الكتاب: الأصل الجامع لإيضاح الدرر المنظومة في سلك جمع الجوامع المؤلف: حسن بن عمر بن عبد الله السيناوني المالكي (المتوفى: بعد 1347هـ) الناشر: مطبعة النهضة، تونس الطبعة: الأولى، 1928م عدد الأجزاء: 2   [ترقيم الكتاب موافق للمطبوع] ---------- الأصل الجامع لإيضاح الدرر المنظومة في سلك جمع الجوامع حسن السيناوني الكتاب: الأصل الجامع لإيضاح الدرر المنظومة في سلك جمع الجوامع المؤلف: حسن بن عمر بن عبد الله السيناوني المالكي (المتوفى: بعد 1347هـ) الناشر: مطبعة النهضة، تونس الطبعة: الأولى، 1928م عدد الأجزاء: 2   [ترقيم الكتاب موافق للمطبوع] كتاب الجامع لايضاح الدرر المنظومة فى سلك جمع الجوامع تاليف العالم النحرير العلامة الشهير الشيخ سيدي حسن ابن الحاج عمر بن عبد الله السيناوني المدرس من الطبقة العليا فى علوم القرءات بالجامع الاعظم جامع الزيتونة ادام الله عمرانه الجزء الأول اجازة الشيخ النظار الحمد لله حق حمده والصلاة والسلام على سيدنا ومولانا محمد نبيه وعبده وآله وصحبه من بعده وبعد فقد عرض العالم الفاضل الزكى الشيخ حسن السيناونى المدرس من الطبقة الاولى فى فن القرءات بالجامع الاعظم جامع الزيتونة عمره الله كتابه المسمى بالاصل الجامع لايضاح الدرر المنظومة فى سلك جمع الجوامع فاذا هو واضح العبارة كثير النقل صحيح النقل الحل مفيد فى بابه فقررت النظارة العلمية فى جلستها المنعقدة فى يوم التاريخ اجابة طلب مؤلفه نشره واجازت طبعه والله يشكر سعي مؤلفه فى جمعه وعنايته والسلام وكتب فى 22ذي الحجة الحرام سنة 1347 وفى جون 1928. صح احمد بيرم - محمد الطاهر ابن عاشور - محمد رضوان - صالح المقالى الجزء: 1 ¦ الصفحة: 1 بسم الله الرحمن الرحيم وصلى الله عليه وسلم محمد وعلى آله وصحبه وسلم الحمد لله الذي تفضل على عباده المؤمنين بنعمة الايمان فى الجنان التى هي اصل متفرع عليه التنعم بالنعيم الخالد فى الجنان والصلاة والسلام على سيدنا محمد المبعوث بالشريعة المطهرة بشيرا ونذيرا وداعيا الى الله باذنه وسراجا منيرا وعلى آله الكرام واصحابه العظام ذوي المدارك السامية فى فهم الاحكام. (اما بعد) فيقول العبد الفقير الى رحمة ربه الغنى حسن ابن الحاج عمربن عبد الله السيناوي الزيتونى المالكى انى اردت ان اشرع فى شرح لطيف موضح لدرر الفاظ كتاب جمع الجوامع الذي جمع مقاصد زهاء مائة مصنف من المصنفات فى علم الاصول واحاط كما سياتى لمصنفه الشيخ الامام العلامة تاج الدين سيدي عبد الوهاب الشافعى ابن الشيخ الامام تقي الدين السبكى رحمها الله بخلاصة ما فى شرحه على مختصر ابن الحاجب والمنهاج للبيضاوي مع زيادات كثيرة عليها فحوي مع صغر الحجم حيث بالغ فى ايجازه غزارة العلم ففى كل ذرة منه درة فروم اختصاره بعده متعذر ... وروم النقصان منه متعسر. قال فى آخره اللهم الا ان ياتى رجل مبذر مبتر. فدونك مختصرا بانواع المحامد حقيقا ... واصناف المحامدين خليقا. فاعتنى بشرحه كثيرون رحمهم الله واردت ان اشرحه ان شاء الله باسلوب مبتكر. يجمع متون وشرح فى شرح معتبر مؤاخيا جمعا بين الفرع والاصل ان اطبق عليه ارجوزة نظم الحافظ جلال الدين السيوطى الشافعى التى ضمن فيها هذا المختصر الجامع للاصلين اعنى اصول الفقه واصول الدين قائلا " ضَمَّنْتُهَا جَمْعَ الْجَوَامِعِ الَّذِي ... حَوَى أُصُوْلَ الْفِقْهِ والدِّيْنِ الشَّذِي وربما غير بالاسقاط ما كان معترضا او زاد بالالحاق او زاد بالالحاق ماكان منقوصا او الجزء: 1 ¦ الصفحة: 2 افاد ما لم يتعرض له فى ذا المختصر كما قال: وَرُبَّمَا غَيَّرْتُ أَوْ أَزِيْدُ ... مَا كَانَ مَنْقُوضًا وَمَا يُفِيْدُ فَلْيَدْعُهَا قَارِئُهَا والسَّامِعُ ... بِكَوْكَبٍ وَلَوْ يُزَادُ السَّاطِعُ كما انى اريد ان اطبق عليه ايضا تكميلا لفوائد ذوي المذهب المالكى قواعد الاصول المالكية التى نظمها العلامة الشيخ سيدى عبد الله ابن ابراهيم العلوي الشنجيطى وهى التي ابتنت عليها فصولها الفرعية كما قال معيدا الضمير على المذهب المالكى. اردت ان اجمع من اصوله ... ما فيه بغية لذي فصوله سميته مراقي السعود ...... لمبتغي الرُّقيِّ والصعود كما انى اريد ان اطبق ايضا على مسائل المتن ما وافقها مما ذكره العلامة الشيخ سيدي محمد ابن عاصم المالكى فى علم الاصول فى النظم الذى سماه بقوله: سميتها بمهيع الاصول ... لمن يريد الاخذ فى الاصول كى يتضاعف سرور ذي المذهب المالكى بجمع شمله باصول مذهب فى ارض اصول المذهب الشافعى. ويتنزه الناظر اليه برؤ ية اشجار النظاير ملتفة فى احنة الفاظه ويتنعم المتامل فيه بابتكار جمع معانيها مقصودة فى خيام معانيه وسميته (بالاصل الجامع لايضاح الدرر المنظومة فى سلك جمع الجوامع) والله أسأل ان يتقبل بفضله. وينفع به كما نفع باصله انه ذو فضل عظيم وحسبنا الله ونعم الوكيل قال المصنف رحمه الله تعالى ونفعنا ببركاته (بسم الله الرحمن الرحيم نَحْمَدُك اللَّهُمَّ عَلَى نِعَمٍ يُؤْذِنُ الْحَمْدَ بِازْدِيَادِهَا) نَحْمَدُك اللَّهُمَّ أي نَصِفُك يا الله بصفاتك الجميلة جميعها اذ كل من صفاته تعالى جميل ورعاية جميعها ابلغ فى تعظيم تعالى المراد له بقوله نحمدك حيث عبر بصيغة الاخبار قاصدا بها انشاء الحمد الذي مقامه اعظم من مقام الاخبار وكثيرامايقع موقع الانشاء بلاغة كما قال سيدي عبد الرحمان الاخضري فى الجوهرالمكنون وصيغةُ الإخبارِ تأتي للطَّلَبْ ... لِفَأْلٍ اوْ حِرْصٍ وَحَمْلٍ وَأَدَبْ وعبر المصنف بصيغة المضارع لاقضائه التجدد كما قال فى الجوهر المكنون: وَكَونُهُ فِعْلاً فَلِلتقييدِ .... بِالوَقْتِ مَعْ إِفادَةِ التَّجْديدِ واتى بالميم فى اللهم لكونها عوضا عن حرف النداء كما قال العلامة ابن مالك فى الخلاصة: والاكثر اللهم بالتعويض. وقوله على نعم جمع نعمة كما قال فى الخاصة: ولفعلة فعل. والتنوين فيه للكثرة والتعظيم كما قال فى الجوهر المكنون: وَنَكّروا إِفراداً اوْ تَكْثيرا ..... تَنْويعاً اوْ تعظيماً او تَحْقيرا أي نحمدك با الله على انعام كثيرة عظيمة فمنها ومنها وان عددناها لا نحصيها وقوله يؤذن الحمد بازديادها أي يعلم الحمد عليها بزيادتها ولكون الازدياد ابلغ فى المعنى لزيادة المبنى اتى به اذ الهام الله تعالى عبده الحمد من النعم التى يستحق سبحانه الحمد عليها وهذا الحمد يستحق الحمد لكونه من الحمد الذي الهم به وهلم جرا فتهاطلت امطارا لمنن بالانعام لكثرة المحامد فلذا قال الناظم: لله حَمْدٌ لاَ يَزَالُ سَرْمَدَا ... يُؤذِنُ بِازْديَادِ منٍّ أَبَدَا (وَنُصَلِّي عَلَى نَبِيِّك مُحَمَّدٍ هَادِي الْأُمَّةِ لِرَشَادِهَا) أي ونقول اللهم صل على نبيك مُحَمَّدٍ اذ معناه الانشاء هادي الامة أي دال الامة لرشادها أي لدين الاسلام الذي تسبب عنه الرشاد فهو من اطلاق المسبب وارادة السبب على ضرب من المجاز المرسل كما قال فيه ناظم ملحة البيان: وسببية مسببية ... كالغيث فى نبت وعكس يثبت. (وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ مَا قَامَتْ الطُّرُوسُ وَالسُّطُور لِعُيُونِ الْأَلْفَاظِ مَقَامَ بَيَاضِهَا وَسَوَادِهَا) أي ونصلى على آله وصحبه مدة دوام الطروس الصحف جمع طرس بكسر الطاء فما مصدرية والسطور معطوف عليه من عطف الجزء: 1 ¦ الصفحة: 3 الجزء على الكل وعيون الالفاظ الاضافة فيه من المدلول الى الدال أي مدة دوام الصحف والسطور للمعانى التى يدل عليها باللفظ المنقوش فى سطر الصحيفة فيهتدى بتلك المعانى للمقاصد كما يهتدى بالعيون الباصرة ففيه استعارة تصريحية حيث شبه المعانى بالعيون بجامع حصول الاهتداء بكل وقوله مقام بياضها وسوادها أي مقام بياض الطروس وسواد السطور أي نصلى مدة قيام كتب العلم المبعوث به المصطفى الكريم المرسوم فى سطور الطروس وقيامه مسطورا فيها بقيام اهله واهله لا يزالون قائمين بفضل الله تعالى الى قيام الساعة اذلاتزال طائفة من امته صلى الله عليه وسلم ظاهرين على الحق لايضرهم من خالفهم حتى ياتى امرالله واستعمل المصنف صناعة الجناس البديعية فى الطروس والسطور واللف والنشر المرتب فى رجوع البياض للطروس والسواد للسطور على اسلوب قوله تعالى وهوالذي جعل لكم الليل والنهار لتسكنوا فيه ولتبتغوا من فضله. (وَنَضْرَعُ إلَيْك فِي مَنْعِ الْمَوَانِعِ عَنْ إكْمَالِ جَمْعِ الْجَوَامِعِ الْآتِي مِنْ فَنِّ الْأُصُولِ بِالْقَوَاعِدِ الْقَوَاطِعِ) نضرع أي نسألك ياالله بخضوع وذلة ان تمنع الاشياء التى يعوق بها اكمال تحرير هذا الكتاب المسمى بجمع الجوامع الحاوي مقاصد عدة مصنفات معلومات وبالاحري الختصرات فاحصى منها الخلاصة كماقال صاحب الخلاصة: وما به عنيت قد كمل ... نظما على جل المهماة اشتمل احصى من الكافية الخلاصة ... كما اقتضى غنى بلا خصاصه وقوله الاتي الخ أي الاتى من فن اصول الفقه وفن اصول الدين بالقواعد المقطوع بها والقاعدة هى الامرالكلي المنطبق على الجزئيات لتعرف احكام منها فى اصل لجزئياتها فلذا سمي الامام ابو القاسم الشاطبى قواعد قراءات الايمة السبعة فى حرز الامانى اصولا حين اتى جميعها فى قوله فهذي اصول القوم حال اطرادها ... اجبت بعون الله فانتظمت جلا (الْبَالِغِ مِنْ الْإِحَاطَةِ بِالْأَصْلَيْنِ مَبْلَغَ ذَوِي الْجِد وَالتَّشْمِيرِ) أي البالغ فى الاحاطة باصلى الفقه والدين بلوغا مثل بلوغ ذوي الاجتهاد والتشمير فى التحصيل على المرتبة القصوى فيها (الْوَارِد مِنْ زُهَاءِ مِائَةِ مُصَنَّف مَنْهَلًا يُرْوِي وَيَمِيرُ) أي الجائ من زهاء بضم الزاي والمد أي قدر مائة مصنف فى حال كونه منهلا يروي بضم الياء أي كل عطشان من اهل العلم للاطلاع على الاصوليين ويمير بفتح اوله أي يشبع كل جائع للتغذي بما ئلها ففى التركيب تشبيه بليغ حيث جعل كتابه منها ورود ذي العطش وشبع ذي الجوع بحذق اداة التشبيه ووجه الشبه كما قال فى الجوهر المكنون: وأبلَغُ التّشبيهِ ما مِنْهُ حُذِفْ ..... وَجْهٌ وآلَةٌ وهذه المياه العذبة التى تلا طمت امواجها فى منهله هى التى جرت اليه من عيون المصنفات الكثيرة ذوات الفوائد الغزيرة فماء منهله ماء مبارك كماء زمزم يروي ذا العطش ويشبع ذا الجوع فيحصل به من الاحاطة المبلغ من كمال الراحة بالشبع والري (الْمُحِيطُ مَا فِي شَرْحَيْ عَلَى الْمُخْتَصَر وَالْمِنْهَاج مَعَ مُزْبِد كَثِير) كما بلغ من الاحاطة الملغ المتقدم فى جمعه لما ذكر بلغ ايضا من الاحاطة بخلاصة ما فى شرحيه على المختصر لابن الححاجب والمنهاج للبيضاوي قال الجلال المحلى وَنَاهِيكَ بِكَثْرَةِ فَوَائِدِهِمَا أي عن تطلب غيرهما مع مزيد كثير على تلك الخلاصة (وَيَنْحَصِرُ فِي مُقَدِّمَاتِ وَسَبْعَةِ كُتُبٍ) أي وينحصر التصنيف فى مقدمات جمع مقدمة وهي عند المناطقة القضية المجعولة جزء الدليل الذي يتركب منه القياس كما قال سيدي عبد الرحمن الاخضري فى سلم المنورق: فان ترد تركيبه فركبا ... مقدماته على ما الجزء: 1 ¦ الصفحة: 4 وجبا. والمراد بها هنا قال فى المغيث الهامع مايتوقف عليه حصول امر أخر فالمقدمات لبيان السوابق والكتب لبيان المقاصد اه وقال الجلال السيوطى قال الشيخ سعد الدين يقال مقدمة العلم لما يتوقف عليه مسائله كمعرفة حدوده وغايته وموضوعه ومقدمة الكتاب لطائفة من كلامه قدمت امام المقصود لارتباطه بها وانتفاع بها فيه سواء توقف عليها ام لا قال والفرق بينهما مما خفى على كثير من الناس اه. قال الجلال السيوطى واما الكتب السبعة ففى المقصود بالذات خمسة فى مباحث ادلة الفقه الخمسة الكتاب والسنة والاجماع والقياس والاستدلال والسادس فى التعادل والترجيح بين هذه الادلة عندتعارضهاوالسابع فى الاجتهاد الرابط لها بمدلولها وما يتبعه من التقليد وءاداب الفتيا وما ضم اليه من علم الكلام المفتتح بمسالة التقليد فى اصول الدين المختتم بما يناسبه من خاتمة الصوف اه. فلذاقال فى نظمه مقتفيا أثر اصله. يُحْصَرُ هَذَا النَّظْمُ في مُقَدِّمَهْ ... وَبَعْدَهَا سَبْعَةُ كُتْبٍ مُحْكَمَه وتعرض شارح مراقي السعود لبيان موضوع الفن قائلا موضوع الاصول الادلة الشرعية والاحكام وعند بعضهم الادلة الشرعية فقط فلذاقال فى نظمه: الاحكام والأدلة الموضوع ....... وكونه هذي فقط مسموع وافاد ايضا ان اول من الف علم الاصول الامام الشافعى وهو محمد بن عباس شافع المطلبى حيث قال. أول من ألفه في الكتب ... محمد ابن شافع المطَّلِبي وذر ان غيره من الجتهدين كا الصحابة فمن بعدهم كان معرفة علم الاصول سليقة له أي مركوزا فى طبيعته كماكان علم العربية من نحو وتصريف وبيان خليقة أي مركوزا فى طبايع العرب فطرة فطرهم الله عليها فلذاقال فى نظمه: وغيره كان له سليقه ....... مثل الذي للعرب من خليقه ( الكلام فى المقدمات أُصُولُ الْفِقْهِ دَلَائِلُ الْفِقْهِ الْإِجْمَالِيَّةُ) افتتح المصنف رحمه الله الكلام فى المقدمات التي قدمها على المقصود بالذات من الكتب السبعة ب تعريف اصول الفقه ليتصوره طالبه ابتداء بما يضبط مسائله الكثيرة حتى يكون الطالب على بصيرة اذ من عرف مايطلب هان عليه ما يبذل من النفيس سيما انفاس العمر فاصول الفقه فى الاصل مركب اضافى ثم صار علما جنسيا لفن الاصول وفيه اشعار يمدحه بابتناء الفقه عليه فعرفه بانه دلائل الفقه أي قواعد الفقه الاجماليه أي غير المعينة كمطلق الامر والنهى وغير ذلك من القواعد الاتية فى الكتب السبعة وقال الناظم معرفا لذا الفن اعنى فن الاصول: أَدِلَّةُ الْفِقْهِ الأُصُوْلُ مُجْمَلَهْ ... وَقِيْلَ: مَعْرِفَةُ مَا يَدُلُّ لَهْ فالاصول مبتداء وادلة خبره مقدم مجملة حال اي تعريف فن الاصول فى حال كونها مجملة وقال شارح مراقى السعود الدليل الاجمالى هوالذي لايعين مسالة جزئية كقاعدة مطلق الامر والنهي وفعله صلى الله عليه وسلم والاجماع والقياس والاستصحاب والعام والخاص والمطلق والمقيد والمجمل والمبين والظاهر والمؤول والناسخ والمنسوخ وخبر الاحاد ثم افاد ان طرق الترجيح للادلة عند تعارضها قيد تابع للدلائل الاجمالية فى الاندراج فى حقيقة الاصول وان شروط الاجتهاد الاتى ذكرها واضح دخولها فى مسمي الاصول وان الاصل يطلق فى الاصطلاح ايضا على الامر الراجح نحو الاصل براء ة الذمة والاصل ابقاء ما كان على ماكان عليه فلذاقال فى نظمه: أصوله دلائل الإجمال ... وطرق الترجيح قيد تال وما للاجتهاد من شرط وَضَحْ ....... ويطلق الأصل على ما قدرجح (وقيل معرفتها) أي وقيل فى تعريف اصول الفقه معرفة دلائل الفقه الاجمالية أي الجزء: 1 ¦ الصفحة: 5 وذلك لان مسمي كل علم يطلق على مسائله التى هى القواعد الكلية وهوالتعريف الاول ويطلق على ادراك تلك القواعد وعلى الملكة الحاصلة من ادراكها وهوالتعريف الثانى وزاد الناظم فى تعريف الاصول بمعرفة الدلائل الاجمالية معرفة طرق الاستفادة أي ليحصل الترجيح عند التعارض مما ذكر فى الكتاب السادس ومعرفة صفات المستفيد الذي هوالمجتهد المذكورة فى الكتاب السابع ليحصل بها معرفة من يصح منه استنباط الحكم حيث قال وَقِيْلَ: مَعْرِفَةُ مَا يَدُلُّ لَهْ وَطُرُق اسْتِفَادَةٍ والْمُسْتَفِيْدْ ... وَعَارِفٌ بِهَا الأُصُوْلِيُّ الْعَتِيد أي الحاضر (وَالْفِقْهُ الْعِلْمُ بِالْأَحْكَامِ الشَّرْعِيَّةِ الْعَمَلِيَّةِ الْمُكْتَسَبِ مِنْ أَدِلَّتِهَا التَّفْصِيلِيَّة) أي تعريف الفقه هوالعلم بالاحكام الماخوذة من الشرع المبعوث العزيز المبعوث به النبئ الكريم المتعلقة بصفة عمل قلبي اوغيره المكتسب ذلك العلم من الادلة التفصيلية فلذاقال فى نظمه. والفقه هو العلم بالأحكام ....... للشرع والفعل نماها النامي قال فى شرحه أي نسبها الناسب أي اليه أي الى الفعل فيقول الشرعية الفعلية أي العملية قال والفرع هو حكم الشرع المتعلق بصفة فعل المكلف وتلك الصفة ككونه مندوبا او غيره من الاحكام الخمسة مطلقا أي سواء كان الفعل قليلا كالنية اوبدنيا كا الوضوء قاله الناصر اللفانى عند قول خليل فذلك لعدم اطلاعى فى الفرع على ارجحية منصوصة اه. باختصار فلذاقال فى نظمه: والفرع حكم الشرع قد تعلقا ....... بصفة الفعل كندب مطلقا ثم قال والمراد بالعلم بجميع الاحكام في تعريف الفقه العلم بمعنى الصلاحية والتهيئ لذلك بان يكون له ملكة يقتدر بها على ادراك جزئيات الاحكام وقد اشتهر عرفا اطلاق العلم على هذه الملكة قال واذا كان المراد التهيئو والصلاحية فلايقدح فى ائمة المناحي الاربعة أي المذاهب قوله لا ادري فاتبع ذلك القول فانه يدل على الورع اه. فلذاقال في نظمه معيدا الضمير على ادلة التفصيل. والعلم بالصلاح فيما قد ذهب فالكل من أهل المناحي الأربعهْ ....... يقول لا أدري فكن مُتَّبِعَه فقوله قد ذهب بمعنى قد اشتهر (وَالْحُكْمُ خِطَابُ اللَّه الْمُتَعَلِّقُ بِفِعْلِ الْمُكَلَّفِ مِنْ حَيْثُ إنَّهُ مُكَلَّفٌ) أي والحكم المتعارف فى الاذهان بين الاصوليين فى حال كونه ملابسا للاثبات تارة وللنفى اخري كلامه تعالى النفسى الازلي أي الذي لاابتداء له المتعلق بفعل المكلف أي الشخص الملزم ما فيه كلفة تعلقا صلوحيا قبل وجوده بمعنى انه اذا وجد غير مستجمع لها ككونه مجنونا مثلا واما اذاوجد مستجمعا لها فيتعلق به تعلقا تنجيزيا قال الحقق البنانى للكلام المتعلق بفعل المكلف تعلقان صلوحى وتنجيزي والاول قديم والثانى حادث بخلاف المتعلق بذات الله وصفاته فليس له الا تعلق تنجيزي قديم اه. وقوله من حيث انه مكلف بما فيه كلفة أي الحكم كلام الله تعالى المتعلق بالشخص الملزم ما فيه كلفة من حيث انه ملزم به ونقل الناظم فى شرحه ان اعتبار يخرج ما لا تكليف فيه كالاباحة وهى احد اقسام الجزء: 1 ¦ الصفحة: 6 الحكم فقال والد المصنف ان الاختيار ان يقال فى تعريف الحكم على وجه الانشاه ليندرج فيه الاباحة وخطاب الوضع فان الصواب انه حكم اه. فلذاقال الناظم: خِطَابُ اللهِ بِالإِنْشَا اعْتَلَقْ ... بِفِعْلِ مَنْ كُلِّفَ حُكْمٌ وشارح مراقى السعود سلك مسلك المصنف حيث قال ان الحكم المتعارف عندالاصوليين هو كلام الله المتعلق بفعل المكلف من حيث انه مكلف به فلذاقال فى نظمه: كلام ربي إن تعلق بما .... يصح فعلا للمكلف اعلما فذاك بالحكم لديهم يعرف. وتعرض لاختلافهم فى التكليف هل هو الزام ما فيه مشقة وكلفة كما تقدم او طلب ما فيه كلفة فافاد انه فاه أي نطق بكل من القولين خلق كثير وذكر ان هذالخلاف لايفيد فرعا من الفروع لعدم بناء الحكم عليه حيث قال: وهو إلزام الذي يشق ....... أو طلبٌ فَاهَ بكلِّ خَلْقُ لكنه ليس يفيد فرعا ....... فلا تَضِقْ لِفَقْد فرع ذرعا وتعرض ل تكليف الصب ي قائلا ان الصبي مكلف عندنا أي معاشر المالكية أي مخاطب بغير الواجب والمحرم لا فى الخطاب بالندب والكراهة والاباحة فهو ووليه مندوبان الى الفعل ماجوران فلذاقال: قد كُلِّفَ الصَّبِي على الذي اعتُمِي ..... بغير ما وجب والمحرم (وَمِنْ ثَمَّ لَا حُكْمَ إلَّا لِلَّه) قال الشيخ الشربينى أي من اجل ان الحكم خطاب الله المفيد انه لا مثبت له الا الله دون شيئ اخر وانه لا يدرك الا بسبب ورود الخطاب به نعتقد انه لا حكم الاالله اه. وقال الجلال السيوطى أي ومن اجل ان الحكم خطاب الله وحيث لاخطاب لا حكم يعلم انه لاحكم الا لله فلذاقال فى نظمه: فالاحق .... لَيْسَ لِغَيْرِ اللهِ حُكْمٌ أبَدَا قال المحقق البنانى على الجلال المحلى عندقوله فلا حكم للعقل شيئ مما سياتى عن المعتزلة اشار بذلك الى ان مقصود المصنف بقوله ومن ثم لا حكم الا الله التمهيد لخلاف المعتزلة بتحكيم العقل والرد عليهم (الْحُسْنُ وَالْقُبْحُ بِمَعْنَى: مُلَاءَمَةِ الطَّبْعِ وَمُنَافَرَتِهِ وَصِفَةِ الْكَمَالِ وَالنَّقْصِ عَقْلِيٌّ وَبِمَعْنَى تَرَتُّبِ الذَّمِّ عَاجِلًا وَالْعِقَابِ آجِلًا شَرْعِيٌّ خِلَافًا لِلْمُعْتَزِلَةِ) الحسن والقبيح يطلقان بثلاثة اعتبارات احدها ما يلائم الطبع وينافره كقولنا الحسن والمر قبيح والثانى صفة الكمال والنقص على الشرع واشار العلامة ابن عاصم الى الاول والثانى فى مهيع الوصول بقوله: فاول مالحسن بالموافقه ... للطبع ثم القبح مالا وافقه والثانى ماجاء فى الاستعمال ... بنسبة النقص اوالكمال وذان لاافتقار فيهمالان ... يبين الشرع القبيح والحسن. والثالث ما يوجب المدح والذم عاجلا والثواب والعقاب ءاجلا فالمعتزلة قالوا هو عقلى ايضا يستقل العقل بادراكه لمافيه من مصلحة او مفسدة وقال اهل السنة هو شرعي لا يعرف الا بالشرع فلذاقال الناظم: والْحُسْنُ والْقُبْحُ إِذَا مَا قُصِدَا. وَصْفُ الكَمَالِ أَوْ نُفُورُ الطَبْعِ ... وَضِدُّهُ عَقْلِي وَإلاَّ شَرْعِي وهذا القسم اشار اليه العلامة ابن عاصم فى مهيع الوصول بقوله: وان يكن ما مدح الله الحسن ... وما عليه بالثواب منه من وضده القبيح ما قد ذمه ... واستوجب العقاب من قدامه فها هنا الخلاف كل نقله .... للاشعريين وللمعتزلة فالاشعريين يقولون بان ... ليس بغير الشرع يعلم الجزء: 1 ¦ الصفحة: 7 الحسن. اوضده اذ ليس حكم يثبت.. قبل ورود الشرع وهوالاثبت (و َشُكْرُ الْمُنْعِمِ وَاجِبٌ بِالشَّرْعِ لَا الْعَقْلِ) أي الثناء على الله تعالى لانعامه بالخلق والرزق والصحة وغير ذلك واجب بالشرع لابالعقل اذ لووجب عقلا لعذب تاركه قبل بعثة الرسول لكنه لايعذب لقوله تعالى {وَمَا كُنَّا مُعَذَّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولًا} وذهبت المعتزلة الي وجوبه بالعقل فلذاقدم الناظم: الشرع باثبات الحكم له فى وجوب شكرالمنعم لاللعقل فى قوله. بالشرع شكرالمنعم. حتم. (و َلَا حُكْمَ قَبْلَ الشَّرْعِ بَلْ الْأَمْرُ مَوْقُوفٌ إلَى وُرُودِهِ وَحَكَّمَتْ الْمُعْتَزِلَةُ الْعَقْل فَإِنْ لَمْ يَقْضِ فَثَالِثُهَا لَهُمْ الْوَقْفُ عَنْ الْحَظْرِ وَالْإِبَاحَةِ) أي ولا حكم قبل البعثة لاحد من الرسل لازمة من ترتب الثواب والعقاب حين لاشرع لقوله {وَمَا كُنَّا مُعَذَّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولًا} أي ولا مثيبين وانفاء اللازم المذكور الذي هو الترتب المذكور يستدل على انتفاء الملزوم الذي هو الحكم فلذاقال الناظم: وَقَبْلَ الْشَّرْعِ لاَ حُكْمَ نُمِي قال المحقق البنانى ظاهره أي قول المصنف ولاحكم قبل الشرع انه لافرق فى ذلك بين الاصول والفروع فمن لم تبلغه دعوة نبي لا يجب عليه توحيد ولاغيره اه. وذكر شارح مراقي السعود ان اهل الفترة لا يروعون أي لا يعذبون بسبب تركهم للفروع كالصلاة مثلا لعدم تكليفهم بها وهم من كانو بين رسولين لم يرسل الاول لهم ولا ادركوا الثانى ثم قال واختلف فى تعذيبهم بترك الاصول من الايمان والتوحيد فلذاقال فى نظمه: ذو فترة بالفرع لا يراع ....... وفي الأصول بينهم نزاع وقوله بل الامر الخ قال الجلال المحلى بل هنا للانتقال من غرض الى اخر اه. أي بل الامر فى وجوده الحكم موقوف الى ورود الشرع وافاد العلامة فى مهيع الوصول ان الابهري قال ان الاشياء قبل الشرع ممنوعة وان ابالفرج قال انها مباحة حيث قال: والابهري قائل بالمنع ... فى جملة الاشياءقبل الشرع وقال بل مباحة ابوالفرج ... ومن له توقف فلا حرج قال المحقق البنانى فمن قال بالوقف لم يرد معنى لا ندري هل الحكم ثابت قبل البعثة اولا بل اراد ان وجوده متوقف على ورود الشرع اه. قال الجلال السيوطى وذهبت المعتزلة الى تحكيم العقل فى الافعال قبل البعثة فالضروري منها كالتنفس فى الهواء مقطوع باباحته والاختياري ان اشتمل على مفسدة ففعله حرام كالظلم اوتركه فواجب كالعدل او على مصلحة ففعله مندوب كالاحسان اوتركه فمكروه وان لم يشتمل على مصلحة ولا مفسدة فمباح فان لم يقض فيه بشيئ ففيه ثلاثة مذاهب لهم احدها الحظر لان تصرف فى ملك الله بغير اذنه والثانى الاباحة لان الله خلق العبد وما ينتفع به فلو لم يبح له كان خلقهما عبثا أي خاليا عن الحكمة والثالث الوقف عنهما لتعارض دليليهما والمراد به انه لا يدري امحظور ام مباح مع انه لا يخلو عن واحد منهما فوقفوا وقف حيرة فلذاقال فى نظمه: وَفِي الْجَمِيْعِ خَالَفَ الْمُعْتَزِلَهْ ... وَحَكَّمُوا الْعَقْلَ فإِنْ لَمْ يَقْضِ لَهْ فَالْحَظْرُ أوْ إِبَاحَةٌ أوْ وَقْفُ ... عَنْ ذَيْنِ تَحيِيْرًا لَدَيْهِمْ خُلْفُ وافاد العلامة ابن عاصم فى مهيع الوصول عنهم ان الاوليين أي ماكان حسنا اوقبيحا اتى الشرع فيهما مؤكدا ما ثبت بالعقل من الحسن والقبح وان الثالث اظهر الشرع فيه ما لم يصل اليه العقل حيث قال: والحسن والقبح لدي المعتزلة ... العقل قبل الشرع كان حصله اما ضرورة واما بالنظر ... او لم يصل فيه لمعنى معتبر فالاولان الشرع فيهمااتى ... مؤكد اما بالعقو ثبتا والثالث الشرع به اظهر ما ... لم يصل العقل اليه الجزء: 1 ¦ الصفحة: 8 منهما. والمذهب الصحيح مذهبنا معا شر اهل السنة من ان الامر موقوف الى ورود الشرع فيما قبل البعثة واما اذا تعارضت الادلة فيما بعدها او عدمت ولم يظهر نص فافاد المصنف فى كتابه الاستدلال ان الصحيح ان اصل المضار التحريم والمنافع الحل فلذاقال ناظم مراقى السعود: والحكم ما به يجيء الشرع ........ وَأَصْلُ كلِّ ما يَضُرُّ المنعُ. وتعرض العلامة ابن عاصم فى مهيع الوصول الي ان ماتقدم من الشرايع فيما لم يرد به شرعنا هل يكون شرعا لنا ام لا فافاد ان ثالث الاقوال شرع الخليل لنا حيث قال: واختلفوا هل شرع من تقدما ... شرع لنا فى غير ما قد احكما ثالثهاماشرع الخليل ... شرع لنا وفرقه نبيل. (وَالصَّوَابُ امْتِنَاع ُ تَكْلِيفِ الْغَافِلِ وَالْمُلْجَأِ وَكَذَا الْمُكْرَهُ عَلَى الصَّحِيحِ وَلَوْ عَلَى الْقَتْلِ وَإِثْمُ الْقَاتِلِ لِإِيثَارِهِ نَفْسِهِ) أي والصواب امتناع تكليف الغافل وهو من لا يدري كالنائم والساهى اذ التكليف بالشيئ لقصد الاتيان به امتثالا وذلك يتوقف على العلم بالتكليف به والغافل لايعلم التكليف مع العقل والبلوغ والاسلام وعموم الدعوة قائلا. ويحصل التكليف للانام ... بالعقل والبلوغ والاسلام ثم حصول الذهن حال الفرض ... ودعوة تبلغ اهل الارض وكذا يمتنع تكليف الملجا وهو من يدري ولا سعة له فى الانفكاك عما ألجئ اليه كالملقى من شاهق على شخص فقتل ذلك الملقى اللقى عليه فانه لامندوحة للملقى عن الوقوع عن الملقى عليه قال الجلال المحلى فامتناع تكليفه بالملجا اليه او بنقيضه لعدم قدرته على ذلك لان الملجا اليه واجب الوقوع ونقيضه ممتنع الوقوع ولاقدرة على واحد من الواجب والممتنع اه. فلذاقال الجلال السيوطي فى نظمه: وَصُوِّبَ امْتِنَاعُ أنْ يُكَلَّفَا ... ذُوْ غَفْلَةٍ وَمُلْجَأٌ وقال ناظم مراقى السعود: والعلم والوُسع على المعروف ....... شرط يعم كل ذي تكليف كما انه يمتنع تكليف المكره قال الجلال المحلى: وَهُوَ مَنْ لَا مَنْدُوحَةَ لَهُ عَمَّا أُكْرِهَ عَلَيْهِ إلَّا بِالصَّبْرِ عَلَى مَا أُكْرِهَ بِهِ. وذكر العلامة ابن عاصم فى مهيع الوصول ان ظاهر المذهب استنبط منه اشتراط عدم الاكراه حيث قال. وظاهر المذهب منه استنبطا .... في عدم الاكراه ان يشترطا. وافاد الجلال السيوطى ان فى تكليف المكره على ما اكره عليه قولين: احدهما: وهو مذهب المعتزلة انه ممتنع وصححه فى جمع الجوامع لعدم قدرته على الامتثال بالصبر على مااكره به وان لم يكلفه الشارع والثانى انه يجوز وهو مذهب الاشاعرة وذكر ان المصنف رجع اليه اخيرا فلذاقال فى نظمه: واختلفا. فِي مُكْرَهٍ وَمَذْهَبُ الأَشَاعِرَهْ ... جَوَازُهُ وَقَدْ رَآهُ آخِرَهْ ففاعل رآه يعود على مصنفا وقوله ولو على القتل أي ولوكان المكره مكرها على القتل لمكافئته فانه يمتنع تكليفه حالة القتل وقوله واثم القاتل الخ قال الحقق البنانى جواب سؤال تقديره اذا كان المكره على قتل المكافئ ليس بمكلف بالقتل ولابنقيضه قلتم فلاي شيئ تعلق به الاثم فاجاب بما حاصله ان الاثم تعلق به من حيث الايثار أي تقديمه نفسه بالبقاء على مكافئة لقدرته عليه وعلى تركه بسبب ان المكره له خيره بين قتله لمكافئة وبين ان يقتله المكره له ان لم يقتل ذلك المكافئ اه. (وَي َتَعَلَّقُ الْأَمْرُ بِالْمَعْدُومِ تَعَلُّقًا مَعْنَوِيًّا خِلَافًا لِلْمُعْتَزِلَةِ) أي ويتعلق الامر الذي هو الايجاب وال ندب بالمعدوم تعلقا معنويا بمعنى انه اذا وجد يكون مامورا بذلك الامر النفسى الازلى لا تعلقا تنجيزيا بان يكون ... الجزء: 1 ¦ الصفحة: 9 مامورا حالة عدمه حقيقة اوحكما بان يوجد غير متصف بصفات التكليف خلاف للمعتزلة فى تفهيم التعلق المعنوي ايضا لتفهيم الكلام النفسى قال الجلال المحلي: وَالنَّهْيَ وَغَيْرَهُ أي الاباحةكَالْأَمْرِ وقال الجلال السيوطى: مذهب الاشاعرة ان الامر والنهي يتعلقان بالمعدوم تعلقا تنجيزيا فامرالله ونهيه يتعلقان فى الازل بالمكلف لا على معنى تنجيز التعلق في حال عدمه بل على معنى انه اذا وجد بصفة التكليف صارمكلفا بذلك الطلب القديم من غير تجديد طلب آخر وهذا مبنى على اثبات الكلام النفسى فلذلك خالف المعتزلة لانكارهم الكلام النفسى فلذاقال فى نظمه: وَالأمْرُ بِالْمَعْدُومِ والنَّهْيُ اعْتَلَقْ ... أيْ مَعْنَوِيًّا وأبَى بَاقِي الْفِرَقْ أي معنويا وابى باقى الفرق. (فَإِنْ اقْتَضَى الْخِطَابُ الْفِعْلُ اقْتِضَاءً جَازِمًا فَإِيجَابٌ أَوْ غَيْرَ جَازِمٍ فَنَدْب أَوْ التَّرْكَ جَازِمًا فَتَحْرِيمٌ أَوْ غَيْرَ جَازِمٍ بِنَهْيٍ مَخْصُوصٍ فَكَرَاهَةٌ أَوْ بِغَيْرِ مَخْصُوصٍ فَخِلَافُ الْأَوْلَى) قال الكمال لا يخفى ان اسناد اقتضى الى الخطاب النفسي مجاز اذكل من الاقتضاء والتخيير النفسيين خطاب نفسي لا امر يترتب على الخطاب النفسي مغايرله قال البنانى فالقياس ان لوقال فان كان الخطاب اقتضاء للفعل اقتضاءاجازما فهذالخطاب يسمى ايجابا اواقتضاء غير جازم بان جوز تركه ف ندب كما قال الناظم: إنِ اقتَضَى الخطابُ فعْلاً مُلْتَزَمْ ... فَوَاجِبٌ أوْ لاَ فَنَدْبٌ وقال ناظم مراقى السعود: ثم الخطاب المقتضي للفعل ........ جزما فإيجاب لدى ذي النقل وقال فيهما العلامة ابن عاصم. ما طلب الشارع بجزم فعله ... فذلك ال واجب فاعرف فضله وان يكن بغير جزم يطلبه ... فذاك من ندب غدا يستصحبه وقوله فى السعود لدي ذي النقل. قال شارحه المراد به الاصولي الذي ينقل مسائل الفن فى الكتب او يرويها اه. وان اقتضى الخطاب جزمافذا الحرام عند الكل. واذاكان الاقتضاء غير جازم بان كان بنهى مخصوص قال الجلال السيوطى: من نص اواجماع اوقياس فكراهة او بغير مخصوص بل بالنهى عن ترك المندوبات المستفاد من اوامرها ف خلاف الاولى وسواءكان فعلا كفطر مسافر لايتضرر بالصوم اوتركا كترك صلاة الضحى فلذاقال الناظم: او جزم. تركا فتحريم والا وورد. نهي به قصد فكره او فقد قصد الاولى وقال ناظم مراقى السعود: وما التركَ طلب ...... جزماً فتحريم له الإثم انتسب أولا مع الخصوص أولا فع ذا ....... خلافَ الاولى وكراهة ً خُذا لذاك. وقوله اوالتخيير فاباحة أي او اقتضي الخطاب التخيير بين فعل الشيئ وتركه فاباحة قال الجلال المحلى: ذِكْرِ التَّخْيِيرِ سَهْوٌ إذْ لَا اقْتِضَاءَ فِي الْإِبَاحَةِ وَالصَّوَابُ أَوْ خُيِّرَ كَمَا فِي الْمِنْهَاجِ عَطْفًا عَلَى اقْتَضَى اه. فلذا قال الجلال السيوطى فى نظمه: إِذَا مَا خَيَّرَا ... إِبَاحَةٌ وقال ناظم مراقى السعود: والإباحة الخطاب .......... فيه استوى الفعل والاجتناب وقال ابن عاصم فى مهيع الوصول. وسم بالمباح بعد كل ما..ورد فيه اذن للشرع انتمى. ثم ذكر ناظم مراقي السعود ان الاباحة الماخوذة من البراءة ليست حكما شرعيا كشربهم للخمر فى صدر الاسلام قبل ان يرد فى اباحتها نص من تقرير او غيره بل هى اباحة عقلية فلذاقال: وما من البراءة الأصليهْ ....... قد أخذت فليست الشرعيهْ وافاد ايضا ان لفظى الاباحة والجواز قد ترادفا عند بعضهم على معنى الجزء: 1 ¦ الصفحة: 10 هو مطلق الاذن فى الفعل فلذا قال: وهي والجواز قد ترادفا .... في مطلق الإذن لدى من سلفا وقال العلامة ابن عاصم ثم المباح عند الاستعمال سمى بالجائز والحلال. وربما عيينوا المباحا ... بمثل لا باس ولا جناحا. (وَإِنْ وَرَدَ سَبَبًا وَشَرْطًا وَمَانِعًا وَصَحِيحًا وَفَاسِدًا فَوَضْعٌ وقد عرفت حدودها) أي وان ورد الخطاب النفسي بكون الشيئ سببا او شرطا او مانعا اوصحيحا او فاسدا فالخطاب حينئذ يسمى وضعا ويسمى خطاب وضع ايضا لانه بوضع الله وبجعله قال الجلال السيوطى نقلا عن الزركشى وان لم يكن فى الخطاب اقتضاء ولاتخيير بل ورد بكون الشيئ سببا او شرطا او مانعا او صحيحا او فاسدا فليس خطاب تكليف بل خطاب وضع أي وضعه الله فى شرائعه لاضافة الحكم اليه تعرف به الاحكام تيسيرالنا فان الاحكام مغيبة عنا والفرق بينهما من حيث الحقيقة ان الحكم فى الوضع هو قضاء الشرع على الوصف بكونه سببا او شرطا او مانعاوخطاب التكليف لطلب اداء ما تقرر بالاسباب والشروط والموانع اه. فلذا قال فى نظمه فارقا بينه وبين خطاب التكليف. أوْ سَبَبًا أوْ مَانِعًا شَرْطًا بَدَا ... فَالْوَضْعُ أَوْ ذَا صِحَّةٍ أَوْ فَاسِدَا قال والتعبير فى النظم باو احسن من تعبير اصله بالواو اذالمراد التقسيم وقال ناظم مراقى السعود: ثم خطاب الوضع هو الوارد ....... بأن هذا مانع أو فاسد أو ضده أو أنه قد أوجبا ..... شرطا يكون او يكون سببا وافاد ايضا ان خطاب الوضع اعم مطلقا من خطاب التكليف يجتمعان فى الزنى والسرقة والعقود فانها اسباب تعلق بها التحريم والاباحة وهى اسباب العقوبات وانتقال الاملاك وينفرد الوضع باوقات الصلوات فانها اسباب لوجوبها والحيض مانع اه. كما ان اتلاف الصبى مثلا سبب لوجوب الضمان فى ماله ومرور الحول سبب فى زكاته ولايعترض بالوجوب عليه اذ وليه هوالمخاطب بذاك او وصيه فلذاقال العلامة ابن عاصم فى مهيع الوصول. ولا اعتراض بالزكاة تجب ... فى مال غير بالغ وتطلب ولا بما اتلف اذ وليه ... مخاطب بذاك وصيه قال شارح السعود ولا ينفرد التكليف اذ لا تكليف الا له سبب او شرط او مانع فلذاقال: وهو من ذاك اعم مطلقا. قال وجعلها أي القرافى فى الفروق بينهما عموم من وجه وهوالصواب اه. (وقد عرفت حدودها) أي حدودالمذكورات من اقسام خطاب الوضع فعرف الايجاب بكونه الذي اقتضاء الخطاب اقتضاء جازما وهكذا فى بقية ما ذكر والناظم ايضا حيث كان مقتفيا اثره عرفها كهو فقال وحدها قد عرفا. (و َالْفَرْضُ وَالْوَاجِبُ مُتَرَادِفَانِ خِلَافًا لِأَبِي حَنِيفَةَ وَهُوَ لَفْظِيٌّ) أي والفرض والواجب لفظا هما مترادفان أي اسمان لمعنى واحد وهوكما علم من حد الايجاب الفعل المطلوب طلبا جازما وفرق الامام ابوحنيفة بينهما فجعل الفرق ما ثبت بدليل قطعي كالقراءة فى الصلاة الثابتة بقوله تعالى فاقروا ما تيسر من القران والواجب ما ثبت بدليل ظنى كخبر الواحد والقياس قال الجلال السيوطى كقراءة الفاتحة فى الصلاة وصدقة الفطر والاضحى الثابتة بالاحاديث فلذاقال فى نظمه: والْفَرْضُ والْوَاجِبُ ذُوْ تَرَادُفِ ... وَمَالَ نُعْمَانُ إِلَى الْتَّخَالُفِ وقال العلامة ابن عاصم فى مهيع الوصول. وسم باللازم والمكتوب ... والفرض والمفروض ذالوجوب.. والفرق للنعمان بين الواجب. والفرض منقول لدي المذاهب. فالواجب الثابت عن ظنى ... لديه والفرض عن القطعى قوله والخلف لفظى أي والخلاف المذكور عائد الى اللفظ والتسمية قال الجلال المحلى: اذ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 11 حَاصِلُهُ أَنَّ مَا ثَبَتَ بِقَطْعِيٍّ كَمَا يُسَمَّى فَرْضًا هَلْ يُسَمَّى وَاجِبًا وَمَا ثَبَتَ بِظَنِّيِّ كَمَا يُسَمَّى وَاجِبًا هَلْ يُسَمَّى فَرْضًا فَعِنْدَهُ لَا أَخْذًا لِلْفَرْضِ مِنْ فَرَضَ الشَّيْءَ بِمَعْنَى حَزَّهُ أَيْ قَطَعَ بَعْضَهُ، وَلِلْوَاجِبِ مِنْ وَجَبَ الشَّيْءُ وَجْبَةً سَقَطَ وَمَا ثَبَتَ بِظَنِّيٍّ سَاقِطٍ مِنْ قِسْمِ الْمَعْلُومِ. اه. قال المحقق البنانى أي لان المعلوم خاص بالمقطوع به ولذا يسمون ما ثبت بقطعى بالواجب علما وعملا اخذا من فرض الشيئ قدره ووجب الشيئ وجوبا ثبت والثابت اعم من ان يثبت بقطعى او ظنى اه. فالخلاف حينئذ بين الشافعية والحنفية لفظى حيث ان كلا منها استند فى دعواه الى امر لغوي فتعارض ماخذهما وعندنا معاشر المالكية فى الاصطلاح ان الواجب والفرض يطلقان على ما الاثم فى تركه سواء ثبت بدليل قطعى او ظنى قال شارح مراقى السعود فعلى هذا يترادفان مع الحتم واللازم والمكتوب ان اريد ذلك المعنى نحو اذا اقيمت الصلاة فلا صلاة الاالمكتوبة وخمس صلوات كتبهن الله على العباد فلذاقال فى نظمه: والفرض والواجب قد توافقا. كالحتم واللازم مكتوبٍ ... وافاد ان الواجب الذي لاتتوقف صحة فعله على نية لا نوال فيه أي لا اجر اذا لم ينو فاعله حين التلبس به امتثال امرالله تعالى وذلك كانفاق على الزوجات والاقارب وردالمغصوبات ونحو ذلك فلذاقال: وليس في الواجب من نَوَالِ ..... عند انتفاء قصد الامتثال فيما له النية لا تُشترطُ ......... وغير ما ذكرته فغلط قوله وغير ما ذكرته الخ اعنى ما ذكر بعض شراح خليل من توقف الاجر على نية الامتثال توقف صحة الفعل على نية ام لا وكذا ترك المنهي بقسميه مثل الواجب فى عدم الاجر عند عدم قصد الامتثال والتقرب الى الله بذلك الترك الا ان فاعل الترك أي الكف مسلم من الاثم وان لم يشعر به اصلا فلذاقال: ومثله الترك لما يُحَرَّمُ ........ من غير قصْدِ ذا نَعَمْ مسلَّمُ فذا مضاف اليه اشار به للامتثال فى البيت قبله ومسلم بتشديد اللام مفتوحة (و َالْمَنْدُوبُ وَالْمُسْتَحَبُّ وَالتَّطَوُّعُ وَالسُّنَّةُ مُتَرَادِفَة خِلَافًا لِبَعْضِ أَصْحَابَنَا وَهُوَ لَفْظِيٌّ) أي وَالْمَنْدُوبُ وَالْمُسْتَحَبُّ وَالتَّطَوُّعُ وَالسُّنَّةُ اسماءمُتَرَادِفَة بمعنى واحد عرفا لا لغة قال المحقق البنانى مثلها الحسن والنفل والمرغوب فيه اه. وخالف فى ذلك بعض الشافعية كالقاضى الحسين والبغوى وغيرهما فى نفيهم الترادف حيث قالوا الفعل ان واظب عليه النبي صلى الله عليه وسلم فهوالسنة اولم يواظب عليه كان فعله مرة او مرتين فهو المستحب اولم يفعله وهو ما ينشئه الانسان باختياره من الاوارد فهو التطوع قال الجلال المحلى ولم يتعرضوا للمندوب لعمومه للاقسام الثلاثة بلاشك اه. واما عند المالكية فافاد شارح مراقى السعود ان الفضيلة والمندوب والمستحب الفاظ مترادفة على معنى هو ما فعله الشارع مرة او مرتين بما فى فعله ثواب ولم يكن فى تركه عقاب وان التطوع هوما ينتخبه الانسان أي ينشئه باختياره من الاوراد وان السنة هي ما واظب عليه صلى الله عليه وسلم وامر به دون ايجاب واظهره فى جماعة نعم افاد ان بعض اصحاب الامام مالك سمي السنة المذكورة واجبا قال وعليه جرى ابن ابي زيد فى الرسالة حيث يقول سنة واجبة فلذاقال فى نظمه. فضيلة والندب والذي استحب ........ ترادفت ثم التطوع انتُخِب وسنة ما أحمد قد واظبا ...... عليه والظهور فيه وجبا وبعضهم سمى الذي قد أُكدا ....... منهابواجب فخذ ما قيدا وقسمها العلامة ابن عاصم الى سنة الجزء: 1 ¦ الصفحة: 12 عينية والى كفائية حيث قال معيدا الضمير على المندوب بمعنى السنة. وهو على قسمين ما للعين ... مثل صلاة الوتر والعيدين. وربما يكون كالاذان ... كفاية ليست على الاعيان. وافاد شارح السعود ان الرغيبة هى ما في فعله ثواب ولاعقاب فى تركه رغب النبى صلى الله عليه وسلم فى فعله قال وان النفل ما خلا عن القيدين المذكورين فى الرغيبة وهماالترغيب فى فعله بذكر ما فيه والمدوامة منه صلى الله عليه وسلم على فعله وما خلا من الامر به أي لم يامر به صلى الله عليه وسلم بل اعلم ان فيه ثوابا من غيران يامر او يرغب فيه الترغيب المذكور او يدوم على فعله نقله عن المقدمات فلذاقال: رغيبةٌ مَا فيه رَغَّب النبي ... بذكر ما فيه من الأجر جُبِي أودام فعله بوصف النفل ... والنفلَ من تلك القيود أخل والأمرِِبلْ أعلم بالثواب .... فيه نبي الرشد والصواب قوله وهو لفظى أي والخلاف لفظى أي عائد الى الفظ والتسمية قال الجلال المحلى: إذْ حَاصِلُهُ أَنَّ كُلًّا مِنْ الْأَقْسَامِ الثَّلَاثَةِ كَمَا يُسَمَّى بِاسْمٍ مِنْ الْأَسْمَاءِ الثَّلَاثَةِ كَمَا ذَكَرَ هَلْ يُسَمَّى بِغَيْرِهِ مِنْهَا فَقَالَ الْبَعْضُ لَا إذْ السُّنَّةُ الطَّرِيقَةُ وَالْعَادَةُ وَالْمُسْتَحَبُّ الْمَحْبُوبُ وَالتَّطَوُّعُ الزِّيَادَةُ، وَالْأَكْثَرُ نَعَمْ وَيَصْدُقُ عَلَى كُلٍّ مِنْ الْأَقْسَامِ الثَّلَاثَةِ أَنَّهُ طَرِيقَةٌ وَعَادَةٌ فِي الدِّينِ وَمَحْبُوبٌ لِلشَّارِعِ بِطَلَبِهِ وَزَائِدٌ عَلَى الْوَاجِبِ. اه. فلذاقال الناظم: والْنَّدْبُ والْسُّنَّةُ والْتَّطَوُّعُ ... والْمُسْتَحَبُّ بَعْضُنَا قَدْ نَوَّعُوْا والْخُلْفُ لَفْظِيُّ. وذكر العلامة ابن عاصم ان فى كلها الخيرات حاصلة حيث قال: وسمى المندوب بالتطوع. وهو مراتب لدى التنوع فضيلة وسنة ونافلة.. وكلهاالخيرات فيها حاصلة (وَلَا يَجِبُ بِالشُّرُوعِ خِلَافًا لِأَبِي حَنِيفَةَ وَوُجُوبُ إتْمَامِ الْحَجِّ لِأَنَّ نَفْلَهُ وَكَفَّارَةً وَغَيْرَهُمَا) أي و لا يجب اتمام المندوب بسبب الشروع فيه وذلك لان ترك اتمامه المبطل لما فعل منه ترك له وتركه جائز فمن تلبس حينئذ بنفل الصلاة او صوم فله قطعه ولا قضاء خلافا لابى حنيفة فى قوله بلزوم المندوب بالشروع فيه ووجوب الفضاء بقطعه لقوله {وَلَا تُبْطِلُوا أَعْمَالَكُمْ} وعورض بقوله صلى الله عليه وسلم فى الصوم المندوب {الصَّائِمُ الْمُتَطَوِّعُ أَمِيرُ نَفْسِهِ إنْ شَاءَ صَامَ وَإِنْ شَاءَ أَفْطَرَ} فانه رواه الترمذي وغيره وصححه الحاكم ويقاس على الصوم غيره من بقية المندوبات فلذاقال الناظم: وبِالْشُّرُوْعِ لاَ ... تَلْزَمُهُ وقَالَ نُعْمَانُ بَلَى واما وجوب اتمام الحج المندوب فلان نفل الحج كفرضه حيث ان كلا منهما فيه قصد التلبس بالحج بالنية ولاتحادهما فى وجوب الكفارة بالجماع المفسد وغيرذلك كانتفاء الخروج بالفساد اذ يجب مضي الحج بعد فساده والعمرة كالحج فيما ذكر ففارق الحج حينئذ سائر المندوبات بوجوب اتمامه فلذاقال الناظم: والحجَّ ألزِمْ بالتَّمَامِ الشُّرَّعَا ... إذْ لَمْ يَقَعْ مِنْ أَحَدٍ تَطَوُّعَا وعندنا معاشر المالكية لا يجب اتمام المندوب بالشروع الا فى المسائل التى نظمها العلامة شارح الشيخ سيدي خليل فلذاقال ناظم مراقى السعود: والنفل ليس بالشروع يجب ... فى غير ما نظمه مقرب. بكسر الراء المشددة أي من يقرب المسائل للفهم أي وهو الشارح المذكور لسيدي خليل واليها اشار بقوله: قف واستمع مسائلا قد حكموا .... بأنها بالابتداء تلزم صلاتنا وصومنا وحجنا .... وعمرة لنا كذا اعتكافنا طوافنا مع ائتمام المقتدي ... فيلزم القضا بقطعِ عامد (وَالسَّبَبُ مَا يُضَافُ الْحُكْمُ إلَيْهِ لِلتَّعَلُّقِ بِهِ مِنْ حَيْثُ إنَّهُ مُعَرِّفٌ أَوْ غَيْرُهُ) أي و السبب المتقدم ذكره فى قوله وان ورد سببا ما يضاف الحكم اليه لتعلقه الجزء: 1 ¦ الصفحة: 13 به من حيث معرف له أي للحكم قال الشيخ حلولو ومعنى اضافة الحكم اليه الى السبب نسبته اليه كما يقال وجب الحدبالزنى ووجب الظهر بالزوال اه. فالمعنى انه جعل علامة يعرف بها الشئ وهو قول جمهوراهل السنة قال الجلال السيوطى اشارة الى انه ليس المراد منه كونه موجبا لذلك لذاته او لصفة ذاتية كما يقوله المعتزلة بل المراد انه معرف للحكم كما هو مذهب الاكثرين من السنة فلذاقال فى نظمه والْسَّبَبُ الَّذِي أُضِيفَ الْحُكْمُ لَهْ ... لِعُلقَةٍ مِنْ جِهَةِ الْتَّعْرِيْفِ لَهْ قال وقال الغزالي انه لا لذاته ولالصفة ذاتية ولكن بجعل الشارع له موجبا وهو مراد جمع الجوامع بقوله او غيره اراد به صحة التعريف على المذهبين وحذ فته من النظم اكتفاء به على مذهب الاكثرين ثم قال قال الشيخ جلال الدين أي المحلى الْمُعَبَّرَ عَنْهُ هُنَا بِالسَّبَبِ هُوَ الْمُعَبَّرُ عَنْهُ فِي الْقِيَاسِ بِالْعِلَّةِ كَالزِّنَا لِوُجُوبِ الْجَلْدِ وَالزَّوَالِ لِوُجُوبِ الظُّهْرِ وَالْإِسْكَارِ لِحُرْمَةِ الْخَمْرِ اه. وقال شارح مراقي السعود ان السبب والعلة مترادفان عند جمهور الاصوليين فالمعبر عنه هنا بالسبب هو المعبر عنه فى القياس بالعلة وذهب بعضهم الذي هو السمعانى تبعا للنحاة واهل اللغة الى الفرق بينهما فقال السبب الموصل الى الشيء مع جواز المفارقة بينهماولااثر له فيه ولا فى تحصيله كالحبل للماء والعلة ما يتاثر عنه الشيء دون واسطة كالخمر للاسكار ويعبر عن السبب بالباعث اه فلذاقال فى نظمه: ومع علة ترادف السبب .......... والفرق بعضهم إليه قد ذهب (وَالشَّرْطُ يَأْتِي) أي و الشرط ياتى فى مبحث المخصص كما هو صنيع الناظم حيث قال: والشَّرْطُ يِأْتِي حَيْثُ حُكْمُهُ وَجَبْ. وذكره هناك لان الشرط كما يكون شرعيا يكون لغويا بمثابة الصفة فى التخصيص كما فى اكرم ربيعة ان جاءوا أي الجائين منهم والتخصيص محل ذكره هناك والمناسب للذكر هنا هوالشرط الشرعى حيث انه من خطاب الوضع وهو ماتقدم فى قوله وان ورد سببا وشرطا الخ وذلك كالطهارة للصلاة والاحصان لوجوب الرجم وعرفه المصنف فيما سياتي بقوله وهو مايلزم من عدمه العدم ولا يلزم من وجوده وجود وعدم لذاته فلذاعرفه العلامة ابن عاصم ايضا بقوله: والشرط ما اللازم فيه ان عدم.. ان يعدم الحكم الذي به التزم وليس لازمابه ان وجد ... ان يعدم الحكم ولاان يوجدا فهو حينئذ يلزم من عدمه عدم الحكم بمثابة السبب كما قال ناظم مراقى السعود: (ولازمٌ مِنِ انتفاءِ الشرط ......... عدمُ مشروط لدى ذي الضبط كسبب) سوي ان ذا اعنى السبب يلزم بوجوده وجود الحكم كما قال العلامة ابن عاصم فى تعريفه السبب: فالسبب اللازم منه ان وجد ... ان يوجد الحكم وان يفقد فقد وذاك اعنى الشرط ليس بوجوده شيئ قائم أي لازم من وجوده او عدم الحكم فلذاقال ناظم مراقى: وذا الوجودُ لازم .... منه وما في ذاك شيء قائم والشرط غير الركن اذالركن جزء الذات أي الحقيقة الداخل فيها كالركوع فى الصلاة والشرط ماخرج عن ذات الشيء وحقيقته كالطهارة لها واما الصغية التى يحتاج اليها العقد من نكاح ونحوه فانهادليل على الماهية لا ركن من الاركان فلذاقال: والركن جزء الذات والشرط خرج ... وصيغة دليلها في المنتهج بفتح الهاء أي الطريق الصحيح رد به ابن عبد السلام على من يعدها أي الصفة من الاركان اذ الدليل غيرالمدلول ثم ان الشروط ثلاثة شروط وجوب شروط اداء فشرط الواجب ما يكون به الانسان مكلفا كدخول الوقت والنقاء من الحيض والنفاس الجزء: 1 ¦ الصفحة: 14 وكدخول دعوة الانبياء ولا يطلب المكلف بتحصيله كان فى طوقه ام لا فلذاقال فى السعود: شرط الوجوب ما به نُكلف ...... وعدم الطلب فيه يُعرف مثل دخول الوقت والنقاء ........ وكبلوغ بعث الانبياء واما شرط التكليف باداء التكليف أي فعلها فهومايكو به التمكن من الفعل مع حصول ما يكون به الانسان من اهل التكليف قال الشارح فالنائم والغافل غير مكلفين باداء الصلاة مع وجوبها عليهما فالتمكن شرط فى الاداء فقط فلذاقال: ومع تمكن من الفعل الأدا ........ وعدمُ الغفلة والنومِ بدا واما شرط الصحة فقال الشارح هو ما اعتبر للاعتداد بفعل الشيء طاعة كان او غيرها كالطهارة بالماء اوبالتراب للصلاة فلذاقال وشرط صحة به اعتداد .......... بالفعل منه الطهر يستفاد قال الشارح وكل ما هو شرط فى الوجوب فهو شرط فى الاداء قاله ابن عرفة وحكى عليه السعد الاتفاق على ما نقله فى حاشيته على المحلى وعليه فكل ما هو شرط فى الوجوب كالبلوغ والعقل وبلوغ الدعوة فهو شرط فى الاداء فلذاقال والشرط في الوجوب شرط في الأدا .... وعزوه للاتفاق وُجدا قال فى الشرح ويزيد شرط الاداء بالتمكن من الفعل قاله القاضى بردلة اه. (وَالْمَانِع الْوَصْفُ الْوُجُودِيُّ الظَّاهِرُ الْمُنْضَبِطُ الْمُعَرِّفُ نَقِيضَ الْحُكْمِ كَالْأُبُوَّةِ فِي الْقِصَاصِ) المانع ينقسم الى مانع السبب ومانع الحكم فمانع السبب ياتى فى مبحث العلة ومانع الحكم هو المراد عند الاطلاق وهو الذي تعرض المصنف له هنابقوله والمانع الخ فان الابوة فى باب القصاص وهي كون القاتل ابا للقتيل مانعة من وجوب القصاص المسبب عن قتل فهي من حيث نفيها وجوب القصاص مانع ومن حيث اثباتها حرمته سبب وحيث كان الاب سببا فى وجود ابنه فلا يكون الابن سببا فى عدمه وقال الناظم فى تعريفه: والْمَانِعُ الْوَصْفُ الْوُجُودِي الْظَّاهِرُ ... مُنْضَبِطًا عَرَّفَ مَا يُغَايِرُ الْحُكْمَ مَعْ بَقَاءِ حِكْمَةِ الْسَّبَبْ. فكان على المصنف ان يذكر كالناظم وابن الحاجب مع بقاء حكمة السبب قال فى الضياء اللامع ليخرج مانع السبب الجزء: 1 ¦ الصفحة: 15 الاقسام. اول فقط على نزاع. كاكطول الاستبراء والرضاع. قوله الاقسام أي القسمين الذين هما الدوام والابتداء تعبيرا عن المثنى بالجمع ثم ان المانع والشروط والسبب قد يجتمع فى شيئ واحد كالنكاح فانه مانع من نكاح اخت المنكوحة وسبب فى وجوب الصدق وشرط فى ثبوت الطلاق وكما فى الجالب للفلاح أي فوز الدنيا والاخرة الذي هو الايمان فانه مانع من القصاص اذاقتل المؤمن غير مساو وسبب الثواب وشرط لصحة الطاعة او وجوبها فلذاقال: واجتمع الجميع في النكاح ....... وما هو الجالب للنجاح (الصِّحَّةُ مُوَافَقَةُ ذِي الْوَجْهَيْنِ الشَّرْعَ فِي الْعِبَادَةِ إسْقَاطُ الْقَضَاءِ) أي و الصحة سواء كانت فى عبادة او معاملة موافقة ذي الوجهين الشرع أي امره والمراد بذين الوجهين ما يكون وقوعه تارة على موافقة الشرع واخرى على غيرها فلذاقال الناظم: وَصِحَّةُ الْعَقْدِ أوْ التَّعَبُّدِ ... وفَاقُ ذِي الْوَجْهَيْنِ شَرْعُ أَحْمَدِ وقال ناظم مراقي السعود: وصحة وفاق ذي الوجهين ....... للشرع مطلقا بدون مين قوله مطلقا أي سواء كان ذوالوجهين عبادة او معاملة أي واما ما لا يقع الا على وجه واحد كمعرفة الله اذ لو وقعت مخالفة له كان الواقع جهلا لا معرفة فلا يوصف بصحة ولابعدمها فحينئذ يؤخذ مما ذكر ان العبادة ذات الوجهين صحتها موافقتها الشرع وان لم تسقط القضاء وقيل الصحة فيها اسقاطه بمعنى انه لا يحتاج الى فعلها ثانيا وبناء على ماذكر ان ما وافق من عبادة ذات وجهين الشرع ولم يسقط القضاء كمن صلى محدثا على ظن انه متطهر ثم ظهر له حدثه فيسمى على الاول الذي هو راي المتكلمين دون الثانى المحكى عن الفقهاء فلذاقال ناظم مراقى السعود: وفي العبادة لدى الجمهور ...... أن يسقطَ القضا مدى الدهور وقال العلامة ابن عاصم فى مهيع الوصول: والحد للصحة عند من مضى ... ما وافق الامر او اسقط القضا ثم قال الشارح ان الخلاف فى تعريف الصحة مبنى عند المجيد بضم الميم أي الممعن للنظر فى علم الاصول على الخلاف فى القضاء هل بامر جديد او بالامرالاول فعلى الاول بنى المتكلمون مذهبهم فى العبادة التى لم تفعل فى وقتها من انها موافقة الامر فلا يوجبون القضاء لما لم يرد نص جديد به وعلى الثانى بنى الفقهاء ثم ذكر ان الصحة عند ذي خبربضم الخاء أي معرفة بالفن أي هو تقي الدين السبكى موافقة ذي الوجهين نفس الامر عند الفقهاء وعند المتكلمين موافقة ظن المامور فلذاقال فى نظمه: يُبنى على القضاء بالجديد .... أو أول الأمرِ لدى المُجيد وهْيَ وِفاقه لنفس الأمر ..... أو ظن مأمور لدى ذي الخبر وقيل ان الخلاف انما هو فى لفظ الصحة فقط هل وضع لما وافق الامر سواء وجب القضاء ام لا او لما لا يتعقبه قضاء واما فى المعنى فيجب القضاء اتفاقا فيما اذاتبين الخلل بعد وعدمه فيما اذالم يتبين ذلك فلذاقال الناظم متعرضا للخلف اللفظى زيادة على المصنف: وَقِيْلَ فِي الأَخِيْرِ إِسْقَاطُ الْقَضَا ... والْخُلْفُ لَفْظِيٌّ عَلَى الْقَوْلِ الْرِّضَى والاخير هوالتعبد (وَبِصِحَّةِ الْعَقْدِ تَرَتَّبَ أَثَرُهُ) أي وبصحة العقد الماخوذة مما تقدم وهى موافقة الشرع باستجماع الشروط المعتبرة فيه شرعا ترتب أثره وهو ما شرع العقد له لحل الانتفاع فى البيع والاستمتاع فى النكاح اذماذكر غاية ما يقصد العقد له فلذاقال الناظم بِصَحَّةِ الْعَقْدِ اعْتِقَابُ الْغَايَهْ ... أي اعتقاب غايته بمعنى ترتب أثره وقال ناظم مراقى السعود بصحة العقد يكون الاثر ... قال الجلال المحلى: وقدم الخبر على المبتداء ليتاتى له الاختصار فيما يليهما والاصل الجزء: 1 ¦ الصفحة: 16 وترتب أثر العقد بصحته واما فساد العقد فانه عكس صحته فلا يترتب عليه اثره فلذاقال ناظم مراقى السعود: وفي الفساد عكس هذا يظهر (وَالْعِبَادَة إجْزَاؤُهَا أَيْ كِفَايَتُهَا فِي سُقُوطِ التَّعَبُّد وَقِيلَ إسْقَاطُ الْقَضَاءِ) اختلف فى تفسير الاجزاء فى العبادة فالمشهور انه الكفاية فى اسقاط التعبد أي الطلب وان لم يسقط القضاء وقيل الاجزاء اسقاط القضاء ابدا فلذاقال الناظم عاطفاعلى العقد مدخول الصحة. والدين الاجزاء أي الكفايه بِالْفِعْلِ فِي إِسْقَاطِ أنْ تَُعِبَّدَا ... وَقِيْلَ إِسْقَاطُ الْقَضَاءِ أَبَدَا قوله والدين بالجر قال شارحه أي وبصحة الدين أي العبادة وقال ناظم مراقى السعود: كفايةالعبادة الاجزاء ... وهي ان يسقط الاقتضاء أو السقوط للقضا. فالاجزاء حينئذ مطلقا اخص من الصحة حيث انه لا يطلق الا على العبادة والصحة تطلق عليها وعلى المعملات فلذاقال مشيرا للاجزاء. وذا أخص .... من صحة إذ بالعبادة يُخَص. وعند الجمهور ان الصحة اعم من القبول والثواب لشمولها لهما ولما اذا لم يحصلا وبعضهم نقل الاستواء أي الترادف فلذاقال: والصحة القبول فيها يدخل ...... وبعضهم للاستواء ينقل (وَيَخْتَصُّ الْإِجْزَاءُ بِالْمَطْلُوبِ وَقِيلَ بِالْوَاجِبِ) أي ويختص الاجزاء بالمطلوب الذي هو العبادة دون العقد وان كان مشاركا لها فى الصحة وسواء كانت واجبة او مندوبة وقيل يختص بالواجب لا يتجاوزه الى المندوب فالمعنى حينئذ ان الاجزاء لا يتصف به العقد وتتصف به العبادة الواجبة والمندوبة وقيل الواجبة فقط فلذاقال الناظم معيدا الضمير على الاجزاء. ولَمْ يَكُنْ فِي الْعَقْدِ بَلْ مَا طُلِبَا ... يَخُصُّهُ وَقِيْلَ باللَّذْ وَجَبَا وقال نا ظم مراقى السعود: وخُصِّص الإجزاء بالمطلوبِ ...... وقيل بل يختص بالمكتوب أي بالواجب فلذا افاد العلامة ابن عاصم ايضا ان الصحة اعم من الاجزاء حيث انه وصف يلتزم فى الوجوب حيث قال وهى من الاجزاء عندهم اعم ... اذهو وصف فى الوجوب يلتزم (وَيُقَابِلُهَا الْبُطْلَانُ وَهُوَ الْفَسَادُ خِلَافًا لِأَبِي حَنِيفَةَ) أي ويقابل الصحة البطلان فهو مخالفة ذي الوجهين الشرع وقيل فى العبادة عدم اسقاطها القضاء والبطلان الذي علم انه مخالفة ذي الوجهين الشرع هوالفساد ايضا فكل منهما مخالفة ما ذكر الشرع فلذاقال ناظم مراقى السعود: وقابلِ الصحةَ بالبطلان ....... وهو الفساد عند أهل الشان فهما متعاك الاداء والقضاء كما قال العلامة ابن عاصم: من وصفها الصحة والاداء عكسهما الفساد والقضاء خلافا لابى حنيفة فانه خالف الجمهور فى تعريف الفساد فقال مخالفة ما ذكر للشرع بان يكون منهيا ان كانت النهى عنه لاصله فهى البطلان كالمخالفة فى الصلاة المفقود منهابعض الشروط او الاركان وان كان منهيا عنه لوصفه اللازم له فهى الفساد كما فى صوم يوم النحر للاعراض بصومه عن ضيافة الله تعالى للناس بلوحم الاضاحى التى شرعها فيه والاعراض وصف لازم للصوم غير داخل فى مفهوم فلذاقال فى المراقى. وخَالَفَ النّعمانُ فَالْفساد ...... ما نهيه للوصف يُستَفَادُ وَفَاتَ الْمُصَنِّفَ أَنْ يَقُولَ وَالْخِلَافُ لَفْظِيٌّ كَمَا قَالَ فِي الْفَرْضِ وَالْوَاجِبِ إذْ حَاصِلُهُ أَنَّ مُخَالَفَةَ ذِي الْوَجْهَيْنِ لِلشَّرْعِ بِالنَّهْيِ عَنْهُ لِأَصْلِهِ كَمَا تُسَمَّى بُطْلَانًا هَلْ تُسَمَّى فَسَادًا أَوْ لِوَصْفِهِ كَمَا تُسَمَّى فَسَادًا هَلْ تُسَمَّى بُطْلَانًا فَعِنْدَهُ وَعِنْدَنَا نَعَمْ اه. فلذا قال الناظم معيدا الضمير على الصحة قابلها الفساد قَابَلَهَا الْفَسَادُ والْبُطْلاَنُ ... والْفَرْقَ لَفْظًا قَدْرَأَى الْنُّعْمَانُ (وَالْأَدَاءُ فِعْلُ بَعْضٍ وَقِيلَ كُلُّ مَا دَخَلَ وَقْتُهُ قَبْلَ خُرُوجِهِ وَالْمُؤَدَّى مَا فُعِلَ) أي ان المراد فى تعريف الاداء هو فعل بعض ما دخل وقته مع فعل البعض الاخر فى الجزء: 1 ¦ الصفحة: 17 الوقت ايضا او بعده وهو ركعة من الصلاة لحديث الصحيحين {مَنْ أَدْرَكَ رَكْعَةً مِنْ الصَّلَاةِ فَقَدْ أَدْرَكَ الصَّلَاةَ} فبعض بلا تنوين لاضافته الى مثل ما اضيف اليه كل فيبقى على حاله كذراعى وجبهة الاسد لقول الخلاصة. ويحذف الثانى ويبقى الاول ... كحاله اذبه يتصل وحصول الاداء بالبعض هو المشهور عندنا للنص العاضد له من حديث الصحيحين المذكور فهوالمعول عليه فلذاقال ناظم مراقى السعود: وكونه بفعل بعض يحصل ..... لعاضد النص هو المُعوَّلُ قال العلامة الجليل الشيخ سيدي خليل فى مختصر الفتوى وتدرك فيه الصبح بركعة لا اقل والكل اداء وقيل ان ما فعل في وقته اداء ومافعل خارجه قضاء فلذاقال: وقيل ما في وقته أداء ...... وما يكون خارجا قضاءُ وهو قول سحنون مقابل للمشهور وقيل ان الاداء هو فعل كل العبادة فى الوقت المعين لها فلذاقال: فعل العبادة بوقت عُيِّنا ...... شرعا لها باسم الأداء قُرنا وقال العلامة ابن عاصم فى مهيع الوصول: وما يكون موقعا منها لدا ... وقعت معين له فهو الاداء والى القولين اشار الناظم بقوله: ثُمَّ الأَدَاءُ فعْلُ بَعض مَا دَخَلَ ... قَبْلَ خُرُوْج وَقْته وقِيْلَ كُلْ فالمؤدى حينئذ ما فعل من كل العبادة فى وقتها او فيه وبعده (واَلْوَقْتُ زَّمَانُ الْمُقَدَّرُ لَهُ شَرْعًا مُطْلَقًا) لما ذكر المصنف رحمه الله الوقت فى تعريف الاداء احتيج الى تعريفه فعرفه بانه الزمان الذي قدره الشارع للعبادة مطلق كان الزمان موسعا كالصلوات الخمس والضحى او مضيقا كزمن صوم رمضان وايام البيض فلذاقال ناظم مراقى السعود: والوقت ما قدَّره من شرعا ........ مِنْ زمنٍ مُضيَّقاً مُوسَّعا وقال الناظم ايضا: والْوَقْتُ مَا قَدَّرَهُ الَّذِي شَرَعْ ... مِنَ الزَّمانِ ضيِّقًا أو اتَّسَعْ قال المحقق البنانى المراد بالموسع مايزيد على مقدار ما يسع وقوع العبادة وبالمضيق ما كان بمقدار ذلك اه. (وَالْقَضَاءُ فِعْلُ كُلِّ - وَقِيلَ بَعْضِ - مَا خَرَجَ وَقْتُ أَدَائِهِ اسْتِدْرَاكًا لِمَا سَبَقَ لَهُ مُقْتَضًى لِلْفِعْلِ مُطْلَقًا وَالْمَقْضِيُّ الْمَفْعُولُ) القضاء لغة قال القرافى هو نفس الفعل واصطلاحا ما عرفه به المصنف ويقال فى كل هنا ما قيل فى بعض الاداء من عدم التنوين لنية الاضافة أي وتعريف القضاء هو فعل كل ماخرج وقت ادائه من العبادة خارج الوقت وقدمه لانه المشهور كما عرفه العلامة ابن عاصم بما ذكر قائلا ان وقعت عبادة وقد مضى.. وقت لها فهو القضاء وقيل هو فعل بعض ما خرج وقت ادائه قال الجلال المحلى: مَعَ فِعْلِ بَعْضِهِ الْآخَرِ بَعْدَ خُرُوجِ الْوَقْتِ أَيْضًا صَلَاةً كَانَ أَوْ صَوْمًا أَوْ قَبْلَهُ فِي الصَّلَاةِ وَإِنْ كَانَ الْمَفْعُولُ مِنْهَا فِي الْوَقْتِ رَكْعَةً فَأَكْثَرَ اه. وقوله استدراكا بذلك الفعل الذي فعل كله او بعضه خارج الوقت لشيئ سبق له مقتض لان يفعل وجوب اوندبا على المذهب الشافعى واما على مذهبنا معاشر المالكية فلا يقضى الا الفرض وكذا لفجر يقضى للزوال كما قال فى المرشد المعين فجر رغيبة وتقضي للزوال.. والفرض يقضى ابدا وبالتوال ولذا عبر ابن الحاجب حيث كان مالكيا بالوجوب وكذاناظم مراقى السعود حيث قال معيدا الضمير على الاداء: ... وضده القضاء تداركالما ... سبق الذي اوجبه قدعلما واشار الناظم الى التعريف الذي عرف به المصنف القضاء بقوله. وَفِعْلُ كُلٍّ أوْ بَِبَعْضِ مَا مَضَى ... وَقْتٌ لَهُ مُسْتَدْرِكًا بِهِ الْقَضَا قال الجلال المحلى وَخَرَجَ بِقَيْدِ الِاسْتِدْرَاكِ إعَادَةُ الصَّلَاةِ الْمُؤَدَّاةِ فِي الْوَقْتِ بَعْدَهُ فِي جَمَاعَةٍ مَثَلًا وقوله مطلقا أي سواء وجب اداء المقضى او امتنع او جاز حسبما افاده شارح مراقى الجزء: 1 ¦ الصفحة: 18 السعود من انه اذا حصل السبب ووجد الشرط ثم لم يتفق الفعل كمن ترك الصلاة عمدا فاطلاق القضاء فى حقه حقيقة لوجوب الاداء واذاكان ممنوعا كصوم الحايض فتسميته قضاء مجاز محض والصحيح انه اداء واذاكان جائزا كالمريض الذي يضر به الصوم ولا يهلكه فيباح له الفطر كالمسافر فالتسمية فى حقها قضاء مجاز لثبوت التخيير فلذاقال فى نظمه: من الأداء واجب وما مُنِع ...... ومنه ما فيه الجواز قد سُمع كما افاد ان العبادة قدتوصف بالاداء والقضاء معا كاالصلوات الخمس وقد توصف بالاداء وحده كصلاة الجمعة والعيدين وقد لاتوصف بهما كالنوافل التى لاوقت لها فلذاقال: واجتمع الأداء والقضاء .... وربما ينفرد الأداء وانتفيا في النفل. وتعرض العلامة ابن عاصم فى مهيع الوصول لا حوال العبادةالثلاثة قائلا: وبالاداء والقضاء يوصف ... بعض العبادات وذاك الاعرف وبعضها يوصف بالاداء.. علي انفراده من القضاء وبعضها يعري عن اتصاف ... بذا وهذا دون ما اختلاف قوله والمقضى المفعول أي من كل العبادة بعد خروج وقتها او بعضها حسبما تقدم قال المحقق البنانى ليس هذا تعريفا كاملا بل هومن الاكتفاء أي المقضى المفعول السابق الذي علم من تعريف القضاء وهكذا قوله المؤدي قاله العلامة اه (وَالْإِعَادَةُ فِعْلُهُ فِي وَقْتِ الْأَدَاءِ قِيلَ لِخَلَلٍ وَقِيلَ لِعُذْرٍ فَالصَّلَاةُ الْمُكَرَّرَةُ) الاعادة من اوصاف العبادة قال فى الضياء اللامع وهى فى اصطلاح الاصوليين نوع من الاداء اه. أي وتعريف الاعادة فعل الشيء المعاد ثانيا فى وقت الاداء له قيل لخلل فى فعله اولا من فوات شرط او ركن كالصلاة بدون الطهارة او بدون الفاتحة سهوا فى المسالتين وقيل لعذر من خلل فى فعله او لا اوحصول فضيلة لم تكن فعلها اولا والى القولين اشار الناظم بقوله: وَفِعْلُهُ وَقْتَ الأداءِ ثَانِيَا ... إِعَادَةٌ لِخَلَلٍ أوْ خَالِيَا أي خاليا المعاد فى الوقت من الخلل بل الاعادة فيه لتحصيل فضيلة وافاد شارح مراقى السعود ان الاعادة عندنا تكون ولوخارج الوقت حيث ان التكرار لا بد ان يكون لعذر من فوات ركن او شرط وذلك لا يختص بالوقت اولتحصيل مندوب وهو مختص بالوقت فلذاقال: والعبادهْ .... تكريرُها لوْ خارجاً إعادهْ. للعذر. فعلى هذ القول الثانى ان تكرير الصلاة لعذر فضيلة الجماعة اعادة دون القول الاول حيث انه لاخلل فيها قال الجلال المحلى وَالْأَوَّلُ هُوَ الْمَشْهُورُ الَّذِي جَزَمَ بِهِ الْإِمَامُ الرَّازِيُّ وَغَيْرُهُ وَرَجَّحَهُ ابْنُ الْحَاجِبِ وَإِنَّمَا عَبَّرَ الْمُصَنِّفُ فِيهِ بِقِيلَ نَظَرًا لِاسْتِعْمَالِ الْفُقَهَاءِ الْأَوْفَقَ لَهُ الثَّانِيَ اه. وعلى الاول درج العلامة ابن عاصم فى مهيع الوصول قائلا ويدخل الفساد فى العباده ... فيقتضى دخوله الاعاده وهو متى يدخل فى العقود ... فحكمه الاخلال بالمقصود (وَالْحُكْمُ الشَّرْعِيُّ إنْ تَغَيَّرَ إلَى سُهُولَةٍ لِعُذْرٍ مَعَ قِيَامِ السَّبَبِ لِلْحُكْمِ الْأَصْلِيِّ فَرُخْصَةٌ كَأَكْلِ الْمَيْتَةِ وَالْقَصْرِ وَالسَّلَمِ وَفِطْرِ مُسَافِرٍ لَا يُجْهِدُهُ الصَّوْمُ وَاجِبًا وَمَنْدُوبًا وَمُبَاحًا وَخِلَافُ الْأَوْلَى والا فَعَزِيمَةٌ) هذاتقسيم للحكم الى رخصة وعزيمة و الرخصة لغة عبارة عن اليسر واصطلاحا ما ذكره المصنف أي والحكم الماخوذ من الشرع ان تغير من حيث تعلقه من صعوبة له على المكلف الى سهولة كما اذا تغير الحكم من حرمة الفعل الى الحل لعذر مع قيام السبب للحكم الاصلى التخلف عنه للعذر فالحكم حينئذ المتغير اليه السهل المذكور يسمى رخصة فلذاقال ناظم مراقى السعود والرخصة حكم غيرا ... الى سهولة لعذر قررا مع قيام علة الاصلى ... وذلك الجزء: 1 ¦ الصفحة: 19 كاكل الميتة للمضطر والقصر الذي هو ترك الاتمام للمسافر والسلم الذي هوبيع موصوف فى الذمة وفطر مسافر فى رمضان لا يجهده بفتح الياء وضمها أي لا يشق عليه الصوم مشقة قوية قال الجلال السيوطى ومن امثلتها فى العبادات تعجيل الزكاة فلذاقال فى نظمه: وحُكْمُنَا الشَّرْعِيُّ إِنْ تَغَيَّرَا ... إِلَى سُهُولَةٍ لأَمْرٍ عُذِرَا معَ قَيَامِ سَبَب الأَصْلِيِّ سَمّْ ... بِرُخْصَةٍ كَأَكْلِ مَيْتٍ والسَّلَمْ وقبلَ وقتٍ للزَّكاةِ أدَّى ... والْقَصْرِ والإفْطَارِ إذْ لاَ جَهْدَا فالانتقال الى اكل الميتة عند الاضطرار واجب فياثم بترك الاكل منها قال المحقق البنانى فلوترك الاكل حتى مات يموت حينئذ عاصيا اه. والانتقال الى القصر فى السفر البالغ المسافة التى يقصر لاجلها مندوب والانتقال من النهى عن بيع الانسان ما ليس عنده الى السلم تيسيرا للمحتاجين مباح كتعجيل الزكاة على الوجه المقرر فى الفروع والانتقال من الاولى الذي هو صوم المسافر الذي لا يشق عليه الصوم الى الفطر خلاف الاولى واتى بها المصنف على ترتيب اللف والنشر المرتب واثره اقتفى الناظم فى ذكر اقسام الانتقال فقال: حَتْمًا مُبَاحًا مسْتَحَبًّا وَخِلاَفْ ... أوْلىَ وذكر العلامة ابن عاصم انه ينتقل بها الى الممنوع والواجب وتركه والجائز والمندوب قائلا وسم بالرخصة ما اقتضى السبب.. من فعل ممنوع وترك ما وجب وبعضها قد يبلغ الوجوبا ... وبعضها الجائز والمندوبا ثم زادالناظم انه قد يكون الانتقال الى الكراهة حيث قال قلت وقد تقرن بالكراهة ... كالقصر فى اقل من ثلاثة قال فانه مكروه صرح به الماوردي خروجا من خلاف ابي حنيفة فانه يمنعه اه. وافاد شارح مراقى السعود ان الانتقال فى الرخصة الى الماذون فيه من واجب ومندوب ومباح وجود وان غير الماذون فيه من مكروه بقسميه وحرام هل يكون متعلق الرخصة او لا فيه خلاف فلذاقال في نظمه: وتلك فى الماذون جزما توجد ... وغيره فيه لهم تردد ثم ذكر انها قد تطلق على مااستثنى من اصل كلى يقتضى المنع كالقراض والمسافاة حيث قال: وربما تجي لما أخرج من ...... أصل بمطلق امتناعه قمن أي حقيق قول المصنف والا فعزيمة قال العلامة حلولو فى الضياء اللامع قال ولي الدين وظاهركلام المصنف ان العزيمة تنقسم ال الاحكام الخمسة وهو مقتضى كلام البيضاوى وجعلها الامام منقسمة الى ما عدالحرمة وخصها الغزالى والامدي وابن الحاجب فى مختصره الكبير بالوجوب والندب وذكر ولي الدين عن والده ما يقتضى اختصاصها بالوجوب والتحريم قال لان كلا منهما فيه عزم مؤكد الاول فى فعله والثانى فى تركه اه. ووافقه العلامة ابن عاصم فى مهيع الوصول حيث قال وفعل اوترك اذا مالزما ... عزيمة سمى عند العلما وتعرض الجلال المحلى لذكر محترزات القيود التى حواها قول المصنف والا قائلا بان لم يتغير أي لحكم اصلا كوجوب الصلوات الخمس او تغير الى صعوبة كحرمة الاصطياد بالاحرام بعد اباحته قبله او الى سهولة لا لعذر كحل ترك الوضوء لصلاة ثانية مثلا لمن لم يحدث بعد حرمته بمعنى انه خلاف الاولى او لعذر لا مع قيام السبب للحكم الاصلى كاباحة ترك ثبات الواحد مثلا من المسلمين للعشرة من الكفار فى القتال بعد حرمته وسببها قلة المسلمين ولم نبق حال الاباحة لكثرتهم حينئذ وعذرها مشقة الثبات المذكور لما كثروا اه. وما الجزء: 1 ¦ الصفحة: 20 محوي فى قول الناظم. والافعزيمة تضاف. وقال ناظم مراقى السعود ايضا معيدا الضمير على الرخصة. وغيرها عزيمة النبىء. (وَالدَّلِيلُ مَا يُمْكِنُ التَّوَصُّلُ بِصَحِيحِ النَّظَرِ فِيهِ إلَى مَطْلُوبٍ خَبَرِيٍّ) أي تعريف الدليل شيئ يمكن الوصول بصحيح النظر فى حاله الى مطلوب خبري ظنا كان او علما وذلك بعد معافاة امعان النظر فى مقدمات القياس من تركيبها على وجب من الاتيان بوصف جامع بين طرف المطلوب وهو الحد الوسط ومن ترتيبها من تقديم الصغري على الكبري حسبما قرر فى الميزان ومن اختبارها بالنظر فيها صحة وفسادا اذالدليل الناتج من المقدمات آت بحسبهافلذاقال العلامة الشيخ عبد الرحمان الاخضري فيما ارتقى به الى سماء علم المنطق فان ترد تركيبه فركبا ... مقدماته على ما وجبا. ورتب المقدمات وانظرا ... صحيحها من فاسد مختبرا فان لازم المقدمات ... بحسب المقدمات ءات قال الجلال المحلى: وَالظَّنُّ كَالْعِلْمِ فِي قَوْلِ الِاكْتِسَابِ وَعَدَمِهِ دُونَ قَوْلَيْ اللُّزُومِ وَالْعَادَةِ لِأَنَّهُ لَا ارْتِبَاطَ بَيْنَ الظَّنِّ وَبَيْنَ أَمْرٍ مَا بِحَيْثُ يَمْتَنِعُ تَخَلُّفُهُ عَنْهُ عَقْلًا أَوْ عَادَةً فَإِنَّهُ مَعَ بَقَاءِ سَبَبِهِ قَدْ يَزُولُ لِعَارِضٍ كَمَا إذَا أَخْبَرَ عَدْلٌ بِحُكْمٍ وَآخَرُ بِنَقِيضِهِ أَوْ لِظُهُورِ خِلَافِ الْمَظْنُونِ كَمَا إذَا ظَنَّ أَنَّ زَيْدًا فِي الدَّارِ لِكَوْنِ مَرْكَبِهِ وَخَدَمِهِ بِبَابِهَا ثُمَّ شُوهِدَ خَارِجَهَا اه. (وَالْحَدُّ الْجَامِعُ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 21 الْمَانِعُ الْمُطَّرِدُ الْمُنْعَكِسُ) قال الجلال السيوطى ذكر الحد عقيب الدليل لان المطلوب به ال تصور وبالدليل ال تصديق وهما قسما ال علم اه. فالحد عند الاصوليين ما يميز الشيء عما عداه كالمعرف عند المناطقة ولايميز كذلك الا ما لا يخرج منه شيء من افراد المحدود ولايدخل فيه شيئ من غيرها وهو معنى الحد الجامع المانع كقولنا فى تعريف الانسان حيوان ناطق فلو جمع ولم يمنع كالانسان حيوان او منع ولم يجمع كالانسان حيوان اومنع ولم يجمع كالانسان رجل لم يكن حدا صحيحا ويقال ايضا الحد المطرد أي الذي كلما وجد وجد المحدود فلا يدخل فيه شيء من غير افراد المحدود فيكون مانعا المنعكس أي الذي كلما وجد المحدود وجد هو فلا يخرج عنه شيء من افراد المحدود فيكون جامعا فلذا قال فى السلم المنورق وشرط كل ان يري مطردا ... منعكسا. قال الجلال المحلى: فَمُؤَدَّى الْعِبَارَتَيْنِ وَاحِدٌ وَالْأُولَى أَوْضَحُ اه. واشارالى التعريفين الناظم بقوله اَلْجَامِعُ الْمَانِعُ حَدُّ الْحَدِّ ... أوْ ذُوْ انْعِكَاسٍ إِنْ تَشَأْ وَطَرْدِ وافاد العلامة ابن عاصم فى مهيع الوصول ان التعريف بالحد التام بذكر الجنس يكون جامعا مطردا وبذكر الفصل يكون مانعا منعكسا وان الناقص ما لم يذكر فيه الجنس أي القريب حيث قال: فعند ذكر الجنس يلفى جامعا ... وعند ذكر الفصل يلفى مانعا فذاك للطرد وذالعكس ... وناقص ما كان دون جنس (وَالْكَلَامُ فِي الْأَزَلِ قِيلَ لَا يُسَمَّى خِطَابًا وَقِيلَ لَا يَتَنَوَّعُ) أي لا يطلق لفظ الخطاب فيما لا يزال على الكلام النفسى باعتبار ملاحظة كونه فى الازل حقيقة لعدم من يخاطب به اذ ذاك موجود وانما يطلق عليه حقيقة فيما لا يزال عند وجود من يفهم واسماعه اياه باللفظ الدال عليه كالقران او بلا لفظ كما وقع لموسى عليه الصلاة والسلام قال الجلال المحلى: وَالْأَصَحُّ أَنَّهُ يُسَمَّاهُ حَقِيقَةً بِتَنْزِيلِ الْمَعْدُومِ الَّذِي سَيُوجَدُ مَنْزِلَةَ الْمَوْجُودِ (وَقيل ايضاان الْكَلَامُ النَّفْسِيُّ فِي الْأَزَلِ لَا يَتَنَوَّعُ إلَى أَمْرٍ وَنَهْيٍ وَخَبَرٍ وَغَيْرِهَا لِعَدَمِ مَنْ تَتَعَلَّقُ بِهِ هَذِهِ الْأَشْيَاءُ إذْ ذَاكَ وَإِنَّمَا يَتَنَوَّعُ إلَيْهَا فِيمَا لَا يَزَالُ عِنْدَ وُجُودِ مَنْ تَتَعَلَّقُ بِهِ. قال الجلال المحلى: وَالْأَصَحُّ تَنَوُّعُهُ فِي الْأَزَلِ إلَيْهَا بِتَنْزِيلِ الْمَعْدُومِ الَّذِي سَيُوجَدُ مَنْزِلَةَ الْمَوْجُودِ اه. فلذاقال الناظم وصحَّحُوْا أَنْ الْكَلاَمَ فِيْ الأَزَلْ ... يُسْمَى خِطَابًا أوْ مُنَوَّعًا حَصَلْ (وَالنَّظَرُ الْفِكْرُ الْمُؤَدِّي إلَى عِلْمٍ أَوْ ظَنٍّ) أي تعريف النظر فى الاصطلاح هو الفكر أي حركة النفس فى المعقولات بخلاف حركتها فى المحسوسات فيسمى تخييلا المؤدى الى علم او ظن خراج به الفكر غير المؤدى الى ذكر فلا يسمى نظرا فلذاقال الناظم والنظر الفكر مفيد العلم.. او الظن. وقال ناظم مراقى السعود: والنظر الموصل من فكر إلى .... ظن بحكم أو لعلم مُسجلا قال المحقق البنانى ينبغى ان يراد بالظن ما يشمل الاعتقاد لان الفكرة قد يؤدي اليه اه. وعرف الاكتساب بالنظر سعد الدين التفتازنى فى التهذيب المنطقى بقوله وهو ملاحظة المعقول لتحصيل المجهول أي وذلك كملاحظة الحيوان والناطق المعلومين لتحصيل الانسان المجهول. (وَالْإِدْرَاكُ بِلَا حُكْمٍ تَصَوُّرٌ وَبِحُكْمٍ تَصْدِيقٌ) أي ووصول النفس الى المعنى بتمامه من نسبة اوغيرها بلاحكم معه من ايقاع النسبة او انتزاعها يسمى تصوراووصولها الى المعنى لا بتمامه يسمى شعورا والادراك للنسبة وطرفيها مع الحكم المسبوق بالادراك لذلك تصديق قال المحقق البنانى ظاهر المتن يفيد ان ادراك بعض المذكورات من النسبة وطرفيها مع الحكم كاف فى التصديق وليس كذلك اه. قال الجلال المحلى: ثُمَّ كَثِيرًا مَا يُطْلَقُ التَّصْدِيقُ عَلَى الْحُكْمِ وَحْدَهُ كَمَا الجزء: 1 ¦ الصفحة: 22 قِيلَ إنَّ مُسَمَّاهُ ذَلِكَ عَلَى الْقَوْلَيْنِ فِي مَعْنَى الْحُكْمِ وَمِنْ هَذَا الْإِطْلَاقِ قَوْلُ الْمُصَنِّفِ كَغَيْرِهِ. واليه اشارالناظم بقوله والنَّظَرُ الفِكْرُ مُفِيدُ العِلْمِ ... وَالظَّنِّ وَالإِدْرَاكُ دُونَ حُكْمِ تَصَوُّرٌ وَمَعْهُ تَصْدِيقٌ جَلِي ... وقال ناظم مراقى السعود: الادراك من غير قضا تصور ...... ومعْه تصديق وذا مشتهر وقال العلامة ابن عاصم فى مهيع الوصول: مدارك العقول عند التحقيق ... اما تصور واما تصديق والاول ادراك معنى ذات ... مفردة كالجسم والحياة والثانى مسند للذات ... اما على النفى او الاثبات (وَجَازِمُهُ الَّذِي لَا يَقْبَلُ التَّغَيُّرَ عِلْمٌ وَالْقَابِلُ اعْتِقَادٌ صَحِيحٌ إنْ طَابَقَ فَاسِدٌ إنْ لَمْ يُطَابِقْ) أي وجازم التصديق بمعنى الحكم اذ هو الذي ينقسم الى جازم وغيره هو الذي لا يقبل التغير بان كان لموجب من حس او عقل او عادة فيكون مطابقا للواقع كالتصديق أي الحكم بان زيدا متحرك ممن شاهده متحركا فهو علم حيث ان شاهده ما ذكر لا تقبل التغير لا فى نفس الامر ولا بالتشكيك وان قبله اعتقاد وذلك بان لم يكن لموجب نعم ان طابق الوقع فهو اعتقاد صحيح وان لم يطابقه فهو اعتقاد فاسد فلذاقال الناظم: جَازِمُهُ التَّغْيِيْرَ إِنْ لم يَقْبَلِ. عِلْمٌ وَمَا يَقْبَلُهُ فالاعْتِقَادْ ... صَحِيحٌ انْ طَابَقَ أَوْ لاَ ذُو فَسَادْ وقال ناظم مراقى السعود: جازمه دون تَغَيُّرٍ عُلم ......... علما وغيره اعتقاد ينقسم إلى صحيح إن يكن يطابق ..... اوفاسد إن هو لا يوافق (وَغَيْرُ الْجَازِمِ ظَنٌّ وَوَهْمٌ وَشَكٌّ لِأَنَّهُ إمَّا رَاجِحٌ أَوْ مَرْجُوحٌ أَوْ مُسَاوٍ) أي والتصديق أي الحكم غير الجازم بان كان معه احتمال نقيض المحكوم به من وقوع النسبة اولا وقوعها ظن ووهم وشك لان غير الجازم اما راجح لرجحان المحكوم به على نقيضه فالظن او مرجوحية المحكوم به بالنسبة لنقضيه فالوهم او مساو لمساواة المحكوم به من كل النقيضين على البدل للاخر فالشك فلذاقال الناظم معيدالضمير على الجازم فى البيت قبله. وَغَيْرُهُ ظَنٌّ لِرُجْحَانٍ سَلَكْ ... وَضِدُّهُ الْوَهْمُ وَمَا سَاوَى فَشَكّْ وقال الناظم مراقى السعود: والوهم والظن وشك ما احتمل ... لراجح أو ضِدِّه أو ما اعتدل وقال العلامة ابن عاصم: والشك مايقبل فوق واحد ... على السواء دون امر زائد والظن مايرجح والمرجوح ... وهم اذا ما وجدا الترجيح (وَالْعِلْم قَالَ الْإِمَامُ ضَرُورِيٌّ ثُمَّ قَالَ هُوَ وَحُكْمُ الذِّهْنِ الْجَازِمُ الْمُطَابِقُ لِمُوجِبٍ وَقِيلَ هُوَ ضَرُورِيٌّ فَلَا يُحَدّ وَقَالَ إمَامُ الْحَرَمَيْنِ عُسْرٌ فَالرَّأْيُ الْإِمْسَاكُ عَنْ تَعْرِيفِهِ) أي والعلم المتقدم فى تفسيرالحكم وهو التصديقي المشار اليه بقوله ءانفا وجازمه الذي لايقبل التغير علم من حيث تصوره بحقيقة بقرينة سياق ذكر الخلاف الاتي فى كونه ضروريا او نظريا وهل يحد ام قال الامام الرازي فى المحصول هو ضروري أي يحصل بمجرد التفات النفس اليه على البداهة من غير نظر واكتساب لان علم كل احد حتى من لا يتاتى منه المنظر كالبله والصبيان بانه عالم بانه موجودا ومتلذاذ ومتالم ضروري بجميع اجزائه التى هى تصور الطرفين والنسبة الحكم واذاكان ضروريا فلا يحد اذ لا فائدة فى حد الضروري لحصوله من غير ثم قال الامام فى المحصول ايضا هو أي العلم حكم الذهن الجازم المطابق لموجب قال المحقق البنانى ان الواقع فى كلام الامام انه حد اولا العلم ثم قال انه ضروري خلاف ما تفيده ثم فى كلام المصنف من انه حده بعد ذكره انه ضروري فثم حينئذ فى كلامه للترتيب الذكري لا الترتيب المعنوي اه. وقول المصنف وقيل هو ضروري فلا يحد أي لا فائدة فى حد الضروري لحصوله الجزء: 1 ¦ الصفحة: 23 من غير حد كما مر ءانفا وصنيع الامام فى المحصول لا يخالف القول بانه ضروري لا يحد حيث انه حده اولا بناء على قول غيره من الجمهور انه نظري اوانه متصور بالبداهة الضرورة عنده وقد يحد لا فادة الحد العبارة عنه قال المحقق البنانى ومعنى هذا ان الشخص قد يعرف حقيقة الشيء لا يحسن التعبير عنها فيوتى له بالحد ليسيفيد بذلك التعبير المذكور فليس الحد المذكور حقيقيا لان الحقيقة معلومة بدونه فلا يكون منافيا للبداهة اه. والى القولين اشار الناظم بقوله الفَخْرُ حُكْمُ الذِّهْنِ أَيْ ذُو الْجَزْمِ ... لِمُوجِبٍ طَابَقَ حَدُّ العِلْمِ ثُمَّ ضَرُورِيًّا رَآهُ يُسْفِرُ ... وقال الاما الحرمين هو نظري عسر أي لا يحصل الابنظر دقيق لخفائه فالري بسبب عسره من حيث تصوره بحقيقة الامساك عن تعريفه صونا عن مشقة الحوض فى العسر والى قوله اشار الناظم بقوله وابْنُ الْجُوَيْنِيْ نَظَرِيٌّ عَسِر. ُ أي وعليه فالراي الامساك عن تعريفه واشار العلامة ابن عاصم فى مهيع الوصول الى عدم الاحتياج الى حده عند القائل بانه ضروري او نظري عسر حسبما تقدما حيث قال والعلم قيل لا يحد اما ... لعسره او للحصول فيها ثم افاد ان قوما من اهل المعرفة تعرضوا لحده بما ذكره فى قوله وحده قوم من اهل المعرفة ... فاقرب الحدود قولهم صفة توجب تمييزا ابلا ... يحتمل النقيض فيما نقلا (ثُمَّ قَالَ الْمُحَقِّقُونَ لَا يَتَفَاوَتُ وَإِنَّمَا التَّفَاوُتُ بِكَثْرَةِ الْمُتَعَلِّقَاتِ) أي اختلفوا هل يتفاوت العلم فى جزئياته أي يكون علم اجلى من علم فالاكثرون نعم لان العلم بان الواحد نصف الاثنين مثلا اقوي فى الجزم من العلم بان العالم حادث ومنع ذلك المحققون وقالوا لايتفاوت وانما التفاوت فيها بكثرة التعلقات فى بعضها دون بعض كما فى العلم بثلاثة اشياء والعلم بشيئين فلذا قال الناظم معيدا الضمير على العلم: ثُمَّ عَلَيهِ الأَكْثَرُونَ يُطْلِقُونْ ... تفاوتا وردَّهُ المُحَقِّقُونْ وقال ناظم مراقى السعود: والعلم عند الأكثرين يختلف ..... جزما وبعضهم بنفيه عُرف وإنما له لدى المحقق ....... تفاوت بحسب التعلق وهذا مبنى كما قال الجلال المحلى على اتحاد العلم مع تعدد المعلوم كما هوقول بعض الاشاعرة وهو الذي ذكره ناظم المراقى فى قوله: لما له من اتحاد منحتم ...... مع تعدد لمعلوم عُلم قال الجلال السيوطى ومن فوائده الخلاف ان الايمان هل يزيد وينقص بناء على انه من قبيل العلوم لا الاعمال خلافا للمعتزلة فلذاقال ناظم المراقى: يُبنى عليه الزيد والنقصان ... هل ينتمي إليهما الإيمان وقول المصنف ثم قال المحققون أي العلم فى جزئياته قال المحقق البنانى أي سواء قلنا باتحاد العلم او بتعدده اه. (وَالْجَهْلُ انْتِفَاءُ الْعِلْمِ بِالْمَقْصُودِ وَقِيلَ تَصَوُّرُ الْمَعْلُومِ عَلَى خِلَافِ هَيْئَتِهِ) أي و الجهل انتفاء العلم عن ما من شانه ان يقصد ليعلم قال الجلال المحلى فان لم يدرك اصلا ويسمى الجهل البسيط او ادرك على خلافته هيئة فى الواقع ويسمى الجهل المركب لانه جهل المدرك بما فى الواقع مع الجهل بانه جاهل به كاعتقاد الفلاسفة ان العالم قديم اه. فلذاقال ناظم مراقى السعود: والجهل جا في المذهب المحمود ..... هو انتفاء العلم بالمقصود وقيل ان الجهل ادراك مامن شانه ان يعلم على خلاف هيئته فى الواقع قال الجلال المحلى: فَالْجَهْلُ الْبَسِيطُ عَلَى الْأَوَّلِ لَيْسَ جَهْلًا عَلَى هَذَا اه. اشار الناظم بقوله والجهل فقد العلم بالمقصود او ... تصورهم مخالفا خلف حكوا وعرفه العلامة ابن عاصم فى مهيع الوصول بانه الجزم بما وافق سوي الحق المطابق للواقع حيث قال الجزء: 1 ¦ الصفحة: 24 فالعلم جازم بحق طابقا ... والجهل جازم سواه وافقا. (وَالسَّهْوُ الذُّهُولُ عَنْ الْمَعْلُومِ) قال الجلال السيوطى السهو الذهول عن المعلوم وكذا عرفه الاقدمون أي الغفلة عنه فيتنبه بادنى تنبيه كما عرفه السكاكى بقوله مايتنبه صاحبه بادنى تنبيه وخرج بقولنا المعلوم الذهول عما لا يعلم فلايقال له سهو وقال صاحب ضوء المصباح السهو الغفلة ولا يحصل النسيان والنسيان غفلة وزيادة وزمن السهو قصير وزمن النسيان طويل لاستحكامه انتهى فلذا قال الناظم: والسَّهْوُ أَنْ يَذْهَلَ عَنْ مَعْلُوْمِهِ ... وَفَارَقَ النِّسْيَانَ فِي عُمُومِهِ وقال شارح مراقى السعود النسيان هو زوال المعلوم عن الحافظة والمدركة فيستانف تحصيله وان العلم فى السهو له اكتنان أي غيبة عن الحافظة فقط فهو الذهول عن المعلوم الحاصل فيتنبه بادنى تنبيه فلذاقال فى نظمه: زوال ما عُلم قُلْ نسيانُ ...... والعلمُ في السَّهْوِ له اكتنانُ (مَسْأَلَةُ الْحَسَنُِ الْمَأْذُونُ وَاجِبًا وَمَنْدُوبًا وَمُبَاحًا قِيلَ وَفِعْلُ غَيْرِ الْمُكَلَّفِ وَالْقَبِيحُ الْمَنْهِيُّ وَلَوْ بِالْعُمُومِ فَدَخَلَ خِلَافُ الْأَوْلَى وَقَالَ إمَامُ الْحَرَمَيْنِ لَيْسَ الْمَكْرُوه قَبِيحًا وَلَا حَسَنًا) ينقسم الفعل الذي هو متعلق الحكم الى حسن وقبيح ف الحسن الماذون فيه سواء اثيب على فعله ام لا فيشمل حينئذ الواجب والمندوب ولا خلاف فيهما والمباح وهوالصحيح للاذن فيه فلذا قال الناظم: الْحَسَنُ الْمَأذُونُ لَوْ أَجْرٌ نفي ... قال الجلال المحلى الواو للتقسيم وَالْمَنْصُوبَاتُ أَحْوَالٌ لَازِمَةٌ لِلْمَأْذُونِ اه. قال المحقق البنانى معنى لزومها كون اقسام الحسن لا تخرج عنها أي المذكورات فى المتن اوان الجميع لازم للجميع على التوزيع على حد قولهم حبذا المال فضة وذهبا اه. قيل ومن الحسن فعل غير المكلف ايضا كالصبي والنائم والساهى والبهيمة قال الجلال المحلى نظرا الى ان الحسن مالم ينه عنه اه. فلذا قال الناظم: قِيْلَ وَفَعْلٌ مَا سِوَى الْمُكَلَّفِ. فَغَيْرُ مَنْهِي. واما القبيح فهو فعل المكلف أي من الزم ما فيه كلفة المنهى عنه ولو كان منهيا عنه بعموم النهى المستفاد من اوامر الندب فدخل حينئذ فى القبيح خلاف الاولى كما دخل فيه الحرام والمكروه فلذاقال الناظم. والْقَبِيحُ الْمَنْهِي ... ولو عُمُومًا كَقَسيمِ الْكُرْهِ وقال شارح مراقى السعود والقبيح فى الشرع وهو المستهجن بصيغة اسم المفعول هو ما نهى تعالى عنه من مكروه وحرام ويدخل فى المكروه خلاف الاولى اه. قال فى نظمه: ما ربنا لم ينه عنه حسن ..... وغيره القبيح والمستهجن وقال امام الحرمين ليس المكروه بالمعنى الشامل لخلاف الاولى قبيحا حيث انه لا يذم عليه وانما يلام عليه فقط ولا حسنا حيث انه لا يسوغ الثناء عليه فهو حينئذ واسطة فلذا قال فيه الناظم: وَعَدَّ ذَا وَاسِطَةً عَبْدُ الْمِلَكْ ... وفِي الْمُبَاحِ ذا وتَالِيهِ سُلِكْ وتاليه هو خلاف الاولى والله اعلم (مَسْأَلَةٌ جَائِزُ التَّرْكِ لَيْسَ بِوَاجِبٍ وَقَالَ أَكْثَرُ الْفُقَهَاءِ يَجِبُ الصَّوْمُ عَلَى الْحَائِضِ وَالْمَرِيضِ وَالْمُسَافِرِ وَقِيلَ الْمُسَافِرِ دُونَهُمَا وَقَالَ الْإِمَامُ الرَّازِيُّ عَلَيْهِ أَحَدُ الشَّهْرَيْنِ وَالْخُلْفُ لَفْظِيٌّ) أي ان جائز الترك سواء كان جائز الفعل ايضا كفطر المسافر ام ممتنعه كصوم الحايض ليس بواجب فعله اذ لوكان واجبا لاستحال كونه جائزا وقد فرض جوازه الجزء: 1 ¦ الصفحة: 25 فلذاقال الناظم: لَيْسَ مُبَاحُ التَّرْكِ حَتْمًا ... ومقابل هذ القول قول اكثر الفقهاء من انه يجب الصوم على الحائض والمريض والمسافر قال الجلال المحلى لقوله تعالى {فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمْ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ} وَهَؤُلَاءِ شَهِدُوهُ وَجَوَازُ التَّرْكِ لَهُمْ لِعُذْرِهِمْ اه. وقال الجلال السيوطى ولانهم يجب عليهم القضاء بعد مافاتهم فكان الماتى به بدلا عن الفايت اه. فلذا قال فى نظمه. وَذَكَرْ ... جَمَاعَةٌ وُجُوبَ صَومِ مَنْ عُذِرْ مِنْ حَائِضٍ وَمُدْنَفٍ وَذِي مَغِيبْ ... قال الجلال المحلى وَأُجِيبَ بِأَنَّ شُهُودَ الشَّهْرِ مُوجِبٌ عِنْدَ انْتِفَاءِ الْعُذْرِ لَا مُطْلَقًا وَبِأَنَّ وُجُوبَ الْقَضَاءِ إنَّمَا يَتَوَقَّفُ عَلَى سَبَبِ الْوُجُوبِ، وَهُوَ هُنَا شُهُودُ الشَّهْرِ وَقَدْ تَحَقَّقَ لَا عَلَى وُجُوبِ الْأَدَاءِ وَإِلَّا لَمَا وَجَبَ قَضَاءُ الظُّهْرِ مَثَلًا عَلَى مَنْ نَامَ جَمِيعَ وَقْتِهَا لِعَدَمِ تَحَقُّقِ وُجُوبِ الْأَدَاءِ فِي حَقِّهِ لِغَفْلَتِهِ اه. وقيل يجب الصوم على المسافر دون الحائض والمريض لقدرة المسافر عليه وعجز الحائض عنه شرعا والمريض حسا فى الجملة اذ قد يمكنه الصوم لكن بمشقة تبيح الفطر وقدلا يمكنه الصوم لعجزه عنه وعليه فلا تصح نسبة العجز اليه تفصلا وهذالقول اشار الناظم بقوله مشيراللمسافر. وَقَيلَ ذَا دُونَهُمَا. أي دون المريض والمسافر وافاد شارح مراقى السعود ان ابن رشد ذكر فى المقدمات ان الراجح عند المالكية فى المرض والسفر وجوب الصوم وانه فى الاول الذي هو الحيض ضعيف اه. فلذا قال فى نظمه: هل يجب الصوم على ذي العذر ... كحائض وممرَض وسَفْرِ وجوبه في غير الاوَّلِ رَجَحْ ..... وضَعْفُه فيه لديهم وضح وقال الامام الرازي يجب على المسافر دونهما احد الشهرين الحاضر اوآخر بعده فايهما اتي به فقد اتى بالواجب والخلف لفظى قال الجلال المحلى أي رَاجِعٌ إلَى اللَّفْظِ دُونَ الْمَعْنَى ; لِأَنَّ تَرْكَ الصَّوْمِ حَالَةَ الْعُذْرِ جَائِزٌ اتِّفَاقًا وَالْقَضَاءُ بَعْدَ زَوَالِهِ وَاجِبٌ اتِّفَاقًا. وقال الجلال السيوطى والخلف لفظي لا فائدة له اه. وذكره عن الامام الرازي وهو ابن الخطيب فى المحصول حيث قال فى نظمه: وابْنُ الْخَطِيبْ قالَ عَلَيهِ أَحَدُ الشَّهْرَيْنِ ... والْخُلْفُ لَفْظِيٌّ بِغَيْرِ مَينِ قال المحقق البنانى قد تظهر لهذ الخلاف فائدة وهى كون القضاء بامر جديد وبالاول وفائدة اخري وهى هل يجب التعرض للاداء او القضاء فى النية اه. قال شارح مراقى السعود ثمرة الخلاف تظهر عند من يقول بوجوب التعرض فى البدل للنية فعلى ان الفائت واجب يقصد القضاء أي ينويه وعلى الاخر ينوي الاداء اه. فلذاقال فى نظمه معيدا الضمير على الصوم: وهو في وجوب قصد للأدا .... أو ضدِّه لقائل به بدا واللام فى لقائل بمعنى عند قال الجلال السيوطى ومن المسائل الداخلة فى قاعدة ان جائزالترك ليس بواجب مسالة الزايد علي ما ينطلق عليه الامم ليس بواجب لانه يجوز تركه كمسح الزايد على الفروض فى الراس وتطويل القيام فى الصلاة زايد على الواجب وذبح بعير عن شاة واجبة واخراجها عنها فى الزكاة اه. فلذاقال فى نظمه: قُلْتُ وَفِي هذَا الذِي زادَ عَلَى ... مُطْلَقِ الاِسْمِ لَيسَ حَتْمًا دَخَلاَ (وَفِي كَوْنِ الْمَنْدُوبِ مَأْمُورًا بِهِ خِلَافٌ وَالْأَصَحُّ لَيْسَ مُكَلَّفًا بِهِ وَكَذَا الْمُبَاحُ وَمِنْ ثَمَّ كَانَ التَّكْلِيفُ إلْزَامَ مَا فِيهِ كُلْفَةٌ لَا طَلَبُهُ خِلَافًا لِلْقَاضِي) أي واختلف فى كون المطلوب يسمى مامورابه حقيقة او لا يسمى من غير نظر لكونه متعلق الامر أي صيغة افعل قال المحقق البنانى اذكونه مامورابه من هذه الجهة لا خلاف فيه اه. قال الجلا ل السيوطي عبارة جمع الجوامع وفى كون المندوب مامورابه خلاف قال الزركشى وظاهره فى ان الخلاف فى كونه مامورابه ام لا وانما الخلاف فى انه حقيقة او الجزء: 1 ¦ الصفحة: 26 مجاز اه. وافاد ان الراجح انه مامور به حقيقة فلذاقال فى نظمه: واخْتَلَفُوا فِي النَّدْبِ هَلْ مَأْمُورُ ... حَقِيْقَةً فَكَوْنُهُ الْمَشْهُورُ. ولاصح انه ليس مكلفابه قال الجلال السيوطى لان التكليف يشعر بتطرق المخاطب الكلفة من غير تخييره والندب فيه تخييره اه. وزاد المكروه حيث قال فى نظمه: ولَيْسَ مَنْدُوْبٌ وَكُرهٌ في الأَصَحّْ ... مُكَلَّفًا. وكذ المباح ليس مكلفا به قال الجلال السيوطى اختلف فى المباح ايضا هل هو مكلف به والاصح عند الجمهور المنع وقال الاستاذ ابو اسحاق الاسفراينى نعم بمعنى اناكلفنا باعتقاد اباحته اه. قال المحقق البنانى والحاصل ان المباح لم يقل احد انه مكلف به من حيث ذاته كما قيل بذلك فى المندوب والمكروه وعبارة المصنف وان كان ظاهرها وجود الخلاف فيه يمكن توجيهها على وجه لا يفيد ذلك بان يجعل التشبيه فى قوله وكذ المباح فى قوله ليس مكلفابه بقطع النظر عن وصفه بالاصح فوجه الشبه بين المندوب والمباح كون كل ليس مكلفابه وان كان فى الاول على الاصح وفى الثانى اتفاقا نعم كان الاقعد ان لو قال ليس مكلفابه وكذا المندوب على الاصح ليكون الاصح راجعا للمندوب فقط ويكون قد شبه المختلف فيه بالمتفق عليه كما هو الشان من تشبيه الاضعف بالاقوي اه. فلذا فصله الناظم عن الاصحية فى المندوب والمكروه بقوله ولا المباح فرجح ... ومن اجل ان المندوب ليس مكلفا به كان التكليف مافيه كلفة من فعل او ترك لا طلب ما فيه كلفة فلذاقال الناظم: فِي حَدِّهِ إِلْزَامُ ذِي الْكُلْفَةِ لاَ ... طَلَبُهُ. وسواء كان الطلب على وجه الالزام او لاخلافا للقاضى ابى بكر الباقلانى فى قوله بالثانى اذ عنده المندوب والمكروه الشامل خلاف الاولى مكلف بهما (وَالْأَصَحُّ أَنَّ الْمُبَاحَ لَيْسَ بِجِنْسٍ لِلْوَاجِبِ وَأَنَّهُ غَيْرُ مَأْمُورٍ بِهِ مِنْ حَيْثُ هُوَ وَالْخُلْفُ لَفْظِيٌّ وَأَنَّ الْإِبَاحَةَ حُكْمٌ شَرْعِيٌّ وَأَنَّ الْوُجُوبَ إذَا نُسِخَ بَقِيَ الْجَوَازُ أَيْ عَدَمُ الْحَرَجِ وَقِيلَ الْإِبَاحَةَ وَقِيلَ الِاسْتِحْبَابُ) أي والاصح ان المباح ليس بجنس للواجب اذ هو مجيز فيه بخلاف الواجب وهو المرتضى فلذاقال الناظم: والْمُرْتَضَى عِنْدَ الْمَلاَ. أنْ الْمُبَاحَ لَيسَ جِنْسَ مَا وَجَبْ. وقيل انه جنس له حيث انه ماذون في فعله قال المحقق البنانى وتحته انواع واجب ومندوب ومكروه ومخير فيه لانه ان منع تركه فواجب والا فان رجح فعله فمندوب او تركه فمكروه او سوي بينهم فمخير فيه قاله شيخ الاسلام اه. والاصح ان المباح غير مامور به اذ الامر اقتضاء وطلب والمباح غير مطلوب فلذاقال الناظم فيه: وَغَيْرُ مَأمُورٍ بِهِ إذْ لا طَلَبْ. وقال الكعبى هو ماموربه لكن دون الامر بالندب كما ان الامر بالندب دون الامر بالايجاب والخلف لفظى اذ الكعبي قد صرح فى بعض كتبه بما يؤخذ من دليله من انه غير ماموربه من حيث ذاته أي بل من حيث ما عرض له من تحقق ترك الحرام به الجمهور لا يخالفونه فى ذلك والاصح ان الاباحة شرعى أي ورد بها الشرع اذ هى التخيير بين الفعل والترك المتوقف وجوده كغيره من الحكم الشرعى فلذاقال الناظم مشيرا لوصفها: وأنَّ هَذَا الْوَصْفَ حُكْمٌ شَرعِي ... والاصح ان الوجوب للشيء اذا نسخ كان قال الشارع نسخت وجوبه بقى الجواز له الذي كان فى ضمن وجوبه وهو الاذن فى الفعل بما يقومه وهو الاذن فى الترك الذي خلف المنع منه ولارادة ان الجواز الباقى هو الاذن فى الفعل بما يقومه من الاذن في الترك قال المصنف أي عدم الحرج يعنى فى الفعل والترك من الاباحة او الندب او الكراهة بالمعنى الشامل لخلاف الجزء: 1 ¦ الصفحة: 27 الاولى قال الجلال السيوطى اذ لا دليل على تعيين احدها فلذاقال فى نظمه عاطفا على الاصح وَأَنَّ نَسْخَ وَاجِبٍ يَسْتَدْعِي. بَقَا جَوَازِهِ أَي انْتِفَا الْحَرَجْ ... وقيل ان الجواز الباقى هو الاباحة اذ بارتفاع الوجوب يرتفع الطلب قال المحقق البنانى واذا ارتفع الطلب ثبت التخيير وقيل ان الباقى هو الاستحباب قال الجلال المحلى اذ المتحقق بارتفاع الوجوب انتفاء الطلب الجازم اه. فلذاقال الناظم فيهما. بَقَا جَوَازِهِ أَي انْتِفَا الْحَرَجْ. وقيل ان الجواز الباقى هوالاباحة اذ بارتفاع الوجوب يرتفع الطلب قال المحقق البنانى واذا ارتفع الطلب ثبت التخيير وقيل ان الباقى هو الاستحباب إذْ الْمُتَحَقِّقُ بِارْتِفَاعِ الْوُجُوبِ انْتِفَاءُ الطَّلَبِ الْجَازِمِ فَيَثْبُتُ الطَّلَبُ غَيْرُ الْجَازِمِ اه. فلذا قال الناظم فيهما: وقِيْلَ فِي الْمُبَاحِ والْنَّدْبِ انْدَرَج قَالَ الْغَزَالِيُّ: لَا يَبْقَى الْجَوَازُ ; لِأَنَّ نَسْخَ الْوُجُوبِ يَجْعَلُهُ كَأَنْ لَمْ يَكُنْ وَيَرْجِعُ الْأَمْرُ لِمَا كَانَ قَبْلَهُ مِنْ تَحْرِيمٍ أَوْ إبَاحَةٍ أَيْ لِكَوْنِ الْفِعْلِ مَضَرَّةً أَوْ مَنْفَعَةً. اه ورجوع الامر الى ماكان عليه قبل من تحريم او اباحة لم يرتضه جمهور المالكية وان قال به القاضى عبد الوهاب بل القول القوي عندنا انه لرفع الحرج وقال بعضهم انه للاباحة وقول غريب فى النقل انه للندب وفى المذهب مسائل تشهد له قال الشيخ حلولو كقولهم فى طرو ما يوجب قطع الصلاة انه يسلم من نافلة فلذا قال فى السعود: كالنسخ للوجوب عند القاضي ... وجلنا بذاك غير راض بل هو في القوِيِّ رفعُ الحرج .... وللإباحة لدى بعض يجي وقيل للندب كما في مبطل .... أوجب لانتقال للتنفل ولم يذكر القوي من الاقوال العلامة ابن عاصم فى مهيع الوصول حيث قال: وبعضهم من بعد نسخ يستدل ... به على الجواز والمنع نقل. (مَسْأَلَة ُ الْأَمْرِ بِوَاحِدٍ مِنْ أَشْيَاءَ يُوجِبُ وَاحِدًا لَا بِعَيْنِهِ وَقِيلَ الْكُلَّ وَيَسْقُطُ بِوَاحِدٍ وَقِيلَ الْوَاجِبُ مُعَيَّنٌ فَإِنْ فَعَلَ غَيْرُهُ سَقَطَ وَقِيلَ هُوَ مَا يَخْتَارُهُ الْمُكَلَّفُ فَإِنْ فَعَلَ الْكُلُّ فَقِيلَ الْوَاجِبُ أَعْلَاهَا وَإِنْ تَرَكَهَا فَقِيلَ: يُعَاقَبُ عَلَى أَدْنَاهَا) ينقسم الواجب باعتباره نفسه الى معين ومخير وباعتبار المكلفين الى عين وكفاية وباعتبار الوقت الى مضيق وموسع والكلام فى مسائل من غير المعين فاولها الواجب المخير فى موارده المعينة بالنوع كما فى كفارة اليمين فان فى ءايتها الامر بواحد مبهم من اشياء بين تلك الاشياء وهو المفهوم الكلى لا من حيث تحققه فى جزئ غير معين اه. قال الجلال السيوطى وحكى القاضى اجماع سلف الامة وايمة الفقهاء عليه واشار الى هذ المذهب فى النظم بقوله الأمْرُ مِنْ أشْيَا بِفَرْدٍ عِنْدَنَا ... يُوْجِبُ مِنْهَا وَاحِدًا مَا عُيِّنَا واشار العلامة ابن عاصم فى مهيع الوصول بقوله: فصل ومن اقسامه المخير ... وعكسه مرتب سيذكر مثاله كفارة اليمين .... فالفرض واحد بلا تعيين وهذا بخلاف الواجب المراتب وهو مالا ينتقل فيه من الاول الى ما بعده الا عند العجز عن المقدرة على ما قبله وبينه العلامة ابن عاصم ممثلا له فى مهيع الوصول بقوله: ثم المرتب الذي تبينه ... ماليس تجزي جملة مؤخرة ... على ما قبلها ذو مقدرة ... ومثله كفارة الظهار .... ثم با لترتيب فيها جار القول الثانى فى الواجب المخير ان الجميع واجب ويسقط بفعل واحد فلذا قال الناظم: وقيل كلا وبواحد حصل ... فكلا مفعول يوجب سابقا ويسقط الوجوب بفعل واحد منها قال الجلال السيوطى وهو قول المعتزلة اه. قال الشيخ حلولو وعزاه الباجى لابن خويز منداد من اصحابنا وذكره امام الحرمين عن ابن هشام اه. وقال العلامة ابن عاصم فى مهيع الوصول. وقيل ان فعله يعينه.. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 28 وقيل ان الواجب فى ذلك واحد منها معين عند الله تعالى لايختلف بالنسبة للمكلفين فان فعل المكلف المعين فذاك وان فعل غيره منها سقط الواجب بفعل ذلك الغير فلذاقال الناظم: وقِيلَ بَلْ مُعَيَّنًا فَإِنْ فَعَلْ -خِلاَفَهُ أسْقَطَهُ. وهذا يسمى قول التراجم لان كلا من الاشاعرة والمعتزلة ترويه عن الاخري وهى تنكره فاتفق الفريقان على خلافه قال الجلال السيوطى قال السبكى وعندي انه لم يقل به قائل اه. وقيل ان الواجب فى ذلك ما يختاره المكلف للفعل من أي واحد منها بان يفعله دون غيره قال المحقق البنانى أي ان ما فعله هو الذي كان واجبا لا ان الفعل هوالذي اوجبه قيل ان يفعله المكلف وانما ظهر بفعله اه. فان فعل المكلف الكل وفيها اعلى ثوابا وادنى كذلك فقيل المثاب عليه ثواب الواجب اعلاهاثوابا لانه لو اقتصر عليه لاثيب عليه ثواب الواجب فضم غيره اليه معا او مرتبا لا ينقصه عن ذلك وان تركها بان لم يات بواحد منها فقيل يعاقب على ادناها عقابا ان عوقب اذ لو فعله فقط لم يعاقب فانضمام غيره اليه لا يزيده عقوبة فلذاقال الناظم فى ذا القول: وَقِيْلَ مَا ... يَخْتَارُهُ مُكَلَّفٌ فَإِنْ سَمَا لِفِعْلِهَا فَوَاجِبٌ أَعْلاَهَا ... أوْ تَرْكِهَا عُوقِبَ فِي أَدْنَاهَا (وَيَجُوزُ تَحْرِيمٌ وَاحِدٌ لَا بِعَيْنِهِ خِلَافًا لِلْمُعْتَزِلَةِ وَهِيَ كَالْمُخَيَّرِ وَقِيلَ لَمْ تَرِدْ بِهِ اللُّغَةُ) أي ويجوز تحريم واحد لا بعينه قال الجلال المحلى وَلَهُ فِعْلُهُ فِي غَيْرِهِ إذْ لَا مَانِعَ مِنْ ذَلِكَ اه. قال الناظم فيها: وصحَّحُوا تَحرِيْمَ واحِدٍ عَلَى ... إبْهَامِهِ وَهْيَ عَلَى مَا قَدْ خَلاَ خلاف للمعتزلة فى منعهم ذلك كما تقدم فى منعهم ايجاب واحد لا بعينه وهذه المسالة الواجب المخير فيما تقدم فيها فلذا قال الناظم: وهى على ما قد خلا قال الجلال المحلى: فيقال على قيامه النهى عن واحد مبهم من اشياء معينة نحو لا تتناول السمك او اللبن او البيض يحرم واحد منها لابعينه أي وهو القدر المشترك بينها فى ضمن أي معين منها وقيل يحرم جميعها فيعاقب بفعلها عقاب فعل محرمات ويثاب بتركها امتثالا ثواب ترك محرمات ويسقط تركها الواجب بترك واحد منها وقيل المحرم فى ذلك واحد منها معين عند الله تعالى ويسقط تركه الواجب بتركه او ترك غيره منها وقيل المحرم فى ذلك ما يختاره المكلف للترك منها بان يتركه دون غيره وان اختلف باختلاف اختيار المكلفين اه. قال الجلال السيوطى وعلى الاول ان تركت كلها امتثالا او فعلت معا او مرتبا اثيب ثواب الواجب على ترك اشدها وعوقب على فعل اخفها وقيل العقاب فى المرتب على فعل ءاخرها لارتكاب الحرام به اه. وقيل زيادة على مافى الخير من طرف المعتزلة ان اللغة لم ترد بتحريم ما ذكر وهو النهى عن واحد مبهم من اشياء معينة (مَسْأَلَةٌ فرْضُ الكفَايةِ مُهِمٌّ يُقْصَدُ حُصُولُهُ مِنْ غَيْرِ نَظَرٍ بِالذَّاتِ إلَى فَاعِلِهِ) قال الجلال السيوطى اصل هذ التعريف الغزالى قال الرافعى ومعناه ان فروض الكفايات امور كلية تتعلق بها مصالح دينية او دنيوية ولاينتظم الامر الا بحصولها فقصد الشارع تحصيلها ولم يقصد تكليف الواحد ولامتحانه بها بخلاف فروض الاعيان فان الكل مكلفون بها ممتحنون بتحصيلها اه. فقوله مهم يقصد حصوله جنس يشمل فرض العين والكفاية وقوله من غير نظر بالذات الى فاعله أي يقصد حصوله فى الجملة فلاينظر الى فاعله الابالتبع للفعل ضرورة انه لا الجزء: 1 ¦ الصفحة: 29 يحصل بدون فاعل وعرفه الناظم ايضا بقوله: فرْضُ الكفَايةِ مُهِمٌ يُقْصَدُ ... ونَظَرٌ عَنْ فَاعِلٍ مُجَرَّدُ كما عرفه ناظم السعود ايضا بقوله: ما طلب الشارع أن يُحصَّلا .... دون اعتبار ذات من قد فعلا قال الجلال المحلى: فَيَتَنَاوَلُ مَا هُوَ دِينِيٌّ كَصَلَاةِ الْجِنَازَةِ وَالْأَمْرِ بِالْمَعْرُوفِ، وَدُنْيَوِيٌّ كَالْحِرَفِ وَالصَّنَائِعِ اه. وعد الحِرَفَ المهمة الشيخ سيدي خليل ايضا فى الفروض الكفائية حيث قال كالقيام بعلوم الشريعة والفتوي ودفع الضرر عن المسلمين والقضاء والشهادة والامامة والامربالمعروف والحرف المهمة ورد السلام وتجهيز الميت وفك الاسير اه. وامافرض العين فانه منظور فيه الى فاعله حيث انه يقصد حصوله من كل مكلف وتعرض العلامة ابن عاصم للقسمين اعنى العينى والكفائي فافاد ان فرض العين هو الواجب على كل مكلف كالصلوات الخمس وان فروض الكفاية يسقطه عن الغير من وفاه من العباد وباء بالاثم ان اهملوه حيث قال: وانقسم الفرض الى قسمين ... فرض كفاية وفرض عين فما على كل مكلف يجب ... ففرض عين كالصلاة قد كتب والثانى من وفاه من العباد ... يسقط عن سواه كالجهاد وان راي جميعهم اهماله ... فكلهم باء باثم ناله. (وَزَعَمَه الْأُسْتَاذُ وَإِمَامُ الْحَرَمَيْنِ وَأَبُوهُ أَفْضَلَ مِنْ الْعَيْنِ) أي وزعم فرض الكفاية الاستاذ ابواسحاق الاسفرايني واما الحرمين وابوه الشيخ ابو محمد الجوينى انه افضل من فرض العين اذ بقيام البعض به الكافى فى الخروج عن عهدة التكليف يصان عن الاثم جميع المكلفين وحكى الناظم ماحكاه المصنف حيث قال: وَزَعَمَ الأُسْتَاذُ والْجُوَيْنِي ... وَنَجْلُهُ يَفْضُلُ فَرْضَ الْعَيْنِ كماقال ناظم السعود: وهومُفَضَّلٌ على ذي العين .... في زعم الاستاذ مع الجويني ثم افاد انه يمتاز عن العينى بعدم تكرير المصلحة بتكريره فاذا صلى على الجنازة مثلا يظن حصول المغفرة للميت فلا مصلحة بعد ذلك فى تكريرها حيث قال: مزه من العين بأن قد حظلا ... تكرير مصلحته إن فُعِلا قال الجلال المحلى: وَالْمُتَبَادَرُ إلَى الْأَذْهَانِ، وَإِنْ لَمْ يَتَعَرَّضُوا لَهُ فِيمَا عَلِمْت أَنَّ فَرْضَ الْعَيْنِ أَفْضَلُ لِشِدَّةِ اعْتِنَاءِ الشَّارِعِ بِهِ بِقَصْدِ حُصُولِهِ مِنْ كُلِّ مُكَلَّفٍ فِي الْأَغْلَبِ وَلِمُعَارَضَةِ هَذَا دَلِيلَ الْأَوَّلِ أَشَارَ الْمُصَنِّفُ إلَى النَّظَرِ فِيهِ بِقَوْلِهِ زَعَمَهُ، وَإِنْ أَشَارَ كَمَا قَالَ إلَى تَقْوِيَةٍ يَعْزُوهُ إلَى قَائِلِيهِ الْأَئِمَّةِ الْمَذْكُورِينَ، الْمُفِيدُ أَنَّ لِلْإِمَامِ سَلَفًا عَظِيمًا فِيهِ فَإِنَّهُ الْمَشْهُورُ عَنْهُ فَقَطْ كَمَا اقْتَصَرَ عَلَى عَزْوِهِ إلَيْهِ النَّوَوِيُّ الْأَكْثَرُ اه. (وَهُوَ عَلَى الْبَعْضِ وِفَاقًا لِلْإِمَامِ … لَا الْكُلِّ خِلَافًا لِلشَّيْخِ الْإِمَامِ وَالْجُمْهُورِ وَالْمُخْتَارُ الْبَعْضُ مُبْهَمٌ وَقِيلَ مُعَيَّنٌ عِنْدَ اللَّهِ تَعَالَى وَقِيلَ مَنْ قَامَ بِهِ) أي اختلف فى فرض الكفاية هل يتعلق ببعض المكلفين او بجميعهم فقال بالاول الامام الرازي للاكتفاء بحصوله من البعض وقال بالثانى الجمهور والشيخ الامام والد المصنف حيث ان الكل ياثمون بالترك وزاد فى السعود على الاثم انه يتعذر خطاب المجهول حيث قال: وهو على الجميع عند الأكثر .... لإثمهم بالترك والتعذر ويسقط بفعل البعض كماقال: وفعل من به يقوم مسقط .... قال الجلال السيوطى: واختاره أي التعلق بفعل البعض ابن السبكى واحتج له بقوله تعالى {وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إلَى الْخَيْرِ} وبقوله (فَلَوْلَا نَفَرَ مِنْ كُلِّ فِرْقَةٍ مِنْهُمْ طَائِفَةٌ) ولان تعلقه بالجميع يوجب اشكالا وهو سقوط الوجوب عن شخص لا ارتباط بينه وبين ءاخر بفعل الاخير وهذالايعقل اه. قال المحقق البنانى معضداللثانى فالقول بانه واجب على الكل هو المعتمد اه. والناظم حكى الجمهور ونصرالاول الذي نصره اصله فقال. وهو الجزء: 1 ¦ الصفحة: 30 وَهْوَ عَلَى الْكُلِّ رَأَي الْجُمْهُورُ ... والْقَوْلُ بِالْبَعْضِ هُوَ الْمَنْصُورُ وعلى القول بالبعض فقيل ان المختار ان البعض مبهم اذلادليل على انه معين فمن قام به الفرض سقط الفرض بفعله وقيل ان البعض معين عند الله تعالى يسقط الفرض بفعله وبفعل غيره كما يسقط الفرض باداء غيره وقيل ان البعض هو من قام به لسقوطه بفعله واشار الناظم الى الاختيار الاول وتوهين الاخريين بقوله: فَقِيْلَ مُبْهَمٌ وَقِيْلَ عُيِّنَا ... وَقِيْلَ مَنْ قَامَ بِهِ وَوُهِّنَا وحكى ناظم السعود ايضا انه نقل الخلف عن المخلفين ارباب الاقوال فى هذه المسألة حسبما قرر بقوله: وقيل بالبعض فقط يرتبط. معينا أو مبهما أو فاعلا .... خُلف عن المخالفين نُقِلا (وَيَتَعَيَّنُ بِالشُّرُوعِ عَلَى الْأَصَحِّ) أي يتعين فرض الكفاية بالشروع فيه على الاصح فيصير مثل فرض العين فى وجوب الاتمام فلذاقال الناظم: وَبِالْشُّرُوْعِ فِي الأَصَحِّ يَلْزَمُ ... وقيل لا يجب اتمامه قال الجلال المحلى والفرق ان القصد به حصوله فى الجملة فلايتعين حصوله ممن شرع فيه اه. وافاد شارح السعود انه ينبنى على الخلاف جواز اخذ الاجرة على تحمل الشهادة وعدم الجواز فمن قال فرض الكفاية يتعين بالشروع منع من اخذ الاجرة اذ فرض العين لاتؤخذ عليه الاجرة ومن قال لا جاز كما افاد انه يكفى فى توجه الخطاب بذي الكفاية غلبة الظن أي بان غيره لم يفعله وكذلك يكفى فى اسقاطه عن من لم يفعله غلبة الظن انه قد فعله غيره حيث قال فى نظمه: وهل يعتبر شروع الفاعل .... في ذي الكفاية خلاف ينجلي فالخلف في الأجرة للتحمل .... فرع على ذاك الخلاف قد بُلي وغالب الظن في الاسقاط كفى ... وفي التوجه لدى من عَرَفا وقال الجلال السيوطى وقال البازري فى التمييز لا يلزم فرض الكفاية بالشروع فى الاصح الا فى الجهاد وصلاة الجنازة اه. (وَسُنَّةُ الْكِفَايَةِ كَفَرْضِهَا) أي فى كونها يقصد حصولها من غير نظر بالذات الى فاعلها كالاذان فى الامصار وقال العلامة ابن عاصم: وربما يكون كالاذان ... كفاية ليست على الاعيان كما يقصد حصول فرض الكفاية كذلك حسبما تقدم وفى كونها مطلوبة من الكل عند الجمهور وقيل من بعض مبهم على المختار وقيل معين عند الله تعالى وقيل من بعض قام بها وفى كونها تتعين بالشروع فيها فتصير مثل سنة العين فى تاكد الاتمام على الاصح وافاد الناظم ماذكره المصنف من ان سنة الكفاية كفرضها فى الاقسام فقال: وَمِثْلَهُ سُنَّتُهَا تَنْقَسِمُ. وافاد ابو اسحاق الشاطبى ان ماكان مندوبا كفائيا بالنظر الى جرئياته أي ءاحاده فهو واجب بالنظر الى كلية أي مطلقة قال شارح السعود وذلك كالاذان فى المسجد وصلاة الجماعة والعيدين قال ويدل لذلك قول الحطاب ان اقامة السنن الظاهرة واجبة على الجملة لو تركها اهل بلد قوتلوا قال فى نظمه: ما كان بالجزئي ندبه عُلم .... فهو بالكلِّي كعيد منحتم (مَسْأَلَة ُ الْأَكْثَرِ أَنَّ جَمِيعَ وَقْتِ الظُّهْرِ جَوَازًا وَنَحْوِهِ وَقْتَ الْأَدَاءِ وَلَا يَجِبُ عَلَى الْمُؤَخِّرِ الْعَزْمُ خِلَافًا لِقَوْمٍ) قال الكمال ابن ابي شريف هذه المسألة معروفة بالواجب الموسع أي الموسع وقته لا بسمألة الاوقات الموسعة اه. ونقل شارح السعود عن الفهري انه راجع الى الواجب المخير قال الشارح وبيان ذلك المكلف مخير فى اجزاء الوقت كتخييره فى المفعول فى خصال كفارة اليمين ثم تعرض لحده فحده بانه الذي يسع وقته المقدرله شرعا اكثر منه سواء كان الجزء: 1 ¦ الصفحة: 31 محدودا كاوقات الصلوات اوغير محدود بل مقيدا بالعمر كوقت الحج حيث قال فى نظمه بعد ان ترجم له بالواجب الموسع. ما وقته يسع منه أكثرا .... وهو محدودا وغيرَه جرى كما قال العلامة ابن عاصم فى تعريفه ايضا. ومنه ما زمانه موسع .... وهو الذي اكثر منه يسع منه بطول العمر كالحج وقد .... يكون محددا بوقت وامد فالاكثر من الفقهاء ومن المتكلمين على ان مجموع وقت الظهر ونحوه كباقى الصلوات الخمس وقت للاداء قال المحقق البنانى أي ان كل جزء من اجزاء ذلك المجموع وقت للاداء اه. فلذا قال العلامة ابن عاصم ثم بكل الوقت فى المقدر ... تعلق الوجوب عند الاكثر وافادالناظم ما افاده المصنف حيث قال: جَمِيْعُ وَقْتِ الظُّهْرِ قَالَ الأَكْثَرُ ... وَقْتُ أَدَاءٍ وَعَلَيْهِ الأَظْهَرُ وجواز فى كلام المصنف منصوب على التمييز محول عن المضاف اليه والاصل وقت جواز الظهر أي ونحوه من بقية الصلوات الخمس اذ هى كهو فجميع اوقاتها وقت للاداء ففى أي جزء اوقع ما ذكر من الظهر ونحوه فقد اوقع فى وقت الاداء وتعرض شارح السعود لمذهب المالكية فى الواجب الموسع قائلا الذي ذهب اليه الاكثرون من الفقهاء ومن المتكلمين وهو مذهب مالك القول بالواجب الموسع فجميع وقت الظهر ونحوه كالعصر وقت لادائه لقوله صلى الله عليه وسلم لما بين الوقت ما بين هذين الوقتين وقت فيجوز ايقاع الواجب الموسع فى كل جزء من مختاره دون اشتراط ضرورة كما فى الضروري اه. فلذاقال فى نظمه: فجوزوا الأدا بلا اضطرار .... في كل حصة من المختار ولا يجب على مريد التاخير عن اول الوقت العزم فى اول الوقت على ان يفعل العبادة بعد اول الوقت فى اثنائه او اخره خلافا لقوم كالقاضى ابى بكر الباقلانى من المتكلمين وغيره فى قولهم بوجوب العزم ليتميز به الواجب الموسع من المندوب فى جوازالترك واشار الناظم الى ما اشار اليه المصنف بقوله: لاَ يَجِبُ الْعَزْمُ عَلَى الْمُؤَخِّرِ ... وقَدْ عُزِي وُجُوبُهُ لِلأَكْثَرِ وتعرض شارح مراقى السعود لذكر من قال منا معاشر المالكية بوجوب العزم فقال ان جمهور المالكية قائلون بالواجب الموسع وقته لكن منهم من قال بعدم اشتراط العزم على الفعل فى قت الاختيار كالباجى مع غيره ومنهم من قال بوجوب الاداء اول الوقت او العزم اول الوقت على الاداء فى المختار والعزم بدل عن التقديم لا عن الفعل قال فى الذخيرة وهو الذي تقيضيه اصول مالك لامن توجه عليه الامر ولم يفعل فهو معرض عن الامر بالضرورة والمعرض عنه عاص والعاصى يستحق العقاب وفى ترك العزم ايضا عدم التمييز بين الواجب الموسع والمندوب فى جواز الترك واجيب بحصول التمييز بغيره وهو ان تاخير الواجب عن جميع الوقت المقدر يؤثم والقائل بوجوب العزم منا القاضيان عبد الوهاب والباقلانى اه. فلذاقال فى نظمه. وقائل منا يقول العزم ... على وقوع الفرض فيه حتم (وَقِيلَ الْأَوَّلُ فَإِنْ أَخَّرَ فَقَضَاءٌ وَقِيلَ الْآخَرُ فَإِنْ قُدِّمَ فَتَعْجِيلٌ وَالْحَنَفِيَّةُ مَا اتَّصَلَ بِهِ الْأَدَاءُ مِنْ الْوَقْتِ وَإِلَّا فَالْآخَرُ وَالْكَرْخِيُّ: إنْ قُدِّمَ وَقَعَ وَاجِبًا بِشَرْطِ بَقَائِهِ مُكَلَّفًا) أي وقيل ان وقت الاداء فعل العبادة من اول الوقت وهو القدر الذي يسعها فى اوله لوجوب الفعل بدخول الوقت فان وقع التاخير عنه فقضاء وان فعل فى الوقت عند غير هذالقائل فياثم بالتاخير عن اوله وافاد الجلال المحلى انه نَقَلَهُ الْإِمَامُ الشَّافِعِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ عَنْ بَعْضِهِمْ فلذاقال العلامة ابن عاصم والمنتمى للشافعى علقة ... باول الوقت فكن محققه وقيل وقت الاداء الاخر من الوقت لانتفاء وجوب الفعل قبله فان قدم عليه الجزء: 1 ¦ الصفحة: 32 بان فعل قبله فى الوقت فالتقديم تعجيل للواجب مسقط له واشار الناظم الى هذين القولين بقوله وقِيْلَ الاَخِرُ وقِيْلَ الأَوَّلُ ... فَفِي سِوَاهُ قَاضٍ أوْ مُعَجِّلُ فقاض راجع للاول ومعجل راجع للاخر وقالت الحنفية وقت ادائه الجزءالذي اتصل به الاداء من الوقت حيث لاقاه الفعل بان وقع فيه فلذاقال العلامة ابن عاصم: وتابعوالنعمان فيما حققوا ... بتاخرالوقت الوجوب علقوا وافاد شارح السعود ان الباجى نقل عن بعض المالكية ان وقت الاداء هو ما يعينه المكلف للاداء لاتعيين له غير ذلك وحكى ان المخالفين لنا فى المذهب عندهم خلاف بينه على حسب ما قررنا ءانفا فقال في نظمه: أو هو ما مكلف يُعيِّن .... وخلف ذي الخلاف فيه بيِّن فقيل الآخر وقيل الأول ... وقيل ما به الأدا يتصل نعم اذا لم يتصل الاداء بجزء من الوقت بان لم يقع الفعل فى الوقت فيكون حينئذ وقت ادائه الجزء الاخير من الوقت لتعيينه للفعل فيه حيث لم يقع فيما قبله فلذاقال الناظم: وقِيْلَ مَا بِهِ الأَدَاءُ اتَّصَلاَ ... مِنْ وَقْتِهِ وآخِرٌ إذَا خَلاَ قوله وقيل راجع للقول المتقدم قبل ذا وقال الكرخى من الحنفية ان قدم الفعل على ءاخر الوقت فان وقع قبله فى الوقت فانه يقع ماقدم واجبا لكن بشرط بقاء المقدم له مكلفا الىءاخر الوقت وانقطاعه فلذاقال الناظم: وقِيْلَ إِنْ قَدَّمَ فَرْضًا وَقَعَا ... إِنْ بَقِيَ التَّكْلِيْفُ حَتَّى انْقَطَعَا قال الشسخ حلولو قال ولى الدين تقييد المصنف وقت الظهر بالجواز أي فى اول المسألة ليخرج وقت الضرورة وهو من زيادته على غيره (وَمَنْ أَخَّرَ مَعَ ظَنِّ الْمَوْتِ عَصَى فَمَنْ عَاشَ وَفَعَلَهُ فَالْجُمْهُورُ أَدَاءً وَالْقَاضِيَانِ أَبُو بَكْرٍ وَالْحُسَيْنُ قَضَاءً وَمَنْ أَخَّرَ مَعَ ظَنِّ السَّلَامَةِ فَالصَّحِيحُ لَا يَعْصِي بِخِلَافِ مَاوَقْتُهُ الْعُمْرُ كَالْحَجِّ) أي من اخرالواجب المذكور بان لم يشتغل به اول الوقت او ثانيه مع ظن الموت عقب ما يسعه منه فانه يكون عاصيا لظنه فوات الواجب بسبب التاخير فلذا قال الناظم وَمَنْ يُؤَخِّرْ مَعَ ظنِّ مَوْتِهِ ... يَعْصِ. قال سيدي خليل وان مات وسط الوقت بلا اداء لم يعص الا ان يظن الموت اه. فان عاش وفعله فى الوقت فالجمهور قالوافعله اداء لانه فى الوقت المقدر له شرعا وقال القاضيان ابوبكر الباقلانى من المتكلمين والحسين من الفقهاء فعله حيث ان الفعل بعد الوقت الذي تضيق عليه بظنه وان بان خطأه بعد فلذا قال الناظم: فَإِنْ أَدَّاهُ قَبْلَ فَوْتِهِ فَهُوَ أَدًا والقَاضِيَانِ بَلْ قَضَا ... واما من اخرالواجب المذكور بان لم يشتغل به اول الوقت مثلا مع ظن السلامة من الموت الى ءاخرالوقت أي مع الشك فيها ومات فيه قبل الفعل فالصحيح انه لا يعصى لان التاخير جائز له والفوات ليس باختياره بخلاف الواجب الذي وقته العمر كالحج فان من اخره بعد الاستطاعةمن الموت الى مضى وقت يمكنه فعله فيه ومات قبل الفعل فانه يعصى على الصحيح وعصيانه فى الحج من ءاخر سني الامكان لجواز التاخير اليها فلذاقال الناظم: أوْ مَعَ ظَنِّ أَنْ يَعِيْشَ فَقَضَى فالْحَقُّ لاَ عِصْيَانَ مَا لَمْ يَكُنِ ... كالْحَجِّ فَلْيُسْنَدْ لآخِرِ السِّنِي (مَسْأَلَةٌ الْمَقْدُورُ الَّذِي لَا يَتِمُّ الْوَاجِبُ الْمُطْلَقُ إلَّا بِهِ وَاجِبٌ وِفَاقًا لِلْأَكْثَرِ وَثَالِثُهَا إنْ كَانَ سَبَبًا كَالنَّارِ لِلْإِحْرَاقِ وَقَالَ إمَامُ الْحَرَمَيْنِ إنْ كَانَا شَرْطًا شَرْعِيًّا لَا عَقْلِيًّا أَوْ عَادِيًّا) هذه المسالة تكلم المصنف فيها على الواجب المطلق أي غير المقيد وتعرض الشيخ الشربينى للفرق بينه وبين الواجب المقيد فافاد ان الواجب المطلق واجب فى حد ذاته لايتوقف وجوبه على المقدر بل يتوقف فعله عليه الجزء: 1 ¦ الصفحة: 33 والمقيد يتوقف نفس وجوبه على المقدور قال فالجمعة بالنسبة الى المحضور بعد تمام العدد واجب مطلق وبالنسبة الى وجود العدد واجب مقيد فلا يجب تحصيل العدد لتجب الجمعة على ذلك اه. وقال المحقق البنانى المراد بالمطلق مالا يكون مقيدا بما يتوقف عليه وجوده وان كان مقيدا بمايتوقف عليه وجوبه لقوله تعالى (أَقِمِ الصَّلَاةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ) فان وجوب الصلاة مقيد بما يتوقف عليه ذلك الوجوب وهو الدلوك وليس مقيدا بما يتوقف عليه وجود الواجب وهو الوضوء والاستقبال ونحوهما اه. والشيء الذي لا يتم الواجب المطلق الا به قال الجلال السيوطى يسمى بمقدمة الواجب اه. وقال شارح السعود انهم أي الاصوليين احترزوا بالمطلق عن المقيد وجوبه بما يتوقف عليه كالزكاة وجوبها متوقف على ملك النصاب فلا يجب تحصيله فى مذهب مالك وغيره فهو امر مجمع عليه والواجب المطلق هو ما لا يتوقف وجوبه على وجوده اه. فلذا قال فى نظمه: وما وجوبه به لم يجب .... في رأي مالك وكل مذهب أي وما هو مقدور للمكلف من شرط او سبب وجوب الواجب المقيد متوقف عليه فانه لايجب تحصيله فى راي مالك وكل مذهب وعرف ذا الواجب المقيد بعد ان ذكر تعريف الواجب المطلق بقوله: وما وجود واجب قد أُطلقا .... به وجوبُه به تحققا كما عرفه الناظم ايضا بقوله: مَا لاَ يَتِمُّ الْوَاجِبُ الْمُطْلَقُ مِنْ ... مَقْدُوْرِنَا إِلاَ بِهِ حَتْمٌ زُكِنْ فقول المصنف المقدور الخ الفعل المقدور للمكلف الذي لا يوجد الواجب المطلق أي الذي لا يكون مقيدا بما يتوقف عليه وجوده واجب عند الاكثر من العلماء سببا كان او شرطا ومثل شارح السعود للمقدور قائلا اذاعلمنا من الشارع ان الوضوء شرط للصلاة ثم امرنا بالصلاة فانه يجب بوجوب مشروطه لانه مقدور لنا قال فى شرح التنقيح فلو قال الله تعالى صلوا ابتداء صلينا بغير وضوء حتى يدل دليل على اشتراط الطهارة اذ لا معنى لشرطيته سوي حكم الشارع انه يجب الاتيان به عند الاتيان بذلك الواجب اه. فلذاقال فى نظمه: كعلمنا الوضوء شرطا في أدا ... فرض فأمرنا به بعد بدا وافاد انهم احترزوا بالمقدور للمكلف عن غير المقدور له قال كتوقف فعل العبد بعد وجوبه على تعلق علم الله تعالى ورادته وقدرته بايجاده فهذالقسم لايوصف بالوجوب بل عدمه يمنع الايجاب الاعلى مذهب من يجوز التكليف بالمحال فلا يقيد بالقدرة عليه قاله حلولو اه. فلذاقال فى نظمه: والطوق شرط للوجوب يُعرف .... إن كان بالمحال لا يُكلِّف وقيل لا يجب بوجوب الواجب مطلقا شرطا كان او سببا اذ الدال على الواجب ساكت عنه ثالث الاقوال يجب ان كان سببا كامساس النار لمحل فانه سبب لاحراقه عبادة بخلاف الشرط كالوضوء للصلاة فلا يجب بوجوب مشروطه وقال امام المحرمين يجب ان كان شرطاشرعيا كالوضوء للصلاة او عاديا كغسل جزء الراس لتحقق غسل الوجه فانه لا يمكن عادة غسل الوجه بدون جزء الراس والى الاقوال الثلاثة اشارالناظم بقوله: وَقِيْلَ لاَ وَقِيْلَ إِنْ كَانَ سَبَبْ ... وَقِيْلَ إِنْ شَرْطًا إِلى الْشَّرْعِ انْتَسَبْ وتكلم شارح السعود ايضا على من تقدم ذكره من البعض المخالفين لمذهبنا مفيدا ان البعض المخالفين لمذهب مالك نفى وجوب المقدور الذي لايوجد الواجب المطلق ايجابه الا به بوجوب ذلك الواجب لان الدال على الواجب ساكت عنه فالامر عندهم لايقضى الا بتحصيل المقصود لاالوسيلة ولم يعطوالوسيلة حكم مقصودها وان البعض المخالفين لناغير الجزء: 1 ¦ الصفحة: 34 المطلقين ذهبوا الى رايين مختلفين فالبعض فرقوا بين السبب والشرط فاعتبروا السبب حيث انه اشد ارتباطا بالمسبب من ارتباط الشرط بالمشروط اذ يلزم من وجود السبب وجود المسبب بخلاف الشرط مع المشروط والذي اعتبر الشرط الشرعى فقط دون العقلى والعادى ان الشرط الشرعى لولا اعتبار الشرع له لوجد صورة مشروطه بدونه فكان اللائق قصد الشارع له بطلب الواجد للحاجة الى قصده به قال فى نظمه حاكياماحكاه ناظم المصنف اجمالا: وبعض ذي الخلْف نفاه مطلقا ... والبعض ذو رأيين قد تَفَرَّقا (ف َلَوْ تَعَذَّرَ تَرْكُ الْمُحَرَّمِ إلَّا بِتَرْكِ غَيْرِهِ وَجَبَ أَوْ اخْتَلَطَتْ مَنْكُوحَةٌ بِأَجْنَبِيَّةٍ حُرِّمَتَا أَوْ طَلَّقَ مُعَيَّنَةً ثُمَّ نَسِيَهَا) أي فلو تعذر ترك المحرم الا بترك غيره من الجائز وجب ترك المحرم ذلك الغير الذي هوجائز لتوقف ترك المحرم الذي هو واجب عليه فلذاقال الناظم: فالتَّرْكُ لِلْحَرَامِ إِنْ تَعَذَّرَا ... إِلا بِتَرْكِ غَيْرِهِ حَتْمًا يُرَى كما قال ناظم السعود: فما به تركُ المحرَّم يَرى .... وجوبَ تركه جميعُ من درى وكذا اذا اختلطت أي اشتبهت منكوحة لرجل باجنبية منه فانه يحرم قربانهما عليه او طلق معينة من زوجيته مثلا ثم نسيها فانه يحرم عليه قربانهما ايضا فلذا قال الناظم: فُحُرِّمَتْ مَنْكُوْحَةٌ إِنْ تُلْبَسِ ... بِغَيْرِهَا أَوْ بَتَّ عَيْنًا وَنَسِي واشار الى المسالتين ناظم السعود بقوله: وسويَّنَّ بين جهلٍ لحقا .... بعد التعين وما قد سبقا والتسوية بين المنع اماحرمة قربان الاجنبية والمطلقة فظاهر واما حرمة قربان المنكوحة وغير المطلقة فلاشتباه الاولى بالاجنبية والثانية بالمطلقة والله اعلم (مَسْأَلَةُ مُطْلَقُ الْأَمْرِ لَا يَتَنَاوَلُ الْمَكْرُوهَ خِلَافًا لِلْحَنَفِيَّةِ فَلَا تَصِحُّ الصَّلَاةُ فِي الْأَوْقَاتِ الْمَكْرُوهَةِ وَإِنْ كَانَ كَرَاهَةَ تَنْزِيهٍ عَلَى الصَّحِيحِ) قال الشيخ الشربينى المراد بالمطلق أي فى قول المصنف مطلق الامر ما اخذت ماهيته باعتبار عدم المتقييد أي وهو ما عرفه به المصنف فيما سياتى فى مبحث المطلق بقوله الدال على الماهية بلا قيد فلذا حل الجلال المحلى قول المصنف هنا مطلق الامر بقوله بما بعض جزئياته مكروه كراهة تحريم او تنزيه قال المحقق البنانى فى حل عبارة المحلى ماعبارة عن الماهية أي بماهية بعض جزئياتها مكروه قال لان الامر كماسياتى لطلب الماهية اه. فالامر المطلق اذاكان بماهية بعض جزئياتها مكروه كراهة تحريم اوتنزيه بان كان منهيا عنه لا يتعلق بالمكروه منها قال الشيخ حلولو ذكر الامام فى البرهان عن المحققين ان المكروه لا يدخل تحت الامر المطلق اه. قال المحقق البنان وارد أي المصنف بالمكروه لذاته واما وصفه فيتناوله اه. وتعرض شارح السعود لهذه المسالة قائلا ان الماموربه اذاكان بعض جزئياته منهيا عنه نهي تنزيه او تحريم لا يدخل ذلك المنهى عنه منها فى المامور به اذاكان الامر غير مقيد بغير المكروه خلافا للحنفية فى قولهم انه يتناوله قال ونعنى بالمكروه الذي لم يدخل فى مطلق الامر المكروه الخالى من الفصل أي الانفصال والخالى منه ما كان له جهة او جهتان بينهما لزوم واشار الى ماقاله فى شرحه بقوله فى نظمه: دخول ذي كراهة فيما أمر ..... به بلا قيد وفَصْلٍ قد حظر قال والجمهور ان المكروه مطلوب تركه فلا يدخل تحت ماطلب فعله والا كان الشيئ الواحد مطلوب الفعل والترك من جهة واحدة وذلك تناقض اه. قال الجلال السيوطى وتظهر الخلاف فى فروع منها الصلاة فى الاوقات المكروهة فلاتنعقد سواء قلنا انها كراهة تحريم او كراهة تنزيه ونقل العلامة فى ذلك ان المقصود منهما طلب الاجر وتحريمهما او كراهتها يمنع حصوله ومالايترتب عليه مقصوده الجزء: 1 ¦ الصفحة: 35 باطل كما تقررمن قواعد الشريعة فلذا قال فى النظم: مُطْلَقُ الأمْرِ عِنْدَنَا لاَ يَشْمَلُ ... كُرْهًا فَفِي الْوَقْتِ الصَّلاةُ تَبْطُلُ والاقات المكروهة هى التى اشار اليها الشيخ سيدي خليل بقوله وكرهت بعد فجر وفرض عصر الى ان ترفع قيد رمح وتصل المغرب فاذا وقعت الصلاة فيها فلا صحة ولا اجر كما قال فى السعود: فنفي صحة ونفي الأجر .... في وقت كره للصلاة يجري (أَمَّا الْوَاحِدُ بِالشَّخْصِ لَهُ جِهَتَانِ كَالصَّلَاةِ فِي الْمَغْصُوبِ فَالْجُمْهُورُ تَصِحُّ وَلَا يُثَابُ وَقِيلَ يُثَابُ وَالْقَاضِي وَالْإِمَامُ لَا تَصِحُّ وَيَسْقُطُ الطَّلَبُ عِنْدَهَا وَأَحْمَدُ لَا صِحَّةَ وَلَا سُقُوطَ) أي اما الواحد بالشخص له حالتان لا لزوم بينهما كالصلاة فى المكان المغصوب فانها صلاة وغصب أي شغل ملك الغير عدوانا وكل منهما يوجد بدون الاخر فالجمهور من العلماء قالوا فيه تصح تلك الصلاة التى هى واحد بالشخص له جهتان فرضا كانت او نفلا نظرالجهة الصلاة المامور بها ولا يثاب فاعلها عقوبة له عليها من جهة الغصب فلذا قال الناظم: أمَّا الَّذِي جِهَتُهُ تَعَدَّدَا ... مِثْلُ الصَّلاَةِ فِي مَكَانٍ اعتَدى فَإِنَّهَا تَصِحُّ عِنْدَ الأَكْثَرِ ... ولاَ ثَوَابَ عِنْدَهُمْ فِي الأَشْهَرِ قال شارح مراقى السعود ولاعزو فى الحكم بالصحة مع نفي الثواب فقد قال زكرياء ذلك فى الزكاة اذا اخذت قهرا فانها لا تصح ولا ثواب فيها ويسقط عنه العقاب بل معقبته كالمصلى فى الامكنة المكروهة الصلاة فيها من حرمان الثواب فلذاقال فى نظمه: وإن يك الأمر عن النهي انفصل .... فالفعل بالصحة لا الأجر اتصل وافاد ان ماذكر من الصحة وعد الثواب هو مذهب الجمهور من المالكية وغيرهم حيث قال: وذا إلى الجمهور ذو انتساب ... ومثل لذلك بقوله: مثل الصلاة بالحرير والذهب ... وفي مكان الغصب والوضو انقلب ومعطن ومنهج ومقبرهْ .... كنيسة وذي حميم مجزره قوله والوضوء انقلب أي انعكس فانه مامور به من جهة الطهارة منهي عنه من جهة مخالفة السلف الصالح افاده الشارح وقيل يثاب وقيل يثاب من جهة الصلاة ويعاقب من جهة المكان المغصوب مثلا حيث صليت فيه اذ قد يعاقب بغير حرمان الثواب او بحرمان بعضه فلذاقال فى السعود: وقيل بالاجر مع العقاب. وقال القاضى ابوبكر الباقلانى والامام الرازي لا تصح الصلاة مطلق فرض كانت اونفلا نظرا لجهة الغصب المنهى عنه قال الشيخ حلولو وذهب القاضى ابو بكر والامام الرازي الى انها لا تصح ويسقط الطلب عندها لا بها حذرا من مخالفة الاجماع ومعنى عندها لابها ان الصلاة تقع مامورا ولكن لا يسقط التكليف بها بل عندها كما يسقط التكليف لعذر وذلك بمثابة من شرب الخمر فان العبادة تسقط عند هذه المعصية لا بها اه. وقال الامام احمد لا صحة لها ولا سقوط للطلب عندها قال الجلال المحلى قال الامام الحرمين وقد كان فى السلف متعمقون فى التقوي يامرون بقضائها اه. وافاد المحقق البنانى انه دليل للامام احمد قال والمناسب ترك هذ التشديد لنفى الحرج والى ذين القولين اشار الناظم بقوله: وَقِيْلَ لاَ تَصِحُّ لَكِنْ حَصَلاَ ... سُقُوطُهُ والْحَنْبَلِيُّ لاَ ولاَ كما اشار اليه ناظم السعود بقوله: وقد رُوِي البطلانُ والقضاءُ ... وقيل ذا فقط له انتفاء وافاد فى الشرح ان مذهب امامنا كمذهب الامام احمد حيث قال روي الامام ابن العربي عن الامام مالك رحمه الله تعالى انهاباطلة أي الصلاة فى الامكنة المكروهة يجب قضاؤها وهو مذهب الامام احمد واكثر المتكلمين اه. (وَالْخَارِجُ مِنْ الْمَغْصُوبِ تَائِبًا آتٍ بِوَاجِبٍ وَقَالَ أَبُو هَاشِمٍ بِحَرَامٍ وَقَالَ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 36 إمَامُ الْحَرَمَيْنِ هُوَ مُرْتَبِكٌ فِي الْمَعْصِيَةِ مَعَ انْقِطَاعِ تَكْلِيفِ النَّهْيِ وَهُوَ دَقِيقٌ) أي والخارج من المكان المغصوب نادما على الدخول فيه عازما على ان لا يعود اليه ءات بواجب لتحقق التوبة الواجبة بما اتى به من الخوارج على وجه التوبة قال شارح مراقى السعود قال ابو اسحاق الشاطبى ان من تاب بعد ان تعاطى السبب على كماله كالخارج من المكان المغصوب تايبا أي نادما على الدخول فيه عازما على عدم العود فقد اتى بواجب عليه لان فيه تقليل الضرر بشرط الخروج بسرعة وسلوك اقرب الطرق واقلها ضررا وبشرط قصد ترك الغصب سواء كان قبل وجود مفسدته او بعده واتفعت بل وان بقى فساده أي لم يرتفع مثاله من تاب من بدعة بعد ما بثها فى الناس وقبل اخذهم بها او بعده وقبل رجوعهم عنها اذ لا توجد حقيقة التوبة الواجبة الا بما اتى به من الخروج ومالايتم الواجب الا به فهو واجب وكذمن تاب حال خروجه من المكان المغصوب فهوءات بواجب وكذامن تاب بعد رمى السهم عن القوس وقبل الضرب أي الاصابة اه. فلذا قال فى نظمه: من تاب بعد أن تعاطى السببا ... فقد أتى بما عليه وجبا وإن بقي فساده كمن رجع .... عن بث بدعة عليها يُتبع أو تاب خارجا مكان الغصب ... أو تاب بعد الرمي قبل الضرب وقال ابوهاشم من المعتزلة هوءات بحرام لان مااتى به من الخروج شغل بغير اذن كالمكث والتوبة انما تتحقق عند انتهائه اذ لا اقلاع الا حين تمام الخروج واشارالناظم الى القولين بقوله: وَمَنْ مِنَ المَغْصُوْبِ تَائِبًا خرَجْ ... آتٍ بِوَاجِبٍ وَقِيْلَ بِحَرَجْ وقال امام الحرمين متوسطا بين القولين هو مشتبك فى المعصية مع انقطاع تكليف النهى عنه بخروجه تاديبا الذي هو ماموربه فاعتبر فى الخروج جهة معصية وهى شغل ملك الغير وجهة طاعة وهى الخروج على جهة التوبة وهو قول دقيق فلذا عبر الناظم عنه بمشكل فى قوله: وَقِيْلَ فِي عِصْيَانِهِ مُشْتَغِلُ ... مَعَ انْقِطَاعِ النَّهْيِ وَهْوَ مُشْكِلُ وعنى ناظم السعود امام الحرمين بقوله: وقال ذوالبرهان إنه ارتبك .... مع انقطاع النهي للذي سلك حيث انه مؤلف كتاب البرهان قال فى الشرح مذيلا لاشكال قول امام الحرمين قال الكمال فان قيل لا معصية الا بفعل منهى عنه او ترك مامور به فاذا سلم انقطاع تكليف النهى لم يبق للمعصية جهة قلنا امام الحرمين لا يسلم دوام المعصية لايكون الا بفعل منهى عنه اوترك ماموربه بل يخص ذلك بابتداءالمعصية ولهذا حكم ابن الحاجب وغيره على مذهب الامام بانه بعيد لا محال وكان مستند الاستبعاد ان استصحاب حكم النهى مع انقطاع تعلقه فى صورة النزاع قول بما لا نظير له فى الشرع وقد دفعوه بابدء نظير وهو استصحاب حكم معصية الردة من التغليظ بايجاب قضاء ما فات المتد زمن جنونه مع انقطاع تعلق خطا التكليف به من النهى وغيره بالجنون (وَالسَّاقِطُ عَلَى جَرِيحٍ يَقْتُلُهُ إنْ اسْتَمَرَّ وَكُفْؤُهُ إنْ لَمْ يَسْتَمِرَّ قِيلَ: يَسْتَمِرُّ وَقِيلَ: يَتَخَيَّرُ وَقَالَ إمَامُ الْحَرَمَيْنِ لَا حُكْمَ فِيهِ وَتَوَقَّفَ الْغَزَالِيُّ) أي والساقط باختياره او بغير على جريح بين جرحى او مريض بين مرضى او صحيح بين اصحاء يقتله استمر عليه او يقتل كفئه فى صفات القصاص من حرية واسلام ان لم يستمر عليه لعدم موضع يعتمد عليه الابدان كفئه قيل يستمر عليه ولا ينتقل الى كفئه اذ الضرر لا يزال بالضرر الجزء: 1 ¦ الصفحة: 37 وقيل يتخير بين الاستمرار عليه والانتقال الى كفئه لتساويهما فى الضرر وقال شارح السعود ارتكاب اخف الضررين عند تقابلهما من اصول مذهبنا أي معاشر المالكية ثم ذكر ان المكلف مخير عند استواء الضررين ومن فروعها من سقط على جريح أي وهى صورة المصنف قال هو مخير عند بعضهم لاستواء المقام والانتقال وقال قائلون بمكث وجوبا لان الضرر لايزال بالضرر مع ان الانتقال فعل مبتدا يخالف اللبث وضعف هذ القول بعض من ضبط المسألة أي حققها بان مكثه الاختياري كانتقاله اه. فلذاقال فى نظمه: وارْتَكِبِ الأخف من ضرين .... وخيرن لدى استوا هذين كمن على الجريح في الجرحى .... وضعَّف المكث عليه من ضبط قال امام الحرمين لا حكم فيه من اذن ومنع لان الاذن له فى الاستمرار والانتقال وهو القول بالتخيير او احدهما الذي هو القول بوجوب الاستمرار يؤدي الى القتل المحرم والمنع منهما لاقدرة على امتثاله قال مع استمراره على عصيانه ان كان سقط باختياره والا فلا عصيان واما قول المصنف وتوقف الغزالى فقال الشيخ حلولو واما ماذكر المصنف عن الغزالى من التوقف فاشار به الى ما قال فى المستصفى يحتمل ان يقال يستمر ويحتمل ان يقال يخير وان يقال لا حكم فيه فيفعل ما شاء اه. واختار أي الغزالي المقالة الثالثة فى المنخول له الذي لخص فيه البرهان لامامه امام الحرمين نعم لا منافاة بين قول الغزالى كامامه امامه الحرمين لا تخلو واقعة عن حكم الله حيث ان مرادهما الحكم بالمعنى الاعم قال المحقق البنانى وهو ما يتحقق ويثبت للشيء فى نفس الامر سواء كان الحكم المتعارف او نفيه اه. أي لا خصوص الحكم المتعارف وهو ان يكون الاحكام الخمسة قال الجلال السيوطى لان المراد بالحكم فى قوله حكم أي من الاحكام الخمسة والبرءاة الاصلية حكم الله ولا تخلو واقعة عن حكم بهذا الاعتبار وقال الشيخ عزالدين في قواعده ليس فى هذه المسالة حكم شرعي وهى باقية على الاصل فى انتفاء الشرع اه. واصلها ان الغزالى سال امامه اعنى امام الحرمين فقال له كيف تقول لا حكم وانت تري لا تخلو واقعة عن حكم فقال حكم الله ان لا حكم فقال لا افهم هذا قال الابياري وهذا ادب حسن وتعظيم للاكابر لان هذاتناقض اذ لا حكم نفى عام وكيف يتصور ثبوت الحكم مع نفيه على العموم فهذا لا يفهم لا لعجز السامع عن الفهم بل لكونه غير مفهوم فى نفسه وبما قرر ازيل اشكال جواب الامام. تلميذه حجة الاسلام .... حيث انه حول الوقف حام واشار الناظم الى الاقوال التى اشار المصنف بقوله: وَسَاقِطٌ على جَرِيْحٍ قَدْ قَتَلْ ... إِنْ لَمْ يَزُلْ وَكُفْأَهُ إِنِ انْتَقَلْ قِيْلَ أَدِمْ وقِيْلَ خَيِّرْ والإِمَامْ ... لا حُكْمَ وَالحُجَّةُ حَوْلَ الوَقْفِ حَامْ قوله والحجة الخ أي وحجة الاسلام الغزالى حام حول الوقف والاحتراز فى كلام المصنف بالكفء عن غيره قال الجلال المحلى كالكافر فيجب الانتقال عن المسلم اليه لان قتله اخف مفسدة اه. قال الجلال السيوطى قال امام الحرمين هذه مسئلة القاها ابوهاشم فحارت فيها عقول الفقهاء اه. والله اعلم (مَسْأَلَةٌ يَجُوزُ التَّكْلِيفُ بِالْمُحَالِ مُطْلَقًا وَمَنَعَ أَكْثَرُ الْمُعْتَزِلَةِ وَالشَّيْخُ أَبُو حَامِدٍ وَالْغَزَالِيُّ وَابْنُ دَقِيقِ الْعِيدِ مَا لَيْسَ مُمْتَنِعًا لِتَعَلُّقِ الْعِلْمِ بِعَدَمِ وُقُوعِهِ) هذه المسالة تكلم المصنف رحمه الله تعالى فيها على جواز التكليف بالمحال لا التكليف المحال اذلا الجزء: 1 ¦ الصفحة: 38 يصح التكليف به قال المحقق البنانى والفرق بينهما ان الاول أي التكليف بالمحال يرجع للمامور به والثانى أي التكليف المحال للمامور كمسألة تكليف الغافل والساقط من جبل ونحوهما اه. ووجه الكلام على التكليف بالمحال هنا اعنى فى فن الاصول فمن حيث ان اصول الفقه عبارة عن دلائل الاجمالية حسبما تقدم للمصنف فى ابتداء المقدمات وذلك يستدعى البحث فى المحكوم به وهو الافعال ومن شرط الفعل ان يكون مقدورا للمكلف فافادهنا انه يجوز التكليف بالمحال قال الشيخ الشربينى أي عقلا كما قال الزركشى فى البحر لان الاحكام لاتستدعى ان تكون للامتثال بالايقاع لجواز ان يكون لمجرد اعتقاد حقيقتها والاذعان للطاعة لوامكن ولهذا اجاز النسخ قبل التمكن من الفعل اه. وقول المصنف يجوز التكليف بالمحال مطلقا أي سواء كان محالا لذاته بان كان ممتنعا عادة وعقلا كالجمع بين السواد والبياض او كان محالا لغير ذاته بان كان ممتنعا عادة لا عقلا كالمشى من الزمن والطيران من الانسان او عقلا لا عادة قال الجلال المحلى كالايمان من علم الله انه لا يؤمن قال المحقق البنانى قال شيخ الاسلام لان العقل يحيل لاستلزامه انقلاب العلم القديم جهلا ولو سئل عنه اهل العلم لم يحيلوايمانه كذا جري عليه كثير اه. والى جواز التكليف بالمحال فى الاحوال الثلاثة اشار ناظم السعود بقوله: وجُوِّز التكليف بالمحال .... في الكل من ثلاثة الأحوال ومنع اكثر المعتزلة والشيخ ابو حامد الاسفراينى والغزالى وابن دقيق العيد المحال الذي ليس ممتنعا لتعلق العلم بعدم وقوعه أي وهو العادي فحينئذ الممتنع عندهم قال المحقق البنانى قسمان المحال لذاته والمحال عادة الذي هو أحد قسمى المحال لغيره واشار الى ذالمحال العادي ناظم السعود بقوله: وقيل بالمنع لما قد امتنع .... لغير علم الله أن ليس يقع قال الجلال المحلى: لِأَنَّهُ لِظُهُورِ امْتِنَاعِهِ لِلْمُكَلَّفَيْنِ لَا فَائِدَةَ فِي طَلَبِهِ مِنْهُمْ. وَأُجِيبَ بِأَنَّ فَائِدَتَهُ اخْتِبَارُهُمْ هَلْ يَأْخُذُونَ فِي الْمُقَدِّمَاتِ فَيَتَرَتَّبُ عَلَيْهَا الثَّوَابُ أَوَّلًا فَالْعِقَابُ أَمَّا الْمُمْتَنِعُ لِتَعَلُّقِ عِلْمِ اللَّهِ بِعَدَمِ وُقُوعِهِ فَالتَّكْلِيفُ بِهِ جَائِزٌ وَوَاقِعٌ اتِّفَاقًا اه. وقال شارح السعود وذلك كايمان ابى جهل وهذا محال عقلا لان العقل ايمانه لاستلزامه انقلاب العلم القديم جهلا ولو سئل عنه اهل العادة لم يحيلوه اه. ومنع معتزلة بغداد والامدي المحال لذاته دون المحال لغيره بقسميه المتقدمين والى الاقوال الثلاثة اشارالناظم بقوله: نُجَوِّزُ التَّكْلِيْفَ بالْمُحَالِ ... وَمَنَعَتْ طَائِفَتَا اعْتَزَالِ مَا كَانَ لاَ لِلْغَيْرِ أوْ مُمْتَنِعَا ... لِغَيْرِ عِلْمِهِ بأنْ لاَ يَقَعَا قوله لا للغير أي كان ممتنعا لذاته وهو القول الثالث فى المصنف (وَإمَامُ الْحَرَمَيْنِ كَوْنَهُ مَطْلُوبًا لَا وُرُودَ صِيغَةِ الطَّلَبِ وَالْحَقُّ وُقُوعُ الْمُمْتَنِعِ بِالْغَيْرِ لَا بِالذَّاتِ) أي ومنع امام الحرمين كون المحال مطلوبا أي حكم بمنع ذلك من قبل نفسه من اجل انه محال قال المحقق البنانى وايضاحه ان الطلب مع العلم بالاسحالة لا يتصور كونه طلبا حقيقة اذ طلب الشيء حقيقة فرع عن امكان حصوله والا كان عبثا اه. واماورود صيغة الطلب له لغيرطلبه فلم يمنعه الامام كما لم يمنعه غيره حيث انه واقع كما فى قوله تعالى {كُونُوا قِرَدَةً خَاسِئِينَ} وقول المصنف والحق الخ أي والحق وقوع التكليف بالممتنع بالغير أي وهو الممتنع عادة فقط كاالشيء من الزمن والممتنع عقلا فقط لاعادة الجزء: 1 ¦ الصفحة: 39 أي وهو الممتنع لتعلق العلم بعدم وقوعه فانه تعالى كلف الثقلين بالايمان وقال {وَمَا أَكْثَرُ النَّاسِ وَلَوْ حَرَصْتَ بِمُؤْمِنِينَ} فامتنع ايمان اكثرهم لعلمه تعالى بعدم وقوعه واما التكليف بالممتنع فانه غير واقع بشهادة الاستقراء قال الله تعالى {لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إلَّا وُسْعَهَا} واليه اشار ناظم السعود بقوله: وليس واقعا إذا استحالا .... لغير علم ربنا تعالى واشار الناظم الى قول الحرمين وماعليه الحق بقوله والطَّلَبَ الإمَامُ والْحَقُّ وَقَعْ ... مَا لَيْسَ باِلذَّاتِ بَلِ الْغَيْرِ امْتَنَعْ (مَسْأَلَةُ الْأَكْثَرِ أَنَّ حُصُولَ الشَّرْطِ الشَّرْعِيِّ لَيْسَ شَرْطًا فِي صِحَّةِ التَّكْلِيفِ وَهِيَ مَفْرُوضَةٌ فِي تَكْلِيفِ الْكَافِرِ بِالْفُرُوعِ وَالصَّحِيحُ وُقُوعُهُ خِلَافًا لِأَبِي حَامِدٍ الإسفراييني وَأَكْثَرُ الْحَنَفِيَّةِ مُطْلَقًا وَلِقَوْمٍ فِي الْأَوَامِرِ فَقَطْ وَلِآخَرِينَ فِيمَنْ عَدَا الْمُرْتَدَّ) هذه المسالة تكلم المصنف فيها على تكليف الكفار بالفروع اذهي كما سياتى له مفروضة فيه وهى فى الاصل من المسائل الفرعية وانما فرضها الاصولييون فى اصولهم مثالا لاصل وهو ان التكليف بالمشروط حالة عدم الشرط هل يصح ام لا والخلاف فيه مبنى على خلاف وهو ان التمكن المشترط فى التكليف هل يشترط فيه ان يكون ناجزا بناء على ان الامر من الشارع لا يتوجه الا عند الماشرة او يكفى التمكن فى الجملة بناء على انه يتوجه قبلها وهوا التحقيق كماسياتى له فى المسالة بعد هذه عند قوله وقال قوم لا يتوجه الاعند المباشرة وهو التحقيق واشار الى ذا الخلاف ناظم السعود بقوله: هل يجب التنجيز في التمكن ... أو مطلق التمكين ذو تعين فينبنى ايضا على ذالخلاف خلاف ايضا فى ذي المسلة فمن اشترط التمكن من الفعل هناك منع التكليف بالشيء من مشروط او سبب حال عدم موجبه شرعا من شرط هنا لو سبب ومن اشترطه فى الجملة راي ان حصول الشرط الشرعى ليس شرطا فى صحة التكليف وهو الذي درج عليه المصنف حيث قال الاكثر ان حصول الشرط الشرعى ليس شرطا فى صحة التكليف والى بناء ذالخلاف على الخلاف قبله اشار ناظم السعود بقوله: عليه في التكليف بالشيء عُدِمْ .... موجبه شرعا خلاف قد عُلِمْ فحينئذ على ماقاله الاكثر من العلماء يصح التكليف بالمشروط حال عدم الشرط فلذاقال الناظم: حُصُولُ شَرْطِ الشَّرْعِ عِنْدَ الأكْثَرِ ... فِي صِحَّةِ التَّكْلِيْفِ لَمْ يُعْتَبَرِ ومن فروع قول الاكثر ما افاده شارح السعود من ان الثقات أي المجتهدين اجمعوا على تكليف المحدث بالاتيان بالصلاة مع تعذرها فى تلك الحالة لكنه مكلف بالطهارة قبلها ولا يشترط فى التكليف تقدم الطهارة ولو اشترط التمكن الناجز لما صح التكليف بعبادة ذات اجزاء وما ذكر من الاجماع هو ما عليه اكثرهم ونقل البرماوي الخلاف فيه عن جماعة وهذا الاجماع ججة لمن قال يصح التكليف بالمشروط حال عدم الشرط اه. فلذا قال فى نظمه: تكليف من أحدث بالصلاة ..... عليه مجمع لدى الثقات واشار المصنف الى الكلام على مافرضت المسئلة فيه وهو تكليف الكافر بالفروع قائلا وهى مفروضة الخ أي ان المسالة مفروضة بين العلماء فى تكليف الكافر بالفروع هل يصح التكليف بها مع انتفاء شرطها فى الجملة لتوقفها على النية التى لاتصح من الكافر فالاكثر على صحته ويمكن امتثاله بان يوتى بها بعد الايمان والصحيح وقوع تكليفه بها فيعاقب على ترك الامتثال وان كان يسقط الجزء: 1 ¦ الصفحة: 40 بالايمان يرغيبا فيه قال تعالى {يَتَسَاءَلُونَ عَنْ الْمُجْرِمِينَ مَا سَلَكَكُمْ فِي سَقرَ} الاية واشار الى ان الفرض الوقوع حيث قال: وَفُرِضَتْ فِي طَلَبِ الشَّرْعِ الفُرُوعْ..مِن كَافِرٍوالْمُرْتَضَى هُنَا الْوُقُوعْ وافاد العلامة ابن عاصم ان الخلاف انما هو فى الصحة والوقوع واما القبول منهم فانه لايحصل الا اذا حصل الايمان حيث قال فى نظمه: وانما الخلاف ذووقوع ... هل هم مخاطبون بالفروع والاتفاق انها لاتقبل ... الا اذا الايمان منهم يحصل وقال ناظم السعود متعرضا للصحة والوقوع: فالخلف في الصحة والوقوع ... لأمر من كفر بالفروع قال فى الشرح ومن شيوخ المذهب من يرجح عدم وقوع خطابهم بها وبه قال اكثر الحنفية وهو ظاهر مذهب مالك اذالمامورات لايمكن مع الكفر فعلها ولايومر بعد الايمان بقضائها والمنهيات محمولة عليها حذرا من تبعيض التكليف اه. وقوم منعوالتكليف فى الكفر فى الاوامر فقط لما تقدم بخلاف النواهى لامكان امتثالها مع الكفر حيث ان متعلقاتها تروك لاتتوقف علي النية المتوقفة على الايمان وءاخرون منعوا تكليفهم فى من عد المرتد اما هو فوافقوا على تكليف باستمرار تكليف الاسلام والى ردوقوع تكليفهم فى النواهى بما علل به ءانفا وفى المرتد اشار ناظم السعود بقوله: ثالثها الوقوع في النهي يُرد .... بما افتقاره إلى القصد انفقد وقيل في المرتد. وقيل انهم مكلفون بما عدا الجهاد اما هو فلا لامتناعهم قتل انفسهم والى هذه الاقول اشار الناظم بقوله: والْمَنْعُ مُطْلَقًا وَفِي الأَمْرِ وفِي ... جِهَادِهِمْ وَغَيْرِ مُرْتَدٍّ قُفِي وزاد فى السعود ان القائلين بعدم تكليفهم بالفروع عللوا ذلك بتعذر الايمان منهم حيث ان الكافر لا يطيق الايمان فى الحال لاشتغال بالضلال أي الكفر قال واستشكله المحرر وعنى به القرافى فى الكافر الذي ءامن مطلقا أي بظاهره وباطنه لكن كفر بعد التزام الفروع كابى طالب فانه كان من قوله: ولقد علمت بان محمد ... من خير اديان البرية دينا. وفى من كان كفره فعلا فقط كالقاء المصحف فيما يكفر به والعياذ بالله فلذاقال فى نظمه: وعُلّل المانع بالتعذر .... وهو مشكل لدى المحرر في كافر آمن مطلقا وفي .... منْ كفره فعل كإلقا مصحف قال الشارح والذي يظهر لي ان الاولى ان يعللوا منع تكليفهم بالفروع بعدم قبول الله اياها منهم لاجل كفرهم فلا يكلفهم بها كما ابداه أي القرافى فى شرح التنقيح احتما لا وعدم قبولها قدر مشترك بين اقسام الكفر اه. فلذاقال: والرأي عندي أن يكون المُدرَكُ ... نفيَ قبولها فذا مشترك ثم افاد ان فائدة تكليفهم تعذيبهم على الفروع وعلى الايمان معا فى الاخرة والترغيب فى الاسلام حيث انه يجب ماقبله حيث قال فالتعذيب .... عليهِ والتيسيرُ والترغيبُ. (وَالْخِلَافُ فِي خِطَابِ التَّكْلِيفِ وَمَا يَرْجِعُ إلَيْهِ مِنْ الْوَضْعِ لَا الْإِتْلَافِ وَالْجِنَايَاتِ وَتَرَتُّبُ آثَارِ الْعُقُودِ) أي قال الشيخ الامام والد المصنف والخلاف انما هو فى خصوص خطاب التكليف وكذا ما يرجع اليه من الوضع بان يكون متعلقه سببا لخطاب التكليف اوشرطا له او مانعا له كالخطاب الوارد بكون الطلاق سببا لحرمة الزوجة قال المحقق البنانى ومعنى رجوع الخطاب المذكور هنا الى خطاب التكليف كونه متحدا معه ذاتا وان اختلفا بالاعتبار اذا الخطاب يكون الطلاق سببا لتحريم الاستمتاع هوالخطاب بتحريم بسبب الجزء: 1 ¦ الصفحة: 41 الطلاق اه. واماما لا يرجع الى خطاب التكليف يكون اتلاف المال سببا للضمان والجنايات على النفس وما دونها من حيث انها اسباب للضمان ايضا فان الكافر فيما ذكر كالمسلم اتفاقا وكذا ترتب ءاثار العقود الصحيحة كملك المبيع فهو فيه كالمسلم فلذاقال الناظم: والْخُلْفُ فِي التَّكْلِيْفِ أوْ مَا آلَ لَهْ ... لاَ نَحْوِ إِتْلاَفٍ وَعَقْدٍ أكْمَلَهْ والله اعلم (مَسْأَلَةٌ لَا تَكْلِيفَ إلَّا بِفِعْلٍ فَالْمُكَلَّفُ بِهِ فِي النَّهْيِ الْكَفُّ وِفَاقًا لِلشَّيْخِ الْإِمَامِ وَقِيلَ فِعْلُ الضِّدِّ وَقَالَ قَوْمٌ الِانْتِفَاءُ وَقِيلَ يُشْتَرَطُ قَصَدَ التَّرْكَ) قال المحقق البنانى قد سبق ما يعلم منه أي من المصنف هذا واعادة لزيادة البيان ولقوله فالمكلف به فى النهى الخ اه. قال الجلال المحلى مشيرا القول المصنف لا تكليف الابفعل وذلك ظَاهِرٌ فِي الْأَمْرِ لِأَنَّهُ مُقْتَضٍ لِلْفِعْلِ اه. وقال شارح السعود ان الله تعالى لا يكلف احدا الا بالفعل بناء على امتناع التكليف بالمحال لان غير الفعل غير مقدور للمكلف فلذاقال فى نظمه: ولا يكلِّفُ بغير الفعل ...... باعثُ الانبيا وربُّ الفضل قال الفعل ظاهر فى الامر لانه مقتض للفعل غالبا ومن غير الغالب نحو اترك ودع وذر اه. أي لانها فى معنى النهى واماالمكلف به فى النهى الكف أي الانتهاء عن المنهى عنه وذكر شارح مراقى السعود ان الذي طلب منا أي كلفنا به الشارع فى النهى الكف بمعنى الترك والانتهاء أي انصراف النفس عن المنهى عنه فلذا قال فى نظمه: فكفنا بالنهي مطلوب النبي .... قال وذلك فعل يحصل بفعل الضد للمنهى عنه اه. وهوما عليه الشيخ الامام والد المصنف وقال الشارح قال ابو عبد الله المقري قاعد اختلف المالكية فى الترك هل هو فعل اوليس بفعل والصحيح ان الكف فعل فلذاقال في نظمه: .... والترك فعل في صحيح المذهب ولها فروع ذكرت فى المنهج المنتخب كما قال: له فروعٌ ذكرت في المنهج ..... وقيل ان الكف هو فعل الضد فالمكلف به فى لاتتحرك فعل ضد الحركة من السكون وقال قوم منهم ابوهاشم غير فعل وهو الانتفاء للمنهى عنه وذلك مقدر للمكلف قال الجلال المحلى فَإِذَا قِيلَ: لَا تَتَحَرَّكُ فَالْمَطْلُوبُ مِنْهُ عَلَى الْأَوَّلِ الِانْتِهَاءُ عَنْ التَّحَرُّكِ الْحَاصِلِ بِفِعْلِ ضِدِّهِ مِنْ السُّكُونِ وَعَلَى الثَّانِي فِعْلُ ضِدِّهِ وَعَلَى الثَّالِثِ انْتِفَاؤُهُ بِأَنْ يَسْتَمِرَّ عَدَمُهُ مِنْ السُّكُونِ فِيهِ يَخْرُجُ عَنْ عُهْدَةِ النَّهْيِ عَلَى الْجَمِيعِ اه. وتعرض الناظم للاقوال الثلاثة وذكر المرتضى منها فى قوله: يُخْتَصُّ بالتَّكْلِيْفِ فِعْلٌ فَاللَّذَا ... كُلِّفَ فِي النَّهْي بِهِ الكَفُّ وَذَا هَلْ فِعْلُ ضِدٍّ أوِ الانْتِهَاءُ ... الْمُرْتَضَى الثَّانِي لا الانْتِفَاءُ وقيل يشترط فى الاتيان بالمكلف به فى النهى الذي هو الانتهاء عن المنهى عنه قصد الترك له امتثالا فيترتب العقاب ان لم يقصد قال الجلال المحلى والاصح لا وانما يشترط لحصول الثواب لحديث الصحيحن المشهور {إنَّمَا الْأَعْمَالُ بِالنِّيَّاتِ} اه. فلذا قال الناظم: وأنَّ قَصْدَ التَّرْكِ غَيْرُ مُشْتَرَطْ ... بَلَى لتَحْصيلِ الثَّوَابِ يُشْتَرَطْ (وَالْأَمْرُ عِنْدَ الْجُمْهُورِ يَتَعَلَّقُ بِالْفِعْلِ قَبْلَ الْمُبَاشَرَةِ بَعْدَ دُخُولِ وَقْتِهِ إلْزَامًا وَقَبْلَهُ إعْلَامًا وَالْأَكْثَر يَسْتَمِرُّ حَالَ الْمُبَاشَرَةِ وَإمَامُ الْحَرَمَيْنِ وَالْغَزَالِيُّ يَنْقَطِعُ وَقَالَ قَوْمٌ لَا يَتَوَجَّهُ إلَّا عِنْدَ الْمُبَاشَرَةِ وَهُوَ التَّحْقِيقُ فَالْمَلَامُ قَبْلَهَا عَلَى التَّلَبُّسِ بِالْكَفِّ الْمَنْهِيِّ) قال الجلال السيوطى هذه المسالة فى وقت توجه الامر للمكلف وهى كما قال القرافى اغمض مسالة فى اصول الفقه مع قلة جداوها اذلا يظهر لها ثمرة فى الفروع الجزء: 1 ¦ الصفحة: 42 اه. أي اختلف متى يتوجه الامر على المكلف فقيل يتوجه عليه قبل المباشرة ويتعلق به بعد دخول الوقت تعلق الزام وقبل دخوله تعلق اعلام كما قال الناظم: والأَكْثَرُونَ قَبْلُ ذُوْ تَوَجُّهِ 117- بَعْدَ دُخُولِ وَقْتِهِ إِلْزَامَا ... وَقَبْلَهُ لَدَيْهِمُ إِعْلاَمَا وقال ناظم مراقى السعود: والأمر قبل الوقت قد تعلقا .... بالفعل للإعلام قد تحققا وهو مذهب الجمهور والاكثر منهم قال يستمر تعلق الالزامى به حال المباشرة له وقال امام الحرمين والغزالى ينقطع التعلق حال المباشرة فلذا قال الناظم: ثُمَّ إِذَا بَاشَرَ قَالُوْا يَسْتَمِرْ ... وقَالَ قَومٌ بِانْقِطَاعٍ مُسْتَقِرْ وبعدُ للإلزام يستمر ....... حال التلبس وقوم فروا فعلى ان التكليف يتوجه على المكلف قبل المباشرة لا يجزئ ما اتى به المكلف من المامورات قبل وقته لانه ءات بغير ما امر به فلا تبراء ذمته ولا يجوز له الاقدام عليه وذالذي لا يجزي ان تقدم على وقته هو ما تمحض للتعبد كالصلاة والصوم وما تمحض للمفعولية كاداء الديون ورد الديون وردالوديعة ورد المغصوب يرتضى تقديمه قبل وقت لزومه فلذا قال فى السعود: فليس يُجزي من له يُقدِّمُ .... ولا عليه دون حظر يُقدم وذا التعبد وما تمحضا ..... للفعل فالتقديم فيه مُرتضى نعم اذا انتسب ما تقدم على الوقت الى شائبة التعبد وشائبة المفعولية فانه يختلف فى جوازه تقديمه وابراء الذمة من دون دليل على جواز التقديم فلذا قال: وما إلى هذا وهذا ينتسب .... ففيه خلف دون نص قد جُلب وقال قوم منهم الامام الرازي لا يتوجه الامر بان يتعلق بالفعل تعلق الالزام الاعند المباشرة له اذ لا قدرة عليه الا حينئذ فلذاقال المحقق المصنف وهو التحقيق وقال فى السعود: وقال إن الأمر لا يُوجه ...... إلا لدى تلبس منتبه أي قال بعض الاصوليين ذو انتباه وفطنة ان الامر لايتوجه الا لدي التلبس به وما قيل من انه يلزم عدم العصيان بتركه فالجواب ان اللوم والذم حال الترك قبل المباشرة انما هوعلى التلبس بالكف عن الفعل الذي نهى الكف عنه اذ الا بالشيء يفيد النهى عن تركه فلذاقال الناظم: وَوَجَّهَ الأَمْرَ لَدَى الْمُبَاشَرَهْ ... مُحَقَّقُو الأَئِمَّةِ الأَشَاعِرَهْ وقَبْلَهَا اللَّوْمُ عَلَى كَفٍّ نُهي. وهذه المسالة كما تقدم فى صدورها من ادق الامس أي الاصول مع قلة جدواها فلذاقال فى السعود: فاللوم قبله على التلبس ..... بالكف وهي من أدق الأسس قال الشارح تظهر أي فائدة المسألة المذكورة فى فرض الكفاية هل يسقط الاثم عن الباقين بالشروع فيه اولابد من كمال العبادة بناء على انقطاع التكليف بالشروع واستمراره فلذاقال فى نظمه السعود: وهي في فرض الكفاية فهل ... يسقط الاثم بشروع قد حصل (مَسْأَلَةٌ: يَصِحُّ التَّكْلِيفُ وَيُوجَدُ مَعْلُومًا لِلْمَأْمُورِ آثَرَهُ مَعَ عِلْمِ الْأَمْرِ وَكَذَا الْمَأْمُورُ فِي الْأَظْهَرِ انْتِفَاءُ شَرْطِ وُقُوعِهِ عِنْدَ وَقْتِهِ كَأَمْرِ رَجُلٍ بِصَوْمِ يَوْمٍ عَلِمَ مَوْتَهُ قَبْلَهُ خِلَافًا لِإِمَامِ الْحَرَمَيْنِ وَالْمُعْتَزِلَةِ أَمَّا مَعَ جَهْلِ الْآمِرِ فَاتِّفَاقٌ) قال الشربينى جعل الامدي وغيره اصل المسألة ان المكلف هل يعلم قبل التمكن انه مكلف اولا أي يصح التكليف مع علم الامر وكذا علم المامورايضا فى الاظهر انتفاء شرط وقوع المامور به عند وقته وذلك كما مر رجل بصوم يوم علم موته قبله للامر فقط اوله للماموربه بتوقيف من الامرفانه علم بذلك انتفاء شرط وقوع الصوم الماموربه وهو الحياة والتمييز عند وقته فلذا الجزء: 1 ¦ الصفحة: 43 قال الناظم: يَصِحُّ فِي الأَظْهَرِ أَنْ يُكَلَّفَا ... مَنِ انْتَفَا شَرْطِ الوُقُوعِ عَرَفَا أوْ آمِرٌ. وافاد ناظم السعود ان هذا هو المذهب المحقق حيث تعرض لهذه المسالة مفيدا ان التكليف يجوز عقلا ويقع شرعا بما قيده فيها كالمصنف فى قوله: عليه تكليف يجوز ويَقَعْ .... مع علم من أُمِر بالذي امتنع في علم من أَمَر كالمأمور ...... في المذهب المحقَّقِ المنصورِ ببناء امر الاول للمفعول والثانى للفاعل خلافا لامام الحرمين والمعتزلة فى قولهم لا يصح التكليف مع ماذكره لانتفاء فائدته من الطاعة او العصيان بالفعل اوالترك قال الجلال المحلى: وَأُجِيبَ بِوُجُودِهَا بِالْعَزْمِ عَلَى الْفِعْلِ أَوْ التَّرْكِ اه. هذه مسالة اولى وتكلم على ثانية وهى انه يوجد التكليف فى حال كونه معلوما للمامور عقب الامر المسموع له الدال على التكليف فلذاقال الناظم: والْعِلْمُ لِلْمَأمُورِ إِثْرَهُ اعْتَلاَ. أي اثر سماع الامرالدال على التكليف قبل التمكن من الامتثال وذلك لانهم اختلفوا فى فائدة التكليف هل هى الامتثال فقط وعليه فمن جعل التمكن من ايقاع الفعل شرطا فى توجه المكلف فهو مصيب فلذا قال فى السعود: للامتثال كلَّفَ الرقيب ..... فموجب تمكنا مُصيب والرقيب من اسمائه تعالى وقيل ان الفائدة مترددة عند بعضهم بين الامرين فتكون تارة للامتثال فقط واخري للابتلاء أي الاختيار هل يعزم المكلف ويهتم بالعمل فيثاب او يعزم على الترك فيعاقب والحق هو شرط فى ايقاع الفعل لا فى توجه التكليف فينفقد حينئذ شرط التمكن فى توجهه فلذا قال فى السعود: أو بينه والابتلا تَرَدَّدا ..... شرطُ تمكُّنٍ عليه انْفَقَدا والضمير فى عليه راجع للقول الاخير واما التكليف بشيء مع جهل الامر انتفاء شرط وقوعه عند وقته بان يكون الامر غير الشارع كامرالسيد عبده بخياطة ثوب غدا فمتفق على صحته ووجوده فلذاقال الناظم معيدا الضمير على الامر: وَاتَّفَقُوْا إِنْ جَهِلاَ. والله اعلم (خَاتِمَةٌ: الْحُكْمُ قَدْ يَتَعَلَّقُ بِأَمْرَيْنِ عَلَى التَّرْتِيبِ فَيَحْرُمُ الْجَمْعُ أَوْ يُبَاحُ أَوْ يُسَنُّ وَعَلَى الْبَدَلِ كَذَلِكَ) الحكم قد يتعلق بامرين فاكثر على الترتيب فيحرم الجمع كاكل المذكى واكل الميتة اذ كل منهما يجوز اكله لكن الجواز مرتب فجواز اكل الميتة انماهو عند العجز عن غيرها الذي من جملته المذكي او يباح الجمع قال الجلال المحلى: كَالْوُضُوءِ وَالتَّيَمُّمِ فَإِنَّهُمَا جَائِزَانِ وَجَوَازُ التَّيَمُّمِ عِنْدَ الْعَجْزِ عَنْ الْوُضُوءِ وَقَدْ يُبَاحُ الْجَمْعُ بَيْنَهُمَا كَأَنْ تَيَمَّمَ لِخَوْفِ بُطْءِ الْبُرْءِ مِنْ الْوُضُوءِ مَنْ عَمَّتْ ضَرُورَتُهُ مَحَلَّ الْوُضُوءِ، ثُمَّ تَوَضَّأَ مُتَحَمِّلًا لِمَشَقَّةِ بُطْءِ الْبُرْءِ، وَإِنْ بَطَلَ بِوُضُوئِهِ تَيَمُّمُهُ لِانْتِفَاءِ فَائِدَتِهِ اه. قال المحقق البنانى فليس معنى الجمع بينهما اجتماعهما صحة ابتداء ودواما حتى يقال يمتنع اجتماعهما اه. او يسن الجمع كخصال كفارة الوقاع قال الجلال المحلى: فَإِنَّ كُلًّا مِنْهُمَا وَاجِبٌ، لَكِنَّ وُجُوبَ الْإِطْعَامِ عِنْدَ الْعَجْزِ عَنْ الصِّيَامِ وَوُجُوبَ الصِّيَامِ عِنْدَ الْعَجْزِ عَنْ الْإِعْتَاقِ وَيُسَنُّ الْجَمْعُ بَيْنَهُمَا كَمَا قَالَ فِي الْمَحْصُولِ فَيَنْوِي بِكُلٍّ الْكَفَّارَةَ وَإِنْ سَقَطَتْ بِالْأُولَى كَمَا يَنْوِي بِالصَّلَاةِ الْمُعَادَةِ الْفَرْضَ، وَإِنْ سَقَطَ بِالْفِعْلِ أَوَّلًاو قَدْ يَتَعَلَّقُ الْحُكْمُ بِأَمْرَيْنِ فَأَكْثَرَ عَلَى الْبَدَلِ كَذَلِكَ فَيَحْرُمُ الْجَمْعُ كَتَزْوِيجِ الْمَرْأَةِ مِنْ كُفْأَيْنِ فَإِنَّ كُلًّا مِنْهُمَا يَجُوزُ التَّزْوِيجُ مِنْهُ بَدَلًا عَنْ الْآخَرِ أَيْ: إنْ لَمْ تَزَوَّجْ مِنْ الْآخَرِ وَيَحْرُمُ الْجَمْعُ بَيْنَهُمَا بِأَنْ تَزَوَّجَ مِنْهُمَا مَعًا أَوْ مُرَتَّبًا أَوْ يُبَاحُ الْجَمْعُ كَسِتْرِ الْعَوْرَةِ بِثَوْبَيْنِ فَإِنَّ كُلًّا مِنْهُمَا يَجِبُ السِّتْرُ بِهِ بَدَلًا عَنْ الْآخَرِ أَيْ إنْ لَمْ تَسْتَتِرْ بِالْآخَرِ وَيُبَاحُ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 44 الْجَمْعُ بَيْنَهُمَا بِأَنْ يُجْعَلَ أَحَدُهُمَا فَوْقَ الْآخَرِ أَوْ يُسَنَّ الْجَمْعُ كَخِصَالِ كَفَّارَةِ الْيَمِينِ فَإِنَّ كُلًّا مِنْهَا وَاجِبٌ بَدَلًا عَنْ غَيْرِهِ أَيْ إنْ لَمْ يَفْعَلْ غَيْرَهُ مِنْهَا كَمَا قَالَ وَالِدُ الْمُصَنِّفِ إنَّهُ الْأَقْرَبُ إلَى كَلَامِ الْفُقَهَاءِ اه. محلى وافاد شارح السعود ايضا ان الاحوال تنقسم الى ستة اقسام حيث ان المحكم اذاتعلق بامرين فاكثر اما ان يكو على الترتيب اوالبدل وفى الحالتين اما ان يحرم الجمع بين الاشياء او بين أي يستحب او يباح فلذاقال فى نظمه: وربما اجتماع أشياءَ انحظل .... مما أتى الأمر بها على البدل أو الترتب وقد يسن .... وفيه قل إباحة تعِن والاول باقسامه الثلاثة يسمى بالواجب المرتب والثانى بالواجب المخير واليها اشار الناظم بقوله: خَاتِمَةٌ: فِي وَاجِبِ التَّرْتِيْبِ والتَخْيِيرِ عنّْ ... تحريمُ جمعٍ وإباحةٍ وسَنّْ الكتاب الاول فى الكتاب ومباحث الاقوال قد الكلام على الكتاب لكونه اصلا لبقية الادلة الشرعية كما قال العلامة ابن عاصم فى مهيع الوصول: فصل. وان الاصل فى الادلة.. هو الكتاب عند اهل الملة وهو فى الاصل جنس ثم غلب على القرءان من بين الكتب فى عرف اهل الشرع قال المحقق البنانى كما غلب الكتاب فى عرف النحاة على كتاب سيبويه اه. وما ذكره المصنف كتاب اول من الكتب السبعة لقوله فى طالع الخطبة وينحصر فى مقدمات وسبعة كتب تعرض فى ذا الكتاب الاول لتعريف الكتاب العزيز ومباحث الاقوال المشتمل هو عليها من الامر والنهى والعام والخاص والمطلق والمقيد والمجمل والمبين والمنطوق والمفهوم والناسخ والمنسوخ والحقيقة والمجاز (الْكِتَابُ الْقُرْآنُ وَالْمَعْنِيُّ بِهِ هُنَا اللَّفْظُ الْمُنَزَّلُ عَلَى مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِلْإِعْجَازِ بِسُورَةٍ مِنْهُ الْمُتَعَبَّدُ بِتِلَاوَتِهِ) أي الكتاب فى عرف اهل الشرع القرءان كما تقدم وانما قال المصنف والمعنى بالقرءان هنا أي فى اصول الفقه قال المحقق البنانى لان بحثه أي الاصولى عن اللفظ لكونه الذي يستدل به على الاحكام بخلاف اصول الدين فان بحثه عن الصفة الذاتية ومنها اثبات صفة الكلام واللفظ جنس فى التعريف والمنزل قيد اول واشار به الى ان المراد التكرار نزوله شيئا فشيئا كما تقدم صيغة اسم المفعول المضعف على محمد صلى الله عليه وسلم للاعجاز بسورة منه أي سورة كانت من جمع سورة قال الجلال المحلى: يَعْنِي مَا يُصَدَّقُ عَلَيْهِ هَذَا مِنْ أَوَّلِ سُورَةِ الْحَمْدُ لِلَّهِ إلَى آخَرِ سُورَةِ النَّاسِ الْمُتَعَبَّدُ بِتِلَاوَتِهِ قال الحقق البنانى معنى كونه متعبدا بتلاوته ان تلاوته عبادة فهى مطلوبة يثاب على فعلها اه. واخرج بالمتعبد بتلاوته أي بدا ما نسخت فلذا قال الناظم: أما القرآن ههنا فالمُنْزَلُ ... على النَّبِيِّ معجزًا يُفصَّلُ بَاقِي تلاَوَةٍ. وقال ناظم مراقى السعود فى تعريفه: لفظ منزل على محمد ...... لأجل الأعجاز وللتعبد وعرف العلامة ابن عاصم فى مهيع الوصول الكتاب بانه القرءان المكتتب فى المصحف الذي يجب اتباعه حيث قال: نعنى به القرءان وهوالمكتتب ... فى الصحف الذي اتباعه وجب لانه محقق لدينا ... فنقل تواتر الينا (وَمِنْهُ الْبَسْمَلَةُ أَوَّلُ كُلِّ سُورَةٍ غَيْرَ بَرَاءَةٍ عَلَى الصَّحِيحِ لَا مَا نُقِلَ آحَادًا) أي من القرءان الجزء: 1 ¦ الصفحة: 45 العظيم البسملة اول كل سورة على الصحيح غير براءة قال الجلال المحلى: لِأَنَّهَا مَكْتُوبَةٌ كَذَلِكَ بِخَطِّ السُّوَرِ فِي مَصَاحِفِ الصَّحَابَةِ مَعَ مُبَالَغَتِهِمْ فِي أَنْ لَا يُكْتَبَ فِيهَا مَا لَيْسَ مِنْهُ مِمَّا يَتَعَلَّقُ بِهِ حَتَّى النَّقْطُ وَالشَّكْلُ اه. قال الاما ابو القاسم الشاطبى رحمه الله فى عقيلة اتراب القصائد فى اسنى المقاصد فى رسم المصاحف السبعة معيدالضمير على المصحف العثمانى: وكل ما فيه مشهور بسنته ... ولم يصب من اضاف الوهم والغيرا. أي كل مارسم فى الصحف مشهور غير خفى ماثور فى السنة ولم يصب الملحدة اهلكهم الله قائلون ان كتبته حرفوه عن هيئة انزاله اذهو كتاب محفوظ من التبديل والتغيير والزيادة والنقصان لقول منزله سبحانه: إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ (9) وقوله لَا يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَلَا مِنْ خَلْفِهِ تَنْزِيلٌ مِنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ (42) قال الشيخ ابو شامه رحمه الله تعالى فى شرحه على حرز الامانى نظم الامام ابى القاسم الشاطبى فى قرءات الائمة السبعة وهى ان البسملة من القرءان العظيم فى قصة سليمان عليه السلام فى سورة النمل واما فى اوائل السور ففيها اختلاف للعلماء قرائهم وفقهائهم قديما وحديثا فى كل موضع رسمت فيه من المصحف انها فى تلك الموضع كلها من القرءان فيلزم من ذلك قرائتها فى موضعها اه. وقال العلامة الجعيري فى شرحه على النظم المذكور عند قول الناظم: ولابد منها فى ابتدائك سورة سواها ... أي لابد من الابتداء بالبسملة فى اول كل سورة سوي سورة برءاة وجه اثباتها فى ابتداء السور ما روي ان جبريل عليه السلام نزل بكل سورة مفتتحا بالبسملة وروي انس رضى الله عنه قال رسول الله صلى الله عليه وسلم انزلت على ءانفا سورة ثم بسمل وقرأ (إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الْكَوْثَرَ (1)) قال ووجه استثناءبراءة ان ابن عباس سال عليا رضى الله عنه لم لم تكتب فى براءة (بسم الله الرحمن الرحيم) فقال لان بسم الله امان وبراءة ليس فيها امان نزلت بالسيف اه. وهو ما افاده الامام الشاطبى بقوله: ومهما تصلها او بدات براءة ... لتنزيلها بالسيف لست مبسلا وقال شارح مراقى السعود وليست منه اول براءة قال النووي باجماع المسلمين ثم قال وكون البسملة من القرءان نقله المخالف لمذهب مالك كالسبكى عن الشافعي لانها مكتوبة بخط السور فى المصاحف وليس للقرآن تُعزى البسملهْ ..... وكونها منه الخلافِي نَقَله ثم ذكر عن الحفاظ ابن حجر انه ينظر الى القرءات وذلك أي النظر الى القرءات راي معتبر لما فيه من التوفيق بين كلام الائمة فلا خلاف حينئذ قال بعض العلماء وبهذالجواب البديع يرتفع الخلاف بين ائمة الفروع وينظر الى كل قاري بانفراده فمن تواترت فى قرءاته وجبت على كل قاري بها فى الصلاة وغيرها وتبطل بتركها اياكان والافلا ولا ينظر الى كونه مالكيا او شافيا اوغيرهما وانما اوجبها الامام الشافعى لكون قرءاته قراءة ابن كثير وهذامن نفائس الانظار فلذاقال فى نظمه: وبعضهم إلى القراءة نظر ...... وذاك للوفاق رأي معتبر وما روي عنه صلى الله عليه وسلم بخبر الاحاد على انه قرءان ليس من القرءان كايمانهما فى ءايةوَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا لان القرءان لاعجازه الناس عن الاتيان بمثل اقصر سورة منه تتوفر أي تكثر الدعاوي أي الجزء: 1 ¦ الصفحة: 46 على الامورالحاصلة على نقله تواتراعلى ماهوالاصح فلذاقال الناظم: وَمِنْهُ الْبَسْمَلَهْ ... لاَ فِي بَرَاءَةٍ وَلاَ مَا نَقَلَهْ آحَادَهُمْ عَلَى الصَّحِيح فِيْهِمَا ... وقال فى السعود: وليس منه ما بالآحاد رُوي .... (وَالسَّبْعُ مُتَوَاتِرَةٌ قِيلَ فِيمَا لَيْسَ مِنْ قَبِيلِ الْأَدَاءِ كَالْمَدِّ وَالْإِمَالَةُ وَتَخْفِيفُ الْهَمْزَةِ قَالَ أَبُو شَامَةَ وَالْأَلْفَاظُ الْمُخْتَلَفُ فِيهَا بَيْنَ الْقُرَّاءِ) أي والقرءات السبع المعروفة للقراء السبعة متواترة وهم الذين اشاراليهم الامام ابوالقاسم الشاطبى فى حرز الامان ووجه التهانى بقوله فمنهم بدور سبعة قد توسطت ... سماء العلا والعدل زهراوكملاء قال العلامة فى شرحه عليها أي من ائمة القراء سبعة اشياخ اشبهوا البدور الكوامل لتمام علومهم وعلو مرتبتهم واشتهار ضبطهم والاهتداء بطرقهم فاقتدي الناس بهم ولهذا اقتصر فى كتابه عليهم اه. وهم نافع وابن كثير وابوعمرو وابن عامر وعاصم وحمزة والكسائ الذين قال فيهم استاذ الصناعة التجويد سيد ابوعمروالدانى صاحب التيسير اصل الشاطبية فهؤلاء السبعة الائمة ... هم الذين نصحوا للامة ونقلو اليهم الحروفا ... ودونوالصحيح والمعروفا وميزوالخطا والتصحيفا .... وطرحوالواهى والضعيفا ونبذوالقياس والاراء ... وسلكو المحجة البيضاء بالاقتدا بالسادة الاخيار ... والبحث والتفتيش للاثار فهم رضى الله عنهم جميع ما قرءوابه نقل منهم الينا من قبيل المتوتر سواء كان من قبيل الاداء أي قواعد اصول القرءات من مد وامالة وتخفيف همز وغير ذلك وهى التى عقد لها الامام ابو القاسم الشاطبى ابوابا اصولية قائلا فى آخرها: فهذي اصول القوام حال اطرادها ... اجابت بعون الله فانتظمت حلا ولا ريب فى ان اختلاف القوم أي القراء فيما اشتملت عليه القواعد سماها فرشا فمن قرأ بامالة فتلقى مثلا اخذها بالتواتر صغري كانت او كبري وهى من مسائل الاداء الاصولية فى اصطلاح القراء كمن قرءها بالفتح ومن قرأ بنصب آدم ورفع كلمات او بالعكس فكذلك ايضا وهى من المسائل فى الاصطلاح فحينئذ جميع ما اختلفوا فيه سواء شملته قاعدة اصولية او خصوص كلمة اخذوه بالتواتر ونقل عنهم الينا كذلك وهلم جرا فالمد مثلا اذا كان طويلا بقدر ثلاث الفات فانه نقل عن ورش وحمزة تواترا واخذه كذلك بتحر من افواه الشيوخ اذ لا يقدم هؤلاء الائمة الابرار على قراءة كتاب الله تعالى الا بما تحقق انزاله به تواترا فى السبع مما وقع الاختلاف فيه من امالة او تغيير همز او حركة او سكون او غير ذلك وذلك لانه سبحانه انزله للامة بسبعة احرف أي لغات تهويناعليها كمال المحقق ابن الجوزي فى طيبة النشر فى القرءات العشر: واصل الاختلاف ان ربنا ... انزله بسبعة مهونا بل قرءاته على حسب القواعد المدونة فى فن التجويد من تفخيم الحرف المستعلى مثلا وترقيق المستقل وقلقلة المقلقل وغنة ما يغن واغام ما يدغم وغير ذلك وصلت الينا بالتواتر من عند الله تعالى فلذاقال الحافظ ابن الجوزي فى مقدمته: والاخذ بالتجويد حتم لازم ... من لم يجود القرءان آثم لانه به الاله انزلا ... وهكذا منه الينا وصلا قال الشيخ الملا على بن سلطا القاري فى شرحه عليها أي ووصل القرءان من الاله الينا على لسان جبريل عليه السلام ببيان متواتر من اللوح الجزء: 1 ¦ الصفحة: 47 المحفوظ وبيان النبئ صلى الله عليه وسلم التابعين ثم اتباعهم منهم وهلم جرا الى مشائخنا رحمهم الله تعالى متواترة هكذا بوصف التنزيل الترتيل المشتمل على التجويد والتحسين وتبيين مخارج الحروف وصفاتها وسائر متعلقاتها التى معتبرة فى لغة العرب الذين نزل القرءان العظيم بلسانهم لقوله تعالى: وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ رَسُولٍ إِلَّا بِلِسَانِ قَوْمِهِ اه. وقال شيخنا سيدي محمد بن على بن يالوشة الشريف شيخ القراء بالديار التونسية بجامعنا الزيتونة عمره الله بدوام ذكره فى شرح قول الحافظ ابن الجزري وهكذا منه الينا هذا جواب سؤال كان قائلا قال له من اين يعلم كيفية نزول القرءان حتى يقراء كما انزل فقال وهكذا أي بالتجويد وصل الينا وذلك ان الله تعالى انزله الى اللوح المحفوظ الى جبريل الى النبى صلى الله عليه وسلم الى الصحابة الى التابعين رضى الله عنهم اجمعين الى ائمة القراء الى الطرق الى ان وصل الينا من شيوخنا متواترا كما انزله اه. رحمه الله وحيث كان اداء القراءة بترقيق او تفخيم اوغير ذلك مقروء بالتواتر فكيف بمد الماد وامالة الميل وتخفيف الهمز بابداله حرف مدا ونحو ذلك مع ان الائمة لايقدمون على شيء فى كتابه تعالى المحفوظ الا بتحقيق بتواتر فبان بهذا ان القول الذي قيل بقيل ان ما هو من قبيل الاداء بمتواتر غير ظاهر والكيفية التى تؤخذ عن الشيخ فى الاداء هى التى يتحقق بها اذ لولاها لما حصل نعم يختلف تلفظ القارئين فى النطق بالكلمات على حسب الالسن من فصاحة فيها وتوسطها وعدمها كالضاد مثلا فانه صلى الله عليه وسلم افصح من نطق بهاكماقال الشيخ سيدي عبد الرحمان الاخضري فى الجوهر المكنون ك: ثم صلاة الله ما ترنَّما ... حادٍ يسوق العيس في أرض الحمى على نبينا الحبيب الهادي ... أجلِّ كلِّ ناطقٍ بالضاد واشارالناظم الى ماقاله المصنف بقوله: والسَّبْعُ قَطْعًا للتَّوَاتُرِ انْتَمَى. وَقِيْلَ إِلاَ هَيْئَةَ الأَدَاءِ ... قِيْلَ وخُلْفُ اللَّفْظِ لِلْقُرَّاءِ وحكى ناظم السعود ايضا الاجماع على تواتر قرءات الائمة السبعة حيث قال: تواتر السبع عليه أجمعوا .... (و َلَا تَجُوزُ الْقِرَاءَةُ بِالشَّاذ وَالصَّحِيحُ أَنَّهُ مَا وَرَاءَ الْعَشَرَةِ وِفَاقًا لِلْبَغَوِيِّ وَالشَّيْخِ الْإِمَامِ وَقِيلَ مَا رَوَاهُ السَّبْعَةُ أَمَّا إجْرَاؤُهُ مَجْرَى الْآحَادِ فَهُوَ الصَّحِيحُ) أي ولا تجوز القرءاة بالشاذ أي مانقل بالاحاد على انه قرءابناء على المشهور من انه ليس من القرءان فلذا قال فى السعود: فللقراءة به نفي قوي. فانه وان دعى قرءاة فلا يقراء به قال العلامة ابن عاصم: لكنه يدعى قرءاة ولا ... تقراء به القرءان اذانقلا فلا تجوز القراءة به فى الصلاة ولا خارجها بناء على المشهور من مذهب مالك والشافعى نعم ذكر شارح مراقى السعود انه تجوز القرءاة به وتلقى الاحكام منه اذا اجتمع فيه قيود ثلاثة اولها صحة اسناده الى النبيء صلى الله عليه وسلم لاتصاله سنده وثقة نقلته دون شذوذ ولاعلة تقدح الثانى ان يوافق وجها جائزا فى العربية التى نزل القراءن بها الثالث موافقة الامام أي المصحف العثمانى فلذا قال فى نظمه مستثنيا مما لا تجوز القراءة به والاحتجاج: غير ما تحصلا ..... فيه ثلاثة فَجَوِّزْ مُسْجَلَا صحة الاسناد ووجهٌ عربي ..... ووَفقُ خط الأمِّ شرط ما أُبي ثم قال وما اختل منها شرط فشاذة لا يقراء بها قال ابن الجوزي وكل ما وافق وجها نحوي ... وكان للرسم اتفاقا يحوي وصح اسنادا هوالقرءان ... فهذه الثلاثة الاركان وحيثما يختل شرط اثبت ... شذوذه لو انه فى السبعة اه. كما الجزء: 1 ¦ الصفحة: 48 قال العلامة ابن عاصم فى مهيع الوصول: والشرط فى جميع الاحرف ... صحة نقل ووفاق المصحف ولغة العرب وهب ذاك على ... بعض الوجوه واللغات حصلا وماعلى خلاف هذاقد وجد ... فالشذوذ ينتمى حيث يرد لكن قال العلامة المحقق الشيخ سيدي على النوري فى كتابه المسمى بغيث النفع فى القرءات السبع وهذا أي قول ابن الجزري وكل ما وافق الخ قول محدث لا يعول عليه ويؤدي الى تسوية غير القرءان بالقرءان اه. لانه أي الشيخ على النوري ذكر اولا ان مذهب الاصوليين وفقهاء المذهب الاربعة والمحدثين والقراء ان التواتر شرط فى صحة القرءاة ولا تثبت بالسند الصحيح غير المتواتر ولو وافقت رسم المصاحف العثمانية والعربية اه. ثم قال ولايقدح فى ثبوت التواتر اختلاف القراء فقد تتواتر القرءاة عند قوم دون قوم فكل من القراء انما لم يقراء بقراءة لانها لم تبلغه على وجه التواتر ولذا لم يعب احد منهم على غيره قراءته لثبوت شرط صحتها عنده وان كان هولم يقرا بها لفقد الشرط عنده فالشاذ ما ليس بمتواتر وكل ما زاد الان على القرءات العشرة فهو غير متواتر قال ابن الجوزي وقول من قال ان القرءات المتواترة لاحدلها ان اراد فى زماننا فغير صحيح لانه لم يوجد اليوم قرءاة متواترة وراء العشرة وان اراد فى الصدرالاول فمحتمل وقال ابن السبكى ولا تجوز القراءة بالشاذ والصحيح انه ما وراء العشرة وقال فى منع الموانع والقول بان القرءات الثلاث غير متواترة فى غاية السقوط ولا يصح القول به عن من يعتبر قوله فى الدين اه. وتعرض ناظم السعود لتواتر قراءات الائمة الاربعة حاكيا ذلك عن من رجح نظره تواترها ممن مضى من العلماء حيث قال: ورجح النظر ..... تواترا لها لدى من قد غبر وقد سماها مع رواتهم المحقق ابن الجزري فى الدرة المضيئة حيث قال: ابو جعفر عنه ابن وردان ناقل ... كذلك ابن جماز سليمان ذوالعلا ويعقوب قل عنه رويس وروحهم ... واسحاق مع ادريس عن خلف تلا فالائمة ابو جعفر ويعقوب وخلف وقول المصنف اما اجراؤه مجري الاحاد فهو الصحيح قال المحقق البنانى مقابل شيئ محذوف والتقدير اما قرءانية أي الشاذ فلا تجوز واما اجراؤه الخ وحذف هذا المقابل للعلم به أي اما اجراء الشاذ مجري الاخبار الاحاد فى الاحتجاج فهو الصحيح فهو حينئذ معتد به فى باب الاحتجاج فلا يكون اقل رتبة من غير الاحاد فى الاحتجاج لنقله فى الكتاب فلذا قال فيه العلامة ابن عاصم فى مهيع الوصول: والظاهر اعتداده ببابه ... لنقله اياه فى كتابه وحكاه عن النعمان ايضا قائلا: وهو لدي النعمان فى مذهبه ...... كخبر الاحاد يحتج به وقال الناظم ايضا معترضا لجواز الاحتجاج به: وَأَجْمَعُوْا أَنَّ الشَّوَاذَ لَمْ يُبَحْ ... قِرَاءَةٌ بِهَا وَلَكِنِ الأَصَحّ كخَبَرٍ فِي الاحْتِجَاجِ تَجْرِي ... وأنَّهَا الَّتِي وَرَاءَ الْعَشْرِ قال فى الضياء اللامع والمشهور من مذهب مالك والشافعى عدم تلقى الحكم منه اه. أي فلا يحتج به حينئذ على شيء من المدارك الاصولية ولذلك لم يوجب مالك والشافعى والتتابع فى كفارة اليمين بالله تعالى مع قرءاة ابن مسعود فصيام ثلاثة ايام متتابعات فلذا قال العلامة ابن عاصم فى مهيع الوصول: وقيل لا احتجاج عند مالك ... به على شيء من المدارك تكميل قال محقق فن القرءات العلامة الشيخ سيدي على النوري فى كتابه غيث النفع عمدة المتاخرين من علماء القرءات اعلم ان الذي استقرت عليه المذاهب وءاراء العلماء انه ان قرئ بالشواذ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 49 غير معتقد انها قرءان ولاموهم احدا ذلك بل لما فيها من الاحكام الشرعية عند من يحتج بها او لابية فلا كلام فى جواز قراءاتها وعلى هذا يحمل حال كل من قرأ بها من المتقدمين وكذلك ايضا يجوز تدوينها فى الكتب والتكلم على ما فيها وان قراها باعتقاد قرءانيتها او بايهام قرءانيتها حرم ذلك ونقل ابن عبد البر فى تمهيده اجماع المسلمين على ذلك اه. (و َلَا يَجُوزُ وُرُودُ مَا لَا مَعْنَى لَهُ فِي الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ خِلَافًا لِلْحَشَوِيَّةِ وَلَا مَا يَعْنِي بِهِ غَيْرَ ظَاهِرِهِ إلَّا بِدَلِيلٍ خِلَافًا لِلْمُرْجِئَةِ) أي ولا يجوز ورود ما لامعنى له فى الكتاب والسنة لانه هذيان فلا يليق النطق به بعاقل فكيف بالباري وعلا فلذاقال الناظم: ولاَ يَجُوَّزُ فِي الكِتَابِ والْسُّنَنْ ... وُرُودُ مَا لَيْسَ لَهُ مَعْنًى يَبِنْ خلاف للحشوية فى تجويزهم ورود ذلك فى الكتاب كاسماء الحروف المقطعة فى اوائل السور وفى السنة بالقياس على الكتاب قال الجلال المحلى: وَأُجِيبَ بِأَنَّ الْحُرُوفَ أَسْمَاءٌ لِلسُّوَرِ اه. وَسُمُّوا حَشَوِيَّةً بفتح الشين لقول البصري وَكَانُوا يَجْلِسُونَ فِي حَلْقَتِهِ رَدواهَؤُلَاءِ إلَى حَشْيِ الْحَلْقَةِ أَيْ جَانِبِهَا وكذا لا يجوزون ان ايرد فى الكتاب والسنة ما يعنى به غير ظاهره الا مع دليل يبين المراد فلذاقال الناظم عاطفا على مالايجوز: أوْ مَا سِوَى ظَاهِرِهِ قَدْ يُقْصَدُ ... بلاَ دَلِيْلٍ عِنْدَ مَنْ يُعْتَمَدُ قال الجلال المحلى: كما فى العام المخصوص بمتاخر قال المحقق البنانى انما قيد بقوله بمتاخر لكونه اظهر فى التمثيل اذ المخصوص بمقارن او بمتقدم لا يفهم منه من علم المخصص حين وروده الا غير ظاهره بقرينة ذلك المخصص ففى كونه مما عنى به غير ظاهره خفاء اه. وقا الشارح السعود لا يجوز عقلا ان يقع فى الكتاب والسنة حشوولا لفظ يعنى به غير ظاهره الا بدليل عقلي او غيره يبين المراد منه اه. فلذاقال فى نظمه عاطفا على ماهو ممنوع وما به يُعنى بلا دليل ..... غير الذي ظهر للعقول خلافا للمرجئة فى تجويزهم ورود ذلك من غير دليل حيث قال المراد بالايات والاخبار الظاهرة فى عقاب عصاة المؤمنين الترهيب فقط ببناء على معتقدهم ان المعصية لاتضر مع الايمان وسموا بمرجئة لارحائهم أي تاخيرهم المعصية عن كونها معتبرة حيث نفوا المؤاخذة بها فلم يترتب عندهم اثرها من العقاب (وفى بَقَاءِ الْمُجْمَلِ غَيْرُ مُبَيَّنٍ ثَالِثُهَا الْأَصَحُّ لَا يَبْقَى الْمُكَلَّفُ بِمَعْرِفَتِهِ وَالْحَقُّ أَنَّ الْأَدِلَّةَ النَّقْلِيَّةَ قَدْ تُفِيدُ الْيَقِينَ بِانْضِمَامِ تَوَاتُرٍ أَوْ غَيْرِهِ) أي هل يجوز بقاء المجل فى الكتاب والسنة على اجماله غير مبين المراد منه بعد وفاته صلى الله عليه وسلم فيه أَقْوَالٌ: أَحَدُهَا: لَا لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى أَكْمَلَ الدِّينَ قَبْلَ وَفَاتِهِ لِقَوْلِهِ {الْيَوْمَ أَكْمَلْت لَكُمْ دِينَكُمْ} ثَانِيهَا نَعَمْ قَالَ تَعَالَى فِي مُتَشَابِهِ الْكِتَابِ {وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إلَّا اللَّهُ} إذْ الْوَقْفُ هُنَا كَمَا عَلَيْهِ جُمْهُورُ ثَالِثُهَا الْأَصَحُّ لَا يَبْقَى الْمُجْمَلُ الْمُكَلَّفُ بِمَعْرِفَتِهِ غَيْرَ مُبَيَّنٍ لِلْحَاجَةِ إلَى بَيَانِهِ حَذَرًا مِنْ التَّكْلِيفِ بِمَا لَا يُطَاقُ بِخِلَافِ غَيْرِ الْمُكَلَّفِ قال الجلال المحلى: عَلَى أَنَّ صَوَابَ الْعِبَارَةِ بِالْعَمَلِ بِهِ كَمَا فِي الْبُرْهَانِ. وَفِي بَعْضِ نُسَخِهِ بِالْعِلْمِ بِهِ وَهُوَ تَحْرِيفٌ مِنْ نَاسِخٍ مَشَى عَلَيْهِ الْمُصَنِّفُ إذْ وَقَعَ لَهُ مِنْ غَيْرِ تَأَمُّلٍ اه. من غير تامل متعلق يمشى وبعبارة العمل عبر الناظم حيث قال: ثُمَّ أَصَحُّهَا بَقَاءُ الْمُجْمَلِ ... إِنْ لَمْ يَكُنْ مُكَلَّفًا بِالْعَمَل واختلف فى الادلة النقلية هل تفيد اليقين اولا على اقوال والحق كمااختاره الامام الرازي وغيره انها تفيده بواسطة تواتراومشاهدة قال الجلال المحلى: كَمَا فِي أَدِلَّةِ وُجُوبِ الصَّلَاةِ وَنَحْوِهَا فَإِنَّ الصَّحَابَةَ عَلِمُوا مَعَانِيَهَا الْمُرَادَةَ بِالْقَرَائِنِ الْمُشَاهَدَةِ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 50 وَنَحْنُ عَلِمْنَاهَا بِوَاسِطَةِ نَقْلِ تِلْكَ الْقَرَائِنِ إلَيْنَا تَوَاتُرًا اه. قال المحقق البنانى ثانيها انهاتفيد اليقين مطلقا ثالثها انها لا تفيد مطلقا واشار الناظم الى القول الحق وان الادلة اذا عضدت بالقرئن تعطى كل اليقين حيث قال: وأَنَّ بالقَرَائِنِ الأَدِلَّهْ ... نَقْلِيَّةً تُعْطِي اليَقِينَ كُلَّهْ وعكس ما ذكر بعيد وهو ماذهب اليه المعتزلة وجمهور الاشاعرة من انها لاتفيد اليقين مطلقا فلذاقال فى السعود: والنقل بالمنضم قد يفيد ..... للقطع والعكس له بعيد ( المنطوق والمفهوم ) لما فرغ المصنف رحمه الله من الكلام على حقيقة الكتاب وما يتعلق بذلك شرع فى الكلام على مباحث الاقوال وذلك انه لما كان الكتاب قرءان عربيا توقف الاستدلال به على معرفة اللغة العربية قال الجلال السيوطى وهى تنقسم باعتبارات فباعتبارالمراد من اللفظ الى منطوق ومفهوم وباعتبار دلالة اللفظ على الطلب بالذات الى امر ونهى وباعتبار عوارضه وهى اما متعلقاته الى عام وخاص او النسبة بين ذاته ومتعلقاته الى مجمل ومبين او بقاء دلالته او رفعها الى ناسخ ومنسوخ (الْمَنْطُوقُ مَا دَلَّ عَلَيْهِ اللَّفْظُ فِي مَحَلِّ النُّطْقِ) أي هذامبحث المنطوق والمفهوم فالمنطوق هوالمعنى الذي قصده المتكلم باللفظ اصالة أي بالذات من اللفظ بان لايتوقف استفادته من اللفظ الا على مجرد النطق سواء كان اللفظ حقيقة او مجاز فلذا قال ناظم السعود فى تعريفه: مَعْنىً لَهُ فِيْ الْقَصْدِ قُلْ تَأَصُّلُ ..... وَهْوَ الَّذِيْ اللَّفْظُ ِبه يُسْتَعْمَلُ وخرج بهذالتعريف دلالة المفهوم فدلالة