الكتاب: المنتحل المؤلف: عبد الملك بن محمد بن إسماعيل أبو منصور الثعالبي (المتوفى: 429هـ) المحقق: الشيخ أحمد أبو علي (المتوفى:1936م) الناشر: المطبعة التجارية - عرزوزي وجاويش - الإسكندرية الطبعة: 1319 هـ - 1901 م عدد الأجزاء: 1   [ترقيم الكتاب موافق للمطبوع] ---------- المنتحل الثعالبي، أبو منصور الكتاب: المنتحل المؤلف: عبد الملك بن محمد بن إسماعيل أبو منصور الثعالبي (المتوفى: 429هـ) المحقق: الشيخ أحمد أبو علي (المتوفى:1936م) الناشر: المطبعة التجارية - عرزوزي وجاويش - الإسكندرية الطبعة: 1319 هـ - 1901 م عدد الأجزاء: 1   [ترقيم الكتاب موافق للمطبوع] الباب الأول في الخط والكتابة والبلاغة نظماً البحتري: في نظامٍ من البلاغة م ... اشكَّ امرؤٌ أنه نظام فريدِ ومعانٍ لو فصلتها القوافي ... هجَّنت شعر جروَلٍ ولبيدِ حزن مستعمل الكلام اختياراً ... وتجنبنَ ظلمة التعقيدِ وركبنَ اللفظ القريب فأدرك ... نَ به غاية المراد البعيدِ وله أيضاً: من كلّ معنًى يكادُ الميتُ يفهمه ... حسناً ويعبده القرطاسُ والقلمُ وله أيضاً: وإذا دجت أقلامه ثم انتحتْ ... برقتْ مصابيح الدُّجى في كتبهِ فاللفظ يقرب فهمه في بعده ... منا ويبعدُ نيله في قربهِ فكأنها والسّمع معقودٌ بها ... شخص الحبيب بدا لعين محبّهِ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 8 وله أيضاً: قال فيه البليغ ما قال ذو الع ... يِّ وكل بوصفه منطيقُ وكذاك العدوّ لم يعدُ أن قا ... ل جميلاً كما يقول الصَّديقُ كشاجم: وإذا نمنمت بنانك خطاً ... معرباً عن بلاغةٍ وسدادِ عجب النَّاس من بياض معانٍ ... يجتني من سواد ذاك المدادِ ابن أبي البغل: مدادٌ مثل خافقة الغرابِ وخطّ مثل موشيِّ الثيابِ وألفاظٌ كأيَّام الشَّبابِ أبو الفتح البستي: خطّه روضةٌ وألفاظه الأز ... هار يضحكنَ والمعاني الثّمارُ غيره: كلامٌ بل مدادٌ بل نظامٌ ... من المرجانِ بل حبُّ الغمامِ ابن الرومي: يرشف القلب ماءه حين يملي ... قبل رشف الهواءِ ماءَ مداده أبو الطيب المتنبي: الجزء: 1 ¦ الصفحة: 9 في خطِّه من كل قلب شهوةٌ ... حتَّى كأنَّ مدادَه الأهواءُ ولقبرهِ في كلّ عين قرةٌ ... حتَّى كأنَّ مغيبه الأقذاءُ المريمي: نكرّر طوراً من قراءة فصله ... فإن نحن أتممنا قراءته عدنا إذا ما نشرناهُ فكالمسك نشرهُ ... ونطويه لا طيَّ السآمة بل ضنَّا ابن مندويه: يُطوى وليس بمطويٍّ محاسنه ... فالحسن ينشرهُ والكفُّ تطويهِ علي بن الجهم: حروفٌ إذا لاءمت بالعين بينها ... حكت صنعة الواشي المسدّي المسهم وله أيضاً: الجزء: 1 ¦ الصفحة: 10 يا رقعةً جاءَتكَ مثنيَّةً ... كأنَّها خالٌ على خدِّ ذرُّ سوادٍ في بياض كما ... ذُرَّ فتيتُ المسكِ في الوردِ آخر: أضحكت قرطاسك عن جنَّة ... أشجارها من حكمٍ مثمرهْ مسودَّة سطحاً ومبيضَّة ... أرضاً كمثل اللَّيلة المقمرهْ الوزير المهلبي: وردَ الكتابُ مبشّراً ... نفسي بأنواعِ السّرورِ وفضضتهُ فوجدتُه ... ليلاً على صفحاتِ نورِ مثل السَّوالف والخدو ... د البيض زينت بالشّعورِ أنزلتهُ منِّي بمن ... زلة القلوب منَ الصّدورِ وله أيضاً: وردَ الكتاب فديتهُ منْ واردٍ ... فيهِ لقلبي من حياتي موردُ فرأيت درّاً عقدهُ مُتنظم ... في كلّ فصل منه فصلٌ مفردُ وله أيضاً: وصل الكتاب طليعة الوصلِ ... بغرائب الأفضال والفضلِ فشكرتهُ شكر الفقير إذا ... أغناه ربّ الجود بالبذلِ وحفظته حفظ الأسير وقد ... وردَ الأمان له منَ القتلِ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 11 أبو إسحاق الصابئ: وكمْ من يدٍ بيضاءَ حازتْ جمالها ... يدٌ لك لا تسودُّ من النِقسِ إذا رقشتْ بيض الصَّحائف خلتها ... تطرز بالظَّلماء أردية الشَّمسِ وله أيضاً: فقرٌ لم يزلْ فقيراً إليها ... كلُّ مبدِي بلاغةٍ ومعيدِ يغتدي البارع المفيد لديها ... لاحقاً بالمقصِّر المستفيدِ ببيانٍ شافٍ ولفظٍ مصيبٍ ... واختصارٍ كافٍ ومعنًى سديدِ وله أيضاً: قلْ للوزير أبي محمَّدٍ الذي ... قد أعجزت كلَّ الورى أوصافهُ لكَ في المحافلِ منطقٌ يشفي الجوى ... ويسوغ في أُذن الأديب سلافهُ فكأنَّ لفظك لؤلؤٌ متنخلٌ ... وكأنَّما آذاننا أصدافهُ أبو فراس: وروضةٍ منْ رياضِ الفكرِ دبَّجها ... صوبُ القرائح لا صوبٌ منَ المطرِ كأنَّما نشرتْ أيدي الرَّبيع بها ... بُرداً منَ الوشي أو ثوباً من الحِبرِ الصابئ: لهُ يدٌ غمرتْ جوداً بنائلها ... ومنطقٌ درُّهُ في الطرسِ ينتثرُ فحاتم كامنٌ في بطنِ راحتِها ... وفي أناملها سحبانُ مستترُ وله أيضاً: الجزء: 1 ¦ الصفحة: 12 ولقد جلَّ ألفاظك الغ ... رِّ ولكنَّها دِقاقُ المعاني تتغذَّى بها المسامعُ منَّا ... فهي نعم الغذاء للأبدانِ وكلام كأنَّما فتقُ المس ... كِ به أو تنفسُ الرّيحانِ ابن طاهر: فهو كالخمرِ رقَّةً وصفاءً ... وكما التذَّ عيشه النشوانُ ابن نباتة السعدي: قولٌ هو الماءُ لذَّ مطعمهُ ... وكلُّ قولٍ سواه كالزَّبدِ وله أيضاً: طلعت في القلوبِ ألفاظكَ الغ ... رُّ طلوعَ النجومِ في الآفاقِ بشَّار: وكلام كأنَّه قطعُ الرَّو ... ضِ وفيهِ الصفراءُ والحمراءُ ابن الرومي: أخو قلمٍ صروفُ الدَّهر فيه ... ففيه العيشُ والموتُ الزُّؤامُ إذا سكناتُ صاحبه أملَّت ... على حركاته سكنَ الأنامُ وله أيضاً: نطقتَ بحكمةٍ جلَّى سناها ... عن المعنى اللَّطيفِ دجى الظَّلامِ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 13 تلذُّ كأنَّها رَوْحٌ وراحٌ ... تمشَّى في العروقِ وفي العظامِ ولو أنَّ الكلام غدا جزوراً ... إذاً لذهبت منهُ بالسَّنامُ يقولُ أميرنا إذ ذاقَ منهُ ... كريق النَّحل أوْ دمع الغمامِ أهِزَّة منطق كالسّحر لفظاً ... عرتني أم سُقيت منَ المدامِ القاضي الجرجاني: ولا ذنب للأفكارِ أنت تركتها ... إذا احتشدتْ لم تنتفع باحتشادها سبقتَ بأفراد المعاني وألَّفتْ ... خواطرك الألفاظ بعد شِرادها فإن نحنُ حاولنا اختراعَ بديعةٍ ... حصلنا على مسروقها ومُعادها وله أيضاً: وكنت متى أشحذْ بذكرك خاطري ... يقمْ لي على ما في النّفوسِ دليلُ وكنتُ متى أقرأ كتابك أعترفْ ... بأنَّ الحروفَ الماثلاتِ عقولُ الصاحب بن عباد: بالله قلْ لي أقرطاسٌ تخطُّ بهِ ... من حلةٍ هو أم ألبستهُ حللا بالله لفظك هذا سال من عسلٍ ... أم قدْ صببتَ على أفواهِنا عسلا وله أيضاً: أتتني بالأمسِ أبياتهُ ... تعلِّل رُوحي برَوح الجنانِ كبُرْد الشَّبابِ وبَرد الشَّرابِ ... وظلّ الأمانِ ونيل الأماني وعهد الصِّبا ونسيم الصَّبا ... وصفو الدّنان ورجع القيانِ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 14 فلو أنَّ ألفاظها نظمتْ ... لكانتْ عقودَ نحورِ الغواني عبد الصمد ابن بابك: أزرتكَ يا ابن عبَّاد ثناءً ... كأنَّ نسيمهُ شرِقٌ براحِ ولفظاً ناهبَ الحلي الغواني ... وأهدى السّحر للحدق الملاحِ القاضي التنوخي الكبير: خطٌّ وقرطاسٌ كأنَّ ... هما السّوالفُ والشّعورُ وبدائعٌ تدعُ القلو ... بَ تكادُ من طربٍ تطيرُ في كلِّ معنى كالغنى ... يحويهِ محتاجٌ فقيرُ أوْ كالفكاكِ ينالهُ ... من بعد ما يأسٍ أسيرُ وكأنَّها الإقبال جاء ... أوْ الشّفاء أو النّشورُ وكأنَّها شرخُ الشَّبا ... بِ وعيشه الخضلُ النَّضيرُ وله أيضاً: وصحيفة ألفاظها ... في النّظم كالدّرِّ النثيرِ جاءتْ إليَّ كأنَّها التَّ ... وفيقُ في كلِّ الأمورِ بأرقَّ من شكوى وأحس ... نَ من حياةٍ في سرورِ لو قابلت أعمى لأص ... بحَ وهو ذو طرفٍ بصيرِ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 15 وكأنَّها أملٌ تحقَّ ... ق بعد يأسٍ في الصّدورِ أوْ كالفقيدِ إذا أتتْ ... بقدومه بشرى البشيرِ أوْ كالمنامِ لشاهرٍ ... أو كالغنى عند الفقيرِ أو كالشفاءِ لمدنفٍ ... أو كالأمان لمستجيرِ وكأنَّما هي من وصا ... لٍ أوْ شبابٍ أوْ نشورِ لفظٌ كاسر معاندٍ ... أوْ مثل إطلاق الأسيرِ وكأنَّه إذ لاحَ من ... فوق المهارقِ والسّطورِ وردُ الخدود إذا انتقل ... تَ بهِ على راحِ الثّغورِ غررٌ غدت وكأنَّها ... من طلعةِ الظبيِ الغريرِ من كلِّ معنى كالسَّلا ... مة أوْ كتيسير العسيرِ كتبت بحبر كالنوى ... أوْ كفْر نعمى من كفورِ في مثل أيَّام التَّوا ... صل أو كأعتاب الدّهورِ أهديتها يا خير من ... يختارُ من كرمٍ وخيرِ آخر: أحاديث لو صيغت لألهت بحسنها ... عن الحليِ أو شمت لأغنت عن المسكِ آخر: وصحيفة تحكي الضم ... ير مليحة نغماتها الجزء: 1 ¦ الصفحة: 16 فضحكتُ حين رأيتها ... وبكيتُ حين قرأْتها أبو الطيب المتنبي: بكتب الإمام كتاب وردْ ... فَدت يدَ كاتبهِ كلُّ يدْ يخبّر عن حاله عندنا ... ويذكر من شوقه ما نجدْ وقال آخر: لما وضعتُ يدي على عيني وقد رمدت ... منَ البكاءِ كتاباً منك أبراها وكانت النَّفس قد ماتتْ بغُصتها ... فخطُّ كفّك بعد اللهِ أحياها وقال آخر: قد فهمتُ الكتاب منك فما زا ... ل نجيّي ومؤنسي وسميري وتفاءلتُ في الظُّهور على الوا ... شي فصارتْ إجابتي في الظّهورِ وتبركت باجتماع الكلامي ... ن رجاءَ اجتماعنا في سرورِ محمد بن عبد الرحمن العطوي: أحسنُ من غفلة الرَّقيبِ ... ولحظة الوعدِ منْ حبيبِ والنَّقر والنغم من كعاب ... مصيبة العود والقضيبِ ومن بنات الكروم راحتْ ... منْ راحتيْ شادنٍ ربيبِ كتبُ أديب إلى أديب ... طالت به مدَّة المغيبِ فنمّقتْ كتبُه سطوراً ... تنمّق الشَّوق في القلوبِ أبو تمام الطائي: الجزء: 1 ¦ الصفحة: 17 يا عصمتي ومعوَّلي وثِمالي ... بل يا جنوبي غضةً وشمالي بل لامَتِي أغشي بها حدَّ القنا ... بل كوكبي أسري به وهلالي ثُكلت رجاءَ أخيك فرقتك التي ... قد أمسكت بمخنّق الآمالِ فوجدتها في همَّتي ورأيتها ... في مطلبي وعرفتُها في مالِي فاجلُ القذى عن مقلتي بأسطر ... يكشفن عن كربات بالٍ بالِي سودٌ يبيّضن القلوب بمصطفى ... تلك النوادرِ منك والأمثالِ واحثُثْ أناملك السَّوابق بينها ... حتَّى يجُلن هناك كلَّ مجالِ ما زلن أظآر البلاغة كلّها ... وحواضن الإحسان والإجمالِ في بطن قرطاس رخيص ضمنت ... أحشاؤُه غررَ الكلام الغالِي إنِّي أعدُّك معقلاً ما مثله ... كهف ولا جبلٌ منَ الأجبالِ وأرى كتابك بالسَّلامة مغنياً ... عن كتبِ غيرك باللُّهى والمالِ وله أيضاً: لقد جلى كتابك كل بثٍّ ... جوٍ وأصاب شاكلة الرميِّ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 18 فضضت ختامه فتبلجلتْ لي ... غرائبه عن الخبرِ الجليِّ وكانَ أغضَّ في عيني وأندى ... على كبدي منَ الزَّهر الجنيِّ وأحسن موقعاً عندي ومنِّي ... منَ البشرى أتتْ بعد النعيِّ وضُمّن صدره ما لم تضمَّن ... صدورُ الغانيات من الحليِّ فكائن فيه من معنى خطير ... وكائن فيه من لفظ بهيِّ كتبت به بلا لفظ كريهٍ ... على أُذن ولا خطٍّ قميِّ لإنْ غرَّبتها في الأرضِ بكراً ... لقد زُفَّت على سمعٍ كفيِّ فإن تكُ من هداياك الصفايا ... فرُبَّ هدية لك كالهديِّ وله أيضاً: خذها مثقّفة القوافي ربها ... لسوابغ النعماءِ غير كنودِ كالدّرِّ والمرجان أُلِّف نظمه ... بالشذْر في عنقِ الفتاة الرودِ كشُقيقة البرد المنمنم وشيها ... في أرض مَهرة أوْ بلاد تَزيدِ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 19 يعطى بها البشرى الكريم ويحتبي ... بردائها في المحفلِ المشهودِ بشرى الغنيِّ أبي البناتِ تتابعتْ ... بُشراؤُه بالفارسِ المولودِ كرُقى الأساودِ والأراقم طالما ... نزعت حُمات سخائم وحقودِ محمد السلامي: ومضمومةٍ تحت حضن الدُّجى ... مقبَّلة بشفاه الأماني تروق زُهيراً أزاهيرها ... ويعشو إلى ضوئها الأعشيانِ السري الرفَّاء: جاءتك مثل بدائع الوشي الذي ... ما زال في صنعاءَ يتعب صانعا أوْ كالرَّبيعِ يُريك أخضر ناضراً ... ومورَّداً شرقاً وأصفر فاقعا وله أيضاً: وما ضرَّ من ثناءٍ نظمته ... وفصلته أن لا يعيش له الأعشى الجزء: 1 ¦ الصفحة: 20 وله أيضاً: وحلة من ثناي دبَّجها الفكر ... ففاقت بحسنها البِدعا وقرَّب الحذق لفظها فغدا ... من قربه مُطعماً وممتنعا القاضي التنوخي: وما الشّعر إلاَّ ما استفزَّ ممدحا ... وأطرب مشتاقاً وأرضى مُغاضبا وله أيضاً: تزفُّ إلى الأسماعِ كلّ خريدةٍ ... تكاد إذا ما أُنشدتْ تتبسَّمُ أطافت بها الأسماعَ حتَّى تركنها ... يقال أأبيات تراها أم أنجمُ الصابئ: أُحبُّ الشّعر يُبتدع ابتداعاً ... وأكره منه مبتذلاً مشاعا ولي رأيٌ غيور في المعاني ... فما آتي بها إلاَّ افتراعا السري الرفَّاء: لفظٌ يروح له الرّوح مطرَحاً ... إذا جعلناه ريحاناً على النجُبِ عبد الله بن المعتز: قلم ما أراه أم فلك يج ... ري بما شاء قاسمٌ ويسيرُ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 21 راكعٌ ساجدٌ يقبِّل قرطا ... ساً كما قبَّل البساط شكورُ ابن بابك: سجعٌ كما سجع الحمام ومعرض ... خالٍ منَ التَّصريع والتَّرصيعِ ابن الرومي: في كفِّه قلمٌ ناهيك من قلمٍ ... يبكي وناهيك من كفٍّ بها اتَّشحا يمحو ويُثبت أرزاق العباد به ... فما المقادير إلاَّ ما محا ووحَى بشار ابن برد: وشعر كنَوْر الرَّوض لاءمت بينه ... بقول إذا ما أحزن الشّعر أسهلا وقال أبو تمام: يودُّ وداداً أن أعضاء جسمه ... إذا أُنشدتْ شوقاً إليها مسامعُ وقال أبو الفتح البستي: فيوجز لكنَّه لا يُخلُّ ... ويطنب لكنَّه لا يملُّ وكيف يملّ وتوفيق من ... أفاد العقول عليهِ يملُّ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 22 وله أيضاً: لمَّا أتاني كتابٌ منك مبتسمٌ ... عن كلِّ برٍّ وفضل غير محدودِ حكت معانيه في أثناءِ أسطره ... آثارك البض في أحواليَ السُّودِ وله أيضاً: إن سلَّ أقلامه يوماً ليُعملها ... أنساك كل كميٍّ هزَّ عاملهُ وإن أمرَّ على رقٍّ أنامله ... أقرَّ بالرّقِّ كتاب الأنام لهُ وله أيضاً: بنفسي من أهدى إليَّ كتابه ... فأهدى لي الدُّنيا مع الدّين في دَرْجِ كتابٌ معانيه خلالَ سطوره ... لآلئ في دُرج كواكب في برجِ وقال أيضاً: كتاب في سرائره سرورٌ ... مناجيه منَ الأحزانِ ناجِ فكم معنًى بديع تحت لفظٍ ... هناكَ تزواجاً أيَّ ازدواجِ كراح في زجاج بل كرُوحٍ ... سرتْ في جسمِ معتدل المزاجِ وقال أيضاً: ما إن سمعت بنوَّارٍ له ثمرٌ ... في الوقت يُمتِع سمع المرءِ والبصرا حتَّى أتاني كتاب منك مبتسمٌ ... عن كلِّ معنى ولفظ يشبه الدُّررا فكأنَّ لفظك في لألائه زهراً ... وكأنَّ معناهُ في أثنائه ثمرا الجزء: 1 ¦ الصفحة: 23 تسابقا فأصابا القصد في طلقٍ ... لله من ثمر قد سابق الزّهرا وقال أيضاً: كحيَّة سوداء مجَّتْ على ... وجه الضُّحى ظلمة ليل بهيمْ وله أيضاً: بأبي كلامك إنَّه ال ... حرُّ النَّقيُّ منَ العيوبِ يُجنيك من ثمر الكلا ... م ويجتني ثمر القلوبِ وقال أيضاً: بنفسي كلامك إنِّي نظر ... تُ منه إلى صورة الفاتنِ كلامٌ تَهَشّ إليه النّفوس ... ويلقى القلوب بلا آذانِ وقال أيضاً: بدا بالمعاني وتهذيبها ... فأبرزها كالوجوهِ الحسانِ وقدَّر ألفاظه بعد ذاك ... على ما اقتضتهُ قدود الغواني وقال أيضاً: قد أتى لفظك البديع الذي خرَّ ... تْ سجوداً لحسنه الألفاظُ ومعانيك لهنَّ وفاء ... وسخاء ونجدةٌ وحفاظُ وقال أيضاً: إذا أحببت أن تحظى بسحر ... فلا تحظُر على لفظي وشعري فأحسن من نظام الدّرّ نظمي ... وآنقُ من نثار الورد نثري وقال أيضاً: معانٍ كالعيونِ ملئنَ سحراً ... وألفاظ مورَّدة الخدودِ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 24 وقال علي بن الرومي: بكلام لو أنَّ للدَّهر أُذناً ... مال من حسنه إلى الإصغاء وقال أبو تمام: فكأنَّما هي في السّماع جنادل ... وكأنَّما هي في القلوب كواكب وقال أبو الفتح البستي: ما أُنس ظمآن بعذبٍ باردِ ... من بعد طول العهد بالمواردِ إلاَّ كأُنسي بكتاب واردِ ... من سيّدٍ محض النجار ماجدِ كأنَّما اسْتملاه من عُطاردِ وقال البحتري: أما مسامعنا الظّماء فإنَّها ... تُروى بماءِ كلامك الرَّقراقِ وإذا النَّوائب أظلمت أحداثها ... لبست بوجهك أحسن الإشراقِ الباب الثاني في التهاني والتهادي وما يجري مجراهما قال أبو الطيب المتنبي: إنَّما التهنئاتُ للأكفاءِ ... ولمن يدنّى من البُعداءِ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 25 وأنا منك لا يهنّئ عضوٌ ... بالمسرَّات سائر الأعضاء وله أيضاً: المجد عوفي إذا عوفيتَ والكرمُ ... وزالَ عنك إلى أعدائكَ الألمُ وما أخصُّك في بُرءٍ بتهنئةٍ ... إذا سلمتَ فكلُّ النَّاس قد سلموا وله أيضاً: هنيئاً لك العيد الَّذي أنت عيدهُ ... وعيدٌ لمن سمَّى وضحَّى وعيَّدا هو الجدّ حتَّى تفضل العين أختها ... وحتَّى يكون اليوم لليوم سيّدا وقال أبو القاسم غانم بن أبي العلاء الأصفهاني: وردَ الكتاب بما أقرَّ الأعينا ... وشفى النّفوس فنلنَ غايات المنى ولقاسم النَّاس المسرَّة بينهم ... قِسماً فكانَ أجلَّهم قسماً أنا وقال الصنوبري: أرى غرساً سيثمر بعد غرسٍ ... كما قد تُثمر الطربَ المدامهْ وما قلمٌ يجيد المشق إلاَّ ... إذا ما أُلقيت عنه القُلامهْ وقال علي بن الرومي: الجزء: 1 ¦ الصفحة: 26 قدمت قدوم البدر بيت سعوده ... وأمرك عالٍ صاعدٌ كصعودهِ وقال أيضاً: ويروى لعبيد الله بن عبد الله بن طاهر أبى دهرُنا إسعافنا في نفوسنا ... وأسعفَنا فيمن نحبُّ ونكرمُ فقلتُ لهُ نُعماك فيهم أتمَّها ... ودعْ أمرَنا إنَّ المهمَّ المقدَّمُ وقال أيضاً: لم يصفِّ الدَّواءُ جسمك إلاَّ ... عن صفاءٍ كما يكونُ الصَّفاءُ فلأعدائك البشاعة منه ... ولك النَّفع دونهم والشّفاءُ وقال أيضاً: بدرٌ وشمس ولدا كوكبا ... أقسمت بالله لقد أنجبا ثلاثة تُشرق أنوارها ... لا بُدِّلت من مشرق مغربا وقال آخر: فألقتْ عصاها واستقرَّ بها النَّوى ... كما قرَّ عيناً بالإيابِ المسافرُ وقال أبو إسحاق الصابئ: أراني الله أعداءك ... في حال أضاحيكا وله أيضاً: ومن العجائب أنَّني هنَّأتهُ ... وأنا المهنَّأُ فيه بالنعماءِ وقال آخر: ما لسروري بالشّكِّ ممتزجا ... حتَّى كأنِّي أراهُ في الحلم الجزء: 1 ¦ الصفحة: 27 وقال آخر: لو كنتُ أُهدي على قدوري وقدوركم ... لكنتُ أُهدي لك الدُّنيا وما فيها وقال أحمد بن يوسف الكاتب: على العبدِ حقٌّ وهو لا شكّ فاعلهْ ... وإن عظم المولى وجلَّت فضائلهْ ألم ترَنا نهدي إلى الله ماله ... وإن كانَ عنه ذا غنًى فهو قابلهْ وقال أبو إسحاق الصابئ: ألفتح علقمة البكريُّ أخبرنا ... أنَّ الرَّبيع أبا مروان قد حضرا فقلتُ للنَّفس هذي منيةٌ قُضيت ... وقد يوافق بعض المنية القدرا وقال أيضاً: قدِم الرَّئيس مقدماً في سبقهِ ... فكأنَّما الدُّنيا سعت في طرقهِ فجبالها من حلمه وبحارها ... من جودهِ ورياضها من خُلقهِ قد قاسمته نجومها فنحوسها ... لعدوّه وسعودها في أُفقهِ وقال آخر: زهتْ بك الخلعة الميمون طائرها ... كزهو خلعة بيت الله بالبيتِ وقال أبو الفتح البستي: ولو كنت أنثر ما تستحق ... نثرتُ عليك نجومَ الفلكْ وقال آخر: لوَ انَّ النثار على قدرهِ ... لكانَ الكواكبَ والنّيرين وقال آخر: لا زلت في صحَّةٍ منَ الزمنِ ... لا يربعُ السّقمُ منك في البدنِ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 28 وجالَ نفعُ الدَّواءِ فيك كما ... يجولُ ماءُ الرَّبيعِ في الغصنِ وقال عبد الله بن المعتز: لله جدُّ المهاري أيُّ مكرمةٍ ... فيهِ وأيُّ غمامٍ قُلقُلٍ خضلِ خير الأخلاّءِ خير الأرض مسكنه ... وأفضل الرّكب يهوى أفضل السُّبلِ وله أيضاً: هَنتكَ ولا زالت إليك فقيرةً ... ولايةُ سلطان وطاعة أُمَّةِ وقال سعيد بن حميد: هديَّتي تقصر عنْ همَّتي ... وهمَّتي تعلو على مالي فخالصُ الودِّ ومحضُ الثنا ... أحسن ما يهديهِ أمثالي وقال أيضاً: لو كنتُ لا أُهدى إلى أن أرى ... شيئاً على قدرك أوْ قدري لم أُهد إلاَّ جنَّةَ المنتهى ... ترفلُ في أثوابِها الخضْرِ وقال علي بن الرومي: أيُّ شيءٍ أُهدي إليك وفي وج ... هك من كلِّ ما تُهودي معنى منك يا جنَّة النَّعيم الهدايا ... أَفأُهدي إليك ما منك يُجنى وقال أبو الفتح البستي: لا تنكرنْ إهداءنا لك منطقاً ... منك اسْتفدنا حسنهُ ونظامهُ فالله عزَّ وجلَّ يشكر فعل منْ ... يتلو عليهِ وحيَه وكلامهُ وقال الصاحب بن عباد: الجزء: 1 ¦ الصفحة: 29 قد بعثنا بجوادٍ ... مثلهُ ليس يُرامُ وجههُ صبحٌ ولكنْ ... سائر الخلقِ ظلامُ وله أيضاً: أهديتُ عطراً مثل طيب ثنائهِ ... فكأنَّما أُهدي له أخلاقهُ وقال آخر: لقد أهديته علقاً نفيساً ... وقد يُهدي النَّفيسُ إلى النَّفيسِ وقال أبو إسحاق الصابئ: أهدى إليك بنو الآمالِ واختلفُوا ... في مهرجانٍ عظيم أنتَ مُعليهِ لكن عبدك إبراهيم حين رأى ... سموَّ قدرك عن شيءٍ يُساميهِ لم يرضَ بالأرض مُهداةً إليك فقد ... أهدى لك الفلك الأعلى بما فيهِ وقال أيضاً: أهديتُ محتفلاً زيجاً جداوله ... مثل المكاييلِ يُستوفى بها العمرُ وقال أيضاً: أُهدي إليك بحسب حا ... لي في الخَصاصة درهمين وبحسب قدرك دفتر ... ين هما جميع الخافقين الجزء: 1 ¦ الصفحة: 30 فإذا فتحتهما رأي ... ت بيان ذاكَ بلحظ عين وقال أيضاً: تعذَّر ديناري عليَّ ودرهمي ... فلاطفتُ مولانا ببيتين منْ شعري فكم بيت شعر زادَ في الفضلِ قدره ... على بيتِ مال من لُجَين ومن تبرِ وقال أيضاً: يا ماجداً يده بالجودِ مفطرةٌ ... وفوهُ عن كلِّ هجر صائم أبدا إسعدْ بصومك إذ قضيت واجبه ... نسكاً ووفيته من حقّه العَددا واسحبْ منَ العيدِ أذيالاً لهُ جدداً ... واستقبل العيشَ في إفطارهِ رغدا وانعم بيومك من ماضٍ قررت به ... عيناً ومنتظرٍ يفضي إليك غدا وفزْ بعمرك ممدوداً وملكك مو ... طوداً ونَلْ منهما الحدَّ الذي بعدا وقال القاضي التنوخي الصغير وهو أبو علي المحسن: نلتَ في ذا الصِّيام ما ترتجيهِ ... ووقاكَ الإلهُ ما تتَّقيهِ أنتَ في النَّاسِ مثل شهرك في الأش ... هر أوْ مثل ليلة القدر فيهِ وقال آخر: ذاكَ يومٌ يُبيِّض الدَّهرُ فيهِ ... كلُّ ما اسودَّ من أياديه عندي وقال آخر: نفسي فداؤُك قد بعث ... تُ بعهدتي بيد الرَّسولِ أهديت نفسي إنَّما ... يُهدي الجليلُ إلى الجليلِ وجعلت ما ملكت يدي ... صلة المبشر بالقبولِ وقال الصاحب بن عباد: رويت في السنَّة المشهورة البركه ... إنَّ الهديَّة في الأخوانِ مشتركه الجزء: 1 ¦ الصفحة: 31 وقال سعيد بن حميد: قد بعثْنا إليكَ أكرمكَ الل ... هُ ببرٍّ فكنْ لهُ ذا قبولِ لا تقسهُ إلى ندى كفِّك الجز ... ل ولا نيلك الكثير الجليلِ واغتفرْ قلَّة الهديَّة منهُ ... إن جهد المقلِّ غير قليلِ وقال منصور: أهديت شيئاً يقلُّ لكنْ ... أخذت بالفأْل والتبرُّكْ كرسي تفاءلتُ فيهِ لمَّا ... رأيت مقلوبه يسرُّكْ وقال البحتري: ونجوت من أيدي الأجانبِ سالماً ... بالرَّأي إلاَّ أن يكون أصيلا وقال علي بن الرومي: يا منْ أُؤَمّل دون كلّ كريمِ ... وتودُّ نفسي دون كلّ حميمِ أخرتُ تسليمي عليكَ كراهةً ... لزحام من يلقاكَ بالتَّسليمِ وعلمتُ قسمتك التحفي بينهم ... عندَ اللِّقاء كفعل كلّ كريمِ فنفسْت ذاك عليهمُ وأردته ... من بينهم وحدي بغير قسيمِ فصبرتُ عنك إلى انحسارِ غُمارِهم ... والقلب نحوك دائم التحويمِ فعلُ امرئٍ يعطي المروءة حقَّها ... لا فعل مذموم الحفاظِ لئيمِ والسَّعي نحوك بعد ذاك فريضة ... وقضاء حقّك واجب التَّقديمِ وقال الوزير المهلبي: الآنَ حين تعاطي القوس باريها ... وأبصر السمت في الظلماءِ ساريها الجزء: 1 ¦ الصفحة: 32 أرى الوزارة تزهي في مواكبِها ... زهوَ الرِّياض إذا جادتْ غواديها وقال أبو نواس: رضينا بالأمين عن الزَّمان ... وأضحى الملك معمور المغاني تمنَّينا على الأيَّام شيئاً ... فقد بلغْنا ثمر الأماني وقال آخر: أُحمدتَ عاقبة الفصادِ ولا جرى ... لك ما حييت دمٌ بغير فصادِ وقال علي بن الرومي: يا فاصد العرق المبارك فصدهُ ... قسماً لقد صفَّيت غير مكدَّرِ إنِّي أظنُّ قرارة خضبت بهِ ... ستكونُ أُخرى الدَّهر معدن عنبرِ أتلف بهِ داءً وأخلف صحَّةً ... وألبس جديد العيش لبس معمرِ وقال آخر: يا فاصداً من يدٍ جلَّت أياديها ... وذاقَ منها الرَّدى قسراً أعاديها يد النَّدى هي فارفقْ لا تُرِق دمَها ... فإنَّ أرزاق طلاّب النَّدى فيها وقال البحتري: علاجٌ يخبر عن وقته ... بعقبى السَّلامة من بعدِهِ يعالج بالفصد مستأنفاً ... لعافية الله في فصدِهِ وقال علي بن الرومي: الجزء: 1 ¦ الصفحة: 33 قدِم الفطرُ صاحباً مودودا ... ومضى الصَّومُ صاحباً محمودا ذهبَ الصَّومُ وهو يحكيك نسكاً ... وأتى الفطرُ وهو يحكيك جودا وشبيهاك لا يخونانِكَ العه ... د لعمري بل يرعيانِ العهودا وقال أيضاً: لو تخطب الشمس لم ترغب ببهجتها ... عن خير من خطب إلا جواد أَو نكحا وقال أيضاً: زُفَّتْ إلى بدر الدُّجى الشَّمسُ ... ولاحَ سعدٌ وخبا نحسُ وأقبلت نفسٌ إلى منية ... بمثلها تُغتبط النَّفسُ وقال أيضاً: أنتم أناس وبآدابكم ... يستغفر الدَّهر إذا أذنبا إذا جنى الدَّهرُ على أهلهِ ... وزاد في عِدتكم أعتبا وقال أيضاً: الحمدُ لله الذي سرَّنا ... منهُ بما سرَّك في نفسكا أغرست بالنعماء يا كفؤها ... لتُطعم المعروف في غرسكا لا زلت في كلِّ صباح بدا ... ويومك المُوفى علي أمسكا نكتنُّ في ظلِّك من دهرنا ... ونقبسُ الأنوار من شمسكا وقال أبو علي مشكويه الخازن: لا يُعجبنَّك حسن القصر تنزلهُ ... فضيلة الشَّمس ليست في منازلها لو زادت الشَّمس في أبراجها مئةً ... ما زاد ذلك شيئاً في فضائلها وقال أبو إسحاق الصابئ: الجزء: 1 ¦ الصفحة: 34 أهلاً بأشرف أوبةٍ وأجلّها ... لأجلِّ ذي قدمٍ يُلاذُ بنعلها فرشت لك الترب التي باشرتها ... بشفاهها من كهلها أو طفلها وإذا تذللت الرِّقاب تقرُّباً ... منها إليك فعزُّها في ذلّها وقال أيضاً: أسيدنا هنّئت نُعماك بالفطرِ ... ووقّيت ما تخشاهُ من نوَب الدَّهرِ مضى الصَّومُ قد وفَّيتهُ حقَّ نسكه ... ووفَّاك مكتوب المثوبة والأجرِ كلفت بذكر الله فيه فلا تزل ... من الله فيما ترتجيهِ على ذكرِ هجرت هجود اللَّيل فيه تهجُّداً ... وصبراً على طول القراءة للفجرِ فلو نطقتْ أيَّامه باعتقادها ... لنادتك لفظاً بالدّعاءِ وبالشكرِ فعادَ إليك الفطر حتَّى تمله ... بأقصر يوم طابَ في أطول العمرِ وقال أيضاً: يصومُ الوزيرُ الدَّهرَ عن كلِّ منكرٍ ... وليس لهذا الصَّوم عيدٌ ولا فطر فأكرمْ به من صائم مفطر معاً ... توافي لديه الأكل والأجر والشُّكرِ وقال أيضاً: يا سيّداً أضحى الزَّما ... نُ بأسرهِ منهُ ربيعا أيَّامُ دهرك لم تزلْ ... للنَّاسِ أعياداً جميعا حتَّى لأوشك بيننا ... عيد الحقيقة أنْ يضيعا فاسلمْ لنا ما أشرقت ... شمسٌ على أُفق طلوعا الجزء: 1 ¦ الصفحة: 35 واسعدْ بعيدٍ لا يزا ... لُ إليك معتقداً رجوعا وقال أيضاً: صلِّ يا ذا العلا لربّك وانحرْ ... كلّ ضدٍّ وشانئٍ لك أبترْ أنتَ أعلى من أنْ تكون أضاحي ... ك قروماً من الجمالِ تعفَّرْ بل قروماً من الملوكِ ذوي السُّؤ ... دد تيجانها أمامك تنثرْ كلَّما خرَّ ساجداً لك رأسٌ ... منهمُ قال سيفك الله أكبرْ وقال أيضاً: صحَّ أنَّ الوزير بدرٌ منيرٌ ... إذ توارى كما توارى البدورْ غابَ لا غاب ثمَّ عاد كما كا ... نَ على الأُفق طالعاً يستنيرْ وقال أيضاً: قدمت لطاعتك الوزارة بعدما ... زلَّت بها قدمٌ وساء صنيعها فغدتْ لغيرك تستحيل ضرورةً ... كيما يحلُّ إلى ذراك رجوعها فالآن آلتْ ثمَّ آلتْ حلفةً ... أن لا يبيت سواك وهو ضجيعها وقال علي بن الرومي: اسعدْ بعيد أخي نسكٍ وإسلامِ ... وعيدِ لهوٍ طليق الوجه بسَّامِ عيدان أضحى ونيروزٌ كأنَّهما ... يومَا فعالك من بؤس وإنعامِ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 36 كذاك يوماك يوم سيبه ديمٌ ... على العفاة ويم سيفه دامِ تنافسَ النَّاسُ في أيَّام دولتهِ ... فما يبيعون أيَّاماً بأعوامِ وقال الحسين بن الحجاج: يا سيّدي كيفَ أصبح ... ت بعد شرب الدَّواءِ خرجت منه تضاهي ... في الحسن بدر السَّماءِ في ثوب صحّة جسمٍ ... مطرَّزٍ بالشّفاءِ وقال علي بن الرومي: عظَّم اللهُ يوم أجرك فطراً ... يا ابن أعلى الملوك قدراً وذكرا وأهلَّ الشّهورَ بالسّعد ما عش ... تَ وأبقاك آخر الدَّهر عصرا أحمد الله إذ أرانيَ عيداً ... لا أرى فيه فوق أمرك أمرا طاب فيه نسيم عطرك حتَّى ... لحسبنا عَجاج خيلك عطرا وتجلَّيت ملء عينٍ وصدر ... وقديماً ملأت عيناً وصدرا طُلت مجداً أو طلت فخراً بني آ ... دم طرّاً وطُلْ كذلك عمرا وقال أبو إسحاق الصابئ: عُرس تعرِّس عندهُ الأقيالُ ... وتنالُ من حسناتِهِ الآمالُ بدرٌ إليه تزف وسط نهاره ... شمس عليها بهجةٌ وجمالُ سدان ضمَّهما نعيمٌ دائمٌ ... قد مُدَّ فيهِ على الأنامِ ظلالُ وإذا تقاربت السّعود فعندها ... يرجى الصَّلاح وتحمد الأحوالُ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 37 داما بعيش طيّب وبنعمةٍ ... يوفي على ماضيهما استقبالُ وقال ابن نباتة السعدي: يا أيُّها الملك الذي أخلاقه ... من خَلقه ورُواؤه من رائهِ قد جاءنا الطِّرف الذي أهديته ... هاديه يعقد أرضه بسمائهِ وقال الصاحب بن عباد: هذي المكارم والعلياءُ تفتخرُ ... بيوم مأثرة ساعاتهُ غررُ يوم تبسَّم عنهُ الدَّهر واجتمعتْ ... له السُّعود وأغضت دونه الغِيرُ حتَّى كأنَّا نرى في كلِّ مُلتفتٍ ... روضاً تفتَّح في أثنائه الزهرُ لمَّا تجلَّى عن الآمالِ مُشرقةً ... قالَ العلى بك أستعلي وأقتدرُ وافى على غير مِيعادٍ يُبشِّرنا ... بأن ستتبعهُ أمثالهُ الأُخرُ أهنأ المسرَّات ما جاءت مفاجأةً ... وما تناجتْ بها الألفاظُ والفكرُ لو أنَّ بشرى تلقّتها بموردها ... لأقبلتْ نحوها الأرواحُ تبتدرُ وما تعنَّف من يسخو بمهجته ... فإن يومك هذا وحده عمًرُ فما غدوت وما للعين منقلبٌ ... إلاَّ إلى منظر يبهى ويحتبِرُ ثنتْ مهابتكَ الأبصار حاسرةً ... حتَّى تبين في ألحاظها خزَرُ إذا تأمَّلتهم غضُّوا وإنْ نظروا ... خلال ذاك فأدنى لفتةٍ نظروا في ملبس ما رأته عينُ معترض ... فشكَّ في أنَّه أخلاقك الزُّهرُ ألبسته منك نوراً يستضاءُ بهِ ... كما أضاءَ ضواحي مزنه القمرُ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 38 وقد تقلدت عضباً أنت مضربه ... وعنكَ يأخذ ما يأتي وما يذرُ ما زالَ يزدادُ إشراق غرَّته ... زهراً ويشرقُ فيه التيه والأشرُ والشَّمسُ تحسد طِرفاً أنتَ راكبهُ ... حتَّى تكاد من الأفلاكِ تنحدرُ حتَّى لقد خلتُ أنَّ الشَّمس أزعجها ... شوقاً وظلت على عطفيه تنتثرُ وقال آخر: ليُهن الصَّاحبَ المسعود عيدٌ ... تولَّته السَّعادة والقبولُ لهُ من مجدهِ غرر توالى ... عليها من مدائحه حجولُ فلا زالتْ لهُ الأعياد تتري ... يتابعها لهُ العمر الطويلُ وما برحت لهُ الأفلاك تجري ... على شمسٍ وما لهما أفولُ معاليه المنيفة في ذراها ... وفي الإفطارِ نائله جزيلُ وقال الصَّاحب بن عباد: اسعدْ لعيد المهرجانِ ... لا زلت في أعلى مكانِ تفني الزَّمان بطوله ... وتعيد من مجد الزَّمانِ متمكّناً ممَّا تري ... د مبلغاً أقصى الأماني وقال أبو الحسن البريدي: دارٌ على العزِّ والتَّأييد مبناها ... وللمكارمِ والعلياءِ مغناها فاليمن أقبل مقروناً بيمناها ... واليسر أصبحَ موصولاً بيسراها الجزء: 1 ¦ الصفحة: 39 لمَّا بنى النَّاس في دنياك دُورهم ... بنيت في دارِكَ الغرَّاء دنياها فلو رضيت مكان البسط أعيننا ... لم تبقَ عينٌ لنا إلاَّ فرشناها وقال أبو بكر الخوارزمي: بنيت الدَّار عاليةً ... كمثل بنائك الشرفا فلا زالت روس عدا ... ك في حيطانها شرَفا وقال أبو سعيد محمد الرستمي: وأغنى الورى عن منزل من بَنت له ... معاليه فوق الشِّعريين منازلا فلا غروَ أن يستحدث اللَّيثُ بالشرى ... عريناً وأنْ يستطرق البحر ساحلا ووالله لا أرضى لك الدَّهر خادماً ... ولا البدر منتاباً ولا البحر نائلا ولا الفلك الدوَّار داراً ولا الورى ... عبيداً ولا زُهر النجوم قبائلا وإنَّ الذي يبنيه مثلك خالدٌ ... وسائر ما يبني الأنام إلى بلا وقال القاضي أبو الحسن الجرجاني: ليهن ويسعد من به سعد الفضل ... بدار هي الدُّنيا وسائرها فضلُ تولى لهُ تقديرها رحبُ صدره ... على قدره والشَّكل يعجبه الشَّكلُ إذا النَّصل لم يذمم نجاراً وشيمةً ... تأنق في غمد يصان بهِ النَّصلُ تملَّ على رغم الحواسد والعدا ... علاك وعشْ للجودِ ما قبح البخلُ وقال أبو القاسم الزعفراني: سرَّك اللهُ بالبناء الجديد ... تلك حالُ الشّكور لا المستزيدِ هذه الدَّار جنَّة الخلد في الدُّن ... يا فصلها بأُختها في الخلودِ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 40 ما تشكَّكتُ أن رضوان قد خا ... ن وأن ليس مثلها في الصَّعيدِ قد تولَّى الإقبالُ خدمته في ... ها على رسمهِ كبعض العبيدِ قال للجصِّ كنْ رصاصاً وللآ ... جرِّ لمَّا علاه كنْ من حديدِ فتناهى البنيانُ وارتفعَ الإي ... وان حتَّى أنافَ بالتَّشييدِ وتبدَّتْ من فوقه شرفاتٌ ... كنساءٍ أشرفنَ في يوم عيدِ وقال أبو الحسين الغويري: دارٌ غدتْ للفضلِ دارهْ ... أفلاك أسعدها مدارهْ منها المحاسن مستقا ... ةٌ والمحامد مستعارهْ وقال آخر: ولي مسألة بعدُ ... فعاجلني بإخبارِ بنيتَ الدَّار في دنيا ... ك أم دنياك في الدَّارِ وقال أبو محمد الخازن: بشرى فقد أنجز الإقبال ما وعدا ... وكوكب المجد في أُفق السَّما صعدا وقد تفرَّغ في أرض الوزارة عن ... دوح الرِّسالة غصنٌ مورق رشدا لله آية شمس للعلا وَلدت ... نجماً وغابة عزٍّ أطلعت أسدا وقال إبراهيم بن العباس: لا نُهنيك بطوسٍ ... بل نُهنِّي بك طوسا الجزء: 1 ¦ الصفحة: 41 أصبحت بعد طلاقٍ ... بك بالفضل عروسا وقال علي بن الرومي: ليُهن الضياع وأربابَها ... وكتَّابَها ثمَّ حسَّابَها طلوعُ السّعود بديوانها ... غداةَ قلدتَ أسبابَها وقال كاتب بكر: صديقك غير محتشم ... وأنت فقيرُ مغتتمِ وقد أهدى كما يُهدي ... أخو ثقة لذي كرمِ فرأيك في قبول العذ ... ر في السكين والقلمِ وقال أبو الخطاب: أُجلُّ قدرَك عمَّا تحويهِ يدي ... والبرُّ أكثر من نَيل ومن صَفدِ وقد أتى عن رسول الله قدوتنا ... في حبِّه الطيبَ ما لم يأتِ عن أحدِ وهذه من ذكيِّ العُود تذكرةٌ ... يهدي قبولكها برداً على كبدي فامدُدْ يديك إلى تحليل عقدتها ... وأحسن الظنَّ بي في قلَّة العددِ فإنَّها إنْ هوتْ في قعرِ مجمرة ... تأرجت عن فتيق المسك في الجسدِ وقال أبو بكر الصنوبري: الطيب يهدي وتُستهدي طرائفه ... وأشرف النَّاس يُهدي أشرف الطيبِ والمسك أشبه شيءٍ بالشَّبابِ فهبْ ... بعض الشَّباب لبعض العُصبة الشّيبِ وقال الحسن بن علي المطراني: يا أحمد الأحمدين سيرهْ ... فيهم وأزكاهم سريرهْ ومن بهمَّاته العوالي ... أضحت عيون العلا قريرهْ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 42 لِترمني راحتاكَ شُهبا ... مضلّعات ومستديرهْ بلادُ مجموعها ثلاثٌ ... الهند والترك والجزيرهْ فلا يكنْ حبسُها طويلاً ... عنِّي وأعدادها قصيرهْ وقال القاضي: هنَّأتْنا بكَ اللَّيالي وسُرَّت ... فيك أعيادُ دهرنا والشّهورُ ومن العجزِ أن يُهنَّى بيومٍ ... مَن بأيَّامه تحلى الدُّهورُ ما لشمس الضُّحى اختصاصٌ بوقتٍ ... فيه تعلو على الورى وتُنيرُ وقال أيضاً: لا تزل تستجدُّ أيَّام الأنس ... كلّ يوم بمثله مشفوعُ تستنيرُ السّعودَ فيها جديداً ... كلما غابَ عنك وقتٌ خليعُ وقال البحتري: أرضى الزَّمانُ أُناساً طالما سخطوا ... وأعتب الدَّهرُ قوماً طالما عتبوا وأكسفَ اللهُ بالَ الكاشحين على ... عمدٍ وأبطلَ ما قالوا وما كذبوا ليُهنك النعم المخضرُّ جانبها ... من بعدِما اصفرَّ في أرجائها العشبُ قد كانَ أُعطيَ منها حاسدٌ حنقٌ ... سؤلاً وثُبّت فيها كاشح كلِبُ وقال أيضاً: فنيتْ أحاديثُ النُّفوسِ بذكرها ... وأفاقَ ملّ منافس وحسودِ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 43 الباب الثالث في التعازي والمراثي وما يجري مجراهما قال أبو تمام حبيب الطائي: كذا فليجلَّ الخطب ولْيفدح الأمرُ ... فليس لعينٍ لم يَفض ماؤُها عذرُ وقال أيضاً: خُلقنا رجالاً للتجلُّد والأسى ... وتلك نساءٌ للبكا والمآتمِ وقال البحتري: ولعمري ما الفخر عنديَ إلاَّ ... أن تبيت الرِّجالُ تبكي النِّساءَ وقال أبو تمام: إنْ ينتحلْ حَدثان الدَّهر أنفسكم ... ويسلم النَّاس بين الحوض والعطَنِ فالماءُ ليس عجيباً أنَّ أعذبه ... يفنى ويمتدُّ عمر الآجن الآسنِ غيره: أجدَّك ما تعفو كلومُ مصيبة ... على صاحب إلاَّ فُجعتَ بصاحبِ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 44 وقال محمود بن حسن الوراق: وما ينفعُ المدفونَ عُمرانُ قبرهِ ... إذا كانَ فيه جسمه يتهدمُ غيره: العينُ مسفوحة تذري مآقيها ... والنَّفس تنهَض منِّي في تراقيها وقال إسحاق الخزيمي: تهوى حياتي وأهوى موتها شفقاً ... والموت أكرمُ نزَّال على الحرَمِ وقال آخر: وأعددتهُ ذُخراً لكل ملمَّةٍ ... وسهم الرَّزايا بالذَّخائر مولعُ وقال آخر: على أنَّها تعفو الكلومُ وأنَّها ... توكَّلُ بالأدنى وإن حلَّ ما يمضي وقال آخر: فما كانَ قيسٌ هُلكه هُلك واحد ... ولكنَّهُ بُنيانُ قومٍ تهدَّما وقال آخر: فقلتُ لهُ إنَّ الشجى يبعث الشجى ... فدعْني فهذا كلّهُ قبرُ مالكِ وقال آخر: خلتِ الدِّيارُ فسُدت غير مسوَّدِ ... ومن الشَّقاء تفرُّدي بالسُّؤددِ وقال آخر: وكلُّ امرئٍ يوماً سيركلُ كارهاً ... على النَّعشِ أعناقَ العدى والأقارب وقال آخر: الجزء: 1 ¦ الصفحة: 45 فلولا الأسى ما عشتُ في النَّاس بعده ... ولكن إذا ما شئت جاوبني مثلي وقال آخر: أولئك إخوانُ الصَّفاءِ رُزئتهمُ ... وما الكفّ إلاَّ إصبعٌ ثم إصبعُ لعمري إنِّي بالخليل الذي لهُ ... عليَّ دلالٌ واجبٌ لمفجَّعُ وإنِّي بالمولى الذي ليس نافعي ... ولا ضائري فقدانهُ لَممتّعُ وقال آخر: يا خير مَن يحسن البكاء له ال ... يوم ومن كانَ أمس للمدحِ غيره: وما أنا من رزءٍ وإن جلَّ جازعٌ ... ولا بسرور بعد موتك فارحُ سأبكيك ما فاضت دموعي وإن تغِض ... فحسبك منِّي ما تُجن الجوانحُ لئن حسُنت فيك المراثي وذكرها ... لقد حسنت من قبلُ فيك المدائحُ وقال آخر: دفعنا بك الأيامَ إذا أتتْ ... تريدك لن نَسطع لها عنك مدفعا وقال آخر: هذي المنازلُ قدْ هيَّجنَ لي شجناً ... وكنتُ أعهد فيها مشتكي الشجنِ الباب الرابع في مكارم الأخلاق والمديح ونحوهما وقال آخر: وما علمتُ لساني كلَّ عن صفةٍ ... ولا علمتك إلاَّ فوقَ ما أصف الجزء: 1 ¦ الصفحة: 46 وقال آخر: كأنَّ النَّاسَ حين