الكتاب: إنجاح حاجة السائل في أهم المسائل المؤلف: أبو خالد أحمد بن حمود بن مفرج الخالدي   [الكتاب مرقم آليا] ---------- إنجاح حاجة السائل في أهم المسائل أحمد بن حمود الخالدي الكتاب: إنجاح حاجة السائل في أهم المسائل المؤلف: أبو خالد أحمد بن حمود بن مفرج الخالدي   [الكتاب مرقم آليا] أهم المسائل إنجاح حاجة السائل تقديم: الشيخ العلامة حمودالعقلاءالشعيبي في وفضيلةالشيخ:علي الخضير تأليف:- أحمد بن حمود الخالدي إهداءلكل موحد بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين. وبعد:- فقد اطلعت على كتاب: ((التبيان لما وقع في الضوابط منسوباً لأهل السنة بلا برهان)) جمع وإعداد الشيخ: أحمد بن حمود الخالدي وفقه الله، فوجدته كتاباً نافعاً فيما تحدث عنه في مسألة الأسماء والأحكام والشرك وقيام الحجة وما يتعلق بذلك ومسائل البدع والحجة فيها ومسائل الوعيد. وهذه المسائل من المسائل المهمة في هذا العصر لمن وفقه الله في فهمها ومعرفتها حق المعرفة، فجزاه الله خيراً على ذلك. كما اطلعت على رسالته المسماه: ((إنجاح حاجة السائل في أهم المسائل)) حيث لخص في هذه الرسالة المسائل السابقة في كتابه: ((التبيان)) ، وما أضاف إليها من ذكره لإصول في التوحيد والشرك والطاغوت وما إلى ذلك، فوجدته قد أجاد وأفاد وأحسن. نسأل الله أن يوفقنا وإياه وإخواننا المسلمين إلى الصواب والحق والله الهادي إلى سواء السبيل. وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه اجمعين. أملاه: حمود بن عقلاء الشعيبي 19 / 6/ 1422 بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله وحده والصلاة على من لانبي بعده وبعد:- فقد قرأت رسالة: ((إنجاح حاجة السائل في أهم المسائل)) التي ألفها فضيلة الشيخ:- أحمد بن حمود الخالدي الجزء: 1 ¦ الصفحة: 1 وفقه الله وجزاه خيراً , حيث ذكر فيها (36) أصلاً فيما يتعلق بالتوحيد ونواقضه وأقسامه وشروطه وأصوله , والكفر بالطاغوت , والولاء والبراء , ومسألة الأسماء الشرعية , والإسلام والشرك , والمسائل الظاهرة والخفية , ولحوق الأسماء والأحكام والحجة في ذلك وختم ذلك بمسائل الدار الإسلامية والكفرية. وقد اختصر تلك المسائل وذكرها على شكل أصول سار فيها على طريقة الأئمة الأعلام والمحققين الكرام من السابقين واللاحقين. ولذا فإنني أنصح كل مسلم خصوصاً شباب الصحوة إلى اقتناء هذه الرسالة ودراستها لما اشتملت عليه من التلخيص والاختصار والإلمام بالمسائل المهمة الضرورية وفق الله الجميع لما يحبه ويرضاه. وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه اجمعين. كتبه: علي بن خضير الخضير القصيم ـ بريدة 22 / 6 / 1422 بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله على آلائه والشكر على نعمائه وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له , له الحكم في أرضه وسمائه وأشهد أن محمداً عبده ورسوله وخاتم أنبيائه أرسله على فترةٍ من الرسل فأظهر به الحق , وأرشد به الخلق فاتضحة المحجة وقامت به الحجة صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً ... .. . أما بعد:- لمّا كان التوحيد هو أصل الأصول ومبدأ دعوة كل رسول وزبدة الكتب السماوية وخلاصة الرسالات النبوية ومحط رحلها ومدار حديثها فقد سألني بعض الإخوة الراغبين في طلب العلم وتحصيله أن أضع لهم مختصراً في التوحيد أجمع فيه أصوله وقواعده مع ذكر الدليل تجعل الموحد على بصيرةٍ من دينه فاستعنت بالله علىجمع ما استحضره من كلام الأئمة الأعلام ومشايخ الإسلام رحمهم الله تعالى مع العزو إلى كلام بعضهم وأحياناً أنقل النصوص من أصولها بأكملها أو مجتزئةً مدْمُوجةً ليجتمع شتات المسائل وأسميتها:- ((إنجاح حاجة السائل في أهم المسائل)) . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 2 فأقول والله المسؤل في حصول المأمول:- هذه أصولٌ ومسائلٌ مهمةٌ في التوحيد وما يترتب عليه ويتعلق به من الأحكام على الموحد قد جعلتها في فصول. ***** ***** { فصل في تقرير التوحيد وبيان أقسامه } 1- إن الحكمه من خلق الجن والإنس هي عبادة الله وحده وترك عبادة ما سواه لقوله تعالى:- {أيحسب الإنسان أن يترك سدى} ، {أفحسبتم أنما خلقناكم عبثا وأنكم إلينا لا ترجعون} ، {وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون} قال ابن عباس:- (إلا ليوحدون) ، وقال: (كل أمر بالعبادة) فالمراد به التوحيد، فالتوحيد أول ما يجب معرفته على المكلف فهو أول واجب وآخر واجب وأول ما يدخل به الإنسان الإسلام وآخر ما يخرج به من الدنيا وعليه في القبر السؤال. ((1)) 2- والعباده لغة: - مأخوذة من الذل، يقال طريق معبد أي مذلل. وأما شرعاً:- فهي إسم جامع لكل مايحبه الله ويرضاه من الأقوال والأعمال الظاهرة والباطنة اللازمة والمتعدية لقوله تعالى:- {الذين يؤمنون بالغيب ويقيمون الصلاة ومما رزقناهم ينفقون} . 3- وهي قائمه على ركنين هما:- أ - غاية المحبة ب - مع غاية الذل والخضوع للمحبوب. ((2)) 4- وينقسم التوحيد بحسب الاستقراء (3)) وكلام العلماء إلى ثلاثة أقسام: -   (1) راجع تيسير العزيز الحميد في شرح كتاب التوحيد (ص 29) . , الإنتصار لحزب الله الموحدين للشيخ العلامة عبد الله أبا بطين. (2) العبودية لشيخ الإسلام ابن تيمية، مجموعة التوحيد (1 / 162 - 164) . (3) راجع تعليقات الشيخ العلامة ابن باز رحمه الله تعالى على: (متن الطحاوية) . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 3 أ- توحيد الربوبية وهو: - إفراد الله بأفعاله كالخلق والملك والتدبير والرزق لقوله تعالى:- {قل من يرزقكم من السماء والأرض أمن يملك السمع والأبصار ومن يخرج الحي من الميت ويخرج الميت من الحي ومن يدبر الأمر فسيقولون الله فقل أفلا تتقون} . ب - توحيد الألوهية وهو:- إفراد الله بأفعال العباد كالصلاة والذبح والنذر لقوله تعالى:- {قل إنّ صلاتي ونسكي ومحياي ومماتي لله رب العالين لاشريك له وبذلك امرت وأنا أول المسلمين} . ج - توحيد الأسماء والصفات وهو:- أن نصف الله بما وصف به نفسه في كتابه أوعلى لسان رسوله من غير تحريف ٍولاتعطيل ومن غير تكييف ولاتمثيل لقوله تعالى:- {ولله الأسماء الحسنى فادعوه بها وذروا الذين يلحدون في أسمائه} , وقوله:- {ليس كمثله شيئٌ وهو السميع البصير} , {وله المثل الأعلى في السموات والأرض وهو العزيز الحكيم} . (1)) 5– فتوحيد الربوبية قد أقر به المشركون ولم يدخلهم في الإسلام بل قاتلهم النبىّ صلى الله عليه وسلم واستباح دماءهم وأموالهم وديارهم وسبى نساءهم لقوله تعالى: {ولئن سألتهم من خلق السموات والأرض ليقولن الله} , وقوله:- {ومايؤمن أكثرهم بالله إلاوهم مشركون} فهو وإن كان من الواجب فإنه لايأتي بالواجب (2) لقوله - صلى الله عليه وسلم -:- (أمرت أن أقاتل الناس حتى يشهدوا أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله , ويقموا الصلاة ويؤتوا الزكاة , فإذا فعلوا ذلك عصموا مني دماءهم وأموالهم إلا بحق الإسلام , وحسابهم على الله) . متفق عليه من حديث ابن عمر رضي الله عنهما.   (1) 4) مجموعة التوحيد (1 / 5) . (2) مجموعة التوحيد (1 / 170) , الدرر السنية في الأجوبة النجدية (2 /24 - 10 /97 – 98) . 6)) الدرر السنية (2/32،121، 272) . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 4 6- فلذا كان الأمر بالتوحيد مقدماً على كل أمر سواه كالصلاة والزكاة والحج والصيام وسائر شرائع الإسلام العظام لقوله تعالى: - {وما أمر إلاليعبدوا الله مخلصين له الدين حنفاء ويقيموا الصلاة ويؤتوا الزكاة وذلك دين القيِّمة} وقد أقام النبي - صلى الله عليه وسلم - ثلاث عشرة سنة يدعو إلى التوحيد ولم تفرض الصلاة إلا في السنة العاشرة على أحد القولين ولما أرسل معاذاً إلى اليمن في السنة العاشرة من الهجرة قال له: (إنك تأتي قوماً من أهل الكتاب فليكن أول ما تدعوهم إليه شهادة أن لاإله إلا الله) , وفي رواية: (إلىأن يوحدوا الله) , وفي أخرى: (إلى عبادة الله) , ثم ذكر الصلاة بعد الأمر بالتوحيد ثم الزكاة ... الخ الحديث وكلها في صحيح البخاري. 7- كما أن الشرك والنهي عنه مقدم على كل تحريم ونهى عداه كنكاح الأمهات والأخوات ووأْد البنات وأكل الميتة وشرب المسكرات لقوله تعالى:- {قل تعالوا أتلو ما حرم ربكم عليكم أن لا تشركوا به شيئاً} , ثم ذكر سبحانه تحريم القتل بغير حق وسائر الفواحش الظاهرة والباطنة. (1) {فصل في وجوب الكفر بالطاغوت وبيان معناه} 1- والأمر بالتوحيد هو الدين العام الذي اتفقت عليه دعوة جميع الرسل مع اختلاف شرائعهم لقوله تعالى:- الجزء: 1 ¦ الصفحة: 5 {وما أرسلنا من قبلك من رسول إلا نوحي إليه أنه لا إله إلا أنا فاعبدون} , ولقوله - صلى الله عليه وسلم -: (إنا معاشر الأنبياء ديننا واحد إخوة لعلات) , وقال تعالى في الشرائع:- {لكل جعلنا منكم شرعةً ومنهاجاً} وهو معنى (إخوة لعلات) فالتوحيد هو الأمرالذي وقعت فيه الخصومة في قديم الدهر وحديثه بين الرسل وأتباعهم والطواغيت وأوليائهم قال تعالى:- {ولقد بعثنا في كل أمة رسولاً أن اعبدوا الله واجتنبوا الطاغوت فمنهم من هدى الله ومنهم من حقت عليه الضلالة} . (1) 2- وعبادة الله لاتحصل إلا بالكفر بالطاغوت لقوله تعالى:- {لا إكراه في الدين قد تبين الرشد من الغي فمن يكفر بالطاغوت ويؤمن بالله فقد استمسك بالعروة الوثقى لا انفصام لها والله سميع عليم} , ولقوله - صلى الله عليه وسلم -: (من وحد الله _ وفي رواية _ من قال لا إله إلا الله وكفر بما يعبد من دون الله فقد حرم ماله ودمه وحسابه على الله عزَّ وجل) . رواه الإمام أحمد ومسلم والأصل لأحمد ((وهذا من أعظم ما يبين معنى لا إله إلا الله فإنه لم يجعل التلفظ بها عاصماً للدم والمال بل ولا معرفة معناها مع لفظها بل ولا الإقرار بذلك بل ولا كونه لايدعو إلا الله وحده لاشريك له بل لايَحْرُمُ ماله ودمه حتى يضيف إلى ذلك الكفر بما يعبد من دون الله فإن شك أوتوقف لم يحرم ماله ودمه فيالها من مسألة ما أعظمها وأجلها وياله من بيان ما أوضحه وحجة ما أقطعها للمنازع)) قاله الإمام المجدد محمد بن عبد الوهاب:- (في مسائل الباب السادس من كتاب التوحيد) .   (1) راجع مسائل الباب الأول من: (كتاب التوحيد) . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 6 3- والطاغوت لغة:- مشتق من الطغيان وهو مجاوزة الحد لقوله تعالى: {إنّا لما طغا الماء حملناكم في الجارية} وأما شرعاً هو:- ((ما تجاوز به العبد حده من معبود أو متبوع أو مطاع فطاغوت كل قوم من يتحاكمون إليه غير الله ورسوله، أو يعبدونه من دون الله أو يتبعونه على غير بصيرة من الله أو يطيعونه فيما لايعلمون أنه طاعة لله فهذه طواغيت العالم، إذاتأملتها وتأملت أحوال الناس معها، رأيت أكثرهم ممن أعرض عن عبادة الله إلى عبادة الطاغوت، وعن طاعته ومتابعة رسوله - صلى الله عليه وسلم - إلى طاعة الطاغوت ومتابعته)) . ((1) 4- وصفة الكفربالطاغوت تتحقق بخمسة أشياء قد استخلصهاالإمام المجدد محمدبن عبد الوهاب رحمه الله تعالى وهي:- اعتقاد بطلان عبادة غير الله. تركها. بغضها. تكفير أهلها. معاداتهم في الله. والدليل قوله تعالى:- {قد كانت لكم أسوة حسنة في إبراهيم والذين معه إذ قالوا لقومهم إنا بُرَءاءُ منكم ومما تعبدون من دون الله كفرنا بكم وبدا بيننا وبينكم العداوة والبغضاء أبدًا حتى تؤمنوا بالله وحده} إذاً فمن لم يحقق هذه الصفة لم يكن مؤمناًبالله كافراً بالطاغوت بل العكس لأن الإيمان بالطاغوت والإيمان بالله ضدان لايجتمعان في قلب إنسان أبداً إذ لايمكن أن يوصف الشخص بأنه مشرك وموحد في نفس الوقت بل لابد له من أحد الوصفين لامحالة إذ لاثالث لهما لقوله تعالى:- {هو الذي خلقكم فمنكم كافر ومنكم مؤمن} وقوله {إنا هديناه السبيل إما شاكرا ًوإما كفوراً} . (2)   (1) قاله العلامة ابن القيم في أعلام الموقعين: (1 / 58 – 59) . [تحقيق البغدادي] . (2) راجع مجموعة التوحيد (1/14،8 4) , والدرر السنية في الأجوبة النجدية (2/359, 360) . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 7 فهذا الطاغوت الذي أُمرنا أن نكفر به ونجتنبه وهذه عبادته التي نهينا عنها وأمرنا بتركها وتكفير أهلهاومعاداتههم. ((1) { فصل: في بيان حقيقة الإسلام والشرك والفرق بينهما } 1- ومرجع الأسماء الشرعية:- كاسم المسلم والمشرك والكافر والمبتدع والفاسق إلى ما حدّه الشارع حقيقةً ومعنى ومن لم يفرق بين حقائق هذه المسميات ويتصورها يقع في خبط وخلط , وقد ذمّ سبحانه من لم يعرف حدود ما أنزل على رسوله فقال:- {الأعراب أشد كفراً ونفاقاً وأجدر ألا يعلموا حدود ما أنزل الله على رسوله} . (2) 2- فقد بين الله عز وجل في كتابه وعلى لسان رسوله حقيقة الإسلام والشرك وما يترتب عليهما من الأحكام الدنيوية والأخروية فالإسلام هو:- الإستسلام لله عز وجل بالتوحيد والإنقياد له بالطاعة والبراءة من الشرك وأهله. قال تعالى:- {بلى من أسلم وجهه لله وهو محسن} , ولقوله - صلى الله عليه وسلم -:- (الإسلام أن تعبد الله ولاتشرك به شيئاً وتقيم الصلاة) . فعرفه بالإستسلام لله بالتوحيد وترك الشرك رأساً وإقامة الشعائر الظاهرة الدآلة على الإنقياد.   (1) راجع مجموعة التوحيد (1/ ,1 17،2 17) . (2) راجع مجموع الفتاوي (19/ 335) ، منهاج التأسيس والتقديس للشيخ العلامة عبد اللطيف آل الشيخ (ص 12) . ، الإنتصار للشيخ العلامة عبد الله أبا بطين (ص20) . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 8 وأما الشرك فهو:- تسوية المخلوق بالخالق بصرف أي نوع من أنواع العبادة له قال تعالى حكاية عن المشركين باعترافهم:- {تالله ان كنا لفي ضلال مبين إذ نسويكم برب العالمين} , وقال تعالى:- {فلا تجعلوا لله أنداداً وأنتم تعلمون} ، وفي الحديث:- (أن تجعل لله نداً وهو خلقك) , وفي اللغة ما يبين معنى الشرك فالشرك مأخوذ من المشاركة بين اثنين فأكثر في شيٍء ما ... قال تعالى:- {وضرب الله مثلاً رجلاً فيه شركاء متشاكسون ورجلاً سلماً لرجل هل يستويان مثلاً الحمد لله بل أكثرهم لايعلمون} . فجعل الأول فيه شركة وجعل الآخر خالصاً لاشركة فيه. 3- والشرك الأكبر لايغفر إلا بالتوبة منه قبل الممات ويغفر الله ما دونه لمن يشاء قال تعالى:- {إن الله لايغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء} ، وفي الحديث:- (لايقبل الله من مشركٍ أشرك بعد إسلامه عملاً) . أخرجه عبد الرزاق من حديث حكيم بن معاوية عن أبيه عن جده. ((1)) 4- فمن مات على الشرك الأكبر حُرِم الِجنَان واستحق الخلود في النيران لقوله تعالى:- {إنه من يشرك بالله فقد حرم الله عليه الجنة ومأواه النار وما للظالمين من أنصار} , ولقوله - صلى الله عليه وسلم -: (من مات وهو يدعو لله نداً دخل النار) وفي حديث آخر:- (من لقى الله لايشرك به شيئاً دخل الجنة ومن لقيه يشرك به شيئاً دخل النار) رواهما مسلم. ودخول المشرك النار على عمومه فيدخلها ويخلد فيها ولافرق في ذلك بين اليهود ولاعبدة الأوثان أو النيران والصلبان ولابين من خالف ملة الإسلام أو انتسب إليها ولابين من عاند الحق أوجهله من الإنس والجآن. (2) {فصل في بيان معنى الولاء والبراء ووجوب إظهارالدين وعذرالمستضعفين}   (1) راجع صحيح ابن حبان (1/376) . (2) راجع فتح المجيد:- (باب الخوف من الشرك) . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 9 1- واعلم أنه لايستقيم للمرء إسلامٌ ولو وحد الله وترك الشرك إلا بعداوة المشركين والتصريح لهم بذلك لقوله تعالى:- {لا تجد قوماً يؤمنون بالله واليوم الآخر يوآدون من حآد الله ورسوله ولو كانوا ءابآءهم أو أبناءهم أو إخوانهم أو عشيرتهم ... } , وفي الحديث:- (أوثق عرى الإيمان الحب في الله والبغض في الله) رواه الإمام أحمد من حديث البراء بن عازب والحديث حسن بمجموع طرقه قاله الالباني رحمه الله (1) وقال العلامة حمد بن عتيق: (فأما معاداة الكفار والمشركين فاعلم أن الله سبحانه وتعالى قد أوجب ذلك وأكد إيجابه وحرم موالاتهم وشدد فيها حتى إنه ليس في كتاب الله تعالى حكم فيه من الأدلة أكثر ولا أبين من هذا الحكم , بعد وجوب التوحيد وتحريم ضده) إذاً فلا بد من تحقيق الولاء والبراء.   (1) الدرر السنية (8/ 435 - 10/139، 140) , (سبيل النجاة والفكاك من موالاة المرتدين وأهل الإشراك) الجزء: 1 ¦ الصفحة: 10 2- وأصل البراء البغض وأصل الولاء المحبة لقوله تعالى حكايةً عن إبراهيم - عليه السلام -أنه قال لقومه:- {أفرئيتم ما كنتم تعبدون أنتم وءابأوكم الأقدمون فإنهم عدو لي إلا رب العالمين} ولما كان أصل البراء البغضاء التي محلها القلب كان فرعها الظاهر العداوة قال تعالى:- {قد كانت لكم أسوة حسنة في إبراهيم والذين معه إذ قالوا لقومهم إنا برءاؤمنكم ومما تعبدون من دون الله كفرنا بكم وبدا بيننا وبينكم العداوة والبغضاء أبداً حتى تؤمنوا بالله وحده} , وهي من صفة الكفر بالطاغوت المتقدم ذكرها , ((وها هنا نكتة بديعة في قوله: {إنا برءاؤ منكم ومما تعبدون من دون الله} وهي أن الله تعالى قدم البراءة من المشركين العابدين غير الله على البراءة من الأوثان المعبودة من دون الله، لأن الأول أهم من الثاني. فإنه قد يتبرأ من الأوثان ولايتبرأ ممن عبدها، فلا يكون آتياً بالواجب عليه، وأما إذا تبرأ من المشركين فإن هذا يستلزم البراءة من معبوداتهم فعليك بهذه النكتة فإنها تفتح لك باباً إلى عداوة أعداء الله فكم من إنسان لايقع منه الشرك ولكنه لايعادي أهله فلا يكون مسلماً إذا ترك دين جميع المرسلين ثم قوله:- {كفرنا بكم وبدا بيننا وبينكم العداوة والبغضاء أبداً حتى تؤمنوا بالله وحده} فقوله: (وبدا) أي ظهر وبان وتأمل تقديم العداوة على البغضاء لأن الأولى أهم من الثانية فإن الإنسان قد يبغض المشركين ولايعاديهم فلا يكون آتياً بالواجب عليه حتى تحصل منه العداوة والبغضاء وإن كانت البغضاء متعلقة بالقلب فلأنها لاتنفع حتى تظهر آثارها وتتبين علامتها ولا تكون كذلك حتى تقترن بالعداوة والمقاطعة)) . قاله الشيخ العلامة / حمد بن عتيق رحمه الله. ((1)   (1) راجع مجموعة التوحيد (1/334- 335) . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 11 * ((ولا يكون المسلم مظهراً لدينه حتى يخالف كل طائفة بما اشتهر عندها ويصرح لهم بالعداوة والبراءة منه فمن كان كفره بالشرك فإظهار الدين عنده التصريح بالتوحيد والنهي عن الشرك والتحذير منه ومن كان كفره بموالاة المشركين والدخول تحت طاعتهم فإظهار الدين عنده التصريح بعداوته والبراءة منه ومن المشركين)) قاله الشيخ / حمد بن عتيق رحمه الله. (1) * ((وقد لايستطيع المسلم إظهار العداوة للكفار والمشركين لمانع أو عذر كاستضعاف لمن ليس له منعة أو إكراه فيكون معذوراً إلى زوال المانع وأما من لم يظهر العداوة للمشركين لغرض دنيوي وإيثاراً لحظ من حظوظ النفس مع بغضهم واعتقاد كفرهم فهذا عاص مذنب ٍ وكل بحسبه فإن انتفت البغضاء من القلب انتفى معها الإيمان لملازمة الظاهر للباطن وذلك لأن محلها القلب ولاسبيل لأحد عليها بإكراهٍ أوغيره كما هو صريح في قوله تعالى:- {إلا من أكره وقلبه مطمئن بالإيمان} فتنبه)) . (2) { فصل في معنى لا إله إلا الله وبيان شروطها } 1- وكلمة الإخلاص لا إله إلا الله قائمة على ركنين (النفي) و (الإثبات) ، (فلا إله) تنفي جميع الآلهة الباطلة و (إلا الله) تثبت الألوهية الحق لله سبحانه فمعناها لامعبود بحق إلا الله وقد عبّر عنها الخليل - عليه السلام - بالنفي والإثبات كما حكى الله عنه أنه قال لقومه:- {إنني براء مما تعبدون إلا الذي فطرني فإنه سيهدين - وجعلها كلمة باقية في عقبه لعلهم يرجعون} والكلمة هي لا إله إلا الله بإجماع المفسرين.   (1) سبيل النجاة والفكاك مجموعة التوحيد (1/366-367) . ، وراجع إيضاح المحجة والسبيل (ص 36) للشيخ العلامة إسحاق بن عبد الرحمن آل الشيخ. (2) الدرر السنية (2/305،8/359) ، تكفير المعين للشيخ إسحاق بن عبد الرحمن آل الشيخ (ص 21) . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 12 2- ومبنية على أصلين: أ- الصدق *** *** ب – الإخلاص. فبالصدق براءة من النفاق وبالإخلاص براءة من الشرك. قال ابن القيم في نونيته:- والصدق والإخلاص ركنا ذلك التوحـ ـــــيد كالركنين للبنيان. ((1)) 3- وهذه الكلمة العظيمة لاتنفع قائلها إلا بإجتماع سبعة شروط إجماعاً. وليس المراد من ذلك عدّها أو حفظها فقط فكم من عاميّ اجتمعت فيه والتزمها ولو قيل له اعددها لم يحسن ذلك وكم من حافظ لألفاظها يجري فيها كالسهم وتراه يقع فيما يناقضها , وقال الشيخ العلامة / سليمان بن عبد الله آل شيخ أما النطق بها – لا إله إلا الله – من غير معرفة لمعناها ولا عمل بمقتضاها فإن ذلك غير نافع بالإجماع. (2) أ- الشرط الأول: العلم المنافي للجهل لقوله تعالى:- {فاعلم أنه لا إله إلا الله واستغفر لذنبك} . ولقوله - صلى الله عليه وسلم -: (من مات وهو يعلم لا إله إلا الله دخل الجنة) رواه مسلم من حديث عثمان بن عفان - رضي الله عنه -. ب – اليقين المنافي للشك لقوله تعالى:- {إنما المؤمنون الذين آمنوا بالله ورسوله ثم لم يرتابوا وجاهدوا بأموالهم وأنفسهم في سبيل الله أولئك هم الصادقون} ولقول المصطفى- صلى الله عليه وسلم -:- (من لقيت وراء هذا الحائط يشهد أن لا إله إلا الله مستيقناً بها فبشره بالجنة) وفي رواية: (لا يلقى الله بهما – أي الشهادتين – عبد غير شاك فيها) من حديث أبي هريرة - رضي الله عنه -.   (1) راجع مجموعة التوحيد (1/168) . (2) تيسيرالعزيز الحميد في شرح كتاب التوحيد ص (64 – 70) . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 13 ج – الإخلاص المنافي للشرك لقوله تعالى:- {فاعبد الله مخلصاً له الدين} وقوله:- {والذين هم بربهم لايشركون} ولقوله - صلى الله عليه وسلم -: (من قال لا إله إلا الله خالصاً من قلبه – وفي رواية مخلصاً) رواه البخاري. ولحديث (من لقى الله لايشرك به شيئاً دخل الجنة ومن لقيه يشرك به شيئاً دخل النار) أخرجه مسلم من رواية جابر- رضي الله عنه -. هـ - الصدق المنافي للكذب لقوله تعالى:- {إذا جاءك المنافقون قالوا نشهد إنك لرسول الله والله يعلم إنك لرسوله والله يشهد إن المنافقين لكاذبون} وفي الحديث: (ما من أحد يشهد أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله صدقاً من قلبه إلا حرمه الله على النار) أخرجاه من حديث أنس - رضي الله عنه -. و القبول المنافي للرد لقوله تعالى:- {قولوا آمنا بالله وما أنزل إلينا} ، ولحديث: (لايدخل الجنة من كان في قلبه مثقال ذرة من كبر) . رواه مسلم. ز- الإنقياد المنافي للترك لقوله تعالى:- {وما ءاتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا} ولقوله - صلى الله عليه وسلم -: (فإذا نهيتكم عن شيئٍ فاجتنبوه وإذا أمرتكم بأمر فأتوا منه ما استطعتم) أخرجه البخاري من حديث أبي هريرة - رضي الله عنه -. ح- المحبة المنافية لضدها من البغض والكراهية لقوله تعالى:- {قل إن كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله} وفي الحديث:- (أوثق عرى الإيمان الحب في الله والبغض في الله) تقدم تخريجه في الفصل السابق. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 14 4- وبهذا يتبين قول أهل السنة الجماعة أن الإيمان قول باللسان واعتقاد بالجَنَان وعمل بالأركان فمتى اختل أحد هذه الثلاثة وفُقِدَ فَقَدَ صاحبه الإيمان لقوله تعالى:- {ومن أحسن قولاً ممن دعا إلى الله وعمل صالحاً وقال إنني من المسلمين} ((1) . { فصل في ذكر نواقض الإسلام وكفر من فعل أحدها إلاالمكره } 1- فتعين معرفة نواقض الإسلام لاجتنابها والنفرة منها، قال الشيخ محمد بن عبد الوهاب:- ((اعلم أن نواقض الإسلام عشرة: الأول:- الشرك في عبادة الله قال تعالى:- {إن الله لايغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء} وقوله:- {إنه من يشرك بالله فقد حرم الله عليه الجنة ومأواه النار وما للظالمين من أنصار} , ومنه الذبح لغير الله، كمن يذبح للجن أو للقبور. الثاني:- من جعل بينه وبين الله وسائط يدعوهم ويسألهم الشفاعة، ويتوكل عليهم، فقد كفر إجماعاً. الثالث:- من لم يكفّر المشركين، أو شك في كفرهم، أو صحح مذهبهم كفر. الرابع:- من اعتقد أن غير هدى النبي - صلى الله عليه وسلم - أكمل من هديه، أو أن حكم غيره أحسن من حكمه كالذين يفضلون حكم الطواغيت على حكمه، فهو كافر. الخامس: - من أبغض شيئاً مما جاء به الرسول - صلى الله عليه وسلم -، ولو عمل به كفر. السادس:- من استهزأ بشيء من دين الرسول أوثوابه أو عقابه كفر والدليل قوله تعالى:- {قل أبالله وآياته ورسوله كنتم تستهزؤن لاتعتذروا قد كفرتم بعد إيمانكم} . السابع:- السحر ومنه الصرف والعطف , فمن فعله أورضي به كفروالدليل قوله تعالى:- {وما يعلمان من أحدٍ حتى يقولا إنما نحن فتنة فلا تكفر} .   (1) راجع مجموعة التوحيد (1/113) ، الدرر السنية (2/35) . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 15 الثامن:- مظاهرة المشركين ومعاونتهم على المسلمين والدليل قوله تعالى:- {ومن يتولهم منكم فإنه منهم إن الله لايهدي القوم الظالمين} . التاسع:- من اعتقد أن بعض الناس يسعه الخروج عن شريعة محمد - صلى الله عليه وسلم - كما وسع الخضر الخروج عن شريعة موسى - عليه السلام - فهو كافر. العاشر:- الإعراض عن دين الله لايتعلمه ولايعمل به والدليل قوله تعالى:- {ومن أظلم ممن ذكر بآيات ربه ثم أعرض عنها إنا من المجرمين منتقمون} . ولا فرق في جميع هذه النواقض بين الهازل والجاد والخائف إلا المكره , وكلها من أعظم ما يكون خطراً , وأكثر ما يكون وقوعاً فينبغي للمسلم أن يحذرها ويخاف منها نعوذ بالله من موجبات غضبه وأليم عقابه)) . (1) 2- وكل ما تقدم يفتح للمنصف معرفة أهمية دراسة باب حكم المرتد_ والحاجة إليه_ الذي ذكره الفقهاء من كل مذهب حيث قالوا في تعريف المرتد: هو الذي يكفر بعد إسلامه بقول أو فعل أو اعتقاد شكاً أو جهلاً أو تأويلاً، فلذا قيل يستتاب حتى يعلم أنه نقض إسلامه وأتى بما يوجب ردته وكفرانه فإن تاب ترك وإلا قتل ولم يستثنوا إلا المكره بشرط طمأنينة القلب لقوله تعالى:- {إلا من أكره وقلبه مطمئنٌ بالإيمان} . (2) ويتحقق هذا كله في قوله تعالى:- {قل هذه سبيلي أدعوا إلى الله على بصيرة أنا ومن اتبعني وسبحان الله وما أنا من المشركين} فيتبين فضل العلم وأهله وتأمل يا محب قوله تعالى لنبيه- صلى الله عليه وسلم - بعد عشرين سنة من البعثة:- {فاعلم أنه لا إله إلا الله} .   (1) مجموعة التوحيد (1/38-39) , الدررالسنية (2/360) . (2) راجع الإنتصار للشيخ عبد الله أبا بطين، مجموعة التوحيد (1/107/114) ، الدررالسنية (10/88) . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 16 3- فبعد بيان العبادة وأنواعها والتوحيد وأقسامه والطاغوت وأفراده ووجوب اجتنابه فاعلم أن من صرف شيئاً من العبادة لغير الله فقد آمن بالطاغوت وكفر بالله وإن ادعى الإسلام وعمل بالأركان. وذلك لأن قبول الأعمال موقف على شرط صحتها وهو التوحيد لقوله تعالى:- {ومن يكفر بالإيمان فقد حبط عمله} , وقوله تعالى:- {لئن أشركت ليحبطن عملك ولتكونن من الخاسرين} وقوله تعالى:- {مثل الذين كفروا بربهم أعمالهم كرمادٍ اشتدت به الريح في يوم عاصف لايقدرون مما كسبوا على شيء} . لأنه لم يعلم معنى لا إله إلا الله ولم يحقق الإسلام الذي لايقبل الله من أحد ديناً سواه قال تعالى:- {ومن يبتغِ غير الإسلام ديناً فلن يقبل منه وهو في الآخرة من الخاسرين} , وبعد هذا يتبين لكل من قام في قلبه حقيقة التوحيد والإيمان غربة هذا الدين وحقيقة دعوة المرسلين وبيان ملة أبينا إبراهيم - عليه السلام - التي أمرنا باتباعها كما في قوله تعالى:- {ثم أوحينا إليك أن اتبع ملة إبراهيم حنيفاً وما كان من المشركين} ((1)) { فصل في وجوب التفريق بين المسائل الظاهرة والخفية } 1 – وأما من جحد واجباً أو استحل محرماً وكان مثله يجهله كحديث العهد بالإسلام أو الناشيء في بادية بعيدة فهذا معذور بجهله غير محكوم بكفره ولكن يُعرّف فإن خالف بعد قيام الحجة عليه كان مرتداً عن الإسلام، وأما من كان ناشئاً بين المسلمين في القرى والأمصار لم يعذر، ولم يقبل منه ادعاء الجهل بالإجماع لأن الشرائع لاتلزم إلا بعد البلاغ وتقوم الحجة في الشرائع:- أ- بالتمكن من العلم ب – والقدرة على العمل ((2)   (1) راجع الدررالسنية (11/6 , 545) ، مجموعة التوحيد (170، 171) , الدررالسنية (2/350) . (2) التبصير في معالم الدين لابن جرير (112، 113) , الإنتصار أبابطين (11،18) , والمغني لابن قدامة (3/351) ، الدررالسنية (10/370،371، 355، 372، 432، 423) . , ومجموع الفتاوى (28/50) ، (12 /20،94) ، (4/252،259) ، (18/54) ، (2/54) . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 17 ) 2- وأما الجهل ببعض أسماء الله وصفاته لايكون صاحبه كافراً إذا كان مقراً بما جاء به الرسول - صلى الله عليه وسلم - ولم يبلغه ما يوجب العلم بما جهله على وجه يقتضي كفره إذا لم يعلم كحديث الرجل الذي أمر أهله بتحريقه ولكن يقال مخطىء ضال لم تقم عليه الحجة ويقال من قال كذا فهو كافر ويطلق التكفير بالعموم وأما التعيين فموقوف على ثبوت الشروط وانتفاء الموانع في حق المعين. إذاً فلا بد من التفريق في الحكم على الجاهل بين المسائل الظاهرة الجلية وبين المسائل الدقيقة الخفية التي قد يخفى دليلها على بعض الناس وفي ذلك قال شيخ الإسلام ابن تيمية:- ((إذا كان في المقالات الخفية فقد يقال إنه فيها مخطىء ضال لم تقم عليه الحجة التي يكفر صاحبها لكن ذلك يقع في طوائف منهم في الأمور الظاهرة التي يعلم الخاصة والعامة من المسلمين بل اليهود والنصارى والمشركون يعلمون أن محمداً بُعث بها وكفر من خالفها مثل أمره بعبادة الله وحده لاشريك له ونهيه عن عبادة أحد سوى الله من الملائكة والنبيين وغيرهم فإن هذا من أظهر شعائر الإسلام ومثل معاداة اليهود والنصارى والمشركين ومثل تحريم الفواحش والربا والخمر والميسر ونحو ذلك ثم تجد كثيراً من روؤسائهم وقعوا في هذه الأنواع فكانوا مرتدين وإن كانوا قد يتوبون من ذلك ويعودون)) . (1) { فصل في ذكر موانع وشروط تكفير أهل الأهواء والبدع } 1- شروط تكفير أهل الأهواء والبدع:- أ- قيام الحجة ب – وإزالة الشبهة موانع تكفير أهل الأهواء والبدع:- عدم بلوغ النصوص الموجبة لمعرفة الحق.   (1) مجموع الفتاوى (18/ 54،7/538،12/491) , منهاج التأسيس للشيخ عبد اللطيف آل شيخ (217) . , وفتح البر (2/297) , الدرر السنية (10/332،333،355) ، (11/449) , إجماع السنة جمع الزير (146) . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 18 أو بلغته ولم تثبت عنده. أو ثبتت عنده ولكن عارضها معارض أوجب له تأويلها. أوثبتت ولم يتمكن من فهمها. أو عرضت له شبهة يعذره الله بها. أوكان مجتهداً مع حسن النية والقصد. أو مقلداً مع الحرص على معرفة الحق. * والضلال يكون بسبب التقصير في طلب الحق أو القصور في فهمه أوكليهما. * فمن كان مجتهداً في طلب الحق فأخطأ فإن الله يغفرله خطأه سواءً في المسائل العلمية النظرية أو العملية بالإجماع. * أما من عصى مولاه واتبع هواه وقصر في طلب الحق وتكلم بلا علم فهو عاصٍ مذنب ثم قد يلحقه الوعيد وقد لايلحقه لموانع تمنع من ذلك. (1) { فصل في ذكر موانع لحوق الوعيد } موانع لحوق الوعيد للعصاة المذنبين والضُلال المبتدعين:- أ- التوبة الصادقة. ب– أو الحسنات ماحية أو راجحة. ج – أو المصائب المكفرة. د– أوشفاعة شفيع مطاع. هـ- أو برحمة أرحم الراحمين. إلى غير ذلك مما هو داخل في معناها ومتى عدمت هذا الموانع لحق الوعيد بالعصاة والمبتدعين ولاتعدم إلا في حق من شرد على ربه شراد البعير على أهله. (2) {فصل في ذكر شروط قيام الحجة وبيان معناها} 1- فإن حجة الله قامت على العباد بشيئين (3) :-   (1) مجموع الفتاوى (12 /180، 497،500) ، (19 / 217) ، (12/494) ، (20/ 25) . ، التمهيد لابن عبد البر (9 / 145) . (2) مجموع الفتاوى (12/180) ، (20/254) , القواعد والفوائد الأصولية لابن اللحام ص (52، 3 5) . (3) الفتاوى (16/166 - 28/125) , الرد على المنطقيين (ص 99) , الدرر السنية (11/72) , راجع تفسير ابن جرير , ابن كثير آية (19) الأنعام (15) الإسراء , راجع تفسير ابن كثير آية (72، 73،74) الأعراف. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 19 أ- بلوغ القرآن ومجئ الرسول. *** *** ب- أو التمكن من الوصول إليهما. لقوله تعالى:- {لأنذركم به ومن بلغ} , وقوله:- {وما كنا معذبين حتى نبعث رسولاً} وقوله:- {رسلاً مبشرين ومنذرين لئلا يكون للناس على الله حجة بعد الرسل} , ولقوله - صلى الله عليه وسلم -:- (لاأحد أحب إليه العذر من الله فلذلك أرسل المبشرين والمنذرين) أخرجاه من حديث المغيرة بن شعبة - رضي الله عنه -وقوله:- (لايسمع بي من هذه الأمة يهودي ولانصراني ثم يموت ولم يؤمن بالذي أرسلت به إلا كان من أهل النار) رواه مسلم من حديث أبي هريرة - رضي الله عنه - وعلى ذلك أجمع أهل السنة فإن الله أرسل الرسل ليذكروا الناس بالعهد الذي أخذ عليهم كما في قوله تعالى:- {وإذ أخذ ربك من بني ءادم من ظهورهم ذريتهم وأشهدهم على أنفسهم ألستُ بربكم قالوا بلى شهدنا - أن تقولوا يوم القيامة إنا كناعن هذا غافلين - أو تقولوا إنما أشرك آباؤنا من قبل وكنا ذرية من بعدهم أفتهلكنا بما فعل المبطلون} فلذا أشارسبحانه وتعالى إلى إرسال الرسل بقوله:- {وكذلك نفصل الآيات ولعلهم يرجعون} والتفصيل لا يكون إلا عن طريق الرسل وليرجع الناس إلى ما فطروا عليه وأقروا به مسبقاً قال تعالى:- {فأقم وجهك للدين حنيفاً فطرة الله التي فطر الناس عليها لاتبديل لخلق الله ذلك الدين القيم ولكن أكثرالناس لايعلمون} , ولحديث:- (مامن مولود إلايولد على الفطرة فأبواه يهودانه أو ينصرانه أو يمجسانه أو يشركانه ... ) أخرجهما مسلم. اذاً فمن بلغه القرآن أو سمع بالرسول وكان مكلفاً متمكناً من العلم (1)   (1) طريق الهجرتين (الطبقة السابعة عشرة) ، مدراج السالكين (فصل السماع) ، (فصل العلم) . ، منهاج التأسيس ص (99 - 223) ,كشف الشبهتين للعلامة سليمان بن سحمان ص (91) . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 20 ) أي بالغاً عاقلاً قادراً على السؤال وسماع الجواب ولايحتاج إلى ترجمان كالأعجمي أوالأصم الأبكم الذي لايهتدي إلى معرفة الحق فقد قامت عليه الحجة قال تعالى:- {وما أرسلنا من رسول إلا بلسان قومه ليبين لهم فيضل الله من يشاء ويهدي من يشاء وهو العزيز الحكيم} وقوله:- {فلله الحجة البالغة فلو شاء لهداكم أجمعين} . ((نعم (1) لابد في هذا المقام من تفصيل يزول به الإشكال وهو الفرق بين مقلد تمكن من العلم ومعرفة الحق فأعرض عنه، ومقلد لم يتمكن من ذلك بوجه، والقسمان: واقعان في الوجود فالمتمكن المعرض مفرط تارك للواجب عليه لاعذرله عند الله وأما العاجز عن السؤال والعلم الذي لايتمكن من العلم بوجه فهم قسمان أيضاً أحدهما:مريد للهدى مؤثرله محب له غير قادر عليه ولاعلى طلبه لعدم من يرشده , فهذا حكمه حكم أهل الفترات ومن لم تبلغه الدعوة. الثاني: معرض لاإرادة له، ولايحدث نفسه بغير ما هو عليه. فالأول: يقول يارب لو أعلم لك ديناً خيراً مما أنا عليه لدنت به وتركت ما أنا عليه ولكن لا أعرف سوى ما أنا عليه ولاأقدر على غيره فهو غاية جهدي ونهاية معرفتي. والثاني: راضٍ بما هو عليه لا يؤثر غيره ولا تطلب نفسه سواه ولا فرق عنده بين حال عجزه وقدرته وكلاهما عاجز وهذا لايجب أن يلحق بالأول لما بينهما من الفرق. فالأول: كمن طلب الدين في الفترة ولم يظفر به فعدل عنه بعد استفراغ الوسع في طلبه عجزاً وجهلاً. والثاني: كمن لم يطلبه بل مات علىشركه وإن كان لوطلبه لعجز عنه ففرق بين عجز الطالب وعجز المعرض)) . (2) {فصل الإسم والحكم يفترقان قبل قيام الحجة ويجتمعان بعدها}   (1) طريق الهجرتين الطبقة السابعة عشرة. (2) منهاج التأسيس للعلامة عبد اللطيف بن عبد الرحمن آل الشيخ (316) . ،مجموع الفتاوى (35/226-227) ، (20 /37-38) . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 21 1 – قد فرق الله بين ما قبل الرسالة وما بعدها في أسماء وجمع بينهما في أسماء وأحكام فعدم قيام الحجة لايغير الأسماء الشرعية مما سماه الشارع شركاً أوكفراً أو فسقاً وإن لم يعاقب فاعله إذا لم تقم عليه الحجة وتبلغه الدعوة فاسم المشرك ثبت قبل مجئ الرسول لأنه يشرك بربه ويعدل به غيره وكل حكم علق بأسماء الدين من إسلامٍ وإيمانٍ وكفرٍ نفاقٍ وردةٍ وتهودٍ وتنصرٍ إنما يثبت لمن اتصف بالصفات الموجبةُ لذلك. أ- الإسم: كالمسلم والكافر والمشرك ...... الخ قال تعالى:- {اذهب إلى فرعون إنه طغى} فسماه طاغياً قبل ذهاب موسى - عليه السلام - إليه , وقال تعالى مخبراً عن بلقيس وقومها قبل مجئ كتاب سليمان - عليه السلام - إليهم:- {إنها كانت من قومٍ كافرين} فسماهم كافرين بما حدث منهم من الكفر والشرك. (1) ب - والحكم هو:- مايترتب على تلك الأسماء من الأحكام وجوداً وعدماً. والأحكام تنقسم إلى:- أحكامٍ في الدنيا كاستباحة الدماء والأموال والأعراض والموالاة والمعاداة ... الخ.   (1) راجع مجموع الفتاوى (20/37،38) ، (12/496) ، شرح الواسطية عند قول الشيخ: (أسماء الدين) . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 22 وأحكامٍ في الآخرة:- كالثواب والعقاب قال تعالى عن فرعون بعد تكذيبه لموسى - عليه السلام -: {فعصى فرعون الرسول فأخذناه أخذاً وبيلاً} , وأيضاً قال تعالى حكاية عن سليمان - عليه السلام - أنه همّ بعقاب بلقيس وقومها ولم يعذرهم في عدم الإيمان بعد وصول الكتاب إليهم فقال:- {فلنأتينّهم بجنودٍ لاقبل لهم بها ولنخرجنّهم منها أذلة ً وهم صاغرون} فتبين أن من فعل الشرك يُسمى مشركاً لأنه حدث منه ذلك فلا يمكن نفيه عنه بحال ولايقتضي ذلك عقابه لأن الشرك والكفر هي أسماء ذم الأفعال إذاً لاتلازم بينها وبين العقاب عليها وإن قام المقتضي لذلك ووجد سببه لوجود المانع وهو عدم قيام الحجة وبلوغ الرسالة التي تكون المؤاخذة بعدها ففرق بين الكفر الغير معذب عليه الذي يكون قبل قيام الحجة والكفر المعذب عليه بعدها وهذا أصلٌ عظيم يجب التفطن له والأعتناء به. (1) { فصل في بيان حكم دماء الكفار وذكر شروط الجهاد } 1- فإن الأصل أن دمّ الآدمي معصوم وكان دم الكافر في أول الإسلام معصوماً بالعصمة الأصلية وبمنع الله المؤمنين من قتله قال تعالى:- {ألم تر إلى الذين قيل لهم كفوا أيديكم} , ولقوله - صلى الله عليه وسلم -:- (لم أُؤْمر بالقتل بعد) وكدم القبطي الذي قتله موسى - عليه السلام - ودم الكفار الذين لم تبلغهم الدعوة في زماننا فإن موسى - عليه السلام - عدّ ذلك ذنباً في الدنيا والآخرة ولأن بلوغ الدعوة استتابة عامة من كل كفر، وإنا لانجيز قتل كافر حتى نستتيبه فإن قتل من لم تبلغه الدعوة غير جائز لقوله تعالى:- {قل للذين كفروا إن ينتهوا يغفر لهم ما قد سلف} وهذا معنى الإستتابة.   (1) راجع مجموع الفتاوى (20/37) ، (2/78) , تفسير ابن جرير سورة النمل آية (43) . ، درء تعارض العقل والنقل (8/490-492) ، بدائع التفسيرلابن القيم (2/184) . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 23 فإن جهاد الكفار يجب أن يكون مسبوقاً بدعوتهم إِذْ لاعذاب إلا على من بلغته الرسالة لحديث بريدة الطويل الذي أخرجه مسلم بعدما ذكر النبي - صلى الله عليه وسلم - الأمر بغزو الكفار فقال:- (فإذا لقيت عدوك من المشركين فادعهم إلى ثلاث خصال _ إلى أن قال _ ثم ادعهم إلى الإسلام) ونحن إذا لقينا عدونا دعوناه إلى الإسلام فإن أبى فالجزية فإن أبى استعنا بالله وقاتلناه لحديث بريدة المتقدم. وأما إذا إستفاضت الدعوة وعلم بها القاصي والداني وتحققنا ذلك أخذناهم على كل حال فقد: (أغار النبي - صلى الله عليه وسلم - على بني المصطلق وهم غارّون فقتل مقاتلتهم، وسبى نساءهم وذراريهم) أخرجاه من حديث ابن عمر وهذا لايكون إلا بعد المفاصلة التامة بين الحزبين والتميز بين الدارين دار الكفر ودار الإسلام وإلا امتنع قتالهم لقوله تعالى:- {إن الذين ءامنوا وهاجروا وجاهدوا في سبيل الله ... } , وقال ابن القيم في الزاد أثناءكلامه على مراتب الجهاد: (لايتم الجهاد إلا بالهجرة ولاالجهاد والهجرة إلا بالإيمان) وأما اشتراط المفاصلة فلمنع الله المؤمنين من قتال أهل مكة لأنّ ثمة مانعٌ يمنع من القتال وهو وجود رجال ونساء من أهل الإيمان بين أظهر المشركين وليسوا متميزين بمحلة أو مكان لايمكن أن ينالهم أذى ً فلذا قال تعالى:- {ولولا رجال مؤمنون ونساء مؤمنات لم تعلموهم أن تطؤوهم فتصيبكم منهم معرة بغير علم _ إلى أن قال _لو تزيلوا لعذبنا الذين كفروا منهم عذاباً أليماً} فعلل بعدم التزايل الذي هو معنى التميز والمفاصلة فتنبه لهذا الأصل فقد ضل بسبب عدم اعتباره خلق كثير في مسألة قتال الكفار وجهادهم. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 24 وأيضاً قوله تعالى:- {والذين آمنوا من بعد وهاجروا وجاهدوا معكم فأولئك منكم} فبين أن من آمن لم يمكنه الجهاد إلا بعد الهجرة وأيضاً تنبه لقوله {معكم} بعدما هاجر فرتب الله الجهاد على الهجرة ترتيباً محكماً وأيضاً قوله تعالى:- {يوم التقى الجمعان} وقوله:- {إذ أنتم بالعدوة الدنيا وهم بالعدوة القصوى} والآيات في ذلك أكثر من أن تحصر وأشهر من أن تذكر وهي واضحة لمن تأملها جداً. (1) { فصل في بيان أقسام الدور وأحكام أهلها } إذاً فالدار تنقسم إلى دارين لاثالث لهما:- أ- دار كفر:-كحال مكة قبل البعثة وبعدها قال تعالى: {القرية الظالم أهلها} وقوله تعالى {: سأريكم دار الفاسقين} ب- ودار الإسلام:- كالمدينة بعد الهجرة فإن الهجرة كانت واجبة من مكة إلى المدينة قال تعالى:- {والذين تبؤوا الدار والإيمان من قبلهم يحبون من هاجر إليهم} حتى فتحت مكة فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -:- (لاهجرة بعد الفتح) متفق عليه من حديث ابن عباس رضي الله عنهما. فدار الإسلام هي التي تعلوها أحكام الإسلام وإن كان جمهور أهلها كفاراً كحال المدينة في أول الأمر قبل نبذ العهود وإجلاء اليهود , وكذا اليمن ونجران والبحرين والشام في زمن عمر - رضي الله عنه -. ودار الكفر هي التي تعلوها أحكام الكفار وإن كان جمهور أهلها مسلمين كدار العبيديين الذين ملكوا مصر والشام والمغرب.   (1) الصارم المسلول (104) ، والصفدية (317-323) ، الصارم المسلول (21 3 ,223،325) . ، راجع شرح (باب ما جاء في:الدعاء إلى شهادة أن لا إله إلا الله) من كتاب التوحيد. ، مجموع الفتاوى (9/280،245، 252، 253) . ، زاد المعاد لابن القيم (3/50،71، 108، 160 – 3/11) . ، الدرر السنية (8/ 240، 241 – 9 /253) . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 25 فمتى كانت الشوكة للكفار جرت أحكامهم وعلت ومتى كانت الشوكة للمسلمين علت أحكامهم لامحالة فالحكم للغالب لا المغلوب وأحوال البلاد كأحوال العباد تارة مؤمنة وتارة كافرة وذلك لأن صفتها عارضة ليست لازمة. والحكم يدور مع علته وجوداً وعدماً. وأما إذا طرأ على الولاة الكفر وهم مع ذلك لا يجرون أحكام الكفر في البلاد ولا يمنعون من إظهار شعائر الإسلام ولأهل الدين حوزة واجتماع على الحق وهم في ذلك مظهرون لدينهم ولا أحد يمنعهم من ذلك فالبلد حينئذٍ بلد إسلام لعدم إجراء أحكام الكفر عليها ولكن يجب إزالة هذا الحاكم المرتد وتنصيب غيره إن أمكن ذلك بلا مفسدة وفتنة. 2- وتنقسم دار الكفر إلى:- كفار حربين أو كفار معاهدين. - فالحربيون:- كأهل مكة قبل صلح الحديبية. - والمعاهدون:- كأهل مكة بعد الصلح. وأما أهل الذمة فدارهم دار إسلام لأنهم تحت حكم المسلمين وبذمتهم آمنين فقد أخذ النبي - صلى الله عليه وسلم - الجزية من اليهود والنصارى لقوله تعالى:- {حتى يعطوا الجزية عن يدٍ وهم صاغرون} , وأخذها (من مجوس هجر) أخرجه البخاري من حديث عبد الرحمن بن عوف - رضي الله عنه -. (1) { فصل في وجوب الهجرة وبيان أحكامها }   (1) الدرر السنية (9/ 248 ,257, 428) ، (8/،261- 263, 491 , 497) . ، وإجماع أهل السنة والجماعة جمع الزير (93) ، ومجموع الفتاوى (18/281- 284) ، (27/45،53، 143) ، (35/139) . , أحكام أهل الذمة لابن القيم (ج/269) وراجع تفسير السعدي سورة الحشر آية (9) ، وزاد العاد (3/108) . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 26 فإن وجدت الداران كانت الهجرة واجبة من دار الكفر إلى دار الإسلام ((والهجرة في اللغة: الإنتقال من أرض إلى أرض وفي الشرع الإنتقال من مواضع الشرك والمعاصي إلى بلد الإسلام والطاعة فكل موضع لايقدر الإنسان فيه على إظهار دينه يجب عليه أن يهاجر إلى موضعٍ يقدر فيه على إظهار دينه)) قاله الشيخ سعد بن عتيق، قال الله تعالى:- {قل إن كان أباؤكم وأبناؤكم - إلى قوله تعالى- أحب إليكم من الله ورسوله وجهاد في سبيله فتربصوا حتى يأتي الله بأمره والله لايهدي القوم الفاسقين} ولقوله تعالى:- {إن الذين توفاهم الملائكة ظالمي أنفسهم قالوا فيم كنتم قالوا كنا مستضعفين في الأرض قالوا ألم تكن أرض الله واسعة فتهاجروا فيها فأولئك مأواهم جهنم وساءت مصيراً} ولقوله - صلى الله عليه وسلم -:- (أنا بريء من مسلم يقيم بين ظهراني المشركين) , وفي حديث:- (لاتتراءى ناراهما) , وفي حديث آخر (من جامع المشرك وسكن معه فهو مثله) وكلها في السنن فمن تركها – الهجرة - وهو قادر عليها فهو مرتكبُ حراماً بالإجماع ومتى تمكن المرء من إظهار دينه أستحبت له لقوله - صلى الله عليه وسلم - في حديث بريدة الطويل:- (أؤمرهم أن يتحولوا من دارهم إلى دار المهاجرين فإن أبو فأخبرهم أنهم يكونون كأعراب المسلمين) رواه مسلم. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 27 وأما المستضعفون وهم الذين لايتمكنون من إظهار دينهم لضعفهم وعدم المنَعَة ولا يستطيعون الهجرة لعجزهم وعدم قدرتهم عليها فقد استثناهم الله في قوله تعالى: {إلا المستضعفين من الرجال والنساء والولدان لايستطيعون حيلة ولايهتدون سبيلا} ,وفي الآية الأخرى: {ومالكم لاتقاتلون في سبيل الله والمستضعفين من الرجال والنساء والولدان الذين يقولون ربنآ أخرجنا من هذه القرية الظالم أهلها واجعل لنا من لدنك ولياً واجعل لنا من لدنك نصراً} فهم لايستطيعون النهوض والخروج ولو استطاعوا لم يهتدوا إلى ذلك سبيلا وهم مع ذلك يدعون ربهم أن يخرجهم من دار الكفر إلى دار الإسلام وأن يؤيدهم بالأنصار والأولياء الذين يستنقذونهم من أيدي الكفار. وإذا ظهرت البدع وانتشر الفسق في دار الإسلام شرعت الهجرة إلى دار السنة والإيمان فإن عدمت دار الإسلام وجبت الهجرة إلى أخف الضررين من أجل إقامة الدين والقيام به كأمر النبي - صلى الله عليه وسلم - أصحابه بالهجرة إلى أرض الحبشة وهي دار النصارى في ذلك الوقت وقال إن فيها ملكاً لايظلم عنده أحد وقد قال تعالى:- {يا عبادي الذين ءامنوا إن أرضي واسعة فإياى فاعبدون} . (1) هذا وقد تم المقصود مما أردناه وصلى الله على محمدٍ وعلى آله وصبحه وسلم تسليما ًكثيراً ... . تم الفراغ منها في: 24 / 4/ 22 4 1   (1) الدرر السنية (8/496 - 10/140) ، مجموعة التوحيد (1/371) ، تفسير ابن جرير آية (23 , 24) من سورة التوبة , آية (97) من سورة النساء , تفسير ابن كثير , الدررالسنية (8/290،428, 429 - 9/258) . ، مجموعة التوحيد (1/366إلى 375) ، ,مجموع الفتاوى (28/291) , الدررالسنية (8/457،291– 9/258) . , تفسير ابن جرير آية (56) من سورة العنكبوت ,تفسير السعدي , ابن كثير. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 28 الأحساء – الهفوف الجزء: 1 ¦ الصفحة: 29