفضة والحديد والنحاس وغير ذلك، وسمى مَعْدِنا لعدون ما أنبته الله تعالى فيه، أي لإقامته، وقيل: لإقامة الناس فيه. انظر: الزاهر ص 107، تحرير ألفاظ التنبيه: ص 85، المصباح المنير: ص 397، مغني المحتاج: 1/ 394. (2) الركاز لغة - بكسر الراء: الثبوت، يقال: ركز رمحه يركزه إذا غوره وأثبته. واصطلاحا: هو المال الذي وجد مدفونا تحت الأرض منذ الجاهلية. وسمي ركازا؛ لأن دافنه ركز في الأرض كما يركز فيها الوتد فيرسو فيها. انظر: الزاهر: ص 106 - 107، النظم المستعذب: 1/ 219، تحرير ألفاظ التنبيه: ص 85، المصباح المنير: ص 237. (3) في (د): (فيه). (4) في (د): (فيه). (5) الوسيط: 1/ ق 141/ ب، ولفظه قبله "الأول: في قدر الواجب، وفيه ثلاثة أقوال ... والثالث أن ما يصادفه ... إلخ". (6) نهاية 1/ ق 194/ ب. (7) انظر: اللباب: ص 181، المهذب: 1/ 220، التنبيه: ص 85، البسيط: 1/ ق 209، كتاب الزكاة من التهذيب: ص 240، فتح العزيز: 6/ 89، المجموع: 6/ 44، الروضة: 2/ 144. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 149 وقوله: "ومعنى كثرة العمل: أن يكون النيل بالإضافة إليه قليلاً في العادة" (1)، يحتاج إلى أن يقول: قليلاً أو مقتصدا كما قاله في "البسيط" (2). وقوله: "فإن عُدّ زائداً على المعتاد، فالمقدار اللائق بالمعتاد فيه (3) ربع العشر، والزائد عليه يختص بالخمس" (4). معناه: فإن عُدّ (5) النيل زائدا على المعتاد، و (6) مثاله: أن يعمل يوما فيجد في آخره مقدار دينار، وهو لائق بعمله في العادة، ثم يصادف عقيبه دينارا آخر بعمل قليل، فواجب الدينار الأول ربع العشر، وواجب الدينار الآخر الخمس (7). فلو وجد الدينارين جميعاً في آخر النهار فلا يعطل ما مضى من وقته، ويجعل الدينارين موجودا (8) مجموعا حتى يجب فيهما الخمس، بل يقتطع (9) من مجموعهما القدر الذي هو مقتصد لائق في العادة عمله الأول، فنوجب فيه ربع العشر، وفي الزائد عليه الخمس (10)، وهذا من تصرف الإمام شيخه (11)، والله أعلم.   (1) الوسيط: 1/ ق 141/ أ. (2) 1/ ق 209/ ب. (3) ساقط من (ب). (4) الوسيط: 1/ ق 141/ أ. (5) في (أ): (عدّه). (6) ساقط من (د). (7) انظر: البسيط: 1/ ق 210/ أ، وفتح العزيز: 6/ 90. (8) في (د): (جودا) كذا بإسقاط الميم والواو. (9) في (أ): (يقطيع) كذا. (10) انظر: البسيط: 1/ ق 210/ أ، فتح العزيز: 6/ 90. (11) انظر: قوله هذا في فتح العزيز: 6/ 90. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 150 قوله (1) "ما (2) ناله الذمي من المعدن لا زكاة عليه إلا إذا قلنا: - على وجه بعيد - أن مَصْرِف واجبه مصرف الفيء على قول إيجاب الخمس، فإنه يؤخذ منه الخمس" (3). هذا يوهم كون ذلك زكاة على هذا الوجه وليس كذلك، فإن الذمي ليس أهلا للزكاة، وإنما هو من قبيل خمس الفيء (4)، فهذا الاستثناء (5) من قبيل (6) الاستثناء المنقطع، يقدر (7) بـ "لكن" أو غيره (8)، ويوجد ذلك كثيرا في كلام صاحب الكتاب، والله أعلم. قوله: "قال - صلى الله عليه وسلم -: وفي الركاز الخمس" (9). هذا بعض (10) حديث مخرج في الصحيحين (11) عن أبي هريرة - رضي الله عنه -   (1) مكانه بياض في (د). (2) في (د): (فيما إذا) بدل (ما). (3) الوسيط: 1/ ق 141/ ب. (4) انظر: المهذب: 1/ 219، البسيط: 1/ ق 211/ أ، الوجيز: 1/ 97، فتح العزيز: 6/ 101 وما بعدها، المجموع: 6/ 37، الروضة: 2/ 146. (5) في (د) زيادة: (هو)، لعل الصواب حذفها. (6) ساقط من (د). (7) في (أ) و (ب): (نقده). (8) في (د): (الإمكان أو غير)، والمثبت من (أ) و (ب). (9) الوسيط: 1/ ق 141/ ب، وتمامه "وهو واجب في الحال من غير اعتبار حول". (10) ساقط من (د). (11) رواه البخاري: 3/ 426 مع الفتح، كتاب الزكاة، باب في الركاز الخمس، وفي 5/ 41 في كتاب الشرب والمساقاة، باب من حفر بئرا في ملكه لم يضمن، وفي 12/ 265 في كتاب الديات، باب المعدن جبار والبئر جبار، ومنه في باب العجماء جبار، مسلم: 11/ 225 في كتاب الحدود، باب جرح العجماء والمعدن والبئر جبار، عنه. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 151 أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "جُرْحُ العَجْمَاء (1) جُبَارٌ (2)، (والبئر جُبَارٌ) (3) والمَعْدِن جُبَارٌ، وفي الركاز (4) الخمس". (قوله) (5): "إذا كان الركاز من ضرب الإسلام" (6). فشرح ما ذكره فيه أنه لُقَطَةٌ، لواجده التعريف ثم التملك (7)، وهذا قول معظم الأصحاب (8)، وذهب الشيخ أبو علي السنجي إلى أنه مال ضائع لا يتملك بالتعريف بل [يحفظ كحفظ الأموال] (9) الضائعة التي ليست لقطة (10)؛ لأن اللقطة ما هي (11) بصدد الضياع، أي ما ينسل من مالكه في مضيعه، وطرد   (1) العُجْمَاء: هي البهيمة، وقيل: هي كل الحيوان سوى الإنسان، وسميت بذلك لأنها لا تتكلم. انظر: النهاية في غريب الحديث: 3/ 187، القاموس: ص 1466، فتح الباري: 12/ 266 (2) جبار: أي جنايتها هدر لا شيء فيه. انظر: النهاية في غريب الحديث: 1/ 236، المصباح المنير: ص 89، القاموس: ص 460، فتح الباري: 12/ 266. (3) ما بين القوسين ساقط من (أ). (4) نهاية 1/ ق 195/ أ. (5) إضافة يقتضيها السياق. (6) الوسيط: 1/ ق 142/ أ، وتمامه " ... فهو لقطة، وقيل: إن الإمام يحفظها كحفظ الأموال الضائعة؛ لأن اللقطة ما هو بصدد الضياع ... إلخ". (7) في (ب): (التمكن). (8) هذا هو المذهب وصححه الرافعي والنووي. انظر: الحاوي: 3/ 340، المهذب: 1/ 220، كتاب الزكاة من التهذيب: ص 246، فتح العزيز: 6/ 105، المجموع: 6/ 55. (9) في النسخ (يحفظ الأموال) والمثبت من الوسيط. (10) انظر: قول أبي علي في البسيط: 1/ ق 211/ ب، الروضة: 2/ 148. (11) في (أ) و (ب): (هو). الجزء: 3 ¦ الصفحة: 152 هذا فيما إذا ألقت الريح ثوبا في دار إنسان فلا يكون ذلك لقطة عنده (1)، وعند غيره هو لقطة (2). قال صاحب الكتاب: "ولو انكشف الركاز بسيل جارف أي قوى يذهب بكل ما يمرّ به ألحق باللقطة على قياس هذا المعنى" (3). فظاهر إيراده هذا أنه يكون لقطة على قياس المعنى الذي ذكره أبو علي (4)؛ لأن هذا الركاز صار بذلك بصدد الضياع. والذي ذكره الإمام (5) شيخه (6) أنه على قياس قول أبي علي لا يكون لقطة قياسا على ما قاله في الثوب الذي طيرته الريح (7)، وردّ الشيخ أبو الفتوح العجلي (8) - رحمه الله - قوله "يكون لقطة على قياس هذا المعنى" إلى قول   (1) انظر: البسيط: 1/ ق 211/ ب، الروضة: 2/ 148، المجموع: 6/ 55. (2) انظر: المصادر السابقة. (3) الوسيط: 1/ ق 142/ أ. (4) قلت: وقد صرح الماوردي بأن ما ظهر بالسيل، فوجده إنسان كان ركازا. انظر: الحاوي: 3/ 343. (5) ساقط من (أ). (6) انظر: النقل عنه في فتح العزيز: 6/ 105، الروضة 2/ 148. (7) ساقط من (د). (8) هو أسعد بن محمود بن خلف بن أحمد، أبو الفتوح العجلي الأصبهاني الشافعي، كان فقيها زاهدا يأكل من كسب يده، وكان عليه الاعتماد بأصبهان في الفتوى، وله مصنفات كثيرة، منها: تتمة التتمة، وشرح مشكلات الوسيط والوجيز، وآفات الوعاظ وغيرها، ومات سنة 600 هـ. انظر: وفيات الأعيان: 1/ 188، البداية والنهاية: 13/ 49، طبقات ابن قاضي شهبة: 2/ 25، طبقات ابن هداية الله: ص 259، هدية العارفين: 4/ 204. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 153 الأصحاب دون قول أبي علي توفيقا بين قول شيخه، وبين قوله، وذلك بعيد، فإنه قال: "على قياس هذا المعنى"، ولم يذكر معنى إلا قول أبي علي، والله أعلم. قوله: "فيما إذا وجد الركاز في ملك نفسه، وكان في أصله مُحْياً، وانتقل إليه من غيره، فعليه طلب المُحيى (1)، وإلا فهو لقطة، أو مال ضائع" (2) (يعني إن لم يوجد فهو لقطة على قول الأصحاب (3)، ومال ضائع) (4) على قول أبي علي (5)، فحرف " أو" فيه لترديد الخلاف لا للشك، والله أعلم.   (1) في (د): (الطحن) كذا. (2) الوسيط: 1/ ق 142/ أ. (3) انظر: البسيط: 1/ ق 211/ ب، كتاب الزكاة من التهذيب: ص 246، فتح العزيز: 6/ 107. (4) ما بين القوسين ساقط من (أ). (5) انظر: البسيط: 1/ ق 211/ ب، وفتح العزيز: 6/ 108. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 154 النوع السادس: زكاة الفطر في هذا الكتاب وغيره تسميتها بالفطرة بتاء التأنيث، وهو شائع في ألسنة العامّة، والخاصّة، ويقولون أيضا زكاة الفطر، ولم نجدها بالتأنيث في كلام المتقدمين، وهي مولّدة (1) (2) - (وهي) (3) بكسر الفاء لا غير من الفطرة التي هي بمعنى الخِلْقة (4)، ووجدت أبا محمَّد الأبهري (5) قد ذكرها (6) في كتاب "حدائق الأدب". وذكر أن معناها زكاة الخلقة كأنها زكاة النفس والبدن (7)، وأنا أزيد وجه (8) ذلك بياناً فأقول صح به (9) من حديث عائشة - رضي الله عنها - (وروي   (1) في (د) و (ب): (مؤكدة)، وهو تصحيف،. والمولّدة والمولّد من الكلام: هو اللفظ الذي اخترعه الناس، ولم تعرفه العرب، ولكن الظاهر أن الفطرة ليست كذلك، قال الله تعالى: {فِطْرَتَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا} أي: خلقته التي جبل الناس عليها، فمقصوده إذاً أن وضعه على هذه الحقيقة مولّد، اصطلح عليه الفقهاء، والله أعلم. انظر: غريب الحديث لابن قتيبة: 1/ 184، الحاوي: 3/ 348، المجموع: 6/ 61، حاشية القليوبي: 2/ 32، حاشية الرشيدي على نهاية المحتاج: 3/ 109. (2) نهاية 1/ ق 120/ أ. (3) ما بين القوسين ساقط من (د). (4) انظر: تهذيب اللغة: 13/ 326، الصحاح: 2/ 781، النهاية في غريب الحديث: 3/ 457، المصباح المنير: ص 476، أنيس الفقهاء: ص 135. (5) هو عبد الله بن أحمد بن محمَّد بن جولة بن جهور، أبو محمَّد الأبهري الأصبهاني، كان إماما ثقة أديبا، ومن مصنفاته: حدائق الأدب، ومات سنة 405 هـ. انظر: سير أعلام النبلاء: 17/ 235. (6) في (أ) (ذكره). (7) انظر قول الأبهري في تحرير ألفاظ التبيه: ص 86. (8) في (د) (أوجه). (9) ساقط من (د) و (ب). الجزء: 3 ¦ الصفحة: 155 عن غيرها) (1) أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: (عشر من الفطرة (2)، قص الشارب، وإعفاء اللحية والسواك) ... الحديث (3). (وفسر (4) أكثر العلماء فيما حكاه الخطابي (5) عنهم، الفطرة بالسنة في هذا الحديث، ووجه (6) ذلك) (7) أن أصله "سنة الفطرة عشر، أي سنة بدن الإنسان على ما فطر عليه، أي خلق عليه عشر، فإنها كلها متعلقة ببدن الإنسان، ثم حذف   (1) ما بين القوسين ساقط من (أ) و (ب). (2) في (أ) و (ب): (الفطرة عشر). (3) من حديث عائشة رواه مسلم: 3/ 146 في كتاب الطهارة، باب خصال الفطرة به، وتمامه (واستنشاق الماء وقص الأظفار وغسل البراجم ونتف الإبط وحلق العانة، وانتقاص الماء، قال زكريا، قال مصعب، ونسيت العاشرة إلا أن تكون المضمضة). وأما من حديث غيرها فقد روي من حديث أبي هريرة - رضي الله عنه - بلفظ: (الفطرة خمس، أو خمس من الفطرة، الختان والاستحداد) ... الحديث رواه البخاري: 10/ 347، 361 في كتاب اللباس، باب قص الشارب، وباب تقليم الأظافير، مسلم: 3/ 146 في الكتاب والباب السابقين. (4) ساقط من (أ). (5) انظر: معالم السنن: 1/ 44، والخطابي هو حمد، وقيل: أحمد بن محمَّد بن إبراهيم بن الخطاب، أبو سليمان البستي المعروف بالخطابي، كان رأسا في علم العربية والأدب والفقه والحديث وغيرها، وله مصنفات كثيرة، منها: معالم السنن شرح سنن أبي داود، وغريب الحديث، وإصلاح غلط المحدثين وغيرها، مات سنة 388 هـ. انظر: وفيات الأعيان: 1/ 453، البداية والنهاية: 11/ 348، طبقات ابن قاضي شهبة: 1/ 156، معجم المؤلفين: 2/ 61، هدية العارفين: 5/ 68. (6) في (د): (ووجهه)، والمثبت من (أ). (7) ما بين القوسين ساقط من (ب). الجزء: 3 ¦ الصفحة: 156 المضاف، وأقيم المضاف إليه مقامه، فكذلك ههنا، قيل: زكاة الفطرة أي البدن لا المال، ثم قيل: الفطرة حذف المضاف وأقيم المضاف (1) إليه مقامه، والله أعلم. قوله: (لقوله - صلى الله عليه وسلم -: أدّوا صدقة الفطر عمن تمونون) (2). (هذا الحديث يروى عن ابن عمر، وعلي - رضي الله عنهم - قال: (أمر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بصدقة الفطر عن الصغير والكبير، والحرّ والعبد ممن تمونون (3)) (4)، وإسناده غير (5) قوي.   (1) في (أ) و (ب): (حذفا للمضاف وإقامة المضاف). (2) الوسيط: 1/ ق 142/ أ. (3) ومعنى قوله "ممن تمونون" أي عمن تلزمكم مؤونتهم ونفقتهم ممن تعولون. انظر: الزاهر: ص 108. (4) ما بين القوسين ساقط من (د)، والمثبت من (أ) و (ب). أما حديث ابن عمر - رضي الله عنهما - فرواه الدارقطني: 2/ 141، البيهقي في الكبرى: 4/ 272 من طريق الضحاك بن عثمان عن نافع عن ابن عمر به. وقال الدارقطني: رفعه القاسم، وليس بقوي، والصواب موقوف، وقال البيهقي: إسناده غير قوي، وحسنه الألباني بمجموع طرقه. انظر: إرواء الغليل: 3/ 320 - 321. وأما حديث علي بن أبي طالب - رضي الله عنه - فرواه الدارقطني: 2/ 140، البيهقي في الموضع السابق من طريق إسماعيل بن همام حدثني علي بن موسى الرضا عن أبيه عن جده عن آبائه عن النبي - صلى الله عليه وسلم - به. قال الحافظ ابن حجر في التلخيص: 2/ 184: وفي إسناده ضعف وإرسال. وضعفه أيضاً الألباني في إرواء الغليل 3/ 320 - 321. ورواه الشافعي في المسند: ص 93، والأم: 2/ 84، والبيهقي في الموضع السابق من طريق إبراهيم بن محمَّد عن جعفر بن محمَّد عن أبيه أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - به. قال البيهقي: وهو مرسل. وقال الألباني في الإرواء: 3/ 320 عقب قول البيهقي المذكور: "قلت: ورجاله ثقات، فإذا ضمّ إليه الطريق التي قبله مع حديث ابن عمر أخذ قوة وارتقى إلى درجة الحسن إن شاء الله تعالى". (5) ساقط من (أ) و (ب). الجزء: 3 ¦ الصفحة: 157 وروي عن علي (1) - رضي الله عنه - بإسناد فيه إرسال غير أنه يقوى بشاهده بحيث يحتج به، والله أعلم. قوله: "فتبعت الفطرة النفقة، وجهات تحمل النفقة ثلاث: الجهة الأولى: القرابة، وكل قريب تجب نفقته تجب فطرته إلا في مسألتين" (2). ذكرهما، الأولى: الابن البالغ، الواجد نفقة يومه مع عجزه عن فطرته، لا فطرة (3) عليه، ولا على الوالد (4)، وهذا لا يصلح لأن يستثنى من قوله "كل قريب تجب نفقته تجب فطرته" فإنه لم تجب نفقته على القريب، والكلام فيه، والعذر: إن هذا الاستثناء راجع إلى أول الكلام، فإنه أشعر بأنهما متلازمان (5) فحيث (6) تجب النفقة تجب الفطرة عند الأهلية إلا في المسألتين المذكورتين، فإنه لم تجب (الفطرة) (7) فيهما (مع) وجوب النفقة، ووجود من هو بصدد إيجاب الفطرة عليه، أما افتراق الفطرة والنفقة فيما يأتي إن شاء   (1) رواه البيهقي في الكبرى: 4/ 272 بلفظ (من جرت عليه نفقتك فأطعم عنه نصف صاع من بر، أو صاعا من تمر)، قال البيهقي عقبه: هذا موقوف، وإسناده ضعيف إلا أنه إذا انضم إلى ما قبله قويا فيما اجتمعا فيه"، والله أعلم. (2) الوسيط: 1/ ق 142/ ب. (3) في (د): (لا فطر)، والمثبت من (أ) و (ب). (4) انظر: البسيط: 1/ ق 213/ أ، والوجيز: 1/ 98، وفتح العزيز: 6/ 125 - 126، والمجموع: 6/ 69، والاستغناء: 2/ 52. (5) نهاية 1/ 200 / ب. (6) في (أ) و (ب) (بحيث). (7) ما بين القوسين ساقط من (د)، والمثبت من (أ) و (ب). الجزء: 3 ¦ الصفحة: 158 الله تعالى، (من) (8) أن العبد يجب عليه نفقة زوجته في كسبه، ولا تجب (1) فطرتها عليه (2)، والكافر يجب عليه نفقة عبده الذي أسلم، ولا يجب عليه فطرته على أحد القولين (3)، وكذا زوجته إذا أسلمت ثم لحقها (4) قبل انقضاء العدة وكلما تجب نفقتها عليه ففي فطرتها القولان (5)، وذلك لانتفاء أهلية المتحمل (6)، وهكذا رقيق بيت المال، والرقيق الموقوف على المساجد تجب نفقته، ولا تجب فطرته على (7) الأظهر من الوجهين (8) لعدم أهلية الجهتين المذكورتين؛ لإيجاب الصدقة عليهما، نعم، يرد عيه الحصر المذكور، الرقيق الموقوف على شخص معين تجب نفقته، وفي وجوب فطرته خلاف (9).   (1) في (أ): (ولا يجب) بالياء. (2) أي سواء حرة كانت أو أمة. انظر: الوجيز: 1/ 99، كتاب الزكاة من التهذيب: ص 253، فتح العزيز: 6/ 157، المجموع: 6/ 75، الروضة: 2/ 158، نهاية المحتاج: 3/ 117. (3) انظر: البسيط: 1/ ق 215/ أ، كتاب الزكاة من التهذيب: ص 254، فتح العزيز: 6/ 162، المجموع: 6/ 63، الروضة: 2/ 159. (4) يعني ثم أسلم زوجها قبل انقضاء عدتها. انظر: الروضة: 2/ 159. (5) أصحهما الوجوب. انظر: فتح العزيز 6/ 157، المجموع 6/ 75، الروضة 2/ 158. (6) في (د): (التحمل)، وفي (أ): (المحمل)، والمثبت من (ب). (7) في (أ) و (ب): (في). (8) هذا هو المذهب، وبه قطع جمهور الأصحاب. انظر: كتاب الزكاة من التهذيب: ص 252، فتح العزيز: 6/ 160، المجموع: 6/ 76، الروضة: 2/ 159، الاستغناء: 2/ 523، نهاية المحتاج: 3/ 118. (9) وهو مبني على الملك فيه، إن قلنا: الملك في رقبته للموقوف عليه، فعليه فطرته وإن قلنا: لله تعالى فوجهان: أصحهما: أنه لا فطرة فيه، وقيل: لا فطرة فيه مطلقا، وبه قطع البغوي. انظر: كتاب الزكاة من التهذيب: 252، فتح العزيز: 6/ 160، المجموع: 6/ 76، الروضة: 2/ 159، أشباه النظائر للسيوطي: ص 444، الاستغناء: 2/ 523. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 159 والرقيق الموصى برقبته لشخص، وبمنفعته لآخر تجب فطرته على صاحب الرقبة (1)، وفي نفقته أوجه (2). أحدها: أنها (3) عليه أيضاً. والثاني: أنها على صاحب المنفعة. والثالث: (أنها في بيت المال. فعلى الوجه الثاني والثالث) (4) قد افترقتا، والله أعلم. قوله في فطرة زوجة الأب: "والثاني: لا تجب (5)؛ لأن وجوب الإعفاف خارج عن القياس، فيفتصر عليه، وعلى وجوب النفقة التي قدر الضرورة" (6)، وقع في بعض النسخ "خارج عن القياس للخبر"، وكذلك هو في "البسيط" (7) مصرحا به، وهو غير صحيح؛ إذ لا خبر في وجوب الإعفاف، ولعل هذا سهو سبق إليه الذهن في صورة (8) السرعة من كلام فيه لإمام   (1) بلا خلاف. انظر: الإبانة: 1/ ق 79/ أ، فتح العزيز: 6/ 159، المجموع: 6/ 75، الروضة: 2/ 158، الاستغناء: 2/ 522، الأشباه والنظائر: ص 444. (2) انظر المصادر السابقة. (3) في (د): (أنه)، والمثبت من (أ) و (ب). (4) ما بين القوسين ساقط من (د)، والمثبت من (أ) و (ب). (5) في (أ): (لا يجب) بالياء. (6) في (د): (الصورة) بدل (الضرورة)، والمثبت من (أ) و (ب)، وهو الصواب. الوسيط: 1/ ق 143/ أ. (7) 1/ ق 212/ ب. (8) في (أ): (سورة) بالسين المهملة. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 160 الحرمين (1)، فمعناه (2): (من) (3) التحمل في (4) زكاة الفطر ثبتت على خلاف القياس للخبر (5)، وهو قوله (أدّوا صدقة الفطر عمن تمونون)، وزوجة الأب هو الملتزم (6) مؤنتها لا الابن، وإنما أوجبنا على الابن نفقتها وفاءً بالإعفاف، فتقتصر (7) عليها، ولا نوجب عليه فطرتها مع نفقته (8) لقصور (9) لفظ الخبر المذكور عنها عملا بالأصل النافي للتحمل،. والله أعلم. ثم قال: "وهذا ضعيف؛ لأن الشافعي - رحمه الله - نص على أن الأب يؤدي فطرة عبد ابنه إذا كان مستغرقا بخدمته، فزوجة الأب أولى" (10)   (1) وقال ابن الملقن بعد نقله كلام المصنف هذا، وتقريره ((وهذا الخبر لم أره، وإنما استدلّ الأصحاب لوجوب الإعفاف بالاستنباط من حيث إنه ليس من المصاحبة بالمعروف المأمور بها وغير ذلك كما قرروه في كتاب النكاح، ولم أر هذا الخبر في كلام إمامه أيضاً في (النهاية). انظر: تذكرة الأحبار بما في الوسيط من الأخبار: ق 95/ ب. (2) في (د): (معنا)، والتصحيح من (أ) و (ب). (3) ما بين القوسين ساقط من (د)، والمثبت من (أ) و (ب). (4) نهاية 1/ ق 201/ أ. (5) نسخة (نهاية المطلب) بمكتبة الجامعة سقط منها باب زكاة الفطر وبعض كتاب الصوم فلذا وثقت النقول عنه بالواسطة حسب الإمكان. وانظر: النقل عنه هنا في كقاية النبيه 2/ ق 90/ ب. (6) في (د) زيادة: (فيه). (7) (أ): (وتقتصر). (8) ساقط من (أ) و (ب). (9) في (د): (لصور)، وفي (أ): (قصور) , ولعل الصواب ما أثبته. (10) الوسيط: 1/ ق 143/ أ. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 161 فاضطربت النسخ (1) في هذا ففي بعضها نصّ على أن (2) الابن يؤدي فطرة عبد أبيه فجعل المسألة في الابن (3) يؤدي فطرة عبد الأب المستغرق بخدمته، وهو غلط على النص، وتحريف له، وإنما النص في الأب يؤدي فطرة عبد الابن المستغرق بخدمته حيث يكون الابن عاجزا لصغره، أو غير ذلك، وذلك مبين في "نهاية المطلب" (4)، ولفظه نص الشافعي على أن الطفل إذا كان لا يملك إلا عبدا، وكان مستغرقا لحاجة (5) خدمته، فعلى الأب المؤسر إخراج الفطرة عنه وعن عبده، ووجدناها في كتاب "الأم" (6) بلفظ آخر (7) بنحو ذلك. قوله: "ملك اليمين أقوى في الأمة من ملك الحرة" (8)، (يعني أن ملك السيد للأمة (9) المزوجة، وسلطنته عليها أقوى من ملك الحرة المزوجة (10)) (11)،   (1) في (د): (فاضطرب الشيخ)، وهو تصحيف، والمثبت من (أ) و (ب). (2) ما بين القوسين ساقط من (د)، والمثبت من (أ) و (ب). (3) في (د): (الأمرين)، وهو تحريف، والمثبت من (أ) و (ب). (4) لم أقف عليه. (5) في (أ) و (ب): (بحاجة). (6) 2/ 88. (7) في (أ) و (ب): (الخبر). (8) الوسيط: 1/ ق 143، ولفظه قبله "ونص في الأمة تحت الزوج المعسر على أن النفقة تجب على السيد، فقال الأصحاب - رحمهم الله - فيه قولان: بالنقل والتخريج ... ومنهم من قرر النصين، وقال: ملك اليمين أقوى في الأمة من مالكية الحرة". (9) في (د): (الأمة)، والمثبت من (أ). (10) في (د) زيادة: (لنفسها). (11) ما بين القوسين ساقط من: (ب). الجزء: 3 ¦ الصفحة: 162 وسلطنتها على نفسها بدلالة وجوب التمكين (1) على الحرة ليلاً ونهارا، ووجوبه في حق الأمة ليلاً (2) فحسب (3) كما ذكره، والله أعلم. قوله: "والاستصحاب كالاستعجال" (4)، هذا لا يستقيم دعواه على الإطلاق، وإنما يستقيم (5) ههنا وحيث يجتمعان في أن كل واحد منهما إلحاق للتقريب (6) من الموجود بالموجود (7)، ففي صورة الميت حياة قريبة من الموجود (لكنها منصرمة، وفي مسألة الجنين حياة قريبة من الموجود) (8) أيضاً كلها (9) متجددة (10)، والله أعلم.   (1) في (د) و (أ): (التمكن)، والمثبت من (ب). (2) ساقط من: (د). (3) انظر: الوجيز: 1/ 98، وكتاب الزكاة من التهذيب: ص 253، وفتح العزيز: 6/ 132 - 133، والروضة: 2/ 156. (4) الوسيط: 1/ ق 144/ أ، ولفظه قبله "فروع: الأول: العبد الموصى به إذا فرعنا على أنه بعد موت الموصى، وقبل القبول ملك الميت، فجرى الإهلال فلا زكاة، وذكر الفوراني - رحمه الله - وجهاً أنه يجب في مال الميت، وهذا يلتفت على تردد ذكرنا في مال الجنين؛ لأن الجنين مورد الحياة، والميت مصدر الحياة، والاستصحاب كالاستعجال". (5) نهاية 1/ 201/ ب. (6) في (أ) و (ب): (للقريب). (7) في (د): (الوجود بالوجود) كذا، والمثبت من (أ) و (ب). (8) ما بين القوسين ساقط من: (ب). (9) كذا في النسخ، وهو تحريف، والصواب (لكنها). (10) في (أ): ( ... حياة متجددة قرينة من الموجود أيضاً كلها). الجزء: 3 ¦ الصفحة: 163 قوله في أن الكفارة لا تثبت في ذمة المعسر: "شهد له حديث الأعرابي" (1)، يريد به حديث الأعرابي المجامع في صوم شهر رمضان، ويأتي ذكره إن شاء الله تعالى (2). ذكر أن من عنده عبد ومسكن يحتاج إليهما لا يجعل بهما (3) موسرا بصدقة الفطرة (4) حتى يجب عليه بيع جزء منهما في أدائها (5)، وإن (6) وجب ذلك في أداء ديون الآدميين، لكن (7) قال: "لكن الحاجة إليه تمنع ابتداء الوجوب؛ لأن الابتداء أضعف، ولذلك (8) يندفع (9) أبتداء الفطرة بالدين كما تدفع (10) بالحاجة إلى نفقة الأقارب في ذلك اليوم، وإن كان لا يدفع سائر الزكوات في (11) ابتدائها [بالدين] (12) على قول" (13).   (1) الوسيط: 1/ ق 144/ ب. (2) في كتاب الصوم. (3) ساقط من (أ) و (ب). (4) في (أ) و (ب): (الفطر). (5) في (د): (أجزائها). (6) في (د): (فإن)، والمثبت من (أ) و (ب). (7) في (أ) و (ب): (ثم). (8) في (أ): (كذلك). (9) في (أ) و (ب): (يدفع). (10) في (أ): (يدفع). (11) في (د): (على)، والمثبت من (أ) و (ب)، وكذا في الوسيط. (12) ما بين المعقوفتين تكملة من الوسيط يقتضيها المعنى. (13) الوسيط: 1/ ق 144/ ب، 145/ أ. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 164 هذا مشكل ولفظه يتقاعد عن بيان المراد به، ومعناه أن حاجة من عنده العبد، والمسكن المذكورين (1) إليهما، إنما يمنع ابتداء الوجوب، أما من وجبت عليه زكاة الفطرة ليساره بغير العبد، والمسكن ثم لم يبق له سواهما، فإنه يجب عليه بيعهما، أو بيع جزء منهما في أدائها (2) كما في سائر الديون، وذلك أن ابتداء الوجوب أضعف من دوامه، ولذلك يندفع ابتداء وجوب زكاة الفطر (3) بالدين قولاً واحدا (4)، بخلاف سائر الزكوات (فإن فيه خلافا (5) كما اندفع وجوب هذه الزكاة بالحاجة إلى نفقة الأقارب إذا لم يفضل عنها في يوم العيد فاضل، وإن لم يندفع منها (6) وجوب شيء من (7) باقي الزكوات) (8)، والله أعلم. قوله في أنه لا يباع جزء من العبد المستغنى عنه في فطرة العبد على أحد الوجوه الثلاثة: "لأنه يؤدي إلى اتحاد المُخْرَج والمُخْرَج عنه" (9)، أي وهو   (1) في (د): (المذكورتين)، والمثبت من (أ) و (ب). (2) انظر: البسيط: 1/ ق 215/ ب، الوجيز: 1/ 99، كتاب الزكاة من التهذيب: ص 255، فتح العزيز: 6/ 174 - 175، المجموع: 6/ 66، الروضة: 2/ 161. (3) في (أ): (الفطرة). (4) انظر: المصادر السابقة قبل هامش. (5) وقد سبق بيان ذلك. (6) في (ب) بها، والمثبت من: (أ). (7) في (أ) (منها شيء من وجوب). (8) ما بين القوسين ساقط من (د)، والمثبت من (أ) و (ب)، وانظر: البسيط: 1/ ق 216/ أ، فتح العزيز: 6/ 174 - 175، المجموع: 6/ 66. (9) الوسيط: 1/ ق 145/ أ. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 165 كاتحادهما وإن لم يكن فيه من حيث (1) الحقيقة اتحادهما، وذلك أنه يكون حينئذ وُصْلَة إلى المخرَج، فلا يوجب ذلك مع كوننا في هذه الزكاة، و (2) الفاضل عن قوت من يقوته، فينبغي أن يكون فاضلا عن المخرَج عنه، وإن كانت الشاة المخرجة عن الأربعين تزكي نفسها وغيرها. وقوله: "والثالث: وإن لم يكن محكيا على هذا الوجه أنه إن استغرق الصاع قيمته فلا يخرج" (3)، يريد أنهم إنما حكوا فيه التفصيل على وجه آخر، وهو أن العبد إن كان مستغرقا بحاجة (4) خدمته فلا فطرة فيه، وإلا ففيه الفطرة يباع جزء منه فيها (5). وهذا بعد أن فرضوا المسألة في مطلق العبد، ولم يقيدوها بالعبد المستغنى عن خدمته، كما فعله صاحب الكتاب، والله أعلم. قوله: "الصاع أربعة أمداد، والمدّ رطل والثلث" (6). هذا التقدير مذهب الأئمة الثلاثة، مالك (7)، والشافعي (8)،   (1) نهاية 1/ 202/ أ. (2) (و) ساقطة من: (د). (3) الوسيط: 1/ ق 145/ أ. (4) في (أ) و (ب): (لحاجة). (5) هذا هو المذهب وصححه النووي. انظر: البسيط: 1/ ق 216/ أ، الوجيز: 1/ 99، فتح العزيز: 6/ 187 - 189،: 6/ 80، الروضة: 2/ 161. (6) الوسيط: 1/ ق 145/ ب، ولفظه قبله "الطرف الرابع: في الواجب، وهو صاع من مما يقتات والصاع ... إلخ". (7) انظر: التفريع: 1/ 290، المعونة: 1/ 414، الذخيرة: 3/ 77، بلغة السالك: 1/ 392، تنوير المقالة في حل ألفاظ الرسالة: 3/ 255. (8) انظر: المهذب: 1/ 224، التنبيه: ص 86،: 1/ 217/ أ، فتح العزيز: 6/ 164 وما بعدها، المجموع: 6/ 89، مغني المحتاج: 1/ 405. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 166 وأحمد (1)، وغيرهم (2). وقدره أبو حنيفة بثمانية أرطال بالرطل العراقي (3)، وهو عند بعضهم مائة وثمانية وعشرون درهما (4). ثم إن المشهور الاكتفاء بالوزن، وجواز إخراج هذا القدر بالوزن من غير كيل (5)، وذلك مشكل جداً (6) , لأن الذي ورد به الشرع صاع، وهو مكيال، والكيل مخرج في الصدر الأول، ولا يخفى أنه لا ينحصر مقدار ملئه من حيث الوزن في قدر معين، بل يختلف قدره وزنا باختلاف أجناس ما يكال بل باختلاف أنواع جنس واحد لاختلافها في رزانتها، وخفتها (7).   (1) انظر: مسائل الإمام أحمد برواية ابنه صالح: 1/ 189، 381، 2/ 18، مسائله برواية أبي داود: ص 84، التحقيق لابن الجوزي: 2/ 55، المغني: 1/ 294، 4/ 167، 285. (2) كأبي يوسف صاحب أبي حنيفة وإسحاق وأبي عبيد وأهل الحجاز قاطبة أن الصاع خمسة أرطال وثلث بالبغدادي. انظر: كتاب الأموال لأبي عبيد: ص 517، شرح معاني الآثار: 2/ 51، 52، بدائع الصنائع: 2/ 966، المغني: 1/ 294. (3) انظر: مختصر الطحاوي: ص 19، شرح معاني الآثار: 2/ 48 - 49، المبسوط: 3/ 112، بدائع الصنائع: 2/ 968، فتح القدير: 2/ 296 - 297. (4) انظر: تحرير ألفاظ التنبيه: ص 81، وقد سبق بيان ذلك مفصلاً. (5) في (د) (كل) وهو تحريف. (6) في (د): (هذا)، وهو تحريف، والمثبت من (أ) و (ب)، وهو الصواب. (7) فمثلا إذا كان الصاع خمسة أرطال وثلثا من الحنطة والعدس، وهما من أثقل الحبوب فما عداهما من الأجناس المخرجة في زكاة الفطر أخف منهما، فإذا أخرج منها خمسة أرطال وثلثا فهي أكثر من صاع. وهكذا ... انظر: المجموع: 6/ 89، نهاية المحتاج: 3/ 120، المغني: 4/ 288. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 167 وقد عثرت بعد البحث الأكيد على مسالك لأصحابنا وغيرهم، في التقصي عن أحدها لإمام الحرمين (1)، قد ذكره (2) (عند ذكره) (3) الصاع في تقدير الوسق أن ما علقه الشارع بالصاع والمدّ (4) في صدقة الفطر، والكفارات، والفدية، وغيرها ليس المراد به مقدار ما يحويانه كيلا، بل هو عبارة عن المقدار (5) الموزون المعين. فالمراد (6) بالصاع، والمدّ موزون (7) لا مكيل؛ لأن الكيل (8) بهما (9) يختلف وزنه، فإذا اتفقت الأئمة على مقدار موزون دلّ أنهم عنوا بالصاع، والمدّ ذلك المقدار وزناً، وما قاله بعيد لا يتمشى، فإن الصاع في اللغة عبارة عن مكيال معروف، وهو في لسان الشرع، ونقلته من العلماء مستعمل على المعنى اللغوي من غير تغيير (10)، وذلك معلوم من موارد استعماله ومصادره، والله أعلم.   (1) انظر: نهاية المطلب: 2/ ق 72. (2) في (أ): (فذكره) بدل (قد ذكره). (3) ما بين القوسين ساقط من (د)، والمثبت من (أ) و (ب). (4) نهاية 1/ 202/ ب. أ. (5) في (أ) و (ب): (المقدر). (6) في (ب): (والمراد). (7) في (أ): (بموزون). (8) في (أ) و (ب): (المكيل). (9) في (د): (ربما)، والمثبت من (أ) و (ب). (10) في (د): (تأثير)، والمثبت من (أ) و (ب). الجزء: 3 ¦ الصفحة: 168 الثاني: ما صار إليه الطحاوي أبو جعفر (1) من أئمة (2) أصحاب أبي حنيفة الصائرين إلى أن الصاع ثمانية أرطال. إن هذا فيما يساوي (3) كيله ووزنه، وهو الزبيب والعدس، والماش (4)، وهذا يقتضي نفي التقدير بالوزن على الموزون فيما سوى هذه الأشياء خلافا لما قال (5) الآخرون من الفريقين. الثالث: ذهب الإمام أبو الفرج الدارمي البغدادي، وهو من أكابر العراقيين في طبقة الشيخ أبي حامد الإسفراييني، والقاضي أبي الطيب الطبري (6) إلى أنه لا اعتماد في ذلك إلا على الكيل دون الوزن، وصنف في ذلك مسألة أطالها   (1) هو أحمد بن محمَّد بن سلامة بن سلمة الأزدي المصري، الطحاوي الحنفي، كان إماما ثقة فقيها، وانتهت إليه رئاسة الحنفية بمصر، وله مصنفات كثيرة، منها: شرح معاني الآثار، وأحكام القرآن، واختلاف العلماء، والشروط وغيرها، مات سنة 321 هـ. انظر: طبقات الفقهاء: ص 148، والأنساب: 4/ 53، وفيات الأعيان: 1/ 71، السير: 5/ 27، تاج التراجم: ص 100 وما بعدها، الجواهر المضية: 1/ 271. (2) ساقطة من (د). (3) في (أ): (يتساوى). (4) انظر قول الطحاوي في شرح معاني الآثار: 1/ 51، بدائع الصنائع: 2/ 969. (5) في (أ) و (ب): (أطلقه). (6) هو طاهر بن عبد الله بن طاهر بن عمرو، أبو الطيب الطبري الشافعي، كان ثقة دينا ورعا، وأحد أئمة المذهب، صنف في الخلاف والمذهب والأصول والجدل كتبا كثيرة، ليس لأحد مثلها، ومنها: شرح مختصر المزني المسمى بالتعليقة الكبرى، والمخرج في الفروع، مات سنة 450هـ. انظر: طبقات الشيرازي: ص 135، تهذيب الأسماء واللغات: 2/ 247، والبداية: 12/ 87، طبقات ابن قاضي شهبة: 2/ 226، كشف الظنون: 1/ 424، هدية العارفين: 5/ 429. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 169 فذكر فيها أن الواجب الإخراج بصاع معاير (1) بصاع الذي كان يخرج به على عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وذلك يوجد، ومن لا يقدر عليه، فالواجب عليه إخراج قدر يتيقن أنه غير قاصر عن ذلك (2). وحكى عن فقهاء عصره على اختلاف مذاهبهم أنهم (3) قالوا: يخرج وزنا بالقدر الذي ذهب (4) كل منهم إليه، وأنهم كانوا يعملون بذلك في سائر أنواع المخرجات، وأطال النفس في تقديرها (5) ما تقدمت الإشارة إليه في بطلان ذلك، وذكر أنه كان يذكر (6) في ذلك من تيسرت له مذاكرته من الشافعية، وغيرهم من أهل العلم فلا يوردون ما يصحح ما يقولونه في (7) ذلك. وذكر أنه يعتقد أنه ليس لما قالوه دليل، وأن محصول ما بلغه عن من نصر قولهم أمران: أحدهما: دعوى وقوع الإجماع على ما قالوه. والثاني: دعوى أن العيار (8) وقع بأوزن الحبوب وأثقلها وزنا ثم بين بطلان   (1) في (أ) و (ب): (معايرا). (2) إلى هنا نقله عنه الإمام النووي، واختاره وصححه. انظر: المجموع: 5/ 440، 6/ 90، الروضة: 2/ 13. (3) في (أ): (أنه). وفي (د) زيادة: (إليه). (4) نهاية 1/ ق 103/ أ. (5) في (أ): (تقدير أو تقرير) بإسقاط الضمير. (6) كذا في النسخ، ولعل الصواب (يذاكر). (7) في (أ): (من). (8) العِيَار - بكسر العين وفتح الياء: الامتحان، يقال: عايرت المكيال والميزان معايرة وعيارا: امتحنته بغيره لمعرفة صحته، وعيار الشيء ما جعل نظاما له. انظر: اللسان: 4/ 623، المصباح المنير: ص 439. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 170 الدعويين، وذكر أن الشافعي لم يذكر في كتابه رواية الربيع (1) وزنا، بل ذكر المكيال فقط، وأنه نص فيه في (2) صدقة الثمار أن المعتبر الكيل لا الوزن (3). قلت: قد ذكر الشافعي الوزن في القديم (4)، لكنه قال: الصاع خمسة أرطال وثلث بزيادة شيء أو نقصانه، وهكذا ذكره (5) الدارمي عن أحمد بن حنبل - رحمه الله - أنه قال في زكاة الفطر: الصاع، خمسة أرطال وثلث بالبر على ما عيرنا إلا ما زاد، أو نقص من خفته ورزانته (6)، وهذا يقتضي أن تقديره بالخمسة والثلث تقريب لا تحديد، إذا عرف ذلك فالذي نقطع به ما قطع به (7)   (1) يعني كتاب الأم، روى عن الشافعي كتب الأصول ويسمى ما رواه: المبسوط والأم. انظر: الفهرست لابن النديم: ص 353 - 354، ومقدمة كتاب الأم: 1/ 29 - 30 بتحقيق: محمود مطرجي. والربيع هو: الربيع بن سليمان بن عبد الجبار بن كامل، أبو محمَّد المرادي المصري المؤذن، صاحب الشافعي وخادمه، وراوية كتبه الجديدة، وقال الشافعي: الربيع راويتي، مات سنة 270 هـ. انظر: طبقات الشيرازي: ص 109، تهذيب الأسماء واللغات: 1/ 188، وفيات الأعيان: 2/ 52، طبقات ابن قاضي شهبة: 1/ 65، كشف الظنون: 1/ 1397. (2) في (د): (على)، والمثبت من (أ) و (ب). (3) انظر: الأم: 2/ 40، 51. (4) انظر: معرفة السنن والآثار 6/ 102، إرشاد الفقيه 1/ 254. (5) في (د): (ذكر) بإسقاط الضمير، والمثبت من (أ) و (ب). (6) انظر القول المنسوب للإمام أحمد في: مسائل الإِمام أحمد برواية ابنه صالح: 1/ 189، 381، 2/ 18، مسائله برواية أبي داود: ص 84 وما بعدها، مسائله برواية ابنه عبد الله: 2/ 581 - 584، المغني: 1/ 4، 294/ 285، 167. (7) ساقط من (أ). الجزء: 3 ¦ الصفحة: 171 الدارمي من (1) أن الاعتماد على الكيل دون الوزن، وأن من لم يحضره صاع أو مدّ يوثق بمساواته صاع رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فعليه إخراج قدر يتيقن وفاؤه بذلك، وأن الوزن من أصله تقريب، وكونه خمسة وثلثا (2) تقريب آخر، والفائدة فيه كونه يقع مردا (3) في حق من لم يصح له صاع، فإنه يسهل عليه إدراك اليقين فيما يزيده (4) على خمسة وثلث لعلمه، حينئذ بأن الصاع الأصلي قريب من ذلك، ولولا ذلك لانتشر الأمر عليه. وقد وجدت في ذلك مردا آخر، وهو ما ذكره الشيخ أبو محمَّد بن أبي زيد (5) من أئمة المالكية، فإنه ذكر اختلاف الموزونات، وحكى أنه لم يجد معيارا لذلك أقوى وأصح، ولا أقمن (6) ما يعرف به، ولا يختلف في زمان ولا بلد من أن   (1) ساقط من (د)، والمثبت من (أ) و (ب). (2) في (د): (ثلث)، والمثبت من (أ) و (ب). (3) في (د): (مراد)، والمثبت من (أ) و (ب)، وهو الصواب. (4) نهاية/ ق 203/ ب. (5) في (د): (يزيد)، والمثبت من (أ) و (ب)، وهو عبد الله بن أبي زيد عبد الرحمن بن أبي محمَّد النفزي القيرواني المالكي، كان إمام المالكية في وقته وقدوتهم، وحاز رئاسة الدين والدنيا، وله مصنفات كثيرة، منها: كتاب النوادر والزيادات، والرسالة، ومختصر المدونة وغيرها، مات سنة 386 هـ، وقيل: 389 هـ. انظر: طبقات الشيرازي: ص 157، ترتيب المدارك: 4/ 492 وما بعدها، السير: 17/ 10، الديباج المذهب: 1/ 427، شجرة النور الزكية: 1/ 96. (6) أقمن: أي أقرب وأجدر. انظر: المصباح المنير: ص 517، القاموس: ص 1581. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 172 الصاع أربع حفنات بكفّي الرجل الذي ليس بعظيم الكفين (1)، ولا صغيرهما (2). وذكر أبو حفص عمر بن ميمون (3) المغربي الفقيه أنه صح عنده أن قياس مدّ النبي - صلى الله عليه وسلم - حفنة باليدين جميعاً كفّي وسط من الرجال (4)، وذكر مثل قول ابن (5) أبي زيد سواء. قلت: هذا أيضاً لا يخرج عن التقريب، فإذا زاد ما يخرجه على (6) أربع حفنات نحو حفنة حصل اليقين، والله أعلم. ثم اعلم أن الدارمي ذكر أن كيفية الكيل بالصاع أن يملأ أعلاه إلى رأسه لا ممسوحا، وذكر (7) أن ذلك عرفهم بالحجاز وعادتهم، وذكر من كلام الشافعي نحوا من ذلك (8). فهذا كلام نفيس مهمّ (9) في الصاع جمعنا من شتاته ما لم يجتمع في غير كتابنا، ولله الحمد.   (1) في (د) (الكف). (2) انظر قوله هذا في مواهب الجليل: 2/ 365، حاشية المدني 2/ 335. (3) لم أقف على ترجمته. (4) لم أقف على هذا النقل عند غير المصنف. (5) ساقط من (د) و (ب)، والمثبت من (أ). (6) في (ب): (عن). (7) في (د): (وذلك)، وهو تحريف، والمثبت من (أ) و (ب). (8) في (د) (ذكر)، والمثبت من (أ) و (ب). (9) في (د): (مفهم)، والمثبت من (أ) و (ب). الجزء: 3 ¦ الصفحة: 173 قوله في القولين في الأقط (1): "مأخذهما (2) التردد في صحة حديث ورد فيه" (3). هذا مستنكر عند أهل الحديث، فإن حديث أبي سعيد الخدري (كنا نعطي زكاة الفطر زمن النبي - صلى الله عليه وسلم - صاعا من طعام إلى أن قال: (أو صاعا من أقط) متفق على صحته، رواه البخاري (4)، ورواه (5) مسلم نحوه (6)، ولهذا قطع بعض الأصحاب بجوازه قولاً واحداً (7).   (1) الأَقِط: بفتح الهمزة، وكسر القاف، وقد تسكن القاف للتخفيف مع فتح الهمزة وكسرها. قال الأزهري: يتخذ من اللبن المخيض يطبخ ثم يترك حتى يمصل، وقال النووي: لبن يابس غير منزوع الزبد. انظر: النهاية في غريب الحديث: 1/ 57، تحرير ألفاظ التنبيه: ص 87، المصباح المنير: ص 17. (2) في (د): (أحدهما)، وهو تصحيف، والمثبت من (أ) و (ب). (3) الوسيط: 1/ ق 145/ ب. (4) 3/ 436، 434 مع الفتح في كتاب الزكاة، باب صاع من شعير، وباب صدقة الفطر صاعا من طعام، وباب صاع من زبيب. (5) ساقط من (أ) وفي (ب): (وروى). (6) 7/ 61 - 63 مع النووي في كتاب الزكاة، باب زكاة الفطر. (7) ذكر الرافعي والنووي وغيرهما أن في الأقط طريقان: أحدهما: وبه قال أبو إسحاق المروزي القطع بجوازه؛ لحديث أبى سعيد المذكور، والثاني: فيه قولان: أصحهما: يجوز للحديث، والثاني: لا يجوز؛ لأنه لا يجب فيه العشر فأشبه اللحم واللبن، وبهذه الطريقة قال أبو حامد المروزي، ثم قال النووي: والصواب الطريق الأول لصحة الحديث من غير معارض، والله أعلم. انظر: المهذب: 1/ 224، الإبانة: 1/ ق 79/ ب, فتح العزيز: 6/ 199 - 200، المجموع: 6/ 92، مغني المحتاج: 1/ 406. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 174 ما ذكره من توجيه إخراج اللحم "بأن اللبن عصارته" (1) ليس معناه (2) أنه يتحلب (3) من (4) اللحم خارجا منه، فإنه يستحيل في المعدة من الدم المستحيل من صفوة (5) الطعام، ويخرج من بين فرث ودم إلى الضرع، ثم يخرج من الضرع، وهو لحم بالعصر، فهذا معنى قوله: إنه عصارته. ثم إن هذا تكلف (6) في توجيهه (7) في ذلك بعيد فليعلل بأنه يقتاته قوم، وهم الترك، والله أعلم. قوله: "ولا يجزئ المسوّس" (8)، وهو بكسر الواو (9)، واسم فاعل من سوّس الطعام فهو مسوِّس (10)، والله أعلم.   (1) الوسيط: 1/ ق 145/ ب. (2) في (ب) زيادة (و). (3) في (أ): (يحلب). (4) نهاية 1/ ق 104/ أ. (5) في (أ) و (ب): (صفو). (6) في (د): (تكليف)، والمثبت من (أ) و (ب). (7) في (أ) و (ب): (توجيه)، وحرف (في) بعدها ساقطة منهما. (8) الوسيط: 1/ ق 145/ ب. (9) ساقط من (أ). (10) أي إذا وقع فيه السوس، وهي الدود الذي يأكل الحب والخشب، ويقال أيضاً: ساس الطعام يسوس سوسا وساسا من باب قال، وفيها لغة ثالثة. انظر: الزاهر: ص 109، النظم المستعذب: 1/ 224، المصباح المنير: ص 295. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 175 قوله في العبد المشترك بين السيدين المختلف قوتهما (1): "قال ابن سريج يكلف مَن قوته أردأ أن يوافق الآخر" (2)، هذا نقل شيخه (3)، ونقل غيره عن ابن سريج أن مَن قوته أشرف يوافق من قوته أردأ نفياً للضرر (4)، والله أعلم. قوله: "ولا خلاف أن الكفارات لا ينوع آحادها من الصيام والإطعام" (5)، هذا في كفارة ذات تخيير (6) ككفارة الحلق في الحج (7)، فلو نوعها، فأخرج ثلث شاة، وأطعم مسكيناً، وصام يوماً لم يجزه (8)، والله أعلم (9).   (1) في (د): (قوتيهما)، والمثبت من (أ) و (ب). (2) الوسيط: 1/ ق 146/ أ، وتمامه: "ليتحد النوع، فإن العبد متحد". (3) وانظر: النقل عنه في البسيط: 1/ ق 216/ ب، فتح العزيز: 6/ 225. (4) انظر: فتح العزيز: 6/ 226، والمجموع: 6/ 99. قلت: ونقل الفوراني والبغوي عنه وجهاً آخر، وهو أن لكل واحد منهما أن يخرج من حصته من قوته الذي يقتاته. انظر: الإبانة: 1/ ق 79/ ب، كتاب الزكاة من التهذيب: ص 263. (5) الوسيط: 1/ ق 146/ أ. (6) في (د) (تخيّر) والمثبت من (أ) و (ب). (7) (في الحج) ساقط من (أ) وفي (ب): (النسك) بدل (الحج). (8) انظر: البسيط: 1/ ق 216/ ب، فتح العزيز: 6/ 182. (9) نهاية 1/ ق 104/ ب، وهي نهاية الجزء الأول من نسخة (د)، وجاء في آخرها: "تم الجزء الأول بحمد الله وعونه وحسن توفيقه وصلواته على سيدنا محمَّد وآله وصحبه وسلامه، يتلوه الجزء الثاني، وهو كتاب الصيام إن شاء الله تعالى وكان الفراغ منه في العشر الأول من صفر سنة تسع وسبعين وستمائة أحسن الله ... كتبه العبد الفقير إلى الله تعالى عمر بن إبراهيم بن عبد الرحمن الشافعي - غفر الله له ولجميع المسلمين". الجزء: 3 ¦ الصفحة: 176 (بسم الله الرحمن الرحيم، ربَّ يسِّر) (1) كتاب الصيام قول رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: (صوموا لرؤيته وأفطروا لرؤيته، فإن غمّ عليكم فأكملوا العدة ثلاثين يوما) حديث متفق على صحته (2)، وفي رواية للبخاري (فأكملوا عدّة شعبان ثلاثين). قول صاحب الكتاب (3): "فرؤية الهلال سبب للوجوب" (4)، ينبغي أن يقول: رؤية الهلال أو استكمال عدّة شعبان سبب الوجوب (5) (كما نوعه في الحديث) (6)، والله أعلم. قوله: "في طريق معرفته، وأقصاه بعد العيان شهادة عدلين، سواء كانت السماء مُصْحِيَة، أو لم تكن" (7).   (1) ما بين القوسين لم ترد في (د) و (ب). (2) رواه البخاري: 3/ 143 في كتاب الصوم، باب قول النبي - صلى الله عليه وسلم -: (إذا رأيتم الهلال فصوموا، وإذا رأيتموه فأفطروا)، ومسلم: 7/ 193 في كتاب الصوم، باب وجوب صيام رمضان برؤية الهلال من حديث أبي هريرة - رضي الله عنه -. (3) في (أ): (قوله) بدل (قول صاحب الكتاب). (4) الوسيط: 1/ ق 146/ ب. (5) في (أ): (للوجوب). (6) ما بين القوسين ساقط من (د)، والمثبت من (أ)، وقوله (في الحديث) موضعه بياض في (ب). (7) الوسيط: 1/ ق 146/ ب. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 177 ينبغي أن يقول: وأقصاه بعد العيان والتواتر (1)، (وعند أبي حنيفة: إذا كانت السماء مُصْحِيَة، فلا بد من التواتر) (2) أو الاستفاضة (3)، والله أعلم. قوله في (4) هلال شهر رمضان: "هل يقبل فيه قول واحد؟ فيه ثلاثة أقوال" (5)، المعروف (والمذكور في "النهاية" (6)، و"البسيط" (7)) (8) أن فيه قولين (9): أحدهما: لا يقبل. والثاني: يقبل. فإذا قلنا: يقبل، فهل حكمه حكم الشهادة، أو الخبر؟ فيه وجهان (10).   (1) انظر: البسيط: 1/ ق 217/ أ. (2) ما بين القوسين ساقط من (ب). (3) وإن كانت بها غير قبل شهادة الوحد العدل. انظر: المبسوط: 3/ 64، بدائع الصنائع: 2/ 985، فتح القدير: 2/ 324. (4) ساقط من (أ). (5) الوسيط: 1/ ق 146/ ب. (6) لم أقف عليه. (7) 1/ ق 217/ أ. (8) ما بين القوسين ساقط من (د) و (ب)، والمثبت من (أ). (9) انظر: الأم: 2/ 124، والسلسلة: ق 40/ أ، الإبانة: 1/ ق 80/ أ، المهذب: 1/ 242، المجموع: 6/ 285، الروضة: 2/ 208، نهاية المحتاج: 3/ 151 - 152. (10) أصحهما: أنه شهادة. انظر: المصادر السابقة. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 178 ومنهم من قطع باشتراط لفظ الشهادة (1)، فجعله (2) إذاً (3) الوجه المقول (فيه أنه) (4) خبر (5) قولاً ثالثاً (6) بعيدٌ في النقل، ثم وكأنه من تصرفه، ثم إن (7) الأصح أنه يقبل قول الواحد، وأنه (8) شهادة، وهو المنصوص جديدا وقديما (9)، ودليله ما (10) رواه ابن عمر رضي الله عنهما، قال: (تراءى الناس الهلال، فأخبرت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أني رأيته فصام، وأمر الناس بصيامه) أخرجه (11) أبو داود (12) هكذا، وهو ثابت في درجة الحسن، والله أعلم.   (1) انظر: فتح العزيز: 6/ 255، الروضة: 2/ 208، المجموع: 6/ 285. (2) في (أ): (وجعله). (3) ساقط من (د) و (ب)، المثبت من (أ). (4) ما بين القوسين مطموس في (د)، المثبت من (أ) و (ب). (5) انظر: فتح العزيز: 6/ 254، المجموع: 6/ 285، الروضة: 2/ 208. (6) ساقط من: (د) و (ب). (7) في (أ): (وأن). (8) في (أ): (فإنه). (9) انظر: الأم: 2/ 124، المهذب: 1/ 242، فتح العزيز: 6/ 25 - 251، المجموع: 6/ 285، الروضة: 2/ 207 - 208. (10) في (أ): (لما). (11) نهاية 2/ ق 1/ أ. (12) 2/ 756 في كتاب الصوم، باب في شهادة الواحد على رؤية هلال رمضان، وكلما رواه الدارمي: 2/ 9، وابن حبان: 8/ 231، والدارقطني: 2/ 156، والحاكم: 1/ 585، والبيهقي: 4/ 357، وقال الحاكم: صحيح على شرط مسلم، ووافقه الذهبي، والألباني في الإرواء: 4/ 16. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 179 ثم (إن الأظهر) (1) أن الأصح من الوجهين اللذين ذكرهما (2) فيما إذا صمنا بقول واحد، وانقضت ثلاثون يوما، ولم نر هلال شوال أنه يجوز الإفطار، وقد نص الشافعي عليه (3). وإيراده (4) ذلك عقيب القول الثاني يوهم اختصاصه به دون الثالث (5)، وليس مختصاً به، بل هو في غير هذا الكتاب مطلق مفرّع على قبول قول الواحد من غير فرق بين (6) أن يكون من قبيل الشهادة، أو قبيل الخبر (7)، والله أعلم. و (8) أما إذا صمنا بشهادة عدلين، والسماء مصحية، ولم نر هلال شوال، الأصح أنه يجوز الإفطار (9). قوله في توجيه المنع: "قول العدلين اجتهاد، وهذا يقين" (10) قد كنت وجهته بأن الرؤية في أول رمضان بقول العدلين مظنونة، وعدم رؤيتنا لهلال شوال   (1) ما بين القوسين ساقط من: (أ). (2) انظر: الوسيط: 1/ ق 146/ ب. (3) هذا هو المذهب، وعليه جماهير الأصحاب. انظر: الأم: 2/ 124، الإبانة: 1/ ق80/ أ، المهذب: 1/ 242، التنبيه: ص 294، البسيط: 1/ ق 217/ ب، الروضة: 2/ 209. (4) في (أ): (ثم ذكره). (5) في (أ): (القول الثالث). (6) في (أ): (من). (7) انظر: فتح العزيز: 6/ 258 - 259، الروضة: 2/ 209. (8) ساقط من (أ). (9) هذا هو المذهب، وبه قطع جماهير الأصحاب، ونص عليه في الأم. انظر: الأم: 2/ 124 - 125، الإبانة: 1/ ق 80/ أ، فتح العزيز: 6/ 261 - 262، الروضة: 2/ 209. (10) الوسيط: 1/ ق 146/ ب. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 180 يقين، وإن لم يكن عدم الهلال في نفسه يقيناً، فالمقابلة بين اليقين والظن وقعت في الرؤية، لا في (1) نفس الهلال. ثم وجدت كلامه، وفيما علق عنه في الدرس، كلام من يدّعي اليقين في عدم (2) الهلال نفسه قائلا: "إن النفوس متشوقة إلى طلب الهلال، والأعين حادة إلى طلب الهلال، فلو كان مرئيا في نفسه لرؤي"، وهذا (ليس بشيء) (3)، والله أعلم. ومن المهم معرفة أنه إذا أخبر من يوثق بقوله برؤية الهلال فصدقه لزمه (4) الصوم، وإن لم يذكر بين (5) يدي قاضٍ أصلاً (6). ذكر ذلك طائفة من العراقيين والخراسانيين إلا أن منهم من فرعه على القول بأنه يسلك به مسلك الخبر، وأما على القول الآخر فإنه لا يصوم (7). والله أعلم. إذا رؤي الهلال في بلد (8) فهل يعمّ حكمه سائر البلاد وجهان؟ (9)، وشرح ما ذكره (10) في الوجه الثاني أن مناط التعبد بالصوم أن يكون الهلال مرئياً   (1) في (ب): (وفي) بدل (لا في). (2) ساقط من (أ). (3) ما بين القوسين مطموس من (د)، والمثبت من (أ) و (ب). (4) في (أ): (لزم). (5) في (أ): (من). (6) انظر: المجموع: 6/ 286. (7) في (أ): (لا صوم). (8) نهاية 2/ ق 1 / ب. (9) انظر: الوسيط: 1/ ق 147/ أ. (10) في (ب) (ذكر). الجزء: 3 ¦ الصفحة: 181 (بالنسبة إلى نظر) (1) المكلفين به، وذلك يختلف باختلاف البقاع المتباعدة، واختلافها في المناظر والمطالع. قال الإِمام أبو المعالي (2): قد يبدوا الهلال في ناحية، ولا يتصور أن يرى في ناحية أخرى، ولا خلاف في اختلاف البقاع في طلوع الصبح وعزوب الشمس، وطول الليل وقصره، فقد تطلع الشمس (3) في إقليم، ونحن في ذلك الوقت في بقية صالحة من الليل، وعلى هذا فلا ضابط للبعد إلا مسافة القصر التي هي ضابط البعد في أحكام كثيرة، فإنا لا نجد ضابطا آخر وراءها؛ إذ الضبط باختلاف المطالع يحوج إلى تحكيم المنجمين في ذلك، وهو غير سائغ شرعاً. ثم إن الإِمام أبا المعالي حكى ضبط ذلك بمسافة القصر عن الأصحاب، وذكر أنه لو ضبط بتفاوت المناظر والمطالع لكان متجها في المعنى، ولكن لا قائل به، واتبعه هو في "البسيط" (4) فادّعى اتفاق الأصحاب على مسافة القصر (5)، وذلك منهما كالعجب، فإن العراقيين وأبا بكر الصيدلاني من الخراسانيين وغيرهم ضبطوا ذلك باختلاف المطالع (6).   (1) ما بين القوسين بياض في (د) و (ب)، والمثبت من (أ). (2) انظر: قول أبي المعالي في فتح العزيز: 6/ 273 - 274، ورحمة الأمة: ص 118. (3) في (أ): (يطلع الفجر). (4) 1/ ق 217/ ب. (5) وقطع به البغوي، وصححه الرافعي والنووي في شرح صحيح مسلم. انظر: الإبانة: 1/ ق80/ ب، فتح العزيز: 6/ 273، شرح صحيح مسلم: 7/ 197، فتح الباري: 4/ 148. (6) وصححه النووي في المجموع والروضة. انظر: المصادر السابقة، والمهذب: 1/ 242، الروضة: 2/ 212. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 182 ومنهم من قال: تعتبر (1) باختلاف الأقاليم (2)، ثم إن الأصح أن الأصح (3) من الوجهين أنه لا يعمّ الحكم مع التباعد (4) لما ذكرناه (5). ولأن ابن عباس رضي الله عنهما (6) لم يعتبر رؤية أهل الشام وهو بالمدينة، وقال: هكذا أمرنا الرسول - صلى الله عليه وسلم -، (رواه مسلم) (7) في صحيحه (8)، ثم إن (9) الأصح اعتبار التباعد (10) باختلاف المطالع.   (1) ساقط من (أ). (2) انظر: المصادر السابقة. (3) هكذا تكرر في النسخ، لعله من باب التأكيد، والله أعلم. (4) وبهذا قطع صاحب المهذب وصححه أيضاً الرافعي والنووي وغيرهما. انظر: الإبانة: 1/ ق80/ أ، المهذب: 1/ 242، البسيط 1/ ق 217/ ب، فتح العزيز: 6/ 271، المجموع: 6/ 280، الروضة: 2/ 212. (5) في (د) و (ب) (ذكرنا) بإسقاط الضمير. (6) هو عبد الله بن عباس بن عبد المطلب بن هاشم، ابن عم رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وترجمان القرآن، ودعا له الرسول - صلى الله عليه وسلم - بالفقه في الدين، فكان يسمى البحر والحبر لسعة علمه، وهو أحد المكثرين من الصحابة في رواية الحديث عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، مات بالطائف سنة 68هـ. انظر: طبقات الفقهاء للشيرازي: ص 30، البداية والنهاية: 8/ 280، الإصابة: 4/ 141، التقريب: ص 309. (7) ما بين القوسين ساقط من (د)، والمثبت من (أ) و (ب). (8) 7/ 197 في كتاب الصيام، باب بيان أن لكل بلد رؤيتهم من حديث كريب مولى ابن عباس بلفظ (أن أم الفضل بعثته إلى معاوية بالشام، قال: فقدمت الشام، فقضيت حاجتها، واستهلّ علي رمضان وأنا بالشام، فرأيت الهلال ليلة الجمعة، ثم قدمت المدينة في آخر الشهر، فسألني ابن عباس - رضي الله عنهما - ثم ذكر الهلال فقال: متى رأيتم الهلال فقلت: رأيناه ليلة الجمعة، فقال: أنت رأيته فقلت: نعم ورآه الناس، وصاموا وصام معاوية، فقال: لكنا رأيناه ليلة السبت فلا نزال نصوم حتى نكمل ثلاثين، أو نراه، فقلت: أو لا تكتفي برؤية معاوية وصيامه فقال: لا، هكذا أمرنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم -). (9) ساقط من (أ) و (ب). (10) نهاية 2/ ق 2/ أ. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 183 قلت: فإن علم ذلك كما في إقليمين متباعدين فلا إشكال، وإن كان التباعد بحيث يشك في تأثيره في اختلاف المطالع، فليلتحق بما إذا شك في رؤية الهلال من أصله وحكمه أنه لا يجب الصوم عملاً بالأصل (1)، وهذا متجه (2) قويم، والله أعلم. ما ذكره فيما إذا أصبح معيّدا مفطرا في بلدة الرؤية (3)، ثم سارت به السفينة إلى بلد لم ير فيه، وقلنا: لا يعم حكم الرؤية، من (4) إيجاب إمساك بقية النهار عليه بعيد لما فيه من تبعيض اليوم الواحد (5). تمامه أن يقال: مع تبعيض السبب ليكون فيه احتراز عن يوم الشك إذا بان فيه كونه من شهر رمضان (6)، والله أعلم. و (7) الفرق في رؤية الهلال نهارا بين ما قبل الزوال وبين (8) ما بعده (9) حكاه هو وشيخه (10) عن أبي حنيفة، وهو غير ثابت عنه، ونقل عنه مثل مذهبنا (11)، وإنما   (1) انظر: المجموع: 6/ 281، الروضة: 2/ 212، نهاية المحتاج: 3/ 156. (2) في (أ) و (ب): (منهج). (3) في (أ): (في بلده بالرؤية)، وفي (ب) (في بلد الرؤية). (4) في (أ) و (ب) زيادة: (أن). (5) انظر: الوسيط: 1/ ق 147/ أ. (6) فإنه يجب إمساك بقية اليوم دون أوله. انظر: مغني المحتاج: 1/ 423، نهاية المحتاج: 3/ 157. (7) ساقط من (د) و (ب). (8) ساقط من (أ) و (ب). (9) قال في الوسيط: 1/ ق 147/أ "الأمر الثالث: وقت تأثير الهلال الليل، فلو رأى هلال شوال نهارا لم يفطر إلى الغروب، سواء رأى قبل الزوال أو بعده، وقال أبو حنيفة: إن رأى قبل الزوال أفطر". (10) نهاية المطلب 2/ ق 164. (11) انظر: بدائع الصنائع: 2/ 989، فتح القدير: 2/ 313، والبحر الرائق: 2/ 284. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 184 هو (1) عن أبي يوسف صاحبه، هذا هو المعروف (2)، والله أعلم. اختار ههنا أن النية ركن (3)، واختار في الصلاة (4) أنها شرط (5)، وهذا كالرجوع عن ذلك؛ إذ لا فرق، وهو أحد الوجهين (6). قوله: "نية (7) معيِّنة مبيِّتة" (8). يجوز (9) في قوله "معينة" فتح الياء وكسرها؛ لأن التعيين والإطلاق يتطرقان إلى النية والمنوي معا، وفي تعيين المنوي تعيين للنية (10)، وفي إطلاقه إطلاقها، والله أعلم. قوله: "عندنا يلزمه أن يقول بقلبه أؤدي غداً فرض صوم رمضان" (11)، هذا غير مرضي، فإن القول بالقلب، والقراءة (12) بالقلب كالقول باللسان في أنهما غير النية، وأنهما غير لازمين، فإن النية عبارة عن القصد، وليس في   (1) يعني المنسوب إلى أبي حنيفة في الوسيط. (2) وهو كما قال. انظر: بدائع الصنائع 2/ 989، فتح القدير 2/ 313، البحر الرائق 2/ 284. (3) انظر: الوسيط: 1/ ق 147/ أ. (4) في (أ) وقع هنا: (وهو أحد الوجهين)، وموضعها بعد قليل. (5) انظر: الوسيط: 2/ 592 من الجزء المحقق بتحقيق: القره داغي. (6) انظر: فتح العزيز: 6/ 290، مغني المحتاج: 1/ 423 (7) في (أ): (بنية). (8) الوسيط: 1/ ق 147/ أ، ولفظه قبله "الركن الأول: النية: فيجب على الصائم في رمضان أن ينوي لكل يوم نية ... إلخ". (9) في (أ) زيادة: (لك). (10) في (د): (النية)، والمثبت من (أ) و (ب). (11) الوسيط: 1/ ق 147/ ب. (12) نهاية 2/ ق 2/ ب. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 185 القصد حروف منظومة (1)، وقد توجد ممن هو ذاهل عن القصد، وقد سبق تحقيق هذا في نية الصلاة (2)، ولعله - رحمه الله وإيانا - قال ذلك، لأن الغالب أنه إذا قال ذلك بقلبه حضرته (3) فيه (4) النية، والله أعلم. وإنما نبهنا على هذا (5)، ولم نكتف بقوله بعد هذا. "والمراد من النية قصد القلب" (6)؛ لأنه قد يتوهم من سياقة كلامه إيجاب (7) القول بالقلب (8) مع القصد به، والله أعلم. قوله: "وفي الفرضية خلاف" (9)، ولم يتعرض للإضافة (10) إلى الله تعالى، وفيها خلاف أيضاً (11)، والأصح أن الأصح إيجابهما لفرض (12) التقرب،   (1) كذا في النسخ، ولعل الصواب (منطوقة)، والله أعلم. (2) انظر: ق 64/ أمن نسخة أ. (3) في (د): (حضر)، والمثبت من (أ) و (ب). (4) ساقط من (أ). (5) في (أ): (ذلك) (6) الوسيط: 1/ ق 147/ ب، وتماه " ... إلى الصوم الموصوف بهذه الصفات بعد كونه حاضرا في الذهن". (7) في (د) و (أ): (إيجابه)، والمثبت من (ب). (8) ساقط من (أ). (9) الوسيط: 1/ ق 147/ ب، ولفظه قبله " ... فالتعرض للأداء لا بد منه، وفي الفرضية ... إلخ". (10) في (د) (إلى الإضافة). (11) في (أ) زيادة: (ولا يدري له اكتفى بما سبق في الصلاة في أحد الأمرين دون الآخر)، وموضعها بياض في (ب). (12) في (أ): (لغرض). الجزء: 3 ¦ الصفحة: 186 والإخلاص لا لفرض (1) التمييز (2)، فإن (3) التقرب (بالفرض) (4) فوق التقرب بمطلق العبادة على ما عرف من نص الحديث (5). وذكر صاحب الكتاب في كتاب الصلاة في الدرس أن الأليق بقاعدة الشافعي - رحمه الله - إيجاب الأمرين، فإنه أوجب في نية الصوم تعيين رمضان مع تعيين الوقت لذلك (6) و (7) نظراً (8) إلى كون ذلك (9) صفة مقصودة، والله أعلم.   (1) في (أ): (لغرض). (2) ومقتضى كلام الرافعي في فتح العزيز والنووي في المنهاج والروضة اشتراطها في الفرضية أيضاً، ولكن صحح في المجموع تبعاً للأكثرين عدم اشتراطها، وقال الخطيب الشربيني والرملي، وهو المعتمد، والله أعلم. انظر: المهذب: 1/ 244، البسيط: 1/ ق 218/ أ، فتح العزيز: 6/ 293، المجموع: 6/ 309، الروضة: 2/ 214، مغني المحتاج: 1/ 425، نهاية المحتاج: 3/ 161. (3) تكرر في (أ). (4) ما بين القوسين ساقط من (د)، والمثبت من (أ) و (ب). (5) يشير إلى ما رواه أبو هريرة - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: (إن الله قال: من عاد لي وليا فقد آذنته بالحرب، وما تقرب إلي عبدي بشيء أحب إلي مما افترضته عليه، وما يزال عبدي يتقرب إلي بالنوافل حتى أحبه، فإذا أحببته كنت سمعه الذي يسمع به ... الحديث. أخرجه البخاري: 11/ 348 مع الفتح في كتاب الرقاق، باب التواضع. (6) انظر: المهذب: 1/ 244، فتح العزيز: 6/ 292، المجموع: 6/ 308، الروضة: 2/ 214، نهاية المحتاج: 3/ 159. (7) ساقط من (ب). (8) في (د) و (ب) (نظر). (9) في (أ): (إلى أن ذلك). الجزء: 3 ¦ الصفحة: 187 قوله: "وأما اللفظ فلا أثر له" (1) أي في أنه تصح النية بمجرده، وإلا فله أثر من حيث إنه مستحب لإعانته على تحقيق النية، والله أعلم. قوله: "ولو تصورت القدرة على أن تقترن النية بأول جزء من اليوم ففي صحته وجهان؛ لورود (لفظ (2) التبييت" (3) لو قال: ولو اقترنت النية بأول جزء لكان أولى، فإن الخلاف جارٍ سواء قصد ذلك) (4) على تقدير قدرته، أو وقع ذلك اتفاقا من غير قصد منه لذلك، (واطلع على ذلك بخبر نبينا أولا، أو عيسى بن مريم آخرا صلى الله عليهما (5) وعلى النبيين وسلم) (6). وأما لفظ (7) التبييت (من غير نية) (8) ففي حديث حفصة (9) - رضي الله عنها - عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: (من لم يبيت الصيام قبل الفجر فلا صيام له)،   (1) الوسيط: 1/ ق 147/ ب. (2) في (أ): (أصل)، والمثبت من (ب)، وهو الموافق لما في الوسيط. (3) الوسيط: 1/ ق 147/ ب. (4) ما بين القوسين ساقط من (د)، والمثبت من (أ) و (ب). (5) نهاية 2/ ق 3/ أ. (6) ما بين القوسين كذا في النسخ ولم يتبين لي وجهها. (7) في (ب): (حديث). (8) ما بين القوسين ساقط من (د) و (ب)، والمثبت من (أ). (9) هي حفصة بنت عمر بن الخطاب - رضي الله عنهما -، أم المؤمنين، تزوجها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بعد عائشة سنة ثلاث على الأرجح، وكانت صوامة قوامة، وماتت سنة 41 هـ، وقيل: 45 هـ - رضي الله عنها -. انظر: أسد الغابة: 7/ 265، البداية والنهاية: 8/ 29، الإصابة: 7/ 581 - 582، التقريب: ص 745. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 188 أخرجه أبو داود، والترمذي، والنسائي، وغيرهم (1). وهذا لفظه عند النسائي في رواية, وعند الأكثر (من لم يجمع الصيام (2) ... ) أي لم يعزم عليه (3)، وهو حديث حسن حجة، وإن وقفه جماعة من رواته على حفصة، فقد رفعه آخرون، وممن رفعه من الثقات، عبد الله بن أبي بكر ابن محمَّد بن عمرو بن حزم (4)، والزيادة من الثقة مقبولة.   (1) أبو داود: 2/ 823 في كتاب الصوم، باب النية في الصيام، والترمذي: 3/ 108 في كتاب الصوم، باب ما جاء لا صيام لمن لم يعزم من الليل، والنسائي بعدة روايات: 4/ 146، باب ذكر اختلاف الناقلين لخبر حفصة في ذلك، وابن ماجه: 1/ 542 في كتاب الصيام، باب ما جاء في فرض الصوم من الليل، والخيار في الصوم، وأحمد: 6/ 287، والدارمي: 2/ 12، ومالك في الموطأ: 1/ 240، وابن أبي شيبة في المصنف: 2/ 155، وابن خزيمة في صحيحه: 3/ 212، والطحاوي: 2/ 54، والدارقطني: 2/ 173، والبيهقي في الكبرى: 4/ 340 من طرق عن ابن لهيعة ويحيى بن أيوب عن عبد الله بن أبي بكر بن حزم عن ابن شهاب عن سالم بن عبد الله عن أبيه عن حفصة مرفوعاً، وسيأتي بيان درجته بعد تخريج حديث عائشة - رضي الله عنها - بعد ثلاث حواشي. (2) في (أ) زيادة: (من الليل)، وهي غير صحيحة هنا؛ لأن تمام لفظ الحديث في المصادر المذكورة كتمام لفظ حديث النسائي المذكور أولاً، وقد روي لفظ "من الليل" في سياق آخر من هذا الحديث. انظر: إرواء الغليل: 4/ 26 - 29. (3) انظر: النهاية في غريب الحديث: 1/ 296. (4) الأنصاري المدني القاضي، ثقة من الخامسة، مات سنة 135 هـ. انظر: التقريب ص 297، التهذيب: 5/ 165. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 189 وقد روى من حديث عائشة مرفوعاً (1) بإسناد رواته ثقات، والله أعلم. ثم إن المصير إلى أنه لا يصح بنية مقترنة هو الأصح، وإليه ذهب أكثر أصحابنا (2)، ويكون كأن الشارع أوجب إمساك جزء من آخر الليل مقرونا بالنية، وذلك غير ممتنع، والله أعلم. قوله: "وأما التطوع فيصح بنية قبل الزوال؛ للخبر" (3). و (4) هو حديث عائشة - رضي الله عنها - قالت: دخل عليّ (5) النبي - صلى الله عليه وسلم - ذات يوم، فقال: (هل عندكم شيء؟) فقلنا: لا، قال: (فإنى إذاً صائم) أخرجه   (1) رواه عنها مرفوعاً الدارقطني: 2/ 172، والبيهقي: 4/ 340 بلفظ (من لم يبيت الصيام قبل طلوع الفجر فلا صيام له)، وقال الدارقطني: "تفرد به عبد الله بن عباد عن المفضل بهذا الإسناد، وكلهم ثقات"، ونقله عنه البيهقي في سننه وأقره عليه. وكما رواه عنها موقوفاً عليها النسائي: 4/ 147 باب ذكر اختلاف الناقلين لخبر حفصة، ومالك في الموطأ: 1/ 240، والطحاوي: 2/ 268، والدارقطني والبيهقي في الموضعين السابقين، وكذلك رواه هؤلاء الأئمة في المواضع السابقة عن ابن عمر موقوفاً عليه. هذا وقد اختلف الأئمة في رفع هذا الحديث ووقفه، فنصبت طائفة إلى ترجيح الوقف، ومنهم: البخاري، وأبو حاتم، والترمذي، والنسائي، وأبو داود، وصحح الآخرون رفعه، ومنهم: الخطابي، والدارقطني، والبيهقي، وعبد الحق، وابن حزم، وابن الجوزي، وابن الملقن والألباني. انظر تفصيل ذلك في: معالم السنن: 2/ 224، والتحقيق: 2/ 66، وتذكرة الأحبار بما في الوسيط من الأخبار: ق 97/ أ، والتلخيص: 2/ 200، وإرواء الغليل: 4/ 25 - 30، والله أعلم. (2) وصححه أيضاً الرافعي والنووي. انظر: الإبانة: 1/ ق 80/ ب، التنبيه: ص 94، البسيط: 1/ ق 218/ أ، فتح العزيز: 6 م 305، المجموع: 6، الروضة: 2/ 215، نهاية المحتاج: 3/ 159. (3) الوسيط: 1/ ق 147/ ب. (4) ساقط من (أ) و (ب). (5) ما بين القوسين ساقط من (د)، والمثبت من (أ) و (ب). الجزء: 3 ¦ الصفحة: 190 مسلم (1) بهذا اللفظ في روايته، وفي السنن الكبير (2) في رواية إسنادها صحيح، قال: "إذاً أصوم". قوله: "ولا مرد للتنصيف إلا بعد الزوال" (3)، يعني إذا اعتبرنا بقاء المعظم، فذلك بإيقاع النية قبل النصف، ولا مردّ للنصف إلا الزوال لما ذكره، والله أعلم. (ثم إن) (4) الأصح نفي الصحة بالنية بعد الزوال، وعليه نص في معظم كتبه (5)، والله أعلم. ثم متى يكون صائما، فيه وجهان قويان (6): أحدهما: - وهو قول الأكثرين - أنه يكون صائما من أول النهار حتى يثاب على صوم جميعه؛ لأن الصوم لا يتجزأ في اليوم الواحد.   (1) 8/ 34 في كتاب الصيام، باب جواز صوم النافلة بنية من النهار قبل الزوال. (2) يعني السنن الكبرى للبيهقي: 4/ 342 بلفظ: (قالت: دخل علي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ذات يوم، فقال: أعندك شيء؟ قلت: لا، قال: إذاً أصوم). (3) الوسيط: 1/ ق 147/ ب، ولفظه قبله " ... وفيما بعد الزوال قولان: أحدهما: نعم، ترغيباً في تكثير النوافل. والثاني: لا؛ لأنه ورد الخبر فيما قبل الزوال، والمعظم باقٍ، فلا يكون ما بعده في معناه، ولا مرد ... إلخ". (4) ما بين القوسين ساقط من (د)، والمثبت من (أ) و (ب). (5) انظر: الأم: 2/ 128، مختصر المزني: 9/ 64، الإبانة: 1/ ق 80/ ب، المهذب: 1/ 244، البسيط: 1/ ق 218/ أ، فتح العزيز: 6/ 311، المجموع: 6/ 306، الروضة: 2/ 216. (6) انظر: الحاوي: 3/ 407، الإبانة: 1/ ق 80/ ب، المهذب: 1/ 244، البسيط: 1/ ق 218/ أ، فتح العزيز: 6/ 315، المجموع: 6/ 306، الروضة: 2/ 216. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 191 والثاني: - ونسب إلى المحققين - أنه من وقت النية (1)؛ لأن النية لا تتعلق بما مضى، ولا صوم من غير نية، ونستخير الله تعالى في أن (2) الأصح منهما أيهما؟، وهذا الثاني أظهر، والأول أغوص، وإياه اختار صاحب الكتاب في تدريسه له (3). ثم، وإن جعلناه صائما من وقت النية، فالصحيح أن شرطه خلو ما مضى من نهاره عن الموانع، من الكفر والحيض والجنون وغيرها (4)، والله أعلم. (5) الأصح أن الأصح بطلان الصوم بنية الخروج (6) كالصلاة (7)؛ إذ يبقى بعضه بغير نية، والنية شرط في جميعه.   (1) نهاية 2/ ق 3/ ب. (2) ساقط من (أ). (3) وقد صححه كل من الماوردي والرافعي والنووي وغيرهم، ونقل النووي عن جماهير الأصحاب تضعيف الوجه الثاني القائل: أنه يحتسب من وقت النية. انظر: الحاوي 3/ 407، المهذب 1/ 311، البسيط 1/ ق 218/ أ، المجموع 6/ 306، الروضة 2/ 216. (4) انظر: البسيط: 1/ ق 218/ ب، الوجيز: 1/ 101، فتح العزيز: 6/ 318، المجموع: 6/ 307، الروضة: 2/ 216. (5) في (أ) زيادة: (و). (6) قال في الوسيط: 1/ ق 148/ أ "لا يبطل الصوم بمجرد نية الخروج على أحد الوجهين؛ إذ ليس له عقد وحل يرتبط بالقصد ... إلخ". (7) وصححه أيضاً صاحب المهذب والتهذيب وغيرهما، وصحح النووي عدم البطلان، وبقاؤه على ما كان. انظر: الإبانة: 1/ ق 81/ أ، المهذب: 1/ 244، البسيط: 1/ ق 218/ ب، فتح العزيز: 6/ 346، المجموع: 3/ 248, 6/ 313، الروضة: 2/ 219. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 192 ثم إن الأصح من القولين فيما إذا نوى قضاء ثم قلبه بالنية نذرا (1) أن صومه يبطل، ولا ينقلب نفلاً (2)، والله أعلم. قوله في جزم النية: "لو كان له مستند، وهو مع ذلك شاك جاز" (3). هذا لا يلائم (4) حقيقة الشك على ما تحقق في أصول الفقه، فإن الشك التردد بين احتمالين على السواء من غير ترجيح لأحدهما (5)، وإذا كان له مستند من المستندات التي ذكرها (6)، فقد ترجح أحدهما، لكن هذا تساهل في العبارة، جرى فيه على عرف من يطلق من غير الأصوليين لفظ الشك على الظن (7)، إذا كان للاحتمال المرجوح فيه تأثير في القلب، وحرارة (8) في النفس، والله أعلم. ذكر أن من المستندات المعتمدة في جزم النية، وجواز الصوم بناء عليها أن تكون له معرفة بتسيير (9) الأهلّة.   (1) انظر: الوسيط: 1/ ق 148/ أ. (2) انظر: الإبانة 1/ ق 81/ أ، المهذب 1/ 244، فتح العزيز 6/ 346، المجموع 3/ 248. (3) الوسيط: 1/ ق 148/ أ، ولفظه قبله " ... والمردود أن يقول ليلة الشك: أصوم غدا إن كان من رمضان، وكان من رمضان لم يعتدّ بصومه، ولو كان له مستند ... إلخ". (4) في (د) و (ب): (يلام)، والمثبت من (أ). (5) انظر: التعريفات: ص 128، إرشاد الفحول: 1/ 3. (6) في (أ): (ذكرناهما). (7) وهو في اصطلاح الأصوليين: الاعتقاد الراجح مع احتمال النقيض. انظر: التعريفات: ص: 144، إرشاد الفحول: 1/ 3. (8) في (أ): (حزازة). (9) في (أ) (يسير). الجزء: 3 ¦ الصفحة: 193 ثم قال: "إذا كان الغيم مطبقا، واقتضى الحساب الرؤية ففي وجوبه على من عرف الحساب وجهان" (1). أما معرفته بسير الأهلّة فهو معرفته منازل القمر، فإذا نوى الصوم بناء عليها، ثم ثبت الشهر بالشهادة صح صومه (2)، وهي غير المعرفة بالحساب على ما أشعر به كلامه في الدرس، فالحساب أمر دقيق يختصّ بمعرفته الآحاد، والمعرفة بالمنازل (3) كالمحسوس يشترك في دركه الجمهور، و (4) ممن يراقب النجوم، فذكر في الأول الجواز، ولم يتعرض للوجوب، وفي الثاني: ذكر الوجوب والخلاف في الجواز، وفي الكل خلاف (5). وقد ذكر الروياني صاحب "البحر" في شرحه "للمختصر" (6) أنه يجوز له الصوم (7) على أحد الوجهين بناء على المعرفة بمنازل القمر عرف ذلك بنفسه أو أخبره ثقة عرف ذلك، ولا يلزمه الصوم بذلك على أصح الوجهين، ويكفي في الجواز ما لا يكفي في الوجوب، فإنه يجوز له الشروع في الصلاة إذا غلب على ظنه دخول وقتها، ولا يجب ذلك.   (1) الوسيط: 1/ ق 148/ أ. (2) انظر: فتح العزيز: 6/ 266، الروضة: 2/ 211. (3) نهاية 2/ ق 4/ أ. (4) ساقط من (د) و (ب). (5) انظر: المهذب: 1/ 247، البسيط: 1/ ق 218/ ب، فتح العزيز: 6/ 266 - 267، المجموع: 6/ 289، الروضة: 2/ 210. (6) في (أ): (لمختصر). انظر: فتح العزيز: 6/ 266، المجموع: 6/ 289، الروضة: 2/ 210. (7) في (أ) زيادة (بناء). الجزء: 3 ¦ الصفحة: 194 وذكر أن المعرفة بالنجوم، أي بحسابها، لا يجوز الصوم (1) بناء عليها ههنا قولاً واحداً، وإجماع الأصحاب هذا إنما حكاه صاحب "الشامل" (2) في عدم الوجوب، فتحصل من مجموع النقلين أن القول بالجواز واللزوم خلاف الجمهور، والله أعلم. المحبوس في مطمورة (3) إذا اجتهد، وصام شهرا ظنه رمضان ووقع ذلك في شوال فالصحيح أنه قضاء (4)، والقول بأنه أداء ضعيف، وكذا (5) ما يفرع عليه، والله أعلم. قوله: "الاستمناء قصدا، والاستقاء قصدا" (6). ذكر القصد (7) فيه من قبيل التوكيد، إذ لفظ الاستمناء والاستقاء مشعر بالقصد يقال: استَقَاءَ استِقَاءً بالمدّ في الفعل، والمصدر، والأصح   (1) في (أ): (للصوم). (2) لم أقف على هذا النقل عنه عند غير المصنف. (3) المطمورة: هي الحفرة تحفر تحت الأرض. انظر: المصباح المنير: ص 378، والقاموس: ص 553. (4) وصححه أيضاً الرافعي والنووي وغيرهما. انظر: السلسلة: ق 41/ ب، الإبانة: 1/ ق 81/ ب، المهذب: 1/ 243، البسيط: 1/ ق 219/ أ، فتح العزيز: 6/ 332، المجموع: 6/ 296 - 297، الروضة: 2/ 217 - 218. (5) ساقط من (أ). (6) الوسيط: 1/ ق 148/ ب، ولفظه قبله " ... والمفطرات ثلاث: دخول داخل، وخروج خارج، وجماع ... أما الخارج: فالاستمناء ... إلخ". (7) في (د): (للقصد)، والمثبت من (أ) و (ب). الجزء: 3 ¦ الصفحة: 195 أنه مفطر في عينه (1) كالاستمناء، وإن تحفظ (2) فلم يرجع إلى جوفه شيء (3) (4) هو ظاهر الخبر، وهو ما روى أبو هريرة - رضي الله عنه - أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: (من ذرعه القيء، وهو صائم فليس عليه قضاء، ومن استقاء فليقض) أخرجه أبو داود والترمذي وغيرهما (5)، وإن تفرد به هشام بن   (1) في (أ): (بعينه). (2) في (د): (وإن لم تحفظ)، والمثبت من (أ) و (ب)، وهو الصواب. (3) انظر: الأم: 2/ 130، الإبانة: 1/ ق 83/ أ، المهذب: 1/ 246، البسيط: 1/ ق 219/ أ، المجموع: 6، الروضة: 2/ 220. (4) في (أ) زيادة (بعد الفطر). (5) أبو داود: 2/ 776 في كتاب الصوم، باب الصائم يستقيء عامداً، الترمذي: 3/ 98 في كتاب الصوم، باب ما جاء في الصائم يذرعه القيء، النسائي في الكبير: 4/ 215 وما بعدها، في الصائم يتقيأ، ابن ماجه: 1/ 536 في كتاب الصيام، باب ما جاء في الصائم يقئ، أحمد: 3/ 288، الدارمي: 2/ 24، ابن خزيمة: 3/ 226، الطحاوي: 2/ 97، ابن حبان: 8/ 285، الدارقطني: 2/ 184، الحاكم: 1/ 589 - 590، والبيهقي في الكبرى: 4/ 371 من طرق عن عيسى بن يونس عن هشام عن ابن سيرين عن أبي هريرة به. قال أبو داود: سمعت أحمد بن حنبل يقول: ليس من ذا شيء، قال الخطابي: يريد أن الحديث غير محفوظ، وقال البخاري: لا أراه محفوظا، وقال الترمذي: حسن غريب، وصححه ابن حبان والدارقطني وقال: رواته كلهم ثقات، والحاكم وقال: صحيح على شرط الشيخين، ولم يخرجاه، ووافقه الذهبي، والألباني وقال: قلت: وإنما قال البخاري وغيره بأنه غير محفوظ لظنهم أنه تفرد به عيسى بن يونس عن هشام، كما تقدم عن الترمذي، وما دام أنه قد توبع عليه من حفص بن غياث، وكلاهما ثقة محتج بها في الصحيحين فلا وجه لإعلال الحديث إذن، على أننا نرى أن الحديث صحيح، ولو تفرد به عيسى بن يونس؛ لأنه ثقة كما عرفت، ولأنه لم يخالفه أحد فيما علمنا، بل قد روى الحديث من طريق أخرى عن أبي هريرة". انظر: نصب الراية: 2/ 448، تذكرة الأحبار: ق 97/ ب، التلخيص: 2/ 201، إرواء الغليل: 4/ 51. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 196 حسان القُرْدُوسِيّ (1) (2) فله شاهد (3)، وهو ثابت بثبوت النوع المسمى بالحسن. "وذرعه" بالذال المعجمة، أي سبقه وغلبه (4)، والله أعلم. وقوله "كداخل القحف والخريطة" (5)، فالقحف هو (6) العظم الذي (7) فوق الدماغ (8)، وتحته خريطة الدماغ، وهي المسماة "أم الدماغ"، وهي جلدة رقيقة محيطة بالدماغ (9)، والله أعلم.   (1) في (د) و (أ): (الفردوسي) بالفاء، وهو تصحيف، والصواب بالقاف. وهو هشام بن حسان القُرْدُوسِيّ، أبو عبد الله البصري، ثقة من أثبت الناس في ابن سيرين من السادسة، مات سنة 6، أو 7 أو 148 هـ. انظر: التاريخ الكبير للبخاري: 8/ 197، الثقات لابن حبان: 7/ 566، التهذيب: 11/ 34، التقريب: ص 572. (2) في (أ) زيادة: (فهو ثابت). (3) وهذا الشاهد أخرجه ابن أبي شيبة في المصنف: 3/ 38، والدارقطني: 2/ 184 من طريق عبد الله بن أبي سعيد عن جده عن أبي هريرة مرفوعاً بلفظ: (إذا ذرع الصائم القيء فلا فطر عليه ولا قضاء عليه، وإذا تقيأ فعليه القضاء). قال الدارقطني: عبد الله بن أبي سعيد ليس بالقوي، وقال الألباني: بل هو متروك متهم. انظر: إرواء الغليل: 4/ 53. (4) نهاية 2/ ق 4/ ب، وانظر: النهاية في غريب الحديث: 2/ 158، المصباح المنير: ص 208. (5) الوسيط: 1/ ق 148/، ولفظه قبله "وأما الباطن عنينا به كل موضع مجوف فيه محيلة الدواء أو الغذاء كداخل القحف والخريطة ... إلخ". (6) ساقط من (أ). (7) في (أ) زيادة: (هو). (8) انظر: الصحاح: 4/ 1413، المصباح المنير: ص 491. (9) انظر: المصباح المنير: ص 23، القاموس: ص 391, المعجم الوسيط: ص 27. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 197 قوله: "وما لا يعتاد (1) أكله كالحصاة والبرد" (2). في تمثيله ذلك بالبرد شيء، ولكن كأنه خصه بالذكر من أجل خلاف أبي طلحة الأنصاري (3) الصحابي - رضي الله عنه -، فإنه روى عنه أنه كان يستفّ (4) البرد في الصوم، ويقول: ليس بطعام ولا شراب (5). وروي عن الحسن بن صالح بن حيّ (6) أنه قال: ما ليس بطعام لا يفطر، وقد   (1) في (ب): (وما يعتاد) بإسقاط "لا". (2) الوسيط: 1/ ق 148/ ب، ولفظه قبله "أما قولنا (كل عين) جمعنا به ما يعتاد أكله، وما لا يعتاد ... إلخ". (3) هو زيد بن سهل بن الأسود بن حرام، أبو طلحة الأنصاري الخزرجي، الصحابي الجليل، شهد بدرا، وما بعدها من المشاهد كلها مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وهو أحد النقباء - رضي الله عنه - مات سنة 34 هـ، وقيل: قبلها بسنتين. انظر: الكنى والأسماء للإمام مسلم: 1/ 456، تهذيب الأسماء واللغات: 2/ 246، الإصابة: 1/ 566 - 577. (4) سفَّ الدّواء يَسَفُّهُ بالفتح سَفّاً واستفّهُ أيضاً إذا أخذه غير مَلْتوتٍ وكذا السويق، مختار الصحاح ص 265، القاموس المحيط ص 1059. (5) رواه أبو يعلى 6/ 147 من حديث أنس بن مالك، قال: مطرت السماء بردا فقال لنا أبو طلحة ونحن غلمان: ناولني يا أنس من ذلك البرد فناولته فجعل يأكل وهو صائم، قال: ألست صائماً، قال: بلى، إن هذا ليس بطعام ولا شراب، إنما هو بركة من السماء تطهر به بطوننا، قال أنس: فأتيت النبي - صلى الله عليه وسلم - فأخبرته، فقال: (خذ عن عمك)، وأورده الهيثمي في المجمع: 3/ 171 - 172، وقال: "وفيه علي بن زيد، وفيه كلام كثير، وقد وثق، وبقية رجاله رجال الصحيح، ورواه البزار موقوفاً". (6) انظر قوله هذا في: الإبانة: 1/ ق 82/ أ، حلية العلماء: 3/ 195، المغني: 4/ 350، المجموع: 6/ 340. والحسن هو الحسن بن صالح بن صالح بن حيّ، أبو عبد الله الهمداني الثوري الفقيه، ثقة عابد، رمي بالتشيع، مات سنة 167 هـ أو 169 هـ. انظر: طبقات الفقهاء للشيرازي: ص 86، ميزان الاعتدال: 1/ 496 وما بعدها، البداية: 10/ 161، التقريب: ص 161. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 198 انعقد الإجماع بعدهما على خلاف ما قالاه (1)، والله أعلم. قوله: "وفيما يصل إلى الإحليل وجهان، والصحيح أن تقطير (2) الدهن في الأذن لا يفطر" (3). هذا الخلاف ينبني (4) في الصورتين على أن المعتبر في ذلك الوصول إلى جوف، فيه قوة محيلة كما سبق أو إلى ما يقع عليه اسم الجوف (5)، وفي ذلك وجهان (6): وهذا الثاني أشبه بكلام الأكثر، ولهذا يفطر بوصول واصل إلى الحلق (مع أنه ليس فيه قوة الإحالة) (7) والأظهر أنه يفطر فيهما (8)، والله أعلم. ذكر أن قوله "في منفذ مفتوح احتراز مما (9) يصل في المسامّ" (10)، ثم قال: "إلا أن يكون به جراحة جائفة، فإذا نزل عين الدواء إلى الجوف أفطر" (11).   (1) لم أجد نقل هذا الإجماع عند غير المصنف، وفيه أيضاً نظر؛ لخلاف بعض المالكية، فإن ما لا يؤكل في العادة كالدرهم أو التراب أو الحصاة أو الحديد ونحوها لا يفطر عندهم. انظر: القوانين الفقهية: ص 80، المجموع: 6/ 340. (2) في (أ): (أنه يفطر تقطير). (3) الوسيط: 1/ ق 149/ أ. (4) في (ب): (مبني). (5) في (أ) زيادة: (مطلقا). (6) انظر: الإبانة: 1/ ق 82/ أ، البسيط: 1/ ق 219/ ب، الروضة: 2/ 220 - 221، مغني المحتاج: 1/ 428، نهاية المحتاج: 3/ 167. (7) ما بين القوسين بياض في (ب). (8) انظر: نهاية المطلب: 2/ ق 160، المجموع: 6/ 335. (9) في (أ): (عما). (10) المسام جمع السمّ، وهي ثقب البدن. انظر: مختار الصحاح: ص 76، القاموس المحيط: ص1450. (11) الوسيط: 1/ ق 49/ أ. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 199 وجه هذا الاستثناء أن الجراحة، وإن كانت منطبقة لا يشاهد فيها شيء مفتوح، فالواصل منها مفطر (1)؛ لأن فيها من حيث الحقيقة منفذا مفتوحا، والله أعلم. أصح الوجهين (2) في مداواة المغمى عليه بالإيجار (3) أنه لا يفطر (4)؛ لأنه بغير اختياره حقيقة، والخلاف مفرع على أن مطلق الإغماء غير مفطر (5)، والله أعلم. إذا جمع ريقه في فيه قصدا وبلعه (6) فالأصح فيما ذكره الروياني (7) وإمام الحرمين (8) (9) أنه لا يفطر به (10).   (1) انظر: الإبانة: 1/ ق 82/ أ، المهذب: 1/ 245، نهاية المطلب: 1/ ق 160، البسيط: 1/ ق 219/ ب، مغني المحتاج: 1/ 428، نهاية المحتاج: 3/ 166. (2) قال في الوسيط 1/ ق 149/ أ "أما قولنا (عن قصد) المعني به ... أو أوجر وهو مكره، أو نائم أو مغمى عليه فلا يفطر إلا أن يقصد معالجة المغمى عليه في إيجاره ففيه وجهان". (3) الإيجار هو الدواء يصبّ في الحلق، يقال: أوجرت المريض إيجارا فعلت به ذلك. انظر: النظم المستعذب: 1/ 246، المصباح المنير: ص 648، القاموس: ص 633. (4) وصححه أيضاً الرافعي والنووي. انظر: الإبانة: 1/ ق 83/ أ، البسيط: 1/ ق 219/ ب، فتح العزيز: 6/ 387، المجموع: 6/ 353، الروضة: 2/ 223. (5) وإلا فالإيجار مسبوق بالبطلان. انظر: فتح العزيز: 6/ 387، والمجموع: 6/ 353، ومغني المحتاج: 3/ 176. (6) انظر: الوسيط: 1/ ق 149/ أ. (7) انظر: النقل عنه في فتح العزيز: 6/ 390. (8) نهاية المطلب: 2/ ق 161. (9) نهاية 2/ ق 5/ أ. (10) وصححه أيضاً الرافعي والنووي. انظر: الإبانة ق 83/ أ، البسيط: 1/ ق 219/ ب، حلية العلماء: 3/ 194، فتح العزيز: 6/ 390، المجموع: 6/ 342، الروضة: 2/ 224، مغني المحتاج: 1/ 429. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 200 ووجهه أنه وصل إلى جوفه من معدته مع كونه من (1) جنس ما عفي عنه، والله أعلم. قوله: "والخياط إذا بلّ الخيط ثم ردّه إلى فيه، قال الأصحاب: يفطر" (2). هذا إذا أعاده، وفيه شيء من عين الريق يمكن فصله وبلعه، أما مجرد البلّ (3) فلا بأس به (4)، والله أعلم. ما ذكره في النخامة (5) فيه إيهام (6)، وشرحه أنها تنزل من ثقبة نافذة إلى الدماغ في أقصى الفم جارية إلى داخل الحلقوم، فإن جرت كذلك إلى الباطن بغير اختياره لم يفطر (7)، وإن ردها عن مجراها، وعن سَنَن الحُلْقُوم (8) إلى الفم،   (1) ساقط من (ب). (2) الوسيط: 1/ ق 149/ أ. (3) في (أ) و (ب): (البلل). (4) انظر: البسيط: 1/ ق 219/ ب، المجموع: 6/ 343، الروضة: 2/ 224، مغني المحتاج: 1/ 129. (5) ولفظه في الوسيط: 1/ ق 149/ ب "وأما النخامة فإنها تبرز من ثقبة نافذة من الدماغ إلى أقصى الفم، فإن جرى إلى الباطن بغير اختياره لم يفطر، وإن ردّة إلى فضاء الفم، ثم ازدرده قصدا أفطر، وإن قدر على قطعه من مجراه ودفعه عن الجريان وتركه حتى جرى بنفسه ففيه وجهان". (6) في (أ): (إبهام). (7) بالاتفاق، انظر: الإبانة: 1/ ق 83/ أ، نهاية المطلب: 1/ ق 161، البسيط: 1/ ق 219/ ب، حلية العلماء: 3/ 194، المجموع: 6/ 343، الروضة: 2/ 224. (8) في (أ) و (د) (الحلقه)، والمثبت من (ب). الجزء: 3 ¦ الصفحة: 201 وبلعها أفطر (1)، هذا المراد بقوله "وإن ردّه إلى أقصى الفم"، وإن قدر على قطعها عن (2) مجراها فلم يفعل، وتركها حتى جرت، ففيها وجهان (3) في الأرجح منهما نظر، ولم أجد ذكرا لأصحهما (4)، ولعل الأقرب أنه لا يفطر؛ لأنه لم يفعل شيئاً، وإنما ترك الدفع فهو كما إذا وصل الغبار إلى جوفه مع كونه قادرا على دفعه بإطباق فمه فلم يفعل، و (5) في "التهذيب" (6) أنه لو فتح فاه عمدا حتى دخل الغبار جوفه لم يفطر على أصح الوجهين، والله أعلم. الصحيح في وصول الماء بالمضمضة والاستنشاق أنه لا يفطر عند عدم المبالغة، ويفطر عند المبالغة (7)، والله أعلم. ذكر أنه لا يكره القبلة في الصوم لمن يملك إرْبه، وقد (كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقبِّل نساءه، وهو صائم) (8)، هذا حديث عائشة - رضي الله عنها - قالت (كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقبّل وهو صائم، وكان أملككم لإربه)، وهو مروي في   (1) هذا هو المذهب. انظر: الإبانة 1/ ق 83/ أ، نهاية المطلب 1/ ق 161، حلية العلماء 3/ 194، المجموع 6/ 343، الروضة 2/ 224. (2) في (أ) و (ب): (من). (3) انظر: نهاية المطلب: 2/ ق 161، البسيط: 1/ ق 219/ ب، حلية العلماء: 3/ 194، فتح العزيز: 6/ 393، المجموع: 6/ 343. (4) في (أ): (ولم أجده ذكر لأصحهما). (5) ساقط من (أ). (6) 3/ 163. (7) هذا هو المذهب، وقيل: يفطر مطلقا، وقيل: لا يفطر مطلقا. انظر: المهذب: 1/ 247، البسيط: 1/ ق 219/ ب، المجموع: 6/ 356، الروضة: 2/ 225، الاستغناء: 2/ 542. (8) الوسيط: 1/ ق 149/ ب. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 202 الصحيحين، وغيرهما (1) بألفاظ فيها (يقبل بعض أزواجه)، (يقبّل، يقبّلني) ونحو ذلك، ليس في شيء منها (يقبل نساءه) على العموم كما قاله. قوله: "لإربه" رواه أكثر الرواة - بكسر الهمزة، وإسكان الراء، ورواه بعضهم بفتح الهمزة وفتح الراء (2) أي لحاجته، والصحيح على رواية الكثير أنه أيضاً الحاجة، وهما لغتان في الحاجة (3). وقيل: معناه لعضوه، فإن الأراب، الأعضاء واحدها إرْب - بالكسر، والمراد أنه كان - صلى الله عليه وسلم - يملك نفسه عن المواقعة (4)، والله أعلم. الصحيح من الوجهين المذكورين (5) في اقتلاع النخامة من الباطن، ولفظها أنه لا يفطر (6)؛ لأن الحاجة إليه تكثر، ولم يذكر كثير من المصنفين غيره، وإلحاقه بالاستقاء مبني على أن الاستقاء مفطر لنفسه لا لرجوع شيء منه.   (1) البخاري: 4/ 176 في كتاب الصوم، باب المباشرة للصائم، وباب القبلة للصائم، ومسلم: 7/ 215 - 219 في كتاب الصوم، باب بيان أن القبلة في الصوم ليست محرمة على من تحرك شهوته، ورواه أبو داود: 2/ 778 في كتاب الصوم، باب القبلة للصائم، الترمذي: 3/ 107 في كتاب الصوم، باب ما جاء في المباشرة للصائم، ابن ماجه: 1/ 537، باب ما جاء في القبلة للصائم، وباب ما جاء في المباشرة للصائم، أحمد في المسند: 6/ 230، 216، 42، والدارمي: 2/ 22، مالك في الموطأ: 1/ 243، أبو داود الطيالسي: ص 198، ابن أبي شيبة: 3/ 59، ابن خزيمة: 3/ 243، الطحاوي: 2/ 90 - 93، الدارقطني: 2/ 18، البيهقي: 4/ 387. (2) نهاية 2/ ق 5/ ب. (3) انظر: معالم السنن: 2/ 778، النهاية في غريب الحديث: 1/ 36، المصباح المنير: ص 11، فتح الباري: 4/ 179. (4) انظر: المصادر السابقة. (5) قال في الوسيط: 1/ ق 149/ ب "وإذا اقتلع نخامة من باطنه فهل يلحق بالاستقاء فيه وجهان، أحدهما: نعم؛ لأنه مشبّه به، والثاني: لا, لأن الاستقاء إخراج طعام عن مقره". (6) وهذا هو المذهب، وصححه أيضاً الرافعي والنووي. انظر: البسيط: 1/ ق 220/ أ، الوجيز: 1/ 102، فتح العزيز: 6/ 398، المجموع: 6/ 344، الروضة: 2/ 226. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 203 وضَبْطُه الباطن بمخرج الحاء المهملة، والظاهر بمخرج الخاء المنقوطة (1)، لم أجده (2) لغيره، وقد قال: في الدرس: لا تقتلع النخامة إلا من هذين المخرجين، و (3) هذا فيه نظر، فإن الحاء المهملة تخرج مما فوق الباطن (4)، والله أعلم. القولان في إفطار المكره (5)، قلّ من تعرّض لبيان الأصح منهما (6)، وعند صاحب الكتاب أن الأصح القول بالإفطار (7)، والذي يظهر أن القول بعدم الإفطار أقوى وأصح (8)، وذلك؛ لأنه بالإكراه سقط حكم اختياره حتى لا يأثم بالأكل، وصار مأمورا بالأكل غير منهي عنه، فهو كالناسي، وبل (9) أولى من حيث إنه مأمور به، والناسي لا يتوجه نحوه أمر، ولا خطاب.   (1) انظر: الوسيط: 1/ ق 149/ ب. (2) في (ب) (لم أجد) بإسقاط الضمير. (3) ساقط من (أ). (4) وقال النووي: "والصحيح أن المهملة أيضاً من الظاهر، وعجب كونه ضبط بالمهملة التي هي من وسط الحلق، ولم يضبطه بالهاء أو الهمزة، فإنهما من أقصى الحلق، وأما الخاء المعجمة فمن أدنى الحلق، وكل هذا معروف مشهور لأهل العربية" انظر: المجموع: 6/ 344، الروضة: 2/ 227. (5) انظر: الوسيط: 1/ ق 150/ أ. (6) في (أ): (فيهما). (7) انظر: البسيط: 1/ ق 220/ أ، حلية العلماء: 3/ 197، الروضة: 2/ 227. (8) وصححه أيضاً الشيرازي والرافعي والنووي. انظر: التنبيه: ص 95، الوجيز: 1/ 102، فتح العزيز: 6/ 398، المجموع: 6/ 353، الروضة: 2/ 227. (9) كذا في النسخ (وبل)، لعل الصواب حذف الواو قبلها. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 204 وقولهم في توجيه الآخر أنه أكل لدفع الضرر عنه فأفطر، كما لو أكل لدفع ضرر الجوع والعطش (1). قلت: والفرق بينهما أن الإكراه قادح في اختياره، (والجائع أو العطشان، وإن اضطر فاضطراره غير قادح في اختياره) (2)، بل يزيده اختيارا للأكل (3) والشرب، والله أعلم. قوله في الناسي: "لورود الحديث" (4)، هو ما رواه أبو هريرة - رضي الله عنه - أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: (من نسي وهو صائم، فأكل أو شرب فليتمّ صومه، فإنما أطعمه الله وسقاه) أخرجاه في الصحيحين (5) (6)، والله أعلم. يجوز للصائم الإفطار عند اليقين (7)، بأن يعلم الغروب بالمشاهدة في المواضع المرتفعة، وألحق صاحب الكتاب الاعتقاد القطعي باليقين، والفرق بينهما أن   (1) انظر: المهذب: 1/ 247، فتح العزيز: 6/ 399. (2) ما بين القوسين ساقط من (د)، والمثبت من (أ) و (ب). (3) في (أ): (اختيارا في الأكل)، وفي (ب) (اختيار الأكل). (4) الوسيط: 1/ ق 150/ أ، ولفظه قبله "أما قولنا: مع ذكر الصوم احترزنا به عن الناسي للصوم، فإنه إذا أكل مرة أو مرارا كثيرة أو قليلة لم يفطر لورود الحديث". (5) البخاري: 4/ 183 مع الفتح في كتاب الصوم، باب الصائم إذا أكل أو شرب ناسيا، و11/ 558 في كتاب الإيمان والنذور، باب إذا حنث ناسيا في الأيمان، ومسلم: 8/ 35 مع النووي في كتاب الصوم، باب أكل الناسي وشربه وجماعه لا يفطر. (6) نهاية 2/ ق 6/ أ. (7) قال في الوسيط: 1/ ق 150/ أ "فإن قيل: فمتى يحلّ الأكل، قلنا: في آخر النهار فعند اليقين أو عند اعتقاد قطعي في حق الصائم ... إلخ". الجزء: 3 ¦ الصفحة: 205 اليقين يستند إلى دليل قاطع (موجب للعلم (1)، والاعتقاد: جزم القلب من غير استناد إلى دليل قاطع) (2) كاعتقاد العامي المقلد في كثير من القواعد الدينية، والصحيح جوازه بالظن المستند إلى اجتهاد وأمارة (3). وخالف الأستاذ أبو إسحاق الإسفراييني (4) في ذلك (5)، وفي وقت الصلاة أيضاً؛ لإمكان الاستيقان بالصبر، وذلك خطأ إذ ثبت عن هشام بن عروة (6) عن فاطمة بنت المنذر (7) عن أسماء بنت أبي بكر الصديق (8)، قالت: (أفطرنا على عهد رسول   (1) في (د): (يوجب بالعلم)، والمثبت من (أ). (2) ما بين القوسين ساقط من: (ب). (3) وبه قطع الجمهور، وصححه أيضاً النووي. انظر: البسيط: 1/ ق 220/ ب، الوجيز: 1/ 102، المجموع: 6/ 326، الروضة: 2/ 228، مغني المحتاج: 1/ 431. (4) هو إبراهيم بن محمَّد بن إبراهيم بن مهران، أبو إسحاق الإسفراييني، ويلقب بركن الدين، كان فقيها متكلما أصوليا، وله المصنفات الكثيرة، منها: جامع الحلي، والتعليقة في أصول الفقه، مات سنة 418 هـ. انظر: طبقات الفقهاء للشيرازي: ص 134، تهذيب الأسماء واللغات: 2/ 169، وفيات الأعيان: 1/ 8، البداية والنهاية: 12/ 27، طبقات ابن قاضي شهبة: 1/ 170، طبقات ابن هداية الله: ص 225. (5) انظر: النقل عنه في فتح العزيز: 6/ 402، المجموع: 6/ 326. (6) هو هشام بن عروة بن الزبير بن العوام القرشي الأسدي، أبو المنذر، التابعي المشهور، كان ثقة ثبتا حجة، كثير الحديث، مات ببغداد سنة 145 أو 146 هـ. انظر: تهذيب الأسماء واللغات: 2/ 138، ميزان الاعتدال: 4/ 301، تذكرة الحفاظ: 1/ 144، التقريب: ص 573. (7) هي فاطمة بنت المنذر بن الزبير بن العوام الأسدية، زوج هشام بن عروة، ثقة من الثالثة، انظر: التقريب: 752، تهذيب التهذيب 12/ 444. (8) هي أسماء بنت أبي بكر الصديق، زوج زبير بن العوام، من كبار الصحابة، وتعرف بذات النطاقين، وعاشت مائة سنة، ولم يسقط لها سنّ، ولم يتغير من عقلها شيء، ماتت بمكة المكرمة سنة 73 أو 74 هـ. انظر: تهذيب الأسماء واللغات: 2/ 328، الإصابة: 4/ 224، التقريب: ص 743. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 206 الله - صلى الله عليه وسلم - في يوم غيم ثم طلعت الشمس، قيل لهشام: فأمروا بالقضاء، فقال: بدّ من قضاء) (1)، أخرجه البخاري في صحيحه (2)، ومثل هذا معدود من قبيل المرفوع إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على ما قررناه في "معرفة علوم الحديث" (3). وروى الشافعي عن مالك بإسناده (4) أن عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - (أفطر في رمضان في يوم ذي غيم، ورأى أنه قد أمسى، وغابت الشمس، فجاءه رجل فقال: قد طلعت الشمس، فقال عمر (5): الخُطْبُ يسير، وقد اجتهدنا) (6). قال الشافعي ومالك: يعني قضاء يوم مكانه (7)، والله أعلم.   (1) قوله: (بدّ من قضاء) قال الحافظ ابن حجر: هو استفهام إنكار، محذوف الأداة، والمعنى: لا بد من قضاء. ووقع في رواية أبي ذر (لا بدّ من القضاء). انظر: فتح الباري: 4/ 235. (2) 4/ 235 مع الفتح في كتاب الصوم، باب إذا أفطر في رمضان ثم طلعت الشمس. (3) ص 43 تحت "معرفة الحديث المقطوع". (4) في (ب): (بإسناده عن مالك). (5) ساقط من (د)، والمثبت من (أ) و (ب). (6) رواه مالك في الموطأ: 1/ 251 في كتاب الصيام، باب ما جاء في قضاء رمضان والكفارات، الشافعي في الأم: 2/ 128، في المسند: ص 103، وكما رواه عبد الرزاق في المصنف: 4/ 178، زاد فيه (ونقضي يوما)، البيهقي: 4/ 366 من طريق مالك عن زيد بن أسلم عن أخيه خالد بن أسلم أن عمر به. (7) انظر: الموطأ: 1/ 251، الأم: 2/ 128. هذا وقد اختلف في هذه المسألة، أعني من أفطر في رمضان ظانّا منه غروب الشمس، فبان خلافه، هل يجب عليه قضاء ذلك اليوم أو لا؟، فذهب الجمهور إلى إيجاب القضاء، وقال أحمد في رواية وإسحاق وداود أن صومه صحيح ولا قضاء عليه، وحكي ذلك عن عطاء ومجاهد وعروة بن الزبير والحسن. والراجح - والله أعلم - ما ذهب إليه الجمهور؛ لأنه لو غّم هلال رمضان فأصبحوا مفطرين، ثم تبين أن ذلك اليوم من رمضان فالقضاء واجب بالاتفاق فكذلك هذا. انظر: المغني: 4/ 389، المجموع: 6/ 330، فتح الباري: 4/ 236. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 207 ما ذكره من أنه يجوز الأكل في آخر الليل بالظن، ولا يجوز هجوما (1)، يستفاد منه أنه لا بدّ من الظن فلا يكفي مجرد (2) الاستصحاب حتى يلحظه مستثيرا للظن منه معتمدا عليه، ومع ذلك فلو هجم دون ذلك فلا قضاء عليه إلا أن يتبين أن الفجر (3) كان طالعا (4). وما ذكره من أنه لا يجوز الهجوم كأنه من تصرفه، ولم أجده لغيره، وهو يخالف ظاهر (5) نص الشافعي في "المختصر" (6) حيث قال: "وإن أكل شاكا في الفجر فلا شيء عليه" بل يخالف ظاهر إطلاق قول الله تبارك وتعالى: {وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ} (7)، فإن الهاجم لم يتبين ذلك (8).   (1) انظر: الوسيط: 1/ ق 150/ أ. (2) ساقط من (د) و (ب)، والمثبت من (أ). (3) نهاية 2/ ق 6/ ب. (4) انظر: الإبانة: 1/ ق 82/ ب، التنبيه: ص 95، البسيط: 1/ ق 220/ ب، حلية العلماء: 3/ 193، فتح العزيز: 6/ 402، المجموع: 6/ 325 - 326. (5) ساقط من (د)، والمثبت من (أ) و (ب). (6) مختصر المزني: ص 65. (7) سورة البقرة الآية 187. (8) قال النووي: "وقد اتفق الأصحاب على جواز الأكل للشاك في طلوع الفجر، وأما قول الغزالي في "البسيط" لا يجوز الأكل هجوماً في أول النهار، فلعله أراد بقوله: لا يجوز، أنه ليس مباحا مستوفى الطرفين، بل الأولى تركه، فإن أراد به تحريم الأكل على الشاك في طلوع الفجر فهو غلط مخالف للقرآن ولابن عباس ولجميع الأصحاب، بل لجميع العلماء، ولا نعرف أحدا من العلماء قال بتحريمه إلا مالكا، فإنه حرّمه، وأوجب القضاء على من أكل شاكا". انظر: المجموع: 6/ 325. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 208 وروينا أن رجلاً قال لابن عباس: متى أدع السحور؟ فقال رجل: إذا شككت، فقال ابن عباس: (كل ما (1) شككت حتى يتبين لك) (2). قال: "ولو أحرم مجامعاً ثم نزع ففي انعقاد إحرامه وجهان" (3). قلت: الذي يظهر أن الأصح منهما أنه لا ينعقد (4)؛ لأنه غير معذور في ابتدائه الإحرام في هذه الحالة المنافية لإحرامه، وهو شبيه بالمتلاعب، والله أعلم. قوله: "ثم للعقل (5) زوال بالجنون، وانغمار بالإغماء، واستتار بالنوم" (6). شرحه أن العقل على المذهب المختار غريزة يتهيأ بها إدراك الحقائق (7). ثم قد يختلّ ذلك التهيؤ بمعارض (8) يطرأ، وذلك المعارض ينقسم (ثلاثة أقسام) (9)،   (1) في (أ): (إذا). (2) رواه عبد الرزاق في المصنف: 4/ 172، وابن أبي شيبة في المصنف: 3/ 25، والبيهقي: 4/ 374، واللفظ له. (3) الوسيط: 1/ ق 150/ ب. (4) انظر: البسيط: 1/ ق 221/ أ، المجموع: 6/ 373 - 374. (5) في (ب): (ثم إن العقل). (6) الوسيط: 1/ ق 150/ ب، وقبله "القول في شرائط الصوم: وهي أربع، ثلاث في الصائم، وهو الإِسلام والعقل والنقاء عن الحيض ... ثم العقل زواله ... إلخ". (7) انظر تعريف العقل: تهذيب الأسماء واللغات: 3/ 2/33 - 34، المصباح المنير: ص 423، التعريفات: ص 151. (8) في (أ): (لمعارض). (9) ما بين القوسين ساقط من (د) و (ب). الجزء: 3 ¦ الصفحة: 209 فإن تمكن وبَعد زواله، ولم يندفع بالاختيار فهو الذي جعله زوالا للعقل، وهو المسمى جنونا، وإن قرب زواله، لكن استولى بحيث لا يندفع بالاختيار فهو (الذي) (1) جعله انغمارا للعقل، وهو المسمى بالإغماء، وإن قرب زواله، وكان يندفع بالاختيار فهو ما جعله استتارا للعقل، وكأنه كالشيء المستور الذي يسهل كشف الساتر عنه، والله أعلم. قوله: "والثالث: أن الإغماء كالحيض" (2)، كأنه إنما لم يقل كالجنون مع كونه أشبه به؛ لأن هذا القول مأخوذ من نصه في "كتاب اختلاف العراقيين" (3)، وهما (4) أبو حنيفة، وابن أبي ليلى (5) أن المرأة إذا أغمي عليها، وهي صائمة، أو حاضت بطل صومها (6)، والله أعلم.   (1) ما بين القوسين ساقط من (د) و (ب)، والمثبت من (أ). (2) الوسيط: 1/ ق 150/ ب، وقبله "وأما الإغماء ففيه طريقان: أحدهما: إجراء خمسة أقوال: ثلاثة منصوصة، واثنان مخرجان: أحدهما: وعليه نص ههنا ... والثالث ... إلخ". (3) وهو من جملة كتاب الأم، يقع في المجلد السابع من الطبعة الجديدة بتحقيق: محمود مطرجي. (4) نهاية 2/ ق 7/ أ. (5) هو محمَّد بن عبد الرحمن بن أبي ليلى، أبو عبد الرحمن الأنصاري الكوفي، الإِمام العلم، مفتي الكوفة وقاضيها، حدث عن أخيه عيسى والشعبي والحكم وغيرهم، مات سنة 148 هـ. انظر: طبقات الشيرازي: ص 85، تهذيب الأسماء واللغات: 2/ 280، سير أعلام النبلاء: 6/ 310، تذكرة الحفاظ: 1/ 171. (6) لم أجد هذا النص بهذا اللفظ في مظنه المذكور، وأقرب النص الذي وجدته إلى هذا المعنى هو بلفظ "وإذا أصاب الرجل امرأته في شهر رمضان ثم مرض الرجل في آخر يومه فذهب عقله أو حاضت المرأة فقد قيل على الرجل عتق رقبة" هذا وقد نسبه إلى كتابه اختلاف العراقيين كل من الشيرازي في المهذب: 1/ 250، والغزالي في البسيط: 1/ ق 221/ ب، والنووي في المجموع: 6/ 384، ونسبه الفوراني في الإبانة: 1/ ق 84/ أإلى كتابه "اختلاف الحديث"، ولم أجده فيه أيضاً، والله أعلم. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 210 اختلفوا في الأرجح، والأصح من الأقوال المذكورة في الإغماء (1)، فعند الروياني صاحب "البحر" (2) وغيره أن أصحها (3) أنه يكفي إفاقته في جزء من النهار (4)، وبه قال أحمد بن حنبل (5)، وينساق مع هذا قول من قطع به، وقال: لا قول في المسألة غيره (6). ومن العجب قول الشيخ أبي إسحاق في "مهذبه" (7): "لا أعرف له وجهاً"، ووجهه إمام الحرمين (8) بما تحريره أن الأصل اعتبار اقتران (9) النية بجميع (10) أجزاء العبادة، لكن حطّ ذلك رخصة لما فيه من الحرج، واكتفى بتقديم النية عزما متعلقا بجميع العبادة، فلا أقل من أن يكون المعزوم عليه بحيث يتصور قصده من العازم حتى يتنزل منزلة المقصود حقيقة، والمغمى عليه لا يتصور منه القصد فلا يقع   (1) انظر: مختصر المزني: ص 65، الإبانة: 1/ ق 84/ أ، المهذب: 1/ 250، التنبيه: ص 94، البسيط: 1/ ق 221/ أ، حلية العلماء: 3/ 206، فتح العزيز: 6/ 406، المجموع: 6/ 384. (2) انظر: النقل عن الروياني في كفاية النبيه 2/ ق 129/ ب. (3) في (د): (أصحهما)، والمثبت من (أ) و (ب)، وهو الصواب. (4) وعبر عنه في الروضة بالمذهب. انظر: حلية العلماء: 3/ 206، فتح العزيز: 6/ 406، المجموع: 6/ 384، الروضة: 2/ 231. (5) انظر: المغني: 4/ 244، المبدع: 3/ 17، كتاب الفروع: 3/ 25، كشاف القناع: 2/ 366. (6) انظر: فتح العزيز: 6/ 407 - 408، الروضة: 2/ 231، كفاية النبيه 2/ ق 129/ ب. (7) 1/ 250. (8) انظر: النقل عن إمام الحرمين في فتح العزيز: 6/ 406 - 407. (9) في (أ): (أن الأصح افتراق). (10) في (أ): (لجميع). الجزء: 3 ¦ الصفحة: 211 إمساكه مقصودا حتى ينصرف إليه العزم السابق، ويُنَزَّل منزلة المقصود بقصد مقارن، وإذا وجدت الإفاقة في بعضه، كانت بمنزلة الإفاقة في جميعه من حيث إنه لا ينقسم، ولا يتجزأ فيتبع زمان الإغماء زمان الإفاقة، والله أعلم. ومن قطع من الأصحاب، بأنه يعتبر الإفاقة في الجزء الأول من النهار (1)، وقال: لا قول (2) في المسألة غيره، فقد رجحه أبلغ ترجيح، وهو مذهب مالك (3)، ويشبه أن يكون هذا هو الأصح، إذا جعلنا المسألة ذات أقوال، وإلى أن هذا هو الأصح (4) ذهب صاحب الكتاب في "الوجيز" (5)، والله أعلم. ما ذكره على طريقة مَنْ قطع بما نصّ عليه في الصوم (6) من اعتبار الإفاقة في أي جزء كان، من أنه تأول بقية النصوص (7)، أما نصه في الظهار (8) فتعينه فيه أول (9) النهار، مثال في اعتبار لحظة (1)، لا   (1) انظر: التنبيه: ص 94 - 95، فتح العزيز: 6/ 407، الروضة: 2/ 231، مغني المحتاج: 1/ 433. (2) في (أ): (أقول). (3) انظر: المدونة: 1/ 207، التفريع: 1/ 309، الكافي: 1/ 340. (4) كذا في النسخ، ولعل الأرجح "وإلى هذا الأصح ذهب ... إلخ". (5) 1/ 103. (6) من مختصر المزني: ص 65. (7) في (أ): (النص). (8) من كتاب الأم: 5/ 407. (9) نهاية 2/ ق 7/ ب. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 212 تقييد (1)، وأما نصه في التسوية بين الإغماء والحيض فمحمول على الإغماء المستغرق (2)، والله أعلم. الأصح من الوجهين في صحة [صوم] (3) يوم الشك، والصلوات في الأوقات المكروهة (4)، القول بالإبطال (5)، كما في صوم يوم العيد، والفرق على الوجه الآخر (6)، كون هذا الوقت قابلا للصوم، والصلاة على الجملة (7). ما ذكره من أنه يفطر على تمر، أو ماء (8) ليس على التخيير، بل على الترتيب (9)،   (1) انظر: الإبانة: 1/ ق 84/ أ، البسيط: 1/ ق 221/ ب، فتح العزيز: 6/ 407 - 408, المجموع: 6/ 385. (2) وقيل: إن المراد بالإغماء هنا الجنون، وقيل: إن بطلان الصوم راجع إلى الحيض دون الإغماء. انظر: المصادر السابقة. (3) ما بين المعقوفتين إضافة يقتضيها المعنى. (4) انظر: الوسيط: 1/ ق 151/ أ. (5) وبه قطع الشيرازي، وصححه أيضاً الرافعي والنووي وغيرهما. انظر: المهذب: 1/ 254، البسيط: 1/ ق 221/ ب، الوجيز: 1/ 103، حلية العلماء: 3/ 213، فتح العزيز: 6/ 415، المجموع: 6/ 453، الروضة: 2/ 232. (6) وهو قول صحة صوم يوم الشك. (7) انظر: فتح العزيز: 6/ 415، المجموع: 6/ 453. (8) انظر: الوسيط: 1/ ق 151/ أ. (9) هذا هو المذهب، وبه قطع الجمهور. انظر: المهذب: 1/ 252، الوجيز: 1/ 103، فتح العزيز: 6/ 417، المجموع: 6/ 407، الروضة: 2/ 233. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 213 روى أبو داود وغيره (1) من حديث أنس أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: (من وجد تمرا فليفطر عليه، وإلا فليفطر على الماء، فإنه طهور)، وهو حديث حسن ثابت.   (1) قلت: ليس هو بهذا اللفظ عند أبي داود من حديث أنس، بل لفظ روايته عنده من فعله - صلى الله عليه وسلم -، قال: (كان يفطر على رطبات قبل أن يصلي، فإن لم تكن رطبات فعلى تمرات، فإن لم تكن حسا حسوات من ماء). انظر: سنن أبي داود: 2/ 764 كتاب الصوم، باب ما يفطر عليه، ورواه أيضاً بهذا اللفظ الترمذي: 3/ 79 في كتاب الصوم، باب ما جاء ما يستحب عليه الإفطار، وأحمد: 3/ 164، والدارقطني: 2/ 185، الحاكم: 1/ 597، البيهقي: 4/ 402 من طرق عن عبد الرزاق جعفر بن سليمان قال: حدثني ثابت البناني عن أنس به. قال الترمذي: هذا حديث حسن غريب. وقال الدارقطني: وهذا إسناد صحيح. وقال الحاكم: صحيح على شرط مسلم، ووافقه الذهبي. وأما المذكور من حديث أنس من قوله - صلى الله عليه وسلم - فقد أخرجه الترمذي والحاكم والبيهقي في المواضع السابقة والطبراني في الصغير: 2/ 94 من طريق محمَّد بن إسحاق الصاغاني، ثنا سعيد بن عامر ثنا شعبة عن عبد العزيز بن صهيب عنه به. وقال الترمذي: "لا نعلم أحدا رواه عن شعبة مثل هذا غير سعيد بن عامر، وهو حديث غير محفوظ، ولا نعلم له أصلاً من حديث عبد العزيز بن صهيب عن أنس، وقد روى أصحاب شعبة هذا الحديث عن شعبة عن عاصم الحول عن حفصة بنت سيرين عن الرباب عن سلمان ابن عامر عن النبي - صلى الله عليه وسلم -، وهو أصح من حديث سعيد بن عامر. قلت: وحديث سلمان بن عامر المشار إليه في كلام الترمذي رواه أبو داود، والترمذي في: الموضعين السابقين والنسائي في الكبرى: 2/ 253 في كتاب الصوم، باب ما يستحب للصائم أن يفطر عليه، وابن ماجه: 1/ 542 في كتاب الصوم، باب ما جاء على ما يستحب الفطر، وأحمد: 4/ 17، 19، 213، الدارمي: 2/ 7، ابن أبي شيبة في المصنف: 2/ 184، ابن حبان: 8/ 125، الحاكم: 1/ 597، البيهقي: 4/ 402، 401 بلفظ: (إذا صام أحدكم فليفطر على التمر، فإن لم يجد فعلى الماء فإنه طهور). وقال الترمذي: هذا حديث حسن صحيح، وقال الحاكم: صحيح على شرط البخاري، ولم يخرجاه، ووافقه الذهبي. وضعفه الألباني في الإرواء: 4/ 49 - 51 حيث قال بعد كلام طريل: "وخلاصة القول أن الذي يثبت في هذا الباب إنما هو حديث أنس من فعله - صلى الله عليه وسلم -، وأما حديثه وحديث سلمان بن عامر من قوله - صلى الله عليه وسلم -، وأمره فلم يثبت عندي، والله أعلم". الجزء: 3 ¦ الصفحة: 214 وقال القاضي حسين (1): "الأولى في زماننا أن يفطر على ماء (2) يأخذه بكفه من النهر، فإنه أبعد من الشبهة" (3)، والله أعلم. قوله: (كان بين تسحر رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وصلاته الصبح قدر خمسين آية) (4)، في لفظه تغيير (5)، فلا يتوهم من قوله "كان" (6) تكرير (7) ذلك منه وكثرته، والحديث في الصحيحين (8) عن زيد بن ثابت (9) قال: (تسحرنا مع   (1) انظر قوله في: فتح العزيز: 6/ 418، المجموع: 6/ 408، الروضة: 2/ 233، وهو الحسين بن محمَّد بن أحمد القاضي، أبو علي المروزي، شيخ الشافعية بخراسان، وكان يلقب ببحر الأمة، ومن تصانيفه: التعليقة المشهورة في المذهب، وأسرار الفقه، وطريقة الخلاف، مات سنة 462 هـ. انظر: تهذيب الأسماء واللغات: 1/ 164, وفيات الأعيان: 2/ 134، طبقات الأسنوي: 1/ 196، طبقات ابن قاضي شهبة: 1/ 244، طبقات ابن هداية الله: ص 234. (2) في (أ): (الماء). (3) قال النووي: هذا الذي قاله شاذ، والصواب ما صرح به الحديث الصحيح، فإنه - صلى الله عليه وسلم - قدم التمر على الماء. انظر: المجموع: 6/ 408. (4) الوسيط: 1/ ق 151/ أ. (5) في (د): (يعتبر)، وهو تصحيف، والمثبت من (أ) و (ب)، وهو الصواب. (6) ساقط من (أ). (7) في (أ) و (ب): (تكرر). (8) رواه البخاري: 2/ 64 مع الفتح في كتاب مواقيت الصلاة، باب وقت الفجر، و4/ 164 في كتاب الصوم، باب قدر كم بين السحور وصلاة الفجر؟، ومسلم: 7/ 207 في كتاب الصوم، باب فضل السحور وتأكيد استحبابه به. (9) هو زيد بن ثابت بن الضحاك بن لوزان الأنصاري النجاري، صحابي مشهور، أحد كتاب الوحي والمصحف، كان من الراسخين في العلم، وأعلم الصحابة بالفرائض، ومناقبه كثيرة ومشهورة، مات بالمدينة سنة 3 أو 5 أو 56 هـ. انظر: طبقات الفقهاء للشيرازي: ص 27، تهذيب الأسماء واللغات: 1/ 200، البداية: 8/ 28، التقريب: ص 222. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 215 رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، ثم قمنا إلى الصلاة، قيل له: كم كان قدر ما بينهما؟، قال: قدر خمسين آية)، وله روايات لا تدلّ (1) ألفاظها على أكثر من مرة، والله أعلم. حديث (الصوم جنة) (2)، هو مروي في الصحيحين (3) من حديث أبي هريرة بروايات، منها: (الصيام جنة، فإذا كان يوم (صوم) (4) أحدكم فلا يرفث ولا يصخب)، وفي رواية (ولا (5) يجهل، فإن شاتمه أحد، أو قاتله فليقل: إني امرؤ صائم، (إني صائم) (6) ليس فيها ما ذكره من قوله   (1) في (ب): (لا يدل)، وفي (أ): (لا بدال) كذا. (2) قال في الوسيط: 1/ ق 151/ أ "الخامسة: كثرة تلاوة القرآن في هذا الشهر مع كف اللسان عن أنواع الهذيان، وكذا كف النفس عن جميع الشهوات، فهو سر الصوم، قال - صلى الله عليه وسلم -: الصوم جنة، وحصن حصين، فإذا كان يوم صوم أحدكم فلا يرفث ولا يفسق، فإذا شاتمه رجل فليقل: إني صائم). (3) البخاري: 4/ 125 في كتاب الصوم، باب فضل الصوم، وباب هل يقول: إني صائم إذا شتم؟ وفي: 13/ 472 كتاب التوحيد، باب قول الله تعالى (يريدون أن يبدلوا كلام الله)، ومسلم: 8/ 28 في كتاب الصوم، باب ما يقوله الصائم إذا شوتم، أو قوتل، وباب فضل الصيام، وتمامه (والذي نفس محمَّد بيده لخلوف فم الصائم أطيب عند الله يوم القيامة من ريح المسك، وللصائم فرحتان يفرحهما: إذا أفطر فرح بفطره، وإذا لقي ربه فرح بصومه). (4) ما بين القوسين ساقط من (د)، والمثبت من (أ) و (ب). (5) نهاية 2/ ق 8/ أ. (6) ما بين القوسين ساقط من (ب). الجزء: 3 ¦ الصفحة: 216 (وحصن حصين) (1). وقوله: ولا يفسق (ولا يرفث) (2)، والرفث الكلام القبيح (3)، والصخب الصياح (4)، والله أعلم. (خُلُوف فم الصائم) (5) رائحته الكريهة الحادثة عند خلوّ المعدة من الطعام (6)، وهو بضم الخاء، وفتحها كثير من المحدثين، وذلك غلط (7). وقوله "أطيب عند الله من ريح المسك" أي يثيب عليه أكثر مما (8) يثيب على التطيب بالمسك تقرباً إليه فيما يستحب التطييب (9) فيه من   (1) قلت: وهو عند أحمد: 3/ 180 من حديث أبي هريرة مختصراً بلفظ (الصيام جنة وحصن حصين من النار)، وأورده الهيثمي في المجمع: 3/ 180، وقال: إسناده حسن، وعند الطبراني في الكبير من حديث أبي أمامة وواثلة بلفظ (الصيام جنة، وهو حصن من حصون المؤمن ... الحديث)، وأورده أيضاً الهيثمي في المجمع في الموضع السابق، وقال: في إسناده أيوب بن مدرك وبشر بن عون، وهما ضعيفان، والله أعلم. (2) ما بين القوسين ساقط من (د) و (أ)، والمثبت من (ب). (3) يطلق على هذا وعلى الجماع وعلى مقدماته وعلى ذكره مع النساء، أو مطلقا، ويحتمل أن يكون أعم منها. انظر: المصباح المنير: ص 232، فتح الباري: 4/ 104. (4) انظر: النهاية في غريب الحديث: 3/ 14، فتح الباري: 4/ 142. (5) قال في الوسيط: 1/ ق 151/ ب "السادسة: ترك السواك بعد الزوال، فإنه يزيل خلوف فم الصائم، وهو أطيب عند الله من ريح المسك". (6) انظر: النهاية في غريب الحديث: 2/ 67، المصباح المنير: ص 178. (7) انظر: إصلاح غلط المحدثين: ص 51. (8) في (د) و (ب): (ما). (9) في (أ) و (ب): (التطيب). الجزء: 3 ¦ الصفحة: 217 العبادات (1). وحديث الخلوف هذا هو في الصحيحين من حديث أبي هريرة - رضي الله عنه - (2)، والله أعلم. وحديث كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - (يصبح جنبا من جماع غير اختلام في رمضان، ثم يصوم) (3) ثابت في الصحيحين (4) عن عائشة   (1) وقيل: في معناه أن المراد به الثناء على الصائم والرضى بفعله، وهذا كله تأويل للحديث، وإخراج اللفظ عن حقيقته مما لا حاجة إليه، وقال العلامة ابن القيم رحمه الله في معناه بعد أن ردّ على المؤلف (ابن الصلاح) وغيره ممن أوّل هذا الحديث " ... ومن المعلوم أن أطيب ما عند الناس من الرائحة رائحة المسك، فمثل النبي - صلى الله عليه وسلم - هذا الخلوف عند الله تعالى بطيب رائحة المسك عندنا وأعظم. ونسبة استطابة ذلك إليه سبحانه وتعالى كنسبة سائر صفاته وأفعاله إليه، فإنها استطابة لا تماثل استطابة المخلوقين، كما أن رضاه وغضبه وفرحه وكراهته وحبه وبغضه لا تماثل ما للمخلوق من ذلك، وكما أن ذاته سبحانه وتعالى لا تشبه ذوات خلقه، وصفاته لا تشبه صفاتهم، وأفعاله لا تشبه أفعالهم - وهو - سبحانه وتعالى يستطيب الكلم الطيب فيصعد إليه، والعمل الصالح، فيرفعه، وليست هذه الاستطابة كاستطابتنا. ثم إن تأويله لا يرفع الإشكال، إذ ما استشكله هؤلاء من الاستطابة يلزم مثله في الرضى، فإن قال: رضى ليس كرضى المخلوقين، فقولوا: استطابة ليست كاستطابة المخلوقين، وعلى هذا جميع ما يجيئ من هذا الباب" يعني باب الأسماء والصفات. صحيح الكلم الطيب: ص 58 - 60. وانظر: شرح صحيح مسلم للنووي: 8/ 30، فتح الباري: 4/ 127. (2) هو قطعة من حديث (الصوم جنة) السابق آنفا. (3) انظر: الوسيط: 1/ ق 151/ ب. (4) البخاري: 4/ 169 - 181، 170 - 182 مع الفتح في كتاب الصوم، باب الصائم يصبح جنبا، وباب اغتسال الصائم، ومسلم: 7/ 220 - 223 في كتاب الصوم، باب صحة صوم من طلع عليه الفجر وهو جنب من حديثيهما. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 218 وأم سلمة (1) - رضي الله عنهما -، والله أعلم. قوله في الوصال: "لا تزول الكراهية إلا بأن يأكل شيئاً بالليل، وإن قلّ" (2) ليس كذلك، بل يزول بما تزول به صورة الصوم من ماء وغيره هذا هو المعروف (3)، والله أعلم. وحديث النهي عن الوصال مروي في الصحيحين (4) وغيرهما (5) عن جماعة من الصحابة، ليس فيها ذكر وصال عمر، بل "إن ناسا واصلوا" ونحو ذلك، والله أعلم.   (1) هي هند بنت أبي أمية بن المغيرة بن عبد الله المخزومية، أم سلمة أم المؤمنين، تزوجها النبي - صلى الله عليه وسلم - بعد أبي سلمة سنة أربع، وقيل: ثلاث، وعاشت بعد ذلك ستين سنة، ماتت سنة 61 أو 62 هـ، وقيل: 59 هـ. انظر: الاستيعاب: 4/ 454، تهذيب الأسماء واللغات: 2/ 361، الإصابة: 4/ 458، التقريب: ص 754. (2) الوسيط: 1/ ق 151/ ب، وتمامه (فقد نهى رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فإنه واصل في العشر الأخير، فواصل عمر وغيرهم فنهاهم، وقال: وددت لو مدّ لي الشهر مدّا ليدع المتعمقون تعمقهم، أيقوى أحدكم على ما أقوى عليه؟ إني أبيت عند ربي يطعمني ويسقيني). (3) انظر: البسيط: 1/ ق 222/ أ، فتح العزيز: 6/ 419، المجموع: 6/ 400. (4) البخاري: 4/ 238 في كتاب الصوم، باب الوصال، وباب التنكيل لمن أكثر الوصال، وباب الوصال إلى السحر، وفي: وفي 12/ 183 كتاب الحدود، باب كم التعزير والأدب. وفي 13/ 289 كتاب الاعتصام بالكتاب والسنة، باب ما يكره من التعمق والتنازع والغلو في الدين والبدع، ومسلم: 7/ 211 في كتاب الصوم، باب النهي عن الوصال من حديث ابن عمر وأبي هريرة وأنس وعائشة، وانفرد به البخاري من حديث أبي سعيد الخدري. (5) رواه أبو داود: 2/ 766 في كتاب الصوم، باب في الوصال، والترمذي: 3/ 148 في كتاب الصوم، باب ما جاء في كراهية الوصال للصائم، وأحمد: 2/ 253، 143, 102، 21, و3/ 193، 124 وغيرهم. انظر: تذكرة الأحبار: ق 98/ ب - 99/ ب. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 219 وقوله (يطعمني ويسقيني) المختار أن معناه: أني أعطى قوة من يطعم، ويشرب يدلّ عليه ما في الحديث من وصفه - صلى الله عليه وسلم - بكونه مواصلا، ولو وجد الإطعام والسقي (1) حقيقةً لما كان مواصلا (2)، والله أعلم.   (1) في (أ) زيادة (في) ولعل الصواب حذفها. (2) وبه قال جمهور العلماء، وقيل: هو على حقيقته وأنه - صلى الله عليه وسلم - كان يؤتى بطعام وشراب من عند الله كرامة له في ليالي صيامه، وقيل: إن المراد به ما يغذيه الله به من معارفه وما يفيض على قلبه من لذة مناجته، وقرة عينه بقوله، وتنعمه بحبه، والشوق إليه، وتوابع ذلك من الأحوال التي هي غذاء القلوب، ونعيم الأرواح وقرة العين وبهجة النفوس والروح والقلب، وإلى هذا جنح ابن القيم - رحمه الله -. انظر: معالم السنن: 2/ 766، زاد المعاد: 2/ 32، فتح الباري: 4/ 244 - 245. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 220 ومن القسم الثاني: في (1) مبيحات الإفطار وموجباته قوله: " أما المبيحات (2) فالمرض والسفر الطويل" (3). هذا حصر، ولا ينحصر ذلك فيهما، فإن من أكره على الإفطار أو غلبه الجوع، أو العطش حتى خاف الهلاك يجوز له الإفطار، وإن لم يكن مسافرا ولا مريضا (4)، والله أعلم. قوله (5): "وإن أصبح المسافر على نية الصيام، فله الإفطار بخلاف ما إذا شرع في الإتمام" (6). هذا فيه إشكال لعسر الفرق بينهما، وقد رام الشيخ أبو إسحاق الشيرازي (7)، وإمام الحرمين (8) - رحمهما الله - التخلص من إشكال الفرق بالتسوية بينهما في عدم (9) جواز الترخص احتمالا أبدياه (10) من عندهما من   (1) في (أ): (من). (2) نهاية 2/ ق 8/ ب. (3) الوسيط: 1/ ق 151/ ب. (4) انظر: الإبانة: 1/ ق 83، فتح العزيز: 6/ 431، المجموع: 6/ 261، الروضة: 2/ 234. (5) ساقط من (أ). (6) الوسيط: 1/ ق 151/ ب، وتمامه "حيث لا يجوز القصر". (7) المهذب: 1/ 240. (8) انظر: النقل عنه في فتح العزيز 6/ 432، الروضة 2/ 235. ثم قال النووي: "قلت: هذا الاحتمال الذي ذكراه نصّ عليه الشافعي - رحمه الله - في البويطي لكن قال: لا يجوز الفطر إن لم يصح الحديث بالفطر، وقد صح الحديث والله أعلم". (9) في (أ): (في جواز عدم). (10) في (د): (أبداه) والمثبت من (أ) و (ب). الجزء: 3 ¦ الصفحة: 221 غير أن ينقلاه، وهذا مما لا نرضاه، و (1) إذا لم يكن بدّ من التسوية، ففي تجويز الترخص في الموضعين لا في عدمه، إذ ورد الحديث الصحيح بجواز الترخص بالإفطار ههنا، فيتعين أن يُقَاس (2) عليه (3) ذلك على تقدير التسوية، فقد روى مسلم في صحيحه (4) عن جابر - رضي الله عنه - (5) أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - خرج إلى مكة عام الفتح في رمضان، فصام حتى بلغ كُرَاع الغَمِيم (6)، قال: وصمنا معه، فقيل: إن الناس قد شق عليهم الصيام، وإنما ينتظرون ما تفعل، فدعا بقدح من ماء بعد العصر، فشرب والناس ينظرون، فأفطر الناس وصام بعض (7)، فبلغه أن ناساً   (1) ساقط من (أ). (2) في (أ): (قياس). (3) في (أ): (علة). (4) 7/ 232 في كتاب الصوم، باب جواز الصوم والفطر في شهر رمضان للمسافر في غير معصية، وكما رواه البخاري: 4/ 213 من حديث ابن عباس في كتاب الصوم، باب إذا صام أياما من رمضان ثم سافر، وباب من أفطر في السفر ليراه الناس بلفظ (خرج رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من المدينة إلى مكة فصام حتى بلغ عسفان، وفي رواية (الكديد) ثم دعا بماء فرفعه إلى يده ليراه الناس فأفطر فأفطر الناس حتى قدم مكة، وذلك في رمضان). (5) هو جابر بن عبد الله بن عمرو بن حرام، أبو عبد الله، وقيل: أبو عبد الرحمن، وقيل: أبو محمَّد الصحابي ابن الصحابي - رضي الله عنهما - الأنصاري السلمي، وهو أحد المكثرين في رواية الحديث عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، مات بالمدينة سنة 73 أو 78 هـ، وقيل: 68هـ. انظر: تهذيب الأسماء واللغات: 1/ 142، البداية والنهاية: 9/ 25، التقريب: ص 136. (6) كُرَاع الغَمِيم: موضع بناحية الحجاز بين مكة والمدينة، وهو أمام عسفان بثمانية أميال، وبينه وبين مكة نحو ثلاثين ميلا، وهذا الكراع جبل أسود في طرف الحرة يمتدّ إليه. انظر: معجم البلدان: 4/ 443، تهذيب الأسماء واللغات: 3/ 66، المصباح المنير: ص 454. (7) في (د) (البعض). الجزء: 3 ¦ الصفحة: 222 صاموا، فقال: (أولئك العصاة مرتين). وإذا امتنع المصير إلى الترخيص هناك تعين إبداء معنى فارق بينهما، فأقول: إن الذي يظهر أن الفرق بينهما أنه وإن أصبح صائما، فالنهار ممتدّ، وهو بصدد أن يجهده الصوم، ويلحقه المشقة، والسفر الذي هو مظنتها قائم، فجاز له الإفطار كما لو أصبح صائما ثم مرض، فإنه (1) وإن اجتمع في صومه الحالتان: يجوز له الإفطار لما ذكرناه من المعنى الذي لا وجود لمثله في مسألة الإتمام، ولا يرد على هذا ما إذا كان مقيما في بعض نهاره، ومسافرا في بعضه، فإن مدة السفر المشتملة على المشقة المبيحة إلى اختياره تطويلها وتقصيرها، والله أعلم. وقد تكلف صاحب الكتاب - رحمه الله - في تدريسه له فرقا آخر، وقال فيما علق عنه: الفرق بينهما عسير، وغاية الممكن أن يقال في الصوم: وجب عليه، إما صوم هذا اليوم، وإما صوم يوم آخر كما قال: {فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ} (2)، فبان (3) عين هذا اليوم لا يلزمه بخلاف ما إذا شرع في الإتمام، فقد عيَّنه بصفة فليس له تبديل صفة بصفة، وإنما الصفات تحصل في ابتداء العقود. قال: ويرد على هذا، ما إذا شرع في الصلاة قاصراً، فإن له الإتمام، ولكن هناك ليس تبديل صفة، وإنما يلتزم (4) شيئاً زائدا (5)، لم يكن التزمه، والله أعلم.   (1) نهاية 2/ ق 9/ أ. (2) سورة البقرة، الآية: 184، 185. (3) كذا في النسخ ولعل الصواب (فإن)، والله أعلم. (4) في (أ) (يلزم). (5) في (أ) (واحدا). الجزء: 3 ¦ الصفحة: 223 ما ذكره من أن القصر أفضل من الإتمام بخلاف الفطر، فإن الصوم أفضل منه، وإن من الفرق بينهما، أن في القصر خروجا من الخلاف، بخلاف الفطر، فإن خلاف (1) داود (2) في إيجابه لا يعتد به (3)، يعني فالخروج من خلافه غير مطلوب، هذا (4) رأي جماعة من الأصوليين، ذهبوا إلى أنه لا يعتد بقول داود الظاهري في الإجماع والخلاف (5)، وأنه ليس من المجتهدين؛ لعدم استكماله أدوات الاجتهاد، فإنه فاته القياس مع اضطرار المجتهد إليه فيما لا يحصي من الحوادث. وأما الموردون مذاهبه، فيما يذكرونه في تصانيفهم من اختلاف العلماء   (1) في (د) (خالف)، والمثبت من (أ) و (ب). (2) هو داود بن علي بن خلف أبو سليمان الأصفهاني البغدادي، إمام أهل الظاهر، كان إماما ورعا ناسكا زاهدا، وانتهت إليه رئاسة العلم ببغداد، ومن مصنفاته: إبطال التقليد، وإبطال القياس، والكافي في مقالة المطلبي، مات ببغداد سنة 270 هـ. انظر: طبقات الشيرازي: ص 102، تهذيب الأسماء واللغات: 1/ 182، وفيات الأعيان: 2/ 26، ميزان الاعتدال: 2/ 14 - 15، البداية والنهاية: 11/ 51، طبقات ابن قاضي شهبة: 1/ 77، هداية العارفين: 5/ 359. (3) انظر: الوسيط: 1/ ق 151/ ب. (4) في (أ) (على). (5) انظر: فتاوى المصنف: 1/ 125 - 126، شرح صحيح مسلم للنووي: 3/ 142 (باب السواك)، تهذيب الأسماء واللغات: 1/ 182 - 183، البحر المحيط: 6/ 42. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 224 كصاحب "الشامل" وغيره، فهم معتدون بخلافه لا محالة (1)، والله أعلم. قوله: "وما ورد من (2) الأخبار في النهي عن الصيام في السفر، أريد به من (3) يتضرر بالصوم" (4)، هذا مثل قوله - صلى الله عليه وسلم -: (ليس من البر الصيام في السفر)، وفي رواية ثابتة في الصحيحين (5) من حديث جابر - رضي الله عنه - أنه - صلى الله عليه وسلم - رأى في السفر رجلاً يظلل عليه لكونه صائما فقال: ذلك - صلى الله عليه وسلم -.   (1) وللمصنف في فتاواه كلام جيد ومفصل حول هذه المسألة أكثر مما هنا، فقال بعد أن ذكر فيها أقوال بعض الأصوليين والذي اختاره الأستاذ أبو منصور البغدادي، وحكاه عن الجمهور أن الصحيح من المذهب الاعتداد بخلافه في الفقه، ثم قال (ابن الصلاح): وهذا هو الذي استقر عليه الأمر آخرا، كما هو الأغلب الأعرف من صفو الأئمة المتأخرين الذين أورد مذاهب داود في مصنفاتهم المشهورة في الفروع، كالشيخ أبي حامد الإسفراييني وصاحبه المحاملي وغيرهما، فلولا اعتدادهم بخلافه لما أوردوا مذاهبه في مصنفاتهم. ثم قال: وبهذا أجيب مستخير الله ومستعينا به أن داود يعتبر قوله ويعتدّ به في الإجماع، إلا فيما خالف فيه القياس الجلي، ومما أجمع عليه القياسيون من أنواعه، أو بناه على أصوله التي قام الدليل القاطع على بطلانها، فاتفاق من سواه في مثله على خلافه إجماع منعقد، وقوله في مثله خارقا للإجماع، كقوله في التغوط في الماء الراكد، وقوله: لا ربا إلا في الستة المنصوص عليها، فخلافه في هذا ومثله غير معتد به، ثم قال: وهذا الذي اخترته يثبت بدليل القول أن منصب الاجتهاد يتجزأ، ويكون الشخص مجتهدا في نوع دون نوع، والعلم عند الله، ثم لا فرق فيما ذكرناه بين زمان داود وما بعده، فإن المذاهب لا تموت بموت أصحابها، والله أعلم. فتاوى ابن صلاح (10/ 207 - 208). (2) في (د) و (أ) (في)، والمثبت من (أ)، وهو الموافق لما في الوسيط. (3) نهاية 2/ ق 9/ ب. (4) الوسيط: 1/ ق 152/ أ. (5) البخاري: 4/ 216 في كتاب الصوم، باب قول النبي - صلى الله عليه وسلم - (ليس من البر الصيام في السفر)، ومسلم: 7/ 233 في كتاب الصوم، باب جواز الصوم والفطر في شهر رمضان للمسافر، وزاد مسلم في رواية (عليكم برخصة الله التي رخص لكم). الجزء: 3 ¦ الصفحة: 225 قوله: "بدليل (1) ما روي عن أنس قال: خرجنا مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فمنا الصائم ومنا المفطر، ومنا القاصر، ومنا المتم فلم يعِبْ بعضنا على بعض" (2)، هذا متفق عليه أخرجاه في الصحيحين (3)، ولكن ليس فيه (ومنا القاصر، ومنا المتم) وهو زيادة قد رويت بإسناد ضعيف (4)، والله أعلم.   (1) ساقط من (أ). (2) الوسيط: 1/ ق 152/ أ. (3) البخاري: 4/ 219 في كتاب الصوم، باب من لم يعب أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - بعضهم بعضا في الصوم والإفطار، ومسلم: 7/ 235 في كتاب الصوم، باب جواز الصوم والفطر في شهر رمضان للمسافر بلفظ (كنا نسافر مع النبي - صلى الله عليه وسلم - فلم يعب الصائم على المفطر، ولا المفطر على الصائم). (4) لم أعثر على هذه الزيادة من حديث أنس رضي الله عنه ولا غيره بهذا اللفظ غير أني وجدت بمعناه من فعل النبي - صلى الله عليه وسلم - من حديث عائشة رضي الله عنها بلفظ (كان يسافر فيتم الصلاة ويقصر) رواه البزار، وأورده الهيثمي في المجمع: 2/ 157، وقال فيه المغيرة بن زياد، واختلف في الاحتجاج به، والله أعلم. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 226 موجبات الإفطار ذكر أنها أربعة (1)، ولم يذكر التعزير، فلعل ذلك لأجل أنه عام لا اختصاص له بمعصية الإفطار، والله أعلم. قوله: "فالقضاء واجب على كل مفطر، وتارك" (2)، فالفطر هو الذي أفسد الصوم بالأكل أو نحوه بعد دخوله فيه، والتارك هو الذي لم يدخل في الصوم أصلاً كالمرتد، والحائض ونحوهما (3)، والله أعلم. الأصح من الوجهين المذكورين في المجنون إذا أفاق في أثناء النهار (4)، أنه لا يجب عليه القضاء (5)، وهذان الوجهان مندرجان في الوجوه الأربعة المذكورة من بعد في الإمساك، والقضاء في الصبي وغيره من الأعذار، إذا زالت في أثناء النهار (6)،   (1) وهي القضاء والإمساك تشبها، والكفارة والفدية انظر: الوسيط: 1/ ق 152/ أ. (2) الوسيط: 1/ ق 152/ أ. (3) كالمريض والمسافر والتارك للنية الواجبة ونحوها. انظر: فتح العزيز: 6/ 432، مغني المحتاج: 1/ 437. (4) انظر: الوسيط: 1/ ق 152/ أ. (5) هذا هو المذهب وصححه أيضاً الرافعي والنووي. انظر: الإبانة: 1/ ق 83/ ب، المهذب: 1/ 239، البسيط: 1/ ق 223/ 1، فتح العزيز: 6/ 433، المجموع: 1/ 258، الروضة: 2/ 238. (6) حيث قال: "أما الصبا والجنون والكفر إذا زال في أثناء النهار ففي وجوب إمساك بقية النهار أربعة أوجه، أحدها: أنه يلزمهم؛ لأنهم أدركوا وقت التشبه، إن لم يدركوا وقت الصوم. والثاني: لا يلزم؛ لأن وجوب الإمساك تبع لزوم الصوم، وهؤلاء لم يلتزموا إذ لم يدركوا وقت الأداء. والثالث: أن الكافر يلزمه دون الصبي والمجنون؛ لأنه متعدٍّ بترك الصوم. والرابع: أن الصبي مع الكافر يلزمهما؛ لأن الصبي مأمور بالصوم، وهو ابن سبع، ويضرب عليه وهو ابن عشر". الوسيط: 1/ ق 152/ ب، وسيذكر المصنف بعد قليل الأصح منها. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 227 والمتحصل من الأربعة في صورة واحدة من تلك الصور، إنما هو وجهان فقط، والله أعلم. ما ذكره من أنه لا يجب الإمساك "على من أبيح له الفطر (1) إباحة حقيقة كالمسافر" (2) معناه: أنه لم يبح (3) الإفطار بناءً على ظاهر يتطرق إليه الخطأ كما في يوم الشك على ما سيأتي (4)، بل أبيح له الإفطار بناءً على أمر متحقق، وهو السفر، والمرض، فلا يتجه إيجاب الإمساك الذي هو من قبيل عقوبة، وإلى هذا يرجع معنى قوله في الفرق لما ذكر وجوب الإمساك على الصبي وأمثاله "لا كالمسافر فإنه يترخص، مع كمال حاله" يعني أنه مع كمال حاله مخاطب بالترخص، فلا وجه لمؤاخذته بخلاف الصبي، فإنه غير مخاطب بالترخص، وإنما هو خارج عن التكليف. وينبغي أن يقرأ قوله "إباحة حقيقة" بإضافة إباحة إلى حقيقة، وهذا أصح من أي يقال: "حقيقية" بياء النسبة كما وقع في موضع آخر؛ لأن الإباحة في نفسها حقيقية في الموضعين على ما لا يخفى عن أصولي، والله أعلم. الأصح عند المصنف (5)، والإمام شيخه (6) من الوجوه الأربعة أنه لا يجب   (1) في (أ) (الإفطار)، وما بعدها كلمة (إباحة) ساقطة منها. (2) الوسيط: 1/ ق 152/ أ. (3) نهاية 2/ ق 10/ أ. (4) يعني في كتاب الوسيط 1/ ق 152/ أ. (5) انظر: البسيط: 1/ ق 223/ أ. (6) انظر: نهاية المطلب: 2/ ق 157. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 228 الإمساك في جميع الصور المذكورة (1)، وعند صاحب التهذيب (2) الأصح في الكافر وجوب الإمساك، (لأنه متعدّ بالإفطار) (3)، وهذا متجه، والله أعلم. قوله: "أما الكفارة، فواجبة على كل من أفسد صوم يوم من رمضان بجماع تامٍ أثم به لأجل الصوم" (4)، ثم إنه قال: "أما إضافة الإفطار إلى الجماع احترزنا به عن المرأة إذا جومعت فلا كفارة عليها، لأنها أفطرت قبل الجماع بوصول أول جزء من الحشفة إلى باطنها" (5). وقد قال: أولاً: "بجماع تام" احترازا بالتمام عن جماع المرأة، وذلك أوضح في الاحتراز، ثم لم يعد لفظ "التمام" هنا عند ذكره ما احترز عنه، واقتصر على الاحتراز (6) بمجرد إضافة الإفطار إلى الجماع، (وهذا يتضمن أن إفطارها لم يحصل بجماع، وذاك (7) يتضمن أن إفطارها حصل (8) بجماع) (9) لكن غير تامٍ (10)،   (1) وصححه أيضاً الرافعي والنووي. انظر: الإبانة: 1/ ق 83/ ب، الوجيز: 1/ 104، فتح العزيز: 6/ 437، المجموع: 6/ 258، الروضة: 2/ 237. (2) 3/ 177. (3) ما بين القوسين ساقط من (د) و (ب)، والمثبت من (أ). (4) الوسيط: 1/ ق 152/ ب. (5) الوسيط: 1/ ق 153/ أ. (6) في (د) و (ب) (الاقتران)، وهو تحريف، والمثبت من (أ). (7) في (د): (ذلك). (8) نهاية 2/ ق 10/ ب. (9) ما بين القوسين ساقط من: (ب). (10) في (د) و (ب): (تمام). الجزء: 3 ¦ الصفحة: 229 والأمران معا ثابتان صحيحان فإنه إذا لم يبق إلا بعض الحشفة ساغ أن يقال فيه: لإنه جماع ناقص غير تمام، وأن يقال: لم يوجد الجماع؛ لأنه عبارة عن المجموع، فإذا لم يوجد جزء منه لم يكن حقيقته موجودة. ثم إنه ذكر بعد هذا احترازه بالجماع عن الأكل ونحوه (1)، وذلك غير هذا، فإن ذلك احتراز بنفس الجماع، وهذا احتراز بإضافة (2) الإفطار إلى الجماع، وهي تنتفي مع وجود نفس الجماع، والله أعلم. الأصح عند القاضي أبي الطيب الطبري (3)، إن المرأة تجب عليها كفارة أخرى (4)، وهو ما روي عن مالك (5)، وأبي حنيفة (6)، وأحمد (7). والأصح عند صاحب الكتاب وطائفة أنه لا تجب (8) إلا كفارة واحدة عليه (9)   (1) انظر: الوسيط: 1/ ق 153/ ب. (2) في (د) (باضافته). (3) انظر: النقل عنه في فتح العزيز: 6/ 443. (4) انظر: الإبانة: 1/ ق 85/ أ، المهذب: 1/ 247، التنبيه: ص 95، البسيط: 1/ ق 223/ ب، الوجيز: 1/ 104، حلية العلماء: 3/ 200، المجموع: 6/ 363، 370، الروضة: 2/ 240. (5) انظر: المدونة: 1/ 218، التفريع: 1/ 306، الإشراف على مسائل الخلاف: 1/ 200، الكافي لابن عبد البر: 1/ 342. (6) انظر: مختصر اختلاف العلماء للطحاوي: 2/ 28، المبسوط: 3/ 72، تحفة الفقهاء: 1/ 755، بدائع الصنائع: 2/ 1025، الهداية: 1/ 124، شرح فتح القدير: 2/ 338. (7) وفي رواية أخرى عنه: لا يجب عليها شيء، والمذهب الأول. انظر: المغني: 4/ 375، الكافي: 1/ 357، المحرر في الفقه: 1/ 229، المبدع: 3/ 32، الإنصاف: 3/ 314. (8) في (أ) (يجب) بالياء. (9) ساقط من (أ). وفي قول ثالث: يجب عليه كفارة واحدة عنه وعنها، وصححه الفوراني. انظر: الإبانة: 1/ 85/ أ، المهذب: 1/ 247، البسيط: 1/ ق 223/ ب، حلية العلماء: 3/ 200، المجموع: 6/ 363. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 230 والأول إن كان أقوى (1) في القياس، فهذا منقول عن نص الشافعي - رحمه الله - في الجديد، والقديم (2). ودليله حديث الأعرابي (3)، فإنه لم يذكر فيه سوى كفارة واحدة، و (4) لأن الكفارة تشتمل (5) على مال، فاختصّ بها الزوج كالمهر.   (1) في (أ) (أسرى). (2) انظر: الأم: 2/ 135، مختصر المزني: ص 65، إضافة إلى المصادر السابقة قبل هامش. (3) وهو ما رواه أبو هريرة - رضي الله عنه - قال: (بينما نحن جلوس عند النبي - صلى الله عليه وسلم - إذ جاءه رجل فقال: يا رسول الله هلكت. قال: ما لك؟ قال: وقعت على امرأتي وأنا صائم، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: هل تجد رقبة تعتقها؟ قال: لا، قال: فهل تستطيع أن تصوم شهرين متتابعين؟ قال: لا، قال: فهل تجد إطعام ستين مسكينا؟ قال: لا، قال: فمكث النبي - صلى الله عليه وسلم -، فبينا نحن على ذلك أتى النبي - صلى الله عليه وسلم - بعَرَقٍ فيها تمر - والعرق: المكتل - قال أين السائل؟ فقال: أنا، قال: خذ هذا فتصدق به، فقال الرجل: على أفقر مني يا رسول الله؟ فوا الله ما بين لابتيها - يريد الحرتين - أهل بيتٍ أفقر من أهل بيتي، فضحك النبي - صلى الله عليه وسلم - حتى بدت أنيابه ثم قال: أطعمه أهلك". أخرجه البخاري: 4/ 193 مع الفتح، في كتاب الصوم، باب إذا جامع في رمضان ولم يكن له شيء فتصدق عليه فيكفر. وباب مجامع في رمضان هل يطعم أهله من الكفارة إذا كانوا محاويج؟، و5/ 264 في كتاب الهبة، باب إذا وهب هبة فقبضها الآخر ولم يقل: قبلت، و9/ 423 في كتاب النفقات، باب نفقة المعسر على أهله، و10/ 519 في كتاب الأدب، باب التبسم والضحك، و 11/ 604 في كتاب كفارات الأيمان، باب من أيمان المعسر في الكفارة، وباب يعطى في الكفارة عشرة مساكين قريباً أو بعيداً. و 12/ 134 في كتاب الحدود، باب من أصاب ذنبا دون الحد فأخبر الإمام فلا عقوبة عليه بعد التوبة إذا كان مستفتيا، ومسلم: 7/ 224 - 228 مع النووي، في كتاب الصوم، باب تحريم الجماع في نهار رمضان ووجوب الكفارة الكبرى فيه. (4) ساقط من (أ). (5) في (أ) (يشتمل). الجزء: 3 ¦ الصفحة: 231 وأما تعليل صاحب الكتاب، ذلك بأن إفطار المرأة حصل بغير الجماع، فقد رجع عنه بما (1) ذكره في درسه، وقال: الصحيح أنها أفطرت بالجماع، فإنها تعدّ مفطرة بالجماع. قلت: وهذا (2) تعليل، أحدثه في هذه المسألة الأستاذ أبو طاهر (3) الزيادي النيسابوري، ومات سنة ... (4)، وصار مثالا لمسألة أصولية غريبة، ذكرها أبو الفتح ابن برهان (5) الفقهي الأصولي، وهي أنه لا يجوز إحداث الاستدلال بدليل ظاهر في مسألة خاض فيها من سبق، ولم يذكره أحد منهم مع كونه (6) مما   (1) في (أ) (لما). (2) في (أ) (فهذا). (3) انظر قوله في تعليقة القاضي الحسين: 1/ 368، فتح العزيز: 6/ 448. وأبو طاهر هو: محمَّد بن محمَّد بن محمش بن علي بن داود بن أيوب، أبو طاهر، كان إمام أصحاب الحديث، وفقيههم، ومفتيهم بنيسابور بلا مدافعة، مات سنة 410 هـ. انظر: الأنساب: 6/ 360، تهذيب الأسماء واللغات: 2/ 245، العبر: 3/ 103، طبقات ابن قاضي شهبة: 1/ 195، طبقات ابن هداية الله: ص 223، الأعلام: 7/ 245. (4) بياض في النسخ بمقدار ثلاث كلمات. (5) هو أحمد بن علي بن محمَّد بن برهان - بفتح الباء - أبو الفتح البغدادي الفقيه الشافعي، الأصولي المحدث، وكان ذكياً يضرب به المثل في حل الإشكالات، ومن مصنفاته في الأصول: البسيط، الوسيط، والأوسط، والوجيز، مات سنة 518 هـ، وقيل: 520 هـ، والأول أصح. انظر: وفيات الأعيان: 1/ 88، البداية: 12/ 209، طبقات ابن قاضي شهبة: 1/ 279، طبقات ابن هداية الله: ص 252، هدية العارفين: 5/ 82. (6) (كونه) تكرر في (أ). الجزء: 3 ¦ الصفحة: 232 لا يخفى مثله عليهم (1) (2) كهذا التعليل، فإن كل أحد يعرف أن تغييب أول جزء من الحشفة يحصل قبل الجماع، فلو صلح (3) ذلك دليلاً لما أهملوه، وزيف ذلك شيخه أبو الحسن (4) الطبري المعروف بكيا (5)، تلميذ إمام الحرمين من وجه آخر، وقال: إنما تركوا هذا الدليل؛ لأنهم رأوا أن الأمر يختلف في ذلك، ولا ينضبط فقد تكون الحشفة كبيرةً، وقد تكون صغيرةً بحيث يكون الإفطار فيها بالجماع، ولا يحصل الإفطار قبله؛ لكونه لا يقع الحصول في الباطن، إلا بتغييب جميع الحشفة لصغرها (6).   (1) اختلف الأصوليون في هذه المسألة، أعني: "إحداث دليل أو تأويل غير الدليل أو التأويل الأول" فمذهب ابن برهان كما ذكر المصنف، أنه لا يجوز ذلك إذا كان الدليل ظاهرا، ويجوز إذا كان خفيا لجواز اشتباهه على الأولين، وذهب الجمهور إلى جوازه مطلقا؛ لأن الإجماع، والاختلاف إنما هو في الحكم على الشيء بكونه كذا، وأما في الاستدلال بالدليل، أو العمل بالتأويل فليس من هذا الباب. وفي المسألة أقوال أخر. ينظر في: التمهيد: 3/ 317 - 320، الإحكام للآمدي: 1/ 273، المسودة: ص 338، شرح الكوكب المنير: 2/ 269 - 271، فواتح الرحموت: 2/ 237، إرشاد الفحول: 1/ 334 - 335. (2) نهاية 2/ ق 11/ أ. (3) في (أ) (صح). (4) في (أ) (أبو الحسين) خطأ، وهو أبو الحسن على بن محمَّد بن علي بن عماد الدين الطبري، المعروف بإلكيا الهراسي، لازم إمام الحرمين حتى برع في الفقه والأصول والخلاف وطار اسمه في الآفاق، وكان إماما نظارا قوي البحث ذكيا فصيحا، ومن مصفاته: أحكام القرآن، وشفاء المسترشدين، ونقد مفردات الإِمام أحمد، مات ببغداد سنة 504 هـ. انظر: وفيات الأعيان: 2/ 248، البداية والنهاية: 12/ 186، طبقات ابن قاضي شهبة: 1/ 288، طبقات ابن هداية الله: ص 247، هدية العارفين: 1/ 694. (5) كذا في النسخ، والصواب (إلكيا)، ومعناه: الكبير بلغة الفرس. (6) لم أقف على هذا النقل عنه عند غير المصنف. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 233 وزيف ذلك كثير من الأصحاب بأنه يتصور فساد صومها بالجماع، بأن يولج فيها، وهي نائمة، أو ناسية، أو نحو ذلك، ثم يزول النوم، أو غيره مع استدامة الوطء، فإن الحكم لا يختلف على القولين (1)، والله أعلم. ثم إن الأصح من القولين، أو (2) الوجهين عند صاحب الكتاب، وجماعة على قولنا: أنه لا يجب إلا كفارة واحدة إنها تختص بالزوج، وليست عنهما (3)، والله أعلم. قوله: "إذا طرأ بعد الجماع (4) مرض، أو جنون، أو حيض ففي الكفارة ثلاثة أقوال: إلى آخره" (5). الأظهر منها: الثالث، وهو أنها لا تسقط بطرآن المرض، وتسقط بطرآن الجنون، والحيض (6)، ثم لا يخفى أن هذا الخلاف في الحيض مفرع على قولنا: تجب الكفارة على المرأة (7).   (1) انظر: فتح العزيز: 6/ 448، مغني المحتاج: 1/ 443. (2) في (أ): (و) (3) انظر: البسيط: 1/ ق 223/ ب، حلية العلماء: 3/ 200، فتح العزيز: 6/ 448، المجموع: 6/ 463. (4) في (أ) (الجنون) خطأ. (5) الوسيط: 1/ ق 153/ ب. (6) وهذا هو المذهب. انظر: الإبانة: 1/ ق 85/ أ، المهذب: 1/ 249، البسيط: 1/ ق 224/ أ، حلية العلماء: 3/ 203، فتح العزيز: 6/ 451، المجموع: 6/ 375، الروضة: 2/ 244، مغني المحتاج: 1/ 444. (7) يعني على القول المرجوح في المذهب. انظر: فتح العزيز: 6/ 451، المجموع: 6/ 375، الروضة: 2/ 244. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 234 ذكر في وجوب القضاء على المجامع مع الكفارة ثلاثة أوجه (1)، ثانيها: أنه لا يجب (2)؛ لقصة الأعرابي، وليس (3) فيها أمر بالقضاء، وهذا الوجه ينبغي أن يطرح، فقد روي من وجوه عن أبي هريرة - رضي الله عنه - أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - (أمره أن يقضي (4) يوما مكانه) رويناه في السنن الكبير (5) بإسناد جيد (6)، ورويناه في سنن أبي داود (7) بنحوه، والله أعلم. وقد قطع صاحبا "المهذب" (8) و"التهذيب" (9) بالقضاء فلم يذكرا فيه (10) خلافا (11)، والله أعلم.   (1) انظر: الوسيط: 1/ ق 153/ ب وما بعدها. (2) انظر: المهذب: 1/ 247، البسيط: 1/ ق 224/ أ، فتح العزيز: 6/ 452، المجموع: 6/ 382، 362. (3) في (أ) و (ب): (فليس). (4) نهاية 2/ ق 11/ ب. (5) 4/ 381 - 383، وكما رواه أيضاً في السنن الصغير: 1/ 358 من طريق إبراهيم بن سعد قال: أخبرني الليث بن سعد عن الزهري عن حميد عن أبي هريرة به. (6) ساقط من (د) و (ب)، والمثبت من (أ). (7) 2/ 786 في كتاب الصوم، باب كفارة من أتى أهله في رمضان، وكما رواه الدارقطني: 2/ 210، والبيهقي: 4/ 382، من طريق هشام بن سعد عن الزهري عن أبي سلمة عن أبي هريرة، وهشام بن سعد هذا مختلف فيه، والحديث قواه الحافظ ابن حجر في الفتح: 4/ 204، وصححه الألباني بمجموع طرقه وشواهده. انظر: إرواء الغليل: 4/ 90 - 93. (8) 1/ 248. (9) 3/ 167. (10) ساقط من (د) و (ب) والمثبت من (أ). (11) يعني هذا ترجيح منهما لوجوب القضاء وإلا ففى المذهب ثلاثة أوجه: وقيل: قولان، ووجه أصحها: وجوبه للحديث. انظر: الإبانة: 1/ ق 85/ 3، والبسيط: 1/ ق 224/ ب، وحلية العلماء: 3/ 200، وفتح العزيز: 6/ 453، والمجموع: 6/ 362. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 235 والمذكور في الكتاب من قصة الأعرابي (1)، وقع فيه زيادة غير صحيحة، وحديثه ثابت في الصحيحين (2)، وغيرهما (3) عن أبي هريرة وغيره، فقوله (أهلكت) (4) لفظة وقعت في رواية ضعيفة (5)، لا يثبتها أصحاب الحديث، ذكر ذلك الحافظ أبو بكر البيهقي (6).   (1) قال في الوسيط: 1/ ق 154/ أ ( ... إذ جاء إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وهو ينتف شعره، ويضرب نحره، ويقول: هلكت، وأهلكت، وقعت على أهلي في نهار رمضان، فقال - صلى الله عليه وسلم -: أعتق رقبة، فوضع يده على سالفته، وقال: لا أملك رقبة إلا هذه ... إلخ). (2) سبق تخريجه منهما. (3) رواه أبو داود: 2/ 786، 783 في كتاب الصوم، باب كفارة من أتى أهله في رمضان، والترمذي: 3/ 102 في كتاب الصوم، باب ما جاء في كفارة الفطر في رمضان، وابن ماجه: 1/ 534 في كتاب الصوم، باب ما جاء في كفارة من أفطر يوما من رمضان، وأحمد: 2/ 281، 241، 208، والدارمي: 2/ 19، والدارقطني: 2/ 209 - 211، والبيهقي: 4/ 374 - 381 من حديث أبي هريرة وابن عمر، وعائشة وعبد الله بن عمرو. (4) في (د): (وأكلت)، وهو تحريف، والمثبت من (أ) و (ب). (5) رواها الدارقطني: 2/ 210، والبيهقي: 4/ 383، ومن طريق الدارقطني ابن الجوزي في التحقيق: 2/ 85، وقال الدارقطني: تفرد به أبو ثور عن معلي بن منصور عن ابن عيينة بقوله "أهلكت"، وكلهم ثقات. وقال الخطابي في معالم السنن: 2/ 785 "وهذه اللفظة غير موجودة في شيء من رواية هذا الحديث، وأصحاب سفيان لم يرووها عنه، وإنما ذكروا قوله "هلكت" حسب، غير أن بعض أصحابنا حدثني عن المعلي بن منصور روى هذا الحديث عن سفيان، فذكر هذا الحرف فيه، وهو غير محفوظ، والمعلى ليس بذاك في الحفظ والإتقان". (6) في السنن الكبرى: 4/ 384، والبيهقي هو: أحمد بن الحسين بن علي بن موسى أبو بكر البيهقي، الإِمام الحافظ الكبير، كان أوحد أهل زمانه في الإتقان والحفظ والتصنيف، وكان محدثا فقيها أصوليا، وله المصنفات الكثيرة، منها: السنن الكبرى، والصغرى، ودلائل النبوة والخلافات وغيرها، مات بنيسابور سنة 485 هـ. انظر: وفيات الأعيان: 1/ 57، تذكرة الحفاظ: 3/ 1132، البداية: 12/ 102، طبقات ابن قاضي شهبة: 1/ 220، طبقات ابن هداية الله: ص 233، هدية العارفين: 5/ 78. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 236 و (1) قوله: "فوضع يده على سالفته وقال: لا أملك رقبة إلا هذه" لا تعرف (2). و (3) قوله: "وهل أتيت إلا من الصوم" لا يعرف أيضاً (4)، والمذكور بدله (5) في الروايات المعروفة، أنه "لا يستطيع (6) ذلك". "والسالفة" هي صفحة العنق (7) كما سبق شرحه في سنن الوضوء. وأما قوله: "ما بين لابتيها" فالمدينة - حرسها الله تعالى - بين لابتين، واللابتة (8) عبارة عن الأرض الملبسة بالحجارة السود (9).   (1) ساقط من (د)، والمثبت من (أ) و (ب). (2) قال ابن الملقن بعد أن ذكر قول المصنف هذا، قلت: لكن روى أبو داود وغيره في حديث سلمة بن صخر البياضي، المظاهر من امرأته ووطئها، أنه عليه الصلاة والسلام قال له: (حرر رقبة، قلت: والذي بعثك بالحق ما أملك رقبة غيرها، وضربت صفحة عنقي) انظر: تذكرة الأحبار: ق 103. (3) ساقط من (د)، والمثبت من (أ) و (ب). (4) وتعقبه ابن حجر بقوله: "هذه غفلة عما أخرجه البزار من طريق محمَّد بن إسحاق حدثني الزهري، عن حُمَيْد عن أبي هريرة، فذكر الحديث، وفيه قال: (صم شهرين متتابعين، قال: يا رسول الله: هل لقيت ما لقيت إلا من الصيام)، ويؤيد ذلك ما ورد في حديث سلمة بن صخر البياضي عند أبي داود في قصة المظاهر من زوجته أنه قال: (وهل أصبت الذي أصبت إلا من الصيام) على قول من يقول: إنه المجامع" التلخيص: 2/ 219. (5) في (أ) (تركه) وهو تحريف. (6) في (أ) (لا أستطيع). (7) انظر: النهاية في غريب الحديث: 2/ 390، القاموس: ص 1061. (8) في (د): (والآية)، وهو تحريف، والمثبت من (أ) و (ب). (9) انظر: النهاية في غريب الحديث: 4/ 274، تهذيب الأسماء واللغات: 3/ 132، والمصباح المنير: ص 560. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 237 "والعَرَقُ" بفتح العين، والراء المهملتين (1)، وقد يقال: بإسكان الراء، وهو عبارة عن الزنبيل المعمول من الخوص (2). وقد روي في بعض روايات الحديث، أن العَرَق، هو المكتل الضخم، والمكتل، والزنبيل، والقُفَّة بمعنى واحد (3)، والله أعلم. وإذا وقفت على ما بيناه في الحديث (4) ظهر لك أن الإشكال المذكور الناشئ من تجويز ترك الصوم؛ لشدة الغُلْمَة (5) مندفع لما ذكرناه من عدم ثبوت ذلك في الرواية، وهكذا (6) الإشكال السابق من كونه لم يأمره بالقضاء، لما رويناه من أنه أمره بالقضاء. وأما الإشكال الآخر في تفريق الكفارة على أهله، وعياله، والإشكال الآخر في أنه لم يبين له بقاء الكفارة (7) في ذمته، فهما مندفعان، بأن هذه قضية عين، وقضايا الأعيان قد تمهد في فن الأصول، أنه لا يعم   (1) في (أ) زيادة (المفتوحتين). (2) انظر: النهاية في غريب الحديث: 3/ 219، والمصباح المنير: ص 405، القاموس: 1172. (3) أي وكلها أسما لهذا الوعاء المعروف، وليس لسعته قدر مضبوط، بل قد يصغر ويكبر. انظر: تهذيب الأسماء واللغات: 3/ 17، المجموع: 6/ 365، المصباح المنير: ص 250، 511, 525، القاموس: ص 1093، 1303. (4) في (أ): (الجديد) وهو تحريف. (5) قال في الوسيط: 1/ ق 154/ أ "وفي الحديث إشكالات: أحدها: أنه مهد عذره في ترك الصيام بالغلمة المفرطة، وقد اختلف الأصحاب فيه". (6) في (د) و (أ) (هذا)، والمثبت من (ب). (7) نهاية 2/ ق 21/ أ. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 238 حكمها (1)؛ لتطرق الاحتمالات إليها، فمن المحتمل ها هنا أنه صرف ذلك إلى عياله صدقة عليهم، لفقرهم، لا كفارة، وإنه إنما لم يبين (2) له استقرار الكفارة في ذمته تأخيرا لذلك إلى وقت الحاجة إلى بيان (3) ذلك، وهو وقت الأداء عند القدرة، أو لأنه اقترن بحاله ما أشعر بأن ذلك غير خافٍ عليه (4)، فالصحيح إذاً في ذلك بقاؤها في ذمته (5). والجريان على مقتضى القياس في الأمور المذكورة لما ذكرناه، لا لما ذكره صاحب الكتاب من جعل ذلك خاصة للأعرابي (6)، فإنه لا ضرورة تدعو إليه، والله أعلم. ما ذكره من كلمة "التشويش" ينبغي أن تبدل بالتهويش (7)، فإن "التشويش" عامي يأباه العلماء باللغة (8)، والله أعلم.   (1) في (أ) (كلها). (2) في (د): (لم يتبين)، والمثبت من (أ) و (ب). (3) في (أ) (لبيان) بدل (إلى بيان). (4) انظر: الأم: 2/ 234، فتح العزيز: 6/ 454، المجموع: 6/ 380، مغني المحتاج: 1/ 445. (5) انظر: المصادر السابقة. (6) قال في الوسيط: 1/ ق 154/ ب "فإن قيل: فما عذر من يخالف الحديث، قلنا: نرى تنزيل ذلك على تخصيص الأعرابي، وهو أقرب من تشويش قواعد القياس". (7) التهويش: الاختلاط، يقال: هذا يهوش القواعد أي يخلطها. انظر: المصباح المنير: ص 42. (8) انظر: المصباح المنير ص 327، القاموس المحيط ص 769. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 239 قوله في الفدية "مصرفها مصرف الصدقات" (1) ليس المراد بالصدقات فيه الزكوات، حتى يجوز صرفها إلى أصنافها، وإنما المراد بذلك صدقات التطوع، ومصرفها الغالب (2) المساكين، والفقراء كسائر الكفارات (3). وتخصيصها بالمسكين مذكور في "الوسيط" (4) في بابها، وذلك لتعيين (5) المسكين في النصوص الواردة في الغالب (6) من أنواع ذلك، وحيث اقتصر على ذكر المسكين (7) أو الفقير فهو شامل للنوعين الفقراء (8)، والمساكين كما في الوصية (9)، والله أعلم. قوله: "من تعدى بترك الصوم، ومات قبل القضاء، أخرج من تركته مدّ لكل يوم، وفي القديم أنه يصوم عنه وليه" (10).   (1) الوسيط: 1/ ق 154/ ب. (2) ساقط من (د) و (ب)، والمثبت من (أ). (3) في (د) (الكفارة)، وانظر: فتح العزيز: 6/ 456، الروضة: 2/ 246، مغني المحتاج: 2/ 246. (4) في (أ) (الكتاب). (5) في (د): (لتعين)، والمثبت من (أ) و (ب). (6) في (أ) (كثير). (7) في (ب) (المساكين). (8) في (أ) (الفقير). (9) يعني إذا أطلق أحد الصنفين في الوصية، وكذا الوقف والنذر وجميع المواضع غير الزكاة، ولم ينف الآخر، فإنه يجوز أن يعطى الصنف الآخر بلا خلاف في المذهب، وإن جمعا أو ذكر أحدهما ونفى الآخر وجب التمييز حينئذ. انظر: المجموع: 6/ 179. (10) الوسيط: 1/ ق 154/ ب. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 240 قلت: ليس نصه في القديم هكذا جزما بذلك (1) بل معلقاً، فإنه قال فيه: "وقد روي في الصوم عن الميت شيء، فإن كان (2) (3) ثابتا صيم عنه كما يحج عنه (4)، وأما في الجديد فإنه جزم بأن لا يصام عنه (5)، وأخذ يضعف ما كان قد بلغه (6) مما روى في جواز الصوم عن الميت، وكلامه في ذلك كلام من لم تبلغه الأحاديث الصحيحة الواردة في ذلك منها: حديث عائشة رضي الله عنها عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: (من مات وعليه صوم، صام عنه وليه) أخرجه البخاري ومسلم في الصحيحين (7). وأخرجا (8) في صحيحيهما (9) حديث ابن عباس - رضي الله عنهما -، ومسلم (10)   (1) ساقط من: (د) و (ب). (2) (فإن كان) تكرر في (د). (3) نهاية 2/ ق 12/ ب. (4) انظر: السنن الكبرى: 4/ 428، ومعرفة السنن والآثار: 6/ 309. (5) بل يطعم من تركته عن كل يوم مد، هذا هو الأشهر والأصح عند جمهور الأصحاب. انظر: المهذب: 1/ 252، البسيط: 1/ ق 225، حلية العلماء: 3/ 308، فتح العزيز: 6/ 456، المجموع: 6/ 415، الروضة: 2/ 246. (6) في (أ) زيادة (في). (7) البخاري: 4/ 226 مع الفتح، في كتاب الصوم، باب من مات وعليه صوم، ومسلم: 8/ 23 - 24 في كتاب الصوم، باب قضاء الصوم عن الميت. (8) في (د) وأخرجاه). (9) في الموضعين السابقين بألفاظ متقاربة، منها: قال: جاء رجل إلى النبي - صلى الله عليه وسلم -، وفي رواية: جاءت امرأة فقال: يا رسول الله: إن أمي ماتت، وعليها صوم شهر، أفأقضيه عنها؟ فقال: (لو كان على أمك دين أكنت قاضية عنها؟)، قال: نعم، قال: (فدين الله أحق أن يقضى). (10) في (د) و (ب): (ولمسلم). الجزء: 3 ¦ الصفحة: 241 في صحيحه (1) من حديث بريدة بن الحصيب (2) عنه - صلى الله عليه وسلم -، أنه أمر امرأة ماتت أمها، وعليها صوم بأن تصوم عن أمها). وعند هذا ينبغي لمن اطلع على هذا من أصحابه أن يقطع بأن (3) مذهبه أن (4) يصام عنه قولاً واحداً (5)؛ لكونه اعتمد في عدم قوله بذلك على عدم ثبوت الحديث الوارد به، وقد بيّنت (6) ثبوت الأحاديث الواردة بذلك، ولأنه رحمه الله أوصى أصحابه بأنه متى ثبت على خلاف قوله، فليدعوا قوله ويعملوا بالحديث (7)، وقد سلك الأصحاب هذا المسلك في مسألة التثويب (8) في الأذان وغيرها (9).   (1) في الكتاب والباب السابقين: 8/ 25 - 26. (2) بريدة بن الحصيب بن عبد الله بن الحرث، أبو سهل الأسلمي الصحابي رضي الله عنه، أسلم قبل بدر وسكن المدينة ثم مرو، ومات بها سنة 62 أو 63 هـ، وهوآخر من مات من الصحابة رضي الله عنهم بخراسان. انظر: الاستيعاب: 1/ 173، تهذيب الأسماء واللغات: 1/ 133، البداية: 8/ 205، الإصابة: 1/ 146. (3) في (د) (أن)، والمثبت من (أ) و (ب). (4) في (د): (بأن)، والمثبت من (أ) و (ب). (5) قال النووي: القديم هو الصحيح عند جماعة من محققي أصحابنا، وهو المختار، وقال في الروضة: وهذا هو الصواب. انظر: حلية العلماء: 3/ 208، فتح العزيز: 6/ 456، المجموع: 6/ 415، الروضة: 2/ 246، فتح الباري: 4/ 221، رحمة الأمة: ص 123. (6) في (أ) (ثبت). (7) انظر: المجموع: 1/ 14، إعلام الموقعين: 2/ 282 - 283. (8) في (د): (الثبوت)، وهو تحريف، والمثبت من (أ) و (ب)، وهو أن يقول: في آذان الصبح بعد الحيعلتين: الصلاة خير من النوم مرتين. انظر: شرح السنة: 1/ 61، رحمة الأمة: ص 34، مغني المحتاج: 1/ 136. (9) انظر: المجموع: 1/ 104. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 242 وقد قال القائم بنصرة مذهبه (1) من حيث الحديث الصحيح "لو وقف الشافعي على جميع طرق هذه الأحاديث وبظاهرها لم يخالفها إن شاء الله تعالى" (2). وأما (3) ما احتجوا به من (4) نصرة القول الجديد بما (5) روي عن ابن عمر رضي الله عنهما عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: (فيمن مات وعليه صيام رمضان، أنه يطعم عنه مكان (6) كل يوم مسكين)، وفي رواية (مد من حنطة) (7) فهو غير ثابت عند   (1) يعني الحافظ أبا بكر البيهقي مضت ترجمته قريباً. (2) انظر: السنن الكبرى: 4/ 430. (3) ساقط من (د) و (ب). (4) في (د) و (ب) (في) .. (5) في (د) و (ب) (مما). (6) في (أ) (عن) والمثبت من (د) و (ب). (7) رواه الترمذي: 3/ 96 في كتاب الصوم، باب ما جاء من الكفارة، وابن ماجه: 1/ 558 في كتاب الصيام، باب من مات وعليه صيام رمضان قد فرط فيه، وعبد الرزاق في المصنف: 4/ 235، وابن حزم في المحلى: 6/ 261، والبيهقي في الكبرى: 4/ 424، وفي معرفة السنن والآثار: 6/ 311 مرفوعاً من طرق عن محمَّد بن عبد الرحمن عن نافع عن ابن عمر عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - به. وقال الترمذي: حديث ابن عمر لا نعرفه إلا من هذا الوجه، والصحيح وقفه على ابن عمر. وقال الدارقطني في "علله" كما في نصب الراية: 2/ 464، والمحفوظ وقفه، وقال البيهقي في الكبرى في الموضع السابق: والصحيح أنه موقوف على ابن عمر، وقال في "المعرفة" في الموضع السابق: لا يصح هذا الحديث، فإن محمَّد بن أبي ليلى كثير الوهم، وإنما رواه أصحاب نافع عن نافع عن ابن عمر من قوله. وضعفه أيضاً ابن الجوزي في التحقيق: 2/ 98، والنووي في المجموع: 6/ 418، والألباني في ضعيف الجامع الصغير وزيادته: ص 844 برقم (5853). الجزء: 3 ¦ الصفحة: 243 أهل (1) الحديث مرفوعاً إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وإنما هو من قول ابن عمر رضي الله عنهما، ولا يقدح في حديث ابن عباس وعائشة رضي الله عنهما ما ورد عنهما من (2) أنهما أفتيا في ذلك بالإطعام (3)، فقد قال: (الفقيه الحافظ أبو بكر) (4) البيهقي: "من يجوز الصيام عن الميت يجوز الإطعام عنه" (5)، ثم إنه تقرر في أصول الفقه أن فتيا الراوي للحديث بخلافه لا يقدح فيه (6). إذا وضّح هذا، فالولي المذكور في الحديث أنه يصوم عنه الأقرب أن المراد به القريب (7)، فإن الوليَّ (8) (مأخوذ من الولي) (9) على مثال الرمي،   (1) نهاية 2/ ق 13/ أ. (2) ساقط من: (أ). (3) أما ابن عباس فرواه عنه النسائي في الكبرى: 2/ 174 - 175، وعبد الرزاق في المصنف: 4/ 235، والبيهقي في الكبرى: 4/ 429 بلفظ: (لا يصلي أحد عن أحد، ولا يصوم أحد عن أحد، ولكن يطعم عنه مكان كل يوم مد من حنطة). وأما عائشة فرواه عنها البيهقي في الكبرى: 4/ 429 - 430، وفي المعرفة: 6/ 313 بلفظ (لا تصوموا عن موتاكم وأطعموا عنهم)، وبلفظ: (أنها سئلت عن امرأة ماتت وعليها صوم قالت: يطعم عنها). وقد ضعف هذه الآثار الحافظ ابن حجر في الفتح: 4/ 228. (4) ما بين القوسين ساقط من (أ). (5) انظر: السنن الكبرى: 4/ 430. (6) وهذا قول جمهور الأصوليين خلافا لأكثر الحنفية. انظر: البحر المحيط 4/ 346، إرشاد الفحول 1/ 234. (7) وهو اختيار النووي وابن حجر. انظر: فتح العزيز: 6/ 457، الروضة: 2/ 246، المنهاج مع شرحه مغني المحتاج: 1/ 439، فتح الباري: 4/ 228، نهاية المحتاج: 3/ 190. (8) في (ب) زيادة (المذكور). (9) ما بين القوسين ساقط من (د) و (ب) والمثبت من (أ). الجزء: 3 ¦ الصفحة: 244 وهو القرب (1)، ويحتمل أن يكون عبارة عن الوارث (2)، فإن الورثة أولياء الميت في تركته، وهم الذين يطعمون عنه على تقدير الإطعام، ولم نجد لأحد من الأصحاب في ذلك قولا جازما، وتردد إمام الحرمين (3) في أنه الولي الذي يلي أمر المولى عليه، وهو القريب، أو هو الوارث، أو (4) هو العصبة (5)، وقال: لا نقل عندي فيه، وليس معنا في معناه ثبت نعتمده (6)، والله أعلم. ثم إن القول بجواز صوم الولي عنه ليس مخصوصا بالمتعدي بالإفطار كما يفهم من ظاهر إيراده في الكتاب، بل هو منقول أيضاً في المعذور الذي لم يتمكن من القضاء حتى مات، والراد به أنه يجوز صوم الولي عنه، وإن لم يلزمه (7)، والله أعلم. قوله في الحامل والمرضع: "إذا أفطرتا خوفا على ولديهما، قضتا، وافتدتا (8) عن كل يوم مدا كذلك ورد به (9) الخبر" (10).   (1) انظر: الصحاح: 6/ 2528، القاموس: ص 1732. (2) ومال إليه الرافعي. انظر: فتح العزيز: 6/ 457، الروضة: 2/ 246. (3) انظر: نهاية المطلب: 2/ ق 159. (4) ساقط من (ب). (5) وهذا الاحتمال يبطل بقصة المرأة التي سألت عن صوم نذر على أمها فأمرها النبي - صلى الله عليه وسلم - أن تصوم عن أمها، وانظر: الروضة: 2/ 246، فتح الباري: 4/ 228. (6) في (أ) (يعتمد). (7) انظر: فتح العزيز: 6/ 456 - 457، المجموع: 6/ 415 - 416، الروضة: 2/ 246. (8) في (د) (وافتدى)، والمثبت من (أ) و (ب). (9) ساقط من (أ). (10) الوسيط: 1/ ق 154/ ب. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 245 يعني بالخبر ما روي عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله تبارك وتعالى: {وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ} (1)، أنها (2) منسوخة إلا (3) (في الحامل) (4) (5)، والمرضع إذا خافتا على أولادهما أفطرتا، وأطعمتا مكان كل يوم مسكينا) رواه أبو داود وغيره (6). وهذا هو الصحيح من الأقوال عند صاحب الكتاب (7)، ولذلك أفتى به أولاً، ثم حكى أن فيه قولاً ثانياً، وثالثاً، وعند القاضي الروياني (8): الأصح أن الفدية (9) لا تجب (10)، والاختيار الأول أولى، والله أعلم.   (1) سورة البقرة، الآية: 184. (2) ساقط من (د)، والمثبت من (أ) و (ب). (3) ساقط من (ب). (4) ما بين القوسين بياض في (د) و (ب)، والمثبت من (أ). (5) نهاية 2/ ق 13/ ب. (6) أبو داود: 2/ 738 - 739 في كتاب الصوم، باب من قال: هي مثبتة للشيخ والحبلى، وابن جرير في تفسيره: 3/ 131، وابن الجارود في المنتقى: ص 138، والبيهقي في الكبرى: 4/ 388 من طرق عن سعيد بن أبي عروبة عن قتادة عن عزره (وفي أبي داود وقع "عروة" بدل "عزرة"، وهو تصحيف، كما قال الألباني في الإرواء: 4/ 19) عن سعيد بن جبير عن ابن عباس قال بنحو هذا اللفظ، وصححه الألباني في الإرواء: 4/ 17 - 25، وحوله بحث طويل ينظر في المصدر نفسه. (7) وعند جمهور الأصحاب، وبه نص في الأم والمختصر وغيرهما، انظر: الأم: 2/ 143، مختصر المزني: ص 65، التلخيص لابن القاص: ص 232، اللباب: ص 193، المهذب: 1/ 241، الوجيز: 1/ 105، حلية العلماء: 3/ 176، شرح السنة: 3/ 503، فتح العزيز: 6/ 460، المجموع: 6/ 273 - 275. (8) انظر: فتح العزيز: 6/ 460. (9) في (د): (القديم)، وهو تحريف، والمثبت من (أ) و (ب). وهو الصواب. (10) أي تستحب لها ذلك، وهو اختيار المزني. انظر: الأم 2/ 143، اللباب ص 193، المهذب 1/ 241، الوجيز 1/ 105، فتح العزيز 6/ 260، المجموع 6/ 273. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 246 قوله في تعليل أحد الوجهين: أن الفدية لا تجب على العاصي بالإفطار؛ "لأن الفدية لا تكفر عدوانه" (1). إن قلت: هذا لا يليق بأصلنا، فإنا قسنا قتل العمد على الخطأ في إيجاب الكفارة، ولم نبال بقول الخصم في الفرق أن جريمة قتل العمد عظيمة لا تكفرها الكفارة. قلت: ولا سواء، فإن (2) الفدية مد من طعام فهي تتضاءل جداً عن جريمة تعمد الإفطار في صوم رمضان المعظم، ولا كذلك كفارة القتل المشتملة على إعتاق الرقبة الموجب إعتاق كل عضو من المعتق بكل عضو منها (3) من النار، كما نطق به الحديث الصحيح (4)، وإطلاقه شامل لجريمة القاتل المتعمد، فالعتق إذا يكفر كلها، أو جلها، وهذا الوجه هو الصحيح (5) عند   (1) الوسيط: 1/ ق 154/ ب. (2) في (أ) (في أن) بدل (فإن). (3) في (ب) (منهما). (4) يشير إلى الحديث الذي رواه واثلة بن الأسقع، قال: أتينا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في صاحب لنا أوجب - يعني النار - بالقتل فقال: (أعتقوا عنه يعتق الله بكل عضو منه عضوا منه من النار) رواه أبو داود: 4/ 273 في كتاب العتق، باب في ثواب العتق، أحمد: 3/ 490 وما بعدها، الطحاوي في مشكل الآثار: 1/ 315، الحاكم: 2/ 230 - 231، البيهقي في الكبرى: 8/ 228، البغوي في شرح السنة: 9/ 352، من طرق عن حمزة بن ربيعة عن إبراهيم بن أبي عبلة عن الغريف بن الديلمي عن واثلة به. وقال الحاكم صحيح على شرط الشيخين، ووافقه الذهبي، وسكت عليه المنذري في مختصر السنن: 5/ 424، وضعفه الألباني في الإرواء: 7/ 339، وأورده في الضعيفة: 2/ 307 برقم 907، وقال: "في إسناده الغريف بن الديلمي، فإنه لم يرو عنه غير إبراهيم بن عبلة ولم يوثق غير ابن حبان (1/ 183)، قال الحافظ في التهذيب، قال ابن حزم: مجهول، وذكره بالعين المهملة" ثم رد تصحيح الحاكم والذهبي بأمرين يطول ذكرهما ههنا. ينظر في المصدر نفسه .. (5) في (أ) (وجه التصحيح). الجزء: 3 ¦ الصفحة: 247 إمام الحرمين (1). والأصح عند صاحب "التهذيب" (2) (وجوب الفدية و) (3) هو الأظهر (4)، والله أعلم. الأصح فيمن أفطر؛ لتخليص الغريق (5) أنه تلزمه (6) الفدية (7)، والله أعلم. قوله فيمن لزمه قضاء صوم (8) من رمضان، وتمكن منه (9)، فأخره حتى أدركه رمضان آخر "عصى، وأخرج لكل (10) يوم مدا (11) للخبر" (12). فالخبر إنما هو في إخراج المد عن كل يوم، وليس فيه ذكر العصيان.   (1) انظر: نهاية المطلب: 2/ ق 159 - 160، فتح العزيز: 6/ 461، المجموع: 6/ 273، مغني المحتاج: 1/ 441. (2) في (أ) (وعند صاحب "التهذيب" الأصح)، وانظر: 3/ 170. (3) ما بين القوسين ساقط من (أ). (4) انظر: فتح العزيز: 6/ 461، المجموع: 6/ 273، مغني المحتاج: 1/ 441. (5) انظر: الوسيط: 1/ ق 155/ أ. (6) في (أ) (يلزمه). (7) وصححه أيضاً الرافعي والنووي. انظر: الإبانة: 1/ ق 85/ ب، البسيط: 1/ ق 225/ أ، الوجيز: 1/ 105، فتح العزيز: 6/ 461، المجموع: 6/ 359. (8) في (أ) زيادة (يوم). (9) في (أ) (ولزمه) بدل (منه). (10) في (د): (كل)، والمثبت من (أ) و (ب). (11) في (ب) (مد). (12) الوسيط: 1/ ق 155/ أ. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 248 ثم إنه عن ابن عباس (1) وأبي هريرة موقوفاً عليهما (2)، ومنهم من رواه عن أبي هريرة مرفوعاً إلى (3) رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، ولا يصح رفعه، فالاحتجاج به إذا (4) إنما (5) يكون بواسطة الانتشار من غير نكير، أو يكون (6) لكون ذلك مما لا يدرك إلا بالتوقيف. ثم إنه يبقى ما ذكره هو وآخرون (7) من التعصية مفتقرة (8) إلى دليل، ولا يلزم من مطلق وجوب الفدية تعصيته.   (1) نهاية 2/ ق 14/ أ. (2) أما أثر ابن عباس فرواه الدارقطني: 2/ 197 من طريق مجاهد عنه، والبيهقي: 4/ 422 من طريق ميمون بن مهران عنه بلفظ (في رجل أدركه رمضان وعليه رمضان آخر قال: يصوم هذا ويطعم عن ذاك كل يوم مسكينا ويقضيه) وصححه ابن حجر في التلخيص: 2/ 222. وأما أثر أبي هريرة فرواه أيضاً الدارقطني والبيهقي في الموضعين السابقين من طريق مجاهد عنه بلفظ (فيمن فرط في قضاء رمضان حتى أدركه رمضان آخر، قال: يصوم هذا مع الناس، ويصوم الذي فرط فيه، ويطعم لكل يوم مسكيناً) وقال: "إسناده صحيح موقوف" ثم رواهما عنه مرفوعاً من طريق إبراهيم بن نافع الجلاب عن عمرو بن موسى بن وجيه عن الحكم عن مجاهد عنه به. قال الدارقطني: إبراهيم بن نافع، وعمرو بن موسى ضعيفان. وقال البيهقي: ليس بشيء، إبراهيم وعمر متروكان، وبهما ضعفه الحافظ ابن حجر في التلخيص: 2/ 210. (3) في (أ) و (ب): (عن). (4) في (ب): (إذا به). (5) ساقط من (د) و (ب)، والمثبت من (أ). (6) ساقط من (أ). (7) انظر: المجموع: 6/ 410، مغني المحتاج: 1/ 441. (8) في (د) (متفرقا)، وهو تحريف، وفي (أ) (المفتقرة)، وفي (ب) (مفتقر)، ولعل الصواب ما أثبته. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 249 قلت: يلزم ذلك من وجوب الفدية ها هنا؛ لأنها لتأخير القضاء لا بدلا عن نفس الصوم، فلو لم يكن تقديم (1) القضاء واجبا لما وجب (2) عنه بدل، وهو الفدية، والله أعلم. الأصح عند شيخه (3) أن الفدية تتكرر بتكرر السنة في التأخير (4)، والله أعلم. قوله: "الشيخ الهم (5) إذا أخر المد عن السنة الأولى ففي لزوم مد آخر للتأخير وجهان" (6)، هذا لم نجده (7) لغيره، ولم يذكره هو في "البسيط" فهو شذوذ منه، وكأنه من تصرفه، ولا وجه لإلحاق الفدية بنفس الصوم في ذلك مع قيام الفارق ووضوحه (8)، والله أعلم. الأصح أنه يكره الإفطار بغير عذر في صوم التطوع (9)، والله أعلم.   (1) في (أ) (تقديمه). (2) في (أ) (أوجب). (3) انظر: نهاية المطلب: 2/ ق 159. (4) وبه قطع القاضي أبو الطيب الطبري، وصححه أيضاً النووي. انظر: الحاوي الكبير: 3/ 452، الإبانة: 1/ ق 86/ أ، المهذب: 1/ 252، البسيط: 1/ ق 225/ أ، المجموع: 6/ 410، الروضة: 2/ 250. (5) في (د) (اللهم إلا)، وهو تحريف، والمثبت من (أ) و (ب). والشيخ الهم بكسر الهاء هو الشيخ الكبير الفاني، وجمعه: أهمام. انظر: المصباح المنير: ص 641، القاموس: ص 1512. (6) الوسيط: 1/ ق 155/ أ. (7) في (أ) (ما وجدناه). (8) والمذهب أنه لا شيء عليه. انظر: المجموع: 6/ 411، الروضة: 2/ 251. (9) هذا هو المذهب، وصححه أيضاً الرافعي والنووي. انظر: الإبانة: 1/ ق 84/ ب، البسيط: 1/ ق 225/ ب، فتح العزيز: 6/ 465، المجموع: 6/ 446، مغني المحتاج: 1/ 448. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 250 قوله: "أما صوم القضاء فما (1) يجب على الفور يلزم (2) إتمامه عند الشروع، وما هو على التراخي، فيجوز الإفطار فيه" (3). أراد بما يجب قضاؤه على الفور ما وجب بسبب هو عاص به، أو مقصر (4)، كذا قال في "البسيط" (5)، وبما (6) هو على التراخي ما إذا أفطر بعذر، وهذه طريقته في طائفة، وهي الصحيحة (7). وليس المختار ما اختاره صاحب "التهذيب" (8) ومن وافقه من أن الجميع على (9) التراخي (10). وأما ما ذكره من جواز الإفطار بعد الشروع في القضاء الواجب على التراخي، هو قول القفال في طائفة (11).   (1) في (د): (فيما). (2) في (د): (يلزمه)، والمثبت من (أ) و (ب)، وهو الموافق لما في الوسيط. (3) الوسيط: 1/ ق 155/ أ. (4) في (د): (أو مقصرا ومقصر)، والتصحيح من (أ) و (ب). (5) 1/ ق 225/ ب. (6) في (ب) (وما). (7) انظر: فتح العزيز: 6/ 465، المجموع: 6/ 412، مغني المحتاج: 1/ 449. (8) 1/ 254 (9) نهاية 2/ ق 14/ ب. (10) وهو قول أكثر العراقيين. انظر: الإبانة: 1/ ق 84/ ب، الوجيز: 1/ 105، فتح العزيز: 6/ 464، المجموع: 6/ 412، الروضة: 2/ 251. (11) انظر: حلية العلماء: 3/ 208، فتح العزيز: 6/ 465، الروضة: 2/ 251، مغني المحتاج: 1/ 441. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 251 والمذهب المنع من ذلك على ما سبق بيانه في باب التيمم (1). قوله: "أيام البيض" (2) الصواب فيه إضافة أيام إلى البيض أي الليالي البيض (3)، وهي ثلاث (4) عشرة، وليلة أربع عشرة، وليلة خمس عشرة (5)، ومن يقول الأيام البيض، بالألف واللام (في الأيام) (6) فهو مخطئ، والله أعلم. قوله: "وصوم الدهر مسنون بشرط الإفطار، يومي العيد، وأيام التشريق" (7). هذا الكلام يتضمن تصور صوم الدهر مع الإفطار في بعضه، وذلك خلاف الحقيقة، ووجهه (8) أن يجعل الدهر فيه عبارة عن جميع الأيام التي يجوز صزمها على طريق التجوز، و (9) لا على جميع الأيام على الإطلاق (10)، والله أعلم) (11).   (1) بياض في (د) و (ب)، والمثبت من (أ) وانظر ورقة 39/ ب من النسخة (أ). (2) الوسيط: 1/ ق 155/ أ. (3) وسميت بذلك لاستنارة جميعها بالقمر. انظر: تحرير ألفاظ التنبيه: ص 98، المصباح المنير: ص 69. (4) في (د): (ثلاثة)، والمثبت من (أ) و (ب). (5) انظر: الوجيز: 1/ 105، فتح العزيز: 6/ 470، المجموع: 6/ 436، الروضة: 2/ 253، مغني المحتاج: 1/ 446 - 447. (6) ما بين القوسين ساقط من (أ). (7) الوسيط: ق 155/ أ. (8) في (أ) (الوجه). (9) ساقط من (أ). (10) انظر: فتح العزيز: 6/ 473، المجموع: 6/ 441. (11) ما بين القوسين ساقط من (أ). الجزء: 3 ¦ الصفحة: 252 ومن كتاب الاعتكاف ما ذكره من حديث (من أحيى ليلتي العيدين لم يمت قلبه يوم تموت القلوب) (1) قد (2) سبق الكلام فيه في باب صلاة العيدين (3). والله أعلم. قوله في ليلة القدر: (وميل الشافعي إلى ليلة الحادي والعشرين لحديث ورد فيه) (4) يعني به حديث أبي سعيد الخدري الذي رواه الشافعي عن مالك (5)، وأخرجه البخاري ومسلم في الصحيحين (6)، وفيه أنه - صلى الله عليه وسلم - قال: (أُرِيتُ هذه   (1) الوسيط 1/ ق 155/ ب ولفظه قبله: "ولو اعتكف ليلة العيد وأحياها تعرَّض لقوله - صلى الله عليه وسلم -: من أحيى ... إلخ". (2) في (د) زيادة (و)، ولعل الصواب حذفها. (3) في (أ): (العيد). وانظر ورقة 106/ أمن نسخة (أ)، وخلاصة ما قال هناك: "جاء فيه ما ذكر، لكن نقله الشافعي - رحمه الله - موقوفاً على أبي الدرداء - رضي الله عنه - ولفظه (من قام ليلتي العيدين محتسباً لم يمت قلبه يوم تموت القلوب). أهـ (4) الوسيط 1/ ق 155/ أ. (5) في كتابه السنن 2/ 25، باب ما جاء في الاعتكاف، والمزني في مختصره ص: 68، وهو في الموطأ 1/ 161، بهذا اللفظ. (6) البخاري 2/ 185 في كتاب الأذان، باب هل يصلي الإِمام بمن حضر؟ وهل يخطب يوم الجمعة في المطر؟، وباب السجود على الأنف والسجود على الطين، وباب من لم يمسح جبهته وأنفه حتى صلى، و4/ 301، 305 في كتاب فضل ليلة القدر، باب التماس ليلة القدر في السبعة الأواخر، وباب تحري ليلة القدر في الوتر من العشر الأواخر. فيه عبادة، و 4/ 318، 329، 331، باب الاعتكاف في العشر الأواخر، وباب الاعتكاف وخروج النبي - صلى الله عليه وسلم - صبيحة عشرين، وباب من خرج من اعتكافه عند الصبح. ومسلم 8/ 241 - 243 في كتاب الصوم، باب فضل ليلة القدر والحثِّ على طلبها وبيان محلها. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 253 الليلة ثم أُنسيتها، ورأيتني أسجد في صبيحتها في ماء وطين، فالتمِسوها في العشر الأواخر، والتمسوها فى كل وتر). قال أبو سعيد: (فمطرت (1) السماء في تلك الليلة) يعني ليلة إحدى وعشرين - وكان المسجد على عريش فَوَكَفَ (2) المسجد - قال: (فأَبْصَرَتْ عينايَ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - انصرف وعلى جبهته وأنفه أثر الماء والطين، (3) صبيحة إحدى وعشرين). ونصُ (4) الشافعي - رحمه الله - في "المختصر" (5) أصح مما نقله، قال فيه: "ويشبه أن يكون في ليلة إحدى (6) وعشرين، أو ثلاث وعشرين"؛ وذلك أنه ورد في ليلة ثلاث وعشرين حديث (7) صحيح، أخرجه مسلم (8) من (9) حديث عبد الله بن أُنيس (10) بنحو حديث أبي سعيد. والله أعلم.   (1) في (أ): (فأمطرت). (2) وكف المسجد: أي قطر ماء المطر من سقفه. انظر: النهاية في غريب الحديث والأثر 5/ 220، فتح الباري 4/ 304، المصباح المنير ص: 670. (3) نهاية 2/ ق 15/ أ. (4) في (ب): (وصحَّ). (5) ص: 68. (6) في (ب): (أحد). (7) تكرر في (أ). (8) 8/ 64 في كتاب الصيام، باب فضل ليلة القدر والحثُّ على طلبها بلفظ (قال: أُريت ليلة القدر، ثم أُنسيتها، وأراني صبحها أسجد في ماء وطين. قال: فمطرت ليلة ثلاث وعشرين، فصلى بنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فانصرف، وإن أثر الماء والطين على جبهته وأنفه). (9) في (أ): (في). (10) هو عبد الله بن أنيس بن أسعد بن حرام بن حبيب أبو يحيى الجهني، حليف الأنصار، صحابي جليل - رضي الله عنه -، شهد بدراً وما بعدها من المشاهد مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، مات بالشام سنة 54 هـ، وقيل: 74 هـ. انظر: الاستيعاب 2/ 258، تهذيب الأسماء واللغات 1/ 260، الإصابة 2/ 278. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 254 وقوله: "وقيل: إنها في جميع السنة" (1) يوهم أن ذلك وجه لبعض الأصحاب، وليس كذلك، وإنما هو رواية عن أبي حنيفة (2). وقوله: "وقد قال الشافعي: لو قال في نصف رمضان: امرأتي طالق في ليلة القدر، لم تطلق ما لم تنقض سنة؛ لأن كونها في جميع الشهر محتمل، والطلاق لا يقع بالشك، وليس على انحصارها (3) في العشر الأخير (4) دليل ظاهر" (5). هذا شذوذ منكر لا يوجد في كتب المذهب، والمنقول المقطوع به في كتب المذهب أنه لو قال: أنت طالق في ليلة القدر قبل العشر الأواخر، طلقت بانقضائها، وإن قال ذلك بعد مضي بعض لياليها لم تطلق إلى أن تمضي سنة من حينئذٍ (6). والذي نقله شيخه في "النهاية" (7) عن نصِّ الشافعي أنها تطلق بانقضاء العشر، لا كما نقله هو. ونقل ذلك صاحب "المهذَّب" (8) عن أصحابنا مطلقاً من   (1) الوسيط 1/ ق155/ ب. وقبله "وقال أبو حنيفة - رحمه الله -: إنها في جميع الشهر، وقيل: إنها في ... إلخ". (2) انظر: المبسوط 3/ 128، فتح القدير 2/ 389 وما بعدها. (3) في (أ): (انحصاره). (4) كذا في جميع النسخ، وفيما يأتي من مواضع، ولعل الصواب (الأواخر)، قال الفيومي: "وقولهم: في العشر، الأخير على فاعل أو الآخر، أو الأوسط أو الأَوَّل بالتشديد عامِّيٌّ؛ لأن المراد بالعشر الليالي وهي جمع مؤنث، ولا توصف بمفرد، بل بمثلها". المصباح المنير ص: 8. (5) الوسيط 1/ ق 155/ أ. (6) انظر: الحاوي 3/ 484، المهذَّب 1/ 255، فتح العزيز 6/ 479، المجموع 6/ 491، الروضة 2/ 256. (7) 2/ ق 165. (8) 1/ 255. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 255 غير استثناء أحد منهم، وكما أن ما (1) ذكره غير صحيح من جهة النقل، فهو غير صحيح من جهة التوجيه؛ إذ لا يستقيم قوله في توجيه (2) ذلك: "الطلاق لا يقع بالشكِّ، وليس على انحصارها في العشر الأخير دليل ظاهر"؛ إذ على انحصارها فيها أخبار صحيحة معروفة ظاهرة، فليس ذلك إيقاعاً للطلاق بالشكَّ، بل بالظنِّ الغالب، وقد قال في ذلك شيخه الإِمام - رحمهما الله وإيَّانا -: "الانحصار في العشر الأواخر مذهب ثابت، والطلاق يناط وقوعه بالمذاهب المظنونة" (3) والله أعلم. ولقد قضيت زماناً عجباً (4) من وقوع مثل (5) هذا في هذا الكتاب، مع (6) جلالة مؤلفه - رحمه الله وإيَّانا - فظننت من بعد أنه كان ينقل عند التصنيف مما كان قد علَّقه هو، أو بعض رفقائه في الابتداء زمان التحصيل، من تدريس الإِمام شيخه لـ "نهاية المطلب"، وكانت العادة جارية بمثل ذلك، وكثيراً (7) ما يقع في التعاليق إسقاط (8)، أو تغيير، وتحريف (9)؛ لكون المعلِّق إنما يكتب ما يعلِّقه من حفظه، والحفظ خوَّان، وقد يزول سمعه عن بعض المذكور، لا سيما   (1) ساقط من (أ). (2) في (أ): (هو). (3) انظر: نهاية المطلب 2/ ق 165. (4) في (د) و (أ): (عجيباً)، والمثبت من (ب). (5) نهاية 2/ ق 15/ ب. (6) في (أ): (من). (7) في (أ): (كثير). (8) في (أ) زيادة (سقط). (9) في (أ): (والتغيير والتحريف). الجزء: 3 ¦ الصفحة: 256 عند الجريان في ميدان البيان. فكان هذا الذي نقله، وذكره ههنا من تحريف التعليق، لما ذكره شيخه في "النهاية" (1) من أن الشافعي له مذهبان: أحدهما: انحصار ليلة القدر في العشر الأخير (2). والثاني: تعيينه ليلة الحادي والعشرين، أو ليلة الثالث والعشرين. وبين مذهبيه فرق، يظهر أثره في مسألة الطلاق المذكورة، من حيث إنه لا يحكم بوقوع الطلاق بانقضاء ليلة الحادي والعشرين، ولا بانقضاء ليلة الثالث والعشرين، ويحكم بوقوعه بانقضاء العشر، من حيث إن مذهبه في انحصارها في العشر ثابت، وهو على التردد في تعيين إحدى الليلتين، والله أعلم. ما ذكره من جعله أركان الاعتكاف أربعة: أحدها: الاعتكاف (3). وجهه: أن الاعتكاف المحسوس جزء من الاعتكاف المشروع فلم يمتنع كونه ركناً فيه. وقد وجَّهنا في أول باب الاستقبال ما جرت عادته به في الأركان المذكورة، في صدور الأبواب (4)، والله أعلم.   (1) 2/ ق 165. (2) قال النووي: "مذهب الشافعي وجمهور أصحابنا أنها منحصرة في العشر الأواخر، وفي ليلة معيَّنة في نفس الأمر لا تنتقل عنها .. ثم قال: وقال المزني وصاحبه أبو بكر محمَّد بن إسحاق ابن خزيمة إنها متنقلة في ليالي العشر، وهذا هو الظاهر المختار؛ لتعارض الأحاديث الصحيحة في ذلك، ولا طريق إلى الجمع بين الأحاديث إلا بانتقالها". انظر: مختصر المزني ص: 68، الإبانة 1/ ق 87/ أ، المهذَّب 1/ 255، فتح العزيز 6/ 476، المجموع 6/ 489 - 490، الروضة 2/ 256، مغني المحتاج 1/ 450. (3) انظر: الوسيط 1/ ق 155/ ب. (4) انظر: ورقة 59/ ب من نسخة (أ). الجزء: 3 ¦ الصفحة: 257 قوله (1) فيما إذا نذر اعتكافاً مطلقاً: "وقيل: لا بدَّ من يوم، أو ما يدنو منه، وهو مذهب أبي حنيفة" (2). المنقول عن أبي حنيفة أنه لا يجزئ أقل من يوم (3)، والله أعلم. قوله: "كانت عائشة ترجِّل رأس النبي - صلى الله عليه وسلم -" (4). ورد به حديث صحيح (5)، معناه: أنه (6) - صلى الله عليه وسلم - كان يخرج من المسجد رأسه إليها، وهي خارجة منه في حجرتها، فترجِّل شعره، أي تمشطه بماء، أو دهن، أو غيرهما، والله أعلم. قوله (7): "وفي مقدمات الجماع كالقبلة والمعانقة قولان: أحدهما: أنه يحرم، ويفسد كما في الحجِّ. الثاني: لا، كما في الصوم" (8).   (1) بياض في (أ). (2) الوسيط 1/ ق 155/ ب. (3) هذا إذا كان الاعتكاف واجباً، وأما إذا كان نفلاً ففيه روايتان: أحدهما: أنه كالواجب، أي لا يكون أقل من يوم. والثاني: وهو قول محمَّد أنه غير مقدَّر، فيصح ولو ساعة. انظر: بدائع الصنائع 3/ 211، الهداية 2/ 132، فتح القدير 2/ 392، البحر الرائق 2/ 322. (4) الوسيط 1/ ق 155/ ب. (5) يشير إلى ما روته عائشة - رضي الله عنها - أنها كانت ترجِّل النبي - صلى الله عليه وسلم - وهي حائض، وهو معتكف في المسجد، وهي في حجرتها يناولها رأسه. رواه البخاري 1/ 478 في كتاب الحيض، باب غسل الحائض رأس زوجها وترجيله، و 4/ 320، 321، 335 في كتاب الاعتكاف، باب الحائض ترجِّل رأس المعتكف، وباب لا يدخل البيت إلا لحاجة، وباب غسل المعتكف، وباب المعتكف يدخل رأسه البيت للغسل. ومسلم 3/ 208 - 209 مع النووي، في كتاب الحيض، باب جواز غسل الحائض رأس زوجها، وترجيله، وطهارة سؤرها. (6) نهاية 2/ ق 16/ أ. (7) بياض في (أ). (8) الوسيط 1/ ق 156/ أ. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 258 هذا من عقد هذا الكتاب، ومشكلاته؛ لما فيه من الجمع بين الاعتكاف والحجِّ في الإفساد بذلك، ومن المعلوم أن الحجَّ لا يفسد بذلك، وإنما تجب به الفدية فيه (1). فأقول - وأسأل الله التوفيق -: معناه أن المباشرة تخلُّ بالاعتكاف، كما تخلُّ بالحجِّ، فالجمع بينهما وقع في مطلق الإخلال، دون خصوص إخلال الفساد، ثم إذا ثبت ههنا بالقياس أصل الإخلال، ثبت كونه بالإفساد لا بالقياس (2) بل باعتبار تعيُّنه (3) طريقاً في الاعتكاف إلى ثبوت الخلل بخلاف الحجِّ، فإنه أمكن فيه إثبات خلل (4) بالجبران (5) بالفدية. والله أعلم. ثم إنه وقع منه (في هذه المسألة أمران آخران غير مرضيين: أحدهما: إجراؤه الخلاف في) (6) التحريم، والإفساد معاً، والتحريم مقطوع به لا خلاف في ثبوته في الطريقتين: الخراسانيَّة، والعراقيَّة، فيما وجدناه (7). والثاني: أنه في "البسيط" (8) ضبط ما يفسد به الاعتكاف على أحد القولين، وما تجب به الفدية في الحجِّ بكل لمس ينتقض به الطهر.   (1) في (د): (تجب فيه الفدية فيه)، وفي (ب): (تجب به الفدية به)، والمثبت من (ب). وانظر: المهذَّب 1/ 289، الوجيز 1/ 126 - 127، الروضة 2/ 418، كفاية المحتاج ص: 377. (2) من قوله (أصل .... بالقياس) تكرر في (د). (3) في (ب): (تعيَّنها). (4) في (أ): (الخلل). (5) في (د) و (أ): (الجبران)، والمثبت من (ب). (6) ما بين القوسين ساقط من: (ب). (7) في (د): (وجدنا) بإسقاط الضمير، وانظر: الإبانة 1/ ق 86/ ب، المهذَّب 1/ 261، نهاية المطلب 2/ ق 178، فتح العزيز 6/ 481، المجموع 6/ 554، الروضة 2/ 258. (8) 1/ ق 227/ أ. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 259 واتبع في ذلك شيخه الإِمام (1)؛ فإنه ضبط البابين جميعاً باللمس الذي ينقض الوضوء نفياً وإثباتاً، وخلافاً ووفاقاً. وذلك بعيد مخالف لما ذكره غيرهما من التخصيص باللمس بشهوة (2) والله أعلم. والصحيح عدم الإفساد عند عدم الإنزال (3)، والله أعلم. قوله: "وقال أبو حنيفة: الصوم شرط في صحته حتى لا يصح (4) اعتكاف ليلٍ منفرد ما لم يصم بالنهار، وهو قول قديم للشافعي - رحمهما الله -" (5). هذا فيه نظر؛ فإن شيخه حكى عن أبي حنيفة أنه قال: لا اعتكاف إلا بالصوم، وقال: ثم ناقض، وقال: لو اعتكف يوماً مُحْتَوِشاً بليلتين صحَّ اعتكافه في اليوم والليلتين (6)، وإن كانت (7) الليلة لا تحتمل الصوم.   (1) انظر: نهاية المطلب 2/ ق 179. (2) انظر: المهذَّب 1/ 261، فتح العزيز 6/ 481 - 482، المجموع 6/ 554. (3) في هذه المسألة - أعني المعتكف إذا لمس، أو قبَّل بشهوة، أو باشر فيما دون الفرج متعمداً - نصوص وطرق مختلفة مختصرها ثلاثة أقوال، أو أوجه: أصحها عند الجمهور: إن أنزل فسد اعتكافه، وإلا فلا. والثاني: أنها لا تفسده مطلقاً، وصححه المحاملي وصاحب البيان، والقاضي أبو الطيِّب الطبري. والثالث: أنها تفسده مطلقاً. انظر: المهذَّب 1/ 261، البسيط 1/ ق 227/ أ، فتح العزيز 6/ 482، المجموع 6/ 555 - 556، الروضة 2/ 258. (4) نهاية 2/ ق 16/ ب. (5) الوسيط 1/ ق 156/ أ. (6) انظر قول الإِمام أبي حنيفة في: المبسوط 3/ 115 - 116، فتح القدير 2/ 390. (7) في (أ): (كان). الجزء: 3 ¦ الصفحة: 260 قال: "وحكى الأئمة قولاً للشافعي في القديم في اشتراط الصوم في الاعتكاف، ثم قال الأئمة: إذا فرَّعنا على القديم لم نصحِّح (1) الاعتكاف في الليل لا تبعاً، ولا منفرداً" (2) والله أعلم. "إذا نذر أن يعتكف يوماً صائماً" (3) فالأصحُّ أنه لا يجزئه إفراد الصوم عن الاعتكاف (4)، وروي ذلك عن "الأم" (5)؛ لأن الاعتكاف مع الصوم أفضل. وقوله فيه: "وفي لزوم الجمع قولان" غيره يقول: فيه وجهان (6). ووجه ما قاله: أنه (7) إذا كان أحدهما منصوصاً عليه في "الأم" كما حكيناه، كان الوجه الآخر قولاً مخرَّجاً على ما عرف، فيحصل قولان: أحدهما: منصوص، والآخر مخرَّج. وقوله في تعليل لزوم الجمع: "لتقارب العبادتين؛ كما في الحجِّ والعمرة".   (1) في (أ) و (ب): (تصحح) بالتاء. (2) انظر: نهاية المطلب 2/ ق 166. (3) الوسيط 1/ ق 156/ أ. وتمامه: "لزمه الاعتكاف والصوم جميعاً، وفي لزوم الجمع قولان: أحدهما: لا؛ كما لو اعتكف مصلِّياً. والثاني: نعم؛ لتقارب العبادتين ... إلخ". (4) وهو قول جمهور الأصحاب، وصححه الرافعي والنووي. انظر: الإبانة 1/ ق 86/ أ، المهذَّب 1/ 257، نهاية المطلب 2/ ق 166، البسيط 1/ ق 277/ ب، فتح العزيز 6/ 485، المجموع 6/ 510، الروضة 2/ 260، مغني المحتاج 1/ 453. (5) 2/ 148. (6) انظر: المصادر السابقة. (7) ساقط من (أ). الجزء: 3 ¦ الصفحة: 261 معناه: أن الصوم والاعتكاف كلاهما إمساك، وكفٌّ، فكان جمعهما مما يلزم (1) بالنذر، كما لو نذر أن يقرن بين الحجِّ والعمرة، وهذا قد ذكره شيخه (2). وفي لزوم القِران بين الحجِّ والعمرة بالنذر حتى لا يجزيء الحجُّ والعمرة مفردين، مع أن الإفراد أفضل (3)، إشكال: ولعل وجهه: أن بين القِران والإفراد تغايراً، كتغاير النوعين إذ من أفعاله ما يتصف بكونه من الحجِّ ومن (4) العمرة جميعاً، ولو نذر نوعاً من العبادة لم يجزئه نوع آخر، وإن كان أفضل منه؛ كما لو نذر عمرة لم يجزئه حجٌّ، والله أعلم. الخلاف (5) الذي (6) ذكره في تجديد النيَّة إذا نوى الاعتكاف زماناً معيَّناً نحو شهر، ثم خرج، ثم عاد (7)، الأصح منه الثالث - وهو أنه إن خرج لقضاء حاجة الإنسان لم يلزمه تجديد النيَّة، وإن خرج لغرض آخر لزمه (8). والله أعلم.   (1) في (أ) و (ب): (يلتزم). (2) انظر: نهاية المطلب 2/ ق 166. (3) سيأتي إن شاء الله تعالى في كتاب الحجِّ تفصيل كامل عن التفاضل بين أنواع الحجِّ. (4) ساقط من (أ). (5) نهاية 2/ ق 17/ أ. (6) مطموس في (د)، والمثبت من (أ) و (ب). (7) انظر: الوسيط 1/ ق 156/ ب. (8) وبه قطع المتولي، وصححه أيضاً الرافعي والنووي. انظر: البسيط 1/ ق 266، الوجيز 1/ 106، فتح العزيز 6/ 490، المجموع 6/ 524، الروضة 2/ 262، مغني المحتاج 1/ 153 - 154، نهاية المحتاج 3/ 223. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 262 وقوله: "مهما نوى الخروج من الاعتكاف، وهو في المسجد ففي بطلانه ما في بطلان الصوم" (1) يعني (2) لتساويهما في أنهما إمساك وكفٌّ، وليسا كالصلاة المفتقرة إلى لفظ تحلل، فيجري في بطلانه الوجهان: والأظهر البطلان (3). قوله (4): "يصح اعتكاف الرقيق، ولكن للسيِّد أن يخرجه مهما شاء. ويصحُّ اعتكاف المكاتب" (5) لعله خصَّ المكاتب بالذكر بعد ذكره مطلق الرقيق؛ لانفراد المكاتب بأنه يصح اعتكافه، ويجوز حتى لا يتوقف على الأصح على إذن سيِّده، وليس له إخراجه (6)، والله أعلم. ما ذكره من أن نصَّه على أن الردة لا تبطل الاعتكاف، متأول (7) على أن الردة لا تحبط ما مضى (8).   (1) الوسيط 1/ ق 156/ ب. (2) ساقط من (أ). (3) والثاني: عدم البطلان وصححه الرافعي والنووي. انظر: المهذَّب 1/ 258، فتح العزيز 6/ 491، المجموع 6/ 522، الروضة 2/ 262. (4) بياض في (أ). (5) الوسيط 1/ ق 156/ ب. (6) وبه قطع الجمهور، وصححه الرافعي والنووي. انظر: الإبانة 1/ ق 87/ أ، المهذَّب 1/ 256، البسيط 1/ ق 227/ ب، فتح العزيز 6/ 493، المجموع 6/ 503، الروضة 2/ 263. (7) في (أ): (يتأول). (8) انظر: الوسيط 1/ ق 156/ ب. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 263 ووجهه: أنه فرض الكلام فيما إذا لم يكن اعتكافه متتابعاً (1)، فله البناء إذا عاد على ما مضى؛ لأن الردة لا تحبط ما مضى من العبادة (2). و (3) أما قوله: "إن (4) الأصح أنه يفسد بالردة، ولا يفسد بالسكر" فإنه اتبع في ذلك شيخه (5)، وهو طريق شاذ لم نجده لغيرهما، ولو صحَّ نقله لم يصح تصحيحه، بل الأصح الإفساد فيهما (6)؛ لأن كل واحد منهما من حيث المعنى أشد منافاة للاعتكاف من الخروج اليسير من المسجد، والله أعلم. قوله: "والجنابة في مدة العبور لا تفسد الاعتكاف" (7) هذا وقع انفصالاً عن إشكال أُورد (8) على ما سبق من ذكر الخلاف، في أن من (9) باشر وأنزل هل يفسد اعتكافه؟. فقيل: أي وجهٍ للخلاف (10) في هذا مع أنه إذا أنزل فقد أجنب وصار اعتكافه مكثاً في المسجد محرَّماً، فلا يكون قربة، ويلزم من ذلك فساده (11).   (1) في (د): (متابعاً)، والمثبت من (أ) و (ب). (2) انظر: نهاية المطلب 2/ ق 180، فتح العزيز 6/ 547، المجموع 6/ 547. (3) ساقط من (أ). (4) ساقط من (ب). (5) انظر: نهاية المطلب 2/ ق 180 وما بعدها. (6) هذا هو المذهب، وصححه القفَّال والماوردي والبغوي والرافعي والنووي. انظر: الحاوي 3/ 494، الإبانة 1/ ق 88/ أ، المهذَّب 1/ 260، فتح العزيز 6/ 494 - 497، المجموع 6/ 547، الروضة 2/ 263 وما بعدها، الاستغناء 2/ 557. (7) الوسيط 1/ ق 156/ ب. (8) في (أ): (أورده). (9) نهاية 2/ ق 17/ ب. (10) في (أ): (الخلاف). (11) انظر: مغني المحتاج 1/ 454، نهاية المحتاج 3/ 223. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 264 فقيل: وجهه أن يبادر إلى الخروج عند طرآن الإنزال للاغتسال، فيكون ذلك عبوراً من الجنب جائزاً فلا يفسد به الاعتكاف (1)، والله أعلم. قوله: "اعتكاف المرأة في مسجد بيتها" (2) بلغني عن الشيخ أبي الفتوح العجلي الأصفهاني - رحمه الله - أنه قال (3) مَسْجَد مفتوح الجيم، وكأنه أراد الفرق بين المسجد الشرعي، وغير الشرعي، ولا فرق بينهما من حيث اللغة بل فيه، فيهما لغتان: بكسر الجيم، وبفتحها (4)، والله أعلم. الأصح من القولين (5): أن مسجد المدينة، والمسجد الأقصى يتعيَّنان إذا عيَّنهما بالنذر (6). والمعروف في المسجد الحرام القطع بأنه يتعيَّن (7)، وحكايته الخلاف فيه غريب جداً (8)، والله أعلم. قوله: "وأما الزمان فالمذهب أنه يتعيَّن كما في الصوم" (9) قد ذكر في كتاب   (1) انظر: فتح العزيز 6/ 499، المجموع 6/ 556 - 557، الروضة 2/ 264. (2) الوسيط 1/ ق 157/ أ. (3) في (أ): (قاله). (4) انظر: اللسان 3/ 204، مختار الصحاح ص 251، القاموس ص 366. (5) انظر: الوسيط 1/ ق 156/ أ. (6) وصححه أيضاً الرافعي والنووي. انظر: المهذَّب 1/ 256، الوجيز 1/ 107، فتح العزيز 6/ 504 - 505، المجموع 6/ 506، الروضة 2/ 265، مغني المحتاج 1/ 451. (7) هذا هو المذهب، وقطع به الجمهور. انظر: المصادر السابقة. (8) قال النووي: "وذكر إمام الحرمين وجماعات من الخراسانيين في تعيُّنه طريقتين: أصحهما: يتعيَّن. والثاني: على قولين: أصحهما: يتعيَّن، والثاني: لا" انظر: نهاية المطلب 2/ ق 173، المجموع 6/ 506. (9) الوسيط 1/ ق 157/ أ. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 265 النذر (1) خلافاً في تعيين الزمان بالنذر في الصوم كهذا (2) الخلاف. فإذاً قوله "كما في الصوم" تشبيه للاعتكاف بالصوم في جريان الخلاف فيهما، لا قياس للتعيين ههنا على التعيُّن هناك فاعلم، والله أعلم. إذا نذر اعتكاف يوم، وقلنا بالصحيح أنه لا يجزيء ساعات ملتقطة من أيَّام، فاعتكف من منتصف يوم إلى منتصف اليوم الثاني من غير أن يخرج ليلاً، فالأكثرون على أن ذلك يجزيء؛ لأنه سبب التواصل، يقال: اعتكف يوماً (3)، وهذا إن شاء الله أصح (4)، وإن كان قول أبي إسحاق: إنه لا يجزيء أوضح (5)، والله أعلم. الأصح فيما إذا قال: لله (6) عليَّ أن اعتكف العشر الأواخر (7) متتابعاً، ففات، أنه يلزمه التتابع في قضائه (8)؛ لأن تصريحه به يدل على قصده إيَّاه بالالتزام، فلزمه، والله أعلم.   (1) انظر: الوسيط 3/ ق 214/ ب. (2) في (د): (هكذا)، والمثبت من (أ) و (ب). (3) انظر: الوسيط 1/ ق 157/ أ. (4) انظر: المهذَّب 1/ 257، البسيط 1/ ق 228/ أ، فتح العزيز 6/ 508 - 509، المجموع 6/ 511، الروضة 2/ 266. (5) انظر: المصادر السابقة. (6) نهاية 2/ ق 18/ أ. (7) في (أ) و (ب): (الأخير). (8) وبه قطع أكثرون، وصححه أيضاً الرافعي والنووي. انظر: الإبانة 1/ ق 78/ أ، المهذَّب 1/ 257، البسيط 1/ ق 228، فتح العزيز 6/ 512، المجموع 6/ 517، الروضة 2/ 267. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 266 ذكر فيما إذا نذر اعتكاف [ثلاثة أيَّام] (1) مثلاً أن الأصح من الوجوه الثلاثة: أنه لا يلزمه اعتكاف الليالي التي بينها (2)، وهذا هو الأظهر (3) عند صاحب "المهذَّب" (4)، لكن الأصح عند الأكثرين: هو الوجه الثالث - وهو (5) أنه إن نذر التتابع فيها لزمه في (6) لياليها، وإلا فلا (7)، ومنهم من قطع به، وهذا الترجيح أرجح؛ لأن لفظ الأيَّام وإن لم يتناول لياليها (8) فلفظ التتابع أو نيَّته يشعر بها، والله أعلم. قوله: "جاز الخروج لكل شغل ديني، أو دنياوي" (9). هذه النسبة إلى الدنيا بالألف والواو من شذوذ النسب الجائز (10)، والله أعلم.   (1) في النسخ (ثلاث ليال) وهو خطأ، والتصحيح من الوسيط 1/ ق 157/ ب؛ حيث قال: "ولو نذر اعتكاف يوم لم يدخل الليلة فيه، ولو نذر ثلاثة أيَّام، أو ثلاثين يوماً ففي دخول الليالي المتخللة ثلاثة أوجه ... إلخ". (2) انظر: الإبانة 1/ ق 87/ أ، نهاية المطلب 2/ ق 183، البسيط 1/ ق 228/ أ، فتح العزيز 6/ 513 - 515، المجموع 6/ 521، الروضة 2/ 267. (3) في (أ) زيادة (أيضاً). (4) 1/ 258، وانظر: التنبيه ص: 99. (5) ساقط من (أ). (6) ساقط من (أ). (7) انظر: نهاية المطلب 2/ ق 183، البسيط 1/ ق 228/ أ، فتح العزيز 6/ 513 - 515، المجموع 521 - 522. (8) ساقط من (د) و (ب)، والمثبت من (أ). (9) في (د): (دنيوي)، وكذا في نسخة الوسيط التي بين يدي، والمثبت من (أ) و (ب)؛ ليطابق تعليق المصنِّف من أجلها. (10) ساقط من (ب). وانظر: الصحاح 6/ 2341. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 267 وقوله: "ولا يجوز لأجل النَّظارة، والتنزه" (1). فالنَّظارة: بتخفيف الظاء، يستعملها العجم، يعنون بها النظر إلى ما يقصد النظر إليه، ولا أعرفها في اللغة (2). ويجوز أن يقرأه "لأجل النَّظَّارة" بتشديد الظاء، فقد قال صاحب "صحاح اللغة" (3) النَّظَّارة: القوم ينظرون إلى شيء. والله أعلم. أما التنزه: فالمراد به: التفرح (4)، والخروج إلى مكان (5) نَزِه (6). ومن أهل اللغة من ينكره بهذا المعنى، ومنهم ابن السكِّيت (7) قال: "مما تضعه العامَّة في غير موضعه قولهم: خرجنا نتنزَّه، إذا خرجوا إلى البساتين،   (1) الوسيط 1/ ق 157/ ب. وفي (د): (وللتنزه)، والمثبت من (أ) و (ب)، وهو الموافق لما في الوسيط. (2) وقال الفيومي في المصباح المنير ص: 612: "كلمة يستعملها العجم بمعنى التنزه في الرياض والبساتين" وكذا قاله الفيروزآبادي في القاموس ص: 623 إلا أنه قال: "هو لحن، والصواب التشديد". (3) في الصحاح 2/ 831. (4) كذا في النسخ بحاء مهملة ولعلها (التفرج) بجيم منقوطة، والله أعلم. (5) في (ب): (موضع). (6) انظر: المصباح المنير ص: 601، القاموس ص 1619. (7) هو يعقوب بن إسحاق بن السكِّيت أبو يوسف، البغدادي، النحوي، كان من أهل الفضل والدين، وإليه المنتهى في اللغة، وله المصنَّفات الكثيرة، منها: إصلاح المنطق، وكتاب الأضداد، وكتاب الأجناس، وغيرها، مات سنة 3، أو 4، أو 246 هـ. انظر: تاريخ بغداد 14/ 273، معجم الأدباء 20/ 50 - 52، وفيات الأعيان 6/ 395 - 401، سير أعلام النبلاء 12/ 16 - 19، البداية 10/ 373، هديَّة العارفين 6/ 536. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 268 قال: وإنما (1) التنزُّه التباعد عن الأرياف (2) والمياه، ومنه قيل: فلان يتنزَّه عن الأقذار أي يتباعد عنها" (3) والله أعلم. الأصح من الخلاف المذكور (4) فيما إذا نذر اعتكافاً، أو صدقة، أو صوماً، أو حجَّاً، واستثنى وشرط أنه يخرج منه لغرض معتبر، أنه يصح ذلك (5)؛ لأن اللزوم بالنذر بالتزامه (6)، فكان على حسب التزامه، ومن جعل الصوم أولى بالصحة من الحجِّ؛ فلأن الحجَّ يلزم بالشروع، فلم يكن للاستثناء فيه تأثير، ومن عكس وجعل الحجَّ أولى - وهو الصحيح - فلأنه أوسع لاختصاص عقده باحتمال ما لا يحتمله عقد غيره، ولاختصاصه بورود النصِّ فيه، وهو حديث ضباعة بنت الزبير (7) المخرَّج في الصحيحين (8) عن عائشة - رضي الله عنها - أنها   (1) في (أ): (وأما). (2) الأرياف: جمع ريف بكسر الراء، وهو أرض فيها زرع وخصب. انظر: الصحاح 4/ 1367، والقاموس ص 1053. (3) إصلاح المنطق ص 287. (4) انظر: الوسيط 1/ ق 157/ ب. (5) هذا هو المذهب والمنصوص. انظر: الأم 2/ 147، مختصر المزني ص 69، البسيط 1/ ق 228/ ب، حلية العلماء 3/ 227، فتح العزيز 6/ 520، المجموع 6/ 566 - 567، الروضة 2/ 266، مغني المحتاج 1/ 457. (6) نهاية 2/ ق 18/ ب. (7) هي ضباعة بنت الزبير بن عبد المطلب بن هاشم، أم حكيم، القرشيَّة، الهاشميَّة، بنت عم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كانت تحت المقداد بن الأسود، قال الذهبي: بقيت ضباعة إلى ما بعد عام أربعين فيما أرى رضي الله عنها. انظر: تهذيب الأسماء واللغات 2/ 350، سير أعلام النبلاء 2/ 274، الإصابة 4/ 352، التقريب ص 750. (8) البخاري - مع الفتح - 9/ 35 في كتاب النكاح، باب أكفاء في الدين، ومسلم - مع النووي - 8/ 131 - 133 في كتاب الحجِّ، باب جواز اشتراط المحرم التحلل بعذر المرض ونحوه. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 269 أرادت الحجَّ، وهي شاكية، فقال لها رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: (حجِّي واشترطي، إنَّ محلي حيث حبستني). والخلاف المذكور في الحجِّ حكاه في الكتاب عن العراقيين (1) وجهين، وإنما هو قولان معروفان، في طريقة العراق، وغيرها (2). والله أعلم. إذا عاد بعد الخروج الجائز، ففي الحاجة إلى تجديد النيَّة خلاف (3)، ثم إن كان قد شرط التتابع، فالأظهر: أنه لا يجب تجديد النيَّة (4). وإن لم يشترط التتابع، فالأظهر: أنه يجب تجديدها (5). والله أعلم. ذكر أنه يشترط في الخروج القاطع للاعتكاف أن يكون عن كل المسجد، وذكر أنه احترز به عما إذا صعد المنارة (6). وأراد ما إذا كانت المنارة في نفس المسجد؛ صرَّح به في "البسيط" (7) وكذلك هو في "النهاية" (8). ثم ذكر في المنارة صوراً أخرى ثلاثاً، لا يقع الاحتراز بذلك عنها، لكون المنارة فيها ليست من المسجد، وفيها الصورة الثانية من الثلاث، وهي ما إذا   (1) في (أ): (عن العراقيين في الكتاب). (2) انظر: حلية العلماء 3/ 227، فتح العزيز 6/ 522، المجموع 6/ 567. (3) انظر: الوسيط 1/ ق 158/ أ. (4) انظر: نهاية المطلب 2/ ق 171، المجموع 6/ 565، مغني المحتاج 1/ 454، نهاية المحتاج 3/ 223. (5) هذا هو المذهب. انظر: البسيط 1/ ق 228/ ب، المجموع 6/ 565، الروضة 2/ 271، نهاية المحتاج 3/ 223. (6) انظر: الوسيط 1/ ق 158/ أ. (7) 1/ ق 231/ أ. (8) 2/ ق 176. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 270 كانت المنارة متصلة بالمسجد، وبابها في المسجد. فإن الإمام (1) حكى عن الأئمة أنهم قطعوا بأن الخروج إليها لا يقطع الاعتكاف (2). وصرَّح بأن المنارة فيها ليست من المسجد (3)، وأنّه ليس لها حكم المسجد في تحريم مكث الجنب، وصحة الاعتكاف فيها. والصورة الأخيرة التي فيها الخلاف أولى بهذا لا محالة، وليس قوله في الكتاب: "أحدها: ينقطع بخروجه من المسجد" (4) إشارة إلى هذا، وإنما معناه: أنّه إذا كان بابها خارجاً من المسجد، فهو عند صعوده إليها يخرج في طريقه إليها من المسجد، ثمّ إنَّ الأصح هو الوجه الثالث، وهو أنّه إن كان مؤذناً راتباً لم ينقطع، وإلا فينقطع (5)، ولم يشترط غير واحد في صورة الخلاف هذه كون المنارة في حريم المسجد، بل ذكروا الخلاف مطلقاً فيما إذا كانت مبنية للمسجد، وبابها خارج من المسجد (6)، والله أعلم. ذكر أن في خروجه لقضاء حاجة الإنسان المعتادة إلى منزله وهو بعيد، أو مع كثرة الخروج لعلة به وجهين، منهم من عمَّم حسماً للباب (7).   (1) انظر: نهاية المطلب 2/ ق 176. (2) انظر: فتح العزيز 6/ 530، المجموع 6/ 532. (3) نهاية 2/ ق 19/ أ. (4) الوسيط 1/ ق 158/ أ. ولفظه قبله "وإن كانت ملتصقاً بحائط المسجد في حريمه، وكان بابها خارجاً عن المسجد ففيه ثلاثة أوجه: أحدها: ينقطع ... إلخ" (5) وصححه أيضاً البغوي والرافعي والنووي. انظر: المهذَّب 1/ 259، البسيط 1/ ق 230، الوجيز 1/ 108، فتح العزيز 6/ 530 - 531، المجموع 6/ 533، الروضة 2/ 270، مغني المحتاج 1/ 459. (6) انظر: المصادر السابقة. (7) انظر: الوسيط 1/ ق 158/ ب. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 271 معناه: عمَّم القول بالجواز، والترخيص (1) حسماً للباب، أي لباب التميز بين صورة وصورة، فإنّه المعهود في أمثاله من الرخص، وهذا هو الأصح عند المؤلف (2). وعند بعض المصنِّفين، الأصح: المنع في صورة تفاحش بعد المنزل (3). وأمّا إذا (4) كان له منزلان: أحدهما أقرب، فالأصح أنّه لا يجوز له الخروج إلى الأبعد (5)، والله أعلم. قوله (6) في الخارج لقضاء الحاجة: "لا بأس بأكل لقم في الطريق" (7). هذا يقع تفريعاً على أحد الوجهين: أنّه لا يجوز الخروج للأكل (8)، ويجيء أيضاً على القول بأنّه يجوز له ذلك (9)؛ لأنّ الكلام مفروض فيمن لم يقصد بخروجه الأكل، بل قضاء الحاجة فحسب.   (1) هذا هو ظاهر نصُّ الشافعي في المختصر. انظر: مختصر المزني ص 69، المهذَّب 1/ 258، حلية العلماء 3/ 222، فتح العزيز 6/ 523، المجموع 6/ 520. (2) انظر: البسيط 1/ ق 230/ ب. (3) انظر: حلية العلماء 3/ 222، فتح العزيز 6/ 533، المجموع 6/ 527، الروضة 2/ 271. (4) في (أ): (وإذا) بدل (وأما إذا). (5) ونقل النووي اتفاق الأصحاب على تصحيحه. انظر: المصادر السابقة. (6) بياض في (أ). (7) الوسيط 1/ ق 158/ ب. (8) لأنّه يمكنه أن يأكل في المسجد، فلا حاجة به إلى الخروج، وبه قال ابن سريج. انظر: المهذَّب 1/ 258، البسيط 1/ ق230/ ب، المجموع 6/ 531. (9) هذا هو المنصوص، وبه قال جمهور الأصحاب. انظر: الأم 2/ 148، مختصر المزني ص 69، المهذَّب 1/ 258، حلية العلماء 3/ 222، فتح العزيز 6/ 532، المجموع 6/ 531. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 272 و (1) أمّا تخصيصه اللقم بالذكر، فكنت قد قلت: لعلّه بسبب (2) أن الزيادة على ذلك خِفَّةٌ (3) مكروهة، لا تليق بأصحاب النزاهة، والمروءة، ثمّ بان أن سببه: أن الأكل المقصود (4) يقدح في السبب المجوِّز للخروج، وهو القصد المجرد لقضاء الحاجة، والله أعلم. ما ذكره من أن له عيادة المريض في المرور من غير ازورارٍ، ولا بأس بوقفة يسيرة (5). تتضمَّن المنع من الازورار، وإن كان بقدر وقفة يسيرة؛ وسببه أنّه إذا ازورَّ لعيادته، ففيه تجديد قصد منه للعيادة، فتصير مقصودة (6)، أو يقدح ذلك في القصد المجرَّد لقضاء الحاجة، وإنّما جازت العيادة على وجه الضمن والتبع (7)، والله أعلم. قوله: "وكذلك لا بأس بالسلام، والسؤال، فإنّه لا يزيد على قدر صلاة الجنازة" (8) أي لا بأس بالوقوف للسلام على المريض، والسؤال عنه؛ فإنّه يسير (9)، والله أعلم.   (1) ساقط من (أ). (2) نهاية 2/ ق 19/ ب. (3) كذا في (د) و (ب) وفي (أ) (منه)، ولعلّ المراد منه أنّه خفيف ولكنه مكروه، والله أعلم. (4) في (أ) زيادة (ما). (5) انظر: الوسيط 1/ ق 158/ ب. (6) وهذا لا يجوز في حقِّ المعتكف. انظر: الأم 2/ 147، المهذَّب 1/ 259، فتح العزيز 6/ 533، المجموع 6/ 537. (7) انظر: نهاية المطلب 2/ ق 170، مغني المحتاج 1/ 458. (8) الوسيط 1/ ق 158/ ب. (9) انظر: فتح العزيز 6/ 533، المجموع 6/ 538، الروضة 2/ 272. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 273 قوله: "كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لا يسأل عن المريض في اعتكافه إلا مارَّاً لا يعرج عليه" (1). هذا مروي عن عائشة رضي الله عنها، لكنه في صحيح مسلم (2) موقوف على عائشة من فعلها، وأمّا مرفوعاً عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقد رواه أبو داود (3) السجستاني بإسناد فيه ضعف، والله أعلم. قوله (4): "ولو جامع في وقت قضاء الحاجة من غير صرف زمن إليه" (5). هذا على ظاهره صورته: أن يجامع في وقت قضائه حاجة الغائط، كما يقع من العِزْيَوط (6)، وإن كان أراد أنّه جامع في وقت خروجه لقضاء الحاجة، فهذا   (1) الوسيط 1/ ق 158/ ب. (2) 3/ 208 في كتاب الحيض، باب جواز غسل الحائض رأس زوجها وترجيله، وطهارة سؤرها بلفظ قالت: (إن كنت لأدخل البيت للحاجة والمريض فيه، فما أسال عنه إلا وأنا مارَّة). (3) 2/ 836 في كتاب الصوم، باب المعتكف يعود المريض، وكما رواه البيهقي في الكبرى 4/ 526 من طريق عبد السلام بن حرب أنبأنا الليث بن أبي سليم عن عبد الرحمن بن القاسم عن أبيه عن عائشة رضي الله عنها قال: (كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يمرَّ بالمريض وهو معتكف، فيمرَّ كما هو، ولا يعرج يسأل عنه). قال المنذري في مختصر سنن أبي داود: وفي إسناده ليث ابن سليم وهو ضعيف. وبه ضعَّفه النووي في المجموع 6/ 539 - 540، وابن حجر في التلخيص 2/ 219 وقال: "والصحيح من فعلها، وكذلك أخرجه مسلم وغيره". (4) بياض في (أ) و (ب). (5) الوسيط 1/ ق 158/ ب، وتمامه " ... فسد اعتكافه على الأصح؛ لأن وقعه عظيم ... ومنهم من قال: لا يفسد؛ لأنّه ليس معتكفاً في هذه الحالة ... إلخ". (6) العزيوط: هو الرجل الذي يخرج منه الغائط عند الجماع. انظر: تهذيب الأسماء واللغات 3/ 2/ 11، المصباح المنير ص 399. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 274 غير مستبعد؛ إذ يتصور بأن كان في المَحْمَل (1)، أو نحوه، أو في الوقفة اليسيرة المحتملة. وقوله (2) فيه: "ليس معتكفاً في هذه الحالة, وإن كان الزمان محسوباً من مدَّة الاعتكاف". معناه: أنّه يسقط من مدَّة اعتكافه، حتى لا يجب قضاؤه، وهذا قد ذكره هو وشيخه (3) مطلقاً من غير فرق بين أن تكون المدَّة معيَّنة (4)، أو مطلقة، وقد سبق في مسألة استثناء الأغراض الفرق (5)، وأنّه يجب القضاء في المدَّة المطلقة (6)، وههنا لمَّا ذكر إمام الحرمين عدم وجوب القضاء أورد مثالاً من المطلق وقال (7): "زمان خروجه مستثنى، وكأن الناذر قال: لله عليَّ أن (8) اعتكف عشرة أيَّام إلا أوقات خروجي لقضاء الحاجة".   (1) المحمل: الهودج. انظر: المصباح المنير ص: 152، وسيأتي شرحه عند المصنِّف بعد قليل. (2) نهاية 2/ ق 20/ أ. (3) انظر: نهاية المطلب 2/ ق 170. (4) في (أ) و (ب): (متعيِّنة). (5) يعني في الوسيط 1/ ق 158/ أ، حيث قال: "إذا استثنى غرضاً فالزمان المصروف إليه يجب قضائه إذا نذر اعتكاف شهر مطلقاً، وإن اعتكف شهر معيَّن لم يلزم قضاء". (6) انظر: فتح العزيز 6/ 525، الروضة 2/ 269. (7) في (أ) زيادة (في). (8) ساقط من (أ). الجزء: 3 ¦ الصفحة: 275 وعند هذا أقول: الفرق بينهما من حيث المعنى: أن الاستثناء ههنا كان بقرينة الحال، وهي شاملة للمطلق وللمعيَّن، وههنا (1) كان الاستثناء بلفظه، ولفظه لم يقتض سقوط القضاء فأشبه (2) والله أعلم. ما ذكره المؤلف وشيخه (3) من الوجهين، في انقطاع التتابع في الاعتكاف (بالحيض الذي يتيسر صون الاعتكاف عنه بقصر مدة الاعتكاف) (4). ذكرهما طائفة قولين (5)، وكان سببه أنهما قولان مخرَّجان، وقد يعبَّر عن القولين المخرَّجين بالوجهين. والأصح أنّه ينقطع (6) به (7) والله أعلم. الأظهر من القولين (8) في المرض الذي يشق معه المقام في المسجد: أنّه لا ينقطع (9) به (10) التتابع (11) كالحيض الغالب في المدَّة الطويلة، والله أعلم.   (1) كذا في النسخ، ولعلّ الصواب (هناك)، والله أعلم. (2) ساقط من (د)، وبياض في (ب)، والمثبت من (أ). (3) نهاية المطلب 2/ ق 169. (4) ما بين القوسين ساقط من: (ب)، وانظر: الوسيط 1/ ق 158/ ب. (5) انظر: التهذيب 3/ 233، فتح العزيز 6/ 554، المجموع 6/ 548. (6) في (أ): (الانقطاع). (7) وبه قطع الشيرازي وصححه أيضاً الرافعي والنووي. انظر: الإبانة 1/ ق 88/ أ، المهذَّب 1/ 260، نهاية المطلب 2/ ق 169، فتح العزيز 6/ 534، المجموع 6/ 548، الروضة 2/ 272. (8) انظر: الوسيط 1/ ق 159/ أ. (9) في (أ) و (ب): (لا يقطع). (10) ساقط من (أ) و (ب). (11) انظر: مختصر المزني ص: 69، الإبانة 1/ ق 88/ أ، نهاية المطلب 2/ ق 169، البسيط 1/ ق 230/ أ، فتح العزيز 6/ 535 - 536، الروضة 2/ 263. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 276 إجراء الخلاف في المخرج محمولاً (1) بعيد غريب (2)، ووجهه: أن حقيقة الاعتكاف فيه قد زالت لمفارقته المسجد لعارض غير (3) غالب. والأصح فيمن أكره حتى خرج بنفسه أنّه لا ينقطع تتابع اعتكافه (4)، وإن كان (5) كما ذكره (6) أولى بالانقطاع من المحمول والله أعلم. الصحيح في الخارج لأداء شهادة متعيِّنة (7)، لم يتعيَّن عليه تحملها أنّه يبطل اعتكافه (8). والصحيح في المرأة الخارجة لعدة طلاقٍ، والخارج لإقامة حدٍّ (9) أنّه لا ينقطع اعتكافهما (10)، والمنصوص في ذلك ما ذكرناه أنّه الصحيح، والله أعلم.   (1) قال في الوسيط 1/ ق 159/ أ: "أن يخرج محمولاً، أو يخرج ناسياً، وفيه قولان مرتبان، وأولى بأن لا يقطع؛ لأنّ الصوم لا ينقطع بمثله". (2) المذهب الذي قطع به الجمهور هو أنّه لا يبطل اعتكاف من أخرج محمولاً، وقيل في بطلانه: قولان كالمكره. انظر: المهذَّب 1/ 260، التنبيه ص 99، البسيط 1/ ق 230/ ب، فتح العزيز 6/ 537، المجموع 6/ 550. (3) في (أ): (عن). (4) هذا هو المذهب، وصححه النووي وغيره. انظر: المهذَّب 1/ 260، البسيط 1/ ق 230، حلية العلماء 3/ 225، فتح العزيز 6/ 537، المجموع 6/ 550، الروضة 2/ 273، مغني المحتاج 1/ 458. (5) نهاية 2/ ق 20/ ب. (6) انظر: الوسيط 1/ ق 159/ أ. (7) انظر الموضع السابق من الوسيط. (8) هذا هو المذهب. انظر: المهذَّب 1/ 259، البسيط 1/ ق 230، حلية العلماء 3/ 223 وما بعدها، فتح العزيز 6/ 538، المجموع 6/ 543، الروضة 2/ 273. (9) أي عليه، وذلك إذا ثبت بالبيِّنة، وإن ثبت بإقراره انقطع اعتكافه. انظر: المصادر الآتية. (10) في (أ): (اعتكافه). وهذا هو المذهب. انظر: الأم 2/ 148، مختصر المزني ص 69، البسيط 1/ ق 230، حلية العلماء 3/ 224، فتح العزيز 6/ 538، المجموع 6/ 543، 551، الروضة 2/ 273. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 277 وقوله بعد فراغه من ذكر الأعذار: "ثمّ حيث قلنا: لا ينقطع فيجب قضاء الأوقات الفائتة بهذه الأعذار" (1). يعني بها ما عدا عذر الخروج لقضاء الحاجة على ما صرَّح به أولاً، وفي معناه: الخروج للأكل، والوضوء إن جوَّزناه، والله أعلم.   (1) الوسيط 1/ ق 159/ أ. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 278 كتاب الحج ِّ ما ذكره هو وغيره (1) من كون الإسلام شرطاً في وجوب الحجِّ ونحوه (2)، مشكل على أصلهم، وما هو المعروف من مذهبنا في أصول الفقه: من أن الكفَّار مخاطبون بالفروع، معاقبون عليها (3). ولقد حكى لي (4) بعض المشايخ الأكابر فتنةً شاهدها جرت (5) في ذلك بين بعض الفقهاء، وبين البَرَوِيِّ (6) البارع في النظر، وكان تلميذاً لتلميذ الإمام الغزالي رحمهم الله وإيَّانا. فأقول - والله الموفَّق -: الوجوب الذي نفيناه ههنا غير الوجوب الذي أثبتناه في أصول الفقه؛ وذلك (7) إنا نقول: يجب على الكافر الحجُّ بشرط تقديم   (1) انظر: المهذَّب 1/ 263، التهذيب 3/ 243، والروضة 2/ 277. (2) انظر: الوسيط 1/ ق 159/ أ. (3) سبق تفصيل القول على هذه المسألة في بداية كتاب الزكاة. (4) ساقط من: (د)، والمثبت من (أ) و (ب). (5) ساقط من: (د)، والمثبت من (أ) و (ب). (6) هو محمَّد بن محمَّد بن محمَّد بن سعد بن عبد الله أبو منصور، وقيل: أبو حامد الطوسي البروي، الفقيه الشافعي، أحد الأئمة المشار إليهم بالتقدم في الفقه، والنظر، وعلم الكلام، والوعظ، ومن مصنَّفاته: التعليقة المشهورة في الخلاف، والمقترح في الجدل، وشرح العقول إلى منهاج الأصول، مات سنة 567 هـ. انظر: وفيات الأعيان 4/ 225 وما بعدها، وسير أعلام النبلاء 20/ 577، وطبقات الأسنوي 1/ 260، والبداية والنهاية 12/ 290، وطبقات ابن قاضي شهبة 2/ 18، ومعجم المؤلفين 11/ 260. (7) في (د): (وذاك)، والمثبت من (أ) و (ب). الجزء: 3 ¦ الصفحة: 279 الإسلام، وإذا تركه عوقب عليه؛ لكونه تركه مع التمكن من القيام به بشرطه، ولا يجب عليه الحجِّ مع استمراره (1) على الكفر، لعدم تمكنه منه مع استمراره كما نقول في المحدِث: يجب عليه الصلاة بشرط تقديمه الوضوء، ولا (2) يجب عليه مع استمراره على الحدث، ومتى أطلقوا الكلام بالنفي، أو الإثبات فالمراد ذلك بهذين القيدين، والله أعلم. قوله: "وقال النبي - صلى الله عليه وسلم - في تفسير الاستطاعة: أنها زاد وراحلة" (3). كان ينبغي أن لا يقول: "قال"، ويقول: روي عن النبي - صلى الله عليه وسلم -؛ فإنه حديث ضعيف، ضعَّفه الشافعي (4)، وغيره من أهل الحديث (5)، روي من حديث ابن عمر وأنس وغيرهما (6)، بأسانيد ضعيفة، والله أعلم.   (1) في (د): (اشتهاره)، والمثبت من (أ) و (ب). (2) نهاية 2/ ق 21/ أ. (3) الوسيط 1/ ق 159/ ب. (4) انظر: الأم 2/ 163. (5) انظر التعليق الآتي. (6) أمّا من حديث ابن عمر فرواه الترمذي 3/ 177، في كتاب الحجِّ، باب ما جاء في إيجاب الحجِّ بالزاد والراحلة، وابن ماجة 2/ 967 في كتاب المناسك، باب ما يوجب الحجِّ، والشافعي في المسند ص 109، الأم 2/ 163، الدارقطني 2/ 217، البيهقي 4/ 540، من طريق إبراهيم ابن يزيد عن محمَّد بن عبَّاد بن جعفر المخزومي عن ابن عمر قال: جاء رجل إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال: ما يوجب الحجَّ؟ وفي رواية ما السبيل؟ قال: الزاد والراحلة". قال الترمذي: "هذا حديث حسن، وإبراهيم بن يزيد هو الخوزي المكي، وقد تكلَّم فيه بعض أهل العلم من قبل حفظه"، وقال البيهقي: "ضعَّفه أهل العلم بالحديث"، وقال ابن حجر في التلخيص 2/ 321: "وقد قال فيه أحمد والنسائي متروك الحديث"، وضعَّفه الألباني في الإرواء 4/ 162 - 166، وضعيف سنن ابن ماجة ص 232. = الجزء: 3 ¦ الصفحة: 280 "المَحْمِل" (1): الذي يركب الحاج وغيره عليه، وهو بفتح الميم الأولى، وكسر الميم الثانية، على مثال مجلس، وقياسه (2). ومثل قولهم: ما على فلان مَحْمِل أي معتمد، ذكر ذلك صاحب "صحاح اللغة" (3)، وغيره (4).   = وأمّا من حديث أنس فرواه الدارقطني 2/ 216، والحاكم 1/ 609، والبيهقي في الكبرى 4/ 540، وابن الجوزي في التحقيق 2/ 113، عن علي بن العبَّاس حدثنا علي بن سعد بن مسروق الكندي ثنا أبو زائدة عن سعيد بن أبي عروبة عن قتادة عن أنس به. قال الحاكم: "هذا حديث على شرط الشيخين ولم يخرِّجاه" ووافقه الذهبي، وخالفه البيهقي فقال - بعد أن علَّقه من طريق سعيد بن أبي عروبة به: "ولا أراه إلا وهماً" ثمّ ساق إسناده إلى سعيد بن أبي عروبة عن قتادة عن الحسن قال: "فذكره مرفوعاً مرسلاً" ثمّ قال: "هذا هو المحفوظ عن قتادة عن الحسن عن النبي - صلى الله عليه وسلم - مرسلاً"، وكذا قال النووي في المجموع 7/ 53، وابن حجر في التلخيص 2/ 321، وغيرهما. وأمّا من حديث غيرهما: فقد روي موصولاً من طريق جماعة آخرين من الصحابة - رضي الله عنهم - منهم: ابن عباس، وعائشة، وجابر بن عبد الله، وابن مسعود، وغيرهم، ولكن قال الحافظ ابن حجر في آخر تخريجه له -: "وطرقه كلها ضعيفة، وقد قال عبد الحق: إنَّ طرقه كلها ضعيفة، وقال أبو بكر بن المنذر: لا يثبت الحديث في ذلك مسنداً، والصحيح من الرويات رواية الحسن مرسلة". انظر: البدر المنير ص: 127 - 145، والتلخيص الحبير 2/ 221، وإرواء الغليل 4/ 160 - 167. (1) قال في الوسيط 1/ ق 159/ ب: "فمن لا يستمسك على الراحلة فلا يلزمه ما لم يقدر على محمل، فإن قدر على شق محمل ووجد شريكاً يلزمه ... إلخ". (2) انظر: الصحاح 4/ 1678، المصباح المنير ص 152، القاموس ص 1276. (3) 4/ 1678. (4) انظر: تهذيب اللغة 5/ 92. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 281 وأمّا المحمل بكسر الأولى، وفتح الثانية: فهو علاقة السيف التي يتقلَّد بها (1)، والله أعلم. قوله (2): "وأمّا الزاد: فهو أن يملك كذا وكذا" (3). هذا لا يصلح تفسيراً للزاد، وإنما هو تفسير للقدرة (4) على الزاد، وذلك مراده، والله أعلم. ما ذكره من الوجهين في اعتبار نفقة الإياب في حقِّ الغريب (5) - يعني المستوطن: أصحهما: أن ذلك يعتبر (6)، وفي "بحر المذهب" (7) أنّه ظاهر المذهب، أنّه (8) نصَّ عليه في "الإملاء"، والله أعلم. الوجهان المذكوران في لزوم (9) صرف رأس مال التاجر في نفقة الحج (10)، - أي التاجر الذي لا معيشة له إلا من التجارة، وإذا صرفه (11) لم يبق له ما   (1) انظر: المصدرين السابقين. (2) بياض في (أ). (3) الوسيط 1/ ق 159/ ب. ولفظه " ... أن يملك فاضلاً عن قدر حاجته ما يبلِّغه إلى الحج". (4) في (أ): (بل تفسير القدرة) بدل (إنما هو تفسير القدرة). (5) انظر: الوسيط 1/ ق 159/ ب. (6) وصححه أيضاً الرافعي والنووي وغيرهما. انظر: الإبانة 1/ ق 88/ ب، المهذَّب 1/ 265، البسيط 1/ ق 133/ أ، فتح العزيز 7/ 13، المجموع 7/ 56، الروضة 2/ 280، مغني المحتاج 1/ 463. (7) 2/ ق 5/ أ. (8) ساقط من (أ) و (ب). (9) ساقط من (د) و (ب)، والمثبت من (أ). (10) انظر: الوسيط 1/ ق 160/ أ. (11) في (أ): (أخرجه). الجزء: 3 ¦ الصفحة: 282 يتجر به - أصحهما عند القاضي أبي الطيِّب الطبري (1)، في طائفة: ما (2) حكي عن ابن سريج أنه لا يلزمه ذلك (3)؛ لأنّه يلحقه ذلك بالفقراء، والمساكين، وضرره عظيم، ذكر ذلك (4) وحكاه صاحب "بحر المذهب" (5)، وذكر أن صاحب "الحاوي" (6) ذكر أن قول من قال: إنّه يلزمه هو مذهب الشافعي، وجمهور أصحابه (7)، قال: وقال أبو حامد: هذا هو المذهب، ولا أعرف ما حكي عن ابن سريج عنه، ولا أجده في كتبه، وهو خلاف الإجماع أيضاً. وذهب صاحب "البحر" بعد حكايته (8) هذا إلى أن الصحيح هو أنّه لا يلزمه. قلت: وهذا هو الظاهر، وبه قال أحمد (9)، وهذا يبطل دعوى كونه مخالفاً للإجماع، والله أعلم. ما ذكره أنّه يجب عليه الشراء مع الغلاء بثمن المثل في الوقت، ولا يجب إذا كان لا يباع إلا بغبن (10). يتصور بأن لا يجد ذلك إلا عند من يقول مثلاً: لا أبيعه إلا بزيادةٍ على ثمن مثله الآن، والله أعلم.   (1) انظر اختيار أبي الطيب الطبري في البيان 2/ ق 7/ أ. (2) في (ب): (في). (3) انظر: المهذَّب 1/ 265، البسيط 1/ ق 233/ أ، حلية العلماء 3/ 236، فتح العزيز 7/ 14، المجموع 7/ 60، الروضة 2/ 281، الغاية القصوى 1/ 430. (4) نهاية 2/ ق 21/ ب. (5) 2/ ق 6/ ب. (6) 4/ 13. (7) انظر: المهذب 1/ 265، البسيط 1/ ق 233/ أ، حلية العلماء 3/ 236، فتح العزيز 7/ 14، المجموع 7/ 60، الروضة 2/ 281. (8) في (د): (حكاية)، والمثبت من (أ) و (ب). (9) انظر: المغني 5/ 12، الإنصاف 3/ 403، الروض المربع 1/ 457 - 458. (10) انظر: الوسيط 1/ ق 160/ أ. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 283 الخلاف في وجوب الحجِّ فيما إذا كان في الطريق بحر (1)، مخصوص بما إذا لم يكن له طريق في البر، والأظهر من ذلك أنّه (2) إن كان الغالب الهلاك لم يلزم، وإن كان الغالب السلامة لزم (3)، وهذا مذهب أبي حنيفة (4)، وأحمد (5). وحكى صاحب "البحر". (6) عن صاحب "الحاوي" (7): أن المذهب أنّه إن كانت عادته ركوب البحر، ومعيشته به لزمه، وإلا فلا. ثمّ إذا لم نوجب فتوسط البحر، وتساوى المضي والرجوع في الخطر، فالأصح أنّه الآن يجب (8). والله أعلم. ما ذكره من أن المرأة كالرجل في الاستطاعة، لكنها (9) عورة فتحتاج (10) إلى   (1) انظر: الوسيط 1/ ق 160/ أ. (2) في (د): (أنّه من ذلك)، والمثبت من (أ) و (ب). (3) هذا هو المذهب، وصححه الرافعي والنووي. انظر: الإبانة 1/ ق 89/ أ، المهذَّب 1/ 265، البسيط 1/ ق 234/ 1، حلية العلماء 3/ 237 وما بعدها، فتح العزيز 7/ 18، المجموع 7/ 65، الروضة 2/ 283، الغاية القصوى 1/ 430، الاستغناء 2/ 565. (4) هذا هو الأصح عنه، وقيل: ركوب البحر يمنع الوجوب. انظر: فتح القدير 2/ 418، البحر الرائق 2/ 338، الفتاوى الهنديَّة 1/ 218. (5) انظر: المغني 5/ 8، الإنصاف 3/ 406. (6) 2/ ق 18/ أ. (7) 4/ 18. (8) وصححه أيضاً الرافعي والنووي. انظر: البسيط 1/ ق 234/ أ، فتح العزيز 7/ 22، المجموع 7/ 65، الغاية القصوى 1/ 430، مغني المحتاج 1/ 466. (9) في (د): (لكونها)، والمثبت من (أ) و (ب). (10) في (أ): (تحتاج). الجزء: 3 ¦ الصفحة: 284 محرم (1)، تضاف (2) إليه، وإلا في ركوب البحر فإن الخلاف فيها فيه (3) مرتب على الخلاف في الرجل، وأولى بأن لا يجب عليها (4)، وإلا في المَحْمِل فإنّه يعتبر في حقِّها مطلقاً بخلاف الرجل على ما لا يخفى وجهه، ذكره غير واحد (5)، والله أعلم. ثمّ إنّه لم يذكر (6) إلا المحرم، ولا شكَّ أن الزوج في ذلك كالمحرم. وقوله: "نسوة ثقات" (7) اشتراط العدد منهنَّ، وهذا غير القول المحكي أنه تكفي امرأة واحدة (8).   (1) انظر: الوسيط 1/ ق 160/ ب. (2) في (أ): (يضاف) بالياء. (3) كذا في النسخ. (4) انظر: الإبانة 1/ ق 88/ أ، فتح العزيز 7/ 22، المجموع 7/ 66، الروضة 2/ 284. (5) انظر: فتح العزيز 7/ 11، 22، المجموع 7/ 55. (6) نهاية 2/ ق 22/ أ. (7) الوسيط 1/ ق 160/ ب، وقبله " ... فإن لم تجد لم يلزمها الخروج إلا إذا كان الطريق، آمناً، ووجدت نسوة ثقات". (8) وهو اختيار الشيرازي، والشاشي، وطائفة. والمذهب أنّه لا يجب الحج على المرأة حتى تأمن على نفسها بزوج أو محرم أو نسوة ثقات، فأي هذه الثلاثة وجد لزمها الحج، فإن لم تكن أحد هذه الثلاثة لم يلزمها على المذهب المشهور. انظر: الإبانة 1/ ق 88 / ب، المهذَّب 1/ 266، البسيط 1/ ق 233/ ب، حلية العلماء 3/ 238، المجموع 7/ 69، الروضة 2/ 284، الغاية القصوى 1/ 430، مغني المحتاج 1/ 467. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 285 وما قاله القفال (1) من أنّه يعتبر أن يكون مع واحدة منهنَّ محرم (2). الأصح خلافه، وأنّه لا يعتبر ذلك (3)؛ لأنهنَّ إذا كنَّ عدداً تيسَّرت (4) أمورهنَّ بدون ذلك، والله أعلم. قوله: "لو وجد بَذْرَقَةً بأجرةٍ" (5) أي خُفَارَة (6) تخفره، وهي لفظة أعجميَّة معرَّبة، تقال: بالدال المهملة، والذال. وقوله في توجيه وجه الوجوب: "لأنه من جملة (7) أُهْبة الطريق" معناه: أن المبذرق (8) من أُهَبِ الطريق كالدابة، وهذا الوجه أقوى وأظهر (9)، والله أعلم.   (1) هو عبد الله بن أحمد بن عبد الله المروزي المعروف بالقفَّال الصغير للتمييز بينه وبين القفَّال الشاشي، وسمَّي بالقفَّال لأنّه كان يعمل الأقفال في ابتداء أمره، ثمّ أقبل على العلم والتفقه في الدين حتى صار إماماً يقتدى به، وله مصنفات كثيرة منها: شرح التلخيص، وشرح فروع ابن الحداد، وغيرهما، مات بمرو سنة 417 هـ. انظر: طبقات السبكي 3/ 198، طبقات الأسنوي 2/ 147، طبقات ابن قاضي شهبة 1/ 182. (2) انظر: الوسيط 1/ ق 160/ ب. (3) انظر: البسيط 1/ ق 233/ ب، حلية العلماء 3/ 238، فتح العزيز 7/ 22، المجموع 7/ 66، مغني المحتاج 1/ 467. (4) في (د): (انتشرت) وهو تصحيف، والمثبت من (أ) و (ب). (5) الوسيط 1/ ق 160/ ب، وتمامه " ... ففي لزوم الأجرة وجهان ... إلخ" (6) هي الجماعة التي تتقدَّم القافلة للحراسة. انظر: تهذيب الأسماء واللغات 3/ 1/ 22، والمصباح المنير ص: 40. (7) في (د): (عمله)، وهو تحريف، والمثبت من (أ) و (ب). (8) في (د) زيادة (تعني). (9) وصححه الرافعي والنووي وغيرهما. انظر: المهذَّب 1/ 265، البسيط 1/ ق 233، فتح العزيز 7/ 25، المجموع 7/ 63، الروضة 2/ 285، الغاية القصوى 1/ 431، الاستغناء 2/ 565. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 286 ولما ذكر شروط الاستطاعة (الأربعة وهي: الزاد، والراحلة، وأمن الطريق، وصحة البدن. وفصَّلها قال: (هذه أركان الاستطاعة) (1) (2)، فاستدرك عليه الشيخ أبوالقاسم الرافعي (3) عَصْرِيُّنَا في شرحه للوجيز (4)، في تركه شرطاً خامساً، وهو أن يبقى زمان يتمكن من السير فيه لإدراك الحج - السير المعتاد من غير حاجة أن يزيد فيه على المعهود زيادة (5) شاقةً متعبةً - وذكر أن الأئمة جعلوه شرطاً في وجوب الحجِّ (6)، وليس الأمر في ذلك على ما قاله؛ فإن ذلك شرط استقرار الحجِّ في ذمته، حتى يجب عند موته أداؤه من تركته كما صرَّح به من بعد هذا في أحكام الاستطاعة، وليس شرطاً لأصل وجوب الحج، فإنّه إذا وجدت الاستطاعة من المسلم، البالغ، العاقل، الحرِّ، وجب عليه الحج في الحال، بمعنى: أنّه يجب عليه الشروع في مقدماته، وهذا كالصلاة، فإنها تجب   (1) ما بين القوسين ساقط من (د)، والمثبت من (أ) و (ب). (2) الوسيط 1/ ق 161/ أ. (3) هو عبد الكريم بن محمَّد بن عبد الكريم بن الفضل أبو القاسم القزويني الرافعي، الإمام البارع، المتبحِّر في المذهب وعلوم كثيرة، قال ابن الصلاح: أظن أني لم أر في بلاد العجم مثله، وله مصنَّفات كثيرة منها: فتح العزيز أو الشرح الكبير، والمحرر، والتذنيب، وغيرها، مات سنة 624 هـ. انظر: تهذيب الأسماء واللغات 2/ 264، طبقات ابن قاضي شهبة 2/ 75 - 77، طبقات ابن هداية الله ص 264. (4) انظر: فتح العزيز 7/ 28 - 29. (5) ساقط من (د)، والمثبت من (أ) و (ب). (6) انظر: الروضة 2/ 287، كفاية الأخيار ص 301، مغني المحتاج 1/ 467. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 287 بأول الوقت قبل مضي (زمان يسعها. ثمّ استقرارها في الذمَّة يتوقف على زمان يسعها) (1) ويمكنه فعلها فيه (2)، والله أعلم. قوله: "وأمّا أحكامها ثلاثة" (3) (4) هذا غير مرضي؛ فإن (5) ما ذكره حكم شرائط الوجوب الخمس التي سبق ذكرها وهي: الإسلام، والعقل، والبلوغ، والحريَّة، والاستطاعة، لا حكم الاستطاعة وحدها، ثمّ إن فيما جعله من أحكامها ما هو حكم حكمها، والله أعلم. "العَضْبُ" (6): بفتح العين المهملة، وإسكان الضاد المعجمة: الزَمَانَةُ، والمعضوب الزَّمِن الذي لا حراك به (7)، والله أعلم.   (1) ما بين القوسين ساقط من (ب). (2) هذا الاعتراض نقله النووي عن المصنِّف، وتعقبه عليه بقوله: "والصواب ما قال الرافعي - رحمه الله -، وقد نصَّ عليه الأصحاب كما نقل - يعني الرافعي -؛ لأنّ الله تعالى قال: {وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا} وهذا غير مستطيع، فلا حج عليه، وكيف يكون مستطيعاً وهو عاجز حسَّاً، وأمّا الصلاة فإنها تجب بأول الوقت لإمكان تتميمها" والله أعلم. المجموع 7/ 271، الروضة 287. (3) الوسيط 1/ ق 161/ أ. يعني أحكام الاستطاعة، وسيذكر المصنِّف تفصيل هذه الأنواع بعد قليل. (4) نهاية 2/ ق 22/ ب. (5) في (د) (فإنّه)، والمثبت من (أ) و (ب). (6) قال في الوسيط 1/ ق 161/ أ "ولو تخلف بعد الاستطاعة فمات بعد حج الناس وقبل رجوعهم فالحج مستقر في ذمته ... وكذا لو طرأ العضب في هذا الوقت". (7) انظر: المصباح المنير ص: 414، وقال النووي: "المعضوب: هو العاجز عن الحجِّ بنفسه لزمانة، أو كسر، أو مرض لا يرجي زواله، أو كبر بحيث لا يستمسك على الراحلة إلا بمشقَّة شديدة" تهذيب الأسماء واللغات 3/ 2/ 25. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 288 ذكر فيمن استطاع، وتمكَّن ولم يحج حتى مات: "أن الظاهر أنّه يلقى الله عاصياً؛ إذ جاز له التأخير بشرط سلامة العاقبة" (1). وهذا هو الصحيح عنده في "البسيط" (2) إذا لم يعص لم يتحقق معنى الوجوب. والذي نصره في "مستصفاه" (3) في الأصول: أنّه لا يعصى (4)، وقال في تدريسه للكتاب: الذي عليه أكثر الفقهاء (5) أنّه يعصى، والمختار في الأصول أنّه لا يعصى. قلت: هذا أقوى، ومعنى الوجوب يتحقق بكونه يأثم بعزمه على الترك مطلقاً. ومن قال من أصحابنا: إنّه لا يجوز التأخير في الواجب الموسع، إلا بشرط العزم على الامتثال (6)، فمعنى (7) الوجوب يظهر بتأثيمه بترك العزم على الامتثال، والله أعلم. إذا طرأ عليه العضب بعد التمكن، وعصَّينا به وضيَّقنا وقت الاستنابة على الأصح، فلو امتنع من الاستنابة، فهل يستأجر عليه الحاكم فيه وجهان (8)   (1) الوسيط 1/ ق 161/ أ. (2) 1/ ق 234، وبه قطع جماهير العراقيين، وصححه أيضاً الرافعي والنووي. انظر: الإبانة 1/ ق 88/ ب، نهاية المطلب 2/ ق 200، حلية العلماء 3/ 243، فتح العزيز 7/ 321، المجموع 7/ 99. (3) 1/ 174 - 175. (4) هذا هو الوجه الثاني في المذهب، وفي وجه ثالث: يعصي الشيخ دون الشاب. انظر: حلية العلماء 3/ 243 - 244، فتح العزيز 7/ 321، المجموع 7/ 99. (5) في (د): (الفقهاء أكثر)، والمثبت من (أ) و (ب). (6) انظر: نهاية السول 1/ 166. (7) في (د): (بمعنى)، والمثبت من (أ) و (ب). (8) في (د): (قولان)، وهو خطأ، والمثبت من (أ) و (ب)، وكذا في الوسيط وغيره من المصادر. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 289 ذكرهما (1)، أصحهما عند الفوراني أن له ذلك (2) كما في الممتنع من الزكاة، واستبعد ذلك صاحب الكتاب في "البسيط" (3)، وشيخه في "النهاية" (4)، والصحيح عندهما أنّه لا يجوز ذلك (5)؛ لأنّ الحج عبادة بدنية لا تعلق لها بتصرف الولاة، بخلاف الزكاة، والله أعلم. قوله: "رأى النبي - صلى الله عليه وسلم - رجلاً يلبي (6) عن شبرمة (7) قال: أحججت عن نفسك، قال: لا، قال: هذه عنك، ثمّ حج (8) عن شبرمة" (9). هذا رواه الشافعي (10) لإسناد جيِّد موقوفاً (11) على ابن عباس، (فإن (12) ابن عباس) (13) عند هذا هو السامع، والقائل لذلك، وفيه (فاجعل هذه عن نفسك).   (1) انظر: الوسيط 1/ ق 161/ ب. (2) انظر: الإبانة 1/ ق 90/ أ. فتح العزيز 7/ 33، المجموع 7/ 94، الروضة 2/ 308. (3) 1/ ق 234/ ب. (4) 2/ ق 201. (5) وصححه أيضاً الرافعي والنووي. انظر: الإبانة 1/ ق 90/ أ، فتح العزيز 7/ 33، المجموع 7/ 94، مغني المحتاج 1/ 470. (6) نهاية 2/ ق 23/ أ. (7) قال النووي: "هو بضم الشين والراء, ذكره ابن منده، وأبو نعيم في الصحابة، قالا: هو صحابي توفي في حياة رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، ولم ينسباه، ولم يزيدا في حاله". تهذيب الأسماء واللغات 1/ 242. (8) ساقط من (د)، والمثبت من (أ) و (ب). (9) الوسيط 1/ ق 161/ ب. (10) في المسند ص 110، والأم 2/ 175 - 176. (11) في (د): (موقوف)، والمثبت من (أ) و (ب). (12) في (ب): (وإن). (13) ما بين القوسين ساقط من (د)، والمثبت من (أ) و (ب). الجزء: 3 ¦ الصفحة: 290 وأمّا عن النبي - صلى الله عليه وسلم - فقد رواه أبو داود (1) بإسناد جيِّد عن ابن عباس عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنّه سمع ذلك، وقال ذلك، ولفظه (2) (حج عن نفسك ثمّ حج عن شبرمة) والجميع يدل على أنّه لا يصح حجه عن غيره إلا بعد حجه عن نفسه (3). وأمّا انقلاب ذلك الحج بعينه إلى نفسه فيدل عليه (4): أن الإحرام بالحج ينفرد به (5) عن غيره، بأنّه ينعقد في أصله مع تطرق الخُلْفِ (6) إلى وصفه، بدلالة الحديث في الإهلال بما أهلَّ به فلان (7) غير ذلك، والله أعلم.   (1) في كتاب الناسك، باب الرجل يحج عن غيره، وكما رواه ابن ماجة 2/ 969، في كتاب المناسك، باب الحج عن الميت، وابن الجارود ص: 132، والدارقطني 2/ 269 - 270، والبيهقي 4/ 549، من طرق عن سعيد بن أبي عروبة عن قتادة عن عَزْرَة عن سعيد بن جبيرعن ابن عباس به. قد تكلَّم فيه بعض العلماء بكلام كثير يراجعه من شاء في كتب التخريج المطوَّلة مثل: نصب الراية 3/ 154 - 156، والبدر المنير ص 168 - 181 (كتاب الحج)، والتلخيص الحبير 2/ 223 - 224، وإرواء الغليل 4/ 171 - 173. وخلاصة القول: أن الحديث صححه مرفوعاً جمهور العلماء منهم: البيهقي، وابن القطَّان، وابن الملقِّن، وابن حجر، والنووي في المجموع 7/ 102، والألباني، وغيرهم. انظر: المصادر المذكورة. (2) في (د): (لفظ)، والمثبت من (أ) و (ب). (3) هذا هو المذهب. انظر: المهذَّب 1/ 268، التنبيه ص 103، فتح العزيز 7/ 34، المجموع 7/ 103، الروضة 2/ 308، الغاية القصوى 1/ 432. (4) في (د): (على)، والمثبت من (أ) و (ب). (5) ساقط من (أ) و (ب). (6) في (أ) و (ب): (الخلل). (7) كأنّه يشير إلى حديث أنس - رضي الله عنه - في إهلال علي - رضي الله عنه - بما أهلَّ به النبي - صلّى الله عليه وسلم - قال: (قدم علي -رضي الله عنه - على النبي - صلى الله عليه وسلم - من اليمن فقال: بما أهللت؟ قال: بما أهل به النبي - صلى الله عليه وسلم -، قال: فأهدِ، وأمكث حراماً كما أنت) رواه البخاري - مع الفتح - 3/ 486 وما بعدها في كتاب الحج، باب من أهل في زمن النبي - صلى الله عليه وسلم - كإهلال النبي - صلى الله عليه وسلم -، ومسلم - مع النووي - 8/ 233، باب جواز التمتع في الحج والقران. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 291 (صورة اجتماع (1) حجة الإسلام، والقضاء في ذمته: أن يفسد الرقيق حجه ثمّ يعتق، فعليه حجة الإسلام، ثمّ القضاء لحجته الفاسدة (2)) (3). قوله: "وقال مالك تختص الاستنابة بحالة الموت؛ لورود الحديث فيه لكنا نقول: الحي العاجز، أولى" (4). هذا له تمام ذكره من بعد، وهو أن الحديث ورد أيضاً (5) في الحي العاجز، إذ ثبت في الصحيحين (6) عن ابن عباس: أن امرأة من خثعم قالت: يا رسول الله إنَّ فريضة الله على عباده في الحج أدركت أبي شيخاً كبيراً، لا يستطيع أن يثبت على الراحلة، أفأحج عنه؟ قال: (نعم). وأمّا الحديث الوارد في حالة الموت فقد روى بُرَيْدة (7) بن حصيب (أن امرأة أتت النبي - صلّى الله عليه وسلم - فذكرت له أن أمها ماتت ولم تحج، قالت: فيجزئ أن أحج عنها، قال: نعم) رواه مسلم (8).   (1) ساقط من (ب). (2) انظر: فتح العزيز 7/ 33، الروضة 2/ 308. (3) ما بين القوسين ساقط من (د)، والمثبت (أ) و (ب). (4) الوسيط 1/ ق 161/ ب. (5) في (أ): (أيضاً ورد). (6) البخاري - مع الفتح - 3/ 442 في كتاب الحج، باب وجوب الحج وفضل، و4/ 79، 80 في كتاب جزاء الصيد، باب الحج عمن لا يستطيع الثبوت على الراحلة، وباب حج المرأة عن الرجل، 7/ 708 في كتاب المغازي، باب حجة الوداع، مسلم 9/ 97 وما بعدها في كتاب الحج، باب الحج عن العاجز لزمانة وهرم ونحوها، أو للموت. (7) في (د): (يزيد) وهو تحريف، والمثبت من (أ) و (ب)، وقد سبقت ترجمته. (8) 8/ 25 - مع النووي - في كتاب الصوم، باب قضاء الصوم عن الميِّت. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 292 وروى ابن عباس - رضي الله عنهما - (أن امرأة جاءت إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فذكرت أن أمها نذرت أن تحجَّ، فماتت (1) قبل أن تحجَّ، قالت: أفأحجُّ عنها؟ قال: نعم، فحجِّي عنها، أرأيت لو كان على أُمَّكِ دين أكنت قاضيته؟ قالت: نعم، قال: فاقضوا الله؛ فإن الله أحق بالوفاء) رواه البخاري (2). الصحيح من القولين في المريض غير المأيوس (3)، إذا أُحجَّ عنه ثمّ قدر (4)، أنّه لا يجزئه ذلك (5)؛ لأنا تيقَّنا الخطأ في ذلك. وهكذا الصحيح من القولين في المريض الذي يرجى برؤه إذا أُحج عنه، ثمّ بان اليأس (6) أنّه لا يجزئه ذلك (7)؛ لأنّه إذا (8) أحج (9) مع كونه ممنوعاً منه، فلم يعتد به.   (1) نهاية 2/ ق 23/ ب. (2) 4/ 77 مع الفتح، في كتاب جزاء الصيد، باب الحج والنذر عن الميِّت، والرجل يحج عن المرأة، و11/ 592 في كتاب الإيمان والنذر، باب من مات وعليه نذر، و13/ 309 في كتاب الاعتصام، باب من شبَّه أصلاً معلوماً بأصل مبيَّن. (3) كذا في النسخ، ولعل الصواب (الميؤس) قال الفيومي: "يئس من شيء ييئس من باب تعب، فهو يائس، والشيء (مَيْؤس) منه على فاعل ومفعول ومصدره اليأس" المصباح المنير ص 683. (4) انظر: الوسيط 1/ ق 162/ أ. (5) وصححه أيضاً الرافعي والنووي. انظر: الإبانة 1/ ق 90/ أ، المهذَّب 1/ 168، حلية العلماء 3/ 246، فتح العزيز 7/ 42، المجموع 7/ 99، الروضة 2/ 289. (6) انظر: الوسيط 1/ ق 162/ أ. (7) انظر: المصادر السابقة قبل هامش. (8) ساقط من (أ) و (ب). (9) في (أ): (الحج). الجزء: 3 ¦ الصفحة: 293 ثمّ إذا قلنا في الصورتين: لا يجزئه عن حجة الإسلام فهل يقع عن الأجير، أو عن المستأجر تطوعاً؟ فيه وجهان (1): والأصح عنده في هذا الكتاب (2) أنّه يقع عن تطوع المستأجر (3). والأصح عند شيخه الإمام (4)، وغيره (5)، أنّه يقع عن الأجير (6)، وهو الظاهر عنده في "البسيط" (7)، وهو أولى. ثمّ لا يستحق الأجرة على الصحيح (8)، والله أعلم. الصحيح من القولين أن حج التطوع، في جواز الاستنابة فيه (9)، كحجِّ الفرض (10)، وبه قال: مالك (11)، وأبو حنيفة (12)، وأحمد (13)، - رحمهم الله - والله أعلم.   (1) انظر: الوسيط 1/ ق 162/ أ. (2) وفي الوجيز أيضاً انظر: 1/ 110. (3) انظر: حلية العلماء 3/ 246، فتح العزيز 7/ 42، المجموع 7/ 99، الروضة 2/ 289. (4) نهاية المطلب 2/ ق 191. (5) كالبغوي انظر: التهذيب 3/ 249. (6) هذا هو المذهب، وبه قطع الجمهور. انظر: المصادر السابقة، والروضة 2/ 289. (7) 1/ ق 235/ ب. (8) انظر: نهاية المطلب 2/ ق 191، فتح العزيز 7/ 43، المجموع 7/ 99، الروضة 2/ 289. (9) انظر: الوسيط 1/ ق 162/ أ. (10) وصححه أيضاً البغوي والرافعي والنووي وغيرهم. انظر: الإبانة 1/ ق 90/ أ، المهذَّب 1/ 268، نهاية المطلب 2/ ق 195، التهذيب 3/ 249، فتح العزيز 7/ 40، المجموع 7/ 97. (11) في نسبة هذا القول إلى الإمام مالك نظر؛ لأن النيابة عنده في فرض الحج لا تجوز على الصحيح، وفي التطوع تكره، قال ابن عبد البر في الكافي 1/ 357: "المستطيع الذي لم يحج حجة الإسلام، وينوب عنه غيره، وحكم هذه النيابة الكراهة، ولكن بناء على القول بالتراخي وإلا حرم. ولا يحج أحد عن أحد لا عن صحيح، ولا عن مريض في حياته ... "، وقال ابن جزي في القوانين ص: 87: "الفصل الثالث في النيابة في الحج: ولا تجوز على الصحيح في فرض الحج، وتكره في التطوع ... " وانظر: بداية المجتهد 1/ 372. (12) انظر: المبسوط 4/ 152، فتح القدير 3/ 145 - 146. (13) في إحدى الروايتين عنه وهو المذهب. انظر: المغني 5/ 22 - 23، الإنصاف 3/ 418. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 294 الأصح أنّه لا يشترط (1) في وجوب الاستئجار على المعضوب أن تكون الأجرة فاضلة عن نفقة عياله لمدة ذهاب الأجير إلى الحج (2)، وإن اشترطناها في حجه بنفسه (3) , لأنّه ههنا لا يفارقهم فهو بصدد تحصيلها لهم، فالتحق ذلك بزكاة الفطر (4)، والكفارة لا يعتبر فيهما، إلا نفقة اليوم، والله أعلم. الأصح أنّه إذا وجد أجرة ماشٍ يلزمه استئجاره (5)؛ لأنّ مشقة المشي المسقطة (6) لاحقة لغيره لا له، والله أعلم. قوله: "وإن بذل الأجنبي، الطاعة، والابن المال (7) فوجهان" (8). ليستا على السواء فيهما، أمّا في طاعة الأجنبي فإن الأصح اللزوم (9)، وهو ظاهر النصِّ في "المختصر" (10) وحكى صاحب "البحر" (11) عن بعض الخراسانيين   (1) في (د): (لا يوجب)، والمثبت من (أ) و (ب). (2) هذا هو المذهب. انظر: نهاية المطلب 2/ ق 189، البسيط 1/ ق 236/ أ، الوجيز 1/ 111، فتح العزيز 7/ 45، المجموع 7/ 77. (3) في (أ): (حجة نفسه). (4) في (أ) و (ب): (الفطرة). (5) انظر: البسيط 1/ ق 236/ أ، فتح العزيز 7/ 45، الروضة 2/ 290. (6) في (أ): زيادة (به). (7) نهاية 2/ ق 24/ أ. (8) الوسيط 1/ ق 162/ ب، وقبله "أمّا القدرة ببذل الغير، فإن كان المبذول مالاً، والباذل أجنبي لم يجب لما فيه من المنَّة، وإن كان المبذول طاعة، والباذل هو الابن وجب القبول، إذ لا منَّة، وإن بذل الأجنبي الطاعة ... إلخ". (9) هذا هو المذهب، وصححه أيضاً الرافعي والنووي. انظر: الإبانة 1/ ق 91/ أ، المهذَّب 1/ 267، نهاية المطلب 2/ ق 190، فتح العزيز 7/ 46، المجموع 7/ 80. (10) ص: 70. (11) 2/ ق 11/ ب. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 295 أن الأصح عدم اللزوم، قال: وهو غلط بخلاف النصِّ، وحكى أن الشافعي نصَّ في "الأم" (1) و"الإملاء" (2) على اللزوم. وأمّا في بذل الولد المال، فالأصح عدم اللزوم (3)، قال صاحب "البحر" وهو المذهب، والله أعلم. الأصح عدم اللزوم فيما إذا كان الابن ماشياً (4)، والله أعلم. ما ذكره من أنّه يشترط في صحة الإجارة على الحج (5): "أن (6) يكون الأجير قادراً على الحج عند العقد" (7). أراد به ما إذا كانت إجارة (8) عين، أي واردة على فعل الأجير بعينه (9). ثمّ إنَّ قوله: "مهما صحت الإجارة، وجب على الأجير الخروج مع أول رفقة" (10)، وغير هذا ممّا فصَّله، يشعر مع كلام شيخه (11) في ذلك أيضاً، بأنّه   (1) 2/ 174. (2) انظر: المجموع 7/ 80. (3) وصححه أيضاً الرافعي والنووي. انظر: الإبانة 1/ ق 91/ أ، المهذَّب 1/ 267، نهاية المطلب 1/ ق 190، الوجيز 1/ 111، فتح العزيز 7/ 46، المجموع 7/ 85، الروضة/ 291. (4) انظر: المصادر السابقة. (5) في (أ): (الأصح). (6) في (أ): (بأن). (7) الوسيط 1/ ق 163/ أ. (8) في (د): (الإيجارة)، والمثبت من (أ) و (ب). (9) في (أ): (معينة)، وهو مثلاً: أن يقول المعضوب: أستأجرك أن تحج عني، أو يقول الوارث: أستأجرك لتحج عن ميتي. انظر: فتح العزيز 7/ 49، المجموع 7/ 106، الروضة 2/ 295. (10) الوسيط 1/ ق 163/ أ. (11) نهاية المطلب 2/ ق 253. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 296 يجوز تقديم إجارة العين على خروج الرفقة، وأن له أن يعقد الإجارة ثمّ ينتظر خروجها (1). قال الشارح للوجيز (2): "الذي ذكره جمهور الأصحاب على طبقاتهم ينازع فيه، ويقتضي اشتراط وقوع العقد في زمان خروج الناس من ذلك البلد، حتى قال صاحب "التهذيب" (3): لا تصح إجارة العين إلا وقت خروج القافلة من ذلك البلد، بحيث يشتغل عقيبه بالخروج، أو بأسباب الخروج مثل شراء الزاد ونحوه، فإن كان قبله لم يصح؛ لأنّ إجارة العين في الزمان المستقبل لا يجوز". وهذا النقل من هذا الشارح غير صحيح، وما ذكره صاحب "التهذيب" يمكن التوفيق بينه وبين ما ذكره (صاحب (4) الكتاب) (5) [و] (6) الإمام، أو (7) هو (8) شذوذ من صاحب "التهذيب" لا ينبغي أن ينسب إلى جمهور الأصحاب على طبقاتهم، فإن الذي رأيناه في "التتمة" (9)، و"بحر المذهب" (10)، و"الشامل" (11)،   (1) انظر: البسيط 1/ ق 237/ أ، فتح العزيز 7/ 50، المجموع 7/ 111، الروضة 2/ 293. (2) يعني الإمام الرافعي، انظر: فتح العزيز 7/ 50. (3) لم أجد هذا النص في مظانه من كتاب (التهذيب) من الطبعة الجديدة، والله أعلم. (4) نهاية 2/ ق 24/ ب. (5) ما بين القوسين ساقط من: (أ) و (ب). (6) ما بين المعكوفتين إضافة يقتضيها المعنى. (7) في (أ): (و). (8) ساقط من (د)، والمثبت من (أ) و (ب). (9) لم أقف عليه عند غير المصنِّف (10) 2/ ق 18/ أ. (11) لم أقف عليه عند غير المصنِّف. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 297 وغيرها، مقتضاه (1) أنّه يصح العقد في وقت يمكنه فيه الخروج، والمسير، على حسب العادة، أو الاشتغال بأسباب الخروج. وقال صاحب "البحر" (2): "أمّا عقدها في أشهر الحج فيجوز في كل موضع؛ لإمكان تسليم العمل عقيبه، وهو الإحرام"، يعني أن له الإحرام من أي موضع أراد (3). قال (4): قال القفال: "ليس من شرطه الخروج عقيب العقد، بل له أن ينتظر تمام (5) خروج الحاج، أو يشتغل بتحصيل أُهْبَة السفر" والله أعلم. ما صار إليه في تعليل الخلاف في اشتراط تعيين الميقات في الإجارة، ومن اعتبار غرض الأجير، (وإخلافه) (6) في أحد القولين، واعتبار (7) غرض المستأجر له (8)، وعدم إخلافه (9) في القول (10) الثاني (11) فاسد؛ لأنّ المعتبر في مثل ذلك   (1) في (د): (فمقتضاه)، والمثبت من: (أ) و (ب). (2) 2/ ق 18/ أ. (3) هذا الفصل نقله النووي عن المصنِّف وسكت عليه. انظر: المجموع 7/ 111، الروضة 2/ 294. (4) يعني صاحب البحر. (5) ساقط من (أ)، وفي (د) (تامه) كذا، والمثبت من (ب). (6) ما بين القوسين ساقط من: (ب). (7) في (د): (فاعتبار)، والمثبت من (أ) و (ب). (8) ساقط من (د) و (أ)، والمثبت من (ب). (9) في (ب): زيادة (وعدم اختلافه). (10) ساقط من (أ). (11) انظر: الوسيط 1/ ق 163/ أ - ب. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 298 غرض المتعاقدين جميعاً، وإنّما علة الاشتراط اختلاف الغرض، وعلة عدم الاشتراط أنّه (1) لا وقع، لاختلاف المواقيت من حيث الشرع، والله أعلم. وتوجيه قول من قال: إن كان (2) المستأجر له حيَّاً وجب تعيين الميقات في العقد، وإن كان ميتاً فلا. (وجه الفرق) (3): أن (4) الحيَّ ذو اختيار، والغرض (5) يختلف باختلاف الأحوال، فاشترط تعيينه لا يختاره لذلك (6)، وأمّا الميت فلا اختيار له، والمقصود تبرئة ذمته، والمواقيت كلها في ذلك سواء (7)، والله أعلم. الأصح أنّه إن لم يكن في طريقه إلا ميقات واحد فلا يشترط التعيين، ويحتمل (8) تعيين (9) ذلك الميقات نظراً إلى العادة، والعرف (10).   (1) في (د) (لأنّه)، والمثبت من (أ) و (ب). (2) ساقط من (د)، والمثبت من (أ) و (ب). (3) ما بين القوسين ساقط من: (ب). (4) في (أ): (لأن). (5) في (ب): (وغرض). (6) ساقط من (د) و (ب)، والمثبت من (أ). (7) انظر: البسيط 1/ ق 237/ ب. (8) ساقط من (ب). (9) في (د): (فيتعين يحمل)، والمثبت من (أ). (10) انظر: الإبانة 1/ ق 91/ أ، البسيط 1/ ق 237/ ب، فتح العزيز 7/ 51، الروضة 2/ 296. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 299 وإن كان في طريقه ميقاتان اشترط التعيين (1)، ومن صوره ما إذا كان في طريقه ميقاتان أقرب وأبعد، كالعقيق (2)، وذات عرق (3)، وما (4) إذا كان طريقه يفضي إلى مسلكين، كل واحد منهما يفضي إلى ميقات (5)، والله أعلم. ذكر أن الشرط الرابع من شروط الإجارة: "أن لا يعقد بصيغة الجعالة" (6) فاعترض عليه في ذلك بعض المصنِّفين (7) بكلامه بما تحريره: أنّه إن أراد أن الإجارة إذا عقدت بصيغة الجعالة لم تنعقد، فهذا يوهم كون الجعالة إجارة، ورجوع المنع إلى صيغة الجعالة، وليس كذلك؛ فإن الجعالة والإجارة عقدان   (1) انظر: الإبانة 1/ ق 91/ أ، نهاية المطلب 1/ ق 255 - 256، فتح العزيز 7/ 51، المجموع 7/ 108، الغاية القصوى 1/ 433. (2) العقيق: موضع بالقرب من عرق، قبلها بمرحلة أو مرحلتين. انظر: تهذيب الأسماء واللغات 3/ 2/ 56، المصباح المنير ص 422، تاج العروس 7/ 15. (3) ذات عرق: قرية خربت، على بعد مرحلتين من مكة، وهي ميقات أهل العراق، والحدُّ بين نجد وتهامة، وتبعد عن مكة بما يقارب مائة كم. وعِرق: هو الجبل المشرف على ذات عرق. انظر: معجم البلدان 4/ 121، تهذيب الأسماء واللغات 3/ 1/ 114، المصباح المنير ص 405، تيسير العلام 2/ 11 - 13. (4) في (د): (وأما)، والمثبت من (أ) و (ب) وهو الصواب. (5) كقرن وذات عرق لأهل العراق، وكالجحفة وذي الحليفة لأهل الشام، فإنهم تارة يمرُّون بهذا، وتارة يمرُّون بهذا. انظر: فتح العزيز 7/ 51، المجموع 7/ 101، الروضة 2/ 296. (6) الوسيط 1/ ق 163/ ب، وتمامه "فلو قال المعضوب: من يحج عني فله مائة، فحجَّ عنه إنسان، نقل المزني أنّه واقع عنه واستحق المائة ... إلخ". (7) كذا في (د)، وفي (أ) و (ب): (المعتنين). الجزء: 3 ¦ الصفحة: 300 مختلفان في الأركان، وإن أراد أن الجعالة لا جريان لها في الحج، فهذا لا يصلح أن يعدَّ من شروط الإجارة (1). وهذا الاعتراض مندفع؛ فإن محصول كلامه أنّه يشترط في الإجارة على (2) الحج، كون الأجير معيَّناً، حتى لا يصح بصيغة الجعالة، كما إذا قال: من حجَّ عني فله مائة، لم يصح ذلك؛ لكون ذلك إنما احتمل في الجعالة على العمل المجهول. ثمّ (3) إن كلامه ههنا يقتضي أن الصحيح عدم الصحة في ذلك (4)، وقد صرَّح في "الوسيط" (5) ههنا بأنّه صحيح، لكن كلامه في باب الجعالة (6) يتضمن أن التصحيح (7) فيه هو الصحيح، وإليه ذهب آخرون (8)، والله أعلم.   (1) انظر: فتح العزيز 7/ 52. (2) في (أ): (في). (3) ساقط من (د)، والمثبت من (أ) و (ب). (4) هذا أحد الوجوه الثلاثة في المسألة، وقال عنه النووي: "هذا الوجه ضعيف جداً، بل باطل مخالف للنصِّ، والمذهب، والدليل" انظر: المهذَّب 1/ 538، والبسيط 1/ ق 238/ أ، والوجيز 1/ 111، وفتح العزيز 7/ 52، والمجموع 7/ 109 - 110، والروضة 2/ 293. (5) كذا في النسخ، ولعل الصواب "البسيط" بدلالة السياق، ولأن تصحيحه لعدم صحة هذه الجعالة ورد في البسيط دون الوسيط حيث قال في البسيط 1/ ق 138/ أ: "حيث أفسدنا هذه الجعالة وهو الصحيح ... إلخ" والله أعلم. (6) من الوسيط 2/ ق 165/ أ. (7) في (د): (الصحيح)، والمثبت من (أ) و (ب). (8) هذا هو المذهب، وصححه أيضاً الرافعي والنووي. انظر: المهذَّب 1/ 538، البسيط 1/ ق 238/ أ، فتح العزيز 7/ 52، المجموع 7/ 109، الروضة 2/ 293. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 301 الصحيح من الخلاف الذي ذكره (1)، فيما إذا (2) أوردت (3) الإجارة على الذمَّة، يعني وهي حالةً، ولم يحج في السنة الأولى (4)، أنّه يثبت الفسخ، ولا ينفسخ من غير فسخ (5)، فإن كان المحجوج عنه ميتاً - بأن استأجر ثمّ مات، أو مات ثمّ استؤجر عنه - فلا فسخ للورثة على ما ذكره العراقيون (6)؛ لأنّ فائدة الفسخ استرداد الأجرة حتى تنبسط فيها، والأجرة ههنا متعيِّنة لجهة الحج، لا يجوز للورثة التصرُّف فيها، هذا أولى به مما ذكره في الكتاب، فإن ما ذكره غير واف لجميع صور (7) المسألة. قوله: "وفيه احتمال" (8) أَتبع فيه شيخه (9)، هذا وجهٌ قد جزم به غيرهما (10) وأنّه يفعل ما هو المصلحة للميت من الفسخ، وعدم الفسخ، والله أعلم.   (1) انظر: الوسيط 1/ ق 163/ ب. (2) ساقط من (أ). (3) في (ب): (وردت). (4) نهاية 2/ ق 25/ ب. (5) انظر: نهاية المطلب 2/ ق 254، البسيط 1/ ق 237/ أ، فتح العزيز 7/ 53، المجموع 7/ 113، الروضة 2/ 294. (6) في (أ) و (ب): (عن العراقيين)، وانظر المصادر السابقة. (7) في (د): (صورة)، والمثبت من (أ) و (ب). (8) الوسيط 1/ ق 164/ أ، وقبله "فإذا لم يثبت الخيار فكان المستأجر ميتاً فلا خيار للورثة؛ لأنّه لا يجب عليهم صرف الأجرة إلى أجير آخر لتبرئة ذمته ... وفيه احتمال؛ إذ قد يكون للميت مصلحة في إبدال الأجير بمن هو أرغب منه". (9) انظر: نهاية المطلب 2/ ق 255. (10) كالرافعي، وهذا الوجه هو الأصح عند الرافعي والنووي. انظر: فتح العزيز 7/ 53، المجموع 7/ 113، الروضة 2/ 297. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 302 إذا خالف الأجير فأحرم من الميقات عن نفسه بعمرة، ثمّ أحرم بالحج عن المستأجر من جوف مكة، فقد ذكر فيه في الكتاب قولين (1)، وترك القول الثالث. - الذي هو الأصح - وذلك (2) أن الأجرة تقابل أعمال الحج مع السفر من بلدة الإجارة (3). ثمّ في هذه الصورة الأصح: أنّه يحسب للأجير على المستأجر سيره في المسافة التي بين الميقات وبلدة الإجارة (4)، ولا يحكم بأنّه صرفه إلى عمرة نفسه؛ لأنّه قد أتى به على وفق ما اقتضاه (5) الترتيب (6) بالإجارة، وجائز أن يكون قصد العمرة (7) عمل (8) لنفسه (9) لم يطرأ (10) إلا عند إحرامه بها من الميقات. فعلى هذا توزع الأجرة المسماة على: أجرة المثل لحجة منشأة للمستأجر من موضع   (1) الوسيط 1/ ق 164/ أوتمامه "أحدهما: أن يقال: حجة من الميقات كم أجرتها؟، ويعرف نسبة التفاوت، فإن كان عشراً حطَّ العشر عن المسمى ... الثاني: أنّه يعرف التفاوت بين حجة من البلد الذي استأجر فيها وبين حجة من جوف مكة ... إلخ". (2) في (د): زيادة (أن الأصح). (3) وهذا هو المذهب، وصححه أيضاً الرافعي والنووي. انظر: الإبانة 1/ ق 91/ أ، نهاية المطلب 2/ ق 256 - 257، البسيط 1/ ق 238/ أ، فتح العزيز 7/ 55 - 56، المجموع 7/ 114، الروضة 2/ 298. (4) انظر: المصادر السابقة. (5) في (ب): (اللتزمه). (6) ساقط من (ب). (7) في (أ): (قصده العموم)، وفي (ب): (قصده العمرة). (8) ساقط من (ب). (9) في (ب): (بنفسه). (10) في (أ): (يطرأ)، بإسقاط "لم" الجزء: 3 ¦ الصفحة: 303 الإجارة إلى الفراغ منها، وأجرة حجة منشأة للمستأجر من موضع الإجارة إلى الميقات، إحرامها من جوف مكة لا منه فغير محسوب ما بينهما، وإذا (1) كانت الأجرة الأولى مثلاً مائة، والأجرة الثانية تسعين (2)، حططنا من الأجرة المسماة عشرها (3)، وهذا القول قد ذكره في الكتاب في المسألة التي تلي (4) هذه (5)، حيث يقول: "كان حسبنا له السفر استحقَّ تمام الأجرة" (6). الأظهر من القولين (7) فيما إذا لم يحرم من الميقات أصلاً، وأحرم من جوف مكة مثلاً, ولزمه الجبران بالدم: إن جبرانه هذا لا يمنع حطَّ شيء من أجرته (8) لما ذكره (9). وإذا (10) قلنا: يمنع منه، فالأظهر أنّه لا يحط، وإن كانت قيمة الدم أقل (11)، والله أعلم.   (1) في (أ) و (ب): (فإذا). (2) في (د): (تسعون)، والمثبت من (أ) و (ب). (3) انظر: فتح العزيز 7/ 56، المجموع 7/ 115، الروضة 2/ 299. (4) ساقط من (د)، والمثبت من (أ) و (ب). (5) نهاية 2/ ق 26/ أ. (6) الوسيط 1/ ق 164/ أ. (7) انظر الموضع السابق من الوسيط. (8) في (أ) و (ب): (الأجرة)، وانظر: الأم 2/ 177، المختصر 1/ 522، نهاية المطلب 2/ 256، فتح العزيز 7/ 57 - 58، المجموع 7/ 116، الروضة 2/ 300. (9) حيث قال: "لأنّ الدم وجب حقاً لله تعالى، ومقصود المستأجر لا ينجبر" (10) في (أ): (فإذا). (11) انظر: البسيط 1/ ق 238/ ب، فتح العزيز 7/ 56، المجموع 7/ 116، الروضة 2/ 300. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 304 الوجهان المذكوران (1) فيما إذا عيَّن له ميقاتاً، أبعد من الشرعي فجاوزه، ولم يحرم منه، الأظهر منهما: أنّه يلزمه دم (2)؛ لأنّه بتعيُّنه صار متعيِّناً بالشرع أيضاً، وهذا هو نصُّه في المختصر (3)، والله أعلم. قوله: "إن استأجره على القرآن، فأفرد فقد زاده خيراً" (4). هذا ليس على إطلاقه، وهو مقطوع به، مخصوص بما إذا كانت الإجارة على الذمَّة، وعليه الإحرام بالعمرة إلى الميقات (5). أمّا إن (6) كانت على العين، فإن العمرة لا تقع عن المستأجر، وعلى الأجير أن يردَّ ما يخصَّها من الأجرة، نصَّ عليه الشافعي في "المناسك الكبير" (7)؛ لأنّه لا يجوز تأخير العمل فيها عن الوقت المعيَّن. وإذا كانت الإجارة على الذمَّة، ولم يعد إلى الميقات لإحرام العمرة، وقعت العمرة عن المستأجر، وعلى الأجير دم؛ لكونه جاوز الميقات في الإحرام بالعمرة (8)، وهل يحطُّ شيء من الأجرة أم لا يحطُّ لانجبار ذلك بالدم؟ ففيه (9) القولان السابقان.   (1) انظر: الوسيط 1/ ق 164/ ب. (2) وصححه الرافعي والنووي. انظر: البسيط 1/ ق 238/ ب، الوجيز 1/ 112، فتح العزيز 7/ 59، المجموع 7/ 117، الروضة 2/ 300، الغاية القصوى 1/ 434. (3) ص 80. (4) الوسيط 1/ ق 164/ ب. (5) انظر: فتح العزيز 7/ 61، المجموع 7/ 118، الروضة 2/ 302. (6) في (أ): (إذا). (7) من كتاب الأم 2/ 178، واتفق عليه الأصحاب انظر: فتح العزيز 7/ 61، المجموع 7/ 117، الروضة 2/ 302. (8) انظر: المصادر السابقة. (9) في (أ) و (ب): (فيه). الجزء: 3 ¦ الصفحة: 305 وهذا ذكره صاحب "البحر" (1) حكماً للمسألة من غير تفصيل بين أن يكون الإجارة على العين، أو على الذمَّة، ثمّ قال: "ومن أصحابنا من قال يلزمه أن يردّ من الأجرة - قسط العمرة - بكل حالٍ؛ لأنّه عيَّن له وقت العمرة، بأن يأتي بها في أشهر الحج، فقد فات ذلك الوقت - قال -: وهو ظاهر ما قال في "المناسك الكبير" والله أعلم. ما ذكره (2) فيما إذا استأجره على الإفراد، فقرن من أن ذلك يقع عن المستأجر: "لأنّ الشرع جعل القرآن كالإفراد، متفق عليه" (3)، وهو مشكل؛ لكون ذلك مخالفاً للمأذون فيه، وقد قرره شيخه الإمام (4) بما معناه، أن ذلك يحتمل على الحج والعمرة؛ فإنهما يصحَّان مع اشتمالهما على ارتكاب كثير من المحظورات، وترك كثير من المأمورات، فمخالفة الأجير بمنزلة مخالفة الشرع؛ لأنّ المستأجر لا يحصِّل الحج والعمرة لنفسه، وإنّما يحصِّلهما (5) لله تعالى، فتنزلت (6) مخالفته منزلة (7) مخالفة الشرع، والله أعلم. إذا أمره بالقران فتمتَّع (8)، فأظهر الوجهين المذكورين أنّه يجعل مخالفاً (9) فيما ذكرناه من (10) المأمور بالقران إذا أفرد من التفصيل ما بينه، على نحوه (11) ههنا، والله أعلم.   (1) 2/ ق 185/ أ، 188/ أ. (2) نهاية 2/ ق 26/ ب. (3) الوسيط 1/ ق 164/ ب. (4) نهاية المطلب 2/ ق 260 - 261. (5) في (د): (يحصِّله)، والمثبت من (أ) و (ب). (6) في (أ): (فنزلت). (7) في (أ): (بمنزلت). (8) انظر: الوسيط 1/ ق 164/ أ. (9) انظر: الإبانة 1/ ق 92/ ب، البسيط 1/ ق 239/ أ، الوجيز 1/ 112، فتح العزيز 7/ 62، المجموع 7/ 119. (10) في (أ) و (ب): (في). (11) في (د): (محرم)، وهو تحريف، والمثبت من (أ) و (ب)، وهو الصواب. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 306 الوجهان المذكوران في قضاء الأجير في الذمَّة (1) لما أفسده (2). أصحُّهما وقوعه عن الأجير، لا عن المستأجر (3) لما ذكره (4)، والله أعلم. الأصح من القولين المذكورين (5) فيما إذا أحرم عن المستأجر، ثمّ صرفه (6) إلى نفسه، أنّه يستحق الأجرة (7)؛ لأنّه أتى بالعمل المعقود (8) عليه، وصرفه له لاغٍ، والله أعلم. القول الصحيح - وهو الجديد - أنّه لا يجوز في الحج بناء شخصٍ على فعل شخصٍ (9)؛ لأنّه عبادة واحدة فلا يتأدى (10) بنيتين، وإحرامين، وكما لا يجوز في الابتداء أن يستأجر اثنين يفعلان أفعال الحج عنه.   (1) في (أ): (المدة). (2) انظر: الوسيط 1/ ق 165/ أ. (3) وصححه أيضاً الرافعي والنووي وغيرهما. انظر: الإبانة 1/ 91/ ب، نهاية المطلب 2/ ق 261 - 262، فتح العزيز 7/ 66، المجموع 7/ 121، الروضة 2/ 303. (4) حيث قال: "لأنّ القضاء يقع عمن انصرف الفاسد إليه". (5) انظر: الوسيط 1/ ق 165/ أ. (6) في (أ): (صرف). (7) وصححه أيضاً الرافعي والنووي، ونقل النووي تصحيحه عن الأصحاب في الطريقين. انظر: نهاية المطلب 2/ ق 264 - 265، البسيط 1/ ق 239/ أ، فتح العزيز 7/ 67، المجموع 7/ 121، الروضة 2/ 304. (8) في (د): (المقصود)، وهو تحريف، والمثبت من (أ) و (ب)، وهو الصواب. (9) قال في الوسيط 1/ ق 165/ أ: " ... لو مات في أثناء الحج، فهل لوارثته أن يستأجر من يبني على حجه، ويأتي بالبقيَّة، فيه قولان: أحدهما: نعم؛ لأنّ الاستنابة في بعضه كالاستنابة في كله. والثاني: لا؛ إذ يبعد أداء عبادة واحدة من شخصين". وانظر: البسيط 1/ ق 239/ أ، فتح العزيز 7/ 68، المجموع 7/ 122، الروضة 2/ 304. (10) في (د): (يتأتى)، والمثبت من (أ) و (ب). الجزء: 3 ¦ الصفحة: 307 قلت: وقوله "يبعد أداء عبادة واحدة من شخصين". لا يلزم عليه الوضوء، حيث صحَّ بعضه بفعله، وبعضه بفعل من يوضئه؛ لأنّ الفعل في الوضوء غير مستحق؛ ولهذا لو نوى هو وقعد تحت ميزاب حتى جرى الماء على أعضاء وضوئه جاز. فما صحَّ إذاً بفعل شخصين. ولا يلزم الصبي الذي يحرم (1) عنه وليه، ويفعل ما يقدر عليه من أعمال الحج، ويفعل الولي ما لا يقدر عليه منها؛ لأنّ حج الصبي، والمجنون، مستثنى عن القاعدة في كونه يصح منهما مع عدم العقل، والتمييز، ويكونان هما الحاجَّين، والنيَّة والعمل كله من غيرهما، فتصحيحه وبعض العمل منه أولى، والله أعلم. إذا جوَّزنا البناء، ومات بعد الوقوف، وفوات أشهر الحج بدخول (2) يوم النحر، ففي الكتاب أن المراوزة قالوا: يحرم الباني بالحج، وأن العراقيين قالوا: يحرم بالعمرة، وهو بعيد (3). وهكذا نسب (4) شيخه (5) الوجهين، وليس بمرضي، فإن الوجهين مذكوران في كتب العراقيين، من غير تصحيح منهم، وترجيح لما نسبه إليهم، بل لما نسبه إلى (6) المراوزة دونهم (7)، والله أعلم.   (1) نهاية 2/ ق 27/ أ. (2) في (ب): (ودخول). (3) انظر: الوسيط 1/ ق 165/ أ. (4) في (أ): (قرر). (5) انظر: نهاية المطلب 2/ ق 259. (6) في (ب): (ولما نسبه إليهم). (7) انظر: فتح العزيز 7/ 69، المجموع 7/ 122. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 308 الخلاف الذي ذكره في استحقاق ورثة (1) الأجير قسطاً لما فعله (2) قبل موته، جعله وجهين (3)، والمشهور أنّه قولان (4)، والأصح: الاستحقاق (5)، والله أعلم. ثمّ الأظهر الاحتساب بالسفر في التوزيع (6).   (1) ساقط من (د)، والمثبت من (أ) و (ب). (2) في (د): (فعل)، والمثبت من (أ) و (ب). (3) انظر: الوسيط 1/ ق 165/ ب. (4) انظر: فتح العزيز 7/ 71، المجموع 7/ 123، الروضة 2/ 305. (5) وصححه أيضاً الرافعي والنووي. انظر: المصادر السابقة. (6) قال في الوسيط 1/ ف 165/ ب: "فإن قلنا يستحق قسطاً، ففي التوزيع قولان". انظر: المصادر السابقة. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 309 ومن المقدمة الثانية في المواقيت (1) الصحيح المشهور أن ليلة النحر، وقت للإحرام (2) بالحج (3)، والله أعلم. أصح القولين فيمن أحرم بالحج في غير زمانه (4)، أنّه ينعقد إحرامه عمرةً (5)؛ لأنّ الإحرام شديد التوغل في اللزوم، فيصح أصله، وإن لغي وصفه، والله أعلم. قوله: "الأفاقي" (6) نسبته إلى الجمع، والجمع إذا لم يسمَّ به (لا ينسب) (7) إليه، بل ينسب إلى واحده، وواحد الآفاق: أُفُق بضم الهمزة والفاء، ويقال: في النسب أُفُقيٌّ بضم الهمزة والفاء (8)، وهو من تغيُّرات النسب وشذوذاته، والله أعلم.   (1) أي الزمانية والمكانية. انظر: الوسيط 1/ ق 166/ أ. (2) في (د) و (ب): (الإحرام) والمثبت من (أ). (3) هذا هو المنصوص عليه، وصححه جمهور الأصحاب. انظر: مختصر المزني ص: 71، المهذَّب 1/ 269، نهاية المطلب 2/ ق 201، البسيط 1/ ق 141/ أ، المجموع 7/ 131، فتح الجواد 1/ 317، مغني المحتاج 1/ 471. (4) انظر: الوسيط 1/ ق 166/ أ. (5) هذا هو المذهب. انظر: المهذَّب 1/ 269، نهاية المطلب 2/ ق 201، حلية العلماء 3/ 252، فتح العزيز 7/ 77، الروضة 2/ 311، مغني المحتاج 1/ 471. (6) الوسيط 1/ ق 166/ أ، ولفظه "أمّا الميقات المكاني: فالحاج الأفاقي أربعة ... إلخ". (7) ما بين القوسين ساقط من (أ). (8) انظر: الصحاح 4/ 1446، تهذيب الأسماء واللغات 3/ 9، المصباح المنير ص 16، 707. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 310 قرن ميقات نجد (1) هو بإسكان الراء لا غير (2)، وفتحها خطأ، ولصاحب الصحاح (3) فيه غلطان فاحشان: أحدهما: فتحه الراء. والآخر: زعمه أن أويساً القَرَني (4) - رحمه الله - إليه نسب (5) وإنما هو بلا خلاف بين أهل المعرفة منسوب إلى "قَرَن" قبيلة من مراد، بفتح القاف والراء (6)، نسأل الله التوفيق والعصمة، والله أعلم.   (1) قال في الوسيط 1/ ق 166/ أ: " ... ولأهل نجد اليمن ونجد الحجاز قرن". (2) وهو جبل صغير مشرف على عرفات، يقال له: قرن المنازل، وقرن الثعالب، وهو على مرحلتين من مكة - أي يبعد عنها بما يقارب 78 كم -. انظر: معجم البلدان 4/ 377 - 378، تهذيب الأسماء واللغات 3/ 2/ 109، تيسير العلاَّم 2/ 11. (3) 6/ 218. (4) هو أويس بن عامر بن جزء بن مالك أبو عمرو القَرَني المرادي اليماني، سيِّد التابعين في زمانه، وفد على عمر، وروى عنه قليلاً، وعن علي رضي الله عنهما، وكان من أولياء الله المتقين، ومن عباده الصالحين، واختلفوا في موته فقيل: قتل يوم الصفين في رجالة علي، وقيل: مات على جبل أبي قبيس بمكة، وقيل: مات بدمشق، وهناك أخبار مختلفة حول موته، والمكان الذي دفن فيه. انظر: الثقات لابن حبَّان 4/ 52 - 53، الأنساب 4/ 481، سير أعلام النبلاء 4/ 19 - 33. (5) نهاية 2/ ق 27/ ب. (6) وهي قبيلة معروفة باليمن يقال لهم: بنو قرن، وقرن هذا هو ابن رَدْمان بن ناجية بن مراد نزل باليمن. انظر: الأنساب 4/ 481، النظم المستعذب 1/ 272، تاج العروس 15/ 425. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 311 قوله: "ولأهل المشرق ذات عِرْق، لتعيين عمر - رضي الله عنه - ذلك" (1) روى البخاري في صحيحه (2) عن ابن عمر - رضي الله عنهما - أن عمر "حدَّ لهم ذات عرق"، وإلى ذلك (3) ذهب ابن سيرين (4)، وطاوس (5)، والشافعي (6) - رحمهم الله -   (1) الوسيط 1/ ق 166/ ب. (2) 3/ 455 مع الفتح في كتاب الحج، باب ذات عرق لأهل العراق. (3) في (أ) و (ب): (هذا). (4) انظر قوله في: الأم 2/ 200، والسنن الكبرى 5/ 41. وابن سيرين هو محمَّد بن سيرين بن أبي عمرو الأنصاري مولاهم أبو بكر البصري التابعي الجليل، كان إماماً في التفسير، والحديث، والفقه، وتعبير الرؤيا، والمقدم في الزهد، والورع، روى عن أبي هريرة، وابن عمرو، وابن الزبير، وأنس بن مالك، وغيرهم، مات بالبصرة سنة 110 هـ. انظر: طبقات الفقهاء للشيرازي ص 92، تهذيب الأسماء واللغات 1/ 282 - 284، السير 4/ 606 - 623، البداية 9/ 273 - 274. (5) انظر قوله في: المصدرين السابقين. وطاوس هو طاوس بن كيسان أبو عبد الرحمن اليماني الحميري مولاهم الفارسي، ويقال: اسمه ذكوان وطاوس لقب له، كان من كبار التابعين، وأحد الأئمة الأعلام، واتفقوا على جلالته، وفضيلته، ووفور علمه، وحفظه، وتثبته، مات بمكة حاجاً سنة 106 هـ، في قول الجمهور، وقيل سنة بضع عشرة ومائة. انظر: طبقات الفقهاء للشيرازي ص 65، تهذيب الأسماء واللغات 1/ 251، السير 5/ 38 - 49، البداية 9/ 241 - 242، التقريب ص 281. (6) وبه نصَّ في الأم، وغيره من الكتب، وصححه إمام الحرمين. انظر: الأم 2/ 208، الإبانة 1/ ق 93 / أ، المهذَّب 1/ 272، نهاية المطلب 2/ ق 219، البسيط 1/ ق 141/ ب، حلية العلماء 3/ 271، فتح العزيز 7/ 80 - 81، المجموع 7/ 201. والقول الثاني: أنّه من توقيت النبي - صلى الله عليه وسلم - للأحاديث الآتية، وإليه مال جمهور الشافعيَّة، وممن صرَّح بتصحيحه الشيخ أبو حامد، والمحاملي، والماوردي، والقاضي أبو الطيِّب، وابن الصبَّاغ، والرافعي، والنووي. انظر: المصادر السابقة. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 312 وغيرهم (1)، أن ذات عرق لم يوقته النبي - صلى الله عليه وسلم -، وإنّما وقَّت بعده، وقد روى أبو داود، وغيره من حديث عائشة، وجابر، وغيرهما (2) أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: وقَّت لأهل العراق ذات عرق، وفي أسانيدها ضعف، ولكن يقوي بعضها بعضاً. ويحتمل أن يكون (3) عمر - رضي الله عنه - لم يبلغه ذلك فحدَّه، ووافق تحديدُه تحديدَ النبي - صلى الله عليه وسلم - (4)، والله أعلم.   (1) كأبي الشعثاء جابر بن زيد، وعروة بن الزبير انظر: الأم 2/ 200، والسنن الكبرى 5/ 41. (2) أمّا من حديث عائشة فرواه أبو داود 2/ 354 في كتاب المناسك، باب المواقيت، وكما رواه النسائي 5/ 55 في كتاب الحج، باب ميقات أهل العراق، والدارقطني 2/ 236، والبيهقي في الكبرى 5/ 42، عن أفلح بن حميد عن القاسم بن محمَّد عن عائشة به. وصحح إسناده النووي في المجموع 7/ 197، وابن الملقن في تذكرة الأحبار ق 106/ أ، والألباني في الإرواء 4/ 176. وأمّا من حديث جابر فرواه مسلم في صحيحه 8/ 86 في كتاب الحج، باب مواقيت الحج، والشافعي في المسند ص: 114، والأم 2/ 199، وأحمد 4/ 286، والطحاوي 2/ 118 - 119، والدارقطني 2/ 237، والبيهقي 5/ 40 عن ابن جريج أخبرني أبو الزبير أنّه سمع جابر بن عبد الله رضي الله عنهما يسأل المُهِلَّ فقال: سمعت - أحسبه رفع إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال: مهل أهل المدينة من ذي الحليفة، والطريق الآخر الجحفة، ومهل أهل العراق من ذات عرق ... الحديث. وأمّا من حديث غيرهما: فقد روى عن جماعة آخرين من الصحابة - رضي الله عنهم - منهم: ابن عمر، وابن عباس، والحارث بن عمرو السهمي، وعمرو بن شعيب عن أبيه عن جده. ينظر تخريجها بالتفصيل في نصب الراية 3/ 12 - 15، إرواء الغليل 4/ 176 - 179. (3) في (د): (تكون)، والمثبت من (أ) و (ب). (4) انظر: المجموع 7/ 202. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 313 قوله: "واستحب الشافعي - رحمه الله - أن يحرم من العقيق [قبل ذات عرق] (1)؛ لورود خبر مرسل به" (2). روى الشافعي (3) بإسناده عن عطاء بن أبي رباح (4) قال: سمعنا أنّه يعني النبي - صلى الله عليه وسلم - (وقَّت ذات عرق، أو العقيق لأهل المشرق). قلت: قوله "أو العقيق" ليست "أو" فيه للشك، بل للتخيير؛ بدلالة أن عطاء جزم في رواية أخرى أنه (وقَّت لهم ذات عرق) ثمّ إن المرسل لا يحتج به عندنا (5)، والاعتماد ههنا على ما في ذلك من الاحتياط؛ فإن العقيق أبعد من   (1) ما بين المعقوفتين إضافة من الوسيط يقتضيها السياق. (2) الوسيط 1/ ق 166/ ب. (3) في المسند ص: 114 - 115، والأم 2/ 199 - 200، وكما رواه البيهقي في الكبرى 5/ 41، وقال البيهقي عقيبه: "هذا هو الصحيح عن عطاء عن النبي - صلى الله عليه وسلم - مرسلاً، وقد رواه الحجاج بن أرطأة عن عطاء وغيره متصلاً، والحجاج ظاهر الضعف"؟ (4) عطاء بن أبي رباح - واسم أبي رباح أسلم بن صفوان - أبو محمَّد القرشي مولاهم، من كبار التابعين بمكة ومفتيها كان حجة، إماماً، كثير الحديث، سمع العبادلة الأربعة وغيرهم من الصحابة رضي الله عنهم، مات سنة 115 في قول الجمهور، وقيل 114، وقيل 117 هـ. انظر: طبقات الفقهاء للشيرازي ص 57، تهذيب الأسماء واللغات 1/ 333، السير 5/ 78، البداية 9/ 310، التقريب ص 391. (5) انظر: معرفة علوم الحديث ص: 29، 49، ويستثنى من ذلك عند الإمام الشافعي رحمه الله كما ذكره هو في الرسالة، والمؤلف، وغيرهما الاحتجاج بمراسيل كبار التابعين إذا اعتضدت بأحد أربعة أمور وهي: أن يروى الحديث من وجه آخر ولو مرسلاً، وأن يقول به بعض الصحابة رضي الله عنهم، وأن يفتي بمقتضاه أكثر أهل العلم، وأن المرسِل لو سمي لا يسمى إلا ثقة انظر: الرسالة ص 461 - 465، اختصار علوم الحديث ص 58. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 314 ذات عرق، (وقريب منه، وفيه سلامة من التباس وقع في ذات عرق) (1)؛ وذلك أن ذات عرق قرية خربت، وحوِّل بناؤها إلى جهة مكة، فليس لمن أتى من جهة العراق أن يؤخر إحرامه إلى البناء الحادث، فإنّه يكون قد جاوز الميقات غير محرم، بل يلزمه التحري، وتطلب آثار القرية القديمة، ويحرم حين ينتهي إليها، ويحازيها. وذكر (2) الشافعي (3) أن من علاماتها المقابر القديمة، فإذا انتهى إليها أحرم، ويعتضد ذلك بما رواه أبو داود في سننه (4) عن ابن عباس قال: (وقَّت النبي - صلى الله عليه وسلم - لأهل المشرق العقيق) ولكن في إسناده يزيد بن أبي زياد (5)، وهو غير قوي، لكن يصلح الاستشهاد (6) به، والله أعلم.   (1) ما بين القوسين ساقط من (د)، والمثبت من (أ) و (ب). (2) نهاية 2/ 28/ أ. (3) انظر: الأم 2/ 202، والمجموع 7/ 202. (4) 2/ 355 في كتاب المناسك، باب المواقيت. كما رواه الترمذي 3/ 194 في كتاب الحج، باب ما جاء في مواقيت الإحرام لأهل الآفاق، أحمد 1/ 344، والبيهقي في الكبرى 5/ 42، كلهم من طريق يزيد بن أبي زياد عن محمّد بن علي عن ابن عباس به. قال الترمذي: "هذا حديث حسن" وتعقبه النووي في المجموع 3/ 198 فقال: "وليس كما قال؛ فإنّه من رواية يزيد بن أبي زياد وهو ضعيف باتفاق المحدثين"، ويه ضعَّفه ابن القطان كما في نصب الراية 3/ 14، وذكر له علة أخرى وهي أنّه منقطع؛ لأنّ محمَّد بن زياد هذا لم يثبت له سماع من جده محمّد بن علي، ونقل عن مسلم انه قال: لا نعلم له سماع من جده، ولا أنّه لقيه. وبه ضعفه أيضاً ابن حجر في التلخيص 2/ 229، والألباني في الإرواء 4/ 180. (5) هو الهاشمي مولاهم الكوفي، ضعيف، كبر فتغيَّر، وصار يتلقن، وكان شيعيَّاً، من الخامسة، مات سنة 136 على الصحيح. انظر: ميزان الاعتدال 4/ 423 - 425، القريب ص 601. (6) في (أ): (للاستشهاد). الجزء: 3 ¦ الصفحة: 315 قوله: "راكب التعاسيف إذا لم ينته إلى ميقات" (1) لم يردّ براكب التعاسيف الذي ليس له مقصد معلوم كما تقدَّم في باب صلاة المسافرين، وإنّما أراد الذي ليس له طريق معلوم يسلكه، وإن كان هو قاصداً إلى مكة ناوياً نسكاً، فعليه أن يحرم إذا حاذى أول ميقات (2) من المواقيت (3). ثمّ إنّه ذكر صوراً قد صوَّرها الفقهاء على بعد من وقوعها في المواقيت المعلومة، وأنا استأنف ذكرها بلفظ بيَّن بسيط يوضح ما استبهم من لفظ (4) الوجيز فأقول: إذا حاذى ميقاتين أحدهما عن يمينه، والآخر عن يساره، واستويا في القرب من موقفه من مكة أحرم هناك (5). (وقوله) (6): "نسبنا إحرامه إلى أي الميقاتين أردنا" (7). معناه أن محاذاته أيهما كان مقتضية لإحرامه من هناك، فأضف ذلك إلى أيهما أردت كما في الحكم يكون له (8) علتان، لك أن تضيفه إلى أيتهما (9) شئت.   (1) الوسيط 1/ ق 166/ ب، وتمامه " ... أحرم من حيث يوازي أول الميقات فهو ميقاته ... إلخ". (2) في (د) (الميقات) والمثبت من (أ) و (ب). (3) انظر: المهذَّب 1/ 273، نهاية المطلب 2/ ق 221، البسيط 1/ ق 241/ ب، فتح العزيز 7/ 86، المجموع 7/ 203، الروضة 2/ 315. (4) في (أ): (لفظها). (5) انظر: نهاية المطلب 2/ ق 221، البسيط 1/ ق 241/ أ، فتح العزيز 7/ 87، وما بعدها، مغني المحتاج 1/ 473. (6) ما بين القوسين ساقط من (أ). (7) الوسيط 1/ ق 166/ ب. (8) ساقط من (د)، والمثبت من (أ) و (ب). (9) في (د) و (ب): (أيهما)، والمثبت من (أ). الجزء: 3 ¦ الصفحة: 316 وإن كان إحدى الميقاتين الموصوفين أبعد من مكة، نظرت فإن كان هذا الأبعد أقرب من موقفه من الآخر، نسبناه إليه لكونه أقرب من موقفه، والاعتبار بموقفه (1). وإن كان موقفه سواء من الأبعد من مكة والأقرب منها، و (2) يتصور (3) ذلك بأن يكون طريق الأبعد فيه التواء وانحراف، فوجهان (4): أحدهما: ينسب إلى الأبعد من مكة. الثاني: ينسب إلى الأقرب من مكة. وتظهر فائدة هذا (5) الخلاف (6) في النسبة، فيما إذا جاوز موقف المحاذاة المذكورة (غير محرم، مريداً (7)) (8) للنسك، ولزمه العود لإزالة الإساءة، وتعذَّر، وعزَّ (9) عليه (10) الرجوع إلى موقفه ذلك (11)؛ لإضلاله (12) إياه لكونه راكب   (1) انظر: البسيط 1/ ق 241/ أ، فتح العزيز 7/ 86، المجموع 7/ 204، الروضة 2/ 315. (2) ساقط من (د)، والمثبت من (أ) و (ب). (3) في (د) زيادة (من) ولعل الصواب حذفها. (4) انظر: نهاية المطلب 2/ ق 221، المجموع 7/ 204، الروضة 2/ 315، مغني المحتاج 1/ 473. (5) ساقط من (أ). (6) نهاية 2/ ق 28/ ب. (7) في (ب): (مريد). (8) ما بين القوسين مطموس في (د)، والمثبت من (أ) و (ب). (9) ساقط من (أ) و (ب). (10) ساقط من (ب). (11) في (أ) و (ب): (ذاك). (12) في (أ) و (ب): (لإطلاله) بالطاء. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 317 تعاسيف، وقد انتهى إلى مجموع (1) طريقي الميقاتين، فإلى أيهما يعود؟ إن نسبناه إلى البعيد عاد إليه، وإن نسبناه إلى القريب عاد إليه (2)، والله أعلم. ما ذكره فيمن جاوز الميقات غير محرم، ودخل مكة، أو لم يدخلها, ولكن قطع مسافة القصر، ثمّ عاد (3) إلى الميقات وأحرم (4) منه، من أنّه يلزمه الدم قطعاً في صورة دخول مكة، وعلى وجهٍ في الصورة الأخرى (5). إنّما أتبع فيه شيخه الإمام (6)، وهو شذوذ. والجمهور قطعوا بأنّه إذا عاد وأحرم من الميقات فلا دم عليه (7)، ومنهم صاحب "بحر المذهب". (8) قال: "لم يلزمه (9) الدم قولاً واحداً"، ولم يفصلوا بين أن يكون ذلك بعد دخول مكة، أو قبله بعد قطع مسافة القصر، أو قبله، وحاصل ما ذكراه (10) إيجاب الدم (11) على   (1) في (أ) و (ب): (مجمع). (2) انظر: نهاية المطلب 2/ ق 222، البسيط 1/ ق 241/ ب، فتح العزيز 7/ 87، المجموع 7/ 204، الروضة 2/ 315. (3) في (أ) و (ب): (أعاد). (4) في (أ) و (ب): (فأحرم). (5) انظر: الوسيط 1/ ق 166/ أ. (6) انظر: نهاية المطلب 2/ ق 220. (7) هو المذهب. انظر: الأم 2/ 201 - 202، المهذَّب 1/ 273، التنبيه ص: 105، فتح العزيز 7/ 91، المجموع 7/ 213، الروضة 2/ 316. (8) 2/ ق 179/ ب. (9) في (أ): (يلزم). (10) في (أ): (ذكرناه)، وفي (ب): (ذكره). (11) في (د): (دم)، والمثبت من (أ) و (ب). الجزء: 3 ¦ الصفحة: 318 المحرم من الميقات بمجرد كونه قدَّم على إحرامه و (1) دخل (2) مكة غير محرم، أو قطع مسافة القصر وراء الميقات غير محرم ولا أصل لذلك، والله أعلم. إذا أحرم دون الميقات، ثمّ عاد إليه محرماً ففيه وجهان (3): أحدهما: لا دم عليه (4) قال صاحب "البحر" (5): "وهو الصحيح، وظاهر المذهب"، وهذا على طريقة صاحب الكتاب، مخصوص بما إذا عاد قبل دخول مكة، وقبل مسافة القصر، كما فصل فيما سبق. وعند الجمهور قالوا: إذا عاد قبل التلبُّس بِنُسكٍ، وفي نسك هو سنَّة خلاف عندهم (6)، والله أعلم. قوله (7): "لو أحرم قبل الميقات، فهو أفضل قطع به في القديم، وقال في الجديد: يكره، وهو متأول، ومعناه أن يتوقى المخيط والطيب (8) من غير إحرام" (9).   (1) ساقط من (د) و (أ)، والمثبت من (ب). (2) في (د) و (أ): (دخول)، والمثبت من (ب). (3) وقيل: قولان. انظر: حلية العلماء 3/ 271، فتح العزيز 7/ 91، المجموع 7/ 213، الروضة 2/ 317. (4) ساقط من (أ). (5) 2/ ق 179/ ب. (6) انظر: الإبانة 1/ ق 93/ أ، المهذَّب 1/ 273، فتح العزيز 7/ 91، المجموع 7/ 213، كفاية الأخيار ص 306، نهاية المحتاج 3/ 262. (7) بياض في (أ). (8) نهاية 2/ ق 29/ أ. (9) الوسيط 1/ ق 167/ أ. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 319 هذا حاصله يرجع إلى طريقة منقولة لبعض أصحابنا، وهي: أن الأفضل أن يحرم قبل الميقات قولاً واحداً (1)، وهي طريقة ضعيفة (2)، والطريقة الصحيحة المشهورة: أن في ذلك للشافعي قولين منصوصين في الجديد (3): أحدهما: نصَّ عليه في "الإملاء" أن الأفضل أن يحرم من دويرة أهله. والثاني: أن الأفضل أن يحرم من الميقات، نصَّ عليه فيما رواه المزني في "الجامع الكبير" (4)، ورواه البويطي (5). ثمّ إن نقله عن الجديد أنّه يكره الإحرام قبل الميقات، اَتبع فيه الفوراني (6)، ولا يعرف عن غيره (7)، ونسبه صاحب "البحر" (8) إلى بعض أصحابنا بخراسان، وإياه - والله أعلم - أراد، ثمّ قال: "وهذا غلط ظاهر". قلت: الذي وجدته من لفظه في الجديد، كراهة ما ذكره (9) في التأويل من التجرد من المخيط (مصرِّحاً به) (10)، لا كراهة الإحرام قبل الميقات، بل فيه الإنكار على من كره (11) الإحرام قبل الميقات (12)، والله أعلم.   (1) في (د) و (أ): (قول واحد)، وانظر: الإبانة 1/ ق 93/ أ، حلية العلماء 3/ 270، المجموع 7/ 205، الروضة 2/ 318. (2) وضعَّفها أيضاً النووي. انظر: المجموع 7/ 205، الروضة 2/ 318. (3) انظر: المصادر السابقة، والأم 2/ 201، المهذَّب 1/ 273، نهاية المطلب 2/ ق 222، البسيط 1/ ق 242/ أ. (4) انظر: فتح العزيز 7/ 93، المجموع 7/ 405، الروضة 2/ 317. (5) انظر رواية البويطي في فتح العزيز 7/ 93، الروضة 2/ 317. (6) انظر: الإبانة 1/ ق 93/ أ. (7) وكذا قال النووي. انظر: المجموع 7/ 206. (8) 2/ ق 60/ ب. (9) في (د) و (أ): (أذكره)، والمثبت من (ب). (10) ما بين القوسين سقط من (د)، والمثبت من (أ) و (ب). (11) في (أ): (عليه من لزمه). (12) انظر: الأم 2/ 202، المجموع 7/ 202. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 320 ثم إن صاحب "البحر" (1) ذهب إلى أن الأصح أنّه (2) من دويرة أهله (3). و (4) ليس كذلك، بل الأصح أن الأصح أنّه من الميقات أفضل (5)؛ لأنّه - صلى الله عليه وسلم - إنّما أحرم من ذي الحليفة (6)، ولم يحرم من المدينة، ومسجده، وهكذا فعل الصحابة، وجماهير العلماء (7). وأمّا احتجاجهم بحديث أم سلمة أنّها قالت: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: (من أهلَّ بحجة، أو عمرة من المسجد الأقصى إلى المسجد الحرام (8) غفر له ما   (1) 2/ ق 60/ ب. (2) في (أ): (أن). (3) وصححه أيضاً القاضي أبو الطيِّب والغزالي والرافعي. انظر: البسيط 1/ ق 242/ أ، حلية العلماء 3/ 270، فتح العزيز 7/ 95، المجموع 7/ 206، الروضة 2/ 317. (4) ساقط من (أ). (5) وصححه الأكثرون، والمحققون، واختاره النووي، انظر: المصادر السابقة. (6) ومن تأمل الأحاديث الواردة في الصحيحين وغيرهما في حجة الوداع وجدها مصرحة بذلك، وانظر علي سبيل المثال: صحيح البخاري 3/ 468 - مع الفتح - كتاب الحج، باب الإهلال عند مسجد ذي الحليفة، و 4/ 458 كتاب الحج، باب قول النبي - صلى الله عليه وسلم -: (العقيق واد مبارك)، و 7/ 509 كتاب المغازي، باب غزوة الحديبية، ومسلم 8/ 88 - 92 - مع النووي - كتاب الحج، باب التلبية وصفتها ورقتها، وباب أمر أهل المدينة بالإحرام من عند مسجد ذي الحليفة. وأمّا ذو الحُلّيْفَة فهي قرية بينها ويين المدينة ستة أو سبعة أميال، وهي مَهَلُّ أهل المدينة، وهي أبعد المواقيت من مكة، وأمّا تحديدها في الوقت الحاضر فهي تبعد عن المسجد النبوي بما يقارب ثلاثة عشر كم. انظر: معجم البلدان 2/ 339، تحرير ألفاظ التنبيه ص 104، تيسير العلاَّم 2/ 9. (7) انظر: المجموع 7/ 206. (8) ساقط من (أ). الجزء: 3 ¦ الصفحة: 321 تقدَّم من ذنبه، وما تأخر، أو وجبت له الجنة) شك من الراوي أيتهما قال، رواه أبو داود وغيره (1). فأقول: ينبغي أن يسلَّم ذلك في هذا خاصة (2)؛ لاختصاصه بمزايا عديدة. وأمّا احتجاج صاحب الكتاب بأن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: (من تمام الحج (3) والعمرة أن يحرم بها من دويرة أهله) فهذا عن النبي - صلى الله عليه وسلم - مروي بإسناد   (1) أبو داود 2/ 355 - 356 في كتاب المناسك، باب في المواقيت، ابن ماجه 2/ 999 في كتاب المناسك، باب من أهلَّ بعمرة من بيت المقدس، أحمد 6/ 299، ابن حبَّان 9/ 13 - 14، والدارقطني 2/ 283، البيهقي في الكبرى 5/ 45، من طريق حكيمة (أم حكيم بنت أميمة) عن أم سلمة مرفوعاً، وهذا لفظ أبي داود. وقال المنذري في مختصر سنن أبي داود 2/ 285: "واختلف الرواة في متنه وإسناده اختلافاً كثيراً". وقال ابن القيم في تهذيب السنن 5/ 114: "قال غير واحد من الحفاظ إسناده غير قوي"، وقال في زاد المعاد 3/ 301: (هذا حديث لا يثبت، وقد اضطرب فيه إسناداً ومتناً اضطراباً شديداً)، وكذا أعله بالاضطراب الحافظ ابن كثير كما في نيل الأوطار 4/ 298، وضعَّفه النووي في المجموع 7/ 204، وأورده الألباني في الضعيفة 1/ 378 برقم (211) وقال: ضعيف، وعلته عندي حكيمة هذه؛ فإنها ليست بالمشهورة، ولم يوثقها غير ابن حبَّان 4/ 195. (2) هذا على فرض صحة الحديث، أمّا إذا لم يصح كما سبق بيانه فالمسجد الأقصى كغيره في هذا الحكم. وقد كره تقديم الإحرام على الميقات الحسن البصري، وعطاء بن أبي رباح، وإسحاق، والإمام مالك، والإمام أحمد، وروي ذلك عن عمر وعثمان. انظر: السنن الكبرى 5/ 46، السنن 2/ 356، المجموع 7/ 28. (3) نهاية 2/ ق 29/ ب. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 322 ضعيف (1)، وإنّما هو عن عمر وعلي من قولهما، رواه الشافعي وغيره عنهما (2)، والله أعلم. القولان المذكوران (3) فيمن يريد دخول مكة، ممن لا يتكرر دخوله (4)، هل يلزمه الإحرام لدخولها؟. أظهرهما عند صاحب الكتاب: أنّه لا يلزمه (5)، وكذلك هو عند الشيخ أبي محمَّد الجويني (6)، والشيخ أبي حامد الأسفراييني في آخرين (7).   (1) رواه البيهقي في الكبرى 5/ 15 من طريق جابر بن نوح عن محمَّد بن عمرو عن أبي سلمة عن أبي هريرة مرفوعاً بلفظ (من تمام الحج أن تحرم من دويرة أهلك) قال عقيبه: وفيه نظر، وأورده الألباني في الضعيفة 1/ 376 برقم (210) وقال: (منكر وجابر بن نوح متفق على تضعيفه، وأورد له ابن عدي 5/ 2 هذا الحديث، وقال: لا يعرف إلا بهذا الإسناد، ولم أر له أنكر من هذا). (2) أمّا من قول عمر فرواه الشافعي في الأم 7/ 435. وأمّا من قول علي فرواه الحاكم 2/ 303، والبيهقي في الكبرى 5/ 45، والمعرفة 7/ 103 وقال الحاكم: (هذا حديث صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه) ووافقه الذهبي، وقال الحافظ ابن حجر: "إسناده قوي" التلخيص 2/ 288. (3) انظر: الوسيط 1/ ق 167/ أ. (4) في (د) (قوله) بدل (دخوله) وهو تحريف، ومثال من لا يتكرر دخوله، كزيارة، أو تجارة، أو رسالة، أو نحوها. انظر: فتح العزيز 7/ 176، المجموع 7/ 15. (5) ولكن يستحب، وانظر: الأم 2/ 205 - 206، التلخيص لابن القاص ص 251 - 252، الإبانة 1/ ق 104/ أ، المهذَّب 1/ 262، البسيط 1/ ق 242/ أ، فتح العزيز 7/ 276 - 278. (6) انظر: المجموع 7/ 15، الروضة 2/ 356. (7) في (ب): (وآخرين)، انظر المصدرين السابقين، وفتح العزيز 7/ 278. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 323 وعند البغوي، وطائفة الأظهر اللزوم (1)، وهذا أقوى، وراجعت في الجديد، فوجدت فيه، من نقل عدم الوجوب عن ابن عمر (2)، والوجوب عن ابن عباس (3)، ورجَّح قول ابن عباس (4)، وقال: "مما لم يحك لنا عن أحد من النبيين، والأمم الخاليين (5) أنّه جاء إلى البيت قط إلا حراماً، ولم يدخل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مكة إلا حَرَاماً إلا في حديث الفتح". والله أعلم. قوله في المقيم بمكة: "الأفضل (6) أن يحرم من باب داره، أو في المسجد" (7) "أو" ههنا ليست للتخيير، بل للتردد بين القولين، وأظهرهما أن يحرم من باب داره (8)، والله أعلم.   (1) انظر: التلخيص لابن القاص ص 251 - 252، المهذَّب 1/ 262، البسيط 1/ ق 242/ أ، فتح العزيز 7/ 278، المجموع 7/ 15، الروضة 2/ 356. (2) رواه البخاري 4/ 70 - مع الفتح - في كتاب جزاء الصيد، باب دخول الحرم ومكة بغير إحرام، معلِّقاً، ووصله مالك في الموطأ 1/ 337، ومن طريقه البيهقي في الكبرى 5/ 290 عن نافع (أن عبد الله بن عمر أقبل من مكة حتى إذا كان بقُديد جاءه خبر من المدينة، فرجع فدخل مكة بغير إحرام). (3) رواه عنه ابن أبي شيبة في المصنَّف 4/ 1/ 211، والبيهقي في الكبرى 5/ 289 من طرق عن عطاء عن ابن عباس أنّه قال: (لا يدخل مكة أحد من أهلها، ولا من غير أهلها إلا بإحرام)، وقال ابن حجر في التلخيص 2/ 243: "إسناده جيِّد". (4) انظر: الأم 2/ 207. (5) في (أ): (الخالين) بياء واحدة، وفي (ب) (الخالية). (6) ساقط من (د)، والمثبت من (أ) و (ب). (7) الوسيط 1/ ق 167/ أ، وتمامه " ... قريباً من البيت فيه خلاف نصِّ" (8) وبه قطع الفوراني والبغوي وغيرهما، وصححه الرافعي والنووي. انظر: الإبانة 1/ ق 93/ أ، نهاية المطلب 2/ ق 222، البسيط 1/ ق 242/ أ، فتح العزيز 7/ 79، المجموع 7/ 200، كفاية الأخيار ص 305. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 324 وقوله: "فيما إذا أحرم من الحلِّ فهو مسيء، فيلزمه الدم، أو العود إلى مكة" (1) ليس على التخيير، بل "أو" فيه من قبيل "أو" التي هي للتقسيم، والتفصيل، فيلزمه (2) العَوْدَ، فإن لم يعد فعليه الدم (3) على ما يأتي ذكره إن شاء الله تعالى، والله أعلم. ما ذكره من الوجهين في أن ميقاته هو: الحرم، أو خِطَّة (4) مكة (5)، أصحهما أنّه نفس مكة (6)؛ للحديث المتفق على صحته (7)، من رواية ابن عباس عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - (حتى أهل مكة يهلُّون منها)، والله أعلم (8).   (1) الوسيط 1/ ق 167/ أ. (2) في (أ): (ثم يلزمه)، وساقط من (ب). (3) انظر: الإبانة 1/ ق 93/ ب، البسيط 1/ ق 242/ أ، فتح العزيز 7/ 79، المجموع 7/ 200، الروضة 2/ 312، كفاية الأخيار ص: 305. (4) في (د): (خطر)، وهو تحريف، والمثبت من (أ) و (ب). (5) الوسيط 1/ ق 167/ أ. (6) وصححه أيضاً الرافعي والنووي، وغيرهما. انظر: الإبانة 1/ ق 93/ ب، نهاية المطلب 2/ ق 222، فتح العزيز 7/ 78، المجموع 7/ 199، الروضة 2/ 312، مغني المحتاج 1/ 472. (7) البخاري 3/ 450، 453، 454 - مع الفتح - في كتاب الحج، باب مُهِلِّ أهل مكة في الحج والعمرة، وباب مهل أهل الشام، وباب مهل من كان دون المواقيت، وباب مهل أهل اليمن، و4/ 70 في كتاب جزاء الصيد، باب دخول الحرم ومكة بغير إحرام، ومسلم 8/ 81 - 86 - مع النووي - في كتاب الحج، باب مواقيت الحج. (8) نهاية 2/ ق 30/ أ. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 325 (ذكر أن) (1) أفضل مواقيت العمرة الجِعْرَانَة، ثم التنعيم (2) (وقد اعتمرت عائشة - رضي الله عنها - منه) (3) تمامه بأن يقول: بأمر النبي - صلى الله عليه وسلم - بذلك (4). قوله: "وبعده الحديبية" (5) احتجَّ (في "البسيط") (6) بأن النبي - صلى الله عليه وسلم - همَّ بالإحرام منها بالعمرة فصدَّ. وهذا لا يصح؛ لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - وردها بعد أن أحرم (7) بالعمرة من ذي الحليفة روى ذلك البخاري في صحيحه (8).   (1) ما بين القوسين ساقط من (د)، والمثبت من (أ) و (ب). (2) التنعيم بفتح التاء موضع بمكة في الحل على بعد ثلاثة أميال، وقيل أربعة إلى جهة المدينة، وهو أقرب الحل منها، ومنه يحرم أهل مكة بالعمرة. انظر: معجم البلدان 2/ 58، تهذيب الأسماء واللغات 3/ 43، تحرير ألفاظ التنبيه ص 120، المصباح المنير ص 614. (3) الوسيط 1/ ق 167/ ب. (4) يشير إلى الحديث الذي رواه عبد الرحمن بن أبي بكر الصديق رضي الله عنهما أن النبي - صلى الله عليه وسلم - (أمره أن يردف عائشة ويُعمرَها من التنعيم). رواه البخاري 4/ 709 - مع الفتح - في كتاب العمرة، باب عمرة التنعيم، و 6/ 152 في كتاب الجهاد والسير، باب إرداف المرأة خلف أخيها، ومسلم 8/ 158 - مع النووي - في كتاب الحج، باب وجوه الإحرام. (5) الوسيط 1/ ق 167/ ب. (6) ما بين القوسين ساقط من (ب)، وانظر 1/ ق 242/ ب. (7) في (أ): (بعقد وإحرام). (8) 7/ 509، 518 - مع الفتح - في كتاب المغازي، باب غزوة الحديبية من حديث مروان ابن الحكم والمسوِّر بن مخرمة في حديث طويل قالا: (خرج النبي - صلى الله عليه وسلم - عام الحديبية في بضع عشرة مائة من أصحابه، فلما أتى ذا الحليفة قلَّد الهدي وأشعره، وأحرم منها ... الحديث). الجزء: 3 ¦ الصفحة: 326 وإنما دليله أن النبي - صلى الله عليه وسلم - نزل بأصحابه بها، ليدخل إلى مكة بعمرته التي أحرم بها من ذي الحليفة، فتميَّزت بذلك عن البقاع التي لم (1) يوجد فيها مثل ذلك (2). والمذكور في هذا الكتاب من أن أفضلها: الجِعْرانة، ثم التنعيم، هو (3) مذهب الشافعي (4) - رحمه الله -، وأمّا الذي ذكره صاحب "التنبيه" (5) من أن أفضلها التنعيم، فليس بصحيح، لا من حيث المذهب، ولا من حيث الدليل (6)، والله أعلم.   (1) ساقط من (ب). (2) وقال النووي: "وهذا الاستدلال هو الصواب"، انظر: الأم 2/ 192، فتح العزيز 7/ 102، المجموع 7/ 212. (3) ساقط من (أ). (4) ثم الحديبية، هذا هو المنصوص، واتفق عليه الأصحاب في كل الطرق. انظر: الأم 2/ 291 وما بعدها، الإبانة 1/ ق 93/ ب، المهذَّب 1/ 273، البسيط 1/ ق 242/ ب، الوجيز 1/ 114، فتح العزيز 7/ 102، المجموع 7/ 211، الروضة 2/ 319، الاستغناء 2/ 575. (5) ص 120. (6) وكذا قال النووي في المجموع 7/ 211 وأضاف قائلاً: "إلا أن يتأول على أنّه إذا أراد أفضل أدنى الحل التنعيم، فإنّه قال أولاً: خرج إلى أدنى الحل، والأفضل أن يحرم من التنعيم، فالاعتذار عنه بهذا، وما أشبهه أحسن من تخطئته، وليست المسألة خفية، أو غريبة ليعذر في الغلط فيها". قلت: ويشهد لهذا التأويل ما في مهذَّبه 1/ 273 فإن كلامه فيه موافق لكلام الأصحاب حيث قال: "والأفضل أن يحرم من الجِعرانة؛ لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - إعتمر منها، فإن أخطأ فمن التنعيم ... ". الجزء: 3 ¦ الصفحة: 327 والجِعْرَانة (1)، هي بكسر الجيم، وإسكان العين من غير تشديد على الراء (ومن أهل الحديث من نقل بكسر العين، وتشديد الراء (2)) (3)، والأول هو الصحيح، وهو قول الشافعي (4)، وغيره (5) من أهل اللغة. وهكذا الحُدَيْبية (6) هي عندهم بتخفيف الياء الأخيرة، وعند بعض أهل الحديث بتشديدها (7)، والله أعلم. أصح القولين في المعتمر إذا لم يخرج إلى الحل (8)، أنّه تصح عمرته، ويلزمه دم (9)، لما ذكره (10)، والله أعلم.   (1) الجعرانة هي موضع على بعد سبعة أميال من مكة، إلى جهة الطائف. انظر: النهاية في غريب الحديث والأثر 2/ 276، معجم البلدان 2/ 165، تهذيب الأسماء واللغات 3/ 1/ 58. (2) في (ب): ( ... كسر العين، وشدد الراء)، وانظر: المصادر السابقة، والمصباح المنير ص 102. (3) ما بين القوسين ساقط من (د)، والمثبت من (أ). (4) انظر قوله في تهذيب الأسماء واللغات 3/ 1/ 58، المصباح المنير ص 102. (5) كالأصمعي. انظر: المصدرين السابقين. (6) الحديبية: هي قرية بينها وبين مكة نحو مرحلتين (تسعة أميال) إلى جهة جدة، وسمِّيت ببئر هناك عند مسجد الشجرة التي بايع تحتها، وهي أبعد الحل من البيت، وفي الوقت الحاضر تقع من مكة على بعد 22 كم، وقد تغيَّر اسمها إلى الشميسي. انظر: النهاية في غريب الحديث والأثر 1/ 349، معجم البلدان 2/ 265، تهذيب الأسماء واللغات 3/ 81، المصباح المنير ص 123، مرويات غزوة الحديبية ص 18 - 19. (7) وقيل: كل صواب، ومال إليه ابن حجر في الفتح 7/ 504، وانظر المصادر السابقة. (8) انظر: الوسيط 1/ ق 167/ ب. (9) وصححه أيضاً الرافعي والنووي. انظر: الأم 2/ 208، الإبانة 1/ ق 93/ ب، المهذَّب 1/ 274، حلية العلماء 3/ 273، فتح العزيز 7/ 97 وما بعدها، المجموع 7/ 217، الغاية القصوى 1/ 440. (10) حيث قال: "لأنّه إساءة في الميقات فلا يمنع الاعتداد كالحج". الجزء: 3 ¦ الصفحة: 328 ومن الباب الأول: في المقاصد قوله في القارن: "تكون حاله حالة (1) الحاج المفرد" (2)، يعني في صورة الأفعال، لا في الحكم. قوله: "في إدخال العمرة على الحج (3) قولان" (4). إن الأصح منهما - وهو الجديد - أنّه لا يجوز (5)، والله أعلم. وإن جوَّزنا فأصح الوجوه الأربعة (6): الأول: أنّه (7) يجوز (8) ما لم يشتغل بعمل ولو (9) بطواف القدوم (10)، والله أعلم. قوله في المتمتع: "يلزمه دم (11) لأمرين: أحدهما: ربحه أحد الميقاتين، إذا أحرم بالحج من جوف مكة" (12).   (1) في (د) و (ب): (حال)، والمثبت من: (أ). (2) الوسيط 1/ ق 167/ ب. (3) في (ب): (الحاج). (4) الوسيط 1/ ق 168/ أ. (5) وصححه الرافعي والنووي. انظر: الأم 2/ 207، الإبانة 1/ ق 95/ أ، المهذَّب 1/ 270، التنبيه ص 104، البسيط 1/ ق 243، حلية العلماء 3/ 259، فتح العزيز 7/ 125، المجموع 7/ 170، الروضة 2/ 321. (6) انظر: الوسيط 1/ ق 168/ أ. (7) نهاية 2/ ق 30/ ب. (8) في (د): (لا يجوز)، وهو خطأ، والمثبت من (أ) و (ب)، وهو الصواب. (9) في (أ): (وهو). (10) وصححه أيضاً البغوي. انظر: الإبانة 1/ ق 95/ ب، البسيط 1/ ق 243، حلية العلماء 3/ 159 وما بعدها، فتح العزيز 7/ 125، المجموع 7/ 170، الروضة 2/ 321. (11) ساقط من (أ). (12) الوسيط 1/ ق 168/ أ، وقبله "المتمتع: وهو كل آفاقي زاحم إحرام الحج لنفسه بعمرة في أشهر الحج مع نية التمتع من غير عود إلى الميقات، فيلزمه دم ... إلخ". الجزء: 3 ¦ الصفحة: 329 ليس المراد (1) بهذا كونه ترك في إحرامه من مكة الميقات المعيَّن للأفقي (2) (من المواقيت الخمسة، فإن هذا موجود في المفرد؛ فإنّه يحرم بالعمرة من أدنى الحل، ولا يخرج إلى الميقات المعيَّن للآفاقي) (3)، وإنّما المراد بالميقاتين اللذين ربح المتمتع أحدهما: الميقاتان اللذان يحرم المفرد منهما بحجة وعمرة (4). والمفرد هو (5) يحرم بالحج من ميقات الأفقي، وبالعمرة من أدنى الحل، فالمتمتع يربح أحد الميقاتين، في أحد النسكين، لكونه يحرم (6) من جوف مكة (7)، ولا يخرج إلى أدنى الحل، ولا إلى الميقات المعيَّن للآفاقي (8)، والله أعلم. قوله (9): "الأمر الثاني: زحم الحج في أشهره بالعمرة" (10). معناه، وشرحه: أن أشهر الحج في أصل الوضع، لم يكن تشغل (11) إلا بالحج، ولا يزحم الحج (12) في أيامه بالعمرة، فأرخص في التمتع بإيقاع العمرة   (1) في (أ) و (ب): (مراده). (2) في (ب): (للأمة). (3) ما بين القوسين ساقط من (أ)، وفي (ب): (للأفقي). (4) في (أ) و (ب): (بحجه وعمرته). (5) ساقط من (ب). (6) تكرر في (د). (7) ساقط من (أ). (8) في (أ) و (ب): (للأفقي)، وانظر: نهاية المطلب 2/ ق 203، فتح العزيز 7/ 128. (9) في (أ): وقع "قوله" بعد قوله "الأمر الثاني". (10) الوسيط 1/ ق 168/ أ. (11) في (أ): (تشتغل). (12) ساقط من (د)، والمثبت من (أ) و (ب). الجزء: 3 ¦ الصفحة: 330 في أشهر الحج، بسبب أن الغريب الأفقي كان يَرِدُ مكة قبل عرفة بأيام، وكان يعسر عليه مصابرة الإحرام بالحج في تلك المدة، ولا سبيل (1) له إلى أن يجاوز الميقات غير محرم، فيجوز له أن يحرم منه (2) بالعمرة، ويبقى بعد فراغه منها بمكة حلالاً إلى أن يحرم بالحج في (3) جوف مكة (4)، ثم (5) إن هذين الأمرين مجموعهما هو الموجب (6) للدم (7)، والله أعلم. إذا وضح هذا فالذي ينبني (8) على (9) الأمر الثاني من شروط (10) التمتع هو (11): وقوع (12) الإحرام بالعمرة في أشهر الحج، و (13) (وقوع الحج) (14)، والعمرة في سنة واحدةٍ، ووقوع النسكين عن شخصٍ واحدٍ. والذي انبنى (15)   (1) في (أ): (فلا سبيل). (2) في (أ): (فيه). (3) في (أ) و (ب): (من). (4) انظر: فتح العزيز 7/ 128. (5) ساقط من (أ). (6) في (ب): (الواجب). (7) ساقط من (ب)، وفي (أ): (للمدة) وهو تحريف. (8) في (أ) و (ب): (يبنى). (9) في (أ): (عليه). (10) ساقط من (أ). (11) ساقط من (د) و (ب)، والمثبت من: (أ). (12) ساقط من (أ). (13) ساقط من (د)، والمثبت من: (أ) و (ب). (14) ما بين القوسين ساقط من: (ب). (15) في (د): (انتهى)، وهو تحريف، والمثبت من (أ) و (ب). الجزء: 3 ¦ الصفحة: 331 منها على الشرط الأول: أن لا يعود إلى الميقات لإحرام الحج. وأن لا يكون (1) من حاضري المسجد الحرام (2)؛ لأنّه إذا عاد، أو كان من حاضريه (3)، فلم يترك الميقات، وهذا ظاهر فيمن كان من أهل مكة، فإن المتمتع المكي لا يخالف المفرد المكي في الميقات، بل كل واحد منهما يحرم بالعمرة من أدنى الحل، ويحرم بالحج من جوف مكة (4). وأمّا من كان موطنه من مكة على مسافة لا تقصر فيها الصلاة (5)، فإنّه ليس كذلك، بل إذا كان مفرداً فعليه أن يحرم بالحج من موطنه، ولو تجاوزه غير محرم فعليه دم الإساءة (6)، ثم إذا اعتمر من مكة فعليه الخروج إلى أدنى الحلِّ، وإذا كان متمتعاً فإنّه يحرم بالعمرة من موطنه، ويحرم بالحج من جوف مكة (7)، فإن كان رابحاً ميقاتاً فهو كالأفقي.   (1) نهاية 2/ ق 31/ أ. (2) انظر تفصيل القول على شروط المتمتع في: اللباب ص 197، الإبانة 1/ ق 97، المهذَّب 1/ 270 - 271، نهاية المطلب 2/ ق 203 - 207، البسيط 1/ ق 243 - 245، حلية العلماء 3/ 260 - 262، فتح العزيز 7/ 139 - 161، المجموع 7/ 172 - 178، الروضة 2/ 278. (3) وهم أهل الحرم، ومن مسكنه دون مسافة القصر من الحرم، وبه قطع الجمهور وصححه النووي، وقيل: هم من بينه وبين نفس مكة دون مسافة القصر، حكاه المتولي والبغوي. انظر: اللباب ص 197، المهذَّب 1/ 270، التنبيه ص 104، فتح العزيز 7/ 128، المجموع 7/ 172، الروضة 2/ 322، كفاية المحتاج ص 106. (4) انظر: نهاية المطلب 2/ ق 205، البسيط 1/ ق 244/ ب. (5) مسافة القصر عند الشافعية هي: ستة عشر فرسخاً، وهي ثمانية وأربعون ميلاً بالهاشمي، وهي مسيرة يومين معتدلين. انظر: كفاية الأخيار ص 204، فتح الجواد 1/ 191. (6) انظر: نهاية المطلب 2/ ق 205، البسيط 1/ ق 244/ ب. (7) قوله "وأما من كان موطنه ... بالحج من جوف الكعبة" تكرر في (أ)، وانظر المصدرين السابقين. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 332 فهذا إذاً مشكل جداً، وقد فَزَعَ إمام الحرمين (1) في ذلك إلى الإحالة على التعبد (2)، وما ادَّعاه يستدعي ورود نصٍّ يثبت به قول الشافعي أن من كان (3) مسكنه من مكة على ما دون مسافة القصر، فهو من حاضري المسجد الحرام، ومن لنا بذلك (4). ولعل السبب في ذلك، أن من كان على ما دون مسافة القصر من مكة، فهو في حكم أهل مكة في أشياء كثيرة، فلم تكن إساءته بترك الإحرام من ميقات خارجٍ من الحرم (5)، مثل إساءة البعيد الأفقي، فلم يلتحق به في إيجاب الدم الذي هو على خلاف الأصل، والله أعلم. أمّا الشرط السادس: وهو نيَّة التمتع (6)، فلا يختص بواحد من الأمرين، وفي كلامه إشارة إلى ذلك، والله أعلم. قطع أن (7) المسافر الأفقي إذا جاوز الميقات غير مريدٍ للنسك، فلما دخل مكة عنَّ له أن يعتمر، ثم يحج، ففعل ذلك، لم يلزمه الدم (8)،   (1) انظر: نهاية المطلب 2/ ق 205. (2) في (د): (البعيد)، والمثبت من (أ) و (ب). (3) في (أ): (أن كان من). (4) قال الشافعي - رحمه الله - في "أحكام القرآن" 1/ 115: "فحاضروه من قرُب منه وهو كل من كان أهله دون أقرب المواقيت دون ليلتين"، وعبارته في المختصر شبيهة بها فتأملها. انظر: مختصر المزني ص: 73. (5) (من الحرم) تكرر في (ب). (6) وفي اعتباره خلاف يأتي بعد قليل. (7) في (أ) و (ب): (بأن). (8) انظر: الوسيط 1/ ق 168/ أ. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 333 ذهاباً منه إلى أنّه صار من الحاضرين، وأنّه لا يشترط في ذلك (1) الإقامة (2). وهذا شذوذ لا يعرف، وكأنه من تصرفه، فإنّه ليس (3) في "البسيط" (4)، و"النهاية" (5)، وغيرهما (6)، وكلام الشافعي (7)، وكلام أصحابه فيما علمنا (8)، مشتمل على اعتبار الإقامة في الحاضر المذكور، وذلك الذي لا ينبغي غيره، فإن لفظ "الحاضر" يقتضيه، وقد ذكر عقيبه (9) "فيما إذا عنَّ له ذلك على أقل من مسافة القصر من مكة، فأحرم بالعمرة، ثم حج وجهين" (10)، في أنّه هل (11) يلزمه الدم (12). ولا فرق بين الصورتين، بل ينبغي أن يجريا فيهما جميعاً، فإنّه لا يتقرر ما صار إليه من الفرق بينهما.   (1) في (أ): (تلك). (2) هذا ما رجَّحه كثير من المتأخرين. انظر: كفاية المحتاج ص 108 - 109، حاشية الإيضاح ص 161، أسنى المطالب 1/ 463. (3) نهاية 2/ ق 31/ ب. (4) 1/ ق 243/ ب. (5) 2/ ق 205. (6) كالمهذَّب 1/ 270، فتح العزيز 7/ 132. (7) في القديم والإملاء انظر: فتح العزيز 7/ 132، المجموع 7/ 173، الروضة 2/ 323. (8) في (د): (علقناه)، والمثبت من (أ) و (ب). (9) في (أ) و (ب): (عقيب ذلك). (10) انظر: الوسيط 1/ ق 168/ أ - ب. (11) ساقط من (د)، والمثبت من (أ)، و (ب). (12) ساقط من (ب). الجزء: 3 ¦ الصفحة: 334 والأصح منهما عند إمام الحرمين (1) إيجاب الدم (2)، فإنّه يسمَّى متمتعاً، ولا يسمَّى من حاضري المسجد الحرام، والله أعلم. الوجهان المذكوران (3) فيما إذا اعتمر قبل أشهر الحج، ثم حجَّ من جوف مكة، هل عليه دم الإساءة؟ أصحهما: أنّه لا يلزمه (4)، والله أعلم. إذا أحرم بالعمرة في غير أشهر الحج، وأتى بأفعالها في أشهر الحج، قال: "ففي كونه متمتعاً وجهان" (5)، وهكذا قال شيخه (6)، وإنّما هو قولان معروفان (7): فإن (8) أحدهما: قاله في القديم، و"الإملاء" أنّه متمتع (9).   (1) انظر: نهاية المطلب 2/ ق 205. (2) وصححه أيضاً الغزالي في البسيط، والرافعي، والنووي، وغيرهم. انظر: البسيط 1/ ق 244، فتح العزيز 7/ 132 ما بعدها، المجموع 7/ 173، الروضة 2/ 323، الاستغناء 2/ 603 - 604. (3) انظر: الوسيط 1/ ق 168/ ب. (4) لأن المسيء من ينتهي إلى الميقات على قصد النسك، ويجاوزه غير محرم، وهذا جاوز محرماً. وصححه أيضاً الرافعي والنووي. انظر: نهاية المطلب 2/ ق 204، فتح العزيز 7/ 142 وما بعدها، المجموع 7/ 174، الروضة 2/ 325. (5) الوسيط 1/ ق 168/ ب. (6) انظر: نهاية المطلب 2/ ق 203. (7) انظر: الإبانة 1/ ق 97/ أ، المهذَّب 1/ 270، حلية العلماء 3/ 260 وما بعدها، فتح العزيز 7/ 138 وما بعدها، المجموع 7/ 174. (8) ساقط من (أ) و (ب). (9) انظر: المصادر السابقة قبل هامش، الروضة 2/ 324، الغاية القصوى 1/ 435، الاستغناء 2/ 602. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 335 والثاني: قاله في "الأم" (1) - وهو أصحهما - أنّه غير متمتع (2)، والله أعلم. قوله: "ولو عاد إلى ميقاتٍ أقرب من الميقات الأول، ففي سقوط الدم عنه تردد" (3) يعني وجهين، وتسمية ذلك تردداً مع أن كل واحد من الوجهين، قد جزم به قائله ولم يتردد، وجهه ما سبق منا ذكره، وهو أنهما إنما خرَّجا ذلك على أصل المذهب (4)، فيقع في أصل المذهب تردد في أنّه على وفق أيهما هو، ولا ينبغي عند هذا أن يقول: هذا الأمر لم يتبين (5) عنده الصحيح من الوجهين. ثم (6) إن عند القفال وآخرين: الصحيح سقوط الدم (7)؛ لأنّه قد أحرم بالنسكين (8) من ميقاتين خارجين عن الحرم، فلا يبقى في معنى المتمتع، والأصل عدم وجوب الدم، والله أعلم.   (1) لم أقف عليه في مظانه من كتاب الأم، وقد نسب إليه أيضاً الرافعي والنووي. انظر: فتح العزيز 7/ 138، المجموع 7/ 174، الروضة 2/ 324. (2) وصححه أيضاً الرافعي والنووي. انظر: المصادر السابقة، والغاية القصوى 1/ 435، الاستغناء 2/ 602. (3) الوسيط 1/ ق 168/ ب. (4) ساقط من (أ). (5) في (ب): (هذا إلا من يتبين) كذا. (6) نهاية 2/ ق 32/ أ. (7) وصححه أيضاً الرافعي والنووي. انظر: نهاية المطلب 2/ ق 206، البسيط 1/ ق 245، الوجيز 1/ 115، فتح العزيز 7/ 149، المجموع 7/ 175، الروضة 2/ 325، مغني المحتاج 1/ 516. (8) في (أ): (بنسكين). الجزء: 3 ¦ الصفحة: 336 (1) الصحيح، وما عليه الأكثر: أنّه لا يشترط في التمتع (2) وقوع النسكين عن شخص واحد (3)، والله أعلم. قوله: "ودم الإساءة يخالف دم التمتع، في صفة البدل، وفي (4) أنّه يعصي ملتزمه (5)، ويجب عليه تداركه عند الإمكان" (6). أمّا صفة البدل: فبدل دم التمتع: صيام الثلاثة والسبعة (7)، وبدل دم الإساءة بترك الميقات ونحوه (8): الإطعام، ثم الصيام بالتعديل (9)   (1) في (د): زيادة (وأنه)، لعل الصواب حذفها. (2) قال في الوسيط 1/ ق 169/ أ: "الشرط الخامس: وقوع النسكين عن شخص واحد، فالأجير إذا اعتمر من الميقات لنفسه، وحجَّ من جوف مكة لمستأجره، فليس بمتمتع؛ لأنه يزحم حجّاً واجباً بالشرع، بل بالإجارة". (3) هذا هو المذهب وبه قطع الجمهور. انظر: الإبانة 1/ ق 97، نهاية المطلب 2/ ق 206 - 207، البسيط 1/ ق 245، فتح العزيز 7/ 152، الروضة 2/ 325، كفاية المحتاج ص 113. (4) ساقط من (أ) و (ب). (5) في (د): (بعض مكرمة)، وهو تحريف، والمثبت من (أ) و (ب). (6) الوسيط 1/ ق 169/ أ. (7) أي عشرة أيام: ثلاثة في الحج، وسبعة إذا رجع إلى أهله لقوله تعالى: {فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ فِي الْحَجِّ وَسَبْعَةٍ إِذَا رَجَعْتُمْ تِلْكَ عَشَرَةٌ كَامِلَةٌ} سورة البقرة الآية 196. انظر: المهذَّب 1/ 271، حلية العلماء 3/ 263، فتح العزيز 7/ 171، المجموع 7/ 186، كفاية المحتاج ص 172، مغني المحتاج 1/ 516. (8) كترك المبيت بمزدلفة، وبمنى ليالي التشريق، وترك الرمي، وطواف الوداع، ونحوها. انظر: الوجيز 1/ 131، فتح العزيز 7/ 72 - 74، المجموع 7/ 485 - 486، الروضة 2/ 454 - 455, كفاية الأخيار ص 319، كفاية المحتاج ص 172، 189، 199، 218، 249. (9) معنى التعديل: أنّه أمر فيه بالتقويم، والعدول إلى غيره بحسب القيمة. انظر: فتح العزيز 7/ 66، المجموع 7/ 485، كفاية الأخيار ص 319. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 337 المعروف (1). وأمّا العصيان: فتارك الميقات يأثم لتركه واجباً، والمتمتع لا يأثم. وأمّا وجوب تداركه عند الإمكان فمعناه: أنّه يلزمه العود إلى الميقات، ليحرم منه، بخلاف المتمتع فإنّه لا يلزمه ذلك (2)، فإن الصادر منه لا يخرج عن كونه جائزاً أو مستحباً، والله أعلم. (ويضاف إلى هذه الفروق) (3): الأصح أنّه لا يشترط نيَّة التمتع (4)؛ لأن الأمرين اللذين هما مناط التمتع (5)، يوجدان بدون النيَّة، وأشهر الحج وقت قابل   (1) هذا هو أحد الوجوه الأربعة في المسألة، أنّه دم ترتيب وتعديل، فإن عجز عن الدم اشترى بقيمته طعاماً وتصدق به، فإن عجز صام عن كل مدٍّ يوماً. وبه قطع البغوي، وصححه الغزالي، والرافعي في المحرر، والنووي في المنهاج، وغيرهم. وفي وجه ثانٍ: أنّه دم ترتيب وتقدير كدم التمتع، وهو أظهرها في المذهب، وقطع به أكثر الأصحاب، وصححه الرافعي في فتح العزيز، والنووي في المجموع والروضة. وفي وجه ثالث: أنّه دم ترتيب وتخيير كالحلق. وفي وجه رابع: أنّه دم تخيير وتعديل كجزاء الصيد، وهذان الوجهان شاذان ضعيفان عند شيخي المذهب الرافعي والنووي. انظر: الوجيز 1/ 131، فتح العزيز 7/ 72 - 74، المجموع 7/ 485 - 486، الروضة 2/ 454 - 455، المنهاج - مع مغني المحتاج - 1/ 530، كفاية الأخيار ص 319، كفاية المحتاج ص 172، مغني المحتاج 1/ 531، الاستغناء 2/ 649 - 650. (2) انظر: فتح العزيز 7/ 160، المجموع 7/ 177، الروضة 2/ 327. (3) ما بين القوسين ساقط من (د) و (ب)، والمثبت من (أ). (4) كنيَّة القرآن، وصححه أيضاً الرافعي، والنووي، وغيرهما. انظر: المهذَّب 1/ 271، نهاية المطلب 2/ ق 207، فتح العزيز 7/ 161، المجموع 7/ 177، الروضة 2/ 327، كفاية المحتاج ص 114، الاستغناء 2/ 601. (5) في (د): (المتمتع)، والمثبت من (أ) و (ب). الجزء: 3 ¦ الصفحة: 338 للنسكين، ولا كذلك في (1) الجمع بين الصلاتين، فإن الوقت مخصوص بأحدهما، لا يجوز فيه الأخرى إلا على جهة الجمع، وقد يفعل فيه لا على وجه الجمع، الذي (2) ينبني عليها جواز الفعل، فافتقر إلى النيَّة تحقيقاً للجهة (3)، والله أعلم. قوله: "والثاني: يتمادى إلى آخر إحرام العمرة" (4). كان ينبغي أن يقول: إلى آخر أعمال العمرة؛ لأن ما بعد أولها لا يسمَّى إحراماً، والله أعلم. ذكر أن المتمتع إذا أحرم (5) بالحج خارجاً من (6) مكة، يلزمه دم الإساءة مع دم التمتع، ولا يكفيه دم التمتع؛ لتعدد السبب، من حيث إن دم التمتع "لزحمة إحرام (7) الحج عن الميقات، (ودم الإساءة لمفارقته مكة، وهي ميقاته" (8). فقوله "لزحمه إحرام الحج عن (9) الميقات) (10) ". كلام مشكل غير مذكور في "البسيط" (11) و"النهاية" (12)، وشرحه: أن قوله "عن الميقات" معناه: من   (1) ساقط من (أ) و (ب). (2) في (د): (التي)، وفي (أ): (أي)، والمثبت من (ب). (3) ساقط من (ب). وهذا جواب من المصنِّف عن الاستدلال للوجه الثاني: أنها شرط. (4) الوسيط 1/ ق 169/ أ، وقبله "فإن اعتبرنا النية ففي وقتها وجهان: أحدهما: في أول الإحرام بالعمرة. والثاني: يتمادى إلى ... إلخ". (5) نهاية 2/ ق 32/ ب. (6) في (د) و (ب): (عن)، والمثبت من: (أ). (7) ساقط من (أ). (8) الوسيط 1/ ق 169/ أ. (9) في (أ): (من). (10) ما بين القوسين ساقط من (ب). (11) 1/ ق 245/ ب. (12) 2/ ق 208. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 339 الميقات، واستعارة "عن" بمعنى "من" جائز لغةً (1)، ويكثر استعمال العجم له، فالمراد إذاً: أن دم التمتع واجب بسبب مزاحمة الحج الذي يحرم به من ميقاته الذي هو نفس مكة في أشهره (2) بالعمرة، فهذا مستقل بإيجابه، فإذا أضاف إليه ترك الإحرام بالحج من ميقاته مكة، فهذا سبب لوجوب الدم، زائدٌ على سبب الدم الأول، فوجب أن يجب به دم آخر، فكأن في قوله "من ميقاته" زيادة إشعار بتغاير السبب وتعدده، والله أعلم. الأصح عندهم أن الإفراد أفضل الوجوه (3)، وعليه نصَّ في عامَّة (4) كتبه (5). وقال: "وفيه قول إن المتمتع (6) أفضل من الإفراد؛ لاشتماله على الدم" (7)، إنما مستند هذا القول: الحديث (8).   (1) انظر: مغني اللبيب 1/ 148، القاموس ص 1571. (2) في (ب): (أشهر الحج). (3) انظر: فتح العزيز 7/ 107، المجموع 7/ 142، رحمة الأمة ص 131، مغني المحتاج 1/ 514. (4) في (أ): (غاية). (5) هذا هو المشهور من مذهبه. انظر: الأم 2/ 312، مختصر المزني ص 72، والمصادر السابقة قبل الهامش. (6) في (أ): (التمتع). (7) الوسيط 1/ ق 169/ ب. (8) يشير إلى ما رواه جابر بن عبد الله - رضي الله عنهما - في حديث طويل، وفيه (فقال: قد علمتم أني أتقاكم لله، وأصدقكم، وأبرَّكم، ولولا هدي لحللت كما تحلُّون، ولو استقبلت من أمري ما استدبرت لم أسق الهدي فحلُّوا، فحللنا، وسمعنا، وأطعنا ... الحديث)، وفي رواية قال: (أيها الناس من لم يكن معه هدي فليحلل، وليجعلها عمرة، ولو استقبلت من أمري ما استدبرت ما أهديت، فحلَّ من لم يكن معه هدي) رواه البخاري 3/ 79 - مع الفتح - في كتاب العمرة، باب عمرة التنعيم، و 13/ 348 في كتاب الاعتصام، باب نهي النبي - صلى الله عليه وسلم - على التحريم إلا ما تعرف إباحته، ومسلم 8/ 163 - 168 - مع النووي -، باب وجوه الإحرام. والاستدلال: أنّه - صلى الله عليه وسلم - تمنى تقديم العمرة على الحج، ولولا أنّه أفضل لما تمناه. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 340 وأمّا ما ذكره، فهو مستمد من مذهب أبي حنيفة: أن دم التمتع، والقران نسك (1)، وعندنا هو جبران (2)، (ولا يعترض عليه؛ فإنّه) (3) - يلزم أن يكون القران أفضل من الإفراد (4)، وليس ذلك قولاً للشافعي؛ لأنّه (5) إنما تمسك باشتمال المتمتع على الدم، والتمتع فيه تعدد العمل، وهذا المجموع لا وجود له في القران، والله أعلم. (ولا يعترض (6) عليه فإنّه) (7) - قال: "وحكي قول آخر، أن القران أفضل من (8) التمتع" (9) هذا الإيراد صورته يقتضي إثبات طريقة في المسألة: أنها على الأقوال الثلاثة المذكورة، ولا صائر إلى ذلك. وإنما فيها طريقان: أحدهما: أن القران مؤخر عن الإفراد والتمتع قولاً واحداً (10)، وفي الإفراد   (1) انظر: المبسوط 4/ 26، فتح القدير 3/ 191. (2) انظر: البسيط 1/ ق 246، حلية العلماء 3/ 365، الغاية القصوى 1/ 436، المجموع 7/ 185. (3) ما بين القوسين ساقط من (أ). (4) كما هو مذهب الإمام أبي حنيفة. انظر: المبسوط 4/ 25، فتح القدير 2/ 519. (5) ساقط من (د)، والمثبت من (أ) و (ب). (6) في (د): (ولا تعرض)، والمثبت من (أ). (7) ما بين القوسين ساقط من (ب). (8) نهاية 2/ ق 33/ أ. (9) الوسيط 1/ ق 169/ ب. (10) انظر: المهذَّب 1/ 169، البسيط 1/ ق 246، فتح العزيز 7/ 105، المجموع 7/ 142، رحمة الأمة ص 131. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 341 والتمتع قولان أيهما أفضل (1)؟ وهذه الطريقة هي المشهورة. والثانية: طريقة الفوراني (2)، أن الإفراد مقدم (3) على التمتع والقران قولاً واحداً (4). وإنما اختلف القول في أن التمتع أفضل من القران، أو القران أفضل من التمتع فعلى قولين، واستبعد إمام الحرمين (5) هذه الطريقة، والله أعلم.   (1) أحدهما: أن التمتع أفضل من الإفراد، وعليه نصَّ الشافعي في الأم، باب مختصر الحج الصغير، وكتاب اختلاف الحديث. والثاني: أن الإفراد أفضل، وهذا هو المشهور من المذهب، وهو المنصوص في عامَّة كتبه كما سبق، واختاره المزني، وابن المنذر، وأبو إسحاق المروزي، والقاضي حسين، وصححه الرافعي، والنووي. انظر: الأم 2/ 312، 343، مختصر المزني ص 72، الإبانة 1/ ق 94/ ب - 95/ أ، نهاية المطلب 2/ ق 212، شرح السنة 4/ 44، الروضة 2/ 320، والمصادر السابقة. (2) انظر: الإبانة 1/ ق 94، فتح العزيز 7/ 113. (3) في (أ): (يقدم). (4) قال النووي: "قال أصحابنا: وشرط تقديمه على التمتع والقران أن يحج ثم يعتمر في تلك السنة، فإن أخر العمرة عن تلك السنة فكل واحد من التمتع والقران أفضل منه؛ لأن تأخير العمرة عن سنة الحج مكروه" والله أعلم. انظر: فتح العزيز 7/ 113 - 114، المجموع 7/ 142 - 143. (5) انظر: نهاية المطلب 2/ ق 113. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 342 باب ما على المتمتع أصح القولين (1): جواز إراقة دم التمتع قبل الإحرام بالحج (2)، وبعد فراغه من العمرة (3)، لما ذكره (4)، والله أعلم. وأصح الوجهين على هذا: أنّه لا يجوز قبل التحلل من العمرة (5)؛ إذ لا بدَّ من تمام أحد السببين كتمام النصاب في تعجيل الزكاة. قوله: "فيما إذا أخَّر صيام الثلاثة عن أيام (6) التشريق، يلزمه القضاء، خلافاً لأبي حنيفة، وخرَّج ابن سريج قولاً يوافق مذهب أبي حنيفة" (7). وجهه على بعده (8): بأنّه في حكم رخصة علَّقت بالسفر، وحقه أن يكون في السفر، فإذا فات لم يقض (9)، وذكر صاحب "البحر" (10) أنّه يسقط على هذا إلى   (1) انظر: الوسيط 1/ ق 169/ ب. (2) في (أ): (إحرام الحج). (3) وصححه أيضاً الرافعي، والنووي. انظر: الإبانة 1/ ق 95/ ب، البسيط 1/ ق 246/ ب، حلية العلماء 3/ 262، فتح العزيز 7/ 168، المجموع 7/ 184، الروضة 2/ 328. (4) حيث قال: "لأنه دم جبران". (5) انظر: المصادر السابقة قبل هامش. (6) ساقط من (د)، والمثبت من (أ) و (ب). (7) الوسيط 1/ ق 169/ ب. (8) في (د): (بعد) بإسقاط الضمير، والمثبت من (أ) و (ب). (9) انظر: نهاية المطلب 2/ ق 216. (10) 2/ ق 50/ أ. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 343 الهدي، ويستقر الهدي في ذمته (1)، وبه قال أبو حنيفة (2)، إلا أنّه يقول: يلزمه دم آخر للتأخير، ولا يلزمه ذلك على تخريج ابن سريج، وذكر أنّه خرجه مما قال الشافعي (3): إذا مات عقيب الإحرام بالحج بعد وجوب الصوم عليه، ففيه قولان: أحدهما: لا يلزمه شيء. والثاني: يلزمه الهدي، والله أعلم. قوله في صوم الأيام السبعة: "أول وقتها الرجوع (4) إلى الوطن" (5)، وهو رواية المزني (6)، وحرملة (7). وقوله في التفريع (8) عليه: "هل يجوز في الطريق بعد التوجه إلى الوطن؟ فيه وجهان" (9)، قد صرَّح صاحب "البحر" (10) في نقله هذا القول بأنّه يصومها إذا رجع إلى أهله واستقرَّ، وهذا القول هو الصحيح (11). وفي (12) حديث ابن عمر -   (1) والمذهب الأول. انظر: الإبانة 1/ ق 96/ أ، نهاية المطلب 2/ ق 216، حلية العلماء 3/ 264، فتح العزيز 7/ 174، المجموع 7/ 187، الروضة 2/ 329. (2) انظر: الهداية 1/ 155، فتح القدير 3/ 532، العناية 3/ 531 وما بعدها. (3) انظر: الأم 2/ 291. (4) نهاية 2/ ق 33/ ب. (5) الوسيط 1/ ق 169/ ب. (6) انظر: مختصر المزني ص: 73. (7) انظر: رواية حرملة في فتح العزيز 7/ 174 - 175، المجموع 7/ 187، الروضة 2/ 329. (8) (في التفريع) تكرر في (ب). (9) الوسيط 1/ ق 169/ ب. (10) 2/ ق 51/ أ - ب. (11) وبه قطع العراقيون، وهو المذهب، وصححه الرافعي، والنووي. انظر: البسيط 1/ ق 247/ أ، فتح العزيز 7/ 177، الروضة 2/ 330، كفاية الأخيار ص 319، مغني المحتاج 1/ 517. (12) في (أ) و (ب): (ففي). الجزء: 3 ¦ الصفحة: 344 رضي الله عنهما - عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: (فمن لم يجد هدياً، فليصم ثلاثة أيام في الحج، وسبعةً إذا رجع إلى أهله) رواه البخاري ومسلم في صحيحهما (1). وفي حديث ابن عباس رضي الله عنهما ( ... {وَسَبْعَةٍ إِذَا رَجَعْتُمْ} (2) إلى الأمصار) رواه البخاري في صحيحه (3)، والله أعلم. وقول المصنِّف: "وللشافعي قول: أن المراد بالرجوع هو الرجوع إلى مكة، وقول آخر: أن المراد به الفراغ من الحج" (4). هذا يتضمن أنّه على قول الرجوع إلى مكة، يصومها قبل طواف الوداع، (وعلى القول الثالث: لا يصومها إلا بعد طواف الوداع) (5). وقد قال بعضهم: قول الرجوع إلى مكة، هو قول الفراغ من الحج؛ وذلك (6) أنّه نصَّ (7) في "الإملاء" على أنّه يصوم السبعة إذا رجع من حجه بعد كمال مناسكه (8).   (1) البخاري 3/ 630 - مع الفتح - كتاب الحج، باب من ساق البُدَن معه، ومسلم 8/ 208 - مع النووي - في كتاب الحج، باب وجوب الحج على المتمتع، في حديث طويل. (2) سورة البقرة الآية 196. (3) 3/ 506 - 507 - مع الفتح - في كتاب الحج، باب قوله الله تعالى {ذَلِكَ لِمَنْ لَمْ يَكُنْ أَهْلُهُ حَاضِرِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ} في حديث طويل. (4) الوسيط 1/ ق 169/ ب وما بعدها. (5) ما بين القوسين ساقط من (ب). (6) في (أ): (ذاك). (7) في (د) و (ب): (نصه)، والمثبت من (أ). (8) قال الرافعي - رحمه الله -: "وهو مقتضى كلام كثير من الأصحاب وهو الأشبه". انظر: الإبانة 1/ ق 96، المهذَّب 1/ 271، البسيط 1/ ق 247/ أ، حلية العلماء 3/ 265، فتح العزيز 7/ 176 - 180، المجموع 7/ 188، الروضة 2/ 329، كفاية المحتاج ص 147، مغني المحتاج 1/ 517. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 345 فقال البغداديون من أصحابنا العراقيين: مذهبه في "الإملاء" أنّه يصومها إذا رجع إلى مكة بعد فراغه من مناسكه، ورميه، سواء أقام بمكة، أو خرج منها (1)، وهذا مروي (2) عن مالك (3)، وأبي حنيفة (4)، وأحمد (5)، والله أعلم. القديم: أنّه يجوز صيام الثلاثة، في أيام التشريق (6)، وهو مذهب مالك (7)، وإليه ميل الشيخ أبي محمَّد الجويني (8)، وأبي بكر البيهقي (9). والجديد: أنّه لا يجوز، والمعروف أنّه الصحيح (10).   (1) قال النووي - بعد أن ذكر اختلاف الأصحاب في معنى نصِّ الشافعي في "الإملاء": "إن جملة ما حصل في المراد بالرجوع أربعة أقوال: أصحها: إذا رجع إلى أهله. والثاني: إذا توجَّه من مكة راجعاً إلى أهله. والثالث: إذا رجع من منى إلى مكة. والرابع: إذا فرغ من أفعال الحج، وإن لم يرجع إلى مكة" والله أعلم. انظر: المصادر السابقة. (2) في (أ) و (ب): (يروى). (3) انظر: الإشراف 1/ 221، الشرح الصغير 1/ 302، القوانين الفقهيَّة ص 94. (4) انظر: المبسوط 4/ 181، فتح القدير 2/ 530، العناية 2/ 530. (5) انظر: المغني 5/ 362، المحرر 1/ 235، شرح الزركشي 3/ 307، المبدع 3/ 176، الإنصاف 3/ 514. (6) انظر: الإبانة 1/ ق 96، المهذَّب 1/ 254، نهاية المطلب 2/ ق 214، البسيط 1/ ق 247، حلية العلماء 3/ 214، شرح السنة 3/ 525، المجموع 6/ 336، 7/ 186، الروضة 232، كفاية المحتاج ص 261، الاستغناء 2/ 536. (7) انظر: الكافي 1/ 383، بداية المجتهد 1/ 428، القوانين الفقهيَّة ص 94. (8) انظر: السلسلة ق 47 وما بعدها. (9) انظر: السنن الصغير 1/ 442. (10) هذا هو المذهب وصححه الجمهور. انظر: المهذَّب 1/ 254، نهاية المطلب 2/ ق 214، حلية العلماء 3/ 214، المجموع 6/ 336، 7/ 186، الروضة 2/ 232. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 346 وينبغي أن يكون الصحيح هو القديم؛ إذ صحَّ عن عائشة، وابن عمر رضي الله عنهما أنهما قالا: "لم يرخَّص في (1) أيام التشريق أن تصام، إلا من لم يجد الهدي" أخرجه البخاري في صحيحه (2). وقد تقرر: أن الصحابي إذا قال: "رخِّص في كذا وكذا" فحكمه حكم المرفوع إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، كما في قوله "أمر بكذا" و"نهي عن كذا" (3). وقد روي ذلك مصرَّحاً به خارج الصحيح عن ابن عمر أنّه قال فيه: "رخَّص (رسول الله - صلى الله عليه وسلم -" (4)، وما ورد في النهي عن صوم أيام   (1) نهاية 2/ ق 34/ أ. (2) في (أ) (الصحيح)، وانظر: 4/ 284 - مع الفتح - في كتاب الصوم، باب صيام أيام التشريق. (3) وهو قول أكثر أهل العلم، وقيل: إنّه من قبيل الموقوف. انظر: علوم الحديث للمؤلف ص 69، نهاية السول 3/ 187، اختصار علوم الحديث ص 56، والنكت لابن حجر 2/ 520 - 522، فتح الباري 4/ 286. (4) رواه ابن جرير في تفسيره 4/ 100، الطحاوي 2/ 243، الدارقطني 2/ 186، من طريق يحيى بن سلام ثنا شعبة عن عبد الله بن عيسى بن عبد الرحمن بن أبي ليلى عن الزهري عن سالم عن ابن عمر قال: "رخَّص رسول الله - صلى الله عليه وسلم - للمتمتع إذا لم يجد الهدي أن يصوم أيام التشريق"، قال الطحاوي 2/ 246: "هذا حديث منكر، لا يثبته أهل العلم بالرواية؛ لضعف يحيى بن سلام، وابن أبي ليلى، وفساد حفظهما ... إلخ". وقال الدارقطني عنه: "يحيى بن سلام ليس بالقوي". ثم رواه من طريق عبد الغفار بن القاسم عن الزهري حدثني عروة بن الزبير قال: قالت عائشة، وعبد الله بن عمر: "لم يرخَّص رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لأحد في صيام التشريق إلا لمتمتع أو محصر"، وضعَّفه بقوله: "أخطأ في إسناده عبد الغفار، وهو أبو مريم الكوفي ضعيف". والحديث ضعَّفه مرفوعاً أيضاً الغساني في كتاب تخريج أحاديث الضعاف من سنن الدارقطني ص 245، ابن حجر في الفتح 4/ 286، الألباني في الإرواء 4/ 132 - 133. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 347 التشريق (1)) (2) مطلقاً، فهذا في حكم المستثنى عنه، ولفظ الرخصة يشعر به، والله أعلم. قوله: "وإن فاتت الثلاثة، حتى رجع إلى الوطن، فعليه عشرة أيام" (3) ليس رجوعه إلى الوطن شرطاً في ذلك، وإنما هي صورة فرضها، وذلك أن فوات الثلاثة يحصل بمضي يوم عرفة (4) إن لم يجعل أيام التشريق قابلة لصومها، وإن جعلت قابلة فيفوت بمضيِّها (5). ولو أخَّر بعد مضيِّها طواف الزيارة فلا بأس؛ فإنّه لا أمد لآخر وقته، ويكون بعدُ في الحج، ومع ذلك لا يقع صوم الثلاثة فيه أداء، ولا يحكم بكونه مراداً بقوله (6) تعالى: {فَصِيَامُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ فِي الْحَجِّ} (7)؛ لأن ذلك محمول على   (1) يشير إلى ما رواه عدة من الصحابة - رضي الله عنهم - منهم: نُبيشة الهزلي قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: (أيام التشريق أيام أكل وشرب)، وكعب بن مالك بلفظ (أيام منى أيام أكل وشرب) رواهما مسلم 8/ 17 - 18 - مع النووي - في كتاب الصوم، باب تحريم صوم أيام التشريق. وروى خارج الصحيح بلفظ (لا تصوموا هذه الأيام؛ فإنها أيام أكل، وشرب، وبعال) من حديث ابن عباس، وأبي هريرة، وعبد الله بن حذافة، وغيرهم - رضي الله عنهم -. انظر تخريجها بالتفصيل في نصب الراية 2/ 484 - 485، إرواء الغليل 4/ 128 - 131. (2) ما بين القوسين ساقط من (د)، والمثبت من (أ) و (ب). (3) الوسيط 1/ ق 170/ أ. (4) انظر: نهاية المطلب 2/ ق 215، البسيط 1/ ق 247/ ب، فتح العزيز 7/ 181 - 182، المجموع 7/ 187، الروضة 2/ 329، كفاية المحتاج ص 159، مغني المحتاج 1/ 517. (5) انظر: المصادر السابقة. (6) في (أ): (فقوله). (7) سورة البقرة الآية 196. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 348 الغالب المعتاد، وهذا بعيد نادرٌ، هذا هو الصحيح (1)، وفيه وجه (2)، والله أعلم. هل يجب التفريق بين الثلاثة، والسبعة في القضاء؟ فيه قولان، وقيل وجهان: الأصح منهما عند إمام الحرمين (3)، وجماعة: أنّه لا يجب (4)؛ لأن التفريق كان من أجل الوقت فسقط بفواته، كالتفريق بين الصلوات المكتوبة يسقط بفواتها (5). و (6) الصحيح عند الروياني - صاحب كتاب "البحر" (7) - أنّه يجب، وذكر أنّه المنصوص، وقول الأكثرين من أصحابنا (8)، وغلَّط من قال: لا يجب، واحتجَّ بأن هذا تفريق يتعلَّق بالفعل دون الوقت؛ لأنه قيل له: صم ثلاثة قبل فراغك   (1) انظر: نهاية المطلب 2/ ق 215، البسيط 1/ ق 247/ ب، فتح العزيز 7/ 182، المجموع 7/ 187. (2) أنها تكون أداء، وضعَّفه الشيخان الرافعي، والنووي، وغيرهما. انظر: فتح العزيز 7/ 182، المجموع 7/ 188، الروضة 2/ 329، كفاية المحتاج ص 146، مغني المحتاج 1/ 517. (3) انظر: نهاية المطلب 2/ ق 217. (4) انظر: الإبانة 1/ ق 96، المهذَّب 1/ 271، البسيط 1/ ق 247/ ب، حلية العلماء 3/ 266، فتح العزيز 7/ 183، المجموع 7/ 189، الروضة 2/ 330، كفاية الأخيار ص 319، كفاية المحتاج ص 150. (5) انظر: المهذَّب 1/ 271، نهاية المطلب 2/ ق 217. (6) ساقط من (د)، والمثبت من (أ) و (ب). (7) 2/ ق 50/ أ. (8) هذا هو المذهب، انظر: الإبانة 1/ ق 96، المهذَّب 1/ 271، حلية العلماء 3/ 266، فتح العزيز 7/ 183، الروضة 2/ 230، كفاية المحتاج ص 150. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 349 من الحجَّ، وصم السبعة بعد رجوعك (1) (إلى الوطن) (2) فهو كتفريق أفعال الصلاة، وترتيبها لا يسقط بفوات (وقت الصلاة) (3)، والله أعلم. قوله: "إذا قلنا يجب التفريق، فهل يكفي التفريق بيوم؟ فيه وجهان" (4). وإنما هو قولان منصوصان، وأصحهما أنّه يتقدَّر بقدر التفريق الواقع في الأداء (5)، وذلك ينبني على القولين في جواز صيام الثلاثة في أيَّام التشريق، وعلى القولين في معنى الرجوع، فليتم من ذلك أربعة أقوال، كما أن الخارج من ضرب اثنين في اثنين أربعة، ولم يذكر المصنِّف غير (6) واحد، وترك الأوجه (7) الباقي اكتفاءً بما نبَّه عليه من قاعدتها، وهو المفرَّع على جواز صومها في أيَّام التشريق، وعلى أن معنى الرجوع: الفراغ من الحجَّ. وهذا (8) ينشأ من (9) أن لا يتخلل بينهما في الأداء إفطار، فعلى الأصح من الوجهين: لا يجب التفريق بينهما في القضاء أيضاً (10).   (1) نهاية 2/ ق 34/ ب. (2) ما بين القوسين ساقط من (د)، والمثبت من (أ) و (ب). (3) ما بين القوسين مطموس من (د)، والمثبت من (أ) و (ب). (4) الوسيط 1/ ق 170/ أ. (5) وصححه أيضاً الرافعي والنووي. انظر: الحاوي 4/ 58، الإبانة 1/ ق 96/ ب، البسيط 1/ ق 247/ ب، حلية العلماء 3/ 266، فتح العزيز 7/ 184، المجموع 7/ 189، 2/ 330، كفاية المحتاج ص 151. (6) في (ب): (على). (7) ساقط من (د) و (أ)، والمثبت من (ب). (8) في (أ): (فهذا). (9) في (أ) و (ب): (منه). (10) ساقط من (ب). وانظر: حلية العلماء 3/ 266، فتح العزيز 7/ 185، المجموع 2/ 331، كفاية المحتاج ص 151. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 350 وقيل: يفرَّق بينهما (يوم (1)، وإن كان التفريع على القول بأن التفريق (يكون على قدر التفريق الواقع في الأداء. والثاني: أنّه يفرِّق بينهما) (2) - بمقدار مدَّة يمكنه السير فيها إلى وطنه على الغالب المعتاد، بناء على جواز (3) صوم أيَّام التشريق، وتفسير الرجوع بالرجوع إلى الوطن (4). والثالث: التفريق) (5) بينهما بأربعة أيَّام، ومدة إمكان المسير إلى الوطن بناءً على امتناع صوم أيَّام التشريق، وأن الرجوع هو الرجوع إلى الوطن (6). والرابع: التفريق بأربعة أيَّام فقط بناء على امتناع) (7) صومها، وأن الرجوع هو الفراغ من الحجَّ (8)، والله أعلم. أقوال الكفَّارة في أن المعتبر فيها بحالة الأداء، أو بحالة الوجوب (9).   (1) انظر: فتح العزيز 7185، والمجموع 7/ 189، وكفاية المحتاج ص: 151. (2) من قوله (يوم إلى بينهما) ساقط من: (أ). (3) ساقط من (ب). (4) انظر: المصادر السابقة قبل هامش. (5) ما بين القوسين ساقط من (د): , والمثبت من (ب). (6) هذا هو المذهب، وبه جزم الشيرازي، وصححه النووي. انظر: الحاوي 4/ 58، والمهذَّب 1/ 273، وحلية العلماء 3/ 266، وفتح العزيز 7/ 185، والمجموع 7/ 189 - 190، وكفاية المحتاج ص: 151. (7) من قوله: (صوم أيام إلى قوله امتناع) ساقط من: (أ). (8) انظر: المصادر السابقة. (9) قال في الوسيط 1/ ق 170/ أ: "إن وجد الهدي بعد الشروع في الصوم, لم يلزمه خلافاً للمزني - رحمه الله -، وإن وجده قبله وبعد إحرام الحج ابتنى على أقوال الكفَّارة في أن الاعتبار بحالة الأداء أم بحالة الوجوب". الجزء: 3 ¦ الصفحة: 351 ذكر صاحب "التهذيب" (1) أن أصحها أن الاعتبار بحالة الأداء (2)، كما في الصلاة، والله أعلم. "إذا مات المتمتع بعد الإحرام بالحجِّ، وقبل فراغه منه" (3). فالصحيح في "البسيط" (4)، وغيره: أنّه لا يسقط الدم، بل يُخرج من تركته (5)، والله أعلم. قوله في أحد الأقوال، في المعسر إذا مات في الوطن (6) بعد التمكن من الصوم: "أنّه يرجع إلى الدم ان أمكن" (7). فقوله: "إن أمكن" غير مذكور في "النهاية" (8) و"البسيط" (9) وغيرهما (10)، ولا ينبغي هذه اللفظة (11)؛ فإنها توهم أن وجوب هذا الدم مقيَّد بالوجدان   (1) 3/ 254. (2) فيلزمه الهدي، وعليه نصَّ الشافعي، وصححه أيضاً الرافعي والنووي. انظر: الحاوي 4/ 55، المهذَّب 1/ 272، البسيط 1/ ق 248/ أ، حلية العلماء 3/ 265، فتح العزيز 7/ 191، المجموع 7/ 191، كفاية المحتاج ص 145، مغني المحتاج 1/ 518. (3) الوسيط 1/ ق 170/ أ. (4) 1/ ق 248. (5) وصححه أيضاً الرافعي والنووي. انظر: نهاية المطلب 2/ ق 216، الوجيز 1/ 186، فتح العزيز 7/ 192 - 193، المجموع 7/ 193، الروضة 2/ 332. (6) نهاية 2/ ق 35/ أ. (7) الوسيط 1/ ق 170/ ب. (8) 2/ ق 218 وما بعدها. (9) 1/ ق 248/ ب. (10) كالإبانة 1/ ق 96، وفتح العزيز 7/ 195، وانظر: المجموع 7/ 194، الروضة 2/ 333. (11) في (د): (هذا اللفظ)، والمثبت من (أ) و (ب). الجزء: 3 ¦ الصفحة: 352 واليسار به (1)، وليس كذلك؛ فإنّه (2) ههنا بَدَلٌ من الصوم المستقر في الذمَّة، مع العجز عن الدم، فيكون (3) ثابتاً في الذمَّة، كالديون، وإن لم تكن (4) له تركة، إلى أن يؤدي (5) عنه متبرع، والله أعلم.   (1) ساقط من (د)، والمثبت من (أ) و (ب). (2) في (د): (فإن)، والمثبت من (أ) و (ب). (3) في (أ) و (ب): (يكون). (4) في (أ): (يكن) بالياء. (5) في (أ) و (ب): (يوديه). الجزء: 3 ¦ الصفحة: 353 ومن الباب الثاني في أعمال الحج َّ قوله: "يحرم ويتزيَّا بزيِّ المحرمين" (1). لا يتوهم منه أنّه يحرم، ثم يتزيَّا، فإنّه يقدِّم التزي والتجرد عن المخيط، على الإحرام، وعلى ركعتيه (2)، والله أعلم. قوله في عرفات: "ويفيضون منها عند الغروب" (3). إنما المأمور به أنهم يفيضون منها بعد الغروب (4)، والله أعلم. وقوله: "فيرمون، ويحلقون، ويذبحون" (5) الذبح مقدَّم على الحلق (6)، والله أعلم. قوله: "الإحرام عندنا (7) مجرَّد النيَّة" (8). لم يذكر ما ينويه، والذي ينويه هو: الدخول في الحجَّ، أو العمرة، أو فيهما، والتلبس به، والحصول في محرماته (9)، وسمَّي إحراماً لهذا؛ لأنّه يقال: أحرم إذا دخل في حالة يحرم عليه فيها شيء، محرم (10) وأحرم أيضاً (11) إذا دخل الحرم (12)، فافهم ذلك فإنّه يشكل، وقلَّ من أوضحه، والله أعلم.   (1) الوسيط 1/ ق 170/ ب. (2) انظر: المهذَّب 1/ 274 - 275، التذكرة ص 82، كفاية الأخيار ص 311. (3) الوسيط 1/ ق 171/ أ. (4) انظر: المهذب 1/ 274، وما بعدها. (5) الموضع السابق من الوسيط. (6) أي استحباباً لا وجوباً. انظر: فتح العزيز 7/ 372، 379، الروضة 2/ 380 - 381. (7) في (د): (عند)، والمثبت من (أ) و (ب). (8) الوسيط 1/ ق 171/ أ. (9) انظر: المجموع 7/ 335، الروضة 2/ 335. (10) ساقط من (أ) و (ب). (11) ساقط من (أ). (12) انظر: الصحاح 5/ 1897، المصباح المنير ص 342، القاموس ص 1411. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 354 إذا أحرم بالعمرة قبل أشهر الحجَّ، ثم أدخل الحج عليها بعد أشهر الحجَّ، ففيه وجهان: الصحيح عند المصنِّف: المنع (1)، وكذلك هو عند الشيخ أبي علي السنجي (2)، وحكاه عن عامة الأصحاب. وعند القفَّال المروزي (3)، وإمام الحرمين (4) الأصح: الجواز (5) (6)، وبه أفتى صاحب "الشامل" (7) في كتابه، وهذا أقيس، وأقوى، والله أعلم. قوله في الإهلال، بالإهلال كإهلال فلانٍ على الإبهام: "إذ أهلَّ عليٌّ بإهلال كإهلال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -" (8). هذا ثابت في الصحيحين (9) عن جابر بن   (1) لأنّه يؤدي إلى صحة إحرامه بالحجِّ قبل أشهره. انظر: الأم 2/ 207، والإبانة 1/ ق 95/ أ، نهاية المطلب 2/ ق 226، البسيط 1/ ق 249/ ب، فتح العزيز 7/ 204 - 205، المجموع 7/ 168، الروضة 2/ 321. (2) انظر: فتح العزيز 7/ 204 - 207، المجموع 7/ 7/ 168، الروضة 2/ 321. (3) انظر: المصادر السابقة. (4) انظر: نهاية المطلب 2/ ق 226. (5) لأنّه إنما يصير محرماً بالحج في حالة إدخاله، وهو وقت صالح للحج. انظر: المصادر السابقة. (6) نهاية 2/ ق 35/ ب. (7) انظر: فتح العزيز 7/ 204 ما بعدها، المجموع 7/ 168، الروضة 2/ 321. (8) الوسيط 1/ ق 171/ ب. (9) البخاري 3/ 486 - مع الفتح - في كتاب الحجَّ، باب من أهلَّ في زمن النبي - صلى الله عليه وسلم - كإهلال النبي - صلى الله عليه وسلم - و3/ 588 باب تقضي الحائض المناسك كلها إلاَّ الطواف بالبيت، و 3/ 709 في كتاب العمرة، باب عمرة التنعيم، و5/ 163 في كتاب الشركة، باب الاشتراك في الهدي والبُدْن. ومسلم 8/ 233 - مع النووي - في كتاب الحج، باب جواز التمتع في الحج والقران. وقد روياه كذلك من حديث أنس: البخاري في الموضع السابق، ومسلم 8/ 163 - 165 في الكتاب نفسه، باب بيان وجوه الإحرام. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 355 عبد الله (أنَّ عليَّاً - رضي الله عنه - قدم من سعايته، فقال له النبي - صلى الله عليه وسلم -: بما أهللت؟ قال: بما أهلَّ به النبي - صلى الله عليه وسلم -). وهذا قد يقول القائل فيه: إنّه يحتمل أن يكون قد أحرم بالحج معيَّناً، واتفق موافقته لإحرام رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، ولكن حديث أبي موسى الأشعري (1) (أنّه لما قدم، قال له النبي - صلى الله عليه وسلم -: بما أهللت؟ قال: قلت: لبيك بإهلال كإهلال النبي - صلى الله عليه وسلم -، قال: أحسنت) أخرجاه في الصحيحين (2)، لا يتطرق إليه ذلك الاحتمال، وهو ظاهر الدلالة على المدَّعي، والله أعلم. ذكر الوجهين فيما إذا أحرم بمثل إحرام زيدٍ، وهو عالم بأن زيداً لم يكن محرماً (3). وأصحهما - ولم يذكر أكثرهم غيره - أنّه ينعقد إحرامه مطلقاً (4)، كما في صورة الجهالة، والله أعلم.   (1) ساقط من (ب). وأبو موسى الأشعري هو عبد الله بن قيس بن سليم بن حضار الكوفي - رضي الله عنه -، قدم على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مكة قبل الهجرة، فأسلم ثم هاجر إلى الحبشة، وقدم مع جعفر زمن خيبر، واستعمله النبي - صلى الله عليه وسلم - مع معاذ على اليمن، ثم ولي لعمر الكوفة والبصرة، وإليه المنتهى في حسن الصوت بالقرآن، ومناقبه كثيرة ومشهورة، مات بمكة، وقيل بالكوفة، سنة 42 أو 44 هـ على ما صححه الذهبي، أو 50، أو 51، أو 52 هـ على ما صححه ابن كثير. انظر: طبقات الفقهاء ص 25، تهذيب الأسماء واللغات 2/ 268 - 269، تذكرة الحفاظ 1/ 230 - 231، البداية والنهاية 8/ 43 - 57. (2) البخاري 3/ 487، 654، 720 - مع الفتح - في كتاب الحج، باب من أهلَّ في زمن النبي- صلى الله عليه وسلم - كإهلال النبي - صلى الله عليه وسلم -، وباب الذبح قبل الحلق، وفي كتاب العمرة، باب متى يحلُّ المعتمر. و 7/ 661، 708 في كتاب المغازي، باب بعث أبي موسى ومعاذ إلى اليمن قبل حجة الوداع، وباب حجة الوداع. ومسلم 8/ 198 - 201 في كتاب الحج، باب جواز تعليق الإحرام. (3) الوسيط 1/ ق 171/ أ. (4) انظر: المهذَّب 1/ 275، البسيط 1/ ق 250/ أ، الوجيز 1/ 116، شرح السنة 4/ 36، فتح العزيز 7/ 214 - 215، المجموع 7/ 241، الروضة 2/ 337. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 356 إذا كان زيد قد أحرم مطلقاً، (ثم عيَّن، ثم أحرم هذا بمثل إحرامه. فأظهر الوجهين أنّه ينعقد إحرام هذا مطلقاً) (1)؛ نظراً إلى نفس إحرام زيدٍ أولاً، والله أعلم. ذكر فيمن شكَّ بعد ما طاف، هل كان قد أحرم بحجٍ أو عمرة؟ أنّه لا يكفيه القران، بل (2) طريقه أن يسعى، ويحلق، ثم يبتدئ إحراماً بالحج، فإذا أتمه بريء من الحج، ولا يبرأ من العمرة؛ لاحتمال أن الأول كان حجَّاً (3). هذا على قولنا: إنّه لا يجوز إدخال العمرة على الحج، وإن جاز فلا يجوز بعد الطواف (4). أمَّا إذا قلنا: يجوز بعد الطواف، فيبرأ من العمرة أيضاً، ويكفيه القران في براءته من العمرة من غير أن يتحلل بالسعي، والحلق (5)، ويكون ذلك طريقاً في براءته من أحد النسكين (كما أن الطريق الذي ذكره، إنما هو طريق في براءته من أحد النسكين) (6) لا عنهما (7)، والله أعلم. ثم ذكر الأظهر: أنّه يؤمر بالحلق المذكور دفعاً لضرر فوات الحج؛ فإنّه يفوت لو لم يحلق (8). هذا على قولنا: إن الحلق نسك (9) يتوقف عليه التحلل عن العمرة، فإنّه إذا لم يحلق لم يحصل التحلل إن كان في نفس الأمر معتمراً،   (1) ما بين القوسين ساقط من (د)، والمثبت من (أ) و (ب). وانظر: الإبانة 1/ ق 95/ أ، البسيط 1/ ق 250، الوجيز 1/ 116، فتح العزيز 7/ 212، المجموع 7/ 240، الروضة 2/ 336. (2) ما بين القوسين ساقط من (د) و (ب)، والمثبت من (أ). (3) انظر: الوسيط 1/ ق 172/ أ. (4) نهاية 2/ ق 36/ أ. (5) والمذهب الأول. انظر: المهذَّب 1/ 276، فتح العزيز 7/ 227، المجموع 7/ 249. (6) ساقط من (ب). (7) في (ب): (لا منهما). (8) انظر: الوسيط 1/ ق 172/ ب. (9) انظر: الإيضاح ص: 116، الروضة 2/ 381، وسيأتي تفصيل القول على هذه المسألة قريباً إن شاء الله تعالى. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 357 فيكون بإحرامه بالحج مدخلاً للحج على العمرة بعد الطواف، وذلك غير جائز. أمَّا إذا قلنا: إنّه استباحة محظور (1) فالتحلل يحصل بدونه. والأظهر عند الأكثرين: أنّه لا يؤمر بالحلق (2) على ما شرحه. وما اختاره صاحب الكتاب أقوى (3)، والله أعلم. قوله (4): "قالت عائشة: طيَّبت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لإحرامه قبل أن يحرم، ولحله قبل أن يطوف، ورأيت وبيصَ الطيب (5) في مفارقه بعد الإحرام" (6). ما فيه ذكر وَبيصَ الطيب حديث منفصل عمَّا قبله، فهما حديثان منفصلان في روايات الصحيحين (7)، وروايات الشافعي (8)، وغيرهما (9).   (1) في (ب): (محظوراً). وانظر: المصدرين السابقين. (2) انظر: البسيط 1/ ق 250، فتح العزيز 7/ 228 - 229، المجموع 7/ 250، الروضة 2/ 342. (3) وصححه النووي. انظر: المجموع 7/ 250. (4) بياض في (أ). (5) في (د): (المسك)، والمثبت من هامش (د) ومن (أ) و (ب)؛ ولأنه موافق للفظ الصحيحين وغيرهما. (6) الوسيط 1/ ق 172/ ب، ولفظه قبله "الفصل الثاني: في سنن الحج: وهي خمس ... الثانية: التطيب للإحرام مستحب، قالت عائشة ... إلخ". (7) الحديث الأول: رواه البخاري 3/ 463، 684 - مع الفتح - في كتاب الحج، باب الطيب عند الإحرام، وباب الطيب بعد رمي الجمار، و10/ 378، 382 - مع الفتح - في كتاب اللباس، باب تطييب المرأة زوجها بيدها، وباب ما يستحب من الطيب، وباب الذريرة. ومسلم 8/ 98 - 100 - مع النووي - في كتاب الحج، باب استحباب الطيب قبل الإحرام في البدن. والحديث الثاني: رواه البخاري 1/ 454 - مع الفتح - في كتاب الغسل، باب من تطيَّب ثم اغتسل وبقي أثر الطيب، و3/ 463 في كتاب الحج، باب الطيب عند الإحرام، و10/ 374 في كتاب اللباس، باب الفرق، وباب الطيب في الرأس واللحية ومسلم 8/ 100 - 102 في الكتاب والباب السابقين. (8) في المسند ص: 120، والأم 2/ 222. (9) في (د): (وغيرها)، والمثبت من (أ) و (ب). وغيرهما كأصحاب السنن الأربعة، وأحمد، والدارمي، وغيرهم. انظر تخريجها بالتفصيل في: إرواء الغليل 4/ 236 - 240. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 358 و"وَبيصَ الطيب": بالصاد المهملة، بريقُه، ولمعانُه (1). والمفارق: جمع مفرِق بكسر الراء، وهي وسط الرأس، حيث يتفرَّق الشعر يميناً وشمالاً (2)، والله أعلم. قوله (3): "وأمَّا تطييب ثياب الإحرام قصداً فيه ثلاثة أوجه" (4). الأصح منها الجواز (5). وقوله: "قصداً (6) " فيه احتراز مما إذا طيَّب بدنه، فتعطَّر منه ثوبه، فذلك واقع ضمناً لا (7) قصداً، فلا بأس بلا خلافٍ (8)، والله أعلم. والأصح فيما لو نزعه، ثم عاد فلبسه بعد الإحرام، أنّه يلزمه الفدية (9)، والله أعلم. قوله في استحباب خضاب المرأة قبل الإحرام: "تعميماً لليد لا تطريفاً" (10).   (1) انظر: الصحاح 3/ 1060، النهاية في غريب الحديث والأثر 5/ 146، المصباح المنير ص 646. (2) انظر: الصحاح 4/ 1541، المجموع 7/ 225، المصباح المنير ص 471. (3) بياض في (أ). (4) الوسيط 1/ ق 173/ أ. (5) وبه قطع الشيرازي وغيره، وصححه الرافعي والنووي. انظر: الإبانة 1/ ق 94/ أ، المهذَّب 1/ 275، البسيط 1/ ق 253/ أ، حلية العلماء 3/ 275، فتح العزيز 7/ 251، المجموع 7/ 228 - 229، الروضة 2/ 348. (6) في (د): (قصدٌ)، والمثبت من (أ) و (ب). (7) نهاية 2/ ق 36/ ب. (8) انظر: نهاية المطلب 2/ ق 224، حلية العلماء 3/ 275، فتح العزيز 7/ 251، المجموع 7/ 229، الروضة 2/ 341. (9) وصححه أيضاً البغوي والرافعي والنووي. انظر: نهاية المطلب 2/ ق 224، فتح العزيز 7/ 251 وما بعدها، المجموع 7/ 229، الروضة 2/ 348. (10) الوسيط 1/ ق 173/ أ. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 359 أي لا تقتصر (1) على خضاب أطراف أصابعها (2)، والله أعلم. قوله: "ثم يحرم في مصلاَّه بعد السلام قاعداً، وقال في الجديد: لا يهل حتى تنبعث به راحلته" (3). فالأول منسوب عنده وعند غيره إلى القديم (4)، وهو مروي أيضاً عن "المناسك الصغير" من كتاب "الأم" (5)، فإذاً فيه في الجديد قولان (6)، وهو الأصح عند المؤلف، على ما أشعر به إيراده، وهو الأصح أيضاً عند طائفة (7)، وهو مروي عن مالك (8)، وأبي حنيفة (9)، وأحمد (10).   (1) في (د): (لا تختصر)، والمثبت من (أ) و (ب). (2) انظر: البسيط 1/ ق 253/ أ، فتح العزيز 7/ 229، الروضة 2/ 248. (3) الوسيط 1/ ق 173/ أ. (4) انظر: المهذَّب 1/ 275، البسيط 1/ ق 252/ ب، فتح العزيز 7/ 259، المجموع 7/ 232، مختصر الخلافيات للبيهقي 3/ 166. (5) 2/ 342. (6) انظر: الأم 2/ 313، مختصر المزني 9/ 73، حلية العلماء 3/ 276. (7) انظر: البسيط 1/ ق 253، شرح السنة 4/ 34 - 35، فتح العزيز 7/ 259. (8) في نسبة هذا القول إلى الإمام مالك رحمه الله نظر؛ لأن المشهور من مذهبه أنّه يحرم إذا استوت به راحلته، قال سحنون في "المدونة" 1/ 361: "قلت: لابن القاسم متى يلبي في قول مالك أفي دبر صلاة مكتوبة أو في دبر نافلة، أو إذا استوت به راحلته بذي الحليفة، أو إذا انطلقت به؟ قال: يلبي إذا استوت به راحلته". وانظر: الكافي 1/ 364. (9) وهو مروي أيضاً عن صاحبيه: أبي يوسف ومحمد. انظر: شرح معاني الآثار 2/ 123، المبسوط 4/ 25، فتح القدير 2/ 433، العناية 2/ 432. (10) انظر: المغني 5/ 80 - 81، العدة ص 167، المحرر 1/ 236، الإنصاف 3/ 433. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 360 لكن الأصح عند الأكثرين: أنّه لا يهل حتى تنبعث به راحلته (1). قال الإمام أبو المعالي (2): "ليس المراد من انبعاثها ثورانها، بل المراد استواءها في صوب مكة". قلت (3): قد جاء مفسَّراً في بعض روايات الصحيحين "حتى (4) تستوي به قائمة"، وتصحيح (5) هذا القول أصح؛ إذ ورد به أحاديث ثابتة في الصحيحين، (من حديث ابن عمر وغيره (6)، والحديث الوارد بالآخر، لم يخرَّج في الصحيحين) (7)، وهو مروي عن ابن عباس بإسناد   (1) وصححه أيضاً النووي. انظر: المهذَّب 1/ 275، التنبيه ص 105، البسيط 1/ ق 252، حلية العلماء 3/ 276، فتح العزيز 7/ 258، المجموع 7/ 232، الغاية القصوى 1/ 243، مختصر الخلافيات 3/ 166. (2) انظر: نهاية المطلب 2/ ق 223. (3) ساقط من (د)، وفي (أ): (قوله)، والمثبت من (ب). (4) في (ب): (حين)، وكلاهما وارد. (5) في (د): (يصح)، والمثبت من (أ) و (ب). (6) أمّا حديث ابن عمر فرواه البخاري 3/ 443، 482 - مع الفتح - في كتاب الحج، باب قول الله تعالى: {يَأْتُوكَ رِجَالًا وَعَلَى كُلِّ ضَامِرٍ يَأْتِينَ مِنْ كُلِّ فَجٍّ عَمِيقٍ} الآية، وباب من أهلَّ حين استوت به راحلته قائمة، وباب الإهلال مستقبل القبلة، ومسلم - مع النووي - 8/ 97 في كتاب الحج، باب بيان الأفضل أن يحرم حين تنبعث به راحلته، قال: (رأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يركب راحلته بذي الحليفة، ثم يهل حين تستوي به قائمة). وأمّا حديث غيره: فقد روي من حديث جابر بن عبد الله، وأنس بن مالك، وابن عبّاس نحو حديث ابن عمر، رواه عنهم البخاري 3/ 443، 473، 476 في كتاب الحج، باب قول الله تعالى: {يَأْتُوكَ رِجَالًا وَعَلَى كُلِّ ضَامِرٍ يَأْتِينَ مِنْ كُلِّ فَجٍّ عَمِيقٍ} الآية، وباب ما يلبس المحرم من الثياب والأردية والأزر، وباب من بات بذي الحليفة حتى أصبح. (7) ما بين القوسين ساقط من (د)، والمثبت من (أ) و (ب). الجزء: 3 ¦ الصفحة: 361 فيه ضعف (1). وفي صحيح مسلم (2) من رواية ابن عباس (عنه - صلى الله عليه وسلم - أنّه أحرم حين استوت به راحلته) والله أعلم. و (3) قولهم: "لبيك" التثنية فيه للتأكيد (4)، ومعناه: إجابة مني لك بعد إجابة. وقيل معناه: أنا مقيم على طاعتك إقامةً بعد إقامة.   (1) رواه النسائي 5/ 162 في كتاب المناسك، باب العمل في الإهلال، والترمذي 3/ 182 في كتاب الحج، باب ما جاء متى أحرم النبي - صلى الله عليه وسلم -؟، والدارمي 2/ 52، وأحمد 1/ 286، وابن أبي شيبة في المصنَّف ص: 89 (تكملة الجزء الرابع)، والبيهقي 5/ 57 من طرق عن عبد السلام بن حرب عن خُصيف بن عبد الرحمن الجَزَرِي عن سعيد بن جبير عن ابن عباس (أن النبي - صلى الله عليه وسلم - أهل في دُبُر الصلاة) هكذا مختصراً، وأخرجه أبو داود 2/ 372 وما بعدها في كتاب المناسك، باب في وقت الإحرام، وأحمد 1/ 261، والطحاوي 2/ 123، والحاكم 1/ 621، والبيهقي في الموضع السابق من طريق خُصيف به مطوَّلاً. قال الترمذي عقبه: هذا حديث حسن غريب، وقال الحاكم: هذا حديث صحيح على شرط مسلم، ولم يخرجاه، ووافقه الذهبي، وقال البيهقي: في إسناده خُصيف الجزري وهو غير قوي، وتعقبه النووي في المجموع 7/ 225 فقال: وأمّا قول البيهقي: إن خُصيفاً غير قوي، فقد خالفه كثيرون من الحفاظ والأئمة المتقدمين في هذا الشأن، فوثقه يحيى بن معين إمام الجرح والتعديل، ومحمد بن سعد، وأبو زرعة، وقال النسائي فيه: هو صالح. والحديث ضعفه الألباني في ضعيف سنن أبي داود ص 65 برقم (388)، وضعيف سنن النسائي ص 100 برقم (175)، والله أعلم. (2) 8/ 228 مع النووي كتاب الحج، باب إشعار الهدي وتقليده عند الإحرام. (3) ساقط من (أ) و (ب). (4) هذا قول الجمهور، وقيل: إنّه اسم مفرد لا مثنى يتصل به ضمير بمنزلة عَلَى ولَدَى إذا اتصل به الضمير انظر: الصحاح 1/ 216، المجموع 7/ 257، المصباح المنير ص 547. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 362 وقيل معناه: إجابتي لك لازمة (1) و (2) قوله: "إن الحمد لك"، المختار: أنّه بكسر الهمزة، ومنهم من (3) يفتحها (4). والله أعلم. و (5) قوله: "وإذا رأى شيئاً أعجبه قال: لبيك إن العيش عيش الآخرة" (6). هذا مستنده ما رواه الشافعي (7) - رحمه الله - بإسناده عن مجاهد (8)، قال: "كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يظهر من التلبية "لبيك اللهم لبيك ... فذكر التلبية المعروفة -" قال: حتى إذا كان ذات يوم والناس يصرفون عنه، كأنه أعجبه ما هو فيه فزاد فيها   (1) مأخوذ من قولهم: لبَّ الرجل بالمكان وألبَّ: إذا أقام به ولزمه، وهو قول الخليل بن أحمد. وقيل في معناه غير ذلك. انظر: شرح السنة 4/ 30، النهاية في غريب الحديث والأثر 4/ 222، النظم المستعذب 1/ 277، المجموع 7/ 277، تحرير ألفاظ التنبيه ص 106. (2) ما بين القوسين ساقط من (د)، والمثبت من (أ) و (ب). (3) نهاية 2/ ق 37/ أ. (4) انظر: المصادر السابقة، والزاهر ص 116، إصلاح غلط المحدثين ص 62. (5) ساقط من (ب). (6) الوسيط 1/ ق 173/ أ. (7) في المسند ص: 122، والأم 2/ 232 ومن طريقه البيهقي في الكبرى 5/ 71، والمعرفة 7/ 214، وروي الحديث من طريق آخر مرفوعاً بلفظ: (لبيك اللهم لبيك ... قال: إنما الخير خير الآخرة). أخرجه الحاكم 1/ 636، والبيهقي في الكبرى 5/ 71 من طريق عكرمة عن ابن عباس أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ... الحديث. قال الحاكم: هذا الحديث صحيح ولم يخرجاه، ووافقه الذهبي. (8) هو مجاهد بن جبر، وقيل: جبير أبو الحجاج المكي المخزومي مولاهم، التابعي الجليل، كان إماماً في الفقه والتفسير والحديث، واتفق الأئمة على جلالته وتوثيقه، مات سنة إحدى، أو اثنتين، أو ثلاث، أو أربع ومائة. انظر: طبقات الفقهاء للشيرازي ص 58، وتهذيب الأسماء واللغات 2/ 83، تذكرة الحفاظ 1/ 292، التقريب ص 520. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 363 "لبيك إن العيش عيش الآخرة"". هذا مرسل يصلح, لأن يعتمد في الفضائل مثل هذا الذكر (1)، والله أعلم.   (1) هذه المسألة - أعني الاحتجاج بالحديث الضعيف في فضائل الأعمال والأحكام - اختلف فيها العلماء على ثلاثة آراء: الرأي الأول: هو الذي ذهب إليه المصنِّف هنا وفي كتابه "معرفة علوم الحديث" أنّه يحتج به في فضائل الأعمال والترغيب والترهيب دون صفة الله تعالى والأحكام من الحلال والحرام، وهذا الرأي نسبه النووي في "الأذكار" إلى جمهور العلماء من المحدثين والفقهاء وغيرهم، بل جاوز ذلك فنقل الاتفاق على ذلك في مقدمة كتابه "الأربعين" ص 3. والرأي الثاني: أن الحديث الضعيف لا يعمل به مطلقاً لا في الأحكام ولا في غيرها من الفضائل والترغيب والترهيب وبه قال ابن معين والإمام البخاري ومسلم وأبو زرعة وأبو حاتم الرازيان وأبو بكر ابن العربي وأبو سليمان الخطابي وشيخ الإسلام ابن تيميَّة وغيرهم من المحققين. الرأي الثالث: أن الحديث الضعيف يعمل به مطلقاً في الحلال والحرام والفضائل والترغيب والترهيب وغيرهما بشرطين: 1 - أن يكون ضعفه غير شديد. 2 - أن لا يوجد في الباب غيره، وأن لا يكون ثمة ما يعارضه. والذي يترجح - والعلم عند الله - هو أن الحديث الضعيف لا يعمل به مطلقاً كما هو رأي المحققين من العلماء؛ لأن في الأحاديث الصحيحة ما يغني المسلم عن الضعيف، ولأن الضعيف لا يفيد إلا الظن والظن لا يغني من الحق شيئاً. ولمزيد من البحث والوقوف على أدلة كل رأي انظر المصادر الآتية: علوم الحديث للمؤلف ص 93، المقنع في علوم الحديث ص 104 - 105، تدريب الراوي 1/ 298، مقدمة صحيح الجامع الصغير 1/ 49 - 57، كتاب "الحديث الضعيف وحكم الاحتجاج به" للدكتور عبد الكريم بن عبد الله الخضير. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 364 القول الأصح (1): أنّه يلبي في كل مسجد (2)، وأنّه لا يلبي في كل طواف (3)، والله أعلم. قوله: "يغتسل بذي طوى" (4). هو بفتح الطاء، ويجوز ضمها وكسرها، وهي بأسفل مكة في صوب طريق العمرة (5)، وهذا لمن جاء على طريق مدينة رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وإن جاء من طريق غيرها اغتسل في غيرها (6)، والله أعلم. قوله: "يدخل من ثنيَّة كَدَاء بفتح الكاف، ويخرج من ثنيَّة كُدى بضم الكاف" (7). و (8) الثنية: عبارة عن الطريق الضيقة بين الجبلين (9).   (1) قال في الوسيط 1/ ق 173/ ب: " ... ويستحب في مسجد مكة ومنى وعرفات، وفيما عدها قولان: الجديد: أنّه يلبي في كل مسجد. وفي حال الطواف قولان: والقديم أنّه يلبي". (2) هذا هو المذهب، وصححه النووي. انظر: الأم 2/ 233، البسيط 1/ ق 252، حلية العلماء 3/ 281، شرح السنة 4/ 32، فتح العزيز 7/ 261، المجموع 7/ 259، الروضة 2/ 350. (3) انظر: المصادر السابقة. (4) الوسيط 1/ ق 173/ ب. (5) وبينها وبين مكة نحو فرسخ. وانظر: النهاية في غريب الحديث والأثر 3/ 147، معجم البلدان 4/ 51، تهذيب الأسماء واللغات 3/ 115، المصباح المنير ص 382. (6) وهذا الغسل مستحب لكل أحد حتى الحائض والنفساء والصبي. انظر: اللباب ص: 66، الإيضاح ص: 61، 38، إعلام الساجد ص: 114. (7) الوسيط 1/ ق 173/ ب. (8) ساقط من (أ) و (ب). (9) انظر: الصحاح 6/ 2295، تحرير ألفاظ التنبيه ص: 112. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 365 وثنية كَدَاء: بفتح الكاف والمد هي: بأعلى مكة ينحدر منها إلى المقابر التي هي بالموضع الذي تسميه العامة "المَعْلَى" على وزن المَوْلى (1)، وإلى "المُحَصِّب" وهو الأبطح ممّا يلي طريق منى (2). وأمَّا ثَنِيَّة كُدى: هي بضم الكاف، والقصر، والتنوين وهي: بأسفل مكة إلى صوب طريق ذي طوى (3)، وذكر بعض أئمتنا أن الخروج إلى عرفات يكون من هذه الثنيَّة السفلى أيضاً (4). وهناك موضع ثالث، يسمى "كُدَيَّاً" بضم الكاف، وفتح الدال، وثشديد الياء، وهو في طريق من يخرج من مكة إلى اليمن (5). اشتبه أمره على بعضهم، إذ وجده في الشعر مشدَّداً (6)، فاعتقد غالطاً أن "كُدَى" التي هي الثنية السفلى مشدَّدة (7). والله أعلم.   (1) النهاية في غريب الحديث 4/ 156، معجم البلدان 4/ 398، تهذيب الأسماء واللغات 3/ 1/ 123، المصباح المنير ص 528. (2) وحده ما بين الجبلين إلى المقابر، وليست المقبرة منه، وسمي بذلك لاجتماع الحصى فيه بحمل السيل إليه؛ فإنّه موضع منهبط. انظر: النهاية في غريب الحديث والأثر 1/ 393، وتهذيب الأسماء واللغات 3/ 2/ 148، والمصباح المنير ص: 528. (3) انظر: النهاية في غريب الحديث والأثر 4/ 157، معجم البلدان 4/ 498 - 499، تهذيب الأسماء واللغات 3/ 1/ 123 - 124، تحرير ألفاظ التنبيه ص 112. (4) يعني يستحب. انظر: فتح العزيز 7/ 267، الإيضاح ص 61. (5) انظر: النهاية في غريب الحديث والأثر 4/ 157، معجم البلدان 4/ 498 - 499، المصباح المنير ص 528. (6) نهاية 2/ ق 37/ ب. (7) انظر: فتح العزيز 7/ 268، معجم البلدان 4/ 499 وما بعدها. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 366 قوله: "اللهم زد هذا البيت تشريفاً وتكريماً .... إلى آخره" (1). رواه الشافعي (2) عن ابن جريج (3) عن النبي - صلى الله عليه وسلم -، وهو منقطع معضل. وقوله: "اللهم أنت السلام ... إلى آخره" (4) رواه الشافعي (5) عن سعيد بن المسيب   (1) الوسيط 1/ ق 173/ ب، ولفظه قبله "الثالثة: إذا وقع بصره على الكعبة عند رأس الردم فليقف وليقل اللهم ... ". (2) في المسند ص 125، والأم 2/ 252، كما رواه ابن أبا شيبة في المصنَّف 4/ 97، البيهقي في الكبرى 5/ 118، المعرفة 7/ 200، من طرق عن سعيد بن سالم عن ابن جريج عن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان إذا رأى البيت رفع يديه وقال: ... فذكره. قال البيهقي: هذا منقطع، وله شاهد مرسل عن سفيان الثوري عن أبي سعيد الشامي عن مكحول قال: كان النبي - صلى الله عليه وسلم - إذا دخل مكة فرأى البيت رفع يديه وكبَّر وقال: اللهم أنت السلام ومنك السلام فحيِّنا ربنا بالسلام اللهم زد هذا البيت ... فذكره. وأبو سعيد الشامي هو محمَّد بن سعيد المصلوب كذاب كما قال ابن حجر في التلخيص 2/ 241، التقريب ص 480. (3) هو عبد الملك بن عبد العزيز بن جريج أبو الوليد، ويقال: أبو خالد الرومي الأموي مولاهم المكي، فقيه الحرم أحد الأعلام، حدَّث عن أبيه، وطاوس، ومجاهد، وعطاء بن أبي رباح، ونافع، وغيرهم من التابعين، قال أحمد بن حنبل: كان من أوعية العلم، مات سنة 150 في قول أكثر أهل العلم. انظر: تهذيب الأسماء واللغات 2/ 297، تذكرة الحفاظ 1/ 169، التقريب ص 363. (4) الوسيط 1/ ق 173/ ب. (5) ساقط من (أ) و (ب)، ورواه الشافعي في المسند ص: 125، والأم 2/ 253، وكما رواه البيهقي في الكبرى 5/ 118 من طريق الشافعي عن سفيان بن عيينة عن يحيى بن سعيد عن محمَّد بن سعيد عن أبيه أنّه كان حين ينظر إلى البيت يقول ... فذكره. وكما رواه ابن أبي شيبة 4/ 97، والبيهقي في الكبرى 5/ 118 من طريق آخر إلى سعيد بن المسيَّب قال: سمعت من عمر كلمة ما بقي أحد من الناس سمعها غيري، سمعته يقول إذا رأى البيت: ... فذكره. قلت: وفي سماع ابن المسيِّب من عمر - رضي الله عنه - خلاف بين العلماء؛ لأنه ولد لسنتين خلتا من خلافة عمر، وعند وفاته كان ابن ثمان. انظر تفصيل ذلك في: التابعون الثقات المتكلم في سماعهم من الصحابة ص 191 - 207. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 367 من قوله. واستجاز الاعتماد في ذلك تساهل (1)، وهو مقام تساهل، والله أعلم. ما ذكره من أنَّ من يدخل مكة للتجارة (2) يستحب له الإحرام "وفي الوجوب قولان" (3). قد سبق ذكره لهما. وكلامه هذا يتضمن أن الاستحباب مقطوع به على القولين، كأنما الخلاف في الوجوب، وصرَّح بذلك في "البسيط" (4) فقال: "لا شك في الاستحباب، وفي الوجوب قولان". وهذا لا يلائم تحقيقه وتحقيق غيره في علم الأصول؛ فإن جواز الترك داخل في حدِّ الاستحباب، والوجوب مأخوذ في حدَّه تحريم الترك، فمن أثبت الوجوب، فقد نفى الاستحباب بالضرورة، فالاختلاف في الوجوب إذاً اختلاف في الاستحباب. ولما كان هذا واضحاً، نعلم (5) أن مثله لا يسهو عن مثله، طلبنا له عذراً، فوجدناه وهو: أنّه أراد بالاستحباب مطلق رجحان الفعل على الترك، جرياً على أصل الاصطلاح اللغوي، أو اصطلاح بعض الفقهاء، وذلك موجود في الوجوب، والله أعلم. "ثم إذا أوجبنا، فترك، ففي وجوب القضاء قولان" (6).   (1) ساقط من (د)، والمثبت من (ب)، وفي (أ): (في ذلك على ذلك في هذا). (2) في (د): (لتجارة)، والمثبت من (أ) و (ب). (3) الوسيط 1/ ق 173/ ب. (4) 1/ ق 253/ ب. (5) في (أ): (يعلم). (6) الوسيط 1/ ق 174/ أ. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 368 وقال غيره، وغير (1) شيخه (2) وجهان (3): أصحهما - وهو المشهور -: أنّه لا يجب (4)؛ لما ذكره (5). والثاني: يجب (6)، ويكون قصده بدخوله (7) في العود (8) القضاء (9)، وهو يفارق دخول الأداء من حيث إنّه يكفي فيه مطلق إحرام (10) عن نذر، أو قضاء، أو غيره، ويكون دخوله للقضاء مانعاً من اقتضائه إحراماً آخر، كما إذا دخل بحج، أو عمرة، والله أعلم. (الأصح في العبد إذا أذن له سيِّده في الدخول بإحرام: أنّه لا يلزمه (11)، كما في الجمعة، والله أعلم) (12). قوله: "قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: الطواف بالبيت صلاة إلا أن الله أباح فيه الكلام" (13). فقد (14) روي بمعناه عن ابن عباس عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وروي (15)   (1) في (أ): (وعن). (2) انظر: نهاية المطلب 2/ ق 251. (3) انظر: التلخيص ص 252 وما بعدها، الإبانة 1/ ق 404، المهذَّب 1/ 262 وما بعدها، فتح العزيز 7/ 288 وما بعدها، الروضة 2/ 356، المجموع 7/ 17. (4) هذا هو المذهب، وصححه أيضاً الرافعي والنووي. انظر: المصادر السابقة. (5) حيث قال: "لأن عوده يقتضي إحرام إفرادٍ". (6) انظر: المصادر السابقة قبل هامش. (7) في (أ): (دخولها). (8) نهاية 2/ ق 38/ أ. (9) في (أ): (للقضاء). (10) في (أ): (الإحرام). (11) هذا هو المذهب، وبه قطع جماهير الأصحاب. انظر: نهاية المطلب 2/ ق 252، البسيط 1/ ق 254/ أ، فتح العزيز 7/ 280 - 281، الروضة 2/ 356، المجموع 7/ 16، مغني المحتاج 1/ 458. (12) ما بين القوسين ساقط من (د)، والمثبت من (أ) و (ب). (13) الوسيط 1/ ق 174/ أ. (14) في (أ) و (ب): (قد). (15) ساقط من (أ). الجزء: 3 ¦ الصفحة: 369 موقوفاً على ابن عباس من قوله (1)، والموقوف أصح، والله أعلم.   (1) أمّا المرفوع: فرواه الترمذي 3/ 293 في كتاب الحج، باب ما جاء في الكلام في الطواف، الدارمي 2/ 66، ابن الجارود ص 161، ابن خزيمة 4/ 222، ابن حبان 9/ 143، الحاكم 1/ 630، و 2/ 294، البيهقي في الكبرى 5/ 138، المعرفة 7/ 231، من طرق عن عطاء بن السائب عن طاوس عن ابن عباس مرفوعاً، وزادوا ( ... فمن نطق فيه فلا ينطق إلا بخير). قال الترمذي: وقد روي هذا الحديث عن ابن طاوس وغيره، عن طاوس عن ابن عباس موقوفاً، ولا نعرفه مرفوعاً إلا من حديث عطاء بن السائب. وقال الحاكم في الموضع الأول: هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه، وقد أوقفه جماعة. ووافقه الذهبي. وقال البيهقي في المعرفة: وقفه عطاء في رواية جماعة عنه، وروي مرفوعاً، والموقوف أصح. قلت: وحوله كلام كثير، وخلاصته: أنّه اختلف في رفعه ووقفه، ورجَّح النسائي والبيهقي والمنذري والمصنِّف والنووي وغيرهم وقفه، وزاد النووي: أن رواية الرفع ضعيفة. ورجَّح آخرون كابن الملقِّن وابن حجر والألباني رفعه وصحته، قال ابن حجر: "إن عطاء بن السائب صدوق، إذا روى الحديث مرفوعاً تارة، وموقوفاً أخرى، فالحكم عند هؤلاء الجماعة للرفع، والنووي ممن يعتمد ذلك ويكثر منه، ولا يلتفت إلى تعليل الحديث به، إذا كان الرافع ثقة، فيجيء على طريقته أن المرفوع صحيح، فإن اعتلَّ بأن عطاء بن السائب اختلط، ولا تقبل إلاَّ رواية من رواه عنه قبل اختلاطه، أجيب: بأن الحاكم أخرجه من رواية سفيان الثوري عنه، والثوري ممن سمع منه قبل اختلاطه باتفاق، وإن كان الثوري قد اختلف عليه في وقفه ورفعه، فعلى طريقتهم تقديم رواية الرفع أيضاً". وأيضاً له شاهد قوي أخرجه النسائي 5/ 137 في كتاب الحج، باب إباحة الكلام في الطواف، وأحمد 4/ 423 من طرق عن ابن جريج عن الحسن بن مسلم عن طاوس عن رجل أدرك النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: (إنما الطواف صلاة، فإذا طفتم فأقلوا الكلام). قال ابن حجر: "وهذه الرواية صحيحة، وهي تعضد رواية عطاء بن السائب، وترجح الرواية المرفوعة، والظاهر أن المبهم فيها هو ابن عباس، وعلى تقدير أن يكون غيره فلا يضر إبهام الصحابة". وأمّا الموقوف فرواه النسائي في الموضع السابق، والشافعي في المسند ص 127، الأم 2/ 261، البيهقي في الكبرى 5/ 138، من طرق عن طاوس عن ابن عباس من قوله، والله أعلم. انظر: المجموع 8/ 19، 62، تذكرة الأحبار ق / 107 - 110، التلخيص 1/ 129 - 131، إرواء الغليل 4/ 154 - 158. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 370 المذكور في هذا الكتاب، وكثير من الكتب في كيفيَّة الطواف وشبهه (1) فيه ما يخفى على من لم يحج، ولم يشاهد (2)، وقد اعتنيت بإزالة هذا المحذور بإشباع الوصف، والإيضاح المزيح (3) للبس في كتابنا كتاب "صلة الناسك في صفة المناسك"، ولم يصنَّف في المناسك مثله، والعلم عند الله. الأصح فيما إذا استقبل البيت بوجهه في طوافه: أنه لا يصح (4)، والله أعلم. قوله فيمن حاذى الحجر في ابتداء طوافه ببعض بدنه، واجتاز (5): "فيه وجهان" (6)، كذا قال شيخه (7)، وإنما هما قولان منصوصان نقلهما كثيرون (8): الجديد: أنه لا يعتد بطوافه تلك (9). والقديم: أنه يعتد (10)، والله أعلم. شاذَرْوَان الكعبة (11)، ويذكر عن الشافعي بألف بعد الشين، (وبغير   (1) في (ب): (شبه). (2) في (أ) و (ب): (ويشاهد) بإسقاط "لم". (3) في (أ): (المزيل). (4) وصححه أيضاً إمام الحرمين والرافعي. انظر: نهاية المطلب 2/ ق 129، البسيط 1/ ق 254، فتح العزيز 7/ 292، الروضة 2/ 359، المجموع 8/ 45. (5) في (د) و (أ): (واجاز)، والمثبت من (ب) وكذا في الوسيط. (6) الوسيط 1/ ق 174/ ب. (7) انظر: نهاية المطلب 2/ ق 128. (8) انظر: الأم 2/ 255، الإبانة 1/ ق105/ أ، المهذَّب 1/ 296، فتح العزيز 7/ 293، المجموع 8/ 45، الروضة 2/ 360، مغني المحتاج 1/ 486، كفاية الأخيار ص 303. (9) كذا في النسخ، ولعل الصواب (ذلك). وقوله: "لا يعتد بطوافه" لأن ما وجب فيه محاذاة البيت وجبت محاذاته بجميع البدن كالاستقبال في الصلاة. انظر: المصادر السابقة. (10) لأنه لما جاز محاذاة بعض الحجر، جاز محاذاته ببعض البدن. انظر: المصادر السابقة. (11) قال في الوسيط 1/ ق 174/ ب: "الثالث: أن يكون بجميع بدنه خارجاً عن كل البيت، فلا يطوف في البيت، فلو مشى على شاذروان البيت - وهو عرض أساسه - كان طائفاً بالبيت؛ لأنه من البيت". الجزء: 3 ¦ الصفحة: 371 ألف) (1)، وهو القدر الذي تُرك من عَرْض الأساس الأول خارجاً عن عرض جدار الكعبة (2) لما جدَّدت قريش بنائها فبقي خالياً من البناء مع كونه جزءاً من البيت (3). وسمَّاه المزني (4): تأزير البيت، ويقرأ (5) بزائين معجمتين بمعنى التأسيس، هكذا ضبطه المصنِّف في الدرس، وكذلك ضبطه غيره (6)، وهذا على إبدال السين زاياً, ويقرأ (7) بالزاي (8) المعجمة، والراء المهملة مأخوذ من لفظ الإزار (9)، والله أعلم.   (1) ما بين القوسين ساقط من (د)، والمثبت من (أ) و (ب). وانظر: الأم 2/ 268، ولم أجده فيه بغير ألف، وقد ذكر الروياني في "بحر المذهب" 2/ ق 113/ أ - ب: أنه في نسخة لمختصر المزني: شذروان، وفي نسخة أخرى: شاذروان. (2) انظر: النظم المستعذب 1/ 276، تهذيب الأسماء واللغات 3/ 177. (3) ويدل على ذلك ما روته عائشة رضي الله عنها أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال لها: (يا عائشة لولا أن قومك حديث عهد بجاهلية، لأمرت بالبيت فهدم، فأدخلت فيه ما أخرج منه وألزقته بالأرض، وجعلت له بابين، باباً شرقياً، وباباً غربياً فبلغت به أساس إبراهيم)، وفي رواية أنه - صلى الله عليه وسلم - قال لها: (ألم تري أن قومك لما بنوا الكعبة، اقتصروا عن قواعد إبراهيم)، فقلت: يا رسول الله ألا تردها على قواعد إبراهيم، قال: (لولا حدثان قومك بالكفر لفعلت). رواه البخاري في مواضع عدّة وبألفاظ مختلفة منها في 3/ 513 - مع الفتح - كتاب الحج، باب فضل مكة وبنيانها، ومسلم 9/ 88 - 92 في كتاب الحج، باب نقض الكعبة وبنائها. (4) انظر: مختصر المزني 76. (5) في (أ): (تقرأ) بالتاء. (6) انظر: فتح العزيز 7/ 295، تهذيب الأسماء واللغات 3/ 8. (7) في (أ): (تقرأ) بالتاء. (8) نهاية 2/ ق 38/ ب. (9) يقال: أزَّرت الحائط تأزيراً، جعلت له من أسفله كالإزار. انظر: المغرب 1/ 38، المصباح المنير ص 13، تهذيب الأسماء واللغات 3/ 8. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 372 إذا طاف ويده في هواء الشاذروان، وباقي بدنه خارج قال: "صحَّ على الأظهر" (1). والأصح الذي عليه أكثر أئمتنا، ومعهم شيخه (2): أنه لا يصح (3)؛ لأن الشرط أن يكون بجميع بدنه خارجاً من البيت طائفاً به، والله أعلم. قوله (4): "فيدور على محوط الحِجر؛ لأن ست أذرع من محوط الحجر كان من البيت، فأخرج منه لما قصرت (5) النفقة" (6) يعني من الحلال الطيَّب. هذا مشكل من حيث إنه حكم أولاً بأنه لا يطوف في شيء من الحجر أصلاً بل خارجاً منه، ثم علل بما يقتضي جواز طوافه داخل الحجر خارجاً عن مقدار ست أذرع منه. ووجه الانفصال عن هذا الإشكال: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - وسائر الناس أجمعين لم يطوفوا إلاَّ خارجاً من الحجر جميعه (7)، وتجنبوا دخول شيء منه احتياطاً، وحذراً من الغلط في إدراك مقدار الست الأذرع منه، ولو أنه تحقق مقدار الست الأذرع ودخل وطاف وراءها جاز ذلك عند صاحب الكتاب (8)، وشيخه (9)،   (1) الوسيط 1/ ق 174/ ب. (2) انظر: نهاية المطلب 2/ ق 128. (3) انظر: السلسلة ق 59/ ب، الإبانة 1/ ق 105/ أ، البسيط 1/ ق 255/ أ، فتح العزيز 7/ 897، الروضة 2/ 361، المجموع 8/ 32، مغني المحتاج 1/ 486. (4) بياض في (أ). (5) في (د) زيادة (بها). (6) الرسيط 1/ ق 174/ ب. (7) انظر: المجموع 8/ 35، وشرح صحيح مسلم 9/ 91. (8) انظر: البسيط 1/ ق 255/ أ. (9) انظر: نهاية المطلب 2/ ق 128. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 373 وشيخ شيخه (1) مع كونه مكروهاً (2). فالحكم أولاً بأنه يطوف بجميع الحجر صحيح على إطلاقه، وأن البعض على الوجوب، والبعض على الندب عنده، ومستندهم في هذا ما رواه مسلم في صحيحه (3) عن عائشة عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - (أن ست (4) أذرع من الحجر، من البيت). وكذلك قطع صاحب "بحر المذهب" (5) بصحة طواف من طاف في الحجر وراء الست الأذرع - وزاعم (6) نصَّ الشافعي بعد نقله له على خلافه. وذهب إلى أنه يصح طوافه وراء سبع أذرع (7)، ما رواه مسلم (8) في إحدى (9) رواياته (10) عن عائشة (أن من الحجر قريباً من سبع أذرع من البيت) وهذا يوجب استيفاء السبع. والصحيح المعتمد الذي قطع به غير واحد من الأصحاب، وهو مذهب الشافعي رحمه الله: أنه يجب الطواف بجميع الحجر وراء جداره (11)، قال في   (1) هو أبو محمَّد الجويني والد إمام الحرمين، سبقت ترجمته. (2) وبه قطع البغوي والمتولي، وصححه الرافعي. انظر: نهاية المطلب 2/ ق 128، فتح العزيز 7/ 296 - 297، المجموع 8/ 34 - 35، الروضة 2/ 361. (3) 9/ 61 - 95 في كتاب الحج، باب نقض الكعبة وبنائها. وللحديث ألفاظ أخرى عن عائشة سيذكرها المصنَّف بعد قليل إن شاء الله تعالى. (4) في (أ): (ستة). (5) 2/ ق 113/ ب. (6) كذا في النسخ وفيها ركاكة. (7) نهاية 2/ ق 39/ أ. (8) 9/ 91 - 95 في مثل كتاب الحج، باب نقض الكعبة وبنائها. (9) في (أ): (أحد). (10) في (د): (روايته)، والمثبت من (أ) و (ب). (11) وصححه أيضاً النووي. انظر: الحاوي 4/ 149، المهذَّب 1/ 296، نهاية المطلب 2/ ق 127، فتح العزيز 7/ 295، المجموع 8/ 35، الروضة 2/ 361. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 374 "مختصر المزني" (1): "فإن طاف فسلك (2) الحجر، أو على جدار الحجر، أو على شاذروان الكعبة لم يعتد به". وذكر ذلك في "الأم" (3) أيضاً، وقال: "كان في حكم من لم يطف". وإنما حمل أولئك على مخالفة نصِّ إمامهم مع نقلهم له، وتجنبهم مزاعمته من غير تأويل، عدم إطلاعهم على ما ورد في ذلك من الحديث كما ينبغي، وها نحن نبيِّن صحة ما نصَّ عليه الشافعي، فنقول: لا خلاف في أنه - صلى الله عليه وسلم - طاف من وراء جدار الحجر (4) فقط. وثبت في الصحيحين (5) من حديث عائشة رضي الله عنها (إن الحجر من البيت) وهذا يتضمن كون جداره منه، فإنَّ (6) جدار الدار من الدار.   (1) ص: 96. (2) في (أ): (بسكك). (3) 2/ 67 - 68. (4) ويدل على ذلك ما روى ابن عباس - رضى الله عنهما - قال: (الحجر من البيت؛ لأن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - طاف بالبيت من ورائه) أخرجه الشافعي في المسند ص 117، الأم 2/ 67، عبد الرزاق في المصنف 5/ 127، ابن خزيمة 4/ 222، الحاكم 1/ 630، البيهقي في الكبرى 5/ 146، قال الحاكم: هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يخرجاه. وسكت عنه الذهبي. (5) البخاري 3/ 513 - 514 - مع الفتح - في كتاب الحج، باب فضل مكة وبنائها، و8/ 19 في كتاب التفسير، باب قول الله تعالى: {وَإِذْ يَرْفَعُ إِبْرَاهِيمُ الْقَوَاعِدَ مِنَ الْبَيْتِ} الآية (127)، و13/ 238 في كتاب التمني باب ما يجوز من اللَّو. ومسلم 9/ 96 - مع النووي - في كتاب الحج، باب نقض الكعبة وبنائها بلفظ: قالت: سألت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن الجَدْر أمن البيت؟ قال: (نعم)، قالت: فلم لم يدخلوه في البيت، قال: (إن قومك قصرت بهم النفقة ... ) الحديث. (6) في (أ): (وإن). الجزء: 3 ¦ الصفحة: 375 وأما تعيين أذرع منه فقد اضطربت فيه الروايات عنها رضي الله عنها؛ فروي (ست أذرع)، وروي (ست اذرع أو نحوها)، وروي (خمس أذرع)، وروي (قريباً من سبع أذرع)، وروي (أن الحجر من البيت) (1) كما قدَّمنا، وعند هذا يتعيَّن الأخذ بالأكثر؛ لما ورد (2) فيه من التفصي عن العهدة (3) بيقين (4). ولغير (5) ذلك والحمد لله على ما كشف من الغطاء، وأجزل من العطاء، وهو أعلم. القول الأصح: عدم وجوب ركعتي الطواف (6)، وأمَّا الطواف المسنون (7) ففيه طريقان:   (1) وهذه الروايات كلها ثابتة في الصحيحين. انظر: الهامش السابق. (2) ساقط من (أ) و (ب). (3) في (د): (العهد)، والمثبت من (أ) و (ب). (4) وتعقبه ابن حجر رحمه الله فقال: بأن الجمع بين هذه الروايات ممكن، وهذا أولى من دعوى الاضطراب والطعن في الروايات المقيدة لأجل الاضطراب؛ لأن شرط الاضطراب أن تتساوى الوجوه بحيث يتعذَّر الترجيح أو الجمع، ولم يتعذَّر ذلك هنا، فيتعيَّن حمل المطلق وهو قوله "الحجر من البيت" على المقيَّد. ثم قال: الروايات المقيدة ما عدا رواية (خمسة أذرع) كلها تجتمع على أنها فوق الستة ودون السبعة، وأما رواية (خمسة أذرع) قال أولاً: فهي شاذة، والروايات الأخرى أرجح لما فيها من الزيادة عن الثقات الحفاظ، وقال آخراً: ثم ظهر لي لهذه الرواية وجه آخر وهو أنه أريد بها ما عدا الفرجة التي بين الركن والحجر، فتجتمع مع الروايات الأخرى، فإن الذي عدا الفرجة أربعة أذرع وشيئا، ولهذا وقع عند الفاكهي من حديث أبي عمرو بن عدي بن الحمراء أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال لعائشة في هذه القصة: (ولأدخلت فيها من الحجر أربعة أذرع) فيحمل هذا على إلغاء الكسر، ورواية (خمسة أذرع) على جبره، وبذلك يجمع بين هذه الروايات كلها، ولم أر من سبقني إلى ذلك. انظر: فتح الباري 3/ 519، 523. (5) ساقط من (أ). (6) وصححه أيضاً الرافعي والنووي. انظر: المهذَّب 1/ 298، التنبيه ص 114، حلية العلماء 3/ 33، فتح العزيز 7/ 305، المجموع 8/ 72، الروضة 2/ 362، رحمة الأمة ص 142. (7) نهاية 2/ ق 39/ ب. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 376 منهم: من قطع بالنفي (1). ومنهم: من طرد القولين (2)، فعلى هذا لا نقول: إنه واجب فيه، بل نقول (3): هو شرط فيه (4)، وهذا على ما أشار إليه المصنَّف. والأصح (فيه، وفي أمثاله) (5) أن يقال: هو ركن فيه، وكأنه على هذا القول شوط (6) من أشواط (7) الطواف، ولا يقال: هو واجب، ولا هو شرط فيه (8)، وقد حققنا الكلام في نحو هذا في كتاب الصلاة (9)، والله أعلم. قوله في نية الطواف في الحج، أو العمرة: "فيها ثلاثة أوجه: أحدها: أنها تشترط؛ لأنه في (10) حكم عبادة، وإن كان ركنًا" (11). يعني في حكم عبادة مستقلة؛ فإنه يجوز إفراده.   (1) أي بعدم الوجوب. انظر: الإبانة 1/ ق 106/ أ، نهاية المطلب 2/ ق 126، البسيط 1/ ق 255، فتح العزيز 7/ 311، المجموع 8/ 72، الروضة 2/ 362. (2) وهو ظاهر كلام جمهور العراقيين. انظر: المصادر السابقة. (3) ساقط من (أ). (4) انظر: البسيط 1/ ق 256، فتح العزيز 7/ 311 وما بعدها، المجموع 8/ 73، الروضة 2/ 363. (5) ما بين القوسين ساقط من (ب). (6) في (د) و (ب): (شرط)، وهو تحريف، والمثبت من (أ). (7) في (د) و (ب): (أشراط)، وهو تحريف، والمثبت من (أ). (8) قال الرافعي والنووي: والصواب أنهما ليستا بشرط في صحته، ولا ركناً له، بل يصح الطواف بدونهما. انظر: فتح العزيز 7/ 311، المجموع 8/ 73، الروضة 2/ 363. (9) انظر ورقة 63/ ب من نسخة (أ). (10) في (أ): (كان). (11) الوسيط 1/ ق 175/ أ. وتمامه "في الحج". الجزء: 3 ¦ الصفحة: 377 "والثاني: أنها لا تشترط؛ لأن وقوعه ركناً بعد الوقوف متعيَّن" (1). معناه: أنه يتعيَّن وقوعه عن نفسه ركناً في حجه، فتكفي نيَّة (2) الحج أولاً المستصحبة في جميع أركانه، وليس ذا من قبيل التعيين في صوم شهر رمضان؛ لأن النسك من شأن من كان (3) عليه فرضه عن نفسه، يتعيَّن (4) ما يأتي به (5) منه (6) لنفسه، ولو صرفه إلى غيره لم ينصرف، ووقع عن نفسه، بدلالة حديث شبرمة (7)، هذا (8) لنفسه (9). قوله على وجه التفريع على هذا الوجه: "حتى لو طاف في طلب غريم أجزأه" (10). والصحيح الوجه الثالث: أنه لا تشترط فيه النيَّة، لكن لو صرفه بالقصد إلى أمر آخر، قطع حكم النيَّة الأولى المستصحبة (11). ونظيره: إذا نوى في أثناء وضوئه بغسل بعض أعضائه التبرد، أو نحوه، والله أعلم.   (1) الوسيط الموضع السابق. (2) في (أ) و (ب): (فيكتفى بنيَّة). (3) ساقط من (أ). (4) في (أ) و (ب): (تعيَّن). (5) ساقط من (أ). (6) ساقط من (د)، والمثبت من (أ) و (ب). (7) سبق تخريجه. (8) في (أ): (وهذا). (9) كذا في (د) و (أ)، وفي (ب): (مستند). (10) الوسيط 1/ ق 175/ أ. (11) وصححه أيضاً النووي. انظر: المجموع 8/ 21 - 22، الروضة 2/ 364، مغني المحتاج 1/ 487. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 378 قوله: "الثانية: الاستلام، وهو أن يقبَّل الحجر" (1). ما أدري كيف وقع هذا، إنما الاستلام مسُّ الحجر باليد بلا خلاف بين الناس، وهو مشتق من السَّلام بكسر السين، وهو الحجر (2). وقيل: بل من السَّلام (3) بفتح السين، الذي هو التحيَّة (4)، والتقبيل يقع بعد الاستلام، والله أعلم. قوله في الركن اليماني: "لأنه الباقي على قواعد إبراهيم - صلى الله عليه وسلم - وعلى نبينا أكمل الصلاة والسلام - من جملة الأركان" (5) يعني بعد الركن الأسود الذي فيه الحجر الأسود، فإنهما جميعاً على قواعد أساس (6) إبراهيم - صلى الله عليه وسلم - وعلى نبينا. قوله (7): "وقد قال - صلى الله عليه وسلم -: إن الحجر الأسود ليأتي يوم القيامة له لسان ذَلَقٌ يشهد لمن قبَّله" (8). الذَّلقُ حِدَّة اللسان (9). والذي نعرفه (10) في هذا، ما رويناه في "السنن   (1) الوسيط 1/ ق 175/ أ. (2) انظر: الزاهر ص: 118، الصحاح 5/ 1952، النظم المستعذب 1/ 296، القاموس ص 1448. (3) نهاية 2/ ق 40/ أ. (4) انظر: الزاهر ص 118، النظم المستعذب 1/ 296، تهذيب الأسماء واللغات 3/ 152. (5) الوسيط 1/ ق 175/ ب. (6) ساقط من (أ). (7) بياض في (أ). (8) الوسيط 1/ ق 175/ ب. (9) انظر: القاموس ص: 1143. (10) في (أ): (يعرف). الجزء: 3 ¦ الصفحة: 379 الكبير" (1) للحافظ أبي بكر البيهقي بإسناده عن ابن عباس قال: قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: (ليبعثنَّ الله الحجر يوم القيامة له عينان يبصر بهما، ولسان ينطق به، يشهد لمن استلمه بحقًّ). رجال إسناده ثقات على شرط مسلم في صحيحه، والله أعلم. لفظ "الاضطباع" (2) مأخوذ من الضَّبْع افتعال منه، وقلبت التاء طاءً لمكان الضاد، وذلك لكونه يجعل وسط ردائه على ضبعه، والضَّبع هو العضد (3)، وقيل: هو ما بين الإبط إلى نصف العضد (4)، وقيل: هو وسط العضد (5)، والله أعلم. قوله (6): "إنه (7) يديم هذه الهيئة إلى آخر السعي، وقيل: إلى آخر   (1) 5/ 122، وكما رواه أيضاً الترمذي 3/ 294 في كتاب الحج، باب ما جاء في الحجر الأسود، وابن ماجه 2/ 982 في كتاب المناسك، باب استلام الحجر، وأحمد 1/ 408، 440، 449، 504، 611، والدارمي 2/ 63، وابن خزيمة 4/ 220، وابن حبَّان 9/ 26، والحاكم 1/ 627. من طرق عن عبد الله ابن عثمان بن خشيم عن سعيد بن جبير عن ابن عباس به. قال الترمذي: هذا حديث حسن، وقال الحاكم: هذا حديث صحيح ولم يخرجاه، وله شاهد صحيح ثم ذكره، ووافقه الذهبي، وصححه أيضاً النووي في المجموع 8/ 50، وابن الملقَّن في تذكرة الأحبار ق 111/ أ. (2) قال في الوسيط 1/ ق 175/ ب: "السنة الرابعة: الاضطباع، وصورته أن يجعل وسط إزاره في إبطه اليمنى، ويعري عنه منكبه الأيمن، ويجمع الإزار على عاتقه الأيسر". (3) أي كلها، والجمع أضباع مثل فرح أفراح. انظر: الزاهر ص 120، الصحاح 3/ 1243، النظم المستعذب 1/ 298، القاموس ص: 956. (4) أي من أعلاه. انظر: تحرير ألفاظ التنبيه ص 112، القاموس ص 956. (5) انظر: المصدرين السابقين. (6) ساقط من (أ)، وفي (ب): (ثم قيل). (7) ساقط من (أ). الجزء: 3 ¦ الصفحة: 380 الطواف" (1) هذا هو الصحيح (2). ومعناه: أنه يستديم الاضطباع في الأشواط السبعة، وإن كان الرمل مقصوراً به على الثلاثة الأول، وهذا مقطوع به من غير خلاف (3)، ثم إنما يتركه في ركعتي الطواف، فإذا فرغ منهما أعاده في حالة السعي (4)، والله أعلم. قوله: "الرَمَل: هو السرعة في المشي مثل الخَبَب، أو دونه" (5). إنما الرمل هو السرعة في المشي مع تقارب الخطى من غير (6) وُثُوب، وهو خَبَب، وليس   (1) الوسيط 1/ ق 175/ ب. (2) في (أ) و (ب): (الأصح). وذلك لأن صورة الاضطباع مكروهة في الصلاة، فلا تسن في ركعتي الطواف، وصححه أيضاً الرافعي والنووي. انظر: الإبانة 1/ ق 105/ ب، البسيط 1/ ق 257/ أ، فتح العزيز 7/ 331، المجموع 8/ 27، الروضة 2/ 369. (3) انظر: البسيط 1/ ق 257/ أ، فتح العزيز 7/ 338، المجموع 8/ 26، الروضة 2/ 369. (4) هذا هو المذهب الصحيح الذي قطع به الجمهور، وفي وجهٍ ثان حكاه الرافعي أنه لا يسن الاضطباع في السعي بين الصفا والمروة، وقال النووي: إنه شاذ. قلت: وبه قال الحنابلة، وهو الصواب؛ لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - لم يضطبع فيه، والمعتمد في باب الحج الإقتداء بفعل النبي - صلى الله عليه وسلم -، والقياس لا يصح إلا فيما عقل معناه، وهذا تعبد محض. انظر: المهذَّب 1/ 298، حلية العلماء 3/ 332، شرح السنة 4/ 64، فتح العزيز 7/ 338، المجموع 8/ 27، الروضة 2/ 369، المغني لابن قدامة 5/ 217، المحرر 1/ 246. (5) الوسيط 1/ ق 175/ ب. وتمامه " ... في ثلاثة أشواط في أول الطواف، والسكينة مستحبة في الأربعة، ويستحب الرمل في جميع أركان البيت". (6) نهاية 2/ ق 40/ ب. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 381 دونه (1)، وقد جاء في بعض الأحاديث مسمى بالخَبَب (2)، وغلَّط شيخه الإمام أبو المعالي (3) أبا بكر الصيدلاني في قوله: إن الرمل دون الخبب (4)، والله أعلم. القول الأصح: إن الرمل في الثلاثة الأُوَل، وهو في جميع المطاف من الحجر الأسود إلى الحجر الأسود (5)؛ لأنه ثبت في صحيح مسلم (6) من حديث ابن عمر، وجابر - رضي الله عنهم -: (أن النبي - صلى الله عليه وسلم - فعل ذلك). وهذا مرجَّح على ما رواه ابن عباس من أن النبي - صلى الله عليه وسلم - ترك الرمل بين الركن الأسود والركن اليماني، وأمر أصحابه بذلك؛ لأن المشركين كانوا جلوساً مما   (1) انظر: الأم 2/ 265، مختصر المزني 79، النظم المستعذب 1/ 297، تهذيب الأسماء اللغات 3/ 1/127 - 128، المجموع 8/ 55. (2) يشير إلى ما رواه عبد الله بن عمر رضي الله عنهما قال: (كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذا طاف بالبيت الطواف الأول خبَّ ثلاثاً، ومشى أربعاً ... ) الحديث. رواه البخاري 3/ 549، 550، 558، 586 - مع الفتح - في كتاب الحج، باب استلام الحجر الأسود حين يقدم مكة أول ما يطوف ويرمل ثلاثاً، وياب الرمل في الحج والعمرة، وباب من طاف بالبيت إذا قدم مكة قبل أن يرجع إلى بيته، وباب ما جاء في السعي بين الصفا والمروة. ومسلم 9/ 6 - 8 - مع النووي - في كتاب الحج، باب استحباب الرمل في الطواف والعمرة. (3) انظر: نهاية المطلب 2/ ق 130. (4) انظر قول الصيدلاني في: فتح العزيز 7/ 326، المجموع 8/ 56. (5) وبه قطع الجمهور، وصححه أيضاً الرافعي والنووي. انظر: الإبانة 1/ ق 105/ ب، نهاية المطلب 2/ ق 131، البسيط 1/ ق 256/ ب، فتح العزيز 7/ 327 - 329، الروضة 2/ 367، المجموع 8/ 56 وما بعدها. (6) 9/ 10 - 13 - مع النووي - في كتاب الحج، باب استحباب الرمل في الطواف والعمرة. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 382 يلي الحِجر - بكسر الحاء - إبقاء عليهم (1). (2) لأن هذا وإن كان صحيحاً فهو متقدَّم، كان في مقدمِهِ مكة وهي بيد المشركين معتمراً (3)، وما رواه ابن عمر وجابر رضي الله عنهما كان في حجة الوداع، فهو متأخر ناسخ، وقد أورد المصنِّف حديث ابن عباس بمعناه، لا بلفظه، والله أعلم. قوله: "وهذا وإن كان على سبب، فقد (4) بقي مع زوال السبب تبركاً بالتشبيه به، كما قيل: إن سبب رمي الجمار رمي إبراهيم - صلى الله عليه وعلى نبينا وسلم - للحجارة إلى ذبح استعصى عليه، فصار ذلك شرعاً، ومبنى العبادات على (5) التأسي" (6). هذا فاسد؛ إنما كان ذلك الرمي للشيطان - أعاذنا الله منه -، وذلك معروف، روينا عن ابن عباس - رضي الله عنهما - مرفوعاً قال: (لما أتى إبراهيم خليل الله عليه الصلاة والسلام المناسك، عرض له الشيطان عند جمرة العقبة، فرماه بسبع حصيات حتى ساخ في الأرض (7)، ثم عرض له في (8) الجمرة الثانية، فرماه بسبع حصيات (9) حتى ساخ في الأرض، ثم عرض له في الجمرة الثالثة،   (1) إبقاء عليهم: أي رفقاً بهم. انظر: شرح صحيح مسلم للنووي 9/ 13. (2) في (ب): زيادة (من المشركين). ورواه مسلم في الكتاب والباب السابقين. (3) يعني عمرة القضاء سنة سبع من الهجرة. انظر: المجموع 8/ 57. (4) في (د): (ففي)، والمثبت من (أ) و (ب). (5) ساقط من: (أ) و (ب). (6) الوسيط 1/ ق 175/ ب. (7) ساخ في الأرض: أي دخل فيها وغاص، انظر: الصحاح 1/ 424، النهاية في غريب الحديث والأثر 2/ 416. (8) في (أ) و (ب): (عند). (9) نهاية 2/ ق 41/ أ. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 383 فرماه بسبع حصيات حتى ساخ في الأرض، قال ابن عباس: الشيطان ترجمون، وملة أبيكم تتبعون" (1). و (2) قوله: "مبنى العبادات على التأسي" غير مرضي؛ لأن هذا النوع من التأسي نادر في العبادات، والله أعلم. قوله: "اللهم اجعله حجاً مبروراً، وذنباً مغفوراً" (3) (تقديره: وذنبي ذنباً مغفوراً) (4)، وكذا نحوه مما بعده، والله أعلم. القول الأصح عند القاضي أبي الطيِّب الطبري (5)، وغيره (6): أن شرط استحباب الرمل والاضطباع كونه طوافاً يعقب (7) السعي، ولا يشترط وصف القدوم (8).   (1) رواه الحاكم 1/ 638 ومن طريقه البيهقي في الكبرى 5/ 250، وقال الحاكم: هذا حديث صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه، وقال الذهبي: على شرط مسلم. ورواه أحمد 1/ 54 من طريق آخر بنحوه، وأورده الهيثمي في المجمع 3/ 259 وما بعدها وقال: "فيه عطاء بن السائب وقد اختلط". قلت: وصحح إسناده أحمد شاكر في مسند أحمد بتحقيقه 4/ 283 وما بعدها. (2) ساقط من (د)، والمثبت من (أ) و (ب). (3) الوسيط 1/ ق 176/ أ. ولفظه قبله "ويستحب أن يقول في الرَمَل: اللهم اجعله .... إلخ". (4) ما بين القوسين ساقط من (د)، والمثبت من (أ) و (ب). (5) انظر: حلية العلماء 3/ 332، والمجموع 8/ 58. (6) أي عند جمهور الأصحاب كما ذكره الرافعي والنووي. انظر: فتح العزيز 7/ 330، المجموع 8/ 59، 58. (7) كذا في النسخ، ولعل الصواب (يعقبه) والله أعلم. (8) انظر: المصادر السابقة، والأم 2/ 265، الإبانة 1/ ق 105/ ب، المهذَّب 1/ 298، نهاية المطلب 2/ ق 131، البسيط 1/ ق 256/ أ، الروضة 2/ 67. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 384 والأصح عند صاحب "التهذيب" (1): أنه يشترط كونه طواف قدومٍ فقط (2)، والأول أقوى عند الأكثر، والله أعلم. قوله في طواف المحمول: "فالحركة الواحدة تكفي للمحمولين، ولا تكفي للحامل والمحمول" (3). قد حكى شيخه (4) إجماع أئمة المذهب على هذا (5)، والسبب فيه: أن ما أوضحه وهو أن فعله حركة واحدة، (إنما يقع (6) من جهة واحدة) (7)، إمَّا عن نفسه، وإمَّا عن غيره، ويمنع أن يقع (8) مع اتحادها (9) عن جهة غيره، وجهة نفسه، وإنما في المحمولين ففعله إنما وقع عن (10) جهة واحدة، وهي (11) جهة غيره، ولا أثر لتعدد ذلك (12) الغير، واتحاده (13).   (1) 3/ 262. (2) انظر: الإبانة 1/ ق 105/ ب، المهذب 1/ 298, نهاية المطلب 2/ ق 131، الروضة 2/ 67. (3) الوسيط 1/ ق 176/ أ. (4) انظر: نهاية المطلب 2/ ق 134. (5) انظر أيضاً: فتح العزيز 7/ 341، المجموع 8/ 40، الروضة 2/ 364. (6) في (أ): (تقع) بالتاء الفوقيَّة. (7) ما بين القوسين ساقط من (ب). (8) في (أ): (تقع) بالتاء الفوقيَّة. (9) في (د): (اتحادهما)، والمثبت من (أ) و (ب). (10) ساقط من (د)، والمثبت من (أ) و (ب). (11) في (أ): (في) بدلاً عن (وهي). (12) في (د) زيادة (المعتبر). (13) انظر: نهاية المطلب 2/ ق 134، المجموع 8/ 40. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 385 وقد ذكر صاحب "التهذيب" (1) في الحامل والمحمول وجهاً (2) أنه يقع عنهما (3)، وهو متجه. ذكر التهليل الذي يذكر على الصفا على اختصار، ثم قال: "فإذا فرغ من الدعاء نزل" (4)، هذا يتضمن ما صرَّح به غيره (5)، من أنه يدعو بعد الذكر المذكور، فلا ينبغي أن نحمله على أنه سمَّى التهليل دعاء كما جاء في التهليل المعروف يوم عرفة، والله أعلم. وقوله: "حتى يحاذي الميلين الأخضرين اللذين هما بفناء المسجد وحذاء دار العباس" (6). اعلم إن هذين الميلين ليسا من جهة واحدة، بل أحدهما عن يمين الساعي عندما هو آتٍ من الصفا إلى (7) المروة، والآخر عن شماله، فالذي عن يمينه ملصق بدار العباس (8) - رضي الله عنه -، والثاني وهو الذي عن شماله ملصق بباب المسجد، وهو باب الجنائز، وبينهما عرض السوق.   (1) 3/ 262. (2) في (أ): (وجه). (3) انظر: فتح العزيز 7/ 341، المجموع 8/ 40، الروضة 2/ 364. (4) الوسيط 1/ ق 176/ ب. (5) كالشيرازي وإمام الحرمين والرافعي. انظر: المهذَّب 1/ 300، التنبيه ص 115، نهاية المطلب 2/ ق 136، فتح العزيز 7/ 343. (6) الوسيط 1/ ق 176/ ب. (7) نهاية 2/ ق 41/ ب. (8) هو العباس بن عبد المطلب بن هاشم بن عبد مناف أبو الفضل، عم رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، كان له عمارة المسجد الحرام والسقاية، أسلم عام الفتح، وقيل أسلم قبل ذلك وكتم إسلامه وأقام بمكة بإذن النبي - صلى الله عليه وسلم -، وشهد حنيناً مع النبي - صلى الله عليه وسلم - وحسن بلاءه فيها، وكان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يبجله ويقدره، ومناقبه كثيرة ومشهورة، مات بالمدينة سنة 32، وقيل: 34 هـ. انظر: تهذيب الأسماء واللغات 1/ 257 - 259، سير أعلام النبلاء 2/ 78، البداية والنهاية 7/ 152، الإصابة 2/ 271. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 386 وقوله: "يحاذيهما" معناه: يتوسطهما، إذا عرفت هذا، فنقول (1): وقوله (2) "وحذاء دار العباس" غير صحيح، وينبغي أن يسقط عنه (3) كلمة "وحذاء"، والله أعلم. قوله (4): "كل ذلك مأثور عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قولاً، وفعلاً" (5)، أي منه ما روي أنه قاله، ومنه ما روي أنه فعله. وقوله: "رب اغفر وارحم إنك الأعز الأكرم" هو من قول ابن عمر رضي الله عنهما، رواه صاحب "السنن الكبير (6) "، ولم يصح (7) رفعه، والله أعلم. قوله: "السعي ليس عبادة في نفسه، فلا يكرر كالوقوف" (8) معناه: أنه ليس عبادة بانفراده وإنما هو تابع، ولهذا لا يشرع الإتيان به إلا في ضمن أحد النسكين، بخلاف الصلاة، والطواف (9)، والله أعلم.   (1) ساقط من (أ) و (ب). (2) في (أ) و (ب): (فقوله). (3) في (أ) و (ب): (منه). (4) ساقط من (د)، والمثبت من (أ) و (ب). (5) الوسيط 1/ ق 176. ولفظه قبله: "ويقول أثناء السعي: رب اغفر وارحم فإنك أنت الأعز الأكرم، كل ذلك مأثور ... إلخ". (6) ساقط من (أ)، وانظر 5/ 154، ورواه الطبراني في كتاب الدعاء 2/ 203 من حديث ابن مسعود مرفوعاً، قال ابن حجر في التلخيص 2/ 251: في إسناده ليث بن أبي سليم، وهو ضعيف، ورواه البيهقي في الكبرى 5/ 154 موقوفاً عليه، وقال: هذا أصح الروايات في ذلك عن ابن مسعود، والله أعلم. (7) في (أ): (بعد) بدل (لم يصح). (8) الوسيط 1/ ق 176/ ب. (9) لأن كل واحدة منهما عبادة يتقرب بها وحدها. انظر: البسيط 1/ ق 258، فتح العزيز 7/ 346. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 387 قوله (1): "ولو تخلل بين الطواف والسعي الوقوف بعرفة (2) بأن (3) طاف للفدوم، ولم يسع، ثم وقف بعرفة، وأراد أن يسعى قبل طواف الإفاضة؛ ليكون سعيه تبعاً لطواف القدوم" (4)، فالأصح: أنه لا يجوز ذلك، بل عليه أن يسعى عقيب طواف الإفاضة (5)، والله أعلم. ذكر أنه إذا طلعت الشمس عليهم بمنى ساروا إلى الموقف، وخطب بهم الإمام بعد الزوال، ويصلي بهم الظهر والعصر جمعاً (6)، قال: "ثم يروح إلى عرفة" (7)، إنما قال هذا؛ لأن ما سبق ذكره من الخطبة والصلاة تقع في المسجد الذي يسمى "مسجد إبراهيم" (8) - صلى الله عليه وعلى نبينا محمَّد وسلم -، وليس من عرفات (9).   (1) ساقط من (د)، والمثبت من (أ) و (ب). (2) ساقط من (أ). (3) في (أ): (فإن). (4) الوسيط 1/ ق 176/ ب. (5) قال النووي: هذا بالاتفاق صرَّح به القفال، والبندنيجي، والبغوي، والمتولي، وصاحب العدة، وآخرون، ولا نعلم فيه خلافاً، إلا أن الغزالي قال في الوسيط فيه تردد، ولم يذكر شيخه هذا التردد، بل حكى قول البندنيجي وسكت عليه. انظر: نهاية المطلب 2/ ق 135، البسيط 1/ ق 235، المجموع 8/ 99. (6) في (د) و (ب): (جميعاً)، والمثبت من (أ). (7) الوسيط 1/ ق 177/ أ. (8) ويسمى الآن بـ (مسجد نمرة)، انظر: تهذيب الأسماء واللغات 3/ 2/ 154. (9) نهاية 2/ ق 42/ أ. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 388 وذكر الشيخ أبو محمَّد الجويني في "مناسكه" (1)، وابنه الإمام في "نهايته" (2): أن مقدَمه (3) من وادي عُرنة - بضم العين - لا من عرفات، ومؤخره من عرفات، ويتميَّز ذلك من هذا (4) بصخرات كبار مفروشة هناك. وهذا مخالف لإطلاق الشافعي رحمه الله إن هذا المسجد ليس من عرفات (5)، فلعله زِيد فيه بعده القدر الذي ذكره الجويني، وهذا المسجد بينه وبين المكان الذي وقف فيه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قدر ميل (6)، والله أعلم. ووادي عُرنة المذكور، هو بضم العين، وبالنون (7)، وإليه ينتهي أحد حدود عرفات (8)، وفي كتابنا في المناسك في حدود عرفات وتفصيلها كلام شاف عزيز (9)، ولله الحمد وهو أعلم.   (1) انظر: المجموع 8/ 132، الإيضاح ص 94. (2) 2/ ق 139. (3) في (أ): (تقدمه). (4) في (أ): (هذا من ذاك)، وفي (ب): (ذاك من هذا). (5) انظر: الأم 2/ 328. (باب ما يفعل الحاج والقارن). (6) انظر: أخبار مكة للأزرقي 2/ 189، المجموع 8/ 33، الإيضاح ص 94. (7) في (أ): (والنون). (8) وبينه وبين مزدلفة ثلاثة أميال تقريباً. انظر: معجم البلدان 4/ 125، وتهذيب الأسماء واللغات 3/ 2/ 154. (9) قال النووي: "قال بعض أصحابنا: لعرفات أربعة حدود، احدها ينتهي إلى وسط طريق المشرق، والثاني: إلى حافات الجبل الذي وراء أرض عرفات، والثالث: إلى البساتين التي تلي قرية عرفات، وهي على يسار مستقبل القبلة إذا وقف بأرض عرفات، والرابع: ينتهي إلى وادي عُرنة". المجموع 8/ 131، الإيضاح ص 93. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 389 قوله: "قال - صلى الله عليه وسلم -: أفضل ما دعوت (1)، ودعاء الأنبياء قبلي يوم عرفة "لا إله إلا الله وحده لا شريك له") (2)، رواه مالك الإمام (3)، ولفظه: (أفضل الدعاء [دعاء] (4) يوم عرفة، وأفضل ما قلت (5) أنا والنبيون من قبلي: لا إله إلا الله وحده لا شريك له)، ولكن إسناده مرسل، ورواه بهذا اللفظ الترمذي في جامعه (6) عن   (1) في (أ): (دعوته). (2) الوسيط 1/ ق 177/ أ. (3) في الموطأ 1/ 337، وكما رواه البيهقي في الكبرى 5/ 190 من طريق مالك عن زياد بن أبي زياد عن طلحة بن عبيد الله كريز أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: ... فذكره. قال البيهقي: هذا مرسل، وقد روي عن مالك بإسناد آخر موصولاً، ووصله ضعيف. (4) ما بين المعقوفتين زيادة من الموطأ. (5) في (د): (قلنا)، والمثبت من (أ) و (ب). (6) 5/ 534 في كتاب الدعوات، باب دعاء يوم عرفة، كما رواه أحمد 2/ 425 كلاهما من طريق حمَّاد بن أبي حميد عن عمرو بن شعيب به. قال الترمذي: هذا حديث غريب من هذا الوجه، وحمَّاد بن أبا حميد وهو أبو إبراهيم الأنصاري المدني وليس بالقوي عند أهل الحديث. وبه ضعفه ابن حجر في التلخيص 2/ 254، ورمز له السيوطي في الجامع الصغير 1/ 244 بالضعف، وتبعه المناوي في فيض القدير 3/ 471، وحسَّنه الألباني في عدد من كتبه منها: صحيح الجامع الصغير وزياداته 1/ 621 برقم (3274)، والصحيحة 4/ 6 - 8 برقم (1503). وله شاهد من حديث علي بن أبي طالب - رضي الله عنه - رواه البيهقي في الكبرى 5/ 190 مرفوعاً بلفظ: (أكثر دعائي ودعاء الأنبياء قبلي بعرفة: لا إله إلا الله .... ) الحديث. وضعفه الألباني بقوله: تفرد به موسى بن عبيدة وهو ضعيف، وأخوه عبد الله بن عبيدة الراوي عن علي - رضي الله عنه - لم يدرك عليّاً. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 390 عمرو (1) بن شعيب عن أبيه (2) عن جده (3) عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وزاد فيه (له الملك، وله الحمد، وهو على كل شيء قدير). ويحكى أنه قيل لسفيان بن عيينة (4): إن هذا ثناء وليس بدعاء، فقال: أما سمعت قول الشاعر (5): إذا أَثْنى عليك المرءُ يوماً ... كَفاهُ من تعرُّضِهِ الثَّناءُ (6)   (1) هو عمرو بن شعيب بن محمَّد بن عبد الله بن عمرو بن العاص السهمي القرشي المدني، صدوق من الخامسة، مات سنة 118 هـ. انظر: تهذيب الأسماء واللغات 2/ 28 - 30، التقريب ص 423. (2) هو شعيب بن محمَّد - وباقي نسبه كالسابق - صدوق، ثبت سماعه من جده عبد الله بن عمرو، ولم أقف على سنة وفاته. انظر: تهذيب الأسماء واللغات 1/ 246، تاريخ الإسلام 6/ 81 - 82، التقريب ص 267. (3) هو عبد الله بن عمرو بن العاص أبو محمَّد، وقيل: أبو عبد الرحمن السهمي القرشي، الصحابي ابن الصحابي، كان أبوه أسن منه بإحدى عشرة سنة، وقيل: اثنتي عشرة سنة، أسلم قبل أبيه، وكان - صلى الله عليه وسلم - يفضله على أبيه، وهو أحد المكثرين من الصحابة في رواية الحديث عن النبي - صلى الله عليه وسلم -، ومناقبه كثيرة ومشهورة، مات بمصر سنة 65 هـ، وقيل غير ذلك. انظر: تهذيب الأسماء واللغات 1/ 281 وما بعدها، تذكرة الحفاظ 1/ 41 - 42. (4) هو سفيان بن عيينة بن أبي عمران ميمون أبو محمَّد الكوفي ثم المكي الهلالي مولاهم، كان إماماً، حجَّةً، حافظاً، واسع العلم، كبير القدر، قال الشافعي: لولا مالك وسفيان لذهب علم الحجاز، مات سنة 198 هـ. انظر: تهذيب الأسماء واللغات 1/ 224 - 225، تذكرة الحفاظ 1/ 262، التقريب ص 245، طبقات الحفاظ ص 119. (5) هو أمية بن أبي الصلت، من قصيدة يمدح فيها عبد الله بن جدعان. والبيت في الاشتقاق ص 143، الأغاني 8/ 328. (6) انظر قول سفيان في المغني 5/ 269. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 391 قوله: "قال في القديم: الوقوف راكباً أفضل؛ تأسياً برسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وليكون أقوى على الدعاء، وقال في الأم: الراكب والنازل سواء" (1). المراد بالنازل: النازل الواقف قائماً على قدميه، لا الجالس، فاعلم ذلك. وفي تعليل القول الأول إشارة إلى ذلك. وقوله في القديم (2) هو أيضاً (3) قوله (4) في "الإملاء" (5). قال صاحب "البحر" (6): "قال أصحابنا: هو أصح"، والله أعلم. الدلالة (7) على أن الحضور (8) بعرفة مع الغفلة أو (9) النوم مجزي (10) من (11) حديث عبد الرحمن بن يَعْمُر الديلمي (12) أنه سمع النبي - صلى الله عليه وسلم - يقول: (الحج   (1) الوسيط 1/ ق 177/ أ. (2) انظر: المهذَّب 1/ 301، فتح العزيز 7/ 358. (3) نهاية 2/ ق 42/ ب. (4) في (أ): (هو قوله أيضاً). (5) انظر: المهذَّب 1/ 301، الروضة 2/ 335، المجموع 8/ 134. (6) 2/ ق 130/ أ. (7) مطموس في (د)، والمثبت من (أ) و (ب). (8) في (أ) و (ب): (الحصول). (9) في (أ): (و). (10) ساقط من (أ)، وفي (د) (أحرر، أو أجزأ) والمثبت من (ب)، ولفظ الوسيط ا/ ق 177/ أ: "والواجب من جميع ذلك الحصول في طرف من أطراف عرفة ولو مع الغفلة والنوم إذا سارت به دابته، ولا يكفي حصول المغمي عليه, لأنه ليس أهلاً للعبادة". (11) ساقط من (ب). (12) هو صحابي جليل، سكن الكوفة، وروى عن النبي - صلى الله عليه وسلم - حديثان، ويقال: إنه مات بخراسان. انظر: تهذيب الأسماء واللغات 1/ 306، التقريب ص 353. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 392 عرفات، فمن أدرك ليلة جمع قبل أن يطلع الفجر فقد أدرك (1) بما أتى (2)) أي (3) أدرك عرفات ليلة العيد. رواه الترمذي والنسائي (4)، والله أعلم. الفرق بين النائم حيث صحَّ وقوفه بعرفة (5)، وبين المغمى عليه حيث لم يصح (6): أن النائم بمنزلة اليقظان، فإنه إذا نُبَّه انتبه، والمغمى عليه أقرب إلى المجنون منه إلى النائم. وفيه وجه: أنه يصح منه (7)، كما في الصوم، وفي النائم وجه أنه لا   (1) في (أ): (أدركها). (2) (بما أتى) ساقط من (أ) و (ب). (3) في (د): (إذ)، والمثبت من (أ) و (ب). (4) الترمذي 3/ 237 في كتاب الحج، باب ما جاء فيمن أدرك الإمام بجمع فقد أدرك الحج، والنسائي 5/ 292 في كتاب المناسك، باب في من لم يدرك صلاة الصبح مع الإمام بمزدلفة، كما رواه أبو داود 2/ 485 في كتاب المناسك، باب من لم يدرك عرفة، وابن ماجه 2/ 1003 في كتاب المناسك، باب من أتى عرفة قبل الفجر ليلة جمع، وأحمد 5/ 401، 402، 141، الدارمي 2/ 82، ابن الجارود في المنتقى ص 162، الطحاوي 2/ 209، ابن حبَّان 9/ 203، الدارقطني 2/ 240 - 241، الحاكم 1/ 635، البيهقي في الكبرى 5/ 282، واللفظ له. وقال الحاكم: صحيح الإسناد ولم يخرجاه، ووافقه الذهبي، وصححه أيضاً النووي في المجموع 8/ 124، الألباني في الإرواء 4/ 256. (5) هذا هو المذهب، وبه قطع الجمهور. انظر: الإبانة 1/ ق 105، البسيط 1/ ق 259/ ب، حلية العلماء 3/ 338، فتح العزيز 7/ 361 وما بعدها، الروضة 2/ 375، المجموع 8/ 129، كفاية الأخيار ص 302، مغني المحتاج 1/ 498. (6) وبه قطع الجمهور، وصححه ابن الصباغ، والنووي، وغيرهما. انظر: المصادر السابقة. (7) وهو الراجح عند البغوي. انظر: الإبانة 1/ ق 105، البسيط 1/ ق 259/ ب، حلية العلماء 3/ 338، فتح العزيز 7/ 361 وما بعدها، الروضة 2/ 375، المجموع 8/ 129. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 393 يصح منه (1)، بناه صاحب "البحر" (2)، وغيره (3) على وجه غريب، وهو أن كل ركن من أركان الحج يفتقر إلى نيةٍ مستأنفةٍ، لتفاصل الأركان فيه (4)، والله أعلم. أصح القولين (5): أن الجمع في الوقوف بين الليل، والنهار مستحب، غير واجب (6)؛ لأنه لم يشترط في حديث عروة بن مُضَرِّس (7) إلا إتيان عرفات ليلاً، أو نهاراً (8)، والله أعلم.   (1) انظر: المصادر السابقة. (2) 2/ ق 131/ أ. (3) كالمتولي. انظر: فتح العزيز 7/ 361، المجموع 8/ 130. (4) ساقط من (أ). (5) انظر: الوسيط 1/ ق 177/ ب. (6) هذا هو المذهب، وقطع به الجمهور. انظر: الإبانة 1/ ق 105/ أ، البسيط 1/ ق 259، حلية العلماء 3/ 338، فتح العزيز 7/ 363، المجموع 8/ 128، الروضة 2/ 377. (7) هو عروة بن مُضَرَّس بن أوس بن حارثة بن لام الطائي الصحابي، كان سيَّداً في قومه، شهد مع النبي - صلى الله عليه وسلم - حجة الوداع، وروى عنه هذا الحديث فقط، وشارك مع خالد في حروب الردة زمن أبي بكر الصديق - رضي الله عنه -. انظر: تهذيب الأسماء واللغات 1/ 332، الإصابة 2/ 478، التقريب ص 390. (8) رواه أبو داود 2/ 486، كتاب المناسك، باب من لم يدرك عرفة، والنسائي 5/ 290 - 292 في كتاب المناسك، باب فيمن لم يدرك صلاة الصبح مع الإمام بالمزدلفة، والترمذي 3/ 238 في كتاب الحج، باب من أتى عرفة قبل الفجر ليلة جمع واللفظ له، والدارمي 2/ 83، وأحمد 4/ 587، و 5/ 323، وابن الجارود ص 165، وابن حبان 9/ 161 - 164، والدارقطني 2/ 239، والحاكم 1/ 634 - 635، والبيهقي 5/ 188 من طرق عن الشعبي عن عروة بن مضرَّس بلفظ قال: أتيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بالمزدلفة حين خرج إلى الصلاة، فقلت: يا رسول الله إني جئت من جبل طي أكللت راحلتي، وأتعبت نفسي، والله ما تركت من جبل إلا وقفت عليه فهل لي من حج، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: (من شهد صلاتنا هذا ووقف معنا حتى ندفع، وقد وقف قبل ذلك بعرفة ليلاً أو نهاراً، فقد تم حجه وقضى نفثه). قال الترمذي: هذا حديث حسن صحيح، وقال الحاكم: هذا حديث صحيح على شرط كافة أئمة الحديث، ووافقه الذهبي، وصححه أيضاً الدارقطني، والقاضي أبو بكر ابن العربي على شرطهما كما قال ابن حجر في التلخيص 2/ 256، النووي في المجموع 8/ 126، الألباني في الإرواء 4/ 259. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 394 الأصح أنه يستوي في الجمع المذكور (1) بين الصلاتين المسافر والمقيم؛ لعلة (2) النسك (3)، والله أعلم. الأصح فيما إذا غلطوا، ووقفوا اليوم الثامن أنه يلزمهم القضاء (4). وقوله في تقريره: "إن ذلك نادر (لا يتفق) (5) إلا بتوارد شهادتين كاذبتين في شهرين" (6). هذا عضلة من العضل (7) الموصوفة، وأحد مثارات الخبط، من حيث إن المتبادر إلى الفهم منه: أن الغلط في اليوم الثامن لا يتفق إلا بتوارد شهادتين كاذبتين، ومعلوم أنه ليس كذلك؛ فإنه يتفق بشهادة واحدة كاذبة، تشهد برؤية هلال ذي الحجة لتسع وعشرين، مع أن الشهر تمام (8) ثلاثون، فيتقدمون بيوم، ويقع اليوم التاسع في حسابهم في الثامن،   (1) ساقط من (أ)، وانظر: الوسيط 1/ ق 177/ ب. (2) في (د): (ليلة)، وهو تحريف، والمثبت من (أ) و (ب)، وهو الصواب. (3) انظر: نهاية المطلب 2/ ق 140، البسيط 1/ ق 259، حلية العلماء 3/ 337، المجموع 8/ 115، مغني المحتاج 1/ 496. (4) وبه قطع الجمهور، وصححه أيضاً البغوي والرافعي والنووي وغيرهم. انظر: المهذَّب 1/ 311، البسيط 1/ ق 259، الوجيز 1/ 120، فتح العزيز 7/ 366، الروضة 2/ 378، المجموع 8/ 282. (5) ما بين القوسين ساقط من (د)، والمثبت من (أ) و (ب). (6) الوسيط 1/ ق 177/ ب. (7) العُضلة: بضم العين الداهية، يقال: إنه لعُضلة من العضل: أي داهية من الدواهي، وأعضل الأمر أي اشتدَّ واستغلق، وأمر معضل لا يهتدى لوجهه. انظر: الصحاح 5/ 1766، القاموس ص 1335. (8) في (أ): (تام). الجزء: 3 ¦ الصفحة: 395 هذا ظاهر غير (1) خاف، وكنا نمشيه ولا يتمشى حتى كأنما نضرب (2) في حديد بارد. حضرت يوماً في رحلتي إلى خراسان (3) - حرسها الله تعالى وسائر بلاد الإسلام وأهله - مع (4) ابن الوجيه النوقاني الطوسي (5) - رحمه الله - في مدرسته بنيسابور (6)، وكان أحد المفتين بها، وتمَّم "المحيط" لمحمد بن يحيى (7) في شرح   (1) نهاية 2/ ق 43/ أ. (2) في (أ): (يضرب). (3) خراسان هي بلاد واسعة، أول حدودها مما يلي العراق أزَدْوار قصبة جوين، وبيهق، وآخر حدودها مما يلي الهند طخارستان، وغزنة، وسجستان، وكرمان، وتشتمل على أمهات البلاد منها: نيسابور، ووهراة، ومرو، وبلخ، وطالقان، وغيرها. انظر: معجم البلدان 2/ 401، تهذيب الأسماء واللغات 3/ 102. (4) ساقط من (أ) و (ب). (5) لم أجد له ترجمة بعد البحث الشديد. (6) نيسابور: قال ياقوت الحموي: بفتح أوله، والعامة يسمونه نشاوور، وهي مدينة عظيمة ذات فضائل جسيمة، معدن الفضلاء ولم أر فيما طفت من البلاد مدينة مثلها، وبينها وبين مدينة الري مائة وسبعون فرسخاً، ومنها إلى سرخس أربعون فرسخاً. معجم البلدان 5/ 382، وانظر: تهذيب الأسماء واللغات 3/ 178. (7) هو محمَّد بن يحيى بن منصور بن أحمد أبو سعيد النيسابوري، كان إماماً بارعاً في الفقه، تفقه على أبي حامد الغزالي وغيره، انتهت إليه رئاسة الفقهاء الشافعيَّة بنيسابور، ومن أشهر تصانيفه: المحيط في شرح الوسيط، والإنصاف في مسائل الخلاف، وغيرهما، مات سنة 548هـ، وقيل: في السنة التي بعدها. انظر: وفيات الأعيان 3/ 359، تهذيب الأسماء واللغات 1/ 95، طبقات ابن قاضي شهبة 1/ 325، طبقات ابن هداية الله ص 254، كشف الظنون 2/ 2008. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 396 الوسيط، ثم عاد واستأنف من أول الوسيط، فشرح الكتاب كله شرحاً اجتزأ فيه ببسط ما هو مختصر في الشروح، من غير تنقيب عن المشكلات، وكشف عنها، وهذا هو الغالب في (1) شروح الشارحين، فذاكرته بذلك بعد أن علقت مما (2) كان علَّق من لفظ المصنَّف فيه في الدرس من خطَّ تلميذه (3) عنده (4)، ولا بيان فيه لذلك أيضاً، فلم يحضره في الحال جواب، وقال: قد كان (5) شرحته في الشرح، وقام وأتى بشرحه، وإذا فيه التنبيه على أن ذلك ليس عائداً إلى الغلط في سنة الأداء، بل إلى الغلطين (6) في شهرين من السنتين: سنة الأداء، وسنة القضاء. فإذاً قوله "إن ذلك نادر (7) " إشارة إلى ما قاله قبله في (8) الغلط في (9) العاشر، من قوله "لأنه لا يؤمن من وقوع مثله في القضاء (10) القابل (11) " (12) فتعجبت (13) من شدة وضوحه بعد شدة خفائه.   (1) في (أ) و (ب): (على). (2) في (أ) و (ب): (ما). (3) ساقط من (أ). (4) ساقط من (ب). (5) ساقط من (د) و (ب)، والمثبت من (أ). (6) في (أ): (الغلط). (7) في (ب): (نادراً)، والجملة تكررت فيها. (8) في (أ) و (ب): (من). (9) ساقط من (أ) و (ب). (10) ساقط من (ب). (11) ساقط من (أ). (12) الوسيط 1/ ق 177/ ب، ولفظه قبله "لو وقفوا اليوم العاشر غلطاً، فلا قضاء؛ إذ لا يؤمن من وقوع ... إلخ". (13) في (د): (تعجبت)، والمثبت من (أ) و (ب). الجزء: 3 ¦ الصفحة: 397 وقلت بعد تغليطه (1): سبحان الله العظيم، الذي بيده الخواطر، ينوَّرها إذا يشاء، ويعجزها إذا يشاء سبحانه، وكنا نقيِّد أمثال هذا بالكتابة، ولذلك حكيت ما حكيت بعد طول العهد، ولله الحمد، والله أعلم. (القول الأصح: إن المبيت بمزدلفة واجب مجبور بالدم (2)، والله أعلم) (3). وادي مُحَسِّر (4): وهو بكسر السين المشددة، وهو مسيل ما بين المزدلفة ومنى (5). وقيل: إنه من منى (6). وسمَّي بذلك فيما قيل؛ لأن فيل أصحاب الفيل حسر فيه، أي أَعيى وكلَّ (7)، والله أعلم. قوله: "فإذا وافى منى (بعد طلوع الشمس رمى جمرة العقبة" (8). كان ينبغي أن يقول: فإذا وافى منى) (9) رمى بعد طلوع الشمس جمرة العقبة، والله أعلم.   (1) في (د): (تعينه)، والمثبت من (أ) و (ب). (2) وصححه أيضاً الرافعي والنووي وغيرهما. انظر: المهذَّب 1/ 303، البسيط 1/ ق 262/أ، حلية العلماء 3/ 340، فتح العزيز 7/ 368، الروضة 2/ 379، المجموع 8/ 152. (3) ما بين القوسين ساقط من (د)، والمثبت من (أ) و (ب). (4) قال في الوسيط 1/ ق 177/ ب: "ثم إذا طلع الفجر، ارتحلوا، وبينهم وبين منى مشعر الحرام، فإذا انتهوا إليه وقفوا ... ثم يجاوزونه إلى وادي محسَّر، وكانت العرب تقف ثمَّ". (5) انظر: النهاية في غريب الحديث والأثر 4/ 302، معجم البلدان 5/ 74، تحرير ألفاظ التنبيه ص 117. (6) وهو مروي عن ابن عباس رضي الله عنهما، انظر: صحيح مسلم 9/ 27 - مع النووي - كتاب الحج، باب استحباب إدامة التلبية حتى يشرع في رمي جمرة العقبة، تهذيب الأسماء واللغات 3/ 2/ 148. (7) انظر: المصادر السابقة قبل هامش. (8) الوسيط 1/ ق 177/ ب. (9) ما بين القوسين ساقط من (د)، والمثبت من (أ) و (ب). الجزء: 3 ¦ الصفحة: 398 قوله: "ثم يحلق بعد الرمي (1)، ثم يطوف طواف الزيارة" (2). ليس على ظاهره؛ فإنه بعد الرمي ينحر الهدي، أو الأضحية، والأعمال المشروعة (3) يوم العيد ترتيبها في سنة رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، ثم (4) عند الأئمة: أن يرمي، ثم ينحر، ثم يحلق، ثم يطوف طواف الزيارة (5). وهكذا ذكر هو ذلك في الفصل الذي بعده، فكان الباعث له على ما فعله ها هنا؛ أن هذا الفصل معقود في أسباب التحلل، وليس النحر منها (6)، وليس ذلك عذراً مرضياً؛ فإنه مع ذلك قد ذكر ما انضمَّ إليها وتعلَّق بها، وكان (7) ينبغي له في هذا أيضاً أن يفعل ذلك حذراً من الكلام الموهم، والله أعلم. قوله في الرمي والطواف: "وأيهما قدَّم، أو أخَّر فلا بأس" (8). يعني أنه يجزئ، ولكن فاتته فضيلة الترتيب الذي هو المستحب (9)، والله أعلم.   (1) نهاية 2/ ق 43/ ب. (2) الوسيط 1/ ق 178/ أ. (3) في (أ) زيادة (في). (4) ساقط من (أ). (5) انظر: حلية العلماء 3/ 343، فتح العزيز 7/ 379 - 380، الروضة 3/ 381 - 382، المجموع 8/ 168، رحمة الأمة ص 144. (6) انظر: الحاوي 4/ 189، فتح العزيز 7/ 382، المجموع 8/ 203. (7) في (أ) و (ب): (فكان). (8) الوسيط 1/ ق 178/ أ. (9) انظر: البسيط 1/ ق 260/ أ، حلية العلماء 3/ 343، فتح العزيز 7/ 380، المجموع 8/ 168، الروضة 2/ 383، رحمة الأمة ص 144. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 399 جعل الحلق مما يحل بالتحلل الأول، و (1) إن لم نجعله نسكاً (2)، يعني: إذا جعلناه فلا يتوقف حله على التحلل الأول؛ لكونه حينئذٍ من أسباب التحلل، ولا بأس أن يبدأ به قبل الرمي والطواف (3)، والله أعلم. (والقول الصحيح: أنه يحل بالتحلل الأول جميع محذورات الإحرام، إلا الجماع وحده (4)، والله أعلم) (5). قوله: "وقت فضيلة التحلل، طلوع الفجر يوم النحر" (6). ليس ذلك كذلك، بل وقت الفضيلة يدخل بطلوع الشمس يوم النحر (7)، وليس يخفى ذلك مما تقرر في وقت الرمي، والحلق، والطواف التي هي أسباب التحلل، والله أعلم.   (1) ساقط من (أ) و (ب). (2) انظر: الوسيط 1/ ق 178/ أ. (3) انظر: فتح العزيز 7/ 380 وما بعدها، المجموع 8/ 168، الروضة 2/ 383. (4) وعليه نصَّ في الجديد، وصححه أيضاً الماوردي والروياني والشيرازي. والأصح عند أكثر الأصحاب أن عقد النكاح والمباشرة كالقبلة والملامسة وقتل الصيد لا يحل إلا بالتحللين كالجماع. انظر: الحاوي 4/ 189، المهذَّب 1/ 307، التنبيه ص 118، البسيط 1/ ق 260، الوجيز 1/ 121، حلية العلماء 3/ 346 - 347، فتح العزيز 7/ 385، المجموع 8/ 205، الروضة 2/ 385. (5) ما بين القوسين ساقط من (د)، والمثبت من (أ) و (ب). (6) الوسيط 1/ ق 179/ أ. (7) انظر: حلية العلماء 3/ 342، فتح العزيز 7/ 381، المجموع 8/ 177، الروضة 2/ 383. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 400 قوله: "إذ (1) قدَّم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ضعفة أهله من مزدلفة، ليطوفوا بالليل في خلوة، ويرجعوا إلى منى وقت الطلوع" (2). يعني: طلوع الشمس، لم يذكره بلفظه المروي - على غالب عادته في إيراد الأحاديث، وفي هذا الباب أحاديث لم أجد واحداً منها على ما أورده - وقد رويناه في السنن الكبير (3) عن عائشة (4) قالت: (أرسل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بأم سلمة ليلة النحر، فرمت الجمرة قبل الفجر، ثم مضت وأفاضت) أخرجه (أبو داود) (5) في سننه (6)   (1) في (د): (إذا)، والمثبت من (أ) و (ب)، وهو الموافق لما في الوسيط. (2) الوسيط 1/ ق 178/ أ. (3) 5/ 217. (4) نهاية 2/ ق 44/ أ. (5) ما بين القوسين ساقط من (د)، والمثبت من (أ) و (ب). (6) 2/ 481 في كتاب المناسك، باب التعجيل من جمع، وكما رواه الدارقطني 2/ 276، والحاكم 1/ 641، والبيهقي في المعرفة 7/ 297 من طرق عن ابن أبي فديك عن الضحاك بن عثمان عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة به، إلا أنهم قالوا في الأخير (وكان ذلك اليوم الذي يكون عندها رسول الله - صلى الله عليه وسلم -). قال الحاكم: صحيح على شرطهما ولم يخرجاه، ووافقه الذهبي، وقال البيهقي في المعرفة: هذا إسناد صحيح لا غبار عليه، وصححه أيضاً النووي في المجموع 8/ 166، وابن الملقن في تذكرة الأحبار ق 113، وضعفه ابن القيم وابن التركماني والألباني بالاضطراب والنكارة، فقال ابن القيم في زاد المعاد 2/ 248 - 252: "إنه حديث منكر، أنكره الإمام أحمد وغيره" ثم أطال في الاستدلال على نكارته وبطلانه، وقال ابن التركماني في الجوهر النقي 5/ 214: "وحديث أم سلمة مضطرب سنداً كما بينه البيهقي، ومضطرب متناً سنبينه إن شاء الله تعالى" ثم أطال في بيانه، وقال الألباني في الإرواء 4/ 277 - 279 بعد أن أسهب في بيان طرقه: "وخلاصة القول: إن الحديث ضعيف لاضطرابه إسناداً ومتناً ... إلخ". الجزء: 3 ¦ الصفحة: 401 بنحوه، وهذا (1) يحصل به الغرض في ذلك (2)، والله أعلم. الأظهر فيمن فاته الرمي ولزمه بدله (3)، أن تحلله يتوقف على أداء البدل كالمبدَل (4)، والله أعلم. ما ذكره من أن وقت الحلق فضيلة (5) تدخل بطلوع الفجر يوم النحر (6). ليس بمرضي؛ فإنه خلاف ما ذكروه (7) في ترتيب الرمي، والنحر، والحلق، والطواف، وهو (8) الثابت عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وهو أنه رمى بعد طلوع الشمس، ثم نحر، ثم حلق (9)، والله أعلم. القول الصحيح: أن الحلق نسك (10)، وهو مذهب الأئمة الثلاثة: مالك (11)،   (1) في (أ): (هكذا). (2) في (ب): (هذا). (3) انظر: الوسيط 1/ ق 178/ أ. (4) انظر: نهاية المطلب 2/ ق 142، البسيط 1/ ق 260/ ب، فتح العزيز 7/ 383، المجموع 8/ 204. (5) كذا في النسخ، ولعل الصواب (فضيلته). (6) انظر: الوسيط 1/ ق 178/ أ. (7) في (ب): (ذكره). (8) في (أ): (ففي). (9) أخرجه مسلم 9/ 52 - 53 - مع النووي - في كتاب الحج، باب بيان السنة يوم النحر: أن يرمي، ثم ينحر، ثم يحلق، من حديث أنس بن مالك - رضي الله عنه -. (10) هذا هو المذهب، وصححه أيضاً الرافعي، والنووي. انظر: الحاوي 4/ 189، الإبانة 1/ ق 106، المهذَّب 1/ 305، التنبيه ص 117، نهاية المطلب 2/ ق 137، فتح العزيز 7/ 374، المجموع 8/ 189، الروضة 2/ 381. (11) انظر: المعونة 1/ 584، التمهيد 13/ 107 - 108، الذخيرة 3/ 266 - 267. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 402 وأبي حنيفة (1)، وأحمد (2). وأما دعواه "أنه لا خلاف في أنه مستحب" (3)، فالمفهوم من كلام غيره إجراء الخلاف في استحبابه، وأنه لا يستحب (4) على قولنا: إنه استباحة محظور (5). وأما لزومه بالنذر، فقد ذكره (6) غيره (7)، إنما يلزم بالنذر على قولنا: إنه نسك (8)، والله أعلم. ((9) حديث: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: (يرحم الله المحلقين ثلاث مرات، وقال في الرابعة: والمقصرين) (10) مخرَّج في الصحيحين (11) عن ابن عمر رضي الله عنهما، والله أعلم.   (1) انظر: المبسوط 4/ 21 - 22، فتح القدير 2/ 490. (2) في إحدى الروايتين عنه وهو المذهب. انظر: المغني 5/ 304 - 305، الإنصاف 3/ 40، 56، والروض المردع 1/ 515. (3) الوسيط 1/ ق 178/ ب، وتمامه " ... ويلزم بالنذر في الحج". (4) انظر: فتح العزيز 7/ 286. (5) ومعناه: أنه إنما هو شيء أبيح له بعد إن كان حراماً كالطيب، واللباس، وعلى هذا لا ثواب فيه، ولا تعلق له بالتحليل. انظر: الحاوي 4/ 189، البسيط 1/ ق 261، فتح العزيز 7/ 374، المجموع 8/ 189. (6) في (أ) و (ب): (ذكر) بدون ضمير. (7) انظر: فتح العزيز 7/ 386. (8) قال النووي: "واعلم أن ما ذكرنا من وجوب الحلق على من نذره متفق عليه، وحكى الرافعي وجهاً أنه إذا قلنا: ليس نسك، لا يلزم بالنذر؛ لأنه ليس بقربة والله أعلم". انظر: المجموع 8/ 190، الروضة 2/ 382. (9) من هنا إلى قوله "الأربعة التي اختلف قوله" ساقط من (د) بمقدار صفحة واحدة، والمثبت من (أ) و (ب). (10) الوسيط 1/ ق 178/ ب. (11) البخاري 3/ 656 - مع الفتح - في كتاب الحج، باب الحلق والتقصير عند الإحلال، ومسلم 9/ 49 - مع النووي - في كتاب الحج، باب تفضيل الحلق على التقصير وجواز التقصير. وكما روياه أيضاً من حديث أبي هريرة - رضي الله عنه - في الموضع نفسه. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 403 قوله في الحلق: "لا يجبر فايته بالدم؛ فإنه لا يفوت" (1). كالمتناقض، وليس بمتناقض؛ فإن معناه: لا يجبر فايته في الوقت المذكور، فإنه لا يفوت وقته جوازاً، وإنما ذلك وقت فضيلة (2) والله أعلم. ذكر (3) المبيت في ليلة المزدلفة، وليالي أيام التشريق الثلاث، ثم قال: (في مقدار الواجب قولان: أحدهما: يشترط معظمه. الثاني: أن المقصود منه انتظار الرمي في اليوم القابل، فيكفي (4) الحضور قبيل طلوع الفجر، وهذا لا ينقدح في ليلة مزدلفة؛ فإنهم يرتحلون غالباً قبل الطلوع" (5). هذا يستقيم مقصوراً على القول الثاني، فإنهم إنما يرحلون غالباً قبل طلوع الشمس، لا قبل طلوع الفجر، وذلك قادح في دعوى كون المقصود انتظار الرمي في اليوم القابل، ولا يقدح في اشتراط معظم الليل على ما لا يخفى (6). وعند هذا يكون هذا الكلام مقصراً عن المذكور في "البسيط" (7) و"نهاية   (1) الوسيط 1/ ق 178/ ب. (2) انظر: نهاية المطلب 2/ ق 138، البسيط 1/ ق 261، فتح العزيز 7/ 375، المجموع 8/ 189، الروضة 2/ 381، 384. (3) في (أ): (قوله). (4) في (أ): (فيكفيه). (5) الوسيط 1/ ق 179/ ب. (6) في (ب): (على ما يخفى)، وتكرر فيها. (7) 1/ ق 262/ أ. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 404 المطلب" (1) من أن صاحب "التقريب". (2) نقل القولين على الإرسال، وطردهما (3) في ليلة المزدلفة ممتنع؛ لأنه يجوز الخروج منها بعد انتصاف الليل، مع أنهم لا يصلون إليها إلا بعد غيبوبة الشفق (4) غالباً، ومن انتهى إليها كذلك وخرج بعد انتصاف الليل لم يكن بائتاً بها في معظم الليل، ولم يكن بها أيضاً قبل طلوع الفجر (5)، فلا يتجه فيها إذاً إلا اعتبار الكون بها حالة انتصاف الليل. قلت: أمَّا ما ذكره من تخصيص القولين بليالي منى دون ليلة مزدلفة، فهو كذلك، وإطلاق من أطلقهما محمول على ذلك من غير شك، والأظهر عند الأصحاب القول باعتبار المعظم (6). وأمَّا ما ذكره من أنه لا يتجه في ليلة المزدلفة إلا اعتبار الكون بها عند منتصف الليل، فكلامه فيه كلام من لم يكن عنده فيه نقل عن صاحب   (1) 2/ ق 238. (2) صاحب التقريب هو أبو الحسن القاسم بن أبي بكر محمَّد بن أحمد القفَّال الشاشي - ابن الإمام القفَّال الكبير المشهور - كان إماماً جليلاً، حافظ، برع في حياة أبيه، ومن مصنفاته التقريب المذكور، مات في حدود سنة 400 هـ. انظر: تهذيب الأسماء واللغات 2/ 278، طبقات الأسنوي 1/ 145، طبقات ابن قاضي شهبة 1/ 178. (3) في (أ): (طرده). (4) الشفق: هو الحمرة من غروب الشمس إلى وقت العشاء الآخرة، فإذا ذهب، قيل: غاب الشفق. انظر: الزاهر ص: 55، النظم المستعذب 1/ 78، المصباح المنير ص 318. (5) في (ب): (الشمس). (6) وصححه أيضاً الرافعي والنووي. انظر: نهاية المطلب 2/ ق 238، البسيط 1/ ق 262، فتح العزيز 7/ 387 وما بعدها، المجموع 8/ 247, الروضة 2/ 385، كفاية الأخيار ص 310، مغني المحتاج 1/ 505. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 405 المذهب، ومذهبه في ذلك منصوص عليه، على خلاف ما خرَّجه إمام الحرمين (1)، فالمعتبر في المبيت في المزدلفة عند الشافعي رحمه الله: الحصول بها ما بين نصف الليل إلى طلوع الفجر (2)، وفي قول آخر له (3) إلى طلوع الشمس (4)، فمن حصل بالمزدلفة لحظة من هذا الوقت أجزأه (5)، ومن خرج منها قبل انتصاف الليل، ثم لم يعد إليها بعد نصف الليل لزمه الدم، ولا يجزئه المبيت قبل نصف الليل (6) فاعلم ذلك. الأربعة التي اختلف قوله) (7) في إيجابها وهي: المبيت بالمزدلفة، والمبيت ليالي منى، والجمع في الوقوف بعرفة بين الليل والنهار، وطواف الوداع (8). الأصح إيجابها (9)، وعليه نصَّ في القديم، و"الأم" (10)، والله أعلم.   (1) نهاية المطلب 2/ ق 238. (2) وبه قطع الجمهور وصححه النووي. انظر: الأم 2/ 329، المهذَّب 1/ 302، التنبيه ص 116، المجموع 8/ 152 وما بعدها، الروضة 2/ 371، 385، مغني المحتاج 1/ 499. (3) ساقط من (أ). (4) وهو قوله في القديم والإملاء، وضعفه النووي. انظر: المجموع الموضع السابق، الروضة 2/ 379، كفاية الأخيار ص 192. (5) قال النووي: "وبهذا قطع جمهور العراقيين، وأكثر الخراسانيين، وهو المذهب". انظر: الأم 2/ 329، المجموع 8/ 152، الروضة 2/ 379، 385، كفاية الأخيار ص 309، كفاية المحتاج ص 192. (6) انظر: المجموع 8/ 152 وما بعدها، الروضة 2/ 379، 385، كفاية المحتاج ص 192. (7) إلى هنا ينتهي السقط في (د) بمقدار صفحة واحدة، كما سبق التنبيه إليه. (8) انظر: الوسيط 1/ ق 179/ أ. (9) إلا في الجمع بين الليل والنهار في الوقوف بعرفة، فالصحيح من المذهب أنه مستحب، وقد سبق تصحيح المصنَّف له. وانظر: المهذَّب 1/ 310، التنبيه ص 221، البسيط 1/ ق 257، 259، 262، فتح العزيز 7/ 363، 368، 388، 413، المجموع 8/ 128، 152، 223، الروضة 2/ 377، 379، 385، 394. (10) في (أ) و (ب): (الأم والقديم)، انظر: 2/ 274، 328، 329، 335. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 406 من ترك المبيت في الليالي الأربع، وقلنا: يجب جبره، ففي مقدار الدم الجابر قولان (1): أحدهما: دم واحد (2)، وإن كان لو ترك مبيت ليلة المزدلفة وحدها لزمه دم كامل، وكذلك لو ترك مبيت الليالي الثلاث، كما أن الدم يكمل في ثلاث شعراتٍ، ثم إذا حلق جميع الشعر لم يلزمه أكثر من دم. والقول الثاني - وهو الأظهر -: أنه يلزمه دمان (3)؛ لأن المبيت جنسان لاختلافهما في المواضع (4)، والأحكام. وإذا قلنا بهذا: إنه يجب (5) في ترك ليالي منى الثلاث دم (6)، فمن نفر النفر الأول، (وصار واجبه مبيت ليلتين فتركهما، فالظاهر أنه يكمل الدم (7) كما لو   (1) انظر: الوسيط 1/ ق 179/ أ. (2) أي للجميع. انظر: نهاية المطلب 2/ ق 239، البسيط 1/ ق 263/ ب، فتح العزيز 7/ 390، المجموع 8/ 224، الروضة 2/ 385، كفاية المحتاج ص: 205، مغني المحتاج 1/ 506، نهاية المحتاج 3/ 311. (3) أحدهما في مقابلة ليلة المزدلفة، والثاني في مقابلة ليالي منى، وصححه النووي. انظر: المصادر السابقة. (4) في (ب): (الموضع). (5) نهاية 2/ ق 44/ ب. (6) هذا هو المذهب، وبه قطع الجمهور. انظر: المهذَّب 1/ 308، نهاية المطلب 2/ ق 239، البسيط 1/ ق 262، الوجيز 1/ 121، فتح العزيز 7/ 379 وما بعدها، المجموع 8/ 224، الروضة 2/ 385، كفاية الأخيار ص 310، كفاية المحتاج ص 204، مغني المحتاج 1/ 506. (7) وصححه النووي. انظر: المصادر السابقة. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 407 ترك الثلاث من لم يَنْفُر النفر الأول (1)) (2)؛ لأنهما جميع الواجب في حقه، ثم إن الأظهر أن في الليلة الواحدة مدَّاً (3)، والله أعلم. الأصح أنه يجوز ترك المبيت بمنى (4) لمن كان له عذر من: مرض، أو تمريض، أو خوف على مال، أو نحو ذلك (5)؛ إلحاقاً بعذر الرعاء، وأهل السَّقا (6)، والله أعلم. ذكر (7) الوجهين في تمادي وقت رمي جمرة العقبة بعد غروب الشمس من يوم النحر إلى طلوع الفجر من يوم القر (8). وأصحهما: أنه لا يبقى بعد غروب   (1) في (أ): (الواجب). (2) ما بين القوسين ساقط من (ب). (3) في (د) و (أ): (دماً)، والمثبت من (ب)، وهو الصواب. وهذا هو المذهب. انظر: المهذَّب 1/ 308، حلية العلماء 3/ 350، فتح العزيز 7/ 390، المجموع 8/ 224، الروضة 2/ 385، كفاية الأخيار ص 310، كفاية المحتاج ص 205، مغني المحتاج 1/ 506، نهاية المحتاج 3/ 311. (4) في (أ): (هنا). (5) وصححه أيضاً الرافعي والنووي. انظر: الحاوي 1/ 198، 205، حلية العلماء 3/ 350، فتح العزيز 7/ 364، المجموع 8/ 225، الروضة 2/ 386، كفاية الأخيار ص 310، كفاية المحتاج ص 203، مغني المحتاج 1/ 507. (6) في (أ) و (ب): (السقاية)، ثبت في الصحيحين: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - رخَّص للعباس أن يبيت بمكة ليالي منىً لأجل السقاية. انظر: صحيح البخاري 3/ 676 كتاب الحج، باب هل يبيت أهل السقاية أو غيرهم بمكة ليالي منى، ومسلم 9/ 62 - 63 كتاب الحج، باب وجوب المبيت بمنى ليالي أيَّام التشريق، والترخص في تركه لأهل السقاية. من حديث ابن عمر - رضي الله عنه -. (7) في (أ): (قوله). (8) في (أ): (النفر). وانظر: الوسيط 1/ ق 179/ ب، ويوم القر هو اليوم الأول من أيام التشريق، سمي بذلك لأن الناس فيه قارُّون بمنى. انظر: فتح العزيز 7/ 396، الروضة 2/ 387. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 408 الشمس (1)، ثم قال: "وأما رمي أيام التشريق فيدخل وقته بالزوال إلى غروب الشمس، وفي تماديه ليلاً الخلاف المذكور" (2). هذا ليس على إطلاقه، فإن اليوم الثالث منها ينتهي وقت الرمي فيه بغروب الشمس وجهاً واحداً (3)؛ لأنه تنقضي به أيام التشريق، وزمان المناسك على ما لا يخفى، والله أعلم. قوله: "ولتكن حجارة على قدر الباقلاء" (4). فقوله "على قدر الباقلاء" على الاستحباب لا على الاشتراط (5)، والله أعلم. قوله: "ويجزئ حجر النُّورة قبل الطبخ" (6). أراد الحجارة التي تحرق، وتُتَخذ منها الكِلْس (7). قال الإمام (8) شيخه (9): وهي كل حجر يشوبه خطوط بيض، فإذا طبخت خرجت عن أن تكون حجارة، فلا يجزئ الرمي بها، وهي نُّورة، والله أعلم.   (1) وعبَّر البعض بالأظهر. انظر: نهاية المطلب 2/ ق 232، البسيط 1/ ق 263/ أ، فتح العزيز 7/ 381، المجموع 8/ 169، الروضة 2/ 383، مغني المحتاج 1/ 504. (2) الوسيط 1/ ق 179/ ب وما بعدها. (3) انظر: نهاية المطلب 2/ ق 233، البسيط 1/ ق 263، فتح العزيز 7/ 397، الروضة 2/ 387، مغني المحتاج 1/ 507. (4) الوسيط 1/ ق 180/ أ. (5) انظر: المهذَّب 1/ 304، فتح العزيز 7/ 398، المجموع 8/ 132، مغني المحتاج 1/ 508. (6) الوسيط 1/ ق 180/ أ. (7) الكِلْس: هو الصاروج يبنى به، ويقال له: الجير أيضاً، انظر: الصحاح 3/ 971، المعجم الوسيط 2/ 795. (8) في (أ) زيادة (و). (9) نهاية المطلب 2/ ق 232. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 409 الظاهر أن الياقوت والعقيق (1) ونحوهما مما يتخذ منه الفصوص: لا يجزئ الرمي بها (2)، والله أعلم. الوجهان المذكوران (3) فيما إذا رمى حصاةً واحدةً سبع مرات، مع اتحاد اليوم، والجمرة، والشخص. أظهرهما عند صاحب "التهذيب" (4) أنه يجزئ (5). وعند الإمام أبي المعالي (6) الأظهر: أنه لا يجزئ، وهذا أقوى، والله أعلم (7).   (1) العَقيق: هو حجر كريم أحمر، يكون باليمن وسواحل البحر المتوسط، ومنه جنس كدر كما يجري من اللحم المملَّح، وفيه خطوط بيض خفيَّة. انظر: القاموس ص: 1174، المعجم الوسيط 2/ 616. (2) والوجه الثاني: أنه يجزئ الرمي بها؛ لأنها أحجار، وبه قطع القاضي حسين والمتولي والبغوي، وصححه الرافعي والنووي. انظر: نهاية المطلب 2/ ق 332، البسيط 1/ ق 263، فتح العزيز 7/ 398، المجموع 8/ 171، الروضة 2/ 392، مغني المحتاج 1/ 507. (3) انظر: الوسيط 1/ ق180/ أ. (4) لم أجد ذكراً لهذه المسألة في التهذيب في النسخة المطبوعة حديثاً، وقد نسبها إليه أيضاً الرافعي انظر: فتح العزيز 7/ 400. (5) هذا هو المذهب، وصححه الرافعي والنووي. انظر: البسيط 1/ ق 263، فتح العزيز 7/ 400، والمجموع 8/ 172 - 173، الروضة 2/ 393، كفاية الأخيار ص 306، مغني المحتاج 1/ 507. (6) انظر: نهاية المطلب 2/ ق 232 - 233. (7) نهاية 2/ ق 44/ ب. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 410 الأظهر (1) فيما إذا أصاب الحجر مَحْمَلاً ثم تدحرج منه (2) بنفسه إلى الجمرة: أنه لا (3) يجزئ (4)؛ لأن أثر فعله في الرمي انتهى بوقوعه في المحمل و (5) لتدحرجه بسبب آخر غير فعله، والله أعلم. إذا لم يرم حتى انقضت أيام التشريق، قال (6): "فلا قضاء؛ إذ انقطع وقت المناسك" (7)، يعني مناسك الحج، فإنها لا تفعل في غير أشهر الحج، وكما لا يقضى الوقوف بعرفة بعد فوات وقته، لا يقضى الرمي بعد فوات وقت الرمي بأنواعه، فإن الرمي تابع للوقوف، ولهذا لا يأتي به من فاته الوقوف، ولهذا لا رمي في العمرة، والله أعلم. الأصح أنه إذا فات رمي يوم: يأتي به ليلاً، وفي باقي أيام الرمي (8). إن القول الأصح المشهور في المذهب: أن ذلك أداء لا قضاء (9)، وأن جميع   (1) مطموس في (د)، والمثبت من (أ) و (ب). (2) ساقط من (أ). (3) ساقط من (د)، والمثبت من (أ) و (ب). (4) انظر: الإبانة 1/ ق 107، نهاية المطلب 2/ ق 233، فتح العزيز 7/ 396، المجموع 8/ 174، كفاية الأخيار ص 306. (5) ساقط من (د) و (أ)، والمثبت من (ب). (6) ساقط من (ب). (7) الوسيط 1/ ق 180/ أ. (8) انظر: الإبانة 1/ ق 107، المهذَّب 1/ 307، نهاية المطلب 2/ ق 233، البسيط 1/ ق 264، فتح العزيز 7/ 402 وما بعدها، المجموع 8/ 212، الروضة 2/ 387. (9) كما في حق أهل السقاية والرعاة. انظر: البسيط 1/ ق 264، فتح العزيز 7/ 403، المجموع 8/ 212، والروضة 2/ 388، كفاية المحتاج ص 225، مغني المحتاج 1/ 509. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 411 الأيام وقت للجميع، والتوزيع مستحب (1)، وعلى هذا يلزمه رعاية الترتيب (في الزمان (2)، فيقدم في التدارك رمي اليوم الأول على رمي اليوم الثاني، والثاني على الثالث. و (3) هذا غير مذكور في الكتاب، والمذكور فيه من الخلاف في وجوب الترتيب) (4)، إنما هو على قولنا: أنه قضاء، والله أعلم. قوله: "والثاني: يقضي، وثم هذا قضاء أو أداء؟ فيه قولان" (5). فالقضاء الأول أراد به مطلق التدارك، وذلك تساهل (6) على (7) خلاف عرف الفقهاء، والله أعلم. ذكر (8) فيما يلزمه إذا فاته الرمي في الأيام الأربعة ثلاثة أقوال: أحدها: دم واحد. والثاني: دمان. والثالث: أربعة دماء (9).   (1) انظر: فتح العزيز 7/ 403، المجموع 8/ 212، كفاية المحتاج ص 226، مغني المحتاج 1/ 509. (2) كالترتيب في المكان وجهاً واحداً، وأما إذا قلنا: إنه قضاء فقولان، وقيل: وجهان. انظر: الإبانة 1/ ق 108، الحاوي 4/ 202، البسيط 1/ ق 264، فتح العزيز 7/ 403، المجموع 8/ 213، المحتاج ص 228، مغني المحتاج 1/ 509. (3) ساقط من (أ). (4) ما بين القوسين ساقط من (ب). (5) الوسيط 1/ ق 180/ أ. ولفظه قبله "فإذا فاته يوم القرّ فأراد أن يقضي في اليوم الذي بعده فعلى قولين ... والثاني: يقضي ... إلخ". (6) في (د): (سهل)، والمثبت من (أ) و (ب). (7) ساقط من (د)، والمثبت من (أ) و (ب). (8) في (أ): (ذكره). (9) انظر: الوسيط 1/ ق 180/ ب. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 412 ثم قيل الأصح: دمان (1). وقال صاحب "التهذيب" (2): الأصح أربعة (3). وقضية ما حكى (4) من أن الأصح، والمذهب المشهور: أن الأيام الأربعة كاليوم الواحد، أن الأصح دم واحد (5)، وتصحيح القول الآخر (6) متجه، والله أعلم. قوله: "إن اكتفينا بدمٍ واحدٍ (7)، كمل الدم بوظيفة يوم واحد" (8). يعني إذا فاته وظيفة يوم لا غير، فهو كالشعر: إن حلق جميع شعر (9) رأسه كفاه دم، وإن لم يحلق إلا ثلاث شعرات كان فيها دم كامل أيضاً (10)، والله أعلم.   (1) أحدهما لرمي يوم النحر، والثاني لرمي أيام التشريق، لاختلاف الرَّمْيَين في القدر والوقت، وصححه الرافعي. انظر: الإبانة 1/ ق 108، المهذَّب 1/ 308، البسيط 1/ ق 264، شرح السنة 4/ 134، فتح العزيز 7/ 407، المجموع 8/ 214، الروضة 2/ 390، كفاية المحتاج ص 239 - 242، مغني المحتاج 1/ 509. (2) 3/ 267. (3) لوظيفة كل يوم دم كامل؛ لأن كل يوم عبادة مستقلة. انظر: المصادر السابقة. (4) كذا في (د)، وفي (أ) و (ب): (حكياه). (5) هذا هو القول الصحيح عند جمهور الأصحاب. انظر: المهذَّب 1/ 308، شرح السنة 4/ 134، فتح العزيز 7/ 407، الروضة 2/ 390، كفاية المحتاج ص 239 - 242. (6) في (ب): (بدمين). (7) نهاية 2/ ق 45/ أ. (8) الوسيط 1/ ق 180/ ب. (9) ساقط من (أ) و (ب). (10) انظر: البسيط 1/ ق 264، المجموع 8/ 215، الروضة 2/ 391، كفاية المحتاج ص 242. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 413 والأصح من الأقوال الثلاثة التي ذكرها هنا (1) فيما إذا ترك أقل من وظيفة يوم، إن الدم يكمل أيضاً في ثلاث حصيات، كما في ثلاث شعرات، ولم يذكر صاحب "المهذب" (2) غيره، والله أعلم. القول الأصح: أن طواف الوداع واجب (3)، لا (4) لما ذكره (5)؛ فإنه ضعيف، بل لحديث (6) ابن عباس - رضي الله عنهما - قال: (كان الناس ينصرفون في كلَّ وجه، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: لا ينفرنَّ (7) أحد من الحاج، حتى يكون آخر عهده بالبيت) رواه مسلم في صحيحه (8)، وروى البخاري (9) نحوه، والله أعلم. وقوله: "وفي كونه واجباً مجبوراً بالدم قولان (10) " (11).   (1) ساقط من (أ) و (ب). وانظر الوسيط 1/ ق 181/ أ. (2) 1/ 308. (3) هذا هو المذهب، وصححه أيضاً البغوي، والرافعي والنووي. انظر: الحاوي 4/ 213، المهذَب 1/ 309، البسيط 1/ ق 257، الوجيز 1/ 123، حلية العلماء 3/ 352، فتح العزيز 7/ 413، المجموع 8/ 133، الروضة 2/ 394، مغني المحتاج 1/ 510. (4) ساقط من (د) و (أ)، والمثبت من (ب). (5) حيث قال: "لتطابق الخلق عليه" الوسيط 1/ ق 181/ أ. (6) في (د) و (أ): (حديث)، والمثبت من (ب). (7) في (أ): (لا ينفر). (8) 9/ 78 - مع النووي - في كتاب الحج، باب وجوب طواف الوداع وسقوطه عن الحائض. (9) 3/ 684 - مع الفتح - في كتاب الحج، باب طواف الوداع. (10) ساقط من (أ). (11) الوسيط 1/ ق 181/ أ. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 414 يشعر بأن في كونه مجبوراً خلافاً، وليس كذلك، فإنه يجبر بالدم قولاً واحداً (1)، لكن الجبر مستحب على قولنا بالاستحباب، وواجب على قولنا بالإيجاب (2). فالمراد (3) أن في كونه مجبوراً على جهة الوجوب قولين، والله أعلم. ذكر (4) في بطلانه باشتغاله بشدِّ الرحال بعده (5) وجهين (6)، وأصحهما أنه لا يبطل به (7)، ولم يذكر الأكثر غيره، وحكاه صاحب "البحر" (8) عن أصحابنا على الإطلاق، والله أعلم. قوله: "فإن لم يكن الصبي مميزاً، أحرم عنه وليه، وهل للقيَّم ذلك؟ وجهان" (9).   (1) انظر: البسيط 1/ ق 257، فتح العزيز 7/ 414، مغني المحتاج 1/ 510، المحتاج 3/ 316. (2) انظر: المصادر السابقة. (3) في (أ) و (ب): (والمراد). (4) في (أ): (قوله). (5) في (د): (بعد)، والمثبت من (أ) و (ب). (6) انظر: الوسيط 1/ ق 181/ أ. (7) ساقط من (د)، والمثبت من (أ) و (ب). وانظر: الوجيز 1/ 123، فتح العزيز 3/ 417، المجموع 8/ 235، كفاية المحتاج ص 251، مغني المحتاج 1/ 510، نهاية المحتاج 3/ 316. (8) 2/ ق 162/ ب. (9) الوسيط 1/ ق 181/ ب. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 415 المراد بالولي: الأب، و (1) الجد "أب الأب" (2) وإن علا (3). والمراد بالقيِّم: المتصرف في مال الطفل بالوصية، أو بنصب (4) الحاكم إياه. قال الإمام أبو المعالي (5): "والأصح أنه لا يحرم عنه (6)، وإلى هذا ميل (7) كثير من الأصحاب (8) ". وذكر أن (9) في "الأم" طريقين (10): الأصح الجواز؛ لما روي (أن امرأة رفعت صبياً من محفتها (11)، وقالت: يا رسول الله ألهذا حج؟ قال: نعم، ولك أجر) (12).   (1) في (أ): (أو). (2) في (أ) و (ب): (أبو الأب). (3) عند عدم الأب، ولا يتولاه عند وجود الأب على الصحيح. انظر: الإبانة 1/ ق 108، البسيط 1/ ق 265، فتح العزيز 7/ 421، المجموع 7/ 26، الروضة 2/ 397، مغني المحتاج 1/ 461، نهاية المحتاج 3/ 236. (4) في (أ): (ينصب). (5) انظر: نهاية المطلب 2/ ق 240. (6) في (د) و (أ) زيادة (وليه) ولعل الصواب حذفها. (7) في (د) و (أ): (وهذا قيل)، بدل (وإلى هذا ميل)، والمثبت من (ب). (8) انظر: الإبانة 1/ ق 108، البسيط 1/ ق 265، فتح العزيز 7/ 421، الروضة 2/ 397، المجموع 7/ 26 - 29. (9) ساقط من (أ). (10) في (ب): (طريقان). (11) المِحَفَّة: بكسر الميم، مركب من مراكب النساء كالهودج، إلا أنها لا قبة عليها. انظر: الصحاح 4/ 1345، المصباح المنير ص 142، القاموس ص 1034. (12) الوسيط 1/ ق 181/ ب. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 416 هذا الحديث رواه مسلم في صحيحه (1) من حديث ابن عباس رضي الله عنهما، ولا يقوى الاحتجاج به، وادَّعى الإمام شيخه أن الظاهر يدل على إحرامها عنه (2)، وهذا لا يسلَّم له، وقد نصَّ الشافعي رحمه الله على أنه يحرم عنه الأبوان (3) فليعلل ذلك، بأن ذلك يندرج تحت ولايتها للحضانة، والله أعلم. الأصح: أن إحرام المميز بغير إذن وليه لا ينعقد، وهو قول أكثر أصحابنا (4)، واختيار شيخي الطريقين - في عصرهما - أْبي حامد الأسفرائيني، وأبي بكر القفال المروزي (5)؛ لأنه يفتقر إلى المال، وهو محجور (6) عليه في المال، والله أعلم. قوله: "فإن قلنا: لا يستقل، نفي استقلال الولي دونه وجهان: [و] (7) وجه الجواز: استصحاب الولاية الثابتة قبل التمييز" (8).   (1) 9/ 99 - مع النووي - في كتاب الحج، باب صحة حج الصبي وأجر من حج به، بنحوه، ولفظ الكتاب أقرب للذي في الموطأ للإمام مالك 1/ 336، الأم 2/ 154 - 155. (2) انظر: نهاية المطلب 2/ ق 240. (3) انظر: الأم 2/ 154. (4) انظر: الحاوي 4/ 207، الإبانة 1/ ق 108، المهذَّب 1/ 263، نهاية المطلب 2/ ق 240 البسيط 1/ ق 265، فتح العزيز 7/ 421، المجموع 7/ 25، الروضة 2/ 397. (5) لم أقف على اختيار الشيخين عند غير المصنَّف. (6) في (أ): (مجبور). (7) ما بين المعقوفتين إضافة من الوسيط يقتضيها السياق. (8) الوسيط 1/ ق 181/ ب. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 417 هذا الوجه هو ظاهر المذهب (1)، فيما ذكره شيخه (2)، ولكن التوجيه المذكور في الكتاب تمسك باستصحاب الحال مع تغير الحال، وذلك ضعيف في علم الأصول (3). وإنما توجيهه: أنه إذا لم يستقل فيه المولى عليه (لولاية الولي عليه) (4)، وجب أن يستقل به الولي، كما في البيع وغيره، والله أعلم. والأصح: أن ما زاد من المؤنة بسبب السفر تلزم الولي (5)؛ لأن ذلك مع كونه لا يجزئه عن حجة الإسلام، ليس من المهمات، والله أعلم. إذا ارتكب الصبي شيئاً من المحظورات، ففي وجوب الفدية وجهان ذكرهما (6)، وأصحهما الوجوب (7).   (1) انظر: البسيط 1/ ق 265، فتح العزيز 7/ 421، المجموع 7/ 25، الروضة 2/ 397. (2) انظر: نهاية المطلب 2/ ق 240 - 241. (3) لأن شرط استصحاب الحال: بقاء الحال على الصفة التي كانت وقت الحكم، فإذا تغيرت الصفة فقد زالت الحال، فيكون الأمر خاضعاً لحكم آخر، وهو مذهب جمهور العلماء من الحنفية والمالكية والشافعية والحنابلة. انظر: الأحكام للآمدي 4/ 374، إعلام الموقعين 1/ 341 - 343، البحر المحيط 8/ 20، إرشاد الفحول 2/ 248. (4) ما بين القوسين ساقط من (د)، والمثبت من (أ) و (ب). (5) وصححه أيضاً الرافعي والنووي، ونقل النووي اتفاق الأصحاب على تصحيحه. انظر: المهذَّب 1/ 263، نهاية المطلب 2/ ق 252، البسيط 1/ ق 265، فتح العزيز 7/ 423، المجموع 7/ 31، الروضة 2/ 398. (6) انظر: الوسيط 1/ ق 181/ ب. (7) وصححه أيضاً الرافعي والنووي. انظر: الحاوي 4/ 211، نهاية المطلب 2/ ق 241، البسيط 1/ ق 265، فتح العزيز 7/ 424، المجموع 7/ 32، الروضة 2/ 399. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 418 وقال في تعليل النفي: "لأن عقد الصبي لا يصلح للالتزام". فقوله "عقد" هو بالقاف لا بالميم، والمشهور بناء الخلاف فيما يعتبر فيه العمد من ذلك، على الخلاف في أن (1) عمد الصبي عمدٌ أو لا (2)؟. وحكى الإمام عن المحققين أنهم قطعوا ههنا بكونه عمداً، واختار ذلك (3)؛ لأن عمده عمد قطعاً (4) في العبادات، تبطل به صلاته وصومه (5). قلت: هذا يفارق ما ذكره من حيث إنه عمد يتعلق به تبعته وعهدته، فالتحق بعمده في الجنايات، والغرامات، والله أعلم. وإذا قلنا: بوجوب الفدية، فالأصح أنها في مال الولي (6) إذا أحرم بإذنه (7)، والله أعلم. الأصح في الصبي (8) إذا فسد حجه بالجماع: أنه يلزمه القضاء (9). واعلم أنه لا يكون هذا إيجاب تكليف وخطاب، بل الوجوب فيه بمعنى الثبوت في الذمَّة،   (1) نهاية 2/ ق 46/ ب. (2) انظر: الحاوي 4/ 211، فتح العزيز 7/ 424، المجموع 7/ 37، الروضة 2/ 369. (3) انظر: نهاية المطلب 2/ ق 241، والمصادر السابقة. (4) ساقط من (أ). (5) انظر: الحاوي 4/ 411، فتح العزيز 7/ 424، المجموع 7/ 32. (6) وصححه أيضاً الرافعي والنووي، ونقل النووي اتفاق الأصحاب على تصحيحه. انظر: الحاوي 4/ 410، نهاية المطلب 2/ ق 242، البسيط 1/ ق 265/ ب، فتح العزيز 7/ 425، الروضة 2/ 399، المجموع 7/ 32 وما بعدها. (7) وأما إذا أحرم بغير إذن الولي، وصُحح إحرامه، فالفدية في مال الصبي بلا خلاف. انظر: فتح العزيز 7/ 425، المجموع 7/ 33، الروضة 2/ 399. (8) انظر: الوسيط 1/ ق 181. (9) انظر: الحاوي 4/ 211، المهذَّب 1/ 288، نهاية المطلب 2/ ق 242، البسيط 1/ ق 265/ ب، فتح العزيز 7/ 426، المجموع 7/ 34، الروضة 2/ 399. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 419 كالوجوب الثابت في حقه في الغرامات، والنفقات، ونحوها، وإن كان ذلك (1) نادراً في العبادات البدنيَّة، لكن وقع ضرورة لإفساده حجاً منعقداً. ثم الأصح: أنه يصح منه القضاء في الصغر اعتباراً بالأداء (2)، والله أعلم. الأصح من الوجهين (3) فيما إذا طيَّب الولي الصبيّ لمدواته: أنه بمنزلة مباشرة الصبي بنفسه ذلك (4)، وقد سبق أن الأصح فيما باشره الصبي من ذلك أن الفدية على الولي إذا كان قد أحرم بإذنه، والله أعلم. ذكر القولين (5) في الصبي إذا بلغ قبل الوقوف فأجزأه حجه عن حجة الإسلام (6)، فهل يلزمه دم لوقوع إحرامه في حالة النقصان؟ وأصحهما أنه لا يلزمه (7). ثم قال: "وكان هذا التردد في أن الإحرام انعقد نفلاً، ثم انقلب فرضاً، أو تبين أنه انعقد فرضاً في الابتداء" (8). هذا معنى (9) ما أفصح عنه شيخه (10) , وهو   (1) ساقط من (أ). (2) وصححه أيضاً الرافعي والنووي وغيرهما. انظر: المصادر السابقة قبل هامش. (3) انظر: الوسيط 1/ ق 182/ أ. (4) انظر: البسيط 1/ ق 266/ أ، الوجيز 1/ 123 - 124، فتح العزيز 7/ 430، المجموع 7/ 34، الروضة 2/ 401. (5) انظر: الوسيط 1/ ق 182/ أ. (6) بلا خلاف في المذهب. انظر: المهذَّب 1/ 264، البسيط 1/ ق 266/ أ، الوجيز 1/ 123، فتح العزيز 7/ 421، المجموع 7/ 47، الروضة 2/ 400. (7) وصححه أيضاً الرافعي والنووي. انظر: المهذَّب 1/ 274، البسيط 1/ ق 266/ أ، الوجيز 1/ 123، فتح العزيز 7/ 429، المجموع 7/ 47، الروضة 2/ 400. (8) الوسيط 1/ ق 182/ أ. (9) في (أ): (معناه). (10) انظر: نهاية المطلب 2/ ق 241. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 420 أن الإحرام هل ينعقد نفلاً أو لا؟، ثم من وقت الكمال انقلب فرضاً، أو وقع موقوفاً، فإذا كمل تبيَّن أن الإحرام في أصله انعقد فرضاً، والله أعلم. قوله: "قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - (1): أيما أعرابي حجَّ ثم هاجر فعليه حجة الإِسلام ... " (2) إلى آخر الحديث، قد رويناه في السنن الكبير (3) مرفوعاً إلى   (1) نهاية 2/ ق 47 / أ. (2) الوسيط 1/ ق 182/ أ. وتمامه ( ... وأيما صبي حجَّ ثم بلغ فعليه حجة الإسلام، وأيما عبد حجَّ ثم أعتق فعليه حجة الإسلام). (3) 5/ 291، كما رواه الطبراني في الأوسط 3/ 353، الحاكم 1/ 655، ابن حزم في المحلى 7/ 215، كلهم من طريق محمَّد بن المنهال الضرير ثنا يزيد بن زريع عن شعبة عن الأعمش عن أبي ظبيان عن ابن عباس مرفوعاً به. قال الطبراني: لم يروه عن شعبة مرفوعاً إلا يزيد، تفرد به محمَّد بن المنهال وهو غريب، وقال الحاكم: صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه، ووافقه الذهبي، وقال ابن حزم: رواته ثقات. وقال ابن خزيمة: الصحيح موقوف، وكذا قال البيهقي كما ذكر المصنِّف. وتعقبهما ابن الملقن وابن حجر فقالا: بل الصحيح رفعه؛ لأن محمَّد بن المنهال ثقة حافظ من رجال الصحيحين، فلا يضر تفرده برفعه، وعلى أنه لم يتفرد به، بل له متابعتان: الأولى: ما أخرجه ابن أبي شيبة في المصنَّف 4/ 1/ 428 من طريق معاوية عن الأعمش عن أبي ظبيان عن ابن عباس قال: (احفظوا، ولا تقولوا قال ابن عباس: أيما عبد حجَّ .. الحديث). والثانية: ما أخرجه الطحاوي 2/ 257، والبيهقي 5/ 291 من طريق أبي السَّفَر قال سمعت ابن عباس يقول: (أيها الناس اسمعوني ما تقولون، ولا تخرجون نقول قال ابن عباس ... الحديث). وكذا ذكر الألباني، ثم قال: "وخلاصته: أن الحديث صحيح الإسناد مرفوعاً وموقوفاً، وللمرفوع شواهد ومتابعات يتقوى بها". انظر: تذكرة الأحبار ق 114، التلخيص الحبير 2/ 220، إرواء الغليل 4/ 156 - 159. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 421 رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من حديث ابن عباس، بإسناد جيِّد، لولا أنه تفرد برفعه محمَّد بن المنهال (1)، أحد الرواة فيه، وغيره إنما رواه موقوفاً على ابن عباس، وهو الصواب، قال ذلك الحافظ البيهقي (2). وأطلق الأعرابي، وأراد به الكافر، إذ كان الكفر هو الغالب حينئذٍ على الأعراب، وقد جاء إطلاق الأعراب والمراد الكفار منهم في غير هذا الحديث، والله أعلم.   (1) هو محمَّد بن المنهال أبو عبد الله، وأبو جعفر البصري التميمي، ثقة حافظ، روى عنه البخاري، ومسلم، وأبو داود، وأبو يعلى الموصلي، وآخرون، مات سنة 231 هـ. انظر: تذكرة الحفاظ 2/ 447، التقريب ص 501، طبقات الحفاظ ص 189. (2) انظر: السنن الكبرى 5/ 291. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 422 ومن الباب الثالث: محظورات الحج القولان المذكوران (1) في وضع المحرم على رأسه زنبيلاً، أو حملاً: أصحهما أنه لا فدية فيه (2)، والله أعلم. وقوله: "أمَّا إذا طيَّن رأسه ففيه احتمال" (3) هذا (4) ليس فيه جواب شيء، والمسألة فيها وجهان: أظهرهما: وجوب الفدية (5)؛ لأنه ستر محقق، والله أعلم. قوله: "ولو جعل لردائه شَرَجاً (6) و (7) عُرى (8) منظومة (9)، ففيه تردد لقربه   (1) انظر: الوسيط 1/ ق 182/ ب. (2) وبه قطع الأكثرون وصححه أيضاً الرافعي والنووي. انظر: الحاوي 4/ 102، المهذَّب 1/ 278، البسيط 1/ ق 267/ أ، الوجيز 1/ 124، فتح العزيز 7/ 434، المجموع 7/ 267. (3) الوسيط 1/ ق 182/ ب. (4) ساقط من (د)، والمثبت من (أ)، و (ب). (5) إذا كان ثخيناً ساتراً، وأما إذا كان رقيقاً لا يستر فلا فدية، وعبَّر الرافعي والنووي بالأصح. انظر: البسيط 1/ ق 267/ أ، الوجيز 1/ 124، فتح العزيز 7/ 436 - 437، المجموع 7/ 268، الروضة 2/ 402، الغاية القصوى 1/ 449، كفاية المحتاج ص 363، مغني المحتاج 1/ 518. (6) الشَّرج: هو عُرَى العَيبة والخباء ونحو ذلك، والجمع أشراج، يقال: أشرجت العَيبَة: إذا داخلت بين أشراجها، وقال ابن حجر الهيثمي: الشَّرج: الأزرار. انظر: الصحاح 1/ 324، اللسان 2/ 305، المصباح المنير ص 308، حاشية ابن حجر الهيثمي ص 173. (7) في (أ): (أو). (8) العُرى: جمع عُروة، وهي مدخل الزِّر من القميص. انظر: الصحاح 6/ 2423، القاموس ص 1689، المعجم الوسيط 2/ 597. (9) في (أ): (منطوية). الجزء: 3 ¦ الصفحة: 423 من الخياطة" (1). هذا التردد حكاه شيخه الإِمام (2) عن والده الشيخ أبي محمَّد بعد أن حكى عن العراقيين القطع بالمنع (3)، وقال: الظاهر المنع، غير أنه ذكر أنه لا شك في جواز عقد الرداء، إذا لم ينتظم ربط الشَّرج بالعرى انتظاماً قريباً من الخياطة، وأنه لا بأس فيه بما كان من قبيل العقد. وقد اتبعه صاحب الكتاب، فقطع في "البسيط" (4) بأنه يجوز عقد الرداء. وهذا خلاف المذهب (5)، وقد قال الشافعي (6) رحمه الله: "ولا بأس أن يعقد إزاره" وقال: "ولا يَغْرِز رداءه، ويجوز له أن يغرز في إزاره". وروى الشافعي (7) نحو ذلك عن ابن عمر رضي الله (8) عنهما. قال الأصحاب: وهكذا لا يجوز أن يزُرَّ ردائه، ولا أن يخلَّه بخلالٍ (9)، أو   (1) الوسيط 1/ ق 183/ أ. (2) انظر: نهاية المطلب 2/ ق 146. (3) هذا هو المذهب، والمنصوص، وعليه جماهير الأصحاب. انظر: المهذَّب 1/ 279، فتح العزيز 7/ 443، المجموع 7/ 271، الروضة 2/ 403، كفاية المحتاج ص 366، مغني المحتاج 1/ 518 - 519. (4) 1/ ق 267/ ب. (5) وكذا قال النووي. انظر: المجموع 7/ 271، الإيضاح ص 46. (6) انظر: الأم 2/ 219 (باب ما تلبس المرأة من الثياب). (7) في الأم 2/ 220، والمسند ص: 119، كما رواه البيهقي في الكبرى 5/ 82 من طريقه عن سعيد بن سالم عن إسماعيل بن أميَّة، أن نافعاً أخبره أن ابن عمر لم يكن عقد الثوب عليه، إنما غرز طرفيه على إزاره". (8) نهاية 2/ ق 47/ ب. (9) الخلال: هو العود الذي يتخلل به الثوب والأسنان، ويقال: خللت الرداء خلاً ضممت طرفيه بخلال. انظر: الصحاح 4/ 1687، المصباح المنير ص 180. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 424 مِسَلَّةٍ (1)، ولا شك أنهما لما سطرا (2) ذلك لم يحضرهما النقل المذكور، والمعنى فيه: أنه بالعقد يصير مخيطاً بنفسه من غير حاجة إلى إمساك باليد، فهو كإخاطة الخيَّاط (3)، وإنما جاز العقد في الإزار للحاجة إذ به يثبت، ويكفيه في الرداء أن يغرز أطرافه في الإزار (4)، والله أعلم (5).   (1) المِسَلَّة: هي الإبرة الكبيرة. انظر: الصحاح 5/ 1731، المصباح المنير ص 286، القاموس ص 1313. انظر: البسيط 1/ ق 267/ ب، فتح العزيز 7/ 443، المجموع 7/ 271، الروضة 2/ 403، كفاية الأخيار ص 313 وما بعدها، كفاية المحتاج ص 366. (2) في (د): (شرطا)، وهو تحريف، والمثبت من (أ) و (ب). (3) في (أ) و (ب): (الخياطة). (4) انظر: الأم 2/ 219، المجموع 7/ 271، الإيضاح ص 46. (5) ورد في نسخة (أ): (هذا آخر ما وجد من كلام الشيخ تقي الدين رحمه الله في ربع العبادات)، وورد في (ب): (وهذا آخر ما وجد بخط الشارح رحمه الله من أول الكتاب، والحمد لله على كل حال). الجزء: 3 ¦ الصفحة: 425 (بسم الله الرحمن الرحيم) (1) (2) قال الإِمام الغزالي رحمه الله (3): "أركان البيع ثلاثة" (4) إلى آخر ما قال ... قلت: للإمام الغزالي - رحمه الله - تصرف في استعمال لفظ "الركن" كرره في تصانيفه، قد أشكل على الأكثرين تحقيقه، وتنقيحه، ومع كثرة تداوره في تصنيفه (5)، لم أجد أحداً تقدم بكشفه من أهل العناية بكلامه. ووجه الإشكال: أن ركن الشيء عند الغزالي (6) و (7) غيره (8) "ما تركبت حقيقة الشيء منه ومن غيره" ثم إنه في أمثال هذا يستعمل الركن فيما ليس جزءاً من الحقيقة، كما فعله ههنا؛ فإنه عدَّ العاقد والمعقود عليه من أركان عقد البيع، وليسا داخلين في حقيقته قطعاً، وليس يستقيم أن يقال: إنه تجوز، وأراد   (1) ما بين القوسين ساقط من (د). (2) من هنا إلى بداية باب حد القذف من "كتاب الجنايات الموجبات للعقوبات" ساقط من (ب)، بمقدار (49) ورقة بالمقارنة مع نسخة (د). (3) في (أ): (قوله رحمه الله). (4) الوسيط 2/ ق 2/ ب، وتمامه: "العاقد، والمعقود عليه، وصيغة العقد، ولا بدَّ منها لوجود صورة العقد". (5) في (أ): (تصانيفه). (6) لم أجده منصوصاً في كتبه، ولكن يفهم من كلامه وتقسيماته، مثل أركان القياس، وشروط الأركان، انظر: المستصفى ص: 324 وما بعدها. (7) في (أ): زيادة (عند). (8) رغم اشتهار تعريف الركن بهذا إلا أني لم أجده في أمهات كتب الأصول، وانظره في: أصول السرخسي 2/ 12، التعريفات للجرجاني ص: 112، نزهة الخاطر العاطر شرح روضة الناظر لابن بدران 2/ 303، أصول الفقه لوهبة الزحيلي 1/ 100. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 427 ما لا بدّ منه في البيع مثلاً؛ فإنه (1) يبطل بالزمان، والمكان، ويبطل بالشروط، فإنها (2) لا بدَّ منها، وهو (3) يجعلها غير الأركان. فأقول - والله الموفق -: إن ركن الشيء فيما نحن بصدده عبارة عمَّا لا بدَّ لذلك الشيء منه في وجود صورته عقلاً، إما لكونه داخلاً في حقيقته، أو لازماً [له] (4) به اختصاص. فقولي: لا بدَّ منه في وجود صورته، احتراز عن الشروط، فإنه لا بدَّ منه في وجود صحته شرعاً، لا في وجود صورته حِسًّا، وذلك فيما نحن فيه، ككون (5) المبيع فيه معلوماً، أو منتفعاً به، وسائر ما يذكر في قسم الشروط (6)، فإن صورة العقد موجودة بدون كل ذلك، لكن لا توجد صحته شرعاً بدونه (7)، فهذا ضبط الفرق بين الركن والشرط، ومن أجل هذا اعتذر في كتاب النكاح من (8) عدَّه الشهادة من (9) الأركان، فقال: "هي شرط، لكن تساهلنا بتسميتها ركناً" (10).   (1) في (أ): (لأنه). (2) في (أ): (فإنه). (3) في (د) زيادة (أن)، ولعل الصواب حذفها. (4) ما بين المعكوفين إضافة من المذكور بعد قليل بهذا اللفظ، ويقتضيها المعنى أيضاً، والله أعلم. (5) نهاية 2/ ق 48/ أ. (6) انظر: الوجيز 1/ 133 - 134، الروضة 3/ 27 - 39، الغاية القصوى 1/ 460 - 461. (7) في (د) (بدونها). (8) في (أ): (عن). (9) في (د): (في). (10) انظر: الوسيط 3/ ق 5/ ب. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 428 وقولنا: "لكونه داخلاً في حقيقته، أو لازماً له به اختصاص" احترزنا به عن الزمان، والمكان، ونحوها من الأمور العامة التي لا بدَّ منها، فقد حوينا بذلك: العاقد، والمعقود عليه، وصيغة العقد، فإنها لا تخرج عن ذلك. وينبغي أن يقول: وصيغة العقد، أو ما في معنى الصيغة كما قاله في "البسيط" (1)؛ لأن تعيين (2) الصيغة من قبيل الشرط (3)، والله أعلم. هذا مشكل عسير، قد منَّ الله عليَّ بكشفه، فلا تحتقره؛ فإنه مع كثرة تداوره في كلام الغزالي، لم أجد أحداً تقدمني إلى كشفه، مع كثرة تكرره، ولم أقع عليه إلا بعد مدة مديدة. مواضع منها: خرَّجه ابن سريج من مسألة الهدي (4) (5). وقع في بعض المواضع التخصيص بالمحقِّرات، وذلك يشعر بعدم خلاف في غير المحقِّرات، وليس كذلك، فإن شيخه (6) نقل تخريج ابن سريج   (1) كتاب البسيط من هنا وما يليه من مواضيع - أي الجزء الثاني والثالث - يعني من كتاب البيوع إلى كتاب النكاح، مفقودة فلذا التوثيق يكون عنه بالواسطة حسب الإمكان. (2) في (د) تعين بياء واحدة. (3) في (أ): (الشروط). (4) وجملة (مواضع منها: خرَّجه ابن سريج من مسألة الهدي) يبدو كأنها مقحمة، ويبدأ كلام المصنف من قوله: وقع في بعض المواضع التخصيص بالمحقرات ... إلخ. (5) وهي أن الهدي إذا قلده صاحبه فهل يصير بالتقليد هدياً منذوراً؟ فيه قولان: أصحهما الجديد: لا يصير، والثاني القديم: أنه يصير، ويقام الفعل مقام القول، فخرَّج ابن سريج من ذلك القول وجهاً في صحة البيع بالمعاطاة. انظر: فتح العزيز 8/ 99 - 100، المجموع 9/ 190، الروضة 3/ 459. (6) لم أقف عليه. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 429 مطلقاً (1)، وإنما خصّص بالمحقِّرات في النقل عن أبي حنيفة (2). ومن غير هذا، فجماعة (3) من المصنفين الذين (4) انتهى الاعتماد على (5) تصانيفهم، كالشيخ ابن الصباغ (6) من العراقيين، وصاحب "التهذيب" (7)، و"التتمة" (8) في (9) الخراسانيين، اختاروا صحة البيع بالمعاطاة في المحقِّرات، وغيرها (10).   (1) وتعقبه النووي حيث قال: "إن هذا الإنكار على الغزالي غير مقبول؛ لأن المشهور في نقل الجمهور عن ابن سريج، التخصيص بالمحقِّرات، وأما عدم تقييد الإِمام في نقله عنه بالمحقِّرات كما قيَّد في نقله عن الإِمام أبي حنيفة، ولعله أراد ذلك واكتفى بالتقييد عن الإِمام أبي حنيفة". انظر: فتح العزيز 8/ 99، المجموع 9/ 190 - 191. (2) وظاهر هذا النقل أن الإِمام أبا حنيفة فرَّق بين المحقِّرات وغيرها، ولكن الواقع أن هذا مذهب الكرخي من الحنفية، أما هو وأصحابه فذهبوا إلى جواز البيع بالمعاطاة في الخسيس والنفيس كمذهب المالكية والحنابلة، يقول المرغناني في الهداية: " ... ولهذا ينعقد بالتعاطي في النفيس والخسيس، هو الصحيح؛ لتحقيق المراضاة"، ويقول شارحه ابن الهمام: "وقوله: وهو الصحيح، احتراز من قول الكرخي إنه ينعقد بالتعاطي في الخسيس فقط". انظر: بدائع الصنائع 6/ 2985، الهداية 3/ 21، فتح القدير 6/ 252، العناية 6/ 252، البحر الرائق 5/ 191، بداية المجتهد 2/ 202، المغني 6/ 7. (3) في (د): (الجماعة). (4) في (أ): (الذي). (5) في (د): (في). (6) انظر اختيار ابن الصباغ في المجموع 9/ 191، الروضة 3/ 5، كفاية الأخيار ص 327. (7) 3/ 534. (8) انظر اختيار صاحب التتمة في المصادر السابقة. (9) كذا في النسختين، ولعل الصواب (من)، والله أعلم. (10) قال النووي: "هذا هو الراجح دليلاً، وهو المختار؛ لأنه لم يصح في الشرع اشتراط لفظ، فوجب الرجوع إلى العرف كغيره من الألفاظ". انظر: المجموع 9/ 191، الروضة 3/ 5، زاد المحتاج 2/ 7. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 430 والمعاطاة معناها: أن يعطي هذا السلعة، فيعطيه ذلك (1)، وإن لم يوجد لفظ من الجانبين (2)، إذا ظهر بالقرينة وجود الرضا من الجانبين (3). وما وجد من بعض أئمتنا في تصويرها من (4) ذكر لفظ كقوله: "خذ أعطني" (5)، فهو داخل في عموم ما ذكرنا من القرينة، فإن ذلك مفروض فيما إذا لم ينو البيع بهذا اللفظ الذي اقترن بالعطيَّة. أما إذا نوى به فتلك مسألة الكناية (6)، هل تنعقد بها البيع؟ وفيه خلاف (7)، وإن نفينا القول بالمعاطاة. إن قيل قوله: "وكلما يتصور الاستقلال بمقصوده" (8)، قد عطفه على الأشياء المذكورة، وذلك يشعر ظاهراً على الكناية، وهو وجود غير هذه الأشياء على الصفة التي ذكرها كما هو.   (1) في (أ): (ذاك). (2) في (أ): زيادة (لا) ولعل الصواب حذفها. (3) انظر: المجموع 9/ 129، مغني المحتاج 2/ 3 - 4. (4) نهاية 2/ ق 48/ ب. (5) انظر فتح العزيز 8/ 100، مغني المحتاج 2/ 4. (6) وهي ما تحتمل البيع وغيره مع النية، كقوله مثلاً: باعكه الله بكذا، أو ردَّة الله عليك في الإقالة. انظر: مغني المحتاج 2/ 5، زاد المحتاج 2/ 8. (7) فيه وجهان: أصحهما: صحة البيع بها. انظر: المجموع 9/ 192، والمصادر السابقة. (8) الوسيط 2/ ق 2، ولفظه: " ... فإن قيل: فلينعقد بالكناية مع النية؛ فإنها تدل على الرضا، قلنا قطع الأصحاب بذلك في الخلع، والكتابة، والصلح عن دم العمد، والإبراء، وكلما يتصور الاستقلال بمقصوده دون قبول المخاطب في بعض الأحوال؛ لأنه ليس يعتمد فهم المخاطب، وقطعوا بالبطلان في النكاح، وبيع الوكيل إذا شرط عليه الإشهاد؛ لأن الشهود لا يطلعون على النية". الجزء: 3 ¦ الصفحة: 431 قلت: الإعتاق المنجز على مالٍ كقوله: "أعتقتك على ألف درهم" فقال: قبلت، هو عقد يستقل (1) بمقصوده، وهو (2) العتق في بعض الأحوال كسائر الصور التي عدَّدها. فمقصود الخلع (3) الطلاق، ومقصود الصلح عن دم العمد عن القصاص، ومقصود الكتابة (4) العتق المنجَّز على مال، ويستقل بهذه المقاصد في بعض الأحوال، وهو إذا لم يكن ذلك على سبيل المعاوضة. ثم العلة في تصحيحها بالكناية؛ لأن هذه الأشياء تعلق بالإغرار (5) تشوفاً إلى سبب وجودها فصحت بالكناية مع النية (6)، هذا أصح من ذلك، فإنه ليس يعتمد (7) فهم المخاطب؛ لأنه يعد بأنها (8) في حدِّ المعاوضة يعتمد فهم المخاطب، ولهذا لا تقع هذه المقاصد إذا لم يقبل المخاطب، ألا ترى أنه لو قال: طلقتك على ألف، فلم تفهم، لم يقع المقصود الذي هو الطلاق. وأما الإبراء: فلا ينبغي أن يذكره بإطلاقه مع هذه العقود المشتملة على التخاطب أصلاً (9)، والله أعلم.   (1) في (أ): (مستقل). (2) في (د): (وهذا). (3) في النسختين زيادة (واو)، لعل الصواب حذفها. (4) في النسختين زيادة (واو)، ولعل الصواب حذفها. (5) في (د): (بالاغرائه) كذا. (6) انظر: فتح العزيز 8/ 102 - 103، المجموع 9/ 195، الروضة 3/ 5. (7) في (أ): (يعني). (8) في (أ): (بابها). (9) في النسختين زيادة وتكرار: ألا أنه لو قال: طلقتك على ألف، ولم تفهم، ولم تقبل لم يقع المقصود الذي هو الطلاق) قبل قوله (أصلاً)، غير أنه في (أ): (أنبتك) بدلاً عن طلقتك، وقوله (لم تقبل) ساقطة من (د). الجزء: 3 ¦ الصفحة: 432 وقوله (1): "لا يعتد بقبض الصبي، فإنه (سبب ملك أو ضمان" (2) قيل لي) (3): لا ينحصر في ذلك بدليل قبض (4) الأمانات، فإنها ليست سبب ملك ولا ضمان. قلت: ليس كذلك؛ فإنها سبب ضمان على تقدير التقصير، والمدعى كونه سبب ملك أو ضمان فحسب، وذلك يحصل بثبوت أحدهما على الجملة في بعض الأحوال، وإن لم يثبت في جميع الأحوال على ما لا يخفى تقريره. قوله (5): "فإن صرَّح بإثبات الممر ثبت الاختيار من كل جانب، إلا إذا كان أحد جوانبها متاخماً للشارع، أو (6) لملك المشتري" (7)، هذا الاستثناء إذا تأملته بان إشكاله، وهو في مسألة السكوت الواقع، وحله: أن المسألة الأولى صورتها ما إذا قال: بعتكها بحقها من الممر، فهذا إثبات لمسمى من الممر، فيثبت مطلقاً بالنسبة إلى جميع الجوانب (8)؛ لأن ذلك مقتضى الإطلاق، إلا إذا كان متاخماً للشارع فالعرف يخص هذا المطلق (9).   (1) نهاية 2/ ق 49/ أ. (2) الوسيط 2/ ق 3/ أ، وتمامه " ... فلو قال: أدّ حق الصبي، فأدى لم يبرأ؛ فإن ما في الذمة لا يتعين ملكاً إلا بقبض صحيح، بخلاف ما لو قال: رد الوديعة إليه، فإن الوديعة متعيَّنة". (3) ما بين القوسين ساقط من (د). (4) في (د): (قبوض). (5) ساقط من (د). (6) في (د) (الواو) بدل (أو). (7) الوسيط 2/ ق 7/ أ. (8) انظر: فتح العزيز 8/ 213، الروضة 3/ 30. (9) انظر: المصدرين السابقين. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 433 أما إذا قال: بعتكها علسى أن لك الممر من كل جانب، فلا يخص في المتاخم عملاً بصريح اللفظ. وإذا قال: على أن لك الممر من جانب واحد - مبهم - فقد منع منه اعتبار المسمى (1)، وقيَّده بمجهول (2)، والله أعلم. قوله في اشتراط تعيين المبيع: "لأن العقد لم يجد مورداً يتأثر به في الحال" (3). معنى هذا الكلام: أنه إذا قال: بعتك أحدهما: فالمبيع مبهم، وهو أحد الشيئين لا بعينه فلا يؤثر العقد (في الحال في شيء منهما حتى يعين بعد ذلك أحدهما، فحينئذٍ يؤثر العقد (4)) (5) في ذلك المعيَّن. وإنما كان كذلك لأن المؤثر يستحيل تأثيره في محل لا بعينه في نفس الأمر، كما يستحيل أن يضرب أحدهما لا بعينه في نفس الأمر - بلى يجوز أن يكون المضروب واحداً لا يتعيَّن في علمنا، أمَّا في نفس الأمر فلا يكون محل الضرب إلا متعيِّناً - وهكذا في سائر الأفعال والتأثيرات، ولا يلزم على هذا: العتق، والطلاق (6)؛ فإنهما يصحِّان في واحد غير معيَّن؛ لأنا نقول: لا يقع العتق والطلاق إلا بعد   (1) ساقط من (د). (2) فيكون البيع باطلاً؛ لأن الأغراض تتفاوت باختلاف الجوانب. انظر: فتح العزيز 8/ 138, الروضة 3/ 30. (3) الوسيط 2/ ق 6/ ب. ولفظه قبله: "الأول من مراتب العلم: العلم: وهو شرط، فلو باع عبداً من عبيده أو شاة من قطيعه، لا على التعين، لما فيه من الغرر الذي يسهل اجتنابه، ولأن العقد ... إلخ". (4) في نسخة زيادة (أن) والصواب حذفها. (5) ما بين القوسين ساقط من (د). (6) نهاية 2/ ق 49/ ب. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 434 التعيين (1)، بناءً منَّا (2) على أحد (3) الوجهين في اعتبار العدة، من وقت التعيين، لا من وقت اللفظ (4)، فإذا (5) لم يقع التأثير إلا في محل معين، والإبهام لم يقع إلا في اللفظ والذكر، ودلالة اللفظ يجوز فيها الإبهام؛ لأن اللفظ لا يؤثر في الملفوظ به، ثم يخبر به، ويعرِّف به، ومن أخبر عن زيدٍ، فلا تأثير منه في زيد. إذا ثبت هذا، وجب أن يصح لا البيع؛ لأن مورد العقد (لا يتأثر في الحال قبل التعيين لما ذكرناه، وبعد زوال الإبهام بالتعيين) (6) لا يتأثر به أيضاً، بخلاف العتق، والطلاق؛ لأنه إذا تأخر عن ذلك (7) العقد صار كالعقد المعلَّق، والتعليق في البيع مبطل، والله أعلم. وللعراقي (8) أن يعضد جريان الإبهام في ذلك، بجواز كون أح العوضين ديناً، مع أن الدين في الحقيقة مورده فرد مبهم مطلق من الجنس.   (1) انظر: المهذب 2/ 129، التنبيه ص 250، الوجيز 2/ 63، كفاية الأخيار ص 540. (2) في (أ): (منه). (3) ساقط من (د). (4) انظر: المهذب 2/ 192، التنبيه ص 250، الوجيز 2/ 63. (5) في (أ): (فإذن). (6) ما بين القوسين ساقط من (د). (7) في (أ): (ذلك عن). (8) في (د): (العراقي)، والمثبت من (أ)، ولعل المراد به الإِمام أبو حنيفة حيث إن الغزالي ذكر خلافه في هذه المسألة، قال عقب النصِّ المذكور: (وقال أبو حنيفة - رحمه الله -: لو قال بعت عبداً من العبيد الثلاثة، ولك خيار التعيين صحَّ، وإن لم يصح في الثياب، ولا فيما فوق الثلاثة، ولا دون شرط الخيار، وفساد هذه التحكمات بيِّن)، والله أعلم. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 435 بسط ما ذكره ثانياً من الاستشهاد على ما ذهب إليه القفال (1) - رحمه الله - أنه إذا قال: بعتك هذه الصُّبرة إلا صاعاً (2)، وهي مجهولة الصيعان، بطل بالإجماع (3). فلذلك إذا قال: بعتك صاعاً من هذه الصبرة، وهي مجهولة الصيعان وجب أن يبطل؛ لأنه في الصورة الأولى لم يبطل لجهالة المبيع, لأنه إذا صح بيع جميع الصبرة المجهولة أصوعُها؛ لأنه إذا عاينها خَّمن أنه كذا وكذا (4) صاعاً، فصارت كالمعلومة أصوعُها (5)، فكذلك يصح (6) بيع (7) الصبرة إلا صاعاً؛ لأنه إذا خمَّن أنها عشرة آصُع (8) مثلاً، عرف أنه إذا استثنى منها صاعاً كان المبيع بحكم التخمين تسعة آصُوع، وإنما بطل البيع فيه؛ لأن المبيع لا يمكن (9) تنزيله على الإشاعة, لأنا لا ندري أهو عُشر الصبرة، أو تسعها، فيتعيَّن أن يكون المبيع صاعاً لا بعينه (10) مبهماً، فيبطل للإبهام على ما تقرر، وإذا عرفت أنه إنما بطل (11) للإبهام، فالإبهام متحقق فيما إذا باع صاعاً منها, لامتناع التنزيل على الإشاعة (12) على ما   (1) انظر: الوسيط 2/ ق 6/ ب. (2) في (د): (بعتك صاعاً من الصبرة إلا صاعاً). (3) انظر: فتح العزيز 8/ 137، الروضة 3/ 29 وما بعدها، المجموع 9/ 378. (4) في (أ): زيادة (الواو). (5) في (د): (أصعها). (6) ساقط من (د). (7) في (د): (مع)، وهو تحريف. (8) في (أ): (أصوع). (9) في (د): (لا يتمكَّن). (10) نهاية 2/ ق 50/ أ. (11) في (أ): (يبطل). (12) انظر: فتح العزيز 8/ 137 وما بعدها، المجموع 9/ 378 وما بعدها. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 436 أوضحناه، ولما أمكن التنزيل على الإشاعة في قوله: "بعتك هذه الصبرة إلا ثلثها" صحَّ، ولم يفسد (1)، فهذا تقرير قوله "فأي فرق بين استثناء المعلوم من المجهول، واستثناء المجهول من المعلوم" (2). وليس (يريد بـ) (3) الاستثناء ههنا الاستثناء الاصطلاحي، وإنما يريد به الاستثناء اللغوي، وهو الصرف (4) والاقتطاع، ففي (5) قوله: بعتك الصبرة إلا صاعاً، فقد استثنى معلوماً من مجهول اصطلاحاً ولغة، وفي قولك (6): بعتك صاعاً من هذه الصبرة، قد استثنى أي اقتطع لنفسه مجهولاً من معلوم؛ فإنه اقتطع ما وراء صاع (7) من الصبرة، وهو مجهول، عن صاع وهو معلوم، والله أعلم. (8) وأمَّا (9) غموض الفرق فلما ذكرنا (10)، وأنا أقول: الفرق بينهما هو أن المبيع في قوله: صاعاً من صبرة هو الصاع، وهو معلوم المقدار والصفة. وفي قوله: الصبرة إلا صاعاً، المبيع هو ما وراء الصاع (11)، وليس معلوماً، فإن المعتمد في معرفة المبيع فيما إذا باع جميع الصبرة، إما هو العيان المحيط بظاهر المبيع   (1) بلا خلاف في المذهب، انظر: المصدرين السابقين. (2) الوسيط 2/ ق 7/ أ، وتمامه " ... والإبهام يعمها، وفي الفرق غموض". (3) ما بين القوسين ساقط من (د). (4) في (أ): (وهذا). (5) وفي (د): (هو). (6) في (أ): (قوله). (7) في (أ): (الصاع). (8) في (أ): زيادة (قوله) والصواب حذفها. (9) في (أ): (فأمَّا). (10) في (أ): (ذكرناه). (11) في (د): (الصفة). الجزء: 3 ¦ الصفحة: 437 من جميع جوانبه؛ لأنه إذا عاين المبيع كذلك كان أقدر على تخمين مقدار المبيع، إذا كان قد عاين المبيع (من بعض جوانبه. أو يقدَّر ما يفوته عيانه من الجوانب، بتمكن الجهالة من المبيع) (1) فاعتبر العيان من جميع الجوانب؛ لأنه يسهل حذراً من جهالة (2) تيسر اجتنابها. وإذا علم هذا، فلا يمكن دعوى إحاطة العيان بجميع ما ظهر من المبيع، فيما إذا استثنى من الصبرة صاعاً؛ لأنه يخالط المبيع أعيان، فيحتمل شغل أعيان ليست هي (3) بمبيعة لبعض جوانب ما يظهر (4) من الصبرة، وهو احتمال ظاهر، فإن شخصاً لو خلط صاعاً له بصبرة لغيره، فإنه (5) لا يخفى وقوع شيء من صاعه في أعلى الصبرة، وعند هذا فيفسد العقد هنا؛ لأن الشرط الذي هو إحاطة العيان بما ظهر لم يثبت وجوده، وما هو شرط فلا يثبت المشروط إذا لم يثبت هو. وإذا عرف هذا، فالجواب عنه قول القائل: إنه وإن لم يحط العيان بجميع أعالى المبيع، فإنما يحيط بجميع جوانب الصبرة، فيخمَّن كم هي صاعاً؟ فإذا استثنى صاع عرف كم بقي، أن (6) يقول التخمين ليس معتبراً بنفسه، بل لا بدَّ له من ضابط؛ لأنه لو عاين جميع جوانب الصبرة، ولم يخمَّن (كم هي صحَّ البيع قطعاً،   (1) ما بين القوسين ساقط من (د)، والمثبت من: (أ). (2) في (د): (الجهالة)، والمثبت من: (أ). (3) في (أ): (هي ليست). (4) نهاية 2/ ق 50/ ب. (5) في (د): زيادة (يظهر). (6) كذا في النسختين، ولعل الصواب (أو) والله أعلم. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 438 والضابط إنما هو ما ذكرناه من إحاطة العيان لجميع جوانب المبيع) (1) ولم يوجد فيما نحن فيه على ما سبق. وإذا ثبت ما بيَّناه بطل التعليل بالإبهام، وثبت (2) التعليل بانتفاء العلم بالمبيع، وأنه مختص (3) به ما إذا باعها إلا صاعاً، والله أعلم. قوله في الفرع الثاني في المرتبة الثانية: "لأنه لا يدري اشترى بدرهم صاعاً وعشراً، أو صاعاً وتسعاً، وما يتردد (4) فيه الاحتمال" (5). يعني وغير ذلك مما يتردد فيه الاحتمال من الأجزاء من ثمن، وسبع (6)، وغيرهما مما يحتمله حال الصبرة، لا ما لا يحتمل فلا يمكن أن يكون صاع وخمس، إذا كنا نعلم أن الصبرة أكثر من خمس آصع. وقوله: "فيكون الثمن مجهول الجملة، والتفصيل" (7). وقع في نسخة "وغيرها"، والصواب: فيكون المثمن بالثمن لا غير (8).   (1) ما بين القوسين ساقط من (أ). (2) في (د): (وبطل) وهو خطأ. (3) في (أ): (يختص). (4) في (د): (ما تردد). (5) الوسيط 2/ ق 7/ ب، ولفظه قبله: "الفرع الثاني: إذا قال: بعتك هذه الصبرة بعشرة على أن أزيدك صاعاً، فإن أراد به التبرع بالزيادة فهو شرط هبة في بيع فيفسد، وإن أراد إدخاله في المقابلة بالثمن، فإن كانت معلومة الصيعان صحَّ، وإن كانت الصبرة عشرة آصع فمعناه: صاع وعشره بدرهم، وإن كانت مجهولة لم يصح؛ لأنه لا يدرى ... إلخ". (6) في (أ): (تسع). (7) الوسيط 2/ ق 7/ ب، ولفظه المذكور قبله. (8) كذا العبارة في النسختين، ولم يتبين لي المقصود منها. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 439 وقوله في أولها: "بعتك الصبرة على أن أزيدك (1) صاعاً" كلام ناقص وتمامه أن يقول: كل صاع بدرهم على أن ... ، لكنه قصر في العبارة، والله أعلم. ذكر في العلم بالمقدار (2) في المبيع صورة (3) هي من باب الثمن، وكأنه عنى بالمبيع في أوله ثبوت (4) البيع، والله أعلم. استشهاده بما إذا فرَّقت صيعانها (5)، ممنوع، فقد منعه الشيخ أبو إسحاق في "تعليقه" في مسألة بيع عبدٍ من ثلاثة، وقال: يصح. وقال (6) سألت القاضي - يعني أبا الطيب - عن ذلك فقال: الذي يقتضيه أن لا يسلم، والبيع يصح لتساوي الأجزاء (7)، والله أعلم. قال رحمه الله: قوله (8) في شراء الأعمى (9): "على أن التوكيل بالرؤية، والفسخ هل يجوز" (10) عبارة قاصرة يوهم أنه يوكل وكيلاً في أنه يرى المبيع،   (1) في (د): (نذكر)، وهو تحريف. (2) نهاية 2/ ق 51/ أ (3) انظر: الوسيط 2/ ق 7/ أ - ب. (4) في (أ): (مؤنة). (5) قال في الوسيط 2/ ق 6/ ب: "وإن عللنا أن الإبهام منع لأجل الغرر، فلا غرر ههنا؛ لتساوي أجزاء الصبرة، بخلاف العبيد، وبخلاف ما إذا باع ذراعاً من أرض لا على التعيين ... ويلزم عليه التصحيح إذا باع قدر صاع من جملة الصبرة وقد فرَّقت صيعانها وبه استشهد القفال". (6) ساقط من (د). (7) لم أقف على هذا النقل عند غير المصنف. (8) ساقط من (أ)، وتوجيه ما في (د): أن فاعل قال الأول هو المؤلف ابن الصلاح، وقد تكرر هذا الأسلوب في أواخر هذا الكتاب، ولعله من تصرف النساخ، والله أعلم. (9) في (د): زيادة (قال) ولا وجه له. (10) الوسيط 2/ ق 8/ ب، وتمام لفظه: "وفيه وجهان: أحدهما: المنع؛ لأنه رأي مجرد فصار كما إذا أسلم على عشر نسوة، ووكَّل بالاختيار. والثاني: الجواز كالتوكيل بالرؤية والشراء". الجزء: 3 ¦ الصفحة: 440 ويفسخ مخصصاً للفسخ، وهذا ليس فيه توكيل في الرأي المجرد، والاختيار، وإنما توكيله في أن يرى ويختار الفسخ أو الإمضاء، فيكون توكيلاً في الاختيار، فيضاهي (1) الاختيار من (2) عشر نسوة (3)، وسياق الكلام يدل على أن هذا هو وجه الكلام، والله أعلم. قوله في فأرة المسك (4): "أن الظَّبية تلقي بطبعها في كل سنة واحدة" (5). كنت قد وجدت (في كتاب) (6) ابن عقيل (7) البغدادي، قد حكى في "كفاية المفتي" (8) على مذهبه عمن حدَّثه: أن النافِجَة في جوف دابة المسك، كالإنفحة (9)   (1) في (د): (فيطاهي) كذا. (2) في (أ): (في). (3) انظر: فتح العزيز 8/ 142. (4) فأرة المسك: بالهمز ويجوز تركه، نافجة المسك، وهي ظرفه الذي يكون فيه من أصله. انظر: تهذيب الأسماء واللغات 3/ 2/ 67، تحرير ألفاظ التنبيه ص 133، القاموس ص 583. (5) الوسيط 2/ ق 9/ ب. (6) ما بين القوسين ساقط من (أ). (7) هو علي بن عقيل بن محمَّد بن عقيل بن عبد الله أبو الوفاء البغدادي الظَّفري، شيخ الحنابلة في زمانه، وكان خارق الذكاء، وله المصنفات الكثيرة، منها: كتاب الفنون، وكفاية المفتي، والانتصار لأهل الحديث، وغيرها، مات سنة 513 هـ على الأصح. انظر: طبقات الحنابلة 2/ 259، سير أعلام النبلاء 19/ 443، شذرات الذهب 4/ 39، هديَّة العارفين 1/ 695. (8) لم أجده في الأجزاء الموجودة منه في المكتبة المركزية (قسم المخطوطات). وقد ذكر قوله هذا الدميري في حياة الحيوان 2/ 7 ولكن بواسطة المؤلف. (9) الإنفحة: بكسر الهمزة وفتح الفاء والحاء المشددة والمخففة، هي كرش العمل أو الجدي ما لم يؤكل، فإذا أكل فهو كرش، وهو شيء يستخرج من بطنه أصفر يُعصر في صوفة مبتلة في اللبن فيغلظ كالجبن، انظر: الصحاح 1/ 413، المصباح المنير ص 616، القاموس ص 313 وما بعدها. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 441 في جوف الجدْي، وأنه سافر إلى بلاد المشرق حتى حمل هذه الدابة إلى بلاد المغرب لخلاف جرى فيها. ثم وجدت في كتاب "العطر" تأليف علي بن مهدي (1) الطبري - أحد أئمة أصحابنا - نحو ذلك (2)، والجمع بين ذلك كله (3) وبين ما في "الوسيط" ممكن: بأن تلقيها من (4) جوفها بطبعها، كما تلقي الدجاجة البيضة، والله أعلم. غير أنه صرَّح في "البسيط" بما ينفي الجمع؛ فإنه ذكر (5) فيه، وغيره أيضاً (6) أنها (7) غير مودعة في الظبية، بل خارجة ملتحمة أي (8) في سرتها، فتحك (9) حتى تلقيها. قوله: "كالمسح من التَّوَّزي" (10).   (1) هو علي بن محمَّد بن مهدي الطبري، تلميذ الشيخ أبي الحسن الأشعري، كان فقيهاً محدثاً، إخبارياً متكلماً، وله المصنفات الكثيرة منها: مشكلات الأحاديث الواردة في الصفات، وكتاب العطر، قال السبكي: ولم أر من أرَّخ وفاته، وذكر صاحب معجم المؤلفين أنه مات في حدود 380 هـ. انظر: طبقات السبكي 3/ 466، الوافي للصفدي 12/ 19، معجم المؤلفين 7/ 234. (2) انظر قوله هذا في: حياة الحيوان للدميري 2/ 7 نقلاً عن المصنف في كتابنا هذا. (3) ساقط من (أ). (4) في (د): (في). (5) نهاية 2/ ق 51/ ب. (6) انظر: الحيوان للجاحظ 5/ 301، حياة الحيوان للدميري 2/ 6 - 7. (7) ساقط من (د). (8) ساقط من (د). (9) في (أ): (فتحتك). (10) الوسيط 2/ ق 9/ أ، ولفظه "الثاني: الفأرة من المسك كالمسح من التَّوَّزي، والجلد من اللحم". الجزء: 3 ¦ الصفحة: 442 فالمِسْح: هو البَلاس من الشعر (1)، والتَّوَّزي: جنس من الثياب، منسوب إلى توَّز - بلدة من بلاد فارس، مما يلي الهند - وهي بفتح التاء المثناة، وتشديد الواو المفتوحة، و (2) بعدها الزاي المنقوطة، ويقال أيضاً: تَوَّج بالجيم (3). فالناس (4) يخففون الواو، فيقولون: الثياب التوْزَّية، كذا بخط ابن السمعاني (5). قوله في آخر الباب: "فقد اشترى معيَّناً مرئياً" (6) هو بالعين والنون، وقد يقرأ "معيباً" بالعين (7) والباء، وليس بالجيَّد؛ لأنه إن كان المراد أنه معيب (8) في حال   (1) والبلاس فارسي معرب، والجمع بُلُبس. انظر: تهذيب الأسماء واللغات 3/ 2/ 138، المصباح المنير ص 60، 572، القاموس ص 308، 687. (2) ساقط من (أ). (3) وبينها وبين شيراز اثنان وثلاثون فرسخاً. انظر: معجم البلدان 2/ 65، 68، وتهذيب الأسماء واللغات 3/ 1/ 42 - 43، والمصباح المنير ص: 78. (4) في (أ): (والناس). (5) انظر: الأنساب 1/ 490 - 491، وابن السمعاني هكذا في النسختين، والصواب حذف كلمة (ابن) وهو عبد الكريم بن محمَّد بن منصور بن محمَّد بن عبد الجبار أبو سعد السمعاني المروزي، صاحب التصانيف الكثيرة، والفوائد الغزيرة، وكان ثقة حافظاً، حجة، واسع الرحلة، من مصنفاته: الأنساب، والذيل على تاريخ بغداد، وتاريخ مرو، وطراز الذهب في أدب الطلب، وغيرها، مات سنة 562 هـ رحمه الله. انظر: وفيات الأعيان 2/ 378، تذكرة الحفاظ 4/ 1316 - 1318، طبقات ابن قاضي شهبة 2/ 12، طبقات الحفاظ ص 473. (6) الوسيط 2/ ق 10/ ب، ولفظه: "فرع: لو رأى ثوبين، ثم سرق أحدهما من البيت، وهو لا يدري أن المسروق أيهما، فاشترى الثوب الباقي، فقد اشترى معيناً مرئياً". (7) في (أ): (مغيباً، بالغين) وهو تصحيف. (8) في (أ): (مغيب)، وهو تصحيف. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 443 العقد مرئي فيما سبق، فلا (1) معنى له، مع ما سبق بيانه من أن الرؤية السابقة كالمقارنة، فلا يكون هذا! مثار (2) اللغط (3) حتى يتعرض له، وإن كان المراد أنه وإن كان مرئياً حقيقة فهو كالغائب من حيث المعنى؛ لأن الرؤية السابقة لم تفد العلم بالمبيع، فهذا مختص بإحدى صورتي المسألة، فلا يسوغ (4) أن يحكم به على نفس المسألة، قبل أن يشرع في تفصيلها، ولا معنى لهذا سوى هذين المعنيين، فيتعيَّن أن يكون الصحيح "معيَّناً" بالنون، فإنما تعرَّض لذكره لبيان أنه كان غير معين بالنسبة إلى خيار الرؤية، وقبل سرقة أحدهما، فهو حالة العقد معيَّن؛ لأنه اشترى الباقي منهما، وهو واحد معيَّن ليس معه غيره، والله أعلم. ثم جزم بالصحة فيما إذا تساوت صفتهما، وقدرهما، وقيمتها، مع جريه الخلاف في الصورة الثانية (5)، والتحقيق يوجب إجراء الخلاف المذكور في استقصاء الوصف في صورة التساوي (كما أجراه) (6) في مسألة الأُنْمُوذَج (7) (من حيث إنه   (1) في (د): (ولا). (2) في (أ): (مثاراً). (3) في (أ): (للنظر). (4) في (د): (فلا يسغ). (5) قال في الوسيط 2/ ق 10/ ب: "وقد وقعت المسألة في الفتاوى فقلت: إن تساوى صفة الثوبين وقدرهما وقيمتهما كنصفي كرباس واحدٍ، صحَّ العقد، وإن اختلف شيء من ذلك خرج على قولي بيع الغائب؛ لأنه ليس يدري أن المشترى خمسة أذرع مثلاً أم عشرة فرؤيته لم تفد العلم بقدر المبيع، ووصفه في حالة البيع فلا أثر لها". (6) ما بين القوسين ساقط من (د). (7) مسألة الأنموذج: هي إذا قال: أسلمت إليك في ثوب، أو مائة صاع حنطة كهذه الحنطة، فيها ثلاثة أوجه: أحدها: الصحة، والثاني: البطلان، والثالث - وهو أصحها: إن أدخل الأنموذج في البيع صحَّ وإلا فلا. انظر: المجموع 9/ 360 - 361، الروضة 3/ 38، مغني المحتاج 2/ 19. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 444 ذكره لا محالة اعتماد (1) على مساواة غير المبيع [للمبيع] (2) في الصفة المعلومة (3) بالمشاهدة فهو كالأنموذج) (4) الذي ليس بمبيع، المساوي في الصفة للمبيع ولا فرق والله أعلم. ثم ذكر (5) التساوي في القيمة اعتباراً للقيمة مع الوصف، ولا وجود لمثله في هذا الباب، والله أعلم (6). قوله في الربا: "الحلول يعني منع الأجل والسلم (7) " (8) فذكره السلم إنما يستقيم إذا أراد (9) منع السلم الحال فيه، وفي ذلك وجهان مذكوران في السلم من "البسيط" واختار هناك الجواز (10)، واستبعد المنع، والله أعلم.   (1) كذا في (د)، ولعل الصواب (اعتمد)، والله أعلم. (2) ما بين المعكوفتين إضافة من نقل النووي عن المصنف في المجموع 9/ 356. (3) وفي نقل النووي (المعلق به). (4) ما بين القوسين ساقط من (أ). (5) في (أ): (قوله). (6) وقع هنا في النسختين تقديم وتأخير بين هذه المسألة، والتي تليها، حيث قدمت هي على هذه المسألة، والسياق وكلام "الوسيط" يقتضي الترتيب الذي ذكرته؛ لأن هذه المسألة مرتبطة بما قبلها، وهي مرتبطة بما بعدها، والله اعلم. (7) في (أ): (فالسلم). (8) الوسيط 2/ ق 10/ ب، ولفظه قبله: "الباب الثاني: في فساد البيع بجهة الربا إذا كان ربوياً اشترط في عقده وراء ما ذكرناه الشرائط السابقة في الباب الأول ثلاثة شرائط: التماثل بمعيار الشرع والحلول، ونعني به منع الأجل والسلم، والتقابض في مجلس العقد ... إلخ". (9) نهاية 2/ ق 52/ أ. وفي النسختين زيادة (بإسكان الواو وفتح التاء) ولم أجد لها توجيهاً. (10) هذا هو المذهب. انظر: الروضة 3/ 247، مختصر الخلافيات للبيهقي 3/ 358، رحمة الأمة ص 186. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 445 قوله: "الجنسية محل (1) العلة (2) " فمحل العلة يغير الشرط (3) فإن المحل مخصوص بما يزداد به النظر في شفاء الغليل، ويجر مناسبة العلة لإثبات حكمها كالإحصان في الزنا، والله أعلم. قوله: "في دهن البنفسج، ودهن الكتَّان، ووَدَك (4) السمك خلاف، وقطع العراقيون بأن الربا لا يجري فيها" (5) هكذا وقع فيما وقفنا عليه (6) من النسخ، وهو مشكل، وإصلاحه يحصل بحرف واحد، وهو أن نجعله لا يجري فيهما، بضمير التثنية، وهو راجع إلى دهن الكتان، وودك السمك خاصة، دون دهن البنفسج (7)، وكلامه عقيبه يدل قطعاً على هذا. ثم إن (8) ما ذكره من قطع العراقيين في دهن الكتَّان، وودك السمك صوابه: إضافته إلى بعض العراقيين، فإن الذي نعرفه عن العراقيين إجراء   (1) في (د): (على). (2) الوسيط 2/ ق 11/ أ، وتمامه: "فهي بمجردها لا تحرم النساء، بل يجوز إسلام الثوب في جنسه ... إلخ". (3) في (أ): (مغير الشرط). (4) في (د): (دهن). (5) الوسيط 2/ ق 11/ أ - ب. (6) في (د): (فعليه). (7) قلت: ولفظه في النسخة التي بين يدي لا يرد عليه هذا الإشكال؛ لأنه صرَّح بذكرهما، حيث قال: " ... وقطع العراقيون بأن الربا لا يجري في دهن الكتان وودك السمك؛ لأنهما لا يؤكلان في حالهما لا على العموم، ولا على الندور، بل دهن الكتان للاستصباح، وودك السمك لطلي السفن ... إلخ". (8) ساقط من (د). الجزء: 3 ¦ الصفحة: 446 الخلاف في الجميع (1) (هذا "المهذب" (2) من كتبهم فيه الخلاف في الجميع) (3)، والله أعلم (4).   (1) انظر: الحاوي 5/ 116، حلية العلماء 4/ 150، فتح العزيز 8/ 163 - 164، المجموع 9/ 598، الروضة 3/ 45، الغاية القصوى 1/ 466. (2) 1/ 360. (3) ما بين القوسين ساقط من (د). (4) نهاية 2/ ق 52/ ب. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 447 ومن الباب الثالث في فساد العقد (1) من جهة النهي قوله (2): "النَّجش هو الرفع" (3). قلت: الصحيح أنه من قولهم: نجش الصيد إذا استثاره (4)، فإن الذي يزيد في الثمن يستثير المستام ليبذل (5) زيادة في الثمن، والله أعلم. ذكر (6) في تفسير البيع على بيع أخيه: "أن يطلب طالب السلعة في المجلس بأكثر [من الثمن] (7) ليرغب البايع في فسخ العقد، وقال: فهذا هو البيع على بيع الغير" (8). (ثم قوله "وكذلك إذا رغب المشتري في الفسخ" (9). قلت: هذا هو البيع على بيع الغير) (10)، والأول هو الشراء على شراء الغير، ويمكن الاعتذار له بأن الشراء يسمى بيعاً، قال الله تعالى: {وَشَرَوْهُ بِثَمَنٍ بَخْسٍ} (11).   (1) مطموس في (د). (2) في (د): (من جهته التي قال). (3) الوسيط 2/ ق 12/ ب، ولفظه: "الأول نهيه عن النجش، قال الشافعي رحمه الله: ليس ذلك من أخلاق ذوي الدين، والنجش هو الرفع، والناجش من يطلب سلعة بين يدي راغب بأكثر من قيمتها وهو لا يريدها ... إلخ". (4) ولهذا قيل للصيَّاد النجَّاش، والناجش لإثارته الصيد. انظر: الصحاح 3/ 1021، تهذيب الأسماء واللغات 3/ 2/ 160، تحرير ألفاظ التنبيه ص 142. (5) في (أ): (المستأمر له بذل). (6) في (أ): (قوله). (7) ما بين المعكوفتين زيادة من الوسيط يقتضيها المعنى. (8) الوسيط 2/ ق 14/ ب. (9) الوسيط 2/ ق 15/ أ. (10) ما بين القوسين ساقط من (د). (11) سورة يوسف الآية 20. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 448 أي باعوه (1)؛ ولأن البائع إذا فسخ بيع الأول، ثم باع من الثاني، فهو بالثاني بائع على بيع أخيه الأول، والله أعلم. في بعض النسخ (2) "الملقاح ما (3) في بطن الأم"، وفي بعض النسخ "الملاقيح ما في بطن الأم" (4)، والأول لا يكاد يصح من حيث اللغة، وإن كان قد قال في "البسيط": الملاقيح جمع (5) الملقاح؛ إذ (6) واحد الملاقيح عند صاحب "صحاح اللغة" (7): ملقوحة، وعند بعضهم [ملقوح] (8). قوله في شرح الملامسة: "مهما لمست ثوبي فهو مباع منك" (9) في قوله "مباع" والأجود مبيع؛ لأن مباعاً معناه: معرض للبيع، غير أنه جاء على الشذوذ بمعنى مبيع (10)، فهو باطل؛ لأنه تعليق، أو عدول عن الصيغة الشرعية تعليق بمعناه - والله أعلم - إنه إن (11) أراد مهما لمسته فقد بعتكه، أي بقولي (12) هذا، فهو   (1) انظر: الصحاح 6/ 2391. (2) في (أ): زيادة (واو). (3) في (أ): زيادة (هو). (4) الوسيط 2/ ق 16 / أ، ولفظه قبله: "الثاني نهيه عن بيع الملاقيح والمضامين، والملقاح ما ... إلخ". (5) في (د): (جميع). (6) في (د): (إذاً). (7) 1/ 401. (8) ما بين المعقوفتين بياض في (د) بمقدار كلمة، وسقطت من (أ)، والإضافة من مصادر اللغة. انظر: النهاية في غريب الحديث 4/ 263، اللسان 2/ 580، المصباح المنير ص 556. (9) الوسيط 2/ ق 16/ أ. (10) انظر: الصحاح 3/ 1189، مختار الصحاح ص 62. (11) ساقط من (أ). (12) في (د): (بقول). الجزء: 3 ¦ الصفحة: 449 تعليق البيع على اللمس وإن أراد: فلمسك إيَّاه بيع، فهذا عدول عن الصيغة الشرعية من حيث إنه (1) جعل فعل اللمس بيعاً (2)، والله أعلم. قوله: "وكذلك إذ قال: على أن لا يأكل (3) إلا الهريسة، ولا يلبس إلا الخز (4) " الأجود أن يقرأ (5) بالتاء خطاباً للمشتري؛ لئلا ينازع منازع في عدم الغرض على تقرير تصويره فيما إذا اشترطه للعبد المبيع (6)، والله أعلم. قوله: "وهذا استثناء عن صورة اللفظ، ولكنه منطبق على المعنى المفهوم" (7)   (1) نهاية 2/ ق 53/ أ. (2) انظر بيع الملامسة وما قبلها من البيوع المنهية في: اللباب ص: 222 - 225، الروضة 3/ 63 وما بعدها، الغاية القصوى 1/ 469 وما بعدها. (3) في (أ): (على أن لا تأكل) بالتاء. (4) الوسيط 2/ ق 16/ ب، ولفظه قبله: "ويستثنى عن هذا الأصل، حال الإطلاق، وستة شروط: أن يشترط ما يوافق العقد، وهو أن يقول: بعتك بشرط ان تنتفع وتتصرف كما تريد؛ لأنه لا يبقى عُلْقَة، وكذلك إذا قال: بشرط أن لا تأكل إلا الهريسة ... إلخ". والهريسة: فعيلة بمعنى مفعولة، وهَرَسها أي دقَّها، والهرس دقُّ الشيء، والهريس الحب المدقوق بالمهراس قبل أن يطبخ، فإذا طبخ فهو الهريسة. انظر: المصباح المنير ص 638، القاموس ص 749. (5) في (أ): (تقرأ) بالتاء. (6) انظر: مغني المحتاج 2/ 34. (7) الوسيط 2/ ق 16/ ب، ولفظه قبله: "وما لا غرض له فيه, لأنه ليس فيه علقة يتعلق بها نزاع، ويتغير بها غرض، فهو هزيان ساقط، وهذا الاستثناء ... إلخ". الجزء: 3 ¦ الصفحة: 450 تفسيره به استثناء، إلا أن كونه بالنسبة إلى صيغة قوله "نهى عن بيع وشرط" (1) إما بالنسبة إلى المعنى الذي علل به هذا النهي، وهو كون الشرط يبقى عُلقة فليس استثناء (2) من حيث إنه يبقى علقة، والله أعلم. قوله بعد حديث شرط العتق: "فأذن في ذلك، ولا يأذن في باطل، فأنكر هذا التكليف عليهم مع الإذن في الإجابة" (3). أي لعائشة رضي الله عنها، وأنكر على السادة تكليفهم لها بالعتق، ولا منافاة بين إذنه لها، وإنكاره عليه (4) - صلى الله عليه وسلم - (5).   (1) كذا في النسختين بدون خبر كان، ويبدو أن من قوله "إلا أن كونه بالنسبة ... " إلى قوله "بيع وشرط" عبارة مقحمة زائدة، فتصير العبارة "تفسيره به استثناء أما بالنسبة إلى المعنى الذي ... " وبهذا يستقيم الكلام والله أعلم. أما الحديث المشار إليه (نهى عن بيع وشرط) أخرجه الطبراني في الأوسط 5/ 184، والخطابي في معالم السنن 3/ 774، والحاكم في علوم الحديث ص: 128، وابن حزم في المحلى 8/ 415 من طرق عن محمَّد بن سليمان الذهلي عن عبد الوارث بن سعيد عن أبي حنيفة عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده به في قصة طويلة مشهورة، قال شيخ الإسلام ابن تيمية: "هذا الحديث باطل، ليس في شىء من كتب المسلمين، وإنما يروى في حكاية مقطوعة"، وضعفه الهيثمي، وابن حجر، والألباني. انظر: مجموع الفتاوى 18/ 63، مجمع الزوائد 4/ 85، فتح الباري 5/ 371، السلسلة الضعيفة 1/ 703 رقم (491). (2) في (أ): (باستثناء). (3) الوسيط 2/ ق 17/ ب. (4) كذا في النسختين ولعل الصواب (عليهم)، والله أعلم. (5) والحديث المشار إليه هو حديث عائشة رضي الله عنها في قصة بريرة، رواه البخاري في مواضع كثيرة منها: 1/ 655 - مع الفتح - في كتاب الصلاة، باب ذكر البيع والشراء على المنبر في المسجد، و5/ 198 في كتاب العتق، باب بيع الولاء وهبته. ومسلم 10/ 139 - 147، - مع النووي - كتاب العتق، باب بيان أن الولاء لمن أعتق. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 451 قوله: "فيما إذا مات العبد الذي شرط عتقه قبل إعتاقه، فقد تصدَّى لتفويت (1) حق البائع إلى غير بدل" (2) هذا وجه رابع مذكور في المسألة (3)، لم يذكره هو، وسياق كلامه يستدعي منه ذكره. قوله في الوجه الثالث منها: "أنه (4) يغرم مثل نسبة (5) هذا التفاوت من الثمن لا من القيمة بعينها" (6). قلت: كيفية ذلك يعلم من علم الحساب، فإذا قوَّمنا العبد من غير شرط العتق، فكانت قيمته مثلاً مائة، ومع شرط العتق (7) كانت تسعين، فقد نقص بالشرط عشر قيمته، فعرفنا أن الثمن (8) المسمى قد نقص منه العشر به، فإذا كانت (9) مثلاً خمسة وأربعين، فليس الطريق في ذلك أن تزيد على المسمى عشره (10) حتى يكمل، فإن عشره إذا ضمَّ إليه كان جزءاً من أحد عشر جزءاً، بل طريقه أن يضم إليها (11) تسعه، وهو خمسه في الصورة المذكورة، فتكون الجملة خمسةً (12)، والخمسة لا   (1) في (أ): (تفويت). (2) الوسيط 2/ ق 18 / أ. (3) انظر: المهذب 1/ 356، فتح العزيز 8/ 202، الروضة 3/ 70، المجموع 9/ 449. (4) في (د): (أن). (5) في (د): (نسبته). (6) الوسيط 2/ ق 18/ ب. (7) في (د) زيادة (الواو). (8) نهاية 2/ ق 53/ ب. (9) في (د): (كان). (10) في (أ): (عشرةً). (11) في (د): (إليه). (12) كذا في النسختين، ولعل الصواب (خسمين) والله أعلم. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 452 محالة منها عشرها، والقاعدة الحسابية في ذلك: أن كل مالٍ نقص منه جزؤه (1)، فتكميله بأن يضم إليه مثل الجزء الذي قبل الجزء (2) الساقط منه، فإذا نقص منه تسعه أضيف إليه ثمنه، وإن نقص ثمنه فالسبع، وهكذا الأمر (3) في هذا على خلاف المعهود في أرش العيب (4)، فإن هناك ينقص الجزء الذي هو على التفاوت من الثمن المسمى، ويرده البائع على المشتري، وههنا يزيده على المسمى، ويأخذه البائع من المشتري، والله أعلم. قوله (5): "بعتك هذه النعجة فإذا هي رَمَكة" (6) هذا تصحيف، إنما هو: هذه البغلة؛ فإن الرمكة هي الفرس الأنثى (7)، لا تشتبه بالفرس، ولا يعجز المكابر عن (8) تكلف (9) وجهٍ غثَّ (10). قوله في إلحاق الشروط (11) الزوائد في زمن الخيار: "الثاني: يصح؛ لأن المجلس حريم (12) العقد [و] (13) أوله، وهذه يفسده قولنا: إن حذف الجهالة في المجلس لا يغني" (14).   (1) في (د): جزءاً. (2) ساقط من (أ). (3) في (د): والأمر. (4) في (د): (العبد). (5) في (د): (قولك). (6) الوسيط 2/ ق 19 / أ. (7) انظر: الصحاح 4/ 1588، المصباح المنير ص 239. (8) تكرر في (د). (9) في (أ). (ذكر). (10) الغَثّ: الكلام الرديء والفاسد، ويقال: أغَثّ في كلامه بالألف، تكلم بما لا خير فيه. انظر: مختار الصحاح ص 413، المصباح المنير ص443. (11) في (أ): زيادة (و). (12) في (د): (جزثم) كذا. (13) ما بين المعكوفتين زيادة من الوسيط. (14) الوسيط 2/ ق 19/ ب. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 453 قلت: كلا لا يفسده؛ لأن العقد مع الجهل بطل فلم يكن (1) له حريم، وههنا العقد صحيح، وكان (2) المجلس حريماً له، ثم كون (3) هذا التعليل لا يشمل خيار الشرط فيما بطل (4) بما قاله شيخه (5) من أن زمن الخيار حالة جواز قضاء هي قبول التعيين حالة التواجب بين المتعاقدين بالإيجاب والقبول (6). قوله: "وهذا أيضاً مشكل على قياس مذهب الشافعي في المنع من إلحاق الزوائد والشروط" يعني بعد اللزوم (7)، فإن المعتمد فيها على أبي حنيفة (8)، والله أعلم.   (1) في (د): (فلا يكن). (2) في (أ): (فكان). (3) في (د): (يكون). (4) في (د): (بالكل) كذا. (5) لم أقف عليه. (6) نهاية 2/ ق 54/ أوكذا العبارة في النسختين، وفيها ركاكة، ولتوضيح المسألة انظر: فتح العزيز 8/ 214 - 215. (7) انظر تفصيل هذه المسألة في: فتح العزيز 8/ 214 - 215، الروضة 3/ 78، المجموع 9/ 461. (8) مذهب الإِمام أبي حنيفة في هذه المسألة كالآتي: ذهب في قول إلى أن الشرط اللاحق يلتحق بأصل العقد، وفي قوله الآخر: لا يلتحق، قال ابن عابدين: والظاهر أنهما قولان مصححان. وأما إذا كان في العقد شرط فاسد ثم حذف في المجلس، أو في مدة الخيار - وهو ثلاثة أيام - فإن العقد ينقلب صحيحاً عنده خلافاً لزفر والشافعي. انظر: بدائع الصنائع 7/ 3049، فتح القدير 6/ 300 - 302، العناية 6/ 302، حاشية ابن عابدين على الدر المختار 5/ 84. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 454 ومن الباب الرابع في تفريق الصفقة قوله: "إن كان المتعاقدان عالمين بحقيقة الحال عند العقد، بطل العقد" (1)، يعني من غير خلاف، والذي صار إليه غيره (2) من إجراء الخلاف فيه وهو الصحيح، والفرق بينه وبين ما إذا قال: بعتك بالحصة من الألف: أن صيغة العقد ههنا وردت على معلوم، بخلاف ما هنالك، والله أعلم. قوله (3): "لو قال لرجلين (4): بعت منكما، فقبل أحدهما دون الآخر، ففيه وجهان: أحدهما: الصحة للتعدد. والثاني: المنع؛ لأن الجواب غير منطبق على الخطاب، وقد التمس جوابهما جميعاً، وهذا بعيدُ، ونص الشافعي على أنه لو خالع زوجتيه (5) فقبلت إحداهما، صحَّ مع أن (6) فيه معنى التعليق" (7). قلت: هذا من معضل الكتاب؛ فإنه قال في كتاب الخلع "لو قال الزوج (8) ابتداءاً: خالعتكما على ألف، فقبلت واحدة منهما، لم يصح بلا خلاف"، ثم   (1) الوسيط 2/ ق 20/ أ، ولفظه قبله: "فإن قيل قطعتم بالبطلان فيما إذا قال: بعتك عبداً بما يخصَّه من الألف لو وزَّع على قيمته وقيمة عبدٍ آخر عنه، وترددتم في هذه المسألة، فما الفرق؟ قلنا: إن كان المتعاقدان ... إلخ". (2) انظر: فتح العزيز 8/ 235، المجموع 9/ 473، الروضة 3/ 89، مغني المحتاج 2/ 40. (3) في (د): (قول). (4) في (د): (الرجلين). (5) في (أ): (زوجته). (6) في (أ): (ما أن) بدل (مع أن). (7) الوسيط 2/ ق 21/ ب. (8) في (أ): (لزوجتيه). الجزء: 3 ¦ الصفحة: 455 قال: "لو باع عبداً من رجلين، فأجاب أحدهما لم يصح على المذهب، وإن شبب أصحاب الخلاف بمنع فيه" (1)، وهذا تهافت منه، وهكذا جرى منه في "البسيط" سلك فيه ههنا وفي كتاب الخلع هذا المسلك، ومن اشتغل بقريرها فهو ضائع مهوس، وإنما هذا غلط، وقع في النقل في أحد الموضعين، والمذكور في كتاب الخلع هو الصواب (2) ولا صحة لما نقله ههنا عن نص الشافعي، وأصل هذا أن (3) ذلك (4) نشأ من شيخه صاحب "النهاية" غير أنه لما ذكر في (5) كتاب الخلع عن الأصحاب الإبطال في مسألة الخلع، وحكى في مسألة البيع عن أئمة المذهب مثل ذلك، واتبعه بذكر وجه في الصحة قال: "ولم أر هذا المعتمد في المذهب، وغالب ظني أنه من ارتكاب الخلافيين (6)، وقد حكيت في كتاب البيع واستشهدت بمسألة من الخلع، ولم أثبت فيها على ما ينبغي" (7). والذي استشهد به في كتاب البيع هو النص المذكور عن الشافعي في مسألة الخلع المذكورة، فكان هذا تشبيباً منه بالرجوع عمّا نقله عن النص في كتاب البيع، فغفل صاحبه الغزالي عن ذلك، ونسى - والله أعلم - عند ذكره في كتاب الخلع ما ذكرنا كان تقدم منه في كتاب البيع، والله أعلم.   (1) الوسيط 3/ ق 45 / ب. (2) انظر: فتح العزيز 8/ 286، المجموع 9/ 378، الروضة 3/ 98، مغني المحتاج 2/ 42، نهاية المحتاج 3/ 486. (3) ساقط من (أ). (4) في (أ): (كذلك). (5) نهاية 2/ ق 54/ ب. (6) في (د): (الخلافين) بياء واحدة. وفي (النهاية) " ... ارتكاب أئمة الخلاف". (7) انظر: نهاية المطلب القسم 4/ ص 445 - 446 كتاب الخلع. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 456 ومن باب خيار المجلس والشرط قول أبي بكر (1) الأَوْدِني المنسوب إلى "أوْدِن" من قرى بخارى على وزن أفعل وفي آخرها نون (2)، جعله ضعيفاً (3) وهو الصحيح الذي لم يذكر غير واحد من المصنفين غيره (4)، والله أعلم. "في الصرف إذا ألزم في المجلس ثم فارق قبل القبض (من غير اذن صاحبه عصى" (5).   (1) هو محمَّد بن عبد الله بن محمَّد بن بصير بن وَرْقَاء أبو بكر البخاري الأودني، شيخ الشافعية بما وراء النهر في عصره، ومن كبار أصحاب الوجوه، أخذ عن أبي منصور بن مهران، ومات سنة 385 هـ. انظر: وفيات الأعيان 3/ 346، معجم البلدان 1/ 329، تهذيب الأسماء واللغات 1/ 191 وما بعدها، طبقات ابن قاضي شهبة 1/ 165 (2) وكذا قال ابن ماكولا، وصححه ابن كثير، وقال السمعاني وياقوت الحموي وغيرهما: هو منسوب إلى أُوْدَنة بضم الهمزة وسكون الواو وفتح الدال المهملة قرية من قرى بخارى. انظر الإكمال 1/ 149، الأنساب 1/ 226، معجم البلدان 1/ 329، تهذيب الأسماء واللغات 2/ 192. (3) قال في الوسيط 2/ ق 22/ ب: "الثاني: كل بيع يستعقب عتقاً كشراء الوالد وشراء العبد نفسه من سيده لا خيار فيه؛ لأنه ليس عقد مغابنة، وقال أبو بكر الأودني رحمه الله: يثبت الخيار في شراء القريب - واستدلَّ بقوله: (لا يجزئ ولد والده حتى يجده مملوكاً فيشتريه ويعتقه) فيدل على تعلق العتق باختياره وهو ضعيف". (4) انظر: فتح العزيز 8/ 297، الروضة 3/ 101, المجموع 9/ 208، كفاية الأخيار ص 340، مغني المحتاج 2/ 44. (5) الوسيط 2/ ق 23/ أ. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 457 فاشعر بما صرَّح به في "البسيط" من أنه لا يعصى) (1) إذا كان باتفاقهما. وأنا أقول: ينبغي أن يعصى؛ لأنه جعله ربا، ومن تعمَّد الربا عصى، والله أعلم. ذكر من له خيار الشرط إذا مات ولم يبلغ وارثه حتى تَصرّمَّ (2) لما كان بقي (3) وقال: "بقية المدة هل يبقى في حقه من حيث إنه تعين إبقاء الحق، فوصف (4) المدة والمجلس بعد جريان الاختصاص فيه قد بطل" (5). هذا قد (6) وقع فيه خبط في بعض النسخ، والذي ذكرناه هو الصحيح، والله أعلم. روى في حديث حَبَّان بن منقذ (7) - بفتح الحاء لا غير - "واشترط الخيار ثلاثة   (1) ما بين القوسين ساقط من (د). (2) تصرَّم: يقال تصرَّم الليل انصرم ذهب. انظر المصباح المنير ص 339. (3) كذا في النسختين، ولفظ الوسيط "فيما إذا مات وقد بقي من مدة خيار الشرط يوم، ويلغ الوارث الخير بعد تصرُّم ذلك اليوم أن بقيَّة المدة ... إلخ". (4) كذا في النسختين بالفاء في أولها، وفي الوسيط (بوصف) بالباء في أوله، والله أعلم. (5) الوسيط 2/ ق 23/ ب. (6) ساقط من (د). (7) هو حَبَّان بن منقذ بن عمرو - ويقال: عطية، بدلاً عن عمرو بن خنساء الأنصاري النجَّاري، صحابي ابن صحابي رضي الله عنهما، شهد أحداً وما بعدها من المشاهد، توفي في خلافة عثمان ابن عفان - رضي الله عنه -. انظر: تهذيب الأسماء واللغات 1/ 15552، الإصابة 1/ 303. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 458 أيام" (1) هو بهذا (2) اللفظ منكر لا أصل له (3). قوله: "ولو تنازعا، فقال أحدهما: فسخت" (4) يعني تنازعا وقد تفرقا، والله أعلم. قوله في اختصاص خيار المجلس بالوكيل (5) العاقد: "فلو كان الموكَّل في المجلس، وحجر على الوكيل في الخيار، فإن قلنا عليه الامتثال (6) رجع عن حقيقة   (1) انظر الوسيط 2/ ق 24، ولفظه "إذ كان بن حبَّان بن منقذ يخدع في البياعات فشكا أهله إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال له: فقل لا خلابة وليشترط الخيار ثلاثة أيام". (2) نهاية 2/ ق 55 / أ. (3) وأصل الحديث رواه البخاري 4/ 395 - مع الفتح - في كتاب البيوع، باب ما يكره من الخدع في البيع، و 5/ 82 في كتاب الاستقراض، باب ما ينهى عن إضاعة المال، و 5/ 88 في كتاب الخصومات، باب من باع على ضعيف ونحوه. ومسلم 10/ 196 في كتاب البيوع، باب بيع من يخدع في البيع من حديث ابن عمر قال: إن رجلاً ذكر للنبي - صلى الله عليه وسلم - أنه يخدع في البيع فقال: (إذا بايعت فقل لا خلابة). وأما التصريح باسمه بأنه كان حبان بن منقذ فقد رواه أحمد 2/ 245، وابن الجارود في المنتقى ص: 147، وابن خزيمة 4/ 345، والدارقطني 3/ 54 - 55، والحاكم 2/ 26، والبيهقي في الكبرى 5/ 448 - 449 من طرق عن محمَّد بن إسحاق عن نافع عن ابن عمر قال: كان حبان بن منقذ رجلاً ضعيفاً، وكان قد سفع في رأسه مأمومة فجعل له رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الخيار فيما اشترى ثلاثاً، وكان قد ثقل لسانه فقال له رسول الله - صلى الله عليه وسلم - (بع وقل لا خلابة) فكنت أسمعه يقول: (لا خذاية خذاية) ... الحديث. وللحديث طرق أخرى انظرها في تذكرة الأحبار (ق 124 - 127)، والتلخيص 3/ 21. (4) الوسيط 2/ ق 24/ أ، ولفظه "فرع: إذا تنازع المتعاقدان في التفرق، وجاءا متساوقين، قال أحدهما: لم أفارقه بعد ولي الخيار، فالقول قوله؛ إذا الأصل عدم التفرق، ولو تنازعا، فقال أحدهما: فسخت في المجلس ... إلخ". (5) في (د): (والوكيل). (6) في النسختين (الإمساك)، والمثبت من الوسيط، وهو الصواب. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 459 الخيار إلى الموكِّل، وإن قلنا: لا يمتثل، فإنه من لوازم السبب السابق [وإن] (1) كان بعيداً، ففيه تأمل للناظر" (2). هذا يوهم (3) أن فيه (4) حكاية خلاف في أن عليه الامتثال (5) أولاً (6) فلا (7) يقع (8) فيه تعيين، واختلال في بعض النسخ. وإنما هو ترديد (9) احتمالٍ من المصنف، وإبداء إشكال من غير أن يحكم في المسألة بشيء، والظاهر أنه لا يمتثل، وإن كان وكيلاً (10)؛ لأن هذا يختص بالعاقد كما اختص القبول بالوكيل المخاطب. قوله: "فيما اشترى عبداً بجارية، الأصح أنه يرجح جانب العبد؛ لأنه إجازة للعقد، فهو أولى من الفسخ، ولأن الصحيح أن العبد (11) ملكه (12) "، هكذا وقع - والله أعلم - في النسخ "ولأن" بالواو، وصوابه حذف الواو، وذلك أن القاعدة: أن الفسخ أولى من الإجازة؛ لأن الفسخ هو الذي وضع الخيار له، أما الإجازة فقد كانت حاصلة بدونه بالعقد، وإنما قدمت الإجازة ههنا؛ لأن الصحيح أن   (1) ما بين المعكوفتين إضافة من الوسيط يقتضيها المعنى. (2) كذا في النسختين، وفي الوسيط 2/ ق 25/ أ: " ... وإن كان بعيداً، ففيه أيضاً تأمل للناظر". (3) في (أ): (يتوهم). (4) في (أ): (فيه أنه). (5) في (د): (الإمساك)، وهو تصحيف. (6) ساقط من (د). (7) ساقط من (أ). (8) في (د): ويقع. (9) كذا في (أ)، وفي (د): (يزيد)، ولعل الصواب (تردد) والله أعلم. (10) وعبَّر عنه النووي بالأرجح. انظر: المجموع 9/ 250، الروضة 3/ 381. (11) في (د): العقد. (12) الوسيط 2/ ق 25/ ب. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 460 العبد ملك المشتري فعتقه يصادف ملكه، من غير حاجة إلى تقدير انتقال الملك بواسطة الفسخ، بخلاف عتق الجارية، فإنه يحتاج فيه إلى ذلك؛ لكونها خارجة عن ملكه على الصحيح المذكور (1)، والله أعلم. قوله في وطء المشتري في زمن الخيار: "وقيل: إنه (2) يحمل على الامتحان كالخدمة" (3)، كلام غَثٌّ ينفر منه (4) المؤمن، والله أعلم. قوله في القسم الثالث عند ذكر حد الثمن: "وكذلك الأصح جواز السلم في الدراهم، والدنانير، فإن الشافعي - رحمه الله - جعل الثمن والمثمن (5) فيما يتعين (6) بالتعيين" (7). هذا إشارة إلى الجواب غير متمسك من منع (8)، وذلك أنه يقول: الجواز يلزم منه إعطاء الثمن رتبة المبيع، ولا يجوز؛ لأن فيه تغيير مقتضاه, لأن حكم النقدين (9) وهما الثمن؛ لأن التفريع على أنه لا ثمن إلا النقدان أنهما إذا كانا في   (1) وصححه أيضاً الرافعي والنووي. انظر: فتح العزيز 8/ 324، الروضة 3/ 119، المجموع 9/ 259. (2) ساقط من (د). (3) الوسيط 2/ ق 26/ أ. (4) نهاية 2/ ق 55/ ب. (5) في (أ): (كالثمن). (6) في (أ): (في التعين). (7) الوسيط 2/ ق 35/ أ. (8) وهم الحنفية، فإنهم منعوا السلم في الدراهم والدنانير. انظر: الهداية 4/ 125، فتح القدير 7/ 72، العناية 7/ 72. (9) في (د): (التقدير)، وهو تحريف. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 461 الذمة، فيجوز الاعتياض عنهما قبل القبض على قول صحيح (1)، فإذا جعلهما مسلماً فيهما فقد غيَّر مقتضاهما؛ لامتناع الاعتياض عن المسلم؛ ولأن المسلم فيه في رتبة المبيع، فجعل الثمن مسلماً فيه، جعل له مبيعاً، وهو قلب للحقيقة. فالجواب عنه: أن ذلك لا يمتنع، كما لا يمتنع لمذهبنا جعل الثمن كالمثمن في التعين (2) بالتعيين، مع أن مقتضى الثمن أن يثبت في الذمة، فيجوز الاعتياض عنه بدليل ثبوت ذلك عند الإطلاق، مع أن قوله "بدراهم" كما يحتمل دراهم في الذمة، يحتمل دراهم متعينة في نفسها , ولولا أنه مقتضى الثمنيَّة وإلا لما ثبت في الذمة، ولفسد العقد؛ لجهالة أعيان الدراهم، ومع ذلك يمكن تغيير (3) هذا المقتضى؛ لأن الإقدام على جعله في رتبة المبيع دلَّ على مساواته له في غرض المتعاقدين فسوى بينهما في الحكم، والله أعلم، و (4) كذلك ههنا، والله أعلم. قوله (5): "وإن استبدل عيناً، ولم يقبض في المجلس، فإن جوَّزنا بيع الدين، فلا مأخذ لاشتراط القبض" (6)، أي جوَّزنا بيع الدين من غير (7) من عليه،   (1) وهو الجديد، وقطع به القاضي أبو حامد، والحسين، وصححه أيضاً النووي. انظر: فتح العزيز 8/ 434 - 436، المجموع 9/ 331، الروضة 3/ 172 - 173، مغني المحتاج 2/ 70، زاد المحتاج 2/ 72. (2) في (د): (التعيين). (3) في (أ): (يعتبر). (4) ساقطة من (أ). (5) بياض في (أ). (6) الوسيط 2/ ق 35/ أ. (7) نهاية 2/ ق 56/ أ. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 462 فالاستبدال ممن عليه بيع محقق (1)؛ فإن الدين إذ ذاك يكون قابلاً للبيع، فإذا (2) جرى ذلك على عين فهو بيع دين بعين، فلا وجه لاشتراط القبض؛ فإنه ليس من باب الربا , ولا هو عوض في السلم، فأي فرق بين أن يبيع (3) ديناً بعين كما ههنا، وبين أن يبيع عيناً بدين كما إذا باع عيناً بثمن في الذمة، فإنه لا يشترط فيه قبض العين في المجلس بلا خلاف (4). قال (5): "وإن لم نجوِّز، فلا بد من القبض ... إلى آخره" (6)، يعني - والله أعلم - (7) إن على هذا القول الذي ليس محلاً قابلاً للمبيع أصلاً، لما سبق من التعليل، وإنما جاز الاستبدال مع من هو عليه، لا على أنه بيع، بل على أنه ينزَّل منزلة الاستيفاء للدين، فإنه إذ أخذ ممن عليه الدين عيناً بدل الدين، فقد استوفى دينه من حيث المعنى؛ لأن العين تشتمل على مالَّية الدين، فإذا كان الجواز ثابتاً نظراً إلى معنى الاستيفاء، فصيغة البيع ينبغي أن يترتب عليها القبض في المجلس، ولا بدَّ منها، أما الصيغة فلتثبت (8) تراضيهما بجعل هذه (9) العين التي هي (10) من غير جنس الدين   (1) انظر: فتح العزيز 8/ 438، الروضة 3/ 174. (2) في (أ): (وإذا). (3) في (د): (المبيع). (4) انظر: المجموع 9/ 325. (5) بياض في (أ). (6) الوسيط 2/ ق 35/ أ، وتمامه: " ... إذ يجوز الاستبدال على تقدير كونه استيفاء للماليَّة، يخص بمجلس الاستيفاء، والأصل فيه الفعل دون القول". (7) في (د) زيادة (الواو). (8) في (أ): (فليثبت) بالياء. (9) في (أ): (هذا). (10) ساقط من (د). الجزء: 3 ¦ الصفحة: 463 طريقاً للاستيفاء، وأما القبض فلأن الاستيفاء إنما يدخل في الوجود بالفعل لا بالقول، والله أعلم. قوله: "فلو نقل إلى زاوية من دار البائع، فلا يكفي؛ لأن الدار وما فيها (1) في (في يد) (2) البائع (3) " (4). أنا أقول: هذا - والله أعلم - (5) فيه نظر؛ لأنه إذا أخذه وأشاله لينقله، فمجرد هذا قبض، ولا يتوقف كونه قبضاً على وضعه، وعند ذلك فوضعه له بعد أن احتوت يده عليه (6) في دار البائع لا يخرج ما سبق عن أن يكون قبضاً، بل كأنه قد قبضه، ثم أعاده إلى يد البائع. وقد احتج الإِمام (7) عليه بأنه لو دخل دار إنسان ثم (8) تنازعا في متاع قريب من الداخل، فإن اليد فيه لرب الدار، لا له، بخلاف ما إذا (9) كانت يده محتوية عليه. وهذا حجة عليه، فإنا لا نجعله قبضاً نظراً إلى نقله إلى محل مملوك للبائع، بل نظراً إلى احتواء يده عليه حالة النقل، والله أعلم.   (1) في (د): (وباقيها)، وهو تحريف. (2) ما بين القوسين ساقط من (أ). (3) في (أ): (للبائع). (4) الوسيط 2/ ق 35/ ب، وتمامه: " ... إلا أن يأذن البائع". (5) في (د): زيادة (واو). (6) في (د): عليه يده. (7) لم أقف عليه في النسخة الموجودة بقسم المخطوطات بالجامعة الإِسلامية. (8) نهاية 2/ ق 56/ ب. (9) في (أ): (لو). الجزء: 3 ¦ الصفحة: 464 فإن قلت: فهذا مبني على ما ذكره غيره كصاحب "التنبيه" (1)، و"التهذيب" (2)، والمحاملي (3)، وغيرهم (4) من أن (5) الشيء إذا كان خفيفاً يتناول باليد، في قبضه (6) احتواء اليد عليه، وإن كان ثقيلاً فلا بد فيه من النقل من موضع إلى موضع (7) وهذا ما تكلم فيه المصنف، وكأن العلة فيه: أن ما كان مثل هذا فأهل العرف لا يعدون مجرد احتواء اليد عليه قبضاً، ما لم ينقل إلى موضع آخر ويوضع فيه، نظراً إلى أنه لنقل (8) لا يصلح (9) التزاحم (10) قراراً له فاحتواؤها عليه حالة الإشالة كلا احتواء (11) لاضطراره إلى إزالته على قرب.   (1) ص 132. (2) في (أ): (كصاحب التهذيب، والتنبيه) والتهذيب في 3/ 407. (3) لم أقف عليه في كتابه "المقنع" ولعله في غيره من كتبه، وقد نقله عنه أيضاً النووي في المجموع 9/ 333، والمحاملي هو أحمد بن محمَّد بن أحمد بن القاسم أبو الحسن البغدادي الضَّبي، شيخ الشافعية في زمانه، وكان عديم النظير في الذكاء والفطنة، وله المصنفات الكثيرة منها: التحرير في الفروع، والمقنع، سنة 415 هـ. انظر: طبقات الشيرازي ص112، تهذيب الأسماء واللغات 2/ 210، وفيات الأعيان 1/ 74، البداية والنهاية 12/ 20، طبقات ابن قاضي شهبة 1/ 175، هديَّة العارفين 5/ 72. (4) كالشيخ أبي حامد الأسفراييني، والقاضي أبي الطيب، والمارودي. انظر: الحاوي 5/ 226 - 227، المجموع 9/ 333 - 334. (5) ساقط من (أ). (6) في (د) في قبضته. (7) انظر: الحاوي 5/ 226 - 227، المهذب 1/ 350، فتح العزيز 8/ 42 - 46، الروضة 3/ 175 - 176، مغني المحتاج 2/ 72. (8) في (أ): (النقله). (9) في (أ): (لا تصلح) بالتاء. (10) في (أ): (البراجم). (11) في (أ): (كلا احتواء). الجزء: 3 ¦ الصفحة: 465 قلنا: هذا معنى لا بأس به، ويتأيد بقوله - صلى الله عليه وسلم - في الطعام (حتى يحوزه التجار إلى رحالهم) (1)، ولكن الإشكال الذي ذكرناه باقٍ، فإن احتواء اليد عليه حالة الحمل والإشالة قبض حسِّاً، ولا يخفى أنه لو نازعه غيره وإن كان المنازع صاحب الموضع الذي هما فيه في الملك (2)، فإنا (3) نجعل اليد له لا لصاحب الموضع حتى يكون القول قوله، والله أعلم. قوله فيما إذا تنازعا في البداية: "والثالث: أنهما يتساويان فيجبر كل واحد منهما من غير تقديم" (4)، وعلى هذا القول ذكر هو وغيره في الصداق (5): أن الزوج يجبر على التسليم إلى عدلٍ، ثم تجبر هي (6) على   (1) هذه قطعة من حديث زيد بن ثابت، رواه عنه ابن عمر قال: (ابتعت زيتاً في السوق، فلمَّا استوجبته لنفسي، لقيني رجل فأعطاني به ربحاً حسناً، فأردت أن أضرب على يده، فأخذ رجل من خلفي بذراعي فالتفت فإذا زيد بن ثابت فقال: لا تبعه حيث ابتعته حتى تحوزه إلى رحلك فإن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - نهى أن تباع السلع حيث تبتاع حتى يحوزها التجار إلى رحالهم). رواه أبو داود 3/ 765 في كتاب البيوع والإجارات، باب بيع الطعام قبل أن يستوفى، واللفظ له، وأحمد 5/ 191، وابن حبان 11/ 360، والطبراني في الكبير 5/ 121 - 122، والدارقطني 3/ 12 - 13، والحاكم 2/ 46، والبيهقي 5/ 513. وقال الحاكم: صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه بهذا السياق، وصححه أيضاً النووي في المجموع 9/ 328. (2) في (د): (المالك). (3) في (أ): (فإن). (4) الوسيط 2/ ق 36/ ب، ولفظه قبله: "النظر الثالث: في وجوب البداية بالقبض فيه أربعة أقوال: ... والثالث ... إلخ". (5) انظر: الحاوي 5/ 309، فتح العزيز 8/ 244، الروضة 5/ 584. (6) ساقط من (د). الجزء: 3 ¦ الصفحة: 466 التسليم (إلى الآخر) (1)، فإذا سلَّمت سُلِّم إليها (2) وإنما لم ينقل (3) ههنا مثل ذلك، بأن يجبر أحدهما على تسليم ما عليه تسليمه (4) إلى عدلٍ، ويجبر الآخر على التسليم إلى الآخر، فإذا سلَّم سلّم (5) العدل إليه؛ لأن في هذا تقديماً لتسليم الزوج، والتسوية من غير تقديم في البيع ممكنة بطريقتين (6) ذكرهما الإِمام (7) أحدهما: أن يحضر كل واحد منهما في مجلس، ثم يسلِّم هذا (8) إلى ذاك، وذاك إلى هذا في حالة واحدة. (والثاني: أن يسلمها إلى الحاكم، أو إلى عدل، ثم يسلمه إليها في حالة واحدة) (9). فالطريق الثاني لا يخفى امتناعه في الصداق، والأول أيضاً ممتنع؛ لأنه لا يليق ذلك بتسليم البُضْع، على أن هذا الثاني فيه مزيد كلام وبحث، والله أعلم. قوله: "ثم اتفقوا على أنه لا حجر عند إمكان الفسخ بالفلس، فإنه لا حاجة إلى الحجر" (10). يعني أنه إذا تحقق حجر المفلس، فلا حاجة إلى هذا الحجر   (1) ما بين القوسين ساقط من (أ). (2) هذا أحد الأقوال الثلاثة في مسألة الصداق، وسيأتي ذكرها في الصداق. (3) في (أ): (نقل)، بدل من (لم ينقل). (4) في (د): (تسلمه). (5) ساقط من (د). (6) في (أ): (بطريقين). (7) لم أقف عليه. (8) ساقط من (د). (9) ما بين القوسين ساقط من (د). (10) الوسيط 2/ ق 37/ أ. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 467 الآخر، وهذا يفارق ذلك من وجهين (1): أحدهما: أنه لا تسلط على الفسخ، والرجوع إلى عين المبيع. والثاني: أنه لا يتوقف على ضيق المال عن الوفاء - والله أعلم -، بل الغرض منه إيصال كل واحد منهما إلى حقه مع تقرير العقد، والله أعلم. قوله: "والصحيح ما قاله ابن سريج" إلى قوله "فأما إذا كان في البلد فلا فسخ ولا حجر، بل يطالب به" (2). هذا فيه شيء، وهذا الكتاب على الحقيقة اختصار لكتاب "نهاية المطلب" (3)، والمحكي فيه عن ابن سريج، أنه يحجر (4) عليه إذا كان غائباً في (5) البلد (6)، والظاهر هذا، فإنه كيف يكون الصحيح ما ذكر؟ والغيبة عن البلد إنما أوجبت الحجر محافظة على حق البائع خوفاً من إنفاق المشتري جميع أمواله، وهذا موجود في الغيبة. تنزل منزلة الأول كأنه هو، فلا يتجدد حق الشفعة، وتكون الزوائد للثاني، ويلحقه (7) الحط وإن كان بعد تقدم اللزوم (8).   (1) انظر: الروضة 3/ 182، مغني المحتاج 2/ 75. (2) الوسيط 2/ ق 37/ أ، ولفظه "والصحيح ما قاله ابن سريج من أن الغيبة ليس كالعدم، بل الإعدام يوجب الفسخ، والغيبة توجب الحجر، فأما إذا في إلخ ... " (3) في (أ): (اختصاراً لنهاية المطلب)، بدل قوله (اختصار لكتاب "نهاية المطلب"). (4) في (د): الحجر. (5) كذا في النسختين، ولعل الأول (عن) وعليه يدل ما بعده. (6) انظر: فتح العزيز 8/ 472، الروضة 3/ 182. (7) 2/ ق 57/ ب. (8) في (أ): (وإن كان لعد اللزوم) بدل قوله: (وإن بعد تقديم اللزوم). الجزء: 3 ¦ الصفحة: 468 والثاني: أنه ابتداء فيتجدد الشفعة وتكون الزوائد للأول، ولا يلحق الحط الثاني (1)، والله أعلم.   (1) هذه المسألة كذا وقعت في النسختين بدون مقدمتها وصورتها, ولعل بهما سقط، وهي شبيهة بما ذكر الغزالي في القسم الرابع "في موجب الألفاظ المطلقة في البيع" الآتي قال: " ... وهي ثلاثة أقسام: الأول: الألفاظ المطلقة في العقد، وهي المشهورة والغرض بيان لفظتين الأولى: التولية: فإذا اشترى شيئاً، وقال لغيره: وليتك هذا العقد فقال: قبلت، صحَّ العقد بهذا اللفظ، ونزل على ثمن العقد الأول، وهو ملك متجدد يتجدد بسببه حق الشفعة، ويسلم الزوائد للمشتري الأول أعني ما حصل قبل التولية، ولو حطّ من الثمن الأول شيء انحط عن الثاني؛ لأن التولية توجب نزوله في الثمن منزلة الأول حتى لا يطالب إلا بما يطالب الأول في حق الثمن كالبناء". الوسيط 2/ ق 37/ أ. وانظر: الروضة 3/ 184. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 469 " القسم الرابع: في موجب الألفاظ المطلقة في البيع، وبيان ما يزاد فيها على موجب اللغة، أو ينقص، ويستثنى بحكم اقتران العرف" (1) قوله: "وما يزاد فيها" ظاهر، وهو مثل اندراج الحمل، والثمرة غير المؤبرة، مع أنه زيادة على مدلول اللفظ. وأما قوله: "أو ينقص" فليس بظاهر، وصورته: النقصان الواقع في المرابحة بسبب عيب طارئ، مع أن قوله: "وبما اشتريت، وهو مائة" (2) لا يقتضيه، وإن كان ذلك بحكم العرف الموجب كون الثاني راضياً لنفسه ما ارتضاه الأول لنفسه، وهو إنما ارتضى بذل المائة مثلاً في مقابلته سليماً من العيب (3). ومثاله أيضاً: ما (4) استثنينا ورق التوت على وجه (5) مع تناول (6) لفظ الشجرة (7) للأوراق، والله أعلم.   (1) الوسيط 2/ ق 37/ أ. (2) الوسيط 2/ ق 37/ ب، ولفظه قبله "وكذلك في صورة التولية بشرط أن يكون ثمن الأول معلوماً، فإن لم يعلمه فليقل: بعت بما اشتريت وهو مائة، أو وليتك هذا العقد بما اشتريت وهو مائة". (3) انظر: مغني المحتاج 2/ 79. (4) ساقط من (أ). (5) قال الأصحاب: إذا باع الشجرة مطلقاً، دخلت الأغصان والعروق والأوراق في بيعها، إلا أن شجرة التوت (الفرصاد) إذا بيعت في الربيع وقد خرجت أوراقها ففي دخولها تحت البيع وجهان: أصحهما تدخل كما في سائر الأشجار، والثاني: لا تدخل. انظر: فتح العزيز 9/ 38، الروضة 3/ 204، مغني المحتاج 2/ 85. (6) في (أ): (تناوله). (7) في (أ): (الشجر). الجزء: 3 ¦ الصفحة: 470 قوله: "فإن قلنا: لا يحط عن المائة، فللمشتري الخيار قطعاً، إلا أن يكون التفاوت من جهة العيب، وكان قد علم طريان العيب، فيكون راضياً مع ذلك بما اشترى" (1). هذا فيه نظر - والله أعلم -؛ لأن هذا تفريع على الخلاف في الحطِّ، وعدم الحطِّ، فأي معنى لهذا الاستثناء، مع أن ذلك ليس من محل الخلاف في الحطِّ، ولا يخفى إشكال هذا عند (2) التأمل. قوله: "هذا إذا تبين (3) خطؤه بتذكِّر المشتري أمراً مشاهداً، أو بقوله: أخطأت إقراراً على نفسه، أو بقيام بينة على مقدار ما اشترى به" (4). هذا يوهم أن الخطأ قد يتبين بمجرد (5) تذكر المشتري ما شاهده من غير إقرارٍ من البائع على نفسه أو قيام بيِّنة، وليس كذلك قطعاً. فمراده إذاً أنه يأمن المشتري الخيانة مرة ثانية، بأن يتذكر هو بنفسه أنه كان قد شاهد البائع وقت الشراء الأول، وعرف مقدار الثمن، ثم نسيه، ثم تذكَّر وثبت ذلك له على البائع ببِّينة، أو إقرار من البائع، وإن لم يقل: أخطأت، بل لو قال: تعمَّدت الكذب فهو كذلك أيضاً؛ لأنه أمن من الخيانة، وكذلك يأمن بأن يقرَّ البائع على نفسه، ويقول: أخطأت، وما تعمَّدت؛ لأنه يشعر بثقته وأمانته، وكذلك إذا قامت البينة، والله أعلم.   (1) الوسيط 2/ ق 38/ ب. (2) ساقط من (د). (3) في (د): زيادة (لم) والصواب حذفها. (4) الوسيط 2/ ق 38/ ب، ولفظه قبله: "فإذا همَّ بالفسخ فقال البائع: لا تفسخ، فإني أحط لأجلك، فهل يبطل خياره؟ فيه وجهان: ووجه بقاء الخيار أنه ربما يكون له غرض في الشراء بالمائة كما سبق، هذا إذا تبَّين ... إلخ". (5) نهاية 2/ ق 58/ أ. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 471 قوله في التفريع على صحة شراء العبد: "ثم (1) على [الصحيح] (2) اختلفوا في أنه لو أخذ السيِّد منه فيجعل ذلك كزوال ملك المفلس حتى بمنع البائع من التعلق به، أم يقال: كان الملك مستمراً فيتعلق به حق البائع، فإن قيل: الملك واقع للعبد أم للسيِّد؟ قلنا: هو واقع للسيِّد ابتداءً ... " (3) إلى آخر ما ذكر. يقال: عليه الاختلاف الذي حكاه أولاً، يعطي خلافاً في أن الملك يقع للعبد أو للسيِّد فكيف جزم بعد ذلك، بوقوعه للسيِّد؟ الجواب أن الخلاف (4) في أن الملك للسيِّد أم له؟ صحيح (5)، وإن كان الإمام (6) لم يحك إلا أنه يقع للعبد، ولم يحك أيضاً إلا أنه ليس للبائع الرجوع، وإن كان قد ضعَّفه، ولكن قطع صاحب "التتمة" (7) بأن الملك للسيِّد، وحكى مع ذلك خلافاً في رجوع البائع، وأبطل الوجه الصائر إلى عدم الرجوع، بأن السيِّد لم يتجدد له بالأخذ من العبد ملك، وهذا عين ما صار إليه المصنف (8) هذا، وهو بعيد، ولعل حجة وجه المنع من الرجوع على هذه الطريقة، أن   (1) ساقط من (أ). (2) في النسختين (التصحيح)، والمثبت من الوسيط. (3) الوسيط 2/ ق 47/ ب، وتمامه "فإن في ملك العبد بتمليك السيِّد قولان، ولا خلاف في أنه لا يملك بتمليك غير السيِّد، والقول القديم أنه يملك بتمليك السيِّد؛ لأنه يتصور له ملك النكاح بإذن السيِّد فكذا ملك اليمن، والجديد الذي عليه الفتوى أنه لا يملك". (4) في (د): زيادة (يقع) والصواب حذفها. (5) انظر: فتح العزيز 9/ 43 وما بعدها، الروضة 2/ 229، مغني المحتاج 2/ 101. (6) لم أقف عليه في النسخة الموجودة بقسم المخطوطات بالجامعة الإسلامية. (7) نقله عنه الرافعي في فتح العزيز 9/ 144. (8) نهاية 2/ ق 58/ ب. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 472 الملك وإن وقع للسيِّد أولاً غير أنه لم يلزم الثمن، فإنه لم يعقد، ولا أذن، ولا يكون تعذره موجباً لأخذ المبيع منه. وأنا أقول: هذا الوجه يتعين المصير إليه، وإن كان الإمام والمتولي، قد حكما بضعفه؛ لأنه لا خلاف أن الثمن لا يجب على السيِّد، فكيف يكون تعذر ما لا يجب عليه موجباً لزوال ملكه (1) ثبت له، وهو كما لو باعه المفلس أو وهبه من غيره، فإنه لا يكون التعذر موجباً لزوال ملكه لما ذكرناه، من غير فرق (2)، والله أعلم. قوله في التحالف: "قطعوا بأن البائع هو الذي يفسخ بالإفلاس، والمرأة نفسخ لإعسار الزوج النففة" وقال (3): "القاضي هو الذي يفسخ بعذر العُنَّة هكذا نقله إمامي، والفرق بينه ويبن الإعسار بالنفقة عسير" (4). قلت: هذا النقل في نفسه غير صحيح، ونسبته إلى إمام الحرمين أيضاً غير صحيح، أما أنه في نفسه غير صحيح، فلأن الثابت عنهم خلاف ذلك، هذا صاحب "التتمة" (5) قد حكى في الإعسار والعنَّة (6) كليهما خلافاً في أن الذي يتولى الفسخ هو القاضي أو المرأة؟، وزاد فقال في العنَّة: "المذهب أن المرأة تتولى الفسخ، وذلك بعد ثبوت العنَّة عند الحاكم".   (1) كذا في النسختين، ولعل الصواب (ملك)، والله أعلم. (2) ساقط من (د). (3) في (أ): (قالوا). (4) الوسيط 2/ ق 50/ أ. (5) لم أقف على هذا النقل عند غير المصنِّف. (6) العنَّة: العجز عن الجماع، يقال: رجل عنين، هو الذي لا يشتهي النساء. انظر: النظم المستعذب 2/ 63، تحرير ألفاظ التنبيه ص 228، المصباح المنير ص 433. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 473 وهذا صاحب "المهذب" (1) من العراقيين، قد سوَّى بين الإعسار والتعنين (2) في أن الفسخ للحاكم، بل المصنِّف نفسه قد حكى ما ينقض ما ذكره هنا (3) في كتاب النكاح من هذا الكتاب (4)، فذكر أن القاضي إذا قضى بالعنَّة فسخت كما في سائر (5) العيوب، ثم قال: "وفيه وجه: أن القاضي هو الذي تعاطى الفسخ" فجعل المعتمد أن القاضي لا يفسخ، بل المرأة، وهو الذي ذكره هناك في الإعسار، وليس في شيء من هذه النقول الفرق بين الإعسار والعنَّة على ما ذكره، فيبطل قطعاً - والله أعلم - ما ذكره من أنهم قطعوا بذلك. ويلزم أيضاً أن الفرق ليس وجهاً صحيحاً معتمداً، بل غايته أنه وجه لبعض الأصحاب (6) ضعيف فلا يسوغ له الاقتصار على ذكره من غير تعرُّضٍ لما هو الصحيح، والله أعلم. وأما أنه غير صحيح إضافة نقله إلى أمام الحرمين، فلأن لفظه في "النهاية" (7) لا يشعر به، وقد عرف أن نقله منها - والله أعلم - وذلك أنه قال فيها: "قال بعض الأصحاب: القاضي هو الذي يفسخ النكاح عند تحقق العنَّة وجهاً واحداً، والزوجة تتعاطى الفسخ بالإعسار بالنفقة، - قال -: ولست أرى بين العنَّة والإعسار فرقاً".   (1) 2/ 62، 210. (2) في (أ): (التعيين). (3) في (د): (هذا). (4) انظر 3/ ق 24/ أ. (5) نهاية 2/ ق 59/ أ. (6) انظر: الروضة 6/ 483 - 484، كفاية الأخيار ص585، مغني المحتاج 3/ 204 - 205، 442. (7) لم أقف عليه. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 474 وذكر أن الوجه أن يجعل بينهما وجهان، كما في التحالف. هذا كلامه، وهو لا يعطي إلا أن بعض الأصحاب قطع بذلك، وليس فيه تعرُّض (1) أصلاً لحكاية ذلك عن بعض الأصحاب؛ لأنه لا فرق بين أن يقول القائل: قال بعض الأصحاب: القاضي يفسخ قطعاً. وبين أن يقول: قال: بعض الأصحاب: القاضي يفسخ وجهاً واحداً، في أن كل واحدٍ منهما إخبار عن أنه جزم، ولم يتردد، ولا (2) أنه حكاية لذلك عن الأصحاب. ثم ولو صح له أن ذلك معناه، أي (3) بعض الأصحاب حكى ذلك عن جملة الأصحاب، فلا يجوز أن ينسبه إلى الإمام، أنه نقل أن الأصحاب قطعوا بذلك، وإنما يصح ذلك أن لو لم يضفه إلى (4) غيره، فإنه فرق بين أن يقول القائل: قطع الأصحاب بكذا، وبين أن يقول: قال فلان: قطع الأصحاب بكذا، فالأول حكم منه بقطعهم، والثاني حكاية عن غيره، والله أعلم. قوله: في الفصل الرابع: في التحالف: "وكذلك يجري هذا الخلاف إذا ردَّ أحد العوضين بالعيب، وقد تلف الآخر، أو اشترى عبدين وتلف أحدهما، وتحالفا، أو قلنا: يضم قيمة التالف إلى القائم" (5). هذا ما وجد للمصنف فيه (6)، والله أعلم.   (1) في (أ): (تعرضاً). (2) في (د): (إلا). (3) في (د): زيادة (في) ولعل الصواب حذفها. (4) نهاية 3/ ق 59/ ب. (5) الوسيط 2/ ق 50 ب. كذا في النسختين ولم يعلقه بشيء، والله أعلم. (6) كذا في (د)، ولم ترد في (أ)، وهذا من كلام النسَّاخ. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 475 (بسم الله الرحمن الرحيم) (1) قوله - في الفصل الثاني: من (2) الأحكام المعنوية في الوقف - في جعل البقعة مسجداً "لا يتبع (3) فيه شرط" (4). فمعناه: - والله أعلم - لا يتبع في شرطه الموقوف، فإنه لو شرط فيه تخصيص طائفة، أو تقديم طائفة على طائفة، وما أشبه ذلك من الشرائط لم يتبع (5). وأما شرطه فيما سوى الانتفاع بهذا الموقوف، مثل أن يشترط التولية والنظر لشخص معينٍ، فإنه يتبع (6)، والله أعلم. قوله: "فأمَّا العقار، فلا تجب عمارته إلا على من يريد الانتفاع" (7). هذا كلام موهم، واعلم أنه راجع إلى الحالة الأخيرة من الحالات الثلاث في المسألة المتقدمة، وهي ما إذا لم يكن له (8) غَلِّة ورَيْع، ففي العقار في هذه الحالة لا نوجب العمارة على الواقف، والموقوف عليه (9) (10).   (1) ما بين القوسين ساقط من (أ)، وبعده في (د) زيادة: "الحمد لله حق حمده، والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله والنبيين والكل كما أمَّلوا آمين، من مختصر فيه كتاب شيخي "الوسيط" في شرح مشكلة واستدراك خلله أتمه الله نوراً في الدارين". (2) في (د): (في). (3) في (د): (لا ينبغي) وهو تصحيف. (4) الوسيط 2/ ق 172/ ب. (5) هذا وجه، والثاني: يتبع شرطه فيه، وصححه الرافعي في المحرر، والنووي. انظر: الروضة 4/ 395، مغني المحتاج 2/ 385، نهاية المحتاج 5/ 376، زاد المحتاج 2/ 424. (6) انظر: الروضة 4/ 410، مغني المحتاج 2/ 393، فتح الجواد 1/ 619. (7) الوسيط 2/ ق 174/ أ. (8) ساقط من: (د). (9) انظر: المهذب 1/ 588، الروضة 4/ 414، مغني المحتاج 2/ 395. (10) نهاية المحتاج 2/ ق 60/ أ. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 477 أما فيما إذا كان له مغل، أو شرط عمارته من جهة أخرى حاصلة، فإن (1) العمارة في العقار أيضاً تجب قطعاً (2)؛ حفظاً للموقوف على البطون الآتية، وعملاً بما يقتضيه الوقف من البقاء، والله أعلم. قوله: "إلا على من يريد الانتفاع" استثناء من غير الجنس، فإنه لا يجب عند إراداته قطعاً. قوله: "بعض الثغور [كَطَرْسُوس] (3) فبطل، واتسعت خطة الإسلام حوَاليها" (4). هذا موهم، وثغر طرسوس بطل لا باتساع (5) خطة الإسلام حواليه، بل باستيلاء الكفار عليه (6)، وهو في بلاد الأرمن (7) المتخمة لثغور (8) الشام (9) - فيجعل إذاً قوله "كطرسوس" مثالاً ذكره لمطلق الثغور، لا مثالاً لما اتسع خطة الإسلام حواليه، صيانة له من التخطئة، والله أعلم.   (1) في (د): (وإن). (2) انظر: المهذب 1/ 588، الروضة 4/ 414، مغني المحتاج 2/ 395. (3) ما بين المعكوفتين إضافة من الوسيط، والظاهر أنها ساقطة من النسختين، كما يدل عليها تعليق المصنف والله أعلم. (4) الوسيط 2/ ق 174/ ب، ولفظه: "الحالة الرابعة: أن يتفرق الناس عن البلد، وتخرب البلدة، ويتعطَّل المسجد، أو يخرب المسجد فههنا لا يعود المسجد ملكاً, ولا يباع، ولا يتصرف في عمارته؛ لأن عود الناس متوقع، بخلاف الموت والجفاف، وكذلك أوقف شيئاً على بعض الثغور ... إلخ". (5) في (د): (لاتساع). (6) سنة 354 هـ. انظر: معجم البلدان 4/ 32، البداية 11/ 271. (7) في (د): زيادة (من)، ولعل الصواب حذفها. (8) في (د): (ثغر). (9) من ناحية الفرات، وبينها وبين أذَنَة ستة فراسخ. انظر: معجم البلدان 4/ 32، تهذيب الأسماء واللغات 3/ 1/ 192، المصباح المنير ص 371. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 478 ومن كتاب الهبة في الحديث (ومن أُعمِر شيئاً، أو أُرقبه) (1) وهو بضم أوله، على ما لم يسم فاعله، أجود من الفتح (2). قوله في الرقبى: "وهذا يوافق موضوع العقد" (3) يعني لا يتوهم أن الرُّقبى أولى بالإفساد؛ لأن الذي زاد في الرقبى هذا، وهذا لا يقتضي فساداً، والله أعلم. قوله: "الهبة مندوبة" (4)، وصوابه: مندوب إليها (5). قوله: "هل يستحب التسوية بين الابن والبنت؟ فيه تردد" (6). يعني وجهين:   (1) الوسيط 2/ ق 175/ ب، ولفظه قبله: "الثانية: أن يقول أعمرتك حياتك أي جعلتها لك في عمرك، ولم يتعرض لما بعد موته فقولان ... والجديد: أنه يصح، ويبقى لورثته؛ لقوله له - صلى الله عليه وسلم -: لا تُعمروا ولا تُرْقِبوا، ومن أعمر شيئاً أو أرقبه فسبيله الميراث". والحديث رواه أبو داود 3/ 280 في كتاب البيوع والإجارات، باب من قال فيه: لعقبه، والنسائي 6/ 273 في كتاب العُمرى، باب: ذكر اختلاف ألفاظ الناقلين لخبر جابر في العُمرى، والطحاوي 4/ 293، والبيهقي 6/ 290 من طرق عن سفيان عن ابن جريج عن عطاء عن جابر بنحوه، وصححه الألباني في الأرواء 6/ 52 وما بعدها. (2) المغرب 2/ 82، المصباح المنير ص 429. (3) الوسيط 2/ ق 175/ ب، ولفظه قبله: "أما الرقبي: هو أن يقول أرقبتك داري لك رقبى، أي هي لك، وإن مت قبلي عادت إليَّ، وإن من قبلك استقرت لك، فحكمه حكم الصورة الثالثة من العمرى؛ لأنه ما زاد إلا قوله: إن من قبلك استقرت لك، وهذا يوافق موضوع العقد". (4) الوسيط 2/ ق 176/ أ. (5) انظر: المهذب 1/ 582، التنبيه ص 201. (6) الوسيط 2/ ق 176/ ب. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 479 أحدهما: يسوى بينهما في قدر ما يعطى (1)، وهو الصحيح (2). الثاني: يجعل للابن مثلي ما للبنت كما في الميراث (3). قوله: "وقيل يتعدَّى إلى جدّ من قبل الأب هو ولي" (4). ليس معناه أنه يعتبر أن يكون جدَّاً قائم الولاية في حالة ثبوت الرجوع، حتى لو وهب أبو الأب مع (5) وجود الأب لم يرجع؛ لأن هذا لا يعتبر في الأب الذي هو الأصل، فإنه ثبت له الرجوع حين لا ولاية له، كما كان الولد موهوب له رشيداً، وإنما يعني هو ولي على الجملة احترازاً من جدٍّ يدلي بأنثى، وهذا القائل يثبت له (6) الرجوع مع الفسق، أن (7) المعتبر منه أهلية الولاية على الجملة. قوله (8): "لأن هذا احتكام". معناه: إثبات الرجوع، إثبات سلطنة احتكام في المال (9)، فلا يكون لمن لا ولاية له، ووقع في بعض النسخ "إلا أن هذا احتكام" (10)   (1) في (أ): زيادة (هذا). (2) وبه قطع الشيرازي، وصححه أيضاً الرافعي والنووي. انظر: المهذب 1/ 582، الروضة 4/ 40، مغني المحتاج 2/ 401، نهاية المحتاج 5/ 415. (3) انظر المصادر السابقة. (4) الوسيط 2/ ق 176/ ب، ولفظه قبله: "أما الراجح فهو الأب، وفي معناه الجد، على ظاهر الحديث، وقيل: إنه يختص بالأب، وقيل يتعدى ... إلخ". (5) نهاية 2/ ق 60/ ب. (6) ساقط من (د). (7) كذا في النسختين، ولعل الصواب (لأن)، والله أعلم. (8) بياض في: (أ). (9) في (أ): ( ... سلطنة، واحتكام على المال). (10) في (أ): (إحكام). الجزء: 3 ¦ الصفحة: 480 بمعنى غير، أن هذا وجه تحكم، وهذا تغيير وغلط، وكلام المؤلف هو الأول (1)، وليس هذا الوجه مما يقال فيه أنه تحكم، والله أعلم. قوله: "فيما إذا أفلس، والثاني: نعم ... إلى آخره" (2)، يعني ثبت الرجوع؛ لأنه حق سابق ثبت له بالهبة، وما طرأ من حق الغرماء بالإفلاس لا يقاومه، بخلاف حق الرهن فإنه أقوى، ولذلك منع (3) الرهن في العين المبيعة رجوع البائع فيها، بخلاف الإفلاس فإنه لا يمنع رجوع البائع في المبيع، بل يثبته وإن كان يوجب تعلق ديون سائر الغرماء - بالمبيع - لكن قدِّم حق البائع عليهم، ولم يقدِّم على حقِّ الرهن، والله تعالى أعلم.   (1) في (أ): (الأولى). (2) الوسيط 2/ ق ... ولفظه قبله: "وإن تعلقَّ حق غرماء المتهب بماله لإفلاسه، ففي الرجوع وجهان ... والثاني: نعم ... إلخ". (3) في (أ) زيادة (في). الجزء: 3 ¦ الصفحة: 481 كتاب الفرائض قال - صلى الله عليه وسلم - (إن الله لم يَكِل قسمة مواريثكم إلى نبي مرسل، ولا إلى ملك مقرب، ولكن تولى بيانها فقسمها أبين قَسْمٍ) (1). الثابت في هذا المعنى (إن الله أعطى كل ذي حقٍ حقّه فلا وصية لوارث) رواه الترمذي وغيره (2) عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - (3) من حديث عمرو بن خارجة (4) أحد الصحابة (5)، وقال: هذا حديث حسن صحيح. وروى أيضاً من حديث أبي   (1) الوسيط 2/ ق 187/ أ. (2) الترمذي 4/ 377 في كتاب الوصايا، باب ما جاء: لا وصية لوارث، والنسائي: 6/ 246 في كتاب الوصايا، باب إبطال الوصية للوارث، وابن ماجة 2/ 905 في كتاب الوصايا، باب لا وصية لوارث، وأحمد 4/ 184 , 187، 238 - 239 والدارمي 2/ 511، والطيالسي ص: 169، والبيهقي في الكبرى 6/ 432 من طرق عن قتادة عن شهر بن حوشب عن عبد الرحمن بن غَنْم عن عمرو بن خارجة به. قال الترمذي: حديث صحيح، وصححه أيضاً الألباني في صحيح سنن ابن ماجه 2/ 122، برقم (2192) وفي الإرواء 6/ 88 - 89، وقال عقب قول الترمذي المذكور: "قلت: لعل تصحيحه من أجل شواهده الكثيرة، إلا فإن شهر بن حوشب ضعيف لسوء حفظه". (3) نهاية 2/ ق 61/ أ. (4) هو عمرو بن خارجة بن المنتفق الأسدي، وقيل: الأشعري، أو الأنصاري، والأول أشهر، وكان حليف أبي سفيان بن حرب وسكن الشام، وروى عنه عبد الرحمن بن غنم، وشهر بن حوشب. انظر: الاستيعاب 2/ 532، الإصابة 2/ 534، التقريب ص420. (5) وقع هنا في النسختين زيادة (قوله: أبين)، وهي مقحمة هنا, ولعل موضعها بعد سطر قبل قوله: (قسم)، والله أعلم. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 483 أمامة (1)، وأنس بن مالك (2) رضي الله عنهم. [قوله: "أبين] (3) قَسْم" هو بفتح القاف، والقِسْم بالكسر النصيب (4)   (1) هو صُدَّيُّ بن عجلان بن الحارث أبو أمامة الباهلي الصحابي، مشهور شهد أحداً وما بعدها من المشاهد وسكن الشام, ومات بها سنة 81 هـ وقيل: سنة 86 هـ، وقيل: هو آخر من توفي من الصحابة بالشام. انظر: الاستيعاب 2/ 198، تهذيب الأسماء واللغات 2/ 176، الإصابة 2/ 182، التقريب ص 276. (2) أما حديث أبي أمامة فرواه أبو داود 3/ 290 في كتاب الوصية، باب ما جاء في الوصية، والترمذي 4/ 377 في كتاب الوصايا، باب ما جاء: لا وصية لوارث، وابن ماجة 2/ 905 في كتاب الوصايا، باب لا وصية لوارث، وأحمد 5/ 267، والطيالسي ص: 154، وابن الجارود في المنتقى ص: 238، والبيهقي في الكبرى 6/ 432، من طريق إسماعيل بن عيَّاش ثنا شرحبيل بن مسلم الخولاني قال سمعت أبا أمامة الباهلي يقول: فذكره. قال الترمذي: حديث حسن صحيح، وقال الحافظ بن حجر في التلخيص 3/ 92: وهو حسن الإسناد. وأما من حديث أنس بن مالك فرواه ابن ماجة في الموضع السابق، والدارقطني 2/ 70، والبيهقي في الكبرى 6/ 433، من طرق عن عبد الرحمن بن يزيد بن جابر نا سعيد بن أبي سعيد عن أنس بن مالك قال: فذكره. قال ابن التركماني في الجوهر النقي 6/ 433، "وهذا سند جيد"، وقال البوصيري في الزوائد ص: 367: وإسناد حديث أنس صحيح ورجاله ثقات, وصححه أيضاً الألباني في الإرواء 6/ 88، وصحيح سنن ابن ماجة 2/ 112 / برقم (2194). وروي أيضاً من حديث ابن عباس وابن عمرو، وجابر، وابن عمر، وعلي بن أبي طالب، والبراء بن عاذب، وزيد بن أرقم رضي الله عنهم. انظر: تخريجها مفصّلاً في التلخيص 3/ 92، والإرواء 6/ 88. (3) ما بين المعكوفتين لم ترد هنا في النسختين، بل وردت قبلها بسطر، كما سبق التنبيه عليها، ووضعتها هنا؛ لأن المقام يقتضيها، والله أعلم. (4) انظر: الصحاح 5/ 2080، المصباح المنير ص 503. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 484 حديث (تعلموا الفرائض) (1) فقد روي من حديث أبي هريرة، وابن مسعود وأسانيده ضعيفة (2)، والله أعلم. روينا عن سفيان بن عيينة قال: "إنما قيل الفرائض (3) نصف العلم؛ لأنه مما (4) يبتلى به الناس كلهم" (5).   (1) الوسيط 2/ ق 187/ أوتمامه ( ... وعلموها الناس، فإنها نصف العلم، وإني امرؤ مقبوض، وسينزع العلم من أمتي حتى يختلف رجلان في فريضة فلا يجدان من يعرف حكم الله فيها). (2) أما من حديث أبي هريرة فرواه ابن ماجة 2/ 908 في كتاب الفرائض، باب الحث على تعليم الفرائض، والدارقطني 4/ 67، والحاكم 4/ 369، والبيهقي في الكبرى 6/ 344 من طرق عن حفص بن عمر بن الغطاف ثنا أبو الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: (يا أبا هريرة تعلموا الفرائض) ... الحديث. والحديث سكت الحاكم عليه، وضعفه الذهبي، وقال: حفص بن عمر واهٍ بمرَّة، وبه ضعفه البيهقي، وابن التركماني في الجوهر النقي 6/ 344، وقال: رماه يحيى بن يحيى بالكذب، وقال النسائي: ضعيف، وقال ابن حبان: لا يجوز الاحتجاج به بحال، والحافظ في التلخيص 3/ 79، وقال: متروك، والألباني: في الإرواء 6/ 106 - 107. وأما من حديث ابن مسعود: فرواه الترمذي 4/ 360 في كتاب الفرائض، باب ما جاء في تعليم الفرائض والنسائي 4/ 63 والدارمي في المقدمة 1/ 84، والدارقطني 4/ 81، والحاكم 4/ 369، والبيهقي في الكبرى 6/ 343 من طريق عوف بن أبي جميلة الأعرابي عن سليمان ابن جابر عن ابن مسعود به. قال الترمذي: هذا حديث فيه اضطراب، وقال الحاكم: هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه، وله علة، ووافقه الذهبي، وقال الحافظ ابن حجر في التلخيص 3/ 79: وفيه انقطاع، وضعفه الألباني في الإرواء 6/ 103 - 104. (3) في (أ) (للفرائض). (4) ساقط من (د). (5) رواه البيهقي في الكبرى 6/ 345. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 485 وقال بعض أئمتنا: "إن (1) للإنسان حالتين: حالة حياة، وحالة ممات، والفرائض أحكام الموت" (2). قلت: وتكون لفظة "النصف" ههنا عبارة عن القسم الواحد من القسمين، وإن لم يتساويا كما قال الشاعر: إذا مت كان الناس نصفان شامت ... وآخر مثن بالذي كنت أصنع (3) وقوله - صلى الله عليه وسلم - (أفرضكم زيد) (4)، روينا بإسناد جيد من حديث أنس وهو حديث حسن، أخرجه الترمذي، والنسائي، وابن ماجة (5)، والله أعلم.   (1) في (أ) (لأن). (2) انظر: مغني المحتاج 3/ 2 - 3، نهاية المحتاج 6/ 4، حاشية قليوبي 3/ 135. (3) البيت للعجير السلولي - شاعر أموي - من قصيدة طويلة له. انظر: كتاب سيبويه 1/ 71، أمالي ابن الشجري 3/ 116، جمل الزجاجي ص 50، خزانة الأدب 9/ 72. (4) الوسيط 2/ ق 187/ ب ولفظه قبله: "واختاره الشافعي - رحمه الله - مذهب زيد؛ لأنه أقرب للقياس، ولقوله - صلى الله عليه وسلم -: (أفرضكم زيد). (5) الترمذي 5/ 623 في كتاب المناقب، باب مناقب معاذ بن جبل، وزيد بن ثابت، وأبي، وأبي عبيدة بن الجراح - رضي الله عنهم -، والنسائي 5/ 78، في كتاب المناقب، باب زيد بن ثابت - رضي الله عنه -، وابن ماجة 1/ 55 في المقدمة، باب فضائل أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم -، كما رواه أحمد 4/ 29، وابن حبان 16/ 85، 74، 86، والحاكم 3/ 478، والبيهقي في الكبرى 6/ 345 من طرق عن خالد الحذاء عن أبي قلابة عن أنس عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: (أرحم أمتي أبو بكر، وأشدهم في أمر الله عمر، وأصدقهم حياء عثمان، وأفرضهم زيد) ... الحديث. قال الترمذي: هذا حديث حسن صحيح، وقال الحاكم: هذا إسناد صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه، ووافقه الذهبي، وأعله الدارقطني، وابن حزم والبيهقي والخطيب بالإرسال، ورجحوا أن الموصول منه ذكر أبي عبيد، والباقي مرسل، ورجح ابن المواق وابن الملقن وغيرهما رواية الموصول. انظر: تذكرة الأحبار ق160 - 163، والتلخيص 3/ 79 - 80. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 486 تقسيمه ما يثبت به الوراثة إلى سبب ونسب (1)، مع أن النسب سبب، وجهه: أن المراد أنه ينقسم إلى سبب غير نسب، وإلى نسب، والله أعلم. ذووا الأرحام أحد عشر صنفاً (2)، ترك منهم: بنات الأعمام، والجدات الساقطاط (3). وتخصيص هؤلاء باسم ذوي الأرحام اصطلاح من الفقهاء، والفرضيين، واسم ذوي الأرحام في الأصل شامل للوارثين. وما صار إليه صاحب الكتاب من القول بعدم الصرف إليهم، وإن عدم بيت المال، هو اختيار صاحب "المهذب" (4)، وعلى هذا يصرف التركةَ القاضي إن وجد شرطه إلى مصارف بيت المال، وإن لم يوجد صرفها (5) إليها بعض أهل العدالة (6). والغالب على أكابر أئمتنا في الأعصار المتأخرة الفتوى بالصرف إلى ذوي الأرحام؛ لفساد بيت المال (7). وقال أبو الحسن بن سراقة (8) - أحد أئمتنا الكبار (9) قبل أربعمائة -: كان   (1) انظر: الوسيط 2/ ق 187/ ب. (2) انظر: الوسيط 2/ ق 187/ ب. (3) انظر: المهذب 2/ 31، الروضة 5/ 7 - 8، مغني المحتاج 3/ 8، نهاية المحتاج 6/ 13. (4) 2/ 31. (5) نهاية 2/ ق 61/ ب. (6) واختاره أيضاً الشيخ أبو حامد الأسفراييني. انظر: الحاوي 8/ 174، 78، الروضة 5/ 8، مغني المحتاج 3/ 6 - 7، نهاية المحتاج 6/ 9 - 12. (7) وصححه النووي، ونقل تصحيحه عن جمهور الأصحاب. انظر: المصادر السابقة. (8) هو محمد بن يحيى ابن سراقة أبو الحسن العامري البصري، الفقيه، الفرضي، المحدث، صاحب التصانيف في الفقه والفرائض وعلم الحديث، ومن تصانيفه: كتاب التلقين، وكتاب الحيل، والكشف عن أصول الفرائض بذكر البراهين، وغيرها، وذكر الذهبي أنه مات في حدود سنة عشر وأربعمائة. انظر: سير أعلام النبلاء 17/ 281، طبقات الأسنوي 1/ 320، طبقات ابن قاضي شهبة 1/ 196، طبقات السبكي 3/ 86. (9) ساقط من (أ). الجزء: 3 ¦ الصفحة: 487 القاضي (1) أبو العباس ابن سريج يورِّث ذوي الأرحام، ويقول: قد ارتفع بيت المال فذووا (2) الأرحام أحق (3). قال ابن سراقة: وهو قول عامة شيوخنا، وعليه الفتوى اليوم في الأمصار (4). قلت: ومن يقول بتوريث ذوي الأرحام يقدِّم الردّ (5) على ذي الفرض سوى الزوج والزوجة (6). ثمّ منهم من يقول: يصرف إلى ذوي الأرحام على سبيل المصلحة، لا على سبيل التوريث، ويختص (7) به الفقراء منهم (8). والمشهور عنهم: الصرف إلى جميعهم (9) على اختلاف بينهم في اختيار مذهب أهل (10) التنزيل (11)، أو مذهب أهل القرابة (12)، والله أعلم.   (1) ساقط من (د). (2) في (د) (فذو) بواو واحد. (3) انظر: قول ابن سريج في الروضة 5/ 8. (4) انظر: قول ابن سراقة في المصدر السابق، مغني المحتاج 3/ 7، نهاية المحتاج 6/ 12. (5) ساقط من (أ). (6) انظر: الحاوي 8/ 76، الروضة 5/ 8، مغني المحتاج 3/ 7. (7) في (أ): (فيختص). (8) وهو اختيار الروياني، وصححه الرافعي. انظر: الروضة 5/ 9، مغني المحتاج 3/ 7، نهاية المحتاج 6/ 13. (9) أي على سبيل التوريث، وعليه جمهور الأصحاب، وصححه النووي، انظر: المصادر السابقة (10) ساقط من (أ). (11) وهو أن ينزل كل فرع منزلة أصله الذي يدلي به إلى الميت. انظر: الروضة 5/ 46، مغني المحتاج 3/ 7، نهاية المحتاج 6/ 13. (12) وهو أن تورث الأقرب فالأقرب كالعصبات. انظر: المصادر السابقة. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 488 قوله في الزوجين: "إن لم يكن للميت ولد وارث" (1) فاكتفى بهذا عن أن يقول: أو ولد ولد وارث، خارج على قول من قال من أصحابنا إن اسم الولد شامل لولد الولد (2)، لكن الصحيح أن اسم الولد لا يشمل ولد الولد إلا بطريق مجاز، فلا سبيل إلى أن يقال ههنا: إنه (3) أراد بالولد: الولد الحقيقي والمجاز معاً؛ لأنه لا يجوز (4) عنده، وعند الجماهير على ما عرف في أصول الفقه: استعمال اللفظ الواحد في معنييه الحقيقي والمجازي معاً (5)، ولا عذر له في الاقتصار على ذكر الولد في كتاب الله تعالى، فإن مثل ذلك يقع في النصوص موكولاً إلى قياس القياسيين (6) المجتهدين، والمصنف عليه بيان المقيس، والمنصوص في مواطن التقسيم، والله أعلم (7). إنما قالوا في المسألتين: "ثلث ما يبقى" (8)، ولم يقولوا: لها السدس، ولها (9)   (1) الوسيط 2/ ق 187/ ب. (2) انظر: مغني المحتاج 3/ 9، وشرح الرحبية ص: 52. (3) في (د): (أن). (4) في (د): (يجوز) بدل لـ (لا يجوز). (5) لأن الحقيقة استعمال اللفظ فيما وضع له، والمجاز استعماله فيما لم يوضع له، وهما متناقضان. انظر: روضة الناظر 1/ 272، فتح الغفار 1/ 119، المسودة ص 149، شرح الكوكب المنير 3/ 195، إرشاد الفحول 1/ 132 - 134. (6) في (أ): (القايسين) كذا. (7) نهاية 2/ ق 62/ أ. (8) قال في الوسيط 2/ ق 18/ أ: "الصنف الثاني: الأم والجدة: وللأم الثلث، إلا في أربع مسائل: أحدها: زوج وأبوان. والثانية: زوجة وأبوان، فلها في المسألتين ثلث ما يبقى بعد نصيب الزوج والزوجة". (9) ساقط من (أ). الجزء: 3 ¦ الصفحة: 489 الربع؛ محافظة على لفظ الكتاب العزيز في قوله تعالى: {فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ وَلَدٌ وَوَرِثَهُ أَبَوَاهُ فَلِأُمِّهِ الثُّلُثُ} (1). قوله في الأب: "يرث بالتعصيب المحض إن لم يكن للميت إلا زوج أو زوجة" (2) لم يكن له إلا أم و (3) جدة، ولا يعذر المصنف في ترك البعض إذا كان الكلام في بيان أقسام التقسيم؛ لما لا يخفى، والله أعلم. "مسألة المشرَّكة" (4) بفتح الراء وتشديدها، فإن قلت: فينبغي أن يقول: المسألة المشرك فيها، قلت: لهذا وجهان: أحدهما: من قبيل ما وقع فيه التوسع بحذف "في" منه وإجرائه مجرى المفعول به، ومن ذلك قوله تبارك وتعالى: {بَلْ مَكْرُ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ} (5) وقولهم: "يا سارق الليلةَ" وقولهم: "نهاره صائم، وليله قائم" فعلى هذا يكون التقدير "مسألة القضية المشرَّكة" أي المشرَّك فيها، والله أعلم. والثاني: أن التقدير مسألة الإخوة المشرَّكة، والله أعلم. قوله: "قال - صلى الله عليه وسلم -: (ألْحِقوا الفرائضَ بأهلِهَا فما أبقت الفرائض فالأولى عصبة ذكر) (6). هذا حديث صحيح، رواه صاحبا الصحيحين   (1) سورة النساء الآية 11. (2) الوسيط 2/ ق 188/ أ. (3) في (أ): (أو). (4) (مسألة المشركة) بياض في (أ). وانظر: الوسيط 2/ ق 188/ أ. (5) سورة سبأ الآية 33. (6) الوسيط 2/ ق 189/ ب. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 490 وغيرهما (1)، ولفظه (فالأولى رجل ذكر) وفي رواية (فالأولى ذكر) والجمع بينهما من باب التأكيد (2). و (3) فائدته: أن المعنى يصير به أثبت في ذهن السامع. وأما روايته "فالأولى عصبة ذكر" ففيها نظرُ، وبعدُ عن الصحة من حيث الرواية (4)، ومن حيث اللغة؛ فإن العصبة في اللغة اسم للجمع (5)، وإطلاقها على الواحد من كلام العامة، وأشباههم (6) من الخاصة، والله أعلم. قوله: "والعصبة: كل من يدلي إلى الميت بنفسه" (7) ينتقض بالزوج، فإنه معدود فيمن يدلي بنفسه، فيحتاج إلى أن يقول: كل ذكر يدلي بالنسب بنفسه، وإن كان هذا مراده فاللفظ قاصر، والله أعلم.   (1) البخاري 12/ 19، 12، 29، مع الفتح في كتاب الفرائض، باب ميراث الولد من أبيه وأمه، وباب ميراث ابن الإبن إذا لم يكن ابن، وباب ميراث الجد مع الأب والإخوة، ومسلم 11/ 52 - 53 مع النووي في كتاب الفرائض، باب ألحقوا الفرائض بأهلها، وأبو داود 3/ 319، في كتاب الفرائض، باب ميراث العصبة، والترمذي 4/ 365، في كتاب الفرائض، باب ميراث العصبة، وابن ماجة 2/ 915 في كتاب الفرائض، باب ميراث العصبة، والدارمي 2/ 464، وابن الجارود في المنتقى ص 240، والبيهقي في الكبرى 6/ 391، من طرق عن عبد الله بن طاوس عن أبيه عن ابن عباس به. (2) وقيل: غير ذلك، انظر: شرح السنة 4/ 449، فتح الباري 12/ 13 - 14. (3) ساقطة من (د). (4) قال ابن الجوزي وابن منده: هذه اللفظة ليست محفوظة. انظر: التحقيق 2/ 248، تذكرة الأحبار ق 163/ أ، فتح الباري 12/ 13. (5) في النسختين (للجميع) ولعل الصواب ما أثبته، انظر: المصباح المنير ص: 412، وتذكرة الأحبار ق 163/ أ. (6) نهاية 2/ ق 62/ ب. (7) الوسيط 2/ ق 189/ ب. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 491 قوله في الميراث بالولاء (1): "لا مدخل لأنثى (2) فيه، إلا إذا كانت معتقة" (3). ينبغي أن يعتبر (4) بمعتقته، ومعتقة أحد أصوله؛ إذ بهذا يستقيم الحصر، والله أعلم. قوله: "وأما العم فيحجبه من يحجب الأخ للأب، والأم (5)، والأخ للأب" (6). (هكذا وقع فيما رأينا من النسخ، والصواب ما وقع في بعض النسخ من حذف لفظة "الأم" حتى يصير: فيحجبه من يحجب الأخَ للأب، والأخُ للأب) (7) بنصب (8) الأخ الأول، ورفع الثاني، حتى يكون الكلام مشتملاً على ذكر الأخ من الأبوين، والأخ من الأب فيمن يحجب العمّ؛ إذ هما ممن يحجب (9). ثم لم يذكر الجدَّ (10)، ولا بدَّ من ذكره؛ فإنه ممن يحجب العم (11)، وإن كان ما سبق من ترتيب العصبات يدلُّ عليه، فذلك لا يكفيه ههنا بشروعه في تفصيل من يحجب العمّ، والله أعلم.   (1) في (د) (فالولاء). (2) في (أ) (للأنثى). (3) الوسيط 2/ ق 190/ أ. (4) كذا في النسختين ولعل الصواب (يعبر). (5) (الأم) ضرب عليه في (أ). (6) الوسيط 2/ ق 191/ ب. (7) ما بين القوسين ساقط من (أ). (8) في (أ) (بنصيب). (9) انظر: الروضة 5/ 28 - 29، مغني المحتاج 3/ 12، نهاية المحتاج 6/ 17، حاشية البقري على شرح الرحبية ص 91. (10) في (أ): (الجماعة) وهو خطأ. (11) انظر: المصادر السابقة قبل هامش. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 492 قوله: "من لا يرث لا يحجب، ولا يستثنى من (1) هذا مسألة و [هي] (2): أبوان وأخوان" (3). هذا غير مرضي؛ فإنه يستثنى عن (4) ذلك مع هذه المسألة - وما فرعه عليها من مسألة الجدتين - مسائل أُخر ثلاث: إحداها: أم وجد وأخوان لأم (5)، وفي عبارته ما يمنع اندراج هذه المسألة فيما ذكره. الثانية: أم وأب وأخ لأب (6). الثالثة: مسألة المعادة (7). والله أعلم.   (1) في (د): (عن). (2) في النسختين (هو) والمثبت من الوسيط. (3) الوسيط 2/ ق 192/ أوتمامه "فإن الأخوين يسقطان بالأب، ويحجبان الأم من الثلث إلى السدس؛ لأن سقوطهما بالأب لا بالأم، فيرجع فائدتها إلى الأب لا إلى الأم". (4) كذا في النسختين، ولعل الأرجح (من). (5) للأم السدس، والباقي للجد. انظر: الروضة 5/ 29، نهاية المحتاج 6/ 18. (6) في (أ): (أم وأخ لأب، وأم وأخ لأب) بدل (أم وأب وأخ لأب). وهذه المسألة بهذه الصورة لا تتفق مع مقصود المصنف كما ترى، فإن المسألة تكون من ثلاثة: للأم الثلث، والباقي للأب تعصيباً، وأخ لأب محجوب به ولم يؤثر وجوده على فرض الأم شيئاً؛ لأن من شروط انتقال الأم من فرض الثلث إلى السدس أن يكون جمعاً من الإخوة - اثنان فما فوق - ولعل صورة المسألة المذكورة هي: أم وأخ لأبوين وأخ لأب، فللأم السدس لوجود جمع من الإخوة، والباقي لأخ الأبوين تعصيباً، وأخ لأب محجوب به، والله أعلم. انظر: الروضة 5/ 29، شرح الرحبية ص 61. (7) وهي ما إذا كان مع الجد إخوة أشقاء وإخوة لأب، فإن الإخوة الأشقاء يعادون الجد بهم، إذا احتاجوا إليهم، فإذا أخذ الجد نصيبه، رجع الأشقاء على الإخوة لأب فأخذوا ما بأيديهم. انظر: المهذب 2/ 41، الروضة 5/ 25. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 493 الفرق (1) الذي ذكره هو وغيره في مسألة الجدتين (2)، يبطل بما إذا كان مع الأم والأب، أو الجد أخوان لأم، فإن استحقاقهما بالفرضية، واستحقاق الأب أو الجد بالعصوبة. والفرق عندي: أن رجوع الجدة من الأم من السدس إلى نصف السدس، فيما إذا ورثت الجدة من الأب، ليس بطريق الحجب الذي فيه الكلام، إذ (3) من شأن الحجب أن يبطل بسببه السبب الذي يرث به المحجوب، والجدة من الأب لا تبطل بسببه سبب الجدة من الأم، على ما لا يخفى، وردها إياها إلى نصف السدس، إنما كان من قبيل ازدحام مستحقين على ما لا يفي بهما، يوزع عليهما كما في الابنين والأخوين، ونحوهما، وكما في الدينين إذا ازدحما أخذ كل واحد منهما البعض، وإن انفرد أحدهما بالاستحقاق أخذ الكل، فإذا لم يوجد من الجدة من الأب مزاحمة في الاستحقاق لسقوط استحقاقها بالأب أخذت الجدة من الأم جميع السدس لعدم المزاحم، ورد الأم إلى السدس لم يكن بسبب الازدحام فإنه أصل فرضها (4)، فافهم ذلك فإنه عويص أنعم الله علينا بحله، والله أعلم.   (1) نهاية 2/ ق 63/ ب. (2) قال في الوسيط 2/ ق 192/ أ: "ومثاله: جدتان إحداهما أم الأب، والأخرى أم الأم، فلأم الأم السدس، ولا يقال: إن أم الأب تشاركه لولا الأب، وإنما سقوطها بالأب، فيرجع الفائدة إليه؛ لأن استحقاقها بالفرضية فلا يناسب استحقاق الأب ... ومن أصحابنا من طرد القياس وقال: ليس لأم الأم إلا نصف السدس". (3) في (أ): (إذا). (4) هكذا صحح في (د) وفي (أ) (فإنها الأم في فرضها). الجزء: 3 ¦ الصفحة: 494 قوله في قرابات المجوس: "يعرف الأقوى بأمرين" ثم قال: "والثاني: أن تقل حجاب [إحداهما] (1) " (2) ينبغي أن يضاف إليه: أو لا تحجب إحداهما أصلا، والأخرى قد تحجب كأم هي أخت لأب (3) على ما ذكره من تصوير ذلك وغيره، والله أعلم. قوله: "فلو ماتت الوسطى أولاً، فقد خلفت أماً وبنتاً هما أختان لأب فللأم الثلث" (4)، هذا سهو وسبق (5) قلم، وصوابه: السدس، وقد راجعت فيه بنيسابور أصل المصنف - رحمه الله - الذي كان في وقف الضياء الغازي الطوسي (6)، فوجدته بخط المصنف: الثلث، كما وقع النسخ، وضرب فيه عليه، ثم أثبت بخط غيره في الحاشية السدس. وهكذا في قوله: "فلو ماتت السفلى أولاً فقد خلفت أماً وجدة هما أختان لأب، فللأم الثلث، وللجدة الباقي" (7) فقوله "الباقي" سهو، أو طغيان قلم، وصوابه: وللجدة النصف، ووجدته في أصله قد ضرب على الباقي، وجعل بدله "النصف"، ومثل هذا لا يقع من مثله رحمه الله وإيانا، والله أعلم.   (1) في النسختين (أحدهما) والمثبت من الوسيط. (2) الوسيط 2/ 192/ أ، ولفظه قبله: "الثاني: مهما اجتمعت قرابتان من قرابة المجوسي على وجه، لا يجوز الجمع بينهما في الإسلام، سواء حصل بنكاح المجوسي أو الوطء بالشبهة، فلا يورث بهما ... بل يورث بالأقوى ويعرف ... إلخ". (3) انظر: المهذب 2/ 37، الوجيز 1/ 265، الغاية القصوى 2/ 679. (4) الوسيط 2/ ق 198/ ب، وفيها (السدس) كما صوبه المصنف. (5) نهاية 2/ ق 63/ ب. (6) لم أقف على من ترجم له. (7) الوسيط 2/ ق 192/ ب. وفيها (النصف) كما صوبه المصنف. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 495 قوله: "موانع الميراث ستة" (1) ترك منها: مانع الدور (2)، كما إذا اشترى ولده، أو أباه عمداً في مرض موته، وعتق عليه، فإنه لا يرث (3)، لمكان الدور في أمثال له معروفة في أبوابها. وعد من موانع الميراث ما ليس منها، وإنما هو من أسباب الوقف، كما سأبينه إن شاء الله تعالى. تمسك بقوله - صلى الله عليه وسلم -: (لا يتوارث أهل ملتين شتى) (4)، وهذا حديث رواه عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده - عبد الله بن عمرو بن العاص - وله مرتبة الحديث الحسن أخرجه أبو داود والنسائي وابن ماجة (5) والذي تركه وهو حديث أسامة بن زيد (6)   (1) الوسيط 2/ ق 192/ ب. (2) وهو أن يلزم من التوريث عدمه؛ كأن يقر الأخ بابن لأخيه الميت، فيثبت النسب ولا يرث، انظر الروضة 5/ 34، مغني المحتاج 3/ 26، نهاية المحتاج 6/ 29، حاشية قليوبي 3/ 149. (3) انظر: الروضة 5/ 34. (4) الوسيط 2/ ق 192/ ب. (5) أبو داود 3/ 328 في كتاب الفرائض باب هل يرث المسلم عن الكافر، والنسائي 4/ 82، في كتاب الفرائض، باب سقوط الموارثة بين الملتين، وابن ماجة 2/ 912 في كتاب الفرائض، باب ميراث أهل الشرك، كما رواه أحمد 2/ 372، وابن الجارود في المنتقى ص: 243، والدارقطني 4/ 75، والبيهقي 6/ 358، والبغوي 4/ 479، من طرق عن عمرو بن شعيب به. وصححه الألباني في الإرواء 6/ 121، وصحيح أبي داود 2/ 563 برقم (2527). وللحديث شواهد كثيرة عن ابن عمر وجابر وأبي هريرة وغيرهم. انظرها في: التلخيص 3/ 84، والإرواء 6/ 121. (6) أسامة بن زيد بن شراحيل بن كعب أبو محمد، وقيل أبو زيد مولى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وابن مولاه، وحبه وابن حبه، الكلبي الهاشمي المدني، وفضائله كثيرة، ومشهورة، مات في أواخر خلافة معاوية سنة 54 هـ على الراجح. انظر: الاستيعاب 1/ 257، تهذيب الأسماء واللغات 1/ 113 - 115، البداية والنهاية 8/ 65، الإصابة 1/ 31. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 496 أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: (لا يرث المسلم الكافر والكافر المسلم) له مرتبة الصحيح، وهو مخرج في الصحيحين معاً (1)، والله أعلم. قوله: "قال - صلى الله عليه وسلم - ليس للقاتل (2) من الميراث شيء" (3). هذا حديث قد رويناه في كتاب السنن الكبرى (4) من حديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بإسناد ليس بالقوي، غير أن له شواهد تقويه، والله أعلم.   (1) البخاري 3/ 526، مع الفتح في كتاب الحج، باب توريث دور مكة وبيعها وشرائها، و6/ 202 في كتاب الجهاد، باب إذا أسلم قوم في دار الحرب ولهم أرضون فهي لهم، و7/ 51 في كتاب الفرائض، باب لا يرث المسلم الكافر, ولا الكافر المسلم. ومسلم 11/ 51 - 52 في بداية كتاب الفرائض. (2) نهاية 2/ ق 64/ أ. (3) الوسيط 2/ ق 193/ أ. (4) 6/ 360 - 361 كما رواه الدارقطني 4/ 96 - 97، وابن عدي في الكامل 1/ 293، من طريق إسماعيل بن عياش عن ابن جريج عن عمرو بن شعيب به. قال ابن القطان: إسماعيل بن عياش ضعيف في روايته عن غير الشاميين وهذه منها, ولكن الألباني قال: لم ينفرد به, فقد أخرجه أبو داود (4564)، والبيهقي من طريق محمد بن راشد ثنا سليمان بن موسى عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده بلفظ (ليس للقاتل شيء فإن لم يكن له وارث، يرثه أقرب الناس إليه، ولا يرث القاتل شيئاً) ثم قال: فهذا الإسناد إلى عمرو بن شعيب إن لم يكن حسناً لذاته، فلا أقل من أن يكون حسناً لغيره برواية إسماعيل بن عياش، وأما بقية الإسناد فهو حسن فقط؛ للخلاف المعروف في رواية عمر بن شعيب عن أبيه عن جده، وأما الحديث نفسه فهو صحيح لغيره؛ فإن له شواهد يتقوى بها، ثم ذكرها. انظر: التعليق المغني 4/ 96، الإرواء 6/ 117 وما بعدها. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 497 ذكر في مسألة الغرقى: أنه إذا اطلعنا على المتقدم، ثم نسيناه فلا توارث بينهم أيضا، وفيه احتمال، قال: "قد [ذكرنا] (1) في مثل هذه الصورة في النكاحين والجمعتين خلافاً؛ لأن إعادة الجمعة، وفسخ النكاح له وجه، وههنا لا حيلة فيه" (2). أما ما جعله احتمال فهو ظاهر المذهب، وبه قطع غيره (3)، وما صار إليه أولاً، وهو وجه ذكره شيخه الإمام (4)، واختاره، ولم يورده (5) مثل هذا الإيراد المضيع للمذهب. وقوله: "لأن إعادة الجمعة له وجه" ولا وجه له، وصوابه: لأن إعادة الظهر، وهذا ظاهر من قاعدة الباب (6) , والله أعلم. قوله: "المانع الخامس: اللعان، وكان هذا ليس مانعاً، بل هو دافع للنسب" (7). هذا هو وغيره (8) لم يعد هذا من الموانع أصلاً، وهو الصواب، ولم يكن به ضرورة إلى عده من الموانع، مع أن الأمر فيه على ما ذكره، والله أعلم.   (1) في النسختين (ذكر) والمثبت من الوسيط. (2) الوسيط 2/ ق 193/ ب. (3) كالشيخ أبي حامد الأسفراييني وابن الصباغ والشيرازي وصاحب البيان وغيرهم، وصححه الشيخان: الرافعي والنووي. انظر: المهذب 2/ 32، الروضة 5/ 24، مغني المحتاج 3/ 26، نهاية المحتاج 6/ 29. (4) نهاية المطلب 14/ ق 102/ ب، وانظر: الروضة 5/ 34. (5) في (أ) زيادة (الواو) ولعل الصواب حذفها. (6) في (د) (الكتاب). (7) الوسيط 2/ ق 193/ ب. (8) كالبغوي والرافعي وغيرهما. انظر: التهذيب 5/ 7 - 8، فتح العزيز 6/ 520، الروضة 5/ 30 - 40، مغني المحتاج 3/ 26، حاشية قليوبي 3/ 149. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 498 قوله: "المانع السادس: الشك في الاستحقاق" (1). هذا ليس بمانع من الإرث، وإنما هو سبب للتوقف، ثم بعده إذا ظهر سبب الإرث ورث (2)، والله أعلم. قوله: "تقلص عَصَبٍ وعَضَلةَ" (3) فالتقلص (4): هو الانضمام والانزواء (5) والله أعلم. والعضلة: كل لحمة مجتمعة مكتنزة ذات عصبة فهي عضلة، كعضلة الساق وغيرها (6). قوله: "وإن تردد بين الجهتين فقولان" (7) ليس معناه: أنه تردد في دلالته على الحياة، بل معناه: أنه كان بين القطع والشك بأن الموجب عليه ظنه كالاختلاج (8) لا في عصب وعضلة، والله أعلم. قوله: "وأقصى الممكن تقدير أربعة من الأولاد" (9).   (1) الوسيط 2/ ق 193/ ب. (2) انظر: الروضة 5/ 33 - 34، مغني المحتاج 3/ 26. (3) الوسيط 2/ ق 194/ ب، ولفظه "ولو تحرك - أي جنين - فإن كان من قبيل اختلاج وتقلص عصب وعضلة فلا أثر له". (4) في (أ) (فالقلص). (5) انظر: الصحاح 3/ 1035، المصباح المنير ص 513. (6) انظر: الصحاح 5/ 1766. (7) الوسيط 2/ ق 194/ ب ولفظه قبله "وإن كان اختياراً كقبض الأصابع، فهو دليل الحياة، وإن تردد بين ... إلخ". (8) الاختلاج: هو اضطراب عضو من أعضاء الجسم بدون إرادة. انظر: المصباح المنير ص: 177، القاموس ص 239. (9) الوسيط 2/ ق 194/ ب. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 499 هذا صار إليه بعض الأصحاب (1)، وهو بعيد من حيث المذهب، ومن حيث الوجود، والأصح الذي صار إليه شيخا الطريقين: أبو حامد الأسفراييني، وأبو بكر القفال المروزي (2)، وجمهور العراقيين، والقاضي حسين (3)، وغيره من الخراسانيين (4)، أنه لا ضبط لأكثره (5)، وقد وجد أكثر من أربعة، وشوهد ذلك (6)، والله أعلم. قوله: "أما المقدرات فستة" (7) يحتاج إلى أن يقول: والسابع: ثلث ما بقي (في مسائل الجد فيما إذا كان في المسألة: سدس وثلث ما بقي) (8)، كأم وجد (9)، وإخوة. أو ربع وسدس وثلث ما بقي، كأم، وزوجة، وجد، وإخوة (10). ولا   (1) انظر: الحاوي 8/ 170 - 171، الإبانة 1/ ق 192/ أ، الروضة 5/ 40. (2) انظر: ما صار إليه الشيخان في: فتح العزيز 6/ 531، الروضة 5/ 40. (3) انظر: قول القاضي في المصدرين السابقين. (4) كالبغوي. انظر: التهذيب 5/ 50 - 52. (5) وصححه أيضاً الرافعي والنووي وغيرهما. انظر: الحاوي 8/ 170 - 171، الإبانة 1/ ق 192/ أ، المهذب 2/ 40، الروضة 5/ 40، مغني المحتاج 3/ 28، حاشية البقري على شرح الرحبية ص 153. (6) انظر: الحاوي 8/ 171، المهذب 2/ 40، مغني المحتاج 3/ 28، حاشية البقري على شرح الرحبية ص 153 وما بعدها. (7) الوسيط 2/ 195/ أ، وتمامه " ... النصف، ونصف نصفه وهو الربع، ونصف نصفه وهو الثمن، والثلثان، ونصفها وهي الثلث، ونصف نصفها وهو السدس". (8) ما بين القوسين ساقط من (د). (9) في (د) (وجدة) وهو خطأ. (10) انظر: فتح العزيز 6/ 55، الروضة 5/ 59 - 60. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 500 يرد (1) هذا على من قيد كلامه فقال: المقدرات في كتاب الله ستة؛ لأن ثلث ما يبقى غير مقدر (في كتاب الله تعالى، والله أعلم) (2). قوله: "والثلث فرض اثنين: للأم ولأولاد الأم" (3)، بل هو فرض ثلاثة، والثالث: الجد؛ حيث يفرض له الثلث كاملا مع الإخوة (4)، والله أعلم. قوله: "وإن احتجت إلى ثمن وسدس، أو ثمن وثلث فمن أربعة وعشرين" (5). هذا لا يتصور في الفرائض؛ لأن الثمن إنما يكون للزوجة مع الولد، والذين فرضهم الثلث لا يكون لهم مع الولد الثلث، وهذا فيما راجعت فيه أصل المصنف الذي كان في وقف الغازي الطوسي بنيسابور - حرسها الله تعالى - فإذا به قد أصلح من ثمن وثلث إلى ثمن وثلثين، وهذا صوابه (6)، والله أعلم (7). قوله: "وزاد زائدون على الأصول السبعة: ثمانية عشر، وستة وثلاثين، وهذا يحتاج إليه في مسائل الجد" (8). أما ثمانية عشر: ففيما إذا اجتمع سدس وثلث ما يبقي، كأم وجد وإخوة.   (1) في (أ) زيادة (على) ولعل الصواب حذفها. (2) ما بين القوسين ساقط من (أ). (3) الوسيط 2/ ق 195/ ب. (4) انظر: التهذيب 5/ 22، الروضة 5/ 75، مغني المحتاج 3/ 10، نهاية المحتاج 6/ 15. (5) الوسيط 2/ ق 195/ ب، وفيها (ثلثين) على ما صوبه المصنف بعد قليل. (6) انظر: التهذيب 5/ 45. (7) نهاية 2/ ق 65/ أ. (8) الوسيط 2/ ق 195/ ب. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 501 وأما ستة وثلاثون: ففيما إذا كان في المسألة سدس، وربع وثلث ما يبقي، كأم وزوجة وجد و (1) إخوة (2). وزيادتهما هو المختار (3)؛ لأن الأصل والمخرج يعتبر فيه أن يكون أقل عدد يخرج منه جميع الفروض المجتمعة في المسألة، وفي هاتين المسألتين ليس ذلك، إلا الثمانية (4) عشر، وستة وثلاثون (5)، فصار هذا كالنصف وثلث ما يبقى في مسألة: زوج وأبوين، فإن أصلهما من ستة لما ذكرناه ولا فرق، والله أعلم. قوله: "والعول عبارة عن الرفع" (6) فالعول (7): مصدر قولنا: عال، وهو لازم، وسبيله أن يعبر عنه بالارتفاع لا بالرفع، وإنما يجيء ما قاله على لغة من عداه فقال: عال الفريضة بمعنى أعالها (8)، وذلك نادر في اللغة، والله أعلم. قول ابن عباس - رضي الله عنهما - "فلما بلغ خالف" (9).   (1) (و) ساقطة من: (ب). (2) انظر: فتح العزيز 6/ 557، الروضة 5/ 59 - 60، مغني المحتاج 3/ 32. (3) واختاره أيضاً إمام الحرمين، والنووي. انظر: المصادر السابقة. (4) في (أ): (الثمانية). (5) في (أ): (ثلاثين). (6) الوسيط 2/ ق 195/ ب. (7) في (د) (فالقول) وهو تصحيف. (8) وقيل: مأخوذ من الميل، وذلك أن الفريضة إذا عالت فهي تميل على أهل الفريضة جميعاً فينقص أنصباءهم. انظر: الصحاح 5/ 1778، تهذيب الأسماء واللغات 2/ 252، تحرير ألفاظ التنبيه ص 218، المصباح المنير ص 438. (9) الوسيط 2/ ق 196/ أ، ولفظه قبله "وقد اتفقت الصحابة في عهد عمر - رضي الله عنه - على العول، وإليه أشار ابن عباس، فلما بلغ خالف، وقال: من شاء باهلته ... إلخ". الجزء: 3 ¦ الصفحة: 502 وفي "البسيط": "وكان صبياً فلما بلغ خالفه" هذا غير صحيح، فقد كان بالغاً من قبل قصة العول (1). وقول ابن عباس "من شاء باهلته" أي لاعنته، وجعلنا اللعنة على الكاذب منا، وفي رواية أنه تلا {فَقُلْ تَعَالَوْا نَدْعُ أَبْنَاءَنَا وَأَبْنَاءَكُمْ} (2) الآية. وقوله: "إن الذي أحص رمل عالج عدداً، لم يجعل في المال نصفا وثلثين" (3). فالذي رويناه في السنن الكبير (4) "نصفا ونصفا وثلثا" وكذا رواه شيخ الرواية في الفرائض ابن سراقة (5)، ويكون على هذا صورتها: زوجاً وأختاً وأماً.   (1) قال ابن الملقن في تذكرة الأحبار ق 166/ ب - عقب قول المصنف هذا -: "وهذا يوافقه قول من قال: إنه عليه الصلاة والسلام مات وهو ابن خمسة عشرة، ويؤيده حديثه بمنى "وأنا يومئذ قد ناهزت الاحتلام". قال المقدسي: "والذي عليه التواريخ أنه مات وهو ابن ثلاث عشرة". قلت: وبه جزم الذهبي في تذكرة الحفاظ 1/ 40، وصححه ابن حجر في الإصابة 2/ 330. (2) سورة آل عمران الآية 61. (3) الوسيط 2/ ق 196/ أ. (4) 6/ 414، كما رواه الحاكم 4/ 378، كلاهما من طريق ابن إسحاق ثنا الزهري عن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة بن مسعود عن ابن عباس في حديث طويل. قال الحاكم: هذا حديث صحيح على شرط مسلم ولم يخرجاه، وأقره الذهبي، وحسن الألباني في الإرواء 6/ 145 - 146. (5) انظر: تهذيب الأسماء واللغات 3/ 2/ 52. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 503 وقوله: "رمل عالج" فعالج مكان بالبادية كثير الرمال (1) , والله أعلم. هذا آخر ما وجد للمصنف فيه رحمه الله وإيانا (2).   (1) وقال ياقوت الحموي: هو ما بين فيد والقُريات، ينزلها بنو بُحْتر من طيء، وهي متصلة بالثعلبية على طريق مكة، لا ماء بها, ولا يقدر أحد عليهم فيه، وهو مسيرة أربع ليال. معجم البلدان 4/ 78. (2) هذا ما ورد في (د) وجاء في نسخة (أ) (هذا ما وجد للمصنف رحمه الله إلى هذا المكان من أول الوقف من (شرح مشكل الوسيط) للشيخ الإمام العلامة تقي الدين عثمان بن عبد الرحمن المعروف بابن الصلاح رحمه الله). الجزء: 3 ¦ الصفحة: 504 بسم الله الرحمن الرحيم (1) كتاب النكاح (2) قول المصنف رحمه الله: "والأضحى" (3). يعني به الضحَايَا، يقال: أضْحَاةُ في الواحد، والجمع أضْحَى، ويقال: أيضاً ضَحَّيةٌ وضحَايَا، وأُضْحِيَّة، وأضاحيّ (4) بتشديد الياء (5). والله أعلم. الحديث الذي رواه: (كتب عليّ ثلاث لم تكتب عليكم: الضحى، والأضحى، والوتر) (6) حديث غير ثابت ضعفّه الحافظ أحمد البيهقي في كتابه في "الخلافيات" (7) بعد أن أسنده عن ابن عباس - رضي الله عنهما -، ولفظه: (ثلاث هنّ عليّ فرائض،   (1) ورد في (د) بعد البسملة (لا إله إلا الله، عدّة للقاء الله أماناً من عذاب الله، رب اختم بخير آمين، الحمد لله أحمده بجميع المحامد، والصلاة والسلام الأتمان على رسوله، والصالحين، وأسأل الله متوسلاً بكل وسيلة أفضل سؤل). (2) جاء في (د) بعده ما نصه "من شرح مشكل الوسيط شرح الشيخ الإمام العلامة تقي الدين عثمان بن عبد الرحمن المعروف بابن الصلاح - رحمة الله عليه -". (3) الوسيط 3/ ق 2/ أولفظه "القسم الأول: في المقدمات، وهي خمس: الأولى: في بيان خصائص رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وله اختصاص بواجبات ومحرمات ومباحات لم يشاركه أمته فيها، أما الواجبات: فكالضحى، والأضحى، والوتر ... إلخ". (4) ساقط من (أ). (5) انظر: الصحاح 6/ 2407، المصباح المنير ص 359، القاموس ص 1682. (6) ساقط من (أ). (7) الوسيط 3/ ق 2/ أ. (7) انظر: مختصر الخلافيات البيهقي 2/ 7. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 505 وهي لكم تطوع: النحر، والوتر، وركعتا (1) الضحى) (2). قوله: "وكالتهجد" (3) يريد أنه وجب عليه - صلى الله عليه وسلم -، أن يتهجد خارجاً عن الوتر، وهذا قول أكثر الأصحاب (4) عملاً بظاهر الأمر في قوله تعالى: {وَمِنَ اللَّيْلِ   (1) في (د) (وركعتي). (2) في (أ) (الأضحى)، والحديث رواه أحمد 1/ 383، والبزار كما في (كشف الأستار) 3/ 144، والطبراني في الكبير 1/ 260، والدارقطني 2/ 21، والحاكم 1/ 441، والبيهقي في الكبرى 2/ 468 و9/ 264، من طرق عن أبي جَنَاب الكَلْبيّ عن عكرمة عن ابن عباس به إلا أنه وقع عند الدارقطني والحاكم (وركعتا الفجر) بدل (صلاة الضحى). قال البيهقي: أبو جناب الكلبي ضعيف، وكان يزيد بن هارون يصدقه ويرميه بالتدليس. وقال الذهبي: سكت الحاكم عليه، وهو غريب منكر، وأبو جناب ضعفه النسائي والدارقطني. وأورده السيوطي في الجامع الصغير 1/ 210 ورمز له بالضعف، ووافقه الألباني في ضعيف الجامع الصغير وزيادته ص 378 رقم (2561). ورواه أحمد 1/ 385، 387، 522، والبزار في الموضع السابق، والطبراني في الكبير 11/ 301، والدارقطني 4/ 282، والبيهقي في الكبرى 9/ 443، من طريق جابر الجعفي عن عكرمة عن ابن عباس بلفظ (أمرت بالركعتي الضحى، وبالوتر، ولم يكتب عليّ). قال الحافظ ابن حجر في التلخيص 3/ 118: "إسناده ضعيف لأجل جابر الجعفي ... ثم قال: لكن له متابع آخر رواه ابن حبان في (الضعفاء)، وابن شاهين في (ناسخه) من طريق وضاح بن يحيى عن مندل عن يحيى بن سعيد عن عكرمة عنه، وقال: والوضاح ضعيف، فتلخص ضعف الحديث من جميع طرقه". وكما أورده أيضاً السيوطي في الجامع الصغير 1/ 103 ورمز له بالضعف، ووافقه الألباني في ضعيف الجامع الصغير وزيادته ص182 رقم (1263). (3) الوسيط 3/ ق 2/ أ (4) انظر: التلخيص لابن القاص ص 467، الوجيز 2/ 1، الروضة 5/ 346، الغاية القصوى 2/ 716. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 506 فَتَهَجَّدْ (1) بِهِ نَافِلَةً لَكَ} (2) محمول على (3) أن ذلك يقع لا محالة زيادةً في حسناته بخلاف غيره، فإن تهجد غيره، وتطوعاتهم يجبر منها النقصان المتطرق إلى مفروضاتهم، وهو - صلى الله عليه وسلم - معصوم عن الخلل في مفروضاته، فيمحض تهجده زيادة على مفروضاته. وهذا المذهب وإن قوي بعض القوة بما ذكرناه فالأشبه خلافه. وقد حكى الشيخ أبو حامد - رحمه الله - بعد حكايته ذلك عن الأصحاب، إن الشافعي - رحمه الله - نص على أنه نسخ وجوب ذلك في حقه - صلى الله عليه وسلم -، وحق غيره. (4) قلت: هذا هو الصحيح (5) الذي تشهد له الأحاديث، منها حديث سعد ابن هشام (6) عن عائشة، وهو في الصحيح (7) معروف. والله أعلم.   (1) 2/ ق 66/ أ. (2) سورة الإسراء الآية 79. (3) في (د) زيادة (معنى) والصواب حذفها. (4) انظر: حكاية أبي حامد في الروضة 5/ 347، التلخيص الحبير 3/ 119. (5) وكذا قال النووي، انظر: الروضة 5/ 347، شرح النووي على صحيح مسلم 6/ 27. (6) هو سعد بن هشام بن عامر الأنصاري، ثقة من الثالثة استشهد بأرض الهند. انظر: التقريب ص 232. (7) أي في صحيح مسلم 6/ 26، في كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب صلاة الليل وعدد ركعات النبي - صلى الله عليه وسلم -، في الليل، في حديث طويل قال سعد بن هشام: ( ... فقلت: أنبئيني عن قيام رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فقالت: ألستَ تقرأ {يَاأَيُّهَا الْمُزَّمِّلُ} قلت: بلى، قالت: فإن الله عز وجل افترض قيام الليل في أول هذه السورة فقام نبي الله - صلى الله عليه وسلم -، وأصحابه حولا، وأمسك الله خَاتمَتَها اثني عشر شهراً في السماء حتى أنزل الله في آخر هذه السورة التخفيف فصار قيام الليل تطوّعاً بعد فريضة ... الحديث) الجزء: 3 ¦ الصفحة: 507 وفي وجوب السواك عليه (1) - صلى الله عليه وسلم -، يقوي بما رواه أبو داود في "سننه" (2) أنه - صلى الله عليه وسلم -، (أمر بالسواك لكل صلاة). قلت: ومع هذا ترددوا في وجوب السواك عليه (3)، وقطعوا بوجوب الضحى، والأضحى، والوتر عليه (4)، مع أن مستنده الحديث الذي ذكرنا (5) ضعفه، ولو عكسوا فقطعوا بوجوب السواك عليه، وترددوا في الأمور الثلاثة لكان أقرب، ويكون مستند التردد فيها أن ضعفه من جهة ضَعْف راويه أبي جَنَاب الكَلْبي (6)، وفي ضعفه خلاف بين أئمة الحديث وقد وثقه بعضهم (7) والله أعلم.   (1) ساقط من (د). وانظر: الوسيط 3/ 2/ أ. (2) 1/ 741 في كتاب الطهارة، باب السواك، ومن طريقه البيهقي في الكبرى 1/ 61 من حديث عبد الله بن حنظلة بن أبي عامر - رضي الله عنه - أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، (أمر بالوضوء لكل صلاة طاهراً وغير طاهر، فلما شق ذلك عليه أمر بالسواك لكل صلاة) وحسن إسناده ابن حجر في التلخيص 3/ 120، والألباني في صحيح سنن أبي داود 1/ 12 رقم (38). (3) انظر: الحاوي 9/ 28، الوجيز 2/ 1، الروضة 5/ 346، الغاية القصوى 2/ 715، مغني المحتاج 3/ 124. (4) انظر: المصادر السابقة. (5) ساقط من (أ). (6) هو يحيى بن أبو حيَّة، واسم أبي حية حيي أبو جناب الكلبي الكوفي ضعفوه لكثرة تدليسه من السادسة مات سنة 150 هـ أو قبلها. انظر: ميزان الاعتدال 4/ 371، تهذيب التهذيب 11/ 202، التقريب ص 589 (7) انظر: المصادر السابقة والجرح والتعديل 9/ 138. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 508 قوله: (يوغِر صدورَهنّ (1)) (2) أي يحميها بالغيظ. (3) قوله: (حين ضاق ذرعه) (4) المعروف ضاق بالأمر ذرعا من غير إضافة، أي لم يطقه ولم يَقْوَ عليه. (5) حديث عائشة المذكور ثابت في الصحيح (6) (7) بلفظ آخر ليس فيه (وأرادت أن يختار أزواجه الفراق) (8).   (1) في (أ) (صدورهم) خطأ. (2) الوسيط 3/ ق 2/ أ، ولفظه: "ولعل السر فيه أن الجمع منهن يُوْغِر صدورهن بالغيرة التي هي أعظم الآلام والأضرار". (3) هكذا في النسختين ولعل الصواب: "من الغيظ" وانظر: الصحاح 2/ 846، تهذيب الأسماء واللغات 3/ 2/ 193، المصباح المنير ص 666. (4) الوسيط 3/ ق 2/ أ. (5) انظر الصحاح 4/ 1510 - 1511، المصباح المنير ص 367. (6) البخاري 5/ 136 - 138 مع الفتح في كتاب المظالم والغصب باب الغرفة والعُلِّيَة المشرفة وغير المشرفة، في السطوح وغيرها. ومسلم 10/ 82 - 94 مع النووي من حديث ابن عباس عن عمر ابن الخطاب رضي الله عنه - في قصة الإيلاء. قال في آخره (قالت عائشة: فلما مضى تسع وعشرون ليلة دخل علي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بدأ بي فقلت يا رسول الله إنك أقسمت أن لا تدخل علينا شهرا، وإنك دخلت من تسع وعشرين أعدهن، فقال: إن الشهر تسع وعشرون ثم قال: يا عائشة أني ذاكر لك أمرا فلا عليك أن لا تعجلي فيه حتى تستأمري أبويك ثم قرأ علي الآية {يَاأَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْوَاجِكَ} - حتى بلغ - {أَجْرًا عَظِيمًا} قالت: قد علم أن أبويّ لم يكونا ليأمراني بفراقه، قالت: فقلت: أو في هذا أستأمر أبوي؟، فإني أريد الله ورسوله والدار الآخرة، قال معمر: فأخبرني أيوب أن عائشة قالت: لا تخبر نساءك أني اخترتك، فقال لها النبي - صلى الله عليه وسلم -: (إن الله أرسلني مبلغاً ولم يرسلني متعنتاً). (7) نهاية 2/ ق 66/ ب. (8) الوسيط 3/ ق 2/ أ. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 509 قوله: "بأجمُعهنّ" (1) الصحيح فيه أنه بضم الميم، وهو جمع كلمة جمع كالمجموع. توجيه (2) قول من قال: لو اختارت الدنيا والفراق، لبانت بنفس هذا الاختيار (3)، أن (4) ذلك يقع مضاداً لصحبة رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فيجب عليها فراقها، والفرقة إذا وجبت وقعت، ولهذا استدللنا بوجوب الفرقة في اللعان على وقوعها. والقول بوجوب جوابهن على الفور (5) ينبني على القول بالبينونة بنفس اختيار الفراق، آخذاً من أحد القولين في أن الجواب على الفور فيما إذا قال: لها طلقي نفسك (6). والله أعلم. دليل تحريم طلاقهن من الآية (7) هو في قوله تعالى: {وَلَا أَنْ تَبَدَّلَ بِهِنَّ} (8)؛ لأن معنى التبدل بهن مفارقتهن أولاً، ثم التزوج بإبدالهن، ففي تحريمه تحريم مفارقتهن على ما لا يخفى تقريره. والله أعلم.   (1) الوسيط: 3/ ق 2/ أولفظه قبله "وكان يخبرهنّ باختيار عائشة إياه فاخترن الله ورسوله بأجمُعهنّ". (2) في (أ) (توجده) كذا. (3) هذا وجه مرجوح في المذهب، والصحيح أنه لا يحصل الفراق بنفس الاختيار. انظر: الحاوي 9/ 11، الروضة 5/ 348، مغني المحتاج 3/ 285. (4) هكذا في النسختين ولعل الصواب (لأن) وبعدها في (د) زيادة (في) لعل الصواب حذفها. والله أعلم. (5) انظر: الوسيط 3/ ق 2/ أ. (6) انظر: نهاية المطلب القسم 2/ ص 109، الروضة 5/ 45، مغني المحتاج 3/ 285 - 286. (7) قال في الوسيط 3/ ق2/ أ " ... وهل كان يحرم طلاق من اختارته، فيه خلاف، ودليل التحريم قوله تعالى: {لَا يَحِلُّ لَكَ النِّسَاءُ مِنْ بَعْدُ وَلَا أَنْ تَبَدَّلَ بِهِنَّ مِنْ أَزْوَاجٍ}. (8) سورة الأحزاب الآية 52. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 510 من الدليل على النسخ (1)، قول عائشة - رضي الله عنها - (ما مات رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، حتى أحل له النساء) (2)، وقوله: {يَاأَيُّهَا النَّبِيُّ إِنَّا أَحْلَلْنَا لَكَ أَزْوَاجَكَ اللَّاتِي آتَيْتَ أُجُورَهُنَّ} (3) ناسخ لذلك، ولكن في التي هاجرت (4) معه (5) والله أعلم. ثم قال الأصحاب: وإن أبيح له التبدل بهن، فإنه لم يتبدل بهن (6)، والله أعلم. أبيح له - صلى الله عليه وسلم - الغنائم، ولم تحل لغيره من الأنبياء (7) - صلى الله عليه وسلم -.   (1) قال في الوسيط 3/ ق 2/ أ "ومذهب الشافعي - رحمه الله - أنه حرم عليه الزيادة عليهن ثم نسخ ذلك". (2) رواه الترمذي 5/ 232 في كتاب التفسير، باب ومن سورة الأحزاب، والنسائي 6/ 56 في كتاب النكاح باب ما افترض الله عز وجل على رسوله - صلى الله عليه وسلم -، وحرمه على خلقه، وفي الكبرى 6/ 434 في التفسير باب قوله تعالى: {لَا يَحِلُّ لَكَ النِّسَاءُ مِنْ بَعْدُ} وابن حبان (الإحسان 4/ 281) والحاكم 2/ 474، والبيهقي في الكبرى 7/ 86، والمعرفة 10/ 12 من طرق عن ابن جريج عن عطاء عن عبيد بن عمير قال: قالت عائشة فذكر. قال الترمذي: هذا حديث حسن، وقال الحاكم: هذا حديث صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه ووافقه الذهبي. (3) سورة الأحزاب الآية 50. (4) في (أ) (اللاتي هاجرن). (5) هذا وجه، والثاني: أظهرهما عند الماوردي: أن الإباحة عامة في جميع النساء, لأنه تزوج بعدها صفية، وليست من اللاتي هاجرن معه. انظر: الحاوي 9/ 14 - 15. (6) انظر: البسيط 4/ ق 3/ أ. (7) انظر التلخيص ص 477، السنن الكبرى 7/ 93 - 94، التتمة 7/ ق 181/ أ. الروضة /351. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 511 في صدقة التطوع قول للشافعي (1) - رحمه الله - خفي على المصنف، وشيخه، أنها لم تحرم عليه، وإنما كان يترفع (2) عنها، حكاه الشيخان أبو حامد إمام العراقيين، والقفال إمام الخراسانيين (3). ثبت أن أبا أيوب الأنصاري (4) صنع لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - طعاماً فيه ثوم، فرده ولم يأكل منه، فقال له: (أحرام هو؟ قال: لا ولكني أكرهه، قال (5): فإني أكره ما كرهت) أخرجه مسلم في صحيحه (6) وهذا يبطل وجه التحريم (7)، والله أعلم. قول المصنف "بالفيء، المأخوذ على سبيل القهر والغلبة" (8) عبارة غير مرضية، في عرف الفقهاء؛ لأن هذا صفة الغنيمة كما ذكره المصنف في بابها (9)، وأما الفيء في عرفهم، فغير متقيد بهذه الصفة، إذ منه مال من لا وارث له من أهل الذمة (10). والله أعلم.   (1) في (د) (الشافعي). (2) في (أ) (يتوقع). وبها نهاية 2/ ق 67/ أ. (3) لم أقف عليه عند غير المصنف. (4) ساقط من (أ) وهو خالد بن زيد بن كليب بن ثعلبة أبو أيوب الأنصاري الخزرجي شهد العقبة وبدراً وما بعدها من المشاهد ونزل عليه النبي - صلى الله عليه وسلم - لما قدم المدينة، ولزم الجهاد بعد النبي - صلى الله عليه وسلم - حتى مات في غزوة القسطنطينية سنة 52 هـ في قول الجمهور - رضي الله عنه -. انظر: الاستيعاب 1/ 403 - 404، تهذيب الأسماء واللغات 2/ 177 الإصابة 1/ 405. (5) في (أ) (فقال). (6) 14/ 9 - 11 مع النووي في كتاب الأشربة، باب إباحة أكل الثوم من حديث أبي أيوب. (7) والوجه الثاني: أنه مكروه له - صلى الله عليه وسلم - وصححه النووي وغيره. انظر: التلخيص ص 472، الوجيز 2/ 1، الروضة 5/ 348، الغاية القصوى 2/ 718، نهاية المحتاج 6/ 178. (8) الوسيط 3/ ق 2/ ب. (9) الوسيط 2/ ق 226/ أوانظر أيضاً: الزاهر ص182، الروضة 5/ 327، الغاية القصوى 2/ 929. (10) ومنه أيضاً: مال المرتد إذا قتل أو مات، والجزية وعشر التجار. انظر: الزاهر ص 182، الروضة 5/ 316، الغاية القصوى 2/ 965، مغني المحتاج 3/ 92 - 93. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 512 وقوله "بمعاذ" (1) هو بفتح الميم، أي بمَلْجَاءٍ ومستجار (2). وقوله "فعلمتها نساؤه" زيادة لم أجد لها أصلاً ثابتاً، وحديث المستعيذة ثابت في صحيح البخاري، وغيره (3)، بدون هذه الزيادة البعيدة، وقد رواها محمد بن سعد (4) في "طبقاته" (5) لكن بإسناد ضعيف.   (1) الوسيط 3/ ق 2/ ب ولفظه (ونكح - صلى الله عليه وسلم -، امرأةً فعلمها نساؤه، أن تقول: عند لقائه أعوذ بالله منك، وقلن هذه كلمة تعجبه فقالت: ذلك لما دخل عليها فقال: لقد استعذت بمعاذ، الحقي بأهلك). (2) انظر: النهاية في غريب الحديث 3/ 318. (3) البخاري 9/ 268 مع الفتح في كتاب الطلاق، باب من طلق وهل يواجه الرجل امرأته بالطلاق، والنسائي 6/ 461 في كتاب الطلاق، باب مواجهة الرجل المرأة بالطلاق، ابن ماجة 1/ 661 في كتاب الطلاق، باب ما يقع به الطلاق من الكلام. وابن الجارود في المنتقى ص (184) والدارقطني 4/ 29، والبيهقي في الكبرى 7/ 61 - 62 كلهم من طريق الأوزاعي قال: سألت الزهري أي أزواج النبي - صلى الله عليه وسلم - استعاذت منه فقال: أخبرني عروة عن عائشة - رضي الله عنها - إن ابنة الجون لما أدخلت علي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ودنا منها، قالت: أعوذ بالله منك، فقال لها: (لقد عذت بعظيم الحقي بأهلك). (4) هو محمد بن سعد بن منيع أبو عبد الله الهاشمي البصري، المعروف بابن سعد وبكاتب الواقدي كان كثير العلم والكتب، ومن أشهر مصنفاته الطبقات الكبرى والصغرى، مات سنة 230 هـ. انظر: وفيات الأعيان 4/ 351، تذكرة الحفاظ 2/ 425، التقريب ص 480، طبقات الحفاظ ص 186 هدية العارفين 2/ 11. (5) الكبرى 8/ 144 - 146، كما رواها أيضاً الحاكم 4/ 49 كلاهما من طريق الواقدي وهو معروف بالضعف، كما قال الحافظ بن الحجر في التلخيص 3/ 132، وقال الذهبي في رواية الحاكم، (إسناده واهٍ) وضعفها أيضاً النووي في تهذيب الأسماء واللغات 2/ 382. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 513 واسم المستعيذة، أسماء بنت النعمان الجونية (1)، وقيل: فيه غير ذلك (2) قال المصنف: "وقيل: إنهم لم يشاركوه في تحريم الصدقة" (3)، فأورد هذا إيراد وجه ضعيف، أو غريب، وليس كذلك، فإنه هو المشهور الصحيح (4). والله أعلم. قال: "ونحن لا نرى الخوض في أدلة ذلك" (5). قلت، قال: شيخه (6) إن المحققين كرهوا الخوض في المسائل (7) التي اختلف (8) فيها الأصحاب من خصائص رسول الله - صلى الله عليه وسلم -.   (1) انظر طبقات الطبقات الكبرى 8/ 144 - 146 تهذيب الأسماء واللغات 2/ 372، الإصابة 4/ 233. (2) وذهب البيهقي وابن منده والنووي إلى أن الصحيح أنها أميمة بنت النعمان بن شرحبيل الجونية، انظر: المصادر السابقة، التلخيص 3/ 132. (3) الوسيط 3/ ق 2/ ب، وتمام لفظه ( ... بل في الزكاة فقط). (4) قال البغوي - رحمة الله -: لم يختلف المسلمون في أن الصدقة المفروضة كانت محرمة على رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وكذلك على بني هاشم على قول أكثر العلماء، وأما صدقة التطوع فكان مباحاً لآل رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، كان لا يأخذها تنزيهاً، روى عن جعفر بن محمد عن أبيه أنه كان يشرب من سقايات بين مكة والمدينة، قيل له: تشرب من الصدقة؟ فقال: إنما حرمت علينا الصدقة المفروضة. انظر: شرح السنة 3/ 381، التلخيص ص 467، السنن الكبرى 7/ 51 وما بعدها، المهذب 1/ 238، المجموع 6/ 237، الروضة 2/ 303، و5/ 348. (5) الوسيط 3/ ق 2/ ب. (6) لم أقف على هذا الكلام في نسخة نهاية المطلب التي وثقت منها المسائل الأخرى. (7) في (د) (مسائل) بدون ألف ولام. (8) في (د) (اختلفت). الجزء: 3 ¦ الصفحة: 514 قلت (1): وحكى الصَّيْمَري (2) عن أبي علي بن خيران أنه منع من الكلام في خصائص رسول الله (3) - صلى الله عليه وسلم -، في أحكام النكاح، وكذا في الإمامة (4). ووجهه: أن ذلك قد انقضى فلا عمل يتعلق به، وليس فيه من دقيق العلم، ما يقع به التدريب، فلا وجه لتضييع الزمان برجم الظنون فيه، وهذا غريب مليح (5) والله أعلم. "صفيه (6) المغنم" (7) وصفيُّ المغنم ما يصطفيه الرئيس من الغنيمة لنفسه قبل القسمة، أي يختاره (8).   (1) ساقط من (أ). (2) هو عبد الواحد بن الحسين أبو القاسم الصَّيْمَري أحد أئمة الشافعية ومن أصحاب الوجوه وله المصنفات الكثيرة منها الإيضاح في المذهب، الكفاية، والإرشاد، قال الذهبي عقب ترجمة أبي عبد الله الحاكم أنه مات سنة 405 هـ. انظر: طبقات الفقهاء للشيرازي ص 132، وتهذيب الأسماء واللغات 2/ 265، وسير أعلام النبلاء 17/ 14 - 15، 177، طبقات ابن قاضي شهبة 1/ 184 وما بعدها، طبقات ابن هداية الله ص 223 وما بعدها. (3) نهاية 2/ ق 67/ ب. (4) انظر: حكاية الصيمري عن ابن خيران في الروضة 5/ 362. (5) وقال الرافعي: "وقال سائر أصحابنا لا بأس به، وهو الصحيح لما فيه من زيادة العلم ... ثم قال: والصواب الجزم بجواز ذلك، بل باستحبابه، ولو قيل بوجوبه لم يكن بعيداً, لأنه ربما رأى جاهل بعض الخصائص ثابتة في الحديث الصحيح فعمل به أخذاً بأصل التأسي، فوجب بيانها لتعرف فلا يعمل بها، وأي فائدة أهم من هذه"؟! الروضة 5/ 362. (6) في (د) (صفة). (7) الوسيط 3/ ق 2/ ب/ ولفظه "وأما المباحات والتخفيفات:، فقد أبيح له الوصال في الصوم وصفية المغنم والإستبداد بخمس الخمس ... إلخ". (8) انظر: الصحاح 6/ 2401 وما بعدها، المصباح المنير ص 344. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 515 قوله: "الاستبداد بخمس الخمس"، ينبغي أن يضاف إليه، وأربعة أخماس الفيء (1). والاستبداد، معناه: الانفراد أي ينفرد بذلك (2) ويشارك الغانمين، فيستحق سهماً من الغنيمة كسهم أحدهم، والله أعلم. خائنة الأعين، وإظهار ما يخالف الإضمار (3) مذكور في جملة المحرمات عليه - صلى الله عليه وسلم -، ومن الحجة في ذلك ما رويناه في السنن للبيهقي (4) بإسناده في قصة ابن أبي السرح (5) حتى أحضر يوم الفتح بين يدي رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، أنه لما أنكر على   (1) انظر: التلخيص ص 477، الروضة 5/ 351، الغاية القصوى 2/ 719، الخصائص الكبرى 3/ 287. (2) انظر: الصحاح 2/ 444، المصباح المنير ص 38. (3) انظر الوسيط 3/ ق 2/ ب. (4) 9/ 63 وكما رواه أبو داود 3/ 133 في كتاب الجهاد، باب قتل الأسير ولا يُعرَضُ عليه الإسلام و4/ 527 في كتاب الحدود، باب الحكم فيمن ارتد، والنسائي 7/ 122 في كتاب تحريم الدم باب الحكم في المرتد، والحاكم 3/ 48 من طرق عن أحمد بن المفضل ثنا أسباط ابن نصر المهدي قال زعم السدي عن مصعب بن سعد عن أبيه قال: لما كان يوم الفتح من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على الناس إلا أربعة .... فذكره. قال الحاكم: هذا حديث صحيح على شرط مسلم ولم يخرجاه ووافقه الذهبي، وصححه أيضاً الحافظ ابن حجر في التلخيص 3/ 130 وما بعدها، والألباني في صحيح سنن أبي داود 2/ 510 برقم (2334) وصحيح سنن النسائي 3/ 852 وما بعدها برقم (3791). (5) وهو عبد الله بن سعد بن أبي سرح بن الحارث أبو يحيى القرشي العامري أسلم قبل الفتح وهاجر وكان يكتب الوحي لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - ثم ارتد ثم أسلم يوم الفتح فحسن إسلامه، شهد فتح مصر وله مواقف محمودة في الفتوح وأمّره عثمان - رضي الله عنه - على مصر، وسكن عسقلان ومات بها سنة 36 هـ وقيل غير ذلك. انظر: الاستيعاب 2/ 375 وما بعدها، الإصابة 2/ 316 وما بعدها. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 516 أصحابه إمساكهم عن المبادرة بقتله، قالوا: هلا أومأت (1) إلينا بعينك، قال: (إنه لا ينبغي أن تكون لنبيًّ خائنةُ الأعين). فقيل: في تفسيرها ها هنا، هي الإيماء بالعين. وقيل: هي مسارقة النظر (2). ولم يوفق المصنف - رحمه الله - في شذوذه عن الأصحاب، ومخالفته الأصحاب (3) فيما ذكره في خصيصة إيجاب الطلاق على زوج من وقع عليها بصره - صلى الله عليه وسلم -، من النساء، ووقعت في نفسه, لأن حاصل ما ذكره أنه لم يكتف في حقه - صلى الله عليه وسلم - بالنهي، والتحريم زاجراً عن مسارقة النظر، وحاملاً له على غض البصر عن نساء غيره، حتى (4) شدد عليه بتكليف لو كلف به غيره، لما فتحوا أعينهم حتى في الطرقات (5) ومن تأمل هذا لم يخف عليه أنه (6) غير لائق بمنزلته الرفيعة - صلى الله عليه وسلم -، وزعم أن هذا الحكم في حقه في غاية التشديد، والله سبحانه وتعالى يقول: (في ذلك) (7) {مَا كَانَ عَلَى النَّبِيِّ مِنْ حَرَجٍ فِيمَا فَرَضَ اللَّهُ لَهُ} (8).   (1) في (د) (أهات) وهو تحريف. (2) انظر: معالم السنن 3/ 133، النهاية في غريب الحديث 2/ 89. (3) في (أ) (الفقهاء). (4) نهاية 2/ ق 68/ أ. (5) انظر الوسيط 3/ ق 2/ ب. (6) ساقط من (د). (7) ما بين القوسين ساقط من (د). (8) سورة الأحزاب الآية 38. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 517 وأما ما حكاه عن عائشة - رضي الله عنها - فإنما ذلك لأمر آخر خارج عن هذا الحكم، وهو إظهار ما دار بينه، وبين زيد (1) مولاه وعتابه عليه، إذ الوارد في الرواية الصحيحة عن عائشة، أنها قالت: لو كان النبي - صلى الله عليه وسلم -، كاتماً من الوحي لكتم هذه الآية {وَإِذْ تَقُولُ لِلَّذِي أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَأَنْعَمْتَ عَلَيْهِ} الآية (2). والله أعلم. اختلف الأصحاب، في أن المنكوحات في حقه - صلى الله عليه وسلم -، هل كنَّ بمنزلة السراري في حقنا؟ فمن جعلهنَّ كالسراري قال (3): كان ينعقد نكاحه بغير وليٍّ ولا (4) شهود، وفي حالة الإحرام، وبلفظ الهبة من الجانبين، ولا ينحصر عددهن في مبلغ، ولا يجب عليه القسم بينهنَّ (5). والله أعلم. أزواج النبي - صلى الله عليه وسلم -، أمهات المؤمنين في التحريم، والتكريم، ولا يتعدى ذلك إلى باقي أحكام الأمومة، وأثارها، من (6) تجويز الخلوة، والنظر،   (1) هو زيد بن حارثة بن شراحيل بن كعب، أبو أسامة الكلبي الهاشمي مولاهم، مولى رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وحبه من أول الناس إسلاماً وهاجر مع النبي - صلى الله عليه وسلم - إلى المدينة وشهد بدراً وما بعدها من المشاهد واستشهد في غزوة مؤتة سنة 8 هـ, - رضي الله عنه - انظر: تهذيب الأسماء واللغات 1/ 202، الإصابة 1/ 565 وما بعدها، التقريب ص 222. (2) سورة الأحزاب الآية 37، والحديث رواه مسلم 3/ 10 مع النووي في كتاب الإيمان, باب معنى قول الله تعالى: {وَلَقَدْ رَآهُ نَزْلَةً أُخْرَى} من حديثها. ورواه البخاري 3/ 415 مع الفتح في كتاب التوحيد باب: {وَكَانَ عَرْشُهُ عَلَى الْمَاءِ} وهو رب العرش العظيم، من حديث أنس بن مالك - رضي الله عنه -. (3) في (د) (وإن) بدل (قال) وهو تحريف. (4) ساقط من (أ). (5) انظر: التلخيص ص 474 - 477، اللباب ص 300، الحاوي 9/ 22 - 25، الروضة 5/ 354. الخصائص الكبرى 3/ 298 - 299، 302 - 303. (6) في (د) (في). الجزء: 3 ¦ الصفحة: 518 ومن كون إخوتهنَّ، وأخواتهنَّ، وبنيهنَّ وبناتهنَّ، أخوالاً وخالات، وإخوة وأخواتٍ للمؤمنين (1). وهذا أولى من عبارة المصنف (2) عن ذلك. والله أعلم. قول (3) من قال: بتحريم مطلقاته مطلقاً (4)، وهو ظاهر نص الشافعي (5) وهو أشبه بظاهر القرآن، فإن قوله تعالى: {وَأَزْوَاجُهُ أُمَّهَاتُهُمْ} (6) يعمهنّ (7)، وقيل: إن وجه التفصيل أصح (8)، والله أعلم. "روى أنه - صلى الله عليه وسلم - أعتق صفية (9) وجعل عتقها صداقها" (10).   (1) انظر: الحاوي 9/ 19، والروضة 5/ 356، نهاية المحتاج 6/ 179. الخصائص الكبرى 3/ 315. (2) انظر: الوسيط 3/ ق 3/ أ. (3) في (د) (قوله): وهو يوهم أن ما بعده نص عبارة الوسيط وليس كذلك بل عبارة الوسيط 3/ ق 3/ أ "وفي تحريم مطلقاته على غيره ثلاثة أوجه: أعدلها أنها إن كانت مدخولاً بها حرم لما روي أن الأشعث بن قيس نكح المستعيذة ... إلخ". (4) انظر: الحاوي 9/ 20، الروضة 5/ 355، نهاية المحتاج 6/ 179، الخصائص الكبرى 3/ 145. (5) انظر: الأم 5/ 207، أحكام القرآن 1/ 161 وما بعدها. (6) سورة الأحزاب الآية: 37. (7) في (د) (يعمهم). (8) انظر: الحاوي: 9/ 20، الروضة: 5/ 355، نهاية المحتاج: 6/ 179، الخصائص الكبرى: 3/ 145. (9) نهاية 2/ ق 68/ ب. (10) الوسيط 3/ ق 3/ أوتمام لفظه "وفيه خاصية له بالاتفاق، ومنهم من قال: خاصيته أن قيمتها كانت مجهولة، والصداق لا يجوز لغيره، وقيل: إنه وجب عليها الوفاء بالنكاح بعد الإعتاق ولا يجب على غيرها إذا أعتقت بشرط النكاح الإجابة". الجزء: 3 ¦ الصفحة: 519 هذا لفظ الحديث، وهو ثابت في الصحيحين (1) من رواية أنس - رضي الله عنه -، وفي خاصيته - صلى الله عليه وسلم - في ذلك وجه ثالث، لم يذكره المؤلف، وهو أصح، وأقرب إلى لفظ الحديث، وهو ما حكى عن أبي إسحاق (2) وقطع به البيهقي (3) أن خاصيته في ذلك، أنه تزوجها ولم يجعل لها مهراً أصلاً. (4) قال البيهقي: أعتقها مطلقاً. قلت: فيكون معنى قوله "وجعل عتقها صداقها" أنه لم يجعل لها شيئاً غير العتق، فحل محل الصداق، وإن لم يكن صداقاً، وهو من قبيل قولهم: "الجوع زاد من لا زاد له" وهو متجه. وأما الوجهان الآخران، فبعيدان من لفظ الحديث جداً. وقوله في الوجه الأول "أن قيمتها كانت مجهولة" معناه أنه أعتقها بشرط أن تتزوج به (5)، فوجب له عليها قيمتها ثم تزوجها (6) بها، فهيَ (7) غير معلومةٍ.   (1) البخاري في مواضع كثيرة منها: 1/ 572 مع الفتح في كتاب الصلاة، باب ما يذكر في الفخذ، 2/ 557 في كتاب الخوف، باب التكبير والغلس بالصبح والصلاة عند الإغارة والحرب، و9/ 32، 132، 138 في كتاب النكاح، باب من جعل عتق الأمة صداقها، وباب البناء في السفر، باب الوليمة ولو بشاة. ومسلم 9/ 218 - 226 مع النووي في كتاب النكاح، باب فضيلة إعتاقه أمته ثم يتزوجها. (2) لم أقف عليه عند غير المصنف. (3) انظر: السنن الكبرى 7/ 208، باب من يعتق أمته ثم يتزوج بها. (4) انظر: الروضة: 5/ 355، فتح الباري 9/ 32. (5) ساقط من (د). (6) في (د) (تزوجا). (7) في (أ) (وهي). الجزء: 3 ¦ الصفحة: 520 ويخرج من هذا، أن ما ادعاه أولاً من الاتفاق على أن فيه خاصية له - صلى الله عليه وسلم - ليس على ما قاله, لأن لنا وجهاً حكاه هو فيما بعد، وغيره أنه يجوز لغيره أن يتزوجها كذلك (1) إلا أن يكون القائل بذلك هنالك (2) غير (3) القائل به ها هنا (4)، والله أعلم. حديث (يا معشر الشباب) (5) ثابت في الصحيحين (6) من رواية ابن مسعود ولفظه الأشهر (من استطاع منكم الباءة فليتزوج) يقال فيه (الباه) بالها غير ممدود والباءة (7) بالتاء ممدوداً، وهو في اللغة، الجماع (8) وجعل (9) صاحب "البيان" (10) وبعض من تقدمه من الفقهاء، ها هنا   (1) قال السيوطي: وهو المختار عندي وهو مذهب أحمد وإسحاق. انظر: الحاوي 9/ 85 وما بعدها، الخصائص الكبرى 3/ 305. (2) في (أ) (هناك) (3) في (د) (عن). (4) ساقط من (د). (5) الوسيط 3/ ق 3/ أ. (6) البخاري 4/ 142 مع الفتح في كتاب الصوم، باب الصوم لمن خاف على نفسه العُزبة و9/ 8، 14، في كتاب النكاح، باب قول النبي - صلى الله عليه وسلم -: (من استطاع الباءة فليتزوج) وباب من لم يستطع الباء فليصم. ومسلم 9/ 172 - 175 في كتاب النكاح، باب استحباب النكاح لمن تاقت نفسه إليه ووجد مؤنة. (7) ساقط من (أ). (8) انظر: الصحاح 6/ 2228، شرح مسلم 9/ 173، المصباح المنير ص 66 وما بعدها. (9) كذا في النسختين, ولعل الصواب (وجعله). والله أعلم. (10) هو يحيى بن سالم بن أسعد بن يحيى أبو الخير العمراني اليماني شيخ الشافعية باليمن، كان إماما، زاهداً، ورعاً، عالماً بالفقه وأصوله، حافظاً للمهذب، عن ظهر قلب. ومن مؤلفاته "البيان، والزائد، وغرائب الوسيط". مات باليمن سنة 558 هـ انظر طبقات السبكي 4/ 324. البداية وطبقات ابن قاضي شهبة 1/ 327، طبقات ابن هداية الله ص 257، هدية العارفين 6/ 520. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 521 عبارة عن المهر، والنفقة (1)، وحملها (2) على ذلك قوله: (ومن لم يستطع فعليه بالصوم) لأنه لو أريد به (3) الجماع، لصار تقديره "ومن لم يستطع الجماع فعليه بالصوم ومن لا يقدر (4) على الجماع فلا حاجة به إلى قطعه بذلك. قلت: وهذا فاسد؛ لأنه ليس معناه، من لم يستطع الجماع لعجزه عن نفس الجماع، بل معناه ومن لم يستطع الجماع لعجزه عن الطريق الموصل إليه، وهو المهر، والنفقة، فاعلم، والله أعلم. وشبه (5) الصوم بالوِجاء الذي هو رضَّ خصيتي الفحل لقطع غائلة فحولته (6). والله أعلم. (7) قوله: (من تزوج فقد أحرز ثلثي دينه، فليتق الله في الثلث الباقي) (8)، رواه في الإحياء (9) (من تزوج فقد أحرز شطر دينه فليتق الله في الشطر   (1) انظر: شرح صحيح مسلم 9/ 173، فتح الباري 9/ 10. (2) كذا في النسختين ولعل الصواب (حملوها). (3) ساقط من (د). (4) نهاية 2/ ق 69/ أ. (5) في (أ) زيادة (الواو) والصواب حذفها. (6) انظر: الصحاح 1/ 80، المصباح المنير ص 650. (7) في (د) زيادة (الواو). (8) الوسيط 3/ ق 3/ أ. (9) 2/ 36. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 522 الثاني) وكلا الحديثين لم نجد له ثبوتاً (1).   (1) رواه ابن الجوزي في "العلل المتناهية في الأحاديث الواهية" 2/ 122، من حديث أنس ابن مالك مرفوعاً إلا أنه قال: (نصف) بدل (شطر) و (الباقي) بدل (الثاني) ثم قال ابن الجوزي: هذا حديث لا يصح، وفيه آفات منها: يزيد الرَّقاشي، قال أحمد: لا يكتب عنه شيء كان منكر الحديث، وقال: النسائي متروك ... إلخ. ورواه الطبراني في الأوسط 8/ 315، 9/ 367 من طريق آخر عنه بلفظ (من تزوج فقد استكمل نصف الإيمان, فليتق الله في النصف الباقي)، وأورده الهيثمي في المجمع 4/ 252 وقال: فيه يزيد الرَّقاشي وجابر الجعفي وكلاهما ضعيف وقد وثقا، وكما أورده السيوطي في الجامع الصغير 2/ 167 ورمز له بالضعف. وافقه المناوي في فيض القدير 6/ 103، وخالفهم الألباني حيث أورده في صحيح الجامع الصغير وزيادته 2/ 1059 برقم (6148) وقال: حسن وأحال على الصحيحة برقم (625) والله أعلم. ورواه الحاكم 2/ 175، من طريق آخر عنه بلفظ (من رزقه الله امرأةً صالحةً فقد أعانه على شطر دينه، فليتق الله في الشطر الباقي). وقال: هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه، ووافقه الذهبي، لكن المناوي ذكر في فيض القدير 6/ 137 بأن الذهبي تعقبه وقال: إن زهيراً وثق لكن له مناكير، أهـ ونقل المنذري في الترغيب 2/ 662، تصحيح الحاكم إياه وأقره عليه وأورده السيوطي في الجامع الصغير 2/ 171، ورمز له بالصحة. وخالفهم ابن حجر في التلخيص 3/ 117 وقال: إسناده ضعيف. والألباني حيث أورده في ضعيف الجامع الصغير وزيادته ص 807 برقم (5599) وقال: ضعيف، وأحال على "الضعيفة" بدون رقم. والله أعلم. ورواه أبو يعلى في المسند: 7/ 310، وابن عدي في الكامل 5/ 1920، والخطيب البغدادي في "التلخيص" كما في تذكرة الأحبار ق 191/ أ. والموضح 2/ 84 من طريق آخر بلفظ (من تزوج فقد أعطى نصف العبادة) وقال: الهيثمي في المجمع 4/ 252 وابن الملقن في تذكرة الأحبار: فيه عبد الرحيم بن زيد العميِّ وهو متروك، وبه ضعفه ابن حجر في التلخيص 3/ 177. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 523 وفسر هو في "الإحياء" (1) الثاني، بأن المفسد لدين المرأ في الأغلب فرجه، وبطنه، فإذا تزوج فقد أحرز (شطر دينه، لإحرازه إياه من إحدى الجهتين. قلت: بل الوجه أن يجعل إحراز أحد) (2) الشطرين بإحراز الفرج والآخر بإحراز اللسان نظراً إلى ما ثبت من حديث أبي هريرة - رضي الله عنه - أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، قال: (من حفظ ما بين لحييه، وما بين رجليه دخل الجنة) (3) وأما قوله "فقد أحرز ثلثي دينه" فيحمل (4) على أنه جعل للفرج أكثر ما (5) لقسيمه الذي يقابله؛ لأن المعصية به أفحش، وعقوبتها أغلظ، وحكى إمام الحرمين (6) أن الثلث الباقي هو أكل الحلال، وهذا مثل ما ذكره تلميذه الغزالي، في الحديث الآخر، وهو على ما اخترته وقررته، وهو حفظ اللسان. والله أعلم.   (1) 2/ 37. (2) ما بين القوسين ساقط من (د). (3) رواه الحاكم 4/ 397 من طريق أبي واقد عن إسحاق مولى زائدة عن محمد بن عبد الرحمن ابن ثوبان عن أبي هريرة به. قال الحاكم: صحيح الإسناد. ووافقه الذهبي. ورواه هو والترمذي 4/ 524، في كتاب الزهد، باب ما جاء في حفظ اللسان، من طريق أخر بلفظ (من وقاه الله شر ما بين لحييه، وشر ما بين رجليه دخل الجنة). وقال الترمذي: هذا حديث حسن غريب، ووافقه السيوطي في الجامع الصغير 2/ 545، والألباني في صحيح الجامع الصغير وزيادته 2/ 1121، برقم (6593) وصحيح الترمذي 2/ 287، برقم (1964). (4) في (أ) (فنحمله). (5) في (أ) (مما). (6) انظر: نهاية المطلب ق 2/ ص 194. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 524 روى الشافعي - رحمه الله - في القديم (1) بإسناده أن عمر - رضي الله عنه - قال (لأبي الزوائد (2): ما يمنعك من النكاح، إلا عَجْزٌ، أو فُجورٌ). فقول المصنف " [لن] (3) يمنع من النكاح" (4) بحذف كاف الخطاب غير معروف وبينهما تفاوت معروف، والله أعلم. ما ذكره عن معاذ (5) - رضي الله عنه -، يوضحه ما روى عنه أنه توفيت زوجتاه (6) بالطاعون فقال: (وقد (7) ابتدأ به الطاعون، زوجوني (8) حتى لا   (1) كما في المعرفة للبيهقي 10/ 21، ورواه أيضاً عبد الرزاق في المصنف 6/ 170، وسعيد بن منصور في سننه 3/ 1/ 164 وابن أبي شيبة في المصنف 4/ 127، وابن حزم في المحلي 9/ 440 كلهم من طريق سفيان بن عيينة عن إبراهيم بن ميسرة قال: قال لي طاؤس: لتنكحن أو لأقولنّ لك ما قال عمر لأبي الزوائد. فذكره. قال: ابن حجر في الإصابة 3/ 78، إسناده صحيح. (2) هو اليماني ذكره غير واحد في الكنى من الصحابة، حضر حجة الوداع مع النبي - صلى الله عليه وسلم - وقيل: إن أبا الزوائد هو ذو الزوائد الجهني وصححه ابن الأثير، انظر: أسد الغابة 6/ 123، الإصابة 1/ 486، 4/ 78. (3) في (د) (أن) وفي (أ) (لمن) والمثبت من الوسيط. (4) الوسيط 3/ ق 3/ أ. (5) هو معاذ بن جبل بن عمرو بن أوس أبو عبد الرحمن الأنصاري الخزرجي من أعيان الصحابة شهد بدراً وما بعدها من المشاهد، وكان إليه المنتهى في العلم بالأحكام، والقرآن، وأمرّه النبي - صلى الله عليه وسلم - على جزء من اليمن، ومناقبه كثيرة جداً. مات بالشام في الطاعون سنة 18 هـ على المشهور. انظر: الاستيعاب 3/ 355، تهذيب الأسماء واللغات 2/ 98 - 100، الإصابة 3/ 426 - 427. (6) في (أ) (زوجته). (7) نهاية 2/ ق 69/ ب. (8) في (د) (زوجن)، كذا. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 525 ألقى الله عزباً) (1). "ربع العادات من الإحياء" (2) هو بفتح العين جمع عادة، أي (المعتادات) (3). واختصار ما أحال عليه هنالك، أن النكاح فيه فوائد وآفات، ففوائده محصورة في خمس: وهو النسل، والتحصن بكسر (4) الشهوة، وتدبير أمر المنزل مع الاعتضاد بعشيرتها (5)، وترويح القلب بالمعاشرة، والمحادثة (6) وأشباه ذلك، ومجاهدة النفس، ورياضتها برعاية الأهل، والقيام بهنَّ (7). وآفاته ثلاثة (8): التخليط في الاكتساب بسبب العجز عن كسب الحلال، والقصور [عن] (9) القيام بحقوقهنَّ، واحتمال اختلافهنَّ (10) والاشتغال عن الله تعالى بهنَّ، وبأولادهنَّ (11). وعند هذا فلينظر، فمن (12) وجدت في حقه هذه الفوائد كلها، أو بعضها، وانتفت عنه الآفات كلها فلا شك أن النكاح له أفضل.   (1) رواه ابن أبي شيبة في المصنف 4/ 127. (2) الوسيط 3/ ق 3/ أ، ولفظه. " ... ولذلك تفصيل وغَوْر استقصيناه في كتاب النكاح من ربع العادات من كتاب "إحياء علوم الدين" فليطب منه". (3) ما بين القوسين مطموس في (د). (4) في (د) (لكسر). (5) في (أ) (عشرتها). (6) في (د) (بالمحادثة والمعاشرة). (7) انظر: الإحياء 2/ 40 - 51. (8) في (د) (ثلاث). (9) في النسختين (على) والمثبت من "الإحياء" الذي نقل منه المصنف هذا الفصل. (10) في (أ) (أخلاقهنَّ). (11) انظر: الإحياء 2/ 53 - 55. (12) في (د) (لمن). الجزء: 3 ¦ الصفحة: 526 ومن انتفت في حقه الفوائد، واجتمعت عليه الآفات، فالعزوبة له أفضل، وإن تقابلت الفوائد، والآفات في حقه على ما هو الغالب وقوعاً، فليزن الأمرين بميزان القسط، فإذا غلب على ظنه رجحان أحدهما، حكم بموجب الراجح. (1) والله أعلم. حديث (تخيّروا لِنُطَفِكُمْ) (2) رويناه في كتاب "السنن الكبير" (3) للبيهقي عن عائشة - رضي الله عنها - وله أسانيد فيها مقال. وأما حديث (وإياكم وخَضْراءَ الدِّمَن) (4) فرواه الواقدي (5) بإسناده عن أبي   (1) انظر: الإحياء 2/ 56. (2) الوسيط 3/ ق 3/ أوتمامه " ... ولا تضعوها في غير الأكفاء". (3) 7/ 215 وكما رواه ابن ماجة 1/ 633، في كتاب النكاح، باب الأكفاء، والدارقطني 3/ 299، والحاكم 2/ 177، من طريق عبد الله بن سعيد الكندي ثنا الحارث بن عمران الجعفري عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة - رضي الله عنها - مرفوعاً به. قال الحاكم: تابعهم عكرمة بن إبراهيم عن هشام بن عروة به، ثم قال: "هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه" وتعقبه الذهبي بقوله: "قلت: الحارث متهم وعكرمة ضعفوه"، قال الحافظ ابن حجر في التلخيص 3/ 146 "ومداره على أناس ضعفاء رووه عن هشام أمثلهم صالح بن موسى الطلحى، والحارث بن عمران الجعفري، وهو حسن". وأورده الألباني في "الصحيحة" 3/ 56 برقم (1067) قال بعد أن أسهب في بيان طرقه وتخريجه "فالحديث بمجموع هذه المتابعات والطرق، صحيح بلا ريب". (4) الوسيط 3/ ق 3/ أوتمامه ( ... وهي المرأة الحسناء في المنبت السوء كذلك فسره عليه الصلاة والسلام). (5) ومن طريقه ابن عدي في الكامل 5/ 126، والدارقطني في "الإفراد" كما في التلخيص 3/ 145، والرامهرمزي في الأمثال ص 126، والعسكري في جمهرة الأمثال 1/ 21، والخطيب في الإيضاح الملتبس كما في "تذكرة الأحبار ق 192/ ب" والتلخيص 2/ 145، والقضاعي في مسند الشهاب 2/ 96 , عن يحيى بن سعيد بن دينارعن أبي وَجْزَة يزيد بن عبيد عن عطاء بن يسار عنه به. قال الدارقطني: تفرد به الواقدي وهو ضعيف وبه ضعفه ابن عدي وغيره، وأورده الشوكاني في الفوائد المجموعة: ص 130، وملا على القاري في الأسرار المرفوعة: ص 55، والألباني في الضعيفة 1/ 69 برقم (14) وقال: ضعيف جداً، والله أعلم. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 527 سعيد الخدري، ويعد في أفراد الواقدي (1)، وهو ضعيف. "وخضراء الدمن" هي الشجرة الخضراء النابتة في مطارح البعر وهي الدِّمن بكسر الدال المهملة، وفتح الميم، واحدتها (2) "دِمْنة" (3) شبه بها المرأة الحسناء ذات النسب الفاسد، مثل أن تكون بنت الزنا. والله أعلم (4). (وحديث جابر) (5) في البكر (6) ثابت في الصحيح (7). ودونه في الثبوت حديث (8) (تزوجوا الوَدُودَ الولودَ) وهو حسن الإسناد رواه أبو داود   (1) هو محمد بن عمر بن واقد الأسلمي الواقدي المدني القاضي صاحب التصانيف، متروك مع سعة علمه مات سنة 207 هـ، انظر: ميزان الاعتدال 3/ 662 - 666، التقريب ص 498. (2) في (د) (واحدها). (3) انظر: النهاية في غريب الحديث 2/ 134، اللسان 13/ 158، المصباح المنير ص 200. (4) نهاية 2/ ق 70/ أ. (5) ما بين القوسين مطموس في (د). (6) انظر: الوسيط 3/ ق 3/ أ. (7) رواه البخاري في مواضع كثيرة منها: 4/ 375 مع الفتح في كتاب البيوع، باب شراء الدواب والحمير, و4/ 566 في كتاب الوكالة، باب إذا وكل رجل رجلاً أن يعطى شيئاً ولم يبين كم يعطى ... و9/ 24، 252، 254، في كتاب النكاح، باب تزويج الثيبات، وباب طلب الولد، وباب تستحدّ المغيبة وتمتشِط الشعثة. ومسلم 1/ 52 - 55 مع النووي في كتاب الرضاع، باب استحباب نكاح البكر. (8) ساقط من (أ). الجزء: 3 ¦ الصفحة: 528 وغيره (1)، من حديث معقل بن يسار (2) - رضي الله عنه -، وفي رواية (فإني مكاثر بكم الأمم يوم القيامة). وأما الحديثان بعده (3)، فلم أجد لهما أصلاً معتمداً. (4) والله أعلم.   (1) أبو داود 2/ 542 في كتاب النكاح، باب النهي عن تزويج من لم يلد من النساء، والنسائي 6/ 65 في كتاب النكاح، باب كراهية تزويج العقيم، والحاكم 2/ 176، والبيهقي 7/ 131 من طرق عن يزيد بن هارون أخبرنا مستلم بن سعيد عن منصور بن زاذان عن معاوية بن قرَّةَ عن معقل بن يسار به. قال الحاكم: هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه. ووافقه الذهبي. وصححه أيضاً الألباني في صحيح سنن النسائي 2/ 680 برقم (3026) وآداب الزفاف ص 60 - 61. ومن حديث أنس بن مالك رواه أحمد 2/ 633، و3/ 132، وابن حبان 9/ 338، والطبراني في الأوسط 6/ 46، والبيهقي 7/ 131، من طرق عن خَلَف بن خليفة عن حفص ابن أخي أنس بن مالك عن أنس بن مالك به إلا أنه قال: (الأنبياء) بدل (الأمم)، وصححه ابن حبان والألباني في الإرواء 6/ 195 - 196. (2) هو معقل به يسار بن عبد الله معبر بن حراق أبو علي، على المشهور المزني البصري صحابي جليل أسلم قبل الحديبية، وشهد بيعة الرضوان ونزل البصرة وبها مات في آخر خلافة معاوية، وقيل عاش إلى إمرة يزيد. انظر: الاستيعاب 3/ 409 - 410، تهذيب الأسماء واللغات 2/ 106، الإصابة 3/ 447، التقريب ص 540. (3) وهما (لحصير في ناحية البيت خير من امرأة لا تلد) و (لا تنكحوا القرابةَ القريبةَ فإن الولد يخلق ضاوياًّ) انظر: الوسيط 3/ ق 3/ أ - ب. (4) قال ابن الملقن في "تذكرة الأحبار ق 193" عن الحديث الأول عقب كلام المصنف هذا "قلت ورأيته موقوفاً في السنن الصحاح لابن السكن عن عمر بن الخطاب أنه تزوج امرأة من بني مخزوم عاقراً فطلقها وقال: لولا الولد ما أردتهنَّ، وما آتى النساء من شهوة: وقال: (حصير في بيت خير من امرأة لا تلد) وفي معناه حديث حرملة بن النعمان: قال: قال: رسول الله - صلى الله عليه وسلم - (امرأة ولود أحب إلى الله من امرأة حسناء لا تلد، إني مكاثر بكم الأمم يوم القيامة) رواه ابن قانع في معجم الصحابة" أهـ. والحديث الثاني: أورده الشوكاني في الفوائد المجموعة ص 121، وقال: قال في المختصر: ليس بمرفوع. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 529 ومن سأل من المتفقهة، وقال: جمع المؤلف بين البكر والولود، فكيف يجتمع الوصفان؟ فهذا هَوش؛ لأن (1) كل خصلة من ذلك ملحوظة (2) على حيالها، والغرض بيان ترجحها على ضدها، فمن تعارض عنده بكر وثيب غير ولود ندبناه إلى البكر، ومن عرض له ثيب (3) ولود، وثيب (4) غير ولود ندبناه إلى ترجيح الولود. والله أعلم. قوله: "ضاوياًّ" بتشديد الياء (5) ودليله يشعر بأن ذات القرابة غير القريبة، في معنى الأجنبية، والأمر على ذلك، بل هي أولى من الأجنبية، والله أعلم. ترك المؤلف - رحمه الله - أعلى المندوبات في ذلك: وهو ارتياد (6) ذات الدين، ثبت عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: (تنكح المرأة (7) لأربع: لمالها, ولحسبها ولجمالها, ولدينها، فاظفر بذات الدين تربت يداك) (8) وثبت أنه - صلى الله عليه وسلم - قال: (الدنيا متاع، وخير متاع الدنيا المرأة الصالحة) (9).   (1) ساقط من (د). (2) في (د) (محلوظة)، كذا وهو تحريف. (3) في (د) (بنت)، وهو تحريف. (4) في (د) (بنت)، وهو تحريف. (5) أي ضعيفاً نحيفاً، انظر: النهاية في غريب الحديث 3/ 106، المصباح المنير ص 366. (6) في (د) (ساد) كذا، وارتياد، هو الطلب والاختيار. انظر: مختار الصحاح ص 230، المصباح المنير ص 245 .. (7) في (د) (النساء). (8) رواه البخاري 9/ 35، مع الفتح في كتاب النكاح، باب الأكفاء في الدين، ومسلم 10/ 51 مع النووي في كتاب الرضاع، باب استحباب نكاح ذات الدين من حديث أبى هريرة - رضي الله عنه -. (9) رواه مسلم 10/ 56، مع النووي في كتاب الرضاع، باب خير متاع الدنيا المرأة الصالحة من حديث عبد الله بن عمر - رضي الله عنه -. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 530 ومن المندوبات: أن لا يتزوج إلا ذات عقل (1)، وأن لا يتزوَّج المرأة إلا بعد بلوغها (2)، نصَّ الشافعي (3) - رحمه الله -. ويستحب، أن لا يتزوج إلا من يستحسنها (4). قوله: "يُؤدم بينهما" (5) هو بضم الياء ثم بهمزة ساكنة، ثم دالٍ مهملةٍ مفتوحةٍ، أي يجعل بينهما الُمحَبَّةَ، والاتفاق (6). وهذا الحديث رويناه بأسانيد ثابتة لا بهذا اللفظ العام، بل بخطاب (7) خاص، وأن المغيرة بن شعبة (8) - رضي الله عنه -، أراد أن يتزوج امرأة فقال:   (1) انظر: المهذب 2/ 43، الروضة 5/ 365، مغني المحتاج 3/ 127، نهاية المحتاج 6/ 185. (2) انظر: الروضة 5/ 365، نهاية المحتاج 6/ 185. (3) كذا في النسختين ولعل الصواب (نصّ عليه الشافعي)، وانظر: الأم 5/ 28، والروضة 5/ 365. (4) انظر: المهذب 2/ 44، التهذيب 5/ 232، مغني المحتاج 3/ 127، نهاية المحتاج 6/ 185. (5) الوسيط 3/ ق 3/ ب. (6) انظر: النهاية في غريب الحديث 1/ 32، المصباح المنير ص 9. (7) نهاية 2/ ق 70/ ب. (8) هو المغيرة بن شعبة بن أبي عامر بن مسعود بن معَتَّب أبو عيسى وقيل أبو محمد، وقيل أبو عبد الله الثقفي من أعيان الصحابة أسلم قبل عمرة الحديبية وشهدها وبيعة الرضوان وما بعدها من المشاهد، وولى امرة البصرة ثم الكوفة لعمر بن الخطاب ومناقبه كثيرة مات سنة 50 هـ على الصحيح. انظر: الإستيعاب 3/ 388 - 391، تهذيب الأسماء واللغات 2/ 109 وما بعدها، الإصابة 3/ 452 وما بعدها، التقريب ص 543. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 531 له (1) النبي - صلى الله عليه وسلم -: (انظر إليها فإنه أحرى أن يؤدم بينكما) (2) والله أعلم. ما ذكره، من استحباب هذا النظر، هو قول أكثر أئمتنا (3)، ومنهم من قصره على الإباحة (4)، وهو متجه. والله أعلم.   (1) مطموسة في (د). (2) رواه الترمذي 3/ 397 في كتاب النكاح، باب ما جاء في النظر إلى المخطوبة. والنسائي 6/ 378، في كتاب النكاح, باب إباحة النظر قبل التزويج، وابن ماجة 1/ 500، في كتاب النكاح، باب النظر إلى المرأة إذا أراد أن يتزوجها. وأحمد 4/ 296 و299، والدارمي 2/ 180، وعبد الرزاق في المصنف 6/ 156، وسعيد بن منصور في السنن 3/ 1/ 171، وابن أبي شيبة في المصنف 4/ 355، وابن الجارود في المنتقى ص 170، والطحاوي في شرح معاني الآثار 3/ 14، والدارقطني 3/ 252، والبيهقي في الكبرى 7/ 136، والمعرفة 10/ 22، والبغوي 5/ 14 من طرق عن ثابت وعاصم الأحول كلاهما، عن بكر بن عبد الله المزني عنه. قال الترمذي: هذا حديث حسن، وحسنه أيضاً البغوي، وصححه الألباني في صحيح سنن النسائي 2/ 682 برقم (3034) وصحيح سنن ابن ماجة 1/ 314 ز برقم (1512). ورواه ابن ماجة في الموضع السابق، وابن الجارود في المنتقى ص 170، وابن حبان 9/ 351، والدارقطني 3/ 253، والحاكم 2/ 179، والبيهقي 7/ 136، من طرق عن عبد الرزاق عن معمر عن ثابت عن أنس بن مالك أن المغيرة بن شعبة فذكره. قال الحاكم: هذا حديث صحيح علي شرط الشيخين ولم يخرجاه ووافقه الذهبي، وصححه أيضاً البوصيري في الزوائد ص 267، والألباني في صحيح سنن ابن ماجة 1/ 313 - 314، برقم (1511). (3) وصححه الرافعي. انظر: شرح السنة 5/ 15، الروضة 5/ 365، كفاية الأخيار ص 471، نهاية المحتاج 6/ 186. (4) انظر: المصادر السابقة. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 532 ما ذكره المؤلف في الوسيط (1) والوجيز (2) من أنه يقتصر على النظر إلى الوجه، غير صحيح، والصحيح نقلاً ومعنىً، أنه ينظر إلى الوجه والكفين، نص عليه الشافعي (3) والأصحاب (4). وعلله بعضهم، بأن في الوجه ما يستدل به على الجمال، وفي الكفين ما يستدل به على خصب البدن ونعومته (5). والله أعلم. "ويحرم المس كالنظر" (6) يستفاد منه، أنه لا يجوز للدّلاك في الحمام أن يدلك من تحت الإزار، بل يدلك من فوق الإزار (7). (8) قلت: وقد يحرم المسُّ مع حل النظر كما في وجه المرأة وكفيها عند الخطبة ونحوها. والله أعلم. قوله: في الأمرد (عند خوف الفتنة، "فالوجه الإباحة، إلا في حق من أحسَّ من نفسه الفتنة" (9) فيه إشكال، وكشفه أن خوف الفتنة ليس معناه، أن يغلب   (1) 3/ ق 3/ ب. (2) 2/ 3. (3) انظر: مختصر المزني ص 175، المعرفة 10/ 21 و23. (4) انظر: الحاوي 9/ 33، المهذب 2/ 44، حلية العلماء 6/ 318، شرح السنة 5/ 10، الروضة 5/ 366، كفاية الأخيار ص471، مغني المحتاج 3/ 128، نهاية المحتاج 6/ 186. (5) انظر: الحاوي 9/ 35، مغني المحتاج 3/ 128، نهاية المحتاج 6/ 186. (6) الوسيط 3/ ق 3/ ب ولفظه قبله " ... الأول: نظر الرجل إلى الرجل، وهو مباح إلا إلى العورة وذلك ما بين السرة والركبة، ويحرم المس كما يحرم النظر". (7) انظر: الروضة 5/ 373، مغني المحتاج 3/ 132 - 133، نهاية المحتاج 6/ 195. (8) في النسختين زيادة (الواو) ولعل الصواب حذفها. (9) الوسيط 3/ ق 3/ ب. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 533 على الظن وقوعها، بل يكفي في تحقيق الخوف، أن لا يكون المخوف نادراً بعيداً، فهذا بمجرده لا يوجب التحريم على هذا الوجه، فإن أحسَّ بالفتنة، أي غلب على ظنه وقوعها حرم النظر حينئذٍ ابتداءً كان أو عادةً، فيكون النظر إلى الأمرد بغير شهوة على ثلاث مراتب: إحداها: أن يأمن الفتنة، فيجوز. والثانية: أن يغلب على ظنه وقوع الفتنة، فلا يجوز. والثالثة: أن يخاف مجرد خوف، من غير ظهورٍ وغلبة وقوعٍ، فلا يحرم على هذا الوجه الذي اختاره (1). قلت: والصحيح خلافه، وأنه يحرم (2) كما في المرأة، فإن النظر إلى وجهها) (3) عند خوف الفتنة حرام قطعاً (4) كما يأتي بيانه إن شاء الله تعالى. والأمرد بذلك أولى؛ لأنه (5) غير قابل للاستباحة أصلاً.   (1) انظر: الروضة 5/ 370، كفاية الأخيار ص469 - 470، مغني المحتاج 3/ 130 - 131 , نهاية المحتاج 6/ 162 - 163. (2) أي مطلقاً وصححه أيضاً النووي في "المنهاج" ولكن خالفهما جمهور الشافعية، وصححوا التفصيل الذي ذكره الغزالي وغيره. والله أعلم. انظر: المنهاج مع شرح مغني المحتاج 3/ 131، كفاية الأخيار 470، نهاية المحتاج 6/ 192 وما بعدها. (3) ما بين القوسين ساقط من (د). (4) انظر: الروضة 5/ 366، كفاية الأخيار ص 466، مغني المحتاج 3/ 128 وما بعدها. (5) في (أ) (فإنه). الجزء: 3 ¦ الصفحة: 534 والحديث الذي ذكره (1) ضعيف (لا أصل له أصلاً (2) واحتجاجه بظهور المُرد بين الناس مكشوفين من) (3) غير تنقيب، غير صحيح؛ لأن سبب ذلك أنهم (4) لو منعوا (من ذلك لأضرَّ بهم إضراراً عظيماً؛ لكونهم من نوع الذكور المجبولين على أحوالٍ تنافي ذلك) (5) ولو ضرب عليهم الحجاب إلى أن يلتحوا، لفاتهم من تعلم الصنائع، والتحرج من (6) وجوه المصالح، وأسباب المنافع، وغير ذلك مما يتعذر عليهم تلافيه فكان تمكينهم من ذلك وإيحاب الغض على من يخاف الافتتان بهم متعيناً لما في ذلك من رعاية الجانبين.   (1) قال في الوسيط 3/ ق 3/ ب " ... والثاني: الحل لما روي أن قوماً وفدوا على النبي - صلى الله عليه وسلم - وفيهم غلام حسن فأجلسه النبي - صلى الله عليه وسلم - ورآه, وقال: ألا أخاف على نفسي ما أصاب أخي داود .. إلخ". (2) قال ابن الملقن في تذكرة الأحبار (ق 194/ ب) وابن حجر في التلخيص 3/ 148، رواه ابن شاهين في "الأفراد" بإسناد مجهول إلى أبي أسامة حماد بن أبي أسامة عن مجالد، عن الشعبي، قال: فذكره. ثم قالا: ذكره ابن القطان في "أحكام النظر" وقال: هذا حديث ضعيف، فإن من دون أبي أسامة لا يعرف، ومجالد ضعيف وهو مع ذلك مرسل، وقال بعض شيوخنا الحفاظ: هذا حديث موضوع لا أصل له، وما ذكر عن داود عليه السلام - معاذ الله - أن يكون من كلام رسوله عليه أفضل الصلاة والسلام، ولم يحصل من داود شيء من ذلك، وما يتوهمه العامة، وينقله بعض المفسرين من القصاص كذب ... إلخ. وزاد ابن حجر فقال: "ورواه أحمد بن إسحاق بن إبراهيم في نسخته ومن طريقه أبو موسى في "الترهيب" وإسناده واه" أهـ. (3) ما بين القوسين ساقط من (د). (4) في (د) (لأنهم). (5) ما بين القوسين ساقط من (د). (6) في (أ) (في). الجزء: 3 ¦ الصفحة: 535 وللمؤلف في هذا، في كتاب "الإحياء" (1) كلام خير من كلامه ها هنا، قال فيه: "كل من يتأثر قلبه بجمال صورة الأمرد، بحيث يدرك (2) في نفسه الفرق بينه وبين الملتحي - يعني من حيث الشهوة - فلا يحل له النظر". ومقتضى هذا الكلام، تحريم النظر إلى الأمرد على كل من يخاف الفتنة، وعلى بعض من لا يخاف الفتنة، فاعلم. والله أعلم. ذكر (3) المؤلف، اضطجاع الرجلين في ثوب واحدٍ (4) وهكذا يكره مثل ذلك للمرأتين، وللمرأة وابنها , وللرجل وابنته المراهقين. (5) وقولنا: "في ثوب واحد" يفيد أنه يكره، وإن نام أحدهما في جانب من الثوب، والآخر في الجانب الآخر منه. وأما ما ذكره صاحب "التهذيب" (6) من أنه يكره المعانقة دون المصافحة فقد ذكر ذلك شيخه، القاضي حسين (7) - رحمه الله - ونسب ذلك إلى أبي حنيفة (8) وقال: لم يذكر الشافعي هذه المسألة.   (1) 3/ 164. (2) نهاية 2/ ق 71/ أ. (3) في (أ) (قول). (4) ولفظه في الوسيط 3/ ق 3/ ب "الثاني: أنه يكره للرجلين الاضطجاع في ثوب واحد قال عليه الصلاة والسلام (لا يفضي الرجل إلى الرجل في ثوب). (5) هكذا أطلقه الرافعي، وتبعه النووي في الروضة، وقيد النووي التحريم في شرح مسلم بما إذا كانا عاريين. والله أعلم. انظر: الروضة 5/ 374، شرح مسلم 4/ 31، كفاية الأخيار ص 470 وما بعدها، مغني المحتاج 3/ 135، نهاية المحتاج 6/ 201. (6) 5/ 235. (7) لم أقف عليه. (8) وروي عن صاحبه أبي يوسف أنه لا بأس بها انظر: البدائع الصنائع 6/ 2960 - 2961. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 536 قلت: لكن مذهب الشافعي اتباع (1) الأثبت من الحديث، وما روي في تجويز معانقة الرجل الرجل إذا لم تكن مؤدية إلى تحريك شهوةٍ أثبت مما روي في النهي عنها، روينا في السنن الكبير (2) بإسناد جيد عن الشعبي قال: كان أصحاب محمد - صلى الله عليه وسلم - إذا التقوا صافحوا فإذا قدموا من سفر عانق بعضهم بعضاً). (3) والله أعلم. قوله "وقيل: إنه لا يحل للمسلمة التكشف للذمية" (4) معناه أنها (5) لا تكشف لها إلا ما يجوز للأجنبي أن يراه منها، فإنها أجنبية في الدين. وقيل: إن هذا هو الصحيح (6) خلاف ما صار إليه المؤلف، قال الله تبارك وتعالى: {أَوْ نِسَائِهِنَّ} (7) فخص المسلمات، وكتب عمر إلى أبي عبيدة (8)   (1) في (د) (أنه أباع) هكذا، وهو تحريف والمثبت من (أ) وهو الصواب. (2) 7/ 162. (3) وفي شرح السنة للإمام البغوي 6/ 352 - 356، بحث جيد حول المعانقة وأخواتها فمن أراد الزيادة فليطلب منه. (4) الوسيط 3/ ق 3/ ب. ولفظه قبله "الثاني: نظر المرأة إلى المرأة وهو مباح إلا فيما بين السرة والركبة، وقيل إنه كالنظر إلى المحارم، وسيأتي، والصحيح أن الذمية كالمسلمة، وقيل ... إلخ". (5) في (د) (أنه). (6) وصححه أيضاً البغوي والنووي، وقال النووي: وسائر الكافرات كالذمية في هذا. انظر: الروضة 5/ 370 وما بعدها، كفاية الأخيار ص 470، مغني المحتاج 3/ 131 وما بعدها، نهاية المحتاج 6/ 194. (7) سورة النور الآية 31. (8) هو عامر بن عبد الله بن الجراح بن هلال، أبو عبيدة القرشي الفهري، أمين هذه الأمة، وأحد العشرة المبشرة بالجنة أسلم قديماً وشهد بدراً وما بعدها من المشاهد ومناقبه كثيرة جداً، مات شهيداً بطاعون عمواس سنة 18 هـ. انظر: الاستيعاب 4/ 121، تهذيب الأسماء واللغات 2/ 259، الإصابة 2/ 252، التقريب ص 288. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 537 - رضي الله عنهما - بالشام يأمر أن يمنع المسلمات من أن يدخلن الحمامات مع المشركات) أخرجه البيهقي (1). قال المؤلف: "وحمل الأصحاب النهي على الكراهة" (2). قلت: (3) حكايته لذلك عن الأصحاب عموماً غير مرضي (4) , لأن الخلاف منهم في التحريم (معروف ذكره الشيخ أبو حامد في "التعليق" (5) وأبو المعالي في "نهاية المطلب" (6) وغيرهما (7) وذكر بعض من ذكر الخلاف في التحريم) (8) وهو القاضي حسين، (9) وغيره (10) أن الكراهة ثابتة من غير خلاف.   (1) في الكبرى 7/ 153، والمعرفة 10/ 24. (2) الوسيط 3/ ق 3/ ب ولفظه قبله " ... الثالث: نظر الرجل إلى المرأة فإن كان منكوحته أو مملوكته حل النظر إلى جميع بدنها وفي النظر إلى فرجها تردد، وحمل الأصحاب النهي على أنه أراد به الكراهية". (3) نهاية 2/ ق 71/ ب. (4) في (أ) (مرضية). (5) لم أقف عليه. (6) ق 2/ ص 195. (7) كالشيرازي، والبغوي والرافعي، انظر: المهذب 2/ 45، التهذيب 5/ 240، فتح العزيز 7/ 479، كفاية الأخيار ص 469، مغني المحتاج 3/ 134. (8) ما بين القوسين ساقط من (د). (9) لم أقف عليه. (10) كالبغوي والرافعي: انظر شرح السنة 5/ 20 - 21، التهذيب 5/ 240، فتح العزيز 7/ 479، الروضة 5/ 372. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 538 ثم في "النهاية" وغيرها أن نفي التحريم هو الصحيح (1)، وفي "التعليق" أنه نص الشافعي - رحمه الله - وضعف صاحب "الشامل" (2) الحديث الوارد في النهي بما لا يصلح موجباً لضعفه، وليس بضعيف، فقد أورد الحافظان (3) أبو أحمد بن عدي (4) وأبو بكر البيهقي (5) بإسناد جيد عن ابن عباس أن النبي، قال: (لا   (1) انظر: المهذب 2/ 45، والتتمة 7/ ق 185/ أ، الروضة 5/ 372، شرح مسلم 4/ 30، كفاية الأخيار ص 469، مغني المحتاج 3/ 134 نهاية المحتاج 6/ 199 وما بعدها. (2) لم أقف على هذا النقل عنه عند غير المصنف. (3) في (د) (الحافظ). (4) هو عبد الله بن عدي بن محمد بن مبارك أبو أحمد الجرجاني الحافظ الكبير واحد أئمة الأعلام ويعرف بابن القطان، من مؤلفاته الكامل في الضعفاء, والانتصار مات سنة 365 هـ انظر: تذكرة الحفاظ 3/ 940، طبقات السبكي 2/ 223، البداية 11/ 302، طبقات ابن قاضي شهبة 1/ 140. (5) ابن عدي في الكامل 6/ 175، البيهقي في السنن الكبير 7/ 153، وكما رواه ابن أبي حاتم في العلل 2/ 295، وابن حبان في الضعفاء 1/ 202 من طرق عن هشام بن عمار ثنا بقية عن ابن جريج عن عطاء عن ابن عباس مرفوعاً به. قال: ابن أبي حاتم: سألت أبي عنه: فقال موضوع، وبقية مدلس. وقال ابن حبان: "كان بقية يروي عن كذابين ويدلس، وكان له أصحاب يسقطون الضعفاء من حديثه ويسوؤنه فيشبه أن يكون هذا من بعض الضعفاء, عن ابن جريج، ثم دلس عنه، وهذا موضوع". وأورده ابن الجوزي في الموضوعات 2/ 271 - 272، وذكر هذا الكلام المنقول عن ابن حبان. وكذا أورده الألباني في الضعيفة 1/ 351 برقم (195) وقال موضوع ... ثم قال: "هنا تعلم أن قول ابن الصلاح: "إنه جيد الإسناد" غير صواب، وأنه اغترَّ بظاهر التحديث ولم ينتبه لهذه العلة الدقيقة التي نبَّهَنا عليها الإمام أبو حاتم جزاه الله خيراً". الجزء: 3 ¦ الصفحة: 539 ينظر أحد منكم (1) إلى فرج زوجته، ولا فرج جاريته إذا جامعها، فإن ذلك يورث العمي)، ثم قيل: إنه يورث العمي في الشخص الناظر. وقيل: في الولد، فيولد أعمى (2)، والأول أصح. والله أعلم. "المِهْنَة (3) الخدمة (4) بفتح الميم وبكسرها، وأبى الأصمعي (5) الكسر. وقول المؤلف: "كالوجه، والأطراف" قصور عمَّا ذكره شيخه في "النهاية" (6) فإنه قال: "كالساق، والساعد، والعنق، والرأس، والوجه وفي بعض التصانيف نصف الساق، ونصف الساعد". والله أعلم. في الثدي طريقان: أحدهما (7): إلحاقه بمحل الوجه. والثاني: إلحاقه بما يبدو في المَهنَة (8).   (1) في (د) (أحدكم) والمثبت من (أ) وكذا في المصادر. (2) انظر: كفاية الأخيار ص 469، مغني المحتاج 3/ 134. (3) الوسيط 3/ ق 3/ ب ولفظه " ... وإن كانت محرماً نظر إلى ما يبدو منها في حالة المهنة كالوجه والأطراف". (4) ساقط من (أ) وانظر: الصحاح 6/ 2209، المصباح المنير ص 583. (5) انظر: المصدرين السابقين: والأصمعي هو عبد الملك بن قريب بن عبد الملك أبو سعيد الباهلي الأصمعي البصري أحد الأئمة الكبار في اللغة والغريب والأخبار، مات سنة 216 هـ انظر: تهذيب الأسماء واللغات 2/ 273، سير أعلام النبلاء 5/ 175، البداية والنهاية 10/ 294، التقريب ص 364. (6) ق 2/ ص 195. (7) في (د) (إحداهما). (8) انظر: الوسيط 3/ ق 3/ ب. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 540 وأطلق المؤلف هذا الخلاف، وهو في "النهاية" (1) و"البسيط" (2) مقيد بزمان الرضاع دون غيره. قوله "يحرم النظر إلى الأجنبية مطلقاً" (3) أي سواء فيه ما هو عورة وما ليس بعورة، سواء أمن من الفتنة، أو خافها، والتحريم عند خوف الفتنة مجمع عليه (4)، وأمّا عند الأمن من الفتنة ففيه خلاف فيما ليس بعورة خاصةً، وهو الوجه والكفان جميعاً (5)، وليس مقصوراً في الوجه كما ذكره المؤلف، والجواز حكاه شيخه (6) عن جمهور الأصحاب (7)، والتحريم (8) عن طوائف منهم، قال: وإليه ميل العراقيين (9)، والله أعلم.   (1) ق 2/ ص 195. (2) 4/ ق 4/ ب. (3) الوسيط 3/ ق 3/ ب. (4) انظر: الحاوي 1/ 35، المهذب 2/ 44، شرح السنة 5/ 19، الروضة 5/ 366، كفاية الأخيار ص 466، مغني المحتاج 3/ 128 وما بعدها. (5) وقال السبكي: الأقرب إلى صنيع الأصحاب أن وجهها وكفيها عورة في النظر لا في الصلاة، انظر: الروضة 5/ 366، كفاية الأخيار ص 466، مغني المحتاج 3/ 129، نهاية المحتاج 6/ 187. (6) ق 2/ ص 195. (7) وعبَّر الشيخان بالأكثر. انظر المصادر السابقة. (8) نهاية 2/ ق 72/ أ. (9) وبه قطع الشيرازي والروياني واختاره إمام الحرمين ووالده. انظر: المهذب 2/ 44، شرح السنة 5/ 19 وما بعدها، الروضة 5/ 366، كفاية الأخيار ص 466، مغني المحتاج 3/ 129، نهاية المحتاج 6/ 187. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 541 قوله: "وكذلك لا يجوز للمخنَّث" (1) يتجه في قوله "كذلك" الكاف واللام. "الهمّ"، بكسر الهاء وتشديد الميم هو الشيخ الفاني (2). وقوله "حسما للباب" الأجود أن يقال: سداً للباب، فإن الحسم عبارة عن القطع (3)، فيصير، كأنه قال: قطعاً للباب. والله أعلم. قوله "و (4) يجوز للممسوح" (5). قلت: حكمه على هذا حكم الرجل المحرم (6) وهذا في الممسوح خاصَّةً فأمَّا المجبوب الذي لم تقطع خُصْيَاه، أو الخصي الذي ذكره باقٍ، فهو كالفحل (7). وقد ذهب طوائف من أصحابنا، إلى أن الممسوح أيضاً كالفحل (8)، وهذا أقوى؛ لأنه رجل يشتهي النساء. وأمَّا قوله تعالى: {غَيْرِ أُولِي الْإِرْبَةِ} (9) فالأصح في تفسيره أنه المغفل في عقله   (1) الوسيط 3/ 4/ أوتمامه " ... والعنّين والشيخ الهمّ النظر حسما للباب ونظراً إلى الفحولة الظاهرة دون الشهوة الباطنة". (2) انظر: المصباح المنير ص 641، القاموس ص 1512. (3) انظر: المصباح المنير ص 136، القاموس ص 1413. (4) ساقط من (أ). (5) الوسيط 3/ 4/ أوتمامه "للأكثرين". (6) وبه قال الأكثرون. انظر: الروضة 5/ 368، كفاية الأخيار ص 466، مغني المحتاج 3/ 130, نهاية المحتاج 6/ 190. (7) انظر: المصادر السابقة. (8) انظر: المصادر السابقة. (9) سورة النور، الآية: 31. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 542 الذي لا يكترث للنساء، ولا يشتهيهنَّ، روينا ذلك عن ابن عباس (1) (وغيره) (2) - رضي الله عنهم - والله أعلم. (ذكر بعض اللغويين الخراسانيين، إن هذا الجنس على ثلاثة أنواع: ممسوح: وهو الذي قطع منه الذكر والخصيان جميعاً. (3) ومجبوب: وهو الذي قطع ذكره دون الخصيتين (4). ومَخَصِيٌّ: وهو من نزعت خصياه (5)) (6). قلت: وقد يقال: للممسوح مجبوب ومخصي (7) وخصي أيضاً، ويلتحق بالخصي (8) المسلول، وهو الذي سُلَّت بيضتاه سلا (9) والله أعلم. شرح ما ذكره الغزالي، في الطفل (10) وبسطه أن للصبي أحوالاً: أحدها: أن لا يميز ولا تظهر فيه داعية الحكاية لما يراه، فهذا الذي قال: أولاً فيه لا يجب الإحتجاب عنه، يعني مطلقاً، لا في العورة ولا في غيرها (11).   (1) رواه عنه البيهقي في الكبرى 7/ 155، والمعرفة 10/ 23، انظر تفسير ابن كثير 3/ 381. (2) ما بين القوسين ساقط من (أ) وغيره كالحسن البصري انظر: المصادر السابقة. (3) انظر: كفاية الأخيار ص 467، مغني المحتاج 30/ 130. (4) الصحاح 1/ 96، وتهذيب الأسماء واللغات 3/ 1/ 48، المصباح المنير ص 89. (5) انظر: الصحاح 6/ 2328، اللسان 14/ 230، المصباح المنير ص 171. (6) ما بين القوسين ساقط من (د). (7) ساقط من (أ). (8) في (أ) (بالمخصى). (9) انظر: المصباح المنير ص 286. (10) انظر: الوسيط 3/ 4/ أ. (11) انظر: الروضة 5/ 367، مغني المحتاج 3/ 130، نهاية المحتاج 6/ 191. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 543 الثاني: أن يظهر فيه داعية الحكاية، وذلك عند ظهور تباشير الفطنة فيه، قبل سن التمييز، (فهذا يجب ستر العورة عنه دون غيرها) (1). الثالث: أن يتجاوز سن التمييز, وتحدث فيه أوائل الشهوة, ويظهر فيه التشوف إلى النساء، فهذا (2) كالرجل في وجوب الإحتجاب (3) قطع به في "النهاية" (4) و"البسيط" (5) من غير خلاف. الرابع: أن يتجاوز سن التمييز, ويقارب البلوغ, ولكن لم يظهر منه التشوف إلى النساء، ففيه الخلاف المذكور (6). وهذا الذي أوضحته مفهوم من المذكور في كتاب (7) "البسيط" (8) و"نهاية المطلب" (9) الذي هذه الكتب اختصاراً (10) له, نعم في غير هذه الطريقة ما يقتضي إجراء خلافٍ في القسم الثالث أيضاً حتى يكون على وجه كالمحارم في جواز النظر. والله أعلم.   (1) في (د) (وتحدث فيه أوائل الشهوة وتظهر فيه) بدل قوله "فهذا يجب ستر ... إلخ" والمثبت من (أ) وما في (د) خطأ وخلط بين الحالة الثانية وبين الثالثة. وانظر: المصادر السابقة. (2) نهاية 2/ ق 72/ ب. (3) انظر: المصادر السابقة. (4) القسم 2/ ص 194. (5) 4/ ق 7/ أ. (6) فيه وجهان: أصحها: أن نظره كنظر البالغ إلى الأجنبية. انظر: المهذب 2/ 45، الروضة 5/ 367، كفاية الأخيار ص467، مغني المحتاج 3/ 130، نهاية المحتاج 6/ 191. (7) ساقط من (أ). (8) 4/ ق 8/ أ. (9) ق 2/ ص 197. (10) في (أ) (اختصار)!. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 544 قوله: "إلا نظر الغلام إلى سيدته، فإنه مباح" (1) يعني به أن نظر المملوك البالغ إلى مالكته مباح على التفصيل المذكور في المحارم من حيث كونه كالمحرم في تحريم المناكحة بينهما، وهذا هو المنصوص (2)، وظاهر الكتاب والسنة (3). وقال القاضي حسين (4): هو الصحيح من المذهب، قال: فإن كان مكاتباً فليس بمحرم لها. قلت: فيما ذكره من (5) المكاتب نظرٌ على هذا الوجه، وأما الوجه الآخر، فإنه (6) كالأجنبي (7)، فقد حكى عن الشيخ أبي حامد الإسفرايني (8) إنه قال: هو   (1) الوسيط 3/ ق 4/ أ. (2) وصححه جمهور الأصحاب. انظر: المعرفة 10/ 23، المهذب 2/ 44، الروضة 5/ 369، رحمة الأمة ص262، كفاية الأخيار ص 467، مغني المحتاج 3/ 130. (3) أمَّا الكتاب فقوله تعالى: {أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُنَّ} فذكره مع ذوي المحارم في إباحة النظر. وأمَّا السنة فما روي أن النبي - صلى الله عليه وسلم - (أعطى فاطمة - رضي الله عنها - غلاماً، فأقبل النبي - صلى الله عليه وسلم -، ومعه الغلام فتقنّعت بثوب إذا قنَّعت رأسها لم يبلغ رجليها، وإذا غطت رجليها لم يبلغ رأسها فقال لها النبي - صلى الله عليه وسلم -: (أنه ليس عليك بأس إنما هو أبوك وغلامك) رواه أبو داود 4/ 359 في كتاب اللباس، باب في العبد ينظر إلى شعر مولاته، والبيهقي في الكبرى 7/ 154، المعرفة 10/ 23، وصححه الألباني في صحيح سنن أبي داود 2/ 774 برقم (3460)، الإرواء 6/ 206. (4) انظر: قول القاضي في الروضة 5/ 369، مغني المحتاج 3/ 130. (5) في (أ) (في). (6) في (د) (وإنه). (7) انظر: المهذب 2/ 45، حلية العلماء 6/ 319، رحمة الأمة ص 262، كفاية الأخيار ص467، مغني المحتاج 3/ 130، تكملة المجموع للمطيعي 17/ 216. (8) انظر: حكاية الأسفرايني في رحمة الأمة ص 262، تكملة المجموع 17/ 216. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 545 الصحيح عند أصحابنا (1). وأما قول المصنف "أن ذلك يحتاج (2) إلى تعسف في تأويل (3) الآية" فقد جاء في التفسير أن المراد بقوله تعالى: {أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُنَّ} (4) الإماء دون العبيد (5)، ولا تعسف في هذا, لأن قوله) (6) تعالى: {أَوْ نِسَائِهِنَّ} مطلقه قاصر (7) عن تناول الإماء ظاهراً، لكونهن من نوع نساء الكفار لا من نسائهن، فأوضح بالتنصيص عليهن التحاقهن بنسائهن، والله أعلم. قال: "ومن المستثنيات، النظر إلى الإماء (8) " (9). يعني به أنه يجوز أن ينظر (10) إلى إماء غيره، وإن لم يرد شراءهنَّ من غير   (1) قال النووي: هذا هو الصواب، بل ينبغي أن لا يجرى فيه خلاف، بل يقطع بتحريمه، والقول بأنه محرم ليس له دليل ظاهر، فإن الصواب في الآية أنها في الإماء والله أعلم. انظر: رحمة الأمة ص 262، كفاية الأخيار ص467، تكملة المجموع 17/ 216 - 217. (2) في (أ) (يحوج) وكذا في الوسيط 3/ ق 4/ أ. (3) في (أ) (تفسير). (4) سورة النور الآية: 31. (5) انظر: تفسير الطبري 9/ 3070، تفسير ابن كثير 3/ 380 وما بعدها، تكملة المجموع 17/ 217. (6) ما بين القوسين ساقط من (د). (7) في (د) (قاصراً). (8) في (د) (مالا) هكذا وهو تحريف والمثبت من (أ) وهو الصواب وكذا في الوسيط. (9) الوسيط 3/ ق 4/ أوتمامه " ... حتى روي أن عمر قال: لجارية متنقبة أتتشبهين بالحرائر يا لَكْعاَء" (10) نهاية 2/ ق 73/ أ. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 546 شهوةٍ إذا لم يخف الفتنة، وحكمه حكم النظر إلى نساء المحارم (1)، والله أعلم. وقوله: "يا لَكْعاَء" معناه، يا لئيمة (2). وحكم أمته التي لا تحل له حكم الأمة الأجنبية (3)، وذلك مثل أمته المجوسية، والوثنية، والمرتدة، والمعتدة، والمكاتبة، والمزوجة (4). والله أعلم. ما ذكره من الجزء المبان من المرأة من محل هو عورة (5) منها، من أنه لا ينظر إلى ما هو متميز متشكل، مثل العضو المبان، والعَقِيصَة (6)، وينظر إلى ما ليس بمتميز متشكل كالشعر المتنتف، والقُلاَمَةِ (7)، فهو غير (8) مرضى، ولا أصل له في نقل المذهب، ولا من حيث المعنى لما في التمييز الذي اعتبره (9) من   (1) هذا أحد الأوجه الثلاثة في المسألة وهو أصحها عند الروياني والبغوي والرافعي. وأصحها عند النووي والمحققين، أنها كالحرة. انظر: الروضة 5/ 369، كفاية الأخيار ص 467 وما بعدها، مغني المحتاج 3/ 131، نهاية المحتاج 6/ 193، تكملة المجموع 17/ 216. (2) انظر: الصحاح 3/ 1280، القاموس ص 984. (3) انظر: الروضة 5/ 373، كفاية الأخيار ص 469، مغني المحتاج 3/ 134 وما بعدها. (4) وكذا المشتركة بينه وبين غيره. انظر: المصادر السابقة، والتهذيب 5/ 240. (5) في (د) (غيريرة) هكذا وهو تحريف والمثبت من (أ) وهو الصواب. (6) العقيصة: الضفيرة وجمعها عِقَصٌ وعقائص وعقاص. انظر الصحاح: 3/ 1046، القاموس: ص 804. (7) الوسيط 3/ ق 4/ أ. ذكره بالمعنى. والقُلامة بضم القاف، هي المقلومة من طرف الظُّفُرِ. انظر: المصباح المنير ص 515. (8) ساقط من (د). (9) في (أ) (ذكره). الجزء: 3 ¦ الصفحة: 547 الاضطراب، وإنما هذا شيء كان شيخه أبو المعالي (1) قد أبداه من عنده في معرض إشكالٍ (2) أورده على ما نقله فاقتصر هو ها هنا على ما أبداه شيخه من عنده، فترك ما نقله، ولو جمع بينهما في الذكر كما فعل شيخه لأصاب، ومثل هذا الذي فعله ينافي موضوع هذا الكتاب. والصحيح الذي قطع به القاضي (3)، وغيره التسوية في المنع من كل ذلك (4)، وأن حكم العورة في تحريم النظر يبقى بعد الانفصال كما بقى بعد الموت، تحريم النظر إلى المرأة الأجنبية، فإذاً يحرم على الأجنبي النظر إلى قُلاَمَةَ رِجْلِ (5) المرأة، دون قُلاَمَة يدها (6). ويحرم عليه النظر إلى ما يتناثر من شعر الحرة بالإمتشاط، وغيره (7). قال القاضي (8): وكذا شعر عانة الرجل بعد الإبانة، لا يجوز النظر إليه (9).   (1) انظر: نهاية المطلب القسم 2/ ص 196. (2) في (د) (الإشكال). (3) انظر: ما قطع به القاضي في مغني المحتاج 3/ 134. (4) وهو الأصح عند البغوي والرافعي والنووي، انظر: التهذيب 5/ 237، فتح العزيز 7/ 478، الروضة 5/ 372، مغني المحتاج 3/ 134، نهاية المحتاج 6/ 200. (5) في (د) (نظر)، وهو خطأ. (6) انظر: المصادر السابقة. (7) انظر: المصادر السابقة. (8) انظر: قول القاضي في مغني المحتاج 3/ 134. (9) انظر: الروضة 5/ 372، مغني المحتاج 3/ 134. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 548 ويحكى أن امرأة (1) سألت (2) الشيخ أبا عبد الله الخِضْرِي (3) عن قُلاَمَة ظفر المرأة، هل يجوز للأجنبي النظر إليها، فأطرق الشيخ وسكت طويلاً. وكانت ابنة أبي على الشبُّوِّي (4) زوجته، فذكرت له أنها سمعت أباها يقول: إن كانت (5) قلامة أظفار اليدين، جاز النظر إليها، وإن كانت (6) قلامة أظفار (7) الرجلين لم يجز، وإنما كان ذلك لأن يدها ليست بعورة بخلاف الرجل، ففرح الخضري بذلك، وقال: لو لم أستفد من اتصالي بأهل العلم. إلا هذه المسألة لكانت كافية. حكى هذه الحكاية الشيخ القفال المروزي، ثم غيره (8). والخضري: بخاء معجمة مكسورة وضاد معجمة ساكنة.   (1) نهاية 2/ ق 73/ ب. (2) ما بين القوسين ساقط من (د). (3) هو محمد بن أحمد أبو عبد الله الخِضْري المروزي، شيخ الشافعية في زمانه ومن أصحاب الوجوه, وكان يضرب به المثل في قوة الحفظ وقلة النسيان مات في حدود سنة 375 هـ. انظر: تهذيب الأسماء واللغات 2/ 276، وفيات الأعيان 3/ 351، طبقات ابن قاضي شهبة 1/ 146، طبقات ابن هداية الله ص 216. (4) هو محمد بن عمر بن شبوية أبو على الشبُّوِّي المروزي كان فقيها فاضلاً من أهل مرو، سمع صحيح البخاري من الفربري. قال: ابن قاضي شهبة: لم يذكروا وقت وفاته إلا أنه حدَّث بالبخاري سنة 378 هـ. انظر: طبقات الإسنوي 2/ 80 - 81، والعقد المذهب ص 211، وطبقات ابن قاضي شهبة 1/ 150. (5) في (د) (كان). (6) في (د) (كان). (7) ما بين القوسين ساقط من (د). (8) انظر: البسيط 4/ ق 6/ ب، فتح العزيز 7/ 478. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 549 والشَبْوِّي: بشين معجمة مفتوحة بعدها باء موحدة مشددةٍ مضمومةٍ، ثم واو مكسورة، وإنما ضبطت لك هذا صيانة لك من وصمة التصحيف، فإنه يُصْحَف، وقد عزَّ من يعرفه. والله أعلم. قال صاحب الكتاب - رحمه الله - "الصبية لا يحل النظر إلى فرجها" (1) يعني، وإن كانت بحيث لا تُشْتَهى، وفي كتاب "العدة" للقاضي حسين (2) الطبري، إن عدم الجواز فيه ثابت بلا خلافٍ (3). وليس كذلك، فإن في "تعليق" القاضي حسين المروزي، القطع بأنه يجوز النظر إلى فرج (الصغيرة التي لا تُشْتَهىَ، مثل بنت سنة، وذكر مثل ذلك في فرج) (4) الصبي الصغير (5). وذكر فيه، تلميذه صاحب "التتمة" (6) وجهين. أحدهما: المنع. والثاني: الجواز لتسامح الناس بذلك قديماً وحديثاً، وذكر أنه الصحيح، وأن إباحة ذلك تبقى إلى (7) أن يبلغ (8) سن التمييز، ويصير بحيث يمكنه أن يستر عورته عن الناس، والله أعلم.   (1) الوسيط 3/ ق 4/ أ. (2) في (أ) (للحسين) بدل (للقاضي حسين). (3) انظر: قول الحسين الطبري في الروضة 5/ 369، كفاية الأخيار ص 468، مغني المحتاج 3/ 130. (4) ما بين القوسين ساقط من (د). (5) انظر: ما قطع به القاضي في المصادر السابقة قبل هامش. (6) 7/ ق 187/ ب وانظر: الروضة 5/ 369، كفاية الأخيار ص 468. (7) نهاية 2/ ق 74/ أ. (8) في (أ) (تبلغ). الجزء: 3 ¦ الصفحة: 550 وأمَّا قول الغزالي "وفي النظر إلى وجهها وجهان" (1): فعجب تخصيصه الوجه بالوجهين، وذكره وجها في تحريم النظر إلى وجه الصغيرة التي لا تشتهي عجيب جداً، لم أجده في غير هذا الكتاب، ويكاد يكون خارقا (2) للإجماع. وقوله: في تعليله "نظراً إلى جنس الأنوثة" باطل بذوات المحارم، فإنه لا خلاف في جواز النظر إلى وجهها، وهذه أولى بذلك لخروجها عن مظنة الشهوة في حق جميع الناس، وذات المحرم (3) انما خرجت عن مظنة الشهوة في حق محرمها خاصةً. والوجهان الجاريان في الصغيرة التي لا تشتهي مذكوران، في أن حكمها هل هو حكم المحارم؟ (4) وهكذا ذكر ذلك في "البسيط" (5) وإن ساغ إيراد وجه في تحريم النظر إلى وجهها فليجعل ذلك مبنيا على الوجه المقول فيه (6)، أنها ليست كالمحارم. ثم على قول من حرم النظر إلى وجه الأجنبية الكبيرة عند الأمن من الفتنة. والله أعلم.   (1) الوسيط 3/ ق 4/ أ. (2) في (أ) (خرقا). (3) في (د) (وذوات المحارم). (4) أصحهما أنها كالمحارم. انظر: الروضة 5/ 369، كفاية الأخيار ص 466، مغني المحتاج 3/ 130، نهاية المحتاج 6/ 189. (5) 4/ ق 7/ ب. (6) ساقط من (د). الجزء: 3 ¦ الصفحة: 551 "نظر المرأة إلى الرجل" (1) الوجه الأول: فيه أنه لا يجوز مطلقاً إلى العورة، وغيرها إلا إلى الوجه والكفين، في الموضع الخاص، ومواطن الحاجة (2)، كما سبق في نظر الرجل إلى المرأة، وهذا هو الصحيح عند غيره (3)، ولم يذكر الشيخ أبو إسحاق في طائفة (4) سواه (5) وهو قوي لحديث أم سلمة - رضي الله عنها - قالت: (كنت عند النبي - صلى الله عليه وسلم - وعنده (6) ميمونة - رضي الله عنها - فاقبل ابن أم مكتوم (7)، فقال: (8) احتجبا منه، فقلنا: يا رسول الله، أليس أعمى لا يبصرنا, ولا يعرفنا؟   (1) الوسيط 3/ ق 4/ أ. (2) انظر: حلية العلماء 6/ 321، الروضة 5/ 371، كفاية الأخيار ص 468، مغني المحتاج 3/ 132، نهاية المحتاج 6/ 194. (3) وصححه أيضاً النووي. انظر: الروضة 5/ 371، كفاية الأخيار ص 468. (4) في (أ) زيادة (غير). (5) انظر: المهذب 2/ 44، حلية العلماء 6/ 328، شرح السنة 5/ 20، مغني المحتاج 3/ 132. (6) في (د) (عند). (7) هو عمرو، وقيل: عبد الله والأول أكثر، ابن قيس بن زائدة بن الأصم المعروف بابن أم مكتوم القرشي العامري، كان من المهاجرين الأولين، واستخلفه النبي - صلى الله عليه وسلم - ثلاث عشرة مرة في غزواته على المدينة، ومناقبه كثيرة مات بالقادسية شهيداً سنة 13 هـ. انظر: الإستيعاب 2/ 501، تهذيب الأسماء واللغات 2/ 295، الإصابة 2/ 523. (8) نهاية 2/ ق 74/ ب. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 552 فقال - صلى الله عليه وسلم -: (أفعمياوان أنتما، ألستما تبصرانه) أخرجه أبو داود، وغيره (1). وأمَّا حديث عائشة في نظرها إلى الحبشة، وهم يلعبون (2) فقد جاء (3) ما يدل على أن ذلك كان قبل بلوغها، ويحتمل أنه كان قبل أن يضرب عليهن   (1) أبو داود 4/ 61 في كتاب اللباس، باب قوله عز وجل: {وَقُلْ لِلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ} والترمذي 5/ 94 في كتاب الأدب، باب ما جاء في إحتجاب النساء، والنسائي في الكبرى: 5/ 393، في كتاب العشرة، باب نظر النساء إلى الأعمى، وأحمد 6/ 296، وابن حبان 12/ 387، والبيهقي 7/ 147 - 148، من طرق عن الزهري أن نبهان مولى أم سلمة عن أم سلمة قالت: فذكره. قال الترمذي هذا حديث حسن صحيح، وحسنه أيضاً النووي في شرح مسلم 6/ 184 والروضة 5/ 371، وقد اضطرب رأي الحافظ ابن حجر في هذا الحديث فقال في الفتح 1/ 654: وهو حديث مختلف في صحته وقال في 9/ 248 "وهو حديث أخرجه أصحاب السنن من رواية الزهري عن نبهان مولى أم سلمة - رضي الله عنها - عنها وإسناده قوي، وأكثر ما علل به انفراد الزهري بالرواية عن نبهان وليست بعلة قادحة". ونقل صاحب المبدع 7/ 11 تضعيفه عن الإمام أحمد. وضعفه أيضاً الألباني في الإرواء 6/ 211 وقال عقب قول الترمذي السابق "كذا قال: ونبهان هذا مجهول، أورده الذهبي في "ذيل "الضعفاء" وقال: قال ابن حزم مجهول". (2) رواه البخاري 1/ 653 - 654 مع الفتح، في كتاب الصلاة، باب أصحاب الحراب في المسجد و2/ 210، و550، في كتاب العيدين، باب الحراب والدَّرق يوم العيد، وباب إذا فاته العيد يصلي ركعتين. و9/ 264 و248 في كتاب النكاح، باب حسن المعاشرة مع الأهل، وباب نظر المرأة إلى الحبش ونحوهم من غير ريبة. ومسلم 6/ 185 - 187 في كتاب العيدين، باب الرخصة في اللعب يوم العيد. (3) ساقط من (د). الجزء: 3 ¦ الصفحة: 553 الحجاب (1)، ووقائع الأعيان يسقط الاحتجاج بها لتطرق (2) الاحتمال إليها. والله أعلم. وأمَّا نظر المرأة إلى محرمها من الرجال ففيه وجهان (3): أحدهما: أنه كنظر الرجل إلى المرأة المحرم. والثاني: أنها تنظر منه إلى ما ليس بعورة منه، كنظر الرجل إلى الرجل (4)، والله أعلم. ذكر صاحب "النهاية" (5) أنه يباح للرجل النظر إلى من أراد التزوج بها، وإن خاف الفتنة، ولم أر هذا لغيره، وينبغي أن يطرد هذا في كل ما ينزل منزلة هذا (6) من كل حاجة أبيح النظر إليها (7). الحاجة المؤكدة لها ضابطان:   (1) قال الحافظ ابن حجر في الفتح 2/ 516، و9/ 248، والظاهر أن ذلك وقع بعد بلوغها وقد تقدم من رواية ابن حبان أن ذلك وقع لما قدم وفد الحبشة وكان قدومهم سنة سبع فيكون عمرها حينئذٍ خمس عشرة سنة فكانت بالغة وكان بعد نزول الحجاب، وكذا قولها: (يسترني بردائه) دال على أن ذلك كان بعد نزول الحجاب. والله أعلم. وانظر: السنن الكبرى 7/ 149، شرح صحيح مسلم للنووي 6/ 186. (2) في (د) (يتطرق). (3) انظر: نهاية المطلب ق 2/ ص 196، الروضة 5/ 375، مغني المحتاج 3/ 132، نهاية المحتاج 6/ 195. (4) هذا هو المذهب وبه قطع المحققون. انظر: المصادر السابقة. (5) ق 2/ ص 197. (6) ساقط من (أ). (7) في (أ) (لها) بدل (إليها). الجزء: 3 ¦ الصفحة: 554 أحدهما: خوف الفوات في العضو، أو خوف الضَّنى (1)، ولا يجيء (2) فيه خلاف التيمم فإن هذا الباب أوسع. الثاني: أن يكون بحيث لا يعد التكشف بسببه هاتكاً للمروءة (3). وعند هذا اعلم أن قول المؤلف "وهو أن يكون بحيث لا يعد التكشف لأجله هتكاً" (4) راجع إلى قوله "لحاجة (5) مؤكدة" وشرح لذلك لا لما بينه (6). والله أعلم. ثم اعلم أن ما جاز من النظر، واللمس لحاجة المداواة، إذا وقعت الحاجة لامرأة، و (7) وجدت امرأة تقوم بذلك منها، فلا يجوز ذلك لرجل، وإذا وجدت مسلماً فلا يكون ذمياً (8)، قطع بذلك القاضي (9)، وصاحبه (10) صاحب "التتمة" (11). والله أعلم.   (1) الضَّنِى: هو المرض المُدْنِفُ الذي يلزم صاحبَه الفراش، ويضّنيه حتى يشرف على الموت. انظر: الزاهر ص 43، تهذيب الأسماء واللغات 3/ 184، المصباح المنير ص 365. (2) في (أ) (ولا يجوو) هكذا. (3) في (د) (للمرأة). انظر: الروضة 376، كفاية الأخيار ص473، مغني المحتاج 3/ 133، نهاية المحتاج 6/ 197 وما بعدها. (4) الوسيط 3/ ق 4/ أ. ولفظه قبله "ولا يحل النظر إلى العورة إلا لحاجة مؤكدة كمعالجة مرض شديد يخاف عليه فوت العضو أو طول الضنَّي ولْتكن الحاجة في السوأتين آكد، وهو أن تكون بحيث لا يعدّ التكشف ... إلخ". (5) في (د) (كحالة). (6) في (أ) (يليه). (7) ساقط من (د). (8) وهكذا، لا يكون كافرة مع وجود مسلمة. انظر: الروضة 5/ 375، كفاية الأخيار ص 472، مغني المحتاج 3/ 133، نهاية المحتاج 6/ 197. (9) انظر: الروضة 5/ 375، كفاية الأخيار ص472. (10) ساقط من (أ). (11) 7/ ق 188/ أوانظر: الروضة 5/ 375، كفاية الأخيار ص 472. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 555 قوله "إذ في الرد بعد الخِطبة إيحاش" (1) (يعني أنه لو أخر النظر إلى ما بعد الخطبة، فربما لا تعجبه، فيرجع عنها، وفي ذلك إيذاء وإيحاش) (2)، والله (3) أعلم. وقال (4): "وفي عدة البائنة (وجهان" (5) والصواب) (6) قولان (7): فهكذا النقل في طريقتي خراسان، والعراق وسواء على هذه الطريقه، البائنة بالخلع، والبائنة بالثلاث، وباللعان (8). وفي طريقة العراق (9) القطع بأن المطلقة بثلاثٍ كالمتوفى عنها زوجها (10)، وهذا هو الصحيح, لأن فاطمة بنت قيس (11) - رضي الله عنها - طلقها زوجها   (1) الوسيط 3/ ق 4/ ب، ولفظه قبله "المقدمة الرابعة: في الخِطبة وآدابها، وينبغي أن يقدم عليها النظر إذ في الرد ... إلخ". (2) ما بين القوسين ساقط من (د). ومعنى الإيحاش: التنفير، يقال: احتوش القوم الصيدَ إذا أنفَرَه بعضهم على بعض. انظر: الصحاح 3/ 1002، مختار الصحاح ص 142. (3) نهاية 2/ ق 75/ أ. (4) ساقط من (أ). (5) الوسيط 3/ ق 4/ ب. ولفظه قبله " ... والتعريض جائز في عدة الوفاة، وحرام في عدة الرجعية وفي عدة البائنة ... إلخ". (6) ما بين القوسين ساقط من (د). (7) وأظهرهما: الجواز انظر: الروضة 5/ 376، الغاية القصوى 2/ 722، مغني المحتاج 3/ 136، نهاية المحتاج 6/ 293، تكملة المجموع 17/ 367. (8) انظر: المصادر السابقة. (9) ساقط من (د). (10) أي في جواز التعريض بخطبتها. انظر: الحاوي 9/ 248، والمهذب 2/ 61، والروضة 5/ 376. (11) هي فاطمة بنت قيس بن خالد القرشية الفهرية، أخت الضحاك بن قيس كانت من المهاجرات الأول وذات عقل وافر، وفي بيتها اجتمع أصحاب الشورى لما قتل عمر وماتت سنة 50 هـ. انظر: الاستيعاب 4/ 383، تهذيب الأسماء واللغات 2/ 353، الإصابة 4/ 384. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 556 ثلاثاً وعرَّض النبي - صلى الله عليه وسلم -، بخطبتها في عدتها، فقال: (إذا حللتِ فآذنيني) رواه مسلم في صحيحه (1) وكذلك البائنة باللعان، والرضاع (2). وإنما القولان في البائنة بخلع، أو فسخ بعيب، ونحوه (3). والفرق أن الزوج يجوز له نكاح هذه في العدة، فلا يجوز لغيره التعريض بخطبتها كالرجعية، بخلاف المطلقة ثلاثاً، ومن ألحقناها بها، والله أعلم. قوله "وآذنيني" هو بألف ممدودة، أي فأعلميني، ووقع في بعض النسخ "فآذِنِينِي" والصواب "وآذنيني" بالواو. والاعتبار في إجابة الخاطب ورده بالولي، إذا كان مجبراً، أو (4) بالمرأة إن كانت غير مجبرة، فإن وليها لو امتنع من تزويجها ممن رغبت فيه من الأكفاء، لزوجها السلطان (5). والله أعلم. قوله: "وقيل: بدوام السفر" (6). قلت: هذا مَطْرَحٌ (7) بما رواه مسلم في صحيحه, في بعض روايات (8) الحديث   (1) 10/ 94 - 107 مع النووي في كتاب الرضاع، باب المطلقة البائن لا نفقة لها. من حديث فاطمة بنت قيس رضي الله عنها. (2) انظر: الحاوي 9/ 248، المهذب 2/ 61، الروضة 5/ 376. (3) انظر: المصادر السابقة (4) في (أ) (الواو). (5) انظر: فتح العزيز 7/ 485، الروضة 5/ 378. (6) الوسيط 3/ ق 4/ ب ولفظه قبله (وأمَّا أبو جهم فلا يضع عصاه عن عاتقه) أي بدوام الضرب وقيل "بدوام السفر". (7) في (د) (مصرح)، وهو تحريف. (8) في (د) (الرويات). الجزء: 3 ¦ الصفحة: 557 أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال لها: (وأمَّا أبو جهم (1) فرجل ضراب للنساء) والله أعلم. قوله: "اذكروا الفاسق بما فيه" (2) حديث ضعيف (3)، وفي حديث فاطمة،   (1) هو عامر، وقيل عبيد بن حذيفة بن غانم بن عامر أبو جهم القرشي العدوي، أسلم يوم الفتح وصحب النبي - صلى الله عليه وسلم -، وكان معظماً في قريش مقدماً فيهم، وكان من المعمرين شهد بنيان الكعبة مرتين، في الجاهلية وفي عهد ابن الزبير. ومات في عهده، وقيل: مات في آخر خلافة معاوية. انظر: الاستيعاب 4/ 32، تهذيب الأسماء واللغات 6/ 206، الإصابة 4/ 35 وما بعدها. (2) الوسيط 3/ ق 4/ ب. (3) لم أعثر عليه بهذا اللفظ، ورواه الطبراني في الكبير 12/ 127، وابن عدي في الكامل 3/ 213، والقضاعي في مسند الشهاب 2/ 97، والواحدي في التفسير 4/ 82، والخطيب في الكفاية ص42 من طريق جعدبة بن يحيى الليثي ثنا العلاء بن بشر عن سفيان عن بهز بن حكيم عن أبيه عن جده مرفوعاً بلفظ (ليس لفاسق غيبة) قال ابن عدي، والعلاء بن بشر هذا لا يعرف، وهذا اللفظ غير معروف، ونقل عن أحمد أنه قال: "حديث منكر". وأورده ابن القيم في المنار المنيف ص 130، وقال: قال الدارقطني والخطيب "وقد روي من طرق وهو باطل" وكما أورده السيوطي في الجامع الصغير 2/ 468، ورمز له بالضعف، ووافقه المناوي في فيض القدير 5/ 377، والألباني في ضعيف الجامع الصغير وزيادته ص 709 برقم (4918) وقال في الضعيفة 2/ 53 برقم (584) باطل. والله أعلم. ورواه العقيلي في الضعفاء 2/ 72، وابن حبان في الضعفاء 1/ 215، وابن عدي في الكامل 2/ 260، والحاكم في تاريخ نيسابور كما في تذكرة الأحبار (ق 195) ومن طريقه البيهقي في الكبرى 10354، والخطيب في تاريخ بغداد 1/ 382، 3/ 188، وفي الكفاية ص 42، من طرق عن الجارود بن يزيد عن بهز بن حكيم عن أبيه عن جده مرفوعاً، بلفظ (أتَرِعُونَ عن ذكر الفاجر؟ أذكروه بما فيه كي يحذره النَّاس). قال العقيلي: ليس له من حديث بهز أصل ولا من حديث غيره، ولا يتابع عليه من طريق يثبت" وقال ابن حبان: والخبر في أصله باطل وهذه الطرق كلها بواطيل لا أصل لها" وقال البيهقي: هذا يعرف بالجارود بن يزيد النيسابوري وأنكره عليه أهل العلم بالحديث وقد سرقه عنه جماعة من الضعفاء فرووه عن بهز بن حكيم، ولم يصح فيه شيء. وأورده أيضاً السيوطي في الجامع الصغير 1/ 13، وسكت عليه ونقل المناوي في فيض القدير 1/ 115 - 116، عن الدارقطني أنه قال "هو من وضع الجارود ثم سرقه منه جمع" وحكم عليه أيضاً الألباني بالوضع في الضعيفة 2/ 52، برقم (583). والله أعلم. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 558 وغيره (1) مما صح في هذا المعنى غنية عنه. والله أعلم. قوله "جواز ذكر الغائب بما يكرهه إذا كان فيه مصلحة لغيره" (2) أجود منه قوله: في "الإحياء" (3) (4) المرخص في الغيبة غرض صحيح في الشرع لا يمكنه التوصل إليه إلا بها، كالتظلم، والاستعانة على تغيير المنكر، والاستفتاء كما روي (إن أبا سفيان (5) رجل شحيح) (6) والتحذير، والنصيحة، والتعريف في   (1) كحديث الهند الآتي بعد ثلاثة أسطر. (2) الوسيط 3/ ق 4/ ب. (3) 3/ 152 - 153. (4) نهاية 2/ ق 75/ ب. (5) هو صخر بن حرب بن أمية بن عبد الشمس بن عبد مناف أبو سفيان القرشي الأموي، أسلم يوم الفتح وكان شيخ مكة إذا ذاك ورئيس قريش وشهد حنيناً والطائف وفقئت عينه يومئذٍ وشهد اليرموك ونزل المدينة ومات بها سنة 31 هـ وقيل 34 هـ وقيل غير ذلك. والله أعلم. انظر: الاستيعاب 2/ 190 وما بعدها، تهذيب الأسماء واللغات 2/ 239، الإصابة 2/ 178 - 180. (6) رواه البخاري في مواضع كثيرة، منها 4/ 473 - 477 مع الفتح في كتاب البيوع، باب من أجرى أمر الأمصار على ما يتعارفون بينهم، في البيوع والإجارة ... و5/ 129 في كتاب المظالم، باب قصاص المظلوم إذا وَجَدَ مال ظالمه و9/ 414، و418 في كتاب النفقات باب نفقة المرأة إذا غاب عنها زوجها، ونفقة الولد، باب إذا لم ينفق الرجل فللمرأة أن تأخذ بغير علمه ما يكفيها وولدها بالمعروف، ومسلم 12/ 7 - 9 في كتاب الأقضية، باب قضية هند كلاهما من حديث عائشة - رضي الله عنها - قالت إن هند بنت عتبة قالت: يا رسول الله، إن أبا سفيان رجل شحيح وليس يعطيني ما يكفيني وولدي إلا ما أخذت منه وهو لا يعلم، فقال - صلى الله عليه وسلم -: (خذي ما يكفيكِ ووَلدَكِ بالمعروف). الجزء: 3 ¦ الصفحة: 559 حق من يعرف بلقب، وكل هذا بشرط أن يكون المقصود هذه الأمور لا الوقيعة فيه، وإذا كان مجاهراً بفسق، أو بدعة جاز أن يذكر ما (1) تظاهر به لا غير (2). وقوله: "وسواء خطب العاقدان، أو غيرهما" (3) هذا على البدل, لأن العاقدين لا يخطبان جميعاً, لأن المشروع قبل العقد خُطبة واحدة (4). قوله: " [و] (5) تخلّل هذه الكلمة اليسيرة، وهي متعلقة بغرض العقد، لا يقطع" (6). فهذان شرطان، لهذا الوجه الصحيح (7) فإن كانت خطبة الخاطب طويلة لم ينعقد (8) وإن تحلل بينهما كلام يسير، لا تعلق له بغرض العقد منع الانعقاد (9)   (1) في (أ) (بما). (2) انظر: أدلة هذه الأمور مع شرحها مفصلاً في "كتاب الأذكار" للنووي ص 303 - 305، الروضة 5/ 376 وما بعدها. (3) الوسيط 3/ ق 4/ أولفظه قبله " ... المقدمة الخامسة: الخُطبة، ويستحب ذلك عند الخِطبة وعند إنشاء العقد وسواء خطب ... إلخ". (4) انظر: الروضة 5/ 381، الأذكار ص250، مغني المحتاج 3/ 138. (5) ما بين المعقوفتين إضافة من الوسيط. (6) الوسيط 3/ ق 4/ ب، وتمامه " ... الجواب عن الخطاب". (7) وبه قطع الجمهور وصححه أيضاً الرافعي والنووي. انظر: الحاوي 9/ 165، المهذب 2/ 54، الروضة 5/ 381، المنهاج مع مغني المحتاج 3/ 138. (8) أي قطعاً. انظر: الروضة: 5/ 381، مغني المحتاج 3/ 138 وما بعدها. نهاية المحتاج 6/ 207. (9) على الأصح. انظر: المصادر السابقة. والحاوي 9/ 163. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 560 لأنه إعراض عن الجواب، وفيه وجه أنه لا يمنع (1) أيضاً (2) كالسكوت اليسير، وللشافعي ما يدل عليه، ولا شكّ أن السكوت اليسير لا يمنع، والسكوت الطويل يمنع (3) وهو الذي يشعر بإعراض القائل عن جواب الإيجاب، والله أعلم. ثم اعلم أن لعقد النكاح آداباً، تركها صاحب الكتاب، تمس الحاجة إليها منها (4): يستحب أن يكون العقد في مسجد (5) لما روت عائشة - رضي الله عنها - قالت: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - (أعلنوا هذا النكاح، واجعلوه في المساجد، واضربوا عليه بالدُّفُوف) أخرجه الترمذي (6) غير أنه قال حديث غريب.   (1) في (د) (لا يمتنع). (2) انظر: الروضة: 5/ 381، مغني المحتاج: 3/ 138 - 139، نهاية المحتاج: 6/ 207. (3) انظر: الحاوي 9/ 163، الروضة 5/ 385. (4) ساقط من (د). (5) انظر: الإحياء 2/ 36. (6) 3/ 399 في كتاب النكاح، باب ما جاء في إعلان النكاح، وكما رواه البيهقي 7/ 473 من طريق عيسى بن ميمون الأنصاري عن القاسم بن محمد عن عائشة مرفوعاً به. وقال الترمذي: هذا حديث غريب حسن في هذا الباب وعيسى بن ميمون الأنصاري يضعف في الحديث. وقال البيهقي "عيسى بن ميمون ضعيف" وهذا قال الحافظ بن حجر في التقريب ص 441. وأورده السيوطي في الجامع الصغير 1/ 77، ورمز له بالضعف ونقل المناوي في فيض القدير 2/ 11، تضعيفه عن البيهقي وابن الجوزي، وابن حجر، والزيلعي، وضعفه أيضاً الألباني في الإرواء 7/ 50 والضعيفة 2/ 409 رقم (978). ورواه ابن ماجة 1/ 611 في كتاب النكاح، باب إعلان النكاح، والبيهقي 7/ 473 من طريق خالد بن إلياس عن ربيعة بن أبي عبد الرحمن به مرفوعاً بلفظ (أعلنوا هذا النكاح واضربوا عليه بالغربال). قال البيهقي: "كذا قال: وخالد ضعيف" وقال البوصيري في الزوائد ص 271 "في إسناده خالد بن إلياس اتفقوا على ضعفه، بل نسبه ابن حبان والحاكم، وأبو سعيد النقاش إلى الوضع" وضعفه أيضاً الألباني في ضعيف سنن ابن ماجة ص 146 برقم (416)، والإرواء 7/ 50. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 561 ويستحب (1) أن يكون في شوال، (2) والعامة تنفر من ذلك، وتتشاءم به وهي غالطة، إذ صح عن عائشة - رضي الله عنها -، قالت: (تزوجني رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، في شوال، ودخل بي في شوال، فأيُّ نسائه كان أحظى عنده مني؟، وكانت عائشة تستحب أن تدخلَ نسائها في شوال) أخرجه مسلم في صحيحه, وغيره. (3) ويستحب إحضار جمع من أهل الصلاح زيادة على الشاهدين (4). ومن آدابه المهمة، أن ينوي بالنكاح المقاصد الشرعية، كإقامة السنة، وصيانة الدين، وسائر الفوائد الدينية (5) التي سبق ذكرها عند ذكر الترغيب في النكاح، حتى يكون عملاً من أعمال الدين غير متبع (6) فيه مجرد الهوى، وغرض النفس. والله أعلم بالصواب.   (1) نهاية 2/ ق 76/ أ. (2) انظر: الروضة 5/ 365، شرح صحيح مسلم 9/ 209. (3) مسلم 9/ 209 مع النووي في كتاب النكاح، باب استحباب التزوج والتزويج في شوال، والترمذي 3/ 401 في كتاب النكاح، باب ما جاء في الأوقات التي يستحب فيها النكاح والنسائي 6/ 70 في كتاب النكاح، باب التزويج في شوال، وابن ماجة 1/ 641 في كتاب النكاح باب متى يستحب البناء بالنساء، والبيهقي في الكبرى 7/ 474 كلهم من طرق عن سفيان عن إسماعيل بن أمية عن عبد الله بن عروة عن عروة عن عائشة - رضي الله عنها - به. (4) انظر: الروضة 5/ 382، مغني المحتاج 3/ 144، نهاية المحتاج 6/ 217. (5) انظر: الروضة 5/ 382، مغني المحتاج 3/ 139. (6) في (د) (ممتبع) كذا. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 562 القسم الثاني: في الأركان والشرائط قوله: "لأن النكاح يشتمل على أحكام غريبة" (1) شرحه: المعقود عليه في النكاح، هو منافع الاستمتاع، والثابت فيها الحل اللازم الذي يجوز رفعه بالطلاق وغيره، وليس المعقود عليه عين المرأة قاله بعض العلماء، ولا منافع البُضْعِ كما قاله آخرون، ولا تثبت (2) فيه حقيقة الملك في عين ولا منفعة، وآية ذلك أنه لا يقبل النقل كما جرى ذلك في ملك الرقبة في ملك اليمين، وفي ملك المنافع في الإجارة، ولم يشترط (3) فيه شروطها, ولهذا جاز تزويج الأمة الآبقة، ثم وجب العوض فيه مع فوات المقصود منه بالموت، ولم يفسد الملك فيه بفساد العوض إلى غير ذلك من الأحكام، فلما كان كذلك تعين في عقده اللفظ (4) الخاص المنصوص (5) عليه، (ولم يجز) (6) بالألفاظ الموضوعة. قوله: "والعتق على مال" (7) صور (بأن) (8) يقول: أعتقتك على ألف مثلاً، فيقول: قبلت، وهو عين الكتابة.   (1) الوسيط 3/ ق 4/ ب. ولفظه قبله " ... الأول: الصيغة، وهي الإيجاب والقبول الدالان على جزم الرضا دلالة صريحة قاطعة، وفيه ست مسائل: الأولى: أن الصريح هو كلمة الإنكاح والتزويج فلا يقوم لفظ آخر مقامهما؛ لأن النكاح ... إلخ". (2) في (أ) (يثبت) بالياء. (3) في (د): (ولم يشتر) بإسقاط الطاء. (4) في (د): (في عقد اللفظة). (5) نهاية 2/ ق 76/ ب. (6) ما بين القوسين ساقط من (أ). (7) الوسيط 3/ ق 5/ أولفظه " ... وقطع الأصحاب بأن ذلك (يعني اقتصاره على "قبلت") يكفي في الخلع والعتق على المال والصلح عن دم العمد ... إلخ". (8) ما بين القوسين ساقط من (د). الجزء: 3 ¦ الصفحة: 563 ما ذكره في قوله: "فيما لو قال: إن كان قد ولد لي بنت فقد زوجتكها أنه (1) لا يصح لصيغة التعليق، وإن لم يوجد حقيقة التعليق" (2). قلت: فيه ليس صيغة التعليق فيه مجردةً عن معني التعليق بالكلية؛ لأن ما (3) فيه من معني التعليق ما فيه من التردد حالة العقد، وعدم الجزم، وكونه بَانَ بعد ذلك وجود الشرط الذي علق عليه عند إنشاء العقد لا ينفي وجود التردد الذي ذكرته حينئذٍ. والله أعلم. قال: "وكذلك لو قال: إن انقضت عدتها، فقد زوجتكها" (4). العبارة غير مرضية؛ لأن قوله "إن انقضت عدتك (5) " ظاهره إن انقضت بعد هذا في المستقبل، وذلك نفس التعليق المفسد، وإنما المراد بما ذكره (6)، إن كان قد انقضت عدتك (7)، فبان انقضاء عدتها. قوله في الشغار "يُشبه ذلك ما لو نكحت امرأة عبداً على أن تكون رقبته صداقاً لها" (8) مشكل وإيضاحه مسألة أن هذا متعلق بدَخْلٍ مقدر كأن قائلاً   (1) في (د): (لأنه). (2) الوسيط 3/ ق 5/ أ. (3) ساقط من (أ) (4) الوسيط 3/ ق 5/ أ. (5) كذا في النسختين ولعل الصواب (عدتها) كما تقدم. (6) في (د): (ذكر) بإسقاط الضمير (7) كذا في النسختين ولعل الصواب (عدتها) كما تقدم وكما يقتضيها السياق. (8) الوسيط 3/ ق 5/ ب ولفظه قبله " ... فقال: (أي القفال) لو اقتصر علي شرط التزويج في العقد، وعلي إصداق البضع صح العقد؛ لأن عقد النكاح لا يفسد بالشرائط الفاسدة، وجماهير الأصحاب عللوا بالإشراك في البضع بجعله صداقاً، وقال يشبه ... إلخ". الجزء: 3 ¦ الصفحة: 564 قال: جَعْل بُضْعها صداقاً من باب الصداق الفاسد، وفساد الصداق لا يوجب بطلان النكاح علي ما عرف. فجوابه أن من صور فساد الصداق، ما يبطل النكاح، ودليله صورة العبد (1). قوله: "أن لا تكون منكوحة الغير" (2) قلت: لا يحتاج إلى ذكر الغير بل مجرد كونها منكوحة، فإن منكوحته لا يصح (3) العقد عليها (4) والله أعلم. "أو كانت (5) (6) كتابية دانت بدينهم بعد التبديل، أو بعد المبعث وليست مع ذلك من بني إسرائيل" (7). شرطه أن لا تكون من بني إسرائيل شرط لا يعرف ولا يصح، وإذا نظرت في الفصل المعقود (8) في "الوسيط" (9) في ذلك فيما بعد حكمت عليه بما ذكرته، والله أعلم.   (1) انظر: فتح العزيز 7/ 503، الروضة 5/ 595. (2) الوسيط 3/ ق 5/ ب ولفظه قبله "الركن الثاني: المحل وهي المرأة المنكوحة الغير وشرطها أن تكون خلية من الموانع، وهي قريبة عشرين، أن لا تكون منكوحة الغير ... إلخ". (3) في (أ) زيادة (منه). (4) انظر الوجيز 2/ 4، الروضة 5/ 388، الغاية القصوى 2/ 731. (5) ساقط من (أ). (6) نهاية 2/ ق 77/ أ. (7) الوسيط 3/ ق 5/ ب. (8) في (د): (المعقول)، وهو تحريف. (9) 3/ ق 15/ وما بعدها، (لو يذكر نص الوسيط لكان أولى). الجزء: 3 ¦ الصفحة: 565 ومن ذلك قوله "وليست مع ذلك من بني إسرائيل" مشكل، فإنها وإن (1) كانت إسرائيلية دان أول (2) آبائها بعد التبديل، أو بعد المبعث فليست (3) كغيرها بلا إشكال (4)، والعذر عنه - والله أعلم - أن هذا لم يذكره شرطاً بل على سبيل التصوير؛ لأن كونها لم تدن بدين أول آبائها إلا بعد التبديل، أو بعد المبعث لا يتصور إلا فيمن ليست من بني إسرائيل؛ لأن كل من كان من بني إسرائيل، ففي أول آبائهم من دان بدينهم قبل التبدل، وقبل البعث وذلك باستقراء أحوالهم. والله أعلم. قوله: "أما (5) غير (6) المجبر فيجب عليه الإجابة إذا طلبت" إلى قوله: "وأما (7) المجبر فيجب عليه تزويج المجنونة" (8) لا يفهم (من هذا) (9) السياق أن المجبر يفارق غير المجبر في وجوب الإجابة إذا طلبت، فقد سبق في أول الباب (10) أن المجبر يجب عليه الإجابة إذا التمست، وإنما لم يذكر هذا ها هنا في حق المجبر،   (1) في (أ) (ولو). (2) في (د): (كان أولى). (3) في (أ) (وليست). (4) أي فلا تحل مناكحتهم. انظر: الروضة 5/ 476. (5) في (أ) (ما) بإسقاط الهمزة. (6) في (أ) زيادة (في) ولعل الصواب حذفها. (7) في (أ) (فأما). (8) الوسيط 3/ ق 9/ أولفظه قبله "الفصل السادس: فيما يجب على الولي، فنقول: أما غير المجبر ... إلخ". (9) ما بين القوسين ساقط من (د). (10) الوسيط 3/ ق 6/ ب. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 566 إما لأنه قد ذكر مرةً، أو لأنه قصد ذكر (1) ما يختص به المجبر من تزويج المجنونة وغيرها تعويلاً على أن الوجوب عند الطلب في المجبر يفهم من مجرد ذكره في غير هذا (2) المجبر الذي هو وكيل من وجه. والله أعلم. قوله: "والنهي عن العضل" (3) من النهي عنه قوله تعالى: {فَلَا تَعْضُلُوهُنَّ أَنْ يَنْكِحْنَ أَزْوَاجَهُنَّ} (4). توقان (5) المجنونة (6) قد يعرف بتعرضها للرجال. قال: "ويحتمل تجويز التأخير إلى بلوغها" (7). ووجهه: أن أمر النكاح جبلي (8)، وللحب، (والبغض) (9) فيه تأثير عظيم، فربمّا رأى الولي المصلحة في أن لا يزوجها إلا ممن تختار (وتحب) (10) فكيف يمنع من ذلك الذي يذكره في المال، ينبغي أن يطالع عليه "فليشتري   (1) في (د): (ذكره). (2) ساقط من (أ). (3) الوسيط 3/ ق 9/ أ. (4) سورة البقرة الآية 232. (5) نهاية 2/ ق 77/ ب. (6) قال في الوسيط 3/ ق 9/ أ " ... وأما المجبر فيجب عليه تزويج المجنونة إذا تاقت". (7) الوسيط 3/ ق 9/ أ، ولفظه قبله " ... ولا يجب تزويج البنت إلا إذا ظهرت فيحمل الإيجاب كما إذا طلب مال الطفل بزيادة فإنه يجب البيع، ويحتمل تجويز ... إلخ". (8) في (د): (جبل). (9) ما بين القوسين مطموس في (د). (10) ما بين القوسين مطموس في (د). الجزء: 3 ¦ الصفحة: 567 لطفله" (1) هذا أمر وجوب فإن المصنف صرّح بالوجوب في موضع آخر، والظاهر من أمره أنه يرى أن (2) هذا البيع، وأن (3) هذا الشراء واجب، وإن (4) كان قد حصل الإستنماء (بمقدار النفقة. ووجهه: أن هذا لا يكدّ الولي، ولا يشغله عن معاشه فليجب نظراً للصبي، ولولا أنه فصل في "الوجيز" (5) بين هذا، والإستنماء المذكور لكان يمكن أن يقال: إن هذا ليس خارجاً عن الإستنماء) (6) المذكور، بل هو من تفاصيله وصورته (7) حتى لا يجب هذا إذا حصل المقدار المذكور من الاستنماء. والله أعلم. على القديم يحتمل أن لا يرجع بعد البلوغ (8) كالعاقلة، ويحتمل أن يرجع لئلا يمتنع الولي من تزويج ابنه عند ظهور الغبطة فتضيع مصلحته (9). قوله "وإن تبرّم ... إلى آخره" (10)   (1) الوسيط 3/ ق 9/ أولفظه "أما مال الطفل فلا يجب علي الولي أن يكدّ نفسه بالتجارة والإستنماء، لكن يجب صونه عن الضياع ... ، ولو طلب ماله بزيادة يجب البيع، ولو بيع شيء بأقل من المثل فله أن يشترى لنفسه فإن لم يرد فليشتري لطفله". (2) ساقط من (أ). (3) ساقط من (أ). (4) في (أ) (فإن). (5) 2/ 7. (6) ما بين القوسين ساقط من (د). (7) في (أ) (وصوره). (8) انظر: الروضة 5/ 423. (9) انظر: المصدر السابق. (10) الوسيط 3/ ق 9/ أ. وتمام لفظه " ... بحفظ مال الطفل فله أن يستأجر من مال الطفل من يعمل وله أن يطالب السلطان بأجرة يقدرها له من مال الطفل إن لم يجد متبرعاً ... إلخ". الجزء: 3 ¦ الصفحة: 568 قلت: ليس هذا مخصوصا بالزائد على ما ذكرنا وجوبه علي الولي، بل هذا في الجميع، فله أن يستأجر، ويأخذ الأجرة في القدر الواجب. وفي الزائد عليه (1) وقد أشعر بهذا (2) قوله: "يحفظ مال الطفل" فإن الحفظ من الواجب قطعاً (3)، ولا يقال: كيف يجوز له ترك ما هو واجب عليه، أو كيف يأخذ عليه أجرة؟. لأني (4) أقول: الواجب إنما هو السعي في تحصيل ما ذكرناه إمّا بنفسه أو بغيره، ولم يجب عليه. قوله: "يأخذ أجرة يقدرها القاضي له" إن لم يكن مخصوصاً بمن عدا الأب والجد، فيحتاج إلى الفرق بينه، وبين فعل ذلك بنفسه. والله أعلم. وعلى كل حال ففي النفس من هذا الفصل شيء. قلت: (5) خلاف الشيعة (6) لا يعتد به عند الأئمة، ولذلك (7) لا يذكرون في كتب اختلاف العلماء في الأحكام، إلا على ندرة (8)، وقد تقرر في الأصول إن   (1) انظر: الوجيز 2/ 8, الروضة 5/ 423. (2) في (د): (هذا). (3) انظر: الوجيز 2/ 7، الروضة 5/ 423. (4) في (أ) (فإني). (5) نهاية: 2/ ق 78/ أ. (6) مطموس في (د): والشيعة هم الذين شايعو علياً - رضي الله عنه - علي الخصوص، وقالوا: بإمامته نصاً ووصيته، واعتقدوا أن الإمامة لا تخرج عن أولاده، وأنها ركن من أركان الدين وهم خمس فرق: كيسانية، وزيدية، وإمامية وغلاة، وإسماعيلية. انظر تفصيل ذلك في: مقالات الإسلاميين 1/ 65 - 113، الملل والنحل 1/ 144 - 193 التعريفات ص 129 التوقيف ص 443. (7) في (د): (وكذلك). (8) في (د) (ندورة). الجزء: 3 ¦ الصفحة: 569 الإجماع ينعقد، وإن خالفوا (1)، فلا ينبغي إذاً التعرض لذكر خلافهم فيما نحن فيه (2) لكن له سبب نذكره، إن شاء الله تعالى. وهو إمّا؛ لأنه مذهب عبد الملك (3) بن الماجشون (4) وقيل: إنه مذهب الإِمام مالك (5) - رحمه الله - فذكروهم (6) تبعاً لذكر مذهبهم، والمقصود إنما هو رد مذهبهم فحسب، لا رده عليهم. وإما؛ لأنه أشتهر بين الناس فدعت الحاجة إلى بيان فساده. والله أعلم.   (1) انظر: التمهيد 3/ 252 وما بعدها، المستصفي 1/ 183، المسودة ص 321، البحر المحيط 6/ 418 - 421، تيسير التحرير 3/ 238، شرح الكوكب المنير 2/ 227، فواتح الرحموت 2/ 218 وما بعدها، إرشاد الفحول 1/ 312 - 313. (2) قال في الوسيط 3/ ق 9/ أ "اعلم أن الكفاءة حق المرأة والأولياء فلو رضوا بغير كفء جاز خلافاً للشيعة، فإنهم حرموا العلويات على غيرهم ... إلخ". (3) انظر: معين الحكام لأبن عبد الرفيع 1/ 243، الحاوى 9/ 107. (4) في (د): (ان ما جشون) كذا,. وهو عبد الملك بن عبد العزيز بن عبد الله بن الماجشون أبو مروان التيمي المدني، تلميذ الإمام مالك كان فقيهاً فصيحاً، دارت عليه الفتوى في زمانه حتى مات سنة 212 هـ. وقيل: 213 هـ. انظر: طبقات الفقهاء للشيرازي ص 153، فيات الأعيان 3/ 166، سير أعلام النبلاء 10/ 359، الديباج المذهب ص 153، شجرة النور الزكية ص 156. (5) في نسبة هذا القول إلى الإمام مالك - رحمه الله - نظر؛ لأن المنصوص والمعتمد في كتب المذهب هو الجواز، قال القاضي عبد الوهاب: في المعونة 2/ 748 "وإن رضيت هي والأولياء بغير كفء جاز خلافاً لمن حكى عنه أنه لا يجوز". وقال صاحب مواهب الجليل 3/ 460 "والكفاءة حق للزوجة والأولياء، فإذا تركوها جاز". والقول المذكور المنسوب إليه إنما هو قول لأصبغ، ولهذا ذكره متأخري المالكية بقيل. والله أعلم. وانظر: أيضاً المعيار المعرب 3/ 114، حاشية الدسوقي على الشرح الكبير 2/ 249، بلغة السالك 2/ 257. (6) في (د): (فذكروا لهم) بدل (فذكروهم). الجزء: 3 ¦ الصفحة: 570 قوله: "ولو كان يكفي النسب" (1) أي التساوي في الانتساب إلى جدٍ أو قبيلة، وهذا جواب عن دَخْل مقدر، وأنه قيل: إنما كان علي - رضي الله عنه - كفوءاً لها -رضي الله عنها -؛ لأن أباه أبا طالب (2) كان كفوءاً لعبد الله (3) أبي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لأنهما أبناء عبد المطلب (4). الجواب عنه، أنه لا يكفي الاستواء في النسب إلى الأجداد، فالناس كلهم متساوون في النسب إلى جدهم الأعلى آدم - عليه السلام - ومع ذلك هم متفاوتون لتفاوت آبائهم الأقربين، ولإفتراقهم في الفضائل، وقد تفاوت أبوها الأدنى (5) - صلى الله عليه وسلم - وأبوه - رضي الله عنه - فإن أباها (6) سيد البشر، وأباه كافر. والله أعلم.   (1) الوسيط 3/ ق 9/ أولفظه قبله "قال الشافعي: كيف كان علي - رضي الله عنه - كفوءاً لفاطمة - رضي الله عنها - وأبوه كافر، وأبوها سيد البشر، ولو كانت ... إلخ". (2) هو أبو طالب بن عبد المطلب بن هاشم القرشي، قام برعاية النبي - صلى الله عليه وسلم - بعد أبيه وكان النبي - صلى الله عليه وسلم - يحب أن يسلم، ولكن بقي على ملة الأشياخ ومات كافراً سنة 10 من النبوة. انظر: سيرة ابن هشام 1/ 164، الاستيعاب 1/ 22، مختصر السيرة لعبد الله النجدي ص 152. (3) ومات بالمدينة وله إذ ذاك خمس وعشرون سنة، وكان وفاته قبل أن يولد النبي - صلى الله عليه وسلم - في قول أكثر المؤرخين، وقيل: مات بعد مولده بشهرين، وقيل: غير ذلك. انظر: سيرة ابن هشام 1/ 146، مختصر السيرة لعبد الله النجدي ص 18، الرحيق المختوم ص 53. (4) هو شيبة بن هاشم بن عبد مناف أبو الحرث القرشي، وعبد المطلب لقبه، وكان شريفاً مطاعاً ذا فضل في قومه مات في السنة الثامنة من مولده - صلى الله عليه وسلم -. انظر: سيرة ابن هشام 1/ 127، الاستيعاب 1/ 15، مختصر السيرة لعبد الله النجدي ص 21 - 22. (5) ساقط من (د). (6) في (أ) (أبوها). الجزء: 3 ¦ الصفحة: 571 "وذكر الصيدلاني خلافه" (1) أي (2) لا يجوز (3)؛ لأن الولاية للمسلمين والسلطان نائبهم، فلا يكفي رضاه، وقد ذكر غير واحد من المصنفين أن هذا هو الصحيح (4). الكفاءة ترجع إلى المناقب ولا يعتبر جميعها لكثرتها (5) لئلا يفضي إلى العسر، وإنما يعتبر منها خمس (6): الحرية: (7) التساوي فيها معتبر في نفس الزوج، وفي الآباء (8)؛ حتى لو كان حرَّين، ولكن كل واحد منهما (9) يرجع إلى أب رقيق فيعتبر التساوي في القرب من الرقيق حتى لو كان الرقيق من جانبها يقع عاشراً، ومن جانبه تاسعاً فليس كفؤاً، كذا في "تعليق" القاضي أبي محمَّد بن الحسين المرْوَروُّذي (10)، وأظنه ابن القاضي الحسين (11). والله أعلم.   (1) الوسيط 3/ ق 9/ ب. ولفظه قبله " ... والصحيح أن التي لا ولي لها يزوجها السلطان من غير كفء برضاها إذ لا حظ للمسلمين في الكفاءة، وذكر الصيدلاني ... إلخ". (2) في (أ) (أنه). (3) انظر: الروضة 5/ 428، مغني المحتاج 3/ 165، نهاية المحتاج 6/ 255. (4) انظر: التهذيب 5/ 301، فتح العزيز 7/ 579 - 580، والمصادر السابقة. (5) نهاية 2/ ق 78/ ب. (6) انظر: الوسيط 3/ ق 9/ ب. (7) مطموس في (د). (8) انظر: الحاوي 9/ 104، المهذب 2/ 50، الروضة 5/ 424 - 425، مغني المحتاج 3/ 165، نهاية المحتاج 6/ 256 - 257. (9) ساقط من (د). (10) في (أ) (المرورذي). (11) ذكره ابن قاضي شهبة في طبقاته 1/ 277، معتمدا على كلام المصنف هذا ثم قال: "وللقاضي ولد اسمه أبو بكر محمَّد، ولد سنة ست وعشرين وأربعمائة سمع وحدث قال الذهبي: وكان من كبار فقهاء المراوزة". الجزء: 3 ¦ الصفحة: 572 وذكره أيضاً صاحب "التهذيب" (1). والله أعلم (2). فالمصنف أراد الحرية في نفس الناكح، وأما في الآباء فلم يتعرض لاعتبارها. قوله: "ولعل ذلك قدر البَلاَغ" (3) أي البلغة مقدار القناعة، أي هذا محل الخلاف (4). أما التساوي في مقادير المال، فلم يعتبره أحد لكن حكى غيره (5) وجهاً أن الناس طبقات ثلاث: فقير، ومتوسط، وغني، فيعتبر التساوي في الطبقة، إن تفاوتا (6) في مقدار المال. قوله: "ولا مبالاة بالانتساب إلى الظلمة" (7) أي إلى عظماء الدنيا وكبار أربابها الظلمة (8)، وكذا لو لم يكونوا ظلمة، لكن لما كان أكثرهم ظلمة خصهم بالذكر. الأَرُومة: بضم الهمزة وفتحها، هو (9) الأصل (10) ويعتبر (11) التساوي   (1) 5/ 298. (2) من قوله (وذكره أيضاً ... إلخ) مكرر في (د). (3) الوسيط 3/ ق 9/ ب. ولفظه قبله "واليسار يعتبر في أضعف الوجهين، ولعل ذلك ... إلخ". (4) قيل: إن المعتبر يسار بقدر المهر والنفقة، وقيل: وهو أصحهما، لا يكفي ذلك. انظر: الحاوي 9/ 106، التهذيب 5/ 298، الروضة 5/ 426. (5) كالماوردي والبغوي، انظر: الحاوي 9/ 106، التهذيب 5/ 258، الروضة 5/ 426 - 427. (6) في (د): (تساويا) وهو خطأ. (7) الوسيط 3/ ق 9/ ب وتمامه " ... بل إلى أرومة رسول الله - صلى الله عليه وسلم -". (8) انظر: البسيط 4/ ق 20/ ب، الروضة 5/ 427، مغني المحتاج 3/ 168. (9) في (أ) (هو). (10) انظر: الصحاح 5/ 1860، القاموس ص 1389. (11) في (د) (فيعتبر). الجزء: 3 ¦ الصفحة: 573 في (1) القرب من أرومة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - (2) فكل بطن من العرب (3) كانوا أقرب إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كانوا (4) أعلى ممن (5) هو أبعد منه، فإن قلت قالوا: إلى أرومة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ولم يقولوا (6): إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم -؛ لأن الانتساب إلى نفسه (7) - صلى الله عليه وسلم - لا يتصور إلا من جهة البنت ولا عبرة (8) بذلك في الأحكام المتعلقة بالأنساب. وقال: "إلى العلماء والصلحاء" (9) ولم يقل إلى أرومتهم، مع أن الجميع متصور (10) في حقهم؛ لأنه لا يبلغ شرفهم في العرف إلى أن يشرف من انتسب إلى قبائلهم، وأصولهم، مع أنه لا ينتسب إليهم. هذا ما ظهر لنا في ذلك. والله أعلم. اعتبر الشهرة ها هنا (11) وفي "البسيط" (12) و"النهاية" (13) في الصلحاء لا في العلماء، ولعل وجهه، أن شرف العلماء عظيم من حيث إنهم ورثة الأنبياء فلا   (1) في (د): (فمن). (2) انظر: الحاوي 9/ 102، المهذب 2/ 50، الروضة 5/ 425، مغني المحتاج 3/ 166. (3) في (د): (القرب). (4) في (أ) (كان). (5) في (د) (مما). (6) في (د) (ولم يقل). (7) نهاية 2/ ق 79/ أ. (8) في (د): (غيره). (9) الوسيط 3/ ق 9/ ب وتمامه " ... ؛ لأنهم ورثة الأنبياء، وإلى الصلحاء المشهورين الذين لا ينسى ذكرهم بعد الموت". (10) في (أ) (متقرب أو متقرر). (11) في (أ) (هنا). (12) 4/ ق 20/ ب. (13) ق 3/ ص 534. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 574 يتوقف شرف الانتساب إليهم على الاشتهار بخلاف الصلاح، فإنه في العرف لا يشرف المنتسب إلى الصالح الخامل (1) غير المشهور، وهو في نفسه لا يبلغ درجة العلم. وفيه مزيد نظر. والله أعلم (2). قال: "ولا الاشتهار" (3) وكذا لا يعتبر كونه عدلاً مزكَّى، بل يكفي أن لا يكون فاسقاً مردود الشهادة فحسب، وإن كان مستوراً (4). قال: "والحِرَفُ الدَّنِيْئَة" (5) قد ذكر الإِمام في كتابه (6)، وحكاه المصنف عنه في بسيطه (7) أنه لا يبعد اعتبار التنقي منها في الآباء؛ لأن ذلك يحط من الأحساب. قلت: وهذا يدل على اعتبار الحرية في الآباء على ما ذكرته. والله أعلم. "الرجوع في تفصيل ذلك إلى العادات" (8) أي (9) المرجع في بيان ما يدل من الحرف على (10) سقوط النفس وقلة المروءة، العادة والعرف (11).   (1) الخامل: الخفي الساقط الذي لا نباهة له. انظر: الصحاح 4/ 1690، المصباح المنير ص 182. (2) في (د): (والله أعلم وفيه مزيد نظر). (3) الوسيط 3/ ق 9/ ب ولفظه قبله "ولا يعتبر المساواة في درجة الصلاح ولا الاشتهار". (4) انظر: الروضة 5/ 426، مغني المحتاج 3/ 166، نهاية المحتاج 6/ 258. (5) الوسيط 3/ ق 9/ ب وتمامه " ... التي هي تدل على سقوط النفس". (6) نهاية المطلب ق 3/ ص 535. (7) 4/ ق 21/ أ. وانظر: الروضة 5/ 426، مغني المحتاج 3/ 167. (8) الوسيط 3/ ق 9/ ب. (9) في النسختين زيادة (ما) ولعل الصواب حذفها. (10) في (د) (إلى). (11) انظر: الحاوي 9/ 105، الروضة 5/ 426، مغني المحتاج 3/ 167. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 575 قوله: "نعم لا يزوج منه معيبة" (1) أي يستثنى من قولنا: هذه الخصال لا تعتبر (2) في تزويج الابن التنقي من العيوب، فإنه يعتبر فيه أيضاً (3) لعظم (4) الضرار، وكذلك الحرية تعتبر (في تزويجه) (5) فلا يزوج برقيقة إلا أن اعتبار هذا ليس لأجل الكفاءة (6)، بل؛ لأنه لا يتصور تزويج الرقيقة لامتناع الشرط، وهو خوف العنت، وقد أشار المصنف إلى هذا. والله أعلم. ويرد (7) على ما ذكر المجنون الكبير التائق، فإن خوف العنت في حقه متصور، فليتصور تزويج الرقيقة منه، وإذا تصور فينبغي أن يجوز (8) للولي تزويج الرقيقة كغيرها (9) ممن لا يكافئه، ليس (10) ذلك كالعيب في عظم الضرر، ولا أن يقال: لا مبالاة بزناه، فإنه لا (11) إثم عليه؛ لأن هذا خروج عن قواعد العفة (12).   (1) الوسيط 3/ ق 9/ ب، ولفظه قبله "وتمام هذا النظر بثلاث مسائل، الأولى: أن هذه الخصال تعتبر في تزويج البنت لا في الابن، إذ لا عار على الرجل في غشيان خسيسةٍ، نعم ... إلخ". (2) في (د): (لا تعبد)، وهو تحريف. (3) انظر: البسيط 4/ ق 20/ ب، الروضة 5/ 429، مغني المحتاج 3/ 165، نهاية المحتاج 6/ 256. (4) في (د): (لعدم). (5) ما بين القوسين ساقط من: (د)، وانظر: المصادر السابقة قبل هامش. (6) نهاية 2/ ق 79/ ب. (7) في (د): (يزداد). (8) في (د): (يزوج). (9) إن كان معسراً وخشي عليه العنت. انظر: الروضة 5/ 429، مغني المحتاج 3/ 159. (10) في (أ) (فليس). (11) ساقط من (د). (12) في (أ) (الفقه). وهذا رد من المصنف على تعليل الوجه الثاني الذي يقول: لا يجوز تزويجه؛ لأنه لا يخشى عليه الوطء يوجب حداً أو إثماً، وهذا ضعيف. انظر: الروضة 5/ 429. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 576 بعد تعليقي هذا (1). في "التهذيب" (2) ما ذكرته من أنه يجوز تزويج الأمة من المجنون إذا خيف عليه العنت. قال (3): "وجه بعيد" (4) ووجهه، أن الزوج يتعيَّر بنكاح الخسيسة في العرف، كما يشرف بنكاح الشريفة. "إن كان الفائت نسب رسول الله - صلى الله عليه وسلم -" (5) هو الفائت من الفوت، لا الثابت. والمعني أنه إذا فات (6) الزوج نسب رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وثبت في الزوجة، فلا يوازيه (7) انتساب الزوج إلى العلماء، حتى يكافئها، فأين الثَّرَى من الثُّرَيَّا (8). "الأصح أنه لا يوازيه" (9)؛ لأن النسب من خصال الكفاءة بخلاف المشهور من صلاح الزوج. "همّ عمر - رضي الله عنه -" هو ما روى أن عمر - رضي الله عنه - همّ بأن يزوج سلمان   (1) يعني أنه وجد في كتاب "التهذيب" للبغوي بعد تعليقه هذا ما يوافق ما ذهب إليه واختاره. والله أعلم. (2) 5/ 302. (3) ساقط من (د). (4) الوسيط 3/ ق 9/ ب ولفظه قبله " ... وفي اعتبار الكفاءة لجانبه أيضاً وجه بعيد". (5) الوسيط 3/ ق 9/ ب. (6) في (د): (إن كان) وهو خطأ بدليل ما بعده. (7) في (د): (فلا يوارثه). (8) الثّرَى: الأرض، والثُّريا: النجم. مختار الصحاح ص 73، المصباح المنير ص 81. (9) الوسيط 3/ ق 9/ ب. وتمامه " ... وقيل: تجبر به، واعتمد فيه هم عمر بتزويج ابنته لسلمان وأمثال ذلك". الجزء: 3 ¦ الصفحة: 577 الفارسي (1) ابنته - رضي الله عنها - فداخل (2) ابنه من ذلك شيء، (فشكي ذلك) (3) إلى عمرو بن العاص، فقال: عمرو (4) - رضي الله عنه - أنا أكفيك، فلقي سلمان، وقال له: هنيئاً لك قد تواضع لك أمير المؤمنين، فقال سلمان: ألمثلي يقال: هذا، والله لأنكحها أبداً" (5) وسلمان فيه من الصلاح ما هو مشهور، ولكن فاته نسب ابنة عمر - رضي الله عنهما -. وقوله: "وبأمثال ذلك" يعني (6) (مثل ما روى أن) (7) عبد الملك بن مروان (8) أرسل - وهو خليفة - رجلاً صالحاً من الموالي إلى ابن عمر - رضي الله   (1) هو سلمان أبو عبد الله الفارسي ويقال له: سلمان بن إسلام وسلمان الخير، وكان قد سمع بأن النبي - صلى الله عليه وسلم -، سيبعث فخرج في طلب ذلك فأسر وبيع بالمدينة فاشتغل بالرق حتى كان أول مشاهده الخندق وشهد بقية المشاهد وفتوح العراق، وولي المدائن وكان من فضلاء الصحابة وزهادهم وعلمائهم ويقال إنه عاش 250 سنة وقيل 350 سنة مات بالمدائن سنة 33 أو 32 هـ وقيل غير ذلك. انظر: الاستيعاب 2/ 56 - 61، تهذيب الأسماء واللغات 1/ 226 - 228، الإصابة 2/ 62 وما بعدها. (2) في (أ) (فتداخل). (3) ما بين القوسين ساقط من (د). (4) في (د): (عمر) بدون واو,. (5) لم أعثر عليه بعد البحث الأكيد. (6) نهاية 2/ ق 80/ ب. (7) ما بين القوسين مطموس في (د). (8) هو عبد الملك بن مروان بن الحكم بن أبي العاص بن أمية أبو الوليد الأموي أمير المؤمنين، وهو أول من سار بالناس في بلاد الروم سنة 42 هـ وكان أميراً على أهل المدينة، وتولى الإمارة بعد أبيه سنة 65 هـ واجتمع الناس عليه بعد مقتل ابن الزبير - رضي الله عنهما - ومات بدمشق سنة 86 هـ. انظر: البداية والنهاية 9/ 66 - 74، سير أعلام النبلاء 4/ 125. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 578 عنهما - ليخطب له بنته (1) فدخل المسجد، وصلى ركعتين، وأحسن أداءهما ثم افتتح الخطبة وأدى الرسالة، فقال: ابن عمر لا رغبة لي (2) في عبد الملك، فإن أردتها لنفسك فخذها (3) فقد أحسنت أداء أمانته (4)، والله أعلم. "اليسار يجبر بغيره" (5) أي بجميع ما عداه من الخصال. قال: "وأما الحرفة (6)، فلا تعارض النسب" (7) أي لا يكون ذو (8) الحرفة النفيسة الذي لا نسب له كفوءاً لذي الحرفة الخسيسة الذي له نسبة شريفة (9) بلى يكون كفوءاً لمن له حرفة خسيسة مع صلاح في نفسه (10)، وهذا لأن أثر (11) الحرفة قريب، والكلام في حرف تحل ملابستها. والله أعلم.   (1) في (أ) (ابنته). (2) في (د): (له). (3) مطموس في (د). (4) في (أ) (أمانة). والأثر لم أعثر عليه. (5) الوسيط 3/ ق 9/ ب ولفظه قبله "وأما العيوب فلا تجبرها غيرها، وأما اليسار ... إلخ". (6) في (د): (الحرية). (7) الوسيط 3/ ق 9/ ب. (8) في (د): (ذوي). (9) في (أ) (نسب شريف). (10) أنظر: البسيط 4/ ق 21/ ب، الروضة 5/ 427، مغني المحتاج 3/ 168، نهاية المحتاج 6/ 260 - 261. (11) في (أ) (أمر). الجزء: 3 ¦ الصفحة: 579 "إذا زوجها من غير كفء" (1) هذه المسألة إنما فرضها هو في المجبر، فأما غير المجبر إذا زوجها برضاها من غير كفء، من غير رضا باقي الأولياء. سنذكره (2) في الفصل الآتي (3). إن شاء الله تعالى. قال (4): توجيه الصحيح أنه إذا بطل تصرف الأب في مال ولده، ومعه غِبْطَة فلأن يبطل تصرفه في نفسه، إذا كان بغير غِبْطة أولى، وتوجيه قول الصحة يأتي (5) والله أعلم. قال: "وهو أجرى في سائر الخصال" (6) أي لأن فوات السلامة أضر من فوات سائر الخصال، فإذا جرى في فوات السلامة قول في الصحة، فهو أجرى في فواتها. وأجرى بالجيم لا بالحاء. قوله: "وأجروا ذلك" (7) يعني العراقيين، وقد تردد (8) إمام الحرمين (9) في ذلك، ثم اختار أن الخلاف مختص بحالة الجهل، وقال: إنما رددت قولي في ذلك   (1) الوسيط 3/ ق 9/ ب وتمام لفظه " ... بطل العقد علي الصحيح". (2) يعني الغزالي؛ لأن المصنف لم يتعرض للفصل الآتي. (3) انظر: الوسيط 5/ 89 من النسخة المطبوعة. (4) كذا في (د): وليست في (أ) والقائل هو المصنف ابن الصلاح - رحمه الله - فليتأمل. (5) انظر: الصفحة التالية. (6) الوسيط 3/ ق 9/ ب ولفظه قبله "وذكر العراقيون في تزويج السليمة من المعيب قولين، وهو أجرى ... إلخ". (7) الوسيط 3/ ق 9/ ب وتمامه " ... وأن كان الولي عالماً به؛ لأن الحق للطفل فلا يسقط بعلمه". (8) في (أ) (ردد). (9) انظر: نهاية المطلب ق 3/ ص 236. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 580 لفحوى كلام العراقيين، أي في كلامهم إشارة إلى جَرَيَان ذلك في حالة العلم، ولولا ذلك لقطعت قولي باختصاصه (1) بحالة الجهل. (2) لا ينبغي أن يتوهم أن المصنف قد حكى خلافاً في ثبوت الخيار للولي فيما عدا العيب من سائر الخصال؛ لأنه إنما (3) حكى الخلاف عن العراقيين، وهم إنما فرضوا الكلام في العيب، وقول المصنف "وهو أجرى في سائر الخصال" إنما قاله في الخلاف في الصحة ولا يخفى أنه لا يلزم منه جَرَيَان مثله في الخلاف في الخيار، فينبغي لهذا إذا علل الخلاف (في العيب) (4) أولاً، ثم الحث (5) عن اطراده في غيره. أما إذا كان جاهلاً، فوجه ثبوت الخيار القياس على ما إذا اشترى الولي لمولاه (6) شيئاً، ثم بان معيباً، فإنه يثبت للولي الخيار (7). ووجهه (8)، أنه لا يثبت أن الخيار (في النكاح) (9) مأخذه دفع أضرار (10) الاستمتاع، فيختص بالزوجة (11) ويدل على (12) ما ذكره في آخر الباب   (1) نهاية 2/ ق 80/ ب. (2) في (أ) زيادة (بحيث). (3) مطموس في (د). (4) ما بين القوسين ساقط من (أ). (5) كذا في النسختين والصواب (البحث) والله أعلم. (6) في (د): (المولية). (7) انظر: الحاوي 9/ 100، نهاية المطلب ق 3/ ص 236، الروضة 5/ 428. (8) في (أ) (ووجه). (9) ما بين القوسين ساقط من (أ). (10) في (أ) (ضرار). (11) في (د): (بالمزوجة). وانظر: الروضة 5/ 428. (12) كذا في النسختين، ولعل الصواب (عليه). الجزء: 3 ¦ الصفحة: 581 الثاني (1) من أن السيد إذا زوج أمته من معيب جاهلا، فلا خيار له، ولها الخيار (2). وأما إذا كان عالماً، فوجه عدم ثبوت الخيار ما ذكرناه، وإن العلم بالعيب ينافي ثبوت الخيار؛ ولأن الخيار الثابت مع العلم دائم معه، فيؤدي إلى استمرار النكاح جائزاً. ووجه ثبوت الخيار ما ذكره، وهو أنه إنما يسقط الخيار بعلمه إذا كان يستدرك لنفسه وهو ها هنا ينظر لغيره (3). ثم اعلم، أن هذا الخلاف، لا يطرد في فوات سائر خصال الكفاءة، بل لا خيار للولي جاهلاً كان أو عالماً؛ لأن فوات الفضائل لا يثبت خياراً من غير شرط. وقد قال إمام الحرمين (4): لو كان للمرأة ولي واحد فزوجها برضاها من رجل مجهول الحال، ثم بان أنه ليس كفؤاً، يعني من غير عيب فلا خيار باتفاق الأصحاب (5). ثم فرق الإِمام (6) بينه وبين العيب بما ذكرناه. والله أعلم.   (1) الوسيط 3/ ق 11/ ب. (2) انظر: نهاية المطلب القسم 3/ ص 237، فتح العزيز 7/ 581. (3) انظر: فتح العزيز 7/ 581، الروضة 5/ 428. (4) انظر: نهاية المطلب القسم 3/ ص 236. (5) انظر: الروضة 5/ 428، مغني المحتاج 3/ 164. (6) نهاية 2/ ق 81/ أ. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 582 القسم الثالث: من الموانع قال: "الأول: المحرمية" (1). قلت: المحرمية ليست عبارة (عن الحرمة المؤبدة، بل) (2) تلازمها الحرمة المؤبدة، ألا ترى أن الأصحاب اختلفوا في (أن الوطء) (3) بالشبهة هل يوجب المحرمية؟. والصحيح وهو النص أنه لا يوجبها، مع إجماعهم على أنه يوجب الحرمة المؤبدة (4). والله أعلم. فاعلم أن المحرم عبارة عمن تجوز الخلوة به، والمسافرة معه والنظر إليه، ورأيت هذا مصرحاً به في بعض التصانيف (5)، وأما الإشارة إلى ذلك فموجودة في كثير منها (6). قوله: "فأصناف المحرمات سبعة" (7). يعني المحرمات بالنِّسبَة، وإلا فالجميع أربع عشرة بواسطة الجدات، ذلك غير واسطة أمه التي ولدته، كانت الواسطة ذكراً كما في أم الأب، أو أنثى كما في أم الأم، وقد يتوسطه الذكر والأنثى معاً كما في أم أب الأم ونحوها في البنت   (1) الوسيط 3/ ق 12/ أوتمامه " ... وذلك يحصل بنسب، أو رضاع، أو مصاهرة". (2) ما بين القوسين مطموس في (د). (3) ما بين القوسين مطموس في (د). (4) انظر: الحاوي 9/ 210 - 211، الروضة 5/ 452 - 453، مغني المحتاج 3/ 178، نهاية المحتاج 6/ 275. (5) انظر: فتح العزيز 8/ 36، الروضة 5/ 452، مغني المحتاج 3/ 178. (6) انظر: الحاوي 9/ 210. (7) الوسيط 3/ ق 12/ أوتمامه "ذكرهن الله تعالى في قوله تعالى: {حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهَاتُكُمْ ... } الآية". الجزء: 3 ¦ الصفحة: 583 بواسطة الأحفاد (1). والأحفاد في كلام المصنف عبارة عن أولاد الأولاد (2) - ولهم معان أخر منها: أنهم عبارة عن الأعوان والخدم (3) - بغير واسطة بنت الصلب. قوله: "كما سبق" (4) أي سواء كانت الواسطة ذكراً كبنت الابن، أو أنثى كابن البنت (5). واعلم أنه ليس كل من ذكر هي أم، أو بنت حقيقة، فإن الصحيح أن الأم، والبنت حقيقة عبارة عمن يدلي بغير واسطة لا غير، وإنما سمي من عداهما أماً وبنتاً مجازاً، فإنما أراد المصنف ذكر (6) كل من يسمى أماً وبنتاً حقيقة كان أو مجازاً لشمول التحريم للجميع. قوله: "كبناتك منك" (7) أي سواء انتهى نسبتهن (8) إلى الأخ والأخت بواسطة، أو غير واسطة ذكراً وأنثى. قال: "والعمة، كل (9) أنثى ولدها أجدادك، أو جداتك من قبل الأب، والخالة: كل أنثى ... إلى آخره" (10).   (1) انظر: الروضة 5/ 447، مغني المحتاج 3/ 174. (2) انظر: الوسيط 3/ 12/ أ. (3) انظر: الصحاح 2/ 466، المصباح المنير ص 141. (4) الوسيط 3/ ق 12/ أولفظه قبله "وأما الابنة فهي كل أنثى تنتهي إليك بالولادة بواسطة أو غير واسطة كما سبق". (5) في (أ) (كبنت الابن) وهو خطأ. (6) في (د): زيادة (من) ولعل الصواب حذفها. (7) الوسيط 3/ ق 12/ أولفظه قبله "وبنات الأخت كبناتك منك". (8) في (أ) (سببهن). (9) نهاية 2/ ق 81/ ب. (10) الوسيط 3/ ق 12/ أوتمامه "ولدها أجدادك أو جداتك من قبل الأم". الجزء: 3 ¦ الصفحة: 584 فإن قلت: يلزم على هذا أن تكون الجدات (1) عمات وخالات؛ لأنهنّ إناث ولدها أجدادك، أو جداتك؟. قلت: لا يلزم؛ لأن المفهوم من ذلك أنها التي ولدها أجدادك، أو جداتك، مع أنها ليست في نفسها جدة (2)، ولأنه لما وصف من ولدها بالجدودة، واقتصر في وصفها على ولادة الجدودة (3) فهم أنه لا جدودة لها؛ لأن الجمع بين شيئين في الذكر مع تخصيص أحدهما بصفة يشعر بإسقاط تلك الصفة عن الآخر. والله أعلم. اعلم أن هذه العبارة، عبارة إمامه (4)، وهي تعطي أن أخوات الجدات من قبل الأب عمات، وأن أخوات الأجداد من قبل الأم خالات، وهو يخالف قوله في "الخلاصة": كل ذكر يرجع (5) (نسبك إليه فأخته عمتك، وربما تكون من جانب أمك، وكل أنثى رجع) (6) نسبك إليها فأختها خالتك، وربما تكون من جانب أبيك. وقد اختار كل واحد من هذين التفسيرين غيره (7)، ولكل واحد وجه، ففي (8) الأول النظر في العمة إلى الإدلاء بالأب، سواء كانت أخت ذكر أو أنثى،   (1) مطموس في (د). (2) في (أ) (جد). (3) في (أ) زيادة (و). (4) انظر: نهاية المطلب القسم 3/ ص 254. (5) في (أ) (رجع). (6) ما بين القوسين ساقط من (د). (7) انظر: الروضة 5/ 448، مغني المحتاج 3/ 175 - 176. (8) في (د): (نفي). الجزء: 3 ¦ الصفحة: 585 وفي الخالة إلى الإدلاء بالأم (1) سواء كانت أخت ذكر، أو أنثى، وعلى الثاني، النظر إلى الأصل الذي (2) هذه أخته في ذكوريته وأنوثيته، سواء كان الأصل من قبل الأم، أو الأب (3)، وهذا؛ لأن العمة المتفق عليها، هي أخت الأب، وقد اجتمع فيها أمران، كونها مدلية بالأب، وكونها أخت ذكر، فأخت الجدة من قبل الأب شاركتها في الإدلاء (4) بالأب دون كونها أخت ذكر، وكذا مثل هذا متحقق موجود في طرف الخالة، فنشأ الاختلاف من هذا والله أعلم. قال: "واللفظ الجامع ... إلى آخره" (5). هذا قاله الأستاذ أبو إسحاق الإسفراييني (6) - رحمه الله - فأصوله أمهاته وإن علون، وفصوله بناته وإن سفلن، وفصول أول أصوله الأخوات وبناتهن مع بنات الإخوة. و"أول فصل من كل أصل بعده (7) أصل" أي العمَّات والخالات، وإنما قال: أول فصل لئلا تندرج أولادهن. فقوله (8) "بعده أصل" وقع   (1) في (د) سقط حرف (م) من الأم. (2) ساقط من (د). (3) في (أ) (من قبل الأب أو الأم). (4) نهاية 2/ ق 82/ أ. (5) الوسيط 3/ ق 12/ أوتمامه: " ... أن يحرم على الرجل أصوله وفصوله، وفصول أول أصوله، وأول فصل من كل أصل بعده أصل". (6) انظر قول أبي إسحاق في البسيط 4/ ق 34/ أ، الروضة 5/ 448. (7) في (د): (بعدم). (8) في (د) (وقوله). الجزء: 3 ¦ الصفحة: 586 كذلك (1) في "الوسيط" و"الخلاصة" (2)، ولم يقل ذلك في "البسيط" (3) و"الوجيز" (4) بل قال: "وأول فصل من كل أصل وإن علا". اقتصر بعض المصنِّفين على أن قال: من كل أصل بعده. أي بعد أول أصوله الذي سبق ذكره، وهذا أوضح وأوجز. وأما قوله: "من كل أصل، (وإن علا" فلا يحتاج إلى أن يقول: تقديره، من كل أصل) (5) غير الأول، من أجل أن أول (6) فصل من أول أصوله (7) قد ذكره مرَّة؛ لاندراجه في قوله "وفصول أول أصوله" بل نقول: المراد أول كل فصل من كل أصل مندرجاً فيه الأول؛ لأن الواقع كذلك، والمذكور مرَّة يحسن ذكره مرَّة ثانية مع ضميمة زائدة، وهو ها هنا كذلك، عدنا إلى المذكور في الكتاب وهو أغمضها، فنقول: كل أصل بعده فصل، عبارة عن الجدَّ وإن على، والجدَّة وإن علت؛ لأنهما أصلان، ويقع بعدهما الأبوان، وهما أصلان، وكذا كل واحد ممن (8) فوقهما من الأجداد والجدَّات يقع بعده أصل. وإنما الأصل الذي لا يقع بعده أصل هو الأب والأم.   (1) ساقط من (د). (2) لم أقف عليه. (3) 4/ ق 34/ أ. (4) 2/ 10. (5) ما بين القوسين ساقط من (د). (6) ساقط من (د). (7) في (أ): (فصوله). (8) في (د): (من). الجزء: 3 ¦ الصفحة: 587 وإن (1) قلت: (2) فهذا يوجب كون الأبوين آخر الأصول (3) كلها وبعداً (4)، وقد جعلهما أولاً وقبلاً بقوله "وفصول أول أصوله"؟. قلت: يجوز أن يجعلهما أولاً وقبلاً؛ لأنهما يدليان إلى الشخص بأنفسهما، ومن عداهما (5) من الأصول فبهما (6) يدلي. ويجوز أن يجعلهما آخراً وبعداً؛ لأنهما آخر الأصول وجوداً، وكذلك كل أصل (7) فوقهما (8)، فهو بعد الأصل الذي فوقه وهلمَّ جراً إلى آدم عليه السلام، وعلى نبينا والنبيين السلام. فخرَّج قوله: "أول أصوله" على الاعتبار الأول، وخرِّج قوله: "بعده أصل" على الاعتبار الثاني الله أعلم. واعلم أن قوله "أولاً" يخرج (9) جميع الأقارب، إلا (10) أولاد (11) الأعمام والعمَّات، والأخوال والخالات أيضاً، ضابط جامع، وهو أبين من ضابط الأستاذ، وأوجز.   (1) في (أ) (فإن). (2) نهاية 2/ ق 82/ ب. (3) في (أ): (آخراً للأصول). (4) (وبعدًا) غير واضحة في (د). (5) (عداهما) غير واضحة في (د). (6) في (د): (منهما). (7) في (د): (أصول). (8) في (د): (فوقها)، وهو خطأ. (9) في النسختين: (ويخرج)، وكأن الواو هنا مقحمة. (10) ساقط من (د). (11) في (د): (الأولاد). الجزء: 3 ¦ الصفحة: 588 ما ذكره في المخلوقة من ماء الزاني (1)، تحريره: إن ثبتت (2) البنت ولداً له فلا تحرم (3)؛ لأنها ليست ولداً له شرعاً, ولا حقيقة: أما شرعاً: فلانتفاء السبب (4) إجماعاً. وأما حقيقة: فلوجهين: أحدهما: أن المنفصل منه ليس إلا النطفة، وليس ولداً، فلا يكون والداً لها, ولا هي ولداً (5) له. الثاني: أن الذكر لو كان والداً حقيقة لما انعقد ولد الحرَّ رقيقاً أصلاً. كما لا ينعقد ولد المرأة الحرَّة رقيقًا، فثبت أن الولد ليس ولداً للذكر حقيقة (6) أصلاً، وإنما جعل له ولداً (7) شرعاً إذا ولد على فراشه، ولا فراش للزاني. في المنفية باللعان وجهان (8): وجه التحريم ما ذكر (9).   (1) انظر الوسيط 3/ ق 12/ أ. (2) في (أ) (ثبت). (3) ولكن يكره هذا، وهو الصحيح من المذهب, وقيل تحرم عليه مطلقاً، وقيل: تحرم عليه إن تحقق أنها من مائِه. انظر الحاوي 9/ 214 وما بعدها، المهذَّب 2/ 55، العلماء 6/ 379 وما بعدها، الروضة 5/ 448، مغني المحتاج 3/ 175. (4) في (د): (فلا يبقى النسب). (5) في (د): (والداً) وهو خطأ. (6) ساقط من (د). (7) في (أ) (ولداً له). (8) انظر: الوسيط 3/ ق 12/ ب. (9) حيث قال: "أنها عرضة اللحوق بسبب الفراش إن كذّب نفسه". الجزء: 3 ¦ الصفحة: 589 ووجه الجواز (1): أنه انتفى نسبه، وثبت بلعانه كونه من الزنا. فإن قلت: أطلق ذكر (2) الخلاف، ولا يصحُّ؛ لأن الملاعنة لو كانت مدخولاً بها، حرمت عليه المنفيَّة وجهاً (3) واحداً؛ لكونها ربيبته، فلا بدَّ إذاً من التفصيل، وإن كان مشهوراً بين الفقهاء، لكنِّي أقول: الإطلاق صحيح من غير تفصيل؛ لأن الكلام وقع في ثبوت أن هذه الجهة الخاصة وهي وجه (4) كونها مخلوقة من مائِه هل توجب التحريم أم لا؟. وهذا، أو إن (5) وجدت جهة أخرى محرمة، وهذا كما أن المخلوقة من ماء الزاني لا تحرَّم عليه صحيح، وإن كان قد تحرم عليه بحرمة (6) الرضاع. وإنما صحَّ بطلان ذلك نظراً إلى ما ذكرته، فكذا هذا. قال: "قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: (يحرم من الرضاعة ما يحرم من النسب) (7). (قلت: هذا عام لا استثناء فيه، بل كل ما يحرم من النسب يحرم من الرضاع) (8) إذ ليس يحرم من النسب إلا السبع اللاتي ذكرها المصنِّف عقيب الخبر، وهنَّ أيضاً محرمات من الرضاع (9).   (1) انظر: المهذَّب 2/ 55، الوجيز 2/ 10، حلية العلماء 6/ 380، الروضة 5/ 448، مغني المحتاج 3/ 175. (2) نهاية 2/ ق 83/ أ. (3) مطموس في (د). (4) في (أ) (جهة). (5) في (أ) (وهذا وإن). (6) في (أ) (بجهة). (7) الوسيط 3/ ق 12/ ب. وتمامه " ... فيحرم منه الأم، والبنت، والأخ، والأخت، وبناتهما، والعمَّة، والخالة ... إلخ. (8) ما بين القوسين ساقط من (د). (9) انظر: اللباب ص 299، الحاوي 9/ 198 - 199، الوجيز 2/ 10 - 11، الروضة 5/ 249، كفاية الأخيار ص 483، مغني المحتاج 3/ 176. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 590 وأما من استثنى هذه الأربع اللاتي هنَّ أخت ولدك، وأم أختك، وأم نافلتك (1)، وجدة ولدك، وزعم أنهن يحرمن بالنسب، ولا يحرمن بالرضاع (2) فقد أتى بما لا حاجة إليه, لأنهنَّ إنما حرمن بسبب المصاهرة، أو النسب، ولولاها لما حرمن؛ لأن أخت ولدك من النسب إن لم تكن ابنتك فهي ربيبتك، وأم أختك إن لم تكن أمك فهي حليلة أبيك، وكذا أم نافلتك إن لم تكن ابنتك فهي حليلة ولدك، وجدة ولدك نسباً إن لم تكن أمك فهي أم امرأتك (3)، وفي الرضاع يتصوَّر خلو هؤلاء عن المحرَّم في بعض الأحوال فلا يثبت التحريم في تلك الحالة، وذلك ظاهر لمن تأمله. فإن قلت: أدرج الأخ بين السبع، ولا وجه له؛ لأن (4) الخطاب مع الذكر، ألا تراه يقول: وأمك، ثم ذكر (5) الإناث السبع يدل عليه, لأنهن إنما يحرمن على الأنثى بالأنوثة لا بالرضاع، وإذا كان كذلك فالأخ كسائر الذكور، سبب تحريمه الذكورة (6)، لا ما ذكر، وإن ذكر فليذكر سائر الذكورة. قلت: هذا كلام واقع، ولعله إنما ذكره لا مقصوداً، بل لتحصيل غرض الإيجاز بقوله (7): "وبناتهما" الله أعلم.   (1) أي أم ولد ولدك. انظر المصباح المنير ص 619، كفاية الأخيار ص 484. (2) وهو قول جماعة من الشافعية. انظر: الروضة 5/ 449 - 450، كفاية الأخيار ص: 484، مغني المحتاج 3/ 176. (3) قال النووي: القول بعدم استثنائها هو قول المحققين وجمهور الأصحاب. انظر المصادر السابقة. (4) تكرر في (د): وبها نهاية 2/ ق 83/ ب. (5) في (أ): (ذكره). (6) في (أ) (لذكورة). (7) في (أ) (فقوله). الجزء: 3 ¦ الصفحة: 591 قال: "وأمك ... إلى آخره" (1). يعوزه: أو أرضعت من أرضعك، وهو الفحل. فإن قلت: جهة (2) أبيك، أو أمك، قيل: يخرج به الأبوان من البين، مع أنهما الأصل؛ لأن من في جهة أبيك وأمك غير أبيك أو أمك. قلت: لا ينبغي أن يجاب عن هذا بأن (3) خروج الأبوين، ويدعي أنه لا يمتنع ترك (4) البعض؛ لأن ذلك ممتنع هنا؛ لأن قوله: وأمك من كان كذا وكذا، يقتضي الحصر، وأن لا توجد أم سوى ذكر (5) حتى لا يكون المبتدأ أعم كما في قوله: صديقي زيد، على ما عرف، فالجواب إذاً من وجهين: أحدهما: منع أنهما لا يدخلان تحت قوله: من جهة أبيك وأمك، بل يدخلان فيه؛ لأنهما لا يقعان إلا في جهة أنفسهما، ويستحيل أن تكونا لا (6) في جهتهما. الثاني: مسلَّم أن الأبوين لا يدرجان في قوله: من جهة أبيك وأمك، إلا أنهما قد اندرجا في قوله: "من يرجع نسبك إليه" فإنه عام، وقوله: "من جهة   (1) الوسيط 3/ ق 12/ ب. وتمامه: "كل امرأة أرضعتك، أو أرضعت من أرضعتك، أو أرضعت من يرجع نسبك إليه من جهة أبيك أو أمك، وكذلك كل امرأة يرجع نسب المرضعة إليها نسباً أو رضاعاً". (2) في (د): (جمعة)، وهو تحريف. (3) كذا في النسختين، ولعل الصواب: (بأنه). الله أعلم. (4) في (أ) (ذكر). (5) كذا في النسختين ولعل الصواب (سوى ما ذكر) والله أعلم. (6) في (أ) (يكون إلا). الجزء: 3 ¦ الصفحة: 592 أبيك أو أمك" ليس تقييداً له، بل هو تفصيل لِما (1) أجمله أن يذكر لفظ (2) عام لأقسام، ويعقَّب بتفسير بعض تلك الأقسام، ويترك (3) البعض (4) كقوله - صلى الله عليه وسلم -: (إنما جعل الإِمام ليؤتمَّ به، فإذا كبَّر فكبِّروا ... الحديث) (5). و (6) لم يقل: وإذا تشهد فتشهدوا، وإذا سلم فسلموا، اكتفاءً بدخول ذلك في عموم قوله: "إنما جعل الإِمام ليؤتم به" فإنه عام؛ لأن معناه: ما جعل إلا   (1) في (د): (ما). (2) في (د): (لفظه). (3) في (د): (ويذكر). (4) نهاية 2/ ق 84/ أ. (5) هذا الحديث ورد عن جماعة من الصحابة منهم: أنس بن مالك، وأبو هريرة، وعائشة - رضي الله عنهم - أما حديث أنس فرواه البخاري في مواضع كثيرة منها: 1/ 581 مع الفتح في كتاب الصلاة، باب الصلاة في السطوح والمنبر والخشب, 2/ 204، 253، 339 في كتاب الأذان، باب (إنما جعل الإِمام ليؤتم به)، وباب إيجاب التكبير وافتتاح الصلاة، وباب يهوي بالتكبير حين يسجد. ومسلم 4/ 130 - 131 مع النووي في كتاب الصلاة، باب ائتمام المأموم بالإمام. وأما حديث أبي هريرة فرواه أيضاً البخاري 2/ 244، 253 مع الفتح في كتاب الأذان، باب إقامة الصف من تمام الصلاة، وباب إيجاب التكبير وافتتاح الصلاة. ومسلم 4/ 133 - 135 مع النووي في الكتاب والباب السابقين. وأما حديث عائشة فرواه أيضاً البخاري 2/ 204، 680 مع الفتح في كتاب الأذان، باب (إنما جعل الإِمام ليؤتم به)، وكتاب تقصير الصلاة، باب صلاة القاعد، 3/ 129 في كتاب السهو، باب الإشارة في الصلاة. ومسلم 4/ 131 - 132 في الكتاب والباب السابقين. (6) ساقطة من (د). الجزء: 3 ¦ الصفحة: 593 ليؤتم به، فلو كان هنالك (1) حالة لا يؤتم به فيها لكان قد جعل ليؤتم به، ولئلا يؤتم به معاً (2)، وذلك يخالف مقتضاها ومعناها. قال: "كل امرأة يرجع نسبها إلى هذه المرضعة من قبيل أبيها، أو أمها (3) فهي أختك" (4). اعلم أن هذا لفظه في "البسيط" (5) أيضاً، وهو قبيح وحش (6)، والاحتيال (7) لتصحيحه أن نقول: جمع بهذا بين الأخت وبناتها، وبنات الأخ وسمى الجميع باسم الأخت، كما سميت بنت الابن والبنت بنتاً على ما سبق بيان هذا. إن قوله: "كل امرأة يرجع نسبها إلى هذه المرضعة" يشمل بناتها اللاتي (8) هنّ أخوات الرضيع على الحقيقة، ويشمل بنات أولادها وهنّ بالنسبة إلى   (1) في (أ) (هناك). (2) في (د): (معناه). (3) في (أ) (أمك). (4) الوسيط 3/ ق 12/ ب. (5) 4/ ق 34/ ب. (6) هكذا في النسختين بحاء مهملة، والوحش: بفتح الواو وسكون الحاء، كل شيء من دواب البر مما لا يستأنس، ويقال: أرض وَحْشة وبلد وحش قفر. وقد جاء وخش بخاء معجمة، بمعنى رُذاَلة الناس، وصغارهم، وقد وَخُشَ الشيء وخوشةً وخاشةً رذُل وصار رديئاً. والله أعلم. انظر: الصحاح 3/ 1024 - 1025، واللسان 6/ 368 - 371، والقاموس ص 786. (7) في (أ) (والاحتجاج). (8) في (أ) (اللواتي). الجزء: 3 ¦ الصفحة: 594 الرضيع أولاد إخوته، وأخواته (1) من الرضاع، ثم عقب هذا اللفظ الشامل لهؤلاء بتفصيل بعضهم، فقال: من قبل أبيها وأمها، والضمير لا يرجع إلى المرضعة، بل إلى المرأة أي (2) من قبل أبي المرأة، أو أمها. ووجه الاقتصار على البعض ما ذكرته قبيل، ثم حكم (3) على الجميع بقوله: فهي أختك، تسمية لأحفاد الأخت باسمها على ما بينته. والله أعلم. قال: "وكذلك كل امرأة أرضعتها أمك لهي أختك" (4) أي كما أن بنت النسب من أم الرضاع أختك من الرضاع، ثم ينقسم إلى أخت لأبوين وأخت لأب أو أم، كما ذكر. قال: "وكذلك قياس (5) العمات" (6)؛ لأن العمات من الرضاع هنّ أخوات أبيك، وأجدادك، وجداتك من الرضاع من قبل الأب، مما (7) تصير به المرأة أختاً لك من الرضاع، تفسير بمثله أختاً لأبيك، ولأجدادك، وجداتك من الرضاع، وعمة لك (8)، وكذا مثله في الخالات. والله أعلم.   (1) في (أ) (أخواته وإخوته). (2) ساقط من (أ). (3) في (د): (حكى). (4) الوسيط 3/ ق 12/ ب. (5) نهاية 2/ ق 84/ ب. (6) الوسيط 3/ ق 12/ ب. (7) في (أ) (فما). (8) في (د): (عم له). الجزء: 3 ¦ الصفحة: 595 قال (1) "فله أن ينكح من شاء" (2) لأنه لو لم يجز لانسد عليه باب النكاح في هذا البلد، وهو حرج، ثم يبعد الوقوع في المحرمة مع أنها واحدة في هذا الجمع العظيم. قال: "أو عدد محصور على الجملة" (3) (أي يحصره وجود على الجملة) (4) أي لا يخلو من الحصر في حالة ما، وإن كان قد يغفل عن حصره في بعض الأحوال، فأصل الحصر فيه موجود بخلاف القسم الأول، فإنه لا وجود لحصره أصلاً، وإن كان ممكناً، والله أعلم. قال: "لأن يقين (5) التحريم عارض يقين الحل" أي تيقن أن فيها محرمة (6)، كما تيقن أن فيها محللة، فلا يجوز إلغاء يقين الحرمة بتجويز الهجوم على نكاح واحدة من غير بيان، بل يجب التوقف عن (7) نكاح الجميع (8).   (1) مطموس في (د). (2) الوسيط 3/ ق 12/ ب ولفظه قبله "فرع: لو اختلط أخته من الرضاع بأهل بلد، أو قرية لا ينحصرون في العادة، فله ... إلخ". (3) الوسيط 3/ ق 12/ ب وتمامه " ... فيلزمه اجتناب الكل؛ لأن يقين التحريم عارض يقين الحل في عدد". (4) ما بين القوسين ساقط من (د). (5) في (أ) (نفس). (6) في (أ) (محرمية). (7) في (د): (على). (8) هذا هو المذهب. انظر: الوجيز 2/ 11، الروضة 5/ 456، مغني المحتاج 3/ 178 - 179, نهاية المحتاج 6/ 276. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 596 وقوله: "في عدد" أي في محصور، إذ كل (معدود محصور، وهذا فيه احتراز من غير المحصور. وفقهه: أن يقين التحريم هناك يضعف عن) (1) مقاومة يقين الحل كما سبق. "وقيل: يجوز الهجوم" (2) لأن الحل كان ثابتاً قبل الاختلاط فيبقى، وعلى هذا، فينبغي أن يستمر الجواز إلى أن تبقى (3) واحدة من الجميع. قال: "زوجة الابن والحفدة" أي من الرضاع، والنسب، (وهكذا زوجة الأب والجد من الرضاع، والنسب) (4). قال: "فلا تحرم إلا بالدخول" (5) أي الحرمة المؤبدة، وإلا فتحريم الجميع (6) حاصل بالعقد (7)، وإنما حرمت أم الزوجة، وحليلة الأب، والابن بالعقد دون الربيبة؛ لأن الحاجة إلى الخلوة (8) بهنّ (9) آكد، لقيام الأم بمصالح   (1) ما بين القوسين ساقط من (د). (2) الوسيط 3/ ق 12/ ب. وتمامه "وهو بعيد". (3) في (أ) (يبقى). (4) ما بين القوسين ساقط من (د):، والمثبت من (أ). وانظر: الروضة 5/ 451، كفاية الأخيار ص 485. (5) الوسيط 3/ ق 12/ ب ولفظه قبله "ويحرم الجميع بمجرد النكاح إلا بنت الزوجة، فإنها لا تحرم ... إلخ". (6) في (أ) (وإلا فالتحريم في الجميع). (7) انظر: الروضة 5/ 451، كفاية الأخيار ص 485، مغني المحتاج 3/ 177. (8) نهاية: 2/ ق 85/ أ. (9) ساقط من (د). الجزء: 3 ¦ الصفحة: 597 زوجته، ولقيامه هو بمصالح الحرمة (1) أبيه وابنه، فعجلت الحرمة (2) بالعقد لذلك، ولا كذلك في الربيبة. والله أعلم. قوله تعالى: {فِي حُجُورِكُمْ} (3) لا يفهم منه أنها تحل إذا لم تكن في حجره؛ لأن التخصيص بذلك إنما كان؛ لأنه الغالب في الربائب كما في (4) آية الخلع (5). "إذ الشبهة كالحقيقة" (6) أي اشتباه الحل كتحققه وتيقنه. قال: "في جلب المحرمات" وفي بعض النسخ، المحرمات جمع حرمة التحريم، لا من الاحترام، وكلاهما له وجه، وهذا الكلام يشعر بأن المحرمية لا تثبت، فإنها تحليل على ما سبق، وقد قيل به، والأشياء التي ذكرها كلها تتضمن تغليظاً. والله أعلم.   (1) كذا في النسختين ولعل الصواب (حرمة) بدون "أل". والله أعلم. (2) في (أ) (المحرمة). (3) سورة النساء الآية 23. (4) ساقط من (د). (5) وآية الخلع هي قوله تعالى: {فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا يُقِيمَا حُدُودَ اللَّهِ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا فِيمَا افْتَدَتْ بِهِ} سورة البقرة الآية 229. (6) الوسيط 3/ ق 12/ ب ولفظه "والوطيء بالشبهة يحرم الأربع كالوطيء في النكاح، إذ الشبهة كالحقيقة في جلب المحرمات ... إلخ". الجزء: 3 ¦ الصفحة: 598 ومن باب (1) نكاح المشركات، مواضع منها في مسألة وجوب الحكم بين الذميين (2)، إذا ترافعوا (3) إلينا، وفيها قولان (4). قال: "ثم إذا أوجبنا الإجابة، مهما استعدى أحد الخصمين فحضر الآخر ولم يرض بحكمنا لم نحكم؛ لأنا إنما نحكم عليهم إذا رضُوا بحكمنا، فإن أبوا فلا نكلفهم موجباتِ شرعنا" (5). وذكر في "البسيط" (6) مثل هذا. قلت: هذه زيادة زادها لا تعرف، وهي غير صحيحة، بل إذا أوجبنا الحكم فاستعدى أحد الخصمين، فإنا نحضره من غير (رضى ونحكم عليه بغير) (7) رضاه (8)؛ لأن المعتمد في إيجاب الحكم بينهم، أنا الزمنا (9) دفع الظلم عنهم، فنحكم بينهم لكف عادية الظالم بينهما (10) عن الآخر، فلو كان الحكم على الظالم يتوقف على رضاه، حتى إذا لم يرض (11) تركناه (12)، لم نكن قد دفعنا عن المظلوم ظلم الظالم. والله أعلم.   (1) في: (أ) (في باب) بدل: (ومن باب). (2) انظر: الوسيط 3/ ق 17/ أ. (3) في (أ) (ترافعا). (4) أظهرهما - عند الأكثرين - الوجوب. انظر: الحاوي 9/ 306 - 307، المهذب 2/ 328، الروضة 5/ 490 - 491، مغني المحتاج 3/ 195. (5) الوسيط 3/ ق 17/ ب. (6) 4/ ق 55/ ب. (7) ما بين القوسين ساقط من (د). (8) انظر: الحاوي 9/ 307، فتح العزيز 8/ 104. الروضة 5/ 491، مغني المحتاج 3/ 195. (9) في (أ) (التزمنا). (10) في (أ) (منهما). (11) نهاية 2/ ق 85/ ب. (12) في (د): زيادة (لأنه) لعل الصواب حذفها. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 599 وقال: في آخر الفصل الثاني: "المقصود أنَّ طرآنَ الحرية قبل الاجتماع في الإِسلام، يلحقها بالحرائر الأصليات. ولو أسلم على أمتين - يعني مع (1) أمتين، وهي عبارة ليست بذاك - وتخلفت أمتان فعتقت واحدة من المتقدمتين ثم أسلمت المتخلفتان (2) رقيقتين اندفع (3) نكاحهما إذ تحت زوجهما عتيقة. وأما المتقدمة الرقيقة فلا يندفع؛ لأن عتق الأخرى (4) كان بعد اجتماعهم في الإِسلام، فلا يؤثر في دفعها (5) بل يختار إحدى المتقدمتين" (6). قلت: استقر الرأي بعد البحث والتنقيب (7) (على الحكم) (8) على الشيخ (9) الغزالي - رحمه الله - بأنه ساهٍ في هذه المسألة على المذهب ها هنا، وفي "البسيط" (10) و"الوجيز" (11) وليس كذلك (12) اختياراً له تعمده، فما (13) هكذا تذكر (14)   (1) ساقط من (د). (2) في (أ) (المتخلفان). (3) في (د): (يدفع). (4) في (د): زيادة (ما) وهو خطأ بدليل السياق. (5) في (أ) (دفعهما). (6) الوسيط 3/ ق 17/ ب. (7) في (د): (التنبيه). (8) ما بين القوسين ساقط من (د). (9) ساقط من (أ). (10) 4/ ق 49/ أ. (11) 2/ 16. (12) في (أ) (ذلك). (13) في (د): (كما). (14) في (د): (ترك). الجزء: 3 ¦ الصفحة: 600 الاختيارات، وصوابه، أنه لا يندفع نكاح المتخلفتين، [بل] (1) يتخير بين الأربع (2)؛ لأن عتق إحدى المتقدمتين كان بعد اجتماعهما مع الإِسلام، والقاعدة المقررة، أن مثل هذا العتق لا يجعلهما كالحرائر، بل يبقى حكمها حكم الإماء في حقها، وفي غيرها، وكان منشأ السهو أنه سبق وهمه إلى أنه لما كان عتق المتقدمة واقعاً قبل اجتماع الزوج، والمتخلفتين (3) في الإِسلام التحقت بالحرائر في حق المتخلفتين، وهذا خطأ؛ لأن الاعتبار في ذلك باجتماع العتيقة نفسها والزوج في الإِسلام، لا باجتماع غيرها والزوج (4)، وهذه العتيقة كانت رقيقة عند اجتماعها هي والزوج في الإِسلام، فكان حكمها حكم الإماء في حقها، وحق غيرها. وقد يتكلف المتكلف له تأويلاً يرد كلامه به إلى موافقة غيره، بأن يقول: أراد بذلك ما إذا اختار العتيقة قبل إسلام المتخلفتين. ولكن سياق كلامه يأبى هذا. والله أعلم. ومنها قوله: "فيما إذا أسلم على ثمانٍ، ومات قبل الاختيار والتعيين، يوقف لهنّ من الميراث الربع، أو الثمن الى أن يصطلحن، فإن كان فيهن طفلة لم يرض وليها إلا بربع الموقوف" (5).   (1) في (د): (أن بين) وفي (أ) (بين) والمثبت من نقل البلقيني عن المصنف في هذه المسألة كما في حاشية الروضة 5/ 496. (2) قال الخطيب الشربيني: "وبه جزم الفوراني، والإمام، والمصنف - يعني النووي - في تنقيحه وصوبه البلقيني". انظر: مغني المحتاج 3/ 198، نهاية المحتاج 6/ 304. (3) في (د): (المخلفتين). (4) نهاية 2/ ق 86/ أ. (5) الوسيط 3/ ق 19/ ب. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 601 وهكذا (1) ذكره في "البسيط" (2) و (3) وعلل بأنه أكثر ما يفرض لها. وهذا خلاف مذهب الشافعي، وأصحابه، وخلاف الدليل، وصوابه أن يقال: لا يرضى بأقل من الموقوف (4) اعتباراً بعددهنّ وتساويهنّ في الاستحقاق (5). والذي نقله شيخه في "النهاية" (6) قال: قال الشافعي: لو كان فيهنّ طفلة، فليس لوليها أن يرضى لها إذا طلبن الاصطلاح بأقل من ثمن الموقوف. قال: وعلل بأن قال: (إذا وقف) (7) بينهن وهنّ ثمانٍ مقدار قيد (8) كل واحدة (9) منهنّ ثابت على الثمن الموقوف، فلا يقع الرضا (10) بأقل من ثمن الموقوف على موافقة (11) ثبوت الأيدي. والله أعلم.   (1) في (د): (هذا). (2) 4/ ق 52/ أ. (3) ساقطة من (د). (4) كذا في النسختين ولعل الصواب (من ثمن الموقوف) وكذا في المصادر الآتية. (5) انظر: الروضة 5/ 505، مغني المحتاج 3/ 300، نهاية المحتاج 6/ 307. (6) القسم الثالث/ ص 290. (7) ما بين القوسين ساقط من (د). (8) كذا في (د):، وفي (أ) (فيد) بالفاء. ولفظ النهاية " ... فإن كان فيهن طفلة، فقد منع الشافعي وليها أن تصالح على أقل من ثمن الموقوف، إذ يد كل واحدة ثابتة على الثمن فلا يرضى بما دونه". (9) في (د) (واحد) وتكرر فيها. (10) ساقط من (د). (11) في (د): (مواقع). الجزء: 3 ¦ الصفحة: 602 القسم الرابع من الكتاب، في موجبات الخيار ثم قال: "أسباب الخيار أربعة" فذكر العيب والعنّة، فلم يجعلها ها هنا من العيوب، ثم قال عقيبه في بيان الموجب للخيار: "العيوب المتفق عليها - يعني بين الأصحاب - خمسة: اثنان يختص بهما الزوج، وهما الجبّ والعنّة" (1) (2). فها هنا جعل العنة من العيوب، وذلك منه غير جيد، ويعتذر مع ذلك بأن التعنين وإن كان في الحقيقة من أقسام العيب ولكن أفردها أولاً عن العيب جعلهن قسيماً له؛ لأن الكلام فيه يطول، واقتضى غرض التصنيف إفراده، فصار المسمى قسيماً (3) للعيب (4) من هذا. والله أعلم. قوله: "الجذام الذي سوَّد العضو، وأخذ في التقطيع" (5). (كذا وقع عندي، وصوابه: أو أخذ في التقطيع تحرزاً له، فإن الأخذ في التقطيع) (6) كاف، وإن لم يسود العضو (7) ثم ألحق صاحب "النهاية" (8) ما إذا اسود بحيث لا يقبل العلاج، وإن لم يأخذ في التقطيع. والله أعلم.   (1) الوسيط 3/ ق 20/ ب. (2) نهاية 2/ ق 86/ ب. (3) في (أ) (قسماً). (4) ساقط من (د). (5) الوسيط 3/ ق 20/ ب. (6) ما بين القوسين ساقط من (د)، والمثبت من: (أ). (7) انظر: الروضة 5/ 511، مغني المحتاج 3/ 202. (8) القسم 3/ ص 304. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 603 قوله "البخر، والصُّنَان، العِذْيَوْط الذي لا يقبل العلاج، هل يرد بالعيب؟ " (1) هذا سوء عبارة، وليس ممتنعاً من حيث العربية. ووجهه: أنه ذكر البَخْرَ (2) والصُّناَن (3) بلفظ المصدرين على ما يليق بقوله "في ثلاثة أمور" ثم عدل في الأمر الثالث إلى ذكر الوصف فإن العِذْيَوْط صفة للرجل (الذي يُحدِثُ عند الجماع (4). وقال: "هل يرد) (5) بالعيب؟ " أي هل (يرد هذا الرجل بهذا العيب، أي) (6) يفسخ (7) نكاحه به (8)؟ ولم يذكر جواب البَخَر والصُّنَان حكما، وهو محذوف؛ لأن في ذكر حكم العِذْيَوْط اشعاراً به، وتقديره، البخر والصنان (هل يرد بهما؟ ولا يقرأ "البخر" بكسر الخاء، و"الصنان") (9) بفتح الصاد، وتشديد النون على أن يجعلهما وصفين كالعِذْيَوْط، فإنه لا يوثق بذلك من حيث اللغة.   (1) الوسيط 3، ق 20 ولفظه قبله "واختلفوا في ثلاثة أمور أحدها: أن البخر ... إلخ". (2) البخر: النتن في الفم وغيره. انظر: الصحاح 2/ 576، القاموس ص 443. (3) الصنان: الذَّفَرُ تحت الإبط وغيره. انظر: الصحاح 6/ 2152، المصباح المنير ص 349، القاموس 1563. (4) انظر: تهذيب الأسماء واللغات 3/ 2/ 10 المصباح المنير ص 399. (5) ما بين القوسين ساقط من (د)، والمثبت من: (أ). (6) ما بين القوسين ساقط من (د)، والمثبت من: (أ). (7) في (أ) (ينفسخ). (8) الصحيح الذي قطع به الجمهور أنه لا يفسخ به ولا بالبخر والصُّنان ونحوها. انظر: الحاوي 9/ 338، وما بعدها، والوجيز 2/ 18، الروضة 5/ 512 وما بعدها، كفاية الأخيار ص 488، مغني المحتاج 3/ 303. (9) ما بين القوسين ساقط من (د)، والمثبت من: (أ). الجزء: 3 ¦ الصفحة: 604 والعِذْيُوْط: هو بكسر العين المهملة، وإسكان الذال المنقوطة ثم ياء مثناة مفتوحة بعدها واو ساكنة، والمرأة عِذْيَؤْطة، أخرها هاء (1). قوله "يكسر سورة التوَّاق" (2) بفتح التاء وتشديد الواو، أي حدة شهوة، التَوَّاق الشديد التوق (3) والشهوة (4). (وقوله) (5) "لاقتصر على الرتق، والقَرْن (6) " أي في حق المرأة. والقَرْن: هو بسكون الراء في اللغة (7)، ولا اعتبار بقول من يفتحها من الفقهاء (8). وقوله: "زيادة سلعة" (9) هي بكسر السين كما في سلعة المتاع، وفتحها غلط فإنه بالفتح عبارة عن الشُّجَّة (10). والله أعلم.   (1) انظر: تهذيب الأسماء واللغات 3/ 2/ 11. (2) الوسيط 3/ ق 20/ ب ولفظه قبله " ... والمتبع كل عيب يكسر ... إلخ". (3) نهاية 2/ ق 87/ أ. (4) انظر: المصباح المنير ص 294، القاموس ص 527. (5) ما بين القوسين مطموس في (د)، والمثبت من: (أ). (6) الوسيط 3/ ق 20/ ب ولفظه قبله " ... إذ لو اعتبر امتناع الاستمتاع لاقتصر ... إلخ". (7) وهو لحمة تكون في فم فرج المرأة كالغُدَّة تمنع ولوج الذكر، وقيل: عظم. انظر: الزاهر ص 204، والصحاح 6/ 2180، تهذيب الأسماء واللغات 3/ 2/ 91، المصباح المنير ص 500، وأما الرتق: فهو التحام الفرج بحيث لا يمكن دخول الذكر. انظر: الزاهر ص 205، تحرير التنبيه ص 228. القاموس ص 1143. (8) وتعقبه النووي بقوله: وقد غلط من أنكر قولهم ذلك بالفتح، بل الصواب جوازه ورجحانه. ثم أطال في الاستدلال لذلك. انظر: تهذيب الأسماء واللغات 3/ 2/ 91، تحرير ألفاظ التنبيه ص 228. (9) الوسيط 3/ ق 21/ أولفظه " ... الثاني لو كان أحد الزوجين خنثى ففي ثبوت الخيار أربعة أوجه ... والثاني: لا إذ ليس فيه إلا زيادة ثقبة في الرجل وزيادة سِلعة في المرأة". (10) انظر: المصباح المنير ص 285، القاموس ص 942. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 605 ذكر في الخنثى الواضح، العلامة المحسوسة المورثة لليقين (1) يعني بها الحبل، والعُلُوق، والعلامة المظنونة نحو البول. وقوله: "والرابع أنه لا يرد ما يثبت بعلامةٍ أيضاً" (2) يعني لا يرد بعلامة مظنونة أيضاً. وقوله: "بل ما لا (3) يثبت إلا بالإقرار" وحاصله أنه لا يرد (إلا ما) (4) يُثبت وضوحه بإقراره، أو بإقرارها (5). والله أعلم. قوله: "والمرأة مضطرة لأجل التحصين" (6) يعني أنها مضطرة إلى الفسخ فيحصن دينها بغيره بخلاف الزوج، فإنه قادر على التحصن (7) بغيرها. والله أعلم. قوله: "والثاني: أنه يرجع على الولي؛ لأنه كالغار" (8) يعني كالعاقد إذا غرَّ الزوج بحرية أمته، ووطئ وغرم، فإنه يغرم ولكن على أحد القولين (9)، وهذا مرتب على ذلك.   (1) انظر: الوسيط 3/ ق 21/ أذكره بالمعنى. (2) الوسيط 3/ ق 21/ أوتمامه ما يأتي بعده. (3) ساقط من (د): وفي الوسيط (ما لم يثبت). (4) ما بين القوسين ساقط من (د)، والمثبت من: (أ). (5) في (د): (إقرارها). (6) الوسيط 3/ ق 21/ أولفظه قبله " ... وهل يثبت الخيار له إذا طرأ العيب عليها قولان ... والثاني: أنه لا يثبت لأن العقد سلم أولاً، وهو قادر على الطلاق، والمرأة مضطرة ... إلخ". (7) في (د) (التحصين). (8) الوسيط 3/ ق 21/ ب، ولفظه قبله " ... أما الرجوع على الولي بالمهر غير ثابت قطعاً إن كان العيب طارئاً، وإن كان مقارناً فقولان ... والثاني ... إلخ". (9) انظر: الحاوي 9/ 141، الروضة 5/ 518، مغني المحتاج 3/ 209. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 606 إن (1) قلنا هناك لا يغرم فها هنا أولى، وإن قلنا يغرم هناك فها هنا قولان: أحدهما: هذا القول الذي ذكره (2). والله أعلم. قوله "اختلفوا هل يشترط أن يكون الوليُّ مَحْرَماً"؟ (3) قال: "وهل يشترط علمه حالة العقد ... إلى آخره" (4) رتب الخلاف في اشتباه العلم، على الخلاف في المحرم، وذلك مصرح به منه في "البسيط" (5) وهذا غير مرضي، بل الصواب أن الخلاف في المحرم مرتب على الخلاف في العلم. فإن قلنا: يشترط علم الولي حتى لا يغرم إذا كان جاهلاً بعيب المرأة، فلا كلام إنه (6) لا يشترط كونه محرماً. وإن قلنا: لا يشترط علمه حتى يرجع به، وإن كان جاهلاً بالعيب، فهل يشترط كون الولي محرماً؟ فيه الخلاف المذكور. وعلى هذه الكيفية ذكره شيخه في "النهاية" (7) والله أعلم. قوله "فإذا جعلناه معذوراً وكانت هي الغارة" (8) وقع في نسخ "أو كانت هي الغارة" والصواب بالواو، وهكذا هو في الأصل أعني "النهاية" (9) وتكون هي   (1) في (أ) (إذا). (2) والثاني: وهو الجديد أنه لا يرجع به على الغار. انظر: الحاوي 9/ 144، التنبيه ص 230، الروضة 5/ 516، مغني المحتاج 3/ 305. (3) في (أ) (محرم) وتمامه ( ... حتى يكون خبيراً بالبواطن فلا يعذر في الإخفاء". (4) الوسيط 3/ ق 21/ ب. وتمامه " ... لثبوت تقصيره، منهم من شرط ذلك، ومنهم من رآه مقصراً بكل حالٍ". (5) 4/ ق 63/ أ. (6) نهاية 2/ ق 87/ ب. (7) القسم 3/ ص 306. وانظر: فتح العزيز 8/ 142 - 143، الروضة 5/ 516 - 517. (8) الوسيط 3/ ق 21/ ب. (9) القسم 3/ ص 306. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 607 الغارة، بأن تكتم عيب نفسها، والولي غير عالم فتحل محل الولي العالم بعيبها. ففي جواز الرجوع عليها القولان (1): والله أعلم. قوله "وقيل: إن ذلك القدر هي الغارة" (2) صوابه هي غارة به، من غير ألف ولام، حتى لا يكون حصراً. قوله "فلها النفقة على قولنا [النفقة] (3) للحمل، فإن لوازم النكاح ساقطة عند الفسخ" (4) هذا ليس تعليلاً لما نطق به من قول النفقة للحمل، بل لما حذفه وهو كون النفقة للحامل، وتقديره فلها النفقة على قولنا للحمل، لا على قوله لكونها للحامل، فإنها على قولنا: أنها للحامل من لوازم النكاح، وهي ساقطة. والله أعلم. وقوله "إن قلنا: لا يثبت خيار الخُلْف، فلها الخيار بسبب فوت النسب" (5). حاصله، إن قلنا: لا يثبت خيار الخُلْف (6) (فيثبت خيار الخُلْف في خلفه بخروجه عن كفاءتها، ولفظه في الكتاب يوهم إن هذا الخيار ليس خيار خُلْف) (7)   (1) أصحهما: لا يرجع؛ لأنه حصل له في مقابلته الوطء. انظر: المهذب 2/ 62، التهذيب 5/ 309 - 310، فتح العزيز 8/ 141، الروضة 5/ 516. (2) الوسيط 3/ ق 21/ ب. (3) ما بين المعكوفتين إضافة من الوسيط. (4) الوسيط 3/ ق 21/ ب. ولفظه قبله "أمَّا النفقة والسكنى، فلا يثبت لها إن كانت حائلاً، وسقوط السكنى كسقوط المهر، وإن كانت حاملاً فلها النفقة ... إلخ". (5) الوسيط 3/ ق 21/ ب. ولفظه قبله "وكذلك إذا غرَّت المرأة بنسبه أو حريته جرى الخلاف في انعقاد العقد، ثم في ثبوت خيار الخلف، لكن إذا قلنا لا يثبت ... إلخ". (6) انظر: فتح العزيز 5/ 145، الروضة 5/ 519. (7) ما بين القوسين ساقط من (د)، والمثبت من: (أ). الجزء: 3 ¦ الصفحة: 608 وليس كذلك، بل الأمر في ذلك على ما صرَّح به شيخه في "النهاية" (1) إن الخلف على هذا القول ينقسم، فالحال الذي يخرجه عن كفاءتها، يثبت لها (2) الخيار (3)، وذكر أن الأصحاب أطبقوا على ثبوت الخيار لها بذلك عند الاشتراط. ولو زوجها وليها برضاها (4) من مجهول ثم بان أنه ليس كفؤاً فلا خيار باتفاق الأصحاب (5)، وأنه فوات منقبة (6)، ومثل ذلك لا يثبت الخيار من غير شرط، فإذا شرط التحق بالسلامة من العيوب؛ لأن عدم الكفاءة مؤثر على الجملة في الاعتراض على العقد (7) فإنه إذا زوجها بعض أوليائها ممن لا يكافئها، فالنكاح فاسد (8)، أو معرض لفسخ بقية الأولياء (9)، فإذا اتصل الشرط به، وأخلف كان مثبتاً للخيار نظراً إلى هذا المجموع. والله أعلم. قوله "لأنها ليست مأذونة" (10) هذا لحن (11) وحقه مأذوناً لها. والله أعلم.   (1) القسم 3/ ص 313. (2) في (د): (له) وهو خطأ بدليل السياق. (3) انظر: التنبيه ص 229، الروضة 5/ 519، مغني المحتاج 3/ 208، نهاية المحتاج 6/ 317. (4) نهاية 2/ ق 88/ أ. (5) انظر: الحاوي 9/ 107، الروضة 5/ 519، مغني المحتاج 3/ 208. (6) في (د): (منفعة). (7) في (د): (العبد). (8) هذا هو المذهب. انظر: الحاوي 9/ 99، الروضة 5/ 428، مغني المحتاج 3/ 164، نهاية المحتاج 6/ 254. (9) هذا على اعتبار القول الثاني: أن النكاح يصح ولهم حق الفسخ. انظر: المصادر السابقة. (10) الوسيط 3/ ق 22/ ب، ولفظه قبله " ... أما إذا كانت الغارة هي الأمة نفسها تعلقت العهدة بذمتها لا بكسبها ورقبتها؛ لأنها ليست مأذونة ... إلخ". (11) ساقط من (د)، والمثبت من: (أ). الجزء: 3 ¦ الصفحة: 609 قوله "قال الأصحاب: الوجه أن يقال: فيه العشر من الغُرَّة للسيد، والباقي للورثة" (1) ليس معناه أن عشر (الغرّة للسيد، وإنما معناه أن عشر) (2) قيمة الأم يؤخذ من الغرّة للسيد، ويترك ما بقي من الغرّة للورثة (3) (هذا إذا كانت الغرّة أكثر من عشر قيمة الأم، فإن كانت مثل عشر قيمة الأم) (4)، أو دونه صرفت (5) كلها إلى السيد (6)، والله أعلم. قوله: في الخيار بالعتق ما إذا أجازت، وقد طلقها طلاقاً رجعياً فلا تصح (7) إجازتها, لا يخرج على وقف العقود، بل هذا كما لو باع خمراً فصارت (8) خلاً (9). يعني بذلك، إن الخلاف في وقف العقد يجرى حيث يكون المحل قابلاً للعقد، ولهذا لا يقال: إن بيع (10) الخمر يكون موقوفاً على مصيره خلاً. والله أعلم. قوله: بعد فراغه من ذكر الخلاف في سقوط خيارها إذا أخرت وادعت الجهل بثبوت الخيار "أمَّا إذا ادعت الجهل بأن الخيار على الفور، [فلا تُعْذر] (11) " (12) قطعه   (1) الوسيط 3/ ق 23/ أ. (2) ما بين القوسين ساقط من (د)، والمثبت من: (أ). (3) انظر: الحاوي 9/ 354, الوجيز 2/ 19، الروضة 5/ 524، مغني المحتاج 3/ 210. (4) ما بين القوسين ساقط من (د)، والمثبت من: (أ). (5) كذا في النسخ لعل الصواب (صرفت). (6) انظر: الحاوي 9/ 354، الوجيز 2/ 19، الروضة 5/ 524. (7) في (أ) (يصح) بالياء. (8) في (أ) (فصار). (9) انظر: الوسيط 3/ ق 23/ أ. ذكره بالمغنى. (10) في (د): (مع). (11) في (د): (فلا يعتقد) وفي (أ) (تعتد) وكلاهما تحريف والمثبت من الوسيط. (12) الوسيط 3/ ق 23/ ب. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 610 بهذا في كتابه هذا، وغيره (1) مع اجرائه الخلاف في الذي قبله عجيب وقد كنت اعتذرت (2) له، بأنه ها هنا قد علمت بثبوت (3) الخيار من أصله، ومعلوم أن الخيار منقسم (4) متردد (5) بين الفور، والتراخي فإذا لم تسأل عن ذلك كانت مقصرة بخلاف أصل الخيار، إذ قد لا يخطر لها أصلاً، بل تذهل عنه، لكن هذا لا يتم مع قطعه في كتاب الشفعة (6)، بأنه لو ادعى الجهل فإنه (7) على الفور قبل منه مع يمينه ذلك وعُذِر، وهذا مقطوع به كذلك هناك في "النهاية" (8) و"التهذيب" (9) و"البسيط" مع وجود ما ذكرته فيه. فإذاً هذا الذي ذكره ها هنا باطل قطعاً، وكيف يتمشى أن يتردَّد في قبول (10) ذلك في أصل الخيار، مع أنه مقطوع بثبوته في المذهب (11) ويقطع بأنه لا يقبل ذلك في كون الخيار على الفور، مع كونه مختلفاً فيه في المذهب (12). والله أعلم.   (1) انظر: البسيط 4/ ق 62/ ب، الوجيز 2/ 20. (2) في (أ) (أعتذر). (3) في (د): (ثبوت). (4) نهاية 2/ ق 88/ ب. (5) في (د) (مترد) بدال واحدة. (6) الوسيط 2/ ق 140/ ب. (7) كذا في النسختين ولعل الصواب (بأنه) والله اعلم. (8) 12/ ق 4/ أ - ب. (9) 4/ 350. (10) في (د): (فيقول). (11) انظر: الأم 5/ 77، والإشراف لابن المنذر 4/ 80، اللباب ص 316، مغني المحتاج 3/ 210. (12) على ثلاثة أقوال: أظهرها أنه على الفور. انظر: اللباب ص 317، الحاوي 9/ 360، الوجيز 2/ 20، الروضة 5/ 527، مغني المحتاج 3/ 210. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 611 قوله: "إذا عتقت قبل المسيس، وفسخت سقط كمال المهر؛ لأن الفسخ حصل بسببها, ولا يستند إلى عيب في الزوج" (1). هذا غير صحيح، فإنه ولو استند إلى عيب في الزوج لسقط على ما عرف في فصل العيب (2). الله أعلم. في "البسيط" من هذه الكلمة الأخيرة الفاسدة (3). قوله: "لأن له نظراً في دعواه الإصابة" (4) يعني أن الفسخ له تعلق بعدم دعواه الإصابة، ومدار هذا الأمر على الدعوى، والإقرار، والإنكار، فلا بد من الحاكم لفصل الأمر (5). قوله: في العنَّة "فإذا قضى عليه بالعنة فسخت كما في الجبّ وسائر العيوب" (6) يعني أنه بعد حكم الحاكم بثبوت العنة يثبت لها الاستقلال بالفسخ، ولا يتوقف على أن يقول (7) القاضي، حكمت بثبوت الفسخ (8)، ويلتحق ذلك   (1) الوسيط 3/ ق 23/ ب. (2) الوسيط 3/ ق 21/ أ، انظر: المهذب: 2/ 62، 66، فتح العزيز 8/ 140، 158. (3) هكذا وقعت هذه الجملة في النسختين ولم يتبين لي المقصود منها. والله أعلم. (4) الوسيط 3/ ق 24/ أولفظه قبله " ... فإن مضت المدة وإن لم يجر وطء بالاتفاف رفعت الأمر إلى القاضي فإن له ... إلخ". (5) انظر: فتح العزيز 8/ 165، الروضة 5/ 530. (6) الوسيط 3/ ق 24/ أ. (7) في (د): (قبول). (8) انظر: الحاوي 9/ 374 - 375، الوجيز 2/ 20، الروضة 5/ 530، مغني المحتاج 3/ 207، نهاية المحتاج 6/ 315. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 612 بعد ثبوت العنة بالجب (1)، والعيوب، فإن الفسخ يثبت فيها عنده غير متوقف على حكم الحاكم أصلاً، وهذا ما قطع به شيخه (2)، فإنه قال فيها: لا يتوقف نفوذ الفسخ على قضاء القاضي، وشهود مجلس الحكم قياساً على العيوب في البيع، وتختص العنة من بينها بالافتقار إلى مجلس الحكم (3). والمقطوع به في "المهذب" (4) وغيره (5) أن العيوب يتوقف الفسخ فيها على حكم الحاكم (6). قوله في "الوسيط" (7) "وفيه وجه، أن القاضي هو الذي يتعاطى الفسخ" ليس معنى هذا أن المرأة لا تصح (8) مباشرتها للفسخ، بل الأمر فيه على ما ذكره شيخه في "النهاية" (9) وهو أن للحاكم على هذا الوجه أن يفسخ بنفسه، وله أن يفوض إليها، وتكون مأمورة مستنابة (10) في الفسخ المفوض إلى الحاكم (11). والله أعلم.   (1) نهاية 2/ ق 89/ أ. (2) انظر: نهاية المطلب القسم الثالث/ ص 321. (3) انظر: الروضة 5/ 515، مغني المحتاج 3/ 205، نهاية المحتاج 6/ 314. (4) 2/ 62. (5) كالحاوي 9/ 348، وانظر: الروضة 5/ 515، مغني المحتاج 3/ 205, نهاية المحتاج 6/ 314. (6) لأنه مجتهد فيه انظر: المصادر السابقة. (7) 3/ ق 24/ أ. (8) في (أ) (لا يصح) بالياء. (9) القسم 3/ ص 321. (10) في (د): (مستبانة) وهو تصحيف والمثبت من (أ) وهو الصواب. (11) انظر: الحاوي 9/ 374 وما بعدها، الوجيز 2/ 20، الروضة 5/ 530، مغني المحتاج 3/ 207. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 613 القسم الخامس (1) قوله "ونهيٌ عن العزل على وجهٍ" (2) نهيٌ منون معطوف على قوله كراهية. وقوله "على وجه" أي على جهة، وحالة من الجهات (3) والحالات، أي النهي عن العزل (4) وارد، إما على جهة الكراهة، وذلك على رأي من قال: لا يحرم مطلقاً (5)، وإما على جهة التحريم، وذلك على رأي من حرم (6). قوله "والصحيح أنه جائز مطلقاً" (7) عنى بالجواز ها هنا نفي الحرج لا استواء الطرفين، وذلك اصطلاح شائع بين الفقهاء، وهذا؛ لأن هذا القائل يحمل النهي على الكراهة صرَّح به في "البسيط" (8) وهو كذلك ولو لم يقله. والله أعلم.   (1) قال في الوسيط 3/ ق 24/ ب، "القسم الخامس: في فصول متفرقة شذت عن الضوابط". (2) الوسيط 3/ ق 24/ ب ولفظه قبله " ... فيحل للرجل جميع فنون الاستمتاع، ولا يستثنى عنه إلا كراهية في النظر إلى الفرج وتحريم مؤكد في الإتيان في الدبر ونهى عن ... إلخ". (3) ساقط من (د). (4) العزل: هو أن يجامع فإذا قارب الإنزال نزع فأنزل خارج الفرج، انظر: المصباح المنير ص 408. (5) انظر: المهذب 2/ 85، حلية العلماء 6/ 526، الروضة 5/ 537. (6) انظر: المصادر السابقة. (7) الوسيط 3/ ق 24/ ب، وتمامه ( ... ومنهم من منع مطلقاً، وقال هو الوأد الأصغر، ومنهم من أباح في المنكوحة الرقيقة دون الحرة خوفاً من إرقاق الولد، ومنهم من جوز برضى المرأة ... إلخ". (8) 4/ ق 66/ أ. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 614 ذكر أنه اتفق الأصحاب على أنه (1) في معنى [الوطء] (2) في وجوب الكفارة، وقد ذكر في كتاب الصوم، فيه خلافاً (3). والله أعلم. قال: "وترددوا في أربعة أمور، أحدها: النسب والظاهر (4) أنه يثبت ... إلى آخره" (5) هذا متصور (6) في السيد في أمته, لأن الوطء إنما يعتبر في إلحاق النسب في ملك اليمين (7)، أما النكاح، فالنسب يثبت فيه بمجرد الإمكان (8). "الثاني: تقرير المهر المسمَّى في النكاح، والظاهر أنه يتعلق به المسمى عند المراوزة، وإنما ذكر العراقيون فيه تردداً (9)، مع قطعهم بوجوب مهر المثل في النكاح الفاسد، فكان (10) نقضاً وارداً عليهم" (11).   (1) يعني الإتيان في الدبر. انظر: الوسيط 3/ ق 24/ ب. (2) في النسخ (الشرط) وهو تحريف والمثبت من الوسيط وهو الصواب. (3) حيث قال: " ... والإتيان في غير المَأْتي فالظاهر تعلق الكفارة به, لأنه في معنى الجماع" الوسيط 1/ ق 153/ ب. قال النووي: وجه عدم وجوب الكفارة به في الصوم وغيره وجه شاذ منكر. انظر: الوجيز 1/ 104 والمجموع 5/ 165، والروضة 2/ 242، و5/ 535، ومغني المحتاج 1/ 444. (4) نهاية 2/ ق 89/ ب. (5) الوسيط 3/ ق 25/أ. (6) في (د): (مصور). (7) الروضة 5/ 535. (8) انظر: المصدر السابق. (9) في (د): (تردد). (10) في (د): (وكان). (11) الوسيط 3/ ق 25/ أ. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 615 قلت: ولهم أن يقولوا: إنما لم يقرر (1) المسمى, لأنه جعل في مقابلة الوطء المباح، فلا يتقرر (2) بما لم يقابل به، ولم يعقد عليه. وأما مهر المثل، فسببه الوطء غير (3) المستحق، المقترن (4) بشبهة وقد تحقق ها هنا. والله أعلم. الثالث: من مواضع الخلاف (5)، الجلد والرجم، ثم قطع بأنه لا يجب الحد فيه، إذا جرى في المملوكة، والمنكوحة، وقطع بوجوب الحد في المملوك الذكر (6)، فتبقى (7) صورة الخلاف على هذا المرأة الأجنبية، وهذا فيه شيء (8) سيذكره (9) في كتاب الحد خلافاً في جميع الصور الأربع. والله أعلم. "إذا قلنا! يثبت الاستيلاد وينقل الملك في الجارية إلى الأب، فهل يجب عليه قيمة الولد فيه وجهان يبتنيان على أن الملك يقدر انتقاله بعد العُلُوق، أو مع العُلُوق" (10).   (1) في (أ) (لم يفرد). (2) في (أ) (ينفرد). (3) في (د): (عند). (4) في (د): (المتقرر). (5) في (د): زيادة (من) ولعل الصواب حذفها. (6) انظر: الوسيط 3 / ق 25/ أذكره بالمعنى. (7) في (أ) (فيبقى). (8) في النسختين زيادة (الواو) ولعل الصواب حذفها. (9) في (أ) (سيذكر) بإسقاط الضمير، ويعني الغزالي (10) الوسيط 3/ ق 25/ أ. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 616 وقوله "يقدر انتقاله" أي يحكم بإنتقاله، وليس المراد به التقدير الذي هو فرض وجود الشيء مع عدمه، أو فرض عدمه مع وجوده. فمنهم من قال: ينتقل بعد العُلُوق فتجب (1) قيمة الولد (2)؛ لأن العلة الشرعية، تترتب (3) عليها معلولها (4) كما ترتب الملك على البيع، وغير ذلك. ومنهم من قال: الملك ينتقل مع العُلُوق (5)؛ لأن المعلول مع العلة زماناً، وإنما يترتب عليها عقلاً فإنه متأخر عنها من حيث الرتبة لكونه ناشئاً منها، وأثراً لها. هذا ثابت في العلل العقلية كما عرف في حركة الخاتم مع حركة الأصبع والأصل أن العلل الشرعية تكون على وفق العلل العقلية. وإذا كان الانتقال مع العلوق فيلزم منه أن لا تجب قيمة الولد على الأب، فإنه لا يمكن إطلاق القول حينئذٍ، بأنه (6) فوت الرق على الإبن لكونه كان مع ملك (7) الأب وهذا معنى قوله "صادف العلوق ملك الأب" (8). ولنا وجه، أن فائدة هذا المذهب وجوب قيمة الولد إذ (9) الملك لم يسبقه، وهو بعيد.   (1) في (أ) (فيجب). (2) انظر: البسيط 4/ ق 71/ ب، الروضة 5/ 641، مغني المحتاج 3/ 214، نهاية المحتاج 6/ 327. (3) في (أ) (يترتب). (4) نهاية 2/ ق 90/ أ. (5) وهو اختيار إمام الحرمين. انظر: نهاية المطلب القسم 3/ ص 247، الوجيز 2/ 21، الروضة 5/ 540 - 541. (6) في (أ). (فإنه). (7) في (د): (تلك). (8) الوسيط 3/ ق 25/ أ. (9) في (د): (إذا). الجزء: 3 ¦ الصفحة: 617 ومن أصحابنا (1) من زاد وقال: ينتقل الملك قبيل العلوق (2)؛ لأن المقصود من النقل تعظيم حرمة الأب، فليقدم على العلوق حتى يقع علوق ولده في ملكه، وهذا انجرار إلى مذهب أبي حنيفة (3)، حيث قدم الملك على الوطء، حتى يسقط المهر، وهذا الوجه ضعيف, لأن تقديم المعلول على العلة، إنما يصار إليه للضرورة (4)، وهو من غير ضرورة ممتنع في العلل الشرعية، وأحكامها، ومستحيل في العلل العقلية على الإطلاق (5) وفي كل حالٍ، وإنما خالفت العلل الشرعية في ذلك العلل العقلية, لأن الشرعية موضوعة وضعاً منصوبة (6) أمارات على الأحكام. والله أعلم. إذا كانت الجارية موطوءة الأب (7) فالأحكام السابقة جارية فيها على التفصيل السابق، سوى أنها (8) يحرم على الأب وطؤها (9) ويجب (10)   (1) في (أ) (الأصحاب). (2) وبهذا قطع البغوي: انظر: نهاية المطلب القسم 3/ ص 247، البسيط 4/ ق 71/ ب، التهذيب 5/ 329، الروضة 5/ 540، مغني المحتاج 3/ 314، نهاية المحتاج 6/ 327. (3) انظر: المبسوط 17/ 115. (4) في (د): (الضرورة). (5) ساقط من (أ). (6) في (د): (منصوص). (7) كذا في النسختين (الأب) وهو خطأ بدليل ما بعده والصواب (الابن) انظر: البسيط 4/ ق 72/ أ، الوجيز 2/ 21، مغني المحتاج 3/ 213. (8) نهاية 2/ ق 90/ ب. (9) لأنها حرمت عليه بوطء الابن. انظر: البسيط 4/ ق 72/ أ، الوجيز 2/ 21، ومغني المحتاج 3/ 213. (10) في (د): (يحرم). الجزء: 3 ¦ الصفحة: 618 عليه بوطئها الحد على القول القديم (1) كما في الأخت المملوكة. والله أعلم. قوله "أما قولنا: الفاقد للمهر، أردنا به أنه لو وَجَدَ مالاً وهو (2) بُلغَةُ نفقته (3) أياماً" (4) هذه العبارة (5) توهم أن هذا هو المراد [بالعقد] (6) بالفاقد للمهر، وليس الأمر على ذلك، وإنما هذا المراد بالفاقد للمهر (7). والله أعلم. "النكاح طريحة العمر" (8) بفتح الطاء، وكسر الراء والحاء (9) المهملات هي وظيفة العمر، والله أعلم. وطلبت (10) الكلمة في عدة من كتب اللغة فما وجدتها (11).   (1) إذا كان عالماً بالتحريم، وإن كان جاهلا فلا حدَّ عليه قطعاً. انظر: الحاوي 9/ 177، نهاية المطلب القسم 3/ ص 247، البسيط 4/ ق 72/ أ، الروضة 5/ 544، مغني المحتاج 3/ 213، نهاية المحتاج 6/ 325. (2) (وهو) ساقط من (أ). (3) في (أ) (يعقبه). (4) الوسيط 3/ ق 25/ ب. وتمامه "لكنه لا يفي بالمهر فيجب إعفافه؛ لأنه مستغن عن النفقة دون الإعفاف". (5) في (أ) (عبارة). (6) ما بين المعقوفتين وردت في (د) مع علامة الشطب عليها، وأثبتها لإمكان صحتها. والله أعلم. (7) كذا وقعت هذه الجملة في النسختين ولم يتبين لي وجهها. والله أعلم. (8) الوسيط 3/ ق 25/ ب. ولفظه قبله "فرعان: أحدهما: أنه يكفيه زوجة واحدة فلو ماتت لزمه أخرى، وفيه وجه بعيد أنه لا يلزمه لكن النكاح وظيفة (طريحة) العمر فيكفي مرة واحدة". (9) في (أ) (وبالحاء). (10) في (د): (بطلبت) كذا. (11) في (أ) (فلم وجدتهما) كذا. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 619 قوله "أما (1) إذا كان مِطْلاَقاً" (2) هذا ليس من تمام الوجه الثالث، وهو مستأنف، والتجديد في حق المطلاق غير واجب على الوجوه كلها (3). والله أعلم. قوله: في نكاح الأب جارية الابن "هذا ينبنى على أصلين" (4) يعني بالأصل الثاني ثبوت الاستيلاد بوطئه. والله أعلم. و (5) تعرض في العبد لانتفاء مانع الإستيلاد فحسب (6) ومانع اليسار أيضاً منتف إذ لا يسار للعبد بمال ولده فإنه لا حق للرقيق في مال ولده الحر. والله أعلم. قوله: في تعليل عدم انفساخ نكاح الأب بطارئ ملك الابن "لأن هذه الشروط، والتوهمات إنما تعتبر (7) في ابتداء العقد" (8) أشار بالشروط إلى مانع اليسار، فلا أثر في نكاح الأمة لليسار الطارئ (9) كما عرف.   (1) في (د): (قواماً) بدل (قوله: أما). (2) الوسيط 3/ ق 26/ أولفظه قبله " ... أما إذا طلقها ففي التجديد ثلاثة أوجه ... والثالث؟ أنه إن طلق بعذر ظاهر من ربيبةٍ أو غيرها كان الرد بالعيب فيجب التجديد وإلا فلا، أما إذا كان مطلاقاً بحيث ينسب في العرف إليه فلا يجب التجديد". (3) انظر: الوجيز 2/ 22، الروضة 5/ 547، مغني المحتاج 3/ 212 - 213، نهاية المحتاج 6/ 324. (4) الوسيط 3/ ق 26/ أ. (5) ساقطة من (د). (6) انظر: الوسيط 3/ ق 26/ أ. (7) في: (أ) (يعتبر). (8) الوسيط 3/ ق 26/ أ. (9) هذا هو الصحيح من المذهب. انظر: الحاوي 9/ 242، الوجيز 2/ 12 - 13، الروضة 5/ 470، مغني المحتاج 3/ 3/ 187. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 620 وأشار بالتوهمات إلى مانع الاستيلاد فإن الاعتماد فيه (1) على توقع الإنفساخ لحصول الولد (2) كما سبق (3). وفي المسألة وجه - ليس عند المصنف - غريب أنه ينفسخ (4) كما يأتي مثله في المكاتب (5) والله أعلم. قوله: "لأن تعطل منفعتها" (6) هذا تعليل لقوله: فلا يبطل الاستخدام بالتزويج، لا لقوله (7) "وإنما يحرم الاستمتاع" والله أعلم. قوله "الثانية أن العاقد [هو الذي] (8) فوت معقود وليته" (9) ذكره شيخه في نهايته (10) أن هذه العلة يعتبر فيها ما سبق في العلة الأولى من الفوات قبل التسليم   (1) ساقط من (د). (2) نهاية 2/ ق 91/ أ. (3) يعني في الوسيط 3/ ق 26/ أ.، انظر: الوجيز 2/ 22، الروضة 5/ 470. (4) أي نكاح الأمة وبه قال المزني انظر: الحاوي 9/ 242، الروضة 5/ 470. (5) في الوسيط بعد قليل. (6) الوسيط 3/ ق 26/ ب، ولفظه قبله "الفصل الرابع: في تزويج الإماء وحكمه في الاستخدام والنفقة والمهر، لها الاستخدام فلا يبطل بالتزويج وإنما يحرم الاستمتاع, لأن تعطيل منفعتها على السيد ينفره من الرغبة في التزويج بخلاف الحرة". (7) في (أ) (كقوله). (8) ما بين المعقوفتين إضافة من الوسيط. (9) الوسيط 3/ ق 26/ ب ولفظه قبله " ... أن الحرة لو ماتت أو قتلها أجنبي قبل المسيس استقر المهر, لأن ذلك نهاية النكاح، ولذلك يتعلق به الإرث، فمنهم من خرَّج قولاً في الأمة من الحرة، ومنهم من قرر النص وعلل بعلتين إحداهما: أن السيد زوج بحكم ملك اليمين فيسقط حقه بإتلافه قبل القبض كما في البيع والثانية: أن العاقد .. إلخ. (10) القسم 3/ ص 247. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 621 المُشَبَّه بفوات المبيع قبل القبض مع خصلة أخرى، وهي أن المفوت هو المستحق للمهر ممتنع منه المطالبة، وكان الأولى بصاحب "الوسيط" أن يقول: المستحق للمهر هو الذي فوت المعقود عليه قبل التسليم، ولا نقول: العاقد، حتى لا نحتاج إلى أن نقول: بعد (1) هذا، المرأة عاقدة، وقال: فيه ما فيه. والله أعلم. وأمَّا قوله "فأما موت الأمة فلا خلاف أنه يقرر المهر" (2) فلا ينبغي الاشتغال فيه بفرق، وتقرير، فإنه سهو وقع في النقل، فإن الخلاف فيه محفوظ في طريقي خراسان، والعراق (3)، وجمع شيخه في "نهاية المطلب" (4) بين موت الأمة وقتل الأجنبي لها (5) في إجرائهما على الخلاف تخريجا على العلتين المذكورتين. والمعتبر في العلة الأولى الفوات قبل التسليم، وفي الأخرى بقوله (6): فيسقط بإتلافه قبل القبض، لا تأثير فيه لكونه بإتلافه، وهذا (7) أجراه فيما إذا قتل [الأمةَ] (8) أجنبيُ، وبالفوات قبل التسليم، عند شيخه.   (1) ساقط من (د). (2) الوسبط 3/ ق 26/ ب. (3) قال النووي: "هلاك المنكوحة بعد الدخول، لا يسقط شيئاً من المهر حرة كانت، أو أمة، سواء هلكت بموت أو قتل. فأما إذا هلكت قبل الدخول فإن قتل السيد أمته المزوَّجة، فالنص في "المختصر". أن لا مهر، ونص في "الأم" في الحرة إذا قتلت نفسها لا يسقط شيء من المهر. وللأصحاب طريقان: أحدهما: تقرير النصين، وأشهرهما: طرد قولين فيهما ... وأما الأمة فإن قتلها سيدها، أو قتلت نفسها، سقط على المذهب وهو نصه، وإن ماتت أو قتلها الزوج أو أجنبي، لم يسقط على الصحيح". انظر: فتح العزيز 8/ 197، الروضة 5/ 549 - 550. (4) القسم 3/ ص 247. (5) في (د): (لهما). (6) في (أ) (فقوله)!. (7) في (أ) (ولهذا). (8) في النسختين (الأب) وهو تحريف المثبت من الوسيط 3/ ق 26/ ب. وهو الصواب. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 622 "جعل العتق معلول الصحة ... إلى آخره" (1). إعلم أنه لا يعني بالعلة ها هنا العلةَ الحقيقية (2)، وإنما يعني بالعلة (3) العلةَ الوضعيةَ فكل شرط يستلزم المشروط، ولا يتخلف عنه فهو علة بالوضع والمشروط معلول له، فإذا قال: إن خرجت فأنتِ طالقٌ، فالخروج علة، والطلاق معلول على هذا التفسير وقد أومى إلى هذا فيما نذكره من دور الطلاق، فإذا قال: إن وُجِدَ نكاح صحيح فأنت حرة، فقد علَّق العتق على صحة النكاح، فيكون قد جعل العتق معلول الصحة لما بيناه، مع أن الصحة في نفسها معلولة للعتق؛ لأن العتق شرط الصحة من جهة الشرع. فعلى هذا تكون الصحة، والعتق كل واحد منهما علة للآخر؛ لأن كل واحد منهما شرط لصاحبه، ويلزم أيضاً أن يكون كل واحد منهما معلولاً للآخر، فالصحة معلولة للعتق؛ لأن العتق علة له، والعتق معلول للصحة (4)؛ لأن الصحة علة له. فإذا (5) ظهر هذا فتكون الصحة علة نفسها بواسطة؛ لأن علة (6) الشيء كذلك الشيء، ولا يؤثر في وجود ذلك الشيء (7)؛ ولكن بواسطة اتحادها لما   (1) الوسيط 3/ ق 26/ أ. وتمامه " ... إذ علق بها، والصحة معلول العتق ليكون الصحة على نفسها بواسطة، فإنها علة العتق الذي هو علتها, ولا يكون الشيء علة نفسه ولا معلول معلوله". (2) نهاية 2/ ق 91/ ب. (3) ساقط من (أ). (4) في (د): (الصحة). (5) في (أ) (إذا). (6) تكرر في (د). (7) من قوله (ولا يؤثر في ... الشيء) تكرر في (د). الجزء: 3 ¦ الصفحة: 623 يوجد ذلك الشيء، (وهو علته، فتصير الصحة علة نفسها؛ لأنها علة علتها الذي هو العتق، وكذلك يلزم أيضاً أن تكون الصحة معلولة نفسها؛ لأنها معلولة معلولها الذي هو العتق، ومعلول معلول الشيء معلول لذلك الشيء) (1) أيضاً لما بينا (2). فإذا (3) ثبت هذا فلا يجوز أن يكون الشيء علة نفسه؛ لأنه يلزم أن تكون (4) نفسه متأخرة عنه بحكم كونها معلولة، وأن تكون (5) نفسه متقدمة عليه أيضاً بحكم كونها علة (6) متقدمة في الرتبة على معلولها، وذلك محال، وكذلك لا يجوز أن يكون الشيء معلول؛ لأنه (7) تكون نفسه متأخرة عن نفسه، ومتقدمة أيضاً (8) لما بيناه. فإذا عرفت (9) هذا، فلا يخفى أنه قد (10) كان الأجود أن يقول: فتكون الصحة علة نفسها، ومعلول نفسها بواسطة العتق، فإنها علة العتق الذي هو علتها، ومعلول العتق الذي هو معلولها, ولا يكون الشيء علة نفسه ولا معلول نفسه.   (1) ما بين القوسين ساقط من (د)، والمثبت من: (أ). (2) في (أ) (بيناه). (3) في (أ) (إذا). (4) في النسخ (يكون) بالياء ولعل الصواب ما أثبته. (5) في (أ) (يكون). (6) في (د): (عليه). (7) في (د): (فإنه). (8) نهاية 2/ ق 92/ أ. (9) في (أ) (عرف). (10) ساقط من (أ). الجزء: 3 ¦ الصفحة: 624 فإن قلت: لِمَ كانت الصحة معلولة العتق، مع أن العتق في نفسه لا يستعقب الصحة في أكثر الصور، فلا يكون العتق علة بالوضع؟. قلت: فنقول: إنه علة الصحة في نفسه أينما وجد، وإنما هو في هذه الصورة علة, لأن المعلق مقتضى كلامه أن الصحة، والعتق لا ينفكان. فاعلم. والله أعلم. "الدور الحكمى" (1) ينشأ من حكمين يتمانعان، وعلته (2) الدور اللفظي كما في مسألة دور الطلاق السريجية (3). المسألة الثانية: (4) لم يستوف شرطها، (ومن شرطها) (5) أن يكون ذلك قبل الدخول (6).   (1) انظر: الوسيط 3/ ق 27/ ب. (2) في (د): (علة). (3) وهي الدورية المنسوبة لابن سريج وصورتها: ما إذا قال لزوجته: إذا، أو إن أو مهما، أو متى طلقتك، فأنت طالق قبله ثلاثاً ثم طلقها فثلاثة أوجه: أحدها: لا يقع عليها طلاق أصلاً، وهو المحكى عن ابن سريج وبه اشتهرت المسألة، وبه قال أكثر الأصحاب. والثاني: يقع المنجز فقط، والثالث: يقع ثلاث تطليقات المنجزة. انظر: المهذب 2/ 127، الروضة 6/ 143 و146، مغني المحتاج 3/ 323 وما بعدها ونهاية المحتاج 7/ 72. (4) قال: في الوسيط 3/ ق 28/ أ "الثانية: المريض إذا زوج أمته عبداً ثم قبض صداقها، وأتلفه ثم أعتقها، فلا خيار لها، إذ لو فسخت لارتد المهر ولما خرجت عن الثلث فيبطل العتق، ويبطل الخيار". (5) ما بين القوسين ساقط من (د) , والمثبت من: (أ). (6) انظر: فتح العزيز 8/ 212، الروضة 5/ 562. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 625 وقوله "فيبطل العتق" (1) أي في بعضها. شرح الدقيقة التي (2) اختصرها في قطع الدور فيه (3) أن الدور تارةً ينقطع من أوله، وأصله وتارةً من وسطه، وتارة من آخره والثيب كذا (4) فيكون الدور إنما ينشأ من وجود ما يوجب حكماً (5) وذلك الحكم يوجب أحكاماً متنافرة متعاقبة لا يتصور (6) اجتماعها بل يلزم من (نفي (7) أخرها نفي أولها، وذلك هو الدور. فسبيلنا إبطال بعضها قاطعين للدور بذلك، ثم إنا نعين للابطال (8) منها ما (9) هو أولى بذلك، فإن كان الأولى بالإبطال، هو الحكم الأول أبطلناه، وكان ذلك قطعاً للدور من أوله وأصله، وإن كان المتوسط أبطلناه (10) وكان قطعاً للدور من وسطه. وإن كان الأخير أبطلناه وكان قطعاً للدور من آخره. مثال القسم الأول: مسألة بيع العبد من زوجته، فالتبايع (11) يوجب صحة البيع، وصحة البيع يوجب الملك، والملك يوجب الانفساخ، والإنفساخ   (1) الوسيط 3/ ق 28/ أ. (2) في (د): (الذي). (3) قال في الوسيط 3/ ق 28/ أ "وها هنا دقيقة في قطع الدور فإنه تارة يقطع من أوله ... إلخ". (4) كذا في (د): وفي (أ) (الثيب) بإسقاط (كذا) ولم يتبين لي معناه. (5) ساقط من (أ). (6) في (د): (يتصور) بإسقاط (لا). (7) ساقط من (د). (8) في (د): (الإبطال). (9) ساقط من (د). (10) نهاية 2/ ق 92/ ب. (11) في (أ) (التتابع). الجزء: 3 ¦ الصفحة: 626 يوجب سقوط الثمن الموجب لبطلان البيع، فلم يمكنا أن نصحح البيع، ونبطل (1) شيئاً من هذه الأحكام، فإن الملك لا يتخلف عن صحة البيع وتمامه ولا باقي الأحكام تخلف (2) عن الملك فنفينا صحة البيع فإن الصحة كثيراً ما تتخلف (3) عنه بأسباب كثيرة (4)، ولا يقال: في مثل هذا أدى إثباته إلى نفيه، ونفي غيره، فانتفى هو وبقى غيره. ومثال قطع الدور من الوسط: مسألة إعتاق الأخ العبدين، بأن ذلك يوجب قبول الشهادة، وبقبولها ثبوت النسب، وبثبوت النسب الميراث، فالميراث (5) حرمان الأخ، وحرمان الأخ بطلان الإعتاق (6)، وبطلان الإعتاق نفي قبول الشهادة، فلم يقطع الدور من أوله بأن نقول: لا تقبل شهادتهما فلا يثبت النسب, ولا من آخره، بأن نقول: يحرم الأخ ولا يبطل إعتاقه، بل قطعناه من وسطه فقلنا: تقبل (7) الشهادة ويثبت النسب ولا يثبت الميراث فكم من نسيب لا يرث لمانع، وكان ذلك أولى، فإن فيه ترك العمل بمقتضى الإرث، مع العمل بالمقتضى لقبول الشهادة، وثبوت النسب، فهو أولى من ترك هذه   (1) في (أ) (يبطل). (2) كذا في النسختين ولعل الصواب (تتخلف) والله أعلم. (3) في (د): (كثير مما يختلف). (4) انظر: فتح العزيز 8/ 215، الروضة 5/ 565. (5) في (أ) (والميراث). (6) في (أ) (العتق). (7) في (د): (بقبول). الجزء: 3 ¦ الصفحة: 627 المناقضات أجمع مع اندفاع محذور الدور بترك بعضها, ولم (1) يكن هذا في مسألة البيع لما (2) سبق، وهذا على قول أكثر الأصحاب (3). ومنهم من خالف، وقطع الدور من أوله، ولم يقبل الشهادة (4). ومن مسائل قطع الدور من الوسط (5) مسألة خيار المعتقة وغيرها (6). ومثال (7) قطع الدور من آخره: وهو قريب من قطع الدور من الوسط (8) أن يقول مهما انفسخ نكاحي فأنت طالق قبله ثلاثاً، فإذا جرى قبله (9) سبب فسخ من رضاع، أو ردَّةٍ، أو غيرهما إنفسخ النكاح، ولم يقع الطلاق المعلق قبله؛ لأنه أولى بالإبطال لكونه يقع بالاختيار، والإنفساخ يحصل بلا اختيار (10). والله أعلم.   (1) نهاية 2/ 93/ أ. (2) كذا في النسختين ولعل الصواب (كما) والله أعلم. (3) انظر: فتح العزيز 8/ 215, الروضة 5/ 564. (4) انظر: المصدرين السابقين. (5) في (د): (الوسيط). (6) انظر: الروضة 5/ 565. (7) في (د): زيادة (ذلك) ولعل الصواب حذفها. (8) ساقط من (أ). (9) ساقط من (أ). (10) انظر: فتح العزيز 8/ 216، الروضة 5/ 565. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 628 الفصل السادس (1) قوله "وإن ادعت المهر" (2) يعني مضافاً إلى جهة النكاح صحت الدعوى وأقامت البينة على النكاح (3). قوله "وفيه وجه أنه لا يقبل دعواها الزوجية لفساد صيغة الدعوى إذ ندعي أنها رقيقة لغيرها (4) بدليل أنه يقبل دعواها إذا سكت الزوج" (5). هكذا وقع فيما عندنا من النسخ وهو فاسد لا يخفى فساده على من تأمله، وإصلاحه، بأن يحذف قوله "بدليل" ونقول: ثم إنه يقبل دعواها إذا سكت الزوج، وهو بيان لصورة المسألة، وإنه (6) على الوجه الأول يقبل دعواها إذا سكت الزوج. أما إذا أنكره فهو على الخلاف المذكور (7). ولم يقع هذا الخلل في "البسيط" (8) بل ذكره على الصواب كما ذكرته، وهذا الكلام لا جريان له فيما إذا ادعت المهر، فإنه لا يسقط (9) دعواها بإنكار الزوج وإن جعلناه طلاقاً. والله أعلم.   (1) "في التنازع في النكاح" الوسيط 3/ ق 28/ أ. (2) الوسيط 3/ ق 28/ أوتمامه " ... صحت الدعوى". (3) انظر: الوجيز 2/ 24، الروضة 5/ 566. (4) كذا في النسختين ونسخة المطبوعة من الوسيط وفي نسخة الوسيط الخطية عندي (لغيره). (5) الوسيط 3/ ق 28/ أ. ولفظه قبله "وإن ادعت الزوجية ولم تتعرض للوازم الدعوى فالظاهر قبول دعواها ... وفيه وجه ... إلخ". (6) في (أ) (وإنما). (7) انظر: الوجيز 2/ 24، فتح العزيز 8/ 217، الروضة 5/ 566. (8) 4/ ق 67/ ب. (9) نهاية 2/ ق 93/ ب. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 629 وقوله: في الفرع الذي بعده "المسألة المفروضة: فيما إذا كان عمرو ساكتاً" (1). هذا إذا قبلنا دعواها الزوجية (2). والله أعلم.   (1) الوسيط 3/ ق 28/ ب. (2) في (أ) (للزوجية). الجزء: 3 ¦ الصفحة: 630 من الصداق قال: "فنقول كل عين مملوكة" (1). وليس هذا من الحكم المذكور، ولكن هو مقدمة له, لأنه ينبغي أن تعرف (2) الصداق الصحيح ما هو؟ ثم (3) شرع (4) في بيان حكمه. قال: "نصاب السرقة" (5) أي نصابها عنده وهو عشرة دراهم (6). "ما لو (7) قال: لا يصدقها مَنفَعةَ حرًّ" مع أنه اعترف بجواز إجارته (8). "و (9) يستحب ترك المغالاة" (10) وهذا ليس على الإطلاق، فإن الولي المجبر لا يجوز أن يزوج مجبرته إلا بمهر مثلها وإن كان فيه مُغالاة ذكره الإِمام (11). والله أعلم.   (1) الوسيط 3/ ق 29/ أوتمامه " ... يصح بيعها أو منفعة متقومة تصح الإجازة عليها فيصح تَسمِيتُها في الصداق، حتى تعليم القرآن". (2) في (أ) (يعرف) بالياء. (3) ساقط من (د). (4) في (أ) (يشرع). (5) الوسيط 3/ ق 29/ أولفظه "فلا يتعين للصداق مقدار ولا جنس، وقال أبو حنيفة أقل الصداق نصاب السرقة". (6) انظر: المبسوط 5/ 80 - 81، فتح القدير 3/ 317 - 319. (7) كذا في النسختين، وفي الوسيط 3/ ق 29/ أ. (ولو) بدل (ما لو). (8) في (أ) (إجازته). (9) ساقط من (أ). (10) الوسيط 3/ 29/ أوتمامه " ... في الصداق". (11) نهاية المطلب القسم 3/ ص 333 - 334. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 631 المضمون، ضمان العقد (1). وهو الذي يضمن عند التلف بأن ينفسخ العقد، ويرجع إلى بدله الآخر إن أمكن، أو إلى بدله وإن تعذر كما في المبيع، إذا تلف قبل القبض يرجع إلى ما ذكر (2) من الثمن أو إلى بدله إن كان تالفًا، لا إلى قيمة المبيع، والمضمون ضمان اليد هو الذي يضمن بقيمته عند التلف، وليس ثَمَّ انفساخ. فعلى الأول إذا تلف الصداق ينفسخ العقد فيه (3) كما ينفسخ في المبيع إذا تلف لكن ثَمَّ ينفسخ أيضاً في الثمن الذي هو العوض الآخر، وها هنا لا ينفسخ في العوض الآخر الذي هو البضع؛ لأنه (4) لم يوجد بالتلف إلا فوات الصداق، والعقد يصح في البُضْع (5) وإن لم يذكر الصداق أصلاً في (6) المفوضة (7)، وهذا معنى قوله "لكن الصداق ليس ركناً في (8) النكاح" (9) لا جرم بقى العقد صحيحاً في البُضْع، ورجعت إلى قيمته، وهو مهر المثل كما في ثمن المبيع التالف إذا كان رقيقاً قد أعتقه.   (1) قال في الوسيط 3/ ق 29/ أ "فالصداق في يد الزوج مضمون ضمان العقد، أو ضمان اليد فيه قولان مشهوران ... إلخ". (2) في (أ) (يذكر). (3) انظر: فتح العزيز 8/ 235، الروضة 5/ 576، مغني المحتاج 3/ 221. (4) في (د): زيادة (لو) لعل الصواب حذفها. (5) نهاية 2/ ق 94/ أ. (6) كذا في النسختين ولعل الصواب (أصلاً كما في) والله أعلم. (7) انظر: الوجيز 2/ 25، المهذب 2/ 77. (8) في (د) (من). (9) الوسيط 3/ ق 29/ أ. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 632 قال: "حتى يخرج على وجهين" (1) في أنه يضمن بأقصى القيم (2) على طريقته في المستام والمستعار، ولأن أحدها يضمن بالأقصى. والثاني: بالقيمة يوم القبض (3). وعلى هذا أقوال: يضمن في الصداق بقيمته (4) يوم العقد والإصداق نظراً إلى أنه أول دخوله في ضمانه وليست يد عدوان فيعتبر قدر (5) الضمان بوقت انعقاد سببه، ولأن العقد على هذا القول يرد على قيمة الصداق إذا كان فاسداً من الابتداء كما في المغصوب، فإذا طرأ الفساد نزل منزلة المقارن، ويصير كأن العقد ما ورد إلا على قيمة الصداق، ولا يكون إلا كما يضمنه حال وروده. والله أعلم. وعلى هذه الطريقة يجري (6) وجه ثالث في المستعار، أنه يضمن بقيمته (7) يوم التلف (8)، ولا يجري في (9) المستام، والصداق.   (1) الوسيط 3/ ق 29/ ب. ولفظه قبله " ... والقول الثاني: أنه مضمون ضمان اليد كما في المستام والمستعار حتى يخرج على وجهين". (2) أي من يوم الصداق إلى يوم التلف. انظر: الحاوي 9/ 446، المهذب 2/ 74، الروضة 5/ 576، مغني المحتاج 3/ 221. (3) انظر: المصادر السابقة. (4) في (أ) (بقيمة). (5) في (أ) (وقت). (6) في (أ) زيادة (مجرى). (7) في (أ) (بقيمة). (8) انظر: المهذب 1/ 478، الروضة 4/ 77. (9) في (د) زيادة (أن). الجزء: 3 ¦ الصفحة: 633 والمتولى (1)، أجراه أيضاً في الصداق، وهذا الذي ذكره إذا لم تطالب المرأة بالتسليم، فإن طالبت وامتنع عدواناً فعلى قولنا: يضمن بقيمة يوم الصداق (2)، يضمن ها هنا بأكثر (3) من قيمته يوم الاصداق (4) أو قيمته من (5) يوم (6) الابتاع (7) إلى التلف (8) لأنه صار به (9) متعدياً. والله أعلم. "الأولى: بيع الصداق" (10) إذا كان عيناً (11) قبل القبض لا يصح على قول ضمان العقد كالبيع (12) ويصح على قول ضمان اليد (13) كالمستام فلو كان ديناً في الذمة فاستبدلت عنه شيئاً آخر صح على قول ضمان اليد (14).   (1) انظر: النقل عنه في فتح العزيز 8/ 235. (2) في (أ) (الإصداق). (3) في (أ) (بالأكثر). (4) هذا هو المذهب. انظر: الحاوي 9/ 450، و457، فتح العزيز 8/ 235، الروضة 5/ 576، مغني المحتاج 3/ 221. (5) ساقط من (د). (6) في (أ) (وقت). (7) كذا في النسختين، ولعل الصواب (الإبتياع). (8) انظر: الحاوي: 9/ 450، 457، فتح العزيز: 8/ 235، الروضة: 5/ 576، مغني المحتاج: 3/ 221. (9) ساقط من (أ). (10) يشير إلى مسائل أخرى ولفظ مقدمتها "ويتفرع على القولين النظر في التصرف في الصداق قبل القبض، وحكم الزوائد، وحكم التلف وبيانه بخمس مسائل: الأولى: بيع الصداق ... إلخ" الوسيط 3/ ق 29/ ب. (11) في (أ) (غنياً). (12) نهاية 2/ ق 94/ ب. (13) انظر: المهذب 2/ 74، الروضة 5/ 576، تكملة المجموع 18/ 25. (14) انظر: فتح العزيز 8/ 234، الروضة 5/ 576. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 634 وأما على قول ضمان العقد فهو كاستبدال البائع عن الثمن في الذمة، وفيه قولان (1): وليس كاستبدال (2) عن المسلم فيه حتى لا يصح قولاً واحداً؛ لأن الصداق عوَض كالثمن لا كالمسلم فيه، فإنه معوَّض. "الثانية: منافع الصداق" (3) إذا تلفت بمضي المدة من غير أن يستوفيها الزوج، فلا شيء عليه على القولين (4)؛ لأن يده ليست يد عدوان، إلا إذا قلنا: إن ضمانه على قول ضمان اليد كضمان المغصوب (فيجب عليه أجرتها (5) كما في المغصوب) (6). وأما إذا أتلفها (7) الزوج، واستوفاها وجبت عليه أجرتها على قول ضمان اليد (8) كما لو انتفع بالمستام, لأنه اتلف منفعة معصوم من غير إعارة وعلى قول ضمان العقد، هو كالبائع إذا انتفع بالبيع من غير إذن المشتري، وفيه وجهان: أحدهما: يجب عليه الأجرة بناء على أن إتلافه كإتلاف الأجنبي.   (1) أظهرهما: الجواز، انظر: المصادر السابقة، والمهذب 2/ 74، تكملة المجموع 18/ 25. (2) في (أ) (كالاستبدال). (3) انظر: الوسيط 3/ ق 29/ ب. (4) انظر فتح العزيز 8/ 241، الروضة 5/ 581 - 582. مغني المحتاج 3/ 222، نهاية المحتاج 6/ 337 وما بعدها. (5) أي أجرة المثل. انظر: المصادر السابقة. (6) ما بين القوسين ساقط من (د)، والمثبت من: (أ). (7) في (أ) (باعها). (8) انظر: السلسة ق 116، فتح العزيز 8/ 236، الروضة 5/ 577. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 635 والثاني: أنها لا تجب بناء على أن إتلافه كالتلف بآفةِ سماويةٍ (1). قلت: وفي هذا نظر؛ لأنا في الإتلاف إذا جعلناه كالتلف يجبر النقص بإثبات الخيار للمشتري، وفي المنفعة يبعد إثبات الخيار في فسخ العقد, لأنا على هذا القول جعلنا تفويت البائع كالفوات بمضي المدة، فكيف يثبت الخيار فيه؟ والله أعلم. فأما الزوائد: فإذا لم يجعل كالمغصوب فهي أمانة كالثوب (2) الذي تطيره الريح إلى داره. الثالثة (3): إذا تعيب في يده، فللمرأة فسخ الصداق على القولين (4): أما على قوله ضمان العقد فظاهر كالبيع، وأما على قول ضمان اليد فهو مشكل, لأن المضمون ضمان اليد لا يثبت في عيبه إلا (5) الأرش كالمستام وغيره، لا تعلق لضمانه بعقد حتى يؤثر في فسخه فثبوت خيار الفسخ من أثار ضمان العقد، لا من أثار ضمان اليد فهذا إذاً دليل على ضعف قول ضمان اليد، لكن لم ينصر، هذا القول، عنه جوابان: أحدهما: منع ثبوت الخيار على هذا القول، قاله ابن الوكيل (6).   (1) هذا هو المذهب، انظر: المصادر السابقة والحاوي 9/ 451، مغني المحتاج 3/ 222. (2) نهاية 2/ ق 95/ أ. (3) في (د): (الثانية) وهو خطأ. (4) انظر: فتح العزيز 8/ 237، الروضة 578، مغني المحتاج 3/ 222. (5) ساقط من (أ). (6) انظر: قول ابن الوكيل في الروضة 5/ 578. وهو عمر بن عبد الله بن موسى أبو حفص المعروف بابن الوكيل وبالباب شامي، كان فقيها جليلاً من نظراء ابن سريج، ومن كبار المحدثين والرواة وأعيان النقلة مات بعد العشرة وثلاثمائة. انظر: تهذيب الأسماء واللغات 2/ 215، والعقد المذهب ص 36، طبقات ابن قاضي شهبة 1/ 97، طبقات ابن هداية الله ص 200. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 636 والثاني: إنا لم نثبت الخيار لكونه مضموناً باليد، وإنما أثبتناه, لأنه التزم في العقد أن يسلِّمه إليه سليماً، ولم يحصل ذلك، فهو كسائر ما يلزم بالشرط في العقد، كالرهن وغيره، فإنه إذا لم يف به (1) ثبت الخيار، ولأجل هذا ثبت الخيار إذا كان العيب قديماً، وليس سبب هذا ضمان العقد ولا ضمان اليد. والله أعلم. إذا ثبت هذا، فعلى قول ضمان العقد إن فسخت فلها مهر المثل (2) لما ذكرناه في التلف، وإن أجازت فلا أرش (3) كما في المبيع. وعلى (4) قول ضمان اليد، إن فسخت فلها قيمته كما لو تلف، وإن أجازت فلها الأرش؛ لأن كل مضمون باليد يضمن عيبه كما يضمن عينه بخلاف المضمون بالعقد، فإن عينه مضمونة دون عيبه, لأن ضمانه إنما هو بالثمن، والصفة التي (5) فاتت بالعيب لم يقابلها شيء من الثمن لما عرف. أما إذا اطلعت على قديم فلها الخيار (6) على (7) القولين (8) , لأنه فات عند العقد السلامة الملتزمة بالعقد، ثم الحكم بعد الفسخ، والإجازة كما سبق في العيب الحادث، إلا أن الأرش هناك على قول ضمان اليد يثبت، وهنا ترددوا   (1) في (أ) (لم يعبه). (2) أي على الأظهر، انظر: السلسة ق 116، التهذيب 5/ 487، الروضة 5/ 578، مغني المحتاج 3/ 222. (3) انظر: المصادر السابقة. (4) في (د): (وكما في). (5) في (د): (الذي) والمثبت من (أ). (6) نهاية 2/ ق 95/ ب. (7) تكرر في (د). (8) انظر: التهذيب 5/ 487، فتح العزيز 8/ 237، الروضة 5/ 578، مغني المحتاج 3/ 222. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 637 فيه: فقيل: لا يثبت (1) , لأن الصفة الفائتة بالعيب القديم لم تدخل تحت يده أصلاً، فكيف يضمن ضمان اليد. وقيل: يثبت الأرش (2) , لأنه التزم بالعقد مقدار مالية (3) سليم، وقد فات بالعيب بعضها، فيجب إتمامَها بالأرش. وبيان هذا، أن القول الثاني، قول اليد له علتان، في إيجاب قيمة الصداق إذاً، ثم إنه (4) إذا طرأ الفساد عليه بالتلف أو غيره، أحدهما (5): أنه مضمون باليد؛ لأنه ليس عوضاً حقيقةً حتى يضمنَ بالعقد كما تضمن الأعواض، وهذا قد سبق. الثانية: أن تعيب الصداق له فائدتان: إحداهما: تعين حق الصداق في هذه العين. والثاني (6): جعل هذا المعيب معياراً لمقدار مالية الحق، فإذا انتفت الفائدة الأولى بتلف هذه العين، بقيت الفائدة الثانية، فتجب قيمة هذه (7) العين؛ لأنهما رضيا (8) بقدر ماليتها (9)، ويدل على اعتبار هذه العلة أن الأصحاب اتفقوا على   (1) انظر: فتح العزيز 8/ 237، الروضة 5/ 578. (2) هذا هو المذهب، انظر: فتح العزيز 8/ 237، الروضة 8/ 578. (3) في (أ) (ماليته). (4) ساقط من (أ). (5) كذا في النسختين، ولعل الصواب (إحداهما) والله أعلم. (6) كذا في النسختين، ولعل الصواب (الثانية). (7) في (أ) (هذا). (8) في (د): (ما) كذا. (9) في (د): (ماليتهما). الجزء: 3 ¦ الصفحة: 638 إجراء هذا القول فيما لو خرج الصداق مغصوباً، أو حراً فقالوا: يجب على هذا القول قيمة المغصوب، وقيمة الحر بتقدير كونه عبداً (1)، وزادوا إلا الشيخ أبا محمَّد في طائفة من الأصحاب، فقالوا: لو خرج خمراً، أو خنزيراً، قدرنا الخمر عصيراً، والخنزير شاةً، وأوجبنا قيمتهما (2). وهذا لا يمكن تعليله (3) بضمان اليد, لأن ملك المرأة لم يثبت في هذه الأشياء حتى يضمن الزوج قيمتها بثبوت يده عليها، بل كان (4) ذلك لما ذكرنا من أنه جعل (5) ما سماه (6) معياراً لمقدار مالية الصداق، ولهذا خصص الصيدلاني هذا بما إذا قال: أصدقتها هذا العبد، فإذا هو حر (7) وأصدقتها هذا العصير فإذا هو خمر أما لو قال: أصدقتها هذا الخنزير، أو الخمر، أو الحر، فلا يجري هذا القول؛ لأنه لم يسم ماله مالية (8) حتى يكون معياراً لها، بل يثبث الرجوع إلى مهر المثل قولاً واحداً (9).   (1) انظر: التنبيه ص 233، الوجيز 2/ 27، الروضة 5/ 582، و588, مغني المحتاج 3/ 225، نهاية المحتاج 6/ 342. (2) في (أ) (قيمتها)، وهذا عند من يرى لهما قيمة. انظر: المصادر السابقة. (3) نهاية 2/ ق 96/ أ. (4) في (د): (كل). (5) ساقط من (د). (6) في (أ) (مسماه). (7) في (أ) (حراً). (8) في (أ) مالية ماله). (9) انظر: قول الصيدلاني في البسيط 4/ ق 77/ أ، الروضة 5/ 582. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 639 ولو قال: أصدقتها هذا وسكت فقد سوى المصنف (1) في حكايته عن الصيدلاني بينه، وبين قوله: هذا العبد، أو العصير، وهذا فيه نظر؛ لأنه لم يسم ما يجعل معياراً يعتمد عليه في التقويم، وليس تقديره عصيراً بأولى من تقديره خلاً، ولا ترجيح، ولا يمكن أن يعتبر قيمة (2) الخمر عند من يرى لها قيمة، فإن ذلك إنما يتجه في الذمي إذا أصدقها خمراً، وأقبض البعض ثم أسلم (3)، ولا أدري من أين نقله المؤلف وشيخه أبو المعالي (4) يقول: في هذا لا أدري ما يقول هؤلاء: - يعني الصيدلاني ومن وافقه - ثم قال: ويظهر أنه ينزل منزلة قوله: أصدقتك هذا الخمر. والله أعلم. واعلم، أن قوله: "وزادوا" بعد قوله "اتفقوا" ظاهره اتفاق الأصحاب عليه، ولم يتفقوا فإن الشيخ أبا محمد (5) وطائفة من الأصحاب، حكموا فيه بالرجوع (6) (7) إلى مهر المثل قولاً واحداً (8)، لتعذر التقويم؛ لأن تقدير الخمر عصيراً، أو الخنزير شاة تغيير للصفة خلقة، بخلاف تقدير الحر رقيقاً، فإنه ليس فيه تغيير (9) صفةٍ خلقيةٍ، بل حكمية، وذلك محتمل (10) في التقديرات. والله أعلم.   (1) انظر: الوسيط 3/ ق 29/ ب. (2) في (د): (فيه). (3) انظر: الروضة 5/ 489، مغني المحتاج 3/ 174، تكملة المجموع 18/ 15. (4) نهاية المطلب. (5) لم أقف على قول الشيخ أبي محمَّد عند غير المصنف. (6) من قوله "بعد قوله اتفقوا ... فيه بالرجوع" تكرر في (د). (7) نهاية 2/ ق 96/ ب. (8) انظر: التنبيه ص 233، الوجيز 2/ 27، الروضة 5/ 582 و588، مغني المحتاج 3/ 225. (9) في (د): (يعتبر). (10) في (أ) (يحتمل). الجزء: 3 ¦ الصفحة: 640 قوله في آخر المسألة الخامسة: "لأن له فائدة في الخروج عن العُهدة" (1) أي من عهدة الثمن بفسخ ليتخلص (2) منه فاعلم أنه قد يشكل (3). والله أعلم. قال: في سقوط حق الحبس بوطء الإكراه "وجه سقوطه، أن العوض قد تقرر" (4). قلت: هكذا ذكره غيره من غير بيان لتأثير هذا, ولعل تأثيرَه، أن العوضَ إذا تقرر عليه وجوب (5) تقرير المعَوَّض في يده، وليس ذلك إلا بالمنع من الاسترداد. والله أعلم. ولأن تقرر (6) العوض من أثار القبض الصحيح للمعوض فوجب إدامة القبض كما لو طاوعت، والله أعلم بالصواب. هذا آخر ما وجد بخط المصنف - رحمه الله -، والحمد لله وحده وصلواته على سيدنا محمَّد وآله (7).   (1) الوسيط 3/ ق 30/ أ، ولفظه قبله "وإذا قلنا أنه يضمن ضمان المغصوب، وكان قيمته يوم التلف أكثر، فإن أجازت أخذت قيمته يوم التلف، وإن فسخت رجعت إلى قيمة يوم الإصداق فينقص حقُّها وتتضرر بالفسخ، وهذا بخلاف ما لو وجد بالمبيع عيباً وهو مع ذلك يساوي أضعاف الثمن، فإن له الرد, لأن له ... إلخ". (2) في (أ) (ليتحفص) كذا وهو خطأ. (3) في (أ) (شكل). (4) الوسيط 3/ ق 30/ ب. (5) كذا في النسختين ولعل الصواب (وجب). (6) في (أ) (تقرير). (7) هذا ما ورد في (د): وفي (أ) "هذا ما وجد للمصنف - رحمه الله - والحمد لله وحده". الجزء: 3 ¦ الصفحة: 641 الصندوق الخيَري لنِشَر البحوثِ وَالرسَائِل العِلميَّة (24) الدرَاسَات الفِقهيَّة (19) شرح مشكل الوسيط لأبي عمرو عثمان بن عبد الرحمن الشهرزوري ابن الصلاح (ت/ 643 هـ) دِراسة وتحِقيق د. محمد بلال بن محمد أمين المجَلَّدُ الرَّابع دار كنوز إشبيليا للنشر والتوزيع الجزء: 4 ¦ الصفحة: 1 بسم الله الرحمن الرحيم الجزء: 4 ¦ الصفحة: 2 شرح مشكل الوسيط 4 الجزء: 4 ¦ الصفحة: 3 ح دار كنوز إشبيليا للنشر والتوزيع الرياض 1432 هـ فهرسة مكتبة الملك فهد الوطنية أثناء النشر ابن الصلاح، عثمان بن عبد الرحمن شرح مشكل الوسيط/ عثمان بن عبد الرحمن ابن الصلاح؛ محمد بلال بن محمد أمين الرياض 1432 هـ. 492؛ صفحة 17×24 سم ردمك: 7 - 21 - 701 - 9960 (مجموعة) 1 - 27 - 701 - 9960 (ج 4) 1 - الفقه الشافعي أ - محمد بلال بن محمد أمين (محقق) ب - العنوان ديوي 258.3 80/ 1427 رقم الإيداع: 80/ 1427 ردمك: 7 - 21 - 701 - 9960 (مجموعة) 1 - 27 - 701 - 9960 (ج 4) ساعد على نشره ليباع بسعر التكلفة هذه الطبعة بدعم من مؤسسة سليمان بن عبد العزيز الراجحي الخيرية جراهم الله خيراً جَمِيعُ الحقوق محفوظَة الطبعَةُ الأولى 1432 هـ - 2011 مـ دار كنوز إشبيليا للنشر والتوزيع المملكة العربية السعودية ص. ب 27261 الرياض 11417 هاتف: 4914776 - 4968994 فاكس: 4453203 E-mail: eshbelia@hotmail.com الجزء: 4 ¦ الصفحة: 4 بسم الله الرحمن الرحيم (1) من [كتاب] جنايات "شرح مشكل الوسيط" قوله: "موجبة للعقوبة في الدنيا، والآخرة" (2). قلت: إن قيل في هذا إنه يجتمع على شخص واحد عقوبة الدارين فيقتص منه في الدنيا، ويعاقب أيضاً في الآخرة، فذلك غير صحيح, لأنه قد ثبت في الحديث: إن الحدود والعقويات كفارات لأهلها (3).   (1) من هنا إلى قوله "كتاب الجنايات الموجبات للعقوبات " ساقط من (د): بمقدار أربعة أوراق والمثبت من (أ) فعلى هذا يكون الاعتماد عليها وحدها في هذا الموضع. (2) الوسيط 3/ ق 120/ ب ولفظه قبله "أدلة الشرع من الكتاب والسنة والإجماع متظاهرة على أن القتل كبيرة فاحشة، موجبة ... إلخ". (3) يشير إلى ما رواه عبادة بن الصامت - رضي الله عنه - أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: وحوله عصابة من أصحابه (بايعوني على أن لا تشركوا بالله شيئاً، ولا تسرقوا، وتزنوا, ولا تقتلوا أولادكم ... إلى أن قال: (ومن أصاب من ذلك شيئاً فعوقب في الدنيا فهو كفارة له، ومن أصاب من ذلك شيئاً ثم ستره الله فهو إلى الله: إن شاء عفا عنه، وإن شاء عاقبه). رواه البخاري في مواضع كثيرة منها: 1/ 81 مع الفتح في كتاب الإيمان باب (11) بدون ترجمة وقبله (باب علامة الإيمان حب الأنصار) و7/ 260 في كتاب المناقب، باب وفود الأنصار إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - بمكة وبيعة العقبة، و12/ 85 في كتاب الحدود باب الحدود كفارة. ومسلم 11/ 222 - 224 مع النووي في كتاب الحدود، باب الحدود كفارات لأهلها. قلت: ما جزم به المصنف من أن الحدود كفارات لأهلها، به قال أكثر العلماء، استدلالاً بهذا الحديث، ومنهم من وقف لحديث أبي هريرة - رضي الله عنه - أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: (لا أدري الحدود كفارة لأهلها أم لا) رواه أحمد والحاكم وغيرهما قال الحافظ ابن حجر: وهو صحيح على شرط الشيخين، وقد بحث الحافظ المسألة بحثاً وافياً، فمن أراد الوقوف عليها فليراجع فتح الباري 1/ 83، و86. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 5 وإن قيل: فيه أنه يعاقب عليه في الدارين على الجملة بمعنى أن العقوبة عليه توجد في الدنيا كما في حق من اقتص منه، ويوجد أيضاً في الآخرة كما في حق من لم يقتص منه، ولم يعف الله عنه، فهذا صحيح. قوله: "الموجب للقصاص، كل فعل عمد محض عدوان مزهق للروح" (1). قلت: يرد عليه أن يقال: ينتقض بالمبادرة إلى قتل الحامل قصاصاً قبل الوضع، فإن هذا القتل فعل عمد محض عدوان مزهق. وجوابه إن المراد بقولنا: عدوان، في كونه مزهقاً، وقتل الحامل لم يكن عدواناً في كونه مزهقا لروحها، بل هو في أمر خارج، وهو إتلاف الجنين، ولم يلزم التصريح بهذا التفسير؛ لأنه ذكر العدوانية وصفاً للفعل المزهق ففهم أنها فيه لا في أمر خارج. فاعلم. قوله: (للقصد متعلقات ثلاثة) (2). قلت: يرد عليه أن يقال: نحمل الثالث، وهو الإزهاق، أو سببه الظاهر على ما يجيء من الاختلاف في ضبطه عن الأول والثاني؛ لأنه يلزم من كونه قصد إزهاق روح القتيل، أن يكون قد قصد شخصه والفعل. وجوابه من وجهين: أحدهما: أن دلالة الالتزام لا يكتفى بها في خطاب البيان، فلا يجزئ عن ذلك الشيء أن يذكر ما يستلزم، كما لا يجزئ عن ذكر الحائط أن يذكر السقف.   (1) الوسيط 3/ ق 120/ ب. (2) الوسيط 3/ ق 120/ ب وتمامه "أحدها: الفعل: من زلق رجله فسقط على غيره فمات فهو خطأ محض، والثاني: التعلق بالشخص فمن رمى إلى صيد فأصاب إنساناً فهو خطأ محض وإن كان الفعل باختياره" والثالث: يذكره المصنف بعد قليل. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 6 الثاني: إن في ذكر الأمور الثلاثة وتفصيلها بيان فائدة تظهر في الضد لما فيه من بيان أن عدم العمد المحض إن كان فعدم أحد الأمرين الأولين بالفعل خطأ محض، وإن كان بعدم الثالث فحسب فهو شبه عمد. قوله: "الثالث: القصد المتعلق بزهق الروح" (1). الروح لا ينتظم لفظًا مع قوله أولاً: "القصد له متعلقات ثلاثة" وإنما أتي به على المعنى، ومساق اللفظ يقتضي أن يقول: الثالث زهوق الروح. اعلم أن صاحب الطريقة الأولى لا يعتبر في العمد المحض، أن يتعلق قصده بنفس الإزهاق، ويظهر قصد الفعل الذي هو إزهاق الروح؛ لأن زهوق الروح أمر باطن فلا يرتبط به، بل يعتبر أن يتعلق القصد (2) بالشخص، والفعل الذي بان ترتب الزهوق عليه، وعلم حصول الموت به سواء كان ترتب الزهوق عليه غالباً، أو نادراً (3). ثم يسوغ من وجه بعد هذا أن يقال: قصد القتل والإزهاق باعتبار أنه قصد الفعل الذي سرى وصار قتلاً، والسراية، تكسب صفة الجناية فتكون السراية مقصودة له حكماً بواسطة قصده الجناية ويخرج منه كونها عامداً للقتل، ويتميز   (1) الوسيط 3/ ق 120، ب وتمامه " .... وفي ضبطه طريقان: أحدهما: أن ما علم حصول الموت به بعد وجود القصد والفعل والشخص فهو عمد محض سواء كان قصد الفاعل إزهاق الروح أو لم يكن وسواء كان حصول الموت به غالباً أو نادراً كقطع الأنملة. والطريقة الثانية: أن الضابط ما يقصد به القتل غالباً في المثقلات وأما في الجراحات فكل جرح سار ذي غور؛ لأن قطع الأنملة لا يقصد به القتل غالباً، ثم هو موجب للقصاص، وهذا ضعيف ... إلخ". (2) انظر: الروضة 7/ 5، كفاية الأخيار ص 590، مغني المحتاج 4/ 3 - 4. (3) نهاية ق 204/ ب من النسخة (أ). الجزء: 4 ¦ الصفحة: 7 عنه شبه العمد، بأنه في شبه العمد لا يحصل العلم بحصول الموت به، كما في صورة الضرب بالعصا الخفيفة من غير موالاةٍ (1)، فاقتصرنا فيه على إيجاب المال اكتفاءً بأن الموجود سبب صالح، ولم يظهر سبب آخر فأحلناه على السبب الظاهر، فإن الضمان لا يقدح فيه الاحتمال، والشبهة. وأما الطريقة الثانية: فإن عبارة المؤلف قاصرة بيان (2)، معناها. فاعلم أن صاحبها اعتبر في العمد تعلق القصد بنفس زهوق الروح، لكن الشرط أن يكون الآلة من المثقلات (3)، ويجعل كونها مما يقصد به القتل غالباً دليل تعلق قصده بالإزهاق، وإن كانت جارحة فها هنا لم يمكنه دعوى أن يعتبر تعلق القصد بالزهوق بدليل مسألة قطع الأنملة، فإن أحداً لا يقصد الزهوق بقطع الأنملة، فاكتفى بكون الجرح سارياً ذاغورٍ، وإن لم يوجد قصد الزهوق، فإذا وجد ذلك مع قصد الشخص فقصد نفس الفعل أوجب القصاص، وذلك لاختصاصه بمزيد الخطر فتأثيره في الباطن مبالغة في ردع الجناة، وهذا، كما قال المؤلف ضعيف, لأن العمد المحض معتبر في القصاص، ولا يكفي فيه تعلق القصد بمطلق الفعل، ولا بدَّ من تعلقه بالقتل، وهو قضية محسوسة لا سبيل إلى أن يقول: لا يحصل في المثقل بما يثقل نادراً، أو يحصل في الجارح بما يثقل نادراً بكونه جارحاً (4) سارياً ذاغورٍ فإن لتأثيره في الباطن مبالغة في الردع إلى جعلنا ووضعنا (5) على أن ما ذكره من افتراق الجارح، والمثقل، في أن الجارح له   (1) انظر: المصادر السابقة. (2) كذا في النسخة ولعل الصواب (قاصرة عن بيان معناها) والله أعلم. (3) انظر: الروضة 7/ 5، كفاية الأخيار ص 590. (4) في النسخة (خارجاً) وهو تصحيف والصواب ما أثبته. (5) من قوله: "فإن لتأثيره .. إلى قوله: وضعنا .. " كذا العبارة في النسخة، وفيها ركاكة. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 8 غور، وتأثير في الباطن لا يصح, لأن المثقل أيضاً له تأثير في الباطن بالترضيض كما ذكر في الطريقة الأولى، هي الأرجح في "النهاية" (1) و"البسيط" (2) وهي مع ذلك مدخولة أي فاسدة، من الدَّخل وهي الفساد (3). غرز الإبرة إذا أعقبت ألماً وورماً توجب القصاص (4). وفي هذا منع، وهو وجه مذكور (5)، وفي "النهاية" (6) ذكر أعقبت ورماً ولم يذكر، وهو (7) قريب، فإن الورم في مثل هذا لا يخلو عن الألم. إيجاب القصاص في (8) مسألة الألم من غير ورم هو الصحيح عند بعضهم (9)، وقطع به الشيخ أبو إسحاق الشيرازي (10) والشيخ أبو حامد (11). فرق الشافعي - رحمه الله - بين الأجسام، واللطائف (12) دليل على صحة الطريقة الثانية، وفساد الطريقة الأولى، فإنه قد علم حصول التلف بجناية في   (1) لم أقف عليه. (2) 5/ ق 2/ ب وما بعدها. (3) انظر: القاموس المحيط ص 1290 (4) انظر: الوسيط 3/ ق 121/ أ. (5) انظر: الروضة 7/ 6، مغني المحتاج 3/ 5. (6) لم أقف عليه. (7) كذا في النسخة ولعل الصواب (ولم يذكر ألماً، وهو). (8) نهاية ق 205/ أمن النسخة (أ). (9) انظر: البسيط 5/ ق 3/ أ، مغني المحتاج 4/ 5، نهاية المحتاج 7/ 251. (10) المهذب 2/ 225، التنبيه ص 288. (11) لم أقف على هذا النقل عنه عند غير المصنف. (12) قال في الوسيط 3/ ق 121/ أ "ونص على أنه لو ضرب رأسه فأذهب ضوء عينيه وجب القصاص في الضو؛ لأن اللطائف يقصد بالسراية دون الأجسام، وقد علم حصول السراية في الموضعين". الجزء: 4 ¦ الصفحة: 9 الموضعين، لكن نفى القصاص في سراية الأجسام, لأنه لا يقصد إتلافها بالسراية إذ من أراد إتلاف كف لم يتوصل إليه بقطع الأصابع ليسرى إليها؛ لأنه تيسر إتلافها بالمباشرة بخلاف اللطائف، فإنه لا يمكن مباشرتها، وإنما يتوصل إليها بالجناية على غيرها؛ ليسرى إليها، فهي كالروح فدل هذا على اعتبار تعلق القصد بنفس الإتلاف، كما في الطريقة الثانية، وعدم الاكتفاء بمجرد ترتب التلف على الفعل، كما في الطريقة الأولى. الجواب عن هذا مشكل، على من اختار الطريقة الأولى. ويحتاج فيه إلى طريقة من سوّى بينهما، وتخريجها، وهي ضعيفة. وقول الغزالي: "فيخرج الطريقتان على القولين" (1). معناه، أن الطريقة الأولى خارجة على القول بإيجاب القصاص في الأطراف، واللطائف (2)، والضبط المذكور فيها موافق لهذا القول إذ قد بان حصول التلف بفعله في الموضعين. والطريقة الثانية خارجة على القول بعدم إيجاب القصاص في الصورتين المذكورتين، وهما مسألة الكف، وإذا أوضح رأسه، فذهب ضوء عينه (3)، فإنه لا يقصد بقطع الأصابع، وإيضاح الرأس ذهاب الكف وضوء العين. واعلم، أن تخريج هذه الطريقة على طريقة من قرر النصين هو الجيد، والأظهر (4) لما تقدم بيانه، فكان ينبغي أن يقول: فتخرج الطريقتان على الطريقتين.   (1) الوسيط 3/ ق 121/ أ، ولفظه قبله " ... وعن هذا تصرف بعض الأصحاب في النصين بالنقل والتخريج وقالوا: فيهما قولان فيخرج الطريقان ... إلخ". (2) انظر: المهذب 2/ 229، الروضة 7/ 59، مغني المحتاج 4/ 30. (3) انظر المصادر السابقة. (4) وعبر عنه النووي بالمذهب انظر: المهذب 2/ 229، الروضة 7/ 59. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 10 وقوله "عوّلَ على الجارح، فلزمه إسقاط القصاص في التخنيق" (1). معناه، إن أبا حنيفة زعم أن العمد لا يوجد إلا بالجارح، وأن الفعل بالتخنيق والتحريق شبه عمد، حتى يضرب الدية فيه على العاقلة (2)، فوقع بذلك في مكابرة المعقول. قوله: "يترك الضبط" (3). ويقول: أي يترك ضبط الجميع بضابط واحد، ويعدل إلى البيان بالتقسيم، وهو أيضاً ضبط. قوله "لأن الجرح طريق سالك إلى الزهوق" (4) يعني مسلوكاً، عنى أنه ينظر إلى الجنس، وهو غالب، لا إلى هذا الجرح المعين الفرد (5). قال: "لو قال: أنا وركبان السفينة ضامنون كل واحد على الكمال، فيلزمه وركبان السفينة لا يلزمهم شيء، إذا أنكروه، وإن قال: أنا وهم ضامنون كل واحد بحصته يلزمهم، والباقي يرجع إليهم، فإن قالوا: رضينا بما قال: لزمهم، وإن كنا لا نقول بوقف العقود" (6).   (1) الوسيط 3/ 212/ أولفظه قبله "ولما عسر الضبط على أبي حنيفة - رحمه الله - إذ رأي القصد خفياً عوَّلَ ... إلخ". (2) انظر: المبسوط 26/ 152، تكملة فتح القدير 10/ 229. (3) الوسيط 3/ ق 121/ أ. ولفظه "والأولى: في تعليل مذهب الشافعي: أن يترك الضبط ويقول: حصول الموت بالسبب إما أن يكون نادراً أو كثيراً أو غالباً ... إلخ". (4) الوسيط 3/ ق 121/ أولفظه قبله "الذي تكون حصول الموت به كثيراً كالجرحات الواسعة فوق غرز الإبرة، وكقطع الأنملة وكالعصا والسوط، ففي هذا ينظر إلى السبب الظاهر وهو الجرح فيجب القصاص به, لأن الجرح ... إلخ". (5) ورد في هذا المكان من النسخة "ما وجد للمصنف - رحمه الله - من مشكل الوسيط"؟ وهو من تصرف الناسخ. (6) الوسيط 3/ ق 145/ ب. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 11 قلت: هذا مشكل فإنه (1) يوهم فرقاً بين أن يضيف إلى الركبان ضمان الكل، وأن يضيف إليهم ضمان الحصة، في أنه يوقف في الحصة على رضاهم وفي الكل لا يوقف، بل يجزم بالنفي عند إنكارهم، وليس الأمر فيها على ذلك، بل لكل واحد منهما صورتان: إحداهما: أن يريد بقوله "أنا وهم ضامنون" الإخبار عنهم فها هنا إذا أنكروه فالقول قولهم، ولا يلزمهم شيء (2). والثانية: أن يريد إنشاء الضمان عنهم، فها هنا يوقف على رضاهم عند أكثر الأصحاب (3)، خلافاً للقاضي (4). وهذا التفصيل جار في المسألتين، فأفرد المصنف كل واحدة منهما باحدى الصورتين طلباً للاختصار, مع أن كل واحدة منهما تنبه على الأخرى. قوله "بخلاف ما إذا قال: أقتلهما، وإلا قتلتك، فإن خيرته في التقديم، والتأخير لا يؤثر" (5). يعني إن خيرته ليست في التعيين كما في قوله: أقتل زيداً أو عمراً: فإنهما ها هنا معينان جميعاً, وإنما خيرته في تقديم قتل أحدهما على قتل الآخر، وذلك لا يؤثر في نفي كونه مكرها.   (1) نهاية ق 205/ ب من النسخة (أ). (2) انظر: الروضة 7/ 193، مغني المحتاج 4/ 94، نهاية المحتاج 7/ 368. (3) انظر: المصادر السابقة. (4) انظر: خلاف القاضي في مغني المحتاج 4/ 94. (5) الوسيط 3/ ق ولفظه قبله "إذا قال المكرِه أقتل زيداً أو عمراً فقتل زيداً فلا قصاص على المكرِه؛ لأنه ما قصد زيداً بعينه ويجب على المكرَه؛ لأنه ذو خيرة في تعيينه بخلاف ما إذا ... إلخ". الجزء: 4 ¦ الصفحة: 12 قال: "ونعنى بالأرش قيمة النقصان على الأصح، إذ لو أردنا نصف الدية، إذ لو فرضنا بدلاً له قطع اليدين" (1). قوله "نصف الدية" سبقنا بأخذه عليه، وهو سهو، أو طغيان قلمٍ، وصوابه، نصف القيمة (2)، وهذا ظاهر. قوله في العاقل "جاريتين اختصمتا" (3). كذا وقع، وصوابه، جارتين تثنية جارة، وفي نفس الحديث (4) ما ينفي كونه جاريتين تثنية جارية. قوله: "في أنه لا تضرب على الأب، والابن، وقد ورد فيه الحديث" (5).   (1) الوسيط 3/ ق 146/ أولفظه قبله "جنى عبد على حر فجاء إنسان وقطع يد العبد، ثم قطع العبد بعده يد حر آخر وماتوا، فيؤخذ قيمة العبد من الجاني عليه ويختص المجني عليه أولاً بقدر أرش اليد، والباقي يكون مشتركاً بينه وبين المجني عليه. ثانياً: لأنه حيث قطعت يده لم يكن للثاني حق، ونعني بالأرش ... إلخ". (2) انظر: الروضة 7/ 197. (3) الوسيط 3/ ق 146/ أ، وتمامه "فضربت إحداهما الأخرى بعمود فسطاط فقتلتها وما في بطنها فقض رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بالدية على العاقله ... ". (4) رواه البخاري 10/ 226 - 227 مع الفتح في كتاب الطب، باب الكهانة و12/ 25 في كتاب الفرائض باب ميراث المرأة والزوج مع الولد وغيره. و12/ 257 في كتاب الدية، باب جنين المرأة. ومسلم 11/ 175 - 179 مع النووي في كتاب القسامة، باب دية الجنين ووجوب الدية في قتل الخطأ. من حديث أبي هريرة - رضي الله عنه - بلفظ (قضى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في امرأتين من هذيل اقتتلتا، فرمت إحداهما الأخرى بحجر، فأصاب بطنها وهي حامل، فقتلت ولدها الذي في بطنها، فاختصموا إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فقضى أن دية ما في بطنها غُرَّة عبد أو أمة ... الحديث) واللفظ للبخاري في الموضع الأول. (5) الوسيط 3/ ق 146/ ب. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 13 ورد في الحديث أنه ضرب دية المقتول على عاقلة القاتلة وبرّأ زوجها، وولدها (1). قوله "وكأن أبعاضَه ألحِقَ به" (2) وفيه عجمة، وفي بعض النسخ بدله ما لا يصح. قوله في حديث صفية بنت عبد المطلب (3)، هي أم الزبير (4) "فقضى عمر بأرش الجناية على ابن عمها" (5).   (1) هذه الرواية رواها أبو داود 4/ 700 في كتاب الديات، باب دية الجنين، وابن ماجة 2/ 884 في كتاب الديات، باب عقل المرأة على عصبتها، وميراثها لولدها، مختصراً، والبيهقي في الكبرى 8/ 186، والمعرفة 12/ 155 من طريق مجالد بن سعيد عن الشعبي عن جابر بن عبد الله - رضي الله عنه -. قال المنذري في مختصر سنن أبي داود 6/ 368، في إسناده مجالد بن سعيد، وقد تكلم فيه غيره واحد. (2) الوسيط 3/ ق 146/ ب. وفي نسخة المطبوعة: 6/ 369 "وكان العصبة أحق به". (3) هي صفية بنت عبد المطلب بن هاشم القرشية الهاشمية عمة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أسلمت وهاجرت مع ولدها الزبير إلى المدينة وبها توفيت في خلافة عمر سنة 20 هـ. انظر: الاستيعاب 4/ 345، تهذيب الأسماء واللغات 2/ 349، الإصابة 4/ 348. (4) هو الزبير بن العوام بن خويلد أبو عبد الله القرشي الأسدي حواري رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأحد العشرة المشهود لهم بالجنة، وأول من سلَّ سيفاً في سبيل الله، وشهد بدراً وما بعدها من المشاهد، ومناقبه كثيرة ومشهورة، قتل يوم الجمل سنة 36 هـ. انظر: الاستيعاب 1/ 580 - 585، تهذيب الأسماء واللغات 1/ 194 - 196، الإصابة 1/ 545 - 546 (5) الوسيط 3/ ق 146/ ب، ولفظه قبله " ... لما روي أن مولى لصفية بنت عبد المطلب جنى فقضى عمر ... إلخ". الجزء: 4 ¦ الصفحة: 14 هذا غلط إنما قضى به على ابن أخيها (1)، وأفحش من هذا قول شيخه في "النهاية" (2) "فقضى على علي بن أبي طالب عمها" ومعلوم أنه ابن أخيها. ذكر أنه إذا أعتق ثلاثة أعبد فحصة كل واحد السدس، ثم قال: "فلو مات واحد منهم، وله إخوة، فلا يجب على كل واحد من إخوته أكثر من السدس، إذ غايته أن يكون وحده نازلاً منزلة مورثه لو كان حياً" (3). قلت: دل على نفي الزيادة على السدس، وليس بمشكل، وترك ما هو مشكل على الطلبة، وهو إيجابه السدس على كل واحد منهم، فإنه يقال: هلا وزع السدس بين إخوته فإنهم بجملتهم قائمون مقامه فلا يزاد المضروب على جميعهم، على ما كان يضرب عليه؟. فنقول: إنما كان كذلك؛ لأن الولاء (4) لا يورث حتى يقسم على عصبات المعتق، وإنما يورث به كالنسب، فإنما يتحمل كل واحد من عصباته لكونه منتسباً إلى صاحب الولاء، فهو كمن يتحمل بالنسب. أما إذا مات وله عصبة ورثوه كل واحد، فيحمل نصف دينار فإذا كان كل واحد من عصبات المعتق يتحمل ما كان يتحمله المعتق لو كان حياً (5). قوله: في الفرع الخامس "فقدر أرش الجناية على موالي الأم مع السراية إلى وقت الجرّ" (6).   (1) رواه الشافعي في الأم 6/ 150، والبيهقي في الكبرى 8/ 187، والصغير 2/ 210، والمعرفة 12/ 155. (2) لم أقف عليه. (3) الوسيط 3/ ق 146/ ب. (4) نهاية ق 206/ أمن النسخة (أ). (5) انظر: الروضة 7/ 201 وما بعدها. (6) الوسيط 3/ ق 147/ أولفظه قبله " ... فلو جنى هذا الولد قبل جرّ الولاء فالعقل على موالي الأم، أعني إذا مات المجني قبل الجرّ، فإن مات بعده فقدر أرش ... إلخ". الجزء: 4 ¦ الصفحة: 15 هذا ليس على إطلاقه؛ لأن ذلك إن كان سراية إلى النفس لم يتجه ذلك فيها؛ لاندراجها في الواجب، في موالي الأم، على ما لا يخفى. وإنما صورة هذا أن يكون ذلك سراية إلى عضو، مثل أن يكون الجناية على أصبع، فتسرى إلى أصبع أخرى فتتآكل قبل جر الولاء. وصورة أخرى، وهي أن تكون الجناية غير مقدرة الأرش، وإنما فيها حكومة فسرت بعض السراية، قبل جرّ الولاء، فإنا نعتبر في تقدير الحكومة الجناية وسرايتها إلى وقت الجرّ. قوله: "ولو قطع اليدين قبل الجر، أو قطع اليدين والرجلين" (1). في ذكر اليدين، والرجلين (2) تنبيه على أن ضرب الدية على موالي الأم ليس قطعاً للجناية، على اندراجها في النفس، إذ لو كان كذلك لوجب في اليدين والرجلين ديتان، بل الواجب دية النفس، وضربناها على موالي الأم لكونها غير زائدة على أرش الجناية التي وجدت قبل الانجرار. قوله: "لا تضرب على امرأةٍ، وإن كانت معتقة" (3) يعني وإن كانت عصبة، فلا تضرب عليها (4). هذا ما وجد للمصنف - رحمه الله - (5).   (1) الوسيط 3/ ق 147/ أولفظه قبله "ولو قيل: يضرب على بيت المال لم يكن بعيداً فلو قطع اليدين .... وتمامه "ثم مات بعد الجرّ فعلى موالي الأم دية كاملة". (2) في النسخة (للرجلين) ولعل الصواب ما أثبته. (3) الوسيط 3/ ق 147. (4) انظر: المهذب 2/ 273، الروضة 7/ 295، مغني المحتاج 4/ 99، نهاية المحتاج 7/ 374. (5) إلى هنا انتهى السقط من نسخة " (د):" له بمقدار أربعة أوراق. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 16 بسم الله الرحمن الرحيم (1) الجنايات الموجبات للعقوبات (2) قوله في أهل البغي "ولا ينتصب القاضي بالبيعة" (3) قد عبّر (4) في بعض النسخ "لخفاء" (5) معناه، ومعناه، أن القاضي لا ينتصب في العادة ببيعة الرعية له، ونصبهم له قاضياً، وإنما ينصب الرعية إماماً ببيعتهم له ثم الإِمام يولِّي القضاة وغيرهم، فلا بد إذاً في ذلك من نصبهم إماماً، والله أعلم. قوله "إذ يرجع ذلك إلى محاورات في خلوات" (6). معناه: أنهم تحت الطاعة، والقهر، وحاصل مخالفتهم محاورات تجري بينهم في خلواتهم. والله أعلم. قوله "ولا نذفف على جريحهم" (7).   (1) ورد في (د): بعد البسملة "قال الشيخ الفقيه الإِمام العلامة مفتي الشام ركن الإِسلام صدر الشافعية تقي الدين أبو عمرو عثمان بن عبد الرحمن بن عثمان المشهور بابن الصلاح غفر الله له ولوالديه. الحمد لله حق حمده وكمال الصلاة على رسوله وآله وصحبه وسلام". (2) في (د): بعدها (شرح مشكل الوسيط). وبها نهاية 2/ ق 97/ أ. (3) الوسيط 3/ ق 155/ ب، ولفظه "الشرط الثالث: نصب الإِمام فيما بينهم، وفي إشتراطه خلاف ومن شرط علل بأن هذه الشروط يعتبر لتنفيذ قضاء قاضيهم، ولا ينتصب القاضي بالبيعة، فلا بدّ لهم من إمام يولي القضاة ... إلخ". (4) في (د) (غيّر). (5) هكذا في (أ) وفي (د): (كما). (6) الوسيط 3/ ق 155/ ب. ولفظه قبله " ... فإن عدمت الشوكة فلا ينفد حكمهم إذ يرجع ذلك ... إلخ". (7) الوسيط 3/ ق 156/ أ. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 17 التذفيف على الجريح، بالذال المنقوطة، هو إتمام جرحه، وإسراع قتله (1). قوله "السيول الجارفة" (2) بالجيم والراء المهملة هي التي تذهب بكل شيء تمر به (3). قوله في باب الردة "وهذا ينبغي أن يخصص بما إذا حكى الشاهد كلمة الردة" (4) يعني يخصص ثبوت حكم الردة عند عدم مخايل الإكراه، بما إذا حكى الشاهد لفظ الردة، وشهد، فإنه ارتد. أما إذا ذكر لفظ الردة، ولم يقل ارتد فهو (يصدق بيمينه) (5) ولا يثبت الردة (6)، وإن لم توجد مخايل الإكراه؛ لأن الكره على ذلك متلفظ فلم تكذب الشهادة في دعواه الإكراه. والله أعلم. ما حكاه في صلاة المرتد والكافر الأصلي لم يفرق هو فيه بين صلاة المرتد في دار الحرب، وصلاته في دار الإِسلام (7)، وليس كذلك، وإنما جعلوا صلاة المرتد   (1) انظر: المصباح المنير ص 208، القاموس ص 1048. (2) الوسيط 3/ ق 156/ أ. ولفظه قبله "ولا ننصب عليهم المجانيق ولا نوقد عليهم النيران ولا نرسل السيول ... إلخ". (3) انظر: المصباح المنير ص 97، القاموس ص 1029. (4) الوسيط 3/ ق 157/ أ، ولفظه قبله " ... إذا شهد اثنان على أنه ارتد فقال: كذبا لم ينفعه التكذيب، لكن ينفعه تجديد الإِسلام في درأ القتل، ولا ينفع في بينونة زوجته، ولو قال: صدقا ولكني كنت مكرهاً، فإن ظهر مخايل الإكراه بأن كان أسيراً بين الكفار فالقول قوله، وإن لم تكن مخايل الإكراه حكم بالبينونة، وهذا ... إلخ". (5) ما بين القوسين ساقط من (د). (6) انظر: الروضة 7/ 293، مغني المحتاج 4/ 139، نهاية المحتاج 7/ 418. (7) انظر: الوسيط 3/ ق 157/ أ. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 18 إسلاماً، أو موجبة للحكم بالإِسلام، في دار الحرب دون دار الإِسلام (1)، وقد نص الشافعي على ذلك (2). وأما الأصلي، فقد (3) نقل شيخه (4)، أنه ليس كالمرتد (في ذلك) (5) وأنها ليست إسلاماً منه لا في دار الحرب، ولا في (6) دار الإِسلام (7)، واختار هو أنها ليست إسلاماً من كل واحد من الكافرين في كل واحدة من الدارين، وهذا شذوذ في المذهب. ونقل صاحب "البيان" (8) أنها في دار الحرب إسلام من الكافرين، وليست في دار الإِسلام إسلاماً من الكافرين، لاحتمال التَّقِيَّة (9)، وأضاف هذا الفرق بين الدارين في الكافر الأصلي إلى نص الشافعي أيضاً. ولم أجد ذلك في الأصلي لغيره، بعد البحث.   (1) انظر: المهذب 2/ 285، التنبيه ص 311، الروضة 7/ 294، مغني المحتاج 4/ 139. (2) انظر: الأم 6/ 226 (باب المكره على الردة). (3) في (أ) (ففي). (4) نهاية المطلب 17/ ق 48/ ب. (5) ما بين القوسين ساقط من (أ). (6) نهاية 2/ ق 97/ ب. (7) قال الخطيب الشربيني: إلا أن يسمع تشهده في الصلاة، فيحكم بإسلامه. انظر: الروضة 7/ 294، مغني المحتاج 4/ 139. (8) انظر: النقل عن صاحب "البيان" في الروضة 7/ 194. (9) التَّقِيَّة: اسم من الاتقاء وتاؤها بدل الواو؛ لأنها فعلية من وقيتُ، وهي أن يقي نفسه من اللائمة أو من العقوبة، بما يظهر، وإن كان على خلاف ما يضمر. المغرب (2/ 367)، المصباح المنير ص 669. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 19 وأما ما أشعر به ظاهر كلام المصنف، من أنه في المرتد يحكم بالإِسلام في الدارين، ولا (1) يحكم به في الكافر الأصلي في الدارين فلا اعتماد عليه. قلت: ويمكن أن يقال: إن صلاة المرتد في دار الحرب يتبين بها أن ردته السابقة (2) لم تكن (3) اختياراً منه، كما سبق مثله في المسألة المذكورة في الكتاب قبل هذه، وهذا فرق حسن متجه فيما استشكل فيه المصنف وشيخه الفرق. والله أعلم. قوله "وهو بعيد إذ (من يتصورأن يخطئ مرة) (4)، يتصور أن يصيب مرتين" (5). هكذا وقع في النسخ، وصوابه: إذ من يتصور أن يخطيء مرتين يتصور أن يصيب مرتين. والله أعلم.   (1) في (أ) (فلا). (2) في النسختين زيادة (منه) والصواب حذفها. (3) في (د) (لا يمكن). (4) ما بين القوسين ساقط من (د). (5) الوسيط 3/ ق 157/ ب ولفظه قبله " ... قال: أبو إسحاق المروزي: إنما تقبل توبة المرتد مرةً واحدةً ولو عاد ثانياً لم تقبل، وهو بعيد إذ ... إلخ". الجزء: 4 ¦ الصفحة: 20 ومن باب حد الزنا ذكر في حد الزنا أنه يشترط في الإحصان كون الوطء في النكاح الصحيح، واقعاً بعد التكليف، والحرية على وجه و (1) ضعفه (2) مع أنه المذهب، وهو الصحيح المشهور (3). وقال في تعليله: "إذ ليس يحصل التحصين بالمباح به" وهذا مشكل، وشرحه، أن لفظ التحصين في هذا عبارة عن العفة عن الزنا فإن لفظ الإحصان، والتحصين (4) مشترك بين أشياء منها هذا. ومنها الإِسلام، ومنها الحرية (5) فالمكلف الحر يحصل له (6) لكونه (7) ذا زوجة قد وطئها حريص (8) على حفظ (9) فراشه من التلطيخ بالزنا، حتى يمنعه ذلك من أن يلطخ فراش غيره بالزنا منه، فإذا زنا كان زناه أشد قبحاً، فغلظت عقوبته بالرجم،   (1) (الواو) ساقطة من (أ). (2) انظر: الوسيط 3/ ق 158/ أ. (3) انظر: المهذب 2/ 341، التنبيه ص 324 - 325، الروضة 7/ 306، مغني المحتاج 4/ 147. (4) نهاية 2/ ق 98/ أ. (5) ومنها بمعنى التزويج، انظر الأمثلة على ذلك بالتفصيل في تهذيب الأسماء واللغات 3/ 2/ 65 وما بعدها، وتحرير ألفاظ التنبيه ص 324، والمصباح المنير ص 139، وكفاية الأخيار ص 621. (6) ساقط من (د). (7) في (أ) (بكونه). (8) في (أ) (حرص)، ولعل الصواب (حرصاً). (9) في (د): (حفظه). الجزء: 4 ¦ الصفحة: 21 وهذا لا يحصل بما إذا وجد منه الوطء المباح في زوجة تزوجها، وهو رقيق، أو غير مكلف, لأنه مع نقصه بذلك لا يأنف من تلطيخ فراش غيره، أنفةَ الحر المكلف، فكأنه قال: إذا لا تحصل العفة (1) الحاصلة بالوطء المباح الصادر من الحر المكلف، بهذا (2) الوطء المباح الصادر من هذا الناقص، ووجهه ما بينته، والله أعلم. قوله "المحرم قطعاً إذا انتفت (3) الشبهة عنه" (4) يعترض عليه بأن أحد هذين القيدين يغني عن الثاني. فأقول: أما المحرم قطعاً، فلا يغني عن قيد انتفاء الشبهة، فإن الأخت المملوكة محرمة قطعاً، ولم تنتف (5) عنها الشبهة، نعم قيد انتفاء الشبهة، يلزم منه أن يكون محرماً (6) قطعاً، وإنما ذكرناهما معاً (7)؛ لأن كونه محرماً (8) قطعاً وصف وجودي من جملة المقتضى، وانتفاء الشبهة وصف عدمى فيه تعرض لعدم المانع، ولا بدَّ منهما ومن ذكرهما ودلالة الالتزام غير مجزئة في مقام البيان عن الذكر لفظاً كما عرف. والله أعلم.   (1) في (أ) (العنة) وهو تحريف. (2) في (أ) (فهذا). (3) في (أ) (انتهت) وهو تحريف. (4) الوسيط 3/ ق 158/ أولفظه قبله "الطرف الأول: في الموجب، والموجَب: والضبط فيه إيلاج الفرج في الفرج المحرَّم لعينة قطعاً ... إلخ". (5) في (أ) (ينتف). (6) في (د): (محرمٌ). (7) ساقط من (أ). (8) في (د): (محرم) بالرفع وهو خطأ. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 22 وجه إثارة الفتنة بإقامة الحد في دار الحرب (1)، أنه يخشى منه التحاق المحدود بأهل الحرب، وارتداده، ففيه إذاً إثارة فتنة الشرك، والشرك في كتاب الله العظيم مسمى (2) بالفتنة (3). والله أعلم. قوله "إن شارب خمر (4) همَّ رسول الله - صلى (5) الله عليه وسلم -، بحده، فهرب ولاذ بدار العباس، فلم يتعرض له" (6). هذا فيه تغيير للفظ الحديث، بما يغير المعنى، وذلك لا يجوز بلا خلاف (7) وذلك أن لفظه، ما رواه أبو داود في سننه (8)، بإسناده عن ابن عباس - رضي الله عنه -   (1) انظر: الوسيط 3/ ق 159/ ب. (2) في (أ) (مشبهة). (3) كما في قوله تعالى: {وَالْفِتْنَةُ أَشَدُّ مِنَ الْقَتْلِ} أي الشرك. انظر: مفردات القرآن ص 623 - 624، تفسير الجلالين ص 40. (4) في (د): (الخمر). (5) نهاية 2/ ق 98/ ب. (6) الوسيط 3/ ق 159/ ب. (7) انظر: علوم الحديث للمصنف ص 209 واختصاره لابن كثير ص 136 وما بعدها، وجواهر الأصول ص 90. (8) 4/ 619 في كتاب الحدود، باب الحد في الخمر، وكما رواه البيهقي في الكبرى 8/ 546 كلاهما عن طريق الحسن بن علي ثنا أبو عاصم عن ابن جريج عن محمَّد بن علي بن ركانة عن عكرمة عن ابن عباس به. قال أبو داود: هذا ما تفرد به أهل المدينة، حديث الحسن بن علي هذا. وقال البيهقي: سئل ابن المديني عن محمَّد بن علي الذي روى هذا الحديث عن عكرمة فقال: مجهول. وتعقبه ابن التركماني في الجوهر 8/ 546 بقوله: هو معروف، روى عنه ابن جريج وابن إسحاق وخرج له أبو داود في سننه ووثقه ابن حبان. قلت: وقال عنه ابن حجر في التقريب ص 498 "صدوق". والحديث ضعفه الألباني في ضعيف سنن أبي داود ص 447 برقم (966) وأحال على المشكاة برقم (3622). والله أعلم. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 23 قال: (شرب رجل فسكر، فانطلق به إلى النبي - صلى الله عليه وسلم -، فلما حاذى بدار العباس انفلت، فدخل على العباس، فالتزمه، فذكر ذلك للنبي - صلى الله عليه وسلم -، فضحك وقال: (أَفَعَلَهاَ)! ولم يأمر فيه بشيء" وهذا الحديث الاعتماد فيه على سنن أبي داود، فإنه تفرد به في كتابه دون بقية الكتب المعتمدة (1) في هذا الشأن. والله أعلم. قوله: "وفي توبته بعد الظفر أيضاً قولان" (2) يعني في قاطع الطريق، وسيأتي ذلك في بابه مشروحاً، إن شاء الله تعالى وهذا أحد الطريقين (3) ومنهم من قال: لا يسقط بتوبتهِ بعد الظفر قولاً واحداً (4). وهكذا ها هنا في حد الزنا طريقان: ومنهم من قال: لا يسقط بتوبته بعد الرفع إلى القاضي قولاً واحداً (5). والمصنف ذكر القولين، فيه بعد الرفع إلى القاضي، فإنه قال: "فإن ثبت بالشهادة" (6) وقاس على توبة قاطع الطريق قبل الظفر.   (1) في (د): (المعتمد). (2) الوسيط 3/ ق 159/ ب. (3) في (أ) (الطريقتين) وانظر الروضة 7/ 367، ومغني المحتاج 4/ 184. (4) هذا هو المذهب وقطع به جمهور المصنفين: انظر الحاوي 13/ 371، المهذب 2/ 365، الروضة 7/ 367، كفاية الأخيار ص 640، مغني المحتاج 4/ 184. (5) والقولان فيمن تاب قبل الرفع إلى القاضي. انظر نهاية المطلب 7/ ق 53/ ب، الروضة 7/ 384. (6) الوسيط 3/ ق 159/ ب وتمامه " ... لم ينفعه إلا التوبة وفيه قولان: .. إلخ". الجزء: 4 ¦ الصفحة: 24 ووجهه: أن المسقط هناك كون التوبة ماحية للحُوبة (1)، وقد استويا في ذلك وتقييد النص بما قبل الظفر عَارَضَهُ العموم في آية السرقة في قوله تبارك وتعالى: {فَمَنْ تَابَ مِنْ بَعْدِ ظُلْمِهِ وَأَصْلَحَ} (2) والله أعلم. قوله: "والهرب لا يبعد أن يؤثر على رأي، وإن ثبت بالشهادة" (3) (هذا كلام مقلوب، وإنما هو "والهرب يؤثر على رأي لا يبعد، وإن ثبت بالشهادة") (4) وهذا (5) لا يخفى على المتأمل. والله أعلم. قوله: "وإن كان مريضاً، وهو مرجوم رجم؛ لأنه مستهلك" (6). قلت: وهذا إذا ثبت بالبينة، دون الإقرار كما سيذكره هو في شدة الحر، والبرد (7). والله أعلم. وقوله "ولو ثبت بالبينة حبس كما تحبس الحامل" (8) وقال فيه شيخه (9) "كما تحبس الزانية الحامل".   (1) في (أ) (للحربة)، والحوبة: الإثم. انظر: مختار الصحاح ص 140، المصباح المنير ص 155. (2) سورة المائدة الآية 39. (3) الوسيط 3/ ق 159/ ب. (4) ما بين القوسين ساقط من (د). (5) نهاية 2/ ق 99/ أ. (6) الوسيط 3/ ق 161/ أ. (7) الوسيط 3/ ق 160/ أ، حيث قال: "الرابع: الزمان: فلا يقام الجلد في فرط الحر والبرد، بل يؤخرُ إلى اعتدال الهواء، والجلد: إن ثبت بالبينة يقام بكل حال، وإن ثبت بالإقرار يؤخر إلى اعتدال الهواء". (8) الوسيط 3/ ق 160/ أ. (9) نهاية المطلب 17/ ق 56/ أ. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 25 يقال: كيف جعل الحامل أصلاً، والكلام فيهما سواء، كيف والنبي - صلى الله عليه وسلم - لم (1) يحبس الغامدية الحامل من الزنا؟ (2). قلت: حبس الحامل أظهر، من حيث أن للحمل أمداً قريباً منتظراً عادةً بخلاف البرء من المرض، وأما الغامدية فزناها ثبت بإقرارها لا بالبينة. والله أعلم. المُخْدَج: (3) بضم الميم، وإسكان الخاء، وفتح الدال (4) هو الناقص الخِلقة (5). والعِثْكال: بكسر العين المهملة، وإسكان الثاء المثلثة هو الذي يكون فيه الرطب، وهو بمنزلة العنقود في الكَرْم (6). قوله "ولا يكتفي بما يكتفي به في اليمين" (7).   (1) ساقط من (د). (2) يشير إلى ما رواه عمران بن حصين - رضي الله عنه - (أن امرأة من جهينة أتت النبي - صلى الله عليه وسلم - هي حبلى من الزنى، فقالت: يا نبي الله أصبتُ حداً فأقمه عليَّ فدعا نبي الله - صلى الله عليه وسلم -. وليها فقال: أحسن إليها فإذا وضعت فأتني بها ففعل فأمر بها نبي الله - صلى الله عليه وسلم -، فشكت عليها ثيابها ثم أمر بها فرجمت ... الحديث) رواه مسلم 11/ 203 مع النووي في كتاب الحدود، باب حد الزنا. (3) قال: في الوسيط 3/ ق 160/ أ. " ... وإن كان مُخدَجاً، ولا يُنْظر زوال ما به، ولا يحتمل مائة جلدة فقد قال عليه الصلاة والسلام في مثله (خذوا عِثكالاً عليه مائة شمراخ ... إلخ). (4) ساقط من (أ). (5) انظر: الصحاح 1/ 309، المصباح المنير ص 164. (6) انظر: الصحاح 5/ 1758، النهاية في غريب الحديث 3/ 138، المصباح المنير ص 392. (7) الوسيط 3/ ق 160/ أولفظه قبله " ... والأظهر أن يضرب ضرباً فيه إيلام، ولا يكتفي بما ... إلخ". الجزء: 4 ¦ الصفحة: 26 هذا؛ لأنا اكتفينا في اليمين في حق القوي بالعِثكال، ولا نكتفي (1) به فيه ها هنا، بل يشترط السياط فكذلك في الضعيف، لا بدَّ من مثله من التفاوت بينهما فيعتبر أن يكون تأثير (2) العثكال في الألم من بدن المُخْدَج بنحو تأثير السياط في بدن القوي، هكذا قال شيخه (3). والله أعلم. قوله: "ويجوز أن يقال (4): يباح التعجيل" (5) (هذا يرجع إلى قولنا: يضمن وذاك أن الضمان لا يمنع الإباحة بشرط سلامة العاقبة. قوله:) (6) "ويحتمل أن يقال: شرطه أن تغلب السلامة منه" (7). شرحه وشرح ما اتصل به، أنه يحتمل أن لا يكتفي في الإباحة بشرط سلامة العاقبة (8)، بل نزيد على ذلك ونشترط (9) فيها أن يكون الغالب السلامة، والهلاك نادراً، إذ ليس المراد من هذا الحد القتل، فيعتبر (10) أن يكون بحيث لو   (1) في (أ) (يكتفي) بالياء. (2) مطموس في (د): وكتب على هامشه ("لعله (تأثير) والله أعلم" وكذا في (أ) وعليهما الاعتماد. (3) نهاية المطلب 17/ ق 55/ ب. (4) ساقط من (د). (5) الوسيط 3/ ق 160/ أوتمامه " ... لكن بشرط سلامة العاقبة". (6) ما بين القوسين ساقط من (أ). (7) الوسيط 3/ 160/ أ. (8) من قوله "يحتمل أن يقال ... إلى قوله بشرط سلامة العاقبة" تكرر في (د): وبها نهاية 2/ ق 99/ ب. (9) في (أ) (نشرط). (10) في (أ) (فيعتين) كذا أو بتقديم الياء على التاء. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 27 تعدى به في غير الحد متعد على سبيل الجناية لم يجب فيه قصاص، لكونه لا يقتل غالباً. ويحتمل أن يقال: هذا لا يعتبر إلا في التعذير، أما الحد الذي هو دون القتل كالجلد ونحوه، فقد يكون قاتلاً، ويكون بحيث لو صدر مثله من جانٍ لتعلق به القصاص وإذا مات به المحدود، فالحق قتله، ويدل على هذا حد القطع في السرقة، فافهم ذلك فإنه كلام عَقْدٌ مشكلٌ. والله أعلم (1).   (1) إلى هنا انتهى السقط الطويل من نسخة (ب) بمقدار (49) ورقة ونصف ورقة بالمقارنة مع (د). الجزء: 4 ¦ الصفحة: 28 ومن باب حدّ القذف قوله: "وجه إسقاط الحد أن (الفاسق من أهل الشهادة عند بعض العلماء" (1). هكذا ذكره شيخه (2)، وهو منتقض بالعبد والذمي) (3)، فإنهما أهلان للشهادة عند بعض العلماء (4)، ولا خلاف في وجوب الحد عليهما على ما ذكره هو (5) وشيخه (6) وحكاه عن المحققين، فكأنهما لم يستحضرا الخلاف في العبد والذمي. ويمكن أن يفرق بينهما بأن الفاسق أمس وأعلق بالشهادة من العبد والذمي، ولهذا لا تقبل شهادة الفاسق المعادة (7) بعد التوبة لتعَيُّره (8) برد   (1) الوسيط 3/ ق 160/ ب. ولفظه قبله "أما إذا ردّت الشهادة بالفسق، فإن كان بفسق يجاهر به فقولان: وإن كان بفسق خفي انكشف فقولان مرتبان وأولى بأن لا يحد، ووجه إسقاط ... إلخ". (2) نهاية المطلب 17/ ق 59/ أ - ب. (3) ما بين القوسين ساقط من (أ). (4) أما العبد فقال بأهليته للشهادة كالحرّ، عروة بن الزبير، وشريح وابن سرين، وأبو ثور وداود الظاهري وهو الصحيح من مذهب الإِمام أحمد. وفي رواية عنه أن شهادته لا تقبل في الحدود والقصاص. أما الذمي: فقال بجواز شهادته في الوصية في السفر عند فقد المسلم، شريح والنخعي والأوزاعي وغيرهم، وهو مذهب الإِمام أحمد. انظر: المحلى 9/ 405 - 409 و412 - 414. المغني 14/ 170 - 172، 185 - 187، الطرق الحكمية ص 165 - 166 و182 - 185. (5) في الوسيط 3/ ق 160/ ب. والوجيز 2/ 171. (6) نهاية المطلب 17/ ق 59/ أ. (7) في (د): (المعتادة). (8) في (أ) (لتغير) بدون الضمير. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 29 شهادته وتقبل المعادة من العبد والذمي لعدم تعَيُّرهما (1) بردهما (2). والله أعلم   (1) في (أ) زيادة (فيما). (2) في (أ) (بردهما). الجزء: 4 ¦ الصفحة: 30 ومن كتاب حد السرقة (1) قال: "الموجب السرقة ولها ثلاثة أركان: المسروق، والسرقة، والسارق" (2). هذا في غاية الإشكال من حيث كونه جَعل السرقة ركناً للسرقة، وجَعل السارق، والمسروق ركنين لهما مع أن ركن الشيء جزء منه. وجوابه، ما بينته في أول (3) كتاب البيع (4) من أن ركن الشيء في اصطلاح الغزالي وتصرفه (5) عبارة (6) عما لا بدَّ له (7) منه في وجود صورته (8) لكونه جزءاً منه، أو (9) لكونه لازماً له به اختصاص، وفيه احتراز عن الزمان، والمكان، والأمور العامة التي لا بدَّ منها، ولا اختصاص فيها وعن الشرط (10) الذي لا بدّ منه في وجود صحته، لا في وجود صورته. والسارق، والمسروق (11) لا بدّ منهما في وجود صورة السرقة، وهما لازمان لهما اختصاص (12) بهما.   (1) نهاية 2/ ق 100/ أ. (2) الوسيط 3/ ق 161/ أ. (3) ساقط من (أ). (4) في (د): زيادة (مع أن ركن الشيئ) والصواب حذفها. (5) ساقط من (أ). (6) في (أ) (عبارته). (7) ساقط من (د). (8) في (د): (صوته) بإسقاط الراء. (9) في (د): (و). (10) في (ب) (الشوط). (11) في (ب) زيادة (و). (12) في (ب) (اختصاصاً). الجزء: 4 ¦ الصفحة: 31 وأما السرقة، فإذا جعلت (1) نفس السرقة ركنا للسرقة الموجبة، والسرقة الموجبة مجموع نفس السرقة (2) جزء منه. والله أعلم. قوله: "لو نقص قيمة النصاب بأكله، أو تمزيقه قبل الإخراج من الحرز" (3) يعترض عليه بأن أكله يبطل قيمته لا (4) أنه ينقصها، فليحمل قوله: بأكله على أكل بعضه، أو على ما (5) إذا كان ذلك خرَزَة، أو نحوها (6) فبلعها ونقصت بذلك قيمتها، وفرعنا على الصحيح في أنه يجب القطع على من بلع جوهرة في الحِرْزِ وخرج منه، وهي في جوفه، وهي نصاب (7). والله أعلم. قال: "وإنما تتعدد الكرات بأن تعاد إحكام الحرز، ويطلع المالك على الأول" (8) يعني من غير إحرازٍ، وكان ينبغي أن يقول: أو بأن يطلع المالك، غير إنا نقول (9): أراد بأن يطلع المالك، أي يحصل التعدد (بهذا وحده ويحصل أيضاً التعدد بذلك، أو لا يشترط فيه اجتماعهما، ووجه التعدد) (10) بتخلل اطلاع   (1) في (أ) و (ب) (فإنا جعلنا) بدل (فإذا جعلت). (2) ساقط من (د). (3) الوسيط 3/ ق 161/ ب. وتمامه " ... فلا قطع وإن نقص بعده وجب والقطع". (4) في (ب) (قيمة إلا). (5) ساقط من (ب). (6) في (أ) (نحوهما). (7) انظر: الوجيز 2/ 175، الروضة 7/ 348، مغني المحتاج 4/ 173. (8) الوسيط 3/ ق 161/ ب. ولفظه قبله "الرابع: لو أخرج نصاباً لكن بكرات، وكل كرة ناقص عن نصاب فلا قطع، وإنما تتعدد .... إلخ". (9) نهاية 2/ ق 100/ ب. (10) ما بين القوسين ساقط من (أ). الجزء: 4 ¦ الصفحة: 32 المالك من غير إحراز، أن السارق يكون حينئذٍ قد أخذ الأول مما أحرزه المالك، وأخذ الثاني مما تركه غير محرز، وهذا تنويع صدر من المالك يوجب كونهما سرقتين بخلاف ما إذا لم يتخلل بينهما اطلاع المالك، فإنه لم يختلف حينئذٍ الأول، والثاني بالنسبة إلى إحراز المالك كلما اختلفا في صورة الإطلاع وهو يظن أنهما (1) محرزان باحرازه أولاً، ولا اختلفا (2) بالنسبة إلى هتك السارق للحرز، فإنه أخرجهما بهتك واحدٍ. والله أعلم. على الوجه الثالث (3) يحصل التعدد، بأن يأخذ المسروق (4) الأول، ويذهب به إلى موضع يضعه فيه ثم يعود ويأخذ الثاني، ولا يشترط (5) فيه أخذه إلى بيت السارق، وعبارة المصنف فيه عبارة قلقة. والله أعلم. قوله: "الثالث: أن يكون محترماً، فلا قطع (6) على سارق الخمر، والخنزير" (7).   (1) ساقط من (ب). (2) في (ب) (لاختلاف). (3) قال في الوسيط 3/ ق 161/ ب. "فلو لم يتخلل ذلك لكن كان يخرجه شيئاً شيئاً فثلاثة أوجه ... والثالث: إن تخلل طول زمان، أو رد المسروق إلى بيت السارق ولو في زمان قصير فلا قطع، وإن لم يتخلل شيء من ذلك فمتحد". (4) في (أ) (للسروق). (5) في (أ) (ولا يشرط). (6) في (د): (فلا يقطع). (7) الوسيط 3/ ق 162/ أوتمامه " ... إذ لا مالية ولا حرمة، على سارق الطنبور والبربط ... إلخ". الجزء: 4 ¦ الصفحة: 33 فإن قلت: فالخمر والخنزير قد وقع الاحتراز عنهما بقوله "مملوكاً لغير السارق" (1) لأنهما غير مملوكين عندنا لأحد، فكيف يستقيم أن يحترز عنهما بقوله محترماً؟. قلت: كفى في صحة هذين القيدين الاحتراز عن الصور المذكورة غير الخمر، والخنزير, لأنه يكفي في الاحتراز المعتبر في صحة الوصف، والقيد كونه احترازاً (2) عن صورة واحدة، ثم لما استقل ذلك بتصحيح القيدين (3) لم يضر كون (4) الخمر، والخنزير محترزاً عنهما بكل واحد منهما، فلك أن تذكرهما عند ذكر أيهما شئت، فافهم ذلك فإنه مليح. والله أعلم. قوله: "وأما الابن فلا قطع عليه للبعضية" (5). قلت (6): ليس نفي القطع ها هنا للبعضية من قبيل نفي القصاص للبعضية، بل هذا يشمل الوالدين، والمولودين، كما في استحقاق النفقة نظراً إلى أن مطلق البعضية يناسب سد خَلَّته عند فاقته، وأن لا يقطع يده صيانة لماله، ولا كذلك في القصاص، إذ قد جنى بعضه (عليه فلا يناسب بعضيته نفي مقابلته بمثل عدوانه عليه قصاصاً، إلا أن يكون بعضيته) (7) الوالدين، لئلا يكون سبباً في اعدام من هو سبب في وجوده. والله أعلم.   (1) قال في الوسيط 3/ ق 161/ ب "الشرط الثاني: أن يكون مملوكاً لغير السارق فلا قطع على من سرق ملك نفسه وإن كان مرهوناً أو مستأجراً ... إلخ". (2) في (أ) (احتراز). (3) نهاية 2/ ق 101/ أ. (4) في (ب) (بكون) كذا بدون النقط. (5) الوسيط 3/ ق 162/ أ. (6) في (ب) (قال الشارح). (7) ما بين القوسين ساقط من (د). الجزء: 4 ¦ الصفحة: 34 قال: "ما أفرز - أحرز (1) - للمرتزقة، أو ميز من الخمس لذوي القربى، واليتامى وقلنا: أنه ملكهم" (2). (قوله: وقلنا إنه ملكهم) (3) يرجع إلى قوله "ما أفرز للمرتزقة". قوله "كالابن يطأ جارية أبيه" (4) يعني أنه يحد، وإن لم يقطع بسرقة مال أبيه، وذلك؛ لأنه قد يستحق أخذ شيء من ماله في النفقة عند فقره، ولا يستحق أصلاً وطئاً في ماله، إذ لا يجب عليه إعفافه، وهكذا بيت المال (5). قوله: "إن قلنا: لا يتملكه" (6). كان ينبغي أن يقول: إن قلنا: لا يحل له أخذه، إذ لا يجيء هذا على قولنا: لا يتملكه، ويحل له أخذه. والله أعلم. إذا قلنا: لا يقطع أحد الزوجين بسرقة مال الآخر (7)، فلو سرق عبد أحدهما من مال الآخر ففيه وجهان:   (1) كذا في (د): وفي (أ) (حرز) ولم ترد في (ب) والوسيط، وهي تفسير مدرج لأفرز من المصنف، والله أعلم. (2) الوسيط 3/ ق 162/ أ. (3) ما بين القوسين ساقط من (أ). (4) الوسيط 3/ ق 162/ ولفظه قبله " ... الظاهر أن من وطئ جارية من بيت المال حدّ كالابن ... إلخ". (5) انظر: الروضة 7/ 334. (6) الوسيط 3/ ق 162/ ب ولفظه قبله "الشرط الخامس: كون المال نقياً عن شبهة استحقاق السارق، فمستحق الدين إن سرق مال من عليه الدين غير مما طل قطع ... وإن كان غير جنس حقه فالمذهب أنه لا قطع أيضاً، وقيل إنه يجب إن قلنا: إنه لا يتملكه". (7) هذا أحد الأوجه الثلاثة، وأظهرها، يقطع أحد الزوجين بسرقة مال الآخر. انظر: المهذب 2/ 360، الروضة 7/ 335، مغني المحتاج 4/ 162. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 35 أحدهما: لا يقطع (1)؛ لأنا جعلنا على هذا القول، مال (2) أحدهما كمال الآخر في القطع، فيكون كأنه قد سرق مال سيّده (3). ولذلك (4) نقول: لا يقطع عبد الإنسان بالسرقة من مال (5) والده، أو ولده (6)، كما لا يقطع هو. والثاني: يقطع العبد (7) , لأنه لو لزم من عدم جريان القطع بين السادة كون أموالهم في حكم مال واحد فيما يرجع إلى عدم وجوب القطع على عبيدهم، للزم مثل ذلك في حق أولادهم حتى لا يقطع ولد أحدهم بسرقتهِ من مال الآخر لكون مال الآخر كمال أبيه. وكيف يمكن القول بذلك، مع أن الأخ، وهو ولد الأب يقطع بسرقة مال أخيه - ابن أبيه - ومال أخيه كمال والده، من حيث أن والده لا يقطع به كماله، وهو لا يقطع بمال والده، فيلزم أن لا يقطع أيضاً بمال أخيه لو صحت هذه القاعدة، فلما (8) قطعنا (9) علمنا فسادها، وأن ذلك الاتحاد   (1) انظر: المهذب 2/ 361، الروضة 7/ 335. (2) ساقط من (ب). (3) في (ب) (نفسه). (4) في (أ) (كذلك). (5) نهاية 2/ ق 101/ ب. (6) انظر: الروضة 7/ 335، ومغني المحتاج 4/ 163. (7) انظر: المهذب 2/ 361، الروضة 7/ 335. (8) في (د): (لما). (9) في (أ) و (ب) (قطع). الجزء: 4 ¦ الصفحة: 36 مقصور على السيّد ونحوه، وهذا شرح كلامه الذي اختصره حتى مَحَقَهُ (1). والله أعلم. قوله: "أو مضموماً (2) الى ما لا قطع فيه" (3) مثاله، أن يسرق لحماً وميتةً معاً، أو شاةً، وخنزيراً معاً. والله أعلم. قوله: "وإن كان بالنهار و (4) اعتمد فيه لِحاظ الجيران، ففيه وجهان" (5) يعني، وصاحب الدار نائم فيها، وإنما أجرى الوجهين (6) فيما لو كان صاحبها مستيقظاً فيها حيث يقصر في اللَّحاظ (7) اعتماداً على (8) الدار، ولا يأتى (9) بمثل اللحاظ الذي يعد إحرازاً (10) في الصحراء كما ذكره. والله أعلم.   (1) محقه: أي نقصه وأذهبَ منه البركةَ، وقيل: وذهاب الشيء كله حتى لا يرى له أثرٌ. انظر: المصباح المنير: ص: 565. (2) في (أ) (مضموناً) بالنون. (3) الوسيط 3/ ق 162/ ب. (4) ساقط من (أ). (5) الوسيط 3/ ق 163/ أولفظه قبله " ... وإن نام صاحب الدار, لأن حركة السارق ينبه المالك غالباً إن كان الباب مغلقاً، وإن كان مفتوحاً بالليل فهو ضائع، وإن كان بالنهار ... إلخ". (6) في (ب) (الوجهان). (7) اللَّحاظ: بالكسر مصدر لاحظته إذا راعيته. انظر: الصحاح ص /1178، ومختاره ص 522، المصباح المنير ص 550. (8) تكرر في (ب). (9) في (أ) (يتأتى). (10) في (ب) (حواراً). الجزء: 4 ¦ الصفحة: 37 قوله: "وأقصى عدد القطار سبعة" (1) في بعض النسخ تسعة بالتاء المثناة في أوله، والصحيح سبعة بالباء الموحدة وعليه العرف (2). قوله: "إبطال الحرز، إما بالنقب، أو بفتح الباب" (3). هذا ليس بجامع حاصرٍ، ومما (4) يخرج منه ما يكون حرزه (5) مجرد اللحاظ (6). والله أعلم. قوله: "وفيه وجه أنه لا بدّ من الامتزاج ... إلى آخره" (7).   (1) الوسيط 3/ ق 163/ أولفظه قبله " ... فأما من يسوق قطاراً من الإبل، قال الأصحاب هو محرز بالقائد، وأقصى عدد ... إلخ". والقطار: ما كان بعضه إثر بعض. انظر: المصباح المنير ص 507، مغني المحتاج 4/ 168. (2) قال الخطيب الشربيني عقب كلام المصنف هذا: "واعترضه الأذرعي بأن المنقول، تسعة - بالمثناة في أوله وهو ما ذكره الفوراني ونقله عنه العمراني، وكذا قال البغوي والغزالي في الوجيز والوسيط، ونسبه في الوسيط إلى الأصحاب، قال الرافعي: والأحسن التوسط ذكره أبو الفرج السرخسي فقال: في الصحراء لا يتقيد القِطار بعدد، وفي العمران يعتبر ما جرت العادة، بأن يجعل قطاراً، وهو ما بين سبعة إلى عشرة، وصححه في الروضة، وهو الظاهر. وقال البلقيني: التقيد بالتسع أو السبع ليس بمعتمد فإن الشافعي لم يعتبر ذلك ولا كثير من الأصحاب منهم الشيخ أبو حامد وأتباعه، وذكر الأذرعي والزركشي نحوه، وقالا: والأشبه الرجوع في كل مكان إلى عرفه. ثم قال الخطيب: وسبب اضطراب الأصحاب في عدد القطار اضطراب العرف.". مغني المحتاج 4/ 168، وانظر: الروضة 7/ 342. (3) الوسيط 3/ ق 164/ أ. (4) في (أ) (هما). (5) نهاية 2/ ق 102/ أ. (6) كمن وضع متاعه أو ثوبه بقربه في الصحراء أو المسجد، انظر: الروضة 7/ 336 - 337. (7) الوسيط 3/ ق 164/ أتمامه " ... والتحامل على ألة واحدة حتى يصير كالمنفرد كالشركة في قطع اليد وفي إخراج المال". الجزء: 4 ¦ الصفحة: 38 معناه: أنه يشترط في اشتراكهما أن يتحاملا معاً في النقب على آلته حتى يصير كل منهما (1) في حكم المنفرد بالنقب لتأثير فعل كل واحد منهما حينئذٍ في كل جزء كما في الشركة في قطع اليد في باب القصاص، وكما في الشركة ها هنا في إخراج المال من الحرز، فإنها تكون تارة يحملانه (2) معاً والفرق على المذهب أن النقب ليس عين السرقة، وإنما هو وسيلة إليها، وهي الإخراج، وهما (3) يعدان مشتركين في السرقة، وإن لم يوجد حقيقة الاشتراك في النقب، والله أعلم. قوله: "أو آنية" (4) كان ينبغي أن يقول: أو إناء، فإن الآنية جمع، والمفرد هو اللائق ها هنا، وكأنه أراد بذلك المفرد، والله أعلم. قوله: في الدرة " الثالث أن أخذها بعد الانفصال قطع وإلا فلا" (5). الصحيح: في حكاية (هذا الوجه اعتبار انفصالها منه من غير اشتراط أخذه لها، كذلك حكاه شيخه (6) وغيره (7). قوله:) (8) "وإن أخذ شاةً ليست بنصاب فتبعها الشاء أو الفصيل" (9).   (1) في (أ) (بينهما). (2) في (د): (يحملاها) وفي (ب) (يحملاه). (3) في (د): (مما). (4) الوسيط 3/ ق 164/ أولفظه " ... لو أرسل محجنا فتعلق به في الحرز ثوب أو آنية وأخرجه قطع". (5) الوسيط 3/ ق 164/ أ. (6) انظر: نهاية المطلب 17/ ق 62/ أ. (7) كالبغوي والرافعي انظر: التهذيب 7/ 372، الروضة 7/ 348، مغني المحتاج 4/ 173. (8) ما بين القوسين ساقط من (أ). (9) الوسيط 3/ ق 164/ ب. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 39 هذا مفروض فيما إذا كان ذلك يهيج ما تبعها على ذلك لكونها أماً لها والفصيل من صوره، أو لكونها هادية القطيع، والشاء من صوره (1). والشاء بالمد جمع شاةٍ. وقوله: "أو الفصيل" هو بالألف واللام وقد غير ذلك في بعض النسخ وفيه إضمار، والتقدير: أو الفصيل تبع الناقة أمَّه، أو ما أشبه ذلك من التقدير. قوله: "فإن بَعُدَ عن (2) سكّة (3) السيد (4) " (5). غير مرضي، فإن السَّكِّةَ، وهي الزُّقاَقُ غير معتبرة في ذلك، بل المعتبر داره من السكة. قوله: "فهو كالبهيمة، وسوقها" (6) يعني سوقها بدعائها ففيه خلاف (7) لا بالضرب، فإنه يوجب القطع قطعاً (8). وقوله: "واستتباع الشاة بها" يعني بكونها أماً، أو هادياً، كما شرحناه، وفي بعض النسخ لها باللام، وفي بعضها، "بها" بالباء، وهذا الضمير عائد إلى البهيمة، أي بهيمة الأنعام، وليس اسم البهيمة مختصاً بالحمار، ثم إذا قرأته   (1) في (أ) (سهوره) كذا، وقوله "والشاء من صوره" تكرر في ب). (2) ساقط من (أ). (3) نهاية 2/ ق 102/ ب. (4) ساقط من (د). (5) الوسيط 3/ ق 164/ ب. (6) الوسيط 3/ ق 164/ ب. ولفظه "وإن دعاه وخدعه وهو مميز فلا قطع لأنه المنتقل، وإن كان لا يعقل فهو كالبهيمة وسوقها واستتباع الشاة بها وقد سبق". (7) والأصح أنه لا قطع. انظر: الروضة 7/ 349، مغني المحتاج 4/ 173. (8) انظر: المصدرين السابقين. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 40 باللام كانت البهيمة عبارة عن الشاة التابعة، وإذا قرأته بالباء كانت البهيمة عبارة عن الشاة المبتوعة. والله أعلم. قوله: في الوجه الثاني "وهو محرز بقوته" (1). يقال: كيف قال هذا، وعلى هذا الوجه لا فرق بين القوي والضعيف بخلاف الوجه الثالث.؟ وجوابه، أن له على الجملة قوة (2) تحرز ما في يده عن أكثر الناس فيعد محرزاً على الإطلاق، وأما القوة المذكورة في الوجه الثالث والضعف، فالمراد بهما القوة والضعف بالنسبة إلى هذا السارق المعين خاصةً. فافهم ذلك فإنه مشكل. والله أعلم. قوله: "أما الخانات، فالإخراج من حُجَرِها الى عرصة الخان كالإخراج إلى عرصة الدار" (3). هذا ليس على إطلاقه، وإنما هو فيما إذا كان السارق من خارج ليس من سكان الخان (4)، وقد ذكر فيما بعده ما يشعر بهذا. والله أعلم. قال: "ويجب تجديده إذا التزم وتاب" (5).   (1) الوسيط 3/ ق 164/ ب. ولفظه " ... أما إذا نام على بعيره، وعليه أمتعة فجاء السارق وأخذ زمامه وأخرجه من القافلة ففيه أربعة أوجه: أحدها: أنه سارق للبعير والأمتعة إذا أخرجه من الحرز. والثاني: لا؛ لأن الكل تحت يد النائم وهو محرز بقوته، والثالث: أنه إن كان الراكب قوياً فليس بسارقٍ، وإن كان ضعيفاً فهو سارق ... إلخ". (2) في (د): (قولاً). (3) الوسيط 3/ ق 165/ أ. (4) الخان: ما ينزله المسافرون والجمع خانات. انظر: المصباح المنير ص 184. (5) الوسيط 3/ ق 165/ أ. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 41 قوله: "وتاب" زيادة (1) لا معنى لها، ولا اعتبار بها في عقد الذمة. والله أعلم. قوله: "وبقاء (2) الغرم الذي هو ملازم له" (3) يعني ها هنا، أنه أقر بسرقةٍ موجبة للقطع، والغرم، فإذا (4) أثبتنا الغرم بعد رجوعه، فقد أثبتنا عليه (5) السرقة التي أقر بها، وهي ملزومة في إقراره للقطع والغرم فيثبتان ضرورة لثبوت ملزومهما. والله أعلم. قال: قوله: "أسرقت قلْ لا" لم يصححه الأئمة" (6). يعني ما روي في تمام الحديث الأول، من أنه - صلى الله عليه وسلم -، (قال: له، ما إخالك سرقت أسرقت، قلْ، لا" فهذه الزيادة لم تصح عند أئمة الحديث، ولكن روى الحافظ أحمد (7) البيهقي (8) بإسناده موقوفاً عن (9)   (1) نهاية 2/ ق 103/ أ. (2) في (د) (وبقي). (3) الوسيط 3/ ق 165/ ب. ولفظه قبله " ... فإن رجع لم يسقط الغرم وفي سقوط القطع قولان: أحدهما: يسقط كحدّ الزنا، والثاني: لا، لارتباطه بحق الأدمي، وبقاء الغرم الذي هو ملازم له ومنهم من عكس وقال: القطع ساقط وفي الغرم قولان: ... إلخ". (4) في (ب) (وإذا). (5) ساقط من (د). (6) الوسيط 3/ ق 166/ أ. (7) ساقط من (أ). (8) في السنن الكبرى 8/ 480، كما رواه ابن أبي شيبة في المصنف 10/ 23، من طريق يزيد بن أبي كبشة الأنماري عن أبي الدرداء به، وقال: الألباني: في الإرواء 8/ 80 "وإسناده جيد رجاله ثقات رجال الصحيح غير يزيد هذا، فذكره ابن حبان في "الثقات" وروى عنه جماعة". (9) في (أ) (على). الجزء: 4 ¦ الصفحة: 42 أبي الدرداء (1)، أنه أتي بجارية سرقت فقال: لها، سرقت (2) قولي لا، فقالت لا فخلى عنها". وأما "ما إخالك سرقت" فهو مروي من وجه معتمد أخرجه أبو داود، وابن ماجة (3) والنسائي، ثم البيهقي (4) مرفوعاً من حديث أبي أمية المخزومي (5) أن النبي - صلى الله عليه وسلم -، أُتِيَ بلِصٍ قد اعترف اعترافاً (6) فقال: رسول الله - صلى الله عليه وسلم -:   (1) هو عويمر وقيل: عامر بن زيد بن قيس أبو الدرداء الأنصاري الخزرجي صحابي جليل، شهد أحداً وما بعدها من المشاهد وكان فقيهاً حكيماً زاهداً عابداً وولي قضاء دمشق في خلافة عثمان ومات في خلافته على الصحيح سنة 31 وقيل 32 هـ - رضي الله عنهم أجمعين -. انظر: الاستيعاب 3/ 15 - 18 تهذيب الأسماء واللغات 2/ 228، الإصابة 3/ 45 وما بعدها. (2) في (د): و (ب) زيادة (كذا) ولعل الصواب حذفها؛ لأنها لم ترد في مصادر الحديث. (3) في (أ) (أبو ماجة)!. (4) أبو داود 4/ 543 في كتاب الحدود، باب في التلقين في الحد وابن ماجة 2/ 866 في كتاب الحدود، باب تلقين السارق، والنسائي 8/ 67 في كتاب قطع السارق، باب تلقين السارق والبيهقي في الكبرى 8/ 479 وكما رواه أحمد 5/ 293، والدارمي 2/ 228، والطحاوي 2/ 168 من طريق أبي المنذر مولى أبي ذر عن أبي أمية المخزومي به. قال الخطابي في "معالم السنن" 4/ 543، في إسناده مقال، والحديث إذا رواه مجهول لم يكن حجة ولم يجب الحكم به، وضعفه أيضاً الألباني في الإرواء 8/ 79، فقال: "وهذا إسناد ضعيف من أجل أبي المنذر هذا فإنه لا يعرف كما قال الذهبي في "الميزان" وانظر: أيضاً ضعيف سنن النسائي ص 60، برقم (345) وضعيف سنن ابن ماجة ص 206 رقم (565). (5) مشهور بكنيته صحابي من أهل المدينة له حديث واحد وهو هذا. انظر: الاستيعاب 4/ 12، تهذيب الأسماء واللغات 2/ 177، الإصابة 4/ 11. (6) جاء في مصادر الحديث بعده (ولم يوجد معه متاع). الجزء: 4 ¦ الصفحة: 43 ما إخالكَ سرقتَ، قال: بلى، فأعاد عليه مرتين، أو ثلاثاً فأمر به فقطع) فهذا الذي رواه المعتمدون فيه، وفيه (1) الحث (2) على الرجوع، لا على الإنكار، فإنه اعترف مرة عنده - صلى الله عليه وسلم - ثم (3)، قال: له ذلك (4) مرة أخرى. وأما ما تمسك به من حديث (فليَستترْ بِسِترِ الله) (5) فقد ذكر الإِمام الشافعي (6) أنه منقطع، وقول إمام الحرمين في "نهايته" (7) "أنه حديث متفق على (8) صحته" يتعجب منه العارف بالحديث، وله رحمنا الله وإياه أشباه كذلك (9) كثيرة أوقعه (10) فيها اطراحه صناعة الحديث التي يفتقر إليها كل فقيه وعالم، والله أعلم.   (1) في (أ) و (ب) (وفي). (2) في (أ) (الحديث)!. (3) ساقط من (أ). (4) ساقط من (أ). (5) الوسيط 3/ ق 166/ أولفظه "هل للقاضي أن يحث السارق على ستر السرقة أو الرجوع عن الإقرار ... وأما الرجوع عن الإقرار فلا يحث عليه القاضي لقوله عليه الصلاة والسلام (من ارتكب شيئاً من هذه القاذورات فليستتر بستر الله، فإن من أبدى لنا صفحته نقم عليه حداً لله) فيدل ذلك على الفرق ما قبل الظهور وما بعده". (6) في الأم 6/ 190. ورواه من طريق مالك عن زيد بن أسلم مرسلاً، وهو في الموطأ 2/ 629. (7) 17/ ق 88/ أ. (8) نهاية 2/ ق 103/ ب. (9) في (أ) (لذلك). (10) في (د): (أوقعها). الجزء: 4 ¦ الصفحة: 44 قول المصنف في الفرق بين الإقرار بالزنا، والإقرار بالسرقة، "حد الزنا ظاهر، ووجوده عند الزاني (1) محقق، وحد السرقة غير ظاهر للسارق" (2) لا (3) يستقيم، إلا بأن يحمل "الحدّ" على الحدّ الذي يقال: فيه حد الشيء، حقيقته (4) أو هو القول الشارح: الجامع المانع أو غير ذلك فكأنه (5) قال: معنى الزنا ظاهر، ومعنى السرقة الموجبة غير ظاهر للسارق لكثرة شروطها، والاختلاف (6) فيها، فلا بد فيها من التفسير، والتفصيل، فاستعمال المصنف - رحمه الله - الحدّ بهذا المعنى في هذا المقام تعقيد، ونسأل الله التوفيق. قوله: "هل يحبس؟ يبنى على أن شهادة الحسبة مقبولة في حقوق الله تعالى" (7). كان ينبغي أن يقدم كلامه هذا في شهادة الحسبة إلى أول الفرع, لأن الخلاف المبدؤ به في القطع بها، إنما هو مبني على القول بأن شهادة الحسبة في السرقة مقبولة. والله أعلم. ذكر أنه على (8) قولنا: لا تسمع شهادة الحسبة على السرقة، "والظاهر أنها لا تعاد لأجل القطع" (9).   (1) في (د) (الزنا). (2) الوسيط 3/ ق 166/ أ. (3) في (د): (ولا) ولعل الصواب حذف الواو منها. والله أعلم. (4) في (د) (حقيقة). (5) في (أ) (وكأنه). (6) في (ب) (ولا خلاف). (7) الوسيط 3/ 166/ أ. (8) ساقط من (ب). (9) الوسيط 3/ ق 166/ ب. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 45 قلت (1): هذا يستقيم بأن لا نطلق القول بأن الشهادة الحسبة لا تسمع على السرقة، بل نقول: لا تسمع بالنسبة إلى المال وتسمع بالنسبة إلى القطع، ويكون هذا وجهاً آخر ثالثاً (2). والله أعلم. قوله: (3) "كان ملكي أصلاً" (4) أي لم ينتقل (5) إِليَّ منه، بل كان من الأصل ملكي. والله أعلم. قوله: "وإنما الشاهد اعتمد ظاهر اليد" (6). صوابه: أن يقول: ظاهر الحال، كما قاله شيخه (7)؛ لأن المدعي الذي شهد له بالملك، ليس بصاحب اليد، والله أعلم. ثم إن المصنف اقتصر في هذه الصورة، على قوله "كان ملكي أصلاً، وغصبتنيه" ولم يذكر أنه قال: وإنما الشاهد اعتمد ظاهر الحال، كما في الصورة التي بنى عليها، فيحتمل أن يقال: إنه أراد ما إذا ذكر ذلك، ويحتمل أن يقال: وإن لم يذكر ذلك فهو كما إذا ذكره, لأن الشاهد بالملك معلوم من حاله، أنه لا يستند إلى يقين، وإنما يعتمد ظاهر الحال، والمعلوم كالمذكور، وهذا الظاهر من كلام المصنف. والله أعلم.   (1) في (أ) (قال - رضي الله عنه -) وفي (ب) (قال الشارح - رضي الله عنه -) (2) انظر: الروضة 7/ 358 وما بعدها. (3) نهاية 2/ ق 104/ أ. (4) الوسيط 3/ ق 166/ ب. (5) في (ب) (لم ينتفذ). (6) الوسيط 3/ ق 166/ ب. (7) انظر: نهاية المطلب 17/ ق 87/ أ. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 46 ذكر في بيان الواجب، التعليق، وذكر من بعد أنه استحباب (1). وهذا مشكل، ووجهه، أنه استحباب بالنسبة إلى الإِمام، وواجب بالنسبة إلى السارق، إذا رأه الإِمام وجب عليه الانقياد (2) له، وهذا كما في الحقوق الواجبة للأدميين، هي واجبة بالنسبة إلى من هي عليه، غير واجبة بالنسبة إلى من هي له، فله أن لا يستوفيها,. والله أعلم. قوله: "حذاراً (3) من استيعاب جنس البطش" (4) يعني لو قطعنا اليدين في المرتين، ومن استيعاب جنس المشي، لو قطعنا الرجلين في المرتين، فاستيعاب (5) أحد الجانبين، هو بأن (6) يقطع في الكرتين اليد، والرجل اليمينين أو اليد والرجل اليسارين (7)، وفيه تعذر المشي (8) عليه؛ لأنه لا يتهيأ له أن يتكئ في المشي على عصا بخلاف ما إذا كان القطع من خلاف. والله أعلم.   (1) انظر: الوسيط 3/ ق 166/ ب. (2) في (د): (أن لا يفاد) كذا. (3) كذا في (د): و (أ) وفي (ب) (حذار) وفي الوسيط (حذراً). (4) الوسيط 3/ ق 166/ ب. ولفظه قبله " ... وفي الكرة الثانية: قطع الرجل اليسرى حذراً ... إلخ". (5) في (أ) و (ب) (واستيعاب). (6) في (أ) (أن). (7) في (أ) و (ب) (اليسرتين). (8) نهاية 2/ ق 104/ ب. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 47 ذكر أن رواية القتل في المرة الخامسة، رواية شاذة (1)، وهو كما قال: وإن أخرجها أبو داود، وأبو عبد الرحمن النسائي في كتابيهما (2)، وقال: النسائي "هذا حديث منكر". قوله في (3) الحسم "الصحيح أنه واجب نظراً للسارق، وهو إلى اختياره، وعليه مؤنته" (4).   (1) انظر: الوسيط 3/ ق 166/ ب. (2) أبو داود 4/ 565 في كتاب الحدود، باب في السارق يسرق مراراً والنسائي 8/ 90 في كتاب قطع السارق، باب قطع اليدين والرجلين من السارق، كما رواه البيهقي في الكبرى 8/ 473، المعرفة 12/ 412، من طريق مصعب بن ثابت بن عبد الله بن الزبير عن محمَّد بن المنكدر عن جابر قال: جئ بالسارق إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال: اقتلوه فقال يا رسول الله إنما سرق، فقال: اقطعوه قال: فقطع، ... فأتي به الخامسة فقال: اقتلوه) فقال: جابر فانطلقنا به فقتلناه ثم اجتررنا فألقيناه في بئر ورمينا عليه الحجارة". قال النسائي: وهذا حديث منكر ومصعب بن ثابت ليس بالقوي في الحديث. وقال ابن عبد البر في الاستذكار 24/ 196: حديث القتل منكر لا أصل له، وقال الخطابي في معالم السنن 4/ 566: "هذا في بعض إسناده مقال ... إلخ" وحسنه الألباني في صحيح سنن أبي داود 3/ 834 برقم (3710) وقال في الإرواء 8/ 87 - 88 معقباً على كلام النسائي المذكور. قلت: ولكنه لم يتفرد به بل تابعه هشام بن عروة، وله عنه ثلاث طرق ... ثم ذكرها. ثم قال: "والخلاصة أن الحديث من رواية جابر ثابت بمجموع طريقيه وهو في المعنى مثل حديث أبي هريرة فهو على هذا صحيح إن شاء الله تعالى. والله تعالى أعلم". (3) ساقط من (أ). (4) الوسيط 3/ ق 166/ ب. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 48 إطلاقه (1) الوجوب فيه مع أنه إلى اختياره وعليه مؤنته فيه تناقض وتنافر، وكان ينبغي أن يعبر عنه بأنه حق للسارق، ويقتصر عليه، كما فعله شيخه (2)، أو يطلق القول، بأن مؤنته في بيت المال كما فعله غيره (3). ولا يقال: سماه واجباً بمعنى أنه لا يجوز للإمام منع السارق منه إذا أراده؛ لأنه لا يجوز للإمام منع من أراد أكل الطيبات ونحو ذلك إذا أراده، ثم لا يسمى ذلك واجباً. والله أعلم. قوله: "وأما التعليق فهو أن تعلق (4) يده في رقبته، ونترك ثلاثة أيام للتنكيل، وقد ورد به خبرٌ" (5). هذا فيه تغليط فاحشٌ فإنه لا يفهم منه إلا أن ثلاثة أيام مما ورد به الخبر، وليس كذلك، وإنما ورد الخبر بأصل التعليق، ثم رأى بعض أصحابنا أنه يبقى ثلاثة أيام (6)، وبعضهم ساعةً (7) والمقطوع به في "المهذب" (8) و"التهذيب" (9) ساعة.   (1) في (د): (اطاقه) كذا. (2) انظر: نهاية المطلب 17/ ق 82/ ب. (3) كالماوردي والشيرازي وغيرهما، انظر: الحاوي 13/ 324، المهذب 2/ 363، الروضة 7/ 360، مغني المحتاج 4/ 178. (4) في (د) (يعلق). (5) الوسيط 3/ ق 166/ ب. (6) انظر: الروضة 7/ 360. (7) انظر: الحاوي 13/ 334، الروضة 7/ 360، مغني المحتاج 4/ 176، تكملة المجموع 22/ 225. (8) 2/ 363. (9) 7/ 385 الجزء: 4 ¦ الصفحة: 49 والخبر هو حديث فضالة بن عبيد (1)، أنه رأى النبي - صلى الله عليه وسلم - قطع سارقاً ثم أمر بيده فعلقت في عنقه (2). أخرجه أبو داود، والترمذي والنسائي وابن ماجة القزويني (3) في كتبهم (4). وقال فيه الترمذي: إنه حديث حسن غريب.   (1) هو فَضَالةَ بن عبيد بن نافذ بن قيس أبو محمَّد الأنصاري الأوسي, أول مشاهده أحداً وما بعدها من المشاهد ثم سكن دمشق وولي قضاءها لمعاوية بعد أبي الدرداء ومات بها سنة 53 هـ على الصحيح. انظر: الاستيعاب 3/ 197، تهذيب الأسماء واللغات 2/ 50، الإصابة 3/ 206، التقريب ص 445. (2) في (أ) (يده). (3) نهاية 2/ ق 105/ أ. (4) أبو داود 4/ 567 في كتاب الحدود، باب تعليق يد السارق في عنقه، والترمذي 4/ 41 في كتاب الحدود، باب ما جاء في تعليق يد السارق، والنسائي 8/ 92 في كتاب قطع السارق، باب تعليق يد السارق في عنقه، وابن ماجة 2/ 863 في كتاب الحدود، باب تعليق اليد في العنق. وكما رواه أحمد 6/ 19، وابن أبي شيبة في المصنف 10/ 124، والدارقطني 3/ 208، والبيهقي في الكبرى 8/ 478 كلهم من طريق: الحجاج بن أرطاة عن مكحول عن عبد الرحمن بن محيريز قال: سألنا فَضَالة بن عبيد عن تعليق اليد في العنق للسارق أمن السنة هو؟ قال:) فذكره. والحديث حسنه الترمذي، وضعفه النسائي بالحجاج كما ذكره المصنف وقال الزيلعي في نصب الراية 3/ 370 "هو معلول بالحجاج، وزاد ابن القطان جهالة حال ابن محيريز قال: ولم يذكره البخاري ولا ابن أبي حاتم" وضعفه أيضاً الحافظ ابن حجر في التلخيص 4/ 69 والألباني في ضعيف سنن أبي داود ص 43 برقم (948) وضعيف سنن النسائي ص 216 برقم (372) والإرواء 8/ 84 وما بعدها. والله أعلم. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 50 وذكر النسائي، أن راويه (1) الحجاج بن أرطاة (2) ضعيف لا يحتج بحديثه وهو كما قال: والحديث ضعيف فإن الحجاج ضعيف عند أهل الحديث (3). والله أعلم. قوله: في الجلاد "وإن دهِشَ وغلط" (4). هذا بخلاف ما سبق منه في القصاص، فإنه ذكر هناك أن دعوى الدهشة لا تقبل من القاطع (5) , لأنها لا تليق بحالهِ مع إتيانه (6) بقطع منتظم، وهذا أقوى، وأصح من ذاك (7) فإن القاطع قد يدهش لهول القطع، ثم قد يدهش عن صفة المقطوع، وإن (8) لم يدهش عن صفة القطع. والله أعلم. إذا كان على المعصم كفان متساويتان، فقد قال المصنف: "قال الأصحاب: نقطعهما جميعاً لنتيقن استيفاء الأصلية" (9) فاتبع في هذا قول   (1) كذا في النسخ وليست في سنن النسائي. (2) هو الحجاج بن أرطاة بن ثور بن هبيرة أبو أرطاة النخعي الكوفي القاضي أحد الفقهاء صدوق كثير الخطأ والتدليس من السابعة مات سنة 145هـ وقيل 149 هـ والله أعلم. انظر: تهذيب الأسماء واللغات 1/ 152، تذكرة الحفاظ 1/ 186 - 187، التقريب ص 152. (3) انظر: الجرح والتعديل 3/ 154 - 156، ميزان الاعتدال 1/ 458 - 460، التهذيب 2/ 196 - 198. (4) الوسيط 3/ ق 167/ أولفظه "لو بادر الجلاد، وقطع اليسرى، فإن قصد فعليه القصاص، وقطع اليمنى باق، وإن دهش وغلط فقد نص الشافعي في الأم على سقوط القطع". (5) الوسيط 3/ ق 133/ ب. (6) في (أ) (إثباته). (7) في (أ) (ذا). (8) في (أ) (فإن). (9) الوسيط 3/ ق 167/ أ. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 51 شيخه (1)، أن قطعهما هو الذي رواه (2) الأصحاب (3)، وذلك لا يسوغ (4)، قوله: "قال الأصحاب": فبينهما تفاوت لا يخفى والذي نقله صاحب "التهذيب" (5) خلاف ذلك من غير خلاف فقطع بأنهما، لا يقطعان بل يقطع أحدهما، ثم إذا سرق ثانياً يقطع الأخرى، بخلاف الأصبع (6) الزائدة (7)؛ لأنه لا يقع عليها اسم يد، وما ذكره هو اللائق بقاعدة الباب. والله أعلم.   (1) انظر: نهاية المطلب 17/ ق 82/ أ. (2) في (أ) و (ب) (رآه). (3) في (أ) (للأصحاب). ولفظه في النسخة التي اطلعت عليها "ولو كان على الساعد اليمنى كفان فقد قال الأصحاب: نقطعهما ونعلم أن الأصلية إحداهما ولا مبالاة بالأخرى إن قطعناها لما ذكرنا من أن اليمين لو كانت عليها أصبع زائدة لقطعناها". فعلى هذا لا فرق بين عبارة الغزالي وشيخه والله أعلم. (4) في (د): (لا يصوغ) بالصاد المهملة. (5) 7/ 386 (6) تكرر في (ب). (7) قال النووي: هذا هو الصحيح المنصوص، وقد جزم به جماعة منهم القاضي أبو الطيب صاحب البحر الشيخ نصر المقدسي وغيرهم. انظر: الروضة 7/ 362، مغني المحتاج 4/ 176. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 52 ومن باب قطع الطريق (1) قوله "فذكر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - تفسيره فقال: أن يقتلوا إذا قتلوا، أو يصلبوا ... إلى آخره" (2). هذا غلط، إنما هو (3) تفسير ابن عباس، وعنه رواه الشافعي (4)، وكذلك ذكره شيخه (5)، و (6) الحافظ البيهقي (7) والناس (8)، وتفسير ابن عباس - رضي الله عنه - أرجح من تفسير غيره, لأنه ترجمان القرآن، والمعنى يعضده.   (1) في (ب) (حد السرقة) وهو خطأ. (2) الوسيط 3/ ق 167/ أ. (3) في (ب) (هذا). (4) في الأم 6/ 212 وما بعدها. (5) انظر: نهاية المطلب 17/ ق 94/ أ. (6) ساقط من (ب). (7) نهاية 2/ ق 105/ ب. (8) البيهقي في السنن الكبرى 8/ 491، والمعرفة 12/ 437، من طريق الشافعي عن إبراهيم عن صالح مولى التوأمة عن ابن عباس في قطاع الطريق ... " فذكره. قال: الألباني في الإرواء 8/ 92: وهذا إسناد واهٍ جداً، صالح مولى التوأمة ضعيف وإبراهيم وهو ابن أبي يحيى الأسلمي، وهو متروك. ورواه ابن جرير في التفسير 4/ 552 والبيهقي في الكبرى 8/ 492 من طريق محمَّد بن سعد العوفي قال: حدثني أبي، قال: حدثني عمي قال: حدثني أبي عن أبيه عن ابن عباس قال: فذكره. قال الألباني: وهذا سند ضعيف. والله أعلم. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 53 و"أو" ها هنا للتقسيم، والتنويع، لا للشك، ولا للتخيير، والإباحة، كما يقال: حد الزاني الجلد، أو الرجم. والله أعلم. قال: "ولا نقول إن المسافر الواحد مضيع لماله، بل ماله محفوظ به إلا أن يقصد" (1). (هذا عبارة عن كونه محرزاً (فإن كل محرز محفوظ إلا أن يقصد) (2) بالهتك، ولا يخرجه زوال الحفظ حينئذٍ عن كونه محرزاً) (3) من الأصل، وقد سبق من المصنف في باب السرقة في مثله، أنه لا يكون محرزاً؛ لأنه ضائع مع ماله، ويمكن الفرق بينهما، بأن هذا سائر غير ماكث في مكان يتمكن المقاصد من قصده فيه، بل يجهل مكانه، ويفوت من يقصده إلا أن يصادف مصادفةً، أو يرصد بمشقةٍ. والله أعلم. قوله: "وثار ذورا (4) العُراَمة" (5). تصحف في بعض النسخ "بارز" وإنما هو "وثار" من الثوران بالثاء المثلثة، والعُراَمة، بالعين المهملة، وهي التمرد والعصيان (6). والله أعلم.   (1) الوسيط 3/ 167/ أ. (2) من قوله: "هذا عبارة ... إلى قوله: أن يقصد" ساقط من (ب). (3) ما بين القوسين ساقط من (د). (4) في (أ) (ذوو) بدون ألف وفي (ب) (ذو) وكذا في الوسيط. (5) الوسيط 3/ ق 167/ ب. ولفظه "أما ما يجري من الأخذ على أطراف العمران فيعتمد فيه الهرب والاختلاس دون الشوكة إلا إذا فترت قوة السلطان، وثار ذو العرامة في البلاد فهم قطاع عند الشافعي ... إلخ". (6) انظر: اللسان 12/ 395، تهذيب الأسماء واللغات 3/ 2/ 16، القاموس 1467. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 54 وقوله: "وهم متلثمون" (1) ليس بشرط، كما أن المشاعل (2) ليست بشرط (3). قوله: "ولم يذهب أحد إلى أنهم مختلسون" (4). هذا فيه ضرب مجازفة وقد قال فيه شيخه (5) فلا يبعد عندنا أن يكونوا مختلسين (6) والله أعلم. قوله: "كم يترك على الصليب؟ " (7). الصليب بالياء على مثال "مريض" والمراد به ها هنا الخشبة، وهو في الأصل اسم للدهن السائل (8) من عظام المصلوب (9)، فسميت الخشبة باسمه مجازاً لسيلانه عليها، وهذا معنى قوله "ومنه اشتق الصليب" (10) يعني الخشبة. والله أعلم. وقوله: "اشتق": لم يرد به الاشتقاق الاصطلاحي عند أهل العربية والتصريف، وإنما أراد معناه لغة، وهو الانتزاع، والأخذ (11). والله أعلم.   (1) الوسيط 3/ ق 167/ ب. ولفظه " ... أما إذا دخلوا في وقت قوة السلطان داراً بالليل مع المشاعل مكابرين، ومنعوا أهل الدار من الاستغاثة وانصرفوا وهم متلثمون ففيهم وجهان: ... إلخ". (2) في (د): (المشاعلي) كذا. (3) انظر: الروضة 7/ 365. (4) الوسيط 3/ ق 167/ ب. (5) انظر: نهاية المطلب 17/ ق 95/ ب. (6) الاختلاس: هو اختطاف الشيء بسرعة على غفلة. انظر: المصباح المنير: ص: 177. (7) الوسيط 3/ ق 168/ أ. (8) في (د): (السائر) وهو تصحيف. (9) انظر: الصحاح 1/ 164، المصباح المنير ص 345. (10) نهاية 2/ ق 106/ أ. (11) انظر: الصحاح 4/ 1503، القاموس ص 1160. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 55 ما ذكره من تعذر الصلاة عليه على مذهب من يقتله بعد الصلب (1)، ثم يتركه (2) حتى يتهرى (3). وجهه: أن شرط الصلاة على الميت تقديم الغسل، أو التيمم، ولهذا لم يصل على الشهيد، والغسل، والتيمم يتعذران بعد التهري؛ لأن التيمم لا يكون إلا في الوجه واليدين. والله أعلم. قوله: "ومنهم من قال: ينفيهم الإمام إلى بلد معين" (4) هذا فيه إثبات نفي، غير النفي المذكور في الوجه الذي قبله فإن ذلك (5) النفي تشريد في البلاد. والله أعلم. وقوله: "ومنهم من قال: له الاقتصار على النفي" (6). يعني من غير ضرب، ولا حبس (7)، وهذا ظاهر الآية (8) فإنها اقتصرت على النفي والله أعلم.   (1) في (أ) (الصليب). (2) في (د): (يترك). (3) انظر: الوسيط 3/ 168/ أ. وفي (ب) (تتهرى) بتائين. ومعناه يقال: هرأتُ اللحم هرْءاً وهَرأتُه تَهْرِئةً إذا أجدتُ إنضاجه، فتهرأ اللحم حتى سقط عن العظم فهو لحم هَرِئ. انظر: الصحاح 1/ 83، اللسان 1/ 82، القاموس ص 72. (4) الوسيط 3/ ق 168/ أ. (5) في (د) (ذاك). (6) الوسيط 3/ ق 168/ أ. (7) انظر: الروضة 7/ 367، مغني المحتاج 4/ 183. (8) يعني قوله تعالى: {إِنَّمَا جَزَاءُ الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الْأَرْضِ فَسَادًا أَنْ يُقَتَّلُوا أَوْ يُصَلَّبُوا أَوْ تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ مِنْ خِلَافٍ أَوْ يُنْفَوْا مِنَ الْأَرْضِ}. سورة المائدة، الآية 33. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 56 قوله: "ثم ظهر (1) تقواه، وحسنت (2) حاله امتنع مؤاخذته بما جرى له في الجاهلية" (3). هذه (4) الجاهلية يتعين حملها على جاهلية الجاهل العاصي المسلم، لا على جاهلية الكافر، فإن تلك لا تعتبر (5) في ثبوتها ما ذكره من ظهور التقوى، وحسن الحال، بل مجرد إظهار الإِسلام، وإن كان تحت ظلال السيوف تسقط المؤاخذة بما قبله. والله أعلم. وقوله: "وكيف تتبع أحواله" (6). ليس استبعاداً لإمكان التتبع، بل استبعاداً لشرعية التتبع لما فيه من التجسس، واتباع العثرات، وهذا قدح (7) فيما قاله القاضي (8) وقول القاضي هذا مخالف لقول غيره من الأصحاب.   (1) في (ب) (ظهرت). (2) في (ب) (حسن). (3) الوسيط 3/ ق 168/ أ. (4) ساقط من (ب). (5) في (أ) (لا يعتبر). (6) الوسيط 3/ ق 168/ ب. ولفظه قبله " ... أما إذا أنشأ التوبة حيث أخذ لإقامة الحد، فهو متهم والتوقف إلى استبرائه مشكل إن حبس، وإن خُلَّي فكيف نتبع أحواله؟! ". (7) نهاية 2/ ق 106/ ب. (8) حيث قال: يشترط مع التوبة إصلاح العمل ليظهر صدقه فيها. انظر: نهاية المطلب 17/ ق 100/ ب، الروضة 7/ 367، مغني المحتاج 4/ 184. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 57 قال الإِمام أبو المعالي (1): "الأصحاب مجمعون على أنا إذا حكمنا بأن التوبة تسقط الحدود فمجرد (2) إظهارها (3) كافٍ، وهو بمثابة إظهار الإِسلام تحت ظلال السيوف" (4). والله أعلم. قوله: "لأنه مملوكه فلا يصلح لمقاتلته (5)، ومخاصمته في القتال" (6) يعني، فلا يكون السيّد محارباً بالنسبة إليه، فلا يثبت عليه حكم المحارب بقتله. والله أعلم. قوله في القطع: "والثاني: لا يتحتم, لأن القتل عهد حداً فلذلك (7) يتحتم بخلاف القطع" (8) ينبغي أن يقول: عَهد حداً محضاً حتى لا يرد عليه القطع في حد السرقة، ولعله في عدم ذكر هذا الوصف ذهب مذهب من يجوز العذر عند (9) النقص بما يلزم منه زيادة وصف في العلة، وهي مسألة أصولية جدلية. والله أعلم.   (1) انظر: نهاية المطلب 17/ ق 100/ ب. (2) ساقط من (أ). (3) في (ب) (إظهاره). (4) وانظر: أيضاً المهذب 2/ 366، الروضة 7/ 367، مغني المحتاج 4/ 184. (5) في (أ) (لمقابلته). (6) الوسيط 3/ ق 168/ ب. ولفظه قبله " ... وكذا لو قتل عبد نفسه قال القاضي: يخرج على القولين، وقطع الصيدلاني بأنه لا يقتل، وإن جعلناه حداً, لأنه مملوكه ... إلخ". (7) في (د): (فكذلك). (8) الوسيط 3/ ق 168/ ب. ولفظه قبله " ... وإن قطع عضواً فيه قصاص استوفي، وهل يتحتم فيه ثلاثة أقوال: أحدها: نعم كالنفس، والثاني: لا ... إلخ". (9) في (أ) (عن). الجزء: 4 ¦ الصفحة: 58 إذا قال الشاهد: تعرضوا لنا، ولرفقائنا (1) فسدت شهادته في الجميع (2)؛ لأنه أظهر بذلك العداوة، فلذلك لم يخرج على الخلاف المعروف في تبعيض الشهادة في مثل ما إذا (3) شهد لنفسه، و (4) شريكه، أو لأبيه وأجنبي (5) والله أعلم. (قوله "ريث ما يندمل" (6) أي بطء ما يندمل، يقال: راثَ يَرِثُ أي أبطأ (7). والله أعلم) (8) قوله: "لأن الموالاة كانت مستحقةً" (9) توجيهه (10) أنها كانت مستحقة (11) بين (12) القطعين على تقدير عدم القصاص، وقد بقي بعد القصاص أصل القطعين، وإنما اختلفت الجهة، فغابت جهة المحاربة في اليد فبقت صفة الموالاة كما كانت. والله أعلم (13).   (1) في (د): (ولا فقائنا)، كذا وهو تحريف. (2) الوسيط 3/ ق 168/ أ. (3) في (أ) (إذا ما). (4) في (أ) (أو). (5) انظر: المهذب 2/ 422، الروضة 8/ 211، مغني المحتاج 4/ 434. (6) الوسيط 3/ ق 169/ أ. (7) انظر: المصباح المنير ص 247، القاموس ص 218. (8) ما بين القوسين ساقط من (أ). (9) الوسيط 3/ ق 169/ أولفظه قبله " ... ولو استحق يمينه قصاصاً فحارب قطعت اليمين وهل يكتفي بالرجل اليسرى، وهل يمهل ريث ما يندمل فيه وجهان: ... والثاني: لا, لأن الموالاة ... إلخ". (10) في (أ) و (ب) (فوجهه). (11) في (د): (مستحقين). (12) ساقط من (د). (13) نهاية 2/ 107/ أ. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 59 (ومن باب حد الخمر قوله:) (1) " (2) غَصَّ بلقمة" (3)، هو بفتح الغين لا بضمها (4). والله أعلم. قوله: في تحريم التداوي بالخمر "لنهي النبي - صلى الله عليه وسلم - عن ذلك ... إلى آخره" (5). لم نجد في ذلك (6) إلا حديثاً رويناه عن حسان بن مخارق (7) عن أم سلمة قالت: نبذت نبيذاً في كوز، فدخل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وهو يغلي فقال: ما هذا؟ قلت: اشتكت ابنة لي فنعت (8) لها هذا، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: (إن الله لم يجعل شفاءكم فيما حرم عليكم) أخرجه البيهقي في كتاب السنن الكبير (9)، ولم   (1) ما بين القوسين بياض في (أ). (2) في (أ) زيادة (و). (3) الوسيط 3/ ق 169/ ب ولفظه " ... وقولنا: من غير ضرورة أردنا به أن من غَصَّ بلقمةٍ ولم يجد غير الخمر فله أن يسيغها بها". (4) في (أ) (لا بفتحها)! (5) الوسيط 3/ ق 169/ ب. (6) في (أ) و (ب) (هذا). (7) الكوفي، قيل: حسان بن أبي المخارق أبو العوام الشيباني. انظر: التاريخ الكبير للبخاري 3/ 33، الثقاة 4/ 163. (8) في (أ) (فنقعت)! (9) 10/ 8 كما رواه أبو يعلى في المسند 12/ 402، وابن حبان في صحيحه 4/ 233، والطبراني في الكبير 23/ 326 - 237، وابن حزم في المحلى 1/ 175 كلهم من طريق جرير عن أبي إسحاق الشيباني عن حسان بن مخارق عن أم سلمة - رضي الله عنها - به. وأورده الهيثمي في المجمع 5/ 86، وقال: رجال أبو يعلى رجال الصحيح خلا حسان بن مخارق، وقد وثقه ابن حبان. والسيوطي في الجامع الصغير 1/ 111، ورمز له بالصحة، = الجزء: 4 ¦ الصفحة: 60 يخرج في الكتب الخمسة المعتمدة (1)، وهي الصحيحان، وسنن أبي داود، وسنن النسائي، وجامع الترمذي، ولا في سنن ابن ماجة، وفي قوله - صلى الله عليه وسلم -، هذا إشارة إلى تحريم التداوي بالمسكر (2)، فيكون معناه، إن الله لم يجعل شفاءكم فيما حرم عليكم التداوي به، أو نحو هذا من القول، فلا يدخل إذاً تحته التداوي بسائر النجاسات فإنها غير محرمة في حالة التداوي، بل في غير حالة التداوي (3)،   = وخالفه الألباني حيث ذكره في "ضعيف الجامع الصغير" ص 237 برقم (1637) وأحال على السلسلة الصحيحة 4/ 175 برقم (1633) حيث أورده شاهداً لحديث آخر ثم قال: هذا إسناد رجاله كلهم ثقاة معروفون غير حسان بن مخارق فهو مستور لم يوثقه أحد غير ابن حبان. أهـ. قلت: وله شاهد من حديث ابن مسعود موقوفاً عليه عند ابن أبي شيبة في المصنف 7/ 23 من طريق جرير، والطبراني في الكبير: 23/ 237، من طريق الثوري كلاهما عن منصور عن أبي وائل أن رجلاً أصابه الصَّفَر فَنُعِتَ له السَّكر فسأل عبد الله عن ذلك فقال: إن الله لم يجعل شفاءكم فيما حرم عليكم). قال الهيثمي في المجمع 5/ 86: "رجاله رجال الصحيح" وقال الحافظ ابن حجر في الفتح 10/ 82: "وسنده صحيح على شرط الشيخين". وذكره البخاري 10/ 81 مع الفتح في كتاب الأشربة، باب شراب الحلواء والعسل، عنه تعليقاً بصيغة الجزم، وقال الحافظ في التلخيص 4/ 75 "وقد أوردته في تغليق التعليق من طرق إليه صحيحة". والله أعلم. (1) في (ب) (المعتبرة). (2) في (ب) (بالمنكر). (3) التداوي بالنجاسات غير الخمر جائز مطلقاً على الصحيح المعروف من المذهب. وفي وجه أنه لا يجوز، وفي وجه ثالث: أنه يجوز بأبوال الإبل خاصة انظر: المجموع 9/ 54، الروضة 2/ 552. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 61 بدلالة حديث العُرَنَيين المتفق على صحته (1). ويغني عن حديث (إن الله لم يجعل شفاءكم فيما حرم عليكم) ما هو أصح منه (وأدل) (2) وهو حديث طارق بن سويد الحضرمي (3) قال: قلت: يا رسول   (1) رواه البخاري في مواضع كثيرة منها 1/ 400 في كتاب الوضوء، باب أبوال الإبل والدواب والغنم ومرابضها، و3/ 428 في كتاب الزكاة، باب استعمال إبل الصدقة وألبانها لأبناء السبيل، و10/ 148 - 157 في كتاب الطب باب الدواء بألبان الإبل، وباب الدواء بأبوال الإبل، ومسلم 11/ 153 - 157 مع النووي في كتاب القسامة، باب حكم المحاربين والمرتدين من حديث أنس - رضي الله عنه - قال: إن ناساً من عرينة قدموا على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - المدينة فاجْتَوَوها فقال لهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إن شئتم أن تخرجوا إلى إبل الصدقة فتشربوا من ألبانها وأبوالها ففعلوا فَصَحُّوا ثم مالوا على الرُّعاء فقتلوهم وارتدوا عن الإِسلام وساقوا ذود رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ... الحديث). تنبيه: الظاهر من عبارة المصنف أن أبوال الإبل وما يؤكل لحمه نجس، ولكن يجوز التداوي بها لورود النص فيها والصواب أن أبوال الإبل ونحوها مما يؤكل لحمه طاهر، وأن التداوي بالمحرمات النجسة محرم غير جائز، قال شيخ الإِسلام ابن تيمية عقب حديث العرنيين إذنه - صلى الله عليه وسلم - لهم، في التداوي بأبوال الإبل وألبانها دال على أن ذلك ليس من الخبائث المحرمة النجسة؛ لنهيه - صلى الله عليه وسلم - عن التداوي بمثل ذلك، ولكونه لم يأمر بغسل ما يصيب الأبدان والثياب والآنية من ذلك، ولو كانت نجسة لأمرهم الرسول - صلى الله عليه وسلم - بغسل أيديهم وثيابهم؛ لأن تأخير البيان عن وقت الحاجة لا يجوز ... إلخ ثم أطال في الاستدلال لذلك، فمن أراد الوقوف عليها فليراجع مجموع الفتاوى 21/ 82 - 83 و558 وما بعدها. وانظر: أيضاً زاد المعاد 4/ 46 - 48 و154 - 158. فتح الباري 1/ 404 نيل الأوطار 1/ 62 وما بعدها. (2) ما بين القوسين ساقط من (أ). (3) أو الجعفي، ويقال: سويد بن طارق قال ابن منده وهو وهم وله صحبة. انظر: الاستيعاب 2/ 236، الإصابة 2/ 219 - 220 و238. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 62 الله، إن بأرضنا أعناباً نعتصرُها فنشربُ منها، قال: لا فراجعته، فقلت: إنا نستشفي به للمريض، فقال: إن ذلك ليس بشفاء، ولكنَّه داءٌ) أخرجه أبو داود، وابن ماجة (1)، قال الحافظ أبو عمر (2) بن عبد البر: هو صحيح الإسناد (3). قلت (4): وأخرج (5) مسلم في صحيحه (6) نحوه (7) والله أعلم.   (1) نهاية 2/ ق 107/ ب وأبو داود 4/ 204 - 206 في كتاب الطب، باب الأدوية المكروهة، وابن ماجة 2/ 1157 في كتاب الطب باب النهي أن يتداوي بالخمر وكما رواه الترمذي 4/ 339، في كتاب الطب باب ما جاء في كراهية التداوي بالمسكر وأحمد في المسند 5/ 404 والبيهقي في الكبرى 10/ 7 كلهم من طريق سماك بن حرب عن علقمة بن وائل الحضرمي عن طارق بن سويد به. وقال الترمذي: هذا حديث حسن صحيح، وصححه أيضاً الألباني في صحيح سنن أبي داود 2/ 734، برقم (3281) وصحيح سنن ابن ماجة 2/ 263، برقم (2820). والله أعلم. (2) في (د): و (أ) (أبو عمرو) وهو خطأ، وهو يوسف بن عبد الله بن محمَّد بن عبد البر ابن عاصم أبو عمر النمري القرطبي، شيخ الإِسلام حافظ المغرب وله مؤلفات كثيرة منها: التمهيد، والاستذكار وجامع بيان العلم وفضله والكافي في الفقه المالكي ومات سنة 463 هـ انظر: وفيات الأعيان 2/ 348، تذكرة الحفاظ 3/ 1128 - 1130، طبقات الحفاظ ص 431. (3) انظر: الاستيعاب 2/ 236. (4) مطموس في (د)، وفي (أ) (قال - رضي الله عنه -). (5) في (أ) (وأخرجه). (6) 13/ 152 في كتاب الأشربة، باب تحريم التداوي بالخمر وبيان أنها ليس بداء، أيضاً من حديث طارق بن سويد الجعفي. (7) في (ب) (مثله). الجزء: 4 ¦ الصفحة: 63 وقوله: "فكأنه يجعل ذلك شبهةً" (1) أي جعل قصد التداوي شبهة في إسقاط الحد لا أنه (2) جعله مبيحاً. وقوله: "ولم يصرح أحد جواز التداوي بها" (3) ليس كما قال: فقد قاله بعض الأصحاب، نقله غير واحد من المصنفين (4)، وهو منهم فقد نقله في أول وسيطه (5) هذا. والله أعلم. قوله: "قال الشافعي: - رحمه الله - لو سكر مثل هذا الرجل لم يلزمه قضاء الصلوات؛ لأنه كالمغمى عليه" (6). هذا التعليل هو من كلامه لم ينقله عن الشافعي - رحمه الله -. والله أعلم. كلامه في الفرق بين الحنفي والذمي كلام موهم، فقوله "إن (الذمي لم يلتزم حكمنا" (7) معناه: لم يلتزم بعقد الذمة حكمنا فيما نحرمه نحن وهو يستبحه حيث) (8) لا تعلق له بمسلم.   (1) الوسيط 3/ ق 169/ ب، ولفظه قبله "وقد قال القاضي يحد الشارب إن لم يقصد التداوي بها فكأنه جعل ... إلخ". (2) في (ب) (لأنه)! (3) الوسيط 3/ ق 169/ ب. (4) انظر: المهذب 1/ 334، التنبيه ص 128، المجموع 9/ 255، الروضة 7/ 376 - 377، مغني المحتاج 4/ 188. (5) انظر: 1/ 318 من القسم المطبوع حيث قال: " ... فمن أصحابنا من جوَّزَ التداوي بها قياساً على إساغة اللقمة". (6) الوسيط 3/ ق 169/ ب. (7) في (ب) " ... الحنفي والذمي الملتزم حكمنا معناه ... إلخ". (8) ما بين القوسين ساقط من (أ). الجزء: 4 ¦ الصفحة: 64 وقوله: "إن رضي بحكمنا" (1) لا ينافي ذلك، وليس في رضاه بحكمنا إذا شرب التزام بحكمنا (2) عليه بالحد، فإن ذلك رضاً منه بحكمنا على الإجمال، ثم إن حكمنا فيه أن (3) لا حد على الذمي (4). وقوله: "إن الحنفي في قبضة الإمام" المراد به ضد ما ذكرناه في الذمي، أي أنه يلزمه الانقياد لحكم الإِمام في ذلك، وإن حكم عليه بالعقوبة فيما يحرمه الإِمام، ويستحله هو، وللإمام (5) ذلك إذا رأى المصلحة فيه كما في النبيذ، فإن مفسدته كمفسدة الخمر المجمع عليها (6) على (7) ما شهدت به التجارب. قلت (8): وقد وجدت (9) لما يستشكل من حد الحنفي في النبيذ (10) مع استحلاله، مستنداً قوياً، وهو إقامة عمر - رضي الله عنه - الحد على قدامة بن   (1) الوسيط 3، ق 169، ب، ولفظه "وقال: لو شرب الحنفي النبيذ حددته، ونصَّ أن الذمي لا يحد وإن رضي بحكمنا، وسببه أن الحنفي في قبضة الإِمام، والحاجة قد تمس إلى زجره بخلاف الذمي الذي لم يلتزم حكمنا ... إلخ". (2) في (أ) (لحكمنا) باللام. (3) في (ب) (أنه). (4) انظر: الوجيز 2/ 181، الروضة 7/ 376، مغني المحتاج 43/ 187. (5) في (أ) و (ب) (الإمام)!. (6) ساقط من (د). (7) ساقط من (ب). (8) في (أ) (قال - رضي الله عنه -) وفي (ب) (قال الشارح - رضي الله عنه -). (9) نهاية 2/ ق 108/ أ. (10) انظر: الوجيز 2/ 181، الروضة 7/ 376. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 65 مظعون (1) في شربه الخمر مع (2) استحلاله لها (3) قبل انعقاد إجماع الخاصة، والعامة على تحريمها، والخمر إذ ذاك كالنبيذ الآن في ذلك، وانتشر ذلك بين الصحابة، فصار (4) إجماعاً (5). والله أعلم.   (1) هو قدامة بن مظعون بن حبيب بن وهب أبو عمرو القرشي الجُمَحي، كان أحد السابقين إلى الإِسلام هاجر الهجرتين، وشهد بدراً وما بعدها من المشاهد مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، واستعمله عمر - رضي الله عنه - في خلافته على البحرين ومات سنة 36 هـ - رضي الله عنه -. انظر: الاستيعاب 3/ 258 - 272، تهذيب الأسماء واللغات 2/ 60، الإصابة 3/ 228 وما بعدها. (2) في (أ) (في). (3) رواه عبد الرزاق في المصنف 9/ 240 - 242 ومن طريقه البيهقي في الكبرى 8/ 547 - 548 عن معمر عن الزهري قال أخبرني عبد الله بن عامر بن ربيعة أن عمر - رضي الله عنه - استعمل قدامة ابن مظعون على البحرين، فقدم الجارود سيد عبد القيس على عمر فقال: يا أمير المؤمنين، إن قدامة شرب فسكر وإني رأيتُ حداً من حدود الله حقاً على أن أرفعه إليك فقال: عمر - رضي الله عنه -: من شهد معك قال: أبوهريرة، فدعا أبا هريرة فقال بم تشهد فقال لم أراه شرب ولكني رأيته سكران يقئ فقال عمر: لقد تنطعت في الشهادة: قال: ثم كتب إلى قدامة أن يقدم عليه من البحرين، فقدم، فقام إليه الجارود، فقال: أقم على هذا كتاب الله، فقال عمر: أخصم أنت أم شهيد قال: بل شهيد، قال: فقد أديت الشهادة ... : فقال عمر لقدامة إني حادك فقال: لو شربت كما يقولون ما كان لكم تجلدوني، فقال عمر: لِمَ، قال قدامة: قال الله عز وجل: {لَيْسَ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ جُنَاحٌ فِيمَا طَعِمُوا إِذَا مَا اتَّقَوْا وَآمَنُوا} قال عمر: أخطأت التأويل، إن اتقيت الله اجتنبت ما حرم الله عليك ... إلى آخر القصة". (4) في (أ) (فكان). (5) انظر: مراتب الإجماع لابن حزم ص 136، المغني لابن قدامة 12/ 493 - 495، مغني المحتاج 4/ 186 - 187. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 66 قوله: "مع ظاهر الإضافة" (1) أي إضافته شرب المسكر إليه على الإطلاق يشعر بعدم الإكراه، فإنه لو كان مكرها لم يطلق، وينبغي أن يخرج فيه وجه كما في الإقرار بالزنا (2) على ما سبق. والله أعلم. ما رواه من الحديث في قدر حد الخمر (3)، قد رويناه في السنن الكبير (4) مفرقاً في أحاديث، وبعضها دون بعض في القوة، وأوله (5) إلى قول علي (6) - رضي الله عنه -.   (1) الوسيط 3/ ق 170/ أولفظه قبله " ... ولو قال: مطلقاً شربتُ مسكراً، أو قال الشاهد شرب مسكراً، أو شرب شراباً شرِبَهُ غيره فسكر، ولا يقدر احتمال الإكراه مع ظاهر الإضافة". (2) في (أ) (على الزنا). (3) انظر: الوسيط 3/ ق 170 (أ). (4) 8/ 552 - 557 في كتاب الأشربة، باب ما جاء في عدد حد الخمر. (5) في (أ) (وأدلة ... ) والضمير في "أوله" راجع إلى الحديث الأول الذي ذكره الغزالي، وسيأتي لفظه في تخريجه بعد قليل. (6) وهو "من شرب سكر، ومن سكَر هذَى، ومن هذَىَ افترى، فأرى عليه حدَ المفتري". أخرجه الطحاوي 2/ 88، والدارقطني 3/ 157، والحاكم 4/ 417، والبيهقي 8/ 555 من طريق أسامة بن زيد عن الزهري قال أخبرني حميد بن عبد الرحمن عن وبرة (وقال بعضهم: ابن وبرة) الكلبي نحوه. قال الحاكم: صحيح الإسناد، ووافقه الذهبي، وضعفه الألباني في (الإرواء 8/ 46 حيث قال معقباً عليهما: "كذا قالا وابن وبرة، أو وبرة لم أجد من وثقه، وقد أورده الحافظ في "اللسان" باسم وبرة مشيراً إلى هذه الرواية, وقال ابن حزم في "الإنصاف" مجهول، ورواه مالك في الموطأ 2/ 642 ومن طريقه الشافعي في الأم 6/ 252 - 253 والمسند ص 286، عن ثور بن زيد الدَّيلي أن عمر استشار في الخمر يشربها الرجل فقال: علي بن أبي طالب نرى أن = الجزء: 4 ¦ الصفحة: 67 رواه الشافعي (1) - رحمه الله - من حديث عبد الرحمن بن   = تجلده ثمانين، فإنه إذا شرب سكر ... إلخ" قال الحافظ ابن حجر في "التلخيص" 4/ 75 "وهو منقطع؛ لأن ثور لم يلحق عمر بلا خلاف لكن وصله النسائي في الكبرى والحاكم من وجه آخر عن ثور عن عكرمة عن ابن عباس. ورواه عبد الرزاق عن معمر عن أيوب عن عكرمة ولم يذكر ابن عباس وفي صحته نظر؛ لما ثبت في الصحيحين عن أنس أن النبي - صلى الله عليه وسلم - جلد في الخمر بالجريد والنعال، وجلد أبو بكر أربعين، فلما كان عمر استشار الناس فقال عبد الرحمن بن عوف: أخف الحدود ثمانون فأمر به عمر" ولا يقال: يحتمل أن يكون عبد الرحمن وعلي أشارا بذلك جميعاً لما ثبت في صحيح مسلم عن علي في جلد الوليد بن عقبة أنه جلده أربعين وقال: جلد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أربعين وأبو بكر أربعين، وعمر ثمانين وكل سنة وهذا أحب إليَ" فلو كان هو المشير بالثمانين ما أضافها إلى عمر ولم يعمل بها (كذا في الأصل ولعل الصواب "لعمل بها" كما يقتضيه السياق) لكن يمكن أن يقال: إنه قال لعمر باجتهاده ثم تغير اجتهاده". (1) في الأم 6/ 252 والمسند ص 285، وكما رواه أبو داود 4/ 627 في كتاب الحدود، باب إذا تتابع في شرب الخمر، والحاكم 4/ 416 - 417 كلهم من طريق الزهري عن عبد الرحمن بن أزهر قال: (أتي النبي - صلى الله عليه وسلم -: بشارب فقال: اضربوه، فضربوه بالأيدي والنعال وأطراف الثياب، وحثوا عليه التراب ثم قال النبي - صلى الله عليه وسلم - بكَّتوُه، فبكتوه ثم أرسله، قال: فلما كان أبو بكر سأل من حضر ذلك المضروب فقومه أربعين، فضرب أبو بكر - رضي الله عنه - في الخمر أربعين حياته ثم عمر - رضي الله عنه - حتى تتابع الناس في الخمر فاستشار فضربه ثمانين". قال الحاكم: هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه، ووافقه الذهبي، وقال ابن أبي حاتم كما في "التلخيص" 4/ 75 سألت أبي وأبا زرعة فقالا: لم يسمعه الزهري من عبد الرحمن بن أزهر، وقال المنذري في مختصر سنن أبي داود: 6/ 292، هذا منقطع، وصححه الألباني في صحيح سنن أبي داود 3/ 849 برقم (3766 - 3768). والله أعلم. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 68 أزهر (1) - رضي الله عنه -. وأما قوله: "تَتَايعَ الناس" (2) فالتتايع بالياء المثناة من تحت قبل العين، لا يستعمل إلا في الشر، وهو التهافت فيه، واللَجاج (3). وأما ما روى من أن (النبي - صلى الله عليه وسلم -جلد أربعين) فقد أخرجه مسلم في صحيحه (4) من حديث على - رضي الله عنه -. القتل وقع في النسخ في المرة الثالثة (5)، وليس بصحيح، بل هو في الرابعة فيما رويناه من حديث أبي هريرة، وفي "الخامسة" فيما رويناه من حديث معاوية (6)، رواهما أبو داود في سننه وغيره (7). والله أعلم.   (1) هو عبد الرحمن بن أزهر بن عوف بن الحارث، أبو جُبَير القرشي الزهري صحابي صغير، هو ابن أخي عبد الرحمن بن عوف، مات قبل حادثة الحرة, وكانت الحرة بالمدينة سنة 63 هـ. انظر: تهذيب الأسماء واللغات 1/ 294، الإصابة 2/ 389 - 390، التقريب ص 339. (2) الوسيط 3/ ق 170/ أ. (3) انظر الصحاح 3/ 1192, شرح السنة 5/ 494، النهاية في غريب الحديث 1/ 202. (4) 11/ 216 مع النووي في كتاب الحدود، باب حد الخمر. (5) انظر الوسيط 3/ ق 170/ أ. (6) هو معاوية بن أبي سفيان، صخر بن حرب بن أمية أبو عبد الرحمن القرشي الأموي أمير المؤمنين أسلم قبل الفتح، وشهد حنيناً مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وكان أحد الكتاب لرسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وولاه عمر الشام بعد أخيه ثم أقره عثمان، وولى الخلافة بعد ذلك عشرين سنة مات بدمشق سنة 60 هـ وقيل 59 هـ انظر: الاستيعاب 3/ 395 - 403، تهذيب الأسماء واللغات 2/ 102 - 104، الإصابة 3/ 422 - 435. (7) أما حديث أبي هريرة، فرواه أبو داود 4/ 624 في كتاب الحدود، باب إذا تتابع في شرب الخمر والنسائي 8/ 314 في كتاب الأشربة، باب ذكر الروايات المغلظات في شرب الخمر، وابن ماجة 2/ 859 في كتاب الحدود، باب من شرب الخمر مراراً، وأحمد 2/ 291 و504 = الجزء: 4 ¦ الصفحة: 69 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   = وابن الجارود في المنتقي ص 211 - 212 وابن حبان 10/ 297 والحاكم 4/ 412 - 413 والبيهقي في الكبرى 8/ 544. كلهم من طريق ابن أبي ذئيب عن الحارث بن عبد الرحمن عن أبي سلمة عن أبي هريرة قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، (إذا سكر فاجلدوه، ثم إذا سكر فاجلدوه، ثم إذا سكر فاجلدوه فإن عاد في الرابعة فاقتلوه). قال الحاكم: هذا حديث صحيح الإسناد على شرط مسلم ولم يخرجاه، ووافقه الذهبي، وصححه أيضاً الألباني في الصحيحة 3/ 348 برقم (1360) وصحيح سنن النسائي 3/ 1146 برقم (5233). وصحيح سنن ابن ماجة 2/ 84 برقم (2085). وأما حديث معاوية: فرواه أبو داود في الموضع السابق والترمذي 4/ 39 في كتاب الحدود باب ما جاء من شرب الخمر فاجلدوه، فإن عاد في الرابعة فاقتلوه، وابن ماجة في الموضع السابق، وأحمد 4/ 95 - 96، والطحاوي 3/ 159، وابن حبان 10/ 296، والطبراني في الكبير 9/ 767، والحاكم 4/ 413 - 414. والبيهقي في الكبرى 8/ 544، من طرق عن عاصم بن أبي نجود عن أبي صالح ذكوان عن معاوية قال: قال: رسول الله - صلى الله عليه وسلم - (إذا شربوا الخمر فاجلدوهم ثم إن شربوا فاجلدوهم ثم إن شربوا فاجلدوهم ثم إن شربوا فاقتلوهم). قال أبو داود وفي رواية الجَدْلي عن معاوية أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: فإن عاد في الثالثة أو الرابعة فاقتلوه). قال الترمذي سمعت محمَّد بن إسماعيل يقول: حديث أبي صالح عن معاوية أصح من حديث أبي صالح عن أبي هريرة، وسكت عنه الحاكم وقال الذهبي صحيح، وصححه أيضاً الألباني في الصحيحة 3/ 348، وصحيح سنن الترمذي 2/ 72، برقم (1169) وصحيح سنن ابن ماجة 2/ 85 برقم (2086). وللحديثين شواهد أخرى كثيرة عن ابن عمر وجابر وقبيصة بن ذوئب، والشريد وغيرهم. انظر: سنن أبي داود، الموضع السابق والحاكم 4/ 412 - 415، ونصب الراية 3/ 346 - 349. تنبيه: ذكر المصنف أن القتل وقع في المرة الخامسة في حديث معاوية - رضي الله عنه -. قلت: هذا سهو أو طغيان قلم، فإني لم أجد وقوع القتل في المرة الخامسة عند أبي داود ولا غيره من حديثه، وإنما وقع القتل في المرة الخامسة في حديث ابن عمر عند أبي داود، الموضع السابق، قال: حدثنا إسماعيل ثنا حماد عن حميد بن يزيد عن نافع عن ابن عمر أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال بهذا المعنى (يعني مثل حديث معاوية) ثم قال: "وأحسبه قال في الخامسة إن شربها فاقتلوه". قال أبو داود: وكذا في حديث أبي غطيف (في الخامسة) ا. هـ. والله أعلم. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 70 السوط (1): من الأصل هو المتخذ من جلود، وسيور تلوي وتلف، وهو معروف، "وثمرته" طرفه، هكذا (2) ثمرة اللسان طرفه (3) وهذا هو المراد بثمرة السوط المذكورة في الحديث الذي رواه الشافعي (4) عن مالك. المذكور فيه "فأتي بسوط جديد لم تقطع ثمرته" واشتبه هذا على إمام الحرمين (5)، فغير ألفاظ الحديث، وقال: فيه (6) "فأتي بخشبة"، وفسّر الثمرة بعقدها التي هي منابت الغصون الدقيقة، وتبعه على ذلك الغزالي في بسيطه (7)، ونسأل الله عصمته وتوفيقه. قوله: "ولا ينبغي أن يكون في غاية الرطوبة، ولا في غاية اليبس" (8).   (1) في (د): (لسقوط) وهو تحريف. وانظر الوسيط 3/ ق 170/ أ. (2) في (أ) و (ب) (وكذا). (3) نهاية 2/ ق 108/ ب. (4) في الأم 6/ 190 من طريق مالك وهو في الموطأ 2/ 629، والبيهقي في الكبرى 8/ 565 والصغير 2/ 294 عن زيد بن أسلم أن رجلاً اعترف على نفسه بالزنا على عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فدعا له رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، بسوط، فأتى بسوط مكسور، فقال: فوق هذا، فأتِيَ بسوط جديد لم تقطع ثمرته فقال: دون هذا ... الحديث". قال الشافعي: هذا حديث منقطع ليس مما يثبت به، هو نفسه حجه، وقد رأيت من أهل العلم عندنا من يعرفه ويقول به، فنحن نقول به". (5) انظر: نهاية المطلب 17/ ق 116/ ب. (6) ساقط من (ب). (7) 5/ ق 141/ أ. (8) الوسيط 3/ ق 170/ أ. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 71 هذا قاله في الخشبة، عنده أنه (1) في غاية الرطوبة إفراطاً في الإيلام من حيث أنها تلتوي على البدن، ويغوص تأثيرها فيه حتى يتشقق منه الجلد، وفي غاية اليبس تفريطاً (2) لخفتها، وقلة إيلامها. والله أعلم. قوله: في المقاتل "كالقُرُط، والأخدَع" (3) كذا هو في "النهاية" (4) و"البسيط" (5) وليس بصحيح، وصوابه أن يقال: كما تحت القُرُط وهو ما تحت الأذن، إذا القرط عبارة عمّا علق من شحمة الأذن من حلقة ذهب، أو غيره (6). والأخدع: عِرْقٌ في موضع المحاجم من العنق (7) والله أعلم. قوله: "ويتقي الوجه، ففيه نهي في البهائم، فكيف في الآدمي؟ " (8). اتبع فيه شيخه (9) وفيه تقصير إذ وجه الآدمي نفسه منصوص عليه في أحاديث منها: ما رويناه في صحيح مسلم وغيره (10) عن أبي هريرة عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، قال: (إذا ضرب أحدكم فليتجنب الوجه). والله أعلم.   (1) في (أ) و (ب) (أن). (2) في (أ) (تفريطها). (3) الوسيط 3/ ق 170/ أولفظه قبله "وأما المضروب، فليفرق على جميع بدنه ويتقي المقاتل كالقرط والأخدع ... إلخ". (4) 17/ ق 116/ ب. (5) 5/ ق 141/ ب. (6) انظر: الصحاح 3/ 1151، المصباح المنير ص 498. (7) انظر: الصحاح 3/ 1202، تهذيب الأسماء واللغات 3/ 1/88، المصباح المنير ص 165. (8) الوسيط 3/ ق 170/ أ. (9) انظر نهاية المطلب 17/ ق 116/ ب. (10) مسلم مع النووي 16/ 165، في كتاب البر والصلة والآداب، باب النهي عن ضرب الوجه وأبو داود 4/ 631 - 632 كتاب الحدود، باب في ضرب الوجه في الحدَّ، وأحمد 2/ 627 و3/ 173، و201، 224/ 326. من طرق مختلفة عن أبي هريرة وفي بعض رواياته (إذا قاتل ... ). الجزء: 4 ¦ الصفحة: 72 قوله: "ولا يتلّ للجبين (1) " (2) أي لا يصرع لجبينه، والجبين غير الجبهة، وهما جبينان إلى جانبي الجبهة (3). قوله: في الموجب للتعزير "كل جناية (4) سوى هذه السبعة مما يعصي بها العبد ربه تعالى" (5) هذا يرد عليه ترك الصلاة، فإنه مما سوى السبع، والواجب فيه القتل حداً دون التعزير (6)، وقتال الصائل، كقتال الباغي وما ألحقه به في ذلك. والصواب أن لا يذكر واحد منهما (7) في الجنايات الموجبة للحدود، فإن الواجب فيها القتال للدفع، والرد إلى الطاعة، والقتل إن وقع لم يكن حداً، بل يقع ضمناً غير مقصود، وهذا معلوم من قاعدة المذهب، وعند أهله، واقتصر فيه في "البسيط" (8) على أنه "كل جناية لا توجب (9) الحد عصى مرتكبها". والله أعلم. الحديث الذي صححه صاحب "التقريب" (10) متفق على صحته (11).   (1) في (أ) (الجبين). (2) الوسيط 3/ ق 170/ أوتمامه " ... بل يضرب وهو قائم وتضرب المرأة وهي جالسة ... إلخ". (3) انظر: المصباح المنير ص 90، القاموس ص 1530، مختار الصحاح ص 68. (4) نهاية 2/ ق 109/ أ. (5) الوسيط 3/ ق 170/ ب. (6) انظر: المهذب 1/ 77، المجموع 3/ 16، 17، 8، الروضة 1/ 667 وما بعدها. (7) في (ب) (منها). (8) 5/ ق 141/ ب. (9) في (ب) (لا يوجب). (10) ولفظه في الوسيط 3/ ق 171/ أ "روى صاحب التقريب حديثاً عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - "أنه لا يجلد فوق العشرة إلا في حدًّ، وقال: الحديث صحيح". (11) البخاري 12/ 182 - 183 مع الفتح في كتاب الحدود، باب كم التعزير والآداب؟ ومسلم 12/ 221 مع النووي في كتاب الحدود باب قدر أسواط التعزير من حديث أبي بردة - رضي الله عنه -. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 73 وقول المصنف: "وإن لم يصح الحديث، فيحط عن عشرين في العبد" (1) غير مرضي فإنه لا شك في صحته، أخرجه البخاري ومسلم في صحيحهما من حديث أبي بردة بن نِيَار (2)، وكان ينبغي أن يقول: وإن لم يعمل بالحديث إذ قد قال بعض أصحابنا (3)، أجمعت الأمة على جواز الزيادة على العشر، فيدل الإجماع على كونه منسوخاً (4). والله أعلم.   (1) الوسيط 3/ ق 171/ أ. (2) في (د): (دينار) وهو تحريف. هو هانئ بن نيار بن عمرو بن عبيد بن كلاب أبو بردة البلَوي المدني حليف الأنصار، وقيل: اسمه الحارث بن عمرو، وقيل: مالك بن هبيرة والأول أشهر وأصح، شهد بدراً وما بعدها من المشاهد مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، مات في أول خلافة معاوية سنة إحدى، وقيل: اثنتين، وقيل خمس وأربعين من الهجرة. انظر: الاستيعاب 3/ 597 - 598 و4/ 17، تهذيب الأسماء واللغات 2/ 178، الإصابة 3/ 596 - 597 و4/ 18. (3) انظر: الروضة 7/ 382، وشرح النووي على صحيح مسلم 12/ 222 وفتح الباري 12/ 185، ومغني المحتاج 4/ 193. (4) قلت: وفي صحة هذا الإجماع نظر؛ لأن هناك جماعة من العلماء قالوا: بظاهر الحديث منهم الليث بن سعد والإمام أحمد، قال النووي وغيره، اختلف العلماء في التعزير هل يقتصر فيه على عشرة أسواط فما دونها، ولا تجوز الزيادة أم تجوز الزيادة؟ فقال الليث بن سعد وأحمد بن حنبل وإسحاق وأشهب المالكي وبعض الشافعية: لا تجوز الزيادة على عشرة أسواط. وذهب الجمهور من الصحابة والتابعين ومن بعدهم إلى جواز الزيادة ثم اختلف هؤلاء في مقدار الزيادة .... إلخ. انظر: شرح السنة 5/ 502، شرح النووي على صحيح مسلم 12/ 221، الروضة 7/ 182، فتح الباري 12/ 185، المغني لابن قدامة 12/ 524، مجموع الفتاوى لشيخ الإِسلام ابن تيمية 28/ 108 - 109. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 74 (ومن كتاب موجبات الضمانات) (1) قال - رحمه الله -: "شارب الخمر إذا ضرب (2) بالنعال، وأطراف الثياب (3) قريباً من أربعين فمات فلا ضمان" ثم قال: "وإن ضرب أربعين فمات فقولان" (4). قوله "قريباً من أربعين" غير مرضى؛ لأنه إن جعل ذلك حد الخمر فلا صائر إليه وإن أراد به بعض الحد، فذلك يوهم أن جميع الحد الذي هو أربعون ليس كذلك، فيما إذا كان بالنعال. ويوهم أيضاً أن (5) سبب الفرق بين هذا، وبين محل القولين كون ذلك أربعين، وكون ذلك قريباً من أربعين (6). وليس الأمر عندهم في ذلك على ذلك، فإنهم ذكروا نفي الضمان في الأربعين بالنعال (7)، وحكوا القولين فيه في الأربعين بالسياط (8) والله أعلم. ما ذكره عن (9) علي - رضي الله عنه (10) - تمامه في الصحيحين،   (1) ما بين القوسين بياض في (أ). (2) في (د): (طرب) بالطاء وهو تحريف. (3) في (أ) (النعال) وهو خطأ. (4) الوسيط 3/ ق 171/ أ. (5) نهاية 2/ ق 109/ ب. (6) في (أ) (الأربعين). (7) أي على الصحيح المنصوص كما في سائر الحدود. انظر: الروضة 7/ 385، مغني المحتاج 4/ 20، نهاية المحتاج 8/ 32. (8) المشهور أنه لا يضمن كما في سائر الحدود. انظر: المصادر السابقة، وشرح السنة 5/ 498. (9) ساقط من (أ). (10) انظر: الوسيط 3/ ق 171/ أ. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 75 وغيرهما (1)، عنه أنه قال: "ما من رجل أقمت عليه حداً فمات، فأجد في نفسي إلا الخمر فإنه إن مات وديتُه؛ [لأن] (2) رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لم يَسُنَّه" وفي رواية أخرى هي بغير هذا (3) اللفظ (فإنه شيء رأيناه بعد رسول الله - صلى الله عليه وسلم -) وقد صح في صحيح مسلم (4) عن علي - رضي الله عنه - أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - "جلد في الخمر أربعين". فإذاً يحتمل أنه أراد بقوله هذه الزيادة على أربعين، ويحتمل أنه أراد جلدهم الأربعين بالسياط، مع أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إنما جلد أربعين بالنعال، والثياب (5). والله أعلم. قوله: "إذا ضرب (6) في الشرب ثمانين فمات ضمن الشطر؛ لأنه زاد على المشروع مثله" (7). يعني زاد على المشروع حداً (8) مثله تعزيراً.   (1) البخاري 12/ 67 مع الفتح في كتاب الحدود باب الضرب بالجريد والنعال، ومسلم 12/ 220 مع النووي في كتاب الحدود، باب حد الخمر، وأبو داود 4/ 626 في كتاب الحدود، باب إذا تتابع في شرب الخمر، وابن ماجة 2/ 858 في كتاب الحدود، باب حد السكران، وأحمد 1/ 125 و130، والطحاوي 3/ 153، والبيهقي في الكبرى 8/ 558 من طريق أبي حصين عن عمير بن سعيد عن علي به. (2) في النسخ (أن) والتصحيح من مصادر التخريج السابقة. (3) تكرر في (ب). (4) 11/ 216 في كتاب الحدود، باب حد الخمر. (5) انظر: السنن الكبرى 8/ 558، وفتح الباري 12/ 73. (6) في (أ) زيادة (كا). (7) الوسيط 3/ ق 171/ ب. (8) في (د): (جلداً) وهو خطأ. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 76 قلت (1): وإنما جاز فيه التعزير بأربعين؛ لأنه تعزير على تصديه للافتراء (2) في هذيانه، ومقدمات القذف يعتبر فيها النقص عن حد القذف، لا عن (3) الأربعين على وجه صحيح سبق (4)، ومن قال: يعتبر في كل تعزير نقصه عن الأربعين اعتذرنا له بأن (5) الأربعين ها هنا تعزيران، أو تعزيرات على تصديه للافتراء (6)، ولغيره من المعاصي والله أعلم. السَّلْعة (7): قيل: إنها الغُدَّة (8) (9) ذكره إمام الحرمين (10)، وفي صحاح اللغة (11) للجوهري، أنها زيادة تحدث في الجسد كالغُدَّة تتحرك إذا حُرَّكتْ وقد تكون (12) من حِمَّصَةٍ إلى بطَّيخةٍ.   (1) في (أ) (قال - رضي الله عنه - قلت:) وفي (ب) (قال الشيخ ابن الصلاح - رضي الله عنه - قلت:). (2) في (أ) و (ب) (الافتراء). (3) (لا عن) مطموس في (ب). (4) يعني في الوسيط 3/ ق 171/ أ. وانظر: الروضة 7/ 382. (5) في (ب) (أن). (6) في (ب) (الافتراء). (7) قال في الوسيط 3/ ق 171/ ب. "أما الاستصلاح فهو إما بقطع سِلْعة أو بالختان، أما السلعة فللعاقل أن يقطعها من نفسه إن لم يكن فيه خوف ... إلخ". (8) هي لحم يحدث من داء بين الجلد واللحم يتحرك بالتحريك. انظر: المصباح المنير ص 443، القاموس ص 388. (9) نهاية 2/ ق 110/ أ. (10) في نهاية المطلب 17/ ق 113/ ب. (11) 3/ 1231 وانظر: أيضاً المصباح المنير ص 285، القاموس ص 942. (12) في (أ) (يكون) بالياء. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 77 (1) قلت: وهي (2) بكسر السين كما في سِلْعةِ المَتاع، ومن قالها بفتح السين فهو مخطئ، وإنما السَّلْعَة بالفتح الشَّجَّة (3). والله أعلم. قوله: "لأنه غير مضبوط" (4) أي فيما يرجع إلى الألم والسرايه. والله أعلم. قوله: في توجيه التضمين في الختان "إنه ليس على الفور، ولا فيه خوف" (5). معناه وتقريره: ليس على الفور في حق الصبي ونحوه، ولا في تركه خوف عليه، كما في السَّلْعَة حتى يحتاج لذلك إلى تجويزه للولي من غير ضمان كي لا يمنعه من فعله خوف الضمان، مع كونه غير مستبعد حينئذٍ لما فيه من الخطر، وإنما فسرنا ذلك بالخوف في الترك مع أن ظاهر لفظه فيه لا يشعر به, لأن الخوف في نفس الختان ثابت قد أثبته المصنف في قوله بعد هذا "إنه جرح (6) مخطر" ولأن ما ذكرته من المعنى يقتضيه. والله أعلم. تعليله في وجوب الختان (7) ينتقض بقطع السَّلعة الجائز (8)، مع الخوف من غير وجوب.   (1) في (أ) (قال - رضي الله عنه - قلت:) وفي (ب) (قال الشارح - رضي الله عنه -). (2) في (ب) (هو). (3) انظر: المصباح المنير ص 285، القاموس ص 942. (4) الوسيط 3/ ق 171/ ب. ولفظه قبله " ... وحيث جوزنا للأب والسلطان ذلك فسرى، قال القاضي، وجب الضمان كالتعزير, لأنه غير مضبوط". (5) الوسيط 3/ ق 172/ أ. (6) وفي (أ) (يخرج). (7) ساقط من (ب) ولفظه في الوسيط 3/ ف 172 /أ " ... أما الختان فمستحق عند الشافعي في الرجال والنساء؛ لأنه جائز مع جرح مخطر ... إلخ". (8) في (ب) (جائز). الجزء: 4 ¦ الصفحة: 78 فأقول: جرح مخطر لا علاج فيه (1) لداءٍ، فلو لم يجب لم يجز كسائر (الجراحات التي هذه صفتها) (2). والله أعلم. قوله: في الختان "ولا يجب على الصبي بخلاف الغُدَّة" (3). كان ينبغي أن يقول: ولا يجب في حق الصبي (4) بخلاف الغُدَّة لأن (الغدة) (5) وغيرها (6)، لا (7) يجب على من هو دون البلوغ. والله أعلم. قوله في الفاسق: "لأنه من أهل الشهادة على الجملة" (8). يعني به أنه أهل لها على مذهب (9) وهو مذهب أبي حنيفة (10)، وهذا قد (11) سبق منه ومن شيخه في باب حدّ القذف (12)، وبينت (13) هناك بطلانه   (1) ساقط من (ب). (2) ما بين القوسين ساقط من (ب). (3) الوسيط 3/ ق 172/ أ. (4) انظر: الروضة 7/ 387 - 388، مغني المحتاج 4/ 203. (5) ما بين القوسين ساقط من (أ). (6) في (أ) زيادة (و). (7) ساقط من (د). (8) الوسيط 3/ ق 172/ أ. (9) نهاية 2/ ق 110/ ب. (10) في النكاح فقط، وأما في غيره فليس من أهل الشهادة. انظر: المبسوط 5/ 31 - 32 و 16/ 130 - 131، فتح القدير 3/ 201 و7/ 400. (11) ساقط من (د). (12) انظر: ص 29. (13) في (أ) (يثبت). الجزء: 4 ¦ الصفحة: 79 بالعبد، فأعاداه (1) ها هنا، ونسباه إلى الأصحاب، وزيفّاه بما كنت زيفتُه به (2) هنالك، وعللا هذا القول بما يشمل الفاسق المكاتم، والمجاهر، وهو أن الفاسق مأمور بكتمان فسقه، والعبد والكافر مأموران بإظهار حالهما. والله أعلم. حكم الجلاد (3)، كما قال إمام الحرمين (4)، "نادر (5) من النوادر، فإنه قاتل مباشر مختار، لا يتعلق به في القتل بغير حق حكم حتى أنه لا كفارة عليه، مع أن الكفارة أسرع أحكام القتل ثبوتاً". والله أعلم. قوله: "إذا قطع يداً صحيحةً بالإذن، ففي الضمان خلاف" (6). قلت (7): هذا الخلاف ذكروه في ضمان النفس إذا سرى القطع إلى النفس، وبنوه على القولين: في أن الدية تثبت للوارث ابتداءً، أو تثبت للمقتول، ثم تنتقل (8) إلى الوارث (9)، وأما أرش الطرف فقطعوا بسقوطه (10) وهكذا ذكر   (1) في (أ) (فأعاده). (2) ساقط من (أ). (3) قال في الوسيط 3/ ق 172/ أ "أما الجلاد فلا ضمان عليه, لأنه كيد الإِمام وسيفه ولو ضمن لم يرغب أحد فيه". (4) في نهاية المطلب 17/ ق 111/ أ. (5) في (أ) و (ب) (نادرة). (6) الوسيط 3/ ق 172/ أ - ب. (7) في (أ) (قال - رضي الله عنه -) وفي (ب) (قال الشارح - رضي الله عنه -). (8) في (أ) (ينتقل). (9) هذا هو الأظهر. انظر الروضة 7/ 18، 107، مغني المحتاج 4/ 11، نهاية المحتاج 7/ 260 - 261. (10) انظر المصادر السابقة. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 80 المصنف، وشيخه ذلك في باب العفو عن القصاص (1) (وكلامه ها هنا يوهم جريان الخلاف في أرش الطرف، ويتوهم أن قوله: "لأن المستحق (2) أسقطه) (3) ولكنه محرم" إشارة إلى تعليل الرائيين فيه معاً، ونحن نفسره بما يوافق ما عرف في ذلك، فنقول: كلامه هذا تعليل منه للقول بسقوط (4) دية النفس بأنه المستحق لها، وقد أسقطها في ضمن إباحته، وإذنه في القطع الساري، وإن كان القطع لا يجوز بذلك، بل هو محرم كما يسقط الضمان فيما إذا أذن في إتلاف محرم لماله، وإن كان الإتلاف محرماً فاعلم ذلك والله (5) أعلم. قوله: في الشافعي المذهب "شفعوي" (6) خطأ، بل الشافعي مذهباً، والشافعي نسباً سواء في اللفظ عند أهل العلم (7) بالعربية. والله أعلم. وقوله: "فيه وجهان" (8) أي في وجوب القصاص على الجلاد (9).   (1) انظر: الوسيط 3/ ق 134/ ب. ونهاية المطلب. (2) مطموس في (ب). (3) ما بين القوسين ساقط من (أ). (4) في (د): (بسقوطه). (5) نهاية 2/ ق 111/ أ. (6) انظر: الوسيط 3/ ق 172/ ب وفي هذه النسخة (شافعي المذهب) على الصواب. والله أعلم. (7) في (أ) و (ب) (عند العلماء). (8) الوسيط 3/ ق 272. ولفظه قبله "ولو قتل حرّ عبداً، وأمر الإِمام بقتله والجلاد شافعي المذهب ففيه وجهان". (9) أصحهما عند الأصحاب الوجوب. انظر: الروضة 7/ 390 - 391، مغني المحتاج 4/ 202. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 81 وقوله: "فالنظر إلى جانب الإِمام يوجب القصاص على الجلاد" (1). وجهه مع كون الإِمام أذن فيه مخطئاً أنه بمنزلة ما لو قتل (2) بغير إذن الإِمام؛ لأن الإِمام لو عرف الحال لما أذن، والجلاد عارف ومفرط في كونه لم يخبر الإمام. والله أعلم. و (3) قوله: "وكل ذلك إذا كان للجلاد محيص (عن الفعل" (4) يعني به ما إذا أمره الإِمام على وجه ألا يخاف من سطوته، لو لم يمتثل أمره فإن لم يكن له محيص) (5) بأن أمره به، وهو يخاف من سطوته لو لم يمتثل فهو (6) على الخلاف المعروف في أن أمر السلطان المخوف من سطوته لو خولف، هل يكون إكراهاً حتى يسقط على قول ما ذكرناه من القصاص، والمحيص عبارة عن المَهْرَب (7) والمَحِيد (8) والله أعلم.   (1) الوسيط 3/ ق 172/ ب. (2) في (أ) (قاتل). (3) ساقط من (أ). (4) الوسيط 3/ ق 172/ ب. (5) ما بين القوسين ساقط من (أ). (6) ساقط من (أ). (7) في (د) (المهذب)، وفي (أ) (الهرب). (8) انظر: الصحاح 3/ 1035 ومختار الصحاح ص 145. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 82 ومن باب دفع الصايل (1) " جرَّةٌ تَدَهْوَرَت" (2) أي هوت من علو. وقوله:"من سطح مُطِلّ" هو بضم الميم، وكسر الطاء المهملة أي مشرف مستعل عليه والله أعلم. الخلاف المذكور في المسألتين، إنما هو في وجوب الضمان مع جواز الدفع قطعاً (3). والله أعلم. حديث حذيفة (4) (كن عبد الله المقتول، ولا تكن عبد الله القاتل) (5). ذكر شيخه (6) أنه حديث صحيح، ولا اعتماد عليه في هذا الشأن،   (1) في (أ) (السائل) بالسين. (2) ولفظه في الوسيط 3/ ق 172/ ب "واختلف الأصحاب في المسألتين: أحدهما: جرّة تدهورت من سطح مُطلٍ على رأس إنسان فدفعها فكسرها ... إلخ". (3) انظر: الروضة 7/ 391، مغني المحتاج 4/ 196، نهاية المحتاج 8/ 26. (4) هو حذيفة بن اليمان - واسم اليمان حُسَيْل، ويقال: حِسْل - بن جابر بن ربيعة بن جروة، أبو عبد الله العَبسي حليف الأنصار صحابي جليل من السابقين وكان صاحب سر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في المنافقين يعلمهم وحده، وشهد الخندق وما بعدها من المشاهد وولاه عمر - رضي الله عنه - المدائن، ومناقبه كثيرة ومشهورة مات بالمدائن في أول خلافة علي - رضي الله عنه - سنة 36 هـ. انظر: الاستيعاب 1/ 277، تهذيب الأسماء واللغات 1/ 153 - 154، الإصابة 1/ 317 - 318 و331. (5) انظر: الوسيط 3/ ق 172/ ب. (6) انظر: نهاية المطلب 17/ ق 120 / أ. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 83 ولم أجده في كتب الحديث الخمسة المعتمدة (1) وغيرها (2)،   (1) في (ب) زيادة (عليها). (2) قلت: وقد روى بهذا اللفظ عن جماعة من الصحابة غير حذيفة - رضي الله عنهم - منهم خباب بن الأرت، وخالد بن عرفطة وجندب بن سفيان. أما حديث خباب بن الأرت فرواه أحمد 5/ 110، والأجري في الشريعة ص 42 - 43، عن حميد بن هلال عن رجل من عبد القيس كان مع الخوارج ثم فارقهم عن عبد الرحمن ابن خباب عن أبيه عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنه ذكر فتنة، (القاعد فيها خير عن القائم، والقائم فيها خير من الماشي، والماشي فيها خير من الساعي، قال: فإن أدركت ذلك فكن عبد الله المقتول، ولا تكن عبد الله القاتل). أورده الهيثمي في المجمع 7/ 302 - 303 وقال: لم أعرف الرجل الذي من عبد القيس وبقية رجاله رجال الصحيح، وكذا قال الألباني في الإرواء 8/ 103 - 104، ثم قال: "لكن يشهد له حديث جندب بن سفيان قال، قال: رسول الله - صلى الله عليه وسلم - (إن بين يدي الساعة فتناً كقطع الليل المظلم يصبح الرجل فيها مؤمناً ويمسي كافراً، ويمسي مؤمناً ويصبح كافراً ... إلى أن قال رجل من المسلمين: فكيف نصنع عند ذلك يا رسول الله؟ قال: ادخلوا بيوتكم، واخملوا ذكركم، فقال رجل: أرأيت إن دَخَلَ على أحدنا بيته، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: لتمسك بيده، ولتكن عبد الله المقتول ولا تكن عبد الله القاتل .... ) الحديث. أخرجه الطبراني (1/ 86/ 2) عن عبد الحميد بن بهرام عن شهر بن حَوشب عنه. قلت: أي الألباني: هذا إسناده جيد بالذي قبله، فإن شهراً إنما نخشى منه سوء الحفظ ومتابعة ذلك الرجل القيسي إياه دليل على أنه قد حفظ. والله أعلم. وأما حديث خالد بن عرفطة فرواه أحمد 5/ 292 والطبراني في الكبير: 4/ 189، والحاكم 3/ 316 و4/ 562 عن علي بن زيد عن أبي عثمان عنه قال: قال لي رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: (يا خالد إنها ستكون بعدي أحداث وفتن واختلاف، فإن استطعت أن تكون عبد الله المقتول لا القاتل فافعل). سكت عنه الحاكم في الموضع الأول وقال في الثاني: تفرد به علي بن زيد عن أبي عثمان ولم يحتجا به. وسكت عنه الذهبي في الموضعين، وأورده الهيثمي في المجمع 7/ 302 وقال: وفيه علي بن زيد وفيه ضعف وهو حسن الحديث وبقية رجاله ثقاة. وقال ابن حجر في التلخيص 4/ 84 علي بن زيد ضعيف، لكن اعتضد كما ترى". والله أعلم. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 84 وهو (1) زيادة في حديث لحذيفة ثابت في الفتن (2). والله أعلم. قوله: في توجيه قول من قطع بوجوب دفع الصبي الصائل، ولم يخرجه على الخلاف المذكور في وجوب دفع الصائل البالغ (3)، تفسيره وتقريره: أن القتل الذي أراد الصبي الصائل إيقاعه بالمكلف المصول عليه، يجب على   (1) نهاية 2/ ق 111/ ب. (2) في (د): (السنن) وهو تحريف والمثبت من (أ) و (ب). وحديث حذيفة في الفتن، هو ما رواه البخاري 6/ 712 مع الفتح في كتاب المناقب باب علامات النبوة في الإِسلام و13/ 38 في كتاب الفتن باب كيف الأمر إذا لم تكن جماعة؟ ومسلم 12/ 236 - 238 مع النووي في كتاب الإمارة، باب وجوب ملازمة جماعة المسلمين عند ظهور الفتن. قال: كان الناس يسألون رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن الخير، وكنت أسأله عن الشر مخافة أن يدركني، فقلت: يا رسول الله؟ انا كنا في جاهلية وشر فجاءنا الله بهذا الخير، فهل بعد هذا الخير من شر؟ قال: نعم! قلت: وهل بعد ذلك الشر من خير؟ قال: نعم! وفيه دَخَنٌ. قلت: وما دَخَنُه قال: قوم يَهْدُون بغير هَدْي تعرف منهم وتُنْكِرُ، قلت: فهل بعد ذلك الخير من شرًّ؟ قال: نعم، دعاة على أبواب جَهَنمَ، من أجابهم إليها قذفوه فيها. قلت: يا رسول الله صفهم لنا، قال: هم من جِلْدَتنا ويتكلمون بألسنتنا. قلت: فما تأمرني إن أدركني ذلك؟ قال: تلزم جماعة المسلمين وإمامهم، قلت: فإن لم يكن لهم جماعة ولا إمام؟ قال: فاعتزِلْ تلك الفِرَقَ كُلَّها ولو أن تَعَضَّ بأصل الشجرة حتى يدركَكَ الموت وأنت على ذلك) وفي رواية أخرى لمسلم قال: قلت: يا رسول الله؟ إنا كنا بشرًّ فجاء الله بخير فنحن فيه، فهل من وراء هذا الخير شرٌّ؟ قال: نعم! قلت: هل وراء ذلك الشَّرَّ خيرٌ قال: نعم، قلت: فهل وراء ذلك الخير شرٌّ قال: نعم، قلت: كيف؟ قال: يكون بعدي أئمة لا يهتدون بهُدايَ ولا يستنون بسنتي، وسيقوم فيهم رجال قلوبهم قلوب الشياطين في جُثمان إنس قال: قلت: كيف أصنع يا رسول الله إن أدركتُ ذلك، قال: تسمع وتطيع للأمير وإن ضرِب ظهرُك، وأخذ مالك فاسمع وأطع). (3) انظر: الوسيط 3/ ق 272/ ب. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 85 المكلف منعه منه إذا قدر (1) كيلا يبوء بصورة الإثم (2) , لأنه صورة ظلم وليس الصبي مستقلاً موكلاً (3) إلى اختياره، بخلاف البالغ، فوجب على هذا المكلف دفعه عن (4) هذه المفسدة، وإن لم يكن ولياً له لتعلقها به. هذا ما أمكن في تصحيح كلامه هذا، وهو كلام رث الكسوة ضعيف المعنى، وكان ينبغي أن لا يعدل إليه عمَّا في "النهاية" (5) و"البسيط" (6) وهو أنه إنما جاز له الاستسلام للبالغ على قول؛ لأن البالغ يبوء بإثمه، وإثم نفسه كما قال تعالى في قصة هابيل وقابيل: {إِنِّي أُرِيدُ أَنْ تَبُوءَ بِإِثْمِي وَإِثْمِكَ} (7) أي تتحمله، وليس الصبي، والمجنون كذلك فكانا كالبهيمة (8). والله أعلم. قوله: "كل حق معصوم من نفس ومالٍ" (9). لم يضبط الجميع إذ يخرج عنه ما إذا قصد إتلاف منفعةٍ (10)، أو عضوٍ، أو استمتاع (11) بغير بضع (12). والله أعلم.   (1) في (د): (قدم) وهو تحريف. (2) انظر: الروضة 7/ 394. (3) في (أ) (موكولاً). (4) في (أ) (عن). (5) 17/ ق 120/ ب. (6) 5/ ق 146/ ب. (7) سورة المائدة، الآية: 29. (8) في (ب) (كالبهيم). (9) الوسيط 3/ ق 172/ ب. ولفظه قبله " ... أما المدفوع عنه: فله ثلاث مراتب: الأولى: ما يخصه، وهو كل حق ... إلخ". (10) في (د): (متعة). (11) في (أ) و (ب) (استمتاعاً). (12) انظر: الروضة 7/ 392. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 86 قوله: "ما يخص الغير، وهو يقدر على دفعه" (1) أي لا يخاف هلاك نفسه فيه، والله أعلم. "نَدَرَت أسنانه" (2) (بالنون في أوله) (3) أي سقطت (4). والله أعلم. "صِير الباب" (5) بكسر الصاد المهملة، وبعدها ياء مثناة من تحت ساكنة، أي شق الباب (6). والله أعلم. قوله: "بحصاة، أو مَدَرَة" هي بهاء التأنيث في آخرها، وبفتح الميم في أوله، أي (7) طينة يابسة (8)، وقد يحذف بهاء كما يفعل بحصاة الحذف، والذي في نفس الحديث، هو المِدْرَى، بكسر الميم في أوله، وبالألف التي تكتب بالياء في آخره، وهو حديدة كالمِسَلَّة يفرق به (9) الشعر، ويُسَوَّى (10).   (1) الوسيط 3/ ق 173/ أ. (2) ولفظه في الوسيط 3/ ق 173/ ب "الثانية: لو عض يد إنسان فله أن يسل يده، فإن ندرت أسنانه فلا ضمان ... إلخ". (3) ما بين القوسين ساقط من (د). (4) انظر: المصباح المنير ص 597، القاموس ص 618. (5) ولفظه في الوسيط 3/ ق 173/ أ "الثالثة: لو نظر إلى حرم إنسان، من صِيْر بابه، وكوة الدار عمداً، فله أن يقصد عينه بحصاة، أو مدرة من غير تقديم إنذار، فلو أعماه الرمي فلا ضمان". (6) انظر: المصباح المنير ص 353، القاموس ص 549. (7) نهاية 2/ ق 112/ أ. (8) انظر: المصباح المنير ص 566، القاموس ص 609. (9) في (ب) (بها) وساقط من (أ). (10) في (أ) (ويسزى) بالزاء. وانظر: الزاهر ص 250، الصحاح 2/ 812، شرح صحيح مسلم للنووي 4/ 136 - 137. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 87 وهذا الحديث ثابت في الصحيحين (1)، من حديث سهل بن سعدٍ (2) وغيره، و (3) في بعض ألفاظه (4) اختلاف (5). والله أعلم.   (1) البخاري 10/ 379 مع الفتح في كتاب اللباس، باب الإمتشاط، و11/ 26 في كتاب الاستئذان، باب الاستئذان من أجل البصر، و12/ 253 في كتاب الديات، باب من اطلع في بيت قوم ففقأ عَيْنه فلا دية له. ومسلم 14/ 136 مع النووي في كتاب الآداب، باب تحريم النظر في بيت غيره. من حديث سهل، وأنس بن مالك. ولفظ حديث سهل (أن رجلاً اطلع من حجر في دار النبي - صلى الله عليه وسلم - يَحُكُّ رأسه بالمدرَى، فقال: لو علمت أنك تنظر لطعنت بها في عينك، إنما جعل الإذن من قبل البصر). (2) هو سهل بن سعد بن مالك بن خالد، أبو العباس، وقيل: أبو يحيى الأنصاري الساعدي المدني من مشاهير الصحابة، وكان له يوم وفاة النبي - صلى الله عليه وسلم - خمس عشرة سنة، وهو آخر من مات بالمدينة من الصحابة سنة 88، وقيل: 91 هـ. انظر: الاستيعاب 2/ 95 - 96، تهذيب الأسماء واللغات 1/ 238، الإصابة 2/ 88. (3) ساقط من (ب). (4) في (ب) (اللفاظه) كذا. (5) ساقط من (ب). الجزء: 4 ¦ الصفحة: 88 ومن باب ضمان ما تتلفه البهائم الحديث الذي أشار إليه (1)، رواه أبو داود، والنسائي، وابن ماجة في سننهم (2)، ولفظه في رواية الشافعي (3) عن مالك - رحمه الله - (أن ناقة للبراء ابن عازب (4) دخلتْ حائطاً لقوم، فَأَفْسدت فيه فقضى رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، على أهل الأموال حفظها بالنهار، وما أفسدت المواشي بالليل فهو ضامن على أهلها) أي مضمون كقولهم "سِرْ كاتم" أي مكتوم. والمراد بالأموال: الزروع، والبساتين، والحائط عبارة عن النخل (5) المجتمع. والله أعلم.   (1) انظر الوسيط 3/ ق 173/ ب. (2) أبو داود 3/ 829 - 830 في كتاب البيوع، باب المواشي تفسد زرع قوم، والنسائي في الكبرى 3/ 411 - 412، في كتاب العارية، باب تضمين أهل الماشية ما أفسدت مواشيهم بالليل، وابن ماجة 2/ 781 في كتاب الأحكام، باب الحكم فيما أفسدت المواشي، كما رواه أحمد 5/ 436، وابن أبي شيبة في المصنف 9/ 435 - 436، وابن الجارود في المنتقى ص 201، والطحاوي في شرح معاني الآثار 3/ 203، وابن حبان 13/ 354 - 355 والدارقطني 3/ 55، والحاكم 2/ 55، والبيهقي في الكبرى 8/ 592 - 594 كلهم من طريق الزهري عن حرام بن محيصة عن البراء بن عازب به. قال الحاكم: هذا حديث صحيح الإسناد ... ووافقه الذهبي، وصححه أيضاً الألباني في الصحيحة 1/ 423 - 425 برقم (238) وفي صحيح سنن أبي داود 2/ 681 برقم (3047) وصحيح سنن ابن ماجة 2/ 37 برقم (1888). والله أعلم. (3) في الأم 6/ 77 وهو في الموطأ 2/ 573 من طريق الزهري عن حرام بن محيصة أن ناقة لبراء ابن عازب به وهو مرسل وروي مرفوعاً كما سبق. (4) هو البراء بن عازب بن الحارث بن عدي، أبو عمارة، ويقال: أبو عمر الأنصاري، الأوسي صحابي ابن صحابي استصغر يوم بدر وشهد أحدا وما بعدها من المشاهد، ونزل الكوفة وبها مات سنة 72 هـ انظر: الاستيعاب 1/ 139 - 140، تهذيب الأسماء واللغات 1/ 132، الإصابة 2/ 142. (5) في (أ) (النخيل). الجزء: 4 ¦ الصفحة: 89 قوله: "عليه الصبر ليرجع على رب البهيمة" (1). في بعض النسخ "إلى رب البهيمة" بكلمة "إلى" أي (2) ليكون هو الذي يخرج بهيمته، ويتقلد ذلك، وفي بعض النسخ "على" أي (3) يرجع عليه بالغرم وهذا هو المذكور في "النهاية" (4) و"البسيط" (5) والله أعلم. قوله: "غلق الأبواب" (6) لحن، وإنما الصواب إغلاق رباعي (7)، وقد قال: في ذلك ونحوه شاعر: ولا أقولُ لِقِدْرِ القومِ قد غَلِيَتْ ... ولا أقول لباب الدار مغلوق (8) والله أعلم.   (1) الوسيط 3/ ق 147/ أولفظه قبله " ... إذا دخلت الدابة مزرعةً فأخرجها صاحب المزرعة، فانسرحت في مزرعة غيره، فلا ضمان على المخرج، فإن كانت مزرعة محفوظة لا يمكن إخراجه إلا به فيضمن إذ عليه الصبر ... إلخ". (2) ساقط من (أ). (3) في (د): (أنى) كذا. (4) 17/ ق 122/ ب. (5) 5/ ق 149/ ب. (6) الوسيط 3/ ق 174/ أ. (7) هذه هي اللغة المشهورة، وما ذكره الغزالي هي لغة قليلة، وإطلاق اللحن عليه فيه نظر قال الجوهري: يقال: غَلَقَتُ الباب غَلَقاً، وهي لغة رديئةُ متروكة. وقال الفيّومي: غَلَقْتُه غَلَقاً من باب ضَرَبَ لغة قليلة حكاه ابن دريد عن أبي زيد. وقال الفيروزآبادي: وغَلَقَ يَغْلِقه لُثْغَةٌ أو لُغَيَّة رديئَة في أغلَقَه. انظر: الصحاح 4/ 1538، تهذيب الأسماء واللغات 3/ 2/ 62، المصباح المنير ص 451، القاموس ص 1182. (8) البيت لأبي الأسود الدؤلي. انظر الصحاح 4/ 1538. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 90 ومن (1) كتاب السير السير: جمع سيرة، وهي الطريقة، وتطلق (2) كثيراً، ويراد بها سيرة (3) (4) رسول الله - صلى الله عليه وسلم - (5) في جهاده الكفار، وغزواته (6)، ولما كان الاعتماد في هذا الكتاب على ذلك، سمي كتاب السِيَر. والله أعلم. قوله: "وإن بقيت حاجة ففي وجوب إزالتها تردد" (7) المراد بها تمام الكفاية التي تجب على من تلزمه النفقة. والله أعلم. قوله: "لأن قوام الدنيا بهذه الأسباب" (8) هذا (9) تعليل لما تقدم من قوله "لكانت فرضاً على الكفاية" والله أعلم. (قوله: "وهذه المصالح" (10) يعني بها (11) مصالح دنيوية لها تعلق بالمعاش. والله أعلم) (12).   (1) ما بين القوسين ساقط من (أ). (2) في (أ) (يطلق) بالياء. (3) في (د): (مسيرة). (4) نهاية 2/ ق 112/ ب. (5) في (أ) (الرسول - صلى الله عليه وسلم -). (6) انظر: تهذيب الأسماء واللغات 3/ 1/ 159، الروضة 7/ 406، المصباح المنير ص 299. (7) الوسيط 3/ ق 174/ ب. ولفظه قبله "القسم الثاني: ما يتعلق بالمعاش، لدفع الضرر عن محاويج المسلمين، وإزالة فاقتهم، فإن بقيت ضرورة بعد تفرقة الزكوات كان إزالتها من فروض الكفايات وإن بقيت حاجة ... إلخ". (8) الوسيط 3/ ق 174/ ب. (9) ساقط من (د). (10) الوسيط 3/ ق 174/ ب. (11) في (أ) (به). (12) ما بين القوسين ساقط من (د). الجزء: 4 ¦ الصفحة: 91 قوله: "إذ ربما كان وجهه في قضاء الدين من القتال" (1) أي تكون جهته في قضاء دينه حاصلة في قتاله مما يحصل له من الرزق، مضافاً إلى الغنيمة. والله أعلم. الحديث الذي ذكره في الوالدين (2)، هو حديث عبد الله بن عمرو (3) بن العاص ولفظه والصحيحين (4) مخالف لهذا، ولفظه في سنن ابن ماجة (5) قريب مما ذكره المؤلف. والله أعلم. قوله: "ولا يليق بأصل الشافعي - رضي الله عنه - تغيير الحكم بالشروع" (6).   (1) الوسيط 3/ ق 175/ أ، ولفظه قبله " ... الرابع أنه إن كان من المرتزقة لم يمنع إذ ربما ... ". (2) انظر: الوسيط 3/ ق 175/ أ. (3) في (د): (عمر) بدون واو. (4) البخاري 6/ 162 في كتاب الجهاد، باب الجهاد بإذن الأبوين و10/ 417 في كتاب الأدب، باب لا مجاهد إلا بإذن الأبوين، ومسلم 16/ 103 - 104 في كتاب البر والصلة، باب الوالدين وأنهما أحق به. بلفظ (جاء رجل إلى النبي - صلى الله عليه وسلم -، فاستأذنه في الجهاد فقال: أحيٌّ والديك؟ قال: نعم! قال: ففيهما فجاهد). (5) 2/ 930 في كتاب الجهاد، باب الرجل يغزو وله أبوان. بلفظ. قال: أتى رجل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال: يا رسول الله إني جئت أريد الجهاد معك أبتغي وجه الله والدار الآخرة، ولقد أتيت، وإن والدَيَّ ليبكيان، قال: فارجع إليهما فأضحكهما كما أبكيتهما). وأخرجه أيضاً البخاري في أدب المفرد ص 17، باب جزاء الوالدين، وأبو داود 3/ 38 في كتاب الجهاد، باب الرجل يغزو وأبواه كارهان، والنسائي 7/ 143، في كتاب الشيعة على الهجرة، والحاكم 4/ 168 من طرق عن عطاء بن السائب عن أبيه عن عبد الله إلا أنهم قالوا: الهجرة بدل الجهاد. ثم قال الحاكم: صحيح الإسناد، ووافقه الذهبي والألباني في الإرواء 5/ 19 - 20 وصحيح سنن ابن ماجة 2/ 126 برقم (2242) وصحيح سنن النسائي 3/ 872 برقم (3881). (6) الوسيط 3/ ق 175/ ب. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 92 وقع في كثير من النسخ "تعيين" بالعين المهملة، والنون، وصوابه "تغيير" بالغين المعجمة، والراء يعني أصل الشافعي، في أن التطوع لا يلزم بالشروع (1)، وقد ثبت (2) في كتاب العبادات أن أصل الشافعي في القضاء الواجب على التراخي، وفي (3) الصلاة في أول الوقت، التعيين بالشروع حتى لا يجوز له الخروج منها وثبت (4) أن ترجيح الغزالي القول بجواز الخروج منها خلاف المذهب، فإذاً أصل الشافعي أن الشروع لا يغير من صفة النفل إلى صفة الوجوب ويغير الواجب من صفة (5) إلى صفة كما غير فيما ذكرناه من صفة التراخي إلى صفة الفور، وما نحن فيه ها هنا من هذا القبيل. والله أعلم. قوله: "فكذلك على النسوة إن كان فيهن مُنَّةٌ على (حال" (6) أي على) (7) حالة من الأحوال، وإن بعدت أي فيهن قوة على الجملة (8). والله أعلم.   (1) انظر: المجموع 6/ 447، الروضة 2/ 251، الاستغناء 1/ 345، الأشباه والنظائر للسيوطي ص 154. (2) في (ب) (بينت). (3) (وفي) تكرار في (د):. (4) في (ب) (بينت). (5) نهاية 2/ ق 113/ أ. (6) الوسيط 3/ ق 175/ ب. ولفظه قبله "أما إذا تعين بأن وطئ الكفار بلدةً من بلاد الإِسلام، فيتعين على كل من فيه مُنَّةٌ من أهل تلك البلدة أن يبذل المجهود ... وكذلك على النسوة ... إلخ". (7) ما بين القوسين ساقط من (د). (8) انظر: المصباح المنير ص 581، القاموس ص 1594. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 93 (قوله: "فإن علم أنه لو (1) كاَوَحَ لقتل قطعاً" (2). المراد بهذا العلم الظن الغالب الذي من شأنه أن يجزم به صاحبه ويعرض عن الاحتمال، وكاوح، معناه دافع وقاتل (3). والله أعلم) (4). قوله: في التاجر "يلزمه تعلم شروط المعاملة على الجملة دون الفروع النادرة" (5). يعني به ما هو مشروط (6) في جملة المعاملات، والغالب الظاهر اشتراطه دون ما يشترط في صور نادرة الوقوع. والله أعلم. قوله: "فإن اعتراه شك تكلف إزالته، وليس عليه تعلم الكلام" (7). فقوله: "ليس عليه تعلم الكلام" يرجع إلى قوله: أولاً "فلا يتعين على كل شخص" ولا يرجع إلى قوله "فإن اعتراه شك"؛ لأن شكه إذا كان بحيث لا يزول إلا بعلم الكلام لزمه تعلمه (8) كما بينه هو في غير هذا الكتاب (9). والله أعلم.   (1) ساقط من (د). (2) الوسيط 3/ ق 175/ ب. (3) انظر: الصحاح 1/ 400، القاموس ص 305. (4) ما بين القوسين ساقط من (ب). (5) الوسيط 3/ ق 176/ أ. (6) في (أ): (مشترط). (7) الوسيط 3/ ق 176/ أ. ولفظه قبله " ... وأما الأصول فلا يتعين على كل شخص إلا اعتقاد صحيح في التوحيد وصفات الله، فإن اعتراه شك ... إلخ". (8) انظر: الروضة 7/ 425 - 426، مغني المحتاج 4/ 210. (9) ككتابه (الأربعين في أصول الدين) و (الاقتصاد في الاعتقاد). الجزء: 4 ¦ الصفحة: 94 قوله: "وتفصيل ذلك في كتاب الاقتصاد" (1) يعني به تفصيل البدع وإبطالها. والله أعلم. قوله: "وصيغته السلام عليكم" (2) ليس تعيُّناً (3) للسلام بالألف واللام دون سلام عليهم بالتنوين، وإنما المقصود به (4) بيان أنه يقول: عليكم، سواء (5) سلَّم على جماعة أو على واحد. والله أعلم. قوله في الجواب (6): "وصيغته أن يقول: وعليكم السلام" (7). لا يستفيد منه أنه لو قال: في جوابه "السلام عليكم" قاصداً به الجواب لم يجزه (8)، فإنه مجزئ (9) تطابق (10) على ذلك نص الكتاب، ونص السنة ثم نص الشافعي في "الأم" (11).   (1) الوسيط 3/ ق 176/ أ. ولفظه قبله " ... ولا بدّ في كل قطر من متكلم مشتغل بإماطة الشبهة، وإبطال البدع، وذكرنا تفصيل ذلك ... إلخ". (2) الوسيط 3/ ق 176/ أ. ولفظه قبله " ... وأما السلام فصيغته ... إلخ". (3) في (أ) و (ب) (تعييناً). (4) ساقط من (ب) وفي (أ) (منبه) كذا. (5) في (ب) (بنا) كذا. (6) نهاية 2/ 113/ ب. (7) الوسيط 3/ ق 176/ أ. (8) في (أ) و (ب) (لم يجزئه). (9) انظر: شرح السنة 6/ 328، الأذكار للنووي ص 218 - 219 وشرحه على صحيح مسلم 14/ 141. (10) في (أ) (يطابق). (11) لم أقف على هذا النص في كتاب الأم. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 95 قال الله تعالى: {قَالُوا سَلَامًا قَالَ سَلَامٌ} (1) ورويناه (2) في صحيح مسلم (3)، من حديث أبي هريرة عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - (إن الله تبارك وتعالى، لما خلق آدم، قال: اذهب فسلِّم على أولئِكَ النَّفَرِ، وهم نَفَرٌ من الملائكة جلوس، فاستمع ما يحيُّونك فإنها تحيتُك، وتحيةُ ذريتك قال: فذَهَبَ فقال: السلام عليك، فقالوا: السلام عليكم ورحمة الله) والله أعلم. قوله: "ويجوز على الآكل إذا لم تكن اللقمة في فيه، (فَيعسرَ الجواب عليه، أو الصبر إلى الإزدراد" (4). وقع في نسخ عدة، فيتعين الجواب، من التعين (5) الذي يفهم منه اللزوم عيناً، وهو غلط، فإنه حيث لا يسن السلام لكون اللقمة في فيه، أو لكونه مصلياً، أو لغير ذلك لا يجب الجواب أصلاً (6). وصوابه: فيعسر الجواب كما في نسخ آخر، وليقرأ فيعسرَ بالنصب لمكان الفاء فيه الواقعة في جواب النفي، ومعناه: إذا لم تكن اللقمة في فيه) (7)، لم   (1) سورة هود الآية 69. (2) في (د): (فرويناه). (3) 17/ 177 - 178 في كتاب الجنة، باب يدخل الجنة أقوام أفئدتهم مثل أفئدة الطير، وكما رواه أيضاً البخاري 6/ 417 في كتاب أحاديث الأنبياء، باب خلق آدَم وذريته، و11/ 5 في كتاب الاستئذان باب بَدءُ السلام. (4) الوسيط 3/ ق 176/ ب. (5) في (أ) (التعيين) بيائين. (6) انظر: الروضة 7/ 433، الأذكار ص 224، مغني المحتاج 4/ 214 ما بعدها. (7) ما بين القوسين ساقط من (ب). الجزء: 4 ¦ الصفحة: 96 يعسر عليه الجواب، كما يعسر إذا كانت اللقمة في فيه فيجوز إذاً، السلام عليه، ويجب جوابه (1)، وهذا كما تقول: لم تسألني فأعطيك أي لم تسألني فلم أعطيك (2). وقوله: "أو الصبر إلى الازدراد". ووجهه، أنه يعسر عليه تأخير الجواب على خلاف المعهود فيه (3) من الفور، ويحمله ذلك على سرعة في إزدرادها سالبة للذتها. والله أعلم.   (1) انظر: الروضة 7/ 433، الأذكار ص 224. (2) في (د) (فلم أطفكل)، كذا وهو تصحيف. (3) نهاية 2/ ق 114/ أ. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 97 ومن الباب الثاني في كيفية الجهاد قد أخل (1) فيما يعامل به الكفار في أنفسهم بالأمان والمنِّ، والفداء (2). قوله: "وقد استعان رسول - صلى الله عليه وسلم - باليهود في بعض الغزوات" (3) هذا قد ذكره الشافعي (4) - رحمه الله - وقال: غزا بيهود (5) بني قينقاع وشهد صفوان بن أمية (6) معه حنيناً (7)، وصفوان مشرك (8). قال الحافظ أحمد البيهقي (9) وهو صاحب التصانيف الفائقة في نصرة مذهب الإِمام (10) الشافعي من حيث الحديث (11): أما شهود صفوان معه حنيناً، وصفوان مشرك، فإنه معروف فيما بين أهل المغازي (12)، وأما غزوه   (1) في (ب) (أدخل). (2) انظر: تفصيل ذلك في المهذب 2/ 302، الروضة 7/ 450 - 451. (3) الوسيط 3/ ق 176/ ب. (4) في الأم 4/ 232 و372، مختصر المزني 9/ 285، وعنه البيهقي في الكبرى 9/ 63 - 64. (5) في (د): (يهود). (6) هو صفوان بن أمية بن خلف بن وهب أبو وهب، وقيل: أبو أمية القرشي الجُمحي المكي، أسلم بعد أن شهد حنيناً مع النبي - صلى الله عليه وسلم - كافراً وكان من المؤلفة، وشهد اليرموك، مات بمكة سنة 42 هـ وقيل: أيام مقتل عثان - رضي الله عنه - وقيل غير ذلك. انظر: الاستيعاب 2/ 183 - 187، تهذيب الأسماء واللغات 1/ 249، الإصابة 2/ 187 - 188. (7) هو واد بين مكة والطائف وراء عرفات، بينه وبين مكة بضعة عشر ميلاً. انظر: معجم البلدان 2/ 359، تهذيب الأسماء واللغات 3/ 1/ 86، المصباح المنير ص 154. (8) في (د): (مشترك). (9) انظر: السنن الكبرى 9/ 63 - 64. (10) ساقط من (د): و (ب). (11) في (أ) (من حديث الحديث) كذا. (12) انظر: سيرة ابن هشام 2/ 493، البداية والنهاية 4/ 315 و349، التلخيص 3/ 110 - 111، و4/ 10، مرويات غزوة حنين وحصار الطائف 1/ 92 - 95 و2/ 605 - 607. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 99 بيهود (1) بني (2) قينقاع، فإني لم أجده إلا من حديث الحسن (3) بن عمارة (4)، وهو ضعيف (5). ثم روى البيهقي (6) بإسناد أصح من ذلك أنهم خرجوا ليعينوه - صلى الله عليه وسلم - فقال: (لترجعوا (7) فإنا لا نستعين بالمشركين) والله أعلم.   (1) في (د): (يهود). (2) في (د): (كدي) كذا، وساقط من (ب). (3) في (أ) (الحسين) وهو خطأ وإنما هو الحسن بن عمارة أبو محمَّد البَجَلي مولاهم الكوفي، قاضي بغداد، متروك من السابعة مات سنة 153 هـ. انظر: ميزان الاعتدال 1/ 513 - 515 والتقريب ص 162. (4) أخرجه أبو يوسف في الرد على سير الأوزاعي ص 40 وعنه البيهقي في الكبرى 9/ 92 من طريق الحسن بن عمارة عن الحكم عن مقسم عن ابن عباس - رضي الله عنهما - أنه قال: (استعان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بيهود بني قينقاع، فرضخ لهم ولم يسهم لهم). وأخرجه أبو داود في المراسيل ص 224، والترمذي 4/ 108 - 109 في كتاب السير، باب ما جاء في أهل الذمة يغزُو مع المسلمين هل يسهم لهم، وعبد الرزاق في المصنف 5/ 188 - 189، وابن أبي. شيبة في المصنف 2/ 395 - 396، والبيهقي في الكبرى 9/ 92 من طريق الزهري مرسلاً نحوه. قال الترمذي: هذا حديث حسن غريب، وقال ابن حجر في التلخيص 4/ 100 مراسيل الزهري ضعيفة لا يحتج بها. وقال د/ أكرم ضياء العمري في المجتمع المدني ص 125 عقب ذكره لهذه الأحاديث "وهكذا يتبين أن سائر الأحاديث المروية عن اشتراك اليهود مع الرسول - صلى الله عليه وسلم -، في الحروب ضعيفة، وقد وردت أحاديث تدل على منع النبي - صلى الله عليه وسلم - اليهود من الاشتراك مع المسلمين في الحروب وهي ... " ثم ذكرها منها الحديث المذكور بعد هذا. والله أعلم. (5) وقال في 9/ 92 من السنن الكبرى والصغير 2/ 311 "متروك". (6) في الكبرى 9/ 64 والصغير 2/ 311، وكما رواه الحاكم 2/ 133 من حديث أبي حميد الساعدي - رضي الله عنه -، وقد رواه الحاكم كشاهد لحديث آخر رواه فيه (فإنا لا نستعين بالمشركين على المشركين) وقال عنه: صحيح الإسناد ولم يخرجاه، وسكت عنه الذهبي. (7) في (ب) (ليرجعوا) وكذا في مصادر الحديث السابقة. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 100 ذكر المؤلف أن المذهب بطلان استئجار أحاد الرعية للمسلم الحر على الجهاد (1). وهذا يوهم أن فيه خلافاً فليتأول إذ قد ذكر شيخه (2) أن البطلان متفق عليه (3). والله أعلم. المحكي عن الصيدلاني في استئجار السلطان، هو الجواز (4). ووقع في بعض النسخ، لا يجوز بحرف النفي، وهو غلط في النقل، فإن قوله (في ذلك) (5) إثبات الجواز (6). و (7) قوله مع ذلك فيما إذا أخرج المسلم قهراً إلى الجهاد: إنه لا يثبت له أجرة المثل (8) كالمناقض (9) لذلك (10). وقد تعجب منه إمام الحرمين (11)، ولم يذكر له عذراً (12) ويمكن أن يعتذر له بأن من أخرجه الإِمام قهراً يتعين عليه ذلك؛ لأنه لا تجوز له مخالفته فلا يستحق أجرةً على ما تعين عليه، وهذا غير موجود في الاستئجار الاختياري الذي لا   (1) انظر: الوسيط 3/ ق 176/ ب. (2) انظر: نهاية المطلب 17/ ق 145/ ب وما بعدها. (3) انظر: الوجيز 2/ 189، الروضة 7/ 442، مغني المحتاج 4/ 222. (4) انظر: الوسيط 3/ ق 176/ ب. (5) ما بين القوسين ساقط من (د). (6) انظر: النقل عنه في نهاية المطلب 17/ ق 146/ ب، الروضة 7/ 442. (7) ساقط من (ب). (8) انظر: الوسيط 3/ ق 176/ ب. (9) نهاية 2/ ق 114/ ب. (10) في (د): (كذلك). (11) انظر: نهاية المطلب 17/ ق 146/ ب. (12) في (د): (هذا). الجزء: 4 ¦ الصفحة: 101 أمر فيه، ولا قهر. فإن قلت: إذا حضر الوقعة تعين الجهاد عليه. قلت (1): تجعل (2) الأجرة مقابلة لما قبل ذلك من المسير والسعي. والله أعلم. قوله: "والصحيح أن ذلك جائز في معرض الإعانة" (3) أي لا يكون على حقيقة الاستئجار، بل على وجه المعاونة على الجهاد. والله أعلم. قوله: "فعند ذلك يصير من فروض الكفاية" (4) تمامه أن يقول: فإذا عين الإِمام شخصاً تعين فلم يستحق عليه أجرة (5). والله أعلم. قوله: "نهي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حذيفة، وأبا بكر عن قتل أبويهما" (6). هذا غير صحيح، وهو تصحيف، وإنما هو نهى أبا حذيفة بن (7) عتبة عن   (1) في (أ) (قال شيخنا - رضي الله عنه -). (2) في (أ) (يجعل) بالياء. (3) الوسيط 3/ ق 176/ ب. (4) في (أ) (الكفايات) وكذا في الوسيط 3/ ق 176/ ب. (5) لوقوع الجهاد عنهم. انظر: الوجيز 2/ 189، الروضة 7/ 442، مغني المحتاج 4/ 222. (6) الوسيط 3/ ق 177/ أ. (7) في (د): (عن). وأبو حذيفة: هو مهشم، وقيل هُشيم، وقيل هاشم بن عتبة بن ربيعة بن عبد شمس بن عبد مناف القرشي العبشمي، كان من فضلاء الصحابة ومن السابقين إلى الإِسلام وهاجر الهجرتين، وشهد المشاهد كلها مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، قتل يوم اليمامة شهيداً وقتل أبوه عتبة يوم بدر كافراً. انظر: الاستيعاب 4/ 39 - 40، تهذيب الأسماء واللغات 2/ 212، الإصابة 4/ 42 - 43. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 102 قتل أبيه، وذلك يوم بدر (1)، ونهي أبا بكر عن قتل ابنه (2) عبد الرحمن (3)، وذلك يوم أحد (4)، فتصحف أبو حذيفة بحذيفة، وفي أبي بكر ابنه بالنون بأبيه. ثم في ثبوت أصل الحديث بعد سلامته من التصحيف نظر. والله أعلم. "العسيف" (5) هو الأجير (6). والله أعلم. وقوله: "والحَارِفُ" هو (7) المشغول بحرفته، بالفاء، أي المُحتَرِف، وهو الصانع (8)، ولم نجده مستعملاً على هذه الصيغة.   (1) رواه الحاكم 3/ 247، وعنه البيهقي في الكبرى 8/ 322، من طريق الواقدي عن ابن أبي الزناد عن أبيه قال: شهد أبو حذيفة بدراً ودعا أباه عتبة إلى البراز، فمنعه عنه رسول الله - صلى الله عليه وسلم -. والواقدي ضعيف. انظر: التلخيص 4/ 101. (2) في (د): (أبيه). (3) هو عبد الرحمن بن عبد الله أبي بكر الصديق بن عثمان أبي قحافة، أبو محمَّد، وقيل أبو عبد الله القرشي التيمي شقيق عائشة أم المؤمنين، كان شجاعاً حسن الرمي، وشهد اليمامة مع خالد ومات بالحبش على نحو عشرة أميال من مكة، ثم حمل إلى مكة، ودفن بها سنة 53 هـ على الصحيح. انظر: الاستيعاب 2/ 399 - 403، تهذيب الأسماء واللغات 1/ 294، الإصابة 2/ 407 - 408. (4) أخرجه الحاكم 32/ 539 وعنه البيهقي 8/ 322، بإسنادهما إلى الواقدي قال: "ولم يزل عبد الرحمن بن أبي بكر على دين قومه في الشرك، حتى شهد بدراً مع المشركين، ودعا إلى البراز فقام إليه أبو بكر ليبارزه فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: لأبي بكر متعنا بنفسك ثم إن عبد الرحمن أسلم في هدنة الحديبية" والواقدي ضعيف الحديث. انظر: التلخيص 4/ 101. (5) ولفظه في الوسيط 3/ ق 177/ ب "وأما الراهب والعسيف، والحارف والمشغول بحرفته والزمن والشيخ والضعيف الذي لا رأى له ففيهم قولان .... إلخ". (6) انظر المصباح المنير ص 409. (7) ساقط من (د):. (8) انظر: الصحاح 4/ 1343، القاموس ص 1033. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 103 وقد قال الأصمعي (1): يقال: فلان يَحْرِفُ (2) لِعياله، أي يكتسب من ها هنا وها هنا. قلت (3): (4) فعلى (5) هذا يكون الحارف اسم فاعل من حَرَفَ يَحْرِفُ على وزن ضرب يضرب. والله أعلم. حديث العسيف المذكور (6) رواه أبو داود، والنسائي، وابن ماجة (7) من   (1) انظر: قول الأصمعي في الصحاح 1343. (2) في (أ) و (ب) (يحترف). (3) في (أ) (قال - رضي الله عنه -) وفي (ب) (قال الشارح). (4) نهاية 2/ ق 115/ أ. (5) مطموس في (د). (6) الوسيط 3/ ق 177/ أ. ولفظه (بعث رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلى خالد، وقال: لا تقتل عسيفاً ولا امرأة). (7) أبو داود 3/ 121 - 122 في كتاب الجهاد، باب في قتل النساء، والنسائي في الكبرى 5/ 186 - 187 في كتاب السير، باب قتل العسيف، وابن ماجة 2/ 948 في كتاب الجهاد، باب الغارة والبيات، وقتل النساء والصبيان، وكما رواه أحمد 3/ 488 و4/ 178 والطحاوي 3/ 221 - 222، وابن حبان 11/ 110 والطبراني في الكبير 5/ 70 والحاكم 2/ 133، والبيهقي في الكبرى 9/ 155 من طرق عن المُرَقّع بن صيغي عن جده رباح بن الربيع أخي حنظلة الكاتب قال: كنا مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، في غزوةٍ فرأى الناس مجتمعين على شيء، فبعث رجلاً فقال: انظر: على ما اجتمع هؤلاء، فجاء فقال: على امرأة قتيل، فقال: ما كانت هذه لتقاتل قال: وعلى المقدمة خالد بن الوليد فبعث رجلاً فقال: قل: لخالد لا يقتلنَّ امرأةً ولا عسيفاً). قال الحاكم: صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه ووافقه الذهبي. قال الألباني: "حسبه أن يكون حسناً فإن المُرَقّع بن صيفي هذا لم يخرجه له الشيخان شيئاً، ولم يوثقه غير ابن حبان، لكن روى عنه جماعة من الثقاة، وقال الحافظ في التقريب: صدوق" الإرواء 5/ 35، وانظر: التقريب ص 525. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 104 حديث رياح (1) بن الربيع أخي (2) حنظلة (3) الكاتب، وقال: البيهقي (4) لا بأس بإسناده وذكر الشافعي (5) وضعَّفه بأن في إسناده من لا يعرفه. والله أعلم. قوله: في الشيخ ذي الرأي "إذا لم يحضر القتال فيه نظر، والظاهر قتله" (6) معناه فيه طريقان: منهم، من أجراه على القولين (7) ومنهم من قال: وهو الظاهر أنه يقتل قولاً واحداً (8) والله أعلم.   (1) في (ب) زيادة "رباح قيل فيه: رباح بالباء الموحدة، وقيل فيه رياح بالياء المثناة من أسفل، قال الدارقطني: ليس في الصحابة أحد يقال فيه. رياح بالياء المثناة من أسفل إلا هذا على اختلاف فيه. والله أعلم". قلت: السياق يدل على أن هذه الزيادة ليست من صلب الكتاب، ولعل الناسخ نقل إليه من الحاشية التي أضيفت من قبل بعض القراء على الأصل الذي نسخ منه هذه النسخة، ظناً منه أنها من صلب الكتاب. والله أعلم. ورياح: هو ابن الربيع صيفي التميمي أخو حنظلة التميمي، ويقال فيه "رَباح" بالباء الموحدة والأول قول الأكثر، صحابي من أهل المدينة نزل البصرة. انظر: الاستيعاب 1/ 520 - 521، الإصابة 1/ 501 و523، التقريب 205. (2) في (د): (أخا). (3) هو حنظلة بن الربيع بن صَيْفي بن رباح أبو ربعي التميمي الأُسَيَّدي، المعروف بحنظلة الكاتب لأنه مما كتب الوحي لرسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وهو ابن أخي أكثم بن صَيْفي حكيم العرب وهو القائل لأبي بكر الصديق: نافق حنظلة، نزل الكوفة ثم فرقيسيا ومات بها في خلافة معاوية - رضي الله عنه -. انظر: الاستيعاب 1/ 279، الإصابة 1/ 359 - 360، التقريب ص 183. (4) انظر: المعرفة 13/ 252. (5) في القديم كما رواه عنه البيهقي في المعرفة 13/ 251. (6) الوسيط 3/ ق 177/ أ. (7) كما في الشيخ الذي لم يكن له رأي، وأظهرهما: جواز القتل. انظر: المهذب 2/ 299، الروضة 7/ 444، مغني المحتاج 4/ 223. (8) انظر: المصادر السابقة والأحكام السلطانية ص 134. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 105 "الثالث: أنه يمتنع استرقاقهم، كما امتنع قتلهم" (1). وهذا باطل فإن قتلهم لم يمتنع احتراماً لهم فهم في ذلك كالنسوة والذرية والله أعلم. قال: "ومنهم من ألحق السُّوْقَةَ بالعُسفاء" (2) فعبّر بلفظ السُّوْقَةَ عن أهل الأسواق، وذلك باطل من حيث اللغة، فإن السُّوْقَةَ عبارة عن الرعية من (3) الجند، وغيرهم (4). والله أعلم. قوله: في القول الأول "كما في القلعة" (5) يعني كما سبق (6) من جواز نصب المنجنيق على القلعة المشتملة على الصبيان أو النساء، وإن كان من فيها دافعين (7). والله أعلم.   (1) الوسيط 3/ ق 177/ أولفظه قبله "فإن قلنا: لا يقتلون، ففي أرقاقهم ثلاثة أوجه ... والثالث: ... إلخ". (2) الوسيط 3/ ق 177/ أ. (3) ساقط من (أ). (4) كما في قول الشاعر: فبينا نسُوسُ الناس والأمرُ أمرُنا ... إذا نَحْنُ فيهم سُوقَةٌ نَتَنَصَّفُ انظر: الصحاح 4/ 1499، المصباح المنير ص 296، القاموس ص 1157. (5) الوسيط 3/ ق 177/ ب. ولفظه قبله " ... أما إذا تترس كافر بصبي أو امرأة فإن كان يقاتل لم نبال بقصده وإن أصاب ترسه، وإن كان دافعاً فقولان، أحدهما: جواز قصد الترس كما في القلعة ... ". (6) في الوسيط 3/ ق 107/ أ. (7) انظر: اللباب ص 374، المهذب 2/ 300، الروضة 7/ 445، مغني المحتاج 4/ 223. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 106 و (ما ذكره من الخلاف فيما إذا تترسوا بهم في القلعة (1)، موضعه ما إذا كانوا دافعين) (2) أما إذا كانوا يقاتلوننا فنرمي التُرس بلا خلاف (3). والله أعلم. ما روى عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: (لزوال الدنيا أهون عند الله من قتل مسلم) رواه النسائي والترمذي في كتابيهما (4) من حديث عبد الله بن (5) عمرو ابن العاص عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وذكر الترمذي أن الأصح فيه أنه موقوف على عبد الله بن عمرو من قوله غير مرفوع. والله أعلم. ما ذكره في عزم المتحيز (6) على العود إلى القتال من أنه لا تمكن المخادعة في العزم (7).   (1) انظر الوسيط 3/ ق 177/ ب. (2) ما بين القوسين ساقط من (أ). (3) انظر الروضة 7/ 446، مغني المحتاج 4/ 223. (4) النسائي 7/ 82 في كتاب تحريم الدم، باب تعظيم الدم، والترمذي 4/ 10 في كتاب الديات، باب ما جاء في تشديد قتل المؤمن، وكما رواه البيهقي في الكبرى 8/ 42 من طرق عن ابن أبي عَدِيًّ عن شعبة عن يعلي بن عطاء عن أبيه عنه به مرفوعاً. ورواه محمَّد بن جعفر وغندر وغيرهما عن شعبة به موقوفاً. قال الترمذي كما ذكره المصنف: الموقوف أصح من الحديث المرفوع، وكذا قال البيهقي، وصححه الألباني مرفوعاً وموقوفاً، وقال عن الموقوف: وهو في حكم المرفوع. انظر صحيح سنن النسائي 3/ 839 برقم (3721 - 3724) وصحيح سنن الترمذي 2/ 56 برقم (1126). والله أعلم. (5) نهاية 2/ 115/ ب. (6) في (د): (التحيز). (7) انظر الوسيط 3/ ق 178 / أ. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 107 فيه إشارة إلى الجواب عن سؤال مقدر، كان قائلاً قال: إن تجويز هذا يفضي إلى أن ينهزم (1) كل من أراد الهزيمة، ويقول: إنما تحيزت إلى فئة بعيدة، وعزمي العود إلى القتال في غزوة أخرى، وذلك يقدح فيما (2) تقرر (3) من وجوب المصابرة، وتحريم الهزيمة. وجوابه: أنه لا يجوز له ترك المصابرة إلا ببدل وهو عزمه على المعاودة، والعزم (4) مما لا يمكن تكلفه (5)، والمخادعة فيه، فإذا تحقق منه العزم كان بدلاً عن المصابرة، ولا يلزم من ذلك نفي (6) وجوب المصابرة رأساً، بل يكون ذلك من قبل الواجب المخيَّر الذي هو أحد أقسام الواجبات. والله أعلم. ما ذكره في أنه إذا تحيز عازماً على العود، فلا يجب عليه تحقيق عزمه بالعود، مع فئة أخرى (7). تحريره، وتقريره: أنه لا تحايز (8) إلى (9) أن يوجبه (10) , نظراً إلى وجوب القضاء فإن الجهاد لا يجب قضاؤه (11)؛ لأنه يتعين فرضه بحضور القتال، فيقع   (1) في (د): (تنهزم) بالتاء. (2) في (أ) زيادة (إذا). (3) في (أ) (يعود) كذا. (4) تكرر في (ب). (5) في (أ) (تكليفه). (6) في (د): (ففي) وهو تحريف. (7) انظر الوسيط 3/ ق 178/ أ. (8) في (أ) (حايز). (9) ساقط من (أ) و (ب). (10) في (أ) (موجبه). (11) انظر: الروضة 7/ 448، مغني المحتاج 4/ 225. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 108 حضوره للقضاء، آداءاً لا قضاءاً، ولا حايزاً (1) إلى (2) أن يجب العود تحقيقاً لعزمه السابق, لأن الجهاد لا يجب بالنذر (3) الذي هو صريح في الإلتزام لكونه من أصله (4) فرض كفاية، فكيف يلزم بالعزم، وإذا بان هذا فلا نجعل قول المصنف "فكيف (5) يلزم القضاء" متعلقاً بما قبله، وهو أنه لا يلزم بالنذر، فإنه لا يلزم من عدم اللزوم بالنذر عدم لزوم القضاء، بل اجعله متعلقاً بما بعده، وهو قوله: "والمنهزم عاصياً لا يجب عليه (إلا الإثم" أي كيف يكون قضاؤه واجباً مع كون المنهزم عاصياً لا يجب عليه) (6) القضاء، ووجهه ظاهر. والله أعلم. قوله: "تجويز المبارزة بإذن الإمام" (7). كان الأولى أن يقول: بإذن صاحب الرأية كما قال شيخه (8) لما لا يخفى. وقوله: "فإن استقل دون الإذن ففي جواز أمانه للقِرْنِ وجهان:" (9).   (1) في (أ) (جائز). (2) ساقط من (أ) و (ب). (3) هذا وجه وبه جزم القفال وقواه المصنف في كتاب النذر، وقيل: يلزم بالنذر. انظر: فتح العزيز 12/ 359، والروضة 2/ 566. (4) في (أ) (أهله) وهو خطأ. (5) نهاية 2/ ق 116/ أ. (6) ما بين القوسين ساقط من (أ). (7) الوسيط 3/ ق 178/ أوتمامه " ... وفائدته صحة أمانه لِقرنِه". (8) نهاية المطلب 17/ ق 189/ ب. (9) الوسيط 3/ ق 177/ أ. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 109 يعني إذا أمنه لئلا (1) يتعرض له غيره إلى أن يرجع إلى صف الكفار، فهل يجب على المسلمين الوفاء بآمانه فيه خلاف (2) مع أنه لا خلاف في صحة أمان الواحد من غير إذن الإِمام (3)، وذاك, لأن الذي أمنه ها هنا مقاتل، ومحل الاتفاق حيث لا يكون مقاتلاً. ثم قول المؤلف "وفي جواز أصل الاستقلال بالمبارزة أيضاً وجهان" (4) يشعر (5) بأن في جواز نفس المبارزة مع قطع النظر عن الآمان وجهين (6): وعلى هذا يدل كلام صاحب "المهذب" (7). وقد ذكر شيخه (8) أن اختلاف الأصحاب في جواز الاستقلال بالمبارزة معناه اختلافهم في نفوذ آمانه المذكور، أما نفس المبارزة والقتال فيها فجائز قطعاً، وكلام المؤلف أولاً مشعر بهذا حيث قال: "وفائدة الإذن صحة أمانه لِقرْنِه" فاعلم ذلك. والله أعلم.   (1) في (أ) زيادة (فلا) والصواب حذفها. (2) والأصح وجوب الوفاء به، انظر: المهذب 2/ 304، الروضة 7/ 477، مغني المحتاج 4/ 226. (3) انظر: المهذب 2/ 301، الروضة 7/ 471, مغني المحتاج 4/ 236 - 237. (4) الوسيط 3/ ق 178/ أ. (5) في (أ) (ب) (مشعر). (6) أصحهما الجواز. انظر: حلية العلماء 7/ 656، الروضة 7/ 450، مغني المحتاج 4/ 226. (7) 2/ 303 حيث قال: "فإن بدأ المسلم ودعا إلى المبارزة لم يكره، وقال أبو علي بن أبي هريرة: يكره, لأنه ربما قتل وانكسرت قلوب المسلمين، والصحيح أنه لا يكره ... إلخ". (8) نهاية المطلب 17/ ق 190/ أ. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 110 ذكر في العلائق المانعة من الاسترقاق (1)، الدَّيْن (2)، مع القطع بأنه غير مانع من الاسترقاق، والعذر عنه، أن الراد العلائق التي (3) فيها إقتضاء للمنع، وإن لم يثبت المنع في بعضها. والله أعلم. ذكر فيما (4) إذا استرق الحربي وله دين (5)، يعني على مسلم، أو ذمي باستقراضٍ أو نحوه. وقال: "بل هو كودائع الحربي المَسْبِيِّ" يعني كودائع الحربي المستأمن، إذا تركها عندنا، وألتحق بدار الحرب، واسترق، وفيها خلاف هل تكون فيئاً، أو يبقى (6) حكم الأمان فيها (7) وعلى كلا الوجهين هذا الدين المذكور لا يسقط (8) عن ذمة المديون (9). والله أعلم. قوله: "إذ (10) قطعوا بأن من رُق وعليه دين لحربي لا يسقط دين الحربي وهو أمان" (11).   (1) في (ب) (المانعة للاسترقاق). (2) انظر: الوسيط 3/ ق 178/ أ. (3) نهاية 2/ ق 116/ ب. (4) في (أ) و (ب) (ما). (5) انظر: الوسيط 3/ ق 178/ ب. (6) في (أ) (ويبقى) وهو تحريف. (7) أظهرهما: هو بقاء الامتنان فيها. انظر: الروضة 7/ 481. (8) في (أ) (لإسقاط). (9) انظر الروضة 7/ 455، مغني المحتاج 4/ 330، نهاية المحتاج 8/ 71. (10) في (أ) (أو). (11) الوسيط 3/ ق 179/ أ. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 111 يعني به (1) أن الرق أمان، فسواء دخل المديون دار الإِسلام آمنا بالرق أو آمنا بالعهد، ثم إن ما ذكره ها هنا وفي "البسيط" (2) من قطع الأصحاب بعدم سقوط (3) ذلك غلط في النقل، إذ نقل شيخه في "نهايته" (4) عن القاضي (5) أنه قال: أنه يسقط (6)، ثم لم يحك شيخه عن أحد عدم السقوط، وإنما ذكره احتمالاً أبداه ثم قال: والظاهر السقوط، فإن ملتزم الدين انتقل من كونه حربياً لا يجرى عليه حكم إلى كونه رقيقا ليس له على نفسه حكم. وهذا من عجبه مع أن كتاب شيخه عماد كتبه. والله أعلم. حديث (لا تُوَلَّهُ والِدَةٌ بِوَلَدِها) (7) "تُوَلَّهُ" بضم التاء، وفتح الواو، وتشديد اللام (8)، وهو من الوَلَهَ، وهو التَّحَيُّر (9) مع (جبره و) (10) ذهاب عقل (11)، وهذا الحديث روى عن أبي سعيدٍ،   (1) ساقط من (ب). (2) 5/ ق 161/ ب. (3) في (أ) (سقوطه). (4) 17/ ق 187/ ب وما بعدها. (5) يعني به القاضي حسين وتقدمت ترجمته. (6) وانظر أيضاً الروضة 7/ 455، مغني المحتاج 4/ 330، نهاية المحتاج 8/ 71. (7) الوسيط 3/ ق 179 / أ، ولفظه قبله (إذا سُبىَ الوالدة وولدها الصغير, فلا يفرق بينهما في القسمة والبيع لقوله عليه الصلاة والسلام (لا توله ... إلخ). (8) في (د): (الواو) وهو خطأ. (9) في (أ) (التختن) كذا. (10) ما بين القوسين ساقط من (أ). (11) انظر: الصحاح 6/ 2256، النهاية في غريب الحديث 5/ 227، تهذيب الأسماء واللغات 3/ 2/ 196. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 112 وهو غير معروف وفي ثبوته نظر (1)، وأقوى منه، ما رويناه في السنن الكبير (2) عن أبي أيوب الأنصاري (3) عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - (من فرَّقَ بين والدة وولدها، فرق الله بينه وبين أحبته يوم القيامة) أخرجه الترمذي (4)، وقال حديث حسن غريب. والله أعلم.   (1) قال الحافظ ابن حجر في التلخيص 3/ 15 عقب كلام المصنف هذا "قلت: عزاه صاحب مسند الفردوسي للطبراني من حديث أبي سعيدٍ، وعزاه الجيلي في شرح التنبيه لرزين". ثم قال: ورواه البيهقي في الكبرى (8/ 8) من حديث أبي بكر الصديق بسند ضعيف ورواه أبو عبيد في غريب الحديث (1/ 406) عن مرسل الزهري وروايه عنه ضعيف. والطبراني في الكبير من حديث نُقَادة في حديث طويل. وانظر: البدر المنير ص 384 - 387 بتحقيق عبد الرحمن بن صالح بن سفر الشمراني .. (2) 9/ 213 من طريق خالد بن حميد عن العلا بن كثير عن أبي أيوب به. قال الحافظ ابن حجر في التلخيص 3/ 16 فيه انقطاع، لأن العلاء لم يسمع من أبي أيوب. (3) نهاية 2/ ق 117/ أ. (4) 3/ 580 في كتاب البيوع، باب ما جاء في كراهية الفرق بين الأخوين، أو بين الوالدة وولدها في البيع و4/ 114 في كتاب السير، باب كراهية التفريق بين السبي. وكما رواه أيضاً أحمد 5/ 413، 414 والدارقطني 3/ 67، والحاكم 2/ 63 من طرق عن حييَّ بن عبد الله عن أبي عبد الرحمن الحُبُليّ عن أبي أيوب به. قال الحاكم: هذا حديث صحيح على شرط مسلم ولم يخرجاه ووافقه الذهبي. قال الزيلعي في نصب الراية 2/ 23 - 24 معقباً على الحاكم "وفيما قاله نظر، لأن حُيَيْ بن عبد الله لم يخرج له في الصحيح شيء، بل تكلم فيه بعضهم، قال ابن القطان في كتابه: قال البخاري فيه نظر، وقال أحمد: أحاديثه مناكير، وقال: ابن معين: ليس به بأس، وقال النسائي ليس بالقوي، قال: ولأجل الاختلاف فيه لم يصححه الترمذي". وأورد السيوطي في الجامع الصغير 2/ 536، ورمز له بالصحة ووافقه الألباني في صحيح الجامع الصغير 2/ 1095 برقم (6412) والله أعلم. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 113 قوله: "وكل ما يمكن اغتنامه، لا يجوز إهلاكه" (1) كان ينبغي أن يقول: ما يرجى اغتنامه، فإن إمكان الاغتنام موجود فيما جوِّز إحراقه من أشجارهم، وكأنه أراد بالإمكان الرَّجاء والله أعلم. (2) ما ذكره في اللقطة (3) فيه نقص يوقع في الغلط وحقه أن يقول: لقطة دار الحرب تنقسم إلى الأقسام الثلاثة المذكورة: أولاً: إن وصل (4) إليها بقتال المسلمين لهم فهي غنيمة (5)، وإن وصل إليها بانجلاء الكفار خوفاً من غير قتال فهي فئٌ (6) وإن كان وصوله إليها، وأخذه لها غير مستند إلى قتال، ولا إلى انجلاء الكفار رعباً، وتهيأ الوصول إلى مكانها من غير قتال ولا استناد إلى عُدَّةِ الإِسلام (وقوته) (7) فهي لمن أخذها (8)، كما في السرقة، والاختلاس، بشرط (9) أن لا يتوهم كونها لمسلم، بأن يكون في دار الحرب مسلمون (10)، ولا يكفي في ذلك طروق تاجر، أو نحوه، وإذا توهمنا كونها   (1) الوسيط 3/ ق 179/ أوتمامه " ... ويجوز إحراق أشجارهم إذا رأى الإِمام ذلك نكاية فيهم. (2) في (أ) زيادة (قال شيخنا رضي الله عنه). (3) انظر: الوسيط 3/ ق 179/ أ. (4) في (د): (أو لأن يصل ... " كذا. (5) في (د): (فيهم لا غنيمة) كذا. انظر: الروضة 7/ 457 و458، مغني المحتاج 4/ 230 - 231، نهاية المحتاج 8/ 72. (6) انظر المصادر السابقة. (7) ما بين القوسين ساقط من (د). (8) انظر الروضة 7/ 458، مغني المحتاج 4/ 231، نهاية المحتاج 8/ 72. (9) في (أ) (يشترط). (10) في (أ) (مسلمين). الجزء: 4 ¦ الصفحة: 114 لمسلم وعرفها أخذها فلم يعرفها مسلم عادت (1) الأقسام الثلاثة المذكورة. والله أعلم. حديث عبد الله بن أبي أوفى الذي ذكره (2)، لم يذكر في كتب الحديث الأصول غير أن في سنن أبي داود (3) وحده، أنه قيل لابن أبي أوفى: (هل كنتم تُخَمِّسُوْنَ الطعام على عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال: أصبنا طعاماً (4) يوم خيبر فكان الرجل يجيء فيأخذ منه مقدار ما يكفيه) وأولى منه حديث ابن عمر - رضي الله عنهما - (كنا نصيب في المغازي العَسَلَ، والعِنَبَ، فنأكُلُهُ ولا نرفَعُهُ) رواه البخاري في صحيحه (5)، في رواية ابن المبارك (6) (كنا نأتي المغازي مع   (1) في (أ) (عادة). (2) الوسيط 3/ ق 179/ ب ولفظه "الأول: جواز التبسط في الأطعمة ما داموا في دار الحرب وذلك رخصة ثبت شرعاً في الأطعمة خاصة قال ابن أبي أوفى: (كنا نأخذ من طعام المغنم ما نشاء). (3) 3/ 151 في كتاب الجهاد، باب في النهي عن النُّهبى إذا كان في الطعام قلة في أرض العدو، وكما رواه أحمد 4/ 354, والحاكم 2/ 137 والبيهقي في الكبرى 9/ 102 من طرق عن أبى إسحاق الشيباني عن محمَّد بن أبي مجالد عن عبد الله بن أبي أوفى به. قال الحاكم: هذا حديث صحيح على شرط البخاري ولم يخرجاه، ووافقه الذهبي وصححه أيضاً الألباني في صحيح سنن أبي داود 2/ 516 برقم (2353). والله أعلم. (4) نهاية 2/ ق 117/ ب. (5) 6/ 294 مع الفتح في كتاب فرض الخمس، باب ما يصيب من الطعام في أرض الحرب. وقوله: "ولا نرفع" أي لا نحمله على سبيل الادخار، ويحتمل أن يريد ولا نرفعه إلى متولي أمر الغنيمة، أو إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - ولا نستأذنه في أكله إكتفاء بما سبق منه من الإذن" فتح الباري 6/ 295. (6) هو عبد الله بن المبارك بن واضح، أبو عبد الرحمن الحنظلي مولاهم المروزي، أحد الأئمة الأعلام، المجمع على قبوله وجلالته وإمامته وعدله وهو من تابعي التابعين مات بمدينة هيت سنة 181 هـ. انظر: طبقات الفقهاء للشيرازي ص 107, تهذيب الأسماء واللغات 1/ 275 - 287، تذكرة الحفاظ 2/ 274 - 279، والبداية والنهاية 10/ 191 - 193، طبقات الحفاظ ص 123. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 115 رسول الله - صلى الله عليه وسلم - (فنصيب العسل، والسمن فنأكله) (1). "توقيح الدواب" (2) بالقاف، والحاء المهملة على وزن توقيع، هو أن يغلى الدهن ويصبّ على حافر الدابة، إذا حفيت، ورق حافرها لتتصلب بذلك (3)، وقد ذكره الشافعي (4) ومنع منه. والله أعلم. قوله: "وأطلق الأصحاب القولين من غير تفصيل" (5) يوهم أن التفصيل بين القليل، والكثير من عنده، أو من عند شيخه، وليس كذلك، فإنه قول الشيخ (6) أبي محمَّد (7) الجويني (8) - رحمه الله - وحكاه صاحب "المهذب" (9) عن بعض أصحابنا. والله أعلم. قطع بأنه لا يمنع من كان معه طعام، ثم حكى وجهاً في المنع فيما إذا وجد سوق في دار الحرب (10). وهذا مستنكر، وقد قال شيخه (11) لو كانوا (12) يجدون   (1) هذه الرواية رواها الإسماعيلي في مستخرجه على صحيح البخاري كما قال الحافظ ابن حجر في فتح الباري 6/ 295. (2) قال في الوسيط 3/ ق 179/ ب " ... وكذلك الشحم إذا أخذ لتوقيح الدواب". (3) انظر: الصحاح 6/ 416، تهذيب الأسماء واللغات 3/ 2/ 193، المصباح المنير ص 667. (4) انظر: الأم 4/ 375. (5) الوسيط 3/ ق 179/ ب ولفظه قبله "ولو أخذ ما ظن أنه قدر حاجته، فدخل دار الإِسلام وبقى منه ما له قيمة رد على المغنم، وإن كان نزاراً فقولان: وقد أطلق ... إلخ". (6) في (ب) (للشيخ). (7) في (أ) (حامد) وهو خطأ. (8) انظر قوله في نهاية المطلب 17/ ق 150/ ب. (9) 2/ 308. (10) انظر الوسيط 3/ ق 179/ ب. (11) نهاية المطلب 17/ ق 150/ ب. (12) في (ب) (كان). الجزء: 4 ¦ الصفحة: 116 في دار الحرب ما يشترون من الأطعمة فلم أر (1) أحداً من الأصحاب يمنع (2) من التَّبَسُّط بهذا السبب، فإن كان الوجه الذي حكاه الغزالي في المنع في مسألة (3) السوق راجعاً إلى الوجه المحكي في "المهذب" (4) و"التهذيب" (5) من أنه لا يجوز لهم الأكل من غير حاجةٍ، وعند أكثر الأصحاب يجوز (6)، فينبغي أن لا يقطع بعدم المنع فيما إذا كان معه طعام، فإن ذلك الوجه جار فيه (7) كما (8) ذكر في "التهذيب" (9). والله أعلم. قوله (10): "وعلى هذا ترددوا في أن من قال: اخترت الغنيمة ثم أعرض، هل ينفذ إعراضه؟ " (11) هذا لا يرجع إلى ما يليه من قول الوقف خاصة، بل يرجع إلى أول الكلام في نفوذ الإعراض. والله أعلم.   (1) في (ب) (أرى). (2) في (ب) (منع). (3) ساقط من (ب). (4) 2/ 207. (5) 5/ 177. (6) هو ظاهر المذهب وصححه النووي. انظر: المهذب 2/ 307، حلية العلماء 7/ 667، الروضة 7/ 460، مغني المحتاج 4/ 232. (7) نهاية 2/ ق 118/ أ. (8) مطموس في (د). (9) 5/ 177. (10) بياض في (د). (11) الوسيط 3/ ق 180/ أ. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 117 قوله (1): "ولو أعرض جميع ذوي القربى عن حقهم" (2). إنما فرض ذلك في ذوي القربى دون اليتامى، أو (3) (المساكين؛ لأنه يجب استيعابهم على ظاهر المذهب (4)، فيتصور تعين المستحقين، وإعراضهم من غير) (5) تكلف (6) تصوير. والله أعلم. قوله (7) "وإن قلنا موقوف، فإن وقعت في حصته فلا شيء، وإن وقعت في حصة غيره، فعليه جميع المهر" (8). قطعه بهذا، واقتصاره عليه مستنكر، فإنه مبني على وجه ضعيف وهو أنه، إذا وقعت القسمة فعلى قول الوقف يتبين أن كل واحد منهم كان قد ملك عند الاستيلاء (9) الحصَّةَ المعينةَ التي خرجت له بالقسمة (10). فعلى هذا يتبين في مسألتنا أنه كان قد ملك الجارية التي وطئها قبل الوطء من حين الاستيلاء فلا   (1) بياض في (د). (2) الوسيط 3/ ق 180/ أوتمامه " ... ففي صحته وجهان، وجه المنع أنهم لم يستحقوا بالجهاد وحتى يقال: لم يقصد الغنيمة بل القرابة". (3) في (أ) و (ب) (و). (4) انظر الروضة 7/ 462، مغني المحتاج 4/ 94، و4/ 234. (5) ما بين القوسين ساقط من (ب). (6) في (أ) (تكليف). (7) بياض في (د). (8) الوسيط 3/ ق 180/ ب. ولفظه قبله "الثالث: لو وطئ جاريةً من المغنم، ولم تحبل فلا حدّ على الصحيح، والمهر يبنى على أقوال الملك ... وإن قلنا: موقوف ... إلخ". (9) في (أ) (الاستيلاد). (10) انظر: الروضة 7/ 463. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 118 شيء عليه، وإذا وقعت في حصة الغير فعلى الواطئ كمال المهر لذلك الغير خاصةً (1) وهذا ضعيف، والمذهب الصحيح خلافه (2)، وأنه بالقسمة يتبين أنه ملك حصة شائعةً عند الاستيلاء، وإنما يملك الحصة المعينة عند القسمة (3). فعلى هذا، إذا وقعت الجارية في حصة الواطئ، وجب عليه من المهر مقدار حصص غيره من الغانمين (4) منها لهم، وسقط قدر حصته كما سبق ذكره على قول الملك (5)، وما نبهنا (6) عليه موافق للمذكور في "البسيط" (7) و"النهاية" (8). والله أعلم. قوله: "في قيمة الولد قولان، مأخذهما، أن الملك ينتقل قبيل العلوق أو بعده" (9) يلزمه أن يقول: مع العلوق، أو بعده لما سبق منه في النكاح، في إستيلاد الأب جارية الابن، فإنه بناهما هناك هكذا، ففي قول يملك مع العلوق (10)؛ لأن المعلول مع العلة، كما علم في العلل العقلية، إذ حركة الخاتم   (1) انظر: الروضة 7/ 465. (2) وهو أنه يغرم منه حصة الخمس، وحصة غيره من الغانمين، ونسقط مقدار حصته. انظر حلية العلماء 7/ 671، والروضة 7/ 465. (3) انظر: الروضة 7/ 463. (4) نهاية 2/ ق 118/ ب. (5) يعني في الوسيط 3/ ق 180/ ب. (6) في (د): (يتهيأ) وهو تحريف. (7) 5/ ق 165/ ب وما بعدها. (8) 17/ ق 178/ ب وما بعدها. (9) الوسيط 3/ 180/ ب. (10) انظر: الوسيط 3/ ق 25/ أ، الوجيز 2/ 21، الروضة 5/ 540، وما بعدها. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 119 مع حركة الأصبع، وفي قول بعد العلوق (1)؛ لأن المعلول يترتب (2) على العلة. ثم قال (3): "وقيل: يقع قبيل العلوق" قال: وهو ضعيف، ثم بين أن تقديم المعلول على العلة ممتنع. والله أعلم. قوله: "والأظهر أن الولد يتبعَّض ها هنا" (4) يعني في المرأة التي نصفها رقيق، أما في صورة الإستيلاد، والشركة فقد (5) ذكر من بعد أن الأظهر عتق جميع الولد (6). والله أعلم. قوله: "فبالحريّ أن يطالب الواطئ بالقيمة [للحيلولة] (7) ثم يقوم على الواطئ حتى يتعين لحصته من غير (8) قسمة" (9) هكذا وقع في النسخ، ثم يقوَّم بحرف ثم (10) وهو غلط، وصوابه: أو يقوَّم على الواطئ وهما احتمالان تردد بينهما صاحب "التقريب" (11) ولا ترجيح   (1) انظر: المصادر السابقة ومغني المحتاج 3/ 214، نهاية المحتاج 6/ 327. (2) في (أ) (تترتب). (3) يعني الغزالي انظر الوسيط 3/ ق 25/ أ. (4) الوسيط 3/ ق 180/ ب. (5) في (د): زيادة (قال) لعل الصواب حذفها. (6) انظر الوسيط 3/ ق 180/ أ، الروضة 7/ 467. (7) في (د): و (ب): (للحيولة) وفي (أ): (للحيولية) والمثبت من الوسيط وهو الصواب. (8) في (أ) (بغير). (9) الوسيط 3/ ق 181/ أولفظه قبله "ثم إذا لم ينفذ الاستيلاد، وعتق الولد فهذه حامل بحرٍ فالأصح منع بيعها فلا يمكن إدخالها في القسمة إن جعلنا القسمة بيعاً فبالحر ... إلخ". (10) في (أ) (ثمة) كذا. (11) انظر: النقل عنه في البسيط 5/ 166/ ب. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 120 لأحدهما في "النهاية" (1) و"البسيط" (2) أما إثبات الأمرين معاً كما وقع في "الوسيط" فلا يخفي بطلانه. والله أعلم. ذكر عن الشافعي، أنه "صح عنده أن مكة فتحت عَنْوَةً على معنًى أنه - صلى الله عليه وسلم - دخلها مستعداً للقتال (3) لو قوتل" (4). وهذا نقل فاسد ومنصوص الشافعي (5) - رحمه الله - أن مكة (6) فتحت صلحاً، ولم تفتح عَنْوَةً، ومعروف في كتب الأصحاب في المذهب (7)، والخلاف أن مكة عند الشافعي فتحت صلحاً (8) خلافاً لأبي حنيفة، فإنه قال: فتحت عَنْوةً (9) وحاصل ما فعله (10) المؤلف أنه أبدل ترجمة مذهبنا بترجمة مذهب غيرنا ثم فسرها بما لا تخالف (11) مذهبنا، وذلك شذوذ بارد (12). والله أعلم.   (1) 17/ ق 178/ ب. (2) 5/ ق 166/ أ - ب. (3) نهاية 2/ ق 119/ أ. (4) الوسيط 3/ ق 181/ أ. (5) انظر الأم 7/ 594، ومختصر المزني ص 289. (6) في (أ) زيادة (إنما). (7) في (ب) (المهذب) وهو تحريف. (8) انظر: الحاوي 14/ 70 و224، الأحكام السلطانية ص 164، شرح السنة 5/ 644، الروضة 7/ 469، مختصر خلافيات البيهقي 5/ 55، مغني المحتاج 4/ 236. (9) انظر شرح معاني الآثار 3/ 311، وما بعدها، المبسوط 10/ 40، بدائع الصنائع 6/ 3013، وما بعدها، فتح القدير 5/ 471 و6/ 33. (10) في (ب) (فعل) وفي (أ) (نقله)! (11) في (أ) (لا يخالف). (12) في (أ) (نادر). الجزء: 4 ¦ الصفحة: 121 قوله: "لا يكون طليعة، أو جاسوساً" (1). فالطليعة: لا تخالط الجيش، وإنما يشرف عليهم من بعيد (2) خارج ليتطلع (3) على ما يراه من حالهم في الكثرة، والقلة، والحل، والترحال ونحو ذلك. والجاسوس: يكون بين الجيش مختفياً فيهم يتسمع، ويتخبر الأخبار ويبحث عن عوراتهم، وبواطن أمورهم. والله أعلم. قوله: "أنه لا يزيد الأمان على سنة" (4). صوابه: أن لا يكون سنة فما زاد؛ لأنه لا يجوز سنة أيضاً (5). والله أعلم. العِلْجُ من ألفاظ (6) الشافعي في المسألة (7). قال إمام الحرمين (8) العِلْجُ يعبر به عن الكافر الغليط الشديد (9). والله أعلم. قوله: "فهذه الجعالة صحيحة، مع أن الجعل غير مملوك، ولا معين معلوم" (10) هذا لا (11) يرجع إلى الصورة التي ذكرها، فإن الجارية فيها معينة، وإنما المعنى   (1) الوسيط 3/ ق 181/ ب قال في شروط الأمان "أما الشرط فاثنان: أحدهما: أن لا يكون على المسلمين ضرر بأن يكون طليعة ... إلخ". (2) ساقط من (د) و (أ). (3) في (ب) (ليشرف). (4) الوسيط 3/ ق 181/ ب. (5) انظر: المهذب 2/ 332، حلية العلماء 7/ 718 - 819، الروضة 7/ 473، تصحيح التنبيه 2/ 219، مغني المحتاج 4/ 238. (6) ساقط من (أ). (7) ولفظها في الوسيط 3/ ق 182/ أ "إذا قال عِلْج من عُلُوج الكفار، أدلكم على قلعة بشرط أن تجعلوا لي منها الجارية الفلانية التي فيها فهذه الجعالة ... إلخ". (8) انظر نهاية المطلب 17/ ق 130/ أ. (9) وبعض العرب يطلق العِلْج على الكافر مطلقاً. انظر: المصباح المنير ص 425. (10) في (ب) زيادة (و). (11) ساقط من (ب). الجزء: 4 ¦ الصفحة: 122 أنها تصح ولو لم يعينها كما إذا (1) أطلق، وقال: جارية (2). والله أعلم. قوله: "والسيد لا يرثه" (3). يضاف إليه ولا يأخذه بالملك، فإنه مال لم يكتسبه في حالة الرق بل قبله، ولهذا لا يأخذه في حياته. والله أعلم. قوله (4): "ولو قطع يد ذمي فالتحق بدار الحرب، واسترق، ومات رقيقاً من تلك الجناية، ففي قدر الواجب على القاطع كلام طويل وقد نص الشافعي - رحمه الله - على صرف شيء إلى الورثة" (5) هذا قد أغفل بيانه مع إعضاله، فلم يذكره في "الوسيط" أصلاً وبيانه في اختصار، أن في الواجب على الجاني أقوالاً ثلاثة (6): أحدها: أنه أقل الأمرين من أرش الجناية أولاً، وهو ها هنا نصف دية الذمي، أو قيمة الرقيق فإن كانت القيمة أقل فلا زيادة عليها؛ لأن الجراحة صارت نفساً، والاعتبار بالمال، وإن كان الأرش أقل فلا مزيد عليه؛ لأن المجني عليه بعد (7) الجرح صار مهدراً، والرق من أثار ذلك الإهدار، فلا يجب بسببه على الجاني مزيد.   (1) في (أ) (لو). (2) انظر: الروضة 7/ 477، مغني المحتاج 4/ 340، نهاية المحتاج 8/ 83. (3) الوسيط 3/ ق 183/ أولفظه قبله " ... وإن مات رقيقاً فهو فيء، إذ الرقيق لا يورث والسيد أيضاً لا يرثه". (4) نهاية 2/ ق 119/ ب. (5) الوسيط 3/ ق 183/ أ. (6) انظر: الأم 6/ 65، والروضة 7/ 47. (7) ساقط من (أ). الجزء: 4 ¦ الصفحة: 123 والثاني: أن الواجب عليه القيمة، لا غير تمحيصاً (1) للنظر إلى المال كما في طرآن العتق على جرح الرقيق. والثالث: وهو أضعفها أن الواجب الأرش، لا غير, لأن طارئ الإهدار مانع من اعتبار المال. وهذا كله على (2) قولنا: فيمن (3) جرح مسلماً ثم ارتد، وعاد إلى الإِسلام، ومات بذلك أنه يجب عليه جميع الدية (4) وهو المنصوص (5)، أما إذا قلنا: هناك أنه يسقط جزء من الدية لتخلل حالة الإهدار، وذلك الجزء هو الثلث على وجهٍ، والنصف على وجهٍ (6)، فها هنا نقول: على القول الأول، الواجب أقل الأمرين من الأرش، أو ثلثي القيمة، أو نصفها، وعلى القول الثاني: يجب ثلثا القيمة، أو نصفها (7). ثم حيث يجب الأرش، فهو على النص مصروف إلى الورثة (8)، لجريان (9)   (1) في (د): (تمخيضاً). (2) في (أ) (في). (3) في (أ) (على من). (4) هذا إذا قصرت مدة الردة، وإن طالت ففيها أربعة أقوال: أظهرها عند الجمهور يجب كمال الدية. انظر: المهذب 2/ 222، والروضة 7/ 47 ومغني المحتاج 4/ 24. (5) انظر: الأم 6/ 68، مغني المحتاج 4/ 24. (6) انظر الروضة 7/ 47، مغني المحتاج 4/ 24. (7) نهاية 2/ ق 120/ أ. (8) انظر: الأم 7/ 47، الروضة 7/ 47 - 48. (9) في (د): (بجريان). الجزء: 4 ¦ الصفحة: 124 شبهة (1) في الحرية، وهكذا حيث تجب (2) القيمة فقدر (3) الأرش منها للورثة (4). فإن الأرش في الحقيقة هو الواجب، وإنما القيمة معيار له، فإن فضل منها شيء وذلك على القول الثاني: صرف الفاضل إلى السيد (5). والله أعلم. نزول بني قريظة (6) على حكم سعد بن معاذ (7) صحيح متفق على صحته (8). والله أعلم.   (1) مطموس في (د): وفي (أ) (سببه)، والمثبت من (ب). (2) في (أ) (يجب). (3) في (د): (فيقدر). (4) انظر: الروضة 7/ 48. (5) انظر: المصدر السابق. (6) انظر: الوسيط 3/ ق 183/ أ. (7) هو سعد بن معاذ بن النعمان بن امرئ القيس بن يزيد أبو عمر الأنصاري الأوسي الأشهلي سيد الأوس أسلم على يد مصعب بن عمير، وكان من أعظم الناس بركة في الإِسلام، شهد بدراً وأحداً والخندق ومات شهيداً سنة 5 هـ من جرح أصابه في غزوة الخندق. انظر: الاستيعاب 2/ 27 - 28، تهذيب الأسماء واللغات 1/ 214 - 215، الإصابة 2/ 37. (8) البخاري 6/ 191 مع الفتح في كتاب الجهاد والسير، باب إذا نزل العدوُّ على حكم رجل و7/ 154 في كتاب مناقب الأنصار، باب مناقب سعد بن معاذ - رضي الله عنه - و7/ 475 في كتاب المغازي باب مرجع النبي - صلى الله عليه وسلم - من الأحزاب، ومخرجه إلى بني قريظة ومحاصرته إياهم، ومسلم 12/ 92 - 96 في كتاب الجهاد والسير، باب جواز قتال من نقض العهد، وجواز إنزال أهل الحصن من حديث أبي سعيد الخدري قال: (لما نزلت بنو قريظة على حكم سعد، بعث رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إليه، فجاء على حمار، فلما دنا قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: (قوموا إلى سيدكم، فجاء فجلس إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال له: إن هؤلاء نزلوا على حكمك. قال: فإني أحكم أن تُقتل المقاتلة، وأن تُسبى الذُّرية، قال: لقد حكمت فيهم بحكم المَلِكِ). الجزء: 4 ¦ الصفحة: 125 قال: "وليكن المحكَّم عدلاً أميناً" (1) فجمع بينهما، كذلك شيخه (2)، والعدل لا يكون إلا أميناً، وكأنهما أرادا بالأمين، أن لا يكون متهماً بالميل إليهم لقرابة، أو غيرها، وهذا قد يوجد في العدل، والله أعلم (3).   (1) الوسيط 3/ ق 183/ أ. (2) نهاية المطلب 17/ ق 192/ ب. (3) في (د): زيادة (رب يسر) والظاهر أنها من تصرف النساخ. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 126 ومن كتاب الجزية الحديث الذي ذكره عن معاذ (1) - رضي الله عنه - ليس بمعروف على الوجه المذكور، والمعروف فيه عن معاذ (أن النبي - صلى الله عليه وسلم - لما وجهه إلى اليمن أمره أن يأخذ من كل حالم ديناراً، أو عدله من المَعَافِر، ثياب تكون باليمن) أخرجه أبو داود وهذا لفظه وغيره (2). وكان ينبغي أن يحتج بحديث بريدة بن الحُصَيب الذي رواه مسلم في صحيحه (3) الذي منه أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان إذا أمَّر أميراً على جيش، أو سريةٍ قال   (1) انظر: الوسيط 3/ ق 183/ ب. (2) أبو داود 2/ 234 - 236 في كتاب الزكاة، باب في زكاة السائمة و3/ 428 في كتاب الخراج والإمارة، باب في أخذ الجزية، والترمذي 3/ 20 في كتاب الزكاة، باب ما جاء في زكاة البقر، والنسائي 5/ 25 - 26 في كتاب الزكاة باب زكاة البقر، وأحمد 4/ 341 و5/ 230 و233، وابن الجارود في المنتقى ص 278، وابن حبان 11/ 244 - 245، والدارقطني 2/ 102 والحاكم 1/ 555، والبيهقي في الكبرى 9/ 324 - 326 من طرق عن الأعمش عن أبي وائل عن مسروق عن معاذ به. قال الترمذي: هذا حديث حسن صحيح، وقال الحاكم: صحيح على شرط الشيخين، ووافقه الذهبي وقال ابن عبد البر: في التمهيد 2/ 275 "وقد روى هذا الخبر عن معاذ بإسناد متصل صحيح ثابت". وصححه أيضاً الألباني في الإرواء 3/ 268 - 271 وصحيح سنن أبي داود 1/ 296 برقم (1394) وصحيح النسائي 2/ 517 برقم (2299 - 2301). وانظر: نصب الراية 2/ 346, وما بعدها. والله أعلم. (3) 12/ 37 - 40، في كتاب الجهاد والسير، باب تأمير الإِمام الأمراء على البعوث في حديث طويل. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 127 له: (أدْعُهُم إلى الإِسلام، فإن أجابوك فاقبَلْ منهم وكُفَّ (1) عنهم، فإن هم (2) أبوا فسَلْهُم الجزية، فإن هم أجابوك فاقبل منهم، وكُفَّ عنهم فإن هم أبوا فاستعن بالله عليهم وقاتلهم). قوله: "وقال: العراقيون لا يشترط ذكر (3) الاستسلام؛ لأنه حكم العقد كالملك في البيع" (4). هذا غلط (منه على) (5) العراقيين، والذي ذكره شيخه في "نهاية المطلب" (6) أن العراقيين قالوا: لا بدَّ من ذكر شرطين في العقد، ولو لم يذكرا لم يصح العقد وهما: الجزية، والاستسلام لجريان الأحكام، وصرحوا باشتراط التلفظ بهما. قال: وذكر القاضي ذلك أيضاً على هذا الوجه. أما قياس المراوزة، فهو أن الجزية لا بدّ من ذكرها، وأما ذكر استسلامهم (7) للأحكام فيجب أن لا يشترط، وهو من حكم الذمة، فلا يشترط ذكره كالملك في البيع. ثم عاد (8) وذكر عن العراقيين أنهم قالوا: يجب ذكر الجزية، والاستسلام للأحكام وجهاً واحداً (9)، وهل يجب أن يذكر أنهم لا يتعرضون   (1) ساقط من (أ). (2) ساقط من (أ). (3) نهاية 2/ ق 120/ ب. (4) الوسيط 3/ ق 183/ ب. (5) ما بين القوسين مطموس في (د). (6) 17/ ق 206/ أ. (7) في (ب) (الاستسلام). (8) يعني إمام الحرمين. (9) انظر أيضاً: الروضة 7/ 488 ومغني المحتاج 4/ 243. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 128 لديننا بذكر السوء؟ (1) فيه وجهان (2): هذا نقل شيخه وهو الصواب، وقد راجعت غير واحد من كتب العراقيين, منها: "تعليق" الشيخ أبي حامد الأسفرايني، و"الشامل" (3)، لابن الصباغ، و"الشافي" للجرجاني (4)، فإذا فيها القطع منهم باشتراط ذكر الاستسلام في العقد. قوله: "فيما إذا قال: أقرُّكم ما شئت أنا أنه أولى بالجواز، إذ نقل عنه - صلى الله عليه وسلم - انه قال: (أقركم ما أقركم الله) إلا أن ذلك كان في انتظار الوحي، ولا يتصور الآن" (5) يعني أنّ معنى (6) ذلك، أقركم إلا أن يوحي إليّ (7) نسخ ذلك ولا يتصور مثل هذا بعده - صلى الله عليه وسلم -، فليس ذلك إذاً من قبيل التأقيت بمشيئة الإِمام. قلت (8): هذا وإن كان ثابتاً بهذا اللفظ في صحيح البخاري (9) (10) فقد ثبت في   (1) في (ب) (السبق). (2) أصحهما: لا يجب. انظر: الروضة 7/ 488 ومغني المحتاج 4/ 243 ونهاية المحتاج 8/ 86. (3) 6/ ق 25/ أ. (4) هو أحمد بن محمَّد بن أحمد أبو العباس الجرجاني، قاضي البصرة، وشيخ الشافعية بها تفقه على أبي إسحاق الشيرازي له مصنفات كثيرة منها: الشافي، وكتاب التحرير، والبلغة، وغيرها مات راجعا من أصبهان إلى البصرة سنة 482 هـ انظر: طبقات السبكي 3/ 31، طبقات ابن قاضي شهبة 1/ 260، طبقات ابن هداية الله ص 239. (5) الوسيط 3/ ق 183/ ب. (6) ساقط من (أ). (7) في (د): (لك). (8) في (أ) (قال شيخنا - رضي الله عنه -) وفي (ب) (قال الشارح - رضي الله عنه -). (9) 5/ 385 في كتاب الشروط، باب إذا اشترط في المزارَعَةِ "إذا شئت أخرجتك" و6/ 312 في كتاب الجزية، باب إخراج اليهود من جزيرة العرب من حديث ابن عمر قال: (لما فَدَعَ أهل خيبر عبد الله بن عمر قام عمر خطيباً فقال: إن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عاَمَلَ يهودَ خيبر على أموالهم، وقال: نقركم على ما أقركم الله ... ) الحديث. (10) نهاية 2/ ق 121/ أ. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 129 الصحيحين (1) معاً من حديث ابن عمر رضي الله عنهما أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - (أراد إخراج اليهودِ من خيبر فسألوه أن يقرهم بها على أن يكفوا العمل، ولهم نصفُ الثَّمر فقال لهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: (نُقِرُّكم بها على ذلك ما شِئناَ فَقَرُّوا بها حتى أجْلاهم عمر في إمارته إلى تيمَاءَ (2) وأريحَاء) (3) فالجواب عن الحديث إذاً على قول من منع من ذلك في العقد، أن الذي في الحديث ليس تأقيتاً في العقد، بل تأقيتاً لتقريرهم بخيبر، وأرض الحجاز، ولما أجلاهم عنها عمر - رضي الله عنه - كانوا مستمرين على عقد الذمة. وقد تمسك الشافعي (4) - رضي الله عنه - في كلامه في سكنى الحجاز بقوله: (ما أقركم الله). والله أعلم. "السَّفارة" (5) هي بكسر السين، والسفير الرسول المصلح بين الفريقين (6). والله أعلم.   (1) البخاري 5/ 26 في كتاب الحرث والمزارعة، باب إذا قال رب الأرض بأقرك ما أقرك الله ولم يذكر أجلاً معلوماً ... و6/ 290 في كتاب فرض الخمس، باب ما كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يعطي المؤلفةَ قلوبُهم وغيرَهم من الخمس ونحوه. ومسلم 10/ 210 - 212 في فاتحة كتاب المساقاة والمزارعة. (2) تيمَاءَ: بلدة بين الشام والمدينة على نحو سبع أو ثمان مراحل من المدينة على طريق حاج الشام. انظر: معجم البلدان 2/ 78، تهذيب الأسماء واللغات 3/ 1/ 44. (3) أريحاء: مدينة في الغور من أرض الأردن بالشام على أربعة أميال منها مشرقاً، وبينها وبين بيت المقدس يوم للفارس. انظر: معجم البلدان 1/ 196، الروض المعطار ص 25، تقويم البلدان ص 236. (4) انظر: الأم 4/ 251 والمعرفة 13/ 385. (5) قال في الوسيط 3/ ق 184/ أ "وإن قال: دخلتُ لسفارة صدقناه إن كان معه كتاب وإن لم يكن فوجهان". (6) انظر: الصحاح 2/ 686، مختاره ص 264. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 130 قوله في الذي يدخل لسماع كلام الله تعالى "لا نمكنه من المقام فوق أربعة أشهر، وفي ما دون ذلك إلى مدة البيان وجهان" (1) أراد بمدة البيان، المدة التي يتبين فيها لمثله حجج الإسلام ومحاسنه (2) ففي وجهٍ، لا يترك أكثر منها (3)، وفي وجه يترك أربعة أشهر (4) وهي (5) مدة التَّسَيُّح (6) المذكورة (7) في قوله تبارك وتعالى: {فَسِيحُوا فِي الْأَرْضِ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ} (8). قوله: فيمن عقد له الذمة واحد من الرعية "إذا أقام (9) سنة ففي أخذ الجزية منه وجهان: أحدهما: تؤخذ (10) كعقد الأمان إذا فسد" (11). وقع في النسخ الأمان بالنون، وصوابه: (12) كعقد الإمام (13) بالميم وهذا ظاهر عند المتأمل (14). والله أعلم.   (1) الوسيط 3/ ق 184/ أ. (2) في (د): (ولحاسنه) كذا. (3) وصححه الرافعي. انظر: فتح العزيز 13/ 345، والروضة 7/ 522. (4) انظر: المصدرين السابقين. (5) في (د): (وفي). (6) في (أ) و (ب) (التسييح). (7) في (أ) (المذكور). (8) سورة التوبة الآية 2. (9) في (أ) (قام) بدون ألف. (10) في (أ) (يؤخذ) بالياء. (11) الوسيط 3/ ق 184/ أ. (12) نهاية 2/ ق 121/ ب. (13) كذا في النسخة التي بين يدي. (14) في (أ) (التأمل). الجزء: 4 ¦ الصفحة: 131 قوله: "المتولد بين وثني وكتابية، أو بعكسه ففي مناكحته قولان" (1). هذا مشكل، وليس معناه (ففي حل مناكحته قولان، فإنه تحرم مناكحة المتولد بين وثني وكتابية قولاً واحداً (2) على ما عرف، والخلاف في حل المناكحة، إنما هو في المتولد بين كتابي ووثنيةٍ (3)، وإنما معناه) (4) ففي المعتبر في مناكحته (5) قولان، هل هو النظر إلى جانب الأب، أو تغليب جانب التحريم، وينشأ من ذلك القطع بعدم الحل في ولد الوثني والكتابية، ورد الخلاف فيه إلى (6) المأخذ. والله أعلم. قال: "والصحيح أنه لا يحل وطء سبايا غُور إذ صح أنهم ارتدوا بعد الإسلام" (7) ذكر بعض من شرح "الوجيز" (8) أنه "الغَوْر" بفتح الغين المعجمة وهو تِهامة وما يلي اليمن (9)، ولما كنت بنيسابور بعث إلى الشيخ (10) المعين   (1) الوسيط 3/ ق 184/ ب. (2) لأن الانتساب إلى الأب وهو لا تحل مناكحته. انظر: الحاوي 14/ 311، المهذب 2/ 58 الروضة 5/ 479، مغني المحتاج 3/ 189. (3) وأظهرهما: أنه تحرم تغليباً لجانب التحريم. انظر المصادر السابقة. (4) ما بين القوسين ساقط من (أ). (5) في (أ) (ففي حكم مناكحته ... ). (6) في (ب) زيادة (أخر). (7) الوسيط 3/ في 184/ ب. (8) في (ب) بعد هذه الكلمة زيادة (قال للشيخ - رضي الله عنه - هذا الإمام الرافعي) كذا وهي عبارة مقحمة. والله أعلم. (9) انظر: فتح العزيز 13/ 315. (10) ساقط من (أ) و (ب). الجزء: 4 ¦ الصفحة: 132 الجَاجُرْمي (1) - رحمه الله - وهو المشهور المصنف في علم الخلاف والمذهب على لسان بعض الطلبة يسألني (2) عن هذا مستنكراً أن يكون "غُور" بضم الغين، وقال: كيف يكون هذا وأهل بلاد غُوْر مسلمون (من قديم) (3)، فلعله "غَوْر" أي (4) بفتح الغين. فاعلم أن هذا تصحيف، وغلط نشأ (من عدم المعرفة) (5) بأبناء التواريخ، وإنما هي "غُور" بضم الغين، وهي البلاد المعروفة المضافة (6) لبلاد غَزْنة (7)، وفيها جبال شاهقة ومسالك متضائقة (8)، وفي أخبار السلطان محمود بن   (1) هو محمَّد بن إبراهيم بن أبي الفضل معين الدين أبو حامد السهلكي الجَاجُرْمي، كان إماماً فاضلاً متفنناً مبرزاً، سكن بنيسابور ودرس بها وانتفع الناس به وبكتبه وله المصنفات الكثيرة منها: طريقة مشهورة في الخلاف، إيضاح الوجيز في الفروع، وشرح أحاديث المهذب، والكافية مات سنة 613 هـ. انظر: وفيات الأعيان 3/ 387، طبقات السبكي 5/ 19، طبقات ابن قاضي شهبة 2/ 62، كشف الظنون 2/ 1498، هدية العارفين 6/ 109. (2) في (د): (يضلني) كذا. (3) ما بين القوسين ساقط من (ب). (4) ساقط من (ب). (5) ما بين القوسين ساقط من (أ). (6) في (أ) (وهي بلاد معروفة مضافية). (7) في (أ) (عرفة) بالفاء وهو تحريف وغزنة مدينة عظيمة وولاية واسعة في طرف خراسان، وهي الحد بين خراسان والهند. وهي اليوم أحد أقاليم أفغانستان، تقع جنوب كابل على مسافة 250 كم تقريباً. انظر: معجم البلدان 4/ 228، تهذيب الأسماء واللغات 3/ 2/ 66، مراصد الإطلاع 2/ 993. (8) وهي اليوم أحد أقاليم أفغانستان، تقع غرب كابل على مسافة 300 كم تقريباً. انظر: معجم البلدان 4/ 246، المصباح المنير ص 456، مراصد الإطلاع 3/ 1005. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 133 سُبُكْتَكين (1) - رحمه الله - أنه (2) لما رأى تمرد أهلها، وتأذي السَّايلَةُ (3) بقطعهم، وإفسادهم مع تعريهم من حلية (4) الدين، وسمة الإسلام، وحصولهم في المركز (5) من دائرة مملكته، غزاهم، وأجلب عليهم بخيله ورَجْلهِ، فنصره (6) الله، وأسر عظيم الكفرة، وأمر بإقامة شعار الإسلام فيما افتتحه من تلك القلاع، والديار (7). وحكى إمام الحرمين (8) فتياً كأنها صدرت (9) في ذلك الأوان (10) فقال: "أفتى بعض الأصحاب، بإحلال وطء سبايا غُور، وقد ثبت أنهم إرتدوا بعد قبول الإسلام، وهذا قول صدر عن عماية، وقلة دراية". ثم قال: "ولم نذكر (11)   (1) ويكنى أبا القاسم، ويلقب بسيف الدولة ويمين الدولة وأمين الملة وصاحب غزنة، المجاهد المغازي، وفاتح أكثر بلاد الهند قهراً وله مناقب كثيرة ومشهورة مات سنة 421 هـ. انظر: وفيات الأعيان 5/ 177، الكامل 7/ 346، البداية والنهاية 12/ 30 - 34. (2) نهاية 2/ ق 122/ أ. (3) السابلة: أبناء السبيل المختلفة في الطرقات. انظر: الصحاح 5/ 1724، المصباح المنير ص 265. (4) في (د): (حللة). (5) في (د): (المشركين). (6) في (أ) (ونصره). (7) انظر: الكامل 7/ 253. (8) انظر: نهاية المطلب 17/ ق 190/ أ - ب. (9) في (د): (صدت) بإسقاط الراء. (10) في (أ) (الأذان) وهو تحريف. (11) في (د): (أ) (يذكر) بالياء. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 134 هذا التخيل التحاقه بالذهب، وإنما ذكرته للتنبيه على الغلط فيه". فنقل الغزالي هذا بعبارة تقتضي (1) كون ذلك وجهاً (2) في المذهب، والغلط لا يعد وجهاً في المذهب. فاعلم ذلك. والله أعلم. قوله: "وإن كان يجنُّ يوماً، ويفيق يوماً" (3). كان ينبغي أن يقول: وإن كان يجن ويفيق؛ لأجل قوله "وفي (4) وجهٍ ينظر إلى الأغلب". والله أعلم. قوله فيما إذا أسر المذكور "فالصحيح أنه ينظر إلى وقت الأسر" (5) غير الصحيح هو (6) قول من غلب الإفاقة فإنه يقول: لا يرِقُّ وإن كان وقت الأسر مجنوناً (7)، وأما القتل، فالظاهر امتناعه (8) ومن غلب الجنون (9) يقول (10): يرق، وإن كان وقت الأسر مفيقاً (11) والله أعلم.   (1) في (أ) (يقتضي). (2) في (أ) (وجهان). (3) الوسيط 3/ ق 184/ ب. ولفظه قبله "القيد الثاني: العقل: فلا يؤخذ من المجنون جزية بل هو تابع كالصبي، فلو وقع في الأسر رق بنفس الأسر كالصبي وإن كان يجن ... إلخ". (4) ساقط من (ب). (5) الوسيط 3/ ق 184/ ب. (6) ساقط من (أ) و (ب). (7) في (أ) (مختوناً). (8) انظر: الروضة 7/ 490. (9) في (أ) (المجنون). (10) تكرر في (ب). (11) انظر: الروضة 7/ 490. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 135 قوله: في ولد الذمي "لو بلغ سفيهاً، والتزم زيادة نفذ؛ لأنه يحقن به دمه، كما لو كان عليه قصاص فصالح على أكثر (1) من الدية، فليس للولي المنع؛ لأن حقن الدم أهم من المال، ولو عقد الولي (2) له بزيادة لم يكن للسفيه المنع كما يشتري له الطعام (3) في المخمصة قهراً لصيانة روحه" (4). هذا إنما يستقيم، فيما إذا كانت الذمة، لا تعقد له إلا ببذله (الزيادة على الواجب، وإن كان ذلك ظلماً، والقصاص لا يعفى عنه إلا بالزيادة على الدية) (5) فيصح بذل (6) ذلك من السفيه ويصح بذله من وليه إذا امتنع السفيه (7)، وإن كان أمر دمه (8) لا يدخل تحت الحجر، لأنه إذا ساء تصرفه فيه دخل تحت الحجر، وكانت صيانة الولي لدمه (9) أولى من صيانة ماله (10) ولذلك (11) جاز له أن يشترى له طعاماً في المخمصة بجميع ماله إذا لم يجده بدون ذلك.   (1) نهاية 2/ ق 122/ ب. (2) في (ب) (للولي). (3) مطموس في (د). (4) الوسيط 3/ ق 185/ أ. (5) ساقط من (د). (6) في (أ) (بذلك). (7) انظر: الروضة 7/ 491، ومغني المحتاج 4/ 245 - 624. (8) في (د): (دمة). (9) في (د): (لدمة). (10) في (أ) (صيانته لماله). (11) في (ب) (كذلك). الجزء: 4 ¦ الصفحة: 136 أما إذا أمكن حقن دمه بدون ذلك (1) الزيادة، فلا يتجه إلا ما ذكره غيره من أنه لا يصح بذل (2) الزيادة، لا في عقد الذمة، ولا في الصلح عن القصاص، لا من السفيه، ولا من وليه (3). والله أعلم. قال: "وأما (4) الأصهار والأحماء" (5). فجعل الأصهار غير الأحماء، وكذا (6) ذكر ذلك (7) شيخه (8) ها هنا، وسبق من شيخه في كتاب الوصية (9)، أن الأصهار والأحماء بمعنى واحد، وأنهم أبو الزوجة، وأمها وحكى عن الأصحاب تردداً في أجدادها، وجداتها، وهذا يجيء   (1) ساقط من (أ) و (ب). (2) في (د) (بذلك). (3) هذا هو المذهب. انظر: الشامل 6/ ق 27، الروضة 7/ 491، مغني المحتاج 4/ 245 - 246. (4) ساقط من (أ) إلا حرف العطف. (5) الوسيط 3/ ق 185/ أ، ولفظه قبله "القيد الخامس: الذكورة، فلا جزية على المرأة، إذ لا يتعرض للقتل، بل هي تابعة، للرجل أن يستتبع بدينار واحد جَمْعاً من النساء الأقارب والزوجات، ولا يشترط المحرمية، وأما الأصهار والأحماء فمنهم من ألحقهم بالأجانب ومنهم من ألحقهم بالأقارب". (6) في (أ) (كذلك). (7) ساقط من (أ). (8) انظر: نهاية المطلب 17/ ق 202/ أ. (9) لم أقف عليه. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 137 على ما قاله الشيخ أبو الفرج السرخسي (1) هناك من أن لفظ "الأصهار" يشمل الأَخْتَانَ، والأحماء (2). فيكون المراد بالأصهار إذا ذكروا (3) مع الأحماء الأَخْتاَنَ، ثم قد عرف أن الأختان أزواج البنات (4)، وفي أزواج الأخوات، والحوافد، وجهان مذكوران في "النهاية" (5) ثم يكون في مسألتنا: المراد بالأصهار أمهات أزواج البنات أو (6) أمهاتهم وأخواتهم معاً (7) على جهة التوسع، والاستعارة (8). والله أعلم (9).   (1) انظر: قوله في الروضة 5/ 165 والسرخسي هو عبد الرحمن بن أحمد بن محمَّد أبو الفرج السرخسي المعروف بالزّاز تفقه على القاضي الحسين، وكان أحد أئمة الإسلام وممن يضرب به المثل في الأفاق في حفظ مذهب الشافعي من تصانيفه الأمالي، والتعليقة، مات سنة 494 هـ. انظر: معجم البلدان 3/ 235، تهذيب الأسماء واللغات 2/ 263، طبقات السبكي 3/ 221، طبقات ابن قاضي شهبة 1/ 266، هدية العارفين 5/ 518. (2) قال النووي هذا الذي قاله السرخسي هو المعروف عند أهل اللغة. انظر: الروضة 5/ 165، المصباح المنير ص 349. (3) في (ب) (ذكرو) بدون ألف. (4) قال الجوهري هذا عند العامة، وأما عند العرب فقال: الختَن بالتحريك، كل من كان من قبل المرأة، كالأب والأخ. انظر: الصحاح 5/ 2107، المصباح المنير 164، القاموس ص 1540. (5) وأصحهما: لا يدخل فيه. انظر: الروضة 5/ 164. (6) في (ب) (الواو). (7) ساقط من (د) و (أ). (8) الاستعارة في علم البيان: استعمال كلمة بدل أخرى لعلاقة المشابهة مع القرينة الدالة على هذا الاستعمال. انظر: بغية الإيضاح شرح تلخيص المفتاح 3/ 95، معجم الوسيط ص 636. (9) نهاية 2/ ق 123/ أ. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 138 الحديث (1) الذي ذكره (2) في (3) إخراجهم من جزيرة العرب، صحيح، ولفظه في روايتنا له في السنن الكبير (4) (لئن عشت لأخرجن اليهود والنصارى من (5) جزيرة العرب) ورويناه من حديث صحيح (6) مسلم (7) (لأخرجنّ ... من غير ذكر شرط العيش. والله أعلم. قوله: "زُهاء أربعين ألفاً" (8) ممدود وأوله زاي منقوطة مضمومة، أي قدر ذلك (9). والله أعلم. قوله: "ومخاليفها" (10) قال الإمام أبو منصور الأزهري الهروي (11):   (1) مطموس في (د). (2) انظر الوسيط 3/ ق 185/ ب. (3) في (أ) (من). (4) 9/ 349، كما رواه الترمذي 4/ 133 - 134 في كتاب السير، باب ما جاء في إخراج اليهود والنصارى من جزيرة العرب، وأحمد 1/ 32، والحاكم 4/ 305 من طرق عن سفيان الثوري عن أبي الزبير عن جابر عن عمر به. وصححه الحاكم ووافقه الذهبي. (5) من هنا إلى قوله "السواد ولم يذكر الزنَّار ... " ساقط من (أ) بمقدار أربعة أوراق تقريباً بالمقارنة مع (د):. (6) ساقط من (د). (7) 12/ 92 في كتاب الجهاد والسير، باب إجلاء اليهود والنصارى من الحجاز من طريق ابن جريج وسفيان به. (8) الوسيط 3/ ق 185/ ب. ولفظه قبله "ثم لم يعش ولم يتفرع له أبو بكر فأجلاهم عمر زُهاء .... إلخ". (9) انظر: الصحاح 6/ 2371، والمصباح المنير ص 258. (10) الوسيط 3/ ق 185/ ب. ولفظه "ونعني بجزيرة العرب مكة والمدينة واليمامة ومخاليفها والطائف ووج، وما ينسب إليها منسوب إلى مكة". (11) انظر: الزاهر ص 193. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 139 المخاليف لأهل اليمن كالرسَاتيق (1) لنا، واحدها: مِخْلاف (2) وهي قرى مجتمعة يجمعها اسم المِخلاف. والله أعلم. "وَجَّ" بغير ألف ولام واد عند الطائف (3). وما ذكر من تصحيف اليمامة (4) بالتِهامة، قد ذكره أيضاً شيخه (5)، وهو غلط مُوَشح بعجمة فإن التِهامة لا يدخلها الألف واللام، واليمامة تدخلها (6) الألف واللام، والله أعلم. ومما (7) ذكره ذهاب منه إلى أن الحجاز و (8) جزيرة العرب واحد، وقد ذكر ذلك شيخه (9) وغيره من المراوزة (10)، وليس بشيء، والصحيح المعروف الشائع   (1) الرَسَاتيق: مفردها رُستَاق فارسي معرب يستعمل في الناحية التي هي طرف الأقليم، وقال الجوهري: هي: السّوَاد. انظر: الصحاح 4/ 1481، المصباح المنير 226. (2) في (ب) (مخالف). (3) وقيل: هو الطائف. انظر: معجم البلدان 4/ 10 و5/ 416، تهذيب الأسماء واللغات 3/ 2 /198، المصباح المنير ص 648. (4) هي مدينة بطرف اليمن على مرحلتين من الطائف وعلى أربع مراحل من مكة. انظر: تهذيب الأسماء واللغات 3/ 2/ 207، تحرير ألفاظ التنبيه: ص: 321، ط: دار القلم بيروت، والمصباح المنير ص 681. (5) انظر: نهاية المطلب 17/ ق 217/ ب. (6) في (أ) (يلزمها). (7) في (د): (وفيما) بالفاء. (8) ساقطة من (د). (9) انظر: نهاية المطلب 17/ ق 217/ ب وما بعدها. (10) كأبي محمَّد الجويني انظر: المصدر السابق. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 140 بين العلماء أن الحجاز غير جزيرة العرب، وأن الحجاز بعض جزيرة العرب (1)، فالحجاز عبارة عن مكة والمدينة، واليمامة ومخاليفها، نص عليه الشافعي (2) - رحمه الله - ومن لا نحصيه من أصحابه (3). وسمي حجازاً فيما ذكره صاحب الشامل وغيره (4)؛ لأنه حجز بين تهامة ونجد وقاله (5) الأصمعي (6). وأما جزيرة العرب فاليمن منها روينا في سنن أبي داود (7) عن سعيد بن عبد العزيز (8) قال: (جزيرة العرب ما بين الوادي إلى أقصى اليمن (9) إلى تُخوم (10) العراق إلى البحر).   (1) انظر: الحاوي 14/ 337. (2) انظر: الأم 4/ 251. (3) انظر: المهذب 2/ 330، الشامل 6/ ق 31/ أ، حلية العلماء 7/ 713 - 714, الروضة 7/ 497، تهذيب الأسماء واللغات 2/ 1/ 80، مغني المحتاج 4/ 246. (4) انظر: المصادر السابقة. (5) في (ب) (وقال). (6) انظر: المهذب 2/ 230، تهذيب الأسماء واللغات 2/ 1/ 80. (7) 3/ 425 في كتاب الخراج والإمارة والفيء، باب إخراج اليهود من جزيرة العرب ومن طريقه البيهقي في الكبرى 9/ 351. (8) هو سعيد بن عبد العزيز أبو محمَّد التَّنُوخي الدمشقي ثقة إمام سوّاه أحمد بالأوزاعي، لكنه اختلط في آخر أمره مات سنة 167 هـ. انظر: تذكرة الحفاظ 1/ 219، التقريب ص 338. (9) نهاية 2/ ق 123/ ب. (10) التخوم: الحدود والمعالم. انظر: المصباح المنير ص 73. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 141 قلت (1): الوادي هو وادي القرى (2). وروينا في السنن الكبير (3) عن أبي عبيد (4) عن الأصمعي قال: "جزيرة العرب من أقصى عَدَن إلى ريف العراق في الطول، وأما العرض فمن جُدة وما والاها من ساحل البحر إلى أطرار الشام". قلت (5): أطرار الشام برائين (6)، وهي الأطراف (7). وفيها أقوال أخر متقاربة (8). وسميت جزيرة العرب جزيرةً، لإحاطة بحر الحبشة وبحر فارس ودِجْلة والفُرات بها (9). إذا ثبت هذا فالمراد بجزيرة العرب في الأحاديث الواردة في إخراج أهل الذمة منها بعض الجزيرة، وهو الحجاز بدلالة أنهم لم يخرجوا أهلَ الذَّمة من اليمن (10).   (1) في (ب) (قال الشارح). (2) وهو واد بين المدينة والشام يمرّ بها حاج الشام، وفيه قرى كثيرة وبها سمي وادي القرى انظر: معجم البلدان 4/ 384 و5/ 397. (3) 9/ 351، وانظر: أيضاً شرح السنة 5/ 665، نصب الراية 3/ 455. (4) هو القاسم بن سلام عبد الله أبو عبيد الهروي الأزدي البغدادي الإمام المجتهد البحر صاحب المصنفات الكثيرة في التفسير والحديث والفقه والعربية ومن مؤلفاته. الغريب والأموال والطهور وغيرها، مات بمكة سنة 224 هـ. انظر: تاريخ بغداد 12/ 403 وفيات الأعيان 4/ 60، وسير أعلام النبلاء 10/ 111، تذكرة الحفاظ 2/ 417. (5) في (ب) (قال الشارح - رضي الله عنه -). (6) في (د): زيادة (الأطرار يرائن) كذا. (7) انظر: الصحاح 725، والقاموس ص 553. (8) انظر: السنن الكبرى 9/ 351 - 352، شرح السنة 5/ 664 - 665، نصب الراية 3/ 355. (9) وقيل غير ذلك. انظر: نصب الراية 3/ 455. (10) انظر: السنن الكبرى 9/ 352. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 142 وروينا في السنن الكبير (1) عن أبي عبيدة بن الجراح - رضي الله عنه - قال: آخر ما تكلّم به رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: (أخرجوا يَهود الحجاز، وأهل نَجرانَ من جزيرة العرب). وهذا فيه إشعار بالخصوص الذي ذكرناه، وكان هذا الإطلاق في تلك الأحاديث هو الذي غرّ من قال: الحجاز والجزيرة واحد، وقد أطلت في هذا الفصل بعض الإطالة لإشكاله على الفقيه المجرد؛ ولأن كلام إمام الحرمين فيه اختل ولم يسر على جاري عادته. والله سبحانه المسؤول الأعلم (2). ذكر أقل الجزية ذكراً (3)، غير مرضي، والصحيح نقلاً ودليلاً خلاف ما اختاره وهو أن أقلها الدينار (4)، والدراهم يؤخذ عوضاً عن الدينار بحسب قيمته على اختلاف سعره كما في نصاب (5) السرقة (6) عملاً بالأحاديث الثابتة.   (1) 9/ 350 وفي المعرفة 13/ 389، كما رواه أحمد 1/ 195، والدارمي 2/ 306، وأبو داود الطيالسي 1/ 31، وأبو عبيد في الأموال ص 108، والحميدي في المسند 1/ 46، وابن أبي شيبة في المصنف 12/ 344، وأبو يعلى 2/ 400، والطحاوي في مشكل الآثار 4/ 12 من طرق عن إبراهيم بن ميمون حدثنا سعد بن سمرة بن جندب عن أبيه عن أبي عبيدة به. أورد الهيثمي في المجمع 5/ 325 وقال: رجال إسناده ثقاة، وصححه أيضاً أحمد شاكر في تعليقه على مسند الإمام أحمد 3/ 146 برقم (1694، 1691) والله أعلم. (2) في (د): (أعلم). (3) ولفظه في الوسيط 3/ ق 185/ ب. "الأول نفس الجزية، وأقلها دينار في السنة. على كل محتلم كما سبق أو اثنا عشر درهماً نقرةً، ويتخير الإمام بينهما، والتخير مستنده قضاء عمر وإلا فلم يرد في الخبر، إلا الدينار، وشبب بعض الأصحاب أن النقرة يقوم بالذهب كما في نصاب السرقة". (4) انظر: الأم 4/ 253، المهذب 2/ 321، الشامل 6/ ق 25/ أ، شرح السنة 5/ 659، الروضة 7/ 500، مختصر الخلافيات 5/ 61، مغني المحتاج 4/ 248. (5) نهاية 2/ ق 124/ أ. (6) مطموس في (د). الجزء: 4 ¦ الصفحة: 143 قلت (1): ما جاء عن عمر (2) محمول على أنه عدل باثني عشر درهماً على جهة التقويم لا أنه جعلها أصلاً كما في حديث معاذ أن النبي - صلى الله عليه وسلم - (أمره أن يأخذ من كل حالم ديناراً أو عدله مَعَافِرَ) (3) ويدل على هذا إنا روينا عن عمر - رضي الله عنه - بإسناد ثابت (أنه قابل الدينار بعشرة دراهم) (4) وروينا عنه أيضاً بإسناد ثابت أنه قابله باثني عشرة درهماً (5)، ووجه ذلك ما ذكرناه من التقويم بحسب اختلاف السعر. وقد قال إمام الحرمين شيخه (6): "رأيت في كلام الأصحاب ما يدل على أن الأصل في الجزية الدينار كما في نصاب السرقة" فعدل المؤلف عن هذا إلى قوله "وشبب بعض الأصحاب فلم يصب" والله أعلم. قوله: "ولو كان عليه ديون ومات قدمت الجزية على وصاياه وديونه (7) ".   (1) في (ب) (قال الشارح - رضي الله عنه -). (2) سيأتي لفظه عند المصنف بعد سطرين، ثم تخريجه في هامش الصفحة. (3) سبق تخريجه قريباً. انظر: ص 127. (4) وذلك في الدية حيث جعل على أهل الوِرق عشرة ألاف وعلى أهل الدنانير ألف دينار. أخرجه عبد الرزاق في المصنف 9/ 292، ابن أبي شيبة في المصنف 9/ 127، البيهقي في الكبرى 8/ 140. (5) وذلك في الدية أيضاً عند ما ترخص قيمة الورق. انظر: مصنف عبد الرزاق 9/ 291 و295، مصنف ابن أبي شيبة 9/ 129، السنن الكبرى 8/ 135 - 136 و139 - 140، السنن الصغير 2/ 196. (6) في نهاية المطلب 17/ 394/ أ. (7) الوسيط 3/ ق 186/ أ. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 144 ثم ذكر طريقة التخريج (1) على الأقوال المذكورة في الزكاة، ودين الآدمي (2)، وهي الصحيحة التي لم يذكر غيرها الفوراني (3) وصاحب التهذيب (4) وغيرهما (5). وذكر شيخه (6) معها طريقة ثانية: وهي التسوية بين الجزية وديون الآدميين (7) لكون مصرفها للآدميين وليست من القرب. وأما الطريقة التي ذكرها المصنف مفتياً بها من القطع بتقديم الجزية على حقوق الآدميين، فهي مستنكرة (8) غير معروفة ولا متجهة ولا مقبولة، وقد كان يمكن أن يقرأ قوله: "وديونه" بالرفع ليكون معناه قدمت الجزيةُ وديونُهُ على وصاياه، فيكون ذلك (9) عبارة عن طريقة التسوية التي ذكرها شيخه لكن   (1) في (د): (التخر) بإسقاط الياء والجيم. (2) في قول: تقدم الجزية على دين الآدمي وفي قول آخر: يقدم دين الآدمي عليها وفي الثالث: يسوي بينهما. انظر: الوجيز 2/ 200، الروضة 7/ 501، مغني المحتاج 4/ 249، نهاية المحتاج 8/ 94. (3) لم أقف عليه عند غير المصنف. (4) 7/ 504. (5) كالماوردي والرافعي. انظر: الحاوي 14/ 313، فتح العزيز 11/ 522، الروضة 7/ 501، مغني المحتاج 4/ 149. (6) نهاية المطلب 17/ ق 205/ أوما بعدها. (7) هذا هو المذهب والمنصوص. انظر: الروضة 7/ 501، مغني المحتاج 4/ 249، نهاية المحتاج 8/ 94. (8) ساقط من (د). (9) نهاية 2/ ق 224/ ب. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 145 علمنا أنه لم يقل إلا وديونِهِ بالجر بدلالة قوله فيها في "الوجيز" (1) "وتقدم الجزية في تركته على وصاياه، وعلى ديونه" وقد قال بعض من شرح الوجيز (2) لعله من باب سبق القلم إذ لم يقطع أحد من الأصحاب بتقديم الجزية على الديون قولاً واحداً ولا وجه له (3)، أيضاً قال الشارح: الوجه الجزم بأن ذلك لا يعد من المذهب ومن قال معتذراً (4) له عدم الوجدان لا يدل على عدم الموجود، قلنا له: بل هو ذاك مع الاستقراء على ما عرف ثم إن الشذوذ في النقل يوجب رده على ما أوضحناه في كتابنا في معرفة علوم الحديث (5). والله أعلم. قوله: في قسط بعض السنة إذا مات الذمي في أثنائها "والثاني: تجب كالأجرة، هذا يشير إلى تردد في أنها تجب بأول السنة لكن يستقر بتمامها وتجب شيئاً فشيئاً" (6) هذا يوهم كون هذا التردد مأخذ القولين، وليس كذلك، وإنما هذا التردد، تردد في مآخذ القول الثاني وأن الجزية كالأجرة في الإجارة، أو كالجعل في الجعالة، وإنما مآخذ القول الأول أنها لا تجب إلا بتمام السنة كالزكاة (7). والله أعلم.   (1) 2/ 200 (2) انظر: فتح العزيز 11/ 522. (3) في (د): (إلا وجه له) والمثبت من (ب) وكذا في فتح العزيز. (4) في (ب) (معتذر). (5) ص 70 - 71، وهو المعروف بـ "مقدمة ابن الصلاح". (6) الوسيط 3/ ق 186/ أ. (7) انظر: الحاوي 14/ 315، المهذب 2/ 322، الشامل 6/ ق 28 / أ، الروضة 7/ 501. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 146 ذكر أن التفاوت بين الغني والفقير - يعني المعتمد يكون في عدد الضِيفَان (1) - وقد قطع صاحب المهذب (2) بأنه لا ضيافة على الفقير أصلاً، وهذا أحسن الطريقين. والله أعلم. قوله: "ويقال: الإجازة يوم وليلة" (3). كان ينبغي أن يقول: وتروي (4) الإجازة (5) يوم (6) وليلة، فإنه ثابت في الصحيحين (7) من حديث [أبي شريح] (8) العدوي عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، (إن جائزة الضيف يوم وليلة، والضِّيافة ثلاثة أيام) والإجازة مصدر من أجازه يجيزه إذا أعطاه الجائزة (9). والله أعلم.   (1) الوسيط 3/ ق 186/ أ. (2) 2/ 322. (3) الوسيط 3/ ق 186/ أ. (4) في (ب) (ويروي) بالياء في أوله. (5) نهاية 2/ 125/ أ. (6) مطموس في (د). (7) البخاري مع الفتح 10/ 460 في كتاب الأدب، باب من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فلا يؤذ جاره، وباب إكرام الضيف و11/ 314 في كتاب الرقاق، باب حفظ اللسان، ومسلم مع النووي 12/ 30 - 32 في كتاب اللقطة، باب الضيافة ونحوها. (8) في النسخ (ابن شريح) وهو خطأ والتصحيح من مصادر الحديث والترجمة. وأبو شريح هو خويلد بن عمرو، وقيل: عمرو بن خويلد، وقيل: هانئ بن عمرو وقيل: عبد الرحمن والأول أشهر - ابن صخر بن عبد العزيز الكعبي الخزاعي العدوي أسلم قبل الفتح وكان معه لواء خزاعة يوم الفتح، مات بالمدينة سنة 68 هـ. انظر: الاستيعاب 4/ 101 - 103، تهذيب الأسماء واللغات 2/ 243، الإصابة 4/ 101 - 102. (9) انظر: الصحاح 3/ 871، القاموس ص 651. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 147 ثم (1) قال - رحمه الله -: "ثم هذا محسوب لهم من نفس الدينار إذ كان عمر لا يطالبهم بالجزية مع الضيافة" (2). وذكر شيخه (3) أيضاً نحو هذا، والصحيح أنها زائدة على الدينار (4)، ومن المصنفين من لم يذكر غيره (5)، وما ذكراه عن عمر غير صحيح، بل صح من رواية الشافعي وغيره عن مالك بإسناده عن عمر (أنه ضرب الجزية على أهل الذهب أربعة دنانير، وعلى أهل الورق أربعين درهماً، ومع ذلك ضيافة ثلاثة أيام) (6) والله أعلم. قوله: "لأن ذلك احتمل في الضيافة لعسر (7) الضبط" (8) معناه: أن عدم التخصيص بأهل الفيء احتمل في الضيافة لعسر ضبط الطارقين وليس ذلك (9) بدلها من الدنانير. والله أعلم.   (1) ساقط من (ب). (2) الوسيط 3/ ق 186/ أ. (3) انظر: نهاية المطلب 17/ ق 201/ أ. (4) وصححه أيضاً الرافعي والنووي. انظر: حلية العلماء 7/ 699، وفتح العزيز 11/ 523 والروضة 7/ 502، ومغني المحتاج 8/ 95. (5) كالشيرازي في المهذب 2/ 322 وابن الصباغ في الشامل 7/ 25/ ب. (6) أخرجه مالك في الموطأ 1/ 297، الشافعي في الأم 4/ 255، عبد الرزاق في المصنف 10/ 329، البيهقي في الكبرى 9/ 330. (7) تكرر في (ب). (8) الوسيط 3/ ق 186/أولفظه قبله "فهل يصرف البدل إلى جميع المصالح أم يختص بأهل الفيء، فيه وجهان: والظاهر أنه لأهل الفيء؛ لأن ... إلخ". (9) في (ب) (لذلك). الجزء: 4 ¦ الصفحة: 148 ما ذكره في تفسير الصغار (1) هو عند صاحب "التهذيب" (2) وغيره (3) خلاف الأصح، وهو أيضاً خلاف نص الشافعي (4) - رحمه الله - فإنه نص على أن الصغار هو جريان أحكام الإسلام عليهم. قوله: "ويضرب في لَهازِمه (5) " واحدها لِهْزِمَةٌ بكسر اللام والراء وللإنسان لِهْزِمَتَانِ فعبر عنهما بلفظ الجمع وذلك جائز، وورد (6) في الحديث (7) أنها الشِّدقُ (8)، وقيل: هما العظمان الناتئان في اللحيين تحت الأذنين (9). والله أعلم.   (1) حيث قال "قيل معناه: أن يطأطأ الذمي رأسه، يصُبُّ ما معه في كف المستوفي فيأخذ المستوفي بلحيته ويضرب في لَهازِمِه". الوسيط 3/ ق 186/ أ. (2) 7/ 423. (3) كابن الصباغ، انظر: الشامل 6/ 25/ أ. وانظر الروضة 7/ 504، المنهاج مع شرحه مغني المحتاج 4/ 250. (4) انظر: الأم 4/ 298، مختصر المزني 9/ 293. (5) في (ب) (لهازميه). (6) في (ب) (ورد) بواو واحدةٍ. (7) في (د): (الحديث في) والحديث هو قوله - صلى الله عليه وسلم -: (من أتاه الله مالاً فلم يؤدِّ زكاته مُثِّلَ له يوم القيامة شجاعاً أَقْرَعَ له زبيبتان يُطوِّقه يوم القيامة ثم يأخذ بلِهْزِمَتَيْه - يعني شدقيه - ثم يقول: أنا كنزك، أنا كنزك .. الحديث). رواه البخاري 3/ 315 مع الفتح في كتاب الزكاة، باب إثم مانع الزكاة و8/ 78 في كتاب التفسير، باب (ولا يحسبن الذين يبخلون بما آتاهم الله من فضله) الآية من حديث أبي هريرة - رضي الله عنه -. (8) انظر: النهاية في غريب الحديث 4/ 281. (9) انظر: المصدر السابق، الصحاح 5/ 2038، والمصباح المنير ص 559. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 149 قوله: في تضعيف الصدقة عليهم: "ولا بدّ أن يفي بقدر الجزية إذا وزع على رؤس البالغين" (1). هذا مفروض فيما إذا لم يكن لبعضهم مال زكوي، (وبذل من له مال زكوي) (2) زكاته عن جميع من وجبت عليه (3) الجزية منهم وبهذا (4) التصوير يستقيم. قوله: "والفقراء هل يدخلون في الحساب يخرج على القولين في الفقير" (5). يعني إن قلنا: تجب على الفقير الجزية أدخل في الحساب لكونها مبذولةً والحالة هذه عن كل من تجب عليه الجزية منهم، والفقير (6) على هذا القول منهم وإلا فلا (7). والله أعلم. قال: "وقد حكي عن الشافعي - رحمه الله - أنه يأخذ من عشرين شاة شاةً" (8). هذا منسوب إلى رواية البويطي (9)، وفيه قول آخر منسوب إلى رواية الربيع أنه لا شيء فيها (10) حكاه الفوراني (11) والقاضي حسين (12) فإذاً لا استفراق بينه وبين الوَقَص. والله أعلم.   (1) الوسيط 3/ ق 186/ ب. (2) ما بين القوسين ساقط من (د). (3) نهاية 2/ ق 125/ ب. (4) في (ب) (وهذا). (5) الوسيط 3/ ق 186/ ب. (6) في (ب) زيادة (منهم) ولعل الصواب حذفها. (7) انظر الروضة 7/ 505، مغني المحتاج 4/ 252. (8) الوسيط 3/ ق 186/ ب. (9) انظر: فتح العزيز 11/ 530، الروضة 7/ 506. (10) هذا هو الأظهر. انظر: المصدرين السابقين. (11) لم أقف على هذا النقل عند غير المصنف. (12) لم أقف عليه. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 150 قوله في العشر: "ولا على الحربي إذا دخل لسفارة" (1) يعني من غير تجارة. والله أعلم. قوله: "ولا مزيد على العشر (2)، وقيل للإمام أن يزيد" (3) وجه اليام (4) هذا مع ما سبق من أنه لا بدّ في أصل الضريبة من اشتراطهم مع أنهم لا إشكال في جواز اشتراطهم الزيادة، أن ذلك يفيد أنهم إذا رضوا باشتراط العشر من غير مزيد فليس للإمام الامتناع طالباً للمزيد، ونظير ذلك الدينار في الجزية. والله أعلم. قوله: "المِيَرةُ" (5) الطعام الذي يجلب عليه (6). والله أعلم. قوله: "يعطي جوازاً" (7) أي رقعة يجوز بها ولا يُعَوّق. والله أعلم. قوله: في الذب عن أهل الذمة "لو انفردوا ببلدةٍ غير متصلة ببلاد الإسلام ففي وجوب ذبّ أهل الحرب عنهم وجهان: أحدهما، لا إذ لم نلتزم إلا الكف" (8).   (1) الوسيط 3/ق 187/ أولفظه قبله " ... أما ما يؤخذ منه فهو كل حربي يتجر في بلادنا، ضرب عمر - رضي الله عنه - عليهم العشر، أما الذمي فلا شيء عليه إذا اتجر ولا على الحربي ... إلخ". (2) في (د): (المعسر). (3) الوسيط 3/ ق 187/ أ. (4) كذا في (د)، وفي (ب) (البيام) كذا ولعل الصواب (الإمام) والله أعلم. (5) الوسيط 3/ ق 187/ أولفظه " ... وأما النقصان فجائز إلى نصف العشر وذلك في الميرة، وكل ما يحتاج المسلمون إلى كثرة المكاسب فيه". (6) ساقط من (ب)، وانظر: الصحاح 2/ 821. ومختاره ص 563. (7) الوسيط 3/ ق 187/ أ. (8) الوسيط 3/ ق 187/ أ. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 151 كان ينبغي أن يقول ببلدة غير محفوفة (1) ببلاد الإسلام؛ لأنهم (2) فرضوها فيما إذا كانت متاخمة لديار (3) الإسلام فعدم (4) إيصالها ليس بقيد فيها. وقوله: "لم نلتزم إلا الكف" يعني به بأن مطلق عقد الذمة لا يقتضي ذبنا عنهم كما لا يقتضي ذبهم عنا إذا هجم علينا عدو، وأما الذب عنهم فيما إذا كانوا في ديار الإسلام فواقع ضمناً لما يلزمنا من حماية دار الإسلام عن العدو، وهذا الوجه، كان وجهناه فالصحيح خلافه، وأنه يلزمنا الذب مقصوداً عنهم سواء كانوا معنا في بلد أو منفردين عنا في بلد (5). والله أعلم. قوله: "وكذلك لو (6) ترفعوا إلينا هل يجب الحكم بينهم فيه خلاف يرجع حاصله إلى دفع أذى بعضهم عن بعضٍ" (7). معناه: أنه حصل من ذلك أن في اقتضاء مطلق عقد الذمة ذب بعضهم عن بعضَ خلافاً كما أن في اقتضائه ذب أهل الحرب عنهم خلافاً، وليس هذا على إطلاقه، فإنه لا (8) خلاف أنه يجب علينا دفع أذى بعضهم عن بعض فيما إذا رأينا ذمياً يغصب مال ذمي، فعلينا أن نذبه عنه كما نذب عنه المسلم في مثل   (1) في (د): (مخوفة). (2) في (ب): (لأن المسألة). (3) نهاية 2/ ق 126/ أ. (4) في (د): (تقدم) وهو تحريف. (5) وبه قطع الشيرازي وصححه أيضاً الرافعي والنووي. انظر: المهذب 2/ 327 وفتح العزيز 11/ 536، والروضة 7/ 509 وكفاية الأخيار ص 673 ومغني المحتاج 4/ 253. (6) في (د): (أو). (7) الوسيط 3/ ق 187/ ب. (8) ساقط من (د). الجزء: 4 ¦ الصفحة: 152 ذلك، فإن الذمي في قبضتنا كالمسلم فذلك من قبيل الواجب علينا من ذب أنفسنا عنهم بخلاف أهل الحرب. والله أعلم. ذكر في الكنيسة التي هي في بلدةٍ لم نملكها عليهم إنهم لا يمنعون من ضرب الناقوس (1) فيها، وقال: "لأنها كعُقْرِ دارهم" (2). عُقْر الدار: بعين مضمومة مهملة وبعدها قاف ساكنة، أصلها (3) المكان الذي ينزله أهلها منها (4) ومنهم (5) من فتح العين (6)، وصحف في بعض النسخ: قعر الدار، واسم الدار قد يطلق على المحلَّة (7). والله أعلم. "استرمت الكنيسة" (8) أي تشعثت فجاز لها أن تُرَمَّ أي تصلح (9). والله أعلم. ذكر أنه لا يمنع الذمي من ركوب الفرس الخسيس كالقتبيّات (10). هذه لفظة تستعملها المعجم وعنى بها التي تحمل عليها على الأُكُف جمع الإكاف (11) وكأنهم استعاروا قَتب الجمل في إكاف الفرس ونحوه. والله أعلم.   (1) الناقوس: خشبة طويلة يضربها النصارى إعلاماً لأوقات صلاتهم. انظر: المصباح المنير ص 621، القاموس ص 746. (2) الوسيط 3/ ق 187/ ب. (3) في النسختين زيادة (الواو) ولعل الصواب حذفها. (4) انظر: الصحاح 2/ 755، والمصباح المنير ص 421. (5) نهاية 2/ ق 126/ ب. (6) انظر: المصدرين السابقين. (7) انظر: المغرب 1/ 298. (8) انظر: الوسيط 3/ ق 187/ ب. (9) انظر: الصحاح 5/ 1936، القاموس ص 1440. (10) انظر: الوسيط 3/ ق 188/ أ. (11) وهو آلة تجعل على الحمار يركب عليها بمنزلة السرج. انظر: النظم المستعذب 2/ 326. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 153 "البغال الغُرَّ" (1) هي التي ها هنا النفيسة، وغُرَّة الشيء خياره (2). والله أعلم. في الغِيار (3) "لون الصفرة باليهود أليق" (4) وهو العّسّلِي الذي ذكره غيره (5). "ولون الكهْبَةِ بالنصارى" (6) وفي بعض النسخ "الدُكْنَة" وهما بضم الكاف (7)، وكل واحد منهما قد ذكره بعض الأصحاب (8)، فالأَكْهَب لون غير خالص مائل إلى الحمرة (9)، وسماه بعضهم ها هنا أيضاً بالعَسَلِي، والأدكن: لون غير خالص مائل إلى (10) السواد (11)، ولم يذكر الزُّنَّار (12)، وهو أخص بالنصارى من الغيار.   (1) ولفظه في الوسيط 3/ ق 188/ أ "ويمنع من البغال الغرة". (2) انظر: تهذيب الأسماء واللغات 3/ 2/ 58، والقاموس ص 578. (3) الغِيار: بالكسر علامة أهل الذمة كالزُّنَّار ونحوه. انظر: النظم المستعذب 2/ 325، والقاموس ص 583. (4) الوسيط 3/ ق 188/ أ. (5) كالماوردي وابن الصباغ والرافعي. انظر: الحاوي 14/ 326، الشامل 6/ ق 29/ ب، فتح العزيز 11/ 543، الروضة 7/ 513. (6) الوسيط 3/ ق 188/ أ. (7) كذا في النسختين، وهو سهو أو سبق قلم؛ لأن (الدكنة) ليست بضم الكاف بل بسكونها. انظر: الصحاح 1/ 215. (8) انظر: الحاوي 14/ 326، والشامل 6/ ق 29/ ب، والروضة 7/ 513، ومغني المحتاج 4/ 257. (9) انظر: الصحاح 1/ 215، والقاموس ص170، ويقال له الرَّمادي. (10) إلى هنا ينتهي السقط في (أ). (11) انظر الصحاح 5/ 2113، القاموس ص 1544. (12) الزُّنَّار: هو خيط غليظ يشدونه على أوساطهم فوق الثياب. انظر: الحاوي 4/ 326 والمهذب 2/ 325، والروضة 7/ 513، والقاموس ص 514. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 154 "سَرَارَة الجادة" (1) بسين مهملة مفتوحة، ورائين هي أفضلها (2). والله أعلم. سَمَّى المصنف ما يتميزون به في الحمام غياراً وهو جُلْجُل (3) أو خاتم من حديد ونحوه (4) ولا يسمى ذلك غياراً. والله أعلم. ذكر في وجوب الغيار والمنع من ركوب الخيل وجهين (5)، وقد (6) قطع شيخه (7) وغيره (8) بوجوب الغيار، وذلك هو الصحيح. والله أعلم. ذكر أن أهل الذمة إذا ارتكبوا محرماً يعتقدون تحريمه، ولا تعلق له بمسلم (9)، وترافعوا إلينا، وجب عليهم الانقياد لحكمنا (10) فيه (11)، فاشترط (12)   (1) الوسيط 3/ ق 188/ أولفظه "ويضطرون إلى أضيق الطرق، ويمنعون من سرارة الجادة إذا كانت مشغولةً بالمسلمين". (2) يعني أفضل الأرض. انظر: الصحاح 2/ 681، القاموس ص 520. (3) في (د): (خلخال). (4) انظر: الحاوي 14/ 327، المهذب 2/ 325، الروضة 7/ 514. (5) انظر: الوسيط 3/ ق 188/ أ. (6) ساقط من (د) و (ب). (7) انظر: نهاية المطلب 17/ ق 215/ أ. (8) كالماوردي والشيرازي وابن الصباغ والرافعي وغيرهم. انظر: الحاوي 9/ 326، المهذب 2/ 325، الشامل 6/ ق 29/ ب وما بعدها، فتح العزيز 11/ 543، الروضة 7/ 513، كفاية الأخيار ص 675، مغني المحتاج 4/ 257. (9) انظر: الوسيط 3/ ق 188/ أ. (10) نهاية 2/ ق 127/ أ. (11) مطموس في (د). (12) في (أ) (فلنشترط). الجزء: 4 ¦ الصفحة: 155 في ذلك ترافعهم إلينا، ورضاهم، وكذلك ذكره في باب حدّ الزنا (1)، وشيخه (2) حكى عن العرقيين إنا نحكم عليهم في ذلك بحكمنا، وإن لم يترافعوا إلينا، فإذا ثبت عند الحاكم (3) زنى الذمي أقام عليه الحد، وإن لم يرض بحكمنا، ولم يرتفع إلينا فيه. قال: وهذا الذي ذكروه حسن، ولم أر في طريق المراوزة ما يخالف هذا. ثم ذكر هو من عند نفسه أنه ينبغي أن يخرج ذلك على القولين في وجوب الحكم بينهم إذا ترافعوا إلينا، ثم لم يفصح عن ذلك. وقد ذكر صاحب "التهذيب" (4) أنه يقام عليه الحدّ جبراً إذا قلنا: يجب الحكم بينهم، وإن قلنا: لا يجب الحكم، فلا يقيم عليه الحدّ إلا برضاه (5). والله أعلم. قوله: في إظهارهم الخمر، والناقوس، وما يضاهيه "لو شرط الإمام انتقاض العهد بذلك، قال الأصحاب يحمل ذلك على التخويف ولا ينتقض" (6). هذا نقله شيخه (7) عنهم (8)، واختار هو أن ذلك تأقيت للذمة بفعل، وإن ذلك يصح في قول (9)، ثم إذا وجد (10) ذلك حكمنا بالانتقاض ويفسد من   (1) يعني من الوسيط. (2) انظر: نهاية المطلب 17/ ق 206/ ب. (3) في (أ) (الحكام). (4) 7/ 528. (5) انظر: الحاوي 14/ 385 - 386، المهذب 2/ 328، الشامل 6/ ق 28. (6) الوسيط 3/ ق 188/ أ. (7) انظر: نهاية المطلب 17/ ق 210/ أ. (8) في (أ) (عنه). (9) انظر: فتح العزيز 11/ 545 والروضة 7/ 515 ومغني المحتاج 4/ 258. (10) في (أ): (وجدنا). الجزء: 4 ¦ الصفحة: 156 أصله في قول، ويحتمل أن يفسد الشرط، وتتأبد الذمة (1)، ولم يكن ينبغي للمؤلف أن يترك نقل هذا، فنقلناه. والله أعلم. قوله: في الرتبة الثالثة "وفيه على المسلمين ضرر" (2) يعني به ضرراً عظيماً، وهذا الضرر هو المذكور انتفاؤه في القسم الأول، وإلا فأصل الضرر موجود فيه. والله أعلم. قوله: "والتطلع على عورات المسلمين". فيه (3) قصور عبارة، ولا بد مع التطلع من (4) أن يطلع العدو على ذلك، وعورات المسلمين ما يضربهم ظهور العدو عليه من ضعف وغيره. وقوله: "وافتتان المسلم عن دينه" على وزن افتعال يقال: إفتتنه، وافتتن (5) هو متعد ولازم، ويجوز فيه إفتان المسلم بتاء واحدةٍ على وزن إفعال كإخراج ونحوه (6)، وإن كان الأصمعي قد أنكره (7). والله أعلم. قوله: "وفي بعض الخبر (8) "من سبّ نبياً فاقتلوه، ومن سب أصحابه (9)   (1) انظر: فتح العزيز 11/ 545، الروضة 7/ 515، مغني المحتاج 4/ 258. (2) الوسيط 3/ ق 188/ ب. وتمامه "كالزنا بالمسلمة والتطلع على عورات المسلمين وافتتان المسلم عن دينه". (3) نهاية 2/ ق 127/ ب. (4) ساقط من (ب). (5) في (ب) زيادة (و). (6) انظر: الصحاح 6/ 2176، واللسان 13/ 317 - 318. (7) انظر: المصدرين السابقين. (8) في (أ) و (ب) (قوله: في الخبر ... ). (9) في (أ) (صحابته). الجزء: 4 ¦ الصفحة: 157 فاجلدوه" (1) هذا حديث لا يعرف (2). ذكر أن اختيار القفال، موافق لاختيار الأستاذ أبي إسحاق الإسفرايني (3). وذكر شيخه (4) أن القفال وافق الشيخ أبا بكر الفارسي (5)، في قوله المذكور (6). والله أعلم.   (1) الوسيط 3/ ق 188/ ب. (2) وأخرجه الطبراني في الأوسط: 5/ 305، والصغير 1/ 236 من طريق عبيد الله بن محمَّد العمري القاضي ثنا إسماعيل بن أبي أويس ثنا موسى بن جعفر بن محمَّد عن أبيه عن جده علي بن الحسن عن الحسن بن علي عن علي - رضي الله عنه - قال قال: رسول الله - صلى الله عليه وسلم - (من سبّ الأنبياء قُتِلَ ومن سبّ أصحابي جُلِدَ). وأورده الهيثمي في المجمع 6/ 260 وقال: رواه الطبراني في الصغير والأوسط عن شيخه عبيد الله بن محمَّد العمري رماه النسائي بالكذب" والسيوطي في الجامع الصغير 2/ 529 ورمز له بالضعف، وقال المناوي في فيض القدير 6/ 147 وفيه عبيد الله بن محمَّد العمري شيخ الطبراني قال: في الميزان" رماه النسائي بالكذب وقال في "اللسان" ومن مناكيره هذا الخبر. وقال الألباني في ضعيف الجامع الصغير ص 809، برقم (5616) موضوع وكذا قال: في "الضعيفة" 1/ 372 برقم (206) والله أعلم. (3) قال في الوسيط 3/ ق 188/ ب " ... ولو نسبه (يعني رسول - صلى الله عليه وسلم -) إلى الزنا فهذا القذف كفر بالاتفاق، فلو تاب ففيه ثلاثة أوجه: أحدها: وهو اختيار الفارسي أنه يقتل، إذ حد قذف الرسول - صلى الله عليه وسلم - قتل، فلا يسقط الحد بالتوبة وفي الخبر "من سبّ ... والثاني: وهو اختيار القفال والأستاذ أبي إسحاق أنه لا شيء عليه, لأن القذف صار مغموراً في الكفر فيسقط أثره بالإسلام ... إلخ". (4) انظر: نهاية المطلب 17/ ق 211/ ب. (5) هو أحمد بن الحسين بن سهل أبو بكر الفارسي الشافعي ذو المصنفات الباهرة تفقه على ابن سريح ومن مصنفاته عيون المسائل في نصوص الشافعي، وكتاب الانتقاد على المزني مات في حدود سنة 350 هـ، انظر: تهذيب الأسماء واللغات 2/ 195، طبقات العبادي ص 45، طبقات ابن قاضي شهبة 1/ 123، طبقات ابن هداية الله ص 206. (6) انظره في فتح العزيز 11/ والروضة 7/ 518. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 158 قوله: فيمن قذف رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حاشاه - صلى الله عليه وسلم -، ثم تاب "إن قلنا: ثبت حد القذف، فلو عفي واحد من بني أعمامه، ينبغي أن يسقط، أو نقول (1) هم لا ينحصرون فهو كقذف ميتٍ لا وارث له" (2). هذان احتمالان (3) تردد (4) بينهما، ففي الأول علق السقوط بعفو بعض الورثة ومفهوم ذلك أنه إذا لم يعف أحد منهم لم يسقط، وفي الاحتمال الثاني إثبات السقوط على قول من الأصل غير متوقف على عفو أحد. قوله: "واحد من بني أعمامه" ينبغي أن يحمل على العباسيين، والعلويين خاصةً؛ لأنهم هم الذين ينتهي إليهم الإرث ممن ثبت الإرث (5) لمثله عند موته - صلى الله عليه وسلم -. ثم إن أصل هذا التوارث (6) معترض لما عرف من أنه - صلى الله عليه وسلم -، لم يورث غير العلم، وثبت (7) في الصحيحين (8) (9) من حديث عمر وغيره - رضي الله عنهم -   (1) في (أ) (يقول) بالياء. (2) الوسيط 3/ ق 188/ ب و189/ أ. (3) في (أ) (احتمالات) بالتاء. (4) في (أ) (يتردد). (5) ساقط من (أ). (6) في (أ) و (ب) (التوريث). (7) في (أ) (يثبت). (8) البخاري 6/ 227 - 228 في كتاب فرض الخمس، باب فرض الخُمُس و7/ 97 في كتاب فضائل الصحابة باب مناقب قرابة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - و7/ 390 في كتاب المغازي باب حديث بني النضير و12/ 7 - 8 في كتاب الفرائض، باب قول النبي - صلى الله عليه وسلم - (لا نورث ما تركناه صدقة) ومسلم 12/ 70 - 82 مع النووي في كتاب الجهاد، باب حكم الفيء من حديث عمر وأبي بكر وعائشة وأبي هريرة - رضي الله عنهم -. (9) نهاية 2/ ق 128/ أ. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 159 أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال (1): (إنا لا نورث ما تركنا (2) صدقةٌ، إن الأنبياء لا تورث) والله أعلم. قوله: في التعليل الثاني لإسقاط قصاص من لا وارث له "وإن جاز له العفو فهو بعيد" (3) يوجه بما ذكره شيخه (4) في كتاب اللقيط من (5) أن الولي لا يملك العفو عن القصاص، لا على مالٍ، ولا على غير مالٍ، إلا أن هذا ضعيف فإن هذا القصاص ليس على قياس غيره، فإنه جاز استيفاؤه للولي فيه وهو الإمام بخلاف ولي الصبي وأشباهه. والسبب فيه أن المولى عليه هناك يرجى له أن يصير أهلاً لأن يستوفيه بنفسه بخلاف ما ها هنا، ولقد أوضحت من هذا الفصل ما هو مشكل جداً في كلامه، وكلام شيخه، (والله المحمود وهو أعلم) (6) قوله: في المهادنة "فيما فوق أربعة أشهر، ودون السنة قولان: أحدهما: الجواز، وهذا يستمد من قولنا: ان طلب قسط من الجزية في بعض السنة لا يجوز" (7).   (1) ساقط من (أ). (2) في (أ) (تركناه). (3) الوسيط 3/ ق 189/ أ. (4) انظر: نهاية المطلب 14/ ق 87/ أ. (5) ساقط من (أ). (6) ما بين القوسين ساقط من (أ). (7) الوسيط 3/ ق 189/ أ. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 160 كلامه هذا يشعر بأن هذا القول مبني على قول من قال: يجوز - مع استمرار (1) حياة الذمي - طلب (2) قسط قبل انتهاء السنة (3) وذلك وجه لبعض الأصحاب ضعيف لا يستقيم بناء (4) قول قاله الشافعي عليه. والصواب ما حكاه شيخه (5) من أن قول الشافعي (ها هنا بالجواز مبني على قول الشافعي) (6) فيما إذا مات الذمي، أو أسلم في أثناء السنة أنه لا يجب قسط من الجزية (7) و (8) قوله بعدم الجواز ها هنا ينبنى على قوله هناك بوجوب قسط (9)، والله أعلم. ما حكاه عن الفوراني (10) في إطلاق المهادنة، من أنه على قول ينزل على الأكثر، وهو ما يقارب سنة (11)، غلط على الفوراني، فإن الأكثر عنده سنة و (ذلك مما غلطه (12) فيه إمام الحرمين (13)، والقول بأن الأكثر مما (14) يقارب   (1) في (ب) (استمراره). (2) في (أ) (بطلب). (3) انظر: فتح العزيز 11/ 557، الروضة 7/ 501. (4) في (أ) ورد كلمة (عليه) هنا وموضعه بعد قوله (الشافعي) كما في (د) و (ب). (5) انظر: نهاية المطلب 17/ ق 223/ أ. (6) ما بين القوسين ساقط من (د). (7) انظر: المهذب 2/ 2322، الشامل 6/ ق 28/ أ، الروضة 7/ 501. (8) ساقط من (ب). (9) انظر: الحاوي 14/ 313، والمصادر السابقة قبل هامش. (10) نهاية 2/ ق 128/ ب. (11) انظر: الوسيط 3/ ق 189/أ. (12) في (د): (غلط). (13) انظر: نهاية المطلب 17/ ص 224. (14) في (أ) (ما). الجزء: 4 ¦ الصفحة: 161 سنة) (1) إنما هو قول سائر الأصحاب (2)، والله أعلم. قوله: "نعم لا يبتدئ عقد الجزية مع التهمة" (3). أي لا تعقد ابتداءً مع الخوف من خيانتهم وغايلتهم (4) كما سبق في أول باب الجزية (5)، وفي بعض النسخ "نعم لا ينبذ" (6) من النبذ، وهو تصحيف. قال: "والمعتاد في الشرط، أن يقول: صالحناكم على أن من جاء كم من المسلمين رددتموه، ومن جاءنا منكم رددناه" (7). لا اعتياد فيما ذكره، ولا هو المشروط في صلح الحديبية. والله أعلم. ما رواه من حديث مهادنة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بالحديبية (8) وقع فيه أغلاط ظاهرة لا يخفى على من له عناية بالحديث والسير (9)، وشاركه شيخه (10) في بعضها،   (1) ما بين القوسين ساقط من (ب). (2) انظر: فتح العزيز 11/ 557، الروضة 7/ 521. (3) الوسيط 3/ ق 189/ ب ولفظه قبله " ... ولو استشعر الإمام خيانة فله أن ينبذ إليهم عهدهم بالتهمة، وذلك لا يجوز في الجزية نعم لا ... إلخ". (4) أي من فسادهم وشرهم، انظر: المصباح المنير ص 457. (5) من الوسيط 3/ ق 185/ أ. (6) في (أ) (لا نبذ). (7) الوسيط 3/ ق 189/ ب. (8) انظر: الوسيط 3/ ق 189/ ب. (9) في (أ) (وقع أغلاط ظاهرة كالخفا على من ليس له عناية الحديث والسير)؟. (10) انظر: نهاية المطلب 17/ ق 225/ أ - 226/ ب. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 162 فمنها: ذكره، عيينة بن حصن (1) مع سهيل (2)، وذلك غلط فاحش. ومنها: ما ذكره أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال لهم: في عقد المهادنة (من جاءكم منا فسحقاً سحقاً) وإنما قال نحو (3) هذا بعد عقد الهدنة جواباً لبعض الصحابة (4)، روى مسلم في صحيحه من حديث البراء بن عازب عن النبي - صلى الله عليه وسلم -، أنه شرط أنه (5) من أتانا منكم (6) رددناه عليكم، ومن أتاكم منا (7) تركناه عليكم، فقالوا: يا رسول الله نعطيهم هذا، قال: من أتاهم منا فأبعده الله، ومن أتانا منهم فرددناه عليهم (8) جعل الله عَزَّ وَجَلَّ له   (1) هو عيينة بن حصن بن حذيفة بن بدر بن عمرو أبو مالك الفزاري أسلم قبل الفتح، وقيل: بعده وشهد حنيناً والطائف وكان من المولفة ثم ارتد في عهد أبي بكر وتبع طليحة الأسدي ثم عاد إلى الإسلام وعاش إلى خلافة عثمان. انظر: الاستيعاب 3/ 167 - 168، تهذيب الأسماء واللغات 2/ 48 - 49، الإصابة 3/ 54 - 55. (2) هو سهيل بن عمرو بن عبد شمس أبو يزيد القرشي العامري أحد سادات قريش وأشرافهم وخطيبهم أسره المسلمون يوم بدر وعلى يديه انبرم الصلح يوم الحديبية ثم أسلم يوم الفتح وكان كثير الصلاة والصوم والصدقة مات بالشام سنة 18 هـ. وقيل: باليرموك. - رضي الله عنه -. انظر: الاستيعاب 2/ 108 - 112، تهذيب الأسماء واللغات 1/ 239 - 240، الإصابة 2/ 93 - 94. (3) ساقط من (أ). (4) في (أ) و (ب) (أصحابه). (5) ساقط من (أ). (6) تكرر في (ب). (7) في (أ) (ومن آتانا منكم) بدل (من أتاكم منا). (8) نهاية 2/ 129/ أ. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 163 فرَجاً ومَخْرَجاً) (1). و (2) قوله: "ثم جاء أبو بصير مسلماً". هذا لم يكن في ذلك المقام، بل كان (3) بعد رجوعه - صلى الله عليه وسلم - من الحديبية إلى المدينة (4). وأبو بصير، هو بباء موحدة مفتوحة، ثم بصاد مهملة، بعدها ياء واسمه عتبة بن أسيد (5) بهمزة مفتوحة في اسم أبيه. وأبو جندل اسمه العاصي (6) وغلط جماعة ممن ألف (في الصحابة) (7)   (1) قلت: لفظ وسياق حديث البراء بن عازب في صحيح مسلم بغير هذا السياق إذ لفظ روايته ( ... وكان فيما اشترطوا أن يدخلوا مكة فيقيموا بها ثلاثاً، ولا يدخلها بسلاح إلا جُلُبَّان، قلت: لأبي إسحاق وما جلبان؟ قال: القِراب وما فيه) والمذكور من السياق هو من حديث أنس - رضي الله عنه - أخرجه مسلم عقب حديث البراء بن عازب انظر: صحيح مسلم 12/ 139 مع النووي كتاب الجهاد والسير، باب صلح الحديبية. والله أعلم. (2) ساقط من (أ). (3) ساقط من (د): و (ب). (4) انظر: صحيح البخاري مع الفتح 5/ 391 وسيرة ابن هشام 2/ 323 وزاد المعاد 3/ 296. (5) عتبة بن أسيد بن جارية بن أسد بن عبد الله الثقفي حليف بني زهرة الصحابي، مات في حياة النبي - صلى الله عليه وسلم - بعد صلح الحديبية وفتح مكة وقصته يأتي عند المصنف بعد قليل. انظر: الاستيعاب 4/ 612، تهذيب الأسماء واللغات 2/ 180، الإصابة 2/ 452. (6) في (د): (القاضي) وهو تصحيف، والعاصي هو ابن سهيل بن عمرو بن عبد شمس القرشي العامري كان من السابقين إلى الإسلام وممن عذب بسبب إسلامه وهرب يوم الحديبية إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ورد إليهم بسبب العهد ثم هرب والتحق بأبي بصير، وخرج إلى الشام مجاهداً حتى مات بها في خلافة عمر - رضي الله عنهم -. انظر: الاستيعاب 4/ 33 - 35، تهذيب الأسماء واللغات 2/ 205، الإصابة 4/ 34. (7) ما بين القوسين ساقط من (د):، وفي (ب) (في أصحابه). الجزء: 4 ¦ الصفحة: 164 - رضي الله عنهم - فقالوا: اسمه عبد الله، وإنما عبد الله أخوه (1) ذكر (2) ذلك أبو عمر (3) بن عبد البر الحافظ (4). والله أعلم. قوله: "وجاء في طلبه رجلان، فرده عليهما، وقال - صلى الله عليه وسلم -: مِسْعَرُ حَرْبٍ، لو وجد أعواناً كالتعريض له بالامتناع" (5) هذا غلط، فإنه - صلى الله عليه وسلم - لم يقل ذلك عند رده عليهما، والذي رواه البخاري في صحيحه، وغير البخاري (6)، أن النبي - صلى الله عليه وسلم - دفعه إلى الرجلين فخرجا به حتى بلغا به (7) ذا الحليفة (8)، فقتل أحدَ الرجلين، وفر الآخر، حتى أتى (9) المدينة، فدخل   (1) ابن سهيل بن عمرو أبو سهيل القرشي العامري هاجر إلى الحبشة الهجرة الثانية ثم رجع إلى مكة فأخذه أبوه وأوثقه عنده وفتنه في دينه خرج مع أبيه يوم بدر ففر إلى المسلمين وشهد معهم بدراً وما بعدها من المشاهد كلها، وكان أحد الشهود في صلح الحديبية وهو أسن من أخيه أبي جندل واستشهد يوم اليمامة سنة 12 هـ. انظر: الاستيعاب: 2/ 378 - 379، والإصابة 2/ 332 - 333. (2) ساقط من (أ). (3) في (د): (أبو عمرو). (4) انظر: الاستيعاب 4/ 34. (5) الوسيط 3/ 189/ ب. (6) البخاري 5/ 391 - 392 مع الفتح في كتاب الشروط، باب الشروط في الجهاد، والمصالحة مع أهل الحرب وكتابة الشروط، وأبو داود 3/ 209 في كتاب الجهاد، باب في صلح العدو، وأحمد 4/ 331، والبيهقي في الكبرى 9/ 380 من حديث المسور بن مخرمة ومروان. (7) ساقط من (أ). (8) وفي (ب) (بلغا الحليفة) (9) في (أ) (دخل). الجزء: 4 ¦ الصفحة: 165 المسجد يَعْدو (1)، فقال: رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حين رآه: لقد رآى هذا ذُعراً - أي خوفاً - فلما انتهى إلى النبي - صلى الله عليه وسلم -، قال: قُتِلَ والله صاحبي، وإني لمقتول، فجاء أبو بصير فقال: يا نبيّ الله قد أَوْفي الله ذِمَّتك، قد رددتني إليهم ثم أنجاني الله منهم، فقال: النبي - صلى الله عليه وسلم - وَيْلُ امَّه (2) مِسْعَرَ حربٍ، ولو كان له أحدُ، فلما سمع ذلك عرف أنه سَيَرُدُّه إليهم فخرج حتى أتى (3) سِيف البحر ... " وذكر القصة، وهي طويلة مليحة. وسِيف (4) البحر: بسين مهملة مكسورة بعدها ياء مثناة من تحت ساكنة، ثم فاء ساحل البحر (5). وقوله: "مِسْعَر حرب" بكسر الميم، وإسكان السين، والمِسْعَر عود (6) يحرك به النار (7)، وفيما ذكرناه ما يدل على أن قول صاحب (8) الكتاب "لأن (9) أبا   (1) في (أ) (يعدوا). (2) قوله (ويل أمَّه) بضم اللام والهمزة وكسر الميم المشددة، وهي كلمة ذم تقولها العرب في المدح ولا يقصدون معنى ما فيها من الذم, لأن الويل الهلاك فهو كقولهم "لأمه الويل". انظر: فتح الباري 5/ 412. (3) ساقط من (ب). (4) نهاية 2/ ق 129/ ب. (5) انظر: الصحاح 4/ 1379، المصباح المنير ص 299. (6) ساقط من (د). (7) انظر: الصحاح 2/ 684، النهاية في غريب الحديث 2/ 367. (8) ساقط من (أ). (9) في (أ) (أن). الجزء: 4 ¦ الصفحة: 166 بصير رد أحد الرجلين وقتل الآخر" (1) ليس بالمرضى لفظه. قوله: "ولكن ترك الإنكار من رسول الله - صلى الله عليه وسلم -" (2) راجع إلى فعل أبي بصير، لا إلى قول عمر (3) - رضي الله عنه - لأبي جندل، فإنه كان سراً بينه وبينه. والله أعلم. ذكر الخلاف في أن المسلمات، هل أردن بقوله - صلى الله عليه وسلم -، (من جاءنا منكم رددناه) (4) ثم نسخ ذلك بالآية (5)، أو لم يردن بذلك، والآية (6) لم تكن ناسخة، بل مخصصة للعموم، (ثم على القول، اختلفوا في أنه - صلى الله عليه وسلم - عرف الخصوص (7)، فأوهم العموم (8)) (9) أو ظنه عاماً غير مخصوص حتى بُيَّنَ له الخصوص (10).   (1) الوسيط 3/ ق 189/ ب. ولفظ " ... وعلى هذا يحمل تعريض عمر - رضي الله عنه - على تصلّب، ولكن ترك الإنكار من النبي - صلى الله عليه وسلم - لا يبقى له وجه، إلا أن يقال: إن الرجوع غير واجب، فيجوز القتل في دفع من يكلفه الرجوع". (2) انظر: الوسيط 3/ ق 189/ ب. (3) وهو أنه قال له: "اصبر يا أبا جندل فإنما هم المشركون، وإنما دَم أحدهم كدم كلب، ويدني قائم السَّيف منه ويقول: رجوت أن يأخذ السيف فيضرب به أباه" انظر: سيرة ابن هشام 2/ 318. (4) في (ب) زيادة (ومن). (5) يعني قوله تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا جَاءَكُمُ الْمُؤْمِنَاتُ مُهَاجِرَاتٍ فَامْتَحِنُوهُنَّ اللَّهُ أَعْلَمُ بِإِيمَانِهِنَّ فَإِنْ عَلِمْتُمُوهُنَّ مُؤْمِنَاتٍ فَلَا تَرْجِعُوهُنَّ إِلَى الْكُفَّارِ} سورة الممتحنة الآية 10. (6) في (أ) (ولا يعلم). (7) في (أ) (المخصوص). (8) في (أ) (الخصوص)! (9) ما بين القوسين ساقط من (ب). (10) انظر: الوسيط 3/ ق 189/ أ. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 167 هذا معنى ما ذكره، وقد حكاه شيخه (1) ثم اعترض عليه أن صاحب اللفظ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فكيف ينتظم أن يقال: لم يعرف رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، معنى لفظ (2) نفسه حتى نزلت الآية، ثم اعتذر لذلك بأنه - صلى الله عليه وسلم - أمر بأن يقول القول المذكور، ولم (3) يستقل بإنشائه، ولم يعرف معناه. قال الشارح - رحمه الله -: وهذا بعيد جداً، وفيه إثبات زيادة لا دليل عليها، والصواب في ذلك، أن نقول (4): إنه - صلى الله عليه وسلم - استقل بإنشاء القول المذكور، وعرف معناه، وأراد (5) بالخصوص (6) إخراج (7) النساء من ذلك، هذا مقطوع به عند أصحاب هذا القول، واختلافهم وراء (8) ذلك متجه (9) في أن النبي - صلى الله عليه وسلم - هل عرف التخصيص من حيث الحكم كما عرفه من حيث الإرادة؟ فلقائل أن يقول (10): عرف أنهنَّ غير داخلات في الشرط حكماً لكونه لم يردهنَّ في نفس الأمر، وأوهم (11) الكفار   (1) انظر: نهاية المطلب 17/ ق 226/ ب وما بعدها. (2) في (د): (لفظه). (3) في (ب): (فلم). (4) في (أ) (يقول). (5) في (أ) (فأراد). (6) نهاية 2/ ق 130/ أ. (7) في (ب) (الخصوص وإخراج). (8) في (ب) زيادة (في). (9) في (أ) (يتجه). (10) في (ب) (فقائل يقول). (11) في (أ) (فأوهم). الجزء: 4 ¦ الصفحة: 168 دخولهنَّ من حيث الحكم أيضاً، وأن شرط الرد ثبت فيهنَّ لما رآه من المصلحة في مخادعتهم كما في مخادعتهم في الحرب. ولقائل أن يقول: بل لم (1) يعرف أنهنَّ غير داخلات في الشرط وظن عموم الحكم لهن، وثبوت الشرط فيهنَّ حكماً، وإن لم يردهنَّ، أو كان ذلك محتملاً عنده إن لم يظنه، وذلك لكون الكفار أرادوهنّ نظراً منهم إلى ظاهر اللفظ العام و (2) في ثبوت ذلك لهم حكماً (3) صيانة له - صلى الله عليه وسلم - عن نسبتهم إيَّاه إلى الخُلْفِ، ثم بُيَّنَ له بالآية، ما هو الحكم في ذلك. هذا الذي ذكرته متجه ولفظ ما حكى عنهم في ذلك يقبله ولا تباعده (4) مباعدة. ما تكلفه الإمام أبو المعالي لهم. والله أعلم. ما ذكره، من إطلاق المهادنة في ذلك (5)، صورته: أن يعقد المهادنة، ولا يتعرض لرد من (6) يأتينا منهم بنفي ولا إثبات، وقد رجح صاحب الكتاب عدم الغرم في ذلك، وليس الأمر بالراجح، بل الأرجح إثبات الغرم (7) لأن مقتضى   (1) ساقط من (د). (2) ساقط من (أ). (3) في (د) (حكم). (4) في (أ) (يباعده). (5) انظر: الوسيط 3/ ق190/ أ. (6) في (د): و (ب) (ما). (7) قلت: والذي في الروضة وأصلها وغيرهما أن الراجح هو ما رجحه الغزالي وهو عدم الغرم قال في الروضة: " ... كان أطلق فهل يغرم الإمام مهر من جاءت مسلمة؟ قولان: أظهرهما لا" وعبارة فتح العزيز "أصحهما" والله أعلم. انظر الشامل 6/ ق 35/ أ، فتح العزيز 11/ 566، الروضة 7/ 524، تكملة المجموع 21/ 397. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 169 عقد الأمان عدم التعرض للمال، والأهل، وذكر شيخه (1) أن هذا قول جماهير الأصحاب، وقول صاحب التقريب، وأئمة العراق، وكل من ينتسب (2) إلى التحقيق. والله أعلم. قوله: "فيما إذا أسلمت قبل (3) قبض (4) الصداق، وبعد المسيس، ثم أسلم الزوج بعد العدة، لها مطالبته بالمهر؛ لأجل المسيس، إذ الظاهر صحة أنكحتهم" (5). هذا التعليل زيادة زادها، لا وجه لها، فإن ثبوت أصل المهر غير متوقف على صحة أنكحتهم. والله أعلم. قوله: في الأمة المزوجة "إذا جاءت مسلمة، وجاءنا في طلبها السيّد وحده، (أو الزوج وحده) (6) فثلاثة أوجه: أحدها: أنه لا يجب شيء، إذ ليس لأحدهما حق الانفراد" (7) معناه (8): ليس لأحدهما حق الرد وحده، بحكم شرط المهادنة، بل أثبتته المهادنة مشتركاً بينهما (9). والله أعلم.   (1) نهاية المطلب 17/ ق 227/ أ. (2) في (أ) و (ب) (ينسب). (3) نهاية 2/ ق 130/ ب. (4) ساقط من (د). (5) الوسيط 3/ ق 190/ أ. (6) ما بين القوسين ساقط من (ب). (7) الوسيط 3/ ق 190/ أ. (8) ساقط من (ب) (9) ساقط من (أ) وفي (د): (بينهم) والمثبث من (ب) وهو الصواب بدليل السياق. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 170 قوله: "فليشترط أن من رُدّ مسلماً لا يستهان به" (1) رُدَّ بالضم على ما لم بسم فاعله. والله أعلم. ذكر (2) قول الله تعالى: {وَإِنْ فَاتَكُمْ شَيْءٌ مِنْ أَزْوَاجِكُمْ إِلَى الْكُفَّارِ فَعَاقَبْتُمْ فَآتُوا الَّذِينَ ذَهَبَتْ أَزْوَاجُهُمْ مِثْلَ مَا أَنْفَقُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ} (3) فمعنى قوله "فعاقبتم" فكانت لكم العقبى فغنمتم منهم (4)، فأعطوا المسلم الذي ارتدت زوجته، (وذهبت إليهم) (5) مما غنمتم ما أعطاها من المهر، وهذا هو الأرجح من أقوال المفسرين (6)، وعلى هذا يكون ذلك (7) عندنا من خمس الخمس، سهم المصالح. وقيل: معنى "فعاقبتم" فقاصصتم (8)، أي إذا وجب عليكم مهر مسلمة جاءت منهم لزوجها الكافر، و (9) وجب عليهم مهر مرتدة ذهبت منا إليهم   (1) الوسيط 3/ ق 190/ ب. (2) انظر الوسيط 3/ ق 190/ ب. (3) سورة الممتحنة الآية 11. (4) في (د): (مثلهم). (5) ما بين القوسين ساقط من (ب). (6) وهو قول ابن عباس، ومجاهد في رواية، ومسروق، وإبراهيم وقتادة والضحاك وغيرهم وهو اختيار ابن جرير وابن كثير. انظر: تفسير ابن جرير 12/ 71 - 72، تفسير ابن كثير 4/ 451 - 452، فتح القدير 5/ 216. (7) ساقط من (أ) و (ب). (8) في (أ) (فقاصصتهم). (9) ساقطة من (د). الجزء: 4 ¦ الصفحة: 171 لزوجها المسلم فأعطوا من سهم المصالح زوج المرتدة المسلم ما عليكم لزوج المسلمة الكافر على سبيل المقاصة (1). قال الشارح - رحمه الله - (2): هذا ليس بالظاهر من أقوال المفسرين، ولا هو ظاهر من معنى (3) الآية، ولكن قد قاله الشافعي (4)، ولن يقول ذلك إلا عن أصل، وقال: يكتب بذلك إلى أصحاب عهود المشركين حتى يعطى المشرك (5) من (6) قصصنا من مهر امرأته ليس له غير ذلك. ثم إن ما ذكره صاحب الكتاب (7) في توجيه غرامتنا مهر المرتدة (8)، وتوجيه المذكور من المقاصة، تكلف (9)، فإن هذا ليس من قبيل المعهود، من غرامات المتلفات، وإنما هو صرف مالٍ من مال المصالح في بعض وجوه المصالح والمقاصة المذكورة كيفية في الصرف مناسبة للحال والله أعلم.   (1) وهو قول مجاهد في رواية أخرى وقتادة. انظر: تفسير ابن جرير 12/ 71، وتفسير ابن كثير 4/ 451، وفتح القدير 5/ 216. (2) كذا في (ب): وفي (أ) (قال) و (د) (قال شيخنا الشارح رحمه الله). (3) نهاية 2/ ق 131/ أ. (4) انظر: الأم 4/ 277. (5) في (أ) (للمشرك). (6) في (د) (ما). (7) انظر: الوسيط 3/ ق 190/ ب. (8) في (د): زيادة (وتوجيه المذكور من مهر المرتدة) هي تكرار فيه. (9) في (أ) (تكليف). الجزء: 4 ¦ الصفحة: 172 ومن كتاب الصيد والذبائح قوله: في ابتلاع السمكة حيةً "ومنهم من حرم (1) وجعل الموت بدلاً عن (الذبح" (2) أي فتكون) (3) الحية من السمك بمنزلة الميتة من سائر الحيوانات. والله أعلم. قوله: "فأما ما له نظير في البر محرم ككلب الماء وخنزيره، فقولان: أحدهما: الحل" (4). أبهم (5) ولم يذكر أنهما في حل أصله، أو في حل ميتته، فنقول: هل يحل في نفسه فيه قولان: فإن قلنا (6): لا يحل فلا كلام، وإن قلنا يحل (7) فهل يشترط ذبحه، أو تحل ميتته فيه قولان (8): جاريان فيما عدا السمك المعروف من الحيوانات البحرية المحللة. والله أعلم.   (1) في (أ) (جزم) وهو تصحيف. (2) الوسيط 3/ ق 191/ أ. (3) ما بين القوسين ساقط من (د). (4) الوسيط 3/ ق 191/ أ. (5) في (أ) زيادة (ذلك). (6) في (أ) (قلت). (7) هذا هو المنصوص وصححه الرافعي والنووي وغيرهما. انظر: الأم 2/ 384، المهذب 1/ 333، حلية العلماء 3/ 410، المجموع 9/ 33 - 34، الروضة 2/ 542، مغني المحتاج 4/ 298. (8) وقيل: وجهان أصحهما: الثاني: انظر: حلية العلماء 3/ 410، المجموع 9/ 34، الروضة 2/ 542. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 173 الحيوان المسمى بالعنبر (1)، هو على اسم العَنْبَر المشموم، وحديثه أخرجه البخاري ومسلم في الصحيح (2) من حديث جابر، وقول المصنف "فأكلوه ولم ينكر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - (فيه تقصير، إذ في (3) الحديث من رواية مسلم (أنهم لما قدموا المدينة، وذكروا ذلك للنبي - صلى الله عليه وسلم -) (4) قال لهم: (هل (5) معكم من لحمه شيء فتُطعِمونا)؟ قال: فأرسلنا (6) إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - منه فأكله) ومع هذا لا يصح استدلاله (7) به (8) على إحلال غير السمك، من (9) الحيوانات البحرية (10)؛ لأن هذا العنبر حوت، إذ في رواية البخاري فيه (فألقى البحر حوتاً ميتاً لم يُرَ مثله، يقال له العنبر) والله أعلم.   (1) انظر: الوسيط 3/ ق 191/ أ. والعنبر: هي سمكة بحرية كبيرة. انظر: النهاية في غريب الحديث 3/ 306، والقاموس ص 572. (2) البخاري 5/ 152 في كتاب الشركة، باب الشركة في الطعام والنهد والعروض، و6/ 152 في كتاب الجهاد، باب حمل الزّاد على الرقاب، و7/ 678 في المغازي، باب غزوة سيف البحر، و9/ 530 في كتاب الذبائح والصيد، باب قول الله تعالى: {أُحِلَّ لَكُمْ صَيْدُ الْبَحْرِ}، مسلم 13/ 85 - 89، في كتاب الصيد والذبائح، باب إباحة ميتات البحر. (3) ساقط من (أ). (4) ما بين القوسين ساقط من (د). (5) ساقط من (أ). (6) في (د): (وأرسلنا). (7) نهاية 2/ ق 131/ ب. (8) ساقط من (ب). (9) في (أ) و (ب) (مثل). (10) في (د): (النجسة). الجزء: 4 ¦ الصفحة: 174 قوله: "فيتعين ذبحه في الحلق والمريء" (1). كان ينبغي أن يقول: في الحُلْقُوم، والمَريء (2)؛ لأن المريء من الحلق (3). والله أعلم. قوله: في البعير المتردي في بئر "قال النبي (4) - صلى الله عليه وسلم - لو طعنت في خاصرتها لحلت لك (5) فقالت المراوزة خصص الخاصرة ليكون الجرح مُذَفّفاً، فلا يجوز جرح أخر" (6). هذا الذي ذكره من الحديث اختصار من الحديث الذي استدل به في ذلك شيخه إمام الحرمين (7)، قال: "روي أن رجلاً يعرف بأبي العُشْراء تردى له بعير في بئر فهلك (8)، فرفعت القصة (9) إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال لأبي العشراء: وأبيك لو طَعَنْتَ في خاصرتها لحلت لك) وفيما ذكره أغلاط ثلاثة. وذلك أن هذا حديث (10) تفرد بروايته حماد بن سلمة (11) عن أبي العُشْراء   (1) الوسيط 3/ ق 191/ أولفظه قبله " ... أما ما لا يحل ميتته فيتعين ... إلخ" (2) سيأتي التعريف بهما عند المصنف في كتاب الأضحية. انظر: ص 209. (3) انظر: المصباح المنير ص 569. (4) ساقط من (أ) و (ب). (5) ساقط من (ب). (6) الوسيط 3/ ق 191/ أ - ب. (7) انظر: نهاية المطلب 17/ ق 245/ أ. (8) في (أ) (وهلك). (9) في (أ) (القضية) (10) في (ب) (الحديث). (11) هو حماد بن سلمة بن دينار أبو سلمة البصري ثقة عابد أثبت الناس في ثابت وتغير حفظه بآخرة من كبار الثامنة مات سنة 167 هـ. انظر: الجرح والتعديل 3/ 140 - 142، ميزان الاعتدال 1/ 590 - 591، التقريب 178. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 175 الدارمي عن أبيه قال: قلت: يا رسول الله أما تكون الزكاة إلا في الحَلْقِ، واللَّبّة (1)، قال: وأبيك لو طعنت في فخذها لأَجزَأ عنك) أخرجه أبو داود، والترمذي، والنسائي (2)، وابن ماجة (3) في كتبهم المعتمدة. وأبو العُشراء: بالضم والمد على وزان الشُعراء، اسمه أسامة بن مالك، وقيل: غير ذلك (4)، فوقع فيما ذكره إمام الحرمين الخطأ من وجوه. أحدها: في جعله أبا العشراء هو الذي خاطبه النبي - صلى الله عليه وسلم - وإنما هو أبوه، وأبو العشراء تابعي.   (1) سيأتي التعريف بها عند المصنف انظر: ص 212. (2) في (ب) (والنسائي والترمذي). (3) أبو داود 3/ 250 في كتاب الأضاحي، باب ما جاء في ذبيحة المتردية والترمذي 4/ 63 في كتاب الأطعمة، باب في الزكاة في الحلق واللبة، والنسائي 7/ 228، في كتاب الضحايا، باب ذكر المتردية في البئر التي لا يوصل إلى حلقها، وابن ماجة 2/ 1063 في كتاب الذبائح، باب ذكاة الناد من البهائم، كما رواه أحمد 4/ 334 والدارمي 2/ 113، وابن الجارود في المنتقى ص 227، البيهقي في الكبرى 9/ 413 من طريق حماد به دون القسم (وأبيك) فإنه تفرد بذكره البيهقي. قال الترمذي: هذا حديث غريب لا نعرفه إلا من حديث حماد بن سلمة، ولا نعرف لأبي العُشراء عن أبيه غير هذا الحديث. وقال البخاري في التأريخ: 2/ 22، في حديث أبي العشراء وسماعه من أبيه فيه نظر، قال الذهبي في الميزان 4/ 551: "قلت: ولا يدري من هو، ولا من أبوه انفرد عنه حماد بن سلمة" وقال الحافظ ابن حجر في التلخيص 4/ 134 "ولا يعرف حاله" وبه ضعفه النووي في المجموع 9/ 144 والألباني في الإرواء 8/ 168. وضعيف سنن ابن ماجة ص 254 برقم (684). (4) وقيل: عطاء بن برز، وقيل: يسار بن بَرْزٍ أو بَلْز، وقيل: بلاذ بن يسار وهو أعرابي مجهول من الرابعة. انظر: سنن الترمذي 4/ 63، ميزان الاعتدال 4/ 551، التقريب ص 658. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 176 والثاني: في ذكره تردي (1) البعير في متن الحديث، وليس ذلك من الحديث، إنما هو من تفسير (2) أهل العلم للحديث (3). قالوا: هذا عند الضرورة، في المتردي في البئر، وأشباهه (4)، وإن كان الشيخ أبو حامد الأسفرايني (5) قد قال بعد ذكره الحديث دون (6) ذكر التردي (7) وفي بعض الأخبار (أنه سأل عن بعير تردى في بئر فقال: أما تصلح الذكاة إلا في الحلق واللبة) وذكر الحديث. فإن ذلك لا يعرف (8). والثالث: في قوله: "لو طعنت في خاصرتها، وإنما قال: "في فخذها" وذكر الخاصرة ورد في أثر رويناه، وذكر الشافعي (9) - رحمه الله - "قال: تردى بعير في بئر فطعن في شاكلته فسئل عبد الله بن عمر، فأمر بأكله". قال الشارح - رحمه الله - (10): والشاكِلَة الخاصرة (11) ولا يثبت والحالة هذه   (1) نهاية 2/ ق 132/ أ. (2) في (د): (نفس). (3) في (أ) (تفسير أهل الحديث). (4) انظر: سنن أبي داود 3/ 250، السنن الكبرى 9/ 413 وما بعدها. (5) انظر: قوله في المجموع 9/ 143. (6) ساقط من (د). (7) في (د): و (أ) (الترمذي). (8) قال الحافظ ابن حجر في التلخيص 4/ 134 عقب قول المصنف هذا "وهو كما قال". (9) في الأم 2/ 374 بدون إسناد وأسنده البيهقي في الكبرى 9/ 413. وقال ابن حجر في التلخيص 4/ 134 "أنكر ابن الصلاح لفظ الخاصرة على الغزالي، والغزالي تبع فيه إمامه، ولا إنكار فقد رواه الحافظ أبو موسى في مسند أبي العشراء له بلفظه (لو طعنت في فخذها أو شاكلتها وذكرت اسم الله لأجزأ عنك) (والشاكلة الخاصرة) أهـ. (10) كذا في (ب): وفي (أ)، و (د) (قال شيخنا الشارح - رحمه الله -). (11) انظر: الصحاح 5/ 1736، النهاية في غريب الحديث 2/ 496. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 177 ما رامه المراوزة من تخصيص الخاصرة، وأشباهها فالصحيح إذاً قول غيرهم (1) لقوله - صلى الله عليه وسلم - (لو طعنت في فخذها) والله أعلم. قوله: "فيما إذا جرح صيداً بسهم، وأدركه، وفيه حياة مستقرة، ومعه سكين فغصب منه، فتعدر عليه ذبحه، الظاهر أنه حرام، وكان الشرط أن يموت بجراحته قبل أن يدركه، وهو غير مقصر" (2). معناه: الشرط في حله أن يموت بجرحه قبل أن يدركه، وهو غير مقصر في عدم إدراكه، مثل إن أمكنه المشي إليه، فوقف حتى مات ولم يدركه، وفي صورة غصب السكين عدم تقصيره واقع في عدم ذبحه، لا (3) في عدم إدراكه، فإنه قد أدركه ووقف عليه، وفيه حياة مستقرة فليلتحق (4) بغير الصيد إذا وقف عليه (5) وقد أشرف على الموت، وفيه حياة مستقرة فغصب منه السكين. والله أعلم. القول الأصح تحريم الصيد الذي أكل الكلب المعلم منه (6)؛ لأن حديث عدي   (1) هو أن جميع أجزائه مذبح كالصيد. انظر المهذب 1/ 339، الشامل 6/ ق 46/ أ، حلية العلماء 3/ 135، المجموع 9/ 142 - 144، الروضة 2/ 508. (2) الوسيط 3/ ق 191/ ب. (3) ساقط من (د). (4) (أ) (فيلتحق) وفي (ب) (فلتحق). (5) نهاية 2/ ق 132/ ب. (6) وهو الجديد. انظر الحاوي 15/ 8، المهذب 1/ 337، الشامل 6/ ق 42، حلية العلماء 3/ 437، مختصر الخلافيات البيهقي 5/ 64. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 178 ابن حاتم (1) في المنع من أكله أصح فإنه ثابت في الصحيحين متفق على صحته (2)، وفيه (فلا تأكل فإنما حبس على نفسه، ولم يحبس عليك) وقد أساء المصنف في أن ذكر هذا التعليل من قول نفسه متصلاً بالنص، مع أنه في نفس النص كما ذكرناه. وأما حديث أبي ثعلبة فليس في الصحيحين، فيه ذكر أكل الكلب، مع ذكر أصله فيهما (3) وإنما ورد ذكر أكل الكلب فيه في سنن أبي داود،   (1) هو عدي بن حاتم بن عبد الله أبو طَريف، وقيل: أبو وهب الطائي صحابي مشهور وأبوه حاتم هو المشهور بالكرم أسلم سنة تسع من الهجرة وكان نصرانياً، وكان جواداً شريفاً في قومه معظماً عندهم وعند غيرهم، وكان ممن ثبت في الردة وشهد فتوح العراق في زمن عمر - رضي الله عنه - ونزل الكوفة ومات بها سنة 69 وقيل: 68. انظر: الاستيعاب 3/ 141 - 142، تهذيب الأسماء واللغات 1/ 327 - 328، الإصابة 2/ 468، التقريب ص 388. (2) البخاري في مواضع كثيرة منها 1/ 335 مع الفتح كتاب الوضوء، باب الماء الذي يُغْسَل به شعر الإنسان، و9/ 513، 518 في كتاب الذبائح والصيد، باب التسمية على الصيد، وباب صيد المِعراَض. ومسلم 13/ 73 - 79 مع النووي في كتاب الصيد والذبائح، باب الصيد بالكلاب المعلمة. (3) رواه البخاري 9/ 519، 527، 537 مع الفتح في كتاب الصيد والذبائح، باب ما أصاب المعراض بعرضه، باب ما جاء في التصيد، وباب آنية المجوس والميتة. ومسلم 13/ 79 - 81 في كتاب الصيد والذبائح، باب الصيد بالكلاب المعلمة بإسنادهما إلى أبي إدريس عائذ الله قال: سمعت أبا ثعلبة الخشني يقول: أتيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فقلت: يا رسول الله؟ إنا بأرض قوم من أهل الكتاب نأكل في آنيتهم وأرض صيد أصيد بقوسي وأصيد بكلبي المعلم أو بكلبي الذي ليس بمعلم فأخبرني ما الذي يحلُّ لنا من ذلك؟ قال: ... وأما ما ذكرت أنك بأرض صيد فما أصبت بقوسك فاذكر اسم الله ثم كل وما أصبت بكلبك المعلّم فاذكر اسم الله ثم كل، وما أصبت بكلبك الذي ليس بمعلّم فأدركت ذكاته فكل). الجزء: 4 ¦ الصفحة: 179 وأشباهه (1). وأبو ثعلبة الخُشني: بخاء معجمة مضمومة، وشين مثلثة مفتوحة، ثم نون منسوب إلى خُشَيْنَة على وزن جُهَيْنة بطن من قضاعة، واسمه "جُرهُم" بضم الجيم والهاء - وقيل غير ذلك (2). والله أعلم. قوله: "فريسة الفهد، والنمر حرام" (3)   (1) أبو داود 3/ 272 في كتاب الصيد، باب في الصيد، وأحمد 4/ 193 - 194، والبيهقي في الكبرى 9/ 398، والمعرفة 13/ 445 من طريق هشيم حدثنا داود بن عمر عن بسر بن عبيد الله عن أبي إدريس الخولاني عن أبي ثعلبة قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في صيد الكلب: إذا أرسلت كلبك وذكرت اسم الله فكل وإن أكل منه، وكل ما ردت عليك يداك). قال المنذري في "مختصر السنن" 4/ 136 داود بن عمر الأودي الدمشقي مختلف فيه وثقه ابن معين. وقال الإِمام أحمد: حديثه مقارب، وقال أبو زرعة: لا بأس به، وقال ابن عدي: لا أدري برواياته بأساً وقال العجلي: ليس بالقوي، وقال: أبو حاتم الرازي هو شيخ. وحسنه النووي في المجموع 9/ 118 وذكره الحافظ ابن كثير في تفسيره 2/ 26 وقال: "إسناده جيد". ورواه أبو داود 3/ 275 - 276 في الموضع السابق والنسائي 7/ 191, في كتاب الصيد والذبائح، باب الرخصة في ثمن كلب الصيد، والبيهقي في الكبرى 9/ 398 من طريق عمرو ابن شعيب عن أبيه عن جده عن أبي ثعلبة بأطوال من السابق وفيه "قال: فإن أكل منه، قال: وإن أكل منه" أعله البيهقي وذكره الحافظ ابن كثير في تفسيره 2/ 26 وقال: إسناده جيد، والحافظ ابن حجر في الفتح 9/ 516 وقال: "ولا بأس بإسناده" وصححه أيضاً الألباني في صحيح سنن النسائي 3/ 899 برقم (4007). (2) اختلف في اسمه واسم أبيه اختلافاً كثيراً يطول ذكره وكان ممن بايع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بيعة الرضوان تحت الشجرة وضرب له بسهم يوم خيبر وأرسله رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلى قومه فأسلموا وسكن الشام حتى مات بها في ولاية عبد الملك سنة 75 هـ على الصحيح. انظر: الاستيعاب 4/ 27 - 28، تهذيب الأسماء واللغات 2/ 199، الإصابة 4/ 29 - 30. (3) الوسيط 3/ 192/ أ. وتمامه " ... لأنه لا يتعلم ولا يطاع في ترك الأكل والانزجار بالزجز". الجزء: 4 ¦ الصفحة: 180 هذا خلاف نص الشافعي، فإنه قال: فيما حكاه المزني (1) "كل معلم من كلب وفهد، ونمر"، وكذا أطلق ذلك غير واحد من أئمة أصحابنا في السباع المعلمة (2)، واستبعاده تعليمها مندفع فإن الاصطياد بالفهود المعلمة كثير مشهور، والنمر إذا أخذ صغيراً تيسر تعليمه. والله أعلم. قوله: "قال القفال: لو أصاب سنّ الكلب عِرْقاً نَضَّاخاً بالدم سرت النجاسة إلى جميع البدن" (3). وهذا غلط، فقوله "نَضَّاخاً" هو بالخاء المعجمة أي فواراً بالدم، قال الله تبارك تعالى: {فِيهِمَا عَيْنَانِ نَضَّاخَتَانِ} (4) أي فوَّارتان (5). و (6) قوله: (7) "قال (8) القفال" كان ينبغي فيه أن يقول: وحكي عن القفال، فإن شيخه (9) ذكر أن ذلك حكاه عنه (10) بعض أصحابه (11)، وهو غلط من الحاكي. والله أعلم.   (1) في مختصره ص 297. وانظر: أيضاً الأم 2/ 255. (2) انظر: الحاوي 15/ 6، المهذب 1/ 336، الشامل 6/ ف 41/ ب، وحلية العلماء 3/ 425، المجموع 9/ 106، الروضة 2/ 514، كفاية الأخيار ص 680. (3) الوسيط 3/ ق 192/ أ. (4) سورة الرحمن الآية 66. (5) انظر: الصحاح 1/ 422، والمصباح المنير ص 610. (6) ساقطة من (د). (7) نهاية 2/ ق 133/ أ. (8) مطموس في (د). (9) انظر: نهاية المطلب 17/ ق 236/ ب. (10) في (ب) (عن). (11) في (د) الصحابة. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 181 ذكر أنه يجوز الذبح بكل ما يجرح سوى السِّن والظُّفْر لنهي ورد فيه (1). كان ينبغي أن يقول: سوى السن والظفر، وكل عظم (2)، والنهي الوارد فيه ثابت في الصحيحين (3) من جملة حديث لرافع بن خَدِيجٍ (4) فيه (أنه قال: يا رسول الله إنا لاقُوا العَدُوَّ غداً، وليس معنا مُدىً أَفَنَذْبّحُ بالقصب؟ قال: (ما أَنْهَرَ الدمَ وذُكِرَ اسم الله عليه فكلوا، ليس السِّنَّ والظُّفْرَ، وسأحدثكم عن ذلك، أما السِّنُّ فَعَظم، وأما الظفر فَمُدَى الحبشة). وقوله: "ليس السِّنَّ" هو بالنصب على الاستثناء، وفي رواية (ما خلا السن). وقوله: "أنهر الدم" أي أساله، وأجراه (5). والمُدَى جمع مُدْيَة بضم الميم على وزان كُلْيَةِ وكُلَى، وهي السكين (6).   (1) انظر: الوسيط 3/ ق 192/ أ. (2) انظر: فتح العزيز 12/ 14، المجموع 9/ 92، الروضة 2/ 511، كفاية الأخيار ص 683. (3) البخاري في مواضع كثيرة منها 5/ 156، 164 مع الفتح في كتاب الشركة، باب قسمة الغنم، وباب من عَدَلَ عشرة من الغنم بجزور في القسم، و9/ 538 - 546، 549 في كتاب الذبائح والصيد، باب التسمية على الذَّبيحة، ومن ترك متعمداً، وباب ما أنهر الدم من القصب والمَرَوَة والحديد، وباب لا يذكي بالسن والعظم والظفر. ومسلم 13/ 122 - 128 مع النووي في كتاب الأضاحي، باب جواز الذبح بكل ما أنهر الدم إلا السن والظفر وسائر العظام من حديث رافع به. (4) هو رافع بن خديج بن رافع بن عدي أبو عبد الله، وقيل: أبو رافع الأنصاري الأوسي الحارثي المدني، استصغره رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يوم بدر وأجازه يوم أحد فشهد أحداً وما بعدها من المشاهد وأصابه سهم يوم أحد فنزعه وبقي نصله إلى أن مات منها بالمدينة 73 هـ أو 74 هـ. انظر: الاستيعاب 1/ 495، تهذيب الأسماء واللغات 1/ 187، الإصابة 1/ 495 - 596. (5) انظر: الصحاح 2/ 840، النهاية في غريب الحديث 5/ 135. (6) انظر: الصحاح 6/ 2490، المصباح المنير ص 567، القاموس ص 171. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 182 و (في قوله:) (1) "أما السن فعظم" دلالة على أنه كان متقرراً عندهم كون الذكاة لا تحصل بالعظام (2)، ولم أجد بعد البحث أحداً ذكر لذلك (3)، معنى يعقل وكأنه (4) عندهم تعبدي (5). والله أعلم. قوله "لو وقع في الماء، أو تدهور من جبل فمات بالجميع فهو حرام" (6). فقوله: "بالجميع" فيه احتراز مما إذا كان الجرح الحاصل بالسهم مُذَفَّفاً فهو حلال (7). وقوله: "تدهور" قد سبق أن معناه: سقط من علو. وقوله: "وإن وقع الصيد في الجبال، والبحار فذلك لا يندر" (8) لفظة الصيد ها هنا محمولة على فعل الاصطياد، لا على الطير المصيد، أي (9)   (1) ما بين القوسين ساقط من (أ). (2) في (د) (بالطعام) وهو تحريف. (3) في (أ) (كذلك). (4) في (ب) (وكأنهم). (5) في (ب) (تعبد). وكذا قال في فتاواه 2/ 473 وقال النووي في شرح مسلم 13/ 124، معنى الحديث: لا تذبحوا بالعظام فإنه يتنجس بالدم، وقد نهيتكم عن تنجيسها؛ لأنها زاد إخوانكم من الجن. وقيل: غير ذلك انظر: فتح الباري 9/ 544. (6) الوسيط 3/ ق 192/ ب. (7) انظر: المجموع 9/ 129، الروضة 2/ 513. (8) الوسيط 3/ ق 192/ ب. وتمامه "فلا يبعد تحليل ذلك لكن قد قالوا: لو ... إلخ" كما ذكره بعد قليل. (9) ساقط من (د). الجزء: 4 ¦ الصفحة: 183 إذا وقع الاصطياد بين الجبال، أو ركب (1) البحر، وجعل (2) يرمي طير الماء، فالسقوط على جبل، والتدهور منه ليس بنادر، فيتجه (3) تحليله، والحالة هذه، وكذا في الوقوع في الماء (4). و (5) قوله: "ولكن قالوا: لو وقع من غصن إلى غصن، وكذلك حتى مات". كان ينبغي أن يقول: وكذلك كذلك، فيكرر كذلك إشعاراً (6) بالتكرار. وقوله: "فهو حرام لندوره، فيظهر أيضاً تحريمه في الجبال" (7) كان ينبغي أن يقول: فهو حرام مع عدم نُدُوره (8)؛ لكثرة وجدان الطيور على الأشجار ورميها وهي عليها (9)، فيظهر تخريج مثله في الجبال، ووجهه أن عدم الندور في (10) كل ذلك يحصل بالكثرة (11)، لا بالغلبة، والرخصة لا تثبت إلا بالغلبة كما في الصورة السابقة في الإنصدام بالأرض، هذا على هذا الوجه متجه، وأما على الوجه الذي ذكره، والسياقة التي ساقها فهو متهافت   (1) في (د) (راكب). (2) نهاية 2/ ق 133/ ب. (3) في (د): (متجه). (4) انظر: فتح العزيز 12/ 18، والروضة 2/ 513. (5) ساقط من (د). (6) في (د): (فيكون وكذلك إشعار بالتكرار) كذا. (7) الوسيط 3/ ق 192/ ب. (8) في (د) زيادة (الواو). (9) في (ب) زيادة (وهي). (10) تكرر في (ب). (11) في (أ) (بالكرة). الجزء: 4 ¦ الصفحة: 184 لاشتماله على إثبات الفرق بين الصورتين في الندور، ثم الحاق إحداهما بالأخرى، والجمع (1) لا يترتب على الفرق. والله أعلم. و (2) قال: "ولو استَرْسَلَ بنفسه، فأغراه فازداد عدواً ففي الحل وجهان:" ثم قال: "ويبنى عليه ما لو كان الإرسال من مسلم والأغراء من مجوسي، أو بالعكس لكن يظهر أثره في الملك" (3). فقوله: ("لكن (4) يظهر أثره في الملك") (5) سهو، أو سبق قلم، وإنما موضع ذكر هذا في المسألة التي بعدها وهي: "ما إذا أرسله المالك، وأغراه (6) أجنبي" (7) فأثر الخلاف في هذا لا يظهر في الحل، كما في المسألة الأولى، فإنه لا خلاف فيه في الحل (8) على ما لا يخفى، وإنما يظهر أثره في الملك في الصيد، وأنه للمالك، أو للأجنبي المغري (9) فعدل صاحب الكتاب في ذكره ذلك عن هذه المسألة إلى مسألة المجوسي، والخلاف في مسألة (10) المجوسي جارٍ في الحل كما في الأولى. والله أعلم.   (1) في (ب) زيادة (أن). (2) ساقط من (أ) و (ب). (3) الوسيط 3/ ق 192/ ب. (4) في (أ) (ليس). (5) ما بين القوسين ساقط من (د):. (6) في (د): زيادة (الواو) والصواب حذفها. (7) الوسيط 3/ ق 192/ ب. (8) انظر: فتح العزيز 12/ 27، المجموع 9/ 115 - 116، الروضة 2/ 519، مغني المحتاج 4/ 276 - 277. (9) فيه وجهان: أصحهما أنه للأجنبي. انظر: المصادر السابقة. (10) نهاية 2/ ق 134/ أ. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 185 قوله: "وإذا رمى سهماً يقصر عن الصيد فساعدته ريح من ورائه فأصاب حل" (1). هذا فيه نظر، كما قال شيخه (2)، ولكن (3) الحل مقطوع به من غير ذكر خلاف في كتاب الفوراني (4) و"بحر المذهب" (5) و"التهذيب" (6) والله أعلم. قوله: " (7) المتعلق الثاني: جنس الحيوان" (8). هذا يَحْوِج إلى تكلف (9) في توجيهه مع كونه قد قال: "لو رمى إلى شيء ظنه حجراً، فإذا هو صيد فهو حلال؛ لأنه لم يقصد حيواناً، وإن كان ذلك في نفس الأمر حيواناً؛ لأن القصد يتبع العلم، أو الظن" (10). فكان ينبغي أن يقول: قصد مرميّ (11)، أو قصد شخص.   (1) الوسيط 3/ ق 192/ ب. (2) يعني أبدي فيه تردداً، انظر: نهاية المطلب 17/ 221/ ب، وكلمة (شيخه) ساقطة من (ب). (3) ساقط من (أ). (4) انظر: النقل عنه في المصدر السابق، وفتح العزيز 12/ 28. (5) لم أقف على هذا النقل عنه عند غير المصنف. (6) 8/ 24. وهكذا قطع به الأصحاب في جميع الطرق، وهو المذهب. انظر: المهذب 1/ 338، الشامل 6/ ق 45/ أ، فتح العزيز 12/ 28، المجموع 9/ 127 - 128 الروضة 2/ 519، مغني المحتاج 4/ 277. (7) في (أ) زيادة (و). (8) الوسيط 3/ ق 193/ أ. ولفظه قبله "أما القصد فله ثلاث متعلقات: الأول أصل الفعل ... ثم قال: المتعلق الثاني ... إلخ". (9) في (أ) (تكليف). (10) الوسيط 3/ ق 193/ أ. (11) في (د): (مرضى). الجزء: 4 ¦ الصفحة: 186 وقوله: "يجيل سيفَهُ" (1) بالجيم، ومعناه يدير سيفه، والأَجَالة الأدارة (2). والله أعلم. السِّرْب من الظِّباَء، ونحوها من الوحوش (3)، هو بكسر السين المهملة (4)، والسَّرْبُ من الإبل ونحوها من الماشية بفتح السين، وإسكان الراء (5). وذكر فيما إذا رمى من السَّرْبُ واحداً لا بعينه فأصابه (6) أنه يحل، وقال: "أما القصاص في مثل هذه الصورة، فيسقط على رأي للشبهة" (7) وقد قطع في القسم الثاني من كتاب الجراح (8)، في مسألة المنجنيق بسقوط (9) القصاص، فيما إذا قصد الرماة (10) بالمنجنيق واحداً لا بعينه، وكذا في المكره على قتل أحد الرجلين، وكان في النفس شيء من نقله الخلاف ها هنا حتى وقفت على نقل صاحب "التتمة" (11) وجهين في وجوب القصاص، فيما إذا رمى قاصداً أحد   (1) الوسيط 3/ ق 193/ أ. ولفظه قبله " ... فلو رمى سهماً في خلوة وهو لا يقصد صيداً فاعترض صيد وأصاب حرم، وكذا لو كان يجيل سيفه فأصاب حلق شاةٍ". (2) في (د): (الإرادة). وانظر: المصباح المنير ص 115. (3) في (أ) و (ب) (الوحش). (4) ومعناه القطيع والجماعة، انظر: الصحاح 1/ 146، القاموس 123. (5) انظر: المصدرين السابقين. (6) في (د): (وأصابه) بالواو. (7) الوسيط 3/ ق 193/ أ. (8) الوسيط 3/ ق 145/ ب. (9) في (د): (لسقوط) باللام. (10) في (ب) (الرما) بإسقاط التاء. (11) انظر: النقل عنه في فتح العزيز 100/ 312، الروضة 7/ 117. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 187 لا بعينه، أو واحداً لا بعينه من جماعة يراهم (1). والله أعلم. (قوله: "يفرق في الثالث بين أن يصيب ظبيةً من هذا السِّرْب، أو من غيره" (2). شرط شيخه (3) فيه، أن يكون (4) قد (5) رأها لما رمى، والله أعلم) (6). قوله: "لو أصاب الصيد فمات بصدمة (7) لم يحل" (8) يعني به ما إذا كانت الصدمة مذفقة. والله أعلم. قوله: "إبطال مَنَعَة الصيد" (9) المَنَعَةَ بفتح النون على مثال شجرة، وهي القوة المانعة (10) والله أعلم. قوله: "الأسباب التي تقيد الصيد" (11).   (1) أرجحهما: وجوب القصاص. انظر: فتح العزيز 10/ 312، الروضة 7/ 117 و195، مغني المحتاج 4/ 4. (2) الوسيط 3/ 193/ أولفظه قبله " ... ولو عين ظبيةً من السِّرْب فمال السهم إلى غيرها ففيه ثلاثة أوجه: يفرق في الثالث ... إلخ". (3) انظر نهاية المطلب 17/ ق 240/ ب. (4) في (د): (فيكون) بدل (أن يكون). (5) نهاية 2/ ق 134/ ب. (6) ما بين القوسين ساقط من (ب). (7) مطموس في (د). (8) الوسيط 3/ ق 193/ أ. (9) الوسيط 3/ ق 193/ ب ولفظه قبله " ... النظر الثاني من الكتاب: في أسباب الملك وفيه فصلان: الأول في السبب وهو إبطال منعة ... إلخ". (10) انظر: المصباح المنير ص 581. (11) الوسيط 3/ ق 193/ ب. وتمامه "تنقسم فما يعتاد ذلك به كالشبكة فيكفى وقوع الصيد فيه لحصول الملك، أما ما لا يعتاد كما لو توحل في زرع سقاه لا للصيد أو دخل داره ... إلخ". الجزء: 4 ¦ الصفحة: 188 فقوله: "تقيد" هو بالقاف أي تضبطه، وتمسكه، وفيه إشعار بأن ما أطلقه من دخول الصيد داره، و (1) تعشيش الطائر في داره ليس على إطلاقه، بل صورته ما ذكره شيخه (2)، أو نحوه، وهي ما إذا دخلت ظبية داره فأغلق الباب عليها وفاقاً أي من غير شعور منه (3) بالظبية، وقصد لها، وأما (4) إذا عشش الطائر في داره، وباض وفرّخ فهل يملك بذلك بيضه وفرخه؟ (5) والله أعلم. ذكر فيما إذا أحرز الصيد وجهين في زوال ملكه بذلك ثم قال: "ولو أعرض عن كسرة خبز فأخذها غيره، فهل يملكها؟ فيه وجهان مرتبان وأولى بأن لا يملك" (6). لك أن تقول: هذا الخلاف هو في حصول الملك للآخذ، فكيف يترتب على الخلاف في زوال الملك (7) هناك؟. و (8) جوابه: أن الخلاف في حصول الملك يتضمن الخلاف في زوال الملك؛ لأن (9) من قال: يحصل الملك لآخذ الكسرة، فقد قال: بزوال ملك المعرض (10).   (1) ساقط من (د). (2) انظر: نهاية المطلب 17/ 255/ أ - ب. (3) ساقط من (أ). (4) في (أ): (وما) بإسقاط همزة. (5) ففيه وجهان: أصحهما لم يملكه بذلك. انظر: فتح العزيز 12/ 38، المجموع 9/ 150، الروضة 2/ 523، مغني المحتاج 4/ 279. (6) الوسيط 3/ ق 193/ ب. (7) ساقط من (د). (8) ساقط من (ب). (9) في (د): (لا) بإسقاط النون. (10) في (أ) (المعوض) وهو تصحيف. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 189 ثم اعلم، أنه وإن لم يحصل الملك فظاهر المذهب حصول الإباحة بذلك (1)، وكذلك لُقَاطُ السنابل المحكي عن جماعة من الصالحين من هذا القبيل (2). والله أعلم. قوله: "إذا اختلط حمام (3) برج مملوك بحمام برج آخرٍ، وعسر التمييز" (4) ينبغي أن يقرأ "برج آخرٍ" بغير تنوين على إضافة برج إلى آخر. وقوله: "وعَسُرَ التَّمِييزُ" (5) عبارة شيخه (6) أيضاً. والصواب عبارة غيرهما (7) وهي: "لا يمكنه التمييز". وقوله: "وكانا يعلمان العدد و (8) القيمة" (9). وقع في النسخ "أو القيمة" بحرف "أو" وصوابه، والقيمة (بحرف الواو؛ لأن العدد وحده لا يمكن التوزيع عليه على ما لا يخفى، ثم إنما ذكر العدد مع   (1) انظر: فتح العزيز 12/ 42، المجموع 9/ 164، الروضة 2/ 525 ما بعدها، مغني المحتاج 4/ 380. (2) انظر المصادر السابقة. (3) ساقط من (أ). (4) الوسيط 3/ ق 193/ ب. (5) نهاية 2/ ق 135/ أ. (6) في نهاية المطلب 17/ ق 256/ ب. قلت: وكذا عبارة الرافعي والنووي. انظر: فتح العزيز 12/ 43، المجموع 9/ 166، المنهاج مع شرح مغني المحتاج 4/ 380. (7) لم أقف على هذه العبارة فيما اطلعت عليها من المصادر. (8) في (أ) و (ب) (أو) وكذا في الوسيط. (9) الوسيط 3/ ق 193/ ب. ولفظه قبله "ولو توافقا على بيع الكل أو البعض من ثالث وكانا يعلمان ... " وتمامه "حتى يوزع عليه جاز وإن جهل ذلك لم يجز". الجزء: 4 ¦ الصفحة: 190 القيمة) (1) مع أن القيمة عليها الاعتماد في التوزيع، لأن معرفة القيمة تقع كثيرا في مثل هذه (2) الواقعة مرتبطةً بمعرفة العدد مثل أن يعلما (3) أن لأحدهما خمسين حمامة، وللآخر مائة، وقيمة كل حمامة درهم مثلاً. والله أعلم. وقوله: "وإن تصالحا على شيء صح البيع، واحتمل الجهل بقدر المبيع" (4) يعني به البيع (5) الذي تضمنه الصلح، لأن هذا الصلح بيع في الحقيقة. والله أعلم. قوله: "قال: أبو الطيب بن سلمة، ما ذكره القفال صالح؛ لأن يجعله (6) أصلاً للقسمة" (7).   (1) ما بين القوسين ساقط من (ب). (2) في (ب) (هذا). (3) في (أ) (يعلم). (4) الوسيط 3/ ق 193/ ب. (5) (يعني به البيع) ساقط من (ب). (6) في (أ) (لجعله). (7) الوسيط 3/ ق 193/ ب. ولفظه قبله "أما إذا لم يكن الجرح الثاني مُذَفَّفاً، ووقع على غير المنحر، وترك الصيد حتى مات بالجرحين، ففي قدر الواجب من الضمان على الثاني نظر مبني على مسألة، وهو أنه لو جرح عبداً أو بهيمة قيمته عشرة، جراحة أرشها دينار، فجرح آخر بعده ما أرشه أيضاً دينار، ومات من الجرحين، ففيما يجب عليه خمسة أوجه لا ينفك وجه عن إشكال ... والثالث: اختيار القفال: أن على الأول خمسة من حيث هو شريك وعليه أيضاً نصف دينار، وهو نصف أرش جنايته، لأنه حصل منه نصف القتل فلا يندرج تحته إلا نصف الأرش، ويبقى النصف الآخر، وعلى الثاني: خمسة ونصف دينار هو نصف أرش جراحته، أربعة ونصف هو نصف قيمة العبد عند جنايته، وقال: ليس في هذا إلا زيادة على العشرة، وذلك لا يبعد إذ لو قطع يدي عبد فقتله غيره كان ما يجب عليهما أكثر من القيمة" ثم قال: الرابع: قال أبو الطيب: وتمامه "حتى لا يؤدي إلى الزيادة فتبسط الأجزاء أحاداً". الجزء: 4 ¦ الصفحة: 191 هذا عجيب فإن أبا الطيب بن سلمة (1)، قبل القفال (2) بمدة، ثم ما حكاه عن القفال (3) قد حكى غيره عنه غيره (4) (5) والله أعلم. وقوله: "فتبسط الأجزاء أحاداً (6) " (عبارة غير مرضية، وإنما يقال: تبسط الأحاد أجزاءً أو يجعل الأجزاء أحاداً. والله أعلم) (7). قوله: في الوجه الخامس الذي اختاره شيخه (8) "وهذا أيضاً لا يخلو عن محال، ولكنه أقرب" (9) فالمحال الذي فيه كونه أسقط أرش جناية الثاني؛ لأنها صارت نفساً، ولم يسقط أرش جناية الأول مع أنها صارت نفساً والله أعلم.   (1) هو محمد بن الفضل، وقيل: المفضل بن سلمة بن عاصم، أبو طيب الضبي البغدادي الشافعي من أصحاب الوجوه في المذهب، وكان موصوفاً بفرط الذكاء، قال الخطيب البغدادي: كان من كبار الفقهاء ومتقدميهم وصنف كتباً عدة، مات وهو شاب سنة 308 هـ. انظر: تاريخ بغداد 3/ 308، طبقات الشيرازي ص 119، تهذيب الأسماء واللغات 2/ 246، طبقات ابن قاضي شهبة 1/ 102، هدية العارفين 6/ 26. (2) تقدم ترجمته. (3) انظر: فتح العزيز 12/ 48، المجموع 9/ 155 - 156، الروضة 2/ 529. (4) ساقط من (أ). (5) وهو قول آخر له وهو الوجه الثاني في المسألة، انظر: المصادر السابقة قبل هامش. (6) في (ب) (أحداً). (7) ما بين القوسين ساقط من (أ). (8) انظر: نهاية المطلب 17/ ق 252/ ب. (9) الوسيط 3/ ق 194/ ب ولفظه قبله "الخامس: وهو اختيار الإِمام وصاحب التقريب أن الثاني لا يلزمه أكثر من أربعة ونصف، أما الأول فعليه خمسة ونصف لا تمام القيمة؛ لأنه كان تسبب إلى الفوات لولا الثاني فما لا يمكن تقريره على الثاني يبقى عليه وهذا ... إلخ". الجزء: 4 ¦ الصفحة: 192 ثم من العجب، أنه وشيخه تركا وجهاً سادساً مشهوراً، مذكوراً (1) في طريقتي العراق وخراسان (2)، وهو الأقرب و (3) الأصح عند الشيخ أبي حامد (4) الإسفرايني (5)، وصاحب المهذب (6) وصاحب البحر (7)، وغيرهم (8). وقال صاحب الشامل (9) فيه: قال أصحابنا: هو أصح الطرق، وهو ما صار إليه أبو علي ابن خيران، من أنه تضم قيمته عند جناية الأول، وهي عشرة إلى قيمته عند جناية الثاني، وهي تسعة، فيكون ذلك تسعة عشر، ثم نقسم العشرة التي هي كمال القيمة على التسعة عشر، فما يخص عشرة منها يجب على الأول، وما يخص تسعة على الثاني، فهذا فيه الوفاء بإدراج أرش الجناية في بدل النفس، وإيجاب كمال القيمة من غير زيادة عليها (10)، ولا نقصان، ومن غير تسوية بين الجنايتين (11).   (1) في (أ) (مذكور). (2) انظر الحاوي 15/ 37، المهذب 1/ 341 - 342، الشامل 6 ق 48/ أ، حلية العلماء 3/ 434، المجموع 9/ 156، الروضة 2/ 530. (3) ساقط من (أ). (4) نهاية 2/ ق 135/ ب. (5) لم أقف على هذا النقل عنه عند غير المصنف. (6) 1/ 342. (7) لم أقف على هذا النقل عنه عند غير المصنف. (8) كصاحب الإفصاح والقفال الشاشي، انظر حلية العلماء 3/ 434، المجموع 9/ 156. (9) 6/ ق 48/ أ. (10) في (أ) (عليه). (11) في (أ) (عن الجانبين). الجزء: 4 ¦ الصفحة: 193 قال الشارح رحمه الله: غير أن فيه تغريم الأول أكثر من نصف القيمة مع أنه لم يُتْلف إلا (1) النصف وتغريم الثاني أكثر من نصف قيمته حالة (2) جنايته، وهو محذور أيضاً، ولكنه أقرب، وأقل من المحاذر (3) الواقعة في الوجوه الأخر. وإذا لم يكن بد من مخالفة النظائر، والقواعد لاختصاص الواقعة بما يقطعها عنها، فالاقتصار في ذلك على الأقل متعين. والله أعلم. شرح ما ذكره من استدراك صاحب "التقريب" (4) أنه حيث يختص الثاني بالضمان إذا كانت قيمة الصيد المزمن عند جنايته تسعة، فقد قالوا: عليه جميع التسعة من حيث إن الإفساد حصل (5) بجنايته، وقيمته عند جنايته (6) تسعة، وجراحة الأول إصلاح فلا يضاف إليها شيءٌ، فاستدرك صاحب "التقريب" (7) عليهم، وصار إلى أنه تعتبر قيمته مذبوحاً، فإذا كانت (8) قيمته مذبوحاً ثمانية فالواجب على الثاني ثمانية ونصف، من (9) حيث إنه   (1) ساقط من (ب). (2) في (أ) (حال). (3) في (د): زيادة (الواو) ولعل الصواب حذفها. (4) انظر: الوسيط 3/ ق 194/ ب. (5) ساقط من (ب). (6) في (د): (جناية). (7) انظر: فتح العزيز 12/ 51، المجموع 9/ 158، الروضة 2/ 531. (8) ساقط من (د). (9) نهاية 2/ ق 136/ أ. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 194 يحسب شركة الأول في جهة الذبح، وإن لم يحتسب (1) في جهة الإفساد، وقد نقص بالذبح عن قيمته مزمنا حياً درهم، والأول المالك شريك له في الذبح لحصول الموت بجرحهما فيسقط نصف الدرهم لذلك عن الثاني. والله أعلم. قوله: "فيما إذا أصاب راميان صيداً معاً فالصيد بينهما، إن تساويا في التذفيف والإزمان (أو عدمه" (2). فقوله "أو عدمه" يوهم تساويهما في الملك عند عدم التذفيف والإزمان) (3) رأساً، ومعلوم أنه إذا لم يوجد تذفيف ولا إزمان لم يثبت ملك (4) وإنما أراد بقوله: "أو عدمه" أن لا يوجد من واحد منهما ما يستقل لو انفرد بالتذفيف أو الإزمان، ويوجد التذفيف أو الإزمان بمجموع فعلهما، غير أن العبارة قاصرة عن المراد جداً. والله أعلم. قوله: "فيما إذا وقع التردد في أن الإزمان حصل بهما، أو بأحدهما. وعلى تقدير أن يكون بأحدهما فبفعل من منهما فالصيد بينهما، ولكن لا بد أن يستحل أحدهما الآخر تباعداً من الشبهة" (5).   (1) في (أ)، (ب) (لم يحسب). (2) الوسيط 3/ ق 194/ ب. (3) ما بين القوسين ساقط من (ب). (4) انظر: المجموع 9/ 149، الروضة 2/ 522. (5) الوسيط 3/ ق 194/ ب. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 195 كان ينبغي أن يقول: "لا بد منه في التباعد من الشبهة، أولا يقول: لا بد، ويقول: يستحب أن يستحل، لأنه بعد الحكم ظاهراً بكونه بينهما (1)، لا يقال: لا بد من الإستحلال (2). والله أعلم. قوله: "كما في مسألة الإنماء" (3). هي التي يروي فيها عن ابن عباس - رضي الله عنهما - أنه قال: " (كل ما أَصْميْتَ ودع ما أَنْميتَ" (4) فالإنماء: أن تصيب الصيد ثم يغيب عن بصرك، ثم) (5) تدركه ميتاً (6). والإصماء: أن يأخذ الكلب الصيد مثلاً وأنت تراه وتلحقه وقد قتله (7) (8) والله أعلم.   (1) وكذا عبارة فتح العزيز 12/ 53، الروضة 2/ 532، المجموع 9/ 159. والله أعلم. (2) في (أ) (استحلال). (3) الوسيط 3/ ق 195/ أولفظه قبله "الفصل الثالث: علمنا تعاقب الجرحين، وأحدهما مزمن والآخر مذفف ولا ندري سبق الإزمان فحرم بالتذفيف بعده أو هو بالعكس ففيه طريقان: أحدهما: القطع بالتحريم تغليباً للحظر والثاني: طرد القولين كما في مسألة الإنماء". (4) رواه عبد الرزاق في المصنف 4/ 459، 460 وابن أبي شيبة في المصنف 5/ 371، والبيهقي في الكبرى 404، والمعرفة 13/ 449 من طرق عن عبد الله بن أبي الهذيل عن ابن عباس به. ورواه البيهقي في الكبرى والمعرفة في الموضع السابق من طريق عبد الملك بن الحارث عن عمرو بن ميمون حدثه عن أبيه أن أعرابياً جاء إلي ابن عباس فقال: إني أرمي الصيد فأصمي وأنمي فكيف ترى؟ فقال ابن عباس، فذكره. قال البيهقي: وقد روي هذا من وجه آخر عن ابن عباس مرفوعاً وهو ضعيف. (5) ما بين القوسين ساقط من (ب). (6) انظر: الزاهر ص 257، النهاية في غريب الحديث 5/ 121، المصباح المنير ص 626. (7) انظر: الزاهر ص 257، المصباح المنير ص 348. (8) نهاية 2/ ق 136/ ب. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 196 قوله: "فيما إذا ترتب الجرحان، وحصل الإزمان بهما قال: الصيدلاني الصيد (1) بينهما" (2) إنما ذكره الصيدلاني (3) قولاً مخرجاً. والله أعلم.   (1) ساقط من (أ). (2) الوسيط 3/ ق 195/ أ. (3) انظر: فتح العزيز 12/ 56. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 197 ومن كتاب الضحايا حديث (عظموا ضحاياكم، فإنها على الصراط مطاياكم) (1) حديث غير معروف، ولا ثابت فيما علمناه (2). والله أعلم. وقد قال شيخه (3) في تفسيره، قيل: تهيأ مراكب للمضحين (4) يوم القيامة. وقيل: المراد أن التضحية بها تسهل الجواز على الصراط. والله أعلم. ما احتج به في سرّ استحباب، أن لا يزيل شعره وظفره في العشر من حديث: (كبّر (5) ضحيتك يعتق الله بكل جزء منها جزءاً منك من النار) (6). حديث غير معروف لم نجد له سنداً يثبت به (7)، وفي حكم المسألة حديث صريح   (1) الوسيط 3/ ق 195/ أ. وقوله: "مطاياكم" جمع مطِيِّةٍ وهي الناقة التي يركب مطاها أي ظهرها. انظر: النهاية في غريب الحديث 4/ 340، المصباح المنير ص 575. (2) ذكره الحافظ ابن حجر في التلخيص 4/ 340، والعجلوني في كشف الخفا 2/ 98، والألباني في الضعيفة 1/ 173 برقم (74)، وقالوا: لا أصل له بهذا اللفظ معتمدين في ذلك على قول المصنف المذكور. ثم قال ابن حجر: "وقد أشار ابن العربي في شرح الترمذي بقوله: ليس في فضل الأضحية حديث صحيح، ومنها قوله: إنها مطاياكم إلى الجنة". قال ابن حجر: "أخرجه صاحب مسند الفردوس من طريق ابن المبارك عن يحيى بن عبيد الله عن أبيه عن أبى هريرة مرفوعاً بلفظ (استفرهوا ضحاياكم، فإنها مطاياكم على الصراط) ويحيى ضعيف جداً". قلت: وأورده السيوطي في الجامع الصغير 1/ 66، ورمز له بالضعف، ووافقه المناوي في فيض القدير 1/ 498، والألباني في ضعيف الجامع الصغير ص 118، برقم (824) والضعيفة 3/ 411، برقم (1255) وقال: ضعيف جداً. (3) لم أقف على هذا التفسير في نسخة نهاية المطلب التي وثقت عنها المسائل الأخرى، والحديث موجود فيها ولعل بها سقط انظر: 18/ ص 163. (4) في (د): (للمضحي). (5) في (د): (كثير). (6) الوسيط 3/ ق 195/ أ. (7) وهذا قال ابن الملقن وابن حجر. انظر: تذكرة الأحبار (ق 231)، التلخيص 4/ 138. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 199 صحيح (1)، وهو ما روينا في صحيح مسلم (2) عن أم سلمة - رضي الله عنها - عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: (إذا دخل العَشر، وعنده أُضحية يريد أن يضحِّي فلا يأخذنّ شعراً، ولا يقلمنَّ ظفراً) وقد روي أيضاً بغير هذا اللفظ، (وإنما أوردته بهذا اللفظ) (3) لدلالته على أن الضحية غير واجبة (4) والله أعلم. حديث (أربع لا تجزئ في الأضاحي) (5) رواه البراء بن عازب عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أخرجه أبو داود والترمذي والنسائي، وابن ماجة (6)، وقال الترمذي: هذا حديث حسن صحيح، والعمل على هذا الحديث عند أهل العلم. والله أعلم.   (1) ساقط من (أ). (2) 13/ 138 مع النووي في كتاب الأضاحي، باب نهي من دخل عليه عشر ذي الحجة وهو يريد التضحية أن يأخذ من شعره وأظفاره شيئاً. (3) ما بين القوسين ساقط من (ب). (4) يعني عند الشافعية، انظر: مختصر المزني ص 299، اللباب ص 396، الحاوي 15/ 71، المجموع 8/ 352، كفاية الأخيار ص 695، مغني المحتاج 4/ 282. (5) الوسيط 3/ ق 195/ ب وتمامه "العوراء البين عورها، والعرجاء البين عرجها، والمريضة البين مرضها، والعجفاء التي لا تُنْقِي". (6) أبو داود 3/ 236، في كتاب الضحايا، باب ما يكره من الضحايا، والترمذي 4/ 72 في كتاب الأضاحي، باب ما لا يجوز من الأضاحي، والنسائي 7/ 214 - 216، في كتاب الضحايا، باب ما نهي عنه من الأضاحي، باب العوراء، والعرجاء، والعجفاء، وابن ماجة 2/ 1050، في كتاب الأضاحي، باب ما يكره أن يضحي به، وكما رواه أحمد 4/ 284، 289، 300، 301، والدارمي 2/ 105، ومالك في الموطأ 2/ 384، وابن الجارود في المنتقى ص 224، والطحاوي 4/ 168، وابن حبان 13/ 240 - 241، 245، والحاكم 1/ 640، والبيهقي في الكبرى 9/ 459، من طرق عن عبيد بن فيروز عن البراء به. وقال الحاكم: هذا حديث صحيح ولم يخرجاه، ووافقه الذهبي، وصححه أيضاً الألباني في الإرواء 4/ 361. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 200 قوله: "لا تُنْقِي" بضم التاء وإسكان النون، وكسر القاف (من النِّقْي بكسر النون وإسكان القاف) (1) وهو مخ العظام (2)، وقيل (3): هو الشحم (4)، أي التي لا (5) يوجد فيها شحم، أو التي لا مخ في عظامها. والله أعلم. قوله: "نهى عن الثَّوْلاء" (6) لم أجده ثابتاً (7)، وذكر الجوهري اللغوي (8) أن الثَّول بالفتح جنون يصيب الشاةَ، فلا تتبع الغنم، وتستدير في مرعاها، يقال: شاة ثَولاء، وتيس أثوَل (9). والله أعلم. قوله: "ما دامت ترى بالعينين، وإن كان عليهما سواد" (10) إنما يقال: في هذا عليهما (11) بياض، وكأنه أراد فيهما (12) سواد (13) أي ظلمة. والله أعلم.   (1) ما بين القوسين ساقط من (د). (2) انظر: الصحاح 6/ 2514، النهاية في غريب الحديث 5/ 111، المصباح المنير ص 624. (3) نهاية 2/ ق 137/ أ. (4) انظر: المصادر السابقة قبل هامش. (5) ساقط من (ب). (6) الوسيط 3/ ق 195/ ب. (7) وقال ابن الملقن وبعده ابن حجر ذكره ابن الأثير في النهاية في غريب الحديث عن الحسن: "لا بأس أن يضحي بالثولاء" انظر: تذكرة الأحبار (ق 232/ أ) والتلخيص 4/ 140. (8) في الصحاح 4/ 1649. (9) وقال ابن الأثير: الثول: داء يأخذ الغنم كالجنون يلتوي منه عُنُقُها، وقيل: هو داء يأخذها في ظهورها ورؤسها فتخرّ منه. انظر: النهاية في غريب الحديث 1/ 230. (10) الوسيط 3/ ق 195/ ب وفي (د): (سواداً). (11) في (د): و (ب) (عليها). (12) في (أ): (فيها). (13) في (د): (سواداً). الجزء: 4 ¦ الصفحة: 201 قوله: "وأما الشرقاء، والخرقاء، والمقابَلَة، والمدابرة، فقد نهى عنها علي - رضي الله عنه -" (1). هذا فيه تقصير إذ جعله موقوفاً، وهو مرفوعاً، فقد روينا (2) في السنن الكبير (3) وغيره عن علي - رضي الله عنه - قال: أمرنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن نَستشرِفَ العينَ، والأذن، وأن لا نضحِّي بمقَابَلَةٍ، ولا مدَابرَةٍ، ولا شرقاء، ولا خرقاءَ) أخرجه أبو داود، والنسائي، والترمذي، وابن ماجة (4)، وقال الترمذي: هذا حديث حسن صحيح. والمقَابَلة، والمدابرة: بفتح الباء (فالمقابلة) (5): التي قطع مقدم أذنيها فِلْقةً (6) وتدلت في مقابلة الأذن ومن مقدمه.   (1) الوسيط 3/ ق 195/ ب. (2) في (ب): (رويناه). (3) 9/ 461 - 462، من طريق زهير ثنا أبو إسحاق عن شريح بن النعمان عن علي به. (4) أبو داود 3/ 237 في كتاب الضحايا، باب ما يكره من الضحايا، والترمذي 4/ 73 في كتاب الأضاحي، باب ما يكره من الأضاحي، والنسائي 7/ 216 - 217، في كتاب الضحايا، باب المقابلة، وهي ما قطع طرف أذنها، وباب المدابرة، وهي ما قطع مؤخر أذنها، وابن ماجة 2/ 1050، في كتاب الأضاحي، باب ما يكره أن يضحي به، وكما رواه أحمد 1/ 108، 125، 149، والدارمي 2/ 106، وابن الجارود في المنتقى ص 228، والطحاوي في شرح معاني الآثار 4/ 169، وابن حبان 13/ 242، والحاكم 4/ 249، من طرق عن أبي إسحاق عن شريح بن النعمان عن علي به. وصححه الحاكم، ووافقه الذهبي، وأعله الدارقطني كما في التلخيص 4/ 140، وضعفه الألبانى دون جملة الاستشراف على العين والأذن. انظر: صحيح سنن النسائي 3/ 14، ضعيفه ص 177، الإرواء 4/ 362 - 364. (5) ما بين القوسين ساقط من (د). (6) الفلقة: القطعة وزناً ومعنىً. انظر: المصباح المنير ص 481. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 202 والمدابرة: التي قطع من دبر أذنها، أي مؤخرها فلقة وتدلت منه وتلك الفلقة تسمى الإقبالة، والإدبارة (1). والخرقاء: من الغنم التي في أذنها خَرْق، وهو ثَقْبٌ مستدير (2). والشرقاء: التي شَرَق أذنها، أي شقّ، وعن الشافعي أنها مشقوقة الأذن باثنين طولاً (3). والله أعلم. قوله: "ونهى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن المصلومة، والمستأصلة (4) " (5). أخرج هذا الحديث أبو داود في سننه (6) من حديث لعتبة بن عبد السلمي (7) في الضحايا، قال: (نهى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن المُصْفَرَّة، والمُستأصلة) وفي حديثه "أن المُصْفرة: هو التي تستأصل أذنها حتى يبدو (8)   (1) انظر: الصحاح 5/ 1797، النهاية في غريب الحديث 2/ 98، 4/ 8. تهذيب الأسماء واللغات 3/ 1/ 103. (2) انظر: النهاية في غريب الحديث 2/ 26، المصباح المنير ص 167. (3) انظر: الحاوي 15/ 88، والنظم المستعذب 1/ 318. (4) في (د): (والمستوصلة). (5) الوسيط 3/ ق 195/ ب. وبها نهاية 2/ ق 137/ ب. (6) 3/ 236 في كتاب الضحايا، باب ما يكره من الضحايا، وكما رواه أحمد 4/ 185، والحاكم 4/ 250 - 251، والبيهقي في الكبرى 9/ 461، والصغير 1/ 468، من طرق عن ثور بن يزيد حدثني أبو حميد الرعيني حدثني يزيد بن خالد المصري عن عتبة عبد السلمي به. قال الحاكم: هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه، وسكت عنه الذهبي، وأعله ابن حزم في المحلى 7/ 360 وقال: لا يصح؛ لأنه من طريق أبي حميد الرعيني وأبي مضر وهما مجهولان. وضعفه أيضاً الألباني في ضعيف سنن أبي داود ص 274، برقم (599). والله أعلم. (7) في (أ) (لعقبة بن عبد السليمي) وهو تحريف: وهو عتبة بن عبد السلمي، ويقال: كان اسمه عتلة، وقيل: نشبة، فغيره النبي - صلى الله عليه وسلم - وشهد غزوة بني قريظة ومات سنة 87 هـ وقيل: قبل ذلك، وهوآخر من مات بالشام من الصحابة - رضي الله عنهم -. انظر: الجرح والتعديل 6/ 371، أسد الغابة 3/ 362، الإصابة 2/ 454. (8) في (أ) (يبدوا). الجزء: 4 ¦ الصفحة: 203 سماخها (1). والمستأصلة [التي استؤصل] (2) قرنها من أصله" (3). وقوله: "المصلومة" معناه أيضاً: المستأصلة الأذن (4). والمصفرَّة: هي بضم الميم وفتح الفاء، وقيل: سميت بذلك؛ لأن صماخها صَفِرَ من الأذن، أي خلا (5). والله أعلم. قوله في الأذن: "إذا كان صغيراً في الخلقة جاز، وإن كانت سكَّاءَ فلا" (6). أراد بالسكّاء التي لا أذن لها، وهو صحيح من حيث اللغة، فإنه مشترك، يقال ذلك لصغيرة (7) الأذنين، ويقال أيضاً: للتي لا أذن لها (8). والله أعلم. قوله في تناثر الأسنان: "إذ لا يؤثر في اللحم" (9). يفهم منه أنه لو أثر في اللحم بأن أفضى إلى عجف (10) بيّنٍ منع (11)، وقد   (1) في (أ) و (ب) (صِماخها) بصاد مهملة. وهو خرق الذي يفضي إلى الرأس وهو السمع، وقيل: هو الأذن نفسها. والسين لغة فيه. انظر: الصحاح 1/ 426، المصباح المنير ص 347. (2) ما بين المعقوفتين زيادة من سنن أبي داود. (3) وانظر: أيضاً النهاية في غريب الحديث 3/ 1، 36/ 52، واللسان 4/ 11، 362/ 16. (4) انظر: النهاية في غريب الحديث 3/ 49, المصباح المنير ص 346. (5) انظر: معالم السنن 3/ 236، النهاية في غريب الحديث 3/ 36. (6) الوسيط 3/ ق 196/ أ. (7) في (د): (للصغيرة). (8) انظر: المصباح المنير ص 282، والقاموس ص 1217. (9) الوسيط 3/ ق 196/ أ. (10) العجف: هو الهُزَالُ المذهب للحم. انظر: الصحاح 4/ 1399، النهاية في غريب الحديث 3/ 86. (11) قال النووي: "تجزئ ذاهبة بعض الأسنان، فإن انكسرت جميع أسنانها أو تناثرت، فقد أطلق البغوي وآخرون أنها لا تجزئ، وقال إمام الحرمين: قال المحققون: تجزئ، وقيل: لا تجزئ، وقال بعضهم: إن كان ذلك لمرض، أو كان يؤثر في الإعتلاف وينقص اللحم منع، وإلا فلا، قال الرافعي: وهذا أحسن ولكنه يؤثر بلا شك، فرجع الكلام إلى المنع مطلقاً، هذا كلام الرافعي، والصحيح المنع مطلقاً" المجموع 8/ 318، وانظر أيضاً: الحاوي 15/ 83، الروضة 2/ 465. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 204 صرح بذلك شيخه (1). والله أعلم. ما ذكره من تضحية رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عنه، وعن أمته (2) ثابت من حديث جابر وغيره، أخرجه أبو داود، وغيره (3). والله أعلم. وما ذكره من حديث (لدم عَفْرَاء أحبّ عند الله من دم سوداوين) (4).   (1) نهاية المطلب 18/ ص 198. (2) انظر: الوسيط 3/ ق 196/ أ. (3) أما من حديث جابر فرواه أبو داود 3/ 240 في كتاب الضحايا، باب في الشاة يضحي بها عن جماعة، والترمذي 4/ 85 في كتاب الأضاحي، باب بدون ترجمة مرقم بـ (22)، وأحمد 3/ 356، 362، والطحاوي 4/ 177 - 178، والدارقطني 4/ 285، والحاكم 4/ 255، والبيهقي في الكبرى 9/ 443 من طرق عن عمرو بن أبي عمرو، عن المطلب بن عبد الله عن جابر قال شهدت مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الأضحى بالمصلى، فلما قضى خطبته نزل من منبره وأتى بكبش فذبحه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بيده وقال: بسم الله والله أكبر هذا عني وعمن لم يضح من أمتي). وقال الترمذي: هذا حديث غريب من هذا الوجه، ويقال: إن المطلب بن عبد الله لم يسمع من جابر. وقال الحاكم: صحيح الإسناد، ووافقه الذهبي، وقال الألباني: وهو كما قالا، فإن رجاله كلهم ثقات، ثمّ قال معقبا على الترمذي في قوله المذكور "قلت: ورواية الطحاوي تردّ هذا القيل، وقد قال ابن أبي حاتم في روايته عن جابر: "يشبه أنه أدركه" وهذا أصح مما رواه عنه ابنه في "المراسيل" لم يسمع من جابر. على أنه لم ينفرد به، فقد رواه محمَّد بن إسحاق عن يزيد بن أبي حبيب عن أبي عياش عن جابر قال: فذكر نحوه، أخرجه أبو داود (2795) والدارمي (2/ 75 - 76) والطحاوي والبيهقي (9/ 285، 287) قلت: ورجاله ثقات غير أبي عياش هذا وهو المعافري المصري وهو مستور روى عنه ثلاث ثقات". وأما من حديث غير جابر فقد روي من حديث أبي رافع وعائشة وأبي هريرة وأبي سعيد الخدري وأبي الدرداء - رضي الله عنهم -. انظر: تخريجها والكلام عليها مفصلاً في: نصب الراية 4/ 215 - 216، والتلخيص 4/ 140، وإرواء الغليل 4/ 351 - 154. (4) الوسيط 3/ ق 196/ أ. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 205 رويناه في السنن الكبير (1) من حديث أبي هريرة (2)، أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: (دم عفراء (3) أحبّ إلى الله من دم سوداوين) وروي موقوفاً عن أبي هريرة من قوله (لدم بيضاء (4) أحب إلى الله من دم سوداوين) (5) وذكر البخاري أنه لا يصح رفعه إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - والله أعلم. قوله: "وفي منذورات دماء الحج خلاف" (6) (تخصيصه ذلك بمنذورات دماء (7) الحج) (8) ليس في "البسيط" (9) و"النهاية" (10) وهو غير مخصوص بذلك بل لو قال: لله عليّ أن أضحي بشاةٍ فهل   (1) 9/ 458، وكما رواه أحمد 2/ 417، والحاكم 4/ 252 من طريق عبد العزيز بن محمَّد الدراوردي عن أبي ثِفَال المُرِّي عن رباح بن عبد الرحمن عن أبي هريرة به. سكت عنه الحاكم والذهبي معاً، وأورده الهيثمي في المجمع 4/ 18 وقال: رواه أحمد وفيه أبو ثفال قال البخاري فيه نظر. وحسنه الألباني في الصحيحة 4/ 476. (2) في (ب) زيادة (و). (3) قوله: (دم عفراء) أي الشاة البيضاء المائلة إلى حمرة. الصحاح 2/ 751 - 752، النهاية في غريب الحديث 3/ 261. (4) في (أ) (عفراء). (5) رواه البخاري في التاريخ الكبير 4/ 197 - 198، والبيهقي في الكبرى 9/ 458، من طريق توبة العنبري عن سلمي بن عتاب عنه موقوفاً. وقال البخاري عقبه ما ذكره المصنف عنه. (6) الوسيط 3/ ق 196/ أولفظه قبله "الوقت: ولا تجزئ الضحية إلا في يوم النحر وأيام التشريق، ودماء الجبرانات في الحج لا يختص بوقت، وفي منذورات ... إلخ". وبها نهاية 2/ ق 138/ أ. (7) في (ب) (دم). (8) ما بين القوسين ساقط من (د). (9) 6/ ق 5/ ب وما بعدها. (10) نهاية المطالب 18/ 183. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 206 تتعين (1) الأيام الأربعة فيها؟ فيه وجهان مذكوران قد ذكرهما هو من بعد (2). وإذا قلنا: لا تتعين هذه الأيام فيه، فلو عين شاةً في نذر المطلق فهل تتعين تلك (3) الشاة؟ فيه وجهان. وإذا قلنا: تتعين فهل تتأقت بهذه الأيام؟ فيه وجهان (4). فكأنه - رحمه الله - فرّع على ذلك ما إذا ثبت في ذمته دماء من جبرانات الحج ثم عينها بالنذر في شاة (5) معينة، وخرّج تعينها ثم تأقيتها (6) على الخلاف المذكور. والله أعلم. الحديث (7) الذي ذكره في قصر الخطبة (8) رواه مسلم في صحيحه (9) من حديث عمار بن ياسر (10) - رضي الله عنه -.   (1) في (أ) (يتعين). (2) انظر: الوسيط 3/ 197/ أ، وأصحهما: تتعين. انظر: المجموع 8/ 402، الروضة 2/ 478. (3) في (د): (بذلك). (4) انظر: الوسيط 3/ ق 197/ ب ذكره بالمعنى. (5) في (أ) (شياه). (6) في (أ) و (ب) (تأقتها). (7) ساقط من (د). (8) قال في الوسيط 3/ ق 196/ ب. في النظر إلى أول الوقت وآخره " ... وقال المراوزة: يعتبر في الخطبة الخفَّة وإنما الخلاف في خفة الركعتين؛ لقوله - صلى الله عليه وسلم - (قصر الخطبة ... إلخ). (9) 6/ 158 مع النووي في كتاب الجمعة، باب صلاة الجمعة وخطبتها من حديث عمار قال: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: (إنّ طول الصلاة وقصر خطبته مئنَّة من فقهه، فأطيلوا الصلاة واقصروا الخطبة، لأن من البيان سحراً). (10) هو عمار بن ياسر بن عامر بن مالك أبو اليقظان العنسي حليف بني مخزوم، كان من السابقين إلى الإسلام هو وأبوه وأمه، وكانوا ممن يعذب في الله فكان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يمرّ بهم فيقول: (صبراً آل ياسر فإن موعدكم الجنة) شهد المشاهد كلها، ومناقبه كثيرة ومشهورة قتل بصفين مع علي - رضي الله عنه - سنة 27 هـ. انظر: الاستيعاب 2/ 476 - 481، تهذيب الأسماء واللغات 2/ 37 - 38، الإصابة 2/ 512. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 207 قوله: "مَئِنَّة" هو بميم مفتوحة ثم همزة مكسورة، ثم نون مشددة، ثم تاء التأنيث، أي دلالة محققة لفِقْههِ، وأصلها من "إنَّ" التي هي للإثبات (1) والتحقيق (2). قوله: في فوات الضحية "لا معنى لقضائها، فإنه لا بدَّ من الصبر إلى العيد الثاني، وعند ذلك يقع عن حق الوقت" (3). هذا في الضحية المسنونة (4)، أما الواجبة، إذا فاتت فعندنا أنها تقضى بعد وقتها في غير أيامها (5) خلافا لأبي حنيفة (6). والله أعلم. قوله: في كيفية الذبح "أما القطع احترزنا به عن اختطاف رأس العصفور ببندقة، فإنه لا يبيح" (7). هذا صحيح؛ لأن الاختطاف قلع لا قطع، وفيه طرف من الخنق، وأما قطع الحُلْقوم والمرئ، (ففيه احتراز عما إذا وجد القطع لكن لا في نفس (8) الحُلْقوم   (1) في (أ) (الإثبات). (2) انظر: الصحاح 6/ 2199، النهاية في غريب الحديث 4/ 290. (3) الوسيط 3/ ق 196/ ب. (4) انظر: الحاوي 15/ 111، المهذب 1/ 317، الشامل 6/ ق 61/ أ، الروضة 2/ 468، المجموع 8/ 293. (5) انظر: المصادر السابقة. (6) فعنده إذا مضت أيام النحر الثلاثة لم تجز التضحية بعد ذلك، فإن كان أوجب على نفسه شاةً بعينها تصدق بها حية أو بقيمتها على المساكين، وإن كانت مسنونة بطل إيجابها وعادت بفوات الوقت إلى ملكها. انظر: المبسوط 12/ 9، 14، وبدائع الصنائع 6/ 2829. (7) الوسيط 3/ ق 196/ ب. (8) ساقط من (أ). الجزء: 4 ¦ الصفحة: 208 والمرئ) (1)، بأن أمَرَّ السكين فوق الحلقوم والمرئ، وقطع الرأس من غير أن يقطع شيئاً من الحلقوم والمرئ (2) فهذا لا يجزئ (3) قطع به القفال (4) والإمام أبو المعالي (5)، وغيرهما (6). والله أعلم. ثم إن الحلقوم، هو مجرى النفس (7). والمرئ، يهمز (ولا يهمز) (8) وهو مجرى الطعام والشراب (9). والوَدَجَان، عرقان في جانبي المرئ يستبطآنه. وقيل: محيطان (10) بالحُلْقوم. وقيل: يحيطان بهما (11). والله أعلم. ما ذكره من أن كل جرح يقارن الذبح (12)، ويؤثر في التذفيف يمنع الحل (13).   (1) ما بين القوسين ساقط من (ب). (2) نهاية 2/ ق 138/ ب. (3) انظر: المجموع 9/ 99، الروضة 2/ 471. (4) لم أقف على هذا النقل عنه عند غير المصنف. (5) نهاية المطلب 18/ ص 189. (6) كالماوردي والرافعي انظر: الحاوي 15/ 90، فتح العزيز 12/ 81. (7) أي خروجاً ودخولاً انظر: اللسان 12/ 150، المجموع 9/ 98، مغني المحتاج 4/ 270. (8) ما بين القوسين ساقط من (أ). (9) وهو تحت الحلقوم. انظر: النظم المستعذب 1/ 336، تحرير ألفاظ التنبيه ص 124، المجموع 9/ 98. (10) في (أ) و (ب) (يحيطان). (11) انظر: النهاية في غريب الحديث 5/ 165، اللسان 2/ 397، النظم المستعذب 1/ 336، تحرير ألفاظ التنبيه ص 124. (12) في (أ) (يقابل الجرح). (13) انظر: الوسيط 3/ ق 196/ ب. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 209 لا يرد عليه ما سبق (1) من صورة ثبوت الحل في مسألة الذبح من القفا (2)، فإن الجرح من القفا منها لم (3) يقارن الذبح، بل تقدمه واستمرت الحياة المستقرة (4) إلى قطع الذبح، فكان التذيف واقعاً به لا غير، فلو لم يكن كذلك، وقارن الذبح بأن جعل واحد يقطع من جانب القفا، وآخر يقطع من جانب الحلقوم حتى التقى (5) القطعان، كان من هذا القبيل وحرم (6). والله أعلم. حركة المذبوح (7)، هي الحركة القوية، والإضطراب الشديد، فإذا وجد ذلك بعد قطع الحُلْقوم، والمرئ تبينا مصادفة الذبح للحياة المستقرة، وإن لم يوجد بعد الذبح تبينا عدمها من قبل، هذا ما اعتمده المزني (8) وطوائف من الأصحاب (9). وقول صاحب الكتاب "وقال المزني: من علاماته أن يتحرك بعد الذبح، وقيل (10): أن ينفجر الدم" (11) (من قرأ "وقيل" بالباء الموحدة فقد صحَّف،   (1) يعني في الوسيط 3/ ق 196/ ب. (2) في (د): (الفقهاء)، وهو تحريف!. (3) ساقط من (ب) وفي (د): (لا). (4) ساقط من (د). (5) في (أ) (اللتقى) كذا. (6) انظر: فتح العزيز 12/ 81، المجموع 9/ 100، الروضة 2/ 371، مغني المحتاج 4/ 271. (7) انظر: الوسيط 3/ ق 196/ ب. (8) انظر: مختصر المزني ص 299. (9) انظر: فتح العزيز 12/ 80، المجموع 9/ 101، الروضة 2/ 472، كفاية الأخيار ص680. (10) في (أ) (وقبل). (11) الوسيط 3/ ق 196/ ب. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 210 وإنما هي (1) "وقيل" من القول، أي منهم من اعتمد انفجار الدم) (2) بعد الذبح (3) وليس بشيء. وقوله: "قد تخرج حُشْوَة (4) المذبوح، وهو يتحرك بعد" (5) أي قد يذبح ويشرع في حركة المذبوح، ثم تنزع (6) حشوته فيتحرك أيضاً بعدها حركة المذبوح، مع أن نزع الحشوة لم (7) يصادف حياةً مستقرةً، ونزع الحشوة كالذبح في التذفيف. والله أعلم. قوله: "ولا بأس أن يقول: بسم الله، ومحمد رسول (8) الله بالرفع ... " (9) إلى آخر ما ذكره في ذلك، ليس فيه ذكر ما يستحب في ذلك، وهو الصلاة عليه (10) وقد نصّ الشافعي (11) على أنه يستحب مع التسمية أن يقول: صلى الله على رسول الله. والله أعلم.   (1) في (أ) (هو). (2) ما بين القوسين ساقط من (ب). (3) انظر: المجموع 9/ 101، الروضة 2/ 472، كفاية الأخيار ص 680. (4) في (أ) زيادة (و). (5) الوسيط 3/ ق 197/ أ. (6) في (أ) زيادة (حرلا) كذا. (7) نهاية 2/ ق 139/ أ. (8) هذه الكلمة غير واضحة في (ب). (9) الوسيط 3/ ق 197/ أوتمامه "ولا يجوز أن يقول: باسم محمَّد ولا أن يقول: بسم الله ومحمد رسول الله فإنه تشريك". (10) انظر: الحاوي 15/ 96، الشامل 6/ ق 56/ أ، حلية العلماء 3/ 375، الروضة 2/ 475، كفاية الأخيار ص 702. (11) انظر: الأم 2/ 375. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 211 اللَّبَّة (1): هي ثُغْرَة النحر، وهي الوَهْدَة التي في أسفل العنق، وأعلى الصدر هذا هو المنحر (2). وأما المَذْبَح: فهو تحت مجمع اللحيين في أعلى العنق. والله أعلم. قوله: "ولو كان عليه نذر فقال: جعلتُ هذه عن نذري لَغَا (3) تعيينه لضعف اللفظ والغرض في التعيين" (4). يعني (5) أنه لو كان عليه نذر دراهم مطلقة، فقال: جعلت هذه الدراهم عن نذري، لم يتعين (6)؛ لأن التعيين ضعيف في الدراهم لضعف الغرض في تعيينها بخلاف العبد (7)، والضحية، ولفظ التعيين أيضاً ضعيف من حيث إنه أضاف التعيين إلى ما تقدم إطلاقه، وثبوته ديناً في الذمة، والدين لا يصير عيناً إلا بالأداء بخلاف ما إذا عين من الابتداء ما نذره. والله أعلم. قوله: "والصحيح أن ذكر وصف الضحية يوجب تعيين الوقت" (8).   (1) قال في الوسيط 3/ ق 197/ أ "ويستحب ذبح البعير في اللَّبَّة ... إلخ". (2) وقال ابن قتيبة: اللّبة: هي العظام التي فوق الصدر وأسفل الحلق بين التَّرْقُوتين، وفيها تنحر الإبل. انظر: النهاية في غريب الحديث 4/ 223، المصباح المنير ص 547، تاج العروس 1/ 466. (3) في (د): (أما). (4) الوسيط 3/ ق 197/ أ. (5) في (أ) (بمعنى). (6) انظر: فتح العزيز 12/ 89، الروضة 2/ 477 - 478، المجموع 8/ 402 - 403. (7) تكرر في (ب). (8) الوسيط 3/ ق 197/ أ. ولفظه قبله "ولو قال: لله عليّ أن أضحي بشاةٍ ففي تعيين الوقت وجهان من حيث إنه يشبه دماء الجبرانات لكونه في الذمة، والصحيح أن ذكر ... إلخ". الجزء: 4 ¦ الصفحة: 212 ليس يعني به ما إذا ذكر صفة الشاة التي نذر التضحية بها، وإنما يعني به أن مجرد ذكر اسم الضحية في المسألة التي ذكرها يوجب تعيين وقتها في الأيام الأربعة، قياسا على سائر الضحايا. والله أعلم. وقوله: "فإذا قلنا: لا يتعين الوقت، فلو قال: جعلت هذه الشاة عن جهة نذري، ففي التأقيت (1) وجهان" (2) يعني به إذا فرعنا على أن هذه الشاة تتعين، فهل تتأقت كما إذا عينها في ابتداء النذر، أو لا تتأقت لكونه عينها عن النذر المطلق؟ والتفريع على أن ذلك لا يتأقت فيه وجهان (3). والله أعلم. قوله: في تلف الضحية المعينة "لا شيء عليه، إلا أن يكون قد عينها عن نذر سابق ... إلى (4) آخره" (5). شرحه: أنه إذا قال: جعلت هذه الشاة ضحية عما سبق من النذر أضحية (6) مطلقة، فماتت، وقلنا: إنها تتعين، ففي وجه يلزمه الإبدال (7)، فإن تعيينه لها كان بشرط وفائها بما نذر ولم يف. والوجه الآخر: أنه لا يلزمه الإبدال (8) كما لوقال: جعلت هذه الشاة أضحية (9) من غير أن يسبق نذر. والله أعلم.   (1) نهاية 2/ ق 139/ ب. (2) الوسيط 3/ ق 197/ أ. (3) أصحهما لا. انظر: فتح العزيز 12/ 89 - 90، الروضة 2/ 478. (4) في (د): (لما). (5) الوسيط 3/ 197/ أ. (6) في (أ) و (ب) (الضحية). (7) هذا هو المذهب وبه قطع الجمهور. انظر: الحاوي 2/ 213، المجموع 8/ 345، الروضة 2/ 480. (8) انظر: المصادر السابقة. (9) في (أ) و (ب) (ضحية). الجزء: 4 ¦ الصفحة: 213 قوله: "فيما إذا ذبح أجنبي الضحية، وفرّق لحمها، وتعذر استرداده، فعلى الذابح قيمة اللحم، وأرش الذبح جميعاً" (1). يعني به على الكيفية المذكورة (2) من بعد في تغريم كل من ذبح شاة غيره، وفوت لحمها، وفيها القولان المذكوران: أحدهما: يغرم قيمتها حيةً (3)، وذلك يتضمن قيمة اللحم وحده، وأرش الذبح وحده. والله أعلم. قوله: في التَّعيُّب "لو كان العيب بحيث يمنع الإجزاء في الضحية، فهل ينفك عن الضحية، والشاة معينة (4)؟ فوجهان" (5). يعني به إذا كانت معينةً عن نذر سابق مطلق، وقلنا: إنها تتعين، وقلنا: يلزمه الإبدال عند التلف، أو التعيب، أما من حيث لا يلزمه الإبدال فلا تنفك قطعاً (6). والله أعلم. قوله: في الأضحية المتطوع (7) بها "هل يجوز أكل الجميع، أولا تتأدى السنة إلا (8) بالتصدق بشيء؟ فيه وجهان" (9).   (1) الوسيط 3/ ق 197/ ب. (2) ساقط من (ب). (3) انظر: الوجيز 2/ 213، المجموع 8/ 343، الروضة 2/ 482. (4) في (أ) (المعينة). (5) الوسيط 3/ ق 197/ ب. (6) انظر: فتح العزيز 12/ 100، المجموع 345، الروضة 2/ 484. (7) في (د): (التطوع). (8) نهاية 2/ ق 140/ أ. (9) الوسيط 3/ ق 198/ أ. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 214 لا يستفاد من قوله: "لا تتأدى السنة" أن أضحية التطوع بعد ذبحها بنية الضحية يجوز له العدول بها إلى غير مصارف الضحايا، فإنه ليس كذلك، وفي كلامه بعد هذا ما يشعر بهذا. والمقطوع به في المذهب أنه لا يجوز بيع شيء منها عندنا، وإن كانت تطوعاً (1)؛ لأنه بفعل التضحية (2) أخرجها قربةً، فلا يجوز له الرجوع فيها، وانتفاعه بها، إنما جاز على أنه من مصارفها. وفي "الشامل" (3) لابن الصباغ، قال أصحابنا: إنما (4) جاز له الأكل، والانتفاع بالجلد رخصة فلا يتعدى بذلك إلى (5) جواز البيع. والله أعلم. قوله: "التصدق بالكل حسن" (6) يستثنى منه اليسير الذي يستحب له أكله (7). والله أعلم. قول (8) أمير المؤمنين علي - رضي الله عنه - إن صح عنه "بطِمْرَيه" (9) هو بكسر الطاء (10)   (1) انظر: الأم 2/ 351، الحاوي 15/ 119، المهذب 1/ 320، الشامل 6/ ق 60/ أ، المجموع 8/ 397، كفاية الأخيار ص 704. (2) في (أ) (الضحية). (3) 6/ ق 60/ أ. (4) ساقط من (أ). (5) ساقط من (د). (6) الوسيط 3/ ق 198/ أ. (7) انظر: الحاوي 15/ 117، المجموع 8/ 393. (8) في (أ) و (ب) (قوله). (9) قال في الوسيط 3/ 198/ أ "قال علي - رضي الله عنه - في خطبته بالبصرة: أما أن أميركم قد رضي من دنياكم بطمريه لا يأكل اللحم إلا فلذة من كبد أضحيتة". قال ابن الملقن: في تذكرة الأحبار (ق 234/ أ) كذا ذكره إمامه. وقال عنه الحافظ ابن حجر في التلخيص 4/ 146 "لم أجده" والله أعلم. (10) في (د): (الصاد)، وهو خطأ. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 215 المهملة وإسكان الميم أي ثوباه الخَلَقان (1). والفِلْذَة: بفاء مكسورة، ثم لام ساكنة، ثم ذال منقوطة، هي القطعة (2). والله أعلم. قوله: "كمال الشعار يتأدى بالنصف" (3) معناه أدنى الكمال. قوله: "وقيل: بالثلث" جعله وجهاً وهما قولان مشهوران (4) والأول هو القديم (5). والثاني: هو الجديد، والأصح (6)، ثمّ عبارة صاحب "المهذب" (7) وغيره (8) أنه يأكل الثلث، ويهدي الثلث، ويتصدق بالثلث. وقوله: " (9) يهدي" أي إلى الأغنياء، وقد أفصح بذلك بعضهم (10)، ومنهم من قال في هذا: ويطعم الثلث الأغنياء (11)، ومنهم من قال فيه بدلاً عن الهدية:   (1) انظر: النهاية في غريب الحديث 3/ 138، القاموس ص 554. (2) انظر: الصحاح 2/ 568، المصباح المنير ص 481. (3) الوسيط 3/ 198/ أ، وتمامه "لقوله تعالى: {فَكُلُوا مِنْهَا وَأَطْعِمُوا} وقيل: يتأدى بالثلث ... إلخ". (4) ساقط من (أ). (5) انظر: الحاوي 15/ 118، المهذب 1/ 319، المجموع 8/ 392، الروضة 2/ 492، كفاية الأخيار ص 703. (6) انظر: الشامل 6/ ق 59/ ب، حلية العلماء 3/ 375 - 376، كفاية الأخيار ص 703، مغني المحتاج 4/ 290. (7) 1/ 319. (8) كابن الصباغ، والقفال الشاشي وغيرهما. انظر: الشامل 6/ ق 59، حلية العلماء 3/ 376، المجموع 8/ 392، كفاية الأخيار ص 703. (9) في (أ) زيادة (و). (10) انظر: فتح العزيز 12/ 110، المجموع 8/ 392، كفاية الأخيار ص 703 - 704. (11) انظر: مغني المحتاج 4/ 290. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 216 ويدخر الثلث، ذكره غير واحد (1). وقد قال صاحب "الحاوي". (2) ونقله عنه (3) صاحب "البحر" في الأضحية أربعة أحكام: الأكل، وإلادخار، والصدقة، والهدية إلى الأغنياء، قال: ولا خلاف أن الادخار غير مستحب، بل هو مباح. قال الشارح - رحمه الله - (4): ووجدت في كتاب "جمع الجوامع" من (5) منصوصات الشافعي عنه أنه قال: كل ما كان من الضحايا، والهدايا تطوعاً، أكل منه وأطعم، وأهدي، وادخر، وتصدق، قال: وأحبّ إليّ (6) أن لا يأكل، ولا يحبس إلا ثلثاً، ويهدي ثلثاً ويتصدق بثلث. قال الشارح - رحمه الله - (7): والإطعام واقع فيما يحبسه، ويدّخره فاعلم. والله أعلم.   (1) ذكره الماوردي في الحاوي 15/ 117، والغزالي في الوجيز 2/ 214، وتعقبه الرافعي ووافقه عليه النووي فقال: "وأما قول الغزالي في الوجيز: "يتصدق بالثلث ويأكل الثلث ويدخر الثلث" فبعيد منكر نقلاً ومعنىً فإنه لا يكاد يوجد في كتاب متقدم ولا متأخر، والصواب المعروف ما قدمناه" وزاد النووي "وقد قال الشافعي: في المبسوط، أحبّ أن لا يتجاوز بالأكل والإدخار الثلث، وأن يهدي الثلث، ويتصدق بالثلث، وهذا نصّه بحروفه، وقد نقله أيضاً القاضي أبو حامد في جامعه ولم يذكر غيره، وهذا تصريح بالصواب وردّ لما قاله الغزالي". انظر: فتح العزيز 12/ 111 - 112، الروضة 2/ 492 - 493، المجموع 8/ 396. (2) 15/ 115، 117. (3) نهاية 2/ ق 140/ ب. (4) في (د): و (أ) (قال شيخنا الشارح - رحمه الله -). (5) في (أ) و (ب) (في). (6) ساقط من (أ). (7) في (أ) (قال شيخنا الشارح - رحمه الله -). الجزء: 4 ¦ الصفحة: 217 وقوله: "لقوله - صلى الله عليه وسلم -: (كلوا منها وادَّخروا، واتَّجروا) (1). هذا حديث حسن رويناه في سنن أبي داود، وغيره (2) من حديث نُبَيْشَة الهذلي (3) عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -. وهو نبيشة، مضموم الأول على وزن عيينة. والرواية فيه "واتجروا" (على وزان واتخذوا) (4) وهو بمعنى ائْتجروا (5) بالهمز من الأجر كقولهم: في الإزار اتزروا (6)، وقد صحح ذلك من حيث اللغة الإِمام أبو سليمان الخطابي (7) وأبو عبيد الهروي صاحب "الغريبين" (8).   (1) الوسيط 3/ ق 198/ أ. (2) أبو داود 3/ 243 في كتاب الأضاحي، باب في حبس لحوم الأضاحي، والنسائي 7/ 170 في كتاب الفرع والعتيرة، باب تفسير العتيرة مطولاً، وابن ماجة 2/ 1055 في كتاب الأضاحي باب ادخار لحوم الأضاحي، وأحمد 5/ 75، 76، والدارمي 2/ 108، والبيهقي في الكبرى 9/ 492 مختصراً من طرق عن خالد الحذاء عن أبى المَلِيح عن نبيشة قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - (إنا كنا نهيناكم عن لحومها أن تأكلوها فوق ثلاث لكي تَسَعَكم فقد جاء الله بالسعة فكلوا وادّخروا، واتّجروا). واللفظ لأبي داود، وصححه الألبانى في صحيح سنن أبى داود برقم (2503) وصحيح سنن ابن ماجة برقم (2557). (3) هو نبيشة الخير بن عمرو بن عوف بن عبد الله، وقيل: هو نبيشة الخير بن عبد الله بن الحارث بن حسين، وقيل في نسبه: غير ذلك، أبو طريف الهذلي له صحبة نزل البصرة روى عنه أبو المليح الهذلي، وغيره. انظر: الاستيعاب 3/ 570، أسد الغابة 5/ 13، الإصابة 3/ 551. (4) ما بين القوسين ساقط من (د). (5) في (د): (اتجروا). (6) في (د): و (أ) (اتزر) بإسقاط الواو والألف. (7) انظر: إصلاح غلط المحدثين ص 30 - 31. (8) انظر: الغريبين 1/ 21. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 218 قال الخطابي - رحمه الله -: (1) أصله من ائْتجروا على وزن افتعلوا يريد الصدقة التي يبتغى أجرها، ثم قيل: اتجروا كما قيل: اتخذت الشيء، وأصله ائْتخذت، وهذا من الأخذ كهو من الأجر وليس من باب (2) التجارة. وقد أبى الزمخشري (3) ذلك؛ لأن الهمزة لا تدغم في التاء، قال: وقد غُلِّط من قرأ: {الَّذِي (أُتُّمِنَ) (4) أَمَانَتَهُ} (5) (وقولهم) (6) اتَّزر عامّيّ، والفصحاء على ائتزر. والله أعلم. قال: (7) "وما يجوز أكله، فلا يجوز (8) إتلافه (9)، ولا أن يملك الأغنياء ليتصرفوا فيه بالبيع؛ لأن الضيافة مقصودة" (10).   (1) في (أ) زيادة (و). (2) في (أ) زيادة (أجر). (3) انظر: الفائق في غريب الحديث 1/ 25 - 26. والزمخشري هو محمود بن عمر بن محمَّد بن عمر أبو القاسم الزمخشري الأديب النحوي اللغوي المعتزلي له مصنفات كثيرة منها: الكشاف في التفسير، والفائق في غريب الحديث، وأساس البلاغة وغيرها، مات بخوارزم سنة 537 هـ وقيل: 538 هـ. انظر: وفيات الأعيان 4/ 254، البداية والنهاية 12/ 236، هدية العارفين 2/ 402 - 403. (4) في (د): (ائتمن) والمثبت من (أ) و (ب) وهو الصواب هنا بدليل السياق وكذا في المصدر. (5) يعني قوله تعالى: {فَلْيُؤَدِّ الَّذِي اؤْتُمِنَ أَمَانَتَهُ} سورة البقرة الآية 283. (6) ما بين القوسين ساقط من (أ). (7) نهاية 2/ ق 141/ أ. (8) في (ب) (لا يجوز). (9) ساقط من (ب). (10) الوسيط 3/ 198/ أ. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 219 فقوله: "ما يجوز له أكله" هو على ما سبق ذكره، الجميع على وجه (1)، والجميع إلا جزءاً يسيراً (2) يتصدق به على الوجه الآخر الصحيح (3). "فلا يجوز إتلافه" لكونه (4) منافياً للمقصود من الضحايا، على أن الإتلاف محرم في غير هذا. ولا يجوز أيضاً، أن يهبه من غني، ويملكه إياه تمليكاً يفيده التصرف فيه بالبيع، والهبة وغيرهما، وإن جاز إطعامه على سبيل الضيافة؛ لأن الضيافة من مقاصد (5) الضحايا. وهذا مما أبداه شيخه (6) من عنده، وفيه نظر، وما أطلقه غيره من جواز الإهداء إلى الأغنياء ظاهره الهدية المفيدة للملك الممكنة من تصرفات المالكين، لا الإطعام على وجه الضيافة، فإنه لا يسمى هدية، وقد (7) فصل الشافعي فيما نقلناه آنفاً من كلامه، الإطعام من الهدية، والهدية قربة، (وهي) (8) بتأديه مقصود (9) قربة الضحية أولى من الأكل، وأجدر، إلا إنا (10) لم نجد في شيء من نصوص الكتاب والسنة للفظ الهدية ذكراً. فالله تعالى أعلم.   (1) انظر: الحاوي 15/ 198، المهذب 1/ 319 - 320، المجموع 8/ 393. (2) في (د): (يسير). (3) وهو قول جمهور الأصحاب. انظر: المصادر السابقة قبل هامش، وحلية العلماء 3/ 376، الروضة 2/ 491. (4) في (أ) (بكونه). (5) في (د): (مقصد). (6) نهاية المطلب 18/ 220 - 221. (7) في (د): (وقيل) وهو تحريف. (8) ما بين القوسين ساقط من (أ). (9) في (أ) (مقصودة). (10) في (أ) (إنما). الجزء: 4 ¦ الصفحة: 220 ومن باب العقيقة قوله (1): "و (2) في الخبر "يعق عن الغلام بشاتين، وعن الجارية بشاة" (3) رواه عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عائشة، وأم كرز الخزاعية (4) أخرجه الترمذي وغيرهم (5)، وذكر أنه حديث صحيح. والله أعلم.   (1) ساقط من (أ). (2) ساقطة من (د). (3) الوسيط 3/ ق 198/ ب. (4) ثم الكعبية المكية أسلمت يوم الحديبية، زوجة كرز روى عنها ابن عباس وعطاء وطاوس ومجاهد وغيرهم. انظر: الاستيعاب 4/ 493، تهذيب الأسماء واللغات 2/ 365، الإصابة 4/ 488. (5) أما حديث عائشة فرواه الترمذي 4/ 81 في كتاب الأضاحي، باب ما جاء في العقيقة، وابن ماجة 2/ 1056 في كتاب الذبائح، باب العقيقة، وأحمد 6/ 31، 158، 251، وعبد الرزاق في المصنف 4/ 328، وابن ابي شيبة في المصنف 8/ 51، وابن حبان 12/ 126، والبيهقي في الكبرى 9/ 507 من طرق عن عبد الله بن عثمان بن خيثم عن يوسف بن ماهك أنهم دخلوا على حفصة بنت عبد الرحمن فسألوها عن العقيقة فأخبرتهم أن عائشة أخبرتهم أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أمرهم عن الغلام ... الحديث. وقال الترمذي: حديث حسن صحيح، وصححه أيضاً النووي في المجموع 8/ 407، والألباني في الإرواء 4/ 390. وأما حديث أم كرز فرواه الترمذي 4/ 83 في كتاب الأضاحي، باب الأذان في أذن المولود، وأبو داود 3/ 358 في كتاب الأضاحي، باب في العقيقة، والنسائي 7/ 164 - 165 في كتاب العقيقة، باب العقيقة عن الغلام، وباب كم يعق عن الجارية، وابن ماجة في الموضع السابق، وأحمد 6/ 361، 422، والدارمي 2/ 111، والشافعي في السنن 2/ 61، 203، والحميدي في المسند 1/ 166 - 167، وابن أبي شيبة في المصنف 8/ 49 - 50، وابن حبان 12/ 28 والطبراني في الكبير 25/ 406، والحاكم 4/ 265، والبيهقي في الكبرى 9/ 506 من طرق عن حماد بن زيد عن عبد الله بن أبي زيد عن سباع بن ثابت عن أم كرز به. قال الترمذي: هذا حديث حسن صحيح، وقال الحاكم: هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه، ووافقه الذهبي، والألباني في الإرواء 4/ 391. والله أعلم. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 221 "ولا يكسر عظام الشاة، فقد ورد فيه خبر (1) " (2). الوارد فيه حديث (3) رواه أبو داود في المراسيل (4) عن جعفر بن محمَّد الصادق (5) عن أبيه (6) عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وهو مرسل حسن يصلح الاحتجاج به في إثبات مثل هذه الفضيلة، على ما مهدنا سبيله في كتاب "معرفة علوم الحديث" (7). والله أعلم. قوله: "وقال الصيدلاني: يجوز التصدق بالمَرَقَة، وهذا إن أراد به أنه (8) يكفي عن التصدق بمقدار من اللحم، إذا قلنا: لا بدّ منه (9) ففيه (10) نظر" (11).   (1) ساقط من (د). (2) الوسيط 3/ ق 198/ ب. (3) نهاية 2/ ق 141/ ب. (4) ص 278 - 279 ومن طريقه البيهقي في الكبرى 9/ 808 به أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال في العقيقة التي عقّتْها فاطمة عن الحسن والحسين - رضي الله عنهما -: (أن ابعثوا إلى بيت القابلة برِجل وكلوا وأطعموا ولا تَكْسِروا منها عظماً) قال محقق المراسيل: رجاله ثقات رجال الشيخين غير جعفر، وهو من رجال مسلم. (5) هو جعفر بن محمَّد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب أبو عبد الله الهاشمي المعروف بالصادق، صدوق فقيه إمام من السادسة مات سنة 148 هـ انظر: الجرح والتعديل 2/ 487، تذكرة الحفاظ 1/ 166، التقريب ص 141. (6) هو محمَّد بن علي بن الحسين بن علي أبو جعفر الباقر الهاشمي المدني ثقة فاضل من الرابعة مات سنة 114 هـ. وقيل: 117 هـ. انظر: تذكرة الحفاظ 1/ 124 - 125، التقريب ص 497. (7) ص 93. (8) في (أ) (أن). (9) في (ب) زيادة (وفي). (10) في (ب) (وفيه). (11) الوسيط 3/ ق 198/ ب. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 222 هذا الكلام يوهم أن الصيدلاني جوّز التصدق بالمرقة من غير لحم (1)، فإنه (2) لا ينبغي (3) أن يكفي ذلك (4) عن التصدق بمقدار من اللحم، إذا قلنا: لا بدّ منه (أي من التصدق) (5) وليس كذلك، ولكن الصيدلاني جوّز التصدق باللحم مطبوخاً مع المرق (6) وينبغي أن يتصدق باللحم نَيْئاً على قولنا: لا بدّ من التصدق بشيء منها. هكذا ذكر ذلك صاحب "النهاية" (7) وعليه ينبغي أن ينزل كلام صاحب الكتاب. والله أعلم.   (1) في (ب) زيادة (إذا قلنا: لا بد) وهي عبارة مقحمة فيها وموضعها بعد قليل. (2) في (أ) (وإنه). (3) في (ب) (ينبغي) بإسقاط لا. (4) في (ب) يحتمل (لذلك، أو بذلك). (5) ما بين القوسين ساقط من (د). (6) انظر: قول الصيدلاني في نهاية المطلب 18/ ص 228. (7) 18/ ص 228. وقال النووي وغيره: يستحب أن لا يتصدق بلحمها نيئاً بل يطبخه، وهو المذهب. انظر: الحاوي 15/ 129 - 130، المجموع 8/ 410، الروضة 2/ 599، مغني المحتاج 4/ 294. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 223 ومن كتاب الأطعمة الموقوذة (1): هي التي ضربت حتى ماتت من غير ذكاة (2)، والله أعلم. روى ابن عباس - رضي الله عنهما - أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - (نهى عن أكل كل ذي ناب من السباع، وعن كل ذي مخلب من الطيور)، رواه مسلم في صحيحه (3). والمخلب: بكسر الميم، للطير والسباع، بمنزلة الظفر للإنسان (4)، والله أعلم. قوله في الفيل "لأنه ذو ناب (5) مكاوح" (6) أي مغالب مقاتل (7)، والله أعلم. قوله: "والثعلب، والضبع، والضب حلال عند الشافعي - رحمه الله - لورود أحاديث فيها" (8). (أما الضب) (9) فقد وردت فيه أحاديث صحيحة صريحة، منها: حديث ابن عباس - رضي الله عنهما - أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، قيل له فيه: أحرام هو يا رسول الله؟   (1) ولفظه في الوسيط: 3/ ق 198/ ب: " (د): الأول: ما حرم بنص الكتاب كالخمر والخنزير والدم والمنخنقة والموقوذة". (2) انظر: الصحاح: 2/ 572، المصباح المنير: ص 668. (3) 13/ 83 مع النووي في كتاب الصيد والذبائح، باب تحريم أكل ذي ناب من السباع وكل ذي مخلب من الطير. (4) انظر: الصحاح: 1/ 122، المصباح المنير: ص 176 - 177. (5) في (د): (ذوا ناب) كذا،. (6) الوسيط: 3/ ق 198/ ب، ولفظه قبله "ويحرم الفيل؛ لأنه ... إلخ". (7) انظر: القاموس المحيط: ص 305. (8) الوسيط: 3/ ق 198/ ب. (9) ما بين القوسين ساقط من (د). الجزء: 4 ¦ الصفحة: 225 فقال: (لا، ولكنه لم يكن بأرض قومي فأَجِدُنِي أَعَافُهُ)، أخرجه (1) البخاري ومسلم (2). وأما الضَّبُع (3) ففيه ما روينا عن عبد الرحمن بن أبي عمار (4)، قال: (قلت لجابر: الضبع أصيد هي؟ قال: نعم، قال: قلت: آكلها، قال: نعم، قال: قلت: أقاله رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، قال: نعم)، أخرجه الترمذي وغيره (5)، وقال: هذا حديث حسن صحيح.   (1) نهاية 2/ ق 142، ب. (2) البخاري: 9/ 445 - 453، 446، 580 مع الفتح في كتاب الأطعمة، باب ما كان النبي - صلى الله عليه وسلم - لا يأكل حتى يسمّى له فيعلم ما هو، وباب الشواء، وفي كتاب الذبائح والصيد، باب الضبّ. ومسلم: 13/ 99 - 100 مع النووي في كتاب الصيد والذبائح، باب إباحة الضب. (3) الضبع: بضم الباء وسكونها، مؤنثة، جنس من السباع، أكبر من الكلب، وأقوى. انظر: كتاب الحيوان: 7/ 168، القاموس: ص 956، المعجم الوسيط: ص 533 - 534. (4) هو عبد الرحمن بن عبد الله بن أبي عمار المكي، حليف بني جُمَح، الملقب بالقسّ - بفتح القاف وتشديد السين المهملة، ثقة عابد من الثالثة، روى عن أبي هريرة وابن عمر وغيرهما. انظر: الجرح والتعديل: 5/ 249، التهذيب: 6/ 213، التقريب: ص 344. (5) الترمذي: 4/ 222 في كتاب الأطعمة، باب ما جاء في أكل الضبع، والنسائي: 7/ 200 في كتاب الصيد والذبائح، باب الضبع، وابن ماجه: 2/ 1078 في كتاب الصيد، باب الضبع، وأحمد: 3/ 297، 318، 322، والدارمي: 2/ 102، والشافعي في الأم: 2/ 296، والمسند: ص 341، وابن الجارود في المنتقى: ص 115، والطحاوي: 2/ 164، وابن حبان: 9/ 278، والدارقطني: 2/ 245 - 246، والحاكم: 1/ 622، والبيهقي في الكبرى: 5/ 298، و9/ 534 - 535، والصغير: 2/ 412 من طرق عن عبد الله بن عبيد بن عمير عن عبد الرحمن به. قال الترمذي: حسن صحيح. وقال في العلل الكبرى: 2/ 757: سألت عنه البخاري فقال: هو حديث صحيح. وقال الحاكم: هذا حديث صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه، وسكت عنه الذهبي، وقال البيهقي: حديث جيد تقوم به الحجة، وصححه أيضاً الألباني في الإرواء: 4/ 242. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 226 وأما الثعلب فليس في تحليله (1) حديث عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - (2)، وفي تحريمه حديثان (3)، في إسنادهما ضعف. واعتمد الشافعي فيه (4) على أنه مما لم تزل (5) العرب تأكله، فهو إذاً مما استطابته العرب، فيندرج في عموم قوله تبارك وتعالى: {قُلْ أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّبَاتُ} (6)، وقد   (1) في (أ): (تعليله). (2) في (ب): (فليس في حديث تحليل عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -) كذا. (3) أولهما رواه الترمذي: 4/ 223 في كتاب الأطعمة، باب ما جاء في أكل الضبع، وابن ماجه: 2/ 1077 - 1078 في كتاب الصيد، باب الذئب والثعلب من طريق عبد الكريم بن أبي المخارق عن حبان بن جزء عن أخيه خزيمة بن جزء، قال: (قلت يا رسول الله جئتك لأسألك عن أخناش الأرض ما تقول في الثعلب؟ قال: ومن يأكل الثعلب؟ قلت: يا رسول الله ما تقول في الذئب؟ قال: ويأكل الذئب أحد فيه خير؟)، واللفظ لابن ماجه، ولفظ الترمذي: الضبع بدل الثعلب. قال الترمذي: هذا حديث ليس إسناده بالقوي، لا نعرفه إلا من حديث إسماعيل بن مسلم عن عبد الكريم أبي أمية، وقد تكلم بعض أهل الحديث فيهما، وقال البوصيري في زوائد ابن ماجه: ص 419: عبد الكريم أبو أمية، ضعفه غير واحد، بل قال ابن عبد البر: مجمع على ضعفه. وضعفه الحافظ ابن حجر في الفتح: 9/ 574، والألباني في ضعيف سنن ابن ماجه: ص 258 رقم (695)، وضعيف سنن الترمذي: ص 204 رقم (303)، والله أعلم. وثانيهما: رواه الطبراني في الكبير: 10/ 155، والبيهقي في الكبرى: 9/ 536 من حديث عبد الرحمن بن معقل السلمي - رضي الله عنه - في حديث طويل، قال: (قلت: يا نبي الله ما تقول في الثعلب؟ قال: أويأكل ذلك أحد؟)، قال البيهقي: إسناده ضعيف، وضعفه أيضاً ابن عبد البر في الاستيعاب: 2/ 419. (4) انظر: الأم: 2/ 362، والمهذب: 1/ 329، ومختصر خلافيات البيهقي: 5/ 85. (5) في (د): (مما ترك)، وهو تصحيف، والمثبت من (أ) و (ب)، وهو الصواب. (6) سورة المائدة الآية 4. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 227 حكى ابن المنذر (1) تحليله عن طاوس، وقتادة (2)، وورد ذلك عن غيرهما (3) (4)، والله أعلم. قوله: "وأما الدُّلْدُل: قطع الشيخ أبو محمَّد بتحريمه" (5)، وفي "البسيط" (6): "أنه كان يعدّه من الخبائث".   (1) انظر: الإشراف على مذاهب أهل العلم: 2/ 320. (2) هو قتادة بن دعامة بن قتادة بن عزيز، أبو الخطاب السدوسي البصري التابعي، ولد أعمى، سمع أنس بن مالك وعبد الله بن سرجس وغيرهما، وأجمعوا على جلالته وتوثيقه وحفظه وإتقانه وفضله، مات سنة 117 هـ، وقيل: 118 هـ. انظر: طبقات الشيرازي: ص 94، وتهذيب الأسماء واللغات: 2/ 57 - 58، وتذكرة الحفاظ: 1/ 122 - 124، والتقريب: ص 453، وطبقات الحفاظ: ص 54. (3) في (أ): (غيره). (4) كعطاء، والليث، وسفيان بن عيينة، وأبي ثور. وذهب الجمهور - أبو حنيفة ومالك في قول، وهو ظاهر الموطأ، وأحمد في أكثر الروايات، وهو الصحيح من مذهبه، والظاهرية - إلى تحريمه، وعمدة ما استدلّوا به الحديث السابق (نهى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن أكل كل ذي ناب من السباع)، ووجه الدلالة منه: أنه - صلى الله عليه وسلم - حرم أكل كل ذي ناب من السباع، والثعلب ذو ناب، فيدخل في عموم النهي، ويكون محرما، وبهذا يترجح - والله أعلم - القول بتحريمه، ولأن أدلة من قال بالإباحة لا تقوم بها الحجة، وليس فيها ما يخصص النهي العام في الحديث المذكور، والله أعلم. انظر: الموطأ: 2/ 396، مصنف عبد الرزاق: 4/ 404، الإشراف لابن المنذر: 2/ 320، المحلى: 7/ 400، المعرفة للبيهقي: 10/ 89، بداية المجتهد: 1/ 545 - 547، بدائع الصنائع: 5/ 39، المغني: 13/ 321، تبيين الحقائق: 5/ 295، الإنصاف: 10/ 360، أحكام الأطعمة: ص 180 - 182. (5) الوسيط: 3/ ق 199/ أ. (6) 6/ ق 22/ ب. وكذا في نهاية المطلب 18/ ص 233. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 228 قال الشارح رحمه الله (1): هذا غير مرضي، وكأنه لم يعرف ما (2) الدلدل؟، واعتقد فيه ما بلغنا عن الشيخ أحمد الأُشْنُهي (3)، أنه قال: الدلدل كبار السلاحف، أو اعتقد فيه نحوا من ذلك، وذلك غير مرضي؛ إذ المحفوظ أنه نوع من القنافذ، وفي كتاب "الصحاح في اللغة" (4) الدلدل: عظيم القنافذ، وفي "كتاب الحيوان" (5) للجاحظ (6) أن فرق ما بين القنفذ والدلدل كفرق ما بين البقر والجواميس، والفار والجُرْذان، والبخاتي (7)، والعِراب.   (1) في (د) (قال شيخنا الشارح - رحمه الله -). (2) ساقط من (د). (3) انظر: النقل عنه في التبيان لما يحل ويحرم من الحيوان ص 90. وهو أحمد بن موسى بن جوشين، وقيل: بالسين المهملة - بن زغانم بن أحمد، أبو العباس، الأشنهي، كان فقيها فاضلا متدينا غزير الفضل، دخل بغداد، وتفقه على أبي سعد المتولي، صاحب التتمة وغيره، مات بها سنة 515 هـ، انظر: طبقات السبكي: 6/ 66 - 67، طبقات الأسنوي: 1/ 100. (4) 4/ 1699. (5) 6/ 468. (6) في (أ): (الحافظ)، وهو تصحيف، وهو عمرو بن بحر بن محبوب، أبو عثمان الكناني، البصري، المعروف بالجاحظ، كبير أئمة الأدب واللغة، كان من المعتزلة، وله المصنفات الكثيرة، منها: كتاب الحيوان، والبيان والتبيين، وأخلاق الملوك، والبخلاء وغيرها، مات بالبصرة سنة 255 هـ. انظر: وفيات الأعيان: 3/ 470، سير الأعلام: 11/ 526 - 530، البداية: 11/ 22، هدية العارفين: 1/ 802 - 803. (7) البخاتي واحدها: بُخْتيّ، وهي الإبل الخراسانية. انظر: المصباح المنير: ص 37، القاموس: ص 188. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 229 وإذا كان من القنافذ فالشيخ أبو محمد لم يقطع بتحريم القنفذ، بل تردّد فيه (1)، والشافعي (قد نصّ) (2) على تحليله (3)، وقطع به فيما حكاه صاحب كتاب (4) "بحر المذهب" (5)، وصاحب (6) "الحاوي" (7)، ورواه ابن جرير (8) عن الربيع عن الشافعي، ووجهه (9): أن العرب تستطيبه، والله أعلم. قوله: "وأما السمُّور (والسنجاب) (10) " (11). هو السَمُّور - بالسين المهملة المفتوحة، والميم المشدّدة المضمومة على وزن السفّود والكَلُّوب (12)، والله أعلم.   (1) لم أقف على هذا النقل عنه صراحة عند غير المصنف. وقد قال إمام الحرمين: "والقنفذ مما تردد فيه الأصحاب" والشيخ أبو محمد من جملة الأصحاب. والله أعلم. انظر: نهاية المطلب 18/ ص 235. (2) ما بين القوسين ساقط من (أ). (3) انظر: الأم: 2/ 379، والروضة: 2/ 539. (4) ساقط من (أ) و (ب). (5) انظر: النقل عنه في التبيان لما يحل ويحرم من الحيوان ص 90. (6) نهاية 2/ ق 143/ أ. (7) 15/ 140. (8) لم أقف عليه. (9) في (ب): (ووجه). (10) ما بين القوسين مطموس في (د). (11) الوسيط: 3/ ق 199/ أ، وتمامه " ... وما يشبههما فالأظهر إلحاقها بالثعلب". (12) وهو حيوان ثدييّ ليليّ يقطن بلاد الروس ووراء بلاد الترك يشبه النَّمس. انظر: المصباح المنير: ص 288، المعجم الوسيط: 1/ 448. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 230 قوله: "ما أمر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بقتله، وهي الفواسق الخمس: الغراب، والحدأة، والفأرة، والعقرب، والحية" (1)، ثم ذكر الكلب العقور (2) (فيما هو في معنى المنصوص، وليس كذلك، بل هو من المنصوص عليه ثبت في الصحيح من وجوه من حديث عائشة، وابن عمر (3)، ذكر الكلب العقور) (4) في الفواسق الخمس دون ذكر (5) الحية مع إثبات ذكر العقرب (في الكثير منها، وفي بعضها، وهو الأقل دون ذكر العقرب مع إثبات ذكر الحية) (6)، وأما الجمع بين الحية والعقرب فقد رواه مسلم في صحيحه (7)، لا في حديث الخمس مع إسقاط ذكر الكلب كما ذكره، بل في حديث مشتمل على الستة كلها من حديث ابن عمر - رضي الله عنهما - أنه - صلى الله عليه وسلم - (كان يأمر بقتل الكلب العقور (8)، والفأرة، والعقرب، والحدأة (9)، والغراب، والحية)، والله أعلم. والحدأة: هي بكسر الحاء، وفتح الدال والهمزة على مثال العِنَبَة (10)، والله أعلم.   (1) الوسيط: 3/ ق 199/ أ،. (2) في (ب) زيادة (في الفواسق الخمس)، وهو عبارة مقحمة هنا، وموضعها بعد سطر. (3) رواهما البخاري 4/ 42 مع الفتح في كتاب جزاء الصيد، باب ما يقتل المحرم من الدواب، و 6/ 409 في كتاب بدء الخلق، باب خمس من الدواب فواسق يقتلن في الحرم، ومسلم: 8/ 113 - 118 مع النووي في كتاب الحج، باب ما يندب للمحرم وغيره قتله في الحل والحرم. (4) ما بين القوسين ساقط من (د). (5) ساقط من (أ). (6) ما بين القوسين ساقط من (أ). (7) 8/ 119 مع النووي في الكتاب والباب السابقين. (8) ما بين القوسين ساقط من (د). (9) في (أ) و (ب) (الحُدَّيَّا)، وكذا في صحيح مسلم. (10) وهو طائر معروف من الجوارح. انظر: النهاية في غريب الحديث: 1/ 349. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 231 قوله: "قد نهى عن قتل الهُدْهُد، والخُطَّاف، والنحل، والصُّرَد، والنملة) (1). قد ورد النهي عن قتل أربع منها دون الخطّاف (2) في حديث ابن عباس - رضي الله عنهما - عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، رويناه في السنن الكبير وغيره، أخرجه أبو داود وابن ماجه (3)، ورجال إسناده ثقات. وأما الخطّاف: ففيه أحاديث لا تثبث مذكورة في كتاب "السنن الكبير" (4)، فكان (5) فيما (6) ذكره المؤلف ملفق من حديثين: أحدهما غير ثابت، وإن كان   (1) الوسيط: 3/ ق 199/ أ. (2) الخُطَّاف هو: ضرب من الطيور القواطع، عريض المنقار، دقيق الجناح، طويله منتفش الذيل، ويقال له: الخشّاف أيضاً. انظر: المصباح المنير: ص 170، المعجم الوسيط: 1/ 245. (3) البيهقي: 9/ 532 - 533، وأبو داود: 5/ 418 - 419 في كتاب الأدب، باب قتل الذّر، وابن ماجه: 2/ 1074 في كتاب الصيد، باب ما نهي عن قتله، وأحمد: 1/ 347، 332، والدارمي: 2/ 121، وعبد الرزاق: 8415، وابن حبان: 5646، والبيهقي في المعرفة: 14/ 85 أيضاً من طرق عن الزهري عن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة عن ابن عباس - رضي الله عنهما - قال: إن النبي - صلى الله عليه وسلم - نهى عن قتل أربع من الدواب: النملة، والنحلة، والهدهد، والصّرد). قال البيهقي: هو أقوى ما ورد في هذا الباب، وقال ابن دقيق العيد كما في تذكرة الأحبار: ق 235/ أ: "رجاله رجال الصحيح"، وكذا قال الحافظ ابن حجر في التلخيص: 2/ 275، وقال الألباني في الإرواء: 8/ 142: "وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين"، والله أعلم. (4) 9/ 534، وكذا المعرفة: 14/ 86، وكما رواه أبو داود في المراسيل: ص 281 من طريق إبراهيم بن طهمان عن عباد بن إسحاق عن أبيه قال: (نهى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن الخطاطيف عوذ البيوت). ورواه البيهقي في الموضع السابق من طريق عبد الرحمن بن معاوية عن أبي الحويرث عن النبي - صلى الله عليه وسلم - نحوه، ثم قال: كلاهما منقطع، وقد روى حمزة النصيبي فيه حديثا مسندا إلا أنه كان يرمى بالوضع. (5) ساقط من (د). (6) في (أ) و (ب): (ما). الجزء: 4 ¦ الصفحة: 232 قد أورده (1) حديثا واحدا، فهو غير ثابت. والصُّرَد: مهمل الحروف على وزان "الجعل"، ذكر الأزهري (2) عن الليث، راوي "كتاب العين" أن الصرد طائر فوق العصفور يصيد العصافير، وعن النضر بن شميل (3) أنه طائر أبقع، ضخم (4) الرأس (5)، يكون في الشجر، نصفه أبيض (6)، ونصفه أسود، ضخم النقار، له بُرْثُن عظيم، - يعني أصابعه عظيمة - ولا تراه إلا في شعبة، أو شجرة لا يقدر عليه أحد (7)، والله أعلم. وأما الحمام (8) ففي "صحاح اللغة" (9) أن الحمام عند العرب: ذوات (10) الأطواق من نحو الفَوَاخِت، والقَمَارِيّ، والقَطَا (11)، والوَرَشان، وأشباه ذلك، والله أعلم.   (1) نهاية 2 / ق 143/ أ. (2) انظر: تهذيب اللغة: 2/ 138. (3) هو النضر بن شميل بن خرشة بن زيد بن كلثوم، أبو الحسن المازني البصري النحوي، نزيل مرو، كان إماما في العربية والحديث، وهو أول من أظهر السنة بمرو وجميع خراسان، وولى قضاء مرو، مات سنة 204 هـ. انظر: طبقات ابن سعد: 7/ 373، الجرح والتعديل: 8/ 477، وفيات الأعيان: 5/ 397، تذكرة الحفاظ: 1/ 314، سير أعلام النبلاء: 9/ 328 - 331، طبقات الحفاظ: ص 137. (4) في (د): (يقع طحم). (5) في (ب): (الذاين) كذا. (6) ساقط من (ب). (7) انظر: تهذيب اللغة: 12/ 138. (8) قال في الوسيط: 3/ ق 199/ أ "وأنواع الحمامات: وهي كل ذات طوق حلال". (9) 5/ 1906، وانظر: المصباح المنير: ص 152. (10) في (أ): (ذواق)، وهو تحريف. (11) ساقط من (أ)، وفي (ب) وقع بعد قوله (الورشان). الجزء: 4 ¦ الصفحة: 233 واختلف أهل اللغة في اليمام، فعند الأصمعي هو الحمام الوحشيّ (1)، وعند الكسائي (2) اليمام، هو الحمام الذي يألف البيوت (3)، والله أعلم. الزُّرْزُور (4): هو بضم الزاي (5). الصعْوَة: واحد، والجمع الصَّعْو - بالصاد المفتوحة، والعين الساكنة المهملتين (6)، وفي "كتاب العين" (7): الصعوُ صغار العصافير، وهو أحمر الرأس، والله أعلم. والبُغَاث (8): - بالغين المعجمة، وبفتح الباء وضمها، وكسرها، ثلاث لغات، وهو طائر دُوَيْن (9) الرَّخَمَة (10)، بطيء الطيران، في لونه غُبْرة (11)،   (1) انظر قوله في: الصحاح: 5/ 1907، المصباح المنير: ص 152. (2) في (أ) زيادة (هو). (3) والحمام عنده هو البرّيّ الذي لا يألف البيوت. انظر: الزاهر: ص 127، الصحاح: 5/ 1907. (4) قال في الوسيط: 3/ ق 199 / أ "والزُّرزُور والصعوة من العصافير، وإنما ينظر فيه إلى تقارب الأشكال لا إلى الألوان". (5) طائر من رتبة العصفوريات، وهو أكبر قليلاً من العصفور، وله منقار طويل، ذو قاعدة عريضة، ويستوطن أوروبا وشمالي آسيا وأفريقية. انظر: المعجم الوسيط: 1/ 392. (6) في (أ) و (ب): (المهملين). (7) 2/ 199. (8) في (أ): (البغات) بالتاء. (9) في (ب): (دون). (10) الرخمة هو طائر يأكل العذرة. انظر: المصباح المنير: ص 224، والمعجم الوسيط: 1/ 336. (11) في (أ): (غبر). الجزء: 4 ¦ الصفحة: 234 والأبغث قريب من الأغبر، ومنه اشتقّ، وهو شرار الطير (1)، ومما لا يصيد (2) منها (3)، والله أعلم. العَظَاء (4): بالعين المهملة المفتوحة، والظاء المنقوطة. قال الجوهري (5): العظاء ممدود، جمع عظاءة، وهي دويبة أكبر من الوَزَغة، ويقال: في الواحدة عظاية أيضاً. وقال الأزهري (6): هي هُنَيّة ملْساء تعدو (7)، وتتردّد (8) كثيراً تشبه (9) سامّ أبرص (10) إلا أنها لا تؤذي، وهي أحسن منه. اللُّحَكاء (11): هي على ما ضبطناه عن الأزهري، صاحب كتاب "تهذيب اللغة" (12) الموثوق به: بضم اللام، وفتح الحاء المهملة، والكاف   (1) في (د): (الصيد)،. (2) في (د): (لا نقيد) كذا،، وكذا في الصحاح: 1/ 274، وقال الفراء: "بغاث الطير: شرارها وما لا يصيد منها". (3) انظر: المصدر السابق، والمصباح المنير: ص 56. (4) قال في الوسيط: 3/ ق 199 / أ "وكانت العرب تستخبث البازي والشاهين والنسر والصقر كما تستخبث العظاية واللحكاء والخنافس". (5) الصحاح: 6/ 2431. (6) الزاهر: ص 262. (7) في (د): و (أ): (تعدوا)،. انظر: المصدر السابق. (8) في (أ): (يتردّد) بالياء. (9) نهاية 2/ ق 43/ ب. (10) سامّ أبرص: هو كبار الوَزَغ. انظر: تحرير ألفاظ التنبيه: ص 126. (11) في (د): (اللخكاء) بخاء معجمة،. (12) 4/ 101، وانظر: الزاهر: ص 262. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 235 وألف (1) مقصورة (2)، ويقال لها: اللُّحَكَة على مثال: الهمزة واللمزة، وهي فيما ذكره دُوَيْبَّة، كأنها سمكة ملساء، كأنها شحمة مشربة حمرة، تكون في الرمل، فإذا أحسّت بالإنسان دارت في الرمل، وغاصت فيه. وقال غير الأزهري (3): الحلكة بتقديم الحاء على مثال اللمزة أيضاً دويبة تغوص في الرمل، وكذلك الحلكاء (4) على مثال العنقاء. وحكى صاحب "جامع اللغة" (5) فيها القصر أيضاً (6)، والله أعلم. الضَّفدَع (7): الأشهر فيه من حيث اللغة كسر الدال منه، وفتح الدال أشهر في ألسنة العامة، وأشباه العامة من الخاصة، وقد أنكره بعض أئمة اللغة (8)، والله أعلم.   (1) ساقط من (أ). (2) كذا في النسخ، وهو خطأ، والصواب بألف ممدودة، وكذا في "تهذيب اللغة"، و"الزاهر" وغيرهما، وبدليل أن المؤلف - رحمه الله - سيذكر بعد قليل عن صاحب "جامع اللغة" القصر فيها، والله أعلم. (3) كالجوهري. انظر: الصحاح: 4/ 1581، اللسان: 10/ 415، المصباح المنير: ص 147. (4) في (أ): (اللحكاء). (5) هو محمد بن جعفر بن أحمد، أبو عبد الله التميمي، القيرواني، النحوي، المعروف بالقزاز، وكان مهيبا عالي المكانة، محبّبا إلى العامة، وله المؤلفات الكثيرة، منها: جامع اللغة، وأدب السلطان، وشرح مثلثات قطرب، وغيرها، ومات سنة 412 هـ. انظر: معجم الأدباء: 18/ 105 - 109، وفيات الأعيان: 4/ 374 - 376، أعلام النبلاء: 7/ 326، هدية العارفين: 2/ 61. (6) انظر: اللسان: 10/ 415. (7) قال في الوسيط: 3/ ق 199/ أ "الضفدع والسلحفاة من المستخبثات". (8) كالخليل بن أحمد. انظر: الصحاح: 3/ 1250، المصباح المنير: ص 363. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 236 السُّلَحْفاة: بسين مهملة مضمومة، ثم لام مفتوحة، ثم حاء مهملة ساكنة، في آخرها تاء التأنيث، ومنهم من يسكن اللام، وهو غير معروف عندهم (1)، والله أعلم. "حَشَرات الأرض" (2)، جمع حشْرة - بفتح الشين، وإسكانها أيضاً، وهي صغار دوابها (3). قوله: "ولا يحلّ من الحشرات إلا الضبّ" (4)، غير مرضيّ، فإن (5) من الحشرات اليربوع (6)، والقنفذ، ذكره الأزهري (7)، وغيره (8). أمَّ حُبَين (9): بحاء مهملة مضمومة (10)، وباء موحدة مفتوحة، ثم ياء مثناة من تحت، ثم نون، وهي دوَيْبَّة، كبيرة البطن تشبه الضبّ، وهي الأنثى من الحرابي، ذكر ذلك الأزهري أبو منصور (11).   (1) انظر: المصباح المنير: ص 284، القاموس: ص 1061. (2) الوسيط: 3/ ق 199/ ب. (3) انظر: الصحاح: 2/ 630، تحرير ألفاظ التنبيه: ص 162. (4) الوسيط: 3/ ق 199/ ب. (5) في (أ): (فإذا). (6) اليربوع: حيوان صغير على هيئة الجرذ الصغير, وله ذنب طويل ينتهي بخصلة من الشعر، وهو قصير اليدين، طويل الرجلين، والعامة تقول له (جربوع) - بالجيم - انظر: حياة الحيوان الكبرى: 2/ 265، المصباح المنير: ص 217، المعجم الوسيط: 1/ 3325. (7) انظر: تهذيب اللغة: 4/ 178. (8) كابن فارس وابن الأثير انظر: مجمل اللغة: 1/ 236، النهاية في غريب الحديث: 1/ 389. (9) قال في الوسيط: 3/ ق 199/ ب "وفي أم حُبَين تردّد، وفي الآثار أنها تفدى بحُلاّن". (10) في (ب): (مضمومة مهملة). (11) انظر: الزاهر: ص 127، تهذيب اللغة: 5/ 114. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 237 والحُلاّن: بحاء مهملة (1) مضمومة بعدها لام ألف مشدّدة، ثم نون، وهو الجدْي (2)، قال الأصمعي (3): الحُلاّم والحلان - بالميم والنون: صغار الغنم. الصرّارة والصرّار (4): حيوان فيه شبه من الجراد، قفّاز يصيح صياحاً دقيقاً، وأكثر صياحه بالليل، ولذلك (5) يسمى (6) صرّار الليل (7)، والله أعلم. قوله: "وفي القنفذ تردد" (8)، كلام من لم يقف على نص الشافعي - رحمه الله -، وقطعه بحلّه (9) كما ذكرناه (10) (فيما سبق) (11). قوله فيما حكاه في (12) في فتوى (ابن عمر - رضي الله عنهما -) (13) بحلّ (14) القنفذ "فقام شيخ، وقال: أشهد أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال (15): إنه من الخبائث،   (1) نهاية 2/ ق 144/ أ. (2) انظر: الزاهر: ص 127، الصحاح: 5/ 2103، النهاية في غريب الحديث: 1/ 434، 435. (3) انظر قوله في الصحاح: 5/ 2103. (4) قال في الوسيط: 3/ ق 199/ ب "وفي الصرّارة تردّد لتردده بين الخنافس والجراد، وهو بالخنفساء أشبه". (5) ساقط من (د). (6) في (أ): (تسمى) بالتاء. (7) ويقال له: الجُدْجد، وهو أكبر من الجندب. انظر: الصحاح: 2/ 711، المصباح المنير: ص 338. (8) الوسيط: 3/ ق 199/ ب. (9) انظر: الأم: 2/ 379. (10) في (ب): (على ما ذكرناه). (11) ما بين القوسين ساقط من (ب)، وانظر: ص 230. (12) في (أ) (عن). (13) ما بين القوسين ساقط من (أ). (14) في (أ): (نخل). (15) ساقط من (ب). الجزء: 4 ¦ الصفحة: 238 فقال: ان قال (1) فهو كما قال" (2). هكذا أورده شيخه (3)، وليس كذلك، إنما هو: (قال شيخ عنده: سمعت أبا هريرة - رضي الله عنه - يقول: ذكر عند رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فقال: خبيثة من الخبائث، فقال ابن عمر: إن كان قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - هذا، فهو كما قال)، تفرّد أبو داود (4) من بين الجماعة بإخراجه في سننه (5) بإسناده، وعنه أورده البيهقي في السنن الكبير (6)، وقال: لم يرد إلا بهذا الإسناد، وهو إسناد فيه ضعف، والله أعلم. ما أشار إليه من الحديث في الفأرة تموت في السمن (7)، رواه معمر (8) من حديث أبي هريرة عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنه سئل عن الفأرة تموت في السمن، فقال: (إن كان جامداً فألقوها وما حولها، وإن كان مائعا فلا تقربوه)   (1) في (ب) زيادة (كذا). (2) الوسيط: 3/ ق 119/ ب. (3) انظر: نهاية المطلب 18/ ص 234. (4) في (د): (أبو داوود) بواوين. (5) 4/ 157 في كتاب الأطعمة، باب في أكل حشرات الأرض من طريق عيسى بن نميلة عن أبيه به. قال الخطابي في معالم السنن: 4/ 157: "ليس إسناده بذاك"، وضعفه أيضاً النووي في المجموع: 9/ 13، والألباني في ضعيف سنن أبي داود: ص 374 برقم (814)، والله أعلم. (6) 9/ 547، والمعرفة: 14/ 93 أيضاً. (7) انظر: الوسيط: 3/ ق 199/ ب. (8) هو معمر بن راشد، أبو عروة الأزدي، مولاهم البصري، نزيل اليمن، ثقة ثبت فاضل من كبار السابعة، مات سنة 153 هـ، وقيل: 154 هـ - رحمه الله -. انظر: الجرح والتعديل: 8/ 255 - 257، تذكرة الحفاظ: 1/ 190 - 191، التقريب: ص 541، طبقات الحفاظ: ص 88 - 89. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 239 ذكره البخاري، ولم يصححه من حديث أبي هريرة (1)، وصححه من حديث ميمونة (2) أم المؤمنين مختصرا، فأصل الحديث ثابت مع اختلاف في إسناده ولفظه، والله أعلم. وبلغنا عن القاضي (3) حسين (4) - رحمه الله - أنه حدّ الجامد بأن يكون بحيث إذا غرف منه بيده لا ينكبس (5) في الحال، وهذا تقريب، والله أعلم.   (1) في صحيحه: 9/ 585 مع الفتح في كتاب الذبائح والصيد، باب إذا وقعت الفأرة في السمن الجامد أو الذائب بعد أن خرجه من رواية سفيان عن الزهري عن عبيد الله بن عبد الله عن ابن عباس عن ميمونة مرفوعاً مختصرا، قال: (قيل لسفيان: فإن معمرا يحدّثه عن الزهري عن سعيد ابن المسيب عن أبي هريرة، قال: ما سمعت الزهري يقول إلا عن عبيد الله عن ابن عباس عن ميمونة عن النبي - صلى الله عليه وسلم -، ولقد سمعته منه مرارا). قلت: ومن حديث أبي هريرة - رضي الله عنه - بهذا الإسناد رواه أبو داود: 4/ 181 في كتاب الأطعمة، باب في الفأرة تقع في السمن، والترمذي: 4/ 226 في كتاب الأطعمة، باب ما جاء في الفأرة تموت في السمن، وأحمد: 2/ 242، 233، وعبد الرزاق: 1/ 84، وابن أبي شيبة: 8/ 280، وابن حبان: 4/ 237، والدارقطني في العلل: 7/ 287، وابن حزم في المحلى: 1/ 140 - 141، والبيهقي: 9/ 593 به. قال الترمذي: وهو حديث غير محفوظ، وسمعت البخاري يقول: وحديث معمر عن الزهري عن ابن المسيب عن أبي هريرة، هذا خطأ أخطأ فيه معمر، والصحيح حديث الزهري عن عبيد الله عن ابن عباس عن ميمونة، وكذا قال أبو حاتم والدارقطني وغيرهم كما في الفتح: 1/ 410 و9/ 585 - 586، ونقل عن الذهلي أنه قال في "الزهريات" الطريقان عندنا محفوظان لكن طريق ابن عباس عن ميمونة أشهر، وهذا قال ابن حبان، والله أعلم. (2) هي ميمونة بنت الحارث بن حزن الهلالية زوج النبي - صلى الله عليه وسلم - تزوجها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - سنة ستّ، وقيل: سنة سبع، وروي لها عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ستة وأربعون حديثا، ماتت بسرف قرب مكة. انظر: طبقات ابن سعد: 8/ 132، الاستيعاب: 4/ 404 - 408، تهذيب الأسماء واللغات: 2/ 355 - 356، الإصابة: 4/ 411 - 413. (3) نهاية 2/ 144/ ب. (4) لم أقف عليه. (5) في (أ): (فلا ينكبس). الجزء: 4 ¦ الصفحة: 240 ما أشار إليه من الخبر في الجنين في جوف المذكاة (1) ثابت ثبوت الحديث الحسن، وهو مروي من حديث جماعة من الصحابة، فمنهم: أبو سعيد الخدري عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: (ذكاة الجنين ذكاة أمه) أخرجه أبو داود والترمذي وابن ماجه (2)، وفي رواية أبي داود ما يدرأ (3) تأويل   (1) انظر: الوسيط: 3/ ق 199/ ب، وفي (د): (في وجوب الذكاة). (2) أبو داود: 4/ 252 في كتاب الأضاحي، باب ما جاء في ذكاة الجنين، والترمذي: 4/ 60 في كتاب الأطعمة الأول، باب ما جاء في ذكاة الجنين، وابن ماجه: 2/ 1067 في كتاب الذبائح، باب ذكاة الجنين ذكاة أمه، وكما رواه أحمد: 3/ 53، 21، وابن الجارود في المنتقى: ص 227، والدارقطني: 4/ 273 - 274، والبيهقي: 9/ 562، من طريق مجالد، ورواه أيضاً أحمد: 3/ 39، وابن حبان: 13/ 207، والدارقطني: 4/ 274، والبيهقي: 9/ 562 من طريق يونس بن أبي إسحاق، كلاهما عن أبي الودّاك عن أبي سعيد الخدري به. قال الترمذي: هذا حديث حسن صحيح، وقال الزيلعي في نصب الراية: 4/ 189، "قال المنذري: إسناده حسن، ويونس وإن تكلم فيه فقد احتج به مسلم في صحيحه" أهـ، وصححه أيضاً ابن الملقن في تذكرة الأحبار: ق 236/ أ، والحافظ ابن حجر في التلخيص: 4/ 156، والألباني في الإرواء: 8/ 173، وصحيح سنن ابن ماجه: 2/ 212 برقم (2590) وغيرهم. وضعفه ابن حزم في المحلى: 7/ 419، وعبد الحق في أحكامه وابن القطان كما في "تذكرة الأحبار"، وقال الحافظ ابن حجر: "والحق أن فيها ما تنتهض به الحجة، وهي مجموع طرق حديث أبي سعيد، وطرق حديث جابر على ما سيأتي بيانه ... إلخ"، والله أعلم. وفي الباب عن جابر وأبي هريرة وابن عمر وأبي أيوب وابن مسعود وابن عباس وكعب بن مالك وأبي الدرداء وأبي أمامة وعلي. يراجع تخريجها مفصلاً في نصب الراية: 4/ 189 - 192، والتلخيص: 4/ 156 - 158، والإرواء: 8/ 172 - 175. (3) في (ب): (ما يدلّ)، وهو تحريف. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 241 المخالف (1)؛ إذ فيها أنه قال: (قلنا: يا رسول الله ننحر الناقة ونذبح (2) البقرة، أو (3) الشاة [فنجد] (4) في بطنها الجنين أنلقيه (5) أم نأكله؟ فقال: كلوه إن شئتم، فإن ذكاته ذكاة أمه)، والله أعلم. قوله في كسب الحجّام: (فقد (6) نهى عنه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فروجع مرارا) (7)، هذا حديث محيّصة بن مسعود الأنصاري (8) الذي رويناه من حديث الشافعي عن   (1) وهم الحنفية حيث قالوا: إن المراد بالحديث التشبيه لا النيابة، أي ذكاة الجنين كذكاة أمه، ولهذا ذكر الجنين أولاً، ولو كان المراد النيابة لذكر النائب أولاً دون المنوب عنه، ومثل هذا يذكر في التشبيه، يقال: فلان شبه أبيه، وحظ فلان حظ أبيه، والمراد التشبيه. وقالوا: ويصح هذا التأويل في الرواية بالنصب، يعني أن هذا الحديث روى بنصب ذكاة الثانية أيضاً كما روي بالرفع، وهي توجب ابتداء الذكاة فيه إذا خرج، ولا يكتفي بذكاة أمه، ولهم تأويلات غير هذا حتى قالوا في قوله - صلى الله عليه وسلم - (كلوه إن شئتم) أي اذبحوه وكلوه. انظر: المبسوط: 12/ 6 - 8، حاشية السعدي أفندي على تكملة فتح القدير: 9/ 498. (2) في (أ): (تذبح). (3) في (ب): (الواو) , وكذا في السنن. (4) ما بين المعقوفتين من سنن أبي داود ليتم المعنى. (5) في (أ): (أتكفيه)، وهو تصحيف. (6) في (د): (فهي)، وهو خطأ. (7) الوسيط: 3/ ق 199/ ب. (8) هو محيّصة بن مسعود بن كعب بن عامر، أبو سعد الأنصاري الأوسي الحارثي المدني، صحابي مشهور، أسلم قبل الهجرة، بعثه النبي - صلى الله عليه وسلم - إلى أهل فدك يدعوهم إلى الإِسلام، وشهد أحدا وما بعدها من المشاهد كلها، وهو أخو حويّصة، وهو أصغر منه، وأسلم على يده أخوه حويّصة، وروى عنه ابنه سعد وابن ابنه حرام بن سعد. انظر: الاستيعاب: 3/ 498 - 501، تهذيب الأسماء واللغات: 2/ 85، الإصابة: 1/ 363، 3/ 388. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 242 مالك وسفيان بن عيينة، ولفظه في حديث سفيان (أن محيّصة سأل النبي - صلى الله عليه وسلم - عن كسب الحجّام، فنهاه عنه فلم يزل يكلّمه حتى قال: أطعمه رقيقك، واعلفْه ناضحك)، رواه أبو داود وابن ماجه والترمذي (1). وقال: حديث حسن. ومُحَيَّصَة: هو بميم مضمومة ثم حاء مهملة مفتوحة، ثم ياء مثناة من تحت مكسورة مشدّدة، ومنهم من يسكنها، وبعدها صاد مهملة وهاء التأنيث. والناضح: بالضاد المعجمة، هو البعير الذي يستقى عليه من البئر ونحوه (2) بالدلو ونحوها (3)، والله أعلم. قوله في تعليل الأصحاب كراهة ذلك: "بكونه حرفة خسيسة، ومخامرة نجاسة، و (4) عندي أن التعليل بذلك يوجب الحاق أجرة الكناس والدباغ به، ولم يذهب إليه أحد" (5).   (1) أبو داود: 3/ 707 في كتاب البيوع والإجارات، باب في كسب الحجام، وابن ماجه: 2/ 732 في كتاب التجارات، باب كسب الحجام، والترمذي: 3/ 575 في كتاب البيوع، باب ما جاء في كسب الحجام، كما رواه أحمد: 5/ 435، والطحاوي: 4/ 131، وابن ماجه: 12/ 112، والبيهقي في الكبرى: 9/ 566، والمعرفة: 14/ 113 - 114 من طرق عن سفيان بن عيينة عن الزهري عن حرام بن سعد بن محيّصة به. قال الترمذي: حديث حسن صحيح، وفي تحفة الأشراف: 8/ 366 حسن كما قال المؤلف، وصححه أيضاً الألباني في الصحيحة: 3/ 390 برقم (1400)، وصحيح سنن ابن ماجه: 2/ 9 رقم (1759). (2) نهاية 2/ 145/ أ. (3) انظر: الصحاح: 1/ 411، النهاية في غريب الحديث: 5/ 69. (4) ساقط من (د) و (ب). (5) الوسيط: 3/ ق 199/ ب. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 243 هذا عجيب، فقد ذهب إلى ذلك من لا نحصيه من أئمتنا (1)، وهو المقطوع به في "المهذب" (2)، و"التهذيب" (3)، وهو في "الشامل" (4)، و"بحر المذهب" (5) منسوب إلى أصحابنا على الإطلاق، والله أعلم. قوله في المضطرّ إلى الميتة: "فإن الأكل بعد ذلك لا ينعش" (6)، هو بفتح الياء، لا يرفعه (7)، وفي بعض النسخ "لا ينفعه" (8) بدل "لا ينعش". و (9) قوله: "من علم في البادية أنه إن (10) لم يشبع، ولم يتزوّد لا يقوى، ولا يجد غيره، ويهلك، فيجب القطع بأنه يشبع، ويتزوّد" (11). قال الشارح (12) - رحمه الله -: هذا ليس على إطلاقه، فإنه إذا أمكنه التزود بحيث يتمكن كلما عادت ضرورته من (13) دفعها بما تزوّده فلا يجوز له الشبع   (1) انظر: الحاوي: 15/ 155، المجموع: 9/ 135، الروضة: 2/ 547، مغني المحتاج: 4/ 305. (2) 1/ 334. (3) 8/ 68. (4) 6 / ق 206/ أ. (5) لم أقف عليه. (6) الوسيط: 3/ ق 200/ أ، ولفظه قبله "وإن كان يخاف طول المرض وعسر العلاج ففيه قولان، ولا شك في أنه لا يشترط أن يصبر حتى يشرف على الموت، فإن الأكل ... إلخ". (7) انظر: الصحاح: 3/ 1021. (8) في (أ): (لا يرفعه) (9) ساقط من (د). (10) ساقط من (أ) و (ب). (11) الوسيط: 3/ ق 200/ أ. (12) في (د): (قال شيخنا الشارح - رحمه الله -) (13) ساقط من (ب). الجزء: 4 ¦ الصفحة: 244 قطعا (1) على ما مهده، فينبغي أن يحمل ذلك على ما إذا كانت المسافة بعيدة بحيث يخاف الهلاك إذا لم يشبع في الحال، ويتزود لثاني الحال، والله أعلم. قوله: "يباح الخمر لتسكين العطش؛ لأنه مستيقن (2) كإساغة اللقمة بخلاف التداوي" (3). قال الشارح - رحمه الله - (4): هذا غير صحيح؛ لأن في كونها مسكنة للعطش (خلافاً ظاهراً، ومن (5) يعتقدها مسكنة للعطش) (6) لا مستند له قاطعا في ذلك، ولو شربها هو (7) مرة فوجدها مسكنة للعطش قطعاً لم يستفد بذلك القطع فيما يريد أن يشربه هو أو غيره بعد (8) ذلك لاختلاف الأمزجة باختلاف الأحوال، فلن يوجد في ذلك سوى الظن فلا فرق إذاً بينه وبين الظن في التداوي، وهذا قاضٍ على ما ذكره شيخه (9) في تقدير ذلك من قوله: من قال: الخمر لا تسكن العطش فليس على بصيرة، ولا يعدّ مثل هذا مذهبا، بل هو غلط آيل إلى الحسّ، ومعاقر الخمر يجتزئ (10) بها عن الماء.   (1) انظر: الروضة: 2/ 549 - 550، كفاية الأخيار: ص 692، مغني المحتاج: 4/ 307. (2) في (أ): (مستثر) كذا. (3) الوسيط: 3/ ق 200/ ب. (4) في (د): (قال شيخنا الشارح - رحمه الله). (5) في (د): (خلاف ظاهر أو من). (6) ما بين القوسين ساقط من (ب). (7) في (د): (وهي). (8) نهاية 2/ 145/ ب. (9) انظر: نهاية المطلب: 18/ 244 - 245. (10) في (د): (تجتزئ). الجزء: 4 ¦ الصفحة: 245 وكأنه لم يقف على ما حكاه صاحب "بحر المذهب" من نص الشافعي على المنع من شرب الخمر للعطش معلّلا بأنها تعطش، وتجيع (1). وعن القاضي أبي الطيّب الطبري (2) أنه سأل عن هذا بعض من يجيز ذلك، فقال: الأمر كما قال: الشافعي - رحمه الله -: إن الخمر تروّي في الحال، ثم تثير عطشاً عظيماً، وفي تعليق القاضي حسين (3) أن الأطباء قالوا: الخمر تزيد العطش وأهل الشرب يحرصون على الماء البارد، والله أعلم.   (1) انظر: الأم: 2/ 397 (باب ما يحل بالضرورة). (2) لم أقف علي هذا النقل عند غير المصنف. (3) كالسابق. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 246 ومن كتاب السبق والرمي قوله: "ولا غناء في القوس" (1)، هو بفتح الغين المعجمة، وبالمدّ: النفع والكفاية (2)، والله أعلم. قوله - صلى الله عليه وسلم -: (لا سَبَق إلا في خف أو حَافِرٍ أو نصل) (3). رواه أبو هريرة، أخرجه أبو داود، والنسائي، والترمذي (4)، وهو حديث حسن الإسناد، والرواية الصحيحة فيه "لا سبق" بفتح الباء، وهو العوض الذي   (1) الوسيط: 3/ ق 200/ ب، ولفظه "والرخصة فيه تحريض على تعلّم أسباب القتال، قال الله تعالى: {وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ وَمِنْ رِبَاطِ الْخَيْلِ} فلا غناء في القوس". (2) انظر: مختار الصحاح: ص 425، المصباح المنير: ص 455. (3) الوسيط: 3/ ق 201/ أ. (4) أبو داود: 3/ 63 - 64 في كتاب الجهاد، باب في السبق، والنسائي: 6/ 226 في كتاب الخيل، باب السبق، والترمذي: 4/ 177 في كتاب الجهاد، باب ما جاء في الرهان والسبق، وكما رواه أحمد: 2/ 474، والشافعي في الأم: 4/ 325، والمسند: ص 349، وابن حبان: 7/ 96، والطبراني في الصغير: 1/ 25، والبيهقي في الكبير: 10/ 28، والمعرفة: 14/ 147 - 148 من طرق عن ابن أبي ذئب عن نافع بن أبي نافع عن أبي هريرة به. قال الترمذي: هذا حديث حسن، ونقل الحافظ ابن حجر في التلخيص: 4/ 161 تصحيحه عن ابن القطان وابن دقيق العيد، وصححه أيضاً الألباني في الإرواء: 5/ 333. وأخرجه النسائي: 6/ 227 في الموضع السابق، وابن ماجه: 2/ 960 في كتاب الجهاد، باب السبق والرهان، وأحمد: 2/ 256، 425، والبيهقي في الكبير: 10/ 28 من طرق عن محمد ابن عمرو عن أبي الحكم مولى بني ليث عن أبي هريرة به دون ذكر "نصل"، قال البيهقي: "قال محمد بن عمرو: يقولون: أو نصل" قال الألباني في الإرواء: 5/ 334 "وأبو الحكم هذا مجهول، وفي التقريب: مقبول، يعني عند المتابعة، وقد توبع"، والله أعلم. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 247 يسابق عليه (1)، وأما بإسكان الباء فهو مصدر سبقه (2)، والله أعلم. قوله: "وأما البغال، والحمير (3) فالظاهر أنها لا تلحق، وفيه وجه أنها تلحق" (4). هذا ليس بوجه، بل هو المنصوص (5)، والأمر على العكس مما ذكر، فإن الظاهر من نص الحديث، ومن مذهب الشافعي إلحاقها (في الجواز) (6) بالخيل (7)، وقد نصّ الشافعي على ذلك في "المبسوط" (8)، و (9) من حيث المعنى ليست دون الإبل، والله أعلم. قوله: "النَّاوَك" (10) بالنون، والواو المفتوحة، هو اسم فارسي جعله (11) هو   (1) انظر: الزاهر: ص 63، معالم السنن: 3/ 63، النهاية في غريب الحديث: 2/ 338. (2) في (أ) و (ب): (سبق)، وهو من باب ضرب، يقال: سبقت الرجل، أسبقه سبقا إلى كذا، أي تقدّمه وخلّفه، انظر: المصادر السابقة. (3) في (أ) و (ب): (الحمر). (4) الوسيط: 3/ ق 201/ أ. (5) نهاية 2/ ق 146/ أ. (6) ما بين القوسين ساقط من (ب). (7) انظر: الحاوي: 15/ 185، المهذب: 1/ 541، الشامل: 7/ ق 2/ ب، الروضة: 7/ 533، كفاية الأخيار: ص 711. (8) انظر: الشامل: 7/ ق 2/ ب، وفي الأم: 4/ 362 أيضاً حيث قال: "وكل حافر من خيل وحمير وبغال، وكل خف من إبل بخت أو عراب داخل في هذا المعنى الذي يحلّ فيه السبق". (9) ساقط من (ب). (10) في (أ): (الناول) باللام، ولفظه في الوسيط: 3/ ق 201/ أ "وأما النصل: فيستوي فيه أصحاب القسّي من الناوك وغيره". (11) في (د): (يجعل)، كذا، وفي (ب): (جعل). الجزء: 4 ¦ الصفحة: 248 وشيخه (1) اسما لنوع من القِسّيّ، وهو في الأصل اسم لآلة تجعل (2) في القوس (3) الفارسية، وهي التي يرمى بها النُّشّاب، لا النبل (4)، وتلك (5) الآلة قصبة أو نحوها تجعل فيها سهام صغار لها نصال (6) دقاق، ثم يضع الرامي تلك الآلة في وسط القوس كما يضع السهم المجرد، وينزع في القوس، فيخرج تلك السهام منها، وربما كانت نحو عشرين فتتفرق، فلا تمرّ بشيء إلا عقرته (7). ومعنى "ناوك" (8) بالفارسية: المجرى، وتلك الآلة هي مجرى السهام وتسمية القوس، وهي فيه بالناوك سائغ على جهة (9) الاستعارة، وسهامها هي فيما ذكره (10) الأزهري (11) وغيره (12) "الحُسبْان" بضم الحاء، اسم عربي، يوجد في كلام بعضهم تسمية نفس القوس حسبانا، وباب الاستعارة لا يأباه (13)، والله أعلم.   (1) انظر: نهاية المطلب 18/ 265. (2) في (أ): (يجعل). (3) في (ب): (القسي). (4) النشاب: هي اسم السهام الذي يرمى بها عن القسي الفارسية، والنبل: هي اسم السهام التي يرمى بها عن القسي العربية. انظر: الزاهر: ص 266، وتحرير ألفاظ التنبيه: ص 185. (5) في (أ): (تكل). (6) نصال جمع نصل، وهو حديدة الرمح والسهم والسكين. انظر: المصباح المنير: ص 609، والمعجم الوسيط 2/ 927. (7) انظر: الزاهر: 179. (8) في (أ): (ناول) باللام. (9) في (أ): (وجه). (10) في (أ): (ذكر). (11) انظر: الزاهر: ص 279. (12) كالجوهري، انظر: الصحاح: 1/ 111، والمصباح المنير: ص 135. (13) في (أ): (لا يأباها). الجزء: 4 ¦ الصفحة: 249 قوله: "وأما الزانات، والمزاريق" (1). هما نوعان من الحراب. والزانات - بالزاي المنقوطة، والنون - قيل: هي التي تكون مع الدَّيْلم (2)، لها رأس دقيق، وحديدتها عريضة (3)، والله أعلم. والمزاريق: واحدها مزراق على مثال مفتاح بالزاي، ثم الراء المهملة، وقال الجوهري (4) فيه: رمح قصير (5)، والله أعلم. ذكر أن اسم النصل بعيد عن السيف (6)، وليس كما قال: فإن استعمال النصل (في السيف) (7) كثير في اللغة غير نادر، وفي "صحاح اللغة" (8) للجوهري: النصل نصل السهم (9)، والسيف، والسكين، والرمح. ولو قال كما قال شيخه (10): إن اسم النصل المطلق بعيد عنه لكان أقرب، ومع ذلك فهو (11) غير مسلم، ثم قال: "لكن هو (12) الأصل في القتال، وهو نِفَار من السكين، والرمح نِفَار من السيف، والرمي نِفَار من الرمح" (13).   (1) الوسيط: 3/ ق 201/ أ. (2) الديلم: السهم. انظر: الصحاح: 5/ 1920 - 1921، اللسان: 12/ 205 - 206. (3) انظر: تهذيب الأسماء واللغات: 3/ 1/ 138، المصباح المنير: ص 260. (4) انظر: الصحاح: 4/ 1490، المصباح المنير: ص 252. (5) في (أ): (قصبة)، وهو تحريف. (6) انظر: الوسيط: 3/ ق 201/ أ. (7) ما بين القوسين ساقط من (أ). (8) 5/ 1830. (9) نهاية 2/ ق 146/ ب. (10) انظر: نهاية المطلب: 18/ ص 264. (11) في (ب): (هو). (12) في (أ) زيادة: (اسم). (13) الوسيط:3/ ق 201/ أ. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 250 فقوله "نِفَار" في المواضع الثلاثة هو بنون مكسورة بعدها فاء، أي نفور وفرار (1)، والمقصود بهذا الكلام بيان مراتب هذه الآلات في القتال: فيماسك الرجال في موقف القتال متقدم (2) في الرتبة، والتضارب بالسيوف نفار منه، وفرار إلى ما هو أسهل، و (3) أخف، والتطاعن بالرماح فرار ونفور (4) من السيوف، والرمي بالسهام فرار، ونفار من الرماح، فاعرف الكلمة، فإنها قد خفيت، وصحفت في النسخ بوجوه من التصحيف أضاعت (5) المعنى، والله أعلم. قوله: "والقمار أن يجتمع في حق كل واحد خطر الغُرم والغُنم" (6)، كان ينبغي أن يقول: وتوقع الغنم، وإن قرأته، والغنم بالرفع أدى (7) معنى ذلك على تكلف، والظاهر من حاله أنه قاله بالجر مضيفا للخطر إلى الغرم والغنم معاً، ووجهه: أن الخطر في الغرم (8) ثابت (9) للمخافة من وجوده، وهو في الغنم ثابت للمخافة (10) من فواته (11)، والله أعلم.   (1) انظر: المصباح المنير ص 617، القاموس المحيط ص 624، وما بعدها. (2) في (د): (لتتقدم). (3) في (أ): (أو). (4) في (أ): (نفر). (5) في (أ): (ضاعت). (6) الوسيط: 3/ ق 201/ ب، ولفظه قبله "الشرط الثالث: أن يكون فيما بينهم محلل ليميل بالعقد عن صورة القمار، والقمار ... إلخ". (7) في (أ): (أدلى). (8) في (أ): (والغرم). (9) ساقط من (أ). (10) في (أ): (وللغنم للمخافة). (11) في (د): (قرابة). الجزء: 4 ¦ الصفحة: 251 قوله: "رجل من عُرْض الناس" (1)، هو بضم العين المهملة، "وإسكان الراء المهملة أي من جانب الناس، وقيل: أي من وسط الناس (2)، والله أعلم. قوله: "وإن شرط المال للمحلل (3) إن سبق، ولم يشترط (4) لأحد المسبقين شيء إذا سبق" (5)، وقع في النسخ "المستبقين" بالتاء المثناة، والباء الموحدة، وإنما هو المسبقين (6) بالباء الموحدة من غير تاء، والمسبق الذي (7) يعطي السبق، ثم هو عندي من قولنا: أسبق (8)، فهو مسبق (9) أي (10) أعطى السبق الذي هو المال، فهذا الوصف الذي يخصهما دون المحلل، وأما وصف الاستباق، وهو المسابقة، فالمحلل مشارك لهما فيه. وهكذا في كل موضع بعد هذا مما ذكر فيه ذلك وصفا منه لهما دون (11) المحلل كقوله "المصلّي أحد المسبقين" (12)، و (13) قوله "المسبق الثاني ورآه" (14)،   (1) الوسيط: 3/ ق 201/ ب، ولفظه "وإنما المباح أن يخرج الإِمام مالا للسابق أو يخرج رجل من عرض الناس ليأخذ كل واحد لو سبق". (2) انظر: الصحاح: 3/ 1089، والمصباح المنير: ص 404. (3) في (ب): (للمال المحلل). (4) في (ب): (لم نشترط). (5) الوسيط: 3/ ق 201/ ب. (6) نهاية 2/ ق 147/ أ. (7) في (ب): (التي). (8) في (د): (استبق). (9) في (د): (مستبق)، وفي (ب): (مسبوق). (10) في (أ): (را) كذا. (11) في (أ): (عن)، وهو تحريف. (12) في (د): (السبقين). (13) مطموسة من (د). (14) في (أ) و (ب): (وراء). الجزء: 4 ¦ الصفحة: 252 وقوله "وتلاه (1) المسبقان"، فالجميع مسبق على مثال مخرج. وقيل: هو مسبّق - بتشديد الباء، وجماعة ذكروا هذا دون الأول (2)، والله أعلم. سمى الفرس الثاني مصليا؛ لأنه جاء ورأسه عند صلوى السابق، وصلواه (3) بفتح اللام، ما عن (4) يمين الذنب (5)، وشماله، ويسمى راكبه أيضاً مصلّياً (6). والأخير فِسْكِل - بكسر الفاء والكاف، وبينهما سين مهملة ساكنة (7)، والله أعلم. ذكر أن الاعتبار في السبق بالأقدام دون العنق (8)، واستعمال لفظ الأقدام في الدواب غير معروف، والله أعلم. قال: "ونقل العراقيون عن الشافعي أن الاعتبار في الإبل بالكَتَد والخف (9)، وفي الفرس بالعنق؛ لأن الإبل تمدّ أعناقها إذا عدّت، والخيل ترفع رؤوسها" (10)، فالكتد - بكاف وتاء مثناة من فوق، مفتوحتين (11)، ويقال   (1) في (أ): (وتلا) بإسقاط الضمير (2) انظر: الزاهر: ص 263. (3) في (أ): (صلواته). (4) في (أ): (على). (5) في (أ): (الذئب)، وهو تصحيف. (6) انظر: الزاهر: ص 266، والصحاح: 6/ 2402، والمصباح المنير: ص 346. (7) انظر: الزاهر: ص 266، والصحاح: 5/ 1790، 6/ 2402، والقاموس: ص 1346. (8) انظر: الوسيط: 3/ ق 202/ أ. (9) في (أ): (الخلف)، وهو تصحيف. (10) الوسيط: 3/ ق 202/ أ. (11) في (د): (مفتوحين). الجزء: 4 ¦ الصفحة: 253 أيضاً: بكسر التاء، ثم منهم من (1) قال: الكتد هو الكتف (2)، ومنهم من قال: هو مجتمع (3) أسفل العنق وأعلى الظهر، وذلك هو (4) مجتمع الكتفين (5). وما ذكره من أن الإبل تمدّ أعناقها في العدو، والخيل ترفع رؤوسها (6)، فهو هكذا في "البسيط" (7)، وهو مقلوب وفاسد من (8) حيث المعنى والنقل، وإنما هو بالعكس، إن الخيل تمدّ أعناقها في العدو، والإبل ترفع رؤوسها (9)، هكذا هو في طريقتي الخراسانيين والعراقيين (10)، وكذا ذكره شيخه (11)، والقاضي حسين (12) وتلميذه الشيخ حسين، صاحب "التهذيب" (13)، والشيخ أبو حامد   (1) في (أ): (ثم هم ما). (2) انظر: اللسان: 3/ 377، والمصباح المنير: ص 525، والقاموس: ص 401. (3) في (أ): زيادة (صحيح) ولعل الصواب حذفها. (4) ساقط من (أ). (5) انظر: تهذيب اللغة: 10/ 106، واللسان: 3/ 377، والمصباح المنير: ص 525. (6) في (أ): (روسها) بواو واحدة (7) 6 / ق 9/ ب. (8) نهاية 2/ ق 147/ ب. (9) في (أ): (روسها) بواو واحدة. (10) في (ب): (العراقيين والخراسانيين)، وانظر: التنبيه: ص 186، والروضة: 7/ 540، ومغني المحتاج: 4/ 315، ونهاية المحتاج: 8/ 169. (11) انظر: نهاية المطلب: 18/ ص 285. (12) لم أقف عليه. (13) 8/ 81. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 254 الإسفراييني (1)، وصاحب "الشامل" (2)، وصاحب "البحر" (3)، وبهذا يستقيم المعنى، والتعليل للحكم المذكور؛ لأن التي تمدّ أعناقها هي التي يمكن اعتبار السبق فيها بالعنق، والتي ترفع أعناقها لا يتهيأ اعتبار السبق فيها بالعنق، فيعتبر (4) بالكتد، والله أعلم. قوله: "يلزم في حق المحلل، ومن يأخذ ولا يبذل" (5)، يعني بهذا الذي لم يخرج شيئاً منهما فيهما إذا كان المخرج للسبق أحد المتسابقين دون الآخر، والله أعلم. قوله: "اختلاف النوع غير مانع كقسّي العرب والعجم، وكالناوَك، وهو قوس الحُسْبان مع السهم" (6). ففي قوله "مع السهم" إشكال، وشرحه - والله أعلم - أن السهم اسمم جنس أراد به السهام المتعارفة الغالبة، وهو معطوف على قوله "الحسبان"، ويعني به (7) أن الناوك هو قوس الحسبان التي هي سهام صغار كما قدمنا بيانه في أول الباب (8)، وهو أيضاً قوس السهام التي هي النشاب المتعارف، وذلك لما ذكرناه   (1) لم أقف عليه. (2) 7/ ق 4/ ب. (3) لم أقف عليه. (4) في (ب): (فتعتبر). (5) الوسيط: 3/ ق 202/ ب. (6) الوسيط: 3/ ق 202/ ب. (7) ساقط من (ب). (8) انظر: ص 248. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 255 أولا من أن الناوك وإن كان في الأصل آلة تجعل في وسط القوس الفارسية أو نحوها، وفيها نبل صغار يرمى بها بالنزع (1) في القوس، فيطلق اسم (2) الناوك على القوس على سبيل الاستعارة، فالمقصود إذاً بكلامه هذا إبداء (3) صورة اختلف فيها نوع السهام مع اتحاد القوس، فاعلم ذلك، والله أعلم. قوله: "كل شرط فاسد يستقلّ العقد دونه لو ترك" (4)، يعني به لو ترك ذكر ذلك الشرط من أصله، وأطلق العقد، وفيه احتراز من اشتراط عدد من الإصابات معلوم مثلا، فإنه لا يصح العقد دونه، لو ترك (5)، فإذا ذكر على وجه فاسد فسد العقد (6)، والله أعلم. يقال: فلج يفلج (7)، بالفاء في أوله، والجيم في آخره على مثال: دخل يدخل، معناه: ظفر، وفاز (8)، والله أعلم.   (1) في (د): (فالنزع). (2) نهاية 2/ ق 148/ أ. (3) ساقط من (د). (4) الوسيط: 3/ ق 203/ أ، ولفظه قبله "فلو شرط أن لا يبدل فهذا تضييق بغير فائدة، وفي صحة هذا الشرط وجهان: فإن قلنا: لا يصح ففي فساد العقد به وبكل شرط فاسد ... إلخ". (5) انظر: المهذب: 1/ 546، التنبيه: ص 188، الروضة: 7/ 544، مغني المحتاج: 4/ 316. (6) كأن يشترط إصابة مائة أو عشرة متوالية. انظر: المهذب: 1/ 546، والروضة: 7/ 544. (7) قال في الوسيط: 3/ 203/ أ: " ... والثاني: أنه لا بد من خطر لصحة هذه المعاملة، فعلى هذا لو كان بينهما محلل علم قطعا أنه لا يفلج، فوجوده كعدمه، ولو علم أن المحلل قطعا يفوز خرج على الوجهين". (8) انظر: الصحاح: 1/ 335، المصباح المنير: ص 180. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 256 قوله: "والرَّشْق عبارة عن نوبة من الرمي" (1). هذا هو بكسر الراء، وإسكان الشين المثلثة (2)، وأما بفتح الراء فهو الرمي نفسه، ورمي كل سهم رشق (3). (قوله: "على جمام قوته" (4)، هو بفتح الجيم أي اجتماع قوته (5)، وقد غير في بعض النسخ "تمام قوته"، والله أعلم) (6). قوله: "يبدأ بالمسبّق، وهو واضع المال"، فيه إشعار بما اصطلحناه من تصحيف النسخ فيما سبق ذكره، وهو المسبَّق بالكسر (والتشديد) (7) على مثال المعلّم، وهو الذي قاله غير واحد من الأصحاب أخذا مما حكى (8) الأزهري من (9) أنه (10) يقال: سبّق، بتشديد الباء أي أعطى (11) السبق، وسبّق أيضاً أي   (1) الوسيط: 3/ ق 203/ أ. (2) قال الأزهري: الرشق: الوجه من السهام ما بين العشرين إلى الثلاثين، يرمى بها رجل وا حد، والرجلان يتسابقان. انظر: الزاهر: ص 264، والمصباح المنير: ص 228. (3) انظر: المصدرين السابقين، والنظم المستعذب: 1/ 546. (4) الوسيط: 3/ ق 203/ ب، ولفظه " ... وكذلك قد يتضايق الرماة في البداية؛ إذ يكون الهدف خاليا، والرامي على تمام قوته، فالإصابة أغلب، ففي لزوم ذكر ذلك قولان: أحدهما، وهو القياس: أنه يجب، والثاني: أنه يبدأ بالمسبق ... إلخ". (5) انظر: الصحاح: 5/ 1889، والمصباح المنير: ص 110. (6) ما بين القوسين ساقط من (أ) و (ب). (7) ما بين القوسين ساقط من (أ). (8) في (أ) (حكاه)، وفي (ب): (قاله). (9) ساقط من (أ). (10) في (أ): (لأنه). (11) في (أ): (أعطاه). الجزء: 4 ¦ الصفحة: 257 أخذ السبق (1)، والذي اخترناه من (2) أنه المُسْبق على مثال المخرج، فيه السلامة من هذا الاشتراك، والله أعلم. (3) ما استبعده (4) من اتباع عادة الرماة (5) غير بعيد في الصورة المذكورة وأمثالها، فإنه من قبيل تنزيل العقد (6) المطلق على (7) المعتاد، ولا يخفى نظائره، والله أعلم. قوله: "في صحة العقد على البَرْتَاب" (8). هذه اللفظة قد أشكلت على من لا يعرف الفارسية، (وربما تعب بعضهم في طلبها من كتب اللغة، ولا يجدها (9) لكونها (10) فارسية) (11)، وهي البَرْتَاب - بباء موحدة مفتوحة ثم راء ساكنة، ثم تاء مثناة من فوق، ثم ألف ثم باء موحدة، وتعرّب بالفاء في أولها، فيقال: الفُرْتَاب، ومعناه: الإبعاد في الرمي على   (1) انظر: الزاهر: ص 263. (2) ساقط من (أ). (3) في (ب) زيادة (قوله). (4) نهاية 2/ ق 148 / ب. (5) ولفظه في الوسيط: 3/ 203/ أ " ... والثاني: أنه يبدأ بالمسبَّق، وهو واضع المال، فإنه عادة الرماة، وهذا ترك للفقه والقياس بالعادة، ولا يختلف القول في كل عادة تخالف القياس ... إلخ". (6) في (أ): (اللفظ). (7) في (د): (في). (8) الوسيط: 3/ ق 203/ ب. (9) في (أ): (تجد). (10) ساقط من (ب). (11) ما بين القوسين ساقط من (د). الجزء: 4 ¦ الصفحة: 258 حسب قوته لا إلى غاية معيّنة (1)، وهو الذي يقال فيه بالعربية: غَلاَ بالسهم غَلْوَةً (2) إذا رمى به أبعد (3) ما يقدر عليه (4)، والله أعلم. قوله: "ولو ترامى غريبان (5) صحّ" (6)، قد غير في بعض النسخ، ومعناه: تعاقد (7) على الرمي شخصان غريبان لا يعرف كل واحد منهما بسبب الغربة (8) حال صاحبه (9)، هل هو مستيقن العجز أو الظفر؟ والله أعلم. قوله: "ثم المحلّل في التحزب يجوز أن يكون من الحزبين، ويجوز أن يكون خارجا عنهما يناضلهم أو لا يناضلهم" (10). هذا مشكل جدّا، وكان قد ورد على من في (11) بعض البلاد الجامعة رقعة فيها سؤال عن معنى قوله "يناضلهم أو لا يناضلهم"، وعن قوله "يجوز أن يكون من الحزبين" (قاطعا بذلك مع كونه ذكر عقيبه خلافا فيما إذا كان المحلّل واحدا من أحد الحزبين؟.   (1) انظر: المصباح المنير: ص 41. (2) في (أ): (غلوا). (3) في (د) (بعد). (4) انظر: الصحاح: 6/ 2448، وتهذيب الأسماء واللغات: 3/ 2/ 62، والمصباح المنير: ص 452. (5) في (د): (غيريبان) كذا. (6) الوسيط: 3/ ق 203/ ب. (7) في (أ): (تعاقدا). (8) في (ب) زيادة (ما) كذا. (9) في (أ): (صحبه). (10) الوسيط: 3/ ق 204/ أ. (11) ساقط من (ب). الجزء: 4 ¦ الصفحة: 259 فأجيب بأن قوله "المحلل يجوز أن يكون من الحزبين" معناه يجوز أن يكون المحلل أحد الحزبين) (1) بأن لا يخرج أحد الحزبين شيئا، ويخرج الحزب الآخر (2) السبق، وفي صورة (3) الخلاف المحلل واحد من أحد الحزبين. و (4) قوله: "ويجوز أن يكون خارجا عنهما" معناه يكون المحلّل حزبا ثالثا أو شخصاً ثالثاً. و (5) "يناضلهم"، صورته: أن يخرج الحزبان، كل واحد منهما سبقا، ويدخلا (6) معهما ثالثا لا يخرج شيئاً، فهو محلّل يناضلهم؛ لأن الجميع يرمون كما في مثله في (7) مسابقة الخيل، الجميع متسابقون. و (8) قوله "أو لا يناضلهم"، صورته: ما إذا كان المخرج للسبق هو الإِمام، أو واحد من الرعيّة من غير أن يخرج الحزبان شيئاً، فالمحلّل، وهو ههنا مخرج للمال (9) خارج عنهما، وهو يرمي معهم، ويناضلهم.   (1) ما بين القوسين ساقط من (أ) وفي (ب) (أحد الحزبان) بالرفع. (2) نهاية 2/ 149/ أ. (3) في (أ): (سورة) بالسين المهملة، وهو تصحيف. (4) ساقطة من (د). (5) ساقطة من (د). (6) في (د): يحتمل هذا، ويحتمل أن يكون: (وقد خلا)، والله أعلم. (7) في (أ): (من). (8) ساقط من (د). (9) في (أ) و (ب): (المال). الجزء: 4 ¦ الصفحة: 260 قصد المصنف - رحمه الله - بكلامه هذا استيفاء جميع الصور الثلاث التي يحلّ فيها المال للسابق (1) على نحو ما سبق ذكره في المسابقة على الخيل (2)، وأوجز العبارة مستعملا لفظ المحلل في خلاف معناه المعروف؛ إذ المعروف تخصيص اسم المحلل لما يغنم ولا يغرم، فأدخل هو تحت اسمه من يغرم ولا يغنم، والله المستعان. ثم ظهر لي فيه وجه آخر في قوله "يناضلهم أو لا يناضلهم"، وهو أنه يحتمل أن يكون أراد أن المحلل إذا كان خارجا عن الحزبين، إما حزبا ثالثا، وإما شخصا ثالثا، فجائز أن يكون من (جماعتهم، وهو المراد بقوله "يناضلهم" أي هو متصدًّ لمناضلتهم، وجائز أن يكون من) (3) غيرهم، وهو المراد بقوله "لا يناضلهم" أي هو غير متصدًّ لمناضلتهم، وهذا قبل العقد، أما بعد العقد فالجميع متصدّون (4) لمناضلتهم، وهذا سبب الإشكال، والله أعلم. قوله: "لو ترامى الحزبان فاجتاز بهما قبل العقد رجلان" (5)، معناه (6) لو أرادا الترامي. و (7) قوله: "لا يقدر على نزع القوس" (8)، له اتجاه، وإن كان المحفوظ في اللغة: النزع في القوس أي مدّ القوس (9)، والله أعلم.   (1) في (ب): (لسابق). (2) في (ب): (في مسابقة الخيل). (3) ما بين القوسين ساقط من (أ). (4) في (ب): (متصدّ). (5) الوسيط: 3/ ق 204/ أ. (6) نهاية 2/ ق 149/ ب. (7) ساقطة من (د). (8) الوسيط: 3/ ق 204/ أ. (9) انظر: الصحاح: 3/ 1289، والمصباح المنير: ص 600. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 261 قوله: فيمن يعلم (1) أنه لم يتعلم الرمي "يحتمل (2) خلاف في جواز مناضلة مثله؛ إذ لا خطر فيه" (3). هذا تعليل منه لعدم (4) الجواز، وهو ضدّ ما علّل به شيخه (5)، وما علّله هو به (6) في "البسيط" (7)، فإنهما علّلاه بأنه خطر لا فائدة له (8) فيه، ولكل واحد منهما وجه. أما وجه تعليله ههنا، فهو (9) أنه يندر ظفره، ولا يكون على خطر، أي لا يتوقع حصوله، فليلتحق بما إذا علم عجزه، وقد سبق مثل هذا في الشرط الرابع (10). أما وجه التعليل الآخر فهو أنه مع جهله بالمناضلة متعرض لإفساد شيء، وجلب ضرر من غير فائدة، فلا توجد فيه المصلحة المصحّحة لهذا العقد، فالخطر المنفيّ في (11) الأول، هو خطر توقع النفع، والخطر المثبت في الثاني هو خطر توقع الضرر، فاعلم ذلك (12)! والله أعلم.   (1) في (د): (تعلم). (2) في (ب) هذه الكلمة غير واضحة، ويحتمل أن تكون (فيه). (3) الوسيط: 3/ ق 204/ أ. (4) في (أ): (بعدم). (5) انظر: نهاية المطلب: 18/ ص 338. (6) ساقط من (ب). (7) 6/ ق 34/ أ. (8) ساقط من (ب). (9) ساقط من (د). (10) يعني في الوسيط: 3/ ق 203. (11) ساقط من (أ). (12) ساقط من (أ) و (ب). الجزء: 4 ¦ الصفحة: 262 ثم بني على هذا ما إذا جهل جهله هذا عند العقد، ثم بان بعده، وذكر ما معناه أنه إن لم نجوزه مع العلم فههنا يسقط، ويسقط مقابله، وإن جوّزْناه (1) احتمل أن يجعل كالأخرق فلا يسقط (2). قوله "احتمل" غير مرضيّ، بل هو جزما كالأخرق (3)، إذا جوّزناه (4) لتساويهما في ذلك، والحالة هذه، ولا ذكر لهذا الاحتمال في "البسيط" (5)، و"النهاية" (6)، والله أعلم. قوله: "الشرط السادس: تعيين الموقف مع التساوي" (7). فهذا (8) غير مرضيّ، فإن تعيين الموقف فيما (9) يرجع إلى بعد المسافة وقربها من الهدف، وقد سبق في الشرط الرابع ذكره (10)، وذكر الخلاف فيه (11).   (1) في (د): (حررناه). (2) انظر: الوسيط: 3/ ق 204 / أ (3) الأخرق: الأحمق، أو من لا يحسن الصنعة. انظر: المصباح المنير: ص 167، والقاموس المحيط: ص 1135. (4) في (أ): (جوزنا). (5) 6/ ق 34/ أ. (6) 18/ 338. (7) الوسيط: 3/ ق 204/ أ. (8) في (أ) و (ب): (هذا). (9) في (د): (فيه). (10) نهاية 2/ ق 150/ أ. (11) انظر: الوسيط: 3/ ق 203. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 263 و (1) أما تعيين الموقف (2) من وسط الصفّ، أو طرفه، فهذا (3) الذي ذكره بعده. وقوله فيه "إنه يحتمل" (4) يعني به أنه لا يشترط ذكره إذا لم يكن بينهم فيه (5) تنازع وتنافس. (وقوله "لضرورة الصفّ" يحتاج أن يقول معه، وعسر التناوب عليه بالقيام والقعود، والله أعلم) (6). قوله: "إذا تراضوا (7) بتقدم واحد فلا يجوز، فكأنهم رضوا بأن يفوز من غير رمي محسوب، أو حطوا العشرة في حقه إلى التسعة" (8). شرحه: أنه إذا رضي (9) جميعهم بعد تعاقدهم على أن يرمي كل واحد منهم عشرة مثلا، بأن يتقدّم واحد منهم على موقفهم تقدما مفرطا لم يُجزْ ذلك (10)؛   (1) ساقط من (د). (2) في (د): (الوقف). (3) في (أ) و (ب): (فهو). (4) قال في الوسيط: 3/ ق 204/ أ: "وأما الواقف في الوسط فلا شك أنه أقرب إلى المحاذاة، ولكن هذا القدر يحتمل للضرورة". (5) في (ب): (فيه بينهم). (6) ما بين القوسين ساقط من (ب). (7) في (أ): (إذا ارتضوا). (8) الوسيط: 3/ ق 204/ أ. (9) في (أ): (تراضى). (10) انظر: فتح العزيز: 12/ 209، والروضة: 7/ 551، ومغني المحتاج: 4/ 377. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 264 لأنه تغيير لوضع العقد، ومقتضاه؛ لأنه مع هذا التباين (1) في الموقف غير مناضل لهم، فإذا أخذ فقد أخذ بغير رمي معتدّ به. وقوله "أو حطّوا العشرة في حقه إلى التسعة" مشكل، ولنا فيه مسلكان: أحدهما: أن لا يلتزم بحقيقة في هذه الصورة، ونجعله مشبها به لاشتراكهما في تغيير وضع العقد، وهذا يعتضد بأن ذلك في "النهاية" (2)، و"البسيط" (3) إنما هو مذكور بصيغة مقيس عليه (4). والثاني: أن يلتزم بحقيقة في هذه الصورة، ويقول: إذا رضوا بتقديم (5) واحد منهم في جميع العشرة فهو فوز (6) بغير رمي محسوب، وإن رضوا بتقدّمه في واحد منهما فهو حطّ من العشرة إلى التسعة، والله أعلم. قوله: "إذا شرط الخواسق، وهي الخوازق (7)، أي (8) التي (9) تخرق الهدف" (10).   (1) في (أ): (التباس)، وهو تصحيف. (2) 18/ ص 328. (3) 6/ ق 34/ ب. (4) في (ب) هذه الكلمة غير واضحة. (5) في (أ) (بتقدم). (6) في (أ): (قول)، وهو تحريف. (7) في (د): و (ب): (الخوارق) بالراء المهملة، وكذا في نسخة الوسيط التي بين يدي، وفي (أ) (الخوادق) بالدال المهملة، وهو تصحيف، والمثبت من شرح المصنف بعده، وكلاهما وارد كما قال المصنف بعد قليل. (8) ساقط من (أ). (9) في (د): (زيادة (هي)، لعل الصواب حذفها. (10) الوسيط: 3/ ق 204/ ب. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 265 الخوازق - بالزاي المنقوطة، هي التي تنقب الغرض (1)، وجائز أن يكون المصنف (2)، وكثير من المصنفين غيره، إنما قالوا "الخوارق" بالراء المهملة، (لا (3) بالزاي المنقوطة) (4)، وتسويته بين الخواسق والخوارق (5) خلاف النصّ المشهور (6)، و (ما هو) (7) المقطوع به في "المهذب" (8)، و"التهذيب" (9) وغيرهما (10)، وهو أن الخسق (11) أن ينقب (12) السهم الغرض، ويثبت فيه، والخرق (13): أن يثقبه، وإن لم يثبت فيه، ولكن في كتاب "البحر" (14) أن في ذلك قولين:   (1) انظر: الزاهر: ص 263، والمصباح المنير: ص 168. والغرض: هو الهدف الذي يرمى إليه. انظر: المصباح المنير: ص 445، والقاموس: ص 836. (2) نهاية 2/ ق 150/ ب. (3) في (ب): (إلا). (4) ما بين القوسين ساقط من (أ). (5) في (أ): (الخوازق). (6) انظر: الأم: 4/ 329، ومختصر المزني: 9/ 304. (7) ما بين القوسين ساقط من (أ). (8) 1/ 548. (9) 8/ 93. (10) كالحاوي: 15/ 216 - 217، والتنبيه: ص 188، والشامل: 7/ ق 10/ أ، وفتح العزيز: 12/ 211. (11) في (أ): (الخرق) بالراء المهملة. (12) في (أ): (يثقب)، وفي (ب) غير منقوط. (13) في (أ): (الخزق) بالزاي المنقوطة. (14) لم أقف عليه. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 266 أحدهما: أن الخاسق (1) والخارق (2) ما يثقب، وإن لم يثبت. والثاني: أن الخاسق ما ثقب وثبت، والخارق ما ثقب، ولم (3) يثبت، والله أعلم. قوله: "فإن خرق (4) طرف الهدف" (5)، كلام من (6) يجعل الهدف عبارة عن الغرض، وهو جائز، وإن كان المشهور أن الهدف عبارة عن التراب الذي يُجْمَع، و (7) نحوه، و (8) ينصب فيه الغرض المقصود بالرمي، وهو جلد، أو قرطاس، أو (9) نحوهما، و (10) لكن يطلق اسم الهدف على الغرض، وكذا بالعكس (11)، والله أعلم. قوله في قول اشتراط الثبوت في الخواسق "هو بعيد" (12) ليس كذلك، بل هو المذهب على ما بيّناه آنفاً، والله أعلم.   (1) في (أ): (الخارق). (2) في (أ): (خازق) و (ب): (الخارق). (3) في (د): (وإن لم). (4) في (أ): (خزق). (5) الوسيط: 3/ ق 204/ ب. (6) في (أ): (لم). (7) في (أ) و (ب): (أو). (8) ساقطة من (د). (9) في (أ): (و). (10) ساقط من (أ). (11) انظر: الزاهر: ص 265، والنظم المستعذب: 1/ 546، ومغني المحتاج: 4/ 316. (12) الوسيط: 3/ ق 203/ ب. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 267 قوله: "فيما إذا تعاقدا على مائة، ومن بادر إلى إصابة عشرة (1) منها، فله السبق، فبدر أحدهما، فأصاب العشرة من خمسين استحق السبق، وهل عليه إتمام العمل" فيه وجهان: أحدهما: لا (2)؛ لإتمام الاستحقاق. والثاني: "نعم؛ لأن العمل مقصود للتعلم (3)، ومع هذا فلا شك أن خارجيا لو شرط له (4) على إصابته التي بها استحق شيئا آخر استحق ذلك أيضا؛ لأن العمل الواحد يفي (5) بالغرضين في التعليم" (6). هذا مشكل، ووجهه: ربط (7) (هذه المسألة) (8) بما قبلها أنها تدلّ على خلاف ما ذكره من أن العمل (9) مقصود؛ لأن عمله في الإصابة انصرف إلى جهة عقد المسابقة، فاستحقاقه ما (10) بذله الخارجي إنما هو بمجرد (11) الشرط من غير عمل.   (1) في (أ) و (ب): (عشر). (2) ساقط من (أ). (3) في (أ): (التعلل) كذا. (4) ساقط من (ب). (5) في (أ): (بقي)، وهو تصحيف. (6) الوسيط: 3/ ق 204/ ب، وفي (أ) و (ب): (التعلم). (7) في (أ) و (ب): (ربطه). (8) ما بين القوسين ساقط من (أ). (9) نهاية 2/ ق 151/ أ. (10) في (د): (بما). (11) في (أ): (مجرد). الجزء: 4 ¦ الصفحة: 268 وجوابه ما ذكره من أنه يستحقّ المالين بعمله الواحد لوفائه بتعليم الباذلين، فهو كما لو استأجره شخصان على تعليم سورة معينة، فعلّمهما (1) إياها بقراءة واحدة، فإنه يستحقّ العوضين. ثم إن الذي ذكره إمام الحرمين (2)، ونقله الشيخ إلى "البسيط" (3) أنه إذا قلنا: إنه يلزمه إتمام العمل فلم يتمّه، فلا يستردّ منه السبق، وفي ذلك نظر، ولم أجده لغيره، والله أعلم. قوله: "وللحذّاق (4) نِيْقَةٌ في الرمي عند الريح بإمالة النظر" (5). فقوله "نِيْقَةٌ" بنون مكسورة، ثم ياء مثناة من تحت ساكنة، ثم قاف على مثال "زينة" أي مبالغة في الإحكام والاختيار (6). وقوله "بإمالة النظر" أي يميل بصره عن الغرض، ويرمى نحو نظره مائلا عن الغرض بقدر (7) تأثير الريح في إمالة السهم المقوم إلى الغرض (عنه، والله أعلم.   (1) في (د): (فعلمها). (2) انظر: نهاية المطلب: 18/ ص 290. (3) 6/ ق 25/ ب. (4) في (أ): (الخازق)، وفي (ب): (ولحاذق). (5) الوسيط: 3/ ق 205/ أ. (6) انظر: الصحاح: 4/ 1562، والقاموس: ص 1196. (7) في (أ): (بتقدّر). الجزء: 4 ¦ الصفحة: 269 قوله في السهم المتقطع "إن أصاب بالفُوق أو العرض) (1) فلا يحسب" (2). ليس (3) هذا مخصوصا بالوجه الثاني الذي يليه، بل هو متفق عليه على الوجهين معا (4)، والله أعلم.   (1) ما بين القوسين ساقط من (ب). (2) الوسيط: 3/ ق 205/ أولفظه قبله "أما إذا انكسر السهم بنصفين، وأصاب بالمقطع من النصف الذي في الفوق حُسِبَ، وإن أصاب بالنصل لم يحسب؛ لأن قوة الرمي تبقى في ذلك النصف لا في المنفصل، ومنهم من عكس، وقال: النظر إلى النصل، فأما إن أصاب بالفوق ... إلخ". والفُوق: موضع الوَتَر من السهم. انظر: المصباح المنير: ص 483، والقاموس: ص 1187. (3) ساقط من (أ). (4) انظر: نهاية المطلب: 18/ ص 303. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 270 (ومن) (1) كتاب الأيمان قال - رحمه الله وإيانا -: "اليمين: هي عبارة عن تحقيق ما تحتمل المخالفة والموافقة بذكر اسم الله تعالى، أو صفة من صفاته، ماضيا كان أو مستقبلا، لا في معرض اللغو والمناشدة" (2). هذا الحدّ معترض باليمين بالطلاق والعتاق، وكذلك (3) اليمين بغير الله تعالى، وإن كانت (4) (5) منهيّا عنها فهي (6) يمين. فأقول: لم يحدّد مطلق اليمين، وإنما حدّد اليمين الموجبة للكفارة. فإن قلت: فلا يعذر في تركه ذكر هذا القيد في كلامه. قلت: بل يعذر؛ لأنهم سمّوا هذا الكتاب "كتاب الأيمان" فأطلقوا، ومرادهم: الأيمان الموجبة للكفارة، والله أعلم. وقوله: "لا في (7) معرض اللغو" ليس متعلقا بأول الكلام، بل بقوله "بذكر اسم الله تعالى" (أي بذكر اسم الله تعالى) (8) في معرض التحقيق، لا في معرض اللغو والمناشدة، والله أعلم.   (1) ما بين القوسين مطموس في (د). (2) الوسيط: 3/ ق 205/ ب. (3) في (د): (ولذلك). (4) في (د): (كان). (5) نهاية 2/ ق 151/ ب. (6) في (أ): (فهو). (7) ساقط من (د). (8) ما بين القوسين ساقط من (أ). الجزء: 4 ¦ الصفحة: 271 اليمين الغَمُوس (1): هي أن يحلف على ماضٍ كذبا. سمّيت غموسا؛ لأنها تغمس صاحبها في الإثم، أو في النار (2)، والله أعلم. قوله: "لا والله، بلى والله" (3) ليس مقولا على الاجتماع، بل أحدهما تارة، والأخرى تارة (4) أخرى، وما فسّر (5) به لغو اليمين اتّبع فيه شيخه (6)، وهو يشبه الهزل المذكور في الطلاق (والعتاق) (7) في أنه يقصد اللفظ، ولا يقصد الحكم، والمعروف في تفسير (8) لغو اليمين على مذهبنا: أنه الذي يسبق إليه اللسان من غير قصد إلى اللفظ أصلاً (9)، والله أعلم. ما ذكره من الحلف بشعر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - (10) مما اعتاده عوام العجم يحلفون بذُؤَابَتِه (11) - صلى الله عليه وسلم -، ولم يكن له ذؤابة، والله أعلم.   (1) قال في الوسيط (3/ ق 205/ ب): "وأشرنا بالماضي إلى يمين الغموس، فإنها توجب الكفارة". (2) انظر: النهاية في غريب الحديث: 3/ 386، النظم المستعذب: 2/ 165، روضة الطالبين: 8/ 3، تحرير ألفاظ التنبيه: ص 265. (3) الوسيط: 3/ ق 205/ ب، ولفظه: "وأشرنا باللغو إلى قول العرب: لا والله، بلى والله، في معرض المحاورة من غير قصد إلى التحقيق، فذلك لا يوجب الكفارة، وهو لغو". (4) في (أ): (قارة والآخر قارة) بالقاف في الموضعين، وهو تصحيف. (5) في (أ): (فسره). (6) انظر: نهاية المطلب: 18/ ص 356. (7) ما بين القوسين ساقط من (د). (8) في (ب): (تفسيره). (9) انظر: المهذب: 2/ 164، التبيه: ص 265، الروضة: 8/ 3 - 4، المحتاج: 4/ 324. (10) انظر: الوسيط: 3/ ق 206/ أ. (11) الذؤابة: هي الضفيرة من الشعر إذا كانت مرسلة. انظر: المصباح المنير: ص 211، والقاموس: ص 108. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 272 ثبت في الصحيحين (1) من رواية ابن عمر عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنه سمع عمر يحلف بأبيه، فقال - صلى الله عليه وسلم -: (إن الله ينهاكم أن تحلفوا بآبائكم (2)، فمن كان حالفا فليحلف بالله، أو ليصمت)، والله أعلم. ذكر فيما إذا حلف بالله، وزعم أنه ورّى، هل يُدَيَّنُ (3) باطنا؟ وجهان (4): وجه: أنه لا يدين مع القطع بأنه يدين إذا قال: أنت طالق، وقال: أردت طلاقا من وثاق (5)؛ أن (6) الكفارة تتعلق بإظهار اللفظ المعظم ومخالفته، وهذا لا يزول بالتورية والإضمار بخلاف لفظ الطلاق. وقد ذكر الأصوليون، أو من ذكر ذلك منهم: أن من تلفظ بكلمة صريحة في الكفر، وزعم أنه ورّى ونوى بها ما ليس بكفر، فإنه يكفر ظاهرا و (7) باطنا (8)، والله اعلم.   (1) البخاري: 6/ 182 في كتاب مناقب الأنصار، باب أيام الجاهلية، و10/ 532 في كتاب الأدب، باب من لم ير إكفار من قال ذلك متأولا، أو جاهلا، و11/ 537 في كتاب الأيمان والنذور، باب لا تحلفوا بآبائكم، ومسلم: 11/ 104 - 106 مع النووي في كتاب الأيمان، باب النهي عن الحلف بغير الله تعالى. (2) نهاية 2/ ق 152/ أ. (3) يُدَيَّن: أي يصدق. انظر: المغرب 1/ 301، طلبة الطلبة ص 105. (4) انظر: الوسيط: 3/ ق 206 / أ. (5) انظر: فتح العزيز: 12/ 237، والروضة: 8/ 9. (6) كذا في النسخ، ولعل الصواب (لأن) والله أعلم. (7) في (أ): (أو). (8) لقوله تعالى: {قُلْ أَبِاللَّهِ وَآيَاتِهِ وَرَسُولِهِ كُنْتُمْ تَسْتَهْزِئُونَ (65) لَا تَعْتَذِرُوا قَدْ كَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ} [التوبة: 65، 66]، وانظر: تيسير التحرير 2/ 299، شرح شمس الأصول ص 536. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 273 قوله: "أن يذكر اسما مشتركا يطلق على الله تعالى (وعلى) (1) غيره، كالعليم والحكيم" (2). من اعترض (3) على هذا وقال: ليس هذا من المشترك، بل هذا من المتواطئ (4)؛ لأن المتواطئ عبارة عن (5) اللفط (6) الذي (7) يتناول أشياء متعدّدة باعتبار كونه موضوعا لحقيقة (8) واحدة شاملة لها كاسم اللون للبياض، والسواد، وغيرهما (9). والمشترك: عبارة عن اللفظ الذي يتناول أشياء متعدّدة باعتبار كونه موضوعاً لحقائقها المختلفة كاسم العين للعين الفوّارة، والعين الناظرة، وغيرهما (10)، والعليم والحكيم من القبيل الأول.   (1) ما بين القوسين ساقط من (ب). (2) الوسيط: 3/ ق 206/أ، وتمامه: " ... والجبار والحق وأمثاله، فهو كناية، إنما يصير يمينا بالقصد والنية". (3) في (أ) (أعرض). (4) المتواطئ: مأخوذ من التواطؤ، والتواطؤ في اللغة هو التوافق، يقال: تواطؤوا عليه أي: توافقوا، والمواطأة الموافقة. انظر: الصحاح: 1/ 81 - 82، المصباح المنير: ص 864. (5) ساقط من (أ). (6) في (أ): (للفظ). (7) ساقط من (أ). (8) في (أ): (بحقيقة). (9) انظر: شرح تنقيح الفصول للقرافي: ص 30، روضة الناظر: 1/ 100، إرشاد الفحول: 1/ 104، آداب البحث والمناظرة: القسم الأول ص 19. (10) انظر: المحصول: 1/ 1/ 359، وكشف الأسرار: 1/ 38، وروضة الناظر: 1/ 101، وإرشاد الفحول: 1/ 103 - 104. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 274 قلنا له: الفرق بينهما في ذلك، وإن اشتهر (1) فهو من (2) اصطلاح المنطقيين (3)، أو (4) من تلقّى ذلك منهم، وأما الفقهاء والأصوليون فإنهم يطلقون اسم المشترك على الجميع (5) فاعلم ذلك! والله أعلم. الوجه الذي ذكره في أن (6) الحلف بكلام الله تعالى تبارك وتعالى كناية، فلا يكون يمينا إلا بالنية (7). وجهه: أنه قد يستعمل في (8) غير صفة الله تعالى، قال الله تبارك وتعالى: {يُرِيدُونَ أَنْ يُبَدِّلُوا كَلَامَ اللَّهِ} (9) أي الأمر الذي ورد فيه كلام الله تعالى من   (1) في (أ): (استمر). (2) في (أ): (في). (3) في (ب): (المنقطعين)، وفي (د) (المنطيفيين) كذا. (4) في (أ) و (ب): (و). (5) والحق أن العليم والحكيم وأمثاله من الأسماء المتواطئة، التواطؤ المشكك، وهو الكلي الذي تتفاوت أفراده في معناه بالقوة والضعف مثلا كالنور، فالنور في الشمس أقوى منه في السراج. وعلى هذا هي حقيقة في هذا وهذا، فإذا قال: وجود الله، وعلم الله، وسمع الله، وكلام الله ونحو ذلك كانت هذه الأسماء كلها حقيقة لله تعالى من غير أن يدخل فيها شيء من المخلوقات، ومن غير أن يماثله فيها شيء من المخلوقات، وإذا قال: وجود العبد، وذاته، وعلمه، وسمعه، وكلامه، ونحو ذلك، كل ذلك حقيقة للعبد، مختصّة به من غير أن تماثل صفات الله تعالى. انظر: مجموع الفتاوى: 5/ 207، التدمرية: ص 20 - 30، تحفة المهدية: ص 208 - 209، آداب البحث والمناظرة: القسم الأول: ص 19. (6) ساقط من (أ). (7) انظر: الوسيط: 3/ ق 206/ أ. (8) نهاية 2/ ق 153/ أ. (9) سورة الفتح الآية 15. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 275 الفتح، والنصر أو غيره (1)، وهذا الوجه، وإن كان مذكورا في "النهاية" (2) فهو شاذّ. والمعروف في كتب المذهب أن الحلف بكلام الله تعالى يمين قطعا بلا خلاف (3)، ولا جريان لهذا الوجه في الحلف بالقرآن، بل هو (4) مقطوع بكونه يمينا صريحة (5)، والله أعلم. (قول (6) من قال: لعمر (7) الله كناية (8). وجهه: أنه ليس من الشائع في العرف استعماله في صفة البقاء، ولأنه ليس فيه شيء من أدوات القسم، وتقرّر في علم العربية أن (9) تقديره: لعمر (10) الله ما أقسم به، أو قسمي، أو نحو هذا (11). وليس هذا الوجه بشيء، فإن استعماله في القسم   (1) نقل الحافظ ابن كثير وغيره عن مجاهد وقتادة: أن المراد بهذا الكلام الذي أرادوا أن يبدّلوه هو مواعيد الله لأهل الحديبية خاصّة بغنيمة خيبر، وهو اختيار ابن جرير - رحمه الله -. انظر: تفسير ابن كثير: 4/ 242، فتح القدير: 5/ 49. (2) 18/ ص 350. (3) انظر: الحاوي الكبير: 5/ 261، المهذب: 2/ 166، الشامل: 7/ ق 21/ ب، الروضة: 8/ 13، مغني المحتاج: 4/ 321، نهاية المحتاج: 8/ 176 وما بعدها. (4) في (أ): (فإنه) بدل (بل هو). (5) انظر: فتح العزيز: 12/ 243 - 244، الروضة: 8/ 14، مغني المحتاج: 4/ 322. (6) في (أ): (قوله). (7) في (أ): (لعمرو). (8) انظر: الوسيط: 3/ ق 206/ أ. (9) في (أ): زيادة (الخبر الجزء منه) كذا. (10) في النسخ: زيادة (الواو)، والصواب حذفها. (11) انظر: المغرب 2/ 82، المصباح المنير ص 429. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 276 شائع في لسان العرب، وحذف الخبر (1) منه تخفيفا لكثرة الاستعمال كما حذف في قولهم: "بالله" الفعل، وهو "أحلف"، أو "أقسم" (2)، والله أعلم) (3). قوله: "فيما إذا قال: بلّه، ناويا به اليمين يحمل حذف الألف على لحن قد يجرى به (4) العادة عند الوقف" (5). ليس ذلك على ما ذكره، بل ذلك لغة لبعض العرب، وممن حكاها أبو القاسم (6) الزجاجي في غير كتابه "الجمل" (7) ويفعلون ذلك مع الواو، وغيرها، فيقولون في الوقف "ولّهْ"، وأنشد الزجاجي (8)، وغيره (9): أقبلَ سيْلٌ جاءَ من أمرِ الله ... يَحرِدُ حرْدَ الجنَّة المُغِلّة   (1) في (أ): (الجزء). (2) قال النووي وغيره: إن قال: لعمر الله لأفعلنّ. ونوى به اليمين فهو يمين، وإن أطلق فلا على الأصح. انظر: المهذب: 2/ 167، وفتح العزيز: 12/ 247، والروضة: 8/ 16. (3) ما بين القوسين ساقط من (ب). (4) ساقط من (أ). (5) الوسيط: 3/ ق 206/ أ. (6) في (أ) و (ب): (أبو القسم). (7) حكاه في كتابه: اشتقاق أسماء الله: ص 29، وانظر: اللسان: 13/ 467. (8) انظر: المصدر السابق. (9) الرجز بلا نسبة في إصلاح المنطق: ص 47، 266، ومجاز القرآن: 2/ 266، وإعراب القرآن للنحاس: ص 283، والجمهرة: 3/ 151، وشرح ابن عصفور: 2/ 465، 75، واللسان: 13/ 467. ومعنى: يحرد: يقصد. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 277 وهذه اللغة شائعة في ألسنة العامّة، فينبغي أن يجعل ذلك يميناً عند الإطلاق (1)، والله أعلم. ذكر ما معناه: أنه إذا قال: نذرت لله لأفعلنّ كذا، فهو كقوله: عليّ عهد الله فهو (2) كناية بلا (3) خلاف، وإذا قال بالفارسية (أَزْخُذَايْ بِذِيرَفْتَمْ) (4) ففيه طريقان: أحدهما: أنه كناية قطعاً.   (1) قال النووي في زيادات الروضة: "ينبغي أن لا يكون يمينا؛ لأن اليمين لا يكون إلا باسم الله تعالى أو صفته، ولا يسلم أن هذا لحن, لأن اللحن مخالفة صواب الإعراب، بل هذه كلمة أخرى". وتعقبه الخطيب الشربيني: بكلام المصنف هذا، وقال الأذرعي: ولو استحضر النووي ما قاله ابن الصلاح لما قال ما قال. ثم قال: ما ذكره الإِمام الغزالي من أنها يمين ان نوى أوجه من كلام ابن الصلاح خلافا لبعض المتأخرين؛ لأن البلّه تكون بمعنى الرطوبة، فلا يكون يمينا إلا بنية، والله أعلم. انظر: الروضة: 8/ 10 - 11، ومغني المحتاج: 4/ 323، ونهاية المحتاج: 8/ 178. (2) ساقط من (أ). (3) نهاية 2/ ق 153/ أ. (4) هكذا ضبطها المصنف بعد قليل. وفي (د) هنا تحرّفت كلمة "أز" إلى " أتو"، وأسقطت هي من (ب)، وفي (أ) كلمة "بذيرفتم" استبدلت "ببذيرفتم" ببائين، والأقرب إلى الصواب ما ضبطها المصنف، ولكن على ضبطه أيضاً ملحوظتان: الأولى: ضبطه كلمة (خذاي) بالذال المنقوطة غير صحيح، والصواب بالدال المهملة (خداي)، وهو المعروف والمستعمل عند أهل اللغة الفارسية. والثانية: ضبطه كلمة (بذيرفتم) بالباء أيضاً غير صحيح، والصواب بالفاء الفارسية على هيئة الباء ذات نقاط ثلاث من تحت، هكذا (ب)، والله أعلم. انظر: فرهنك فارسي عميد ص 442، 258. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 278 والثاني: أنه كقوله: "حلفت بالله"، إن نوى كان على ما نواه، وإن أطلق فوجهان: أحدهما: أنه بمنزلة الكناية، فلا تكون يمينا من غير نيّة. والثاني: أنه بمنزلة الصريح، تكون (1) يمينا، وإن لم ينو (2). وهذه المسألة غريبة غير (3) مذكورة في "النهاية" ومعظم الكتب، وذكرها الفوراني في "الإبانة" (4)، وذكرها بعده صاحب "البحر" (5) وشيخنا هذا، لكن الفوراني سوّى بين قوله: "نذرت لله تعالى" والكلمة الفارسية، وقطع بأن حكمها حكم "أقسمت بالله"، وكذا ذكره هو في "البسيط" (6) حاكيا ذلك عن الفوراني، وانفرد في "الوسيط" بأمرين: أحدهما: فرّق (7) بين قوله "نذرت بالله" والكلمة الفارسية في أنه قطع في "نذرت" بكونه كناية، وذكر في الكلمة الفارسية الخلاف. والأمر الثاني: كونه (8) ذكر (9) طريقين في الكلمة (10) الفارسية، أحدهما: القطع بأنه كناية، وذكر صاحب "البحر" الطريقين في قوله: "نذرت" وما صار إليه   (1) كذا في النسخ:، ولعل الصواب (فتكون) والله أعلم. (2) انظر: الوسيط: 3/ ق 206/ ب. (3) ساقط من (د). (4) انظر: النقل عنه في البسيط: 6/ ق 39/ ب. (5) لم أقف على هذا النقل عنه عند غير المصنف. (6) 6/ ق 39/ ب، وفي (ب) بعد قوله: (البسيط) زيادة (بأمرين)، وموضعها بعد قليل. (7) في (أ)، و (ب): (فرقه). (8) ساقط من (أ). (9) في (أ): (ذكرته). (10) في (د) و (أ) (كلمة). الجزء: 4 ¦ الصفحة: 279 من الفرق يتوجه بأن الكلمة الفارسية لها شيوع في ألسنة أهلها، وأما قوله "نذرت" فلا شيوع له في القَسَم، لا في ألسنتهم، ولا في ألسنة العرب، وكأنها ذكرت في هذا المعرض من أجل كونها ترجمة الفارسية بالعربية، والله أعلم. ثم إن الكلمة الفارسية ضبطها بهمزة مفتوحة، ثم (1) زاي منقوطة ساكنة، ثم خاء معجمة مضمومة، ثم ذال منقوطة (2)، ثم ألف وياء ساكنين، ثم باء موحدة (3) غير ضافية (4)، ثم ذال مكسورة بعدها ياء مثناة من تحت ساكنة، ثم راء مهملة مفتوحة، ثم فاء ساكنة، ثم تاء مثناة من فوق مفتوحة، ثم ميم ساكنة، ومعناها: لله التزمت كذا وكذا، ومن الله التزمت أي بأمره وقضائه، وعلى حسب هذا اختلفت (5) النسخ في هذا الكتاب، وفي (6) غيره من ترجمته: "بنذرت"، ففي بعضها "نذرت لله"، وفي بعضها "نذرت بالله"، والله أعلم. قوله "وأيم الله" (7) يقال: بكسر الميم، ويقال: بضمها، ويقال: بهمزة مفتوحة غير ساقطة في الوصل، ويقال: بإسقاطها في الوصل، وهكذا في همزة "أيمن" (8).   (1) في (د): (أي). (2) والصواب: ثم دال مهملة كما سبق بيانه. (3) نهاية 2/ ق 151/ ب. (4) كذا في (د) و (ب)، وفي (أ): (صافية) بصاد مهملة. لعل المقصود بها أنها ليست من أصل الكلمة، بل أصلها الفاء الفارسية كما سبقت الإشارة إليها، والله أعلم بالصواب. (5) في (أ): (اختلف). (6) في (أ): (من). (7) الوسيط: 3/ ق 206/ ب، وتمامه "والظاهر أنه كقوله: أحلف بالله، وقيل: أنه كقوله: بالله، فإنه صريح فيما بين العرب، وأصله: أيمن الله، والأيمن جمع اليمين". (8) انظر: النهاية في غريب الحديث: 1/ 86، القاموس: ص 1602. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 280 وما ذكره من أنه جمع "يمين" ليس بالصحيح، وإنما هو قول الكوفيين من النحويين (1)، والصحيح قول البصريين منهم أنه اسم مفرد، وألفه ألف وصل (2)، وكون ذلك كله قسما هو الصحيح، والله أعلم. النصّ المنقول (3) عن الشافعي - رحمه الله - أن "تالله" بالتاء المثناة من فوق ليس بيمين، نقل عنه في باب (4) القسامة (5)، فكذلك حمله بعضهم على ما إذا قال الحاكم له قل: بالله - بالباء الموحدة (6) (أو نحوه) (7) فخالف، وقال: تالله، بالتاء المثناة من فوق فلا تكون (8) يمينا مجزئة (9) للمخالفة إلى ما هو دونه.   (1) انظر: النهاية في غريب الحديث: 1/ 86، المصباح المنير: ص 682. (2) انظر: المصادر السابقة. (3) ساقط من (د)، والمثبت من (أ)، و (ب). (4) في (أ) و (ب): (كتاب). (5) انظر: الأم: 6/ 129، ومختصر المزني: 9/ 306. ونص هنا في الأيمان، وفي الإيلاء: أنه يمين. قال الرافعي: "وللأصحاب فيه طرق: أحدها: العمل بظاهر النص، والثاني: فيهما قولان، والثالث: وهو المذهب القطع بأنه يمين، قالوا: ورواية النص في القسامة مصحفة، إنما هي بالياء المثناة من تحت؛ لأن الشافعي - رحمه الله - علل، فقال: لأنه دعاء، وهذا إنما يليق بالمثناة من تحت، ثم قيل: أراد إذا قال: يا الله، على النداء، أو قيل: أراد يالله بفتح اللام على الاستغاثة، وهذا أشبه وأقرب إلى التصحيف، وقيل: ليس مصحفة، بل هي محمولة على ما إذا قال له الحاكم ... إلخ" كما ذكره المصنف. انظر: مختصر المزني: الصفحة السابقة، والحاوي: 15/ 276، والمهذب: 2/ 116 - 117، وفتح العزيز: 12/ 238، والروضة: 8/ 9 - 10. (6) ساقط من (د). (7) ما بين القوسين ساقط من (أ). (8) في (أ): (يكون). (9) انظر: فتح العزيز: 12/ 238، الروضة: 8/ 10، مغني المحتاج: 4/ 324. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 281 وتعليل المصنف بالمخالفة مطلقا (1) يحتاج فيه إلى هذا القيد، فإنه لو قال له قل: تالله - بالتاء المثناة من فوق، فقال: بالله - بالباء الموحدة أجزأ (2)؛ لأنه أبلغ، قطع به القفال (3)، والله أعلم. قوله "أما قوله: يا لله فليس بيمين" (4)، هذا بياء التي هي حرف النداء، وعلى هذا حمل نص الشافعي في كتاب القسامة، وهو التأويل الصحيح؛ لأنه (قال في تعليله: لأنه) (5) دعاء، والله أعلم. قوله "ولو قال: الله، لم يكن (6) يمينا إلا أن ينوي" (7). هذا فيما إذا قال: الله - بالرفع - (8)، أما إذا قاله بالنصب فهو مرتّب على ما إذا قاله: بالخفض، وفيه خلاف، والأقوى من حيث العربية أن كلا منهما يمين عند الإطلاق (9)، والله أعلم.   (1) في (أ) زيادة (و). (2) انظر: فتح العزيز: 12/ 238، الروضة: 8/ 10، مغني المحتاج: 4/ 323. (3) انظر: المصادر السابقة غير مغني المحتاج. (4) الوسيط: 3/ ق 206/ ب. (5) ما بين القوسين ساقط من (د). (6) نهاية 2/ ق 154/ أ. (7) الوسيط: 3/ ق/206/ ب. (8) انظر: فتح العزيز: 12/ 239، الروضة: 8/ 10، مغني المحتاج: 4/ 323. (9) وقال الرافعي: "الله لأفعلن كذا - بجرّ الهاء أو نصبها أو رفعها، ونوى اليمين فهو يمين، وإن لم ينو فليس بيمين في الرفع على المذهب، ولا في النصب على الصحيح، ولا في الجرّ على الأصح، والله أعلم. انظر: فتح العزيز: 12/ 239، الروضة: 8/ 10، المنهاج مع شرحه مغني المحتاج: 4/ 323. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 282 ذكر نذر التبرّر (1)، و (2) أراد به نذر (3) المجازاة (4)، كقوله: إن شفى الله مريضي، فعليّ كذا وكذا، ونذر التبرّر على ما ذكره غير واحد من المصنفين قسمان: أحدهما: نذر المجازاة. والثاني: النذر المطلق من غير عوض، بأن يقول ابتداءً: لله (5) عليّ كذا وكذا (6)، والقول الذي بدأ به في نذر اللّجَاج (7)، وهو أنه يجب الوفاء به (8) قول ضعيف شاذّ في المذهب (9)، وإنما (10) المذهب (11) والمنصوص الظاهر   (1) انظر: الوسيط: 3/ ق 206/ ب، وقوله (التبرر) تكرر في (أ). (2) ساقط من (أ). (3) ساقط من (د). (4) أي أحد نوعي نذر التبرّر، ونذر المجازاة هو: أن يلتزم قربة في مقابلة حدوث نعمة، أو اندفاع بليّة، كقوله: إن شفى الله مريضي، أو رزقني ولدا فعليّ كذا وكذا، فإذا حصل المعلق عليه لزمه الوفاء بما التزم. انظر: الروضة: 2/ 560، وكفاية الأخيار: ص 720 - 721، ومغني المحتاج: 4/ 356. (5) في (د): (الله). (6) انظر: فتح العزيز: 12/ 249، والروضة: 2/ 520، وكفاية الأخيار: ص 720 - 721، ونهاية المحتاج: 8/ 222. (7) نذر اللّجاج - بفتح اللام: التماحك والتمادي في الخصومة، وسمي بذلك؛ لوقوعه حال الغضب، وهو أن يمنع نفسه من فعل، أو يحثها عليه بتعليق التزام قربة بالفعل أو بالترك، كقوله: إن كلّمت فلانا، أو دخلت الدار فلله عليّ كذا وكذا، والله أعلم. انظر: التنبيه: ص 129، فتح العزيز: 12/ 249، النظم المستعذب: 1/ 324، الروضة: 2/ 560 - 561، تحرير ألفاظ التنبيه: ص 129، المصباح المنير: ص 549. (8) انظر: الوسيط: 3/ ق 206/ ب، وقوله (به) ساقط من (أ) و (ب). (9) انظر: المهذب: 1/ 324، فتح العزيز: 12/ 249، الروضة: 2/ 561. (10) (وإنما) ساقط من (ب). (11) في (ب): (المهذب) خطأ. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 283 المشهور أنه يجزئه كفارة اليمين (1)، وهو قول عائشة (2) - رضي الله عنها - وجماعة من الصحابة والتابعين (3) - رضي الله عنهم -، وروى مسلم (4) في صحيحه (5) عن عقبة بن عامر (6) عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: (كفارة النذر كفارة اليمين). ثم هل تتعين الكفارة، أو يتخير بينها (7) وبين الوفاء بما نذر؟ فيه قولان: من (8) أئمتنا من يقول: الصحيح تعينها (9)، ومنهم من يقول: الصحيح التخيير (10) فاعلم ذلك، فإن الحاجة إليه ماسّة في الفتوى، والله أعلم. قوله "فيما إذا قال: إن دخلت مكة، أو صليت، فهذا يحتمل الوجهين" (11).   (1) انظر: المهذب: 1/ 324، فتح العزيز: 12/ 249، المجموع: 8/ 445، الروضة: 2/ 561، وكفاية الأخيار: ص 715 - 716. (2) انظر قولها في: المحلى: 8/ 8، والسنن الكبرى: 3/ 111. (3) كعمر بن الخطاب وابنه عبد الله وابن عباس وأم سلمة وعكرمة والحسن البصري وطاوس وعطاء وقتادة وغيرهم. انظر: مختصر المزني: ص 315، والمحلى: 8/ 8، والسنن الكبرى: 112 - 114. (4) في (د): (ورواه). (5) 11/ 104 في كتاب النذور، باب كفارة النذر. (6) هو عقبة بن عامر بن عبس بن عمرو، أبو حماد الجهني الصحابي المشهور، وروى عنه جماعة من الصحابة والتابعين، منهم: جابر وابن عباس وجبير بن نفير، وشهد فتوح الشام، وكان هو البريد إلى عمر بفتح دمشق، وشهد صفين مع معاوية، وأمّره بعد ذلك على مصر، ومات في خلافة معاوية سنة 58 هـ على الصحيح - رضي الله عنه -. انظر: الاستيعاب: 3/ 106، تهذيب الأسماء واللغات: 1/ 336، الإصابة: 2/ 489، التقريب: ص 395. (7) في (د) و (أ): (بينهما). (8) في (أ): (ثم). (9) انظر: المهذب: 1/ 324، فتح العزيز: 12/ 249، 250، المجموع: 8/ 445، الروضة: 2/ 561. (10) انظر: المصادر السابقة. (11) الوسيط: 3/ ق 206/ ب، وتمامه (فيرجع إلى قصده). الجزء: 4 ¦ الصفحة: 284 احتماله لجهة (1) اللجاج، بأن يلام على ترك الصلاة (2)، فيغضب ويقول: إن صليت فلله عليّ كذا وكذا، والله أعلم. قوله "فيما إذا قال: إن فعلت فعليّ يمين، قيل: عليه ما على الحالف" (3). (4) وجهه أن هذا التزام على سبيل النذر، والنذر لا يشترط فيه ذكر اسم معظم، بل صيغة الالتزام (وهي موجودة) (5) في هذا والله أعلم (6). ذكر فيما إذا قال: إن فعلت كذا فما لي صدقة ثلاثة أوجه (7) ذكرها (8) شيخه (9) - رحمهما الله وإيانا -، والمسألة منصوصة قد نصّ الشافعي - رحمه الله - فيها (10) على كفارة (11) اليمين، وقال: فمذهب عائشة وعدّة من أصحاب (12) رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وعطاء، والقياس أن عليه كفارة يمين (13).   (1) في (أ): (بجهة). (2) في (ب): (الصلاح). (3) الوسيط: 3/ ق 207/ أ. (4) في (أ) زيادة (و). (5) ساقط من (ب). (6) نهاية 2/ ق 154/ ب. (7) انظر: الوسيط: 3/ ق 207/ أ. (8) في (د): (ذكرهما). (9) انظر: نهاية المطلب 18/ ص 304. (10) ساقط من (ب). (11) في (ب): (الكفارة). (12) قوله (من أصحاب) تكرر في (ب). (13) انظر: الأم: 2/ 400، ومختصر المزني: ص 315. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 285 ثم هل ذلك على التعيين أو على التخيير؟ فيه خلاف (1) ما (2) سبق في أصل (3) نذر اللجاج، والله أعلم.   (1) في (أ): (حكوا فيه) بدل (خلاف). (2) ساقط من (د). (3) ساقط من (ب). الجزء: 4 ¦ الصفحة: 286 ومن الباب الثاني: في الكفارة قوله في بيان أن اليمين سبب وجوب الكفارة: "لأن الحنث لا يحرم باليمين" (1)، يعني به أن المحلوف عليه لا يحرم باليمين، فلا يكون الحنث بفعله سبب وجوب الكفارة، فلا يبقى إلا اليمين، فتكون هي السبب الموجب عند الحنث (2)، والله أعلم. ما ذكره من أن أبا حنيفة قضى بأن اليمين يحرّم فعل المحلوف عليه، "وبنى (3) عليه أن اليمين الغموس لا تنعقد؛ لأن الماضي لا يمكن تحريمه" (4). هذا ينبغي أن لا يتوهم منه أننا نخالفه في عدم انعقاد اليمين الغموس، فإننا نوافقه على عدم الانعقاد (5)، على ما سنوضحه (6) إن شاء الله تعالى في مسألة اليمين على شرب ماء إداوة لا ماء فيها، ولكنا نخالفه في مستند عدم الانعقاد، فمستنده عنده (7) أن اليمين تحرم المحلوف عليه، والماضي لا يمكن تحريمه (8)، ونحن   (1) الوسيط: 3/ ق 207/ أ. (2) وقال الرافعي وغيره: والصحيح عند الجمهور أن سبب وجوبها اليمين والحنث جميعا. انظر: فتح العزيز: 12/ 258، الروضة: 8/ 17، كفاية الأخيار: ص 718، مغني المحتاج: 4/ 327. (3) في (د) (يبني). (4) الوسيط: 3/ ق 207/ أ. (5) انظر: المبسوط: 8/ 127 - 128، وطريقة الخلاف: ص 211، وشرح فتح القدير: 5/ 60 (6) في (أ) (عليه سنوضحه) بدل (على ما سنوضحه). (7) في (أ): (عندنا). (8) انظر: المبسوط: 8/ 127. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 287 نقول: مستنده استحالة البرّ فيها لذاته، أو اقتران الحنث بها (1)، ونخالفه في وجوب الكفارة، فلا يوجبها هو لعدم الانعقاد (2)، ونوجبها (3) نحن (4) لوجود مخالفة اليمين، والانتهاك لحرمتها (5)، فنعتبر نحن في وجوب الكفارة (6) مجرد العقد والحنث، وهم يعتبرون العقد، والانعقاد، والحنث، والله أعلم. قوله في تقديم الكفارة على الحنث إذا حلف على محظور أنه لا يفعله: "الأقيس أنه يجزئ (7)؛ لأن التحريم ينافي مأخذ اليمين" (8). هذا مشكل، ومعناه: أن التحريم كان ثابتا قبل اليمين، ولم يتغير (9) باليمين، ويلزم من ذلك أن لا (10) يتأثر به حكم اليمين، وفي بعض النسخ "التحريم يباين مأخذ اليمين" و"يباين" أليق من "ينافي"، ويكون قد استعمل "ينافي" بمعنى "يفارق ويباين"، وهو جائز، والله أعلم. قوله "أما الصوم فالمذهب أنه لا يقدّم، لا سيما في اليمين، وهو مرتب على العجز" (11).   (1) انظر: الحاوي: 5/ 269. (2) انظر: المبسوط: 8/ 127، طريقة الخلاف: ص 211، الهداية: 2/ 72. (3) في (أ): (توجيهها)، وهو تصحيف. (4) انظر: الحاوي: 15/ 267، والروضة: 8/ 3، ومغني المحتاج: 4/ 325. (5) في (د): (لجزمها)، وهو تصحيف. (6) نهاية 2/ ق 155/ أ. (7) في (ب): (لا يجزئ). (8) الوسيط: 3/ ق 207/ أ. (9) في (أ): (يعتبر). (10) ساقط من (د). (11) الوسيط: 3/ ق 207/ أ. وقوله (على العجز) ساقط من (ب). الجزء: 4 ¦ الصفحة: 288 فقوله "لا سيما في اليمين"، فيه احتراز عن الصوم غير (1) المرتّب على العجز عن المال في كفارات الحج إذا قلنا: يجوز تقديمها عقيب الإحرام، والله أعلم. قوله - صلى الله عليه وسلم -: "من حلف على يمين فرأى غيرها خيرا (2) منها فليكفّر عن يمينه، وليأت الذي هو خير" (3) هو حديث متفق على صحته (4)، رواه من الصحابة عبد الرحمن (5) بن سمرة، وغيره (6)، وأكثر الروايات فيها ذكر الكفارة قبل   (1) ساقط من (د). (2) في (د) و (أ): (خير). (3) الوسيط: 3/ ق 207/ أ. (4) رواه البخاري: 11/ 616، 525 في كتاب الإيمان والنذور، باب قول الله تعالى: {لَا يُؤَاخِذُكُمُ اللَّهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانِكُمْ ... } الآية، وفي كتاب كفارات الأيمان، باب الكفارة قبل الحنث وبعده، و 13/ 132 في كتاب الأحكام، باب من لم يسأل الإمارة أعانه الله عليه، وباب من سأل الإمارة وكّل إليها، ومسلم: 11/ 116 مع النووي في كتاب الأيمان، باب ندب من حلف يمينا فرأى غيرها خيرا منها أن يأتي الذي خير ويكفر عن يمينه (5) في (أ): (عبد الله) خطأ، وهو عبد الرحمن بن سمرة بن حبيب بن عبد الشمس القرشي العبشمي، أسلم يوم الفتح، وشهد مع النبي - صلى الله عليه وسلم - غزوة تبوك، ثم شهد فتوح العراق وسجستان وخراسان وغيرها، ثم رجع إلى البصرة وسكنها، ومات بها سنة 50 هـ، وقيل: سنة 51 هـ - رضي الله عنه -. انظر: الاستيعاب: 2/ 402، تهذيب الأسماء واللغات: 1/ 296، 297، الإصابة: 2/ 400 - 401. (6) كأبي هريرة وأبي موسى الأشعري وعائشة وعدي بن حاتم ومالك بن نضلة وغيرهم -رضي الله عنهم -. انظر تخريجها وطرقها مفصلة في نصب الراية: 3/ 296 - 299، وإرواء الغليل: 7/ 165 - 169، والله أعلم. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 289 الحنث بحرف الواو، وفي رواية واحدة رواها أبو داود في سننه (1) بإسناد جيد عن عبد الرحمن بن سمرة، (أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال له: يا عبد الرحمن إذا حلفت ... ) فذكره، وقال: فيه (فكفر عن يمينه، ثم ائت الذي هو خير) بحرف "ثم"، وهذا صريح، والرواية التي (2) بحرف الواو دالّة أيضاً على جواز تقديم الكفارة، فإن حرف الواو، وإن كان لا يوجب الترتيب على أقوى المذهبين (3) فتقديم أحد المذكورين (4) في الذكر، يدلّ على جواز تقديمه في الفعل، والله أعلم. قوله "وكفارة الظهار بعد الظهار، وقبل العود إن أمكن" (5). هو ممكن في الصور (6) التي يتباطأ فيها (7) العود عن الظهار كما إذا ظاهر عن رجعيّة، ثم كفّر، ثم راجع. وكما إذا ظاهر، ثم طلق طلاقا رجعيا، ثم كفر، ثم راجع، وغير (8) ذلك (9)، والله أعلم.   (1) 3/ 584 - 585 في كتاب الأيمان والنذر، باب الرجل يكفر قبل أن يحنث، وكما رواه النسائي: 7/ 10 في كتاب الأيمان والنذور، باب الكفارة قبل الحنث، والبيهقي في الكبرى: 10/ 91 من طرق عن عبد الأعلى، حدثنا سعيد بن أبي عروبة عن قتادة عن الحسن البصري عنه به. قال الزيلعي في نصب الراية: 3/ 298 "وهذا سند صحيح"، وصححه أيضاً الألباني في صحيح سنن النسائي: 2/ 801 برقم (3541) والله أعلم. (2) في (ب): (اللاتي). (3) انظر: مغني اللبيب: 2/ 354، وشرح ابن عقيل على ألفية ابن مالك: 2/ 226. (4) نهاية 2/ ق 155/ ب. (5) الوسيط: 3/ ق 207. (6) في (أ): (الصورة). (7) في (أ): (بينا فيها) كذا. بدل (يتباطأ فيها). (8) في (أ): (وعبر). (9) ساقط من (أ). وانظر: فتح العزيز: 12/ 260، الروضة: 8/ 18. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 290 قوله "في (1) صوم الولي خلاف" (2)، وهذا موضع استقصائه كتاب الصوم، ولكنا لا ندع معاودة بيانه لما وقع فيه من مرغوب عنه، فاعلم أن الخلاف فيه اختلاف قولين: أحدهما: ينسب إلى القديم، فإنه يصوم عنه وليّه (3). والثاني: وهو الجديد، والمعروف من مذهب الشافعي - رحمه الله -،: أنه يطعم عنه عن كل يوم مدّ (4)، والحجة له ما روي عن ابن عمر عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: (فمن مات وعليه صوم رمضان أنه يطعم عنه مكان كل يوم مسكين)، روي (مدّ من حنطة) (5)، والصحيح الذي لا يعدل عنه أنه يصوم عنه وليّه (6)؛ إذ ثبت في الصحيحين (7) من حديث عائشة رضي الله عنها أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: (من مات وعليه صيام صام عنه وليّه)، وثبت في صحيح مسلم وغيره من رواية ابن عباس وبريدة بن الحصيب - رضي الله عنهم - (أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أمر امرأة ماتت أمها، وعليها صوم أن تصوم عن أمها) (8).   (1) في (أ): (عن). (2) الوسيط: 3/ ق 208/ أ. (3) انظر: المهذب: 1/ 252، والبسيط: 1/ ق 225/ أ، وحلية العلماء: 3/ 308 - 309، والمجموع: 6/ 415 - 416، والروضة: 2/ 246 - 247. (4) انظر: المصادر السابقة. (5) سبق تخريجه في كتاب الصوم. (6) وصححه أيضاً النووي وغيره. انظر: المجموع: 6/ 415 - 416، شرح صحيح مسلم: 8/ 25 - 26، فتح الباري: 4/ 228. (7) سبق تخريجه في كتاب الصوم. (8) سبق تخريجها. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 291 وأما حديث ابن عمر فغير ثابت، والصحيح فيما ذكره الترمذي (1) وغيره من (2) أئمة الحديث (3) أنه موقوف على ابن عمر من قوله. ولمن نصر القول الجديد على ما ورد في صوم الولي كلام نشأ (4) من عدم الاطلاع. وما روي عن ابن عباس وعائشة من أنهما أفتيا في (5) ذلك بالإطعام (6) ليس فيه ترك ونفي (7) منهما لما روياه (8)، وقد قال الحافظ البيهقي (9) من يجوز الصيام عن الميت يجوز الإطعام عنه، ثم قد عرف من قاعدة مذهبنا: "إن إفتاء راوي الحديث بخلافه (10) لا يضعفه" (11). وأنا أقول (12): ينبغي أن يرفع الخلاف في ذلك من المذهب، ويقطع (13) بأن مذهب الشافعي تجويز الصوم عن الميت، فقد ثبت عنه أنه أمرنا في أمثال ذلك   (1) راجع كتاب الصوم. (2) في (أ): (و). (3) كالدارقطني والبيهقي. انظر: السنن الكبرى: 4/ 424، ونصب الراية: 2/ 464. (4) في (د): (ينشأ). (5) في (أ): (و). (6) سبق تخريجهما في كتاب الصوم. وبها نهاية 2/ ق 156/ أ. (7) في (أ): (ذكر رفع) بدل (ترك ونفي). (8) في (د): (رويناه). (9) انظر: السنن الكبرى: 4/ 430. (10) في (أ): (بخلاف روايته). (11) في (ب) يحتمل (لا يضعف). وما ذكره هو مذهب جمهور العلماء خلافا للحنفية. انظر: البحر المحيط: 4/ 346، وإرشاد الفحول: 1/ 242 - 243. (12) في (ب): (فأقول). (13) في (ب): (نقطع). الجزء: 4 ¦ الصفحة: 292 بالعمل بالحديث، وترك ما قاله على (1) خلافه (2)، وعمل الأصحاب مثل هذا في مسألة التثويب، وغيرها. وقد قال الحافظ (3) الفقيه أحمد البيهقي (4): لو وقف الشافعي - رحمه الله - على جميع طرق هذه الأحاديث، ونظائرها لم يخالفها (إن شاء الله، وبالله التوفيق) (5). ثم إننا لم نجد لأحد من الأصحاب تفسير الولي (6) المذكور، وتردّد إمام الحرمين (7) في أنه الولي الذي يلي أمر المولى عليه، أو هو الوارث، أو هو القريب، وإن لم يرث، أو العصبة (8)، ولم يقض فيه بشيء، وقال: لا نقل عندي فيه، وليس معنا في معناه ثبت نعتمده. قال الشارح - رحمه الله -: فظهر (9) حمله على القريب بإطلاقه، فإنه أقرب إلى العموم أو إلى الحديث (10)، وإلى أصل وضع اللفظ، فإن الولي في الأصل   (1) ساقط من (أ). (2) ومن نصوصه في ذلك: "كل ما قلت وصحّ عن النبي - صلى الله عليه وسلم - خلافه فخذوا بالحديث ولا تقلّدوني"، وقال أيضاً: "إذا صح الحديث فهو مذهبي". انظر: المجموع: 1/ 28، إعلام الموقعين: 2/ 285 - 286، وإيقاظ أولي الهمم والأبصار: ص 58. (3) ساقط من (ب). (4) انظر: السنن الكبرى: 4/ 430. (5) ما بين القوسين ساقط من (ب). (6) في (أ): (تفسيرا للولي). (7) انظر: نهاية المطلب: 2/ ق 159 (كتاب الصوم). (8) في (ب): (القصبة) وهو تصحيف. (9) في (د): (تطهر) كذا بالظاء. (10) في (أ) و (ب): ( ... إلى عموم أول الحديث). الجزء: 4 ¦ الصفحة: 293 عبارة عن القريب، وهو مأخوذ من الولي على وزان الرمي، وهو القُرْب (1)، والله أعلم. ثم إنه موجود (2) في طريقتي العراق وخراسان أن الولي على هذا (3)، لو أمر أجنبيا حتى صام عنه بأجرة، أو غير أجرة جاز (4)، وممن ذكر ذلك صاحب "الشامل" (5)، وصاحب "التتمة" (6)، والله أعلم. إذا أوصى بإعتاق عبد، وقيمته زائدة على قيمة الطعام والكسوة فقد ذكر أن في احتسابه من الثلث (7) وجهين (8). وإذا قلنا: يحتسب من الثلث (ففي كيفية احتسابه وجهان ذكرهما (9)، حاصلهما هل تحسب (10) جميع قيمة العبد من الثلث) (11)، أو تحسب منه مقدار قيمة الطعام من رأس المال، والزائد على ذلك يحسب من الثلث، فيه الوجهان (12)، والله أعلم.   (1) انظر: الصحاح: 6/ 2528، ومختاره: ص 649، والقاموس: ص 1732. (2) في (ب): (مأخوذ) وهو تصحيف. (3) يعني على القديم. (4) انظر: المهذب: 1/ 252، وفتح العزيز: 6/ 457، والروضة: 2/ 246. (5) لم أقف على هذا النقل عنه عند غير المصنف. (6) كالسابق. (7) نهاية 2/ ق 156/ ب. (8) انظر: الوسيط: 3/ ق 208/ أ. (9) انظر: الوسيط: 3/ ق 208/ أ. (10) في (ب): (تحتسب). (11) ما بين القوسين ساقط من (ب). (12) أصحهما: أن قيمة العبد تحسب من الثلث. انظر: الحاوي: 15/ 336 - 337، فتح العزيز: 12/ 279 - 280، الروضة: 8/ 24. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 294 قوله في صوم العبد "إن كان الحنث أو اليمين أو كلاهما بإذن السيد ففيه نظر، ذكرناه في الظهار، ومنعه عن صوم كفارة الظهار (1) غير ممكن؛ لأن فيه إدامة التحريم، وإضرارا (2) بالعبد" (3). هذا موهم، ولا يخفى على الفقيه أن هذا لا يستقيم حيث (4) لم يوجد الإذن من السيد أصلا، أو وجد على وجه لم نجعله إذناً في الصوم، وإنما هذا (5) متعلق بمحذوف لم يذكره لا ههنا، ولا فيما أَحال عليه من كتاب الظهار، وهو أنه إذا وجد الحنث واليمين بإذن السيد، فالمذهب أنه ليس له منعه من تعجيل الصوم (6)، وقيل: له منعه (7) كما أن للزوج منع زوجته من الحجّ على قول. وهذا الخلاف لا جريان له في صوم كفارة الظهار (8) (إذا كان الظهار) (9) والعود بإذن السيد لما فيه من إدامة التحريم كما ذكره، وهو على هذا الوجه الذي ذكرناه مذكور في "البسيط" (10) و"النهاية" (11)، والله أعلم.   (1) في (د): (الطهارة). (2) في (د): (إضرار). (3) الوسيط: 3/ ق 208/ أ. (4) في (أ): (حنث)، تصحيف. (5) في (أ): (هو). (6) انظر: الحاوي: 15/ 339، والشامل: 7/ ق 34/ ب، والروضة: 6/ 275. (7) انظر: المصادر السابقة. (8) في (د) زيادة (و)، ولم أجد لها توجيها. (9) ما بين القوسين ساقط من (أ). (10) 6/ ق 43/ ب. (11) 18/ ص 374. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 295 ذكر أن العبد إذا أعتق ما ملّكه السيد ففيه تفصيل ذكره في البسيط (1)، والنفس تتشوف عند الحوالة إلى البيان، واختصاره أنه إن أعتق بغير إذن السيد لم يصحّ (2)، وإن أعتق بإذنه ففيه خلاف مبني على أن العبد، هل (3) يتأهل لثبوت الولاية؟ (4)، فإن قلنا: نعم، وهو قول غريب ضعيف صحّ تكفيره بإعتاقه (5)، وإن قلنا: لا، فلا يقع عن كفارته، ويقع عن (6) السيد (7)، والله أعلم. قوله في قول المزني " (8) أنه لا يصح ممن بعضه عبد أن يكفّر بالمال؛ لأنه يقع عن جملته؛ إذ التجزئة لا تمكن (9) في المؤدّي" (10). (هو بكسر الدال - والذي قاس عليه من إعتاق نصف رقبة، وإطعام خمسة هو تجزئة) (11) في المؤدّى - بفتح الدال (12) فاعتبر المؤدّي (13) (بالمؤدّى) (14)، والله أعلم.   (1) انظر: الوسيط: 3/ ق 208/ أ، وقوله (في البسيط) ساقط من (أ). (2) انظر: الحاوي: 15/ 338، والشامل: 7/ ق 34، فتح العزيز: 12/ 280، الروضة: 6/ 275، 8/ 22. (3) ساقط من (أ). (4) في (أ): (الولاء له). (5) انظر: الحاوي: 15/ 338، وفتح العزيز: 12/ 281، والروضة: 6/ 275، 8/ 22 - 23. (6) نهاية 2/ ق 157/ أ. (7) هذا هو المذهب، وبه قطع الجمهور. انظر: المصادر السابقة. (8) في (ب) زيادة (و). (9) في (أ) و (ب): (لا يمكن)، وكذا في الوسيط. (10) الوسيط: 3/ ق 208/ أ. (11) ما بين القوسين ساقط من (د). (12) من قوله (والذي قاس ... إلى قوله بفتح الدال) تكرر في (أ). (13) تكرّر في (ب). (14) ما بين القوسين ساقط من (د). الجزء: 4 ¦ الصفحة: 296 ومن الباب الثالث قوله - رحمه الله وإيانا - في الحنث "أنه مخالفة اليمين لفظاً وعرفاً" (1). كنا نستنكر الجمع بينهما، ونتأوّل كلامه على خلاف ظاهره حتى استبان أنه على ظاهره صحيح، فلا يكفي في ذلك المخالفة لفظا لا عرفا، كما إذا حلف: لا يأكل رأسا، فأكل رأس حوت فلا يحنث، وإن خالف لفظا لكونه لم يخالف عرفاً (2)، ولا يكفي أيضاً المخالفة عرفا لا لفظًا، كما إذا حلف لا يشرب له ماء من عطش، فأكل من طعامه فقد خالف عرفا ولم يحنث، بكونه لم يخالف لفظا (3)، والله أعلم. ما ذكره من السطح المسقف (4) ينبغي أن يصور على وجه يكون السقف فيه غير مخرج ما تحته (5) عن أن يكون سطحا مثل أن يكون السقف غير مطين بطين (6) السطوح، أو نحو ذلك، والله أعلم. قوله "فيما إذا حلف على الخروج، فصعد السطح، قال القاضي: ينبغي أن نجعله خارجا" (7).   (1) الوسيط: 3/ ق 208/ ب. (2) انظر: الروضة: 8/ 33، ومغني المحتاج: 4/ 335. (3) انظر: المهذب: 2/ 174. (4) ولفظه في الوسيط 3/ ق 208/ ب: "إذا حلف أن لا يدخل الدار فرقى السطح لم يحنث إلا أن يكون مسقفا، فإن كان محوطا من الجوانب غير مسقف فالظاهر أنه لا يحنث". (5) في (ب): (تحتها). (6) في (أ): (تطيين) كذا. (7) الوسيط: 3/ ق 208/ ب. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 297 هذا يوهم أن القاضي لم يقطع بكونه خارجا، وقد قطع بذلك فيما وجدته في تعليقه (1) وغيره (2)، والله أعلم. قوله "لو قال: لا أدخل الدار، فصعد السطح، ونزل في الدار، وخرج ففي الحنث وجهان من حيث إنه حصل في الدار لكن لم يدخل من الباب" (3). المعروف والمذكور في غير واحد من كتب العراقيين والخراسانيين أنه يحنث وجها واحدا (4)، ولو صحّ نقل الوجه الآخر (5) لم يكن ينبغي أن يجمع بينه وبين الوجه (6) المعروف، ويقول (7): فيه وجهان (8)، والله أعلم. قوله "فيما إذا قال: لا أدخلها وهو فيها، ففيه وجه بعيد أنه لا بدّ من مفارقة الدار" (9)، بل هو قول مشهور (10)، والله أعلم. قال الشارح - رحمه الله -: إيضاح الفرق بين ما إذا حلف لا يدخل بيتا، فدخل بيت شعر حيث يحنث، وإن كان قروياً، (وبين) (11) ما إذا حلف لا يأكل   (1) انظر ما قطع به القاضي في: فتح العزيز:12/ 282، الروضة: 8/ 25. (2) انظر: فتح العزيز: 12/ 282، الروضة: 8/ 25. (3) الوسيط: 3/ ق 208/ ب. (4) انظر: الحاوي: 15/ 348 - 349، المهذب: 2/ 169، الشامل: 7/ ق 36/ أ، فتح العريز:، الروضة: 8/ 27. (5) عبّر عنه النووي بـ "وجه ضعيف". انظر: فتح العزيز: 12/ 283، الروضة: 8/ 27. (6) ساقط من (د) و (ب). (7) في (أ): (ويقال). (8) نهاية 2/ ق 157/ ب. (9) الوسيط: 3/ ق 208/ ب. (10) انظر: الحاوي: 15/ 350، والتنبيه: ص 267، والشامل: 7/ ق 37/ أ، والروضة: 8/ 26. (11) ما بين القوسين ساقط من (ب). الجزء: 4 ¦ الصفحة: 298 رأسا حيث لا يحنث بأكل رأس السمك ولحمه؛ إن القروي يطلق اسم البيت على بيت الشعر، وإنما يفارق البدوي في عدم استعماله له فعلا لا في عدم استعمال اسمه قولاً، وليس كذلك اسم الرأس واللحم، فإنه لا يطلق مقرونا بالأكل على (1) رأس السمك ولحمه، ونظير البيت من الرؤوس رأس ما هو قليل (2) الوجود من الرؤوس التي يحنث بها، فإنه يحصل الحنث به عند الإطلاق (3)، والله أعلم. ما حكاه عن القفال من أنه لا يحنث ببيت الشعر إذا حلف بالفارسية قائلا: "دَرْخانَة نَشَوَم" (4) قد وافق (5) القفال (6) عليه غير واحد من المصنفين بعده، منهم: الفوراني (7) والروياني (8)، وصاحب "النهاية" (9)، وصاحب "التهذيب" (10). و (11) قد يعترض (12) عليه بأن يقال: أيضاً بالفارسية: خَانَة تُرْكَمَانْ خَانَه عَرَب (13).   (1) في (د): (عند). (2) في (أ): (القليل). (3) انظر: الحاوي: 15/ 411، والروضة: 8/ 34، مغني المحتاج: 4/ 335. (4) انظر: الوسيط: 3/ 209/أ، ومعنى الجملة: "لا أدخل بيتا". (5) في (أ): (وافقه). (6) انظر حكاية القفال في: فتح العزيز: 12/ 285، مغني المحتاج: 4/ 334. (7) لم أقف عليه. (8) انظر: النقل عنه في فتح العزيز: 12/ 285. (9) 18/ ص 400. (10) 8/ 121. (11) مطموس في (أ). (12) في (د): (تعرض). (13) في (د): ( ... عريب) بالياء قبل الباء، والمثبت من (أ) و (ب)، ومعناها: بيت التركمان كبيت العرب. وقد وجدت الكلمة المذكورة في: فتح العزيز: 12/ 285 بعبارة أخرى (خانه توكمان) بدل (تركمان)، ومعناها على ركاكة فيها: أظن أنه بيتك، والله أعلم. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 299 ويجاب عنه: بأن ذلك يريدون به المحلّة (1) لا بيتا مفردا منها. وقوله "درْخانَهْ نَشَوَمْ" هو بدال مهملة مفتوحة، ثم راء مهملة ساكنة، ثم خاء منقوطة بعدها ألف، ثم نون مفتوحة، وبعدها هاء ساكنة، قد يسقط في الوصل، ثم نون مفتوحة، ثم شين مثلّثة مفتوحة، ثم (2) واو مفتوحة، ثم ميم ساكنة، والله أعلم. قوله "لو قال: لا آكل (3) التفاح، وهو لا يدري ما التفاح؟ حنث بما سمّاه العرب تفاحا" (4). صورته ما إذا نوى ما هو معناه بالعربية، ونظيره من الطلاق ما إذا لفظ العجمي بلفظ الطلاق ناوياً به موجبه، وفي ذلك وجهان (5) غير مذكورين في هذا الكتاب، وهذا مثله، والله أعلم. قول الصيدلاني أنه لا يحنث بخبز الأرز في (6) غير طبرستان (7) قد خولف فيه، وفيما يأتي في مسألة الرؤوس ما يدلّ على الخلاف فيه، والأصح أنه   (1) في النسخ (الحلة)، ولعل الصواب ما أثبتّه. (2) في (أ) زيادة (نون)، وفي (ب) زيادة (ثم نون مفتوحة)، وكلاهما خطأ؛ لأن الكلمة تكون على هذا الضبط (درخانه نشنوم) معناها: لا أسمع في البيت، وليس هذا مقصوده، والله أعلم. (3) نهاية 2/ ق 158/ أ. (4) الوسيط: 3/ ق 209/ أ. (5) في (أ): (وجهين). (6) في (أ): (الأرزقي) تصحيف. (7) انظر: الوسيط: 3/ ق 209/ أ. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 300 يحنث (1) كما في نظيره من بيت الشعر، والله أعلم. قوله "فيما إذا حلف لا يسكن في هذه الدار، وهو فيها، إن خرج وترك أهله لم يحنث" (2). هذا بشرط أن يخرج على قصد الانتقال ليقع (3) الفرق بينه وبين الساكن الذي من شأنه (4) أن يخرج، ويعود. وقوله "لو انتهض لنقل الأقمشة قالت (5) المراوزة: لا يحنث، وقال العراقيون: يحنث، وقال أبو حنيفة: لا يحنث إلا بالمقام يوما وليلة" (6). وهكذا (7) هو (8) في "نهاية المطلب" (9)، ولا يصحّ ذلك، وقد راجعنا في ذلك كتب أصحابه وكتب (10) أصحابنا، وإنما (11) حكاه صاحب "الحاوي" (12)،   (1) قال النووي: "بل الصواب الذي قطع به الأصحاب في جميع الطرق أنه يحنث به كل أحد، وقد صرح بذلك الصيدلاني أيضاً، وما نسبه إليه الغزالي من التفرقة بين طبرستان وغيرها هي نسبة باطلة وغلط في النقل. انظر: فتح العزيز: 12/ 296 - 297، والروضة: 8/ 34. (2) الوسيط: 3/ ق 209/ أ. (3) في (أ): (فيقع). (4) في (ب): (شرطه). (5) في (أ): (قال). (6) الوسيط: 3/ ق 209/ أ. (7) في (د): (هذا). (8) ساقط من (أ). (9) 18/ ص 384. (10) ساقط من (أ). (11) ساقط من (أ). (12) 15/ 343. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 301 وصاحب "الشامل" (1) وغيرهما (2) عن مالك (3)، وجعلا الخلاف بيننا وبين أبي حنيفة (في المنسوب ههنا إلى المراوزة، فجعلاه مذهب أبي حنيفة) (4) (5)، وجعلا (6) القول (7) بالحنث مذهبنا من غير خلاف (8)، والله أعلم.   (1) 7/ ق 35/ ب. (2) كالقفال الشاشي والرافعي. انظر: حلية العلماء: 7/ 258، وفتح العزيز: 12/ 286. (3) في نسبة هذا القول إلى الإمام مالك نظر، لأن المشهور عنه في كتب المذهب أنه يحنث إن لم يخرج ساعة حلفه، كمذهب الشافعية، قال سحنون في المدونة "أرأيت إن حلف أن لا يسكن هذه الدار، وهو فيها ساكن، متى يؤمر بالخروج في قول مالك؟ قال ابن القاسم: قال مالك: يخرج ساعة يحلف، قلت: فإن كانت يمينه في جوف الليل، قال: قال مالك: فأرى أن يخرج تلك الساعة ... إلخ"، والقول المذكور المنسوب إلى الإمام مالك إنما هو قول أشهب من المالكية، قال صاحب "بلغة السالك" معلّقا على متن الشرح الصغير للدردير (قوله: ولا يبرئه إلا الارتحال بإثر حلفه، هذا هو مذهب المدوّنة، ومقابله قول أشهب: لا يحنث حتى يكمل يوما وليلة). انظر: المدونة: 2/ 132، والإشراف: 2/ 234، ومواهب الجليل: 3/ 303، وبلغة السالك: 1/ 344، وشرح منح الجليل على مختصر الخليل: 1/ 668. (4) ما بين القوسين ساقط من (ب). (5) وقع هنا في (أ) زيادة (من غير خلاف)، وموضعها في نهاية الفقرة كما في (د)، و (ب)، وما جعلاه مذهب أبي حنيفة هو كما قالا. انظر: المبسوط: 8/ 162، فتح القدير: 5/ 103. (6) في (د) و (ب): (جعل). (7) في (أ) زيادة (النقول). (8) وهو كما قالا. انظر: المهذب: 2/ 169، فتح العزيز 12/ 286، الروضة: 8/ 28، مغني المحتاج: 4/ 329. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 302 شرح ما ذكره فيما إذا حلف: ليشربنّ ماء هذه الإداواة، ولا ماء فيها (1)، (2) من الأصحاب من قال: لا يلزمه (3) الكفارة (4)؛ لأن اليمين لم تنعقد؛ لأن البرّ فيما حلف عليه، والوفاء به محال لذاته بخلاف صعود (5) السماء، فإنه ممكن في ذاته، وإنما استحالته من حيث العادة، فانعقدت اليمين هناك نظرا إلى إمكانه في ذاته، ثم اتّصل بها الحنث والانحلال لحصول اليأس من الوفاء نظرا إلى استحالته من حيث العادة، فوجبت الكفارة فيه لتحقق الانعقاد والحنث. وهذا فاسد؛ لأن وجوب الكفارة عندنا لا يتوقف على انعقاد اليمين، بل على مجرد العقد والحنث (6)، و (7) إن لم يثبت الانعقاد، فإن يمين (8) الغموس لا تنعقد (9)؛ لأن البرّ فيها (10) محال لذاته، فإنه إذا حلف مثلا أنه ما فعل، وكان قد فعل، فمحال عدم فعله مع وجوده، وإنما أوجبنا (11) الكفارة (12)؛ لمخالفته اليمين، وانتهاكه بذلك حرمة الاسم المعظم فكذلك ههنا.   (1) انظر: فتح العزيز: 12/ 291، والروضة: 8/ 32. (2) في (أ) زيادة (أن). (3) في (د) (تلزمه) بالتاء. (4) انظر: فتح العزيز: 12/ 291، والروضة: 8/ 32. (5) نهاية 2/ ق 158/ ب. (6) انظر: الروضة: 8/ 17. (7) ساقط من (ب). (8) في (ب): (اليمين). (9) انظر: الحاوي: 15/ 269، ونهاية المحتاج: 8/ 175. (10) تكرر في (ب). (11) قوله (وإنما أوجبنا) تكرر في (ب). (12) انظر: الحاوي: 15/ 267، والتنبيه: ص 265، ومغني المحتاج: 4/ 325. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 303 وأما مسألة اليمين على صعود السماء فبين الأصحاب اختلاف (1) في أن الكفارة وجبت فيها بناء على المخالفة من غير انعقاد، أو بناء على الانعقاد ثم الحنث (2)، والله أعلم. قال: "إذا قال: لا آكل هذا الرغيف، وهذا الرغيف لا يحنث إلا (3) بأكلهما، وكذا لو قال: لا آكل ولا أكلّم زيدا لا يحنث إلا بمجموعهما، وقد ذكرناه في الطلاق، وليس يخلو عن إشكال" (4). هذا لم يذكره في الطلاق، ولا ما هو نظيره من الطلاق، وهو أن يكون بصيغة الشرط مثل (5) أن يقول: إن كلّمتك ودخلت دارك فأنت طالق، والحكم فيه أنها (6) لا تطلّق إلا بالأمرين، كما لو قال: بصيغة التثنية، إن دخلت هذين الدارين، أو أكلت هذين الرغيفين فأنت طالق (7). وكذلك في اليمين، لو قال: لآكلنّ (8) هذين الرغيفين، أو لا آكل هذين الرغيفين، فيتعلق كل (9) ذلك بمجموع الأمرين (10).   (1) في (ب): (خلاف). (2) الأصح الثاني. انظر: الحاوي: 15/ 382، فتح العزيز: 12/ 291، الروضة: 8/ 31. (3) ما بين القوسين ساقط من (د) و (ب). (4) الوسيط: 3/ ق 209/ ب. (5) في (أ): (مثله). (6) في (أ): (فيهما) تصحيف. (7) انظر: مختصر المزني: ص 311، والحاوي: 15/ 379، والمهذب: 2/ 126. (8) نهاية 2/ ق 159/ أ. (9) ساقط من (أ). (10) انظر: الحاوي: 15/ 379، والشامل: 7/ ق 44/ ب، والروضة 8/ 33، ومغني المحتاج: 4/ 343. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 304 أما إذا كان ذلك في اليمين بصيغة العطف لا بصيغة التثنية، بأن يقول: لا آكل هذا الرغيف، وهذا الرغيف، فقد حكى إمام الحرمين (1) عن الأصحاب أنه لا يحنث إلا بأكلهما (2) كما في صيغة التثنية، وذكر أن فيه إشكالا من حيث إن العطف يقتضي التشريك بين المعطوف (والمعطوف) (3) عليه في المذكور فيه، فهو في التقدير كأنه قال: والله لا آكل هذا الرغيف، والله لا آكل هذا الرغيف، ولو قال ذلك محقّقا (4) يحنث بأحدهما، فكذا إذا قال (5) مقدّرا (6). وفرق الإمام بين هذا وبين ما سبق من صيغة الشرط في مثله في الطلاق بأن صيغة الشرط تقتضي (7) ارتباط الجواب المتأخر بجميع الشروط (8) التي (9) تقدّمته، وتعليقه بها ثم قال: "وأقصى ما ذكره الأصحاب أن الاسم المعطوف على الاسم بمثابة الاسمين المجموعين بصيغة التثنية، قال: والإشكال قائم". قال الشارح - رحمه الله - وقوله في الوسيط "قالوا: الواو العاطفة (تجعل الاسمين) (10) كالاسم الواحد المثنى" (11).   (1) انظر: نهاية المطلب 18/ ص 440 - 441. (2) انظر: فتح العزيز: 12/ 292، والروضة: 8/ 33، ومغني المحتاج: 4/ 343. (3) ما بين القوسين ساقط من (ب). (4) في (أ): (مخففا). (5) في (ب): (كان). (6) في (أ): (مقدورا). (7) في (أ): (يقتضي) بالياء. (8) في (د) (الشرط). (9) في (د): (الشرط الذي). (10) ما بين القوسين ساقط من (ب). (11) ما بين القوسين الوسيط: 3/ ق 209/ ب. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 305 قد صحف منه كلمة المثنى في أكثر النسخ بالمسمّى (1)، وإنما هو بالثاء المثلّثة من التثنية. وقد خالف صاحب "التتمة" (2) ما نقله الإمام عن الأصحاب، فقال (3) في صورة (4) الإثبات: لو قال: والله لألبسنّ هذا الثوب، وهذا الثوب فهما (5) يمينان لكل واحدة حكمها، واحتجّ بأنه أدخل حرف العطف، والمعطوف غير المعطوف عليه. وأحسب هذا من تصرفه، وما نقله (6) الإمام عن الأصحاب هو المعتمد عليه (7) في نقل المذهب، ويمكن الاعتذار للأصحاب (8) عن الإشكال المذكور بأن المقدر ليس بلازم أن يكون كالمحقّق، ولذلك (9) شواهد كثيرة. منها: أن قولهم: "بالله" (10)، تقديره على ما عرف: أقسمت، أو أقسم بالله، (ومن المعلوم أن قولنا: بالله صريح في القسم، وقولنا: أقسم، أو أقسمت بالله) (11)   (1) وكذا في النسخة التي بين يديّ. (2) وانظر: النقل عنه في فتح العزيز: 12/ 293، والروضة: 8/ 33. (3) في (أ): (فقالوا). (4) قوله (فقال في صورة) تكرر في (ب). (5) في (أ): (فيهما). (6) نهاية 2/ ق 159/ ب. (7) ساقط من (أ) و (ب). (8) في (ب): (عن الأصحاب). (9) في (أ) و (ب): (كذلك). (10) في (أ): (ثلاثة) وهو تحريف. (11) ما بين القوسين ساقط من (أ). الجزء: 4 ¦ الصفحة: 306 مردد (1) غير (2) صريح في القسم (3)، ومن ذلك ما (4) نحن فيه أنه لو قال: إن كلّمتك، أو دخلت دارك فأنت طالق لم تطلق إلا بمجموعهما كما سبق والتقدير فيه: إن كلّمتك وإن دخلت، ولو قال ذلك محققا فمقطوع بأنه يحنث بأحدهما، وإن فعلهما طلقت طلقتين. وإذا عرفت ما أصلناه وحققناه عرفت أن ما (5) في الوسيط (6) من التسوية بين قوله: لا آكل هذا الرغيف وهذا الرغيف، وبين قوله: لا آكل ولا أكلم زيدا، غير مرضيّ، فإنه قد كرّر في قوله: لا آكل ولا أكلّم، حرف النفي مع حرف العطف، وذلك يقتضي كونهما يمينين كما في تكرير حرف الشرط، وفي كتاب الفوراني (7)، وكتاب "البحر" (8)، و"التهذيب" (9)، وغيرها (10) القطع بأنه لو قال مثلا: لا أكلّم زيداً ولا عمراً، فهما يمينان، يحنث بكل واحدة (11) منهما، والله أعلم.   (1) في (أ): (مردود). (2) في (ب): (على). (3) انظر: الحاوي: 15/ 270 - 271، والمهذب: 2/ 168، والروضة: 8/ 14 - 15. (4) في (أ) و (ب): (فيما). (5) في (أ): (ما أن). (6) في (أ): (البسيط) وهو تحريف. (7) لم أقف عليه. (8) لم أقف عليه. (9) 8/ 135. (10) في (د) و (أ): (غيرهما). وانظر: فتح العزيز: 12/ 293، الروضة: 8/ 33. (11) في (د): (واحد). الجزء: 4 ¦ الصفحة: 307 قوله "إذا حلف لا يأكل الرأس لم يحنث برأس الطير والسمك على الظاهر، ويحنث برأس الإبل والبقر؛ لأن ذلك يؤكل ببعض الأقطار، ورؤوس الظباء لا يحنث بها؛ لأنها (1) لا تؤكل في سائر الأقطار، وإن كان يعتاد في قُطر حنث (2) من حلف بذلك القطر، وهل يحنث بقطر (3) آخر؟ (4) فيه وجهان، مأخذهما أنه يراعى (5) أصل العادة، أو عادة الحالفين" (6). هذا الكلام فيه إشكال يزول إن شاء الله تعالى ببسطه، فأقول: لا يحنث على ظاهر المذهب بأكل رؤوس الطير والسمك (7)؛ لأنها لا تفرد بالأكل، ولا يفهم من ذكر الرؤوس مضافا إليها ذكر الأكل في جميع الأقطار، وفيه القول الضعيف المحكي عن صاحب "التقريب" (8)، وقد سبق (9). ويحنث بأكل رؤوس الإبل والبقر (10)؛ لأنها تفرد بالأكل في بعض الأقطار ويتناولها (11) إطلاق اسم الرؤوس في ذلك في جميع الأقطار، ولا يختص   (1) في (ب): (بهما؛ لأنهما). (2) ساقط من (ب). (3) في (ب): (في قطر). (4) نهاية 2/ ق 160/ أ. (5) في (أ): (فرعا) وهو تصحيف. (6) الوسيط: 3/ ق 209/ ب. (7) وعبر عنه في الروضة بالمشهور. انظر: الحاوي: 15/ 411، المهذب: 2/ 172، الروضة: 8/ 33، مغني المحتاج: 4/ 335. (8) انظر: حكاية صاحب التقريب في فتح العزيز: 12/ 294. (9) يعني في الوسيط: 3/ ق 209/ أ. (10) انظر: المهذب: 2/ 172، الشامل: 7/ ق 50/ أ، مغني المحتاج: 4/ 335. (11) في (د) و (أ): (يتناولهما)، بضمير التثنية. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 308 كاختصاص فعل الأكل، ولا يحنث بأكل رؤوس الظباء (1)؛ لأنها لا تفرد بالأكل ولا يتناولها (2) إطلاق ذلك في جميع الأقطار، فإن طرأ اعتياد لأفراد رؤوس الظباء بالأكل في قطر، أو كان ذلك الآن (3) معتادا (4) في قطر على خلاف ما ظنناه، أو (5) كانت رؤوس غيرها من الوحش تفرد بالأكل في عادة أهل قطر فيحنث بذلك أهل ذلك القطر (6)، وهل يحنث به غيرهم؟ فيه وجهان (7) كما في خبز الأرز، ولم يجرِ هذا الخلاف في رؤوس الإبل والبقر، وإن كان اعتياد (8) أكلها مخصوصا ببعض الأقطار لما قدّمناه من أن الاختصاص فيها واقع في الفعل، لا في القول؛ إذ يتناولها إطلاق اسم الرؤوس في ذلك في جميع الأقطار، ولا وجود لهذا فيما ذكرناه من صور الخلاف، فاعلم ذلك فإنا قد بينا منه ما لا تجد بيانه في غير هذا الشرح. وقوله "سائر الأقطار"، استعمل فيه "سائر" (9) بمعنى "جميع"، وذلك لا يجوّزه أهل اللغة، وإن شاع في استعمال غيرهم، وإنما يجوز استعماله بمعنى   (1) انظر: فتح العزيز: 12/ 295، الروضة: 8/ 33. (2) في (ب): (يتناولهما). (3) في (ب) زيادة (ذلك) بعد قوله (الآن). (4) في (أ): (معتاد). (5) في (أ): (وإن). (6) انظر: الحاوي: 15/ 412، المهذب: 2/ 172، مغني المحتاج: 4/ 335. (7) أصحهما: لا يحنث. انظر: المهذب: 2/ 172، فتح العزيز: 12/ 294، الروضة: 8/ 24، تصحيح التنبيه: 2/ 804، مغني المحتاج: 4/ 335. (8) في (د): (اعتبار)، وهو تصحيف. (9) نهاية 2/ 160/ ب. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 309 "الباقي" (1)، والله أعلم. وقوله: "حنث من حلف بذلك القطر". المراد به من شملته تلك العادة بدلالة قوله "عادة الحالفين"، والله أعلم. الرئة (2) مهموزة، والله أعلم. قوله: "وإن حلف لا يأكل الفاكهة حنث بالرطب، واليابس، والعنب، والرمان، خلافا لأبي حنيفة"، يعني خلافاً له في العنب والرمان، وكذا يخالف في الرطب (3)، وتمسك بقوله تعالى: {فِيهِمَا فَاكِهَةٌ وَنَخْلٌ وَرُمَّانٌ} (4)، وبقوله تعالى {فَأَنْبَتْنَا فِيهَا حَبًّا (27) وَعِنَبًا وَقَضْبًا (28) وَزَيْتُونًا وَنَخْلًا (29) وَحَدَائِقَ غُلْبًا (30) وَفَاكِهَةً وَأَبًّا} (5)، والعطف يقتضي المغايرة (6).   (1) انظر: تهذيب اللغة: 13/ 47، والمصباح المنير: ص 299. هذا وقد تعقبه الإمام النووي بقوله "بل" لغة صحيحة ذكرها الجوهري، ووافقه عليها الإمام أبو منصور الجواليقي في أول كتابه "أدب الكاتب" أن سائر بمعنى الجميع، واستشهد على ذلك، وإذا اتّفق هذان الإمامان على نقلها فهي لغة. وقال ابن دريد: سائر الشيء يقع على معظمه وجلّه، ولا يستغرقه كقولهم: جاء سائر بني فلان أي جلهم، ولك سائر المال أي معظمه، وقال ابن بري: ويدلّ على صحة قوله: قول ابن مضرس: فما حسن أن يعذر المرء نفسه ... وليس له من سائر الناس عاذر انظر: تهذيب الأسماء واللغات: 3/ 140 - 141. (2) قال في الوسيط: 3/ ق 2210/ أ "لو حلف: لا يأكل اللحم ... لا يحنث بتناول الأمعاء والكرش والكبد والطحال والرئة، وفي القلب وجهان". (3) انظر: المبسوط: 8/ 179، وبدائع الصنائع: 4/ 1701، والهداية: 2/ 81. (4) سورة الرحمن، الآية 68. (5) سورة عبس، الآيات 27 - 31. (6) انظر: المبسوط: 8/ 179، وأحكام القرآن للجصاص: 5/ 399. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 310 وهذا مردود عند أهل اللغة، والعطف في (1) ذلك للتخصيص (2)، والتفضيل كما في قوله تعالى: {حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلَاةِ الْوُسْطَى} (3)، وقوله تعالى: {مَنْ كَانَ عَدُوًّا لِلَّهِ وَمَلَائِكَتِهِ وَرُسُلِهِ وَجِبْرِيلَ وَمِيكَالَ .... } (4)، ونقل عن الخليل بن أحمد أنه قال: الفاكهة الثمار كلها (5). وما ذكره صاحب الكتاب من التسوية بين الرطب واليابس هو المقطوع (به في) (6) "النهاية" (7)، و"تعليق" القاضي حسين (8)، و"التهذيب" (9)، وغيرها (10)، وفيها القطع بأن اسم الثمار لا يحمل مطلقه على اليابس منها. وفي كتاب "التتمة" (11) القطع بأن اسم الفاكهة كذلك لا يتناول اليابس، وأحسن صاحب "الحاوي" (12)، فذكر أن اليابس فيها على ضربين:   (1) ساقط من (ب). (2) في (أ): (التخصص)، وفي (ب): (لتخصيص). (3) سورة البقرة، الآية 238. (4) سورة البقرة، الآية 98، وانظر: تهذيب اللغة: 6/ 25، اللسان: 13/ 523، المصباح المنير: 479 - 480، القاموس: ص 1614. (5) انظر: كتاب العين: 3/ 381. (6) ما بين القوسين ساقط من (ب). (7) 25/ ق 88/ أ. من هنا وثقت إحالات نهاية المطلب من نسخة معهد البحوث العلمية بجامعة أم القرى برقم (132). (8) لم أقف على هذا النقل عند غير المصنف. (9) 8/ 131. (10) انظر: فتح العزيز: 12/ 303، والروضة: 8/ 39، ومغني المحتاج: 4/ 340. (11) انظر: النقل عنه في فتح العزيز: 12/ 303, والروضة: 8/ 39. (12) الحاوي الكبير: 15/ 441. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 311 أحدهما: ما ينتقل (1) عن اسمه بعد يبسه كالرطب يسمى بعد جفافه تمرا، وكالعنب يسمى بعد جفافه زبيباً، فلا يحنث بأكله، وقد خرج عن (2) الفاكهة بزواله عن اسمه (3). و (4) الضرب الثاني: ما لا يتنقل عن اسمه بعد جفافه كالتين، والخَوْخ (5)، والمشمش، ففي حنثه به وجهان: أحدهما: يحنث؛ لبقاء (6) اسمه. والثاني: لا يحنث؛ لانتقاله عن صفته، والله أعلم. ووقع ههنا "وفي الحنث بالقثاء تردّد" (7)، وصوابه ما في "الوجيز" (8)، و"البسيط" (9)، و"النهاية" (10) وغيرها (11) أنه لا يحنث بالقثاء، وفي البطيخ تردّد، وهو وجهان (12)، والله أعلم.   (1) نهاية 2/ ق 161/ أ. (2) في (ب) زيادة (اسم). (3) في (أ): (وزال اسمه). (4) ساقط من (ب). (5) في (ب): (الجهد) كذا. (6) في (ب): (ببقاء). (7) الوسيط: 3/ ق 210/ أ. (8) 2/ 228. (9) 6/ ق 50/ أ. (10) 25/ ق 88/ أ. (11) انظر: المهذب: 2/ 173، فتح العزيز: 12/ 303، الروضة: 8/ 39، مغني المحتاج: 4/ 341. (12) أصحهما: يحنث به. انظر: المصادر السابقة. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 312 قوله: "فقال: المسعودي تلميذه" (1)، وهذا قاله بعد نزول شيخه من كرسي الوعظ، وذلك هو اللائق (2) بالأدب. والمسعودي هذا هو أبو عبد الله محمَّد بن عبد الله (3) المروزي، من قدماء أصحاب القفال المروزي، والمسعودي الذي يحكى عنه اليمني صاحب "البيان" يعني به صاحب كتاب "الإبانة"، وذاك (4) أنه وقع باليمن منسوبا إلى المسعودي وليس للمسعودي (5)، إنما هو للفوراني (6) أبي القاسم (7) عبد الرحمن بن محمَّد المروزي (8)، والله أعلم.   (1) الوسيط: 3/ 210/ ب، لفظه قبله "لو حلف لا آكل البيض، ثم انتهى إلى رجل فقال: لآكلنّ ما في كمّك، فإذا هو بيض، فقد سئل القفال عن هذه المسألة، وهو على الكرسي فلم يحضره الجواب، فقال المسعودي تلميذه ... ". (2) في (ب): (الأليق). (3) وكذا قال المصنف في "طبقاته"، وقال الآخرون: هو محمَّد بن عبد الملك بن مسعود بن أحمد المروزي، كان إماما مبرّزا عالما زاهدا ورعا حسن السيرة، وأحد أصحاب الوجوه في المذهب الشافعي، ومن مؤلفاته: شرح مختصر المزني، مات بمرو سنة نيّف وعشرين وأربعمائة هـ. انظر: طبقات المصنف: 1/ 207، تهذيب الأسماء واللغات: 2/ 282، وفيات الأعيان: 4/ 213 - 214، وطبقات السبكي: 4/ 171 - 172، طبقات الأسنوي: 2/ 385 - 386، طبقات ابن قاضي شهبة: 1/ 216 - 217، العقد المذهب: ص 86، طبقات ابن هداية الله: ص 226. (4) في (أ) و (ب): (ذلك). (5) في (أ): (المسعودي). (6) في (أ): (الفوراني). (7) في النسخ (أبي القسم)، والصواب ما أثبته بصيغة اسم الفاعل كما سبق في ترجمته ص 136. (8) انظر: تهذيب الأسماء واللغات: 2/ 286، وطبقات ابن قاضي شهبة: 1/ 217، وطبقات المصنف: 1/ 207. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 313 قوله: "إلا أن يحلف على ما لا يقدر عليه، كقوله: لا أبني بيتا، وهو ليس (1) ببنّاء (2)، أو قال الأمير: لا أضرب" (3). ينبغي أن يجعل قوله "أو قال الأمير" عطفا على قوله في أول الكلام "إلا أن يحلف" فهو جائز، وإن كان قوله "يحلف" مستقبلا، وقوله "قال" ماضيا، والله أعلم. قوله "لو قال: لا أكلّم امرأة تزوجها زيد، فقبل له وكيله، فالقياس أنه (4) لا يحنث كما في الشراء، وقال الصيدلاني: يحنث، وهو تشوّف إلى مذهب أبي حنيفة في أن من تزوج بالوكيل حنث في يمين التزويج" (5). مذهب أبي حنيفة أنه إذا حلف لا يتزوج (6) فوكل حنث (7)، ولو حلف لا يشتري (8) فوكل لم يحنث، ووافقه بعض أصحابنا (9). فالفرق أن الوكيل في التزوج يضيف العقد إلى الموكل، وكان (10) الموكل بمنزلة العاقد بخلاف الشراء،   (1) ما بين القوسين ساقط من (د). (2) في (أ): (بيتا) وهو تصحيف. (3) الوسيط: 3/ ق 210/ ب، وتمامه "فأمر الجلاد، فقد خرّج الربيع فيه قولاً أنه يحنث، وظاهر المذهب أنه لا يحنث". (4) نهاية 2/ ق 161/ ب. (5) الوسيط: 3/ ق 210/ ب. (6) في (أ): (لا أتزوج). (7) انظر: المبسوط: 9/ 9، والهداية: 2/ 89، فتح القدير: 5/ 174. (8) في (أ): (لا أشتري). (9) انظر: التهذيب: 8/ 142، فتح العزيز: 12/ 308 - 309، الروضة: 8/ 43. (10) في (ب): (فكان). الجزء: 4 ¦ الصفحة: 314 والصيدلاني لم يتشوف إلى موافقته على الفرق في هذا، بل وافق الأصحاب على عدم الفرق في ذلك فيما نقله عنه الإمام أبو المعالي في "نهايته" (1). وإنما فرق بين الشراء والتزوج فيما إذا قال: لا أكلّم عبدا اشتراه زيد، وما إذا قال: لا أكلّم امرأة تزوجها زيد، فلم يقل بالحنث في العبد، وقال به (في الزوجة، وقطع) (2) الإمام (3) بخطئه على المذهب، ومناقضته، وحكى اتفاق الأصحاب على (عدم الحنث في مسألة الزوجة أيضاً) (4) (5)، وكأن الصيدلاني رأى أن فعل الزوج إذا جعل صفة للمرأة (6) بأن (7) قيل: (امرأة تزوجها فلان نزل) (8) في الاستعمال بمنزلة (9) قوله: زوجة فلان، ولم يظهر من حيث الاستعمال ينزل (10) قوله: عبدا اشتراه فلان [بمنزلة قوله: (زوجة فلان، ولم يظهر من حيث الاستعمال ينزل قوله: عبدا اشتراه فلان بمنزلة قوله] (11) عبدا ملكه فلان) (12) بالشراء، والله أعلم.   (1) 18/ ص 438. من نسخة مكتبة الجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة. (2) ما بين القوسين مطموس في (أ). (3) انظر: نهاية المطلب: 18/ ص 438 - 439. (4) ما بين القوسين مطموس في (أ). (5) انظر أيضاً: فتح العزيز: 12/ 309، والروضة: 8/ 43. (6) في (أ): (المرأة). (7) في (د): (فإن). (8) ما بين القوسين مطموس في (أ). (9) في (أ): (منزلة). (10) في (أ): (فينزل). (11) ما بين القوسين ساقط من (أ). (12) من قوله: (بمنزلة قوله ... إلى قوله (ملكه فلان) ساقط من (ب). الجزء: 4 ¦ الصفحة: 315 الصدقة (1) تتميز عن الهبة باللفظ، وبالمعنى أيضاً من حيث إن الصدقة موضوعة للقربة، لا تنفك عن جهة القربة بخلاف الهبة، فقد (2) تقع لغير القربة، (وكان الفرق الواضح بينهما أن المقصود بالصدقة الخير، وسدّ الخلّة، ودفع الضرر، والمقصود بالهبة المواصلة، واختلاف (3) المودّة والتعاطف) (4)، والله أعلم. قوله (5): في اليمين على الكلام "لو كاتبه لم يحنث، ولو رمز بإشارة مفهمة، فالجديد أنه لا يحنث" (6). محل القولين القديم والجديد إنما هو ما إذا كاتبه (7)، أو راسله (8)، وأضاف إليه أصحابنا الإشارة فخرّجوها على القولين (9)، والله أعلم. قوله "وإن قال: لأحمدنّ الله بمجامع (10) الحمد فليقل: ما علّمه جبريل آدم (11) عليهما السلام "الحمد لله حمدا يوافي نعمه، ويكافئ مزيده" (12).   (1) قال في الوسيط: 3/ ق 210/ ب "اللفظ الرابع: إذا حلف لا يهب منه، فتصدق عليه حنث"، وقال أيضاً في: 3/ ق 211/ أ "وإن قال: لا أتصدق عليه، لم يحنث بالهبة منه؛ إذ حلّت الهبة لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - دون الصدقة، وفيه وجه أنه يحنث". (2) نهاية 2/ ق 162/ أ. (3) كذا في النسخ، ولعل الصواب: (اجتلاب). (4) ما بين القوسين ساقط من (د) و (ب). (5) مطموس في (د). (6) الوسيط: 3 / ق 212/ أ. (7) في (أ): (هو إذا ما كاتبه). (8) الجديد: أنه لا يحنث، والقديم: أنه يحنث. انظر: المهذب: 2/ 175، التهذيب: 8/ 141، فتح العزيز: 12/ 328، الروضة: 8/ 56. (9) انظر: المصادر السابقة. (10) في (د): (بجامع)، والمثبت من (أ) و (ب)، وكذا في الوسيط. (11) في (أ): (لآدم). (12) الوسيط: 3/ ق 212/ أ. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 316 هذا فرع ذكره غير واحد من أصحابنا الخراسانيين المتأخرين (1)، وفيه نظر، وله مستند (2) ضعيف الإسناد غير متصل رويناه (3) عن محمَّد بن النضر (4)، قال: قال آدم صلوات الله عليه: يا ربّ شغلتني بكسب يدي، فعلّمني شيئاً فيه مجامع الحمد والتسبيح، فأوحى الله تبارك وتعالى إليه: يا آدم إذا أصبحت فقل: ثلاثا، وإذا أمسيت فقل: ثلاثًا (الحمد لله رب العالمين حمدا يوافي نعمه ويكافئ مزيده) فذلك مجامع الحمد والتسبيح) (5)، الحمد يتضمن التسبيح، فإن الحمد يطلق على مطلق الثناء، وقد قال سبحانه وتعالى: {يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ} (6). وقوله "يوافي نعمه" أي يلاقي نعمه، أي نستجلبها (7) فتحصل معه. وقوله "ويكافئ مزيده" بالهمز، أي يساوي مزيد (8) النعم والإحسان الذي يقتضيه الشكر، والله أعلم.   (1) انظر: فتح العزيز: 12/ 329 - 330، والروضة: 8/ 58. (2) في (أ): (ومستنده) بدل (وله مستند). (3) في (أ): (ورويناه). (4) في (د): (النظر) بالظاء، والمثبت من (أ) و (ب)، وهو الصواب، وكذا في التلخيص: 4/ 171. ولم أجد له ترجمة بعد البحث الشديد. (5) ذكره الحافظ ابن حجر في التلخيص: 4/ 171 عن أمالي المصنف (ابن الصلاح) به، ثم قال: (وهذا معضل). (6) سورة الزمر، الآية 75، وسورة غافر الآية 7. (7) في (أ): (يستجلبها) بالياء. (8) في (ب): (مزيده). الجزء: 4 ¦ الصفحة: 317 ما ذكره في نوع الحلف على الكلام من مسألة الحلف على الصلاة (1)، اعترض عليه فيه بعض (2) من شرح "الوجيز" (3)، وقال: ليست من هذا النوع، واعتذرت له بأنّه (4) (5) لما (6) كان يحنث بالتكبير (7)، وهو كلام حسن ذكرها فيه، وهو متبع للفوراني (8) في ذلك، واستتبعت (9) مسألة الصوم (والحج لتعلقها به (10)، والله أعلم) (11). قوله "فيما إذا حلف: ليأكلنّ هذا الطعام غدا، فإن أكل الطعام قبل (الغد حنث لكن الكفارة تلزمه (12) في الوقت) (13) أو غدا، فيه خلاف" (14).   (1) قال في الوسيط: 3/ ق 212/ أ "لو قال: والله لا أصلّي حنث كلما تحرم بالصلاة، وإن فسدها بعد ذلك، ومنهم من قال ما لم يفرغ عن صلاة صحيحة لا يحنث، لكن هل يتبين إسناد الحنث إلى أول الصلاة؟ فيه وجهان، وكذلك الخلاف في الصوم، ولو حلف لا يحج حنث بالحج الفاسد؛ لأنه ينعقد بخلاف البيع". (2) في (ب): (معترض) وهو تحريف. (3) انظر: فتح العزيز: 12/ 330. (4) تكرر في (د). (5) نهاية 2/ ق 162/ ب. (6) ساقط من (ب). (7) في (ب): (الكبير) وهو تصحيف. (8) في (ب): (وهو كلام تبع الفوراني). (9) في (أ): (واستعقب). (10) في (ب): (بها). (11) ما بين القوسين مطموس في (أ). (12) في (أ) و (ب): (يلزمه). (13) ما بين القوسين مطموس في (أ). (14) الوسيط: 3/ ق 212/ أ. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 318 هذا يوهم القطع بتقديم الحنث في الوقت، وإجراء الخلاف في تأخر لزوم الكفارة إلى غد، وليس كذلك قطعا، بل وجوب الكفارة يلازم وجود الحنث، والمذكور في غير هذا الكتاب، هل يحنث في الوقت أو في غد؟ فيه خلاف (1). فأقول: قوله أولا "حنث" المراد به إثبات حنثه على الجملة من غير تعرض لوقته، ثم ذكر الخلاف في وقت الحنث معبّرا عنه بلزوم الكفارة لتلازمها (2)، فاعلم ذلك! والله أعلم. وقوله "أو غدا" (3)، اقتصار على أحد الوجهين الجاريين على تقدير تأخر الحنث، وذلك إنا إذا قلنا: بتأخر الحنث إلى غد ففي وجه: يحنث بمضي مدّة تسع الأكل (4) من أول النهار (5)، فإنه يتحقق به فوت البرّ في الوقت المحلوف عليه، وفي وجه: لا يحنث إلا بغروب الشمس من الغد (6) كما لو كان الطعام باقيا، والله أعلم.   (1) فيه قولان أو وجهان: أحدهما: يحنث بعد مجيئ الغد؛ لأنه وقت البر والحنث. والثاني: في الحال، لأنه وقع اليأس من أكله الآن. انظر: المهذب: 2/ 179، التهذيب: 8/ 136، فتح العزيز: 12/ 331، مغني المحتاج: 4/ 344. (2) في (أ): (ليلازمهما). (3) في (د): (أو غد)، وفي (أ): (أو في غد)، والمثبت من (ب)، وكذا في الوسيط كما سبق. (4) في (د): (الأجل) كذا. (5) هو الأصح عند إمام الحرمين والبغوي. انظر: نهاية المطلب: 18/ ص 430، التهذيب: 8/ 136، فتح العزيز: 12/ 232، الروضة: 8/ 60، مغني المحتاج: 4/ 344. (6) انظر: المصادر السابقة. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 319 قوله "فيما إذا تلف الطعام، أو مات الحالف في أثناء الغد بعد مضيّ زمان الإمكان، الصحيح أنه يحنث؛ لأنه فوت البرّ مع إمكانه، وكذلك لو فات مهما قلنا: إن الحنث يحصل بغير اختياره" (1) (2). هذا مشكل من حيث إنه فرض الكلام أولا فيما إذا فات، ثم قال: "وكذلك لو فات ... "، وشرحه: أن الفوات الأول هو فوات الطعام أو الحالف، والفوات الثاني هو فوات البرّ، ومقصوده (3) بهذا الكلام إثبات الحنث سواء (4) كان ذلك تفويتا للبرّ، أو فواتا إن كان تفويتا فعلى القولين معا، وإن كان فوتا (5) فعلى قولنا: يحصل الحنث بغير اختياره (6)، والله أعلم. قوله بعد هذا "سواء مات قبل الغد أو بعده" (7)، يعني به أو بعد دخول الغد في أثنائه (8)، هذا هو الذي يشعر به سياق كلامه، والله أعلم.   (1) الوسيط: 3/ ق 212/ أ. (2) نهاية 2/ ق 163/ أ. (3) في (ب): (ومقصود) بإسقاط الضمير. (4) في (ب) زيادة (أن). (5) في (د): (قويا) وهو تصحيف. (6) في (د) و (أ): (اختيار) والتصحيح من (ب). وانظر: المهذب: 2/ 179، والتهذيب: 8/ 136، وفتح العزيز: 12/ 332، ومغني المحتاج: 4/ 344. (7) الوسيط: 3/ ق 212/ أ، ولفظه: "ولو قال: لأقضينّ حقك غدا، فمات المستحق، فالوفاء ممكن بالتسليم إلى الورثة، وإن مات الحالف سواء ... إلخ". (8) في (د): (إثباته) وهو تصحيف. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 320 ما ادّعاه فيما إذا حلف (1): لأقضينّه حقه عند رأس الهلال من كون ذلك محالا (2)، ليس على وجهه، فإنه يتصوّر أن يصادف بذلك (3) رأس الهلال فإنه مصادفة، وإن تعسرت مراصدته، والعرف والعسر كافيان في الحكم في الاكتفاء (4) بالممكن من مقارنة (5) رأس الهلال، والله أعلم. قوله "لو قال: لأقضينّ حقك إلى حين، فهذا ينبسط على العمر، ولو قال: إذا مضى حين فأنت طالق، تطلق بعد لحظة، وهذا في جانب الطلاق ممكن" (6). معناه وهذا الانبساط على العمر في مسألة الطلاق ممكن، وما (7) ذكره من الفرق غير واضح، وإيضاحه: أن المفهوم في عرف أهل اللسان من قوله: لأفعلنّ كذا إلى حين، الاسترسال على جميع العمر، والمفهوم من قوله: إذا مضى حين فأنت طالق، الاكتفاء في ذلك بلحظة، وأما الإلزام (8) بأنّه إذا قال: والله لأقضينّك (9) حقك إذا مضى حين، فإنه ينبسط على جميع العمر، فهذا (10) غير مسلم، بل يتعلق (11) البرّ فيه بلحظة كما في مسألة الطلاق، وهذا ما ذكره   (1) في (ب): (حلفه). (2) انظر: الوسيط: 3/ ق 212/ ب. (3) في (ب): (ذلك). (4) في (ب): (بالحكم بالاكتفاء). (5) في (أ) (مقارنته). (6) الوسيط: 3/ ق 212/ ب. (7) في (أ): (ومما). (8) نهاية 2/ ق 163/ ب. (9) في (أ) و (ب): (لأقضينّ). (10) (فهذا) تكرر في (ب). (11) ساقط من (أ) و (ب). الجزء: 4 ¦ الصفحة: 321 الإمام (1) في أول كلامه، لكن أورد بعده سؤالا (2) يتضمن القول بانبساطه على جميع العمر، ووقع هذا في "البسيط" (3) منسوبا إلى الأصحاب، ولا يصحّ ذلك ولا يعرف، وكأنه سهو، والله أعلم. قوله: "ولو عزل القاضي الذي عيّنه، فلم يرفعه إليه بعد العزل، قال الشافعي: خشيت أن يحنث، فأطلق الأصحاب قولين" (4). ينبغي أن يكونا من القولين اللذين قالهما الشافعي على جهة تردّد بينهما، وذلك نوع من أنواع القولين قليل، والله أعلم. قوله: "إذا قال: لأضربنّك مائة خشبة، حصل البر بالضرب بشمراخ عليه مائة من القُضْبَان، وهذا بعيد على موجب اللفظ، قال الله تعالى: {وَخُذْ بِيَدِكَ ضِغْثًا فَاضْرِبْ بِهِ وَلَا تَحْنَثْ} (5) " (6). اعلم (7)! أن الاكتفاء في هذا (بالضرب) (8) بالشمراخ وقع في "النهاية" (9)، وفي بعض كتب الخراسانيين (10)، وهو بعيد يأباه لفظ الخشبة، وفي "النهاية" (11) عن   (1) انظر: نهاية المطلب: 18/ ص 436 - 437. (2) في (د): (سؤلا). (3) 6/ ق 57/ أ. (4) الوسيط: 3/ ق 212/ ب، ولفظه "لو قال: لا أرى منكرا إلا رفعته إلى القاضي، فليس عليه البدار إذا رآه، بل جميع عمره ... ثم قال: ولو عزل ... إلخ". (5) سورة ص، الآية 44. (6) الوسيط: 3/ ق 213/ أ. (7) في (أ) (فاعلم). (8) ما بين القوسين ساقط من (أ). (9) 25/ ق 84/ أ. (10) انظر: الوجيز: 231، 2، التهذيب: 8/ 145، فتح العزيز: 12/ 340، الروضة: 8/ 67. (11) 25/ ق 84/ أ. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 322 جماهير الأصحاب فيما إذا قال: "مائة سوط" (1) أنه لا يحنث بقضبان الشماريخ (2)؛ لأنها لا تسمّى سياطا، وهكذا لا يسمّى خشبا على ما هو لأنها المعروف في اللسان العربي. وصاحب المذهب الشافعي فرض المسألة فيما إذا حلف: ليضربنّ عبده مائة سوط، فجمع السياط فضربه (3) بها (4). ولا نص (بلحى تعبدا) (5) إلى القول بما ذكروه على إطلاقه، وأما الآية فهي واردة في واقعة عين فلا عموم فيها نتمسك به، فإن وقائع الأعيان لا عموم لها على ما (6) تقرّر في أصول الفقه (7)،   (1) في (ب): (صوت)، وهو تحريف. (2) في (د): (المشاريج) كذا، انظر: فتح العزيز: 12/ 341، الروضة: 8/ 68، مغني المحتاج: 4/ 348. (3) نهاية 2/ ق 164/ أ. (4) انظر: الأم: 7/ 135، ومختصر المزني: ص 313. (5) (بلحى تعبداً)، أو (بعيداً) كذا رسمه في النسخ، ولم يتضح لي معناه. (6) ساقط من (د). (7) هذه المسألة يعبّر عنها الأصوليون بقولهم: هل العبرة بعموم اللفظ، أو بخصوص السبب؟ فيها مذهبان: الأول: أن العبرة بخصوص السبب، وإليه ذهب بعض الشافعية، منهم: المزني والقفال والدقاق، واختاره المصنف، وهو رواية عن الإمام مالك وأبي ثور. والثاني: أن العبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب، وإليه ذهب الجمهور؛ الحنفية، وأكثر المالكية والشافعية والحنابلة وأكثر الأصوليين، وهذا المذهب هو الراجح، والله أعلم. انظر: المحصول: 1/ 3/188، والإحكام للآمدي: 2/ 238، ونهاية السول: 2/ 476 - 479، وأصول السرخسي: 1/ 272، وفواتح الرحموت: 1/ 290، وإحكام الفصول للباجي: ص 269 - 270، والتمهيد لأبي الخطاب: 2/ 161، وروضة الناظر: 2/ 693 - 695، وإرشاد الفحول: 1/ 483 - 486. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 323 والصواب أن تخصيص ما ذكروه بعرف قوم يطلقون اسم الخشب على عيدان الشماريخ، والله أعلم. قوله: "ثم لا بدّ أن يتثاقل على المضروب بحيث تنكبس (1) جميع القُضْبَان" (2). هذا غير متعين، والمشترط، إما هذا وإما (3) أن يماس البدن جميعها (4)، والله أعلم. قوله: "نص أنه لو قال: لا أدخل الدار إلا أن يشاء زيد" (5). هذا فيه تعيير (6) لنصّه بالمعنى، فإن نصه "لو حلف ليفعلنّ كذا لوقت (7) إلا أن يشاء فلان" (8)، والله أعلم. قوله: " (لو قال) (9): لأضربنّ مائة ضربة، فلا يكفي الضرب مرة واحدة بالشماريخ، وقال العراقيون: يكفي الضرب بالسياط معا" (10). خصّص الوجه الثاني بالعراقيين، والوجهان معا مشهوران في كتب العراقيين (11)، وعبارة شيخه (12) في ذلك: "وذكر العراقيون وجهين"، ثم إن   (1) في (أ) و (ب): (ينكبس). (2) الوسيط: 3/ ق 213/ أ. (3) في (ب): (وإيماء). (4) انظر: الحاوي: 15/ 452، وفتح العزيز: 12/ 341، والروضة: 8/ 67 - 68. (5) الوسيط: 3/ ق 213/ أ. (6) في (أ) (تغيير)، وفي (ب) (تعبير)، والمثبت من (د). (7) في (أ): (الوقت). (8) انظر: مختصر المزني: ص 313. (9) ما بين القوسين ساقط من (ب). (10) الوسيط: 3/ ق 213/ أ. (11) انظر: الحاوي: 15/ 452، المهذب: 2/ 175، الشامل: 7/ ق 56/ ب - 57/ أ. (12) انظر: نهاية المطلب 25/ ق 85/ ب. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 324 شيخه (1) ذكر أنه على القول بتعدّد الضربات نشترط (2) فيها التوالي، وهذا فيه نظر، وينبغي أن لا يشترط ذلك ههنا، (بخلاف الحدّ، فإنه يكتفي ههنا) (3) بما يقع عليه الاسم (4)، ولهذا يكتفى فيه بضرب فيه أدنى الإيلام (5). وبعض أصحابنا عبّر عن هذا بأن قال: يكفي ضرب غير مؤلم (6)، والعبارة الأولى أولى، فإن (7) ما يسمّى ضربا لا يخلو من أدنى إيلام، وذلك بخلاف الحدّ، والله أعلم. قوله (8): "فيما لو حمل قهرا، وفيه وجه أنه كالإذن (9) " (10). توجيهه على ضعفه أن المحمول في حالة الاختيار جعلناه كالداخل، فكذلك في حالة الإكراه نجعله كالداخل كرها حتى يخرج على القولين، والله أعلم.   (1) انظر: المصدر السابق. (2) في (أ): (يشترط). (3) ما بين القوسين ساقط من (د). (4) انظر: مغني المحتاج: 4/ 348. (5) في (أ) و (ب): (ايلام)، وانظر: الحاوي: 15/ 453، وفتح العزيز: 12/ 340، ومغني المحتاج: 4/ 347. (6) انظر: التهذيب: 8/ 145. (7) في (ب): (لأن). (8) نهاية 2/ ق 164/ ب. (9) في (د) (الإذن) بإسقاط (الكاف). (10) الوسيط: 3/ ق 213/ أ، وقبله "فلو قال: لا أدخل الدار، فإن أذن حتى حمل، وأدخل حنث؛ لأنه كالراكب، والراكب داخل، ولو حمل قهرا، وأدخل لم يحنث، وفيه وجه ... إلخ". الجزء: 4 ¦ الصفحة: 325 شرح ما ذكره في توجيه (1) القولين في وجود الصفة على جهة الإكراه أو النسيان (2)، وتقريره: أما القول بالتحنيث (3)، فوجهه أنه مختار في التعليق بالدخول مثلا، وقد وجدت صورة الدخول، فحصل ما تعلق به، كما يحصل الحنث (4) بوجود سببه، سواء وجد عمداً أو سهواً؛ ولأن غاية ما فيه أنه لم يوجد منه فعل، والحنث لا يتوقف على فعل الحالف (5)، فإن (6) اليمين قد يكون توقيتاً لا صنع (7) فيها، كما إذا علّق على طلوع الشمس. وأما القول بعدم التحنيث (8) فوجهه أن الكلام فيما إذا علّق على فعله، وهذا ليس بفعله (9) شرعاً؛ لأنه بمنزلة (10) ما لم يفعله في رفع حكمه عنه؛ لما روى ابن عباس - رضي الله عنهما - عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: (إن الله وضع عن أمتي الخطأ والنسيان وما استكرهوا عليه)، رواه ابن   (1) في (د): (توجيهه). (2) انظر: الوسيط: 3/ ق 213/ أ. (3) انظر: المهذب: 2/ 178، والتنبيه: ص 272، والتهذيب: 8/ 118، وفتح العزيز: 12/ 342. (4) في (أ) و (ب): (الحدث). (5) في (ب): (الحانث). (6) ساقط من (د). (7) في (أ) و (ب): (لا منع). (8) انظر: الأم: 7/ 127 - 128، والمهذب: 2/ 178، والروضة: 8/ 67 - 68. (9) في (أ): (بفعل). (10) في (د): (بمنزلته). الجزء: 4 ¦ الصفحة: 326 ماجه (1)، وهذا لفظه، وليس في الكتب الخمسة الأصول، وهي: الصحيحان (2) وسنن أبي داود وسنن النسائي وكتاب الترمذي، ولكن إسناده حسن، ورويناه أيضاً في السنن الكبير (3)، ولفظه: (تجاوز الله عن أمتي الخطأ ... إلى آخره). وقد أمعنت النظر في هذه المسألة، وفي أدلتها لمسيس الحاجة إليها في الفتوى، فوجدت (4) كثيرا من مصنفي أصحابنا العراقيين ذهبوا إلى أن الصحيح عدم   (1) 1/ 659 في كتاب الطلاق، باب طلاق المكره والناسي من طريق الوليد بن مسلم، ثنا الأوزاعي عن عطاء عن ابن عباس به. قال البوصيري في الزوائد: ص 288 "إسناده صحيح إن سلم من الانقطاع، والظاهر أنه منقطع بدليل زيادة عبيد بن نمير في الطريق الثاني، وليس ببعيد أن يكون السقط من جهة الوليد بن مسلم، فإنه كان يدلّس تدليس التسوية، وقد أقرّه عليه الألباني في الإرواء: 1/ 123، وصححه في صحيح سنن ابن ماجه: 1/ 348 رقم (1664). والطريق المشار إليه أخرجه الطحاوي في شرح معاني الآثار: 5/ 95، وابن حبان: 16/ 202، والدارقطني: 4/ 170 - 171، والحاكم: 2/ 216، والبيهقي في السنن الكبرى: 7/ 584، والمعرفة: 14/ 186، من طريق بشر بن بكر وأيوب بن سويد، كلاهما عن الأوزاعي عن عطاء عن عبيد بن عمير عنه بلفظ الذي ذكره المصنف عن السنن الكبرى بعده. قال الحاكم: هذا حديث صحيح على شرط الشيخين، ولم يخرّجاه، ووافقه الذهبي، وقال النووي في "الأربعين": إنه حديث حسن"، وأقرّه الحافظ ابن حجر في التلخيص: 1/ 281، والألباني في الإرواء: 1/ 123 - 124، والله أعلم. وفي الباب عن عبد الله بن عمر، وعقبة بن عامر، وأبي ذر، وأبي الدرداء وغيرهم. ينظر تخريجها مفصلا في نصب الراية: 2/ 64 - 66. (2) في (د): (الصحيحين). (3) 7/ 584. (4) نهاية 2/ ق 165/ أ. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 327 الحنث (1)، والبغداديون هم جمهور العراقيين، وقد قال صاحب الحاوي (2): البغداديون من أصحابنا يذهبون إلى تصحيح القول بأن لا حنث على الناسي لما يرتكبونه من خلاف أبي حنيفة (3)، قال: وأما البصريون فقال شيخنا أبو القاسم (4) الصيمري (5): ما أفتيت في الناسي بشيء قط، (وحكى عن شيخه أبي الفيّاض (6) أنه لم يفت فيها بشيء قط، وحكى أبو الفياض عن شيخه أبي حامد المروزي أنه لم يفت فيها بشيء قط) (7). قال صاحب الحاوي - وهو أحد البصريين - فاقتديت بهذا السلف، ولم أفت فيها بشيء؛ لأن (8) استعمال التوقي أحوط (9) من فرطات الأقدام، ومع هذا   (1) انظر: المهذب: 2/ 178، وفتح العزيز: 12/ 342، والروضة: 8/ 68. (2) 15/ 367. (3) يأتي بيان مذهبه بعد قليل. (4) في (د) و (ب): (أبو القسم)، والمثبت من (أ). (5) في (أ): (الضميري) بضاد معجمة، وهو تصحيف. (6) تحرفت في النسخة المطبوعة من الحاوي إلى (أبي الغياض) بالغين. وأبو الفياض هو محمَّد بن الحسن بن المنتصر، البصري، تلميذ أبي حامد المروزي، درس بالبصرة، وعنه أخذ فقهاؤها، ومن تصانيفه: "اللاحق بالجامع"، مات في حدود سنة 385 هـ. انظر: طبقات الشيرازي: ص 127، طبقات العبادي: ص 76، طبقات ابن قاضي شهبة: 1/ 163، العقد المذهب: ص 194، هدية العارفين: 6/ 54. (7) ما بين القوسين ساقط من (د). (8) في (ب): (كان). (9) في (ب): (أهون). الجزء: 4 ¦ الصفحة: 328 فالقول بالتحنيث هو الأرجح دليلا، وإن كان (1) أعوص، وهو قول أكثر (2) العلماء السالفين والخالفين - رضي الله عنهم - وهو قول أئمة (3) المذاهب (4) الأربعة (5) والشافعي وأحمد، وإن اختلفت الرواية عنهما فالتحنيث أثبت عنهما (6). حكى الثقة أبو بكر بن المنذر في كتابه "الإشراف على مذاهب أهل العلم" (7) أن تحنيث الناسي في يمين الطلاق والعتاق وسائر الأيمان هو المشهور من مذهب الشافعي عند أصحابه. وفي كتاب "الهداية" (8) في مذهب أحمد: أنه يحنث في الطلاق والعتاق، ولا يحنث في اليمين بالله تعالى والظهار (9). قال: وهو اختيار أكثر شيوخنا (10)، وعنه: أنه لا يحنث في الجميع (11)، وعنه أنه يحنث في الجميع.   (1) تكرر في (ب). (2) في (ب) (بعض). (3) ساقط من (ب). (4) في (د) (المذهب). (5) انظر: مختصر الطحاوي: 3/ 260، الهداية: 2/ 72، فتح القدير: 5/ 265، الكافي: 1/ 449، القوانين الفقهية: ص 108، المهذب: 2/ 178، فتح العزيز: 12/ 342، المغني: 13/ 417، الإنصاف: 11/ 34. (6) لكن في كتب مذهبهما: الأصح والأظهر: أنه لا يحنث. انظر: المصادر السابقة، والروضة: 8/ 68، والروض المربع: 3/ 375، والله أعلم. (7) 1/ 429. (8) 2/ 117. (9) في (ب) ضرب عليه، وبعده (والطاهر) كذا. (10) قال المرداوي: هو الصحيح عن المذهب، وعليه جماهير الأصحاب. انظر: الإنصاف: 11/ 34. (11) قال المرداوي: وهو اختيار الشيخ تقي الدين. المصدر السابق. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 329 وأما من حيث (1) الدليل (2) فأقول: لما أطلق يمينه، ولم يستثن حالة النسيان والإكراه دلّ على أنه لم يقصر يمينه على مقصود المنع، فالتحق بما لو صرّح، وقال مثلا (3): والله لا أدخل لا عامدا ولا ناسيا، فدخل ناسيا، فإنه يحنث بلا خلاف (4) فيما نقله القاضي حسين (5)، وفي هذا جواب عن (6) تمسكهم بأن المقصود المنع، وهو من أقوى (7) ما لهم. وأما الحديث فهو محمول على نفي المؤاخذة والذم لا على نفي الحكم بمطلقه بدلالة ثبوت حكم النسيان والإكراه في الحدث (8) والإتلاف، ولأن ذلك هو المفهوم منه في عرف الاستعمال قبل الشرع، ولا عموم فيه من حيث إن (نفس الخطأ والنسيان موجودان، فيقدر محذوف، هو المراد بالنفي، ولا عموم) (9) فيما) (10) يقدّر، ويضمر على ما تقرّر في علم أصول الفقه. والله أعلم.   (1) في (ب): (حنث) وتكرر، وهو تصحيف. (2) في (ب): (فالدليل). (3) نهاية 2/ ق 165/ ب. (4) انظر: فتح العزيز: 12/ 343، والروضة: 8/ 69. (5) لم أقف عليه. (6) في (أ): (من). (7) في (د): (أوى)، وهو تحريف، والمثبت من (أ) و (ب)، وهو الصواب. (8) في (د): (الحديث) وهو تحريف. (9) ما بين القوسين ساقط من (د). (10) من قوله: "نفس الخطأ .. إلى قوله فيما" ساقط من (ب). الجزء: 4 ¦ الصفحة: 330 (قوله: "واختار القفال أن الطلاق يقع، والحنث لا يحصل" (1)، نقل شيخه (2) أن القفال كان يقول: القولان يجريان في اليمين بالله تعالى. وأما في الطلاق فيقع قولا واحدا (3)، والله أعلم) (4).   (1) الوسيط: 3/ ق 213/ أ. (2) انظر: نهاية المطلب 25/ ق 84/ ب. (3) ومثل نقل الغزالي عنه حكاه عنه أيضا الرافعي - رحمه الله - انظر: فتح العزيز: 12/ 34، الروضة: 8/ 69. (4) ما بين القوسين ساقط من (ب). الجزء: 4 ¦ الصفحة: 331 ومن كتاب النذور قوله: "قال الله تبارك وتعالى: {يُوفُونَ بِالنَّذْرِ} (1)، فصار هذا أصلاً في لزوم الوفاء" (2). هذا لا يستقيم، فإنه ليس فيه أمر، أو (3) إلزام أصلا، وسياق الآية يأبى أن يكون ذلك من قبيل الأمر بصيغة الخبر، وإنما هو صفة مدح مذكورة (4) في جملة صفات الأبرار. ومما يصلح أن (5) يكون أصلا (6) في ذلك قوله تبارك وتعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَوْفُوا بِالْعُقُودِ} (7)، وما رواه البخاري في الصحيح (8) من حديث عائشة - رضي الله عنها - عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: (من نذر أن يطيع الله فليطعه، ومن نذر أن يعصيه (9) فلا يعصه)، والله أعلم.   (1) سورة الإنسان الآية 7. (2) الوسيط: 3/ ق 213/ ب. (3) في (أ) و (ب): (و). (4) في (ب): (مذكور). (5) في (ب): (لأن). (6) ساقط من (ب). (7) سورة المائدة الآية: 1. (8) 11/ 594، 589 مع الفتح في كتاب الأيمان والنذور، باب النذر في الطاعة، وباب النذر فيما لا يملك وفي معصية من حديثها به. (9) في (أ) و (ب): (أن يعصي الله). الجزء: 4 ¦ الصفحة: 333 حديث عمر - رضي الله عنه (1) - ثابت في الصحيحين (2)، وهو في رواية: (إني (3) نذرت في الجاهلية أن أعتكف في المسجد الحرام). وفي رواية: (ليلة). وفي رواية: (يوما)، فقال - صلى الله عليه وسلم -: (أوف بنذرك). والله تعالى أعلم. قوله: "فيما إذا نذر ابتداءً من غير تعليق على شيء فيه قولان مشهوران: أحدهما: يجب كنذر التبرر" (4)، يعني به تبرّر المجازاة كما في قوله "إن شفى الله مريضي"، وهذا الذي فيه الكلام نذر تبرّر أيضاً. فنذر التبرّر نوعان غير أنّ بعضهم سمّى هذا الثالث (5) النذر المطلق (6)، والثاني: نذر التبرّر، فهذا الذي قاله كأنه مصير منه (7) إلى (8) ذلك أو نحوه.   (1) قال في الوسيط: 3/ ق 213/ ب "ولا يصحّ النذر من كافر؛ لأنه لا يصح منه التقرب، نعم قال عمر - رضي الله عنه - لرسول الله - صلى الله عليه وسلم -: كنت نذرت اعتكاف ليلة في الجاهلية، فقال عليه الصلاة والسلام: أوف بنذرك، فمن هذا يحتمل التصحيح، ويحتمل أن يحمل على الاستحباب ... إلخ". (2) البخاري: 4/ 333 مع الفتح في كتاب الاعتكاف، باب إذا نذر في الجاهلية أن يعتكف ثم أسلم، و11/ 590 في كتاب الأيمان والنذور، باب إذا نذر أو حلف أن لا يكلم إنسانا في الجاهلية ثم أسلم، ومسلم: 11/ 124 - 126 مع النووي في كتاب الأيمان، باب نذر الكافر، وما يفعل فيه إذا أسلم. (3) نهاية 2/ ق 166/ أ. (4) الوسيط: 3/ ق 213/ أ. (5) في (ب): (ثالث). (6) (المطلق) تكرر في (د). (7) في (د): (فيه)، وهو تحريف. (8) تكرر في (ب). الجزء: 4 ¦ الصفحة: 334 و (1) قوله: "قولان مشهوران" ليس كذلك، بل هما غريبان، والمشهور القطع بلزومه (2)، وهو المنصوص (3). ومنهم من قال فيه وجهان (4)، وأما ذكر قولين فيه فغير (5) معروف، وكان الثاني منهما قول مخرّج (6)، والله أعلم. قوله: "إذا قال: إن شاء زيد، فلله عليّ كذا، لم يلزمه شيء، وإن شاء زيد؛ لأنه لم يلتزمه لله تعالى، وليس هذا كما قال: إن قدم زيد فلله عليّ كذا؛ لأن ذلك يمين الغضب، أو هو تبرّر، ولم يعلق فيه لزوم العبادة بمشيئة زيد، هكذا قال القاضي" (7). لا ينبغي أن يعتقد من هذا أن جميع هذا الكلام قاله القاضي، فإن الفرق بين مسألة القدوم وبين المسألة الأولى ذكره المصنف من عنده، وذلك أن شيخه (8) ذكر مسألة التعليق بمشيئة زيد نقلا عن القاضي (9)، ثم قال: وهذا عندي خطأ، واحتجّ بمسألة التعليق بقدوم زيد، فلم يوافقه في "الوسيط" على ذلك، وفرق بين المسألتين (10) مضيفا ذلك (11) إلى كلام القاضي (12) (من غير ميز بين الكلامين، ثم   (1) ساقط من (د). (2) انظر: الشامل: 7/ ق 61/ ب، والتهذيب: 8/ 151، ومغني المحتاج: 4/ 356. (3) الأم: 7/ 118، وانظر: فتح العزيز: 12/ 357. (4) انظر: الحاوي: 15/ 466 - 467، التهذيب: 1/ 323 - 324. (5) في (أ): (غير). (6) انظر: فتح العزيز: 12/ 357، الروضة: 2/ 560. (7) الوسيط: 3/ ق 214/ أ. (8) انظر: النقل عنه في فتح العزيز 12/ 357. (9) وهكذا نقله عنه أيضا الرافعي. انظر: فتح العزيز: 12/ 357. (10) نهاية 2/ ق 166/ ب. (11) ساقط من (ب). (12) في (ب) زيادة (حسين). الجزء: 4 ¦ الصفحة: 335 إنهما نسبا ذلك إلى القاضي) (1)، وذلك من شيخه عجب، فإن كتابه من "شروح مختصر المزني" (2)، وقد نصّ الشافعي على ذلك في "مختصر المزني" (3)، وهو المقطوع به في غير واحد من شروحه، منها: "الحاوي" (4) و"أمالي أبي (5) الفرج السرخسي"، والله أعلم. قوله "لأنه لم يلتزمه لله تعالى" أي خالصا، وذلك كافٍ في بطلانه، والله تعالى أعلم. قوله "وأما الملتزم فكل عبادة مقصودة، ولها مراتب" (6). هذا فيه إشكال، سلم منه "البسيط" (7) و"الوجيز" (8)، وهو أنه فسّره بالعبادة المقصودة، ثم قال: "ولها مراتب"، والمرتبتان الأخيرتان (9) ليستا من العبادات المقصودة، فنقول: قوله: "ولها مراتب" عائد على (10) الملتزم بإطلاقه.   (1) ما بين القوسين ساقط من (د) و (ب). (2) ما بين القوسين مطموس في (د). (3) ص 313 في أواخر باب جامع الأيمان الثاني. (4) 15/ 462. وانظر: التهذيب: 8/ 149، وفتح العزيز: 12/ 357، والروضة: 2/ 560. (5) في (د): (أبو) كذا. (6) الوسيط: 3/ ق 214/ أ، وتمامه مختصرا "الأولى: أصول العبادات، يلزم بالنذر كالصلاة والصوم والحج ونحوها. والثانية: القربات التي حثّ الشرع عليها كعيادة المريض ونحوها. والثالثة: المباحات: كالأكل والدخول والنوم ونحوها". (7) 6/ ق 60/ أ. (8) 2/ 232. (9) في (أ) و (ب): (الأخريان). (10) في (أ): (إلى). الجزء: 4 ¦ الصفحة: 336 وينبغي أن يقرأ "وله" وما وقع في النسخ من قوله "ولها" وجهه على ما فيه من العجمة؛ لأنه (1) خرج على المعنى؛ إذ المراد بالملتزم الأفعال الملتزمة، ثم إنه اقتصر في تفسيره أولا على العبادة (2) المقصودة، (لكونه اختار قول من لم يصحح النذر إلا في العبادة (3) المقصودة) (4) فكأنه قال: أما الملتزم فالصحيح منه كل عبادة مقصودة، والملتزم (5) مطلقا، ما يصح منه (6) وما لا يصح مراتب: الأولى (7): أصول العبادات، وهي المرادة بقوله: كل عبادة مقصودة، والله أعلم. قوله في صفات العبادات "كما لو نذر الحج ماشياً" (8). وقوله بعده "فإن أفرد الصفة، والتزم المشي في حجة الإسلام"، أراد بالأول ما إذا التزم الصفة مع الموصوف بأن (9) نذر حج التطوع ماشياً، فالصفة ههنا تلزم قطعا (10). أما إذا أفرد (11) الصفة بالالتزام كما إذا كان الموصوف لازما بغير التزامه،   (1) في (أ) و (ب): (أنه). (2) في (ب): (العبادات). (3) في (ب) (العبادات). (4) ما بين القوسين ساقط من (أ). (5) في (أ) و (ب): (وللمتزم). (6) ساقط من (ب). (7) في (د) و (أ): (الأول). (8) الوسيط: 3/ ق 214/ أ. (9) في (ب): (فإن). (10) انظر: فتح العزيز: 12/ 359 - 360، الروضة: 2/ 566. (11) نهاية 2/ ق 167/ أ. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 337 فهذا فيه الوجهان (1) المذكوران (2)، والله أعلم. قطع ههنا بصحة نذر الجهاد (3)، وسبق منه في كتاب السير (4) أن الصحيح أن الجهاد لا يلزم بالنذر، وذاك هو الأقوى (5)، والله أعلم. قوله (6) في القربات التي حث الشرع عليها من عيادة المريض ونحوها "أنها (7) ليست عبادة" (8)، قد حُدّت (9) العبادة بأنها الطاعة لله تبارك وتعالى (10)، وفي هذا إثبات لكون هذه القربات عبادات إلا أنها ليست عبادة متأصّلة مقصودة، والمفهوم من اسم العبادة إذا أطلق العبادة المقصودة، وهي التي أنشأها الشرع، وابتدأ بوضعها للتعبد بها، وهي التي يحرم (11) القصد بها لغير الله   (1) في (ب): (وجهان). (2) هذه الكلمة غير واضحة في (ب). وأصح الوجهين: اللزوم. انظر: الحاوي: 15/ 470 - 471، والتهذيب: 8/ 153، 164، وفتح العزيز: 12/ 360، والروضة: 2/ 566 - 567. (3) انظر: الوسيط: 3/ ق 214/ أ. (4) 3/ ق 118/ أ. (5) انظر: فتح العزيز: 12/ 359، الروضة: 2/ 566. (6) بياض في (ب). (7) في (أ): (لأنها). (8) الوسيط: 3/ ق 214/ أ. (9) في (ب) (وحدت). (10) وقد عرفها شيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله - بقوله: "العبادة: هي اسم جامع لكل ما يحبه الله ويرضاه من الأقوال والأعمال الظاهرة والباطنة". انظر: مجموع الفتاوى: 10/ 149، فتح المجيد: 14 - 15. (11) في (ب): (جزم) وهو تحريف. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 338 تعالى كما (1) (قال الله تبارك وتعالى) (2) {وَلَا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَدًا} (3)، فهذه يطلق عليها اسم العبادة (4)، وما (5) ليس كذلك مما حث الشرع عليه يطلق عليه اسم القربات، فاعلم ذلك فإنه من المشكل. وينبغي أن يقطع بصحة نذر الجميع عملاً بالحديث الصحيح (من نذر أن يطيع الله فليطعه) (6)، والله أعلم. ما ذكره من أنه لا يصح نذر ما يخالف الرخصة كقوله (7): لا أفطر في السفر (8). لك أن تفسره مما إذا نذر أن لا يفطر في صوم رمضان بسبب السفر، ولك أن تفسره بما إذا نذر صوما غير واجب، وشرط فيه أن لا يفطر فيه في السفر، وكلاهما باطل على هذه الطريقة، وآخر تعليله (9) يشعر بهذا الأخير (10)، والله أعلم.   (1) ساقط من (د). (2) ما بين القوسين ساقط من (ب). (3) سورة الكهف الآية 110. (4) في (أ) و (ب): (العبادات). (5) في (ب): (ومما). (6) سبق تخريجه ص 333. (7) في (أ): (بقوله). (8) انظر: الوسيط: 3/ ق 214/ أ. (9) حيث قال: " ... فإن هذا تغيير للشرع، إذ اللزوم بالنذر لا يزيد على إلزام الشرع، وهو يسقط بالسفر". (10) في (أ) و (ب): (الأخر). الجزء: 4 ¦ الصفحة: 339 ما ذكره من أنه روي عن رسول الله صلى (1) الله عليه وسلم أنه قال: (من نذر وسمى فعليه ما سمى، ومن نذر ولم يسم فعليه كفارة يمين) (2). تمسك به القاضي في تعليقه (3) في لزوم الكفارة في نذر الباح، ووجهه أنه لما كان ما سمّاه مما لا يلزم الوفاء به صار كأنه لم يسمّ شيئا. وهذا يقتضي أيضا (4) وجوب الكفارة في نذر المعصية (5)، بل أولى، فإنه مع كونه لا يلزم فيه الوفاء بمنذوره لا يجوز (6)، ولكنا نوجه (7) قطع القاضي بلزوم الكفارة في المباح، وذكره (8) خلافا في المعصية (9) بأن بين المعصية والنذر منافرة شديدة تقتضي إلغاء النذر بالكلية، وقد سوّى صاحب "التتمة" (10) بين المباح والمعصية، فأجري في لزوم الكفارة فيهما وجهين.   (1) نهاية 2/ ق 167/ ب. (2) انظر: الوسيط: 3/ ق 214/ ب، وسيأتي تخريج الحديث بعد قليل. (3) نقله عنه أيضاً الرافعي والنووي. انظر: فتح العزيز: 12/ 362، والمجموع: 8/ 440، والروضة: 2/ 569. (4) في (ب): (وهذا أيضاً يقتضي). (5) في النسخ زيادة (و)، ولعل الصواب حذفها. (6) انظر: المهذب: 1/ 323، والتهذيب: 8/ 151، وفتح العزيز: 12/ 358، ومغني المحتاج: 4/ 356. (7) في (ب): (لكن يتوجه). (8) في (أ): (ذكر) بإسقاط الضمير. (9) المذهب وما قطع به الجمهور أنه لا كفارة في نذر المعصية. انظر: فتح العزيز: 12/ 358 - 359، والمجموع: 8/ 437، والروضة: 2/ 565، ومغني المحتاج: 4/ 357. (10) انظر: النقل عنه في المجموع: 8/ 440. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 340 وفي نذر المعصية حديث صريح عن أبي هريرة أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: (لا نذر في معصية، وكفارته كفارة يمين)، أخرجه أبو داود وغيره (1)، ورويناه أيضاً في   (1) لم أجده من حديث أبي هريرة بهذا اللفظ ولا بمعناه، وإنما أخرجه أبو داود وغيره بهذا اللفظ من حديث عائشة - رضي الله عنها - وقد قال الترمذي عقب حديثها "وفي الباب عن ابن عمر وجابر وعمران بن حصين"، فهذا يؤكد أنه ليس في الباب عن أبي هريرة، والله أعلم. أما حديث عائشة فرواه أبو داود: 3/ 594 - 595 في كتاب الأيمان والنذور، باب من رأى عليه كفارة إذا كان في معصية، والترمذي: 4/ 87 في كتاب النذور والأيمان، باب ما جاء عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن لا نذر في معصية، والنسائي: 7/ 26 - 27 في كتاب الأيمان والنذور، باب كفارة النذر، وابن ماجه: 1/ 686 في كتاب الكفارات، باب النذر في المعصية، وأحمد: 6/ 247، والبيهقي: 10/ 118 - 119، والمعرفة: 1/ 199 من طريق يونس عن الزهري عن أبي سلمة عن عائشة مرفوعا. قال الترمذي: "هذا حديث لا يصحّ؛ لأن الزهري لم يسمع هذا الحديث من أبي سلمة، قال: سمعت محمداً يقول: روى غير واحد منهم: موسى بن عتبة، وابن أبي عتيق عن الزهري عن سليمان بن أرقم عن يحيى بن أبي كثير عن أبي سلمة عن عائشة عن النبي - صلى الله عليه وسلم -، قال محمد (البخاري) والحديث هو هذا". وضعّفه أيضاً البيهقي والنووي وابن حجر وغيرهم. وذهب جماعة منهم: الطحاوي وأبو علي بن السكن والألباني إلى تقويته، والله أعلم. انظر: الروضة: 2/ 565، والتلخيص: 4/ 175 - 176، والإرواء: 8/ 214 - 217. وأما الرواية المشار إليها في قول الترمذي رواها هو وأبو داود والنسائي والبيهقي في المواضع السابقة، والطحاوي: 3/ 130 به، وقال الترمذي عقبه: هذا حديث غريب، وقال النسائي والبيهقي: سليمان بن أرقم متروك الحديث، وقد خالفه غير واحد من أصحاب يحيى بن أبي كثير في هذا الحديث. انظر: المصادر السابقة. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 341 السنن الكبير (1) عن عمران بن الحصين عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - غير أن في إسناديهما (2) ضعفا. وأما الحديث المذكور في "الوسيط" فقد روينا منه قوله: (من نذر نذرا لم يسمّه (3)، فكفارته كفارة يمين) في سنن أبي داود، وسنن ابن ماجه، وفي السنن الكبير (4) من وجوه يزيد بعضها على بعض، وأتمّها ما رويناه في السنن الكبير (5) من حديث ابن عباس - رضي الله عنهما - أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: (من نذر نذرا   (1) 10/ 119 - 121، وكما رواه النسائي: 7/ 28 - 29 في كتاب الأيمان والنذور، باب كفارة النذر، والحاكم: 4/ 339 من طريق محمد بن الزبير الحنظلي عن أبيه عن عمران بن حصين به. قال البيهقي: هذا منقطع، الزبير الحنظلي لم يسمع من عمران. وقال ابن حجر: مداره على محمد بن الزبير، وهو ليس بالقوي، وقد اختلف عليه فيه، وبه ضعّفه الألباني في الإرواء: 8/ 211 - 213، والله أعلم. (2) في (أ) و (ب): (إسنادهما). (3) في (ب): (لم يسميه). (4) رواه أبو داود: 3/ 615 في كتاب الأيمان والنذور، باب من نذر نذرا لم يسمّه، وكما رواه الترمذي: 4/ 90 في كتاب الأيمان والنذور، باب ما جاء في كفارة النذر إذا لم يسمَّ من طريق محمد مولى المغيرة بن شعبة، حدّثني كعب بن علقمة عن أبي الخير عن عقبة بن عامر به مرفوعا. قال الترمذي: هذا حديث حسن صحيح غريب، وتعقبه الألباني بقوله: "كذا قال: ومحمد هذا هو ابن يزيد بن أبي زياد الثقفي، وهو مجهول كما قال أبو حاتم وغيره". ورواه ابن ماجة: 1/ 687 في كتاب الكفارات، باب من نذر نذرا ولم يسمّه. والبيهقي في الكبرى: 10/ 78، وكما رواه ابن أبي شيبة: 1/ 4/ 7، والطحاوي: 3/ 130 من طريق إسماعيل بن أبي رافع عن خالد بن يزيد عن عقبة به. قال الألباني: "هذا إسناد ضعيف من أجل إسماعيل بن رافع، فإنه ضعيف الحفظ". (5) 10/ 123. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 342 لم يسمّه فكفارته كفارة يمين، ومن نذر نذرا في معصية الله عز وجل فكفارته كفارة يمين، ومن (1) نذر نذرا (لم يطقه فكفارته كفارة يمين، ومن نذر نذرا) (2) فأطاقه فليف به) (3)، وأخرجه أبو داود (4) أيضاً إلا الجملة الأخيرة الرابعة، والأحاديث الواردة في ذلك قد (5) عضد بعضها بعضا، فيقوى (6) إيجاب الكفارة في نذر المعصية قوة توجب اختياره، وقد جعله الربيع قولا آخر (7)، وذلك معدود من تخريجه، ثم نذر المباح لا حق به (8) في ذلك، والله أعلم. قوله "يمين الغَلَق" (9) أي نذر اللجاج، وهو بالغين المعجمة، واللام المفتوحتين، وبالقاف، وهو ضِيْق الصدر وقلة الصبر، ورجل غَلِقٌ - بكسر   (1) نهاية 2/ ق 168/ أ. (2) ما بين القوسين ساقط من (د). (3) في (د): (فأضافه فكيف به) كذا، وهو تحريف. (4) 3/ 614 في كتاب الأيمان والنذور، باب من نذر نذرا لا يطيقه، وكذا ابن ماجه: 1/ 687 في كتاب الكفارات، باب من نذر نذرا ولم يسمّه إلا الجملة الثانية، والدارقطني: 4/ 159 مثل لفظ البيهقي. قال أبو داود والبيهقي: وروى من وجه آخر موقوفا على ابن عباس، قلت: وصوب وقفه عليه أبو حاتم وأبو زرعة الرازيان، والألباني، والله أعلم. انظر: التعليق المغني على الدارقطني: 4/ 159، والإرواء: 8/ 210 - 211. (5) ساقط من (ب). (6) في (ب): (يقوى). (7) انظر القول الذي حكاه المصنف عن الربيع في: المهذب: 1/ 323، وفتح العزيز: 12/ 358. (8) ساقط من (ب). (9) الوسيط: 3/ ق 214/ ب. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 343 اللام - أي سيّئ الخلق (1)، ومن قال فيه (2) يمين الغلوّ - بالواو المشددة - فقد صحف، والله أعلم. قوله في نذر الاعتكاف "هل يكفي (3) الدخول مع النية من غير مكث، فيه تردّد، وإن كان المكث لا يشترط في كونه عبادة" (4). معناه: على ما أشعر به كلامه في "البسيط" (5) أنه لا يشترط المكث في صحة الاعتكاف، بل يكفي المرور به، وهل يشترط المكث في الوفاء بالنذر عند إطلاقه، فيه خلاف، من حيث أن لفظ (6) الناذر في العرف يفهم منه المكث. وهذا حاصله أن الخلاف في النذر مرتّب (7)؛ إذ في اشتراط المكث في صحة أصل الاعتكاف خلاف أيضا (8)، والله أعلم.   (1) انظر: تهذيب اللغة: 16/ 142 - 143، والفائق: 3/ 74. (2) في (ب): (في). (3) ساقط من (أ). (4) الوسيط: 3/ ق 214/ ب. (5) 6/ ق 65/ ب. (6) في (ب): (لفظة). (7) في (د): (مرتبا)، وهو خطأ. (8) قال النووي: إذا نذر أن يعتكف، فيه وجهان: في أنه هل يشترط اللبث أم يكفي المرور في المسجد مع النية؟، والأول أصح، فعلى هذا لا بدّ من لبث، ويخرج عن النذر بلبث ساعة، ويستحب أن يمكث يوما، وإن اكتفينا بالمرور في أصل الاعتكاف، فللإمام فيه احتمالان: أحدهما: يشترط اللبث؛ لأن لفظ الاعتكاف يشعر به. والثاني: لا، حملا له على حقيقته شرعا، والله أعلم. انظر: فتح العزيز: 12/ 367، والمجموع: 8/ 453، والروضة: 2/ 573. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 344 قوله: "فيما إذا عيّن يوما في نذر الصوم، فيه وجهان: أحدهما: أنه لا يتعين، وتعين (1) الزمان كتعين المكان (2)، والمسجد للصلاة" (3). معناه: كتعيين (4) المكان للصوم، فإنه لا يتعين قطعا (5) فاعلم ذلك! (6)، (7) وأما تعيين المسجد للصلاة ففيه تفصيل ذكره فيما بعد (8)، و (9) قد اضطربت فيه المصنفات، وما أكثر اضطرابها في باب النذر، وفي تعليق القاضي حسين (10) أنه لو نذر أن يصلي ركعتين في المسجد الجامع جاز له أن يصلي في كل موضع حتى في وسط السوق، قال (11): وفيه إشكال. قال المصنف (12) - رحمه الله -: وهذا من أبلغ (13) ما يتمسك به في مسألة الصوم، وإن كان في نفسه بعيدا، والأظهر أنه يتعين من ذلك كل ما فيه فضيلة، والله أعلم.   (1) في (د) و (أ): (ويتعين)، والمثبت من (ب) , وكذا في الوسيط، وهو الصواب. (2) في (د): (لتعين بالمكان)، وفي (أ) و (ب): (لتعيين المكان)، لعل الصواب ما أثبته، وكذا في الوسيط. (3) الوسيط: 3/ ق 214/ ب. (4) في (د): (كتعين) بياء واحدة. (5) انظر: المجموع: 8/ 243، ومغني المحتاج: 4/ 367، ونهاية المحتاج: 8/ 233. (6) نهاية 2/ ق 168/ ب. (7) في (د) وقع هنا زيادة، أو تكرار (وأما تعين المسجد للصلاة، معناه كتعيين المكان للصوم، فإنه لا يتعين قطعا، فاعلم ذلك). والصواب حذفها. (8) انظر: الوسيط: 3/ ق 116/ ب. (9) في (ب) زيادة (ذلك). (10) لم أقف عليه عند غير المصنف. (11) ساقط من (ب). (12) أي ابن الصلاح. (13) في (ب): (أقوى). الجزء: 4 ¦ الصفحة: 345 قوله: "لا يثبت خواص صوم رمضان لذلك اليوم المعين" (1). هي (2) مثل كفارة الوقاع، وعدم قبول صوم آخر، وكذا وجوب الإمساك عند الإفطار على الأصح (3)، والله أعلم. قوله: "لو شرط التفرق في الصوم". مثاله: أن يقول: لله عليّ صوم عشرة أيام متفرقة، فعلى وجه يلزمه التفريق (4) كما لو قال: عشرة أيام متفرقة، أوّلها اليوم الأول من الشهر، والثاني: اليوم الرابع، وهكذا إلى آخرها، فإنه يلزم ذلك على الصحيح في أن الوقت يتعين بالتعيين (5). والأصح أن التفريق لا يلزم ههنا وجها واحدا (6)؛ لأنه أورد النذر على نفس التفرق، وليس مقصودا، فإنه لا قربة فيه، وهناك أورد النذر على الأيام بوصف التفريق، والله أعلم.   (1) الوسيط: 3/ ق 214/ ب. (2) في (أ): (هل) وهو تحريف. (3) انظر: التهذيب: 8/ 162، فتح العزيز: 12/ 368، المجموع: 8/ 475، الروضة: 2/ 573. (4) وبه قطع البغوي وغيره، وصححه النووي. انظر: الحاوي: 15/ 490، التهذيب: 8/ 157، الروضة: 2/ 574، المجموع: 8/ 475 - 476، مغني المحتاج: 4/ 356. (5) في (د): (بالتعين) بياء واحدة. (6) وبه جزم الغزالي في الوجيز. انظر: الحاوي: 15/ 490، الوجيز: 2/ 233، فتح العزيز: 12/ 369، المجموع: 8/ 476، نهاية المحتاج: 8/ 225. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 346 شرح ما ذكره في قضاء أيام الإفطار بالحيض أو المرض أو السفر فيما إذا نذر صوم سنة معينة (1). أما القول بعدم (2) وجوب قضاء أيام الحيض والمرض (3) (4) فوجهه: أن النذر يجري مجرى الشرع، والشرع لم يوجب صوم هذه الأيام فلا تكون (5) بالنذر ملتزما لصومها، والقضاء هناك وجب بأمر متجدّد (6)، وههنا لم يوجد منه في ذلك نذر مجدّد. وأما وجوب قضاء أيام الفطر في السفر، فالخلاف فيه مرتب على الخلاف في أيام الحيض والمرض، وهو في السفر أولى بأن لا يجب (7)؛ لأن الإيجاب الشرعي في رمضان يشمل السفر، ولكن على التخيير بينه وبين عدة (8) من (9) أيام أخر. ولهذا لو صام في السفر أجزأه بخلاف أيام الحيض فكذلك يشمله (10) الإيجاب بالنذر.   (1) انظر: الوسيط: 3/ ق 215/ أ. (2) نهاية 2/ ق 169/ أ. (3) انظر: المهذب: 1/ 326، التهذيب: 8/ 157، فتح العزيز: 12/ 369 - 370، المجموع: 8/ 479. (4) في (ب) زيادة (فقد). (5) في (أ) و (ب): (فلا يكون). (6) في (أ) و (ب): (مجدد). (7) قال الرافعي: والظاهر وجوب القضاء، وعبّر عنه في الروضة بالمذهب، وفي المجموع: "والأصح وجوب القضاء قطعا". انظر: الحاوي: 15/ 492، والمهذب: 1/ 462، وفتح العزيز: 12/ 370، والمجموع: 8/ 476 - 477، والروضة: 8/ 575. (8) في (أ): (عشرة) وهو تحريف. (9) ساقط من (أ). (10) هذه الكلمة في (د) و (أ) غير واضحة، والمثبت من (ب)، ورسم الأخريين يقتضيها. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 347 وأما زمان المرض فهو كزمان الحيض إن كان بحيث يخشى فيه من الصوم الهلاك أو الضرر العظيم، فإنه يعصي حينئذ بترك الأكل فلا يجوز له الصوم. وأما إذا لم يكن كذلك فيحتاج فيه إلى فرق غير ذلك، وهو أن المرض ينشأ بغير اختياره، والسفر ينشئه باختياره فلم يمنع شمول الإيجاب له، والله أعلم. ذكر أن الخلاف في أن النذر هل ينزل على واجب الشرع أو جائزه؟ مخصوص بالنذر المطلق دون النذر المقيد، فلو قال: لله عليّ أن أصلّي ركعة لزمه. قال: "والعجب أنهم قالوا: لو قال: لله عليّ أن أصلّي قاعدا، وهو قادر على القيام لزمه القيام على أحد القولين، وأخذوا يفرقون بين الركعة والقيام، والفرق غير ممكن" (1). قال المصنف (2) - رحمه الله -: بل بينهما فرق لا بأس به، وهو أن القعود صفة أفردها بالذكر، وقصدها بالنذر (3) (4)، ولا قربة فيها، فلَغَتْ الصفة، وبقي قوله "أصلّي" فالتحق بما لو قال: "أصلّي" مقتصرا عليه، فيلزمه القيام على أحد القولين (5)، وليس كذلك. قوله: "ركعة" فإنها نفس المنذور، وهي قربة وصفة إفرادها ليست مذكورة ولا منذورة، والله أعلم. قوله: "ولم يذهب أحد إلى أن (6) السجدة وحدها تلزم بالنذر، فإنها   (1) الوسيط: 3/ ق 215/ أ. (2) في (أ): (قال المصنف قلت:). (3) هذه الكلمة غير واضحة في (ب). (4) نهاية 2/ ق 169/ ب. (5) انظر: فتح العزيز: 12/ 373، الروضة: 2/ 578، المجموع: 8/ 488، مغني المحتاج: 4/ 361. (6) ساقط من (د). الجزء: 4 ¦ الصفحة: 348 ليست عبادة إلا مقرونة بسبب كالتلاوة" (1). فقوله: "لم يذهب أحد" غير مرضي، فإن ذلك وجه محكى (2)، وقد سبق منه في كتاب الصلاة (3) ذكر تردد في استحباب التقرب بسجدة من غير سبب، والقطع بالمنع منسوب هناك إلى الشيخ أبي محمد، وهكذا المنع ههنا منسوب في "النهاية" (4)، و"البسيط" (5) إلى الشيخ أبي محمد من غير تعرّض للنفي المطلق عن كل أحد، وذلك هو الصواب (6)، والله أعلم. ذكر فيما إذا نذر صوم اليوم الذي يقدم فيه فلان، فقدم نهارا أنه هل يلزمه صوم يوم آخر؟ فيه قولان (7). عبّر غيره (8) عنهما بأنه هل انعقد نذره ذلك أو لم ينعقد (9)؟ ثم ذكر (10) أنهم اختلفوا في أصلهما:   (1) الوسيط: 3/ ق 215/ أ. (2) انظر: فتح العزيز: 12/ 373، الروضة: 2/ 578، المجموع: 8/ 488، مغني المحتاج: 4/ 361. (3) 2/ 681 من الجزء المطبوع بتحقيق علي محيي الدين القره داغي. (4) 25/ ق 99/ ب. (5) 6/ ق 62/ ب. (6) انظر: فتح العزيز: 12/ 373، المجموع: 8/ 488، الروضة: 2/ 578. (7) انظر: الوسيط: 3/ ق 215/ أ. (8) كابن الصباغ والبغوي والرافعي. انظر: الشامل: 7/ ق 67/ ب، التهذيب: 8/ 161، فتح العزيز: 12/ 373، الروضة: 2/ 578. (9) فيه قولان: أصحهما عند أكثر الأصحاب أنه ينعقد: انظر: الحاوي: 15/ 497، 496, الشامل: 7/ ق 67/ ب، المجموع: 8/ 483، الروضة: 2/ 578، مغني المحتاج: 4/ 361. (10) انظر: الوسيط: 3/ ق 215/ أ. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 349 فمنهم من قال: أصلهما الخلاف فيما إذا نذر صوم بعض يوم (1). ومنهم من قال: إن أصله (2) ذلك يستند إلى أول النهار أو إلى آخره (3)، وهذا شرح (4) مما (5) وقع في نقله له (6) تغيير غير مرضى. أما أولاً فالخلاف في صحة نذر بعض اليوم، وهو وجهان عنده وعند غيره (7)، والقولان لا تستقيم (8) بناؤهما على الوجهين. وقد ذكر الفوراني (9) هذه الطريقة، وجعل الخلاف في نذر بعض اليوم قولين، وكأنهما قولان مستنبطان. وأما ثانيا فإنه في تقريره الطريقة (10) الثانية رجع بآخره (11) إلى الطريقة الأولى في استرواحه إلى (12) أن الصحيح أن نذر بعض اليوم لاغٍ، وهذه الطريقة متقررة   (1) انظر: السلسلة: ق 170/ ب، وفتح العزيز: 12/ 374. (2) هكذا في (د) وفي (أ): (أصله أن ... )، وفي (ب): (أن ذلك ... ) بإسقاط كلمة (أصله)، ولعل الصواب (أن أصل ذلك) بحذف الضمير من كلمة (أصله) لأن المقام لا يقتضيه، والله أعلم. (3) انظر: السلسلة: ق 171/ أ، وفتح العزيز: 12/ 374. (4) ساقط من (د) و (أ). (5) في (ب): (وقد). (6) في (أ) زيادة (فيه). (7) انظر: الوسيط: 3/ ق 215/ أ، الوجيز: 2/ 234، التهذيب: 8/ 161، فتح العزيز: 12/ 372، الروضة: 2/ 577، مغني المحتاج: 4/ 361. (8) في (أ) و (ب): (لا يستقيم). (9) لم أقف عليه. (10) نهاية 2/ ق170/ أ. (11) في (ب): (آخر). (12) ساقط من (ب). الجزء: 4 ¦ الصفحة: 350 بدون ذلك، وذلك أنا نقرر (1) القول بالوجوب بأن ذلك نذر منه للصوم من أول النهار، ووصف القدوم للتعريف لا للشرط، والوفاء بالصوم من أول النهار ممكن بأن يخبر (2) ليلا بقدومه نهارا، فينوي ليلا. ونقول في تقرير القول الآخر: القدوم شرط لنذره، فكأنه قال: إذا قدم فقد نذرت صوم يوم قدومه، فيكون فيه نذر منه لما مضى، وذلك محال فيفسد نذره من أصله، أو نقول (3) ما قاله الإمام أبو المعالي (4): إنه نذر لصوم يوم في بعض يوم، وذلك مستحيل. وليس هذا من قبيل ما إذا نذر (5) بعض اليوم مقتصرا عليه حيث (6) صححناه على وجه (7)، وجعلناه متضمنا صوم اليوم أجمع لإنتقاء ما قد بيناه من المحال فيه فبان بهذا إطراح ما استروح إليه آخرا، وضعف الطريقة المذكورة أولا، والله أعلم. ما ذكروه فيما إذا كان صائما ذلك اليوم عن نذر آخر من أن (8) الأولى أن يقضي ذلك النذر؛ لأنه تطرق إليه نوع من الاشتراك (9)، هذا قد نصّ عليه   (1) في (ب): (أني تقرير) كذا. (2) في (د): (بأن لا يخبر)، وهو خطأ بدليل السياق والسباق. (3) في (ب): (يقول). (4) 25/ ق 100/ أ. (5) تكرر (ب). (6) في (أ): (حنث) وهو تصحيف. (7) انظر: الوجيز: 2/ 234، وفتح العزيز: 12/ 372، والمجموع: 8/ 486. (8) ساقط من (د). (9) انظر: الوسيط: 3/ ق 215/ ب. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 351 الشافعي في المختصر (1)، والاشتراك الذي فيه هو أنه يوم استحق صومه عن نذرين، والله أعلم. ذكر أنه لو نذر صوم الأَثَانِيْنَ (2) وكان قد لزمته (3) كفارة بصوم شهرين متتابعين، فما فاته منها بصوم الكفارة لا يلزمه قضاؤه، قال: "وفيه وجه: أنه يقضي كما لو لزمه صوم شهرين بعد النذر، فإنه يقضي؛ لأنه أدخل سبب الكفارة على نفسه (4) " (5). هذا التعليل إنما هو للصورة (6) الثانية، وذلك مبين في "البسيط" (7)، وهو تعليل الشافعي - رحمه الله - في المختصر (8)، ولفظه "لأن هذا شيء أدخله على نفسه، بعد ما وجب عليه صوم الاثنين". وليس فيه اقتضاء للجمع القياسي بين الصورتين، بل فيه اقتضاء للفرق، ووجه الجمع هو أنه أمكنه في الصورتين صيام (9) أيام الاثنين عن نذره لها، فإنه لو صامها عن النذر أجزأت عنه، فلما فوت ذلك بصوم الكفارة لزمه القضاء،   (1) مختصر المزني: ص 314، وانظر: الحاوي: 15/ 496 - 497، والتهذيب: 8/ 161. (2) هكذا في النسخ وهو جمع الأثنين كما ذكره غير واحد من أهل اللغة، انظر: مختار الصحاح ص 78 (ثني) المصباح المنير ص 87 .. (3) في (أ) و (ب): (لزمه). (4) نهاية 2/ ق 170/ ب. (5) الوسيط: 3/ ق 215/ ب. (6) في (ب): (لصورة). (7) 6/ ق 63/ ب. (8) مختصر المزني: ص 314. (9) في (د) كتب بخط صغير فوق كلمة (صيام) (صو) بحذف الميم كأنه اكتفى بميم كلمة (صيام)، والله أعلم. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 352 وهذا قول نقله الربيع (1)، والله أعلم. قال: "وقوله - صلى الله عليه وسلم -: من صام الدهر فلا صام، أراد به أن لا يفطر أيام العيدين" (2). هذا الحديث رواه مسلم في صحيحه (3) من حديث أبي قتادة، وفيه (فلا صام ولا أفطر)، وفي الصحيحين (4) من حديث عبد الله بن عمرو بن العاص - رضي الله عنهم - (لا صام من صام الدهر)، والتأويل المذكور ذكره غيره (5)، و (6) يرد عليه أنه (7) يطلق عليه صوم الدهر مع الإفطار في أيام النهي (8)، ومما يدلّ عليه ما رويناه في السنن الكبير (9) عن عائشة - رضي الله عنها - أنها كانت تصوم الدهر في السفر والحضر، فالنهي إذاً مخصوص بمن كان يضعفه ذلك، والله أعلم. (قوله) (10): "المشي قبل الإحرام ليس بعبادة" (11).   (1) وهو الأصح عند الشيرازي والبغوي وغيرهما. انظر: الأم: 7/ 124، المهذب: 1/ 362، التهذيب: 8/ 159 - 160، فتح العزيز: 12/ 378، المجموع: 8/ 481، مغني المحتاج: 4/ 360. (2) الوسيط: 3/ ق 215/ ب. (3) 8/ 49 - 50 مع النووي في كتاب الصيام، باب استحباب صيام ثلاثة أيام من كل شهر في حديث طويل. (4) البخاري: 4/ 264 مع الفتح في كتاب الصوم، باب صوم داود عليه السلام، و6/ 23 في كتاب أحاديث الأنبياء، باب قوله تعالى: {وَآتَيْنَا دَاوُودَ زَبُورًا}، ومسلم: 8/ 39 - 48 مع النووي في كتاب الصيام، باب النهي عن صوم الدهر لمن تضرر به، أو فوت به حقا. (5) انظر: معالم السنن: 2/ 807، والمهذب: 1/ 253، وشرح السنة: 3/ 533. (6) ساقط من (ب). (7) في (د) (أن). (8) وهي العيدان وأيام التشريق، وقد سبقت الأدلة على ذلك في أواخر كتاب الحج. (9) 4/ 496. (10) بياض في (د). (11) الوسيط: 3/ ق 216/ أ، ولفظه قبله " ... فلو نذر المشي من دويرة أهله قبل الإحرام، ففي لزومه وجهان: أحدهما: لا, لأن المشي ... إلخ". الجزء: 4 ¦ الصفحة: 353 وجهه أن المشي في نفسه ليس بقربة، وإنما يصير قربة مع الإحرام، وهذا له التفات إلى أحد القولين في أن الأجير إذا مات قبل الإحرام لم يستحق شيئا من الأجرة (1)، والله أعلم. حديث (لا تشدّ الرحال إلا إلى ثلاثة مساجد، المسجد (2) الحرام، ومسجدي ومسجد الأقصى) (3) ثابت في الصحيحين (4) من حديث أبي هريرة، وأبي سعيد - رضي الله عنهما - وأكثر الروايات فيه "تُشَدّ" بضم التاء على ما لم يسمّ فاعله، وهذا أقبل لما ذكره من (5) أنه بيان (6) للقربة، لا تحريم فيه، ولا كراهة. وفي رواية لمسلم عن أبي سعيد (لا تشدّوا) مسمى الفاعل. "وإيْلِيَاء" (7) بهمزة مكسورة بعدها ياء مثناة من تحت ساكنة، ثم لام مكسورة، ثم ياء مثناة من تحت مفتوحة، ثم ألف ممدودة، وحكي فيها القصر أيضا، قيل معناه: بيت الله (8)، والله أعلم.   (1) انظر: الروضة: 2/ 306. (2) نهاية 2/ ق 171/ أ. (3) الوسيط: 3/ ق 216/ أ. (4) البخاري: 3/ 84، 76 مع الفتح في كتاب فضل الصلاة، باب فضل الصلاة في مسجد مكة والمدينة، وباب مسجد بيت المقدس، ومسلم: 9/ 103 - 106، 167 - 168 مع النووي في كتاب الحج، باب سفر المرأة مع محرم إلى حج وغيره، وباب فضل المساجد الثلاثة. (5) ساقط من (ب). (6) في (أ): (ثابت). (7) قال في الوسيط: 3/ ق 216/ ب " ... فقال: صلاة في مسجدي هذا تعدل ألف صلاة في غيره, وصلاة في مسجد إيلياء تعدل ألف صلاة في غيره، وصلاة في المسجد الحرام تعدل مائة ألف صلاة في غيره". (8) قال ابن الأثير: هي اسم مدينة بيت المقدس، معرّب. انظر: النهاية في غريب الحديث: 1/ 85، والمصباح المنير: ص 33. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 354 ما ذكره في فضيلة الصلاة في المساجد الثلاثة (1)، قد ساقه مساق حديث واحد، وهو هكذا بتمامه غير ثابت فيما نعلم، وصحّ في المسجد الحرام ومسجد المدينة أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: (صلاة في مسجدي هذا أفضل من ألف صلاة فيما سواه من المساجد إلا المسجد الحرام) أخرجه مسلم (2) في صحيحه بهذا اللفظ من حديث أبي هريرة، وصح مثله من وجوه. وأما المسجد الأقصى ففيه حديث ميمونة (3) مولاة رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: أنها قالت: قلت: يا رسول الله أفتنا في بيت المقدس، قال: (أرض المحشر والمنشر، ائتوه فصلّوا فيه، فإن صلاة فيه كألف صلاة في غيره) أخرجه ابن ماجه (4)، ولم   (1) انظر: الوسيط 3/ ق 216/ ب، وسبق لفظه آنفاً. (2) 9/ 163 - 165 مع النووي في كتاب الحج، باب فضل الصلاة بمسجد مكة والمدينة، وكما رواه البخاري: 3/ 76 في كتاب فضل المدينة، باب فضل الصلاة في مسجد مكة والمدينة بلفظ (صلاة في مسجدي هذا خير من ألف صلاة فيما سواه إلا المسجد الحرام). وفي الباب عن ابن عمر وميمونة زوج النبي - صلى الله عليه وسلم - وجبير بن مطعم وعائشة وغيرهم. انظر: تخريجها مفصلا في كتاب الأحاديث الواردة في فضائل المدينة: ص 374 - 434. (3) هي ميمونة بنت سعد أو سعيد، كانت تخدم النبي - صلى الله عليه وسلم -، وروت عنه، وروى عنها زياد وعثمان أبناء أبي سودة وغيرهما، وأخرج حديثها أصحاب السنن. انظر: الاستيعاب: 4/ 408 - 409، والإصابة: 4/ 413. (4) 1/ 451 في كتاب إقامة الصلاة والسنة فيها، باب ما جاء في الصلاة في مسجد بيت المقدس، وأحمد: 6/ 463، وأبو يعلى: 2/ 523 من طريق ثور بن يزيد عن زياد بن أبي سودة عن أخيه عثمان بن أبي سودة عن ميمونة به، ورواه أبو داود: 1/ 315 في كتاب الصلاة، باب السرّج في المساجد، والبيهقي في الكبرى: 2/ 619 من طريق سعيد بن عبد العزيز عن زياد، أبي سودة عن ميمونة مختصرا. قال البوصيري في زوائد ابن ماجة: ص 206 "وإسناد طريق ابن ماجه صحيح، رجاله ثقات، وهو أصح من طريق أبو داود ... "، وأورده الهيثمي في المجمع: 4/ 6 - 7، وقال: رجاله ثقات"، وضعفه الألباني بطريقيه في تحذير الساجد: ص 135، وضعيف سنن ابن ماجه: ص 105 رقم (298)، وضعيف سنن أبي داود: ص 43 رقم (85)، والله أعلم. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 355 يخرج في الأصول الخمسة، والحديث الصحيح الذي ذكرناه في مسجد المدينة يأباه، وما فيه من الحصر لا يكاد مثله يقبل التخصيص، وهو يبطل ما ذكره من بعد في نذر الصلاة في المساجد من التعديل بين مسجد المدينة، والمسجد الأقصى (1) (2)، والله أعلم. قوله "أرجاء المسجد" (3) أي أطرافه، ونواحيه، واحدها رجاً: مقصور (4)، والله أعلم. وقوله: "فيما إذا قال: لله عليّ أن أهدي؛ لأن دم الإحصار ودماء (5) الجبرانات يجزئ في غير الحرم" (6). هذا غير مرضي، فإن دماء (7) الجبرانات لا تجوز إلا في الحرم على ما سبق بيانه في كتاب الحج، قطعوا بذلك (8)، وكان يمكن على بعد أن يتأوله (9) على دماء الجبرانات في حق المحصر (10)، أو (11) على وجه بعيد في بعض دماء   (1) انظر: الوسيط: 3/ 216/ ب. (2) نهاية 2/ ق 171/ ب. (3) قال في الوسيط: 3/ ق 217/ أ "ولو نذر صلاة في الكعبة جاز الصلاة في أرجاء المسجد". (4) في (ب): (مقصورة). وانظر: الصحاح: 6/ 2353، المصباح المنير: ص 221. (5) في (ب): (دم). (6) الوسيط: 3/ ق 217/ ب. (7) في (ب): (دم). (8) انظر: الإيضاح: ص 171، الروضة: 2/ 457، كفاية المحتاج: ص 467، مغني المحتاج: 1/ 530. (9) في (أ): (يتناوله). (10) لأن دم الإحصار يجب ذبحه حيث أحصر سواء كان الحصر في الحرم أو غيره. انظر: الحاوي: 4/ 350، فتح العزيز: 8/ 17، المجموع: 7/ 482، 8/ 293 - 294، كفاية المحتاج: ص468. (11) في (ب): (و). الجزء: 4 ¦ الصفحة: 356 الجبرانات سبق منه ذكره (1)، واستبعاده، ولكن ظهر من كلامه وكلام شيخه (2) إرادة ذلك بإطلاقه، فكأنه من السهو الذي لا يسلم منه إنسان، والله أعلم. قوله في ستر الكعبة بالحرير (3) "لأن ذلك محرم على الرجال أن يلبسوه بأنفسهم لا في التزيين (4) " (5). معناه: أنه لم يحرم على الرجل أن يزين بالحرير غيره، مثل الكعبة ونحوها، وإنما حرم عليه أن يلبسه بنفسه، والله أعلم.   (1) الوسيط: 2/ 712، من الطبعة الجديدة، وانظر: الإيضاح: ص 171، والروضة: 2/ 457. (2) انظر: نهاية المطلب 25/ ق 97/ أ. (3) في (ب): (في الجرير) أو نحو ذلك. (4) في (أ): (التتزيين) كذا، وفي (ب): (التزين). (5) الوسيط: 3/ ق 217/ ب. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 357 ومن كتاب أدب القضاء حديث (ليوم واحد من إمام عادل) (1) قد روى من حديث أبي سعيد الخدري - رضي الله عنه - ولم أجد له إسنادا ثابتا (2)، ولكن أحاديث الفضائل (3) يتساهل في أمرها. وقوله: "أربعين خريفا" قد روى بدله "أربعين يوما"، والله أعلم. قوله: "تجب الإجابة على من دعي إلى الحكم" (4) يعني (من دعي إلى مجلس الحكم) (5) لمحاكمة خصمه، والله أعلم.   (1) الوسيط: 3/ ق 217/ ب، وتمامه " ... أفضل من عبادة ستين سنة، وحدّ يقام في أرض بحقه أزكى من مطر أربعين خريفا". (2) لم أجده من حديث أبي سعيد الخدري بهذا اللفظ ولا بمعناه، وإنما وجدته من حديث ابن عباس، أخرجه الطبراني في الكبير: 11/ 337، والأوسط: 5/ 384، والبيهقي في الكبرى: 8/ 281 من طريق سعد أبو غيلان الشيباني قال: سمعت عفان بن جبير الطائي عن أبي حُرَيز الأزدي عن عكرمة عنه مرفوعا به إلا أن لفظ الطبراني في الكبير في آخره (عاما) وفي الأوسط (صباحا)، والبيهقي (يوما) بدل (خريفا). وأورده المنذري في الترغيب: 3/ 102، وقال: إسناده حسن، والهيثمي في المجمع: 5/ 197، وقال: في إسناده أبو غيلان الشيباني لم أعرفه، وبقية رجاله ثقات، وقال العراقي في تخريج أحاديث "الإحياء": رواه الطبراني من حديث ابن عباس بسند حسن. وانظر: الصحيحة: 1/ 461 - 463. (3) في (د): (القضا) كذا بإسقاط الهمزة واللام. (4) الوسيط: 3/ ق 217/ أ. ولفظه قبله: "ولأجل فضيلة الولاية وكونها مهما لنظام الدين والدنيا تجب الإجابة ... إلخ". (5) ما بين القوسين ساقط من (د). الجزء: 4 ¦ الصفحة: 359 حديث (من ولي القضاء فقد ذبح بغير سكين) (1)، رواه أبو هريرة، وأخرجه أبو داود والنسائي (وابن ماجه) (2)، (والترمذي) (3)، وقال فيه الترمذي: حديث حسن. ومعناه: - والله أعلم - (4) "فقد ذبح" ولكن من حيث المعنى، لا من حيث الصورة، وذلك؛ لأنه بين عذاب الدنيا إن رشد، وعذاب الآخرة إن   (1) الوسيط: 3/ ق 217/ ب. (2) ما بين القوسين ساقط من (ب). (3) ما بين القوسين ساقط من (د)، والحديث أخرجه أبو داود: 4/ 4 - 5 في كتاب الأقضية، باب في طلب القضاء، والنسائي في الكبرى: 3/ 462 في كتاب القضاء، باب التغليظ في الحكم، وابن ماجه: 2/ 774 في كتاب الأحكام، باب ذكر القضاة، والترمذي: 3/ 614 في كتاب الأحكام، باب ما جاء عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في القاضي، وكما رواه أحمد: 2/ 230365، والدارقطني: ص 204، والحاكم: 4/ 103، والبيهقي: 10/ 165، والبغوي في شرح السنة: 5/ 333 من طرق عن سعيد المقبري عن أبي هريرة به، وفي بعضها بلفظ (من جُعِل قاضيا بين الناس فقد ... الحديث)، وقال الترمذي: هذا حديث حسن غريب من هذا الوجه، وقال الحاكم: هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يخرجاه، وحسّنه أيضاً البغوي، وأعلّه ابن الجوزي في العلل المتناهية: 2/ 271، فقال: هذا حديث لا يصح، وتعقبه الحافظ اين حجر في التلخيص: 4/ 184 بقوله: "وليس كما قال، وكفاه قوة تخريج النسائي له، وذكر الدارقطني الخلاف فيه على سعيد المقبري، قال: والمحفوظ عن سعيد المقبري عن أبي هريرة"، وصححه أيضاً الشيخ الألباني. انظر: صحيح سنن ابن ماجه: 33، 2 رقم (1868)، وصحيح سنن أبي داود: 2/ 682 رقم (3049 - 3050)، والله أعلم. (4) نهاية 2/ ق 172/ أ. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 360 فسد (1)، والله أعلم. حديث (لا تسأل الإمارة) (2) حديث متفق على صحته (3)، والله أعلم. ما ذكره من قول عمر - رضي الله عنه - موقوفاً (4)، قد جاء نحوه مرفوعا، فقد   (1) وقال الخطابي: قوله (بغير سكين) يحتمل وجهين، أحدهما: أن الذبح إنما يكون في ظاهر العرف بالسكين، فعدل به عليه الصلاة والسلام عن غير ظاهر العرف، وصرفه عن سنن العادة إلى غيرها ليعلم أن الذي أراده بهذا القول إنما هو ما يخاف عليه من هلاك دينه دون هلاك بدنه. والوجه الآخر: أن الذبح هو الوجء الذي يقع به إزهاق الروح، وإراحة الذبيحة، وخلاصها من طول الألم وشدته، إنما يكون بالسكين؛ لأنه يجهز عليه، وإذا ذبح بغير السكين كان ذبحه خنقا وتعذيبا، فضرب المثل في ذلك ليكون أبلغ في الحذر والوقوع فيه". انظر: معالم السنن: 4/ 4، وشرح السنة: 5/ 333 - 334، والتلخيص: 4/ 184. (2) الوسيط: 3/ ق 218/ أ، وتمامه ( ... فإنك إن أعطيتها عن مسألة وكلْت إليها، وإن أعطيتها من غير مسالة أعنت عليها). (3) رواه البخاري: 11/ 525 مع الفتح في كتاب الأيمان والنذور، باب قول الله تعالى: {لَا يُؤَاخِذُكُمُ اللَّهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانِكُمْ .... الآية} , و11/ 616 في كتاب كفارات الأيمان، باب الكفارة قبل الحنث وبعده، و13/ 132 في كتاب الأحكام، باب من لم يسأل الإمارة أعانه الله عليها، وباب من سأل الإمارة وكل إليها، ومسلم: 12/ 206 - 207 مع النووي. (4) قال في الوسيط: 3/ ق 218/ أ "وقال عمر - رضي الله عنه -: ما من أمير، ولا والٍ إلا ويؤتى به يوم القيامة مغلولة يداه إلى عنقه أطلقه عدله أو أوبقه جوره". الجزء: 4 ¦ الصفحة: 361 رويناه في السنن الكبير (1) عن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: (ما من أمير عشيرة (2) إلا وهو يؤتى به يوم القيامة مغلولا حتى يفكّه (3) العدل أو يوبقه الجور). "يوبقه" بالباء الموحدة، والقاف أي يهلكه (4)، والله أعلم. قوله: "أما من بلغ (5) مبلغ الاجتهاد في مذهب إمام، لا في أصل الشرع، ففي جواز الفتوى له فيه (6) خلاف مبني على أن من قلّده كأنه قلد إمامه الميت أو قلده في نفسه، فمن جوز تقليد الميت جوّز له الفتوى" (7).   (1) 3/ 184، 164، وكما رواه أحمد: 2/ 431، وابن أبي شيبة: 12/ 289، وأبو يعلى: 11/ 443، 506، والطبراني في الأوسط: (6221)، والبغوي في شرح السنة: 5/ 309 من طرق عن محمد بن عجلان عن أبيه عن أبي هريرة مرفوعا به إلا أن لفظ ابن أبي شيبة (ما من أمير ثلاثة ..). وأخرجه الدارمي: 2/ 313، والبزار (كشف الأستار: 2/ 253 - 254) من طريق مسلمة بن سلمة عن يحيى بن سعيد الأنصاري عن سعيد بن يسار عنه مرفوعا به. وأورده الهيثمي في المجمع: 5/ 205، وقال: رجاله في البزار رجال الصحيح، والسيوطي في الجامع الصغير: 1/ 489، ورمز له بالحسن، وصححه الألباني في صحيح الجامع الصغير وزيادته: 2/ 993 رقم (5695). (2) وكذا رواية البيهقي في الموضع الأول، وفي (أ)، والموضع الثاني في البيهقي (عشرة)، وهو الموافق لرواية الجمهور. (3) في (د) و (أ): (يكفه)، والمثبت من (ب)، وكذا في مصادر الحديث المذكورة. (4) انظر: النهاية في غريب الحديث: 5/ 146، المصباح المنير: ص 646. (5) ساقط من (ب). (6) ساقط من (أ)، وكذا ليس في الوسيط. (7) الوسيط: 3/ 218/ ب، وفي (ب) بعده زيادة (أراد فمن حمله تقليدا لإمامه الميت، وجوّز تقليد الميت جوز له الفتوى). الجزء: 4 ¦ الصفحة: 362 وهذا كلام مشكل، وهو مبني على ما ذكرته في كتاب الفتوى (1) من تأليفي من أن المقلّد لا يفي، وأنه لا يكون مفتيا بما يذكره من مذهب إمامه؛ لأن فتوى المفتي قوله، وهذا قول إمامه لا قوله، ومن يعدّ من المفتين من الفقهاء المقلّدين فليسوا في الحقيقة من المفتين، ولكن لما قاموا عند الضرورة مقام المجتهدين من المفتين، وأدّوا (2) عنهم عدّوا من المفتين (3). وأما المجتهد في مذهب إمام فقد ألحقه اجتهاده ذلك بإمامه في جواز الفتوى، ومقلّده مقلّد لإمامه، فإن جوزنا تقليد الميت، وهو الصحيح الذي عليه العمل جازت فتياه (4)، ومن لا يجوّز (5) تقليد الميت لم يجوّز فتياه (6)؛ لأنها قول إمامه الميت الذي بطل بموته تقليده (7)، وهكذا من جعل ذلك تقليدا لهذا الحيّ   (1) وهو المسمى بـ (آداب المفتي والمستفتي) انظر: ص 38 - 39 منه. (2) في (د): (وأدّو) بإسقاط الألف. (3) وتمام كلامه هناك "وسبيلهم في ذلك: أن يقول: مثلا: مذهب الشافعي كذا وكذا، أو مقتضى مذهبه كذا وكذا وما أشبه ذلك، ومن ترك إضافة ذلك إلى إمامه، إن كان ذلك منه اكتفاءً بالمعلوم عن الحال عن التصريح بالمقال، فلا بأس"، وقد نقل هذا المبحث عن المؤلف العلامة ابن القيم في كتابه القيم "إعلام الموقعين: 4/ 195" فراجعه، فإنه مهم في هذا الباب. (4) في (ب): (فتياهم)، وانظر: آداب المفتي والمستفتي: ص 87، فتح العزيز: 12/ 430 - 431، الروضة: 8/ 87. (5) نهاية 2/ ق 172/ ب. (6) انظر: المصادر السابقة قبل هامش. (7) قال العلامة ابن القيم في كتابه "إعلام الموقعين: 4/ 215" بعد نقله هذين الوجهين: "والتحقيق أن هذا فيه تفصيل؛ فإن قال له السائل: أريد حكم الله تعالى في هذه المسألة، وأريد الحق فيما يخلصني ونحو ذلك لم يتّسعه إلا أن يجتهد له في الحق، ولا يسعه أن يفتيه بمجرد تقليد غيره من غير معرفة بأنه حق أو باطل، وإن قال له: أريد أن أعرف في هذه النازلة قول الإمام ومذهبه، ساغ له الإخبار به، ويكون ناقلا له، ويبقى الدرك على السائل، فالدرك في الوجه الأول على المفتي، وفي الثاني: على المستفتي" أهـ. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 363 لصدور (1) صورة الفتيا منه دون الميت لم يجوّزه؛ لأن ذلك قول إمامه لا قوله، فهو كالمقلّد المحض كما سبق، والله أعلم. قوله (2): "تعتبر الكفاية اللايقة بالقضاء" (3)، هذه الكفاية هي النهضة والقيام بعمل القضاء، والله أعلم. ما ذكره من تنفيذ (4) أحكام الفاسق أو الجاهل إذا ولاه السلطان للضرورة كما ينفذ قضاء أهل البغي للحاجة (5)، فهو (6) خلاف ما قاله غيره، فإن المنقول في "تعليق" القاضي حسين (7) وغيره (8) أنه لا تنفذ أحكامه، وإن ولاه الإمام (9)، وما احتجّ به من قضاء أهل البغي ففي "التهذيب" (10) وغيره (11) أنهم إذا ولوا   (1) في (ب): (لصدوره). (2) في (ب) وقع هنا زيادة (لا يخرج حتى يجتمع علماء الفريقين)، هذه عبارة مقحمة هنا، وموضعها بعد قليل. (3) الوسيط: 3/ ق 218/ ب. (4) في (د): (تقييد)، وهو تصحيف. (5) انظر: الوسيط: 3/ ق 218/ ب. (6) في (أ): (ليس). (7) لم أقف عليه. (8) كالمهذب: 2/ 283. (9) قال ابن أبي الدم: "وبه قطع العراقيون والمراوزة، لا نعرف فيه خلافا إلا ما حكاه الشيخ أبو حامد الغزالي، ولا أعلم أحدا نقله غيره مع تصفح شروح المهذب والمصنفات فيه". انظر: أدب القضاء: ص 33 - 34، والروضة: 8/ 85 - 86، وكفاية الأخيار: ص 728 - 729. (10) 7/ 165. (11) كالمهذب: 2/ 283، والشامل: 6/ ق 98/ ب. انظر: الروضة: 7/ 273، مغني المحتاج: 124 - 125. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 364 قاضياً غير عدل لم تنفذ أحكامه، نعم ما ذكره يوجّه بإجماع الأمة على تنفيذ أحكام الخلفاء الظلمة، وأحكام من ولّوا (1)، غير أنه يورد عليه ما إذا ولى السلطان قاضيا كافرا، فإنه لا تنفذ أحكامه مع وجود الضرورة، وإن ارتكب وطرد (2) فقد أبعد، والله أعلم. ما ذكره فيما إذا ولى حنفيّ شافعيا بشرط أن يكون حكمه بمذهب أبي حنيفة من أنه إنما يجوز له الحكم بما يتوافق فيه المذهبان (3)، يشعر بصحة هذه التولية، والمقطوع به في "المهذب" (4)، و"التهذيب" (5) (وغيرهما) (6) أن التولية باطلة، والخلاف في ذلك متّجه من حيث إنه من قبيل العقد الذي لا عوض فيه، المقترن بالشرط الفاسد، وعن (7) القاضي حسين أنه أفتى بصحة التولية مع إفساد الشرط فيقضي بجميع مذهبه (8). قوله في تولية قاضيين مستقلّين "في جميع البلد وجهان: أحدهما: لا؛ إذ يتنازع الخصمان في اختيار أحدهما، وكذلك في إجابة داعيهما بخلاف الإمام   (1) انظر: حاشية الشرواني: 13/ 25. (2) في (ب): (فطرد). (3) انظر: الوسيط: 3/ ق 219/ أ. (4) 2/ 373. (5) 8/ 181. (6) ما بين القوسين ساقط من (د). انظر: الحاوي: 16/ 135، فتح العزيز: 12/ 434، أدب القضاء: ص 54. (7) نهاية 2/ ق 173/ أ. (8) انظر فتوى القاضي في فتح العزيز: 12/ 434، والروضة: 18/ 103. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 365 والقاضي أو خليفته، فإن داعي الأصل يقدم، وكذلك من اختاره. والثاني: أنه يجوز، ويحكم عند النزاع (1) بالقرعة في التقديم" (2). فقوله: "داعي الإمام والقاضي أو خليفته"، معناه: الإمام والقاضي، أو القاضي وخليفته. وقوله: "داعي الأصل يقدم"، رأي رآه شيخه (3)، وكلام غيره مطلق، والظاهر أن الأصل وفرعه في ذلك كالقاضيين؛ لأن الفرع كالأصل في وجوب إجابته ونفاذ حكمه، ولا تأثير لكونه أصلاً فيما نحن فيه (4). وقوله: "ويحكم عند النزاع بالقرعة"، هذا كلام يوقع في الغلط؛ إذ يفهم منه الإقراع عند تنازع الخصمين في اختيار أحد القاضيين، وليس كذلك، وإنما هذا في "البسيط" (5) و"النهاية" (6) في إجابة داعيهما (7) إذا تساويا، وإذا سبق داعي أحدهما، فهو كالمجاب (8). وأما إذا تنازع الخصمان في ذلك (9) فالحكم فيه ما ذكره صاحب "الحاوي" (10)،   (1) في (ب): (التنازع). (2) الوسيط: 3/ ق 219/ أ. (3) 25/ ق 123/ أ. (4) انظر: التهذيب: 8/ 196، وفتح العزيز: 12/ 435، والروضة: 8/ 104. (5) 6/ ق 80/ ب. (6) في (ب): (ونهايته) وانظر: 25/ ق 123/ ب. (7) في (د) (داعيتهما). (8) انظر: التهذيب: 8/ 196، والروضة: 8/ 104. (9) أي في اختيار القاضيين. (10) 16/ 140. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 366 ثم صاحب "البحر" (1) من أنه يقدم من دعا إليه المدعي الطالب، فإن كان كل واحد منهما طالبا ومطلوبا، كما إذا تنازعا في قسمة ملك أو في ثمن مبيع، أو في صداق حيث يشرع تحالفهما قدم من دعا إلى أقرب القاضيين إليهما (2)، فإن استويا في (3) القرب ففيه وجهان: أحدهما: أنه يقرع بينهما (4). والثاني: يتركان حتى يتفقا على أحد القاضيين (5)، والله أعلم. قوله: "ثم للمحكّم أن يرجع عن التحكيم (6) قبل تمام الحكم، وبعده لا ينفع، وإن لم يجدّد رضا بعد الحكم" (7). ذكر فيه وجهين مع قطعه بأن رجوعه بعد تمام الحكم لا ينفع، وذاك أنه أراد بتمام الحكم الفراغ منه مع تجديد الرضا به فاعلم ذلك! والله أعلم. ما ذكره من جواز عزل القاضي بمن هو دونه لكون ذلك أصلح لمهمّ (8) معين (9) محمول على ما ليس بمخالف لما سبق من المنع من تولية المفضول (10) مع   (1) انظر: النقل عنه في مغني المحتاج: 4/ 380. (2) انظر: فتح العزيز: 12/ 435، والروضة: 8/ 104، ومغني المحتاج: 4/ 380، وحاشية الشرواني: 13/ 36. (3) نهاية 2/ ق 173/ ب. (4) وصححه الرافعي والنووي. انظر: فتح العزيز: 12/ 435، والروضة: 8/ 104، ومغني المحتاج: 4/ 380، وحاشية ابن القاسم: 13/ 35. (5) انظر: المصادر السابقة. (6) في (ب): (التحكم). (7) الوسيط: 3/ ق 219/ أ. (8) في (د) و (أ): (لهم) تصحيف، والمثبت من (ب). (9) انظر: الوسيط: 3/ ق 219/ ب. (10) في (د): (المقصود)، وهو تحريف. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 367 وجود الفاضل (1)، مثل أن يقع بمهم (2) غير القضاء يستنهض الفاضل فيه كالسفارة إلى بعض الأطراف، أو نحو ذلك، والله أعلم. [قوله] (3): "إذا انعزل القاضي انعزل من ولاه أمرا مخصوصا" (4). ليس فيه عموم يستقلّ فيه بالاختيار والتعيين كالنظر في شهادة معينة (5)، ومحل الخلاف إنما هو ما إذا ولاه أمرا فيه عموم يشتمل على أفراد يستقلّ بتعيين ما يختاره لتصرفه كقوام الأطفال، وقضاة القرى ونحوهم (6)، والله أعلم. قوله: "فمن كان محبوسا بظلم، أو في تعزير أطلقه" (7). هو محمول على ما إذا كان فيما مضى من (8) حبسه كفاية في تعزيره، والله تعالى أعلم. قال: "فمن لم يعترف سأله عن خصمه، فإن ذكر خصما حاضرا أحضره"، ثم قال: "فإن قال: حُبِسْتُ ظلما، قال بعضهم: يخلّى، وقال (9) الأكثرون: لا بدّ من أن يحضر خصمه" (10).   (1) الوسيط: 3/ ق 218/ أ، وهذا قول مرجوح في المذهب، والأصح الجواز. انظر: فتح العزيز: 12/ 412، وآداب القاضي لابن أبي الدم: ص 45، والروضة: 8/ 80. (2) في (أ): (مهم). (3) ما بين المعقوفتين إضافة يقتضيها السياق. (4) الوسيط: 3/ ق 219/ ب. (5) انظر: الروضة 8/ 110، مغني المحتاج 4/ 382، نهاية المحتاج 8/ 246. (6) انظر: المصادر السابقة. (7) الوسيط: 3/ ق 220/ أ. (8) ساقط من (أ). (9) نهاية 2/ ق 174/ أ. (10) الوسيط: 3/ ق 220/ أ. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 368 فأوهم بهذا أنهما مسألتان، والخلاف في (1) الثانية دون الأولى، وليس كذلك قطعا، وكان ينبغي أن يقدم ذكر الخلاف من الأول (2)، ولا يكرّر صورة واحدة بعبارتين، وعبارة "النهاية" (3)، و"البسيط" (4) سالمة عن هذا الإيهام، والله أعلم. قوله في القضاء في المسجد: "قال الشافعي - رحمه الله -: إذا كنت أكره ذلك فإقامة الحدود أكره" (5)، إنما قال الشافعي "وأنا لإقامة الحد في المسجد أكره" (6) وهذا هو الصواب، والله أعلم. قوله في أنه لا يقضي مع الحزن والألم والجوع: "إذ يسوء خلقه فيحتدّ غضبه قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: لا يقضي القاضي، وهو غضبان" (7). تمامه أن يقول: وإن لم يحتدّ غضبه فيشتغل قلبه، فهو في معنى المنصوص، وهذا الحديث في الصحيحين (8) من رواية أبي بكرة (9) بتاء التأنيث، والله أعلم.   (1) في (ب): (من). (2) في (ب): (الأولى). (3) 25/ ق 124/ أ. (4) 6/ ق 81/ أ. (5) الوسيط: 3/ ق 220/ ب، ولفظه في النسخة التي بين يدي " ... فإقامة الحدود أولى بأن أكره". (6) هذا لفظه في مختصر المزني: ص 315، ولفظه في الأم: 6/ 278 "وإذا كرهت له أن يقضى في المسجد فلأن يقيم الحد في المسجد، أو يعزر أكره". (7) الوسيط: 3/ ق 221/ أ. (8) البخاري: 13/ 146 مع الفتح في كتاب الأحكام، باب هل يقضي القاضي، أو يفتي وهو غضبان؟، ومسلم: 12/ 15 مع النووي في كتاب الأقضية، باب كراهة قضاء القاضي وهو غضبان. (9) هو نفيع بن الحارث بن كَلَدَة بن عمرو، أبو بكرة الثقفي، وقيل: اسمه مسروح - بمهملات - أسلم بالطائف، وكان من فضلاء الصحابة، وإنما كني أبا بكرة؛ لأنه كان يدلي إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - من حصن الطائف ببكرة فاشتهر بأبي بكرة ثم نزل البصرة، ومات بها سنة 51 أو 52 هـ. انظر: الاستيعاب: 3/ 567، وتهذيب الأسماء واللغات: 2/ 198، الإصابة: 3/ 571 - 572، التقريب: ص 565. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 369 قوله: "لا يخرج حتى يجتمع علماء الفريقين" (1). لا اختصاص في ذلك بالفريقين، وكأنه قال ذلك نظراً منه إلى الواقع في تلك البلاد التي ليس فيها غير الفريقين الشافعية والحنفية، والله أعلم. قوله في وصي اليتيم: "إذا ولي القضاء، قال القفال: يقضي له؛ لأن كل قاضٍ فهو ولي الأيتام، وهو الصحيح" (2)، يعني به فهو ولي الأيتام الذين لا أجداد لهم، ولا أوصياء، وقول القفال (3)، فالصحيح (4) كما قال (5)، والله أعلم. قوله: "قضى عمر - رضي الله عنه - بإسقاط الأخ من الأب (6) والأم في مسألة (7) المشركة بعد أن كان شرك في العام الأول" (8).   (1) الوسيط: 1/ ق 221/ أ، وتمامه "ليشاورهم فيكون أبعد من التهمة". (2) الوسيط: 1/ ق 221/ أ. (3) انظر قول القفال في: فتح العزيز: 12/ 473، وأدب القضاء: ص 108. (4) في (ب): (بالصحيح). (5) كذا في (د) و (ب) وفي (أ) (وليس قول القفال بالصحيح كما قال)، وما في (د) مع ركاكتها هو الموافق لما في الروضة وأصلها، وقال ابن أبي الدم: "المشهور في المذهب أنه لا يقضي له كولده، وقال الشيخ القفال: يقضي له؛ لأن كل قاض فهو ولي الأيتام، وهذا هو الصحيح عند متأخري الأصحاب، وعليه العمل في الأمصار". انظر: المصادر السابقة قبل هامش, والروضة: 8/ 132. (6) نهاية 2/ ق 175/ أ. (7) في (ب): (المسألة). (8) الوسيط: 1/ ق 221/ أ. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 370 هكذا وقع في "النهاية" (1) و"البسيط" (2)، وهو سهو قطعا، وإنما هو على العكس شرّك بعد أن لم يشرك، كذلك رواه الحافظ البيهقي في كتاب السنن الكبير والناس (3)، والله أعلم. قوله فيما ينقض فيه الحكم: "وألحق الأصحاب، النكاح بلا ولي" (4). هذا مما لا ينبغي أن ينسب إلى الأصحاب مطلقا، فإنه خلاف ظاهر المذهب (5) , وقد ذكره في كتاب النكاح (6) منسوبا إلى بعض الأصحاب وذلك هو الصواب (7).   (1) 25/ ق 106/ ب. (2) 6/ ق 76/ أ. (3) السنن الكبرى: 6/ 417 - 418، وعبد الرزاق: 9/ 249، والدارقطني: 4/ 88 من طريق معمر عن سماك بن الفضل عن وهب بن منبه عن مسعود بن الحكم الثقفي قال: قضى عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - في امرأة تركت زوجها وابنتها وإخوتها لأمها، وإخوتها لأبيها وأمها فشرّك بين الإخوة للأم وبين الإخوة للأم والأب، جعل الثلث بينهم سواء، فقال رجل: يا أمير المؤمنين إنك لم تشرك بينهم عام كذا وكذا، فقال عمر: تلك على ما قضينا يومئذ، وهذه على ما قضينا اليوم". وفي رواية أخرى للبيهقي: من طريق عبد الله بن المبارك عن معمر به عن الحكم بن مسعود الثقفي، وصوبه النسائي ويعقوب بن سفيان وغيرهما. انظر: السنن الكبرى: 6/ 418، والتعليق المغني: 4/ 88. (4) الوسيط: 3/ ق 222/ أ. (5) وظاهر المذهب أنه لا ينقض قضاؤه فيها: انظر: فتح العزيز: 7/ 533، 12/ 481، وأدب القضاء: ص 112، والروضة: 5/ 399، ومغني المحتاج: 3/ 148. (6) انظر: 3/ ق 6/ ب. (7) انظر: فتح العزيز: 7/ 533، وأدب القضاء: ص 112، والروضة: 8/ 138. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 371 القياس الجلي (1) منه القياس في معنى الأصل، وهو قياس لا فارق الذي يصح من غير ذكر علة جامعة كقياس الأمة (2) (على العبد في إعتاق الشريك (3)، ومنه ما يذكر فيه علة جامعة) (4) لكنها جلية واضحة، وفيما ذكره في (5) الكتاب أمثلة له. وما ذكره في قول أبي حنيفة أن العبد المأذون له في التجارة لا يقتصر على ما أذن له فيه السيد، من أنه قال ذلك لقياس تكلف بالحيلة استنباطه من مسألة العهدة (6). يعني به ما ذكروه (7) من أن العبد يتصرف لنفسه بدلالة تعلق العهدة به، والمتصرف لنفسه لا يقتصر، بل يسترسل (8)، والله أعلم. المعروف (9) القطع بأنه يقضي في عدالة الشهود بعلمه (10)؛ إذ لولا ذلك لأفضى إلى التسلسل، وقد وجهت الوجه الغريب بأنه ينقطع التسلسل بالانتهاء   (1) قال في الوسيط: 3/ ق 221/ ب "الثالث: أن يخالف القياس الجلي، فينقض قضاء أصحاب الظاهر المعتقدين بطلان القياس ... إلخ". (2) قوله (كقياس الأمة) في (د) عليها علامة الشطب، والصواب إثباتها كما في (أ) و (ب). (3) انظر: نهاية السول: 4/ 27، وإرشاد الفحول: 2/ 202، 204. (4) ما بين القوسين ساقط من (د). (5) في (أ): (من). (6) انظر: الوسيط: 3/ ق 221/ ب. (7) في (ب): (ذكره). (8) انظر: المبسوط: 25/ 5 - 6. (9) قال في الوسيط: 3/ ق 222/ ب " ... وإن قلنا: لا يقضي (بعلمه) فيستثني عنه أربعة أمور: ... الثاني: أنه يقضي في عدالة الشهود بعلمه، ومنهم من قال: يحتاج إلى مزكيين على هذا القول؛ لأنه متهم". (10) انظر: التهذيب: 8/ 186، وأداب القضاء: ص 105، مغني المحتاج: 4/ 403. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 372 إلى شاهدين عرفت (1) عدالتهما بالاستفاضة، فإن الصحيح أن العدالة تثبت بالاستفاضة (2)، والله أعلم. "الإضبارة" (3) هي بهمزة مكسورة يقال: إضبارة من صحف (4)، أو سهام أي حزمة (5). والقِمَطْر: بقاف مكسورة بعدها ميم مفتوحة مخففة ثم طاء ساكنة، والقِمَطْرة: بهاء التأنيث أيضا ذكرها صاحب "تهذيب (6) اللغة" (7) وغيره (8)، وهو وعاء يتخذ للكتب يعمل من يابس النبات، وفي "التهذيب" أنه شبه سَفَط (9) يُسَفّ من قصب، والله أعلم. ما ذكره من حديث علي - رضي الله عنه - في التسوية بين الخصمين، وقوله: في محاكمة (10)   (1) نهاية 2/ ق 175/ أ. (2) انظر: علوم الحديث للمؤلف: ص 95، وجواهر الأصول: ص 55 - 56، وإرشاد الفحول: 1/ 266. (3) قال في الوسيط: 3/ 22/ ب " ... فيستحب للقاضي استحبابا مؤكدا مهما جرت قضية أن يكتب محضرا يذكر فيه الواقعة، وأسماء الخصمين، فإن كان غريبين كتب الحلية, ثم يجمع محاضر كل أسبوع في إضبارة، ومحاضر الشهر في قمطر ... إلخ". (4) في (ب): (صحيف). (5) انظر: تهذيب اللغة: 12/ 29 - 30. (6) في (ب): (التهذيب). (7) 9/ 407. (8) انظر: كتاب العين: 5/ 258، الصحاح: 2/ 797. (9) في (أ): (سقط) بالقاف، وهو تصحيف، والسفط: كالجوالق أو كالقفة جمع أسفاط. انظر: القاموس: ص 865. (10) في (ب): (محاكمته). الجزء: 4 ¦ الصفحة: 373 الذمي به (1) إلى شريح (2)، لم نجد لهما (3) إسنادا يثبتهما (4). وقوله: "أما التخصيص بالقيام فقد نهى عنه" (5)، هو بفتح النون أي نهى عنه علي (6) - رضي الله عنه - والله أعلم. قوله: "إذا تساوق المدعون إلى مجلسه فالسبق لمن سبق" (7)، فاستعماله التساوق   (1) ساقط من (أ) و (ب). (2) انظر: الوسيط: 3/ ق 223/ أ. (3) في (ب): (لها). (4) أما الأول فلم أعثر عليه، وأما الثاني فرواه أبو أحمد الحاكم في "الكنى" كما في التلخيص: 4/ 193، وابن الجوزي في العلل المتناهية 2/ 142، من طريق أبي سمير عن الأعمش عن إبراهيم التيمي، قال: عرف علي - رضي الله عنه - درعا له مع يهودي، فقال: يا يهودي درعي سقطت مني ... فذكره مطولاً. وقال أبو أحمد الحاكم: "منكر"، وقال ابن الجوزي: "لا يصح تفرد به أبو سمير". ورواه البيهقي في الكبرى: 10/ 230 من وجه آخر من طريق عمرو بن شمر عن جابر الجعفي عن الشعبي قال: خرج علي بن أبي طالب إلى السوق، فإذا هو بنصراني يبيع درعا، قال: فعرف علي الدرع فقال: هذه درعي، بيني وبينك قاضي المسلمين ... قال: فلما رأى شريح أمير المؤمنين قام من مجلس القضاء، وأجلس عليا في مجلسه ... فذكر بغير سياقه مطولا. قال الحافظ ابن حجر في التلخيص 4/ 193: "فيه عمرو بن شمير عن جابر الجعفي، وهما ضعيفان"، ونقل عن ابن عسكر أنه قال في كلامه على أحاديث المهذب: "إسناده مجهول". (5) الوسيط: 3/ ق 223/ أ. (6) ساقط من (ب). (7) الوسيط: 3/ 223/ أ. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 374 بمعنى التلاحق صحيح، ففي كتاب "تهذيب اللغة" (1): تساوقت الإبل تساوقا [إذا] (2) تتابعت، وأما استعماله التساوق في غير هذا الموضع بمعنى التساوي فمستنكر. وقوله: "فالسبق لمن سبق"، إن (3) قرئ بإسكان الباء فالمعنى يحتمله، ويكون معناه: فالسبق إلى الدعوى لمن سبق إلى الحضور إلا أن الوجه أن يقال: بفتح الباء، وهو مثل يضرب في تقديم السابق، والله أعلم. قوله: "فيما إذا أهدى إلى القاضي من لم يكن له عادة بالهدية إليه قبل ولايته، ولا خصومة (4) له في الحال جاز له القبول" (5). فيه تساهل، وفي ذلك وجهان: أحدهما: أنه يكره له (6) ذلك لا سيما إذا كان المهدي من أهل ولايته (7). والثاني: أنه يحرم عليه قبولها (8)، ولعله (9) الأصح فحديث (10) أبي حميد   (1) 9/ 234. (2) ما بين المعقوفتين إضافة من تهذيب اللغة. (3) في (د): (أي). (4) نهاية 2/ ق 175/ ب. (5) الوسيط: 3/ ق 223/ أ. (6) في (أ) زيادة (في). (7) في (د): (ولاية)، وانظر: التهذيب: 8/ 174، فتح العزيز: 12/ 467 - 468، الروضة: 8/ 128، مغني المحتاج: 4/ 393. (8) انظر: المصادر السابقة. (9) في (ب): (وهو) بدل (لعله). (10) كذا في (د)، وفي (أ) و (ب): (بحديث). الجزء: 4 ¦ الصفحة: 375 الساعدي (1) - رضي الله عنه - في صحيح البخاري (2)، مطلق مانع للعمال من قبول الهدية المتجددة بعد (3) الولاية. وروينا في السنن الكبير (4) عن أبي حميد الساعدي أيضا عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: (هدايا الأمراء غلول). وعن عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - أن رجلا كان يهدي إليه (5) كل سنة فخذ جزور فجاء يخاصم إلى عمر - رضي الله عنه - فقال: يا أمير المؤمنين أقض بيننا قضاء فصلا كما   (1) هو عبد الرحمن بن عمرو بن سعد، وقيل: المنذر بن سعد بن المنذر، وقيل: اسم جده: مالك، وقيل: غير ذلك، الأنصاري الساعدي، صحابي مشهور، شهد أحدا وما بعدها من المشاهد، مات في آخر خلافة معاوية - رضي الله عنه - انظر: الاستيعاب: 4/ 42، تهذيب الأسماء واللغات: 2/ 215، والإصابة: 4/ 46. (2) في مواضع كثيرة، منها: 3/ 428 في كتاب الزكاة، باب قول الله تعالى: {وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا} ومحاسبة المصدقين مع الإمام، و5/ 260 - 261 في كتاب الهبة، باب من لم يقبل الهدية لعلة، و12/ 364 - 365 في كتاب الحيل، باب احتيال العامل ليهدي له، بلفظ (قال: استعمل النبي - صلى الله عليه وسلم - رجلا من الأزد، يقال له: ابن اللتبية على الصدقة، فلما قدم قال: هذا لكم، وهذا أهدي لي، قال: فهلا جلس في بيت أبيه، أو بيت أمه، فينظر أيهدى له أم لا؟، والذي نفسي بيده لا يأخذ أحد منكم شيئا إلا جاء به يوم القيامة يحمله على رقبته، إن كان بعيرا له رغاء أو بقرة لها خوار، أو شاة تيعر، ثم رفع بيده حتى رأينا عفرة إبطيه - اللهم هل بلّغت، اللهم هل بلّغت ثلاثا). (3) في (أ): (بغير). (4) 10/ 233، وكما رواه أحمد: 5/ 425، وابن عدي في الكامل: 1/ 295، من طرق عن إسماعيل بن عياش عن يحيى بن سعيد عن عروة بن الزبير عنه به. قال ابن عدي: هذا حديث غريب تفرّد به إسماعيل بن عياش بهذا اللفظ. وقال ابن حجر في التلخيص: 4/ 189، وإسناده ضعيف، وصححه الألباني في الإرواء: 8/ 246 - 249 بمجموع الطرق والشواهد، والله أعلم. (5) في (أ) زيادة (في). الجزء: 4 ¦ الصفحة: 376 تفصل الفخذ من الجزور فكتب عمر - رضي الله عنه - إلى عماله (1): لا تقبلوا الهدية، فإنها (2) رشوة (3)، والله أعلم. قوله: "ولا يحضر مائدة الخصمين أصلا، فإنه ربما يتودّد أحدهما بزيادة تكلف" (4). ليس المراد به مائدة واحدة اشترك الخصمان في اتخاذها، بل ما إذا انفرد كل واحدة منهما بمائدة (5)، وسوّى القاضي بينهما في الحضور عندهما، فلا ينبغي له ذلك لما ذكره من العلة، وعلة أخرى، وهي أنه لا يكاد ذلك يخلو من تقديم أحدهما في (6) الإجابة و (7) في ذلك ما ذكره من (8) تقديم أحدهما (9) في جواب السلام، والله أعلم. قوله: "تزكيته لولده أو والده، فيه خلاف كما في القضاء" (10)، أي كما في قضائه بشهادة ولده (11)، أو والده للغير، أو على الغير، فإن فيه وجهين (12)؛   (1) ساقط من (أ). (2) في (ب): (فإنه). (3) رواه البيهقي في الكبرى: 10/ 234، والصغير: 2/ 475 بإسناده إلى أبي حريز قال: إن رجلا كان يهدي إلى عمر ... الحديث. (4) الوسيط: 3/ ق 223/ ب. (5) في (ب) زيادة (واحدة). (6) في (أ): (واو). (7) (و) ساقط من (ب). (8) في (د): (في)، والمثبت من (أ) و (ب). (9) ساقط من (أ). (10) الوسيط: 3/ ق 223/ ب. (11) نهاية 2/ ق 276/ أ. (12) أصحهما: لا تقبل. انظر: التهذيب: 8/ 193، فتح العزيز: 12/ 472، الروضة: 8/ 131، مغني المحتاج: 4/ 393. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 377 لأن في قضائه بشهادته حكما بتعديله. ووجه الجواز أنه لا يثبت بذلك له حقا، وقد سبق في قضائه له بحق بالبينة وجهان أيضا (1)، لكن له مأخذ آخر، والله أعلم. قول (2) المزكّي "هو (3) عدلٌ عليَّ ولِيَ" (4). قد صار من حيث العرف (5)، لا من حيث الوضع دالاّ (6) على تمام العدالة، وليس فيه تعرّض لنفي العداوة والولادة، وذلك ليس من شروط العدالة، فإن العدوّ والولد (7) مع ردّ شهادتهما عدلان، والله أعلم. و (8) قطع أولاً بأنه يستحب للقاضي أن يشافه المزكّي في آخر الأمر بعد كتْبِه الرقعة إليه، ثم ذكر خلافا في وجوب المشافهة (9)، وفي ذلك إشكال موهم. فاعلم أن المشافهة المستحبة الأولى: هي من القاضي في السؤال عن التزكية (10) بأن يشافه المزكّي بتعيين الشاهد (11) المسؤول عنه بالإشارة إليه، أو غير ذلك،   (1) انظر: فتح العزيز: 12/ 472، ومغني المحتاج: 4/ 393. (2) في (أ) و (ب): (قوله). (3) ساقط من (ب). (4) الوسيط: 3/ ق 224/ أ، ولفظه "كيفية التعديل أن يقول: هو عدل عليَّ، ولِيَ، أو عدل مقبول الشهادة، فإن العدل قد لا يقبل شهادته ... إلخ". (5) تكرر في (ب). (6) في (د): (إلا) وفي (ب): (دلا). (7) في (ب): (الوالد). (8) ساقط من (أ) و (ب). (9) انظر: الوسيط: 3/ ق 224/ أ. (10) في (ب): (التوكيد)، وهو تحريف. (11) في (أ) زيادة (و). الجزء: 4 ¦ الصفحة: 378 فإنه إنما ذكره في رقعة السؤال بنسبه وصفته فربما وقع فيه التباس. والمشافهة الثانية: هي مشافهة المزكّي القاضي بنفس التزكية أو الجرح. ثم ما ذكره في هذه المشافهة من أنه يشترط لفظ الشهادة إن قلنا: تجب المشاهدة، وإن اكتفينا بالرقعة مع الرسول ففي اشتراطه خلاف (1) يوهم أن في صحة أصل التزكية من غير مشافهة خلافا, وليس كذلك، وإنما الخلاف في وجوب المشافهة من المزكّي، ومن لا يوجبها (2) يوجب (3) المشافهة من الرسول الحامل للرقعة (4)، واكتفى بشهادته بذلك مع حضور الشاهد الأصل (5)، وهو المزكّى للحاجة كيلا يعرف المزكّي، ويشتهر، والله أعلم. (قوله في استفسار الشاهد عند الارتياب "وإن كان الشاهد فقيهاً فله الإصرار على كلمة واحدة" (6)، هذا الإصرار جائز لغير الفقيه، ولكن لما كان ذلك لا يقع (7) في الغالب إلا من الفقيه خصّه بالذكر، والله أعلم) (8).   (1) انظر: الوسيط: 3/ ق 224/ أ. (2) وهو قول الإصطخري، واختاره القاضي حسين. والأظهر وجوب المشافهة. انظر: التهذيب: 8/ 188، فتح العزيز: 12/ 503، 506، الروضة: 8/ 154، 156، مغني المحتاج: 4/ 403. (3) نهاية 2/ ق 176/ ب. (4) في (ب): (الرقعة). (5) انظر: فتح العزيز: 12/ 506، الروضة: 8/ 156. (6) الوسيط: 3/ ق 224/ أ. (7) في (أ): (لا نفع). (8) ما بين القوسين ساقط من (د). الجزء: 4 ¦ الصفحة: 379 قوله: "فإن عدّل المزكّون فللقاضي إذا انفرد بتسامع الفسق أن يتوقف" (1)، يعني انفرد بذلك عن المزكيين (2)، فإن المزكي لو تسامع بالفسق لوجب عليه الامتناع من التزكية. وقال: "فللقاضي" (3) باللام مع أنه يجب عليه ذلك (4)؛ لأن المقصود جواز ذلك له، والله أعلم. قوله: "إذا ادّعى دينا فليذكر قدره وجنسه، فلا يكفيه (5) أن يدّعي عشرة دنانير، أو دراهم" (6). كأنه أراد بالجنس النوع على عرف الفقهاء في ذلك، ثم إن في (7) هذا الكلام تقصيرا (8)؛ إذ لا يكفي ذلك في دعوى ما (9) في الذمة، بل لا بد فيه من ذكر صفات السلم (10) , وذلك مقطوع به في "النهاية" (11) , والله أعلم.   (1) الوسيط: 3/ ق 224/ ب. (2) في (أ) و (ب): (المزكين). (3) في (ب) (وللقاضي). (4) انظر: فتح العزيز: 12/ 510، والروضة: 8/ 158. (5) في (أ): (يكفي). (6) الوسيط: 3/ ق 224/ ب. (7) ما بين القوسين ساقط من (د). (8) في (د): (تقصير) بالرفع. (9) في (أ): (تنا)، وهو تحريف. (10) انظر: فتح العزيز: 13/ 156، وأدب القضاء: ص 137، والروضة: 8/ 288. (11) 25/ ق 121/ أ - ب. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 380 ذكر في تحليف المدّعي على الغائب نفي الإبراء والاستيفاء، والاعتياض، وأنه يلزمه (1) التسليم (2). و (3) يتَّجه أن يقال: هذا احتياط مستحب (4)، وينبغي أن يكتفى بقوله: إنه لثابت (5) عليه كفى، قطع به صاحب "التهذيب" (6)، وفي "النهاية" (7) أنه ينبغي الاكتفاء بتحليفه أنه يستحقه عليه الآن من غير بسط للجهات، والله أعلم. قوله: "لو حضر المدّعى عليه بإزاء وكيل المدّعي، فأقيمت (8) البيّنة عليه فقال: إن موكلك قد أبرأني فأريد يمينه، توقف (9) في هذه المسألة فقهاء الفريقين بمرو، في واقعة، فاستدرك القفال، وقال: يسلم الحق، إذ لو فتح هذا الباب تعذر طلب الحقوق الغائبة بالوكلاء" (10). هذا ليس مخصوصا بالقفال (11)، فقد ذكر ذلك أيضاً شيخ العراقيين بإزاء القفال في الخراسانيين، وهو الشيخ أبو حامد (12) الإسفراييني - رحمه الله - وقطع   (1) في (ب): (يلزم). (2) انظر: الوسيط: 3/ ق 224/ ب. (3) ساقط من (د). (4) انظر: فتح العزيز: 12/ 512، مغني المحتاج: 4/ 407. (5) في (ب): (الثابت). (6) 8/ 199. (7) 25/ 118/ أ. (8) نهاية 2/ ق 177/ أ. (9) في (د): (فوقف). (10) الوسيط: 3/ ق 225/ أ. (11) انظر قول القفال في أدب القضاء: ص 222، فتح العزيز: 12/ 514. (12) في (ب): (للشيخ أبو محمد) خطأ. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 381 به في كتاب الوكالة (1)، وحكاه عن أبي حنيفة - رحمه الله -، وقطع به أيضا صاحب "الشامل" (2) وغيرهما (3)، وقالوا: إن ادّعى علم (4) الوكيل بذلك توجهت عليه اليمين، والله أعلم. ثم إنه ذكره في حكم الوالي في الاستيفاء كلاما مشكلا، سأوضحه بحول الله ومشيئته. فقوله: "فيما إذا شافه القاضي الوالي باستيفاء ما حكم به فإن كانت خارجة عن محل ولايته" (5)، يعني أنه حضر في محل ولاية القاضي والى بلدة أخرى خارجة عن ولاية القاضي فشافهه بذلك ليستوفي إذا رجع إلى ولايته. وقوله: "ففي وجوب استيفائه نظر؛ لأنه لا ولاية له على تلك البقعة". معناه: لا ولاية للقاضي على تلك البلدة حتى يجب على واليها طاعته فيما يأمره به بخلاف والي بلدة القاضي، فإنه يجب عليه طاعته (6) لكونه تحت ولايته، وهكذا نقول (7): لو وقف ذلك الوالي على طرف ولايته، وناداه هذا القاضي من طرف ولايته بأني قد حكمت بكذا وكذا، فليس (8) لذلك (9) الوالي   (1) انظر ما قطع به الإسفراييني في: فتح العزيز: 12/ 514. (2) لم أقف عليه. (3) انظر: فتح العزيز: 12/ 514، الروضة: 8/ 161، مغني المحتاج: 4/ 408، نهاية المحتاج: 8/ 271. (4) في (د): (على)، وهو تحريف. (5) الوسيط: 3/ ق 225/ ب، وتمامه المذكور بعده. (6) انظر: التهذيب: 8/ 205، وفتح العزيز: 12/ 522، والروضة: 8/ 167. (7) في (أ): (القول). (8) نهاية 2/ ق 177/ ب. (9) في (أ): (كذلك). الجزء: 4 ¦ الصفحة: 382 الاستيفاء (1)؛ لأنه لا ولاية لهذا القاضي عليه، وليس الوالي أهلا لاستماع الحجج بخلاف مثله في قاضي تلك البلدة لو وقف على طرف ولايته على ما سنذكره (2)، والله أعلم. وقوله: "ولكن الصحيح وجوبه؛ لأن سماع الوالي بالمشافهة كسماع قاضٍ آخر بشهادة الشهود" (3). يتوجه بأن الوالي لما (4) لم يكن أهلا لاستماع الحجج والعمل بها جاز له العمل بعلمه، وإن (5) حصل له العلم في غير محل ولايته، وإن لم نجوّز مثل ذلك للقاضي على قول (6) لكونه أهلا؛ لاستماع الحجج، فينزل من أجل ذلك علم الوالي بناء على المشافهة بمنزلة سماع القاضي بشهادة الشهود (7)، والله أعلم. قوله: "فيما إذا اجتمع قاضيان في ولاية أحدهما فأعلم القاضي الذي هو في ولاية القاضي الذي ليس في ولايته بالحكم جاز له الاستيفاء إذا رجع إلى ولايته إن جوّزنا له القضاء بالعلم، وإن لم نجوز فقد أطلق بعض الأصحاب جوازه، (وقال الإمام: لا يجوز، بل هو كسماع الشهادة في غير محل ولايته" (8).   (1) انظر: فتح العزيز: 12/ 522، والروضة: 8/ 167. (2) كذا في (د) و (أ) وفي (ب) مهملة ولعل الصواب (سيذكره) بالياء التحتية؛ لأن الفرع المشار إليه لم يذكره المصنف بل ذكره الغزالي بعد الفرع المذكور بقليل. (3) الوسيط: 3/ ق 225/ ب. (4) ساقط من (أ). (5) في (د) (فإن). (6) في (د): (قوله). (7) انظر: فتح العزيز: 12/ 522. (8) الوسيط: 3/ ق 225/ ب. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 383 هذا كلامه، وقوله فيه: "وإن لم نجوّز فقد أطلق بعض الأصحاب جوازه") (1)، ذكره في غير محله، وكان ينبغي أن يذكر إطلاق بعض الأصحاب أولا قبل تفصيله القولين كما نقله غيره (2)، فإن بين الكيفيتين فرقا وتلك هي الصواب، ثم إن ما نسبه إلى شيخه الإِمام (3) من تخريج ذلك على القولين ليس (4) مخصوصا (5) به، بل هو المقطوع به في "الشامل" (6)، و"التهذيب" (7)، وغيرهما (8)، والله أعلم. وقوله: "وهذا (9) يلزمه أن يقول الوالي: الذي ليس بقاضي لا يستوفي؛ لأن (10) كونه قاضيا لا يخرجه عن كونه واليا" (11). تفسيره: أنه يلزم الإمام أبا المعالي أن يقول: إن الوالي لا يستوفى في ولايته ما شوفه به في غير محل ولايته كما في مثله في القاضي؛ لأن القاضي أيضاً والٍ، فإذا لم يجز ذلك (لذلك القاضي لم يجز ذلك) (12) لوالٍ (13) غير قاضٍ (14).   (1) ما بين القوسين ساقط من (ب). (2) انظر: التهذيب: 8/ 205، فتح العزيز: 12/ 521 - 522. (3) 25/ ق 125/ ب. (4) نهاية 2/ ق 178/ أ. (5) في (أ) و (ب): (مختصا). (6) لم أقف عليه. (7) 8/ 206. (8) انظر: فتح العزيز: 12/ 521، مغني المحتاج: 4/ 410 - 411. (9) في (د): (فهل)، وهو تحريف. (10) في (د): (الآن). (11) الوسيط: 3/ ق 225/ ب. (12) ما بين القوسين ساقط من (ب). (13) كذا في (د)، وفي (أ): "فإذا لم يجز ذلك لوالي قاضي لم يجز لوالي". (14) في (د) (غيره قاضي)، والمثبت من (أ). الجزء: 4 ¦ الصفحة: 384 وجوابه إنا (1) وإن لم نجوّز للقاضي (2) القضاء (3) بعلمه، فيجوز ذلك للوالي لما قدمت تقريره (4) قريبا، والله أعلم بالصواب. ما ذكره من أن الكرباس ونحوه من الأمتعة إذا كان غائبا لا يصحّ (5) الدعوى والحكم به قطعا اعتمادا على الصفة، وأما العبد والجارية والفرس ونحوها ففيها الأقوال المذكورة (6). وهو قول شيخه الإِمام (7)، وكأنه من تصرفه، وفي النفس منه شيء، وقد خالفوه في ذلك، وسوّوا (8) بين القسمين (9) في الاعتماد في ذلك على تمييز (10) الجميع بالصفة، وأطلقوا ذكر الأقوال في المنقول (11)، وهذا يعتضد بالتسوية   (1) ساقط من (ب). (2) في (د): (القاضي). (3) ساقط من (د). (4) في (ب): (تفسيره)، وهو تحريف. (5) في (أ): (لا تصح). (6) انظر: الوسيط: 3/ ق 226/ ب. والكرباس: ثوب من القطن الأبيض، قال الفيومي: هو الثوب الخشن، وهو فارسّي معرّب، والجمع كرابيس. انظر: المصباح المنير: ص 529، القاموس: ص 735. (7) 25/ ق 122/ ب. (8) في (د) و (أ): (وسوو) بدون ألف. (9) في (د): (القسمة). (10) في (د) زيادة (له) لعل الصواب حذفها. (11) أظهرها: تسمع البينة، ولا يحكم بها. انظر: التهذيب: 8/ 203, وفتح العزيز: 12/ 527، والروضة: 8/ 170، ومغني المحتاج: 4/ 411 - 412. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 385 بينهما في السلم غير أن الإمام أبا المعالي - رحمه الله - قطع هذا عن السلم في أنه لا يكفي في هذا صفات السلم (1)، بل لا بدّ من غاية ما يمكن (2) من الوصف بحيث يبعد الاشتراك فيه، ولم يشترط ذلك في السلم، كيلا ينتهي إلى عزة الوجود، فيخرج من هذا الفرق المذكور الذي صار إليه؛ لأن الكرباس لكثرة أمثاله لا يتهيأ فيه نهاية الوصف التي يبعد معها الاشتراك بخلاف العبد وأمثاله، والله أعلم. ما ذكرته (3) في (4) العبد الغائب إذا أحضر من بلد آخر، ولم (5) يثبت ملك المدّعى فيه، (6) أن الأصحاب لم يتعرضوا لأجرة مثل المنفعة التي تعطلت منه بذلك (7)، ولا لأجرة منفعة المدعي (8) عليه إذا تعطلت (9)، ثم أنه جعل ما ادّعاه من سكوتهم عن إيجاب ذلك مصيرا منهم إلى عدم إيجابه (10).   (1) في (ب): (للسلم). (2) في (د): (لا يمكن). (3) كذا في النسخ، ولعل الصواب (ما ذكره)، والله أعلم. (4) في (ب): (من). (5) في (ب): (فلم). (6) في (أ) زيادة (ثم) (7) نهاية 2/ ق 178/ ب. (8) في (ب): (للمدعى). (9) إلى هنا نهاية نسخة (ب)، وكتب في آخرها حديثان: أولهما: (قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: لا يزني المؤمن وهو مؤمن، ولا يشرب الخمر وهو مؤمن ... إلخ). وثانيهما: (قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: يا من ترك الجمعة يوم واحد ... إلخ). (10) انظر: الوسيط: 3/ ق 227/ أ. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 386 وهذا غير مرضي، وقد نقل بعضهم عن الأصحاب أنه يلزمه (1) مثل أجرة (2) العبد لمدة التعطيل، والحيلولة (3)، وقد وجدت ذلك مقطوعا به في "الشامل" (4) من كتب العراقيين، وفي "التهذيب" (5) من كتب الخراسانيين، وكان سكوتهم إنما هو عن أجرة المدّعي عليه لمدّة إحضاره في البلد ونحوه، وذلك جدير بالمسامحة، ولا أجرة له في العرف، والله أعلم. قوله: "إذا لم يكن على مسافة العدوى حاكم، فيجوز إحضاره بعد سماع البيّنة" (6). كان (7) من طغيان القلم، صوابه أن يقال: إذا لم يكن فوق (8) مسافة العدوى (9) حاكم (10)؛ لأن الحكم المذكور مخصوص بما فوق مسافة العدوى على ما لا يخفى، والله أعلم.   (1) في (أ): (تلزمه). (2) في (د): (أجرة مثل). (3) انظر: فتح العزيز: 12/ 533، الروضة: 8/ 174، مغني المحتاج: 4/ 414. (4) لم أقف عليه. (5) 8/ 203. (6) الوسيط: 3/ ق 227/ ب. (7) ساقط من (أ). (8) في (د): (فرق)، وهو تصحيف. (9) مسافة العدوى: وهي التي يتمكن المبكر إليها من الرجوع إلى أهله ليلاً، وسميت بذلك؛ لأن القاضي يعدى لمن طلب خصما منها لإحضار خصمه، أي يقويه، أو يعينه. انظر: فتح العزيز: 13/ 120، والروضة: 8/ 267، والمصباح المنير: ص 398، ومغني المحتاج: 4/ 417، 451. (10) انظر: الوجيز: 2/ 246، فتح العزيز: 12/ 534، مغني المحتاج: 4/ 417. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 387 ومن باب القسمة (1) ذكر - رحمه الله - أن القسمة ثلاثة أنواع: قسمة إفراز (2) وتعديل ورد، فقسمة (3) الإفراز قسمة ما يتساوى أجزاؤه (4). وهذا فيه شيء, وينبغي أن تسمى هذه (5) قسمة المماثلة، ومنهم من سماها قسمة المتشابهات (6)، وذلك أن الإفراز يقابل بالبيع (7)، وقد يطلق في قسمة التعديل، ويقال فيها: هي إفراز، و (8) بيع، ويمكن (9) أن يعتذر له، ويقال: هذه لما غلب فيها معنى الإفراز دون غيرها سميناها به، والله أعلم.   (1) القِسْمة: بكسر القاف: الاسم من قولك: قسم المال يقسمه قسما، وهي تمييز بعض الأنصباء من بعض. انظر: تحرير ألفاظ التنبيه: ص 346، والمصباح المنير: ص 503، ومغني المحتاج: 4/ 415. (2) في (د): (إقرار) هنا، وفيما يأتي مثله، وهو تصحيف. (3) في (د): (قسمة). (4) انظر: الوسيط: 3/ ق 228/ ب. (5) في (د): (هذا). (6) انظر: فتح العزيز: 12/ 547، والروضة: 8/ 185، ومغني المحتاج: 4/ 421. (7) في (د): (ما أبيع). (8) في (د): (أو). (9) في (د): (ولا يمكن). الجزء: 4 ¦ الصفحة: 388 ومن باب الشهادة على الشهادة قوله: - رحمه الله وإيانا - "فيما إذا طرأ على شاهد الأصل فسق أو عداوة، أو (1) ردّة قبل القضاء بشهادة الفرع منع القبول؛ لأن هذه أمور لا تهجم، بل يتقدمها مقدمات" (2). فقوله "منع القبول" لائق بما (3) إذا طرأت قبل إقامة الفرع الشهادة، وكذلك صور المسألة شيخه الإِمام (4)، واللائق بالصورة المذكورة في "الوسيط" أن يقول: "منع القضاء" لكنا نقول (5): قوله: "لو طرأ قبل القضاء منع القبول" شامل لما إذا طرأ ذلك قبل إقامة الفرع الشهادة، وما إذا طرأ بعدها, ولهذا قال: "ولأنه يقبح أن يشهد على شهادة مرتدّ". ويستفاد من قوله "منع القبول" منع القضاء بها؛ لأن القضاء بها قبول آخر آكد من قبول سماعها. وقوله "بل يتقدمها مقدمات" يعني به أنه لا يظهر في الغالب إلا بعد فساد باطن، فيورث ذلك ريبة منعطفة على حالة تحمّل الشهادة، ولا يلزم ما إذا طرأت بعد القضاء؛ لأن الريبة قبل القضاء يؤثر ويورث توقفا في العمل بالشهادة، ولا يؤثر بعد القضاء (6)، والله أعلم.   (1) في (د): (و). (2) الوسيط: 3/ ق 238/ أ. (3) نهاية 2/ ق 179/ أ. (4) انظر: نهاية المطلب 25 ق 175/ ب. وفتح العزيز 13/ 151. (5) في (أ): (تقول). (6) انظر: فتح العزيز: 13/ 116، والروضة: 8/ 264. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 389 القولان في أنه هل يجوز أن يشهد على (1) شاهدي الأصل معا شاهدان لا غير (2). ذكر هو وشيخه (3) أن اختيار المزني هو قول الجواز، وذكر غيرهما الفوراني (4)، وصاحب "الشامل" (5)، وصاحب "المهذب" (6) و"التهذيب" (7) وغيرهم (8) أن اختيار المزني هو عدم الجواز، هذا هو الصواب، وعليه يدلّ كلام المزني في مختصره (9)، والله أعلم. قوله "فـ (10) ـالمغيبة (11) إلى مسافة القصر ترخص، ودون مسافة العدوى لا، وفيما بينهما وجهان" (12)، صوابه: ومسافة العدوى لا؛ لما عرف، والله أعلم.   (1) ساقط من (د). (2) انظر: الوسيط: 3/ ق 238/ أ. (3) 25/ ق 177/ أ. (4) لم أقف عليه. (5) لم أقف عليه. (6) 2/ 431. (7) 8/ 293. (8) كالرافعي. انظر: فتح العزيز: 13/ 177 (9) ص 328 حيث قال: "قال: (يعني: الشافعي) ولو شهد رجلان على شهادة رجلين فقد رأيت كثيراً من الحكام والمفتين يجيزونه، قال المزني: وخرّجه على قولين، وقطع في موضع آخر بأنه لا تجوز شهادتهما إلا على واحد ممن شهد عليه، وآمره بطلب شاهدين على الشاهد الآخر. قال المزني: ومن قطع بشيء كان أولى به من حكايته له". (10) في (د): (في). (11) في (أ): (الغيبة). (12) الوسيط: 3/ ق 238/ أ. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 390 ومن باب الرجوع عن الشهادة قوله: "إذا قالوا: أخطأنا، فلا قصاص، وقد يعزرهم القاضي" (1)؛ لتركهم التحفظ، والله أعلم. وقوله: "والدية في مالهم, فإن صدقتهم العاقلة، ففيه تردّد، وسيأتي" (2). هذا فيه نظر؛ لأن (3) الذي يأتي هو ما ذكره في آخر الباب من تردّد القولين في أن الغرم الواجب في خطأ القاضي، هل يجب في ماله، أو في بيت المال (4)، والتردّد ههنا إنما يكون تردد القولين في أنه يجب ذلك في ماله، أو (5) على عاقلته (6)؛ لأنه تعمد القتل، وإنما سقط القود لأمر (7) خارج، وهو ظنه أنه القاتل، فهو كما لو قتل من أسلم في دار الحرب على ظن أنه مشرك بعد، فهل تجب الدية على عاقلته، أو في ماله؟ فيه قولان (8)، وكأنه اتبع في هذه (9) "النهاية" (10)،   (1) الوسيط: 3/ ق 239/ أ. (2) الوسيط: 3/ ق 239/ أ. (3) نهاية 2/ ق 179/ ب. (4) انظر: المهذب: 2/ 272, والتنبيه: ص 307. (5) في (د): (و). (6) جزم الرافعي والنووي بالثاني. انظر: فتح العزيز: 13/ 126، والروضة: 8/ 270، ومغني المحتاج: 4/ 457، ونهاية المحتاج: 8/ 329. (7) في (أ): (من). (8) انظر: الروضة 7/ 229. (9) في (أ): (هذا). (10) 25/ ق 180/ ب. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 391 و"البسيط" (1)، وسها عن ذكر ما في "النهاية"، و"البسيط" من هذا الكلام، والله أعلم. قوله: "تعمدنا الشهادة على الكذب، ولكن ما عرفنا أنه يقبل بشهادتنا (2)، وقلنا: لا قصاص عليهم؛ لجهلهم، قال صاحب "التقريب" تكون الدية مؤجّلة، فإنه قريب من شبهة العمد" (3)، فاقتصر على هذا دون نص الشافعي - رحمه الله - على أنها تجب في أموالهم حالّة (4)، ووجهه (5): أنهم متعمدون (6)، والمسألة قريبة من مسألة قتل المسلم في دار الحرب التي ذكرناها آنفاً. قوله: "وكذا (7) الخلاف في شهود التعليق (والصفة" (8) يعني أن شهود الصفة، هل يشاركون شهود التعليق) (9) فيه الخلاف المذكور في شهود الإحصان (10).   (1) 6/ ق 118/ ب. (2) في (أ): (يقبل شهادتنا). (3) الوسيط: 3/ ق 239/ أ. (4) انظر: فتح العزيز: 13/ 128. (5) في (د): (ووجه). (6) في (أ): (معتمدون). (7) في (د): (ذكر). (8) الوسيط: 3/ ق 239/ ب، ولفظه قبله "إن شهود الإحصان هل يشاركون شهود الزنا في الغرم عند الرجوع فيه قولان ... وكذا الخلاف ... إلخ". (9) ما بين القوسين ساقط من (د)، ويعني بشهود الصفة والتعليق أن يشهد شاهدان على تعليق الطلاق أو العتاق بالصفة كالخروج من الدار مثلا، ويشهد آخران على وقوع هذه الصفة منه، ثم إذا رجعوا جميعاً بعد الحكم، هل يغرمون جميعاً أم يختص الغرم بشهود التعليق؟ فيه الخلاف المذكور في شهود الإحصان. انظر: التهذيب: 8/ 301، فتح العزيز: 13/ 137. (10) فيه قولان: أصحهما لا. انظر: المصدرين السابقين، الروضة: 8/ 276 - 277، مغني المحتاج: 4/ 460. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 392 قوله: "لو شهد وجل وامرأتان على العتق مثلا، فالغرم الواجب ... إلى آخره" (1). قال هذا مع أنه قد عرف أن العتق لا يقبل فمِه شهادة رجل وامرأتين، فيحتاج إلى تصويره فيما إذا شهدوا للمكاتب على أداء النجم (2) الأخير، فإنه (3) يقبل على الأصح، ويعتق، وفيما إذا شهدوا بشراء القريب وعتق، ثم رجعوا على أن "تعليق" (4) القاضي حسين تردّدا منه في إيجاب الغرم على شهود الشراء، والله أعلم (5).   (1) الوسيط: 3/ ق 239. (2) في (د) زيادة (غلط). (3) في (د): (وأنه). (4) لم أقف عليه. (5) نهاية 2/ ق 180/ أ. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 393 ومن كتاب الدعاوى والبينات قوله: "ومجامع الخصومات تحويها خمسة أركان: الدعوى والإنكار ... إلى آخره" (1). لم يذكر الإقرار، وهو منها، وسنذكره في جواب الدعوى، وكان (2) ينبغي أن يقول: الدعوى وجوابها حتى يشمله الإنكار والإقرار، والله أعلم. (3) حديث هند أم معاوية بن أبي سفيان (4) حديث ثابت في الصحيحين (5)، والله أعلم. (6) قوله بعد ذكر (7) التفصيل المعروف فيما إذا ظفر رب المال بشيء من مال المديون الممتنع: "هذا كله فيمن له بينة, فإن لم تكن فكلام القفال يشعر بأنه لا يأخذ شيئا، ولا يبعد عندي أنه يجوز له الأخذ" (8)، فاعتمد - رحمه الله وإيانا - في حكم هذا على إشعار من كلام القفال واحتمال من عنده، والحكم في ذلك منقول على التصريح في كتب المذهب في طريقتي خراسان والعراق، ثم هو على العكس مما وقع له، فإنهم قالوا: يجوز الأخذ إذا لم يكن له بينة (9)، وإن   (1) الوسيط: 3/ ق 239/ ب، وتمامه: " ... واليمين والنكول والبينة". (2) في (أ): (فكان). (3) في (د) زيادة (قوله)، والصواب حذفها؛ لأن السياق لا يقتضيها. (4) قال في الوسيط: 3/ ق 240/ أ "وإن ظفر بغير جنس حقه ففي جواز الأخذ قولان، أحدهما: نعم؛ لقوله عليه الصلاة والسلام لهند (خذي ما يكفيك وولدك بالمعروف). (5) سبق تخريجه عنهما. (6) في (د) زيادة (ذكره). (7) في (أ): (ذكره). (8) الوسيط: 3/ ق 240/ أ. (9) انظر: المهذب: 2/ 406، حلية العلماء: 8/ 214، الروضة: 8/ 282، مغني المحتاج: 4/ 462. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 395 كانت له بينة ففي جواز الأخذ وجهان (1). ثم فيما ذكره من الإشعار نظر، فإنه لا يلزم من وجوب الرفع إلى القاضي عند إمكان البينة مثل ذلك عند عدمها، بل المتجه عند ذلك إما قول من قال: يبيع بنفسه (2)، هذا هو الأصح عند الفوراني (3). وإما الرفع إن وجب بطريق آخر، وذلك وجه آخر ذكره في المسألة، وهو أن يواطئ رجلا يدّعى عليه دينا عند الحاكم فيقرّ به ويقرّ له بملك الشيء الذي أخذه من المديون، ويتبع المدّعى عليه المواطأ من قضاء الدين الذي أقرّ به فيبيعه (4) الحاكم حينئذ (5)، وهذا من الدبّ (6) للضرورة، والله أعلم. قوله: "وعليه مبادرة البيع، فلو قصر ونقصت القيمة كان محسوبا عليه، وما ينقص قبل التقصير (7) (8) فليس عليه" (9).   (1) أصحهما: الجواز. انظر: المصادر السابقة، والتهذيب: 8/ 351، وفتح العزيز: 13/ 146 - 147. (2) انظر: حلية العلماء: 8/ 217، والتهذيب: 8/ 352، وفتح العزيز: 13/ 149، ومغني المحتاج: 4/ 463. (3) انظر: النقل عنه في فتح العزيز 13/ 146. (4) في (د): (فيسه) كذا. (5) انظر: المهذب: 2/ 406، وحلية العلماء: 8/ 217, وفتح العزيز: 13/ 149، والروضة: 8/ 284. (6) كذا في النسختين، ولعل الصواب (الكذب)، ويدلّ عليه ما في الروضة، وأصلها عقب هذا الوجه " ... وهذا إرشاد إلى الكذب من الطرفين". انظر: فتح العزيز: 13/ 149، والروضة: 8/ 284. (7) في (أ) (النقصين). (8) نهاية: 2/ ق 180/ ب. (9) الوسيط: 3/ ق 240/ أ. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 396 هذا إنما هو فيما إذا نقصت قيمتها بانخفاض السعر وباعها واستوفى ثمنها (1)، أما إذا ردّ العين فلا شيء عليه كما يحسب (2) في الغصب نقصان القيمة بانخفاض السعر عند تلف العين، ولا يحسب ذلك عند ردّ العين، والله بغيبه أعلم. (قوله: "إذا استحقّ كل واحد منهما ما لا يحصل التقاصّ فيه إلا بالتراضي فجحد أحدهما، فهل للآخر أن يجحد حقه؟ فعلى وجهين" (3). هذا في "النهاية" (4)، و"البسيط" (5) مفروض في الدينين المتجانسين على قولنا: "لا يحصل التقاص (6) فيها إلا بالتراضي". وقوله: "يلتفتان على الظفر بغير جنس حقه". فيه إشكال من حيث إن الدينين (7) متجانسان، فلم يلتحق (8) بالظفر بغير جنس حقه، ويزداد إشكالا يقول إمام الحرمين في "النهاية" (9)، فيه: فعلى وجهين على قولنا: لو ظفر بغير جنس حقه لأخذه، وهو يقتضي أن يكون   (1) انظر: فتح العزيز: 13/ 150، الروضة: 8/ 285، مغني المحتاج: 4/ 463. (2) انظر: المصادر السابقة. (3) الوسيط: 3/ ق 240/ أ، وتمامه "يلتفتان على ... إلخ" المذكور بعده. (4) 25/ ق 192/ أ. (5) 6/ ق 122/ ب (6) التقاصّ: أي تقاصّ القوم، قاصّ كل واحد منهم صاحبه في حساب أو غيره، انظر: مختار الصحاح ص 473، القاموس المحيط ص 810. (7) في (د): (الرتبتين)، وهو تحريف. (8) في (د): (يلحق). (9) 25 / ق 122/ أ. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 397 المراد ذلك، ويقول صاحب "الوسيط": وجهين يلتفتان (1) على الظفر بغير جنس حقه أنه إذا قلنا: إنه لا يجوز أخذ غير جنس حقه، فلا يجوز الجحود ههنا، وأولى إذا قلنا: له أخذ غير جنس حقه فههنا وجهان، وقد وجهت ذلك بأنه في مسألة الظفر بغير جنس حقه يبيعه فيستوفي نفس حقه، وإذا جوّزنا الجحود ههنا فقد أثبتنا التقاصّ مع عدم الرضا لهذا العذر مع أنه لولاه لم يكن تقاصّ، والتقاصّ ليس فيه استيفاء حقه، وإنما هو إسقاط في مقابلة إسقاط، (وإسقاط) (2) الحق من غير رضى صاحبه بعيد، والله أعلم. قوله: "الأصل فيه قوله - صلى الله عليه وسلم -: البينة على المدّعي واليمين علي من أنكر" (3)، إسناده حسن من حديث ابن عباس - رضي الله عنهما - أخرجه البيهقي في السنن الكبير (4)، وخرّج الترمذي (5) نحوه بإسناد ضعيف.   (1) في (د): (يلتقيان). (2) ما بين القوسين ساقط من (د). (3) الوسيط: 3/ ق 240/ ب. (4) 10/ 427، والصغير أيضاً: 2/ 517 من طريق الفريابي عن سفيان الثوري عن نافع عن ابن عمر عن ابن أبي مليكة عن ابن عباس به مرفوعاً، وحسنه أيضاً ابن الملقن في تذكرة الأحبار (ق 244/ أ)، والألباني في الإرواء: 8/ 265 - 266. (5) 4/ 626 في كتاب الأحكام، باب ما جاء في أن البينة على المدعي واليمين على المدَّعَى عليه. كما رواه الدارقطني: 4/ 157، وابن الجوزي في التحقيق: 2/ 388 من طرق عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جدّه مرفوعاً بلفظ (البينة على المدعي، واليمين على المدعى عليه)، قال الترمذي: هذا حديث في إسناده مقال، وضعفه أيضاً الحافظ ابن حجر في التلخيص: 4/ 208، والألباني في الإرواء: 8/ 267. وللحديث أصل في الصحيحين من حديث ابن عباس بلفظ: (لو يعطى الناس بدعواهم لادّعى ناس دماء رجال وأموالهم، ولكن اليمين على المدّعى عليه)، رواه البخاري: 8/ 61 مع الفتح في كتاب الرهن، باب: {إِنَّ الَّذِينَ يَشْتَرُونَ بِعَهْدِ اللهِ وَأَيْمَانِهِمْ ثَمَنًا قَلِيلًا أُولَئِكَ لَا خَلَاقَ لَهُمْ} , ومسلم: 12/ 2 مع النووي في كتاب الأقضية، باب اليمين على المدّعى عليه. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 398 قوله: "ولا خلاف عندنا أن المودع إذا ادّعى ردّ (1) الوديعة صدق بيمينه)) (2)، هذا مع أن الخلاف (3) المذكور في حدّ (4) المدعي يقتضي فيه الخلاف، فإنا إذا قلنا: المدَّعي من يُخَلّى وسكوته (5)، فالمودع مدّعى عليه، فإنه لا يخلّى وسكوته، فتصديقه (6) جارٍ على القاعدة، وإذا قلنا: المدّعي من يدّعي أمراً خفيّا (7)، فالمودع كذلك، فينبغي أن لا يقبل قوله مع يمينه، لكن خالفنا القاعدة فيه؛ لأن صاحب الوديعة ائتمنه، فلو كذبناه نسبناه إلى الخيانة، والأصل بقاء الأمانة، والله أعلم. ذكر في شرح الدعوى الملزمة مسائل: الأولى: أن يدّعي هبة، ولا يقول: مقبوضة، ثم قال: "وكذلك من قامت عليه البينة بملك، فليس له أن يحلف المدّعي مع البينة" (8).   (1) نهاية 2/ ق 181/ أ. (2) الوسيط: 3/ ق 240/ ب. (3) في (د): (الخلف). (4) في (د): (هذا)، وفي (أ): (حق)، ولعل الصواب ما أثبته، وعليه تدلّ عبارة الوسيط "وفي حدّه قولان ... إلخ". (5) انظر: الوجيز: 2/ 260، والتهذيب: 8/ 319، وفتح العزيز: 13/ 153، وأدب القضاء: ص 131. (6) في (د): (فصديقه). (7) قال النووي: هذا أظهرهما عند الجمهور. انظر: التهذيب: 8/ 319، وأدب القضاء: ص 131، والمنهاج مع مغني المحتاج: 4/ 464، والروضة: 8/ 287. (8) الوسيط: 3/ ق 240/ ب. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 399 وجه التشبيه أنه كما من ادّعى الهبة (وحدها لم يدّع دعوى غير ملزمة؛ لأنه لا يلزمه اليمين) (1) على ما أثبتته البينة، والله أعلم. ما ذكره من الوجهين فيما إذا قال المدّعى عليه: قد حلفتني (2) مرة (3) فحلفه إنما هو فيما إذا ادّعى وقوع ذلك عند قاضٍ آخر، أما إذا ادّعى وجود ذلك في مجلس هذا القاضي، فإنه يرجع إلى تذكره، وإذا لم يتذكره لم يلتفت إلى دعواه، قطع به صاحب "النهاية" (4)، ووجهه: ظاهر. ذكر أن المدّعى عليه إذا قامت عليه البينة، فقال: "أمهلني (5)، فإن لي بينة دافعة حتى أحضرها، قال الأصحاب: يمهل ثلاثة أيام، وقال القاضي: بل يوما واحدا؛ لأنه يشبه أن يكون متعنتا (6) " (7). هذا نقله عن القاضي صاحب "النهاية" (8) مخصوصا بما إذا قال: حلّفني (9) مرة فأمهلوني حتى أقيم البينة على ذلك، وهذا هو اللائق بكلام القاضي وتعليله، والله أعلم.   (1) ما بين القوسين ساقط من (د). (2) في (أ): (حلفني). (3) انظر: الوسيط: 3/ ق 240/ ب. (4) 25/ ق 197/ ب. (5) في (أ): (أمهلوني) وكذا في الوسيط. (6) في (أ): (متعينا). (7) الوسيط: 3/ ق 240/ ب. (8) انظر: النقل عن القاضي في فتح العزيز 162، والروضة 8/ 292. (9) في (د): (حلفتني). الجزء: 4 ¦ الصفحة: 400 ثم ذكر صاحب الكتاب أنه لو قال: لي بينة على الإبراء لم يُمْهَل (1). وهذا مشكل على كلام صاحب الكتاب، فإن بينة الإبراء دافعة أيضاً، ولكن وجهه أنه في دعواه الإبراء اعترف (2) بأصل الحق، ودعواه الإبراء خصومة جديدة (3) فيقال له: قد تمّت الخصومة الأولى فاخرج عن (4) موجبها، وأوف ما ثبت عليه (5)، ثم استأنف خصومتك، فإن أثبت الإبراء استرددْت (6). وأما المذكور أولا من قوله "لي بينة دافعة" فنحمله على البينة الجارحة لبينة المدّعي المانعة من ثبوت أصل الحق، فالإمهال ثلاثة أيام كان لهذا، وذكر غيرهما في دعواه بيّنة الإبراء أنه يمهل أيضاً ثلاثة (7)، لأنها دافعة لوجوب الحق (8) الآن، وهو المقصود، وهذا أقوى، والله بغيبه أعلم. قوله: "لا معنى للإبراء عن الدعوى إلا بصلح (9) عن الإنكار" (10).   (1) انظر: الوسيط: 3/ ق 241/ أ. (2) في (د): (أعرف)، والمثبت من (أ) ولعل الصواب (اعتراف). (3) نهاية 2/ ق 181/ ب. (4) في (أ): (من). (5) كذا في النسختين والصواب (عليك) بدليل السياق. (6) انظر: فتح العزيز: 13/ 162، وأداب القضاء: ص 148، والروضة: 8/ 292. (7) في (أ): (ثلاثا)، وانظر: فتح العزيز: 13/ 162، والروضة: 8/ 292، ومغني المحتاج: 4/ 467. (8) في (أ): (حق). (9) في (د): (لا يصلح)، وهو تصحيف، والمثبت من (أ) وهو الموافق لما في الوسيط. (10) الوسيط: 3/ ق 241/ أ, ولفظه قبله "ولو قال: أبرئني عن الدعوى، فهذا لا يسمع، إذ لا معنى للإبراء ... إلخ". الجزء: 4 ¦ الصفحة: 401 معناه: أنه لا يستقيم إلا على مذهب أبي حنيفة حيث صحّح الصلح عن الإنكار مع كونه بذل عوض (1) عن دعوى ما لم تثبت (2) فكما جعل مجرّد الدعوى مقابلة بالعوض (3) كذلك يجعلها قابلة للإبراء (4)، وأما (5) نحن فلم نجعلها كذلك، والدعوى تنقسم إلى حق وباطل، وليست حقا ثابتا، فكيف يستقيم الإبراء عنها (6)، والله أعلم. الصحيح القطع بصحة دعوى الاستيلاد والتدبير، وتعليق (العتق بصفة (7)، لأنها حقوق ثابتة في الحال لا توصف بالتأجيل) (8) بخلاف الدين المؤجل (9)، والله أعلم. قوله في جواب المدّعى عليه "لو قال لفلان: عليّ أكثر مما لك، ليس بإقرار؛ لأنه يحتمل الاستهزاء" (10). هذا فيه نظر، وقد علّله الفوراني (11) بأنه قد يريد لفلان من الحرمة أكثر مما لك (12)، والله أعلم.   (1) كذا في النسختين، وفيها ركاكة. (2) في (أ): (يثبت) بالياء. (3) في (د): (فالعوض). (4) انظر: المبسوط: 21/ 27، والهداية مع تكملة فتح القدير: 8/ 418. (5) في (د): (إذا ما). (6) انظر: فتح العزيز: 13/ 162، والروضة: 8/ 292. (7) انظر: الوسيط: 3/ ق 241/ ب. (8) ما بين القوسين ساقط من (د). (9) انظر: الوجيز: 2/ 262، وفتح العزيز: 13/ 170، والروضة: 8/ 297. (10) الوسيط: 3/ ق 241/ ب. (11) لم أقف عليه (12) انظر: فتح العزيز: 13/ 173، الروضة: 8/ 300. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 402 ذكر فيما إذا أقرّ لغيره فكذّبه، ثم رجع المقرّ له وجهين في قبول رجوعه، ولو رجع المقرّ (والمقرّ) (1) له مصرّ على التكذيب، ففيه وجهان مرتبان، وأولى بأن لا يقبل؛ لأنه نفى الملك عن نفسه (2). هذا مشترك بين المقرّ والمقرّ له إلا أن المقرّ في ذلك مخبر عن نفسه، فيبعد غلطه فيه، فلا يقبل (3) دعواه الغلط بخلاف المقر له، فإنه ردّ خبر غيره (4)، فلا يبعد خفاؤه عليه وغلطه فيه، فقبلت دعواه بالغلط. وقوله: "هذا إذا لم تزل يده" (5) يعني هذا على قول من قال: تقرّر (6) العين في (7) يد المقرّ، والله أعلم. الفرع الثاني (8): كأنه من اللُّغْز (9)، ولم نجده مسطورا على الوجه الذي ذكره في كتاب آخر، وإنما (10) أورده بعبارة يتبين بها - إن شاء الله تعالى - فنقول: إذا ثبت ملك الغائب ببينة أقامها بعد رجوعه، ودعواه الملك، ولكن بعد إقرار صاحب اليد للمدّعي الغائب المذكور على ما فرضنا في أصل المسألة،   (1) ما بين القوسين ساقط من (د). (2) انظر: الوسيط: 3/ ق 242/ أ. (3) في (د): (فلا يعقل). (4) في (د): (ردّ حين أخبره). (5) الوسيط: 3/ ق 242/ أ، ولفظه قبله المذكور قبله بالمعنى. (6) في (د): (يقر). (7) نهاية 2/ ق 182/ أ. (8) انظر: الوسيط: 3/ ق 242/ ب. (9) اللغز من الكلام ما يشبّه معناه، والجمع ألغاز. انظر: المصباح المنير: ص 555. (10) في (أ): (وأنا). الجزء: 4 ¦ الصفحة: 403 فليس للمدّعي الأول تحليف المقرّ صاحب اليد ليُغَرّمه (1)، فإن الحيلولة مضافة إلى البينة، وإن ترجحت بإقراره، وكذلك لو أقرّ صاحب اليد للغائب مع إقامة البينة، ولكن بعد إقراره للمدّعي الأول، فإن العين تسلّم إلى الغائب، ولا يغرم للمدّعي الذي أقرّ له أولا، ولا يقال: إذا أقرّ لشخصين، أحدهما بعد الآخر، فإنه يغرم على أحد القولين لمن لم يحصل له (2) المقرّ به (3)، فكذلك ههنا قد أقرّ لاثنين، فينبغي أن يغرم لمن لم يحصل له (4) المقرّ به، ههنا هو الأول، وفي غيره هو الثاني؛ لأنا نقول: إنما ذلك إذا حصل لمن حصل له بإقراره، وههنا حصل لمن حصل له بالبينة، فاعلم ذلك! والله أعلم. ذكر فيما إذا خرج المبيع مستحقا ببينة وكان المشتري قد قال عند الدعوى عليه: كذا ملكي اشتريته (5) من فلان وكان ملكه ففي رجوعه بالثمن على البائع وجهان (6). فقوله (7): "اشتريته من فلان وكان ملكه"، لا حاجة إليه في صورة المسألة، بل لو قال: هذا ملكي، واقتصر عليه ففي رجوعه الوجهان (8)، فإن   (1) انظر: فتح العزيز: 13/ 181، والروضة: 8/ 304. (2) ساقط من (ب). (3) في (د): (العربه). (4) ساقط من (أ). (5) في (د): (إشريه). (6) انظر: الوسيط: 3/ ق 243/ أ. (7) في (د): (بقوله). (8) أصحهما: أنه يرجع مهما قال ذلك على وجه الخصومة. انظر. الوجيز: 2/ 264، فتح العزيز: 13/ 185. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 404 قوله "هذا ملكي" يتضمن إقراره للبائع بالملك، فإن الكلام مفروض فيما إذا لم يوجد من أسباب الملك غير ابتياعه منه، وهكذا صورها صاحب "النهاية" (1)، والله أعلم. ثم إن قول المصنف في هذه المسألة الخامسة "أما إذا ادّعى جارية، وأقام بينة واستولدها ثم كذب نفسه ... إلى آخره" (2) غير مرضي، فإن هذه (3) مسألة أخرى لا تناسبها مناسبة يقتضي أن تذكر هكذا في جملتها، وأدخل بينهما في "البسيط" (4) مسألة رجوع المشتري بثمن الجارية إذا ادّعت عليه أنها حرة الأصل، وأثبتت ذلك بيمينها (5)، وذلك قريب، والله أعلم. قوله: وقول غيره (6) في تغليط اليمين: "والله الذي لا إله هو الطالب الغالب" (7)،. قد أنكره الإمام أبو سليمان الخطابي (8) - رحمه الله - من حيث إنه لم يرد به في صفات الله تعالى توقيف.   (1) 25/ ق 198/ ب. (2) الوسيط: 3/ ق 243/ أ، وتمامه "فعليه المهر للمقرّ له، ويلزمه قيمة الولد؛ لأنه انعقد حرا، ولا يزول الحرية برجوعه ... إلخ". (3) نهاية 2/ ق 182/ ب. (4) 6/ ق 132/ أ. (5) في (د): (بثمينها) كذا، وهو تصحيف. (6) انظر: فتح العزيز: 13/ 190، والروضة: 8/ 309. (7) الوسيط: 3/ ق 243/ أ. (8) انظر كتابه: شأن الدعاء ص 106. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 405 وأجيب عنه بأن ذلك من قبيل اسم الفاعل الذي غلب فيه معنى الفعل دون (1) الصفة فالتحق بالأفعال (2)، وإضافة الأفعال إليه سبحانه مستحقة (3) لا تتوقف على توقيف، وكذلك توسع الناس في ذلك في تحميداتهم وتمجيداتهم (4) وغيرها، والله أعلم. وقوله في القاضي الحنفي إذا حلف الشافعي (على نفي) (5) شفعة الجوار، فليس له أن يحلف بناء على مذهب نفسه، بل يأثم, وتنعقد (6) اليمين كاذبة "لأنه قد لزمه في الظاهر لما (7) ألزمه (8) القاضي، وهل يلزمه في الباطن؟ فيه خلاف" (9). و (10) هذا متهافت (11)؛ لأنه قطع بتأثمه بناء على اللزوم في الظاهر مع أن في اللزوم باطنا خلافا، ومن يقول: لا يلزمه (12) في الباطن (13) لا يؤثمه في يمينه على وفق الباطن قطعا.   (1) في (د): (ومن). (2) في (د): (فالحق الأفعال). (3) ساقط من (أ). (4) في (د): (تجمداتهم وتحميداتهم). (5) ما بين القوسين ساقط من (د). (6) في (د) (ويعتقد)، وهو تحريف. (7) في (د): (ما). (8) في (أ) (التزمه). (9) الوسيط: 3/ 243/ ب. (10) ساقط من (أ). (11) في (أ): (متهاتف). (12) في (د): (لا يلزم) بإسقاط الضمير (13) والصحيح أنه يلزمه باطنا. انظر: الوجيز: 2/ 265، فتح العزيز: 13/ 199، الروضة: 8/ 315. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 406 ولو قال: يأثم في يمينه؛ لأنه لزمه في الظاهر والباطن موافقة عقيدة القاضي أو اليمين، وهل يلزمه في الباطن القيام بالشفعة؟ فيه خلاف يظهر (1) أثره في جواز الامتناع منها بتعزّز (2) أو غيره، لا في جواز الحلف بناء على مذهب نفسه لكان متجها، وقد سبق منه في كتاب القضاء (3) ذكر خلاف في أن حكم الحاكم هل يحيل (4) الباطن في المجتهدات (5)؟ وعلى هذا ينبغي حلّ شفعة الجوار للشافعي إذا قضى له بها حاكم حنفي، والله بغيبه أعلم. قوله: "بل (6) الاعتقاد كالاجتهاد" (7)، أي اعتقاد (8) المقلد في ذلك كاجتهاد المجتهد، والله أعلم. إذا ادّعى المدّعى عليه أنه صبيّ دفعاً للدعوى (9) عنه لم (10) يحلف في (11) أنه   (1) في (د): (تظهر) بالتاء. (2) في النسختين غير منقوطة، ورسمها يقتضي ما أثبته، والله أعلم. (3) الوسيط: 3/ ق 221/ أ. (4) كذا في النسختين، ولعل الصواب (يحلّ). (5) فيه أوجه: أصحها عند الغزالي المنع، وميل الأكثرين إلى الحل. الوسيط: 3/ ق 221/ أ، وانظر: فتح العزيز: 12/ 482، 13/ 119، والروضة: 8/ 315، 139. (6) في (د): (مثل)، والمثبت من (أ)، وهو الموافق لما في الوسيط. (7) الوسيط: 2/ ق 244/ أ، ولفظه قبله "فإن كان المحلف مجتهدا لم ينفذ عليه، وكأنه لم يؤثمه إذا حلف بموجب اعتقاد نفسه، وهذا بعيد بل الاعتقاد ... إلخ". (8) نهاية 2/ ق 183/ أ. (9) في (د) زيادة: (بالغا وهو يقول)، وهي عبارة مقحمة هنا، وموضعها بعد قليل. (10) في (أ): (ثم). (11) ساقط من (أ). الجزء: 4 ¦ الصفحة: 407 صبيّ (1)؛ لأن يمينه إنما تصح إذا كان بالغا، وهو يقول: إنه غير بالغ. وقوله: "لو قال: أنا بالغ صُدَّق ولم يحلف (2) "، فيه تفصيل سبق منه ذكره في كتاب الإقرار (3)، وهكذا إذا قال: بلغت بالاحتلام (4)، والله أعلم. قوله: "وقال مالك: إن كانت البينة حاضرة لم يجز" (5)، في"النهاية" (6) في المجلس، والله أعلم. قوله: فمن ادّعى عليه الساعي الزكاة فأنكر وتوجهت عليه اليمين ونكل: "فيه ثلاثة أوجه: أحدها: يقضي عليه (بالنكول) (7) [للضرورة] (8). والثاني: أنه يحبس حتى يقرّ أو يؤدي" (9).   (1) الوسيط: 2/ ق 244/ أ، ولفظه "ومن ادّعى أنه صبي، وهو محتمل، لا يحلف بل ينتظر بلوغه". (2) في (د): (ولم يجر)، وهو تحريف، والمثبت من (أ)، وهو الموافق لما في الوسيط: 3/ ق 244/ أ. (3) الوسيط: 2/ ق 109/ ب. (4) انظر: فتح العزيز: 13/ 201، والروضة: 8/ 317. (5) الوسيط: 3/ ق 244/ أ، ولفظه قبله "الطرف الرابع: في حكم اليمين، وفائدته عندنا قطع الخصومة في الحال، ولا يحصل بها براءة الذمة، بل يجوز للمدعي إقامة البينة بعده، وسواء كانت البينة حاضرة أو غائبة ... وقال مالك: إن ... إلخ". (6) 25/ ق 201/ ب. (7) ما بين القوسين بياض في (د)، والمثبت من (أ). (8) ما بين المعقوفتين تكملة من الوسيط يقتضيها المعنى. (9) الوسيط: 3/ ق 245/ أ. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 408 كذا وقع في "الوسيط"، ولا وجه له على (1) ما (2) لا يخفى، و (3) صوابه: حتى يقرّ أو يحلف، وهكذا هو في "البسيط" (4) و"النهاية" (5) وغيرهما (6)، والله أعلم. قوله: "ذميّ غاب ثم رجع مسلما وزعم أنه أسلم قبل انقضاء السنة فلا جزية عليه، ونكل عن اليمين" (7). يعني أن القول قوله مع يمينه (8) , لأن (9) الأصل براءة ذمته، فلو لم يغب وكان بيننا وادّعى ذلك لم يقبل قوله, لأنه على خلاف الظاهر, لأنه لو كان قد أسلم لأظهر إسلامه، ولم ينكتم (10)، ثم أنه ذكر فيها وجوها ثلاثة: وذكر في الوجه الثاني: "أنه يحبس حتى يقرّ أو يقيم البينة", وصوابه أيضاً: أو يحلف (11)، وذكر وجهاً ثالثا: أنه لا شيء عليه (12)، وهذا الوجه يجري مثله في مسألة الزكاة (13)،   (1) ما بين القوسين ساقط من (د). (2) في (د): (فا) كذا، وهو تصحيف. (3) في (د): (من). (4) 6/ ق 135/ ب. (5) 25/ ق 201/ أ. (6) كالتهذيب: 8/ 253 - 254, فتح العزيز: 13/ 215، أدب القضاء لابن أبي الدم: ص 170، الروضة: 8/ 326. (7) الوسيط: 3/ ق 245/ أ. (8) انظر: التهذيب: 8/ 254. (9) تكرر في (د). (10) انظر: التلخيص لابن القاص: ص 646، فتح العزيز: 13/ 216، مغني المحتاج: 4/ 479. (11) انظر: التهذيب: 8/ 254، فتح العزيز: 13/ 216، الروضة: 8/ 326. (12) انظر: الوجيز: 2/ 266، فتح العزيز: 13/ 216، أدب القضاء: ص 171، الروضة: 8/ 326. (13) يعني السابقة. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 409 وهو قول من قال فيها: إن اليمين مستحبة (1)، والله أعلم. "الثالثة (2): الصبي المشرك إذا أنبت وادّعى أنه استعجله بالمعالجة، وقلنا: إن الإنبات (3) ليس عين البلوغ، بل أمارة عليه فالقول قوله مع يمينه (4) فإن نكل قتل" (5). نصّ عليه الشافعي فيما نقله القاضي (6). وقوله في "الوسيط" (7): "وليس ذلك حكماً بالنكول" خلاف المقطوع به في "النهاية" (8) و"البسيط" (9) من أن ذلك قضاء بالنكول، ولكن هذا المذكور في "الوسيط" أثبت ما هو منقول عن الأصحاب (10) خلافاً لابن القاص (11) في مصيره (12) إلى أن ذلك قضاء بالنكول، وفي كتاب "البحر" (13) تأويل كلام ابن القاص على موافقتهم، وأنه أراد أنه يحكم عند النكول بالسبب الظاهر المتقدم (14)،   (1) انظر: فتح العزيز: 13/ 215، وأدب القضاء لابن أبي الدم: ص 169، والروضة: 8/ 326. (2) في (د): (الثالث) , والمثبت من (أ). وهو الموافق لما في الوسيط، يعني (المسألة الثالثة). (3) في (د): (الإثبات)، وهو تصحيف. (4) انظر: التهذيب: 8/ 254، وأدب القضاء لابن أبي الدم: ص 171. (5) الوسيط: 3/ ق 245/ أ، وتمامه المذكور بعده بعد قليل. (6) وانظر: أدب القضاء: ص 171. (7) نهاية 2/ ق 183/ ب. (8) 25/ ق 203/ أ. (9) 6/ ق 134/ ب. (10) انظر: التهذيب: 8/ 254، فتح العزيز: 13/ 217، أدب القضاء: ص 172، مغني المحتاج: 4/ 479. (11) انظر: التلخيص: ص 646. (12) في (د) يحتمل: (بصره أو نظره). (13) لم أقف عليه. (14) في (د): (التقديم). الجزء: 4 ¦ الصفحة: 410 لا بالنكول كما قال غيره، ثم هذا كله عندهم مطرد في المسائل الأخر التي فيها سبب ظاهر يحال عليه الحكم، وكلام صاحب الكتاب في مسألة الذمي (1) تحتمل أيضاً ذلك، والله أعلم. قوله: "شاهدان مقدَّمان على رجل شاهد وامرأتين على طريقة (2)، ومنهم من قطع بطرد القولين، وهو الأظهر" (3). فترك الطريقة المذكورة (4)، القطع بالتسوية (5)، ونقل طريقتين: الأولى منهما لا تعرف (6)، والثانية غريبة (7)، وهي طريقة الفوراني (8)، وقد نقل شيخه (9) - رحمه الله - عن الأصحاب القطع بعدم الترجيح، وذكر ذلك في "البسيط" (10) عوضا عن طريقته (11) الأولى المذكورة ههنا (12)، ووجدت في "تعليق" (13)   (1) في (أ): (التي). (2) في (د): (طائفتين)، وهو تحريف، والمثبت من (أ)، وهو الموافق لما في الوسيط. (3) الوسيط: 3/ ق 245/ ب. (4) في (أ): (المشهورة)، ويعني بالمذكورة، المذكورة في الصورة السابقة. (5) أي بين البينتين، وعدم الترجيح بينهما، هذا هو المذهب. انظر: الوجيز: 2/ 268، التهذيب: 8/ 325، فتح العزيز: 13/ 232، الروضة: 8/ 335. (6) في (د): (لا يعرف). (7) في (د): (عن بقية). وهي: ترجيح الرجلين لزيادة الوثوق بقولهما. انظر: فتح العزيز: 13/ 232، مغني المحتاج: 4/ 482، نهاية المحتاج: 8/ 364. (8) وانظر: فتح العزيز: 13/ 232. (9) انظر: نهاية المطلب 25/ ق 203/ ب. (10) 6/ ق 135/ ب. (11) في (أ): (من الطريقة). (12) ساقط من (أ). (13) لم أقف عليه. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 411 القاضي حسين أنه لا خلاف في أنه لا ترجيح، وهذا مع نقله القولين في الترجيح بزيادة العدد، وزيادة العدالة، وذلك منه. وممن سلك مسلكه مشكل لم أجدهم تعرضوا لبيانه، ولعل وجهه: أن في الرجل، والمرأتين زيادة العدد، وفي [الرجلين] (1) زيادة العدالة فتقاومتا، والله أعلم. قوله في إمكان تأويل البينتين المتعارضتين (2) في الملك "لعل (3) كل (4) واحد سمع وصية له أو شراء" (5). ينبغي أن يجعل الوصية والشراء على مرتين (6) كما فعله شيخه (7) - رحمه الله -. والوصية يقرب فيها الجمع والتأويل بأن يكون إحدى (8) البينتين سمعت وصية الملك (9) أولا بجميع العين لأحد المدعِيَيْن، ثم سمعت الأخرى وصية (10) بجميعها للآخر (11)، ولم تعلم كل واحدة (12) منهما بما سمعته صاحبتها (13)،   (1) ما بين المعقوفتين إضافة يقتضيها المعنى. (2) في (د): (المتعارضين). (3) ساقط من (أ). (4) في (أ): (لكل). (5) الوسيط: 3/ ق 245/ ب. (6) في (أ): (مرتبتين). (7) انظر: نهاية المطلب 25/ ق 204/ أ. (8) في (أ): (أحد). (9) في (أ): (المالك). (10) في (أ): (وصيته). (11) نهاية 2/ ق 184/ أ. (12) في (د): (ولم يعلم كل واحد). (13) في (د): (صاحبها). الجزء: 4 ¦ الصفحة: 412 والعين (1) في نفس الأمر مشتركة بينهما كما عرف. وأما الشراء فذكر الإمام (2) أن صورته: أن تشهد إحداهما (3): لواحد بشراء عين، وتشهد الأخرى لآ [خر] (4) بشراء تلك العين مع اتحاد التاريخين. قال: فتأويل الاجتماع على التصديق بعيد. ولم يذكر وجهه مع إشكاله. فقلت: يمكن ذلك بأن (5) تكون تلك العين مشتركة بين شخصين نصفين، وكل واحد منهما وكيل لشريكه في بيعها (6)، فباعها كل واحد منهما من شخص في تاريخ واحد، وحضر شراء كل واحد من المشتريين بينة عارفة بوكالة البائع منه من شريكه، وكان قد انعزل بجنون طرأ (7) أو غيره، فشهدت له بالشراء للعين (8) بكمالها، لكونها لم (9) يعلم بالانعزال فهما صادقان على نحو ما سبق في مسألة الوصية، والثابت في نفس الأمر لكل واحد من المشتريين نصف المبيع، هكذا يتصور مثله في غير الشراء، والله أعلم. قوله في المرأة التي يدعيها زوجان: "قول الوقف لا يجري؛ لأن الصلح غير ممكن" (10).   (1) في (أ): (فالعين). (2) انظر: نهاية المطلب 25/ ت 206/ ب. (3) في (د): (أحدهما). (4) ما بين المعقوفتين إضافة يقتضيها المعنى. (5) في (د): (أن). (6) في (د): (في بيعه). (7) في (د): (ظهر). (8) في (أ): (العين). (9) إلى هنا نهاية نسخة (أ)، وبعد هذا يكون الاعتماد على نسخة (د) وحدها. (10) الوسيط: 3/ ق 25/ ب. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 413 هكذا ذكره شيخه (1)، وحكاه عن الأئمة، وذكر صاحب "التهذيب" (2) أنه يجري، وهذا هو الصحيح (3)، لأن اصطلاحهما على أن يأخذ كل واحد منهما شيئا وإن لم يتمكن فرجوع المنكل منهما إلى تصديقه الحق، والله أعلم. دار في يد ثالث ادّعى شخصين نصفها فصدّقه، وادّعى الآخر نصفها الآخر فكذبه مع أنه لا يدّعيه لنفسه، ولا يدّعي له سوى هذا المدَّعي فثلاثة أوجه: الوجه الثاني: أنه يترك في يد صاحب اليد (4)، لأن يده ترجيح على يد غيره بالاستصحاب. ووقع في النسخ في تعليل هذا الوجه "أنه مال ضائع لا مالك له"، وهذا إنما ذكره في تعليل الوجه الثالث، وهو أنه ينزع من يده، ويترك في يد القاضي كما في الأموال الضائعة، ويحتمل أن يفرق بينهما وبين هذا، فإن هذا كان ثم مقرًّا في يد معينة يستصحبها، ثم إنه أورده (5) هذه المسألة في ترجيح تعارض البينتين، ولا بينة فيها، والله أعلم.   (1) انظر: نهاية المطلب 25/ ق 207/ أ. (2) 8/ 329. (3) انظر: فتح العزيز: 13/ 222 - 223، والروضة: 8/ 330. (4) انظر: الوسيط: 3/ ق 245/ ب. (5) كذا في (د)، ولعل الصواب: (أورد) بحذف الضمير. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 414 ومن كتاب العتق ذكر خلافاً في إعتاق البهيمة (1)، وإنما ذلك فيما ملك بالاصطياد. وأما البهيمة الإنسيّة فإعتاقها من قبيل سوائب الجاهلية (2)، وذلك باطل قطعا، والله أعلم. قوله: "أو قال: يا كَذْبَانُو للأمة" (3). هذه الكلمة فارسية، معناها: سيدة البيت القائمة بتدبير أمره، وهي بكاف مفتوحة، ثم ذال معجمة (4) ساكنة، ثم باء موحدة، ثم ألف ونون مضمومة، ثم واو، والله أعلم. شبّه ما إذا كان اسم الغلام "اَزَاذْرُوْيِ" (5) بما إذا كان اسم الجارية "حُرَّة" (6)، وليس يشبه ذلك هذا، فإن "أزاذروي" معناه: حرّ الوجه، فكان ينبغي أن يذكر في ذلك بما إذا كان اسمه "آزَاذْمَرْدْ" فإن معناه: رجل حرّ، و"آزاذ" معنا: حرّ،   (1) انظر: الوسيط: 3/ ق 251/ ب. (2) كان أهل الجاهلية يسيبونها، أي يتركونها لآلهتهم، لا يحمل عليها شيء. انظر: تفسير ابن كثير: 2/ 147 - 149، والقاموس: ص 126. (3) الوسيط: 3/ ق 251/ ب، ولفظه قبله "الأول: لو قال لعبده يا مولاي، ونوى عتق، ولو قال: يا سيدي، ويا كذبانو للأمة ونوى لم ينفذ". (4) وعند أهل اللغة الفارسية، بالدال المهملة (كدبانو). انظر: فرهنك فارسي عميد: ص 820، وبرهان قاطع: 3/ 1604. (5) هكذا ضبطها المؤلف بعد قليل، وكلمة (آزَاذْ) عند أهلها بدال مهملة. انظر: فرهنك فارسي عميد: ص 62. (6) الوسيط: 3/ ق 251/ ب حيث قال: "الثاني: أن يقول: يا حرة، فتعتق إلا أن يكون اسمها (حرة)، وكذلك إذا كان اسم الغلام (آزاذروي) ". الجزء: 4 ¦ الصفحة: 415 أوله همزة ممدودة، بعدها زاي منقوطة، ثم ألف ثم ذال معجمة ساكنة، ويتصل به في الكلمة الثانية "مرد"، وهو بميم مفتوحة، ثم راء مهملة ساكنة، ثم دال مهملة ساكنة، ومعناه: رجل، والله أعلم. قوله: "خواص العتق خمس" (1). معناه: أنها خواصه إلى (2) الإطلاق لا بالنسبة إلى سائر التصرفات (3)، والله أعلم. [قوله: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: (من أعتق شركا له في عبد وله مال قوّم عليه الباقي)] (4)، حديث متفق عليه (5)، رواه ابن عمر - رضي الله عنهما -. قوله: "وتظهر فائدته في الإضافة إلى العضو المقطوع" (6).   (1) الوسيط: 3/ ق 251/ ب، وتمامه "السراية والحصول بالقرابة، والامتناع من المريض فيما جاوز الثلث، والقرعة والولاء". (2) كذا في (د)، ولعل الصواب (على). (3) انظر: فتح العزيز: 13/ 311. (4) ما بين المعقوفتين تكملة من الوسيط: 3/ ق 251/ ب، يقتضيها ما بعدها من الكلام، ويبد أنها ساقطة من (د). (5) رواه البخاري: 5/ 163 مع الفتح في كتاب الشركة، باب الشركة في الرقيق، و5/ 179 - 180 في كتاب العتق، باب إذا أعتق عبدا بين اثنين أو أمة بين الشركاء، ومسلم: 10/ 135 مع النووي في فاتحة كتاب العتق، و11/ 137 في كتاب الإيمان, باب صحبة المماليك بنحوه. (6) الوسيط: 3/ ق 251/ ب، ولفظه قبله " ... لو عتق يده، أو عضوا آخر، عتق الجميع، وذلك بطريق السراية، أو بطريق التعبير بالبعض عن الكل، فيه خلاف ذكرناه في الطلاق، وتظهر فائدته ... إلخ". الجزء: 4 ¦ الصفحة: 416 من المفهوم ظاهره (1) ما إذا قال: مثلا بعد قطع يده: يدك حرة، وقد سبق منه في كتاب الطلاق (2) أن الصحيح أن هذا ليس محل الخلاف، بل لا يعتق قطعا، وإنما محل الخلاف ما إذا قال: إن دخلت الدار فيمينك حرّ، فقطعت ثم دخل الدار (3)، والله أعلم. ذكر أنه إذا أوصى بأن يعتق (4) نصيبه من عبده فلا يسري ثم قال: "إلا أن يستثني بالوصية" ثم فسر ذلك بأن يوصي بشراء نصيب الشريك، وإعتاقه (5). وهذا ليس في الحقيقة استثناءً من ذلك، وإن (6) إعتاق نصيب الشريك في هذا ليس بالسراية، بل بالمباشرة، فكأنه أراد أنه لا سبيل إلى أن يعتق عنه نصيب شريكه بعد موته إلا أن يوصى بالشراء والإعتاق، والله بغيبه أعلم. ذكر من شروط السراية "أن لا يتعلق بمحلها حق لازم كما لو كان مرهونا، أو مدبّرا، أو مكاتبا، أو مستولدة" (7).   (1) كذا في (د)، ولعل الصواب (المفهوم من ظاهره)، والله أعلم. (2) الوسيط: 2/ ق 59/ ب. (3) فيه وجهان مبنيان على أن تنفيذ الطلاق المضاف إلى الجزء بطريق التسرية منه، أو بطريق جعل ذكر البعض عبارة عن الكل؟ فإن قلنا: بطريق التسرية لم يقع الطلاق ههنا؛ لأن المضاف إليه لم يبق، وإن قلنا: إنه عبارة عن الكل يقع. انظر: الوجيز: 2/ 58، فتح العزيز: 8/ 569، الروضة: 6/ 62. (4) نهاية 2/ ق 185/ ب. (5) انظر: الوسيط: 3/ ق 252/ أ. (6) كذا في (د)، ولعل الصواب (فإن). (7) الوسيط: 3/ ق 252. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 417 وقد عرف أن التدبير غير لازم، فكأنه أراد أنه لازم بالنسبة إلى الغير، فليس للغير إبطاله. وصورة كون نصيب الشريك مكاتبا، أن يكاتبه الشريكان معا، ثم يعتق أحدهما نصيبه، أو يموت شخص عن ابنين، وله عبد فيدّعي أن الميت كاتبه فيصدّقه أحد الابنين دون الآخر، فإنه يصير نصيب المصدّق مكاتبا، فإن كاتبه أحدهما وحده لا يصح على المذهب (1). وصورة الاستيلاد أن يكون المستولد معسراً، والله أعلم. ذكر استيلاد أحد الشريكين الجارية، وقال: "وإن كان معسراً فلا يسري، فلو استولدها الثاني، وهو معسر ... إلى آخره" (2). فنقول: قد علم أن الثاني لا فرق فيه بين أن يكون معسراً، وأن يكون موسرا، فينبغي أن يجعل قوله "وهو معسر" عائد على الأول، أي الأول معسر كما سبق تصويره، مثل أن يقال: فلو استولدها الثاني والحالة هذه، والله أعلم. قوله: وفي الفرق من جراحات الجارحين، وبين إعتاق الشركاء، وحيث قطعنا بأن الضمان هناك موزّع على رؤوس الجارحين، ههنا قولان "لأن الجراحة لا يتقدر أثرها بقدر غورها، وههنا السبب مقدر تحقيقا" (3). معناه: أن الجراحة لا ينفذ دارسها بقدر عمقها، ولا يقدر سعتها فلا يستوي أرش (4) جراحتين متفاوتتين في ذلك، أو بعضه؛ لأن منزلتها تختلف ولا تتقدر   (1) انظر: فتح العزيز: 13/ 494، الروضة: 8/ 494. (2) الوسيط: 3/ ق 252/ ب. (3) الوسيط: 3/ ق 252/ ب. (4) نهاية 2/ ق 185/ ب. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 418 على قدر الجراحتين ... (1) صورة، فعدلنا عن اعتبار مقادير الجراحات إلى اعتبار عدد الجارحين، وأما ههنا فالسبب هو الإعتاق، وهو مقدر بقدر الملك، والله أعلم. إذا قال أحد الشريكين لشريكه: إذا أعتقت نصيبك فنصيبي حرّ، وكانا موسرين، فهذا دور، وعند ابن الحداد (2) يشد (3) على الشريك المقول له ذلك (4). الطريق إلى إعتاقه (5) نصيبه كما صدر إليه في المسألة السريجية (6) من انسداد باب الطلاق، ولم يذكر في الكتاب ههنا غيره أن ذلك ههنا أبعد، فإن فيه الحجر على الإنسان في إعتاق ملكه يقول غيره، والصحيح إبطال الدور، وأنه يعتق نصيب كل واحد منهما عليه من غير سراية (7)، والله أعلم.   (1) بياض في (د) بمقدار كلمة واحدة. (2) هو محمَّد بن أحمد بن محمَّد بن جعفر، أبو بكر الكناني المصري، المشهور بابن الحداد، كان إماما مدققا في العلوم، سيما الفقه، وكان كثير العبادة، وولي قضاء مصر نيابة، وله المصنفات الكثيرة، منها: الباهر في الفقه، وأدب القضاء، والمولدات وغيرها، توفي في المحرم سنة 344 هـ، وقيل في التي بعدها. انظر: طبقات الشيرازي: ص 122، وتذكرة الحفاظ: 3/ 899، وطبقات ابن قاضي شهبة: 1/ 130، العقد المذهب: ص 48، طبقات ابن هداية الله: ص 204. (3) كذا في (د)، ولفظ الوسيط "فهذا عند ابن الحداد يقتضي الحجر على المالك في إعتاق نصيب نفسه". (4) انظر: الوسيط: 3/ ق 253/ أ. (5) كذا في (د)، ولعل الصواب (إعتاق) بحذف الضمير. (6) سبق التعريف بها في كتاب النكاح. (7) انظر: التهذيب: 8/ 369، فتح العزيز: 13/ 335، الروضة: 8/ 398. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 419 قوله: "كل من دخل في ملكه أحد أبعاضه عتق عليه"، ثم قوله "الأبعاض تناولنا به جميع الأصول والفروع" (1). هذا في غاية الإشكال؛ لأنه بعض من الأب مثلا، وليس الأب بعضا منه، فطلب لكلامه وجها؛ لا يكون فيه الالتزام كون الأب بعضا منه، فلما وجدته يقول في كتابه المسمى "تحصين المآخذ في الخلاف" إن الجدّ بعض الأب انسدّ علينا هذا الباب، فعدلنا إلى تكلف وجه التقرير كون الأب بعضا منه، فوجهناه بأن الأبوين هما السبب في وجوده، فالأب إذاً بعض السبب، والأم بعض السبب، وكل واحد منهما بعض منه بهذا الاعتبار، والله أعلم. "ورثه أخوه فقبل بنيابته" (2). كان ينبغي أن يسمى ذلك خلافة لا نيابة، فإن فيها نَبْوَة (3) عن حقيقة الوراثة وحكمها، والله أعلم. حديث (أعتق رجل ستة أعبد لا مال له غيرهم، فجزّأهم (4) رسول الله - صلى الله عليه وسلم -   (1) الوسيط: 3/ ق 253/ ب، ولفظه قبله "الخاصية الثانية: العتق بالقرابة: كل من دخل ... إلخ". (2) الوسيط: 3/ ق 254/ أ، ولفظه قبله "واعلم أن اختيار وكيله ونائبه شرعاً كاختياره حتى لو أوصى له ببعض ابنه فمات قبل القبول، وورثه أخوه ... إلخ". (3) نبوة: مأخوذ من نبا الشيء نبوَّا ونُبيا ونبوة: لم يستو في مكانه المناسب له، ويقال: نبا السيف عن الضريبة نبوا ونبوة: رجع من غير قطع. ونبا شيء: بعد، ونبا السهم عن الهدف: لم يصبه. انظر: المصباح المنير: ص 591، القاموس: ص 1722، المعجم الوسيط: ص 899. (4) نهاية 2/ ق 186/ أ. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 420 ثلاثة أجزاء وأقرع بينهم)، يرويه عمران بن حصين (1)، رواه مسلم وغيره (2)، وفيه أنه (أعتقهم عند موته)، والله أعلم. قوله: (وقد أقرع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في الغنائم مرة بالنوى ومرة بالبعر) (3). لا أعرف له صحة (4)، والله أعلم. قوله: "النظر الثالث: في فروع متفرفة" (5). ليست فروع لما تلته أمر القرعة، وإن كان قد قال قبله: "النظر الثاني: في كيفية القرعة" فليس هذا ثالثا بالنسبة إلى هذا الثاني، وأنه صرّح في أولها وأن فيها نظرين، وأيضاً ففي هذه الفروع ما يأبى كونها فروعا للقرعة، وإنما هذا   (1) هو عمران بن حصين بن عبيد بن خلف، أبو نجيد الخزاعي، أسلم عام خيبر، وغزا عدة غزوات، وكان من فضلاء الصحابة وفقهاؤهم، وكان ممن يسلم عليه الملائكة، وسكن البصرة، ومات بها سنة 52 هـ، وقيل في التي بعدها. انظر: الاستيعاب: 3/ 22، تذكرة الحفاظ: 1/ 29 - 30، الإصابة: 3/ 26 - 27. (2) رواه مسلم: 11/ 139 - 141 مع النووي في كتاب الإيمان, باب صحبة المماليك، وأبو داود: 4/ 267 - 270 في كتاب العتق، باب فيمن أعتق عبدا له لم يبلغهم الثلث، والنسائي: 4/ 64 في كتاب الجنائز، باب الصلاة على من يحيف في وصيته، والترمذي: 3/ 645 في كتاب الأحكام، باب ما جاء فيمن يعتق مماليكه عند موته، وليس له مال غيرهم، وابن ماجه: 2/ 786 في كتاب الأحكام، باب القضاء بالقرعة، وأحمد: 4/ 426، وابن الجارود في المنتقى: ص 238، والبيهقي في الكبرى: 6/ 445 بلفظ (أن رجلا أعتق ستة مملوكين له عند موته لم يكن له مال غيرهم فدعاهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فجزّأهم أثلاثا ثم أقرع بينهم فأعتق اثنين، وأرقّ أربعة). (3) الوسيط: 3/ ق 255/ أ. (4) نقل الحافظ ابن حجر في التلخيص: 4/ 212 كلام المصنف هذا، وسكت عليه. (5) الوسيط: 3/ ق 255/ ب. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 421 فروع الأصل (1) "كتاب العتق"، وقد قال في أوله: "والنظر في أركانه وخواصه وفروعه" فهذه فروعه تلك، والله أعلم. قوله في إعتاق الوارث عبدا من التركة قبل قضاء الدين: "لعل الأصح أنه كان معسرا، لم ينفد تصرفه، وإن كان موسرا فيكون تصرفه كتصرف الراهن" (2). معناه: أنه إن كان معسرا لم ينفذ إعتاقه قولا واحدا (3) بخلاف الراهن، فإن فيه إذا كان معسرا قولا (4)، والفرق أن ملك الوارث ثلثاه من الميت فيقدم فيه حق الميت، ويقتضي ذلك امتناع تصرف الوارث إذا كان على وجه يفوت حق الميت من قضاء دينه، والله أعلم.   (1) كذا في (د)، ولعل الصواب (لأصل). (2) الوسيط: 3/ ق 255/ ب. (3) انظر: فتح العزيز: 13/ 371، الروضة: 8/ 423. (4) في صحة الإعتاق. انظر: الوجيز: 1/ 164، الروضة: 3/ 325، 317. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 422 كتاب الكتابة قوله: "الكتابة عبارة عن (الجمع)، ولذلك سمّي اجتماع الحروف كتابة، واجتماع العسكر كتيبة، واجتماع النجوم في هذا العقد كتابة" (1). العبارة غير مرضية؛ إذ ليست الكتيبة عبارة عن اجتماع العسكر، وإنما هي عندهم عبارة عن قطعة من العسكر مجتمعة (2). والصواب أيضاً أن يقال: جمع الحروف، وجمع النجوم، لا اجتماع، والله أعلم. قوله في استحباب الكتابة (3): "ظاهر الكتاب لم يشترط إلا الأمانة، إذ قال الله تعالى: {فَكَاتِبُوهُمْ إِنْ عَلِمْتُمْ فِيهِمْ خَيْرًا} (4) " (5) هذا خلاف الظاهر، وخلاف نص الشافعي - رحمه الله -، ومذهبه في هذا "الخير" فإنه قال فيه: وأظهر معاني "الخير" في العبد الاكتساب مع الأمانة (6)،   (1) الوسيط: 3/ ق 260/ ب. (2) انظر: الصحاح: 1/ 209، المصباح المنير: ص 525. هذا والكتابة شرعاً: عقد عتق بلفظها بعوض منجم بنجمين فأكثر. انظر: مغني المحتاج: 4/ 516، نهاية المحتاج: 8/ 404. (3) نهاية 2/ ق 186/ ب. (4) سورة النور الآية 33. (5) الوسيط 3/ ق 261/ أ. (6) انظر: الأم: 8/ 37، ومختصر المزني: ص 340، شرح السنة: 5/ 267، فتح العزيز: 13/ 442. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 423 وحكى ذلك عن أبي حنيفة (1) ومالك (2) وغيرهما، وحكي عن ابن عباس (3) وابن عمر (4) وغيرهما (5) أن "الخير" فيها هو الاكتساب خاصة، وحكي عن الحسن البصري وسفيان الثوري (6) أنهما قالا: هو الأمانة والدين خاصة، ومذهب الشافعي فيه هو الأقوى (7)، والله أعلم. قوله: "العتق يحصل بالإبراء والاعتياض" (8). هذا إخبار منه لجواز الاستبدال عن نجوم الكتابة، وهو اعتياض يجري بين السيد والعبد (9) وفيه وجهان على القول الصحيح بأن بيع النجوم من الغير   (1) لم أجد هذا عنه في كتب المذهب وغيرها، وجاء في كتب المذهب غير منسوب لأحد، أن المراد بـ "الخير" هو ألا يضر بالمسلمين، وقبل: الوفاء وأداء الأمانة والصلاح، وقيل: المال. انظر: تكملة فتح القدير: 9/ 156، والبحر الرائق: 8/ 45، وحاشية رد المختار: 6/ 99. (2) هذا ما حكاه عنه ابن جرير الطبري في تفسيره، وقال ابن عبد البر في الكافي "والخير المذكور فيها هو المال عند مالك وأصحابه، وقد قيل: الخير ههنا الأمانة والقوة على الأداء". انظر: تفسير ابن جرير: 10/ 128، والكافي: 2/ 987، والذخيرة: 11/ 247. (3) روى عنه ابن جرير في تفسيره: 10/ 128، والبيهقي في الكبرى: 10/ 536، والصغير: 2/ 543. (4) روى عنه ابن جرير والبيهقي. انظر: المصادر السابقة. (5) روي ذلك عن مكحول أيضاً. انظر: السنن الكبرى للبيهقي: 10/ 537. (6) انظر قول الحسن والثوري في تفسير ابن جرير: 10/ 128 - 129، والسنن الكبرى: 10/ 537. (7) وهو ما رجحه ابن جرير في تفسيره: 10/ 129 حيث قال: "وأولى هذه الأقوال في معنى ذلك عندي قول من قال: معناه: فكاتبوهم إن علمتم فيهم قوة على الاحتراف والاكتساب والوفاء بما أوجب على نفسه وألزمها". (8) الوسيط: 3/ ق 261/ أ، وتمامه " ... تغليبا لحكم المعاوضة، لكن في صحيح الكتابة". (9) كأن تكون النجوم دنانير، فيعطي بدلها دراهم. انظر: مغني المحتاج: 4/ 537. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 424 باطل (1)، والفرق أن الاستبدال طريق في الأداء، والله أعلم. قوله في عوض الكتابة: "شرطه: أن يكون دينا مؤجلا" (2). إذا قيل: قوله: "مؤجلا" يغني عن قوله "دينا" فإن المؤجل لا يكون إلا دينا. فجوابه: ما قدمناه فيما تقدم أن دلالة الالتزام لا يكتفى بها في المخاطبات، وهذان وصفان مقصودان. وفي قولنا "دين" احتراز عن العتق. فيما إذا جمع بين الكتابة والبيع في صفقة واحدة: "صيغته أن يقول: بعتك هذا الثوب وكاتبتك بألف إلى نجمين" (3). هذا غلط سبق به القلم، فإنه ليست هذه صورة الخلاف الذي ذكره، بل البيع فيها باطل قولا واحدا (4)، وإنما صورة هذه المسألة فيما إذا قدم الكتابة على البيع فقال: كاتبتك وبعتك هذا بألف إلى نجمين كذا وكذا (5)، وقد بين   (1) لأنه بيع الدين من غير من عليه الدين، ولأنه بيع ما لم يقبض. وهذا هو المذهب، وإن جوز بيع النجوم من الغير جوز الاستبدال عنها وجها واحدا. انظر: التهذيب: 8/ 461، وفتح العزيز: 13/ 536، والروضة: 8/ 518، ومغني المحتاج: 4/ 537. (2) الوسيط: 3/ ق 261/ أ. (3) الوسيط: 3/ ق 261/ ب، وتمامه " ... فيقدم الإيجاب على القبول، وفيه قول مخرج: أنه يصح أخذا من نص الشافعي - رحمه الله - على أنه لو قال: اشتريت عبدك بألف، ورهنت بالألف دارا فأجاب إليهما صح الرهن ... إلخ". (4) لأنه شرط عقدا في عقد. انظر: فتح العزيز: 13/ 454، والروضة: 8/ 472، ومغني المحتاج: 4/ 519. (5) ففيه طريقان: أحدهما: أنها على قولين فيما إذا جمع في صفقة واحدة عقدين مختلفي الحكم، ففي قول: يصحان، وفي آخر: يبطلان. والثاني: وهو المذهب أن البيع باطل، وفي صحة الكتابة قولا تفريق الصفقة. انظر: الوجيز: 2/ 284، وفتح العزيز: 13/ 452 - 453، والروضة: 8/ 472، ومغني المحتاج: 4/ 519. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 425 هو - رحمه الله - الأمر في ذلك على ما ذكرته (1) في باب الرهن (2)، والله أعلم. ذكر في كتابة الحربي أنه إذا كان في النجوم خمر، وقبض بعض الخمر بعد الإِسلام عتق، ويرجع السيد على العبد بقيمته كلها، ولا توزع على ما قبضه قبل الإِسلام، وعلى ما قبضه بعده. قال: "وقد ذكرنا (3) نظير ذلك في الخلع فلا نعيده" (4). لم يذكر ذلك في الخلع، وهو مشكل، فإن في مثله في الصداق يوزّع، والفرق أن المعوض في الكتابة هو العتق لا يحصل إلا بقبض جميع النجوم، وعند قبض آخرها لا يثبت لما تقدم منها حكم العوضية إلا بقبض آخرها، وأنه لو عجز كان ما مضى مقبوضا، قبض كسب العبد القن، فإذا لم يوجد ذلك إلا بعد الإِسلام فقد وجد في حالة مانعة من الاعتبار (5) العوضية فيه، فلم يقع إذا ما قضى بعضا من العوض حتى يوزّع عليه وعلى ما بقي بخلاف النكاح، فإن العوض فيه، وهو البضع استحق بالعقد، وقبض من عوضه الذي هو خمر، قبض في حالة يعتبر فيها عوضا فاعتبر في التوزيع، والله أعلم. قوله: "وأما [ما] (6) يفترق فيه الكتابة الصحيحة والفاسدة فأمران" (7).   (1) كذا في (د)، ولعل الصواب (ذكره)؛ لأن المصنف لم يشرح باب الرهن من الوسيط. (2) الوسيط: 3/ ق 62/ ب. (3) نهاية 2/ ق 187/ أ. (4) الوسيط: 3/ ق 262/ ب. (5) كذا في (د)، لعل الصواب (اعتبار). (6) ما بين المعقوفتين إضافة من الوسيط. (7) الوسيط: 3/ ق 263/ أ. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 426 هما يفترقان في أمور أخر جعل هو بعضها من توابع عدم لزومها، وذلك بطلانها لموت السيد (1)، وجواز إعتاقه عن كفارته، ويكون ذلك فسخا عن الكتابة (2)، وما ذكرناه من فسخها، فكذلك يجري في الإعتاق عن الكفارة فهو أيضاً أفسخ (3) لها، وبعضها لم يذكره في ذكره لما يفترقان فيه، ومن ذلك عدم حصول العتق في الفاسدة بالإبراء (4) وعند (5) جواز استقلاله بالمسافرة (6)، وعدم صرف جواز الزكاة إليه على أحد الوجهين (7)، وقد ذكر ذلك من قبل لكن ذلك لا يسقط عند ذكره عند بيان ما يفترقان فيه، ومن ذلك ما لم يذكره أصلا، وذلك ما ذكره صاحب "التهذيب" (8) من أنه لا يجب استبراء المكاتبة كتابة فاسدة إذا انفسخت كتابتها (9)، وأنه إذا عجل النجوم قبل المَحِلّ لم يعتق على أحد   (1) بخلاف الكتابة الصحيحة. انظر: الوجيز: 2/ 286، فتح العزيز: 13/ 482، الروضة: 8/ 486، مغني المحتاج: 4/ 533. (2) انظر: المصادر السابقة. (3) كذا في (د)، ولعل الصواب (فسخ) بإسقاط الهمزة، وانظر: المصادر السابقة. (4) انظر: فتح العزيز: 13/ 478، الروضة: 8/ 485، مغني المحتاج: 4/ 533، نهاية المحتاج: 8/ 422. (5) كذا في (د)، ولعل الصواب (عدم)، والله أعلم. (6) على المذهب. انظر: التهذيب: 8/ 427، فتح العزيز: 13/ 479، الروضة: 8/ 485، 487. (7) وهو الأصح والمنصوص. انظر: فتح العزيز: 13/ 480، الروضة: 8/ 487، مغني المحتاج: 4/ 533. (8) 8/ 426 - 427. (9) وانظر أيضاً: الروضة: 8/ 486 - 487، مغني المحتاج: 4/ 534. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 427 الوجهين؛ لأنه تعليق ولم [يوجد] (1) الصفة على وجهها، وذكر أمورا أخر فيها شيء، ولم أذكرها، والله أعلم. قوله: "ولم تخالف الكتابة الفاسدة قياس الشافعي - رحمه الله - إلا في شيء واحد، وهو إثبات الاستقلال بالاكتساب (2) وحصول العتق بالأدء" (3). كان ينبغي أن يقال: إلا في شيئين، وقد عبر قوله "وحصول العتق بالأداء" في ذلك إشكال الآخر، وهو إشعاره بأن حصول العتق حكم العبد غيره (4)، والله أعلم. قوله في تعليل جواز تأخير الإيتاء (5) إلى ما بعد العتق؛ "لأن مقصوده أن يكون بلغة بعد العتق" (6). ينبغي أن يضاف إليه: أو معونة على العتق؛ لأنه لا خلاف في أنه يجوز قبل العتق (7)، والله أعلم. قوله في ذكر أحد الوجهين في أنه يجوز إيتاء أقل ما يتمول بخلاف المتعة؛ فإنها قدّرت بالمعروف (8)، قد سبق منه في المتعة ذكر وجهين كهذين الوجهين، فيظهر إذاً الأثر ما ذكر في أن هذا أولى بجواز الاكتفاء بالأقل من المتعة، والله أعلم.   (1) في (د): (يوجب) بالباء الموحدة، والمثبت من "التهذيب" الذي نقل منه المصنف، هذه المسألة، والله أعلم. (2) نهاية 2/ ق 187/ ب. (3) الوسيط: 3/ ق 263/ ب. (4) في (د) يحتمل هذا، أو (عين)، والله أعلم. (5) الإيتاء: هو أن يحط عن المكاتب شيئاً من النجوم، أو يبذل شيئاً، ويأخذ النجوم. انظر: التهذيب: 8/ 431، فتح العزيز: 13/ 501، الروضة: 8/ 498. (6) الوسيط: 3/ ق 265/ أ. (7) انظر: فتح العزيز: 13/ 502، الروضة: 8/ 499، مغني المحتاج: 4/ 522. (8) انظر: الوسيط: 3/ ق 265. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 428 إذا مات السيد قبل الإيتاء، قال: "النص أنه يضارب به الوصايا، وهو مشكل" (1). هذا فيه تغيير للفظ النص بما يبعد فيه التأويل، ولا بد من تأويله عند الأصحاب سوى من شذ منهم، ولفظ النص هو في مختصر المزني (2) "حاصّ المكاتب بالذي له أهل الدين والوصايا"، ومن تأويلاته أن المراد به يساوي أهل الدين والوصايا في أنه يقدَّم على الميراث، ثم بعد التقديم المذكور يحاصّ أهل الديون، ويقدّم على الوصايا (3)؛ لأنه دين، وهذا لا يتأتى في اللفظ الذي عبرا (4) له. ومن الأصحاب من قال: غلط الكاتب، وإنما قال: "حاصّ أهل الدين دون الوصايا" (5). قوله فيما إذا كانت للمكاتب عروض: "لا تشتري إلا بعد زمان، فللسيد الفسخ، وقال الصيدلاني: لا يفسخ، وهذا بعيد" (6). ينبغي على قول الصيدلاني (7) أن يتقدم بثلاثة أيام، وهذا هو الذي قطع به   (1) الوسيط: 3/ ق 265/ ب، وتمامه "لأن حق الدين أن يقدّم، فلعله أراد به ما إذا قدر زيادة على الواجب فمات ... إلخ". (2) ص 341، وقوله: "حاصّ المكاتب": بحاء مهملة، أي أخذا الحصة, وهي النصيب. انظر: النظم المستعذب: 2/ 18، المصباح المنير: ص 139. (3) انظر: المهذب: 2/ 18، والتهذيب: 8/ 431 - 432، فتح العزيز: 13/ 504. (4) كذا في (د) بالألف بعد الراء، ولعل الصواب (عبر) بحذف الألف، والله أعلم. (5) انظر: فتح العزيز: 13/ 504. (6) الوسيط: 3/ ق 265/ ب، 266/ أ. (7) انظر قول الصيدلاني في: فتح العزيز: 13/ 511، الروضة: 8/ 504. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 429 صاحب "المهذب" (1)، وليس ببعيد، بل هو الصحيح (2)، والله أعلم. ما حكاه عن العراقيين من أنه ليس للعبد المكاتب فسخ الكتابة مع أنه له (3) الامتناع من الأداء (4)، إنما هو أحد الوجهين عند العراقيين (5)، والله أعلم. قوله: "لو استسخر السيد المكاتب شهرا، وغرم له أجرة المثل، فإذا حلّ النجم وعجز فله الفسخ، وفيه وجه: أنه يلزمه أن ينظره مثل مدة (6) الاستسخار" (7). يعني معنى وجوب أجرة المثل، وهذا الوجه قول في حكاية شيخه (8)، وذكر أن الأجرة عوض ما فوته من المنافع، والإمهال ليس عوض عنها، فإنه ما دامت الكتابة تلاحق للسيد (9) في منافعه حتى يقال: فوتاها عليه في مدة الإمهال في مقابلة ما فوته على المكاتب، وهذا على خلاف نقل غيره   (1) 2/ 19، وكذا صاحب التهذيب: 8/ 482. (2) وصحح الرافعي والنووي الأول، أعني جواز الفسخ. انظر: فتح العزيز: 13/ 511، الروضة: 8/ 504، مغني المحتاج: 4/ 528. (3) نهاية 1/ ق 188/ أ. (4) انظر: الوسيط: 3/ ق 266/ أ. (5) انظر: المهذب: 2/ 14، التهذيب: 8/ 481، كفاية الأخيار: ص 763. (6) في (د): (هذه)، وهو تحريف، والمثبت من الوسيط. (7) الوسيط: 3/ ق 266/ أ. (8) نهاية المطلب 25/ ق 235/ أ. (9) كذا في (د)، ولعل الصواب (السيد). الجزء: 4 ¦ الصفحة: 430 للقولين في المسألة، فإنه جعل نقل أحد القولين الاكتفاء بالإمهال من غير أجرة (1)، والله أعلم. قوله فيما إذا اجتمع على المكاتب دين للسيد وحجر عليه القاضي حجر الفلس "فالنص أنه يوزَّع على الديون" (2). معناه عند صاحب "التقريب" وعلى النجوم أيضاً، صرح بهذا صاحب "التقريب" (3)، وذكر أنه ظاهر النص، وأنه الأصح، وكلام المصنف يقتضي أن الأصح التسوية والتوزيع من الأرش ودين المعاملة الثابتين للأجنبي، لا ما   (1) قال الرافعي وغيره: إذا قهر السيد المكاتب واستسخره في بعض أعماله مدة، فعليه أجرة مثله، ثم إذا جاء المحلّ، هل عليه إمهاله مثل تلك المدة، أم له التعجيز والفسخ؟ فيه قولان: أحدهما: أن على السيد أن يمهله مثل تلك المدة، وأصحهما: أنه لا يلزمه الإمهال. انظر: المهذب: 2/ 16، التهذيب: 8/ 462، فتح العزيز: 13/ 517، الروضة: 8/ 507. (2) الوسيط: 3/ ق 266/ ب، وتمامه "لأن كل واحد لو انفرد لاستغرق تمام حقه والذي ذهب إليه المحققون أن المقدم دين معاملة الأجنبي؛ لأنه لا يأخذ متعلقا من الرقبة بخلاف الأرش والنجم، ثم أرش الأجنبي يقدم على النجم". (3) كذا في (د) في الموضعين، ولعل الصواب في الموضع الأول "التهذيب"؛ لأنه قال: " ... إذا حجر عليه الحاكم قسّم ماله بين السيد والغرماء على قدر ديونهم، ولا يقدم البعض على البعض"، والنجم دين للسيد كما قال المصنف بعد قليل. ويدل على ذلك سياق كلام الرافعي حيث قال: " ... وفي كيفية القسمة وجهان، ويقال: قولان: أحدهما: وهو ظاهر نصه في "المختصر" أنه يقسمه على أقدار الديون، ولا يقدم بعضها على بعض؛ لأن جميع الديون متعلقة بما يزيده ... وهذا ما أورده في "التهذيب"، ويحكى عن أبي إسحاق، واختيار صاحب "التقريب"، والله أعلم. انظر: التهذيب: 8/ 471، وفتح العزيز: 13/ 519 - 520، والروضة: 8/ 509. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 431 حكاه عن المحققين من خلافه، فإنه ذكر بعد هذا فيما إذا عجز المكاتب نفسه أن الصحيح أن يقسم ما في يده على ما للأجانب عليه من دين معاملة وأرش بالتسوية، ولا فرق بين هذا وذاك، إذاً دين النجم للسيّد (1) فسيأتي (2) منه القطع في الفرع الثاني في الصورة الثانية: بأنه لا يضارب بالنجم (3)، وفي ذلك ما حكيناه عن ظاهر النص من أنه يضارب، والله بغيبه أعلم. وقوله في فداء السيد المكاتب إذا جنى "إنما يتعلق (4) حق المجني عليه بالرقبة بعد انفساخ الكتابة" (5). وجهه أنه متى دامت الكتابة فهو كالحر فيتعلق الأرش بذمته لا برقبته؛ لأن ذمته غير خراب بخلاف القن، والله أعلم. قوله: "لو كان متفاوتي القيمة" (6). يعني، وكانت (7) نجومهما متفاوتة على حسب تفاوتهما وقيمتهما، ولا حاجة إلى هذا، وينبغي أن يقول: لو كانا متفاوتتين (8) في النجوم، حتى يشمل ما إذا تفاوتت نجومهما مع تساويهما في القيمة، وغير ذلك.   (1) كذا في (د) ولعل الصواب (دين النجم دين للسيد) والله أعلم. (2) كذا في (د)، ولعل الصواب (وسيأتي)، والله أعلم. (3) ولفظه في الوسيط: 3/ ق 266/ ب "لو كان للسيد دين معاملة ونجم فلا يضارب الغرماء بالنجم، ويضارب بدين المعاملة". (4) في (د): (بتعليق)، والمثبت من الوسيط. (5) الوسيط: 3/ ق 266/ ب، ولفظه قبله "لم يجب على المجني عليه قبوله؛ لأنه إنما يتعلق ... إلخ". (6) الوسيط: 3/ ق 267/ أ، وتمامه " ... وجاء المال، ثم ادّعى الخسيس أنهما أدّيا على الرؤوس، وقال الآخر: بل على قدر النجوم ففيه نصان مختلفان، فقيل: قولان ... إلخ". (7) نهاية 1/ ق 188/ ب. (8) كذا في (د)، ولعل الصواب (متفاوتين). الجزء: 4 ¦ الصفحة: 432 وقوله: "فالقول قول من ينكره" (1)، يعني من ينكره من العبدين؛ لأن الاسترداد وإن كان من السيد فقول من ينكره منهما معتمدا أيضاً كأن الأصل عدمه. ذكر فيما إذا كاتب عبدين ثم أقرّ بأنه قبض نجوم أحدهما، وأبهم ولم يعين، ومات وتعذر البيان، فهل يقرع بينهما بتعيين العتق قولان: "الثاني: لا يقرع؛ لأنه دين استبهم من عليه، ولأنه عتق عبد معين من عبدين، وإنما تجري القرعة عند إعتاق العبدين جميعا، لكن إذا قلنا: لا يقرع بينهما فللوارث أن يعجزهما ليحصل تعجيز الرقيق منهما، وبعد ذلك يستبهم عتق بين عبدين، فلا تبعد القرعة" (2). هذا كلامه، وفيه إشكال، فقوله "وإنما تجري القرعة عند إعتاق العبدين جميعا" حيث يعتبر ذلك من الثلث، ولا يخرج منه إلا أحدهما، كلام ناقص وتمامه أن يقول: وعند إبهام العتق من الابتداء بين عبدين، فالقرعة جارية في هاتين الصورتين بلا خلاف عندنا (3). والإشكال التام (4): فيما ذكره من التوصل إلى جريان القرعة لتعجيز على قول المنع منهما، إنما يستقيم على تعليل المنع منها بأنه دين مستبهم؛ لأنه إذا   (1) الوسيط: 3/ ق 267، ولفظه قبله " ... وقيل: بل المسألة على حالين، فالقول قول من يدّعي الاستواء، إلا أن يقتضي ذلك في النجم الأخير استرداد شيء من السيد، فالقول قول من ينكره". (2) الوسيط: 3/ ق 267/ ب. (3) انظر: فتح العزيز: 13/ 532. (4) كذا في (د)، ولعل الصواب (الثاني)، والله اعلم. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 433 عجز الرقيق منهما لامتناعه من الأداء لم يبق له دين عليه، لانفساخ كتابته، ولا على الآخر لأدائه. أما إذا علّلنا المنع من القرعة بأنها لا تجري إذا كان العتق معينا في نفس الأمر، فهذا باقٍ بقيد التعجيز فيبقى قول المنع، ولكن معللا بعلة واحدة، وقيل: التعجيز كان معللا بعلتين (1) على القول الأول، ولكن الصحيح لا يشترط في القرعة عدم تعيين المعتق في نفس الأمر، والله أعلم. قوله في تعليل القول ببطلان بيع المكاتب: "لأن العبد استحق عتقا عليه (2) وفي بيعه نقل الولاء إلى غيره" (3). هذا فيه جواب عن دخل مقدر كأن قائلا قال: ليس يبطل بالبيع ما استحقه من العتق، فإنه يعتق على المشتري بأدائه إليه. والجواب: أن الولاء حينئذ يكون للمشتري، وفي ذلك نقل الولاء عن الذي كاتب وكل من بالكتابة (4) فولاؤه لمن كاتبه. قوله: "لو جنى على السيد فأعتقه سقط الأرش، إن لم يكن في يده شيء؛ لأنه لا يطالب عبد نفسه بالجناية بعد العتق" (5). هذا التعليل باطل بما إذا أعتق بالأداء في هذه الصورة، فإنه يبقى الأرش في ذمته يبيع (6) به، نصّ عليه الشافعي - رحمه الله - في مختصر المزني (7)، وقطعوا   (1) في (د) زيادة: (و). (2) نهاية 1/ ق 189/ أ. (3) الوسيط: 3/ ق 267/ ب. (4) كذا في (د) ولعل الصواب (من منّ بالكتابة) والله أعلم. (5) الوسيط: 3/ ق 269/ ب. (6) كذا في (د)، لعل الصواب (يبيعه). (7) ص 346. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 434 به (1)، وإنما علل شيخه في "النهاية" (2) هذا الحكم بعد أن نقله عن الأصحاب بأن السيد هو الذي أزال ملك الرقبة، وكان متعلقا للأرش إذ لا مال له غير الرقبة يعني في هذه الصورة المفروضة فيما إذا لم يكن في يده شيء، وتعليل صاحب "الشامل" (3) هو نحو هذا قال: أتلف رقّه بإعتاقه يسقط ما كان متعلقا برقبته له، ويخالف العتق بالأداء؛ لأنه كان من جهة العبد وهو لا يرد عليه النقض الوارد على ما عدل إليه صاحب الكتاب، فإن قلت: فتعليلهم بأن الأرش كان متعلقا برقبته فسقط عنه بإعتاقه له، لا يستقيم أيضاً، بل هو متعلق بذمته بدلالة ما سبق ذكره فيما إذا أعتق بالأداء، وليس متعلقا برقبته، فإنه ليس للسيد بيعه فيه، وليس في ذلك كأرش جناية العبد على أجنبي، والله أعلم. قال صاحب "التهذيب" (4): "المكاتب إذا جنى على سيده لا يتعلق الأرش برقبته، بل يتعلق بذمته، بدليل أنه لا تباع رقبته". قلت: لا يعني بتعلق الأرش برقبته التعلق الثابت في حق الأجنبي، وإنما يعني مجرد كون السيد يملك أن يعجزه بسبب عجزه عن الأرش حتى يعود فيه، ويمكن من التصرف في رقبته، ولا ينكر أن أرش السيد (5) تعلق بذمته، وإنما سقط بإعتاقه، ولم يسقط بعتقه بالأداء؛ لأن إعتاقه إياه تضمن إبراءه من الأرش؛ لأنه لم يدع له مطعما فيه؛ لأنه أتلف رقّه، ولا شيء في يده، وذمته   (1) انظر: التهذيب: 8/ 468، وفتح العزيز: 13/ 577، والروضة: 8/ 544. (2) 25/ ق 246/ ب. (3) لم أقف عليه. (4) 8/ 468. (5) نهاية 1/ ق 189/ ب. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 435 مع خرابها لسبب معلقا بحيث يفوت العامل الحاصل من أجلها حتى لو كان في يده شيء لم يكن إعتاقه مسقط للأرش على أظهر الوجهين (1)، ووجه الوجه الآخر أن الأرش عند ارتفاع الكتاب لا يتعلق إلا بالرقبة فكفى إتلافه إياها بالإعتاق متضمنا لإبرائه (2). فاعلم ذلك! فإنه في غاية من الإشكال، وقد منّ الله الكريم علينا بكشفه، وإنما نقول: هذا في مسألة نبينها لمن لا يعرف قدره فليحتفل (3) لئلا يحرم الانتفاع به، والله بغيبه أعلم، وأعز وأكرم. {وَقَالُوا الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي هَدَانَا لِهَذَا وَمَا كُنَّا لِنَهْتَدِيَ لَوْلَا أَنْ هَدَانَا اللَّهُ} (4) اللهم لك الحمد الأتم على كل نعمة، ولك الحمد على كل حال. إنا مسائلوك متوسلين بك وسيلة في كل مقام إجابة أن تصلي على محمَّد سيدنا، وسيد عبادك وسلّم، وعلى سائر النبيين والكل والصالحين. منتهى المنى وأن ينفع بما اشتمل عليه هو أجمع جميع المسلمين، وأن تصونه من الخلل والخطأ والحرمان، ومن خطوات عدونا الشيطان، وأن يجعله لنا من موجبات الغفران والرضوان آمين يا رب العالمين وجميع المسلمين، والحمد لله رب العالمين (5).   (1) انظر: فتح العزيز: 13/ 577، والروضة: 8/ 544. (2) انظر: فتح العزيز: 13/ 577. (3) فليحتفل: أي فليهتم به، يقال: احتفلت بفلان، قمت بأمره، ولا تحتفل بأمره، أي لا تباله ولا تهتم به، واحتفلت به أي اهتممت به. انظر: الصحاح: 4/ 1671، والمصباح المنير: ص 142. (4) سورة الأعراف الآية 43. (5) هذا آخر نسخة (د)، وبه تمّ كتاب "شرح مشكل الوسيط". الجزء: 4 ¦ الصفحة: 436 فهرس المراجع [أ] [1] آثار البلاد وأخبار العباد: للقزويني ، ب يروت، دار صادر عام 1389 هـ. [2] الإبانة عن أحكام فروع الديانة: لأبي القاسم الفوراني ت (461) هـ. توجد منه نسخة مصورة بقسم المخطوطات بالجامعة الإِسلاميَّة برقم (996)، وهي مصوَّرة من دار الكتب المصريَّة ورقمها فيه (22958 ب). [3] أبجد العلوم الوشي المرقوم في بيان أحوال العلوم: للقنُّوجي - بعناية عبد الجبَّار زكار - منشورات وزارة الثقافة والإرشاد القومي، دمشق سنة 1978 م. [4] إتحاف السادة المتقين بشرح إحياء علوم الدين: لمرتضى الزبيدي (ت 1205 هـ) - دار الفكر - بيروت. [5] إتحاف المهرة بالفوائد المبتكرة من أطراف العشرة: للحافظ ابن حجر، تحقيق د. زهير ناصر الناصر وآخرون - من إصدارات مجمع الملك فهد لطباعة المصحف الشريف، ومركز خدمة السنة والسيرة النبويَّة، المدينة المنوَّرة، ط/ 1 سنة 1415 هـ. [6] الإحسان في ترتيب صحيح ابن حبَّان: لابن بلبان الفارسي - (ت 739 هـ) تحقيق شعيب الأرنؤوط - مؤسسة الرسالة، بيروت - ط/ 1 سنة 1408 هـ. [7] إحكام الأحكام شرح عمدة الأحكام: لابن دقيق العيد - تحقيق محمَّد حامد الفقي - مطبعة السنة المحمديَّة 1372 هـ. [8] أحكام الأطعمة في الشريعة الإِسلامية: د. عبد الله بن محمَّد الطريقي الطبعة الأولى: 1404 هـ. [9] أحكام الجنائز وبدعها: لمحمد ناصر الدين الألباني - الناشر مكتبة المعارف - الرياض - ط/1 سنة 1412 هـ. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 437 [10] الأحكام السلطانية: لأبي الحسن علي بن محمَّد الماوردي (ت 450 هـ) الطبعة الثالثة: 1393 هـ شركة مكتبة ومطبعة البابي الحلبي - القاهرة. [11] إحكام الفصول في أحكام الأصول: لأبي الوليد الباجي تحقيق: عبد المجيد زكي الطبعة الأولى: 1407 هـ دار الغرب الإِسلامي بيروت. [12] الإحكام في أصول الأحكام: لسيف الدين الآمدي (ت 631 هـ) - تعليق الشيخ عبد الرزاق عفيفي - ط/ 1 سنة 1387 هـ، دار الكتب العلمية - بيروت. [13] أحكام القرآن: لعماد الدين بن محمَّد الطبري المعروف بإلكيا الهراسي (ت 504 هـ) تحقيق: موسى محمَّد علي ود. عزت علي عيد، الناشر: دار الكتب الحديثية القاهرة. [14] أحكام القرآن: لأبي بكر أحمد بن علي الجصاص الرازي (ت 370 هـ) تحقيق: محمَّد الصادق قمحاوي، دار إحياء التراث العربي ومؤسسة التاريخ العربي بيروت. [15] أحكام القرآن: للإمام الشافعي، الطبعة الأولى: 1395 هـ دارالكتب العلمية بيروت. [16] إحياء علوم الدين: لأبي حامد الغزالي - الناشر دار الكتب العلميَّة - بيروت - ط/2 سنة 1412 هـ. [17] اختصار علوم الحديث: للحافظ عماد الدين ابن كثير (ت 774 هـ) مطبوع مع شرحه (الباعث الحثيث) لأحمد شاكر عنى به: د. بديع السيد اللحام الطبعة الأولى: (1414 هـ) مكتبة دار الفيحاء دمشق، ومكتبة دار السلام الرياض. [18] اختلاف الحديث: للإمام الشافعي - مطبوع في آخر الأم، بعناية محمود مطرجي - دار الكتب العلميَّة - بيروت - ط/ 1 سنة 1413 هـ. [19] الاختيار لتعليل المختار: لعبد الله بن محمود الموصلي الحنفي، مع تعليقات لمحمود أبو دقيقة، الطبعة الثالثة: (1395 هـ) تصحيح: محسن أبو دقيقة، الناشر: دار المعرفة بيروت. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 438 [20] آداب البحث والمناظرة: للشيخ محمد الأمين الشنقيطي من مطبوعات الجامعة الإِسلامية بالمدينة النبوية. [21] آداب المفتي والمستفتي: لأبي عمر وابن الصلاح (ت 643 هـ) تحقيق: عبد المعطي أمين قلعجي، الطبعة الأولى: 1406 هـ دار المعرفة بيروت. [22] أدب القضاء: لشهاب الدين إبراهيم بن عبد الله بن أب الدم الحموي (ت 642 هـ) تحقيق: محمَّد عبد القادر عطا، الطبعة الأولى (1407 هـ) دار الكتب العلمية بيروت. [23] أدب الكاتب: لابن قتيبة الدينوري - شرح وضبط الأستاذ علي فاعور - بيروت دارالكتب العلميَّة، ط/1 سنة 1408 هـ. [24] الأدب المفرد: للإمام محمَّد بن إسماعيل البخاري (ت 256 هـ) تحقيق: محمَّد عبد القادر عطا الطبعة الأولى: 1410 هـ دار الكتب العلمية بيروت. [25] إرشاد الفحول إلى تحقيق الحق من علم الأصول: لمحمد بن علي الشوكاني (ت 1250 هـ) تحقيق: د. شعبان محمَّد إسماعيل الطبعة الأولى: (1413 هـ) دار الكتبي مصر، الناشر: المكتبة التجارية مكة المكرمة. [26] إرشاد الفقيه إلى معرفة أدلة التنبيه: للحافظ إسماعيل بن كثير الدمشقي (ت 774 هـ) تحقيق: بهجة يوسف حمد أبو الطيب، الطبعة الأولى: 1416 هـ مؤسسة الرسالة بيروت. [27] إرواء الغليل في تخريج أحاديث منار السبيل: لمحمد ناصر الدين الألباني، بإشرف محمَّد زهير الشاوش الطبعة الثانية: (1405 هـ) المكتب الإِسلامي بيروت. [28] الاستذكار: لابن عبد البر النمري القرطبي (ت 463 هـ) تحقيق: د. عبد المعطي أمين قلعجي، الطبعة الأولى: الناشر: دار قتيبة - دمشق، ودار الوعي، حلب - القاهرة. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 439 [29] الاستغناء في الفرق والاستثناء: لمحمد بن أبا سليمان البكري (مات في القرن التاسع) تحقيق: د. سعود بن سعد الثبيتي، الطبعة الأولى: (1408 هـ) جامعة أم القرى مكة المكرمة. [30] الاستيعاب في معرفة الأصحاب: لابن عبد البر النمري (ت 463 هـ) - مطبوع بهامش الإصابة - تحقيق د. طه محمَّد الزيني - مصور عن الطبعة الأولى (1328 هـ)، دار إحياء التراث العربي. [31] أسد الغابة في معرفة الصحابة: لأبي الحسن علي بن محمَّد بن الأثير الجزري (ت 630 هـ) تحقيق: محمَّد إبراهيم البنا وآخرون، مطبعة الشعب بالقاهرة، (1970). [32] أسنى المطالب شرح روضة الطالب: لأبي يحيى زكريا الأنصاري (ت 926 هـ) المطبعة الميمنية بمصر - الناشر: المكتبة الإِسلامية عام 1313 هـ. [33] الأشباه والنظائر في قواعد وفروع فقه الشافعية: لجلال الدين عبد الرحمن السيوطي (ت 911 هـ) الطبعة الأولى (1411 هـ) دار الكتب العلمية بيروت. [34] اشتقاق في أسماء الله: لأبي القاسم عبد الرحمن الزجاجي (ت 340 هـ) تحقيق: د. عبد الحسين المبارك، الطبعة الثانية: 1406 هـ مؤسسة الرسالة نهاية المطلب بيروت. [35] الإشراف على مذاهب أهل العلم: (البيوع والجنايات والحدود) لمحمد بن إبراهيم بن المنذر النيسابوري (ت 318 هـ) تحقيق: محمَّد نجيب سراج الدين، الطبعة الثانية: (1414 هـ) إصدار: وزارة الأوقاف بدولة قطر. [36] الإشراف على مذاهب أهل العلم: (النكاح والطلاق) لمحمد بن المنذر المتقدم ذكره. تحقيق: صغير أحمد حنيف، الطبعة الأولى: الناشر: دار طيبة بالرياض. [37] الإشراف على مسائل الخلاف: للقاضي عبد الوهاب بن علي البغدادي (433 هـ) الطبعة الأولى: مطبعة الإرادة. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 440 [38] الإصابة في تمييز الصحابة: لابن حجر العسقلاني - تحقيق د. طه محمَّد الزيني - مكتبة الكليَّات الأزهريَّة، القاهرة -. [39] الإصابة في تمييز الصحابة: للحافظ ابن حجر العسقلاني (ت 852 هـ) مطبوع بهامشه الاستيعاب لابن عبد البر، الطبعة الأولى: (1328 هـ) الناشر: دار إحياء التراث العربي. [40] إصلاح الأخطاء الحديثيَّة التي يرويها أكثر الناس محرَّفة أو ملحونة: لأبي سليمان الخطابي - مؤسسة الكتب الثقافيَّة، بيروت ط/ 1 سنة 1409 هـ. [41] إصلاح غلط المحدثين: لأبي سليمان حمد بن إبراهيم الخطابي (ت 388 هـ) تحقيق: صلاح محمَّد محمَّد عويضة الطبعة الأولى: 1413 هـ دار الكتب العلمية بيروت. [42] إصلاح المنطق: لابن السكيت شرح وتحقيق: أحمد محمَّد شاكر، وعبد السلام هارون، الطبعة الثانية: دار المعارف بمصر 1375 هـ. [43] الأصل: لمحمد بن الحسن الشيباني (ت 189 هـ) التصحيح والتعليق: أبو الوفاء الأفغاني. الناشر: دائرة المعارف العثمانية بحيدر آباد الدكن الهند. [44] أصول السرخسي: لأبي بكر محمَّد بن أحمد بن سهل السرخسي (ت 490 هـ) تحقيق: أبو الوفاء الأفغاني: طبع بمطابع دار الكتاب العربي عام 1372 هـ. [45] أصول الفقه الإِسلامي: للدكتور وهبة الزحيلي - دار الفكر، دمشق - ط/1 سنة 1406 هـ. [46] أضواء البيان في إيضاح القرآن بالقرآن: لمحمد الأمين الشنقيطي - الناشر دار ابن تيميَّة، القاهرة - 1413 هـ. [47] إعراب القرآن: لأبي جعفر النَّحاس - تحقيق د. زهير غازي زاهد - مطبعة العاني، بغداد 1397 هـ. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 441 [48] أعلام الساجد بأحكام المساجد: لمحمد بن بهادر الزركشي (ت 794 هـ) الطبعة الثانية: الناشر: لجنة إحياء التراث الإِسلامي - القاهرة. [49] إعلام الموقعين عن رب العالمين: لشمس الدين محمَّد بن أبي بكر المعروف بابن قيم الجوزية (ت 751 هـ) راجعه وقدم له وعلق عليه: طه عبد الرؤف سعد طبع دار الجيل بيروت. [50] الأعلام: لخير الدين الزركلي (ت 1396 هـ) الطبعة الخامسة 1980 الميلادي دار العلم للملايين - بيروت. [51] إغاثة اللهفان في مصائد الشيطان: لابن قيِّم الجوزية - تحقيق بشير محمَّد عيون، مكتبة دار البيان، دمشق - مكتبة المؤيد، الرياض، ط /1 - 1414 هـ. [52] الإفصاح في فقه اللغة: لعبد الفتاح الصعيدي وحسين يوسف موسى، الطبعة الأولى: (1407 هـ) دار الكتب العلمية بيروت. [53] الإقناع في حل ألفاظ أبي شجاع: لمحمد بن الخطيب الشربيني (977 هـ) دار إحياء الكتب العربية لأصحابها عيسى البابي الحلبي وشركاه بالقاهرة. [54] أمالي الشجري: لهبة الله بن علي الخسيني العلوي (ت 542 هـ) تحقيق: د. محمود محمَّد الطناحي الطبعة الأولى: (1413 هـ) مطبعة المدني بالقاهرة والناشر مكتبة الخانجي بالقاهرة. [55] الأم: لمحمد بن إدريس الشافعي (ت 204 هـ) تحقيق: محمود مطرجي، الطبعة الأولى: (1413 هـ) دار الكتب العلمية بيروت. [56] إنباه الرواة على أنباه النحاة: لجمال الدين أبي الحسن علي بن يوسف القفطي (ت 624 هـ) تحقيق: محمَّد أبو الفضل إبراهيم، الطبعة الأولى: 1406 هـ الناشر: دار الفكر العربي - القاهرة ومؤسسة الكتب الثقافية - بيروت. [57] الأنساب: لعبد الكريم بن محمَّد السمعاني (ت 562 هـ) تحقيق: عبد الله عمر البارودي، الطبعة الأولى: 1408 هـ دار الجنان - بيروت. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 442 [58] الأُنس الجليل بتاريخ القدس والخليل: لمجير الدين الحنبلي - مكتبة المحتسب، عمان الأردن سنة 1973 م. [59] الإنصاف في معرفة الراجح من الخلاف على مذهب الإِمام أحمد: لأبي الحسن علي بن سليمان المرداوي (ت 885 هـ) تحقيق: محمَّد حامد الفقي دار إحياء التراث العربي - مؤسسة التاريخ العربي - بيروت، الطبعة الثانية. [60] أنيس الفقهاء: لقاسم القونوي (ت 978 هـ) تحقيق: د. أحمد بن عبد الرزاق الكبيسي الطبعة الأولى: (1406 هـ) الناشر: دار الوفاء للنشر والتوزيع المملكة العربية السعودية. [61] الأوسط في السنن والإجماع والخلاف: لأبي بكر ابن المنذر - تحقيق د. أبي حمَّاد صغير، وأحمد محمَّد حنيف - دار طيَّبة، الرياض - ط/1 سنة 1405 هـ. [62] أوضح المسالك: لابن هشام الأنصاري - طبع مع شرحه ضياء السالك - الناشر مكتبة العلوم والحكم، المدينة المنورة. [63] الإيضاح في المناسك: لمحي الدين يحيى بن شرف النووي (676 هـ) الطبعة الثانية: 1406 هـ الناشر: دار الكتب العلمية - بيروت. [64] الإيضاح والتبيان في معرفة المكيال والميزان: لنجم الدين أحمد بن رفعة الشافعي (ت 710 هـ) تحقيق: د. محمَّد الخاروف، الطبعة الأولى: 1400 هـ من مطبوعات جامعة أم القري. [65] إيقاظ أولي الهمم والأبصار: لصالح بن محمَّد العمر الشهير بالفلاّني (ت 1218 هـ) الطبعة الأولى: 1395 هـ دار نشر الكتب الإِسلامية - كجرانواله - باكستان. [ب] [66] البحر الرائق شرح كنز الدقائق: لزين الدين ابن نجيم الحنفي (ت 970 هـ) الطبعة الثانية: دار المعرفة بيروت. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 443 [67] البحر المحيط في أصول الفقه: لمحمد بن بهادر بن عبد الله الزركشي (ت 794 هـ) قام بتحريره د. عمر سليمان الأشقر، وراجعه د. عبد الستار أبو غدة ود. محمَّد سليمان الأشقر، الطبعة الأولى: 1409 هـ من مطبوعات وزارة الأوقاف والشؤن الإسلامية - الكويت. [68] بحر المذهب: (كتاب الحج فقط) لأبي المحاسن الروياني (ت 502 هـ) مصور بمركز البحث العلمي بجامعة أم القرى برقم (488). [69] بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع: لأبي بكر الكاساني - دار الكتب العلميَّة، بيروت - ط/2 سنة 1406 هـ. [70] بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع: لعلاء الدين بن أبي بكر بن مسعود الكاساني الحنفي (ت 587 هـ) قدم له وخرج أحاديثه: أحمد مختار عثمان، الناشر: زكريا علي يوسف مطبعة العاصمة بالقاهرة. [71] بداية المجتهد ونهاية المقتصد: لابن رشد - تحقيق أبي الزهراء حازم القاضي - الناشر مكتبة نزار مصطفى الباز، مكة المكرَّمة. [72] البداية والنهاية: لإسماعيل بن كثير - تحقيق د. أحمد أبو ملحم وآخرون - دار الكتب العلميَّة، بيروت. [73] البداية والنهاية: لعماد الدين أبي الفداء إسماعيل بن كثير الدمشقي (ت 774 هـ) تحقيق: أحمد عبد الوهاب فتح، الطبعة الأولى: (1413 هـ) الناشر: دار الحديث القاهرة. [74] البدر المنير في تخريج أحاديث الشرح الكبير: لابن الملقِّن - تحقيق ودراسة جمال محمَّد السيِّد - دار العاصة، الرياض - ط/ 1 سنة 1414 هـ. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 444 [75] برنامج التجيبي: للقاسم بن يوسف التجيبي - تحقيق واعداد عبد الحفيظ منصور - الدار العربيَّة للكتاب، ليبيا، تونس سنة 1981 م. [76] برنامج الوادي آشي: لمحمد بن جابر الوادي آشي - تحقيق محمَّد محفوظ - دار الغرب الإِسلامي، بيروت - ط/ 1 سنة 1400 هـ. [77] البرهان في أصول الفقة: لإمام الحرمين عبد الملك الجويني (ت 478 هـ) تحقيق: د. عبد العظيم الديب، الطبعة الثانية: 1400 هـ توزيع دار الأنصار - القاهرة. [78] البسيط في المذهب: (الجزء الأول، والرابع والخامس والسادس) لأبي حامد الغزالي مصور بمكتبة المخطوطات بالجامعة الإِسلامية برقم (3556 - 3559، 3564 - 3565، 3566 - 3567)، وتوجد منه نسخة بقسم المخطوطات بالجامعة الإِسلاميَّة فلم رقم (7111)، ومصدره المكتبة الظاهريَّة برقم (2111/ 174). [79] بغية الإيضاح لتلخيص المفتاح في علوم البلاغة: لعبد المتعال الصعيدي الناشر: دار الشيخة مكة المكرمة. [80] بغية الوعاة في طبقات اللغويين والنحاة: لجلال الدين السيوطي - تصحيح أحصد بن الأمين الشنقيطي - مطبعة السعادة، مصر - ط/1 سنة 1326 هـ [81] بغية الوعاة في طبقات اللغويين والنحاة: لجلال الدين بن عبد الرحمن السيوطي، تحقيق: محمَّد أبو الفضل إبراهيم، الطبعة الأولى: 1384 هـ الناشر: مطبعة عيسى البابي الحلبي - القاهرة. [82] بلدان الخلافة الشرقيَّة: تأليف كى لسترنج، ترجمة بشير فرنسيس، وكوركيس عوَّاد - مؤسسة الرسالة، بيروت، ط/2 سنة 1405 هـ. [83] بلغة السالك لأقرب المسالك إلى مذهب الإِمام مالك: لأحمد الصاوي المالكي (ت 1241 هـ) الطبعة الأخيرة: (1372 هـ) شركة مكتبة ومطبعة مصطفى البابي الحلبي وأولاده بمصر. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 445 [84] بلوغ المرام من جمع أدلة الأحكام: لابن حجر العسقلاني - طبع مع شرحه سبل السلام - دار الريَّان للترا ث - ط/4 - 1407 هـ. [85] البيان: (كتاب الحج) لأبي يحيى العمراني مصور عن نسخة دار الكتب المصرية. [ت] [86] تاج التراجم: لأبي الفداء زين الدين قاسم بن قطلوبغا السودني (ت 879 هـ) تحقيق: محمَّد خير رمضان، الطبعة الأولى: (1413 هـ) دار القلم دمشق. [87] تاج العروس من جواهر القامرس: لمحمد بن مرتضى الحسيني الزبيدي (ت 1205 هـ) تحقيق: عبد الستار أحمد فراج، طبعة حام 1385 هـ مطبعة حكومة الكويت. [88] تاريخ الأدب العربي: كارل بروكلمان (ت 1375 هـ) ترجمة عبد الحليم النجار. الطبعة الثالثة: الناشر: دار المعارف - القاهرة. [89] تاريخ الأدب العربي: لبروكلمان - نقله إلى العربيَّة د. السيِّد يعقوب بكر - دار المعارف، القاهرة. [90] التاريخ الإِسلامي: لمحمود شاكر - المكتب الإسلامي، بيروت - ط/ 4 سنة 1405 هـ. [91] تاريخ بغداد: لأبي بكر أحمد بن علي الخطيب (ت 463 هـ) دار الكتاب العربي بيروت. [92] تاريخ التراث العربي: لفؤاد سزكين - نقله إلى العرييَّة د. محمود فهمي حجازي، د. فهمي أبو الفضل - الهيئة المصريَّة العامَّة للكتاب سنة 1977 م. [93] تاريخ الخلفاء: لجلال الدين السيوطي - دار التراث، بيروت - 1389 هـ. [94] تاريخ الخلفاء: للحافظ جلال الدين السيوطي (ت 911 هـ) الطبعة الأولى: دار الكتب العلمية بيروت توزيع مكتبة عباس أحمد الباز مكة المكرمة. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 446 [95] التاريخ الكبير: لمحمد بن إسماعيل البخاري (ت 256 هـ) تصحيح عبد الرحمن المعلمي، الناشر: دار الكتب العلمية بيروت. [96] تاريخ مدينة دمشق: لابن عساكر- تحقيق ودراسة محيي الدين أبي سعيد عمر ابن غرامة العمري - دار الفكر، دمشق - ط/ 1 سنة 1415 هـ. [97] تاريخ ابن معين: تحقيق د. أحمد محمَّد نور سيف - من منشورات مركز البحث العلمي وإحياء التراث الإسلامي بجامعة الملك عبد العزيز، مكة 1399 هـ. [98] التبصرة: لأبي محمَّد الجويني - تحقيق ودراسة محمَّد بن عبد العزيز السديس - مؤسسة قرطبة، القاهرة - ط/ 1 سنة 1413 هـ. [99] تبيين الكذب فيما نسب إلى الإمام أبي الحسن الأشعري: لابن عساكر - تحقيق محمَّد زاهد الكوثري - مكتبة حسام الدين القدسي، القاهرة. [100] التّتمة: لأبي سعد المتولي (ت 478 هـ) (الجزء السابع) مصور بمكتبة المخطوطات بالجامعة الإِسلامية برقم (5928). [101] تحرير ألفاظ التنبيه: ليحيى بن شرف النووي، مطبوع بهامش التنبيه، اعتنى بهما أيمن صالح شعبان، الطبعة الأولى: (1415 هـ) دار الكتب العلمية بيروت. [102] تحرير التنبيه: لشرف الدين النووي - تحقيق د. محمَّد رضوان الداية، د. فايز الداية - دار الفكر، دمشق - ط/ 1 سنة 1410 هـ. [103] تحفة الأشراف بمعرفة الأطراف: لأبي الحجاج يوسف بن الزكي المزي (ت 742 هـ) بهامشه النكت الظراف على الأطراف لابن حجر تحقيق: عبد الصمد شرف الدين الناشر: الدار القيمة بمباي الهند. [104] تحفة الفقهاء: لأبي الليث السمرقندي، تحقيق: محمَّد المنتصر الكتاني ود. وهبة الزهيلي، دار الفكر بدمشق. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 447 [105] التحقيق في أحاديث الخلاف: لأبي الفرج ابن الجوزي (ت 597 هـ) تحقيق وتعليق: مسعد عبد الحميد السعدني ومحمد فارس، الطبعة الأولى: دار الكتب العلمية بيروت. [106] تخريج الأحاديث الضعاف من سنن الدارقطني: لأبي محمَّد عبد الله بن يحيى الغساني (ت 682 هـ) تحقيق: كمال يوسف الحوت. دار الكتب العلمية بيروت. [107] تدريب الراوي في شرح تقريب النواوي: لجلال الدين السيوطي - تحقيق د. أحمد عمر هاشم - دار الكتاب العربي، بيروت - سنة 1414 هـ. [108] تذكرة الأخيار بما في الوسيط من الأخبار: لابن الملقنِّ ت (804) هـ. توجد منه نسخة بقسم المخطوطات بالجامعة الإِسلاميَّة برقم (7036/ 0)، وهي مصوَّرة من تركيا/ طوبقيوسراي رقم (473). [109] تذكرة الحفاظ: لشمس الدين محمَّد بن أحمد الذهبي (ت 748 هـ) تحقيق عبد الرحمن المعلمي بإشراف وزارة المعارف للحكومة الهندية. الناشر: دار الكتب العلمية بيروت. [110] ترتيب المدارك وتقريب المسالك: للقاضي عياض - تحقيق د. أحمد بكير محمود - دار مكتبة الحياة، بيروت - سنة 1387 هـ. [111] ترتيب المدارك وتقريب المسالك لمعرفة أعلام مذهب مالك: للقاضي عياض ابن موسى (ت 544 هـ) الناشر: وزارة الأوقاف والشؤن الإِسلامية بالمغرب. [112] التسهيل لعلوم التنزيل: لابن جزي المالكي - دار الفكر، بيروت. [113] تصحيح التنبيه: لشرف الدين النووي - تحقيق د. محمد الإبراهيم - مؤسسة الرسالة، بيروت - ط/1 سنة 1417 هـ. [114] التعريفات: للشريف الجرجاني - دار الكتب العلميَّة بيروت -1416 هـ. [115] تعليقات ابن التركماني (الجوهر النقي): - مطبوع بهامش السنن الكبرى للبيهقي - تحقيق محمَّد عبد القادر عطا - دار الكتب العلميَّة، بيروت - ط/ 1، 1414 هـ. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 448 [116] التعليق المغني على الدارقطني: لأبي الطيب محمَّد شمس الحق العظيم آبادي مطبوع بذيل سنن الدارقطني دار إحياء التراث العربي بيروت عام 1413 هـ. [117] التعليقة: للقاضي حسين المرورذي (الطهارة والصلاة) تحقيق: على محمَّد معوض وعادل عبد الموجود، الطبعة الأولى: الناشر: مكتبة نزار مصطفى الباز مكة المكرمة. [118] التعليقة: للقاضي أبي الطيِّب ت (450) هـ. مصورة من دار الكتب المصريَّة ورقمها فيها (266). [119] تغليق التعليق على صحيح البخاري: لابن حجر العسقلاني - دراسة وتحقيق سعيد عبد الرحمن القرني - المكتب الإسلامي، بيروت - ط/ 1 سنة 1405 هـ. [120] التفريع: لأبي القاسم عبيد الله بن الحسيني بن الجلاب البصري (ت 378 هـ) تحقيق: د. حسين بن سالم الدهماني، الطبعة الأولى: (1408 هـ) دار الغرب الإِسلامي بيروت. [121] تفسير البغوي: معالم التنزيل: لمحي السنة أبي محمَّد الحسين البغوي (ت 516 هـ) تحقيق: محمَّد عبد الله النمر وعثمان جمعة وسليمان مسلم دار طيبة عام 1409 هـ. [122] تفسير الجلالين: للإمامين جلال الدين المحلي وجلال الدين السيوطي شرف على إعداده ومراجعته: محمَّد فهمي أبو عبية ومروان سوار وعبد المنعم العاني الناشر: دار الريان للتراث - القاهرة عام 1407 هـ. [123] تفسير القرآن العظيم: لإسماعيل بن كثير - مكتبة دار التراث، القاهرة. [124] تفسير النصوص في الفقه الإسلامي: للدكتور محمَّد أديب صالح - المكتب الإسلامي، بيروت - ط/3 سنة 1404 هـ. [125] تقريب التهذيب: لحافظ ابن حجر العسقلاني (ت 852 هـ) تحقيق: محمَّد عوامة الطبعة الرابعة: (1412 هـ) طبع دار القلم دمشق - بيروت. نشر: دار الرشيد سوريا حلب. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 449 [126] التكملة لوفيَّات النقلة: للمنذري - تحقيق د. بشَّار عوَّاد معروف - مؤسسة الرسالة، بيروت - ط/3 سنة 1405 هـ. [127] تكملة المجموع النووي: لمحمد نجيب المطيعي الطبعة الثانية: الناشر: مكتبة الإرشاد جدة. [128] التلخيص الحبير: لابن حجر العسقلاني - بهامش المجموع - دار الفكر. [129] التلخيص الحبير في تخريج أحاديث الرافعي الكبير: للحافظ ابن حجر العسقلان - تصحيح: السيد عبد الله هاشم اليماني. الناشر: المكتبة الأثرية سانكله هل باكستان. [130] التلخيص على المستدرك: لأبي عبد الله الذهبي مطبوع بهامش المستدرك للحاكم، تحقيق: مصطفي عبد القادر عطا، الطبعة الأولى: 1411 هـ دار الكتب العلمية بيروت. [131] التلخيص: لأبي العباس أحمد بن أبي أحمد الطبري المعروف بابن القاص (ت 306 هـ) تحقيق: عادل أحمد عبد الموجود وعلى محمَّد معوض، الناشر: مكتبة نزار مصطفى الباز مكة المكرمة - الرياض. [132] التلقين في الفقه المالكي: للقاضي عبد الوهاب - تحقيق ودراسة محمَّد ثالث سعيد الغاني - الناشر مكتبة نزار الباز، مكة المكرَّمة. [133] تمام المنَّة في التعليق على فقه السنَّة: للألباني - دار الراية للنشر والتوزيع - ط/3 سنة 1409 هـ. [134] التمهيد في أصول الفقة: لأبي الخطاب محفوظ بن أحمد بن الحسين الكلوزاني الحنبلي (ت 510 هـ) تحقيق: مفيد محمَّد أبو عمشة، الطبعة الأولى: (1406 هـ) دار المدني للطباعة والنشر جده الناشر: جامعة أم القرى، مركز البحث العلمي، مكة المكرمة. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 450 [135] التمهيد لما في الموطأ من المعاني والأسانيد: لابن عبد البر - تحقيق مصطفى العلوي، ومحمد البكري - الناشر وزارة الأوقاف والشئون الإسلاميَّة بالمغرب. [136] التنبيه في الفقه الشافعي: لأبي إسحاق إبراهيم بن علي بنيوسف الشيرازي (ت 476 هـ) وبهامشه تحرير ألفاظ التنبيه للنووي، اعتنى بهما: أيمن صالح شعبان، الطبعة الأولى: (ت 1415 هـ) دار الكتب العلمية بيروت. [137] التنبيه في الفقه الشافعي: لأبي إسحاق الشيرازي - إعداد حمَّاد أحمد حيدر - عالم الكتب، بيروت - ط/1 سنة 1403 هـ. [138] تنزيه الشريعة المرفوعة عن الأخبار الشنيعة الموضوعة: لأبي الحسن الكتَّاني - تحقيق عبد الوهاب عبد اللطيف، وعبد الله الصديق - دار الكتب العلميَّة، بيروت - ط/2 سنة 1401 هـ. [139] التنقيح في شرح الوسيط: لشرف الدين النووي ت (676 هـ). وهي مصوَّرة من مكتبة المتحف العراقي بغداد، فلم رقم (29)، رقم الكتاب (1873). [140] تنوير المقالة في حل ألفاظ الرسالة: لأبي عبد الله محمد بن أبراهيم بن خليل التتائي المالكي (ت 942 هـ) تحقيق: د. محمد عايش عبد العال شبير، الطبعة الأولى: (1409 هـ). [141] تهذيب الأسماء واللغات: ليحيى بن شرف النووي (ت 676 هـ) دار الطباعة المنيرية، الناشر: دار الكتب العلمية بيروت. [142] تهذيب التهذيب: للحافظ ابن حجر العسقلاني (ت 852 هـ) - الطبعة الأولى: 1325 هـ الناشر: مطبعة الهند، دار صادر بيروت. [143] تهذيب السنن: لشمس الدين ابن قيم الجوزية، مطبوع بهامش عون المعبود. الطبعة الأولى: 1410 هـ دار الكتب العلمية بيروت. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 451 [144] التهذيب: (كتاب الزكاة) لأبي محمد بن الحسين بن مسعود بن الفراء البغوي (ت 516 هـ) تحقيق: د. عبد الله بن معتق السهلي الطبعة الأولى: (1413 هـ) دار البخاري بريده - المدينة المنورة. [145] تهذيب الكمال في أسماء الرجال: للحافظ المزيِّ - تحقيق د. بشَّار عوَّاد معروف - مؤسسة الرسالة، بيروت - ط/ 2 سنة 1413 هـ. [146] تهذيب اللغة: لأبي منصور محمد بن أحمد الأزهري (ت 370 هـ) تحقيق: عبد السلام هارون، الناشر: المؤسسة المصرية العامة للتأليف والنشر، والدار المصرية للتأليف والترجمة. [147] تهذيب مختصر سنن أبي داود: لابن قيِّم الجوزية - مطبوع بهامش عون المعبود، دار الكتب العلمية، بيروت - ط/1 - 1410 هـ. [148] التهذيب: للبغوي السابق تحقيق: عادل أحمد عبد الموجود وعلى محمد معوض الطبعة الأولى: (1418 هـ) دار الكتب العلمية بيروت توزيع مكتبة أحمد عباس الباز مكة المكرمة. [149] التوسل أنواعه وأحكامه: للألباني - بعناية محمد عيد العباسي - المكتب الإسلامي، بيروت - ط/5 سنة 1406 هـ. [150] تيسير التحرير: لأمير بادشاه الحنفي (ت في ح دود 987 هـ) طبع بمطبعة مصطفي البابي الحلبي بمصر عام 1351 هـ. [ث] [151] الثقات: لإمام محمد بن حبان بن أحمد البستي (ت 354 هـ) الطبعة الأولى: (1393 هـ) دائرة المعارف العثمانية بحيدر آباد الهند. [جـ] [152] جامع الأصول: لأبي السعادات ابن الأثير الجزري - تحقيق عبد القادر الأرناؤوط - مكتبة الحلواني. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 452 [153] جامع البيان عن تأويل آي القرآن: لابن جرير الطبري -، الطبعة الأولى 1412 هـ، دار الكتب العلمية، ومكتبة ومطبعة مصطفى البابي الحلبي وأولاده بمصر - ط/3 سنة 1388 هـ. [154] الجامع الصحيح وهو سنن الترمذي: للإمام أبي عيسى بن سورة (ت 279 هـ) تحقيق: أحمد محمد شاكر ومحمد فؤاد عبد الباقي، دار الكتب العلمية بيروت. [155] الجامع الصغير في أحاديث البشير النذير: لجلال الدين بن أبي بكر السيوطي (ت 911 هـ) الناشر: دار الكتب العلمية بيروت، ط /1 - 1410 هـ. [156] جامع العلوم والحكم: لابن رجب الحنبلي - تحقيق شعيب الأرناؤوط، إبراهيم باجس - مؤسسة الرسالة، بيروت - ط/7 سنة 1417 هـ. [157] الجامع لأحكام القرآن: للقرطبي - دار الكتب العلميَّة ط/ 1 سنة 1408 هـ. [158] الجرح والتعديل: لأبي محمد عبد الرحمن بن أبي حاتم الرازي (ت 327 هـ) الطبعة الأولى: (1371 هـ) مطبعة مجلس دائرة المعارف العثمانية بحيدرآباد الدكن الهند. [159] جلاء الأفهام في فضل الصلاة والسلام على خير الأنام: لابن قيِّم الجوزية - تحقيق محيي الدين مستو - مكتبة دار التراث، المدينة المنورة - ط/2 سنة 1413 هـ. [160] جمهرة أنساب العرب: لابن حزم الظاهري - تحقيق عبد السلام هارون - دار المعارف، مصر - ط/3 سنة 1391 هـ. [161] جواهر الأصول في علم حديث الرسول: لأبي الفيض محمد بن محمد بن علي الهروي (ت 837 هـ) تحقيق: أبو المعالي القاضي أطهر المباركفوري، الناشر: الدار السلفية بمبي الهند. [162] الجواهر المضية في طبقات الحنفية: لأبي محمد عبد القادر بن محمد بن محمد القرشي الحنفي (ت 775 هـ) تحقيق: د. عبد الفتاح محمد الحلو، الطبعة الأولى: (1398 هـ) مطبعة عيسى البابي الحلبي وشركاؤه القاهرة. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 453 [ح] [163] حاشية الأذرعي: مطبوع أجزاء منه بهامش المجموع للنووي - دار الفكر. [164] حاشية الإيضاح: لابن حجر الهيتمي (ت 974 هـ) مطبوع بهامش الإيضاح، دار الحديث بيروت. [165] حاشية الدسوقي على الشرح الكبير: لمحمد بن أحمد عرفة الدسوقي - تخريج محمد عبد الله شاهين - دار الكتب العلميَّة بيروت - ط/ 1 سنة 1417 هـ. [166] حاشية الرشيدي على نهاية المحتاج: لأحمد بن عبد الرزاق بن محمد المعروف بالمغربي الرشيدي (ت 1096 هـ) الطبعة الأولى: (1414 هـ) دار الكتب العلمية بيروت، توزيع: مكتبة دار الباز مكة المكرمة. [167] حاشيد السعد على مختصر ابن الحاجب: لسعد الدين التفتازاني (ت 791 هـ) مطبوع مع حاشية المحقق السيد الشريف الجرجاني (ت 816 هـ) مراجعة وتصحيح: شعبان محمد إسماعيل، تاري خ الطبع: (1393 هـ) الناشر: مكتبة الكليات الأزهرية بالقاهرة. [168] حاشية السندي على سنن النسائي: مطبوع مع شرح جلال الدين السيوطي، تصحيح جماعة من العلماء بإشراف حسن محمد المسعودي دار إحياء التراث العربي بيروت، ومكتبة المؤيد، الرياض. [169] حاشية ابن عابدين المحتار على الدر المختار: لابن عابدين (ت 1252 هـ) - تحقيق علي معوَّض، وعادل عبد الموجود - دار الكتب العلميَّة، بيروت - ط/ 1 سنة 1415 هـ. [170] حاشية ابن عابدين وهي رد المحتار على الدر المختار: لمحمد أمين الشهير بابن عابدين (ت 1252 هـ) الطبعة الثانية: 1386 هـ الناشر: دار الفكر - بيروت. [171] حاشية القليوبي: على شرح جلال الدين المحلي على منهاج الطالبين للنووي لشهاب الدين القليوبي، دار إحياء الكتب العربية لأصحابه عيسى البابي الحلبي وشركاءه بالقاهرة. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 454 [172] حاشية المدني على مختصر خليل: لمحمد بن المدني على كنون، الطبعة الأولى: 1306 هـ دار الفكر - بيروت. [173] حاضر العالم الإسلامي وقضاياه المعاصرة: للدكتور جميل المصري - من مطبوعات الجامعة الإسلاميَّة بالمدينة المنوَّرة. [174] الحاوي الكبير: لأبي الحسن علي بن حبيب الماوردي البصري (ت 450 هـ) تحقيق: علي محمد معوض وعادل أحمد الطبعة الأولى: (1414 هـ) دار الكتب العلمية بيروت توزيع: مكتبة دار الباز مكة المكرمة. [175] الحجة في بيان المحجة وشرح عقيدة أهل السنة: إملاء الحافظ أبي القاسم إسماعيل بن محمد الأصبهاني (ت 535 هـ) تحقيق: محمد بن ربيع بن هادي المدخلي الطبعة الأولى: 1411 هـ دار الراية - الرياض. [176] الحديث الضعيف وحكم الاحتجاج به: د. عبد الكريم بن عبد الله الخضير، الطبعة الأولى: 1417 هـ الناشر: دار المسلم ... [177] حلية الأولياء وطبقات الأصفياء: لأبي نعيم الأصفهاني - المكتبة السلفيَّة. [178] حلية العلماء في معرفة مذاهب الفقهاء: لأبي بكر محمد بن أحمد الشاشي القفال (ت 507 هـ) تحقيق: د. ياسين أحمد، الطبعة الأولى: (1988) مكتبة الرسالة الحديثة الأردن عمان. [179] حلية المؤمن: لأبي المحاسن الرويَّاني ت (502) هـ. توجد منه نسخة بمركز البحث العلمي بجامعة أم القرى برقم (359/ 2) فقه شافعي. [180] حواشي الشرواني وابن القاسم العبادي على تحفة المحتاج: تصحيح محمد عبد العزيز الخالدي، الطبعة الأولى: 1416 هـ دار الكتب العلمية بيروت. [181] حياة الحيوان الكبرى: لمحمد بن موسى الدميري (ت 808 هـ) الطبعة الرابعة: 1389 هـ مطبعة مصطفى البابي الحلبي - القاهرة. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 455 [خ] [182] خزانة الأدب ولباب لسان العرب: ... تحقيق وشرح: عبد السلام هارون، الطبعة الثانية: (1408 هـ) طبعة مطبعة المدني الناش ر: مكتبة الخانجي بالقاهرة. [د] [183] الدارس في تاريخ المدارس: للنعيمي الدمشقي - تحقيق جعفر الحني - مكتبة الثقافة الدينيَّة سنة 1988 م. [184] الدرر الكامنة في أعيان المائة الثامنة: لابن حجر العسقلاني - تحقيق محمد سيِّد الحسن - دار الكتب الحديثة، القاهرة. [185] الدرر اللوامع على همع الهوامع: لأحمد الأمين الشنقيطي - دار المعرفة، بيروت - ط/2 سنة 1393 هـ. [186] الدرُّ المختار شرح تنوير الأبصار: للحصكفي الحنفي - مطبوع مع شرحه حاشية ابن عابدين - تحقيق علي معوَّض، وعادل عبد الموجود - دار الكتب العلميَّة، بيروت - ط/1 سنة 1415 هـ. [187] دليل الأطروحات والرسائل الجامعيَّة المسجَّلة بكليات الآداب بالمغرب - 1991 إلى 1994 م - الناشر جامعة محمَّد الخامس بالرباط - ط/ 1 سنة 1416 هـ. [188] دول الإسلام: لشمس الدين الذهبي - تحقيق فهيم محمد شلتوت، ومحمد مصطفى إبراهيم - الناشر الهيئة المصريَّة العامة للكتاب 1974 م. [189] الديباج المذهب في معرف أعيان المذهب: لابن فرحون المالكي (ت 799 هـ) تحقيق: د. محمد الأحمدي أبو النور، دار النشرات - القاهرة. [ذ] [190] ذيل الروضتين: لأبي شامة المقدسي الدمشقي - تصحيح محمد زاهد الكوثري - دار الجيل، بيروت - ط/3 سنة 1974 م. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 456 [191] ذيل طبقات الحنابلة: لعبد الرحمن بن شهاب الدين المعروف بابن رجب (ت 795 هـ) الناشر: دار المعرفة بيروت. [192] الذيل على طبقات ابن الصلاح: ملحقة بآخر طبقات ابن الصلاح - لمحقق طبقات ابن الصلاح محيي الدين علي نجيب - دار البشائر الإسلاميَّة، بيروت - ط/1 سنة 1413 هـ. [ر] [193] رؤوس المسائل (المسائل الخلافيَّة بين الحنفيَّة والشافعيَّة): لأبي القاسم الزمخشري - دراسة وتحقيق عبد الله نذير أحمد - دار البشائر الإسلاميَّة، بيروت - ط/1 سنة 1407 هـ. [194] رحمة الأمة في اختلاف الأئمة: لمحمد بن عبد الرحمن الدمشقي (ت 780 هـ) تحقيق: عبد الله بن لإبراهيم الأنصاري، مطابع قطر الدوحة الوطنية عام 1401 هـ. [195] الرسالة المستطرفة لبيان مشهور كتب السنة المشرَّفة: لمحمد بن جعفر الكتَّاني - دار الكتب العلميَّة، بيروت - ط/2 سنة 1400 هـ. [196] الرسالة: للإمام محمد بن إدريس الشافعي (ت 204 هـ) تحقيق وشرح: أحمد محمد شاكر، الناشر: المكتبة العلمية بيروت. [197] روضة الطالبين: لأبي ز كريا يحيى بن شرف النووي المتقدم ذكره تحقيق: عادل أحمد عبد الموجود وعلي بن معوض، دار الكتب العلمية بيروت. [198] روضة الناظر وجنة المناظر في أصول الفقة: لموفق الدين عبد الله بن أحمد بن قدامة المقدسي (ت 620 هـ) تحقيق: عبد الكريم بن علي النملة الطبعة الثالثة: (1415 هـ) الناشر: مكتبة الرشد الرياض. [199] روضة الناظر وجنة المناظر: لابن قدامة المقدسي - مطبوع مع شرحه نزهة الخاطر العاطر لابن بدران. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 457 [200] الروضتين في أخبار الدولتين: لأبي ش امة المقدسي الدمشقي - دار الجيل، بيروت. [201] الروض المربع شرح زاد المستقنع: تأليف: منصور بن يونس البهوتي، يطلب من مكتبة الرياض الحديثة بالرياض - السعودية -. [202] الروض المعطار في خبر الأقطار: لمحمد بن عبد المنعم الحميري تحقيق: د. إحسان عباس الطبعة الأولى: مكتبة لبنان. [ز] [203] زاد المعاد في هدي خير العباد: لشمس الدين أبي عبد الله محمد بن أبي بكر الزرعي الدمشقي المعروف بابن قيم الجوزية (ت 751 هـ) تحقيق: شعيب الأرناؤوط وعبد القادر الأرناؤوط الطبعة السادسة والعشرون: (1412 هـ) مؤسسة الرسالة بيروت. [204] الزاهر في غريب ألفاظ الشافعي: لأبي منصور محمد بن أحمد الأزهري (ت 370 هـ) تحقيق: شهاب الدين أبو عمرو طبعة سنة (1414 هـ) الناشر: دار الفكر بيروت. [205] زهرة الربى (حاشية السيوطي على سنن النسائي): لجلال الدين السيوطي - بهامش سنن النسائي - مكتبة المؤيد، الرياض. [206] الزيارات بدمشق: للعدوي - تحقيق د. صلاح الدين المنجد - مطبوعات المجمَّع العلمي العربي بدمشق سنة 1956 م. [س] [207] سلسلة الأحاديث الصحيحة: للشيخ محمد ناصر الدين الألباني، الطبعة الأولى: (1412 هـ) مكتبة المعارف بالرياض. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 458 [208] سلسلة الأحاديث الضعيفة والموضوعة: للألباني السابق الطبعة الأولى: (1412 هـ) مكتبة المعرف الرياض. [209] السلسلة في معرفة القولين والوجهين: لأبي محمد عبد الله الجويني (ت 438 هـ) مصور بالجامعة الإسلامية، برقم (8183). [210] سنن الدارقطني: للحافظ علي بن عمر الدارقطني (385 هـ) وبذيله التعليق المغني على الدارقطني لأبي الطيب شمس الحق عظيم آبادي الناشر: دار إحياء التراث العربي بيروت سنة (1413 هـ). وآخر بعناية السيد عبد الله هاشم يماني، المدينة المنوَّرة 1386 هـ. [211] سنن الدارمي: لأبي محمد الدارمي - الناشر السيد عبد الله هاشم يماني المدني، سنة 1386 هـ. [212] سنن الدارمي: للحافظ عبد الله بن عبد الرحمن الدارمي (255 هـ) تحقيق: فؤاد أحمد زرملي وخالد السبع. الطبعة الأولى: (1407 هـ) دار الكتاب العربي بيروت. [213] سنن أبي داود: للحافظ أبي داود سليمان بن الأشعث السجستاني (275 هـ) تحقيق: عزت عبيد الدعاس الطبعة الأولى: (1389 هـ) طبع دار الحديث حمص سوريا. [214] سنن الشافعي: للإمام محمد بن إدريس الشافعي، تحقيق: خليل إبراهيم ملا خاطر، الطبعة الأولى: 1409 هـ دار القبلة جدة - السعودية، ومؤسسة علوم القرآن - بيروت. [215] السنن الصغرى: للحافظ أبي بكر أحمد البيهقي (458 هـ) تحقيق: عبد السلام عبد الشافي الطبعة الأولى: (1412 هـ) دار الكتب العلمية بيروت. [216] السنن الكبرى: لأبي بكر البيهقي - تحقيق محمد عبد القادر عطا - دار الكتب العلميَّة، بيروت - ط/1 سنة 1414 هـ. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 459 [217] السنن الكبرى: لأبي عبد الرحمن النسائي - تحقيق د. عبد الغفار سليمان البنداري، وسيد كسروي - دار الكتب العلميَّة، بيروت - ط/ 1 - 1411 هـ. [218] سنن ابن ماجة: للحافظ أبي عبد الله محمد بن يزيد القزويني (275 هـ) تحقيق: محمد فؤاد عبد الباقي دار الكتب العلمية بيروت. [219] سنن النسائي (المجتبى): لأبي عبد الرحمن النسائي - تحقيق مكتب تحقيق التراث الإسلامي - مكتبة المؤيد، الرياض. [220] سنن النسائي: للإمام أبي عبد الرحمن النسائي مع شرح جلال الدين السيوطي وحاشية السندي ضبط وتصحيح عبد الوارث محمد علي الطبعة الأولى: (1416 هـ) دار الكتب العلمية بيروت. [221] السنن: للإمام الشافعي - تحقيق د. خليل إبراهيم مُلا خاطر - دار القبلة للثقافة الإسلاميَّة، جدة - ط/1 سنة 1409 هـ. [222] سير أعلام النبلاء: للحافظ الذهبي (ت 748 هـ) تحقيق: شعيب الأرناوط الطبعة الأولى: مؤسسة الرسالة بيروت. [223] سيرة ابن إسحاق (سيرة النبي - صلى الله عليه وسلم -): لابن إسحاق المطلبي - تهذيب ابن هشام - تحقيق علي عبد الحميد - مكتبة محمد علي صبيح وأولاده، مصر 1383 هـ. [224] السيرة النبويَّة الصحيحة: للدكتور أكرم ضياء العمري - مكتبة العلوم والحكم، المدينة المنوَّرة 1412 هـ. [225] السيرة النبوية: لأبي محمد عبد الملك بن هشام (ت 213 هـ) القسم الأول بتحقيق: طه عبد الرؤوف الناشر: مكتبة الكليات الأزهرية - القاهرة. والقسم الثاني بتحقيق: مصطفى السقا وإبراهيم الأبياري وعبد الحفيظ شلبي وآخرون مكتبة ومطبعة مصطفى البابي الحلبي وأولاده بمصر - ط/2 - 1375 هـ. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 460 [ش] [226] الشامل: لابن الصباغ (ت 477 هـ) (الجزء السادس والسابع) مصور بمكتبة المخطوطات بالجامعة الإِسلامية برقم (6714). [227] شأن الدعاء: لأبي سليمان الخطابي، تحقيق: أحمد بن يوسف الدقاق الطبعة الأولى: دار المأمون للتراث دمشق - بيروت. [228] شجرة النور الزكية في طبقات المالكية: لمحمد بن محمَّد مخلوف، الطبعة الأولى: 1349 هـ الناشر: دار الكتاب العربي - بيروت. [229] شذرات الذهب في أخبار من ذهب: لابن العماد الحنبلي (ت 1089 هـ) المكتبة التجارية - بيروت. [230] شرح أصول اعتقاد أهل السنَّة والجماعة: للالكائي - تحقيق د. أحمد سعيد حمدان - دار طيَّبة، الرياض - ط/2 سنة 1411 هـ. [231] شرح التلويح على التوضيح: للتفتازاني - ضبطه وخرَّج آياته وأحاديثه الشيخ زكريَّا عميرات - دار الكتب العلميَّة، بيروت - ط/ 1 سنة 1416 هـ. [232] شرح تنقيح الأصول في اختصار المحصول: لأحمد بن إدريس القرافي (ت 684 هـ) تحقيق: طه عبد الرؤوف، الطبعة الأولى: 1393 هـ الناشر: مكتبة الكليات الأزهرية ودار الفكر - بيروت. [233] شرح تنقيح الفصول: لشهاب الدين القرافي - تحقيق طه عبد الرؤوف سعد - مكتبة الكليَّات الأزهريَّة، القاهرة - ط/ 1 سنة 1393 هـ. [234] شرح الخرشي على سيدي خليل: للخرشي - دار ص ادر، بيروت. [235] شرح الزركشي على مختصر الخرقي: لمحمد بن عبد الله الزركشي المصري (ت 772 هـ) تحقيق: عبد الله بن عبد الرحمن الجبرين، الطبعة الأولى: 1412 هـ بدون ذكر الناشر. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 461 [236] شرح السنة: لأبي محمَّد الحسين البغوي (ت 516 هـ) تحقيق: علي محمَّد معوض وعادل أحمد عبد الموجود الطبعة الأولى: (1412 هـ) دار الكتب العلمية بيروت. [237] شرح فتح القدير: لمحمد بن عبد الواحد المعروف بابن الهمام الحنفي (ت 681 هـ) الطبعة الثانية: ومعه شرح العناية على الهداية وحاشية سعد الله أفندي. دار الفكر بيروت. [238] شرح ابن عقيل: لبهاء الدين عبد الله بن عقيل المصري الهمداني (ت 769 هـ) معه كتاب منحة الحليل بتحقيق شرح ابن عقيل لمحمد محي الدين عبد الحميد الطبعة العشرون: 1400 هـ مكتبة دار التراث - القاهرة. [239] شرح ابن عقيل: لابن عقيل الهمداني المصري - مكتبة طيبة، المدينة المنوَّرة - ط/1 سنة 1410 هـ. [240] الشرح الكبير: لعبد الرحمن المقدسي - مطبوع بذيل المغني لابن قدامة - دار الكتاب العربي، بيروت 1392 هـ. [241] شرح الكوكب المنير في أصول الفقة: لمحمد بن أحمد الفتوحي المعروف بابن النجار (ت 972 هـ) تحقيق: د. محمَّد الزحيلي ود. نزيه حماد طبع دار الفكر بيروت سنة 1401 هـ الناشر: جامعة أم القرى - مركز البحث العلمي. [242] شرح اللمع: لأبي إسحاق الشيرازي - تحقيق عبد المجيد تركي - دار الغرب الإِسلامي، بيروت - ط/ 1 سنة 1408 هـ. [243] شرح معاني الآثار: لأبي جعفر أحمد بن محمَّد الطحاوي الحنفي (ت 321 هـ) تحقيق: محمَّد زهري النجار، الطبعة الثالثة: (1416 هـ) دار الكتب العلمية بيروت الناشر: مكتبة دار الباز مكة المكرمة. [244] شرح النووي على صحيح مسلم: للنووي - دار الريَّان للتراث، القاهرة. [245] شعب الإيمان: لأبي بكر البيهقي - تحقيق أبي هاجر محمَّد السعيد بن بسيوني زغلول - دار الكتب العلميَّة، بيروت - ط/ 1 سنة 1410 هـ. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 462 [246] الشفا بتعريف حقوق المصطفى: للقاضي عيا ض - الناشر المكتبة التجاريَّة الكبرى. [247] الشيعة والتشيُّع فرق وتاريخ: لإحسان إلهي ظهير - الناشر إدارة ترجمان السنة، لاهور باكستان - ط/2 سنة 1404 هـ. [ص] [248] الصحاح تاج اللغة وصحاح العربية: لإسماعيل بن حماد الجوهري (ت 393 هـ) تحقيق: أحمد عبد الغفور العطار، الطبعة الثانية: (1402 هـ). [249] صحيح البخاري: للإمام محمَّد بن إسماعيل البخاري (ت 256 هـ) مع شرحه فتح الباري لابن حجر ترقيم: محمَّد فؤاد عبد الباقي تصحيح وإخراج محب الدين الخطيب وراجعه قصي محب الدين الخطيب الطبعة الثانية: (1407 هـ) دار الريان القاهرة. [250] صحيح الجامع الصغير: لمحمد ناصر الدين الألباني أشرف على طبعه زهير الشاوش الطبعة الثالثة: 1408 هـ، المكتب الإِسلامي بيروت. [251] صحيح ابن خزيمة: لأبي بكر محمَّد بن إسحاق بن خزيمة (ت 311 هـ) تحقيق: د. محمَّد مصطفى الأعظمي طبع المكتب الإِسلامي بيروت، وطبعة شركة الطباعة العربية السعودية المحدودة، الرياض ط /2 - 1401 هـ [252] صحيح سنن أبي داود: للألباني إشراف: زهير الشاوش: الطبعة الأولى: (1409 هـ) الناشر: مكتب التربية السابق توزيع المكتب الإِسلامي بيروت. [253] صحيح سنن ابن ماجة: للألباني السابق أشرف على طبعه زهير الشاوش الطبعة الثالثة: (ت 1408 هـ) الناشر: مكتب التربية الدول العربي لدول الخليج. الرياض. [254] صحيح سنن النسائي: للألباني إشراف زهير الشاوش الناشر: الطبعة الأولى: (1409 هـ) مكتب التربية السابق توزيع المكتب الإِسلامي بيروت. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 463 [255] صحيح مسلم: للإمام أبي الحسن مسلم بن الحجاج القشيري (ت 261 هـ) مع شرح النووي الطبعة الأولى: (1407 هـ) دار الريان للتراث القاهرة. [256] صحيح الوابل الصيب من الكلم الطيب: لابن القيم الجوزية بقلم سليم بن عيد الهلالي، الطبعة الثانية: 1410 هـ دار ابن الجوزي - الدمام - السعودية. [257] صفة صلاة النبي - صلى الله عليه وسلم -: للألباني - مكتبة المعارف، الرياض - ط / 1 سنة 1411 هـ. [258] صلة الخلف بموصول السلف: للرودني تحقيق: د. محمَّد حجي الطبعة الأولى: 1408 هـ دار الغرب الإِسلامي، بيروت. [ض] [259] الضعفاء الكبير: للعقيلي - تحقيق د. عبد المعطي أمين قلعجي - دار الكتب العلميَّة، بيروت - ط/1. [260] الضعفاء والمتروكين: للدارقطني - دراسة وتحقيق موفَّق بن عبد الله بن عبد القادر - مكتبة المعارف، الرياض - ط/ 1 سنة 1404 هـ. [261] ضعيف الجامع الصغير وزيادته: للألباني أشرف على طبعه زهير الشاوش الطبعة الثالثة: (1410 هـ) المكتب الإسلامي بيروت. [262] ضعيف سنن الترمذي: للشيخ الألباني، إشراف وتعليق: زهير الشاوش، الطبعة الأولى: 1411 هـ، المكتب الإِسلامي بيروت - دمشق. [263] ضعيف سنن أبي داود: للشيخ الألباني، إشراف وتعليق: زهير الشاوش، الطبعة الأولى: 1412 هـ، المكتب الإِسلامي - بيروت. [264] ضعيف سنن ابن ماجة: للشيخ الألباني أشرف على طبعه والتعليق عليه: زهير الشاوش، الطبعة الأولى: 1408 هـ المكتب الإِسلامي بيروت. [265] ضعيف سنن النسائي: للشيخ الألباني، إشراف وتعليق: زهير الشاوش، الطبعة الأولى: 1411 هـ المكتب الإِسلامي - بيروت - دمشق - عمان. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 464 [ط] [266] طبقات الحفَّاظ: لجلال الدين السيوطي - تحقيق ع لي محمَّد عمر - مكتبة وهبة، مصر - ط/1 سنة 1393 هـ. [267] طبقات الحفاظ: لجلال الدين عبد الرحمن السيوطي تحقيق: لجنة من العلماء بإشراف الناشر الطبعة الأولى: 1414 هـ دار الكتب العلمية بيروت. [268] طبقات الحنابلة: للقاضي أبي الحسين محمَّد بن يعلى الناشر: دار المعرفة بيروت. [269] طبقات الشافعية الكبرى: لتاج الدين عبد الوهاب بن علي السبكي (ت 771 هـ) تحقيق: محمود بن محمَّد الطناحي وعبد الفتاح الحلو ط/ 1، دار إحياء الكتب العربية القاهرة. [270] طبقات الشافعية: لأبي بكر بن أحمد بن محمَّد بن قاضي شهبة الدمشقي (ت 851 هـ) تحقيق: د. عبد العظيم خان الطبعة الأولى: 1407 هـ دار عالم الكتب بيروت. [271] طبقات الشافعية: لأبي بكر بن هدية الله الحسيني (ت 1014 هـ) تصحيح ومراجعة: خليل الميس، مطبوع مع طبقات الفقهاء للشيرازي، دار القلم بيروت. [272] طبقات الشافعية: لجمال الدين عبد الرحيم الأسنوي (ت 772 هـ) تحقيق: عبد الله الجبوري، الطبعة الأولى: 1390 هـ مطبعة الإرشاد - بغداد. [273] طبقات الشافعية: لأبي عاصم محمَّد بن أحمد العبادي (ت 458 هـ) ليدن 1964 م. [274] طبقات الشافعية: لأبي عمرو بن الصلاح (ت 643 هـ) تحقيق: محي الدين على نجيب الطبعة الأولى: 1413 هـ دار البشائر الإِسلامية بيروت. [275] طبقات الشافعيَّة: لابن قاضي شهبة - بعناية د. الحافظ عبد العليم خان - عالم الكتب، بيروت - ط/1 سنة 1407 هـ. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 465 [276] طبقات الشافعيين: للحافظ ابن كثير، تحقيق: د. محمَّد زينهم محمَّد عزان، مكتبة الثقافة الدينية عام 1913 هـ. [277] طبقات الشعراء: لابن المعتز، تحقيق: عبد الستار أحمد فراج الطبعة الثالثة: الناشر: دار المعارف - مصر. [278] طبقات علماء الحديث: لأبي عبد الله محمَّد بن أحمد بن عبد الهادي الدمشقي الصالحي - تحقيق أكرم البوشي - مؤسسة الرسالة، بيروت - ط/ 1 سنة 1409 هـ. [279] طبقات الفقهاء الشافعيَّة: لأبي عاصم العبادي - مكتبة البلديَّة، الإسكندريَّة. [280] طبقات الفقهاء الشافعيَّة: لأبي عمر وابن الصلاح - تحقيق محي الدين علي نجيب - دار البشائر الإِسلاميَّة، بيروت - ط/ 1 سنة 1413 هـ. [181] طبقات الفقهاء الشافعيِّين: لابن كثير - تحقيق د. محمَّد زينهم محمَّد غراب - مكتبة الثقافة الدينيَّة سنة 1413 هـ. [282] طبقات الفقهاء: لأبي إسحاق الشيرازي - تحقيق د. إحسان عباس - دار الرائد العربي، بيروت 1978 م. [283] طبقات الفقهاء: لأبي إسحاق الشيرازي (ت 476 هـ) تصحيح ومراجعة: خليل الميس، دار القلم بيروت. [284] الطبقات الكبرى: لمحمد بن سعد (ت 222 هـ) دار صادر بيروت. [285] طبقات المفسِّرين: لشمس الدين الداودي - تحقيق علي محمَّد عمر - مكتبة وهبة، مصر - ط/1 سنة 1392 هـ. [286] طبقات النحويين واللغويين: لأبي بكر محمَّد بن الحسن الزبيدي - تحقيق محمَّد أبي الفضل إبراهيم - مكتبة الخانجي، مصر - ط/1 سنة 1373 هـ. [287] الطرق الحكمية في السياسة الشرعية: للإمام ابن قيم الجوزية (ت 751 هـ) تحقيق: محمَّد حامد الفقي، دار الكتب العلمية بيروت. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 466 [288] الطهور: لأبي عبيد القاسم بن سلاَّم - تحقيق د. صالحع المزيد - دار المدني - ط/1 سنة 1414 هـ. [ع] [289] عارضة الأحوذي بشرح جامع الترمذي: لابن العربي المالكي (ت 543 هـ) دار العلم للجميع - سوريا. [290] عارضة الأحوذي بشرح صحيح الترمذي: لأبي بكر بن العربي - تحقيق جمال مرعشلي - دار الكتب العلميَّة، بيروت - ط/ 1 سنة 1418 هـ. [291] العبر في خبر من عبر: لشمس الدين الذهبي (ت 748 هـ) تحقيق: محمَّد السعيد ز غ لول، الطبعة الأولى: 1405 هـ دار الكتب العلمية بيروت. [292] العدة شرح العمدة: لبهاء الدين عبد الرحمن بن إبراهيم المقدسي (ت 624 هـ) الناشر: مكتبة الرياض الحديثة - الرياض. [293] عقد الجواهر الثمينة في مذهب عالم المدينة: لابن شاس المالكي - تحقيق د. محمَّد أبو الأجفان، وعبد الحفيظ منصور - دار الغرب الإِسلامي، بيروت - ط/1 سنة 1415 هـ. [294] علل الترمذي الكبير: ترتيب أبي طالب القاضي، تحقيق: حمزة ديب مصطفي، الطبعة الأولى: 1406 هـ مكتبة الأقصى عمان - الأردن. [295] علل الحديث: لأبي محمَّد عبد الرحيم بن أبي حاتم الرازي، الناشر: دار السلام بحلب 1343 هـ. [296] العلل المتناهية في الأحاديث الواهية: لأبي الفرج عبد الرحمن بن الجوزي، تحقيق: إرشاد الحق الأثري، الطبعة الأولى: 1399 هـ دار نشر الكتب الإسلامية - لاهور - باكستان. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 467 [297] العلل ومعرفة الرجال: للإمام أحمد بن حنبل - تحقيق د. طلعت قوج بيكيت، د. إسماعيل جراح أوغلي - المكتبة الإسلاميَّة، استانبول، تركيا 1987 م. [298] العلل: للدارقطني ت (385) هـ. توجد منه نسخة مصوَّرة بقسم المخطوطات بالجامعة الإِسلاميَّة برقم (815)، ومصدرها مكتبة خدا بخش تنه الهند. [299] علوم الحديث: لأبي عمر بن الصلاح، تحقيق: د. نور الدين عتر، الناشر: المكتبة العلمية بالمدينة المنورة سنة 1386 هـ. [300] علوم الحديث: لأبي عمرو بن الصلاح - مع شرحه التقييد والإيضاح للعراقي - مؤسسة الكتب الثقافيَّة. [301] عمل اليوم والليلة: لابن السنِّي- تحقيق بشير محمَّد عيون - مكتبة دار البيان، دمشق - ط/2 سنة 1410 هـ. [302] العناية شرح الهداية: لمحمد بن محمود البابرتي (ت 786 هـ) مطبوع بهامش شرح ف تح القدير السابق الذكر. [303] عون المعبود شرح سنن أبي داود: لشمس الحق العظيم آبادي - دار الكتب العلميَّة، بيروت - ط/1 سنة 1410 هـ. [غ] [304] الغاية القصوى في دراية الفتوى: للقاضي عبد الله بن عمر البيضاوي (ت 685 هـ) تحقيق: علي محمَّد القره داغي، الناشر: اللجنة الوطنية للإحتفال بمطلع القرن الخامس الهجري في الجمهرية العراقية. بدون تاريخ. [305] غريب الحديث: لابن الجوزي - تحقيق د. عبد المعطي أمين قلعجي - دار الكتب العلميَّة، بيروت - ط/1 سنة 1405 هـ. [306] غريب الحديث: لأبي عبيد أحمد بن محمَّد الهروي (ت 401 هـ) - دار الكتب العلميَّة، بيروت - ط/ 1 سنة 1406 هـ. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 468 [307] غريب الحديث: لابن ق تيبة عبد الله بن مسلم الدينوري، تحقيق: عبد الله الجبوري، الطبعة الأولى: 1397 هـ مطبعة العافي - بغداد - وزارة الأوقاف العراقية. [308] الغريبين: غريب القرآن والحديث: لأبي عبيد أحمد بن محمَّد الهروي (ت 401 هـ) تحقيق: محمود محمَّد الطناحي، القاهرة عام 1390 هـ. [309] الغزالي: لأحمد الرفاعي - طبع بمطبعة عيسى البابي الحلبي وشركاه، بمصر. [ف] [310] الفائق في غريب الحديث: للزمخشري - تحقيق على محمَّد البجاوي، محمَّد أبي الفضل إبراهيم - مكتبة عيسى البابي الحلبي وشركاه - ط/ 2. [311] فتاوى اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء: جمع وترتيب أحمد بن عبد الرزاق الدويش- طبع ونشر رئاسة إدارة البحوث العلمية والإفتاء بالرياض، ط/1 - 1417 هـ. [312] الفتاوى الهندية: لعلامة الهمام شيخ نظام وجماعة من علماء الهند، الطبعة الأولى: 1393 هـ المكتبة الإِسلامية - ديار بكر - تركيا. [313] فتاوى ومسائل ابن الصلاح: جمعها كمال الدين إسحاق بن أحمد المغربي، تحقيق: د. عبد المعطي قلعجي الطبعة الأولى: 1406 هـ دار المعرفة بيروت - توزيع: مكتبة المعارف الرياض. [314] فتح الباري بشرح صحيح البخاري: للحافظ ابن حجر العسقلاني (ت 852 هـ) ترقيم محمَّد فؤاد عبد الباقي، إخراج وتصحيح: محب الدين الخطيب الطبعة الأولى: 1407 هـ طبع ونشر: دار الريان للتراث - القاهرة. [315] فتح الجواد بشرح الإرشاد: لأحمد بن حجر الهيتمي (ت 974 هـ) الطبعة الثانية: 1391 هـ الناشر: مصطفي البابي الحلبي وأولاده بمصر. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 469 [316] فتح العزيز شرح الوجيز: (قسم العبادات، والمعاملات) لأبي القاسم عبد الكريم الرافعي (ت 623 هـ) مطبوع مع المجموع للنووي طبع دار الفكر - بيروت. وفي باقي الكتاب اعتمدت على الطبعة الجديدة بتحقيق: علي محمَّد معوض وعادل أحمد عبد الموجود، الطبعة الأولى: 1417 هـ دار الكتب العلمية بيروت. [317] فتح القدير الجامع بين فني الرواية والدراية من علم التفسير: لمحمد بن علي ابن محمَّد الشوكاني (ت 1250 هـ) الطبعة الثانية: 1383 هـ الناشر: شركة مكتبة مصطفى البابي الحلبي - القاهرة. [318] فتح القدير: لمحمد بن علي الشوكاني - توثيق وتعليق سعيد محمَّد اللحَّام - المكتبة التجاريَّة، مكة المكرَّمة. [319] فتح القدير: لابن الهمام الحنفي - مكتبة ومطبعة مصطفى البابي الحلبي وأولاده بمصر - ط/1 سنة 1389 هـ. [320] الفتح المبين في طبقات الأصوليين: لعبد الله مصطفى المراغي - الناشر محمَّد أمين دمج وشركاه، بيروت - ط/2 سنة 1394 هـ. [321] فتح المغيث شرح ألفية الحديث: لشمس الدين السخاوي - دار الكتب العلميَّة، بيروت - ط/ 2 سنة 1403 هـ. [322] فرق معاصرة تنتسب إلى الإسلام وموقف الإِسلام منها: لغالب بن علي عواجي - مكتبة لينة - ط/1 سنة 1414 هـ. [323] الفروع: لمحمد بن مفلح (ت 763 هـ) راجعه: عبد الستار أحمد فراج، الطبعة الأولى: 1388 هـ الناشر: عالم الكتب - بيروت. [324] الفروع: لابن مفلح، بعناية عبد اللطيف محمَّد السبكي - عالم الكتب، بيروت - ط/3 سنة 1402 هـ. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 470 [325] الفصل في الملل والأهواء والنحل: لابن حزم الظاهري - تحقيق د. محمَّد إبراهيم نصر، د. عبد الرحمن عميرة - شركة مكتبات عكاظ، السعوديَّة - ط/1 سنة 1402 هـ. [326] الفهرست: لأبي الفرج محمَّد بن أبي يعقوب المعروف بابن النديم (ت 380 هـ) تحقيق: د. يوسف على طويل وضع فهارسه أحمد شمس الدين، الطبعة الأولى: 1416 هـ دار الكتب العلمية بيروت. [327] فهرس الفهارس: لمحمد بن عبد الحيِّ الكتَّاني - بعناية د. إحسان عباس - دار الغرب الإسلامي، بيروت - ط/ 2 سنة 1402 هـ. [328] فهرس كتب الفقه الشافعي: إعداد قسم الفهرسة بمعهد البحوث العلمية وإحياء التراث الإِسلامي - جامعة أم القرى مكة المكرمة سنة 1418 هـ. [329] فهرس المخطوطات الظاهريَّة: فهرس الحديث وضعه الألباني سنة 1390 هـ، فهرس الفقه الشافعي وضعه عبد الغني الدقر سنة 1383 هـ، فهرس التاريخ وضعه يوسف العشا سنة 1366 هـ - مطبوعات المجمع العلمي العربي بدمشق. [330] فهرس المخطوطات المصوَّرة بدار الكتب المصريَّة: وضعه د. لطفي عبد البديع - الناشر جامعة الدول العربيَّه، معهد المخطوطات العربيَّة. [331] فواتح الرحموت بشرح مسلَّم الثبوت: لابن نظام الدين الأنصاري - بذيل المستصفى للغزالي- المطبعة المنيريَّة بمصر - ط/1 سنة 1322 هـ. [332] الفوائد المنتخبة (الغيلانيات): لأبي بكر الشافعي - دراسة وتحقيق د. مرزوق ابن هياس الزهراني - دار المأمون للتراث، دمشق - ط/ 1 سنة 1417 هـ. [333] فيض القدير شرح الجامع الصغير: لعبد الرؤوف المناوي (ت 1031 هـ) تصحيح نخبة من العلماء دار المعرفة - بيروت. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 471 [ق] [334] القاموس المحيط : ل مجد الدين الفيروزآبادي - دار الكتب العلميَّة، بيروت - ط/1 سنة 1415 هـ. [335] القاموس المحيط: لمحمد بن يعقوب الفيروزآبادي (ت 817 هـ) تحقيق: مكتب تحقيق التراث في مؤسسة الرسالة - الطبعة الثانية: 1407 هـ بيروت. [336] قوانين الأحكام الشرعيَّة: لابن جزي القرناطي - تحقيق عبد الرحمن حسن محمود - دار الأقصر - ط/1 سنة 1405 هـ. [337] قواعد التحديث من فنون مصطلح الحديث: للقاسمي - تحقيق محمَّد بهجة البيطار - دار إحياء الكتب العربيَّة - ط/2 سنة 1380 هـ. [338] القوانين الفقهية: لأبي القاسم محمَّد بن أحمد بن جزي الكلبي، الناشر: دار القلم - بيروت. [ك] [339] الكافي في فقه أهل المدينة المالكي: لأبي عمر يوسف بن عبد البر النمري القرطبي، تحقيق: محمَّد أحيد الموريتاني، الطبعة الأولى: 1399 هـ مكتبة الرياض الحديثة - الرياض. [340] الكامل في التاريخ: لعي بن أبي المكرم مجمد الشيباني المعروف بابن الأثير (ت 630 هـ) علق عليه نخبة من العلماء: الطبعة السادسة: 1406 هـ الناشر: دار الكتاب العربي بيروت. [341] الكامل في ضعفاء الرجال: لابن عدي - دار الفكر، بيروت - ط/ 1 سنة 1404 هـ. [342] كتاب الأموال: حميد بن زنجويه (ت 251 هـ) تحقيق: د. شاكر ذيب فياض، الطبعة الأولى: 1406 هـ الناشر: مركز الملك فيصل للبحوث والدراسات الإسلامية - الرياض. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 472 [343] كتاب الأموال: لأبي عبيد القاسم بن سلام (ت 224 هـ) تحقيق: محمَّد خليل هراس، الطبعة الأولى: 1406 هـ دار الكتب العلمية بيروت. [344] كتاب سيبويه: لأبي بشر عمر بن عثمان بن قنبر سيبويه (ت) تحقيق: عبد السلام هارون الطبعة الثانية: 1403 هـ عالم الكتب بيروت. [345] كتاب العين: لخليل بن أحمد الفراهيدي (ت 175 هـ) تحقيق: د. مهدي المخزومي ود. إبراهيم السامرائي. الطبعة الأولى: 1408 هـ الناشر: مؤسسة الأعلمي للمطبوعات بيروت. [346] كشاف القناع عن متن الإقناع: لمنصور بن يونس البهوتي (ت 1051 هـ) طبع مكتبة الحكومية بمكة المكرمة سنة 1394 هـ. [347] كشف الأستار عن زوائد مسند البزَّار: للهيثمي - تحقيق حبيب الرحمن الأعظمي - مؤسسة الرسالة، بيروت - ط/ 1 سنة 1404 هـ. [348] كشف الأسرار بشرح المنار: لأبي البركات النسفي طبعة بولاق بمصر عام 1316 هـ. [349] كشف الأسرار: للبخاري الحنفي - بعناية محمَّد المعتصم بالله البغدادي - دار الكتاب العربي، بيروت - ط/1 سنة 1411 هـ. [350] كشف الظنون عن أسامي الكتب والفنون: لمصطفى بن عبد الله الشهير بحاجي خليفة، طبع دار إحياء التراث العربي - بيروت. [351] كفاية الأخيار في حلِّ غاية الاختصار: لأبي بكر الحسيني - المكتبة العصريَّة، بيروت - ط/4 سنة 1409 هـ. [352] كفاية الأخيار في حل غاية الاختصار: لتقي الدين أبي بكر بن محمَّد الحسيني الدمشقي (ت 829 هـ) تحقيق: كامل محمَّد عويضة الطبعة الأولى: 1415 هـ دار الكتب العلمية بيروت. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 473 [353] الكنى والأسماء: للإمام مسلم بن الحجاج القشيري، تحقيق: عبد الرحيم محمَّد القشقري الطبعة الأولى: 1404 هـ. من مطبوعات الجامعة الإِسلامية بالمدينة النبوية. [354] كفاية النبيه في شرح التنبيه: (الجزء الثاني) لابن رفعة (ت 710) مصور بمكتبة المخطوطات بالجامعة الإِسلامية برقم (2634). [355] كفاية المحتاج إلى الدماء الواجبة على المعتمر والحاج: لفخر الدين أبي بكر بن علي بن ظهيرة المكي الشافعي (ت 889 هـ) تحقيق: د. عبد العزيز بن مبروك الأحمدي الطبعة الأولى: 1416 ه ـ، ن شر وتوزيع: دار البخاري - المدينة النبوية - بريدة. [ل] [356] اللباب في شرح الكتاب: للشيخ عبد الغني الغنيمي الميداني الحنفي، تحقيق محمود أمين النواوي. [357] اللباب في الفقه الشافعي: لأبي الحسن أحمد بن محمَّد الضبي المحاملي (ت 415 هـ) تحقيق: د. عبد الكريم بن صنيتان العمري، الطبعة الأولى: 1416 هـ الناشر: دار البخاري - المدينة النبوية - بريدة. [358] اللباب: لأبي الحسن المحاملي - تحقيق د. عبد الكريم صنيتان العمري - دار البخاري، المدينة المنوَّرة - ط/ 1 سنة 1416 هـ. [359] لسان العرب: لأبي الفضل جمال الدين محمَّد بن منظور الأفريقي (ت 711 هـ) الطبعة الأولى: 1410 هـ الناشر: دار صادر - بيروت. [م] [360] مؤلفات الغزالي: لعبد الرحمن بدوي - الناشر المجلس الأعلى لرعاية الفنون والاداب والعلوم الاجتماعيَّة، دمشق. [361] المبدع في شرح المقنع: لأبي إسحاق إبراهيم محمَّد بن مفلح الحنبلي (ت 884 هـ) الطبعة الأولى: 1394 هـ المكتب الإِسلامي بيروت. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 474 [362] المبسوط: لشمس الدين السرخسي (ت 490 هـ) الطبعة الأولى: 1414 هـ دار الكتب العلمية بيروت. [363] مجمع الأمثال: للميداني - دار مكتبة الحياة، بيروت 1962 م. [364] مجمع البحرين في زوائد المعجمين: للحافظ نور الدين الهيثمي (ت 807 هـ) تحقيق: عبد القدوس بن محمَّد نذير، الطبعة الأولى: 1413 هـ مكتبة الرشد، الرياض. [365] مجمع الزوائد ومنبع الفوائد: للهيثمي - تحقيق عبد الله محمَّد الدرويش - دار الفكر، بيروت 1412 هـ. [366] مجمل اللغة: لأحمد بن فارس بن أبي زكريا (ت 395 هـ) تحقيق: زهير عبد المحسن سلطان، الطبعة الأولى: 1304 هـ مؤسسة الرسالة - بيروت. [367] المجموع شرح المهذب: لأبي زكريا يحيى بن شرف النووي (ت 676 هـ) تحقيق وتكميل: محمَّد نجيب المطيعي. مكتبة الإرشاد - جدة. [368] المجموع شرح المهذَّب: لشرف الدين النووي - الناشر دار الفكر، بيروت. [369] مجموع فتاوى شيخ الإِسلام ابن تيمية: (ت 728 هـ) جمع وترتيب: عبد الرحمن بن محمَّد بن قاسم بمساعدة ابنه محمَّد، الناشر: دار عالم الكتب - الرياض، 1412 هـ. [370] المحرر في الفقه على مذهب الإمام أحمد: لمجد الدين أبي البركات ابن تيمية (ت 652 هـ) الطبعة الثانية: 1404 هـ مكتبة المعارف - الرياض. [371] المحصول في علم أصول الفقة: لمحمد بن عمر فخر الدين الرازي (ت 606 هـ) تحقيق: د. طه جابر العلواني. الطبعة الأولى: 1399 هـ مطابع الفرزدق بالرياض. [372] المحكم والمحيط الأعظم في اللغة: لابن سيده - تحقيق مصطفى السقا، د. حسن نصَّار - مكتبة ومطبعة مصطفى البابي الحلبي وأولاده بمصر - ط/ 1 سنة 1377 هـ. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 475 [373] المحلى: لأبي محمَّد علي بن أحمد بن حزم الظاهري (ت 456 هـ) تحقيق: لجنة إحياء التراث العربي في دار الأفاق الجديدة، طبع: دار الأفاق الجديدة - بيروت. [374] مختار الصحاح: لمحمد ابن أبي بكر الرازي - مؤسسة علوم القرآن، بيروت 1406 هـ. [375] مختصر اختلاف العلماء: لأبي بكر أحمد بن علي الجصاص الرازي (ت 370 هـ) تحقيق: د. عبد الله نذير أحمد. الطبعة الأولى: 1416 هـ دار البشائر الإسلامية - بيروت. [376] مختصر البويطي (ت 231 هـ): توجد منه نسخة بقسم المخطوطات بالجامعة الإسلاميَّة برقم (6003/ 1). [377] مختصر تاريخ دمشق: لابن منظور - تحقيق روحيَّة النَّحاس وآخرون - دار الفكر، دمشق - ط/1 سنة 1404 هـ. [378] مختصر الخلافيات البيهقي: لأحمد بن فرج اللخمي الإشبيلي الشافعي (ت 699 هـ) تحقيق: د. إبراهيم الخضر ود. ذياب عبد الكريم ذياب. الطبعة الأولى: 1417 هـ مكتبة الرشد الرياض، والشركة الرياض. [379] مختصر سنن أبي داود: للحافظ المنذري ومعه معالم السنن للخطابي وتهذيب السنن لابن القيم، تحقيق: أحمد شاكر، ومحمد حامد الفقي، الناشر: أنصار السنة المحمدية 1366 هـ القاهرة. [380] مختصر الطحاوي: لأبي جعفر الطحاوي - تحقيق أبي الوفاء الأفغاني - الناشر لجنة إحياء المعارف النعمانيَّة، حيدرآباد، الهند 1370 هـ. ومطبعة دار الكتاب العربي - القاهرة - عام 1370 هـ. [381] المختصر لأخبار البشر: لأبي الفداء الطبعة الأولى: طبع مطبعة الحسينية المصرية. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 476 [382] مختصر المزني: لأبي إبراهيم إسماعيل بن يحيى المزني (ت 264 هـ) تحقيق: محمود مطرجي، الطبعة الأولى: 1413 هـ الناشر: دار الكتب العلمية بيروت. مطبوع في آخر كتاب الأم في المجلد التاسع. [383] المدونة الكبرى: للإمام مالك بن أنس (ت 179 هـ) وهي رواية سحنون التنوخي عن ابن القاسم عن إمام مالك، الطبعة الأولى: 1323 هـ مطبعة السعادة - مصر، توزيع: دار صادر - بيروت. [384] مرآة الجنان وعبرة اليقظان: لليافعي - مؤسسة الأعلمي للمطبوعات، بيروت - ط/2 سنة 1390 هـ. [385] مراتب النحويين: لأبي الطيِّب عبد الواحد بن علي - تحقيق محمَّد أبي الفضل إبراهيم - دار نهضة مصر، القاهرة. [386] المراسيل: لأبي داود السجستاني (ت 275) - تحقيق شعيب الأرناؤوط - مؤسسة الرسالة - ط/ 1 سنة 1408 هـ. [387] مراصد الاطلاع على أسماء الأمكنة والبقاع: لصفي الدين عبد المؤمن البغدادي - تحقيق علي محمَّد البجاوي - دار إحياء الكتب العربيَّة - ط/1 سنة 1374 هـ. [388] مرويات غزوة الحديبية: لحافظ بن محمَّد الحكمي، الناشر: الجامعة الإسلامية بالمدينة النبوية - المجلس العلمي. [389] مرويات غزوة حنين وحصار الطائف: جمع وتحقيق ودراسة إبراهيم بن إبراهيم قريبي - من منشورات المجلس العلمي بالجامعة الإِسلاميَّة بالمدينة المنوَّرة. [390] مسائل الإمام أحمد: برواية أبو داود السيجستاني صاحب السنن. مقدمة وتصدير التعريف: بقلم السيد محمَّد رشيد رضا، دار المعرفة بيروت. [391] مسائل الإِمام أحمد: برواية ابنه صالح (ت 266 هـ) تحقيق: د. فضل الرحمن دين محمَّد، الطبعة الأولى: 1408 هـ الدار العلمية - دلهي - الهند. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 477 [392] المسائل عن أبي عبدالله أحمد بن محمَّد بن حنبل، وأبي يعقوب إسحاق ابن إبراهيم الحنظلي: تحقيق ودراسة د. محمَّد بن عبد الله الزاحم - دار المنار، القاهرة - ط/1 سنة 1412 هـ. [393] المستدرك على الصحيحين: للحافظ أبي عبد الله الحاكم النيسابوري (ت 404 هـ) تحقيق: مصطفي عبد القادر عطا الطبعة الأولى: 1411 هـ الناشر: دار الكتب العلمية بيروت. [394] المستدرك على معجم المؤلفين: لعمر رضا كحَّالة - مؤسسة الرسالة، بيروت - ط/1 سنة 1406 هـ. [395] المستصفى في علم الأصول: لأبي حامد الغزالي - ترتيب وضبط محمَّد عبد السلام عبد الشافي - دار الكتب العلميَّة، بيروت - ط/ 1 سنة 1413 هـ. [396] مسند الإمام أحمد: للإمام أحمد بن حنبل (ت 241 هـ) وبهامشه منتخب كنز العمال. بدون رقم الطبعة، المكتب الإِسلامي - بيروت. [397] مسند الإمام الشافعي: للإمام الشافعي، صححت هذه النسخة على النسخة المطبوعة في بولاق الأميرية، الناشر: دار الكتب العلمية بيروت. [398] مسند البزار: للحافظ أبي بكر أحمد بن عمرو البزار (ت 292 هـ) تحقيق: محفوظ الرحمن زين الله الطبعة الأولى: 1409 هـ مؤسسة علوم القرآن - بيروت. ومكتبة العلوم والحكم - المدينة النبوية. [399] مسند الحميدي: لأبي بكر عبد الله بن الزبير الحميدى (ت 219 هـ) - تحقيق: حبيب الرحمن الأعظمي - ط/ 1 - منشورات المجلس العلمي، كراتشي، باكستان 1383 هـ. [400] مسند الشهاب: للحافظ أبي عبد الله محمَّد بن سلامة القضاعي، تحقيق: حمدي السلفي الطبعة الأولى: 1405 هـ مؤسسة الرسالة - بيروت. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 478 [401] مسند الطيالسي: للحافظ سليمان بن داود بن الجارود الفارسي الطيالسي (ت 204) طبع: دار المعرفة - بيروت. [402] المسند: للإمام أحمد بن حنبل - المكتب الإِسلامي، بيروت - ط/ 2 سنة 1398 هـ. [403] المسند: للإمام الشافعي - مطبوع في آخر الأم - بعناية محمود مطرجي - دار الكتب العلميَّة، بيروت - ط/1 سنة 1413 هـ. [404] مسند أبي يعلى: للحافظ أحمد بن علي أبي يعلى الموصلي (ت 307 هـ) تحقيق: حسين سليم أسد، الطبعة الأولى: 1404 هـ دار المأمون للتراث - دمشق. [405] المسودة في أصول الفقه: لمجد الدين أبي البركات عبد السلام بن تيمية، وأبي المحاسن عبد الحليم بن عبد السلام، وشيخ الإِسلام ابن تيمية، جمعها وبيضها: شهاب الدين أبو العباس أحمد بن محمَّد الحراني (ت 745 هـ) تحقيق. محمَّد محيي الدين عبد الحميد مطبعة المدني - القاهرة. [406] مصباح الزجاجة: للبوصيري - تحقيق موسى محمَّد علي، د. عزَّت علي عطيَّة - دار الكتب الحديثة، مصر. [407] المصباح المنير في غريب الشرح الكبير للرافعي: لأحمد بن محمَّد الفيومي (ت 770 هـ) الطبعة الأولى: 1414 هـ دار الكتب العلمية بيروت. [408] مصنف ابن أبي شيبة: للإمام أبي بكر عبد الله بن محمَّد بن أبي شيبة (ت 235 هـ) تحقيق: عامر العمري الأعظمي، الدار السلفية ط/ 1، سنة 1402 هـ،- بومبائي - الهند. [409] مصنف عبد الرزاق: للحافظ أبي بكر عبد الرزاق بن همام الصنعاني (ت 211 هـ) الطبعة الأولى: 1390 هـ تحقيق: حبيب الرحمن الأعظمي من منشورات مجلس العلمي - بيروت. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 479 [410] المطلب العالي: لنجم الدين ابن الرفعة (ت 710 هـ) - توجد منه نسخ بمركز البحث العلمي بجامعة أم القرى بأرقام - مرتبة حسب الأجزاء - (119، 372، 117، 120) وهي مصوَّرة من مكتبة أحمد الثالث بتركيا، ورقمها فيه (1130). [411] معالم السنن: للخطابي (ت 388 هـ) مطبوع بهامش سنن أبي داود بتحقيق: عزت عبيد الدعاس، طبع دار الحديث - حمص - سوريا. [412] معاني القرآن: لأبي زكريَّا الفرَّاء - تحقيق أحمد يوسف نجاتي، محمَّد علي النجَّار - دار السرور، بيروت. [413] معجم الأدباء: لياقوت الحموي (ت 626 هـ) راجعه وزارة المعارف العمومية، الطبعة الأولى: دار إحياء التراث العربي - بيروت. [414] المعجم الأوسط: لأبي القاسم الطبراني - تحقيق د. محمود الطحَّان - دار المعارف، الرياض - ط/ 1 سنة 1405 هـ. [415] معجم البلدان: لياقوت الحموي - تحقيق فريد عبد العزيز الجندي - دار الكتب العلميَّة، بيروت - ط/1 سنة 1410 هـ. [416] معجم الشواهد الشعريَّة: لعبد السلام محمَّد هارون - مكتبة الخانجي بمصر - ط/1 سنة 1392 هـ. [417] المعجم الصغير: للحافظ أبي القاسم سليمان بن أحمد الطبراني (ت 360 هـ) دار الكتب العلمية بيروت، توزيع: مكتبة دار الباز مكة المكرمة. [418] معجم قبائل الحجاز: لعاتق بن غيث البلادي - دار مكة للنشر والتوزيع - ط/2 سنة 1403 هـ. [419] المعجم الكبير: للحافظ أبي القاسم الطبراني السابق تحقيق: حمدي السلفي الطبعة الأولى: 1399 هـ مطبعة الوطن العربي. [420] معجم لغة الفقهاء: د. محمَّد رواس ود. حامد الصادق، الطبعة الثانية: 1408 هـ د ار النفائس - بيروت. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 480 [421] معجم المؤلفين: لعمر رضا كحَّالة - مكتبة المثنَّى، دار إحياء التراث العربي، بيروت. [422] المعجم الوسيط: لإبراهيم مصطفي وأحمد حسن الزيات وحماد عبد القادر ومحمد علي النجار، الطبعة الثانية: المكتب الإسلامية - استانبول - تركيا. [423] معرفة السنن والآثار: لأبي بكر أحمد بن الحسين البيهقي (ت 458 هـ) تحقيق: د. عبد المعطي أمين قلعجي، الطبعة الأولى: 1411 هـ دار الوعي - حلب - القاهرة. [424] معرفة السنن والآثار: لأبي بكر البيهقي - تحقيق سيد كسرو حسن - دار الكتب العلميَّة، بيروت - ط/1 سنة 1412 هـ. [425] معرفة علوم الحديث: للإمام أبى عبد الله الحاكم (ت 405 هـ)، تحقيق: د. معظم حسين طبع تحت إشراف إدارة جمعية دائرة المعارف، حيدر آباد الدكن، الهند. [426] المغني شرح مختصر الخرقي: لموفق الدين أبي محمَّد عبد الله بن أحمد بن قدامة المقدسي الحنبلي (ت 620 هـ) تحقيق: د. عبد الله بن عبد المحسن التركي ود. عبد الفتاح الحلو الطبعة الثانية: 1412 هـ مطابع هجر - القاهرة. [427] المغني عن حمل الأسفار في الأسفار: لزين الدين العراقي - بزيل إحياء علوم الدين - دار الكتب العلميَّة، بيروت - ط/ 2 سنة 1412 هـ. [428] المغني في الضعفاء: لشمس الدين الذهبي - تحقيق نور الدين عتر. [429] مغني اللبيب عن كتب الأعاريب: لأبي عبد الله بن هشام الأنصاري (ت 761 هـ) تحقيق: محمَّد محي الدين عبد الحميد، دار إحياء التراث العربي - بيروت. [430] مغني المحتاج إلى معرفة معاني ألفاظ المنهاج: لمحمد الخطيب الشربيني (ت 977 هـ) طبع شركة مطبعة مصطفى البابي الحلبي وأولاده بمصر 1377 هـ، الناشر: مؤسسة التاريخ العربي ودار إحياء التراث العربي - بيروت. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 481 [431] المغني: لابن قدامة المقدسي - تحقيق د. عبد المحسن التركي، د. عبد الفتاح الحلو - دار هجر، القاهرة - ط/ 2 سنة 1412 هـ. [432] مفتاح دار السعادة ومصباح السيادة: لأحمد بن مصطفى الشهير بطاش كبري زاده تحقيق: كامل كامل بكري وعبد الوهاب أبو النور، الناشر: دار الكتب الحديثة - القاهرة. [433] مفردات ألفاظ القرآن: لحسين بن محمَّد بن المفضل الراغب الأصفهاني (ت في حدود 425 هـ) تحقيق: صفوان عدنان داؤدي، الطبعة الأولى: 1412 هـ الناشر: دار القلم والدرا الشامية - بيروت - دمشق. [434] المفردات في غريب القرآن: للراغب الأصفهاني - تحقيق وضبط محمَّد سيِّد كيلاني - دار المعرفة، بيروت. [435] المقادير الشرعية والأحكام الفقهية المتعلقة بها: لمحمد نجم الدين الكردي، مكتبة السعادة، مصر 1404 هـ. [436] المقاصد الحسنة في بيان كثير من الأحاديث المشتهرة على الألسنة: للسخاوي - تصحيح عبد الله محمَّد صديق - مكتبة الخانجي، القاهرة - ط/2 سنة 1412 هـ. [437] مقالات الإِسلاميين واختلاف المصلِّين: لأبي الحسن علي بن إسماعيل الأشعري (ت 330 هـ تحقيق: محمَّد محي الدين عبد الحميد الناشر: المكتبة العصرية بيروت عام 1411 هـ. [438] المقتنى في سرد الكنى: لشمس الدين الذهبي - تحقيق محمَّد صالح عبد العزيز مراد - من منشورات المجلس العلمي بالجامعة الإِسلاميَّة بالمدينة المنوَّرة. [439] المقصد الأرشد في ذكر أصحاب الإِمام أحمد: لابن مفلح - تحقيق وتعليق د. عبد الرحمن بن سليمان العثيمين - مكتبة الرشد، الرياض - ط/ 1 سنة 1410 هـ. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 482 [440] المقنع في علوم الحديث: لعمر بن علي الأنصاري المعروف بابن الملقن (ت 804 هـ) تحقيق: عبد الله يوسف الجديع، الطبعة الأولى: 1413 هـ الناشر: دار فواز للنشر - الأحساء - السعودية. [441] ملء العيبة، بما جمع بطول الغيبة، في الوجهة الوجيهة، إلى الحرمين مكة وطيبة: لابن رشيد - تحقيق د. محمَّد الحبيب ابن خوجة - الشركة التونسيَّة للتوزيع. [442] الملل والنحل: لأبي الفتح محمَّد بن عبد الكريم الشهرستاني (ت 548 هـ) تحقيق: أحمد بن فهيمي محمد الطبعة الثانية: 1413 هـ دار الكتب العلمية بيروت. [443] المنتخب من مسند عبد بن حميد: لأبي محمَّد عبد بن حميد، تحقيق صبحي البدري السامرائي ومحمود خليل الصعيدي - مكتبة السنة، القاهرة، سنة 1408 هـ. [444] المنتظم في تاريخ الأمم والملوك: لأبي الفرج ابن الجوزي (ت 597 هـ) - دراسة وتحقيق محمَّد عبد القادر عطا، مصطفى عبد القادر عطا - دار الكتب العلميَّة، بيروت - ط/1 سنة 1412 هـ. [445] المنتقى من السنن المسندة: للحافظ عبد الله بن الجارود (ت 307 هـ) بعانية: عبد الله عمر البارودي الطبعة الأولى 1408 هـ دار الجنان، ومؤسسة الكتب الثقافية، بيروت. [446] المنتقى من السنن المسندة عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: للحافظ بن الجارود (ت 307 هـ) - بعناية عبد الله عمر البارودي - مؤسسة الكتب الثقافيَّة، بيروت - ط/ 1 سنة 1408 هـ. [447] المنثور في القواعد: لبدر الدين الزركشي - تحقيق د. تيسير فائق أحمد محمود - ط/2 سنة 1405 هـ. من منشورات وزارة الشئون الإِسلاميَّة بالكويت. [448] منهاج الطالبين وعمدة المفتين: لأبي زكريا يحيى بن شرف النووي مطبوع مع شرحه مغني المحتاج السابق الذكر. [449] المنهاج: للنووي - مطبوع مع شرحه مغني المحتاج - مكتبة ومطبعة مصطفى البابي الحلبي وأولاده بمصر 1377 هـ. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 483 [450] المهذب في فقه الإِمام الشافعي: لأبي إسحاق إبراهيم بن علي الشيرازي (ت 476 هـ) الطبعة الأولى: 1414 هـ الناشر: دار إحياء التراث العربي - بيروت. وبذيله النظم المستعذب في شرح غريب المهذب لابن بطال الركبي. [451] المهذَّب في الفقه الشافعي: لأبي إسحاق الشيرازي - مطبعة عيسى البابي الحلبي بمصر. [452] مواهب الصمد في حلِّ ألفاظ الزبد: لأحمد بن حجازي - بعناية عبد الله بن إبراهيم الأنصاري - من منشورات وزارة الشئون الإسلاميَّة بقطر. [453] الموطأ: للإمام مالك بن أنس تحقيق: محمَّد فؤاد عبد الباقي الناشر: دار الحديث القاهرة. [454] الموطأ: للإمام مالك بن أنس - مع شرح الزرقاني عليه - دار الكتب العلميَّة، بيروت - ط/1 سنة 1411 هـ. [455] ميزان الاعتدال في نقد الرجال: لشمس الدين الذهبي - تحقيق علي محمَّد البجاوي - دار المعرفة، بيروت - ط/ 1 سنة 1382 هـ. [ن] [456] النجوم الزاهرة في ملوك مصر والقاهرة: لابن تغري بردى - الناشر المؤسسة المصريَّة العامَّة للتأليف والترجمة والطباعة والنشر. [457] نزهة الخاطر العاطر شرح روضة الناظر: لابن بدران الدمشقي - بهامش روضة الناظر. [458] نزهة النظر شرح نخبة الفكر في مصطلح أهل الأثر: لابن حجر العسقلاني، مكتبة ابن تيميَّة، القاهرة 1411 هـ. [459] نصب الراية لأحاديث الهداية: لأبي محمَّد عبد الله بن يوسف الزيلعي الحنفي (ت 762 هـ) تحقيق: المجلس العلمي بالهند، الطبعة الثانية: مكتبة الرياض الحديثة. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 484 [460] النظم المستعذب في شرح غريب المهذب: لأحمد بن بطال الركبي (ت 633 هـ) مطبوع بهامش المهذب الطبعة الأولى: 1414 هـ طبع دار إحياء التراث العرب - بيروت. [461] النكت على كتاب ابن الصلاح: للحافظ ابن حجر العسقلاني، تحقيق: د. ربيع بن هادي عمير. الطبعة الأولى: 1404 هـ من مطبوعات الجامعة الإِسلامية بالمدينة النبوية. [462] نهاية السول في شرح منهاج الأصول: لعبد الرحيم بن الحسن الأسنوي (ت 772 هـ) الناشر: عالم الكتب - بيروت. [463] نهاية المحتاج إلى شرح المنهاج: لمحمد بن أبي العباس الرملي (ت 1004 هـ) طبع دار الكتب العلمية بيروت 1414 هـ، الناشر: مكتبة دار الباز مكة المكرمة. [464] نهاية المطلب في دراية المذهب: لأبي المعالي إمام الحرمين، (ت 478 هـ) مصور بمكتبة المخطوطات بالجامعة الإسلامية برقم (3756، 3757، 4446، 3549 - 3551، 3541 - 3545، 3546 - 3548). [465] نهاية المطلب في دراية المذهب: لأبي المعالي إمام الحرمين (ت 478 هـ). توجد منه نسخ بمركز البحث العلمي بجامعة أم القرى: الجزء الأول برقم 118. الجزء الثاني برقم 374 - وهما مصوَّران من مكتبة أحمد الثالث بتركيا ورقمهما فيها (1130 ب) - والجزء الثاني من مخطوطة دار الكتب المصريَّة برقم (385)، وهو في الدار برقم (247). [466] النهاية في غريب الحديث والأثر: لأبي السعادات المبارك محمَّد الجزري الشهير بابن الأثير، تحقيق: طاهر أحمد الزاوي، محمود محمَّد الطناحي، المكتبة العلمية، بيروت. والمكتبة الإسلامية، الأردن. [467] نيل الأوطار شرح منتقى الأخبار: لمحمد بن علي الشوكاني (ت 1255 هـ) طبع دار الحديث ودار الريان - القاهرة، ودار إحياء التراث العربي، بيروت الطبعة الأخيرة. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 485 [هـ] [468] الهداية شرح بدية المبتدي: لعلي بن أبي بكر المرغناني (ت 593 هـ) الناشر: مكتبة وشركة مصطفى البابي الحلبي: القاهرة. [469] هدية العارفين في أسماء المؤلفين وأثار المصنفين: لإسماعيل باشا البغدادي (ت 1339 هـ) طبع بعناية وكالة المعارف الجليلة في استانبول عام 1951 الميلادي والناشر: دار إحياء التراث العربي - بيروت. [470] همع الهوامع في شرح جمع الجوامع: لجلال الدين السيوطي - تحقيق وشرح د. عبد العال سالم مكرَّم، عبد السلام محمَّد هارون - دار البحوث العلميَّة، الكويت 1394 هـ. [و] [471] الوافي بالوفيَّات: لخليل بن أبيك الصفدي (ت 764 هـ) - بعناية هلموت ريتر - نشر جمعيَّة المستشرقين الألمانيَّة - ط/2 سنة 1381 هـ. [472] الوجيز في فقه مذهب الإِمام الشافعي: لحجة الإِسلام محمَّد بن محمَّد أبي حامد الغزالي، الناشر: دار المعرفة - بيروت، 1399 هـ. [473] الودائع لمنصوص الشرائع: لأحمد بن عمر بن سريج الشافعي (ت 306 هـ) تحقيق: صالح الدويش رسالة علمية مطبوعة بالألة الكاتبة بالجامعة الإسلامية بالمدينة النبوية. [474] الوسيط في المذهب: لأبي حامد الغزالي - تحقيق علي محي الدين علي القره داغي - طبع الجمهوريَّة العراقيَّة ط/ 1. وتحقيق أحمد محمود إبراهيم ومحمد محمَّد تامر - دار السلام، القاهرة - ط/1 سنة 1417 هـ. [475] الوفيات: لابن قنفذ تحقيق: عادل أبي نهيض الناشر: الطبعة الثالثة: دار الأفاق الجديدة - بيروت، 1400 هـ. [476] الوفيات: لابن قنفذ، تحقيق: عادل أبي نهيض، الناشر: دار الآفاق الجديدة، الطبعة الثالثة، بيروت، 1400 هـ. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 486