تغيب عنهم ... نبات الأرض أخطأه القُطار وقال آخر: فتًى جادَ حتَّى جادَ من فضل جوده ... بخيل وأثرى من أياديه معدمُ وقال السري الرفاء: خُلقت منيَّة ومُنًى فأضحت ... تمور بك البريَّة أو تُمارُ تحلّى الدين أوْ تحمي حماه ... وأنتَ عليه سورٌ أو سوارُ سيوفك من شُكاة الثغر برءٌ ... ولكن للعدى فيها بوارُ وقال آخر: نغدو فإمَّا استعرنا من محاسنهِ ... فضلاً وإمَّا استمحنا من أياديهِ وقال آخر: وما تخفى المكارمُ حيث كانتْ ... ولا أهل المكارم حيث كانوا وقال آخر: مالَ الزَّمانُ فكنت ظلاًّ سجْسجاً ... ومضى الزَّمانُ فكنت روضاً مخصبا ناضلتَ منه بذي السّداد فما هفا ... وضربتَ منه بذي الفقار فما نبا وقال آخر: الجزء: 1 ¦ الصفحة: 47 سلامَ الله صلِّ على جوادٍ ... إذا جارى حوى قصب السِّباقِ سما للمجد مبيضَّ الأيادي ... فسيحَ الظلّ ممدود الرّواقِ فلمْ تبعد عليهِ له أقاصٍ ... ولم يصعبْ عليهِ له مراقي وقفتُ عليه ودّاً مستكناً ... تمكن في الشّغاف وفي الصّفاقِ وقال علي بن الرومي: وماذا يُعيب المرءَ من مدح نفسه ... إذا لم يكنْ في فعله بكذوبِ وقال أيضاً: يدُ الله يا آل الفرات عليكمُ ... وأيديكمُ بالعُرف مُنهمراتُ إذا افتخرَ السَّاداتُ يوماً سكتُّمُ ... ولم تسكت الأعلام والأمَراتُ فلو نزلت بعد النّبيّين سورةٌ ... إذاً أنزلتْ في مدحكم سوراتُ أمِنت ولو غاض الفرات من الصَّدا ... لأنَّك لي يا ابن الفرات فراتُ وُزنتم على أكفائكم فرجحتمُ ... وهل تستوي الآلاف والعشراتُ وقال أيضاً: لا عيب في نُعماه إلاَّ أنَّها ... للخاطبين وغيرهم تتبرَّجُ لو أنَّها تصفو لنا وتعمُّنا ... حقا لخيل أنَّنا نتدحرج وقال أيضاً: أما الزَّمانُ إلى سِلمي فقد جنحا ... وعادَ معتذراً من كلِّ ما اجترحا وليس ذلك صنعي بل بصنع فتًى ... ما زالَ يُدني بلطف الرَّدِّ ما نزحا الجزء: 1 ¦ الصفحة: 48 به غدوتُ على الأيَّام مقتدراً ... فقد صفحتُ عن الأيَّامِ إن صفحا في وجهه روضةٌ للحسنِ مُونقة ... ما راد في مثلها طرفي وما سرحا ظلُّ الحياء عليها واقف أبداً ... كاللّؤلؤِ الرطب إن رقرقتَه سفحا وجهٌ إذا ما بدتْ للنَّاسِ سُنته ... كانتْ محاسنه من حولهم سُبحا وقال أيضاً: ذو صورةٍ قمريةٍ بشرية ... تستنطق الأفواهَ بالتَّسبيحِ وقال أيضاً: وأحسن شيءٍ حكمةٌ أُختُ نعمةٍ ... وكلتاهما تلفَى لديهِ وتوجدُ وأحسنُ من عقدِ الكريمة جيدها ... وأحسنُ من سربالها المتجرّدُ وقال أيضاً: أتانا ودنيانا عجوزٌ فأصبحتْ ... به ناهداً في عُنفوان نهودها فقدْ قُيِّدت عنَّا المخاوف كلّها ... وقد أُطلقت آمالنا من قيودها بنفسي لها إلاَّ ثباتُ عهودها ... لمن عاهدته وانحلالُ عقودها وقال أيضاً: من كانَ أهلاً لإمتاع بدولته ... فإنَّكم أهل إمتاع بتخليدِ والمُلك في روضة منكم وفي عُرسٍ ... والدّين في جمعة منكم وفي عيدِ وقال أيضاً: وإذا احتبى في مجلس ... فكأنَّما أرسى ثبير وقال أمية بن أبي الصلت: الجزء: 1 ¦ الصفحة: 49 النَّاس تحتَك أقدام وأنت لها ... رأسٌ وهل يتساوى الرَّأسُ والقدمُ إنَّا لنعلمُ أنَّا ما بقيتَ لنا ... فينا السَّماحُ وفينا العزُّ والكرمُ وحسبُنا من ثناء المادحين إذا ... أثنَوا عليك بأن يُثنوا بما علموا وقال المرقش: وأحسنُ فيما كانَ بيني وبينكمْ ... فإن عاد بالإحسانِ فالعَود أجملُ وقال أحمد بن أبي طاهر: كالبيتِ فيه لزائريهِ ... يجتمعُ الأمن والمثابهْ وقال علي بن الرومي: لياليهمو مثلُ أيَّامهم ... ضياءً وحسناً وما من أرقْ وأيَّامهم كلياليهمو ... سكوناً وأمناً وما من غسقْ وقال القاضي أبو الحسن الجرجاني: ولستُ أُحبُّ المدح تُحشى فصوله ... بقولٍ على قدر العقيدة زائدِ وما المدح إلاَّ بالقلوبِ وإنَّما ... يتمم حسنَ القول حسنُ العقائدِ وقال أيضاً: أغرُّ أروعُ تُلهينا وقائعهُ ... في المالِ والقِرن عن صِفِّين والجمل وقال أيضاً: تعاليتَ عن قدر المدائح صاعداً ... فسيَّان عفوُ القول عندك والجهدُ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 50 وإنَّ قليل القول يكثر رَيعه ... إذا عُرفتْ فيه الموالاة والودُّ وقال آخر: بنانَا اللهُ فوق بِنا أبينا ... كما يبنى على السَّنخ السَّنامُ وكائن في المعاشرِ من أُناس ... أخوهم فوقهم وهمُ كرامُ قال أبو الفياض سعد بن أحمد الطبري: تخالفَ النَّاسُ إلاَّ في محبَّتهِ ... كأنَّما بينهم في حبّه رحمُ وقال عبد الصمد بن بابك: كسوتُ الحمد ذا عرض مصونٍ ... يُمتع في حمى مالٍ مباحِ مَزوحِ اللَّفظ مخدوع العطايا ... جموح العزم مجنون السّماحِ وقال أيضاً: لله همَّتك الَّتي من شأنها ... جرُّ الرِّماح على السّماك الرامحِ وقال البحتري: كم حاسدٍ لأبي العبَّاس مشتغلٍ ... بنعمة في أبي العبَّاس تشجيه يرومُ وضعاً لهُ والله يرفعهُ ... ويبتغي هدمَهُ واللهُ يبنيهِ وقال أيضاً: تكلؤُهم عينه وترجف من ... نقيصةٍ إن تنالهم كبدُهْ كأنَّه والدٌ يرقُّ لهم ... من فرط إشفاقه وهمْ ولدُهْ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 51 ومبجلٍ وسط الرِّجال خفوفهم ... لقيامهِ وقيامهمْ لقعودهِ الدَّهر يضحك عن بشاشة وجههِ ... والعيش يرطُب من نضارة عودهِ نعتدُّه ذُخر العلى وعَتادها ... ونراهُ من كرم الزَّمان وجودهِ وقال أيضاً: شرفٌ تتابعَ كابراً عن كابرٍ ... كالرُّمحِ أُنبوباً على أُنبوبِ وأرى النّجابة لا يكونُ تمامها ... لنجيب قوم ليس بابن نجيبِ وقال علي بن الرومي: متى جئتَهُ عن موعدٍ وفجأته ... تهلَّل بدرٌ واستهلَّ غمامُ وقال أشجع السلمي: ماذا على مادحٍ يُثني عليك فقدْ ... ناجاكَ بالوحيِ تقديسٌ وتطهيرُ وقال العتَّابي: صادفتُ منهُ بليغاً في مواهبهِ ... تُعطي يداهُ تفاريق الغنى جُملا وقال أحمد بن أبي طاهر: ولمَّا رأى الدُّنيا تُنغّص مرَّةً ... وتنفكُّ أُخرى فهي نكثٌ مريرها تجافى عن الدُّنيا وقدْ فتقتْ لهُ ... خواطرها واستقبلتهُ أُمورها وقال أيضاً: لهُ الحمد من أموالهِ ولنا الغنى ... وليسَ علينا ما ينوبُ من الدَّهرِ إذا ما أتاهُ السَّائلونَ توقَّدتْ ... عليه مصابيحُ الطَّلاقةِ والبشرِ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 52 لهُ في ذوي المعروف نُعمى كأنَّها ... مواقعُ ماءِ المزنِ في البلدِ القفرِ وقال آخر: مدحتُك فالتامتْ قلائد لم يفز ... بأمثالها الصّيدُ الكرام الأعاظمُ لأنَّك بحرٌ والمعاني لآلئٌ ... وطبعيَ غوَّاص وقوليَ ناظمُ وقال آخر: فرُواؤه ملءُ العيونِ وفضلهُ ... ملءُ القلوبِ وسيبهُ ملءُ اليدِ وقال آخر: أفعالهُ غررٌ أقواله سورٌ ... أقلامهُ قضبٌ آراؤهُ شهبُ وقال آخر: ملك يُفيض على العفاةِ سجاله ... وعلى العصاة بسطوه التَّسجيلا وإذا حباكَ بغرَّةٍ من مالهِ ... ثنَّى وأعقبَ غرَّة تحجيلا وقال آخر: لا تحقرنَّ بمدحة من خادمٍ ... وافاكَ يقصرُ عن مدك مديحهُ للظفر وهو أخسُّ أجزاء الفتى ... حكٌّ يكونُ بجسمهِ فيريحهُ وقال آخر: لئنْ تنقَّلتَ من دارٍ إلى دارِ ... وصرتَ بعد ثواءٍ رَهن أسفارِ فالحرّ حرٌّ عزيز النَّفس أين ثوى ... والشَّمس في كلِّ برج ذاتُ أنوارِ وقال علي بن الرومي: سالكاً فجَّ المعالي وحدهُ ... حينَ لا يوحشه طولُ انفرادِ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 53 وكذاك البدر يسري في الدُّجى ... ولهُ منْ نفسهِ نورٌ وهادي وقال البحتري: بكروا وأدلجَ طالباً مجداً وهلْ ... يتعلّقُ الغادي بساقِ المُدلجِ وقال أيضاً: وما تابعٌ في المجدِ نهج عدوّه ... كمتَّبع في المجد نهج أبيهِ وقال أبو تمام الطائي: إنَّ السَّماحة أخلاقٌ عُرفت بها ... والمكرمات حديثٌ عنك مسطورُ وقال أيضاً: متى تحللْ به تحللْ جناباً ... رضيعاً للسَّواري والغوادي تُرشَّح نعمة الأيَّام فيهِ ... وتقسم فيه أرزاق العبادِ وقال البحتري: إحسانه درْك الرَّجاءِ وقولهُ ... عند المواعد قطعةٌ من فعلهِ لم يُجهد الأجوادَ غاية سؤددٍ ... إلاَّ تناولها بأهون رِسلهِ وقال أيضاً: لانتْ مهزَّته فعزَّ وإنَّما ... يشتدُّ بأس الرّمح حينَ يلينُ وقال أيضاً: حليمٌ والحفيظةُ منه خِيمٌ ... وأيُّ النَّارِ ليسَ لها شرارُ وقال أيضاً: الجزء: 1 ¦ الصفحة: 54 يا ليتَ شعريَ من هاتا مآثرهِ ... فما الَّذي ببلوغ النَّجم ينتظرُ وقال أيضاً: وإذا ارتقى درجَ العلى قالتْ لهُ ... وافيتَ أقصى المرتقى فتصدَّرِ وقال البحتري: لو أنَّ كفَّك لم تجُد لمؤوّل ... لكفاكَ عاجل بُشرك المتهلّلِ ولوَ انَّ مجدك لم يكنْ متقادماً ... أغناكَ سؤدد آخرٍ عن أوَّلِ أدركتَ ما فاتَ الملوكَ من الحجى ... في عنفوان شبابك المستقبلِ وإذا أمرتَ فلا يقالُ لك اتئد ... وإذا قضيتَ فلا يقالُ لكَ اعدلِ وقال أيضاً: ولمَّا تولَّى البحر والجود صنوه ... غدا البحرُ منْ أخلاقهِ بينَ أبحرِ أضافَ إلى التَّدبيرِ فضلَ شجاعةٍ ... ولا عزم إلاَّ للشُّجاع المدبّرِ وقال أيضاً: فأكرمْ بفرع هؤلاء أصولهُ ... وأعظمْ ببيتٍ هؤلاء قوعدهْ له بدعٌ في الجود تدعُو عذولَه ... عليهِ إلى استحسانها فيساعدهْ وقال أيضاً: لا تقتلِ الحسَّادُ أنفسهم فقد ... هتكَ الصَّباحُ دُجى الهزيع المظلمِ ولقد جريتَ إلى المعالي سابقاً ... وأخذتَ حظّ الأوَّل المتقدّمِ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 55 وكبا عدوُّك حينَ رامَ بكَ الَّتي ... تُخشى فقلنا لليَدين وللفمِ وقال أيضاً: عُذنا بأروع أقصى نيله كثبٌ ... على العُفاةِ وأدنى سعيهُ سفرُ ألحَّ جوداً ولم تضرُر سحائبهُ ... وربَّما ضرَّ في إلحاحهِ المطرُ وقال أيضاً: ثِقاف اللَّيالي في يديهِ فإنْ تملْ ... صروفُ زمانٍ ردَّ منها فقوَّما وقال أيضاً: إلى غَمِر في ماله تستخِفُّهُ ... صغارُ الحقوق وهو عود مجربُ تجاوز غاياتِ العقول مواهباً ... نكادُ بها لولا العِيان نُكذبُ وقال أيضاً: نغدو فإمَّا استعرنا من محاسنهِ ... فضلاً وإمَّا استمحنا من أياديهِ متى أردنا وجدنا من يقصّر عن ... مسعاتهِ وفقدنا من يُدانيهِ وقال أيضاً: أقم يا بنَ يزداذَ الأمور فإنَّه ... لها خير والٍ تصطفيهِ وراعِ وقال أيضاً: متقبّل من حيث جاءَ حسبتهُ ... لقبولهِ في النَّاسِ جاءَ مبشّرا وقال أيضاً: في كلِّ يوم زينةٌ يزدادها ... ومُشارف النّقصان من لمْ يزددِ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 56 وقال أيضاً: وكفى علمُهم بأنَّكَ فيهم ... نعمةٌ ساعدت بها الأقدارُ فوَقتْ نفسَك النُّفوسُ من السو ... ء وزيدت في عمرك الأعمارُ وقال أيضاً: أراكَ تزيد في عيني وقلبي ... إذا انتقصت موازين الرِّجالِ وقال أبو تمام الطائي: مناسبٌ تُحسب من ضوئها ... منازلاً للقمر الطالعِ وقال آخر: أعطى كما أعطاهُ خالقُهُ ... غرضَ المنى ونهايةَ الهممِ وكأنَّما ضمنت فضائلهُ ... خرَس البليغ ونطق ذي البكمِ وقال علي بن الرومي: لئنْ كنت نوراً ساطعاً فطريقنا ... إليك على ظلماء داجية جدَّا وقال أيضاً: ماذا على من يراكَ في بلد ... أنْ لا يرى شمسَهُ ولا قمرَهْ وما على من يراكَ في زمن ... أنْ لا يرى نَوْره ولا زهرَهْ وقال أيضاً: وما نفحاتُ المزن تُثنى على الحيا بأطيب من ذكري لكم في المحافلِ وقال أيضاً: أُناسٌ إذا دهرٌ تبسم مرَّةً ... فعنهم وعن أيَّامهم يتبسمُ هو الغرَّةُ البيضاءُ من آلِ مصعبٍ ... وهم بعده التحجيلُ والنَّاس أدهمُ إذا عُدَّت الآداب يوماً وأهلها ... فذكراه ريحانُ القلوب المنسّمُ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 57 وقال أيضاً: فإنَّك ما مرَّ النحوسُ بكوكبٍ ... وقابلتَه إلاَّ ووجهك سعدهُ وقال البحتري: يدٌ للزَّمانِ الجمعُ بيني وبينه ... لتفريقه بيني وبين النَّوائب وله أيضاً: وحديثُ مجدٍ عنكَ أفرطَ حسنهُ ... حتَّى ظننَّا أنَّه موضوعُ وقال أبو الطيب المتنبي: تمشي الكرامُ على آثار غيرهمُ ... وأنت تخلقُ ما تأتي وتبتدعُ وقال أبو تمام خابَ امرؤٌ نحس الزَّمانُ لسعيهِ ... فأقامَ عنك وأنت سعد الأسعدِ وقال البحتري: تنازعَ المجدَ أمجادٌ ففاتهمُ ... موحَّدٌ بغريب الذكرِ منفردُ وقال أيضاً: وهلْ يتكافأ النَّاسُ شتى خلالهمُ ... وما تتكافأ في اليدين الأصابعُ وقال أيضاً: رأيتُ بهاء الدِّين مجتمعاً لهُ ... وديباجةَ الدُّنيا ومكرُمَة الدَّهرِ وقال أيضاً: إذا سارَ كُفَّ اللّحظُ عن كلِّ منظرٍ ... سواهُ وغُضَّ الصَّوت عن كلِّ مسمعِ فلستَ ترى إلاَّ إفاضة شاخصٍ ... إليه بعينٍ أوْ مشيرٍ بإصبعِ وقال أيضاً: وقد علمَ الأقوام أنَّ صريمةً ... إذا اختلفت شورى النجيِّ استبدتِ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 58 متى وقدت في مظلم الغيب ضوَّأت ... فإن ضربت في جانب الخطب قدَّت وقال أيضاً: فليسَ اللَّحظُ بالمكروه شزْراً ... إليه ولا الحديثُ بمستعادِ وقال أيضاً: فوالله لا حدثتُ نفسي بمنعمٍ ... سواكَ ولا منَّيتها باتباعهِ ولو بعتُ يوماً منك بالدّهر كلّه ... لفكَّرت يوماً ثانياً في ارتجاعهِ وقال أيضاً: وقد شحذت منه حداثةُ سنّه ... تجاربَ غطريفٍ حِدادٌ مخالبُهْ إذا المرءُ لم تبدَهكَ بالحزم والحجا ... قريحتُه لم تُغنِ عنه تجاربُهْ وقال أيضاً: أسالَ لكمْ عفواً أراكم ذنوبكم ... غُثاءً عليه وهو ملءُ المَذانبِ وقال أيضاً: فكأنَّ مجلسَه المحجَّب محفلٌ ... وكأنَّ خلوتَه الخفيفةَ مشهدُ وفتوّة جمع التّقى أطرافها ... وندًى أحاطَ بجانبيهِ السُّؤددُ وقال أيضاً: ومصعد في هضاب المجد يسلكها ... كأنَّه لسكونِ الجأْش منحدرُ ما زالَ يسبقُ حتَّى قالَ حاسدُه ... له طريقٌ إلى العلياءِ مختصرُ وقال أيضاً: الجزء: 1 ¦ الصفحة: 59 وثِقتُ بنعماه ولم تجتمع بها ... يدي ورأيتُ النجح قبل سؤاله وقال أيضاً: إن يقلْ واعداً توافى إلى النج ... ح يداه في صفقةٍ ولسانُهْ ضامنٌ للَّذي يُراد لديه ... قلقُ الفكر أوْ يصحّ ضمانُهْ وقال أيضاً: وزَرُ الخلافة حين يُعضل حادثٌ ... وشهابها في المظلمات الواقدُ فقد اغتدى المعوجُّ وهو مقومٌ ... بيديه واستوفى الصَّلاحَ الفاسدُ قد قلت للسَّاعي عليه بكيده ... سفهاً لرأيك من أراك تكايدُ أوفى فأعشاكَ الصَّباح بضوئه ... وجرى فغرَّقك الفرات الزَّابدُ وقال أيضاً: أنت الرَّبيعُ الذي تحيى الأنامُ بهِ ... كل يعيش بفضلٍ منك مقسومِ وما السَّحاب إذا ما انحاز عن بلد ... وجاز ميقاته فيه بمذمومِ إن جُدتَ فالجو أمرٌ عُرفت بهِ ... وإن تجافيتَ لم تنسب إلى اللّومِ وقال أيضاً: مقاماتهم أركان رضوى ويذبلٍ ... وأيديهمُ بأس اللَّيالي وجودُها ينامون عن أكفائهم ولديهمُ ... من اللهِ نعمى لا ينامُ حسودُها أبا خالدٍ ما جاور الله نعمةً ... بمثلك إلاَّ كانَ حتماً خلودُها وجدنا خلالَ الخير عندك كلّها ... ولو طلبت في الغيث عزّ وجودُها وقال آخر: الجزء: 1 ¦ الصفحة: 60 وكذاكَ الأسباطُ كانوا ولكن ... لم يلدْ مثل يوسف يعقوبُ وقال البحتري: لو كنت أحسدُ أو أُنافسُ معشراً ... لحسدتُ أو نافستُ أهل الموصلِ غشَّى الرَّبيعُ ديارَهم فغشيتها ... وكلاكما ذو بارقٍ متهلّلِ فأضاءَ منها كلُّ فجٍّ مظلمٍ ... بكما وأخصب كلّ وادٍ مُمحلِ وقال أيضاً: قد نافسَ الغيبُ الحضور على الذي ... شهدوا وقد حسدَ الرَّسولَ المُرسلُ وقال أيضاً: وما نحسنَ الدُّنيا إذا هي لم تُعنْ ... بآخرة حسناء يبقى نعيمُها بقاؤك فينا نعمة الله عندنا ... فنحن بأوفى شكره نستديمُها وقال أيضاً: وكلّ امرئٍ يُعدى بجدّك مفلحٌ ... وكلّ امرئٍ يسعى بجدّك ظافرُ وهل يحسن التَّقصير أوْ يعذر الوني ... ومثليَ مأمورٌ ومثلك آمرُ وقال أيضاً: وإذا خطابُ القوم في الخطب اعتلى ... فصل القضية في ثلاثة أحرفِ ألا يكن كهل السّنين فإنَّه ... كهل التَّجارب في ضجاج الموقفِ قاسمته أخلاقه وهي الرَّدى ... للمعتدي وهي النَّدى للمعتفي فإذا جرى في غاية وجريت في ... أُخرى التقى شأوا كما في المصنفِ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 61 الباب الخامس في الاستماحة والشفاعة والهزّ والاستعانة قال أمية بن أبي الصلت: أأذكر حاجتي أمْ قدْ كفاني ... حياؤُكَ إنَّ شيمتك الحياءُ إذا أثنى عليك المرءُ يوماً ... كفاهُ من تعرُّضك الثَّناءُ وقال بكر بن النطاح: فاصبرْ لعادتنا التي عوَّدتنا ... أو لا فأرشدنا إلى من نذهبُ وقال أبو نواس: إليك عدتْ بي حاجةٌ لم أبح بها ... أخافُ عليها شامتاً فأُداري فأرخِ عليها سترَ معروفك الذي ... سترتَ بهِ قدماً عليَّ عواري وقال أبو تمام الطائي: أبا جعفرٍ إنَّ الخليفة إن يكنْ ... لواردنا بحراً فإنَّك ساحلُ تقطعت الأسباب إن لم تُعر لها ... قوًى ويصلها من يمينك واصلُ فإنَّ المعالي يسترمُّ بناؤها ... وشيكاً كما قد تسترمُّ المنازلُ أكابرَنا عطفاً علينا فإنَّنا ... بنا ظمأ بَرْح وأنتم مناهلُ وقال أيضاً: وترى تسحُّبنا عليهِ كأنَّنا ... جئناه نطلبُ عندهُ ميراثا الجزء: 1 ¦ الصفحة: 62 وقال أيضاً: وليس امرؤٌ في النَّاس كنتَ سلاحه ... عشيةَ يلقى الحادثات بأعزلا وقال أيضاً: ومن يرجُ معروفَ البعيد فإنَّه ... يَدي عوَّلت في النَّائبات على يدي وقال البحتري: وإنِّي لأرجو والرَّجاء وسيلةٌ ... عليَّ بن يحيى للَّتي هي أعظمُ مشاكلةُ الآداب تصرف همَّتي ... إليه وودٌّ بيننا متقدّمُ وقال أيضاً: أبا حسنٍ أنشأتَ في أُفقِ النَّدى ... لنا كرماً آمالنا في ظلالهِ مضى منكَ وسميٌّ فجُدْ بوليّه ... وعوّدتَ من نعماك فضلاً فوالهِ وقال أبو العتاهية: ولقد توّسمتُ النجاحَ لحاجتي ... فإذا لها من راحتيكَ نسيمُ ولربَّما استأيستُ ثمَّ أقولُ لا ... إنَّ الذي ضمن النجاحَ كريمُ وقال بكر بن النطاح: هلْ أنتَ منقذُ شلوي من يديْ زمنٍ ... أضحى يقدُّ أديمي قدَّ مُنتهسِ دعوتُك الدَّعوةَ الأولى وبي رمقٌ ... وهذه دعوةٌ والدَّهرُ مفترسي وقال علي بن الرومي: الجزء: 1 ¦ الصفحة: 63 وقدْ يُسوَّف بالإسقاء ذو ظمأٍ ... ولا يُسوَّفُ بالإسقاء غصَّانُ وقال بشار بن برد: طالَ الثُّواءُ عليَّ تنظرُ حاجةً ... شمطتْ لديكَ فمن لها بخضابِ تُعطي الغزيرةُ دَرَّها فإذا أبتْ ... كانت ملامتُها على الحلاَّبِ وقال غيره: أفردتُه برجائي إن تشاركُه ... فيه الرَّسائل أو ألقاه بالكتبِ وقال قيس بن الملوح العامري، مجنون ليلى: مضى زمنٌ والنَّاسُ يستشفعونَ بي ... فهل لي إلى ليلى الغداةَ شفيعُ وقال أيضاً: ونُبّئتُ ليلى أرسلتْ بشفاعةٍ ... إليَّ فهلاَّ نفسُ ليلى شفيعُها أأكرمُ من ليلى عليَّ فتبتغي ... به الجاهَ أم كنتُ امرءاً لا أطيعُها الجزء: 1 ¦ الصفحة: 64 وقال آخر: الحمدُ للهِ شكراً ... فكلُّ خير لديهِ صارَ الأميرُ شفيعي ... إلى شفيعي إليهِ وقال آخر: ومَنْ يكنْ الفضل بنُ يحيى بنِ خالد ... لهُ شافعاً عند الخليفة ينجحِ وقال ابن أبي فنن: إذا كنتُ أرجو نوالَ الإمامِ ... وفتحُ بنُ خاقانَ لي شافعُ فقلْ للغريم أتاكَ الغنى ... وللضَّيفِ منزلُنا واسعُ وقال آخر: قولوا ليحيى بن خالدٍ ثقتي ... لمثلِ ذا اليوم كنتَ تُدَّخرُ إنِّي لفي غُمَّةٍ أكابدُها ... وأنتَ قي كلِّ ظلمةٍ قمرُ وقال آخر: لقد سرَّني في النّجح أنَّك شافعي ... وقد ساءَني في المجدِ أنك تشفعُ وقال آخر: لا تتركنَّ الدَّهرَ يظلمني ... ما دامَ يقبلُ قولكَ الدَّهرُ وقال غيره: وعبدُك الدَّهر قد أضرَّ بنا ... إليك من جَور عبدك العربُ وقال علي بن الرومي: إنْ كنتَ يوماً مُدركي بإغاثةٍ ... فاليوم يا بنَ السَّادة الرُّأَسِ أنا بينَ أظفارِ الزَّمانِ وخائفٌ ... منهُ شبَا الأنياب والأضراسِ وقال آخر: الجزء: 1 ¦ الصفحة: 65 والشولُ إن حُلبتْ تدفَّقَ رِسلها ... وتقلُّ درَّتُها إذا لم تُحلبِ وقال آخر: أنا في ذمَّةِ السَّحابِ وأظْما ... إنَّ هذا لوَصمةٌ في السَّحابِ وقال آخر: إذا كنتُ قربَ البحرِ ماليَ مخلصٌ ... إليه فما يجدي اقترابي من البحرِ وقال أبو تمام الطائي: وإذا امرؤٌ أهدى إليك صنيعةً ... من جاههِ فكأنَّها من مالهِ وقال البحتري: وعطاءُ غيركَ إن بذل ... تَ عنايةً فيه عطاؤُكْ وقال أيضاً: ومرامُ المعروف صعبٌ إذا لمْ ... تلتمسْهُ لدى شريف الأُرُومِ وقال أيضاً: ولستُ بعيداً من تناول مطلب ... عسيرٍ إذا سهلتهُ بأبي سهل وقال أيضاً: بادرْ بعُرفك إن ما كنتَ مقتدراً ... فليس في كلِّ وقتٍ أنتَ مُقتدرُ وقال أحمد بن يوسف: إذا خُلةٌ خانتْ صديقَك فاجتنبْ ... مذمَّتها فالدَّهرُ بالنَّاسِ قلَّبُ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 66 وقال آخر: ليس في كلِّ ساعةٍ وأوانِ ... تتهيَّأ صنائعُ الإحسانِ فإذا أمكنت فبادرْ إليها ... حذراً من تعذُّر الإمكانِ وقال أبو الطيب المتنبي: وفي النَّفسِ حاجاتٌ وفيك فطانةٌ ... سكوتي بيانٌ عندها وخطابُ وقال أيضاً: وأحسنُ وجهٍ في الورى وجهُ محسنٍ ... وأيمنُ كفٍّ فيهمُ كفُّ مُنعمَ وقال أيضاً: ومنْ كنتَ بحراً لهُ يا عليُّ ... لم يقبل الدرَّ إلاَّ كِبارا وقال علي بن الرومي: أمطرْ نداك جنابي تكسُه زهراً ... أنت المحيَّا برَّياه إذا نفحا وقال آخر: وما لوجه رجائي عنك منصرفٌ ... وهل يفارق جريَ المشتري الثوْرُ وقال آخر: لأمير المؤمنين المرتجَى ... بحرُ جودٍ ليسَ يعدوهُ أحدْ وأبو النَّجم لمن يقصدهُ ... مشرعٌ منهُ إلى البحرِ يردْ وقال أحمد بن أبي طاهر: أبا حسنٍ إنَّ الخليفة أصبحتْ ... لنا كفُّه غيثاً وأنتَ سحابُها فما من يدٍ بيضاءَ تُسدى إلى امرئٍ ... ولا نعمةٍ إلاَّ إليكَ انتسابُها وقال أحمد بن أبي البغل: فيَّ انقباضٌ وحشمةٌ فإذا ... صادفتُ أهل الوفاء والكرمِ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 67 أرسلتُ نفسي على سجيَّتها ... وقلتُ ما شئتُ غيرَ محتشمِ وقال آخر: أيفوتني ما أرتجي ... هِ وأنتَ لي فيهِ ذَريعهْ ما كنتَ أنتَ وسيلتي ... فيهِ فقرضٌ أو وَديعهْ وأعدُّ ذلكَ منْ سَرَا ... بك كالسَّرابِ جرى بَقيعهْ فاعزمْ فإنَّك كالحسا ... مِ سطت بهِ كفٌّ سريعهْ وقال بكر بن النطاح: أقولُ للدَّهرِ وقد عضَّني ... فوهُ بأنيابٍ وأضراسِ يا دهرُ إن أبقيتَ لي مالكاً ... فاذهبْ بمنْ شئتَ منَ النَّاسِ وقال آخر: وبالنَّاس عاشَ النَّاسُ قدماً ولم يزلْ ... منَ النَّاسِ مرغوبٌ إليه وراغبُ وقال آخر: وكمْ صاحبٍ قد جلَّ عن قدرِ صاحبٍ ... فألقى لهُ الأسبابَ فارتقيا معا وقال البحتري: وكنتُ إذا مارستُ عندك حاجةً ... على نكدِ الأيَّامِ هانَ علاجُها فإن تُلحق النُّعمى بنُعمى فإنَّهُ ... يزين الآلي في النّظام ازدواجُها هيَ الرَّاحُ تمت في صفاءٍ ورقَّةٍ ... فلم يبقَ للمصبوحِ إلاَّ مزاجُها وقال آخر: أهزُّك لا أنِّي عرفتُك ناسياً ... لأمرِ ولا أنِّي أردتُ التّقاضيا ولكنْ رأيتُ السَّيف من بعد سلّه ... إلى الهزّ محتاجاً وإن كانَ ماضيا وقال محمد بن أبي زرعة الدمشقي: الجزء: 1 ¦ الصفحة: 68 لا ملومٌ مستقصرٌ أنتَ في البرّ ... ولكن مستعطفٌ مستزادُ قد يُهزُّ الحسامُ وهو حسامٌ ... ويحثُّ الجوادُ وهو جوادُ وقال أبو تمام الطائي: إن ابتداءَ العُرف مجدٌ سابقٌ ... والمجد كلُّ المجد في استمامهِ هذا الهلال يروق أبصارَ الورى ... حسناً وليس كحسنهِ لتمامهِ وقال البحتري: تحمَّل ثقْل مطلبها كريماً ... عن القِرم الكريم أبي عليّ هو الوسميُّ جادَ فكنْ وليّاً ... وما الوسميُّ إلاَّ بالوليِّ فإن العَوْد ربَّما أُحيلتْ ... عِلاوتهُ على الجذع الفتيِّ وقال بشار بن برد: وقد أطعمتْنا منك يوماً سحابةٌ ... أضاءتْ لنا برقاً وأبطأ رشاشُها فلا ضوءها يُجلى فييأس طامعٌ ... ولا غيثها يهمي فتُروى عطاشُها وقال آخر: واعلمْ بأنَّ الغيثَ ليس بنافعٍ ... للنَّاسِ ما لمْ يأتِ في إبَّانهِ وقال آخر: الجزء: 1 ¦ الصفحة: 69 أنا أشكو إليكَ جدبيَ والمرْ ... عى مريعٌ والماءُ صافٍ شروبُ وقال آخر: وإنِّي لأرجو من شرابك قطرةً ... أهرُّ بها عطفيَّ في روقٍ نضْرِ وقال آخر: أيعطشُ أمثالي وواديكَ فائضٌ ... وتجدبُ أحوالي وروضك أخضرُ وقال آخر: فإن تولِني منكَ الجميلَ فأهلهُ ... وإلاّ فإنِّي عاذرٌ وشكورُ وقال الحسين بن الحجاج: فيا مُلبسي النُّعمى التي جلَّ قدرها ... لقد أخلقتْ تلك الثّيابُ فجدِّدِ وقال أبو إسحاق الصابئ: وما زلتَ من قبل الوزارة جابري ... فكنْ رائشي إذْ أنتَ ناهٍ وآمرُ أمنت بك المحذورَ إذْ كنت شافعاً ... فبلغني المأمولَ إذْ أنتَ قادرُ وقال أيضاً: كفاك مذكّراً وجهي بأمري ... وحسبك أنْ أراكَ وأنْ تراني فكيف أحثُّ من يَعنى بأمري ... ويعرف حاجَتي ويرى مكاني وقال أبو تمام الطائي: الفطرُ والأضحى قد انسلخا ولي ... أملٌ ببابِكَ صائمٌ لم يُفطرِ وقال أيضاً: لو كانَ وصماً لراجٍ أنْ يكون لهُ ... ركنانِ ما هُزَّ رمحٌ فيهِ نصلانِ ولم يعدَّ من الأبطالِ ليثُ وغًى ... زُرَّت عليه غداة الروْع درعانِ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 70 وقال السري الرفاء: كلُّ برٍّ يشوبُه كدرُ المط ... لِ حقيقٌ بأن يكونَ عقوقا وإذا المرءُ جاء بالمنّ فالمرْ ... زوق منهُ منْ لم يكنْ مرزوقَا لو أراقتْ دمي صروفُ اللَّيالي ... لم تجدْني لماء وجهي مُريقا وقال أبو تمام الطائي: أقسم الحظَّ بيننا في الحظ ... لعنوانَ ما تجنُّ الصّدورُ إنَّما اليسرُ روضةٌ فإذا كا ... نَ ببرٍّ فروضةٌ وغديرُ وقال أيضاً: ليس الحجابُ بمُقصٍ عنك لي أملاً ... إنَّ السَّماء تُرجَّى حين تحتجبُ وقال ابن نباتة السعدي: ولو كانَ الحجابُ لغير نفعٍ ... لما احتاجَ الفؤادُ إلى الحجابِ وقال علي بن الرومي: أظلمَ ليلي وأنتَ لي قمرٌ ... فنوِّرِ اللَّيل أيُّها القمرُ أجدب شرْجي وأنتَ لي مطرٌ ... فزحْزح الجدبَ أيُّها المطرُ أرابَ دهري وأنت لي وزَرٌ ... فدافع الرَّيبَ أيُّها الوزَرُ أخطأتُ قدري وأنتَ لي بصرٌ ... فاركبْ إلى القصد أيُّها البصرُ وقال أبو تمام الطائي: خذْ بكفِّي من عثرةٍ لستُ إلاَّ ... بك أرجو من عثرةٍ إنهاضي وإذا المجدُ كانَ عوني على المر ... ءِ تقاضيتُه بتركِ التّقاضي الجزء: 1 ¦ الصفحة: 71 وله أيضاً: إنْ غاضَ ماءُ المُزن فضتَ وإن قستْ ... كبدُ الزمَّانِ عليَّ كنتَ رؤوفا وقال علي بن الجهم: نميلُ على جوانبهِ كأنَّا ... لعزَّتنا نميلُ إلى أبينا نقلّبهُ لنخبرَ حالتيهِ ... فنخبرَ منهما كرماً ولِينا وقال البحتري: وألقيتُ أمري في مهمِّ أُمورهِ ... ليفعلَ صوبُ المُزن ما هو فاعلُهْ وقال أيضاً: ليسَ يخلو طِلابُك الشَّيء تبغي ... هِ التماساً حتَّى يعزَّ طِلابُهْ غيره: واليأسُ إحدى الرَّاحتين ولن ترى ... تعباً كظنّ الخائفِ المكذوبِ وقال آخر: ومَن طلبتهُ نفسُه من عُفاتهِ ... فلا غروَ أن يُلقى بغيرِ شفيعِ وقال آخر: ما أنت بالسَّببِ الضَّعيفِ وإنَّما ... نُجحُ الأُمورِ بقوَّةِ الأسبابِ اليومَ حاجتُنا إليكَ وإنَّما ... يُدعى الطَّبيبُ لشدَّة الأوصابِ وقال أحمد بن أبي البغل: بدأتَ بفضلٍ صارَ فرضاً تمامُهُ ... وأنتَ بمفروضِ العوائدِ عائدُ تلطفْ لما فيه خلاصيَ واتَّخذْ ... يداً فالأيادي في الرِّجال قلائدُ غيره: وأقربُ ما يكون النُّجحُ يوماً ... إذا شفعَ الوجيهُ إلى الجوادِ وقال حمزة بن بيض: الجزء: 1 ¦ الصفحة: 72 تقول لي والعيون هاجعةٌ ... أقم علينا يوماً ولم أُقمِ أيّ الوجوه انتجعتَ قلتُ لها ... وأيّ وجهٍ إلاَّ إلى الحكمِ متى يقل حاجبا سرادقِه ... هذا ابن بيضٍ بالبابِ يبسمِ وقال أبو هفان: أبا حسنٍ شفعتُ إلى اللَّيالي ... بودّكَ إنه أرجى شفيعِ إذا أكدى الرَّبيعُ فأيُّ بحرٍ ... يؤمَّل للحيا بعدَ الرَّبيعِ وقال البحتري: لا أُعنيه باللّقاء ولا أرْ ... هقهُ طالباً ولا أستزيدُهْ خشيةً أن يرى الذي لا أراهُ ... ليَ أوْ أن يريدَ ما لا أُريدُهْ وقال أبو الفتح: وسائلُ النَّاس شتَّى عند سادتهم ... ولي وسائلُ آدابٍ وآمالِ فاسحبْ لبرّك أذيالاً على أملي ... أسحبْ بشكرك ما عمرتُ أذيالي وقال الشريف الموسوي الرضي: القولُ يعرض كالهلالِ فإنْ مشتْ ... فيه الفعالُ فذاك بدرُ تمامِ إنِّي أمُتُّ إليكَ بالأدبِ الذي ... يقضي عليكَ بحرمةٍ وذِمامِ وقرابةُ الأُدباءِ يقصرُ دونَها ... عندَ الأديب قرابة الأرحامِ وقال دِعبل الخزاعي: لا تُحزننَّك حاجاتي أبا عمَرٍ ... فإنَّها منك بين الفكر والعِذَرِ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 73 ما راحَ منها فإنَّ الله يسَّرهُ ... وما تأخَّرَ محمولٌ على القدرِ وقال عمر بن أبي ربيعة: إنَّ لي حاجةً إليكِ فقالتْ ... بين أُذْني وعاتقي ما تُريد وقال آخر: من عفَّ على الصَّديق لقاؤه ... وأخو الحوائج وجههُ مملولُ وقال أبو الهول: وقد كانَ هذا البحر ليس يجوزهُ ... سوى خائفٍ من هوله أو مُخاطرِ فأضحَى بمنْ بالبابِ بابك غامراً ... كأنَّ عليهِ محكماتِ القناطرِ وقال البحتري: ومتى أردتُ لبستُ منك مواهباً ... يُنشرنَ نشرَ الوردِ منْ أكمامهِ وقال أيضاً: ومنْ لمْ يرَ الإيثارَ لم يشتهرْ لهُ ... فعالٌ ولم يبعد بسؤددهِ ذكرُ فإنْ قلت نذرٌ أوْ يمينٌ تقدَّمت ... فأيُّ جوادٍ حلَّ في ماله نذرُ وقال أيضاً: ومثلك إن أبدى الفعال أعادهُ ... وإن صنعَ المعروفَ زادَ وتمَّما وقال أيضاً: ولقدْ غدوْت أخاً ورحتَ برأفةٍ ... وحياطةٍ حتَّى كأنَّك والدُ وبدأتَ في أمرٍ فعُد إن الفتى ... بادٍ لما جلبَ الثَّناءَ وعائدُ لمْ أنأَ عمَّا كنتُ فيهِ ولم أغِبْ ... عن حظِّ فائدةٍ ورأيك شاهدُ وقال أيضاً: الجزء: 1 ¦ الصفحة: 74 سمحُ اليدينِ لهُ أيادٍ جمَّةٌ ... عندي ومَنٌّ ليسَ بالممنونِ أفديكَ والنّعماءَ عندك إنَّها ... قد كثَّرت في النَّاس من يَفديني وقال في استهداء غلام: فإن تُهدِ ميخائيل ترسِلْ بتحفةٍ ... تقضَّى لها العُتبى ويُغتفرُ الوِزرُ ومثلكَ أعطى مثله لم يضِقْ بهِ ... ذراعاً ولم يحرَجْ بهِ أو لهُ صدرُ على أنَّهُ قد مرَّ عمْرٌ لطيبهِ ... ومن أعظمِ الآفاتِ في مثلهِ العمرُ غداً تُفسدِ الأيَّامُ منهُ ولم يكنْ ... بأوَّل صافي الحسن كدَّرهُ الدَّهرُ تجاوزْ لنا عنهُ فإنَّكَ واجدٌ ... بهِ ثمناً يُغليهِ في مدحكَ الشعرُ ولا تطلب العلاَّتِ فيه وترتَقي ... إلى حيلٍ فيها لمعتذرٍ عذرُ فقدْ يتغابى المرءُ في عظم مالهِ ... ومن تحت بُرديهِ المُغيرةُ أو عمرُو وقال أيضاً: هل تُصغيَنْ لأخٍ يقولُ بحالهِ ... مستعتباً إذْ لم يقلْ بلسانهِ نزلتْ بعَقوتهِ الخطوبُ طوارقاً ... فتخوَّنتهُ وأنتَ من إخوانهِ هذا وأنت الحجَّةُ العلياءُ في ... إكرامهِ من وافدٍ وهوانهِ ومتى رآكَ النَّاسُ تحرمه اقتدَوْا ... بكَ غير مرتابينَ في حرمانهِ فتكون أوَّلَ مانعٍ منْ نفسهِ ... ما أمَّل العافي ومن جيرانهِ وقال أبو علي البصير: وكنْ عند ما أمَّلتُ منكَ فإنَّنا ... جميعاً لما أوليت من حسنٍ أهلُ ولا تعتذرْ بالشّغل عنَّا فإنَّما ... تناطُ بكَ الآمالُ ما اتَّصلَ الشّغلُ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 75 وقال أبو الفتح البستي: يا منْ تواضعهُ عونٌ وسؤددهُ ... نجدٌ وهمَّته التَّفريجُ للكربِ أوصِ الزَّمانَ بحفظي من نوائبهِ ... فإن إحداثهنَّ السودَ تلعبُ بي وقال أيضاً: يا راغباً في الحمد والشّكرِ ... ومتيَّماً بعقيلة الذّكرِ قيّدْ ببرّك شكرَ ذي أملٍ ... فالبرُّ قيدُ أوابدِ الشُّكرِ وقال أيضاً: أيُّها الخاطبون شكراً كريماً ... أينَ أنتمْ عن مهر شكرٍ كريمِ قدّموا البرَّ تستفيدوا من الشّك ... رِ كفاءً لذلك التَّقديمِ أوَ لمْ تُبصروا إلى الأرض تُسقى ... ثمَّ تهتزُّ بالنَّباتِ العميمِ وقال أيضاً: ذكّرْ أخاك إذا تناسَى واجباً ... أوْ عنَّ في آرائهِ تقصيرُ فالرَّأي يصدأُ كالحسام لعارضٍ ... يطرأ عليه وصقلُهُ التَّذكيرُ وقال منصور الفقيه المصري: إن يكنْ عاقكَ عن إن ... جاز ما أسلفت خطبُ فتأوَّلْ من كتا ... ب الله فيما يستحبُّ لن ينالَ البرَّ إلاَّ ... منفقٌ ممَّا يحبُّ وقال البحتري: مواهبُ أعداد الأماني وخلفَها ... عداتٌ يكادُ العود منهنَّ يورقُ وقال أيضاً: وما أنا إلاَّ غرسُ نعمتِك الَّتي ... أفضت له ماءَ النَّوالِ فأورقا الجزء: 1 ¦ الصفحة: 76 وقفتُ بآمالي عليكَ جميعها ... فرأيك في إمساكهنَّ موفَّقا وقال أيضاً: حانَ أنْ تَنْصل العِدات عن النُّج ... ح وأن يقطع الحيا الإكرامُ فدعِ المطلَ راشداً فهو ميدا ... نٌ بروضٍ فيهِ النّفوسُ اللّئامُ ما تمام الإنعام قولاً سوى الإن ... عامِ فعلاً وللأمورِ تمامُ وقال أيضاً: ينامُ الذي استسعاكَ للأمرِ إنَّه ... إذا أيقظَ الملهوفَ مثلُك ناما كفى العوْدَ منك البدءُ في كلِّ موقفٍ ... وجُرّدتَ للجُلَّى فكنتَ حساما وقال أيضاً: لا تحقرنَّ قليلَ الخيرِ تصنعهُ ... فقد يُروّي الحائم الثمدُ ويرخُص الحمدُ حتَّى أنَّ عارفةً ... بذلُ السَّلام فكيف الرِّفد والصفَدُ وقال أيضاً: ومتى ضمنتُ عليك طالبَ حاجةٍ ... كَفلتْ يداك بذمَّتي وضماني وقال أيضاً: شدائدُ دهري برَّحتْ بي صروفاً ... وأكثرُ ما أرجوكَ حيث الشَّدائدُ وقال آخر: إنَّ ذاكَ الكمال فيكَ غريمٌ ... يتقاضاكَ في الأيادي الكمالا وقال أبو تمام الطائي: وكان المطلُ في عودٍ وبدءٍ ... دُخاناً للصَّنيعة وهيَ نارُ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 77 لذلك قيلَ بعض المنعِ أدنى ... إلى مجدٍ وبعضُ الجود عارُ وقال البحتري: أبغي شفيعاً إليك أو سبباً ... عندك في النَّاسِ أستزيدك بهْ والظُّلمُ أن يبتغي الفتى سبباً ... يجعله وصلةً إلى سببهْ وقال أبو فراس الحمداني: وإنَّك لَلمولى الذي بكَ أقتدي ... وإنَّك لَلنجمُ الذي بكَ أهتدي فأنتَ الذي بلغتني كلَّ رتبةٍ ... مشيتُ إليها فوقَ أعناق حسَّدي فيا مُلبسي النُّعمى التي جلَّ قدرُها ... لقد أخلقتْ تلك الثّيابُ فجدِّدِ وقال أبو الطيب المتنبي: أزِلْ حسدَ الحسَّاد عنِّي بكبْتهم ... فأنتَ الذي صيَّرتهم لي حسَّدا وقال محمد بن حازم لقدْ لبستْني منك بالأمسِ نعمةٌ ... فهل لكَ من أُخرى عوانٍ إلى بكرِ على أنَّها إن أمكنت أو تعذَّرتْ ... فإنَّك بينَ الشّكر منِّي والعذرِ وقال البحتري: وأحبُّ آفاقِ البلادِ إلى الغنى ... أرضٌ يُنالُ بها كريمُ المطلبِ وعذرت سيفي في نبوِّ غرارهِ ... إنِّي ضربتُ فلم أقعْ بالمضربِ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 78 أمسي زميلاً للظَّلامِ وأغتدي ... ردفاً على كفل الصَّباحِ الأشهبِ فأكونُ طوراً مشرقاً للمشرقِ ال ... أقصى وطوراً مغرباً للمغربِ وإذا الزَّمانُ كساكَ حلَّةَ مُعدمٍ ... فالبسْ لها حلل النَّوى وتغرَّبِ ولقد أبيتُ معَ الكواكبِ راكباً ... أعجازها بعزيمةٍ كالكواكبِ واللَّيلُ في لونِ الغراب كأنَّه ... هو في حُلوكتهِ وإنْ لمْ يغبِ والعينُ تنصَل من دجاه كما انجلى ... صبغ الشَّباب عن القَذال الأشيبِ حتَّى تبدَّى الصُّبح في جنباتهِ ... كالماء يلمع في خلالِ الطُّحلبِ وقال أيضاً: أغببتَ سيْبك كي يَجُمَّ وإنَّما ... غُمد الحسامُ المشرفيُّ ليُنتضى وسكتَّ إلاَّ أن أُعرّض قائلاً ... نزراً وصرَّح جهدَه من عرَّضا وقال أيضاً: أتبعدُ حاجتي وإليك قصدي ... بها وعلى عنايتك اعتمادي سيكفيني مقامٌ منك فيها ... حميدُ العَبِّ محمودُ الأيادي وقال أيضاً: لكَ النّعماءُ والخطرُ الجليلُ ... ومنك الفضلُ والنيل الجزيلُ أمرتَ بأنْ أُقيم على انتظارٍ ... لرأيكَ إنَّه الرَّأيُ الأصيلُ فراقبتُ الرَّسولَ فقلت يأتي ... بتبيانٍ فما جاءَ الرَّسولُ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 79 وليس بغير أمرك لي مُقامٌ ... وليس بغير إذنك لي رحيلُ وقد أوقفت عزمي والمهارى ... فقلْ شيئاً لأفعلَ ما تقولُ وقال أيضاً: ما أبو جعفر بمنتقض الجدْ ... وى ولا سالكٍ سبيلَ النِّفاقِ عندهُ نُجح ما نقول ومنهم ... مُعدمٌ من مكارمِ الأخلاقِ وقال القاضي: ومثلُك لا ينبَّه غير أنا ... أتانا الأمرُ بالذّكر النفوعِ وما أخشى قصوراً عن مرامٍ ... ومثلك أوحدُ الدُّنيا شفيعي الباب السادس في الشكر والثناء وما يقارنهما قال أبو نواس الحكمي: ولو كانَ يستغني عن الشّكرِ ماجدٌ ... لرفعة شأنٍ أوْ علوِّ مكانِ لما أمرَ اللهُ العبادَ بشكرهِ ... فقالَ اشكروني أيُّها الثّقلانِ وقال أبو الحيلة: شكرتك إن الشّكرَ جلَّ عن التُّقى ... وما كلُّ من أقرضته نعمةً تقضي فنبهتُ عن ذكري وما كانَ خاملاً ... ولكنَّ بعضَ الذّكر أنْبه من بعضِ وقال آخر: رهنتُ يدي بالعجزِ عن شكر برّهِ ... وما فوقَ شكري للشّكورِ مزيدُ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 80 وقال آخر: ولو كانَ للشّكرِ شخصٌ يب ... ينُ إذا ما تأملهُ النَّاظرُ لمثلتهُ لك حتَّى تراهُ ... لتعلم أنِّي امرؤٌ شاكرُ ولكنَّهُ ساكنٌ في الضَّمير ... يُحركهُ الكلم السَّائرُ وقال البحتري: كلَّما قلتُ أيبس المحلُ أرضي ... وليتني غمامةٌ منهُ تهمي وقال أبو تمام الطائي: يا منةَ لك لولا ما أُخفّفها ... بهِ من الشكرِ لم تُحملْ ولم تُطقِ بالله أدفعُ عني ثقل فادحها ... فإنني خائفٌ منها على عُنقي قال أبو نواس الحكميّ: قد قلتُ للعباسِ معتذراً ... من ضعف شكريهِ ومعترفا أنت امرؤٌ أوليتني نِعماً ... أوهتْ قوى شكري فقد ضعفا لا تُسدينَّ إليَّ عارفةً ... حتَّى أقومَ بشكرِ ما سلفا وقال أبو العيناء: شُكركَ معقودٌ بإيمانِ ... حكّمَ في سرّي وإعلاني عقدُ ضميرٍ وفمٍ ناطقٍ ... وفعلُ أعضاءٍ وأركانِ وقال إبراهيم بن المهدي: ما زلتُ في سكرات الموت مُطَّرحاً ... ضاقتْ عليَّ وجوهُ الأمر والحيَلِ فلم تزلْ دائباً تسعى لتنقذني ... حتَّى اختلستَ حياتي من يديْ أجلي وقال أبو دهبل الجمحيّ: وكيف أنساكَ لا نُعماك واحدةٌ ... عندي ولا بالذي أوليتَ من قِدمِ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 81 وقال البحتري: لئن أنا لم أشكرْكَ نعماك جاهداً ... فلا نلت نعمى بعدها توجبُ الشكرا وقال آخر: أصلحتني بالجود بل أفسدتني ... وتركتني أتسخَّطُ الإحسانا من جادَ بعدك كان جودُك فوقهُ ... لا جادَ بعدك كائناً من كانا وقال السري الرَّفاء: أصبحتُ أُظهرُ شكراً من صنائعهِ ... وأُضمرُ الودَّ منهُ أيَّ إضمارِ كيانع النخل يبدي للعيون ضحًى ... طلعاً نضيداً ويخفى غصنَ جُمَّارِ وقال أيضاً: ولي في ساحتيك غدير نُعمى ... صفا معناهُ واطَّرد الحبابُ وظلٌّ لا يمازجهُ هجيرٌ ... وشمسٌ لا يكدّرها ضبابُ وأيامٌ حسن لديّ حتَّى ... تساوى الشيبُ فيها والشبابُ وقال أبو تمام الطائي: رددت رونقَ وجهي في صحيفتهِ ... ردَّ الصّقال لماءِ الصَّارم الحذِمِ وما أُبالي وخيرُ القول أصدقهُ ... حقنتَ لي ماءَ وجهي أَمْ حقنتَ دمي وقال آخر: أخ لي إذا ما جئتُ أبغيهِ حاجةً ... رجعتُ بما أبغي ووجهي بمائهِ وقال