قوله صلى الله عليه وسلم فى الغنم السائمة الزكاة على زكاة السائمة بالمنطوق ودلالته على نفى الزكاة فى غير السائمة بالمفهوم عند القائل بذلك ولاخلاف فيما يفهم من اللفظ بالمنطوق فى انه حجة فلذاقال العلامة ابن عاصم فى مهيع الوصول: وليس فى المنطوق خلف يعلم ... بانه الحجة فيمايفهم وتكون دلالة المنطوق حكما كتحريم التافيف الدال عليه قوله تعالى {فَلَا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ} وتكون غَيْرَ حُكْمٍ كَمَا يُؤْخَذُ مِنْ تَمْثِيلِهِ فى قوله (وَهُوَ نَصٌّ إنْ أَفَادَ مَعْنًى لَا يُحْتَمَلُ غَيْرُهُ كَزَيْدٍ ظَاهِرٌ إنْ اُحْتُمِلَ مَرْجُوحًا كَالْأَسَدِ) أي واللفظ الدال فى محل النطق يسمى نصا ان افاد معنى لا يحتمل غير ذلك المعنى كزيد فى نحو جاء زيد فانه مفيد للذات المشخصة من غير احتمال لغيرها فلذا قال العلامة ابن عاصم: النص ما دل على معناه ... ثم ابى احتمال ماسواه ويسمى بالظاهر ان احتمل بدل المعنى الذي افاده احتمالا مرجوحا كالاسد فى نحو رأيت الاسد فانه مفيد للحيوان المفترس محتمل للرجل الشجاع بدله سوي انه معنى مرجوح لا معنى مجازي والاول مفادة حقيقي لتبادره الى الذهن فحوي حينئذ غير مفاده الحقيقي بمرجوحية فسمى ظاهرا لذلك فلذا قال الناظم: الأَوَّلُ الدَّالُ عَلَيْهِ اللَّفْظُ فِي ... مَحَلِّ نُطْقٍ وَهْوَ نَصٌ إِنْ يَفِ كَعَامِرٍ لَمْ يَحْتَمِلْ مَعْنًى سِوَى ... مُفَادِهِ وَظَاهِرٌ لَهُ حَوَى وقال ناظم السعود: نصٌّ إذَا أَفَادَ مَا لَا يَحْتَمِلْ ... غَيْرًا وَظَاهِرٌ إِنِ الْغَيْرُ اُحْتُمِلْ قال الجلال المحلى: أَمَّا الْمُحْتَمِلُ لِمَعْنًى مُسَاوٍ لِلْآخَرِ فَيُسَمَّى مُجْمَلًااه. فلذا قال العلامة ابن عاصم فى مهيع الوصول: وان يكن فى كل مايحتمل ... على السواء فاسم ذلك المجمل واذااحتمل معنيان فصاعدا فيسمى بالمحتمل فلذا قال: وان يكن لمعنيين يحتمل ... فصاعدا قسمه بالمحتمل وكما ان اللفظ اذا دل بالمنطوق على المعنى الراجح يسمى ظاهرا كما تقدم اذا دل على الجوارح لعضد من دليل الجزء: 1 ¦ الصفحة: 51 يسمى مؤلا كما قال: وهو مع الراجح ظاهر وفى معضوده مرجوح مؤول قفى ثم ان الظاهر لما كان له اصطلاحات منها ما قدمه المصنف ءانفا ومنها انه قد يطلق عليهما أي على معناه بما تقدم وعلى الظاهر وقد يطلق على اللفظ الدال على أي معنى كان وهو غالب استعمال الفقهاء سواء كان الدال كتابا او سنة او اجماعا اوقياسا اوغير ذلك يقولون نص مالك اوابن القاسم مثلا على كذا ويقولون نصوص الشرعية متظافرة ويطلق النص على كلام الوحى من كتاب او سنة نصا كان او ظاهرا او يقابله القياس والاستنباط والاجماع فلذا تعرض ناظم السعود لاطلاقات النص معيدا الاشارة عليه وعلى الظاهر بقوله: وَالْكُلُّ مِنْ ذَيْنِ لَهُ تَجَلَّي .... وَيُطْلَقُ النَّصُّ عَلى مَا دَلاَّ وَفِيْ كَلاَمِ الْوَحْيِ. (وَاللَّفْظُ إنْ دَلَّ جُزْؤُهُ عَلَى جُزْءِ الْمَعْنَى فَمُرَكَّبٌ وَإِلَّا فَمُفْرَدٌ) أي اللفظ ان دل ؤه على جزء معناه فهو مركب كغلام زيد وان لم يدل جزؤه على جزء معناه فان لم يكن له جزء اصلا كهمزة الاستفهام اوكان غير دال على معنى كزيد او دل جزءه على غير جزء معناه كعبد الله علما فمفرد فلذا قال فى السلم المنورق: مستعمل الالفاظ حيث يوجد ... اما مركب واما مفرد فالاول ما دل جزءه على .... جزء معناه بعكس ما تلا وقال ناظمنا: مُرًكَّبٌ إِنْ جُزْءَ مَعْنًى يُقْصَدُ ... أَفَادَهُ الْجُزْءُ وَإلاَ مُفْرَدُ (و َدَلَالَةُ اللَّفْظِ عَلَى مَعْنَاهُ مُطَابِقَةٌ وَعَلَى جُزْئِهِ تَضَمُّنٌ وَلَازِمِهِ الذِّهْنِيِّ الْتِزَامٌ وَالْأُولَى لَفْظِيَّةٌ وَالثِّنْتَانِ عَقْلِيَّتَانِ) أي دلالة اللفظ على معناه الموضوع له تسمى مطابقة وتسمى دلالة مطابقة ايضا لمطابقة الدال للمدلول أي اللفظ للمعنى كدلالة الانسان على الحيوان الناطق ودلالته على جزء معناه تسمى تضمنا ودلالة تضمن لتضمن المعنى لجزءه المدلول عليه باللفظ كدلالة الانسان على الحيوان ودلالته على لازم معناه تسمى التزاما لالتزام المعنى أي استلزامه للمدلول كدلالة الانسان على قابل العلم وصنعة الكتابة وليس المراد باللازم الذهنى مالايمكن انفكاكه عن الملزوم وهو الذي يلزم من تصورملزومه تصوره قال المحقق البنانى وهو اللازم البين الاخص عند المناطقة اه. أي وهو الذي اشار اليه ناظم السلم المنورق بقوله: دَلالةُ اللَّفْظِ عَلى مَا وافَقَهْ ... - ... يَدْعُونَها دَِلالَةَ المُطابَقَةْ وَجُزْئِهِ تَضَمُّناً وَما لَزِمْ ... - ... فَهْوَ الْتِزَامٌ إنْ بِعَقْلٍ التَزَمْ بل المراد باللازم هنا مطلقه سواء كان لازما فى الذهن والخارج اولازما له ذهنا فقط منافيا له خارجا كدلالة الاعمى أي عدم البصر عن ما من شانه البصر على البصر اللازم للعمى فانه مناف له فى الخارج فلذاقال العلامة ابن عاصم: واللفظ ما يدلنا على .... جميع ما اسمه قد جعلا وفى التزام اللزوم يشترط ... فى خارج وذهن اوذهن فقط ودلالة المطابقة لفظية لانها بمحض اللفظ ودلالتا التضمن والالتزام عقليتان لتوافقهما على انتقال الذهن من المعنى الى جزءه او لا لازمه فلذا قال الناظم: وإِنْ يُفِدْ مَعْنَاهُ بِالْمُوَافَقَهْ ... فَإِنَّهَا لَفْظِيَّةٌ مُطَابَقَهْ وَجُزْأَهُ تَضَمُّنٌ والاِلْتِزَامْ ... لاَزِمُهُ وَذَانِ بِالْعَقْلِ التَّمَامْ (ثُمَّ الْمَنْطُوقُ إنْ تَوَقَّفَ الصِّدْقُ أَوْ الصِّحَّةُ عَلَى إضْمَارٍ ف َدَلَالَةُ الِاقْتِضَاءِ وَإِنْ لَمْ يَتَوَقَّفْ وَدَلَّ عَلَى مَا لَمْ يَقْصِدْ ف َدَلَالَةُ إشَارَةٍ) أي ثم ان المنطوق الصريح ان توقف فى داله او الصحة له عقلا او شرعا على التقدير فى اللفظ الذي دل على الجزء: 1 ¦ الصفحة: 52 ذلك المنطوق فدلالة اللفظ الدال على المنطوق على معنى ذلك المضمر المقصود تسمى دلالة اقتضاء قال المحقق البنانى واعلم ان ابن الحاجب رحمه الله تعالى قسم المنطوق الى صريح وغير صريح والاول ما دل عليه اللفظ مطابقة اوتضمنا والثانى مادل عليه التزاما والمصنف خص اسم المنطوق بالصريح وسمى غير الصريح بمدلول الاقتضاء والاشارة اه. وقال شارح السعود ان غير الصريح ثلاثة اقسام دلالة اقتضاء ودلالة الايماء والتنبيه ودلالة الاشارة سميت دلالة اقتضاء لان المعنى يقتفيها لا اللفظ فالاول هو ان يدل لفظ بالالتزام على معنى غير مذكور مع انه مقصود بالاصالة ولايستقل المعنى أي لا يستقيم الابه لتوقف صدقه او صحته عقلا او شرعا عليه وان كان اللفظ لا يقتضيه وضعا فلذاقال فى نظمه معيدالضمير على المنطوق غير الصريح: وَهْوَ دَلَالَةُ اِقْتَضَاءٍ أَنْ يَّدُلْ ..... لَفْظٌ عَلى مَا دُوْنَهُ لَا يَسْتَقِلْ دَلَالَةُ اللُّزُوْمِ. فدلالة اللزوم مفعول مطلق لقوله يدل فمثال ما توقف صدقة عليه قوله صلى الله عليه وسلم {رُفِعَ عَنْ أُمَّتِي الْخَطَأُ وَالنِّسْيَانُ وما استكرهواعليه} أي رفعت الْمُؤَاخَذَةُ بِهِمَا لِتَوَقُّفِ صِدْقِهِ عَلَى ذَلِكَ المقدر لِوُقُوعِهِمَا ومثال ما توقف صحته عليه عقلا قوله {وَاسْأَلْ الْقَرْيَةَ التى كنا فيها} أَيْ أَهْلَ القرية إذْ القرية وهى الابنية المجتمعة لا يصح سؤالها عقلا جريا على العادة ومثال ماتوقف صحته عليه شرعا قال الجلال المحلى: كَمَا فِي قَوْلِك لِمَالِكِ عَبْدٍ اعْتِقْ عَبْدَك عَنِّي فَفَعَلَ فَإِنَّهُ يَصِحُّ عَنْك أَيْ مِلْكُهُ لِي فَاعْتِقْهُ عَنِّي لِتَوَقُّفِ صِحَّةِ الْعِتْقِ شَرْعًا عَلَى الْمَالِكِ اه. وان لم يتوقف الصدق فى المنطوق ولا الصحة له على اضمار ودل اللفظ المفيد له على ما لم يقصد بالذات فدلالة اللفظ حينئذ على ذلك المعنى الذي لم يقصد بالذات تسمى دلالة اشارة فلذاقال ناظم السعود: مِثْلُ ذَاتِ .... إِشَارَةٍ كَذَاكَ الْاِيْمَا آتِ فَأَوَّلٌ إِشَارَةُ اللَّفْظِ لِمَا ..... لَمْ يَكُنِ الْقَصْدُ لَهُ قَدْ عُلِمَا فقوله اشارة الى اشارة قال الجلال المحلى: كدلالة قَوْله تَعَالَى {أُحِلَّ لَكُمْ لَيْلَةَ الصِّيَامِ الرَّفَثُ إلَى نِسَائِكُمْ} عَلَى صِحَّةِ صَوْمِ مَنْ أَصْبَحَ جُنُبًا لِلُزُومِهِ لِلْمَقْصُودِ بِهِ مِنْ جَوَازِ جِمَاعِهِنَّ فِي اللَّيْلِ الصَّادِقِ بِآخِرِ جُزْءٍ مِنْهُ اه. فلذا قال الناظم بعد ما مضى الكلام منه على المنطوق والصِّدْقُ والصِّحَّةُ فِي الَّذِي مَضَى ... إنْ رَامَ إضْمَارًا دَلاَلَةُ اقْتِضَا أوْ لاَ وَقَدْ أَفَادَ مَا لَمْ يُقْصَدِ ... فِهي إِشَارَةٌ. واما الدلالة التى تسمى دلالة الايماء ودلالة التنبيه فتعريفها لدي ذوي الفن بان يقرن الوصف بحكم لو لم يكن الوصف علة لذلك الحكم عابه الفطن بمقاصد الكلام اذ لايليق بالفصاحة وكلام الشارع بعيد عن الاخلال بها فلذا قال فى السعود: دَلَالَةُ الْإِيْمَاءِ وَالتَّنْبِيْهِ ... فِي الْفَنِّ تُقْصَدُ لَدَى ذَوَيْهِ أَنْ يُقْرَنَ الْوَصْفُ بِحُكْمٍ إِن يَّكُنْ ..... لِغَيْرِ عِلَّةٍ يَعِبْهُ مَنْ فَطِنْ والايماء من مسالك العلة كما سياتى كقول الاعرابى واقعت اهلى فى نهار رمضان فقال عليه السلام اعتق رقبة (وَالْمَفْهُومُ مَا دَلَّ عَلَيْهِ اللَّفْظُ لَا فِي مَحَلِّ النُّطْقِ فَإِنْ وَافَقَ حُكْمُهُ الْمَنْطُوقَ فَمُوَافَقَةُ فَحْوَى الْخِطَابِ إنْ كَانَ أَوْلَى وَلَحْنِهِ إنْ كَانَ مُسَاوِيًا) المفهوم تعريفه عكس تعريف المنطوق فهو معنى دل عليه اللفظ لا فى محل النطق وعرفه ايضا فى السعود بقوله: وَغَيْرُ مَنْطُوْقٍ هُوَ الْمَفْهُوْمُ .... مِنْهُ الْمُوَافَقَةُ قُلْ مَعْلُوْمُ ويطلق المفهوم على الحكم فقط وعلى محله وعلى مجموعهما قال المحقق البنانى والاول هو الكثير ويليه الثانى والاقل الثالث اه. فان وافق الحكم المشتمل المفهوم عليه الحكم المنطوق به فانه يسمى مفهوم موافقة ايضا كما قال العلامة الجزء: 1 ¦ الصفحة: 53 ابن عاصم: وسمى المفهوم ذالموافقة ... اذ حكمه المنطوق فيه وافقه كما يسمى فحوي الخطاب ان كان اولى من المنطوق ولحن الخطاب ان كان مساويا له فلذا قال فيها ناظم السعود مشيراللاول: وَقِيْلَ ذَا فَحْوَى الْخِطَابِ وَالَّذِيْ ... سَاوَى بِلَحْنِه دَعَاهُ الْمُحْتَذِيْ أي المتبع لاهل الاصول فى اصطلاحاتهم وكما يسمى المفهوم الاحروي بفحوي الخطاب يسمى بتنبيه الخطاب ايضا كما قال: يُسْمى بِتَنْبِيْهِ الْخِطَابِ وَوَرَدْ ... فَحْوَى الْخِطَابِ اِسْمًالَهُ فِيْ الْمُعْتَمَدْ كما سماه بهما العلامة ابن عاصم فى مهيع الوصول حيث قال: فصل وتنبيه الخطاب سمى ... فحوي الخطاب عند اهل العلم ومفهوم الموافقة الاحروي يعطى حكم المنطوق به نفيا كان او اثباتا كما قال فى السعود: إِعْطَاءُ مَا لِلَّفْظَةِ الْمَسْكُوْ تَا .... مِنْ بَابٍ أَوْلى نَفْيًا أَوْ ثَبُوْتَا وقيل ما انتمى أي ما انتسب المفهوم المساوي من قسم الموافقة وحكى الناظم ايضا هذ القول حين عرف المفهوم وانه ضد المنطوق الذي ابداه اولا حيث انه يعاكسه فى الحد قائلا: وَضِدُّ مَا بُدِي. بعَكْسِهِ حَُدَّ فَمَهْمَا وَافَقَهْ ... فِي حُكْمِهِ الْمَنْطُوْقُ فَالْمُوَافَقَهْ فَحْوَى الْخِطَابِ إِنْ يَكُنْ أَوْلَى وَمَا ... سَاوَى فَلَحْنُهُ وَقِيْلَ مَا انْتَمَى وافاد المحقق البنانى ان المنفي هو التسمية واما الحكم فمعمول به اتفاقا ثم ان ماثبت الحكم فيه بطريق الاولى قال الشيخ حلولو ينقسم الى قسمين احدهما يثبت الحكم فى الاكثر كالجزاء بما فوق الذرة فى قوله تعالى (فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ (7) الثانى اثباته فى الاقل نحو قوله تعالى: (وَمِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ مَنْ إِنْ تَأْمَنْهُ بِقِنْطَارٍ يُؤَدِّهِ إِلَيْكَ) اه وافاد هذين الضررين فى هذ المفهوم الاحروي اعنى تنبيه الخطاب العلامة ابن عاصم فى مهيع الوصول وذكر ان جل الناس يلحقه بالنص ولذلك ارتضاه من انكر القياس حيث قال: يثبت للمسكوت عنه حكم ما ... نص عليه وهو الاولى منهما وهوعلى ضربين تنبيه علا .... ما قل بالاكثر او عكس جلا يلحقه بالنص جل الناس ... لذا ارتضاه منكر القياس ومثل الجلال المحلى للمفهوم الاولى من المنطوق تَحْرِيمُ ضَرْبِ الْوَالِدَيْنِ الدَّالِّ عَلَيْهِ نَظَرًا لِلْمَعْنَى قَوْله تَعَالَى {فَلَا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ} فَهُوَ أَوْلَى مِنْ تَحْرِيمِ التَّأْفِيفِ الْمَنْطُوقِ لَا شِدِّيَّةَ الضَّرْبِ مِنْ التَّأْفِيفِ فِي الْإِيذَاءِ ومثل الْمُسَاوِي تَحْرِيمُ إحْرَاقِ مَالِ الْيَتِيمِ الدَّالِّ عَلَيْهِ نَظَرًا لِمَعْنَى آيَةِ {إنَّ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوَالَ الْيَتَامَى ظُلْمًا} فَهُوَ مُسَاوٍ لِتَحْرِيمِ الْأَكْلِ لِمُسَاوَاةِ الْإِحْرَاقِ لِلْأَكْلِ فِي الْإِتْلَافِ اه. (ثُمَّ قَالَ الشَّافِعِيُّ وَالْإِمَامَانِ دَلَالَتُهُ قِيَاسِيَّةٌ وَقِيلَ لَفْظِيَّةٌ فَقَالَ الْغَزَالِيُّ وَالْآمِدِيُّ فُهِمَتْ مِنْ السِّيَاقِ وَالْقَرَائِنِ وَهِيَ مَجَازِيَّةٌ مِنْ إطْلَاقِ الْأَخَصِّ عَلَى الْأَعَمِّ وَقِيلَ نُقِلَ اللَّفْظُ لَهَا عُرْفًا) اختلف فى دلالة مفهوم المواقفة فنص الامام الشافعى فى الرسالة وامام الحرمين والاما الرازي على ان دلالته قياسية أي بطريق القياس الاولى اوالمساوي المسمى بالجلى وهؤلاء الائمة هم الاناس العظماء الذين عزا اليهم هذ القول ناظم السعود حيث قال: دَلَالَةُ الْوِفَاقِ لِلْقِيَاسِ ... وَهْوَ الْجَلِي تُعْزى لَدَى أُنَاسِ والعلة فى المثال الاول الايذاء وفى الثانى الاتلاف وقيل ان الدلالة عليه لفظية قال المحقق البنانى أي بطريق المنطوق لامدخل للقياس فيها لفهمها من غير اعتبار قياس فقال الغزالى والامدي من قائلى هذالقول فهمت الدلالة عليه من السياق والقرئن لامن مجرد اللفظ فلولا الدلالة فى ءاية الوالدين على ان المطلوب بها تعظيما واحترامهما ما فهم منها من منع التافيف منع الضرب اذ قد يقول ذو الغرض الجزء: 1 ¦ الصفحة: 54 الصحيح لعبده لا تشتم فلانا ولكن اضربه ولولا الدلالة فى مال اليتيم على ان المطلوب بها حفظه وصيانته ما فهم منها من منع اكله منع احراقه اذ قد يقول القائل والله ما اكلت مال فلان ويكون قد احرقه فلا يحنث والدلالة عليه حينئذ مجازية من اطلاق اسم الاخص على الاعم فاطلق اللفظ الدال على المنع فى ءاية الوالدين واريد المنع من الايذاء ويكون المراد بقوله تعالى {فَلَا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ} لاتؤذهما ويراد المنع ايضا من اتلاف مال اليتيم فى ءايته وقيل نقل اللفظ للدلالة على الاعم عرفا بدلا عن الدلالة على الاخص لغة فحينئذ عزو مدلول الموافقة للنقل جائز بمعنى ان العرف اللغوي نقل اللفظ من موضعه لثبوت الحكم فى المذكور خاصة الى ثبوته فى المذكور والمسكوت عنه معا فلذاقال ناظم السعود: وقيل اللَّفظ مع المجاز .... وعزوها للنقل ذو جواز تكلم الناظم على الاختلاف فى دلالة مفهوم الموافقة قائلا: فَالشَّافِعِي دَلَّ قِيَاسًا والْخِلاَفْ ... لَفْظًا مَجَازًا أوْ حَقِيْقَةً خِلاَفْ عَلاَقَةُ الأَوَّلِ إطْلاَقُ الأَخَصّْ ... والثَّانِ نَقْلُ اللَّفْظ عُرْفًا اقْتَنَصْ (وَإِنْ خَالَفَ حُكْمُ الْمَفْهُومِ الْحُكْمَ الْمَنْطُوقَ بِهِ فَمُخَالَفَةٌ وَشَرْطُهُ اَنْ لَا يَكُونَ الْمَسْكُوتُ تُرِكَ لِخَوْفٍ وَنَحْوِهِ وَلَا يَكُونَ الْمَذْكُورُ خَرَجَ لِلْغَالِبِ خِلَافًا لِإِمَامِ الْحَرَمَيْنِ أَوْ لِسُؤَالٍ أَوْ حَادِثَةٍ أَوْ لِلْجَهْلِ بِحُكْمِهِ أَوْ غَيْرِهِ مِمَّا يَقْتَضِي التَّخْصِيصَ بِالذِّكْرِ) القسم الثانى من قسمى المفهوم ماخالف حكمه حكم المنطوق ويسمى مفهوم المخالفة حيث قال انه يثبت للمسكوت عنه نقيض حكم مانطق به ويسمى بدليل الخطاب ايضا فلذا قال العلامة ابن عاصم فى مهيع الوصول: فصل: وما سماه من تقدما .... باسم الدليل فى الخطاب وهو ما يثبت للمسكوت عنه مطلقا ... نقيض حكم مابه قد نطقا فانه المفهوم ذو المخالفة. وكما انضاف للتسمية دليل الخطاب انضاف لها تنبيه الخطاب ايضا فلذاقال فى السعود بعد ان تكلم على مامرمن المنطوق: وَغَيْرُ مَا مَرَّ هُوَ الْمُخَالَفَهْ .... ثُمَّتَ تَنْبِيْه الْخِطَابِ حَالَفَهْ كَذَا دَلِيلُ لِلْخِطَابِ اِنْضَافَا ..... ومعنى خالفه رادفه و شرط مفهوم المخالفة ليتحقق ان لايكون المسكوت ترك لخوف حاصل بسبب ذكره بطريق الموافقه قال الجلال المحلى: كَقَوْلِ قَرِيبِ الْعَهْدِ بِالْإِسْلَامِ لِعَبْدِهِ بِحُضُورِ الْمُسْلِمِينَ تَصَدَّقْ بِهَذَا عَلَى الْمُسْلِمِينَ وَيُرِيدُ غَيْرَهُمْ وَتَرَكَهُ خَوْفًا مِنْ أَنْ يُتَّهَمَ بِالنِّفَاقِ اه. وكذا نحو الخوف الجهل بحال المسكوت كَقَوْلِك فِي الْغَنَمِ السَّائِمَةِ زَكَاةٌ وَأَنْتَ تَجْهَلُ حُكْمَ الْمَعْلُوفَةِ وَأَنْ لَا يَكُونَ القيد المنطوق به خرج للغالب كَمَا فِي قَوْله تَعَالَى {وَرَبَائِبُكُمْ اللَّاتِي فِي حُجُورِكُمْ} فَإِنَّ الْغَالِبَ كَوْنُ الرَّبَائِبِ فِي حُجُورِ الْأَزْوَاجِ أَيْ تَرْبِيَتُهُمْ وذكره ناظم السعود ايضا عندقوله: . وَدَعِ إِذَا السَّاكِتُ عَنْهُ خَافَا. أَوْجَهْلُ الْحُكْمِ أَوِالنُّطْقُ اِنْجَلَبْ ... لِلسّؤل أوجرى على الذي غلب وافاد العلامة ابن عاصم ايضا ذاكرا ان المذهب استوت فى منعه حيث قال فى مهيع الوصول: وان جري المفهوم جري الغالب .... فتستوي فى منعه المذاهب ونفاه امام الحرمين قائلا المفهوم من مقتضيات اللفظ فلا يسقطه موافقة الغالب واعتبره الاما مالك افاده السيوطى وكذا لايعتبر مفهوم المخالفة اذاخرج المذكور لجوب سؤال عنه او حادثة تتعلق به او لجهل بحكمه كان يخاطب من جهل حكم السائل دون المعلوفة فيقال فى الغنم السائمة زكاة قال الجلال السيوطى والضابط لهذه الشروط وما فى معناها ان لا يظهر تخصيص المنطوق بالذكر فائدة غير نفى الحكم عن المسكوت عنه فحيثما ظهر له فائدة الغى اعتبار المفهوم لانهم فائدة خفية فقد الفائدة الظاهرة ومنه غير ما الجزء: 1 ¦ الصفحة: 55 تقدم موافقة الواقع فى قوله تعالى {لَا يَتَّخِذْ الْمُؤْمِنُونَ الْكَافِرِينَ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ} قال الجلال المحلى: نَزَلَتْ كَمَا قَالَالْوَاحِدِيُّ وَغَيْرُهُ فِي قَوْمٍ مِنْ الْمُؤْمِنِينَ وَالَوْا الْيَهُودَ أَيْ دُونَ الْمُؤْمِنِينَ اه. وكذا اذا كان تخصيص المنطوق بالذكر لاجل الامتنان كقوله تعالى: (لِتَأْكُلُوا مِنْهُ لَحْمًا طَرِيًّا) فلا يدل على منع القديد وكذا اذا كان لتاكيد النهى عند السامع فلذاقال فى السعود عاطفا على ما لا يعتبر فى مفاهيم مخالفة: أو امتنان أووفاق الواقع ..... والجهلِ والتأكيد عندالسامع وافاده العلامة ابن عاصم معبر اعنه بالمغالبة فى الحكم وان كان المفهوم جليا حيث قال: كذا اذا بولغ فى الحكم فلا ... حكم لمفهوم وان هو انجلى قال فى الضياءاللامع والضابط لذلك كله ما اشار اليه المصنف بقوله او غيره مما يقتضى بالذكر لان ذلك فائدة وحينئذ لم تنحصر الفائدة فى مخالفة حكم المسكوت للمنطوق به اه. وقد تعرض الناظم لجميع ماذكره المصنف فى قوله: وإِنْ يَكُنْ خَالَفَ فالْمُخَالَفَهْ ... وَشَرْطُهُ أَنْ لاَ يَكُوْنَ حَاذِفَهْ لِنَحْوِ خَوْفٍ أوْ لِغَالِبٍ يُقَالْ ... مَذْكُورُهُ عَلَى الصَّحِيْحِ أَوْ سُؤَالْ أوْحَادِثٍ أوْ جَهْلِ حُكْمٍ أَوْسِوَى ... ذَاكَ إِذاالتَّخْصِيْصَ بِالذِّكْرِ حَوَى وافاد العلامة ابن عاصم ان المفهوم المخالف الذي تحقق فيه الشرط حجة عند مالك والشافعى وخالفهما النعمان فى مذهبه فقال: ومالك حج به من خالفه ... والشافعى مثله قال به وخالفهما النعمان فى مذهبه. (وَلَا يَمْنَعُ قِيَاسُ الْمَسْكُوتِ بِالْمَنْطُوقِ بَلْ قِيلَ يَعُمُّهُ الْمَعْرُوضُ وَقِيلَ لَا يَعُمُّهُ إجْمَاعًا) قال المحقق البنانى هذا متعلق بقوله وشرطه ان لايكون المسكوت ترك الخوف الى قوله اوغيره مما يقتضى التخصيص بالذكر والمعنى ان وجود ما يقتضى التخصيص بالذكر يمنع تحقق المفهوم ولايمنع الحاق المسكوت بالمنطوق بطريق القياس عند وجود شرطه اه. أي بان كان بين المسكوت والمنطوق ما يقتضيه القياس من علة جامعة قال الشيخ حلولو فى الضياء اللامع والمراد ان ما يقتضى بالذكر لايمنع قياس المسكوت عنه كالمعلوفة على المنطوق به وهى السائمة اذا وجد شرط القياس وقيل ان اللفظ المعروض وهو السوم الموصوف به الغنم يعم المعلوفة فيستغنى بذلك عن القياس وقيل لا يعم المعلوفة اجماعا اه. أي لوجود العارض وانما يلحق به قياسا والقول الاول وهو عدم الشمول هوالحق وهوما صدر به المصنف فتكون الدلالة حينئذ قياسية لفظية فلذا قال ناظم السعود معتمداعليه: ومُقتضىِ التخصيص ليس يحظُل ..... قيسا وما عُرض ليس يشمل قال المحقق البنانى افادت عبارة المصنف ان عدم العموم هو الحق حيث جزم اولا بانه لايمنع قياس المسكوت بالمنطوق ما يقتضى التخصيص بالذكر ثم حكى مقابله من القول بالعموم بقيل المشعري بضعيفه وقوي ذلك التضعيف بحكاية الاجماع على عدم العموم وان سيقت الحكاية المذكورة بقيل اه وقد صنع ذا الصنيع ايضا قائلا: نَعَمْ ولاَ يَمْنَعُ أَنْ يُقَاسَ بِهْ ... بَلْ قِيْلَ مَعْرُوْضٌ يَعُمُّ فَانْتَبِهْ وَقِيْلَ لاَ يَعُمُّهُ إِجْمَاعَا ... فبل فى كلام المصنف حينئذ انتقالية لا ابطالية (وَهُوَ صِفَةٌ كَالْغَنَمِ السَّائِمَةِ أَوْ سَائِمَةِ الْغَنَمِ عَلَى الْأَظْهَرِ وَهَلْ النَّفْيُ غَيْرَ سَائِمَتِهَا أَوْ غَيْرَ مُطْلَقِ السَّوَائِمِ قَوْلَانِ) أي مفهوم المخالفة الذي هو محل الحكم مفهوم صفة قال الجلال المحلى: قَالَ الْمُصَنِّفُ وَالْمُرَادُ بِهَا لَفْظٌ مُقَيِّدٌ لِآخَرَ لَيْسَ بِشَرْطٍ وَلَا اسْتِثْنَاءٍ وَلَا غَايَةٍ لَا النَّعْتَ فَقَطْ أَيْ أَخْذًا مِنْ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 56 إمَامِ الْحَرَمَيْنِ وَغَيْرِهِ حَيْثُ أَدْرَجُوا فِيهَا الْعَدَدَ وَالظَّرْفَ مَثَلًا اه. قال المحقق البنانى هى حيثية تعليل أي لانهم ادرجوا فيها العدد والظرف مثلا أي لان المعدود موصوف بالعدد والمخصوص بالكون فى زمان او مكان موصوف بالاستقرار فيه اه. وافاد ايضا ان استثناء هذه الثلاثة الشرط والاستثناء والغاية كتفسير الصفة بما ذكر اصطلاح للاصوليين ولكل احد ان يصطلح على ما شاء فليس المراعى حينئذ الوصف النحوي فقط فلذا قال الناظم: فَالوَصْفُ والنَّحْوِيُّ لاَ يُرَاعَى. أي احد انواع المخالفة الوصف ولا يراعى النحوي فقط بل وغيره يراعى معه على كونه صفة فى الفن فمثال الصفة السائمة من حديث ما روي فى الغنم السائمة زكاة وسائمة من حديث فى سائمة الغنم زكاة فى الاول قدم الموصوف وذكرت صفته عقبه وفى الثانى عكسه واما مجرد الصفة فى نحو فى السائمة زكاة فليس من الصفة على الاظهر اذ ليس القصد حينئذ التقييد بها حتى يكون لها مفهوم لاختلال الكلام بدونها كاللقب وقيل هومنها لدلالتها على السوم الزائد على الذات اعم من ان تكون غنما او غيرها بخلاف اللقب فلا يدل الا على الذات لكونه جامدا وعليه فيستفاد نفى الزكاة عن المعلوفة مطلقا غنما او غيره واثباتها فى السائمة كذلك قال الجلاا لمحلى: وَيُؤْخَذُ مِنْ كَلَامِ ابْنِ السَّمْعَانِيِّ أَنَّ الْجُمْهُورَ عَلَى الثَّانِي اه. قال المحقق البنانى فينبغى ان يكون هوالاظهر اه. وهل المخرج عن كونه محلا للزكاة فى المثالين الاوليين غير سائمة الغنم وهى معلوفتها او غير مطلق السوائم من مطلق معلوفة كانت معلوفة غنم او قولان الاول ينظر الى السوم فى الغنم وقد رجحه الامام الرازى وغيره والثانى ينظر الى خصوص السوم فقط لترتب الزكاة عليه فى غير الغنم من حديث ءاخر فى الابل والبقر وحيث كان الاول هوالراجح قدمه كما قدمه الناظم موضحا للمسألة بالتمثيل بالصفة المعتبرة فى المفهوم المخالف قائلا: الغَنَمِ السَّائِمِ أوْ سَائِمَةِ ... الضَّأنِ لاَ مُجَرَّدُ السَّائِمَةِ لَى الأَصْحِّ وحَكَى السِّمْعَانِي ... عَنِ الْجَمَاهِيْرِ اعْتَبَارَ الثَّانِي والَنْفِي غَيْرُ سِائِمَاتِ الْغَنَمِ ... وَقِيْلَ غَيْرُ مُطْلَقِ الْسَّوَائِمِ بخلاف ناظم السعود فانه حكى الخلاف من غير اظهار ترجيح حيث قال: والصفة مثل ما عُلم .... من غنم سامت وسائم الغنم معلوفة الغنم أو ما يُعلف ..... الخلف في النفي لأي يُصرف (وَمِنْهَا الْعِلَّةُ وَالظَّرْفُ وَالْحَالُ وَالْعَدَدُ وَشَرْطٌ وَغَايَةٌ وَإِنَّمَا وَمِثْلُ لَا عَالِمَ إلَّا زَيْدٌ وَفَصْلُ الْمُبْتَدَأِ مِنْ الْخَبَرِ بِضَمِيرِ الْفَصْلِ وَتَقْدِيمُ الْمَعْمُولِ وَأَعْلَاهُ لَا عَالِمَ إلَّا زَيْدٌ ثُمَّ مَا قِيلَ مَنْطُوقٌ بِالْإِشَارَةِ ثُمَّ غَيْرُهُ) أي ومن غيرالصفة بالمعنى السابق وهو انها لفظ مقيد لاخر بنقص الشيوع وتقليل الاشتراك بان يكون الشيئ مما يطلق على ماله تلك الصفة دون القسم الاخر فمما ذكر العلة نحو اعط السائل لحاجته أي المحتاج دون غيره والظرف زمانا او مكانا نحو سافر يوم الخميس أي لافى غيره واجلس امام زيد أي لاوراءه والحال نحو احسن الى العبد مطيعا أي لا عاصيا العدد قال الجلال المحلى نَحْوُ قَوْله تَعَالَى {فَاجْلِدُوهُمْ ثَمَانِينَ جَلْدَةً} أَيْ لَا أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ وَحَدِيثُ الصَّحِيحَيْنِ {إذَا شَرِبَ الْكَلْبُ فِي إنَاءِ أَحَدِكُمْ فَلْيَغْسِلْهُ سَبْعَ مَرَّاتٍ} أَيْ لَا أَقَلَّ مِنْ ذَلِكَ اه. وشرط معطوف على قوله صفة أي وذلك الجزء: 1 ¦ الصفحة: 57 نَحْوُ قوله تعالى {وَإِنْ كُنَّ أُولَاتِ حَمْلٍ فَأَنْفِقُوا عَلَيْهِنَّ حَتَّى يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ} أَيْ فَغَيْرَ أُولَاتِ الْحَمْلِ فَلَا يَجِبُ الْإِنْفَاقُ عَلَيْهِنَّ وكذا مفهوم تركيب يشتمل على الغاية نَحْوُ قوله تعالى (وَلَا تَقْرَبُوهُنَّ حَتَّى يَطْهُرْنَ أي فَإِذَا تَطَهَّرْنَ يقربن وقد اشار الناظم الى ماذكره المصنف بقوله: وَمِنْهُ عِلَّةٌ وَظَرْفٌ وَعَدَدْ ... حَالٌ وَمِنْهَا الشَّرْطُ والْغَايَةَ عُدّْ وكذا مفهوم تركيب يشتمل على انما نحو قوله تعالى: {إنَّمَا إلَهُكُمْ اللَّهُ} أَيْ فَغَيْرُهُ لَيْسَ بِإِلَهٍ فغيره ليس باله فهو من قصر الصفة على الموصوف وَالْإِلَهُ الْمَعْبُودُ بِحَقٍّ وزاد العلامة ابن عاصم فى مهيع الوصول الاستثناء حيث قال: فصل وذو المفهوم فى سبع ورد .... فى الشرط ثم فى العدد والوصف والغاية والزمان ... ثم فى الاستثناء والمكان وكذا مثل لاعالم الازيد مما يشتمل على نفي واستثناء ونحو ما قام الا زيد منطوقها نفى القيام والعلم عن غير زيد ومفهومهما اثبات العلم والقيام لزيد واشارالى هذ الحصربالاداة العلامة ابن عاصم فى مهيع الوصول قائلا: والحصر ثم الحصر بالاداة ... كانما فى حيز الاثبات وكذا وَفَصْلُ الْمُبْتَدَأِ مِنْ الْخَبَرِ بِضَمِيرِ الْفَصْلِ نحو قوله تعالى {أَمْ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ أَوْلِيَاءَ فَاَللَّهُ هُوَ الْوَلِيُّ} أَيْ فَغَيْرُهُ لَيْسَ بِوَلِيٍّ أَيْ نَاصِرٍ اذ من خذله الله ليس له من ناصر ومن اهانه فليس له من مكرم قال المحقق البنانى لوقال أي المصنف وضمير الفصل كان اظهر لمناسبته لما فسربه الصفة من كونها لفظا مقيدا الاخر وضمير الفصل يصدق عليه ذلك دون الفصل فانه ليس لفظا اه. وكذا وَتَقْدِيمُ الْمَعْمُولِ كالمفعول نَحْوُ {إيَّاكَ نَعْبُدُ} أَيْ لَا غَيْرَك وَالْجَارِ وَالْمَجْرُورِ قال الشيخ حلولو قال ولي الدين ودخل فى المعمول الحال والظرف وتقديم الخبر نحو تميمي انا اه. واعلى ماذكر من مفهوم المخالفة مفهوم لاعالم الا زيد ونحوه من كل كلام يشتمل على نفي واستثناء فلذاقال ناظم السعود: أعلاه لا يرشد إلا العلما.. قال شارحه منطوقه نفى الارشاد عن غيرهم ومفهومه اثباته لهم عكس مالاهل البيان وانما كان اقوي لانه قيل انه منطوق بالصراحة والوضع لسرعة تبادر الاثبات منه الى الاذهان ورجه القرافى اه. وقيل انه منطوق لا باالصراحة بل بالاشارة كمفهوم انما والغاية وسمى ماذكر منطوقا بناء على ان ما وقعت عليه الدلالة بالاقتضاء والاشارة اوالايماء من قبيل المنطوق الذي ليس بصريح لاانه من قبيل المفهوم المخالف فلذا رتب ناظم السعود ما يستفاد من نحو انما والغاية من المنطوق الضعيف حيث انه غير صريح بانه اضعف رتبة من القصر بما والا حيث قال عقبه بفاء التعقيب: فما لمنطوق بضعف انتمى. بعد ان افاد اولا ذكر الخلاف فيما وقعت عليه الدلالة بالاشارة ونحوها هل هى داخلة فى المفهوم اوالمنطوق الذي ليس بصريح قائلا: وَالْمَنْطُوْقُ هَلْ ... مَا لَيْسَ بِالصَّرِيْحِ فِيْهِ قَدْ دَخَلَ وقد تعرض الناظم لما تعرض له المصنف قائلا عاطفا على المفاهيم المخالفة: وَسَبْقُ مَعْمُوْلٍ وَفَصْلُ الْخَبَرِ ... مِنْ مُبْتَدَا أوْ نَحْوِهِ بالْمُضْمَرِ وإِنَّمَا وَنَحْوُ مَا وإلاَّ ... وَذَا فَمَا يُقَالُ نُطْقًا أَعْلَى أيْ إِنَّمَا وَغَايَةٌ فَالفْصْلُ ... وقول المصنف ثم غيره أي غير لاعالم الا زيد على الترتيب الاتى فى المسألة الاتية فى قوله مسألة الغاية منطوق الخ (مَسْأَلَةُ الْمَفَاهِيمِ إلَّا اللَّقَبَ حُجَّةً لُغَةً وَقِيلَ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 58 شَرْعًا وَقِيلَ مَعْنًى وَاحْتَجَّ بِاللَّقَبِ الدَّقَّاقُ وَالصَّيْرَفِيُّ وَابْنُ خُوَيْزِ مِنْدَادْ وَبَعْضُ الْحَنَابِلَةِ وَأَنْكَرَ أَبُو حَنِيفَةَ الْكُلَّ مُطْلَقًا وَقَوْمٌ فِي الْخَبَرِ وَالشَّيْخُ الْإِمَامُ فِي غَيْرِ الشَّرْعِ وَإمَامُ الْحَرَمَيْنِ صِفَةً لَا تُنَاسِبُ الْحُكْمَ وَقَوْمٌ الْعَدَدَ دُونَ غَيْرِهِ) لما فرغ المنصف رحمه الله من ذكر انواع المفهوم شرع فى الكلام على الاختلاف فى حجية المفاهيم المخالفة ليصح التمسك بها فى الاحكام الشرعية قال المحقق البنانى واما الفاهيم الموافقة فسياتى ءاخر المسألة انها حجة اتفاقا اه. والمفاهيم المخالفة الا اللقب حجة لغة قال الجلال لِقَوْلِ كَثِيرٍ مِنْ أَئِمَّةِ اللُّغَةِ بِهَا مِنْهُمْ أَبُو عُبَيْدَةَ وَعُبَيْدٌ تِلْمِيذُهُ قَالَا فِي حَدِيثِ الصَّحِيحَيْنِ مَثَلًا {مَطْلُ الْغَنِيِّ ظُلْمٌ} أَنَّهُ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ مَطْلَ غَيْرِ الْغَنِيِّ لَيْسَ بِظُلْمٍ وَهُمْ إنَّمَا يَقُولُونَ فِي مِثْلِ ذَلِكَ مَا يَعْرِفُونَهُ مِنْ لِسَانِ الْعَرَبِ اه. وقيل انها شرعا لمعرفة ذلك من موارد كلام الشارع قال الشيخ حلولو والقائلون بذلك تمسكوا بظواهر واخبار وردت عن الصحابة ايضا فى فهم ءاي واخبار تقتضى اعمال المفهوم كما فهم بعضهم ذلك من قوله عليه السلام (انما الماء من الماء) و (انما الربا فى النسيئة) اه. وقيل انها حجة شرعية من حيث المعنى وهو انه لو لم ينف القيد المذكور الحكم عن المسكوت لم يكن لذكره فائدة والاحتجاج بالمفهوم المخالف جار على النهج الواضح كما قال ناظم السعود معيدا الضمير عليه: وهو حجة على النهج الجلي. وافاد العلامة ابن عاصم كماتقدم ان مالكا حج به من خالفه وقال به الشافعى مخالفا النعمان حيث قال: ومالك حج به من خالفه. والشافعى مثله قال به ..... النعمان فى مذهبه واحتج باللقب الدقاق والصيرفى من الشافعية وابن خويز منداد باسكان الزاي وفتح الميم وكسرها من المالكية وبعض الحنابلة والمراد باللقب هنا الاسم الجامد اعم من ان يكون علما كعلى زيد حج أي لا على عمرو او اسم جنس نحو فى الغنم زكاة أي لافى غيرها من الما شية ووجه الاحتجاج باللقب انه لافا ئدة لذكره الا نفى الحكم عن غيره كالصفة واجيب من طرف الجمهور بان فائدة استقامة الكلام اذ باسقاطه يختل لعدم صحة على حج وفى زكاة لعدم الفائدة فبدونه يختل النظم العربي فالاحتجاج به حينئذ ضعيف حيث لم يره الجمهور فلذاقال ناظم السعود: أضعفها اللقب وهْو ما أُبي ..... من دونه نظم كلام العرب والاحتجاج له بانه لو كان الحكم ثابتا له ولغيره وتخصص هوبالذكر للزم الترجيح من غير مرجح مجتنب أي غير مقبول بما قرر ءانفا للجمهور من ان فائدته استقامة الكلام لا الاحتجاج فلذا قال العلامة ابن عاصم فى مهيع الوصول: وزيد للدقاق مفهوم اللقب ... وهو لما يلزم عنه مجتنب وتعرض الناظم ايضاايضا للمسألة قائلا: وَحُجَّةٌ جَمِيْعُهَا إِلاَّ اللَّقَبْ ... فِي لُغَةٍ وَقِيْلَ لِلْشَّرْعِ انْتَسَبْ وَقِيْلَ مَعْنًى واحْتَجَاجًا يَصْطَفِي ... بِاللَّقَبِ الدَّقَّاقُ ثُمَّ الصَّيْرَفِي واما ابوحنيفة فانه لم يقل بشيئ من مفاهيم المخالفة مطلقا فى الخبر وغيره والشرع وغيره والصفة المناسبة وغيرها قال الجلال المحلى: وَإِنْ قَالَ فِي الْمَسْكُوتِ بِخِلَافِ حُكْمِ الْمَنْطُوقِ فَلِأَمْرٍ آخَرَ كَمَا فِي انْتِفَاءِ الزَّكَاةِ عَنْ الْمَعْلُوفَةِ قَالَ الْأَصْلُ عَدَمُ الزَّكَاةِ وَرَدَتْ فِي السَّائِمَةِ فَبَقِيَتْ الْمَعْلُوفَةُ عَلَى الْأَصْلِ اه. وانكر قوم فى الخبر قالوا انه ليس بحجة فاذا قال رأيت رطبا جنيا فهو اخبار عما شاهده ولا الجزء: 1 ¦ الصفحة: 59 ولا يلزم منه ان يكون لم يشاهد ما ليس على هذ الصفة بخلاف الانشاء نحو زكوا عن الغنم السائمة فلا خارجى له فلا فائدة للقيد فيه الا النفى وانكر الكل الشيخ الامام والد المصنف فى غير الشرع من كلام الادميين من اهل التصنيف والواقفين لغلبة الذهول عليه بخلاف كلام الشارع فانه سبحانه عالم ببواطن الامور وظواهرها وقال امام الحرمين انه ليس بحجة فى الصفة التى لاتناسب الحكم كان يقول الشارع فى الغنم العفر أي التى يعلو بياضها حمرة الزكاة اذهى فى معنى اللقب بخلاف الصفة المناسبة كاليوم الذي هو الرعى فى كلام مباح فيكون حجة لخفة مؤنة السائمة وهى فى معنى العلة وانكر قوم العدد دون غيره فقالوا لا يدل على مخالفة حكم الز ائد عليه اوالناقص عنه الا بقرينة واشار الناظم الى جميع ما قرربقوله: وأنْكَرَ النُّعْمَانُ كُلاًّ واسْتَقَرّْ ... وقِيلَ فِي الْشَّرْعِ وَقَوْمٌ في الْخَبَرْ وفِي سِوَى الْشَّرْعِ أَبَى الْسُّبْكِي وَرَدّْ ... وَقَوْمٌ الوَصْفَ وَقَوْمٌ الْعَدَدْ قوله وقيل فى الشرع أي قول ءاخر لابى حنيفة انه غير حجة فى الشرع بخلافه فى مقامات الناس وعرفهم فهذ القول من زيادات النظم والله اعلم (مَسْأَلَةُ الْغَايَةِ قِيلَ مَنْطُوقٌ وَالْحَقُّ مَفْهُومٌ وَيتْلُوهُ الشَّرْطُ فَالصِّفَةُ الْمُنَاسِبَةُ فَمُطْلَقُ الصِّفَةِ غَيْرُ الْعَدَدِ فَالْعَدَدُ فَتَقْدِيمُ الْمَعْمُولِ لِدَعْوَى الْبَيَانِيِّينَ أَفَادَتْهُ الِاخْتِصَاصَ وَخَالَفَهُمْ ابْنُ الْحَاجِبِ وَأَبُو حَيَّانَ الِاخْتِصَاصِ الْحَصْرُ خِلَافًا لِلشَّيْخِ الْإِمَام حَيْثُ أَثْبَتَهُ وَقَالَ: لَيْسَ هُوَ الْحَصْرَ) أي مفهوم الغاية اختلفوا فيه قيل انه منطوق بالاشارة بمعنى ان اللفظ يدل عليه وليس مقصودا للمتكلم او لا قال المحقق البنانى كقوله تعالى (فَلَا تَحِلُّ لَهُ مِنْ بَعْدُ حَتَّى تَنْكِحَ زَوْجًا غَيْرَهُ) فالمنطوق الصريح فى الاية عدم الحل له مستمرا الى ان تنكح زوجا غيره والمنطوق الاشاري حلها له بعد نكاح الزوج الاخر اه. وتقدم فى قوله ثم قيل انه منطوق أي بالاشارة ان ذلك لسرعة التبادر الى الاذهان والحق الذي عليه الجمهور انه مفهوم اذ لا يلزم من تبادالشيء الى الذهن ان يكون معطوفا ويتلو الغاية الشرط اذ لم يقل احد وفائدة هذ الترتيب تظهر عند التعارض فيقد الاقوي فالصفة المناسبة تتلوالشرط وقوله فمطلق الصفة على حذف مضاف أي فباقى مطلق الصفة والباقى هو الصفة غير المناسبة غير العدد من نعت وحال وظرف وعلة غير مناسبات فهى سواء فى تلوها الصفة المناسبة فالعدد يتلو ماذكر قبله لانكار قوم له تقدم فى قوله وقوم العدد أي انكروه فتقديم المعمول ءاخرالمذكورات وقد اشار الى هذا الترتيب ناظم السعود ايضا بقوله: فالشرط فالوصف الذي يُناسب ..... فمطلق الوصف له يُقارب فعدد ثُمَّت تقديم يلي .... وهو حجة على النهج الجلي وقول المصنف لدعوي البيانيين قال المحقق البنانى علة لما تضمنه قوله فتقديم المعمول من اثبات مفهوم تقديم المعمول لا لترتيبه مع ما قبله وتاخيره عنه اه. فان البيانيين ادعوا افادة التقديم الاختصاص اخذا من موارد الكلام البليغ وخالفهم ابن الحاجب وابو حيان فى ذلك والاختصاص المفاد هوالحصر على نفى الحكم عن غير المذكور كما دخل عليه فسووا بين الحصر والاختصاص خلافا للشيخ الامام والد المصنف حيث اثبت الاختصاص وقال ليس هو الحصر وانما هو قصد الخاص من جهة خصوصه فيقدم للاهتمام به من غير تعرض لنفى غيره نحو زيدا ضربت وانما جاء نفى الحكم عن غير المذكور فى اياك نعبد بان قائليه أي المومنين لايعبدون غير الله قال الجزء: 1 ¦ الصفحة: 60 الجلال المحلى: وَحَاصِلُهُ أَنَّ التَّقْدِيمَ لِلِاهْتِمَامِ وَقَدْ يَنْضَمُّ إلَيْهِ الْحَصْرُ لِخَارِجٍ اه. وتعرض الناظم لاصل المسألة وبين ان الاختصاص عند البيانيين كالحصر وان السبكى فرق بينهما حيث قال مبيناالاولى من المفاهيم المخالفة تقديما: وَبَعْدَهُ الْشَّرْطُ فَوَصْفٌ يَتْلُوْ مُنَاسِبًا فُمُطْلَقًا فَالعَدَدُ ... فَسَبْقُ مَعْمُوْلٍ إِذِ الْمُعْتَمَدُ يُفِيْدُ الاخْتِصَاصَ فالْبَيَانِي ... كالْحَصْرِ والْسُّبْكِّيُّ ذُوْ فُرْقَانِ والله اعلم (مَسْأَلَةُ إنَّمَا قَالَ الْآمِدِيُّ وَأَبُو حَيَّانَ لَا تُفِيدُ الْحَصْرَ وَأَبُو إسْحَاقَ الشِّيرَازِيُّ وَالْغَزَالِيُّ وَإلْكِيَا وَالْإِمَامُ تُفِيدُ فَمَهْمَا وقِيلَ نُطْقًا وَبِالْفَتْحِ الْأَصَحُّ أَنَّ حَرْفَ أَنَّ فِيهَا فَرْعٌ الْمَكْسُورَةُ وَمِنْ ثَمَّ ادَّعَى الزَّمَخْشَرِيُّ إفَادَتُهَا الْحَصْرَ) قد تقدم الكلام على الحصر من جهة معناه وافاد المصنف هنا ان الامدي واباحيان قالا لا تفيد انما الحصر وحينئذ فلا مفهوم لها قالا لانها ان المؤكدة وماالكافة الزائدة وكل منهما لا يفيد النفى فكذا المركب منهما وورد على ذلك حديث مسلم {إنَّمَا الرِّبَا فِي النَّسِيئَةِ} إذْ رِبَا الْفَضْلِ ثَابِتٌ إجْمَاعًا قال المحقق البنانى وان تقدم الاجماع خلاف فلا يضر لعدم استقراره بروجوع القائلين به قال الجلال المحلى: وَاسْتِفَادَةُ النَّفْيِ فِي بَعْضِ الْمَوَاضِعِ مِنْ خَارِجٍ كَمَا فِي {إنَّمَا إلَهُكُمْ اللَّهُ} فَإِنْ سِيقَ لِلرَّدِّ عَلَى الْمُخَاطَبِينَ فِي اعْتِقَادِهِمْ إلَهِيَّةَ غَيْرِ اللَّهِ اه. وقال ابو اسحاق الشيرازي والغزالى وصاحبه ابو الحسن الكيا بِكَسْرِ الْهَمْزَةِ وَالْكَافِ وَمَعْنَاهُ فِي لُغَةِ الْفُرْسِ الْكَبِيرُ الهرايسي بتشديد الراء نسبة لهراس كعطار وهو رفيق الغزالى فى الاخذ عن امام الحرمين والامام الرازي ان انما تفيد الحصر المشتمل على نفى الحكم عن غير المذكور ففى قصر الصفة على الموصوف انما قام زيد أي لا عمرو وفى قصر الموصوف على الصفة انما زيد قائم أي لا قاعد وهذا الحصر قيل انه استفيد بالمنطوق اشارة لسرعة تبادر الحصر الى الاذهان منها واما انما بالفتح فالاصح ان حرف ان فيها من حيث انه من افراد ان فرع ان المكسورة اذ هى الاصل لاستغنائها بمعموليها اسمها وخبره فى الافادة بخلاف المفتوحة فانها مع معموليها بمنزلة مفرد ومن اجل فرعية انما بالفتح لانما بالكسر ادعى الزمخشري فى تفسير فِي تَفْسِيرِ {قُلْ إنَّمَا يُوحَى إلَيَّ أَنَّمَا إلَهُكُمْ إلَهٌ وَاحِدٌ} وَتَبِعَهُ الْبَيْضَاوِيُّ فِيهِ وافادتها الحصر كانما بالكسرة لان ما ثبت للاصل يثبت للفرع حيث لا معارض والاصل عدمه وتعرض الناظم لالحاق الزمخشري حيث قال: لِلْحَصْرِ قَالَ الأَكْثَرُوْنَ إِنَّمَا ... وأَلْحَقَ الْزَّمَخْشَرِيُّ أَنَمَا وقال ابوحيان تفرد الزمخشري بهذه المقالة ورده ابن هشام معتمدا على ما تقدم من انها فرع المكسورة وفى مقابلة الاصح مذهبان احدهما ان المفتوحة هى الاصل الثانى ان كلا منهما اصل بنفسه والله اعلم (مَسْأَلَةٌ مِنْ الْأَلْطَاف ِ حُدُوثُ الْمَوْضُوعَاتِ اللُّغَوِيَّةِ لِيُعَبِّرَ عَمَّا فِي الضَّمِيرِ وَمَرَّ أَفْيَدُ مِنْ الْإِشَارَةِ وَالْمِثَالِ وَأَيْسَرُ وَهِيَ الْأَلْفَاظُ الدَّالَّةُ عَلَى الْمَعَانِي وَتُعْرَفُ بِالنَّقْلِ تَوَاتُرًا أَوْ آحَادًا وَبِاسْتِنْبَاطِ الْعَقْلِ مِنْ النَّقْل لَا مُجَرَّدَ الْعَقْلِ) قال الشيخ حلولو فى الضياء اللامع لما كان احد مواد هذ العلم العربية افتقر الاصوليون الى ذكر طرف صالح مما تمس الحاجة التى لا عدول عنها اليه او غفلة ائمة اللسان فمنها الكلام على مبادئ اللغة ومعانى الالفاظ التى كثر اولها بينهم ومعانى بعض الحروف والاسماء ثم لاخفاء ان احدات الالفاظ اللغوية من الطاف الله تعالى بخلقه لاحتياج الجزء: 1 ¦ الصفحة: 61 الخلق الى اعلام بعضهم بعضا فى نفوسهم من امر دينهم ودنياهم اه. فلذا قال الناظم معيدا الضمير على الموضوعات اللغوية: حُدُوْثُ مُوضُوْعَاتِنَا لِلْكَشْفِ ... عَنِ الضَّمِيْرِ مِنْ عَظِيْمِ اللُّطْفِ فوسع بذلك سبحانه المجال فى النطق كما قال فى السعود: من لُطف ربنا بنا تعالى ..... توسيعه في نُطقنا المجالا وهى فى الدلالة عما فى الضمير افيد من الاشارة والمثال أي المشكل حيث انها تعم الموجود والمعدوم وهما يخصان الموجود المحسوس وايسر منهما ايضا لموافقتها الامر الطبيعى دونهما فيستدل بها على المقصود ويفصح عنه من غير كلفة فلذا قال الناظم: وَهْيَ مِنَ الْمِثَالِ والإِشَارَةِ ... أشَدُّ فِي إِفَادَةٍ وَيُسْرَةِ وعرف المصنف الموضوعات اللغوية بانها الالفاظ الدالة على المعانى قال المحقق البنانى دخل فيه الالفاظ المقدرة كالضمائر المستترة وخرج عنه الدوال الاربع وهى المخطوط والاشارات والعقد والنصب وقوله على المعانى أي على مدلولات الالفاظ معانى كانت او الفاظ بدليل تقسيمه بعد مدلول اللفظ الى معنى والى لفظ اه. وعرفها الناظم ايضا بقوله: وَهْيَ كَمَا صَرَّحَ أَهْلُ الشَّانِ ... ألْفَاظُنَا الْمُفِيْدَةُ الْمَعَانِي فيدريها السامع لها بالنقل عن العرب فلذا قال ناظم مراقى السعود: وما من الألفاظ للمعنى وُضع .... قل لغة بالنقل يَدري من سمع والنقل اما تواتر نحو السماء والارض لمعناها المعروف او آحاد نحو القرء للحيض والطهر وباستنباط العقل من العقل نحو الجمع المعرف بال يصح الاستثناء منه وكل ما يصح الاستثناء منه بالاواخواتها مما لاحصر فيه فهو عام فيستنبط العقل ان الجمع المعرف بال عام والاحتراز بما لاحصر فيه عن العدد فانه يصح الاستثناء منه نحو له على ستة الا ثلاثة وليست عامة ولا تعرف اللغة بمجرد العقل اذ لامجال له فى ذلك نعم الاستنباط من النقل يكون به كما تقدم فلذا قال الناظم: وَعُرِفَتْ بِالنَّقْلِ لاَ بِالعَقْلِ ... فَقَطْ بَلْ اسْتِنْبَاطُهُ مِنْ نَقْلِ (وَمَدْلُولُ اللَّفْظِ إمَّا مَعْنًى جُزْئِيٌّ أَوْ كُلِّيٌّ أَوْ لَفْظٌ مُفْرَدٌ مُسْتَعْمَلٌ كَالْكَلِمَةِ فَهِيَ قَوْلٌ مُفْرَدٌ أَوْ مُهْمَلٌ كَأَسْمَاءِ حُرُوفِ الْهِجَاءِ أَوْ مُرَكَّبٌ مُسْتَعْمَلٌ كَمَدْلُولِ لَفْظِ الْخَبَرِ) قسم المصنف مدلول اللفظ الى معنى ولفظ والمعنى الى جزئي وكلى واللفظ الى مركب ومفرد والمفرد الى مستعمل ومهمل فامااللفظ المفرد الدال على المعنى الجزئي فهو ما يمنع تصور معناه من وقوع الشركة فيه كمدلول زيد والعلاء واما الدال على المعنى الكلى فهو ما لا يمنع تصور معناه من وقوع الشركة فيه كمدلول الانسان والاسد عكس الجزئي فلذا قال ناظم السلم المنورق: وَهْوَ عَلى قِسْمَيْنِ أَعْني المُفْرَدا ... كُلِّيٌّ أَوْ جُزْئِيُّ حَيْثُ وُجِدا فَمُفْهِمُ اشْتِراكٍ الكُلِّيُّ .... كَأَسَدٍ وَعَكْسُهُ الجُزْئِيُّ وقال العلامة ابن عاصم فى مهيع الوصول: وسم بالجزئي ما دل على ... منفرد بعينه مثل العلا وان يكن لا يمنع التعددا ... فى الذهن فالكلى يدعى ابدا فمدلول اللفظ حينئذ جزئيا كان او كلياالمعنى قال ناظم السعود فى مدلولات الالفاظ المفردة: مدلولها المعنى. واللفظ اما ان يكون مفردا مستعملا كالكلمة فانها قول مفرد والمراد بالكلمة مدلولها أي ما صدقها من الاسم والفعل والحرف كرجل وقام وبل واما ان يكون مفردا كمدلول اسماء حروف الهجاء نحو القاف والعين والدال اسماء الحروف مثلا قعد مثلا قه عه ده واما ان يكون مركبا مستعملا كما صدق لفظ المخبر فى نحو قام زيد ومهلا الجزء: 1 ¦ الصفحة: 62 كما صدق ديز مركم مقلوب زيد مكرم فالمركب كما مضي فى المفردهما لا واستعملا فلذا قال الناظم متمما: واللَّفْظُ مَدْلُولاتِهُ قَدْ فَصَّلُوْا ... مَعْنًى وَلَفْظٌ مًفْرَدٌ مُسْتَعْمَلُ كَكِلْمَةٍ فَتِلْكَ قَوْلٌ مُفْرَدُ ... أوْ مُهْمَلٌ كَاسْمِ الْهِجَا أوْ يَرِدُ واختصر ذلك ناظم السعود قائلا: ولفظ مفرد .... مستعملا ومهملا قد يوجد وذو تركب. (وَالْوَضْعُ جَعْلُ اللَّفْظِ دَلِيلًا عَلَى الْمَعْنَى وَلَا يُشْتَرَطُ مُنَاسَبَةُ اللَّفْظِ لِلْمَعْنَى لِعَبَّادٍ حَيْثُ أَثْبَتَهَا فَقِيلَ بِمَعْنَى أَنَّهَا حَامِلَةٌ عَلَى الْوَضْعِ وَقِيلَ بَلْ كَافِيَةٌ فِي دَلَالَةِ اللَّفْظِ عَلَى الْمَعْنَى) هذا تعريف من المصنف للوضع أي الوضع جعل اللفظ الدال على معنى متهيئا لان يفيد ذلك المعنى عند استعمال المتكلم له على وجه مخصوص كتسمية الولد زيدا فهو المراد بقولهم الوضع تعيين اللفظ للدلالة على معنى وعناه الناظم ايضا بقوله معيدا الضمير على اللفظ. وَيُعْنَى ... بالوَضْعِ جَعْلُهُ دَلَيْلَ الْمَعْنَى وافاد هذا التعريف العلامة ابن عاصم ايضا فى مهيع الوصول مبينا ان الوضع اولا ينقسم الى قسمين فاذا كان غير مسبوق باستعمال يسمى مرتجلا كسعاد واذا كان مسبوقا به يسمى منقولا أي كفضل واسد فيما اذا لم توجد العلامة واما اذا وجدت فيحله المجاز حيث قال: والوضع ان يدل باللفظ على ... معنى وقسمين استقر اولا فغير مسبوق يسمى المرتجل .... وغيره المنقول ان كان انتقل دون علاقة وان تكن له .... علاقة فذالمجاز حله ولا يشترط مناسبة اللفظ للمعنى فى وضعه له اذ الوضوع للضدين كالجون للاسود وللابيض لا يناسبهما قال المحقق البنانى وعدم الاشتراط لا يقتضى اشتراط العدم فيصدق ذلك بوجود المناسبة تارة وعدمها اخري اه. خلافا لعباد الصميري بفتح الميم اشهر من ضمها وهو من معتزلة البصرة حيث اثبت المناسبة بين كل لفظ ومعناه واختلف فى معناه فقيل اراد ان المناسبة حاملة للواضع على الوضع وقيل اراد انها كافية فى دلالة اللفظ على المعنى من غير وضع فلا يحتاج الى الوضع يدرك ذلك من خصه الله به كما فى القافة ويعرفه غيره منه قال الجلال المحلى: قَالَ الْقَرَافِيُّ حُكِيَ أَنَّ بَعْضَهُمْ كَانَ يَدَّعِي أَنَّهُ يَعْلَمُ الْمُسَمَّيَاتِ مِنْ الْأَسْمَاءِ فَقِيلَ لَهُ مَا مُسَمَّى آذغاغ وَهُوَ مِنْ لُغَةِ الْبَرْبَرِ فَقَالَ أَجِدُ فِيهِ يُبْسًا شَدِيدًا وَأَرَاهُ اسْمَ الْحَجَرِ وَهُوَ كَذَلِكَ. قَالَ الْأَصْفَهَانِيُّ وَالثَّانِي هُوَ الصَّحِيحُ عَنْ عَبَّادٍ اه. فلذا قال الناظم عند الكلام على مسئلة عباد هذه حيث قال: وكَوْنَهُ مُنَاسِبَ الْمَعْنَى فَلاَ ... نَشْرِطُهُ وقَالَ عبَّادٌ بَلَى يَعْنِي كَفَتْ دَلاَلةٌ إِلَيْهِ ... وَقِيْلَ بَلْ حَامِلَةٌ عَلَيْهِ (1/128) --- وقال المحقق البنانى قال فى المحصول والذي يدل على فساد قول عباد ان دلالة اللفظ لوكانت ذاتية لما اختلف باختلاف الامم ولاهتدى كل انسان الى كل لغة وبطلان اللازم يدل على بطلان الملزوم اه. (وَاللَّفْظُ مَوْضُوعٌ لِلْمَعْنَى الْخَارِجِيِّ لَا الذِّهْنِيِّ خِلَافًا لِلْإِمَامِ وَقَالَ الشَّيْخُ الْإِمَامُ لِلْمَعْنَى مِنْ حَيْثُ هُوَ) شروع منه فى الكلام على الاختلاف فى موضوع لفظ اسم الجنس أي واللفظ الدال على معنى ذهنى خارجى حيث ان له جهتين جهة ادراكه وجهة تحققه فى الخارج اختلف فيه فهل الوضع باعتبار الجهة الاولى او الثانية او من غير نظر الى واحد منهما وهذالخلاف انما هو فى النكرة كانسان والمراد بها ما يقابل المعرفة وهو ما وضع لغير معين سواء كان ماهية او فردا شائعا واما المعرفة فمنها ما وضع للخارجى ومنها ما وضع للذهنى كما سياتى الجزء: 1 ¦ الصفحة: 63 واما اذا كانت النكرة ليس لها وجود فى الخارج بل فى الذهن فقط كبحر من زيبق فليست من محل الخلاف فالذي قال به الشيخ ابو اسحاق ان اللفظ فى اسم الجنس الذي له المعنى الذهنى والخارجى موضوع للمعنى الخارجى لا الذهنى خلافا للاما الرازي فى قوله بالثانى قال الجلال المحلى: قال أي الامام الرازي لِأَنَّا إذَا رَأَيْنَا جِسْمًا مِنْ بَعِيدٍ وَظَنَنَّاهُ صَخْرَةً سَمَّيْنَاهُ بِهَذَا الِاسْمِ، فَإِذَا دَنَوْنَا مِنْهُ وَعَرَفْنَا أَنَّهُ حَيَوَانٌ لَكِنْ ظَنَنَّاهُ طَيْرًا سَمَّيْنَاهُ بِهِ فَإِذَا ازْدَادَ الْقُرْبُ وَعَرَفْنَا أَنَّهُ إنْسَانٌ سَمَّيْنَاهُ بِهِ فَاخْتَلَفَ الِاسْمُ لِاخْتِلَافِ الْمَعْنَى الذِّهْنِيِّ وَذَلِكَ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْوَضْعَ لَهُ. اه. قال المحقق البنانى وَأُجِيبَ بِأَنَّ اخْتِلَافَ الِاسْمِ التابع لِاخْتِلَافِ الْمَعْنَى فِي الذِّهْنِ انما هو لِظَنِّ المعنى فِي الْخَارِجِ كما هو فى الذهن اه. أي لالمجرد اختلافه فى الذهن فالموضوع له ما فى الخارج والتعبير عنه تابع لادراك الذهن له حسبما ادركه وقال الشيخ الامام والد المصنف هوموضوع للمعنى من حيث هومن غير تقييد بالذهنى او الخارجى وذكرالناظم الاقوال الثلاثة فى الوضع قائلا: وَوَضْعُهُ لِخَارِجِيِّ الْمَعْنَى ... وَقِيْلَ مُطْلَقًا وَقِيْلَ ذهْنَا وذالقول الاخير هوالذي اختاره الامام قال المحقق البنانى والظاهر ما قاله الامام بل هو الحق كما نبه عليه غير واحد لان الجزئيات الخارجية لاتنحصر ولاتنضبط اه. وافاد ناظم السعود ان ابن الحاجب منا معاشر المالكية ذهب اليه حيث قال معيدا الضمير على النكرة. وهِيَ للذهن لدى ابن الحاجب ..... وكم إمام للخلاف ذاهب فقوله وكم الخ اشار به الى اختلاف الاقوال فى اصل الوضع وافاد قبل ان وضعه لمطلق المعنى نصره فريق حيث قال: ووضع النكره ..... لمطلق المعنى فريق نصره. (وَلَيْسَ لِكُلِّ مَعْنًى لَفْظٌ بَلْ لِكُلِّ مَعْنًى مُحْتَاجٍ أَوْ اللَّفْظُ) أي ليس كل معنى لفظ يدل عليه فان انواع الروئح كثيرة جدا ولم يوضع لها الفاظ توضع الاالفاظ لماتشد الحاجة الى التعبير عنه قال المحقق البنانى وقول المصنف بل لكل معنى محتاج ينبغى ان يراد محتاج احتياجا قويا والا فما من معنى الا وهو محتاج فى الجملة اه. وبل فى كلام المصنف انتقالية لا ابطالية واشار الناظم الى هذا المعنى بقوله: وكُلُّ مَعْنًى مَا لَهُ لَفْظٌ بَلَى ... لِكُلِّ مُحْتَاجِ إِلِيْهِ حَصَلاَ وافاد ناظم السعود عن شارح المنهاج ما افاده مصنفا هنامن ان كل معنى يحتاج الى اللفظ حيث قال: وليس للمعنى بلا احتياج ..... لفظ كما لشارح المنهاج (وَالْمُحْكَمُ الْمُتَّضِحِ الْمَعْنَى وَالْمُتَشَابِهُ مِنْهُ مَا اسْتَأْثَرَ اللَّهُ وَقَدْ يُطْلِعُ عَلَيْهِ بَعْضَ أَصْفِيَائِهِ) الكلام فى المحكم والمتشابه فالمحكم من اللفظ المتضح المعنى من نص او ظاهر وان بقرينة والمتشابه منه ما اختص الله بعلمه فلم يتضح لنا من اختصاصه من شاء بما شاء بفتح اقفا كنوز بعض الاسرار للمقرين اظهارا لامتياز الاصفياء قال الجلال المحلى: وَهَذَا الِاصْطِلَاحُ مَأْخُوذٌ مِنْ قَوْله تَعَالَى {مِنْهُ آيَاتٌ مُحْكَمَاتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتَابِ وَأُخَرُ مُتَشَابِهَاتٌ} اه. واشار اليه الناظم بقوله: والْمُحْكَمُ الْمُتَّضِحُ الْمَعْنَى ومَا ... تَشَابَهَ اللهُ الَّذِي قَدْ عَلِمَا واما المعنى اللغوي فقال المحقق البنانى ان المحكم معناه لغة المتقن الجزء: 1 ¦ الصفحة: 64 الذي لا يتطرق اليه خلل ومنه قوله تعالى (كِتَابٌ أُحْكِمَتْ آَيَاتُهُ) والمتشابه لغة ما تماثلت ابعاضه فى الاوصاف ومنه قوله تعالى (كِتَابًا مُتَشَابِهًامَثَانِيَ) أي متماثل الابعاض فى الاعجاز اه. (قَالَ الْإِمَامُ وَاللَّفْظُ الشَّائِعُ (لَا يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ مَوْضُوعًا لِمَعْنًى خَفِيٍّ إلَّا عَلَى الْخَوَاصِّ كَمَا يَقُولُ مُثْبِتُو الْحَالِ الْحَرَكَةُ مَعْنًى تُوجِبُ تَحَرُّكَ الذَّاتِ) أي قال الامام الرازي فى المحصول واللفظ الشائع بين الخواص والعوام لا يجوز أي عرفا ان يكون موضوعا لمعنى خفي على الناس الا على الخواص فلا يخفى عليهم وذلك لامتناع تخاطب غيرهم من العوام بما هو خفى عليهم لا يدركونه قال كما يقول من المتكلمين مثبتوالحال أي الواسطة بين الموجود والمعدوم الحركة معنى توجب تحرك الذات أي الجسم فان هذا المعنى خفى على العوام فليس هو معنى الحركة الشائعة بين الجميع والظاهر لها باعتبار المعنى المتعارف بين العوام هوتحرك الذات لاالمعنى الذي يوجب تحركها فتفسر حينئذ الحركة عند العوام بنفس الانتقال وعند الخواص بمعنى اوجب الانتقال قال الشيخ حلولو فى الضياء اللامع ورد الاصبهانى ما قاله الامام بان قال قد يدرك الانسان معانى لطيفة خفية ولايجد لفظا يدل عليها لان ذلك المعنى مبتكر يحتاج الى وضع لفظ بازائه ليفهم الغير ذلك المعنى سواء كان اللفظ مشهورا ام لا نعم ان قيل ان اللفظ المشهور موضوع بازاء المعنى الخفى اولافممنوع اه. قد قاله الفخر حينئذ فى قوله فلذا قال الناظم: .. وَلَيْسَ مَوْضُوعًا لِمَعْنًى ذِي خَفَا إِلاَ عَلَى الْخَوَاصِ لَفْظٌ شِائِعُ ... قَدْ قَالَهُ الْفَخْرُ وَلِكَنْ نَازَعُوْا (مَسْأَلَةٌ: قَالَ ابْنُ فَوْرَكَ، وَالْجُمْهُور ُ اللُّغَاتُ تَوْقِيفِيَّةٌ عَلَّمَهَا اللَّهُ بِالْوَحْيِ أَوْ خَلْقِ الْأَصْوَاتِ أَوْ الْعِلْمِ الضَّرُورِيِّ وَعُزِيَ إلَى الْأَشْعَرِيِّ وَأَكْثَرُ الْمُعْتَزِلَةِ اصْطِلَاحِيَّةٌ حَصَلَ عِرْفَانُهَا بِالْإِشَارَةِ، وَالْقَرِينَةِ كَالطِّفْلِ أَبَوَيْهِ وَالْأُسْتَاذُ الْقَدْرُ الْمُحْتَاجُ فِي التَّعْرِيفِ تَوْقِيفٌ وَغَيْرُهُ مُحْتَمِلٌ لَهُ وَقِيلَ: عَكْسُهُ وَتَوَقَّفَ كَثِيرٌ وَالْمُخْتَارُ الْوَقْفُ عَنْ الْقَطْعِ وَإِنَّ التَّوْقِيفَ مَظْنُونٌ) اختلف فى واضع اللغة على مذاهب فلذا قال العلامة ابن عاصم فى مهيع الوصول: واختلفوا فى مبد اللغات أي على مذهب. فقال ابن فورك بفتح الفاء وضمها والمنع من الصرف للعلمية والعجمة من اصحاب الاشعري والجمهور انها توقيفية فلذا قال الناظم: تَوْقِيفٌ اللُّغَاتُ عِنْدَ الأَكْثَرِ ... ومِنْهُمُ ابْنُ فُوْرَكٍ والأشْعَرِي ومعنى كونها توقيفية انها وضعية بمعنى ان الله وَضَعَهَا فلذا قال ناظم السعود: واللغة الرب لها قد وضعا .... قال الجلال المحلى: فَعَبَّرُوا عَنْ وَضْعِهِ بِالتَّوْقِيفِ لِإِدْرَاكِهِ بِهِ اه. اذمعنى التوقيف قال المحقق البنانى التعليم اه. ويبنى على انها توقيفية امتناع ان تقلب تسمية الثوب مثلا بالفرس ويبنى عليه ايضا لزوم الطلاق لمن قصده بكإسقنى الماء ونحوه من كل كناية خفية وكذا لزوم المعتق لمن قصده بكل خفية فلذا قال ناظم السعود: يبنى عليه القلب والطلاق ..... بكاسقني الشراب والعتاق قال شارحه والصحيح من مذهب مالك لزومهما لان الالفاظ انما وضعت ادلة على ما فى النفس وهى اصطلاحية ولا يلزم من الاصطلاح الجريان على اصطلاح مخصوص مالم يثبت من الشرع تعبد فى ذلك اه. ووقف خلقه سبحانه على اللغات اما بان علمها الله عباده بالوحى الى بعض انبياءه وهو آدام ابو البشر قال العلامة ابن عاصم: وقيل بل اعلمها الله البشر واما بخلق الاصوات فى بعض الاجسام كشجرة واما بخلق العلم الجزء: 1 ¦ الصفحة: 65 الضروري فى بعض العباد بها فلذا قال الناظم: عَلَّمَهَا بِالوَحْي أَوْ بِأَنْ خَلَقْ ... عِلْمًا ضَرُوْرِيًّا وَصَوْتًا قَدْ نَطَقْ قال الجلال المحلى: وَالظَّاهِرُ مِنْ هَذِهِ الِاحْتِمَالَاتِ أَوَّلُهَا لِأَنَّهُ الْمُعْتَادُ فِي تَعْلِيمِ اللَّهِ تَعَالَى اه. وعزي هذالقول أي بانها توقيفية الى الاشعري واستدل بمعنى ان البشر وضعها واحدا فاكثر بان انبعث داعيته او داعيتهم الى وضع هذه الالفاظ بازاء معانيها حصل عرفانها بالاشارة والقرينة فلذا قال الناظم: وَبِاصْطِلاَحِ قَالَ ذُوْ اعْتِزَالِ ... والعِلْمُ مِنْ قَرَائِنِ الأَحْوَالِ وذلك كالطفل فانه يعرف لغة ابويه بالاشارة والقرينة فاذا قيل له هات الكتاب من البيت ولم يكن فيه غيره فذلك قرينة على ان لفظ الكتاب وضع له وكذا اذا قيل له هات الكتاب واشير اليه باليد مثلا فيتوصل بما ذكر من الاشارة والقرينة الى فهم الخفى والبين فلذا قال فى السعود معيدا الضمير على اللغات: وعزوها للاصطلاح سُمعا. فبالإشارة وبالتعَيّنِ .... كالطفل فهم ذي الخفا والبَيِّن واستدل من قال بهذ القول من المعتزلة بقوله تعالى {وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ رَسُولٍ إلَّا بِلِسَانِ قَوْمِهِ} أَيْ: بِلُغَتِهِمْ، فَهِيَ سَابِقَةٌ عَلَى الْبِعْثَةِ وَلَوْ كَانَتْ تَوْقِيفِيَّةً، وَالتَّعْلِيمُ بِالْوَحْيِ كَمَا هُوَ الظَّاهِرُ لَتَأَخَّرَتْ عَنْهَا قال الجلال السيوطى قلت الجواب ان التعليم بالوحى الى آدم وذلك سابق على كل بعثة اه. واشار العلامة ابن عاصم الى هذالقول الذي قاله من غير أي مضي من اكثر المعتزلة بقوله: وقيل بوضع من غير. وقال الاستاذ ابو اسحاق الاسفرينى القدر المحتاج اليه منها فى التعريف للغير توقيفي للحاجة اليه وغيره محتمل له ولليوقيفى واشار العلامة ابن عاصم الى القول بنقل التوقيف فى البعض واحتماله فى الاخر بقوله: والقول بالتوقيف فى البعض نقل ... وكل ما قد قيل فيه محتمل وتوقف كثير من العلماء عن القول بواحد من هذه الاقوال لتعارض ادلتها والمختار الوقف عن القطع بواحد منها حيث ان ادلتها لا تفيد القطع والتوقيف الذي هو اول الاقوال لا الذي فى كلام الاستاذ مظنون لظهور دليل الاصطلاح والى هذا المذهب الاول المعزو الى الاشعري اشارالناظم اليه بالقوم الذين الفوه مع قول العكس والذي بعده بقوله: وقِيْلَ عَكْسُهُ وَقَوْمٌ وَقَفُوْا ... وَقوْمٌ التَّوْقِيْفُ ظَنًّا أَلِفَوْا قال فى الضياء اللامع وترجيح مذهب الاشعري فى التوقيف بحسب الظن واختاره المصنف تبعا لابن الحاجب ونحوه للامدي اه. قال الجلال السيوطى قال الابياري فى شرح البرهان ولافائدة للخلاف فى هذه المسألة اه. (مَسْأَلَةٌ: قَالَ الْقَاضِي وَإِمَامُ الْحَرَمَيْنِ وَالْغَزَالِيُّ وَالْآمِدِيُّ لَا تَثْبُتُ اللُّغَةُ قِيَاسًا وَخَالَفَهُمْ ابْنُ سُرَيْجٍ وَابْنُ أَبِي هُرَيْرَةَ وَأَبُو إسْحَاقَ الشِّيرَازِيُّ وَالْإِمَامُ وَقِيلَ: تَثْبُتُ الْحَقِيقَةُ لَا الْمَجَازُ وَلَفْظُ الْقِيَاسِ يُغْنِي عَنْ قَوْلِك مَحَلُّ الْخِلَافِ مَا لَمْ يَثْبُتْ تَعْمِيمُهُ بِاسْتِقْرَاءٍ) أي اختلف فى اثبات اللغة بالقياس على مذهب فقال القاضى ابوبكر الباقلانى واماالحرمين والغزالى والامدي لاتثبت اللغة قياسا وخالفهم ابن سريج وابن هريرة وابواسحاق الشيرازي والامام