الكتاب: معلم التجويد المؤلف: د خالد بن عبد الرحمن بن علي الجريسي تقديم: العلامة الشيخ د. عبد الله بن عبد الرحمن الجبرين عدد الأجزاء: 1   [ترقيم الكتاب موافق للمطبوع] ---------- معلم التجويد خالد الجريسي الكتاب: معلم التجويد المؤلف: د خالد بن عبد الرحمن بن علي الجريسي تقديم: العلامة الشيخ د. عبد الله بن عبد الرحمن الجبرين عدد الأجزاء: 1   [ترقيم الكتاب موافق للمطبوع] سلسلة زاد المؤمن (4) مُعَلِّمُ التَّجْوِيد تأليف د. خالد بن عبد الرحمن الجريسي تقديم العلاّمة الشيخ د/ عبد الله بن عبد الرحمن الجبرين الجزء: 1 ¦ الصفحة: 1 تقديم فضيلة العلاّمة الشيخ د. عبد الله بن عبد الرحمن الجبرين الحمد لله الذي علَّم القرآن، وخلق الإنسان، وعلَّمه البيان، وأشهد أن لا إله إلا الله الملكُ الديّان، وأشهد أن محمدًا عبدُه ورسوله صلَّى الله عليه وسلَّم، وعلى آله وأصحابه والتابعين لهم بإحسان. أما بعدُ، فقد قرأت هذه الرسالة القيِّمةَ والتي بعنوان [مُعَلِّمُ التَّجْوِيدِ] تأليف الشاب الدكتور/ خالد بن عبد الرحمن بن علي الجريسي، ولقد أجاد وأفاد ووقع على المراد، وبذل جهدًا جهيدًا، واستوفى كلَّ ما يتعلَّق بعلم التجويد، وما له صلة بالقرآن، مما يدلُّ على عمق المعرفة وكثرة التعب والمطالعة لكتب مَنْ تقدَّم من علماء القرآن، ومما يُعبِّر عن تخصُّصٍ وبُعْدِ غَوْرٍ، واهتمامٍ كبير بالقرآن وما يتعلَّق به، فجزاه الجزء: 1 ¦ الصفحة: 5 الله خيرًا وأجزل له المَثُوبة، وأكثر في المسلمين من أهل العلم النافع والعمل الصالح، والله أعلم. وصلَّى الله على محمد وآله وصحبه وسلَّم. 29/10/1425هـ عبد الله بن عبد الرحمن الجبرين الجزء: 1 ¦ الصفحة: 6 تقديم المقرئ الشيخ أحمد بن خليل بن شاهين الحمد لله، نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا، من يهد الله فهو المهتد، ومن يُضلِل فلن تجد له وليًّا مرشدًا، ونصلِّي ونسلِّم على خير خلقه وخاتَمِ رسله سيِّدِنا محمَّدٍ المبعوثِ رحمةً للعالمين وعلى آله وأصحابه ومن سلك طريقه وترسَّم خُطاه إلى يوم الدِّين. وبعدُ، فقد راجعتُ كتاب [مُعَلِّمُ التَّجْوِيدِ] فألفيتُه كتاباً قيِّماً جامعاً فوائدَ كثيرةٍ في علم التجويد، سلك فيه مؤلِّفه - جزاه الله خيراً - أسلوباً مميَّزًا موجزاً، سهل العبارة، واضح المعنى، ليس بالطويل المُمِلِّ ولا المُوجَز المُخِلِّ، تحدث عن أشياءَ مهمةٍ مثل: صفات الحروف، والوقف والابتداء، والمدود، وعلم الرسم، واللَّحْن بأنواعه، وأحكام كثيرة متنوعة مفيدة، مثل الجزء: 1 ¦ الصفحة: 7 فضل آيات وسور من القرآن العظيم، ونبذة عن علم القراءات والأئمة والرواة، وغير ذلك. أسأل الله بأسمائه الحُسنى وصفاته العُلى وباسمه الأعظم الذي إذا دُعِي به أجاب أن يجزي مؤلِّفَه فضيلةَ الشيخ د. خالد الجريسي خير الجزاء على ما بذله من جمع وترتيب واقتراحات مُيسَّرة لحفظ كتاب الله جلَّ جلالُه وتقدَّسَتْ أسماؤه، وآخر دعوانا أنِ الحمد لله ربِّ العالمين. قاله وكتبه: خادم القرآن الكريم راجي عفو ربه الرحيم أحمد بن خليل بن شاهين معلم القرآن والقراءات والتجويد مدرسة تحفيظ القرآن الأولى المتوسطة والثانوية تخصص القراءات وعلوم القرآن إجازة في القراءات العشر. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 8 تقديم فضيلة الدكتور عبد الله بن علي بصفر الحمد لله ربِّ العالمين، والصلاة والسلام على المبعوث رحمة للعالمين. وبعدُ، فقد طلب مني الأخ العزيز الشيخ / الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي - حفظه الله ورعاه - مراجعة كتاب [مُعَلِّمُ التَّجْوِيدِ] فأجبتُه إلى طلبه لِما أعرفه عن الأخ الفاضل من رغبة في طلب العلم الشرعيِّ ونشرِه بين الناس من غير مكاسبَ دنيوية، وهذه نعمة نسأل الله عزَّ وجلَّ أن يرزقنا جميعاً إياها، وقد قرأت هذه الرسالة المباركة، ورغم أن موضوعها من الموضوعات التي تكررت الكتابة فيها كثيراً إلا أنها في كل عصر بحاجة إلى من يعرِضها عَرْضاً يوافق روح ذلك العصر، وأزعم أن هذه الرسالة كانت جديدة في عرضها وتقسيمها، فهي إضافة إلى أنها على طريقة الجزء: 1 ¦ الصفحة: 9 السؤال والجواب فهي لم تَسِر على الأقسام نفسها التي كثر تردادها في كتب التجويد المعاصرة، وسترى ذلك واضحاً - أخي القارىء - في الحديث عن المخارج والصفات، وهي من المباحث المهمة جداً في هذا العصر حيث كثرت أخطاء النطق في الحروف، حتى رأينا من يَؤُمُّ الناسَ وهو يَلفِظ بحروف تشبه الحروف العربية ولكنها ليست هي، وقد أضاف المؤلِّف بحوثاً تمَّم بها علمَ التجويد؛ منها علم الوقف والابتداء، وهو من البحوث المهمة جداً التي لا يُحِسنها إلا القليلُ القليلُ من طلبة العلم، فضلاً عن عامة الناس. وقد بدأ المؤلِّف - حفظه الله - هذه الرسالة ببحوث في تعريف القرآن الكريم وبيان فضله وشرف أهله وختمها ببحوث في بيان طريق مُيسَّر لختم القرآن الكريم حفظاً وتلاوة وفي فضائل بعض الآيات والسور وغير ذلك؛ مما أزاح الملل عن القارىء لمثل هذه الكتب المتخصِّصة في هذا الفنّ، وشحذ همم القُرَّاء لهذه الرسالة ليُقبِلوا على كتاب الله عزَّ وجلَّ برغبة الجزء: 1 ¦ الصفحة: 10 وحبٍّ وسعياً لتلك الدرجات العالية التي ينالها الماهر بالقرآن الكريم، وكأن هذه الرسالة تأخذ بيد المسلم ليبدأ الطريق في الصُّلْح مع القرآن الكريم حتى يتشرَّف بأن يكون من أهل الله عزَّ وجلَّ، وباختصار فإن هذه الرسالة لَبِنَةٌ في بناء (المَهَرة) الذين يجب أن تكرِّس جمعيات تحفيظ القرآن الكريم جهدها لإخراجهم والعناية بهم كما يُعتنى بالموهوبين في كل علم وفنّ. أسأل الله تعالى أن يتقبَّل من الأخ الفاضل هذه الرسالة، وأن يجعلها خالصة لوجهه الكريم، وأن ينفع بها المسلمين في كل مكان، إنه سميع مجيب الدعوات. والحمد لله ربِّ العالمين. وصلَّى الله وسلَّم على سيِّدنا ونبيِّنا محمَّدٍ وعلى آله وصحبه. د. عبد الله بن علي بصفر الأمين العام للهيئة العالمية لتحفيظ القرآن الكريم الجزء: 1 ¦ الصفحة: 11 مقدِّمة الْحَمْدُ لِلَّهِ ذِي الْفَضْلِ وَالإِْحْسَانِ، الْمُنَزَّهِ عَنِ الشَّرِيكِ وَالأَْعْوَانِ، مَنْ أَحَاطَ عِلْمُهُ بِمَا يَكُونُ وَمَا قَدْ كَانَ، يَعْلَمُ السِّرَّ وَأَخْفَى وَيَعْلَمُ الإْعْلاَنَ، قَدِ امْتَنَّ سُبْحَانَهُ عَلَى خَلْقِهِ بآلائِهِ الَّتِي تَجِلُّ عَنِ الْعَدِّ والْحُسْبانِ، فَجَعَلَ أَعْظَمَهَا إِرْسَالَ رَسُولهِ مُحَمَّدٍ صلى الله عليه وسلم بِدِينِ الْحَقِّ وتَعْلِيمَهُ الْقُرْآنَ، أَحْمَدُهُ سُبْحَانَهُ عَلَى عَظيم الْفَضْلِ وَدَوَامِ الإْحْسَانِ، وَأَشْهَدُ أَنْ لاَ إِلهَ إِلاَّ اللهُ وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّداً عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ، وَالتَّابِعِينَ لَهُمْ بِإِحْسَانٍ؛ شَهَادَةً أَدَّخِرُها لِيَوْمٍ تَشِيبُ لِهَوْلِهِ الْوِلْدَانُ، وَيُكْرِمُ اللهُ فِيهِ أَهْلَ الْقُرْآنِ فَيُنَجِّيهِمْ بِفَضْلِهِ مِنْ دَارِ الْهَوَانِ ويُسْكِنُهُمْ بِرَحْمَتِهِ فَسِيحَ الْجِنَانِ. وَبَعْدُ، أَخِي القَارِئُ الحَبِيبُ! فَهَذَا كُتَيِّبٌ مُيَسَّرٌ جَمَعْتُهُ خِدْمَةً لِكِتَابِ اللهِ تَعَالَى، ثُمَّ إِكْرَاماً لأَهْلِ الْقُرْآنِ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 13 - وَهُمْ أَهْلُ اللهِ وَخَاصَّتُهُ - بَاذِلاً الْوُسْعَ فِي نَفْعِهِمْ، سَائِلاً اللهَ تَعَالَى أَنْ يَضَعَ لَهُ حُسْنَ الْقَبُولِ عِنْدَهُ، وَأَنْ يَجْعَلَ أَفْئِدَةً مِنَ النَّاسِ تَهْوِي إِلَيْهِ تَقْرَؤُهُ وَتَنْتَفِعُ بِهِ، وَقَدْ سَمَّيْتُهُ - بِعَوْنِ اللهِ تَعالَى: [مُعَلِّمُ التَّجْوِيدِ] ، وَجَعَلْتُهُ مُرَتَّباً عَلَى ثَمَانِيَةِ أَبْوابٍ، كَالآْتِي: الأَوَّلُ: ... فِي تَعْريِفِ الْقُرْآنِ، وَبَيَانِ بَعْضِ فَضْلِهِ، وَشَرفِ أَهْلِهِ. الثَّانِي: ... فِي بَيَانِ التَّرْتِيلِ، وَهُوَ (التِّلاَوَةُ بِتَجْوِيدِ الأَْدَاءِ) . الثَّالِثُ: ... فِي بَيَانِ طَريقٍ مُيَسَّرٍ لِخَتْمِ الْقُرْآنِ. الرَّابِعُ: ... فِي فَضَائِلِ بَعْضِ الآْيَاتِ وَالسُّوَرِ. الخَامِسُ: ... فِي بَيَانِ سَجْدَاتِ الْقُرْآنِ. السَّادِسُ: ... فِي نُبْذَةٍ يَسِيرةٍ مِنْ عِلْمِ الْقِرَاءاتِ. السابعُ: ... فِي فَرَائِدَ مِنْ فَوَائِدَ لَهَا صِلَةٌ بِالْقُرْآنِ. الثَّامِنُ: ... فِي أَحْكَامٍ مُتَعَلِّقَةٍ بِإِكْرامِ الْمُصْحَفِ. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 14 وَهَذَا أَوَانُ الشُّرُوعِ بِذَلِكَ مُتَوَكِّلاً عَلَى اللهِ تَعَالَى، مُعْتَمِداً عَلَيْهِ، مُفَوِّضَاً أَمْرِي إِلَيْهِ، سَائِلاً إِيَّاهُ سُبْحَانَهُ التَّوْفِيقَ لِحُسْنِ النِّيَّةِ في الطَّاعَاتِ، وَالاْمْتِنانَ بِإِقالَةِ الْعَثَرَاتِ، والتَّفَضُّلَ بِمَحْوِ السَّيِّئاتِ، والتَّكَرُّمَ بِالْعَفْوِ عَنِ الزَّلاَّتِ، والإِْحْسَانَ بِمُضاعَفَةِ الْحَسَناتِ، لِي وَلِمَنْ قَرَأَ كِتَابِي هَذَا، وَعَمِلَ بِهِ مِنَ الْمُسْلِمِينَ وَالْمُسْلِمَاتِ. د. خالد بن عبد الرحمن الجريسي الجزء: 1 ¦ الصفحة: 15 الباب الأول تعريفُ القرآن وبيانُ بعض فضله وشرفِ أهله الجزء: 1 ¦ الصفحة: 17 الباب الأول تعريف القرآن وبيان بعض فضله وشرف أهله معنى القرآن لغةً: لفظُ قرآن في اللغةِ، مصدرٌ لقَرَأَ، يَقْرَأُ، قراءةً، وقرآناً كالغُفران من غَفَر، وهو مرادف معنىً للقراءة، ومنه قوله تعالى: [القِيَامَة: 17-18] {إِنَّ عَلَيْنَا جَمْعَهُ وَقُرْآنَهُ *فَإِذَا قَرَأْنَاهُ فَاتَّبِعْ قُرْآنَهُ *} ، أي: قراءته، ثم سُمِّي به الكتابُ المقروء، من باب تسمية المفعول بالمصدر. و (قرأ) الشيءَ (قرءاناً) : جَمَعه وضَمَّه، ومنه سُمِّي القرآنُ لأنه يجمع السورَ ويَضُمُّها. وهو مهموز، فلو حُذف همزه كان ذلك للتخفيف، وإذا دخلته «أل» بعد التسمية فإنما هي إشارة للأصل لا للتعريف به، وهو مشترَكٌ لفظيٌّ يُطلق حقيقةً على الكلِّ أو بعضه، كقولك: (يحرم قراءة القرآن على الجُنب) تقصد حرمة قراءته كلِّه أو بعضِه على السواء. وهو مشتق من قرأ، أو من القُرْء بمعنى الجمع - كما ذُكِر آنفًا - أو من الجزء: 1 ¦ الصفحة: 19 القِرى بمعنى الضيافة، واشتقاقه من قرأ هو الأَوْلى. وهو المختار؛ استناداً إلى مورد اللغة، وقوانين الاشتقاق، والله أعلم (1) . تعريف القرآن اصطلاحاً: عرَّف الأصوليون والفقهاء وعلماء العربية والمتكلِّمون القرآنَ بأنه: الكلام المُعجِز المُنزَّل على قلب النبيِّ صلى الله عليه وسلم، المكتوب في المصاحف، المنقول بالتواتر، والمتعبَّد بتلاوته، من أول الفاتحة إلى آخر سورة الناس (2) . وهذا التعريف مع كونه جامعاً للمعنى مانعاً لغيره، إلا أن الوصف المختار للقرآن هو ما قاله الإمام أحمد رحمه الله: هو كلام الله وكفى. ويُشار هنا - بالضرورة - إلى أن علماء الإسلام قد أجمعوا على أن القرآن كلام الله - عزَّ وجلَّ - غيرُ مخلوق. قال تعالى: [التّوبَة: 6] {وَإِنْ أَحَدٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ اسْتَجَارَكَ فَأَجِرْهُ حَتَّى يَسْمَعَ كَلاَمَ اللَّهِ ثُمَّ أَبْلِغْهُ مَأْمَنَهُ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لاَ يَعْلَمُونَ *} . والله المستعان.   (1) انظر: معجم المقاييس لابن فارس ص (795) ، و «المفردات» للراغب ص (402) ، و «البصائر» للفيروزآبادي (4/262) ، ومختار الصحاح للرازي مادة (ق ر أ) . (2) انظر: مناهل العرفان لمحمد عبد العظيم الزرقاني (1/21) . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 20 بيان بعض فضل القرآن وشرف أهله: إنه - والحق يقال - لا يمكن إحصاء فضل القرآن الكريم، ولو أُفرِدت لذلك المُطوَّلات، وفَنِيَتْ فيه الأعمار، وقد جمع شيئًا من ذلك جهابذة من العلماء: منهم ابن كثير رحمه الله في كتاب «فضائل القرآن» ، والنوويُّ رحمه الله في «التبيان في آداب حملة القرآن» ، وأبو القاسم الشاطبيُّ رحمه الله في مطلع قصيدته الفذَّة «حِرْز الأماني ووجهُ التهاني» المعروفة بالمنظومة الشاطبيَّة، وغيرهم ممن يضيق المقام عن إحصائهم، أقول: مع سَبْق هؤلاء الأعلام لذلك الفضل، إلا أني أحبُّ أن أذكر- مستعيناً بالله - نزراً يسيراً من فضائل القرآن العظيم وخصائصه: - ... القرآن كلام الله تعالى، وسبيل هدايته الخلق. - ... وهو ملاذ الدِّين الأعلى؛ يستند إليه الإسلام في عقائده وعباداته، وحِكَمه وأحكامه، وأخلاقه، وقَصصه ومواعظه. - ... وهو عماد لغة العرب الأسمى، تَدِين له العربيَّةُ في الجزء: 1 ¦ الصفحة: 21 بقائها وسلامتها، وتستمدُّ منه علومها. - ... وهو حُجَّة الله تعالى على الخلق، وحُجَّة الرسول صلى الله عليه وسلم ومعجزته الخالدة، شاهداً بحقِّ رسالته، دالاًّ على صدق نبوَّته. - ... وهو كتاب الله الخاتم للوحي، المُنزَّل على قلب نبيٍّ هو خاتم النبيِّين صلى الله عليه وسلم (3) . - ... وهو معلِّم الإنسانية جمعاء، بإشارات لعلوم كونية كبرى، ومعارفَ ما زال علماء التجريب إلى يومنا هذا يحارون في دِقَّتها وسَبْقها، وكأن الكون كتابٌ مُشاهَد، والقرآن كتاب مقروء لحقائق هذا الكون. - ... وهو الكتاب الشفيع لأصحابه يوم القيامة، قال النبيُّ صلى الله عليه وسلم: «اقْرَءُوا الْقُرْآنَ فَإِنَّهُ يَأْتِي يَوْمَ الْقِيَامَةِ شَفِيعًا لأَصْحَابِهِ» (4) . أما أهله شرَّفهم الله، فتكاد أيضاً فضائلهم أن لا تنحصر، وسأكتفي بإيراد بعضٍ منها: - ... أهل القرآن هم خير الأمة الإسلامية ومقدَّمُها.   (3) المرجع السابق (1/12) . (4) جزء من حديث أخرجه مسلم؛ كتاب صلاة المسافرين وقَصْرِها (فضائل القرآن وما يتعلق به) ، باب: فضل قراءة القرآن وسورة البقرة، برقم (804) ، عن أبي أمامةَ الباهلي رضي الله عنه. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 22 .. قال صلى الله عليه وسلم: «خَيْرُكُمْ مَنْ تَعَلَّمَ الْقُرْآنَ وَعَلَّمَهُ» (5) . - ... وهم المتبوِّئون مرتبةَ الملائكة الكَتَبة، وأدناهم حائز على مضاعفة الأجر. ... قال النبيُّ صلى الله عليه وسلم: «الْمَاهِرُ بِالْقُرْآنِ مَعَ السَّفَرَةِ الْكِرَامِ الْبَرَرَةِ، وَالَّذِي يَقْرَأُ الْقُرْآنَ وَيَتَتَعْتَعُ فِيهِ وَهُوَ عَلَيْهِ شَاقٌّ لَهُ أَجْرَانِ» (6) . - ... وهم كالأُتْرُجَّة (7) ، رِيحها طيِّبٌ وطَعْمُها طيِّب، كما صحَّ وَصْفُهم بذلك في الحديث، قال عليه الصلاة والسلام: «مَثَلُ الْمُؤْمِنِ الَّذِي يَقْرَأُ الْقُرْآنَ مَثَلُ الأُْتْرُجَّةِ رِيحُهَا طَيِّبٌ وَطَعْمُهَا طَيِّبٌ ... » (8) الحديث. - ... وهم ممن جاز اغتباطهم المحمود في الخير. ... قال النبيُّ صلى الله عليه وسلم: «لا حَسَدَ إِلاَّ فِي اثْنَتَيْنِ: رَجُلٌ آتَاهُ اللهُ الْقُرْآنَ فَهُوَ يَقُومُ بِهِ آنَاءَ اللَّيْلِ وَآنَاءَ النَّهَارِ، وَرَجُلٌ آتَاهُ اللهُ مَالاً فَهُوَ يُنْفِقُهُ آنَاءَ اللَّيْلِ وَآنَاءَ النَّهَارِ» (9) .   (5) أخرجه البخاري؛ كتاب: فضائل القرآن، باب: «خَيْرُكُمْ مَنْ تَعَلَّمَ الْقُرْآنَ وَعَلَّمَهُ» . برقم (5027) ، وأخرجه أيضاً بلفظ: «إِنَّ أَفْضَلَكُمْ مَنْ تَعَلَّمَ الْقُرْآنَ وَعَلَّمَهُ» برقم (5028) . وأبو داود؛ كتاب الوتر، باب: في ثواب قراءة القرآن، برقم (1452) . والترمذي، كتاب: فضائل القرآن، باب: ما جاء في تعليم القرآن، برقم (2907) . وبرقم (2908) ، بلفظ: «خَيْرُكُمْ أَوْ أَفْضَلُكُمْ ... » ؛ جميعُهم عن عثمانَ رضي الله عنه. (6) أخرجه البخاري؛ كتاب: التفسير، باب: تفسير سورة عبس، برقم (4937) ، عن عائشة رضي الله عنها. ومسلم؛ كتاب: صلاة المسافرين وقَصْرِها (فضائل القرآن وما يتعلق به) ، باب: فضل الماهر بالقرآن والذي يتتعتع فيه، برقم (798) ، عنها أيضاً. واللفظ لمسلم. (7) الأُتْرُجَّة: ثمرة معروفة، يقال لها أيضاً: تُرُنْجَة، و «أُتْرُنْجَة» . (8) جزء من حديث أخرجه البخاري؛ كتاب فضائل القرآن، باب: فضل القرآن على سائر الكلام، برقم (5020) ، عن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه. ومسلم؛ كتاب صلاة المسافرين وقَصْرِها (فضائل القرآن وما يتعلق به) ، باب: فضيلة حافظ القرآن. برقم (797) ، عنه أيضاً. واللفظ لمسلم. (9) أخرجه البخاري؛ كتاب: فضائل القرآن، باب اغتباط صاحب القرآن، برقم (5025) ، عن ابن عمر رضي الله عنهما. ومسلم؛ كتاب: صلاة المسافرين وقَصْرِها (فضائل القرآن وما يتعلق به) . باب: فضل من يقوم بالقرآن ويُعلِّمه، برقم (815) ، عنه أيضاً. واللفظ لمسلم. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 23 - ... وهم من يرفع الله منزلتهم في الآخرة حتى يُبلَّغوا منزلة آخرِ آيةٍ يقرؤونها. ... قال صلى الله عليه وسلم: «يُقَالُ - يعني لِصَاحِبِ الْقُرْآنِ - اقْرَأْ وَارْتَقِ وَرَتِّلْ كَمَا كُنْتَ تُرَتِّلُ فِي الدُّنْيَا؛ فَإِنَّ مَنْزِلَتَكَ عِنْدَ آخِرِ آيَةٍ تَقْرَأُ بِهَا» (10) . - ... وهم من تنزَّل السكينة عليهم، وتدنو الملائكة عند قراءتهم. ... قال النبيُّ صلى الله عليه وسلم لأُسَيْدِ بنِ حُضَيْرٍ رضي الله عنه: «اقْرَأْ يَا ابْنَ حُضَيْرٍ، اقْرَأْ يَا ابْنَ حُضَيْرٍ ... (11) تِلْكَ الْمَلائِكَةُ دَنَتْ لِصَوْتِكَ، وَلَوْ قَرَأْتَ لأَصْبَحَتْ يَنْظُرُ النَّاسُ إِلَيْهَا لا تَتَوَارَى مِنْهُمْ» (12) . - ... وهم المُقدَّمون للإمامة في الصلاة. ... قال عليه الصلاة والسلام: «يَؤُمُّ الْقَوْمَ أَقْرَؤُهُمْ لِكِتَابِ اللَّهِ تَعَالَى ... » (13) . الحديث. - ... وهم الواجب إكرامهم. ... قال النبيُّ صلى الله عليه وسلم: «إِنَّ مِنْ إِجْلالِ اللهِ: إِكْرَامَ ذِي   (10) أخرجه أبو داود، كتاب الصلاة (الوتر) ، باب: كيف يُستحب الترتيل في القرآن، برقم (1464) عن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما. والترمذي، كتاب ثواب القرآن، باب: «إِنَّ الَّذِي لَيْسَ فِي جَوْفِهِ شَيْءٌ مِنَ الْقُرْآنِ كَالْبَيْتِ الْخَرِبِ..» برقم (2914) ، عنه أيضاً. وقال: هذا حديث حسن صحيح. واللفظ المختار له. (11) أُسَيْد بنُ حُضيرٍ هو أبو عتيك رضي الله عنه، كما في رواية: «اِقْرَأْ أَبَا عَتِيك» ، عند ابن حبان (1716) والطبراني في الكبير (566) ، وغيرهما. (12) أخرجه البخاري؛ كتاب: فضائل القرآن، باب: نزول السَّكينة والملائكة عند قراءة القرآن، برقم (5018) عن أُسَيْد رضي الله عنه. ويشار هنا إلى أن البخاري بعد إخراجه الحديث بانقطاع السند بين محمد التيمي وأُسَيد رضي الله عنه، عاد فوصله في آخر الحديث بسماع ابن الهاد من عبد الله ابن خبَّاب، عن أبي سعيد الخدري، عن أُسَيد رضي الله عنه. فالتعويل فيه على الإسناد الموصول كما نبَّه على ذلك الحافظ رحمه الله في «الفتح» (8/681) ، والله أعلم. (13) جزء من حديث أخرجه مسلم؛ كتاب المساجد، باب: مَن أحقُّ بالإمامة؟، برقم (673) ، عن أبي مسعودٍ الأنصاريِّ رضي الله عنه. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 24 الشَّيْبَةِ الْمُسْلِمِ، وَحَامِلِ الْقُرْآنِ غَيْرِ الْغَالِي فِيهِ وَالْجَافِي عَنْهُ، وَإِكْرَامَ ذِي السُّلْطَانِ الْمُقْسِطِ» (14) . - ... وهم، أخيراً وليس آخراً، أهلُ الله وخاصَّتُه. ... قال النبيُّ صلى الله عليه وسلم: «إِنَّ لِلَّهِ أَهْلِينَ مِنَ النَّاسِ» ، قيل: من هُمْ يَا رَسُولَ اللهِ؟ قَالَ عليه الصلاة والسلام: «أَهْلُ الْقُرْآنِ: أَهْلُ اللهِ وَخَاصَّتُهُ» (15) . شرَّف الله أهلَ القرآن وجعلني وإياك - أخي القارئ - ممن يُكرِمهم إجلالاً لمقامه تبارك وتعالى. ****   (14) أخرجه أبو داود، كتاب الأدب، باب في تنزيل الناس منازلهم، برقم (4843) ، عن أبي موسى رضي الله عنه. وفي سنده أبو كنانة القرشي - وهو مجهول - عن أبي موسى، وللحديث شواهد يتقوى بها. وقد حسَّنه الأئمة: النووي والعراقي وابنُ حجر رحمهم الله تعالى. انظر: «التبيان» للنووي بتحقيق الأستاذ الأرناؤوط ص (20) . (15) أخرجه أحمد في مسنده (3/127) ، من حديث أنس بن مالك رضي الله عنه، برقم (12304) . وابن ماجه؛ كتاب: السُّنة، باب فضل من تعلم القرآن وعلمه؛ برقم (215) عنه أيضاً. والحديث حسَّنه العراقيُّ في تخريج الإحياء (1/280) . كما جوّده الألبانيُّ في «الضعيفة» (4/85) . وقال الذهبيُّ في «الميزان» (3/626) : إسناده صالح. ووافقه الحافظ في «اللسان» (5/254) . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 25 الباب الثاني بيانُ الترتيلِ وهو: ... (التلاوة بتجويد الأداء) الجزء: 1 ¦ الصفحة: 27 الباب الثاني بيان الترتيل، وهو (التلاوة بتجويد الأداء) ساد وهمٌ بين المسلمين مفاده أن الإلمام بالتجويد العلمي، المُفضِي إلى حسن التلاوة، هو علم نظري مختصٌّ بطائفة من أهل العلم، وأنه صعب المسلك غير متاح للمسلمين عامّة، ومُسوِّغ هذا الوهم كثرة المؤلَّفات المكتظَّة بمصطلحات أحكام التجويد وتفصيلاته، بما يجعل ضبطها يصعب إتقانه على طالب هذا العلم المبارك، فضلاً عمّن ابتغى نصيباً منه، تُصحَّح به تلاوتُه، ويُضاعَف به أجرُه. لذا، فقد أحببت أن أجمع أركان هذا العلم مُيسَّرة، وأعرِّفَ بمصطلحاته، معتمدًا في ذلك كلِّه طريق الاستجواب، تيسيراً على المتعلِّم، مقتصراً في ذلك على ما يوافق رواية حفص عن عاصم، من طريق «المنظومة الشاطبية» ، مستعيناً بالله تعالى متوكلاً عليه. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 29 التعريف بمصطلحات وكلمات، يكثر تكرار ذِكْرها في هذا العلم. - ... القراءة - الاستعاذة - البسملة - فواتح السور - الحركة - الغنة - المدّ والقصر - صفات الحروف - مخارج الحروف - النون والميم المشددتان - النون الساكنة والتنوين - الميم الساكنة - القطع - الرَّوم - الإشمام - الحذف والإثبات - التحقيق والتسهيل - الهمزات - اللامات - الراءات - الهاءات - ياءات الإضافة - ياءات الزوائد - الوقف والابتداء - السكت - التكبير - الرسم - اللَّحْن. س1: عرّف القراءة. ج1: القراءة: مذهب يذهب إليه إمام من أئمة القرّاء (16) ، مخالفاً به غيرَه في النطق بالقرآن الكريم. س2: ما هي أركان القراءة الصحيحة؟ ج2: الأركان ثلاثة: 1- موافقة القراءة للمصاحف العثمانية؛ صراحة أو تقديراً.   (16) المقصود بأئمة القراء: القراءُ السبعة؛ عاصم، وحمزة، والكسائي - وهم الكوفيون -، ونافع المدني، وابن كثير المكي، وأبو عمرو البصري، وابن عامر الشامي. رحم الله الجميع. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 30 2- موافقة القراءة لوجه من وجوه قواعد اللغة العربية. 3- أن تكون القراءة صحيحة الإسناد. س3: ... وضِّح المراد بالركن الأول من الأركان الثلاثة للقراءة الصحيحة، مع ضرب مثال لما تقول. ج3: المراد بموافقة القراءة لأحد المصاحف العثمانية: هو أن تكون القراءة ثابتة، ولو في أي مصحف من المصاحف التي اعتُمدت في عهد عثمان رضي الله عنه. المثال: قراءة ابن عامر الشامي [البَقَرَة: 116] {وَقَالُوا اتَّخَذَ اللَّهُ وَلَدًا} بغير واو في قوله تعالى ُ ّ ِ، وذلك ثابت في المصحف الشامي. والمراد بالموافقة «ولو تقديراً» أنه يكفي في الرواية أن توافق رسم المصحف، ولو موافقة غير صريحة. ومثاله: قوله تعالى: [الفَاتِحَة: 4] {مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ *} . فإنه رُسِم في جميع المصاحف الجزء: 1 ¦ الصفحة: 31 بحذف الألف من كلمة ُ) ِ، فقراءة الحذف تحتملها، وذلك كما قرأ القراء السبعة، إلا الكسائي وعاصم. أما الموافقة الصريحة، فأمثلتها عديدة، نحو قوله تعالى: {وَانْظُرْ إِلَى الْعِظَامِ كَيْفَ نُنْشِزُهَا ثُمَّ نَكْسُوهَا} [البَقَرَة: 259] {وَانْظُرْ إِلَى الْعِظَامِ كَيْفَ نُنْشِزُهَا} ، فإنها كُتبت في المصاحف العثمانية بغير نَقْط، فوافقت قراءة «نُنْشِزُها» بالزاي المعجمة لابن عامر الشامي، وكذلك للقراء الكوفيين: (عاصم وحمزة والكسائي) ، ووافقت «نَنْشُرُها» بالراء المهملة، لابن كثير وأبي عمرو ونافع، رحمهم الله. س4: ... وضِّح المراد بالركن الثاني للقراءة الصحيحة، مع ضرب مثال لما تقول. ج4: المراد بموافقة القراءة لوجه من وجوه النحو العربي، أي سواء كان فصيحاً أم أفصح، وذلك إن كانت القراءة مما شاع وذاع وتلقَّاه الأئمة بالإسناد الصحيح، لأن أئمة القراءات لا تعتمد الجزء: 1 ¦ الصفحة: 32 في شيء من حروف القرآن على الأفشى أو الأقيس في العربية، بل على الأثبت في الأثر والأصحِّ في النقل. ومثاله: ثبوت قراءة أبي عمرو البصري - من القراء السبعة -[البَقَرَة: 54] {فَتُوبُوا إِلَى بَارِئِكُمْ} بإسكان الهمزة {بَارِئْكُمْ} ، وكقراءته [البَقَرَة: 67] {إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ} بإسكان الراء {يَأْمُرْكُمْ} . وبما أن الرواية صحيحة الإسناد، فلا يُلتفت بعدها إلى ما نحا إليه علماء النحو، وما قعّدوه من قواعد. س5: ... وضِّح المراد بالركن الثالث للقراءة الصحيحة، مع ضرب مثال لما تقول. ج5: المراد بأن تكون القراءة صحيحة الإسناد، هو: 1- ... أن تكون القراءة متصلة، مرويَّةً بما عُرِف من شروط صحة الإسناد. 2- ... أن تكون هذه القراءة مشهورة عند أئمة هذا الشأن. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 33 هذا، وقد علا شرطُ المحقِّق ابنُ الجَزَرِيِّ رحمه الله في ذلك، فاشترط أن تكون القراءة متواترة، علماً أنها إن كانت مشهورة موافقة لرسم المصحف (17) والعربية، فهي مُعتبَرة بقوة المتواتر عنده (18) . س6: ... عرّف الاستعاذة، واذكر صيغتها المختارة. ج6: الاستعاذة: لفظٌ يُطلب به الالتجاء ُ إلى الله تعالى والتحصُّن به سبحانه من الشيطان الرجيم. وصيغتها المختارة: [أعوذ بالله من الشيطان الرجيم] كما ورد في سورة النحل من قوله تعالى: [النّحل: 98] {فَإِذَا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ *} . س7: ... هل تُمنع الزيادةُ في لفظ الاستعاذة؟ ج7: إن لفظ الاستعاذة المختار - كما ذُكِر آنفًا - هو: (أعوذ بالله من الشيطان الرجيم) ، لكن القارئ مُخيَّر بين الاقتصار على ذلك الإجمال، أو الزيادة عليه بما يفيد التعظيم وزيادة التنزيه،   (17) علم الرسم: هو علم يُبحث فيه كيفية كتابة الألفاظ القرآنية، بقواعد مقررة لدى أهل هذا العلم، وانظر: تفصيلاً لذلك ص (211) من هذا الكتاب. (18) انظر: مناهل العرفان للزرقاني (1/343) . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 34 كما روي عن ابن مسعود رضي الله عنه: (أعوذ بالله السميع العليم من الشيطان الرجيم) ، ولم يصح عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم أنه أمر ابن مسعود بترك هذه الزيادة، بل قد ورد أحاديث أصح إسناداً تزيد في التنزيه؛ منها قوله صلى الله عليه وسلم: «أَعُوذُ بِاللهِ السَّمِيعِ الْعَلِيمِ مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ؛ مِنْ هَمْزِهِ وَنَفَخِهِ وَنَفَثِهِ» (19) . والأصل في ذلك كلِّه أن القارئ إذا أتى بمطلق ما يفيد الاستعاذة صحَّ ذلك منه، والله أعلم (20) . س8: ... هل الاستعاذة من القرآن؟ ج8: ليست الاستعاذة من القرآن بالإجماع. س9: ... عرّف البسملة. ج9: البسملة مصدرٌ منحوتٌ، دالٌّ على عدة كلمات، ومعناها أن يقول القائل: {بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ} ، وشبه ذلك كثير في اللغة، كالحوقلة، إذا قال: لا حول ولا قوة إلا   (19) أخرجه أبو داود؛ كتاب: الصلاة، باب: من رأى الاستفتاح بسبحانك اللهم وبحمدك، برقم (775) . والترمذيُّ؛ كتاب: الصلاة، باب: ما يقول عند استفتاح الصلاة، برقم (242) ، عن أبي سعيدٍ رضي الله عنه. قال الترمذيُّ: وحديث أبي سعيد رضي الله عنه أشهر حديث في هذا الباب. اهـ. وصحَّحه الألباني. انظر: صحيح أبي داود (701) . (20) قد أشار الإمام الشاطبي رحمه الله إلى صيغ الاستعاذة الجائزة، في منظومته: «حرز الأماني ووجه التهاني» - المشتهرة بالمنظومة «الشاطبية» - بقوله: إِذَا مَا أَرَدتَّ الدَّهْرَ تَقْرَأُ فَاسْتَعِذْ ... ... ... ... ... ... جِهَارًا مِنَ الشَّيْطَانِ بِاللهِ مُسْجَلا عَلَى مَا أَتَى فِي النَّحْلِ يُسْرًا وَإِنْ تَزِدْ ... ... ... ... ... ... لِرَبِّكَ تَنْزِيهًا فَلَسْتَ مُجَهَّلا وِقَدْ ذَكَرُوا لَفْظَ الرَّسُولِ فَلَمْ يَزِدْ ... ... ... ... ... ... وَلَوْ صَحَّ هَذَا النَّقْلُ لَمْ يُبْقِ مُجْمَلا انظر: تفصيل ذلك في (شرح الشاطبية في القراءات السبع) للشيخ عبد الفتاح القاضي رحمه الله ص (43) . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 35 بالله، والاسترجاع، إذا قال {إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ} ، وغير ذلك. ومعنى البسملة {بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ} ، ابتدائي قراءتي، وذلك كما في معنى قوله تعالى: {بِسْمِ اللَّهِ مَجْرَاهَا وَمُرْسَاهَا} [هُود: 41] . س10: اذكر حكم البسملة عند التلاوة. ج10: البسملة واجبة في ابتداء كلِّ سورة إلا سورة التوبة [فُصّلَت: 47] {إِلَيْهِ يُرَدُّ عِلْمُ السَّاعَةِ} ، تحرُّزًا من توهُّم السامع نسبةَ ذلك - أي: ما اختص به الله تعالى من علم موعد الساعة - لمن تعوَّذ بالله منه، ولا يخفى ما في ذلك التوهُّم من القبح. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 36 س11: ... علِّل لمنع الإتيان بالبسملة في أول سورة التوبة {بَرَاءَةٌ} . ج 11: لا يؤتى بالبسملة في أول سورة {براءة} , بإجماع القراء, وتعليل ذلك: أن سورة التوبة قد تكون من تمام سورة الأنفال, فتكون السورتان معًا سابعة السبع الطوال, قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: ((من أخذ السبع الأول من القرآن فهو حبر)) (21) , والسبع الطوال هي السبع الأول من القرآن, وهي: البقرة, آل عمران, النساء, المائدة, الأنعام, الأعراف, الأنفال ومعها التوبة على التعليل السابق. أما القراء فقد عللوا على التعليل السابق. أما القراء فقد عللوا ترك البسملة في أو سورة التوبة, بأن السورة قد نزلت بآية السيف, وهي قوله تعالى: {وَقَاتِلُوا الْمُشْرِكِينَ كَافَّةً كَمَا يُقَاتِلُونَكُمْ كَافَّةً} [التّوبَة: 36] ، وكانت عادة العرب قد جرت على تدوين (بسم الله) ، أو (باسمك اللهم) ، في أول كتابتهم عهدًا بالصلح والأمان، فإذا نبذوا العهد   (21) أخرجه أحمد في مسنده (6/82) ، من حديث السيدة عائشة رضي الله عنها. والحديث أخرجه الحاكم في مستدركه، بلفظ: «فَهُوَ خَيْرٌ» ، وصحَّحه ووافقه الذهبي. ومعنى (حَبْر) أو (حِبْر) : هو العالم الذي اتسع علمُه. وكان يقال لابن عباس رضي الله عنهما الحَبْر والبَحْر لعلمه وسَعَته. قال تعالى: [المَائدة: 44] {يَحْكُمُ بِهَا النَّبِيُّونَ الَّذِينَ أَسْلَمُوا لِلَّذِينَ هَادُوا وَالرَبَّانِيُّونَ وَالأَحْبَارُ} ، ومنه سُمِّيت سورة المائدة سورة الأحبار. انظر: النهاية لابن الأثير (1/328) ، [حبر] . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 37 ونقضوا الأمان لم يكتبوها، فنزل القرآن جريًا على عادتهم تلك، فآية السيف أمرت بقتال المشركين كافة لكونهم نبذوا عهودهم ونقضوا مواثيقهم، فلا يتفق عندئذ البدءُ بالبسملة - وفيها ذِكْر الرحمة - مع الأمر بالتبرؤ من المشركين مع إيجاب قتالهم كافة حيثما وُجِدوا، وقد ارتضى هذا التعليلَ الأخير الإمامُ الشاطبيُّ في منظومته، حيث قال (22) : وَمَهْمَا تَصِلْهَا أَو بَدَأْتَ بَرَاءَةً ... ... ... ... ... ... لِتَنْزِيلِهَا بِالسَّيْفِ لَسْتَ مُبَسْمِلا س12: اذكر الوجوه الجائزة وصلاً - أي حال مواصلة القراءة - لحفص، عند آخر كلمة من سورة الأنفال، وأول سورة براءة. ج12: يجوز في ذلك ثلاثة أوجه عند حفص، هي: السكت، وهو: قطع الصوت على الحرف الساكن، زمناً يسيراً - من غير تنفس - بنية استئناف القراءة في الحال.   (22) انظر: الوافي في شرح الشاطبية، للشيخ عبد الفتاح القاضي، ص (48) ، وقد نسب الشارح هذا التعليل لعليٍّ رضي الله عنه. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 38 والوقف، وهو: السكوت بعد القراءة، زمناً يسيراً مع تنفسٍ بنية استئناف القراءة. والوصل، وهو: متابعة القارئ قراءته، مراعياً أحكام التجويد. ففي هذا الموضع: {عليمٌ براءة} لا بد للقارئ أن يراعي حكم الإقلاب عند الوصل. س13: إذا أردت قراءة القرآن، فكيف تبدأ بالاستعاذة والبسملة مع أول السورة؟ ج13: يجوز لك في ذلك أربعة أوجه: 1- ... قطع الجميع. ... والمقصود به قطع الاستعاذة عن البسملة، والبسملة عن أول السورة. 2- ... وصل الجميع. ... والمقصود به وصل الاستعاذة والبسملة مع أول السورة. 3- ... قطع الأول، ووصل الثاني بالثالث. ... أي قطع الاستعاذة، ثم وصل البسملة بأول السورة. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 39 4- ... وصل الأول بالثاني، وقطع الثالث. ... أي وصل الاستعاذة مع البسملة، ثم البدء بأول السورة. ... والوجه الأول (قطع الجميع) هو الأفضل في الأداء. س14: ... هل يجوز - عند الوصل بين سورتين - أن تصل آخر السورة بالبسملة، ثم تفصل البسملة عن أول السورة التالية؟ ج14: هذا الوجه، وهو وصل آخر السورة بالبسملة مع الوقف، غير جائز؛ لأن البسملة إنما جُعِلَتْ لأوائل السور لا لأواخرها. س15: هل البسملة آية من كل سورة "غير براءة "؟ ج15: لا خلاف بين القراء في أن البسملة جزء من آية من سورة النمل، وهي قوله تعالى: [النَّمل: 30] {إِنَّهُ مِنْ سُلَيْمَانَ وَإِنَّهُ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَانِ الرَّحِيمِ *} . كما أنه لا خلاف بينهم في وجوب الإتيان بالبسملة بين آخر سورة الناس وأول سورة الجزء: 1 ¦ الصفحة: 40 الفاتحة، أما كون البسملة آية من كل سورة إلا سورة (براءة) ، فمذهب القارئ عاصم - وعنه حفص وشعبة - اعتبارها آية يُفصل بها بين كل سورتين، واستدلوا بما جاء عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم: «أَنَّهُ كَانَ لاَ يَعْرِفُ فَصْلَ السُّورَةِ حَتَّى تُنَزَّلَ عَلَيْهِ: بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيم» (23) . س16: ما المقصود بالألف المدّية، والواو المدّية، والياء المدّية؟ ج16: المقصود بالألف المدّية: ألف ساكنة قبلها فتحة. وبالواو المدّية: واو ساكنة قبلها ضمة. وبالياء المدّية: ياء ساكنة قبلها كسرة. ومثاله على الترتيب: [قَاْلَ - يَقُوْلُ - قِيْلَ] . س17: ما المقصود بالأوزان الزمنية؟ مثِّل لما تقول. ج17: المقصود بذلك: تقدير زمن النطق بالحروف القرآنية. ومثاله: استعمال مصطلح (ألف) كوحدة قياسية لتقدير   (23) أخرجه أبو داود؛ كتاب: الصلاة، باب: مَن جهر ببسم الله الرحمن الرحيم، برقم (788) ، عن ابن عباس رضي الله عنهما. صححَّه الألباني. انظر: صحيح سنن أبي داود، برقم (707) . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 41 الفترة الزمنية المستغرَقة في نطق حرف الألف المدّية من [قال] ، أو نطق الواو المدّية من [يقول] ، أو نطق الياء المدّية من [قيل] . وهذا المصطلح (ألف) استعمله المتقدمون من علماء التجويد، بينا استعمل المتأخرون مصطلح (حركة) ، للدلالة على الفترة الزمنية المستغرَقة في نطق نصف الألف المدّية كالفتحة، أو نصف الواو المدّية كالضمة، أو نصف الياء المدّية كالكسرة، لذلك تجد أن بعضهم قد سمّى: الفتحةَ: الألفَ الصغرى. والضمةَ: الواوَ الصغرى. والكسرةَ: الياءَ الصغرى. والتعويل في ذلك كلِّه على السَّماع من المقرئين المُجِيدين وليس اعتماد فترة زمنية محددة، كبسط الإصبع أو قبضه بسرعة متوسطة، كما قد تجده في كثير من مصنَّفات علم التجويد. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 42 س18: ما المقصود بالغُنَّة؟ مثّل لما تقول. ج18: الغنّة: صوت شديد مجهور يخرج من الخيشوم [وهو أقصى الأنف] لا عمل للّسان به، وهو يشبه صوت أنين الغزال (بكائها) عند فَقْدها ولدها. س19: هل هناك حروف تُلازِمها صفة الغنّة، ولا تنفكّ عنها؟ ج19: نعم، هناك حرفان هما: النون والميم، فإن الغنة بهما صفة لازمة مُركَّبة في جسم كلٍّ منهما. فائدة: يلزم القارئَ الإتيانُ بالغنة في ستة أحكام أيضاً، ثلاثة مع النون الساكنة وهي: الإقلاب، والإدغام بغنة، والإخفاء الحقيقي. وحكمان مع الميم الساكنة هما: إدغام المتماثلين، والإخفاء الشفوي، كما تلازم صفة الغنة النونَ والميم المشددتين، وكذلك الساكنتين. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 43 س20: ... ما المقصود بقولهم - في كتب التجويد - مع الغنة بمقدار حركتين؟ ج20: المقصود أنه يجب هنا إظهار هذا الصوت الخارج من الخيشوم، لفترة زمنية تعادل ألفاً مدّية [= فتحتين] ، أو واواً مدّية [= ضمتين] ، أو ياءاً مدّية [= كسرتين] . س21: ... ما المقصود بالابتداء؟ ج21: الابتداء هو الشروع في القراءة، أو استئنافها بعد توقف. س22: ... ثمة ابتداء قبيح، بَيِّنه، ومثِّل لما تقول. ج22: الابتداء القبيح: أن يبتدئ القارئ بكلمة تؤدي معنىً غير ما أراده الله تعالى، أو تقرِّر معنىً يخالف العقيدة. ومن أمثلته المشتهرة: البدء بـ[البَقَرَة: 116] {وَقَالُوا اتَّخَذَ اللَّهُ وَلَدًا} . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 44 أو البدء بـ[المَائدة: 64] {وَقَالَتِ الْيَهُودُ يَدُ اللَّهِ مَغْلُولَةٌ غُلَّتْ أَيْدِيهِمْ} . س23: ... ما المقصود بمصطلح القصر؟ مع التمثيل له. ج23: القصر - في الأصل - هو: عدم إطالة الصوت بالحرف مطلقاً، إلا أن المصطلح عليه بين علماء التجويد هو أن القصر يكون بإطالة الصوت بمقدار حركتين. فتقول مثلاً: أوجه قراءة كلمة {نَسْتَعِينُ} عند الوقف عليها من قوله تعالى: {اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ} : القصر، أي تُمَدّ حركتين. والتوسُّط، أي بإطالة الصوت بمقدار أربع حركات. والمدُّ، أي بإطالته بمقدار ست حركات. س24: ... عرّف المدّ اصطلاحاً، ثم مثّل لما تقول. ج24: المدّ: هو إطالة الصوت بأحد حروف المد الثلاثة (و - ا - ي) بأي مقدار، إلا أن المصطلح عليه، هو: إطالته بما يزيد عن الجزء: 1 ¦ الصفحة: 45 حركتين، فلو قلتَ - مثلاً-: تُقرأ كلمة [الرَّحمن: 72] {حُورٌ مَقْصُورَاتٌ فِي الْخِيَامِ *} ، تقرأ بالمد، فهذا يعني أنك تطيل الصوت بها عند الوقف عليها أكثر من حركتين، سواء توسطتَ بها أربعاً أو مددتَها ستاً. س25: ... دلَّ ما ذُكِر آنفًا على أن المد قسمان رئيسان، فما هما؟ ج25: المد قسمان: أصلي وفرعي. س26: ... ما المقصود بالمدّ الأصلي؟ مثِّل لما تقول. ج26: المدّ الأصلي هو المسمّى عندهم بالطبيعي، لأنه لا يمكن لصاحب الطبيعة السليمة في نطق الحروف إلا أن يأتي به. ومثاله قوله تعالى: [هُود: 49] {نُوحِيهَا} ، فإنه لا يمكن قراءة الواو إلا بالمد حركتين، وكذلك الياء، ومِثْلهما الألف. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 46 س27: ... هناك ثلاثة أنواع للمدّ الطبيعي، اذكرها، ثم مثّل لكل منها. ج27: للمد الأصلي - أو الطبيعي - ثلاثة أنواع، هي: 1- ... المدّ الأصلي الثابت وصلاً ووقفاً. مثاله: [الفَاتِحَة: 4] {مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ *} . ويندرج مع هذا المدِّ المدُّ الأصليُّ للحروف السبعة (حَيٌّ طَهُر) ، الواقعة في أوائل بعض السور، فإنها تقرأ هكذا: [حا] [يا] [طا] [ها] [را] . 2- ... المدّ الأصلي الثابت وقفاً فقط. ومن أنواعه ما يسمى بمدّ العِوَض؛ وهو: التعويض عن تنوين النصب ألفاً ساكنة عند الوقف. ومثاله: [النِّسَاء: 11] {عَلِيمًا} ، فإنها تقرأ [عليما] عند الوقف. ومن أمثلة المدّ الأصليّ الثابت وقفاً فقط: -[النَّمل: 40] {أَنَا} . وكذلك في أي موضع ورد في القرآن الكريم. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 47 - {لَكِنَّ} . من [الكهف: 38] - {الظُّنُونَا} . من [الأحزَاب: 10] - {الرَّسُولاَ} . من [الأحزَاب: 66] - {السَّبِيلاَ} . من [الأحزَاب: 67] - {قَوَارِيرَا} في الموضع الأول من [الإنسان: 15] . - {سَلاَسِلَ} . من [الإنسَان: 4] ... وهذه الألفات التي خُتِمت بها هذه الكلمات هي المسماة بالألفات السبع في القرآن الكريم، ويشار هنا إلى أن الخمس الأخيرة من الأمثلة السابقة تُقرأ - على رواية حفص - بالوقف على الألف. ومن أمثلة المد الأصلي الثابت وقفًا كذلك: [النَّمل: 15] {وَقَالاَ الْحَمْدُ لِلَّهِ} ويسمّى بالمدِّ المحذوف عند التقاء الساكنين وصلاً. فإنك لو وقفت عند ُ ژ ِ فإنك تمد مدّاً طبيعياً، فإذا وصلتَ حذفت هذا المدّ. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 48 3- ... المدّ الأصلي الثابت في الوصل فقط. ومثاله: الهاء من قوله تعالى: [النّصر: 3] {إِنَّهُ كَانَ تَوَّابًا} . فهذه الهاء تُشبع - عند الوصل - فتُمدَّ مدًا أصليًا، وهي المسماة بهاء الضمير، وتكون واقعة بين متحرِّكَيْنِ. س28: ... عرفتَ - فيما سبق - أن المدّ اصطلاحاً هو إطالة الصوت بحروف المدّ، أكثر من حركتين، فماذا يسمى هذا النوع من المدود؟ ج28: هذا النوع هو المسمّى بالمدّ الفرعي، وهو القسم الثاني من أقسام المد. س29: ... ما وجه تسميته بالمدّ الفرعي؟ ج29: وجه التسمية بالفرعي أن هذا المدّ قد تفرّع - أي نشأ - عن سبب. س30: ... ما هو السبب الذي ينشأ عنه المدّ الفرعي؟ ج30: السبب هو أحد أمرين: 1- إما همز، يكون قبل حرف المدّ أو بعده. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 49 2- وإما سكون، يكون بعد حرف المدّ. س31: ... لو أتى همز قبل حرف المدّ، فما المدّ المتفرع عن ذلك؟ اذكر مثالاً لما تقول، مع التوضيح. ج31: يسمّى هذا المد: المدّ الفرعي البدل، وهو الناشئ عن تقدُّم الهمز على حرف المدّ في كلمة واحدة؛ حيث تُبدل الهمزة الثانية الساكنة حرفَ مدٍّ من جنس حركة ما قبلها. ومثاله: {آمَنُوا} فإن أصل الكلمة [أَأْمنوا] ، فأُبدِلت الهمزة الثانية الساكنة بحرف مد من جنس الفتحة، وحرف المدّ المناسب للفتحة هو الألف. فتقرأ {ءامَنوا} . ومثاله أيضاً: {إِيمَانًا} فإن أصلها [إِأْماناً] فأُبدِلت الهمزة الثانية ياءً. ومثاله أيضاً: {أُوتُوا} ، فإن أصلها [أُأْتوا] فأُبدِلت الهمزة الثانية واواً. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 50 س32: عرفت أن الهمز لو جاء قبل حرف المدّ، فإن المدّ يسمى عندها: المدّ الفرعي البدل، فماذا لو جاء الهمز بعد حرف المدّ؟ ج32: لو أتى الهمز بعد حرف المدّ، فإنّه يتفرّع عن ذلك نوعان من المدّ، يسمّى الأول: المتّصل، ويسمّى الثاني: المنفصل. س33: ... ما هو المدّ المتصل؟ ولم سمّي بذلك؟ ومثّل له. ج33: المدّ المتصل هو: أن يأتي همز بعد حرف المدّ في كلمة واحدة؛ ولاتصال حرف المدّ بسببه - وهو الهمز - في كلمة واحدة سمّي مدّاً متصلاً. مثاله: {جَاءَ} {قُرُوءٍ} {هَنِيئًا} ، إنك تلحظ هنا مجيء الهمز بعد الألف المدّية أو بعد الواو المدّية أو بعد الياء المدّية، مما يتسبّب في نشوء مدّ فرعي، كما أنك تلحظ اتصال حرف المدّ بسببه في كلمة واحدة، لذلك سمّي المدّ هنا: المدّ الفرعي المتصل. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 51 س34: ... هل يخيّر القارئ في المدّ المتصل بين أن يقصُر أو يمدّ؟ ج34: ليس القارئ مخيراً في ذلك، بل يجب عليه أن يمدّ المتصل، ولذلك وصف المدّ المتصل بالواجب. س35: ... ما مقدار المدّ المتصل؟ ج35: يخيرّ القارئ في مقدار إطالة الصوت في المدّ المتصل بين أربع حركات أو خمس، وإذا كان متطرفاً موقوفًا عليه، فإن له أن يمدّه ست حركات، ومثاله: [النِّسَاء: 153] {السَّمَاءِ} . س36 ... : من المدود الفرعية أيضاً، المدّ المنفصل، فما سبب تسميته بهذا الاسم؟ ثم مثّل لما تقول. ج36: سبب تسمية هذا المدّ بالمنفصل هو مجيء الهمز - وهو سبب للمدّ الفرعي - بعد أحد حروف المدّ، منفصلاً عنها في كلمة أخرى. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 52 ومثاله: [المَائدة: 44] {بِمَا أَنْزَلَ} ، تلحظ هنا أن أحد حروف المدّ، وهو الألف المدّية [أي الساكنة التي يسبقها حركة مناسبة لها] ، قد جاء في آخر كلمة، ثم جاء بعده سبب المدّ - وهو الهمز - في أول الكلمة الثانية، مما تسبب بنشوء المدّ الفرعي المنفصل. س37: ... ما حكم المدّ الفرعي المنفصل؟ وما مقدار مدّه؟ ج37: حكم المدّ الفرعي المنفصل، هو الجواز، أي يجوز مده أربعاً أو خمساً - وهذا ما يسمى بوجه التوسُّط - كما يجوز قصره بمقدار حركتين، وجواز التوسُّط والقصر في المنفصل وجهان مشتهران في رواية حفص عن عاصم، وقد ثبت التوسُّط فيه من طريق «الشاطبية» - وهي متن للإمام الشاطبيِّ في علم القراءات - وثبت وجه القصر بالإضافة إلى التوسُّط من طريق «طيبة النشر» ، للإمام ابن الجزري رحمه الله. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 53 وسيأتي - إن شاء الله - بيان ضوابط جواز قصر المنفصل، في أواخر هذا الباب. س38: ... عرفت - أخي الكريم - الآن الأنواع الثلاثة من المدود الفرعية الناشئة عن وجود همز قبل حرف المدّ أو بعده، وهي: البدل والمتصل والمنفصل، فماذا لو أتى السبب الثاني للمدّ الفرعي - وهو السكون - بعد حرف المدّ؟ ج38: لو أتى بعد حرف المدّ سكون أصلي، فإنه ينشأ عند ذلك مدّ فرعي، يسمى بالمدّ اللازم. س39: ... لِمَ سُمّي هذا المدّ الفرعي بالمدّ اللازم؟ ج39: سُمّي لازماً، لأن السكون فيه لازم - أي أصلي - في حالتي الوصل والوقف. فيلزم عندها المدّ ست حركات، وهذا المدّ هو أعلى مراتب المدود قوة، وسمي لازماً أيضاً للزوم مدِّه قولاً واحداً عند جميع القراء. س40: ... قد يقع المدّ الفرعي اللازم في كلمة، مثّل لذلك مع التوضيح. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 54 ج40: يقع المدّ اللازم في كلمة، نحو: [الفاتحة: 7] {الضَّآلِّينَ} . تلحظ هنا أن اللام المشدّدة مؤلفة من حرفَيْ لام: الأولى ساكنة، والثانية مكسورة [لِّ = لْ + لِ] ، وهذا السكون لازم لا يفارق الحرف المشدَّد بحال، وقد وقع بعد الألف المدّية، لذلك تجد أن جميع القراء يمدُّونه ست حركات لزوماً. ويسمّى عندهم: المدّ الفرعي اللازم الكلمي المثقَّل. فهو فرعي: لتفرُّعه عن سبب وهو السكون، وهو لازم: للزوم السكون في الحرف الواقع بعد حرف المدّ، وهو كلمي: لوقوعه في كلمة لا في حرف، وهو مثقَّل: لوجود التشديد في الكلمة. كذلك يلحق بالمدّ الفرعيِّ اللازم الكلمي المثقّل، ما يسميه البعض بمدّ الفَرْق، وهو: أن تدخل همزة الاستفهام على اسم معرَّف بأل، فتُبدَل همزة الوصل - وهي الثانية - ألفاً مدّية ليفرق في ذلك بين الجزء: 1 ¦ الصفحة: 55 الاستفهام والخبر، ويمدّ ست حركات كعموم اللازم. نحو: [الأنعَام: 143] {آلذَكَرَيْنِ} [يُونس: 59] {أآلله أَذِنَ لَكُمْ} . هذا، وقد يقع السكون اللازم في كلمة ولا يكون فيها تشديد، فيسمى عندها مخفَّفاً وهو عزيز في القرآن الكريم، لا يوجد إلا في قوله تعالى: ُ! ِ في موضعين من سورة يونس من الآيتين [51-91] ، ويسمى المدّ هنا المدّ الفرعي اللازم الكلمي المخفّف. س41: ... كما أن المدّ الفرعي اللازم يقع في كلمة، فإنه يقع كذلك في حرفٍ، مثِّل لذلك، مع التوضيح. ج41: مثال ذلك: الحروف النورانية الأربعة عشر، وهي حروف فواتح تسع وعشرين سورة كريمة، وهذه الحروف مجموعة في قولك: [صِلْهُ سُحَيْرًا مَنْ قَطَعَكَ] ، أو بقولك: [نَصٌ حَكِيمٌ لَهُ سِرٌّ قَاطِعٌ] ؛ منها ثمانية مجموعة في: [سَنَقُصُّ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 56 عِلْمَكَ] ، أو [نَقَصَ عَسَلُكُمْ] أو [كَمْ عَسَلٌ نَقَصَ] ، وهذه الحروف هي التي تمد مدًا فرعيًا لازمًا؛ وهاك تفصيلاً لذلك: إنك تلحظ أن بناء كلِّ حرف من هذه الحروف الثمانية مركّب - هجائيًا - من ثلاثة أحرف؛ وهي تُقرأ هكذا: سِينْ/ نُونْ/ قَافْ ... إلخ، ولا يخفى أن حرف المد فيها قد سبقه حركة مناسبة كما لحق به سكون لازم، فلا بد إذًا من مدّها ستًا، ثم إنك تنظر بعدها في آخر هجاء هذا الحرف؛ فإن كان مدغماً بما بعده مشدداً، فإنك تمدّه ست حركات، وتسميه المدّ الفرعي اللازم الحرفي المثقَّل [لوجود التشديد في آخره] ، وإن لم يكن مدغمًا بما بعده مددتَه أيضاً لزوماً ستًا، وسميته مدًا فرعيًا لازمًا حرفيًا مخففًا. ومثال المثقل: [البقرة: 1] {أَلَمْ} ، انظر إلى حرف اللام، كيف أن آخره وهو الميم مشدد؛ وذلك لأنه مُدغَم بالميم التي بعدها. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 57 أما المخفف فمثاله: [الشُّعَرَاء والقصص: 1-2] {طسم *تِلْكَ آيَاتُ الْكِتَابِ الْمُبِينِ *} ، فإنك تلحظ أن حرف الميم هنا ليس مدغماً بما بعده، لذا فهو غير مشدّد الآخر، ولذلك سميناه مخففًا. س42: ... لو وقع السكون اللازم في حرف نوراني هجاؤه من حرفين فقط فهل نمدّه؟ مثّل لما تقول. ج42: الحروف المقصودة هنا هي المجموعة في قولك [حَيٌّ طَهُرَ] وهذه الحروف لا تمدّ مداً فرعياً لازماً بل تمدّ مداً طبيعياً على النحو الآتي: [حا] [يا] [طا] [ها] [را] ، ولا تقل فيها حاء ياء ... إلخ. يُشار هنا إلى أن حرف الألف من الحروف النورانية لا يُمدّ مدًا طبيعياً ولا لازمًا؛ بل يُتلى كما هو هكذا: [أَلِفْ] ؛ وذلك لعدم وجود حرفٍ مدّي في بنائه الهجائي. تنبيه: قد يسمي البعض هذه الحروف الأربعة عشر بالحروف المقطعة، والأَولى عدم تسميتها بذلك، الجزء: 1 ¦ الصفحة: 58 من أجل مزيد التأدُّب في حق كتاب الله تعالى. هذا، وقد أطلق علماء التجويد على هذه الحروف تسميات، منها: حروف فواتح السور، أو الحروف النورانية، أو أحرف أوائل السور، أو حروف تهجّي الفواتح، أو حروف الاستفتاح. س43: ... لِمَ خصصنا هذه الحروف الثلاثة عشر من بين حروف الهجاء بالمدّ اللازم والمدّ الطبيعي حسب التفصيل السابق؟ ج43: هذه الحروف العظيمة قد خُصصت بالمدّ لوجودها في فواتح بعض سور القرآن، وهي تسع وعشرون سورة كريمة، هاكها مرتَّبة: (1) البقرة ... ... ... {الم} . (2) آل عمران ... {الم} . (3) الأعراف ... {المص} . (4) يونس ... ... {الر} . (5) هود ... ... {الر} . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 59 (6) يوسف ... ... {الر} . (7) الرعد ... ... ... {المر} . (8) إبراهيم ... {الر} . (9) الحِجْر ... {الر} . (10) مريم ... ... {كهيعص} . (11) طه ... {طه} . (12) الشعراء ... ... {طسم} . (13) النمل ... ... {طس} . (14) القصص ... ... {طسم} . (15) العنكبوت ... ... {الم} . (16) الروم ... ... {الم} . (17) لقمان ... ... {الم} . (18) السجدة ... {الم} . (19) يس ... ... {يس} . (20) ص ... {ص} . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 60 (21) غافر ... ... {حم} . (22) فصلت ... {حم} . (23) الشورى ... ... {حم عسق} . (24) الزخرف ... ... {حم} . (25) الدخان ... ... {حم} . (26) الجاثية ... ... {حم} . (27) الأحقاف ... ... {حم} . (28) ق ... ... {ق} . (29) القلم ... ... {ن} . فائدة: وقعت {الم} في فواتح ست سور هي: البقرة، آل عمران، العنكبوت، الروم، لقمان، السجدة. ووقعت {الر} في فواتح خمس سور هي: يونس، هود، يوسف، إبراهيم، الحِجْر. وهي المسمّاة: هود وأخواتها. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 61 كما وقعت {حم} في فواتح سبع سور هي: غافر، فصلت، الشورى (مع ملاحظة أنها فيها مُتبَعة بقوله تعالى: {عسق} - الزخرف - الدخان - الجاثية - الأحقاف. وهي المسمّاة الحواميم السبع. ووقعت {طسم} في فاتحتَيْ سورتين هما: الشعراء والقصص، متبعة في كلٍّ منهما بقوله تعالى: {تِلْكَ آيَاتُ الْكِتَابِ الْمُبِينِ} . ووقعت كلٌّ من {المص} {المر} {كهيعص} {طه} {طس} {يس} {ص} {ق} {ن} في فواتح السور الكريمة؛ على الترتيب الآتي: الأعراف، الرعد، مريم، [طه] ، النمل، [يس] ، [ص] ، [ق] ، [ن] . س44: عرفت - فيما سبق - أن السكون الأصلي يتفرع عنه ما سمِّي بالمد اللازم بأنواعه، فما الحكم لو كان السكون بعد حرف المدّ طارئاً عند الوقف؟ وضح ذلك بالمثال. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 62 ج44: قد يأتي السكون العارض - الطارئ لأجل الوقف - بعد حرف المدّ. ومثاله: [الفَاتِحَة: 2] {الْعَالَمِينَ} ، حيث تُقرأ الكلمة بإسكان النون عند الوقف، وعندها يتفرع مدٌّ يسمى المدّ الفرعي العارض للسكون - أي الذي عرض وطرأ بسبب عروض السكون عند الوقف - ولك في قراءة ذلك ثلاثة أوجه: القصر ... = حركتان. التوسُّط ... = أربع حركات. المدّ ... = ست حركات. ومن أجل جواز القراءة بهذه الأوجه الثلاثة، كان حكم هذا المدّ جائزاً لا واجباً، فتسميه المدّ الفرعي الجائز العارض للسكون. س45: ... عرِّف صفة اللِّين، واذكر حرفي اللِّين. ثم وضح بذكر أمثلة. ج45: اللِّين هو: السهولة وعدم التكلّف، واصطلاحاً، الجزء: 1 ¦ الصفحة: 63 هو: صفة عَرَضية طارئة عند خروج الواو والياء الساكنتين المفتوح ما قبلهما بلينٍ وعدم تكلّف على اللسان والشفتين. يتبين من التعريف أن حروف اللِّين اثنان فقط، هما: الواو والياء الساكنتان المفتوح ما قبلهما، أي إذا سُبِقتا بحركة غير مناسبة لهما. ومن أمثلة ذلك: [قُرَيش: 1] {قُرَيْشٍ} ، [البَقَرَة: 255] {وَلاَ نَوْمٌ} . س46: ... لو أتى بعد أحد حرفَيِ اللِّين سكون عَرَض لأجل الوقف، فما المدّ المتفرّع عن ذلك؟ فصّل ما تقول. ج46: هذا المدّ: مدّ فرعي جائز لين عارض، ويجوز لك فيه ثلاثة أوجه: القصر ... = حركتان التوسُّط ... = أربع حركات المدّ ... = ست حركات الجزء: 1 ¦ الصفحة: 64 ومن أمثلته: الوقف عند قوله تعالى: {الْبَيْتِ} {خَوفٍ} . س47: ... ما المقصود بمدِّ التمكين؟ وضّح ما تقول بأمثلة. ج47: اصطلح بعض علماء التجويد على تسمية: الياء المدّية إذا وقعت قبل ياء متحركة، نحو [الزّخرُف: 83] {الَّذِي يُوعَدُونَ} أو الواو المدّية إذا أتت قبل واو متحركة، نحو [العصر: 3] {آمَنُوا وَعَمِلُوا} ، اصطلحوا على إقرار وجود مدٍّ - في هذه الحال - سمَّوْه مدَّ التمكين، وهو من اصطلاح علماء التجويد المتأخرين، ويدخل - عندهم - في ذلك أيضاً اجتماع ياءين؛ الأولى مشدّدة، والثانية ساكنة، نحو قوله تعالى: [النِّسَاء: 86] {حُيِّيتُمْ} . [البقرة: 177] {وَالنَّبِيِّينَ} . ولعلّ الأَوْلى في ذلك - والله أعلم - أن يُنبَّه فقط على ضرورة تجنُّبِ إدغام الواو المدّية إذا أتت قبل الجزء: 1 ¦ الصفحة: 65 واو متحركة، وأن ينبّه كذلك على ضرورة الحرص على تشديد الياء الأولى من نحو قوله تعالى: [النِّسَاء: 86] {حُيِّيتُمْ} ، ولا داعي للاصطلاح المستجدّ المسمى بمدِّ التمكين. س48: ... كيف تطبق في تلاوتك المتصل والمنفصل، من حيث مقدار إطالة الصوت بهما؟ ج48: يجب على القارىء أن لا يزيد المنفصل على المتصل بحال، وله أن يسوِّيَ بينهما؛ فمثلاً: لو أنك مددت المنفصل خمساً، وجب عندها أن تمدّ المتصل خمساً لا أربعاً، ولو مددت المنفصل أربعاً جاز لك أن تسوِّيَه بالمتصل أربعاً، أو تزيد المتصل إلى خمس، وهكذا حَسْب التفصيل الآتي: المنفصل ... ... ... ... ... ... ... المتصل (4) ... ... ... ... ... ... (4) - (5) - (6) عند الوقف (24) . (5) ... ... ... ... ... ... (5) - (6) عند الوقف. (2) ... ... ... ... ... ... (4) - (5) - (6) عند الوقف.   (24) وذلك إذا كان المتصل متطرفاً موقوفًا عليه كما سبق بيانه، مثل: [البَقَرَة: 22] {السَّمَاءِ} . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 66 فالضابط في ذلك أن لا ينقص المتصل عن المنفصل بحالٍ؛ وتعليل ذلك أن المتصل هو مدٌّ واجب -كما سبق - لذا فهو أقوى، بينما المنفصل مد جائز، يجوز قصره. فوائد مهمة في باب المدود: 1- ... لا بد للقارىء أن يسير في تلاوته بطريقة واحدة، فلو مدّ المنفصل أربعاً في موضع، فليس له أن يمدَّه خمساً في موضع آخر، ولا أن يقصره أحيانًا على حركتين، بل يسير على منوال واحد في قراءته جميعها، وهذا معنى العبارة المشتهرة في علم التجويد: (واللفظ في نظيره كمثله) . 2- ... أقوى المدود: اللازم، ثم المتصل، ثم العارض، يليه المنفصل، ثم البدل. وقد جمع ذلك الشيخ إبراهيم السمنُّودي - من العلماء المعاصرين (25) -بقوله: ... ... ... أقوى المدودِ لازمٌ فما اتصل ... ... ... ... ... ... ... فعارضٌ فذو انفصالٍ فبدل   (25) هو الشيخ إبراهيم بن علي بن شحاته السمنُّودي، عالم مصري كبير، من العلماء المعاصرين، يُشار إليه، حُجَّة في علم التجويد والقراءات، ترجم له الشيخ المرصفي في هداية القاري ص (631) . وله قصيدة غراء من فرائد القصائد، مسماة بأبيات قصر المنفصل، سألحقها - إن شاء الله - في نهاية هذا الباب. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 67 3- ... لو اجتمع سببان للمدّ: قوي وضعيف، فإنه يُلغى الضعيف ويُعمل بالقوي فقط، فلو اجتمع بدل ومنفصل مثلاً، كما في قوله تعالى: [يُوسُف: 16] {وَجَاءُوا أَبَاهُمْ} ، فيُعمل هنا بالقوي المنفصل ولا يُعمل بالضعيف وهو البدل. 4- ... حرف العين هو من الأحرف النورانية المفتتح بها أول سورتي مريم والشورى، في قوله تعالى: [مَريَم: 1] {كهيعص *} ، وقوله سبحانه: [الشّورى: 1-2] {حم * عسق *} ، هذا الحرف أوسطه حرف لين، أي ياء ساكنة قبلها مفتوح، لذا جاز فيه ثلاثة أوجه؛ القصر: حركتان، والتوسُّط: أربع أو خمس، والمدّ: ست. وذلك عند بعض القراء، والمشهور المعمول به عند حفص - من طريق الشاطبية - أن له وجهين، والمدّ أرجحهما. التوسُّط (أربع) أو (خمس) حركات، والمد (ست) حركات، قال صاحب التحفة (26) مبيِّنًا   (26) «التحفة» هي: تحفة الأطفال والغلمان في تجويد القرآن، نظمها الشيخ سليمان الجُمزوري - من علماء القرن الثاني عشر الهجري - وهي واقعة في ستين من الأبيات، وتعتبر من أيسر المتون في علم التجويد، وحري بكل طالب لهذا العلم أن يبادر إلى حفظها. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 68 أحكام المد اللازم الحرفي: واللازم الحرفي أوّل السور ... ... ... ... ... وجودُه، وفي ثمان انحصر يجمعها حروف (كم عسل نقص) ... ... ... ... ... وعينٌ ذو وجهين والطُّول أخص وما سوى الحرف الثلاثي لا أَلِف ... ... ... ... ... ... فمَدُّه مدًّا طبيعيًا أُلِفْ وهذا المدّ لحرف العين قد يسميه بعضهم اصطلاحاً: مدَّ لِين حرفي. س49: ... تنقسم صفات الحروف إلى قسمين، اذكرهما. ج49: صفات الحروف قسمان: الصفات اللازمة [الأصلية أو الذاتية] . والصفات العارضة [أو العَرَضية] . س50: ... عرّف كلاً من قسمَيْ صفات الحروف، ومثّل لبعضها. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 69 ج50: أولاً: الصفات اللازمة. وهي الصفات الملازمة للحرف، فلا تفارقه بحال من الأحوال. ومن أمثلتها المشتهرة: القلقلة؛ ففيها مثلاً: يتقلقل - أي يتحرك - المخرج ويضطرب بالحرف إذا كان ساكناً فينطلق صُوَيْت زائد يدل على أن صفة القلقلة موجودة في هذا الحرف. وحروف القلقلة خمسة، يجمعها قول ابن الجزريِّ رحمه الله: (قُطْبُ جَدٍ) . ومثاله: [العلق: 1] {اقْرَأْ} ، [البُرُوج: 20] {مُحِيطٌ} ، [الإسرَاء: 1] {سُبْحَانَ} ، [المَائدة: 109] {يَجْمَعُ} ، [الجنّ: 25] {أَدْرِي} . ويشار هنا إلى أن القلقلة عند أحد حروفها الخمسة في وسط الكلمة تكون بيِّنة، وعند الوقف تكون أمكن، وأوضح ما تكون قويةً عند الحرف المشدَّد الموقوف عليه، كقوله تعالى: [المَسَد: 1] {تَبَّتْ يَدَا أَبِي لَهَبٍ وَتَبَّ *} . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 70 ثانياً: الصفات العارضة: وهي: الصفات التي تعرض للحرف في أحوالٍ وتنفك عنه في بعضها الآخر، وذلك لطروء سبب التلاقي مع حرف آخر، أو لسبب تحريكها أو إسكانها. ومن أمثلتها المشتهرة: الإظهار، والإدغام، والإخفاء، والإقلاب. ففي الإظهار مثلاً: يُنطَق بالحرف المُظهَر من مخرجه ويُعطى حقه من الصفة اللازمة الذاتية، عند التقائه بحرف آخر، وذلك من غير زيادة في الغنة، ولا سكت، ولا تشديد، أي ببساطة: يُخرج الحرف المظهر كما هو في النطق السليم. والحروف التي تُظْهَر - ولا يؤثر فيها التقاؤها بأي حرف بعدها - عددها ستة، وهي: [ء، هـ، ع، ح، غ، خ] ، وهي مجموعة في أوائل قولك: (أخي هاك علماً حازه غير خاسرٍ) ، فمهما وقع الجزء: 1 ¦ الصفحة: 71 بعدها، فإنها تُظهر، فتُخرج من غير غنة ولا سكت ولا قلقلة ولا تشديد. ومثاله: [مَنْ ءامن - ينْأون / مِنْ هاد - ينْهون / مِنْ علم - ينْعق / مِنْ حكيم - ينْحتون / مِن غِلّ - فسينْغضون / مِنْ خير - والمنْخنقة] ... إنك تلحظ هنا، أن صفة الغنة، وهي صفة ذاتية لازمة لحرف النون - وكذلك الميم - لم تؤثر على الحروف الستة [ء، هـ، ع، ح، غ، خ] فبقيت مظهرة. س51 ... : أين يمكنك تصنيف المصطلحات، كثيرة الدوران في كتب علم التجويد، كالإظهار، والإخفاء، والإقلاب، والإدغام؟ فصّل القول، مع التمثيل. ج51: هذه المصطلحات جميعاً، هي داخلة - كما ذُكِر آنفًا - تحت الصفات العارضة للحروف، فالإظهار وهو، لغة: البيان. واصطلاحاً: إخراج الجزء: 1 ¦ الصفحة: 72 كل حرف من مخرجه بغير غنة. وهو يكون عند التقاء نون ساكنة أو تنوين بأحد الحروف الستة [ء، هـ، ع، ح، غ، خ] ولكون هذه الحروف تخرج من الحلق فقد سمي الحكم إظهاراً حلقياً، وقد مرَّ قريبًا بيان أمثلة لذلك. كذلك لو التقت ميم ساكنة عند أي حرف من حروف الهجاء، ما عدا الميم والباء، فإن الحكم يسمى عندها: الإظهار الشفوي، لأن الميم من الحروف الشفوية. ومثاله: [الفَاتِحَة: 7] {عَلَيْهِمْ وَلاَ الضَّالِّينَ} . أما الإدغام فهو، لغة: إدخال الشيء في الشيء، واصطلاحاً: التقاء حرف ساكن بمتحرك بحيث يصيران عند النطق بهما حرفاً واحداً مشدداً كالثاني، يرتفع اللسان عنده ارتفاعة واحدة. وهو من الصفات العارضة أيضًا، وهو يكون في حالين: الجزء: 1 ¦ الصفحة: 73 الأولى: عند التقاء نون ساكنة أو تنوين بأحد الحروف الستة المجموعة في قولك (يَرْمُلُون) . ويسمى إدغاماً بغنة عند حروف (ينمو) ، وإدغاماً بغير غنة عند حرفي اللام والراء. أي يجب إدخال النون الساكنة أو التنوين بأحد هذه الحروف الستة عند الالتقاء، والنطق بهما كالحرف الثاني مشدداً. ومثاله - مع النون الساكنة-: [البَقَرَة: 8] {مَنْ يَقُولُ} ، [الليْل: 19] {مِنْ نِعْمَةٍ} ، [النُّور: 33] {مِنْ مَالِ اللَّهِ} ، [الرّعد: 11] {مِنْ وَالٍ} ، ومثاله مع التنوين: [البَقَرَة: 19] {وَبَرْقٌ يَجْعَلُونَ} ، [الغَاشِيَة: 8] {يَوْمَئِذٍ نَاعِمَةٌ *} ، [الإنسَان: 19] {لُؤْلُؤًا مَنْثُورًا} ، [البَقَرَة: 148] {وَلِكُلٍّ وِجْهَةٌ} . يشار هنا إلى أن رواية حفص عن عاصم قد وردت بوجوب إظهار النون الساكنة عند التقائها بواو، وذلك في موضعين من القرآن الكريم، الأول في قوله تعالى: [يس: 1-2] {يس *وَالْقُرْآنِ الْحَكِيمِ *} ، الجزء: 1 ¦ الصفحة: 74 وقوله سبحانه: [القَلَم: 1] {ن وَالْقَلَمِ} فيجب - عنده - القراءة بإظهار النون هكذا في الأولى: [ياسينْ والقرآن الحكيم] ، وفي الثانية: [نونْ والقلم] . ملحوظة: يُسمّى الإدغام بغنة، إدغاماً ناقصاً؛ وذلك لذهاب الحرف وهو النون الساكنة أو التنوين، وبقاء الصفة، وهي الغنة، بينما يسمى الإدغام بغير غنة، إدغاماً تاماً؛ وذلك لذهاب الحرف والصفة معًا. فائدة: ثمة مناسبة لطيفة بين كل من حروف الإدغام وحكمها؛ فمعنى الفعل (ينمو) يتضمن الزيادة، كما أن الغنة في معناها الزيادة أيضاً. أما حرفَيِ الإدغام بغير غنة اللام والراء، (رَلْ) أو (لِرْ) فمعنى فعل الأمر هنا: أسرعْ، كما أن في الإدغام بغير غنة معنى الإسراع في القراءة عند ملاقاة التنوين أو النون الساكنة حرفَ الإدغام بغير غنة. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 75 تنبيه: لو وقع أحد حروف الإدغام (يَرْمُلُون) بعد النون الساكنة في كلمة واحدة، وجب الإظهار، ويسمى عندئذ «الإظهار المطلق» ؛ لعدم تقييده بحلق أو شفة، وقد وقع هذا النوع في أربع كلمات من القرآن الكريم، وهي «الدنيا» حيثما وقعت. و «بنيان» في خمس مواضع، وهي قوله تعالى: [التّوبَة: 109] {أَفَمَنْ أَسَّسَ بُنْيَانَهُ عَلَى تَقْوَى مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانٍ خَيْرٌ أَمْ مَنْ أَسَّسَ بُنْيَانَهُ عَلَى شَفَا جُرُفٍ هَارٍ فَانْهَارَ بِهِ} . [التّوبَة: 110] {لاَ يَزَالُ بُنْيَانُهُمُ الَّذِي بَنَوْا رِيبَةً فِي قُلُوبِهِمْ إِلاَّ أَنْ تَقَطَّعَ قُلُوبُهُمْ ... } . [الكهف: 21] {فَقَالُوا ابْنُوا عَلَيْهِمْ بُنْيَاناً رَبُّهُمْ أَعْلَمُ بِهِمْ قَالَ} . [الصَّافات: 97] {قَالُوا ابْنُوا لَهُ بُنْيَاناً فَأَلْقُوهُ فِي الْجَحِيمِ *} . [الصَّف: 4] {إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِهِ صَفًّا كَأَنَّهُمْ بُنْيَانٌ مَرْصُوصٌ *} . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 76 و «قنوان» من قوله تعالى: [الأنعَام: 99] {وَمِنَ النَّخْلِ مِنْ طَلْعِهَا قِنْوَانٌ دَانِيَةٌ وَجَنَّاتٍ مِنْ أَعْنَابٍ وَالزَّيْتُونَ} . و «صنوان» من قوله تعالى: [الرّعد: 4] {وَجَنَّاتٌ مِنْ أَعْنَابٍ وَزَرْعٌ وَنَخِيلٌ صِنْوَانٌ وَغَيْرُ صِنْوَانٍ يُسْقَى بِمَاءٍ وَاحِدٍ وَنُفَضِّلُ بَعْضَهَا عَلَى بَعْضٍ فِي الأُكُلِ ... } . فتقرأ هذه الكلمات كما هي: الدُّنْيَا - بُنْيَان - قِنْوَان - صِنْوَان. وذلك كي لا تلتبس بالمضاعف؛ فمثلاً قد يلتبس معنى صِنْوان - وهي: النخل التي يجمعها أصل واحد - بمعنى صِوّان وهو نوع من الأحجار، وهكذا قد يقع الالتباس في المعنى في باقي هذه الكلمات فيما لو أُدغِمت. الحال الثانية للإدغام: يكون الإدغام أيضًا عند التقاء الميم الساكنة بميم بعدها، فيجب عندها إدخالها بها مع الغنة، ويسمى الحكم عندئذ إدغاماً شفوياً، ومثاله: [البَقَرَة: 29] {خَلَقَ لَكُمْ مَا فِي الأَرْضِ} . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 77 فائدة: يسمى الإدغام الشفوي إدغام المتماثلين الصغير، وذلك لتمييزه عن إدغام المتماثلين الكبير الذي يجوز فيه إدغام الحرفين المتماثلين المتحركين، وذلك عند القارئ أبي عمرو البصري - وهو من القراء السبعة - بضوابطَ مشتهرةٍ عند أهل الأداء لا يَحْسُن تفصيلها في هذا المقام. وأما الإقلاب فهو لغة: تحويل الشيء عن وجهه، واصطلاحاً: جعل حرف مكان حرف آخر، مع مراعاة الغنة. ويكون عند التقاء نون ساكنة أو تنوين بحرف واحد هو الباء. ومثاله: [البَقَرَة: 33] {أَنْبِئْهُمْ} -[البَقَرَة: 27] {مِنْ بَعْدِ} -[آل عِمرَان: 119] {عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ} . وأما الإخفاء فهو لغة: الستر، واصطلاحاً: عبارة عن النطق بحرفٍ ساكن عارٍ - أي - خالٍ عن التشديد، على صفةٍ بين الإظهار والإدغام، مع الجزء: 1 ¦ الصفحة: 78 بقاء الغنة في الحرف الأول وهو النون الساكنة أو التنوين. والضابط في ذلك أنك تنظر عند النون الساكنة والتنوين، فإن لم يأت بعده حرف من أحرف الإظهار الحلقي: [ء، هـ، ع، ح، غ، خ] ، ولم يأت بعده أحد حروف الإدغام: (يَرْمُلُون) ، ولم يأت بعده حرف الإقلاب [الباء] ، فيكون الحكم عند ذلك إخفاءً حقيقياً، وحروفه خمسة عشر جمعها الإمام الجُمزوري في منظومته المسماة بالتحفة في أوائل كَلِم هذا البيت: صِفْ ذَا ثَنَا كَمْ جَادَ شَخْصٌ قَدْ سَمَا ... ... ... ... ... ... ... دُمْ طَيِّباً زِدْ فِي تُقَىً ضَعْ ظَالِما هذا، ولو التقت الميم الساكنة بباءٍ بعدها وجب عندها إخفاء الميم، ويسمى إخفاءً شفويًا، ومثاله [غَافر: 16] {هُمْ بَارِزُونَ} . مما ذكر آنفاً تبين لك - أخي القارئ - ما لدقة ملاحظة النون الساكنة والتنوين، والميم الساكنة، وما الجزء: 1 ¦ الصفحة: 79 يأتي بعدها، من أهمية بالغة في تلاوة القرآن حق التلاوة. س52: ... اذكر فكرة مُيسَّرة موجزة عن مخارج الحروف. ج52: إذا أردت أن تعرف مخرج الحرف فسكِّنْه، وأدخلْ عليه همزة الوصل في أوله، ثم أصغِ إلى النطق به على هذه الحال، فحيث انقطع الصوت فثَمَّ مخرج الحرف، فلو أنك شدَّدته أثناء النطق به، كان التشديد أبينَ لمخرج الحرف من التسكين. ثم اعلم - رحمك الله - أن جهات مخارج الحروف خمس: الجوف، والحلق، واللسان، والشفتان، والخيشوم. الجهة الأولى: الجوف: وهو الخلاء الداخل في الفم، ومخرجه واحد، وحروفه ثلاثة: وهي حروف المدّ، [الألف اللينة المفتوح ما قبلها = الألف المدية، الجزء: 1 ¦ الصفحة: 80 والواو الساكنة المضموم ما قبلها = الواو المدية، والياء الساكنة المكسور ما قبلها = الياء المدية] . الجهة الثانية: الحلق؛ وهو الانحناء العظميُّ الموجود فوق اللسان، في القسم العلويِّ من تجويف الفم، وهو أقرب الجهات إلى الجوف، وله ثلاثة مخارج: - ... أقصى الحلق من جهة الجوف، وهو مخرج حرفَيِ الهمزة والهاء. - ... وسط الحلق، والمراد به ما ليس بأول الحلق ولا آخره، وهو مخرج حرفَيِ العين والحاء. - ... أدنى الحلق، وهو الأقرب إلى الفم، وهو مخرج حرفَيِ الغين والخاء. الجهة الثالثة: اللسان؛ وفيه عشرة مخارج لثمانية عشر حرفاً، وهي: القاف - الكاف - الجيم - الشين - الياء الجزء: 1 ¦ الصفحة: 81 غير المدية - الضاد - اللام - النون - الراء - الطاء - الدال - التاء - الصاد - السين - الزاي - الظاء - الذال - الثاء. الجهة الرابعة: الشفتان؛ وفيها مخرجان لأربعة أحرف، وهي: الفاء - الواو - الباء - الميم. الجهة الخامسة: الخيشوم؛ وهو: الجوف الواقع فوق سقف الفم المتصل بفتحتي الأنف، أو هو الخَرْق المنجذب إلى الأنف. وفيه مخرج واحد، وهو الغنة، وهي من الصفات الأصلية الملازمة لحرفي النون والميم. فيكون مجموع ذلك سبعة عشر مخرجاً للحروف. وهذا ما صرّح به الإمام ابن الجزري رحمه الله بقوله: ... ... ... مخارج الحروف سبعة عشر ... ... ... ... ... ... ... ... على الذي يختاره من اختبر الجزء: 1 ¦ الصفحة: 82 تنبيه: هذان الحرفان - أي النون والميم - إذا شُدِّدا أو أدغِما أو أُخفِيا، وجب عندها التنبُّه لإعطائهما الغنة كأكمل ما يكون، ولو قُدّرت فإنها تكون بمقدار حركتين، ويسمّى كل منهما حرف غنة مشدّد. وأمثلته كثيرة، منها: [البَقَرَة: 6] {إِنَّ} ، [البَقَرَة: 26] {فَأَمَا} . أما النون والميم الساكنتان أو المتحركتان ففيهما أصل الغنة دون كمالها. فائدة: يمكن تسمية كل مجموعة من الحروف بحسب جهات مخارجها - بتسميات قد تجدها في بعض كتب هذا العلم - فمثلاً الحروف المدّية الثلاثة يمكن تسميتها بالحروف الجوفية نظراً لخروجها من جهة الجوف، والحروف الستة [ء، هـ، ع، ح، غ، خ] يمكن تسميتها بالحروف الحلقية نظراً لخروجها من جهة الحلق، وهكذا باقي مجموعات الحروف. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 83 س53: ... يقال في علم التجويد: حرفان متماثلان أو متقاربان أو متجانسان أو متباعدان، وضّح هذه المصطلحات، ثم مثّل لما تقول. ج53: إن لكل حرف - كما عرفتَ - مخرجاً وصفة، فإن اتفق حرفان في المخرج والصفة فهما متماثلان، وإن تقاربا مخرجاً وصفة فهما متقاربان، وكذلك إن تقاربا مخرجاً فقط أو صفة فقط، فإن اتفقا مخرجاً واختلفا صفة، أو اتفقا صفة واختلفا مخرجاً فهما متجانسان، أما لو تباعدا مخرجاً فسواء اختلفا صفة أو اتفقا فهما متباعدان. ولنأت إلى تفصيل ذلك -إن شاء الله- بعد إجماله. المتماثلان: هما الحرفان اللذان اتفقا مخرجاً وصفة كالدَّالين، من قوله تعالى: [المَائدة: 61] {وَقَدْ دَخَلُوا} ، وكالباءَين، من قوله تعالى: [النَّمل: 28] {اذْهَبْ بِكِتَابِي} ، وهنا وجب إدغام الدالين والباءين بشرط الجزء: 1 ¦ الصفحة: 84 إسكان أولهما، عند حفص. ويشار هنا إلى أن لإدغام المتماثلين عند القراء ثلاثة أنواع: صغير وكبير ومطلق، لا يتسع المقام هنا لتفصيل بها. المتقاربان: هما الحرفان اللذان تقاربا مخرجاً وصفة، أو تقاربا مخرجاً فقط أو صفة فقط. ومثال ذلك: ما تقاربا مخرجاً وصفة: كالتاء والثاء من قوله تعالى: [الشمس: 11] {كَذَّبَتْ ثَمُودُ *} ، ما تقاربا مخرجاً فقط: كالدال والسين من قوله تعالى: [المجَادلة: 1] {قَدْ سَمِعَ} ، ما تقاربا صفة فقط: كالذال والجيم من قوله تعالى: [الأحزَاب: 10] {إِذْ جَاءُوكُمْ} ، وحكم ذلك كله وجوب الإظهار، إلا في مسائل، وهي استثناءات أضرب مثالاً لها اللامَ والراءَ من قوله تعالى: [الكهف: 22] {قُلْ رَبِّي} ، وهنا تدغم لام الجزء: 1 ¦ الصفحة: 85 [القَلَم: 1] {ن وَالْقَلَمِ} و [يس: 1-2] {يس * وَالْقُرْآنِ} ، لأن الرواية فيهما - عند حفص - بالإظهار، فلا تدخلان في الاستثناءات التي أشرت إليها آنفاً. وكذلك [المطفّفِين: 14] {بَلْ رَانَ} وجب إظهار لام (بل) في هذا الموضع، لورود الرواية فيها عن حفص بالسكت، والسكت يمنع الإدغام. المتجانسان: هما الحرفان اللذان اتفقا مخرجاً واختلفا صفة، أو اختلفا مخرجاً واتفقا صفة. ومثال ما اتفقا مخرجاً فقط: التاء مع الدال، من قوله تعالى: [يُونس: 89] {أُجِيبَتْ دَعْوَتُكُمَا} . ومثال ما اتفقا صفة فقط: الجيم مع الدال، من قوله تعالى: [الضّحى: 6] {أَلَمْ يَجِدْكَ} . وفي الحالتين يجب الإظهار، إلا في مسائل، منها [هُود: 42] {ارْكَبْ مَعَنَا} ، فالواجب فيها: الإدغام الجزء: 1 ¦ الصفحة: 86 الكامل، لورود الرواية عن حفص بذلك. وتجد تمام هذه المسائل مُفصَّلةً في مُطوَّلات كتب هذا العلم. المتباعدان: وهما الحرفان اللذان تباعدا مخرجاً سواء اختلفا صفة، أو اتفقا. مثال ما تباعدا مخرجاً واختلفا صفة، النون والخاء من قوله تعالى: [المَائدة: 3] {وَالْمُنْخَنِقَةُ} . ومثال ما تباعدا مخرجاً واتفقا صفة، الكاف والتاء من قوله تعالى: [البَقَرَة: 282] {أَنْ تَكْتُبُوهُ} . وحكم كِلا النوعين وجوب الإظهار، إلا في مسألتين من الإخفاء الحقيقي، وهما إخفاء النون الساكنة بالكاف، نحو قوله تعالى: [المُزّمل: 12] {أَنْكَالاً} ، وإخفاء النون الساكنة بالقاف، نحو قوله تعالى: [البَقَرَة: 143] {يَنْقَلِبُ} . س54: ... ما المقصود بهمزة القطع؟ ولم سميت بذلك؟ وكيف تقرؤها بحسب رواية حفص؟ مثل لما تقول. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 87 ج54 ... : المقصود بهمزة القطع: الهمزة الثابتة سواء في الابتداء أو في الوصل، وهي الثابتة خطاً ولفظاً، وسميت بهمزة القطع لكونها تقطع الحروف عن بعضها. وهي تقع في الحروف والأسماء والأفعال. ومثالها من قوله تعالى: [الكَوثَر: 1] {إِنَّا *} ، [الصَّف: 6] {أَحْمَدُ} ، [نُوح: 1] {يَأْتِيَهُمْ} ، [الشورى: 51] {يَشَاءُ} . وهي تُحقَّق دائماً براوية حفص، إلا في كلمة وحيدة انفردت الرواية عن حفص بتسهيلها - أي: نطقها بين الهمزة وبين الألف المدية - وهي [فُصّلَت: 44] {أَأَعْجَمِيٌّ} . ويلحظ هنا أن معرفة النطق بالتسهيل لايتأتى إلا تلقياً من أفواه أهل الأداء، فاسع إليهم وفقك الله. س55: ... عرّف همزة الوصل، ولم سميت بذلك؟ وكيف تبدأ بها في القراءة؟ مثّل لما تقول. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 88 ج55: همزة الوصل: هي الهمزة الزائدة التي تقع في أول الكلمة، ويُتوصَّل بها للنطق بالساكن بعدها، وسُمّيت بذلك لأنها تصل ما بعدها بما قبلها، ثم تسقط هي في اللفظ، وهي تكون في الأسماء والأفعال والحروف. أما قراءتها، فهي تدور بين أمرين؛ التحقيق أو السقوط؛ فإذا ابتدأت بها، وذلك بقطعها عما قبلها، فإنك تحققها، أي تقرؤها وكأنها همزة قطع متحركة، نحو قوله تعالى: [الأعراف: 151] {اغْفِرْ} ، فإنك تقرؤها: «اِغْفِرْ» عند البدء بها. وإن وصلتَ بما قبلها، فإنك تُسقِطها في اللفظ، كقوله تعالى: [الأعرَاف: 151] {رَبِّ اغْفِرْ} . فتقرأها هكذا «رَبِّغْفِرْليِ» . أما كيف تبدأ بها في القراءة، أي عند تحقيقها. 1- ... فإن وقعت في الأسماء، فإنها تقرأ بالكسر. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 89 ومثاله: [الصَّف: 6] {اسْمُهُ أَحْمَدُ} . [البقرة: 87] {ابْنُ مَرْيَمَ} . [التّحْريم: 12] {ابْنَةَ عِمْرَانَ} . [هُود: 45] {ابْنِي مِنْ أَهْلِي} . [القَصَص: 27] {ابْنَتَيَّ هَاتَيْنِ} . [النِّسَاء: 176] {امْرُؤٌ هَلَكَ} . [آل عِمرَان: 35] {امْرَأَةُ عِمْرَانَ} . [القَصَص: 23] {امْرَأَتَيْنِ تَذُودَانِ} . [المَائدة: 106] {اثْنَانِ ذَوَا عَدْلٍ} . [النِّسَاء: 176] {اثْنَتَيْنِ فَلَهُمَا} . [التّوبَة: 36] {اثْنَا عَشَرَ شَهْرًا} . [البَقَرَة: 60] {اثْنَتَا عَشْرَةَ عَيْناً} . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 90 2- ... فإن وقعت في الأفعال، فإنك تنظر إلى الحرف الثالث من الفعل، فإن كان مضموماً ضماً أصلياً بدأت بهمزة الوصل مضمومة، وإن كان مكسوراً أو مفتوحاً، فإنك تبدأ بها مكسورة. ومثاله: عند كون الحرف الثالث من الفعل مضموماً، قوله تعالى: [المَائدة: 72] {اعْبُدُوا} . [البقرة: 35] {اسْكُنْ} . فإن كان الضم في الحرف الثالث عارضاً ليس بأصلي، فإنك تبدأ فيها مكسورة، نحو قوله تعالى: [يُونس: 71] {اقْضُوا} . أما مثاله: عندما يكون الحرف الثالث من الفعل مفتوحاً، قوله تعالى: [الأعرَاف: 89] {افْتَحْ} ، وعند كونه مكسوراً [الفَاتِحَة: 6] {اهْدِنَا *} . وكما عرفت فإن البدء بها يكون في الحالتين بالكسر. 3- ... أما لو وقعت في حرف - ولا تقع إلا في حرف واحد وهو أل التعريف - فإنها تقرأ بالفتح، نحو: [القَارعَة: 1] {الْقَارِعَةُ *} . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 91 س56: ... اذكر فكرة مُيسَّرة عن أحكام اللامات في علم التجويد. ج56: المقصود باللامات في هذا المقام، اللامات الساكنة لا جميع اللامات، وهي تقسم إلى خمسة أقسام كالآتي: 1- لام لفظ الجلالة «الله» . 