الباهلي: لأشكرنَّكَ معروفاً هممتَ بهِ ... إنَّ اهتمامك بالمعروفِ معروفُ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 82 ولا ألومُكَ إنْ لم يُمضهِ قدرٌ ... فالشَّيءُ بالقدرِ المحتومِ مصروفُ وقال القاضي أبو الحسن الجرجاني: وشكرتُ ما أوليتني ونشرتهُ ... في النَّاسِ فهو مشرِّقٌ ومغرِّبُ وقال آخر: كم أبا جعفرٍ وكم لكَ عندي ... من يدٍ أطلقتْ يدي ولساني ظاهرٌ حسنها عليَّ وجاءتْ ... تتهادى في حلّة الكتمانِ وصلتْ بالكرام حبلي وردَّتْ ... ماءَ وجهي فأصلحتْ من شاني وكفتني غدرَ الصَّديقِ وأن أل ... قاهُ إلاَّ بمثل ما يلقاني وقال آخر: لعمركَ ما المعروف في غير أهلهِ ... وفي أهلهِ إلاَّ كبعض الودائعِ فمستودعٌ قد ضاعَ ما كانَ عندهُ ... ومستودعٌ ما عندهُ غيرُ ضائعِ وما النَّاسُ في شكرِ الصَّنيعة عندهم ... وفي كفرِها إلاَّ كبعض المزارعِ وقال البحتري: سأجهدُ في شكري لنعماك إنَّني ... أرى الكفرَ بالنَّعماءِ ضرباً من الكفرِ وقال السّريّ الرفاء: وكنتُ كروضةٍ سُقيتْ سحاباً ... فنمَّتْ بالنَّسيمِ على السَّحابِ وقال البحتري: جرى العراقُ بسجل من سحائبهِ ... كنَّا نؤمّلُ أنْ نُسقاهُ بالشَّامِ وقال علي بن الرومي: هبِ الروضَ لا يُثني على الغيث نشرهُ ... أمنظرهُ يُخفي مآثرهُ الحسنى وقال نصيّب: الجزء: 1 ¦ الصفحة: 83 فعاجوا فأثنَوْا بالَّذي أنتَ أهلهُ ... ولو سكتوا أثنتْ عليكَ الحقائبُ وقال آخر: ليسَ يبقى على انقضاءِ الزَّمانِ ... غيرُ شكر الأخوان والخلاّنِ أحزمُ النَّاس من إذا أحسن الدَّه ... رُ يلقّي الإحسانَ بالإحسانِ وقال علي بن الرومي: أساءتْ بيَ الأيامُ يا بن محمدٍ ... وهنَّ إليَّ الآن معتذراتُ رأينَ مطافي حولَ بيتك عائذاً ... فهنَّ لما أبصرْنهُ حذِراتُ وقال آخر: لم أكفُر الفضلَ ولكنَّهُ ... قصَّرَ عن معروفهِ شكري فليُنعم الفضلُ على قدرهِ ... وأشكر الفضلَ على قدري وقال آخر: زادَ معروفُكَ عندي عظماً ... إنَّهُ عندكَ محقورٌ صغيرُ تتناساهُ كأنْ لم تأتِه ... وهو في العالمِ مشهورٌ كبيرُ وقال آخر: إذا الشَّافعُ استقصى لكَ الحمدَ كلَّهُ ... وإن لم ينلْ نجحاً فقد وجبَ الشُّكرُ وقال آخر: ما زلتَ تُحسنُ ثمَّ تُحسنُ عائداً ... وأعودُ شاكرَ نعمةٍ فتُعيدُ فتزيدُني نِعماً وأشكر جاهداً ... فكذاك أنت تزيدُني وأزيدُ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 84 وقال آخر: لئنْ أحسنتَ في أمري ... لما قصرتُ في الشُّكرِ وشكري عند إحسانك ... كالقطرةِ في البحرِ وقال البحتري: ألنتَ ليَ الأيَّامَ من بعدِ قسوةٍ ... وعاتبتَ لي دهري المسيءَ فأعتبا وألبستني النّعمى التي غيَّرت أخي ... عليَّ فأمسى نازحَ الودِّ أجنبا فلا فزتُ من مرِّ اللَّيالي براحةٍ ... إذا أنا لم أُصبحْ بشكرك متعبا وقال السّريّ الرفاء: ألبستني نعماً رأيتُ بها الدُّجى ... صبحاً وكنتُ أرى الصَّباحَ بهيما فغدوتُ يحسدُني الصَّديقُ وقبلها ... قد كانَ يلقاني العدوُّ رحيما وقال علي بن الرومي: وكيفَ جحودُ النَّاس نعماءَ منعمٍ ... تُناغي بها أطفالهم في مهودِها وقال أيضاً: من أياديك التي لو جحدت ... مرَّةً قامَ بها منك شهودُ وقال أيضاً: كم من يدٍ بيضاء قد أسديتها ... تثني إليكَ عِنانَ كلّ ودادِ شكرَ الإلهُ صنائعاً أوليتَها ... سلطتْ مع الأرواحِ في الأجسادِ وقال البحتري: ذنبُ إحسانهِ العظيمِ إلينا ... أنَّنا عاجزون عن تعدادِهْ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 85 وقال أيضاً: على الله إتمامُ المنى فيك كلّها ... لنا وعلينا الحمدُ لله والشُّكرُ وقال أبو تمام الطائي: ذكرتُ صنيعةً لك ألبستني ... أثيثَ المالِ والنعمِ الرّغابِ ولو أنِّي استطعتُ لقام عنِّي ... بشكرك من مشى فوقَ التُّرابِ فأشفي من صميمِ الشُّكر نفسي ... وتركُ الشُّكرِ أثقلُ للرِّقابِ وقال أيضاً: وكم لكَ عندي من يدٍ مستهلَّةٍ ... عليَّ ولا كفرانَ عندي ولا جحدُ يدٌ يستذلُّ الدَّهرُ من نفحاتها ... ويخضرُّ من معروفها الأُفقُ الوَردُ وقال أيضاً: وما سافرتُ في الآفاقِ إلاَّ ... ومن جدواكَ راحلتي وزادي مقيمُ الظنِّ عندكَ والأماني ... وإنْ قلقتْ ركابي في البلادِ وقال أبو الطيب المتنبي: وإنِّي عنك بعد غدٍ لغادٍ ... وقلبي من فنائك غيرُ غادِ مُحبُّك حيثما اتَّجهتْ ركابي ... وضيفك حيث كنت من البلادِ وقال أيضاً: لطَّفتَ رأيك في برِّي وتكرمتي ... إنَّ الكريم على العلياءِ يحتالُ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 86 وقال البحتري: أعطيتَني حتَّى حسبتُ جزيل ما ... أعطيتنيه وديعةً لم توهَبِ فشبِعت من برٍّ لديك ونائلٍ ... ورويت من أهلٍ لديك ومرحَبِ وقال أيضاً: نفسي فداءُ أبي محمَّد الذي ... ما زلتُ أحمدُ في ذُراهُ مكاني خلٌّ بلغتُ برأيه شرف العلي ... وأخٌ غنيتُ بهِ عن الأخوانِ الله يجزيك الذي لم يجزِهِ ... شكري ولم يبلغ مداهُ لساني وقال أيضاً: من شاكرٌ عنِّي الخليفةَ في الذي ... أولاه من طول ومن إحسانِ حتَّى لقدْ أفضلتُ من أفضالهِ ... ورأيتُ نهج الجُّود حين رآني ملأت يداه يدي وشرَّد جودهُ ... بخلي فأفقرني كما أغناني ووثقتُ بالخلف الجميل معجلاً ... منه فأعطيتُ الذي أعطاني وقال علي بن الرومي: وفي الرِّقاب وسومٌ من صنائعكم ... إنْ أنكرتها رجالٌ بعد إقرارِ تستعبدونَ بها الأحرارَ دهرَكمُ ... وكم عبيدٍ لكم في النَّاسِ أحرارِ لكم علينا امتنانٌ لا امتنان بهِ ... وهل تمنُّ سمواتٌ بأمطارِ كأنَّما النَّاسُ في الدُّنيا بظلّكمُ ... وقد خيَّموا بين جنَّاتٍ وأمطارِ وقال أبو تمام الطائي: ومن الرزيَّة أن شكري صامتٌ ... عمَّا فعلتَ وإن برَّكَ ناطقُ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 87 أأرى الصَّنيعة منك ثمَّ أسرُّها ... إنِّي إذاً ليدِ الكريم لسارقُ وقال أيضاً: سأحمدُ نصراً ما حييتُ وإنَّني ... لأعلم أن قد جلَّ نصرٌ عن الحمدِ تجلَّى به رشدي وأثْرتْ بهِ يدي ... وفاضَ بهِ ثمدي وأورى به زَندي وما زالَ منشوراً عليَّ نوالهُ ... وعنديَ حتَّى قد بقيتُ بلا عندِ وقال أيضاً: جلَّلتني نِعماً جلَّتْ وأحر بأنْ ... يجلَّ شكري إذا جلَّتْ لكَ النعمُ وقال أيضاً: كم حاجةٍ صارتْ ركوباً بهِ ... ولم تكنْ من قبلهِ الركوبْ حلَّ عقاليها كما أُطلقتْ ... من عقدِ المزنة ريحُ الجنوبْ إذا تيمّمناه في مطلبٍ ... كانَ قليباً أو رِشاءَ القليبْ ونعمةٍ منه تسرْبلتها ... كأنَّها طرَّةُ بُردٍ قشيبْ من اللَّواتي إن ونى شاكرٌ ... قامتْ لمسديها مقامَ الخطيبْ وقال أيضاً: فكم قد أثرنا من نوالكَ معدناً ... وكم قد بنينا في ظلالك معقِلا رددتَ المنى خضراً تثني غصونها ... عليَّ وأطلقتَ الرَّجاءَ المكبَّلا الجزء: 1 ¦ الصفحة: 88 لقد زدتَ أوضاحي امتداداً ولم أكنْ ... بهيماً ولا أرضى من الأمرِ مجهلا ولكن أيادٍ صادفتني جسامُها ... أغرّ فأوفتْ بي أغرّ محجلا وقال أيضاً: كم نعمةٍ زيَّنتني بسموطها ... كالعقدِ في عنُقِ الكَعاب الناهدِ غادرتها كالسور عوليَ سمكهُ ... مضروبةً بيني وبين الحاسدِ وقال أيضاً: أأُقنّعُ المعروفَ وهو كأنّه ... بدرُ الدجى إني إذاً للئيمُ وقال أيضاً: أشكرُ نُعمى منك معروفةً ... وكافرُ النعمةِ كالكافرِ وقال عليٌّ بن الروميّ: سأُثني بنعماك التي لو جحدتها ... لأثنتْ بها مني شواهدُ لا تخفى وقال البحتري: فلو أن أعضائي تحولنَ ألسُناً ... بشكر الذي أوليتَ لم توفِ حقَّهُ وقال أيضاً: أخجلتني بندي يديْك فسوَّدتْ ... ما بيننا تلك اليدُ البيضاءُ وقطعتني بالبرِّ حتَّى أنني ... متخوفٌ أن لا يكون لقاءُ صلةٌ غدتْ في النَّاس وهي قطيعةٌ ... عجبٌ وبرٌّ راحَ وهو جفاءُ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 89 وقال أيضاً: بالله أُقسمُ لو مُلكتُ ألسنةً ... تبثُّ شكرك من قرني إلى قدمي لما وفيتُ لما أوليتَ من حَسنٍ ... ولا نهضتُ بما حمَّلتَ من نعمِ أبا عليٍّ لقد طوَّقتني مِنناً ... طوقَ الحمامةِ لا يبلى على القِدمِ يا زينة الدين والدُّنيا وما جمعتْ ... والأمرِ والنهيِ والقرطاس والقلمِ وقال أبو تمام الطائي: لأشكرنَّك إن لم أُوتَ من أجلي ... شكراً يوافيك عني آخر الأبدِ وإن تورَّدت بي بحرَ البحور ندًى ... فلم أنل منهُ إلاَّ غرفةً بيدي وقال آخر: فديتُك إني قد عييتُ بشكرِ ما ... فعلتَ وكم أعيى القؤُولَ فعولُ وقال أبو القاسم الداوديّ: ربما قصَّر الصديق المقلُّ ... عن حقوقٍ بهنَّ لا يُستقلُّ ولئن قلَّ نائلٌ فصفاءٌ ... في ودادٍ ومنةٌ لا تقلُّ أرْخِ ستراً على حقارة برّي ... هتكُ ستر الصديقِ ليس يحلُّ وقال عليٌّ بن الرومي: برَّني معروفكم قبل أبي ... وغذاني حُبكم قبل اللبنْ وقال البحتري: مننتَ عليهم بالحياةِ فأصبحوا ... مواليك فازوا منك بالمنِّ والعتقِ وإنَّ ولاءَ المعتقين من الرَّدى ... يفوق ولاءَ المعتقين من الرّقِ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 90 وقال أيضاً: فأحسنُ ما قال امرؤٌ فيك دعوةٌ ... تلاقتْ عليها نيةٌ وقبولُ وشكرٌ كأنَّ الشمسَ تعنى بنشرهِ ... ففي كلِّ أرضٍ مخبرٌ ورسولُ يُبينانِ عرف العُرف حتَّى كأنما ... يؤَرق في يوم الشمال شمولُ وكم لك نُعمى لو تصدَّى لشكرها ... لسانٌ معدٍّ لاعتراه نكولُ أُكلف نفسي أن أقابل عفوها ... بجهدي وهل يجزى الكثيرَ قليلُ فإن أنا لم أصدعْ بشكرك إنني ... وحاشايَ من خلْق البخيل بخيلُ وقال أيضاً: بي فضلهُ إن اغتدى غيرَ شاكرٍ ... لأنعمهِ أو يغتدي غيرَ منعمِ وما استعبدَ الحرّ الكريم كنعمةٍ ... ينال بها عفواً ولم يتكلمِ سأُثني وإن لم يبلغ القولُ مبلغاً ... فإنَّ لسان الحال ليس بأعجمِ ولو أن شكراً مدُّ صوت لشاكرٍ ... لأسمعتُ ما بين الحطيم وزمزمِ وقال أبو القاسم الزعفراني: لقد أعتقني نعمةٌ منك أطلقتْ ... يميني بعد اليأس من قَدِّ موثقِ فإنْ أنتسب كان انتسابي إلى أبي ... وكان ولائي بعد ذاكَ لمعتقي وقال عبد الصمد بن بابك: وكم كسرٍ جبرتَ فكان طوقاً ... على نحرِ الدعاءِ المستجابِ وقال البحتري: أبلغْ أبا الحسنِ الذي لبس النَّدى ... للخاطبين فكان خيرَ لباسِ مهما نسيتَ فلستُ للحسنِ الذي ... أوليتَ من قدم الزمانِ بناسي ولئن أطلتُ البعد عنك فلم تزلْ ... نفسي إليك كثيرة الأنفاسِ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 91 وتفاضلُ الأخلاق إن حصلتها ... في الناسِ حسْب تفاضل الأجناسِ ليس الذي يُعطيك تالدَ مالهِ ... مثل الذي يعطيك مالَ الناسِ وقال أيضاً: مواهب لي منها الغنى فمتى التقى ... بساحتها حمدٌ فلي حمدُها طرَّا تضاف إلى مجدي وتجري إلى يدي ... فأكسبها مالاً وأملكها فخرا وقال أيضاً: أأجحدك النعماءَ وهي جليةٌ ... وما أنا للبرّ الخفيِّ بجاحدِ متى ما أُسيّر في البلاد ركائبي ... أجدْ سائقي يهوي إليك وقائدي وأكرم ذخري حسنُ رأيك إنه ... طريفي الذي آوي إليه وتالدي وقال أيضاً: سأشكرُ لا أني أُجازيك نعمةً ... بشكري ولكن كي يقالَ له شكرُ واذكر أيامي لديك وحسنَها ... وآخرُ ما يبقى من الذاهبِ الذكرُ وقال أيضاً: ليَ منه في كلّ يومٍ نوالٌ ... لم تنله كدورةُ الترنيقِ عنده أوَّلٌ وعندي ثانٍ ... من نداه وثالثٌ في الطريقِ لابسٌ منه نعمةً لا أرى الأ ... خلاقَ في حالةٍ لها بخليقِ إن تقلْ زينةً فحليةُ عقيا ... نٍ وإن خفةً ففصُّ عقيقِ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 92 هي أعلتْ قدري وأمضت لساني ... وأشارت باسمي وبلّتْ ريقي وقال أيضاً: بلغتْ يداه في التي لم أحتسبْ ... وثنى بأخرى فهو بادٍ عائدُ هو واحدٌ في المكرماتِ وإنما ... يكفيك عاديةَ الزمانِ الواحدُ وقال أبو تمام الطائي: نوالك ردَّ حسادي فلولاً ... وأصلح بين أيامي وبيني وقال أيضاً: بمهديِّ بن أسلمَ عادَ عودي ... إلى إيراقهِ وامتدَّ باعي أطال يدي على الأيام حتَّى ... جزيت صروفها صاعاً بصاعِ وقال أيضاً: لئن جحدتُك ما أوليتَ من نعمٍ ... إني لفي اللؤم أحظى منك في الكرمِ وقال أحمد بن أبي فنن: إنما جعفرٌ ثمالٌ إذا ما ... نزل المحلُ للعُفاةِ ثمالا لو قدرنا وقلَّ ذلك منا ... لجعلنا له الخدودَ نعالا وقال أيضاً: الله يعلم أنني لك شاكرٌ ... والحرُّ لفعل الجميلِ شكورُ وقال بن أبي طاهر: كيف شكري بني عليّ بن يحيى ... وهم فوق كل شكرٍ وحمدِ وهمُ الزاد والعتاد ومن أوْ ... رق عودي بهم وأُثقب زَندي الجزء: 1 ¦ الصفحة: 93 وقال أيضاً: وما أنا في شكري عليّاً بواحدٍ ... ولكنه في الفضل والجود واحدُ شكرتُ عليّاً برَّهُ ونوالهُ ... فقصَّرني شكري وإني لجاهدُ وقال إبراهيم: ومؤمَّلٍ للنائبات إذا ... أمَّ الزمانُ بأزمة هبّا لما رآني نهبَ حادثةٍ ... جعل الذخائر دونها نهبا أفضى إليَّ موزعاً فحمى ... لحمي وجاهد دونيَ الخطبا وقال أبو الفتح البستي: سقى اللهُ حرّاً رعى عهدنا ... وأنصف من جور أيامنا رأى الدَّهر يخطفُ من حولنا ... فأسلفنا حرماً آمنا وقال أيضاً: لئن عجزت عن شكر برّك قوَّتي ... فأقوى الورى عن شكر برّك عاجزُ فإنَّ ثنائي واعتقادي وطاعتي ... لأفلاكٍ ما أوليتنيه مراكزُ وقال أيضاً: أيُّ عذرٍ إن صامَ عنهُ ثنائي ... وأنا الدهرُ منهُ في يومِ فطرِ وأتمُّ الأشياءِ نوراً وحسناً ... بِكرُ شكرٍ زُفَّتْ إلى صهر برِّ ما قرانُ السعدين أبهى وأعلى ... منظراً من قرانِ برٍّ وشكرِ وقال أيضاً: وافيتُ سدَّته لحماً على وضم ... وصرتُ من عنده ناراً على علمِ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 94 وقال أيضاً: كأن الغصونَ وقد أُثقلتْ ... بما حملت من جنيِّ الثمارِ رقابُ الأنام وقد أصبحت ... مثقَّلةٌ بالأيادي الكبارِ وقال أيضاً: لا تظننَّ بي وبرّك حيٌّ ... إن شكري كشكر غيري مواتُ أنا أرضٌ وراحتاك سحابٌ ... والأيادي وبلٌ وشكري نباتُ وقال أيضاً: لا تحسبنّي إذا أوليتني نعماً ... إني أخو وهنٍ في الشكر أو كسلِ وقال أيضاً: وباشرتَ أمري واعتنيتَ بحاجتي ... وأخَّرت لا عني وقدمت لي نعمْ فإنْ نحن كافأنا فأهلٌ لشكرنا ... وإن نحن قصَّرنا فما الودُّ متَّهمْ الباب السابع في الاستعطافِ والمعاتباتِ والاعتذاراتِ قال عليّ بن الرومي نعاتبكم يا أمَّ عمرٍو لحبكمْ ... ألا إنما المقليُّ من لا يعاتبُ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 95 وقال أيضاً: ليتَ عيني وليت من حقِّ عيني ... غضُّ أجفانها على الأقذاءِ وقال غيره: ويبقى الودُّ ما بقيَ العتابُ وقال الناشئ الأصغر: إذا أنا عاتبتُ الملوك فإنما ... أخطُّ بأقلامي على الماءِ أحرُفا وهبه ارْعوى بعد العتاب ألم تكن ... مودَّتهُ طبعاً فصارت تكلُّفا وقال بشار بن برد: إذا كنتَ في كلِّ الأمور معاتباً ... صديقك لم تلقَ الذي لا تعاتبهْ فعشْ واحداً أو صلْ أخاك فإنهُ ... مقارفُ ذنبٍ مرةً ومجانبهْ إذا أنت لم تشربْ مراراً على القذى ... ظمئتَ وأيُّ النَّاس تصفو مشاربهْ وقال أبو عبد الله النميري: إذا كان وجهُ العذر ليس ببيّنٍ ... فإنَّ اطّراحَ العذر خيرٌ من العذرِ وقال سعيد بن حميد: العذرُ عندي لك مبسوطُ ... والذنبُ عن مثلك محطوطُ ليس بمسخوطٍ فعال امرئ ... كل الذي يأتيه مسخوطُ وقال آخر: قيل لي إنه أساء فلانٌ ... ومقام الفتى على الذلِّ عارُ قلت قد جاءنا وأحدث عذراً ... ديةُ الذنب عندنا الاعتذارُ وقال آخر: الجزء: 1 ¦ الصفحة: 96 إقبلْ معاذيرَ من يأتيك معتذراً ... إنْ برَّ عندك فيما قال أو فجرا فقد أجلَّك من يُرضيك ظاهرهُ ... وقد أطاعك من يَعصيك مستترا وقال آخر: العذرُ مبسوطٌ ولكنَّهُ ... شتَّانَ بين العذرِ والكشرِ وقال تأبَّط شرّاً: لتقرعنَّ عليَّ السنَّ من ندمٍ ... إذا تذكَّرتَ يوماً بعضَ أخلاقي وقال المثقّب العبدي: فإما أن تكون أخي بحقٍّ ... فأعرفُ منك غثيّ من سميني وإلا فاطَّرحني واتخذني ... عدواً أتقيك وتتقيني وإني إنْ تعاندني شمالي ... عنادَك ما وصلتُ بها يميني إذاً لقطعتها ولقلتُ بيني ... كذلك أجتوي من يجتويني وقال آخر: أُعلمهُ الرماية كلَّ يومٍ ... فلما اشتدَّ ساعدهُ رماني وقال عليّ بن الروميّ: تخذتكُم دِرعاً وترْساً لتدافعوا ... نبالَ العدى عني فكنتم نصالها وقال أيضاً: إنَّ لله غير مرعاك مرعًى ... نرتعيهِ وغير مائك ماءَ إنَّ لله في البريَّة لطفاً ... سبق الأمهاتِ والآباءَ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 97 وقال منصور بن باذان: فسرْ في بلاد الله والتمس الغنى ... فما الكرخُ الدُّنيا وما النَّاس قاسمُ وقال البحتري: تبلج عن بعضِ الرّضا وانطوى على ... بقية عيبٍ شارفتْ أن تصرَّما إذا قلت يوماً قد تجاوز حدَّها ... تلبَّث في أعقابها وتلوَّما وقال أيضاً: سحابٌ خطا في جودهِ وهو مسبلٌ ... وبحرٌ عدا في فيضهِ وهو مفعمُ وبدرٌ أضاء الأرض شرقاً ومغرباً ... وموضعُ رجلي منهُ أسودُ مظلمُ أأشكو نداه بعد أن وسعَ الورى ... ومن ذا يذمُّ الغيث إلاَّ مذممُ وقال أيضاً: إذا أحرجتَ ذا كرمٍ تخطَّى ... إليك ببعضِ أخلاقِ اللئيمِ وما خرق السفيه وإن تعدَّى ... بأبلغَ فيك من حقدِ الحليمِ وقال أبو تمام الطائيّ: أخرجتموهُ بكُرْهٍ من سجيَّته ... والنار قد تُنتضى من ناضر السلمِ أوطأتموهُ على جمرِ العقوقِ ولوْ ... لم يخرج الليثُ لم يخرج من الأجمِ وقال أيضاً: أتاني عاثرُ الأنباءِ تسري ... عقار بها بداهيةٍ نآدِ نثا خبرٌ كأن القلب منه ... يجرُّ به على شوك القتادِ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 98 بأني نلتُ من مضرٍ وخبَّت ... إليك شكيتي خبب الجوادِ وما ربع الأذى مني بربعٍ ... ولا نادي الخنا مني بنادي وأين يجورُ عن قصدي لساني ... وقلبي رائحٌ بهواك غادي ومما كانت الحكماءُ قالتْ ... لسانُ المرءِ من خدم الفؤادِ وقال أيضاً: أتاني مع الركبانِ ظنٌّ ظننتهُ ... لففتُ له رأسي حياءً من المجدِ لقد نكب الغدرُ الوفاء بساحتي ... إذاً وسرحتُ الذمَّ في مسرح الحمدِ كريمٌ متى أمدحْهُ أمدحه والورى ... معي ومتى ما لمته لمتهُ وحدي أأمنح هجر القول من إن هجوتهُ ... إذاً لهجاني عنه معروفهُ عندي وقال أيضاً: لقد جازيتُ بالإحسان سواءً ... إذاً وصبغتُ عرفك بالسوادِ ورحت أسوقُ عنه الكفر حتَّى ... أنختُ الشرك في دار الجهادِ وقال المؤمَّل بن أميل: إذا مرضتمْ أتيناكم نعودكمُ ... وتذنبون فنأتيكم ونعتذرُ وقال إبراهيم بن العباس الصولي: ورُبَّ أخٍ ناديتهُ لململةٍ ... فألفيتهُ منها أحدَّ وأعظما وقال أيضاً: وكنتَ أخي بإخاءِ الزمانِ ... فلما نبا صرتَ حرباً عوانا وكنتُ أذمُّ إليك الزمانَ ... فأصبحتُ منك أذمُّ الزمانا الجزء: 1 ¦ الصفحة: 99 وكنتُ أعدُّكَ للنائباتِ ... فها أنا أطلبُ منك الأمانا وقال أيضاً: ألم ترَ أن المرء تذوي يمينهُ ... فيقطعها عمداً ليسلم سائرُهْ فكيف تراهُ بعد يُمناه صانعاً ... بمن ليس منه حين تبدو سرائرُهْ وقال عبد الله بن عبيد الله: إرضَ للسائل الخضوع وللقا ... رفِ ذنباً غضاضةَ الاعتذارِ وقال علي بن الجهم: ومن ذا الذي ترضى سجاياه كلها ... كفى المرء نبلاً أن تعد معائبهْ وقال يزيد بن المهلبي: تناسَ ذنوب قومك إن حفظ الذ ... نوب إذا قدمنَ الذنوبِ وقال البحتري: إذا محاسنُك اللائي تدلُّ بها ... كانت عيوبك قل لي كيف تعتذرُ وقال أيضاً: أبا عثمانَ معتبةً وظنّاً ... وشافي النصح عندك كالأشافي إذا شجرُ المودَّة لم تجده ... سماءُ البرّ أسرعَ في الجفافِ وقال عليّ بن الرومي: وما الحقدُ إلاَّ توأمُ الشكر في الفتى ... وبعض السجايا ينتسبنَ إلى بعضِ إذا الأرض أدَّت دفع ما أنت زارعٌ ... من البذر فيها فهي ناهيك من أرضِ وقال آخر: وكلُّ كسوفٍ في الدّراري شنيعةٌ ... ولكنه في البدرِ والشَّمس أشنعُ وقال آخر: ألا أيُّها الإنسانُ لا تكُ آنصاً ... من الدَّهر إن تصفو إليك مشاربهْ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 100 ستكسبُ ما ترجو وإن كنت تاركاً ... لكسبك ما تخشى وأنت مجانبهْ وقال آخر: والنصلُ يعمل إخلاصاً بجوهرهِ ... ولا يزالُ على شحذٍ منَ القيْنِ وقال آخر: ولستُ أحبُّ اللبيبَ الشريف ... يكون غلاماً لِغلمانهِ وقال آخر: إنَّ العيونَ لَتُبدي في تقلُّبها ... ما في الضمائر من ودٍّ ومن حنقِ وقال آخر: ما غبنَ المغبونَ مثلُ عقلهِ ... من لكَ يوماً بأخيك كلهِ ما أضيعَ الغمد بغير نصلهِ ... والعُرفَ ما لم يكُ عندَ أهلهِ وقال آخر: تفاوتنا وهل تخفى القُدامى ... على لحظ العيون من الخوافي وفضلُ الهام من نقص الذُّنابي ... وعزُّ التاج من ذلِّ الخصافِ وقال آخر: لا يغرسُ الشرَّ غارسٌ أبداً ... إلاَّ اجتنى من غصونهِ ندما وقال آخر: أنفقْ من الصبر الجميل فإنهُ ... لم يخشَ فقراً منفقٌ من صبرهِ والمرءُ ليس ببالغٍ في أمرهِ ... كالصقر ليس بصائدٍ في وكرهِ وقال آخر: الجزء: 1 ¦ الصفحة: 101 إذا لم يُعنكَ الله فيما تريدهُ ... فليس لمخلوقٍ إليه سبيلُ فإن هو لم يرشدكَ في كل مطلبٍ ... ضللتَ ولو أن السماك دليلُ وقال آخر: إذا كان غير الله للمرءِ عُدَّة ... أتته الرزايا من وجوهِ الفوائدِ وقال عليّ بن الروميّ: غلط الطبيبُ عليَّ غلطة موردٍ ... عجزت مواردهُ عن الإصدارِ والنَّاس يلحون الطبيب وإنما ... غلطُ الطبيب إصابة المقدارِ وقال آخر: الهمُّ فضلٌ والقضا غالبٌ ... وكائنٌ ما خُطَّ في اللوحِ واعلم بأنَّ الريح تقوى على ... ما طال والتفَّ من الدوحِ وقال آخر: كم أسيرٍ لشهوةٍ وقليلِ ... أفَّ للمبتغي خلاف الجميلِ شهوات الإنسان تكسبهُ الذُّلَّ ... وتلاقيه في البلاءِ الطويلِ وقال آخر: لم تغنِ عنكَ سيوف الهند مصلتةً ... لما أتتكَ سيوف الواحدِ الصمدِ وقال آخر: المالُ للمرءِ في معيشتهِ ... خيرٌ من الوالدين والولدِ وإن تدم نعمةٌ عليكَ تجدْ ... خيراً من المللِ صحة الجسدِ وما لمن نال فضل عافيةٍ ... وقوت يومٍ فقرٌ إلى أحدِ وخيرُ ما نلت من معاشك في ... يومك ما كان مصلحاً لغدِ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 102 وقال آخر: أرى أشقياء النَّاس لا يسأمونها ... على أنهم فيها عراةٌ وجوَّعُ أراها وإن كانت تحبُّ فإنها ... سحابة صيفٍ عن قليل تقشَّعُ وقال آخر: قد جعلتُ المطيَّ أكثر همّي ... وقطعت البلادَ طولاً وعرضا لأقي العِرض ما حييت فإني ... لا أرى للفتى مع الفقر عرضا وقال آخر: والخاملُ المجهول يملك نفسه ... ويسدُّ حيث يشاءُ عين مراقبِ وكفى بسيدنا عليماً أنه ... ما الذَّاعنُ المحصور مثل السائبِ وكذاك ما الرجلُ الطويل ذيوله ... مثل المشمّر للنهوض الواثبِ وقال آخر: ويحسنُ ذلُّها والموت فيه ... وقد يستحسن السيفُ الصقيلُ وقال البحتري: وما خير برقٍ لاح في غير وقتهِ ... ووادٍ غدا ملآن قبل أوانهِ وقال آخر: وإذا الأنفس اختلفن فما يغ ... ني اتفاق الأسماء والألقابِ وقال آخر: إذا جاد الزَّمان على كريمٍ ... من الفتيان صبّبَ بالمروَّهْ فليس عليه في الإخلالِ عيبٌ ... بأسباب المروءة والفتوَّهْ وقال آخر: قري للزمان الصعب ويحكِ واصبري ... فما ناصحاتُ المرءِ إلاَّ تجاربهْ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 103 ولا تحزني إن أغلقَ الوفرُ بابه ... فبعد انغلاق الباب يأذن حاجبُهْ وقال آخر: أسارتْ الفرس فيما قد مضى مثلاً ... وكان للفرس في أيامها المثلُ قالوا إذا جملٌ حانتْ منيَّته ... أطافتْ البين حتَّى يهلك الجملُ وقال الأحوص: بني هلالٍ ألا فانهوا سفيهكم ... إنَّ السفيه إذا لم ينهَ مأمورُ وقال آخر: وزادني كلفاً في الحب أن منعتْ ... أحبُّ شيءٍ إلى الإنسانِ ما مُنعا وقال هارون بن يحيى المنجم: أنت نعم المتاعُ لو كنت تبقى ... غير أن لا بقاءَ للإنسانِ ليس فيما علمتُه لك عيبٌ ... عابه النَّاس غير أنك فانِ وقال آخر: أدرج الأيام تندرجِ ... وبيوتَ الهمّ لا تلجِ رُبَّ أمرٍ عزّ مطلبهُ ... هوَّنته ساعة الفرجِ وقال سعيد بن حميد: العسر أُكرمُه ليسرٍ بعده ... ولأجل عينٍ ألف عينٍ تكرمُ والمرءُ يكره يومه ولعلَّه ... تأتيه فيه سعادةٌ لا تُعلمُ وقال أيضاً: كانت إليَّ من الحوادث زلةٌ ... فاصبر لها فلعلها تستغفرُ إنَّا لنمتهن الخطوبَ بصبرنا ... والخطب ممتهنٌ لمن لا يصبر وقال آخر: الجزء: 1 ¦ الصفحة: 104 ولرُبَّ ليلٍ بتُّ فيه بكرْبةٍ ... وغدا يفرّجها الصباحُ الأنورُ وقال آخر: ما زلتُ أدفعُ شدَّتي بتصبُّري ... حتَّى استرحتُ من الأيادي والمننْ فاصبرْ على نوب الزَّمانِ تكرُّماً ... فكأنَّ ما قد كانَ فيهِ لم يكنْ وقال أحمد بن أبي طاهر: ركني بآلاء أبي غانمٍ ... ثبتٌ وكهفي في ذراه منيعْ وكم لبثت الخفض في ظلّه ... عمري شبابٌ وزماني ربيعْ وقال أيضاً: وما أنا إلاَّ عبدُ نعمتكَ التي ... نُسبتُ إليها دونَ رهطي ومنصبي ومولى أيادٍ منكَ بيضٍ متى أقلْ ... بآلائها في مشهدٍ لم أُكذَّبِ وقال آخر: وإن أعجبتكَ خصالُ امرئٍ ... فكنْه تكنْ مثل ما يعجبكْ فليسَ على المجد والمكرماتِ ... إذا جئتهُ حاجبٌ يحجبكْ وقال مالك بن أسماء بن خارجة: ولربما بخل الجوادُ وما بهِ ... بخلٌ ولكن ذاك بختُ الطالبِ وقال آخر: وللرأي حدٌّ ليسَ للسيفِ مثلهُ ... ولولا مُضاءُ الرأي لم يمضِ صارمُ وقال آخر: هلمَّ إلى ابن عمّكَ لا تكوننْ ... كمختارٍ على الفرسِ الحمارا وقال علي بن الجهم: الجزء: 1 ¦ الصفحة: 105 ولي حبيبٌ أبداً مولعٌ ... بزورتي في وقتِ إعدامي كالصيد في الإحلال لا يرتمي ... وهو كثيرٌ وقتَ إحرامِ وقال آخر: أرى الدهرَ يُخلقني كلما ... لبثتُ من الدَّهر ثوباً جديداً وقال آخر: ويبيعُ الثمينَ بالثمن البخ ... سِ على رغم أنفهِ المحتاجُ وقال آخر: وقد تخرجُ الحاجاتُ يا أمَّ مالكٍ ... كرائم من ربٍّ بهنَّ ضنينِ وقال آخر: وكلُّ ثمينةٍ أصبحتُ أغلى ... بها ستباعُ من بعدي بوَكْس وقال آخر: تفاقهَ كي يخفي على النَّاس أمرهُ ... وللناس أبصارٌ على الغيبِ نافذهْ فأبلغْ دُهاةَ الناسِ من كل بلدةٍ ... بأنَّا وإن كنتم دهاةً جهابذهْ وقال أوس بن ثعلبة: عصانيَ قومٌ والرشادُ الذي بهِ ... أمرتُ ومن يعصِ المجرّب يندمِ وقال آخر: ما أحسنَ الدين والدُّنيا إذا اجتمعا ... وأقبحَ الجهل والإفلاس بالرجلِ وقال دِعْبل الخزاعيّ: لقد غرسوا غرسَ الكريم تمكنا ... وما حصدوا إلاَّ كما يحصد البقلُ وقال البحتري: نظرتْ إليَّ الأربعون فأصرختْ ... شيبي وهزَّت للحنوّ قناتي وأرى لِدات أبي تتابع كثرهم ... فمضوا وكرَّ الدهرُ نحو لداتي وقال بشار بن برد: خُلقتُ على ما فيَّ غير مخيَّرٍ ... ولو أنني خيّرتُ كنتُ المهذَّبا أريدُ فلا أُعطى وأعطي فلم أرِد ... وقصَّرَ علمي أن ينالَ المغيَّبا وقال أيضاً: إنَّ الكريم ليخفي عنك عُسرتهُ ... حتَّى تراه غنياً وهو مجهودُ بثَّ النوال ولا تمنعك قلَّتهُ ... فكل ما سدَّ فقراً فهو محمودُ وقال أبو العتاهية: ومتى استوتْ للنمل أجنحةٌ ... حتَّى يطير فقد دنا عطبُهْ وقال أيضاً: أهنأُ المعروفِ ما لمْ ... تُبتذلْ فيهِ الوجوهُ أنت ما استغنيتَ عن صا ... حبك الدهرَ أخوهُ فإذا احتجت إليهِ ... ساعةً مجَّكَ فوهُ وقال أيضاً: أصبحت الدُّنيا لنا عبرةً ... فالحمدُ للهِ على ذالكا اجتمع الناسُ على ذمّها ... وما أرى منهم لها تاركا وقال أيضاً: يخوضُ أناسٌ في الكلام ليوجزوا ... وللصمت في بعض الأحايين أوجزُ إذا كنت عن أن تحسن الصمت عاجزاً ... فأنت عن الإبلاغ في القول أعجزُ وقال أيضاً: حتَّى متى أنت في الأيام تحسبها ... وإنما أنت منها بين يوميْنِ يومٌ يوليّ ويومٌ أنتَ تأملهُ ... لعلهُ أجلبُ الأيامِ للحيْنِ وقال أيضاً: إنَّ داراً نحنُ فيها لدارٌ ... ليس فيها لمقيمٍ قرارُ كم وكم قد حلَّها من أُناسٍ ... ذهب الليلُ بهمْ والنهارُ فهمُ الركبُ أصابوا مناخاً ... فاستراحوا ساعةً ثم ساروا وكذا الدُّنيا على ما رأينا ... يذهب النَّاس وتخلوا الديارُ وقال أيضاً: كلنا يكثر المذمة للدن ... يا وكلٌّ بحبها مغبونُ والمقادير لا تناولها الأو ... هام لطفاً ولا تراها العيونُ وقال أيضاً: ما الناسُ إلاَّ معَ الدُّنيا وصاحبها ... وكيفَ ما انقلبتْ يوماً بهِ انقلبوا يُعظّمونَ أخا الدُّنيا فإن وثبتْ ... يوماً عليهِ بما لا يُشتهى وثبوا وقال أيضاً: كمْ أُناسٍ رأيتَ أكرمتِ الدن ... يا ببعضِ الغرورِ ثم أهانتْ كم أمورٍ قد كنتَ شدَّدتَ فيها ... ثم هوَّنتها عليكَ فهانتْ وقال أيضاً: ما كانَ رأيُ الفتى يدعو إلى رشدٍ ... إذا بدا لك رأيٌ مشكلٌ فقفِ ما يُحرز المرءُ من أطرفهِ طرفاً ... إلاَّ تخونهُ النُّقصانُ من طرفِ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 108 وقال أيضاً: جمعوا فما أكلوا الذي جمعوا ... وبنوا مساكنهم فما سكنوا فكأنَّهم ظَعنٌ بها نزلوا ... لما استراحوا ساعةً ظعنوا وقال آخر: اقطعْ نياطَ الحرص عن ... ك بعفَّةٍ قطعاً أصيلا وتجنب الشهواتِ واح ... ذرْ أن تكونَ لها قتيلا وقال أبو نواس الحكمي: كفى حزناً إنَّ الجوادَ مقتَّرٌ ... عليهِ ولا معروف عند بخيلِ وقال آخر: إذا أنتَ لم تُصلحْ لنفسك لم تجدْ ... لها أحداً من سائر الناسُ يصلحُ وقال الحكم بن قنبر: مقالةُ السوءِ إلى أهلها ... أسرعُ من منحدرٍ سائلِ ومن دعا النَّاس إلى ذمّهِ ... ذموهُ بالحقِّ وبالباطلِ وقال عبد الله بن محمد بن عيينة: وكنت كهاربٍ من غمّ ليل ... مبادرةً إلى ضوءِ النهارِ وله أيضاً: ما أنت إلاَّ كلحم ميتٍ ... دعا إلى أكله اضطرارُ وقال آخر: أدنِ الرجال على مقدار سعيهمِ ... وأعط كلاًّ بما أبلى وما صبرا واعزم على الرأي ما صحت مذاهبه ... وما تحيَّرت فيه فاتْبع الأثرا وقال آخر: ولربما هاجَ الكبي ... رَ من الأمور لك الصغيرُ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 109 ولربما أمرٍ تضي ... ق به الصدورُ ولا يضيرُ وقال آخر: إذا ما أهان امرؤٌ نفسه ... فلا أكرم الله من يكرمهْ وقال آخر: شرُّ المذاهب ما تجود به ... في غير محمدةٍ ولا أجرِ وقال آخر: يفرُّ حساب المرء عن أمر نفسه ... ويحمي شجاعُ القوم من لا يناسبُهْ ويرزق معروف الجوادِ عدوُّه ... ويحرم معروف البخيل أقاربُهْ وقال آخر: إذا كانت السبعون عمرك لم يكن ... لدائك إلاَّ أن تموت طبيبُ وإن امرأً قد سار سبعين حجةً ... إلى منهلٍ من وِرْدِه لقريبُ وقال آخر: أيا ربّ قد أحسنت عوداً وبدأةً ... إليَّ فلم ينهضْ بإحسانك الشكرُ فمن كان ذا عذرٍ لديك وحجة ... فعذري إقراري بأن ليس لي عذرُ وإن كان شكري نعمة الله نعمةٌ ... عليَّ لهُ في مثلهِ يجب الشكرُ وكيف بلوغ الشكر إلاَّ بفضلهِ ... وإن طالت الأيام واتصل العمرُ وقال محمد بن بشير الخارجي: بادرْ إلى اللذاتِ يوماً أمكنت ... بزوالهنَّ حوادثُ الأوقاتِ كم من مضيع لذةً قد أمكنت ... لغدٍ وليس غدٌ له بمواتِ حتَّى إذا فاتت وفات طلابها ... ذهبت عليها نفسه حسراتِ تأتي المكارهُ حين تأتي جملةً ... وترى السرور يجيءُ في الفلتاتِ وقال عبد الصمد بن المعذَّل: سآتي الكفافَ وأرضي العفاف ... وليس على النفس حوزُ الجميلِ ولا أتصدَّى لشكر الجواد ... ولا أستعدُّ لذمّ البخيلِ وأعلم أن نبات الرجاء ... يُحلُّ العزيز محل الذليلِ وإن ليس مستغنياً بالكثير ... من ليس مستغنياً بالقليلِ وقال علي بن جبلة العكوّك: وكم رميةٍ للدهر من باب مأمنٍ ... جعلت مجنِّي دون مكروهها صبري أذودُ مني نفسي جهيداً وعفَّتي ... إذا حملت غيري على المركب الوعرِ وقال أيضاً: وإذا صحَّت الرويَّة يوماً ... فسواءٌ ظنُّ امرئٍ وعتابهْ وقال أيضاً: طبتُ نفساً عن الشباب وما سوَّدَ ... من صبغ بُرده الفضفاضِ فهل الحادثات يا ابن عريفٍ ... تاركاتي ولبس هذا البياضِ وقال محمد بن وهيب الحميري: وإني لأرجو الله حتَّى كأنما ... أرى بجميل الظنّ ما الله صانعُ وقال أحمد بن أبي طاهر: ركبتُ الصبا حتَّى إذا ما ونيَ الصبا ... نزلتُ من التقوى بأكرم منزلِ ودينُ الفتى بين التماسك والنهى ... ودنيا الفتى بين الهوي والنزُّلِ وقال آخر: أرى بدني يذوب ولا يتوبُ ... وتبليه الحوادث والخطوبُ وليس لما جنتْ أيدي الليالي ... ولا لجراحها أبداً طبيبُ وقال منصور بن باذان: لو كنتُ أحسن أن أقولا ... لشفيتُ من نفسي عليلا لكن لساني صارمٌ ... مُلئتْ مضاربه فلولا وقال عبد الله بن طاهر: وإنَّ ذا السنّ يلقى حتفه أبداً ... ممثلاً بين عينيه من الوجلِ وذو الشباب له شأوٌ يماطله ... فلا يزالُ بعيد الهمّ والأملِ وقال يزيد بن محمد المهلبي: عليك ذوي الأقدار فاكسب ثناءهم ... فعرفك في غير المحقين ضائعُ وما مالُ من أعطى الكرام بناقصٍ ... ولكنه عند الكرام ودائعُ وقال أبو الفتح البستي: لا يغرَّنك أنني ليّن اللم ... س فغربي إذا انتضيتُ حسامُ أنا كالورد فيه راحة قومٍ ... ثم فيه لآخرين زكامُ وقال أيضاً: وإني لأختصُّ الرجال ... وإن كان فدماً ثقيلاً عباما فإنَّ الجبنَّ على أنه ... ثقيلٌ وخيمٌ يشهّي الطعاما وقال أيضاً: وقد يفسد المرءُ بعد الصلاح ... فساد الأماكن والشرُّ يعدي الجزء: 1 ¦ الصفحة: 112 كما السعد يقبل طبعَ النحو ... س إذا كان في موضع غير سعدِ وقال أيضاً: لئن صدع الدهرُ المشتّت جمعنا ... فللدهرِ حكمٌ في الجموعِ صدوعُ وللنجم من بعدِ الرجوع استقامةٌ ... وللشمسِ من بعد الغروب طلوعُ وقال أيضاً: لا تفزعنَّ لكلِّ شيءٍ مفزعٍ ... ما كلُّ تربيع النجوم بضائرِ وقال أيضاً: إذا ما اصطنعت امرأً فليكنْ ... شريفَ النّجاد زكيّ الحسبْ فنذلُ الرجالِ كنذلِ النبا ... تِ لا للثمار ولا للحطبْ وقال أيضاً: وثقتُ بربي وفوَّضت أمري ... إليه وحسبي به من معينِ فلا تبتئس لصروف الزَّمان ... ودعني فإنَّ يقيني يقيني وقال أيضاً: ما استقامتْ قناة رأييَ إلاَّ ... بعد أن قوَّس المشيبُ قاتي وقال أيضاً: فركتني الدُّنيا فطلقتها عم ... داً وما للفروك غير الطلاق وقال أيضاً: فشرط الفلاحة غرسُ النباتِ ... وشرطُ الرياسة غرس الرجالِ وقال أيضاً: إذا ما هممتَ بكشف الظُّلم ... وحفظ الثغور وسدّ الثُّلمْ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 113 فعوّل على خلتين اثنتين ... خرقِ الحسام ورتق العلمْ وقال أيضاً: الحرُّ طلقٌ ضاحكٌ ولربما ... تلقاه وهو العابسُ المتجهمُ كالوردِ فيه عفوصةٌ ومرارةٌ ... وهو الذكيُّ الناضر المتبسمُ وقال أيضاً: لا يعدم المرءُ كنّاً يستكنُّ به ... ومُنعةً بين أهليهِ وأصحابهْ ومن نأى عنهمُ قلَّتْ مهابتهُ ... كالليث يحقر إن ما غاب عن غابهْ وقال أيضاً: لا يستخفنَّ الفتى بعدوّه ... أبداً وإن كان العدوُّ ضئيلا إن القذى يؤذي العيون قليله ... ولربما جرح البعوضُ الفيلا وقال آخر: إذا توسلتَ إلى حاجةٍ ... فبالرُّشى فهيَ رشاءُ النجاح وقال آخر: طال المقام فذلَّ عزي عندكم ... والماءُ يأسنُ بعد طول جَمامهِ وقال آخر: أحسِنْ مشافهةَ الزَّمان وأهلهِ ... في جدِّ ما يأتي به أو هزلهِ وقال آخر: يا من يؤملُ في دنياه عافيةً ... بعدتَ ما أنتَ في دارِ المعافاتِ دنياكَ ثغرٌ فكنْ منها على حذرٍ ... فالثّغر مثوى مخافات وآفاتِ وقال آخر: إذا خدمَ السُّلطانَ قومٌ ليشرفُوا ... بهِ وينالوا كلّما يتشرَّفُ خدمتُ إلهي واعتصمتُ بحبلهِ ... ليعصمني من كلِّ ما أتخوَّفُ فخدمةُ من يُولي السَّلاطين ملكهم ... وينزعه منهم أجلُّ وأشرفُ وقال منصور: بدتْ رهباءُ تنذرُ بالخطوبِ ... نلاحظها بأبصار القلوبِ وقد دل المجيءُ على ذهابٍ ... كما دلَّ الطُّلوعُ على الغروبِ ولكنَّ القلوب محجباتٌ ... وشرُّ حجابها كسبُ الذُّنوبِ وقال آخر: ومنْ يكُ شوط همَّته بعيداً ... فمثنى عطفه سهلٌ قريبُ تجاوزت العقوبةُ منتهاها ... فهبَّ ذنبي لعفوك يا وهوبُ وأحسن أنَّني أحسنت ظنِّي ... وأرجو أن ظنِّي لا يخيبُ فإن تعطفْ على رجلٍ غريب ... فإنِّي ذلك الرَّجل الغريبُ وقال آخر: فهبْ ليَ ذنبي فأنتَ الشَّفي ... ع لا غير والمرءُ مع من أحبّ وما ليَ ذنبٌ فإن كانَ لي ... فذنب حقيرٌ قصير الذَّنبْ وقال آخر: أقررْ بذنبك ثمَّ اطلبْ تجاوزَنا ... عنهُ فإنَّ جحود الذَّنب ذنبانِ وقال آخر: يميتني الذَّنبُ أحياناً وينشرني ... علمي بأنَّك مطبوعٌ على الكرمِ وقال علي بن الرومي: وها أنا مغضٍ في هواك وصابرٌ ... على حدِّ مصقول الغرارَيْنِ قاضبِ ومنتزعٌ عمَّا كرهتَ وجاعلٌ ... رضاكَ مثالاً بين عيني وحاجبي وقال آخر: فيا هارباً من سخطهِ متنصلاً ... هربت إلى أحمى مفرٍّ ومهربِ فعذرُكَ مبسوطٌ إليَّ مقدَّمٌ ... وودّكَ مقبول بأهلٍ ومرحبِ وقال البحتري: فما ذنبي إذا كانَ ابنُ عمِّي ... سواك وكانَ عودُك غير عودي وفي عينيكَ ترجمةٌ أراها ... تدلُّ على الضغائنِ والحقودِ وأخلاقٌ عهدتُ اللّينَ منها ... غدتْ وكأنَّها زُبُرُ الحديدِ وما لي قوَّةٌ تنهاكَ عنِّي ... ولا آوي إلى ركنٍ شديدِ سوى شُعلٍ يخافُ الحُرُّ منها ... لهيباً غيرَ مرجوّ الخمودِ ولو أنِّي أشاءُ وأنتَ تربي ... عليَّ لثرتُ ثورةَ مستفيدِ وقد عاقدتني بخلافِ هذا ... وقالَ اللهُ أوفوا بالعقودِ أتوبُ إليكَ من ثقةٍ بخلٍّ ... طريفٍ في المودَّةِ أو تليدِ وأشكرُ نعمةً لكَ باصطناعي ... على أنَّ الوفاء اليوم يودي وكنتُ إذا الصَّديق رأى وصالي ... متاجرةً رجعتُ إلى الصُّدودِ وقال أيضاً: إلى كمْ أُحبّر فيكَ المديحَ ... ويلقى سوايَ لديكَ الحبورا وقال علي بن الجهم في المتوكل: ليسَ عندي وإن تغضَّبت إلاَّ ... طاعةٌ حرَّةٌ وقلبٌ سليمُ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 116 وانتظارُ الرّضى فإنَّ رضى السَّا ... دات عزٌّ وعتبهمْ تقويمُ وقال آخر: وما حسنٌ أن يعذر المرءُ نفسهُ ... وليسَ لهُ سائر النَّاسِ عاذرُ وقال آخر: لا تنكرنَّ كلامي إن مخرجه ... حرٌّ إلى النَّاسِ لولا هيبةُ الأملِ أصبحتَ عندي حصاةً لا انتفاعَ بها ... وكنتَ أعظم في عينيَّ من جبلِ وقال آخر: تعالَوْا نجددْ دارسَ الوصلِ بيننا ... كلانا على طولِ الجفاءِ ملولُ وقال آخر: فلا أنت أعتبتَ من زلَّةٍ ... ولا أنت أبلغت في المعذرهْ ولا أنت قلَّدتني أمرَها ... فأغفر ذنبكَ عن مقدرهْ وقال آخر: لكَ ذنبٌ لا عذرَ عنهُ ولكنْ ... قد قبلنا شفاعةَ ابن الوليدِ وحسدناكَ أن تنصّلَ عن جر ... مكَ فاعجبْ لمذنبٍ محسودِ من يكنْ ذا شفيعة فليجددْ ... ألف ذنبٍ في كلِّ يومٍ جديدِ ذاكَ لو كانَ في المعادِ شفيعاً ... رضي اللهُ عن جميع العبيدِ وقال آخر: كنَّا نعاتبكم لياليَ عودكم ... حلوُ المذاقِ وفيكم مستعتبُ فالآن إذ ظهرَ التعتّبُ منكم ... ذهبَ العتابُ وليس عنكم مذهبُ وقال آخر: أُهانُ وأُقصى ثمَّ ترجى مودَّتي ... ومن ذا الذي يعطي مودَّته قشرا الجزء: 1 ¦ الصفحة: 