الرازي فقالوا تثبت قال المحقق البنانى هذا أي ماقاله المصنف ظاهر فى انه لا ترجيح عنده لاحد من القولين ومقتضى كلامه فى القياس ترجيح الثانى وعزالشارح أي المحلى ثم ترجيحه اليه والذي رجحه ابن الحاجب وغيره الاول لان اللغة نقل محض فلا يدخلها القياس الجزء: 1 ¦ الصفحة: 66 اه. فالذين قالوا بالاثبات انه اذاشتمل معنى اسم على وصف مناسب للتسمية كالخمر أي المسكر من ماء العنب لتخميره للعقل أي تغطيته ووجد ذلك الوصف فى معنى ءاخر كالنبيذ أي المسكر من ماء العنب ثبت له بالقياس ذلك الاسم لغة فيسمى النبيذ خمرا فيجب اجتنابه حينئذ بأيه انما الخمر بالقياس على الخمر ثم ان القائلين بالجواز منهم من جوزه من حيث اللغة وهم الشيرازي وابن ابى هريرة والرازي ومنهم من جوزه من حيث الشرع وهو القاضى ابوالعباس ابن سريج فلذا قال الناظم: قَالَ أبُوْبَكْر مَعَ الْغَزَالِي ... والآمديِّ وأبِي الْمَعَالِي لاَ تَثْبُتُ اللُّغَاتُ بِالْقِيَاسِ ... وأَثْبَتَ القَاضِي أبُوْالعَبَّاسِ شَرْعًا وَفِي لُغَةٍ الشِّيْرَازِي ... وابْنُ أبِي هُرَيْرَةٍ والرَّازِي وابو المعالى هو امام الحرمين ومحل الخلاف فى اثبات اللغة بالقياس انما هو فى المشتق المشتمل على وصف كانت التسمية لاجله ووجد ذلك الوصف فى معنى ءاخر كما تقدم فى الخمر واما الاعلام فلا يجوز فيها القياس اتفاقا لانها غير معقولة المعنى فلذا قال فى ناظم السعود: محله عندهم المشتق ..... وما سواه جاء فيه الوَفق وفائدة الخلاف فى اثبات اللغة بالقياس خفة الكلفة وهى عدم الاحتياج الى ما يقيسه السلف أي المجتهدون لجامع ليثبت الحكم بالقياس اذمن قال باثبات اللغة بالقياس اكتفى بوجود الوصف فى المقيس ويصيرالحكم نصا لا قياسا فيقوي الحكم بالنص ويخف بعدم تطلب ما يتطلب فى شروط القياس فلذا قال ناظم السعود: وفرعه المبني خفة الكلف ..... فيما بجامع يقيسه السلف وقوله ولفظ القياس الخ أي ولفظ فيما ذكر فى المالة يغنى عن قولك اخذا من قول ابن الحاجب محل الخلاف مالم يثبت تعميمه بالاستقراء كرفع الفاعل ونصب المفعول ووجه الاستثناء عنه ان ما ثبت تعميمه بالاستقراء تدخل افراده بالنص لا بالقياس فبذكر المصنف القياس يخرج من غير احتراز وزاد الناظم تعرض لماقررنا ءانفا من جواز القياس انما هو فى المشتق واما العلم فيبت أي يقطع القياس فيه حيث قال: وقَالَ قَوْمٌ تَثْبُتُ الْحَقائِقُ ... دُوْنَ الْمَجَازِ والْجَمِيْعُ وَافَقُوْا عَلَى جَوَازِ مَا بِالاسْتِقْرَا ثَبَتْ ... تَعْمِيْمُهُ والْمَنْعُ فِي الأَعْلاَمِ بَتّْ قوله على جواز الخ أي نصا لاقياسا قال المحقق البنانى فانه اذا حصل لنا باستقراء جزئيات الفاعل مثلا قاعدة كلية هى ان كل فاعل مرفوع لا شك فيها فاذا رفعنا فاعلا لم يسمع رفعه منهم لم يكن قياسا لاندراجه تحتها قاله السيد اه. والله اعلم (مَسْأَلَةُ: اللَّفْظِ، وَالْمَعْنَى إنْ اتَّحَدَا فَإِنْ مَنَعَ تَصَوُّرُ مَعْنَاهُ الشَّرِكَةَ وَإِلَّا ف َكُلِّيٌّ مُتَوَاطِئٌ إنْ اسْتَوَى مَعْنَاهُ فِي أَفْرَادِهِ مُشَكِّكٌ إنْ تَفَاوَتَ وَإِنْ تَعَدَّدَا فَمُتَبَايِنٌ وَإِنْ اتَّحَدَ الْمَعْنَى دُونَ اللَّفْظِ فَمُتَرَادِفٌ وَعَكْسُهُ إنْ كَانَ حَقِيقَةً فِيهِمَافَمُشْتَرَكٌ وَإِلَّا فَحَقِيقَةٌ، وَمَجَازٌ) اللفظ مع مدلوله المعبر عنه فى كلام المصنف بالمعنى اما ان يكون متحدا ومعناه كذلك ويسمى مفردا لانفراده لفظه بمعناه وينقسم الى جزئي وكلى فان منع تصور معنى اللفظ الشركة فيه من اثنين مثلا فذلك اللفظ يسمى جزئيا كزيد وهومااشار اليه الناظم بقوله: اللَّفْظُ والْمَعْنَى ذوالاتِّحَادِ ... قَدْ يَمْنَعُ الشِّرْكَةَ فِي الْمُرَادِ وان لم يمنع تصور الجزء: 1 ¦ الصفحة: 67 معناه الشركة فيه فيسمى كليا فلذا قال سيدي عبد الرحمان الاخضري فى السلم: وَهْوَ عَلى قِسْمَيْنِ أَعْني المُفْرَدا ... - ... كُلِّيٌّ أَوْ جُزْئِيُّ حَيْثُ وُجِدا فَمُفْهِمُ اشْتِراكٍ الكُلِّيُّ ... - ... كَأَسَدٍ وَعَكْسُهُ الجُزْئِيُّ ثم ان الكلى اما ان لايوجد فرد فى الخارج كبحر من زئبق او وجد له واحد فقط كالشمس اوتعددت افراده كالانسان فلذا قال العلامة ابن عاصم: وهبه فى الخارج ذاتعدد ... اوواحد كالشمس اولم يوجد ثم انه ان تساوت محامله سمى متواطئا كانسان بالنسبة الى افراده فانها متفقة بالحقيقة فان كل انسان لا يزيد على الاخر فى معنى الانسانية التى هى الحيوانية والناطقية ومعنى التواطئ التوافق والرجولية التى هى الذكورة والبلوغ فى بنى آدم فانها مستوية فى افراد الرجل فهو عكس التباين كما سياتى فلذا قال العلامة ابن عاصم فى مهيع الوصول فى تعريفه مشيراللتباين قبله: وعكس ذا ان استوي حيث يحل ... معناه فهو المتواطى كالرجل وان تفاوتت محامله كالبياض للثلج والعاج سمى مشككا فان معناه فى الثلج اشد منه فى العاج قال المحقق البنانى قال ابن التلمسانى لا حقيقة للمشكك لان مابِه التَّفَاوُتَ ان دخل فى التسمية فاللفظ مشترك والا فهو متوطئ واجاب عنه القرافى بان كلا من المتوطئ والمشكك موضوع للقدر المشترك لكن التفاوت ان كان بامور من جنس المسمى فالمشكك او بامور خارجة سماه كالذكورة والانوثة والتعلم والجهل فالمتواطئ شيخ الانسان اه. واشار العلامة ابن عاصم الى تعريف المشكك بقوله: وان بدا تفاوت المذكور .... فسمه مشككا كالنور كما اشار الى تعريفهما اعنى المتواطئ والمشكك الناظم بقوله معيدا الضمير على الكلى المتقدم: تُلْفِيْهِ ذَا تَوَاطَؤٍ إِنْ اسْتَوَى ... مُشَكِّكًا إِذَا تَفَاوُتًا حَوَى وان تعدد المعنى دون اللفظ كالانسان والبشر فاحد اللفظين مثلا مع الاخر مترادف لترادفهما أي تواليهما على معنى واحد وذلك كمقسم وحالف فهو عكس المشترك الاتى فلذا اعاد الضمير عليه العلامة ابن عاصم حين عرف المترادف بعد المشترك قائلا: وعكسه سمى الترادف .... مثاله كمقسم وحالف وعرفه الناظم ايضا بقوله: وَمَهْمَا اتَّحَدَا. مَعْنَاهُ دُوْنَ اللِّفْظِ ذُوْ تَرَادُفِ ... وَعَكْسُهُ إِنْ كَانَ فِي الْمُخَالِفِ نعم اذا زاد معنى احد اللفظين على معنى الاخر بشيء فى ذاته كالسيف والصارم فان الصارم دال بموضوعه على صفة الحدة بخلاف السيف فيخرجان حينئذ عن كونهما مترادفين الى كونهما متباينين فلذا قال العلامة ابن عاصم فيما يشترط فى الترادف: لا باعتبار زائد فى ذاته .... كالسيف والصارم من صفاته واما عكس الترادف وهو ان يتحد اللفظ ويتعدد المعنى كان يكون للفظ معنيان فان كان اللفظ حقيقة فى المعنيين مثلا كالقرء للحيض والطهر فيسمى مشتركا لاشتراك المعنيين فيه فلذا قال العلامة ابن عاصم: وفى اتحاد اللفظ دون المعنى ... يدعونه مشتركاكالادنى قال المحقق البنانى ولابد فى الاشتراك اللفظى من تعدد الوضع كما صرح به السيد وغيره اه. أي واذا لم يكن كذلك فيدعي بالنقل لا بالاشتراك فلذا قال العلامة ابن عاصم: واشترطوا فى الاشتراك الوضعا ... وغيرمابالوضع نقلا يدعى واذا لم يكن المشترك حقيقة فى المعنيين بان وضع لاحد المعنيين وضعا الجزء: 1 ¦ الصفحة: 68 اوليا ثم استعمل فى غير ماوضع له ثانيا لعلاقة بينهما فالاول هوالحقيقة والثانى المجاز فلذا قال الناظم فى تعريف المشترك معيدا الضمير على الترادف قبله: وعكسه ان كان فى التخالف حقيقة مشترك والا .... حقيقة مع المجاز يتلى وقد اشار الى تعداد هذه المعانى فى السلم المنورق بقوله: وَنِسْبَةُ الأَلْفاظِ لِلْمَعاني ... خَمْسَةُ أَقْسَامٍ بلا نُقْصانِ تَواطُؤٌ تَشَاكُكٌ تَخَالُفُ ... وَالاشْتِراكُ عَكْسُهُ التَّرادُفُ والله اعلم. (وَالْعِلْمُ مَا وُضِعَ لِمُعَيَّنٍ لَا يَتَنَاوَلُ غَيْرَهُ فَإِنْ كَانَ التَّعَيُّنُ خَارِجِيًّا فَعَلَمُ الشَّخْصِ وَإِلَّا فَعَلَمُ الْجِنْسِ وَإِنْ وُضِعَ لِلْمَاهِيَّةِ مِنْ حَيْثُ هِيَ فَاسْمُ الْجِنْسِ) العلم بفتح العين واللام مشتق من العلامة وعرفه المصنف بانه ماوضع لمعين لايتناول غيره فخرج بالمعين النكرات وبقوله لايتناول غيره بقية المعارف والاصل فى ذلك قال المحقق البنانى هو ان اللفظ قد يكون جزئيا وضعا واستعملا وهوالعلم فانه وضع لمعين فلايتناول غيره وقد يكون كليا وضعا جزئيا استعمالا وهو بقية المعارف اه. قال الشيخ حلوحلو فى الضياء اللامع فان الضمير صالح لكل متكلم ومخاطب وغائب وكذا اسم الاشارة صالح لكل مشار اليه ولهذا المعنى اختار القرافى ان المضمرات من قبيل الكلى لا الجزئى اه. واما كونها من قبيل الكلى الوضعى الجزئي الاستعمالى قال المحقق البنانى فغير منصور وذكر بعد انه مذهب العضد والسيد ومن تبعهما وحكى العلامة ابن عاصم المذهبين فى قوله: وقال فى الضمير عن خلاف .... بوضعه كليا القرافى واختص فى استعماله والاكثر ... من قال جزئيا يكون المضمر فان كان التعيين فى العلم الذي عرف آنفا بانه لا يتناول غيره خارجيا فهو علم شخص اذ هو ما وضع لمعين فى الخارج لانه لايتناول غيره من حيث الوضع له وحينئذ لا يخرج العارض الاشتراك كزيد مسمى به كل من جماعة قال المحقق البنانى لانه معين من حيث الوضع لايتناول غيره من تلك الحيثية فلاحاجة الى ان يزدا فى التعريف المذكور بوضع واحد اه. وعرفه الناظم ايضا ممثلا به لما اتحد فيه اللفظ والمعنى قائلا: كَعَلَمٍ مَّا لِمُعَيَّنٍ وُضِعْ ... لَمْ يَتَنَاوَلْ غَيْرَهُ كَمَا اتُّبِعْ فَإِنْ يَكُ التَّعْيِينُ خَارجيَّا ... فَعَلَمُ الشَّخْصِ وان لم يكن التعيين خارجيا بان كان ذهنيا فهو علم الجنس اذهو ما وضع لمعين فى الذهن أي ملاحظ التعيين فيه في الذهن قال المحقق البنانى لان الوجود فى الذهن مشترك بينه وبين سائر الصور الذهنية فلايتعين به عن سائرها بل انما يتعين بالمشخصات الذهنية اه. وذلك كاسامة علم لماهية السبع الحاضرة فى الذهن وان وضع اللفظ للماهية من حيث هى من غير ان يلاحظ تعينها فى الذهن فاسم الجنس كاسد اسم للسبع أي لماهية فلذا قال الناظم: وَإِنْ ذَهْنِيَّا. فَالْجِنْسُ لِلْمَاهِيَّةِ اسْمُهُ وُضِعْ ... مِنْ حَيْثُ هِي فَشِرْكَةٌ لاَ تَمْتَنِع أي وان كان التعيين ذهنيا فالجنس أي فعلم الجنس على حذف مضاف ونقل الجلال السيوطى عن ابن قاسم تحرير الفرق بين علم الجنس واسمه قائلا التحقيق ان اسم الجنس موضوع للحقيقة الذهنية من حيث هى هى فاسد موضوع للحقيقة باعتبار حضورها الذهنى الذي هو نوع تشخيص لها مع قطع النظر عن افراده ونظيرها المعرف بلام الحقيقة وبيان ذلك ان الحقيقة الحاضرة فى الذهن وان كانت خاصة بالنسبة الى افرادها فهى باعتبار حضورها فيه اخص من مطلق الحقيقة فاذا استحضر الواضع فى الذهن صورة الاسد ليضع لها فتلك الصورة الكائنة فى ذهنه جزئية بالنسبة الى مطلق صورة الاسد فان هذه الصورة واقعة لهذ الشخص فى زمان ومثلها يقع فى زمان آخر او الجزء: 1 ¦ الصفحة: 69 فى ذهن آخر والجميع مشترك فى مطلق صورة الاسد فان وضع لها من حيث خصوصها فعلم الجنس او من حيث عمومها فاسم الجنس اه. والله اعلم (مَسْأَلَةٌ: الِاشْتِقَاقُ رَدُّ لَفْظٍ إلَى آخَرَ وَلَوْ مَجَازًا لِمُنَاسَبَةٍ بَيْنَهُمَا فِي الْمَعْنَى وَالْحُرُوفُ الْأَصْلِيَّةُ وَلَا بُدَّ مِنْ تَغْيِيرٍ) قال فى الضياء اللامع الاشتقاق لغة قال ولي الدين هو الانقطاع اه. اما فى الاصطلاح فهو ماعرفه به المصنف من كونه رد لفظ الى ءاخر أي بان يحكم بان الاول ماخوذ من الثانى أي فروع عنه كاخذ الفعل او الوصف من المصدر الذي هو اصلها على المنتخب كما قال ابن مالك فى الخلاصة وكونه أصلا لهذين انتخب .... ولو كان الاخر مجاز اذلا يختص الاشتقاق بالحقيقة وذلك كاشتقاق الناطق من النطق بمعنى التكلم حقيقة وبمعنى الدلالة مجازا كما فى قولك الحال ناطقة بكذا أي دالة عليه على وجه الاستعارة التبعية بان شبهت دلالة الحال بالنطق فى ايصال المعنى الى الذهن واستعير النطق لدلالة ثم اشتق من النطق ناطقة واستعيرت لدالة المشتق من الدلالة بتبعية استعارة النطق للدلالة اذ الاستعارة الجارية فى الوصف والفعل والحرف تكون تبعية بخلاف الجارية فى اسم الجنس كما هو مقرر فى فن البيان فلذا قال العلامة سيدي عبد الرحمان الاخضري فى الجوهرالمكنون فى صدف الثلاثة الفنون: واللّفظُ إن جِنْساً فَقُلْ أَصْلِيَّةْ .... وَتَبَعِيَّةً لَدى الوَصْفِيَّةْ والفعلِ والحرفِ كـ"حالِ الصّوفيْ .... يَنطِقُ أنَّهُ المنيبُ المُوفيْ" قال الشيخ حلوله فى الضياء اللامع: واشار بقوله ولومجازا الى ان الاشتقاق قد يكون من المجاز كما يكون من الحقيقة اه. واشار الى ماذكر ناظم السعود باطلاق التاصل فى المردود اليه أي المشتق منه بان يكون حقيقة او مجازا حيث قال: وَالْاشْتِقَاقُ رَدُّكَ اللَّفْظَ إِلى ..... لَفظٍ وَأَطْلَقَ فِي الَّذِيْ تَأَصَّلَا أي وذلك لتحقق ماهية الاشتقاق بحصول المناسبة فى المشتق والمشتق منه فى المعنى والحروف الاصلية بان تكون فيهما على ترتيب واحد كما فى الضارب من الضرب فلذا قال الناظم: الإشْتِقَاقُ رَدُّ لَفْظٍ لِسَوَاهْ ... ولَوْ مَجَازًا لِتَنَاسُبٍ حَوَاهْ فِي أَحْرُفٍ أَصْلِيَّةٍ والْمَعْنَى ... وفي المعاني والأصول اشْتَرِطا .... تناسباً بينهما منضبطا قال الجلال المحلى: ثُمَّ مَا ذَكَرَ تَعْرِيفٌ لِلِاشْتِقَاقِ الْمُرَادِ عِنْدَ الْإِطْلَاقِ، وَهُوَ الصَّغِيرُ أَمَّا الْكَبِيرُ فَلَيْسَ فِيهِ التَّرْتِيبُ كَمَا فِي الْجَذْبِ وَجَبذْ، وَالْأَكْبَرُ لَيْسَ فِيهِ جَمِيعُ الْأُصُولِ كَمَا فِي الثَّلْمِ وَثَلْبٍ اه. فالاشتقاق الكبير مااجتمعت فيه الاصول دون الترتيب مع مناسبة معنوية بينهما وافاد ناظم السعود ان من دري أي علم ان الثلم والثلب أي الخلل والنقص من الاشتقاق الاكبرحيث قال " والجبذ والجذب كبير ويَرى .... للأكبر الثلمَ وثلبا من درى ولابد فى تحقق المشتق من تغيير بين اللفظين تحقيقا كما فى ضرب من الضرب قال الجلال المحلى: وقسمه فى المنهاج خمسة عشر قسما اه. اوكان التغيير كما فى طلب من الطلب فتقدر فتحة اللام فى الفعل غيرها فى المصدر فلذا قال الناظم: وَشَرْطُهُ الْتَّغْيِيْرُ كَيْفَ عَنَّا أي كيف عرض التغيير فى الاشتقاق تحقيقا كان او تقديرا فلذا صرح بهما ناظم السعود فى قوله: لا بد في المشتق من تغيير ..... مُحَقَّق أو كان ذا تقدير (وَقَدْ يَطَّرِدُ كَاسْمِ الْفَاعِلِ وَقَدْ يَخْتَصُّ كَالْقَارُورَةِ) أي ان المشتق ان اعتبر فى مسماه معنى المشتق منه على ان يكون داخلا فيه بحيث يكون المشتق اسما لذات مبهمة انتسب اليها ذلك المعنى الذي فى المشتق منه فهو مطرد لغة كضارب اسم فاعل ومضروب اسم الجزء: 1 ¦ الصفحة: 70 مفعول وان اعتبر ذلك لاعلى انه داخل فيه بل على انه مصحح للتسمية كالقارورة من القرار للزجاجة المعروفة دون غيرهامما هو مقر للمائع دون الكوز وكالدبر ان لا يطلق على شيء ممافيه دبور غير الكواكب الخمسة التى فى الثوروهى منزلة من منازل القمر فليس بمطرد فلذا قال فى السعود: وإن يكن لمبهم فقد عُهد .... مطردا وغيره لا يطرد وصرح الناظم بما صرح به المصنف قائلا " وَمِنْهُ كَاسْمِ الفَاعِلِ الْمُطَّرِدُ ... ومِنْهُ كَالقَارُوْرَةِ الْمُقْتَصِدُ (وَمَنْ لَمْ يَقُمْ بِهِ وَصْفٌ لَمْ يَجُزْ أَنْ يُشْتَقَّ لَهُ مِنْهُ اسْمٌ خِلَافًا لِلْمُعْتَزِلَةِ وَمِنْ بِنَائِهِمْ اتِّفَاقُهُمْ عَلَى أَنَّ إبْرَاهِيمَ ذَابِحٌ وَاخْتِلَافُهُمْ هَلْ إسْمَاعِيلُ مَذْبُوحٌ) أي لا يجوز ان يشتق الاسم الالمن قام به الوصف فلا يطلق على من لم يتصف بالقيام انه قائم وكذا الاسماء الاعجمية قال شارح جبريل لم سميت جبريل فقال لانى آت بالجبروت وميكائيل به لانه يكيل الارازاق واسرافيل سمى به لعظم خلقه فلذاقال فى نظمه: والأعجميّ فيه الاشتقاق ... كجبرئيل قاله الحذاق ثم قال كما وقع الاشتقاق فى الاسماء الاعجمية وقع ايضا اشتقاق الجمع والتثنية من المفرد فرحلان ورجال مشتاق من رجل وقال ايضا عرف عندهم انه لا يشترط فى الاشتقاق وجود مصدر ولا استعمال فالجمود لا ينافى الاشتقاق فلذا قال فى نظمه: كذا اشتقاق الجمع مما أُفردا .... ونفيُ شرطِ مصدر قد عُهدا ثم ان المعتزلة خالفوامنهج الصواب المحتاج الى اتباعه حتى جري بهم الخلاف الى ما جري فجرهم الى ان نفوا عن الله تعالى صفاته الذاتية كالعلم وسائر صفات المعانى ووافقوا على اثبات المعنوية فقالوا عالم مثلا بذاته لا بصفة زائدة عليها فلزم من ذلك صدق المشتق على من لم يقم به معنى المشتق منه فلذا قال فى نظمه: وعند فقد الوصف لا يشتق .... وأعوز المعتزليَّ الحق قال يقال كما فى القياس اعوزه الشيء احتاج اليه اه. وقال الناظم ايضا: مَنْ لَمْ يَقُمْ وَصْفٌ بِهِ مَا اشْتُقَّ لَهْ ... مِنْهُ سُمًا وَخَالَفَ الْمُعْتَزِلَهْ قال الشيخ حلولو فى الضياء اللامع ثم انهم أي المعتزلة بنوا على التجويز مسالة وهى ان المعتزلة اتفقوا على ان ابراهيم عليه السلام ذابح حيث امر الة الذبح على محله واختلفوا هل اسماعيل مذبوح ام لا فمن قال انه مذبوح قال لانه ذبح والتام ماقطع منه وقيل غير مذبوح وانه لم يقطع منه شيء وانه كانت على حلقه صفحة من نحاس او حديد فالقائل بهذا قد اطلق الذابح على من لم يقم به الذبح اه. (فَإِنْ قَامَ بِهِ مَا لَهُ اسْمٌ وَجَبَ الِاشْتِقَاقُ أَوْ مَا لَيْسَ لَهُ اسْمٌ كَأَنْوَاعِ الرَّوَائِحِ لَمْ يَجِبْ) أي ان كل من قام به وصف وكان لذلك الوصف اسم وجب الاشتقاق من ذلك الاسم كاشتقاق العالم من العلم لمن قام به معناه فلذا قال اوجب ناظم السعود الاشتقاق ايضا حيث قال: وحيثما ذو الاسم قام قد وجب ... وان قام به وصف ليس له اسم كانواع الروئح فانها لم يوضع لها اسم استغناء بالتقييد كرائحة كذا قال الجلال المحلى: وَكَذَلِكَ أَنْوَاعُ الْآلَامِ لَمْ يَجِبْ الِاشْتِقَاقُ ; لِاسْتِحَالَتِهِ اه. ونفى الناظم ايضا ما ينفى واوجب ما يجب بقوله: ولاَ الِّذِي قَامَ بِهِ مَا لَيْسَ لَهْ ... اسْمٌ فَإِنْ كَانَ فأَوْجِبْ عَمَلَهْ (وَالْجُمْهُورُ وَعَلَى اشْتِرَاطِ بَقَاءَ الْمُشْتَقِّ مِنْهُ فِي كَوْنِ الْمُشْتَقِّ حَقِيقَةً إنْ أَمْكَنَ وَإِلَّا فَآخِرُ جُزْءٍ وَثَالِثُهَا الْوَقْفُ) أي وذهب الجمهور من العلماء على اشترط بقاء معنى المشتق منه الجزء: 1 ¦ الصفحة: 71 الذي هوالاصل فى المحل فى كون المشتق أي الفرع المطلق على ذلك المعنى اطلاق حقيقيا فيما اذا امكن بقاء ذلك المعنى كالقيام وان كان وجد وانقضى كما هو موضوع المسألة حسبما سياتى وان كان يقتضى شيأءا فشياءاكالمصادر السيالة نحو المتكلم فالمشترط بقاء آخر جزءمنه وهو ما عليه الجل من العلماء فلذا قال فى السعود جاعلا المشتق منه اصلا والمشتق فرعا حيث قال: ..وفرعه إلى الحقيقة انتسب لدى بقاء الاصل في المَحَلِّ .... بحسب الإمكان عند الجُلِّ وقال الناظم: والأكْثَرُوْنَ شَرَطُوْا لَهُ البَقَا ... فِي كَوْنِهِ حَقِيْقَةً قَدْ أُطْلِقَا أوْ آخِرَ الْجُزْءِ إِذَا لَمْ يُمْكنِ ... قال المحقق البنانى الاقوال الجارية فى المشتق بعد انقضاء المعنى اما المشتق عند وجود المعنى المشتق منه كالضارب لمباشر الضرب فحقيقة اتفاقا وقبل وجوده كالضارب لمن لم يضرب وسيضرب فمجاز اتفاقا اه. القول الثانى قال الجلال المحلى: لَا يُشْتَرَطُ بَقَاءُ مَا ذَكَرَ فَيَكُونُ الْمُشْتَقُّ الْمُطْلَقُ بَعْدَ انْقِضَائِهِ حَقِيقَةً اسْتِصْحَابًا لِلْإِصل اه. قال الجلال السيوطى وبه قال الجبائي وابنه ابوهشام وابن سيناء اه. وثالث الاقوال الوقوف عن الاشتراط وعدمه لتعارض دليليهما فالذي يقول انه بعد انقضاء المعنى يكون مجاز يحتج بانه مقيس على المطلق قبل وجوده كما فى انك ميت حيث انه مجاز اتفاقا والذي يقول انه حقيقة يحتج بحجة الاستصحاب وزاد الناظم قولا مفصلا بان ما امكن بقاء المعنى فيه كالقيام يكون الاطلاق فيه بعد الانقضاء مجازيا ومالم يمكن بقاء المعنى فيه كالتكلم يكون الاطلاق حقيقيا وهو قول فى المحصول وحكاه الامده ودفع بانه لم يقل به احد فلذلك تركه المصنف نعم حكاه الناظم من جملة الاقوال بقوله: والثَّالِثُ اشْتِرَاطُهُ فِيْ الْمُمْكِنِ. والرَّابِعُ الوَقْفُ. فجعل ثالث المصنف رابعا بزيادة القول الذي ذكر قبله وهومدفوع (وَمِنْ ثَم كَانَ اسْمُ الْفَاعِل حَقِيقَةً فِي الْحَالِ أَيْ حَالِ التَّلَبُّسِ لَا النُّطْقِ خِلَافًا لِلْقَرَافِيِّ) أي من اجل اشتراط ماذكر من بقاء المعنى ان امكن او آخر جزء منه ان لم يمكن بقاؤه كان اسم الفاعل حقيقة فى الحال أي حال التلبس بالمعنى او جزئه لا حال النطق خلافاللقرافى فى اعتباره الحقيقة انما هي فى حال النطق حيث قال فى بيان معنى الحال فى المشتق ان يكون التلبس بالمعنى حال النطق به واشار الناظم الى القولين وان المنجلى هوالاول بقوله: واسْمُ الفَاعِلِ ... حَقِيْقَةٌ فِي الْحَالِ ثُمَّ الْمُنْجَلِيْ حَالَ الْتَّلَبُّسٍ وَقِيْلَ النُّطْقِ.. وتعرض شارح السعود موافقا لماذهب اليه مصنفنا رحمه الله مؤسس الشروح والحواشى من ان كان من اسم الفاعل اواسم المفعول كضارب ومضروب وسارق ومسروق حقيقة فى حالة التلبس قال لان معنى اسم الفاعل واسم المفعول ذات متصفة بمعنى المشتق منه من غير اعتبار زمان او حدوث أي وجود بعد العدم وهو حقيقة فى كل من قام به هذا الوصف الان او فى الماضى او المستقبل فلذا قال فى النظم: فما كسارق لدى المؤسس .... حقيقة في حالة التلبس وتعرض لمذهب القرافى قائلا قال أي القرافى فى بيان معنى الحال فى المشتق ان يكون التلبس بالمعنى حال النطق به اذاكان المشتق من اسم الفاعل او اسم مفعول مسندا نحو زيد ضارب اذهو للحدث الحاصل بالفعل ويلزمه حضورالزمان فان استعمل فى الحدث الذي سيقع فهو مجاز وكذا فى الماضى على الاصح اما اذا كان محكوما عليه نحو (الزَّانِيَةِوَالزَّانِي فَاجْلِدُوا) (السَّارِقَ وَالسَّارِقَةَ فَاقْطَعُوا) (فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ) الجزء: 1 ¦ الصفحة: 72 فحقيقة فى الحال والماضى والاستقبال. واختلف المحققون بعده فمنهم من سلم له التخصيص ومنهم من منع وابقى المسألة على عمومها فلذا قال فى نظمه منوعا الخلاف: أو حالة النطق بما جا مُسندا .... وغيرُه العمومُ فيه قد بدا قال والمراد بالغير فى قوله وغيره المحكوم عليه عند القرافى للتلبس بالمعنى فى أي وقت ماضيا كان او حاضرا او مستقبلا اه. والله اعلم (وَقِيلَ: إنْ طَرَأَ عَلَى الْمَحَلِّ وَصْفٌ وُجُودِيٌّ يُنَاقِضُ الْأَوَّلَ لَمْ يُسَمَّ بِالْأَوَّلِ إجْمَاعًا) أي قيل ان طرا على المحل للوصف وصف وجودي يناقض الوصف الاول كالسواد بعد البياض والقيام بعد القعود لم يسم المحل بالمشتق من الاسم الاول اجماعا فيسمى بالطاري ولايسمى بالاول المفارق وافاده الناظم بقوله: وَقِيْلَ إِنْ طَرَا ... وَصْفٌ وُجُودِيٌّ يُنَافِي الآخَرَا لَمْ يَجُزِ الإطْلاقُ إِجْمَاعًا جَلاَ ... قوله جلا أي كشف الاجماع المقصود من عدم جريان الاختلاف كما تعرض لهذا الاجماع ناظم السعود حيث جعل هذالقول ثالثا فى قوله: ثالثها الإجماع حيثما طرا ... على المحل ما مناقضا يُرى وتعرض لمسألة مبنية على الخلاف المذكور ذكرها اهل المذهب المالكي فقال من رمى زوجته المطلقة طلاقا بائنا بالزنى هل يلاعن فبعض اهل المذهب نفى اللعان لانها ليست بزوجة وبعضهم حقق اللعان بينهما أي اوجبه ولابن المواز تفصيل راجع الى القول الثالث وهى ان تزوجت غيره لم يلاعن والا لاعن فكانه راي زواجها الثانى مانعا من صدق كونها زوجة فلذا قال فى نظمه معيدا الضمير على الخلاف السابق: عليه يُبنى من رمى المطلقه .... فبعضهم نفى وبعض حققه وبمقتضى ظاهر المصنف ان الاجماع الذي ذكره لا خلاف فيه بل الخلاف فى غيره قال الجلال المحلى: جَرَيَانُهُ فِيهِ ; إذْ لَا يَظْهَرُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ غَيْرِهِ فَرْقٌ اه قال المحقق البنانى اعترضه الكمال بما اوضح شيخ الاسلام سقوطه وتلخص ان فى المسألة اقوالا اربعة الثلاثة المتقدمة فى قول المصنف والجمهور الخ وهذا فكان الانسب تقدمه على قوله ومن ثم كما لا يخفى اه. (وَلَيْسَ فِي الْمُشْتَقِّ إشْعَارٌ بِخُصُوصِيَّةِ الذَّاتِ) أي وليس فى المشتق الذي هو دال على ذات متصفة بمعنى المشتق منه كالابيض اشعار بخصوصية تلك الذات من كونها جسما او غير جسم او بشرا او غيره فانه لامعنى لقولك الابيض جسم الاذات قام بها البياض من غير دلالة على خصوصية على خصوصية فيهامن كونها جسما اوغير جسم اذ لو اشعر ذلك بالخصوصية بمثابة قولك الجسم ذوالبياض جسم وهو غير صحيح لعدم افادته فلذا قال الناظم: وَلَيْسَ فِي الْمُشْتَقِّ مَا دلَّ عَلَى خُصُوْصِ تِلْكَ الذَّاتِ ... وزاد ايضا زيادة على المصنف وهى ان قوما انكروا وقوع الاشتقاق قال ابو حيان فى الارتشاف ذهبت طائفة الى انه لايشتق شيء من شيء وان كلا اصل فلذا قال: وَقِيْلَ لاَ وُقُوْعَ لِلْمُشْتَقِّ (مَسْأَلَةُ الْمُتَرَادِفِ وَاقِعٌ خِلَافًا لِثَعْلَبَ وَابْنِ فَارِسٍ مُطْلَقًا) الترادف والمترادف اللفظ المتحد المعنى كما تقدم وفى وقوعه خلاف فقيل انه واقع فى الكلام العربي قرءانا او غيره فى الاسماء كالانسان والبشر وفى الافعال وفى الحروف كنعم وجير خلافا لابن ثعلب وفارس فى نفيهما وقوعه مطلقا قالا ومايظن مترادفا كالانسان والبشر فمتباين بالصفة فالاول سمى انسانا باعتبار النسيان او يانس وسمى بشرا باعتبار انه بادى البشرة أي ظاهر الجلد فيه قال الشيخ حلولو فى الضياء الجزء: 1 ¦ الصفحة: 73 اللامع قال الاصبهانى وينبغى حمل كلامهم على منعه فى لغاة واحدة واما فى لغتين فلا ينكره اه. فلذا قال الناظم: وُقُوْعُ ذِيْ التَّرَادُفِ الْمُصوَّبُ ... وأنْكَرَ ابْنُ فَارِسِ وثَعْلَبُ كَأَنَّهُ فِي لُغَةٍ مُفْرَدَةِ.. وخلافا للامام الرازي فى نفيه وقوعه فى الاسماء الشرعية قال لانه ثبت على خلاف الاصل للحاجة اليه فى النظم أي لاقامة الوزن او القافية والسجع مثلا وذلك منتف فى كلام الشارع قال الجلال المحلى: وَاعْتَرَضَ عَلَيْهِ الْمُصَنِّفُ كَالْقَرَافِيِّ بِالْفَرْضِ وَالْوَاجِبِ، وَبِالسُّنَّةِ وَالتَّطَوُّعِ وَيُجَابُ بِأَنَّهَا أَسْمَاءٌ اصْطِلَاحِيَّةٌ لَا شَرْعِيَّةٌ، وَالشَّرْعِيَّةُ مَا وَضَعَهَا الشَّارِعُ كَمَا سَيَأْتِي. اه والى هذالقول المفصل اوالقولين قبله اشار ناظم السعود بقوله: وذو الترادف له حصول .... وقيل لا ثالثها التفصيل وصرح بالقائل الناظم فى قوله: وأنْكَرَ الإمَام فِي الْشَّرْعِيَّةِ. (وَالْحَدُّ، وَالْمَحْدُودُ وَنَحْوُ حَسَنٍ بِسِنّ غَيْرِ مُتَرَادِفَيْنِ عَلَى الْأَصَحِّ) أي و الحد الحقيقي وهو القول الدال على ماهية الشيئ والمحدود كالحيوان الناطق والانسان وكذا الاسم وتابعه نحو حسن بسن أي حسن شديد الحسن ونحو عطشان نطشان أي شديد العطشان غير مترادفين أي غير متحدالمعنى على الاصح لان الحد يدل على اجزاء الماهية تفصيلا والمحدود أي اللفظ الدال عليه يدل عليها اجمالا والمفصل غير المجمل واما الاسم والجائي تابعاله فانه لايفيد المعنى بدون متبوعه ومن شان كل واحد من مترادفين افادته المعنى والى هذا الاصح اشار الناظم معيدا الضمير على المترادف بقوله: وَلَيْسَ مِنْهُ فِي الأَصَحِّ الْحَدُّ مَعْ ... مَحْدُوْدِهِ والاسْمُ والْجَائِي تَبَعْ (و َالْحَقُّ إفَادَةُ التَّابِعِ التَّقْوِيَةَ) قال الجلال السيوطى: ذهب الامدي الى انه لافائدة فى التابع اصلا وهو ظاهر قول المنهاج والتابع لايفيد تقوية الاول والا لم يكن لذكره فائدة والعرب لحكمتها لاتتكلم بما لافائدة فيه والفرق بينه وبين التاكيد انه يفيد مع التقوية نفى احتمال المجاز فى نحو جاء القوم كلهم او السهو فى نحو جاء زيد نفسه فلذاقال فى نظمه: والْحَقُّ أنَّ تَابِعًا يُفِيْدُ ... تَقْوِيَةً وَفَاقَهُ التَّأْكِيْدُ وتعرض ناظم السعود لبيان هذالخلاف اعنى الجاري فى التالى المتبوع مؤيدا او نافيا عنه احتمال المجاز بالتوكيد قائلا: وهل يفيد التالي للتأييد ..... كالنفي للمجاز بالتوكيد (وَوُقُوعُ كُلٍّ مِنْ الرَّدِيفَيْنِ مَكَانَ الْآخَرِ إنْ لَمْ يَكُنْ تَعَبَّدَ بِلَفْظِهِ خِلَافًا لِلْإِمَامِ مُطْلَقًا وَلِلْبَيْضَاوِيِّ وَالْهِنْدِيُّ إذَا كَانَا مِنْ لُغَتَيْنِ) هذا معطوف على قوله والحق افاده التابع التقوية أي والحق انه يصح وقوع كل رديف من كل رديفين مكان الرديف الاخر ان لم يكن تعبد أي تكليف بلفظه خلافا للامام الرازي فى نفيه ذلك مطلقا سواء كان من لغة اولغتين وخلافا للبيضاوي الصفى الهندي فى نفيه ماذكر اذا كان الرديفان من لغتين وتعرض ناظم السعود للاقوال الثلاثة قائلا: وللرديفين تعاور بدا .... إن لم يكن بواحد تَعَبَّدا وبعضهم نفيَ الوقوع أبَّدا ..... وبعضهم بلغتين قيدا والتعاور التعاقب واما الناظم فانه طوالقول الثانى حيث ذكر الاقوال فى قوله: والْمُرْتَضَى تَعَاقُبُ الرِّدْفَيْنِ ... مِنْ لُغَةٍ يَكُوْنُ أوْ ثِنْتَيْنِ .. والثاَّلِثُ الْمَنْعُ إِذَا تَعَدَّدَا. قال شارح السعود: اما ماتعبد بلفظه كالقرء والتكبير فلايقوم عندنا مرادفه مقامه ثم قال ان من عجز عن النطق بتكبيرة الاحرام لعجمية ينبنى الخلاف فيه المنقول عن المالكية على الخلاف فى وقوع كل من الرديفين مكان الاخر قيل يكفيه الدخول بالنية بناء على النفى وقيل يدخل باللفظ الذي يدخل به فى الاسلام وقيل يدخل الجزء: 1 ¦ الصفحة: 74 بلسانه الذي يتكلم به بناء على الجواز ولومن لغتين وافاد ان الخلاف فى تعاقب الرديفين انما هو فى حال التركيب لافى حال الافراد فلاخلاف فى جوازه فلذا قال فى نظمه: دخول من عجز في الإحرام ...... بما به الدخول في الإسلام أو نيةٍ أو باللسان يقتدي .... والخلف في التركيب لا في المفرد كماأفاد ابدال القرءان فى الصلاة بلسان عجمى ليس بمذهبى حيث ان القرءان العظيم متعبد بلفظه فقال: إبدال قرآن بالأعجمي .... جوازه ليس بمذهبيِّ (مَسْأَلَةُ: الْمُشْتَرَكُ وَاقِعٌ خِلَافًا لِثَعْلَبٍ وَالْأَبْهَرِيِّ وَالْبَلْخِيِّ مُطْلَقًا وَلِقَوْمٍ فِي الْقُرْآنِ قَبْلُ، وَالْحَدِيثِ وَقِيلَ وَاجِبُ الْوُقُوعِ وَقِيلَ مُمْتَنِعٌ وَقَالَ الْإِمَامُ مُمْتَنِعٌ بَيْنَ النَّقِيضَيْنِ فَقَطْ) الاشتراك هو ان يتحد اللفظ ويتعدد معناه الحقيقي كالقرء بفتح القاف وضمها مع إسكان الراء للطهر والحيض والجليل للحقير والخطير والناهل للريان والعطاشان وهو واقع فى الكلام جواز لثعلب والابهري والبخلى مطلقا قالوا ومايظن مشتركا فهو اماحقيقة ومجاز ومتواطئ كالعين حقيقة فى الباصرة مجاز في غيرها كالذهب الصفائه والشمس لضيائها وكالقرء موضوع القدر المشترك بين الطهر والحيض وهوالجمع من قبيل المتواطئ من قرات الماء فى الحيض أي جمعته والدم يجتمع فى زمن الطهر فى الجسد وفى زمن الحيض فى الرحم قال الناظم: ذُو الاشْتَرَاكِ واقعٌ فِي الأظْهَرِ ... وَقَدْ نَفَاهُ ثَعْلَبٌ والأبْهَرِي وخلافا لقوم فى نفيهم وقوعه فى القرءان قيل والحديث ايضا فهما فصلهما عن بعضهما الناظم فى قوله: وفِي القُرَانِ نَجْلُ دَاوودَ نَفَى ... وآخَرُوْنَ فِي حَدِيْثِ المصْطَفَى وعبرالناظم السعود عن المنع فى القرءان والحديث بالوحى حيث قال: في رأي الأكثر وقوع المشتَرَك .... وثالث للمنع في الوحي سلك وقيل هو واجب الوقوع لان المعانى اكثر من الالفاظ الدلالة عليها وقيل هو ممتنع لاخلافه بفهم المراد المقصود من الوضع واجيب بانه يفهم بالقرينة والمقصود من الوضع الفهم التفصيلى او الاجمالى المبين بالقرينة فان انتفت حمل على المعنيين اه. محلى وقال الامام الرازي: هُوَ مُمْتَنِعٌ بَيْنَ النَّقِيضَيْنِ فَقَطْ كَوُجُودِ الشَّيْءِ وَانْتِفَائِهِ ; إذْ لَوْ جَازَ وَضْعُ لَفْظٍ لَهُمَا. قال الجلال المحلى: وَأُجِيبَ بِأَنَّهُ قَدْ يَغْفُلُ عَنْهُمَا فيستحضرهما بِسَمَاعِهِ، ثُمَّ يَبْحَثُ عَنْ الْمُرَادِ مِنْهُمَا اه. والى الاقوال الثلاثة اشار الناظم بقوله: وَقِيْلَ وَاجِبٌ وقِيْلَ مُمْتَنِعْ ... وقيْلَ بَلْ بَيْنَ النَّقِيْضَيْنِ مُنِعْ (مَسْأَلَةُ: الْمُشْتَرَكِ يَصِحُّ إطْلَاقُهُ عَلَى مَعْنَيَيْهِ مَعًا مَجَازًا وَعَنْ الشَّافِعِيِّ وَالْقَاضِي وَالْمُعْتَزِلَةِ حَقِيقَةٌ زَادَ الشَّافِعِيُّ وَظَاهِرٌ فِيهِمَا عِنْدَ التَّجَرُّدِ عَنْ الْقَرَائِنِ فَيُحْمَلُ عَلَيْهِمَا وَعَنْ الْقَاضِي مُجْمَلٌ وَلَكِنْ يُحْمَلُ عَلَيْهِمَا احْتِيَاطًا) أي يصح لغة اطلاق المشترك على معنييه مثلا معا وذلك بان يراد به كل من معنييه اومعانيه من متكلم واحد فى واقت واحد كقولك عندي عين وتريد الباصرة والجارية مثلا واقرات هند وتريد حاضت وطهرت اذلم يوضع لهما معا وانما وضع لكل منهما من غيرنظر الى الاخر لاوجود اولاعدما وافاد المحقق البنانى ان الوضع غير الحمل والاستعمال وان المراد بالاطلاق فى كلام المصنف هو الاستعمال والاستعمال من صفات المتكلم وهو اطلاق اللفظ بقصد المعنى الوضوع له على أي حالة فلذا قال العلامة ابن عاصم فى مهيع الوصول: وقصدنا باللفظ قصد الوضع ... يدعى بالاستعمال عند الجمع بحيثما كان من الحلات ... والحمل من صفات السامع وهو اعقاده ماقصده الجزء: 1 ¦ الصفحة: 75 المتكلم المستعمل اللفظ المتكلم به سواء اصاب اعتقاده ما اراده المتكلم ام لا فلذا قال العلامة ابن عاصم: وسمى الحمل اعتقاد السامع ... فى قصد مستعمل لفظ واقع مع كونه اصاب مااراده ... اولم يواوفق قصده اعتقاده والوضع من صفات الواضع وتقدم فى قول المصنف والوضع جعل اللفظ دليلا على المعنى قال المحقق البنانى فالمراتب ثلاثة وضع واستعمال وحمل ذكر المصنف الوضع فى المسالة السابقة بقوله المشترك واقع الخ وذكر هنا الاستعمال بقوله يصح اطلاقه والحمل بقوله فيما ياتي ولكن يحمل عليهما اه. فالمعنى هنا يصح استعمال المشترك فى معنييه او معانيه مجازا وعن الشافعى والقاضى ابي بكرالباقلانى والمعتزلة هو حقيقة نظرا لوضعه لكل واحد منهما من غير اشتراط انفراد واجتماع فيستعمل فى هذا تارة من غير استعمال فى الاخير وتارة مع استعماله فيه والمعنى المستعمل فيه فى الحاليين نفس الموضوع له اللفظ حقيقة وناظم السعود تكلم على المذهبين قائلا: إطلاقَه في معنييه مثلا .... مجازا أو ضدا أجاز النبلا وتعرض العلامة ابن عاصم لذكر الخلاف فى ذا المشترك فى معنييه اجمالا قائلا فصل فى وجود المشترك ... فى معنييه الخلف ثم انه باعتبار كونه حقيقة فعند تجرده عن القرءان المعينة والمعممة على ثلاثة اقوال مختلفة فقال الشافعى انه ظاهر فى معنييه عند التجرد المذكور فيحمل عليهما معا من باب العموم فلذاقال الناظم يَصِحُّ أنْ يُرَادَ مَعْنَيَاهُ ... تجوُّزًا والشَّافِعِي رَآهُ حَقِيْقَةً وذَا ظُهُوْرٍ فِيْهِمَا ... فاحْمِلْ بَلاَ قَرِيْنَةٍ عَلَيْهِمَا فقول الشافعى اولا انه حقيقة فى معنييه أي عند وجود القرينة المعضدة فيقتفى طريقهاالواضح كما قال العلامة ابن عاصم: اما الذي تعضده قرينة ... فتقتفى سبيلها المبينه حيث ذكره اولا انه يجوز عنده ان يحمل على معانييه الحقيقة أي لظهوره فيها وذلك عند التجرد عن القراءن وذكر انه قوي النقل بذلك فقال: وقد أجاز الشافعى حمله .... على معانيه وقوي نقله وقال القاضى فيما حكاه عنه فى المحصول انه مجمل فيحمل عليهما معا من باب الاحتياط فلذا قال الناظم: وَوَافَقَ القَاضِي وقَالَ مُجْمَلُ ... عَلَيْهِمَا للاحْتِيَاطِ يُحْمَلُ وذكر الاجمال فى السعود ايضا للخلو عن القرينة فقال: إن يخل من قرينة فمجمل.. وقال الاكثرون فيما حكاه الصفى الهندي لا يحمل عليهما ولاعلى واحد منهما ويتوقف لظهور القرينة وهذالقول من زيادات الناظم حيث قال: والأكْثَرُوْنَ مِثْل مَا حَكَى الصَّفِي ... بالْمَنْعِ مِنْ حَمْلٍ وبِالتَّوَقُفِ وذالتوقف لدي التجرد من كل موضح ذكره العلامة ابن عاصم حيث قال فى مهيع الوصول وحكمه توقف ان وردا ... من كل ما يوضحه مجردا (وَقَالَ أَبُو الْحُسَيْنِ وَالْغَزَالِيُّ يَصِحُّ أَنْ يُرَادَ لَا أَنَّهُ لُغَةٌ وَقِيلَ يَجُوزُ فِي النَّفْيِ لَا الْإِثْبَاتِ وَالْأَكْثَرُ عَلَى جَمْعِهِ بِاعْتِبَارِ مَعْنَيَيْهِ إنْ سَاغَ مَبْنِيٌّ عَلَيْهِ) أي وقال ابو الحسين البصري والغزالى يصح ان يراد بالمشترك ماذكر من معنييه عقلا لاانه يراد به ماذكر من معنييه لغة لا حقيقة ولا مجازا لمخالفته لوضعه السابق قال الجلال المحلى: إذْ قَضِيَّتُهُ أَنْ يُسْتَعْمَلَ فِي كُلٍّ مِنْهُمَا مُنْفَرِدًا فَقَطْ فلذا قال الناظم فيه: وقِيْلَ إِنَمَا يَصِحُّ عَقْلاَ ... وَقِيْلَ لاَ يَصِحُّ ذَاكَ أصْلاَ وحيث انه لم يجزه نهج العرب لمنعه لغة قال فى السعود وقيل لم يُجزه نهج العُرب .... وقيل يجوز لغة ان يراد به المعنيان فى النفى لا الاثبات فنحو لا عين عند يجوز ان يراد به الباصرة والذهب مثلا بخلاف عندي عين فلا يجوز ان يراد به الامعنى واحد فقول الناظم فى الجزء: 1 ¦ الصفحة: 76 هذ القول. وقيل فى الاثبات. أي لا يجوز فيه الاطلاق فلذا قال فى السعود: ..وقيل بالمنع لضد السلب. بفتح السين وضد السلب الاثبات قال المحقق البنانى: اراد أي المصنف بالنفى ما يشمل النهى وبالاثبات ما يشمل الامر اه. قال الجلال السيوطى والفرق بينهما أي بين النفى والاثبات ان النكرة فى سياق النفى تعم وبه قال صاحب الهداية من الحنفية ومحل الخلاف فيما اذا امكن الجمع بين المعنيين فان امتنع كاستعمال صيغة افعل فى طلب الفعل والتهديد لم يصح قطعا اه. وحكى الناظم فى شرحه المنع من استعمال المشترك فى معنييه مطلقا وذكر انه نصره ابن الصباغ وكذالامام فى المحصول فلذاقال فى الناظم وَقِيْلَ لاَ يَصِحُّ ذَاكَ أصْلاَ. وقال لايجوز فى الافراد سواء فى ذلك الاثبات والنفى فلذا قال فى النظم: وقِيْلَ فِي الإفْرَادِ لاَ يَصِحُّ.. والاكثر من العلماء على ان جمع المشترك باعتبار معنييه كقولك عندي عيون وتريد مثلا باصرتين وجارية او باصرة وجارية وذهبا ان ساغ ذلك الجمع قال الجلال المحلى: وَهُوَ مَا رَجَّحَهُ ابْنُ مَالِكٍ وَخَالَفَهُ أَبُو حَيَّانَ مَبْنِيٌّ عَلَيْهِ فِي صِحَّةِ إطْلَاقِهِ عَلَى مَعْنَيَيْهِ كَمَا أَنَّ الْمَنْعَ مَبْنِيٌّ عَلَى الْمَنْعِ فلذا قال الناظم: والأَصَحُّ. الْجَمْعُ باعْتِبَارِ مَعْنَيَيْهِ ... إنْ سَوَّغُوْهُ قَدْ بُنِي عَلَيْهِ (وَفِي الْحَقِيقَةِ، وَالْمَجَازِ الْخِلَافُ خِلَافًا لِلْقَاضِي وَمِنْ ثَمَّ عَمَّ نَحْوُ وَافْعَلُوا الْخَيْرَ الْوَاجِبَ، وَالْمَنْدُوبَ خِلَافًا لِمَنْ خَصَّهُ بِالْوَاجِبِ وَمَنْ قَالَ لِلْقَدْرِ الْمُشْتَرَكِ وَكَذَا الْمَجَازَانِ) أي ومما اختلف فيه ايضا استعمال اللفظ فى حقيقة ومجازه هل يصح ان يراد معا باللفظ الواحد كما فى قولك رايت الاسد وتريد الحيوان المفترس والرجل الشجاع فالخلاف فيه كالخلاف المتقدم فى استعماله فى حقائقه فلذا افاد العلامة ابن عاصم انه اقتفى فى الحكم حكم ما تقدم من الاستعمال فى الحقائق حيث قال: واللفظ ذو المجاز والحقيقة ... قد اقتفى فى حكمه طريقه بعد ذكره اولا ان مالكا والشافعى لايمنعان ذلك حيث قال: فمالك ليس له بمانع ... فى حالة واحدة والشافعى خلافا للقاضى ابي الباقلانى فى قطعه بعدم صحة ذلك قال لما فيه من الجمع بين متنافين حيث ايد باللفظ الموضوع له أي اولا وغير الموضوع له معا قال الجلال المحلى: وَأُجِيبَ بِأَنَّهُ لَا تَنَافِي بَيْنَ هَذَيْنِ وَعَلَى الصِّحَّةِ يَكُونُ مَجَازًا، أَوْ حَقِيقَةً وَمَجَازًا بِاعْتِبَارَيْنِ عَلَى قِيَاسِ مَا تَقَدَّمَ عَنْ الشَّافِعِيِّ وَغَيْرِهِ وَيُحْمَلُ عَلَيْهِمَا إنْ قَامَتْ قَرِينَةٌ عَلَى إرَادَةِ الْمَجَازِ مَعَ الْحَقِيقَةِ كَمَا حَمَلَ الشَّافِعِيُّ الْمُلَامَسَةَ فِي قَوْله تَعَالَى {أَوْ لَامَسْتُمْ النِّسَاءَ} عَلَى الْجَسِّ بِالْيَدِ، وَالْوَطْءِ اه. وممافرع على ذلك قوله تعالى (وَافْعَلُوا الْخَيْرَ) فانه يعم الْوَاجِبَ، وَالْمَنْدُوبَ حملا لصيغة افعل على الحقيقة والمجاز بدليل كون متعلقها وهو الخير شاملا لهما وقيل انهاللوجوب خاصة بناء على انه لا يراد المجاز مع الحقيقة وقيل للقدر المشترك بين الواجب والندب وهو طلب الفعل وكذا يجري الخلاف الجاري فى استعمال لفظ المشترك فى معنييه فى استعماله فى مجازيه هل يصح فلذا قال الناظم متمما المسألة: والْخُلْفُ يَجْرِي فِي الْمَجَازَيْنِ وفِي ... حَقِيْقَةٍ وَضِدِّهَا فِيْمَا اصْطُفِي فَفِي الْعُمُومِ وافْعَلُوا الْخَيْرَ سَلَكْ ... وَقِيْلَ لِلْفَرْضِ وَقِيْلَ مُشْتَرَكْ وهو جائز عندنا معاشر المالكية فلذا قال فى السعود: وفي المجازين أو المجاز .... وضدِّه الإطلاق ذو جواز بشرط ان لايتنافيا كالتهديد والاباحة واذا قامت قرينة تعين احدهما فيتعين وكما جاز عند غير القاضى ابي الجزء: 1 ¦ الصفحة: 77 بكر الباقلانى منا جاز عند الشافعى ايضا استعماله فى حقيقته ومجازه معا حسبما تقدم ءانفا عن العلامة ابن عاصم فى مهيع الوصول والله اعلم (الْحَقِيقَةُ لَفْظٌ مُسْتَعْمَلٌ فِيمَا وُضِعَ) الحقيقة قال المحقق البنانى هي بوزن فعيلة مشتقة من الحق ومعناه لغة الثبوت قال تعالى (حَقَّتْ كَلِمَةُ الْعَذَابِ عَلَى الْكَافِرِينَ (71) أي ثبت اه. وعرفها المصنف بقوله لفظ الخ قال المحقق البنانى قيل اولي منه أي من لفظ قول لانه جنس اقرب ورد بان القول يطلق على الاعتقاد وليس مرادا فلفظ اولى منه اه. وقوله مستعمل خَرَجَ به اللفظ المهمل واللفظ قبل الاستعمال فانه لايوصف بكونه حقيقة او مجاز وقوله فيما وضع له خرج به الغلط كقولك خذ الفرس مشيرا الى حمار وقوله ابتداء خرج به المجاز لانه موضوع وضعا ثانيا وزاد االناظم فى اصطلاح التخاطب حيث قال: الأوَّلُ الْكَلِمَةُ الْمُسْتَعْمَلَهْ ... فِيْمَا اصْطِلاحًا أوَّلاً تُوْضَعُ لَهْ فالاول هو الحقيقة وثانيها المجاز الاتى وزاد الزيادة المذكورة صاحب تلخيص المفتاح فى تعريف الحقيقة حيث قال الحقيقة الكلمة المستعملة فيما وضعت له فى اصطلاح به التخاطب وذكرها صاحب الجوهر المكنون ايضا فى قوله: حقيقةٌ مستعملٌ فيما وُضِعْ .... لَهُ بِعُرْفِ ذي الخِطابِ فاتَّبِعْ ودخل بها الحقيقة الشرعية والعرفية فان كلا من باب الحقيقة كماقال (وَهِيَ لُغَوِيَّةٌ وَعُرْفِيَّةٌ وَشَرْعِيَّةٌ) أي والحقيقة لغوية بان وضعها واضع اللغة كالاسد للحيوان المفترس وعرفية بان وضعها اهل العرف كالدابة لذوات الاربعة كالحمار وهى لغة لكل مايدب على الارض او الخاص كالفاعل للاسم المعروف عند النحاة وشرعية بان وضعها الشارع كالصلاة للعباد المخصوصة فلذا قال الناظم: … فِي لُغَةٍ تَكُوْنُ أَوْ عُرْفِيَّهْ ... عُمُومًا أَوْ خُصُوصًا أَوْ شَرْعِيَّهْ فلذا قال فى تقسيم الحقيقة والمجاز صاحب الجوهر المكنون: كِلاهُما شَرْعِيٌّ اوْ عُرْفِيُّ ...... نَحْوُ "ارْتقَى للحَضْرَةِ الصُّوفِيُّ" أو لُغَوِيٌّ. نعم الحقيقة الشرعية منها ما مرتجل أي وضع ابتداء من غير نقل من اللغة ومنها ماهو منقول عن اللغة لعلاقة بينهما وغلب استعماله فى الثانى حتى صار هو المتبادر منه فلذا قال فى السعود: منها التي للشرع عزوها عُقل .... مرتجل منها ومنها منتقل (وَوَقَعَ الْأُولَيَانِ وَنَفَى قَوْمٌ إمْكَانَ الشَّرْعِيَّةِ وَالْقَاضِي وَابْنُ الْقُشَيْرِيِّ وُقُوعَهَا وَقَالَ قَوْمٌ وَقَعَتْ مُطْلَقًا وَقَوْمٌ إلَّا الْإِيمَانَ وَتَوَقَّفَ الْآمِدِيُّ وَالْمُخْتَارُ وِفَاقًا لِأَبِي إسْحَاقَ الشِّيرَازِيِّ، وَالْإِمَامَيْنِ وَابْنُ الْحَاجِبِ وُقُوعُ الْفَرْعِيَّةِ لَا الدِّينِيَّةِ) أي ووقع الاوليتان أي الحقيقة اللُّغَوِيَّةُ والعرفية بقسميها أي الخاصة والعامة قال الجلال المحلى: جَزْمًا قال المحقق البنانى تبع فى الجزم بوقوع العرفية الزركشى قال القرافى وهومسلم فى العرفية الخاصة واما العامة فانكرها قوم كالشرعية شيخ الاسلام اه. وهذالقول زاده الناظم على المصنف حيث ان قوما اتقياء قالوابه فلذا قال: والأُوْلَيَانِ وَقَعَا وَقَدْ نَفَى ... عُرْفِيَّةً تَعُمُّ قَوْمٌ حُنَفَا والاليتان الاولى قرءاته بالتاء تثنية اولة قال المحقق البنانى وان كان لغة قليلة رعاية لكونه هو الذي قاله المصنف وكتبه بخطه قاله الشيخ اه. نفى قوم امكان الشرعية قال شارح السعود بناء على ان بين اللفظ والمعنى مناسبة مانعة من نقله الى غيره قال زكرياء وهذا جار على قول المعتزلة دون غيرهم وقضية هذالبناء نفى العرفية ايضا فلعل هؤلأ القوم يلتزمون نفيها ايضا اه. قال المحقق البنانى وانما اقتصر المصنف على الشرعية فى النقل عنهم أي عن القوم لعدم تصريحهم بنفى غيرها مع احتمال فرقهم بينهما الجزء: 1 ¦ الصفحة: 78 اه. ونفى القاضى ابوبكر الباقلانى وابن القشيري وقوعها فلفظ الصلاة مثلا مستعمل فى الشرع فى معناه اللغوي وهو الدعاء بخير لكن اشترط الشرع فى الاعتداد به امورا زائدة كالركوع والسجود والى القولين فى الشرعية اشار ناظم السعود ايضا بقوله: والخلف في الجواز والوقوع .... لها من المأثور والمسموع وقال قوم وقعت الحقيقة الشرعية مطلقا دينية كانت او فرعية الا الايمان فانه فى الشرع مستعمل فى معناه اللغوي أي تصديق القلب وان اعتبر الشارع فى الاعتداد به التلفظ بالشهادتين من القادر قال المحقق البنانى نقلا عن الكمال واعلم ان الايمان لغة تصديق القلب مطلقا وشرعا تصديق خاص وهو تصديق القلب بماعلم ضرورة انه من دين محمد صلى الله عليه وسلم وجعل المتعلق خاصا لا يقتضى نقل الايمان عن كونه تصديقا بالقلب بل هو باق على الاستعمال فى المعنى اللغوي اه. وتوقف سيف الدين الامدي وقوعها فلذا قال الناظم مستثنيا من الوقوع فى الشرع: وَقِيْلَ اِلاَ الإيْمَانَ والتَّوَقُّفُ ... لِلْسَّيْفِ. وزاد الناظم على المصنف ان المعتزلة اطلقوا المنع حيث قال فى النظم: وذُوْ اعْتِزَالٍ أطْلَقَ الوُقُوعَا. والمختار للمصنف وفاقا لابى اسحاق الشيرازي وامام الحرمين والامام الرازي وابن الحاجب وقوع الفرعية كالصلاة والصوم لاالدينية كالايمان والكفر فانهما فى الشرع مستعملان فى معناهما اللغوي فلذا قال الناظم: والدِّينِيَّهْ. قَوْمٌ وَذَا الْمُخْتَارُ لاَ الْفُرُوعَا ... أي ومنع الدينية قوم (وَمَعْنَى الشَّرْعِيِّ مَا لَمْ يُسْتَفَدْ اسْمُهُ إلَّا مِنْ الشَّرْعِ وَقَدْ يُطْلَقُ عَلَى الْمَنْدُوبِ، وَالْمُبَاحِ) أي ومعنى لفظ الشرعي الذي هومعنى لفظ الحقيقة الشرعية شيء لم يستفد وضع اسمه له الامن الشرع كالهيئة المسماة بالصلاة فانه يصدق عليها انها شيء لم يستفد اسمه الا من الشرع فحينئذ المعنى الذي استفيد اسمه من جهة الشرع لوضعه ذلك الاسم لذلك المعنى دون مطلق الوضع غير الشرعي من لغة وعرف فهو الشرعى أي مسمى ما صدق الحقيقة الشرعية مطلقا سواء كان الوضع له حقيقة شرعية ام مجاز شرعيا فلذا قال ناظم السعود: وما أفاد لاسمه النبي .... لا الوضعُ مطلقا هو الشرعي وقال الناظم: والشَّرْعِيُّ مَا لاَ يُعْرَفُ إلاّ مِنَ الشَّرْعِ اسْمُهُ. ولما ذكر المصنف معنى الشرع ناسب ان يتكلم على بقية معانيه فافاد الشرعى قد يطلق على المندوب والمباح فمن الاول قولهم من النوافل ما تشرع فيه الجماعة أي تندب كالعيدين ومن الثانى قولهم فى الشرب الجائز هذالشرب مشروع ويطلق على الواجب ايضا فيقال العشاء مشروعة أي واجبة فلذا قال ناظم السعود: وربما أُطْلِقَ في المأذون ... كالشرب والعشاء والعيدين وقال ايضا معبرا عن الواجب بالمطلق. ويُطْلَقُ ... لِلْنَّدْبِ والْمُبَاحِ ثُمَّ الْمُطْلَقُ وافاد العلامة ابن عاصم مسألة فى المعارضة وهى ان الشرعى يرجح على العقلى عند المعارضة كما ان العرفى يرجح على اللغوي عندها حيث قال فصل وَكُلٌّ يقدم الشرعي ... اذا اتى يعارض العقلى كذاك فى العرفى ايضا حكموا ... مع لغوي حكم عرف قدموا والله اعلم (وَالْمَجَازُ اللَّفْظُ الْمُسْتَعْمَلُ بِوَضْعٍ ثَانٍ لِعَلَاقَةٍ فَعُلِمَ وُجُوبُ سَبْقِ الْوَضْعِ وَهُوَ اتِّفَاقٌ لَا الِاسْتِعْمَالُ وَهُوَ الْمُخْتَارُ قِيلَ مُطْلَقًا وَالْأَصَحُّ لِمَا عَدَا الْمَصْدَرَ) قال المحقق البنانى قال السيد لفظ المجاز اما مصدر ميمي بمعنى الجواز أي الانتقال من حال الى غيرها واما اسم مكان منه بمعنى موضع الانتقال وقد نقل فى الاصطلاح الى المعنى المذكور لمناسبة هى ان اللفظ قد انتقل الى غير معناه الجزء: 1 ¦ الصفحة: 79 الاصلى فهو متصف بالانتقال وسبب له فى الجملة وان المستعمل قد انتقل فيه الى آخر هذا هو الظاهر من الشرح يعنى العضد وان امكن ان يقال فى توجيهه نقل المجاز عن معناه اللغوي الى معنى الجائز ومنه الى اللفظ المذكور كما هو المشهور اه. من ابن قاسم اه. فيعدان عرف المصنف رحمه الله تعالى الحقيقة فيما مضى بقوله لفظ مستعمل فيما وضع له ابتداء عرف المجاز هنا بقوله اللفظ المستعمل الخ المجاز اولا اما ان يكون مفردا وهوالذي يراد عند الاطلاق كما هو المراد هنا ومعنى اللفظ المستعمل تقدم معناه فى حدالحقيقة أي فيما وضع له لغة او عرفا او شرعاكهي كما قال صاحب تلخيص المفتاح وكل منهما لغوي وشرعى وعرفى خاص او عام كاسد للسبع والرجل الشجاع وصلاة للعبادة المخصوصة والدعاء وفعل للفظ والحدث ودابة لذي الاربع والانسان اه. وقال فى هذا التقسيم العلامة ابن عاصم: كلاهما قسم للعرفى ... واللغوي الاصل والشرعى كما تقدم ءانفا فى الحقيقة عند قول صاحب الجوهر المكنون: كِلاهُما شَرْعِيٌّ اوْ عُرْفِيُّ ...... نَحْوُ "ارْتقَى للحَضْرَةِ الصُّوفِيُّ" أو لُغَوِيٌّ. وخرج به العلم المنقول كفضل قال الجلال المحلى: وَمَنْ زَادَ كَالْبَيَانِيِّينَ مَعَ قَرِينَةٍ مَانِعَةٍ عَنْ إرَادَةِ مَا وُضِعَ لَهُ أَوَّلًا مَشَى عَلَى أَنَّهُ لَا يَصِحُّ أَنْ يُرَادَ بِاللَّفْظِ الْحَقِيقَةُ وَالْمَجَازُ مَعًا اه. أي بخلاف الاصوليين فان المجاز عندهم على ثلاثة اقسام قسم مختلف فيه وهو الجمع بين حقيقتين او مجازين او حقيقة ومجاز وهذا جائز عندنا معاشر المالكية كما تقدم وعند الشافعية وممنوع عند الغير وقسم اجمعوا على جوازه وهو اللفظ الذي يجيء متحدا فى المحمل أي فى المعنى الذي يقصد من اللفظ احتراز عماتعدد محمله بان حمل على حقيقة او مجازية او حقيقته ومجازه ويلزم ان تكون العلاقة فيه ظاهرة واشترطها ابن عاصم ايضا قائلا: لكن بشرط ان تري بينهما .... علاقة وذكر ذا تقدما فلذا قال فى السعود: ومنه جائز وما قد منعوا .... وكل واحد عليه أجمعوا ماذا اتحاد فيه جاء المحمل .... وللعلاقة ظهور أولُ فما مبتداء خبره اول وذا حال من المحمل بفتح الميمين وللعلاقة ظهور مبتدا وخبره اعتراض بين المبتدا والخبر واذا لم تكن العلاقة ظاهرة بان تعذر الانتقال من معنى اللفظ الحقيقي الى المعنى اللازم المقصود بسبب التعقيد المعنوي فيمنع اجماعا ويسمى مجازالتعقيد واهل البيان يسمونه بالتعقيد المعنوي فهوالقسم الثانى من الممتنع فى قوله ومنه جائز وما قد منعوا فلذا قال: ثانيهما ماليس بالمفيد ... لمنع الانتقال بالتعقيد والقسم الثالث تقدم اولا وهو المتخلف فيه وقول المصنف فعلم وجوب الخ أي علم من التعبير بالوضع دون الاستعمال ان المجاز يستلزم وضعا سابقا للمعنى الاول ووجوب ذلك متفق عليه فى تحقيق المجاز فلذا قال الناظم: بالوَضْعِ ثَانِيًا مَجَازٌ لاِعْتلاَقْ ... فَسَبْقُ وَضْعٍ واجبٌ بالاِّتفَاقْ لاالاستعمال فى المعنى الاول فلا يجب سبقه فى تحقيق المجاز فهو عكس الحقيقة فى اشتراط الاستعمال حيث انه يشترط ولايشترط فيه قال العلامة ابن عاصم لكن الاستعمال قد ينعكس ... حالهما عند الذي يلتمس قوله حالهما أي فيه أي في الاستعمال وعدم اشتراط سبقه فى المجاز هوالمختار اذ لا مانع من ان يجوز من ان يتجوز فى اللفظ قبل استعماله فيما وضع له اولا قيل مطلقا قال المصنف والاصح أي عنده قال الجلال المحلى: اخْتَارَهُ أي المصنف مذهبا الجزء: 1 ¦ الصفحة: 80 كَمَا قَالَ فِي شَرْحِ الْمُخْتَصَرِ وَهُوَ أَنَّهُ يَجِبُ لِمَا عَدَا الْمَصْدَرَ اه. ويجب لمصدر المجاز فلذا قال الناظم: وَسَبْقُ الاسْتِعْمَالِ فِي المْسْتَظْهَرِ ... لَيْس بِوَاجِبٍ سِوَى فِي الْمَصْدَرِ وافاد المحقق البنانى انه يجب فى استعماله مشتقة مجاز سبق استعماله هو حقيقة قال الجلال المحلى: وَإِنْ لَمْ يُسْتَعْمَلْ الْمُشْتَقُّ حَقِيقَةً كَالرَّحْمَنِ لَمْ يُسْتَعْمَلْ إلَّا لِلَّهِ تَعَالَى وَهُوَ مِنْ الرَّحْمَةِ وَحَقِيقَتُهَا الرِّقَّةُ وَالْحُنُوُّ الْمُسْتَحِيلُ عَلَيْهِ تَعَالَى. وَأَمَّا قَوْلُ بَنِي حَنِيفَةَ فِي مُسَيْلِمَةَ رَحْمَانُ الْيَمَامَةِ وَقَوْلُ شَاعِرِهِمْ فِيهِ: سَمَوْت بِالْمَجْدِ يَا ابْنَ الْأَكْرَمَيْنِ أَبًا..