الكتاب: آداب الشافعي ومناقبه المؤلف: أبو محمد عبد الرحمن بن محمد بن إدريس بن المنذر التميمي، الحنظلي، الرازي ابن أبي حاتم (المتوفى: 327هـ) كتب كلمة عنه: محمد زاهد بن الحسن الكوثري قدم له وحقق أصله وعلق عليه: عبد الغني عبد الخالق الناشر: دار الكتب العلمية، بيروت - لبنان الطبعة: الأولى، 1424 هـ - 2003 م عدد الأجزاء: 1   [ترقيم الكتاب موافق للمطبوع] ---------- آداب الشافعي ومناقبه الرازي، ابن أبي حاتم الكتاب: آداب الشافعي ومناقبه المؤلف: أبو محمد عبد الرحمن بن محمد بن إدريس بن المنذر التميمي، الحنظلي، الرازي ابن أبي حاتم (المتوفى: 327هـ) كتب كلمة عنه: محمد زاهد بن الحسن الكوثري قدم له وحقق أصله وعلق عليه: عبد الغني عبد الخالق الناشر: دار الكتب العلمية، بيروت - لبنان الطبعة: الأولى، 1424 هـ - 2003 م عدد الأجزاء: 1   [ترقيم الكتاب موافق للمطبوع] بَابُ مَا ذُكِرَ مِنْ وِلادَةِ الشَّافِعِيِّ، وَبَدْءِ أَخْذِهِ الْعِلْمَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ وَهْبٍ الْوَهْبِيُّ ابْنُ أَخِي عَبْدِ اللَّهِ بْنِ وَهْبٍ، قَالَ: سَمِعْتُ مُحَمَّدَ بْنَ إِدْرِيسَ الشَّافِعِيَّ رَحِمَهُ اللَّهُ، الجزء: 1 ¦ الصفحة: 17 يَقُولُ: وُلِدتُّ بِالْيَمَنِ، فَخَافَتْ أُمِّي عَلَيَّ الضَّيْعَةَ، وَقَالَتِ: الْحَقْ بِأَهْلِكَ، فَتَكُونَ مِثْلَهُمْ، فَإِنِّي أَخَافُ أَنْ تُغْلَبَ عَلَى نَسَبِكَ، فَجَهَّزَتْنِي إِلَى مَكَّةَ، فَقَدِمْتُهَا وَأَنَا يَوْمَئِذٍ ابْنُ عَشْرٍ أَوْ شَبِيهًا بِذَلِكَ، فَصِرْتُ إِلَى نَسِيبٍ لِي، وَجَعَلْتُ أَطْلُبُ الْعِلْمَ، فَيَقُولُ لِي: لا تَشْتَغِلْ بِهَذَا، وَأَقْبِلْ عَلَى مَا يَنْفَعُكَ، فَجَعَلْتُ لَذَّتِي فِي هَذَا الْعِلْمِ وَطَلَبِهِ، حَتَّى رَزَقَنِي اللَّهُ مِنْهُ مَا رَزَقَ أَخْبَرَنَا أَبُو الْحَسَنِ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي حَاتِمٍ، حَدَّثَنَا أَبِي، قَالَ: الجزء: 1 ¦ الصفحة: 18 سَمِعْتُ عَمْرَو بْنَ سَوَّادٍ، قَالَ: قَالَ لِيَ الشَّافِعِيُّ: وُلِدْتُ بِعَسْقَلانَ، فَلَمَّا أَتَى عَلَيَّ سَنَتَانِ حَمَلَتْنِي أُمِّي إِلَى مَكَّةَ، وَكَانَتْ نَهْمَتِي فِي شَيْئَيْنِ: فِي الرَّمْيِ وَطَلَبِ الْعِلْمِ، فَنِلْتُ مِنَ الرَّمْيِ حَتَّى كُنْتُ أُصِيبُ مِنْ عَشَرَةٍ، عَشَرَةً، وَسَكَتَ عَنِ الْعِلْمِ، فَقُلْتُ لَهُ: أَنْتَ وَاللَّهِ فِي الْعِلْمِ أَكْبَرُ مِنْكَ فِي الرَّمْيِ أَخْبَرَنَا أَبُو الْحَسَنِ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ، قَالَ: حَدَّثَني أَبُو بِشْرِ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 19 حَمَّادٍ الدُّولابِيُّ فِي طَرِيقِ مَكَّةَ، قَالَ: حَدَّثَنِي أَبُو بَكْرِ بْنُ إِدْرِيسَ وَرَّاقُ الْحُمَيْدِيِّ، قَالَ: أَخْبَرَنِي الْحُمَيْدِيُّ، عَنِ الشَّافِعِيِّ، قَالَ: كُنْتُ يَتِيمًا فِي حِجْرِ أُمِّي، وَلَمْ يَكُنْ مَعَهَا مَا تُعْطِيَ الْمُعَلِّمَ، وَكَانَ الْمُعَلِّمُ قَدْ رَضِيَ مِنِّي أَنْ أَخْلُفَهُ إِذَا قَامَ، فَلَمَّا خَتَمْتُ الْقُرْآنَ، دَخَلْتُ الْمَسْجِدَ، فَكُنْتُ أُجَالِسُ الْعُلَمَاءَ، وَأَحْفَظُ الْحَدِيثَ أَوِ الْمَسْأَلَةِ، وَكَانَ مَنْزِلُنَا بِمَكَّةَ فِي شِعْبِ الْخَيْفِ، وَكُنْتُ أَنْظُرُ إِلَى الْعَظْمِ يَلُوحُ، فَأَكْتُبُ فِيهِ الْحَدِيثَ أَوِ الْمَسْأَلَةَ، وَكَانَتْ لَنَا جَرَّةٌ قَدِيمَةٌ، فَإِذَا امْتَلأَ الْعَظْمُ طَرَحْتُهُ فِي الْجَرَّةِ وَأَخْبَرَنَا أَبُو الْحَسَنِ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ، حدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ رَوْحٍ، قَالَ: سَمِعْتُ الزُّبَيْرَ بْنَ سُلَيْمَانَ الْقُرَشِيَّ، يَذْكُرُ عَنِ الشَّافِعِيِّ، قَالَ: طَلَبْتُ هَذَا الأَمْرَ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 20 عَنْ خِفَّةِ ذَاتِ يَدٍ، كُنْتُ أُجَالِسُ النَّاسَ وَأَتَحَفَّظُ، ثُمَّ اشْتَهَيْتُ أَنْ أُدَوِّنَ، وَكَانَ لَنَا مَنْزِلٌ بِقُرْبِ شِعْبِ الْخَيْفِ، وَكُنْتُ آخُذُ الْعِظَامَ وَالأَكْتَافَ فَأَكْتُبُ فِيهَا حَتَّى امْتَلأَ فِي دَارِنَا مِنْ ذَلِكَ حُبَّانِ أَخْبَرَنَا أَبُو الْحَسَنِ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ، أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ الْمِصْرِيُّ، قَالَ: وُلِدَ الشَّافِعِيُّ سَنَةَ خَمْسِينَ وَمِائَةٍ، وَمَاتَ فِي آخِرِ يَوْمٍ مِنْ رَجَبٍ، سَنَةَ أَرْبَعٍ وَمِائَتَيْنِ، عَاشَ أَرْبَعًا وَخَمْسِينَ سَنَةً " أَخْبَرَنَا أَبُو الْحَسَنِ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ، حَدَّثَنَا يُونُسُ بْنُ عَبْدِ الأَعْلَى، قَالَ: «مَاتَ الشَّافِعِيُّ فِي سَنَةِ أَرْبَعٍ أَوْ خَمْسٍ وَمِائَتَيْنِ، وَهُوَ ابْنُ نَيِّفٍ وَخَمْسِينَ سَنَةً» الجزء: 1 ¦ الصفحة: 21 أَخْبَرَنَا أَبُو الْحَسَنِ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ، حَدَّثَنَا الرَّبِيعُ بْنُ سُلَيْمَانَ، قَالَ: سَمِعْتُ الشَّافِعِيَّ، يَقْولُ: قَدِمْتُ عَلَى مَالِكٍ وَقَدْ حَفِظْتُ الْمُوَطَّأَ ظَاهِرًا، فَقُلْتُ: إِنِّي أُرِيدُ أَنْ أَسْمَعَ الْمُوَطَّأَ مِنْكَ، فَقَالَ: اطْلُبُ مَنْ يَقْرَأُ لَكَ، قُلْتُ: لا، عَلَيْكَ أَنْ تَسْمَعَ قِرَاءَتِي، فَإِنْ سَهُلَ عَلَيْكَ، قَرَأْتُ لِنَفْسِي، قَالَ: اطْلُبْ مَنْ يَقْرَأُ لَكَ، وَكَرَّرْتُ عَلَيْهِ، فَقَالَ: اقْرَأْ، فَلَمَّا سَمِعَ قِرَاءَتِي، قَالَ: اقْرَأْ، فَقَرَأْتُ عَلَيْهِ حَتَّى فَرَغْتُ مِنْهُ أَخْبَرَنَا أَبُو الْحَسَنِ، أَخْبَرَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ الرَّحْمَنِ، قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 22 أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ فِيمَا كَتَبَ إِلَيَّ، قَالَ: قَالَ أَبِي: قَالَ الشَّافِعِيُّ: أَنَا قَرَأْتُ عَلَى مَالِكٍ، وَكَانَ يُعْجِبُهُ قِرَاءَتِي، قَالَ أَبِي: لأَنَّهُ كَانَ فَصِيحًا أَخْبَرَنَا أَبُو الْحَسَنِ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ، حَدَّثَنَا يُونُسُ بْنُ عَبْدِ الأَعْلَى، قَالَ: قَالَ لِي الشَّافِعِيُّ: مَا اشْتَدَّ عَلَيَّ فَوْتُ أَحَدٍ مِنَ الْعُلَمَاءِ مِثْلَ فَوْتِ ابْنِ أَبِي ذِئْبٍ، وَاللَّيْثِ بْنِ سَعْدٍ. فَذَكَرْتُ ذَلِكَ لأَبِي، فَقَالَ: مَا ظَنَنْتُ أَنَّهُ أدْرَكَهُمَا حَتَّى يَأْسَفَ عَلَيْهِمَا " الجزء: 1 ¦ الصفحة: 23 أَخْبَرَنَا أَبُو الْحَسَنِ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ، قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبِي، حَدَّثَنَا حَرْمَلَةُ بْنُ يَحْيَى، قَالَ: قَالَ لِيَ الشَّافِعِيُّ: أَنَا اسْتَأْذَنْتُ لابْنِ وَهْبٍ، عَلَى إِبْرَاهِيمَ بْنِ سَعْدٍ ". قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ الرَّحْمَنِ: يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ حَظِيًّا عِنْدَهُ، مُسْتَمْكِنًا مِنْهُ، حَتَّى اسْتَأْذَنَ لابْنِ وَهْبٍ، عَلَيْهِ أَخْبَرَنَا أَبُو الْحَسَنِ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ، قَالَ: حَدَّثَني أَبُو عَبْدِ اللَّهِ مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ بْنِ الْجُنَيْدِ رَفيقُ أَبِي فِي الرِّحْلَةِ، قَالَ: سَمِعْتُ عَمْرَو بْنَ سَوَّادٍ السَّرْحِيَّ، يَقْولُ: سَمِعْتُ الشَّافِعِيَّ، يَقْولُ: تَمَنَّيْتُ مِنَ الدُّنْيَا شَيْئَيْنِ: الْعِلْمَ وَالرَّمْيَ، فَأَمَّا الرَّمْيُ فَإِنِّي أُصِيبُ مِنْ عَشَرَةٍ عَشَرَةً، وَالْعِلْمُ فَمَا تَرَوْنَ أَخْبَرَنَا أَبُو الْحَسَنِ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ، قَالَ: حَدَّثَني أَبُو بِشْرِ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ حَمَّادٍ الدُّولابِيُّ فِي طَرِيقِ مِصْرَ، ثنا أَبُو بَكْرِ بْنُ إِدْرِيسَ وَرَّاقُ الْحُمَيْدِيِّ، قَالَ: سَمِعْتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ الزُّبَيْرِ الْحُمَيْدِيَّ، يَقُولُ عَنِ الشَّافِعِيِّ، قَالَ:. . . وَكُنْتُ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 24 بِنَجْرَانَ، وَبِهَا بَنُو الْحَارِثِ بْنِ عَبْدٍ الْمَدَانِ، وَمَوَالي ثَقِيفِ، وَكَانَ الْوَالِي إِذَا أَتَاهُمْ صَانَعُوهُ، فَأَرَادُونِي عَلَى نَحْوِ ذَلِكَ، فَلَمْ يَجِدُوا ذَلِكَ عِنْدِي، وَتَظَلَّمَ عِنْدِي نَاسٌ كَثِيرٌ فَجَمَعْتُهُمْ، فَقُلْتُ: اخْتَارُوا سَبْعَةَ نَفَرٍ مِنْكُمْ، فَمَنْ عَدَّلُوهُ كَانَ عَدْلا، وَمَنْ جَرَّحُوهُ كَانَ مَجْرُوحًا. فَجَمَعُوا لِي سَبْعَةً مِنْهُمْ، فَجَلَسْتُ لِلْحُكْمِ، فَقُلْتُ لِلْخُصُومِ: تَقَدَّمُوا، فَإِذَا شَهِدَ الشَّاهِدُ عِنْدِي، الْتَفَتُّ إِلَى السَّبْعَةِ، فَإِنْ عَدَّلُوهُ كَانَ عَدْلا، وَإِنْ جَرَّحُوهُ، قُلْتُ: زِدْنِي شُهُودًا. فَلَمَّا أتَيْتُ عَلَى ذَلِكَ، جَعَلْتُ أُسَجِّلُ وَأَحْكُمُ، فَنَظَرُوا إِلَى حُكْمٍ جَارٍ، فَقَالُوا: إِنَّ هَذِهِ الضِّيَاعَ وَالأَمْوَالَ الَّتِي تَحْكُمُ عَلَيْنَا فِيهَا، لَيْسَتْ لَنَا، إِنَّمَا هِيَ لِمَنْصُورِ بْنِ الْمَهْدِيِّ فِي أَيْدِينَا، فَقُلْتُ لِلْكَاتِبِ: اكْتُبُ وَأَقَرَّ فُلانُ بْنُ فُلانٍ الَّذِي وَقَعَ عَلَيْهِ حُكْمِي فِي هَذَا الْكِتَابِ: أَنَّ هَذِهِ الضَّيْعَةَ أَوِ الْمَالَ الَّذِي حَكَمْتُ عَلَيْهِ فِيهِ، لَيْسَتْ لَهُ، وَإِنَّمَا هِيَ لِمَنْصُورِ بْنِ الْمَهْدِيِّ. وَمَنْصُورٌ بَاقٍ عَلَى حُجَّتِهِ فِيهَا مَتَى قَامَ. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 25 قَالَ: فَخَرَجُوا إِلَى مَكَّةَ، فَلَمْ يَزَالُوا يَعْمَلُونَ حَتَّى رُفِعْتُ إِلَى الْعِرَاقِ، فَقِيلَ لِي: الْزَمِ الْبَابَ، فَنَظَرْتُ فَإِذَا أَنَا لا بُدَّ لِي مِنَ الاخْتِلافِ إِلَى بَعْضِ أُولَئِكَ. وَكَانَ مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ، جَيِّدَ الْمَنْزِلَةِ، فَاخْتَلَفْتُ إِلَيْهِ، وَقُلْتُ: هَذَا أَشْبَهُ لِي مِنْ طَرِيقِ الْعِلْمِ، فَلَزِمْتُهُ، وَكَتَبْتُ كُتُبَهُ، وَعَرَفْتُ قَوْلَهُمْ، وَكَانَ إِذَا قَامَ نَاظَرْتُ أَصْحَابَهُ أَخْبَرَنَا أَبُو الْحَسَنِ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ، عَنِ الرَّبِيعِ بْنِ سُلَيْمَانَ، قَالَ: سَمِعْتُ الشَّافِعِيَّ، يَقْولُ: حَمَلْتُ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ، حَمْلَ بُخْتِيٍّ لَيْسَ عَلَيْهِ إِلا سَمَاعِي " الجزء: 1 ¦ الصفحة: 26 أَخْبَرَنَا أَبُو الْحَسَنِ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ، ثنا أَبِي، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ أَبِي سُرَيْجٍ، قَالَ: سَمِعْتُ الشَّافِعِيَّ، يَقْولُ: أَنْفَقْتُ عَلَى كُتُبِ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ سِتِّينَ دِينَارًا، ثُمَّ تَدَبَّرْتُهَا، فَوَضَعْتُ إِلَى جَنْبِ كُلِّ مَسْأَلَةٍ حَدِيثًا، يَعْنِي: رَدًّا عَلَيْهِ أَخْبَرَنَا أَبُو الْحَسَنِ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ النَّيْسَابُورِيُّ، عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ إِدْرِيسَ وَرَّاقِ الْحُمَيْدِيِّ، قَالَ: سَمِعْتُ الْحُمَيْدِيَّ، يَقْولُ: قَالَ الشَّافِعِيُّ: خَرَجْتُ إِلَى الْيَمَنِ فِي طَلَبِ كُتُبِ الْفِرَاسَةِ، حَتَّى كَتَبْتُهَا وَجَمَعْتُهَا أَخْبَرَنَا أَبُو الْحَسَنِ، أَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ، حَدَّثَنَا أَبِي، قَالَ: حَدَّثَنَا هَارُونُ بْنُ سَعِيدٍ الأَيْلِيُّ، قَالَ: قَالَ لَنَا الشَّافِعِيُّ: أَخَذْتُ اللِّبَانَ سَنَةً لِلْحِفْظِ، فَأَعْقَبَنِي صَبَّ الدَّمِ سَنَةً الجزء: 1 ¦ الصفحة: 27 أَخْبَرَنَا أَبُو الْحَسَنِ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ، أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ سِنَانٍ الْوَاسِطِيُّ، قَالَ: كَتَبَ الشَّافِعِيُّ حَدِيثَ ابْنِ عَجْلانَ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ يَحْيَى بْنِ خَلادِ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَمِّهِ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " أَنَّهُ رَأَى رَجُلا صَلَّى فِي نَاحِيَةِ الْمَسْجِدِ، فَقَالَ: ارْجِعْ فَصَلِّ، فَإِنَّكَ لَمْ تُصَلِّ ". فَكَتَبَ الشَّافِعِيُّ هَذَا الْحَدِيثَ، عَنْ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 28 حُسَيْنٍ الأَلْثَغِ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ الْقَطَّانِ، قَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ: يَعْنِي لِحِرْصِ الشَّافِعِيِّ عَلَى طَلَبِ الصَّحِيحِ مِنَ الْعِلْمِ، كَتَبَ عَنْ رَجُلٍ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ الْقَطَّانِ الْحَدِيثَ الَّذِي احْتَاجَ إِلَيْهِ، وَلَمْ يَأْنَفْ مِنْ كِتَابَتِهِ عَمَّنْ هُوَ فِي سِنِّهِ، أَوْ أَصْغَرَ مِنْهُ، وَلَعَلَّ يَحْيَى بْنَ سَعِيدٍ الْقَطَّانَ كَانَ حَيًّا فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ، فَلَمْ يُبَالِ بِذَلِكَ أَخْبَرَنَا أَبُو الْحَسَنِ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ، قَالَ: قَالَ الرَّبِيعُ بْنُ سُلَيْمَانَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِدْرِيسَ بْنِ الْعَبَّاسِ بْنِ عُثْمَانَ بْنِ شَافِعِ بْنِ السَّائِبِ بْنِ عُبَيْدِ بْنِ عَبْدِ يَزِيدَ بْنِ هَاشِمِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ بْنِ عَبْدِ مَنَافٍ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 29 بَابُ مَا ذُكِرَ مِنْ عِلْمِ الشَّافِعِيِّ وَفِقْهِهِ وفَضْلِهِ رَحِمَهُ اللَّهُ أَخْبَرَنَا أَبُو الْحَسَنِ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ، حَدَّثَنَا الرَّبِيعُ بْنُ سُلَيْمَانَ الْمُرَادِيُّ، قَالَ: سَمِعْتُ الْحُمَيْدِيَّ، يَقْولُ: سَمِعْتُ الزِّنْجِيَّ بْنَ خَالِدٍ يَعْنِي: مُسْلِمَ بْنَ خَالِدٍ الزِّنْجِيَّ، يَقُولُ لِلشَّافِعِيِّ: أَفْتِ يَا أَبَا عَبْدِ اللَّهِ فَقَدْ وَاللَّهِ آنَ لَكَ أَنْ تُفْتِيَ، وَهُوَ ابْنُ خَمْسَ عَشْرَةَ سَنَةً أَخْبَرَنَا أَبُو الْحَسَنِ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ، قَالَ: أَخْبَرَنِي أَبُو مُحَمَّدٍ ابْنُ ابْنَةِ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 30 الشَّافِعِيِّ فِيمَا كَتَبَ إِلَيَّ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا الْوَلِيدِ يَعْنِي الْجَارُودِيَّ، أَوْ عَمِّي، أَوْ أَبِي، أَوْ كُلَّهُمْ، عَنْ مُسْلِمِ بْنِ خَالِدٍ، أَنَّهُ قَالَ لِمُحَمَّدِ بْنِ إِدْرِيسَ الشَّافِعِيِّ، وَهُوَ ابْنُ ثَمَانِ عَشْرَةَ سَنَةً: أَفْتِ يَا أَبَا عَبْدِ اللَّهِ، فَقَدْ آنَ لَكَ أَنْ تُفْتِيَ قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ: فِي كِتَابِي عَنِ الرَّبِيعُ بْنِ سُلَيْمَانَ، قَالَ: سَمِعْتُ أيُّوبَ بْنَ سُوَيْدٍ الرَّمْلِيَّ لَمَّا رَأَى الشَّافِعِيَّ، قَالَ: مَا ظَنَنْتُ أَنِّي أَعِيشُ حَتَّى أَرَى مِثْلَ هَذَا الرَّجُلِ قَطُّ أَخْبَرَنَا أَبُو الْحَسَنِ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ، حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ الصَّبَّاحِ، قَالَ: أُخْبِرْتُ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ الْقَطَّانِ، أَنَّهُ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 31 قَالَ: إِنِّي لأَدْعُو اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ لِلشَّافِعِيِّ فِي كُلِّ صَلاةٍ، أَوْ فِي كُلِّ يَوْمٍ، يَعْنِي: لِمَا فَتَحَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ عَلَيْهِ مِنَ الْعِلْمِ، وَوَفَّقَهُ لِلسَّدَادِ فِيهِ أَخْبَرَنَا أَبُو الْحَسَنِ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ، أَخْبَرَنَا أَبْوُ بَكرِ بْنُ إِدْرِيسَ وَرَّاقُ الْحُمَيْدِيِّ، قَالَ الْحُمَيْدِيُّ: كُنَّا نُرِيدُ أَنْ نَرُدَّ عَلَى أَصْحَابِ الرَّأْيِ، فَلَمْ نُحْسِنْ كَيْفَ نَرُدُّ عَلَيْهِمْ، حَتَّى جَاءَنَا الشَّافِعِيُّ، فَفَتَحَ لَنَا أَخْبَرَنَا أَبُو الْحَسَنِ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ، قَالَ: سَمِعْتُ مِنْ أَبِي إِسْمَاعِيلَ التِّزْمِذِيِّ بِمَكَّةَ أَحَادِيثَ، عَنْ أَيُّوبَ بْنِ سُلَيْمَانَ بْنِ بِلالٍ سَنَةَ سِتِّينَ ومِائتَيْنِ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 32 وَقَالَ أَبُو إِسْمَاعِيلَ التِّرْمِذِيُّ: سَمِعَتُ إِسْحَاقَ بْنَ رَاهَوَيْهِ، يَقْولُ: كُنَّا بِمَكَّةَ وَالشَّافِعِيُّ بِهَا، وَأَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ بِهَا، فَقَالَ لِي َأَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ: يَا أَبَا يَعْقُوبُ، جَالِسْ هَذَا الرَّجُلَ يَعْنِي: الشَّافِعِيَّ، قُلْتُ: مَا أَصْنَعُ بِهِ، وَسِنُّهُ قَرِيبٌ مِنْ سِنَّنَا؟ أَتْرُكُ ابْنَ عُيَيْنَةَ وَالْمَقْبُرِيَّ؟ ! فَقَالَ: وَيْحَكَ! إِنَّ ذَاكَ يَفُوتُ، وَذَا لا يَفُوتُ، فَجَالَسْتُهُ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 33 أَخْبَرَنَا أَبُو الْحَسَنِ، أَخْبَرَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ الرَّحْمَنِ، حَدَّثَنِي أَبُو بِشْرِ بْنُ َأَحْمَدَ بْنِ حَمَّادٍ فِي طَرِيقِ مِصْرَ، حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ إِدْرِيسَ، قَالَ: سَمِعْتُ الْحُمَيْدِيَّ، يَقْولُ: كَانَ َأَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ قَدْ أَقَامَ عِنْدَنَا بِمَكَّةَ، عَلَى سُفْيَانَ بْنِ عُيَيْنَةَ، فَقَالَ لِي ذَاتَ يَوْمٍ، أَوْ ذَاتَ لَيْلَةٍ: هَاهُنَا رَجُلٌ مِنْ قُرَيْشٍ، لَهُ بَيَانٌ وَمَعْرِفَةٌ، فَقُلْتُ لَهُ: فَمَنْ هُوَ؟ قَالَ: مُحَمَّدُ بْنُ إِدْرِيسَ الشَّافِعِيُّ، وَكَانَ َأَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ قَدْ جَالَسَهُ بِالْعِرَاقِ، فَلَمْ يَزَلْ بِي حَتَّى اجْتَرَّنِي إِلَيْهِ. وَكَانَ الشَّافِعِيُّ قُبَالَةَ الْمِيزَابِ، فَجَلَسْنَا إِلَيْهِ، وَدَارَتْ مَسَائِلُ، فَلَمَّا قُمْنَا، قَالَ لِي أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ: كَيْفَ رَأَيْتَ؟ فَجَعَلْتُ أَتَتَبَّعُ مَا كَانَ أَخْطَأَ فِيهِ، وَكَانَ ذَلِكَ مِنِّي بِالْقُرَشِيَّةِ يَعْنِي: مِنَ الْحَسَدِ، فَقَالَ لِي أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ: فَأَنْتَ لا تَرْضَى أَنْ يَكُونَ رَجُلٌ مِنْ قُرَيْشٍ يَكُونُ لَهُ هَذِهِ الْمَعْرِفَةُ، وَهَذَا الْبَيَانُ! ! أَوْ: نَحْوُ هَذَا مِنَ الْقَوْلِ، تَمُرُّ مِائَةُ مَسْأَلَةٍ يُخْطِئُ خَمْسًا أَوْ عَشْرًا، اتْرُكُ مَا أَخْطَأَ، وَخُذْ مَا أَصَابَ. قَالَ: وَكَانَ كَلامُهُ وَقَعَ فِي قَلْبِي، فَجَالَسْتُهُ فَغَلَبْتُهُمْ عَلَيْهِ، فَلَمْ نَزَلْ نُقَدِّمُ مَجْلِسَ الشَّافِعِيِّ، حَتَّى كَانَ بِقُرْبِ مَجْلِسِ سُفْيَانَ. قَالَ: وَخَرَجْتُ مَعَ الشَّافِعِيِّ إِلَى مِصْرَ، وَكَانَ هُوَ سَاكِنًا فِي الْعُلُوِّ، وَنَحْنُ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 34 فِي الأَوْسَاطِ، فرُبَّما خَرَجْتُ فِي بَعْضِ اللَّيْلِ، فَأَرَى الْمِصْبَاحَ، فَأُصِيحُ بِالْغُلامِ، فَيَسْمَعُ صَوْتِي، فَيَقُولُ: بِحَقِّي عَلَيْهِ، ارْقَ، فَأَرْقَى، فَإِذَا قِرْطَاسٌ وَدَوَاةٌ، فَأَقُولُ: مَهْ، يَا أَبَا عَبْدِ اللَّهِ، فَيَقُولُ: تَفكَّرْتُ فِي مَعْنَى حَدِيثِ أَوْ فِي مَسْأَلَةٍ، فَخِفْتُ أَنْ يَذْهَبَ عَلَيَّ، فَأَمَرْتُ بِالْمِصْبَاحِ وَكَتَبْتُهُ أَخْبَرَنَا أَبُو الْحَسَنِ، أَخْبَرَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ الرَّحْمَنِ، قَالَ: أَخْبَرَنِي أَبُو عُثْمَانَ الْخُوَارِزْمِيُّ نَزِيلُ مَكَّةَ فِيمَا كَتَبَ إِلَيَّ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الدَّيْنَوَرِيُّ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ، قَالَ: أَخْبَرَنَا الشَّافِعِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنِي عَمِّي مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ، قَالَ: " إِنِّي لَحَاضِرٌ مَجْلِسَ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ أَبِي جَعْفَرٍ الْمَنْصُورِ، وَفِيهِ ابْنُ أَبِي ذِئْبٍ، وَالْحَسَنُ بْنُ زَيْدٍ وَالِي الْمَدِينَةِ، فَأَتَى الجزء: 1 ¦ الصفحة: 35 الْغِفَارِيُّونَ، فَشَكَوْا إِلَيْهِ شَيْئًا مِنْ أَمْرِ الْحَسَنِ، فَقَالَ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، سَلْ فِيهِمُ ابْنَ أَبِي ذِئْبٍ، فَسَأَلَهُ، فَقَالَ: أَشْهَدُ أَنَّهُمْ أَهْلُ تَحَكُّمٍ فِي أَعْرَاضِ الْمُسْلِمِينَ، كَثِيرُو الأَذَى لَهُمْ. فَقَالَ أَبُو جَعْفَرٍ: قَدْ سَمِعْتُمْ، فَقَالُوا: سَلْهُ عَنِ الْحَسَنِ، فَقَالَ: مَا تَقُولُ فِيهِ؟ فَقَالَ: أَشْهَدُ أَنَّهُ يَحْكُمُ بِغَيْرِ الْحَقِّ، وَيَتَّبِعُ هَوَاهُ. قَالَ مُحَمَّدٌ: فَجَمَعْتُ ثِيَابِي وَالسَّيَّافُ قَائِمٌ عَلَى رَأْسِ أَبِي جَعْفَرٍ؛ مَخَافَةَ أَنْ يَأْمُرَ بِهِ فَيُقْتَلَ، فَيُصِيبَ دَمُهُ ثَوْبِي، فَقَالَ أَبُو جَعْفَرٍ: قَدْ سَمِعْتَ يَا حَسَنُ مَا قَالَهُ، فَقَالَ: سَلْهُ عَنْ نَفْسِكَ. فَقَالَ أَبُو جَعْفَرٍ لابْنِ أَبِي ذِئْبٍ: فَمَا تَقُولُ فِيَّ؟ قَالَ: أَوَ يُعْفِينِي أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ؟ فَقَالَ: وَاللَّهِ لَتُخْبِرَنِّي، فَأَلْيَنَهُ وَوَهَّنَهُ، فَقَالَ: أَشْهَدُ أَنَّكَ أَخَذْتَ هَذَا الْمَالَ مِنْ غَيْرِ حَقِّهِ، وَجَعَلْتَهُ فِي غَيْرِ أَهْلِهِ، فَجَاءَ أَبُو جَعْفَرٍ مِنْ مَوْضِعِهِ، حَتَّى وَضَعَ يَدَهُ فِي قَفَاهُ، قَالَ مُحَمَّدٌ: فَجَمَعْتُ ثِيَابِي؛ مَخَافَةَ أَنْ يَأْمُرَ بِهِ، فَيُصِيبَ دَمُهُ ثَوْبِي، ثُمَّ قَالَ: أَمَا وَاللَّهِ، لَوْلا أَنَا لأَخَذَتْ أَبْنَاءُ فَارِسَ وَالرُّومِ وَالتُّرْكِ وَالدَّيْلَمِ، بِهَذَا الْمَكَانِ مِنْكَ، فَقَالَ: قَدْ وَلِيَ أَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ، فَأَخَذَا بِالْحَقِّ، وَقَسَّمَا بِالسَّوِيَّةِ، وَأَخَذَا بِأَقْفَاءِ فَارِسَ وَالرُّومِ، وَأَصْغَرَا آنَافَهُمُ، فَخَلَّى أَبُو جَعْفَرٍ قَفَاهُ، وَأَطْلَقَ سَبِيلَهُ، وَقَالَ: وَاللَّهِ، لَوْلا أَنِّي أَعْلَمُ أَنَّكَ صَادِقٌ، لَقَتَلْتُكَ، فَقَالَ ابْنُ أَبِي ذِئْبٍ لأَبِي الجزء: 1 ¦ الصفحة: 36 جَعْفَرٍ: أَنَا وَاللَّهِ أَنْصَحُ لَكَ مِنَ الْمَهْدِيِّ، يَعْنِي ابْنَهُ أَخْبَرَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ، قَالَ: حَدَّثَني أَبِي، ثنا حَرْمَلَةُ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِدْرِيسَ الشَّافِعِيِّ، قَالَ: «كَانَ مُحَمَّدُ بْنُ عَجْلانَ يَأْمُرُ بِالْمَعْرُوفِ، وَيَنْهَى عَنِ الْمُنْكَرِ» . قَالَ: فَخَطَبَ وَالِي الْمَدِينَةِ يَوْمًا، فَأَطَالَ الْخُطْبَةَ، فَلَمَّا نَزَلَ وَصَلَّى صَاحَ بِهِ ابْنُ عَجْلانَ، فَقَالَ: يَا هَذَا، اتَّقِ اللَّهَ، تُطِيلُ بَيَانَكَ وَكَلامَكَ، عَلَى مِنْبَرِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟ ! فَأَمَرَ بِهِ، فَحُبِسَ، فَأُخْبِرَ ابْنُ أَبِي ذِئْبٍ، فَدَخَلَ عَلَى الْوَالِي، وَقَالَ: حبَسْتَ ابْنَ عَجْلانَ؟ ! فَقَالَ: مَا يَكْفِيهِ أَنَّهُ يَأْمُرُنَا فِيمَا بَيْنَنَا وَبَيْنَهُ، فَنَصِيرَ إِلَى مَا يَأْمُرُنَا، حَتَّى يَصِيحَ بِنَا عَلَى رُؤوسِ النَّاسِ فنُسْتَضْعَفَ؟ ! فَقَالَ ابْنُ أَبِي ذِئْبٍ: ابْنُ عَجْلانَ أَحْمَقُ، أَحْمَقُ، هُوَ يَرَاكَ تَأْكُلُ الْحَرَامَ، وَتَلْبِسُ الْحَرَامَ، فَيَتْرُكُ الإِنْكَارَ عَلَيْكَ، وَيَقُولُ: لا تُطِلْ بَيَانَكَ وَكَلامَكَ عَلَى مِنْبَرِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ الْوَالِي: أَخْرِجُوا ابْنَ عَجْلانَ، مَا عَلَيْهِ مِنْ سَبِيلٍ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 37 أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ، قَالَ: قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ: سَمِعْتُ الشَّافِعِيَّ، يَقُولُ: «تَحْمِلُ الْمَرْأَةُ بِالْيَمَنِ لِبِنْتِ تِسْعٍ، أَوْ عَشْرٍ» ، شَكَّ ابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ. أَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ الرَّحْمَنِ، قَالَ: أَخْبَرَنِي يُونُسُ بْنُ عَبْدِ الأَعْلَى، قَالَ: سَمِعْتُ الشَّافِعِيَّ، يَقُولُ: " اصْطَنَعَ رَجُلٌ إِلَى رَجُلٍ مِنَ الْعَرَبِ صَنيِعَةً فَوَقَعَتْ مِنْهُ، فَقَالَ: آجَرَكَ اللَّهُ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَبْتَلِيَكَ "، وَقَالَ لِيَ الشَّافِعِيُّ: «هُوَ مِنْ أَحَدِّ النَّاسِ عُقُولا» أَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ، قَالَ: وَثنا أَبِي، ثنا ابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ، أَنَا الشَّافِعِيُّ: أَنَّهُ رَجُلٌ قَدْ سَمَّاهُ فَأُنْسِيتُهُ، قَالَ: أَخْبَرَتْنِي مَنْ كَانَتْ تَحْتَ مِنْبَرِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَأَبُو حَمْزَةَ الشَّارِيُّ عَلَيْهِ، أَنَّهُ قَالَ: مَرْوَانُ بْنُ مُحَمَّدٍ: «اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ وَلِيُّنَا عَلَيْهِ» ، ثُمَّ قَالَ: " أَمَّا بَعْدُ أَيُّهَا النَّاسُ، فَإِنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى يَقُولُ فِي كِتَابِهِ: {إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِي الرِّقَابِ وَالْغَارِمِينَ وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 38 وَابْنِ السَّبِيلِ} [التوبة: 60] ، وَاللَّهِ مَا وَكَلَ اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى قَسْمَهَا إِلَى مَلَكٍ مُقَرَّبٍ، وَلا نَبِيٍّ مُرْسَلٍ، حَتَّى تَوَلَّى قِسْمَتَهَا مِنْ عِنْدِهِ وَأَنْزَلَهَا عَلَى لِسَانِ نَبِيِّهِ. وَاللَّهِ مَا رَضِيَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ بِذَلِكَ حَتَّى أَكَّدَهَا، فَقَالَ: {فَرِيضَةً مِنَ اللَّهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ} [التوبة: 60] . فَحَاسَبَهُمْ عَامِلٌ تَاسِعٌ لَيْسَ لَهُ فِيهَا حَقٌّ، فَأَخَذَهَا كُلَّهَا، فَقُمْنَا نُقَاتِلُهُ عَلَيْهَا، فَقُمْتُمْ تُقَاتِلُونَا دُونَهُ، فَحَقٌّ هَذَا أَيُّهَا النَّاسُ؟ الْحَقُّ حَقٌّ وَإِنْ قَلَّ أَهْلُهُ، وَالْبَاطِلُ بَاطِلٌ وَإِنْ كَثُرَ أَهْلُهُ أَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ الرَّحْمَنِ، قَالَ: حَدَّثَنِي أَبِي، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو الطَّاهِرِ أَحْمَدُ بْنُ عَمْرِو بْنِ السَّرْحِ، قَالَ: حَدَّثَنَا الشَّافِعِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ يَعْنِي عَمَّهُ، قَالَ: سَمِعْتُ مُحَمَّدَ بْنَ عَلِيِّ بْنِ حُسَيْنٍ رَحِمَهُ اللَّهُ، قَالَ: " لَمَّا كَانَ يَوْمُ بَدْرٍ، فَدَعَى عُتْبَةَ بْنَ رَبِيعَةَ إِلَى الْبِرَازِ، قَامَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ إِلَى الجزء: 1 ¦ الصفحة: 39 الْوَلِيدِ بْنِ عُتْبَةَ، وَكَانَا مُشْبِهَيْنِ حَدَثَيْنِ، وَمَالَ بِيَدِهِ، فَجَعَلَ بَاطِنَهَا إِلَى الأَرْضِ فَقَتَلَهُ، ثُمَّ قَامَ شَيْبةُ بْنُ رَبِيعَةَ، فَقَامَ إِلَيْهِ حَمْزَةُ، وَكَانَا وَأَشَارَ بِيَدِهِ فَوْقَ ذَلِكَ فَقَتَلَهُ، ثُمَّ قَامَ عُتْبَةُ بْنُ رَبِيعَةَ، فَقَامَ إِلَيْهِ عُبَيْدةُ بْنُ الْحَارِثِ، وَكَانَا مِثْلَ هَاتَيْنِ الأُسْطُوَانَتَيْنِ، فَاخْتَلَفَا، فَضَرَبَهُ عُبَيْدةُ ضَرْبَةً أَرْخَتْ عَاتِقَهُ الأَيْسَرَ، وَأَسَفَّ عُتْبَةُ لِرِجْلَيْ عُبَيْدَةَ، فَضَرَبَهُمَا بِالسَّيْفِ فَقَطَعَ سَاقَهُ، وَرَجَعَ حَمْزَةُ وَعَلِيٌّ عَلَى عُتْبَةَ، فَأَجْهَزَا عَلَيْهِ، وَحَمَلا عُبَيْدَةُ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْعَرِيشِ، فَأَدْخَلاهُ عَلَيْهِ، فَأَضْجَعَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَوَسَّدَهُ رِجْلَهُ، وَجَعَلَ يَمْسَحُ الْغُبَارَ عَنْ وَجْهِهِ. فَقَالَ عُبَيْدَةُ: أَمَا وَاللَّهِ يَا رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، لَوْ رَآنِي أَبُو طَالِبٍ لَعَلِمَ أَنِّي أَحَقُّ بِقَوْلِهِ مِنْهُ، حِينَ يَقُولُ: الجزء: 1 ¦ الصفحة: 40 كَذَبْتُمْ وَبَيْتِ اللَّهِ نُبْزَى مُحَمَّدًا ... وَلَمَّا نُقَاتِلْ دُونَهُ ونُنَاضِلِ ونُسْلِمُهُ حتَّى نُصَرَّعَ حَوْلَهُ ... وَنُذْهَلَ عَنْ أَبْنَائِنَا وَالْحَلائِلِ أَلَسْتُ شَهِيدًا؟ ، قَالَ: بَلَى، وَأَنَا الشَّهِيدُ عَلَيْكَ، ثُمَّ مَاتَ، فَدَفَنَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالصَّفْرَاءِ، وَنَزَلَ فِي قَبْرِهِ، وَمَا نَزَلَ فِي قَبْرِ أَحَدٍ غَيْرِهِ " أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ، قَالَ: أَخْبَرَنِي أَبِي، قَالَ: سَمِعْتُ يُونُسَ بْنَ عَبْدِ الأَعْلَى قَالَ: سَمِعْتُ الشَّافِعِيَّ، يَقُولُ: " مَرَّ رَجُلٌ مِنَ التُّجَّارِ بِالزُّهْرِيِّ وَهُوَ قَرِيبُهُ، وَالرَّجُلُ يُرِيدُ الْحَجَّ، فَابْتَاعَ مِنْ بَزِّهِ بِأَرْبَعِ مِائَةِ دِينَارٍ، إِلَى أَنْ يَرْجِعَ مِنْ حِجِّهِ، قَالَ: فَلَمْ يَبْرَحْ عَنْهُ الرَّجُلُ حَتَّى فَرَّقَهُ، فَعَرَفَ الزُّهْرِيُّ فِي وَجْهِ الرَّجُلِ بَعْضَ مَا كَرِهَ ". فَلَمَّا رَجَعَ مِنْ حِجِّهِ مَرَّ بِهِ، فَقَضَاهُ ذَلِكَ، وَأمَرَ لَهُ بِثَلاثِينَ دِينَارًا يُنْفِقُهَا فِي سَفَرِهِ، فَقَالَ لَهُ الزُّهْرِيُّ: كَأَنِّي رَأَيْتُكَ يَوْمَئِذٍ، سَاءَ ظَنُّكَ؟ فَقَالَ: أَجَلْ، فَقَالَ الزُّهْرِيُّ: وَاللَّهِ لَمْ أَفْعَلْ ذَلِكَ إِلا لِلتِّجَارَةِ، أُعْطِي الْقَلِيلَ، فَأُعْطَى الْكَثِيرَ " الجزء: 1 ¦ الصفحة: 41 قَوْلُ الشَّافِعِيِّ فِي الطَّلَبِ أَخْبَرَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي حَاتِمٍ، حَدَّثَنَا أَبِي، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى بْنِ حَسَّانٍ، قَالَ: سَمِعْتُ أَحْمَدَ بْنَ حَنْبَلٍ، قَالَ: «كَانَتْ أَقْفِيَتُنَا أَصْحَابَ الْحَدِيثِ، فِي أَيْدِي أَصْحَابِ أَبِي حَنِيفَةَ مَا تُنْزَعُ، حَتَّى رَأَيْنَا الشَّافِعِيَّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، وَكَانَ أَفْقَهَ النَّاسِ فِي كِتَابِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ، وَفِي سُنَّةِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، مَا كَانَ يَكْفِيهِ قَلِيلُ الطَّلَبِ فِي الْحَدِيثِ» الجزء: 1 ¦ الصفحة: 42 أَخْبَرَنَا أَبُو الْحَسَنِ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ، قَالَ: وَسَمِعْتُ دُبَيْسًا، قَالَ: " كُنْتُ مَعَ َأَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ فِي الْمَسْجِدِ الْجَامِعِ، فَمَرَّ حُسَيْنٌ يَعْنِي الْكَرَابِيسِيَّ، فَقَالَ: هَذَا يَعْنِي الشَّافِعِيَّ رَحْمَةٌ مِنَ اللَّهِ لأُمَّةِ مُحَمَّدٍ ". ثُمَّ جِئْتُ إِلَى حُسَيْنٍ، فَقُلْتُ: مَا تَقُولُ فِي الشَّافِعِيِّ؟ فَقَالَ: مَا أَقُولُ فِي رَجُلٍ ابْتَدَأَ فِي أَفْوَاهِ النَّاسِ الْكِتَابَ، وَالسُّنَّةَ، وَالاتِّفَاقَ؟ ! ! مَا كُنَّا نَدْرِي مَا الْكِتَابُ وَالسُّنَّةُ، نَحْنُ وَلا الأَوَّلُونَ، حَتَّى سَمِعْنَا مِنَ الشَّافِعِيِّ الْكِتَابَ، وَالسُّنَّةَ وَالإِجْمَاعَ " الجزء: 1 ¦ الصفحة: 43 أَخْبَرَنَا أَبُو الْحَسَنِ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ، قَالَ: وَسَمِعْتُ مُحَمَّدَ بْنَ الْفَضْلِ الْبَزَّارَ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبِي، يَقُولُ: " حَجَجْتُ مَعَ َأَحْمَدَ بْنَ حَنْبَلٍ، وَنَزَلْتُ فِي مَكَانٍ وَاحِدٍ مَعَهُ، أَوْ فِي دَارٍ يَعْنِي بِمَكَّةَ، وَخَرَجَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ يَعْنِي َأَحْمَدَ بْنَ حَنْبَلٍ بَاكِرًا، وَخَرَجْتُ أَنَا بَعْدَهُ، فَلَمَّا صَلَّيْتُ الصُّبْحَ دُرْتُ الْمَسْجِدَ، فَجِئْتُ إِلَى مَجْلِسِ سُفْيَانَ بْنِ عُيَيْنَةَ، وَكُنْتُ أَدُورُ مَجْلِسًا مَجْلِسًا؛ طَلَبًا لأَبِي عَبْدِ اللَّهِ يَعْنِي َأَحْمَدَ بْنَ حَنْبَلٍ، حَتَّى وَجَدْتُ َأَحْمَدَ بْنَ حَنْبَلٍ، عِنْدَ شَابٍّ أَعْرَابِيٍّ، وَعَلَيْهِ ثِيَابٌ مَصْبُوغَةٌ، وَعَلَى رَأْسِهِ جُمَّةٌ، فَزَاحَمْتُهُ حَتَّى قَعَدْتُ عِنْدَ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ، فَقُلْتُ: يَا أَبَا عَبْدِ اللَّهِ، تَرَكْتَ ابْنَ عُيَيْنَةَ عِنْدَهُ، وَعِنْدَهُ مِنَ الزُّهْرِيِّ، وَعَمْرِو بْنِ دِينَارٍ، وَزِيَادِ بْنِ عِلاقَةَ، وَالتَّابِعِينَ مَا اللَّهُ بِهِ عَلِيمٌ؟ ! ! فَقَالَ لِي: اسْكُتْ، فَإِنْ فَاتَكَ حَدِيثٌ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 44 بِعُلُوٍّ تَجِدُهُ بِنُزُولٍ، لا يَضُرُّكَ فِي دِينِكَ، وَلا فِي عَقْلِكَ أَوْ فِي فَهْمِكَ، وَإِنْ فَاتَكَ أَمْرُ هَذَا الْفَتَى، أَخَافُ أَنْ لا تَجِدَهُ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ، مَا رَأَيْتُ أَحَدًا أَفْقَهَ فِي كِتَابِ اللَّهِ، مِنْ هَذَا الْفَتَى الْقُرَشِيِّ. قُلْتُ: مَنْ هَذَا؟ قَالَ: مُحَمَّدُ بْنُ إِدْرِيسَ الشَّافِعِيُّ " أَخْبَرَنَا أَبُو الْحَسَنِ، حَدَّثَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي حَاتِمٍ، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ وَارَةَ الرَّازِيُّ، قَالَ: " سَأَلْتُ أَحْمَدَ بْنَ حَنْبَلٍ، قُلْتُ: مَا تَرَى لِي مِنَ الْكُتُبِ أَنْ أَنْظُرَ فِيهِ، لِيَفْتَحَ لِيَ الآثَارَ، رَأْيَ مَالِكٍ، أَوِ الثَّوْرِيِّ، أَوِ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 45 الأَوْزَاعِيِّ؟ فَقَالَ لِي قَوْلا أُجِلُّهُمْ أَنْ أَذْكُرَهُ لَكَ. وَقَالَ: عَلَيْكَ بِالشَّافِعِيِّ؛ فَإِنَّهُ أَكْثَرُهُمْ صَوَابًا، أَوْ أَتْبَعُهُمْ لِلآثَارِ - الشَّكُّ منِّي - ". قُلْتُ لأَحْمَدَ: فَمَا تَرَى فِي كُتُبِ الشَّافِعِيِّ الَّتِي عِنْدَ الْعِرَاقِيِّينَ، أَحَبُّ إِلَيْكَ؟ أَوِ الَّتِي بِمِصْرَ؟ قَالَ: عَلَيْكَ بِالْكُتُبِ الَّتِي وَضَعَهَا بِمِصْرَ، فَإِنَّهُ وَضَعَ هَذِهِ الْكُتُبِ بِالْعِرَاقِ، وَلَمْ يُحْكِمْهَا، ثُمَّ رَجَعَ إِلَى مِصْرَ، فَأَحْكَمَ تِلْكَ. فَلَمَّا سَمِعْتُ ذَلِكَ مِنْ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ، وَكُنْتُ قَبْلَ ذَلِكَ قَدْ عَزَمْتُ عَلَى الْخُرُوجِ إِلَي الْبَلَدِ، وَتَحَدَّثَ بِذَلِكَ لِلنَّاسِ، تَرَكْتُ ذَلِكَ، وَعَزَمْتُ عَلَى الرُّجُوعِ إِلَي مِصْرَ أَخْبَرَنَا أَبُو الْحَسَنِ، أَخْبَرَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ الرَّحْمَنِ، ثنا أَبِي، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ عَبْدِ الْحَمِيدِ بْنِ مَيْمُونِ بْنِ مِهْرَانَ، قَالَ: قَالَ لِي أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ: «مَا لَكَ لا تَنْظُرُ فِي كُتُبِ الشَّافِعِيِّ؟ فَمَا مِنْ أَحَدٍ وَضَعَ الْكُتُبَ مُنْذُ ظَهَرَتْ، أتْبَعَ لِلسُّنَّةِ مِنَ الشَّافِعِيِّ» الجزء: 1 ¦ الصفحة: 46 أَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ، قَالَ: وَذَكَرَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي عُمَرَ الْبَلَوِيُّ، قَالَ: سَمِعْتُ عَبْدَ الْمَلِكِ الْمَيْمُونِيَّ، قَالَ: قَالَ لِي أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ: " لَمْ أَنْظُرْ فِي كِتَابِ أَحَدٍ مِمَّنْ وَضَعَ كُتُبَ الْفِقْهِ غَيْرَ الشَّافِعِيِّ، وَإِنَّهُ قَالَ لِي: لِمَ لا تَنْظُرُ فِيهَا؟ وَذَكَرَ لِي كِتَابَ الرِّسَالَةِ، فَقَدَّمَهُ مِنْ كُتُبِهِ، فَقُلْتُ: يَا أَبَا عَبْدِ اللَّهِ، بِمَ ذَاكَ الْكَلامُ بِالاحْتِجَاجِ، وَنَحْنُ مَشَاغِيلُ بِالْحَدِيثِ؟ " أَخْبَرَنَا أَبُو الْحَسَنِ، أَخْبَرَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ الرَّحْمَنِ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عُثْمَانَ النَّحْوِيُّ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا فُدَيْكٍ النَّسَائيَّ، يَقْولُ: سَمِعْتُ إِسْحَاقَ بْنَ رَاهَوَيْهِ، الجزء: 1 ¦ الصفحة: 47 يَقُولُ: «كَتَبْتُ إِلَى أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ، وَسَأَلْتُهُ أَنْ يُوَجِّهَ إِلَيَّ مِنْ كُتُبِ الشَّافِعِيِّ مَا يَدْخُلُ حَاجَتِي، فَوَجَّهَ إِلَيَّ بِكِتَابِ الرِّسَالَةَ» أَخْبَرَنَا أَبُو الْحَسَنِ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ، حَدَّثَنَا أَبُو زُرْعَةَ، قَالَ: «بَلَغَنِي أَنَّ إِسْحَاقَ بْنَ رَاهَوَيْهِ، كُتِبَ لَهُ كُتُبُ الشَّافِعِيِّ، فَتَبَيَّنَ فِي كَلامِهِ أَشْيَاءُ قَدْ أَخَذَهَا عَنِ الشَّافِعِيِّ، وَقَدْ جَعَلَهَا لِنَفْسِهِ» أَخْبَرَنَا أَبُو الْحَسَنِ، أَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ، ثنا أَبُو زُرْعَةَ، قَالَ: «نَظَرَ َأَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ فِي كُتُبِ الشَّافِعِيِّ» أَخْبَرَنَا أَبُو الْحَسَنِ، أَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ، أَخْبَرَنَا َأَحْمَدُ بْنُ سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ النَّيْسابُورِيُّ، قَالَ: «تَزَوَّجَ إِسْحَاقُ بْنُ رَاهَوَيْهِ بِمَرْوَ بِامْرَأَةِ رَجُلٍ كَانَ عِنْدَهُ كُتُبُ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 48 الشَّافِعِيِّ وَتُوُفِّيَ، لَمْ يَتَزَوَّجْ بِهَا إِلا لِحَالِ كُتُبِ الشَّافِعِيِّ، فَوَضَعَ جَامِعَهُ الْكَبِيرَ عَلَى كِتَابِ الشَّافِعِيِّ، وَوَضَعَ جَامِعَهُ الصَّغِيرَ عَلَى جَامِعِ الثَّوْرِيِّ الصَّغِيرِ» . وَقَدِمَ أَبُو إِسْمَاعِيلَ التِّرْمِذِيُّ نَيْسَابُورَ، وَكَانَ عِنْدَهُ كُتُبُ الشَّافِعِيِّ عَنِ الْبُوَيْطِيِّ، فَقَالَ لَهُ إِسْحَاقُ بْنُ رَاهَوَيْهِ: لِيَ إِلَيْكَ حَاجَةٌ أَنْ لا تُحَدِّثَ بِكُتُبِ الشَّافِعِيِّ مَا دُمْتَ بِنَيْسَابُورَ، فَأَجَابَهُ إِلَى ذَلِكَ، فَلَمْ يُحَدِّثْ بِهِ حَتَّى خَرَجَ أَخْبَرَنَا أَبُو الْحَسَنِ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ، قَالَ: أَنَا أَبُو عُثْمَانَ الْخُوَارِزْمِيُّ نَزِيلُ مَكَّةَ فِيمَا كَتَبَ إِلَيَّ، قَالَ: قَالَ أَبُو ثَوْرٍ: «كُنْتُ أَنَا وَإِسْحَاقُ بْنُ رَاهَوَيْهِ، وَحُسَيْنٌ الْكَرَابِيسِيُّ، وَذَكَرَ جَمَاعَةً مِنَ الْعِرَاقِيِّينَ، مَا تَرَكْنا بِدْعَتَنَا، حَتَّى رَأَيْنَا الشَّافِعِيَّ» الجزء: 1 ¦ الصفحة: 49 قَالَ أَبُو عُثْمَانَ: ثنا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْفَسَوِيُّ، عَنْ أَبِي ثَوْرٍ، قَالَ: " لَمَّا وَرَدَ الشَّافِعِيُّ الْعِرَاقَ، جَاءَنِي حُسَيْنٌ الْكَرَابِيسِيُّ، وَكَانَ يَخْتَلِفُ مَعِيَ إِلَى أَصْحَابِ الرَّأْيِ، فَقَالَ: قَدْ وَرَدَ رَجُلٌ مِنْ أَصْحَابِ الْحَدِيثِ يَتَفَقَّهُ، فَقُمْ بِنَا نَسْخَرُ بِهِ، فَقُمْتُ، وَذَهَبْنَا حَتَّى دَخَلْنَا عَلَيْهِ، فَسَأَلَهُ الْحُسَيْنُ عَنْ مَسْأَلَةٍ، فَلَمْ يَزَلِ الشَّافِعِيُّ، يَقُولُ: قَالَ اللَّهُ، وَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، حَتَّى أَظْلَمَ عَلَيْنَا الْبَيْتُ، فَتَرَكْنَا بِدْعَتَنَا، وَاتَّبَعْنَاهُ " أَخْبَرَنَا أَبُو الْحَسَنِ، أَخْبَرَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي حَاتِمٍ، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ بْنِ الْجُنَيْدِ، وَكَانَ مَعَ أَبِي فِي الرِّحْلَةِ، قَالَ: سَمِعْتُ عَمْرَو بْنَ سَوَّادٍ السَّرْحِيَّ، يَقُولُ: قَالَ لِيَ الشَّافِعِيُّ: " مَا لَكَ لا تَكْتُبُ كُتُبِي؟ فَسَكَتُّ، فَقَالَ لَهُ رَجُلٌ: إِنَّهُ يَزْعُمُ أَنَّكَ كَتَبْتَ ثُمَّ غَيَّرْتَ، ثُمَّ كَتَبْتَ ثُمَّ غَيَّرْتَ. فَقَالَ الشَّافِعِيُّ: الآنَ حَمِيَ الْوَطِيسُ ". وَالْوَطِيسُ: التَّنُّورُ. أَخْبَرَنَا أَبُو الْحَسَنِ، أَخْبَرَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ، حَدَّثَنَا الرَّبِيعُ بْنُ سُلَيْمَانَ الْمُرَادِيُّ، قَالَ: سَمِعْتُ الشَّافِعِيَّ وَذَكَرَ حَدِيثًا عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ لَهُ رَجُلٌ: تَأْخُذُ بِهِ يَا أَبَا عَبْدِ اللَّهِ؟ فَقَالَ: سُبْحَانَ اللَّهِ! أَرْوِي عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ شَيْئًا لا آخُذُ بِهِ؟ ! مَتَى عَرَفْتُ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَدِيثًا وَلَمْ آخُذْ بِهِ، فَأَنَا أُشْهِدُكُمْ أَنَّ عَقْلِي قَدْ ذَهَبَ " الجزء: 1 ¦ الصفحة: 50 أَخْبَرَنَا أَبُو الْحَسَنِ، أَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ، قَالَ: وَحدَّثَني أَبِي، عَنِ الرَّبِيعُ بِزِيَادَةٍ لَمْ أَسْمَعْهَا مِنَ الرَّبِيعِ، قَالَ: سَمِعْتُ الشَّافِعِيَّ، يَقُولُ: «مَتَى سَمِعْتَنِي حَدَّثْتُ بِحَدِيثٍ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَحِيحٍ فَلَمْ آخُذْ بِهِ، فَأَنَا أُشْهِدُكُمْ أَنَّ عَقْلِي قَدْ ذَهَبَ» أَخْبَرَنَا أَبُو الْحَسَنِ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ، ثنا أَبِي، قَالَ: سَمِعْتُ حَرْمَلَةَ بْنَ يَحْيَى، يَقُولُ: قَالَ الشَّافِعِيُّ، قَالَ: «كُلُّ مَا قُلْتُ، وَكَانَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خِلافُ قَوْلِي مِمَّا يَصِحُّ، فَحَدِيثُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَوْلَى، وَلا تُقَلِّدُونِي» . أَخْبَرَنَا أَبُو الْحَسَنِ، أنا أَبُو مُحَمَّدٍ، أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ رَوْحٍ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ مُحَمَّدٍ الشَّافِعِيِّ، قَالَ: كُنَّا فِي مَجْلِسِ ابْنِ عُيَيْنَةَ، وَالشَّافِعِيُّ حَاضِرٌ، فَحَدَّثَ ابْنُ عُيَيْنَةَ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ: أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَرَّ بِهِ رَجُلٌ فِي بَعْضِ اللَّيْلِ، الجزء: 1 ¦ الصفحة: 51 وَهُوَ مَعَ امْرَأَتِهِ صَفِيَّةَ، فَقَالَ: تَعَالَ هَذِهِ امْرَأَتِي صَفِيَّةُ، فَقَالَ: سُبْحَانَ اللَّهِ يَا رَسُولَ اللَّهِ! قَالَ: «إِنَّ الشَّيْطَانَ يَجْرِي مِنَ الإِنْسَانِ مَجْرَى الدَّمِ» ، فَقَالَ ابْنُ عُيَيْنَةَ لِلشَّافِعِيِّ: مَا فِقْهُ هَذَا الْحَدِيثِ يَا أَبَا عَبْدِ اللَّهِ؟ قَالَ: إِنْ كَانَ الْقَوْمُ اتَّهَمُوا النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانُوا بِتُهْمَتِهِمْ إِيَّاهُ كُفَّارًا، لَكِنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَدَّبَ مَنْ بَعْدَهَ، فَقَالَ: إِذَا كُنْتُمْ هَكَذَا، فَافْعَلُوا هَكَذَا، حَتَّى لا يُظَنُّ بِكُمْ ظَنُّ السَّوْءِ، لا أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُتَّهَمُ، وَهُوَ أَمِينُ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ فِي أَرْضِهِ. فَقَالَ ابْنُ عُيَيْنَةَ: جَزَاكَ اللَّهُ خَيْرًا، يَا أَبَا عَبْدِ اللَّهِ، مَا يَجِيئُنَا مِنْكَ إِلا كُلُّ مَا نُحِبُّهُ " أَخْبَرَنَا أَبُو الْحَسَنِ، أَخْبَرَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ الرَّحْمَنِ، قَالَ: حَدَّثَنَا بَحْرُ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 52 بْنُ نَصْرٍ الْخَوْلانِيُّ الْمِصْرِيُّ، قَالَ: «قَدِمَ الشَّافِعِيُّ مِنَ الْحِجَازِ، فَبَقِيَ بِمِصْرَ أَرْبَعَ سِنِينَ، وَوَضَعَ هَذِهِ الْكُتُبَ فِي أَرْبَعِ سِنِينَ، ثُمَّ مَاتَ» . وَكَانَ أَقْدَمَ مَعَهُ مِنَ الْحِجَازِ كُتُبَ ابْنِ عُيَيْنَةَ، وَخَرَجَ إِلَى يَحْيَى بْنِ حَسَّانٍ فَكَتَبَ عَنْهُ، وَأَخَذَ كُتُبًا مِنْ أَشْهَبَ بْنِ عَبْدِ الْعِزَيزِ فِيهَا آثَارٌ وَكَلامٌ مِنْ كَلامِ أَشْهَبَ، وَكَانَ يَضَعُ الْكُتُبَ بَيْنَ يَدَيْهِ، وَيُصَنِّفُ الْكُتُبَ، فَإِذَا ارْتَفَعَ لَهُ كِتَابٌ جَاءَهُ صَدِيقٌ لَهُ يُقَالُ لَهُ: ابْنُ هَرِمٍ، فَيَكْتُبُ وَيَقرَأُ عَلَيْهِ الْبُوَيْطِيُّ، وَجَمِيعُ مَنْ يَحْضُرُ يَسْمَعُ، فِي كِتَابِ ابْنِ هَرَمٍ، ثُمَّ يَنْسَخُونَهُ بَعْدُ. وَكَانَ الرَّبِيعُ عَلَى حَوَائِجِ الشَّافِعِيِّ، فَرُبَّمَا غَابَ فِي حَاجَةٍ، فَيُعْلِمُ لَهُ، فَإِذَا رَجَعَ قَرَأَ الرَّبِيعُ عَلَيْهِ مَا فَاتَهُ " الجزء: 1 ¦ الصفحة: 53 أَخْبَرَنَا أَبُو الْحَسَنِ، أَخْبَرَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي أَبُو عُثْمَانَ الْخُوَارِزْمِيُّ نَزِيلُ مَكَّةَ فِيمَا كَتَبَ إِلَيَّ، ثنا أَبُو مُحَمَّدِ بْنُ رَشِيقٍ، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ الْبَلْخِيُّ، قَالَ: " رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي النَّوْمِ، فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، مَا تَقُولُ فِي قَوْلِ مَالِكٍ وَأَهْلِ الْحِجَازِ؟ قَالَ: لَيْسَ قَوْلِي إِلا قَوْلِي. قُلْتُ: مَا تَقُولُ فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَصْحَابِهِ؟ قَالَ: لَيْسَ قَوْلِي إِلا قَوْلِي. قُلْتُ: مَا تَقُولُ فِي قَوْلِ الشَّافِعِيِّ؟ قَالَ: لَيْسَ قَوْلِي إِلا قَوْلِي، وَلَكِنَّ قَوْلَهُ ضِدُّ قَوْلِ أَهْلِ الْبِدَعِ " أَخْبَرَنَا أَبُو الْحَسَنِ، أَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ، أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ بْنُ سُلَيْمَانَ الْمِصْرِيُّ، الجزء: 1 ¦ الصفحة: 54 قَالَ: حَدَّثَنِي أَبُو اللَّيْثِ الْخَفَّافُ، وَكَانَ مُعَدِّلا عِنْدَ الْقُضَاةِ، قَالَ: أَخْبَرَنِي الْعَزِيزِيُّ، وَكَانَ مُتَعَبِّدًا، قَالَ: " رَأَيْتُ لَيْلَةَ مَاتَ الشَّافِعِيُّ فِي الْمَنَامِ، كَأَنَّهُ يُقَالُ: مَاتَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي هَذِهِ اللَّيْلَةِ، وَكَأَنِّي رَأَيْتُهُ يُغَسَّلُ فِي مَجْلِسِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الزُّهْرِيِّ فِي الْمَسْجِدِ الْجَامِعِ، وَكَأَنَّهُ يُقَالُ لِي: يُخْرَجُ بِهِ بَعْدَ الْعَصْرِ ". فَأَصْبَحْتُ، فَقِيلَ لِي: مَاتَ الشَّافِعِيُّ، وَقِيلَ لِي: يُخْرَجُ بِهِ بَعْدَ الْجُمُعَةِ، فَقُلْتُ: الَّذِي رَأَيْتُهُ فِي الْمَنَامِ، قِيلَ لِي: يُخْرَجُ بِهِ بَعْدَ الْعَصْرِ، وَكَأَنِّي رَأَيْتُ فِي النَّوْمِ حِينَ أُخْرِجَ بِهِ كَأَنَّ مَعَهُ سَرِيرَ امْرَأَةٍ رَثَّةِ السَّرِيرِ، فَأَرْسَلَ أَمِيرُ مِصْرَ أَنْ لا يُخْرَجَ بِهِ إِلا بَعْدَ الْعَصْرِ، فَجَلَسَ إِلَى بَعْدِ الْعَصْرِ. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 55 قَالَ الْعَزِيزِيُّ: فَشَهِدْتُ جَنَازَتَهُ، فَلَمَّا صِرْتُ إِلَى الْمَوْضِعِ الْوَاسِعِ، رَأَيْتُ سَرِيرًا مِثْلَ سَرِيرِ تِلْكَ الْمَرْأَةِ الرَّثَّةِ السَّرِيرِ، مَعَ سَرِيرِهِ. أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ، قَالَ: قَالَ الرَّبِيعُ بْنُ سُلَيْمَانَ: «تُوُفِّيَ الشَّافِعِيُّ لَيْلَةَ الْجُمُعَةِ، بَعْدَ الْعِشَاءِ الآخِرَةِ بَعْدَ مَا صَلَّى الْمَغْرِبَ آخِرِ يَوْمٍ مِنْ رَجَبٍ، وَدَفَنَّاهُ يَوْمَ الْجُمُعَةِ، فَانْصَرَفْنَا، فَرَأَيْنَا هِلالَ شَعْبَانَ، سَنَةَ أَرْبَعٍ وَمِائَتَيْنِ» أَخْبَرَنَا أَبُو الْحَسَنِ، أَخْبَرَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا زُرْعَةَ، يَقُولُ: «سَمِعْتُ كُتُبَ الشَّافِعِيِّ مِنَ الرَّبِيعِ، أَيَّامَ يَحْيَى بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ بُكَيْرٍ، سَنَةَ ثَمَانٍ وَعِشْرِينَ وَمِائَتَيْنِ، وَعِنْدَ مَا عَزَمْتُ عَلَى سَمَاعِ كُتُبِ الشَّافِعِيِّ بِعْتُ ثَوْبَيْنِ دَقِيقَيْنِ، كُنْتُ حَمَلْتُهُمَا لأَقْطَعَهُمَا لِنَفْسِي، فَبِعْتُهُمَا وَأَعْطَيْتُ الْوَرَّاقَ» أَخْبَرَنَا أَبُو الْحَسَنِ، أَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبِي، يَقُولُ: " قَالَ لي أَحْمَدُ بْنُ صَالِحٍ: تُرِيدُ أَنْ تَكْتُبَ كُتُبَ الشَّافِعِيِّ؟ قُلْتُ: نَعَمْ، لابُدَّ مِنْ أَنْ أَكْتُبَهَا " الجزء: 1 ¦ الصفحة: 56 وَبِإِسْنَادِهِ: أَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ، ثنا أَبِي، قَالَ: حَدَّثَنِي يُونُسُ بْنُ عَبْدِ الأَعْلَى، قَالَ: " مَا رَأَيْنَا أَحَدًا لَقِيَ مِنَ السَّقَمِ مَا لَقِيَ الشَّافِعِيُّ، فَدَخَلْتُ عَلَيْهِ، فَقَالَ لِي: يَا أَبَا مُوسَى، اقْرَأْ عَلَيَّ مَا بَعْدَ الْعِشْرِينَ وَالْمِائَةِ مِنْ آلِ عِمْرَانَ، وَأَخِفَّ الْقِرَاءَةَ، وَلا تُثْقِلْ. فَقَرَأْتُ عَلَيْهِ، فَلَمَّا أَرَدْتُ الْقِيَامَ، قَالَ: لا تَغْفُلْ عَنِّي، فَإِنِّي مَكْرُوبٌ ". الجزء: 1 ¦ الصفحة: 57 قَالَ يُونُسُ: عَنَى الشَّافِعِيُّ فِي قِرَاءَتِي مَا بَعْدَ الْعِشْرِينَ وَالْمِائَةِ، مَا لَقِيَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَصْحَابُهُ، أَوْ نَحْوُهُ " أَخْبَرَنَا أَبُو الْحَسَنِ، أَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ، قَالَ: سَمِعْتُ مُحَمَّدَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ، يَقُولُ: «مَا مِنْ أَحَدٍ مِمَّنَ خَالَفَنَا، يَعْنِي خَالَفَ مَالِكًا أَحَبُّ، إِلَيَّ مِنَ الشَّافِعِيِّ» أَخْبَرَنَا أَبُو الْحَسَنِ، أَخْبَرَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عُثْمَانَ النَّحْوِيُّ النَّسَوِيُّ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا مُحَمَّدٍ قَرِيبَ الشَّافِعِيِّ، قَالَ: سَمِعْتُ إِبْرَاهِيمَ بْنَ مُحَمَّدٍ الشَّافِعِيَّ، يَقُولُ: " حُبِسَ الشَّافِعِيُّ مَعَ قَوْمٍ مِنَ الشِّيعَةِ بِسَبَبِ التَّشَيُّعِ، فَوَجَّهَ إِلَيَّ يَوْمًا، فَقَالَ لِي: ادْعُ فُلانًا الْمُعَبِّرَ، فَدَعَوْتُهُ لَهُ، فَقَالَ: رَأَيْتُ الْبَارِحَةَ، كَأَنِّي مَصْلُوبٌ عَلَى قَنَاةٍ، مَعَ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ عَلَيْهِ السَّلامُ، فَقَالَ لَهُ: إِنْ صَدَقَتْ رُؤْيَاكَ شُهِرْتَ وَذُكِرْتَ، وَانْتَشَرَ أَمْرُكَ ". قَالَ: ثُمَّ حُمِلَ إِلَى الرَّشِيدِ مَعَهُمْ، فَكَلَّمَهُ بِبَعْضِ مَا خَلَبَهُ بِهِ، فَخَلَّى عَنْهُ. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 58 أَخْبَرَنَا أَبُو الْحَسَنِ، أَخْبَرَنَا مُحَمَّدٌ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ سِنَانٍ الْوَاسِطِيُّ، قَالَ: «رَأَيْتُ الشَّافِعِيَّ أَحْمَرَ الرَّأْسِ وَاللِّحْيَةِ» ، يَعْنِي أَنَّهُ اسْتَعْمَلَ الْخِضَابَ اتِّبَاعًا لِلسُّنَّةِ. أَخْبَرَنَا أَبُو الْحَسَنِ، أَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ، حَدَّثَنَا الرَّبِيعُ بْنُ سُلَيْمَانَ، قَالَ: قَالَ لِيَ الشَّافِعِيُّ: «اسْقِنِي قَائِمًا، فَإِنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ شَرِبَ قَائِمًا» أَخْبَرَنَا أَبُو الْحَسَنِ، أَخْبَرَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ، حَدَّثَنَا الرَّبِيعُ بْنُ سُلَيْمَانَ، قَالَ: " لَمَّا كَانَ مَعَ الْمَغْرِبِ لَيْلَةَ مَاتَ الشَّافِعِيُّ، قَالَ لَهُ ابْنُ عَمِّهِ ابْنُ يَعْقُوبَ: نَنْزِلُ حَتَّى نُصَلِّيَ؟ فَقَالَ: تَجْلِسُونَ تَنْتَظِرُونَ خُرُوجَ نَفْسِي؟ ! فَنَزَلْنَا، ثُمَّ صَعِدْنَا، فَقُلْنَا لَهُ: صَلَّيْتَ، أَصْلَحَكَ اللَّهُ؟ قَالَ: نَعَمْ، فَاسْتَسْقَى وَكَانَ شِتَاءً، فَقَالَ لَهُ ابْنُ عَمِّهِ: الجزء: 1 ¦ الصفحة: 59 امْزِجُوهُ بِالْمَاءِ السُّخْنِ. فَقَالَ الشَّافِعِيُّ: لا، بَلْ بِرُبِّ السَّفَرْجَلِ، وَتُوُفِّيَ مَعَ الْعِشَاءِ الآخِرَةِ ". أَنَا أَبُو الْحَسَنِ، أَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ، قَالَ: أَخْبَرَنَي أَبِي، حَدَّثَنَا حَرْمَلَةُ بْنُ يَحْيَى، قَالَ: سَمِعْتُ الشَّافِعِيَّ، يَقُولُ: «وَعَدَنِي َأَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ أَنْ يَقْدَمَ عَلَى مِصْرَ» . أَخْبَرَنَا أَبُو الْحَسَنِ، أَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ، ثنا إِبْرَاهِيمُ بْنُ يُوسُفَ، قَالَ: سَمِعْتُ الْحَسَنَ بْنَ مُحَمَّدِ بْنِ الصَّبَّاحِ، يَقُولُ: قَالَ لِي أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ: " إِذَا رَأَيْتَ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ الشَّافِعِيَّ، قَدْ خَلا فَأَعْلِمْنِي. قَالَ: وَكَانَ يَجِيئُهُ ارْتِفَاعَ النَّهَارِ، فَيَبْقَى مَعَهُ ". قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ: يَعْنِي لِلأُنْسِ الَّذِي كَانَ بَيْنَهُمَا، فَيُشْبِهُ أَنْ تَكُونَ خِفَّةُ ذَاتِ الْيَدِ، حَالَتْ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْوَفَاءِ بِالْعِدَةِ. أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ، قَالَ: أَخْبَرَنِي صَالِحُ بْنُ َأَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ، قَالَ: قَالَ أَبِي: «لَوْ كَانَ عِنْدِي خَمْسُونَ دِرْهَمًا كُنْتُ قَدْ خَرَجْتُ إِلَى الرَّيِّ إِلَى جَرِيرِ بْنِ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 60 عَبْدِ الْحَمِيدِ، فَخَرَجَ بَعْضُ أَصْحَابِنَا، وَلَمْ يُمْكِنِّي الْخُرُوجُ؛ لأَنَّهُ لَمْ يَكُنْ عِنْدِي» أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ، قَالَ: أَخْبَرَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ فِيمَا كَتَبَ إِلَيَّ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبِي، يَقْولُ: «كَانَ الشَّافِعِيُّ إِذَا ثَبَتَ عِنْدَهُ الْخَبَرُ قَلَّدَهُ، وَخَيْرُ خَصْلَةٍ كَانَتْ فِيهِ لَمْ يَكُنْ يَشْتَهِي الْكَلامَ، وَإِنَّمَا هِمَّتُهُ الْفِقْهُ» وَبِإِسْنَادِهِ، قَالَ: أَخْبَرَنِي عَبْدُ اللَّهِ، قَالَ: وَسَمِعْتُ أَبِي، يَقْولُ: «ذَهَبْتُ بِإِسْحَاقَ بْنِ رَاهَوَيْهِ إِلَى الشَّافِعِيِّ بِمَكَّةَ، فَكَلَّمَهُ فِي إِجَارَةِ بُيُوتِ مَكَّةَ، فَكَانَ الشَّافِعِيُّ يُسَهِّلُ» أَخْبَرَنَا أَبُو الْحَسَنِ، أَخْبَرَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِي أَبِي، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ أَبِي سُرَيْجٍ، قَالَ: سَمِعْتُ الشَّافِعِيَّ يَقُولُ: يَقُولُونُ: «يُحَابِي، فَلَوْ حَابَيْنَا لَحَابَيْنَا الزُّهْرِيَّ، وَإِرْسَالُ الزُّهْرِيِّ لَيْسَ بِشَيْءٍ، وَذَلِكَ أَنَا نَجِدُهُ رَوَى عَنْ سُلَيْمَانَ بْنَ أَرْقَمَ» الجزء: 1 ¦ الصفحة: 61 أَخْبَرَنَا أَبُو الْحَسَنِ، أَخْبَرَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ، قَالَ: قَالَ أَبِي: قَالَ عَمْرُو بْنُ سَوَّادٍ السَّرْحِيَّ، قَالَ لِيَ الشَّافِعِيُّ: مَا أَعْطَى اللَّهُ نَبِيًّا مَا أَعْطَى مُحَمَّدًا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. فَقُلْتُ: أَعْطَى عِيسَى إِحْيَاءَ الْمَوْتَى، فَقَالَ: «أَعْطَى مُحَمَّدًا حَنِينَ الْجِذْعِ الَّذِي كَانَ يَقِفُ يَخْطُبُ إِلَى جَنْبِهِ، حتَّى هُيِّئَ لَهُ الْمِنْبَرُ، فَلَمَّا هُيِّئَ لَهُ الْمِنْبَرُ، حَنَّ الْجِذْعُ حَتَّى سُمِعَ صَوْتُهُ، فَهَذَا أَكْبَرُ مِنْ ذَلِكَ» الجزء: 1 ¦ الصفحة: 62 أَخْبَرَنَا أَبُو الْحَسَنِ، أَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِي أَبِي، حَدَّثَنَا حَرْمَلَةُ، قَالَ: سَمِعْتُ الشَّافِعِيَّ، أَوْ قَالَ لِي: " اذْهَبْ إِلَى إِدْرِيسَ بْنِ يَحْيَى الْعَابِدِ، وَقُلْ لَهُ: يَدْعُو اللَّهَ لِي " أَخْبَرَنَا أَبُو الْحَسَنِ، أَخْبَرَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِي أَبِي، قَالَ: أَخْبَرَنِي يُونُسُ بْنُ عَبْدِ الأَعْلَى، قَالَ: " كَلَّمَنِي الشَّافِعِيُّ مَرَّةً فِي مَسْأَلَةٍ، وَتَرَاجَعْنا فِيهَا، فَقَالَ: إِنِّي لأَجِدُ فُرْقَانَهَا فِي قَلْبِي، وَمَا أَقْدِرُ أَنْ أُبَيِّنَهُ بِلِسَانِي " أَخْبَرَنَا أَبُو الْحَسَنِ، أَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ، حَدَّثَنَا أَبِي، قَالَ: أَخْبَرَنِي يُونُسُ، قَالَ: سَمِعْتُ الشَّافِعِيَّ وَحَضَرَ مَيْتًا، فَلَمَّا سَجَّيْنَا عَلَيْهِ نَظَرَ إِلَيْهِ، فَقَالَ: «اللَّهُمَّ بِغِنَاكَ عَنْهُ، وَفَقْرِهِ إِلَيْكَ، اغْفِرْ لَهُ» أَخْبَرَنَا أَبُو الْحَسَنِ، أَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِي أَبُو مُحَمَّدٍ، قَرِيبُ الشَّافِعِيِّ فِيمَا كَتَبَ إِلَيَّ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبِي، قَالَ: عَاتَبَ مُحَمَّدُ بْنُ إِدْرِيسَ يَعْنِي الشَّافِعِيَّ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 63 ابْنَهُ أَبَا عُثْمَانَ، وَكَانَ فِيمَا قَالَ لَهُ، فَوَعَظَهُ بِهِ: «يَا بُنَيَّ، وَاللَّهِ لَوْ عَلِمْتُ أَنَّ الْمَاءَ الْبَارِدَ يَثْلِمُ مِنْ مُرُوءَتِي شَيْئًا مَا شَرِبْتُ إِلا حَارًّا» أَخْبَرَنَا أَبُو الْحَسَنِ، أَخْبَرَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ، قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو عُثْمَانَ الْخُوَارِزْمِيُّ نَزِيلُ مَكَّةَ فِيمَا كَتَبَ إِلَيَّ، حَدَّثَنَا أَبُو حُمَيْدِ بْنُ أَحْمَدَ الْبَصْرِيُّ، قَالَ: " كُنْتُ عِنْدَ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ نَتَذَاكَرُ فِي مَسْأَلَةٍ، فَقَالَ رَجُلٌ لأَحْمَدَ: يَا أَبَا عَبْدِ اللَّهِ، لا يَصِحُّ فِيهِ حَدِيثٌ، فَقَالَ: إِنْ لَمْ يَصِحَّ فِيهِ حَدِيثٌ، فَفِيهِ قَوْلُ الشَّافِعِيِّ، وَحُجَّتُهُ أَثْبَتُ شَيْءٍ فِيهِ ". الجزء: 1 ¦ الصفحة: 64 ثُمَّ قَالَ: قُلْتُ لِلشَّافِعِيِّ: مَا تَقُولُ فِي مَسْأَلَةِ كَذَا وَكَذَا؟ فَأَجَابَ فِيهَا، فَقُلْتُ: مِنْ أَيْنَ قُلْتَ؟ هَلْ فِيهِ حَدِيثٌ، أَوْ كِتَابٌ؟ ! قَالَ: بَلَى، فَنَزَعَ فِي ذَلِكَ، حَدِيثًا لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَهُوَ حَدِيثٌ نَصٌّ أَخْبَرَنَا أَبُو الْحَسَنِ، أَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ، قَالَ: قَالَ الرَّبِيعُ بْنُ سُلَيْمَانَ الْمِصْرِيّ قُلْتُ لِلشَّافِعِيِّ: إِنَّ عَلِيَّ بْنَ مَعْبَدٍ، أَخْبَرَنَا بِإِسْنَادِهِ، عَنِ النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «أَنَّهُ أَجَازَ بَيْعَ الْقَمْحِ فِي سُنْبُلِهِ إِذَا ابْيَضَّ» . فَقَالَ: أَمَّا هَذَا فَغَرَرٌ؛ لأَنَّهُ يَحُولُ دُونَهُ، فَلا يُرَى، فَإِنْ ثَبَتَ الْخَبَرُ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قُلْنَا بِهِ، وَكَانَ خَاصًّا مُسْتَخْرَجًا مِنْ عَامٍّ، كَمَا مَنَعْنَا بَيْعَ الصُّبْرَةِ بَعْضُهَا فَوْقَ بَعْضٍ؛ لأَنَّهَا غَرَرٌ، فَلَمَّا أَجَازَهَا النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَجَزْنَاهَا كَمَا أَجَازَهَا، وَكَانَ خَاصًّا مُسْتَخْرَجًا مِنْ عَامٍّ؛ لأَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «نَهَى عَنْ بَيْعَ الْغَرَرِ، وَأَجَازَ هَذَا» . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 65 وَكَذَلِكَ «أَجَازَ بَيْعَ الشِّقْصِ مِنَ الدَّارِ، وَجَعَلَ فِيهِ الشُّفْعَةَ لِصَاحِبِ الشُّفْعَةِ، وَإِنْ كَانَ الأَسَاسُ مِنْهَا مَغِيبًا لا يُرَى، وَخَشَبًا فِي الْحَائِضِ لا يُرَى، فَلَمَّا أَجَازَ ذَلِكَ أَجَزْنَاهُ كَمَا أَجَازَهُ، وَإِنْ كَانَ فِيهِ غَرَرٌ، وَكَانَ خَاصًّا مُسْتَخرَجًا مِنْ عَامٍّ» أَخْبَرَنَا أَبُو الْحَسَنِ، أنا أَبُو مُحَمَّدٍ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبِي، يَقُولُ: «مُحَمَّدُ بْنُ إِدْرِيسَ فَقِيهُ الْبَدَنِ، صَدُوقُ اللِّسَانِ» أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَمْرِو بْنِ أَبِي عَاصِمٍ، قَالَ: " الجزء: 1 ¦ الصفحة: 66 سَمِعْتُ أَبَا إِسْحَاقَ يَعْنِي إِبْرَاهِيمَ بْنَ مُحَمَّدٍ، فَذَكَرَ مُحَمَّدَ بْنَ إِدْرِيسَ، فَقَالَ: هُوَ ابْنُ عَمِّي، فَعَظَّمَهُ، وَذَكَرَ مِنْ قَدْرِهِ وَجَلالَتِهِ، يَعْنِي فِي الْعِلْمِ أَخْبَرَنَا أَبُو الْحَسَنِ، أَخْبَرَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ، حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ الْحَسَنِ الْهِسِنْجَانِيُّ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا إِسْمَاعِيلَ التِّرْمِذِيَّ، قَالَ: سَمِعْتُ إِسْحَاقَ بْنَ رَاهَوَيْهِ، يَقْولُ: «مَا تَكلَّمَ أَحَدٌ بِالرَّأْيِ وَذَكَرَ الثَّوْرِيَّ، وَالأَوْزَاعِيَّ، وَمَالِكًا، وَأَبَا حَنِيفَةَ، إِلا الشَّافِعِيَّ أَكْثَرُ اتِّبَاعًا، وَأَقَلُّ خَطَأً مِنْهُ» بَابُ مَا ذُكِرَ مِنَ تَواضُعِ الشَّافِعِيِّ وخُضُوعِهِ لِلْحَقِّ وبَذْلِهِ النُّصْحَ لِلْعَالِمِ أَخْبَرَنَا أَبُو الْحَسَنِ، أَخْبَرَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ، قَالَ: قَالَ الْحَسَنُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ الْجَرَوِيُّ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 67 الْمِصْرِيُّ: قَالَ الشَّافِعِيُّ: «مَا نَاظَرْتُ أَحَدًا، فَأَحْبَبْتُ أَنْ يُخْطِئَ، وَمَا فِي قَلْبِي مِنْ عِلْمٍ، إِلا وَدِدْتُ أَنَّهُ عِنْدَ كُلِّ أَحَدٍ، وَلا يُنْسَبُ إِلَيَّ» أَخْبَرَنَا أَبُو الْحَسَنِ، أَخْبَرَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ، أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ، قَالَ: " سَمِعْتُ الشَّافِعِيَّ، وَدَخَلْتُ عَلَيْهِ وَهُوَ مَرِيضٌ، فَذَكَرَ مَا وَضَعَ مِنْ كُتُبِهِ، فَقَالَ: لَوَدِدْتُ أَنَّ الْخَلْقَ تَعْلَمُهُ، وَلَمْ يُنْسَبْ إِلَيَّ مِنْهُ شَيْءٌ أَبَدًا " أَخْبَرَنَا أَبُو الْحَسَنِ، أَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ، أَخْبَرَنَا أَبِي، قَالَ: حَدَّثَنِي حَرْمَلَةُ بْنُ يَحْيَى، قَالَ: سَمِعْتُ الشَّافِعِيَّ، يَقْولُ: «وَدِدْتُ أَنَّ كُلَّ عِلْمٍ أَعْلَمُهُ تَعَلَّمُهُ النَّاسُ أُوَجَرُ عَلَيْهِ، وَلا يَحْمَدُونِي» أَخْبَرَنَا أَبُو الْحَسَنِ، أَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي أَبِي، حَدَّثَنَا حَرْمَلَةُ، قَالَ: سَمِعْتُ الشَّافِعِيَّ، يَقُولُ: «كُلُّ مَا قُلْتُ لَكُمْ، فَلَمْ تَشْهَدْ عَلَيْهِ عُقُولُكُمْ وَتَقْبَلْهُ، وَتَرَهُ حَقًّا فَلا تَقْبَلُوهُ، فَإِنَّ الْعَقْلَ مُضْطَرُّ إِلَى قَبُولِ الْحَقِّ» أَخْبَرَنَا أَبُو الْحَسَنِ، أَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِي أَبُو مُحَمَّدٍ، قَرِيبُ الشَّافِعِيِّ فِيمَا كَتَبَ إِلَيَّ، قَالَ: سَمِعْتُ الزَّعْفَرَانِيَّ يَعْنِي الْحَسَنَ بْنَ مُحَمَّدِ بْنِ الصَّبَّاحِ، الجزء: 1 ¦ الصفحة: 68 وَأَبَا الْوَلِيدِ بْنَ أَبِي الْجَارُودِ، قَالَ أَحَدُهُمَا: سَمِعْتُ مُحَمَّدَ بْنَ إِدْرِيسَ الشَّافِعِيَّ، وَهُوَ يَحْلِفُ وَيَقُولُ: «مَا نَاظَرْتُ أَحَدًا إِلا عَلَى النَّصِيحَةِ» . وَقَالَ الآخَرُ: سَمِعْتُ مُحَمَّدَ بْنَ إِدْرِيسَ الشَّافِعِيَّ، قَالَ: وَاللَّهِ، مَا نَاظَرْتُ أَحَدًا، فَأَحْبَبْتُ أَنْ يُخْطِئَ " أَخْبَرَنَا أَبُو الْحَسَنِ، أَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ، أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ بْنُ سُلَيْمَانَ الْمُرَادِيُّ، قَالَ: " سَمِعْتُ الشَّافِعِيَّ، وَذَكَرَ حَدِيثًا عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ لَهُ رَجُلٌ: تَأْخُذُ بِهِ يَا أَبَا عَبْدِ اللَّهِ؟ ، فَقَالَ: سُبْحَانَ اللَّهِ! أَرْوِي عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ شَيْئًا لا آخُذُ بِهِ؟ ! مَتَى عَرَفْتُ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَدِيثًا، وَلَمْ آخُذْ بِهِ، فَأَنَا أُشْهِدُكُمْ أَنَّ عَقْلِي قَدْ ذَهَبَ " أَخْبَرَنَا أَبُو الْحَسَنِ، أَخْبَرَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ، حَدَّثَنَا أَبِي، قَالَ: سَمِعْتُ حَرْمَلَةَ بْنَ يَحْيَى، يَقُولُ: قَالَ الشَّافِعِيُّ: «كُلُّ مَا قُلْتُ، وَكَانَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خِلافُ قَوْلِي، مِمَّا يَصِحُّ، فَحَدِيثُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَوْلَى، وَلا تُقَلِّدُونِي» أَخْبَرَنَا أَبُو الْحَسَنِ، أَخْبَرَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِي أَبُو مُحَمَّدٍ الْبُسْتِيُّ السِّجِسْتَانِيُّ فِيمَا كَتَبَ إِلَيَّ، عَنْ أَبِي ثَوْرٍ، قَالَ: سَمِعْتُ الشَّافِعِيَّ، الجزء: 1 ¦ الصفحة: 69 يَقْولُ: «كُلُّ حَدِيثٍ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَهُوَ قَوْلِي، وَإِنْ لَمْ تَسْمَعُوهُ مِنِّي» أَخْبَرَنَا أَبُو الْحَسَنِ، أَخْبَرَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ، حَدَّثَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ الْبُسْتِيُّ نَزِيلُ مَكَّةَ فِيمَا كَتَبَهُ إِلَيَّ، قَالَ: قَالَ الْحُسَيْنُ، قَالَ لَنَا الشَّافِعِيُّ: «إِنْ أَصَبْتُمُ الْحُجَّةَ فِي الطَّرِيقِ مَطْرُوحَةً، فَاحْكُوهَا عَنِّي، فَإِنِّي قَائِلٌ بِهَا» أَخْبَرَنَا أَبُو الْحَسَنِ، أَخْبَرَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ فِيمَا كَتَبَ َإِلَيَّ، قَالَ: قَالَ أَبِي: قَالَ لَنَا الشَّافِعِيُّ: «أَنْتُمْ أَعْلَمُ بِالْحَدِيثِ وَالرِّجَالِ مِنِّي، فَإِذَا كَانَ الْحَدِيثُ صَحِيحًا فَأَعْلِمُونِي، كُوُفِيًّا كَانَ، أَوْ بَصْرِيًّا، أَوْ شَامِيًّا، حَتَّى أَذْهَبَ إِلَيْهِ، إِذَا كَانَ صَحِيحًا» الجزء: 1 ¦ الصفحة: 70 أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ، قَالَ: أَخْبَرَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ فِيمَا كَتَبَ إِلَيَّ، قَالَ: وَسَمِعْتُ أَبِي يَعْني َأَحْمَدَ بْنَ حَنْبَلٍ، وَذُكِرَ الشَّافِعِيُّ، فَقَالَ: «مَا اسْتَفَادَ مِنَّا أَكْثَرُ مِمَّا اسْتَفَدْنَا مِنْهُ» . قَالَ عَبْدُ اللَّهِ: كُلُّ شَيْءٍ فِي كُتُبِ الشَّافِعِيِّ حَدَّثَنِي الثِّقَةُ، عَنْ هُشَيْمٍ، وَعَنْ غَيْرِهِ، فَهُوَ أَبِي " الجزء: 1 ¦ الصفحة: 71 أَخْبَرَنَا أَبُو الْحَسَنِ، أَخْبَرَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ، حَدَّثَني أَبُو بِشْرِ بْنُ َأَحْمَدَ بْنِ حَمَّادٍ الدَّولابِيُّ نَزِيلُ مِصْرَ فِي طَرِيقِ مِصْرَ، حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ إِدْرِيسَ وَرَّاقُ الْحُمَيْدِيِّ، قَالَ: سَمِعْتُ الْحُمَيْدِيَّ، يَقُولُ: " كَانَ الشَّافِعِيُّ رُبَّمَا أَلْقَى عَلَيَّ وَعَلَى ابْنِهِ أَبِي عُثْمَانَ الْمَسْأَلَةَ، فَيَقُولُ: أَيُّكُمَا أَصَابَ فَلَهُ دِينَارٌ " أَخْبَرَنَا أَبُو الْحَسَنِ، أَخْبَرَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ، حَدَّثَنَا الرَّبِيعُ بْنُ سُلَيْمَانَ، قَالَ: سَمِعْتُ الشَّافِعِيَّ، يَقْولُ: «طَلَبُ الْعِلْمِ أَفْضَلُ مِنْ صَلاةِ النَّافِلَةِ» أَخْبَرَنَا أَبُو الْحَسَنِ، أَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِي أَبِي، حَدَّثَنَا حَرْمَلَةُ بْنُ يَحْيَى، قَالَ: سَمِعْتُ الشَّافِعِيَّ، يَقُولُ: «بَذْلُ كَلامِنَا صَوْنُ كَلامِ غَيْرِنَا» . قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ: يَعْنِي بَذْلَهُ كَلامَهُ، فِي الْحَلالِ وَالْحَرَامِ، وَالرَّدِّ عَلَى مَنْ خَالَفَ السُّنَّةَ، صَوْنٌ لِكَلامِ أَشْكَالِهِ، إِذْ كَفَاهُمْ هَذِهِ الْمُؤْنَةَ " الجزء: 1 ¦ الصفحة: 72 أَخْبَرَنَا أَبُو الْحَسَنِ، أَخْبَرَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ، أَنَا أَبِي، قَالَ: سَمِعْتُ الرَّبِيعَ بْنَ سُلَيْمَانَ، يَقُولُ: " هَمَّ الشَّافِعِيُّ بِالْخُرُوجِ يَعْنِي مِنْ مِصْرَ، وَكَانَ بَقِيَ عَلَيَّ مِنْ كِتَابِ الْبُيُوعِ شَيْءٌ، فَقُلْتُ لِلشَّافِعِيِّ: أَجِزْهُ لِي، فَقَالَ لِي: مَا قُرِئَ عَلَيَّ، كَمَا قُرِئَ عَلَيَّ، فَأَعَدْتُ عَلَيْهِ، فَأَعَادَ مِثْلَ مَا قَالَ أَوَّلا، وَمَا زَادَنِي عَلَى ذَلِكَ، ثُمَّ مَنَّ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ عَلَيْنَا بِهِ، فَأَقَامَ عِنْدَنَا، فَسَمِعْنَا بَعْدَ ذَلِكَ مِنْهُ، وَتُوُفِّيَ عِنْدَنَا "، يَعْنِي أَنَّهُ كَرِهَ الإِجَازَةَ أَخْبَرَنَا أَبُو الْحَسَنِ، أَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ، ثنا الرَّبِيعُ بْنُ سُلَيْمَانَ، قَالَ: قَالَ الشَّافِعِيُّ: " إِذَا قَرَأَ عَلَيْكَ الْمُحَدِّثُ، فَقُلْ: حَدَّثَنَا، وَإِذَا قَرَأْتَ عَلَى الْمُحَدِّثِ، فَقُلْ: أَخْبَرَنَا " الجزء: 1 ¦ الصفحة: 73 قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ فِي كِتَابِي: عَنِ الرَّبِيعِ بْنِ سُلَيْمَانَ، قَالَ: " سَمِعْتُ الشَّافِعِيَّ، وَذُكِرَ من يَحْمِلُ الْعِلْمَ جِزَافًا، فَقَالَ: هَذَا مِثْلُ حَاطِبِ لَيْلٍ، يَقْطَعُ حُزْمَةَ الْحَطَبِ، فَيَحْمِلُهَا، وَلَعَلَّ فِيهَا أَفْعَى تَلْدَغُهُ، وَهُوَ لا يَدْرِي ". قَالَ الرَّبِيعُ: يَعْنِي الَّذِينَ لا يَسْأَلُونَ عَنِ الْحُجَّةِ، مِنْ أَيْنَ هِيَ؟ . قُلْتُ: يَعْنِي مَنْ يَكْتُبُ الْعِلْمَ عَلَى غَيْرِ فَهْمٍ، وَيَكْتُبُ عَنِ الْكَذَّابِ، وَعَنِ الصَّدُوقِ، وَعَنِ الْمُبْتَدِعِ وَغَيْرِهِ، فَيَحْمِلُ عَنِ الْكَذَّابِ وَالْمُبْتَدِعِ الأَبَاطِيلَ، فَيَصِيرُ ذَلِكَ نَقْصًا لإِيمَانِهِ، وَهُوَ لا يَدْرِي " بَابُ مَا ذُكِرَ مِنْ وَرَعِ الشَّافِعِيِّ وعِبَادَتِهِ أَخْبَرَنَا أَبُو الْحَسَنِ، أَخْبَرَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ، ثنا الرَّبِيعُ بْنُ سُلَيْمَانَ الْمُرَادِيُّ الْمِصْرِيُّ، قَالَ: «كَانَ الشَّافِعِيُّ يَخْتِمُ الْقُرْآنَ فِي شَهْرِ رَمَضَانَ سِتِّينَ مَرَّةً، كُلُّ ذَلِكَ فِي صَلاةٍ» الجزء: 1 ¦ الصفحة: 74 أَخْبَرَنَا أَبُو الْحَسَنِ، أَخْبَرَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِي أَبُو مُحَمَّدٍ، قَرِيبُ الشَّافِعِيِّ فِيمَا كَتَبَ إِلَيَّ، قَالَ: حَدَّثَتْنِي أُمِّي، قَالَتْ: " كَانَ مُحَمَّدُ بْنُ إِدْرِيسَ الشَّافِعِيُّ نَائِمًا، فَدَخَلَتْ عَلَيْهِ ظِئْرٌ لَنَا، مَعَهَا صَبِيٌّ مَا تُرْضِعُهُ، فَجَلَسَتْ تَتَحَدُّثُ مَعَ أُمِّي الْعُثْمَانِيَّةِ، فَبَيْنَمَا هِيَ تَتَحَدَّثُ إِذْ بَكَى الصَّبِيُّ، فَخَافَتْ أَنْ يَسْتَيْقِظَ مُحَمَّدُ بْنُ إِدْرِيسَ، وَكَانَتْ لَهُ هَيْبَةٌ، فَوَضَعَتْ يَدَهَا عَلَى فَمِ الصَّبِيِّ، وَخَرَجَتْ مُبادِرَةً، وَكَانَ الْبَابُ بَعِيدًا، فَلَمْ تَبْلُغِ الْبَابَ حَتَّى اضْطَرَبَ الصَّبِيُّ. قَالَتْ: فَلَمَّا اسْتَيْقَظَ الشَّافِعِيُّ، قَالَتْ لَهُ أُمِّي الْعُثْمَانِيَّةُ: وَيْحَكَ يَا ابْنَ إِدْرِيسَ وَهِيَ تَمْزَحُ مَعَهُ، كِدْتَ تَقْتُلُ الْيَوْمَ نَفْسًا، فَاحْمَارَّ وَانْتَفَخَ، وَجَعَلَ يَقُولُ لَهَا: وَكَيْفَ ذَلِكَ؟ فَأَخْبَرَتْهُ الْخَبَرَ، فَحَلَفَ أَنْ لا يَقِيلَ مُدّةً طَوِيلَةً، إِلا وَالرَّحَى عِنْدَ رَأْسِهِ تَطْحَنُ، وَكَانَ إِذَا أَرَادَ أَنْ يَقِيلَ، جِيءَ بِالرَّحَى حَتَّى تَطْحَنَ عِنْدَ رَأْسِهِ " أَخْبَرَنَا أَبُو الْحَسَنِ، أَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِي أَبُو مُحَمَّدٍ الْبُسْتِيُّ السِّجِسْتَانِيُّ نَزِيلُ مَكَّةَ فِيمَا كَتَبَ إِلَيَّ، قَالَ: حَدَّثَنِي الْحَارِثُ بْنُ سُرَيْجٍ: «أَرَادَ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 75 الشَّافِعِيُّ الْخُرُوجَ إِلَى مَكَّةَ، فَأَسْلَمَ إِلَى قَصَّارٍ ثِيَابًا بَغْدَادِيَّةً مُرْتَفِعَةً، فَوَقَعَ الْحَرِيقُ، فَاحْتَرَقَ دُكَّانُ الْقَصَّارِ وَالثِّيَابِ، فَجَاءَ الْقَصَّارُ وَمَعَهُ قَوْمٌ يَتَحَمَّلُ بِهِمْ عَلَى الشَّافِعِيِّ فِي تَأْخِيرِهِ، لِيدْفَعَ قِيمَةَ الثِّيَابِ» . فَقَالَ لَهُ الشَّافِعِيُّ: قَدِ اخْتَلَفَ أَهْلُ الْعِلْمِ فِي تَضْمِينِ الْقَصَّارِ، وَلَمْ أَتَبَيَّنْ أَنَّ الضَّمَانَ يَجِبُ، فَلَسْتُ أُضَمِّنُكَ شَيْئًا " أَخْبَرَنَا أَبُو الْحَسَنِ، أَخْبَرَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِي الْبُسْتِيُّ فِيمَا كَتَبَ إِلَيَّ، حَدَّثَنِي الْحَارِثُ بْنُ سُرَيْجٍ: " دَخَلْتُ مَعَ الشَّافِعِيِّ عَلَى خَادِمٍ لِلرَّشِيِدِ، وَهُوَ فِي بَيْتٍ قَدْ فُرِشَ بِالدِّيبَاجِ، فَلَمَّا وَضَعَ الشَّافِعِيُّ رِجْلَهُ عَلَى الْعَتَبَةِ أَبْصَرَهُ، فَرَجَعَ وَلَمْ يَدْخُلْ، فَقَالَ لَهُ الْخَادِمُ: ادْخُلْ، فَقَالَ: لا يَحِلُّ افْتِرَاشُ هَذَا ". الجزء: 1 ¦ الصفحة: 76 فَقَامَ الْخَادِمُ مُتَمَشِّيًا، حَتَّى دَخَلَ بَيْتًا قَدْ فُرِشَ بِالأَرْمَنِيِّ، فَدَخَلَ الشَّافِعِيُّ ثُمَّ أَقْبَلَ عَلَيْهِ، فَقَالَ: هَذَا حَلالٌ، وَذَاكَ حَرَامٌ، وَهَذَا أَحْسَنُ مِنْ ذَاكَ وَأَكْثَرُ ثَمَنًا مِنْهُ، فَتَبَسَّمَ الْخَادِمُ، وَسَكَتَ قَالَ: وَحَدَّثَنِي أَبُو ثَوْرٍ، قَالَ: " أَرَادَ الشَّافِعِيُّ الْخُرُوجَ إِلَى مَكَّةَ، وَمَعَهُ مَالٌ، فَقُلْتُ لَهُ - وَقَلَّمَا كَانَ يُمْسِكُ الشَّيْءَ مِنْ سَمَاحَتِهِ -: يَنْبَغِي أَنْ تَشْتَرِيَ بِهَذَا الْمَالِ ضَيْعَةً، تَكُونُ لَكَ وَلِوَلَدِكَ مِنْ بَعْدِكَ. فَخَرَجَ ثُمَّ قَدِمَ عَلَيْنَا، فَسَأَلْتُهُ عَنْ ذَلِكَ الْمَالِ مَا فَعَلَ بِهِ؟ فَقَالَ: مَا وَجَدْتُ بِمَكَّةَ ضَيْعَةً يُمْكِنُنِي أَنْ أَشْتَرِيَهَا لِمَعْرِفَتِي بِأَصْلِهَا، أَكثَرُهَا قَدْ وُقِفَتْ عَلَيْهِ، وَلَكِنْ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 77 قَدْ بَسَطْنَا مَضْرِبًا يَكُونُ لأَصْحَابِنَا، إِذَا حَجُّوا يَنْزِلُونَ فِيهِ أَخْبَرَنَا أَبُو الْحَسَنِ، أَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ، ثنا الرَّبِيعُ بْنُ سُلَيْمَانَ، قَالَ: قَالَ الشَّافِعِيُّ: «مَا شَبِعْتُ مُنْذُ سِتَّ عَشْرَةَ سَنَةً، إِلا شُبْعَةً اطَّرَحْتُهَا، يَعْنِي فَطَرَحْتُهَا؛ لأَنَّ الشِّبَعَ يُثْقِلُ الْبَدَنَ، وَيُقَسِّي الْقَلْبَ، وَيُزِيلُ الْفِطْنَةَ، وَيَجْلِبُ النَّوْمَ، وَيُضْعِفُ صَاحِبَهُ عَنِ الْعِبَادَةِ» مَا رَوَى َأَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ عَنِ الشَّافِعِيِّ مِنَ الآثَارِ وَالْمَسَائِلِ أَخْبَرَنَا أَبُو الْحَسَنِ، قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي حَاتِمٍ، ثنا صَالِحُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبِي، قَالَ: سَمِعْتُ مُحَمَّدَ بْنَ إِدْرِيسَ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 78 الشَّافِعِيَّ، قَالَ: سَمِعْتُ مَالِكَ بْنَ أَنَسٍ، يَقُولُ: سَمِعْتُ ابْنَ عَجْلانَ، يَقُولُ: «إِذَا أَغْفَلَ الْعَالِمُ لا أَدْرِي أُصِيبَتْ مَقَاتِلُهُ» . قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ: ذَكَرْتُ هَذَا الْحَدِيثَ لابْنِ الْجُنَيْدِ الْمَالِكِيِّ، فَاسْتَحْسَنَهُ وَسَأَلَنِي أَنْ أُحَدِّثَهُ، وَقَالَ: رَوَى غَيْرُ الشَّافِعِيِّ، عَنْ مَالِكٍ، قَالَ: قَالَ عَلِيُّ بْنُ حُسَيْنٍ، فَأَرْسَلَ هَذَا الْكَلامَ، وَقَالَ ابْنُ جُنَيْدٍ: «لَمْ أَعْرِفْ مَالِكٌ عَنِ ابْنِ عَجْلانَ، إِلا حَدِيثًا وَاحِدًا مُسْنَدًا، وَهَذَا غَرِيبٌ» ، فَكَتَبَهُ أَخْبَرَنَا أَبُو الْحَسَنِ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ، حَدَّثَنَا صَالِحُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ، قَالَ: قَالَ أَبِي: قَالَ الشَّافِعِيُّ: " فِي الَّذِي تَفُوتُهُ سَجْدَةٌ يَعْنِي يَنْسَاهَا: إِذَا صَلَّى رَكْعَةً أُخْرَى، وَسَجَدَ فِيهَا سَجْدَةً، أَضَافَهَا إِلَى تِلْكَ السَّجْدَةِ، فَتَكُونُ لَهُ رَكْعَةٌ، قَدْ أَتَى فِيهَا بِسَجْدَتَيْنِ ". وَكَانَ يَحْتَجُّ عَلَى أَبِي حَنِيفَةَ وَأَصْحَابِهِ، قَالُوا: إِذَا فَعَلَ سَجْدَةً، الجزء: 1 ¦ الصفحة: 79 أَجْزَاهُ، قَالَ: فَكَذَلِكَ إِذَا أَجَزْتُمْ أَنْتُمْ هَذَا، أَجَزْنَا نَحْنُ هَذَا أَخْبَرَنَا أَبُو الْحَسَنِ، أنا أَبُو مُحَمَّدٍ، ثنا صَالِحُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ، قَالَ: قَالَ أَبِي: وَذُكِرَ عَنْ عَطَاءٍ: " أَدْنَى وَقْتِ الْحَيْضِ يَوْمٌ، قَالَ أَبِي: وَكَذَا كَانَ الشَّافِعِيُّ يَقُولُ: يَوْمٌ " أَخْبَرَنَا أَبُو الْحَسَنِ، ثَنا أَبُو مُحَمَّدٍ، ثنا صَالِحُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ، قَالَ: قَالَ أَبِي: قَالَ الشَّافِعِيُّ: «القَصَّةُ الْبَيْضَاءُ، هُوَ شَيْءٌ يَتْبَعُ الْحَيْضَ أَبْيَضُ، فَإِذَا رَأَتْ ذَلِكَ طَهُرَتْ» الجزء: 1 ¦ الصفحة: 80 أَخْبَرَنَا أَبُو الْحَسَنِ، أَخْبَرَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ، حَدَّثَنَا صَالِحُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ، قَالَ " سَأَلْتُ أَبِي عَنْ طَلاقِ السَّكْرَانِ، فَقَالَ: فِيهِ الْتِبَاسٌ، كَانَ الشَّافِعِيُّ يَقُولُ: السَّكْرَانُ لَيْسَ بِمَرْفُوعٍ عَنْهُ الْقَلَمُ، وَالْمَجْنُونُ قَدْ رُفِعَ عَنْهُ الْقَلَمُ ". وَقَالَ الزُّهْرِيُّ: هُوَ بِمَنْزِلَةِ السَّفِيهِ، يَجُوزُ طَلاقُهُ، وَلا يَجُوزُ بَيْعُهُ وَلا شِرَاؤُهُ. وَهَذَا لا يَنْقَاسُ، إِذَا جَازَ طَلاقُهُ، فَبَيْعُهُ وَشِرَاؤُهُ جَائِزٌ. " أَخْبَرَنَا أَبُو الْحَسَنِ، أَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ، حَدَّثَنَا صَالِحُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ، قَالَ: قَالَ أَبِي: إِذَا قَالَ " بِعْتُكَ بِمِائَةٍ، وَقَالَ الآخَرُ: اشْتَرَيْتُهُ بِعَشْرَةٍ، وَاسْتُهْلِكَ الْمَبِيعُ، فَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَقُولُ: الْقَوْلُ قَوْلُ الْمُشْتَرِي مَعَ يَمِينِهِ، وَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ: بَلْ تُرَدُّ قِيمَةُ الْمَبِيعِ، إِلا أَنْ يَكُونَ قَائِمًا بِعَيْنِهِ، فَيَكُونُ الْقَوْلُ فِيهِ قَوْلَ الْبَائِعِ مَعَ يَمِينِهِ، وَأَنَا أَذْهَبُ إِلَى هَذَا، وَهُوَ قَوْلُ الشَّافِعِيِّ " أَخْبَرَنَا أَبُو الْحَسَنِ، أَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ فِيمَا كَتَبَ إِلَيَّ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبِي يَقُولُ: قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ إِدْرِيسَ، وَذَكَرَ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 81 مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ، صَاحِبُ الرَّأْيِ، فَقَالَ: قَالَ: وَضَعْتُ كِتَابًا عَلَى أَهْلِ الْمَدِينَةِ تَنْظُرُ فِيهِ؟ فَنَظَرْتُ فِي أَوَّلِهِ ثُمَّ وَضَعْتُهُ، أَوْ رَمَيْتُ بِهِ، فَقَالَ: مَا لَكَ؟ ، قُلْتُ: أَوَّلُهُ خَطَأٌ، عَلَى مَنْ وَضَعْتَ هَذَا الْكِتَابَ؟ ، قَالَ: عَلَى أَهْلِ الْمَدِينَةِ. قُلْتُ: مَنْ أَهْلُ الْمَدِينَةِ؟ ، قَالَ: مَالِكٌ. قُلْتُ: فَمَالِكٌ رَجُلٌ وَاحِدٌ، وَقَدْ كَانَ بِالْمَدِينَةِ فُقَهَاءُ غَيْرُ مَالِكٍ: ابْنُ أَبِي ذِئْبٍ، وَالْمَاجِشُونُ، وَفُلانٌ وَفُلانٌ قال رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «الْمَدِينَةُ لا يَدْخُلُهَا الدَّجَّالُ، وَالْمَدِينَةُ لا يَدْخُلُهَا الطَّاعُونُ، وَالْمَدِينَةُ عَلَى كُلِّ بَيْتٍ مِنْهَا مَلَكٌ شَاهِرٌ سَيْفَهُ» أَخْبَرَنَا أَبُو الْحَسَنِ، أَخْبَرَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ، أَخْبَرَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبِي، يَقُولُ: " أَدْخَلَ الشَّافِعِيِّ عَلَيْهِمْ يَعْنِي أَصْحَابَ أَبِي الجزء: 1 ¦ الصفحة: 82 حَنِيفَةَ، إِذَا بَدَأَ الْمُتَوَضِّئُ بِعُضْوٍ دُونَ عُضْوٍ، فَقَالَ: قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: {إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ} [البقرة: 158] ، فَقَالُوا يَعْنِي أَصْحَابَ أَبِي حَنِيفَةَ: إِذَا بَدَأَ بِالْمَرْوَةِ قَبْلَ الصَّفَا، يُعِيدُ ذَلِكَ الشَّوْطَ " قَالَ: وَسَمِعْتُ أَبِي يَقُولُ: كَانَ الشَّافِعِيُّ يَقُولُ: «لَيْسَ فِي الدَّيْنِ زَكَاةٌ» أَخْبَرَنَا أَبُو الْحَسَنِ، أَخْبَرَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ فِيمَا كَتَبَ إِلَيَّ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبِي، يَقْولُ: رَأَيْتُ الشَّافِعِيَّ يَحْتَجُّ فِي كِرَاءِ بُيُوتِ مَكَّةَ بِالرُّخْصَةِ، وَكَانَ مَذْهَبُهُ أَنَّهُ يُرَخِّصُ فِي ذَلِكَ، ويُسَهِّلُ " قَالَ: وَأَخْبَرَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ فِيمَا كَتَبَ إِلَيَّ، قَالَ: وَجَدْتُ فِي كِتَابِ أَبِي، بِخَطَّ يَدِهِ، قَالَ: حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ إِدْرِيسَ الشَّافِعِيُّ، قَالَ: قَالَ يَعْنِي الجزء: 1 ¦ الصفحة: 83 مُحَمَّدَ بْنَ الْحَسَنِ: فَقَدْ رَوَى شَرِيكُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ حَدِيثَ مُجَاهِدٍ، عَنْ أَيْمَنَ ابْنِ أُمِّ أَيْمَنَ، أَخِي أُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ لأُمِّهِ ". قُلْتُ: لا عِلْمَ لَكَ بِأَصْحَابِنَا، أَيْمَنُ أَخُو أُسَامَةَ، قُتِلَ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمَ حُنَيْنٍ، قَبْلَ مَوْلِدِ مُجَاهِدٍ، وَلَمْ يَبْقَ بَعْدَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَيُحَدِّثَ عَنْهُ أَخْبَرَنَا أَبُو الْحَسَنِ، أَخْبَرَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ فِيمَا كَتَبَ إِلَيَّ، قَالَ: وَجَدْتُ فِي كِتَابِ أَبِي، قَالَ: حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ إِدْرِيسَ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 84 الشَّافِعِيُّ، قَالَ: " لَمَّا أَرَادَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ أَنْ يُدَوِّنَ الدَّوَاوِينَ، وَيَضَعَ النَّاسَ عَلَى قَبَائِلِهِمْ، وَلَمْ يَكُنْ قَبْلَهُ دِيوَانٌ، اسْتَشَارَ النَّاسَ، فَقَالَ: بِمَنْ تَرَوْنَ أَنْ أَبْدَأَ؟ فَقَالَ قَائِلٌ: تَبْدَأُ بِقَرَابَتِكَ، فَقَالَ: ذَكَّرْتُمُونِي، بَلْ أَبْدَأُ بِالأَقْرَبِ فَالأَقْرَبِ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ". فبَدأ بِبَنِي هَاشِمٍ وَبَنِي الْمُطَّلِبِ، قَالَ: حَضَرْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَامَ خَيْبَرَ حِينَ أَعْطَاهُمُ الْخُمْسَ مَعًا، دُونَ بَنِي عَبْدِ مَنَافٍ. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 85 وَكَانَ إِذَا كَانَتِ السِّنُّ فِي بَنِي هَاشِمٍ قَدَّمَهَا، وَإِذَا كَانَتْ فِي بَنِي الْمُطَّلِبِ قَدَّمَهَا، وَكَذَلِكَ كَانَ يَصْنَعُ فِي جَمِيعِ الْقَبَائِلِ، يَدْعُوهُمْ عَلَى الأَسْنَانِ ". ثُمَّ نَظَرَ فَاسْتَوَتْ قَرَابَةُ بَنِي عَبْدِ شَمْسٍ وَبَنِي نَوْفَلٍ، بِالنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَرَأَى عَبْدَ شَمْسٍ إِخْوَةَ هَاشِمٍ لأُمِّهِ، دُونَ نَوْفَلٍ، فَرَآهُمْ بِهَذَا أَقْرَبَ، وَرَأَى فِيهِمْ سَابِقَةً وَصِهْرًا لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، دُونَ بَنِي نَوْفَلٍ، فَقَدَّمَ دَعْوَتَهُمْ عَلَى دَعْوَةِ بَنِي نَوْفَلٍ، ثُمَّ جَعَلَ بَنِي نَوْفَلٍ بَعْدَهُمْ. ثُمَّ اسْتَوَتْ قَرَابَةُ بَنِي أَسَدِ بْنِ عَبْدِ الْعُزَّى، وَبَنِي عَبْدِ الدَّارِ، فَرَأَى أَنَّ فِي بَنِي أَسَدٍ سَابِقَةً وَصِهْرًا، وَأَنَّهُمْ مِنَ الْمُطَيِّبِينَ، وَمِنْ حِلْفِ الْفُضُولِ، وَأَنَّهُمْ كَانُوا أَذَبَّ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَدَّمَهُمْ عَلَى بَنِي عَبْدِ الدَّارِ، ثُمَّ جَعَلَ بَنِي عَبْدِ الدَّارِ بَعْدَهُمْ. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 86 ثُمَّ رَأَى بَنِي زُهْرَةَ، وَهُمْ لا يُنَازِعُهُمُ أَحَدٌ. ثُمَّ اسْتَوَتْ لَهُ قَرَابَةُ بَنِي تَيْمَ بْنِ مُرَّةَ، وَبَنِي مَخْزُومِ بْنِ يَقَظَةَ، فَرَأَى أَنَّ لِبَنِي تَيْمٍ سَابِقَةً وَصِهْرًا لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَأَنَّ بَنِي تَيْمٍ مِنَ الْمُطَيِّبِينَ، وَمِنْ حِلْفِ الْفُضُولِ، فَقَدَّمَهُمْ عَلَى بَنِي مَخْزُومٍ، ثُمَّ وَضَعَ بَنِي مَخْزُومٍ بَعْدَهُمْ. ثُمَّ اسْتَوَتْ قَرَابَةُ بَنِي جُمَحٍ، وَسَهْمٍ، وَعَدِيِّ بْنِ كَعْبٍ رَهْطِهِ، فَقَالَ: أَمَّا بَنُو عَدِيِّ بْنِ كَعْبٍ، وَسَهْمٍ فَمَعًا، وَذَلِكَ أَنَّ الإِسْلامَ دَخَلَ عَلَيْهِمْ وَهُمْ كَذَلِكَ، وَلَكِنْ بِمَنْ تَرَوْنَ أَنْ أَبْدَأَ؟ أسَهْمٌ؟ أَمْ جُمَحٌ؟ ثُمَّ رَأَى أَنْ يَبْدَأَ بِجُمَحٍ، فَلا أَدْرِي أَلِسِنِّ جُمَحٍ؟ أَوْ لِغَيْرِ ذَلِكَ؟ ثُمَّ وَضَعَ بَنِي سَهْمٍ، وَبَنِي عَدِيٍّ بَعْدَهُمْ. ثُمَّ وَضَعَ بَنِي عَامِرِ بْنِ لُؤَيٍّ، ثُمَّ بَنِي فِهْرٍ. وَقَدْ زَعَمُوا أَنَّ أَبَا عُبَيْدَةَ بْنَ الْجَرَّاحِ، لَمَّا رَأَى مَنْ تَقَدَّمَ بَيْنَ يَدَيْهِ، قَالَ: أَيُدْعَى هَؤَلاءِ كُلُّهُمْ قَبْلِي؟ ! فَقَالَ: أَنْتَ بِحَيْثُ وَضَعَكَ اللَّهُ، فَلَمَّا رَأَى جَزَعَهُ، قَالَ: أَمَّا عَلَى نَفْسِي وَأَهْلِ بَيْتِي، فَأَنَا طَيِّبُ النَّفْسِ بِأَنْ أُقَدِّمَكَ، وَكَلِّمْ قَوْمَكَ، فَإِنْ هُمْ طَابُوا بِذَلِكَ نَفْسًا لَمْ أَمْنَعْكَهُ. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 87 وَقَدِ ادَّعَى بَنُو الْحَارِثِ بْنِ فِهْرٍ أَنَّ عُمَرَ قَدَّمَهُمْ، فَجَعَلَهُمْ بَعْدَ بَنِي عَبْدِ مَنَافٍ، أَوْ بَعْدَ بَنِي قُصَيٍّ. فَسَأَلْتُ عَنْ ذَلِكَ أَهْلَ الْعِلْمِ مِنْ أَصْحَابِهِ فَأَنْكَرُوهُ، وَقَالُوا: أَبُو عُبَيْدَةُ مِنْ بَنِي مُحَارِبِ بْنِ فِهْرٍ، لا مِنْ بَنِي الْحَارِثِ، وَهَذِهِ الدَّعْوَةُ الْمُقَدَّمَةُ فِي غَيْرِ مَوْضِعِهَا لِبَنِي الْحَارِثِ، لا لِبَنِي مُحَارِبٍ، وَإِنَّمَا قَدَّمَهُمْ مُعَاوِيَةُ بْنُ أَبِي سُفْيَانَ لِخُئُولَةٍ لَهُ كَانَتْ فِيهِمْ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 88 أخبرنا أبو الحسن علي بن عبد العزيز بن مردك قراءة عليه، قال: أخبرنا أبو محمد عبد الرحمن بن أبي حاتم الرازي قَالَ: أَنَا يُونُسُ بْنُ عَبْدِ الأَعْلَى، حَدَّثَنَا أَيُّوبَ بْنُ سُوَيْدٍ، حَدَّثَنَا يُونُسُ بْنُ يَزِيدَ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ، أَنَّ جُبَيْرَ بْنَ مُطْعِمٍ، أَخْبَرَهُ أَنَّهُ جَاءَ هُوَ وَعُثْمَانُ إِلَى الجزء: 1 ¦ الصفحة: 91 رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُكَلِّمَانِهِ فِيمَا قَسَمَ مِنْ خُمْسِ خَيْبَرَ لِبَنِي هَاشِمٍ وَبَنِي الْمُطَّلِبِ، فَقَالا: قَسَمْتَ لإِخْوَانِنَا بَنِي هَاشِمٍ، وَبَنِي الْمُطَّلِبِ وَقَرَابَتُنَا وَاحِدَةٌ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِنَّمَا أَرَى بَنِي هَاشِمٍ وَبَنِي الْمُطَّلِبِ شَيْئًا وَاحِدًا» أَخْبَرَنَا أَبُو الْحَسَنِ، أَخْبَرَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ، قَالَ: وَحدَّثَني أَبِي، ثنا أَبُو طَاهِرٍ، ثنا الشَّافِعِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ، قَالَ: سَمِعْتُ زَيْدَ بْنَ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ، يَقُولُ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِنَّمَا بَنُو هَاشِمٍ وَبَنُو الْمُطَّلِبِ شَيْءٌ وَاحِدٌ، هَكَذَا، وَشَبَّكَ بَيْنَ أَصَابِعِهِ، لَمْ يُفَارِقُونَا فِي جَاهِلِيَّةٍ، وَلا الجزء: 1 ¦ الصفحة: 92 إِسْلامٍ، فَأَعْطَاهُمْ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَهْمَ ذَوِي الْقُرْبَي، دُونَ بَنِي عَبْدِ شَمْسٍ وَبَنِي نَوْفَلٍ» بَابُ مَا ذُكِرَ مِنْ سَخَاءِ الشَّافِعِيِّ وَحُسْنِ خُلُقِهِ، رَحِمَهُ اللَّهُ أَخْبَرَنَا أَبُو الْحَسَنِ، أَخْبَرَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ، حَدَّثَنَا الرَّبِيعُ بْنُ سُلَيْمَانَ، قَالَ: " تَزوَّجْتُ، فَسَأَلَنِي الشَّافِعِيُّ: كَمْ أَصْدَقْتَهَا؟ فَقُلْتُ: ثَلاثِينَ دِينَارًا، فَقَالَ: كَمْ أَعْطَيْتَهَا؟ قُلْتُ: سِتَّةَ دَنَانِيرَ، فَصَعَدَ دَارَهُ، وَأَرْسَلَ إِلَيَّ بِصُرَّةٍ، فِيهِمْ أَرْبَعَةٌ وَعِشْرُونَ دِينَارًا " أَخْبَرَنَا أَبُو الْحَسَنِ، أَخْبَرَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ الْمِصْرِيُّ، قَالَ: " كَانَ الشَّافِعِيُّ أَسْخَى النَّاسِ بِمَا يَجِدُ، وَكَانَ يَمُرُّ بِنَا فَإِنْ وَجَدَنِي، وَإِلا قَالَ: قَوْلِي لِمُحَمَّدٍ إِذَا جَاءَ يَأْتِي الْمَنْزِلَ، فَإِنِّي لَسْتُ أَتَغَدَّى، الجزء: 1 ¦ الصفحة: 93 حَتَّى يَجِيءَ، فَرُبَّمَا جِئْتُهُ، فَإِذَا قَعَدْتُ مَعَهُ عَلَى الْغَدَاءِ، قَالَ: يَا جَارِيَةُ، اضْرِبِي لَنَا فَالُوذَجًا، فَلا تَزَالُ الْمَائِدَةُ بَيْنَ يَدَيْهِ، حَتَّى تَفْرُغَ مِنْهُ، وَنَتَغَدَّى " أَخْبَرَنَا أَبُو الْحَسَنِ، أَخْبَرَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ، ثنا أَبِي، قَالَ: سَمِعْتُ عَمْرَو بْنَ سَوَّادٍ السَّرْحِيَّ، قَالَ: " كَانَ الشَّافِعِيُّ أَسْخَى النَّاسِ عَلَى الدِّينَارِ وَالدِّرْهَمِ وَالطَّعَامِ، فَقَالَ لِيَ الشَّافِعِيُّ: أَفْلَسْتُ فِي عُمْرِي ثَلاثَ إِفْلاسَاتٍ، فَكُنْتُ أَبِيعُ قَلِيلِي وَكَثِيرِي، حَتَّى حُلِيَّ ابْنَتِي وَزَوْجَتِي، وَلَمْ أَرْهَنْ قَطُّ " أَخْبَرَنَا أَبُو الْحَسَنِ، أَخْبَرَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ، ثنا أَبِي، قَالَ: أَخْبَرَنِي يُونُسُ بْنُ عَبْدِ الأَعْلَى، قَالَ: قَالَ الشَّافِعِيُّ: «أَفْلَسْتُ مِنْ دَهْرِي ثَلاثَ مَرَّاتٍ، وَرُبَّمَا أَكَلْتُ التَّمْرَ بِالسَّمَكِ» أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ، قَالَ: أَخْبَرَنِي أَبُو مُحَمَّدٍ الْبُسْتِيُّ السِّجِسْتَانِيُّ نَزِيلُ مَكَّةَ فِيمَا كَتَبَ إِلَيَّ، عَنْ أَبِي ثَوْرٍ، قَالَ: «كَانَ الشَّافِعِيُّ قَلَّمَا يُمْسِكُ الشَّيْءَ مِنْ سَمَاحَتِهِ» أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ، قَالَ: حَدَّثَنَا الرَّبِيعُ بْنُ سُلَيْمَانَ الْمُرَادِيُّ، قَالَ: الجزء: 1 ¦ الصفحة: 94 " كَتَبَ إِلَيَّ أَبُو يَعْقُوبَ الْبُوَيْطِيُّ، وَهُوَ فِي الْمُطْبِقِ، يَسْأَلُنِي أَنْ أُصْبِرَ نَفْسِي لِلْغُرَبَاءِ، مِمَّنْ يَسْمَعُ كُتُبَ الشَّافِعِيِّ، وَيَسْأَلُنِي أَنْ أُحَسِّنَ خُلُقِي لأَصْحَابِنَا الَّذِينَ فِي الْحَلْقَةِ، وَالاحْتِمَالِ مِنْهُمْ، وَيَقُولُ: لَمْ أَزَلْ أَسْمَعُ الشَّافِعِيَّ كَثِيرًا، يُرَدِّدُ هَذَا الْبَيْتَ: أُهِينُ لَهُمْ نَفْسِي لِكَيْ يُكْرِمُونَهَا ... وَلَنْ تُكْرَمَ النَّفْسُ الَّتِي لا تُهِينُهَا أَخْبَرَنَا أَبُو الْحَسَنِ، أَخْبَرَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ رَوْحٍ، حَدَّثَنَا الزُّبَيْرُ بْنُ سُلَيْمَانَ الْقُرَشِيُّ، عَنِ الشَّافِعِيِّ، قَالَ: " خَرَجَ هَرْثَمَةُ فَأَقْرَأَنِي سَلامَ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ هَارُونَ الرَّشِيدِ، وَقَالَ: قَدْ أَمَرَ لَكَ بِخَمْسَةِ آلافِ دِينَارٍ ". قَالَ: فَحُمِلَ إِلَيْهِ الْمَالُ، فَدَعَا بِحَجَّامٍ فَأَخَذَ مِنْ شَعْرِهِ وَأَعْطَاهُ خَمْسِينَ دِينَارًا، ثُمَّ أَخَذَ رِقَاعًا، وَصَرَّ مِنْ تِلْكَ الدَّنَانِيرِ صُرَرًا، فَفَرَّقَهَا فِي الْقُرَشِيِّينَ الَّذِينَ هُمْ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 95 بِالْحَضْرَةِ، وَمِنْ هُمْ بِمَكَّةَ، حَتَّى مَا رَجَعَ إِلَى بَيْتِهِ إِلا بِأَقَلَّ مِنْ مِائَةِ دِينَارٍ بَابُ مَا ذُكِرَ مِنْ فِرَاسَةِ الشَّافِعِيِّ وَفِطْنَتِهِ رَحِمَهُ اللَّهُ أَخْبَرَنَا أَبُو الْحَسَنِ، أَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ، ثَنا َأَحْمَدُ بْنُ سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ النَّيْسَابُورِيُّ، قَالَ: قَالَ أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ إِدْرِيسَ وَرَّاقُ الْحُمَيْدِيِّ: سَمِعْتُ الْحُمَيْدِيَّ، يَقُولُ: قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ إِدْرِيسَ الشَّافِعِيُّ: " خَرَجْتُ إِلَى الْيَمَنِ فِي طَلَبِ كُتُبِ الْفِرَاسَةِ، حَتَّى كَتَبْتُهَا وَجَمَعْتُهَا، ثُمَّ لَمَّا حَانَ انْصِرَافِي، مَرَرْتُ عَلَى رَجُلٍ فِي طَرِيقِي وَهُوَ مُحْتَبٍ بِفِنَاءِ دَارِهِ، أَزْرَقَ الْعَيْنَيْنِ، نَاتِئِ الْجَبْهَةِ، سِنَاطٍ، فَقُلْتُ لَهُ: هَلْ مِنْ مَنْزِلٍ؟ فَقَالَ: نَعَمْ. قَالَ الشَّافِعِيُّ: وَهَذَا النَّعْتُ أَخْبَثُ مَا يَكُونُ فِي الْفِرَاسَةِ فَأَنْزَلَنِي، فَرَأَيْتُ أَكْرَمَ رَجُلٍ، بَعَثَ إِلَيَّ بِعَشَاءٍ وَطِيبٍ، وَعَلَفٍ لِدَابَّتِي، وَفِرَاشٍ وَلِحَافٍ، فَجَعَلْتُ أَتَقَلَّبُ اللَّيْلَ أَجْمَعَ مَا أَصْنَعُ بِهَذِهِ الْكُتُبِ؟ إِذْ رَأَيْتُ هَذَا النَّعْتَ فِي هَذَا الرَّجُلِ، فَرَأَيْتُ أَكْرَمَ رَجُلٍ، فَقُلْتُ: أَرْمِي بِهَذِهِ الْكُتُبِ ". فَلَمَّا أَصْبَحْتُ، قُلْتُ لِلْغُلامِ: أَسْرِجْ، فَأَسْرَجَ، فَرَكِبْتُ وَمَرَرْتُ عَلَيْهِ، وَقُلْتُ لَهُ: إِذَا قَدِمْتَ مَكَّةَ وَمَرَرْتَ بِذِي طُوًى، فَسَلْ عَنْ مَنْزِلِ مُحَمَّدِ بْنِ إِدْرِيسَ الشَّافِعِيِّ. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 96 فَقَالَ لِيَ الرَّجُلُ: أَمَولًى لأَبِيكَ أَنَا؟ ! قُلْتُ: لا. قَالَ: فَهَلْ كَانَتْ لَكَ عِنْدِي نِعْمَةٌ؟ ! فَقُلْتُ: لا. فَقَالَ: أَيْنَ مَا تَكَلَّفْتُ لَكَ الْبَارِحَةَ؟ قُلْتُ: وَمَا هُوَ؟ . قَالَ: اشْتَرَيْتُ لَكَ طَعَامًا بِدِرْهَمَيْنِ، وَإِدَامًا بِكَذَا، وَعِطْرًا بِثَلاثَةِ دَرَاهِمَ، وَعَلَفًا لِدَابَّتِكَ بِدِرْهَمَيْنِ، وَكِرَاءُ الْفِرَاشِ وَاللِّحَافِ دِرْهَمَانِ. قَالَ: قُلْتُ: يَا غُلامُ أَعْطِهِ، فَهَلْ بَقِيَ مِنْ شَيْءٍ. قَالَ: كِرَاءُ الْمَنْزِلِ، فَإِنِّي وَسَّعْتُ عَلَيْكَ، وَضَيَّقْتُ عَلَى نَفْسِي، قَالَ الشَّافِعِيُّ: فَغَبَطْتُ نَفْسِي بِتِلْكَ الْكُتُبِ، فَقُلْتُ لَهُ بَعْدَ ذَلِكَ: هَلْ بَقِيَ مِنْ شَيْءٍ؟ قَالَ: امْضِ، أَخْزَاكَ اللَّهُ، فَمَا رَأَيْتُ قَطُّ شَرًّا مِنْكَ أَخْبَرَنَا أَبُو الْحَسَنِ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ، قَالَ: فِي كِتَابِي عَنِ الرَّبِيعِ بْنِ سُلَيْمَانَ، قَالَ: " اشْتَرَيْتُ لِلشَّافِعِيِّ طِيبًا بِدِينَارٍ، فَقَالَ لِي: مِمَّنِ اشْتَرَيْتَ؟ فَقُلْتُ: مِنْ ذَلِكَ الأَشْقَرِ الأَزْرَقِ، فَقَالَ: أَشْقَرُ أَزْرَقُ، رُدَّهُ، رُدَّهُ " أَخْبَرَنَا أَبُو الْحَسَنِ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ، قَالَ: وَأَخْبَرَنِي أَبِي، عَنِ الرَّبِيعِ بْنِ سُلَيْمَانَ، فِي هَذِهِ الْحِكَايَةِ بِزِيَادَةٍ، قَالَ: " سَمِعْتُ الشَّافِعِيَّ يَقُولُ: مَا جَاءَنِي خَيْرٌ قَطُّ مِنْ أَشْقَرَ " أَخْبَرَنَا أَبُو الْحَسَنِ، أَخْبَرَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِي أَبِي، حَدَّثَنَا حَرْمَلَةُ بْنُ يَحْيَى، قَالَ: " حَضَرْتُ الشَّافِعِيَّ، وَاشْتُرِيَ لَهُ طِيبٌ، فأُتِيَ بِهِ إِلَيْهِ، فَوَقَعَ فِيهِ كَلامٌ بَيْنَ يَدَيْهِ، فَقَالَ: مِمَّنِ اشْتُرِيَ هَذَا الطِّيبُ؟ مَا صِفَتُهُ؟ قَالُوا: أَشْقَرُ، قَالَ: رُدُّوهُ، فَمَا جَاءَنِي خَيْرٌ قَطُّ مِنْ أَشْقَرَ " الجزء: 1 ¦ الصفحة: 97 أَخْبَرَنَا أَبُو الْحَسَنِ، نا أَبُو مُحَمَّدٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِي أَبِي، ثَنا حَرْمَلَةُ بْنُ يَحْيَى، قَالَ: سَمِعْتُ الشَّافِعِيَّ يَقُولُ: «احْذَرِ الأَعْوَرَ، وَالأَحْوَلَ، وَالأَعْرَجَ، وَالأَحْدَبَ، وَالأَشْقَرَ، وَالْكَوْسَجَ، وَكُلَّ مَنْ بِهِ عَاهَةٌ فِي بَدَنِهِ، وَكُلَّ نَاقِصِ الْخَلْقِ، فَاحَذَرْهُ؛ فَإِنَّهُ صَاحِبُ الْتِوَاءٍ، وَمُعَامَلَتُهُ عَسِرَةٌ» . وَقَالَ الشَّافِعِيُّ مَرَّةً أُخْرَى: فَإِنَّهُمْ أَصْحَابُ خِبٍّ. قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ: إِنَّمَا يَعْنِي إِذَا كَانَ وِلادُهُمْ بِهَذِهِ الْحَالَةِ، فَأَمَّا مَنْ حَدَثَ فِيهِ شَيْءٌ مِنْ هَذِهِ الْعِلَلِ، وَكَانَ فِي الأَصْلِ صَحِيحَ التَّرْكِيبِ، لَمْ تَضُرَّ مُخَالَطَتُهُ أَنَا أَبُو الْحَسَنِ، أَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ، ثنا الرَّبِيعُ بْنُ سُلَيْمَانَ، قَالَ: سَمِعْتُ الشَّافِعِيَّ يَقُولُ: «مَا رَأَيْتُ سَمِينًا عَاقِلا قَطُّ، إِلا رَجُلا وَاحِدًا» الجزء: 1 ¦ الصفحة: 98 أنا أَبُو الْحَسَنِ، ثنا أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ الرَّحْمَنِ، قَالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ يَحْيَى الْمُزَنِيُّ: سَمِعْتُ الشَّافِعِيَّ يَقُولُ: «لَيْسَ مِنْ قَوْمٍ لا يُخْرِجُونَ نِسَاءَهُمْ إِلَى رِجَالِ غَيْرِهِمْ فِي التَّزْوِيجِ، وَلا رِجَالَهُمْ إِلَى نِسَاءِ غَيْرِهِمْ فِي التَّزْوِيجِ، إِلا جَاءَ أَوْلادُهُمْ حَمْقَى» الجزء: 1 ¦ الصفحة: 99 أنا أَبُو الْحَسَنِ، أَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ، ثنا الرَّبِيعُ بْنُ سُلَيْمَانَ، قَالَ: سَمِعْتُ الشَّافِعِيَّ يَقُولُ عَنْ رَجُلٍ ذَكَرَهُ: " لا يَصْلُحُ طَلَبُ الْعِلْمِ إِلا لِمُفْلِسٍ، فَقِيلَ: وَلا الْغَنِيُّ الْمَكْفِيُّ؟ فَقَالَ: وَلا الْغَنِيُّ الْمَكْفِيُّ " ثنا أَبُو الْحَسَنِ، أَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ، قَالَ: ثنا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الزُّهْرِيُّ ابْنُ أَخِي عَبْدِ اللَّهِ بْنِ وَهْبٍ، قَالَ: سَمِعْتُ الشَّافِعِيَّ يَقُولُ: «إِذَا رَأَيْتُمُ الْكِتَابَ فِيهِ إِلْحَاقٌ وَإِصْلاحٌ، فَاشْهَدُوا لَهُ بِالصِّحَّةِ» أنا أَبُو الْحَسَنِ، أنا أَبُو مُحَمَّدٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي الرَّبِيعُ بْنُ سُلَيْمَانَ، قَالَ: سَمِعْتُ الشَّافِعِيَّ يَقُولُ لِرَجُلٍ يُكَنَّى أَبَا الجزء: 1 ¦ الصفحة: 100 عَلِيٍّ، يُرِيدُ أَنْ يَحْفَظَ الْحَدِيثَ، وَيَكُونَ فَقِيهًا: «هَيْهَاتَ مَا أَبْعَدَكَ مِنْ ذَلِكَ» أنا أَبُو الْحَسَنِ، أنا أَبُو مُحَمَّدٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِي أَبِي، قَالَ: ثنا حَرْمَلَةُ بْنُ يَحْيَى، قَالَ: سَمِعْتُ الشَّافِعِيَّ يَقُولُ: «إِذَا أَرَدْتَ أَنْ تَعْرِفَ الرَّجُلَ أَكَاتِبٌ هُوَ؟ فَانْظُرْ أَيْنَ يَضَعُ دَوَاتَهُ؟ فَإِنْ وَضَعَهَا عَنْ شِمَالِهِ، أَوْ بَيْنَ يَدَيْهِ، فَاعْلَمْ أَنَّهُ لَيْسَ بِكَاتِبٍ» بَابُ مَا ذُكِرَ مِنْ مَعْرِفَةِ الشَّافِعِيِّ اللُّغَاتِ وَمَا فَسَّرَ مِنْ غَرِيبِ الْحَدِيثِ وَغَرِيبِ الْكَلامِ أَنَا أَبُو الْحَسَنِ، أَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ، ثنا الرَّبِيعُ بْنُ سُلَيْمَانَ، قَالَ: سَمِعْتُ عَبْدَ الْمَلِكِ بْنَ هِشَامٍ النَّحْوِيَّ، صَاحِبَ الْمَغَازِي، وَكَانَ بَصِيرًا بِالْعَرَبِيَّةِ، يَقُولُ: «الشَّافِعِيُّ مِمَّنْ تُؤْخَذُ عَنْهُ اللُّغَةُ» . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 101 أنا أَبُو الْحَسَنِ، أنا أَبُو مُحَمَّدٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ فِيمَا كَتَبَ إِلَيَّ، قَالَ: قَالَ أَبِي: «كَانَ الشَّافِعِيِّ رَحِمَهُ اللَّهُ مِنْ أَفْصَحَ النَّاسِ، وَكَانَ مَالِكٌ يُعْجِبُهُ قِرَاءَتُهُ؛ لأَنَّهُ كَانَ فَصِيحًا» أَنَا أبو الْحَسَنِ، قَالَ: ثنا عَبْدُ الرَّحْمَنِ، قَالَ: حُدِّثْتُ عَنْ أَبِي عُبَيْدٍ الْقَاسِمِ بْنِ سَلامٍ، قَالَ: «كَانَ الشَّافِعِيُّ مِمَّنْ يُؤْخَذُ عَنْهُ اللُّغَةُ، أَوْ مِنْ أَهْلِ اللُّغَةِ» ، الشَّكُّ مِنِّي. أنا أَبُو الْحَسَنِ، قَالَ: ثَنا عَبْدُ الرَّحْمَنِ، قَالَ: سَمِعْتُ الرَّبِيعَ بْنَ سُلَيْمَانَ يَقُولُ: «كَانَ الشَّافِعِيُّ عَرَبِيَّ النَّفْسِ، عَرَبِيَّ اللِّسَانِ. » أَخْبَرَنَا أَبُو الْحَسَنِ، أنا أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ الرَّحْمَنِ، قَالَ: قَالَ أَبِي: قَالَ َأَحْمَدُ بْنُ أَبِي سُرَيْجٍ: «مَا رَأَيْتُ أَحَدًا أَفْوَهَ وَلا أَنْطَقَ مِنَ الشَّافِعِيِّ» الجزء: 1 ¦ الصفحة: 102 أنا أَبُو الْحَسَنِ، أَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ، ثنا الرَّبِيعُ بْنُ سُلَيْمَانَ، قَالَ: قَالَ الشَّافِعِيُّ فِي قَوْلِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «نُهِيَ أَنْ تُصْبَرَ الْبَهَائِمُ» ، قَالَ: هِيَ أَنْ تُرْمَى بَعْدَ مَا تُؤْخَذُ أنا أَبُو الْحَسَنِ، أنا أَبُو مُحَمَّدٍ، ثنا الرَّبِيعُ بْنُ سُلَيْمَانَ، قَالَ: " سَمِعْتُ الشَّافِعِيَّ، وَذَكَرَ حَدِيثَ الاسْتِنْجَاءِ بِالرِّمَّةِ يَعْنِي حَدِيثَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " أَنَّهُ نَهَى عَنِ الرَّوْثِ وَالرِّمَّةِ أَنْ يُسْتَنْجَى بِهِمَا، فَقَالَ: الرِّمَّةُ هِيَ الْعَظْمُ الْبَالِي ". وَرَوَى هَذَا الْبَيْتَ: بِهِ جِيَفُ الْحَسْرَى فَأَمَّا عِظَامُهَا ... فَرَمٌّ وَأَمَّا لَحْمُهَا فَصَلِيبُ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 103 أَخْبَرَنَا أَبُو الْحَسَنِ، قَالَ: ثنا عَبْدُ الرَّحْمَنِ، قَالَ: " سَأَلْتُ أَبَا زُرْعَةَ، عَنْ تَفْسِيرِ حَدِيثِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أَنَّهُ «نَهَى أنْ يُسْتَنْجَى بِرَوْثٍ وَرِمَّةٍ» ، فَقُلْتُ: مَا الرِّمَّةُ؟ قَالَ: الْعَظْمُ الْبَالِي، فَنَزَعَ بِهَذِهِ الآيَةِ، قَالَ: {مَنْ يُحْيِي الْعِظَامَ وَهِيَ رَمِيمٌ} [يس: 78] أنا أَبُو الْحَسَنِ، أنا أَبُو مُحَمَّدٍ، ثنا الرَّبِيعُ بْنُ سُلَيْمَانَ، قَالَ: سَمِعْتُ الشَّافِعِيَّ يَقُولُ فِي حَدِيثِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي مَكَّةَ: «لا يُخْتَلَى خَلاهَا» ، فَقَالَ: الاخْتِلاءُ: الاحْتِشَاشُ قَطْعًا وَنَتْفًا " أَخْبَرَنَا أَبُو الْحَسَنِ، أنا أَبُو مُحَمَّدٍ، قَالَ: قَالَ الرَّبِيعُ بْنُ سُلَيْمَانَ: سُئِلَ الشَّافِعِيّ عَنِ اللِّمَاسِ، فَقَالَ: هُوَ اللَّمْسُ بِالْيَدِ، أَلا تَرَى أَنّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «نَهَى عَنِ الْمُلامَسَةِ» ؟ ! "، وَالْمُلامَسَةُ: أَنْ يَلْمِسَ الثَّوْبَ بِيَدِهِ لِيِشْتَرِيَهِ، وَلا يُقَلِّبَ. قَالَ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 104 الشَّافِعِيُّ: قَالَ الشَّاعِرُ: وَأَلْمَسْتُ كَفِّي كَفَّهُ أَطْلُبُ الْغِنَى ... وَلَمْ أَدْرِ أَنَّ الْجُودَ مِنْ كَفِّهِ يُعْدِي فَلا أَنَا مِنْهُ مَا أَفَادَ ذَوُو الْغِنَى ... أَفَدْتُ وَأَعْدَانِي فَبَدَّدْتُ مَا عِنْدِي أنا أَبُو الْحَسَنِ، أنا أَبُو مُحَمَّدٍ، قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبِي، ثنا حَرْمَلَةُ بْنُ يَحْيَى، قَالَ: سَمِعْتُ الشَّافِعِيَّ، يُفَسِّرُ حَدِيثَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «التَّسْبِيحُ لِلرِّجَالِ، وَالتَّصْفِيقُ لِلنِّسَاءِ» ، قَالَ: لأَنَّ صَوْتَ الْمَرْأَةِ يَفْتِنُ فِي غَيْرِ صَلاةٍ، فَكَرِهَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ تَكُونَ فِي الصَّلاةِ تَفْتِنُ النَّاسَ بِصَوْتِهَا أنا أَبُو الْحَسَنِ، أنا أَبُو مُحَمَّدٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي أَبِي، ثنا يُونُسُ بْنُ عَبْدِ الأَعْلَى، قَالَ: " سَمِعْتُ الشَّافِعِيَّ يَقُولُ، وَذَكَرَ حَدِيثَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «أَنَّهُ أَحْرَمَ يَنْتَظِرُ الْقَضَاءَ» ، أَيْ: مَا يُؤْمَرُ بِهِ " الجزء: 1 ¦ الصفحة: 105 أنا أَبُو الْحَسَنِ، أنا أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي حَاتِمٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ قِرَاءَةً عَلَيْهِ: أنا الشَّافِعِيُّ، ثنا إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ قُسْطَنْطِينَ يَعْنِي قَارِئَ مَكَّةَ، قَالَ: قَرَأْتُ عَلَى شِبْلٍ يَعْنِي ابْنَ عَبَّادٍ، وَأَخْبَرَ شِبْلٌ أَنَّهُ قَرَأَ عَلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ كَثِيرٍ، وَأَخْبَرَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ كَثِيرٍ أَنَّهُ قَرَأَ عَلَى مُجَاهِدٍ، وَأَخْبَرَ مُجَاهِدٌ أَنَّهُ قَرَأَ عَلَى ابْنِ عَبَّاسٍ، وَأَخْبَرَ ابْنُ عَبَّاسٍ أَنَّهُ قَرَأَ عَلَى أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ، وَقَرَأَ أُبَيُّ بْنُ كَعْبٍ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ". قَالَ الشَّافِعِيُّ: وَقَرَأْتُ عَلَى إِسْمَاعِيلَ بْنِ قُسْطَنْطِينَ، وَكَانَ يَقُولُ: الْقُرْآنُ اسْمٌ، وَلَيْسَ بِمَهْمُوزٍ، وَلَمْ يُؤْخَذْ مِنْ قَرَأْتُ، وَلَوْ أُخِذَ مِنْ قَرَأْتُ، كَانَ كُلُّ مَا الجزء: 1 ¦ الصفحة: 106 قُرِئَ قُرْآنًا، وَلَكِنَّهُ اسْمُ الْقُرْآنِ، مِثْلَ التَّوْراةِ وَالإِنْجِيلِ، وَكَانَ يَهْمِزُ قَرَأْتُ، وَلا يَهْمِزُ الْقُرَآنَ، كَانَ يَقُولُ: {وَإِذَا قَرَأْتَ الْقُرْءَانَ} [الإسراء: 45] " أَخْبَرَنَا أَبُو الْحَسَنِ، أنا أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ الرَّحْمَنِ، ثنا الرَّبِيعُ بْنُ سُلَيْمَانَ، قَالَ: قَالَ الشَّافِعِيُّ: ثنا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ، عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ، وَابْنِ طَاوُسٍ، عَنْ طَاوُسٍ، أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ، قَالَ: أُذَكِّرُ اللَّهَ امْرَأً سُمِعَ مِنَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْجَنِينِ شَيْئًا، فَقَامَ حَمَلُ بْنُ مَالِكِ بْنِ النَّابِغَةِ، فَقَالَ: «كُنْتُ بَيْنَ جَارَتَيْنِ لِي يَعْنِي الجزء: 1 ¦ الصفحة: 107 ضَرَّتَيْنِ، فَضَرَبَتْ إِحْدَاهُمَا الأُخْرَى بِمِسْطَحٍ، فَأَلْقَتْ جَنِينًا مَيِّتًا، فَقَضَى فِيهِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، بِغُرَّةٍ» أنا أَبُو الْحَسَنِ، ثنا عَبْدُ الرَّحْمَنِ، قَالَ: قَالَ الرَّبِيعُ: قَالَ الشَّافِعِيُّ: مِسْطَحٌ تَفْسِيرُهُ: عَمُودُ الْفُسْطَاطِ أنا أَبُو الْحَسَنِ، أنا عَبْدُ الرَّحْمَنِ، ثنا الرَّبِيعُ بْنُ سُلَيْمَانَ، قَالَ: قَالَ الشَّافِعِيُّ وَذَكَرَ الْقُرَى الْعَرَبِيَّةَ، فَقَالَ: «كَانَتِ الْيَهُودُ فِي قُرَى الْعَرَبِ، وَالْعَرَبُ حَوْلَهُمْ وَهِيَ فَدَكُ وَخَيْبَرُ، وَهِيَ قُرَى الْيَهُودِ، بَنَوْهَا فِي بِلادِ الْعَرَبِ، وَهِيَ أَشْرَافُ الْعَرَبِ، لأَنَّ الْعَرَبَ كَثِيرَةُ الْمَطْلَبِ» . قَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ: يَعْنِي الْقُرَى الَّتِي أَفَاءَ اللَّهُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِلا خَيْلٍ، وَلا رِكَابٍ " أنا أَبُو الْحَسَنِ، أنا أَبُو مُحَمَّدٍ، أنا الْحَسَنُ بْنُ عَرَفَةَ، ثنا إِسْمَاعِيلُ بْنُ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 108 عُلَيَّةَ، عَنْ أَيُّوبَ، عَنْ عِكْرِمَةَ بْنِ خَالِدٍ، عَنْ مَالِكِ بْنِ أَوْسِ بْنِ الْحَدَثَانِ، قَالَ: «جَاءَ الْعَبَّاسُ وَعَلِيٌّ عَلَيْهِمَا السَّلامُ إِلَى عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ يَخْتَصِمَانِ» ، وَذَكَرَ الْحَدِيثَ. قَالَ الزُّهْرِيُّ: قَالَ عُمَرُ: قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: {وَمَا أَفَاءَ اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ مِنْهُمْ فَمَا أَوْجَفْتُمْ عَلَيْهِ مِنْ خَيْلٍ وَلا رِكَابٍ} [الحشر: 6] ، فَهَذِهِ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَاصَّةً، قُرًى عَرَبِيَّةً: فَدَكُ، وَكَذَا وَكَذَا أَخْبَرَنَا أَبُو الْحَسَنِ، أنا أَبُو مُحَمَّدٍ، ثنا أَحْمَدُ بْنُ عَمْرِو بْنِ أَبِي عَاصِمٍ، ثنا إِبْرَاهِيمُ يَعْنِي ابْنَ مُحَمَّدٍ الشَّافِعِيَّ، ثنا ابْنُ عُيَيْنَةَ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 109 حُسَيْنٍ، فِي قِصَّةِ صَفِيَّةَ، وَذَكَرَ الْحَدِيثَ الَّذِي ثنا مُحَمَّدُ بْنُ الْوَزِيرِ الْوَاسِطِيُّ، ثَنا سُفْيَانُ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ، أَنّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ مُعْتَكِفًا، فَأَتَتْهُ صَفِيَّةُ، فَلَمَّا ذَهَبَتْ تَرْجِعُ مَشَى النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَعَهَا، فَأَبْصَرَهُ رَجُلٌ مِنَ الأَنْصَارِ، فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِنَّهَا صَفِيَّةُ، وَإِنَّ الشَّيْطَانَ يَجْرِي مِنِ ابْنِ آدَمَ مَجْرَى الدَّمِ» . فَقَالَ الشَّافِعِيُّ: هَذَا مِنَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى الأَدَبِ، لا عَلَى التُّهْمَةِ أنا أَبُو الْحَسَنِ، أنا أَبُو مُحَمَّدٍ، قَالَ: فِي كِتَابِي عَنِ الْمُزَنِيِّ، قَالَ: أنا مُحَمَّدُ بْنُ إِدْرِيسَ الشَّافِعِيُّ، عَنْ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 110 عَلْقمَةَ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: «بَيْنَمَا أَنَا أَنْزِعُ عَلَى بِئْرٍ أَسْقِي فِي النَّوْمِ، جَاءَنِي ابْنُ أَبِي قُحَافَةَ، فَنَزَعَ ذَنُوبًا أَوْ ذَنُوبَيْنِ، وَفِيمَا ضُعْفٌ، وَاللَّهُ يَغْفِرُ لَهُ، ثُمَّ جَاءَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ، فَنَزَعَ حَتَّى اسْتَحَالَتْ فِي يَدِهِ غَرْبًا، فَضَرَبَ النَّاسُ بِعَطَنٍ، فَلَمْ أَرَ عَبْقَرِيًّا يَفْرِي فَرْيَهُ» . زَادَ مُسْلِمٌ الزِّنْجِيُّ فِي حَدِيثِهِ: «فَأَرْوَى الظَّمِئَةَ، وَضَرَبَ النَّاسُ بِعَطَنٍ» . قَالَ الشَّافِعِيُّ: قَوْلُهُ: وَفِي نَزْعِهِ ضَعْفٌ، يَعْنِي قِصَرَ مُدَّتِهِ، وَعَجَلَةَ مَوْتِهِ، وَشَغْلَهُ بِالْحَرْبِ لأَهْلِ الرِّدَّةِ، عَنِ افْتِتَاحِ الْمُدُنِ، وَالتَّزَيُّدِ: الَّذِي بَلَغَهُ عُمَرُ فِي طُولِ مُدَّتِهِ. وَقَوْلُهُ لِعُمَرَ: فَاسْتَحَالَتْ غَرْبًا، وَالْغَرْبُ: الدَّلْوُ الْعَظِيمُ الَّذِي إِنَّمَا تَنْزِعُهُ الدَّابَّةُ أَوِ الزُّرْنُوقُ، وَلا يَنْزِعُهُ الرَّجُلُ لِطُولِ مُدَّتِهِ، وَتَزَيُّدِهِ فِي الْإِسْلامِ، لَمْ يَزَلْ يَعْظُمُ أَمْرُهُ بِذَلِكَ، وَمَتَاحَتُهُ لِلْمُسْلِمِينَ، كَمَا تَمْتَحُ الدَّلْوُ الْعَظِيمُ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 111 أَخْبَرَنَا أَبُو الْحَسَنِ، أنا أَبُو مُحَمَّدٍ، ثنا أَبِي، ثنا حَرْمَلَةُ بْنُ يَحْيَى، قَالَ: سَمِعْتُ الشَّافِعِيَّ، يَقُولُ: «أَصْحَابُ الْعَرَبِيَّةِ جِنُّ الإِنْسِ، يُبْصِرُونَ مَا لا يُبْصِرُ غَيْرُهُمْ» أَنَا أبو الْحَسَنِ، أنا أَبُو مُحَمَّدٍ، قَالَ: قُرِئَ عَلَى بَحْرِ بْنِ نَصْرٍ الْخَوْلانِيِّ الْمِصْرِيِّ، قَالَ: قَالَ الشَّافِعِيُّ فِي قَوْلِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «أَقِرُّوا الطَّيْرَ عَلَى مَكِنَاتِهَا» . قَالَ: إِنَّ عِلْمَ الْعَرَبِ كَانَ فِي زَجْرِ الطَّيْرِ وَالْبَوَارِحِ، وَالْخَطِّ وَالاعْتِيَافِ، فَكَانَ أَحَدُهُمْ إِذَا غَدَا مِنْ مَنْزِلِهِ يُرِيدُ أَمْرًا، نَظَرَ أَوَّلَ طَائِرٍ يَرَاهُ، فَإِنْ سَنَحَ عَنْ يَسَارِهِ، فَاجْتَازَ عَنْ يَمِينِهِ، قَالَ: هَذَا طَيْرُ الأَيَامِنِ، فَمَضَى فِي حَاجَتِهِ، وَرَأَى أَنَّهُ مُسْتَنْجِحُهَا، وَإِنْ سَنَحَ عَنْ يَمِينَهَ، فَمَرَّ عَنْ يَسَارِهِ، قَالَ: هَذَا طَيْرُ الأَشَائِمِ، فَرَجَعَ، الجزء: 1 ¦ الصفحة: 112 وَقَالَ: هَذِهِ حَاجَةٌ مَشْئُومَةٌ. قَالَ الْحُطَيْئَةُ، يَمْدَحُ أَبَا مُوسَى الأَشْعَرِيَّ: لا يَزْجُرُ الطَّيْرَ شُحًّا إِنْ عَرَضْنَ لَهُ ... وَلا يُفِيضُ عَلَى قِسْمٍ بِأَزْلامِ. قَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ: قُلْتُ أنا: يَعْنِي أَنَّهُ سَلَكَ طَرِيقَ الإِسْلامِ فِي التَّوَكُّلِ عَلَى اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ، وَتَرْكِ زَجْرِ الطَّيْرِ. وَقَالَ بَعْضُ شُعَرَاءِ الْعَرَبِ، يَمْدَحُ نَفْسَهُ: وَلا أَنَا مِمَّنْ يَزْجُرُ هَمُّهُ ... أَصَاحَ غُرَابٌ أَمْ تَعَرَّضَ ثَعْلَبٌ. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 113 قَالَ الشَّافِعِيُّ: وَكَانَتِ الْعَرَبُ فِي الْجَاهِلِيَّةِ إِذَا لَمْ يَرَ طَائِرًا سَانِحًا، فَرَأَى طَائِرًا فِي وَكْرِهِ حَرَّكَهُ مِنْ وَكْرِهِ لِيَطِيرَ، فَيَنْظُرُ أَيَسْلُكُ طَرِيقَ الأَشَائِمِ؟ أَوْ طَرِيقَ الأَيَامِنِ؟ ، فَيُشْبِهُ قَوْلُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «أَقِرُّوا الطَّيْرَ عَلَى مَكِنَاتِهَا» ، أَيْ: لا تُحَرِّكُوهَا، فَإِنَّ تَحْرِيكَهَا وَمَا تَعْمَلُونَهُ، مِنَ الطِّيَرَةِ لا يَصْنَعُ شَيْئًا، إِنَّمَا يَصْنعُ فِيمَا تَوَجَّهُونَ بِهِ، قَضَاءُ اللَّهِ تَعَالَى. وَسُئِلَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنِ الطِّيَرةِ، فَقَالَ: «إِنَّمَا ذَلِكَ شَيْءٌ يَجِدُهُ أَحَدُكَ فِي نَفْسِهِ، فَلا يَصُدَّنَّكُمْ» أنا أَبُو الْحَسَنِ، أنا أَبُو مُحَمَّدٍ، قَالَ: قُرِئَ عَلَى بَحْرِ بْنِ نَصْرٍ الْخَوْلانِيِّ قَالَ الشَّافِعِيُّ: وَالْعَقِيقَةُ: مَا عُرِفَ لِلنَّاسِ، وَهُوَ ذَبْحٌ كَانَ يُذْبَحُ فِي الجاهلية عَنِ الْمَوْلُودِ، فَأَمَرَ بِهِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الإِسْلامِ، وَقَدْ كَرِهَ مِنْهُ الاسْمَ. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 114 فَقَالَ زَيْدُ بْنُ أَسْلَمَ فِي حَدِيثِهِ: سُئِلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنِ الْعَقِيقَةِ، فَقَالَ: " لا أُحِبُّ الْعُقُوقَ، وَكَأَنَّهُ كَرِهَ الاسْمَ، فَقَالَ: مَنْ وُلِدَ لَهُ وَلَدٌ، فَأَحَبَّ أَنْ يَنْسِكَ عَنْهُ، فَلْيَفْعَلْ " أَخْبَرَنَا أَبُو الْحَسَنِ، أنا أَبُو مُحَمَّدٍ، قَالَ: قُرِئَ عَلَى بَحْرِ بْنِ نَصْرٍ الْخَوْلانِيِّ، قَالَ: قَالَ الشَّافِعِيُّ فِي تَفْسِيرِ الْفَرَعَةِ: هُوَ شَيْءٌ كَانَ أَهْلُ الْجَاهِلِيَّةِ يَطْلُبُونَ بِهِ الْبَرَكَةَ فِي أَمْوَالِهِمْ، فَكَانَ أَحَدُهُمْ يَذْبَحُ بِكْرَ نَاقَتِهِ، يَعْنِي: أَوَّلَ نِتَاجٍ تَأْتِي بِهِ أَوْ شَاتِهِ، وَلا يَغْذُوهُ، رَجَاءَ الْبَرَكَةِ فِيمَا يَأْتِي بَعْدَهُ، فَسَأَلُوا النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْهُ، فَقَالَ: «فَرِّعُوا إِنْ شِئْتُمْ» . أَيِ: اذْبَحُوا إِنْ شِئْتُمْ. وَكَانُوا يَسْأَلُونَهُ عَمَّا كَانُوا يَصْنَعُونَ فِي الْجَاهِلِيَّةِ خَوْفًا أَنْ يُكْرَهَ فِي الإِسْلامِ، فأعلَمَهُمْ أَنَّهُ لا مَكْرُوهَ عَلَيْهِمْ فِيهِ، وَأَمَرَهُمُ اخْتِيَارًا أَنْ يُغَذُّوهُ، ثُّمَ يَحْمِلُونَ عَلَيْهِ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 115 فِي سَبِيلِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ، قَالَ: «الْفَرَعَةُ حَقٌّ» . يَعْنِي: أَنَّهَا لَيْسَتْ بِبَاطِلٍ، وَلَكِنَّهُ كَلامٌ عَرَبِيٌّ يَخْرُجُ عَلَى جَوَابِ السَّائِلِ. قَالَ الشَّافِعِيُّ: يُرْوَى عَنْهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أَنَّهُ قَالَ: «لا فَرَعَةَ، وَلا عَتِيرَةَ» . وَلَيْسَ هَذَا بِاخْتِلافٍ مِنَ الرِّوَايَةِ، وَإنَّما هُوَ: لا فَرَعةَ واجِبةٌ، ولا عَتِيرَةَ واجِبةٌ. وَالْحَدِيثُ الآخَرُ يَدُلُّ عَلَى مَعْنَى [ذَا [أَنَّهُ أَبَاحَ الذَّبْحَ، وَاخْتَارَ لَهُ أَنْ يُعْطِيَهُ أَرْمَلَةً، أَوْ يَحْمِلَ عَلَيْهِ فِي سَبِيلِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ. وَالْعَتِيرَةُ هِيَ: الرَّجَبِيَّةُ، وَهِيَ ذَبِيحَةٌ كَانَ أَهْلُ الْجَاهِلِيَّةِ يَتَبَرَّرُونَ بِهَا، يَذْبَحُونَهَا فِي رَجَبٍ، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لا عَتِيرَةَ» ، عَلَى مَعْنَى: لا عَتِيرَةَ لازِمَةٌ، وَقَوْلُهُ حِينَ سُئِلَ عَنِ الْعَتِيرَةِ: «اذْبَحُوا لَهُ، فِي أَيِّ شَهْرٍ مَا كَانَ، وَبِرُّوا لِلَّهِ عَزَّ وَجَلَّ وَأَطْعِمُوا» . أَيِ: اذْبَحُوا إِنْ شِئْتُمْ، وَاجْعَلُوا الذَّبْحَ لِلَّهِ عَزَّ وَجَلَّ، لا لِغَيْرِهِ، وَفِي أَيِّ شَهْرٍ مَا كَانَ، لا أَنَّهَا فِي رَجَبٍ، دُونَ مَا سِوَاهُ مِنَ الشُّهُورِ أنا أَبُو الْحَسَنِ، أنا أَبُو مُحَمَّدٍ، ثنا الرَّبِيعُ بْنُ سُلَيْمَانَ، قَالَ: قَالَ الشَّافِعِيُّ: الرَّوْعُ: الفَزَعُ، وَالرُّوعُ: الْقَلْبُ، بِضَمِّ الرَّاءِ. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 116 يَعْنِي تَفْسِيرَ حَدِيثِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أَنَّهُ قَالَ: «إِنَّ الرُّوحَ الأَمِينَ، نَفَثَ فِي رَوْعِي أَنَّ حَرَامًا عَلَى كُلِّ نَفْسٍ أَنْ تَخْرُجَ مِنَ الدُّنْيَا حَتَّى تَسْتَوْفِيَ رِزْقَهَا، فَأَجْمِلُوا فِي الطَّلَبِ» أنا أَبُو الْحَسَنِ، أنا أَبُو مُحَمَّدٍ، ثنا أَبِي، ثَنا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ، قَالَ: قَالَ الشَّافِعِيُّ: مَعْنَى حَدِيثِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «حَدِّثُوا عَنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ، وَلا حَرَجَ» . أَيْ: لا بَأْسَ أَنْ تُحَدِّثُوا عَنْهُمْ مِمَّا سَمِعْتُمْ، وَإِنِ اسْتَحَالَ أَنْ يَكُونَ فِي هَذِهِ الأُمَّةِ، مِثْلُ مَا رُوِيَ أَنَّ ثِيَابَهُمْ تَطُولُ، وَالنَّارَ الَّتِي تَنْزِلُ مِنَ السَّمَاءِ، فَتَأْكُلُ الْقُرْبَانَ، لَيْسَ أَنْ يُحَدَّثَ عَنْهُمْ بِالْكَذِبِ، وَمَا لا يُرْوَى أَخْبَرَنَا أَبُو الْحَسَنِ، ثنا أَبُو مُحَمَّدٍ، ثنا أَبِي، قَالَ: حَدَّثَنَا حَرْمَلَةُ بْنُ يَحْيَى، قَالَ: سَمِعْتُ سُفْيَانَ بْنَ عُيَيْنَةَ، يَقْولُ فِي تَفْسِيرِ حَدِيثِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لَيْسَ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 117 مِنَّا مَنْ لَمْ يَتَغَنَّ بِالْقُرْآنِ» ، قَالَ: يَسْتَغْنِي بِهِ أنا أَبُو الْحَسَنِ، ثنا أَبُو مُحَمَّدٍ، قَالَ: قُرِئَ عَلَى الرَّبِيعِ بْنِ سُلَيْمَانَ، قَالَ: قَالَ الشَّافِعِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ، فِي حَدِيثِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لَيْسَ مِنَّا مَنْ لَمْ يَتَغَنَّ بِالْقُرْآنِ» ، قَالَ: يَقْرَؤُهُ حَدْرًا وَتَحْزِينًا أنا أَبُو الْحَسَنِ، ثنا أَبُو مُحَمَّدٍ، ثنا أَبِي، ثنا حَرْمَلَةُ، قَالَ: سَمِعْتُ الشَّافِعِيَّ يَقُولُ: فِي حَدِيثِ عَائِشَةَ، حَيْثُ قَالَ لَهَا النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «وَاشْتَرِطِي لَهُمُ الْوَلاءَ» . مَعْنَاهُ: اشْتَرِطِي عَلَيْهِمُ الْوَلاءَ، قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: {أُولَئِكَ لَهُمُ اللَّعْنَةُ} [الرعد: 25] ، يَعْنِي: عَلَيْهِمْ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 118 أنا أَبُو الْحَسَنِ، ثنا أَبُو مُحَمَّدٍ، ثنا الرَّبِيعُ بْنُ سُلَيْمَانَ، قَالَ: قَالَ الشَّافِعِيُّ فِي حَدِيثِ الأَنْفِ: «إِذَا أُوعِيَ جَدْعًا» ، الْجَدْعُ: الْقَطْعُ مَا ذُكِرَ مِنْ مُنَاظَرَةِ الشَّافِعِيِّ لِمُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ وَغَيْرِهِ أنا أَبُو الْحَسَنِ، أنا أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي حَاتِمٍ فِيمَا قُرِئَ عَلَيْهِ وَأَنَا أَسْمَعُ، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ، قَالَ: سَمِعْتُ الشَّافِعِيَّ يَقُولُ: قَالَ لِي مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ: أَيُّهُمَا أَعْلَمُ: صَاحِبُنَا أَوْ صَاحِبُكُمْ؟ ، يَعْنِي: مَالِكًا وَأَبَا حَنِيفَةَ. قُلْتُ: عَلَى الإِنْصَافِ؟ قَالَ: نَعَمْ. قُلْتُ: فَأَنْشُدُكَ اللَّهَ، مَنْ أَعْلَمُ بِالْقُرْآنِ: صَاحِبُنَا أَوْ صَاحِبُكُمْ؟ قَالَ: صَاحِبُكُمْ، يَعْنِي مَالِكًا. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 119 قُلْتُ: فَمَنْ أَعْلَمُ بِالسُّنَّةِ: صَاحِبُنَا أَوْ صَاحِبُكُمْ؟ قَالَ: اللَّهُمَّ صَاحِبُكُمْ. قُلْتُ: فَأَنْشُدُكَ اللَّهَ، مَنْ أَعْلَمُ بِأَقَاوِيلِ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَالْمُتَقَدِّمِينَ: صَاحِبُنَا أَوْ صَاحِبُكُمْ؟ قَالَ: صَاحِبُكُمْ. قَالَ الشَّافِعِيُّ: قُلْتُ: فَلَمْ يَبْقَ إِلا الْقِيَاسُ، وَالْقِيَاسُ لا يَكُونُ إِلا عَلَى هَذِهِ الأَشْيَاءِ، فَمَنْ لَمْ يَعْرِفِ الأُصُولَ عَلَى أَيِّ شَيْءٍ يِقِيسُ؟ ! أنا أَبُو الْحَسَنِ، أنا أَبُو مُحَمَّدٍ، ثنا أَبِي، ثنا يُونُسُ بْنُ عَبْدِ الأَعْلَى، قَالَ: سَمِعْتُ الشَّافِعِيَّ يَقُولُ: «نَاظَرْتُ مُحَمَّدَ بْنَ الْحَسَنِ يَوْمًا، فَاشْتَدَّتْ مُنَاظَرَتِي إِيَّاهُ، فَجَعَلَتْ أَوْدَاجُهُ تَنْتَفِخُ، وَأَزْرَارُهُ تَنْقَطِعُ، زِرًّا زِرًّا» أنا أَبُو الْحَسَنِ، أنا أَبُو مُحَمَّدٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي أَبُو بِشْرِ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ حَمَّادٍ الدَّوْلابِيُّ نَزِيلُ مِصْرَ، ثنا أَبُو بَكْرِ بْنُ إِدْرِيسَ يَعْنِي كَاتِبَ الْحُمَيْدِيِّ، قَالَ: سَمِعْتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ الزُّبَيْرِ بْنِ عِيسَى الْقُرَشِيَّ الْحُمَيْدِيَّ، قَالَ: قَالَ الشَّافِعِيُّ: " كَتَبْتُ كُتُبَ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ، وَعَرَفْتُ قَوْلَهُمْ، وَكَانَ إِذَا قَامَ نَاظَرْتُ أَصْحَابَهُ، فَقَالَ لِي ذَاتَ يَوْمٍ فِي الْغَضْبِ: بَلَغَنِي أَنَّكَ تُخَالِفُنَا. قُلْتُ: إِنَّمَا ذَلِكَ شَيْءٌ أَقُولُهُ عَلَى الْمُنَاظَرَةِ، فَقَالَ: قَدْ بَلَغَنِي غَيْرُ هَذَا، فَنَاظِرْنِي. فَقُلْتُ: إِنِّي أُجِلُّكَ وَأَرْفَعُكَ عَنِ الْمُنَاظَرَةِ، فَقَالَ: لابُدَّ مِنْ ذَلِكَ، فَلَمَّا أَبَي قُلْتُ: هَاتِ ". قَالَ: مَا تَقُولُ فِي رَجُلٍ غَصَبَ مِنْ رَجُلٍ سَاجَةً، فَبَنَى عَلَيْهَا بِنَاءً، أَنْفَقَ عَلَيْهَا الجزء: 1 ¦ الصفحة: 120 أَلْفَ دِينَارٍ، فَجَاءَ سَاحِبُ السَّاجَةِ، فَثَبَّتَ بِشَاهِدَيْنِ عَدْلَيْنِ أَنَّ هَذَا اغْتَصَبَهُ هَذِهِ السَّاجَةَ، وَبَنَى عَلَيْهَا هَذَا الْبِنَاءَ، مَا كُنْتَ تَحْكُمُ فِيهَا؟ قُلْتُ: أَقُولُ لِصَاحِبِ السَّاجَةِ: يَجِبُ أَنْ تَأْخُذَ قِيمَتَهَا، فَإِنْ رَضِيَ حَكَمْتُ لَهُ بِالْقِيمَةِ، وَإِنْ أَبَى إِلا سَاجَتَهُ، قَلَعْتُ الْبِنَاءَ وَرَدَدْتُ سَاجَتَهُ. فَقَالَ لِي: مَا تَقُولُ فِي رَجُلٍ غَصَبَ مِنْ رَجُلٍ خَيْطَ إبْرَيْسَمٍ، فَخَاطَ بِهِ بَطْنَهُ، فَجَاءَ صَاحِبُ الْخَيْطِ، فَثَبَّتَ بِشَاهِدَيْنِ عَدْلَيْنِ أَنَّ هَذَا اغْتَصَبَهُ هَذَا الْخَيْطَ، فَخَاطَ بِهِ بَطْنَهُ، أَكُنْتَ تَنْزِعُ الْخَيْطَ مِنْ بَطْنِهِ؟ ! فَقُلْتُ: لا. قَالَ: اللَّهُ أَكْبَرُ، تَرَكْتَ قَوْلَكَ. وَقَالَ أَصْحَابُهُ: تَرَكْتَ قَوْلَكَ. فَقُلْتُ: لا تَعْجَلُوا، أَخْبِرُونِي لَوْ أَنَّهُ لَمْ يَغْصِبِ السَّاجَةَ مِنْ أَحَدٍ، وَأَرَادَ أَنْ يَقْلَعَ هَذَا الْبِنَاءَ عَنْهَا، وَيَبْنِيَ غَيْرَهُ، أَمُبَاحٌ لَهُ؟ أَمْ مُحَرَّمٌ عَلَيْهِ؟ قَالُوا: بَلْ مُبَاحٌ لَهُ. قُلْتُ: أَفَرَأَيْتَ لَوْ كَانَ الْخَيْطُ خَيْطَ نَفْسِهِ، فَأَرَادَ أَنْ يَنْزِعَ هَذَا الْخَيْطَ مِنْ بَطْنِهِ، أَمُبَاحٌ ذَلِكَ لَهُ؟ أَمْ مُحَرَّمٌ عَلَيْهِ؟ ! قَالُوا: بَلْ مُحَرَّمٌ عَلَيْهِ. قُلْتُ: فَكَيْفَ تَقِيسُ مُبَاحًا عَلَى مُحَرَّمٍ؟ ! ثُمَّ قَالَ: أَرَأَيْتَ لَوْ أَنَّ رَجُلا اغْتَصَبَ مِنْ رَجُلٍ لَوْحَ سَاجَةٍ، أَدْخَلَهُ فِي سَفِينَتِهِ، وَلَجَّجَ فِي الْبَحْرِ، فَثَبَّتَ صَاحِبُ اللَّوْحِ بِشَاهِدَيْنِ عَدْلَيْنِ أَنَّ هَذَا اغْتَصَبَهُ هَذَا اللَّوحَ، وَأَدْخَلَهُ فِي سَفِينَتِهِ، أَكُنْتَ تَنْزِعُ اللَّوْحَ مِنَ السَّفِينَةِ؟ ! قُلْتُ: لا. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 121 قَالَ: اللَّهُ أَكْبَرُ، تَرَكْتَ َقوْلَكَ، وَقَالَ أَصْحَابُهُ: تَرَكْتَ قَوْلَكَ. فَقُلْتُ: أَرَأَيْتَ لَوْ كَانَ اللَّوْحُ لَوْحَ نَفْسِهِ، ثُمَّ أَرَادَ أَنْ يَنْزِعَ ذَلِكَ اللَّوْحَ مِنَ السَّفِينَةِ، حَالَ كَوْنِهَا فِي لُجَّةِ الْبَحْرِ، أَمُبَاحٌ ذَلِكَ لَهُ؟ أَمْ مُحَرَّمٌ عَلَيْهِ؟ قَالَ: مُحَرَّمٌ عَلَيْهِ. قَالَ: وَكَيْفَ يَصْنَعُ صَاحِبُ السَّفِينَةِ؟ قُلْتُ: آمُرُهُ أَنْ يُقَرِّبَ سَفِينَتَهُ إِلَى أَقْرَبِ الْمَرَاسِي إِلَيْهِ، مَرْسَى لا يَهْلِكُ فِيهِ هُوَ وَلا أَصْحَابُهُ، ثُمَّ أَنْزِعُ اللَّوْحَ، وَأَدْفَعُهُ إِلَى صَاحِبِهِ، وَأَقُولُ لَهُ: أَصْلِحْ سَفِينَتَكَ وَاذْهَبْ. قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ، فِيمَا يَحْتَجُّ بِهِ: أَلَيْسَ قَدْ قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لا ضَرَرَ، وَلا إِضْرَارَ؟ !» . قُلْتُ: هُوَ أَضَرَّ بِنَفْسِهِ، لَمْ يُضِرَّ بِهِ أَحَدٌ. ثُمَّ قُلْتُ لَهُ: مَا تَقُولُ فِي رَجُلٍ اغْتَصَبَ مِنْ رَجُلٍ جَارِيَةً، فَأَوْلَدَهَا عَشَرَةً، كُلُّهُمْ قَدْ قَرَءُوا الْقُرْآنُ، وَخَطَبُوا عَلَى الْمَنَابِرِ، وَقَضَوْا بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ، فَثَبَّتَ صَاحِبُ الْجَارِيَةِ بِشَاهِدَيْنِ عَدْلَيْنِ أَنَّ هَذَا اغْتَصَبَهُ هَذِهِ الْجَارِيَةَ، وَأَوْلَدَهَا هَؤُلاءِ الأَوْلادَ، فَنَشَدْتُكَ اللَّهَ، مَا كُنْتَ تَحْكُمُ؟ . قَالَ: كُنْتُ أَحْكُمُ بِأَوْلادِهِ، رَقِيقًا لِصَاحِبِ الْجَارِيَةِ، وَأَرُدُّ الْجَارِيَةَ عَلَيْهِ. فَقُلْتُ: رَحِمَكَ اللَّهُ، أَيُّهُمَا أَعْظَمُ ضَرَرًا: أَنْ رَدَدْتَ أَوْلادَهُ رَقِيقًا؟ أَوْ أَنْ قَلَعْتَ عَنِ السَّاجَةِ؟ فِي مَسَائِلَ نَحْوِ هَذِهِ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 122 أنا أَبُو الْحَسَنِ، أنا أَبُو مُحَمَّدٍ، قَالَ: وَحدَّثَني أَبِي، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ، ثنا الشَّافِعِيُّ، قَالَ: " ذَكَرْتُ لِمُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ الدُّعَاءَ فِي الصَّلاةِ، فَقَالَ لِي: لا يَجُوزُ أَنْ يُدْعَى فِي الصَّلاةِ مِنَ الدُّعَاءِ إِلا بِمَا فِي الْقُرْآنِ، أَوْ مَا أَشْبَهَهُ ". فَقُلْتُ لَهُ: فَإِنْ قَالَ رَجُلٌ: أَطْعِمْنِي قِثَّاءً وَبَصلا وَعَدَسًا، أَوِ ارْزُقْنِي ذَلِكَ أَوْ أَخْرِجْهُ لِي مِنْ أَرْضِي، أَيَجُوزُ ذَلِكَ؟ قَالَ: لا. قُلْتُ: فَهَذَا فِي الْقُرْآنِ، فَإِنْ كُنْتَ إِنَّمَا تُجِيزُ مَا فِي الْقُرْآنِ خَاصَّةً، فَهَذَا فِي الْقُرْآنِ، وَإِنْ كُنْتَ تُجِيزُ غَيْرَ ذَلِكَ، فَلِمَ حَظَرْتَ شَيْئًا، وَأَبَحْتَ شَيْئًا؟ ! قَالَ: فَمَا تَقُولُ أَنْتَ؟ فَقُلْتُ: كُلُّ مَا جَازَ لِلْمَرْءِ أَنْ يَدْعُوَ اللَّهَ بِهِ فِي غَيْرِ صَلاةٍ، فَجَائِزٌ أَنْ يَدْعُوَ اللَّهَ بِهِ فِي صَلاتِهِ، بَلْ أَسْتَحِبُّ ذَلِكَ لَهُ؛ لأَنَّهُ مَوْضِعٌ يُرْجَى سُرْعَةُ الإِجَابَةِ فِيهِ، وَإِنَّمَا الصَّلاةُ الْقِرَاءَةُ وَالدُّعَاءُ، وَإِنَّمَا نُهِيَ عَنِ الْكَلامِ أَنْ يُكَلِّمَ الآدَمِيُّونَ بَعْضُهُمْ بَعْضًا، فِي غَيْرِ أَمْرِ الصَّلاةِ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 123 أنا أَبُو الْحَسَنِ، أنا أَبُو مُحَمَّدٍ، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ رَوْحٍ، قَالَ: سَمِعْتُ الزُّبَيْرَ بْنَ سُلَيْمَانَ الْقُرَشِيَّ، يَذْكُرُ عَنِ الشَّافِعِيِّ، قَالَ: «كُنْتُ أَجْلِسُ إِلَى مُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ الْفَقِيهِ، فَأَصْبَحَ ذَاتَ يَوْمٍ، فَجَعَلَ يَذْكُرُ الْمَدِينَةَ وَيَذُمُّ أَهْلَهَا، وَيَذْكُرُ أَصْحَابَهُ وَيَرْفَعُ مِنْ أَقْدَارِهِمْ، وَيَذْكُرُ أَنَّهُ وَضَعَ عَلَى أَهْلِ الْمَدِينَةِ كِتَابًا، لَوْ عَلِمَ أَحَدًا يَنْقُضُ أَوْ يَنْقُصُ مِنْهُ حَرْفًا، تَبْلُغُهُ أَكْبَادُ الإِبِلِ، لَصَارَ إِلَيْهِ» . فَقُلْتُ: يَا أَبَا عَبْدِ اللَّهِ، أَرَاكَ قَدْ أَصْبَحْتَ تَهْجُو الْمَدِينَةَ، وَتَذُمُّ أَهْلَهَا، فَلَئِنْ كُنْتَ أَرَدْتَهَا، فَإِنَّهَا لَحَرَمُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَمْنُهُ، سَمَّاهَا اللَّهُ طَابَةَ، وَمِنْهَا خُلِقَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَبِهَا قَبْرُهُ، وَلَئِنْ أَرَدْتَ أَهْلَهَا، فَهُمْ أَصْحَابُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَصْهَارُهُ وَأَنْصَارُهُ، الَّذِينَ مَهَّدُوا الإِيمَانَ، وَحَفِظُوا الْوَحْيَ، وَجَمَعُوا السُّنَنَ، وَلَئِنْ أَرَدْتَ مَنْ بَعْدَهُمْ أَبْنَاءَهُمْ وَتَابِعِيهِمْ بِإِحْسَانٍ، فَأَخْيَارُ هَذِهِ الأُمَّةِ، وَلَئِنْ أَرَدْتَ رَجُلا وَاحِدًا وَهُوَ مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ، فَمَا عَلَيْكَ لَوْ ذَكَرْتَهُ، وَتَرَكْتَ الْمَدِينَةَ. فَقَالَ: مَا أَرَدْتُ إِلا مَالِكَ بْنَ أَنَسٍ. فَقُلْتُ: لَقَدْ نَظَرْتُ فِي كِتَابِكَ الَّذِي وَضَعْتَهُ عَلَى أَهْلِ الْمَدِينَةِ، فَوَجَدْتُ فِيهِ خَطَأً. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 124 فَقُلْتَ فِي رَجُلَيْنِ تَدَاعَيَا جِدَارًا، وَلا بَيِّنَةَ بَيْنَهُمَا، إِنَّ الْجِدَارَ لِمَنْ يَلِيهِ الْقُمُطُ، وَمَعَاقِدُ اللِّبِنِ. وَقُلْتَ فِي الرِّفَافِ يَدَّعِيهَا السَّاكِنُ وَرَبُّ الْحَانُوتِ: إِنْ كَانَتْ مُلْزَقةً فَهِيَ لِلسَّاكِنِ، وَإِنْ كَانَتْ مَبْنِيَّةً فَهِيَ لِرَبِّ الْحَانُوتِ. وَقُلْتَ فِي امْرَأَةٍ جَادَتْ بِوَلَدٍ، فَأَنْكَرَ الزَّوْجُ وَقَالَ: اسْتَعَرْتِهِ، وَلَمْ تَلِدِنِيهِ: إِنَّكَ تَقْبَلُ فِيهَا شَهَادَةَ الْقَابِلَةِ وَحْدَهَا. وَرَدَدْتَ عَلَيْنَا الشَّاهِدَ وَالْيَمِينَ، وَهِيَ سُنَّةُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَالْخُلَفَاءِ، وَقَوْلِ الْحُكَّامِ عِنْدَنَا بِالْمَدِينَةِ، وَأَنْتَ تَقُولُ هَذَا بِرَأْيِكَ، وَتَرُدُّ عَلَيْنَا السُّنَنَ، وَعَدَدْتَ عَلَيْهِ الأَحْكَامَ الَّتِي خَالَفَهَا ". وَكَانَ عَلَى الدَّارِ هَرْثَمَةُ، فَكَتَبَ الْخَبَرَ، وَدَخَلَ عَلَى الْخَلِيفَةِ، فَقَرَأَ عَلَيْهِ الْخَبَرَ، فَقَالَ الْخَلِيفَةُ: أَكَانَ يَأْمَنُ مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ أَنْ يَقْطَعَهُ رَجُلٌ مِنْ بَنِي عَبْدِ مَنَافٍ؟ ! فَاخْرُجْ إِلَى الشَّافِعِيِّ، وَأَقْرِئْهُ سَلامِي، وَقُلْ لَهُ: إِنَّ أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ قَدْ أَمَرَ لَكَ بِخَمْسَةِ آلافِ دِينَارٍ، وَعَجَّلَهَا لَكَ مِنْ بَيْتِ مَالِ الْحَضَرَةِ. قَالَ: فَخَرَجَ هَرْثَمَةُ، وَأَقْرَأَنِي سَلامَهُ، وَقَالَ: إِنَّ أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ قَدْ أَمَرَ لَكَ بِخَمْسَةِ آلافِ دِينَارٍ، وَقَالَ هَرْثَمَةُ: لَوْلا أَنَّ أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ لا يُسَاوَى لأَمَرْتُ لَكَ بِمِثْلِهَا، وَلَكِنِ الْقَ غُلامِي، فَاقْبِضْ مِنْهُ أَرْبَعَةَ آلافِ دِينَارٍ. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 125 فَقَالَ يَعْنِي الشَّافِعِيَّ: جَزَاكَ اللَّهُ خَيْرًا، لَوْلا أَنِّي لا أَقْبَلُ جَائِزَةً إِلا مِمَّنْ هُوَ فَوْقِي لَقَبِلْتُ جَائِزَتَكَ، وَلَكِنْ عَجِّلْ لِي مَا أَمَرَ بِهِ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ، فَحُمِلَ إِلَيْهِ الْمَالُ. قَالَ: ثُمَّ جَاءَنِي هَرْثَمَةُ، فَقَالَ: تَأَهَّبْ لِلدُّخُولِ عَلَى أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ، مَعَ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ، فَدَخَلْنَا عَلَيْهِ، وَأَخَذْنَا مَجَالِسَنَا، فَقُلْتُ لِمُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ: مَا تَقُولُ فِي الْقَسَامةِ؟ قَالَ: اسْتِفْهَامٌ، قُلْتُ: تَزْعُمُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَحْتَاجُ أَنْ يَسْتَفْهِمَ يَهُودَ؟ وَجَرَى بَيْنَنَا كَلامٌ، وَخَرَجْنَا مِنْ عِنْدِهِ أنا أَبُو الْحَسَنِ، أنا أَبُو مُحَمَّدٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِي أَبِي، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ، قَالَ: أنا الشَّافِعِيُّ، قَالَ: " حَضَرْتُ مَجْلِسًا فِيهِ جَمَاعَةٌ، فِيهِمْ رَجُلٌ يُقَالُ لَهُ: سُفْيَانُ بْنُ سَخْبَانَ، فَقُلْتُ لِيَحْيَى بْنِ الْبَنَّاءِ وَكَانَ حَاضِرًا: كَيْفَ فِقْهُ هَذَا؟ فَقَالَ لِي: هُوَ حَسَنُ الإِشَارَةِ بِالأَصَابِعِ، ثُمَّ قَالَ لِي: تُحِبُّ أَنْ تَسْمَعَهُ؟ قُلْتُ: نَعَمْ ". فَقَالَ: يَا أَبَا فُلانٍ، رَأَيْتَ شَيْئًا أَعْجَبَ مِنْ إِخْوَانِنَا مِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ، فِي قَضَايَاهُمْ بِالْيَمِينِ مَعَ الشَّاهِدِ؟ إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ أَمَرَ بِشَاهِدَيْنِ فَنَصَّ عَلَى الجزء: 1 ¦ الصفحة: 126 الْقَضِيَّةِ، ثُمَّ قَالَ: {فَإِنْ لَمْ يَكُونَا رَجُلَيْنِ فَرَجُلٌ وَامْرَأَتَانِ مِمَّنْ تَرْضَوْنَ مِنَ الشُّهَدَاءِ} [البقرة: 282] ، ثُمَّ أَكَّدَ ذَلِكَ، فَقَالَ: {أَنْ تَضِلَّ إِحْدَاهُمَا فَتُذَكِّرَ إِحْدَاهُمَا الأُخْرَى} [البقرة: 282] ، فَبَيَّنَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ أَنَّهُ لا تَتِمُّ الشَّهَادَةُ إِلا بِرَجُلَيْنِ وَامْرَأَتَيْنِ، فَقَالُوا: يُقْضَى بِرَجُلٍ وَاحِدٍ وَيَمِينِ صَاحِبِ الْحَقِّ؟ ! فَقَالَ: نَعَمْ، إِنَّهُمْ يَقُولُونَ مِنْ هَذَا، مَا هُوَ خِلافُ الْقُرْآنِ. فَقَالَ لَهُ يَحْيَى: احْتَجُّوا، فَقَالُوا: إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَعْلَمُ بِمَعْنَى كِتَابِ اللَّهِ، وَقَدْ رَوَوْا عَنْهُ أَنَّهُ قَضَى بِالْيَمِينِ مَعَ الشَّاهِدِ، وَرَوَوْا ذَلِكَ عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ عَلَيْهِ السَّلامُ. فَقَالَ ابْنُ سَخْبَانَ: لا يُقْبَلُ هَذَا مِنَ الرُّوَاةِ، وَهُوَ خِلافُ الْقُرْآنِ. فَقَالَ يَحْيَى: فَمَا تَقُولُ فِيمَنْ تَزَوَّجَ امْرَأَةً، وَدَخَلَ بِهَا، وَأَغْلَقَ عَلَيْهَا بَابًا، وَأَرْخَى سِتْرًا، ثُمَّ فَارَقَهَا، وَأَقَرَّ جَمِيعًا أَنَّهُمَا لَمْ يَتَمَاسَّا؟ ". فَقَالَ: عَلَيْهِ الصَّدَاقُ. فَقَالَ لَهُ يَحْيَى أَوْ فَقُلْتُ: فَإِنَّهُمْ يَقُولُونَ: إِنَّ اللَّهَ تَعَالَى قَدْ قَالَ فِي كِتَابِهِ: {وَإِنْ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَمَسُّوهُنَّ وَقَدْ فَرَضْتُمْ لَهُنَّ فَرِيضَةً فَنِصْفُ مَا فَرَضْتُمْ} [البقرة: 237] ، وَأَنْتَ تَجْعَلُ عَلَيْهِ الْكُلَّ؟ . فَقَالَ: قَالَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ عَلَيْهِ السَّلامُ ذَلِكَ، وَهُوَ أَعْلَمُ بِمَعْنَى الْكِتَابِ. فَقَالَ لَهُ يَحْيَى: فَلَمْ تَرَ لِلْقَوْمِ حُجَّةً، وَقَدْ رَوَوْا ذَلِكَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَهُوَ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 127 الْمُبَيِّنُ عَنِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ مَعْنَى مَا أَرَادَ، وَرَوَوْا ذَلِكَ عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ عَلَيْهِ السَّلامُ، وَرَأَيْتَ لِنَفْسِكَ حُجَّةً، بِمَا رَوَيْتَ عَنْ عُمَرَ عَلَيْهِ السَّلامُ؟ ! فَلَمْ يَكُنْ عِنْدَهُ فِي ذَلِكَ شَيْءٌ أنا أَبُو الْحَسَنِ عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ مَرْدَكَ بْنِ أَحْمَدَ الْبَرْدَعِيُّ الْبَزَّازُ، أنا أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي حَاتِمٍ الرَّازِيُّ، قَالَ: أَخْبَرَنِي أَبُو مُحَمَّدٍ السِّجِسْتَانِيُّ نَزِيلُ مَكَّةَ فِيمَا كَتَبَ إِلَيَّ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ خَالِدٍ أَبِي ثَوْرٍ، قَالَ: قَالَ لِيَ الشَّافِعِيُّ: قَالَ لِيَ الْفَضْلِ بْنُ الرَّبِيعِ: أُحِبُّ أَنْ أَسْمَعَ مُنَاظَرَتَكَ لِلْحَسَنِ بْنِ زِيَادٍ اللُّؤْلُؤِيِّ، قَالَ الشَّافِعِيُّ: قُلْتُ: لَيْسَ اللُّؤْلُؤِيُّ فِي هَذَا الْحَدِّ، وَلَكِنْ أُحْضِرُ بَعْضَ أَصْحَابِي، حَتَّى يُكَلِّمَهُ بِحَضْرَتِكَ، فَقَالَ: أَوْ ذَاكَ. قَالَ أَبُو ثَوْرٍ: فَحَضَرَ الشَّافِعِيُّ، وَأَحْضَرَ مَعَهُ رَجُلا مِنْ أَصْحَابِنَا، كُوفِيًّا كَانَ يَنْتَحِلُ قَوْلَ أَبِي حَنِيفَةَ، وَصَارَ مِنْ أَصْحَابِنَا. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 128 فَلَمَّا دَخَلَ اللُّؤْلُؤِيُّ: أَقْبَلَ الْكُوفِيُّ عَلَيْهِ، وَالشَّافِعِيُّ حَاضِرٌ بِحَضْرَةِ الْفَضْلِ بْنِ الرَّبِيعِ، فَقَالَ لَهُ: إِنَّ أَهْلَ الْمَدِينَةِ يُنْكِرُونَ عَلَى أَصْحَابِنَا بَعْضَ قَوْلِهِمْ، وَأُرِيدُ أَنْ أَسْأَلَ عَنْ مَسْأَلَةٍ مِنْ ذَلِكَ. فَقَالَ اللُّؤْلُؤِيُّ: سَلْ. فَقَالَ لَهُ: مَا تَقُولُ فِي رَجُلٍ قَذَفَ مُحْصَنَةً، وَهُوَ فِي الصَّلاةِ؟ فَقَالَ: صَلاتُهُ فَاسِدَةٌ. فَقَالَ لَهُ: فَمَا حَالُ طَهَارَتِهِ؟ فَقَالَ: طَهَارَتُهُ بِحَالِهَا، وَلا يَنْقُضُ قَذْفُهُ طَهَارَتَهُ. فَقَالَ لَهُ: فَمَا تَقُولُ إِنْ ضَحِكَ فِي صَلاتِهِ؟ . قَالَ: يُعِيدُ الطَّهَارَةَ وَالصَّلاةَ. فَقَالَ لَهُ: فَقَذْفُ الْمُحْصَنَةِ فِي الصَّلاةِ أَيْسَرُ مِنَ الضَّحِكِ فِيهَا؟ ! فَقَالَ لَهُ: وَقَفْنَا فِي هَذَا، ثُمَّ وَثَبَ فَمَضَى، فَاسْتَضْحَكَ الْفَضْلُ بْنُ الرَّبِيعِ، فَقَالَ لَهُ الشَّافِعِيُّ: أَلَمْ أَقُلْ لَكَ، إِنَّهُ لَيْسَ فِي هَذَا الْحَدِّ أنا عَبْدُ الرَّحْمَنِ، ثنا الرَّبِيعُ بْنُ سُلَيْمَانَ الْمُرَادِيُّ، قَالَ: سَمِعْتُ الشَّافِعِيَّ يَقُولُ: «أَبُو حَنِيفَةَ يَضَعُ أَوَّلَ الْمَسْأَلَةِ خَطَأً، ثُمَّ يَقِيسُ الْكِتَابَ كُلَّهُ عَلَيْهَا» أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ، قَالَ: ثَنا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ، قَالَ: قَالَ لِي مُحَمَّدُ بْنُ إدْرِيسَ الشَّافِعِيُّ: «نَظَرْتُ فِي كُتُبٍ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 129 لأَصْحَابِ أَبِي حَنِيفَةَ، فَإِذَا فِيهَا مِائَةٌ وَثَلاثُونَ وَرَقَةً، فَعَدَدْتُ مِنْهَا ثَمَانِينَ وَرَقَةً، خِلافَ الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ» . قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ: لأَنَّ الأَصْلَ كَانَ خَطَأً، فَصَارَتِ الْفُرُوعُ مَاضِيَةً عَلَى الْخَطَأِ أنا عَبْدُ الرَّحْمَنِ، قَالَ أَبِي: ثنا هَارُونُ بْنُ سَعِيدٍ الأَيْلِيُّ، قَالَ: سَمِعْتُ الشَّافِعِيَّ يَقُولُ: «ما أَعْلَمُ أَحَدًا وَضَعَ الْكُتُبَ أَدَلَّ عَلَى عَوَارِ قَوْلِهِ مِنْ أَبِي حَنِيفَةَ» أَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ، ثنا أَحْمَدُ بْنُ سِنَانٍ الْوَاسِطِيُّ، قَالَ: سَمِعْتُ مُحَمَّدَ بْنَ إِدْرِيسَ الشَّافِعِيَّ، يَقُولُ: «مَا أُشَبِّهُ رَأْيَ أَبِي حَنِيفَةَ إِلا بِخَيْطِ سَحَّارَةٍ، تَمُدُّهُ هَكَذَا فَيَجِيءُ أَصْفَرَ، وَتَمُدُّهُ هَكَذَا فَيَجِيءُ أَخْضَرَ» أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ، ثنا أَحْمَدُ بْنُ سِنَانٍ مَرَّةً أُخْرَى، قَالَ: سَمِعْتُ الشَّافِعِيَّ يَقُولُ: «مَا أُشَبِّهُ أَصْحَابَ الرَّأْيِ إِلا بِخَيْطِ سَحَّارَةٍ، تَمُدُّهُ هَكَذَا فَيَجِيءُ أَصْفَرَ، وَتَمُدُّهُ هَكَذَا فَيَجِيءُ أَخْضَرَ» أنا أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي حَاتِمٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِي الرَّبِيعُ بْنُ سُلَيْمَانَ، قَالَ: سَمِعْتُ الشَّافِعِيَّ يَقُولُ: " كَانَ أَبُو حَنِيفَةَ إِذَا أَخْطَأَ فِي الْمَسْأَلَةِ، قَالَ لَهُ أَصْحَابُهُ: جَرْمَزْتَ " الجزء: 1 ¦ الصفحة: 130 أنا أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ الرَّحْمَنِ، حَدَّثَنَا أَبِي، حَدَّثَنَا الرَّبِيعُ بْنُ سُلَيْمَانَ، قَالَ: سَمِعْتُ الشَّافِعِيَّ يَقُولُ: «كَانَ أَبُو يُوسُفَ قَلاسًا» أنا أَبُو مُحَمَّدٍ، ثنا أَبِي، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ، قَالَ: سَمِعْتُ الشَّافِعِيَّ يَقُولُ: " كَانَ مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ يَقُولُ: سَمِعْتُ مِنْ مَالِكٍ سَبْعَ مِائَةِ حَدِيثٍ وَنَيِّفًا إِلَى الثَّمَانِ مِائَةِ لَفْظًا، وَكَانَ أَقَامَ عِنْدَهُ ثَلاثَ سِنِينَ أَوْ شَبِيهًا بِثَلاثِ سِنِينَ ". وَكَانَ إِذَا وَعَدَ النَّاسَ أَنْ يُحَدِّثَهُمْ عَنْ مَالِكٍ امْتَلأَ الْمَوْضِعُ الَّذِي هُوَ فِيهِ، وَكَثُرَ النَّاسُ عَلَيْهِ، وَإِذَا حَدَثَّ عَنْ غَيْرِ مَالِكٍ، لَمْ يَأْتِهِ إِلا النَّفَرُ الْيَسِيرُ، فَقَالَ لَهُمْ: لَوْ أَرَادَ أَحَدٌ أَنْ يَعِيبَكُمْ بِأَكْثَرَ مِمَّا تَفْعَلُونَ، مَا قَدَرَ عَلَيْهِ، إِذَا حَدَّثْتُكُمْ عَنْ أَصْحَابِكُمْ، فَإِنَّمَا يَأْتِي النَّفِيرُ، أَعْرِفُ فِيكُمُ النَّكَارَةَ، وَإِذَا حَدَّثْتُكُمْ عَنْ مَالِكٍ امْتَلأَ الْمَوْضِعُ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 131 أَخْبَرَنِي أَبُو مُحَمَّدٍ، قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبِي، ثنا حَرْمَلَةُ بْنُ يَحْيَى، قَالَ: سَمِعْتُ الشَّافِعِيَّ يَقُولُ: " رَأَيْتُ أَبَا حَنِيفَةَ فِي النَّوْمِ، عَلَيْهِ ثِيَابٌ وَسِخَةٌ رَثَّةٌ، فَقَالَ: مَا لِيَ وَلَكَ؟ " أنا أَبُو مُحَمَّدٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِي أَبُو مُحَمَّدٍ الْبُسْتِيُّ السِّجِسْتَانِيُّ نَزِيلُ مَكَّةَ فِيمَا كَتَبَ إِلَيَّ، عَنْ أَبِي ثَوْرٍ، قَالَ: سَمِعْتُ الشَّافِعِيَّ يَقُولُ: " نَاظَرْتُ بِشْرًا المَرِيسِيَّ فِي الْقُرْعَةِ، فَقَالَ: الْقُرْعَةُ قِمَارٌ ". فَذَكَرْتُ مَا دَارَ بَيْنِي وَبَيْنَهُ لأَبِي الْبَخْتَرِيِّ، وَكَانَ قَاضِيًا، فَقَالَ: إِيتِنِي بِآخَرَ يَشْهَدُ مَعَكَ، حَتَّى أَضْرِبَ عُنُقَهُ أنا أَبُو مُحَمَّدٍ، ثنا أَبُو مُحَمَّدٍ الْبُسْتِيُّ، عَنْ أَبِي ثَوْرٍ، قَالَ: وَسَمِعْتُ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 132 الشَّافِعِيَّ يَقُولُ: قُلْتُ لِبِشْرٍ الْمَرِيسِيِّ: " مَا تَقُولُ فِي رَجُلٍ قُتِلَ، وَلَهُ أَوْلِيَاءٌ صِغَارٌ وَكِبَارٌ، هَلْ لِلأَكَابِرِ أَنْ يَقْتُلُوا دُونَ الأَصَاغِرِ؟ فَقَالَ: لا ". فَقُلْتُ لَهُ: فَقَدْ قَتَلَ الْحَسَنُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ ابْنَ مُلْجَمٍ، وَلِعَلِيٍّ أَوْلادٌ صِغَارٌ؟ فَقَالَ: أَخْطَأَ الْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ. فَقُلْتُ لَهُ: أَمَا كَانَ جَوَابٌ أَحْسَنُ مِنْ هَذَا اللَّفِظِ؟ ! قَالَ: وَهَجَرْتُهُ مِنْ يَوْمِئِذٍ مَا رُوِيَ فِي مُنَاظَرَةِ الشَّافِعِيِّ إِسْحَاقَ بْنَ رَاهَوَيْهِ أنا أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ الرَّحْمَنِ، ثنا أَحْمَدُ بْنُ سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ النَّيْسَابُورِيُّ، قَالَ: سَمِعْتُ إِسْحَاقَ بْنَ إِبْرَاهِيمَ يَعْنِي ابْنَ رَاهَوَيْهِ يَقُولُ: " نَاظَرْتُ الشَّافِعِيَّ بِمَكَّةَ، فِي كِرَى بُيُوتِ مَكَّةَ، فَاحْتَجَّ بِالْحَدِيثِ: هَلْ تَرَكَ عَقِيلٌ لَنَا مِنْ ظِلٍّ؟ ! ". الجزء: 1 ¦ الصفحة: 133 فَقُلْتُ لَهُ فِيمَا كُنْتُ أَحْتَجُّ بِهِ عَلَيْهِ: كَيْفَ جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ عِنْدَكَ؟ فَقَالَ: ثِقَةٌ، كَتَبْنَا عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ أَبِي يَحْيَى عِنْدَ الْعِمَارَةِ حَدِيثًا عَنْهُ، فَقُلْتُ: حَدَّثَنِي حَفْصُ بْنُ غِيَاثٍ الْقَاضِي، عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ، وَسَرَدْتُ الْبَابَ فِي الْكَرَاهِيَةِ فِي كِرَى بُيُوتِ مَكَّةَ. فَلَمَّا فَرَغْتُ نَظَرَ الشَّافِعِيُّ إِلَيَّ، وَقَدِ احْمَرَّتْ عَيْنَاهُ وَوَجْنَتَاهُ، وَاخْتَلَطَ، فَقَالَ لِي: يَا خُرَاسَانِيُّ، لَوْ كُنْتُ مِثْلَكَ، كُنْتُ أَحْتَاجُ أَنْ أُسَلْسَلَ. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 134 قَالَ إِسْحَاقُ: وَمَا رَأَيْتُ رَجُلا، كُنْتُ إِذَا حَرَّكْتُهُ يَأْتِي بِإِبْرَاهِيمَ بْنِ أَبِي يَحْيَى وَدُونَهُ إِلا الشَّافِعِيَّ، فَقُلْتُ لَهُ: وَفِي الدُّنْيَا أَحَدٌ يَحْتَجُّ بِإِبْرَاهِيمَ بْنِ أَبِي يَحْيَى؟ ! ، أَوْ فَقُلْتُ: مَنْ إِبْرَاهِيمُ بْنُ أَبِي يَحْيَى؟ وَهَلْ يُحْتَجُّ بِمِثْلِهِ؟ ! أنا أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ الرَّحْمَنِ، ثنا صَالِحُ بْنُ َأَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ، قَالَ: قَالَ أَبِي: «جَلَسْتُ أَنَا وَإِسْحَاقُ بْنُ رَاهَوَيْهِ يَوْمًا إِلَى الشَّافِعِيِّ، فَنَاظَرَهُ إِسْحَاقُ فِي السُّكْنَى بِمَكَّةَ، فَعَلا إِسْحَاقُ يَوْمَئَذٍ الشَّافِعِيَّ» أنا أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ الرَّحْمَنِ، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ بْنِ رَاهَوَيْهِ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبِي، يَقُولُ: " اجْتَمَعْتُ مَعَ الشَّافِعِيِّ بِمَكَّةَ، فَسَمِعْتُهُ يَسْأَلُ عَنْ كِرَى بُيُوتِ مَكَّةَ، فَقُلْتُ لَهُ: أَسْأَلُكَ هَذِهِ الْمَسْأَلَةَ، لا أُجَاوِزُ بِكَ إِلَى غَيْرِهَا ". قَالَ: ذَاكَ أَقْدَرُ لَكَ " الجزء: 1 ¦ الصفحة: 135 أَخْبَرَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ الرَّحْمَنِ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا إِسْمَاعِيلَ التِّرْمِذِيَّ بِمَكَّةَ سَنَةَ سِتِّينَ وَمِائَتَيْنِ، فَحَدَّثَنَا بِأَحَادِيثَ عَنْ أَيُّوبَ بْنِ سُلَيْمَانَ بْنِ بِلالٍ. وَقَالَ أَبُو إِسْمَاعِيلَ التِّرْمِذِيُّ: سَمِعْتُ إِسْحَاقَ بْنَ رَاهَوَيْهِ يَقُولُ: «جَالَسْتُ الشَّافِعِيَّ بِمَكَّةَ، فَتَذَاكَرْنَا فِي كِرَى بُيُوتِ مَكَّةَ، وَكَانَ يُرَخِّصُ فِيهِ، وَكُنْتُ لا أُرَخِّصُ فِيهِ، فَذَكَرَ الشَّافِعِيُّ حَدِيثًا، وَسَكَتَ، وَأَخَذْتُ أَنَا فِي الْبَابِ أَسْرُدُ» . فَلَمَّا فَرَغْتُ مِنْهُ، قُلْتُ لِصَاحِبٍ لِي مِنْ أَهْلِ بْنِ مَرْوَ بِالْفَارِسِيَّةِ: مَرْدَكَ مَا لا نِيسْت قَرْيةٌ بِمَرْوَ، فَعَلِمَ أَنِّي رَاطَنْتُ صَاحِبِي بِسَيِّئٍ هُجْنَةٍ فِيهِ، فَقَالَ لِي: أَتُنَاظِرُ؟ قُلْتُ: وَلِلْمُنَاظَرَةِ جِئْتُ. قَالَ: قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: {لِلْفُقَرَاءِ الْمُهَاجِرِينَ الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ} [الحشر: 8] ، نَسَبَ الدَّارَ إِلَى مَالِكِهَا؟ أَوْ غَيْرِ مَالِكِهَا؟ وَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمَ فَتْحِ مَكَّةَ: «مَنْ أَغْلَقَ بَابَهُ فَهُوَ آمِنٌ، وَمَنْ دَخَلَ دَارَ أَبِي سُفْيَانَ فَهُوَ آمِنٌ، وَ» هَلْ تَرَكَ عَقِيلٌ لَنَا مِنْ رِبَاعٍ "، نَسَبَ الدَّارَ إِلَى أَرْبَابِهَا؟ أَوْ غَيْرِ أَرْبَابِهَا؟ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 136 وَقَالَ لِي: اشْتَرَى عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ دَارَ السِّجْنِ مِنْ مَالِكٍ، أَوْ مِنْ غَيْرِ مَالِكٍ؟ فَلَمَّا عَلِمْتُ أَنَّ الْحُجَّةَ قَدْ لَزِمَتْنِي قُمْتُ مَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ فِي أَهْلِ الْكَلامِ وَسَائِرِ أَهْلِ الأَهْوَاءِ أنا أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ الرَّحْمَنِ، ثنا يُونُسُ بْنُ عَبْدِ الأَعْلَى الْمِصْرِيُّ، قَالَ: سَمِعْتُ الشَّافِعِيَّ، يَقُولُ: «لأَنْ يُبْتَلَى الْعَبْدُ بِكُلِّ مَا نَهَى اللَّهُ عَنْهُ سِوَى الشِّرْكِ، خَيْرٌ لَهُ مِنَ الْكَلامِ، وَلَقَدِ اطَّلَعْتُ مِنْ أَصْحَابِ الْكَلامِ عَلَى شَيْءٍ، مَا ظَنَنْتُ أَنَّ مُسْلِمًا يَقُولُ ذَلِكَ» أنا أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ الرَّحْمَنِ، وَثنا يُونُسُ بْنُ عَبْدِ الأَعْلَى مَرَّةً أُخْرَى، فَقَالَ: قَالَ لِيَ الشَّافِعِيُّ: «يَعْلَمُ اللَّهُ يَا أَبَا مُوسَى، لَقَدِ اطَّلَعْتُ مِنْ أَصْحَابِ الْكَلامِ عَلَى شَيْءٍ لَمْ أَظُنَّهُ يَكُونُ، وَلأَنْ يُبْتَلَى الْمَرْءُ بِكُلِّ ذَنْبٍ نَهَى اللَّهُ عَنْهُ، مَا عَدَا الشِّرْكَ بَهُ، خَيْرٌ لَهُ مِنَ الْكَلامِ» الجزء: 1 ¦ الصفحة: 137 أنا أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي حَاتِمٍ الرَّازِيُّ، أَنَا الرَّبِيعُ بْنُ سُلَيْمَانَ الْمُرَادِيُّ، قَالَ: " رَأَيْتُ الشَّافِعِيَّ وَهُوَ نَازِلٌ مِنَ الدَّرَجَةِ، وَقَوْمٌ فِي الْمَجْلِسِ يَتَكَلَّمُونَ بِشَيْءٍ مِنَ الْكَلامِ، فَصَاحَ، فَقَالَ: إِمَّا أَنْ تُجَاوِرُونَا بِخَيْرٍ، وَإِمَّا أَنْ تَقُومُوا عَنَّا " أنا أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ الرَّحْمَنِ، قَالَ: ثنا أَبِي، قَالَ: سَمِعْتُ يُونُسَ بْنَ عَبْدِ الأَعْلَى رَحِمَهُ اللَّهُ، قَالَ: قُلْتُ لِلشَّافِعِيِّ: تَرْوِي يَا أَبَا عَبْدِ اللَّهِ مَا كَانَ يَقُولُ فِيهِ صَاحِبُنَا؟ أُرِيدُ اللَّيْثَ َأَوْ غَيْرِهِ، كَانَ يَقُولُ: لَوْ رَأَيْتَهُ يَمْشِي عَلَى الْمَاءِ، يَعْنِي: صَاحِبَ الْكَلامِ لا تَثِقْ بِهِ أَوْ لا تَغْتَرَّ بِهِ، وَلا تُكَلِّمْهُ ". قَالَ الشَّافِعِيُّ: فَإِنَّهُ وَاللَّهِ قَدْ قَصَّرَ إِنْ رَأَيْتَهُ يَمْشِي فِي الْهَوَاءِ، فَلا تَرْكَنْ إِلَيْهِ. قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ: إِنِّي قَدْ سَمِعْتُهُ مِنْ يُونُسَ، وَلَمْ أَجِدْهُ مَكْتُوبًا عِنْدِي، فَأَنَا أَرْوِيهِ عَنْ أَبِي، إِلَى أَنْ أَقَعَ عَلَيْهِ فِي كِتَابِي الجزء: 1 ¦ الصفحة: 141 أنا أَبُو مُحَمَّدٍ، ثنا الرَّبِيعُ بْنُ سُلَيْمَانَ، قَالَ: حَضَرْتُ الشَّافِعِيَّ، وَكَلَّمَهُ رَجُلٌ فِي الْمَسْجِدِ الْجَامِعِ، فَطَالَتْ مُنَاظَرَتُهُ إِيَّاهُ، فَخَرَجَ الرَّجُلُ إِلَى شَيْءٍ مِنَ الْكَلامِ، فَقَالَ لَهُ: دَعْ هَذَا، فَإِنَّ هَذَا مِنَ الْكَلامِ ". قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ: قَالَ الْحَسَنُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ الْجَرَوِيُّ: كَانَ الشَّافِعِيُّ يَنْهَى النَّهْيَ الشَّدِيدَ عَنِ الْكَلامِ فِي الأَهْوَاءِ، وَيَقُولُ أَحَدُهُمْ إِذَا خَالَفَهُ صَاحِبُهُ، قَالَ: كَفَرْتَ، وَالْعِلُمُ إِنَّمَا يُقَالُ فِيهِ: أَخْطَأْتَ أنا أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي حَاتِمٍ، قَالَ: ثَنا َأَحْمَدُ بْنُ أَصْرَمَ الْمُزَنِيُّ مِنْ وَلدِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْمُغَفَّلِ، قَالَ: قَالَ أَبُو ثَوْرٍ: سَمِعْتُ الشَّافِعِيَّ، الجزء: 1 ¦ الصفحة: 142 يَقُولُ: ما تَرَدَّى أَحَدٌ بِالْكَلامِ، فَأَفْلَحَ أنا أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ الرَّحْمَنِ، حَدَّثَنَا أَبِي، قَالَ: حَدَّثَنِي أَحْمَدُ بْنُ خَالِدٍ الْخَلالُ، قَالَ: سَمِعْتُ الشَّافِعِيَّ، يَقُولُ: مَا كَلَّمْتُ رَجُلا فِي بِدْعَةٍ، إِلا رَجُلا كَانَ يَتَشَيَّعُ أنا أَبُو مُحَمَّدٍ، ثنا أَبِي، قَالَ: أَخْبَرَنِي يُونُسُ بْنُ عَبْدِ الأَعْلَى، قَالَ: سَمِعْتُ الشَّافِعِيَّ، يَقُولُ: قَالَتْ لِي أُمُّ بِشْرٍ الْمَرِيسِيِّ: كَلِّمِ الْمَرِيسِيَّ، أَنْ يَكُفَّ عَنِ الْكَلامِ وَالْخَوْضِ فِيهِ، فَكَلَّمْتُهُ فِي ذَلِكَ، فَدَعَانِي إِلَى الْكَلامِ أنا أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ الرَّحْمَنِ، ثنا الرَّبِيعُ بْنُ سُلَيْمَانَ، قَالَ: أَخْبَرَنِي مَنْ سَمِعَ الشَّافِعِيَّ، يَقُولُ: لأَنْ يَلْقَى اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ الْمَرْءُ، بِكُلِّ ذَنْبٍ، مَا خَلا الشِّرْكَ بِاللَّهِ تَبَارَكَ وَتَعَالَى، خَيْرٌ لَهُ أنْ يَلْقَاهُ بِشَيْءٍ مِنَ الأَهْوَاءِ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 143 أنا أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ الرَّحْمَنِ، ثنا أَبِي، قَالَ: أَخْبَرَنِي حَرْمَلَةُ بْنُ يَحْيَى، قَالَ: سَمِعْتُ الشَّافِعِيَّ، يَقُولُ: لَمْ أَرَ أَحَدًا مِنْ أَصْحَابِ الأَهْوَاءِ، أَشْهَدُ بِالزُّورِ مِنَ الرَّافِضَةِ ثنا أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ الرَّحْمَنِ، حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ الْمَعْرُوفُ بِأَبِي بَكْرٍ الصَّوَّافِ بِمِصْرَ، وَعِصَامُ بْنُ الْفَضْلِ الرَّازِيُّ، قَالا: سَمِعْنَا إِسْمَاعِيلَ بْنَ يَحْيَى الْمُزَنِيُّ، قَالَ: كَانَ مَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ الْكَرَاهِيَةَ فِي الْخَوْضِ فِي الْكَلامِ وَقَالَ عَلانُ بْنُ الْمُغِيرَةِ الْمِصْرِيُّ: سَمِعْتُ الْمُزَنِيَّ، يَقُولُ: كَانَ الشَّافِعِيُّ يَنْهَانَا عَنِ الْخَوْضِ فِي الْكَلامِ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 144 أنا أَبُو مُحَمَّدٍ، قَالَ أَبِي: قَالَ الرَّبِيعُ بْنُ سُلَيْمَانَ: سَمِعْتُ الشَّافِعِيَّ، يَقُولُ: مَا رَأَيْتُ قَوْمًا أَشْهَدَ لِلزُّورِ مِنَ الرَّافِضَةِ قَوْلُ الشَّافِعِيِّ رَحِمَهُ اللَّهُ فِي الْخِلافَةِ أنا أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ الرَّحْمَنِ، قَالَ أَبِي رَحِمَهُ اللَّهُ: ثنا حَرْمَلَةُ بْنُ يَحْيَى، قَالَ: سَمِعْتُ الشَّافِعِيَّ، يَقُولُ: الْخُلَفَاءُ خَمْسَةٌ: أَبُو بَكْرٍ، وَعُمَرُ، وَعُثْمَانُ، وَعَلِيٌّ، وَعُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ أنا أَبُو مُحَمَّدٍ، ثنا هَارُونُ بْنُ إِسْحَاقَ الْهَمْدَانِيُّ، قَالَ: سَمِعْتُ قَبِيصَةَ، الجزء: 1 ¦ الصفحة: 145 يَذكُرُ عَنْ عَبَّادٍ السَّمَّاكِ، قَالَ: سَمِعْتُ سُفْيَانَ، يَقُولُ: الأُمَرَاءُ: أَبُو بَكْرٍ، وَعُمَرُ، وَعُثْمَانُ، وَعَلِيٌّ، وَعُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ. ثنا أَبُو مُحَمَّدٍ، ثنا هَارُونُ بْنُ إِسْحَاقَ الْهَمْدَانِيُّ، قَالَ: سَمِعْتُ بَعْضَ أَصْحَابِنَا يَذْكُرُهُ عَنْ قَبِيصَةَ بِهَذَا الإِسْنَادِ، وَزَادَ فِيهِ: وَسَائِرُهُمْ مُبْتَزُّونَ أنا أَبُو مُحَمَّدٍ، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ خَالِدٍ الْيَمَنِيُّ، قَالَ: سَمِعْتُ قَبِيصَةَ، يَقُولُ: حَدَّثَنِي عَبَّادٌ السَّمَّاكُ، وَكَانَ يُجَالِسُ سُفْيَانَ الثَّوْرِيَّ، قَالَ: سَمِعْتُ سُفْيَانَ، يَقُولُ: الْخُلَفَاءُ: أَبُو بَكْرٍ، وَعُمَرُ، وَعُثْمَانُ، وَعَلِيٌّ، وَعُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ، وَمَنْ سِوَاهُمْ فَهُوَ: مُبْتَزٌ مَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ فِي الإِيمَانِ أنا أَبُو مُحَمَّدٍ، ثنا أَبِي، ثنا عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ عَبْدِ الْحَمِيدِ الْمَيْمُونِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنِي أَبُو عُثْمَانَ مُحَمَّدُ بْنُ مُحَمَّدٍ الشَّافِعِيُّ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبِي يَعْنِي: مُحَمَّدَ بْنَ إِدْرِيسَ الشَّافِعِيَّ، يَقُولُ لَيْلَةً لِلْحُمَيْدِيِّ: مَا يُحْتَجُّ عَلَيْهِمْ يَعْنِي: أَهْلَ الإِرْجَاءِ، الجزء: 1 ¦ الصفحة: 146 بِآيَةٍ أَحَجَّ مِنْ قَوْلِهِ تَعَالَى: {وَمَا أُمِرُوا إِلا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاءَ وَيُقِيمُوا الصَّلاةَ وَيُؤْتُوا الزَّكَاةَ وَذَلِكَ دِينُ الْقَيِّمَةِ} [البينة: 5] " أنا أَبُو مُحَمَّدٍ، ثنا أَبِي، قَالَ: سَمِعْتُ حَرْمَلَةَ بْنَ يَحْيَى، قَالَ: اجْتَمَعَ حَفْصٌ الْفَرْدُ، وَمِصْلاقٌ الإِبَاضِيُّ، عِنْدَ الشَّافِعِيِّ فِي دَارِ الْجَرَوِيِّ يَعْنِي: بِمِصْرَ، فَاخْتَصَمَا فِي الإِيمَانِ، فاحْتَجَّ مِصْلاقٌ فِي الزِّيَادَةِ وَالنُّقْصَانِ، وَاحْتَجَّ حَفْصٌ الْفَرْدُ فِي أَنَّ الإِيمَانَ قَوْلٌ، فَعَلا حَفْصٌ الْفَرْدُ عَلَى مِصْلاقٍ، وَقَوِيَ عَلَيْهِ، وَضَعُفَ مِصْلاقٌ. فَحَمِيَ الشَّافِعِيُّ، وَتَقَلَّدَ الْمَسْأَلَةَ، عَلَى أَنَّ الإِيمَانَ قَوْلٌ وَعَمَلٌ، يَزِيدُ وَيَنْقُصُ، فَطَحَنَ حَفْصًا الْفَرْدَ، وَقَطَعَهُ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 147 مَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ فِي الْقُرْآنِ أنا أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ الرَّحْمَنِ، قَالَ: حَدَّثَنِي الرَّبِيعُ بْنُ سُلَيْمَانَ الْمُرَادِيُّ الْمِصْرِيُّ، فِي أَوَّلِ لَقْيَةٍ لَقِيتُهُ فِي الْمَسْجِدِ الْجَامِعِ، فَسَأَلْتُهُ عَنْ هَذِهِ الْحِكَايَةِ، وَذَلِكَ أَنِّي كُنْتُ كَتَبْتُهَا عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ الْقَاسِمِ عَنْهُ، قَبْلَ خُرُوجِي إِلَى مِصْرَ، فَحَدَّثَنِي الرَّبِيعُ، قَالَ: سَمِعْتُ الشَّافِعِيَّ، يَقُولُ: مَنْ حَلَفَ بِاسْمٍ مِنْ أَسْمَاءِ اللَّهِ فَحَنِثَ، فَعَلَيْهِ الْكَفَّارَةُ؛ لأَنَّ اسْمَ اللَّهِ غَيْرُ مَخْلوقٍ، وَمَنْ حَلَفَ بِالْكَعْبَةِ أَوْ بِالصَّفَا وَالْمَرْوَةِ، فَلَيْسَ عَلَيْهِ الْكَفَّارَةُ؛ لأَنَّهُ مَخْلُوقٌ، وَذَاكَ غَيْرُ مَخْلُوقٍ أَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ، ثنا الرَّبِيعُ بْنُ سُلَيْمَانَ، قَالَ: حَدَّثَنِي مَنْ أَثِقُ بِهِ، فَقَالَ: وَكُنْتُ حَاضِرًا فِي الْمَجْلِسِ، فَقَالَ حَفْصٌ الْفَرْدُ: الْقُرْآنُ مَخْلُوقٌ، فَقَالَ الشَّافِعِيِّ: كَفَرْتَ بِاللَّهِ الْعَظِيمِ. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 148 قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ فِي كِتَابِي: عَنِ الرَّبِيعِ بْنِ سُلَيْمَانَ، قَالَ: حَضَرْتُ الشَّافِعِيَّ، أَوْ حَدَّثَنِي أَبُو شُعَيْبٍ، إِلا أَنِّي أَعْلَمُ أَنَّهُ حَضَرَ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَبْدِ الْحَكَمِ، وَيُوسُفُ بْنُ عَمْرِو بْنِ يَزِيدَ، وَحَفْصٌ الْفَرْدُ، وَكَانَ الشَّافِعِيُّ يُسَمِّيهِ حَفصًا الْمُنَفَرَدَ، فَسَأَلَ حَفْصُ عَبْدَ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ، فَقَالَ: مَا تَقُولُ فِي الْقُرْآنِ؟ فَأَبَى أَنْ يُجِيبَهُ، فَسَأَلَ يُوسُفَ بْنَ عُمَرَ وَابْنَ يَزِيدَ، فَلَمْ يُجِبْهُ، وَكِلاهُمَا أَشَارَ إِلَى الشَّافِعِيِّ. فَسَأَلَ الشَّافِعِيَّ، فَاحْتَجَّ عَلَيْهِ الشَّافِعِيُّ، وَطَالَتْ فِيهِ الْمُنَاظَرَةُ، فَأَقَامَ الشَّافِعِيُّ الْحُجَّةَ عَلَيْهِ، بِأَنَّ الْقُرْآنَ كَلامُ اللَّهِ غَيْرُ مَخْلُوقٍ، وَكَفَّرَ حَفْصًا الْفَرْدَ. قَالَ الرَّبِيعُ: فَلَقِيتُ حَفْصًا الْفَرْدَ فِي الْمَجْلِسِ بَعْدُ، فَقَالَ: أَرَادَ الشَّافِعِيُّ قَتْلِي قَوْلُ الشَّافِعِيِّ فِي وَصْفَ مَالِكِ بْنِ أَنَسٍ وَأَهْلِ الْمَدِينَةِ أنا أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ الرَّحْمَنِ، ثنا يُونُسُ بْنُ عَبْدِ الأَعْلَى الْمِصْرِيُّ، قَالَ: قَالَ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 149 الشَّافِعِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ: مَا فِي الأَرْضِ كِتَابٌ مِنَ الْعِلْمِ أَكْثَرُ صَوَابًا مِنْ مُوَطَّإِ مَالِكٍ أنا أَبُو مُحَمَّدٍ، قَالَ: ثنا يُونُسُ بْنُ عَبْدِ الأَعْلَى، قَالَ: قَالَ الشَّافِعِيُّ: إِذَا جَاءَ الأَثَرُ، فَمَالِكٌ النَّجْمُ أنا أَبُو مُحَمَّدٍ، ثنا يُونُسُ بْنُ عَبْدِ الأَعْلَى، قَالَ: سَمِعْتُ الشَّافِعِيَّ، يَقُولُ: مَا أُرِيدُ إِلا نُصْحَكَ، مَا وَجَدْتَ عَلَيْهِ مُتَقَدِّمِي أَهْلِ الْمَدِينَةِ، فَلا يَدْخُلُ قَلْبَكَ شَكٌّ، أَنَّهُ الْحَقُّ. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 150 قَالَ يُونُسُ: هَذِهِ وَاللَّهِ وَصِيَّتُهُ، كَانَتْ لِي أنا أَبُو مُحَمَّدٍ، ثنا الرَّبِيعُ بْنُ سُلَيْمَانَ، قَالَ: سَمِعْتُ الشَّافِعِيَّ، يَقُولُ: إِذَا جَاءَ الْحَدِيثُ عَنْ مَالِكٍ، فَشُدَّ بِهِ يَدَيْكَ أنا أَبُو مُحَمَّدٍ، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ، قَالَ: سَمِعْتُ الشَّافِعِيَّ، يَقُولُ: قَالَ مَالِكٌ: الْحُبْسُ الَّذِي جَاءَ مُحَمَّدٌ بِإِطْلاقِهِ الْبَحِيرَةُ، وَالسَّائِبَةُ، وَالْوَصِيلَةُ، وَالْحَامِ قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ: فَسَمِعْتُ مُحَمَّدَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ، قَالَ: سَمِعْتُ الشَّافِعِيَّ رَحِمَهُ اللَّهُ، يَقُولُ: اجْتَمَعَ مَالِكٌ وَأَبُو يُوسُفَ يَعْقُوبُ عِنْدَ أَمِيرِ الْمَؤْمِنِينَ، فَتَكَلَّمُوا فِي الْوُقُوفِ وَمَا يُحَبِّسُهُ النَّاسُ، فَقَالَ يَعْقُوبُ: هَذَا بَاطِلٌ. قَالَ شُرَيْحٌ: جَاءَ مُحَمَّدٌ بِإِطْلاقِ الْحُبْسِ. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 151 فَقَالَ مَالِكٌ: إِنَّمَا جَاءَ مُحَمَّدٌ بِإِطْلاقِ مَا كَانُوا يُحَبَّسُونَهُ لآلِهَتِهِمْ مِنَ الْبَحِيرَةِ وَالسَّائِبَةِ، فَأَمَّا الْوُقُوفُ فَهَذَا وَقْفُ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، حَيْثُ اسْتَأْذَنَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ: «حَبِّسْ أَصْلَهَا، وَسَبِّلْ ثَمَرَتَهَا، وَهَذَا وَقْفُ الزُّبَيْرِ» . فَأَعْجَبَ الْخَلِيفَةَ ذَلِكَ مِنْهُ، وَنَفَى يَعْقُوبُ أنا أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ الرَّحْمَنِ، ثنا الرَّبِيعُ بْنُ سُلَيْمَانَ الْمُرَادِيُّ، قَالَ: قَالَ الشَّافِعِيُّ: كَانَ مَالِكٌ إِذَا شَكَّ فِي بَعْضِ الْحَدِيثِ طَرَحَهُ كُلَّهُ أنا أَبُو مُحَمَّدٍ، ثنا أَحْمَدُ بْنُ خَالِدٍ الْخَلالُ، قَالَ: سَمِعْتُ الشَّافِعِيَّ، قَالَ: قِيلَ لِمَالِكِ بْنِ أَنَسٍ: إِنَّ عِنْدَ ابْنِ عُيَيْنَةَ، عَنِ الزُّهْرِيِّ أَشْيَاءَ لَيْسَتْ عِنْدَكَ، فَقَالَ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 152 مَالِكٌ: وَأَنَا كُلُّ مَا سَمِعْتُ مِنَ الْحَدِيثِ أُحَدِّثُ بِهِ؟ ! أَنَا إِذَنْ أُرِيدُ أَنْ أَظْلِمَهُمْ أنا أَبُو مُحَمَّدٍ، ثنا أَبِي، ثنا حَرْمَلَةُ، قَالَ: «لَمْ يَكُنِ الشَّافِعِيُّ يُقَدِّمُ عَلَى مَالِكٍ فِي الْحَدِيثِ أَحَدًا» أنا أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ الرَّحْمَنِ، ثنا يُونُسُ بْنُ عَبْدِ الأَعْلَى، قَالَ: سَمِعْتُ الشَّافِعِيَّ يَقُولُ: «وَاللَّهِ لَوْ صَحَّ الإِسْنَادُ مِنْ حَدِيثِ الْعِرَاقِ غَايَةَ مَا يَكُونُ مِنَ الصِّحَّةِ، ثُمَّ لَمْ أَجِدْ لَهُ أَصْلا عِنْدَنَا يَعْنِي بِالْمَدِينَةِ وَمَكَّةَ، عَلَى أَيِّ وَجْهٍ كَانَ، لَمْ أَكُنْ أُعْنَى بِذَلِكَ الْحَدِيثِ، عَلَى أَيِّ صِحَّةٍ كَانَ» أنا أَبُو مُحَمَّدٍ، ثنا الرَّبِيعُ بْنُ سُلَيْمَانَ، قَالَ: سَمِعْتُ الشَّافِعِيَّ يَقُولُ: «إِذَا جَاوَزَ الْحَدِيثَ الْحَرَمَيْنِ، فَقَدْ ضَعُفَ نُخَاعُهُ» . قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ: قَالَ بَعْضُ أَهْلِ الْمَدِينَةِ: النُّخَاعُ: الْخَيْطُ الَّذِي فِي الصُّلْبِ بَيْنَ الْفَقَارِ، أَبْيَضَ شِبْهَ الْمُخِّ أنا أَبُو مُحَمَّدٍ، ثنا أَبِي، ثَنا يُونُسُ بْنُ عَبْدِ الأَعْلَى، قَالَ: قَالَ لِيَ الشَّافِعِيُّ: «كَانَ مَالِكٌ إِذَا شَكَّ لَمْ يَتَقَدَّمْ، إِنَّمَا يَهْبِطُ فِي الْحَدِيثِ أَبَدًا، إِذَا كَانَ مُسْنَدًا، إِنَّمَا يَنْزِلُ دَرَجَةً» الجزء: 1 ¦ الصفحة: 153 أنا أَبُو مُحَمَّدٍ، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ الْمِصْرِيُّ، قَالَ: سَمِعْتُ الشَّافِعِيَّ، يَقُولُ: قَالَ لِي مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ: أَيُّهُمَا أَعْلَمُ: صَاحِبُنَا؟ أَوْ صَاحِبُكُمْ؟ " يَعْنِي: أَبَا حَنِيفَةَ، وَمَالِكَ بْنَ أَنَسٍ. وَقَدْ تَقَدَّمَتْ بِكَمَالِهَا فِي مُنَاظَرَةِ الشَّافِعِيِّ مَعَ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ أنا أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ الرَّحْمَنِ، ثنا أَبِي، ثنا يُونُسُ بْنُ عَبْدِ الأَعْلَى، قَالَ: سَمِعْتُ الشَّافِعِيَّ، يَقُولُ: " قُلْتُ لِمُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ يَوْمًا، وَذَكَرَ مَالِكًا وَأَبَا حَنِيفَةَ، فَقَالَ لِي مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ: مَا كَانَ يَنْبَغِي لِصَاحِبِنَا أَنْ يَسْكُتَ يَعْنِي أَبَا حَنِيفَةَ، وَلا لِصَاحِبِكُمْ أَنْ يُفْتِيَ يُرِيدُ مَالِكًا، قُلْتُ: نَشَدْتُكَ اللَّهَ، أَتَعْلَمُ أَنَّ صَاحِبَنَا يَعْنِي مَالِكًا كَانَ عَالِمًا بِكِتَابِ اللَّهِ؟ قَالَ: اللَّهُمَّ نَعَمْ ". قُلْتُ: فَنَشَدْتُكَ اللَّهَ، أَتَعْلَمُ أَنَّ صَاحِبَنَا كَانَ عَالِمًا بِحَدِيثِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟ قَالَ: اللَّهُمَّ نَعَمْ. قُلْتُ: وَكَانَ عَالِمًا بِاخْتِلافِ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟ قَالَ: نَعَمْ. قُلْتُ: أَكَانَ عَاقِلا؟ قَالَ: لا. قُلْتُ: فَنَشَدْتُكَ اللَّهَ، أَتَعْلَمُ أَنَّ صَاحِبَكَ يَعْنِي أَبَا حَنِيفَةَ، كَانَ جَاهِلا بِكِتَابِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ؟ قَالَ: نَعَمْ. قُلْتُ: وَكَانَ جَاهِلا بِحَدِيثِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَجَاهِلا بِاخْتِلافِ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟ ، قَالَ: نَعَمْ. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 154 قُلْتُ: أَكَانَ عَاقِلا؟ ، قَالَ: نَعَمْ. قُلْتُ: فَتَجْتَمِعُ فِي صَاحِبِنَا ثَلاثٌ لا تَصْلُحُ الْفُتْيَا إِلا بِهَا، وَيُخِلُّ وَاحِدَةً، وَيُخْطِئُ صَاحِبُكَ ثَلاثًا، وَيَكُونُ فِيهِ وَاحِدَةٌ، فَتَقُولَ: لا يَنْبَغِي لِصَاحِبِكُمْ أَنْ يَتَكَلَّمَ، وَلا لِصَاحِبِنَا أَنْ يَسْكُتَ؟ ! أنا أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ الرَّحْمَنِ، ثنا أَبِي، ثنا الرَّبِيعُ بْنُ سُلَيْمَانَ، قَالَ: قَالَ الشَّافِعِيُّ: " إِذَا قُلْتُ: قَالَ بَعْضُ أَصْحَابِنَا، فَهُمْ أَهْلُ الْمَدِينَةِ ". وَإِذَا قُلْتُ: قَالَ بَعْضُ النَّاسِ، فَهُمْ أَهْلُ الْعِرَاقِ أنا أَبُو مُحَمَّدٍ، ثنا أَبِي، قَالَ: سَمِعْتُ يُونُسَ بْنَ عَبْدِ الأَعْلَى، يَقُولُ: سَمِعْتُ الشَّافِعِيَّ يَقُولُ: " عَاتَبَ رَجَاءُ بْنُ حَيْوَةَ الزُّهْرِيَّ فِي الإِنْفَاقِ وَالدَّيْنِ، فَقَالَ: لا تَأْمَنْ مِنْ أَنْ يُمْسِكَ عَنْكَ هَؤُلاءِ الْقَوْمُ، فَتَكُونَ قَدْ حَمَلْتَ عَلَى أَمَانَتِكَ، فَوَعَدَهُ أَنْ يُقْصِرَ ". فَمَرَّ بِهِ رَجَاءُ بْنُ حَيْوَةَ يَوْمًا، وَقَدْ وَضَعَ الطَّعَامَ، وَنَصَبَ مَوائِدَ الْعَسَلِ، فَقَالَ لَهُ رَجَاءٌ: هَذَا الَّذِي افْتَرَقْنَا عَلَيْهِ؟ ! فَقَالَ لَهُ الزُّهْرِيُّ: انْزِلْ، فَإِنَّ السَّخِيَّ لا تُؤَدِّبُهُ التَّجَارِبُ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 155 أنا أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ الرَّحْمَنِ، ثنا أَبِي، ثنا حَرْمَلَةُ، قَالَ: سَمِعْتُ الشَّافِعِيَّ، قَالَ: " كَانَ عَلَى أَهْلِ الْمَدِينَةِ الْهَاشِمِيُّ، فَأَرْسَلَ إِلَى مَالِكٍ، فَقَالَ: أَنْتَ الَّذِي تُفْتِي فِي الإِكْرَاةِ، وَإِبْطَالِ الْبَيْعَةِ؟ ! فَضَرَبَهُ مُجَرَّدًا مِائَةً، حَتَّى أَصَابَ كَتِفَهُ خَلْعٌ، وَكَانَ لا يَزُرُّ أَزْرَارَهُ بِيَدِهِ ". قَالَ حَرْمَلَةُ: هُوَ جَدُّ جَعْفَرٍ الْقَاضِي. قَالَ حَرْمَلَةُ: قَالَ ابْنُ وَهْبٍ: مَكَثَ مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ حَتَّى مَاتَ، لا يَقْدِرُ أَنْ يَزُرَّ زِرَّهُ بِيَدِهِ الْيُسْرَى، مِنْ شِدَّةِ مَا مُدَّتْ، حَيْثُ ضُرِبَ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 156 قَوْلُ الشَّافِعِيِّ فِي وَصْفِ سُفْيَانَ بْنِ عُيَيْنَةَ وَأَهْلِ مَكَّةَ أنا أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ الرَّحْمَنِ، ثنا يُونُسُ بْنُ عَبْدِ الأَعْلَى الصِّدْفِيُّ الْمِصْرِيُّ، قَالَ: قَالَ الشَّافِعِيُّ: «مَالِكٌ وَسُفْيَانُ قَرِينَانِ» أنا أَبُو مُحَمَّدٍ، ثنا أَبِي، عَنْ يُونُسَ بْنِ عَبْدِ الأَعْلَى، فِي هَذِهِ الْحِكَايَةِ زِيَادَةٌ لَمْ أَسْمَعْهَا مِنْ يُونُسُ، قَالَ: قَالَ الشَّافِعِيُّ: «مَالِكٌ وَسُفْيَانُ الْقَرِينَانِ، فِي إِسْنَادِ الْحِجَازِ» أنا أَبُو مُحَمَّدٍ، ثنا أَبِي، ثنا أَحْمَدُ بْنُ خَالِدٍ الْخَلالُ، قَالَ: سَمِعْتُ الشَّافِعِيَّ يَقُولُ: «لَوْلا مَالِكٌ وَسُفْيَانُ لَذَهَبَ عِلْمُ الْحِجَازِ» أنا أَبُو مُحَمَّدٍ، ثنا أَبِي، ثنا أَحْمَدُ بْنُ خَالِدٍ الْخَلالُ، قَالَ: سَمِعْتُ الشَّافِعِيَّ يَقُولُ: سَمِعْتُ الزِّنْجِيَّ يَعْنِي مُسْلِمَ بْنَ خَالِدٍ يَقُولُ: «أَنَا سَمِعْتُ هَذِهِ الأَحَادِيثَ مِنَ الزُّهْرِيِّ، بِعَقْلِ ابْنِ عُيَيْنَةَ، لا بِعَقْلِي» . قَالَ: وَذَلِكَ أَنِّي كُنْتُ أَجْلِسُ إِلَى الزُّهْرِيِّ، فَيَقُولُ: مَا اسْمُ هَذَا الْجَبَلِ؟ مَا اسْمُ هَذَا الشِّعْبِ؟ قَالَ: وَجَاءَ سُفْيَانُ، فَسَأَلَهُ عَنْ هَذِهِ الأَحَادِيثِ، فَسَمِعْتُهَا بِعَقْلِهِ، لا بِعَقْلِي " الجزء: 1 ¦ الصفحة: 157 أنا أَبُو مُحَمَّدٍ، ثنا أَبِي، حَدَّثَنَا يُونُسُ بْنُ عَبْدِ الأَعْلَى، قَالَ: سَمِعْتُ الشَّافِعِيَّ يَقُولُ: «مَا أَدْرَكْتُ أَحَدًا جَمَعَ اللَّهُ فِيهِ مِنْ أَدَاةِ الْفُتْيَا، مَا جَمَعَ فِي سُفْيَانَ بْنِ عُيَيْنَةَ، أَوْقَفَ عَنِ الْفُتْيا مِنْهُ» أنا أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي حَاتِمٍ، ثنا أَبِي، ثنا حَرْمَلَةُ بْنُ يَحْيَى أَبُو حَفْصٍ التُّجِيبِيُّ، قَالَ: سَمِعْتُ الشَّافِعِيَّ، يَقُولُ: «مَا رَأَيْتُ أَحَدًا مِنَ النَّاسِ فِيهِ مِنَ آلَةِ الْعِلْمِ، مَا فِي سُفْيَانَ بْنِ عُيَيْنَةَ، وَمَا رَأَيْتُ أَحَدًا أَكَفَّ عَنِ الْفُتْيَا مِنْهُ، وَمَا رَأَيْتُ أَحَدًا أَحْسَنَ لِتَفْسِيرِ الْحَدِيثِ مِنْهُ» أنا أَبُو مُحَمَّدٍ، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ مُسْلِمٍ الْمَعْرُوفُ بَابْنِ وَارَةَ، قَالَ: سَمِعْتُ بَعْضَ أَصْحَابِ الشَّافِعِيِّ يَحْكِي عَنِ الشَّافِعِيِّ، قَالَ: «لَيْسَ مِنَ التَّابِعِينَ أَحَدٌ أَكْثَرُ اتِّبَاعًا لِلْحَدِيثِ مِنْ عَطَاءٍ» أنا أَبُو مُحَمَّدٍ، ثنا الرَّبِيعُ بْنُ سُلَيْمَانَ، قَالَ: قَالَ الشَّافِعِيُّ: " قِيلَ لِسُفْيَانَ بْنِ عُيَيْنَةَ: إِنَّ قَوْمًا يَأْتُونَكَ مِنْ أَقْطَارِ الأَرْضِ، تَغْضَبُ عَلَيْهِمْ، يُوشِكُ أَنْ يَذْهَبُوا وَيَتْرُكُوكَ ". قَالَ: هُمْ حُمْقَى إِذَنْ مِثْلَكَ، أَنْ يَتْرُكُوا مَا يَنْفَعَهُمْ لِسُوءِ خُلُقِي أنا أَبُو مُحَمَّدٍ، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ خَالِدِ بْنِ يَزِيدَ الشَّيْبانِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنِي أَحْمَدُ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 158 يَعْنِي ابْنَ أَبِي الْحَوَارِيِّ، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ قَطَنٍ، عَنِ الشَّافِعِيِّ، قَالَ: قَالَ فُضَيْلٌ يَعْنِي ابْنَ عِيَاضٍ: «كَمْ مِمَّنْ يَطُوفُ بِهَذَا الْبَيْتِ، وَآخَرُ بَعِيدٌ مِنْهُ، أَعْظَمُ أَجْرًا مِنْهُ» . قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ: قُلْتُ أَنَا: «أَرَادَ الشَّافِعِيُّ بِحِكَايَتِهِ وَصْفَهُ فُضَيْلا، وَمَا اسْتَحْسَنَ مِنْ كَلامِهِ» قَوْلُ الشَّافِعِيِّ فِي وَصْفِ أَهْلِ الْعِرَاقِ أنا أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي حَاتِمٍ الرَّازِيُّ قِرَاءَةً عَلَيْهِ، وَأَنَا أَسْمَعُ، قَالَ: ثنا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ الْمِصْرِيُّ، قَالَ: سَمِعْتُ الشَّافِعِيَّ، يَقُولُ: «الشَّعْبِيُّ فِي كَثْرَةِ الرِّوَايَةِ، مِثْلُ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ» الجزء: 1 ¦ الصفحة: 159 ثنا أَبُو مُحَمَّدٍ، ثنا أَبِي، حَدَّثَنِي حَرْمَلَةُ بْنُ يَحْيَى، قَالَ: سَمِعْتُ الشَّافِعِيَّ، يَقُولُ: " لَوْلا شُعْبَةُ مَا عُرِفَ الْحَدِيثُ بِالْعِرَاقِ، كَانَ يَجِيءُ إِلَى الرَّجُلِ، فَيَقُولُ: لا تُحَدِّثْ، وَإِلا اسْتَعْدَيْتُ عَلَيْكَ السُّلْطَانَ " أَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ، ثنا الرَّبِيعُ بْنُ سُلَيْمَانَ، قَالَ: " كَانَ الشَّافِعِيُّ إِذَا قَاسَ إِنْسَانٌ فَأَخْطَأَ، قَالَ: هَذَا قِيَاسُ شُعْبَةَ ". قَالَ الشَّافِعِيُّ: وَكَانَ شُعْبَةُ إِذَا أَتَاهُ الرَّجُلُ يَسْأَلُهُ عَنِ الْمَسْأَلَةِ، سَأَلَهُ عَنِ اسْمِهِ وَمَوْضِعِهِ وَصِنَاعَتِهِ، ثُمَّ يُجِيبُهُ فِي مَسْأَلَتِهِ، ويَجِيءُ أَصْحَابَهُ فَيُلْقِيهَا عَلَى أَصْحَابِهِ، فَإِنْ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 160 أَصَابَ فَذَاكَ، وَإِنْ أَخْطَأَ ذَهَبَ إِلَيْهِ، فَقَالَ: يَا هَذَا، الَّذِي أَفْتَيْتُكَ لَيْسَ كَمَا أَفْتَيْتُكَ، الأَمْرُ كَذَا وَكَذَا، أَوْ كَمَا قَالَ أنا أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ الرَّحْمَنِ، ثنا الرَّبِيعُ بِأَشْبَعَ مِنْ هَذَا الْكَلامِ، قَالَ: سَمِعْتُ مُحَمَّدَ بْنَ إِدْرِيسَ الشَّافِعِيَّ، يَقُولُ: " كَانَ الرَّجُلُ إِذَا سَأَلَ شُعْبَةَ عَنْ مَسْأَلَةٍ سَأَلَهُ عَنِ اسْمِهِ وَاسْمِ أَبِيهِ، وَصِنَاعَتِهِ وَمَنْزِلِهِ، ثُمَّ يُفْتِيهِ فِي ذَلِكَ، ثُمَّ يَجِيءُ إِلَى أَصْحَابِهِ، فَيُذَاكِرُهُمْ بِالْمَسْأَلَةِ، فَيَقُولُونَ: هُوَ كَذَا وَكَذَا خِلافُ مَا أَفْتَى، فَيَقُولُ: مِنْ أَيْنَ قُلْتُمْ هَذَا؟ فَيَقُولُونَ: أَلَيْسَ حُدِّثْنَا بِكَذَا وَكَذَا؟ ! فَيَقُولُ: حُدِّثْنَا، فَيَأْخُذُ بِيَدِ بَعْضِ أَصْحَابِهِ، فَيَذْهَبُ إِلَى الرَّجُلِ، فَيَقُولُ: لَيْسَ هُوَ كَمَا أَفْتَيْتُكَ، هُوَ كَذَا وَكَذَا وَكَذَا ". قَالَ: ثُمَّ لا يَمْنَعُهُ بَعْدَ ذَلِكَ أَنْ يُسْتَفْتَى فِي ذَلِكَ، فَيُفْتِيَ فِيهِ بِذَلِكَ أنا أَبُو مُحَمَّدٍ، ثنا الرَّبِيعُ بْنُ سُلَيْمَانَ الْمُرَادِيُّ، قَالَ: سَمِعْتُ الشَّافِعِيَّ، يَقُولُ: «مَا أَحَدٌ فِي الرَّأْيِ، إِلا وَهُوَ عِيَالٌ عَلَى أَهْلِ الْعِرَاقِ» قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ: وَقَالَ الرَّبِيعُ بْنُ سُلَيْمَانَ مَرَّةً أُخْرَى: سَمِعْتُ الشَّافِعِيَّ يَقُولُ: " النَّاسُ عِيَالٌ عَلَى أَهْلِ الْعِرَاقِ، فِي الْفِقْهِ أَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ الرَّحْمَنِ، ثَنا أَبِي، ثَنا َأَحْمَدُ بْنُ خَالِدٍ الْخَلالُ، قَالَ: سَمِعْتُ الشَّافِعِيَّ، يَقُولُ: " سُئِلَ مَالِكٌ عَنِ ابْنِ شُبْرُمَةَ، فَقَالَ: كَانَ يُقَارِبُ ". الجزء: 1 ¦ الصفحة: 161 وَسُئِلَ عَنِ الَبتِّيِّ، فَقَالَ: كَانَ يُقَارِبُ. فَقِيلَ لَهُ: أَبُو حَنِيفَةَ؟ فَقَالَ: لَوْ جَاءَ إِلَى أَسَاطِينِكُمْ هَذِهِ لَقَايَسَكُمْ، حَتَّى جَعَلَهَا مِنْ خَشَبٍ "، يَعْنِي: وَإِنْ كَانَتْ مِنْ حِجَارَةٍ أَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ، أَخْبَرَنِي أَبِي، قَالَ: سَمِعْتُ هَارُونَ بْنَ سَعِيدٍ الأَيْلِيَّ، قَالَ: قَالَ الشَّافِعِيُّ: «مَا يُرِيدُ أَصْحَابُنَا إِلا أَنْ يَضَعُوا عَلَى أَبِي حَنِيفَةَ فِي كَثِيرٍ مِنْ قَوْلِهِ، وَإِنَّ مَعْرِفَتَهُمْ لَهُ كَافِيَتُهُمْ» أَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ، ثنا أَبِي، حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي سُرَيْجٍ، قَالَ: سَمِعْتُ الشَّافِعِيَّ، يَقُولُ: " سَمِعْتُ مَالِكًا، وَقِيلَ لَهُ: أَتَعْرِفُ أَبَا حَنِيفَةَ؟ فَقَالَ: نَعَمْ، مَا ظَنُّكُمْ بِرَجُلٍ، لَوْ قَالَ هَذِهِ السَّارِيَةُ مِنْ ذَهَبٍ، لَقَامَ دُونَهَا، حَتَّى يَجْعَلَهَا مِنْ ذَهَبٍ، وَهِيَ مِنْ خَشَبٍ أَوْ حِجَارَةٍ؟ ". قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ: يَعْنِي أَنَّهُ كَانَ يَثْبُتُ عَلَى الْخَطَأِ وَيَحْتَجُّ دُونَهُ، وَلا يَرْجِعُ إِلَى الصَّوَابِ، إِذَا بَانَ لَهُ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 162 أَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ، ثَنا حَرْمَلَةُ: سَمِعْتُ الشَّافِعِيَّ، يَقُولُ: " رَأَيْتُ أَبَا حَنِيفَةَ فِيمَا يَرَي النَّائِمُ وَعَلَيْهِ ثِيَابٌ وَسِخَةٌ، فَقَالَ لِي: مَا لِي وَلَكَ؟ أَيَّ شَيْءٍ تُرِيدُ مِنِّي؟ " أَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ، ثَنا أَبِي، حَدَّثَنِي الرَّبِيعُ بْنُ سُلَيْمَانَ: سَمِعْتُ الشَّافِعِيَّ يَقُولُ: " دَخَلَ سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ عَلَى أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ، فَجَعَلَ يَتَجانُّ عَلَيْهِمْ، وَيَمْسَحُ الْبِسَاطَ، وَيقُولُ: مَا أَحْسَنَهُ، مَا أَحْسَنَهُ! بِكَمْ أَخَذْتُمْ هَذَا؟ ثُمَّ قَالَ: الْبَوْلَ، الْبَوْلَ، حَتَّى أُخْرِجَ ". قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ: يَعْنِي أَنَّهُ احْتَالَ بِمَا فَعَلَ، لِيَزْهَدُوا فِيهِ، فَيَتَبَاعَدَ مِنْهُمْ، وَيَسْلَمَ مِنْ بِرِّهِمْ " ثَنا أَبُو مُحَمَّدٍ، ثَنا الْحُسَيْنُ بْنُ الْحَسَنِ الرَّازِيُّ، ثَنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْحَسَنِ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 163 السِّجِسْتَانِيُّ: سَمِعْتُ إِسْمَاعِيلَ الطَّيَّانَ الرَّازِيُّ، يَقُولُ: " قدِمْتُ مَكَّةَ، فَلَقِيتُ الشَّافِعِيَّ، فَقَالَ لِي: أَتَعْرِفُ مُوسَى الرَّازِيَّ؟ مَا قَدِمَ عَلَيْنَا مِنْ نَاحِيَةِ الْمَشْرِقِ، أَنْزَعُ لِكِتَابِ اللَّهِ مِنْهُ، فَقُلْتُ لَهُ: يَا أَبَا عَبْدِ اللَّهِ، صِفْهُ لِي، فَقَالَ: كَهْلٌ قَدِمَ عَلَيْنَا مِنَ الرَّيِّ، فَوَصَفَهُ لِي فَعَرَفْتُهُ بِالصِّفَةِ، أَنَّهُ أَبُو عِمْرَانَ الصُّوفِيُّ، فَقُلْتُ: أَعْرِفُهُ، هُوَ أَبُو عِمْرَانَ الصَّوفِيُّ، قَالَ: هُوَ، هُوَ " أَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ، ثَنا يُونُسُ بْنُ عَبْدِ الأَعْلَى، قَالَ: قَالَ لِيَ الشَّافِعِيُّ: " نَاظَرْتُ بَعْضَ أَهْلِ الْعِرَاقِ، فَلَمَّا فَرَغْتُ، قَالَ: زَلَفْتَ يَا قُرَشِيُّ ". قَالَ بَعْضُ أَهْلِ الْعَرَبِيَّةِ: يَعْنِي: قَرُبْتَ مِنْ أَفْهَامِهِمْ، لِفَصَاحَتِهِ قَوْلُ الشَّافِعِيِّ فِي عِلَلِ الْحَدِيث أَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ، أَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ قِرَاءَةً، قَالَ: قَالَ الشَّافِعِيُّ: غَلِطَ سُفْيَانُ فِي إِسْنَادِ هَذَا الْحَدِيثِ، حَدِيثِ ابْنِ الْهَادِ، الجزء: 1 ¦ الصفحة: 164 يَعْنِي الْحَدِيثَ الَّذِي حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ يَزِيدَ الْمُقْرِي، وَيُونُسُ بْنُ عَبْدِ الأَعْلَى، قَالا: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ أُسَامَةَ بْنِ الْهَادِ، عَنْ عُمَارَةَ بْنِ خُزَيْمَةَ بْنِ ثَابِتٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَن النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أَنَّهُ قَالَ: «إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ لا يَسْتَحْيِي مِنَ الْحَقِّ، لا تَأْتُوا النِّسَاءَ فِي أَدْبَارِهِنَّ» . أَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبِي، يَقُولُ: الصَّحِيحُ ابْنُ الْهَادِ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْحُصَيْنِ، عَنْ هَرَمِيِّ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ خُزَيْمَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 165 أَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ، أَنَا ابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ قِرَاءَةً، قَالَ: سَمِعْتُ الشَّافِعِيَّ يَقُولُ: «لَيْسَ فِيهِ يَعْنِي فِي إِتْيَانِ النِّسَاءِ فِي الدُّبُرِ، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي التَّحْرِيمِ وَالتَّحْلِيلِ حَدِيثٌ ثَابِتٌ، وَالْقِيَاسُ أَنَّهُ حَلالٌ» أَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ، أَخْبَرَنِي أَبِي، عَنِ ابْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ، عَنِ الشَّافِعِيِّ، أَنَّهُ قَالَ: «إِنْ لَمْ يَثْبُتْ فِيهِ خَبَرٌ، يَصِحُّ غَيْرُ مَا تَعْلَمُ، فَلَيْسَ فِيهِ شَيْءٌ صَحِيحٌ» أَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ، ثَنا ابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ، سَمِعْتُ الشَّافِعِيَّ، وَذُكِرَ لَهُ حَرَامُ بْنُ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 166 عُثْمَانَ، فَقَالَ: «الْحَدِيثُ عَنْ حَرَامِ بْنِ عُثْمَانَ حَرَامٌ» . قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ: يَعْنِي: أَنَّهُ لَيْسَ بِصَدُوقٍ، فَالتَّحْدِيثُ عَمَّنْ يَكْذِبُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَرَامٌ " أَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ، ثنا ابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ: سَمِعْتُ الشَّافِعِيَّ، وَذُكِرَ لَهُ أَبُو جَابِرٍ الْبَيَاضِيُّ، فَقَالَ: «بَيَّضَ اللَّهُ عَيْنَيْ مَنْ يَرْوِي عَنْهُ» . يُرِيدُ بِذَلِكَ: تَغْلِيظًا عَلَى مَنْ يَكْذِبُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. وَاسْمُهُ: مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، رَوَى عَنْ: سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ أَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ، ثَنا ابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ سَمِعْتُ الشَّافِعِيَّ يَقُولُ: قَالَ شُعْبَةُ: حَدَّثَنِي حَمَّادٌ، بِحَدِيثٍ عَنْ إِبْرَاهِيمَ، فَقُلْتُ: مَنْ أَخْبَرَكَ؟ سَمِعْتَ هَذَا مِنْ إِبْرَاهِيمَ؟ قَالَ: لا، فَقُلْتُ: مَنْ أَخْبَرَكَ؟ قَالَ: أَخْبَرَنِي مَنْصُورٌ. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 167 قَالَ: فَجِئْتُ إِلَى مَنْصُورٍ، فَقُلْتُ: أَخْبَرَنِي حَمَّادٌ، عَنْكَ بَحَدِيثٍ عَنْ إِبْرَاهِيمَ، أَسَمِعْتَهُ مِنْ إِبْرَاهِيمَ؟ قَالَ: لا، أَخْبَرَنِي مُغِيرَةُ عَنْ إِبْرَاهِيمَ، فَلَقِيتُ مُغِيرَةَ، فَقُلْتُ: رَوَيْتَ عَنْ إِبْرَاهِيمَ كَذَا وَكَذَا؟ قَالَ: نَعَمْ، قُلْتُ: سَمِعْتَهُ مِنْهُ؟ قَالَ: لا، أَخْبَرَنِي حَمَّادٌ. قَالَ: فَحرَصْتُ أَنْ أَعْرِفَ مِمَّنْ خَرَجَ أَوَّلُ الْحَدِيثِ؟ فَلَمْ أَقْدِرْهُ. فَذكَرْتُ هَذَا الْحَدِيثَ لأَبِي، فَقَالَ: هَذَا حَدِيثُ إِبْرَاهِيمَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «أَنَّ أَعْرَابِيًّا ضَحِكَ فِي الصَّلاةِ، فَأَمَرَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يُعِيدَ الْوُضُوءَ، وَالصَّلاةَ» أَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي ابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ، قَالَ: قَالَ الشَّافِعِيُّ: «كُتُبُ الْوَاقِدِيِّ كَذِبٌ» الجزء: 1 ¦ الصفحة: 168 أَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي ابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ، قَالَ: سَمِعْتُ الشَّافِعِيَّ يَقُولُ: «لا تَثْبُتُ الرِّوَايَةُ عَنْ بَشِيرِ بْنِ نَهِيكٍ» أَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ، ثَنا ابْنُ عَبْدِ الأَعْلَى، يَقُولُ: سَمِعْتُ الشَّافِعِيَّ، وَاحْتَجَّ عَلَيْهِ رَجُلٌ بِحَدِيثٍ عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ، فَغَضِبَ وَقَالَ: «أَبُو الزُّبَيْرِ يَحْتَاجُ إِلَى دِعَامَةٍ» أَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ، ثنا ابْنُ عَبْدِ الأَعْلَى، قَالَ: قَالَ الشَّافِعِيُّ: «أَبُو سَلَمَةَ لَمْ يُعْقِبْ» . فَذَكَرْتُ ذَلِكَ لأَبِي، فَقَالَ: " لا أَعْرِفُ أَبُو سَلَمَةَ لا عَقِبَ لَهُ، أَمَّا أَبُو سَلَمَةَ بْنُ عَبْدِ الأَسَدِ، فَابْنُهُ عُمَرُ الَّذِي زَوَّجَ أُمَّهُ مِنَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 169 وَأَمَّا أَبُو سَلَمَةَ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ، فَابْنُهُ عُمَرُ، وَلا أَدْرِي مَنْ عَنَى؟ أَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ، ثنا أَبِي، ثنا حَرْمَلَةُ سَمِعْتُ الشَّافِعِيَّ يَقُولُ: حَدِيثُ أَبِي الْعَالِيَةِ الرِّيَاحِيِّ: رِيَاحٌ، قَالَ أَبِي: يَعْنِي الَّذِي يُرْوَى عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الضَّحِكِ فِي الصَّلاةِ: «أَنَّ عَلى الضَّاحِكِ الْوُضُوءَ» أَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ، ثَنا أَبِي، قَالَ: سَمِعْتُ الرَّبِيعَ بْنَ سُلَيْمَانَ يَقُولُ: " كَانَ الشَّافِعِيُّ يُبَيِّنُ أَمْرَ إِبْرَاهِيمَ بْنَ أَبِي يَحْيَى، وَيَقُولُ: كَانَ قَدَرِيًّا ". الجزء: 1 ¦ الصفحة: 170 قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ: لَمْ يَبِنْ لَهُ أَنَّهُ كَانَ يَكْذِبُ، وَكَانَ يَحْسَبُ أَنَّهُ طَعَنَ النَّاسُ عَلَيْهِ، مِنْ أَجْلِ مَذْهَبِهِ فِي الْقَدَرِ أَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ، ثَنا أَبِي، ثَنا حَرْمَلَةُ، قَالَ: سَمِعْتُ الشَّافِعِيَّ يَقُولُ: «كَانَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْجَدَلِيُّ جَيِّدَ الضَّرْبِ بِالسَّيْفِ، وَكَانَ دَاوُدُ بْنُ شَابُورٍ مِنَ الثِّقَاتِ، وَكَانَ الرَّبِيعُ بْنُ صَبِيحٍ رَجُلا غَزَّاءً، وَإِذَا مُدِحَ الرَّجُلُ بِغَيْرِ صِنَاعَتِهِ فَقَدْ وُهِصَ» ، قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ: يَعْنِي دُقَّ عُنُقُهُ قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ: قَالَ الْمُزَنِيُّ: سَمِعْتُ الشَّافِعِيَّ يَقُولُ: صَحَّفَ مَالِكٌ فِي الجزء: 1 ¦ الصفحة: 171 عُمَرَ بْنِ عُثْمَانَ، وَإِنَّمَا هُوَ: عَمْرُو بْنُ عُثْمَانَ. وَفِي جَابِرِ بْنِ عَتِيكٍ، وَإِنَّمَا هُوَ جَبْرُ بْنُ عَتِيكٍ. وَفِي عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ قُرَيْرٍ، وَإِنَّمَا هُوَ عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ قُرَيْرٍ. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 172 فَذَكَرْتُ ذَلِكَ لأَبِي، فَقَالَ: صَدَقَ الشَّافِعِيُّ، وَهُوَ كَمَا قَالَ قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ: وَسَمِعْتُ أَبِي يَقُولُ: قَالَ يَحْيَى بْنُ مَعِينٍ فِي عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ قُرَيْرٍ هَذَا: لَيْسَ هُوَ عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ قُرَيْرٍ، وَإِنَّمَا هُوَ: عَبْدُ الْمَلِكِ بْنِ قُرَيْبٍ الأَصْمَعِيُّ، كَانَ قَدِمَ الْمَدِينَةَ، فَجَالَسَ مَالِكًا، فَحَدَّثَ عَنْهُ مَالِكٌ، وَلَعَلَّهُ حَدَّثَ عَنْ شَّيْخٍ، عَنْ ثَابِتٍ، فَأَسْقَطَ مَالِكٌ الشَّيْخَ مِنَ الْحَدِيثِ، وَقَالَ: عَنْ ثَابِتٍ، نَفْسِهِ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 173 أَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ: سَمِعْتُ أَبِي يَقُولُ: «غَلِطَ يَحْيَى بْنُ مَعِينٍ، وَمَا يَقُولُ الشَّافِعِيُّ أَشْبَهُ، فَإِنَّ عَبْدَ الْعَزِيزِ بْنَ قُرَيْرٍ شَّيْخٌ بَصْرِيٌّ، لَيْسَ بِالْقَوِيِّ، قَدِمَ عَلَيْهِمُ الْمَدِينَةِ، فَحَدَّثَ عَنْ ثَابِتٍ» أَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ، أَخْبَرَنِي أَبِي، ثَنا أَحْمَدُ بْنُ أَبِي سُرَيْجٍ، ثَنا يُونُسُ بْنُ عَبْدِ الأَعْلَى قِرَاءَةً، ثَنا سُفْيَانُ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَبْدِ الْقَارِيِّ، قَالَ: «صلَّى عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ الصُّبْحَ بِمَكَّةَ، ثُمَّ طَافَ بِالْبَيْتِ سَبْعًا، ثُمَّ خَرَجَ، وَهُوَ يُرِيدُ الْمَدِينَةَ، فَلَمَّا كَانَ بِذِي طُوًى، وَطَلَعَتِ الشَّمْسُ، صَلَّى رَكْعَتَيْنِ» قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ: قَالَ يُونُسُ بْنُ عَبْدِ الأَعْلَى: قَالَ لِيَ الشَّافِعِيُّ فِي هَذَا الْحَدِيثِ: اتَّبَعَ سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ فِي قَوْلِهِ عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْمَجَرَّةَ، يُرِيدُ: لَزِمَ الطَّرِيقَ. قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ: وَذَلِكَ أَنَّ مَالِكًا، وَيُونُسَ بْنَ يَزِيدَ، وَغَيْرَهُمَا رَوَوُا الْحَدِيثَ عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ حُمَيْدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ يَعْنِي عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 174 عُبَيْدٍ الْقَارِيِّ، عَنْ عُمَرَ، فَأَرَادَ الشَّافِعِيُّ أَنَّ ابْنَ عُيَيْنَةَ وَهِمَ، وَأَنَّ الصَّحِيحَ مَا رَوَاهُ مَالِكٌ أَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ، أَنَا أَبِي، ثَنا أَحْمَدُ بْنُ أَبِي سُرَيْجٍ، قَالَ: سَمِعْتُ الشَّافِعِيَّ يَقُولُ: " إِنَّهُمْ يَقُولُونَ: إِنَّا نُحَابِي "، وَقَدْ تَقَدَّمَتْ فِي بَابِ عِلْمِ الشَّافِعِيِّ أَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ، قَالَ: حُدِّثتُ عَنْ هَارُونَ بْنِ سَعِيدٍ الأَيْلِيِّ، قَالَ: سُئِلَ الشَّافِعِيُّ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ، فَضَعَّفَهُ، وَقَالَ: إِنَّهُ أَتَاهُ رَجُلٌ، فَقَالَ لَهُ: " أَحَدَّثَكَ أَبُوكَ أَنَّ سَفِينَةَ نُوحٍ طَافَتْ بِالْبَيْتِ سَبْعًا، وَصَلَّتْ خَلْفَ الْمَقَامِ رَكْعَتَيْنِ؟ ! فَقَالَ: نَعَمْ " الجزء: 1 ¦ الصفحة: 175 أَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ، قَالَ أَبِي: ثَنا َأَحْمَدُ بْنُ أَبِي سُرَيْجٍ، قَالَ: قُلْتُ لِلشَّافِعِيِّ فِي حَدِيثِ بَرْوَعَ: سُفْيَانُ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ عَلْقَمَةَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ، وَسُفْيَانَ، عَنْ فِرَاسٍ، عَنِ الشَّعْبِيِّ، عَنْ مَسْرُوقٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ، فَقَالَ: وَهَذَا عِنْدَكَ ثَبْتٌ؟ ! كَالْمُنْكِرِ. فَقُلْتُ: وَأَيُّ شَيْءٍ أَثْبَتُ مِنْ هَذَا؟ ! قَالَ: إِنْ كَانَ عِنْدَكَ ثَبْتًا، فَأَنْتَ أَعْلَمُ. قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ: لَمْ يُنْكِرِ الشَّافِعِيُّ هَذَا الإِسْنَادَ وَصِحَّتَهُ، وَإِنَّمَا كَانَ فِي قَلْبِهِ شَكٌّ مِنْ خَبَرِ الرِّجَالِ الَّذِينَ قَامُوا إِلَى عَبْدِ اللَّهِ، فَأَخْبَرُوهُ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي قِصَّةِ بَرْوَعَ، وَالرِّجَالُ هُمْ غَيْرُ مَعْرُوفِينَ بِالصُّحْبَةِ، كَانُوا قَوْمًا مِنْ أَشْجَعَ. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 176 وَقَدْ قَالَ الشَّافِعِيُّ فِي كُتُبِهِ: إِنْ صَحَّ حَدِيثُ بَرْوَعَ، قُلْتُ بِهِ قَوْلُ الشَّافِعِيِّ فِي أُصُولِ الْعِلْمِ أَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ، ثنا أَبِي، سَمِعْتُ يُونُسَ بْنَ عَبْدِ الأَعْلَى، قَالَ: قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ إِدْرِيسَ الشَّافِعِيُّ: «الأَصْلُ قُرْآنٌ أَوْ سُنَّةٌ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ، فَقِيَاسٌ عَلَيْهِمَا» . وَإِذَا اتَّصَلَ الْحَدِيثُ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَصَحَّ الإِسْنَادُ بِهِ، فَهُوَ سُنَّةٌ. وَالإِجْمَاعُ: أَكْبَرُ مِنَ الْخَبَرِ الْمُنْفَرِدِ. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 177 وَالْحَدِيثُ عَلَى ظَاهِرِهِ، وَإِذَا احْتَمَلَ الْمَعَانِيَ فَمَا أَشْبَهَ مِنْهَا ظَاهِرَ الأَحَادِيثِ، أَوْلاهَا بِهِ، وَإِذَا تَكَافَأَتِ الأَحَادِيثُ، فَأَصَحُّهَا إِسْنَادًا أَوْلاهَا. وَلَيْسَ الْمُنْقَطِعُ بِشَيْءٍ، مَا عَدَا مُنْقَطِعَ ابْنِ الْمُسَيِّبِ أَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ، ثَنا يُونُسُ بْنُ عَبْدِ الأَعْلَى نَفْسُهُ، قَالَ: سَمِعْتُ الشَّافِعِيَّ يَقُولُ: «لا يُقَاسُ أَصْلٌ عَلَى أَصْلٍ، وَلا يُقَاسُ عَلَى خَاصٍّ» . وَلا يُقَالُ لِلأَصْلِ: لِمَ؟ وَلا كَيْفَ؟ ، زَادَ أَبِي فِي حَدِيثِهِ، عَنْ يُونُسَ، عَنِ الشَّافِعِيِّ: إِنَّمَا يُقَالُ لِلْفَرْعِ: لِمَ؟ فَإِذَا صَحَّ قِيَاسُهُ عَلَى الأَصْلِ صَحَّ، وَقَامَتْ بِهِ الْحُجَّةُ أَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ، ثَنا يُونُسُ نَفْسُهُ، قَالَ: سَمِعْتُ الشَّافِعِيَّ يَقُولُ: «لَيْسَ الشَّاذُّ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 178 مِنَ الْحَدِيثِ، أَنْ يَرْوِيَ الثِّقَةُ حَدِيثًا لَمْ يَرْوِهِ غَيْرُهُ، إِنَّمَا الشَّاذُّ مِنَ الْحَدِيثِ أَنْ يَرْوِيَ الثِّقَاتُ حَدِيثًا، فَيَشِذَّ عَنْهُمْ وَاحِدٌ، فَيُخَالِفَهُمْ» أَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ، قَالَ: وَثنا أَبِي، حَدَّثَنَا يُونُسُ بِهَذَا عَنِ الشَّافِعِيِّ وَزَادَ فِيهِ، قَالَ: " إِنَّمَا الشَّاذُّ أَنْ يَرْوِيَ الثِّقَاتُ حَدِيثًا عَلَى نَصٍّ، ثُمَّ يَرْوِيهِ ثِقَةٌ خِلافًا لِرِوَايَتِهِمْ، فَهَذَا الَّذِي يُقَالُ: شَذَّ عَنْهُمْ " أَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ، ثَنا أَبِي، ثَنا يُونُسُ، قَالَ: قَالَ الشَّافِعِيُّ: " وَكُلا قَدْ رَأَيْتُهُ اسْتَعْمَلَ الْحَدِيثَ الْمُنْفَرِدَ، اسْتَعْمَلَ أَهْلُ الْمَدِينَةِ حَدِيثَ التَّفْلِيسِ، قَوْلَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِذَا أَدْرِكَ الرَّجُلُ مَا لَهُ بِعَيْنِهِ، فَهُوَ أَحَقُّ بِهِ مِنْ غَيْرِهِ» ، وَاسْتَعْمَلَ أَهْلُ الْعِرَاقِ حَدِيثَ الْعُمْرَى وَكُلٌّ قَدِ اسْتَعْمَلَ الْحَدِيثَ الْمُنْفَرِدَ، هَؤُلاءِ أَخَذُوا بِهَذَا، وَتَرَكُوا الآخَرَ، وَهَؤُلاءِ أَخَذُوا بِهَذَا، وَتَرَكُوا الآخَرَ أَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ، ثَنا يُونُسُ بْنُ عَبْدِ الأَعْلَى نَفْسُهُ، قَالَ: سَمِعْتُ الشَّافِعِيَّ يَقُولُ: «إِذَا جَاءَ عَنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أقَاوِيلُ مُخْتَلِفَةٌ، يُنْظَرُ إِلَى مَا هُوَ أَشْبَهُ بِالْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ، فَيُؤْخَذُ بِهِ» الجزء: 1 ¦ الصفحة: 179 أَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ، ثَنا أَبِي، ثَنا يُونُسُ بْنُ عَبْدِ الأَعْلَى، قَالَ: قَالَ الشَّافِعِيُّ: «وَإِذَا اخْتَلَفُوا يَعْنِي أَصْحَابَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، نُظِرَ أَتْبَعَهُمُ لِلْقِيَاسِ، إِذَا لَمْ يُوجَدْ أَصْلٌ يُخَالِفُهُمْ، اتُّبِعَ أَتْبَعُهُمْ لِلْقِيَاسِ» . قَدِ اخْتَلَفَ عُمَرُ وَعَلِيٌّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا فِي ثَلاثِ مَسَائِلَ: الْقِيَاسُ فِيهَا مَعَ عَلِيٍّ، وَبِقَوْلِهِ آخُذُ. مِنْهَا: الْمَفْقُودُ، قَالَ عُمَرُ: يُضْرَبُ لَهُ أَجَلٌ أَرْبَعُ سِنِينَ، ثُمَّ تَعْتَدُّ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا، ثُمَّ تَنْكِحُ، وَقَالَ عَلِيٌّ: مُنْسَأَةٌ، لا تُنْكَحُ أَبَدًا، وَقَدِ اخْتُلِفَ فِيهِ عَنْ عَلِيٍّ، حَتَّى يَصِحَّ مَوْتٌ أَوْ فِرَاقٌ. وَقَالَ عُمَرُ فِي الرَّجُلِ يُطَلِّقُ امْرَأَتَهُ فِي سَفَرٍ، ثُمَّ يَرْتَجِعُهَا، فَيَبْلُغُهَا الطَّلاقُ وَلا تَبْلُغُهَا الرَّجْعَةُ حَتَّى يَحُلَّ وَتَنْكِحَ: إِنَّ زَوْجَهَا الآخَرَ أَوْلَى بِهَا، إِذَا دَخَلَ بِهَا، وَقَالَ عَلِيٌّ: هِيَ لِلأَوَّلِ أَبَدًا، وَهُوَ أَحَقُّ بِهَا. وَقَالَ عُمَرُ فِي الَّذِي يَنْكِحُ الْمَرْأَةَ فِي الْعِدَّةِ، وَيَدْخُلُ بِهَا: إِنَّهُ يُفَرَّقُ بَيْنَهُمَا، ثُمَّ لا يَنْكِحُهَا أَبَدًا، وَقَالَ عَلِيٌّ: يَنْكِحُهَا بَعْدُ. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 180 وَاخْتَلَفُوا فِي الأَقْرَاءِ، وَأَصَحُ ذَلِكَ: أَنَّ الأَقْرَاءَ الأَطْهَارُ، لِقَوْلِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِعُمَرَ: مُرْهُ يَعْنِي ابْنَ عُمَرَ يُطَلِّقُهَا فِي طُهْرٍ لَمْ يَمَسَّهَا فِيهِ، فَتِلْكَ الْعِدَّةُ الَّتِي أَمَرَ اللَّهُ أَنْ يُطَلَّقَ لَهَا النِّسَاءُ، فَلَمَّا سَمَّاهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عِدَّةً، كَانَ أَصَحَّ الْقَوْلِ فِيهَا، لأَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَمَّاهَا يَعْنِي الأَطْهَارَ الْعِدَّةَ أَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ، ثَنا أَبِي، ثَنا يُونُسُ، قَالَ: سَمِعْتُ الشَّافِعِيَّ يَعْتِبُ عَلَى مَنْ يَقُولُ: لا يُقَاسُ الْمُطْلَقُ مِنَ الْكِتَابِ عَلَى الْمَنْصُوصِ، وَقَالَ: " يَلْزَمُ مَنْ قَالَ هَذَا أَنْ يُجِيزَ شَهَادَةَ الْعَبِيدِ وَالسُّفَهَاءِ؛ لأَنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ قَالَ: {وَأَشْهِدُوا ذَوَيْ عَدْلٍ مِنْكُمْ} [الطلاق: 2] ، فَقَيَّدَ، وَقَالَ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ: {وَأَشْهِدُوا إِذَا تَبَايَعْتُمْ} [البقرة: 282] ، فَأَطْلَقَ، وَلَكِنَّ الْمُطْلَقَ يُقَاسُ عَلَى الْمَنْصُوصِ، مِثْلَ هَذَا، وَلا يَجُوزُ إِلا الْعَدْلُ ". وَكَذَلِكَ قَوْلُهُ فِي كَفَّارَةِ الْقَتْلِ: {مُؤْمِنَةٍ} [النساء: 92] ، وَلَمْ يَقُلْ فِي الظِّهَارِ: مُؤْمِنَةً، وَلا يَجُوزُ فِي الظِّهَارِ إِلا: مُؤْمِنَةٌ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 181 بَابُ قَوْلَ الشَّافِعِيِّ فِي وَصْفِ الشَّجَاجِ أَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ، ثنا أَبِي، ثنا الرَّبِيعُ بْنُ سُلَيْمَانَ، قَالَ: سَمِعْتُ الشَّافِعِيَّ يَقُولُ: الدَّامِيَةُ: إِذَا ضَرَبَ رَأْسَهُ فَأَدْمَاهُ، وَالْبَاضِعَةُ: إِذَا بَضَعَ اللَّحْمَ، وَإِنَّمَا فِي ذَلِكَ: حُكُومَةٌ. وَالسِّمْحَاقُ: الَّتِي يَكُونُ بَيْنَهَا وَبَيْنَ الْعَظْمِ جِلْدةٌ رَقِيقَةٌ، وَفِيهَا: حُكُومَةٌ، وَقَدْ قِيلَ: فِيهَا بَعِيرَانِ وَنِصْفٌ، وَالْمُوَضِحَةُ: الَّتِي تُوَضِحُ عَنِ الْعَظْمِ، حَتَّى يُرَى، أَوْ يَقْرَعَهُ الْمِرْوَدُ، فَفِيهَا: خَمْسٌ مِنَ الإِبِلِ " أَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ، ثَنا الرَّبِيعُ بْنُ سُلَيْمَانَ نَفْسُهُ، قَالَ: قَالَ الشَّافِعِيِّ: " وَالْمُوضِحَةُ عَلَى الاسْمِ: فَمَا أَوْضَحَ مِنْ صَغِيرٍ أَوْ كَبِيرٍ عَنِ الْعَظْمِ، فَفِيهِ خَمْسٌ مِنَ الإِبِلِ ". وَالْهَاشِمَةُ: الَّتِي تُوضِحُ، ثُمَّ تَهْشِمُ الْعَظْمَ، وَفِيهَا عَشْرٌ مِنَ الإبِلِ. وَالْمُنَقِّلَةُ: الَّتِي تَكْسِرُ عَظْمَ الرَّأْسِ، حَتَّى يَتَشَظَّى، فَتُسْتَخْرَجَ عِظَامُهُ مِنَ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 182 الرَّأْسِ لِيَلْتَئِمَ، وَإِنَّمَا قِيلَ: الْمُنَقِّلَةُ، لأَنَّ عِظَامَهَا تُنْقَلُ، وَقَدْ يُقَالُ: الْمَنْقُولَةُ، وَفِيهَا: خَمْسَ عَشْرَةَ مِنَ الإِبِلِ. وَالْمَأْمُومَةُ، وَهِيَ الآمَّةُ: الَّتِي تَخْرِقُ عَظْمَ الرَّأْسِ، حَتَّى تَصِلَ إِلَى الدِّمَاغِ، وَسَواءٌ قَلِيلُ مَا خَرَقَتْ وَكَثِيرُهُ. وَالْجَائِفَةُ: إِذَا وَصَلَتِ الطَّعْنَةُ إِلَى الْجَوْفِ، مِنْ أَيِّ نَاحِيَةٍ كَانَتْ، فَفِيهِمَا ثُلُثُ الدِّيَةِ أَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ، ثَنا أَبِي، ثَنا حَرْمَلَةُ بْنُ يَحْيَى، أَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِدْرِيسَ الشَّافِعِيُّ، قَالَ: الدَّامِيَةُ: الَّتِي تَدْمَى مِنْ غَيْرِ أَنْ يَسِيلَ مِنْهَا دَمٌ، وَمِنْهَا: الدَّامِعَةُ. وَأَوَّلُ الشَّجَاجِ: الْحَارِصَةُ، وَهِيَ الَّتِي تَحْرِصُ الْجِلْدَ، أَيْ: تَشُقُّهُ. ثُمَّ الْبَاضِعَةُ، وَهِيَ: الَّتِي تَشُقُّ اللَّحْمَ، وَتَبْضَعُهُ بَعْدَ الْجِلْدِ، ثُمَّ الْمُتَلاحِمَةُ، الجزء: 1 ¦ الصفحة: 183 وَهِيَ: الَّتِي أَخَذَتْ فِي اللَّحْمِ، وَلَمْ تَبْلُغِ السِّمْحَاقَ. وَالسِّمْحَاقُ: جِلْدَةٌ رَقِيقَةٌ بَيْنَ اللَّحْمِ وَالْعَظْمِ غَيْرُهَا، فَتِلْكَ: السِّمْحَاقُ، وَهِيَ: الْمِلْطَاةُ، ثُمَّ الْمُوضِحَةُ، وَهِيَ الَّتِي تَكْشِفُ ذَلِكَ الْقِشْرَ، وَتَشُقُّ حَتَّى يَبْدُوَ وَضَحُ الْعَظْمِ. وَلَيْسَ فِي شَيْءٍ مِنَ الشَّجَاجِ قِصَاصٌ، إِلا فِي الْمُوضِحَةِ، وَمَا كَانَ دُونَ الْمُوضِحَةِ، فَهُوَ خُدُوشٌ فِيهِ صُلْحٌ. وَالْهَاشِمَةُ: الَّتِي تَهْشِمُ الْعَظْمَ، يَعْنِي: وَلا تُنْقَلُ مِنْهَا الْعِظَامُ، تُهْشَمُ فَقَطْ. وَالْمُنَقِّلَةُ: الَّتِي تُنْقَلُ مِنْهَا فَرَاشُ الْعَظْمِ. وَالآمَّةُ وَهِيَ الْمَأْمُومَةُ: وَهِيَ الَّتِي تَبْلُغُ أُمَّ رَأْسِ الدِّمَاغِ. وَالْجَائِفَةُ: الَّتِي تَخْرِقُ حَتَّى تَصِلَ إِلَى الشَّغَافِ، الْغِشَاءِ الَّذِي فِي الْقَلْبِ أَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي أَبِي، حَدَّثَنَا الرَّبِيعُ، قَالَ: سَمِعْتُ الشَّافِعِيَّ قَالَ: «لا قَوَدَ فِي الْجَائِفَةِ، فَإِنْ كَانَتْ هَذِهِ الأَشْيَاءُ عَمْدًا، فَفِي الْمُوضِحَةِ وَحْدَهَا الجزء: 1 ¦ الصفحة: 184 الْقِصَاصُ، وَالْبَاقِي لا قِصَاصَ فِيهِ، وَفِيهِ الدِّيَةُ، فِي الْعَمْدِ عَلَيْهِ، وَفِي الْخَطَأِ عَلَى الْعَاقِلَةِ» بَابُ قَوْلِ الشَّافِعِيِّ فِي وَصْفِ أَسْنَانِ الإِبِلِ أَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي أَبِي، ثَنا حَرْمَلَةُ بْنُ يَحْيَى، قَالَ: أَنَا الشَّافِعِيُّ، قَالَ: " إِذَا وَضَعَتِ النَّاقةُ، قِيلَ لِوَلَدِهَا: رُبَعٌ، وَالأُنْثَى: رُبَعَةٌ، وَهُوَ فِي هَذَا كُلِّهِ حُوَارٌ، وَالأُنْثَى: حُوَارَةٌ ". فَلا يَزَالُ حُوَارًا حَوْلا، ثُمَّ يُفْصَلُ، فَإِذَا فُصِلَ عَنْ أُمِّهِ، فَهُوَ فَصِيلٌ، وَالأُنْثَى: فَصِيلَةٌ، وَالْفِصَالُ: هُوَ الْفِطَامُ. فَإِذَا اسْتَكْمَلَ الْحَوْلَ، وَدَخَلَ فِي الثَّانِي، فَهُوَ ابْنُ مَخَاضٍ، وَالأُنْثَى بِنْتُ مَخَاضٍ، وَإِنَّمَا سُمِّيَ ابْنَ مَخَاضٍ؛ لأَنَّهُ قَدْ فُصِلَ، وَلَحِقَتْ أُمُّهُ بِالْمَخَاضِ وَهِيَ الْحَوَامِلُ، فَهُوَ ابْنُ مَخَاضٍ، وَإِنْ لَمْ تَكُنْ حَامِلا. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 185 فَلا يَزَالُ ابْنَ مَخَاضٍ السَّنَةَ الثَّانِيَةَ كُلَّهَا، فَإِذَا اسْتَكْمَلَهَا، وَدَخَلَ فِي الثَّالِثَةِ فَهُوَ ابْنُ لَبُونٍ، وَالأُنْثَى ابْنَةُ لَبُونٍ، وَإِنَّمَا سُمِّيَ ابْنَ لَبُونٍ؛ لأَنَّ أُمَّهُ وَضَعَتْ غَيْرَهُ، فَصَارَ لَهَا لَبَنٌ، فَهِيَ لَبُونٌ، وَهُوَ ابْنُ لَبُونٍ. فَلا يَزَالُ كَذَلِكَ السَّنَةَ الثَّالِثَةَ كُلَّهَا، فَإِذَا مَضَتِ السَّنَةُ الثَّالِثَةُ، وَدَخَلتِ الرَّابِعَةُ فَهُوَ حِينَئِذٍ حِقٌّ، وَالأُنْثَى حِقَّةٌ، وَإِنَّمَا سُمِّيَ حِقًّا؛ لأَنَّهُ اسْتَحَقَّ أَنْ يُحْمَلَ عَلَيْهِ وَيُرْكَبَ، يُقَالُ: هُوَ حِقٌ، وَكَذَلِكَ الأُنْثَى حِقَّةٌ، وَيُقَالُ: إِنَّهُ قَدْ بَلَغَتِ الْحِقَّةُ، فَيَنْزُوهَا الْفَحْلُ، وَلِذَلِكَ قِيلَ: طَرُوقَةُ الْفَحْلِ. فَلا يَزَالُ كَذَلِكَ حَتَّى تَمْضِيَ الْخَامِسَةُ، فَإِذَا دَخَلَ فِي السَّنَةِ السَّادِسَةِ فَهُوَ حِينَئِذٍ ثَنِيٌّ، وَالأُنْثَى ثَنِيَّةٌ، وَهُوَ الَّذِي يُجْزِئُ فِي الْهَدْيِ وَالضَّحَايَا مِنَ الإِبِلِ وَالْبَقَرِ. وَأَمَّا الضَّأْنُ فَهُوَ يُجْزِئُ مِنْهَا الْجَذَعُ. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 186 ثُمَّ لا يَزَالُ الثَنِيُّ ثَنِيًّا حَتَّى تَمْضِيَ السَّنَةُ السَّادِسَةُ، فَإِذَا دَخَلَتِ السَّنَةُ السَّابِعَةُ، فَهُوَ حِينَئِذٍ رَبَاعٌ، وَالأُنْثَى رَبَاعِيَّةٌ. فَلا يَزَالُ كَذَلِكَ حَتَّى تَمْضِيَ السَّنَةُ السَّابِعَةُ، فَإِذَا مَضَتْ، وَدَخَلَ فِي السَّنَةِ الثَّامِنَةِ فَهُوَ حِينَئِذٍ سَدَسٌ، وَكَذَلِكَ الأُنْثَى: سَدَسٌ. فَلا يَزَالُ كَذَلِكَ حَتَّى تَمْضِيَ السَّنَةُ الثَّامِنَةُ، فَإِذَا مَضَتْ، وَدَخَلَ فِي السَّنَةِ التَّاسِعَةِ، فَهُوَ حِينَئِذٍ: بَازِلٌ، وَكَذَلِكَ الأُنْثَى: بَازِلٌ. فَلا يَزَالانِ بَازِلَيْنِ، حَتَّى تَمْضِيَ التَّاسِعَةُ، فَإِذَا مَضَتْ، وَدَخَلَ فِي السَّنَةِ الْعَاشِرَةِ، فَهُوَ حِينَئِذٍ: مُخْلِفٌ، وَكَذَلِكَ الأُنْثَى: مُخْلِفٌ. ثُمَّ لَيْسَ لَهُ اسْمٌ بَعْدَ الإِخْلافِ، وَلَكِنْ يُقَالُ لَهُ: بَازِلُ عَامٍ، وَبَازِلُ عَامَيْنِ، وَمُخْلِفُ عَامٍ، وَمُخْلِفُ عَامَيْنِ، إِلَى مَا زَادَ عَلَى ذَلِكَ. فَإِذَا كَبِرَ، فَهُوَ: عَوْدٌ، وَالأُنْثَى: عَوْدَةٌ. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 187 فَإِذَا هَرَمَ، فَهُوَ قَحْمٌ. وَأَمَّا الأُنْثَى، فَهِيَ: النَّابُ وَالشَّارِفُ قَوْلُ الشَّافِعِيِّ فِي أنْسَابِ قُرَيْشٍ وَبَنِي هَاشِمٍ ثَنا أَبُو مُحَمَّدٍ، ثَنا عَلِيُّ بْنُ الْحَسَنِ الْهِسَنْجَانِيُّ، قَالَ: سَمِعْتُ أَحْمَدَ يَعْنِي ابْنَ حَنْبَلٍ، عَنِ الشَّافِعِيِّ، قَالَ: أَبُو طَالِبٍ اسْمُهُ: عَبْدُ مَنَافِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ، وَعَبْدِ الْمُطَّلِبِ اسْمُهُ: شَيْبَةُ بْنُ هَاشِمٍ، وَهَاشِمٌ اسْمُهُ: عَمْرُو بْنُ عَبْدِ مَنَافِ بْنِ قُصَيٍّ، وَقُصَيُّ اسْمُهُ: زَيْدٌ. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 188 وَأُمُّ هَانِئٍ بِنْتُ أَبِي طَالِبٍ، اسْمُهَا هِنْدٌ. وَأُمُّ حَكِيمٍ بِنْتُ الزُّبَيْرِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ، هِيَ: ضُبَاعَةُ. وَاسْمُ عَبْدِ مَنَافٍ: الْمُغِيرَةُ بْنُ قُصَيِّ بْنِ كِلابِ بْنِ مُرَّةَ بْنِ كَعْبِ بْنِ لُؤَيِّ بْنِ غَالِبِ بْنِ فِهْرِ بْنِ مَالِكِ بْنِ النَّضْرِ بْنِ كِنَانَةَ بْنِ خُزَيْمَةَ بْنِ مُدْرِكَةَ بْنِ إلْيَاسَ بْنِ مُضَرَ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 189 أَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ َأَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ فِيمَا كَتَبَ إِلَيَّ، قَالَ: وَجَدْتُ فِي كِتَابِ أَبِي، بِخَطِّ يَدِهِ، قَالَ: ثَنا مُحَمَّدُ بْنُ إِدْرِيسَ يَعْنِي الشَّافِعِيَّ، قَالَ: «النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ» ، وَسَرَدَ بَقِيَّةَ النَّسَبِ، إِلَى: إِلْيَاسَ بْنِ مُضَرَ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 190 أَخْبَرَنَا الشَّيْخُ أَبُو مُحَمَّدٍ سَعِيدُ بْنُ مُحَمَّدٍ الشِّيرَازِيُّ قِرَاءَةً عَلَيْهِ، وَأَنَا أَسْمَعُ، قَالَ: أَنَا الشَّيْخُ أَبُو مُحَمَّدٍ الْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ الْجَوْهَرِيُّ، قَالَ: أَنَا أَبُو الْحَسَنِ عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ مَرْدَكَ قِرَاءَةً عَلَيْهِ، قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي حَاتِمٍ الرَّازِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ، قَالَ: أَخْبَرَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ فِيمَا كَتَبَ إِلَيَّ، قَالَ: وَجَدْتُ فِي كِتَابِ أَبِي بِخَطِّ يَدِهِ، قَالَ: قَالَ الشَّافِعِيُّ: " فَأَوَّلُ النَّاسِ يَلْقَى النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِنَسَبٍ بَنُو عَبْدِ الْمُطَّلِبِ، وَالْعَقِبُ مِنْهُمْ فِي بَنِي الْعَبَّاسِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ، وَفِي آلِ أَبِي طَالِبِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ، فَمِنْهُمْ: عَلِيٌّ، وَجَعْفَرٌ، وَعَقِيلٌ، بَنُو أَبِي طَالِبٍ، وَفِي بَنِي أَبِي لَهَبِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ، وَبَنِي الْحَارِثِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ ". قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ: إِنَّمَا تَرَكَ ذِكْرَ أَوْلادِ هَاشِمٍ، لأَنَّهُمْ دَرَجُوا كُلُّهُمْ، وَالْعَقِبُ مِنْ بَنِي هَاشِمٍ لِعَبْدِ الْمُطَّلِبِ، وَكَانَ لِهَاشِمٍ أَرْبَعَةُ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 193 بَنِينَ، وَيُقَالُ خَمْسَةٌ: عَبْدُ الْمُطَّلِبِ، وَأَسَدٌ وَالِدُ فَاطِمَةَ أُمِّ عَلِيٍّ، وَنَضْلَةُ، وَأَبُو صَيْفِيٍّ. وَيُقَالُ: وَصَيْفِيٌّ. بَنُو عَبْدِ مَنَافٍ: قَالَ الشَّافِعِيُّ: مِنْ ذَلِكَ وَلَدُ الْمُطَّلِبِ بْنِ عَبْدِ مَنَافٍ. ثُمَّ تَلْقَاهُ: بَنُو الْمُطَّلِبِ بْنِ عَبْدِ مَنَافٍ، مِنْهُمْ: آلُ شَافِعٍ، وَآلُ رُكَانَةَ، وَآلُ عُمَيْرٍ يَزِيدُ بْنُ هَاشِمِ بْنِ الْمُطَّلِبِ. وَمِنْهُمْ: عُبَيْدَةُ، وَالْحُصَيْنُ، وَالطُّفَيْلُ بَنُو الْحَارِثِ بْنِ الْمُطَّلِبِ، وَمِسْطَحُ بْنُ أُثَاثَةَ بْنِ عَبَّادِ بْنِ الْمُطَّلِبِ، هَؤَلَاءِ أَرْبَعَةٌ: بَدْرِيُّونَ. وَمِنْهُمْ آلُ مَخْرَمَةَ بْنِ الْمُطَّلِبِ. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 194 وَمِنْهُمْ آلُ أَبِي نَبْقَةَ بْنِ عَلْقَمَةَ بْنِ الْمُطَّلِبِ. وَبَنُو عَبْدِ شَمْسِ بْنِ عَبْدِ مَنَافٍ، مِنْهُمْ: عُثْمَانُ بْنُ عَفَّانَ بْنِ أَبِي الْعَاصِ بْنِ أُمَيَّةَ بْنِ عَبْدِ شَمْسِ بْنِ عَبْدِ مَنَافٍ. وَمِنْهُمْ: مَرْوَانُ بْنُ الْحَكَمِ بْنِ أَبِي الْعَاصِ بْنِ أُمَيَّةَ. وَمِنْهُمْ: مُعَاوِيَةُ بْنُ أَبِي سُفْيَانَ بْنِ حَرْبِ بْنِ أُمَيَّةَ. وَمِنْهُمْ: سَعِيدُ بْنُ الْعَاصِ بْنِ أُمَيَّةَ بْنِ عَبْدِ شَمْسٍ. وَمِنْهُمْ: أَبُو حُذَيْفَةَ بْنُ عُتْبَةَ بْنِ رَبِيعَةَ بْنِ عَبْدِ شَمْسٍ، وَهُوَ بَدْرِيُّ. وَمِنْهُمْ: عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَامِرِ بْنِ كُرَيْزِ بْنِ رَبِيعَةَ بْنِ حَبِيبِ بْنِ عَبْدِ شَمْسٍ. وَبَنُو نَوْفَلِ بْنِ عَبْدِ مَنَافٍ، مِنْهُمْ: جُبَيْرُ بْنُ مُطْعِمِ بْنِ عَدِيِّ بْنِ نَوْفَلِ بْنِ عَبْدِ مَنَافٍ. وَمِنْهُمْ: آلُ أَبِي حُسَيْنٍ، وَمِنْهُمْ: بَنُو أَبِي سَرْوَعَةَ الَّذِي قَتَلَ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 195 خُبَيْبًا، وَهُمْ: بَنُو الْحَارِثِ بْنِ عَامِرِ بْنِ نَوْفَلِ بْنِ عَبْدِ مَنَافٍ. وَمِنْهُمْ: قَرَظَةُ بْنُ عَبْدِ عَمْرِو بْنِ نَوْفَلِ بْنِ عَبْدِ مَنَافٍ. بَنُو قُصَيِّ بْنِ كِلَابِ بْنِ مُرَّةَ. ثُمَّ تَلْقَاهُ بَنُو أَسَدِ بْنِ عَبْدِ الْعُزَّى بْنِ قُصَيٍّ، وَبَنُو عَبْدِ الدَّارِ بْنِ قُصَيٍّ، وَهُمُ: الْحَجَبَةُ. وَمِنْ بَنِي أَسَدٍ: أُمُّ الْمُؤْمِنِينَ خَدِيجَةُ بِنْتُ خُوَيْلِدِ بْنِ أَسَدٍ، وَأَقْرَبُ النَّاسِ بِهَا: حَكِيمُ بْنُ حِزَامِ بْنِ خُوَيْلِدٍ، أَسْلَمَ قَبْلَ أَنْ يَفْتَحَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَكَّةَ بِيَوْمٍ. وَمِنْهُمْ: الزُّبَيْرُ بْنُ الْعَوَّامِ بْنِ خُوَيْلِدِ بْنِ أَسَدٍ، وَقَرَابَتُهُ وَقَرَابَةُ حَكِيمٍ مِنْهَا وَاحِدَةٌ. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 196 وَمِنْهُمْ: وَرَقَةُ بْنُ نَوْفَلِ بْنِ أَسَدٍ، يُقَالُ: إِنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «لا تَسُبُّوا وَرَقَةَ، فَإِنِّي أُرِيتُ لَهُ جَنَّةً أَوْ جَنَّتَيْنِ» . وَمِنْهُمْ: آلُ حُمَيْدِ بْنِ زُهَيْرِ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ أَسَدٍ. وَمِنْهُمْ: النَّضْرُ بْنُ الْحَارِثِ، قَتَلَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَبْرًا، مُنْصَرِفَهُ مِنْ بَدْرٍ. وَمِنْهُمْ: بَنُو أَبِي طَلْحَةَ، وَهُمُ الْحَجَبَةُ، قُتِلَ عَامَّتُهُمْ يَوْمَ أُحُدٍ مُشْرِكِينَ، وَهُمْ كَانُوا أَصْحابَ لِوَاءِ قُرَيْشٍ، وَمِنْ بَنِي أَبِي طَلْحَةَ: آلُ شَيْبَةُ بْنِ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 197 عُثْمَانَ، وَآلُ نَبِيهِ بْنِ عَامِرِ بْنِ هَاشِمِ بْنِ عَبْدِ مَنَافِ بْنِ عَبْدِ الدَّارِ. ثُمَّ بَنُو زُهْرَةَ بْنِ كِلَابِ بْنِ مُرَّةَ، فَمِنْ بَنِي زُهْرَةَ بْنِ كِلَابٍ، أُمُّ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ آمِنَةُ بِنْتُ وَهْبِ بْنِ عَبْدِ مَنَافِ بْنِ زُهْرَةَ. وَمِنْهُمْ: عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَوْفِ بْنِ عَبْدِ عَوْفِ بْنِ عَبْدِ الْحَارِثِ بْنِ زُهْرَةَ، وَسَعْدُ بْنُ أَبِي وَقَّاصٍ، مَالِكِ بْنِ وُهَيْبِ بْنِ عَبْدِ مَنَافِ بْنِ زُهْرَةَ، وَالْمِسْوَرُ بْنُ مَخْرَمَةَ بْنِ نَوْفَلِ بْنِ أُهَيْبٍ، وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَزْهَرَ بْنِ عَبْدِ عَوْفٍ، وَالأَسْوَدُ بْنُ عَبْدِ يَغُوثَ بْنِ وَهْبِ بْنِ عَبْدِ مَنَافٍ، وَآلُ شِهَابِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 198 زُهْرَةَ، وَمِنْهُمُ ابْنُ شِهَابٍ مُحَمَّدُ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ شِهَابٍ الزُّهْرِيُّ. ثُمَّ: بَنُو تَيْمِ بْنِ مُرَّةَ بْنِ كَعْبٍ، فَمِنْ بَنِي تَيْمِ بْنِ مُرَّةَ: أَبُو بَكْرٍ الصِّدِّيقُ وَهُوَ: عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُثْمَانَ بْنِ عَامِرِ بْنِ عَمْرِو بْنِ كَعْبِ بْنِ سَعْدِ بْنِ تَيْمِ، وَعَائِشَةُ أُمُّ الْمُؤْمِنِينَ، وَطَلْحَةُ بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عُثْمَانَ بْنِ عَمْرِو بْنِ كَعْبِ بْنِ سَعْدِ بْنِ تَيْمٍ. وَمِنْهُمْ: آلُ جُدْعَانَ بْنِ عَمْرِو بْنِ كَعْبِ بْنِ سَعْدِ بْنِ تَيْمٍ. وَمِنْهُمْ: قَوْمٌ يُقَالُ لَهُمْ: بَنُو شُتَيْمٍ، وَلَهُمْ فِيهِمْ نَسَبٌ جَيِّدٌ، وَآلُ مُعَاذِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عُثْمَانَ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عُثْمَانَ بْنِ عَمْرٍو. وَمِنْهُمْ: مُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ الْحَارِثِ التَّيْمِيُّ. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 199 وَبَنُو مَخْزُومِ بْنِ يَقْظَةَ بْنِ مُرَّةَ، وَمِنْ بَنِي مَخْزُومٍ: أَبُو سَلَمَةَ بْنُ عَبْدِ الأَسَدِ بْنِ هِلالِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ بْنِ مَخْزُومٍ. وَمِنْهُمْ: آلُ عَائِذِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ بْنِ مَخْزُومٍ، وَمِنْ آلِ عَائِذٍ الصَّيْفِيِّ أَبُو السَّائِبِ، وَالسَّائِبُ بْنُ أَبِي السَّائِبِ شَرِيكُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَمُحَمَّدٌ وَعَبْدُ اللَّهِ ابْنَا عَبَّادِ بْنِ جَعْفَرِ بْنِ رِفَاعَةَ بْنِ أُمَيَّةَ بْنِ عَائِذٍ. وَمِنْهُمْ: بَنُو الْمُغِيرَةِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ بْنِ مَخْزُومٍ، فَمِنْ بَنِي الْمُغِيرَةِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ أُمُّ الْمُؤْمِنِينَ أُمُّ سَلَمَةَ ابْنَةُ أَبِي أُمَيَّةَ بْنِ الْمُغِيرَةِ، وَأَخُوهَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي أُمَيَّةَ، وَقَدْ شَهِدَ مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ غَزْوَةَ الطَّائِفِ. وَمِنْهُمْ: خَالِدُ بْنُ الْوَلِيدِ بْنِ الْمُغِيرَةِ، وَقَدْ بَعَثَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى عَدُوِّهِ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 200 يَعْنِي مُسَيْلِمَةَ الْكَذَّابَ، وَعَلَى يَدَيْهِ كَانَ فَتْحُ عَامَّةِ الرِّدَّةِ، وَكَانَ لَهُ بَلاءٌ فِي الْإِسْلَامِ. وَمِنْهُمُ: الْوَلِيدُ بْنُ الْوَلِيدِ، وَعَيَّاشُ بْنُ أَبِي رَبِيعَةَ، اللَّذَانِ دَعَا لَهُمَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الصَّلاةِ. وَمِنْهُمُ: الْمُهَاجِرُ بْنُ أَبِي أُمَيَّةَ، الَّذِي شَهِدَ فَتْحَ حِصْنِ النُّجَيْرِ، مَعَ زِيَادِ بْنِ لَبِيدٍ الأَنْصَارِيِّ الْبَيَاضِيِّ. وَمِنْهُمْ: عِكْرِمَةُ بْنُ أَبِي جَهْلِ بْنِ هِشَامِ بْنِ الْمُغِيرَةِ، وَكَانَ مَحْمُودَ الْبَلاءِ فِي الْإِسْلَامِ، مَحْمُودَ الْإِسْلَامِ مِنْ حِينَ دَخَلَ فِيهِ. وَمِنْهُمُ: الْحَارِثِ بْنُ هِشَامٍ، مَاتَ فِي الطَّاعُونِ بِالشَّامِ. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 201 وَمِنْهُمْ: عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي رَبِيعَةَ، عَامِلُ عُمَرَ عَلَى بَعْضِ الْيَمَنِ، وَهِيَ الْجَنَدُ. وَمِنْ بَنِي مَخْزُومٍ: آلُ عِمْرَانَ بْنِ مَخْزُومٍ، وَهُمْ أَخْوَالُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أُمُّ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ مِنْهُمْ. فَمِنْ بَنِي عِمْرَانَ بْنِ مَخْزُومٍ: سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيِّبِ بْنِ حَزْنِ بْنِ أَبِي وَهْبِ بْنِ عَمْرِو بْنِ عَائِذِ بْنِ عِمْرَانَ. ثُمَّ: بَنُو جُمَحٍ وَسَهْمٍ، وَبَنُو عَدِيِّ بْنِ كَعْبٍ، يَلْقَى النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَيْثُ يَلْقَيَانِهِ، وَهُمَا أَخَوَانِ. فَمِنْ بَنِي عَدِيِّ بْنِ كَعْبٍ: عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، وَحَفْصَةُ بِنْتُ عُمَرَ أُمُّ الْمُؤْمِنِينَ، وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ، وَسَالِمُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ. وَمِنْهُمْ: سَعِيدُ بْنُ زَيْدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ نُفَيْلٍ. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 202 وَمِنْهُمْ: آلُ مُطِيعِ بْنِ الأَسْوَدِ بْنِ حَارِثَةَ، وَآلُ سُرَاقَةَ بْنِ الْمُعْتَمِرِ بْنِ أَنَسِ بْنِ أَذَاةَ، وَفِي بَنِي سُرَاقَةَ سَابِقَةٌ، وَلَهُمْ حِلْفٌ. بَنُو جُمَحِ بْنِ عَمْرِو بْنِ هُصَيْصِ بْنِ كَعْبِ بْنِ لُؤَيٍّ: وَمِنْ بَنِي جُمَحٍ: آلُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ صَفْوَانَ بْنِ أُمَيَّةَ بْنِ خَلَفِ بْنِ وَهْبِ بْنِ حُذَافَةَ بْنِ جُمَحٍ، وَآلُ أُبَيِّ بْنِ خَلَفٍ. بَنُو سَهْمِ بْنِ عَمْرِو بْنِ هُصَيْصِ بْنِ كَعْبِ بْنِ لُؤَيٍّ: وَمِنْ بَنِي سَهْمٍ: عَبْدُ اللَّهِ بْنُ حُذَافَةَ، وَعَمْرُو بْنُ الْعَاصِ، وَهِشَامُ بْنُ الْعَاصِ، وَآلُ نُبَيْهٍ وَمُنَبِّهٍ ابْنَيِ الْحَجَّاجِ بْنِ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 203 عَامِرِ بْنِ حُذَيْفَةَ بْنِ سَعْدِ بْنِ سَهْمٍ، وَآلُ أَبِي وَدَاعَةَ الْحَارِثِ بْنِ صُبَيْرَةَ بْنِ سَعِيدِ بْنِ سَعْدِ بْنِ سَهْمٍ، مِنْهُمُ: الْمُطَّلِبُ بْنُ أَبِي وَدَاعَةَ، وَمِنُهُمْ: كَثِيرُ بْنُ كَثِيرِ بْنِ الْمُطَّلِبِ. وَمِنْ بَنِي سَهْمٍ: آلُ قَيْسِ بْنِ عَدِيِّ بْنِ سَعْدِ بْنِ سَهْمٍ، فَمِنْهُمْ: عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الزِّبْعَرَى بْنِ قَيْسٍ الشَّاعِرُ. ثُمَّ بَنُو عَامِرِ بْنِ لُؤَيٍّ، هُوَ أَخُو كَعْبِ بْنِ لُؤَيٍّ، مِنْهُمْ: أَبُو سَبْرَةَ بْنُ أَبِي رُهْمٍ، بَدْرِيٌّ. وَمِنْهُمْ: مُسَاحِقُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَخْرَمَةَ بْنِ أَبِي قَيْسٍ، وَآلُ سَهْلِ بْنِ عَمْرٍو، هُوَ أَخُو سُهَيْلِ بْنِ عَمْرٍو صَاحِبِ عَقْدِ قُرَيْشٍ يَوْمَ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 204 الْحُدَيْبِيَةِ، وَالْقَائِمِ بِمَكَّةَ خَطِيبًا، يَوْمَ مَاتَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَمَاتَ بِالشَّامِ فِي الطَّاعُونِ، وَكَانَ مَحْمُودَ الْإِسْلَامِ، مِنْ حِينَ دَخَلَ فِيهِ عَامَ الْفَتْحِ. وَمِنْهُمْ: حُوَيْطِبُ بْنُ عَبْدِ الْعُزَّى، وَكَانَ حَمِيدَ الْإِسْلَامِ، وَهُوَ أَكْثَرُ قُرَيْشٍ بِمَكَّةَ، رَيْعًا جَاهِلِيًّا. وَمِنْهُمْ: عَمْرُو بْنُ عَبْدٍ، الْمَقْتُولُ مُشْرِكًا يَوْمَ الْخَنْدَقِ. وَمِنْهُمْ: آلُ أُوَيْسٍ. بَنُو فِهْرِ بْنِ مَالِكِ بْنِ النَّضْرِ: ثُمَّ بَنُو فِهْرٍ، مِنْهُمْ: بَنُو الْحَارِثِ بْنِ فِهْرٍ، الجزء: 1 ¦ الصفحة: 205 وَبَنُو مُحَارِبِ بْنِ فِهْرٍ، وَلِلَّبْسِ بَيَّنَ الْحَارِثَ خَوْفَ الذِّهَابِ إِلَى الْحَارِثِ بْنِ عَمْرٍو. وَمِنْ بَنِي الْحَارِثِ: الْخُلْجُ. وَمِنْ بَنِي مُحَارِبِ بْنِ فِهْرٍ: أَبُو عُبَيْدَةَ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْجَرَّاحِ. قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ: هَذَا وَهَمٌ، أَبُو عُبَيْدةَ بْنُ الْجَرَّاحِ مِنْ وَلَدِ الْحَارِثِ بْنِ فِهْرٍ، وَكَانَ الْحَارِثِ وَمُحَارِبُ أَخَوَيْنَ، وَهُمَا ابْنَا فِهْرٍ. سَمِعْتُ أَبِي يَنْسِبُ أَبَا عُبَيْدَةَ، فَقَالَ: اسْمُهُ عَامِرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْجَرَّاحِ بْنِ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 206 هِلالِ بْنِ أُهَيْبٍ، قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ: وَيُقَالُ: ابْنُ وَهْبِ بْنِ ضَبَّةَ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ فِهْرِ بْنِ مَالِكِ بْنِ النَّضْرِ بَابٌ فِي آدَابِ الشَّافِعِيِّ رَحِمَهُ اللَّهُ أَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ، ثَنا أَحْمَدُ بْنُ عَمْرِو بْنِ أَبِي عَاصِمٍ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا إِسْحَاقَ الشَّافِعِيَّ يَعْنِي إِبْرَاهِيمَ بْنَ مُحَمَّدٍ، وَذَكَرَ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ بْنَ إِدْرِيسَ الشَّافِعِيَّ، فَقَالَ: سَمِعْتُهُ يَقُولُ: «إِنَّ لِلْعَقْلِ حَدًّا يَنْتَهِي إِلَيْهِ، كَمَا أَنَّ لِلْبَصَرِ حَدًّا يَنْتَهِي إِلَيْهِ» أَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ، ثَنا يُونُسُ بْنُ عَبْدِ الأَعْلَى، قَالَ: سَمِعْتُ الشَّافِعِيَّ يَقُولُ: «سِيَاسَةُ النَّاسِ أَشَدُّ مِنْ سِيَاسَةِ الدَّوَابِّ» أَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ، ثَنا حَرْمَلَةُ بْنُ يَحْيَى، قَالَ: سَمِعْتُ الشَّافِعِيَّ يَقُولُ: وَدَعِ الَّذِينَ إِذَا أَتَوْكَ تَنَسَّكُوا وَإِذَا خَلَوْا فَهُمْ ذِئَابُ حِقَافِ قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ: فِي كِتَابِي عَنِ الرَّبِيعِ بْنِ سُلَيْمَانَ، قَالَ: «كَانَ لِلشَّافِعِيِّ خِصْيَانٌ، فَإِذَا بَلَغَ مِنْهُمْ مَبْلَغَ الْحُلُمِ لَمْ يَدَعْهُ يَصْعَدُ إِلَى النِّسَاءِ، وَاشْتَرَى آخَرَ مَكَانَهُ لِيَصْعَدَ إِلَيْهِنَّ» . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 207 وَكَانَتِ امْرَأَتُهُ بِنْتَ عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ: قَالَ أَبِي: ثَنا أَحْمَدُ بْنُ أَبِي سُرَيْجٍ، قَالَ: سَمِعْتُ الشَّافِعِيَّ يَقُولُ: «مَا تَخَلَّلَ الْإِنْسَانُ بِالْخِلَالِ مِنْ بَيْنِ الأَسْنَانِ، فَلْيَقْذِفْهُ، وَمَا أَخَذَهُ بِأَصَابِعِهِ فَلْيَأْكُلْهُ» أَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ، قَالَ: قَالَ الرَّبِيعُ بْنُ سُلَيْمَانَ، وَإِسْمَاعِيلُ بْنُ يَحْيَى الْمُزَنِيُّ: كُلِّمَ الشَّافِعِيُّ فِي بَعْضِ مَا يُرَادُ، فَأَنْشَأَ يَقُولُ: وَلَقَدْ بَلَوْتُكَ وَابْتَلَيْتَ خَلِيقَتِي ... وَلَقَدْ كَفَاكَ مُعَلِّمِي تَعْلِيمِي. أَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ، ثَنا يُونُسُ بْنُ عَبْدِ الأَعْلَى، قَالَ: «وَجَّهَ الشَّافِعِيُّ الرَّبِيعَ بْنَ سُلَيْمَانَ، وَأَمَرَهُ أَنْ يَشْتَرِيَ لَهُ حَوَائِجَ، وَأَمَرَهُ أَنْ يَجْعَلَهَا فِي الْقُفَّةِ، وَيَخْتِمَ الْقُفَّةَ، وَيَدْفَعَهُ إِلَى الْغُلامِ. فَاشْتَرَى الرَّبِيعُ مَا أَمَرَهُ الشَّافِعِيُّ، وَجَعَلَهُ فِي الْقُفَّةِ، وَخَتَمَ عُرْوَةُ الْقُفَّةَ، وَدَفَعَهُ إِلَى الْغُلامِ» . فَلَمَّا رَجَعَ، قَالَ الشَّافِعِيُّ لَهُ: أَلَيْسَ أَمَرْتُكَ أَنْ تَخْتِمَ الْقُفَّةَ؟ ! قَالَ: قَدْ فَعَلْتُ، فَنَظَرُوا، فَإِذَا أَنَّهُ قَدْ خَتَمَ الْعُرْوَةَ! الجزء: 1 ¦ الصفحة: 208 قَالَ الرَّبِيعُ: أَدْخَلَنِي الشَّافِعِيُّ فِي الأَذَانِ سَنَةَ إِحْدَى وَمِاتَيْنِ، وَأَنَا رَجُلٌ أَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ، ثنا الرَّبِيعُ بْنُ سُلَيْمَانَ، قَالَ: سَمِعْتُ الشَّافِعِيَّ يَقُولُ لِي: «مَا أَحَبَّكَ إِلَيَّ!» أَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ، ثَنا يُونُسُ بْنُ عَبْدِ الأَعْلَى، قَالَ: قَالَ الشَّافِعِيُّ: «مَا خَدَمَنِي أَحَدٌ مِثْلَ مَا خَدَمَنِي الرَّبِيعُ بْنُ سُلَيْمَانَ» أَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ، ثَنا أَبِي، قَالَ: حَدَّثَنِي الرَّبِيعُ بْنُ سُلَيْمَانَ، قَالَ: " دَخَلْتُ عَلَى الشَّافِعِيِّ وَهُوَ مَرِيضٌ، فَقُلْتُ لَهُ: قَوَّى اللَّهُ ضَعْفَكَ. فَقَالَ: لَوْ قَوَّى ضَعْفِي قَتَلَنِي. فَقُلْتُ: وَاللَّهِ، مَا أَرَدْتُ إِلا الْخَيْرَ. قَالَ: أَعْلَمُ أَنَّكَ لَوْ شَتَمْتَنِي لَمْ تُرِدْ إِلا الْخَيْرَ " أَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ، قَالَ أَبِي: وَسَمِعْتُ أَبَا يَعْلَى، يَحْكِي عَنِ الشَّافِعِيِّ أَنَّهُ عَلَّمَهُ، فَقَالَ: قُلْ: «قَوَّى اللَّهُ قُوَّتَكَ، وَضَعَّفَ ضَعْفَكَ» . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 209 وَقَالَ غَيْرُ الشَّافِعِيِّ: يَنْبَغِي أَنْ يُقَالَ: قَوَّى اللَّهُ مِنْ ضَعْفِكَ ثَنا أَبُو مُحَمَّدٍ، قَالَ: فِي كِتَابِي عَنِ الرَّبِيعِ بْنِ سُلَيْمَانَ، قَالَ: " كَانَ لأَبِي يَعْقُوبَ الْبُوَيْطِيِّ مِنَ الشَّافِعِيِّ مَنْزِلَةٌ، وَكَانَ الرَّجُلُ رُبَّمَا يَسْأَلُهُ عَنِ الْمَسْأَلَةِ، فَيَقُولُ: سَلْ أَبَا يَعْقُوبَ، فَإِذَا أَجَابَهُ أَخْبَرَهُ، فَيَقُولُ: هُوَ كَمَا قَالَ ". قَالَ: وَرُبَّمَا جَاءَ إِلَى الشَّافِعِيِّ رَسُولُ صَاحِبِ الشُّرْطَةِ يَسْتَفْتِيهِ، فَيُوَجِّهُ الشَّافِعِيُّ أَبَا يَعْقُوبَ الْبُوَيْطِيَّ، وَيَقُولُ: هَذَا لِسَانِي. قَالَ الرَّبِيعُ: مَا رَأَيْتُ أَحَدًا أَنْزَعَ لِحُجَّةٍ مِنْ كِتَابِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ، مِنْ أَبِي يَعْقُوبَ الْبُوَيْطِيِّ أَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ، ثَنا يُونُسُ بْنُ عَبْدِ الأَعْلَى، قَالَ: «رَأَيْتُ الشَّافِعِيَّ يَوْمًا، وَقَدْ أَخْرَجَ إِحْدَى يَدَيْهِ مِنْ جَيْبِهِ، وَالْحَجَّامُ يَحْلِقُ الشَّعْرَ الَّذِي عَلَى إِبْطِهِ، فَيَحْلِقُ ثُمَّ يَرُدُّهَا، وَيُخْرِجُ يَدَهُ الأُخْرَى، فَيَحْلِقُ ثُمَّ يَرُدُّهَا» قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ: وَسَمِعْتُ يُونُسَ بْنَ عَبْدِ الأَعْلَى، يَقُولُ: " اعْتَذَرَ إِلَيْنَا الشَّافِعِيُّ مِنْ هَذَا، وَقَالَ: قَدْ عَلِمْتُ أَنَّ السُّنَّةِ فِي نَتْفِ الإِبْطِ، وَلَكِنِّي لا أَقْوَى عَلَى الْوَجَعِ " الجزء: 1 ¦ الصفحة: 210 أَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ، ثَنا أَبِي، قَالَ: سَمِعْتُ الرَّبِيعَ بْنَ سُلَيْمَانَ يَقُولُ: " كَانَ نَقْشُ خَاتَمِ الشَّافِعِيِّ: اللَّهُ، ثِقَةُ مُحَمَّدِ بْنِ إِدْرِيسَ " قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ: قَالَ أَبِي: ثَنا حَرْمَلَةُ بْنُ يَحْيَى، قَالَ: سَمِعْتُ الشَّافِعِيَّ يُنْشِدُ: وَلا تُعْطِيَنَّ الرَّأْيَ مَنْ لا يُرِيدُهُ ... فَلَا أَنْتَ مَحْمُودٌ وَلا الرَّأْيُ نَافِعُهْ. أَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ، ثَنا أَبِي، قَالَ: أَخْبَرَنِي يُونُسُ بْنُ عَبْدِ الأَعْلَى، قَالَ: " كَانَ لِلشَّافِعِيِّ غُلامٌ سَقْلَبِيٌّ، يُقَالُ لَهُ: إِطْرَاقٌ " أَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ، قَالَ: قَالَ الرَّبِيعُ بْنُ سُلَيْمَانَ: كَلَّمْتُ الشَّافِعِيَّ فَغَضِبَ، وَقَالَ: «كَأَنَّكَ رُبَيتَ بِمَكَّةَ» أَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ الرَّحْمَنِ، قَالَ: قَالَ الرَّبِيعُ بْنُ سُلَيْمَانَ: سَمِعْتُ الشَّافِعِيَّ يُنْشِدُ: جَزَى اللَّهُ عَنَّا جَعْفَرًا حِينَ أُزْلِقَتْ ... بِنَا نَعْلُنَا فِي الْوَاطِئِينَ فَزَلَّتِ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 211 هُمُ خَلَطُونا بالنُّفُوسِ وَأَلْجَئُوا ... إِلَى حُجُرَاتٍ أَدْفَأَتْ وَأَظَلَّتِ أَبَوْا أَنْ يَمَلُّونَا وَلَوْ أَنَّ أُمَّنَا ... تُلاقِيَ الَّذِي يَلْقَوْنَ مِنَّا لَمَلَّتِ وَقَالُوا هَلُمُّوا الدَّارَ حَتَّى تَبَيَّنُوا ... وَتَنْجَلِيَ الْغَمَّاءُ عَمَّا تَجَلَّتِ وَمِنْ بَعْدِ مَا كُنَّا لِسَلْمَى وَأَهْلِهَا ... عَبِيدًا وَمَلَّتْنَا الْبِلَادُ ومُلَّتِ. وَقَالَ بَعْضُ أَهْلِ الْعَرَبِيَّةِ: هَذَا الشِّعْرُ لِطُفَيْلِ بْنِ مَالِكٍ الْغَنَوِيِّ الْجَاهِليِّ أَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ، ثَنا أَبِي، قَالَ: أَخْبَرَنِي يُونُسُ بْنُ عَبْدِ الأَعْلَى، قَالَ: قَالَ الشَّافِعِيُّ: «اعْلَمْ أَنَّهُ لَيْسَ إِلَى السَّلامَةِ مِنَ النَّاسِ سَبِيلٌ، فَانْظُرِ الَّذِي فِيهِ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 212 صَلاحُكَ، فَالْزَمْهُ» أَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِي أَبُو مُحَمَّدٍ قَرِيبُ الشَّافِعِيِّ فِيمَا كَتَبَ إِلَيَّ، قَالَ: سَمِعْتُ أُمِّي، قَالَتْ: " كَانَ أَبِي تَعْنِي مُحَمَّدَ بْنَ إِدْرِيسَ الشَّافِعِيَّ، لا يَتَطَيَّبُ بِالْمَاوَرْدِ، وَيَقُولُ لَهُ: خَمْرٌ أَكْرَهُهَا " مَسَائِلُ الشَّافِعِيِّ مِمَّا لَمْ يُخْرَجْ مِنَ الْكُتُبِ بَابٌ فِي الْوُضُوءِ أَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ، ثَنا َأَحْمَدُ بْنُ سِنَانٍ الْوَاسِطِيُّ، قَالَ: " سَمِعْتُ الشَّافِعِيَّ بِبَغْدَادَ وَسَأَلَهُ رَجُلٌ، قَالَ: يَا أَبَا عَبْدِ اللَّهِ، بِئْرٌ لَنَا وَجَدْنَا فِيهَا فَأْرَةً مَيِّتَةً؟ قَالَ: فِي الْبِئْرِ قُلَّتَا مَاءٍ؟ قَالَ: نَعَمْ، قَالَ: لا يُنَجِّسُهُ شَيْءٌ " الجزء: 1 ¦ الصفحة: 213 أَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ، ثَنا أَحْمَدُ بْنُ سِنَانٍ مَرَّةً أُخْرَى، قَالَ: " سَمِعْتُ الشَّافِعِيَّ فِي يَوْمِ الْجُمُعَةِ بَعْدَ الصَّلاةِ فِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَسَأَلَهُ رَجُلٌ، فَقَالَ: يَا أَبَا عَبْدِ اللَّهِ، فَذَكَرَ مِثْلَهُ أَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِي أَبِي، قَالَ: سَمِعْتُ يُونُسَ بْنَ عَبْدِ الأَعْلَى، قَالَ: سَمِعْتُ الشَّافِعِيَّ يَقُولُ: «إِذَا كَانَ الْمَاءُ قُلَّتَيْنِ ثُمَّ وَصَفَ الْقَدْرَ، لَمْ يُنَجِّسْهُ شَيْءٌ، إِلا مَا غَلَبَ عَلَى طَعْمِهِ وَلَوْنِهِ» ، أَحْسَبُهُ قَالَ: وَرِيحِهِ أَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِي أَبِي، ثَنا َأَحْمَدُ بْنُ أَبِي سُرَيْجٍ، قَالَ: سَأَلْتُ الشَّافِعِيَّ وَأَحْمَدَ بْنَ حَنْبَلٍ، عَنْ مَسِّ الذَّكَرِ، فَقَالا: «الْمَسُّ بِبَاطِنِ الْكَفِّ، فَإِنْ أَصَابَهُ ظَاهِرُ كَفِّهِ لَمْ يُعِدْ» أَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِي أَبِي، قَالَ: سَمِعْتُ يُونُسَ بْنَ عَبْدِ الأَعْلَى، قَالَ: سَمِعْتُ الشَّافِعِيَّ يَقُولُ: «الْعِلَّةُ فِي مَسِّ الذَّكَرِ، تَقْتَضِي أَنَّهُ مَنْ مَسَّ سَبِيلَ الْغَائِطِ أَوِ الْبَوْلِ، مِنْ رَجُلٍ أَوْ دَابَّةٍ، إِنْ مَسَّ ذَلِكَ وَجَبَ عَلَيْهِ الْوُضُوءُ» ، ثُمَّ نَزَعَ عَنْ قَوْلِهِ فِي الدَّابَّةِ، وَأَنْكَرَهُ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 214 أَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِي أَبِي، قَالَ: سَمِعْتُ يُونُسَ بْنَ عَبْدِ الأَعْلَى، قَالَ: " سَمِعْتُ الشَّافِعِيَّ يَقُولُ فِي الَّذِي يَمْسَحُ بِبَعْضِ رَأْسِهِ: إِنَّهُ يُجْزِئُهُ ". فَقِيلَ لَهُ أَوْ قُلْتُ لَهُ: أَفَرَأَيْتَ الْمُتَيَمِّمَ، إِذَا مَسَحَ بِبَعْضِ وَجْهِهِ؟ قَالَ: لا يُجْزِيهِ، وَذَلِكَ أَنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ قَالَ: {وَامْسَحُوا بِرُءُوسِكُمْ} [المائدة: 6] ، وَلَمْ يَقُلْ: رُءُوسَكُمْ بَابٌ فِي الصَّلاةِ أَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ، حَدَّثَنَا يُونُسُ بْنُ عَبْدُ الأَعْلَى، قَالَ: " سَأَلْتُ الشَّافِعِيَّ عَنِ الْجَمْعِ بَيْنَ الصَّلاتَيْنِ فِي السَّفَرِ، فَقَالَ: كَيْفَمَا قَدَّمَ أَوْ أَخَّرَ جَازَ، إِنْ شَاءَ جَمَعَ بَيْنَهُمَا فِي وَقْتِ الأُولَى، وَإِنْ شَاءَ جَمَعَ بَيْنَهُمَا فِي وَقْتِ الآخِرَةِ " أَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِي أَبِي، ثَنا يُونُسُ بْنُ عَبْدِ الأَعْلَى، قَالَ: " قَالَ لِيَ الشَّافِعِيُّ حِينَ سَأَلْتُهُ عَنِ الْمُسَافِرِ، فَقَالَ لِي: هُوَ مُخَيَّرٌ إِنْ شَاءَ قَصَرَ، وَإِنْ شَاءَ أَتَمَّ، الجزء: 1 ¦ الصفحة: 215 قُلْتُ: لِمَ؟ قَالَ: أَنْتَ قُلْتَهُ، قُلْتَ لَهُ: إِنْ دَخَلَ عَلَى حَضَرِيٍّ فِي صَلاتِهِ عَلَيْهِ إِذَا دَخَلَ أَنْ يُتِمَّ الصَّلاةَ ". أَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِي أَبِي، ثَنا يُونُسُ بْنُ عَبْدِ الأَعْلَى، قَالَ: سَمِعْتُ الشَّافِعِيَّ، يَقُولُ فِي " الرَّجُلِ يَكُونُ فِي الصَّلاةِ، فَيَعْطِسُ رَجُلٌ، قَالَ: لا بَأْسَ أَنْ يَقُولَ لَهُ الْمُصَلِّي يَرْحَمُكَ اللَّهُ. قُلْتُ لَهُ: وَلِمَ؟ ، قَالَ: لأَنَّهُ دُعَاءٌ، وَقَدْ دَعَا النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِقَوْمٍ فِي الصَّلاةِ، وَدَعَا عَلَى آخَرِينَ ". وَقَالَ: قَالَ الشَّافِعِيُّ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: {فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَقْصُرُوا مِنَ الصَّلاةِ} [النساء: 101] ، قَالَ: مَوْضِعٌ بِخَيْبَرَ. فَلَمَّا ثَبَتَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ يَزَلْ يَقْصُرُ مَخْرَجَهُ مِنَ الْمَدِينَةِ إِلَى مَكَّةَ: كَانَتِ السُّنَّةِ فِي التَّقْصِيرِ. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 216 وَلَوْ أتَمَّ رَجُلٌ مُتَعَمِّدًا مِنْ غَيْرِ تَخْطِئَةٍ مِنْهُ لِمَنْ قَصَرَ، لَمْ يَكُنُ عَلَيْهِ شَيْءٌ. فَأَمَّا إِنْ أَتَمَّ مُتَعَمِّدًا مُنْكِرًا لِلتَّقْصِيرِ، فَعَلَيْهِ إِعَادَةُ الصَّلاةِ. قَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي حَاتِمٍ: لَيْسَ هَذَا الْجَوَابُ فِي شَيْءٍ مِنْ كُتُبِهِ بَابٌ فِي الصَّوْمِ أَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ الرَّحْمَنِ، قَالَ: حَدَّثَنَا الرَّبِيعُ بْنُ سُلَيْمَانَ، قَالَ: سَمِعْتُ الشَّافِعِيَّ يَقُولُ: قَالَ رَبِيعَةُ يَعْنِي ابْنَ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ: " مَنْ أَفْطَرَ يَوْمًا مِنْ شَهْرِ رَمَضَانَ، قَضَى اثْنَيْ عَشَرَ يَوْمًا؛ لأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى اخْتَارَ شَهْرًا مِنِ اثْنَيْ عَشَرَ شَهْرًا. قَالَ الشَّافِعِيُّ: يُقَالُ لَهُ: قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: {لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ} [القدر: 3] ، فَمَنْ تَرَكَ الصَّلاةَ لَيْلَةَ الْقَدْرِ وَجَبَ أَنْ يُصَلِّيَ أَلْفَ شَهْرٍ، عَلَى قِيَاسِ قَوْلِهِ " الجزء: 1 ¦ الصفحة: 217 أَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِي أَبِي، قَالَ: سَمِعْتُ يُونُسَ بْنَ عَبْدِ الأَعْلَى، قَالَ: سَمِعْتُ الشَّافِعِيَّ يَقُولُ فِي " الَّذِي يَصُومَ النَّافِلَةَ بَعْضَ يَوْمٍ ثُمَّ يُفْطِرُ، قَالَ: لَيْسَ عَلَيْهِ قَضَاءٌ، وَكَذَلِكَ الَّذِي يُصَلِّي رَكْعَةً مِنَ النَّافِلَةِ، ثُمَّ يَقْطَعُ لا إِعَادَةَ عَلَيْهِ " أَخْبَرَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِي أَبِي، قَالَ: سَمِعْتُ يُونُسَ بْنَ عَبْدِ الأَعْلَى، قَالَ: سَمِعْتُ الشَّافِعِيَّ يَقُولُ «فِيمَنْ أَفْطَرَ مُتَعَمِّدًا فِي شَهْرِ رَمَضَانَ، لَيْسَ الْكَفَّارةُ إِلا عَلَى مَنْ وَطِئَ، فَأَمَّا مَنْ أَكَلَ أَوْ شَرِبَ عَامِدًا، فَلا كَفَّارَةَ عَلَيْهِ، وَعَلَيْهِمَا الْقَضَاءُ» بَابٌ فِي الْمَنَاسِكِ أَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ، ثَنا أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ إِدْرِيسَ وَرَّاقُ الْحُمَيْدِيِّ، قَالَ: ثَنا الْحُمَيْدِيُّ، قَالَ: سَمِعْتُ الْوَلِيدَ بْنَ مُسْلِمٍ، قَالَ: «كُتِبَ إِلَى وَالِي مَكَّةَ وَهُوَ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 218 مُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، أَنْ يُصَلِّيَ بِالنَّاسِ الْمَوْسِمَ، فَكَانَ يَقْصُرُ بِمِنًى وَعَرَفَاتٍ الصَّلاةَ» . قَالَ: فَرَأَيْتُ ابْنَ جُرَيْجٍ يُصَلِّي مَعَهُ، وَيَبْنِي عَلَى صَلاتِهِ، وَرَأَيْتُ سُفْيَانَ الثَّوْرِيَّ يُصَلِّي مَعَهُ، ثُمَّ يَبْتَدِئُ الصَّلاةَ. قَالَ: ثُمَّ قَدِمْتُ الْمَدِينَةَ، فَذَكَرْتُ ذَلِكَ لِمَالِكِ بْنِ أَنَسٍ، فَقَالَ: أَصَابَ مُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، وَأَخْطَأَ. قَالَ: فَقَدِمْتُ الشَّامَ، فَذَكَرْتُ ذَلِكَ لِلأَوْزَاعِيِّ، فَقَالَ: الْقَوْلُ مَا قَالَ مَالِكٌ ". قَالَ الْحُمَيْدِيُّ: فَذَكَرْتُ ذَلِكَ لِمُحَمَّدِ بْنِ إِدْرِيسَ الشَّافِعِيِّ، فَقَالَ: الْقَوْلُ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 219 مَا فَعَلَ ابْنُ جُرَيْجٍ، وَقَالَ: أَلا تَرَى أَنَّ عُمَرَ وَعُثْمَانَ صَلَّيَا بِالنَّاسِ وَهُمَا جُنُبَانِ فَأَعَادَا، وَلَمْ يَأْمُرَا النَّاسَ بِالإِعَادَةِ؟ ! قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ: قَالَ أَبُو بَكْرِ بْنُ إِدْرِيسَ: فَذَكَرْتُهُ لأَبِي الْوَلِيدِ مُوسَى بْنِ أَبِي الْجَارُودِ، فَقَالَ: قَدْ قَالَ الشَّافِعِيُّ بَعْدَ هَذَا يَبْتَدِئُ، وَاحْتَجَّ بِأَنَّ هَذَا فَرْضٌ، أَرْبَعُ رَكَعَاتٍ وَهُوَ يُصَلِّي رَكْعَتَيْنِ، وَلَوْ أَنَّ جُنُبًا تَعَمَّدَ أَنْ يُصَلِّيَ وَهُوَ جُنُبٌ، بَطَلَتْ صَلاتُهُ. قُلْتُ لأَبِي الْوَلِيدِ: أَرَأَيْتَ مَنْ تَأَوَّلَ، فَذَهَبَ إِلَى مِثْلِ قَوْلِ مَالِكٍ؟ قَالَ: أَمَّا عَلَى التَّأْوِيلِ، فَنَعَمْ يَبْنِي أَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِي أَبِي، قَالَ: سَمِعْتُ يُونُسَ بْنَ عَبْدِ الأَعْلَى، قَالَ: سَمِعْتُ الشَّافِعِيَّ يَقُولُهُ: اخْتَلَفُوا فِي إهْلالِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَأَصَحُّ ذَلِكَ حَدِيثُ عَمْرَةَ، عَنْ عَائِشَةَ، الجزء: 1 ¦ الصفحة: 220 قَالَتْ: " خَرَجْنَا لِخَمْسِ لَيَالٍ بَقِينَ مِنْ ذِي الْقَعْدَةِ، وَلا نُرَى إِلا الْحَجَّ، وَإِنَّمَا أَحْرَمَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَنْتَظِرُ القَضَاءَ، أَيْ: مَا يُؤْمَرُ بِهِ " أَخْبَرَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِي أَبِي، قَالَ: سَمِعْتُ يُونُسَ بْنَ عَبْدِ الأَعْلَى، قَالَ: قَالَ الشَّافِعِيُّ فِي قَوْلِهِ تَبَارَكَ وَتَعَالَى: " {لا تُحِلُّوا شَعَائِرَ اللَّهِ} [المائدة: 2] ، لا تَسْتَحِلُّوهَا، وَهِيَ كُلُّ مَا كَانَ لِلّهِ عَزَّ وَجَلَّ مِنَ الْهَدْيِ وَغَيْرِهِ ". وَقَالَ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: " {وَلا آمِّينَ الْبَيْتَ الْحَرَامَ} [المائدة: 2] ، مَنْ أَتَاهُ تَصُدُّونَهُمْ عَنْهُ ". قَالَ يُونُسُ: وَقَالَ لِيَ الشَّافِعِيُّ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: " {أَوْ عَدْلُ ذَلِكَ صِيَامًا} [المائدة: 95] ، قَالَ: إِذَا أَرَادَ الصِّيَامَ قُوِّمَتِ الشَّاةُ دَرَاهِمَ، ثُمَّ قُوِّمَتِ الدَّرَاهِمُ طَعَامًا ". وَقَالَ لِي فِي قَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ: " {وَمَنْ عَادَ فَيَنْتَقِمُ اللَّهُ مِنْهُ} [المائدة: 95] ، قَالَ: يَكُونُ لَهُ مَعْنَيَانِ، يَكُونُ مَا قُضِيَ بِهِ عَلَيْهِ فِي الْعَاجِلَةِ، وَيَكُونُ نِقْمَةً فِي الآخِرَةِ " مَا فِي الزَّكَاةِ وَالسِّيَرِ، وَالْبُيُوعِ وَالْعِتْقِ، وَالنِّكَاحِ وَالطَّلاقِ أَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِي أَبِي، قَالَ: ثَنا حَرْمَلَةُ بْنُ يَحْيَى: ثَنا الجزء: 1 ¦ الصفحة: 221 الشَّافِعِيُّ، قَالَ: «لَيْسَ فِي الدَّيْنِ زَكَاةٌ» . أَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِي أَبِي، قَالَ: سَمِعْتُ يُونُسَ بْنَ عَبْدِ الأَعْلَى، قَالَ: قُلْتُ لِلشَّافِعِيِّ: الْقَوْمُ يُحَاصِرُونَ الْحِصْنَ مِنَ الرُّومِ، وَفِيهِ النِّسَاءُ وَالصِّبْيَانُ، لا يُقْدَرُ عَلَيْهِمْ إِلا بِأَنَّ النِّسَاءَ وَالصِّبْيَانَ بِقَتْلٍ، مِنَ الرَّمْيِ وَغَيْرِهِ؟ قَالَ: لا يُعْرَضُ لَهُمْ إِذَا كَانَ كَذَلِكَ؛ لأَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «نَهَى عَنْ قَتْلِ النِّسَاءِ وَالصِّبْيَانِ» أَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ، ثَنا أَبِي، ثَنا حَرْمَلَةُ، قَالَ: سَمِعْتُ الشَّافِعِيَّ يَقُولُ: " كُلُّ مَنْ غَلَبَ عَلَى الْخِلافَةِ بِالسَّيْفِ حَتَّى يُسَمَّى خَلِيفَةً، وَيَجْتَمِعَ النَّاسُ عَلَيْهِ، فَهُوَ خَلِيفَةٌ، قَالَ حَرْمَلَةُ: يَعْنِي إِذَا كَانَ مِنْ قُرَيْشٍ، يُغْزَى مَعَهُ، وَيُصَلَّى خَلْفَهُ الْجُمُعَةُ، وَمَنْ لَمْ يَفْعَلْ فَهُوَ صَاحِبُ بِدْعَةٍ " الجزء: 1 ¦ الصفحة: 222 وَقَالَ يُونُسُ: قَالَ الشَّافِعِيُّ: إِنَّ غَنَائِمَ بَدْرٍ لَمْ تُخَمَّسِ الْبَتَّةَ، وَإِنَّمَا نَزَلَتْ آيَةُ الْخُمْسِ بَعْدَ رُجُوعِهِمْ مِنْ بَدْرٍ، وَقَسْمِ الْغَنَائِمِ أَخْبَرَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِي أَبِي، قَالَ: سَمِعْتُ يُونُسَ بْنَ عَبْدِ الأَعْلَى، قَالَ: سَمِعْتُ الشَّافِعِيَّ يَقُولُ فِي «الَّذِي يَبْتَاعُ الْعَبْدَ، ثُمَّ يَعْتِقُهُ، وَقَدْ كَانَ بِهِ عَيْبٌ لَمْ يَعْلَمْ بِهِ، إِنَّ الْعِتْقَ لَيْسَ يَفُوتُ» أَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِي أَبِي، قَالَ: سَمِعْتُ يُونُسَ بْنَ عَبْدِ الأَعْلَى، قَالَ: سَمِعْتُ الشَّافِعِيَّ يَقُولُ: وَسَأَلَهُ رَجُلٌ مِنَ الْبَزَّازِينَ عَنْ بَعْضِ مَا يُعَامِلُونَ بِهِ فِي تِجَارَتِهِمْ، وَمَا يُخَافُ مِنْ ذَلِكَ، فَقَالَ لَهُ: لَيْسَ فِي عَمَلِكَ أَنْتَ رِبًا ". قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ: يَعْنِي أَنَّهُ فِي شِرَاهُ الْمَتَاعَ بِالدَّرَاهِمِ، وَدَفْعِهِ الدَّنَانِيرَ، وَشِرَاهُ بِالدَّنَانِيرِ، وَدَفْعِهِ الدَّرَاهِمَ، لَيْسَ فِي ذَلِكَ رِبًا أَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ، ثنا الرَّبِيعُ بْنُ سُلَيْمَانَ، قَالَ: " سُئِلَ الشَّافِعِيُّ عَنِ الْمَوْلَى يَتَزَوَّجُ الْعَرَبِيَّةَ، فَقَالَ: أَنَا عَرَبِيُّ، لا تَقُلْ لِي ذَا. قَالَ الرَّبِيعُ: فَلَوْ كَانَ حَرَامًا، لَقَالَ: لا يَجُوزُ " الجزء: 1 ¦ الصفحة: 223 أَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي الرَّبِيعُ بْنُ سُلَيْمَانَ، قَالَ: " كَانَ الشَّافِعِيُّ يُحَرِّمُ إِتْيَانَ النِّسَاءِ فِي أَدْبَارِهِنَّ أَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِي أَبِي، قَالَ: سَمِعْتُ يُونُسَ بْنَ عَبْدِ الأَعْلَى، قَالَ: قَالَ لِيَ الشَّافِعِيُّ فِي قَوْلِهِ: " {لا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ إِنْ طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ مَا لَمْ تَمَسُّوهُنَّ أَوْ تَفْرِضُوا لَهُنَّ فَرِيضَةً وَمَتِّعُوهُنَّ} [البقرة: 236] ، قَالَ: مَعْنَى هَذِهِ: إِذَا وَهَبَتْ لَهُ فَلا صَدَاقَ يَعْنِي قَبْلَ أَنْ يَفْرِضَ فَلا صَدَاقَ لَهَا، وَلَهَا الْمُتْعَةُ ". فَأَمَّا إِنْ كَانَ النِّكَاحُ بِصَدَاقٍ مَجْهُولٍ، أَوْ بِصَدَاقٍ لا يَحِلُّ، أَوْ لِحُكْمِهِ، أَوْ لِحُكْمِهَا، أَوْ قَالَ: قَدْ فَوَّضْتُ إِلَيْكَ أَمْرَهَا، تُصْدِقُ مَا شِئْتَ، فَإِنَّ هَذَا كُلَّهُ إِذَا طَلَّقَ قَبْلَ أَنْ يَفْرِضَ، فَلَهَا نِصْفُ صَدَاقِ مِثْلِهَا، وَلا مُتْعَةَ لَهَا، وَلا مُتْعَةَ لِكُلِّ مُطَلَّقَةٍ مِنْ قِبَلِ نَفْسِهَا. وَالْمُتْعَةُ فَرِيضَةٌ يُقْضَى بِهَا؛ لأَنَّا لَمْ نَجِدْ لِلآيَةِ مَعْنًى، يَدُلُّ عَلَى الجزء: 1 ¦ الصفحة: 224 أَنَّهُ تَخْيِيرٌ، وَلَيْسَ بِفَرْضٍ، وَإِنَّمَا الَّذِي وَجَدْنَاهُ مِنْ ذَلِكَ ثَلاثُ آيَاتٍ. قَالَ: " {وَإِذَا حَلَلْتُمْ فَاصْطَادُوا} [المائدة: 2] ، فَأَخْبَرَ أَنَّهُ أَبَاحَ شَيْئًا كَانَ حَرَّمَهُ، وَلَمْ يُوجِبِ الصَّيْدَ عِنْدَ الإِحْلالِ ". وَقَالَ: " {فَإِذَا قُضِيَتِ الصَّلاةُ فَانْتَشِرُوا فِي الأَرْضِ} [الجمعة: 10] ، فَأَخْبَرَ أَنَّ الْبَيْعَ الَّذِي كَانَ مُحَرَّمًا عِنْدَ النِّدَاءِ حَلالٌ، حَيْثُ قُضِيَتِ الصَّلاةُ، وَلَيْسَ بِوَاجِبِ أَنْ يَنْتَشِرُوا ". وَقَالَ: " {فَكَاتِبُوهُمْ إِنْ عَلِمْتُمْ فِيهِمْ خَيْرًا} [النور: 33] ، تَخْيِيرٌ أَيْضًا مُجْتَمَعٌ عَلَيْهِ " أَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِي أَبِي، قَالَ: سَمِعْتُ يُونُسَ بْنَ عَبْدِ الأَعْلَى قَالَ: قَالَ الشَّافِعِيُّ فِي " حَلِفِ الرَّجُلِ بِطَلاقِ الْمَرْأَةِ قَبْلَ أَنْ يَنْكِحَهَا لا شَيْءَ عَلَيْهِ، قَالَ: لأَنِّي رَأَيْتُ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ ذَكَرَ الطَّلاقَ قَبْلَ النِّكَاحِ، وَقَرَأَ: {يَأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نَكَحْتُمُ الْمُؤْمِنَاتِ ثُمَّ طَلَّقْتُمُوهُنَّ} [الأحزاب: 49 َ] " أَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ، قَالَ: أَخْبَرَنِي أَبِي، قَالَ: سَمِعْتُ يُونُسَ، قَالَ: قَالَ لِيَ الشَّافِعِيُّ فِي قَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ: " {وَإِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَبَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَأَمْسِكُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ} [البقرة: 231] ، مَعْنَى هَذِهِ إِذَا أَشْرَفْنَ عَلَى الأَجَلِ، وَلَيْسَ الْخُرُوجَ مِنْهُ، فَإِنَّهُ لا يَمْلِكُ رَجْعَتَهَا، وَقَدْ خَرَجَتْ مِنَ الْعِدَّةِ ". الجزء: 1 ¦ الصفحة: 225 وَقَوْلِهِ: " {أَوْ سَرِّحُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ} [البقرة: 231] ، يَقُولُ: إِنْ أَمْسَكِ بِمَعْرُوفٍ، فَلْيَرْجَعْهَا، وَإِلا فَلْيَدَعْهَا ". وَالآيَةُ الأُخْرَى: " {وَإِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَبَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَلا تَعْضُلُوهُنَّ أَنْ يَنْكِحْنَ أَزْوَاجَهُنَّ} [البقرة: 232] ، مَعْنَى هَذِهِ أَنَّهُ خَاطَبَ الأَوْلِيَاءَ، وَأَنَّ هَذَا انْقِضَاءُ الأَجَلِ، لا الإِشْرَافُ عَلَى انْقِضَائِهِ، فَقَالَ لِلْوَلِيِّ: لا يَعْضُلْهَا عَنِ النِّكَاحِ إِنْ أَرَادَتْهُ بِمَنْعِهَا مِنْهُ ". وَقَالَ لِيَ الشَّافِعِيُّ فِي قَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ: " {وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ} [المائدة: 5] : الْحَرَائِرُ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ، غَيْرُ ذَوَاتِ الأَزْوَاجِ ". قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ: لا أَعْلَمُ أَحَدًا مِنَ الْمُفَسِّرِينَ اسْتَثْنَى غَيْرَ ذَوَاتِ الأَزْوَاجِ سِوَاهُ أَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِي أَبِي، قَالَ: سَمِعْتُ يُونُسَ بْنَ عَبْدِ الأَعْلَى، قَالَ: سَمِعْتُ الشَّافِعِيَّ يَقُولُ: " مَنْ طَلَّقَ مِنْ أَسْمَاءِ الطَّلاقِ بِمَا ذُكِرَ فِي الْكِتَابِ لَزِمَهُ الطَّلاقُ، نَوَى بِهِ الطَّلاقَ، أَوْ لَمْ يَنْوِهِ، مِثْلَ: أَنْتِ طَالِقٌ، أَوْ: فَارَقْتُكِ، أَوْ سَرَّحْتُكِ ". وَمَنْ تَكَلَّمَ مِنْ كَلامِ الطَّلاقِ بِغَيْرِ هَذِهِ الأَسْمَاءِ، فَذَلِكَ إِلَى نِيَّتِهِ، وَمَا أَرَادَ. وَسَمِعْتُهُ يَقُولُ فِي الْمَجُوسِيِّ يُسْلِمُ قَبْلَ امْرَأَتِهِ، أَوْ تُسْلِمُ امْرَأَتُهُ قَبْلَهُ: إِنَّهُ سَوَاءٌ، إِذَا أَسْلَمَا جَمِيعًا فِي الْعِدَّةِ، ثُبِّتَا عَلَى نِكَاحِهِمَا. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 226 وَاحْتَجَّ فِي إِسْلامِ الرَّجُلِ قَبْلَ امْرَأَتِهِ، بِأَنَّ أَبَا سُفْيَانَ أَسْلَمَ قَبْلَ امْرَأَتِهِ، ثُمَّ ثُبِّتَا عَلَى نِكَاحِهِمَا بَابٌ فِي اللِّبَاسِ وَالأَشْرِبَةِ، وَالأَضَاحِي وَالصَّيْدِ، وَالأَطْعِمَةِ وَالْكَفَّارَاتِ، وَالْفَرَائِضِ أَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ، قَالَ: أَخْبَرَنِي أَبِي، قَالَ: ثَنا عَمْرُو بْنُ سَوَّادٍ السَّرْجِيُّ، قَالَ: سَأَلْتُ الشَّافِعِيَّ عَنِ " الْقَمِيصِ الْمَرْوِيِّ يَكُونُ قِيَامُهُ حَرِيرًا؟ ، قَالَ: لا بَأْسَ بِهِ، كُلُّ مَا لَمْ يُظْهِرِ الْحَرِيرَ، فَلا بَأْسَ بِهِ " قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ: قَالَ الرَّبِيعُ بْنُ سُلَيْمَانَ: سَمِعْتُ الشَّافِعِيَّ، يَقُولُ مِنَ الْحُجَّةِ عَلَى مَنْ زَعَمَ أَنَّ الْمُسْكِرَ حَلالٌ، وَإِنَّمَا يَحْرُمُ السُّكْرُ، يُقَالُ لَهُ: أَرَأَيْتَ إِنْ شَرِبَ عَشْرَةً، فَلَمْ يَسْكَرْ؟ . فَإِنْ قَالَ: ذَلِكَ حَلالٌ لَهُ، قِيلَ لَهُ: أَفَرَأَيْتَ إِنْ خَرَجَ، فَضَرَبَتْهُ الرِّيحُ فَسَكِرَ؟ . فَإِنْ قَالَ: يَكُونُ حَرَامًا، قِيلَ لَهُ: أَفَرَأَيْتَ شَيْئًا قَطُّ، شَرِبَهُ رَجُلٌ، وَصَارَ إِلَى جَوْفِهِ حَلالا، فَتَقْلِبُهُ الرِّيحُ، فَتَجْعَلُهُ حَرَامًا؟ ! الجزء: 1 ¦ الصفحة: 227 أَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ، ثَنا الرَّبِيعُ، قَالَ: " رَأَيْتُ الشَّافِعِيَّ حَضَرَ أُضْحِيَةً، وَلَمْ يَذْبَحْهَا بِيَدِهِ، وَقَالَ لِلْجَزَّارِ: سَمِّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ، فَذَبَحَ الْجَزَّارُ، وَهُوَ قَائِمٌ يَنْظُرُ " أَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِي أَبِي، قَالَ: سَمِعْتُ يُونُسَ بْنَ عَبْدِ الأَعْلَى، قَالَ: قَالَ الشَّافِعِيُّ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: " {وَمَا عَلَّمْتُمْ مِنَ الْجَوَارِحِ مُكَلِّبِينَ تُعَلِّمُونَهُنَّ مِمَّا عَلَّمَكُمُ اللَّهُ فَكُلُوا مِمَّا أَمْسَكْنَ عَلَيْكُمْ} [المائدة: 4] ، فَمَا أَطَاعَ إِنْ أَمَرْتَهُ ائْتَمَرَ، وَإِنْ نَهَيْتَهُ انْتَهَى، فَهُوَ الْمُكَلَّبُ، وَإِذَا أَمْسَكَ فَلَمْ يَأْكُلْ فَكُلْ، وَإِنْ أَكَلَ فَلا تَأْكُلْ، لِلْحَدِيثِ الَّذِي رَوَاهُ عَدِيُّ بْنُ حَاتِمٍ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: وَفِي هَذَا اخْتِلافٌ " أَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ، ثنا الرَّبِيعُ بْنُ سُلَيْمَانَ، قَالَ: سَمِعْتُ الشَّافِعِيَّ وَسَأَلَهُ رَجُلٌ، فَقَالَ: " رَجُلٌ حَلَفَ بِالْمَشْيِ إِلَى الْكَعْبَةِ؟ فَقَالَ: يُطْعِمُ عَشَرَةَ مَسَاكِينَ ". الجزء: 1 ¦ الصفحة: 228 فَقَالَ: هَذَا قَوْلُكَ؟ قَالَ: قَوْلُ مَنْ هُوَ خَيْرٌ مِنِّي: عَطَاءِ بْنِ أَبِي رَبَاحٍ أَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِي أَبِي، قَالَ: سَمِعْتُ يُونُسَ بْنَ عَبْدِ الأَعْلَى، قَالَ: قَالَ لِيَ الشَّافِعِيُّ فِي قَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ: " {لَيْسَ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ جُنَاحٌ فِيمَا طَعِمُوا إِذَا مَا اتَّقَوْا} [المائدة: 93] ، قَالَ: إِذَا مَا اتَّقَوْا لَمْ يَقْرُبُوا مَا حَرُمَ عَلَيْهِمْ ". وَفِي قَوْلِهِ: " {أَوْ كِسْوَتُهُمْ} [المائدة: 89] ، قَالَ: أَدْنَى الْكِسْوَةِ يَكْفِي، وَإِنْ كَانُوا صِبْيَانًا صِغَارًا، كَسَاهُمْ قُمُصًا صِغَارًا؛ لأَنَّهُ وَقَعَ عَلَيْهِ اسْمُ الْكِسْوَةِ ". أَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِي أَبِي، قَالَ: سَمِعْتُ يُونُسَ بْنَ عَبْدِ الأَعْلَى، قَالَ: سَمِعْتُ الشَّافِعِيَّ يَقُولُ: " لَوْ قَالَ رَجُلٌ لِغُلامِهِ: أَنْتَ سَائِبَةٌ، كَانَ الْوَلَاءُ لَهُ، وَمَضَى عِتْقُهُ. وَقَالَ الشَّافِعِيُّ: وَكَذَلِكَ لَوْ قَالَ رَجُلٌ لِغُلامِهِ: أَنْتَ حُرٌّ عَنْ فُلانٍ، فَإِنَّ الْوَلاءَ أَبَدًا لِلسَّيِّدِ الْمُعْتِقِ، لأَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «الْوَلاءُ لِمَنْ أَعْتَقَ» ، وَعَجِبَ مِمَّنْ يَقُولُ غَيْرَ هَذَا قَالَ يُونُسُ: وَقَالَ لِيَ الشَّافِعِيُّ فِي قَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ: " {لِلرِّجَالِ نَصيِبٌ مِمَّا تَرَكَ الْوَالِدَانِ وَالأَقْرَبُونَ وَلِلنِّسَاءِ نَصِيبٌ مِمَّا تَرَكَ الْوَالِدَانِ وَالأَقْرَبُونَ} [النساء: 7] ، نُسِخَ بِمَا جَعَلَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ لِلذَّكَرِ وَالأُنْثَى، مِنَ الْفَرْضِ " الجزء: 1 ¦ الصفحة: 229 بَابٌ فِي الدِّيَاتِ وَالضَّمَانِ وَالرُّهُونِ وَالْعَارِيَةِ وَالْمُكَاتَبِ وَالْحُدُودِ أَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ، ثَنا َأَحْمَدُ بْنُ سِنَانٍ الْوَاسِطِيُّ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ الشَّافِعِيَّ، يَقُولُ: قَالَ مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ: «الْخَطَأُ عِنْدَنَا أَنْ يَرْمِيَ الرَّجُلُ الْمِعْرَاضَ فَيُصِيبَ إِنْسَانًا، أَوْ يَرْمِيَ طَائِرًا فَيُصِيبَ إِنْسَانًا» . فَأَمَّا رَجُلٌ ضَرَبَ رَجُلا بِخَشَبَةٍ فَقَتَلَهُ، أَضْرِبُهُ ضَرْبَةً كَمَا ضَرَبَهُ، فَإِنْ مَاتَ، وَإِلا قَتَلَهُ بِالسَّيْفِ، أَوْ لَطَمَهُ فَمَاتَ، أَلْطِمُهُ لَطْمَةً كَمَا لَطَمَهُ، فَإِنْ مَاتَ وَإِلا قَتَلَهُ بِالسَّيْفِ، أَوْ حَبَسَهُ فِي بَيْتٍ حَتَّى مَاتَ، أَحْبِسُهُ كَمَا حَبَسَهُ، فَإِنْ مَاتَ وَإِلا قَتَلَهُ بِالسَّيْفِ أَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ، قَالَ: ثَنا أَبِي، قَالَ: سَمِعْتُ الرَّبِيعَ بْنَ سُلَيْمَانَ، قَالَ: «كَانَ الشَّافِعِيُّ يَرَى أَنَّ الصُّنَّاعَ لا يَضْمَنُونَ إِلا مَا جَنَتْ أَيْدِيهِمْ، وَلَمْ يَكُنْ يُطْهِرُ ذَلِكَ، كَرَاهَةَ أَنْ يَجْتَرِئَ الصُّنَّاعُ» أَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِي أَبِي، قَالَ: سَمِعْتُ يُونُسَ بْنَ عَبْدِ الأَعْلَى، قَالَ: قَالَ لِيَ الشَّافِعِيُّ فِي الرُّهُونِ: " لا يَضْمَنُ الْمُرْتَهِنُ مِنْهَا شَيْئًا، لا مَا غَابَ عَلَيْهِ، وَلا الجزء: 1 ¦ الصفحة: 230 مَا ظَهَرَ، وَهُوَ بِمَنْزِلةِ الْوَديِعَةِ، وَإِذَا اخْتَلَفَا فِيمَا رَهَنُوهُ، فَالْقَوْلُ أَبَدًا، قَوْلُ الرَّاهِنِ، وَعَلَيْهِ الْيَمِينُ، لأَنَّهُ مُدَّعًى عَلَيْهِ، وَأَمَّا الْعَارِيَةُ: فَيُضْمَنُ، مَا ظَهَرَ مِنْهَا تَلَفُهُ، وَمَا غَابَ، لِقَوْلِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِيهَا " أَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِي أَبِي، قَالَ: سَمِعْتُ يونُسَ بْنَ عَبْدِ الأَعْلَى، قَالَ: قَالَ لِيَ الشَّافِعِيُّ: اخْتَلَفُوا فِي الْمُكَاتَبِ، فَقَالَ عَلِيٌّ: يَعْتِقُ بْحِسَابٍ، وَيَرِثُ بِحِسَابٍ، وَيَرِقُّ بِحِسَابٍ، وَقَالَ غَيْرُهُ: هُوَ عَبْدٌ مَا بَقِيَ عَلَيْهِ شَيْءٌ ". قَالَ وَأَنَا أَنْظُرُ فِيهِ، وَمَا فِيهِ شَيْءٌ أَصَحُّ مِنْ أَنْ يَكُونَ عَبْدًا: مَا بَقِيَ عَلَيْهِ شَيْءٌ. قُلْتُ لَهُ: مَا شَيْءٌ أَثْقَلَ عَلَيَّ مِنْ أَنْ أُخَالِفَ حَدِيثًا قَدِ اسْتَعْمَلَهُ عَامَّةٌ مِنَ الْمُفْتِينَ، فَقَالَ لِي: مَا يَمْنَعُكَ مِنْ ذَلِكَ إِلا التَّوْفِيقُ أَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ، أَخْبَرَنِي أَبِي، قَالَ: سَمِعْتُ يُونُسَ بْنَ عَبْدِ الأَعْلَى، قَالَ: قَالَ لِيَ الشَّافِعِيُّ فِي " السَّارِقِ يَسْرِقُ، فَيَجِبُ عَلَيْهِ الْقَطْعُ، وَلا تُوجَدُ عِنْدَهُ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 231 السَّرِقَةُ بِعَيْنِهَا، وَهُوَ مُعْسِرٌ، أَوْ مُوسِرٌ، فَقَالَ لِي: سَوَاءٌ، إِنْ كَانَ مُوسِرًا أُخِذَتْ مِنْهُ، وَإِنْ كَانَ مُعْسِرًا أَتْبَعَ بِهَا دَيْنًا عَلَيْهِ ". وَقَالَ الشَّافِعِيُّ فِي قَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ: " {إِنَّمَا جَزَاءُ الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الأَرْضِ فَسَادًا أَنْ يُقَتَّلُوا أَوْ يُصَلَّبُوا أَوْ تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ مِنْ خِلافٍ أَوْ يُنْفَوْا مِنَ الأَرْضِ ذَلِكَ لَهُمْ خِزْيٌ فِي الدُّنْيَا وَلَهُمْ فِي الآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ} [المائدة: 33] ، قَالَ: لا يُقْتَلُ إِلا أَنْ يَقْتُلَ، وَإِنْ سَرَقَ أَقَلَّ مِنْ رُبْعِ دِينَارٍ لَمْ يُقْطَعْ، وَإِنْ قَتَلَ فِي هَذَا الْمَوْضِعِ، فَلَيْسَ لِلْوَلِيِّ فِي ذَلِكَ عَفْوٌ، ذَلِكَ إِلَى الإِمَامِ ". بَابٌ فِي الأَحْكَامِ أَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ، ثَنا أَبُو الْعَبَّاسِ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرٍو الْغَزِّيُّ بِغَزَّةِ الشَّامِ، قَالَ: سَمِعْتُ الْبُوَيْطِيَّ، يَقُولُ: قَالَ الشَّافِعِيُّ: «لا نَعْلَمُ أَحَدًا أُعْطِيَ طَاعَةَ اللَّهِ تَعَالَى حَتَّى لَمْ يَخْلِطْهَا بِمَعْصِيَةٍ، إِلا يَحْيَى بْنَ زَكَرِيَّا، وَلا عَصَى اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ فَلَمْ يَخْلِطْ بِطَاعَةٍ» . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 232 فَإِذَا كَانَ الأَغْلَبُ الطَّاعَةَ، فَهُوَ الْمُعَدَّلُ. وَإِذَا كَانَ الأَغْلَبُ الْمَعْصِيَةَ، فَهُوَ الْمُجَرَّحُ أَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِي أَبِي، ثَنا حَرْمَلَةُ بْنُ يَحْيَى، قَالَ: ثَنا ابْنُ وَهْبٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِي مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ فِي " الرَّجُلِ يَكُونُ لَهُ عَلَى الرَّجُلِ الْمَالُ، فَيَجْحَدُهُ، فَيَقَعُ لَهُ عِنْدَهُ مَالٌ، قَالَ مَالِكٌ: إِنْ عَلِمَ أَنَّ عَلَى الْجَاحِدِ دَيْنًا، إِنْ قَامَ عَلَيْهِ الْغُرَمَاءُ لَمْ يَصِرْ لَهُ فِي الْمُحَاصَّةِ مَا فِي يَدَيْهِ، فَلا يَأْخُذْهُ، وَإِنْ عَلِمَ أَنْ لا دَيْنَ عَلَيْهِ، فَلَهُ أَنْ يَأْخُذَهُ بِالْمَالِ الَّذِي جَحَدَهُ ". وَقَالَ الشَّافِعِيُّ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ: إِنَّهُ يَأْخُذُ هَذَا الْمَالَ قِصَاصًا لِلْمَالِ الَّذِي جَحَدَهُ، عَلَى كُلِّ حَالٍ، كَانَ عَلَيْهِ مَالٌ، أَوْ لَمْ يَكُنْ أَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِي أَبِي، قَالَ: سَمِعْتُ يُونُسَ بْنَ عَبْدِ الأَعْلَى، قَالَ: قَالَ الشَّافِعِيُّ فِي قَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ: " {وَلْيُمْلِلِ الَّذِي عَلَيْهِ الْحَقُّ} [البقرة: 282] ، إِنَّمَا مَعْنَاهُ أَنْ يُقِرَّ بِالْحَقِّ، لَيْسَ مَعْنَاهُ أَنْ يُمِلَّ ". الجزء: 1 ¦ الصفحة: 233 وَقَوْلِهِ: " {فَلْيُمْلِلْ وَلِيُّهُ} [البقرة: 282] ، هَاهُنَا ثَبَتَتِ الْوِلايَةُ ". ثُمَّ نُسِخَ هَذَا كُلُّهُ، وَأُخْبِرَ أَنَّهُ اخْتِيَارٌ وَلَيْسَ بِفَرْضٍ، بِقَوْلِهِ: {إِلا أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً حَاضِرَةً تُدِيرُونَهَا بَيْنَكُمْ فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَلَّا تَكْتُبُوهَا} [البقرة: 282] . وَقَالَ فِي قَوْلِهِ: " {شَهَادَةُ بَيْنِكُمْ إِذَا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ حِينَ الْوَصِيَّةِ اثْنَانِ ذَوَا عَدْلٍ مِنْكُمْ أَوْ آخَرَانِ مِنْ غَيْرِكُمْ إِنْ أَنْتُمْ ضَرَبْتُمْ فِي الأَرْضِ فَأَصَابَتْكُمْ مُصِيبَةُ الْمَوْتِ تَحْبِسُونَهُمَا مِنْ بَعْدِ الصَّلاةِ فَيُقْسِمَانِ بِاللَّهِ إِنِ ارْتَبْتُمْ لا نَشْتَرِي بِهِ ثَمَنًا وَلَوْ كَانَ ذَا قُرْبَى وَلا نَكْتُمُ شَهَادَةَ اللَّهِ إِنَّا إِذًا لَمِنَ الآثِمِينَ {106} فَإِنْ عُثِرَ عَلَى أَنَّهُمَا اسْتَحَقَّا إِثْمًا فَآخَرَانِ يَقُومَانِ مَقَامَهُمَا مِنَ الَّذِينَ اسْتَحَقَّ عَلَيْهِمُ الأَوْلَيَانِ فَيُقْسِمَانِ بِاللَّهِ لَشَهَادَتُنَا أَحَقُّ مِنْ شَهَادَتِهِمَا وَمَا اعْتَدَيْنَا إِنَّا إِذًا لَمِنَ الظَّالِمِينَ {107} ذَلِكَ أَدْنَى أَنْ يَأْتُوا بِالشَّهَادَةِ عَلَى وَجْهِهَا أَوْ يَخَافُوا أَنْ تُرَدَّ أَيْمَانٌ بَعْدَ أَيْمَانِهِمْ} [المائدة: 106-108] ، مَعْنَى الشَّهادَةِ هَاهُنَا إِنَّمَا هِيَ الْحَلِفُ، كَمَا قَالَ: فَشَهَادَةُ أَحَدِهِمْ، وَلَيْسَ بِالشَّهَادَةِ الَّتِي تُشْهَدُ، إِنَّمَا هِيَ تَدَاعٍ فِي حُقُوقٍ، فَلَيْسَ لَهَا مَعْنًى، إِلَّا الأَيْمَانَ عَلَى مَنِ ادُّعِيَ عَلَيْهِ " أَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ، قَالَ: أَخْبَرَنِي أَبِي، قَالَ: سَمِعْتُ ابْنَ عَبْدِ الأَعْلَى، قَالَ: «سَمِعْتُ الشَّافِعِيَّ يَقُولُ فِي» الَّذِي يَغْتَصِبُ الدَّابَّةَ وَغَيْرَهَا، فَتَرْتَفِعُ قِيمَتُهَا عِنْدَهُ، ثُمَّ تَتَّضِعُ، أَوْ تَهْلِكُ، إِنَّهُ يُتْبَعُ بِأَرْفَعِ ذَلِكَ، لأَنَّهَا لَمْ تَأْتِ عَلَيْهَا سَاعَةٌ، إِلا وَهُوَ لَهَا غَاصِبٌ عَلَى أَيِّ حَالٍ كَانَتْ، مِمَّا صَارَتْ إِلَيْهِ حِينَ أَخَذَهَا، أَوْ فِي يَدَيْهِ " الجزء: 1 ¦ الصفحة: 234 أَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ، قَالَ: أَخْبَرَنِي أَبِي، قَالَ: وَسَمِعْتُ يُونُسَ بْنَ عَبْدِ الأَعْلَى، قَالَ: " وَسَمِعْتُ الشَّافِعِيَّ يَقُولُ فِي التَّفْلِيسِ، قَالَ: هُوَ وَالْمَوْتُ سَوَاءٌ، مَنْ وَجَدَ مَالَهُ بِعَيْنِهِ فَهُوَ أَحَقُّ بِهِ ". فِي الْجَامِعِ أَنَا مُحَمَّدٌ، قَالَ الرَّبِيعُ بْنُ سُلَيْمَانَ: قَالَ الشَّافِعِيُّ: «لا يَحِلُّ أَنْ يُكَنَّى أَحَدٌ بِأَبِي الْقَاسِمِ، كَانَ اسْمُهُ مُحَمَّدًا، أَوْ لَمْ يَكُنْ» أَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ، قَالَ الْحَسَنُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ الْجَرَوِيُّ: سَمِعْتُ الشَّافِعِيَّ يَقُولُ: «خَلَّفْتُ بِالْعِرَاقِ شَيْئًا يُسَمَّى التَّغْبِيرَ، وَضَعَتْهُ الزَّنَادِقَةُ، الجزء: 1 ¦ الصفحة: 235 يَشْغَلُونَ بِهِ النَّاسَ عَنِ الْقُرْآنِ» أَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ، حَدَّثَنَا الرَّبِيعُ بْنُ سُلَيْمَانَ، قَالَ: " سَمِعْتُ الشَّافِعِيَّ وَسَأَلَهُ رَجُلٌ عَنِ الْكُحْلِ، فَقَالَ: اكْتَحِلْ كُلَّ يَوْمٍ " أَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ، أَخْبَرَنِي أَبِي، قَالَ: سَمِعْتُ يُونُسَ بْنَ عَبْدِ الأَعْلَى، قَالَ: قَالَ الشَّافِعِيُّ، فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: {يَأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ إِلا أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً عَنْ تَرَاضٍ مِنْكُمْ وَلا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا} [النساء: 29] ، قَالَ: لا يَكُونُ فِي هَذَا الْمَعْنى إِلا هَذِهِ الثَّلاثَةُ الأَحْكَامُ، فَمَا عَدَاهَا مِنَ الأَكْلِ بِالْبَاطِلِ. عَلَى الْمَرْءِ فِي مَالِهِ فَرْضٌ مِنَ اللَّهِ تَعَالَى، لا يَنْبَغِي لَهُ حَبْسُهُ. وَشَيْءٌ يُعْطِيهِ، يُرِيدُ بِهِ وَجْهَ اللَّهِ تَعَالَى، لَيْسَ مُفْتَرَضًا عَلَيْهِ. وَشَيْءٌ يُعْطِيهِ، يُرِيدُ بِهِ وَجْهَ صَاحِبِهِ. وَمِنَ الْبَاطِلِ أَنْ يَقُولَ: احْزُرْ مَا فِي بَيْتِي، وَهُوَ لَكَ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 236 أَخْبَرَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا سَعْدُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْبَيْرُوتِيُّ قَاضِي بَيْرُوتَ، قَالَ: حَدَّثَنَا َأَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْمَكِّيُّ، قَالَ: سَمِعْتُ إِبْرَاهِيمَ بْنَ مُحَمَّدٍ الشَّافِعِيَّ، يَقُولُ: سَمِعْتُ ابْنَ عَمِّي مُحَمَّدَ بْنَ إِدْرِيسَ الشَّافِعِيَّ، يَقُولُ: كَانَتْ لِيَ امْرَأَةٌ، وَكُنْتُ أُحِبُّهَا، فَكُنْتُ إِذَا رَأَيْتُهَا قُلْتُ لَهَا: وَمِنَ الْبَلِيَّةِ أَنْ تُحْبِبَ ... فَلَا يُحِبُّكَ مَنْ تُحِبُّهْ وَفِي رِوَايَةٍ: لَيْسَ شَدِيدًا؟ فَتَقُولُ هِيَ: وَيَصُدُّ عَنْكَ بِوَجْهِهِ ... وَتُلِحُّ أَنْتَ فَلا تُغِبُّهُ أَخْبَرَنِي أَبُو مُحَمَّدٍ، قَالَ: قَالَ الرَّبِيعُ بْنُ سُلَيْمَانَ: قَالَ الشَّافِعِيُّ: لا يَجُوزُ لأَحَدٍ أَنْ يَتَكَنَّى بِأَبِي الْقَاسِمِ، سَوَاءٌ كَانَ اسْمُهُ مُحَمَّدًا، أَوْ غَيْرَ مُحَمَّدٍ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 237 فِي أَخْبَارِ السَّلَفِ أَخْبَرَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ، قَالَ: ثَنا أَبِي، قَالَ: قَالَ أَحْمَدُ بْنُ أَبِي الْحَوَارِيِّ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ قَطَنٍ، عَنِ الشَّافِعِيِّ، عَنْ فُضَيْلٍ، عَنْ سُفْيَانَ، قَالَ: قَالَ دَاوُدُ عَلَيْهِ السَّلَامُ: " إِلَهِي، كُنْ لابْنِي سُلَيْمَانَ مِنْ بَعْدِي، كَمَا كُنْتَ لِي، قَالَ: فَأَوْحَى اللَّهُ تَعَالَى عَزَّ وَجَلَّ، إِلَيْهِ: يَا دَاوُدُ، قُلْ لابْنِكَ سُلَيْمَانَ، يَكُونُ لِي، كَمَا كُنْتَ لِي، حَتَّى أَكُونَ لَهُ كَمَا كُنْتُ لَكَ " أَخْبَرَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ، قَالَ: ثَنا أَبِي، قَالَ: حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ أَبِي الْحَوَارِيِّ، قَالَ: حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ قَطَنٍ، عَنِ الشَّافِعِيِّ، قَالَ: " دَخَلَ سُفْيَانُ عَلَى فَضَيْلِ بْنِ عِيَاضٍ يَعُودُهُ، فَقَالَ: يَا أَبَا مُحَمَّدٍ، أَيُّ نِقْمَةٍ فِي الْمَرَضِ، لَوْلا الْعُوَّادُ؟ ، فَقَالَ سُفْيَانُ: وَأَيُّ شَيْءٍ يُكْرَهُ فِي الْعُوَّادِ؟ قَالَ: الشَّكِيَّةُ أَخْبَرَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ، قَالَ: ثَنا يُونُسُ بْنُ عَبْدِ الأَعْلَى الْمِصْرِيُّ، قَالَ: سَمِعْتُ الشَّافِعِيَّ، يَقُولُ: سُئِلَ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ عَنْ قَتْلَى صِفِّينَ، فَقَالَ: تِلْكَ دِمَاءٌ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 238 طَهَّرَ اللَّهُ يَدِي مِنْهَا، فَلا أُحِبُّ أَنْ أَخْضِبَ لِسَانِي بِهَا. أَخْبَرَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا يُونُسُ بْنُ عَبْدِ الأَعْلَى، قَالَ: أَخْبَرَنِي الشَّافِعِيُّ، قَالَ: جَاءَ رَجُلٌ إِلَى الأَعْمَشِ، وَمَعَهُ آخَرُ لا يُرِيدُ الْحَدِيثَ، فَسَأَلَهُ هَذَا عَنْ حَدِيثٍ، فَغَضِبَ عَلَيْهِ الأَعْمَشِ، فَسَكَتَ الرَّجُلُ. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 239 فَقَالَ الآخَرُ: لَوْ كُنْتُ مِثْلَكَ مَا أَتَيْتُ هَذَا أَبَدًا. فَقَالَ لَهُ الأَعْمَشُ: هُوَ إِذَنْ أَحْمَقُ مِثْلُكَ أَنْ يَتْرُكَ مَا يَنْفَعُهُ، لِسُوءِ خُلُقِي أَخْبَرَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا الرَّبِيعُ بْنُ سُلَيْمَانَ الْمُرَادِيُّ، قَالَ: سَمِعْتُ الشَّافِعِيَّ رَحِمَهُ اللَّهُ، يَقُولُ: قَالَ رَجُلٌ لِلأَعْمَشِ: إِسْنَادُ هَذَا الْحَدِيثِ؟ فَأَخَذَ حَلْقَهُ، فَأَسْنَدَهُ إِلَى الْحَائِطِ، قَالَ: هَذَا إِسْنَادُهُ أَخْبَرَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا الرَّبِيعُ بْنُ سُلَيْمَانَ، قَالَ: قَالَ الشَّافِعِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ: وَقَفَ أَعْرَابِيٌّ عَلَى رَبِيعَةَ بْنِ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ، فَجَعَلَ يُسَجِّعُ فِي كَلامِهِ، ثُمَّ نَظَرَ إِلَى الأَعْرَابِيِّ، فَقَالَ: يَا أَعْرَابِيُّ، مَا تَدْعُونَ الْبَلاغَةَ فِيكُمْ؟ قَالَ: خِلافٌ مَا كُنْتَ فِيهِ مُنْذُ الْيَوْمِ أَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ، ثَنا الرَّبِيعُ بْنُ سُلَيْمَانَ، قَالَ: قَالَ الشَّافِعِيُّ: " وَقَفَ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 240 أَعْرَابِيٌّ عَلَى عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ مَرْوَانَ، فَسَلَّمَ، ثُمَّ قَالَ: أَيْ رَحِمَكَ اللَّهُ إِنَّهُ مَرَّتْ بِنَا سِنُونَ ثَلاثٌ، فَأَمَّا إِحْدَاهَا فَأَكَلَتِ الْمَوَاشِيَ، وَأَمَّا الثَّانِيَةُ فَأَنْضَتِ اللَّحْمَ، وَأَمَّا الثَّالِثَةُ فَخَلَصَتْ إِلَى الْعَظْمِ، فَإِنْ يَكُ عِنْدَكَ مَالُ اللَّهِ فَأَعْطِهِ عَبَّادَ اللَّهِ، وَإِنْ يَكُ لَكَ فَتَصَدَّقْ عَلَيْنَا، {إِنَّ اللَّهَ يَجْزِي الْمُتَصَدِّقِينَ} [يوسف: 88] . فَأَعْطَاهُ عَشَرَةَ آلافِ دِرْهَمٍ، وَقَالَ: لَوْ كَانَ النَّاسُ يُحْسِنُونَ أَنْ يَسْأَلُوا هَكَذَا، مَا حَرَمْنَا أَحَدًا. وَزَادَنِي أَبِي، عَنِ الرَّبِيعِ، عَنِ الشَّافِعِيِّ، أَنَّهُ قَالَ: «وَعِنْدَكَ مَالُ اللَّهِ، فَإِنْ يَكُ لِلَّهِ عَزَّ وَجَلَّ، فَأَعْطِهِ عِبَادَ اللَّهِ» أَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ الرَّحْمَنِ، ثنا الرَّبِيعُ بْنُ سُلَيْمَانَ، قَالَ: قَالَ الشَّافِعِيُّ: الجزء: 1 ¦ الصفحة: 241 وَقَفَ أَعْرَابِيٌّ عَلَى أُنَاسٍ، فَسَلَّمَ، ثُمَّ قَالَ: إِنِّي رَحِمَكُمُ اللَّهُ ابْنُ سَبِيلٍ، وَنِضْوُ سَفَرٍ، وَفَلُّ سَنَةٍ، رَحِمَ اللَّهُ مَنْ أَعْطَى مِنْ سَعَةٍ، أَوْ وَاسَى مِنْ كَفَافٍ، فَأَعْطَاهُ رَجُلٌ دِرْهَمًا، فَقَالَ: رَحِمَكَ اللَّهُ مِنْ غَيْرِ مَا يَبْتَلِيكَ أَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ الرَّحْمَنِ، قَالَ: أَخْبَرَنِي أَبِي، قَالَ: ثَنا حَرْمَلَةُ بْنُ يَحْيَى، قَالَ: أَخْبَرَنَا الشَّافِعِيُّ، قَالَ: لَمَّا بَنَى هِشَامٌ يَعْنِي: ابْنَ عَبْدِ الْمَلِكِ الرُّصَافَةَ، قَالَ: أُحِبُّ أَنْ أَخْلُوَ يَوْمًا لا يَأْتِينِي فِيهِ خَبَرُ غَمٍّ، فَمَا انْتَصَفَ النَّهَارُ حَتَّى أَتَتْهُ رِيشَةُ دَمٍ، مِنْ بَعْضِ الثُّغُورِ، فَأُوصِلَتْ إِلَيْهِ، فَقَالَ: وَلا يَوْمًا وَاحِدًا! أَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ، ثَنا يُونُسُ بْنُ عَبْدِ الأَعْلَى الْمِصْرِيُّ، قَالَ: أَخْبَرَنِي الشَّافِعِيُّ، قَالَ: قَالَ هِشَامُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ: لَمَّا مَاتَ رَوْحُ بْنُ زِنْبَاعٍ، قَالَ لِبَعْضِ النَّاسِ: الجزء: 1 ¦ الصفحة: 242 كَيْفَ كَانَ رَوْحٌ؟ ثُمَّ قَالَ: قَالَ رَوْحٌ: وَاللَّهِ، مَا أَرَدْتُ بَابًا مِنْ أَبْوَابِ الْخَيْرِ إِلا تَيَسَّرَ لِي، وَلا أَرَدْتُ بَابًا مِنْ أَبْوَابِ الشَّرِّ إِلا لَمْ يَتَيَسَّرْ لِي أَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ، ثَنا يُونُسُ بْنُ عَبْدِ الأَعْلَى، قَالَ: سَمِعْتُ الشَّافِعِيَّ، قَالَ: حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، قَالَ: كُنْتُ عِنْدَ أَبِي جَعْفَرٍ الْمَنْصُورِ وَعِنْدَهُ ابْنُ أَبِي ذِئْبٍ، فَقَالَ أَبُو جَعْفَرٍ لابْنِ أَبِي ذِئْبٍ: مَا تَقُولُ فِي الْحَسَنِ بْنِ زَيْدٍ؟ وَكَأَنَّهُ تَكَلَّمَ فِيهِ، فَقَالَ لَهُ الْحَسَنُ: اللَّهَ اللَّهَ، وَاللَّهِ، مَا سَلِمَ عَلَيْهِ أَحَدٌ وَإِنْ شِئْتَ، فَسَلْهُ عَنْ نَفْسِكَ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ: فَجَمَعْتُ ثِيَابِي، وَالسَّيَّافُ قَائِمٌ عَلَى رَأْسِ أَبِي جَعْفَرٍ، مَخَافَةَ أَنْ يَأْمُرَ بِهِ فَيُقْتَلَ، فَيُصِيبَ دَمُهُ ثَوْبِي. قَالَ: مَا تَقُولُ فِيَّ؟ قَالَ: اعْفِنِي يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ. قَالَ: لابُدَّ أَنْ تَقُولَ، قَالَ: إِنَّكَ لا تَعْدِلُ فِي الرَّعِيَّةِ، وَلا تَقْسِمُ بِالسَّوِيَّةِ. فَتَغَيَّرَ وَجْهُ أَبِي جَعْفَرٍ، فَقَامَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ يَحْيَى بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ، قَالَ: طَهِّرْنِي بِدَمِهِ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، قَالَ لَهُ ابْنُ أَبِي ذِئْبٍ: اقْعُدْ يَا بُنَيَّ، فَلَيْسَ فِي دَمِ رَجُلٍ يَشْهَدُ أَنْ لا إِلَهَ إِلا اللَّهُ، طُهُورٌ " الجزء: 1 ¦ الصفحة: 243 قَوْلُ الشَّافِعِيِّ فِي الطِّبِّ أَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ، ثنا الرَّبِيعُ بْنُ سُلَيْمَانَ، قَالَ: سَمِعْتُ الشَّافِعِيَّ، يَقُولُ: إِنَّمَا الْعِلْمُ عِلْمَانِ: عِلْمُ الدِّينِ، وَعِلْمُ الدُّنْيَا، فَالْعِلْمُ الَّذِي لِلدِّينِ هُوَ: الْفِقْهُ، وَالْعِلْمُ الَّذِي لِلدُّنْيَا هُوَ: الطِّبُّ. وَمَا سِوَى ذَلِكَ مِنَ الشِّعْرِ وَنَحْوِهِ، فَهُوَ عَنَاءٌ أَوْ عَيْبٌ أَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ الرَّحْمَنِ، قَالَ: حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ هَارُونُ بْنِ مَنْصُورٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي بَعْضُ الْمَقَانِعِ يَعْنِي: مَنْ يُقْنَعُ بِهِ، عَنِ الشَّافِعِيِّ رَحِمَهُ اللَّهُ، قَالَ: لا تَسْكُنَنَّ بَلَدًا لا يَكُونُ فِيهِ عَالِمٌ يُفْتِيكَ عَنْ دِينِكَ، وَلا طَبِيبٌ يُنْبِئُكَ عَنْ أَمْرِ بَدَنِكَ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 244 أَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ، قَالَ: أَخْبَرَنِي الرَّبِيعُ بْنُ سُلَيْمَانَ، قَالَ: سَمِعْتُ الشَّافِعِيَّ، يَقُولُ: أَكْلُ الْفُولِ يَزِيدُ فِي الدِّمَاغِ، وَأَكْلُ اللَّحْمِ يَزِيدُ فِي الْعَقْلِ أَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ، قَالَ: أَخْبَرَنِي أَبِي، ثَنا يُونُسُ بْنُ عَبْدِ الأَعْلَى، قَالَ: سَمِعْتُ الشَّافِعِيَّ، يَقُولُ: احْذَرْ أَنْ تَشْرَبَ لِهَؤُلَاءِ الأَطِبَّاءِ دَوَاءً، إِلا دَوَاءً تَعْرِفُهُ أَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ، ثَنا أَبِي، قَالَ: حَدَّثَنِي هَارُونُ بْنُ سَعِيدٍ الأَيْلِيُّ، قَالَ: قَالَ لَنَا الشَّافِعِيُّ: أَخَذْتُ اللِّبَانَ سَنَةً. أَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ، ثَنا أَبِي، قَالَ: سَمِعْتُ ابْنَ عَبْدِ الأَعْلَى، قَالَ: قَالَ لِيَ الشَّافِعِيُّ: الجزء: 1 ¦ الصفحة: 245 لَمْ أَرَ شَيْئًا أَنْفَعَ لِلْوَبَاءِ مِنَ الْبَنَفْسَجِ يُدْهَنُ بِهِ وَيُشْرَبُ آخِرُهُ، وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ، وَصَلَوَاتُهُ عَلَى مُحَمَّدٍ وَآلِهِ. تَمَّتِ الآدَابُ الْمَنْسُوبَةُ إِلَى الإِمَامِ الشَّافِعِيِّ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 246 نَصٌّ مِنْ صَحِيحِ ابْنِ حِبَّانَ أُلْحِقَ بِالْكِتَابِ ثَلاثُ كَلِمَاتٍ لِلشَّافِعِيِّ لَمْ يُسْبَقْ إِلَيْهَا وَانْفَرَدَ بِهَا قَالَ أَبُو حَاتِمِ بْنُ حِبَّانَ: ذَكَرْنَا فِي كِتَابِ الْمُدَبَّرِ: أَنَّ الشَّافِعِيِّ لَهُ ثَلاثُ كَلِمَاتٍ مَا تَكَلَّمَ بِهَا أَحَدٌ فِي الْإِسْلَامِ قَبْلَهُ، وَلا تَفَوَّهَ بِهَا أَحَدٌ بَعْدَهُ، الأُولَى: سَمِعْتُ ابْنَ خُزَيْمَةَ، يَقُولُ: سَمِعْتُ الْمُزَنِيُّ، يَقُولُ: سَمِعْتُ الشَّافِعِيَّ، يَقُولُ: إِذَا صَحَّ لَكُمُ الْحَدِيثُ، فَخُذُوا بِهِ، وَدَعُوا قَوْلِي الثَّانِيَةُ: سَمِعْتُ ابْنَ الْمُنْذِرِ، يَقُولُ: سَمِعْتُ الْحَسَنَ بْنَ مُحَمَّدٍ الزَّعْفَرَانِيَّ، يَقُولُ: سَمِعْتُ الشَّافِعِيَّ، يَقُولُ: مَا نَاظَرْتُ أَحَدًا فَأَحْبَبْتُ أَنْ يُخْطِئَ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 247 الثَّالِثَةُ: سَمِعْتُ مُوسَى بْنَ مُحَمَّدٍ الدَّيْلَمَهِيَّ، يَقُولُ: سَمِعْتُ الرَّبِيعَ بْنَ سُلَيْمَانَ، يَقُولُ: سَمِعْتُ الشَّافِعِيَّ، يَقُولُ: وَدِدْتُ أَنَّ النَّاسَ لَوْ تَعَلَّمُوا هَذِهِ الْكُتُبَ، وَلَمْ يَنْسُبُوهَا إِلَيَّ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 248