117 وقال آخر: نقلُ الجبال الرَّواسي من أماكنها ... أخفُّ من ردّ نفسٍ حينَ تنصرفُ وقال آخر: لو كنتَ في بلدٍ ونحن بغيرها ... ما كانَ عندكَ للجفاءِ مزيدُ قرُبَ المزار وأنتَ جافٍ ما ترى ... وإذا القريبُ جفاكَ فهو بعيدُ وقال آخر: ألا إنَّ ليلى العامريَّة أصبحتْ ... على النَّأي مني جرم عثمان تنقمُ وما ذاكَ من ذنبٍ أكونُ اجترمتهُ ... إليها فتجفوني بهِ حيث أعلمُ ولكنَّ إنساناً إذا حال عهدُهُ ... وملَّ خليلاً لم يزلْ يتجرَّمُ وقال آخر: وإنِّي لمعقودُ اللّسان عن الخنى ... وإنَّ لساني لو أشاءُ لمطلقُ وقال آخر: معاتبةُ الإخوان تحسن مرَّةً ... فإن أكثروا إدمانها أكثروا الودَّا وقال آخر: دفعتُكم عنِّي وما دفع راحةٍ ... بشيءٍ إذا لم تستعنْ بالأصابعِ وقال أبو العتاهية: صفحتُ برغمي عنك صفحَ ضرورةٍ ... إليك وفي قلبي بيوتٌ من العتبِ وقال أيضاً: ولقدْ قلتُ والدُّمو ... عُ لباسْ التَّرائبِ إن من شرّ حاجةٍ ... حاجةً عند كاذبِ وقال سعيد بن حميد: الجزء: 1 ¦ الصفحة: 118 أقللْ عتابَكَ فالبقاءُ قليلُ ... والدَّهر يعدلُ مرَّةً ويميلُ لم أبكِ من زمن ذممت صروفَهُ ... إلاَّ بكيت عليه حينَ يزولُ ولكلِّ نائبةٍ ألمَّت فرجةٌ ... ولكلِّ حالٍ أقبلت تحويلُ والمنتمونَ إلى الصَّفاءِ جماعةٌ ... إن حصلوا أفناهمُ التَّحصيلُ وأجلُّ أسباب المنيَّةِ والرَّدى ... يومٌ سيقطعُ بيننا ويحولُ فلئنْ سبقت لتفجعنَّ بصاحبٍ ... حبلُ الصَّفاءِ بحبلهِ موصولُ ولعلَّ أيَّامَ البقاءِ قليلةٌ ... فعلام يكثر عتْبنا ويطولُ وقال أيضاً: الدَّهرُ أقصرُ مدَّةً ... من أن يقطَّع بالعتابِ أوْ أن يكدَّر ما صفا ... منهُ بهجرٍ واجتنابِ فتغنم السَّاعات إنَّ ... ممرَّها مرُّ السَّحابِ وقال آخر: إلى كمْ يكونُ العتب في كلِّ ساعةٍ ... وأن لا تملين القطيعةَ والهجرا رويدكِ إنَّ الدَّهرَ فيهِ كفايةٌ ... لتفريقِ ذات البينِ فانتظري الدَّهرا وقال أحمد بن يوسف الكاتب: يا ساخطاً من أن طربتُ لزلزلٍ ... لك حرمةٌ ولزلزلٍ إحسانُ أغضبتَ من طربي على إحسانهِ ... أحسنْ لأغضبَ أيُّها الغضبانُ وقال محمد بن عبد الرحمن العطوي: إذا أنكرتَ أخلاق الصَّديق ... فلست من التحرّز في مضيقِ طريقاً كنت تسلكها سليماً ... فأشيع جانبيك إلى طريقِ وقال سعيد بن حميد: الجزء: 1 ¦ الصفحة: 119 اغتنمْ زلّتي لتحرزَ فضل ال ... عفو عنِّي ولا يفوتك شكري لا تكلني إلى التَّرسُّلِ بالعذْ ... ر لعلِّي أن لا أقوم بعذري وقال أيضاً: وكنت أخوّفه بالدّعا ... ءِ وأخشى عليهِ من المأثمِ فلمَّا أقامَ على ظلمهِ ... تركت الدُّعاءَ على الظَّالمِ وقال أيضاً: يا صديقي ما كنتَ لي بصديقٍ ... إنَّما كنتَ للزَّمانِ صديقا وقال أيضاً: فها أنا مسترضيك لا من جنايةٍ ... جنيتُ ولكنْ من تجنِّيكَ فاغفرِ وقال آخر: سبقت مجيء الموت حتَّى هجرتني ... وفي القبرِ هجرٌ لو علمت طويلُ وقال العباس بن الأحنف: ما كنتُ أيَّامَ كنتِ راضيةً ... عنِّي بذاك الرّضى بمغتبطِ علماً بأنَّ الرِّضى سيتبعهُ ... منك التَّجنِّي وكثرة السّخطِ وكلما ساءني فعن خلُقٍ ... وكلّما سرَّني فعن غلطِ وقال إسحاق الخزيمي: وإنِّي لتصفو للخليل سريرتي ... وإن جعلت أشياءُ منه تريبُ أعارضهُ مزحاً وأعرض بالَّتي ... لها بينَ أثناءُ القلوب دبيبُ أخاف لجاجات العتاب بصاحبي ... وللجهل من قلبِ الحليمِ نصيبُ أذَلُّ لهُ حتَّى كأنّي بذنبهِ ... إليَّ بذنبٍ لي إليهِ أتوبُ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 120 وقال العباس بن الأحنف: لكنَّني جربتكمْ فوجدتكمْ ... لا تصبرونَ على طعامٍ واحدِ وقال آخر: فإنْ تزرْني أزركَ أوْ إنْ ... تقفْ ببابي أقفْ ببابكْ واللهِ لا كنتَ في حسابي ... إلاَّ إذا كنتُ في حسابكْ وقال آخر: سألتكَ حاجةً فوعدتَ فيها ... جميلاً ثمَّ نمتَ عن الجميلِ كأنك لم تكن من قبلِ هذا ... تنامُ وكنتَ ذا سهرٍ طويلِ وقال آخر: سألتكَ حاجةً فسكتَّ عنها ... بتعديدٍ نتيجتهُ اعتذارُ وهانَ عليكَ منقلَبي كسيراً ... وفي الأحشاءِ للحسراتِ نارُ وقال آخر: حياتُكَ لا يسرُّ بها صديقٌ ... وموتُكَ من مصائبنا العِظامِ وشرُّك حاضرٌ في كلِّ وقتٍ ... وخيركَ رميةٌ من غيرَ رامِ وقال آخر: إنّي كثرتُ عليهِ في زيارتهِ ... فملَّ والشيءُ مملولٌ إذا كثرا ورابني منهُ أنِّي لا أزالُ أرى ... في طرفهِ قصراً عني إذا نظرا وقال أبو الفتح كشاجم: إلى اللهِ أشكو أخاً جافياً ... يُضيعُ وأحفظُ فيهِ الصنيعهْ إذا ما الوُشاةُ عليهِ سعوا بي أصا ... خَ وأرعى إليهم بأُذنٍ سميعهْ كثرتُ عليهِ فأمللتهُ ... وكلُّ كثيرٍ عدوُّ الطبيعهْ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 121 ولكنَّ نفسي إذا أُكرهتْ ... على الهجرِ ليستْ لهُ مستطيعهْ وقال بشار بن برد: وكذَّبتُ طرفي عنك والطرفُ صادقٌ ... وأسمعتُ أُذني فيك ما ليس تسمعُ لقيتُ أموراً فيكَ لم ألقَ مثلها ... وأعظمُ منها فيك ما أتوقَّعُ فلا كبرتي تبكي ولا لك رحمةٌ ... ولا عنك إقصارٌ ولا فيك مطمعُ وقال آخر: فإنك لا ترى طرداً لحرٍّ ... كإلصاقٍ به طرفَ العوالي ولم تجلبْ مودَّة ذي وفاءٍ ... بمثل الشرِّ أو برِّ اللسانِ وقال آخر: تاللهِ لا نظرتْ عيني إليك وقد ... سالت مدامعها شوقاً إليكَ دما وقال إبراهيم بن المهدي: الله يعلم ما أقولُ فإنها ... جُهدُ الأليَّةِ من حنيفٍ راكعِ ما إن عصيتكَ والغواةُ تمدّني ... أسبابُها إلاَّ بنيَّةِ طائعِ وعفوْتَ عمَّا لم يكن عن مثلهِ ... عفوٌ ولم يشفعْ إليكَ بشافعِ إلاَّ العلوُّ عنِ العُقوبةِ بعدَ ما ... ظفرت يداك بمستكينٍ خاضعِ ورحمتَ أطفالاً كأفراخِ القطا ... وحنينَ والدةٍ كقوسِ النازعِ وقال آخر: إنِّي وإن كنتَ قد أسأت بيَ ... اليوم لراجٍ للعطفِ منك غدا وقال العتابي: لولا كرامتكمْ لما عاتبتكمْ ... ولكنتمُ عندي كبعضِ الناسِ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 122 وقال آخر: وبدا الجفاءُ فقلت إن عاتبتهُ ... كان العتابُ لودّهِ استهلاكا ورجوتُ أن تبقى المودّةُ بيننا ... موقوفةً فتركتُ ذاك لذاكا وقال بن أبي عيينة: وكنتُ أرى أنَّ ترك العتا ... بِ خيرٌ وأجدرُ أن لا يضيرا إلى أن ظننتُ بأن قد ظُنن ... تُ أنِّي لنفسي أرضى الحقيرا فأضمرتُ للنفس في وهمها ... من الوهم غمّاً يكدُّ الضميرا ولا بدَّ للماءِ في مرجلٍ ... على النار موقدةً أن يفورا وقال أبو فراس الحمداني: يعاتبني من لو كفاني عتبهُ ... لكنتُ له العين البصيرة والأُذنا وعندي من الأخبار ما لو ذكرته ... إذاً قرع المِعتابُ من ندمٍ سنَّا وقال أيضاً: من السَّلوةِ في عيني ... ك آياتٌ وآثارُ أراها منك في قلبي ... ولي في القلبِ أبصارُ وقال أيضاً: إلى كم ذا العقابُ وليس جرمٌ ... وكم ذا الاعتذارُ وليس ذنبُ وقال أيضاً: وكان عقيداً لديَّ الجوابُ ... ولكن لهيبته لم أجدْ وقال أيضاً: فإنْ يكُ بطوءٌ مرةً فلطالما ... تعجَّل نحوي بالجميل وأسرعا وإنْ يجفُ في بعض الأمور فإنني ... لأشكرهُ النُّعمى التي كان أودعا الجزء: 1 ¦ الصفحة: 123 وقال أيضاً: قد كنتَ عُدتيَ التي أسطو بها ... ويدي إذا اشتدَّ الزمانُ وساعدي فرُميتُ منك بغير ما أملته ... والمرءُ يشرقُ بالزُّلالِ الباردِ فصبرتُ كالولدِ التقيِّ لبرّه ... أغضى على ألمٍ لضرب الوالدِ ونقضتُ عهداً كيف لي بوفائه ... ومن العناءِ صلاحُ قلبٍ فاسدِ وقال أيضاً: ما كنتَ تصبرُ في القدي ... مِ فلم صبرتَ الآنَ عنَّا ولقد ظننتُ بك الظنو ... ن لأنه من ظنَّ ظُنَّا وقال أيضاً: إلى الله أشكو عصبةً من عشيرتي ... يسيئون لي في القول غيباً ومشهدا إذا حاربوا كنتُ المجنَّ أمامهم ... وإن ضربوا كنتُ المهنَّدَ واليدا وإن ناب خطبٌ أو ألمَّت ملمَّةٌ ... جعلتُ لهم نفسي وما ملكت فدا وقال علي بن الرومي: حظُّ غيري من عندكم قرَّةُ ... العين وحظي البكاءُ والتسهيدُ وقال أيضاً: ولي مولًى يريش سهام غيري ... إلى أن لا أرى سهمي يُراشُ بلى قد راشني ريشاً أثيثاً ... وطالعني بما فيه انتعاشُ ولكن آفتي ظمأ قديمٌ ... وهل ريٌّ إذا ظمئ المُشاشُ وقال السريّ الرفاء: الجزء: 1 ¦ الصفحة: 124 وأنا الفِداءُ لمن مخيلة برقه ... عندي وعند سوايَ من أنوائه وقال عليّ بن الرومي: ليَ جارٌ كلما قلتُ جرى ... وتشوقت له ينقطعْ فرحٌ ينتج منه ترحٌ ... وأمانٌ يُجتنى منه فزعْ لا تكنْ كالدهر في أفعاله ... كلما أعطى عطاياه ارتجعْ ليس يرضى ماجدٌ في نفسه ... بنوالٍ كل يومٍ يُنتزعْ وقال أيضاً: تناسيتَ أمري واطَّرحتَ حقوقي ... وعاديتَ برّي واصطفيتُ عقوقي أتعقل برّي بعد ما قد غرستني ... قديماً وساخت في ثراك عروقي ولاحتْ بروقٌ منك أخلف وعدُها ... على أنني ما أخلفتْك بروقي وقال آخر: حرمتني البرَّ وأقصيتني ... ما كان هذا أملي فيكا لا تنتفنّي بعد ما رشتني ... فإنني بعض أياديكا وقال علي بن الرومي: كن كمن لم يلاقني في النا ... س ولا تجعلنَّ ذكريَ سوقا وتيقَّن بأنني غير راعٍ ... لك حقاً حتَّى ترى لي حقوقا وبأني مفوّقٌ لك سهماً ... لك إن فوَّقت يمينك فوقا الجزء: 1 ¦ الصفحة: 125 وقال أيضاً: أيا من له الشرفُ المستقلُّ ... ومن جوده العارض المستهلُّ ويا من أضاءَ كشمس الضحى ... فأضحى عليه به يُستدلُّ أتهتزُّ في ورَقٍ ناضرٍ ... وليس لعبدك في ذاك ظلُّ وقال أيضاً: يا من تزينتْ الدُّنيا بطلعته ... وأصبحتْ منه في حَلْيٍ وفي حُللِ هل كنت تعلم أن الصبر من صبرٍ ... فامزجْه بالنُّجح إن النجح من عسلِ وقال أيضاً: بحرمة ما قد كان بيني وبينكم ... من الودِّ إلاَّ عدتمُ بجميلِ وإنِّي ليرضيني قليلُ نوالكم ... وإن كنتُ لا أرضى لكم بقليلِ وقال السريُّ الرفاء: ليس الصديقُ الذي أعطاك شاهدُه ... شهد الوداد وصابُ العيب غائبهُ عسى العتابُ يرد العتب منك رضًى ... وربما أدرك المطلوبَ طالبهُ وقال أيضاً: لا تأنفنَّ من العتاب وقرصهِ ... فالمسكُ يُسحق كي يزيد فضائلا ما أُحرق العودُ الذي أشممتهُ ... خطاءً ولا غُمَّ البنفسج باطلا وقال أيضاً: ثناءٌ كأفواهِ الرياض يشوبهُ ... عتاب كأنفاس الرياح الصفائفِ ومن لم يكن للنقص يوماً بمنكرٍ ... فما هو للفضل المشين بعارفِ ولكن يكون المرءُ سلم صديقه ... إذا لم يكن حربَ العدوِّ المخالفِ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 126 وقال أبو عثمان الخالدي: وأخٍ رخصتُ عليه حتَّى ملَّني ... والشيءُ مملولٌ إذا ما يرخصُ يا ليته إذ باع ودي باعه ... فيمن يزيد عليه لا من ينقصُ ما في زمانك ما يعزُّ وجوده ... إن رمتَه إلاَّ صديقٌ مخلصُ وقال أيضاً: يا من جفا في القرب ثمَّ نأى ... فشكا الهوى بالكتب والرسلِ مهلاً فإنك في فعالك ذي ... مثل الذي قد قيل في المثلِ تركَ الزيارة وهي ممكنةٌ ... وأتاك من مصرٍ على جملِ وقال أبو بكر محمد المعروف بالخباز البلدي: ألا إن إخواني الذين عهدتهمْ ... أفاعي رمالٍ لا تقصّرُ في لسعي ظننتُ بهم خيراً فلما بلوْتهمْ ... حللت بوادٍ منهمو غير ذي زرعِ وقال السريّ الرفاء: أتُسلمني بعد إن رحتَ لي ... على نوبِ الدَّهر جاراً مجيرا وأسفر حظيَ لما رآ ... ك بيني وبين الليالي سفيرا سأُهدي إليك نسيمَ العتا ... بِ وأُضمر من حرّ عنبٍ سعيرا وقال آخر: أنامُ على قوارصكم وعندي ... قوارص تسلب المُقل الهجوعا أهزُّ بها على قومٍ سيوفاً ... وأجعلها على قومٍ دروعا الجزء: 1 ¦ الصفحة: 127 وقال آخر: أمن العدلِ أن قولك قولُ السخل ... ليناً والفعل فعل السباعِ تنطلي بالشهود عندَ لقائي ... ووراءُ الطلاءِ سمُّ الأفاعي وقال آخر: إن كنتُ أشكو من يدقُّ ... عن الشكاية في القريضِ فالفيلُ يضجرُ وهو أع ... ظمُ ما رأيت من البعوضِ وقال آخر: أبا موسى سقى ربعك ... غيثٌ مُسبل القطرِ وزاد الله في قدرك ... ما أجملت في قدري أترضى ليَ أن أرضى ... بتقصيرك في أمري وقد أفنيتُ ما أفنيتُ ... من شكرك في عمري مواعيدك لي تحكي ... سرابَ المهمهِ القفرِ فمن يومٍ إلى يومٍ ... ومن شهرٍ إلى شهرِ لعلَّ الله أن يصنع ... لي من حيث لا تدري فألقاكَ بلا شكرٍ ... وتلقاني بلا عذرِ وما أرجوك في الحا ... لين في اليسر وفي العسرِ وقال محمود ويروي لغيره: أتاني عنك ما ليس ... على مكروهه صبرُ فأغضيتُ على عمدٍ ... وقد يُغضى الفتى الحرُّ وأدَّبتك بالهجرِ ... فما أدَّبك الهجرُ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 128 ولا ردَّك عما كا ... ن منك الصفح والبرُّ فلما اضطرَّني المكرو ... هُ واشتدَّ بيَ الأمرُ تناولتكَ من سرّي ... بما ليسَ بهِ قدرُ فحركتُ جناحَ الصب ... رِ لما مسَّكَ الضرُّ إذا لم يُصلحِ الخيرُ امر ... ءاً أصلحهُ الشرُّ وقال محمد بن عروس الكاتب الشيرازي: شكوت بأُمرة السلطان وجداً ... فلم تعرف عدوَّك من صديقكْ رويدكَ من طريقٍ سرتَ فيها ... فإنَّ الحادثاتِ على طريقكْ وقال آخر: أتيتُكَ مُشتاقاً إليكَ مسلّماً ... عليكَ وإنّي باحتجابكَ عالمُ فخبَّرني البوَّابُ أنكَ نائمٌ ... وأنتَ إذا استيقظتَ أيضاً فنائمُ وقال آخر: تعالوا نصطلحْ وتكونُ منَّا ... مراجعةٌ بلا عدِّ الذُّنوبِ فإنْ أحببتمو قلتمْ وقلنا ... فإنَّ القولَ يسعى للقلوبِ وقال إبراهيم بن سيابة: تحلَّلتُ بالسبِّ لمَّا رأي ... تُ أديمكَ صحَّ ومن سبَّ سبّْ إذا لم نجدْ فيكَ من مغمزٍ ... سلكنا إليكَ طريقَ الكذبْ وقال نصر بن أحمد الخبز أرزي: ألمْ يكفِني ما نالني منْ هواكمُ ... إلى أنْ طفقتمْ بينَ لاهٍ وضاحكِ شماتتكمْ بي فوقَ ما قدْ أصابني ... وما بي دخولُ النارِ بل طنْزُ مالكِ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 129 وقال علي بن الرومي: تناسيتَ عهدي أبا جعفرٍ ... كأنيَ مِن سالفاتِ القرونِ لئنْ كانَ عتبكَ لي هكذا ... فلا زلتَ منِّي بدارٍ شطونِ أظنُّ القراطيسَ في مصركمْ ... تخوَّنها ريبُ دهرٍ خؤونِ فلو أنَّها صفحاتُ الخدودِ ... بكيتَ عليها بماءِ الجفونِ لما أعوزتكمْ ولكنْ جفوْت ... فألقيتَ شأني خلال الشؤونِ وقال البحتري: جاءَ الوليُّ فبلَّ الأرضَ ريّقهُ ... وغُلتي منهُ ما أفضتْ إلى بللِ وربَّما حرمَ الغازُونَ غنمهمُ ... في الغزوِ ثمَّ أصابوا الغُنم في القفلِ وقال علي بن الجهم: إرضَ للسائلِ الخضوعَ وللقا ... رفِ ذنباً مضاضةَ الاعتذارِ واستعذْ منهما فبئسَ المقاما ... نِ لأهلِ العقولِ والأخطارِ يا بنَ عمِّ النَّبيِّ أيسر مِن عت ... بك فقدُ الأسماعِ والأبصارِ أنت من معشرٍ لقد شرعوا العف ... وَولم يمنعوهُ عند اقتدارِ إنْ تجافيتَ منعماً كنتَ أولى ... من تجافي عن الذُّنوبِ الكبارِ أوْ تُعاقبْ فأنتَ أعلمُ بالل ... هِ وليسَ العقابُ منك بعارِ وقال أيضاً: عفا الله عنكَ أمَا حُرمةٌ ... تعوذُ بفضلك أنْ أُبعدا لإنْ جلَّ ذنبٌ ولم أعتمدْ ... لأنت أجلُّ وأعلى يدا الجزء: 1 ¦ الصفحة: 130 ألمْ ترَ عبداً عدا طورَه ... ومولًى عفا ورشيداً هدى ومفسدَ أمرٍ تلافيتَهُ ... فعادَ وأصلحَ ما أفسدا أقلني أقالك منْ لمْ يزلْ ... يقيك ويصرفُ عنكَ الرَّدى فشكراً لأنعمهِ إنَّهُ ... إذا شُكرتْ نعمةٌ جدَّدا وعفوك عنْ مذنبٍ خاطئٍ ... قرنتَ المقيم بهِ المُقعدا إذا ادَّرع الليلَ أفضى بهِ ... إلى الصبحِ من قبل أن يرقدا فصُنْ نعمةً أنت أنعمتها ... وشكراً غدا غائراً منجدا ولا عدتُ أعصيك فيما أمرتَ ... أو قد أزورُ الثرى مُلحدا وإلاّ فخالفتُ ربَّ السماءِ ... وخنتُ الصديق وعفت الندى وقال أبو حفص الشهرزوري: يستوجبُ العفوَ الفتى إذا اعترفْ ... بما جناهُ وانتهى عمَّا اقترفْ لقولهِ قلْ للذين كفروا ... إنْ ينتهوا يغفر لهم ما قد سلف وقال آخر: لأيِّ زمانٍ يخبأ المرءُ نفعهُ ... غداً فغداً والمرءُ غادٍ ورائحُ إذا المرءُ لم ينفعْك حيّاً فنفعهُ ... أقلُّ إذا ضمّتْ عليهِ الصفائحُ وقال محمد بن داود: وما فسدتْ لي يعلمُ الله نيَّةٌ ... عليك بلْ استعديتَني فاتَّهمتني غدرتَ بعهدي عامداً فأخفتني ... ولو كنتَ قد أمَّنتني لامِنتني وقال قيس بن الملوح مجنون ليلى: أيا بعلَ ليلى كيف يُجمع شملنا ... لديَّ وفيما بيننا شبَّت الحربُ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 131 لها مثل ذنبي اليوم إن كنت مذنباً ... ولا ذنب لي إن كانَ ليس لها ذنبُ وقال البحتري: فجاءَ مجيءَ العيرِ قادتهُ حيرةٌ ... إلى أهْرَتِ الشدقين تدْمى أظافرهْ وقال آخر: خبَري أنني وحيدٌ عليلٌ ... لم تعدني وما أتاني رسولُ بسؤالٍ ورقعةٍ واعتذارٍ ... هكذا هكذا لصديق الوصولُ وقال الفرزدق: قوارصُ تأتيني وتحتقرونها ... وقد يملأ القطرُ الإناءَ فيفعمُ الباب الثامن في الهجاء والذم وذكر المقابح قال إبراهيم بن المهدي: وكنْ كيف شئت وقل ما تشا ... وأرعدْ يميناً وأبرقْ شمالا نجا بك عِرضك منجى الذُّباب ... حمتهُ مقاذيره أن يُنالا وقال مسلم بن الوليد: فاذهبْ فأنتَ طليقُ عِرضك إنهُ ... عرضٌ عززت بهِ وأنت ذليلُ وقال آخر: إنْ يسمعوا ريبةً طاروا بها فرحاً ... منِّي وإنْ يسمعوا من صالحٍ دفنوا جهلاً عليَّ وجبناً عن عدوّهمُ ... لبئستِ الخلَّتانِ الجهلُ والجبنُ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 132 وقال آخر: فأمَّا الذي يحصيهمُ فمكثّرٌ ... وأمَّا الذي يُطريهمُ فمقلّلُ وقال عبد الله بن المعتز: بلوتُ أخلاّءَ هذا الزمانِ ... فأقللتُ بالهجرِ منهم نصيبي وكلهمُ إنْ تأملتهمْ ... صديقُ الحضورِ عدوُّ المغيبِ وقال أيضاً: وصاحب سوءٍ وجههُ ليَ أوجهٌ ... وفي فمهِ طبلٌ بسرِّي يضربُ ولا بدَّ لي منهُ فحيناً يغصّني ... وينساغ لي طوراً ووجهي مقطَّبُ كماءِ طريقِ الحجِّ في كلِّ منهلٍ ... يُذمُّ على ما كانَ منه ويشربُ وقال محمد بن أبي زرعة الدمشقي: يا قُبلةً ذهبتْ ضياعاً في يدٍ ... ضربَ الإله بنانها بالنّقرسِ مالي رأيتك لستَ تثمر طيّباً ... حلواً وأصلك هاشميُّ المغرسِ حتَّى كأنَّك نقمةٌ في نعمةٍ ... أو أصلُ شوكٍ في حديقة نرجسِ فلألعننَّك إن لعْنك حجَّةٌ ... وصلاة معتمرٍ ببيتِ المقدسِ وقال دعبل الخزاعي: تلك المساعي إذا ما أخرت رجلاً ... أحبَّ للناس عيباً كالذي عابهُ ما إن يزال وفيه العيبُ يجمعهُ ... جهلاً لأعراض أهل المجد عيَّابهْ إنْ عابني لم يعبْ إلاَّ مؤدبهُ ... ونفسه عاب لما عاب آدابهْ فكان كالكلب ضرَّاهُ مكلّبهُ ... لصيده فعدا فاصطاد كلاّبَهْ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 133 وقال آخر: إذا أنتَ عبتَ الأمر ثمَّ أتيتهُ ... فأنتَ ومَن تزري عليه سواءُ وقال آخر: إذا لم يكنْ فيكنَّ ظلٌّ ولا جنًى ... فأبعدكنَّ الله من شجراتِ وقال علي بن الرومي: إذا الغصنُ لم يُثمر وإن كانَ شعبةً ... من الثمرات اعتدَّه النَّاس في الحطبِ وقال آخر: فعدِّ عن ذكري فإنيَ امرؤٌ ... جمَّلني قِلة أكفائي وقال آخر: إذا عوتبوا قالوا مقاديرُ قُدّرتْ ... هل العارُ إلاَّ ما تجرُّ المقاديرُ وقال آخر: لقد جلَّ قدرُ الكلب أن كانَ كلما ... عوى وأطالَ النبح ألقمته الحجرْ وقال آخر: أو كلما طنَّ الذُّباب طردتهُ ... إنَّ الذُّبابَ إذاً عليَّ كريمُ وقال أبو إسحاق الصابئ: أيُّها النابحُ الذي يتصدَّى ... بقبيح يقوله في الجوابِ لا تؤملْ إنِّي أقول لك اخسأْ ... لست أسخو بها لكلِّ الكلابِ وقال آخر: أنفاسه كذبٌ وحشو ضميرهِ ... دغَلٌ وعشرته سقام الرُّوحِ وقال آخر: بُليتُ بهم بلاءَ الورد يلقى ... أُنوفاً هنَّ أولى بالخِشاشِ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 134 وقال آخر: بلوتهمُ واحداً واحداً ... فكلهمُ ذلك الواحدُ وقال آخر: صديقك لا يُثني عليك بطائلٍ ... فماذا ترى فيك العدوَّ يقولُ وقال آخر: ولمَّا رأيناكم لئاماً أذلةً ... وليس لكم من سائر النَّاس ناصرُ ضممناكمُ من غير فقرٍ إليكمُ ... كما ضمَّتِ السَّاق الكسيرَ الجبائرُ وقال أحمد بن يوسف: وليت رزق أُناس مثلُ جودهمُ ... ليعلموا أنهم بئس الذي صنعوا وقال آخر: لئنْ أخطأتُ في مدحي ... ك ما أخطأتَ في منعي لقد أنزلت حاجاتي ... بوادٍ غير ذي زرعِ وقال آخر: لئنْ كانتِ الدُّنيا أنالتك ثروةً ... فأصبحت منها بعد عسرٍ أخا يسرِ لقد كشف الإثراءُ منك خلائقاً ... من اللؤمِ كانت في غطاءٍ من الفقرِ وقال آخر: يا منْ إذا ما رأته عينُ والدهِ ... بين الرجال أتاهم بالمعاذيرِ وقال آخر: الجزء: 1 ¦ الصفحة: 135 قومٌ إذا ما جنى جانيهمُ أمنوا ... من لؤم أحسابهمْ أن يقبلوا قودا وقال آخر: في شجرِ السرْو منهمُ مثلٌ ... له رواءٌ وما لهُ ثمرُ وقال آخر: فلا تحسبنْ هنداً لعذرٍ أعاقها ... سخيَّةَ نفسٍ كلُّ غانيةٍ هندُ وقال آخر: فلو أنِّي بليت بهاشميٍّ ... خؤولتهُ بنو عبد المدانِ لهانَ عليَّ ما ألقى ولكنْ ... تعالوْا فانظروا بمن ابتلاني وقال علي بن الرومي: رأيتكمُ تبدون للحربِ عدَّةً ... ولا يمنع الأسلابَ منكم مقاتلُ فأنتمْ كمثلِ النَّحل يُشرع شوكه ... ولا يمنع الخزَّاف ما هو حاملُ وقال أبو بكر الخوارزمي: فنذْل الرجالِ كنذل النبا ... ت لا للثمارِ ولا للحطبْ وقال آخر: قد لقيَ الأحرارُ منهُ الذي ... لم يلقَ زيدُ النحوِ من عمرِو وقال أبو علي البصير: لعمر أبيك ما نُسبَ المعلَّى ... إلى كرمٍ وفي الدُّنيا كريمُ ولكنَّ البلاد إذا اقشعرَّتْ ... وصوّحَ نبتها رُعيَ الهشيمُ وقال آخر: من ضنَّ بالبشرِ فلا ترْجه ... فإنَّه أبخلُ بالمالِ وقال آخر: الجزء: 1 ¦ الصفحة: 136 متى تدركُ الحاجاتِ أو تستطيعُها ... وإنْ كانتِ الخيرات منك على فترِ إذا رحتَ سكراناً وأصبحتَ مُثقلاً ... خُماراً وعاودتَ الشرابَ مع الظهرِ وقال آخر: هو الكلبُ إلاَّ أنَّ فيه ملالةً ... وسوءَ مراعاةٍ وما ذاكَ في الكلبِ وقال آخر: خنازيرُ ناموا عنِ المكرماتِ ... فنبَّههم قدرٌ لمْ ينمْ فيا قبحهمْ في الذي خُوّلوا ... ويا حسنهم في زوالِ النعمْ وقال آخر: وإذا الذِّئابُ استنعجتْ لكَ مرَّةً ... فحذارِ منها أنْ تعودَ ذئابا فالذِّئبُ أخبثُ ما يكون إذا غدا ... متلبساً بينَ النّعاجِ إهابا وقال علي بن الرومي: ليتهم كانوا قروداً فحكَوْا ... شيم النَّاس كما تحكي القرودُ وقال أيضاً: معشرٌ أشبهوا القرودَ ولكنْ ... خالفوها في خفَّةِ الأرواحِ وقال أيضاً: شركتَ القردَ في قبحٍ وسخفٍ ... وما قصَّرتَ عنهُ في الحكايهْ وقال أيضاً: ضفادعُ في ظلماءِ ليلٍ تجاوبتْ ... فدلَّ عليها صوتُها حيَّةَ البحرِ وقال الأعشى الأكبر واسمه ميمون بن قيس: فما ذنبُنا إنْ جاشَ بحر بنِ عمكمْ ... وبحرُك ساجٍ لا يواري الدُّعامصا الجزء: 1 ¦ الصفحة: 137 وقال آخر: خفافيشُ أعشاها نهارٌ بضوئِهِ ... ولاءمها قطعٌ من اللَّيلِ غيهبُ وقال آخر: سجدْنا للقرودِ رجاءَ دُنيا ... حوَتها دوننا أيدي القرودِ فما ظفرتْ أناملُنا بشيءٍ ... رجوناهُ سوى ذلِّ السجودِ وقال آخر: وإن امرءاً ضنَّتْ يداهُ على امرئٍ ... بنيلِ يدٍ من غيرهِ لبخيلُ وقال آخر: وما ينفعُ الأصلُ مِن هاشمٍ ... إذا كانتِ النَّفسُ مِن باهلهْ وقال آخر: وغيظُ البخيلِ على مَن يجو ... دُ لأعجبُ واللهِ من بخلهِ وقال آخر: وأحمقَ مصنوعٍ لهُ في أمورهِ ... يسوّدُهُ إخوانهُ وأقاربهْ على غير حزمٍ في الأُمورِ ولا تقًى ... ولا نائلٍ جزلٍ تعدُّ مواهبهْ وقال علي البسامي: ولولا الضرورةُ لمْ آتهِ ... وعندَ الضرورةِ آتي الكنيفا وقال آخر: ويأخذ عيبَ الناسِ من عيبَ نفسهِ ... مرادٌ لعمريَ ما أُريدُ قريبُ وقال آخر: الجزء: 1 ¦ الصفحة: 138 يحبُّ الخمرَ من كيسِ النَّدامى ... ويكرهُ أنْ تفارقهُ الفلوسُ وقال الخليل بن أحمد الفراهيدي: وعاجزُ الرَّأيِ مضياعٌ لفُرصتهِ ... حتَّى إذا فاتَ أمرٌ عاتبَ القدرا وقال أيضاً: لا تعجبنَّ لخيرٍ زلَّ عن يدهِ ... فالكوكبُ النَّحس يسقي الأرضَ أحيانا وقال أبو إسحاق الصابئ: ومن عجبِ الأزمانِ أنَّ صُروفَها ... تسوءُ امرءاً مثلي بمثل أبي الوردِ فيا ليتها اختارتْ نظيراً وأنهُ ... رماني بشنعاءِ الدَّواهي على عمدِ فكم بينَ مقتولِ الكلابِ وإنْ نجا ... ذليلاً ومقتولِ الضراغمِ والأُسدِ وقال أبو الحسن البديهي الشهرزوري: أتمنَّى على الزَّمانِ مُحالاً ... أنْ ترى مقلتايَ طلعةَ حرِّ وقال دعبل الخزاعي: دماؤهمْ ليسَ لها طالبٌ ... مطلولةٌ مثلَ دمِ العُذرهْ وجوههمْ بيضٌ وأحسابهم ... سودٌ وفي أعراضهم صُفرهْ وقال آخر: من النَّاسِ من يغشى الأباعدَ نفعهُ ... ويشقى بهِ حتَّى المماتِ أقاربهْ فإنْ كانَ خيراً فالبعيدُ ينالهُ ... وإنْ كانَ شرّاً فابنُ عمّكَ صاحبهْ وقال محمد بن عبد الرحمن العطوي: قلْ لمن فضَّض الدّواةَ لكيما ... يحسبوهُ من جملةِ الكتَّابِ ليسَ خليُ الدَّواةِ ينفعُ شيئاً ... إن تخليتَ من حُلى الآدابِ وقال أحمد بن أبي البغل: الجزء: 1 ¦ الصفحة: 139 كأنَّه الشَّيطانُ في طبعهِ ... صُوّر من نارٍ وللنارِ وقال آخر: قبُحَتْ مناظرهمْ فحينَ بلوتهمْ ... حسُنتْ مناظرهمْ لقبحِ المخبرِ وقال آخر: يريدُ أن يمنعني وأحمدَهُ ... ألا ترى ما بيننا ما أبعدهْ وقال علي بن الرومي: يخبّرُني أنَّهُ ناصحٌ ... وفي نصحهِ حُمةُ العقربِ وقال آخر: صبراً أبا الصَّقرِ فكمْ طائرٍ ... خرَّ صريعاً بعد تحليقِ زُوّجتَ نُعمى لمْ تكنْ كفؤها ... قضى لها اللهُ بتطليقِ لا قُدّستْ نُعمى تسربلتَها ... كم حُجةٍ فيها لزنديقِ وقال آخر: قد كنتُ أحمدُ أمري فيهِ مبتدئاً ... وقد ذممتُ الذي أحمدتُ في الصدرِ فاذهبْ إليهِ فأنتَ المرءُ أوَّلهُ ... حلوٌ وآخرهُ مرٌّ على الخبرِ وقال محمد أبو العنبس الصيمري: خِوانٌ لا يلمُّ بهِ صديقٌ ... وعِرضٌ مثلُ منديلِ الخوانِ وقال آخر: وما ليَ ذنبٌ غير أنِّي منعَّمٌ ... ووُكّل بالنعمى حسودٌ وظالمُ وقال آخر: وتصرُّفُ الإخوان إن جربتهمْ ... ينسيكَ لومَ تصرُّف الأيامِ وقال آخر: الجزء: 1 ¦ الصفحة: 140 سبكناهُ ونحسبهُ لُجيناً ... فأبدى الكيرُ عن خبثِ الحديدِ وقال علي بن الرومي: حمدتُ الليالي حين فرَّقنَ بيننا ... ألا ربَّما فرَّجنَ كربَ حزينِ وقال علي البسامي: خلفوني خلافةَ الذِّئبِ في الشَّا ... ءِ وكانوا في جُهدِ حقي شاءَ وقال أيضاً: قلْ لأبي القاسمِ المرجَّى ... قابلك الدَّهرُ بالعجائبْ ماتَ لك ابنٌ وكانَ زَيناً ... وعاشَ ذو النَّقصِ والمعائبْ حياةُ هذا كموتِ هذا ... فلستَ تخلو من المصائبْ وقال بن أبي عيينة: لما رأيتُ ضمير غشّك قد بدا ... وأبيتَ غير تجهُّمٍ وقطوبِ خلَّيتُ عنك مُفارقاً لك عن قلًى ... ووهبتُ للشيطانِ منك نصيبي وقال آخر: خيرُ ما فيهمُ ولا خير فيهمْ ... أنهمُ غير مُؤثمي المغتابِ وقال آخر: قلتُ لما رأيته في قصورٍ ... مشرفاتٍ ونعمةٍ لا تعابُ ربِّ ما أبين التباينَ فيه ... منزلٌ عامرٌ وعقلٌ خرابُ وقال آخر: رُبَّ من أشجاه ذكري ... وهو لم يخطرْ ببالي قلبهُ ملآن من بغضي ... وقلبي منه خالي الجزء: 1 ¦ الصفحة: 141 وقال آخر: شهدتْ عليك به شواهدُ ريبةٍ ... وعلى المريبِ شواهدٌ لا تُدفعُ وقال أبو تمام الطائي: مساوٍ لو قسمنَ على الغواني ... لما أمهرنَ إلاَّ بالطلاقِ وقال آخر: قد كانَ حيّاً وهو عنا ميتٌ ... فالآن لما مات عاش أذاهُ وقال آخر: يتيهُ عليَّ تيهَ بني لؤيٍّ ... ويُعطيني عطاءَ بني سلولِ وقال آخر: يا حجَّةَ اللهِ في الأرزاقِ والقِسم ... ومحنةً لذوي الألبابِ والهممِ نراكَ أصبحتَ في نعماء سابغةٍ ... ألا وربُّك غضبانٌ على النعمِ وقال علي بن الرومي: أصبحتَ كالخنزيرِ في الطرائدِ ليسَ لمن يقتلهُ منْ حامدِ وربَّما أتلفَ نفس الصائدِ وقال آخر: كابنِ آوى وهو صعبٌ صيدهُ ... فإذا صيدَ يُساوي خرْدله وقال بن أبي عيينة: يهرُّون في وجهِ الصديق وربَّما ... يهرُّ على من ليسَ يعرفه الكلبُ وقال آخر: وأرسلَ يبغي الصلحَ لمَّا تعاورتْ ... جوانبُ جنبيه بساطَ القصائدِ فأرسلت بعد الشرّ أنِّي مسالم ... إلى غير من لا أشتهي غيرُ عائدِ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 142 وقال بشار بن برد: أضيافُ عثمانَ في خفض وفي دعةٍ ... وفي عطاءٍ لعمري غير ممنوعِ وضيف عمرٍو وعمرو يسهران معاً ... هذا لكِظَّته والضيفُ للجوعِ وقال أيضاً: وسائلٍ عنْ يديْ مسعود قلتُ لهُ ... هو الجواد ولكن ليس في الجودِ غيث الرَّوابي إذا حلَّت بساحته ... وآفة المال بين الرقِّ والعودِ وقال آخر: قد قلتُ لمَّا رأيتُ الموت يطلبني ... يا ليتني درهم في كيس صبَّاحِ فيا له درهماً دامت سلامته ... لا هالك ضائعٌ يوماً ولا صاحِ وقال آخر: لقد روينا حديثاً لا نكذّبه ... عن النَّبيِّ رويناه بإسنادِ أن تطلبوا الخيرَ ممن وجهه حسنٌ ... فكيف نطلبه عن ابن عبَّادِ وقال آخر: قد رأيناك فما أعجبتنا ... وبلوناك فلم نرض الخبرْ وقال آخر: أكلُ بني يرمك أكلُ الحُطمهْ ... إنَّ لهذا الأكل يوماً تُخمهْ وقال الأعشى الأكبر واسمه ميمون بن قيس: يقولون الزَّمان به فسادٌ ... وهم فسدوا وما فسد الزَّمان وقال آخر: وإذا جفاني جاهلٌ ... لم أستجزْ ما عشت قطعهْ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 143 وتركتُه مثل القبو ... ر أزورها في كلِّ جمعهْ وقال بن سكرة الهاشمي لئنْ كنتَ من هاشمٍ في الذُّرى ... فقد ينبت الشوكُ بين الأقاحي وقال البحتري: بذلَّةِ والديك لبست عزّاً ... وباللؤم اجترأتَ على الجوابِ وقال أيضاً: لنا مواقف في أفياءِ عرصتهِ ... تهان أخطارُنا فيها وتطَّرحُ نغشاه لا نحن مشتاقون منه إلى ... أُنسٍ ولا هو مسرورٌ بنا فرحُ إذا طلبنا بلين القول غرفته ... ظلنا نعالج قفلاً ليس ينفتحُ وقال أبو تمام الطائي: وتخلَّفتُ بعده في أُناسٍ ... ألبسوني صبراً على الحدثانِ ما لنوْر الرَّبيع في العينِ حسنٌ ... ما لهم من تغيُّر الألوانِ أنكرتهم نفسي وما ذلك الإنكا ... ر إلاَّ من شدَّة العرفانِ وإساآت ذي الإساءة يُذكر ... نك يوماً إحسانَ ذي الإحسانِ وقال البحتري: له همَّةٌ لو فرَّق اللهُ شملها ... على الناسِ لم يُجمع لمكرمةٍ شملُ لهُ حسبٌ لو كانَ للشَّمس لم تبنْ ... وللماءِ لم يعذب وللنَّجم لم يعلُ وقال آخر: وبعضهمُ يكون أبوه منه ... مكان النَّار يخلفها الرمادُ وقال الوزير المهلبي: إنَّ العبيدَ إذا ذلَّلتهمْ صلحوا ... على الهوانِ وإن أكرمتهم فسدوا الجزء: 1 ¦ الصفحة: 144 ما عند عبدٍ لمنْ رجَّاه مُحتملٌ ... ولا على العبدِ عند الحرب معتمدُ فاجعلْ عبيدكَ أوتاداً مشمَّخةً ... لا يثبت البيت حتَّى يقرعَ الوتدُ وقال عبد الصمد في أخيه: لي أخٌ لا يرى لهُ ... صاحباً غيرَ عائبِ أجمعُ النَّاسِ كلّهمْ ... للئام المناقبِ وتراخي مُصيبتي ... فيه إحدى المصائبِ وقال آخر: ليست النعمةُ في مث ... لكَ عند اللهِ نعمهْ سخِط اللهُ عليها ... فابتلاها بكَ نقمهْ وقال آخر: إذا نكحتْ بنتُ الزّنا ولدَ الزّنا ... فلا شرَّ إلاَّ دونَ ما يلدانِ وقال آخر: فلا تجعلنّي للقضاةِ فريسةً ... فإنَّ قضاةَ المسلمين لصوصُ مجالسهم فينا مجالسُ شُرطةٍ ... وأيديهمُ دون الشصوص شُصوصُ وقال البحتري: يا أحمدَ بن محمدٍ نضبَ النَّدى ... من كفّ كلِّ أخي يدٍ يا أحمدُ جدةٌ ولا جودٌ وطالبُ بغيةٍ ... في الباخلينَ وبغيةٌ لا توجدُ تركوا العلى وهمُ يرون مكانها ... ودَعا اللّجينُ قلوبهمْ والعسجدُ وتماحكوا في البخلِ حتَّى خلتهُ ... ديناً يُدانُ به الإلهُ ويُعبدُ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 145 وقال عبدان الأصبهاني في أبي العلاء الأسدي: قابلْ هُديتَ أبا العلاءِ نصيحتي ... بقبولها وبواجبِ الشكرِ لا تهجونَّ أسنَّ منكَ فربَّما ... تهجو أباكَ وأنتَ لا تدري وقال أيضاً فيه: أبا العلاءِ اسكتْ ولا تؤْذنا ... بشينِ هذا النسبِ الباردِ أتدَّعي في أسدٍ نسبةً ... هل تُقبلُ الدَّعوى بلا شاهدِ أقمْ لنا والدةً أوَّلاً ... وأنت في حلٍّ من الوالدِ وقال أيضاً: ألا إنَّ همَّ النَّاسِ همَّانِ واحدٌ ... له حيلةٌ والاضطرارُ دواؤهُ وآخرُ يأتي المرء ما فيه حيلةٌ ... لمضطربٍ والاضطرابُ شفاؤهُ وقال آخر: ألا قبَّحَ اللهُ الضرورةَ إنَّها ... تكلّفُ أعلى الخلقِ أدنى الخلائقِ وللهِ درُّ الاختيارِ فإنه ... يبيّنُ فضلَ السبقِ من كلِّ سابقِ وقال أيضاً: فمنْ سرَّهُ أنْ لا يرى ما يسوؤه ... فلا يتخذْ شيئاً يخاف لهُ فقْدا وقال أيضاً: ومبتاعِ بعضِ المالِ مني يقولُ لي ... وما باعهُ إلاَّ نوائبُ تعتري متى صرتَ محتاجاً لبيعِ ذخيرةٍ ... فقلتُ له التاريخُ مذ صرتَ تشتري وقال أبو فراس الحمداني: إلى اللهِ أشكو أنَّ في الصدرِ حاجةً ... تمرُّ بها الأيامُ وهيَ كما هيا وقال آخر: الجزء: 1 ¦ الصفحة: 146 إذا ما تكدَّرَ عيشُ الفتى ... فإنَّ المنيَّةَ أولى بهِ وقال أبو عبد الله الحسين الحجاجي: مالي وللخطوبِ قد غرِيتْ ... بأكلِ لحمي لا هُنّئتْ أكلي كأنَّني وهيَ شحمةٌ طُرحتْ ... والنملُ يسعى في مدرجِ النملِ وقال أيضاً: وما للمرءِ خيرٌ في حياةٍ ... إذا ما عُدَّ من سقطِ المتاعِ وقال العتابي: وأكلتَ دهرك أربعون وأربعاً ... فاصبرْ لأكلتهِ وعضَّةِ نابهِ وقال آخر: أصبحتَ لا رَجلاً يغدو لحاجتهِ ... ولا قعيدةَ بيتٍ تُحسنُ العملا وقال آخر: كفى حرناً أنْ لا حياة لذيذةٌ ... ولا عملٌ ألقى بهِ الله صالحُ وقال البحتري: وقدْ كنتُ ذا نابٍ وظفرٍ على العدى ... فأصبحتُ لا يخشونَ نابي ولا ظفري وقال آخر: غُربةٌ فارضيةُ وغرامٌ ... عامريٌّ ومحنةٌ علويهْ وقال آخر: فلو كانَ همِّي واحداً لاحتملتُهُ ... ولكن همومي جمَّةٌ لا أطيقها وقال العتابي: فتًى ظفرتْ منهُ اللَّيالي بنكبةٍ ... وأقلعنَ عنهُ دامياتِ المخالبِ وقال آخر: هذا كتابُ فتًى لهُ هممٌ ... أدَّتْ إليكَ رجاءهُ وهممُهْ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 147 أفضى إليكَ بسرِّهِ قلمٌ ... لو كانَ يعقلهُ بكى قلمُهْ غلَّ الزَّمانُ يديْ عزيمتهِ ... وهوتْ بهِ من حالقٍ قدمُهْ وتؤاكلتهُ ذووا قرابتهِ ... وطواهُ عن أكفائهِ عدَمهْ وقال القاضي: فقلْ في حالِ مأسورٍ ضعيفٍ ... يلوذُ منَ الأعادي بالأعادي وقال أبو تمام الطائي: وحسبكَ حسرةً لك من صديقٍ ... يكونُ زمامهُ بيديْ عدوّهْ وقال ابن العميد: متى علِقتْ نفسي حبيباً تعلَّقتْ ... بهِ غِيَرُ الأيَّام تسلبُنيهِ وقال البحتري: كأنَّ الليالي أغريت حادثاتها ... بحبِّ الذي تأبى وكُره الذي تهوى ومن عرفَ الأيامَ لمْ يرَ خفضَها ... نعيماً ولمْ يعددْ تصرُّفها بلْوى وقال أحمد بن يوسف الكاتب: نفسي على زفَراتِها مطويَّةٌ ... وَوَددتُ لو خرجتْ مع الزفراتِ وقال أبو بكر الخوارزمي: ما أثقلَ الدهرَ على من نكبَهْ ... حدَّثني عنهُ لسانُ التجربهْ لا يشكرُ الدهرُ بخيرٍ سبَّبهْ ... فإنهُ لمْ يتعمَّدْ بالهبهْ وإنَّما أخطأ فيكَ مذهبهْ ... كالسَّيلِ إذ يسقي مكاناً خرَّبهْ والسمِّ يستشفي بهِ مَن شرِبهْ وقال أبو الفتح البستي: رغيفُكَ في الأمنِ يا سيّدي ... يحلُّ محلَّ حمامِ الحرَمْ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 148 فللهِ درُّك من سيّدٍ ... حرامِ الرغيفِ حلالِ الحرَمْ وقال آخر: يا من إذا ما رأتهُ عينُ والدهِ ... بينَ الرجالِ اتقاهمْ بالمعاذيرِ بالله أقسمُ لو قد كنتَ لي ولداً ... لما جعلتك إلاَّ في المطاميرِ وقال القاضي: تركنا أرضَ مصر لكلِّ فدْمٍ ... لهُ باعٌ يقصّرُ عن ذراعي نفوسٌ لا تليقُ بها المعالي ... وأخلاقٌ تضيقُ عن المساعي أقمتُ بها ومن محَن الليالي ... مقامُ الأُسدِ في كهفِ الضباعِ أقولُ وقد نأوْا بعداً وسحقاً ... لشرِّ الخلق في شرِّ البقاعِ وكمْ خلَّفتُ من كرمٍ مهينٍ ... بعرصتها ومن عِرضٍ مُضاعِ وأجسامٍ مسمَّنةٍ شباعٍ ... وأحسابٍ مضمَّرةٍ جياعِ ونقصٍ في أكابرها حضيضٍ ... وجهلٍ في أصاغرها مُشاعِ لئنْ نامتْ سريرتكم وكانتْ ... فضيحتكمْ قناعاً للقناعِ جعلتمْ ديننا أنَّا سمعنا ... وما الآذان إلاَّ للسماعِ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 149 الباب التاسع في شكوى الزَّمان والحال وما يجري مجراها في التسلية قال عبد الله بن المعتز العباسي: حمداً لربِّي وذمّاً للزمانِ فما ... أقلَّ في هذهِ الدُّنيا مسرَّاتي لوتْ يديْ أملي عن كلِّ مطّلبٍ ... وأغلقتْ بابها من دون حاجاتي وقال أيضاً: لقدْ حبَّبَ الموتُ البقاءَ الذي أرى ... فيا حسداً منِّي لمن سكنَ القبرا وقال أيضاً: مَن يذودُ الهمومَ من مكروب ... مستكينٍ لحادثاتِ الخطوبِ فهو في جفوة المقادير لا يأ ... خذ يوماً من دولةٍ بنصيبِ خادمٌ للمنى قد استعبدتهُ ... بمطالٍ وخلفِ وعدٍ كذوبِ قلْ لدنيايَ قد تمكَّنتِ منِّي ... فافعلي ما أردتِ أن تفعلي بي واخرقي كيف شئتِ خرق جهولٍ ... إنَّ عندي لك اصطبارَ لبيبِ وقال الوزير المهلبي: ألا موتٌ يُباعُ فأشتريهِ ... فهذا عيشُ من لا خيرَ فيهِ ألا رحمَ المهيمنُ نفس حرٍّ ... تصدَّقَ بالوفاةِ على أخيهِ وقال أيضاً: الجزء: 1 ¦ الصفحة: 150 لمْ يبقَ في العيشِ لي إلاَّ مرارتهُ ... إذا تذوَّتهُ والحلوُ منهُ فني يا نفسُ صبراً وإلاّ فاهلكي جزعاً ... إنَّ الزَّمانَ على ما تكرهينَ بُني لا تحسبي نعماً سرَّتك صحبتها ... إلاَّ مفاتيحَ أبوابٍ إلى الحزَنِ وقال آخر: حلوتُ بأفواهِ النوائب بعدهُ ... فما تشبعُ الأيامُ والدهرُ من أكلي وقال آخر: نفسُ صبراً على الأذى إنَّ هذا ... خُلقٌ من خلائقِ الأيَّامِ وقال آخر: ألا أيُّها الدهرُ الذي قد مللتهُ ... سألتك إلاَّ ما مللتَ حياتي وقال أبو عبد الله الحسين الحجاج: دعوتُ نداكَ من ظمائي إليهِ ... فعنَّاني بقيعتِك السَّرابُ سرابٌ لاحَ يلمع من بعيدٍ ... فلا ماءٌ لديهِ ولا ترابُ وقال آخر: عجبٌ بلا أدبٍ زهوٌ بلا حسبٍ ... زعمٌ بلا سببٍ هذا هو العجبُ وقال آخر: لكلِّ مبدَا حادثٍ آخرٌ ... يفضي إليهِ الفلَك الدَّائرُ فنمْ عن التائهِ في غيِّه ... فالدهرُ في استئصاله ساهرُ وقال دعبل الخزاعي: وإنِّي لأرثي للكريمِ إذا غدا ... على مطمعٍ عند اللئيمِ يطالبهْ وأرثي لهُ من موقف السوءِ عندهُ ... كما قد رثوا للطّرفِ والعلجُ راكبهْ وقال آخر: الجزء: 1 ¦ الصفحة: 151 بكى الحسبُ الزَّاكي بعينٍ غزيرةٍ ... من الحسب الموصومِ أنْ يُجمعا معا وقال عبد الله بن المعتز العباسي: أأمزجُ باللئامِ دمي ولحمي ... فما عُذري إلى النسبِ الكريمِ وقال دعبل الخزاعي: أحسَنُ ما في صالحٍ وجهُهُ ... فقسْ على الشاهدِ بالغائبِ وقال آخر: لهُ عَرفٌ وليسَ لديهِ عُرفٌ ... كبارقةٍ تروقُ ولا تُريقُ فما يخشى الوعيدَ لهُ عدوٌّ ... كما بالوعدِ لا يثقُ الصديقُ وقال أبو الطيب المتنبي: فلا ترجِّ الخيرَ عند امرئٍ ... مرَّتْ يدُ النَّخاسِ في رأسهِ وإنْ عراكَ الشكُّ في