وَأَنْتَ غَيْثُ الْوَرَى لَا زِلْت رَحْمَانَا أَيْ ذَا رَحْمَةٍ قَالَ الزَّمَخْشَرِيُّ فَمِنْ تَعَنُّتِهِمْ فِي كُفْرِهِمْ أَيْ أَنَّ هَذَا الِاسْتِعْمَالَ غَيْرُ صَحِيحٍ دَعَاهُمْ إلَيْهِ لِجَاجُهُمْ فِي كُفْرِهِمْ بِزَعْمِهِمْ نُبُوَّةَ مُسَيْلِمَةَ دُونَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَمَا لَوْ اسْتَعْمَلَ كَافِرٌ لَفْظَةَ اللَّهِ فِي غَيْرِ الْبَارِي مِنْ آلِهَتِهِمْ وَقِيلَ إنَّهُ شَاذٌّ لَا اعْتِدَادَ بِهِ وَقِيلَ إنَّهُ مُعْتَدٌّ بِهِ وَالْمُخْتَصُّ بِاَللَّهِ الْمُعَرَّفُ بِاللَّامِ اه. وقال المحقق البنانى ثم هذالذي صححه المصنف فيه توقف اذلايلزم من كون المشتق مجاز وجوب سبق استعمال مصدره حقيقة اه. (وَهُوَ وَاقِعٌ خِلَافًا لِلْأُسْتَاذِ وَالْفَارِسِيِّ مُطْلَقًا وَلِلظَّاهِرِيَّةِ فِي الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ) أي والمجاز واقع فى الكلام خلافا للاستاذ ابى اسحاق الاسفرائينى وابى على الفارسى فى نفيهما وقوعه مطلقا قالا وما يظن مجازا فى نحو رايت اسدا يرمى فحقيقة قال المحقق البنانى قال المصنف فى شرح المنهاج واما من انكر المجاز فى اللغة مطلقا فليس مراده ان العرب لم تنطق بمثل قولك للشجاع انه اسد فان ذلك مكابرة وعناد ولكن هودائر بين امرين احدهما ان يدعى ان جميع الالفاظ حقائق ويكتفى فى كونها حقائق بالاستعمال فى جميعها ويرجع البحث لفظيا فانه يطلق حينئذ الحقيقة على المستعمل وان لم يكن باصل الوضع ونحن لانطلق ذلك وان ارادت بذلك استواء الكل فى اصل الوضع فقال القاضى فى مختصرالتقريب فهذه مراغمة للحقائق فانا نفهم ان العرب ما وضعت اسم الحمار للبليد ولو قيل للبليد حمار على الحقيقة كالدابة المعروفة وان تناول الاسم لها متساو فهذا دنو من جحد الضرورة اه. كلام المصنف اه. وخلاف الظاهرية فى نفيهم وقوع المجاز فى الكتاب والسنة قالوا لانه كذب بحسب الظاهر كما فى قولك فى البليد هذا حمار وكلام الله ورسوله منزه عن الكذب قال الجلال المحلى: وَأُجِيبَ بِأَنَّهُ لَا كَذِبَ مَعَ اعْتِبَارِ الْعَلَاقَةِ اه. والى القولين اشار الناظم بقوله: وقَدْ نَفَى وُقُوْعَهُ أوُلُوْ الفِطَنْ ... وآخَرُوْنَ فِي الْكِتَابِ والسُّنَنْ ورد العلامة ابن عاصم قول ذالقائل الاخير بقوله وقد اتى المجاز فى القرءان ... كغيره من سائر المعانى جريا على نهج كلام العرب ... اذ قد اتى بلسانى عربى (وَإِنَّمَا يُعْدَلُ إلَيْهِ لِثِقَلِ الْحَقِيقَةِ أَوْ بَشَاعَتِهَا أَوْ جَهْلِهَا أَوْ بَلَاغَتِهِ أَوْ شُهْرَتِهِ أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ) أي وانما يعدل الى المجاز عن الحقيقة الاصل لثقلها عن اللسان كَالْخِنْفِقِيقِ اسْمٌ لِلدَّاهِيَةِ يُعْدَلُ عَنْهُ إلَى الْمَوْتِ مَثَلًا أَوْ بَشَاعَتِهَا كَالْخِرَاءَةِ بكسر الخاء وفتح الراء والمد يُعْدَلُ عَنْهَا إلَى الْغَائِطِ وَحَقِيقَتُهُ الْمَكَانُ الْمُنْخَفِضُ أَوْ جَهْلِهَا لِلْمُتَكَلِّمِ أَوْ لِلْمُخَاطَبِ دُونَ الْمَجَازِ فلذا قال الناظم: وإِنَّمَا يُؤْثِرُهُ لِثِقْلِهَا ... أوْ لِبَشَاعَةٍ بِهَا أوْ جَهْلِهَا وكذا يُعْدَلُ عَنْها اليه لبَلَاغَتِهِ فنحو زَيْدٌ أَسَدٌ أَبْلَغُ مِنْ شُجَاعٍ أَوْ شُهْرَتِ الْمَجَازِ دُونَ الْحَقِيقَةِ او غير ذلك كاخفاء المراد عن احد المتخاطبين الجاهل بالمجاز دُونَ الْحَقِيقَةِ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 81 قال المحقق البنانى كمااذااردت ان تعرف مخاطبك دون غيره انك رايت انسانا جميلا حينئذ عن الحقيقة التى يعرفها ذلك الغير الى المجاز الذي لا يعرفه وتقول رايت قمر مثلا اه. وياتى المجاز دون الحقيقة لاقامة الوزن والقافية والسجع فلذا قال الناظم عاطفا على مايوثر فيه المجاز على الحقيقة: أوْ شُهْرَةِ الْمَجَازِ أوْ بَلاَغَتِهْ ... أوْ غَيْرِ ذَا كالسَّجْعِ أوْ قَافِيَتِهْ (و َلَيْسَ الْمَجَازُ غَالِبًا عَلَى اللُّغَاتِ خِلَافًا لِابْنِ جِنِّي وَلَا مُعْتَمَدًا حَيْثُ تَسْتَحِيلُ الْحَقِيقَةُ خِلَافًا لِأَبِي حَنِيفَةَ) قوله وليس أي المجاز غالبا على اللغات خلافا لابن جنى في قوله انه غالب فى كل لغة على الحقيقة قال الشيخ حلولو واحتج ابن جنى بان قولنا قام زيد يفيد المصدر وهو جنس يتناول افراد القيام وهو غير مراد بالضرورة قال الامام وما قاله ركيك فان المصدر لايدل على افراد الماهية بل على القدرالمشترك اه. واشار الناظم الى هذالمذهب بقوله: وَلَيْسَ غَالِبًا عَلَى اللُّغَاتِ ... ونَجْلُ جِنِّي قَالَ بالإثْبَاتِ وكذا لايعتمد المجاز حَيْثُ تَسْتَحِيلُ الْحَقِيقَةُ أي تمتنع عقلا اما امتناعها شرعا فلا يضر عند ابى حنيفة حيث قال بذلك فيمن قال لعبده الذي لايولد مثله لمثله هذا ابنى انه يعتق عليه وان لم ينو التعق الذي هولازم للنبوة صونا للكلام عن الالغاء فلذا قال الناظم: ولاَ إِذَا الْحَقِيْقَةُ اسْتَحَالَتِ ... مُعْتَمَدًا وخَالَفَ ابْنُ ثَابِتِ وابن ثابت هو ابوحنيفة وكذا عندنامعاشر المالكية اذا استحال حمل اللفظ على حقيقة يحمل على المجاز قال شارح مراقى السعود حيث استحال حمل اللفظ على حقيقته وجب عندنا وعند الحنفية حمله على مجازه ان لم يتعدد وعلى الاقرب ان تعدد وسواء استحال عقلا او شرعا او عادة قال الخطاب عند قوله ولا ينقض ضفره رجل او امرأة ان مسحت على الوقاية او حناء اومسح رجل على العمامة وصلى لم تصح صلاته وبطل وضوءه ان كان فعل ذلك عمدا وان فعله جهلا ثم قال ذكر ابن ناجى ان ابن رشد حضر درس بعض الحنفية فقال المدرس الدليل لنا على مالك فى المسح على العمامة انه مسح على حائل اصله الشعر فانه حائل فاجابه ابن رشد بان الحقيقة اذاتعذرت انتقل الى المجاز ان لم يتعددوا الى الاقرب منه ان تعدد والشعر هنا اقرب والعمامة ابعد فيتعين الحمل على الشعر فلم يجد جوابا فنهض قائماواجلسه بازائه اه. فالحقيقة هى جلدة الراس فلذاقال فى ظمه: وحيثما استحال الاصل يُنْتَقَلْ ..... إلى المجاز أو لأقربَ حصل (وَهُوَ وَالنَّقْلُ خِلَافُ الْأَصْلِ وَأَوْلَى مِنْ الِاشْتِرَاكِ قِيلَ وَمِنْ الْإِضْمَارِ وَالتَّخْصِيصُ أَوْلَى مِنْهُمَا) أي والمجاز والنقل خلاف الاصل فاذا احتمل اللفظ معناه الحقيقي والمجازي او المنقول عنه واليه فالراجح حينئذ حمله على الحقيقي لعدم الحاجة فيه الى قرينة او على المنقول عنه استصحابا للموضوع له اولا قال الجلال المحلى: مِثَالُهُمَا رَأَيْت الْيَوْمَ أَسَدًا وَصَلَّيْت أَيْ حَيَوَانًا مُفْتَرِسًا وَدَعَوْت بِخَيْرٍ أَيْ سَلَامَةٍ مِنْهُ وَيَحْتَمِلُ الرَّجُلَ الشُّجَاعَ وَالصَّلَاةَ الشَّرْعِيَّةَ. اه نعم هما اعنى المجاز والنقل اولى من الاشتراك فاذا احتمل لفظ هو حقيقة فى معنى ان يكون فى آخر حقيقة ومجاز او حقيقة ومنقولا فبالاحتمال المذكور فحمله على المجاز او المنقول اولى من حمله على الحقيقة لما يؤدي حمله عليها من الاشتراك واولوية الحمل على المجاز والنقل دون المشترك قال الجلال المحلى: لِأَنَّ الْمَجَازَ أَغْلَبُ مِنْ الْمُشْتَرَكِ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 82 بِالِاسْتِقْرَاءِ وَالْحَمْلُ عَلَى الْأَغْلَبِ أَوْلَى وَالْمَنْقُولُ لِإِفْرَادِ مَدْلُولِهِ قَبْلَ النَّقْلِ وَبَعْدَهُ لَا يَمْتَنِعُ الْعَمَلُ بِهِ أي بل يُعْمَلُ بِهِ اكتفاء بعرف التخاطب من غير احتياج الى قرينة زائدة عليه وَالْمُشْتَرَكُ لِتَعَدُّدِ مَدْلُولِهِ لَا يُعْمَلُ بِهِ إلَّا بِقَرِينَةٍ تُعَيِّنُ أَحَدَ مَعْنَيَيْهِ مثلا أي اومعانيه اه. فمثال اللفظ الذي هو حقيقة في معنى متردد في معنى ءاخر يين كونه حقيقة فيه او مجاز فهو من تعارض المجاز والاشتراك النكاح فانه حَقِيقَةُ فِي الْعَقْدِ مَجَازٌ فِي الْوَطْءِ وَقِيلَ الْعَكْسُ وَقِيلَ مُشْتَرَكٌ بَيْنَهُمَا فَهُوَ حَقِيقَةٌ فِي أَحَدِهِمَا مُحْتَمِلٌ لِلْحَقِيقَةِ وَالْمَجَازِ فِي الْآخَرِ فمثال اللفظ الذي هو حقيقة في معنى متردد في معنى ءاخر يين كونه موضوعا له ايضا من الواضع الاول فيكون مشتركا او منقولا اليه عند اهل عرف فهو من تعارض النقل والاشتراك الزكاة فانها فى اللغة حقيقة فى النَّمَاءِ أَيْ الزِّيَادَةِ وقد استعمل فى الشرع فى الجزء المخرج فالاستعمال دائربين الاشتراك والنقل اولى لان الاشتراك يخل بالتفاهم قيل والمجاز والنقل اولى من الاضمار فاذا احتمل الكلام لان يكون فيه مجاز واضمار او نقل فقيل حمله على المجاز او النقل اولى من حمله على الاضمارلكثرة المجاز وعدم احتياج النقل الى قرينة فمثال المجاز مع الاضمار قوله لعبده الذي يولد مثله لمثله المشهور على الاضمار من غيره هذا ابنى أي عتيق تعبيرا عن اللازم بالملزوم فيعتق او مثل ابنى فى الثقة عليه فلايعتق فيكون من باب الاضمار ومثال النقل والاضمار قوله تعالى {وَحَرَّمَ الرِّبَا} . فَقَالَ الْحَنَفِيُّ أَيْ أَخْذَهُ وَهُوَ الزِّيَادَةُ فِي بَيْعِ دِرْهَمٍ بِدِرْهَمَيْنِ مَثَلًا فنظر الى الاضمار وقدمه على النقل لانه اولى منه وقال الشافعى ومالك نقل الربا شرعا الى العقد فهو فاسد وان سقطت الزيادة فى الصورة المذكورة مثلا والاثم فيها باق والتخصيص اولى من المجاز والنقل فاذا احتمل الكلام لان يكون فيه تخصيص ومجاز وتخصيص ونقل فحمله على التخصيص بخلاف المجاز فانه قد لايتعين بان يتعدد المجازولا قرينة تعين مجاز بعينه قال المحقق البنانى مثال ذلك أي تعدد المجاز من غير قرينة تعين واحد بعينه قول القائل والله لااشتري وقدقامت قرينة على عدم ارادة المعنى الحقيقي فبقى الكلام محتملا لارادة السوم او الشراء بالوكيل وكل منهما مجاز ولا قرينة تعين احدهما دون الاخر واما اولوية التخصيص من النقل فى صورة احتمال الكلام لهما فلسلامة التخصيص من نسخ المعنى الاول أي ازالته بخلاف النقل مثال الكلام المحتمل لايكون فيه تخصيص ومجاز قوله: {وَلَا تَأْكُلُوا مِمَّا لَمْ يُذْكَرْ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ} . فقال الحنفى ومالك أي مما لم يتلفظ بالتسمية عند ذبحه وخص منه الناسى لها فتحل ذبيحته وقال البنافعى مِمَّا لَمْ يُذْبَحْ تَعْبِيرًا عَنْ الذَّبْحِ بِمَا يُقَارِنُهُ غَالِبًا مِنْ التَّسْمِيَةِ قال المحقق البنانى فهومجاز مرسل علاقته المجاورة فى الجملة اه. فلا تحل ذبيحة المتعمد لتركها على الاول دون الثانى ومثال الكلام المحتمل للتخصيص والنقل قوله تعالى قَوْله تَعَالَى {وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ} . فقيل هو المبادلة مطلقا أي صحيحا كان او فاسدا وخص الفاسد لعدم حله وقيل شرعا الى العقد المستجمع لشروط الصحة قال الجلال المحلى: وَهُمَا قَوْلَانِ لِلشَّافِعِيِّ فَمَا شَكَّ فِي اسْتِجْمَاعِهِ لَهَا يَحِلُّ وَيَصِحُّ عَلَى الْأَوَّلِ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ فَسَادِهِ دُونَ الثَّانِي لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ اسْتِجْمَاعِهِ لَهَا اه. وتعرض الناظم لاصل الترتيب عند التعارض في هذه الاشياء فافاد اولا ان النقل يخالف الاصل كالمجاز فاذا احتمل اللفظ معناه الحقيقى والمجاز او المنقول فالاصل أي الراجح حمله على الحقيقي وان الجزء: 1 ¦ الصفحة: 83 التخصيص اولى منهما وبعدهما المجاز والاضمار فهما اولى من النقل ويليهما النقل حيث قال: وموضع مَع َالنَّقْل يُنَافي الأَصْلاَ ... وَمِنْهُمَا التَّخُصِيْصُ جَزْمًا أوْلَى وَبَعْدَهُ الْمَجَازُ والإضْمَارُ ... ساوَاهُ فَهْوَ الثَّالِثُ الْمُخْتَارُ فالنَّقْلُ بَعْدَهُ فالاشْتِرَاكُ ثُمّْ.. قال شارحه الجلال السيوطى ولا يخفى مافى النظم من الزيادة عليه أي على الاصل جمع الجوامع فان الذي في جمع الجوامع تضعيف القول بان المجاز اولى من الاضمار ولا يعرف منه هل الارجح تقديم الاضمار او التساوي فانهما قولان مقابله وفيه ان الخلاف يجري فى النقل مع الاضماروليس كذلك فالمعروف تقديم الاضمار بلاخلاف كذا فى شرح العراقى وعبارة الناظم سالمة من ذلك مع مافيها من الايضاح وحسن الترتيب اه. وقد سلك هذا المسلك العلامة ابن عاصم فى الترتيب فذكر انه يقدم التخصيص على المجاز وهما على الاضمار وهو على النقل وهو الاشتراك حيث قال: فقدم التخصيص ان تعاضا ... على المجاز واطرح تعارضا ثم على الاضمار ذين قدما ... كما على النقل الجميع قدما وقدم النقل وما تقدمه ... على اشتراك ولتكن ملتزمه فالترتيب حينئذ فى التقديم التخصيص فالمجاز فالاضمار فالنقل فالاشتراك وازاد فى السعود عقب الترتيب المذكور النسخ حيث قال: وبعدَ تخصيصٍ مجازٌ فيلي .... الاضمار فالنقل على المعول فالاشتراك بعده النسخ جرى .... لكونه يُحتاط فيه أكثرا قال شارحه يعنى ان الاشتراك مقدم على ءاخر المراتب الذي هو النسخ لكون النسخ يحتاط فيه اكثر لتصييره اللفظ باطلا فتكون مقدماته اكثر قاله فى التنقيح وقد قال بعضهم يقدم تخصيص مجاز ومضمر .... ونقل تلا والاشتراك على النسخ اه والله اعلم وَقَدْ يَكُونُ بِالشَّكْلِ أَوْ صِفَةٍ ظَاهِرَةٍ أَوْ بِاعْتِبَارِ مَا يَكُونُ قَطْعًا أَوْ ظَنًّا لَا احْتِمَالًا وَبِالضِّدِّ وَالْمُجَاوَرَةِ وَالزِّيَادَةِ وَالنُّقْصَانِ وَالسَّبَبِ لِلْمُسَبِّبِ وَالْكُلِّ لِلْبَعْضِ وَالْمُتَعَلِّقِ لِلْمُتَعَلَّقِ وَبِالْعُكُوسِ وَمَا بِالْفِعْلِ عَلَى مَا بِالْقُوَّةِ) لابد فى صحة المجاز من العلاقة والاجاز استعمال كل لفظ لكل معنى مجاز وذلك باطل فلذا ذكر الناظم ان العلاقة تقصد لحصول المجاز حيث قال: ثُمّْ ... يَأتِي الْمَجَازُ لِعَلاقَاتٍ تُؤَمّْ. نعم قال السمرقندي ان كانت علاقته غير المشابهة ف مجاز مرسل والا فاستعارة مصرحة وقال الخطيب فى تلخيص المفتاح ولابد من العلاقة ليخرج الغلط والكناية ثم قال والمجاز مرسل ان كانت علاقته غير المشابهة والافاستعارة كما قال فى الجوهرالمكنون: والمجازُ مُرْسَلُ ..... أوِ استعارَةٌ فأمّا الأوَّلُ فما سِوى تَشابُهٍ علاقَتُهْ .... فقول المصنف وقد يكون قال المحقق البنانى قال شيخ الاسلام قد للتحقيق اه. أي لان كون المجاز لهذه المذكورات أي التى ذكرها المصنف كثير لا قليل أي فيوجد المجاز من حيث العلاقة بالشكل كالفرس لصورته المنقوشة او صفة ظاهرة كالاسد للرجل الشجاع دون الرجل الابخر قال المحقق البنانى وعبارة الاسنوي فى شرحه النوع الثالث المشابهة وهى تسمية الشيء باسم ما يشابهه اما فى الصفة وهوما اقتصرعليه الامام واتباعه كاطلاق الاسد على الشجاع او فى الصورة كاطلاقه على الصفة المنقوشة فى الحائط اه اويكو المجاز باعتبار ما يكون فى المستقبل اما قطعا نَحْوُ {إنَّك مَيِّتٌ} او يؤول اليه ظَنًّا كَالْخَمْرِ لِلْعَصِيرِ وقيل ان ذا لغة كماقال ناظم ملحة البيان: والاول نحو الخمر فى معنى العنب ... وقيل بل ذا لغة كما وجب ولايصح الاول الاحتمالى فى باب المجاز كالحرية وعبر الناظم عن الظن بالغالب حيث قال: بالشَّكْلِ أوْ ظَاهِرِ وَصْفٍ يُرْعَى ... أوْ باعْتِبَارِ مَا يَكُوْنُ قَطْعَا أو غَالِبًا اه. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 84 فقوله بالشكل متعلق بياتى المجاز فى البيت قبله ويكون بالضد كالمفازة للبرية المهلكة والمجاورة قال الجلال المحلى: كَالرَّاوِيَةِ لِظَرْفِ الْمَاءِ الْمَعْرُوفِ تَسْمِيَةً لَهُ بِاسْمِ مَا يَحْمِلُهُ مِنْ جَمَلٍ أَوْ بَغْلٍ أَوْ حِمَارٍ اه. والراوية هى القربة ويكون بالزيادة قال الشيخ حلولو ومثاله عند بعضهم قوله تعالى {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ} وقال الرهونى الكاف للتشبيه فلا مجاز والمقصود من الاية نفى من يشبه ان يكون مثلا فضلا عن المثل حقيقة اه. والنقصان نَحْوُ {وَاسْأَلْ الْقَرْيَةَ} أَيْ أَهْلَهَا قال الجلال المحلى: فَقَدْ تَجَوَّزَ أَيْ تَوَسَّعَ بزيادة كلمة او نقصها وَإِنْ لَمْ يَصْدُقْ عَلَى ذَلِكَ حَدُّ الْمَجَازِ السَّابِقُ. وَقِيلَ يَصْدُقُ عَلَيْهِ اه. وعدهما صاحب الجوهرالمكنون ايضا من المجاز حيث قال: ومنهُ ما إعرابُهُ تَغَيَّرا .... بِحَذفِ لَفظٍ أَوْ زيادَةٍ تُرى فلذا قال الخطيب فى تلخيص المفتاح وقد يطلق المجاز على كلمة تغير حكم اعربها بحذف لفظ او زيادة لفظ كقوله تعالى (وَجَاءَ رَبُّكَ) {وَاسْأَلْ الْقَرْيَةَ} وقوله تعالى {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ} أي امر ربك واهل القرية وليس مثله شيء اه. وَالسَّبَبِ لِلْمُسَبِّبِ نَحْوُ لِلْأَمِيرِ يَدٌ أَيْ قُدْرَةٌ فَهِيَ مُسَبَّبَةٌ عَنْ الْيَدِ بِحُصُولِهَا بِهَا وَالْكُلِّ لِلْبَعْضِ نَحْوُ يَجْعَلُونَ أَصَابِعَهُمْ فِي آذَانِهِمْ أَيْ أَنَامِلَهُمْ قوله وَالْمُتَعَلِّقِ بِكَسْرِ اللَّامِ لِلْمُتَعَلَّقِ بِفَتْحِهَا قال الجلال المحلى: {هَذَا خَلْقُ اللَّهِ} أَيْ مَخْلُوقُهُ وَرَجُلٌ عَدْلٌ أَيْ عَادِلٌ اه. قال المحقق البنانى والمراد بالتعلق المذكور اتصاف المتعلق بمعنى المتعلق بالكسر وقيام ذلك المعنى به كما هو فى المثالين اه. وكذا عكس المذكورات بان يذكر السبب كالموت مثلا ويراد السبب الذي هو المرض الشديد ويذكر البعض ويرادالكل نحو فلان يملك مائة راس من الغنم ويذكر المتعلق بفتح اللام ويراد المتعلق بكسره نحو نَحْوُ {بِأَيِّكُمْ الْمَفْتُونُ} أَيْ الْفِتْنَةُ وقد يكون المجاز باطلاق لفظ مابالفعل على ما بالقوة قال المحقق البنانى أي باطلاق لفظ الشيء المتصف بصفة الفعل على الشيء المتصف بتلك الصفة بالقوة اه. وذلك كالمسكر للخمر فى الدن قال الجلال السيوطى قال الزركشى وقد يقال برجوع هذه الاقول اولا باعتباره ما يكون ولهذا اقتصر الصفى الهندي على هذه ولم يذكر تلك اه. بخلافه هو فانه اقتصر فى النظم على تلك ولم يذكر هذه للاستغناء بها عنها حيث قال: وَالنَّقْصِ والمُسَبَّبِ ... والكُلِّ أيْ لِبَعْضِهِ والسَّبَبِ والْمُتَعَلِّقِ وعَكْسِ الْخَمْسَةِ ... والضِّدِّ والْجَوارِ ثُمَّ الآلةِ وهى قال فى شرح تسمية الشيء باسم ءالته وهومن زوائدي نحو وَاجْعَلْ لِي لِسَانَ صِدْقٍ أي ثناء حسنا واللسان ءالته اه. فلذاقال الخطيب فى التخليص عاطفا على علاقات المجاز المرسل او آلته (وَاجْعَلْ لِي لِسَانَ صِدْقٍ فِي الْآَخِرِينَ (84) أي ذكراحسنا اه. وذكرالالة وعدة من العلاقات فى الجوهرالمكنون ناظمه قائلا فى المجاز المرسل: فما سِوى تَشابُهٍ علاقَتُهْ ...... جُزءٌ وكلٌّ اوْ مَحلٌّ آلَتُهْ ظَرْفٌ وَمَظروفٌ مُسَبَّبٌ سَبَبْ .... وَصْفٌ لماضٍ أوْ مآلٍ مُرْتَقَبْ (وَقَدْ يَكُونُ فِي الْإِسْنَادِ خِلَافًا لِقَوْمٍ وَفِي الْأَفْعَالِ وَالْحُرُوفِ وِفَاقًا لِابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ والنقشواني وَمَنَعَ الْإِمَامُ الْحَرْفَ مُطْلَقًا وَالْفِعْلَ وَالْمُشْتَقَّ إلَّا بِالتَّبَعِ وَلَا يَكُونُ فِي الْأَعْلَامِ خِلَافًا لِلْغَزَالِيِّ فِي مُتَلَمَّحِ الصِّفَةِ) ذكر فى هذ الموضع مسائل من المجاز فيها اختلاف فافاد ان المجاز قديكو فى الاسناد قال المحقق البنانى قال شيخ الاسلام مراده بالمجاز مطلقه لاماعرفه بما مراه. وتعرض له العلامة ابن عاصم ايضا حيث قال ومنه ما يكون فى الافراد الجزء: 1 ¦ الصفحة: 85 ومنه مايكون فى الاسناد. قال الجلال المحلى فى تصوير تعريفه: بِأَنْ يُسْنَدَ الشَّيْءُ لِغَيْرِ مَنْ هُوَ لَهُ لِمُلَابَسَةٍ بَيْنَهُمَا نَحْوُ قَوْله تَعَالَى {وَإِذَا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آيَاتُهُ زَادَتْهُمْ إيمَانًا} أُسْنِدَتْ الزِّيَادَةُ وَهِيَ فِعْلُ اللَّهِ تَعَالَى لِلْآيَاتِ الْمَتْلُوَّةِ سَبَبًا لَهَا عَادَةً اه. قال المحقق البنانى قال العلامة عرفه البيانيون باسناد الفعل اومعناه الى ملابس له غيرماهو له بتأول اه. فلذا عرفه فى الجوهر المكنون ثانيا بعد تعريفه الحقيقة العقلية اولا بقوله: والثانِ أَنْ يُسْنَد للملابَسِ ..... ليسَ لَهُ يُبْنى كَـ"ثوبٍ لابِسِ" قال فى التخليص وهو فى القرءان كثير {وَإِذَا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آيَاتُهُ زَادَتْهُمْ إيمَانًا} (يُذَبِّحُ أَبْنَاءَهُمْ) (يَنْزِعُ عَنْهُمَا لِبَاسَهُمَا) قوله خلافا لقوم أي فِي نَفْيِهِمْ الْمَجَازَ فِي الْإِسْنَادِ منهم ابن الحاجب فانه يجعل المجاز فيما يذكر منه فى المسند ومنهم من يجعله فى المسند اليه وهو السكاكى فيكون عنده استعارة مكنية وقد يكون المجاز فى الافعال والحروف اصالة من غير اعتبار تجوز فى المصدر بالنسبة للافعال وفى المتعلق بالنسبة للحروف قال المحقق البنانى وحاصله ان الاصوليين يقولون بالتجوز في المشتق والحرف اصالة أي من غير اعتبار تجوز فى المصدر والمتعلق بخلاف البيانيين فان التجوز فيما ذكر عندهم انما هو بتبعية التجوز فى المصدر والمتعلق كما هو مقرر اه. فلذا قال ناظم ملحة البيان مشيرا للاستعارة التبعية عند البيانيين: فتلك فى المشتق تجري بعد ان ... بمصدر تجري ولو بقرن ان كما بمطلق لمعنى الحرف اشتققتا ... واستعرا لحرف الذي اردتا وخالف العصام هذ القولا .... وقال بالتشبيه ليس الا ووفاقا هنا عند الاصوليين لابن عبد السلام والنقشوانى مثاله فى الافعال قوله تعالى: {وَنَادَى أَصْحَابُ الْجَنَّةِ} أَيْ يُنَادِي فاستعمل الماضى فى المستقبل لتحقق الوقوع قال المحقق البنانى فيكون مجازا علاقته الملزومية لاستلزام وقوع الشيء فيما مضى تحقق وقوعه اه. وقوله تعالى {وَاتَّبَعُوا مَا تَتْلُوا الشَّيَاطِينُ} أَيْ تَلَتْهُ فاستعمل المستقبل فى الماضى لاستحضار تلك الصورة الماضية ومثاله فى الحروف {فَهَلْ تَرَى لَهُمْ مِنْ بَاقِيَةٍ} أَيْ مَا نَرَى فجاء الاستفهام مكان النفى بجامع عدم التحقق فى كل فيكون مجازا علاقته الملزومية لاستلزام الاستفهام عن الشيئ عدم تحققه ومنع الامام الفخر الرازي مجاز الافراد فى الحرف مطلقا لابالذات كمايقول الاصوليون ولا بالتبع كما يقول البيانيون قال لان الحرف لا يفيد الا بضمه الى غيره فان ضم الى ماينبغى ضمه اليه فمجاز فى الاسناد والتركيب لا فى المفرد والكلام انما هو فى المجاز المفرد اللغوي اذمجاز الاسناد عقلى ومنع ايضا المجاز فى الفعل والمشتق كاسم الفاعل فقال لايكون فيهما مجاز الا بالتبع للمصدر اصلهما فلا يدخلهما الا بالتبع له فان تجوز فيه تجوز فيهما والا فلا قال الجلال المحلى واعترض عليه بالتجوز بالفعل الماضى عن المستقبل وبالعكس من غير تجوز فى اصلهما وبان الاسم المشتق يراد به الماضى والمستقبل مجازا من غير تجوز فى اصله وكان الامام فيما قاله نظر الى الحدث مجردا عن الزمان اه. فلذا تعرض الناظم لاصل المسالة قائلا: وَصِحَّةُ الْمَجَازِ فِي الإسْنَادِ ... والفِعْلِ والْحُرُوْفِ باعْتِمَادِ والْفَخْرُ فِي الْحُرُوْفِ مُطْلَقًا مَنَعْ ... والفِعْلِ والْمُشْتَقِّ إلاَ بالتَّبَعْ ولايكون المجاز فى الاعلام اذ لابد فى المجاز من علاقة ولاعلاقة فى الاعلام فلذا قال فى الجوهر المكنون:. وَمُنِعَتْ في عَلَمٍ لِما اتّضَحْ فان الجزء: 1 ¦ الصفحة: 86 وجدت كمن سمى والده مباركا لماظنه فيه من البركة فليس مجازا ايضا اذ لوكان لذلك لا امتنع اطلاقه بعد زوالها خلافا للغزالى فى متلمح الصفة بفتح الميم الثانية كالحرث والاسود فقال انه مجاز لانه لايراد منه الصفة وقد كان قبل العلمية موضوعا للفرق بين النوات كزيد وعمرو فلذا قال الناظم: والمنْعُ فِي الأعْلاَمِ عَنْ ذِي مَعْرِفَهْ ... وقَيْلَ إلاَّ مُتَلَمَّحَ الصِّفَهْ (وَيُعْرَفُ بِتَبَادُرِ غَيْرِهِ إلَى الْفَهْمِ لَوْلَا الْقَرِينَةُ وَصِحَّةُ النَّفْيِ وَعَدَمُ وُجُوبِ الِاطِّرَادِ وَجَمْعُهُ عَلَى خِلَافِ جَمْعِ الْحَقِيقَةِ وَبِالْتِزَامِ تَقْيِيدِهِ وَتَوَقُّفِهِ عَلَى الْمُسَمَّى الْآخَرِ وَالْإِطْلَاقُ عَلَى الْمُسْتَحِيلِ) ذكروا لما تميز به المجاز علامات يعرف بها فيعرف المعنى المجازي اللفظ بتبادر غيره منه الى الفهم لولا القرينة اذ المعنى الحقيقي الاصيل هو الاصل والمعني المجازي الدخيل هو الفرع فلا ينتقل عن المعنى الاصلى الحقيقي الى المعنى الفرعى المجازي الابالدليل الذي هو القرينة الصارفة عن الاصل فلذا قال السعود: وبالتبادر يُرى الأصيل ..... إن لم يكُ الدليل لا الدخيل واورد على ذلك المجاز الراجح على الحقيقة واجيب بانه نادر فلا يقدح اذ الغالب ان المتبادر الحقيقة فلذازادها الناظم على المصنف حيث قال: ويُعْرَفُ الْمَجَازُ مِنْ تَبَادُرِ ... سِوَاهُ للأفْهَامِ غَيْرَ النَّادِرِ وكذا من علاماته صحة النفى مع صدقة فى الواقع كقولك فى البليد هذا حمار فانهم يصح ان يقال ليس بحمار وكذا من علاماته عدم وجوب الاطراد فلا يطرد اصلا فى بعض المواضع كَمَا فِي {وَاسْأَلْ الْقَرْيَةَ} أَيْ أَهْلَهَا فَلَا يُقَالُ وَاسْأَلْ الْبِسَاطَ أَيْ صَاحِبَهُ وان جاز اطراده فى بعضها كما فى الاسد للرجل الشجاع فيصح فى جميع جزئياته الاانه من غير وجوب بخلاف المعنى الحقيقي فيجب اطراده فى جميع جزئياته قال شارح السعود ان وسم اللفظ بالانفراد أي عرف بعدم الترادف والا فلايجب الاطراد لجواز التعبير بكل من المترادفين مكان الاخر مع ان كلا منهما حقيقة لا مجاز فلذا قال فى نظمه عاطفا على علامات المجاز: وعدمِ النفيِ والاطِّراد ..... إن وسم اللفظ بالانفراد وقال فيه الناظم ايضا: .. ولَيْسَ بِالوَاجِبِ أنْ يَطَّرِدَا. وكذا يعرف المجاز بجمع اللفط الدال عليه خلاف جمع الحقيقة كالامر بمعنى الفعل مجازا يجمع على اوامر فلذا قال الناظم: وصِحَّةِ النَّفِي وَجَمْعِهِ عَلَى ... خِلاَفِ أصْلِهِ أي وهو جمع لفظ المعنى الحقيقي كما يعرف بالتزام تقييد اللفظ الدال عليه كجناح الذل أي لين الجانب ونار الحرب أي شدته فان الجناح والذل يستعملان فى معناهما الحقيقي من غير قيد بخلاف المشترك من الحقيقة فانه يقيد من غير لزوم كالعين الجارة فلذا قال الناظم: ولُزُومًا قُيِّدَا ... … وقال فى ذا وما قبله ناظم السعود: وواجب القيد وما قد جمعا .... مخالفَ الأصل مجازا سُمعا وكذا يعرف المجاز بتوقفه فى اطلاق اللفظ عليه على المسمى الاخر أي المعنى الحقيقي اما لفظا نحو {وَمَكَرُوا وَمَكَرَ اللَّهُ} او تقديرا نحو قُلِ اللَّهُ أَسْرَعُ مَكْرًا فان مكرهم لم يتقدم له ذكر لكن تضمنه المعنى والحقيقة لايتوقف استعمالها على غيرها والتقسيم الى اللفظ والتقدير من زيادات الناظم على المصنف حيث قال: وَوَقْفِهِ عَلَى الْمُسَمَّى الآخَرِ ... إِمَّا عَلَى التَّقْدِيْرِ أوْ فِي الظَّاهِرِ وهو المسمى عند اهل البديع بالمشاكلة المعرف لها صاحب التلخيص بقوله وهى ذكر الشيء بلفظ غيره لوقوعه فى صحبته تحقيقا او تقدير اه. ومثل له بقول الشاعر قالوا اقترح لنا شيأ نجد لك طبخه ... قلت اطبخوا لى جبة وقميصا فالمعنى المجازي حينئذ الذي هو ضد المعنى الجزء: 1 ¦ الصفحة: 87 الحقيقي يعرف اللفظ فى الاستعمال على المسمى الاخر الحقيقى وكذا يعرف المعنى المجازي بكون اطلاق اللفظ عليه اطلاقاعلى المستحيل عليه ذلك الاطلاق نحو {وَاسْأَلْ الْقَرْيَةَ} اطلق سؤال القرية على معنى هو استفهام وهو مستحيل فاستحالته يعرف بها ان المراد استفهام اهلها فلذاقال الناظم: وأنْ يُسْتَعْمَلاَ في الْمُسْتَحِيْلِ. وقال فى السعود فيه وفيما قبله: والضد بالوقف في الاستعمال .... وكون الاطلاق على المحال (وَالْمُخْتَارُ اشْتِرَاطُ السَّمْعِ فِي نَوْعِ الْمَجَازِ وَتَوَقَّفَ الْآمِدِيُّ) أي وَالْمُخْتَارُ اشتراط السمع فى كل من انواع المجاز كالسببية والكلية والجزئية الى غير ذلك من بقية العلاقات فاذا سمع المجاز فى صورة نوع منه كالسببية مثلا جاز التجوز فى صور هذالنوع وكذا القول فى باقى الانواع وقيل لايشترط ذلك بل يكتفى بالعلاقة التى نظروا اليها فيكفى السماع فى نوع قال الجلال المحلى: لِصِحَّةِ التَّجَوُّزِ فِي عَكْسِهِ مَثَلًا اه. قال الجلال السيوطى وهذا ماصححه ابن الحاجب ووقف الامدي فى الاشتراط وعدمه وافاد الناظم فى شرحه انهم اجمعوا على ان العلاقة لا يعتبر شخصها بان لا تستعمل الافى الصور التى استعملتها العرب فيها وعلى انه لا بد من جنسها فلذاقال: والسَّمْعُ فِي نَوْعِ الْمَجَازِ مُشْتَرَطْ ... وقِيْلَ بِالوَقْفِ وقَيْلِ الْجِنْسُ قَطْ وذكرها قبل على المجاز فى الاسناد فقدها على هذه المسألة قال هناك انسب كماقال العراقى من تاخيرها فى الاصل على المسائل الاتية اه. والله اعلم (مَسْأَلَة: ُ الْمُعَرَّبُ لَفْظٌ غَيْرُ عَلَمٍ اسْتَعْمَلَتْهُ الْعَرَبُ فِي مَعْنًى وُضِعَ لَهُ فِي غَيْرِ لُغَتِهِمْ وَلَيْسَ فِي الْقُرْآنِ وِفَاقًا لِلشَّافِعِيِّ وَابْنِ جَرِيرٍ وَالْأَكْثَرِ) بعد ان تكلم المصنف على المجاز ذكر عقبه الكلام على المعرب لشبهه به من حيث ان العرب استعملته فى غير مالم يوضع له كاستعماله المجاز فيما لم يوضع له ابتداء وعرفه بقوله لفظ غير علم الخ فخرج بقوله غير علم الاعلام كابراهيم واسماعيل فانها لاتسمى معربا على مشي عليه المصنف هنا قال شارح السعود بعد ان ذكر ان الاعلام من المعرب كاسماعيل ويوسف لاجماع النحاة على انه ممنوع من الصرف للعلمية والعجمة أي كما قال ابن مالك فى الخلاصة والعجمى الوضع والتعريف مع ... زيد على الثلا ث صفه امتنع قال ويحتمل ان لا يسمى معربا كما مشى عليه ابن السبكى فى جمع الجوامع حيث قال المعرب لفظ غير علم وقد مشى فى شرح على انه منه ويجاب على الاحتمال الثانى بان الاجماع المذكور لايقتضى كونها معربا لجواز اتفاق اللغات فيها وانما اعتبرت عجمتها حتى منعت من الصرف لاصالة وضعها أي سبقها فى ذلك وكون وضعها اشبه بطريقة العجم فى الوضع فلذا ذكر فى نظمه ان كان منه أي ان كان العلم من المعرت حيث قال: ما استَعملت فيما له جا العربُ ..... في غيرما لغتهم مُعرَّب ما كان منه مثلَ إسماعيلِ ..... ويوسف قد جاء في التنزيل إن كان منه. قال الجلال السيوطى فى شرحه عند قوله فى النظم: واللفظُ إذْ ما استعملته العَرَبُ ... فيما له لا عندَهمُ مُعَرَّبُ وهل تسمى بذلك الاعلام يحتمل ذلك كما مشى عليه ابن السبكى فى شرح المختصر ويحتمل ان لا كما مشى عليه فى جمع الجوامع وخرج بقول المصنف استعملته العرب الخ الحقيقة والمجاز فان كلا منهما استعملته فيما وضع له فى لغتهم وليس المعرب الذي هو غير علم فى القرءان وفاقا للاكثر ونص عليه الشافعى واشتد فى الرسالة نكيره على من خالفه ونصره الجزء: 1 ¦ الصفحة: 88 القاضى ابوبكر فى التقريب وابن جرير الطبري فى تفسيره فلذاقال الناظم: وليسَ في القرآن عندَ الأكثَرِ ... كالشَّافِعي وابنِ جريرِ الطبَري وذكر ناظم السعود ايضا ان راي الاكثر والشافعى اعتقادهم نفى وقوع المعرب المنكر فى القرءان اذ لو كان فيه لااشتمل على غيرعربي فلذاقال: واعتقاد الأكثر .... والشافعيِّ النفيَ للمنكر وقيل انه كاستبرق فارسية للديباج الغليظ وقسطاس رومية للميزان ومشكاة هندية للكوة التى لاتنفذ فلذا قال العلامة ابن عاصم: كما اتى معرب اللغات .... فيه كاستبرق والمشكاة قال الشيخ حلولو والظاهر ان المسالة لا ينبنى عليها فقه ولا يستعان بها فيه وانما هو خلاف لفظى اه. قال شارح السعود حتى يعود الدر بفتح الدال وهو اللبن فى الضرع فلذا قال فى نظمه: وذاك لا يُبنى عليه فرع .... حتى أبى رجوع در ضرع (مَسْأَلَةٌ: اللَّفْظُ إمَّا حَقِيقَةٌ أَوْ مَجَازٌ أَوْ حَقِيقَةٌ وَمَجَازٌ بِاعْتِبَارَيْنِ وَالْأَمْرَانِ مُنْتَفِيَانِ قَبْلَ الِاسْتِعْمَالِ) اللفظ قبل الاستعمال لا يوصف بكونه حقيقة ولا مجاز لاشتراط الاستعمال فى كليهما وبعد الاستعمال اما ان يكون حقيقة فقط او مجاز فقط كالاسد للحيوان المفترس او للرجل الشجاع او حقيقة ومجاز باعتبارين كان وضع لغة لمعنى عام ثم خصه الشرع او المعرف بنوع منه قال الجلال المحلى كالصوم فى اللغة للامساك خصه الشرع بالامساك والدابة فى اللغة لكل ما يدب على الارض خصها العرف بذات الحوافر واهل العراق بالفرس فاستعماله فى العرف العام حقيقة لغوية مجاز شرعى او عرفى وفى الخاص بالعكس أي حقيقة شرعية او عرفية مجاز لغوي ويمتنع كونه حقيقة ومجاز باعتبار واحد للتنافى بين الوضع ابتداء وثانيا اه. فلذا قال فى السعود: وَهُوَ حَقِيْقَةٌ أَوْ الْمَجَازُ ... وَبِاعْتِبَارَيْنِ يَجِي الْجَوَازُ وهمااعنى الحقيقة والمجاز منتفيان عن اللفظ قبل الاستعمال كماتقدم ءانفا اذ الاستعمال ماخوذ فى احدهما فاذا انتفى انتفيا وقد افاد الناظم هذه الاقسام قائلا: اللَّفْظُ أقْسَامٌ حَقِيقَةٌ فَقَطْ ... أَوْ فَمَجَازٌ أوْ كِلَيْهِمَا ضُبِطْ بِجَهَتَيْنِ اعْتُبِرَا أوْ لاَ ولاَ ... وَذَلِكَ اللَّفْظُ الِّذِي مَا اسْتُعْمِلاَ (ثُمَّ هُوَ مَحْمُولٌ عَلَى عُرْفِ الْمُخَاطِبِ فَفِي الشَّرْعِ الشَّرْعِيُّ لِأَنَّهُ عُرْفُهُ ثُمَّ الْعُرْفِيُّ الْعَامُّ ثُمَّ اللُّغَوِيُّ وَقَالَ الْغَزَالِيُّ وَالْآمِدِيُّ فِي الْإِثْبَاتِ الشَّرْعِيِّ وَفِي النَّفْيِ الْغَزَالِيُّ مُجْمَلٌ وَالْآمِدِيُّ اللُّغَوِيُّ) أي ثم اللفظ محمول على عرف المخاطب بكسر الطاء الشارع او اهل العرف او اللغة فاللفظ الوارد فى مخاطبة الشارع يحمل على المعنى الشرعى وان كان له معنى عرفى او لغوي او هما لان المعنى الشرعى اصطلاح الشرع وذلك لان النبىء صلى الله عليه وسلم بعث للاسماء الشرعيات فلذاقال الناظم: ثُمَّ عَلَى عُرْفِ الْمُخَاطِبِ احْمِلِ ... فَفِي خِطَابِ الشِّرْعِ لِلْشَّرْعِ اجْعَلِ ثم اذا لم يكن معنى شرعى او كان وصرف عنه صارف فالمحمول عليه المعنى العرفى العام الذي يتعارفه جميع الناس ثم اذا لم يكن للمعنى عرف عام او كان وصرف عنه صارف فالمحمول عليه المعنى اللغوي لتعينه فلذاقال الناظم بعد ان ذكر تقديم المعنى الشرعى: فالعُرْفِ ذِي العُمُومِ ثُمَّ اللُّغَوِي ... وتعرض فى السعود لترتيب الثلاثة قائلا: وَاللَّفْظُ مَحْمُوْلٌ عَلى الشَّرْعِيْ ... إِنْ لَّمْ يَكُنْ فَمُطْلَقُ الْعُرْفِيْ فَاللُّغَوِيُّ عَلى الْجَلِيِّ. وقال الغزالى والامدي فيما له معنى شرعى ومعنى لغوي المعنى الذي يحمل عليه فى الاثبات الشرعى وفق ما تقدم من تقديمه فلذا قال الناظم: .. وَقِيلَ في الإثْبَاتِ لِلْشَّرْعِ قَوِي وقال الغزالى فى الجزء: 1 ¦ الصفحة: 89 النفى اللفظ مجمل أي لم يتضح المراد منه حيث انه لا يمكن حمله على الشرعى لوجود النفى أي النهى وعدل عنه مع ارادته لمناسبة النفى الاثبات والاعلى اللغوي لان النبيء صلى الله عليه وسلم بعث لبيان الشرعيات وقال سيف الدين الامدي المعنى الذي يحمل عليه هو اللغوي الشرعي بالنهى قال الناظم: واللَّغَوِيِّ النَّهْيِ والإجْمَالِ ... رَأيَانِ للسَّيفِ معَ الغَزَالِي قال الجلال المحلى: مِثَالُ الْإِثْبَاتِ مِنْهُ حَدِيثُ مُسْلِمٍ عَنْ {عَائِشَةَ قَالَتْ دَخَلَ عَلَيَّ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ذَاتَ يَوْمٍ فَقَالَ هَلْ عِنْدَكُمْ شَيْءٌ قُلْنَا لَا قَالَ فَإِنِّي إذًا صَائِمٌ} فَيُحْمَلُ عَلَى الصَّوْمِ الشَّرْعِيِّ فَيُفِيدُ صِحَّتَهُ وَهُوَ نَفْلٌ بِنِيَّةٍ مِنْ النَّهَارِ وَمِثَالُ النَّهْيِ مِنْهُ حَدِيثُ الصَّحِيحَيْنِ {أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَهَى عَنْ صِيَامِ يَوْمَيْنِ يَوْمِ الْفِطْرِ وَيَوْمِ النَّحْرِ} وَسَيَأْتِي فِي مَبْحَثِ الْمُجْمَلِ خِلَافٌ فِي تَقَدُّمِ الْمَجَازِ الشَّرْعِيِّ عَلَى الْمُسَمَّى اللُّغَوِيِّ. اه. قال المحقق البنانى مثاله قوله صلى الله عليه وسلم الطواف بالبيت صلاة فقد اجتمع فيه مجاز شرعي وحقيقة لغوية فقيل يحمل على المجاز الشرعي وقيل يحمل على الحقيقة اللغوية اه. قال الجلال السيوطى فى شرحه وهو مجمل لتردده بين المجاز الشرعى والمسمى اللغوي اقوال حكاها فى جمع الجوامع فى مبحث المجمل بلا ترجيح ورجح منها الاول فى شرح المختصر كما نبهت على ترجيحه من زيادتى ونقلت المسالة الى هنا لانه انسب واوفق للاختصار اه. والزيادة التى ذكرها فى المسالةهناهى قوله فى النظم: ثُمَّ على الأوَّلِ إِنْ تَعَذَّرَا ... حَقِيقَةٌ فَفِيهِ خُلْفٌ قُرِّرَا رُدَّ إليْهِ بِالْمَجَازِ فِي القَوِي ... وقِيلَ مَجْمَلٌ وَقِيلَ اللُّغَوِي (وَفِي تَعَارُضِ الْمَجَازِ الرَّاجِحِ وَالْحَقِيقَةِ الْمَرْجُوحَةِ أَقْوَالٌ ثَالِثُهَا الْمُخْتَارُ مُجْمَلٌ) قال الجلال السيوطى قد يغلب استعمال المجاز على الحقيقة بحيث لا تهجر فيكون راجحا وهى مرجوحة فاذا تعارضافاقوال اه. قال الجلال المحلى: قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ الْحَقِيقَةُ أَوْلَى فِي الْحَمْلِ لِأَصَالَتِهَا وَأَبُو يُوسُفَ الْمَجَازُ أَوْلَى لِغَلَبَتِهِ اه. قال العلامة ابن عاصم فى مهيع الوصول: وان يعارض راجح المجاز ... حقيقة بالعكس لاتواز فقدم النعمان للحقيقة .... مخالفا تلميذه طريقه والقول الثالث وهو المختار نقله الصفى الهندي عن الشافعى وجزم به الامام الفخر الرازي فى المعالم تساوي القولين فيصير اللفظ مجملا فلايحمل على واحد منهما الا بقرينة لرجحان كل منهما من وجه اذلم يوجد صارف لواحد منهما لاصالة الحقيقة وغلبة المجاز فيتوقف لوجود القرينة الدالة على واحد منهما فلذا قال العلامة ابن عاصم: وقال فخر الدين بالتوقف ... اذ لم يجد لواحد من مصرف مثاله حلف لا يشرب من هذا النهر فالحقيقة المتعاهدة الكرع منه بفيه كما يفعل كثير من الرعا والمجاز الغالب الشرب بما يغترف منه كالاناء والحال انه لم ينو شيأ فهل يحنث بالاول دون الثانى اوالعكس اولا يحنث لابالاول دون الثانى ولا بالثانى دون الاول الاقوال المتقدمة وافاد الجلال السيوطى زيادة على المصنف ان محل هذه الاقوال حين لا يعن أي يعرض هجر الحقيقة بالكلية والا يقدم المجاز عليها فلذا قال فى النظم متعرضا لاصل المسالة: وإِنْ مَجازٌ راجِحٌ قَدْ عَارَضَا ... حَقِيقَةً مَرْجُوحَةً فَالْمُرْتَضَى ثَالثُهَا الإِجمالُ إذْ لا هَجْرَ عَنّْ.. وتكلم عليها أي على الحقيقة المهجورة ناظم السعود ايضا فافاد انها اذا اميتت أي هجرت بالكلية قدم المجاز عليها باتفاق الاثبات أي العلماء حيث قال معيدا الضمير على المجاز: أَجْمَعَ إِنْ حَقِيْقَةٌ تُمَاتُ .... عَلَى التَّقَدُّمِ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 90 لَهُ اْلأَثْبَاتُ اه. قال الجلال المحلى: كَمَنْ حَلَفَ لَا يَأْكُلُ مِنْ هَذِهِ النَّخْلَةِ فَيَحْنَثُ بِثَمَرِهَا دُونَ خَشَبِهَا الَّذِي هُوَ الْحَقِيقَةُ الْمَهْجُورَةُ حَيْثُ لَا نِيَّةَ وتكلم ناظم السعود ايضا على اصل المسالة وافاد ان القرافى انتخب ما انتخبه ابو يوسف تلميذ النعمان من تقديم المجاز الغالب على الحقيقة المرجوحة حيث قال: وحيثما قصدُ المجاز قد غلب .... تعيينه لدى القرافي مُنتخَب ومذهب النعمان عكس ما مضى .... والقول بالإجمال فيه مُرتضَى تكميل فيما يلزم تقديمه من المعنى الراجح على المعنى المرجوح المحتمل للفظ وتعرض لذلك شارح السعود بقوله كالتاصيل فانه مقدم على الزيادة فيحمل عليه دونها كقوله تعالى: لَا أُقْسِمُ بِهَذَا الْبَلَدِ (1) قيل زائدة وقيل لانافية وكذا يقدم الاستقلال على الاضمار كقوله تعالى أَنْ يُقَتَّلُوا أَوْ يُصَلَّبُوا الاية قال الشافعى يقتلون ان قتلوا او تقطع ايديهم ان سرقوا ونحن نقول الاصل عدم الاضمار أي الحذف وكذا يقدم التاسيس على التاكيد كقوله تعالى: فَبِأَيِّ آَلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ (16) من اول السورة الى ءاخرها فتحمل الالاء فى كل موضع على ما تقدم قبل لفظ ذلك التكذيب فلا يتكرر منها لفظ وكذا يقال فى سورة والمرسلات فيحمل على المكذبين بما ذكر قبل كل لفظ وكذا يقدم العموم على الخصوص قبل البحث عن المخصص عند اكثر المالكية وكذا يقدم البقاء على النسخ وكذا الافراد عن ضده الذي هو الاشتراك فجعل النكاح مثلا لمعنى واحد وهوالوطء ارجح من كونه مشتركا بينه وبين سببه الذي هو العقد وكذا يقدم الاطلاق على التقييد وكذا يقدم الترتيب على التقديم والتاخير أي فيبقى الترتيب على حاله بدون تغيير له اه. باختصار فلذاقال فى نظمه مشبها بما يلزم تقديمه على غيره: كذاك ما قابل ذا اعتلال ... من التأصل والاستقلال من تأسس عموم وبقا .... الافرادُ والإطلاق مما يُنتقى كَذَاكَ تَرْ تِيْبٌ لِإِيْجَابٍ العمل ... بما له الرجحان مما يُحتمل (وَثُبُوتُ حُكْمٍ مَثَلًا يُمْكِنُ كَوْنُهُ مُرَادًا مِنْ خِطَابٍ مَجَازًا لَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ الْمُرَادُ مِنْهُ بَلْ يَبْقَى الْخِطَابُ عَلَى حَقِيقَتِهِ خِلَافًا لِلْكَرْخِيِّ وَالْبَصْرِيِّ) أي وثبوت حكم بالاجماع مثلا يمكن كون ذلك الحكم مراد من خطاب لكن يكون ذلك الخطاب فى ذلك المراد الذي هو الحكم المذكور مجاز فانه لا يدل الثبوت المذكور على ان الحكم المجازي المذكور المراد من الخطاب على حقيقته لعدم الصارف عنها خلافا للكرخى مِنْ الْحَنَفِيَّةِ وَالْبَصْرِيِّ مِنْ الْمُعْتَزِلَةِ مِثَالُهُ وُجُوبُ التَّيَمُّمِ عَلَى الْمُجَامِعِ الْفَاقِدِ لِلْمَاءِ إجْمَاعًا يُمْكِنُ كَوْنُهُ مُرَادًا مِنْ قَوْله تَعَالَى {أَوْ لَامَسْتُمْ النِّسَاءَ فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا} لَكِنْ عَلَى وَجْهِ الْمَجَازِ لِأَنَّ الْمُلَامَسَةَ حَقِيقَةٌ فِي الْجَسِّ بِالْيَدِ مَجَازٌ فِي الْجِمَاعِ وهو اختيارالكَرْخِيِّ والبصري او يبقى الخطاب على حقيقته فى اللمس باليد ويكون مستند الجماع دليلا ءاخر وبه قال الامام فى المحصول وهو مذهب القاضى عبد الجبار واختاره المصنف قال الشيخ حلولو وهذالخلاف فى المثال المفروض انما هو محمول على القول بامتناع حمل اللفظ على حقيقته ومجازه واما على صحته كما قال الشافعى فلا يختلف فى ذلك اه. وصحة استعماله فيهما زاده الناظم على المصنف حين يتكلم على المسألة بقوله: . وَكَوْنُ حُكْمٍ ثَابِتٍ يُمْكِنُ أَنْ. يُرَادَ مِنْ لَفْظٍ مَجَازًا لاَ يَدُلْ ... عَلَى اعْتِبَارِ أَنَّهُ الْمُرادُ بَلْ يَبْقَي على الْحَقِيقَةِ الْخِطَابُ ... إنْ لَمْ يُجَوَّزْ ذَلِكَ الصَّوابُ فالصواب المشاراليه هو استعمال اللفظ فى معنييه والله اعلم (مَسْأَلَة: ٌ الْكِنَايَةُ لَفْظٌ اُسْتُعْمِلَ فِي مَعْنَاهُ مُرَادًا مِنْهُ لَازِمُ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 91 الْمَعْنَى فَهِيَ حَقِيقَةٌ فَإِنْ لَمْ يُرَدْ الْمَعْنَى وَإِنَّمَا عُبِّرَ بِالْمَلْزُومِ عَنْ اللَّازِمِ فَهُوَ مَجَازٌ) قال شارح السعود قسم اهل البيان الكلام الى صريح وكناية وتعريض فى هذه الاشياء لهم وانما اخذه غيرهم منهم والمجاز من الصريح اه. وعرفها المصنف بقوله: لَفْظٌ اُسْتُعْمِلَ فِي مَعْنَاهُ مُرَادًا مِنْهُ لَازِمُ المعنى وذلك نحو زيد طويل النجاد مرادامنه طول القامة اذ طولها لازم لطول النجاد أي حمايل السيف فهى حقيقة لاستعمال اللفظ فى معناه وان اريد منه اللازم فلذا قال الناظم: اللَّفْظُ إنْ أُطْلِقَ فِي مَعْناهُ ثُمّْ ... أريدَ مِنْهُ لازمُ الْمَعْنى فَسَمّْ كِنَايةً وَهْوَ حَقِيقةً جَرَى.. وقال فى السعود: بَلْ حَقِيْقَةٌ لِمَا يَجِبْ. مِنْ كَوْنِه فِيْمَا لَهُ مُسْتَعْمَلَا ... وعرفها الخطيب فى التخليص بقوله الكناية لفظ اريد به لازم معناه مع جواز ارادته معه اه. وقال فى الجوهر المكنون معرفا لها: لفظٌ به لازمُ معناهُ قُصِدْ .... مَعَ جَوازِ قَصدِهِ مَعْهُ يَرِدْ إلى اختصاصِ الوَصْفِ بالموصوفِ ... كـ"الخيرُفي العزلةِ ياذا الصّوفي " وعرفهابذالتعريف ايضا فى السعود كما عرفها بالتعريف السابق للمصنف حيث قال: مُسْتَعْمَلٌ فِي لَازِمٍ لِمَا وُضِعْ ... لَهُ وَلَيْسَ قَصْدُهُ بِمُمْتَنِعْ نعم تعريفها بماذكر لا تكون حقيقة لاستعمالها فى غيره ماوضعت له ولامجاز لمنع صاحب هذالمذهب فى المجاز ارادة المعنى الحقيقى مع المجاز فلذا قال فى السعود: فَاسْم الْحَقِيْقَةِ وَضِدٍّ يَنْسَلِبْ.. وقال بعضهم ان الكناية مجاز اذهى لفظ مستعمل فى كلا المعنيين يعنى الحقيقي ولازمه فلذا قال فى السعود:..وَالْقَوْلُ بِالْمَجَازِ فِيْهِ انْتُقِلَا لِأَجْلِ الْاِسْتِعْمَالِ فِي كِلَيْهِمَا.. والمصنف عنده تبعا لوالده هي من باب الاصل أي الحقيقة لاستعمال اللفظ فى معناه وارادة اللازم واما اذالم يرد المعنى باللفظ انما عبر بالملزوم فاللفظ حينئذ فرع أي مجازحيث انه لم يقصد منه المعنى الحقيقي بل اللازم فقط فلذا حكاه فى السعود عن تاج الدين مصنفا تبعا لوالده رحمهما الله حيث قال:..وَالتَّاجُ لِلْفَرْعِ وَالْاَصْلِ قَسَّمَا. مُسْتَعْمَلٌ فِيْ أَصْلِه يُرَادُ .... لَازِمُهُ مِنْهُ وَيُسْتَفَادُ حقيقة وَالْأَصْلُ حَيْثُ مَا قُصِدْ .... بَلْ لَازِمٌ فَذَاكَ أَوَّلاً وُجِدْ فهى حينئذ اما حقيقة او مجاز فاذا قلت زيد كثير الرماد فان اردت معناه ليستفاد منه الكرم فهو حقيقة وان لم ترد المعنى وانما عبرت بالملزوم الذي هو كثرة الرماد عن اللازم الذي هو الكرم كان مجاز حيث انه استعمل اللفظ فى غير ما وضع له فلذا قال الناظم: . أو لَمْ يُرِدْ مَعْنى وَلَكِنْ عَبَّرَا عَنْ لاَزمٍ مِنْهُ بِملزُومِ فَذَا.. ... يَجْرِي مَجَازًا فِي الِّذِي السُّبْكِي احْتذى والذي حكاه زيادة على المصنف ثلاثة اقوال فقيل انه حقيقة اليه ذهب ابن عبد السلام فقال انه الظاهر لانها استعملت فيما وضعت له فاريد بها الدلالة على غيره الثانى انها مجاز الثالث انها لا حقيقة ولا مجاز واليه ذهب صاحب التلخيص كماتقدم عنه ءانفا لمنعه فى المجاز ان يراد المعنى الحقيقي مع المجازي وتجويز ذلك فيها فلذاقال فى النظم حاكيا الثلاثة: وَمنْ لم يَقُلْ مَجَازٌ أو حَقِيقَةُ ... أَوْ لا وَلاَ كُلٌّ لَديهِ حُجَّةُ (وَالتَّعْرِيضُ لَفْظٌ اُسْتُعْمِلَ فِي مَعْنَاهُ لِيُلَوَّحَ بِغَيْرِهِ فَهُوَ حَقِيقَةٌ أَبَدًا) التعريض عند المصنف ليس من اقسام الكناية بخلافه عند السكاكى لقول الخطيب فى التلخيص السكاكى الكناية تتفاوت الى تعريض وتلويح ورمز واشارة وايماء اه. قال الجلال السيوطى سمى تعريضا لفهم المعنى من عرض اللفظ أي جانبه كقول من يتوقع صلة والله انى محتاج فانه تعريض بالطلب مع انه لم يوضع له لا حقيقة ولامجاز ومن امثلة التعريض قول المعرض بالخطبة فى العدة الجزء: 1 ¦ الصفحة: 92 انى فيك لراغب فانه دال على معنى الرغبة حقيقة وعلى الخِطبة تلويحا وقوله فهو حقيقة ابدا أي لان اللفظ فيه لم يستعمل فى غير معناه بخلافه فى الكناية فلذاقال الناظم: وَإِنْ لِتَلْوِيحٍ سِوَاهُ قُصِدَا ... تَعْرِيضُهمْ لَيسَ مَجَازًا أبدَا قال المحقق البنانى ماذكره المصنف من ان التعريض بالنسبة لمعناه الاصلى حقيقة ابدا طريقة لبعض البيانين وذهب آخرون الى ان التعريض بالنسبة للمعنى الاصلى قد يكون حقيقة وقد يكون مجازا اه. أي فكما يكون فى الحقيقة الاصل يكون فى المجاز الفرع قال شارح السعود لكن لا من جهة الوضع الحقيقي اوالمجازي بل من معونة السياق والقرائن وذلك الغير هو المعنى المعرض به وهو المقصود الاصلى فلذا قال فى نظمه: وَسَمِّ بِالتَّعْرِيْضِ مَااسْتُعْمِلَ فِيْ ... أَصْلٍ أَوِ الْفَرْعِ لِتَلْوِيْحٍ يَفِيْ للغير من معونة السياق ... ومثل فى التلخيص لوقوعه مجازا حيث قال ثم قال أي السكاكى والتعريض قد يكو مجازا كقولك آذيتنى فستعرف وانت تعرف انسانا مع المخاطب دونه قال وان اردتها جميعا كان كناية ولا بد فيهما من قرينة اه. نعم قال فى شرح السعود لفظ التعريض لا بد ان يكون مركبا قاله حائز وقصب السبق فى الفن كابن الاثير يعنى تركيبا اسناديا فلذا قال فى نظمه: ... وهْو مركب لدى السُّبَّاق. الحروف ( أحدها إذن قَالَ سِيبَوَيْهِ لِلْجَوَابِ وَالْجَزَاءِ قَالَ الشَّلَوْبِينُ دَائِمًا وَالْفَارِسِيُّ غَالِبًا) أي هذا مبحث الحروف التى يحتاج الفقيه أي المجتهد الى معرفة معانيها لكثرة وقوعها فى الادلة واراد بالحروف ما يشمل الاسماء والافعال قال الصفار فى شرح كتاب سيبويه ان الحرف يطلقه سيبويه على الاسم والفعل اه. قال الجلال المحلى: فِي خَطِّ الْمُصَنِّفِ عَدَّهَا بِالْقَلَمِ الْهِنْدِيِّ اخْتِصَارًا فِي الْكِتَابَةِ. وَفِي بَعْضِ النُّسَخِ بِالْقَلَمِ الْمُعْتَادِ اه. وَلْنَمْشِ عَلَيْهِ لِوُضُوحِهِ أَحَدُهَا إذَنْ مِنْ نَوَاصِبِ الْمُضَارِعِ كما قال ابن مالك: وَنَصَبُوا بِإذَنِ الْمُسْتَقْبَلا … قَالَ سِيبَوَيْهِ لِلْجَوَابِ وَالْجَزَاءِ قَالَ الشَّلَوْبِينُ دَائِمًا وهو بفتح اللام وضمها لقب الاستاذ ابى على وهى بلغة الاندلس الابيض الاشقر وقال الفارسي غالبا اذ قد تتمحض للجواب فقط فلذا قال الناظم: إذنْ جَوَاباً وَجَزاءً صَاحَبَا ... فَقَيلَ دَائمًا وَقِيلَ غالِبَا (الثَّانِي إنْ لِلشَّرْطِ وَالنَّفْيِ وَالزِّيَادَةِ الثَّالِثُ أَوْ لِلشَّكِّ وَالْإِيهَامِ وَالتَّخْيِيرِ وَمُطْلَقِ الْجَمْعِ وَالتَّقْسِيمِ وَبِمَعْنَى إلَى وَالْإِضْرَابِ كَبَلْ قَالَ الْحَرِيرِيُّ وَالتَّقْرِيبُ نَحْوُ مَا أَدْرِي أَسَلَّمَ أَوْ وَدَّعَ) الثانى ان بكسر الهمزة وسكون النون للشرط أي لتعليق حصول مضمون جملة بحصول مضمون أخري نحو {إنْ يَنْتَهُوا يُغْفَرْ لَهُمْ مَا قَدْ سَلَفَ} وَالنَّفْيِ {إنْ أَرَدْنَا إلَّا الْحُسْنَى} وَالزِّيَادَةِ نَحْوُ مَا إنْ زَيْدٌ قَائِمٌ فلذا قال الناظم ك للْشَّرْطِ إنْ وَالنفْيِ وَالزِّيادَةِ.. وافاد العلامة ابن عاصم انها تكون للنفى والشرطية كماان ان بالفتح تكون تفسيرية ومصدرية وان كل واحدة منهما تقع زائدة مؤكدة وذات تخفيف من المشددة واذا شددت احداهما فتكون للتاكيد حيث قال وان لتفسير ومصدرية ..... كذاك لنفى اوشرطية كلتاهما زائدة مؤكدة ... وذات تخفيف من المشددة كذاك ان حالة التشديد ... بالفتح او بالكسر للتاكيد الثالث او من حروف العطف للشك من المتكلم نَحْوُ {قَالُوْالَبِثْنَا يَوْمًا أَوْ بَعْضَ يَوْمٍ} وَالْإِيهَامِ عَلَى السَّامِعِ نَحْوُ وَإِنَّا الجزء: 1 ¦ الصفحة: 93 وَإِنَّا أَوْ إِيَّاكُمْ لَعَلَى هُدًى أَوْ فِي ضَلَالٍ مُبِينٍ والتخيير بين المعطوفين سواء سَوَاءٌ امْتَنَعَ الْجَمْعُ بَيْنَهُمَا نَحْوُ خُذْ مِنْ مَالِي ثَوْبًا أَوْ دِينَارًا أَمْ جائزا جَازَ نَحْوُ جَالِسْ الحسن او ابن سيرين وَمُطْلَقِ الْجَمْعِ كَالْوَاوِ كماقال ابن مالك فى الخلاصة وَرُبَّمَا عَاقَبَتِ الْوَاوَ إذا … … لَمْ يُلْفِ ذُو النُّطْقِ لِلَبْسٍ مَنْفَذَ وَالتَّقْسِيمِ نَحْوُ: الْكَلِمَةُ اسْمٌ أَوْ فِعْلٌ أَوْ حَرْفٌ قال الجلال السيوطى ولم يذكره أي ابن مالك فى التسهيل ولا شرحه بل قال تاتى للتفريق المجرد من الشك او الابهام والتخيير قال وهذا اولى من التعبير بالتقسيم لان استعمال الواو فيه اجود اه. وبمعنى الى نَحْوُ لَأَلْزَمَنك أَوْ تَقْضِيَنِي حَقِّي أَيْ إلَى أَنْ تَقْضِينِيهِ وَالْإِضْرَابِ كَبَلْ نَحْوُ {وَأَرْسَلْنَاهُ إلَى مِائَةِ أَلْفٍ أَوْ يَزِيدُونَ} فلذا قال ابن مالك فى الخلاصة: خَيِّرْ أبِحْ قَسِّمْ بِأوْ وأَبْهِمِ … … وَاشْكُكْ وَإضْرَابٌ بِهَا أيْضاً نُمِي قَالَ الْحَرِيرِيُّ وَالتَّقْرِيبُ نَحْوُ مَا أَدْرِي أَسَلَّمَ أَوْ وَدَّعَ هذا يقال لمن قصر الزمن بين وداعه وسلامه فلذا قال الناظم: أَوْ.. وَالشَّكَّ وَالإبْهامَ أوْ أفَادتِ وَمُطْلَقَ الْجَمْعِ وَللْتَّفْصِيْلِ ... وَأنْكَرَ التَّقْسِيْمَ فِي التَّسْهِيلِ وَكَإِلَى وَبلْ وللتَّخْيِيْرِ ... كذَا لِتَقْريْبٍ لدَى الْحَرِيْرِي واما الثانية في قول ابن مالك فى الخلاصة: وَمِثْلُ أوْ فِي الْقَصْدِ إمَّا الثَّانِيَهْ … … فِي نَحْوِ إمَّا ذِي وَإمَّا النَّائِيَه تحال على او فى المعانى المتفق عليها فيها قال العلامة ابن عاصم: اما لتخيير لدي الاعلام ... او شك او تنويع او ابهام (الرَّابِعُ أَيْ بِالْفَتْحِ وَالسُّكُونِ لِلتَّفْسِيرِ وَلِنِدَاءِ الْقَرِيبِ أَوْ الْبَعِيدِ أَوْ الْمُتَوَسِّطِ أَقْوَالٌ) أي الرابع أي بفتح الهمزة وسكون الياء للتفسير بمفرد وهو عطف بيان او بدل او بجملة نحو وَتَرْمِينَنِي بِالطَّرْفِ أَيْ أَنْتَ مُذْنِبٌ. فَأَنْتَ مُذْنِبٌ تَفْسِيرٌ لِمَا قَبْلَهُ إذْ مَعْنَاهُ تَنْظُرُ إلَيَّ نَظَرَ مُغْضَبٍ وَلَا يَكُونُ ذَلِكَ إلَّا عَنْ ذَنْبٍ وَتكون لِنِدَاءِ الْقَرِيبِ أَوْ الْبَعِيدِ أَوْ الْمُتَوَسِّطِ أَقْوَالٌ قال الجلال السيوطى ارجحها عندي الثالث ورجح ابن مالك الثانى ونقله عن سيبويه فلذا قال فى النظم: أيْ لِنِدَا الأوْسَطِ في الشَّهِيْرِ ... لا القُرْبِ والبُعْدِ وللتَّفْسِيْرِ (الْخَامِسُ أَيَّ بِالتَّشْدِيدِ لِلشَّرْطِ وَالِاسْتِفْهَامِ وَمَوْصُولَةٌ وَدَالَّةٌ عَلَى مَعْنَى الْكَمَالِ وَوَصْلَةٌ لِنِدَاءِ مَا فِيهِ أَلْ) أي الخامس أي بالفتح والتشديد اسْمٌ لِلشَّرْطِ نَحْوُ {أَيَّمَا الْأَجَلَيْنِ قَضَيْت فَلَا عُدْوَانَ عَلَيَّ} وَالِاسْتِفْهَامِ نَحْوُ {أَيُّكُمْ زَادَتْهُ هَذِهِ إيمَانًا} وَمَوْصُولَةٌ نَحْوُ {لَنَنْزِعَنَّ مِنْ كُلِّ شِيعَةٍ أَيُّهُمْ أَشَدُّ} أَيْ هُوَ أَشَدُّ نعم اذاكانت موصولة فانها تختص باضافتها الى المعرفة واذا كانت صفة فبالعكس واذا كانت شرطية او استفهامية فيكمل بها الكلام مطلقا حسبما افاده ابن مالك فى الخلاصة بقوله: وَاخْصُصَنْ بالمَعْرِفَهْ … … مَوصُولَةً أيّاً وَبِالْعَكْسِ الصِّفَهْ وَإنْ تكُنْ شَرْطاً أوِ اسْتِفْهَامَا … … فَمُطْلَقاً كَمِّلْ بِهَا الكَلامَا فاذا كانت صفة لنكرة كما اذا قلت مررت بعالم أي عالم اوحالا من معرفة كما مررت بزيد أي عالم فتكودالة على معنى الكمال أي كامل او كاملا فى صفات العلم وتكون وصلة لنداء مافيه ال فلذا قال ابن مالك فى الخلاصة: وَأَيُّهَا مَصْحُوبَ ألْ بَعدُ صِفَهْ … … يَلْزَمُ بِالرَّفْعِ لَدَى ذِيْ المَعْرِفَهْ نَحْوُ يَا أَيُّهَا النَّاسُ وافاد الناظم جميعها بقوله: للشَّرْطِ أيٌّ وَللاسْتِفْهَامِ ثُمّْ ... موصُولَةٌ وَذاتُ وَصْفٍ قِيلَ ضُمّْ ثُم عَلَى مَعْنَى الْكَمَالِ فِيهِ دَلْ ... وَوُصْلةٌ إِلى نِدَا مَا فِيهِ ألْ وقوله وذات وصف قبل ضم قال فى شرحه زاد الاخفش لها معنى آخر وهو ان تكون نكرة موصوفة نحو مررت بمن معجب لك كما يقال بمن معجب لك قال ابن هشام وهذا غير مسموع وقد نبهت على هذالمعنى بقولى من زيادتى وذات وصف قبل ضم اه. (السَّادِسُ إذْ اسْمٌ لِلْمَاضِي ظَرْفًا وَمَفْعُولًا بِهِ وَبَدَلًا مِنْ الْمَفْعُولِ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 94 وَمُضَافًا إلَيْهَا اسْمُ زَمَانٍ وَلِلْمُسْتَقْبَلِ فِي الْأَصَحِّ وَتَرِدُ لِلتَّعْلِيلِ حَرْفًا أَوْ ظَرْفًا وَتَرِدُ لِلْمُفَاجَأَةِ وِفَاقًا لِسِيبَوَيْهِ) أي السادس اذ اسْمٌ لِلْمَاضِي ظَرْفًا نَحْوُ وَجِئْتُك إذْ طَلَعَتْ الشَّمْسُ أَيْ وَقْتَ طُلُوعِهَا وَمَفْعُولًا بِهِ نَحْوُ {وَاذْكُرُوا إذْ كُنْتُمْ قَلِيلًا فَكَثَّرَكُمْ} أَيْ اُذْكُرُوا حَالَتَكُمْ هَذِهِ وَبَدَلًا مِنْ الْمَفْعُولِ بِهِ نَحْوُ {اُذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إذْ جَعَلَ فِيكُمْ أَنْبِيَاءَ} أَيْ اذْكَرُوا النِّعْمَةَ الَّتِي هِيَ الْجَعْلُ الْمَذْكُورُ وَمُضَافًا إلَيْهَا اسْمُ زَمَانٍ نَحْوُ {رَبَّنَا لَا تُزِغْ قُلُوبَنَا بَعْدَ إذْ هَدَيْتَنَا} وَلِلْمُسْتَقْبَلِ فِي الْأَصَحِّ نَحْوُ {فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ إذْ الْأَغْلَالُ فِي أَعْنَاقِهِمْ} قال الجلال المحلى: وَقِيلَ لَيْسَتْ لِلْمُسْتَقْبَلِ وَاسْتِعْمَالُهَا فِيهِ فِي هَذِهِ الْآيَةِ لِتَحَقُّقِ وُقُوعِهِ اه. وَتَرِدُ لِلتَّعْلِيلِ حَرْفًا كَاللَّامِ أَوْ ظَرْفًا بِمَعْنَى وَقْتٍ وَالتَّعْلِيلُ مُسْتَفَادٌ مِنْ قُوَّةِ الْكَلَامِ قَوْلَانِ نَحْوُ ضَرَبْت الْعَبْدَ إذْ أَسَاءَ أَيْ لِإِسَاءَتِهِ أَوْ وَقْتَ إسَاءَتِهِ قال الجلال المحلى: وَالظَاهِرُ أَنَّ الضَّرْبَ وَقْتَ الْإِسَاءَةِ لِأَجْلِهَا اه. وَتَرِدُ لِلْمُفَاجَأَةِ أي المصادفة بغتة وفاقا لسيبويه حَرْفًا كَمَا اخْتَارَهُ ابْنُ مَالِكٍ وَقِيلَ ظَرْفُ مَكَانٍ وَقَالَ أَبُو حَيَّانَ ظَرْفُ زَمَانٍ قال الجلال المحلى: وَاسْتَغْنَى الْمُصَنِّفُ عَنْ حِكَايَةِ هَذَا الْخِلَافِ بِحِكَايَةِ مِثْلِهِ فِي إذَا الْأَصْلِيَّةِ فِي الْمُفَاجَأَةِ مِثَالُ ذَلِكَ بَيْنَا أَوْ بَيْنَمَا أَنَاوَاقِفٌ إذَا جَاءَ زَيْدٌ أَيْ فَاجَأَ مَجِيئُهُ وُقُوفِي أَوْ مَكَانَهُ أَوْ زَمَانَهُ اه. وقد زاد الناظم على المصنف حيث تكلم اذ فى قوله: للمَاضِي إذْ وَرجِّحِ الْمُسْتقْبَلاَ ... ظَرْفًا وَمفْعُولاً بِهِ وَبدَلاَ مِنْهُ وَذَاتَ الْجَرِّ بِالزَّمَانِ.. .. وَحَرْفًا أوْ ظَرفِيَّةً قوْلاَنِ إنْ علَّلَتْ ولِلْمُفَاجَاةِ كذاَ ... عنْ سِيْبَوِيْهِ فَجَرَي خُلْفُ إذَا (السَّابِعُ إذَا لِلْمُفَاجَأَة حَرْفًا وِفَاقًا لِلْأَخْفَشِ وَابْنِ مَالِكٍ وَقَالَ الْمُبَرِّدُ وَابْنُ عُصْفُورٍ ظَرْفُ مَكَانٍ وَالزَّجَّاجُ وَالزَّمَخْشَرِيُّ ظَرْفُ زَمَانٍ وَتَرِدُ ظَرْفًا لِلْمُسْتَقْبَلِ مُضَمَّنَةً مَعْنَى الشَّرْطِ غَالِبًا وَنَدَرَ مَجِيئُهَا لِلْمَاضِي وَالْحَالِ) السابع اذا للمفاجاة بان تكون بين جملتين ثانيتهما ابتدائية حَرْفًا وِفَاقًا لِلْأَخْفَشِ وَابْنِ مَالِكٍ وَقَالَ الْمُبَرِّدُ وَابْنُ عُصْفُورٍ ظَرْفُ مَكَانٍ وَالزَّجَّاجُ وَالزَّمَخْشَرِيُّ ظَرْفُ زَمَانٍ مِثَالُ ذَلِكَ خَرَجْت فَإِذَا زَيْدٌ وَاقِفٌ وقوله تعالى (فَإِذَا هِيَ حَيَّةٌ تَسْعَى) قال ابن الحاجب ومعنى المفاجاة حضورالشيء معك من غير اوصافك الفعلية اه. أَيْ فَاجَأَ وُقُوفُهُ خُرُوجِي أَوْ مَكَانَهُ أَوْ زَمَانَهُ وَتَرِدُ ظَرْفًا لِلْمُسْتَقْبَلِ مُضَمَّنَةً مَعْنَى الشَّرْطِ غَالِبًا قال الجلال السيوطى وتختص بالدخول على الفعلية عكس الفجائية نَحْوُ {إذَا جَاءَ نَصْرُ اللَّهِ} الى قوله فسبح اه. فلذا قال ابن مالك فى الخلاصة: وَأَلْزَمُوا إذا إضَافَةً إلَى … … جُمَلِ الأفْعَالِ كـ (هُنْ إذا اعْتَلَى) ومثل الفجائية بقوله: وَتَخْلُفُ الْفَاءَ إذَا الْمُفَاجَأَهْ … … كَإِنْ تَجُدْ إذَا لَنَا مُكَافَأَهْ وَمن غير الغالب قَدْ لَا تُضَمَّنُ مَعْنَى الشَّرْطِ نَحْوُ آتِيكَ إذَا احْمَرَّ الْبُسْرُ أَيْ وَقْتَ احْمِرَارِهِ وَنَدَرَ مَجِيئُهَا لِلْمَاضِي نَحْوُ {وَإِذَا رَأَوْا تِجَارَةً أَوْ لَهْوًا انْفَضُّوا إِلَيْهَا} قال الجلال المحلى فَإِنَّهَا نَزَلَتْ بَعْدَ الرُّؤْيَةِ وَالِانْفِضَاضِ ويقل مجيئها للحال ايضا قال الشيخ حلولو وذلك بعد القسم قيل ومنه {وَاللَّيْلِ إذَا يَغْشَى} قاله ابن الحاجب وغيره اه. وتكلم الناظم ايضا عليها حيث قال: ظَرْفٌ لِلاسْتِقْبَالِ وَالشَّرْطِ إِذَا ... وَقَلَّ أنْ تَخْرُجَ عَنْ أفْرَادِ ذَا وَلِلْمفَاجَاةِ فَقِيْلَ حَرْفَا ... أوْ لِمَكَانٍ أوْ زَمَانٍ ظَرْفَا قال فى شرحه والتنبيه على خروجها عن الظرفية فى النظم من زيادتى حيث قلت وقل ان تخرج عن افراد ذا أي عن الظرفية والاستقبال والشرط وليس فى جمع الجوامع لابن السبكى الاخروجها عن الاخيرين فقط (الثَّامِنُ الْبَاءُ لِلْإِلْصَاقِ حَقِيقَةً وَمَجَازًا وَالتَّعَدِّيَةِ وَالِاسْتِعَانَةِ وَالسَّبَبِيَّةِ وَالْمُصَاحَبَةِ وَالظَّرْفِيَّةِ وَالْبَدَلِيَّةِ وَالْمُقَابَلَةِ وَالْمُجَاوَزَةِ وَالِاسْتِعْلَاءِ وَالْقَسَمِ وَالْغَايَةِ وَالتَّوْكِيدِ وَكَذَا الجزء: 1 ¦ الصفحة: 95 التَّبْعِيضُ وِفَاقًا لِلْأَصْمَعِيِّ وَالْفَارِسِيِّ وَابْنِ مَالِكٍ) الثَّامِنُ الْبَاءُ لِلْإِلْصَاقِ حَقِيقَةً نَحْوُ بِهِ دَاءٌ أَيْ أُلْصِقَ بِهِ وَمَجَازًا نَحْوُ مَرَرْت بِزَيْدٍ اذ معناه المرور بالمكان الذي يقرب منه وَالتَّعَدِّيَةِ كَالْهَمْزَةِ نَحْوُ {ذَهَبَ اللَّهُ بِنُورِهِمْ} أَيْ أَذْهَبَهُ فالمراد بالتعدية التصيير أي تصيير ما كان فاعلا مفعولا وجعل ما كان لازما متعديا وَالسَّبَبِيَّةِ نَحْوُ {فَكُلًّا أَخَذْنَا بِذَنْبِهِ} وَالْمُصَاحَبَةِ نَحْوُ اهْبِطْ بِسَلَامٍ مِنَّا أي معه وَالظَّرْفِيَّةِ الْمَكَانِيَّةِ أَوْ الزَّمَانِيَّةِ نَحْوُ {وَلَقَدْ نَصَرَكُمْ اللَّهُ بِبَدْرٍ} {نَجَّيْنَاهُمْ بِسَحَرٍ} وَالْبَدَلِيَّةِ قال الجلال المحلى كما فى قول عمر رضى الله عنه اسْتَأْذَنْت النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْعُمْرَةِ فَأَذِنَ وَقَالَ لَا تَنْسَنَا يَا أُخَيَّ مِنْ دُعَائِك فَقَالَ كَلِمَةٌ مَا يَسُرُّنِي أَنَّ لِي بِهَا الدُّنْيَا أَيْ بَدَلَهَا} رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَغَيْرُهُ، وَأُخَيَّ ضُبِطَ بِضَمِّ الْهَمْزَةِ مُصَغَّرًا لِتَقْرِيبِ الْمَنْزِلَةِ اه. وَالْمُقَابَلَةِ نَحْوُ اشْتَرَيْت الْفَرَسَ بِأَلْفٍ وَالْمُجَاوَزَةِ كَعَنْ نَحْوُ {وَيَوْمَ تَشَقَّقُ السَّمَاءُ بِالْغَمَامِ} أَيْ عَنْهُ وَالِاسْتِعْلَاءِ) نَحْوُ {وَمِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ مَنْ إنْ تَأْمَنْهُ بِقِنْطَارٍ} أَيْ عَلَيْه ِوَالْقَسَمِ نَحْوُ بِاَللَّهِ لَأَفْعَلَنَّ كَذَا وَالْغَايَةِ كَإِلَى نَحْوُ {وَقَدْ أَحْسَنَ بِي} أَيْ إلَيَّ وَالتَّوْكِيدِ فتكون مع الفاعل نحو {كَفَى بِاَللَّهِ … } ومع المفعول نحو {وَهُزِّي إلَيْك بِجِذْعِ النَّخْلَةِ} وَالْأَصْلُ كَفَى اللَّهُ، وَهُزِّي جِذْعَ وَكَذَا التَّبْعِيضُ كَمِنْ وِفَاقًا لِلْأَصْمَعِيِّ بفتح الميم وَالْفَارِسِيِّ وَابْنِ مَالِكٍ نَحْوُ {عَيْنًا يَشْرَبُ بِهَا عِبَادُ اللَّهِ} أَيْ مِنْهَا وقد ابن مالك فى الخلاصة عدة من معانيها قائلا: وَالظَّرْفِيَّةَ اسْتَبِنْ بِبا … … وَفَي وَقَدْ يُبَيِّنَانِ السَّبَبَ بِالْبَا اسْتَعِنْ وَعَدِّ عَوِّضْ ألْصِقِ … … وَمِثْلَ مَعْ وَمِنْ وَعَنْ بَهَا انْطِقِ وتكلم الناظم على جميع ماهنا قائلا: البَاءُ للإلصَاقِ والتَّعْدَيَةِ ... والسَّبَبِيَّةِ والاسْتِعَانَةِ وَقَسَمٍ وَمِثْلُ مَعْ وَفِيْ عَلَى ... وَعَنْ وَمِنْ فِي الْمُرْتَضَى وَكَإلَى وَبَدَلاً جَاءتْ وَللْتَّأكِيدِ.. وتعرض لها العلامة ابن عاصم ايضا بقوله فى مهيع الوصول الباء للالصاق او ظرفية .... ولاستعانة وتعليلة وللتعدي واصطحاب وقسم ... وربما زيدت وذا قد يلتزم (التَّاسِعُ بَلْ لِلْعَطْفِ وَالْإِضْرَابِ أَمَّا لِلْإِبْطَالِ أَوْ لِلِانْتِقَالِ مِنْ غَرَضٍ إلَى آخَرَ) التَّاسِعُ بَلْ لِلْعَطْفِ فِيمَا إذَا وَلِيَهَا مُفْرَدٌ سَوَاءٌ أُولِيَتْ مُوجَبًا أَمْ غَيْرَ مُوجَبٍ فَفِي الْمُوجَبِ نَحْوُ جَاءَ زَيْدٌ بَلْ عَمْرٌو وَاضْرِبْ زَيْدًا بَلْ عَمْرًا فيتقرر حُكْمَ الْمَعْطُوفِ عَلَيْهِ ويجعل ضده للْمَعْطُوفِ وتكون للاضراب وذلك فِيمَا إذَا وَلِيَهَا جُمْلَةٌ أَمَّا لِلْإِبْطَالِ لِمَا وَلِيَتْهُ نَحْوُ {أَمْ يَقُولُونَ بِهِ جِنَّةٌ بَلْ جَاءَهُمْ بِالْحَقِّ} فَالْجَائِي بِالْحَقِّ لَا جُنُونَ بِهِ أَوْ لِلِانْتِقَالِ مِنْ غَرَضٍ إلَى آخَرَ نَحْوُ {وَلَدَيْنَا كِتَابٌ يَنْطِقُ بِالْحَقِّ وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ بَلْ قُلُوبُهُمْ فِي غَمْرَةٍ مِنْ هَذَا} فَمَا قِيلَ بَلْ فِيهِ عَلَى حَالِهِ. وافاد ما ذكر ابن مالك ايضا فى الخلاصة من ان بل كلكن بعد مصحوبيها وهما النفى والنهى فيقرر حكم ما قبلها ويجعل ضده لما بعدها وتكون للاضراب فينتقل بها للثانى حكم الاول وذلك فى الخبر المثبت والامر الواضح حيث قال: وَبَلْ كَلكِنْ بَعْدَ مَصْحُوبَيْهَا … … كَلَمْ أكُنْ فِي مَرْبَع بَلْ تَيْهَا وَانْقُلْ بِهَا لِلثَّانِ حُكْمَ الأوَّلِ … … فِي الْخَبَرِ المُثْبَتِ والأمْرِ الْجَلِي وتعرض الناظم لماذكره الاصل قائلا:. وَبَلْ أتَتْ للْعَطْفِ فِي الْفَرِيْدِ والْجُمْلَةِ الإضْرَابِ لانْتِقَالِ ... لِغَرَضٍ آخَرَ أوْ إبْطَالِ (الْعَاشِرُ بَيْدَ بِمَعْنَى غَيْرَ وَبِمَعْنَى مِنْ أَجْلِ وَعَلَيْهِ بَيْدَ أَنِّي مِنْ قُرَيْشٍ) الْعَاشِرُ بَيْدَ قال الجلال المحلى: اسْمٌ مُلَازِمٌ لِلنَّصْبِ وَالْإِضَافَةِ إلَى أَنَّ وَصِلَتُهَا بِمَعْنَى غَيْرَ ذَكَرَهُ الْجَوْهَرِيُّ وَقَالَ يُقَالُ إنَّهُ كَثِيرُ الْمَالِ بَيْدَ أَنَّهُ بَخِيلٌ اه. (وَبِمَعْنَى مِنْ أَجْلِ ذَكَرَهُ أَبُو عُبَيْدَةَ وَغَيْرُهُ وَعَلَيْهِ حَدِيثُ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 96 {أَنَا أَفْصَحُ مَنْ نَطَقَ بِالضَّادِ بَيْدَ أَنِّي مِنْ قُرَيْشٍ} أَيْ الَّذِينَ هُمْ أَفْصَحُ مَنْ نَطَقَ بِهَا وَأَنَا أَفْصَحُهُمْ وَخَصَّهَا بِالذِّكْرِ لِعُسْرِهَا عَلَى غَيْرِ الْعَرَبِ وَالْمَعْنَى أَنَا أَفْصَحُ الْعَرَب اه. (الْحَادِيَ عَشَرَ ثُمَّ حَرْفُ عَطْفٍ لِلتَّشْرِيكِ وَالْمُهْلَةِ عَلَى الصَّحِيحِ وَلِلتَّرْتِيبِ خِلَافًا لِلْعَبَّادِيِّ) فتقول جَاءَ زَيْدٌ ثُمَّ عَمْرٌو إذَا تَرَاخَى مَجِيءُ عَمْرٍو عَنْ مَجِيءِ زَيْدٍ قال العلامة ابن عاصم: وثم للترتيب ثم الممهلة ... فهى للتشريك فى الحكم والترتيب والمهملة فلذا قال فى الخلاصة: … وَثُمَّ لِلتَّرْتِيبِ بِانْفِصَالِ قال الجلال السيوطى وخالف فى التشريك الاخفش والكوفيون وقالواانه قد يتخلف بان تقع زائدة فلا تكون عاطفة