2- لام «ال» التعريف = لام التعريف. 3- لام الاسم. 4- لام الفعل. 5- لام الحرف: لام «هل» ولام «بل» . أولاً: لام لفظ الجلالة «الله» . المقصود بحكم هذه اللام، هو كيفية لفظها من حيث الترقيقُ أو التفخيم، أي النطق بها مخففةً في حال ومغلظة في حال أخرى، فالضابط في ذلك أن لفظ الجلالة «الله» إذا أتى بعد فتح أو ضمٍّ فإن لامه الجزء: 1 ¦ الصفحة: 92 تلفظ مفخمة مغلظة، وإذا أتى بعد كسر فإنها تلفظ مرققة مخففة. ومثال التفخيم: [الإخلاص: 1] {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ *} . [مَريَم: 30] {قَالَ إِنِّي عَبْدُ اللَّهِ} . ومثال الترقيق: [الفَاتِحَة: 1] {بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَانِ الرَّحِيمِ *} [البَقَرَة: 285] {كُلٌّ آمَنَ بِاللَّهِ} . ثانياً: لام التعريف: وهي لام ساكنة زائدة عن بنية الكلمة، يسبقها همزة وصل، ويلحقها اسم. وهي نوعان: الأول: لام تعريف يمكن فصلها عن الكلمة، نحو [البقرة: 32] {الْحَكِيمُ} . والثاني: لام تعريف لا يمكن تجريد الكلمة عنها، نحو [فصلت: 29] {الَّذِينَ} . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 93 أما النوع الأول: فينظر القارئ إن كان بعد لام التعريف أحد الحروف القمرية، وهي مجموعة في قولك [اِبْغِ حَجَّكَ وَخَفْ عَقِيمَه] ، فإنه عند ذلك يُظهرها كما يُظهر لام (الْقمر) . وإن كان بعدها حرف غير الحروف القمرية السابقة، - وهي المسمّاة بالحروف الشمسية - فإنه يدغمها، كما يُدغم لام (الشَّمس) ولو شئت تعدادها، فخذ أول حرف من كَلِم هذا البيت: ... طِبْ ثُمَّ صِلْ رَحِمَاً تَفُزْ ضِفْ ذَا نِعَمْ ... ... ... ... ... ... ... دَعْ سُوءَ ظَنٍ زُرْ شَرِيْفَاً لِلْكَرَمْ ملحوظة: يسمى الإظهار عند الحروف القمرية: الإظهار القمري. ويسمى الإدغام عند الحروف الشمسية: الإدغام الشمسي. أما النوع الثاني، - أي: اللام الساكنة التي لا يمكن الجزء: 1 ¦ الصفحة: 94 تجريد الكلمة عنها، فهي لازمة، ولا تستقيم الكلمة بدونها - فلها حالتان. - ... الإدغام: في «الذي» و «التي» وما يشتق منهما. نحو: ... [النِّسَاء: 16] {وَاللَّذَانِ} . ... [النِّسَاء: 19] {الَّذِينَ} . ... [النِّسَاء: 15] {وَاللاَّتِي} . ... [الطّلاَق: 4] {وَاللاََّّئِي} . - ... والإظهار في كلمتين فقط، وهما: ... [البقرة: 71] {الآنَ} . ... [الأنعَام: 86] {وَالْيَسَعَ} . مسألة: كيف تقرأ الآيتين من سورة الإخلاص [الإخلاص: 1-2] {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ *اللَّهُ الصَمَدُ *} عند وصلهما؟ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 95 عند وصل الآيتين يلفظ تنوين «أحدٌ» ثم يُحرَّك التنوين الساكن بالكسر، منعاً لالتقاء الساكنين، فيلزم عندها ترقيق لام لفظ الجلالة «الله» الواقع بعدها. فتقرأ هكذا: «قل هو الله أَحَدُنِ الله الصمد» . ثالثاً: لام الاسم: وهي: لام ساكنة أصلية، من بنية الكلمة، وأمثلتها عديدة، منها: [الإنسَان: 18] {سَلْسَبِيلاً} . [النّبَإِ: 16] {أَلْفَافًا} . [الأعرَاف: 71] {سُلْطَانٍ} . ويجب في جميعها - كما لا يخفى - الإظهار. رابعاً: لام الفعل: وهي: لام أصلية ساكنة تقع في وسط الفعل أو آخره. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 96 ومثالها: في الماضي: [البقرة: 59] {فَأَنْزَلْنَا} . وفي المضارع: [يُوسُف: 10] {يَلْتَقِطْهُ} . وفي الأمر: [النَّمل: 10] {وَأَلْقِ عَصَاكَ} . وحكمها: وجوب الإظهار، إلا في لام «قل» إذا أتى بعدها «لام» مثلها أو «راء» ، فيجب إدغامها عند ذلك. مثاله: [سَبَإ: 30] {قُلْ لَكُمْ} . [المؤمنون: 93] {قُلْ رَبِّ} . وسبب الإدغام هنا - كما لا يخفى - التماثل بين اللامين، والاستثناء من وجوب الإظهار - كما سبق - بين الحرفين المتقاربين: اللام والراء، يكون في موضع واحد يجب السكت فيه لورود الرواية بذلك، وهو [المطفّفِين: 14] {بَلْ رَانَ} ، حيث إن السكت يمنع الإدغام. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 97 فائدة: أما لام الأمر الساكنة الزائدة عن بنية الكلمة، فلها حالتان: 1- ... إن وقع قبلها (واو) أو (فاء) أو (ثم) ، فإنها تظهر وجوباً، ومثاله: ... [الحَجّ: 29] {وَلْيُوفُوا نُذُورَهُمْ} . ... ُ ِ ُ ِ [النِّسَاء: 102] {فَلْتَقُمْ طَائِفَةٌ} . ... [الحَجّ: 29] {ثُمَّ لْيَقْضُوا تَفَثَهُمْ} . 2- ... إن لم يقع قبلها (واو) أو (فاء) أو (ثم) ، فإن حكمها الكسر وقد جاء ذلك في ثلاثة مواضع فقط، وهي: ... [النُّور: 58] {لِيَسْتَأْذِنْكُمُ الَّذِينَ مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ} . ... [الزّخرُف: 77] {لِيَقْضِ عَلَيْنَا رَبُّكَ} . ... [الطّلاَق: 7] {لِيُنْفِقْ ذُو سَعَةٍ} . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 98 خامساً: لام الحرف. وهي: لام ساكنة تقع في حرفين فقط في القرآن الكريم وهما، (هل) و (بل) وقد جاء بعد (هل) لام فقط ولم يرد بعدها راء، ومثاله: [النَّازعَات: 18] {هَلْ لَكَ إِلَى أَنْ تَزَكَّى} . [الرُّوم: 28] {هَلْ لَكُمْ مِن مَّا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ} . أما (بل) فقد جاء بعدها لام كما جاء بعدها راء. ومثاله: ... [المدَّثِّر: 53] {بَلْ لاَ يَخَافُونَ الآخِرَةَ} . ... [النِّسَاء: 158] {بَلْ رَفَعَهُ اللَّهُ إِلَيْهِ} . ... والحكم في لام (هل) و (بل) ، الإدغام بما بعدها من لام أو راء. ملحوظة: لو أتى بعد (هل) و (بل) غير اللام أو الراء، فإن اللام لا تدغم، بل يجب إظهارها قطعاً. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 99 ومثاله: [الشعراء: 221] {هَلْ أُنَبِّئُكُمْ} . ... [الزمر: 9] {هَلْ يَسْتَوِي} . ... [الصَّافات: 37] {بَلْ جَاءَ بِالْحَقِّ} . ... [الأنبيَاء: 63] {بَلْ فَعَلَهُ كَبِيرُهُمْ} . ... والأمثلة على ذلك عديدة. س57: ... إذا وقعت اللام المتحركة بعد حرف من حروف الاستعلاء، المجموعة في قولك [قِظْ خُصَّ ضَغْطٍ] (27) ، فهل تفخم اللام أم ترقق؟ وضح قولك بالأمثلة. ج57: يجب على القارئ أن يحرص على ترقيق اللام إن وقعت بعد حرف استعلاء، أو بين حرفين مستعليَيْن. ومثاله: [إبراهيم: 36] {أَضْلَلْنَ} .   (27) ومعنى «قِظْ خُصَّ ضَغْطٍ» ، أي: أقم في القيظ في خُصٍّ (كوخ من قصب) ، ذي ضغط (أي ضيق) ، والمعنى: اقنع من الدنيا بمثل ذلك، واسلك طريق السلف الصالح، ولا تهتم بزينتها. اهـ. من «الوافي في شرح الشاطبية» ، للشيخ عبد الفتاح القاضي ص (166) . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 100 [الشّورى: 33] {فَيَظْلَلْنَ} . [الرَّحمن: 14] {صَلْصَالٍ} . ... وما ذُكِر آنفًا يُعتبر من أهم فوائد معرفة صفات الحروف، فلا يفخّم حرف من حروف الاستفال كاللام مثلاً، ولو وقع بعد حرف من حروف الاستعلاء كالضاد أو الظاء أو الصاد، كما في الأمثلة السابقة. س58 ... : بيّن ما يسمى بأحكام الراء، وذلك بتفصيل الأحوال التي ترقق فيها الراء، والأحوال التي تفخم فيها، والأحوال التي يجوز فيها الوجهان: التفخيم والترقيق، مع التمثيل لكلٍّ من ذلك. ج58: إن حرف الراء، قد انفرد من بين جميع الحروف بإمكان تكراره بنفَسٍ واحد، لذا فقد اكتسب - بهذه الصفة اللازمة له - أهمية خاصة في علم التجويد، وقد نبّه أهل هذا العلم - شرفهم الله- على وجوب الاحتراز من تكراره الجزء: 1 ¦ الصفحة: 101 عند تشديده؛ فلا ينطق بها وكأنها راءات عدة، كما نبهوا أيضاً على وجوب الاحتراز من المبالغة في إخفاء تكراره، حتى كأنه يأتي بالراء المشددة شبيهة بالطاء، واعتبروا كلَّ ذلك لحناً (خطأً وعيباً) في القراءة يجب اجتنابه. ويكون الاحتراز من التكرار، بلصق طرف اللسان الأمامي بمقدَّم الحنك العلوي وتثبيته، ويكون الاحتراز من النطق به على هيئة الطاء، بعدم ثنيه لوسط الحنك. هذا، ولنأت بعد ذلك إلى تقسيم أحكام الراء من حيث تفخيمها أو ترقيقها إلى ثلاثة أقسام: أولاً: الأحوال الستة التي تفخم فيها الراء. ثانياً: الأحوال الثلاثة التي ترقق فيها الراء. ثالثاً: ست كلمات يجوز فيها الوجهان: الترقيق والتفخيم. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 102 أولاً: تفخم الراء في ستة أحوال، هي: 1 - الراء المفتوحة والمضمومة، سواء كانت مخففة أو مشددة. مثاله: [الدخان: 20] {بِرَبِّي} [الرحمن: 1] {الرَّحْمَانِ} . [البَقَرَة: 25] {رُزِقُوا} . [المرسلات: 11] {الرُّسُلُ} . 2 - الراء الساكنة - سكوناً أصلياً - إذا سبقها فتح أو ضمّ. مثاله: [التّحْريم: 12] {وَمَرْيَمَ} . [الواقِعَة: 77] {إِنَّهُ لَقُرْآنٌ *} . 3 - ... الراء الساكنة - سكوناً أصلياً - إذا سبقها كسر أصلي، وجاء بعدها حرف استعلاء مفتوح، في كلمة واحدة، وهي خمس كلمات فقط في القرآن الكريم: [الأنعَام: 7] {قِرْطَاسٍ} . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 103 [التّوبَة: 107] {وَإِرْصَادًا} . [التّوبَة: 122] {فِرْقَةٍ} . [النّبَإِ: 21] {مِرْصَادًا} . [الفَجر: 14] {لَبِالْمِرْصَادِ *} . 4 - الراء الساكنة - سكوناً أصلياً - إذا جاءت بعد همزة الوصل. مثاله: [النُّور: 50] {أَمِ ارْتَابُوا} . [يُوسُف: 81] {ارْجِعُوا إِلَى أَبِيكُمْ} . 5 - الراء الساكنة - سكوناً عارضاً بسبب الوقف - إذا سبقها فتح أو ضم. مثاله: [الكَوثَر: 1] {إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الْكَوْثَرَ *} . [القَمَر: 45] {وَيُوَلُّونَ الدُّبُرَ} . 6 - ... الراء الساكنة - سكوناً عارضاً بسبب الوقف - إذا سبقها ساكن، وسبق هذا الساكن فتح أو ضم. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 104 مثاله: [آل عِمرَان: 154] {قُلْ إِنَّ الأَمْرَ} . [الإنسَان: 21] {سُنْدُسٍ خُضْرٌ} . تنبيه: ... إن كان الساكن الذي قبل الراء ياءً سواء كانت مدّية أو ليِّنة، وجب الترقيق للراء في هذا الحال. مثاله: [البَقَرَة: 20] {قَدِيرٌ} . [النمل: 20] {الطَّيْرِ} . ثانياً: ترقق الراء في ثلاثة أحوال، هي: 1 - الراء المكسورة، سواء كان الكسر أصلياً أم عارضاً. مثاله: [البقرة: 25] {رِزْقًا} . [التّوبَة: 60] {وَالْغَارِمِينَ} . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 105 [القَدر: 1] {لَيْلَةِ الْقَدْرِ} . عند الوصل بما بعدها. 2 - الراء الساكنة، إن كانت بعد كسر أصلي متصل بها، على أن لا يأتي بعدها حرف استعلاء. مثاله: [القصص: 4] {فِرْعَوْنَ} . [السجدة: 23] {مِرْيَةٍ} . 3 - ... الراء الساكنة إذا سُبقت بياء ساكنة، سواء كانت مدّية أو ليّنة، وذلك بصرف النظر عمّا قبل الياء. مثاله: بعد ياء مدّية: [البقرة: 20] {قَدِيرٌ} . وبعد ياء ليّنة: [النَّمل: 20] {وَتَفَقَّدَ الطَّيْرَ} . وقد سبق التنبيه عليه قريبًا. ثالثاً: كلمات يجوز فيها الحالان: تفخيم الراء وترقيقها. وهي منحصرة بست كلمات، هي: 1- ... {مِصْرَ} غير المنونة، حيثما وردت. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 106 مثاله: ... [يُوسُف: 99] {ادْخُلُوا مِصْرَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ آمِنِينَ} . ... يجوز فيها الوجهان عند الوقف، والتفخيم أولى، لأنها في حالة الوصل مفخمة. 2 - [سَبَإ: 12] {وَأَسَلْنَا لَهُ عَيْنَ الْقِطْرِ} . ... يجوز فيها الوجهان عند الوقف، والترقيق أولى، لأنها في حالة الوصل مرققة. 3- ... [الفَجر: 4] {وَاللَّيْلِ إِذَا يَسْرِ *} . ... يجوز فيها الوجهان عند الوقف، وترقيقها أولى، لأنها في حالة الوصل مرققة. 4 - [الشُّعَرَاء: 52] {أَسْرِ} و [الدخان: 23] {فَأَسْرِ} . وكذلك حيث وقعتا، عند الوقف. ... يجوز في ذلك الوجهان عند الوقف، والترقيق أولى. لأنهما في حالة الوصل مرققتان. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 107 5 - [القَمَر: 16-18-21-30] {فَكَيْفَ كَانَ عَذَابِي وَنُذُرِ} . وموضعين عند قوله تعالى: [القَمَر: 37-39] {فَذُوقُوا عَذَابِي وَنُذُرِ} . ... يجوز في جميعها عند الوقف الوجهان، والترقيق أولى، لأنها مرققة حال الوصل. ... ويستثنى من ذلك [القَمَر: 41] {النُّذُرُ} حال كونها معرَّفة، ففيها التفخيم قولاً واحداً. 6- ... [الشُّعَرَاء: 63] {فَانْفَلَقَ فَكَانَ كُلُّ فِرْقٍ كَالطَّوْدِ الْعَظِيمِ} . ... يجوز فيها الوجهان، عند جميع القراء، وصلاً ووقفاً، والترقيق أولى - وصلاً - لأن حرف الاستعلاء (القاف) مكسور، ولأن الراء سكنت بعد كسر، والله أعلم. فائدة: ... تقرأ راء [هُود: 41] {بِسْمِ اللَّهِ مَجْرَاهَا وَمُرْسَاهَا} بالترقيق، لإمالة الألف الجزء: 1 ¦ الصفحة: 108 بعدها - وذلك براوية حفص - حيث إن الإمالة كسر، والكسر يناسبه الترقيق. ... هذا، وإن كيفية النطق بالراء ترقيقاً أو تفخيماً لا تُعرف إلا بالتلقي من أهل الأداء، فالحق بهم وفقك الله. س59: ... ما المقصود بباب الهاءات في علم أحكام التجويد؟ ج59: المقصود بباب الهاءات، هو كيفية النطق بالهاء، حال كونها: هاءً أصلية، أو هاء تأنيث، أو هاء سكت، أو هاء ضمير. س60: ... عرفت أن الهاءات أربعة أنواع، فما تعريف كلٍّ منها؟ مع التوضيح بمثال لما تقول. ج60: 1 - الهاء الأصلية: ... وهي التي تكون هاءً في الوصل وفي الوقف أيضاً، ومثالها: [هُود: 91] {نَفْقَهُ} الجزء: 1 ¦ الصفحة: 109 -[القَصَص: 22] {تَوَجَّهَ} -[العلق: 15] {يَنْتَهِ} ، ولا تمد الهاء هنا، لأنها وقعت لاماً للكلمة. 2 - هاء التأنيث: ... وهي التي تكون في الوصل تاءً، وفي الوقف هاءً. ومثالها: [القَارعَة: 1] {الْقَارِعَةُ *} -[البَقَرَة: 3] {الصَّلاَةَ} -[الأنفَال: 25] {خَآصَّةً} ، وأمثلتها عديدة في القرآن الكريم. ... ويدخل تحت هاء التأنيث ما جاء على لفظها، وإن لم يكن المقصود بها الدلالة على التأنيث نحو: [النّجْم: 58] {كَاشِفَةٌ} [يُوسُف: 108] {بَصِيرَةٍ} [الهُمَزة: 1] {هُمَزَةٍ} [الهُمَزة: 1] {لُمَزَةٍ} . ... ويستثنى منها - من حيث النطق بها - الهاءُ من نحو: [البَقَرَة: 35] {هَذِهِ} ، فإنها وإن كانت دالة على التأنيث، فهي لا تكون تاءً في الوصل، بل هي - كما لا يخفى - هاء وصلاً ووقفاً. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 110 3 - هاء السكت: وهي الهاء الساكنة وصلاً ووقفاً، وهي مثبتة من غير مدٍّ في حالتي الوقف والوصل، من نحو قوله تعالى: [الحَاقَّة: 28] {مَا أَغْنَى عَنِّي مَالِيَهْ *} . [الحَاقَّة: 29] {هَلَكَ عَنِّي سُلْطَانِيَهْ *} . 4 - هاء الضمير الزائدة: وهي الأشهر من بين الهاءات في الترتيل، وهي التي تسمى هاء الكناية أيضاً. وهي: الهاء المضمومة أو المكسورة، التي يكنى بها - أي يُعبَّر بها - عن المذكر المفرد الغائب، سواء وقعت بين متحركين، نحو: [البَقَرَة: 26] {يُضِلُّ بِهِ كَثِيرًا وَيَهْدِي بِهِ كَثِيرًا} . أو وقعت بين متحرك وساكن، نحو: [المُلك: 1] {بِيَدِهِ الْمُلْكُ} . أو وقعت بين ساكن ومتحرك، نحو: [البَقَرَة: 2] {فِيهِ هُدَىً لِلْمُتَّقِينَ} ، وقوله تعالى: [الحَاقَّة: 30-33] {خُذُوهُ فَغُلُّوهُ *ثُمَّ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 111 الْجَحِيمَ صَلُّوهُ *ثُمَّ فِي سِلْسِلَةٍ ذَرْعُهَا سَبْعُونَ ذِرَاعًا فَاسْلُكُوهُ *إِنَّهُ كَانَ لاَ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ الْعَظِيمِ *} . أو وقعت بين ساكنين، نحو: [البَقَرَة: 185] {شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ} . س61: ... ما الأصل في تحريك هاء الضمير؟ هل هو الضمّ أو الكسر؟ ج61: الأصل في تحريكها الضمّ، إلا أنها تكسر في حالتين: إن سبقها كسر، كما في قوله تعالى: [المُلك: 1] {بِيَدِهِ الْمُلْكُ} أو سبقها ياء ساكنة، [البَقَرَة: 185] {فِيهِ الْقُرْآنُ} . فتكسر للتناسب، وقد قرأها حفصٌ بروايته عن عاصم، بالضمّ على أصل لغة قريش في موضعين؛ في قوله تعالى: [الكهف: 63] {وَمَا أَنْسَانِيهُ إِلاَّ الشَّيْطَانُ} ، وقوله تعالى: [الفَتْح: 10] {وَمَنْ أَوْفَى بِمَا عَاهَدَ عَلَيْهِ اللَّهَ} . والأخيرة علَّل قراءتها بالضمِّ علماءُ البيان بقصد تفخيم لفظ الجلالة بعدها، والله أعلم. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 112 س62: ... متى تسمى هاء الضمير - أو هاء الكناية - بهاء الصلة؟ ج62: إذا وقعت هاء الضمير بين متحركين، سميت بهاء الصلة. س63: ... هل لهاء الصلة هذه حكم تجويدي خاص؟ ج63: نعم، تمد هاء الصلة بقدر حركتين، إن لم يأت بعدها همز، ومثال ذلك: [البَقَرَة: 26] {يُضِلُّ بِهِ كَثِيرًا وَيَهْدِي بِهِ كَثِيرًا} . وتمد أربع حركات أو خمساً إن أتى بعدها همز، ومثاله: [البَقَرَة: 26] {وَمَا يُضِلُّ بِهِ إِلاَّ الْفَاسِقِينَ} . س64: ... ماذا يسمى مدّ هاء الصلة عند مدّه حركتين، وماذا يسمى عند مدّه أربعاً أو خمساً؟ ج64: عند مدّ هاء الصلة حركتين، يسمى: مدّ صلة صغرى. وعند مدّه أربعاً أو خمساً، يسمى: مدّ صلة كبرى، ويأخذ عندها حكم المدّ المنفصل. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 113 س65: ... ثمة كلمات احتوت على هاء الضمير، إلا أنها لم تُشبع، وذلك تبعاً لرواية حفص عن عاصم، اذكرها. ج65: الكلمات التي لا مدّ صلةٍ فيها - عند حفص - هي: [الأعرَاف: 111 - الشعراء: 36] {أَرْجِهْ وَأَخَاهُ} . [النَّمل: 28] {فَأَلْقِهْ إِلَيْهِمْ} . [الزُّمَر: 7] {يَرْضَهُ لَكُمْ} . [العَلق: 15] {يَنْتَهِ لَنَسْفَعًا} . فإن حفصاً يقرأ الأولى - في الموضعين من الأعراف والشعراء - بإسكان الهاء. وكذلك الثانية، ويقرأ الثالثة بضم الهاء من غير إشباع، والرابعة يقرأها بكسر الهاء من غير إشباع أيضًا. أما قوله تعالى: [النُّور: 52] {وَيَتَّقِهِ فَأُولَئِكَ} ، فمع كونها ليست من هاءات الضمير، إلا أن حفصاً قرأها كذلك بالكسر من غير إشباع. س66: ... ما المقصود بباب الياءات في علم أحكام التجويد؟ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 114 ج66: الياءات التي اهتم بأحكام قراءتها القرّاء، نوعان: 1 - ياءات الإضافة. 2 - ياءات الزوائد. س67: ... عرّف ياءات الإضافة، ومثّل لما تقول. ج67: ياء الإضافة: هي الياء الزائدة الدالّة على المتكلم. ومثالها متصلة مع الفعل: [النَّمل: 19] {أَوْزِعْنِي} . ومثالها متصلة مع الاسم: [الكهف: 101] {ذِكْرِي} ومثالها متصلة مع الحرف: [البقرة: 30] {إِنِّي} . س68: ... كيف تُقرأ ياء الإضافة بالفتح، أم بالإسكان؟ ج68: هناك كلمات اتفق القراء على فتح ياء الإضافة فيها، نحو: [آل عِمرَان: 40] {بَلَغَنِيَ الْكِبَرُ} [البَقَرَة: 40] {نِعْمَتِيَ الَّتِي أَنْعَمْتُ} [سَبَإ: 27] {أَرُونِي الَّذِينَ} . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 115 وهناك كلمات اتفقوا على إسكان ياء الإضافة فيها، نحو: [إبراهيم: 36] {فَمَنْ تَبِعَنِي فَإِنَّهُ مِنِّي وَمَنْ عَصَانِي فَإِنَّكَ غَفُورٌ رَحِيمٌ} . [الشُّعَرَاء: 79] {وَالَّذِي هُوَ يُطْعِمُنِي} . [الشُّعَرَاء: 81] {وَالَّذِي يُمِيتُنِي} . فليتنبّه القارئ - وفقه الله - لوجود فتح أو سكون في مثل هذه المواضع، فلا يمكن في هذا المقام حصر ما قرئ منها بالفتح أو بالإسكان عند حفص، وإني مكتفٍ بنباهة القارئ، وبإشارتي المختصرة لهذا الباب من علم التجويد. س69: ... عرّف ياءات الزوائد، ومثّل لما تقول. ج69: الياءات الزوائد هي الياءات المتطرفة الزائدة في التلاوة على رسم المصحف. ومثالها في الأسماء: [البَقَرَة: 186] {أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ} . ومثالها في الأفعال: [الفَجر: 4] {وَاللَّيْلِ إِذَا يَسْرِ *} . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 116 ولا تكون الياءات الزوائد في الحروف. وعددها في القرآن الكريم اثنتان وستون ياءً. س70: ... كيف قرأ حفص بروايته عن عاصم ياءات الزوائد؟ ج70: هذه الياءات المحذوفة في الرسم وقف حفص عليها بالحذف، إلا في موضع واحد، من قوله تعالى: [النَّمل: 36] {فَمَا آتَانِيَ اللَّهُ خَيْرٌ} . فقد أثبت الياء مفتوحة وصلاً، وأثبتها ساكنة وقفاً، ومن طريق «الشاطبية» فيها الوجهان الحذف والإثبات في حالة الوقف. س71: ... هل لحفص وجه آخر في قراءته الياء الزائدة في قوله تعالى: {فَمَا آتَانِيَ اللَّهُ خَيْرٌ} [النَّمل: 36] ؟ ج71: نعم، هناك وجه الحذف وقفاً - كما مرّ آنفًا - وكذلك عند القراءة بوجه قصر المنفصل - من طريق الطيبة - قرأ حفص بإثبات الياء مفتوحة وصلاً وبحذفها عند الوقف، وهناك أمثال لهذه الجزء: 1 ¦ الصفحة: 117 المسألة ينبغي التنبّه لها، في حال قرأ القارئ بوجه قصر المنفصل حركتين عند حفص، سأُفرِد لها كلاماً مختصراً في ختام هذا الباب، إن شاء الله تعالى. س72: ... اذكر الفرق بين ياءات الإضافة، وياءات الزوائد في علم التجويد. ج72: الفرق بين ياءات الإضافة وياءات الزوائد متحقق في ثلاثة أوجه: الأول: أن الياءات الزوائد تكون في الأسماء نحو [القَمَر: 6] {الدَّاعِ} . وفي الأفعال نحو [البَقَرَة: 148] {يَأْتِ} ، ولا تكون في الحروف، بينما تكون ياءات الإضافة في الحروف أيضاً نحو: [البَقَرَة: 30] {إِنِّي} . الثاني: أن ياءات الإضافة مثبتة في رسم المصحف، بينما ياءات الزوائد محذوفة من الرسم. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 118 الثالث: أن الخلاف في تلاوة ياءات الزوائد دائر بين الحذف والإثبات بينما الخلاف في تلاوة ياءات الإضافة دائر بين قراءتها بالفتح أو الإسكان. س73: ... يعتبر باب معرفة الوقوف والابتداء من أهم أبواب علم الترتيل، فهلاّ ذكرت شيئاً من أهمية ذلك من أقوال السلف رحمهم الله. ج73: جاء في كتاب «الإتقان في علوم القرآن» للإمام السيوطي رحمه الله (28) ، أن علياً رضي الله عنه سئل عن قوله تعالى: [المُزّمل: 4] {وَرَتِّلِ الْقُرْآنَ تَرْتِيلاً} فقال: هو تجويد الحروف ومعرفة الوقوف. (وعن عامر الشعبي - من أئمة التابعين -، أنه مَنع من الوقف على قوله تعالى: [الرَّحمن: 26] {كُلُّ مَنْ عَلَيْهَا فَانٍ *} حتى يصلها القارئ بقوله تعالى: [الرَّحمن: 27] ) {وَيَبْقَى وَجْهُ رَبِّكَ ذُو الْجَلاَلِ وَالإِكْرَامِ *} (29) .   (28) انظر: الإتقان (1/85) . (29) انظر: النشر لابن الجزري ص (315) . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 119 وقد جاء في سُنَّة النبيِّ صلى الله عليه وسلم قوله: «بئس الخطيب أنت، قل: ومن يعصي الله ورسوله فقد غوى» (30) ، وذلك لرجل قام خطيباً فقال: [من يطع الله ورسوله فقد رشد ومن يعصهما] . فلم يقف عند قوله [رشد] ، وقطع عند قوله [يعصهما] ، فتُوُهِّمَ من وصله ووقفه استواء حال من أطاع ومن عصى. وإذا كان ذلك مستقبحاً يجب اجتنابه في كلام الخطيب، فهو أولى بالاجتناب في كلام الله تعالى. ما ذُكِر آنفًا يُبيِّن أهمية معرفة الوقف والابتداء بالنسبة لمتعلم تلاوة القرآن الكريم. س74: ... بيّن مهمات ما يحتاج إليه القارئ من أحكام الوقف والابتداء. ج74: لا شك بأن باب الوقف والابتداء، هو مما لا يمكن استيعاب جميعه في هذا المقام، لذلك سأعمد إلى ذكر ما لا يُستغنى عنه في هذا الباب، ومن ذلك:   (30) أخرجه مسلم باختلاف، كتاب: الجمعة، باب: تخفيف الصلاة والخطبة، برقم (870) ، عن عدي ابن حاتم رضي الله عنه. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 120 بيان تعريف الوقف، وحكم الوقف على فواصل الآيات، والوقف الاختياري، والوقف الاضطراري، وبيان تعريف الابتداء، وبيان الجائز منه وغير الجائز. س75: ... عرّف الوقف لغةً، واصطلاحاً. ج75: الوقف لغةً: هو الكفُّ عن مطلق شيء. واصطلاحاً: هو قطع الصوت عن القراءة عند كلمة قرآنية زمناً يسيراً، يتمكن القارئ فيه من التنفس عادة، بنيّة استئناف القراءة لا بنيّة الإعراض عنها. س76: ... هل يحظر الوقف على ما اتصل برسم المصحف؟ ج76: نعم، يمنع الوقف على ما اتصل بالرسم نحو الوقف على أنْ، من قوله تعالى: [القِيَامَة: 3] {أَيَحْسَبُ الإِنْسَانُ أَلََّنْ نَجْمَعَ عِظَامَهُ *} لأنها رُسِمَتْ بإدغام النون الساكنة باللام بعدها. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 121 س77: ... اذكر الرّاجح في حكم الوقف على فواصل الآيات. ج77: رأى أكثر أهل الأداء، من علماء التجويد، أن الوقف على رؤوس الآي حسن إنْ تعلق بما بعده، وهو سنّة، لثبوت ذلك في حديث أم سَلَمة رضي الله عنها «أن النبيَّ صلى الله عليه وسلم كان إذا قرأ قطّع آية آية» (31) . وقد اشترطوا في ذلك ألاّ يوهِمَ الوقف على رأس الآية معنىً غير المعنى المراد. ومثاله: الوقف على: [المَاعون: 4] {فَوَيْلٌ لِلْمُصَلِّينَ *} ، ثم الابتداء بـ[المَاعون: 5] {الَّذِينَ هُمْ عَنْ صَلاَتِهِمْ سَاهُونَ *} ، فقد يتوهّم السامع أن المصلِّين متوعَّدون بالويل، وهو غير المعنى المراد قطعًا؛ ومراعاة المعنى المراد هو الأصل في معرفة الوقف والابتداء، والله أعلم (32) . س78: ... عرّف الوقف الاختياري، وبين أهميته. ج78: هذا النوع من الوقف معناه: أن يقصد القارئ الوقفَ على الكلمة باختياره من غير سبب   (31) أخرجه أبو داود في أول كتاب: الحروف والقراءات، برقم (4001) ، عن أم سلمة رضي الله عنها. والترمذي بمعناه، كتاب: فضائل القرآن، أبواب القراءات، باب في فاتحة الكتاب، برقم (2927) ، عنها أيضاً. (32) ذكر بعض أهل الأداء في ذلك وجهين: أن يقف القارئ على ُ 4 ِ لإصابة السنّة، ثم يصلها بما بعدها إتماماً للمعنى، وذلك خروجاً من الخلاف. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 122 يَعرِض له أثناء قراءته؛ من نحو ضيق نَفَس، أو نسيان، أو قصد جمعٍ لوجوه قراءات، أو لاختبار، أو غير ذلك. وهذا النوع هو الأهمّ من بين أقسام الوقف، وهو الذي تتعلّق به الأحكام؛ من جواز أو عدمه. س79: ... اذكر أنواع الوقف الجائز، من الوقف الاختياريّ. ج79: من خلال استقراء ما يجوز الوقف عليه، عند اختيار القارئ للوقف، يتبيّن أن أقسام الوقف الاختياري ثلاثة: 1 - الوقف الاختياريّ الجائز التامّ. 2 - الوقف الاختياريّ الجائز الكافي. 3 - الوقف الاختياريّ الجائز الحسن. س80: ... عرّف الوقف الاختياريّ الجائز التامّ، واذكر أقسامه ومثّل لما تقول. ج80: الوقف التامّ: هو الوقف على كلام تمّ معناه، ولم يتعلّق بما بعده لفظاً ولا معنىً. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 123 وله قسمان: 1 - الوقف التامّ اللازم. 2 - الوقف التامّ المطلق. 1- ... الوقف التامّ اللازم، هو الوقف على كلام تمّ معناه، ولم يتعلّق بما بعده لفظاً ولا معنىً، ويلزم الوقف عليه، لأن المعنى لا يُفهَم إلا بالوقف عليه، ولأنك لو وصلت فقد يتوهّم السامع معنىً غير المعنى المراد. ومثاله الوقف على قوله تعالى: [الأنعَام: 36] {إِنَّمَا يَسْتَجِيبُ الَّذِينَ يَسْمَعُونَ} لأنك لو وصلت بما بعدها: [الأنعَام: 36] {وَالْمَوْتَى} لأوهم ذلك السامعَ أن الموتى يشتركون في الاستجابة مع الأحياء. وعلامة هذا الوقف في المصاحف وضع ميم صغيرة فوق الحرف هكذا (م) ، من أجل أن يتنبه القارئ إلى لزوم الوقف عند هذا الموضع. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 124 2- ... الوقف التامّ المطلق: وهو الوقف على كلام تمّ معناه، ولم يتعلّق بما بعده لفظاً ولا معنى، ولا يلزم الوقف عليه، بل يَحسُن؛ فيجوز الوقف عليه كما يجوز وصله بما بعده، لكن الوقف أَوْلى. ... وسمّي مطلقاً لجواز الوقف عليه على الإطلاق [أي من غير خلاف] ، وذلك لكونه غير متعلّق بما بعده معنىً ولا لفظاً. ... وعلامته في المصحف: (قلى) . فالقاف ترمز إلى جواز الوقف مطلقاً، و (لى) ترمز إلى كون هذا الوقف أولى من الوصل، مع أن الوصل جائز. س81: ... عرّف الوقف الاختياريّ الجائز الكافي، ومثّل لما تقول. ج81: الوقف الكافي: هو الوقف على كلام يؤدي معنى صحيحاً في ذاته لكنه تعلَّق بما بعده معنىً، ويحسن الوقف عليه، ولو وصل بما بعده لكان أكفى. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 125 وسمّي هذا الوقف كافياً، لجواز الاكتفاء به، لفظاً ومعنى، وإن كان وصله بما بعده أكفى. وعلامتاه في المصحف اثنتان: (ج) ومعناها: وقف اختياريّ جائز كافٍ مستوي الطرفين، ومعنى مستوي الطرفين أي يستوي فيه جواز الوقف والوصل. ومثاله: [البَقَرَة: 68] {قَالُوا ادْعُ لَنَا رَبَّكَ يُبَيِّنْ لَنَا مَا هِيَ قَالَ إِنَّهُ يَقُولُ إِنَّهَا بَقَرَةٌ لاَ فَارِضٌ وَلاَ بِكْرٌ عَوَانٌ} . و (صلى) ، ومعناها: وقف اختياري جائز كاف، يجوز وصله بما بعده؛ أو الوقف عنده، لكن الوصل أولى. فالصاد ترمز إلى الوصل، و (لى) ترمز إلى كون الوصل أولى. فيصير المعنى الوقف كاف جائز، لكن الوصل أكفى وأولى. ومثاله: [الكهف: 56] {وَمَا نُرْسِلُ الْمُرْسَلِينَ إِلاَّ مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ وَيُجَادِلُ الَّذِينَ كَفَرُوا بِالْبَاطِلِ لِيُدْحِضُوا بِهِ الْحَقَّ وَاتَّخَذُوا آيَاتِي وَمَا أُنْذِرُوا هُزُوًا *} . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 126 وهذا النوع من الوقف (الكافي) هو الوقف الأكثر تعدادًا في القرآن الكريم، والله أعلم. س82: ... عرّف الوقف الاختياريّ الجائز الحسن، ومثّل لما تقول. ج82: معنى الوقف الحسن، أي أنه يحسُن الوقف عليه من جهة أنه تامّ المعنى فقط، إلا أنه متعلّق بما بعده لفظاً ومعنى. ومثاله: [المُزّمل: 20] {عَلِمَ أَنْ سَيَكُونُ مِنْكُمْ مَرْضَى وَآخَرُونَ يَضْرِبُونَ فِي الأَرْضِ يَبْتَغُونَ مِنْ فَضْلِ اللَّهِ وَآخَرُونَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَاقْرَأُوا} . كما تلحظ - أخي القارئ - فقد وضع علامة (لا) في أثناء الآية، وهي تعني أن الوقف هنا جائز حسنٌ، لجهة إفادة الكلام معنىً صحيحاً، إلا أنه تعلّق بما بعده لفظاً ومعنىً، فلا تبدأ بما بعده حتى تعيد الكلمة الموقوف عليها، بل قد يلزم إعادة كلمات قبلها، وذلك ليتمَّ اتساق المعنى المراد. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 127 ومثاله: [المُمتَحنَة: 1] {يُخْرِجُونَ الرَّسُولَ وَإِيَّاكُمْ أَنْ تُؤْمِنُوا بِاللَّهِ رَبِّكُمْ ... } ، فيتعين في هذا الموضع ألاّ يعيد القارئ كلمة واحدة عند وقوفه الوقف الحسن على كلمة ُ 3 ِ، لأنه - إن فعل ذلك صار المعنى تحذيراً من الإيمان بالله عزَّ وجلَّ، وهذا من أقبح الابتداء. أما لو كانت علامة (لا) عند رأس آية، فإنه - كما سبق أن عرفت - يُسنّ الوقف عند رؤوس الآي مطلقاً، إلا إذا كان الابتداء بمطلع الآية التالية غير جائز، لإيهامه معنى غير مراد قطعاً، فلو وقف بقصد الإتيان بالسنة جاز، ثم يبدأ بوصلها بما بعدها ليتم المعنى المراد. س83: ... ما المذهب الراجح في الوقف الحسن عند رأس الآية من قوله تعالى: [المَاعون: 4] {فَوَيْلٌ لِلْمُصَلِّينَ *} ؟ ج83: كما سبق بيانه، فإن هذا الوقف مع كونه عند رأس آية، فإنه يُوهِم غير المعنى المراد قطعاً، الجزء: 1 ¦ الصفحة: 128 فكأن المصلِّين متوعَّدون بالويل، لذلك رأى محققو هذا العلم - منهم ابنُ الجزريِّ رحمه الله - عدمَ جواز الوقف في هذا الموضع، والله أعلم. س84: ... عرفنا - فيما سبق - الوقف الاختياري، وأنواعه، وأمثلة كل منها، فهلاّ بينتَ لنا معنى الوقف القبيح، وأنواعه، ومثلتَ لكل منها؟ ج84: الوقف القبيح هو الوقف على كلام لم يتمّ معناه، أو أوهم الوقفُ عنده معنىً غير مراد قطعًا. فيكون بذلك على نوعين: 1 - الوقف على كلام غير مفيد لمعنىً. 2 - والوقف على كلام مفيد لمعنىً، إلا أنه غير المعنى المراد قطعاً. ومثال النوع الأول: الوقف على [الفَاتِحَة: 1] {بِسْمِ} من قوله تعالى: [الفاتحة: 1] {بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَانِ الرَّحِيمِ} فإنه لم يُفِد معنىً، لأنه لا يُعلم إلى أي شيء أضيف. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 129 ومثال النوع الثاني: الوقف على [سَبَإ: 28] {أَرْسَلْنَاكَ} من قوله تعالى: [سَبَإ: 28] {وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلاَّ كَافَّةً لِلنَّاسِ بَشِيرًا وَنَذِيرًا وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لاَ يَعْلَمُونَ *} . فإن الوقف هنا أفاد نفي الرسالة لا إثبات عمومها للناس. س85: ... ما حكم الوقف على ما لا يؤدي معنىً، وعلى ما يؤدي معنىً غير صحيح؟ ج85: هذا الوقف غير جائز، إن لم يؤدّ معنىً، وهو غير جائز قبيح، إن أدى معنىً غير مراد، أما لو أدى معنىً مخالفاً لما أراده الله سبحانه كالوقف عند الصلاة، من قوله تعالى: [النِّسَاء: 43] {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لاَ تَقْرَبُوا الصَّلاَةَ وَأَنْتُمْ سُكَارَى} . أو أدى معنىً لا يليق بالله سبحانه، كالوقف عند يستحيي، من قوله تعالى: [البَقَرَة: 26] {إِنَّ اللَّهَ لاَ يَسْتَحْيِي أَنْ يَضْرِبَ مَثَلاً مَا بَعُوضَةً فَمَا فَوْقَهَا} . فهذا الوقف غير جائز، وهو الوقف الأقبح. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 130 فائدة: في ذكر كلمات لا يجوز الوقف عليها. [البَقَرَة: 17] {ذَهَبَ اللَّهُ} ، [البَقَرَة: 25] {جَنَّاتٍ تَجْرِي} ، [البَقَرَة: 258] {فَبُهِتَ الَّذِي كَفَرَ وَاللَّهُ} ، [البَقَرَة: 286] {وَلاَ تَحْمِلْ عَلَيْنَا إِصْرًا كَمَا حَمَلْتَهُ} ، [البَقَرَة: 286] {وَارْحَمْنَا أَنْتَ} ، وهذا وقف فيه تعسف، [التّوبَة: 80] {فَلَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ} ، [الإنسَان: 31] {يُدْخِلُ مَنْ يَشَاءُ فِي رَحْمَتِهِ وَالظَّالِمِينَ} ، [آل عِمرَان: 181] {إِنَّ اللَّهَ فَقِيرٌ} ، [النِّسَاء: 11] {فَلَهَا النِّصْفُ وَلأَِبَوَيْهِ} ، [المَائدة: 54] {فَسَوْفَ يَأْتِي اللَّهُ} ، [الأعرَاف: 178] {مَنْ يَهْدِ اللَّهُ فَهُوَ الْمُهْتَدِي وَمَنْ يُضْلِلْ} ، [القَصَص: 33-34] {قَالَ رَبِّ إِنِّي قَتَلْتُ مِنْهُمْ نَفْسًا فَأَخَافُ أَنْ يَقْتُلُونِ *وَأَخِي هَارُونُ هُوَ أَفْصَحُ مِنِّي لِسَاناً فَأَرْسِلْهُ مَعِي رِدْءًا يُصَدِّقُنِي إِنِّي أَخَافُ أَنْ يُكَذِّبُونِ *} ، [فَاطِر: 7] {الَّذِينَ كَفَرُوا لَهُمْ عَذَابٌ شَدِيدٌ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ} ، [النّحل: 60] {لِلَّذِينَ لاَ يؤْمِنُونَ بِالآخِرَةِ مَثَلُ السَّوْءِ وَلِلَّهِ} ، [يُوسُف: 17] {إِنَّا ذَهَبْنَا نَسْتَبِقُ وَتَرَكْنَا يُوسُفَ عِنْدَ مَتَاعِنَا فَأَكَلَهُ} . هذا قليل من كثير قد يقع فيه بعض من يتلو القرآن، من المتعلمين أو غيرهم، فاقتضى التنبيه عليه. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 131 س86: ... هل الكلام في جواز الوقف، وعدم جوازه، وقبحه ونحو ذلك محمول على الوقف الاختياريّ أم الاضطراريّ؟ ج86: لا شك بأن هذه الأحكام جميعها تجري على من اختار الوقف، لا على من اضطر إليه، فلو اضطر القارئ للوقف لانقطاع نَفَسٍ مثلاً، فإنه لا يؤاخذ في ذلك، لكنه يعيد الكلمة الموقوف عليها، أو قبلها، ليتم المعنى المراد، والله أعلم. س87: ... اذكر ما تعرفه عن علامات الوقف المثبتة في المصحف الشريف وبيّن معنى كل منها. ج87: للوقف ست علامات، قد مرّ ذكر أغلبها، وهي كالآتي: [م] : وهي علامة الوقف الاختياريّ الجائز التامّ اللازم. [لا] : وهي علامة الوقف الاختياري الجائز الحسن الجزء: 1 ¦ الصفحة: 132 [عند الاضطرار] ، وهي كذلك علامة الوقف الممنوع (غير الجائز) [عند الاختيار] ، وهي في الحالتين دالّة على عدم جواز الابتداء بما بعدها. [ج] : وهي علامة الوقف الاختياريّ الكافي، الجائز جوازاً مستوي الطرفين، أي يستوي فيه جواز الوقف وجواز الوصل. [صلى] : وهي علامة الوقف الاختياريّ الكافي، الجائز فيه الوقف والوصل، إلا أن الوصل أولى. [قلى] : وهي علامة الوقف الاختياريّ التامّ المطلق، الجائز فيه الوقف والوصل، لكن الوقف أولى. ? وهي علامة الوقف الاختياريّ الجائز المتعانق، ومعنى المتعانق: جواز الوقف بأحد الموضعين، وليس في كليهما. وللقارئ وصلهما معاً من غير وقف على أحدهما. ومثاله: [البَقَرَة: 2] {ذَلِكَ الْكِتَابُ لاَ رَيْبَ فِيهِ هُدَىً لِلْمُتَّقِينَ *} . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 133 س88: ... هل هناك علامات اصطلاحية أخرى للوقف أثبتت في المصحف الشريف؟ ج88: نعم قد تجد اختلافاً في وضع علامات الوقف الاصطلاحية، ففي المصحف المطبوع برواية قالون عن نافع مثلاً، تجد علامة (م) للوقف التام، وعلامة (ك) للوقف الكافي، وعلامة (ح) للوقف الحسن، مما يدلّ على أن الأمر اصطلاحي بين أهل الأداء (33) . فائدة: ثمة رسالة لطيفة جمعت أكثر رموز الوقف، وهي مسماة: «كنوز ألطاف البرهان في رموز أوقاف القرآن» ، للشيخ محمد صادق الهندي، إلا أن لجنة مختارة في مصر سنة 1342هـ، اختارت ستاً من هذه العلامات قد سبق ذكرها (34) . س89: ... يتكلّف بعض القارئين الوقفَ عند مواضع يختارونها، متأوِّلين تمام المعنى المقصود، فما حكم ذلك؟ مع التمثيل لما تقول.   (33) انظر: حق التلاوة؛ حسني شيخ عثمان؛ ص (113) . (34) انظر: فن التجويد، إعداد عِزة عُبيد دعّاس، ص (100) . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 134 ج89: هذا الوقف يسمّى: وقف التعسّف، لأن القارئ تكلّف وتعسّف الوقوف، متوهِّماً أن هناك معنى خَفِيَ على غيره، ثم ظهر له، وقد منع أهل التجويد هذا الوقف، وألحقوه بأنواع الوقف غير الجائز، سدًا للتأويلات المتوهَّمة، وصونًا للتلاوة عن التكلُّف بها. ومثاله: [لقمَان: 13] {وَإِذْ قَالَ لُقْمَانُ لاِبْنِهِ وَهُوَ يَعِظُهُ يَابُنَيَّ لاَ تُشْرِكْ بِاللَّهِ إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ *} . فقد توهّم القارئ أن النهي عن الشرك بالله قد انتهى عند قوله: [لقمَان: 13] {إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ} هي جواب القسم، وهذا توهم باطل، والوقف - كما سبق - غير جائز. والأمثلة عليه تكثر بكثرة توهّم بعض أهل الأهواء وتكلّفهم. س90: ... عرّف السكت، وبيّن المواضع التي يقرأ فيها حفص بالسكت، من طريق الشاطبية. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 135 ج90: السكت: هو قطع الصوت عن القراءة زمناً يسيراً، أقل من زمن الوقف المعتاد - الذي هو مقدار حركتين - وذلك من غير تنفس، ثم متابعة القراءة. وقد قرأ حفص بالسكت وجوباً في مواضع أربعة، تجد عندها علامة سكتة لطيفة [س] ، وهي: - السكت على ألف [الكهف: 1] {عِوَجًا} . - وعلى ألف [يس: 52] {مَرْقَدِنَا} . - وعلى نون [القِيَامَة: 27] {مَنْ رَاقٍ *} . - وعلى لام [المطفّفِين: 14] {بَلْ رَانَ} . وقرأ حفص بالسكت جوازاً بوجهٍ بين الأنفال وبراءة [الأنفال: 75 - التّوبَة: 1] {بَرَاءَةٌ} كما سكَتَ جوازاً بوجه على هاء [الحَاقَّة: 28-29] { ... مَالِيَهْ * هَلَكَ *} والله أعلم. س91: ... عرّف الابتداء، واذكر أنواعه، مع التمثيل لما تقول. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 136 ج91: الابتداء: هو الشروع الاختياري في القراءة بعد قطعها، أو الوقف بها. ... وللابتداء نوعان إجمالاً هما: 1- ... الابتداء الجائز، وهو: الابتداء بكلام مستقل في المعنى عما سبقه. ويمكن تقسيمه كأقسام الوقف الجائز، فيقال: ابتداء جائز تام، وابتداء جائز كاف، وابتداء جائز حسن. ... وأمثلة ذلك على الترتيب: البدء بقوله تعالى: [البَقَرَة: 8] {وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَقُولُ آمَنَّا بِاللَّهِ وَبِالْيَوْمِ الآخِرِ وَمَا هُمْ بِمُؤْمِنِينَ *} . وهو ابتداء جائز تام. والبدء بقوله تعالى: [البَقَرَة: 7] {خَتَمَ اللَّهُ عَلَى قُلُوبِهِمْ وَعَلَى سَمْعِهِمْ وَعَلَى أَبْصَارِهِمْ غِشَاوَةٌ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ *} . وهو ابتداء جائز كاف. والبدء بقوله تعالى: [البَقَرَة: 8] { ... مَنْ يَقُولُ آمَنَّا بِاللَّهِ وَبِالْيَوْمِ الآخِرِ وَمَا هُمْ بِمُؤْمِنِينَ} وهو ابتداء جائز حسن. 2- ... الابتداء غير الجائز، وهو الابتداء بكلام لا يؤدي الجزء: 1 ¦ الصفحة: 137 معنىً أو يفسده، أو يؤدي معنىً غير ما أراده الله تعالى، أو يقرّر معنىً يخالف العقيدة. فهذه ثلاثة أقسام أيضاً، تُناظِر أقسام الوقف غير الجائز. - فقسمٌ ابتداء غير جائز. - وقسم ابتداء غير جائز قبيح. - وقسم ابتداء غير جائز أقبح. وبين يديك أمثله توضح كل قسم: - ... [المَسَد: 1] {أَبِي لَهَبٍ وَتَبَّ} فهذا لا يؤدي معنى إلا إذا ارتبط بما قبله. ويسمى ابتداء غير جائز. - ... [المَائدة: 116] {بِحَقٍّ إِنْ كُنْتُ قُلْتُهُ فَقَدْ عَلِمْتَهُ} . وهذا أدى معنى غير ما أراده الله تعالى ويسمى ابتداءً غير جائز قبيح. - ... [البَقَرَة: 116] {اتَّخَذَ اللَّهُ وَلَدًا} وهذا قرر معنى يخالف العقيدة، ويسمى ابتداءً غير جائز أقبح. فائدة: ومن أمثلة الابتداء غير الجائز الأقبح، التي الجزء: 1 ¦ الصفحة: 138 يتعين اجتنابها: - ... [آل عِمرَان: 181] {إِنَّ اللَّهَ فَقِيرٌ} . - ... [المَائدة: 17] {إِنَّ اللَّهَ هُوَ الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ} . - ... [الأنعَام: 56] {قَدْ ضَلَلْتُ إِذًا وَمَا أَنَا مِنَ الْمُهْتَدِينَ} . - ... [الأنبيَاء: 29] {إِنِّي إِلَهٌ مِنْ دُونِهِ} . - ... [المُمتَحنَة: 1] {وَإِيَّاكُمْ أَنْ تُؤْمِنُوا بِاللَّهِ رَبِّكُمْ} . س92: ... ما حكم من توقف توقفاً غير جائز؟ ج92: من فعل ذلك، وقد اضطُّر إليه لانقطاع نفس، فعليه أن يرجع حتى يصل أول الكلام بآخره، أما من تعمَّد الوقف على معنى يخالف العقيدة معانداً في ذلك، فقد كفر - والعياذ بالله - حتى وإن لم يكن اعتقاده كفراً في واقع أمره، ولكنَّ قَصْد التوقف هنا فيه تحريف للقرآن، وهذا كفر، والله أعلم (35) . س93: ... من المعلوم أن الأصل عند الوقف هو إسكان   (35) انظر: حق التلاوة؛ حسني شيخ عثمان، ص (108) . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 139 الحرف الموقوف عليه، فهل يوقف على الحرف بغير الإسكان؟ ج93: نعم، إن إسكان الحرف الموقوف عليه هو الأصل عند الوقف، إلا أنه قد يوقف على الحرف بما يسمّى الإشمام والرَّوْم. س94: ... وضّح معنى كلٍّ من (الإشمام) و (الرَّوْم) ، ومثل لكل منهما. ج94: الإشمام: هو ضم الشفتين بُعَيْدَ تسكين الحرف ليكون في هيئة النطق بالضمة، ولكن من غير صوت أبداً، ويكون في المضموم فقط. ومثاله: أن تقف بالإسكان عند حرف النون المضموم من قوله تعالى: [الفَاتِحَة: 5] {إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ *} ، فبعد أن تقف بالإسكان - وهو إسكان عارض -، تضم الشفتين من غير صوت، كما لو أنك تنطق بالضمة، فيدرك ذلك البصير ولو كان به صمم (لا يسمع) . وهناك موضع واحد يجب فيه الإشمام عند حفص، الجزء: 1 ¦ الصفحة: 140 وهو [يُوسُف: 11] {تَأْمَنَّا} ، حيث يشمّ النون، لأن أصلها (تأمنُنَا) فُتشمَّ بضم الشفتين كما لو أنك تنطق بالضمة، تمييزاً لها من الجزم إلى الرفع. أما الرَّوم: فهو إسماع القريب المُصغِي لقراءتك حركةَ الحرف الموقوف عليه بالإسكان، ويكون في المضموم والمكسور، بحيث تُسمِعُه بعض الحركة المُفترَض النطق بها عند الوصل، وذلك بصوت خفيف جداً. ومثاله: أن تقف عند النون المضمومة من قوله تعالى: [الفَاتِحَة: 5] {نَسْتَعِينُ} بضمّة خفيفة، وكأنها بمقدار ثلث ضمّة بصوت منخفض، يسمعه القريب المصغي ولو كان أعمى، ولا يدركه الأصمّ أبداً، ولو كان بصيراً. ومثال الرَّوْم أيضاً: أن تقف عند الميم المكسورة [الفَاتِحَة: 1] {الرَّحِيمِ} ، فتأتي بثلث حركة الكسر بصوت خفيف. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 141 ويشار هنا إلى أن الرَّوْم يشبه الوصل، فلا يصح أن تُوَسِّطَ أو تَمُدَّ المدَّ العارض للسكون عند إرادتك الرَّوْم، بل يتعيّن عليك وجه القصر، فقط. وحكم الرَّوْم والإشمام جواز الإتيان بهما حال الوقف. س95: ... ما فائدة الرَّوْم والإشمام، مع أن الوقف بالإسكان هو الأصل؟ ج95: فائدة الرَّوْم والإشمام، هو بيان الحركة الأصلية التي تثبت في الوصل للحرف الموقوف عليه، وذلك لتظهر للسامع في حال الرَّوْم، وللبصير في حال الإشمام. هذا فضلاً عن تلقي أهل الأداء لهما بالرواية، فليحرص طالب هذا العلم على تلقي ذلك والدِّرْبة عليه؛ حيث إنه لا يُحكِم الرَّوْمَ والإشمامَ ويضبطُهما إلا المتلقّي من أفواه الشيوخ المَهَرَة المتقنين. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 142 س96: ... ثمة كلمات ينبغي للقارئ التنبّه عند قراءتها، يختبر بها أهل الأداء طلابهم لمعرفة إتقانهم ذلك، فهلاّ ذكرتَ لنا بعضًا منها، وبينتَ كيفية قراءتها؟ ج96: نعم، هذه الكلمات هي التي يجوز بها وجهان عند التلاوة برواية حفص - في بعض الطرق إليه رحمه الله - ومن هذه الكلمات التي لا يسع متعلّم التجويد الجهل بها: - كلمتا [الرُّوم: 54] {ضَعْفًا} . فإنهما تقرآن بفتح الضاد، وبضمّها، في الموضعين، إلا أن الفتح هو الأشهر. -[النَّمل: 36] {آتَانِيَ} . فإنها تُقرأ - كما سبق في مبحث ياءات الزوائد - بإثبات الياء مفتوحة وصلاً، وعند الوقف تقرأ بوجهين: - إثبات الياء ساكنة: [آتانيْ] . - أو حذف الياء، مع إسكان النون: [آتانْ] . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 143 -[الحُجرَات: 11] {بِئْسَ الإِسْمُ الْفُسُوقُ} . فإنك لو بدأت بكلمة (الاسم) ، فلك أن تقرأها بوجهين، هكذا: [اَلِسْمُ] أو [لِسْمُ] . -[آل عِمرَان: 1-2] {الم *اللَّهُ لاَ إِلَهَ إِلاَّ هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ *} يجوز قراءتها عند وصلها بلفظ الجلالة بعدها هكذا: -[ميمَ اللهُ] ، مع مدّ ميم ست حركات. وهذا الوجه هو المقدَّم في الأداء. - أو [ميمَ اللهُ] ، مع قصر ميم حركتين. -[الشُّعَرَاء: 63] {فِرْقٍ} . لك أن تقرأها بتفخيم الراء، أو بترقيقها. -[الطُّور: 37] {الْمُسْيطِرُونَ} . يجوز فيها وجهان: - {المُسَيْطِرُونَ} ... - أو {المُصَيْطِرُونَ} . وجميع ما ذُكِرَ آنفًا هو في بعض الطرق عن حفص بروايته عن عاصم رحمهما الله. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 144 س97: ... سبق أن عرفت أن في المدّ المنفصل - برواية حفص - وجهان: القصر والمدّ، فهلاّ فصلت ذلك؟ ج97: قبل الإجابة عن هذا السؤال أحبّ أن أقرّر مسلَّمات في قراءة المنفصل، ثم أبيّن - إن شاء الله - الوجهين الواردَيْن عن حفص فيه. أولاً: المدّ المنفصل مدّ جائز - كما سبق - أما المتصل فهو واجب، لذا تعيّن: إما التسوية بينهما، أو زيادة المتصل على المنفصل، أما زيادة المنفصل على المتصل فلا يقرأ بها. ثانياً: إذا سار القارئ على قصر المنفصل أو على مدّه أربعاً أو خمساً، فإنه ينبغي له الاستمرار على ذلك المنوال، كما بدأ به، ولا يغيره حتى يفرغ من قراءته. آتي بعد ذلك إلى إثبات أن المدّ المنفصل عند حفص تناقله الرواة عنه من طريقين: الأول: «حرز الجزء: 1 ¦ الصفحة: 145 الأماني ووجه التهاني» ، وهي المسماة بالشاطبية، والثاني: «طيبة النشر» ، لابن الجزري وهي المسماة بالطيبة، وجاء من طريق «الشاطبية» التوسُّط في المنفصل، وكذلك المتصل أي مده أربع حركات، وجاء من طريق «الطيبة» القصر والتوسط في المنفصل، مع التوسط في المتصل. س98: ... بعد أن عرفت جواز قصر المنفصل برواية حفص عن عاصم من طريق «طيبة النشر» لابن الجزري، فهل يصح لكل قارئ أن يقصر المنفصل اتباعاً لهذه الرواية؟ فصّل القول. ج98: إن من تلقى علم التجويد، بالأخذ الصحيح عن أهل الأداء وأفواه الشيوخ، له أن يقصر المنفصل ويوسِّطَ المتصل، لكن يلزمه التقيد عندها بكل ما جاء من طريق «الطيبة» من أحكام متعلقه برواية حفص في قصر المنفصل، وهي عديدة، سأذكر بعضها، وسأُلحِق في ختام إجابتي عن هذا السؤال المهم، قصيدةً رائية، الجزء: 1 ¦ الصفحة: 146 لفضيلة الشيخ إبراهيم شحاتة السمنُّودي (36) ، نظمها - جزاه الله خيراً - مختصًا بها ما يلزم القارئَ من أحكام، عند اختياره قصر المنفصل لحفص من طريق «الطيبة» ؛ ومن ذلك: 1 - وجوب الإتيان بالبسملة، في أول السورة، وكذلك في أجزائها. 2 - ترك السكت في المواضع الأربعة: ... [المطفّفِين: 14] {بَلْ رَانَ} [القِيَامَة: 27] {مَنْ رَاقٍ *} [يس: 52] {مَرْقَدِنَا هَذَا} [الكهف: 1] {لَهُ عِوَجًا} . 3 - الاقتصار على وجه حذف الياء، مع إسكان النون، عند الوقف في [النَّمل: 36] {آتَانِيَ} . 4 - القراءة بوجه السين فقط في [الطُّور: 37] {الْمُسْيطِرُونَ} . 5 - وجوب إدغام الثاء بالذال في [الأعرَاف: 176] {يَلْهَثْ ذَلِكَ} . ... وهكذا، لو أنك أردت قصر المنفصل، برواية حفصٍ من طريق «طيبة النشر» (37) ؛ فإن الأحكام   (36) سبقت ترجمة للشيخ بالهامش ذي الرقم (25) . (37) ما يجدر ذكرُه هنا: أن رواية حفصٍ من طريق «الطيبة» ، قد تضمَّنَتْها كتب عديدة، من أهمها: - «المصباح» في القراءات العشر لأبي الكرم المبارك الشَّهْرَزُوري البغدادي. - «الكامل» في القراءات العشر والأربع الزائدة عليها، لأبي القاسم يوسف الهُذَلي المغربي. - «الروضة» ، لأبي إسماعيل موسى بن حسين المعدِّل، وهي المشتهرة بروضة المعدِّل أو الروضة الفيحاء، كما تجده في البيت الرابع من القصيدة المذكورة. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 147 المترتبة على ذلك كثيرة، أترك لأخي القارئ استخراجها من هذه القصيدة الغرَّاء والمسماة «أبيات قصر المنفصل» ، لفضيلة الشيخ إبراهيم بن شحاته السمنُّودي جزاه الله خيراً: لك الحمدُ يامولايَ في السرِّ والجهر ... ... ... ... ... على نعمةِ القرآنِ يسَّرْتَ للذِّكْرِ وظلَّ هُدىً للناسِ مِنْ كلِّ ظُلمةٍ ... ... ... ... ... ... دلائلُهُ غُرٌّ وساميةُ القَدْرِ وصلَّيْتُ تعظيماً وسلَّمْتُ سَرْمداً ... ... ... ... ... على المصطفى والآلِ مع صَحْبِهِ الزُّهْرِ وبعدُ فهذا ما رواه مُعدِّلٌ ... ... ... ... ... ... بَرْوضَتِهِ الفيحاءَ مِنْ طيِّبِ النَّشْرِ بإسنادِهِ عن حفصٍ الحَبْرِ مَنْ تلا ... ... ... ... ... ... على عاصمٍ وهو المُكَنىَّ أبا بَكْرِ ففي البَدْءِ بالأجزاءِ ليس مخيَّراً ... ... ... ... ... ... لبسملةٍ بل للتبرُّكِ مُسْتَقْرِي الجزء: 1 ¦ الصفحة: 148 ومتَّصلاً وَسِّطْ وما انفصلَ اقْصُرَنْ ... ... ... ... ... ... ولا سكتَ قبلَ الهمزِ مِنْ طُرُقِ القَصْرِ وما مَدَّ للتعظيمِ منها ولم يِجئْ ... ... ... ... ... ... بها وجهُ تكبيرٍ ولاغنةٌ تَسْرِي وفي موضِعَيْءَالانَ ءالذَّكَرَيْنِ مَعْ ... ... ... ... ... ... ءَأللهُ أَبْدِلْهِا مع المدِّ ذي الوَفْرِ وأشمِمْ بتأمنَّا ويلهثْ فأَدْغِمَنْ ... ... ... ... ... ... معَ اركبْ ونخلقُكُم أَتِمَّ ولا تُزْرِي وبل رَّان مَن رَّاقٍ ومرقَدِنا كذا ... ... ... ... ... ... له عِوَجاً لا سَكْتَ في الأربعِ الغُرِّ وبالقَصْرِ قُلْ في عَيْنِ شُورى ومريمٍ ... ... ... ... ... ... وفخِّمْ بفِرْقٍ وَهْوَ في آيةِ البَحْرِ وآتانِ نملٍ فاحذفِ الياءَ واقفاً ... ... ... ... ... ... كذا الألفَ احذفْ من سلاسلَ في الدَّهْرِ وبالسينِ لا بالصادِ قُلْ أَمْ هُمُ ... ... ... ... ... ... المُصَيْطِرونَ وبالوجهَيْن في فَردِهِ النُّكْرِ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 149 وفي يبصُطُ الأُولى وفي الخلقِ بصطةً ... ... ... ... ... ... وَيَس نُوْنٍ ضَعْفَ رُوْمٍ كذا أَجْرِ ولكنْ معَ الإظهارِ صادُ مصيطر ... ... ... ... ... ... وفي بصطةً سينٌ كذا يبصُطُ البِكْرُ وفتحٌ لدى ضُعْفٍ عن الفيلِ واردٌ ... ... ... ... ... وبالعكس عن زَرْعانَ والكلُّ عن عمرِو وأُهدِي صلاتي في الختام مُسلِّماً ... ... ... ... ... على خاتَمِ الرُّسْلِ الهُداةِ إلى البِرّ وآلٍ وصَحْبٍ كلّما قال قائلٌ ... ... ... ... ... ... لك الحمدُ يامولايَ في السرّ والجهرِ تمّت بحمد الله تعالى، وأبياتها تسعة عشر، ... جزى الله ناظمها كل خير. س99: ... ما المقصود بالتكبير في مصطلح علماء التجويد (38) ، فصّل ما تقول.   (38) يلحظ هنا أن التكبير لم يرد عن حفص من طريق الشاطبية، بل من طريق «الطيبة» لابن الجزري، وقد ذكرتُه خلافًا لما التزمته في الكتاب، وذلك بقصد مزيد نفعٍ للقارئ. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 150 ج99: التكبير: هو قول القارئ: (الله أكبر) ، والذي ذاع عند علماء القراءة أن يكون التكبير من غير زيادة تهليل: (لا إله إلا الله) قبله، ولا تحميد: (ولله الحمد) بعده، مع جواز الإتيان بهما عند البعض. فإذا دنا القارئ من ختم القرآن، وذلك عند بلوغه آخر سورة (الضحى) ، فإنه يفصل بين السور بالتكبير، ثم يُتْبِعُه بالبسملة، وهكذا إلى أن يختم بسورة الناس، فإذا شاء الشروع بختم آخر، فإنه يكبِّر في آخر الناس ثم يشرع بالفاتحة، فإذا ختمها فلا يكبِّر قبل سورة البقرة، بل يبسمل فقط ويتابع القراءة إلى قوله تعالى: [البقرة: 5] {وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ} . والحكمة في مشروعية التكبير هي تعظيم الله تعالى، والمبالغة في شكره، وإظهار ابتهاج القارئ بقرب ختم القرآن. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 151 وقد جاء ذلك مُسلسَلاً بالرواية عن القرّاء المكيِّين، والمقصود بهم: الإمام عبد الله بن كثير من القراء السبعة، وعنه: أحمد البزِّي، ومحمد المكِّي الملقَّب بقُنْبُل، بل إن الإمام ابن الجزريِّ رحمه الله، قد ذكر وروده عن سائر القرّاء (39) . وسبب ورود التكبير: أن الوحي لما تأخر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وآذى المشركون رسول الله صلى الله عليه وسلم بقولهم: قد ودّعه ربه وقلاه، ثم أنعم الله على نبيِّه صلى الله عليه وسلم فأنزل عليه سورة الضحى، فلما فرغ جبريل عليه السلام من قراءتها، كبّر رسول الله صلى الله عليه وسلم شكراً لله على ما أولاه من نزول الوحي بعد انقطاعه، ثم أمر صلى الله عليه وسلم بالتكبير عند ختام كل سورة بعدها حتى يختم القارئ، والله أعلم. وللتكبير عند أواخر سور الختم ثمانية أوجه، أقتصر على ذكر ثلاثة منها: 1 - الوقف عند ختام السورة، ثم وصل التكبير بالبسملة بأول السورة التالية، هكذا:   (39) انظر: النشر في القراءات العشر، لابن الجزري (2/306) . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 152 .. [الشَّرح: 1] {أَلَمْ نَشْرَحْ لَكَ صَدْرَكَ *} . 2 - الوقف عند التكبير، ثم وصل البسملة بأول السورة التالية، هكذا اللهُ أكبرْ / بِسْمِ اللهَِّ الرَّحمَْنِ الرَّحِيمِ [الشَّرح: 1] {أَلَمْ نَشْرَحْ لَكَ صَدْرَكَ *} . 3 - وصل الكُلِّ، أي آخر السورة بالتكبير بالبسملة بأول السورة التالية، هكذا: [البَيّنَة: 1] {لَمْ يَكُنِ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ وَالْمُشْرِكِينَ مُنْفَكِّينَ حَتَّى تَأْتِيَهُمُ الْبَيِّنَةُ *} . ولا بد للقارئ أن يتنبّه - في المثال الأخير ونحوه - إلى ترقيق اللام من لفظ الجلالة في عبارة (الله أكبر) عند قراءته بوصل التكبير بآخر السورة، وذلك لوقوع الكسر قبلها. وبالإجمال فإن أوجه قراءة التكبير من حيث الوقف الجزء: 1 ¦ الصفحة: 153 والوصل ثمانية - كما سبق - سبعة وجوه منها جائزة، ويمتنع وجه واحد، وهو: (وصل التكبير بالسورة قبله وبالبسملة بعده، ثم الوقوف على البسملة، ثم الابتداء بالسورة) ، مما يوهم أن البسملة ختام للسورة، في حين أنها جُعِلَتْ لافتتاح السورة إجماعاً. س100: اذكر فكرة مُيسَّرة موجزة عن علم الرسم في المصحف الإمام، مع التمثيل لما تقول. ج100: علم الرسم: هو علم يُبحث فيه كيفيةُ كتابة الألفاظ القرآنية، بقواعد: الحذف والزيادة، وقواعد كتابة الهمز، والإبدال للألفات، ونونَيِ التوكيد، وإِذَن، وتاء التأنيث المربوطة والمبسوطة. وقواعد الوصل والفصل، وما فيه قراءتان يُكتب على إحداهما. ولا ريب بأن هذا العلم الجليل - بتفصيله - أهلٌ لأن يُفرَد بمصنَّف مختصٍّ به، إلا أنني آثرت إدراج نبذة منه، لمناسبة ذلك لبيان الترتيل، ومن أجل أن يراعيَ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 154 القارئ رسمَ المصحف، وبخاصة عند الوقف والوصل، ويمكن ذِكْر قواعد هذا الرسم مُيسَّرة كما يأتي: أ - الحذف والإثبات: (1) ... إذا كان الموقوف عليه ألِفاً، فإن أُثبتَتْ في رسم المصحف نحو [الأعرَاف: 22] {ذَاقَا الشَّجَرَةَ} [النَّمل: 15] {وَقَالاَ الْحَمْدُ لِلَّهِ} فإنك تقف بإثبات الألف. وأما إن لم تثبت الألِف في الرسم، نحو: [النُّور: 31] {أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ} [الزّخرُف: 49] {يَاأَيُّهَا السَّاحِرُ} [الرَّحمن: 31] {أَيُّهَا الثَّقَلاَنِ} فإنك تقف بحذف الألف، مراعاة للرسم. ويستثنى من ذلك ما يأتي: * ألف (ثمودا) فإنها، وإن أُثبتَتْ في الرسم، فهي تحذف وصلاً ووقفاً، وذلك في أربعة مواضع: 1 - ... [هُود: 68] {أَلاَ إِنَّ ثَمُودَ كَفَرُوا رَبَّهُمْ أَلاَ بُعْدًا لِثَمُودَ} . 2 - ... [العَنكبوت: 38] {وَعَادًا وَثَمُودَ وَقَدْ تَبَيَّنَ لَكُمْ} . 3 - ... [الفُرقان: 38] {وَعَادًا وَثَمُودَ وَأَصْحَابَ الرَّسِّ} . 4 - ... [النّجْم: 51] {وَثَمُودَ فَمَا أَبْقَى *} . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 155 .. أما العلة في إثباتها في الرسم، فهي احتمال قراءتها بالتنوين وصلاً، إلا أنها برواية حفص تُقرأ محذوفة الألف، وصلاً ووقفاً. * ألِف {قَوَارِيرَا} [الإنسَان: 16] في الموضع الثاني من سورة الإنسان، في قوله تعالى: [الإنسَان: 15-16] {وَيُطَافُ عَلَيْهِمْ بِآنِيَةٍ مِنْ فِضَّةٍ وَأَكْوَابٍ كَانَتْ قَوَارِيرَا *قَوَارِيرَا مِنْ فِضَّةٍ قَدَّرُوهَا تَقْدِيرًا *} ، فإنها وإن أثبتت في الرسم فهي تحذف وقفاً ووصلاً. (2) ... ومن قواعد الحذف والإثبات أيضًا: أن الموقوف عليه إذا كان كلمة قد حذفت ياؤها في الرسم لغير علة، نحو [المَائدة: 44] {وَاخْشَوْنِ} ، ونحو [طه: 74] {يَأْتِ} ، وهي عديدة في المصحف تصل إلى ست وعشرين كلمة، فإنك تحذف الياء وصلاً ووقفاً مراعاةً للرسم. (3) ... كذلك إذا كان الموقوف عليه كلمة قد حذفت منها الواو في الرسم لغير علة، نحو [الإسرَاء: الجزء: 1 ¦ الصفحة: 156 11] {وَيَدْعُ} ، [الشّورى: 24] {وَيَمْحُو} ، [العَلق: 18] {سَنَدْعُ} ، فإنك تحذف الواو وقفاً ووصلاً، وذلك تبعاً لحذفها في الرسم. ب- إبدال تاء التأنيث المربوطة - اللاحقة بالاسم - تاءً مبسوطة. ... نحو «رحمت» ، في سبعة مواضع، منها: [البَقَرَة: 218] {يَرْجُونَ رَحْمَةَ اللَّهِ} . ... ونحو: «نِعْمت» في أحد عشر موضعاً، منها: [البَقَرَة: 231] {وَاذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ} . ... ونحو «سُنَّت» في خمسة مواضع، منها: [الأنفَال: 38] {فَقَدْ مَضَتْ سُنَّةُ الأَوَّلِينَ} . ... ونحو «امرأت» في سبعة مواضع، منها: [آل عِمرَان: 35] {إِذْ قَالَتِ امْرَأَةُ عِمْرَانَ} . ... ونحو «مرضات» حيثما جاءت، ومنها: [البَقَرَة: 207] {وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْرِي نَفْسَهُ ابْتِغَاءَ مَرْضَاةِ اللَّهِ وَاللَّهُ رَؤُوفٌ بِالْعِبَادِ *} . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 157 .. ونحو «لَعْنت» في موضعين، ذُكِر مع كلٍّ منهما لفظ الكذب، هما: [آل عِمرَان: 61] {فَنَجْعَلْ لَعْنَةَ اللَّهِ عَلَى الْكَاذِبِينَ} و [النُّور: 7] {أَنَّ لَعْنَةَ اللَّهِ عَلَيْهِ إِنْ كَانَ مِنَ الْكَاذِبِينَ} . ونحو «معصيت» في موضعين من سورة المجادلة: [المجَادلة: 8-9] {وَمَعْصِيَةِ الرَّسُولِ} . وجميع ما ذكر آنفًا من تاء التأنيث المربوطة، اللاحقة بالاسم، والمثبتة تاءً مبسوطة، هذه جميعها تثبت فيها التاء وصلاً ووقفاً اتباعاً للرسم. هذا، وقد رُوعي في رسم المصحف - غالبًا - صلاحُ هذا الرسم لأكثر من قراءة صحيحة، فترى قولَه تعالى: ُ) ِ قد رُسِمت بإثبات ألف صغيرة - بعد الميم - لتكون صالحة لقراءتها {مَالِكِ} و {مَلِكِ} ، وقد يُغلَّب بالرسم جانب إحدى القراءات على بقيتها؛ وذلك ككتابة (الصراط) بالصاد حيثما وُجِدت، والله أعلم. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 158 أخي المحبّ لكتاب الله تعالى، بعد أن تعلمت - بفضل الله - جُلَّ أحكام تجويد القرآن، نفعك الله بذلك، فقد توجب على أمثالك الحذر الشديد من الوقوع في اللَّحْن (أي الخطأ أثناء القراءة) ، وهو قسمان: (1) ... لحن جليّ: وهو الخطأ الذي يطرأ على اللفظ، فيُخِلّ إخلالاً ظاهراً بمبنى الكلمة، سواء أخل بالمعنى أم لا. وحدّه: تغيير المبنى أو الحركة أو السكون. وسمي لحناً جلياً: لوضوحه، عند علماء القراءة وكذلك عند عامة الناس. ومثاله: حال كونه مُخِلاً بالمعنى: ضم تاء أنعمت، من قوله تعالى: [الفَاتِحَة: 7] {صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ} . ومثاله حال كونه غير مُخِلٍّ بالمعنى فتح دال الحمد، من قوله تعالى: الجزء: 1 ¦ الصفحة: 159 [الفاتحة: 2] {الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ} . (2) ... ولحن خفيّ: وهو الخطأ الذي يطرأ على اللفظ، فيخل بكمال تطبيق أحكام التجويد، وهو لا يخل بالمعنى، ولا باللغة ولا بالإعراب، ولا يميزه إلا العالِمون بالقراءة، فاللحن الخفيُّ إذًا هو: عدم إحكام التلاوة. - وسمي لحناً خفياً: لأنه خفي تمييزه عن عامة الناس، واختص ذلك بالقراء المتقنين. ومثاله: زيادة زمن الغنة عن مقدارها الأكمل، أو إثباتها فيما لا غنة فيه، أو زيادة مقدار مدِّ المنفصل على المتصل، أو إنقاص مدِّ اللازم عن ست حركات، وهكذا مما يُخِلّ بكمال ضبط التلاوة، ولا يدركه إلا المَهَرة الحُذَّاق في علم التجويد، جعلني الله وإياك منهم، آمين. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 160 الباب الثالث في بيانِ طريقٍ ميسَّرٍ لختمِ القرآن العظيم: حفظًا وتلاوةً الجزء: 1 ¦ الصفحة: 161 قال الله تعالى: [فَاطِر: 29-30] {إِنَّ الَّذِينَ يَتْلُونَ كِتَابَ اللَّهِ وَأَقَامُوا الصَّلاَةَ وَأَنْفَقُوا مِمَّا رَزَقْنَاهُمْ سِرًّا وَعَلاَنِيَةً يَرْجُونَ تِجَارَةً لَنْ تَبُورَ *لِيُوَفِّيَهُمْ أُجُورَهُمْ وَيَزِيدَهُمْ مِنْ فَضْلِهِ إِنَّهُ غَفُورٌ شَكُورٌ *} ، وقال عزَّ وجلَّ: [العَنكبوت: 49] {بَلْ هُوَ آيَاتٌ بَيِّنَاتٌ فِي صُدُورِ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ وَمَا يَجْحَدُ بِآيَاتِنَا إِلاَّ الظَّالِمُونَ *} وقال النبيُّ صلى الله عليه وسلم: «خَيْرُكُمْ مَنْ تَعَلَّمَ الْقُرْآنَ وَعَلَّمَهُ» (40) . هذه الأدلة الشرعية الكريمة دلَّتْ وأمثالُها بوضوح على أن تعلّم القرآن وتعليمه يصدُق بهما كلٌّ من تلاوته وحفظه، ولا يخفى ما في تلاوته وحفظه من التأسِّي بالنبيِّ صلى الله عليه وسلم في ذلك، ومن إسقاط الإثم عن عموم الأمة، عند من قال بأن تعلُّمَه وحفظَه واجب على الكفاية على الأمة (41) . لذلك، فقد اهتمت الأمة بتلقي القرآن تلاوة وحفظاً، وأقبلوا على تلاوته وحفظه آناء الليل وأطراف النهار، وكانت حلقات تعلمه وتعليمه   (40) تقدم تخريجه بالهامش ذي الرقم (5) . (41) من القائلين بذلك الإمام الزركشي، والجُرْجاني، وغيرهما. انظر: «البرهان في علوم القرآن» للزركشي (1/456) . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 163 أَوْلى المجالس بالاهتمام، وأكثرها إقبالاً بحمد الله. وإني أحب - في هذا المقام - إرشاد كل طالب لتعلم القرآن، إلى كيفية مقترحة لتعاهد القرآن الكريم، ليكون لنا - إن شاء الله -[أوثق شافع وأغنى غَنَاءٍ، وخير جليس لا يُمَلّ حديثه، ولنلقاه - إن شاء الله نوراً في ظلمات القبر، مُبالِغاً في طلب إرضاء من تمسك به، وطمعاً في إلباس والدينا تيجاناً ضوؤها أحسن من الشمس، ولننضم - إن شاء الله - إلى قافلة أهل الله وخاصته، وأشراف أُمَّة النبيِّ صلى الله عليه وسلم] (42) . * ... أما تعاهد القرآن الكريم تلاوة، فيمكن للمسلم أن يكون ممن [يقوم بالقرآن آناء الليل وآناء النهار] (43) . فيختم القرآن تلاوة في شهر واحد، بيسر، دون أن يشق عليه ذلك: وطريق ذلك: أن يتلو حِزْباً بالليل، وحزباً بالنهار. أما حزبه من الليل (وهو عشر صفحات بالتقريب) ، فيقسمه اثنين، الأول قبيل وبعيد صلاة المغرب،   (42) استفدت جميع هذه الفضائل للقرآن وأهله من مطلع قصيدة «حرز الأماني ووجه التهاني» للإمام الشاطبي رحمه الله. وأدلة ذلك واردة في السنة، وقد سبقت الإشارة إليها في الباب الأول. (43) جزء من حديث في الصحيحين: أخرجه البخاري؛ في كتاب فضائل القرآن، باب: اغتباط صاحب القرآن، برقم (5025) ، عن ابن عمر رضي الله عنهما. ومسلم؛ في كتاب صلاة المسافرين وقَصْرِها؛ باب فضل من يقوم بالقرآن ويعلمه، برقم (815) ، عنه أيضاً. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 164 والثاني قبيل وبعيد صلاة العشاء. وذلك تفصيلاً كما يلي: يتلو صفحة واحدة: - ... بعد ركعتي الوضوء لصلاة المغرب. - ... وبعد أداء ركعتي تحية المسجد. - ... وبعد أداء فريضة المغرب. - ... وبعد أداء سنة المغرب (البعدية) . ويتلو صفحة واحدة أيضاً: - ... بعد ركعتي الوضوء لصلاة العشاء. - ... وبعد أداء ركعتي تحية المسجد. - ... وبعد أداء سنة العشاء (القبلية) . - ... وبعد أداء فريضة العشاء. - ... وبعد أداء سنة العشاء (البعدية) . - ... وبعد أداء صلاة الوتر من ليلته، سواء قدَّمها أول الليل أو أخَّرها. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 165 وبذا، يتم له حزب وهو نصف جزء. أما في نهاره فتفصيله مشابه، وهو كما يأتي: يتلو صفحة واحدة بعد كلٍ من: - ... أداء ركعتي سُنَّة الفجر. - ... وأداء ركعتي تحية المسجد. - يتلو صفحتين بعد أداء فرض الفجر. لعموم قوله تعالى: [الإسرَاء: 78] {وَقُرْآنَ الْفَجْرِ إِنَّ قُرْآنَ الْفَجْرِ كَانَ مَشْهُودًا} . ... ثم صفحة واحدة بعد: - ... أداء سنة الضحى. - ... أداء سنة الظهر (القبلية) . - ... أداء فرض الظهر. - ... أداء سنة الظهر (البعدية) . - ... أداء تحية المسجد للعصر. - ... أداء فرض العصر. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 166 وهكذا يتم له تلاوة حزب في نهاره، كما تم له في ليله، ويتحصّل بذلك إتمام ختم تلاوة جزء في اليوم والليلة، ومن ثَمَّ ختم تلاوة القرآن الكريم في مدى شهر بيسر وسهولة، [القَمَر: 17-31-37-40] {وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْآنَ لِلذِّكْرِ فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ *} . قال القرطبي رحمه الله: (أي سهَّلناه للحفظ، وأعنّا عليه من أراد حفظه، فهل من طالب لحفظه فيُعان عليه) (44) . فلو مات العبد من ليل أو نهار، يقال له كما جاء في الحديث: «اقْرَأْ وَارْتَقِ وَرَتِّلْ كَمَا كُنْتَ تُرَتِّلُ فِي الدُّنْيَا، فَإِنَّ مَنْزِلَتَكَ عِنْدَ آخِرِ آيَةٍ تَقْرَؤُهَا» (45) . وإذا شئت أخي القارئ أن تختم بأقل من شهر -على ألاّ تختم بأقلَّ من ثلاثة أيام - فإنك تضاعف ما تقرأ فتجعل بدلاً عن الصفحة صفحتين أو أكثر، «فَمَنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ السَّعَادَةِ فَسَيَصِيرُ إِلَى عَمَلِ أَهْلِ السَّعَادَةِ» (46) .   (44) انظر: الجامع لأحكام القرآن للإمام القرطبي (17/134) . (45) تقدم تخريجه بالهامش ذي الرقم (10) . (46) جزء من حديث أخرجه البخاري؛ كتاب: الجنائز، باب: موعظة المحدّث عند القبر برقم (1362) ، عن علي رضي الله عنه، ومسلم بنحوه، كتاب: القدر، باب: كيفية خلق الآدمي، برقم (2647) ، عنه أيضاً. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 167 * ... وأما تعاهد القرآن الكريم حفظاً، فمن المعلوم لديك أن عدد الصفحات التي أثبت فيها القرآن ستمائة وأربع صفحات (604) ، وها أنا ذا أقترح عليك طريقة لتكون من الحُفَّاظ المتقنين في حفظهم، وأقسِّم ذلك إلى أمرين: * عشر نصائح أختصُّ بها أخي حافظ القرآن، وكذلك المريد لحفظه. * ومن ثَمَّ الطريقة المقترحة للحفظ والمراجعة. * النصائح العشر: أولاً: ... أخلص النية فيما تريد ولا تقصد به توصُّلاً إلى غرض من أغراض الدنيا، فطلب حفظه أعظم من أن يُبتغى به غيرُ وجهِ الله تعالى. ... قال تعالى: [البَيّنَة: 5] {وَمَا أُمِرُوا إِلاَّ لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاءَ وَيُقِيمُوا الصَّلاَةَ وَيُؤْتُوا الزَّكَاةَ وَذَلِكَ دِينُ الْقَيِّمَةِ *} . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 168 .. وقال صلى الله عليه وسلم: «إِنَّمَا الأَْعْمَالُ بِالنَّيَّاتِ، وَإِنَّمَا لِكُلِّ امْرِئٍ مَا نَوَى» (47) . ثانياً: ... تخلَّق بأخلاق القرآن، واعمل بعموم مكارم الأخلاق التي دعا إليها، وبخاصة التواضع وترك العُجْب بالنفس، مع الاتصاف بالوقار من غير تكلُّف. ثالثاً: ... تذكّر دائماً فضيلة حافظ القرآن عند الله تعالى وأنه من أهل الله وخاصّته. رابعاً: لا تُكثر على نفسك من مقدار الحفظ، فإنَّ «خَيْرَ الْعَمَلِ أَدْوَمُهُ، وَإِنْ قَلَّ» (48) . خامساً: اشتغل بتعليم القرآن، ولا تَضِنّ بذلك على أحد، ولو غلب على ظنك أن المتعلم ليس أهلاً لذلك، قال تعالى: [آل عِمرَان: 73] {قُلْ إِنَّ الْفَضْلَ بِيَدِ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ} . سادساً: اجتهد في أن تعمل بما علمت من القرآن، فقد كان ذلك سَمْت السلف الصالح: «كَانُوا   (47) جزء من حديث في الصحيحين، أخرجه البخاري؛ كتاب: بدء الوحي، باب كيف كان بدء الوحي إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، برقم (1) ، عن عمر رضي الله عنه. ومسلم باختلاف، كتاب الإمارة، باب قوله صلى الله عليه وسلم: «إِنَّمَا الأَْعْمَالُ بِالنِّيَّة» ، برقم (1907) ، عنه أيضاًَ. (48) جزء من حديث أخرجه أحمد في مسنده (6/244) ، من حديث السيدة عائشة رضي الله عنها، وابن ماجه، كتاب: الزهد، باب: المداومة على العمل، برقم (4240) ، عن أبي هريرة رضي الله عنه. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 169 يَتَعَلَّمُونَ عَشْرَ آيَاتٍ مِنَ الْقُرْآنِ، فَلاَ يُجَاوِزُوهُنَّ حَتَّى يَعْمَلُوا بِهِنَّ، وَبِذَلِكَ تَعَلَّمُوا الْعِلْمَ وَالْعَمَلَ جَمِيعاً» (49) . سابعاً: لا تستعجل في قراءة القرآن، ولو صرت حافظاً - إن شاء الله - فقد أمر الله نبيَّه صلى الله عليه وسلم بألا يعجل في ذلك: [القِيَامَة: 16-17] {لاَ تُحَرِّكْ بِهِ لِسَانَكَ لِتَعْجَلَ بِهِ *إِنَّ عَلَيْنَا جَمْعَهُ وَقُرْآنَهُ *} . ... وقال تعالى: [المُزّمل: 4] {وَرَتِّلِ الْقُرْآنَ تَرْتِيلاً} . ... وقد كانت قراءة رسول الله صلى الله عليه وسلم: «مُفَسَّرَةً حَرْفاً حَرْفاً» (50) . ثامناً: اجتهد في أن تتدبر ما تقرأ أو تحفظ، فهذا أدعى للخشوع وللحفظ وللأجر، قال تعالى: [محَمَّد: 24] {أَفَلاَ يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ أَمْ عَلَى قُلُوبٍ أَقْفَالُهَا *} وقال تعالى: [ص: 29] {كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِيَدَّبَّرُوا آيَاتِهِ} .   (49) أخرجه أحمد، في مسنده (5/410) ، من حديث رجل من أصحاب النبيِّ صلى الله عليه وسلم. (50) جزء من حديث أخرجه الترمذي، كتاب فضائل القرآن، باب: ما جاء كيف كانت قراءة النبيِّ صلى الله عليه وسلم، برقم (2923) ، عن أم سلمة رضي الله عنها. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 170 تاسعاً: اجعل طلبك للحفظ بُكْرة من أول النهار، قال صلى الله عليه وسلم «اللَّهُمَّ بَارِكْ لأُِمَّتِي فِي بُكُورِهَا» (51) . عاشراً: تعاهدِ القرآن، فإنك قد تُنَسَّى حفظك، إن طال العهد بينك وبين مراجعة ما تحفظ، قال صلى الله عليه وسلم: «تَعَاهَدُوا هَذَا اَلْقُرْآنَ، فَوَالَّذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ لَهُوَ أَشَدُّ تَفلُّتاً مِنَ الإِبِلِ فِي عُقُلِهَا» (52) . * الطريقة المقترحة لإتمام الحفظ والمراجعة: لقد أرشد كثير من الكُتاب الأفاضل من قبلُ إلى طرق الحفظ ووسائله، جزاهم الله خيراً، إلا أني أحببت أن أدلي دلوي في ذلك، عسى الله تعالى أن ينفع به كثيراً من المسلمين والمسلمات. والطريقة هي: أن تحفظ في اليوم الأول نصف صفحة، تراعي في ختمها تمام المعنى ما أمكن ذلك (53) ، ثم تردِّد تلاوتها في الصلوات الخمس المفروضة فتتلو ربع صفحة بعد الفاتحة في كلٍّ من الركعتين الأُوليين.   (51) أخرجه أبو داود، كتاب الجهاد، باب في الابتكار في السفر، برقم (2606) ، عن صخر الغامدي رضي الله عنه. (52) أخرجه البخاري في كتاب: فضائل القرآن، باب استذكار القرآن وتعاهده، برقم (5033) ، عن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه. ومسلم في صلاة المسافرين وقَصْرِها، باب الأمر بتعهد القرآن، برقم (791) ، عنه أيضاً. (53) قد يعسر على بعض طلبة الحفظ مراعاة تمام المعنى بدقة، فليُستأنَس - عندها - بتقسيم بعض أئمة أهل التفسير، للمقاطع المراد تفسيرها، كتفسير القرآن العظيم للإمام ابن كثير رحمه الله أو غيره. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 171 في اليوم الثاني: تحفظ النصف الثاني من الصفحة، وتكرره منصِّفاً إياه في الركعتين الأُوليين من الصلوات المفروضة. في اليوم الثالث: تراجع حفظك للصفحة بتمامها، وتنصِّف تلاوتها في الصلوات المفروضة. ثم تفعل الشيء عينه، في الأيام الثلاثة التالية من الأسبوع. وفي اليوم السابع وهو نهار الجمعة، تراجع حفظ الصفحتين، وتقرأ كل صفحة منهما بعد الفاتحة في الركعتين الأوليين من الصلوات. وبذلك يتم لك حفظ صفحتين أسبوعياً، فإذا أتممت حزباً، وذلك في خمسة أسابيع، اجعل عشرة أيام لمراجعته، في كل يوم صفحة في الصلوات، وغيرها. فإذا تمكنت من الحزب، فاشرع في حزب آخر، وبالطريقة نفسها، حتى إذا أتممت حزباً آخر، فراجعه الجزء: 1 ¦ الصفحة: 172 أيضاً في عشرة أيام، فإذا أتممت حفظ جزء فاجعل شهراً كاملاً لمراجعته. وهكذا يتم لك حفظ جزء، حال كونك مُتمكِّناً في حفظه، عاملاً به، في مدى: ثلاثة أشهر، ثم مراجعته في شهر. ففي كل سنة ستكون حافظاً - إن شاء الله - لثلاثة أجزاء من القرآن الكريم. وسيتم حفظك للقرآن كاملاً ومراجعته دوماً في مائة وعشرين شهراً، أي في مدى عشر سنوات. واذكر في ذلك أن رسول الله موسى عليه السلام، قد استأجره صاحب مدين (54) ثماني حجج فأتمها عشراً، مهراً لإحدى ابنتيه، قال تعالى: [القَصَص: 27] {قَالَ إِنِّي أُرِيدُ أَنْ أُنْكِحَكَ إِحْدَى ابْنَتَيَّ هَاتَيْنِ عَلَى أَنْ تَأْجُرَنِي ثَمَانِي حِجَجٍ فَإِنْ أَتْمَمْتَ عَشْرًا فَمِنْ عِنْدَكَ وَمَا أُرِيدُ أَنْ أَشُقَّ عَلَيْكَ سَتَجِدُنِي إِنْ شَاءَ اللَّهُ مِنَ الصَّالِحِينَ *} .   (54) اشتهر عند الناس أنه شعيبٌ نبيُّ الله عليه السلام، والظاهر أنه غيره كما رجّح ذلك ابن كثير رحمه الله. وقال ابن جرير رحمه الله: الصواب أن هذا لا يُدرك إلا بخبرٍ، ولا خبرَ تجب به الحُجّة بذلك. اهـ. انظر: تفسير القرآن العظيم لابن كثير ص (1290) ، ط - بيت الأفكار. وجامع البيان في تأويل آي القرآن (تفسير الطبري) : (20/62) . وقد أفدت جميع ما سبق من ملحوظة للعلاّمة، ابن جبرين - بخطّ يده - حفظه الله، عند تكرُّمه بمراجعة الكتاب. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 173 فإن كان مهر المرأة الصالحة قد استأهل عملَ عشر سنين، فحفظ القرآن الكريم أولى، وهو كسب عظيم في هذه السنوات العشر، وأنت تعلم أنه لا مُسوِّغ للمقارنة هنا، إلا أني جعلت ذلك مَثَلاً، بقصد شحذ الهمة وترك الكلل. وقد تقول: إن هذا أمد طويل، فإن بعضهم يحفظ بأقل من تلك المدة بكثير. نعم، قد يكون ذلك حقاً إلا أن ما أقترحه: لا يشقُّ عليك، وهو يوصلك بالقرآن لمدة أطول، كما أنه يُعوِّدك ارتياد المساجد، والمحافظة على السنن، وهذا جميعه محبوب عند الله تعالى، وقد قال صلى الله عليه وسلم: «عَلَيْكَمْ بِمَا تُطِيقُونَ، فَوَاللهِ لاَ يَمَلُّ اللهُ حَتَّى تَمَلُّوا» وقالت عائشة رضي الله عنها: (وَكَانَ أَحَبُّ الدِّينِ إِلَيْهِ صلى الله عليه وسلم مَادَاوَمَ عَلَيْهِ صَاحِبُهُ) (55) . ثم إن في كثرة انشغال الناس في عصرنا هذا بأمور المعاش ومكابدة مشاق الحياة، لعذرًا لهم في أن يوغلوا بأمر حفظ القرآن برفق، وهذا أرجى لهم في   (55) متفق عليه؛ من حديث عائشة رضي الله عنها: أخرجه البخاري؛ كتاب: الإيمان، باب: أحب الدِّين إلى الله أدومه برقم (43) . ومسلمٌ؛ كتاب: صلاة المسافرين وقَصْرِها، باب: أمر من نَعِس في صلاته، برقم (785) . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 174 تحقيق ذلك. أخي القارئ، إذا ما أتممت حفظك لكتاب الله تعالى، فاجعل السنة كلها للمراجعة بطريقة الحفظ نفسها، ثم اجعل شهر رمضان - شهر القرآن - فرصة لك لا تُعوَّض في مراجعة حفظك، للمرة الثانية في السنة. وفقني الله وإياك للعمل بذلك، آمين. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 175 الباب الرابع في فضائلِ بعضِ ... الآيات والسُّوَر الجزء: 1 ¦ الصفحة: 177 قال الله تعالى: [الحِجر: 87] {وَلَقَدْ آتَيْنَاكَ سَبْعًا مِنَ الْمَثَانِي وَالْقُرْآنَ الْعَظِيمَ *} ، وقال عزَّ وجلَّ: [فُصّلَت: 41-42] {إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِالذِّكْرِ لَمَّا جَاءَهُمْ وَإِنَّهُ لَكِتَابٌ عَزِيزٌ *لاَ يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَلاَ مِنْ خَلْفِهِ تَنْزِيلٌ مِنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ *} ، وقال سبحانه: [الواقِعَة: 77-78] {إِنَّهُ لَقُرْآنٌ كَرِيمٌ *فِي كِتَابٍ مَكْنُونٍ *} . نستدل من تلك الآيات الكريمة على عِظَم فضل القرآن الكريم بعامة، فكيف إذا اختُصَّت بعض آياته أو سوره بمزيد فضل، ولست أدعي في هذا المقام أني سأحصي جميع ما ورد في ذلك؛ فهذا الباب بحر خِضَمٌّ يزخر بالعلم، بَيْد أنه لا فُرْضة (56) له، بل لا يُدرك ساحلُه، لكني سأذكر ما يناسب الحال من ذلك. وسأجعله على قسمين: ... الأول في فضل بعض الآيات. ... والثاني في فضل بعض السور. أما الآيات فأولها آية الكرسي لما صح عن النبي صلى الله عليه وسلم قوله «يَا أَبَا الْمُنْذِرِ أَتَدْرِي أَيُّ آيَةٍ مِنْ كِتَابِ اللَّهِ   (56) فُرْضة البحر: مَحَطُّ السُّفُن. انظر: مختار الصحاح للرازي ص (498) ، مادة (ف ر ض) . والقاموس المحيط للفيروزآبادي ص (650) باب الضاد، فصل الفاء (الفَرْض) . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 179 مَعَكَ أَعْظَمُ؟» قلت: الله ورسوله أعلم، قال: «يَا أَبَا الْمُنْذِرِ أَتَدْرِي أَيُّ آيَةٍ مِنْ كِتَابِ اللَّهِ مَعَكَ أَعْظَمُ؟» قلت: [البَقَرَة: 255] {اللَّهُ لاَ إِلَهَ إِلاَّ هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ} ، قَالَ فَضَرَبَ فِي صَدْرِي وَقَالَ: «وَاللَّهِ لِيَهْنِكَ الْعِلْمُ أَبَا الْمُنْذِرِ» (57) . ثم الآيتان من آخر سورة البقرة، وهي قوله تعالى: [البَقَرَة: 285-286] {آمَنَ الرَّسُولُ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْهِ مِنْ رَبِّهِ وَالْمُؤْمِنُونَ كُلٌّ آمَنَ بِاللَّهِ وَمَلاَئِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ لاَ نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْ رُسُلِهِ وَقَالُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا غُفْرَانَكَ رَبَّنَا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ *لاَ يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلاَّ وُسْعَهَا لَهَا مَا كَسَبَتْ وَعَلَيْهَا مَا اكْتَسَبَتْ رَبَّنَا لاَ تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِيْنَا أَوْ أَخْطَأْنَا رَبَّنَا وَلاَ تَحْمِلْ عَلَيْنَا إِصْرًا كَمَا حَمَلْتَهُ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِنَا رَبَّنَا وَلاَ تُحَمِّلْنَا مَا لاَ طَاقَةَ لَنَا بِهِ وَاعْفُ عَنَّا وَاغْفِرْ لَنَا وَارْحَمْنَا أَنْتَ مَوْلاَنَا فَانْصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ *} ، فقد ثبت فضلُهما من حديث أبي مسعودٍ البدريِّ رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «الآيَتَانِ مِنْ   (57) أخرجه مسلم، كتاب صلاة المسافرين وقَصْرِها، باب فضل سورة الكهف وآية الكرسي، برقم (810) عن أبيِّ بن كعب رضي الله عنه. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 180 آخِرِ سُورَةِ الْبَقَرَةِ مَنْ قَرَأَهُمَا فِي لَيْلَةٍ كَفَتَاهُ» (58) . وهي من الثلاثة التي أعطيها النبيُّ صلى الله عليه وسلم ليلة الإسراء، كما في الحديث: «لَمَّا أُسْرِيَ بِرَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم انْتُهِيَ بِهِ إِلَى سِدْرَةِ الْمُنْتَهَى ... ، وَأُعْطِيَ ثَلاَثَاَ: أُعْطِيَ الصَّلَوَاتِ الْخَمْسَ وَأُعْطِيَ خَوَاتِيمَ سُورَةِ الْبَقَرَةِ، وَغُفِرَ لِمَنْ لَمْ يُشْرِكْ بِاللهِ مِنْ أُمَّتِهِ شَيْئًا الْمُقْحِمَاتُ» (59) . ومن الآيات ذوات الفضل قوله تعالى: [البَقَرَة: 201] {رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ} . «فقد كان أكثر دعوة يدعو بها رسول الله صلى الله عليه وسلم: «اللَّهُمَّ رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الآخِرَةِ حَسَنَةً، وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ» (60) . ثم الآيات العشر من أول سورة الكهف، وعشر من آخرها كذلك، فهي عاصمة من فتنة الدجال. قال النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم: «مَنْ حَفِظَ عَشْرَ آيَاتٍ مِنْ أَوَّلِ سُورَةِ الْكَهْف عُصِمَ مِنْ الدَّجَّالِ» وفي رواية: «مِنْ آخِرِ سُورةِ الْكهْفِ» (61) .   (58) أخرجه البخاري، كتاب فضائل القرآن، باب فضل سورة البقرة، برقم (5009) عن أبي مسعود الأنصاري رضي الله عنه. ومسلم، كتاب صلاة المسافرين وقَصْرِها، باب فضل الفاتحة وخواتيم البقرة، برقم (807) ، عنه أيضاً. واللفظ لمسلم. (59) أخرجه مسلم، كتاب الإيمان، باب في ذكر سدرة المنتهى، برقم (173) عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه. (60) أخرجه البخاري، كتاب التفسير، باب ُ ص ض +،) * / 0 ِ برقم (4522) عن أنس رضي الله عنه. ومسلم، كتاب الذكر والدعاء، باب فضل الدعاء باللهم ُ،) * / 0 ِ، برقم (2690) عنه أيضاً. واللفظ للبخاري. (61) أخرجه مسلم، كتاب صلاة المسافرين وقَصْرِها، باب فضل سورة الكهف وآية الكرسي، برقم (809) ، عن أبي الدرداء رضي الله عنه. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 181 - ... أما الآية المنجِّية من الغمِّ، كما أنها سبيل للدعاء المستجاب، فهي قوله تعالى: [الأنبيَاء: 87] {لاَ إِلَهَ إِلاَّ أَنْتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ} . قال النبيُّ صلى الله عليه وسلم: «دَعْوَةُ ذِي النُّونِ إِذْ هُوَ فِي بَطْنِ الْحُوتِ: {لاَ إِلهَ إِلاَّ أَنْتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ} ، فَإِنَّهُ لَمْ يَدْعُ بِهَا مُسْلِمٌ رَبَّهُ فِي شَيْءٍ قَطُّ إِلا اسْتَجَابَ لَهُ» (62) . وأختم بالآية التي هي أحبُّ إلى النبيِّ صلى الله عليه وسلم من الدنيا جميعاً، [الفَتْح: 1-2] {إِنَّا فَتَحْنَا لَكَ فَتْحًا مُبِيناً *لِيَغْفِرَ لَكَ اللَّهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِكَ وَمَا تَأَخَّرَ وَيُتِمَّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكَ وَيَهْدِيَكَ صِرَاطًا مُسْتَقِيمًا *} . فإنه لما نزلَتْ [الفَتْح: 1] {إِنَّا فَتَحْنَا لَكَ فَتْحًا مُبِيناً *} قال النبيُّ صلى الله عليه وسلم: «لَقَدْ أُنْزِلَتْ عَلَيَّ آيَةٌ هِيَ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ الدُّنْيَا جَمِيعًا» (63) وأما فضائل بعض السور، فمما صح في ذلك: - ... فضل سورة الفاتحة، فقد قال النبيُّ صلى الله عليه وسلم: «قَالَ   (62) جزء من حديث أخرجه أحمد، في مسنده (1/170) من حديث أبي أسحاق سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه. (63) أخرجه مسلم، كتاب الجهاد والسِيَر، باب صلح الحديبية، برقم (1786) ، عن أنس رضي الله عنه. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 182 تَعَالَى: {الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ} ، هِيَ السَّبْعُ الْمَثَانِي وَالْقُرْآنُ الْعَظِيمُ الَّذِي أُوتِيتُهُ» (64) . - ... وفي فضلها قال مَلَك من السماء للنبيِّ صلى الله عليه وسلم: «أَبْشِرْ بِنُورَيْنِ أُوتِيتَهُمَا لَمْ يُؤْتَهُمَا نَبِيٌّ قَبْلَكَ فَاتِحَةُ الْكِتَابِ وَخَوَاتِيمُ سُورَةِ الْبَقَرَةِ، لَنْ تَقْرَأَ بِحَرْفٍ مِنْهُمَا إِلا أُعْطِيتَهُ» (65) . - ... ومن فضلها أيضاً أنها رقية شرعية، وفي ذلك ثبتت قصة نفر من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، كانوا قد رقَوا سيِّدَ حَيٍّ من أحياء العرب، كان قد لُدِغ، فشفي (66) . ومن فُضْلَيَات السور: سورة البقرة، وقد مرّ آنفاً فضلُ خواتيمها، ويذكر أيضاً من فضلها: أنها سبب لدنوِّ الملائكة، وسبب لرؤية الملائكة، كما بَشَّر به الصادقُ المصدوق الصحابيَّ ابنَ حُضَير رضي الله عنه، حين قرأ بها «فأظلَّه مثل ظلة فيها أمثال المصابيح، وجالت فرسه، فأمره النبيُّ صلى الله عليه وسلم - حين أخبره بذلك - أن يداوم   (64) أخرجه البخاري؛ كتاب: التفسير، باب: ما جاء في فاتحة الكتاب، برقم (4474) ، عن أبي سعيد ابن المعلّى رضي الله عنه. (65) أخرجه مسلم، كتاب: صلاة المسافرين وقَصْرِها، باب: فضل الفاتحة وخواتيم سورة البقرة، برقم (806) ، عن عبد الله ابن عباس رضي الله عنهما. (66) معنى حديث أخرجه البخاري؛ كتاب: الإجارة، باب ما يعطى في الرقية على أحياء العرب بفاتحة الكتاب، برقم (2276) ، عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه. ومسلم؛ كتاب: السلام، باب: جواز أخذ الأجرة على الرقية بالقرآن والأذكار، برقم (2201) ، عنه أيضاً. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 183 على قراءته القرآن، فقال: «اقْرَأْ يَا ابْن حُضَيْرٍ ... تِلْكَ الْمَلاَئِكَةُ دَنَتْ لِصَوْتِكَ، وَلَوْ قَرَأْتَ لأَصْبَحَتْ يَنْظُرُ النَّاسُ إِلَيْهَا لاَ تَتَوَارَى مِنْهُمْ» (67) . ويقول النبيُّ صلى الله عليه وسلم: «اقْرَءُوا سُورَةَ الْبَقَرَةِ فَإِنَّ أَخْذَهَا بَرَكَةٌ وَتَرْكَهَا حَسْرَةٌ وَلا تَسْتَطِيعُهَا الْبَطَلَةُ» (68) . وقال عليه الصلاة والسلام: «لا تَجْعَلُوا بُيُوتَكُمْ مَقَابِرَ، إِنَّ الشَّيْطَانَ يَنْفِرُ مِنْ الْبَيْتِ الَّذِي تُقْرَأُ فِيهِ سُورَةُ الْبَقَرَةِ» (69) . وكذلك يثبت الفضل لسورتَيِ البقرة وآل عمران معاً، قال النبيُّ صلى الله عليه وسلم: «اقْرَءُوا الزَّهْرَاوَيْنِ: الْبَقَرَةَ وَسُورَةَ آلِ عِمْرَانَ، فَإِنَّهُمَا تَأْتِيَانِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ كَأَنَّهُمَا غَمَامَتَانِ، أَوْ كَأَنَّهُمَا غَيَايَتَانِ، أَوْ كَأَنَّهُمَا فِرْقَانِ مِنْ طَيْرٍ صَوَافَّ؛ تُحَاجَّانِ عَنْ أَصْحَابِهِمَا» (70) . أما سورة الكهف، فبعد ثبوت فضل أول عشر منها، وآخر عشر منها، زادها النبيُّ صلى الله عليه وسلم إثباتَ فضلٍ بقوله   (67) أخرجه البخاري؛ كتاب: فضائل القرآن، باب: نزول السَّكينة والملائكة عند قراءة القرآن، برقم (5018) عن أُسيد رضي الله عنه. ويشار هنا - ضرورة - إلى أن البخاري بعد إخراجه الحديث بانقطاع السند بين محمد التيمي وأسيد رضي الله عنه، عاد فوصله في آخر الحديث بسماع ابن الهاد من عبد الله بن خبَّاب عن أبي سعيد الخدري عن أسيد رضي الله عنه. فالتعويل فيه على الإسناد الموصول كما نبّه على ذلك الحافظ رحمه الله في «الفتح» . والله أعلم. (68) جزء من حديث أخرجه مسلم، كتاب صلاة المسافرين وقَصْرِها، باب: فضل قراءة القرآن وسورة البقرة، برقم (804) ، عن أبي أمامة الباهلي رضي الله عنه. ومعنى «البَطَلَةُ» : السَّحَرة. كما بيّنه معاوية بن سلام، (أحد رواة هذا الحديث) . (69) أخرجه مسلم، كتاب صلاة المسافرين وقَصْرِها، باب: استحباب صلاة النافلة في بيته، برقم (780) ، عن أبي هريرة رضي الله عنه. (70) جزء من حديث تقدم تخريجه آنفاً بالهامش ذي الرقم (64) . والغيايتان: ظُلتان سوداوان، كما في مسلم. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 184 للرجل الذي نزلَتْ عليه ضَبَابةٌ - أو سحابةٌ - فغشِيَتْه عند قراءته لها: «اقْرَأْ، فَإِنَّهَا السَّكِينَةُ تَنَزَّلَتْ لِلْقُرْآنِ» (71) . وهي عصمة من الدجال كما سبق، قال عليه الصلاة والسلام: «فَمَنْ أَدْرَكَهُ مِنْكُمُ فَلْيَقْرَأْ عَلَيْهِ فَوَاتِحَ الْكَهْفِ» (72) . وأما سورتا ُ صلى الله عليه وسلم {ِ السجدة، والإنسان، فقد كان النبيُّ صلى الله عليه وسلم يَقْرَأُ بِهِمَا فِي صِلاَة الصُّبْحِ مِنْ يَوْم الجْمُعُةَ (73) . وأما سورة الفتح، فبعد أن سمَّى النبيُّ صلى الله عليه وسلم مطلعها آية، وأثبت فضلها، وقد مرّ ذلك، فقد أثبت فضل السورة بتمامها فقال صلى الله عليه وسلم: «لَقَدْ أُنْزِلَتْ عَلَيَّ اللَّيْلَةَ سُورَةٌ لَهِيَ أَحَبُّ إِلَيَّ مِمَّا طَلَعَتْ عَلَيْهِ الشَّمْسُ ثُمَّ قَرَأَ قوله تعالى: [الفَتْح: 1] {إِنَّا فَتَحْنَا لَكَ فَتْحًا مُبِيناً *} (74) . وأما سورة (ق) ، فقد كان النبيُّ صلى الله عليه وسلم يخطب بها على المنبر في كل جمعة.   (71) أخرجه مسلم، كتاب: صلاة المسافرين وقَصْرِها، باب: نزول السكينة لقراءة القرآن، برقم (795) ، عن البراء بن عازب رضي الله عنه. وهذا الرجل هو: أُسَيْدُ ابن الحُضَيْرِ (أبو عتيك) ، كما في تفسير ابن كثير ص (1039) . وقد تنزّلت الملائكة لتلاوته مرتين؛ الأولى لسورة البقرة والثانية لسورة الكهف، رضي الله عنه وأرضاه. وقد أفادني ذلك بخطّه فضيلة العلاّمة ابن جبرين عند مراجعته الكتاب، جزاه الله خيرًا. (72) جزء من حديث طويل، أخرجه مسلم؛ كتاب: الفتن، باب: ذكر الدجال وصفته وما معه، برقم (2937) عن النَّوَّاس بن سَمْعانَ رضي الله عنه. (73) أخرجه البخاري، كتاب: الجمعة، باب: ما يقرأ في صلاة الفجر من يوم الجمعة، برقم (891) عن أبي هريرة رضي الله عنه، ومسلم؛ كتاب: الجمعة، باب: ما يقرأ في يوم الجمعة، برقم (879) ، عنه أيضاً. (74) أخرجه البخاري، كتاب المغازي، باب: غزوة الحديبية، برقم (4177) ، عن زيد بن أسلم، عن أبيه، رضي الله عنهما. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 185 عن أم هشام بنت حارثة بن النعمان، قالت: «مَا حَفِظْتُ (ق) إِلاَّ مِنْ فِي رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم، يَخْطُبُ بِهَا كُلَّ جُمُعَةٍ» (75) . وأما سورتا الجمعة والمنافقون، «فَكَانَ صلى الله عليه وسلم يَقْرَأُ بِهِمَا فِي صَلاَةِ الْجُمُعَةِ» (76) . ومن فضل سورة البيِّنة، يثبت الفضل أيضًا للصحابيِّ الجليل أُبَيِّ بن كعبٍ رضي الله عنه، حيث قال النبيُّ صلى الله عليه وسلم له: «إِنَّ اللهَ أَمَرَنِي أَنْ أَقْرَأ عَلَيْكَ [البَيّنَة: 1] {لَمْ يَكُنِ الَّذِينَ كَفَرُوا} قال: وَسَمَّانِي؟! قَالَ: «نَعَم» فَبَكَى (77) . وأما سورة الكوثر، ففيها العطاء من الله لنبيِّه صلى الله عليه وسلم. قال صلى الله عليه وسلم: «أَتَدْرُونَ مَا الْكَوْثَر؟» فقالوا: الله ورسوله أعلم. قال: «فَإِنَّهُ نَهْرٌ وَعَدَنِيِه رَبِّي - عَزَّ وَجَلَّ - عَلَيْهِ خَيْرٌ كَثِيرٌ، هُوَ حَوْضِي تَرِدُ عَلَيْهِ أُمَّتِي يَوْمَ الْقِيَامَةِ. آنِيَتُهُ عَدَدَ النُّجُومِ ... » (78) الحديث.   (75) أخرجه مسلم؛ كتاب: الجمعة، باب تخفيف الصلاة والخطبة، برقم (873) ، عن أم هشام بنت حارثة رضي الله عنها. (76) أخرجه مسلم، كتاب: الجمعة، باب: ما يقرأ في صلاة الجمعة، برقم (877) ، عن أبي هريرة رضي الله عنه. (77) أخرجه البخاري، كتاب التفسير، باب سورة البيّنة، برقم (4959) ، عن أنس بن مالك رضي الله عنه. ومسلم؛ كتاب: صلاة المسافرين وقَصْرِها، باب: استحباب قراءة القرآن على أهل الفضل، برقم (799) ، عنه أيضاً. واللفظ للبخاري. (78) جزء من حديث أخرجه مسلم، كتاب الصلاة، باب: حجة من قال: البسملة آية من أول كل سورة سوى «براءة» ، برقم (400) ، عن أنس رضي الله عنه. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 186 وأما سورة (الكافرون) فهي براءة من الشرك، قال صلى الله عليه وسلم معلِّماً نوفل بن معاوية رضي الله عنه، أن يقول إذا أوى إلى فراشه: « [الكافِرون: 1] {قُلْ يَاأَيُّهَا الْكَافِرُونَ *} ، ثُمَّ نَمْ عَلَى خَاتِمَتِهَا فَإِنَّهَا بَرَاءَةٌ مِنْ الشِّرْكِ» (79) . وأما سورة الإخلاص فهي تعدل ثلث القرآن، قال النبيُّ صلى الله عليه وسلم بعدما حشد الناس ليُسمِعهم ثلثَ القرآن، فلما احتشدوا قرأ: [الإخلاص: 1] {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ *} وقال: «إِنِّي قُلْتُ لَكُمْ سَأَقْرَأُ عَلَيْكُمْ ثُلُثَ الْقُرْآنِ، أَلا إِنَّهَا تَعْدِلُ ثُلُثَ الْقُرْآنِ» (80) . وأما المُعوِّذتان: [الفَلَق: 1] {قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ *} [النَّاس: 1] {قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ *} ، فإنهما مع سورة الإخلاص تكفي من كل شيء، إذا قرئت ثلاثاً. قال النبيُّ صلى الله عليه وسلم لعبد الله بن خُبيب رضي الله عنه: «قُلْ: ُ س ش ص ض ِ، وَالْمُعَوِّذَتَيْنِ حِينَ تُمْسِي وَتُصْبِحُ ثَلاثَ مَرَّاتٍ تَكْفِيكَ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ» (81) .   (79) أخرجه أبو داود؛ كتاب: الأدب، باب: ما يقول عند النوم، برقم (5055) ، عن نوفل الأشجعي رضي الله عنه. والترمذي؛ كتاب: الدعوات، باب: ما جاء في من يقرأ من القرآن عند المنام، برقم (3403) ، عن فروة بن نوفل، وعن نوفل أيضاً رضي الله عنهما. واللفظ لأبي داود. (80) أخرجه مسلم، كتاب: صلاة المسافرين (فضائل القرآن) ، باب: فضل قراءة ُ س ش ص ض ِ، برقم (812) ، عن أبي هريرة رضي الله عنه. (81) أخرجه أبو داود؛ كتاب: الأدب، باب: ما يقول إذا أصبح، برقم (5082) ، عن عبد الله بن خُُبيب رضي الله عنه. والترمذي؛ كتاب: الدعوات، باب: الدعاء عند النوم، برقم (3575) ، عنه أيضاً. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 187 وكذلك، فإن المعوِّذتين رقية شرعية للمريض. فقد كان صلى الله عليه وسلم إذا اشتكى - أي مَرِض - نفث على نفسه بالمُعوِّذات، ومسح عنه بيده، فلما اشتكى وَجَعَه الذي توفي فيه صلى الله عليه وسلم جعلت السيدة عائشة تنفث على نفسه صلى الله عليه وسلم بالمعوِّذات وتمسح بيد النبيِّ صلى الله عليه وسلم (82) .   (82) أخرجه البخاري؛ كتاب المغازي، باب: مرض النبيُّ صلى الله عليه وسلم ووفاته، برقم (4439) ، عن عائشة رضي الله عنها. ومسلم؛ كتاب: السلام، باب: رقية المريض بالمُعوِّذات والنفث، برقم (2192) ، عنها أيضاً. واللفظ للبخاري. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 188 الباب الخامس في بيانِ مواضعِ السِّجْدات في القرآن الكريم الجزء: 1 ¦ الصفحة: 189 ثمة مواضع آيات من القرآن الكريم يُسَنُّ السجود عند تلاوتها أو سماعها، عند جمهور العلماء، لأن النبيَّ صلى الله عليه وسلم كان يسجد عند قراءته لها، ويسجد معه السامعون. وأركان سجود التلاوة: النية، والتكبيرة، والسجدة، والجلسة بعدها، والسلام. ولا يقرأ التحيَّاتِ في جلوسه باتفاق. ويُشترط لها ما يشترط لصلاة النافلة من: الطهارة واستقبال القبلة، وستر العورة، وكل ذلك باتفاق (83) . أما عددها: فالمختار عند جمهور أهل العلم أنها أربع عشرة سجدة، والمثبت في المصحف خمسة عشر، وذلك بإثبات سجدة في سورة {ص} ، وهي سجدة شكرٍ عند الشافعية، وكذلك في رواية عن الإمام أحمد. وعلامة السجدة - كما في مصحف المدينة النبويَّة -   (83) قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: [والصحيح في هذا الباب ما ثبت عن الصحابة - رضوان الله عليهم - وهو الذي دلّ عليه الكتاب والسنة، وهو: أن مسّ المصحف لا يجوز للمُحدِث، ولا يجوز له صلاة جنازة، ويجوز له سجود التلاوة، فهذه الثلاثة ثابتة عن الصحابة] . اهـ. انظر: مجموع الفتاوى (21/270) ؛ فكأنه رحمه الله يرجّح أن سجود التلاوة ليس بصلاة، فيصح بغير طهارة ولغير القِبلة، وإن كان ذلك خلاف الأولى، كما أفاد بذلك فضيلة العلامة ابن جبرين عند مراجعته لهذا الكتاب، جزاه الله خيراً. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 191 وضع خط أفقي فوق الموضع عند موافقته مذهب الحنابلة، ثم وضع إشارة في الموضع الذي يُستحب عنده السجود. أما تفصيل مواضعها، فهي كما يأتي: 1- [الأعرَاف: 206] {إِنَّ الَّذِينَ عِنْدَ رَبِّكَ لاَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِهِ وَيُسَبِّحُونَهُ وَلَهُ يَسْجُدُونَ *} . 2- ... [الرّعد: 15] {وَلِلَّهِ يَسْجُدُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ طَوْعًا وَكَرْهًا وَظِلاَلُهُمْ بِالْغُدُوِّ وَالآصَالِ *} . 3- ... [النّحل: 50] {يَخَافُونَ رَبَّهُمْ مِنْ فَوْقِهِمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ *} . 4- ... [الإسرَاء: 107-109] {قُلْ آمِنُوا بِهِ أَوْ لاَ تُؤْمِنُوا إِنَّ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ مِنْ قَبْلِهِ إِذَا يُتْلَى عَلَيْهِمْ يَخِرُّونَ لِلأَذْقَانِ سُجَّدًا *وَيَقُولُونَ سُبْحَانَ رَبِّنَا إِنْ كَانَ وَعْدُ رَبِّنَا لَمَفْعُولاً *وَيَخِرُّونَ لِلأَذْقَانِ يَبْكُونَ وَيَزِيدُهُمْ خُشُوعًا *} 5- ... [مَريَم: 58] {أُوْلَئِكَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ مِنْ ذُرِّيَّةِ آدَمَ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 192 وَمِمَنْ حَمَلْنَا مَعَ نُوحٍ وَمِنْ ذُرِّيَّةِ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْرَائِيلَ وَمِمَنْ هَدَيْنَا وَاجْتَبَيْنَا إِذَا تُتْلَى عَلَيْهِمْ آيَاتُ الرَّحْمَانِ خَرُّوا سُجَّدًا وَبُكِيًّا *} . 6- ... [الحَجّ: 18] {أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يَسْجُدُ لَهُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَمَنْ فِي الأَرْضِ وَالشَّمْسُ وَالْقَمَرُ وَالنُّجُومُ وَالْجِبَالُ وَالشَّجَرُ وَالدَّوَآبُّ وَكَثِيرٌ مِنَ النَّاسِ وَكَثِيرٌ حَقَّ عَلَيْهِ الْعَذَابُ وَمَنْ يُهِنِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ مُكْرِمٍ إِنَّ اللَّهَ يَفْعَلُ مَا يَشَاءُ *} . 7- ... [الحَجّ: 77] {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ارْكَعُوا وَاسْجُدُوا وَاعْبُدُوا رَبَّكُمْ وَافْعَلُوا الْخَيْرَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ *} . 8- ... [الفُرقان: 60] {وَإِذَا قِيلَ لَهُمُ اسْجُدُوا لِلرَّحْمَانِ قَالُوا وَمَا الرَّحْمَانُ أَنَسْجُدُ لِمَا تَأْمُرُنَا وَزَادَهُمْ نُفُورًا *} . 9- ... [النَّمل: 25-26] {أَلاَّ يَسْجُدُوا لِلَّهِ الَّذِي يُخْرِجُ الْخَبْءَ فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَيَعْلَمُ مَا تُخْفُونَ وَمَا تُعْلِنُونَ *اللَّهُ لاَ إِلَهَ إِلاَّ هُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ *} . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 193 10- [السَّجدَة: 15] {إِنَّمَا يُؤْمِنُ بِآيَاتِنَا الَّذِينَ إِذَا ذُكِّرُوا بِهَا خَرُّوا سُجَّدًا وَسَبَّحُوا بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَهُمْ لاَ يَسْتَكْبِرُونَ *} . 11- [ص: 24] {قَالَ لَقَدْ ظَلَمَكَ بِسُؤَالِ نَعْجَتِكَ إِلَى نِعَاجِهِ وَإِنَّ كَثِيرًا مِنَ الْخُلَطَاءِ لَيَبْغِي بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ إِلاَّ الَّذِينَ آمَنُوا وعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَقَلِيلٌ مَا هُمْ وَظَنَّ دَاوُودُ أَنَّمَا فَتَنَّاهُ فَاسْتَغْفَرَ رَبَّهُ وَخَرَّ رَاكِعًا وَأَنَابَ *} . وهذه السجدة قد أثبتت في المصحف، ولكنها عند الشافعية سجدة شكر، وعند أحمد فيها روايتان، كما سبق بيانه. 12- [فُصّلَت: 38] {فَإِنْ اسْتَكْبَرُوا فَالَّذِينَ عِنْدَ رَبِّكَ يُسَبِّحُونَ لَهُ بِاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَهُمْ لاَ يَسْأَمُونَ *} . 13- [النّجْم: 62] {فَاسْجُدُوا لِلَّهِ وَاعْبُدُوا *} . 14- [الانشقاق: 21] {وَإِذَا قُرِىءَ عَلَيْهِمْ الْقُرْآنُ لاَ يَسْجُدُونَ *} . 15- [العَلق: 19] {كَلاَّ لاَ تُطِعْهُ وَاسْجُدْ وَاقْتَرِبْ *} . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 194 والحاصل في ذلك: أن القارئ إذا مرّ بآية فيها سجدة: استقبل القبلة، ثم كبّر، وسجد، وجلس بعد سجوده من غير قراءة التحيّات، ثم سلّم. ويُلحظ في ذلك أن يكون سجوده عقيب التلاوة للآية أو سماعها، فإن طال الفصل بين التلاوة أو السماع وبين السجود، فات السجود، ثم لا يقضيه، والله أعلم. *** الجزء: 1 ¦ الصفحة: 195 الباب السادس في نبذةٍ يسيرةٍ من علم القِراءات الجزء: 1 ¦ الصفحة: 197 اعلم - رحمني الله وإياك - أن هذا العلم هو من أشرف العلوم الشرعية، وقد ساد جهلٌ به حتى بين بعض طلبة العلم، حيث اعتبره بعضهم من متفرعات العلم لا من أصوله، أما عامة المسلمين، فإنهم يعتبرونه من مهام المتخصصين في العلم الشرعي، ولا شأن لهم به، بل ليس لدى كثير منهم أدنى فكرة عنه، لذا، فقد أحببت إيراد نبذة مُيسَّرة عن هذ العلم لتكون - إن شاء الله - قاسماً مشتركاً بين المسلمين بنية التعريف به، وتنبيه الناس على أهميته، وإطلاعهم على أهم أسسه، ولو من باب العلم بالشيء، حيث لا يجمل بالمسلم جهله التام بهذا العلم، وقد قسمت هذا الباب إلى مباحث عدة وهي: - ... التعريف بالأحرف السبعة، وبالقراءات السبعة، وبيان العلاقة بينهما. - ... التعريف بالقرّاء السبعة، والرواة عنهم. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 199 - ... التعريف بمعنى الأصول والفَرْش من القراءات السبعة. - ... التعريف بمرجعَيْ هذا العلم من المصنفات. - ... التعريف بطريق تعلم هذا العلم. الأحرف السبعة: لقد روي حديث نزول القرآن على سبعة أحرف، عن جمع كبير من الصحابة رضي الله عنهم، قاربوا واحداً وعشرين صحابياً منهم: أبو بكر، وعمر، وعثمان، وابن مسعود، وابن عباس، وغيرهم، رضي الله عنهم أجمعين. فمن ذلك: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أَقْرَأَنِي جِبْرِيلُ عَلَيْهِ السَّلامُ عَلَى حَرْفٍ فَرَاجَعْتُهُ فَلَمْ أَزَلْ أَسْتَزِيدُهُ فَيَزِيدُنِي حَتَّى انْتَهَى إِلَى سَبْعَةِ أَحْرُفٍ» (84) . وهذا الحديث مرويٌّ في الصحيحين، إلا أن مسلماً زاد: «قال ابن شهاب: بلغني أن تلك السبعة في الأمر الذي يكون واحداً لا يختلف في حلال ولا حرام» . اهـ.   (84) أخرجه البخاري؛ كتاب: بدء الخلق، باب: ذكر الملائكة صلوات الله عليهم، برقم (3219) ، عن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما. ومسلم؛ كتاب: صلاة المسافرين وقَصْرِها، باب (بيان أن القرآن على سبعة أحرف وبيان معناه) ، برقم (819) ، عنه أيضاً. واللفظ لمسلم. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 200 ولدينا حديث في مسلم فيه قول جبريل للنبيِّ صلى الله عليه وسلم: «إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكَ أَنْ تَقْرَأَ أُمَّتُكَ الْقُرْآنَ عَلَى سَبْعَةِ أَحْرُفٍ، فَأَيُّمَا حَرْفٍ قَرَءُوا عَلَيْهِ فَقَدْ أَصَابُوا» (85) . وقد ثبت أيضاً إقرار النبيِّ صلى الله عليه وسلم الصحابة منهم: عمر ابن الخطاب، وهشام بن حكيم، وأبيّ بن كعب، وعمرو بن العاص، وعبد الله بن مسعود، وزيد بن ثابت، رضي الله عنهم أجمعين، أقرَّهم عليه الصلاة والسلام كلٌّ كما قرأ. ويمكن لك - أخي القارئ - أن تستدلَّ من مجموع هذه النصوص على ما يأتي: 1- ... إثبات نزول القرآن على سبعة أحرف، وهي الاختلاف في الألفاظ وأدائها، من حيث الأوجه التي قد يقع فيها التغاير والاختلاف. 2- ... أن الحكمة في إنزاله كذلك هي التيسير على الأمّة. 3- ... أن المراد بالسبعة، حقيقة العدد المعروف. [وذلك   (85) أخرجه مسلم؛ كتاب: صلاة المسافرين وقَصْرِها، باب (بيان أن القرآن على سبعة أحرف وبيان معناه) ، برقم (821) ، عن أبيِّ ابن كعبٍ رضي الله عنه. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 201 من أحاديث ثبتت في مراجعة النبيِّ صلى الله عليه وسلم جبريل عليه السلام بعدما أقرأه على حرف ثم على حرفين، وهكذا] . 4- ... أن من قرأ بأيٍّ منها فقد أصاب. 5- ... أنه ليس المراد بالأحرف السبعة أن كل كلمة في القرآن تقرأ على سبعة أوجه، بل المراد كون القرآن قد أنزل موسَّعاً فيه على القارئ، فمنه ما يقرأ على وجوه عدة، لا تخرج جميعها عن كونها سبعة. والله أعلم (86) . إذاً، ما هو المذهب المختار في معنى الأحرف السبعة، بعدما تبيَّن لك علمُ ما ذُكِر آنفًا؟ المذهب المختار (87) ، والله أعلم، هو أن الأوجه التي قد يقع بها التغاير والاختلاف في الكلام، لا تخرج عن سبعة أوجهٍ، هي: 1- ... اختلاف الأسماء [في الإفراد والتثنية والجمع والتذكير والتأنيث] .   (86) انظر في هذا المبحث: الكلامَ النفيس للشيخ محمد الزرقاني، في كتابه «مناهل العرفان في علوم القرآن» (1/130) وما بعدها. (87) انظر مقدمة كتاب: الوافي في شرح الشاطبية، للشيخ عبد الفتاح القاضي رحمه الله. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 202 2- ... اختلاف الأفعال [من ماضٍ ومضارع وأمر] . 3- ... اختلاف وجوه الإعراب بين جزم، ورفع، ونصب، وجر. 4- ... اختلاف بالنقص والزيادة. 5- ... اختلاف بالتقديم والتأخير. 6- ... اختلاف بالإبدال، أي جعل حرف مكان آخر. 7- ... اختلاف باللهجات، كالفتح والإمالة، والإظهار والإدغام، والتسهيل والتحقيق، والتفخيم والترقيق ... إلخ. وإن المتأمل لجميع القراءات السبع وغيرها، يجدها لا تخرج عن هذه الاختلافات. لذلك، فإن الصواب - والله أعلم - أن جميع القراءات السبع بل العشر، هي متضمَّنة في الأحرف السبعة التي نزل القرآن الكريم عليها، تيسيراً للأمة. وهذه القراءات جميعها موافقة للعَرْضة الأخيرة، وموافقة الجزء: 1 ¦ الصفحة: 203 لخطِّ مصحفٍ من مصاحف عثمانَ رضي الله عنه التي بعث بها إلى الأمصار؛ وذلك بعد أن أجمع الصحابة عليها، واطَّرحوا كلَّ ما خالَفَها. أما القراءات السبع: فهي ما نقله لنا أئمة القراءات من اختلاف في أداء ألفاظ القرآن الكريم، كما تلقَّوْها بالسند الموصول إلى النبيِّ صلى الله عليه وسلم، وقد وصلت إلينا عن طريق الرواة عنهم تلقياً. وهذه القراءات هي: - قراءة الإمام عاصم الكوفي، وعنه: حفص وشعبة. - قراءة الإمام نافع المدني، وعنه: قالون وورش. - قراءة الإمام عبد الله بن كثير المكي، وعنه: البَزِّي وقُنْبُل. - قراءة الإمام أبي عمرو البصري، وعنه: الدُّوري الجزء: 1 ¦ الصفحة: 204 والسُّوسي، الآخذان عن يحيى اليزيدي، عن الإمام أبي عمرو، رحم الله الجميع. - قراءة الإمام عبد الله بن عامر الشامي، وعنه هشام وابن ذَكْوان. - قراءة الإمام حمزة بن حبيب الزيَّات، وعنه خَلَف وخلاّد. - قراءة الإمام علي الكِسائي، وعنه: الليث والدُّوري، وهو الدُّوري نفسه الذي روى عن الإمام أبي عمرو البصري - كما تقدم. ... ولكل قارئ منهم أصول وفَرْش يتميز بها عن غيره من القراء السبعة. ... وإذا شئت معرفة معنى الأصل والفَرْش. فالأصل: هو قاعدة القراءة العامة التي تلقاها القارئ ويُقرئ بها، وهي أحكام كلية مطَّردة، مُتحقَّقة في جميع أفرادها. ومثالها: من أصول جميع القراء السبعة مثلاً: إدغام الجزء: 1 ¦ الصفحة: 205 التنوين والنون الساكنة المتطرفة في اللام والراء بلا غنة، نحو: {هُدَىً لِلْمُتَّقِينَ} {ثَمَرَةٍ رِزْقًا} {وَلَكِنْ لاَ يَعْلَمُونَ} {مِنْ رَبِّهِمْ} . ومن أصول القارئَيْن: الكسائي وعاصم، مثلاً، القراءةُ بإثبات البسملة بين كل سورتين، بينما من أصول القارئ حمزة، مثلاً، الوصلُ بين السورتين، بغير بسملة بينهما ... ، وهكذا. أما الفَرْش: وهو المسمّى بفرش الحروف، وتكون كلماته متفرقه في السور، منثورة كاللآلىء فيها، وهي كلمات قرآنية بعينها، مختلف في أدائها بين القراء، لا على أنها داخلة في قاعدة كلية مطَّردة. ومثال على الفَرْش: قراءة ابن عامر الشامي، وعاصم وحمزة والكسائي، كلمة «يَخْدَعون» من قوله تعالى: [البَقَرَة: 9] {وَمَا يَخْدَعُونَ إِلاَّ أَنْفُسَهُمْ وَمَا يَشْعُرُونَ} . قرؤوها بفتح الياء والدال، بينما قرأ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 206 غيرهم وهم نافع وابن كثير وأبو عمرو «وما يُخَادِعون» ، على المفاعلة: بالألف وبضم الياء وفتح الخاء، مع كسر الدال. وهكذا، أرجو أن تكون أخي القارئ قد نلت حظاً من هذا العلم، فإن أردت المزيد فعليك بأشهر مصادر هذا العلم: (1) ... قصيدة «حِرْز الأماني ووجه التهاني» ، والمشتهرة بالمنظومة الشاطبية نسبة لناظمها: الإمام أبي القاسم بن فِيرُّهْ بن خلف بن أحمد الشاطبي الأندلسي رحمه الله، المولود في آخر سنة 538هـ بشاطبةَ من بلاد الأندلس، والمتوفَّى سنة 590 من الهجرة، في القاهرة. (2) ... «الدرة المضيّة في القراءات الثلاث المتممة للعشر» - أي الصغرى - للإمام الحافظ أبي الخير محمد بن الجزري المولود بدمشق الشام سنة 751 من الهجرة، والمتوفى سنة 833 هـ في شيراز، رحمه الله. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 207 (3) ... «طيبة النشر في القراءات العشر» - أي الكبرى - المشتهرة بالطيبة، وهي للإمام ابن الجزري، أيضًا. وقد استقرّ التلقي عند أهل الأداء، من هذه المصادر المباركة. وفقني الله وإياك لسلوك سبيل التلقي، وحُسن الأداء، وتوقير أهل القرآن، واللحاق بهم، آمين. *** الجزء: 1 ¦ الصفحة: 208 الباب السابع فرائدُ من فوائدَ لها ... صلة بالقرآن الجزء: 1 ¦ الصفحة: 209 إن المؤمن الحقَّ لا يسعه إلا أن يُولِيَ كتاب الله عزَّ وجلَّ كلَّ إجلال، وإن من إجلال القرآن وتعظيمِه الاجتهاد في معرفة كلِّ ما له صلة به، وقد أفرد علماء الأمة كلَّ علم متعلِّقٍ بكتاب الله بالبحث والتأليف، ومن تلك العلوم: أسباب النزول، وجمع القرآن وترتيبه، والمكي والمدني، ومعرفة أول ما نزل وآخر ما نزل، وأقسام القرآن، وأمثاله، ثم عمد بعض العلماء إلى جمع تلك العلوم تحت مسمّى (علوم القرآن) (88) ، وقد اخترت لك - أخي القارئ - في هذا الباب عشرين فائدة منتقاة من تلك العلوم الجليلة، يَحسُن بكل مسلم معرفتها؛ وهي كالآتي: 1- ... ذكر ستة فروق بين القرآن الكريم والحديث القدسي: * ... القرآن الكريم جميعه منقول بالتواتر، فهو قطعيُّ الثبوت، والأحاديث القدسية غالبها من خبر الآحاد، فهي ظنيَّة الثبوت، فقد يكون منها   (88) من أشهر الكتب المتقدمة في مجمل علوم القرآن: «البرهان في علوم القرآن» لبدر الدين الزركشي، و «الإتقان في علوم القرآن» لجلال الدين السيوطي، أما كتب المعاصرين فمن أحسنها: «مناهل العرفان في علوم القرآن» لمحمد عبد العظيم الزُّرْقاني، وكتاب: «مباحث في علوم القرآن» لمنّاع القطّان. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 211 الصحيح أو الحسن أو الضعيف. * ... القرآن الكريم من عند الله لفظًا ومعنى، بينا الحديث القدسي معناه من عندالله ولفظه من تعبير النبيِّ صلى الله عليه وسلم، فهو وحيٌ بالمعنى دون اللفظ. * ... القرآن الكريم مُتعبَّد بتلاوته، فتتعيّن القراءة به في الصلاة، والحديث القدسي لا تُجزِئ قراءته في الصلاة، ولا يُثاب بقراءته الحرف بعشر حسنات كما هو الحال في تلاوة القرآن. * ... القرآن الكريم لا يمسُّه إلا طاهر، ويجوز مسُّ كتابٍ حوى أحاديثَ قدسيةٍ على غير طهارة. * ... القرآن الكريم لا يُنسب الكلام فيه إلا إلى الله تعالى، فيقال: قال الله تعالى، أما الحديث القدسي فتجوز نقل روايته بنسبته إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم على سبيل الإخبار، فتقول: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم فيما أخبر به عن ربه، أو فيما يرويه عن ربه عزَّ وجلَّ. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 212 * القرآن الكريم وقع به الإعجاز والتحدي، فلا يقدر أحد أن يأتي بلفظٍ يقوم مقامه، والحديث القدسي هو بتعبير الرسول صلى الله عليه وسلم، كما ذكر آنفًا. 2 - أول ما نزل مطلقًا: مطلع سورة (اقرأ) ، وهو قوله تعالى: [العَلق: 1-5] {اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ *خَلَقَ الإِنْسَانَ مِنْ عَلَقٍ *اقْرَأْ وَرَبُّكَ الأَكَرَمُ *الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ *عَلَّمَ الإِنْسَانَ مَا لَمْ يَعْلَمْ *} . 3 - أول ما نزل من القرآن بعد أن فتر الوحي - أي: انقطع بعد نزول مطلع سورة العلق- كان مطلع سورة المدَّثِر، وهو قوله تعالى: [المدَّثِّر: 1-5] {يَاأَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ *قُمْ فَأَنْذِرْ *وَرَبَّكَ فَكَبِّرْ *وَثِيَابَكَ فَطَهِّرْ *وَالرُّجْزَ فَاهْجُرْ *} . 4- ... آخر ما نزل على الإطلاق، هو قوله تعالى: [البَقَرَة: 281] {وَاتَّقُوا يَوْمًا تُرْجَعُونَ فِيهِ إِلَى اللَّهِ ثُمَّ تُوَفَّى كُلُّ نَفْسٍ مَا كَسَبَتْ وَهُمْ لاَ يُظْلَمُونَ *} . 5- ... آخر آية نزلت في الفرائض - أي: أحكام الجزء: 1 ¦ الصفحة: 213 المواريث - هي آية الكلالة، في خاتمة سورة النساء، وهي قوله تعالى: [النِّسَاء: 176] {يَسْتَفْتُونَكَ قُلِ اللَّهُ يُفْتِيكُمْ فِي الْكَلاَلَةِ إِنِ امْرُؤٌ هَلَكَ لَيْسَ لَهُ وَلَدٌ وَلَهُ أُخْتٌ فَلَهَا نِصْفُ مَا تَرَكَ وَهُوَ يَرِثُهَا إِنْ لَمْ يَكُنْ لَهَا وَلَدٌ فَإِنْ كَانَتَا اثْنَتَيْنِ فَلَهُمَا الثُّلُثَانِ مِمَّا تَرَكَ وَإِنْ كَانُوا إِخْوَةً رِجَالاً وَنِسَاءً فَلِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الأُنْثَيَيْنِ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ أَنْ تَضِلُّوا وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ *} . 6- ... آخر سورة نزلت جميعًا سورة النصر: [النّصر: 1-3] {إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ *وَرَأَيْتَ النَّاسَ يَدْخُلُونَ فِي دِينِ اللَّهِ أَفْوَاجًا *فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَاسْتَغْفِرْهُ إِنَّهُ كَانَ تَوَّابًا *} . 7- ... آخر سورة اكتملت آياتها هي سورة التوبة. 8- ... مدة نزول القرآن الكريم: ثلاث وعشرون سنة، هي من مبدأ مبعث النبيِّ صلى الله عليه وسلم إلى قُبيل وفاته بما يَقْرُب تسع ليالٍ. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 214 9- ... عدد تنزُّلات القرآن ثلاثة: الأول جملة واحدة إلى اللوح المحفوظ، والثاني: جملة واحدة أيضًا إلى بيت العِزَّة في السماء الدنيا. أما التنزُّل الثالث: فهو بوساطة أمين الوحي جبريل عليه السلام، حيث نزل به على قلب النبيِّ صلى الله عليه وسلم، مُفرَّقًا مدة النبوَّة. 10- المقصود بالقرآن المكي: ما نزل قبل الهجرة ولو نزل في غير مكة، والمقصود بالقرآن المدني: ما نزل بعد الهجرة ولو نزل في غير المدينة، فالضابط في معرفة المكي والمدني هو ضابط زماني لا مكاني. 11- من ضوابط معرفة المكي والمدني: أن كلَّ ما كان فيه [البَقَرَة: 104] {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا} فهو مدني، وما كان فيه [البَقَرَة: 168] {يَاأَيُّهَا النَّاسُ} فهو مكي، وهذا الضابط محمول - ولا شك - على الغالب. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 215 12- عدد أجزاء القرآن الكريم ثلاثون جزءًا، كل جزء فيه حزبان، وعدد سور القرآن مائة وأربع عشرة سورة، وعدد صفحات مصحف المدينة النبوية ستمائة وأربع، أما الآيات فقد اتفق العادُّون على أنها ست آلاف ومائتا آية وكسر، وهذا الكسر المختلف في تعداده هو ما بين أربع إلى ست وثلاثين آية (89) ، وسبب الخلاف هو توقُّف بعض القرَّاء على رؤوس الآي اتباعًا للمتقدِّم من فعل النبيِّ صلى الله عليه وسلم ووصلُ بعضهم لها اتباعًا لما تأخَّر من فعله صلى الله عليه وسلم، طلبًا لتمام المعنى، وذلك حين تبيَّن لعموم الصحابة رضي الله عنهم رؤوس الآيات، والله أعلم. 13- سُوَر القرآن أربعة أقسام: أ- ... الطِّوال، وهي سبع: البقرة، وآل عمران، والنساء، والمائدة، والأنعام، والأعراف، أما السابعة فهي: الأنفال، أو: الأنفال وبراءة معًا؛ لعدم الفصل بينهما بالبسملة، وقيل: هي سورة يونس عليه السلام.   (89) لمعرفة تفصيل الكسر الزائد عن المائتين، انظر: مناهل العرفان للزرقاني (1/343) . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 216 ب- ... المئون: هي السور التي تزيد آياتها على مئة أو تقاربها. جـ- ... المثاني: السور التي آيُها أقل من مائة. د- ... المُفصَّل: هي أواخر سُوَر القرآن، وأولها سورة الحُجُرات؛ وسمي بالمفصل لكثرة الفصل بين سُوَرِه بالبسملة. 14- أطول سورة هي سورة البقرة، وأقصرها سورة الكوثر. 15- أطول آية: آية الدَّيْن، وأقصر آية: [يس: 1] {يس *} . 16- انعقد إجماع الأمة على أن ترتيب آيات القرآن الكريم على ما هو عليه الآن كان بتوقيفٍ من النبيِّ صلى الله عليه وسلم. 17- ترتيب السور على النمط الذي نراه اليوم بالمصاحف، الراجح فيه أنه توقيفي أيضًا - أي: الجزء: 1 ¦ الصفحة: 217 متوقِّف على الدليل وليس باجتهاد - وهو الآن على ما كان عليه في العَرْضة الأخيرة لجبريل عليه السلام على النبيِّ صلى الله عليه وسلم. 18- جَمَع القرآنَ في صدره من الصحابة جمٌّ غفير، وصل تعدادهم إلى مائة وأربعين ويزيد، منهم: الأربعة الخلفاء، وأبيُّ بن كعب، ومعاذ بن جبل، وزيد بن ثابت، وأبو زيد، وأبو الدرداء، وغيرهم رضي الله عنهم أجمعين. 19- جُمع القرآن في عهد النبيِّ صلى الله عليه وسلم، حفظًا في صدور الرجال، وكتابةً في [العُسُب واللِّخاف والرقاع وقطع الأديم] (90) ، ونحوها، إلا أنه لم يُكتب في صحف ولا في مصاحف. ثم جُمع القرآن في حياة أبي بكر رضي الله عنه في صحف جَمَعها زيد بن ثابت رضي الله عنه، ثم استقر الجمع على عهد عثمان رضي الله عنه في المصحف الإمام، وذلك حول أواخر سنة أربع وعشرين وأوائل سنة خمس وعشرين من   (90) العُسُب، جمع: عَسيبٍ، وهو جريد النخل. ... واللِّخاف: جمع: لَخْفة، وهي الحجارة الرقيقة. ... والرِّقاع، جمع: رُقْعة، وقد تكون من جلد أو ورق أو كاغد. ... والأديم، هو: الجلد. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 218 الهجرة، جمعه أربعة من خيرة الصحابة، هم: زيد ابن ثابت، وعبد الله بن الزبير، وسعيد بن العاص، وعبد الرحمن بن الحارث ابن هشام. وقد استُنْسِخ من هذا المصحف الإمام مصاحفُ أُرسِلت إلى الأمصار الإسلامية. 20- أنواع فواتح سور القرآن عشرة (91) : - ... بالثناء على الله تعالى؛ ومن ذلك التحميد والتسبيح:، {سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلاً} . - ... بحروف التهجي، وهي في مطلع تسع وعشرين سورة، افتتحت بأربع عشرة حرفًا مجموعة في قولك: (نَصٌّ حَكِيمٌ لَهُ سِرٌّ قَاطِعٌ) . - ... بالنداء، وذلك في عشر سور؛ منها خمس بنداء الرسول صلى الله عليه وسلم وخمس بنداء الأمة؛ فمثال الأولى قوله تعالى: [الأحزَاب: 1] {يَاأَيُّهَا النَّبِيُّ} ومثال الثانية قوله   (91) أفرد هذه الأنواع بالتأليف ابن أبي الأصبع في كتاب سمّاه: «الخواطر السوانح في أسرار الفواتح» ، وقد لخّص السيوطيُّ ما ذكره ابن أبي الأصبع في كتابه، ثم زاد عليه. انظر: «الإتقان» للسيوطي (3/316) . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 219 تعالى: [الحُجرَات: 1] {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا} ، [الحج: 1] {يَاأَيُّهَا النَّاسُ} . - ... بالجُمَل الخبريَّة: [الأنفَال: 1] {يَسْأَلُونَكَ عَنِ الأَنْفَالِ} ، [النّحل: 1] {أَتَى أَمْرُ اللَّهِ فَلاَ تَسْتَعْجِلُوهُ} ، [المؤمنون: 1] {قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ *} . - ... بالقسم في خمس عشرة سورة؛ منها قوله تعالى: [الصَّافات: 1] {وَالصَّآفَّاتِ} . - ... بالشرط، وذلك في سبع سُوَر؛ منها قوله تعالى: [الواقِعَة: 1] {إِذَا وَقَعَتِ الْوَاقِعَةُ *} . - ... بالأمر في ست سُوَر؛ منها قوله تعالى: [الجنّ: 1] {قُلْ أُوْحِيَ إِلَيَّ أَنَّهُ اسْتَمَعَ نَفَرٌ مِنَ الْجِنِّ} . - ... بالاستفهام في ست سُوَر أيضًا؛ منها قوله تعالى: [النّبَإِ: 1] {عَمَّ يَتَسَاءَلُونَ *} . - ... بالتعليل، وذلك في سورة واحدة: [قُرَيش: 1] {لإِِيلاَفِ قُرَيْشٍ *} . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 220 - ... بالدعاء بالثبور والهلاك - أي: الحكم به - في سُوَر ثلاث: [المطفّفِين: 1] {وَيْلٌ لِلْمُطَفِّفِينَ *} ، [الهُمَزة: 1] {وَيْلٌ لِكُلِّ هُمَزَةٍ لُمَزَةٍ *} ، [المَسَد: 1] {تَبَّتْ يَدَا أَبِي لَهَبٍ وَتَبَّ *} . هذا، وقد نظم هذه الاستفتاحات أبو شامةَ المَقْدسي رحمه الله، في بيتين (92) ، فقال: أثنى على نفسه سبحانه بثُبو ... ... ... ... ... تِ الحمد والسلب لمَّا استفتح السُّوَرا والأمر شرط النِّدا والتعليل والقَسَم الدُّ ... ... ... ... ... عا حروف التهجِّي استفهم الخَبَرا   (92) البيتان نقلهما الإمام السيوطيُّ في «الإتقان» (3/317) . ومعنى السلب في عَجُز البيت الأول: التسبيح، وهو: نفي وتنزيه من صفات النقص. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 221 الباب الثامن في أحكامٍ متعلقةٍ بإكرام المصحف الجزء: 1 ¦ الصفحة: 223 أخي القارىء الحبيب! رأيت أن أختم خدمتي هذه لكتاب الله تعالى، بجملة أحكام لا يستغني عنها طالب هذا العلم الشريف (93) : - فمن ذلك: - ... وجوب احترام المصحف وصيانته، حيث أجمع المسلمون على ذلك، فلو استهان به مسلم، والعياذ بالله - أو استخفّ به، بأن توسّده مثلاً، فقد ارتكب إثماً مبيناً، ومن أهانه - والعياذ بالله - كأن ألقاه مع نفايات، صار المُلْقِي كافراً. - ... حرمة المسافرة بالمصحف إلى أرض العدو، إذا خيف من وقوعه في أيديهم، فقد «نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَنْ يُسَافَرَ بِالْقُرْآنِ إِلَى أَرْضِ الْعَدُوِّ، مَخَافَةَ أَنْ يَنَالَهُ الْعَدُوُّ» (94) . ... ويُحمل ذلك - والله أعلم - على ما إذا علم المسلم أنهم سيهينون المصحف، كأن يكون المسلمون في حالة حرب معهم، وإلا فقد   (93) هذه الأحكام جميعها، مستفادة من كتاب الإمام النووي رحمه الله: «التبيان في آداب حملة القرآن» ص (150) وما بعدها. (94) أخرجه البخاري؛ كتاب: الجهاد والسِّيَر، باب: كراهية السفر بالمصاحف إلى أرض العدو، برقم (2990) ، عن عبد الله ابن عمر رضي الله عنهما. ومسلم؛ كتاب: الإمارة، باب: النهي أن يُسافر بالمصحف إلى أرض الكفار إذا خِيف وقوعه بأيديهم، برقم (1869) ، عنه أيضاً. واللفظ لمسلم. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 225 انتشرت المصاحف في أرض الكفار في عصرنا هذا. - ... حرمة مسّ المصحف على المحدِث وحمله، حتى ولو كُُتِب في ألواح، سواء قلَّ المكتوب أو كَثُر. أما كتب العلم من فقه وغيره، ولو احتوت على آيات من القرآن، فقد جاز حملها، لأنها ليست بمصحف. وأما كتب التفسير؛ فإن كان القرآن فيها أكثر من غيره حَرُم مسُّها وحملها. وإلا فلا. - ... جواز مسِّ المصحف لمن لم يجد ماءً فتيمَّم. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 226 خاتمة: هذا آخر ما يسَّر اللهُ تعالى من قَصْد جمعِ علمٍ نافعٍ لأهل القرآن، وهم أهلُ الله وخاصَّتُه، ومن بَذْلِ وسعٍ في نفعهم، وإني لأسأل اللهَ جلَّتْ قدرتُه أن يُلبِس هذا العملَ ثوب القبول، وأن ينوِّل كلَّ من قرأه وعمل به غايةَ السُّول، وأن يُحِلَّنا جميعاً دار المُقامة من فضله، بواسع طَوْله وسابغ نَوْله، وبعظيم قوته وحَوْله، خاتماً ذلك بحُسن الثناء على ربي الله جلّ جلاله، مصلِّياً ومسلِّماً على من أُنزِل عليه الكتاب وعلى آله، وصحبه ومن تمسَّك بهديه وسار على مِنْواله. د. خالد بن عبد الرحمن الجريسي الجزء: 1 ¦ الصفحة: 227 ثبت المراجع (1) الألباني، محمد ناصر الدين، سلسلة الأحاديث الضعيفة والموضوعة، المكتب الإسلامي، بيروت - دمشق، 1405هـ - 1985م. (2) ابن الجزري، أبو الخير محمد بن محمد الدمشقي، النشر في القراءات العشر، تخريج زكريا عميرات، دار الكتب العلمية، بيروت، ط1، 1418هـ - 1998م. (3) ابن حنبل، أحمد بن حنبل الشيباني، مسند الإمام أحمد ابن حنبل [164- 241هـ] ، بيت الأفكار الدولية، 1419هـ - 1998م. (4) ابن كثير، أبو الفداء عماد الدين إسماعيل، فضائل القرآن الكريم، تحقيق أبي إسحاق الحويني الأثري، مكتبة ابن تيمية، القاهرة، ط1، 1416هـ. (5) البخاري، محمد بن إسماعيل [194-256هـ] ،، الأدب المفرد، تحقيق سمير بن أمين الزهيري، مكتبة المعارف، الرياض، 1419هـ - 1998م، [1 -2] . (6) البقاعي، إبراهيم بن عمر، القول المفيد في أصول التجويد لكتاب ربنا المجيد، تحقيق خير الله الشريف، دار البشائر الإسلامية، بيروت، ط1، 1416هـ - 1995م. (7) الترمذي، أبو عيسى محمد بن عيسى بن سَوْرة، سنن الترمذي، تحقيق أحمد محمد شاكر، مكتبة ومطبعة مصطفى الحلبي، ط2، 1398هـ. (8) الجار الله، عبد الله بن إبراهيم، فضائل القرآن الكريم. (9) الجمزوري، سليمان، تحفة الأطفال والغلمان في تجويد القرآن، شرح علي بن محمد الضباع، علق عليه أبو محمد أشرف بن عبد المقصود، مكتبة أضواء السلف، الرياض، 1418هـ - 1998م. (10) حسني شيخ عثمان، حق التلاوة، دار المنارة، جدة، ط12، 1418هـ - 1998م. (11) الذهبي، أبو عبد الله محمد بن أحمد بن عثمان، ميزان الاعتدال في نقد الرجال، تحقيق علي محمد البجاوي، دار المعرفة، بيروت. (12) الراغب، أبو القاسم الحسين بن محمد الأصفهاني، المفردات في غريب القرآن، تحقيق محمد خليل عيتاني، دار المعرفة، بيروت، ط1، 1418هـ - 1998م. (13) الزرقاني، محمد بن عبد العظيم، مناهل العرفان في علوم القرآن، تحقيق فوّاز أحمد زمرلي، دار الكتاب العربي، بيروت، ط2، 1417هـ - 1996م. (14) الزركشي، بدر الدين محمد بن عبد الله، البرهان في علوم القرآن، تحقيق محمد أبو الفضل إبراهيم، المكتبة العصرية، بيروت. (15) السجستاني، أبو داود سليمان بن أشعث، سنن أبي داود، فهرسة كمال يوسف الحوت، دار الجنان، 1409هـ. (16) السيوطي، الحافظ جلال الدين، الإتقان في علوم القرآن، تحقيق محمد أبو الفضل إبراهيم، المكتبة العصرية، بيروت، 1408هـ - 1988م. (17) الشاطبي، القاسم بن فيرُّه [ت 590هـ] ، متن الشاطبية المسمى (حرز الأماني ووجه التهاني في القراءات السبع) ، ضبطه محمد تميم الزعبي، دار المطبوعات الحديثة، المدينة المنورة، ط2، 1410هـ - 1990م. (18) الشميري، عبد الرقيب بن حامد، أسنى المعارج إلى معرفة صفات الحروف والمخارج، مكتبة التوبة، الرياض، ط2، 1412هـ - 1992م. (19) الطبراني، أبو القاسم سليمان بن أحمد [260-360هـ] ، المعجم الكبير، تحقيق حمدي بن عبد المجيد السلفي، مكتبة ابن تيمية، القاهرة، ط2، 1404هـ - 1983م، [1-25] . (20) العراقي [725 - 806 هـ] وابن السبكي [727 - 771 هـ] والزبيدي [1145 - 1205 هـ] ، تخريج أحاديث إحياء علوم الدين، استخراج أبي عبد الله محمود بن محمد الحداد، دار العاصمة، الرياض، 1408هـ - 1987م. (21) عزة عبيد دعّاس، فن التجويد، دن، ط16، 1409هـ - 1989م. (22) الفيروز آبادي، مجد الدين محمد بن يعقوب [ت 817هـ] ، بصائر ذوي التمييز في لطائف الكتاب العزيز، المكتبة العلمية، بيروت. (23) القاضي، عبد الفتاح بن عبد الغني [ت 1403هـ] ، الوافي في شرح الشاطبية في القراءات السبع، مكتبة الدار، المدينة المنورة، 1404هـ - 1983م. (24) القرطبي، محمد بن أحمد، الجامع لأحكام القرآن، تحقيق عبد الرزاق المهدي، دار الكتاب العربي، بيروت، ط3، 1421هـ - 2000م، [1 - 20] . (25) القشيري، مسلم بن الحجاج النيسابوري [206-261هـ] ، صحيح مسلم، تحقيق محمد فؤاد عبد الباقي، دار إحياء الكتب العربية، القاهرة، دت. (26) اللحيدان، محمد بن إبراهيم، فتح الرحمن بذكر جملة ثابتة من الأحاديث في فضائل القرآن، دار الحميضي، الرياض، ط2، 1413هـ. (27) مصري، محمد بن نبهان بن حسين، مذكرة في التجويد، دار القبلة للثقافة الإسلامية، جدة، ط3، 1411هـ. (28) النووي، محيي الدين يحيى بن شرف [631-676هـ] ، التبيان في آداب حملة القرآن، تحقيق عبد القادر الأرناؤوط، دار نور المكتبات، جدة، 1418هـ - 1997م.