أمرهِ ... بحالةٍ فانظرْ إلى جنسهِ وقال أيضاً: لقدْ كنتُ أحسبُ قبلَ الخِص ... يّ أنَّ الرُّؤوس مقرُّ النُّهى فلما نظرتُ إلى عقلهِ ... رأيتُ النُّهى كلها في الخصى وقال علي بن الجهم: إنْ تكنْ منهمْ بلا ... شكّ فللعودِ قُتارُ ولصفوِ الماءِ أقذا ... ءٌ وللخمرِ خُمارُ وقال الفرزدق: هلْ يضرُّ البحرَ أمسى زاخراً ... إنْ رمى فيه غلامٌ بحجرْ وقال آخر: شبابهمُ وشيبهمُ سواءٌ ... وهمْ في اللؤم أسنانُ الحميرِ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 152 وقال آخر: وإذا شنتُ فتًى شنتُ كلامه ... وإذا سمعت غناه لم أطربِ وقال ابن أبي عيينة المهلبي: داود محمود وأنت مذممٌ ... عجباً لذاك وأنتما من عودِ ولربَّ عود قد يشقّ لمسجدٍ ... نصفاً وآخرهُ لحشّ يهودِ فالحش أنت له وذاك لمسجدٍ ... كم بينَ موضع مسلحٍ وسجودِ وقال صالح بن عبد القدوس: إنِّي لأَشنا كلَّ ذي ملقٍ ... يُغضي لمن آخى على الغدرِ رحبُ الذراع بكلِّ منقصةٍ ... وعنِ المكارمِ ضيقُ الصدرِ وقال آخر: وما تكلّمتَ إلاَّ قلت فاحشةً ... كأنَّما فوكَ للأعراض مقراضُ إذا نطقتَ فنبلٌ منك مرسلةٌ ... وفوك قوسك والأعراض أغراضُ وقال النمري: ما رأينا جبلاً كالفض ... لِ يمشي بالقضاءِ نظرُ العينِ إليهِ ... يكحلُ العين بداءِ رَبّ قد أعطيناهُ ... وهوَ من شرّ عطاءِ عارياً ربّ فخذهُ ... بقميصٍ ورداءٍ وتمثَّل المأمون بهذين البيتين: أبوك أبٌ وأمك حرَّةٌ ... وقد يلد الحرانِ غير نجيبِ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 153 فلا يعجبنَّ النَّاس منك ومنهما ... فما خبثٌ من فضةٍ بعجيبِ وقال آخر: إذا كنت تقضي أنَّ عقلك كاملٌ ... وكلُّ بني حوَّاءَ عندكَ جاهلُ وأنَّ مفيضَ العلم صدرك كلهُ ... فمن ذا الذي يدري بأنكَ عاقلُ وقال آخر: فإنْ كنت غضباناً فلا زلت هكذا ... وإن كنت لم تغضب إلى اليوم فاغضبِ وقال علي بن الرومي: ولو لمْ يكنْ في صلب آدم نطفةٌ ... لخرَّ له إبليسُ أوّلَ ساجدِ وقال آخر: إنَّ اللئيمَ إذا رأى ... ليناً تزيَّد في حِرانهْ وإذا رأى عنفاً جرى ... عنَقاً وأسجح في عنانهْ وقال آخر: قدْ تركناكَ لا ترانا على با ... بكَ حتَّى ترى قفاك الكريما وقال أبو تمام الطائي: رَجا أنْ تنجّيه خساسةُ قدرهِ ... ولمْ يدرِ أنَّ اللَّيثَ يفترسُ الكلبا وقال أيضاً: وماليَ ذنبٌ غير أنَّ مساوياً ... له علمتني كيف تؤتى المحاسنُ وقال آخر: أبو أجسامهم سامٌ ولكنْ ... أبو أخلاقهم لا شكّ حامُ وقال آخر: الجزء: 1 ¦ الصفحة: 154 هل اللهُ إن أشركت كانَ معذّبي ... بأكثر من أنِّي لفضلك آملُ وقال آخر: من كانَ يرجو أن يرى ... من ساقطٍ قدراً سويَّا فلقد رجا أن يجتني ... من عوسجٍ رُطباً جنيَّا وقال البحتري: إن يسافر في صالح من فعالٍ ... غلطاً تلقهُ سريع القدومِ أيظن الغنى ثواباً لذي اله ... مةِ من وقفةٍ ببابِ اللئيمِ وقال آخر: كأنَّك سيفٌ من رصاصٍ مفضض ... يُرى حسناً في العينِ وهو كهامُ وقال آخر: طولٌ بلا طوْل ولا طائلٍ ... سيفٌ كهامٌ وغمامٌ جهام وقال علي البسامي: رُددتَ إلى الحياةِ وكنت فيها ... كقول الله لو ردُّوا لعادوا وقال آخر: قلتُ لما بدا يحمحمُ في القو ... لِ ويَهذي كأنَّه مجنونُ صدقَ الله أنت من ذكر الل ... هـ مهينٌ ولا يكادُ يبينُ وقال آخر: غضبانُ يستر عنِّي وجهه بيدٍ ... وددتُ لو سمرت فيه بمسمارِ وقال علي بن الرومي: بلوْته أكذبَ من بلْقعٍ ... وبارقٍ يلمعُ في خُلَّبِ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 155 نعوذُ بالرَّحمن من شؤمهِ ... فإنهُ أمضى من المثقبِ وقال آخر: قومٌ كأنَّهمُ موتي إذا مُدحوا ... وما كُسوا من حبير الشعر أكفانُ وقال آخر: عشِقا قفا عمرو وإنْ كانَ وجههُ ... يذكّرنا قبح الخيانةِ والغدرِ فتًى وجههُ كالهجرِ لا وصل بعدهُ ... وأما قفاهُ فهو وصلٌ بلا هجرِ وقال آخر: فتًى على خيرهِ ونائلهِ ... أشفقُ من والدٍ على ولدهْ رغيفهُ منهُ حينَ تسألهُ ... مكانَ روحِ الحياةِ من جسدهْ وقال آخر: قبلتُ على الرّغم نيلَ البخيلِ ... وقلتُ قليلٌ آتي من قليلِ وقال آخر: أُزجر العين أنْ ترى ... أزرق العين أشقرا ما رأى قطُّ وجهه ال ... بوم إلاَّ تطيَّرا وقال علي بن الرومي: فإنْ جاءتْ فلا أهلاً وسهلاً ... وإنْ ذهبتْ فلا حفظاً ورجعا وقال أيضاً: إذا ما تبدَّى طالعاً فكأنَّهُ ... حضورُ غريمٍ أو طلوع رقيبِ وإنْ جاءَ نحوي قاصداً فكأنهُ ... كتابٌ بعزلٍ أو فراقُ حبيبِ وقال آخر: يا جوادَ اللسانِ من غيرِ فعلٍ ... ليتَ جودَ اللسانِ من راحتيكا الجزء: 1 ¦ الصفحة: 156 وقال آخر: صلِفٌ معجبٌ بغيضٌ مقيتٌ ... مائقٌ أحمقٌ ضعيفُ الكتابهْ وقال أبو نواس: وجهُ القبيح حسنٍ ... فيما خفي من خبرهْ ولو بلوتَ خُلقهُ ... حمِدتَ قبح منظرهْ وقال آخر: أرى جعفراً يزداد بخلاً ورقةً ... إذا زادهُ الرَّحمن في سعةِ الرزقِ وقال أبو إسحاق الصابئ: وأرعنَ من سكرِ الحداثةِ ما صحا ... دُفعنا إلى تعظيمهِ وهوَ ما التحى وقال علي بن بسَّام: وجهُ أبي عمرٍو اللعينِ بهِ ... يُضرب في وجه قبحهِ المثلُ كأنَّه في اتّساعِ صورتهِ ... روثةُ فيلٍ قد داسها جملُ وقال آخر: ما حرَّمَ الخمرَ ولكنهُ ... حرمها بقيا على مالهِ يشربها في بيت إخوانهِ ... ويظهرُ التوبة في حالهِ وقال آخر: سمعتُ يقولُ النَّاس هندٌ فلمْ أزلْ ... أخا صبوةٍ حتَّى نظرتُ إلى هندِ فلمَّا أراني الله هنداً وخُلقها ... تمنَّيتُ أن ازداد بعداً على بعدِ وقال أبو عثمان الناجم: علمي بأنّك جاهلٌ ... هو جُنَّة لك من غيابي الجزء: 1 ¦ الصفحة: 157 والصَّمت عنك وصرم حب ... لي منك أبلغ من عتابي وجوابُ مثلك أن يقا ... بلَ بالسكوتِ عنِ الجوابِ ما زلتُ أحلمُ من كلاب ... النَّاس فعل أخي اجتنابِ وأبيحهم صفح الذنو ... بِ فكيفَ عن كلب الكلابِ وقال أبو عبد الله الحسين بن الحجاج في ابن بقية: قضت الوزارةُ نحبها واستبدلتْ ... ثوبَ الخساسةِ بالغبيِّ محمدِ وكأنَّها لما أحلَّتْ عندهُ ... خودٌ تزفُّ إلى ضريرٍ مقعدِ وقال البحتري: إنَّ للغيب والعواقب في أم ... رك فعلاً يرضي عقاب القلوبِ فلعلَّ الزَّمان ينجزُ وعداً ... فيك إن الزَّمان غير كذوب وقال آخر: لا يدهمنَّك من دهمائهم عددٌ ... فإنَّ جلهمُ أو كلهم بقرُ وقال آخر: فإنك إن ترى ضحكي تجدني ... لرأسك جندلاً ولفيك تربا فخذْ صِلاًّ تخال بكلِّ عضوٍ ... لهُ من شدَّةِ الحركات قلبا وقال آخر: لا تيأسنَّ من الإمارة بعدما ... خفِق اللواءُ على عمامة جرول وقال أبو الحسن علي بن الحسن الحراني اللحام: وقائلٍ ليَ دنست الهجاء بمن ... يُدنّس الكلب إن أقعى وإن شردا الجزء: 1 ¦ الصفحة: 158 فقلتُ أنصفتَ لكن هل سمعت بمن ... إن هرَّ كلبٌ عليه بارز الأسدا وقال راشد أبو حليمة في غلام باعه: بعنا نفيساً فلم يحزنْ له أحدٌ ... وغاب عنا فغاب الهمُّ والكمدُ بعناه أخبثَ من نمتْ له شفةٌ ... وساعدته على رأي اللصوص يدُ وقال بشار بن برد: قومٌ إذا ما أتي الأضيافُ منزلهمْ ... لم ينزلوهمْ ويدلوهم على الخانِ وقال آخر: أبا مخلدٍ لا زلت مسَّاح غمرةٍ ... صغيراً فلما شبْت خيمت بالشاطي كسنّور عبد الله بيع بدرهمٍ ... صغيراً فلما شبَّ بيعَ بقيراطِ وقال أبو الفتح البستي: وكنتَ كذئبِ السوءِ لما رأى دماً ... بصاحبهِ يوماً أحال على الدَّمِ وقال الفرزدق: إذا ما اغتدوا في روعةٍ من جمالهم ... وأحسابهم قلتَ البروق الكواذبُ وإن لبسوا دُكنَ الحُروز وخضرَها ... وراحوا فقد راحت عليك المساحبُ وقال أبو الطيب الطاهري: يا مستحيلاً كمعانيهِ ... ومستطيلاً كمساويه اقصرْ من التيه على النَّاس لا ... يرمي بك التيه إلى التيه وقال آخر: قد بلغتَ الأشُدَّ لا شدَّك الله ... وجاوزتها وأنت مريبُ وقال البسامي: كذبتَ وربِّ مكة والمصليَّ ... وقلتَ الزُّور والبهتان بحتا الجزء: 1 ¦ الصفحة: 159 فلا تحلفْ فإنك غيرُ بَرٍّ ... واكذبُ ما يكون إذا حلفتا وقال أيضاً: إذا زرتني زرتُ المنيَّة طائعاً ... ولم يصفُ لي عيشٌ ولم يرضَ لي دهرُ وضاقت عليَّ الأرض بعد اتساعها ... وأظلمت الأقطارُ وانقطع الظهرُ فجد لي بإعراض وصلني بهجرةٍ ... لتسلم لي نفسي فيبقى لكَ الشكرُ وإن كنت تبغي البرّ فاقطع زيارتي ... ففي النَّاس أقوامٌ جفاؤُهم برُّ وقال جرير: وإنك لو رأيت عبيد تيمٍ ... وتيماً قلت أنهم العبيدُ ويُقضى الأمر حين يغيب تيمٌ ... ولا يستأمرون وهم شهودُ وقال علي بن الرومي: عجِبَ النَّاس من أبي الصقر إذ ... ولِّي بعد الوزارة الديوانا ولعمري ما ذاك أعجب من أن ... كان علجاً فصار من شيبانا إن للجدِّ كيماءَ إذا ما ... مسَّ كلباً أعادهُ إنسانا يفعل الله ما يشاءُ كما شا ... ءَ الذي كان كائناً ما كانا وقال آخر: عُبيدُ الله مظلومٌ ... به القرطاسُ والقلمُ وأولى منهما عندي ... به المقراضُ والجَلمُ وقال آخر: دعوْنا اللهَ جهراً فاستجابا ... بمقدمكمْ فأوردكم عذابا الجزء: 1 ¦ الصفحة: 160 وكذَّبنا الخبيرَ بكمْ شفاهاً ... وصدَّقنا المنجّم والحسابا فما زدتمْ على مصداقِ بيتٍ ... مقولٍ سائرٍ مثلاً صوابا وكنتَ إذا أنختَ بدار قومٍ ... رحلتَ بخزيةٍ وتركتَ عارا وقال آخر: لا يبطرنَّكَ خِلعةُ أُلبِستها ... ما خلْعُ قلبكَ بعدها ببعيدِ فالبُدْنُ ليس بمنكرٍ تزيينُها ... للنَّحرِ ليلةَ جُمعةٍ أو عيدِ وقال علي بن بسام: خلعوا عليهِ وزيَّنو ... هـ فحلَّ في عزٍّ ورِفعهْ وكذاكَ يُفعلُ بالجما ... لِ لنحرها في كلِّ جمعهْ وقال إسماعيل أبو العتاهية: أصبحتَ لا تعرفُ الجميلَ ولا ... تفرقُ بين القبيحِ والحسنِ وإنَّ من باتَ يرتجيك كمنْ ... يحلِبُ تيساً من شهوةِ اللَّبنِ وقال أبو نواس الحكمي: أُعيذك بالرَّحمنِ من شرِّ كاتبٍ ... لهُ قلمٌ زانٍ وآخرُ سارقُ وقال بن أبي عينية في خالد بن عمه: أخوك لنا غيثٌ نعيشُ بظلهِ ... وأنتَ جرادٌ ليس يبقى ولا يذَر لهُ أثرٌ في كلِّ عامٍ يسرُّنا ... وأنت تُعفّى بعدهُ ذلك الأثر وقال فيه أيضاً: خالدٌ لولا أبوهُ ... كانَ والكلبُ سواءَ لو كما ينقصُ يزدا ... دُ إذن نالَ السَّماءَ وقال آخر: الجزء: 1 ¦ الصفحة: 161 تصوَّفَ فازدهى بالصُّوفِ جهلاً ... وبعضُ الناسَ يلبسهُ مجانَهْ ولم يرد الإلهَ بهِ ولكنْ ... أرادَ بهِ الطريقَ إلى الخيانَهْ وقال محمد بن بشير الرياشي: في سبيلِ الرَّدى وفي غابرِ الدَّ ... هرِ أبو جعفرٍ أخي وخليلي لم يمتْ ميتةَ الوفاةِ ولكنْ ... ماتَ عن كلِّ صالحٍ وجميلِ وقال أبو تمام الطائي: سمَحتْ بك الدُّنيا فما لك حاسدُ ... وسمحتَ بالدنيا فما لك حامدُ فلأُشهرنَّ عليك سبعَ أوابدٍ ... يُحسبنَ أسيافاً وهنَّ قصائدُ وقال آخر: أيا قِبْطَ السَّوادِ لقد أمِنتمْ ... وما أدنى الهلاكَ من الأمانِ أزالَ اللهُ دولتكمْ سريعاً ... فقدْ ثقلتْ على كفِّ الزمانِ وقال إبراهيم بن العباس في أبي الوليد أحمد بن أبي الورد: عفَّتْ مساوٍ تبدَّتْ منك فاضحةً ... على محاسنَ نقَّاها أبوكَ لكا لئنْ تقدَّمتَ أبناءَ الكرام بها ... لقد تقدَّمَ آباءُ اللئامِ بكا وقال آخر: فسِرْ غيرَ مأسوفٍ عليك فما النوى ... ببُرْحٍ ولا الخطبُ الملمُّ بفادحِ وقال آخر: عن مثلهِ نكصَ الهجاءُ مقهقراً ... ونبتْ سيوفُ الشَّتمِ وهي جِلادُ وقال آخر: شهدتُ جسيماتِ العُلى وهو غائبٌ ... ولو كان أيضاً شاهداً كان غائبا الجزء: 1 ¦ الصفحة: 162 وقال آخر: أخرجُ من نكبةٍ وأدخلُ في ... أخرى فحبلي بهنَّ متَّصلُ كأنها سُنَّةٌ مؤكدةٌ ... لا بدَّ من أن تُقيمها الدُّولُ فالعيشُ مرٌّ كأنَّهُ صبرٌ ... والموتُ حلوٌ كأنَّهُ عسلُ وقال البحتري: كيفَ تقضي ليَ الليالي قضاءً ... تشبه الخلقَ والليالي خصومي وقال ابن نُباتة السَّعدي: في كلِّ يومٍ لنا يا دهرُ معركةٌ ... هامُ الحوادثِ في أرجائها فلقُ حظّي منَ العيشِ أكلٌ كله غُصصٌ ... مرُّ المذاقِ وشربٌ كلهُ شرقُ وقال أيضاً: ما بالُ طعمِ العيشِ عندَ معاشرٍ ... حلوٌ وعندَ معاشرٍ كالعلقمِ من لي بعيشِ الأغبياءِ فإنَّهُ ... لا عيشَ إلاَّ عيشُ من لم يعلمِ وقال أيضاً: برئتُ من الحياةِ وأيُّ عيشٍ ... يكونُ لمن مطامعهُ الخيالُ ولو أنّي أعدُّ ذنوبَ دهري ... لضاع القَطرُ فيها والرّمالُ وقال أيضاً: سقامٌ ما يُصابُ له طبيبُ ... وأيامٌ محاسنها عيوبُ ودهرٌ ليس يقبلُ من أديبٍ ... كما لا يقبلُ التأديبَ ذيبُ يُحَبُّ على المصائبِ والرَّزايا ... فلا كان المحبُّ ولا الحبيبُ وقال أيضاً: وأصغرُ عيبٍ في زمانك أنهُ ... بهِ العلمُ جهلٌ والعفافُ فُسوقُ وكيف يسرُّ الحرُّ فيه بمطلبٍ ... وما فيه شيءٌ بالسرورِ حقيقُ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 163 وقال محمد بن سكرة الهاشمي: أنشأ يُسائل عن حالي لأُخبرهُ ... وكيف أمسيتُ في أهلي وفي ولدي فقلتُ حالي بحالٍ من رثاثتها ... وعلَّةُ الحالِ تُنسي علةَ الجسدِ وقال أمير المؤمنين عبد الله بن المعتزّ: لجَّ الزمانُ فليس يعتب صرفهُ ... إنَّ الزمانَ على الكريمِ لئيمُ وقال آخر: وإذا ما أعارك الدَّهر شيئاً ... فهو لا بدَّ آخذٌ ما يعيرُ ووراءُ المشيب من عبَرِ الد ... هر أعاجيبُ ثمَّ أين المصيرُ وقال آخر: وجرَّبتُ حتَّى ما أرى الدهرَ مغرباً ... عليَّ بشيءٍ لم يكن في التجاربِ وما سرَّني حسنُ البوادي لأنني ... من الدَّهرِ مختومٌ بسوءِ العواقبِ وقال محمد بن عروس: قل للهمومِ أصبتِ حدّاً عازباً ... وبلوْتني فوجدتِ حُرّاً صابرا إن الذي أسلي فؤادي أنني ... أيقنتُ أنَّ لكلِّ شيءٍ آخرا وقال آخر: مَن لمْ يذقْ غِيرَ الزَّمانِ وصرفهُ ... فليُمسِ معتبراً بهذا البائسِ هذا ربيعةُ فاعرفوهُ بوجههِ ... كانَ الأميرَ فصارَ كلبَ الحارسِ وقال علي بن بسَّام: أُفّ من الدُّنيا وأيَّامِها ... فإنَّها للحزنِ مخلوقهْ همومُها لا تنقضي ساعةً ... عن ملكٍ فيها ولا سوقهْ وقال عبد الله بن المعتز: الجزء: 1 ¦ الصفحة: 164 أمَا ترى الدَّهرَ وهذا الورى ... كهرَّةٍ تأكلُ أولادَها وقال آخر: وتقرعُني في كلِّ يومٍ مصيبةٌ ... فقد صرتُ ذا أُنسٍ بقرع المصائبِ ففي كلِّ يومٍ نوبةٌ بعدَ نوبةٍ ... كأنَّا خُلقنا للنوى والنوائبِ وقال آخر: كم آفةٍ مستورةٍ بمروءةٍ ... وضرورةٍ قد غطّيت بتجمُّلِ لو سوَّد الهمُّ الملابسَ لم تكنْ ... بيضُ الثياب على امرئٍ في محفلِ وقال أبو الفتح البستي: الدَّهرُ سلمٌ لكلِّ نذلٍ ... لكنهُ للكريمِ حربُ فارْث لذي حُنكةٍ أديبٍ ... فحظّه غمَّةٌ وكربُ همتهُ للسّماك سمكٌ ... وخدُّه للترابِ تِربُ وقال آخر: كأنَّ همومَ النَّاسِ في الأرض كلها ... عليَّ وقلبي بينهم قلبُ واحدِ وقال آخر: أدَّبتني طوارقُ الحدثانِ ... فتجافيتُ عن صروفِ الزَّمانِ كيفَ أشكو من الزَّمانِ خطوباً ... أظهرتْ لي جواهر الإخوانِ وقال البحتري: حاربتني الأيام حتَّى لقد أص ... بح حرْبي من كنتُ أعتدُّ سلمي غير أنِّي أُدافعُ الشرَّ عنِّي ... باختصارٍ لصرفهِ المستدمِّ حدثتني نفسي بأن سوف ألقى ... حتف قاضٍ أو استقالة خصمِ وقال علي البسامي: الجزء: 1 ¦ الصفحة: 165 كنَّا نقولُ الدَّهرُ فيما مضى ... يخلطُ ميسوراً بمعسورِ فانقطع الميسورُ في دهرنا ... فنحنُ في عسرٍ وتقتيرِ ما درك الإنسان في عيشةٍ ... يكونُ فيها غير ميسورِ وقال عبد السلام المأموني: لو كنتُ معنًى بديعَ اللفظ مخترعاً ... لم يقطع السير بي في الأرض ما قطعا وقال عبد الله بن المعتز: ترامتْ بنا حادثاتُ الدّهور ... ترامي القسيِّ بنشابها وقال البحتري: تقاذفُ بي بلادٌ عن بلادٍ ... كأنِّي بينها جملٌ شرودُ وقال الفضل الرقاشي: لو قيلَ مَن رجلٌ طالت عقوبته ... لاستعجلتْ عبرتي حتَّى أقول أنا وقال آخر: كلما أقبلتُ قالوا رجلٌ ... والذي أقبلَ همٌّ وفكرْ وقال أبو الفتح البستي: الدهرُ يلعبُ بالفتى ... لعبَ الصوالجِ بالكرَهْ الدهرُ قنَّاصٌ وما ال ... إنسانُ إلاَّ قبَّرهْ وقال إسماعيل بن أحمد الشاشي العامري: الجزء: 1 ¦ الصفحة: 166 بلوتُ الليالي فلم يتزنْ ... بأدنى الإساءةِ إحسانُها فلا تحمدنها على وصلها ... ففي نفسِ الوصلِ هجرانُها وقال البحتري: متحيرٌ يغدو بعزمٍ قائمٍ ... في كلِّ نازلةٍ وحدٍّ قاعدِ فقرٌ كفقر الأنبياء وغربةٌ ... وصبابةٌ ليسَ البلاءُ بواحدِ وقال أبو الحسن البريدي: تقاضاك دهرُك ما أسلفا ... وكدَّر عيشك بعد الصفا وقال أحمد بن أبي فنن: ألا رُبَّ همٍّ يمنع النوم دونه ... أقام كقبض الرَّاحتين على الجمرِ بسطتُ له وجهي لأكبتَ حاسداً ... وأبديتُ عن نابٍ ضحوكٍ وعن ثغرِ وشوقٍ كأطرافِ الأسنَّة في الحشا ... ملكتُ عليه طاعةَ الدمع أن يجري وقال أبو الفتح البستي: الدهرُ خدَّاعةٌ خلوبُ ... وصفوه بالقذى مشوبُ وأكثر النَّاس فاعتزلهم ... قوالبٌ ما لها قلوبُ فلا تغرَّنك الليالي ... وبرقُها الخلَّبُ الكذوبُ ففي قفا أنسها كروبٌ ... وفي حشا سلمها حروبُ وقال أيضاً: أراحَ اللهُ قلبي من زمانٍ ... محت يدُه سروري بالمساءهْ فإن حمدَ الكريمُ صباح يومٍ ... وأنَّى ذاك لم يحمدْ مساءهْ وقال آخر: سلي نوَب الأيام ما بالها أبتْ ... تعمّدُ إلاَّ جفوتي وعقوقي الجزء: 1 ¦ الصفحة: 167 مزيّلة بيني وبين أصادقي ... وداخلةٌ بيني وبين شقيقي وقال أبو الطيب المتنبي: وغيظٌ على الأيَّام كالنار في الحشا ... ولكنَّه غيظُ الأسير على القِدِّ وقال آخر: وما الناسُ بالناس الذين عهدتَهم ... ولا الدهرُ بالدهر الذي كنت تعرفُ وقال آخر: عرفتُ الليالي قبل ما صنعتْ بنا ... فلمَّا دهتْني لم تزدني بها علما وقال آخر: وليسَ عظيماً أن تُلمَّ ملمَّةٌ ... وليسَ علينا في الخطوبِ معوَّلُ وقال آخر: كانتْ مجالسُنا بالأنس نقطعها ... وبالسرور وبسط الوجه والمالِ فصارت اليوم ما تعدو مجالسنا ... شكوى الهموم وشكوى البثّ والحالِ وقال أبو فراس الحمداني: مالي جزعتُ من الخطوبِ وإنَّما ... أخذَ الإلهُ لبعض ما أعطاني يا دهرُ خنتَ مع الأحبَّة خلتي ... وغدرتَ بي في جملة الإخوانِ وقال آخر: لقدْ سرَّ الأعادي فيَّ أنِّي ... برأسِ العين محزونٌ كئيبُ وإنِّي اليوم عن وطني شريدٌ ... بلا جرمٍ وعن مالي حريبُ تعاظمت الحوادثُ حول حظِّي ... وشبَّتْ دون بغيتي الحروبُ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 168 وقال علي بن الرومي: هوَ الدَّهرُ لم تبذخْ عليَّ صروفهُ ... ولمْ تأتِ شيئاً لم أكنْ أتخيلهْ وما زالَ بي المكروهُ إذ هو عادتي ... لديه ولكن راعَ قلبي تعجُّلهْ وقال الأحنف العكبري واسمه عقيل: العنكبوتُ بنتْ بيتاً على وهنٍ ... تأوي إليه ومالي مثلهُ وطنُ والخنفساءُ لها من جسمها سكنٌ ... وليسَ لي مثلها إلفٌ ولا سكنُ الباب العاشر في الأمثال والحكم والآداب قال امرؤ القيس بن حجر الكندي: الله أنجحَ ما طلبت بهِ ... والبرُّ خير حقيبة الرحْلِ وقال أيضاً: لقد طوَّفت في الآفاق حتَّى ... رضيت من الغنيمة بالإيابِ وقال أيضاً: وجرح اللّسانِ كجرح اليدِ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 169 وقال أيضاً: فإنك لم يفخر عليك كفاخرٍ ... ضعيفٍ ولمْ يغلبك مثل مغلَّبِ وقال زهير بن أبي سلمى المزني: ومن يغتربْ يحسب عدوّاً صديقه ... ومن لا يكرّمْ نفسه لم يكرَّمِ ومهما تكنْ عند امرئٍ من خليقةٍ ... ولو خالها تخفى على النَّاس تعلمِ ومن لا يصانعْ في أمورٍ كثيرةٍ ... يضرس بأنياب ويوطأ بمنسمِ ومن يك ذا فضلٍ ويبخلْ بفضلهِ ... على قومه يستغنَ عنه ويُذممِ ومن لا يذدْ عن حوض بسلاحه ... يهدمْ ومن لا يظلم النَّاس لا يظلمِ وقال أيضاً: وهل ينبت الخطيَّ إلاَّ وشيجه ... وتغرسُ إلاَّ في منابتها النخلُ وقال أيضاً: فإنك كالليل الذي هو مدركي ... وإن خلتُ أنَّ المُنتأى عنك واسعُ وقال أيضاً: نُبّئتُ أن أبا قابوس أوعدني ... ولا قرار على زأرٍ من الأسدِ وقال أيضاً: لكلفتني ذنبَ امرئٍ وتركتهُ ... كذي العُرّ يكوي غيرهُ وهو راتعُ وقال أيضاً: الجزء: 1 ¦ الصفحة: 170 ولستَ بمسبقٍ أخاً لا تلمُّه ... على شعثٍ أيُّ الرجال المهذَّبُ وقال طرفة بن العبد: كلهمُ أروغُ من ثعلبٍ ... ما أشبه الليلةَ بالبارحهْ وقال أيضاً: خلا لكِ الجوُّ فبيضي واصفري وقال أيضاً: لنا يومٌ وللكروانِ يومٌ ... تطير البائساتُ ولا نطيرُ وقال أيضاً: ستبدي لك الأيامُ ما كنت جاهلاً ... ويأتيك بالأخبار من لم تزوّدِ وقال أيضاً: واعلم علماً ليس بالظّنّ إنه ... إذا ذلَّ مولى المرءِ فهو ذليلُ وقال آخر: أيّتها النفسُ اجملي جزعا ... إن الذي تحذرينَ قد وقعا وقال عبيد الأبرص: وما ينهض البازي بغير جناحه ... ولا يحمل الماشينَ غيرُ الحواملِ وقال أبو دؤاد واسمه حنظلة: لا أعدُّ الإقتارَ عدماً ولكن ... عدمُ من قد رزئته الإعدامُ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 171 وقال بشر بن أبي خازم: يكنْ لي في قومي يدٌ يشكرونها ... وأيدي الندي في الصالحين فروضُ وقال الملتمس واسمه جرير: لذي الحلم قبل اليوم ما تقرعُ العصا ... وما علمَ الإنسانُ إلاَّ ليعلما ولو غيرُ أخوالي أرادوا نقيصتي ... جعلتُ لهم فوقَ العرانينِ ميسما وقال أيضاً: وما كنتُ إلاَّ مثلَ قاطعِ كفّه ... بكفٍّ له أخرى فأصبحَ أجدعا وقال أيضاً: ولن يقيمَ على خسفٍ يُسامُ به ... إلاَّ الأذلانِ عبرُ الحيِّ والوتدُ هذا على الخسف مربوطٌ برمَّته ... وذا يُشجُ فما يرثي له أحدُ وقال الأفوه الأودي واسمه صلاة بن عمرو: إنَّما نعمةُ يومٍ متعةٌ ... وحياةُ المرءِ ثوبٌ مستعارُ وقال أيضاً: تهدي الأمورُ باهلِ الرأي ما صلحتْ ... وإن تولَّتْ فبالأشرارِ تنقادُ والبيتُ لا يُبتنى إلاَّ على عمُدٍ ... ولا عماد إذا لم ترسُ أوتادُ فإن تجمَّعَ أوتادٌ وأعمدةٌ ... وساكنٌ بلغوا الأمرَ الذي كادوا وقال تميم بن مقبل العامري: ما أنعمَ العيشَ لو أنَّ الفتى حجرٌ ... تنبو الحوادثُ عنهُ وهو ملمومُ وقال طرفة بن العبد: كفى واعظاً للمرءِ أيامُ دهره ... تروحُ له بالواعظاتِ وتغتدي الجزء: 1 ¦ الصفحة: 172 عن المرءِ لا تسألْ وسلْ عن قرينهِ ... فكلُّ قرينٍ بالمقارنِ يقتدي وظلمُ ذوي القربى أشدُّ مضاضةً ... على المرءِ من وقعِ الحسام المهندِ إذا ما رأيتَ الشرَّ يعقبُ أهله ... وقامَ جناةُ الشرِّ للشرِّ فاقعدِ وقال أيضاً: يا راقدَ الليلِ مسروراً بأوَّله ... إنَّ الحوادثَ قد يطرقنَ أسحارا وقال محمد بن مناذر: يا عجباً من خالدٍ كيف لا ... يخطئُ فينا مرَّةً بالصوابْ وقال أيضاً: وأرانا كالزرعِ يحصده الده ... رُ فمن بين قائمٍ وحصيدِ وكأنَّا للموتِ ركبٌ مخبُّو ... نَ سراعٌ لمنهلٍ مورودِ وقال أبو نواس الحكمي: أيةُ نارٍ قدحَ القادحُ ... وأي جدِّ بلغَ المازحُ وقال أيضاً: إذا امتحنَ الدُّنيا لبيبٌ تكشفت ... له عن عدوٍّ في ثيابِ صديقِ وقال أيضاً: لا أذودُ الطيرَ عن شجرٍ ... قد بلوتُ المرَّ من ثمرِهْ وقال أيضاً: صارَ جدّاً ما مزحتُ به ... رُبَّ جدٍّ ساقهُ اللعبُ وقال أيضاً: كفى حزناً أنَّ الجوادَ مقتّرٌ ... عليه ولا معروفَ عندَ بخيلِ وقال أيضاً: الجزء: 1 ¦ الصفحة: 173 وأوبةُ مشتاقٍ بغير دراهمٍ ... إلى قومهِ من أعظمِ الحدثانِ وقال بن أبي عيينة: وشتَّانَ ما بينَ الولايةِ والعزْلِ وقال آخر: كلُّ المصائبِ قد تمرُّ على الفتى ... فتهونُ غير شماتةِ الحسّادِ وقال آخر: من آنسته الديار لم يَرِمِ ... منها ومن أوحشته لم يُقمِ ومن تبيتُ الهمومُ قادحةً ... في صدره بالديارِ لم ينمِ وقال آخر: لكن مللت فلم تكنْ لي حيلةٌ ... ضدَّ الملولِ خلاف صدِّ العاتبِ وقال آخر: صرتُ كأنِّي ذُبالةٌ نصبتْ ... تضيءُ للناس وهي تحترقُ وقال آخر: أرى الطريقَ قريباً حين أسلكه ... إلى حبيبٍ بعيداً حين أنصرفُ وقال آخر: كفى حزناً أنَّ التباعدَ بيننا ... وقد جمعتْنا والأحبَّةُ دارُ وقال آخر: أقمنا مكرهينَ بها فلمَّا ... ألفناها جزِعنا كارهينا وقال آخر: دلَّتْ على غبنها الدُّنيا وصدَّقها ... ما استرجعَ الدهرُ ممَّا كانَ أعطاني الجزء: 1 ¦ الصفحة: 174 وقال آخر: ما كنتُ أوفي شبابي كنه عزَّته ... حتَّى انقضى فإذا الدُّنيا له تبعُ وقال آخر: قلتُ للفرقدينِ والليلُ ملقٍ ... سورَ أكنافه على الآفاقِ إبقيا ما استطعتما فسيرمي ... بين شخصيكما بسهمِ الفراقِ وقال آخر: هذا قديمٌ في بني آدمٍ ... فتنةُ إنسانٍ بإنسانِ وقال آخر: إذا ما مات بعضكَ فابكِ بعضاً ... فبعض الشيء من بعضٍ قريبُ وقال آخر: أرى الحلمَ في بعض المواطن ذلةً ... وفي بعضها عزّاً يسوَّدُ فاعلهُ وقال آخر: العيشُ لا عيشَ إلاَّ ما قنعتَ به ... قد يكثرُ المالُ والإنسانُ مفتقرُ وقال آخر: وهل حازمٌ إلاَّ كآخر عاجزٍ ... إذا حلَّ بالإنسانِ ما يتوقَّعُ وقال محمود الوراق: وإذا غلا شيءٌ عليَّ تركتُه ... فيكون أرخصَ ما يكون إذا غلا وقال أيضاً: ولم أرَ بعد الدِّين خيراً من الغنى ... ولم أرَ بعد الكفرِ شرّاً من الفقرِ وقال آخر: ألا إنَّما الدُّنيا على المرء فتنةٌ ... على كل حالٍ أقبلت أو تولَّتِ وقال السمؤل بن عادياء: الجزء: 1 ¦ الصفحة: 175 إذا المرء لم يدنَسْ من اللؤم عرضه ... فكل رداءٍ يرتديه جميلُ وقال محمد بن أبي زرعة الدمشقي: لا يؤنسنَّك أن تراني ضاحكاً ... كم ضحكةٍ فيها عبوسٌ كامنُ وقال أبو الشيص الخزاعي واسمه محمد: لا تنكري صدِّي ولا إعراضي ... ليس المقلُّ عن الزمانِ براضِ وقال آخر: وعلمت أن المرء من سبق الردى ... حيث الرميَّة من سهام الرامي وقال آخر: واعلم أن نبات الرجا ... ء يحل العزيز محلَّ الذليلِ وأن ليس مستغنياً بالكثيرِ ... من ليس مستغنياً بالقليلِ وقال محمد بن وهيب الحميري: إذا ما بقيتَ على فرحةٍ ... فكلُّ بلاءٍ بها مولعُ وقال آخر: إن المقدَّم في حذق بصنعتهِ ... أنَّى توجَّه فيها فهو محرومُ وقال آخر: قالت عهدناك مجنوناً فقلتُ لها ... إن الشبابَ جنونٌ برؤُهُ الكبرُ وقال آخر: وحسبك من حادثٍ بامرئٍ ... ترى حاسديه له راحمينا وقال آخر: إذا ضنَّ الجوادُ بما لديهِ ... فما فضلُ الجوادِ على البخيلِ وقال آخر: هي النفسُ ما حسَّنتَهُ فمحسَّنٌ ... إليها وما قبَّحتهُ فقبيحُ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 176 وقال آخر: جئنا به يشفعُ في حاجةٍ ... فاحتاجَ في الإذنِ إلى شافعِ وقال إسحاق الموصلي: رُفعَ الكلبُ فاتضع ... ليس في الكلبِ مصطنعْ وقال آخر: إن ما قلَّ منك يكثرُ عندي ... وكثيرٌ من الحبيب القليلُ وقال أبو تمام الطائي: نقّل فؤادك حيث شئت من الهوى ... ما الحبُّ إلاَّ للحبيبِ الأوَّلِ وقال أيضاً: ولا شكَّ أنَّ الخير منك سجيةٌ ... ولكنَّ خيرَ الخيرِ عندي المعجَّلُ وقال أيضاً: ومن لم يسلّم للنوائبِ أصبحتْ ... خلائقهُ طرّاً عليهِ نوائبا وقال أيضاً: لا تُنكري عُطلَ الكريمِ من الغنى ... فالسيل حربٌ للمكانِ العلي وقال أيضاً: وإذا تأملتَ البقاعَ رأيتها ... تُثري كما تُثري الرجالُ وتُعدِمُ وقال أيضاً: وهل يبالي إقضاضَ مضجعهِ ... من راحة المكرُماتِ في تعبِهْ وقال أيضاً: خشعوا لصولتهِ التي هيَ عندهمْ ... كالموت يأتي ليس فيه عارُ وقال آخر: ولم نركا لمعروف بدعاً حقوقهُ ... وربما ضرَّ عند الحاجةِ المطرُ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 177 وقال البحتري: متى أرت الدُّنيا نباهةَ خاملٍ ... فلا ترتقبْ إلاَّ خمول نبيهِ متى ما نسبتَ الحادثاتِ وجدتها ... بناتِ زمانٍ أُرصدتْ لبنيهِ وقال آخر: ولكلِّ حالٍ معقبٌ ولربما ... أجلى لك المكروهُ عما يُحمدُ وقال علي بن الجهم: وعاقبةُ الصبرِ الجميل جميلةٌ ... وأفضلُ أخلاقِ الرّجالِ التفضُّلُ ولا عارَ إن زالتْ عن الحرّ نعمةٌ ... ولكنَّ عاراً أن يزولَ التجمُّلُ وقال آخر: وكم داخلٍ بين الحيمينِ مصلحٍ ... كما اهتزَّ بين الجفنِ والعين مرودُ وقال آخر: وإذا أتاكَ من الزَّمان مقدَّرٌ ... وهربتَ منهُ فنحوَهُ تتوجهُ وقال آخر: وكنتُ حسبتُ فلما حسَبتُ ... زادَ الحسابُ على المحسبهْ وكم نعمةٍ خلتُها روضةً ... فألفيتها دِمنةً مُعشبهْ وقال علي بن الرومي: وحبَّبَ أوطانَ الرجالِ إليهمُ ... مآربُ قضَّاها الشباب هنالكا إذا ذكروا أوطانهمْ ذكَّرتهمُ ... عهودَ الصبا فيها فحنُّوا لذالكا وقال عبد الله بن المعتز: الجزء: 1 ¦ الصفحة: 178 إصبر على شرِّ العدوِّ ... فإن صبرك قاتلُهْ فالنار تأكل نفسها ... إنْ لم تجد ما تأكلهْ وقال آخر: ولم أرَ ظلماً مثل ظلمٍ ينالنا ... يُساءُ إلينا ثمَّ نُلزمُ بالشكرِ وقال آخر: فإنْ أكُ قد بردتُ به غليلي ... فلم أقطع به إلاَّ بناني وقال آخر: فإنْ تغمزْ مفاصلنا تجدها ... غلاظاً في أنامل من يصولُ وقال آخر: فإني أرى في عينك الجذع معرضاً ... وتعجبُ إن أبصرتَ في عيني القذى وقال أبو العتاهية: ما فاتني خبرُ امرئٍ حملت ... عني يداهُ مؤونةَ الشكرِ وقال سيف الدولة في أخيه ناصر الدولة: رضيتك للعليا وقد كنتُ أهلها ... وقلتُ لهم بيني وبين أخي فرْقُ وما كان لي عنها فلولٌ وإنَّما ... تجافيتُ عن حقي فتمَّ لك الحقُّ فلم لستَ ترضى أن أكون مصلّياً ... إذا كنتُ أرضى أن يكون لك السبقُ وقال عليّ بن الرومي: ومن الجور أن تُحاذي يدٌ ... بيضاءُ من مخلصٍ يداً سوداءَ وقال سلم الخاسر: لقد أتتني عن المهديّ معتبةٌ ... تظلُّ من خوفها الأحشاءُ تضطربُ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 179 كيف الفرارُ ولم أبلغْ رضى ملكٍ ... تبدو المنايا بعينيهِ وتحتجبُ وأنتَ كالدهرِ مبثوثاً حبائلهُ ... والدهرُ لا ملجأٌ منه ولا هربُ فلو ملكتُ عنانَ الربح أصرفهُ ... في كلِّ ناحيةٍ ما فاتك الطلبُ وقال آخر: أحين أرغمتَ حسَّادي وساءهمُ ... جميلُ فعلك بي أشمتَّ حسادي فإن تكنْ زلةٌ أو هفوةٌ بدرَتْ ... فأنتَ أولى بتقويمي وإرشادي وقال آخر: أمستوحشٌ أنت مما أسأتَ ... فأحسِن إذا شئتَ واستأنس وقال آخر: صحبتُك إذ عيني عليها غشاوةٌ ... فلمَّا انجلتْ قطَّعتُ نفسي ألومها وقال البحتري: ولا بدَّ من واشٍ يتاحُ على النوى ... وقد يجلب الشيءَ البعيد جوالبُه وقال آخر: أراكمْ تنظرون إليَّ شزراً ... كما نظرتْ إلى الشَّيبِ الملاحُ وقال آخر: يا من لهُ رتبٌ ممك ... نةُ القواعدِ في الفؤادِ أيجوزُ أخذُ الماء من ... متلهبِ الأحشاءِ صادي وقال آخر: تسيءُ بي حين لا أجزيك سيئةً ... والعودُ يجزيك تدخيناً بإحراقِ وقال آخر: تريد أن تعلم يا صاحبي ... ما لك في قلبي من الواجبِ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 180 انظرْ إلى فعلك لي أولاً ... وقس على الشاهدِ بالغائبِ وقال كثيّر عزة: قضى كلُّ ذي دينٍ فوفَّى غريمهُ ... وعزَّةُ ممطولٌ معنًّى غريمها وقال آخر: تودُّ عدوّي ثمَّ تحسب أنَّني ... أودُّك إن الرأيَ منك لعازبُ وقال آخر: تلونتَ حتَّى لستُ أدري من العمى ... أريحُ جنوب أنتَ أم ريح عاصفِ وقال آخر: تجمعتمُ من كلّ شعبٍ ووجهةٍ ... على واحدٍ لا زلتمُ قِرن واحدِ وقال آخر: ثناه العدى غني فأصبح معرضاً ... وأوهمهُ الواشون حتَّى توهَّما وقال آخر: خانَ الزَّمانُ فأعددتُ الكرام لهُ ... فمن أعدُّ إذا ما خانت العددُ وقال آخر: وكنتُ أرى أن التجارب عُدةٌ ... فخانتْ ثقاة النَّاس حتَّى التجاربُ وقال أبو الفضل محمد بن الحسين بن العميد: وسألتك العتبى فلم ترني لها ... أهلا وجئت بعِذرةٍ شوهاءِ وردتْ مموَّهةً فلم يرفعْ لها ... طرفٌ ولم ترزقْ من الإصغاءِ فأعار منطقُها النديم شكيةً ... فتراجعت تمشي على استحياءِ لم تشف منْ كمدٍ ولم تبردْ على ... كبدٍ ولم تمسح جوانبَ داءِ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 181 داوتْ جوًى بجوي وليس بحازم ... من يستكفُّ النار بالحلفاءِ وقال آخر: ستذكرني إذا جرَّبتَ غيري ... وتعلمُ أنَّني لك كنتُ كنزا بذلت لك الصفاء بكلِّ جهدي ... ولنتُ لما هويتَ فصرتُ خزَّا وهنتُ لما عززتَ ولست ممَّن ... يهون إذا أخوهُ عليهِ عزَّا ولمْ تتركْ إلى صلحٍ مجازاً ... ولا فيهِ لمطلبٍ مهزَّا ستنكثُ نادماً في الأرض منِّي ... وتعلم أن رأيك كانَ عجزَا وقال منصور الفقيه: ماذا أُؤمل بعد آلِ محرقٍ ... تركوا منازلهم وبعد أيادِ أرضٌ تخيَّرها لطيب مقيلها ... كعبُ بن مامة وابن أمّ دُآدِ جرت الرِّياحُ على محلّ ديارهم ... فكأنَّهم كانوا على ميعادِ وقال آخر: وكلّ حصنٍ وإن طالت سلامتهُ ... على دعائمه لا بدَّ مهدومُ ومن تعرَّضَ للغربانِ يزْجرها ... على سلامته لا بدَّ مشؤومُ وقال عنترة العبسي: نبئت عمراً غير شاكر نعمتي ... والكفر مخبثةٌ لنفسِ المنعمِ وقال آخر: إذا أُلزمَ النَّاسُ البيوتَ وجدتهمْ ... عُماةً من الأحياءِ خُرقَ المكاسبِ وقال آخر: الجزء: 1 ¦ الصفحة: 182 وأنت إذا أعطيتَ بطنكَ سؤلهُ ... وفرجكَ نالا منتهى الذَّمِّ أجمعا وقال آخر: لا تغضبنَّ على امرئٍ في مالهِ ... وعلى كرائم صلبِ مالك فاغضبِ وقال طفيل الغنوي: إنَّ النساءَ كأشجارٍ نبتنَ لنا ... منهنَّ مرٌّ وبعض المرّ مأكولُ إنَّ النساءَ إذا ينهينَ عن خلقٍ ... فإنَّه واجبٌ لا بدَّ مفعولُ وقال عروة بن الورد: لتبلغَ عذراً أو تصيبَ منيةً ... ومُبلغُ نفسٍ عذرَها مثل مُنجحِ وقال الأعشى الأكبر واسمه ميمون: ألستَ منتهياً عن نحت أثْلتنا ... ولستَ ضائرها ما أطَّت الإبلَ كناطحٍ صخرةً يوماً ليفلقَها ... فلم يضرها وأوهى قرنهُ الوعلُ وقال آخر: فإن كنتُ مأكولاً فكنْ خير آكلٍ ... وإلاّ فأدركني وإلاّ أُمزَّقُ وقال آخر: اكذبْ النفسَ إذا حدثتَها ... إنَّ صدقَ النفس يُزري بالأملْ وقال آخر: وما المالُ والأهلونَ إلاَّ وديعةً ... ولا بدَّ يوماً أن تردَّ الودائعُ وقال النابغة: الجزء: 1 ¦ الصفحة: 183 ولا خيرَ في حلمٍ إذا لم يكنْ لهُ ... حكيمٌ إذا ما أوردَ الأمرَ أصدرا وقال آخر: كليبٌ لعمري كانَ أكثرَ ناصراً ... وأيسرَ جرماً يومَ ضرّج بالدمِ وقال آخر: وإن امرءاً نالَ الغنى ثمَّ لم ينلْ ... صديقاً ولا ذا حاجةٍ لزهيدُ وإن امرءاً عادى أناساً على الغنى ... ولمْ يسألِ اللهَ الغنى لحسودُ وقال الحطيئة: من يفعلِ الخيرَ لا يعدمْ جوائزه ... لا يذهبُ العُرف عند الله والناسِ دع المكارمَ لا ترحلْ لبغيتها ... واقعدْ فإنَّكَ أنتَ الطاعمُ الكاسي وقال آخر: أيا فرجاً من عند ربٍّ مفرّجٍ ... أما لكَ في الدُّنيا عليَّ طريقُ وقال آخر: وكنتُ إذا خاصمتُ خصماً كببتُه ... على الوجه حتَّى خاصمتني الدراهمُ فلما تنازعنا الخصومةَ غُلّبتْ ... عليَّ وقالوا قمْ فإنك ظالمُ وقال أبو الحسن محمد بن لنكك البصري: زمانٌ رأينا فيه كلَّ العجائبِ ... وأصبحت الأذنابُ فوقَ الذوائبِ لوْ انَّ على الأفلاك ما في قلوبنا ... تهافتت الأفلاكُ من كلّ جانبِ وقال أيضاً: يا زماناً ألبسَ ال ... أحرارَ ذلاًّ ومهانهْ لستَ عندي بزمانٍ ... إنَّما أنتَ زَمانهْ وقال آخر: الجزء: 1 ¦ الصفحة: 184 يا محنةَ الدهرِ كفّي ... إن لم تكفي فعفِّي ما آن أن ترحمينا ... من طولِ هذا التشفِّي ثورٌ ينالُ الثريَّا ... وعالمٌ متخفِّي خرجت أطلب بختي ... فقيل لي قد تُوفِّي وقال الشريف الرضي الموسوي: تأبى الليالي أن تُديما ... بؤساً لخلقٍ أو نعيما والمرء بالإقبال يب ... لغُ وادعاً حظّاً جسيما فإذا مضى إقبالهُ ... رجعَ الشَّفيعُ له خصيما وهو الزَّمان إذا نبا ... سلبَ الذي أعطى قديما كالريح ترجع عاصفاً ... من بعدِ ما بدأتْ نسيما وقال السري الرفاء: تبلَّد هذا الدهرُ فيما نرومهُ ... على أنَّه فيما يحاولهُ ندبُ فسير الذي نرجوه سيرٌ مقيدٌ ... وسير الذي ترجو غوائله وثْبُ وقال آخر: بقيَّة نعمةٍ لم يبقَ منها ... سوى غيظٍ على الدُّنيا وجيعِ وقال آخر: وجعُ المفاصلِ وهو أي ... سرُ ما لقيتُ من الأذى جعلَ الذي استحسنتهُ ... والناسُ من حظّي كذا والعمرُ مثلُ الكأس ير ... سبُ في أواخرها القذى وقال السري الرفاء: الجزء: 1 ¦ الصفحة: 185 دهرٌ ترفق بي فواقاً صرفهُ ... وسطا عليَّ فكان غير رفيقِ وقال أبو القاسم غانم بن أبي العلاء الأصفهاني في الصاحب: فإن قيلَ لي عذراً فوالله ما أرى ... لمن ملك الدُّنيا إذا لمْ يجُدْ عُذرا وقال آخر: ضحكتُ لا من سرورٍ عند فعلك بي ... وربَّما ضحكَ المكروبُ من عجبِ وقال آخر: ما احتيالُ الفتى إذا لم تدُلهُ ... دولةُ الدهرِ بلْ عليهِ تدولُ كلّما رامَ نهضةً أقعدتهُ ... نائباتٌ من الزَّمان فعولُ وقال أبو الحسن علي بن الحسن اللحام الحراني: أنا من وجوهِ النحوِ فيكم أفعلُ ... ومن اللغات إذا تعدُّ المهملُ حالٌ ترشفت الليالي ماءها ... وتحملٌ لم يبق فيه تجملُ هذا وإن أقفلتَ بابَ مطامعي ... دوني فما لله بابٌ مقفلُ وقال علي بن الرومي: ألا إن في الدُّنيا عجائب جمة ... وأعجبها أن لا يشيبَ وليدُها إذا ذلَّ في الدُّنيا الأعزاءُ واكتستْ ... أذلَّتها عزّاً وسادَ مسودُها هناكَ فلا جادتْ سماءٌ بضوئها ... ولا زعزعت أرضٌ ولا اخضرَّ عودُها أرى النَّاس مخسوفاً بهم غير أنَّهم ... على الأرضِ لم يُقلبْ عليهم صعيدُها وما الخسف أن تلقى أسافلَ بلدةٍ ... أعاليها بل أنْ يسودَ عبيدُها سأنصبُ للأيَّام فيك عداوةً ... ولمْ لا أعاديها وأنتَ سعيدُها الجزء: 1 ¦ الصفحة: 186 وقال السري الرفاء: نحنُ أغراض خطوبٍ إن رمت ... حيرت في دقَّة الرَّميِ ثُعلْ وإذا ما اختلفت أسهمها ... وأصابتْ بطلَ القوم بطلْ وقال أيضاً: لنا من الدهرِ خصمٌ لا نغالبهُ ... فما على الدهرِ لو كفت نوائبهُ وقال آخر: صُيّرتُ أضيعَ من لحمٍ على وضمِ ... وعدتُ أعجزَ من دَلوٍ بلا وذَمِ وقال آخر: وإنَّ حياءَ المرءِ ترخص قدرهُ ... فإنْ ماتَ أغلته المنايا الطوائحُ كما يُخلقُ الثوبَ الجديد ابتذالهُ ... كذا يخلق المرءَ العيونُ الطوامحُ وقال آخر: لا تأمنوا من بعد خيرٍ شرَّا ... كمْ غصنٍ أخضر صار جمرا وقال آخر: ويا ربَّ ألسنةٍ كالسيو ... ف تقطعُ أعناقَ أربابها وكم دهي المرءُ من نفسهِ ... فلا تؤكلنَّ بأنيابها وإن فرصةٌ أمكنت في العدوّ ... فلا تبدَ فعلك إلاَّ بها وإن لم تلجْ بابها مسرعاً ... أتاكَ عدوُّك من بابها وقال أبو الطيب الطاهري: الجزء: 1 ¦ الصفحة: 187 خليليَّ لو أنَّ همَّ النفو ... س دامَ عليها ثلاثاً قتلْ ولكن شيئاً يسمَّى السرو ... رَ قديماً سمعنا به ما فعلْ وقال منصور الفقيه: وإن صلاحَ المرءِ يرجعُ كلُّه ... فساداً إذا ما جاز يوماً به الحدَّا وقال آخر: الملحُ يُصلح كلما ... يخشى عليهِ من الفسادِ فإذا الفسادُ جرى علي ... هـ فحكمه حكمُ الرمادِ وقال آخر: أرى الأعيادَ تتركني وتمضي ... وأحسبني سأتركها وأمضي وما كذبَ الذي قدْ قالَ قبلي ... إذا ما مرَّ يومٌ مرَّ بعضي وقال آخر: فلا تحقرنَّ عدوّاً رما ... كَ وإن