البتة وحملوا عليه قوله تعالى (حَتَّى إِذَا ضَاقَتْ عَلَيْهِمُ الْأَرْضُ بِمَا رَحُبَتْ وَضَاقَتْ عَلَيْهِمْ أَنْفُسُهُمْ وَظَنُّوا أَنْ لَا مَلْجَأَ مِنَ اللَّهِ إِلَّا إِلَيْهِ ثُمَّ تَابَ عَلَيْهِمْ) واجاب الجمهور بان الجواب مقدر وخَالَفَ في المهملة الفراء فقال انها ترد بمعنى الفاء كقوله: كهز الردينى تحت العجاج.. جري فى الاناييب ثم اضطرب. اذ الهز متى جري فى اناييب الرمح تعقبه اضطرابه ولم يتراخ عنه واجيب بانه توسع وخالف فى الترتيب قطرب وقال انها لا تفيده لقوله تعالى: {خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ ثُمَّ جَعَلَ مِنْهَا زَوْجَهَا} وَأُجِيبَ بِأَنَّهُا لترتيب الاخبار لاالحكم اه. وماذكره زاده فى النظم على المصنف حيث قال: بَيْدَ كَغَيْرَ وَكمِنْ أَجْلِ وثُمّْ ... عَطْفٌ لتِشْرِيكٍ وَمُهْلَةً يَضُمّْ وَفيْهِمَا خُلْفٌ وَلِلْتَّرَتُّبِ ... وَرَدَّ عَبَّادِيُّنَا كَقُطْرُبِ قال في الشرح ونقل المنع فى الترتيب عن قطرب من زيادتى أي على المصنف قال واماالعبدي فنقل المنع عنه ماخوذ من قوله فيما نقله عنه القاضى الحسين فى فتاويه فيمن قال وقفت على اولادي ثم اولاد اولادي بطنا بعد بطن انه للجمع كما لو قال فيما لو اتى بالواو بدل ثم والاكثرون قالوا انه للترتيب اه. (الثَّانِي عَشَرَ حَتَّى لِانْتِهَاءِ الْغَايَةِ غَالِبًا وَلِلتَّعْلِيلِ وَنَدَرَ لِلِاسْتِثْنَاءِ) الثَّانِي عَشَرَ حَتَّى لِانْتِهَاءِ الْغَايَةِ فى حال كون انتهائها لغاية غالبا عليها من سائر المعانى التى لها وهو حينئذ إمَّا جَارَّةٌ لِاسْمٍ صَرِيحٍ نَحْوُ {سَلَامٌ هِيَ حَتَّى مَطْلَعِ الْفَجْرِ} أَوْ مَصْدَرٍ مُؤَوَّلٍ مِنْ أَنْ وَالْفِعْلِ {لَنْ نَبْرَحَ عَلَيْهِ عَاكِفِينَ حَتَّى يَرْجِعَ إلَيْنَا مُوسَى} أَيْ إلَى رُجُوعِهِ وَإِمَّا عَاطِفَةٌ لِرَفِيعٍ أَوْ دَنِيءٍ نَحْوُ مَاتَ النَّاسُ حَتَّى الْعُلَمَاءُ وَقَدِمَ الْحُجَّاجُ حَتَّى الْمُشَاةُ، وَإِمَّا ابْتِدَائِيَّةٌ بِأَنْ يُبْتَدَأَ بَعْدَهَا جُمْلَةٌ اسْمِيَّةٌ نَحْوُ: فَمَا زَالَتْ الْقَتْلَى تَمُجُّ دِمَاءَهَا >< بِدِجْلَةَ حَتَّى مَاءُ دِجْلَةَ أَشْكَلَ أَوْ فِعْلِيَّةٌ نَحْوُ مَرِضَ فُلَانٌ حَتَّى لَا يَرْجُونَهُ وترد لِلتَّعْلِيلِ نَحْوُ أَسْلِمْ حَتَّى تَدْخُلَ الْجَنَّةَ أَيْ لِتَدْخُلَهَا وَنَدَرَ لِلِاسْتِثْنَاءِ: نَحْوُ: يْسَ الْعَطَاءُ مِنْ الْفُضُولِ سَمَاحَةً >< حَتَّى تَجُودَ وَمَا لَدَيْك قَلِيلُ أَيْ الا أَنْ تَجُودَ وَهُوَ اسْتِثْنَاءٌ مُنْقَطِعٌ فلذا قال الناظم: حَتَّى للانْتِهَا وَلِلْتَّعْلِيلِ ... كَذَا للاسْتِثْنَاءِ فِي الْقَلِيلِ وزاد على المصنف فتعرض لحكم الترتيب فيها وفيه ثلاثة اقوال فقيل انها لمطلق الجمع كالواو فلا تفيد ترتيبا قال وعليه ابن مالك وذلك لانه قال تقول حفظت القرءان حتى سورة البقرة وان كانت اول او توسط ما حفظ وقيل انها للترتيب بلا مهملة كالفاء وعليه ابن الحاجب قال ابن مالك وهى دعوي بلا دليل ففى الحديث "كل شيء بقضاء وقدر حتى العجز والكيس وليس فى القضاء ترتيب وانما الترتيب فى قضاء المقتضيات وقيل انها تفيد المهملة الا ان المهملة اقل من ثم فلذا قال فى النظم: قُلْتُ وَكَالوَاوِ وَقِيلَ كَالفَا ... وَقِيلَ بَعْدُقَبْلُ ثَمَّ تُلْفَى وزاد ايضا على الاصل مسالة مهمة قال عجبت لصاحب جمع الجوامع كيف اغفلها قال وقد ذكرتها فى كتابى جمع الجوامع فى العربية الجزء: 1 ¦ الصفحة: 97 فقلت فى باب حروف الجر مسألة متى دلت قرينة على دخول الغاية او عدمه فالامر ظاهر والا فثالثها الاصح تدخل مع حتى دون الى ورابعها تدخل معها ان كان من الجنس فان كانت حتى عاطفة دخلت وفاقا وهذا جمع وايجاز وتحرير لا تجده فى غير هذا الكتاب وقد ضمنت ذلك فى النظم أي وهو قوله: وَفِي دُخُولِ الغَايَةِ الأصَحُّ لا ... تَدْخُلُ مَعْ إِلى وَحتَّى دَخَلاَ رابعُهَا إنْ كانَ جِنْسَهُ فَفِي ... ذَيْنِ وَفِي العَاطِفَةِ الْخلْفُ يَفِيْ وَحَيْثُمَا دلَّ دَلِيلٌ صَالِحُ ... عَلَيهِ أوْ عَدَمِهِ فَوَاضِحُ (الثَّالِثَ عَشَرَ رُبَّ لِلتَّكْثِيرِ وَلَا تَخْتَصُّ بِأَحَدِهِمَا خِلَافًا لِزَاعِمِي ذَلِكَ) أي تكون رب للتكثير نحو قوله تعالى: {رُبَمَا يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْ كَانُوا مُسْلِمِينَ} فَإِنَّهُ يَكْثُرُ مِنْهُمْ تَمَنِّي ذَلِكَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ إذَا عَايَنُوا حَالَهُمْ وَحَالَ الْمُسْلِمِينَ وتكون لِلتَّقْلِيلِ قال الجلال المحلى: كَقَوْلِهِ: أَلَا رُبَّ مَوْلُودٍ وَلَيْسَ لَهُ أَبٌ >< أَلَا رُبَّ مَوْلُودٍ وَلَيْسَ لَهُ أَبٌ يشير بذلك الى عيسى عليه السلام ولاتختص بالتكثير خلافا لابن درستويه ولا بالتقليل خلافا لاكثرين وقال الناظم: وَرُبَّ لِلْتَّقْلِيلِ والتَّكْثِيرِ ... وَقِيلَ أوَّلٍ أوِ الأخِيرِ (الرَّابِعَ عَشَرَ عَلَى الْأَصَحُّ أَنَّهَا قَدْ تَكُونُ اسْمًا بِمَعْنَى فَوْقَ وَتَكُونُ حَرْفًا لِلِاسْتِعْلَاءِ وَالْمُصَاحَبَةِ وَالْمُجَاوَزَةِ وَالتَّعْلِيلِ وَالظَّرْفِيَّةِ وَالِاسْتِدْرَاكِ وَالزِّيَادَةِ أَمَّا عَلَا يَعْلُو فَفِعْلٌ) الرَّابِعَ عَشَرَ عَلَى الْأَصَحُّ أَنَّهَا قَدْ تَكُونُ أَيْ بِقِلَّةٍ اسْمًا بِمَعْنَى فَوْقَ بِأَنْ تَدْخُلَ عَلَيْهَا مِنْ نَحْوُ غَدَوْت مِنْ عَلَى السَّطْحِ أَوْ مِنْ فَوْقِهِ وقت الغدوة تكون بكثرة حرفا للاستعلاء حِسًّا نَحْوُ {كُلُّ مَنْ عَلَيْهَا فَانٍ} أَوْ مَعْنًى نَحْوُ {فَضَّلْنَا بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ} وَالْمُصَاحَبَةِ كَمَعَ {وَآتَى الْمَالَ عَلَى حُبِّهِ} أَيْ مَعَ حُبِّهِ وَالْمُجَاوَزَةِ كَعَنْ كقول الشاعر: اذارضيت على بنو قشير ... لعمر الله اعجبنى رضاها وَالتَّعْلِيلِ نَحْوُ {وَلِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ} أَيْ لِهِدَايَتِهِ إيَّاكُمْ وَالظَّرْفِيَّةِ كَفِي نَحْوُ {وَدَخَلَ الْمَدِينَةَ عَلَى حِينِ غَفْلَةٍ مِنْ أَهْلِهَا} أَيْ فى وَقْتَ غَفْلَتِهِمْ وَالِاسْتِدْرَاكِ كَلَكِنَّ نَحْوُ فُلَانٌ لَا يَدْخُلُ الْجَنَّةَ لِسُوءِ صَنِيعِهِ عَلَى أَنَّهُ لَا يَيْأَسُ مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ أَيْ لَكِنَّهُ أَمَّا عَلَا يَعْلُو فَفِعْلٌ وَمِنْهُ {إنَّ فِرْعَوْنَ عَلَا فِي الْأَرْضِ} وزاد الناظم على المصنف الابتداء نحو (إِذَا اكْتَالُوا عَلَى النَّاسِ) أي من الناس الا على ازواجهم أي منهم وبمعنى الباء حَقِيقٌ عَلَى أَنْ لَا أَقُولَ أي بان لااقول وَالزِّيَادَةِ لِحدِيثِ الصَّحِيحَيْنِ لَا أَحْلِفُ عَلَى يَمِينٍ أَيْ يَمِينًا فلذا قال: علَى الأصحُّ اسْمًا كَفَوقُ يُلْفَى ... وَيُعْطَ الاسْتعْلاَ كَثيْرًا حرْفَا وَمَثْلَ مَعْ وَعَنْ. وَمِنْ وَاللاَّمِ فِي ... والبَا وَلَكِنْ وَمزِيدَةً تَفِيْ أَمَا عَلاَ يَعْلُوْ فَفِعْلٌ عَلِّلِ.. وذكر ابن مالك فى الخلاصة بعضا من معانيها حيث قال: عَلَى لِلاِسْتِعْلَا وَمَعْنَى فِي وَعَنْ … وزاد الناظم على المصنف الكلام على معانى عن فافاد فى شرحه ان لها معان اشهرها المجاوزة نحو رميت السهم عن القوس ثانيها التعليل نحو وَمَا نَحْنُ بِتَارِكِي آَلِهَتِنَا عَنْ قَوْلِكَ أي لقولك ثالثها الابتداء كمن نحو وَهُوَ الَّذِي يَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبَادِهِ أي منهم رابعها الاستعلاء نحو لاافضلت فى حسب عنى. سادسها البدل نحو لَا تَجْزِي نَفْسٌ عَنْ نَفْسٍ شَيْئًافلذا قال فى النظم .. بِعَنْ تَجَاوَزِ ابْتَدِي اسْتعْلِ ابْدِلِ. وقد تجى فى موضع بعد كما فى قوله تعالى (لَتَرْكَبُنَّ طَبَقًا عَنْ طَبَقٍ) أي بعد طبق فلذا قال ابن مالك فى الخلاصة: … بَعَنْ تَجَاوُزاَ عَنَى مَنْ قَدْ فَطَنْ وَقَدْ تَجَي مَوْضِعَ بَعْدٍ وَعَلَى … … كَمَا عَلَى مَوْضِعَ عَنْ قَدْ جُعِلَا (الْخَامِسَ عَشَرَ الْفَاءُ الْعَاطِفَةُ لِلتَّرْتِيبِ الْمَعْنَوِيِّ وَالذِّكْرِيِّ وَلِلتَّعْقِيبِ فِي كُلٍّ بِحَسَبِهِ) تقول قام زيد فعمرو اذاعقب الجزء: 1 ¦ الصفحة: 98 قِيَامُ عَمْرٍو قِيَامَ زَيْدٍ وَدَخَلْت الْبَصْرَةَ فَالْكُوفَةَ إذَا لَمْ تُقِمْ فِي الْبَصْرَةِ وَلَا بَيْنَهُمَا وَتَزَوَّجَ فُلَانٌ فَوُلِدَ لَهُ إذَا لَمْ يَكُنْ بَيْنَ التَّزَوُّجِ وَالْوِلَادَةِ إلَّا مُدَّةُ الْحَمْلِ مَعَ لَحْظَةِ الْوَطْءِ وَمُقَدِّمَتِهِ وَالتَّعْقِيبُ مُشْتَمِلٌ عَلَى التَّرْتِيبِ الْمَعْنَوِيِّ واما الذِّكْرِيَّ وَهُوَ ان يكون المذكور بعد الفاء كلاما مرتبا فى الذكر عما قبلها سواء كان ما بعدها تفصيلا لما قبلها او لم يكن وتعرض فى الخلاصة للترتيب مع الاتصال بقوله: وَالْفَاءُ لِلتَّرْتِيبِ باتِّصَالِ … وتكون للسببية قال الجلال المحلى: وَيَلْزَمُهَا التَّعْقِيبُ نَحْوُ {فَوَكَزَهُ مُوسَى فَقَضَى عَلَيْهِ} فلذا قال الناظم: الْفَاءُ للْسَّبَبِ وَالتَّعْقِيبِ ... بِحَسَبِ الْمقَامِ والتَّرْتِيبِ وذكر العلامة ابن عاصم انها تكون رابطة للجواب ايضا وناصبة للفعل المضارع لامر قبله حيث قال: والفاء للعطف مع التعقيب ... كذا اتت للربط والتسبيب وتنصب الفعل لامر قبله. (السَّادِسَ عَشَرَ فِي لِلظَّرْفَيْنِ وَالْمُصَاحَبَةِ وَالتَّعْلِيلِ وَالِاسْتِعْلَاءِ وَالتَّوْكِيدِ وَالتَّعْوِيضِ وَبِمَعْنَى الْبَاءِ وَإِلَى وَمِنْ) السَّادِسَ عَشَرَ فِي لِلظَّرْفَيْنِ الْمَكَانِيِّ وَالزَّمَانِيِّ نَحْوُ غُلِبَتِ الرُّومُ (2) فِي أَدْنَى الْأَرْضِ وَهُمْ مِنْ بَعْدِ غَلَبِهِمْ سَيَغْلِبُونَ (3) فِي بِضْعِ سِنِينَ حقيقة او مجازا نحو وَلَكُمْ فِي الْقِصَاصِ حَيَاةٌ والمصاحبة كَمَعَ نَحْوُ {قَالَ اُدْخُلُوا فِي أُمَمٍ} أَيْ مَعَ امم والتعليل نَحْوُ {لَمَسَّكُمْ فِيمَا أَفَضْتُمْ فِيهِ} أَيْ لِأَجْلِ مَا أَفَضْتُمْ وَالِاسْتِعْلَاءِ نَحْوُ {وَلِأَصْلُبَنكُمْ فِي جُذُوعِ النَّخْلِ} أَيْ عَلَيْهَا وَالتَّوْكِيدِ نَحْوُ {وَقَالَ ارْكَبُوا فِيهَا} وَالْأَصْلُ ارْكَبُوهَا وَالتَّعْوِيضِ عَنْ أُخْرَى مَحْذُوفَةٍ نَحْوُ زَهِدْت فِيمَا رَغِبْت وَالْأَصْلُ زَهِدْت مَا رَغِبْت فِيهِ وَبِمَعْنَى الْبَاءِ نَحْوُ {جَعَلَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا وَمِنْ الْأَنْعَامِ أَزْوَاجًا يَذْرَؤُكُمْ فِيهِ} أَيْ يُكْثِرُكُمْ بِسَبَبِ هَذَا الْجَعْلِ وبمعنى وَإِلَى نحو {فَرَدُّوا أَيْدِيَهُمْ فِي أَفْوَاهِهِمْ} أَيْ إلَيْهَا وبمعني مِنْ نحو قول الشاعر: ثلاثين شهرا فى ثلاثة احوال. أي من ثلاثة احوال فلذا قال الناظم: وَفِي لِظَرْفيِ الْمَكَانِ والزَّمَنْ ... وَكَإلِى عَلَى وَمَعْ وَالبَا وَمِنْ وَاللاَّمِ وَالتَوكِيدِ. نعم حذف من النظم التعويض قال لانه أي الصنف تبع فى ذلك ابن مالك لاسلف له فيه ولاحجة له من سماع (السَّابِعَ عَشَرَ كَيْ لِلتَّعْلِيلِ وَبِمَعْنَى أَنْ الْمَصْدَرِيَّةِ) السَّابِعَ عَشَرَ كَيْ لِلتَّعْلِيلِ فينتصب الفعل المضارع بعدها بِأَنْ مُضْمَرَةٍ نَحْوُ جِئْت كَيْ تكرمني أي لان تكرمني وبمعنى أَنْ الْمَصْدَرِيَّةِ لِكَيْلَا تَأْسَوْا عَلَى مَا فَاتَكُمْ حلول ان محلها اذ لو كانت حرف تعليل لم يدخل عليها حرف تعليل قال الناظم: ثُمَّ كَيْ كأنْ ... وَاللامِ (الثَّامِنَ عَشَرَ كُلُّ اسْمٍ لِاسْتِغْرَاقِ أَفْرَادِ الْمُنَكَّرِ وَالْمُعَرَّفِ الْمَجْمُوعِ أَجْزَاءِ الْمُفْرَدِ الْمُعَرَّفِ) الثَّامِنَ عَشَرَ كُلُّ اسْمٍ لِاسْتِغْرَاقِ أَفْرَادِ المضاف اليه المنكر نحو {كُلُّ حِزْبٍ بِمَا لَدَيْهِمْ فَرِحُونَ} وَالْمُعَرَّفِ الْمَجْمُوعِ نَحْوُ {وَكُلُّهُمْ آتِيهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَرْدًا} {إنْ كُلُّ مَنْ فِي السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ إلَّا آتِي الرَّحْمَنِ عَبْدًا} لِاسْتِغْرَاقِ أََجْزَاءِ الْمُضَافِ إلَيْهِ الْمُفْرَدِ كُلُّ زَيْدٍ حَسَنٌ أَيْ كُلُّ أَجْزَائِهِ. فلذا قال الناظم: كُلٌّ فِيهِ الاستغْرَاقُ عَنّْ. لِمفْرداتِ النُّكْرِ وَالْمُعَرَّفِ ... جَمْعًا وَأجْزَا مُفْرَدٍ مُعَرَّفِ فعن بمعنى عرض وزاد على المصنف انه ان وقعت كل فى حيز النفى يوجه الى الشمول خاصة ويفيد بمفهومه اثبات الفعل لبعض الافراد والابان لم تكن داخلة فى حيز النفى بان قدمت على النفى لفظا عم النفى كل فرد مما اضيف اليه كل فلذا قال فى النظم: قُلْتُ وَإنْ فِي حَيِّزِ النَّفْيِ أَتَتْ ... كَسَبْقِ فِعْلٍ أَوْ أَدَاةٍ قَدْ نَفَتْ تَوَجَّهَ النَّفْيُ إِلى الشُّمُولِ ثُمّْ ... أُثْبِتَ لِلْبَعْضِ وإلاَ فَلْيُعَمّْ وقد مثل لما ذكر صاحب تلخيص المفتاح حيث قال وقال عبد القاهر ان كانت كل داخلة فى حيز النفى الجزء: 1 ¦ الصفحة: 99 بان اخرت عن اداته نحو ماكل يتمنى المرء يدركه او معمولة للنفى المنفى نحو ما جاء القوم كلهم او ماجاء كل القوم ولم ءاخذ كل الدراهم او كل الدراهم لم ءاخذ توجه النفى الى الشمول خاصة وافاد ثبوت الفعل او الوصف لبعض او تعلقه به والاعم كل فرد كقول النبيء صلى الله عليه وسلم لما قال له ذواليدين اقصرت الصلاة ام نسيت ذلك لم يكن وعليه قوله: قد اصبحت ام الخيار تدعى ... علي ذنبا كله لم اصنع وقال فى الجوهرالمكنون: إِنْ صاحَبَ المُسْندَ حَرْفُ السَّلبِ ... إِذْ ذاكَ يَقتضي عُمومَ السَّلْبِ (التَّاسِعَ عَشَرَ اللَّامُ لِلتَّعْلِيلِ وَالِاسْتِحْقَاقِ وَالِاخْتِصَاصِ وَالْمِلْكِ وَالصَّيْرُورَةِ أَيْ الْعَاقِبَةِ وَالتَّمْلِيكِ وَشَبَهِهِ وَتَوْكِيدِ النَّفْيِ وَالتَّعْدِيَةِ وَالتَّأْكِيدِ وَبِمَعْنَى إلَى وَعَلَى وَفِي وَعِنْدَ وَبَعْدَ وَمِنْ وَعَنْ) التَّاسِعَ عَشَرَ اللَّامُ الْجَارَّةُ لِلتَّعْلِيلِ نَحْوُ {وَأَنْزَلْنَا إلَيْك الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ} أَيْ لِأَجْلِ أَنْ تُبَيِّنَ لَهُمْ وَالِاسْتِحْقَاقِ نحو الحمد لله وَالِاخْتِصَاصِ نَحْوُ الْجَنَّةُ لِلْمُؤمنين وَالْمِلْكِ نَحْوُ {لِلَّهِ مَا فِي السَّمَوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ} . وَالصَّيْرُورَةِ وتسمى لام الْعَاقِبَةِ ولام المثال نَحْوُ {فَالْتَقَطَهُ آلُ فِرْعَوْنَ لِيَكُونَ لَهُمْ عَدُوًّا وَحَزَنًا} فَهَذِهِ عَاقِبَةُ الْتِقَاطِهِمْ لَا عِلَّتُهُ إذْ هِيَ التَّبَنِّي والمحبة وَالتَّمْلِيكِ) نَحْوُ وَهَبْت لِزَيْدٍ دينارا أَيْ مَلَّكْته إيَّاهُ وَشَبَهِهِ نَحْوُ {وَاَللَّهُ جَعَلَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا وَجَعَلَ لَكُمْ مِنْ أَزْوَاجِكُمْ بَنِينَ وَحَفَدَةً} وَتَوْكِيدِ النَّفْيِ نَحْوُ {وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وَأَنْتَ فِيهِمْ} وَالتَّعْدِيَةِ قال الجلال المحلى نحو نَحْوُ مَا أَضْرَبَ زَيْدًا لِعَمْرٍو وَيَصِيرُ ضَرَبَ بِقَصْدِ التَّعَجُّبِ بِهِ لَازِمًا يَتَعَدَّى إلَى مَا كَانَ فَاعِلَهُ بِالْهَمْزَةِ وَمَفْعُولَهُ بِاللَّامِ. وَالتَّأْكِيدِ نحْوُ {إنَّ رَبَّك فَعَّالٌ لِمَا يُرِيدُ} الْأَصْلُ فَعَّالٌ مَا وَبِمَعْنَى إلَى نَحْوُ {فَسُقْنَاهُ إلَى بَلَدٍ مَيِّتٍ} أَيْ إلَيْهِ وَعَلَى نَحْوُ {يَخِرُّونَ لِلْأَذْقَانِ سُجَّدًا} أَيْ عَلَيْهَا. وَعِنْدَ قال الجلال المحلى: نَحْوُ " بَلْ كَذَّبُوا بِالْحَقِّ لِمَا جَاءَهُمْ " بِكَسْرِ اللَّامِ وَتَخْفِيفِ الْمِيمِ فِي قِرَاءَةِ الْجَحْدَرِيِّ وهى شاذة أَيْ عِنْدَ مَجِيئِهِ إيَّاهُمْ وَبمعني فِي نَحْوُ لَا يُجَلِّيهَا لِوَقْتِهَا إِلَّا هُوَ وبمعنى بعد نحو افطروا لرؤيته أي بعد رؤيته وبمعنى عن نَحْوُ سَمِعَتْ لَهُ صُرَاخًا أَيْ مِنْهُ وَبمعنى عَنْ نَحْوُ {وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِلَّذِينَ آمَنُوا لَوْ كَانَ خَيْرًا مَا سَبَقُونَا إلَيْهِ} والمعنى قال الذين كفروا للذين امنوا والالقيل ماسبقتمونا اليه وزاد الناظم على المصنف انها تكون بمعنى مع على حد قول الشاعر: فلما تفرقنا كانى ومالكا..لطول اجتماع لم نبت ليلة معا. حيث قال: لِلاِخْتِصَاصِ اللاَّمُ والتَّعْدِيَة ... والْمِلْكِ والتَّوْكِيْدِ والصَّيْرُوْرَةِ والعِلَّةِ التَّمْلِيْكِ أو كَفِي على ... وَعِنْدَ بَعْدَ مِنْ وَعَنْ وَمَعْ إِلى وذكر ابن مالك فى الخلاصة عدة من معانيها قائلا: وَالّلامُ لِلْمِلْكِ وَشِبْهِهِ وَفِي … … تَعْدِيَةٍ أَيْضاً وَتَعْلِيلٍ قُفِي وزيد. وزاد العلامة ابن عاصم هنا كونها للامر والدعاء حيث قال: وتوجد اللام على الاطلاق ... للاختصاص او للاستحقاق والملك والتاكيد والتعليل ... والامر والدعاء للتفصيل (الْعِشْرُونَ لَوْلَا حَرْفٌ مَعْنَاهُ فِي الْجُمْلَةِ الِاسْمِيَّةِ امْتِنَاعُ جَوَابِهِ لِوُجُودِ شَرْطِهِ وَفِي الْمُضَارِعِيَّةِ التَّحْضِيضُ وَالْمَاضِيَةِ التَّوْبِيخُ وَقِيلَ تَرِدُ لِلنَّفْيِ) المتمم للعشرين حرفا لولا ويرد لمعان فمعناه فى الجملة الاسمية امتناع جوابه لوجود شرطه نَحْوُ لَوْلَا زَيْدٌ أَيْ مَوْجُودٌ لَأَهَنْتُك امْتَنَعَتْ الْإِهَانَةُ لِوُجُودِ زَيْدٍ فَزَيْدٌ هُوَ مُبْتَدَأٌ مَحْذُوفُ الْخَبَرِ وجوبا لقوله فى الخلاصة وَبَعْدَ لَوْلا غَالِباً حَذْفُ الْخَبَرْ … … حَتْمٌ وذكر لوما معها فى قوله فيها: لَولَا وَلَوْمَا يَلْزَمَانِ الاْبتِدَا … … إذَا امْتِنَاعاً بوُجُودٍ عَقْدَا وكما انها تكون حرف امتناع لوجود تكون ايضا للعرض والتخضيض فلذا قال العلامة ابن عاصم: لولا الجزء: 1 ¦ الصفحة: 100 لتحضيض وعرض وضعت ... ولامتناع لوجود وقعت ومعناها مع المضارع التحضيض أَيْ الطَّلَبُ الْحَثِيثُ نَحْوُ {لَوْلَا تَسْتَغْفِرُونَ اللَّهَ} ومع الماضى التوبيخ {لَوْلَا جَاءُوا عَلَيْهِ بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ} وقيل ترد للنفى كَآيَةِ {فَلَوْلَا كَانَتْ قَرْيَةٌ آمَنَتْ} أَيْ فَمَا آمَنَتْ قَرْيَةٌ أَهْلُهَا عِنْدَ مَجِيءِ الْعَذَابِ فَنَفَعَهَا إيمَانُهَا والاستثناء حينئذ منقطع فالافيه بمعنى لكن اه. وزاد الناظم مع المذكورات العرض حيث قال: لَوْلاَ امْتِنَاعٌ لِوُجُودِ فِي الْجُمَلْ ... اسْمِيَّةً وَفِي الْمُضَارِعِ احْتَمَلْ عَرْضًا وتَحْضِيضًا وفِي الذِي مَضَى ... مُوَبِّخٌ وَنَفْيُهُ لاَ يُرْتَضَى (الْحَادِيَ وَالْعِشْرُونَ لَوْ حَرْفُ شَرْطٍ لِلْمَاضِي وَيَقِلُّ لِلْمُسْتَقْبَلِ قَالَ سِيبَوَيْهِ حَرْفٌ لِمَا كَانَ سَيَقَعُ لِوُقُوعِ غَيْرِهِ وَقَالَ غَيْرُهُ حَرْفُ امْتِنَاعٍ لِامْتِنَاعٍ وَقَالَ الشَّلَوْبِينُ لِمُجَرَّدِ الرَّبْطِ وَالصَّحِيحُ وِفَاقًا لِلشَّيْخِ الْإِمَامِ امْتِنَاعُ مَا يَلِيهِ وَاسْتِلْزَامُهُ لِتَالِيهِ) الْحَادِيَ وَالْعِشْرُونَ لَوْ حَرْفُ شَرْطٍ لِلْمَاضِي نَحْوُ لَوْ جَاءَ زَيْدٌ لَأَكْرَمْتُهُ وَيَقِلُّ لِلْمُسْتَقْبَلِ نَحْوُ أَكْرِمْ زَيْدًا وَلَوْ أَسَاءَ أَيْ وَإِنْ وَعَلَى الْأَوَّلِ الْكَثِيرُ فلذا قال ابن مالك فى الخلاصة: لَوْ حَرْفُ شَرْطٍ في مُضِيٍّ وَيَقِلْ … … إيلاؤهُ مُسْتَقْبَلاً لكِنْ قُبِلْ وقال الخطيب فى التلخيص ولو للشرط فى الماضى مع القطع بانتفاء الشرط فيلزم عدم الثبوت والمضى والمعنى فى جمليتهما اه. أي لو لتعليق حصول مضمون الجزاء بحصول مضمون الشرط فرضا فى الماضي مع القطع بانتفاء الشرط فيلزم عليه انتفاء الجزاء وحيث كانت للشرط فى الماضى يلزم عدم الثبوت فى جملتيها اذ لو حصل ثبوتهما لما علقتا ويلزم المضى فيهما اذا الاستقبال ينافيه ولا يعدل عنه الا لنكتة كما قال فى التلخيص فدخولها على المضارع فى نحو لَوْ يُطِيعُكُمْ فِي كَثِيرٍ مِنَ الْأَمْرِ لَعَنِتُّمْ لقصد استمرار الفعل فيما مضى وقتا اه. وقال سيبويه هو حَرْفٌ لِمَا كَانَ سَيَقَعُ لِوُقُوعِ غَيْرِهِ والانتفاء المذكور اخذ من قوله سَيَقَعُ فانه دال على انه لم يقع فانحل معنى العبارة الى انها للدلالة على انتفاء الجزاء لدي وقوعه بوقوع الشرط ومعلوم ان انتفاءه لا يجامع وجود الشرط اذ لو وجد الشرط لوجد هو فيكون الشرط حينئذ منتفيا فقد ساوت عبارة سيبويه هذه عبارة المعربين اه. أي وهى قولهم حرف امتناع أي امتناع الجواب لامتناع الشرط وقال الشلوبين هو لِمُجَرَّدِ الرَّبْطِ لِلْجَوَابِ بِالشَّرْطِ كَانَ وَاسْتِفَادَةُ مَا ذُكِرَ مِنْ انْتِفَائِهِمَا أَوْ انْتِفَاءِ فَقَطْ مِنْ خَارِجٍ وَالصَّحِيحُ عند المصنف فِي مُفَادِهِ نَظَرًا إلَى مَا ذُكِرَ مِنْ الْقِسْمَيْنِ وِفَاقًا لِلشَّيْخِ الْإِمَامِ وَالِدِه ان مدلوله امتناع مايليه مثبتا كان او منفيا واستلزام ما يليه للتالى له الذي هو الجواب مثبتا كان او منفيا فالاقسام حينئذ اربعة لانهما اما منفيان او مثبتان او الاول منفي والثانى مثبت او العكس وتعرض الناظم لهذه المذاهب قائلا: ولَوْ لِشَرْطٍ الْمَاضِ والْمُسْتَقْبَلِ ... نَزْرًا فَلِلْرَّبْطِ فَقَطْ أَبُو عَلِي وَلِلَّذِي كَانَ حَقِيْقًا سَيَقَعْ ... أيْ لِوُقُوْعِ غَيْرِهِ عَمْرُو اتَّبَعْ والْمُعْرِبُوْنَ ولَّذِي فِي الْفَنِّ شَاعْ ... بأنَّهَا حَرْفُ امْتِنَاعٍ لامْتِنَاعْ والْمُرْتَضَى امْتِنَاعُ مَا يَلِيْهِ ... مَعْ كَونِهِ يَسْتَلْزِمُ الْتَّالِيْهِ وابو على هو الشلوبين وعمرو هو سيبويه. (ثُمَّ يَنْتَفِي التَّالِي إنْ نَاسَبَ وَلَمْ يَخْلُفْ الْمُقَدِّمُ غَيْرَهُ كَ {لَوْ كَانَ فِيهِمَا آلِهَةٌ إلَّا اللَّهُ} لَا إنْ خَلَفَهُ كَقَوْلِك لَوْ كَانَ إنْسَانًا لَكَانَ حَيَوَانًا وَيَثْبُتُ إنْ لَمْ يُنَافِ وَنَاسَبَ بِالْأَوْلَى كَلَوْ لَمْ يَخَفْ لَمْ يَعْص أَوْ الْمُسَاوَاةُ كَلَوْ لَمْ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 101 تَكُنْ رَبِيبَةً لَمَا حَلَّتْ لِلرَّضَاعِ أَوْ الْأَدْوَنِ كَقَوْلِك لَوْ انْتَفَتْ أُخُوَّةُ النَّسَبِ لَمَا حَلَّتْ لِلرَّضَاعِ) أي ثم ان التالى أي والجواب ينبغى ايضا كما انتفى المقدم أي الشرط ان ناسبه التالى بان لزمه عقلا قال المحقق البنانى كما فى قولنا لوكان متكلما لكان حيا او عادة كما فى الاية الاتية الشريفة كقولنا لو صلى لتوضا مثلا اه. ولم يخلف المقدم غيره ك {لَوْ كَانَ فِيهِمَا آلِهَةٌ إلَّا اللَّهُ} أَيْ السَّمَوَاتُ وَالْأَرْضُ وافاد الجلال المحلى ان فَفَسَادُهُمَا خُرُوجُهُمَا عَنْ نِظَامِهِمَا الْمُشَاهَدِ مُنَاسِبٌ لِتَعَدُّدِ الْإِلَهِ لِلُزُومِهِ لَهُ عَلَى وَفْقِ الْعَادَةِ عِنْدَ تَعَدُّدِ الْحَاكِمِ مِنْ التَّمَانُعِ فِي الشَّيْءِ وَعَدَمِ الِاتِّفَاقِ عَلَيْهِ وَلَمْ يُخْلِفْ التَّعَدُّدُ فِي تَرْتِيبِ الْفَسَادِ غَيْرَهُ فَيَنْتَفِي الْفَسَادُحينئذ بِانْتِفَاءِ التَّعَدُّدِ الْمُفَادِ بِلَوْ نَظَرًا إلَى ماهو الْأَصْلُ فِيهَا وَإِنْ كَانَ الْقَصْدُ مِنْ الْآيَةِ الْعَكْسَ أَيْ الدَّلَالَةَ عَلَى انْتِفَاءِ التَّعَدُّدِ بِانْتِفَاءِ الْفَسَادِ لِأَنَّهُ أَظْهَرُ فان كان للمتقدم خلف فى ترتيب التالى عليه فلا يلزم انتفاء التالى حينئذ على سبيل القطع بل على سبيل الاحتمال كَقَوْلِك لَوْ كَانَ إنْسَانًا لَكَانَ حَيَوَانًا فَالْحَيَوَانُ مُنَاسِبٌ لِلْإِنْسَانِ لِلُزُومِهِ له عَقْلًا لِأَنَّهُ جُزْؤُهُ وَيَخْلُفُ الْإِنْسَانُ فِي تَرَتُّبِ الْحَيَوَانِ غَيْرَهُ كَالْحِمَارِ فَلَا يَلْزَمُ بِانْتِفَاءِ الْإِنْسَانِ عَنْ شَيْءٍ الْمُفَادِ بِلَوْ انْتِفَاءُ الْحَيَوَانِ عَنْهُ لِجَوَازِ أَنْ يَكُونَ حِمَارًا كَمَا يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ حَجَرًا اه. فلذا قال الناظم: ثُمَّ إذَا نَاسَبَ تَالٍ يَنْتَفِي ... إنْ أوَّلاً خِلافُهُ لَمْ يَخْلُفِ كَقَوْلِهِ لَوْ كَانَ للآخرِ لاَ ... ذُوْ خَلَفٍ ويثبت التالى المثبت والمنفى مع انتفاء المقدم كذلك مثبتا كان او منفيا ان لم يناف ثبوت التالى انتفاء المقدم المفاد بلو وناسب ثبوته انتفاء المقد اما بالاولى كقول عمر رضي الله عنه وقيل النبيء صلى الله عليه وسلم {نِعْمَ الْعَبْدُ صُهَيْبٌ لَوْ لَمْ يَخَفْ اللَّهَ لَمْ يَعْصِهِ} فانه رَتَّبَ عَدَمَ الْعِصْيَانِ عَلَى عَدَمِ الْخَوْفِ وذلك قبل دخول لو والمعنى قبل دخولها انه لم يعص الله حين لم يخفه فعدم عصيانه اذ ذاك انما كان إجْلَالًا وتعظيما له تعالى لاخوفا وبعد دخولها يستفاد امتناع ما يليها فيصير منتفيا بسببها وهو هنا منتف بلم اصالة فحصل نفى نفى وهو اثبات والمعنى عليه انه يخاف الله فلم يعصه وهو اولى من المعنى الاول حيث انه للعموم والاول للخصوص لكونه خوف بعض خواص من المقربين والمناسب العموم للعوام فهومثال للاولى ومثال المساوي حديث الصحيحين انه صلى الله عليه وسلم قال فى بنت ام سلمة لَوْ لَمْ تَكُنْ رَبِيبَتِي فِي حِجْرِي مَا حَلَّتْ لِي إنَّهَا لَابْنَةُ أَخِي مِنْ الرَّضَاعِ} رَتَّبَ صلى الله عليه وسلم عَدَمَ حِلِّهَا عَلَى عَدَمِ كَوْنِهَا رَبِيبَةً الْمُبَيَّنِ بِكَوْنِهَا ابْنَةَ أَخِي من الرَّضَاعِ الْمُنَاسِبُ هُوَ لَهُ شَرْعًا كمناسبته للاول أي وهو ماتقدم من عدم كونها ربيبة المبين بكونها اخى من الرضاع سواء لمساواة حرمة المصاهرة لحرمة الرضاع فالمعنى انها لاتحل لا اصلا لان معها وصفين لو انفرد احدهما حرمت به فكيف وقد اجتمعا ومثال الادون قولك لمن عزم عليك بنكاح امراة وهى اخت نسب ورضاع لو انتفت اخوة النسب لما كانت حلالا لانها اخت من الرضاع فتحريم اخت الرضاع دون تحريم اخت النسب ولكنها علة تقتضى للتحريم كاقتضاء النسب ولو انتفت احد العلتين لا استقلت الضعيفة بالتعليل قال الجلال المحلى: وَهَذَا الْمِثَالُ لِلْأُولَى انْقَلَبَ عَلَى الْمُصَنِّفِ سَهْوًا أي صارالشرط جوابا والجواب شرطا وصوابه ليكون للادون لو انفت اخوة الرضاع لما حلت للنسب اه. وقال الناظم: ويُثْبَتُ الذِي الجزء: 1 ¦ الصفحة: 102 تَلاَ إنْ لَمْ يُنَافِ وبأوْلَى نَصِّهِ ... نَاسَبَهُ لَوْ لَمْ يَخَفْ لَمْ يَعْصِهِ أوْ الْمُسَاوِي نَحْوَ لَوْ لَمْ تَكُنِ ... رَبِيبَتِي الْحَدِيْثَ أوْ بالأدْوَنِ (وَتَرِد لِلتَّمَنِّي وَالْعَرْضِ وَالتَّحْضِيضِ وَالتَّقْلِيلِ نَحْوُ وَلَوْ بِظِلْفٍ مُحْرَقٍ) أي ترد لو لمعان اخر منها التمنى نحو فَلَوْ أَنَّ لَنَا كَرَّةً فَنَكُونَ مِنْ الْمُؤْمِنِينَ أَيْ لَيْتَ لَنَا وتعرض لوقوعها فيه العلامة ابن عاصم بقوله لولامتناع قد اتت ... وفى التمنى حمكها ايضا ثبت وترد للعرض والتحضيض وَتَشْتَرِكُ الثَّلَاثَةُ فِي الطَّلَبِ عدا انه فِي التَّحْضِيضِ بِحَثٍّ. وفى العرض بلين وفى التمنى لمالا طمع فى وقوعه وترد للتقليل نحو حَدِيثِ {تَصَدَّقُوا وَلَوْ بِظِلْفٍ مُحْرَقٍ} قال الجلال المحلى كَذَا أَوْرَدَهُ الْمُصَنِّفُ وَغَيْرُهُ وَهُوَ بِمَعْنَى رِوَايَةِ النَّسَائِيّ وَغَيْرِهِ {رُدُّوا السَّائِلَ وَلَوْ بِظِلْفٍ مُحْرَقٍ} اه. والمعنى تصدقوا بما تيسر من كثير او قليل والظلف بِكَسْرِ الظَّاءِ الْمُعْجَمَةِ لِلْبَقَرِ وَالْغَنَمِ كَالْحَافِرِ لِلْفَرَسِ فلذا قال الناظم: وَوَرَدَتْ لِلْعَرْضِ والتَمَنيِّ ... والْحَضِّ عِنْدَ بَعْضَ أهْلِ الْفَنِّ وَقِلَّةٍ كَخَبرِ الْمُصَدَّقِ ... تَصَدَّقوْا وَلَوْ بِظُلْفٍ مُحْرَقِ والله اعلم. (الثَّانِي وَالْعِشْرُونَ لَنْ حَرْفُ نَفْيٍ وَنَصْبٍ وَاسْتِقْبَالٍ وَلَا تُفِيدُ تَوْكِيدَ النَّفْيِ وَلَا تَأْبِيدَهُ خِلَافًا لِمَنْ زَعَمَهُ وَتَرِدُ لِلدُّعَاءِ وِفَاقًا لِابْنِ عُصْفُورٍ) الثَّانِي وَالْعِشْرُونَ لَنْ حَرْفُ نَفْيٍ وَنَصْبٍ وَاسْتِقْبَالٍ وَلَا تُفِيدُ تَوْكِيدَ النَّفْيِ وَلَا تَأْبِيدَهُ خِلَافًا لِمَنْ زَعَمَ افادتها ماذكر كالزمخشري وفى قول المصنف زعمه تَضْعِيفٌ لَهُ لِمَا قَالَ ابن عصفور وابن هشام وغيرهما انه لا دليل على ماقاله الزمخشري من كلام العرب وترد للدعاء وفاقا لابن عصفوركقول الشاعر: لنْ تَزَالُوا كَذَلِكُمْ ثُمَّ لَا زِلْ >< تُ لَكُمْ خَالِدًا خُلُودَ الْجِبَالِ قال الجلال المحلى وابن مالك وغيره لم يثبتوا ذلك وقالوا لاحجة فى البيت لاحتمال ان يكون خبرا وفيه بعد اه. وذكر الجلال السيوطى فى شرحه افادتها التوكيد قال وان ضعفه فى جمع الجوامع فقد وافقه أي الزمخشري عليه جماعة منهم ابن الخباز بل قال بعضهم ان منعه مكابرة فلذا قال فى النظم: لنْ حَرْفُ نَفْيٍ يَنْصِبُ الْمُسْتَقْبَلاَ ... ولَمْ يُفِدْ تَأبِيدَ مَنْفِيّ بلى تَوكِيْدَهُ عَلَى الأصْحِّ فِيْهِمَا ... وَلِلْدُّعَاءِ وَرَدَتْ فِي الْمعْتَمَى (الثَّالِثُ وَالْعِشْرُونَ مَا تَرِدُ اسْمِيَّةً وَحَرْفِيَّةً مَوْصُولَةً وَنَكِرَةً مَوْصُوفَةً وَلِلتَّعَجُّبِ واستفهامية وَشَرْطِيَّةً زَمَانِيَّةً وَغَيْرَ زَمَانِيَّةٍ وَمَصْدَرِيَّةً كَذَلِكَ وَنَافِيَةً وَزَائِدَةً كَافَّةً وَغَيْرَ كَافَّةٍ) الثَّالِثُ وَالْعِشْرُونَ مَا تكون اسْمِيَّةً وَحَرْفِيَّةً فَالِاسْمِيَّةُ تَرِدُ مَوْصُولَةً نَحْوُ {مَا عِنْدَكُمْ يَنْفَدْ وَمَا عِنْدَ اللَّهِ بَاقٍ} أَيْ الَّذِي وترد وَنَكِرَةً مَوْصُوفَةً نَحْوُ مَرَرْت بِمَا مُعْجَبٍ لَك أَيْ بِشَيْءٍ وَتردلِلتَّعَجُّبِ نَحْوُ مَا أَحْسَنَ زَيْدًا وترد استفهامية نَحْوُ {فَمَا خَطْبُكُمْ} أَيْ شَأْنُكُمْ وَشَرْطِيَّةً زَمَانِيَّةً نَحْوُ {فَمَا اسْتَقَامُوا لَكُمْ فَاسْتَقِيمُوا لَهُمْ} أَيْ اسْتَقِيمُوا لَهُمْ مُدَّةَ اسْتِقَامَتِهِمْ لَكُمْ وَغَيْرَ زَمَانِيَّةٍ نَحْوُ {وَمَا تَفْعَلُوا مِنْ خَيْرٍ يَعْلَمْهُ اللَّهُ} وَالْحَرْفِيَّةُ تَرِدُ مَصْدَرِيَّةً زَمَانِيَّةً نحو مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ وترد نافية اما عَامِلَةً نَحْوُ {مَا هَذَا بَشَرًا} وَغَيْرَ عَامِلَةٍ نَحْوُ {وَمَا تُنْفِقُونَ إلَّا ابْتِغَاءَ وَجْهِ اللَّهِ} وَترد زَائِدَةً كَافَّةً عَنْ عَمَلِ الرَّفْعِ نَحْوُ قَلَّمَا وطالما اوَالنَّصْبِ والرَّفْعِ وهى المتصلة بان واخواتها او الجر وهى المتصلة برب وغير الكافة قال الشيخ حلولو نحو قولهم شتان ما بين زيد وعمرو اه. فلذا قال الناظم: مَا اسْمًا أتَتْ مَوْصًولَةً وَنَكِرَهْ ... مَوْصُوْفَةً وَذَا تَعَجُّبٍ تَرَهْ والشَّرْطَ الاسْتِفَهَامَ والْحَرْفِيَّهْ ... نَفْيٍ زِيَادَةٍ وَمَصْدَرِيَّهْ قال شارحه عبارة جمع الجوامع ما ترد اسمية الخ قال قال شراحه ولايفهم منه ان الموصلة وما بعدها الى المصدرية اقسام الاسمية وان المصدرية الى آخر كلامه اقسام الحرفية الا بتوقيف وعبارة الجزء: 1 ¦ الصفحة: 103 النظم يفهم ذلك بلا اشكال اه. (الرَّابِعُ وَالْعِشْرُونَ مِنْ لِابْتِدَاءِ الْغَايَةِ غَالِبًا وَلِلتَّبْعِيضِ وَالتَّبْيِينِ وَالتَّعْلِيلِ وَالْبَدَلِ وَالْغَايَةِ وَتَنْصِيصِ الْعُمُومِ وَالْفَصْلُ وَمُرَادِفُهُ الْبَاءُ وَعَنْ وَفِي وَعِنْدَ وَعَلَى) الرَّابِعُ وَالْعِشْرُونَ مِنْ بكسر الميم لابتداء الغاية فى المكان نحو قوله تعالى {مِنْ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ الى الْمَسْجِدِ الاقصى} وَالزَّمَانِ نَحْوُ قوله تعالى مِنْ أَوَّلِ يَوْمٍ وفى الحديث فمطرنا من الجمعة الى الجمعة واماالمكانية فمتفق عليهاواماالزمانية فخالف فيها اكثر البصريين وترد للتبعيض نَحْوُ {حَتَّى تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ} وَالتَّبْيِينِ نَحْوُ مَا يَفْتَحِ اللَّهُ لِلنَّاسِ مِنْ رَحْمَةٍ فَلَا مُمْسِكَ لَهَا وَالتَّعْلِيلِ نَحْوُ مِمَّا خَطِيئَاتِهِمْ أُغْرِقُوا فَأُدْخِلُوا نَارًا وَالْبَدَلِ نَحْوُ أَرَضِيتُمْ بِالْحَيَاةِ الدُّنْيَا مِنْ الْآخِرَةِ أَيْ بَدَلَهَا وَالْغَايَةِ نَحْوُ قَرُبْت مِنْهُ أَيْ إلَيْهِ وَتَنْصِيصِ الْعُمُومِ نَحْوُ مَا فِي الدَّارِ مِنْ رَجُلٍ فَهُوَ بِدُونِ مِنْ ظَاهِرٌ فِي الْعُمُومِ مُحْتَمِلٌ لِنَفْيِ الْوَاحِدِ فَقَطْ وترد للفصل بالصادالْمُهْمَلَةِ وهى الداخلة عَلَى ثَانِي الْمُتَضَادَّيْنِ نَحْوُ {وَاَللَّهُ يَعْلَمُ الْمُفْسِدَ مِنْ الْمُصْلِحِ} وترد مردفة الباء بِفَتْحِ الدَّالِ أَيْ بِمَعْنَاهَا نَحْوُ يَنْظُرُونَ مِنْ طَرْفٍ خَفِيٍّ أَيْ بِهِ. وَبمعنى عن نحو فَوَيْلٌ لِلْقَاسِيَةِ قُلُوبُهُمْ مِنْ ذِكْرِ اللَّهِ أي عن ذكرالله وبمعنى فى نحو مَاذَا خَلَقُوا مِنَ الْأَرْضِ وبمعنى عند نَحْوُ {لَنْ تُغْنِيَ عَنْهُمْ أَمْوَالُهُمْ وَلَا أَوْلَادُهُمْ مِنْ اللَّهِ شَيْئًا} أَيْ عِنْدَهُ وَبمعنى على نَحْوُ وَنَصَرْنَاهُ مِنْ الْقَوْمِ فلذا قال الناظم: مِنَ ابْتَدِئْ بِهَا وبين عَلِّلِ ... بَعِّضْ وَلِلْفَصْلِ أتَتْ والْبَدَلِ والنَّصِّ لِلْعُمُومِ أوْ مِثْلَ إِلَى ... وعَنْ وفي وعِنْدَ والبَا وعلَى وقد ذكر العلامة ابن عاصم جملة من معانيها فقال: ومن لتبعيض وللبيان .... ولابتداء غاية المكان. وقد تزاد كما تعرض لعدة من معانيها ابن مالك فى الخلاصة قائلا: بَعِّضْ وَبَيِّن وابْتَدِئْ فِي الأَمْكِنَةْ … … بِمَنْ وَقَدْ تَأْتِي لِبَدْءِ الأَزْمِنَةْ وَزِيدَ فِي نَفيٍ وَشِبْهِهِ فَجَرْ … … نَكِرَةً كَمَا لِبَاغٍ مِنْ مَفَرْ (الْخَامِسُ وَالْعِشْرُونَ مَنْ شَرْطِيَّةٌ واستفهامية وَمَوْصُولَةٌ وَنَكِرَةٌ مَوْصُوفَةٌ وَنَكِرَةٌ تَامَّةٌ) الْخَامِسُ وَالْعِشْرُونَ مَنْ بفتح الميم ترد شرطية نَحْوُ {مَنْ يَعْمَلْ سُوءًا يُجْزَ بِهِ} واستفهامية نَحْوُ {مَنْ بَعَثَنَا مِنْ مَرْقَدِنَا} وَمَوْصُولَةٌ نَحْوُ {وَلِلَّهِ يَسْجُدُ مَنْ فِي السَّمَوَاتِ} . وَنَكِرَةٌ مَوْصُوفَةٌ نَحْوُ مَرَرْت بِمَنْ مُعْجَبٌ لَك أَيْ بِإِنْسَانٍ مُعْجَبٌ لَك قَالَ أَبُو عَلِيٍّ الْفَارِسِيُّ وَنَكِرَةٌ تَامَّةٌ وحمل عليه قوله: وَنِعْمَ مَنْ هُوَ فِي سِرٍّ وَإِعْلَانِ" فَفَاعِلُ نِعْمَ مُسْتَتِرٌ وَمَنْ تَمْيِيزٌ لفاعل نعم المستتر وقوله هو بيان للمخصوص بالمدح فلذا قال الناظم: لِلْشَّرْطِ مَنْ والوصْلِ واسْتِفْهَامِ ... وذَاتِ وَصْفٍ نُكْرًا أو تَمَامِ (السَّادِسُ وَالْعِشْرُونَ هَلْ لِطَلَبِ التَّصْدِيقِ الْإِيجَابِيِّ لَا لِلتَّصَوُّرِ وَلَا لِلتَّصْدِيقِ السَّلْبِيِّ) السَّادِسُ وَالْعِشْرُونَ هَلْ حرف استفهام قال الجلال السيوطى ادوات الاستفهام اقسام ما يطلب به التصور والتصديق وهو الهمزة فقط لانها ام الباب والاول يكون عن التتردد فى تعيين احد شيئين احاط العلم باحدهما لا بعينه والثانى يكون عن نسبة تردد الذهن بين ثبوتها ونفيها مثال التصور هذا زيد ام عمرو واخل فى الاناء ام عمل وازيد اضربت ام عمرا ومثال التصديق ازيد قائم واهذا اخوك اه. والهمزُ للتصديقِ والتصورِ ..... وبالذي يليهِ معناهُ حَرِي وقال أي السيوطى وما يطلب به التصور فقط وهو سائر الادوات الاهل وما يطلب به التصديق فقط وهو هل قال فى جمع الجوامع هَلْ لِطَلَبِ التَّصْدِيقِ الْإِيجَابِيِّ لَا لِلتَّصَوُّرِ وَلَا لِلتَّصْدِيقِ السَّلْبِيِّ قال الشيخ جلال الدين التَّقْيِيدُ بِالْإِيجَابِيِّ وَنَفْيُ السَّلْبِيِّ عَلَى مِنْوَالِهِ أَخْذًا مِنْ ابْنِ هِشَامٍ فَهُوَ يَرَى أَنَّ هَلْ لَا تَدْخُلُ عَلَى الجزء: 1 ¦ الصفحة: 104 مَنْفِيٍّ فَهِيَ لِطَلَبِ التَّصْدِيقِ أَيْ الْحُكْمِ بِالثُّبُوتِ أَوْ الِانْتِفَاءِ كَمَا قَالَهُ السَّكَّاكِيُّ وَغَيْرُهُ يُقَالُ فِي جَوَابِ هَلْ قَامَ زَيْدٌ مَثَلًا نَعَمْ أَوْ لَا اه. قلت وسبق ابن هشام الى ذلك بدر الدين بن مالك فى المصباح كما بينته فى شرح الفية المعانى اه. فلذا قال فى النظم: لِطَلَبِ التَّصْدِيْقِ هَلْ ومَا أتَى ... تَصَوُّرًا كَهَلْ أخُوكَ ذَا الفَتَى وقَوْلُهُ فِي الأصْلِ للإيْجَابِ ... كابْنِ هِشَامٍ لَيْس بالصَّوابِ (السَّابِعُ وَالْعِشْرُونَ الْوَاوُ لِمُطْلَقِ الْجَمْعِ وَقِيلَ لِلتَّرْتِيبِ وَقِيلَ لِلْمَعِيَّةِ) السَّابِعُ وَالْعِشْرُونَ الْوَاوُ ترد لمعانى احدهما العطف وهى فيه لمطلق الجمع فاذاقيل جَاءَ زَيْدٌ وَعَمْرٌو اقتضت القدر المشترك وهو حصول المجيء منهما ولاتقتضى مجيئ زيد قبل عمرو ولا مجيئهما معا فَتُجْعَلُ حَقِيقَةً فِي الْقَدْرِ الْمُشْتَرَكِ وَقِيلَ هِيَ لِلتَّرْتِيبِ أي للتاخر لِكَثْرَةِ اسْتِعْمَالِهَا فِيهِ فَهِيَ فِي غَيْرِه مَجَازٍ وَقِيلَ لِلْمَعِيَّةِ لِأَنَّهَا لِلْجَمْعِ وَالْأَصْلُ فِيهِ الْمَعِيَّةُ فَهِيَ فِي غَيْرِه مَجَازٌ قال الجلال السيوطى والمشهور انها لمطلق الجمع أي الاجتماع فى الحكم من غير تقييد بحصوله من كليهما فى زمن او سبق احدهما اه. فلذا قال ابن مالك فى الخلاصة: فَاعْطِفْ بِوَاوٍ سَابِقاً أوْ لاحِقاً … … فِي الْحُكْمِ أوْ مُصَاحِباً مُوَافِقاً وقال الناظم: لِمُطْلَقِ الْجَمْعِ لدَى البَصْرِيَّةْ ... الواوُ والتَّرْتِيْبِ وَالْمَعِيَّهْ الامر (أم ر حَقِيقَةٌ فِي الْقَوْلِ الْمَخْصُوصِ مَجَازٌ فِي الْفِعْلِ وَقِيلَ لِلْقَدْرِ الْمُشْتَرَكِ وَقِيلَ هُوَ مُشْتَرَكٌ بَيْنَهُمَا قِيلَ وَبَيْنَ الشَّأْنِ وَالصِّفَةِ وَالشَّيْءِ) أي هذا مبحث الامر وهو نفسى ولفظى وسياتى الكلام عليهما والامر قسم من اقسام الكلام قال الشيخ حلولو فى الضياءاللامع وكان الاولى اللبداءة بحقيقة الكلام لما ينبنى عليه من مسائل الامر كما فعل الامام فى البرهان وغيره وتبع المصنف ابن الحاجب فى المنتهى فى التعبير عن لفظ امر بالف وميم وراء ليدل على ان المراد بذلك اللفظة المركب من هذه الحروف لا مدلولها قال المحلى وَيُقْرَأُ بِصِيغَةِ الْمَاضِي مُفَكَّكًا اه. قال البانى والتفكيك بحسب اللفظ والخط ايضا اه. أي الامر المخصوص المنتظم من هذه الاحرف المسماة بالف ميم راء حقيقة فى القول المخصوص أي الدال على اقتضاء فعل بالوضع ويعبر عن القول المخصوص بصيغة افعل أي بكل ما يدل على الامر من صيغة فيدخل صيغة افعل واسم الفعل كصه والمضارع المقرون باللام نحو لينفق فقوله تعالى: {وَأْمُرْ أَهْلَك بِالصَّلَاةِ) أَيْ قُلْ لَهُمْ صَلُّوا فالمراد بالامر فى الاية صيغة الامر وهو مجاز فى الفعل نحو وَشَاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ أَيْ الْفِعْلِ الَّذِي تَعْزِمُ عَلَيْهِ لِتَبَادُرِ الْقَوْلِ دُونَ الْفِعْلِ مِنْ لَفْظِ الْأَمْرِ إلَى الذِّهْنِ وَالتَّبَادُرُ عَلَامَةٌ لِلْحَقِيقَةِ فلذا قال الناظم: حَقِيْقَةٌ فِي القَوْلِ مَخْصُوصًا أمَرْ ... فِي الفِعْلِ ذُوْ تَجَوُّزٍ فِيْمَا اشْتَهَرْ وقيل ان اللفظ المنتظم من حروف ام ر المتقدم ذكره هو للقدر المشترك بين القول والفعل قال الشيخ حلولو والظاهر انه صدور العمل من المكلف اذ هو قدر مشترك بين القول والفعل قال الرهونى وهذاالقول غير موجود وقال الشارح لا يعرف قائله وانما ذكره الامدي فى الاحكام على سبيل الفرض والالزام وانه لو قيل به فما المانع ولذا قال ابن الحاجب انه قول محدث هنا اه. فلذا زاد الناظم على المصنف ان من سلك الطريق فيما مضى لم يقل به حيث قال: وقِيْلَ وضْعُهُ لِقَدْرٍ مُشْتَرَكْ ... وَقِيْلَ لَمْ يَقُلْهُ قَطُّ مَنْ سَلَكْ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 105 وافاد شارح السعود ان استعمال صيغة افعل حقيقة فى القول لتبادره كما تقدم مجاز فى الفعل وان بعض الفقهاء اختار تشريك الاقتضاء فيهما فيطلق عليهما حقيقة حيث قال فى نظمه: والأمر في الفعل مجاز واعتمى .... تشريك ذين فيه بعض العلما وقيل هو مشترك بين القول والفعل والشان والصفة والشيء فمثال الشان قوله تعالى: وَمَا أَمْرُ فِرْعَوْنَ بِرَشِيدٍ (97) ومثال الصفة قوله لِأَمْرٍ مَا يَسُودُ مَنْ يَسُودُ فالتنوين فى امر للتعظيم أي لصفة من صفات الكمال وقوله لِأَمْرٍ مَا جَدَعَ قَصِيرٌ أَنْفَهُ أَيْ لِشَيْءٍ ماقطع قصير انفه وَالْأَصْلُ فِي الِاسْتِعْمَالِ الْحَقِيقَةُ. وَأُجِيبَ بِأَنَّهُ مَجَازٌ فى المذكورات لما من تبادر القول المخصوص الى الذهن من لفظ الامر اذهو علامة الحقيقة وخَيْرٌ مِنْ الِاشْتِرَاكِ واشار الناظم الى القول بذا الاشتراك بقوله: وقِيْلَ بَلْ مُشْتَرَكٌ فِي ذَانِ ... والشَّيءِ والوَصْفِ نَعَمْ والشَّانِ (وَحَدُّهُ اقْتِضَاءُ فِعْلٍ غَيْرِ كَفٍّ مَدْلُولٍ عَلَيْهِ) الكلام المتقدم فى لفظ الامر هل هو حقيقة فى كذا الخ والكلام هنا على مدلوله وهو الكلام النفسى أي العمدة لانه منشأ التعليق والتكليف واللفظى ليس الاوسيلة اليه فلذا قال فى السعود: هذا الذي حُد به النفسي ... وما عليه دل قل لفظي وقال الشيخ حلولو هذا التعريف كما نبه عليه ولى الدين مبنى على الكلام النفسى الذي هو مذهب الاشاعرة اه. فقوله اقتضاء فعل الخ. قال المحقق البنانى المراد بالفعل ما يسمى فعل عرفا اعم من كونه فعل اللسان او القلب او الجوارح اه. واقتضاء الفعل جنس يشمل الامر والنهى ويخرج الاباحة وغيرها مما يستعمل فيه صيغة الامر وليس امر وقوله غير كف يخرج النهى فانه طلب فعل وهوكف وقوله مدلول عليه بغير كف قال الشيخ حلولو صفة لقوله كف قال ولي الدين وهو قيد زاده المصنف على ابن الحاجب لادخال نحو قولنا كف نفسك عن كذا فانه امر مع انه مخرج بقوله غير كف مبين ان الكف الذي اريد اخراجه ما دل عليه غير كف اه. قال المحقق البنانى فالامر نوعان طلب فعل غير كف مدلول عليه بكف ونحوه اه. أي كاترك ودع وذر بخلاف المدلول عليه بغير ذلك أي لا تفعل فليس بامر وحد الناظم الامر النفسى بما حده به المصنف وسواء كان الطلب فيه جازما او غير جازما حيث قال: وَحَدُّهُ اقْتِضَاءُ فِعْلٍ غَيْرِ كَفّْ ... عَلَيْهِ مَدْلُولٍ بِغَيْرِ نَحْوِ كُفّْ كما عرفه به السعود بقوله: هو اقتضاء فعلِ غيرِ كَفِّ ..... دُل عليه لا بنحو كُفي قال شارحه فتناول الاقتضاء ما ليس بكف نحو قم وما هو كف مدلول عليه بكف ونحوه بخلاف المدلول عليه بنحو لاتفعل فليس بامر اه. قال الجلال المحلى: وَسُمِّيَ مَدْلُولُ كَفٍّ أَمْرًا لَا نَهْيًا مُوَافَقَةً لِلدَّالِّ فِي اسْمِهِ اه. قال المحقق البنانى أي الموافقة المدلول وهى اقتضاء الكف دالة وهو كف فى تسمية امراكما يسمى داله وهو كف بذلك أي انما سمى مدلول كف بالامر لاجل الموافقة المذكورة والا فهو نهى لصدق الكف الماخوذ فى حده عليه اه. (و َلَا يُعْتَبَرُ فِيهِ عُلُوٌّ وَلَا اسْتِعْلَاءٌ وَقِيلَ يُعْتَبَرَانِ وَاعْتَبَرَتْ الْمُعْتَزِلَةُ وَأَبُو إسْحَاقَ الشِّيرَازِيُّ وَابْنُ الصَّبَّاغِ وَالسَّمْعَانِيُّ الْعُلُوَّ وَأَبُو الْحُسَيْنِ وَالْإِمَامُ وَالْآمِدِيُّ وَابْنُ الْحَاجِبِ الِاسْتِعْلَاءَ وَاعْتَبَرَ أَبُو عَلِيٍّ وَابْنُهُ إرَادَةَ الدَّلَالَةِ بِاللَّفْظِ عَلَى الطَّلَب وَالطَّلَبُ بَدِيهِيٌّ) أي لايشترط فى حد الامر نفسيا كان او لفظيا وجود علو ولا استعلاء بل يصح من المساوي والا دون على غير وجه الاستعلاء ومعنى العلو كون الطالب اعلى مرتبة من المطلوب منه ومعنى الجزء: 1 ¦ الصفحة: 106 الاستعلاء كون الطلب بغلظة وقهر قال شارح السعود قال القرافى وغيره فالاستعلاء هيئة فى الامر بسكون الميم من الترفع واظهار القهر والعلو راجع الى هيئة الامر بكسر الميم من شرفه وعلو منزلته هذا مذهب جل الحذاق اه. والصحيح عدم الاشتراط فلذا قال فى نظمه: وليس عند جل الاذكياء .... شرط علو فيه واستعلاء قال الكمال جزم به ابن القشيري والقاضى عبد الوهاب وهذا ضعفه الناظم حيث قال: وإِنْ عُلُوٌّ أوْ اِلاسْتِعْلاَ انْتَفَى ... والقَوْلُ باعْتِبَارِ ذَيْنِ ضُعِّفَا قال شارح السعود واعتبرهما معا القشيري وصاحب التلقين فى فروع مذهب مالك وهوالقاضى عبد الوهاب مع ان قولهما مضعف فلذا قال فى نظمه: واعتُبرا معا على توهين ..... لدى القشيريِّ وذي التلقين واعتبرت المعتزلة غير ابى الحسن وابو اسحاق الشيرازي وابن الصباغ والسمعانى العلو فقط وقيل يعتبرالاستعلاء فقط وعليه ابو الحسن من المعتزلة والامدي وابن الحاجب وبه قال الباجى من اصحابنا معاشر المالكية فلذا قال فى السعود: وخالف الباجي بشرط التالي ... وشرط ذاك رأي ذي اعتزال فقوله التالى راجع الى الاستعلاو وقوله ذاك راجع للعلو وعلى اشتراط العلو فقط فان كان من المساوي سمى التماسا ومن الادون سمى دعاء كما قال فى السلم المنطقى: أَمْرٌ مَعَ اسْتِعْلا وَعَكْسُهُ دُعا ... وَفي التَّساوِي فَالْتِماسٌ وَقَعا واعتبر ابو على الجبائى وابنه ابو هاشم وهما من رؤس المعتزلة زيادة على العلو في كون الصيغة امر ارادة المامور به منها لان الامر عندهما هو الارادة حيث انهما من المعتزلة القائلين بان الامر هو الارادة قال المحقق البنانى وعبارة المصنف والشارح غير موفية بالمراد لايهما ان المراد بالطلب النفسى مع انهما لا يقولان به بل المراد به ارادة المامور به ولو قال واعتبر ابو على وابنه ارادة المامور به من اللفظ كان اقعد واوضح اه. وقوله والطلب بديهى أي والطلب الذي هو الاقتضاء الواقع جنسا فى حد الامر النفسى بديهى أي متصور بمجرد التفات النفس اليه من غير نظر قال المحقق البنانى هذا جواب سؤال تقديره ان معرفة المحدود متوقفة على معرفة الحد فلا بد ان يكون الحد بجميع اجزائه معلوما واجلى من المحدود وقد اخذ الاقتضاء الذي معناه الطلب فى تعريف الامر وهو خفى يحتاج الى بيان فالتعريف به تعريف بالاخفى والجواب ماذكره بقوله والطلب بديهى اه. ومنع ذلك الاكثرون وقالوا استعماله فى غير الطلب مجازي تدل عليه القرينة فلا حاجة الى اعتبار ارادته اواشارالناظم الى الاقوال الثلاثة الاخيرة بقوله: والفَخْرُ قَدْ قَالَ بالاسْتِعْلاءِ ... والشَّيْخُ بالعُلُوِّ والجُّبَّائِي بِقَصْدِهِ دَلاَلَةً عَلَى طَلَبْ ... بِاللَّفْظِ واعْدُدْ فِي البَدِيْهِيِّ الطَّلَبْ (وَالْأَمْرُ غَيْرُ الْإِرَادَةِ خِلَافًا لِلْمُعْتَزِلَةِ) أي والامر المحدود باقتضاء فعل الخ غير الارادة لذلك الفعل واما الارادة لغيره فليست بامر بلاخلاف فانه تعالى امر من علم انه لا يؤمن بالايمان ولم يرده منه لامتناعه لسبق العلم القديم بانتفائه والممتنع غير مراد خلاف للمعتزلة فيما ذكر فانهم لما انكروا الكلام النفسى ولم يمكنهم انكار الاقتضاء المحدود به الامر لوجوده ولابد ضرورة عدم انكارهم التكليف قالوا انه الارادة فرارا من كونه نوعا من الكلام النفسى واشار الناظم الى هذه المسالة بقوله: ولَيْسَ الأمْرُ عِنْدَنَا مُرَادِفَا ... إِرَادَةً وذُوْ اعْتِزَالٍ خَالَفَا (مَسْأَلَةٌ الْقَائِلُونَ بِالنَّفْسِيِّ اخْتَلَفُوا هَلْ لِلْأَمْرِ صِيغَةٌ تَخُصُّهُ وَالنَّفْيُ عَنْ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 107 الشَّيْخِ فَقِيلَ لِلْوَقْفِ وَقِيلَ وَالْخِلَافُ فِي صِيغَةِ اِفْعَلْ) قال الشيخ حلولو الصيغة فى اصطلاح الاصوليين هى العبارة الموضوعة للمعنى القائم بالنفس قال الابياري وهى فى اصطلاح النحاة غير هذا اه. قال المحقق البنانى نقلا عن ابن قاسم انه لاخلاف فى انه يعبر عن الامر القائم بالنفس بمثل امرتك وعن الايجاب بمثل اوجبت عليك والزمتك وعن الندب بمثل ندبت لك هذالامر وانما الخلاف فى مدلول صيغة افعل ما هوو عبارة المصنف قاصرة عن هذه الافادة فكان صواب التعبير ان يقال هل صيغة افعل مخصوصة بالطلب ام لا لكن المصنف تابع فى هذه العبارة للاصوليين وقد اشار الى ما يفيد المراد منها وان ظاهرها غير مراد بقوله والخلاف فى صيغة افعل فنبه بذلك على ان هذا الخلاف المذكور فى الترجمة هو ما اشار له بقوله والخلاف الخ وان معناه انه اختلف هل صيغة افعل تخص الامر تستعمل فيه وفى غيره لانه اختلف هل للامر صيغة تخصه ان الاصوليين قد تسمحوا فى اطلاق عبارة الترجمة اه أي اختلف القائلون بالنفسى من الكلام وهم الاشاعرة هل للامر النفسى صيغة تخصه بان تدل عليه دون غيره فقيل نعم وقيل لا واشارالناظم الى هذا الخلاف بقوله: لِمُثْبِتِي النَّفْسِيِّ خُلْفٌ يَجْرِي ... هَلْ صيغَةٌ تَخُصُّهُ للأمْرِ والقول بالنفى منقول عن الشيخ ابى الحسن الاشعري واختلف اصحابه فى علة النفى فقيل النفى للوقف بمعنى عدم الدراية بما وضعت له حقيقة مما وردت له من امر وتهديد وغيرهما وقيل مشترك أي لا يدري على أي وضع جري قول القائل افعل فى اللسان فهو اذن مشترك فيه على هذا الراي واشارالناظم الى قول الشيخ ابى الحسن برايى اصحابه: والشَّيْخُ عَنْهُ النَّفْيٌ قِيْلَ الوَقْفُ ... وقِيْلَ الاشْتِرَاكِ والذين قالوا نعم ذهبوا الى انه له صيغة تخصه لا يفهم منها غيره عند التجرد عن القرائن كفعل الامر نحو قُمْ واِسْمُ الْفِعْلِ الْمُضَارِعِ الْمَقْرُوْنِ بِاللَّامِ نَحْوُ ليقم زيد قال الجلال السيوطى والخلاف كما قال امام الحرمين والغزالى فى صيغة اِفْعَلْ دُوْنَ قَوْلِ الْقَائِلِ أَمَرْتُكَ وَاَجَبْتُ عليك وأَلْزَمْتُك فانه من صيغ الامر بلاخلاف اما منكروا الكلام النفسى فلا يجري عندهم هذاالخلاف لانه لا حقيقة للامر وسائر اقسام الكلام عندهم الاالعبارات اه. وقوله والخلاف فى صيغة افعل أي فلا تدل عند الاشعري ومن تبعه على الامر بخصوصه الا بقرينة كان يقال صل لزوما (و َتَرِدُ لِلْوُجُوبِ وَالنَّدْبِ وَالْإِبَاحَةِ وَالتَّهْدِيدِ وَالْإِرْشَادِ وَإِرَادَةُ الِامْتِثَالِ وَالْإِذْنِ وَالتَّأْدِيبِ وَالْإِنْذَارِ وَالِامْتِنَانِ وَالْإِكْرَامِ وَالتَّسْخِيرِ وَالتَّكْوِينِ وَالتَّعْجِيزِ وَالْإِهَانَةِ وَالتَّسْوِيَةِ وَالدُّعَاءِ وَالتَّمَنِّي وَالِاحْتِقَارِ وَالْخَبَرِ وَالْإِنْعَامِ وَالتَّفْوِيضِ وَالتَّعَجُّبِ وَالتَّكْذِيبِ وَالْمَشُاورَةِ وَالِاعْتِبَارِ) قال المحقق البنانى هذا وما بعده ليس فى حيز قوله مسالة القائلون بالكلام النفسى ولا المتن يقتضى انه فى حيزه فلا يرد عليه ما ياتى من حكاية المصنف مذهب عبد الجبار مع انه ينكر الكلام النفسى كما اورده الزركشى بناء على ما زعمه ان المسالة بجملتها مفرعة على الكلام النفسى من ابن قاسم اه. فقول المصنف وترد المضمير فيه راجع لصيغة افعل أي وترد صيغة افعل لستة وعشرين معنى للوجوب نحو {أَقِيمُوا الصَّلَاةَ} وَالنَّدْبِ نحو {فَكَاتِبُوهُمْ إنْ عَلِمْتُمْ فِيهِمْ خَيْرًا} وَالْإِبَاحَةِ نحو {كُلُوا مِنْ الطَّيِّبَاتِ} وَالتَّهْدِيدِ نحو {اعْمَلُوا مَاشِئْتُمْ} وَيَصْدُقُ مَعَ التَّحْرِيمِ وَالْكَرَاهَةِ وَالْإِرْشَادِ نحو {وَاسْتَشْهِدُوا شَهِيدَيْنِ مِنْ رِجَالِكُمْ} وَإِرَادَةُ الِامْتِثَالِ كَقَوْلِ السيد عند عطشه الجزء: 1 ¦ الصفحة: 108 لعبده اسقنى ماءا وَالْإِذْنِ كَقَوْلِك لِمَنْ طَرَقَ الْبَابَ اُدْخُلْ وَالتَّأْدِيبِ {كَقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِعُمَرِ بْنِ أَبِي سَلَمَةَ وَهُوَ دُونَ الْبُلُوغِ وَيَدُهُ تَبْطِشُ فِي الصَّحْفَةِ كُلْ مِمَّا يَلِيك} رَوَاهُ الشَّيْخَانِ. وَالْإِنْذَارِ نحو {قُلْ تَمَتَّعُوا فَإِنَّ مَصِيرَكُمْ إلَى النَّارِ} وَيُفَارِقُ التَّهْدِيدَ بِذِكْرِ الْوَعِيدِ وَالِامْتِنَانِ نحو {كُلُوا مِمَّا رَزَقَكُمْ اللَّهُ} وَالْإِكْرَامِ نحو {اُدْخُلُوهَا بِسَلَامٍ آمَنِينَ} وَالتَّسْخِيرِ نحو أَيْ التَّذْلِيلِ والاهانة نحو {كُونُوا قِرَدَةً خَاسِئِينَ} وَالتَّكْوِينِ أَيْ الْإِيجَادِ عَنْ الْعَدَمِ بِسُرْعَةٍ نَحْوُ كُنْ فَيَكُونُ وَالتَّعْجِيزِ أَيْ إظْهَارِ الْعَجْزِ نَحْوُ {فَأْتُوا بِسُورَةٍ مِنْ مِثْلِهِ} وَالْإِهَانَةِ نحو {ذُقْ إنَّك أَنْتَ الْعَزِيزُ الْكَرِيمُ} وَالتَّسْوِيَةِ نحو فَاصْبِرُوا أَوْ لَا تَصْبِرُوا وَالدُّعَاءِ نحو اللهم اغفرلنا وَالتَّمَنِّي كَقَوْلِ امْرِئِ الْقَيْسِ: أَلَا أَيُّهَا اللَّيْلُ الطَّوِيلُ أَلَا انْجَلِي ... بِصُبْحٍ وَمَا الْإِصْبَاحُ مِنْك بِأَمْثَلِ وَلِبُعْدِ انْجِلَائِهِ عِنْدَ هـ صار كَأَنَّهُ لَا طَمَعَ فِيهِ فلذاكَانَ مُتَمَنِّيًا عنده لَا مُتَرَجِّيًا. وَالِاحْتِقَارِنحو {أَلْقُوا مَا أَنْتُمْ مُلْقُونَ} فانه وان عظم السحر فى نفسه فهو محتقر بالنسبة الى معجزة موسى عليه السلام والخبر كَحَدِيثِ الْبُخَارِيِّ {إذَا لَمْ تَسْتَحِ فَاصْنَعْ مَا شِئْت} أَيْ صَنَعْت. وَالْإِنْعَامِ بِمَعْنَى تَذْكِيرِ النِّعْمَةِ نَحْوُ {كُلُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ} وَالتَّفْوِيضِ نحو {فَاقْضِ مَا أَنْتَ قَاضٍ} وَالتَّعَجُّبِ نحو {اُنْظُرْ كَيْفَ ضَرَبُوا لَك الْأَمْثَالَ} وَالتَّكْذِيبِ نحو {قُلْ فَأْتُوا بِالتَّوْرَاةِ فَاتْلُوهَا إنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ} وَالْمَشُورَةِ نحو {فَانْظُرْ مَاذَا تَرَى} وَالِاعْتِبَارِ نحو {اُنْظُرُوا إلَى ثَمَرِهِ إذَا أَثْمَرَ} واشار الناظم الى هذه المعانى حيث قال " ثُمَّ الْخُلْفُ. فِي صِيْغَةِ افْعَلْ لِلْوُجُوْبِ تَرِدُ ... والنَّدْبِ والْمُبَاحِ أوْ تَهَدُّدُ والإذْنِ والتَّأْدِيْبِ إنْذَارِ وَمَنّْ ... إرْشَادٍ انْعَامٍ وتَفْوِيْضٍ تَمَنّْ والْخَبَرِ التَّسْوِيَةِ التَّعْجِيْبِ ... وَلِلْدُّعَا التَّعْجِيْزِ والتَّكْذِيْبِ ولاحْتِقَارٍ واعْتِبَارٍ مَشْوَرَهْ ... إِهَانَةٍ والضِّدِّ تَكْوِيْنٍ تَرَهْ إرَادَةِ امْتِثَالٍ التَسْخِيْرِ ... (و َالْجُمْهُورُ حَقِيقَةٌ فِي الْوُجُوبِ لُغَةً أَوْ شَرْعًا أَوْ عَقْلًا مَذَاهِبُ وَقِيلَ فِي النَّدْبِ وَقَالَ الْمَاتُرِيدِيُّ لِلْقَدْرِ الْمُشْتَرَكِ بَيْنَهُمَا وَقِيلَ مُشْتَرَكَةٌ بَيْنَهُمَا وَتَوَقَّفَ الْقَاضِي وَالْغَزَالِيُّ وَالْآمِدِيُّ فِيهَا وَقِيلَ مُشْتَرَكٌ فِيهِمَا وَفِي الْإِبَاحَةِ وَقِيلَ فِي الثَّلَاثَةِ وَالتَّهْدِيدِ وَقَالَ عَبْدُ الْجَبَّارِ لِإِرَادَةِ الِامْتِثَالِ وَقَالَ الْأَبْهَرِيُّ أَمْرُ اللَّهُ تَعَالَى لِلْوُجُوبِ وَأَمْرُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْمُبْتَدَأُ لِلنَّدَبِ وَقِيلَ مُشْتَرَكٌ بَيْنَ الْخَمْسَةِ الْأُوَلِ وَقِيلَ بَيْنَ الْأَحْكَامِ وَالْمُخْتَارُ وِفَاقًا لِلشَّيْخِ أَبِي حَامِدٍ وَإِمَامِ الْحَرَمَيْنِ حَقِيقَةٌ فِي الطَّلَبِ الْجَازِمِ فَإِنْ صَدَرَ مِنْ الشَّارِعِ أَوْجَبَ الْفِعْلَ) قال الكمال ابن ابى شريف شروع أي من المصنف فى بيان الخلاف فى الحقيقي من المعانى السابقة بعد تمام سردها اه. وقال الشيخ حلولو وذكر المصنف فى بيان الحقيقة منها أي من صيغة افعل من المجاز مذاهب احدها وبه قال الجمهور انه حقيقة فى الوجوب فقط وهو المعزو لمذهب مالك رحمه الله تعالى اه. وقال شارح السعود: واما صيغة فعل الامر وهو المراد بقوله افعل فمذهب الاكثر من المالكية وغيرهم انه حقيقة فى الوجوب فيحمل عليه حتى يصرف عنه صارف فلذا قال فى نظمه: وافعل لدى الأكثر للوجوب.. ثم قال واختلفوا فى الذي يفهم منه دلالة الامر على الوجوب هل هو الشرع او العقل او الوضع أي اللغة اقوال فلذا قال فى نظمه: ومفهمَ الوجوب يُدرَى الشرعُ .... أو الحجا أو المفيد الوضع ووجه استفادة الوجوب من اللغة حكاه فى البرهان عن الشافعى وصححه الشيخ ابو اسحاق حيث ان اهل اللغة يحكمون باستحقاق مخالف امر سيده مثلا بها للعقاب ووجه من الشرع واختاره امام الحرمين بأنها الجزء: 1 ¦ الصفحة: 109 لغة لمجرد الطلب وان جزمه المحقق للوجوب بان يترتب العقاب على الترك انما يستفاد من الشرع فى امره او امر من اوجب طاعته ووجه استفادته من العقل ان ما تفيده الصيغة لغة من الطلب يتعين ان يكون الوجوب لان حمله على الندب يصير المعنى افعل ان شئت واشار الناظم الى هذه الوجوه بقوله: .. وَهْيَ حَقِيْقَةٌ لَدَىْ الْجُمْهُورِ أيْ فِي الْوُجُوْبِ لُغَةً أوْ شَرْعًا أوْ ... عَقْلاً مَذَاهِبُ. واشار العلامة ابن عاصم ايضا الى مذهب الجمهور وهو ما عليه المالكية بقوله فى مهيع الوصول: والامر للوجوب ان جرد من .... كل قرينة به قد تقترن وقيل ان صيغة افعل حقيقة فى الندب لانه المتيقن من قسمى الطلب قال الكمال ابن ابى شريف تقريره ان صيغة افعل لطلب وجود الفعل فلا بد من رجحان جانبه على جانب الترك وادناه الندب لاستواء الطرفين فى الاباحة فاما المنع من الترك الذي هو خاصة الوجوب فامر زائد على الرجحان لم تتحقق لنا ارادته اه. وهذا القول خلاف ما عليه مالك وجل العلماء فلذا قال العلامة ابن عاصم: وقيل للندب وذا القول انتمى ... لغير مالك وجل العلما وقال ابو منصور الماتريدي من الحنفية هى موضوعة للقدر المشترك بين الوجوب والندب وهو الطلب فيكون من باب المتواطئ حذرامن الاشتراك واشار فى السعود الى هذين القولين بقوله: ..