كانَ في ساعديه قصَرْ فإنَّ السيوفَ تخرُّ الرقا ... بَ وتعجزُ عمَّا تنالُ الإبرْ وقال آخر: مثلاً جعلتُ على الزَّمان رداءهُ ... عوْدُ الدراهمِ آفةُ الأجوادِ وقال آخر: وبعضهمُ يكونُ أبوهُ منه ... مكانَ النَّارِ يخلفها رمادُ وقال آخر: لا ترجُ شيئاً خالصاً نفعه ... فالغيثُ لا يخلو من العيبِ وقال آخر: الجزء: 1 ¦ الصفحة: 188 ولمْ أرَ مثل الشكر جنَّةَ غارسٍ ... ولا مثلَ حسن الصبر جُنَّةَ لابسِ وقال آخر: ظلُّ الفتى ينفعُ من حوله ... وما له في ظلّه حظُّ وقال آخر: على أنَّني أُطري الحسامَ إذا مضى ... وإن كانَ يومَ الروعِ غيريَ حاملهْ وآسي على جيجان إن غاضَ ماؤهُ ... وإن كانَ ذوداً غير ذودي ناهلهْ وقال آخر: تلكَ بناتُ المخاض راتعةٌ ... والعوْدُ في كورهِ وفي قَتَبهْ وقال آخر: إنِّي وإن كانَ جمعُ المالِ يعجبُني ... لا يعدلُ المالُ عندي صحَّةَ الجسدِ في المالِ زينٌ وفي الأولادِ مكرمةٌ ... والسقمُ يُنسيك ذكرَ المالِ والولدِ وقال آخر: وإنَّ بقاءَ المرءِ بعد عدوّهِ ... ولو ساعةً من عمرهِ لكثيرُ وقال آخر: ألمْ ترَ أنَّ سيرَ الخيرِ رَيثٌ ... وأنَّ الشرَّ صاحبهُ يطيرُ وقال آخر: إذا أبطأ الرَّسولُ فرجِّ خيراً ... ففي إبطائهِ أثرُ النجاحِ وقال آخر: الجزء: 1 ¦ الصفحة: 189 وإنَّ كلامَ المرءِ في غير وقتهِ ... لكالنَّبْلِ تهوي ليس فيها نصالُها وقال آخر: إن العدوَّ وإن أبدى مسالمةً ... إذا رأى منكَ يوماً فرصةً وثبا على الذي كانَ يبغيها ويأملها ... وكانَ منك لها بالأمسِ مرتقبا وقال آخر: انصبْ نهاراً في طِلابِ العُلا ... واصبرْ على فقدِ لقاءِ الحبيبْ حتَّى إذا الليلُ بدا مقبلاً ... واكْتحلتْ بالغمضِ عينُ الرقيبْ فقابلِ الليلَ بما تشتهي ... فإنَّما الليلُ نهارُ الأديبْ كمْ من فتًى تحسبهُ ناسكاً ... يستقبلُ الليل بأمرٍ عجيبْ غطَّى عليه الليلُ أستارَهُ ... فباتَ في لهوٍ وعيشٍ خصيبْ ولذَّةُ الأحمقِ مكشوفةٌ ... يسعى إليها كلُّ واشٍ رقيبْ وقال آخر: لا تلقَ إلاَّ بليلٍ مَن تواصلُه ... فالشَّمسُ نمَّامةٌ والليلُ قوَّادُ وقال آخر: كيفَ احْتراسي من عدوِّي إذا ... كانَ عدوِّي بينَ أضلاعي وقال آخر: كنتُ مثلَ الكتابِ أخفاهُ طيٌّ ... فاستدلُّوا عليهِ بالعنوانِ وقال آخر: إنَّ الحداثةَ لا تقصّ ... ر بالفتى المرزوقِ ذهنا لكنْ تذكّي عقلهُ ... فيفوق أكبرَ منهُ سنَّا وقال آخر: الجزء: 1 ¦ الصفحة: 190 تفرَّقت الظباءُ على خداشٍ ... فما يدري خداشٌ ما يصيدُ وقال آخر: ربَّ أمرٍ سرَّ آخرهُ ... بعدَما ساءتْ أوائلهُ وقال آخر: ربَّما تجزعُ النفوسُ من الأ ... مر له فرجةٌ كحلِّ العقالِ وقال أحمد بن أبي فنن: سأكتمُ حاجاتي من الناسِ كلهمِ ... ولكنَّها للهِ تبدو وتظهرُ لمنْ لا يردُّ السَّائلينَ بخيبةٍ ... ويدنو منَ الدَّاعي فيعطي فيكثرُ وقال آخر: شرُّ المواهبِ ما تجودُ بهِ ... في غير محمدةٍ ولا أجرِ وقال آخر: ضيَّعَ ممَّا نالَ ما يرتجي ... والنَّارُ قد يخمدُها النافخُ وقال آخر: قدْ تخرجُ الدُّرّتانِ من صدَفهْ ... والدهرُ يختارهُ الذي عرَفهْ وقال آخر: تعدو الذِّئابُ على من لا كلابَ لهُ ... وتتَّقي صولةَ المستأسدِ الحامي وقال عبد الله بن المعتز: من كانَ ذا عضدٍ يدركْ ظلامتهُ ... إنَّ الذَّليلَ الذي ليست له عضدُ وقال آخر: وما كلُّ ذي نصحٍ بمؤتيكَ نُصحهُ ... وما كلُّ مؤتٍ نصحهُ بلبيبِ وقال آخر: أرى خِللَ الرَّمادِ وميضَ نارٍ ... ويوشكُ أن يكون لها ضِرامُ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 191 وإنَّ النَّارَ بالعوديْن تُذكى ... وإنَّ الحربَ يقدمُها الكلامُ وقال آخر: من حبسَ الأموالَ عن حقّها ... أذهبها اللهُ بلا حقِّ وقال آخر: سكرتٌ خمسٌ إذا مُنيَ المرْ ... ءُ بها صارَ حلبةً للزَّمانِ سكرةُ المالِ والحداثةِ وال ... عشق وسكرُ الشَّرابِ والسُّلطانِ وقال آخر: تخيَّر إذا ما كنت في الأمرِ مرسلاً ... فمبلغُ آراءِ الرجال رسولُها وروِّ وفكِّرْ في الكتابِ فإنَّما ... بأطرافِ أقلامِ الرجال عقولها وقال آخر: ولا تتَّكلْ إلاَّ على ما فعلته ... ولا تحسبنَّ المجد ورثُ بالنسبْ فليسَ يسودُ المرءُ إلاَّ بنفسهِ ... وإن عدَّ آباءً كراماً ذوي حسبْ إذا الغصنُ لم يثمر وإن كانَ شعبةً ... من المثمرات اعتدَّه الناسُ في الحطبْ وقال آخر: طارَ قومٌ بخفَّة الوزن حتَّى ... أُلحقوا خفَّةً بغاب العُقابِ ورسا الرَّاجحون من جلَّة النَّا ... سِ رسوَّ الجبال ذات الهضابِ هكذا الصَّخرُ راجح الوزن راسٍ ... وكذا الذرُّ سائل الوزن هابي جيفٌ أنبتت فأضحت على الل ... جِّ والذي تحتها في حجابِ وغُثأ علا عباباً من اليمّ ... وغاضَ المرجان تحت العُبابِ وقال آخر: تحسبه مستمعاً منصتاً ... وقلبه في أُمَّةٍ أُخرى الجزء: 1 ¦ الصفحة: 192 وقال آخر: إنَّ الفتى منْ يقولُ ها أنا ذا ... ليس الفتى من يقولُ كانَ أبي وقال آخر: أيا جامع المالِ وفَّرتهُ ... لغيرك إذ لم تكن خالدا فإن قلتَ اجمعه للبنينَ ... فقد يسبقُ الولدُ الوالدا وإن قلت أخشى صروف الزما ... ن فكن من تصاريفه واحدا وقال أبو ذؤيب الهذليّ: وتجلُّدي للشامتين أُريهمُ ... أنِّي لريب الدهرِ لا أتضعضعُ وإذا المنية أنشبت أظفارَها ... ألفيتَ كل تميمةٍ لا تنفعُ وقال آخر: إذا لم تستطع شيئاً فدعهُ ... وجاوزهُ إلى ما تستطيعُ وقال آخر: وما الدهرُ والأيامُ إلاَّ كما ترى ... رزيَّةُ دهرٍ أو فراقُ حبيبِ وقال آخر: أمورٌ لو تدبَّرها حكيمٌ ... إذاً لنهى وحذَّر ما استطاعا ومعصيةُ الشفيقِ عليك مما ... تزيدك مرَّةً منه استماعا وقال الكميت بن زيد الأسديّ: فيا موقداً ناراً لغيرك ضؤها ... ويا حاطباً في حبل غيرك تحطبُ وقال آخر: إذا لم يكن إلاَّ الأسنَّة مركبٌ ... فلا رأيَ للمضطرِّ إلاَّ ركوبها وقال آخر: شقيتْ بنو أسدٍ بشعر مُساورٍ ... إنَّ الشقيَّ بكلِّ حبلٍ يُخنقُ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 193 وقال آخر: يا بيتَ عاتكةَ التي أتغزَّلُ ... حذر العدى وبه الفؤادُ موكَّلُ إنِّي لأمنحكَ الصدودَ وإنني ... قسماً إليك مع الصدودِ لأمْيلُ وقال آخر: كم صاحبٍ عاديتهُ في صاحبٍ ... فتصالحا وبقيتَ في الأعداءِ وقال آخر: كما أنَّ ماءَ المزنِ ما ذيق سائغٌ ... زلالٌ وماءُ البحرِ يلفظهُ الفمُ وما ربح العادي على النَّاس عادياً ... وما خاب مظلومٌ عفا حين يظلمُ وقال آخر: لا تجُدْ بالعطاءِ في غير حقٍّ ... ليس في منع غير ذي الحقّ بخلُ إنَّما الجودُ أن تجودَ على مَن ... هو للجودِ والندى منك أهلُ وقال آخر: يشقى أُناسٌ ويشقى آخرون بهمْ ... ويُسعدُ اللهُ أقواماً بأقوامِ وليسَ رزقُ الفتى من حسن حيلته ... لكن جدودٌ بأرزاقٍ وأقسامِ كالصيدِ يجرحه الرَّامي المجيد وقدْ ... يرمي فيرزقه من ليسَ بالرَّامي وقال آخر: إن كانَ يجزى بالخير فاعله ... شرّاً ويجزى المسيءُ بالحسنِ فويلُ تاليِ القرآن في ظلَ ... مِ الليلِ وطوبى لعابدِ الوثنِ وقال آخر: وحسنُ الظن عجزٌ في أمورٍ ... وسوءُ الظنِّ أخذٌ بالوثيقِ وقال آخر: الجزء: 1 ¦ الصفحة: 194 إذا شئتَ أن تحيا غنيّاً فلا تكنْ ... على حالةٍ إلاَّ رضيتَ بدونها وقال آخر: لا تنطقنَّ بحادثٍ فلربَّما ... نطقَ اللسانُ بحادثٍ فيكونُ وقال آخر: ما يمنعُ الناسُ شيئاً حين أطلبهُ ... إلاَّ أرى الله يكفي فقدَ ما منعوا وقال آخر: إيَّاك أن تحقر الرجال فما ... تُدركُ ماذا يكنُّه الصدفُ وقال آخر: وما هي إلاَّ ليلةٌ بعد ليلةٍ ... وحولٌ إلى حولٍ وشهرٌ إلى شهرِ مطايا يقربنَ الجديد إلى البلا ... ويُدنينَ أشلاءَ الكريمِ من الفقرِ ويتركنَ أزواجَ الغيور لغيرهِ ... ويقسمن ما يحوي الشَّحيح من الوفرِ وقال آخر: فلا تمنحنَّ الرَّأي من ليسَ أهلهُ ... فلا أنت محمودٌ ولا الرَّأي نافعهْ وقال آخر: ومن يتبذَّلْ غيبة النَّاس لم يزلْ ... يرى حاجةً ممنوعةً لا ينالها وقال آخر: ولا ترَ للرجال عليك حقّاً ... إذا هم لم يرَوْا لك مثل ذاكا وقال آخر: إذا أنتَ عبتَ الأمر ثمَّ أتيتهُ ... فأنتَ ومن يُزري عليه سواءُ إذا حدَّثتك النفس أنك قادرٌ ... على ما حوتْ أيدي الرجال فكذِّبِ وقال آخر: الجزء: 1 ¦ الصفحة: 195 ألا ربَّما كانَ الرَّفيقُ مضرَّةً ... عليك من الإشفاقِ وهو ودودُ وقال آخر: إذا ما قضيتَ الدَّين بالدَّين لم يكنْ ... قضاءً ولكن كانَ غرْماً على غرمِ وقال آخر: وما أنا في حالةٍ ترتجى ... ولكن دماً بدمٍ أغسلُ وقال آخر: إن العفيفَ إذا استعانَ بخائنٍ ... كانَ العفيفُ شريكهُ في المأثمِ وقال آخر: وما هي إلاَّ شبعةٌ بعد جوعةٍ ... وكلّ طعامٍ بين جنبيك واحدُ وقال آخر: تُنافس في طيبِ الطعام وكلُّه ... سواءٌ إذا ما جاوزَ اللهواتِ وقال آخر: ولستُ أُبالي من زماني بريبةٍ ... إذا كنتُ عندَ الله غيرَ مريبِ وقال آخر: ولمَّا التقينا لجلجتْ في حديثها ... ومن آيةِ الشرِّ الحديثُ الملجلجُ وقال آخر: ومنْ لم يتقِ الضحضاحَ زلَّتْ ... بهِ قدماهُ في البحرِ العميقِ وقال آخر: كالحوت لا يرويه شيءٌ تلهمُهْ ... يصبح ظمآناً وفي البحر فمهْ وقال آخر: الجزء: 1 ¦ الصفحة: 196 وكذاكَ القلوبُ في كلِّ بؤسٍ ... ونعيمٍ طلائعُ الأجسادِ وقال آخر: وإنَّ صريحَ الحزم والعزم لامرئٍ ... إذا بلغته الشمسُ أن يتحوَّلا وقال أبو تمام الطائي: وطولُ مُقام المرءِ في الحيِّ مخلقٌ ... لديباجتيهِ فاغتربْ تتجدّدِ فإنِّي رأيتُ الشَّمس زيدت محبَّةً ... إلى النَّاس أن ليست عليهم بسرمدِ وقال آخر: ليس في الدُّنيا لمن آ ... منَ بالبعثِ سرورُ إنَّما يفرحُ بالدن ... يا جهولٌ وكفورُ وقال منصور الفقيه المصري: قد قلت إذ مدحوا الحياة وأسرفوا ... في الموتِ ألفُ فضيلةٍ لا تعرفُ منها أمانُ لقائه بلقائهِ ... وفراقُ كلّ معاشر لا ينصفُ وقال أيضاً: قال فلانٌ ما فعلْ ... قلت أبوه ما فعلْ فكان في سؤالهِ ... جوابهُ عمَّا سألْ وقال أيضاً: لي حيلةٌ فيمن ين ... مُّ وليس في الكذَّاب حيلهْ من كانَ يخلق ما يقو ... لُ فحيلتي فيه قليلهْ وقال آخر: نعم المعين على احتيا ... لك أيُّها الرَّجل الجهولُ علمي بأنَّك عالمٌ ... ومسائل عمَّا أقولُ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 197 وقال آخر: إنَّ الأمير هو الذي ... يضحي أميراً بعد عزلهْ إنْ زالَ سلطان الولا ... يةِ كانَ في سلطانِ فضلهْ وقال منصور الفقيه المصري: النَّاس بحرٌ عميقٌ ... والبعد عنهم سفينهْ إنِّي نصحتك فانظرْ ... لنفسكَ المسكينهْ وقال أيضاً: بنو آدم كالنَّبت ... ونبتُ الأرض ألوانُ فمنهم شجرُ الصند ... لِ والكافورُ والبانُ ومنهم شجر أفض ... ل ما يخرجُ قطرانُ وقال عبد الله بن المعتز: قد عضَّني نابُ النوائبْ ... ورأيتُ آمالي كواذبْ والمرء يعشق لذَّة الدُّ ... نيا فتعقرُهُ المصائبْ وإذا تفرَّق درُّها ... زبنتْه حين يلذ شاربْ وقال علي بن الرومي: إذا ما قصدتَ الأمرَ أولَ قصدةٍ ... ولم تتلها أُخرى فما حصحصَ القصدُ وقال آخر: شعارُ الفتى ذمُّ الزَّمانِ الذي أتى ... ومن شأنه حمدُ الزَّمان الذي مضى وقال آخر: وقد يكهم السيفُ المسمى منيةً ... وقد يرجع المرءُ المظفَّرُ خائبا الجزء: 1 ¦ الصفحة: 198 وقال آخر: إنَّ الزَّمان إذا تتابع خطوُه ... سبق الطلوبُ وأُدرك المطلوبُ وقال آخر: وكم من عائب قولاً صحيحاً ... وآفتهُ من الذهن السَّقيمِ ولكنْ تأخذ الآذانُ منه ... على قدر القرائح والفهومِ وقال أبو الطيب المتنبي: إنَّما تنجح المقالةُ في المر ... ءِ إذا صادفتْ هوًى في الفؤادِ وإذا الحلم لم يكنْ في طباعٍ ... لم يُحلّم تقدُّمُ الميلادِ وقال أيضاً: كلما أنبت الزمانُ قناةً ... ركَّب المرءُ في القناةِ سنانا وقال أيضاً: إذا أتتِ الإساءةُ من وضيعٍ ... ولم ألمُ المسيءَ فمن ألومُ وقال آخر: وما المرءُ إلاَّ حيثُ يجعلُ نفسه ... ففي صالحِ الأخلاق نفسك فاجعلِ وقال آخر: وحسنُ دراريِّ الكواكبِ أن تُرى ... طوالعَ في داجٍ من الليلِ غيهبِ وقال أبو الطيب المتنبي: وقيدتُ نفسي في ذراك محبَّةً ... ومن وجد الإحسان قيداً تقيَّدا وقال آخر: وقالوا يعودُ الماءُ في النهر بعدما ... امَّحتْ منه آثارٌ وجفَّتْ مشارعهْ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 199 فقلتُ إلى أن يرجع الماءُ جارياً ... وتعشبُ شطَّاهُ تموتُ ضفاضعهْ وقال آخر: أقولُ وسترُ الدُّجى مسبلٌ ... كما قالَ حينَ شكا الضفدعُ كلاميَ إن قلتهُ ضائري ... وفي الصَّمتِ حتفي فما أصنعُ وقال آخر: وماذا أُرجِّي من حياةٍ ذميمةٍ ... مقسَّمةٍ بين النَّوى والنَّوائبِ وقال آخر: ولا خيرَ في الشَّكوى إلى غير مسعدٍ ... ولا بدَّ من شكوى إذا لم يكنْ صبرُ وقال آخر: وكانَ الصديقُ يزور الصدي ... قَ لشربِ المُدامِ وعزفِ القيانِ فصارَ الصديقُ يزور الصدي ... قَ لبثِّ الهموم وشكوى الزمانِ وقال آخر: وكنتُ كبازي الجوِّ قُصَّ جناحهُ ... يرى حسراتٍ كلّما طارَ طائرُ وقال أبو نواس الحكمي: ولقد أراني والأسودُ تخافني ... فأخافني من بعد ذلك ثعلبُ وقال آخر: ما للعبيد من الذي ... يقضي به الله امتناعُ ذُدت الأسود عن الفرا ... ئس ثمَّ تفرسني الضّباعُ وقال آخر: يسعى الفتى في صلاح العيش مجتهداً ... والدهرُ ما عاشَ في إفسادهِ ساعي وقال آخر: فقلْ للشَّامتينَ بنا أفيقوا ... أمامكمُ النَّوائبُ والخطوبُ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 200 هو الدهرُ الذي لا بدَّ يوماً ... يكونُ إليكمُ فيهِ ذنوبُ وقال أبو الطيب المتنبي: أُهمُّ بشيءٍ والليالي كأنَّما ... تطاردُني عن كونه وأطاردُ وحيدٌ من الخلانِ في كلِّ بلدةٍ ... إذا عظمَ المطلوبُ قلَّ المساعدُ وقال آخر: إذا ما الدَّهرُ جرَّ على أناسٍ ... كلاكلهُ أناخَ بآخرينا فقلْ للشامتينَ بنا أفيقوا ... سيلقى الشامتونَ كما لقينا وقال آخر: كأنَّ الدهرَ من صبري مغيظٌ ... فليس تغُبُّني منهُ الخطوبُ يحاولُ أنْ تلينَ لهُ قناتي ... ويأبى ذلك العودُ الصَّليبُ وقال آخر: قلْ لمنْ أنكرَ حالاً مُنكرهْ ... ورأى من دهرهِ ما حيَّرهْ ليسَ بالمنكرِ ما أنكرتهُ ... كلُّ من عاشَ يرى ما لم يرَهْ وقال علي بن الرومي: سكنَ الزَّمانُ وتحتَ سكْنتهِ ... دفعٌ من الحركاتِ والبطشِ كالأُفعوانِ تراهُ مُنبطحاً ... في الأرضِ ثمَّ يسيرُ للنهشِ وقال آخر: رُبَّ يومٍ بكيتُ فيه فلمَّا ... صرتُ في غيرهِ بكيتُ عليه وقال أبو الطيب المتنبي: إنَّا لفي زمنٍ تركُ القبيحِ بهِ ... من أكثرِ الناسِ إحسانٌ وإجمالُ وقال آخر: الجزء: 1 ¦ الصفحة: 201 جارَ الزَّمانُ علينا في تصرُّفه ... وأيُّ دهرٍ على الأحرارِ لم يجُرِ عندي من الدَّهرِ ما لو أنَّ أيسرهُ ... يُلقى على الفلكِ الدَّوَّارِ لم يدُرِ وقال آخر: عُدْ بنا في زماننا ... عن حديثِ المكارمِ مَن كفى النَّاس شرَّه ... فهو في جودِ حاتمِ وقال آخر: نحنُ واللهِ في زمانٍ غشومٍ ... لو رأيناهُ في المنامِ فزعنا أصبحَ النَّاسُ فيهِ من سوءِ حالٍ ... حقُّ من ماتَ منهمُ أن يُهنَّا وقال آخر: هذا الزَّمانُ الذي كنَّا نحذّرهُ ... ممَّا رواهُ سعيدٌ وابنَ مسعودِ إن دامَ هذا ولمْ تحدثْ لهُ غيَرٌ ... لم يُبكَ ميتٌ ولم يُفرحْ لمولودِ وقال آخر: الصبرُ محمودٌ إلى غايةٍ ... فبيّن الغايةَ حتَّى متى وقال آخر: يرتدُّ عنهُ قريحاً من يُسالمهُ ... فكيفَ يسلمُ منهُ من يُحاربهُ ولو أمِنتُ الذي تجنى أراقمهُ ... عليَّ هانَ الذي تجنى عقاربهُ وقال آخر: طوارق خطبٍ ما تغبُّ وفودها ... وأحداثُ أيامٍ تقدُّ وتُيْتمُ فما عرَّفتني غير ما أنا عارفٌ ... ولا علَّمتني غير ما أنا عالمُ وقال آخر: تصفَّحتُ أحوالَ الزَّمانِ فلم يكنْ ... إلى غير شاكٍ للزَّمانِ وصولُ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 202 أكلُّ خليلٍ هكذا غيرُ منصفٍ ... وكلُّ زمانٍ بالكرامِ بخيلُ وقال آخر: مالي وللدَّهر وأحداثهِ ... لقد رماني بالأعاجيبِ وقال آخر: رأيتُ الدَّهرَ يرفع كلَّ وغدٍ ... ويخفض كلَّ ذي شيمٍ شريفهْ كمثلِ البحر يغرقَ فيهِ حيٌّ ... ولا ينفكُّ تطفو فيهِ جيفهْ أو الميزانِ يخفضُ كلَّ وافٍ ... ويرفعُ كلَّ ذي زنَةٍ خفيفهْ وقال آخر: إلى الله أشكو غمَّةً لا صباحها ... ينيرُ ولا تنجابُ عنِّي لجانبِ كمثل الشَّجي في الحلقِ لا هو سائغٌ ... ولا هو ملفوظٌ كذا كلُّ ناشبِ وقال أبو فراس الحمداني: وصرتُ إذا ما رمتُ في الحين لذَّةً ... تتبعتها بين الهمومِ تتبُّعا فلو أنَّني مُكِّنتُ ممَّا أُريدهُ ... من العيشِ يوماً لم أجدْ فيه موضعا أبى غربُ هذا الدَّهرِ إلاَّ تسرُّعاً ... ومكنونُ هذا الحبِّ إلاَّ تضوُّعا أمَا ليلةٌ تمضي ولا بعضُ ليلةٍ ... أُسرُّ بها هذا الفؤادَ المروَّعا وقال آخر: وألفت روعاتِ الخطوبِ مواصلاً ... وصل الحبائبِ وهي غيرُ حبائبِ فلو أنَّ طيبَ العيش يوماً ردَّ لي ... لنكرتهُ ووزعتهُ عن جانبي عجباً لحظِّي إذ أراهُ مسالمي ... وقت الشَّبابِ وفي المشيب محاربي أمن الغواني كانَ حتَّى خانني ... شيخاً وكانَ لدى الشبيبة صاحبي ومعَ التضعضع ملَّني متجانباً ... ومع التزعزعِ كانَ غير مجانبي الجزء: 1 ¦ الصفحة: 203 وقال آخر: تلوح نواجزي والكأس تسري ... وأشربها كأنِّي مستطيبُ وفوق السّرِّ لي جهرٌ ضحوكٌ ... وتحت السّرِّ لي جهرٌ كئيبُ سأثبتُ إن تصادمني زماني ... بركنيهِ كما ثبتَ النجيبُ وأرقبُ ما تجيءُ به الليالي ... ففي إتيانهِ الفرجُ القريبُ وقال آخر: إذا لم يكنْ للمرءِ بدٌّ من الرَّدى ... فأسهلهُ ما جاءَ والعيش أنكدُ وأصعبهُ ما جاءه وهو راتعٌ ... تطيف به اللّذات والجدُّ مسعدُ وقال آخر: عهدي بشعري وكله غزلُ ... يرتعُ فيه السّرورُ والجذلُ وقال آخر: لعمرك ما المكروه إلاَّ ارتقابه ... وأترح مما جاءَ ما يتوقعُ وقال آخر: ويد البخيل لمَّا استفادَ قرارةٌ ... ويدُ الجواد لمَّا استفادَ مسيلُ وقال آخر: ما راحَ يومٌ على حيٍّ ولا ابتكرا ... إلاَّ رأى عبرةً فيه بها اعتبرا ولا أتتْ ساعةٌ في الدَّهر وانصرفتْ ... حتَّى تؤثّرَ في أحواله أثرا وقال آخر: عمري لقد نصح الزَّمانُ وإنَّه ... لمن العجائب ناصحٌ لا يُشفقُ وقال آخر: إنِّي امرؤٌ قلَّ ما أُثني على أحدٍ ... حتَّى أرى بعضَ ما يأتي ويذَرُ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 204 وقال آخر: لا تحمدنَّ امرءاً حتَّى تجرّبه ... ولا تذمنَّه من غير تجريبِ وقال آخر: يموت قومٌ ويُحيي العلمُ ذكرهمُ ... والجهلُ يُلحق أمواتاً بأحياءِ وقال آخر: وإذا الفتى لاقى الحمامَ رأيتهُ ... لولا الثناءُ كأنَّه لم يولدِ وقال آخر: والفتى الحازمُ اللبيب إذا ما ... خانه الدَّهر لم يخنْه العزاءُ وإذا ما الرجاء أُسقط بين الن ... اس فالناس كلهم أكفاءُ وقال آخر: لست ممن يقول مسقطُ رأسي ... وبلادي وطارفي وتلادي كلُّ قومٍ أرى ليَ العزّ فيهم ... فهمُ أسرتي وأهل بلادي وقال آخر: إنَّ البغيض وإن تملَّح جهده ... سمجٌ ومنظرَ من تحبُّ مليحُ لا تطلبنَّ إلى لئيمٍ حاجةً ... طلبُ الكراع من الكلاب قبيحُ وقال آخر: ولنْ تصادفَ مرعًى مُمرعاً أبداً ... إلاَّ وجدتَ به آثارَ مأكولِ وقال آخر: إذا عكسَ الدَّهرُ أحكامهُ ... سعى أضعفُ القوم بالأبطشِ وقال آخر: قلتُ لمن لامَ لا تلُمني ... كلُّ امرئٍ عالمٌ بشانِهْ والذَّنبُ فيما علمتُ أنِّي ... سجدتُ للقردِ في زمانِهْ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 205 من شدَّةِ النفس أن تراها ... تحتملُ الذلَّ في أوانهْ وقال آخر: إذا ما شئتَ أن تحيا ... حياةً حلوةَ المَحْيا فلا تحسدْ ولا تبخلْ ... ولا تجهدْ على الدُّنيا وقال آخر: شرّقْ وغرّبْ تجدْ من صاحبٍ عوضاً ... فالأرضُ من تربةٍ والناسُ من رجلِ وقال آخر: إنْ أُمسِ منفرداً فاللّيثُ منفردٌ ... والسَّيفُ منفردٌ والدرُّ منفردُ وقال آخر: وإذا ما أردتَ أن تمنع النا ... سَ ورودَ الفراتِ كنتَ بغيضا وقال آخر: إذا ضحكَ الرَّئيسُ إليكَ فاعلمْ ... بأنَّ فؤادهُ لك مستقيمُ وقال آخر: أحلامُ نومٍ أو كظلٍّ زائلٍ ... إنَّ اللّبيبَ بمثلها لا يُخدعُ وقال آخر: فيا نفسُ صبراً إنَّما عفَّةُ الفتى ... إذا عفَّ عن لذَّاتهِ وهو قادرُ دع الوطنَ المألوف رابك أهلهُ ... وعدّ عن الأهل الذين تُكاشرُ فأهلك من أصفى وعيشك ما صفا ... وإن نزحتْ دارٌ وقلَّتْ عشائرُ وكيفَ يُنالُ المجدُ والجسمُ وادعٌ ... وكيفَ يُحازُ الحمدُ والوفرُ وافرُ وهلْ تحجب الشمسُ المنيرةُ ضوءها ... ويُسترُ نورُ البدرِ والبدرُ زاهرُ وقال آخر: الجزء: 1 ¦ الصفحة: 206 ولا خيرَ في دفعِ الرَّدى بمذلَّةٍ ... كما ردَّها بوماً بسوئتهِ عمرو وقال آخر: كيف يُرجى الصَّلاحُ من أمر قوم ... ضيَّعوا الحزمَ فيه أيّ ضياعِ وقال آخر: إذا لم يكنْ عونٌ من الله للفتى ... فأكثر ما يجنى عليه اختيارهُ وقال آخر: وكنتُ إذا جعلتُ الل ... هـ لي ستراً من النوبِ رمتني كلُّ طارقةٍ ... وحادثةٍ فلم تصبِ وقال آخر: إليكَ المشتكى لا منك ربي ... وأنت لنائبات الدَّهر حسبي تُروِّي غُلتي وترمُّ حالي ... وتُؤمن روعتي وتزيل كربي وقال الحسين بن حجاج: لا عارَ لا عارَ في الفرارِ وقد ... فرَّ نبيُّ الهدى إلى الغارِ وقال آخر: وهل من جاءَ بعد الفتح يسعى ... كصاحب هجرتين مع النَّبيّ وقال آخر: هي الأضلعُ العوجاءُ لست تُقيمها ... ألا إنَّ تقويم الضلوع انكسارُها وقال آخر: عليك بإقلالِ الزّيارة إنَّها ... إذا كثرت كانتْ إلى الهجرِ مسلكا فإنِّي رأيتُ الغيثَ يُسأمُ دائباً ... ويُطلب بالأيدي إذا هو أمسكا وقال آخر: وعندك الشمسُ تجري في محاسنها ... وأنت مشتغلُ الألحاظِ بالقمرِ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 207 وقال آخر: على كلِّ حالٍ يأمل المرءُ زادَه ... على البؤسِ والسّراءِ والحدثانِ وقال آخر: وإذا تكون كريهةٌ أُدعى لها ... وإذا يحاسُ الحيْس يُدعى جندبُ وقال آخر: سأقنع بالثماد لعل دهراً ... يسوق الريّ من حرٍّ كريم وقال آخر: وما الموتُ إلاَّ رحلةٌ غير أنَّه ... من المنزلِ الفاني إلى المنزل الباقي وقال آخر: بلوغُ المنى أن لا تُكاثرَ بالمنى ... ونيلُ الغنى أن لا تفكرَ في الغنى ... أشد تصوناً ... تجده عن الدنيا أشد تصوناً وقال آخر: يا أيُّها الظَّالمُ في فعلهِ ... والظّلمُ مردودٌ على من ظلمْ إلى متى أنتَ وحتَّى متى ... تشكو المصيباتِ وتنسى النعمْ الباب الحادي عشر في الإخوانيات وذكر الشوق والفراق والمودة والاستزارة قال منصور الفقيه المصري: أخٌ لي عنده أدب ... مودَّةُ مثله نسبُ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 208 رعى لي فوقَ ما يرعى ... وأوجب فوقَ ما يجبُ فلو سُبكتْ خلائقهُ ... لبُهرج عنها الذهبُ وقال آخر: لعمرك ما مالُ الفتى بذخيرةٍ ... ولكنَّ إخوان الصفاءِ الذّخائرُ وقال آخر: عليم بإخوانِ الصفاءِ فإنَّهم ... عمادٌ إذا استنجدتهم وظهورُ وما بكثير ألف خلٍّ وصاحبٍ ... وإنَّ عدوّاً واحداً لكثيرُ وقال آخر: تحدثتِ الركابُ بسير أُروى ... إلى بلدٍ حططتُ به خيامي فكدتُ أطيرُ من شوق إليها ... بقادمةٍ كقادمةِ الحمامِ وقال آخر: إذا دنت المنازلُ زادَ شوقي ... ولا سيَّما إذا دنت الخيامُ فلمحُ العين دون الحيِّ شهرٌ ... ورجع الطرف دون السير عامُ وقال البحتري: بأبي أنت ما ألذَّ وأحلى ... ذكركَ العذب من لساني وريقي وقال آخر: إذا ما تقاطعنا ونحنُ ببلدةٍ ... فما فضل قرب الدَّار منَّا على البعدِ وقال آخر: الجزء: 1 ¦ الصفحة: 209 إذا سلمت للمرءِ في النَّاس نفسُه ... وإخوانه فالحادثات جبارُ وقال آخر: فكمْ قلتُ شوقاً ليتني كنتُ عنده ... وما قلتُ إجلالاً له ليتهُ عندي وقال آخر: أخٌ كلما آتيه أبغيه حاجةً ... رجعتُ إلى أهلي ووجهي بمائه بلوتُ رجالاً بعده واختبرتهم ... فما ازددت إلاَّ رغبةً في إخائه وقال عبد الله بن المعتز: إنِّي لشاكرُ أمسهِ ووليُّه ... في يومهِ ومؤملٌ منه غدا وقال آخر: تغيب فأشتاق شوق الوليّ ... وترجع والشوق بي أولعُ فكان لك الله في الظاعني ... ن وكانَ لكَ الله إذ ترجعُ وقال آخر: وإن الكثيب الفرد من جانب الحمى ... إليَّ وإن لم آتهِ لحبيبُ لكَ اللهُ إنِّي واصلٌ ما وصلتني ... ومُثنٍ بما أوليتني ومثيبُ فلا تتركنْ نفسي شعاعاً فإنَّها ... من الوجد قد كادتْ عليك تذوبُ وإنِّي لأستحييك حتَّى كأنما ... عليَّ بظهر الغيبِ منك رقيبُ وقال آخر: فإنْ ترجع الأيامُ بيني وبينها ... بذي الأثْل صيفاً مثل صيفي ومربعي أشدُّ بأعناق النوى بعد هذهِ ... مرائرَ إن جانبتها لم تقطَّعِ وقال آخر: وحدَّثتني عن مجلسٍ كنتِ بينه ... رسولٌ أمينٌ والنساءُ شهودُ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 210 فقلتُ له كرَّ الحديثَ الذي مضى ... وذكركِ من بين الجميع أريدُ أناشدهُ إلاَّ أعادَ حديثه ... كأني بطيءُ الفهمِ حينَ يعيدُ وقال عبد الله بن المعتز: وحدَّثتَني يا سعدُ عنها فزدتني ... جنوناً فزدني من حديثك يا سعدُ وقال آخر: أين إخوانيَ الأولى كنتُ أُصفي ... هم ودادي وكلهم لي ودودُ شرَّدتهم يدُ الزَّمانِ وللأي ... امِ من بعدِ جمعها تشريدُ وقال آخر: وقارفت حتَّى ما أُبالي من النَّوى ... وإن بانَ جيرانٌ عليَّ كرامُ فقد جُعلتْ نفسي على النار تنطوي ... وعيني على فقدِ الحبيبِ تنامُ وقال آخر: إلاَّ إن خير الودّ ودٌّ تطوعت ... به النفس لا ودٌّ أتى وهو متعِبُ وقال آخر: وإنِّي وإن عاديتهم وجفوتهم ... لتألمُ مما عضَّ أكبادهم كبدي وقال آخر: أودُّهمُ ودّاً إذا خامرَ الحشا ... أضاءَ على الأضلاع والليلُ دامسُ وقال آخر: وليست عشيَّات الحمى برواجعٍ ... إليكَ ولكن خلِّ عينيك تدمعا وأذكرُ أيامَ الحمى ثمَّ أنثني ... على كبدي من خشيةٍ أن تصدَّعا وقال آخر: شهورٌ قد قُضينَ وما شعرنا ... بأنصافٍ لهنَّ ولا سِرارِ وقال آخر: الجزء: 1 ¦ الصفحة: 211 وكلُّ مصيباتِ الزَّمانِ رأيتُها ... سوى فرقة لأحباب هيّنة الخطبِ وقال آخر: ولمَّا نزلنا منزلاً ظلَّهُ النَّدى ... أنيقاً وبستاناً من النوْرِ حاليا أجدَّ لنا طيبُ المكان وحسنه ... مُني فتمنينا فكنت الأمانيا وقال آخر: وعاقبةُ الصبرِ الجميلِ جميلةٌ ... وأفضلُ أخلاقِ الرجالِ التفضُّلُ ولا عارَ إن زالتْ عن الحرِّ نعمة ... ولكنَّ عاراً أن يزول التجمُّلُ وقال يزيد بن محمد المهلبي: لا عارَ إن ضامكَ دهرٌ أوْ ملكْ ... ربَّ زمانِ ذلَّةٍ أرفقُ بكْ وقال عبد الله بن المعتز: وحبّبَ أوطانَ الرجالِ إليهمُ ... مآربُ قضَّاها الشَّبابُ هُنالكا إذا ذكروا أوطانهمْ ذكَّرتهمُ ... عهودَ الصّبا فيها فحنُّوا لذالكا وقال آخر: إذا نلتُ منك الودّ فالمالُ هينٌ ... وكلُّ الذي فوقَ الترابِ ترابُ وقال آخر: وما أنا ممَّن يدَّعي الشَّوقُ قلبهُ ... ويحتجُّ في تركِ الزيارةِ بالشغلِ وقال آخر: تفضَّلت الأيام بالجمع بيننا ... فلمَّا حمدناها ندمنا على الحمدِ فجدْ لي بقلبٍ إن رحلت فإنَّني ... مخلّف قلبي عند من فضلهُ عندي وقال آخر: ذكرتُ بهِ وصلاً كأنْ لم أفزْ بهِ ... وعيشاً كأني كنتُ أقطعهُ وثْبا وقال آخر: الجزء: 1 ¦ الصفحة: 212 يا مَن يعزُّ علينا أنْ نفارقهمْ ... وجداننا كلُّ شيءٍ بعدكمْ عدمُ وقال آخر: وإنَّ رحيلاً واحداً كانَ بيننا ... وفي الموت من بعد الرَّحيل رحيلُ وما شرَقي بالماءِ إلاَّ تذكّراً ... لماءٍ بهِ أهلُ الحبيبِ نزولُ وقال آخر: لا عدا الشرُّ من بغى لكما الشرَّ ... وخصَّ الفسادُ أهلَ الفسادِ أنتما ما اتفقتما الرُّوحُ والجسمُ ... فلا احتجتما إلى العوَّادِ وإذا كانَ في الأنابيبِ خلفٌ ... وقعَ الطيشُ في صدورِ الصعادِ وقال آخر: وقد كنتُ أُشفقُ من دمعي على بصري ... فاليوم كلُّ عزيزٍ بعدكمْ هانا وقال آخر: رحلتمْ فكمْ من أنَّةٍ بعد زفرةٍ ... مبيّنةٍ للنَّاسِ شوقي إليكمُ وقال آخر: كيف صبري عن بعضِ نفسي وهل يص ... بر عن بعضِ نفسه إنسانُ وقال آخر: عدوُّكَ من صديقك مستفادٌ ... فلا تكثرنَّ من الصحابِ فإنَّ الداءَ أكثرُ ما تراهُ ... يكونُ من الطعام أو الشرابِ وقال آخر: صدَّني عن حلاوةِ التوديعِ ... حذري من مرارةِ التشييعِ لم يقمْ أُنسُ ذا بوحشة هذا ... فرأيتُ الصوابَ ترك الجميعِ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 213 وقال آخر: إذا لم أجدْ من حلةٍ ما أُريدهُ ... فعندي لأُخرى عَزمة وركابُ فليس فراقٌ ما استطعتُ فإنْ يكنْ ... فراقٌ على حالٌ فليس إيابُ وقال آخر: فجميل العدوّ غير جميلٍ ... وقبيحُ الصديق غير قبيحِ وقال آخر: إذا أنتَ عاديتَ امرءاً بعد خلةٍ ... فدعْ في غدٍ للصلح والعوْدِ موضعا وقال آخر: إذا ما صدعتَ العظم من ذي قرابةٍ ... فلست له إلاَّ بعظمك شاعبا وقال آخر: إذا ما بدتْ من صاحب لك زلةٌ ... فكنْ أنتَ محتالاً لزلَّته عذرا وقال آخر: إذا ما امرؤٌ من ذنبه جاءَ تائباً ... إليك ولم تغفرْ له فلك الذنبُ وقال آخر: إن أخاك الصدقَ من يشقى معكْ ... ومن يضرُّ نفسه لينفعكْ وقال آخر: إنَّ المنيَّةَ والفراق لواحد ... أو توأمان تراضعا بلبانِ وقال آخر: فإنَّ أولى البرايا أن تواسيَه ... عند السرور لمن وافاك في الحزنِ إنَّ الكرامَ إذا ما أسهلوا ذكروا ... من كانَ يألفهُم في المنزلِ الخشنِ وقال آخر: الجزء: 1 ¦ الصفحة: 214 إن التباعد لا يضرُّ ... إذا تقاربت القلوب وقال آخر: ألا ربَّما كانَ الشفيقُ مضرَّةً ... عليكَ من الإشفاقِ وهو ودودُ وقال آخر: دنت بأناسٍ عن تناءٍ ديارُهم ... وشطَّت بليلى عن دنوِّ مزارُها وإن مقيماتٍ بمنفرج اللّوا ... لأقربُ من ليلى وهاتيك دارُها وقال آخر: أأترك ليلى ليس بيني وبينها ... سوى ليلةٍ إنِّي إذاً لصبورُ وقال آخر: إن كنتِ أزمعتِ الرحي ... لَ فإنَّ رأييَ في الرحيلِ أو كنتِ قاطنةً أقم ... تُ ولو منعتُ لذيذَ سولي كالنجمِ يصحبُ في المسي ... رِ ولا يزول لدى النزولِ وقال آخر: ذاكَ إن تمَّ لي عذُبَ العي ... شُ ونيل المنى وريش الجناحُ وقال آخر: سلامٌ على الدارِ التي لا أزورُها ... وإن حلَّها شخصٌ إليَّ محبَّبُ وقال آخر: ربما جئتهُ فأخلفته العذ ... رَ لبعضِ الذنوبِ قبل التجنّي وقال آخر: شرُفتْ بالجياد دونك عيني ... حين هيَّأتُ للكلام لساني فوجدتُ الكتابَ أنفعَ شيءٍ ... إذ كفاني ورُبَّ أمر كفاني الجزء: 1 ¦ الصفحة: 215 وقال آخر: لو علمنا أنَّ الزيارة حقٌّ ... لفرشنا الطريقَ بالياسمينِ وقال آخر: أتيتكَ لم أفزعْ إلى غيرِ مفزعٍ ... ولم أنشد الحاجاتِ في غير منشدِ وقال أبو دلف العجلي: لو كانَ يرضيكَ قطعُ كفِّي ... أفززتُ يمنايَ من شمالي وقال آخر: لعمري لقد قرَّت بقربك أعينٌ ... وقد سنحتْ بالبعد منك عيونُ وقال آخر: فما أقبح الدُّنيا إذا لم تكنْ بها ... وما أحسنَ الدُّنيا بحيث تكونُ وقال آخر: فقومَك إنَّ المرءَ ما عاشَ قومهُ ... وإن لامهم ليسوا لهُ كالأباعدِ وقال آخر: كيف يعفو رسمُ المودَّةِ عندي ... وأياديك رسمُها غير عافِ لستُ أنسى تلك الحقوق ولكن ... لستُ أدري بأيّهنَّ أُكافي وقال آخر: ولقد أتيتُ وجلُّ ما أدعو بهِ ... حتَّى الصباح وقد أقضَّ المضجعُ يا ربُّ إنَّ أخي لديك وديعتي ... أبداً وليس يضيعُ ما تُستودعُ وقال البحتري: عدَتني عوادي البعدِ عنها فزادني ... بها كلفاً أنَّ الوداعَ على عتبِ ولم أكتسبْ جرماً فتجزيَني بهِ ... ولم أجترمْ ذنباً لتعتب من ذنبي الجزء: 1 ¦ الصفحة: 216 وبي ظمأ لا يملكُ الماءُ دفعهُ ... إلى الغرَّةِ الزَّهراءِ والخلق العذبِ وقال آخر: وكمْ من حنينٍ لي إلى الشرقِ مصعدٍ ... وإن كانَ أحبابي بأرضِ المغاربِ يغيبُ مغيب البدرِ عنَّا ومن يبتْ ... بلا قمرٍ يذمُمْ سوادَ الغياهبِ وقال آخر: في الجنابِ المخضرّ والخُلق السكْ ... بِ الشآبيبِ والفِناء الوَسيعِ وقال آخر: إن يجددْ لنا الزَّمانُ التقاءً ... فهو حكمي على الزَّمانِ ودَيْني ما لشيءٍ بشاشةٌ بعدَ شيءٍ ... كائتلافِ مُواشكٍ بعدَ بَيْنِ وقال آخر: ولم أرَ أبقى من وصالِ مراجعٍ ... إلى الودِّ من بعد القِلا والتقاطُع وقال آخر: وكانتْ بالعراقِ لنا ليالٍ ... سرقناهنَّ من رَيب الزَّمانِ جعلناهنَّ تأريخُ الليالي ... وعُنوانَ المسرَّة والأوانِ وقال آخر: أما مصافحةُ الوِداعِ فإنها ... ثقلت فما اسطاعت تنوءُ بها يدي فعليك تضعيفُ السلام فإنني ... إما أروحُ غداً وإما أغتدي وقال آخر: أشوْقاً وما يمضى لنا غيرُ ليلةٍ ... فكيفَ إذا سارَ المطيُّ بنا شهرا وقال الشريف الرضي في أبي إسحاق الصابئ: لقد تمازجَ قلبانا كأنهما ... تراضعا بدم الأحشاءِ في اللبنِ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 217 أنتَ الكرى مؤنساً طرفي وبعضهمُ ... مثل القذى مانعاً طرفي من الوسنِ وقال آخر: أخاكَ أخاك إنَّ من لا أخاً له ... كساعٍ إلى الهيجا بغير سلاحِ وإنَّ ابن عمّ المرء فاعلم جناحهُ ... وهل ينهضُ البازي بغير جناحِ وقال آخر: أتطلبُ صاحباً لا عيبَ فيهِ ... وأيُّ الناسِ ليسَ لهُ عيوبُ وقال آخر: أخلاَّءُ الرخاءِ همُ كثيرٌ ... ولكن في البلاءِ همُ قليلُ فلا يغررك كثرةُ من تؤاخي ... فمالكَ عندَ نائبةٍ خليلُ وقال علي بن الرومي: بلدٌ صحبتُ به الشبيبةَ غضةً ... ولبستُ ثوبَ العيش وهو جديدُ وإذا تمثَّل في الفؤادِ رأيته ... وعليه أغصانُ الشباب تميدُ وقال آخر: بالشام قومي وبغدادِ الهوى وأنا ... بالرقمتين وبالفسطاط إخواني وما أظنُّ النوى ترضى بما صنعت ... حتَّى تبلغني أقصى خراسانِ وقال أبو محمد الخازن: لا أستقرُّ بأرضٍ أو أسيرُ إلى ... أخرى بشخص قريبٍ عزمهُ نائي يوماً بحزوى ويوماً بالعراق ويو ... ماً بالعذيب ويوماً بالخُليصاءِ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 218 وتارةً أنتحي نجداً وآونةً ... شعب العقيق وطوراً قصر تيماءِ وقال آخر: تمتَّع من شميم عرار نجدٍ ... فما بعد العشيَّة من عرارِ سنينٌ ينقضين وما شعرنا ... بإنصافٍ لهنَّ ولا سرارِ وقال آخر: لئن درستْ أسبابُ ما كان بيننا ... من الوصل ما شوقي إليك بدارسِ وما أنا من أن يجمع الله بيننا ... بأحسنَ ما كنا عليه بآيسِ وقال ابن أبي عيينة: جسمي معي غير أن الروحَ عندكُم ... فالجسم في غربةٍ والروحُ في وطنِ فليعجبُ الناسُ مني أن لي بدناً ... لا روح فيه ولي روحٌ بلا بدنِ وقال آخر: وجدتُ نفسك من نفسي بمنزلةٍ ... هي المصافاةُ بين الماءِ والراحِ وقال آخر: ما قلتُ إلاَّ الحقَّ أعرفهُ ... أجدُ الدليلَ عليه من قلبي وقال آخر: لم أستتمَّ عناقه لقدومه ... حتَّى ابتدأتُ عناقه لوداعهِ وقال آخر: ما كنتُ أحسبُ أن يكو ... ن كذا تفرقنا سريعا الجزء: 1 ¦ الصفحة: 219 قد كنت أنتظر الوصا ... ل فصرت أنتظرُ الرجوعا وقال أبو تمام الطائي: ذو الودِّ عندي وذو القربى بمنزلةٍ ... وأخوتي أسوةٌ عندي وإخواني وربَّ نائي المغاني روحه أبداً ... لصيقُ روحي ودانٍ ليس بالداني وقال أبو الحسن محمد بن طباطبا: وولهتُ مذ زُمت ركابك للنوى ... فكأنني مذ غبت عني غائبُ وقال آخر: فإن أكُ ساكناً وطني فإني ... بأرضٍ لا أزلُ بها غريبا وقال آخر: نفسي الفداءُ لغائبٍ عن ناظري ... ومحلُّه في القلب دون حجابهِ لولا تمتُّع مقلتي بلقائه ... لوهبتها لمبشّري بإيابهِ وقال آخر: وجدي به كمثل وجدِ الأعورِ ... بعينهِ إن ذهبت لم يبصرِ وفرحتي بوجهه الصبيحِ ... كفرحةِ الصبيان بالتسريحِ وقال آخر: ليت بين الذي أحبُّ وبيني ... مثلُ ما بين حاجبيَّ وعيني وقال آخر: لئن أسعفتْ أيامنا بلقائه ... غفرتُ لأيام البعاد ذنوبها وقال آخر: وأن يجمع الله شملي به ... غفرتُ لذنبي ما قد سلفْ وقال منصور الفقيه المصري: إذا تخلفتَ عن صديقٍ ... ولم يعاتبك في التخلُّفْ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 220 فالرأيُ أن لا تعدْ إليه ... فإنما ودُّه تكلُّفْ وقال آخر: وفي نظر الصادي إلى الماءِ حسرةٌ ... إذا كان ممنوعاً سبيلَ المواردِ وقال آخر: وإذا ما جهلتَ ودَّ صديقٍ ... فاختبرْ ودَّه من الغلمانِ إن عين الغلمان تُنبيك عما ... في ضمير المولى من الكتمانِ وقال إسحاق الموصلي: يا سرحةَ الماء قد سدت موارده ... أما إليك طريقٌ غير مسدودِ لحائمٍ حامَ حتَّى لا حراك به ... مخلاَّء عن طريقِ الماء مطرودِ وقال آخر: إذا لم يكن شوقي إلى بانة الحمى ... بحيث تلذُّ النفس برحا على برحِ فلا ساعفتني بالضحى سعفاتها ... ولا سرحت عينايَ في ذلك السرحِ وقال أبو الفضل محمد بن العميد: آخِ الرجالَ من الأبا ... عد والأقاربَ لا تقاربْ إن الأقارب كالعقار ... ب بل أضرَّ من العقاربْ وقال آخر: سامح أخاك بما يرضيه من كتبك ... ينفعه ذاك ولا يُنقصك عن رتبكْ وقال آخر: لا تبخلنْ بكلامٍ إنه عرضٌ ... فلستَ من فضة تعطى ولا ذهبِ وقال آخر: وأهونُ ما يعطى الصديقُ صديقه ... من الهيّن الموجودِ حسنُ خطابِ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 221 وقال آخر: إذا ما غابَ عنكَ أخوك شهراً ... ولم يكتب إليكَ فقد أرابا وقال آخر: أليسَ من السعادةِ أنّ داري ... مجاورةٌ لِداركَ في البلادِ وأنَّ الرُّسلَ والأخبار منّي ... تسيرُ وشربُّنا من ماءِ وادي وقال آخر: إنّي لأحسدُ جاركمْ بجواركمْ ... طوبى لمن أضحى لدارك جارا وقال آخر: نزح الزَّمانُ بداركمْ فمن أجلكم ... أحببتُ كلُّ بعيد دارٍ نازحِ وقال آخر: كأنَّ أيدي مطاياهم إذا وخدتْ ... يقعنَ في حرّ وجهي أو على بصري وقال آخر: قد تخلَّلت مسلك الرُّوح مني ... ولذا سُميَ الخليلُ خليلا وقال آخر: أتبكي على سُعدى وكنتَ تركتها ... وقد ذهبتْ سُعدى فما أنتَ صانعُ وقال أبو الحسن البريدي: أترحلُ طوع النفس عمَّن تحبهُ ... وتبكي كما يبكي المفارقُ عن قهرِ أقم لا تسرْ والهمُّ عنك بمعزلٍ ... ودمعك باقٍ في جفونك لا يجري وقال محمد ابن الزيات الوزير: أترحلُ والذي تهوى مقيمُ ... لعمرك إن ذا خطرٌ جسيمُ إذا ما كنتَ للحدثانِ عوناً ... عليك وللزمان فمن تلومُ وقال علي بن الجهم: الجزء: 1 ¦ الصفحة: 222 أترى الزمانُ يسرّنا بتلاقِ ... ويضمُّ مشتاقاً إلى مشتاقِ ويُقرُّ عيناً طالما سنحت فلم ... تملكْ سوابقَ دمعها المُهراقِ وقال علي بن الرومي: إنَّ عهدي إذا تغيَّر عهدٌ ... لصحيحٌ وإنَّ ودّي لنامي مِقةٌ خالطت فؤادي ودبَّتْ ... في عروقي ومخختْ في عظامي وقال آخر: من البرِّ أن تلقى الجفاءَ بمثلهِ ... ليعطفَ من يجفو على وصل صاحبه وقال آخر: إذا سرى البرقُ في أكناف أرضهم ... أقولُ من فرطِ شوقي ليتني المطرُ وقال ابن أبي عيينة: أيها الكاتمُ الحديث الذي طا ... ل به الأمرُ وانتهى الكتمان قد لعمري عرَّضت حيناً فبيّن ... ليس بعد التعريض إلاَّ البيان وقال العباس بن الأحنف: قد سحب الناسُ أذيال الظنون بنا ... وفرَّق الناسُ فينا قولهم فِرقا وقال آخر: رُبَّ هجر يكونُ من خوفِ هجرٍ ... وفراقٍ يكون خوف فراقِ وقال أبو نواس الحكمي: ما حطَّك الواشون عن رتبةٍ ... عندي ولا ضرَّك مغتابُ لأنهم أثنوا ولم يعلموا ... عليك عندي بالذي عابوا وقال كُثير عزَّة: فيا عزَّ إن واشٍ وشى بي إليكمُ ... فلا تمهليه أن تقولي له مهلا الجزء: 1 ¦ الصفحة: 223 وقال آخر: واستبق بعض حشاشتي فلعلني ... يوماً أقيكَ بها من الأسواءِ لو أن ما أبقيت من جسمي قذًى ... في العين لم يمنع من الإعماءِ وقال علي بن الرومي: شفيعُك من قلبي شفيعٌ ممكنٌ ... وحظك من ودّي حريمٌ ممنَّعُ فلا تسألنّي في هواك زيادةً ... فأيسرهُ مرضٍ وأدناهُ مقنعُ كتبتُ ومالي في نهاريَ مؤنسٌ ... ولا سكنٌ في الليل والنَّاس هجَّعُ أبيتُ رقيبَ الصبح حتَّى كأنني ... أرجّي مكان الصبح وجهك يطلعُ أصعّد أنفاسي وأحدرُ عبرتي ... بحيث يرى ذاك الإلهُ ويسمعُ عليك سلام الله أنت وديعتي ... لديه إذا يستودع الله مودعُ وقال آخر: ولم أرَ يوماً كان أقبحَ منظراً ... وأسبحَ من يوم الفراق المشتّتِ وقد قبضت كفي من الوجد والأسى ... على كبدٍ حرَّى وقلبٍ مفتتِ وقال آخر: وإنِّي لأستسقي بكل سحابةٍ ... تمرّ لها من نحو أرضكَ ريحُ عليك سلامُ الله أما قلوبنا ... فمرضى وأما ودُّنا فصحيحُ وقال آخر: فلا تُهنْ للصديقِ تكرمةً ... نفسكَ حتَّى تعدَّ من خوله يحملُ أثقاله عليكَ كما ... يحملُ أثقاله على جمله وقال آخر: الجزء: 1 ¦ الصفحة: 224 تذلَّل لمن إن تذللت له ... يرى ذاك للفضلِ لا للبلهْ وقال مالك بن أسماء بن خارجة: يا ليتَ لي خُصاً يجاورها ... بدلاً بداري في بني أسدِ الخصُّ فيه تقرُّ أعيننا ... خيرٌ من الآجرِّ والكمدِ وقال آخر: من سرَّه العيدُ الجد ... يدُ فقد عدمتُ به السرورا كان السرورُ يتمُّ لي ... لو كان أحبابي حضورا وقال آخر: فسلامٌ على جنابكَ والمنهلِ ... فيه وربعك المأنوسِ حيثُ فعلُ الأيام ليسَ لمذمومٍ ... ووجهُ الزمانِ غيرُ عبوسِ وقال أبو تمام الطائي: سلامُ الله عدَّة رمل خيفٍ ... على ابن الهيثم الملكِ اللُّبابِ ذكرتكَ ذكرةً جذبت فؤادي ... إليكَ كأنها ذكرى التصابي فلا تغببْ محلَّك كل يومٍ ... من الأنواءِ ألطافُ السحابِ فثمَّ المجدُ مشدودُ الأواخي ... وثم الدين مضروبُ القبابِ وأخلاقٌ كأنَّ المسكَ فيها ... وصفوُ الراح بالنُّطف العذابِ وليست بالعوان العُنس عندي ... ولا هي منك بالبكر الكعابِ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 225 فلا يبعدْ زمانٌ منكَ عشنا ... بنضرته ورونقه العُجابِ إذا ما أُبرزتْ زادتْ ضياءً ... وتشحبُ وجنتاها في النقابِ لياليه ليالي الوصل تمتْ ... بأيامٍ كأيامِ الشبابِ كتبتُ ولو قدرتُ هوًى وشوقاً ... لكنتُ إليك سطراً في الكتابِ وقال آخر: ما كنتُ مذ كنتُ إلاَّ طوع خُلاني ... ليست مؤاخذةُ الإخوان من شاني إذا خليليَ لم تكثرْ إساءته ... فأينَ موضعُ غفراني وإحساني يجني عليَّ وأجفو دائماً أبداً ... لا شيء أحسنُ من جافٍ على جانِ وقال آخر: وكنىَ الرسولُ عن الجوابِ تطرُّفاً ... ولئن كنى فلقد عرفنا ما عنى قلْ يا رسولُ ولا تحاشَ فإنه ... لا بدَّ منه أساءَ لي أو أحسنا وقال آخر: عدتْني عن زيارتها عوادٍ ... أقلُّ مخوفها سمرُ الرماحِ ولو أنِّي أطعتُ رسيسَ شوقي ... إليكَ ركبتُ أعناقَ الرياحِ وقال علي بن الرومي: قرأتُ على قلبي كتابكَ مذ أتى ... وقلتُ له هذا أمانكَ في دهري وكلُّ امرئٍ منهم إذا خاف دهرَه ... معوَّلهُ ضمُّ الكتاب إلى الصدرِ وقال أيضاً: إنَّ الزمانَ رأى إلفَ السرورِ لنا ... فنمَّ بالهجرِ فيما بيننا وسعى ولم يزل صرفُ هذا الدهرِ يرصدني ... حتَّى تجرَّعتُ من كاساته جُرعا الجزء: 1 ¦ الصفحة: 226 فليصنع الدهرُ بي ما شاءَ مجتهداً ... فلا زيادة شيءٍ فوقَ ما صنعا وقال آخر: سقى الله أوطاناً لنا ومآرباً ... تقطَّعَ من أقرانها ما تقطَّعا أحنُّ فأستسقي لها الغيث مرةً ... وأثني فأستسقي لها العين أدمُعا وقال آخر: لنذكر أياماً لنا وليالياً ... محاسنها كالروضِ في صحةِ الدَّجنِ عهودٌ خلت محمودةً وكأنها ... معانقةُ اللذاتِ في حلةِ الأمنِ وقال أبو فراس الحمداني: فلولا أنت ما قلقت ركابي ... ولا هبَّتْ إلى نجدٍ رياحي ومن جرَّاكَ أوطنتُ الفيافي ... وفيكَ غذيتُ البانَ اللقاحِ وقال الحسن بن وهب الكاتب: لستُ أدري ماذا أذمُّ وأشكو ... من سماءٍ تعوقني عن سماءِ غير أنِّي أدعو على تلك بالصحوِ ... وأدعو لهذه بالبقاءِ وقال آخر: اصطلح الناسُ على الهجر ... بكثرة الأنداء والقطرِ فنحن في عذرٍ لما قد ترى ... وأنت أيضاً منه في عذرِ وقال آخر: حال بيني وبين حالك حالا ... نِ وحولٌ وقربُ عهدِ عادي فكأنَّ الوحول ليلُ محبٍ ... وكأنَّ السماءَ كفُّ جوادِ وقال آخر: الجزء: 1 ¦ الصفحة: 227 إنَّ قلبي لكم كالكبدِ الحر ... رى وقلبي لغيركم كالقلوبِ وقال ابن نباتة السعدي: يأبى مُقامي في مكانٍ واحدٍ ... دهرٌ بتفريقِ الأحبَّةِ مولعُ كفكفْ قِسيَّكَ يا زمانُ فإنَّه ... لم يبقَ في قلبي لسهمك موضعُ وقال آخر: وإنِّي لا أزالُ اليومَ نفسي ... على طولِ التفرقِ والبعادِ وما أعتاضُ بالأقوامِ منكم ... وهل يعتاضُ صدرٌ من فؤادِ وقال آخر: وكنتُ إذا ما حاجةٌ حالَ دونها ... نهارٌ وليلٌ ليسَ يعتذرانِ حملتُ على حكمِ الزَّمانِ ملامَها ... ولم أُلزم الإخوانَ ذنبَ زماني وقال أبو الفضل عبيد الله بن أحمد الميكالي: أسيرُ وقلبي في هواكَ أسيرُ ... وحادي ركابي لوعةٌ وزفيرُ ولي أدمعٌ غُزرٌ تفيض كأنَّها ... ندًى فاضَ في العافينَ منك غزيرُ وطرفُ طريفٌ بالسهادِ كأنَّه ... لُهاكَ جليسُ الجودِ فيهِ يُغيرُ وقال أيضاً: كتبتُ وليلي بالسهادِ نهارُ ... وصدري لورَّادِ الهمومِ صدارُ ولي أدمعٌ غزرٌ تفيضُ كأنَّها ... سحائبُ فاضتْ من يديكَ غزارُ ولم أرَ مثلَ الدمعِ ماءً إذا جرى ... تلهَّبُ منهُ في الجوانحِ نارُ رحلتُ وزادي لوعةٌ ومطيَّتي ... جوانحُ من جمرِ الفراق حِرارُ مسيرٌ دعاهُ الناسُ سيراً توسعاً ... ومعنى اسمه أن حقَّقوه إسارُ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 228 وهذا كتابي والجفونُ كأنَّها ... تحكَّم في أشفارهنَّ شِفارُ وقال آخر: يمثّلهُ لي الوهمُ حتَّى كأنَّني ... أُعاينهُ في بعض أحوالهِ عندي فقد كادت النَّجوى تكونُ كأنَّها ... مشابهةٌ لولا التوحُّش للفقدِ وقال آخر: فوالله ما فارقتُ عُقدةَ حبّهِ ... ولا حلتُ ما عمَّرت عن حفظ ودّهِ ولا بدَّ أنَّ الدَّهرَ كاشفُ أهلهُ ... فيظهر للمولى موالاةَ عبدهِ وقال آخر: إذا أبطأتَ يومين ... على أكرم إخوانكْ ولم يأتك عنه أحدٌ ... يسأل عن شانكْ فأيقنْ أن من تأ ... تيه لا يعبأ بإتيانكْ وقال علي بن هارون بن يحيى المنجم: بيني وبين الدَّهر فيك عتابُ ... سيطول إن لم يمحُه الإعتابُ يا غائباً بمزارهِ وكتابهِ ... هل يُرتجى من غيبتيْك إيابُ لولا التعلُّل بالرَّجاءِ لقُطّعتْ ... نفسٌ عليك شعارُها الأوصابُ لا يأسَ من روْح الإله فربَّما ... يصلُ القطوع ويقدم الغيَّابُ وقال آخر: خليلٌ أظلُّ إذا ما دنا ... كأني أُنشئتُ خلقاً جديدا أراني وإن كثر المؤنسو ... ن ما غاب عنِّي فريداً وحيدا وقال آخر: أحقاً عبادَ الله أن قيل دارهمُ ... تدانتْ وأنَّ الملتقى متقاربُ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 229 فقد وجدتْ نفسي ارتياحاً وهزَّةً ... كما اهتزَّ من صرف المدامة شاربُ وقال آخر: سلامٌ على تلك المعاهد إنَّها ... شريعةُ وِرْدي أوْ مهبُّ شمالي فقد صرت أرضى من سواكن أرضها ... بخلّب برقٍ أو بطيفِ خيالِ وقال آخر: لقد برقتْ بالأبرقيْن غمامةٌ ... تبشّرنا أن اللقاءَ قريبُ فإن تدنُ دارُ العامريَّةِ مرَّةً ... فشكري لهم كرّ الزَّمان نصيبُ وإن يضمروا غدراً على قربِ دارهم ... فليسَ لدائي ما حييتُ طبيبُ وقال آخر: أشوقاً وما بيني وبينك بلدةٌ ... ولا مهمهٌ يطوى بأيدي الرواحلِ حللنا بدار أنت منها بمطلعٍ ... وإن شئتمُ كنتمْ بأيدي المنازلِ سلامٌ عليكم أنتمُ غايةُ المنى ... ولا مجد إلاَّ مجدُ تلك الشَّمائلِ وقال آخر: وأرضُ بغدادَ تُسلي من توسَّطها ... عمن بخورزمَ أو أكناف جُرجانِ وقال أبو نواس الحكمي: يا حبَّذا سفوانُ من متربعٍ ... ولربما جمع الهوى سفوانُ وقال آخر: سلامٌ كما رقَّ النَّسيمُ على الصّبا ... وجاءَ رسولُ الوردِ في زمنِ الوردِ وقال آخر: وعليه السَّلامُ ما قامَ رضوى ... وأبانٌ ويذبلٌ وثبيرُ محتدٌ طاهرٌ ومجدٌ أثيلٌ ... وفخارٌ غمرٌ وخلقٌ أثيرُ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 230 وقال آخر: تهبُّ الصّبا صفحاً بجاني ذي الغضا ... ويُصدعُ قلبي إذ تهبُّ هبوبها قريبةُ عهدٍ بالحبيبِ وإنَّما ... مُنى كلّ نفسٍ أين حلَّ حبيبها وقال آخر: إذا بعدتْ دياركَ عن دياري ... دجتْ شمسي وغابَ ضياءُ بدري وقال آخر: يومي بقربٍ منك أشرقَ بهجةً ... واهتزَّ أطرافاً ورقَّ نسيما وقال آخر: ألم ترَيا أمَّ الحميدِ تنكرتْ ... لنا وأطاعتْ كلَّ باغٍ وحاسدِ وأبدتْ لنا بعدَ الصفاءِ عداوةً ... بنفسي وأهلي من عدوٍّ مجاهدِ وتوعدُني أمُّ الحميدِ بهجرها ... إلى اللهِ أشكو خوفَ تلك المواعدِ وقال أبو الفتح البستي: قلبي رهينٌ بنيسابور عند أخٍ ... ما مثله حين تُستقرى البلادُ أخُ له صحائفُ أخلاقٍ مهذَّبةٍ ... منها الحِجى والعلى والظّرفُ ينتسجُ وقال أيضاً: إذا نسيَ الناسُ إخوانهم ... وخان المودَّةَ خوَّانُها فعندي لإخواني الغائبين ... صحائفُ ذكراكَ عنوانُها وقال أيضاً: تحمَّل أخاكَ على ما بهِ ... فما في استقامتهِ مطمعُ وإنِّي له خلقٌ واحدٌ ... وفيه طبائعهُ أربعُ وقال أيضاً: الجزء: 1 ¦ الصفحة: 231 ولا أُصافحُ أُنسي بعد فرقتكم ... حتَّى يصافحَ كفُّ اللاّمس القمرا ولا أمُلُّ مدى الأيامِ ذكركمُ ... حتَّى يملّ نسيمُ الروضةِ السحرا وقال أيضاً: لا تجفونَّ أخاً إذا أبصرته ... لكَ جافياً ولما تحبُّ منافيا فالغصنُ يذبلُ ثمَّ يصبح ناضراً ... والماءُ يكدرُ ثمَّ يرجعُ صافيا وقال البحتري: إذا المرءُ لم تجعلْ غناهُ ذريعةً ... إلى سؤددٍ فاجعلْ غناهُ من العُدمِ وقال آخر: أخٌ أُعطيه مكنونَ التصافي ... وأستسقي له درَّ السَّحابِ إذا استرفدتُه فخليعُ بحرٍ ... أو استنهضته فسليلُ غابِ متى أحللْ بساحتهِ أجدهُ ... أنيسَ الرَّبعِ مخضرَّ الجنابِ وسيطَ البيت في شرفِ المعالي ... نفيسَ الحظّ في كرمِ النصابِ وقال منصور الفقيه المصري: شاهدُ ما في مضمري ... من صدق ودٍّ مضمرُكْ فما أريدُ وصفهُ ... قلبكَ عنِّي يخبرُكْ وقال البحتري: تغيبُ مغيبَ البدرِ عنَّا ومن يبتْ ... بلا قمرٍ يَذممْ سوادَ الغياهبِ وما التقت الأحشاءُ يومَ صبابةٍ ... على برحاءٍ مثل بعد الحبائبِ رحلتَ فلم نأنسْ بمشهد شاهدٍ ... وأُبتَ فلم نحزنْ لغيبة غائبِ وجئتَ كما جاءَ الرَّبيعُ محرّكاً ... يديك بأخلاقٍ تفي بالسحائبِ فعادتْ بكَ الأيامُ زُهراً كأنَّما ... جلا الزهرُ منها عن خدورِ الكواعبِ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 232 فكم من حنينٍ لي إلى الشَّرقِ مصعد ... وإن كانَ أحبابي بأرضِ المغاربِ وقال آخر: ومن غابَ ينوي نيَّةً عن صديقهِ ... وهجراً فإنِّي غبتُ عنه لأشهدا وما الفرقُ في بغض المواطنِ للذي ... يرى الحزمَ إلاَّ أن يشطَّ ويبعدا وقال آخر: أقسّمُ فيه الظنَّ طوراً مكذّباً ... به أنه حقٌّ وطوراً أُصدّقُ أخافُ وأرجو بُطلَ ظنِّي وصدقه ... فلله شيءٌ حين أرجو وأفرقُ وقال آخر: أحنو إليكَ وفي فؤادي لوعةٌ ... وأصدُّ عنكَ ووجه ودِّي مقبلُ وإذا هممتُ بوصلِ غيركَ ردَّني ... ولهٌ إليكَ وشافعٌ لكَ أوَّلُ وقال آخر: سقى اللهُ ذاكَ العهد سحّاً وديمةً ... وهطلاً وإرهاماً ووبلاً وريّقا وقال آخر: أُنبّيكَ عن عيني وطولِ سُهادها ... ووحدةِ نفسي بالأسى وانفرادِها وإنَّ الهمومَ اعتدنَ بعدكَ مضجعي ... وأنتَ الذي وكَّلتني باعتيادها وقال آخر: يا بعيدَ الدارِ موصو ... لاً بقلبي ولساني طالما باعدكَ الدَّه ... رُ فأذنتكَ الأماني وقال آخر: الجزء: 1 ¦ الصفحة: 233 إنَّا على البعادِ والتَّفرُّقِ ... لنلتقي بالذكرِ إن لم نلتقِ وقال آخر: يا دهرُ غيّرْ كل شيءٍ سوى ... رأي أبي العبَّاسِ فاتركهُ لي وقال أبو تمام الطائي: قالوا الرَّحيلُ فما شككتُ بأنها ... روحي عن الدُّنيا تريدُ رحيلا وقال آخر: وحياة من أضحتْ لديَّ حياتهُ ... أثرى إليَّ من اتّصالِ حياتي ما سافرتْ لحظاتُ عيني نحوكم ... إلاَّ على خيلٍ من العبراتِ وقال أبو إسحاق الصابئ: قالوا اللّقاء غداً لا شكَّ قلتُ لهم ... الآنَ أعلمُ أنَّ اسمَ الحُمامِ غدُ وقال أبو الطيب المتنبي: يا راحلاً كلُّ من يودّعهُ ... مودِّعٌ دينه ودنياهُ إن كانَ فيما نراهُ من كرمٍ ... فيكَ مزيدٌ فزادكَ اللهُ وقال آخر: فلو أنِّي استطعتُ خفضتُ طرفي ... فلم أبصرْ به حتَّى أراكا وقال آخر: وكأنِّي بين الوصالِ وبين ال ... هجرِ ممن مقامهُ الأعرافُ في محلٍّ بين الجِنانِ وبين النَّا ... رِ طوراً وطوراً أخافُ وقال آخر: لا منكرٌ لقبيحٍ منكَ أعرفهُ ... إنِّي أراهُ إذا أرضاكَ إحسانا أُحدّثُ النفسَ مسروراً بذكركمُ ... حتَّى كأنَّ الذي ما كانَ قد كانا الجزء: 1 ¦ الصفحة: 234 وقال آخر: سلامٌ ترجفُ الأحشاءُ منهُ ... على الحسنِ بنَ وهب والعراقِ على البلدِ الحبيبِ إليَّ غورٍ ... ونجدٍ والأخِ العذبِ المذاقِ ليالي نحنُ في غفلات عيشٍ ... كأنَّ الدَّهرَ عنَّا في وثاقِ وأيَّامٌ لنا ولها لداتٌ ... غنينا في حواشيها الرّقاقِ وقال آخر: العيشُ ما فارقتَه فذكرتهُ ... لهفاً وليسَ العيشُ ما تنساهُ وقال آخر: وداعكَ مثلُ وداعِ الرَّبي ... عِ وفقدُكَ مثلُ افتقادِ الديَمْ سلامٌ عليك فكم من وفاً ... نفارقُ فيكَ وكم من كرمْ وقال آخر: إنِّي لأضمرُ للرَّبيعِ محبَّةً ... إذ كنتُ أعتدُّ الربيعَ أخاكا وأراكَ بالعينِ التي لم تنصرفْ ... ألحاظها إلاَّ إلى نُعماكا وقال آخر: يا نازحَ الدَّار عن محلِّي ... سقياً لأيامنا المواضي إذ أنا للحادثاتِ سلمٌ ... وعن صروف الزَّمان راضِ كأنَّ آثارَها علينا ... مواقعُ القطرِ في الرياضِ وقال آخر: البسْ أخاكَ على تصنُّعهِ ... ولربَّ مفتضحٍ على النَّصِّ ما كدتُ أفحصُ عن أخي ثقةٍ ... إلاَّ ذممتُ عواقبَ الفحصِ وقال البحتري: الجزء: 1 ¦ الصفحة: 235 أغداً يشتُّ المجدُ وهو جميعُ ... وتردُّ دارُ الحمدِ وهي بقيعُ سأُقيمُ بعدكَ عند غيركَ عالماً ... علمَ الحقيقةِ أنَّني سأضيعُ وأودّعُ الإحسانَ بعدكَ واللُّهى ... إذ حانَ منكَ السيرُ والتَّوديعُ وسأستقلُّ لكَ الدموعَ صبابةً ... ولو أنَّ دجلةَ لي عليكَ دموعُ وقال الصاحب بن عباد في ابن العميد الكاتب: أودّعُ منكَ أنواءَ السحابِ ... وعيشاً بينَ أفئدةٍ رحابِ وبدراً نورُ حاجبهِ منيرٌ ... وشمساً لا توارى بالحجابِ فأوصِ الدَّهرَ بي خيراً عميماً ... فقد غادرته أخشى عقابي وهبْ أحداثَهُ قد جانبتني ... ألستُ أسيرُ عن هذا الجنابِ وقال آخر: ليتَ الديارَ التي تبقى وتحزننا ... كانت تبينُ إذا ما أهلها بانوا ينأوْنَ عنا ولا تنأى مودَّتهم ... فالقلبُ فيهم رهينٌ حيثما كانوا وقال آخر: لئن كانَ من قالَ السلامُ عليكُم ... يُعدُّ صديقاً فالصديقُ كثيرُ وقال آخر: أخٌ لي كأيامِ الحياةِ إخاؤهُ ... تلوَّنَ ألواناً عليَّ خُطوبها إذا عبتُ منهُ خلةً وهجرتُه ... دعتني إليه خلةٌ لا أعيبها وقال آخر: أسألُ الله خيرَ هذا الكتابِ ... قد أتاني براحةٍ وعذابِ أشتهي فكَّه وأفرقُ منه ... ففؤادي مفرَّقُ الأسبابِ وقال آخر: الجزء: 1 ¦ الصفحة: 236 وهوَّنَ ما بي أنَّ فرقةَ بيننا ... فراقُ حياةٍ لا فراقُ مماتِ وقال آخر: إذا الليلُ ألبسني ثوبهُ ... فقلبيَ فيهِ فتًى موجعُ وقال أيضاً: يا ليتَ شعري وفي الليالي ... ضنٌّ بما سرَّني ولومُ هل يسعفُ الدهرُ بالتداني ... فربما أسعفَ اللئيمُ وقال آخر: لذيذُ الكرى حتَّى أراكَ محرمُ ... ونارُ الأسى بين الحشا تتضرَّمُ وإنَّ جفوني إنْ ونَتْ للئيمةٌ ... وإنّي وإنْ طاوعتهنَّ لألأمُ وإنِّي وإياهُ لعينٌ وأختُها ... وإنِّي وإياه لكفٌّ ومعصمُ وقال آخر: لقد نافسني الدهرُ ... بتأخيري عن الحضرهْ فما ألقى من العلَّةِ ... ما ألقى من الحسرهْ وقال آخر: وخبَّرتني أنَّ العزاءَ محرَّمٌ ... وهل يتعزَّى عنهُ غيرُ لئيمِ فما الدَّارُ فيما بيننا ببعيدةٍ ... ولا العهد فيما بيننا بقديمِ وقال آخر: ووُرقٍ تداعتْ للبكاءِ بعينها ... كمينُ أسًى بين الحشا والحيازمِ وصلتُ بدمعي نوحهنَّ وإنَّما ... بكيتُ بشجوي لا بشجو الحمائمِ وقال آخر: الجزء: 1 ¦ الصفحة: 237 أخي لا تروعنّي تميل إلى أخٍ ... سوايَ فتسلو بعضُ نفسك عن نفسي وكنْ عالماً أنَّي أغارُ على أخي ... وخِلّي كما أنّي أغارُ على عُرسي وقال آخر: فيا ليتَ شعري والأماني كثيرةٌ ... أيشعر بي من بتُّ أرعى به الشِعرى وقال آخر: عدتْ بأحبتي كوم المطايا ... فبانَ النومُ وامتنعَ القرارُ وكان الدَّمعُ لي ذخراً معدّاً ... فأنفقتُ الذخيرةَ يومَ ساروا وقال آخر: يُعرفُ السيفُ بالضريبةِ يلقا ... ها ويُنبي عن الصديق امتحانُهْ وقال الشريف الرضي الموسوي: إشترِ العزَّ بما بيعَ ... فما العزَّ بغالي بالقصارِ البيض إن شئ ... ت أو السمر الطوالِ ليس بالغبونِ عقلاً ... مشتري عزٍّ بمالِ والفتى من جعل المعر ... وفَ أثمانَ المعالي إنَّما يُدخّرُ الما ... لُ لحاجاتِ الرجالِ وقال آخر: يرسبُ الدُّرُّ في البحار ويعلو ... هُ غُثاءُ الأزبادِ والأقذاءِ وهو لا بدَّ أن يُرام فيستخرج ... يوماً من لجَّةٍ خضراءِ ثمَّ يعلو من بعد ذلك في التيجا ... ن هامَ الأكابرِ العظماءِ وقال أبو الطيب المتنبي: الجزء: 1 ¦ الصفحة: 238 لا يسلمُ الشرفُ الرفيعُ من الأذى ... حتَّى يُراقَ على جوانبهِ الدَّمُ وقال آخر: بنو كعبٍ وما أثَّرت فيهمْ ... يدٌ لم يدمها إلاَّ السوارُ وقال آخر: نأوا عنّي وعندهمُ فؤادي ... وغبتُ ولم يغبْ عنهم ودادي ولولا شقوتي ما فارقوني ... وكانوا بين جفني والسهادِ وقال آخر: وتركي مواساة الأخلاَّءِ بالذي ... تنالُ يدي ظلم لهمْ وعقوقُ وإنِّي لأستحيي من الله أن أُرى ... بحالِ اتساعٍ والصديق مضيقُ وقال أبو بكر الصنوبري: لم ينأ من لم ينأ حسنُ وفائهِ ... وكريمُ عشرته وصدقُ إخائهِ كالبدرِ يبعدُ في السماءِ محلهُ ... وكأنهُ معنا لقرب ضيائهِ وقال آخر: آخ من شئتَ ثمَّ رُمْ منه شيئاً ... تلقَ من دون ما ترومُ الثريَّا وقال آخر: أفديكَ بل أيام عمريَ كلها ... يفدينَ أياماً عزلتك فيها وقال آخر: إن كان ينقصُ عن قرطاسكم خطري ... فاكتبْ إليَّ فدتك النفسُ في خزفِ وقال المفجع البصري: زفراتٌ تعتداني عند ذكرا ... كَ وذكراكَ ما يريمُ فؤادي وسروري قد غاب عني منذ ... غبْت فهلاَّ كنتم على ميعادِ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 239 حاربتني الأيام فيك أبا سعدٍ ... بسيفِ النوى وسهم البعادِ ليس لي مفزعٌ سوى عبراتٍ ... من جفونٍ مكحولةٍ بالسهادِ وقال البحتري: ولحسبي من المصائب إنّي ... في بلادٍ وأنتمُ في بلادِ وقال آخر: وخبَّروني أنَّ أحبابنا ... قد جعلوا البينَ لنا موعدا يا ليتَ أيامي وهيَ سلكها ... وافتقدَ المحصون منها غدا وقال عبد الله بن المعتز العباسي: إنَّ يحيى لا زالَ يحيى صديقي ... وخليلي من دونِ هذا الأنامِ زادَ ودّي له صفاءً كما في ... كل يومٍ يزيدُ صفوُ المدامِ وقال علي بن الرومي: فكأنما يمنايَ حين تناولتْ ... يمناك إذ صافحتني بكتابِ أخذتْ كتابَ الله وهو مبشرٌ ... بكرامةِ الرضوان يوم حسابِ وقال آخر: خطراتُ ودّكَ تستثيرُ مودَّتي ... فأُحسُّ منها في الفؤادِ دبيبا لا عضوَ لي إلاَّ وفيه صبابةٌ ... فكأنَّ أعضائي خلقنَ قلوبا وقال أبو شراعة: وإذا الكريمُ أتيته بخديعةٍ ... فرأيته فيما ترومُ يسارعُ فاعلمْ بأنكَ لم تخادعْ جاهلاً ... إنَّ الكريمَ بفضله يتخادعُ وقال الصاحب أبو القاسم إسماعيل بن عباد: يا أبا الفضل لم تأخَّرتَ عنا ... فأسأنا بحسن عهدكَ ظنَّا الجزء: 1 ¦ الصفحة: 240 كم تمنَّتْ نفسي صديقاً صدوقاً ... فإذا أنتَ ذلكَ المتمنَّى فبغُصنِ الشبابِ لما تثنَّى ... وبعهد الصبا وإن بانَ عنَّا كنْ جوابي إذا قرأتَ كتابي ... لا تقلْ للرسولِ كانَ وكنَّا وقال آخر: يا شهرزورُ سُقيتِ الغيثَ من بلدٍ ... نزيدُ وجداً به أنَّى نقابلهُ طالَ الفراقُ فلا وافٍ يراسلنا ... على البعادِ ولا آتٍ نسائلهُ وقال آخر: إنْ لم أودّعكَ فعن عُذرةٍ ... فاثنِ إليها أُذناً واعيهْ قرَّتْ بكَ العينُ فنزَّهتُها ... عن نظرةٍ ليست لها ثانيهْ وقال آخر: ولما عدتني عنه بادرةُ النوى ... أبى القلبُ إلاَّ أن يسيرَ مع الركبِ فسرتُ وقد خلَّفتُ قلبي عندهم ... فيا من رأى شخصاً يسيرُ بلا قلبِ وقال الخبَّاز البلدي: أترى الجيرةَ الذين تداعوا ... بكرةً للزِّيال قبل الزّيالِ علموا أنني مقيمٌ وقلبي ... معهم سائرٌ أمام الجمالِ وقال قيس بن الملوح العامري: إذا الريحُ من أرضِ الحبيبِ تنسمتْ ... وجدتُ لريَّاها على كبدي بَرْدا على كبدٍ قد كادَ يُبدي بها الجوى ... صدوداً وبعضُ القومِ يحسبني جَلدا وقال آخر: وإذا ما الشريفُ لم يتواضعْ ... للأخلاءِ كان عينَ الوضيعِ وقال آخر: الجزء: 1 ¦ الصفحة: 241 هذي القصائدُ قد رفعت قناعها ... تُهدى إليك كأنهنَّ عرائسُ ولكَ السلامةُ والسلامُ فإنني ... غادٍ وهنَّ على علاكَ حبائسُ وقال آخر: وأخٍ لبستُ العيشَ أخضرَ ناضراً ... بكريم عشرته وفضلِ إخائهِ ما أكثرَ الآمال عندي والمُنى ... إلاَّ دفاع الله عن حوبائهِ وقال آخر: وخليلي الذي إذا نابَ دهرٌ ... حملتْ كفُّهُ نوائبَ دهري وقال آخر: قضاءُ حقٍّ وما نقضي بطاقتنا ... من ذلك الحقِّ إلاَّ بعضَ ما يجبُ وقال آخر: إذا سرتُ عنهم ليلةً وثلاثةً ... عرفتُ اغترابي في حنين جمالي فكيفَ التخلّي عنهمُ وحبالهم ... إذا انتسبوا معقودةٌ بحبالي وقال آخر: إن كان من فارسٍ في بيت سؤددها ... وكنت من طيءٍ في البيت والحسبِ إذا تشاكلت الأخلاقُ واقتربت ... أدنت مسافةَ بين العجمِ والعربِ وقال آخر: إنِّي أمُتُّ بودٍّ قد تقادم عن ... جذب الليالي ولم يخلق من القدمِ وذمةٍ بكَ لم يُثبتْ تأكدها ... إلاَّ وفاؤُكَ للأقوامِ بالذممِ وقال علي بن الرومي: الجزء: 1 ¦ الصفحة: 242 يا خلاصَ الأسيرِ يا صحة المد ... نف يا زورةً على غيرِ وعدِ يا نجاةَ الغريقِ يا فرحة الأوْ ... بةِ يا قفلةً أتتْ بعد بعدِ ارضَ عني فدتك نفسي إنِّي ... لكَ عبدٌ أذلُّ من كل عبدِ وقال آخر: وكيف تناسي من كأنَّ كلامه ... بإذني ولو باعدتُ قُرطٌ معلقُ وقال آخر: تعصَّبْ للكنيِّ أباً وأُماً ... فقد يجبُ التعصبُ للكنيِّ وقال آخر: لعلَّ الليالي يكتسينَ بشاشةً ... فيجمعنَ من شمل الهوى المتفاقمِ وقال آخر: إن جرى بيننا وبينكَ عتبٌ ... وتناءتْ منا ومنكَ الديارُ فالغليلُ الذي عهدتَ مقيمٌ ... والدموعُ الذي عرفتَ غزارُ وقال إسماعيل أبو العتاهية: فما الدارُ فيما بيننا ببعيدةٍ ... ولا العهدُ فيما بيننا بقديمِ وقال آخر: كأنَّ عائبكم يُبدي محاسنكم ... إن نال من جسمكم عندي ويُغريني إنِّي لأعجبُ من حبٍّ يقرّبني ... ممن يباعدني عنه ويقصيني وقال آخر: فلما استقلُّوا بأثقالهم ... وقد أزمعوا بالذي أزمعوا رميتُ بطرفي على إثرهم ... وأتبعتهم مُقلةً تدمعُ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 243 وقال آخر: إن المنية والفراق لواحدٌ ... أو توأمان تراضعا بلبانِ وقال آخر: قد غاب يحيى فلا أرى أحداً ... يأنسُ إلاَّ بذكره الحسنِ وقال البحتري: وقد يبتلي قومٌ ولا كبليَّتي ... ولا مثل وجدي في الشقاءِ بكم وجدُ وقال أبو تمام الطائي: قد طال بي عهدٌ ومدَّ جوانحي ... شوقٌ فجئتُ من الشآم مسلّما وقال آخر: وقلتُ أخٌ قالوا أخٌ من قرابةٍ ... فقلت لهم إن الشكولَ أقاربُ نسيبيَ في رأيي وعزمي ومذهبي ... وإن باعدتنا في الأصولِ المناسبُ وقال آخر: اسلمْ أبا نوح فإنك إنَّما ... تهوى السلامة كي تجود وتحمدا وهنتك عافيةُ الأميرِ فإنهُ ... قد راح مجتمع العزيمة واغتدى في نعمةٍ هي للمكارم والعلى ... وسلامةٍ هي للسماحة والندى وقال آخر: لسرعان ما تاقت إليك جوانحي ... وما ولهتْ نفسي عليك تقدُّما ذكرتُك ذكرى طامعٍ في تجمعٍ ... رأى النَّاس فارفضت مدامعه دما الجزء: 1 ¦ الصفحة: 244 وقال آخر: يصفو له ودّي وترجفُ دونه ... كبدي وتنبو عن أذاهُ مضاربي وقال آخر: يقيَّضُ لي من حيثُ لا أعلم النوى ... ويسري إليَّ الشوق من حيث أعلمُ وقال آخر: هل العيش إلاَّ ليلةٌ طوَّحتْ بنا ... أواخرُها في يوم لهوٍ معجَّلِ وقال آخر: تطاولَ باللقاءِ العهدُ منَّا ... وطولُ العهدِ يقدحُ في القلوبِ أراكَ وإن نأيتَ بعين قلبي ... كأنك نُصب عيني من قريبِ وقال آخر: أميلُ مع الزمامَ على ابن عمي ... وأقضي للصديق على الصديقِ أفرّقُ بين معروفي وبيني ... وأجمع بين مالي والحقوقِ وقال آخر: وآخر قولي أن سلامٌ عليكمُ ... عن الكبدِ الحرَّى فقد جرح الصدرُ وقال آخر: ويشهدُ اللهُ وحسبي بهِ ... أنِّي إلى وجهك مشتاقُ وقال آخر: قلتُ للشوق إذ دعاني لبَّيْ ... ك وللحاديينِ حثُّوا المطيَّا وقال آخر: إذا العيشُ غضٌّ والزَّمان مساعدٌ ... ونجمُ التلاقي لم يرعْ بأُفولِ وقال آخر: ونعمنا بليلةٍ ليس للهمِّ ... لديها قرًى سوى الانزعاجِ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 245 وقال آخر: فتلكَ عهودٌ لو تكلَّف وصفَها ... فتى وائلٍ لارتدَّ عنها مقصرا وقال آخر: إذ نحن في ظلِّ الزَّمان المنصفِ ... نسحبُ ذيل للهو سحب المِطرفِ وقال آخر: متى يكونُ الذي أرجو وآملهُ ... أمَّا الذي كنت أخشاهُ فقد كانا وقال آخر: وبي برحُ شوق لو بثثتُك كنههُ ... لأيقنت أنِّي في ودادك مخلصُ ولا بأسَ من دوْح اجتماعٍ يضمنا ... إلى ظلّ أيام بقربك تخلصُ وقال آخر: وإنِّي لأرجو والرجاء مسيلةٌ ... لنا أن يضمَّ الشملُ بعضاً إلى بعضِ فقد طالَ ما اغترَّ البعاد يذودنا ... عن المنهل المورود والمرتع الغضِّ وقال آخر: أيا لهف نفسي كلما التحتُ لوحة ... إلى شربةٍ من ماء أحواض قاربِ بقايا نطافٍ أودعَ الغيمُ مزنَها ... مصيقلةِ الأرجاء زُرق الجوانبِ ترقرقَ دمعُ المزن فيهنَّ والتوت ... عليهنَّ أنفاسُ الرياح الجنائبِ وقال آخر: صلَّى الإله على امرئٍ ودَّعتهُ ... وأتمَّ نعمته عليه وزادَها وقال آخر: فسقى الله بلدةً أنتَ فيها ... كدموعي عند اعتراضِ الفراقِ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 246 وأرانيك والصبابة حتَّى ... قد ترقَّت روحي أعالي التراقي وقال آخر: كأنَّ عليكم موثقاً في قطيعتي ... وقد خلتمُ أن الوصال حرامُ وقال آخر: وأيقنتُ أن العجز عنهُ فريضةٌ ... إذا كان عن أهلِ النقيصةِ عاجزاً وقال آخر: تعلمت مما قلتَه ونظمتهُ ... فأهديت حلواً من جنابي لغارسِ وقال آخر: وإذا امرؤٌ ألقى إليك زمامه ... فالدَّهرُ في كفَّيه أطوعُ طائعِ وقال آخر: إنَّ الكريم على المكارم قيّمٌ ... وابنَ الكريمةِ للكرامِ نصورُ وقال آخر: وإنكمُ من دون أهلي ومعشري ... معاشري الأدنونَ أصفيكمُ ودِّي خلصتم ولا إلاَّ كسير رُدَّ بسبكه ... فشعبكمُ شعبي ووردكمُ وردي وقال آخر: رأيتُ تهاجرَ الإخوان عدلاً ... إذا اصطلحت على الودِّ القلوبُ وقد يدنو البعيدُ على التنائي ... وقد ينأى على القربِ القريبُ وقال إسماعيل الحمدوني: بحياتي وحرمتي وبحقي ... لا تخلفْ إذا قرأتَ كتابي وأْتنا إنَّ عندنا بعضَ من ... أنت لهُ وامقٌ من الأصحابِ وأنا الساقي البغيض ولكن ... ليس بدٌّ من القذى في الشرابِ وقال آخر: الجزء: 1 ¦ الصفحة: 247 طلع الندامى كلهم وتفضلوا ... وبقيتَ منتظراً وأنت الأولُ وقال آخر: نحن إذا غابَ أبو قاسم ... وأمست الدَّارُ بهِ شاحطهْ نجومُ ليلٍ فقدت بدرَها ... وعقدُ درٍّ عدِمَ الواسطهْ وقال بشار بن برد: لا والذي خصَّ قلبي منكَ بالحزنِ ... وخصَّ للطرفِ جريَ الدمع بالوسنِ ما حنَّ قلبي إلى شيءٍ سواك ولا ... نظرتُ مذ غبتَ عن عيني إلى حسنِ وقال محمد بن عبد الملك ابن الزيات الوزير: لما وردتُ التغلبيَّ ... ةَ عند مجتمع الرفاقِ وشممتُ من تربِ الحجا ... زِ نسيمَ أنفاسِ العراقِ أيقنتُ لي ولمنْ أح ... بُّ بجمع شملٍ واتّفاقِ لم يبقَ إلاَّ تجشُّ ... مُ هذه السبعَ البواقي حتَّى يطولَ حديثُنا ... بصفاتِ ما كنَّا نلاقي وقال أيضاً: ما سرتُ ميلاً ولا جاوزتُ مرحلةً ... إلاَّ وذكركَ يَثني دائباً عنُقي ولا ذكرتكَ إلاَّ بتُّ مرتفقاً ... صباً حزيناً كأنَّ الموتَ معتنقي وقال المهلبي الوزير: كلما سرتُ في فراقكَ ميلاً ... مالَ من مهجتي إليكَ فريقُ وقال آخر: إن كانت الكتبُ فيما بيننا انقطعتْ ... فحبلُ ودِّكَ باقٍ ليس ينقطعُ وقال أبو سعيد الرستمي الأصفهاني: الجزء: 1 ¦ الصفحة: 248 نأَوْا فتدانوْا لنا بالوصا ... ل فلمَّا دنوْا بعدوا بالصدودِ وقال آخر: يا أبا العبَّاسِ إنِّي ناصحٌ ... لكَ والنصحُ بذي الجودِ جديرُ لا تعدني منكَ يوماً صالحاً ... إنَّ إخوانك في الخير كثيرُ وليكنْ للشرِّ ما أعددتني ... إن يومَ الشرِّ يومٌ قمطريرُ وقال الفرزدق: فإن تنأَ عنَّا لم نضركَ وإن تعدْ ... تجدْنا على الودِّ الذي كنتَ تعهدُ وقال أبو إسحاق الصابئ: لستُ أشكو هواكَ يا من هواهُ ... كلّ يومٍ يروعني منه خطبُ مرَّ ما مرَّ بي من أجلك حلواً ... وعذابي في حبِّ مثلكَ عذبُ وقال أبو فراس الحمداني: والفتى إن أرادَ نفعَ أخيه ... فهو يدري في نفعه كيف يسعى وقال آخر: أجملي يا أمَّ عمرٍو ... زادكِ الله جمالا لا تبيعيني برخصٍ ... إنَّ في مثلي يُغالى وقال أبو الحسين أحمد بن فارس: إذا كان يؤذيكَ حرُّ المصي ... فِ وكرب الخريف وبردُ الشتا ويُلهيكَ حسنُ زمانِ الربي ... عِ فعوْدُك لي يا أخي قلْ متى وقال قيس بن الملوح العامري: وخبَّرتماني أنَّ تيماءَ منزلٌ ... لليلى إذا ما الصيفُ ألقى المراسيا فهذي شهورُ الصيفِ عنا قد انقضت ... فما للنوى ترمي بليلى المراميا الجزء: 1 ¦ الصفحة: 249 وقال البحتري: أميلُ بقلبي عنكَ ثمَّ أردُّهُ ... وأعذرُ نفسي فيكَ ثمَّ ألومُها وقال عبد الله بن المعتز العباسي: يا جوهر الإخوانِ ... وحيلةَ الزمانِ ودولةَ المعالي ... وروضةَ الأماني عشْ لي كعمر شكري ... وذاكَ قد كفاني أريتَ عينَ ودي ... معائب الإخوانِ وقال آخر: إذا ما استبدلَ الوام ... قُ بُعدَ الدارِ بالقربِ ولم يبقَ سوى الأخبا ... رِ والإرسالِ والكتْبِ فقد رثَّت قُوى العهد ... كما رثت قوى الحبِّ ومن غابَ عن العينِ ... فقد غابَ عن القلبِ وقال القاضي أبو الحسن علي بن عبد العزيز الجرجاني: وفارقتُ حتَّى لا أسرُّ بمن دنا ... مخافة نأيٍ أوْ حذارِ صدودِ وقال أيضاً: تحيَّنَ غفلاتِ الوشاةِ فزارنا ... يعرّجُ عن قصدِ الطريقِ تخوُّفا علمنا به كيف التظرُّفُ بعدهُ ... ومن عاشرَ الحرَّ الظريفَ تظرَّفا وقال أبو المطاع الحمداني واسمه ذو القرنين: إنِّي لأحسدُ لا في أسطرِ الصحفِ ... إذا رأيتُ اعتناقَ اللام بالألفِ وما أظنُّهما طالَ اعتناقهما ... إلاَّ لما لقيا من شدَّةِ الشغفِ وقال آخر: الجزء: 1 ¦ الصفحة: 250 يا من غدا طالباً بين الأنامِ أخاً ... ثبْتَ المودَّةِ لا يُبغى به البدلُ عرّجْ عليَّ فما في رونقي رنقٌ ... لمن أُصافي ولا في خلَّتي خللُ وقال إبراهيم بن العباس: وأنتَ هوى النفسِ من بينهم ... وأنتَ الحبيبُ وأنتَ المطاعُ فما بكَ إن بعدوا وحدةٌ ... ولا معهم إن بعدتَ اجتماعُ وقال آخر: إذا أُبتَ لم أفقدْ الغائبي ... نَ وإن غبتَ كنتُ وحيداً فريدا تباعدُ نفسي إذا ما بعدْ ... تَ فليسَ تعاودُ حتَّى تعودا وقال آخر: هبْني بقيتُ على الأيام والأبدِ ... ونلتُ ما شئتُ من مالٍ ومن ولدِ منْ لي برؤية من قد كنتُ آلفهُ ... وبالشَّبابِ الذي ولَّى ولم يعدِ لا فارقَ الحزنُ قلبي بعد فرقتهم ... حتَّى يُفرَّقَ بينَ الرُّوح والجسدِ وقال آخر: وقائلةٍ والدمعُ سكبٌ مبادرُ ... وقد شرقتْ بالماءِ منها المحاجرُ وقد أبصرت حِمَّان من بعد أهلها ... ومنها المغاني موحشاتٌ دواثرُ كأن لم يكنْ بين الحجون إلى الصفا ... أنيسٌ ولم يسمرْ بمكَّةَ سامرُ فقلتُ لها والقلب منِّي كأنَّما ... تحمَّله بين الجناحين طائرُ بلى نحنُ كنَّا أهلها وأبادَنا ... صروفُ الليالي والجدودُ العواثرُ فيا نفس لا تفني أسًى واذكري أساً ... ليوشكُ يوماً أن تدور الدوائرُ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 251 وقال أيضاً: قالوا تمنَّ ما هويتَ واجتهدْ ... فقلتُ قولَ المستكين المقصدْ لقاءُ من غابَ وفقْد من شهدْ وقال القاضي أبو الحسن عبد العزيز الجرجاني أقولُ لسارٍ في شمال وراقدِ ... يفتّح فيهِ البرقُ أجفانَ ساهدِ تجمَّع من شتّى ولكنْ تآلفتْ ... نواحيهِ حتَّى صارَ في شخص واحدِ أُناشدكَ القربى التي بين أدمعي ... وبينكَ والقربى وأرقُّ المناشدِ أمامكَ أرضُ الشام فاسْقِ معاهداً ... لأحبابنا بل عهدَهم بالمعاهدِ بلادٌ بها قلبي فإنْ آتِ غيرَها ... فإلمامُ مرتادٍ وزوْرة وافدِ أذمُّ لذكراها بلادي ومولدي ... وحيث تهاديني أكفُّ الولائدِ وحيثُ إذا أرسلتُ لحظيَ رأفةً ... ملاعبُ أترابي ومولدِ والدي ولكنَّ لي بالشام عذراءُ صبوةٍ ... جعلتُ لها عذرَ النُّهى غير راشدِ وقال أيضاً: أنا الوليُّ الذي إذا كُشفتْ ... أسرارهُ قيل أخلص الرجلُ مودَّةٌ لا يَشينُها ملَقٌ ... ونيَّةٌ لا يشوبُها دخَلُ إذا دنا فالولاءُ مشتهرٌ ... وإنْ نأى فالثَّناءُ متَّصلُ وقال مسلم بن الوليد، المعروف بصريع الغواني: وإنِّي وإسماعيلَ يومَ وداعهِ ... لكالغمد يوم الروْع فارقه النصلُ فإنْ أغشَ قوماً بعدهمْ وأزورهمْ ... فكالوحوش يدنيها من الأنس المحلُ وقال القاضي أبو الحسن عبد العزيز الجرجاني: ولي خُلقٌ لا أستطيعُ فراقهُ ... يفوّتني حظِّي ويمنعني رُشدي الجزء: 1 ¦ الصفحة: 252 نفورٌ عن الإخوان من غير ريبةٍ ... تعدُّ جفاءً والوفاءُ لهمُ وكدي وقال السري الرفاء: غذيتُ بهِ طفلاً وإن رمتُ تركهُ ... تأبَّى وأغرتني به أُلفةُ المهدِ على أنَّني أقضي الحقوق بنيَّةٍ ... وأبذلُ في رعْي الذّمام لهم جهدي ويخدمهم قلبي وسرِّي ومنطقي ... فأبلغُ أقصى غايةَ القرب في بعدي وقال آخر: جزاءُ فتًى تعرَّضَ للبعادِ ... تجافي مقلتيهِ عن الرُّقادِ وأن يُغرى بهِ شوقٌ موالٍ ... يغالبهُ على صبرٍ مُعادِ وأجفان تروِّي كلَّ شيءٍ ... سوى قلبٍ إلى الأحبابِ صادي بذاكَ جُزيتُ إذ فارقتُ قوماً ... لبستُ لبينهمْ ثوبيْ حدادِ مغاني حكمةٍ وغيوثُ جدبٍ ... وأنجمُ حيْرةٍ وصدور نادي الباب الثاني عشر في السلطانيات وما يليق بها وقال آخر: هذهِ دولةُ المكارمِ والرَّأ ... فةِ والمجدِ والنَّدى والأيادي كُسفتْ ساعةً كما تكسفُ الشَّم ... سُ وعادتْ ونورها في ازديادِ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 253 وقال أحمد أبو الطيب المتنبي: كلُّ يومٍ لك احتمالٌ جديدٌ ... ومسيرٌ للمجدِ فيه مقامُ وإذا كانت النفوس كباراً ... تعِبتْ في مرادها الأجسامُ كلُّ عيشٍ ما لم تُطبهُ حِمامٌ ... كلُّ شمسٍ ما لم تكنْها ظلامُ وقال أيضاً: فإنْ كانَ أعجبكمْ عامُكمْ ... فعودوا إلى حمصَ في القابلِ ولستَ بأولِ ذي همَّةٍ ... دعته لما ليس بالنائلِ وقال أبو الفتح البستي: لئنْ كسفونا بلا علَّةٍ ... وفازتْ قِداحهمُ بالظفرْ فقد يكسف المرءَ من دونه ... كما يكسف الشمس جرم القمرْ وقال النعمان بن المنذر: تعفو الملوك عن العظي ... م من الذنوب بفضلها ولقد تُعاقب في اليسي ... رِ وليسَ ذاكَ لجهلها وقال آخر: وإنَّ أميرَ المؤمنينَ وفعلهُ ... لكالدَّهر لا عارٌ بما فعل الدَّهرُ وقال أبو العتاهية وقيل لمروان بن أبي حفصة: أتتهُ الخلافةُ منقادةً ... إليه تجرّر أذيالها فلمْ تكُ تصلحُ إلاَّ لهُ ... ولم يكُ يصلح إلاَّ لها ولو رامها أحدٌ غيرهُ ... لزُلزلت الأرض زلزالها وقال عبد الله بن المعتز العباسي: ومتى يرمْها الرَّائمون فبادرُو ... ها منهم حصْداً بكلِّ مهنَّدِ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 254 طوراً مجاهدةً وطوراً غَيْلةً ... كم قاتلٍ بسلاح كيدٍ مُغمدِ وقال أحمد أبو الطيب المتنبي: وإنَّ دماً أجريتَه بك فاخرٌ ... وإنَّ فؤاداً رُعته لك حامدُ نهبتَ من الأعمار ما لو حويتهُ ... لهنئت الدُّنيا بأنكَ خالدُ وقال أيضاً: إذا رأيتَ نيوبَ اللَّيث بارزةً ... فلا تظنَّنَّ أنَّ اللَّيثَ يبتسمُ وقال أيضاً: وإنهم عبيدكَ حيث كانوا ... إذا تدعُوا لحادثةٍ أجابوا وأنت حياتُهم غضبت عليهم ... وهجرُ حياتهم لهمُ عقابُ وما جهلتْ أياديك البوادي ... ولكن ربما خفيَ الصوابُ وكم ذنبٍ يولّده دلالٌ ... وكم بعد يولّده اقترابُ وجُرمٍ جرَّه سفهاءُ قومٍ ... فحلَّ بغير جارمهِ العذابُ وقال غيره: قد زالَ ملكُ سليمانٍ فعاودَهُ ... والشمسُ تنحطُّ في المجرى وترتفعُ وقال آخر: كذبتم وبيتِ اللهِ لا تأخذونها ... مراغمةً ما دامَ للسيفِ قائمُ وقال آخر: فلا تحسب الحسَّادُ صرفكَ مغنماً ... فإني أرى الإصدارَ ما عليهِ الوِردُ وما كنتَ إلاَّ السَّيفَ جُرِّد للوغى ... فأحمد فيها ثمَّ ردَّ إلى الغمدِ وقال آخر: إن الأميرَ هو الذي ... يُدعى أميراً يوم عزلهْ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 255 إن زالَ سلطانُ الولا ... ية كانَ في سلطانِ فضلهْ وقال آخر: يا أيها السادر في بغيهِ ... لم تخفِ اللهَ وأرصادَهُ إنِّي من اللهِ على موعدٍ ... فيكَ ولن يُخلفَ ميعادَهُ وقال علي بن الجهم: ولئن بقيتُ على الزَّمانِ وكانَ لي ... يوماً من الملكِ الخليفةِ مقعدُ واحتجَّ خصمي واحتججتُ بحجَّتي ... أفلحتُ في حججي وخابَ الأبعدُ وقال آخر: رعاكَ الذي استرعاكَ أمرَ عبادهِ ... وكافاكَ عنَّا المنعمُ المتفضّلُ تعاقبُ تأديباً وتعفو تطوُّلاً ... وتجزي على الحسنى وتُعطي فتجزلُ وقال آخر: يا بني طاهرٍ حللتمْ من النَّا ... سِ محلَّ الأرواح في الأجسامِ فإذا رابكم من الدَّهر ريبٌ ... عمَّ ما خصَّكم جميع الأنامِ وقال يحيى بن علي المنجم: أولى الأنام بأن يُهان ويسلبَ الإك ... رامَ من لم يعرف الإكراما عبدٌ تعدَّى في الحماقة طوره ... حتَّى استحلَّ من الدماءِ حراما لم تدرِ لما أرضعته درَّها الد ... نيا بأنَّ مع الرضاع فطاما وقال آخر: وما قطعوا بحدّهم ولكن ... بحدّك والأمورُ لها دواعي وقال هارون بن النجم: الجزء: 1 ¦ الصفحة: 256 أيُّها الصَّاعدُ بالسل ... طانِ عقباكَ الهبوطُ وعلى حسْب ارتفا ... عِ المرءِ في الحال السقوطُ وقال إسماعيل أبو العتاهية: ما طارَ طيرٌ فارتفعْ ... إلاَّ كما طارَ وقعْ وقال آخر: كالغيث يلقى الطَّالبين بوابلٍ ... سحٍّ ويلقى الحاسدين بحاصبِ وقال آخر: وهل يحمدُ التقصير أوْ يحسن الونى ... ومثليَ مأمورٌ ومثلُك آمرُ ليهنكمْ المُلك الذي أصبحتْ بكمْ ... أسرَّته مختالةً والمنابرُ وقال عبد الله بن المعتز العباسي: يدبِّرهُ ملكٌ قاهرٌ ... بهدمِ القويِّ وجبرِ الضعيفِ وقال آخر: سُكرُ الولاية طيبٌ ... وخُمارهُ صعب شديدُ كمْ تائهٍ بولايةٍ ... وبعزْله يغدو البريدُ وقال آخر: فالمشيُ همسٌ والنداءُ إشارةٌ ... خوفَ انتقامكَ والحديثُ سرارُ أيامنا مصقولةٌ أطرافها ... بكَ والليالي كلها أسحارُ وقال آخر: لأمرٍ عليهم أن تتمَّ صدورهُ ... وليسَ عليهم أن تتمَّ عواقبهْ فيا أيها الساعي ليُدرك حظَّه ... تزحزحْ قليلاً أسوءُ الظن كاذبهْ بحسْبك من نيل المناقب أن تُرى ... عليماً بأنْ ليست تنال مناقبهْ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 257 كواكبُ مجدٍ يعلم الليل أنَّها ... إذا أنجمت باتت بصغرٍ كواكبهْ وقال آخر: مشت قلوبُ أُناسٍ في صدورهمُ ... لما ترأوك تمشي عندهم قدما أمطرتهم عزماتٍ لو رميتَ بها ... يوم الكريهة ركنَ الدَّهر لانهدما إذا همُ ركضوا كانتْ لهمْ عقلاً ... وإن هجموا كانت لهم لجما وقال آخر: وإذا ما النفوسُ زفت إلى الآ ... جالِ كانتْ لها الرؤوس نثارا وقال آخر: منعتْ مهابتك النفوسَ حديثها ... بالأمرِ تكرههُ وإنْ لمْ تعلمِ وقال آخر: وما انقادتْ لغيرك في زمانٍ ... فتعرف ما المقادة والصَّغارُ فأقدحت المقاودُ زفرَتَيْها ... وصعَّرَ خدَّها هذا العذارُ وقال آخر: وغزاهمُ بسوابغٍ من فضلهِ ... جعلت جماجمهم بطائنَ نعلهِ وقال آخر: فلم نلقَ إلاَّ شاكراً متعجباً ... ولم يبقَ من لم يلزمْ الأرض ساجدا وقال الشريف الرضي الموسوي: ويلٌ لمغرورٍ عصاكَ فإنهُ ... متعرضٌ لمطالبِ الضرغامِ هيهات طاعتك النجاةُ وحبك ال ... تقوى وشكرُك أفضل الأقسامِ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 258 غضبت لغضبتك الصوارمُ والقنا ... لما نهضتَ لنصرةِ الإسلامِ نامَوْا إلى كنفٍ لعدلك واسعٍ ... وسهرتَ تحرسُ غفلةَ النوَّامِ وقال آخر: إذا خططتَ بحرفٍ أوْ نطقتَ بهِ ... فراقبِ الله في الأرواحِ والحرمِ فالفعلُ والقولُ مقرونان في قرَنٍ ... والقتلُ بالسيف دون القتل بالقلمِ وقال إسماعيل الصاحب بن عباد: إذا أدناكَ سلطانٌ فزدْهُ ... من التَّعظيم وانصحْه وراقبْ فما السُّلطانُ إلاَّ البحر عظماً ... وقربُ البحر محذور العواقبْ وقال محمد بن وهيب الحميري: ملكٌ كأنَّ الشمسَ فوقَ جبينهِ ... متهللُ الإمساءِ والإصباحِ فإذا نزلتَ ببابهِ ورواقهِ ... فانزِلْ بسعدٍ وارتحلْ بنجاحِ وقال إسحاق الموصلي: فكأنَّه روحٌ تدبّرُنا ... حركاتهُ وكأنَّنا جسدُ قال آخر: نلتَ الذي نالَ الملوكُ فقصَّروا ... عنهُ وأنت على سريركَ جالسُ أصبحتَ راعينا وحارسَ أمرنا ... واللهُ من عرَض الردى لك حارسُ وقال أبو الفتح البستي: أشهدُ حقّاً أنَّ سلطانكم ... ليس بظلِّ الله في الأرضِ وقال آخر: ألا أبلغ السُّلطان عنِّي نصيحةً ... يشيّعها ودٌّ ورأيٌ محنَّك الجزء: 1 ¦ الصفحة: 259 تجاوزتَ برج الشَّمس قدراً ورفعةً ... وذللت قسراً كلَّ من قد تملكوا فما حركاتٌ متعباتٌ تديرُها ... تأنَّ فإنَّ الشَّمس لا تتحرَّكُ وقال آخر: وهبتَ لك النفس التي لو تعلقت ... بها إصبعٌ من حاتمٍ ظلَّ باخلا أحطتَ بهِ قهراً فلما ملكتَهُ ... أحطتَ به منّاً عليه ونائلا ولو لمْ تناهضْه وأبصرَ عظم ما ... تنيل من الجدوى لجاءك سائلا وقال آخر: عقادُ ألويةٍ تُظل ظلالها ... أعداءهُ وكأنَّها لم تُعقدِ مغروسةٌ في النصر تصدرُ عن يدٍ ... مملوءةٍ ظفراً تروحُ وتغتدي وقال آخر: فكانَ كالعجل غُرَّ الجاهلونَ بهِ ... وكنتَ موسى لهذا القوم إذ جهلوا وقال أحمد أبو الطيب المتنبي: ورُبَّ جوابٍ عن كتاب بعثتُه ... وعنوانُه للناظرينَ قَتامُ تضيقُ بهِ البيداءُ من قبل نشرهِ ... وما فُضَّ بالبيداءِ عنهُ ختامُ وقال أبو نواس الحكمي: أمامَ خميسٍ أرجوانٍ كأنَّه ... قميصٌ محوكٌ من قناً وجيادِ وقال آخر: جوٌّ إذا رُكز القنا في أرضهِ ... أيقنتَ أنَّ الغابَ غابُ أُسودِ وإذا السّلاحُ أضاءَ فيهِ رأى العدى ... برّاً تألَّقَ فيه برقُ حديدِ وقال آخر: عزَماتٌ يُضئنَ داجيةَ الخطْ ... ب وإنْ كنَّ من وراءِ حجاب الجزء: 1 ¦ الصفحة: 260 وقال آخر: راموا النجاةَ وكيف تنجو عصبةٌ ... مطلوبةٌ باللهِ والسُّلطانِ وقال آخر: ما إن ترى إلاَّ توقدَ كوكبٍ ... من يونسٍ قد غارَ فيهِ كوكبُ فمجندلٌ ومزَّملٌ وموسَّدٌ ... ومضرعٌ ومضمخٌ ومخضَّبُ سُلبوا وأشرقت الدماءُ عليهمُ ... محمرَّة فكأنَّهم لم يُسلبوا وقال آخر: تسرَّعَ حتَّى قالَ من شهدَ الوغى ... لقاءُ أعادٍ أم لقاءُ حبيبِ وقال آخر: إذِ الأبدانُ ثمَّ بلا رؤوسٍ ... تَهادى والسيوفُ بلا جفونِ وقال آخر: يمشونَ تحتَ ظُبى السيوفِ إلى الوغى ... مشيَ العطاشِ إلى برودِ المشربِ يتراكمونَ على الأسنَّة والقنا ... كالصُّبح فاضَ على نجومِ الغيهبِ وقال آخر: إذا التهبتْ في لحظِ عينيهِ جمرةٌ ... رأيتَ المنايا في النفوسِ تؤامرُهْ وقال آخر: إن تُسائلْ تُخبرْ بشأن أُناسٍ ... غابَ عنهم محمودُ عدلكَ حينا قد ذممنا من دهرنا ما حمدنا ... وسخطنا من عيشنا ما رضينا وقال آخر: وما من ذلةٍ غُلبوا ولكنْ ... كذاكَ الأُسدُ تفرسها الأسودُ وقال آخر: ملوكٌ يعدُّونَ الرِّماحَ مخاصراً ... إذا زعزعوها والدروعَ غلائلا الجزء: 1 ¦ الصفحة: 261 وقال آخر: فهناكَ نارُ وغًى تشبُّ وها هنا ... جيشٌ لهُ لجبٌ وثم مَغارُ خشعوا لصولته التي هي عندهمْ ... كالموت يأتي ليسَ فيهِ عارُ وقال آخر: ومحترسٍ من أين رُمت اغترارهُ ... وجدتَ لهُ سهماً إليكَ مفوَّقا وقال البحتري: لو أنهمْ ركبوا الكواكبَ لم يكنْ ... لمُجدّهمْ من جدِّ بأسِك مهربُ وقال آخر: قومٌ ترى أرماحَهمْ وسيوفَهمْ ... مشغوفةً بمواطنِ الكتمانِ يتسربلونَ أسنَّةً وصفائحاً ... والموتُ بين صفيحةٍ وسنانِ قومٌ إذا شهدوا الكريهةَ صيَّروا ... قممَ الرِّماحِ جماجمَ الأقرانِ وقال البحتري: لا يغرُرنَّكمُ منهُ تبذُّلهُ ... بالإذنِ حتَّى استوى الأربابُ والخوَلُ فإنْ يكنْ ظاهراً فالشمس ظاهرةٌ ... أوْ كانَ مبتذلاً فالركنُ مبتذلُ وقال آخر: غدا فراحتْ يميناهُ وبينهما ... تاجانِ للمُلك معقودٌ ومستلبُ وقال أبو الفتح البستي: أكُتَّابَ بُستٍ كمْ تفاخركمْ على ... وزارة بُستٍ وهي سُخنةُ عينِ وخُفُّ حُنينٍ فوقَ ما تطلبونهُ ... فلمْ بينكمْ في ذاك حربُ حُنينِ وقال آخر: الجزء: 1 ¦ الصفحة: 262 ولا أرضَ إلاَّ ما أفادتْ رماحهُ ... ولا غُنم إلاَّ ما أفادتْ كتائبهْ وقال آخر: إليكَ وقودُ الحربِ عند ابتدائها ... وليستْ إذا شبَّتْ إليك خمودها وقال آخر: وما كنتَ إلاَّ رحمةَ الله ساقها ... إليهم ودنياهمْ أتتْ وهيَ تُقبلُ وقال آخر: هيهات لمْ تصدقك فكرتُك التي ... قد أوهمتك غنًى عن الوزراءِ لمْ تغنِ عن أحدٍ سماءٌ لمْ تجدْ ... أرضاً ولا أرضٌ بغيرِ سماءِ الباب الثالث عشر في الأسر والحبس والإطلاق والنكبة وزوالها وقال أبو تمام الطائي: كيف السبيلُ وطوْد العزّ يرسخُ في ... قيدٍ لحلْقتهِ في الساقِ تغريدُ يا من رأى حلْقتيْ قيدٍ تضمَّنهُ ... بحرٌ يفيضُ على العافينَ مورودُ قيد ابن وهبٍ ولو قصَّرت خطوتهُ ... فالخطوُ منهُ إلى العلياءِ ممدودُ لولا الإمامُ لفكَّ القيدَ ذو شطبٍ ... عليهِ للموتِ تصويبٌ وتصعيدُ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 263 وقال البحتري: بقومي جميعاً لا أُحاشى ولا أكْنى ... أبو جعفرٍ تربُ العلى وحيا المزنِ سحابٌ إذا أعطى شهابٌ إذا سطا ... لهُ عزَّةُ الهنديّ في هزَّةِ الغصنِ لشهرِ ربيعٍ منه ما لا يفي بهِ ... جزاءٌ ولو كنَّا بأضعافهِ نثني غداةَ غدا من سجنهِ البحرُ مطلقاً ... وما خلت أنَّ البحر يسجن في السجنِ وليستْ لهُ إلاَّ السماحُ جنايةٌ ... إذا أُخذ الجاني ببعض الذي يجني تقلقلَ منهُ في الحديدِ عزيمةٌ ... يكلُّ الحديدُ عن جوانبها الخُشنِ فما فلَّ ريبُ الدَّهرِ من ذلك الشبا ... ولا زعزعَ المكروهُ من ذلك الركنِ تجلَّى لنا من سجنهِ وهو خارجٌ ... كما ذرَّ قرنُ الشَّمس من خِلل الدَّجْنِ وقال آخر: جعلتُ فداكَ الدَّهر ليس بمنفكِّ ... من الحادث المشكوّ والنازل المُنكى وما هذهِ إلاَّ منازلِ رحلة ... فمن منزل رحبٍ إلى منزل ضنكِ وقد هذَّبتكَ الحادثاتُ وإنَّما ... صفا الذهبُ الإبريز قبلك بالسبكِ أما في رسولِ اللهِ يوسفَ أُسوةٌ ... لمثلك محبوساً على الضيم والضنكِ أقامَ جميلَ الصبرِ في السجنِ برهةً ... فآل بهِ الصبرُ الجميلُ إلى المُلكِ وقال آخر: فلا تيأسنْ فالله ملَّك يوسفاً ... خزائنه بعد الخلاصِ من السجنِ وقال أحمد أبو الطيب المتنبي: كنْ أيُّها السجنُ كيف كنت فقدْ ... وطنتُ للموت نفس معترفِ لو كانَ سكنايَ فيكَ منقصةً ... لم يكن الدّرُّ ساكنَ الصدفِ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 264 وقال علي بن الرومي: ولقد رأيتكَ عارياً مستعلياً ... ولقد رأيتكَ في الحديدِ مقيَّدا إذ لم تزدك ولايةٌ في سؤددٍ ... كلا ولا أُخرى محتْ لك سؤددا فكأنَّني بكَ قد نجوتَ محمداً ... في النائباتِ كما غدوتَ محمدا وطلعتَ كالسيفِ الحسامِ مجرداً ... للحقّ أوْ مثل الهلال مجردا وقال آخر: ولا بدَّ للمرءِ من محنةٍ ... لفتنة نعمائهِ نافيَهْ ودولتكمْ قدْ جرتْ ريحُها ... مسدَّدة الجريِ لا هافيَهْ ولا بدَّ للرِّيح من أن تكو ... نَ في بعضِ هبَّاتها سافيَهْ فداكمْ من السوءِ ضدٌّ لكمْ ... مساويه باديةٌ خافيَهْ فعزّاً وعافيةً غضَّةً ... وعمراً إلى مئةٍ وافيَهْ وقال علي بن الجهم: قالوا حُبستَ فقلتُ ليس بضائري ... حبسي وأيُّ مهنَّدٍ لا يغمدُ أوَ ما رأيتَ اللَّيثَ يألفُ غيْله ... كبراً وأوباشَ السِّباعِ تردَّدُ والبدرُ يدركهُ السِرارُ فتنجلي ... أيامهُ وكأنَّهُ متجدّدُ والنَّارُ في أحجارها مخبوأةٌ ... لا تُصطلى ما لمْ تُثرْها الأزندُ والغيثُ يحظرهُ الغمامُ فما يُرى ... إلاَّ وريّقهُ يراعُ ويُرعدُ والزَّاعبيَّةُ لا يقيمُ كعوبَها ... إلاَّ الثقافُ وجذوةٌ تتوقدُ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 265 غِيرُ الليالي بادياتٌ عوَّدٌ ... والمالُ عارية يقادُ وينفدُ ولكلِّ حالٍ معقبٌ ولربما ... أجلى لك المكروهُ عمَّا يُحمدُ لا يُيئسنَّكَ من مفرّج كربةٍ ... خطبٌ رماكَ بهِ الزَّمانُ الأنكدُ كمْ من عليلٍ قد تخطَّاهُ الرَّدى ... فنجا وماتَ طبيبهُ والعوَّدُ صبراً فإنَّ اليومَ يعقبهُ غدٌ ... ويدُ الخلافةِ لا تطاولُها يدُ والحبسُ ما تغشهُ لدنيَّةٍ ... شنعاءَ نِعم المنزلُ المتودَّدُ بيتٌ يجدّدُ للكريمِ كرامةً ... ويُزارُ فيهِ ولا يزورُ ويُحمدُ وقال آخر: إذا سلمتْ نفسُ الحبيبِ تشابهتْ ... خطوب الليالي سهلُها وشديدُها فلا تجزعنْ لما رأيتَ قيودَها ... فإنَّ خلاخيلَ الرِّجالِ قيودُها وقال أيضاً علي بن الجهم: لم ينصبوا بالشاذياخ صبيحة إلاَّ ... ثنين مسبوقاً ولا مجهولا نصبوا بحمدِ اللهِ ملءَ عيونهمْ ... فضلاً وملءَ قلوبهمْ تبجيلا ما ضرَّهُ أن بُزَّ عنهُ غطاؤهُ ... والسيفُ أهيبُ ما يُرى مسلولا إن يسلبوهُ المالَ يحزن فقده ... ضيفاً ألمَّ وطارقاً ونزيلا أوْ يحبسوهُ فليسَ يُحبس خالعٌ ... من شعرهِ يدعُ العزيزَ ذليلا إنَّ المصائب ما تخطَّتْ دِينهُ ... نِعمٌ وإن صعُبتْ عليهِ قليلا الجزء: 1 ¦ الصفحة: 266 والله ليسَ بغافلٍ عن أمرهِ ... وكفى بربّك ناصراً وكفيلا إنْ تسلبوهُ وإنْ سلبتم كلما ... خوَّلتموهُ وسامة وقبولا هلْ تملكون لدينهِ ويقينهِ ... وجنانهِ وبنانهِ تبديلا لمْ تنقصوهُ وقدْ ملكتمْ ظلمهُ ... ما النقصُ إلاَّ أنْ يكون جهولا كادتْ تكون مصيبة لو أنَّكمْ ... أوضحتمُ ذنباً عليهِ جليلا إن كانَ سفَّ إلى الدنيئة أوْ رأى ... غير الجميل من الأمورِ جميلا لو تنصف الأيامُ لم تعثرْ بهِ ... إذ كانَ من عثراتهنَّ مقيلا وكتب الحسن بن وهب إلى أخيه: خليليَّ من عبدِ المدانِ تروَّحا ... وفضَّا صدورَ العيسِ حسرى وطلَّحا فلا يهنئ الأعداءَ حبسُ بن حرَّةٍ ... إذا نسبوهُ كانَ أندى وأسمحا وأنهضَ في الأمرِ الجميلِ بنفسهِ ... وأقرعَ للبابِ الجميلِ وأفتحا وقولا لهمْ صبراً جميلاً وأصبحوا ... فما أقربَ الليل البهيمِ من الضُّحى وقال الوزير المهلبي: وجدوا عودَ أبي الصق ... رِ على الغمز صليبا كلما زادوا عذاباً ... زادهم صبراً عجيبا وكذا المسكُ إذا ما ... زادَ سحقاً زادَ طيبا وقال أبو إسحاق الصابئ: محنُ الفتى تجري على فضل الفتى ... كالنَّار مخبرةً بفضلِ العنبرِ وقال آخر: والرمحُ ينآد حيناً ثمَّ يعتدل ... والجمرُ يخمد حيناً ثمَّ يشتعلُ وقال أحمد بن عضد الدولة: الجزء: 1 ¦ الصفحة: 267 هبِ الصَّبر أرضاني وأعتب صرفُه ... وأعقب بالحسنى من الحبس والأسرِ فمن لي بأيام الشَّباب التي مضتْ ... ومن لي بما أنفقت في الحبس من عمري وقال أبو الفتح البستي: حبستَ ومن بعد الكسوف تبلجٌ ... تضيء بهِ الآفاقُ للبدر والشمسِ فلا تعتقدْ للحبس همّاً ووحشةً ... فأولُ كون المرءِ في أضيق الحبسِ وقال علي بن الرومي: سلبتْهُ الخطوب ما في يديه ... وله من تجملٍ أثوابُ وإذا الصبرُ والتجملُ داما ... للفتى الحرِّ هانت الأسلابُ وقال آخر: إنَّ في الأسر لصباً ... دمعه في الخدِّ سكبُ هو في الأسرِ مقيمٌ ... وله في الشام قلبُ وقال آخر: من كانَ سُرَّ بما عرا ... ني فليمتْ ضرّاً وهزلا ما غضَّ مني حادثٌ ... والقرم قرمٌ حيثُ حلاَّ أنَّى حللتُ فإنَّما ... يدعونني السيفَ المحلَّى ما كنتُ إلاَّ السيف زا ... د على صروفِ الدَّهر صقْلا وقال آخر: لا رعى اللهُ يا خليليَّ دهراً ... فرَّقتْنا صُروفهُ تفريقا بتُّ أبكيكُما وإنَّ عجيباً ... أن يبيت الأسيرُ يبكي الطليقا وقال أبو إسحاق الصابئ: وربَّ طليقٍ أعتقَ الذُّلُّ رقَّهُ ... ومُعتقلٍ دهراً وقد عزَّ جانبُهْ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 268 وكتب إبراهيم بن المدير إلى أخيه وهو في الحبس: أبا إسحاقَ إنْ تكن الليالي ... عطفنَ عليكَ بالخطبِ الجسيمِ فلمْ أرَ صرفَ هذا الدَّهر ينحو ... بمكروهٍ على غيرِ الكريمِ وقال آخر: أنا بينَ إخوانٍ لنا قد أُوثقوا ... بجوامع وسلاسلٍ وقيودِ ومُوكلين بنا نذلُّ لغيرهمْ ... فكأنَّنا لهمُ عبيدُ عبيدِ واللهِ ما سمعَ الأنامُ ولا رأى ... نفراً يوكَّل فيهمُ بأُسودِ من كلِّ حرٍّ ماجدٍ صنديدِ ... في كفِّ وغدٍ عاجزٍ رعديدِ قصرت خُطاه خلاخلاً من قيدهِ ... فتراهُ فيها كالفتاةِ الرّودِ وقال البحتري: ألمْ ترَ للنوائبِ كيفَ تسمو ... إلى أهلِ النوافلِ والفضولِ وكيفَ تروم ذا الشرف المعلَّى ... وتخطو صاحب القدر الضئيلِ وما تنفكُّ أحداثُ الليالي ... تميلُ على النباهةِ للخُمولِ وقال آخر: قالوا اعتقلتَ بلا جرمٍ فقلتُ لهمْ ... الغيثُ يرسلُ أحياناً ويعتقلُ لا تجزعنَّ لما تأتيكَ من نوبٍ ... فإنَّها دولٌ لا شكَّ تنتقلُ وقال البحتري: أصابَ الدَّهرُ دولةَ آل وهبٍ ... ونالَ الليلُ منها والنَّهارُ أعارهمُ رداءَ العزّ حتَّى ... تقاضاهمْ فردُّوا ما استعاروا وقدْ كانوا وأوجهُهمْ بدورٌ ... لمختبطٍ وأيديهمْ بحارُ وقال أيضاً: الجزء: 1 ¦ الصفحة: 269 وما كانَ هذا الهولُ إلاَّ غمامةً ... بدا طالعاً من تحتِ ظلمتها البدرُ فإنْ تنسَ نُعمى اللهِ فيك فقد لها ... أضعتَ وإنْ تشكر فقد وجب الشكرُ وقال أيضاً: بالقصر لا بمليكِ القصرِ نازلةٌ ... أضحى لها وهوَ طلقُ الوجه جذلانُ تفاءلَ الناسُ واشتدَّت ظنونهمُ ... والفألُ فيهِ لبعضِ الأمرِ تبيانُ وأيقَنوا أنَّ تنويرَ الحريقِ هو الدُّ ... نيا تملَّكها والنارُ سلطانُ وقال أيضاً: لعدوكَ الحربُ الجليلُ الواقعُ ... ولمنْ يكايدكَ الحِمامُ الفاجعُ قلنا لِعاً لمَّا عثرْتَ ولم تزلْ ... نوبُ الليالي عنكَ وهي رواجعُ ولربَّما عثر الجوادُ وشأوهُ ... متقدمٌ ونبا الحسام القاطعُ لم تظفرِ الأعداءُ منكَ بزلَّةٍ ... والله دونكَ حاجزٌ ومُمانعُ إحدى الحوادث شارفتكَ فردَّها ... دفعُ الإلهِ وصنعهُ المتتابعُ دلَّتْ على رأي الإمام وأنَّهُ ... قلقُ الجوابِ لما أصابك جازعُ ما حال لونٌ عند ذاك ولا هفا ... عزمٌ ولا راعَ الجوانح رائعُ حتى برزْتَ لنا وجأشك ساكنٌ ... من نجدةٍ وضياءُ وجهك ساطعُ خبرٌ يسوءُ الحاسدينَ إذا بدا ... وأعادَ فيهِ محدثٌ أوْ سامعُ سارتْ بهِ الرُّكبانُ عنك فربَّما ... كنتَ الحسود لك الحديث الشائعُ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 270 الباب الرابع عشر في العيادة وما ينضاف إليها قال أحمد بن يوسف الكاتب: ونعودُ سيدنا وسيد غيرنا ... ليتَ التَّشكي كانَ بالعوَّادِ لو كانَ يقبلُ فديةً لفديتهُ ... بالمصطفى من طارِفي وتلادي وقال آخر: قالوا أبو الفضل معتلٌّ فقلتُ لهم ... نفسي الفداءُ لهُ من كلِّ محذورِ يا ليت علَّته بي غير أنَّ لهُ ... أجرَ العليلِ وأنِّي غيرُ مأجورِ وقال آخر: إنَّا جهلنا فخلناكَ اعتللتَ ولا ... واللهِ ما اعتلَّ إلاَّ الظّرفُ والأدبُ وقال آخر: بنا لا بك الشَّكوى فليس بضائرٍ ... إذا صحَّ نَصلُ السيف ما لقي الغمدُ فإنْ تكُ قد نالتكَ أطرافُ علَّةٍ ... فلا عجبٌ أن يوعك الأسدُ الوردُ وقال علي بن الجهم: بأنفسنا لا بالطوارف والتلدِ ... نقيك الرَّدى فيما نجنُّ وما نُبدي فيا معشرَ العافين لا يكُ من أذى ... وإن تُشفقوا منه تحملتهُ وحدي وقال علي بن الرومي: الجزء: 1 ¦ الصفحة: 271 لإمامِ الهدى البقاءُ الطويلُ ... وبنا لا بهِ الضنى والنحولُ كلُّ مجدٍ إذا اعتللتَ عليلٌ ... وشكاة الإمام خطبٌ جليلُ كادت الأرضُ أن تميل لشكوا ... ك وكادت لها الجبالُ تزولُ واستحالَ النهارُ والليلُ حتَّى ... كادَ أن يسبقَ الغدوَّ الأصيلُ ثمَّ لمَّا أفقتَ أشرقتْ الآ ... فاقُ وانقاد للهداةِ السبيلُ أنا أشكو إليك قسوةَ قلبي ... لِمْ لم ينفطرْ وأنت عليلُ وقال آخر: تطرقت النوائبُ منك شخصاً ... بعيداً أن تطرقه الخطوبُ أبا إسحاق مُحّقتْ الخطايا ... بما تشكو ومحّقت الذنوبُ وقال أحمد أبو الطيب المتنبي: يجشّمك الزَّمانُ هوًى وحبّاً ... وقد يؤذي من المِقة الحبيبُ وجسمك فوق همَّة كلّ داءٍ ... فقربُ أقلّها منه عجيبُ وقال بن المنجم: ما رعينا لك عهدَكْ ... حجبَ الرحمنُ فقدَكْ لو رعينا لك لم نف ... ردكَ بالعلَّة وحدَكْ بأبي أنت لماذا ... قصدَ المكروهُ قصدَكْ لا صفا العيش لمن ير ... جو صفاءَ العيش بعدَكْ وقال آخر: سلامتهُ عندي توازي سلامتي ... وما نالَ من جثمانه نالَ من قلبي الجزء: 1 ¦ الصفحة: 272 وقال أبو تمام الطائي: إذا ليلة نالتك بالشكوِ لم أبتْ ... بسقمك إلاَّ ساهراً أتململُ وقال آخر: إن الفتى يصبح للإسقامِ ... كالغرض المنصوب للسهامِ أخطأ رامٍ وأصابَ رامي وقال آخر: قالوا اعتللت فقلتُ كلاَّ ... إنَّما اعتلَّ العبادُ والدين والدُّنيا لعلَّ ... ته وأظلمت البلادُ قالوا يُعادُ فقلتُ ذا ... كَ إلى سلامتهِ يُعادُ وقال هارون بن يحيى المنجم: كيف نال العثار من لم يزل من ... هـ مقيلاً في كلِّ خطبٍ حميمِ لو ترقَّى الأذى إلى قدمٍ لم ... يخطُ إلاَّ إلى مقامٍ كريمِ وقال السري الرفاء: لسنا نذمُّ لدائك النوبَ التي ... جاءتْ أواخرُها بحمدِ عواقبِ فاسعدْ بعافية الإله فإنَّها ... هبةٌ مقابلةٌ بشكرِ الواهبِ وقال علي بن الرومي: تجافتْ بنا منذُ اشتكيتَ المواقدُ ... بنا لا بك الشكوى التي أنتَ واجدُ عجبتُ لدهرٍ تنتحيك صرفهُ ... وليس له إلاَّ بعرفك حامدُ وقال الصاحب بن عباد: تطيفُ بك الآمالُ وهي ضئيلةٌ ... وأوجه أهل الودِّ وهي شواحبُ أفي كلِّ دارٍ للأراملِ ضجَّةٌ ... بأدعيةٍ ضوضاؤها تتجاوبُ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 273 ولو شئتُ ناديتُ البلادَ بعلَّةٍ ... فلم يرَ فيها في جنابك جائبُ ولم تقرب الحمَّى حماك ولم يكنْ ... لسورتها في سورة المجد ساربُ وحوشيتَ أن تضوي بوجهك علَّةٌ ... إلاَّ إنها تلك العزومُ الثواقبُ فلاعج تدبيرٍ وحامس همَّةٍ ... ثوى منهما بين الجوانح لاهبُ لقد دالت الدُّنيا وحجَّب شمسها ... دياجي همومٍ دجنها متراكبُ فلمَّا انتضاك البرءُ عادتْ كأنَّها ... غياهبُ يأسٍ قشَّعتها مواهبُ وقال الحسين بن مطير: ذُكرت شكاتك لي وكأسي في يدي ... فمزجتها دمعاً مكان الماءِ آتاك ربُّك صحَّةً وسلامةً ... وفُديت لي من سائرِ الأسواءِ وقال آخر: يا من تشكَّى ألمَ العينِ ... حاشا لعينيك من العيْنِ عينٌ من النَّاس أصابتهما ... ما أسرعَ العين إلى العينِ وقال آخر: فلو أنَّ العليلَ يزيد حسناً ... كما تزداد حسناً في السقامِ لما عيد المريضُ إذاً وعدَّت ... لهُ الشكوى من المننِ الجسامِ وقال آخر: مالي مرضتُ فلم يعدْني عائدٌ ... منكم ويمرض عبدكم فأعودُ وقال آخر: قلْ للذي لم يعدْ سقامي ... وقلبه مشربٌ حزازهْ من لم يعدْنا إذا مرضنا ... إن ماتَ لم نشهد الجنازهْ وقال أحمد جحظة البرمكي: الجزء: 1 ¦ الصفحة: 274 مرضتُ فلم يكنْ في الأرضِ حرٌّ ... يشرّفني ببرٍّ أوْ سلامِ فضنُّوا بالعيادة وهي أجرٌ ... كأنَّ عيادتي بذلُ الطعامِ وقال البحتري: يا أبا غانم غنمت ولا زا ... لت عهاد الأنواءِ تسقي بلادَكْ أبهجت زورةُ الوزير أخلاَّ ... ءَك طرّاً وأرغمتْ حسادَكْ ليت أنَّا مثل اعتلالك نعتلُّ ... على أن يعودنا من عادَكْ وقال آخر: ألم ترني مرضتُ بسرَّ مَنْ رأى ... فأعياني الأطبةُ والدواءُ ولما عادني ابنُ أبي دؤادٍ ... شفيتُ وفي عيادتهِ الشفاءُ وقال أبو تمام الطائي: لا نالك العُثرُ من دهر ولا الزللُ ... ولا يكنْ للعلى في فقدك الثكلُ وأعين الخلق تعطَى فوق ما سأ ... لتْ عليكَ والصبرُ يعطى دون ما يسلُ وحالَ لونٌ فردَّ الله نضرتهُ ... والنَّجم يخمد حيناً ثمَّ يشتعلُ وقال أيضاً: لا عيش أوْ يتحامى جسمك الوصبُ ... وتنجلي بك عن إخوانك الكربُ لِعاً أبا جعفرٍ واسلم كما سلمتْ ... بك المروءة واستعلى بك الحسبُ إنا جهلنا فخلناك اعتللتَ ولا ... والله ما اعتلَّ إلاَّ الفضلُ والأدبُ وقال آخر: بناتُ نعش ونعشٌ لا كسوفَ لها ... والشمسُ والبدرُ مكسوفان في الدّيمِ فليُهنك الأجرُ والنعمى التي جمعت ... حتَّى جلتْ صدأَ الصمصامةِ الخذمِ قد ينعمُ الله بالبلوى وإن عظمتْ ... ويبتلي اللهُ بعضَ القومِ بالنعمِ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 275 وقال آخر: يا سقيماً سقامهُ ... أسقمَ العلْم والوفا لم أطق أن أراك يا ... أكرمَ النَّاس مدْنفا لم يكنْ تركيَ الزيا ... رةَ هجراً ولا جفا طالَ خوفي عليك فال ... حمد لله إذ كفَى وقال الوزير المهلبي: اللهُ يدفعُ عن نفْس الوزير بنا ... وكلُّنا للمنايا دونهُ غرَضُ ففي الأنام له من غيرنا عوضٌ ... وليسَ في غيره منه لنا عوَضُ وقال آخر: إن كنتَ أجريتَ دماً سائلاً ... أجريته باليُمن والرُّشدِ فطالما نفَّسْت عن بائس ... جاءك في الكرْبة يستجدي وطالما أجريتَ أمثالهُ ... من بطلٍ منعقد الخدِّ وقال أبو إسحاق الصابئ: إذا مرضَ المولى مرضنا بأسرنا ... وإن صحَّ لمْ يسمعْ لنا بمريضِ وقال آخر: أقولُ لحمَّاهُ وقد طالَ أمرُها ... أردتِ ويأبى اللهُ أن يكسفَ البدرا فقالتْ معاذ الله لكنْ أتيتُهُ ... بحاليْن قد أوضحت بينهما العذرا أبشّره بعدي بطولِ حياتهِ ... صحيحاً كما يهوى وأُلبسه الأجرا وقال آخر: كلُّ من لم يعدْكَ في حالة السُّق ... مِ تمنى لك الرَّدى والهلاكا حذراً أن يراكَ يوماً من الدَّه ... رِ صحيحاً فيستحي أن يراكا الجزء: 1 ¦ الصفحة: 276 سوفَ تَبرأ ويمرضون وتجفو ... هم فإنْ عاتبوا ذا بذاكا وقال آخر: أعاذَنا ذو الجلالِ من سقمكْ ... وصارَ ما نحنُ فيه من نِعمكْ وبيَّضَ اللهُ وجهَ مكرمةٍ ... ثباتُها بالثَّباتِ من قدمكْ وأنهضَ الجودَ من مكامنهِ ... بدفع ما تشتهيهِ من ألمكْ يا بؤسَ للدَّهرِ إذ أعلكَ لم ... يُراعِ ما يستحقُّ من ذِممكْ وقال القاضي أبو الحسن الجرجاني: بعينيَّ ما يُخفي الوزيرُ وما يُبدي ... فنورُهما من فضلِ نعمائهِ عندي سأجهدُ أن أفدي مواطئَ نعله ... فإن أنا لم أقبلْ فما لي سوى جهدي لأعدي تشكّيك البلادَ وأهلها ... وما خلتُ أن الشكوَ يعدى على البعدِ ولم أدرِ بالشَّكوى التي عرضتْ لهُ ... ونُعماهُ حتَّى أقبل المجدُ يستعدي وما أحسبُ الحمَّى وإن جلَّ قدرُها ... ليحسنُ أن تدنو إلى منبعِ المجدِ وما هيَ إلاَّ من تلهُّبكَ الذي ... توقَّدَ حتَّى فاضَ من شدَّةِ الوقدِ ليَفدكَ من أصبحتَ مالكَ رقّه ... فكلُّ الورى بل كلُّ ذي مهجةٍ يَفدي وقال أيضاً من قصيدة: بكَ الدَّهرُ يَندى ظله ويطيبُ ... ويقلعُ عمَّا ساءَنا ويُنيبُ أفي كلِّ يومٍ للمكارمِ روعةٌ ... لها في قلوبِ المكرُماتِ وجيبُ إذا ألمتْ نفسُ الوزيرِ تألَّمتْ ... لها أنفسٌ تحيى بها وقلوبُ فواللهِ لا لاحظتُ وجهاً أُحبُّهُ ... حياتي وفي وجه الوزيرِ شحوبُ وليسَ شحوباً ما أراهُ بوجههِ ... ولكنَّه في المكرماتِ ندوبُ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 277 فلا تجزعنْ عنْ تلكَ السماءُ تغيَّمتْ ... وعما قليلٍ تبتدي فتصوبُ وقد تتجلَّى الشمسُ بعد استتارها ... وينقصُ ضوءُ البدرِ حينَ ينوبُ فلا زالت الدُّنيا بملككَ طلقةً ... ولا زالَ فيها من ظلالكَ طيبُ فإنَّ دعائي مستجابٌ لأنه ... ملالة قلبي والقلوبُ ضروبُ وقال آخر: إنَّ القلوبَ رواجفٌ ... من أن يمسَّكَ شوكُ حاطبْ ولكَ السلامةُ والسَّلا ... مُ من المخاوفِ والمعاطبْ كم دعوةٍ أسديتُها ... والليلُ مرتكمُ الغياهبْ فجعلتُها سوراً علي ... كَ من الحوادثِ والنوائبْ وقال الصاحب بن عباد: سلامتهُ شمسُ المعالي وسقمه ... كسوفُ المعالي لا كسفنَ ولا بنَّا ولم يأتهِ وردُ السقام لغير ما ... عرفنا فخذْ معنى تألّمهِ منَّا وما رادهُ إلاَّ ليشغَل عن ندًى ... وإلا فلمْ قد خصَّ بالألم اليمنى وقال البحتري: لا ذنبَ للطرفِ أن زلَّت قوائمهُ ... وما يدنسهُ من عائبٍ دنسُ حمَّلتَ مجداً وبأساً فوقهُ وندًى ... من أين يحملُ هذا كلَّه فرسُ وقال عبد الله بن المعتز العباسي: لا ذنبَ عندي لابن العير يوم وهت ... قواهُ من خورٍ فيها ومن لينِ حمَّلتموهُ الذي ما كانَ يحملهُ ... فُرهُ البغال وأصناف البراذينِ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 278 الشمسُ والبدرُ والطود الرفيع معاً ... والغيث والليث والدُّنيا مع الدينِ وقال احمد بن يوسف الكاتب: أعززْ عليَّ بأن يكونَ عليلا ... أو أن يكونَ لك السقامُ نزيلا لا زلتَ تسلمُ والحوادث طلَّع ... لا تُرحلنَّك إن أردتَ رحيلا هذا أخٌ لك يشتكي ما تشتكي ... وكذا الخليلُ إذا أحبَّ خليلا وقال البحتري: كفاك الله ما تخشى وغطَّى ... عليك بظلِّ نعمتهِ الظليلِ فلم أرَ مثل علَّتك استفاضتْ ... بإعلان الكآبةِ والعويلِ وقد كانَ الصَّحيحُ أشدَّ شكوى ... وآلاماً من الدنفِ العليلِ محاذرةً على الفضل المرجَّى ... وإشفاقاً على المجد الأثيلِ ولو كانَ الذي رهبوا وخافوا ... إذاً ذهب النوالُ من المُنيلِ إذاً لغدا السَّماحُ بلا حليفٍ ... له وجرى الغمام بلا رسيلِ دفاع الله عنك أقرَّ منَّا ... قلوباً كنَّ طائشةَ العقولِ وصنعُ الله فيكَ أزالَ عنَّا ... ترجُّح ذلك الحدَث الجليلِ وقال الوأواء الدمشقي في أمرد اعتلَّ: ابيضَّ واصفرَّ لاعتلالٍ ... فصار كالنرجس المضعَّفْ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 279 كأنَّ نسرينَ وجنتيهِ ... بشعر أصداغه مغلَّفْ يرشحُ منهُ الجبينُ ماءً ... كأنَّه لؤلؤٌ منصَّفْ وقال كلثوم بن عمر العتابي: فإنْ تكُ حمَّى الغِبّ شفَّك غبُّها ... فعقباك منها أن يطولَ لك العمرُ وقيناك لو نعطى الهوى فيك والمنى ... وكانت بنا الشكوى وكانَ لك الأجرُ وقال آخر: أجدَّك ما تنفكُّ تشكو قضيةً ... تُردُّ إلى حكمٍ لدى الدَّهر جائرِ ينالُ الفتى ما لم يقدّرْ وربَّما ... أتاحتْ له الأيَّامُ ما لم يحاذرِ وقال أبو عبد الله النمري: ما أنتَ إلاَّ صحَّةٌ مكلوءةٌ ... تتقاصرُ الأوهامُ دون مداها فإذا مرضتَ ولا مرضتَ فإنَّما ... مرضُ الرِّياح يطيبُ فيه ثناها لم تُنسك الأمراضُ ذكرَ صنائع ... تولى وشكرَ صنائعٍ تُولاها وقال آخر: يا سيداً أفديه عند شكايةٍ ... بالنفس والولد الأغرّ وبالأبِ لمَ لا أبيتُ على الفراشِ مسهَّداً ... وقد اشتكى عضوٌ من أعضاءِ النبي وقال البحتري: إذا اعتللتَ ذممنا العيشَ وهو ندٍ ... طلقُ الجوانبِ ضافٍ ظلُّهُ رَغَدُ لو أنَّ أنفسنا اسطاعتْ وُقيتَ بها ... حتَّى تكونَ بها الشكوى التي تجدُ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 280 الباب الخامس عشر في الأدعية وما يقترن بها كانَ لهُ اللهُ حيث كانَ ولا ... أخلاهُ من عزّه ومن نعمهْ حاجتُنا أن تطولَ مدَّته ... وسؤلنا أن يُعاذَ من عدمهْ وقال عبد الله بن المعتز: نعمتَ بما تهوى ونلتَ الذي ترضى ... ولقيتَ ما ترجو ووُقّيتَ ما تخشى وقال آخر: ويعلمُ علاَّمُ الخفياتِ أنَّني ... أعدُّكَ ذُخراً للمماتِ وللمحيا وقال البحتري: واللهُ يُبقيهِ لنا ويحوطهُ ... ويعزُّه ويزيدُ في تأييدهِ وقال آخر: ولا زالت دياركَ مُشرقاتٍ ... ولا دانيتَ يا شمس الغروبا لأُصبحَ آمناً فيكَ الرَّزايا ... كما أنا آمنٌ فيكَ العيوبا وقال آخر: أعاذكَ اللهُ من سهامهمو ... ومخطئٌ من رميهُ القمرُ وقال آخر: وهذا ثناءٌ لو سكتُّ كفيتَه ... لأني سألتُ اللهُ فيكَ وقد فعلْ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 281 وقال آخر: ولا تلكَ الليالي إن أيديَها ... إذا ضربنَ كسرت النبعَ بالغربِ ولا تغرَّ عدوّاً أنتَ قاهرهُ ... فإنهنَّ يصدنَ الصقرَ بالحرَبِ وقال آخر: ألبسكَ اللهُ في اختلافِ الجديدي ... نِ ثياباً من حفظهِ جُددا فحالكَ اليومَ غيرُ حالكَ بالأم ... سِ وأرجو لكَ المزيدَ غدا لا جعلَ اللهُ للرَّدى سبباً ... فيكَ ولا للعدى عليكَ يدا وحالفَ السوءُ من أرادَ بكَ السو ... ءَ وإن لم يُردهُ مُعتمدا وقال آخر: ولا زالت الأيَّامُ تلقاكَ بيضُها ... خصوصاً وتلقى من يُعاديكَ سودُها فيسعدُ في خفضٍ من العيشِ سعدُها ... ويعتادُ في يمنٍ من الدَّهر عيدُها وقال أبو نواس الحكمي: إذا بقيَ الأميرُ قريرَ عينٍ ... فدنياه اختياراً واضطرارا يمدُّ على أكابرنا جناحاً ... ويكفلُ عند حاجتنا الصغارا أراني اللهُ طلعته سريعاً ... وصحبته السلامةُ أين سارا وبلَّغنا أمانيه جميعاً ... وكانَ لهُ من الحدثانِ جارا وقال البحتري: حاطهُ اللهُ حيث أمسى وأضحى ... وتولاَّهُ حيثُ سارَ وحلاَّ وقال علي بن الرومي: أعاذكَ ربُّ المجدِ من كلِّ وحشةٍ ... فإنك في هذا الزَّمانِ غريبُ وتابَ إليكَ الدَّهرُ من كلِّ شيءٍ ... وجاءَكَ يسترضيكَ وهو منيبُ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 282 ولا زالَ للأعداءِ في كلِّ حالةٍ ... وللمالِ يومٌ من يديكَ عصيبُ وقال البحتري: بقيتَ أميرَ المؤمنينَ فإنما ... بقاؤكَ حسنٌ للزَّمانِ وطيبُ ولا كانَ للمكروهِ نحوكَ مذهبٌ ... ولا لصروفِ الدَّهرِ فيكَ نصيبُ وقال علي بن الرومي: دارت الأفلاكُ بالفوزِ لكم ... وعلى رأسِ العدوِّ الدائرهْ وقال أيضاً: بني ثوابةَ لا زالتْ منازلكم ... ملقى مراكزِ مُدَّاحٍ وأشعارِ أغراض منتجع أكلاءُ مرتبعٍ ... منهاةُ منتخعٍ غاياتُ أسفارِ وقال أيضاً: لا زلتَ نجماً يُهتدى ... بكَ في الضلالِ ويستدلُّ ينبوعَ عزمٍ يُستقى ... منهُ الصَّوابُ ويُستملُّ وقال السري الرفاء: لاقتهمُ أينما ساروا تحيَّتنا ... وجادهم حيث حلُّوا الوابلُ الغدِقُ وقال آخر: اللهُ جاركَ طاعناً ومقيما ... وضمينُ نصركَ حادثاً وقديما إن تسرِ كانَ لكَ النجاحُ مصاحباً ... أوْ تبقَ كانَ لكَ السرورُ نديما وقال أبو أحمد بن أبي بكر الكاتب: أطالَ اللهُ عمركَ ألفَ عامٍ ... لأهلِ الفضلِ منَّا والكرامِ وأخَّرَ يومكَ المحتوم حتَّى ... يجيءَ مع القيامةِ في نظامِ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 283 وقال أيضاً: سرْ سرَّكَ اللهُ فيما أنتَ منتظرٌ ... فقد جرى بالذي تهوى لكَ القدرُ وقال أيضاً: أعملتُ فكري في دعاءٍ لهُ ... يجمعُ ما جاءوا بهِ طُرَّا فقلتُ بيتاً واحداً كافياً ... لم يعدُ في مقدارهِ سطرا لا زالت الدُّنيا له منزلاً ... يأويهِ والدُّنيا له عُمرا وقال أيضاً: لم أُطوّلْ من الدعا لمليكٍ ... طوَّل اللهُ في السلامةِ عمرهْ بل تلطفتُ في اختصارٍ محيطٍ ... بالمعاني لمن تأمَّل أمرهْ فهو مثلُ الحروفِ في عدد الهن ... دِ قليلٌ قد انطوتْ فيه كثرهْ جمعَ اللهُ فيهِ دعوةَ داعٍ ... مستجابٌ داؤهُ فيه صبرهْ وأعادَ العيدَ الذي زارهُ العا ... مُ بيُمنٍ يحوزهُ ومسرَّهْ وأراهُ الآمالَ فيه ولقَّا ... هُ سعاداتهُ ووفَّاه أجرهْ وقال أيضاً: إذا دعا الناسُ في ذا العيدِ بعضهمُ ... لبعضهم فتمادى القولُ واتَّسعا فصيَّرَ اللهُ ما من فضله سألوا ... فيه لسيّدنا الأستاذِ مجتمعا حتَّى يكونَ دُعائي قد أحاطَ لهُ ... بكلِّ ذلك مرفوعاً ومستمعا وقال الوزير المهلبي: أراني اللهُ وجهكَ كلّ يومٍ ... صباحاً للتيمُّن والسرورِ وأمتعَ مقلتيَّ بصفحتيهِ ... لأقرأ الحسنَ من تلك السطورِ وقال آخر: فسقى اللهُ بلدةً أنتَ فيها ... كدموعي عند اعتراض الفراقِ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 284 وأرانيكَ والصبابةُ قد زُفَّ ... تْ كروحي إلى أعالي التراقي وقال الصاحب بن عباد: قد أطلتُ الكتابَ والشوق يُملي ... ليس يرضى في القولِ بالميسورِ فسقى اللهُ منزلَ الشيخِ داراً ... وسقى اللهُ أرضَ نيسابورِ وقال أبو إسحاق الصابئ: ويُبقيهِ عمرَ الدَّهرِ في ذروةِ العلى ... ويرحمُ عبداً عند ذلك أمنَّا وقال آخر: وإذا استُطيل قصيرُ عمرٍ بالأذى ... فاستقصرِ العمرَ الطويلَ سرورا وقال آخر: أطالَ اللهُ أعمارَ المعالي ... وذلك أن يطولَ لكَ البقاءُ وقال محمد السلامي: ماذا تقولُ لكَ المدَّاحُ قد نفدتْ ... فيك المعاني وبحر اللفظ قد نزَفا لم تبقَ لي حيلةٌ إلاَّ الدُّعاءُ فإن ... تسمعْ ظللتُ عليه الدَّهر منعكفا وقال آخر: فعشتَ مخيَّراً لك في الأماني ... وكانَ على العدوِّ لك الخيارُ وقال آخر: وتملَّ عيشكَ في سرورٍ دائمٍ ... سرْبالهُ أبداً عليكَ جديدُ وقال آخر: نل المنى في يومكَ الأجودِ ... مستنجحاً بالطالعِ الأسعدِ وارقَ كمرقى رجلٍ صاعداً ... إلى المعالي أشرف المصعدِ وفضْ كفيض المشتري بالنَّدى ... إذا اعتلى في أُفقهِ الأبعدِ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 285 وزدْ على المرِّيخِ سطواً بمنْ ... عاداكَ من ذي نخوةٍ أصيدِ واطلعْ كما تطلع شمس الضُّحى ... كاسفةً للحندسِ الأسودِ وخذْ من الزُّهرةِ أفعالها ... في عيشكَ المقتبل الأرغدِ وضاهِ بالأقلامِ في جريها ... عُطاردَ الكاتبَ ذا السؤددِ وباهِ بالمنظرِ بدرَ الدُّجى ... وافضله في بهجته وازددِ واسلمْ على الدَّهرِ ولا تخشَ من ... مقدوره الرَّائح والمغتدي ذا مهجةٍ آمنة للرَّدى ... ما أمنته مهجةُ الفرقدِ وقال آخر: نزلتَ من المكارمِ والمعالي ... بمنزلة الشَّبابِ من الغواني ولا زالتْ لياليك البواقي ... مواصلةً بأيَّام التَّهاني وقال آخر: وإذا هنّئَ الملوكُ فصُبِّح ... تَ من العيدِ أسعدَ التهنئاتِ وفداكَ المحلُّ بالبحر في أر ... ض منًى والمهلُّ في عرفاتِ وتعجَّلتَ أجرَ من خلع الإحرا ... مُ منهُ الاطمارَ في الميقاتِ وأجابَ الإلهُ فيك دعائي ... غافرُ الذنب سامعُ الأصواتِ وقال آخر: وإذا الزَّمانُ أصابَ منك فمنصفاً ... لا مسرفاً ومؤدباً لا تائبا لا راعت الأيامُ سربك بعدها ... أبداً ولا نظرت إليك جوانبا وقال آخر: عشتَ تطوي الأعياد طيَّ الأعادي ... في سرورٍ ونعمةٍ ورخاءِ تتلقى الأيامَ خيرَ لقاءٍ ... وتضحّي في العيدِ بالأعداءِ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 286 وقال آخر: وليومك التأخيرُ ما امتدَّ المدى ... لمعمّرٍ ولشأوكَ التقديمُ وقال آخر: اسلمْ فلسنا نبالي ما سلمتَ لنا ... ما أحدثَ الدَّهرُ في مالٍ وفي ولدِ ولا نحنُّ إلى إلفٍ ولا وطنٍ ... إذا سلمتَ ولا نأسى على أحدِ واللهُ يحرسُ ما أوليت من نعمٍ ... به ومنه وفيه آخرَ الأبدِ وقال آخر: اللهُ أسألُ أن تعمّر صالحاً ... فدوامُ عمركَ خيرُ شيءٍ يُسئلُ وقال آخر: بقاؤكَ فينا نعمةُ الله عندنا ... فنحنُ بأوفى شكره نستديمُها وقال آخر: وقتكَ بعينيها المعالي فإنَّها ... بمجدك والفضل الشهيد كحيلُ ولا زالت الأيامُ تسقطُ جانباً ... وأعظمها شأناً لديك ضئيلُ ولا زالَ يلقاكَ الحسودُ وظفرهُ ... كليلٌ وفي طيِّ الضميرِ عليلُ حواليكَ حصنٌ للحراسة مانعٌ ... وفوقكَ ظلٌّ للسعودِ ظليلُ وقال آخر: فلا زالَ مخضرّاً جنابك عالياً ... بكفيك حتَّى تستجيب مطالبهْ ولا زلت تأريخ الأيادي التي بها ... غدا يشرفُ المولى وتزكو مناسبهْ وقال آخر: ولا برحَ المجدُ مستعلياً ... يطيلُ علاك له عمرَهُ ولا زلت تأريخ عمر النَّدى ... ولا زلت للمعتفي غمرَهُ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 287 وقال آخر: وإذا عزمتَ على الرَّحيلِ فلا تزلْ ... للمكرُماتِ وللعلى رحَّالا جعلَ الإلهُ لك النجاح مطيَّةً ... ولما طلبت من الأمورِ عِقالا حتَّى تنال من الأمورِ بعيدها ... وقريبها وتحققُ الآمالا وقال آخر: بقيتَ مدى الدُّنيا وملكك راسخٌ ... وطوْدكَ ممدودٌ وبابك عامرُ يودُّ سناكَ البدرُ والبدرُ زاهرٌ ... ويقفو نداكَ البحرُ والبحرُ غامرُ وهُنئتَ أياماً توالتْ سعودُها ... كما تتوالى في العقودِ الجواهرُ وقال آخر: لا كانَ هذا العهد آخر عهدنا ... بكَ لا ولا كانَ الزّيالُ زيالا وقال آخر: رعى اللهُ دولة كافي الكفا ... ةِ وبلَّغه كُنه آمالهِ وقال آخر: اسلمْ سلامةَ عرضكَ الموفور من ... صَرف الحوادث والزَّمانِ الأنكدِ وقال آخر: أُعيذُكم من صروفِ دهركمو ... فإنَّه بالكرامِ متَّهمُ وقال آخر: بقاءُ المساعي أنْ يدوم لكَ المدى ... وعمرُ المعالي أن يطول لكَ العمرُ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 288