وقيل للندب أو المطلوب وقيل هى مشتركة بينهما اشتراكا لفظيا بان تعدد الوضع واللفظ واحد وقيل هى مشتركة فيهما وفى الاباحة وقيل فى هذه الثلاثة الوجوب والندب والاباحة والتهديد قال الجلال المحلى وَفِي الْمُخْتَصَرِ قَوْلٌ أَنَّهَا وقيل هى مشتركة بينهما اشتراكا لفظيا بان تعدد الوضع واللفظ واحد وقيل هى مشتركة فيهما وفى الاباحة وقيل فى هذه الثلاثة الوجوب والندب والاباحة والتهديد قال الجلال المحلى وَفِي الْمُخْتَصَرِ قَوْلٌ أَنَّهَا لِلْقَدْرِ الْمُشْتَرَكِ بَيْنَ الثَّلَاثَةِ أَيْ الْإِذْنِ فِي الْفِعْلِ وَتَرَكَهُ الْمُصَنِّفُ لِقَوْلِهِ لَا نَعْرِفُهُ فِي غَيْرِهِ أي غير المختصر واما الناظم فانه ذكره وعبر عنه بالثلاثة الاول فى قوله: وفِي النَّدْبِ حَكَوْا. وفِي مُقَدَّرٍ لِهَذَيْنِ احْتَمَلْ ... وفِيْهِمَا وفِي الثَّلاثَةِ الأُوَلْ وقال عبد الجبار من المعتزلة هى موضو عة لارادة الامتثال وتصدق مع الوجوب والندب وقال ابوبكر الابهري من المالكية امر الله تعالى للوجوب وامر النبئ صلى الله عليه وسلم المبتدا منه للندب بان كان باجتهاد منه صلى الله عليه وسلم بخلاف الموافق لامرالله اوالمبين له فللوجوب ايضا فلذا قال فى السعود: وقيل للوجوب أمر الرب ...... وأمر من أرسله للندب وقال الناظم: أوْ أمْرُهُ جَلَّ لِحَتْمٍ والنَّبِي ... الْمُبْتَدَا لِلْنَّدْبِ. وقيل هى مشتركة بين الخمسة الاول أي الوجوب والندب والاباحة والتهديد والارشاد وقيل بين الاحكام الخمسة وهوالذي اشار اليه الناظم بقوله: فِي ... الْخَمْسَةِ الأحْكَامِ أقْوَالٌ تَفِي والاحكام الخمسة هى الوجوب والندب والتحريم والكراهة والاباحة والمختار وفاقا للشيخ ابى حامد الاسفرايني وامام الحرمين ان صيغة افعل حقيقة فى اللغة فى الطلب الجازم فلا تحتمل الصيغة تقييد الطلب بالمشيئة فان صدر الطلب بها من الشارع اوجب صدوره منه الفعل بخلاف صدوره من غيره الا من واجب هو طاعته فلذا قال الناظم: أوْ لِلْطَّلَبِ. الْجَازِمِ القَاطِعِ ثُمَّ إِنْ صَدَرْ ... مِنْ شَارِعِ أوْجَبَ فَعْلاً مُسْتَطَرْ وهْوَ الصَّحِيْحُ تِلْكَ عَشْرٌ كَامِلَهْ ... والوَقْفُ أوْ قَصْدُ امْتِثَالِ نَافِلَهْ قال الجلال المحلى: وهذا أي قول المصنف حَقِيقَةٌ فِي الطَّلَبِ الْجَازِمِ الخ غَيْرَ الْقَوْلِ السَّابِقِ إنَّهَا حَقِيقَةٌ فِي الْوُجُوبِ شَرْعًا لِأَنَّ جَزْمَ الطَّلَبِ عَلَى ذَلِكَ شَرْعِيٌّ وَعَلَى ذَا لُغَوِيٌّ وَاسْتِفَادَةُ الْوُجُوبِ عَلَيْهِ بِالتَّرْكِيبِ مِنْ اللُّغَةِ وَالشَّرْعِ وَقَالَ غَيْرُهُ إنَّهُ هُوَ لِاتِّفَاقِهِمَا فِي أَنَّ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 110 خَاصَّةَ الْوُجُوبِ مِنْ تَرَتُّبِ الْعِقَابِ عَلَى التَّرْكِ مُسْتَفَادَةٌ مِنْ الشَّرْعِ اه. قال المحقق البنانى وان كان الجزم مستفادا من اللغة على هذ المختار دون السابق لكن لا يخفى انه كاف فى الفرق بينهما فلا تصح دعوي اتحادهما اه. (وَفِي وُجُوبِ اعْتِقَادِ الْوُجُوبِ قَبْلَ الْبَحْثِ خِلَافَ الْعَامِّ) أي اذا فرضنا على ان صيغة الامر حقيقة فى الوجوب فهل يجب اعتقاد كونها للوجوب قبل البحث عن كون المراد بها ذلك او غيره فيه الخلاف الاتى فى وجوب اعتقاد العموم قبل البحث عن المخصص قال الجلال المحلى: الْأَصَحُّ نَعَمْ كَمَا سَيَأْتِي اه. وافاد الكمال ابن ابى شريف ان ترجيح وجوب العموم مستفاد من قوله فيما ياتى فيتمسك بالعام الى آخره اه. قال المحقق البنانى فالمعنى انه يجب اعتقاد اعتبار الوجوب وثبوت حكمه بحسب الظاهر حيث لم يظهر صارف عنه لانه الحقيقة والاصل عدم الصارف اه. واشار الناظم الى هذه المسألة بقوله: وفِي اعْتِقَادِ الْحَتْمِ قَبْلَ البَحْثِ عَنْ ... صَارِفِهِ الْخُلْفُ الَّذِي فِي العَامِ عَنّ أي عرض قال الشيخ حلولو وانظر هل مراد المصنف بقوله خلاف العام انه كالخلاف الذي فى العام اوان هذه المسألة مخرجة على تلك واقوالها جارية فى هذه اه. (ف َإِنْ وَرَدَ الْأَمْر بَعْدَ حَظْرٍ قَالَ الْإِمَامُ أَوْ الِاسْتِئْذَانُ فَلِلْإِبَاحَةِ وَقَالَ أَبُو الطَّيِّبِ الشِّيرَازِيُّ وَالسَّمْعَانِيُّ وَالْإِمَامُ لِلْوُجُوبِ وَتَوَقَّفَ إمَامُ الْحَرَمَيْنِ) هذا معطوف على مقدر تقديرهذه الاقوال المتقدمة اذالم يرد الامر بعد حظر فان ورد الامر أي افعل مجردا عن القرينة بعد حظر لمتعلقه قال الامام الرازي او استيذان فيه فللاباحة حقيقة أي شرعا لتبادرها الى الذهن فى ذلك للغلبة استعماله فيها حينئذ والتبادر علامة للحقيقة وقال القاضى ابو الطيب والشيخ ابو اسحاق الشيرازي وابومظفر السمعانى والامام الرازي للوجوب حقيقة كما فى الصيغة المبتداة التى لم تسبق بحظر ولا استئذان وتوقف الامام الحرمين فلم يحكم باباحة ولا وجوب واشارالناظم الى هذه الاقوال بقوله: فَإِنْ أتَى افْعَلْ بَعْدَ حَظْر دَانِي ... قَالَ الإِمَامُ أوْ الاسْتَئْذَان كان يقال لمن قال لا افعل كذا افعله قال الشيخ حلولو ومنه قوله تعالى: فَكُلُوا مِمَّا أَمْسَكْنَ عَلَيْكُمْ فان سبب نزول الاية فيما روي سؤالهم عما اخذوه باصطياد الجوارح اه. (أَمَّا النَّهْيُ بَعْدَ الْوُجُوبِ فَالْجُمْهُورُ لِلتَّحْرِيمِ وَقِيلَ لِلْكَرَاهَةِ وَقِيلَ لِلْإِبَاحَةِ وَقِيلَ لِإِسْقَاطِ الْوُجُوبِ وَإِمَامُ الْحَرَمَيْنِ عَلَى وَقْفِهِ) أي الجمهور على أن تقدم الوجوب على النهي المقتضى للتحريم ليس بقرينة له صارفة عن التحريم قال الجلال المحلى: وَمِنْهُمْ بَعْضُ الْقَائِلِينَ بِأَنَّ الْأَمْرَ بَعْدَ الْحَظْرِ لِلْإِبَاحَةِ وَفَرَّقُوا بِأَنَّ النَّهْيَ لِدَفْعِ الْمَفْسَدَةِ وَالْأَمْرَ لِتَحْصِيلِ الْمَصْلَحَةِ وَاعْتِنَاءُ الشَّارِعِ بِالْأَوَّلِ أَشَدُّ اه. وقيل ان النهى عقب الوجوب يدل على الكراهة قياس ان الامر للاباحة بجامع حمل الطلب على ادنى مراتبه فى كل فكما ان ادنى مراتب طلب الفعل الاباحة كذلك ادنى مراتب الكف الكراهة وقيل انه للاباحة نظرا الى ان النهى عن الشيء بعد وجوبه يرفع طلبه فيثبت التخيير فيه وقيل لاسقاط الوجوب الجزء: 1 ¦ الصفحة: 111 فيرجع الامر الى ما كان قبله من تحريم او اباحة بعد ورود الشرع لكون الفعل مضرة او منفعة وابن الجوينى امام الحرمين على وقفه فى مسالة الامر فلم يحكم هنا بشيء كما هناك واشارالناظم الى هذه المسالة بقوله: والْنَّهْيُ بَعْدَ الْحَتْمِ لِلإبَاحَةِ ... أوْ رَفْعِ حَتْمِهِ أوْ الكَرَاهَةِ مَذَاهِبٌ والْجُلُّ لِلْحَظْرِ وفَي ... وابْنُ الْجُويْنِي فِيْهِمَا قَدْ وَقَفَا فوقف ابن الجوينى فى المسألتين كما تقدم والله اعلم (مَسْأَلَةُ الْأَمْرِلِطَلَبِ الْمَاهِيَّةِ لَا التَّكْرَارِ وَلَا مَرَّةَ وَالْمَرَّةُ ضَرُورِيَّةٌ وَقِيلَ مَدْلُولَة وَقَالَ الْأُسْتَاذ والْقَزْوِينِي لِلتَّكْرَارِ مُطْلَقًا وَقِيل إنْ عَلِقَ بِشَرْطٍ أَوْ صِفَةٍ) الامر يرد مطلقا ويرد مقيدا ولا نزاع في المقيد باعتبار ما قيد به من فوز اوتراخ قال الشيخ الشربينى رحمه الله موضع النزاع الامر المطلق عن القرينة الدالة على التكرار والمرة اه. وكل ما دل على الطلب من صيغة فعل وغيرها يكون لطلب الماهية لا لتكرار ولا مرة وقوله والمرة ضرورية قال الشيخ الشربينى المفهوم من العضد ان معناه ان حصوله الامتثال بالمرة لا لكونه للمرة بخصوصها بل لكونه لطلب الحقيقة المتحققة فى ضمن كل من المرة والتكرار فهو رد على القائل به بانه للمرة لحصول الامتثال بها اه وقال الجلال السيوطى الامر المطلق أي المجرد عن القرائن لطلب فعل الماهية من غير دلالة على مرة او ولا تكرار ولا فور ولا تراخ ولكن المرة ضرورية اذ لا بد منها فى الامتثال ولا توجد الماهية باقل منها فهى من ضروريات الاتيان بالمامور به وهذا مختار الامام الرازي مع نقله له عن الاقلين أي عدم الدلالة على المرة اه. فلذا قال الناظم: لِطَلَبِ الْماهِيَّةِ الأمْرُ فَلاَ ... يُفِيْدُ تَكْرَارًا وَلاَ فَوْرًا جَلاَ أوْ مَرَّةً لَكِنَّهَا الضَّرُوْرِي.. وقيل ان المرة مدلوله قال الشيخ الشربينى لانه اذا قال السيد لعبده ادخل السوق فدخله مرة عد ممتثلا عرفااه. وافاد الجلال السيوطى انه قول الاكثرين حيث زاد على المصنف ذلك بقوله فى النظم: ... وهْيَ مُفَادُهُ لَدَى الكَثِيْر قال الجلال المحلى: وَيُحْمَلُ عَلَى التَّكْرَارِ عَلَى الْقَوْلَيْنِ بِقَرِينَةٍ قال المحقق البنانى يحمل على التكرار حقيقة بالنسبة للاول ومجازا بالنسبة للثانى اه. وقال ابو اسحاق الاسفرائينى وابوحاتم القزوينى مع طائفة للتكرار مطلقا علق بشرط او صفة اولا ويحمل على المرة بقرينة وقيل للتكرار ان علق على شرط او صفة بحسب تكرار المطلق به من الشرط والصفة فمثال الشرط قوله تعالى {وَإِنْ كُنْتُمْ جُنُبًا فَاطَّهَّرُوا} ومثال الوصف قوله تعالى َ {الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِائَةَ جَلْدَةٍ} فتكرار الطهارة والجلد بتكرر الجنابة والزنى والى هذين القولين اشار الناظم بقوله: وقَالَ للتَّكْرَارِ قَوْمٌ مُطْلَقَا ... وآخَرُونَ إنْ بِشَرْطٍ عُلِّقَا أوْ صفَةٍ وقيْلَ بِالوَصْفِ فَقَدْ ... والوَقْفُ ووجه التكرار فى المعلق ان التعليق بما ذكر من شرط او صفة يتكرر الحكم فيه بتكرر علته وتكلم على اصل المسالة شارح السعود على مقتضى المذهب المالكي قائلا ان مذهب اصحابنا ان فعل الامر موضوع للدلالة على المرة الواحدة وقاله كثير من الحنفية ومن الشافعية لان المرة هى المتيقن وقال بعضهم انه لمطلق الماهية لا لتكرار ولا لمرة وعليه المحققون واختاره ابن الحاجب قال الفهري وعندي الا تى بمرة ممتثل والمرة ضرورية اذلا توجد الماهية باقل منها فيحمل عليها من حيث انها ضرورية لامن حيث انها مدلوله. وقال بعضهم انه للتكرار واستقراه ابن القصار من كلام مالك لكن مالكا خالفه اصحابه فى ذلك ومالك وجمهور اصحابه والشافعية انه للتكرار ان علق بشرط او بصفة الجزء: 1 ¦ الصفحة: 112 اه باختصار فلذا قال فى نظمه: وهل لمرة أوِ إطلاق جلا .... أو التكررِ اختلاف من خلا أو التكررُ إذا ما عُلِّقا .... بشرط أو بصفة تحققا وقيل بالوقف عن المرة والتكرار أي انه لاحدهما ولا نعرفه فلا يحمل على واحد منهما الا بقرينة وافاد الشربينى ان سبب الوقف هو القول بانه مشترك او انه لاحدهما قال لان من قال انه مشترك قال لانه لا قرينة معه لان الكلام فى الامر المطلق فوجب الوقف اه. وزاد الناظم على المصنف قولين ان المطلق بالصفة يقتضى التكرار دون المطلق بالشرط قال فى شرح وارتضاه القاضي ابوبكر الثانى انه مشترك بين التكرار والمرة فيتوقف اعماله فى احدهما على قرينة فجملة الاقوال حينئذ سبعة فلذا قال: وقيْلَ بِالوَصْفِ فَقَدْ ... والوَقْفُ واشْتَرَاكه سَبْعٌ تُعَد فقوله فقد بمعنى فحسب. (وَقِيلَ لِلْفَوْرِ أَوْ الْعَزْمِ وَقِيلَ مُشْتَرَكٌ وَالْمُبَادِرُ مُمْتَثِلٌ خِلَافًا لِمَنْ مَنَع وَمَنْ وَقَفَ) هذا معطوف على قوله فى اول المبحث لا لتكرار قال الشيخ حلولو واذا قلنا بانه لا يقتضيه أي لا يقتضى الامر التكرار فاختلف هل ايقتضى الفور ام لا على مذهب اه. فقيل انه لا يتقتضيه أي لا يقتضي الفور وعليه اهل المغرب من المالكية فلذا قال فى السعود: وقال بالتأخير أهل المغرب .... وفي التبادر حصول الأرب واختاره الفخر والامدي وكذا ابن الحاجب من المالكية قال المحقق البنانى أي ولا لتراخ كما يستفاد من قوله الاتى خلافا لمن منع ومن وقف اه. خلافا لقوم فى قولهم ان الامر للفور أي المتبادرة عقب وروده بالفعل وافاد شارح السعود ان اصل مذهب مالك رحمه الله تعالى أي خلافا لما مر ءانفا عن اهل المغرب من المالكية وابن الحاجب وفاقا للشافعية هو ان فعل فى اصل المذهب يقتضى الفور انه اذا قيد بالتاخير نحو صم غدا تمنع الدلالة على الفور فلذا قال فى نظمه: وكونه للفور أصل المذهب .... وهو لدى القيد بتأخير أبي وافاد العلامة ابن عاصم ايضا ان الحق هو الفور حيث قال: والحق فى اقتضائه الفور وفى ... هل يقتضى التكرار ام لا فاعرف نعم على القول بالفور اذا تركه المامور اختلف هل يجب عليه الاتيان ببدله بنفس الامر الاول وعليه الاكثر او لا يجب الا بنص آخر غير نفس الامر الاول فلذا قال فى السعود: وهل لدى الترك وجوب البدل ..... بالنص أو ذاك بنفس الأول وقيل ان الامر للفور او العزم حال ورود الامر على الفعل بعده واما على قول القائلين بان الامر يقتضى التكرار فالاتفاق منهم معلوم على انه للفور فلذا قال فى السعود: وقيل للفور أو العزم وإن .... نَقُلْ بتكرار فوَفق قد زُكن أي علم وقيل هو مشترك بين الفور والتراخي أي التاخير وعبر الناظم عن الاشتراك بالوقف حيث قال: وقِيْلَ لِلْفَورِ وقَيلِ إِمَّا ... لهُ أوْ العَزْمِ ووَقْفٌ عمَّا قال قال شارحه أي المصنف ولو عبر بالوقف لتناول القول بالاشتراك والوقف معا كما فعل فى مسالة المرة والتكرار اه قال شارح السعود الارجح فى الموضوع له فعل الامر انه القدر المشترك فيه حذرا من الاشتراك والمجاز والقدر المشترك هو طلب الماهية من غير تعرض لوقت من فور او تراخ وقيل انه مشترك بين الفور والتراخى فيدل على كل واحد منهما حقيقة اه. فلذا قال فى نظمه والأرجح القدر الذي يُشترك .... فيه وقيل إنه مشترك قوله والمبادر ممتثل قال المحقق البنانى جار فى جميع الاقوال لا فى القول بالاشتراك فقط اه. خلافا لمن منع امتثاله بناء على قوله الامر للتراخى ومن وقف عن الامتثال وعدمه بناء على قوله لانعلم او ضع الامر الجزء: 1 ¦ الصفحة: 113 للفور ام للتراخى فلذا قال الناظم: ومَنْ يُبَادِرْ بامْتِثَالٍ اتَّصَفْ ... مُخَالِفًا لِمَانِعٍ وَمَنْ وَقَفْ وقول المصنف ومن وقف قال الشيخ الشربينى أي بعضه فان بعض الواقفين قال لو بادر عد ممتثلا اه. وافاد شارح السعود انه على القول بالتراخى من بادر حصل له الارب أي الامتثال بناء على ان التراخى غير واجب فلذا قال فى نظمه: وفى التبادر حصول الارب. قال وقيل ليس بممتثل بناء على انه واجب وهل ذالقول بعدم الامتثال خلاف الاجماع او الجمهور خلاف اه. والله اعلم (مَسْأَلَة الرَّازِي وَالشِّيرَازِيُّ وَعَبْدُ الْجَبَّار ِ الْأَمْر يَسْتَلْزِمُ الْقَضَاءَ وَقَالَ الْأَكْثَرُ الْقَضَاءُ بِأَمْرٍ جَدِيدٍ) أي ان الامر بالشيء اذا كان مؤقتا يَسْتَلْزِمُ الْقَضَاءَ له اذالم يفعل فى وقته اولا قال الشيخ الشربينى لاشعار الامر به فى ذلك الوقت بطلب قضائه وفعله خارجه اه. قال الجلال المحلى: لِأَنَّ الْقَصْدَ مِنْهُ الْفِعْل اه. وعلى هذا القول ابوبكر الرازي من الحنفية والشيخ ابواسحاق الشيرازي من الشافعية وعبد الجبار من المعتزلة فلذا قال الناظم: واسْتَلْزَمَ القَضَاءَ عِنْدَ الرَّازِي ... وَعَابِدِ الْجَبَّارِ والشِّيْرَازِي وافاد شارح السعود ان ابا بكر الرازي من الحنفية موافق لجمهورهم نظرا لقاعدة وهى ان الامر بمركب امر باجزائه فالامر بشيء مؤتف اذا لزم يفعل فى وقته يسْتَلْزم عند جمهور الحنفية القَضَاءَ لانه لما تعذر احد الجزئين وهو خصوص الوقت تعين الجزء الاخر وهو فعل المامور به فلذا قال فى نظمه: وخالف الرازِي إذِ المركبُ .... لكل جزء حكمه ينسحب وقال الاكثر القضاء بامر جديد قال شارح السعود لان الامر بفعل فى زمن معين يكون لما بنى عليه من نفع للعباد أي مصلحة اه. والامر الجديد يدل على مساواة الزمن الثانى للاول فى المصلحة فلذا قال فى نظمه: والأمر لا يستلزم القضاء ... بل هو بالأمر الجديد جاء لأنه في زمن معين .... يجي لما عليه من نفع بُنى مثال الامر الجديد حديث الصحيحين من نسى الصلاة فليصلها اذا ذكرها وحديث مسلم {إذَا رَقَدَ أَحَدُكُمْ عَنْ الصَّلَاةِ أَوْ غَفَلَ عَنْهَا فَلْيُصَلِّهَا إذَا ذَكَرَهَا} وتقتضى المتروكة عمدا قياسا على ما ذكر بالاولى واشارالناظم الى هذا القول بقوله: وهْوَ بآخرٍ لدَي الْجُمْهُورِ.. (وَالْأَصَحُّ أَنَّ الْإِتْيَانَ بِالْمَأْمُورِ بِهِ يَسْتَلْزِمُ الْإِجْزَاء وَأَنَّ الْأَمْر بِالْأَمْر بِالشَّيْء لَيْسَ أَمْرًا بِه وَأَنَّ الْآمِرَ بِلَفْظ تَنَاوَلُهُ دَاخِلٌ فِيهِ وأَنَّ النِّيَابَةَ تُدْخِلُ الْمَأْمُورَ) أي والاصح ان الاتيان بالشئ الماموربه على وجه الذي امر به يستلزم الاجزاء للماتى به فلذاقال الناظم: . والأرْجَحُ الإتْيانُ بالْمَأمُورِ. يَسْتَلْزِمُ الإجْزَا. وافاد العلامة ابن عاصم ايضا بقوله وكونه يدل فى المامور ... به على الاجزاء للجمهور قال الجلال المحلى: بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْإِجْزَاءَ الْكِفَايَةُ فِي سُقُوطِ الطَّلَبِ وَهُوَ الرَّاجِحُ كَمَا تَقَدَّمَ. وَقِيلَ لَا يَسْتَلْزِمُهُ بِنَاءً عَلَى أَنَّهُ إسْقَاطُ الْقَضَاءِ لِجَوَازِ أَنْ لَا يُسْقِطَ الْمَأْتِيُّ بِهِ الْقَضَاءَ بِأَنْ يَحْتَاجَ إلَى الْفِعْلِ ثَانِيًا كَمَا فِي صَلَاةِ مَنْ ظَنَّ الطَّهَارَةَ ثُمَّ تَبَيَّنَ لَهُ حَدَثُه اه. والاصح ان الامر للمخاطب بالامر لغيره بالشئ نحو {وَأْمُرْ أَهْلَكَ بِالصَّلَاةِ} ليس امرا لذلك الغير بالشئ فلذا قال الناظم: وأنَّ الامْرَا ... بالامْرِ بالشَّيْ لَيْسَ بالشَّيْ أمْرَا وذكر شارح السعود ان من امر شخصا ان يامر شخصا ثالثا بشئ لا يسمى امرا لذلك الثالث لمن وقع بينهما التخاطب الا ان ينص الآمر على ذلك او تقوم قرينة على ان الثانى مبلغ عن الاول فالثالث مامور اجماعا كما فى حديث الصحيحين ان {أَنَّ ابْنَ عُمَرَ طَلَّقَ امْرَأَتَهُ وَهِيَ حَائِضٌ فَذَكَرَ ذَلِكَ عُمَرُ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ مُرْهُ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 114 فَلْيُرَاجِعْهَا} والقرينة مجئ الحديث فى رواية بلفظ فامره صلى الله عليه وسلم ان يراجعها مع لام الامر فى فليراجعها فلذا قال فى نظمه: وليس من أَمَرَ بالأمر أمَرْ ..... لثالث إلا كما في ابن عمر واما امر الصبيان بالمندوبات فافاد انه ليس منوبا دليله لحديث مروهم بالصلوة على ان الآمربالامر بالشئ آمر به بل لما روي من من حديث إمرأةمن خثعم قالت يارسول الله الهذا حج قال نعم ولك أجر فلذاقال فى نظمه: والأمر للصبيان ندبه نُمي .... لما رووه من حديث خثعم وتعرض بعد لافادة الاختلاف فى تعليق الامر باختيار المامور نحو افعل كذا ان شئت فذكر ان المستظهر هو الجواز حيث قال: تعليق أمرنا بالاختيار ..... جوازه رُويَ باستظهار والاصح ان الآمر بالمد بلفظ يتناول ذلك اللفظ آلامر يدخل فيه ليتعلق به ما امر به كما فى قول السيد لعبده اكرم من احسن اليك وقد احسن هو اليه فيدخل فى الاكرام وصح هذا القول ونسب للاكثرين وقيل لا يدخل فى قصده لعبده ان يريد نفسه وصحح ونسب للاكثرين ايضا والى القولين اشار فى السعود بقوله: وآمر بلفظة تعم هل .... دخل قصدا أو عن القصد اعتزل قال الجلال السيوطى وقد اعترض على ابن السبكى بانه كيف يجمع ما صححه هنا مع قوله فى آخر العام الاصح ان المخاطب داخل فى عموم خطابه ان كان خبرالا امرا اه. فلذا قال فى النظم: وأنَّ الاَمِرَ بِلْفظٍ يَشْمَلُهْ ... خِلافَ مَا فِي العَامِ يأتِي يُدْخِلُه والاصح ان النيابة تدخل المامور به ماليا كان او بدنيا الا لمانع كمافى الصلوة فلذا قال الناظم: وأنَّ فِي الْمَأمُورِ مُطْلَقًا دَخَلْ ... نِيَابَةٌ إِلاَ لِمَانِعِ حَصَلْ وقال شارح السعود يجوز للمامور ان ينيب غيره فيما كلف به على الاصح اذا حصل بالنيابة سرا لحكم أي مصلحته التى شرع لها سواء كان ماليا كسد خلة الفقراء فى المال المخرج فى الزكاة او بدنيا كالحج الا لمانع من الحكمة كما فى الصلوة اه. فلذا قال فى نظمه: أنب إذا ما سِرّ حكم قد جرى .... بها كسد خلة للفقرا. والله اعلم (مَسْأَلَة: ٌ قَالَ الشَّيْخُ وَالْقَاضِي الْأَمْرُ النَّفْسِيُّ بِشَيْءٍ مُعَيَّن نَهْيٌ عَنْ ضِدِّهِ الْوُجُودِيّ وَعَنْ الْقَاضِي يَتَضَمَّنُهُ وَعَلَيْه عَبْدُ الْجَبَّارِ وَأَبُو الْحُسَيْنِ وَالْإِمَامُ وَالْآمِدِيُّ وَقَالَ إمَامُ الْحَرَمَيْنِ وَالْغَزَالِيّ لَا عَيْنُهُ وَلَا يَتَضَمَّنُهُ وَقِيلَ أَمْرُ الْوُجُوبِ يَتَضَمَّنُ فَقَطْ) تقدم ان الامر من اقسام الكلام وانه ينقسم الى اللفظى والنفسى ثم ان القائلين بالنفسى اختلفوا هل الامر بالشئ المعين نهى عن ضده الوجودي واحدا كان الضد كالسكون مع التحرك او متعددا كالقيام مع القعود وغيره ام لا على مذاهب فقال الشيخ ابو الحسن الاشعري والقاضى ابوبكر الباقلانى الامر النفسى بشئ معين ايجابا او ندبا نهى عن ضده الوجودي تحريما او كراهة واحدا كان الضد كضد السكون أي التحرك او اكثر كضد القيام أي القعود وغيره فلذا قال الناظم " الأَمْرُ نَفْسِيًّا بِشَيْءِ عُيِّنَا ... نَهْيٌ عَنِ الضِّدِّ الوجُودِي عِنْدَنَا والذي صار اليه القاضي ابوبكر الباقلانى فى آخر مصنفاته انه يتضمنه قال المحقق البنانى والمراد بالتضمن الاستلزام لا الدلالة التضمنية المعروفة عند المناطقة اه. وعلى هذا القول عبد الجبار وابوالحسن والامام الفخر الرازي وسيف الدين الامدي فلذا قال الناظم: والفَخْرُ والسَّيْفُ لَهُ تَضَمَّنَا .... قال الجلال المحلى: فَالْأَمْرُ بِالسُّكُونِ مَثَلًا أَيْ طَلَبُهُ مُتَضَمِّنٌ لِلنَّهْيِ عَنْ التَّحَرُّكِ أَيْ طَلَبِ الْكَفِّ عَنْهُ أَوْ هُوَ نَفْسُهُ بِمَعْنَى أَنَّ الطَّلَبَ وَاحِدٌ هُوَ بِالنِّسْبَةِ إلَى السُّكُونِ أَمْرٌ وَإِلَى التَّحَرُّكِ نَهْيٌ اه. وقال الجزء: 1 ¦ الصفحة: 115 شارح السعود ان الامر النفسى بشئ معين ووقته مضيق أي يستلزم عقلا النهى عن الموجود من اضداده واليه ذهب اكثر اصحاب مالك وصار اليه القاضي فى آخر مصنفاته والمشهور عنه انه عينه اه. فلذا قال بعد ان الاشعري والقاضي وجمهور المتكلمين وفحول النظار ذهبوا الى ان الامر النفسى بشئ معين ووقته ضيق هو نفس النهى عن ضده اه اضداده اه: فلذا قال فى نظمه: والأمر ذوالنفس بما تعينا ..... ووقتُه مضيقٌ تضمنا نهيا عن الموجود من أضداد .... أو هو نفس النهي عن أنداد فاو لتنويع الخلاف وذالثانى هو الذي صدر به المصنف اولا كما قرر آنفا واحترز فى السعود بالمعين عن المخبر فيه من اشياء فليس الامر به بالنظر الى ما صدقه نهيا عن ضده منها ولا مستلزما له وبقوله ووقته مضيق عن الموسع فيه قال قال فى شرح التنقيح ويشترط فيه ايضا ان يكون مضيقا لان الموسع لا ينهى عن ضده وقيل انه ليس عين النهى عن ضده ولا يتضمنه لجواز ان لا يحضر الضد حال الامر فلا يكون مطلوب الكف به قال الجلال السيوطى وعليه امام الحرمين والغزالى وابن الحاجب وقال الكيا انه الذي استقر عليه راي القاضى اه. وقال فى هذا القول فى النظم: وقِيْلَ لاَ ولاَ. أي لا عينه لا يتضمنه وقيل امر الوجوب يتضمن فقط دون امر الندب فلا يتضمن النهى عن الضد لان الضد فيه لا يخرج به عن اصله من الجواز بخلاف الضد فى امر الوجوب لاقتضائه الذم على الترك فلذا قال الناظم: وقِيْلَ ضُمِّنَا. الْحَتْمَ لاَ النَّدْبَ. وقال فى السعود فى ذا اولا وما قبله ثانيا: وبتضمن الوجوب فرَّقا ..... بعض وقيل لا يدل مطلقا قال فى شرحه: وينبنى على الخلاف المذكور اتيان المكلف فى العبادة بضدها هل يفسدها اولا والمشهور فى السرقة صحة الصلاة وذكر انه كذلك من صلى بحرير او ذهب او نظر لعورة امامه فيها قال فعلى ان الامر بالشئ نهى عن ضده بطلت الصلاة اذا قلنا ان النهى يدل على الفساد قال ومحل الخلاف حيث لم يدل دليل على الفساد كالكلام فى الصلاة عمدا فلذا قال فى نظمه: ففاعل في كالصلاة ضدا .... كسِرقة على الخلاف يُبدى إلا إذا النص الفساد أبدى ..... مثل الكلام في الصلاة عمدا (أَمَّا اللَّفْظِيُّ فَلَيْسَ عَيْنَ النَّهْيِ وَلَا يَتَضَمَّنُهُ عَلَى الْأَصَحّ وَأَمَّا النَّهْيُ فَقِيلَ أَمْرٌ بِالضِّدّ وَقِيلَ عَلَى الْخِلَافِ) أي ما تقدم انما هو فى الامر النفسى واما الامر اللفظى فليس عين النهى اللفظى قطعا ولايتضمنه على الاصح قال الشيخ الشربينى لان تحقق السكون وان توقف عن الكف عن التحرك الا ان التحرك قد لا يخطر بالبال عند الامر اه. قال الجلال المحلى: وَقِيلَ يَتَضَمَّنُهُ عَلَى مَعْنَى أَنَّهُ إذَا قِيلَ اُسْكُنْ مَثَلًا فَكَأَنَّهُ قِيلَ لَا تَتَحَرَّكْ أَيْضًا لِأَنَّهُ لَا يَتَحَقَّقُ السُّكُونُ بِدُونِ الْكَفِّ عَنْ التَّحَرُّكِ اه. واما النهى النفسى عن شيئ تحريما كان او كراهة فقيل هو امر بالضد له ايجابا او ندبا قطعا فلذا قال فى السعود او انه امر على ايتلاف. وافاده العلامة ابن عاصم ايضا حيث قال معيد االضمير على النهى: وهو فى الاقتضاء للامر بضد ... لما مضى فى الامر قيل يستند قال الجلال المحلى: بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْمَطْلُوبَ فِي النَّهْيِ فِعْلُ الضِّدِّ وَقِيلَ لَا قَطْعًا بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْمَطْلُوبَ فِيهِ انْتِفَاءُ الْفِعْلِ حَكَاهُ ابْنُ الْحَاجِبِ اه. أي فى مختصره فلذا قال فى السعود: وقيل لا قطعا كما في المختصر ... وهْو لدى السبكي رأي ما انتصر وقيل هو على الخلاف فى الامر بمعنى ان النهى امر بضد او يتضمنه او لا او نهى التحريم يتضمنه دون الجزء: 1 ¦ الصفحة: 116 نهى الكراهة ففيه الخلاف الغابر أي المتقدم فى الخلاف فى الامر فلذا قال فى السعود: والنهى فيه غابر الخلاف وقد تعرض الناظم الى هذه الاقوال فى النهى وزاد على المصنف مازاده ابن الحاجب فى مختصره حيث قال: والنَّهْيُ قِيْلَ أمْرُ ضِدٍّ قَطْعَا ... وعَكْسُهُ وقِيْلَ خُلْفٌ يُرْعَى قال الجلال المحلى: وَالضِّدُّ إنْ كَانَ وَاحِدًا كَضِدِّ التَّحَرُّكِ فَوَاضِحٌ أَوْ أَكْثَرَ كَضِدِّ الْقُعُودِ أَيْ الْقِيَامِ وَغَيْرِهِ فَالْكَلَامُ فِي وَاحِدٍ مِنْهُ أَيًّا كَانَ وَالنَّهْيُ اللَّفْظِيُّ يُقَاسُ بِالْأَمْرِ اللَّفْظِيِّ. اه. والله اعلم (مَسْأَلَةٌ الْأَمْرَانِ غَيْرَ مُتَعَاقِبَيْن أَو بِغَيْرِ مُتَمَاثِلَيْن غَيْرَان والمتعاقبان بِمُتَمَاثِلَيْنِ وَلَا مَانِعَ مِنْ التَّكْرَارِ وَالثَّانِي غَيْرُ مَعْطُوفٍ قِيلَ مَعْمُولٌ بِهِمَا وَقِيلَ تَأْكِيدٌ وَقِيلَ بِالْوَقْفِ) قال الشيخ حلولو ذكر هذه المسالة القرافى عن القاضى عبد الوهاب والامام اه. أي الامران حال كونهما غير متعاقبين بِأَنْ يَتَرَاخَى وُرُودُ أَحَدِهِمَا عَنْ الْآخَرِ بِمُتَمَاثِلَيْنِ أَوْ مُتَخَالِفَيْنِ بِعِطْفٍ أَوْ دُونَهُ نَحْوُ اضْرِبْ زَيْدًا وَأَعْطِهِ دِرْهَمًا فهما غيران فيجب العمل بهما فلذا قال الناظم: إنْ لَمْ يَكُنْ تَعَاقَبَ الأمْرَانِ ... أوْ يَتَمَاثَلاَ هُمَا غَيْرَان وذكر شارح السعود ان الامر اذا تكرر والثانى غير مماثل للاول كان الثانى مغايرا للاول تعاقبا بان لا يتراخى ورود احدهما عن الاخر ام لا فان تراخى فيعمل بهما دون عطف كصم نم. فلذا قال فى نظمه: الامران غير المتما ثلين .... عدا كصم نم متغايرين وذكر ايضا ان الامر اذا تكرر وكان الثانى مماثلا للاول من غير عطف ومن غير تعاقب بل تراخى الثانى عن الاول فكون الثانى تاسيا امر متبع لانه هو الذي ذهب اليه اهل الاصول وهو الصحيح فلذا قال: وان تماثلا وعطف قد نفى .... بلا تعاقب فتاسيس قفى واما الامران المتعاقبان بمتماثلين ولامانع من التكرار فى متعلقهما من عبادة او غيرها والثانى غير معطوف نحو صل ركعتين ركعتين قيل معمول بهما نظرا للاصل الذي هو التاسيس قال فى السعود ان التاسيس هو الاصح فلذا قال فى نظمه مشيرا له: وإن تعاقبا فذا هو الأصح ... والضعف للتأكيد قال فى شرحه قال القاضى فالصحيح انه للتكرار أي التاسيس ويعمل بهما كان الامر للوجوب او للندب اه. وقيل ان الثانى للتاكيد نظرا للظاهر وقيل بالوقف عن التاسيس والتاكيد لاحتمالهما واشار الناظم الى الاقوال الثلاثة بقوله: والْمُتَعَاقِبَانِ إنْ تَمَاثَلاَ ... ومَا مِن َالتَّكْرَارِ مَانِعٌ وَلاَ عَطْفَ فَقِيْلَ بِهمَا فَلْيُعْمَلاَ ... وقَوْلُ تَأْكِيْدٍ ووَقْفٍ نُقِلاَ (وَفِي الْمَعْطُوفِ التَّأْسِيسُ أَرْجَحُ وَقِيلَ التَّأْكِيدُ فَإِنْ رَجَحَ التَّأْكِيد بِعَادِيٍّ قُدِّمَ وَإِلَّا فَالْوَقْفُ) أي وفى المعطوف التاسيس ارجح لظهور العطف فيه عند عدم المانع منه قال شارح السعود كان المانع شرعيا او عقليا او عاديا فلذا قال فى نظمه: وإن يكن عطف فتأسيس بلا .... منع يُرى لديهم مُعَوَّلا بعد ان تعرض لموانع التاسيس بقوله إن لم يكن تأسس ذا منع .... من عادة ومن حجا وشرع والحجا هو العقل قال الشيخ حلولو والمانع من التكرار أي التاكيد اما العقل كقتل المقتول او الشرع كتكرار العتق فى عبد قال او يكون هناك عهد او قرينة أي فى المانع العادي وقيل التاكيد ارجح لتماثيل المتعلقين فان رجح التاكيد على التاسيس بعادي وذلك فى غير العطف نحو اسقنى ماء اسقنى ماء وصل ركعتين وصل ركعتين قال الجلال المحلى: فَإِنَّ الْعَادَةَ بِانْدِفَاعِ الْحَاجَةِ بِمَرَّةٍ فِي الْأَوَّلِ وَبِالتَّعْرِيفِ فِي الثَّانِي تَرَجَّحَ التَّأْكِيدُ قُدِّمَ لِتَأْكِيدِ رُجْحَانِهِ واما اذا لَمْ يُرَجَّحْ التَّأْكِيدُ بِالْعَادِيِّ قال الجلال المحلى: وَذَلِكَ فِي الْعَطْفِ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 117 لِمُعَارَضَتِهِ لِلْعَادِيِّ بِنَاءً عَلَى أَرْجَحِيَّةِ التَّأْسِيسِ حَيْثُ لَا عَادِيَّ فَالْوَقْفُ عَنْ التَّأْسِيسِ وَالتَّأْكِيدِ لِاحْتِمَالِهِمَا اه. فلذا قال فى السعود: والوقف وضح. قال الجلال السيوطى فقوله أي المصنف والا فالوقف فسره الزركشى بان لا يترجح التاكيد بان يتساويا فيجب الوقف قال العراقى والذي يظهر عندي ان هذه الصورة لا وجود لها فانه عطف الثانى على الاول فذلك يقتضى التاسيس واما ان يعارضه ما يقتضى التاكيد فيقدم اولا فئوخر كما تقرر فاين حالة الوقف قال لكن هذه العبارة لابن الحاجب ومثل ذلك شراحه بقوله اسقنى ماء اسقنى ماء وهذا انما يظهر مثالا لحاجة ترجيح التاكيد فى العطف فقد ظهر الخلل فى تصوير حالة الوقف وحكمها اه. قلت والامر كما قال ولذلك حذفتها من النظم اه. أي فلم يتعرض فيه الوقف عند قوله: فِي عَطْفٍ التَّأْسِيْسَ رَجِّحْ فِي الأصَحِّ ... وغَيْرَهُ مَهْمَابِعَادِيٍّ رَجَحْ النَّهْيُ النَّهْيُ (النَّهْيُ اقْتِضَاءُ كَفٍّ عَنْ فِعْلٍ لَا يَقُولُ كُف وَقَضِيَّةُ الدَّوَام مَا لَمْ يُقَيَّدْ بِالْمَرَّة) قال الشيخ حلولو يتبين تعريف النهى بما تقدم فى الامر قال ولي الدين هنا وكان ينبغى ان يزيد أي المصنف وما فى معنى كف كقولك امسك او ذر او دع وما فى معناها لان هذه كلها اومر بالمطابقة وان اقتضت كفا اه. أي النهى النفسى اقتضاء كف عن فعل لا بقول كف أي او نحوه كذر ودع فان ما هو كذلك امر فلذ اخرج ما ذكر فى السعود بقوله: هو اقتضاء الكف عن فعل ودع .... وما يضاهيه كذر قد امتنع أي ان دع وما شابهه كذر امتنع دخوله فى النهى فقول المصنف اقتضاء كف خرج به الامر وقوله لا بقول كف أي او نحوه كدع وذر او امسك فانها ليست نهيا وان اقتضت كفا بل اوامر فلذا قال الناظم ايضا: هو اقتضاء الفعل عن كف بلا. كف. قال الجلال المحلى: وَيُحَدُّ أَيْضًا بِالْقَوْلِ الْمُقْتَضِي لِكَفّ إلَخْ كَمَا يُحَدُّ اللَّفْظِيُّ بِالْقَوْلِ الدَّالِّ عَلَى مَا ذُكِرَ وَلَا يُعْتَبَرُ فِي مُسَمَّى النَّهْيِ مُطْلَقًا عُلُوٌّ وَلَا اسْتِعْلَاءٌ عَلَى الْأَصَحِّ كَالْأَمْر اه. قوله وَقَضِيَّةُ الدَّوَامِ اي عَلَى الْكَفِّ بمعنى ان الدوام لازم مدلوله قال الشيخ الشربينى وهو المنع من ايجاد حقيقة الفعل التى هى مدلول المصدر اذ لو وجد فرد وجدت فى ضمنه بخلاف الامر فان المطلوب به حقيقة الفعل وهى توجد فى فرد اه. ما لم مَا لَمْ يُقَيَّدْ بِالْمَرَّةِ فَإِنْ قُيِّدَ بِهَا حمل عليها وقيل قضية الدوام مطلقا والتقييد بالمرة يصرفه عن قضيته قال الجلال السيوطى: وحكى فى جمع الجوامع انه للدوام مطلقا قال شراحه وهو غريب لم نره فلذا حذفته أي نفاه من النظم فى قوله: ولا دوام مطلقا جلا. وقال شارح السعود وكذا يدل على الفور اجماعا او على المشهور ما لم يقيد بمرة او التراخى فلذا قال فى نظمه: وهو للدوام والفور متى .... عدمُ تقييد بضد ثبتا وهو للدوام قال الشيخ حلولو هو معنى التكرار فلذا قال ابن عاصم معبرا عن الدوام بالتكرار: ويقتضى الفور مع التكرار ... على الاصح فيه والمختار (وَتَرِدُ صِيغَتُه لِلتَّحْرِيمِ وَالْكَرَاهَةِ وَالْإِرْشَادِ وَالدُّعَاء وَبَيَانِ الْعَاقِبَة وَالتَّقْلِيلِ وَالِاحْتِقَار وَالْيَأْسِ) أي وترد صيغة لاتفعل للتحريم نَحْوُ {وَلَا تَقْرَبُوا الجزء: 1 ¦ الصفحة: 118 الزِّنَا} والكراهة {وَلَا تَيَمَّمُوا الْخَبِيثَ مِنْهُ تُنْفِقُونَ} أي لاتعمدوا الى الرديئ فتصدقوابه بل يتصدق بما يستحسنه ويختاره والدعاء نحو {رَبَّنَا لَا تُزِغْ قُلُوبَنَابعد اذهديتنا} وَبَيَانِ الْعَاقِبَةِ) {وَلَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتًا بَلْ أَحْيَاءٌ} أَيْ عَاقِبَةُ الْجِهَادِ الْحَيَاةُ لَا الْمَوْتُ وَالْإِرْشَاد {لَا تَسْأَلُوا عَنْ أَشْيَاءَ إنْ تُبْدَ لَكُمْ تَسُؤْكُمْ} وَالتَّقْلِيل وَالِاحْتِقَار {وَلَا تَمُدَّنَّ عَيْنَيْكَ إلَى مَا مَتَّعْنَا بِهِ أَزْوَاجًا مِنْهُمْ} أَيْ فَهُوَ قَلِيلٌ حَقِيرٌ بِخِلَافِ مَا عِنْدَ اللَّهِ وَالْيَأْس {لَا تَعْتَذِرُوا الْيَوْمَ} فلذا قال الناظم: ولَفْظُهُ لِلْحَظْرِ والكَرَاهَةِ ... واليَأْسِ والإرْشَادِ والإبَاحَةِ ولاحْتِقَارِ ولتَهْدِيْدِ بَيَانْ ... عَاقِبَةٍ تَسْوِيَةٍ دُعَا امْتِنَانِ فزاد على المصنف الاباحة قال كالنهى بعد الايجاب فى قول ذكره العراقى فى شرحه والشيخ بهاء الدين فى عروس الافراح وزاد التهديد ايضا قال وذكره فى تلخيص المفتاح كقولك لمن لا يمتعثل امرك لا تمتثل امري والتسوية نحو اصبروا او لا تصبروا والاهانة نحو اخسئو فيها ولاتكلمون والتمنى نحو لاترحل ايها الشاب وافاد شارح السعود ان صيغة النهى عندنا معاشر المالكية حقيقة فى التحريم شرعا وقيل لغة وقيل عقلا قال قال فى التنقيح وهو عندنا للتحريم نحو ولا تقربوا الزنى واختلفت مذاهب الفرق المخالفة لنا فمنهم من قال للكراهة نحو لا تاكل بشمالك ولم نقل خلاف الاولى لانه مما احدثه المتاخرون ولانه انما يستفاد من اومرالندب لامن صيغة النهى التى الكلام فيها ومنهم من قال مشترك بين التحريم والكراهة ومنهم من قال للقدر المشترك بين التحريم والكراهة وهو طلب الترك جازما ام لا فلذا قال فى نظمه: واللفظ للتحريم شرعا وافترق .... للكره والشركةِ والقدرِ الفرقْ وافاد العلامة ابن عاصم ايضا لجل العلماء عند الخلو عن القرينة وان الاقل قالوا بالكراهة حيث قال والنهى للتحريم يات دون ما ... قرينة فيه لجل العلماء وقال بالكراهة الاقل ... وان اتت قرينة تدل (وَفِي الْإِرَادَةِ وَالتَّحْرِيمِ مَافِي الْأَمْر) أي وفى الارادة والتحريم ما تقدم فى الامر من الخلاف قال الجلال المحلى: فَقِيلَ لَا تَدُلُّ الصِّيغَةُ عَلَى الطَّلَبِ إلَّا إذَا أُرِيدَ الدَّلَالَةُ بِهَا عَلَيْهِ وَالْجُمْهُورُ عَلَى أَنَّهَا حَقِيقَةٌ فِي التَّحْرِيمِ وَقِيلَ فِي الْكَرَاهَةِ وَقِيلَ فِيهِمَا وَقِيلَ فِي أَحَدِهِمَا وَلَا نَعْرِفُهُ. اه. قال الشيخ حلولو (تنبيه) قال القرافى لم ار للاصوليين فى النهى مثل الخلاف الذي فى الامر باعتبار العلو والاستعلاء او احدهما او عدم اعتبارهما ويلزمهم التسوية بين البابين وصرح المحلى بالتسوية اه. وتعرض لذكر هما الناظم زيادة على المصنف حيث قال: وفِي الإرَادَةِ وفِي التَّحْريْمِ مَا ... فِي الأمْرِ والعُلُوِّ الاسْتَعْلاَ انْتَمَي (وَقَدْ يَكُونُ عَنْ وَاحِدٍوَ عَنْ مُتَعَدِّدٍ جَمْعًا كَالْحَرَامِ الْمُخَيَّرِ وَفُرِّقَا كَالنَّعْلَيْنِ تُلْبَسَانِ أَوْ تُنْزَعَانِ وَلَا يُفْرَقُ وَجَمِيعًا كَالزِّنَا وَالسَّرِقَةِ) أي وقد يكون النهى عن واحد وهو ظاهر او عن جمع متعدد كالحرام المخير فيما يترك من افراده نحو لا تفعل هذا او ذاك فعليه ترك احدهما فقط فلا مخالفة الا بفعلهما فمثال المحرم جمعهما لا فعل احدهما فقط الجمع بين الاختين فالمنهى عنه الهيئة الاجتماعية وعكسه المثال المتقدم هو النهى عن التفريق كالنعلين أَوْ تُنْزَعَانِ وَلَا يُفْرَق بَيْنَهُمَا بِلُبْسِ أَوْ نَزْعِ إحْدَاهُمَا فَقَطْ فالتفريق هو المنهى عنه قال الجلال المحلى: أَخْذًا مِنْ حَدِيثِ الصَّحِيحَيْنِ {لَا يَمْشِيَنَّ أَحَدُكُمْ فِي نَعْلٍ وَاحِدَةٍ لِيُنْعِلْهُمَا جَمِيعًا أَوْ لِيَخْلَعْهُمَا جَمِيعًا} فَيَصْدُقُ أَنَّهُمَا مَنْهِيٌّ عَنْهُمَا لُبْسًا أَوْ نَزْعًا مِنْ جِهَةِ الْفَرْقِ بَيْنَهُمَا فِي ذَلِكَ أي فى ذلك فى اللبس والنزع لَا الْجَمْعِ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 119 فِيه اه. والنهى عن كل واحد جمعا وتفريقا كالزنى والسرقة فكل واحد منهما منهى عنه والى اقسام الثلاثة اشارالناظم بقوله: والنَّهْيَ عَنْ فَرْدٍ وَذِيْ تَعَدُّدِ ... جَمْعًا وفَرْقًا وجَمِيْعًا اقْصِدِ واشار اليها ناظم السعود ايضا بقوله: وهو عن فرد وعن ما عُدِّدا ... جمعا وفرقا وجميعا وُجِدا (وَمُطْلَقُ نَهْيِ التَّحْرِيمِ وَكَذَا التَّنْزِيهُ فِي الْأَظْهَرِ لِلْفَسَادِ شَرْعًا وَقِيلَ لُغَةً وَقِيلَ مَعْنًى فِيمَا عَدَا الْمُعَامَلَاتِ مُطْلَقًا وَفِيهَا إنْ رَجَعَ قَالَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ أَوْ اُحْتُمِلَ رُجُوعَهُ إلَى أَمْرٍ دَاخِلٍ أَوْ لَازِم وِفَاقًا لِلْأَكْثَرِ وَقَالَ الْغَزَالِيُّ وَالْإِمَام فِي الْعِبَادَاتِ فَقَطْ) أي ومطلق نهى التحريم الذي لم يقيد المستفاد من اللفظ بما يدل على فساد او صحة وكذا التنزيه فى الاظهر يكون للفساد أَيْ عَدَمِ الِاعْتِدَادِ بِالْمَنْهِيِّ عَنْهُ إذَا وَقَع شرعا اذ لا إذْ لَا يُفْهَمُ ذَلِكَ مِنْ غَيْرِ الشَّرْعِ وَقِيلَ لُغَةً لِفَهْمِ أَهْلِ اللُّغَةِ ذَلِكَ مِنْ مُجَرَّدِ اللَّفْظِ وَقِيلَ مِنْ حَيْثُ الْمَعْنَى أي العقل اذا الشيئ فى الاصل انما ينهى عنه اذا اشتمل على ما يقتضى فساده واشار الناظم الى ما ذكره المصنف بقوله: مُطْلَقُ نَهْي الْحَظْرِ كالتَّنْزِيْهِ ... عَلىَ الأصَحِّ فِي الِّذِي عَلَيْه جُهْمُورُهُمْ يُعْطِي الْفَسَادَ شَرْعَا ... وقِيْلَ بَلْ مَعْنًى وقِيْلَ وضْعَا أي لغة وقال العلامة ابن عاصم: والنهى يقتضى فساد ما وقع ... النهى عنه مطلقا حيث يقع أي الا اذا دل دليل عندنا على الصحة لقول الشيخ سيدي خليل رحمه الله ونفعنا ببركاته فى مختصره الفتوي وفسد منهى عنه الا لدليل وقال شارح الصسعود اما ما قيد بما يدل على الداد أي الصحة فهو لها قال وانمايدل على الفساد لعدم النفع أي المصلحة فى المنهى عنه او لزيادة الخلل أي المفسدة فيه على المصلحة فلذا قال فى نظمه: وجاء في الصحيح للفساد .... إن لم يجي الدليل للسداد لعدم النفع وزيدِ الخلل.. وافاد انه ينبنى على كون النهى يفيد الفساد وشبهة الصحة ملك المشتري لما بيع بيعا حراما اذا تغير سوقه او بدنه بهلاك او غيره او تعلق حق غير المشتري به كما اذا وهبه او باعه او آجره او اعتقه فيملكه المشتري حينئذ بالقيمة حيث قال: ..وملكُ ما بِيع عليه ينجلي إذا تغير بسوق أو بدن ... أو حقّ غيره به قد اقترن وحكى المصنف اختلاف الاقوال فى دلالة النهى على الفساد فقيل يدل على الفساد فيما عدالمعاملات من عبادة وغيرها قال الكمال ابن شريف من غير العبادة والمعاملة الايقاعات كالطلاق والعتق اه. مطلقا سواء رجع النهى فيما ذكر الى نفسه كصلاة الحائض وصومها ام لازمه كصوم يوم النحر للاعراض عن ضيافة الله تعالى ويدل على الفساد فى المعاملات ان رجع النهى الى امر داخل فيها كالنهى عن بيع الملاقيح أي ما فى بطون من الاجنة قال الجلال المحلى: لِانْعِدَامِ الْمَبِيعِ وَهُوَ رُكْنٌ مِنْ الْمَبِيعِ اه. قال ابن عبد السلام سلطان العلماء عزالدين او احتمل رجوعه الى امر داخل فيها تغليبا له على الخارج قال المحقق البنانى لما فيه من حمل لفظا النهى على حقيقته أي اقتضائه الفساد كنهيه صلى الله عليه وسلم عن بيع الطعام قبل قبضه اه. فقوله الى امر داخل يتنازعه كل من رجع ورجوع وكذا يدل النهى على الفساد في المعاملات اذا امر لازم لها كالنهى عن بيع درهم بدرهمين لاشتماله على الزيادة اللازمة للعقد بسبب اشتراطها فيه وفاقا للاكثر من العلماء فى ان النهى للفساد فيما ذكر فلذا قال الناظم فيما اقتضى النهى عنه الفساد كما قررنا: إنْ عَادَ قالَ السُّلَمِي أوْ احْتَمَلْ ... رُجُوعُهُ للاَزِمٍ أوْ مَا دَخَلْ وقال الامام الرازي النهى يقتضى الفساد فى العبادات فقط دون الجزء: 1 ¦ الصفحة: 120 دُونَ الْمُعَامَلَاتِ فَفَسَادُهَا بِفَوَاتِ رُكْنٍ كانعدام البيع فى بيع الملاقيح او شرط كانعدام طهارة المبيع قال الجلال السيوطى وعليه ابو الحسن البصري واختاره الامام فخر الدين اه. وذكر فى النظم انتفاء الخلف فى ذا القول فقال: والخلفُ فِي عِبَادَةٍ قَدْ انْتَقَى. وافاد العلامة ابن عاصم ان القاضى ابابكر من خالف اصل مذهبه فى اقتضاء النهى الفساد وان الفخر فرق كما تقدم بين العبادات وغيرها حيث قال مشيرا لطريق اقتضاء الفساد: وخالف القاضى فى ذا الطريق ... وقال فخر الدين بالتفريق ففى العبادات كاهل المذهب ... وفى المعاملات كابن الطيب (فَإِنْ كَانَ لِخَارِجٍ كَالْوُضُوءِ بِمَغْصُوبٍ لَمْ يُفِدْ عِنْدَ الْأَكْثَر وَقَال أَحْمَد يُفِيدُ مُطْلَقًا وَلَفْظُهُ حَقِيقَةٌ وَإِنْ انْتَفَى الْفَسَادُ لِدَلِيلٍ وَأَبُو حَنِيفَةَ لَا يُفِيدُ مُطْلَقًا نَعَمْ الْمَنْهِي لِعَيْنِه غَيْرُ مَشْرُوعٍ فَفَسَادُهُ عَرَضِي ثُمَّ قَالَ وَالْمَنْهِيّ لِوَصْفِهِ يُفِيدُ الصِّحَّة) هذا قسيم قوله مطلقا فيما عدا المعملات وقوله امر داخل او لازم فى المعاملات اه. بنانى عن قاسم أي فان كان مطلق النهى لخارج عن المنهى عنه أي غير لازم له كالوضؤ بمغصوب لما فيه من اتلاف مال الغير والاتلاف خارج عن الوضوء غير لازم له لحصوله بغيره كالاراقة لم يفد الفساد حينئذ عند الاكثر من العلماء اذ المنهى عنه فى الحقيقة ذلك الخارج فلذا قال الناظم: والنَّهْيُ لِلْخَارِجِ كَالتَّطَهُّرِ ... بِالغَصْبِ لاَ يُفِيْدُ عِنْدَ الأكْثَر وقال الامام احمد مطلق النهى يفيد الفساد مطلقا سواء لم يكن لخارج او كان له لان ذلك مقتضاه قال ولفظه حقيقة أي فى مدلوله عن الكف والفساد وان انتهى الفساد لدليل حيث انه لم ينتقل عن جميع مدلوله من الكف والفساد بل عن بعضه فقط وهو الفساد قال الجلال المحلى: كَمَا فِي طَلَاقِ الْحَائِضِ لِلْأَمْرِ بِمُرَاجَعَتِهَا قال المحقق البنانى فالامر بمراجعتها دليل على انتفاء الفساد عن طلاقها المنهى عنه اذ لو لم يصح طلاقها لما احتيج الى مراجعتها اه. واشار الناظم الى مذهب الامام احمد حيث قال: وقِيْلَ بَلْ يُعْطِي الفَسَادَ مُطْلَقًا.. وقال الامام ابوحنيفة لا يفيد الفساد مطلقا سواء كان لخارج ام لم يكن له قال نعم المنهى عنه لعينه كبيع الملاقيح غير مشروع قال المحقق البنانى أي غير موجود شرعا أي منتف شرعا لا يتصور شرعا بل حسا فقط فاستعماله حينئذ فى غير المشروع مجاز عن النفى قال المحقق البنانى استعير النهى بجامع انتفاء عدم الفعل فى كل اه. ثم قال ابوحنيفة واما المنهى عنه لوصفه كصوم يوم النحر للاعراض عن الضيافة فانه يفيد النهى عنه الصحة له اذا النهى عن الشيء يستدعى امكان وجوده شرعا والا كان النهى عنه لغوا فلذا قال الناظم: والْمَنْعُ مُطْلَقًا رأَي النُّعْمَانُ ... قَالَ ومَا لِلْعَيْنِ يُسْتَبَانُ فَسَادُهُ لِكَوْنِهِ لَمْ يُشْرَعِ ... ويُفْهِمُ الصِّحَّةَ إنْ وَصْفٌ رُعِي وتعرض شارح السعود لمذهب ابى حنيفة قائلا حبر فارس وهو ابوحنيفة فى مجالس درسه ان النهى يقتضى الصحة وعلل ذلك بان النهى عن الشيئ يقتضى امكان وجوده شرعا والا امتنع النهى عنه ولهم فى المسالة تفصيل اعرضت عنه اذ الغرض المهم عندنا فى الشرح كاصله بيان اصول مذهب مالك وان كنت اجلب غيرها مرارا استطرادا وتبعا فلذا قال متعرضا فى نظمه لقول ابى حنيفة: وبثَّ للصحة في المدارس ... معللا بالنهي حبر فارس وافاد ان الخلاف بين من قال ان النهى يقتضى الفساد وابي حنيفة القائل انه يتقتضى الصحة انما هو فى الصحة الشرعية التى قال فى التنقيح انها الاذن الشرعى فى جواز الاقدام على الفعل الجزء: 1 ¦ الصفحة: 121 قال وليس ذالخلاف فى الصحة الطبيعية أي العادية فلذا قال: والخلف فيما ينتمي للشرع .... وليس فيما ينتمي للطبع (وَقِيلَ إنْ نَفَى عَنْهُ الْقَبُولَ وَقِيلَ بَلْ النَّفْيُ دَلِيلُ الْفَسَاد وَنَفْيُ الْإِجْزَاءِ كَنَفْيِ الْقَبُولِ وَقِيلَ أَوْلَى بِالْفَسَادِ) قال المحقق البنانى نقلا عن شيخ الاسلام ليس هذا من تمام ما قبله على مايوهمه كلامه لانه نفى وما قبله نهى فهو حكم مستقل قال فكان الاولى للمصنف ان يعبر بما يفيد ذلك كان يقول اما نفى القبول عن الشيء يفيد الصحة له قال الجلال المحلى: لِظُهُورِ النَّفْيِ فِي عَدَمِ الثَّوَابِ دُونَ الِاعْتِدَادِ أي دون عدم الاعتداد وان افاد الصحة وقيل بل النفى دليل الفساد فِي عَدَمِ الِاعْتِدَادِ بما نفى عنه القبول فلذا قال الناظم: والنَّفْيُ لِلْقَبُولِ قِيْلَ قَدْ أفَادْ ... صِحَّتَهُ وقِيْلَ بَلْ يُعْطِي الفَسَادْ ونفى الاجزاء كنفى القبول فى كونه هل يفيد الفساد اوالصحة فالفساد بناء على ان الاجزاء فى سقوط الطلب وهو الفساد ايضا فيهما حيث قال الاجزاء والقبول حين نُفيا ... لصحة وضدِّها قد رُويا وقيل ان نفى الاجزاء اولى بالفساد من نفى القبول لتبادر عدم الاعتداد المقصود من الفساد الى الذهن مع نفى الاجزاء فلذا قال الناظم: وَنفْيُ الاِجْزاكالْقَبُولِ عَنْهُ ... وَقِيلَ أَوْلَى بَالفَسَادِ مِنْهُ وجاء نفى القبول على الفساد فى حَدِيث الصَّحِيحَيْنِ {لَا يَقْبَلُ اللَّهُ صَلَاةَ أَحَدِكُمْ إذَا أَحْدَثَ حَتَّى يَتَوَضَّأَ} وجاء على نفى الاجزاء فى حديث الدارقطنى وغيره {لَا تُجْزِئُ صَلَاةٌ لَا يَقْرَأُ الرَّجُلُ فِيهَا بِأُمِّ الْقُرْآنِ.} والله اعلم العام (لفظ يستغرق الصَّالِحَ لَه مِنْ غَيْرِ حَصْرٍ) قال الشيخ حلولو اختلف فى عد العموم والخصوص من انواع الكلام قال الامام والحق انهما عارضان للخبر وقال الشيخ الشربينى عادا له من انواعه هو أي العام من جملة مباحث الاقوال المترجم بها اول الكتاب واعلم ان العموم يقع تارة فى كلامهم بمعنى التناول وافاة اللفظ للشيء وهذا امر سببه الوضع فالذي يوصف به على الحقيقة هو اللفظ وتارة يقع بمعنى الكلية وهى كون الشيء اذا حصل فى العقل لم يمنع تصوره من وقوع الشركة فيه والموصوف بهذا هو المعنى والمراد بالعموم هنا الاول والا لخرج الجمع المعرف اذ لاشيء فيه شركة وكذلك امم الجمع لان آحادهما اجزاء لعدم صدق كل منهما على كل واحد ولولا اعتبار الوضع فى العموم لما افادته النكرة المنفية اذ معناها واحد لا بعينه وهى مع النافى موضوعة بالوضع النوعى للاستغراق الشمولى الذي معناه كل فرد بشرط الاجتماع لان التركيب لانتفاء فرد مبهم وانتفاؤه بانتفاء كل فرد وتارة يقع بمعنى الشمول وحينئذ يتصف به اللفظ والمعنى جميعا لكن لما كان البحث هنا عن العام الذي هو من الالفاظ وجب ان يكون العموم معناه التناول اه. فقول المصنف العام لفظ قال المحقق البنانى بناء على القول بان العموم من عوارض الالفاظ دون المعانى قال واماعلى القول بانه من عوارض المعانى الجزء: 1 ¦ الصفحة: 122 فيعرف بانه امر شامل الخ قال والمراد على الاول لفظ واحد لتخرج الالفاظ المتعددة الدالة على معان متعددة اه. وقوله يستغرق قال المحقق البنانى أي شانه ذلك فتدخل فيه الشمس والقمر والسماء والارض فان كلا منها عام وان انحصر فى الواقع فى واحد قال وقوله الصالح له قيد لبيان الماهية لا للاحتراز اذليس لنا لفظ يستغرق ما لا يصلح له ليحترز عنه اه. قال الشيخ حلولو وخرج بقوله يستغرق المطلق فانه لا يدل على شيء من الافراد والنكرة فى سياق الثبوت فانها تتناول الافراد على سبيل البدل وبالصالح له عمالا يصلح للفظ كعدم تناول ما لمن يعقل انما هو لعدم صلاحيتها له لا لكونها غير عامة وخرج بقوله من غير حصر اسماء العدد فانها تتناول ما صلحت له لكن مع حصر اه. قال الجلال المحلى: وَمِثْلُهُ النَّكِرَةُ الْمُثَنَّاةُ مِنْ حَيْثُ الْآحَادُ كَرَجُلَيْنِ قال وَمِنْ الْعَامِّ اللَّفْظُ الْمُسْتَعْمَلُ فِي حَقِيقَتَيْهِ أَوْ حَقِيقَتِهِ وَمَجَازِهِ أَوْ مَجَازَيْهِ اه. وعرف الناظم العام بقوله: العَامُ لَفْظٌ يَشْمَلُ الصَّالِحَ لَهْ ... مِنْ غَيْرِ حَصْرٍ. كما عرفه فى السعود بقوله: ما استغرق الصالح دَفعة بلا ... حصر من اللفظ كعشر مثلا وعرفه العلامة ابن عاصم ايضا بقوله: اما العموم فشمول اللفظ فى .... مدلوله لكل فرد فاعرف وقوله فى السعود دفعة قال شارحه خرج به النكرة فى الاثبات مفردة او مثناة او مجموعة واسم عدد لا من حيث الاحاد فانها تتناول ما تصلح له على سبيل البدل لا الاستغراق اه. (وَالصَّحِيحُ دُخُولُ النَّادِرَةِ وَغَيْرِ الْمَقْصُودَة تَحْتَهُ وَأَنَّهُ قَدْ يَكُونُ مَجَازًا) أي والصحيح دخول الصورة النادرة تحت العام وتكلم شارح السعود على دخول هذه الصورة فى المذهب المالكي قائلا ان فى دخول الصورة النادرة فى حكم العام والمطلق خلافا منقولا عن اهل المذهب والنادر هو ما لا يخطر غالباببال المتكلم لندرة وقوعه ولذا قال بعضهم لا تجوز المسابقة على الفيل وجوزها بعضهم والاصل فى ذلك قوله صلى الله عليه وسلم {لَا سَبَقَ إلَّا فِي خُفٍّ أَوْ حَافِرٍ أَوْ نَصْلٍ فَإِنَّهُ ذُو خُفٍّ} السبق بالتحريك الماخوذ فى المسابقة جعل بعضهم الحديث مثالا للمطلق لان الخف فى قوله الا فى خف نكرة واقعة فى الاثبات وجعله بعضهم عاما قال زكرياء وجه عمومه مع انه نكرة واقعة فى الاثبات انه فى حيز الشرط معنى اذ التقدير الا ان كان فى خف والنكرة فى سياق الشرط تعم وكذا ينبنى على الخلاف فى دخول النادر فى حكم المطلق والعام الخلاف الذي بين اهل المذهب فى وجوب الغسل من المنى الخارج لغير لذة او لذة غير معتادة قال وكذا من اوصى بعتق رقبة اجزاه عتق الخنثى بناء على دخوله لتناول اللفظ له وعدم اجزائه لانه نادر لا يخطر ببال المتكلم فلذا قال فى نظمه: هل نادر في ذي العموم يدخل ... ومطلقٍ أو لا خلافٌ يُنقل فما لغير لذة والفيلُ .... ومشبه فيه تنافى القيل وقوله ومشبه بالرفع معطوف على ما المبتداء والضمير فى قوله فيه افراد باعتبار ما ذكر وقال ايضا اختلف الاصولييون ايضا فى دخول غير المقصود فى حكم العام وعدم دخوله حكى ذلك الخلاف القاضى عبد الوهاب ثم قال مثال غير المقصود ما لو وكله على شراء عبيد فلان وفيهم من يعتق عليه هل يصح شراؤه او لا والاختلاف فى اعتبار غير المقصود مبنى على الخلاف فى تعارض اللفظ والقصد هل يعتبر اللفظ او القصد قال ميارة فى التكميل: وهذه قاعدة اللفظ اذا ... عارضه القصد فقيل ذا وذا ومال ابو اسحاق الشاطبى الى عدم دخول النادر وغير المقصود اه. وعلى ماذهب الجزء: 1 ¦ الصفحة: 123 عليه مصنفنا من الشافعية الصحيح الدخول عندهم قال الجلال المحلى: وَإِنْ قَامَتْ قَرِينَةٌ عَلَى قَصْدِ النَّادِرَةِ دَخَلَتْ قَطْعًا أَوْ قَصْدِ انْتِفَاءِ صُورَةٍ لَمْ تَدْخُلْ قَطْعًا. والصحيح ان العام قد يكون مجازا بان يقترن باللفظ المجاز اداة عموم نحو جاءنى الاسود الرماة الازيدا قال فى السعود حاكيا الخلاف والجواز: وما من القصد خلافيه اختلف ... وقد يجىء بالمجاز متصف قال الجلال المحلى: وَقِيلَ لَا يَكُونُ الْعَامُّ مَجَازًا فَلَا يَكُونُ الْمَجَازُ عَامًّا لِأَنَّ الْمَجَازَ ثَبَتَ عَلَى خِلَافِ الْأَصْلِ لِلْحَاجَةِ إلَيْهِ اه. وتكلم الناظم على ماتكلم عليه المصنف معيدا الضمير على العام حيث قال: والصَّحِيْحُ دَخَلَه. نَادِرَةٌ وَصُوَرٌ لَمْ تُقْصَدِ ... ويَدْخُلُ الْمَجَازُ فِي الْمُعْتَمَدِ (وَالصَّحِيحُ أَنَّهُ مِنْ عَوَارِضِ الْأَلْفَاظِ قِيلَ وَالْمَعَانِي وَقِيلَ بِه فِي الذِّهْنِي وَيُقَالُ لِلْمَعْنَى أَعَمُّ وَلِلَّفْظِ عَامٌّ) أي والصحيح ان العموم من مِنْ عَوَارِضِ الْأَلْفَاظِ قال الجلال المحلى دون المعانى قال عليه المحقق البنانى نبه بذلك على دفع ما يوهمه ظاهر تعبير المصنف من ان كون العموم من عوارض الالفاظ مختلف فيه مع انه متفق عليه وانما موضع الخلاف اختصاص ذلك بالالفاظ او عدم اختصاصه بها فمرجع الاصحية فى كلامه الى القيد الذي زاده الشارح اعنى قوله دون المعانى اه. واما الناظم فانه قد زاد هذا القول حيث قال. وإِنَّمَا يَعْرِضُ للألْفَاظِ لاَ ... مَعْنًى قال الشيخ الشربينى نقل السعد التفتازنى عن شارحى مختصر ابن الحاجب ان النزاع لفظى لانه ان اريد بالعموم استغراق اللفظ لمسمياته على ماهو مصطلح الاصول فهو من عوارض الالفاظ خاصة وان اريد شمول امر لمتعدد عم الالفاظ والمعانى وان اريد شمول مفهوم لافراد كما هو مصطلح اهل الاستدلال اختص بالمعانى اه. وقيل ان العموم من عوارض الالفاظ وكذالمعانى فيكون العموم فيهما حقيقة فكما يصدق لفظ عام حقيقة يصدق معنى عام كذلك ذهنيا كان كمعنى الانسان اوخارجيا كمعنى المطر أي افراده الخارجية قال الجلال المحلى: لِمَا شَاعَ مِنْ نَحْوِ الْإِنْسَانِ يَعُمُّ الرَّجُلَ وَالْمَرْأَةَ وَعَمَّ الْمَطَرُ وَالْخِصْبَ فَالْعُمُومُ شُمُولُ أَمْرٍ لِمُتَعَدِّدٍ. اه. واشا الناظم الى هذين القولين ناظم السعود بقوله: وهو من عوارض المباني ... وقيل للألفاظ والمعاني وقيل بعروض العموم فى المعنى الذهنى حقيقة لوجود الشمول لمتعدد فيه بخلاف الخارجى وقد تعرض الناظم لذكر راي القول النافى له بكونه عاليا حيث قال: ولاَ الذِّهْنِيِّ فِي رَأَيٍ عَلاَ وقوله ويقال للمعنى اعم قال الشيخ الشربينى أي من العموم بمعنى الشمول فانه يعرض بلا خلاف فانه لا منافاة بين ما هنا وبين تصحيح ان العموم من عوارض الالفاظ لان ذاك فى العموم بمعنى التناول اه. ويقال اصطلاحا للمعنى اعم وكذا اخص واللفظ عام أي خاص تفرقة بين الدال والمدلول وخص المصنف المعنى بافعل التفضيل لانه اعم من اللفظ ولانه المقصود واللفظ وسيلة اليه وترك الااخص والخاص اكتفاء بذكر مقابلهما من الاعم والعام وتعرض لهما الناظم فقال: يُقَالُ لِلْمَعْنَى أخَصُّ وَأَعَمّْ ... والْخَاصُ والعَامُ بِهِ اللِّفْظُ اتَّسَمْ (وَمَدْلُولُه كُلِّيَّةً أَيْ مَحْكُومٌ فِيهِ عَلَى كُلِّ فَرْدٍ مُطَابَقَةً إثْبَاتًا أَوْ سَلْبًا لَا كُلّ وَلَا كُلِّيٌّ) أي ومدلول العام فى التركيب من حيث الحكم عليه كلية أي قضية كلية قال المحقق البنانى أي يتحصل منه ما حكم به عليه قضية ففى الكلام مسامحة اذ الكلية مدلول القضية لا مدلول العام وقال الشيخ الشربينى قال الاصفهانى فى شرح المحصول الكلية ايجابا او سلبا ان يكون الحكم على كل فرد من الافراد اه. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 124 فلذا قال سيدي عبد الرحمان الاخضري فى السلم المنطقى وحيثما لكل فرد حكما .... فانه كلية قد علما ودلالة الكلية على كل فرد دلالة مطابقة سواء كان فى الاثبات فى الخبر او الامر او فى السلب فى النفى او فى النهى فمثال الخبر المثبت جاء عبيدي ومثال السلب المنفى وما خالفوا فاكرمهم ومثاله فى النهى ولاتهنهم وماذكر فى قوة قضايا بعدد الافراد قال الشيخ الشربينى لما نص عليه ائمة النحو وغيرهم من ان نحو جاء الرجال اصله جاء زيد وجاء عمرو وهكذا عبر بصيغة الجمع عن ذلك اختصارا اه. وقال شارح السعود والمراد بالعام فى قولهم مدلول العام كلية كل عام استعمل فى معناه من الافراد الصالح هو لها فلذا قال فى نظمه: مدلوله كلية ٌإن حكما ... عليه في التركيب من تكلما قال قولنا فى التركيب احتراز عنه قبل التركيب اذ لا يتصور كونه كلية حينئذ وليس معنى الاحتراز انه قبل التركيب ليس مدلوله كل الافراد اه. وقال الجلال السيوطى الحكم على الشيء الشامل لمتعدد تارة يكون على كل فرد فرد بحيث لا يبقى فرد كقولنا كل رجل يشبعه رغيفان أي كل واحد على انفراده وتارة يكون على مجموع الافراد من حيث هو مجموع كقولنا كل رجل يحمل الصخرة أي المجموع لا كل واحد وتارة يكون على الماهية من حيث هي من غير نظر الى الافراد كقولنا الرجل خير من المراة أي حقيقته افضل من حقيقتها لا كل فرد اذ قد يفضل بعض افرادها واشار الى هذه الاقسام الثلاثة بقوله فى النظم: والْحُكْمُ فِيْهِ نَفْيًا أوْ ضِدًّا جَلاَ ... لِكُلِّ فَرْدٍ بِالْمُطَابَقَةِ لاَ مَجْمُوعِ الأفْرَادِ ولاَ الْمَاهِيَّهْ.. واشار فى السلم الى الكل بقوله: الكل حكمنا على المجموع ... ككل ذاك ليس ذا وقوع (وَدَلَالَتُهُ عَلَى أَصْلِ الْمَعْنَى) قَطْعِيَّةٌ وَهُوَ عَنْ الشَّافِعِيِّ وَعَلَى كُلِّ فَرْدٍ بِخُصُوصِهِ ظَنِّيَّةٌ وَهُوَ عَنْ الشَّافِعِيَّةِ وَعَنْ الْحَنَفِيَّةِ قَطْعِيَّةٌ) أي ودلالته على اصل المعنى من الواحد فيما هو غير مثنى او جمع والثلاثة او الاثنين فيما هو جمع او مثنى قطعية قال المححقق البنانى لانه لا يحتمل خروجه بالتخصيص بل ينهى اليه التخصيص اه. وقوله وهو عن الشافعى قال المحقق البنانى خص الشافعى رضى الله عنه بالذكر مع ان القول المذكور محل وفاق لانه قد اشتهر عنه اطلاق القول بان دلالته العام ظنية اه. وقوله وعلى كل فرد بخصوصه ظنية وهو عن الشافعية أي لاحتمال التخصيص وان لم يظهر مخصص فكل فرد بخصوصه يحتمل الاخراج ما عدا الاول فلذا اشار الناظم الى مذهبه الشافعى بقوله: دَلاَلَةُ العَامِ وأصْلُ الْمَعْنَى ... نَحْنُ فَقَطْ وَكُلُّ فَرْدٍ ظَنَّا وافاد شارح السعود ان دلالة العام على اصل معناه قطعية وان فهمنا من العام استغراقه لجميع افراده فليس مقطوعا به بل هو امر راجح أي مظنون لا الفاظه ظواهر فلا تدل على القطع الا بالقرائن كما انها لا تسقط دلالتها الا بالقرائن وهذا هو المختار عند المالكية قاله الابياري وقال مشائخ العراق من الحنفية وعامة متاخريهم ان العام يدل على ثبوت الحكم فى جميع ما تناوله من الافراد قطعا للزوم معنى اللفظ له قطعا حتى يقوم الدليل على خلافه ومرادهم بالقطع عدم الاحتمال الناشيء عن الدليل لاعدم الاحتمال مطلقا كما صرحوا به فلذا قال فى نظمه: وهو على فرد يدل حتما ..... وفهم لاستغراق ليس جزما بل هو عند الجل بالرجحان ... والقطع فيه مذهب النعمان واشار الناظم ايضا الى مذهب النعمان بقوله:. فالْحَنَفِيُّ مُطْلَقًا الجزء: 1 ¦ الصفحة: 125 قَطْعِيَّهْ. (وَعُمُومُ الْأَشْخَاصِ يَسْتَلْزِمُ عُمُومَ الْأَحْوَالِ وَالْأَزْمِنَةِ وَالْبِقَاعِ وعَلَيْهِ الشَّيْخُ الْإِمَامُ) أي ان عموم العام لجميع افراده يدل بالالتزام لا بالمطابقة على عموم الازمان والاحوال والامكنة لانها لا غنى للاشخاص عنها فقوله تعالى {الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِائَةَ جَلْدَةٍ} أي على كل زان على عَلَى أَيْ حَالٍ كان من طول وقصر وبياض وسواد وغير ذلك وَفِي أَيِّ زَمَانٍ وفى أي مكان كان وخص منه البعض كاهل الذمة اه. وعلى ذا الاستلزام الشيخ الامام والدالمصنف كالامام الرازي قال الجلال المحلى: وَقَالَ الْقَرَافِيُّ وَغَيْرُهُ الْعَامُّ فِي الْأَشْخَاصِ مُطْلَقٌ فِي الْمَذْكُورَاتِ لِانْتِفَاءِ صِيغَةِ الْعُمُومِ فِيهَا اه. فلذا قال الناظم: الْفَخْرُ والسُّبْكِيُّ لاَ القَرَافِي ... عُمُومُ الأشْخَاصِ إذَا يُوَافِي يَسْتَلْزِمُ العُمُومَ فِي الأَزْمِنَةِ ... وكُلِّ الأحْوَالِ وفِي الأمْكِنَةِ وقال شارح السعود مبينا ما ذهب اليه القرافى وغيره ان القرافي والامدي والاصبهانى شارح المحصول للامام الرازي قالوا ان العام فى الافراد مطلق فى الاحوال والازمنة والبقاع لانتفاء صيغة العموم فيها فما خص به العام على الاول مبين للمراد بما اطلق فيه على هذا. فلذا قال فى نظمه: ويلزم العموم في الزمان ... والحال للأفراد والمكان إطلاقه في تلك للقرافي .... وعمم التَّقِي إذا يُنافي قوله وعمم التقى الخ معناه ان تقى الدين بن دقيق العيد يقول ان تخصيص الاكتفاء فى المطلق بصورة محله فيما اذا لم يخالف الاقتصار عليها مقتضى العموم وان كان العمل به مرة واحدة يخالف مقتضى صيغة العموم قلنا بالعموم محافظة على مقتضى صيغة لامن حيث ان المطلق يعم والله اعلم (مَسْأَلَةٌ كُلٌّ وَاَلَّذِي وَاَلَّتِي وَأَيُّ وَمَا وَمَتَى وَأَيْنَ وَحَيْثُمَاوَنَحْوُهَا لِلْعُمُومِ حَقِيقَةً وَقِيلَ لِلْخُصُوصِ وَقِيلَ مُشْتَرَكَة وَقِيلَ بِالْوَقْفِ) هذا شروع فى الكلام على ادوات العموم وهى كل وقد تقدم فى مباحث الحروف وقدم الكلام عليها هنا لانها اقوي صيغ العموم وجميع ككل فى كونها من بعض الادوات التى تدل على العموم ولا بد من اضافة كل منهما للفظ حتى يحصل العموم فيه وكذا اجمع كما قال العلامة ابن عاصم معيد الضمير على العموم: لفظ جميع بعض ما يدل ... عليه مثل اجمع وكل وكذا الذي والتى وفروعهما كما قال فى السعود: صيغُه كلٌّ أو الجميع ..... وقد تلا الذي التي الفروع وكذا أي وما الشرطيتان والاستفهاميتان والموصولتان قال الجلال المحلى: وَأَطْلَقَهُمَا لِلْعِلْمِ بِانْتِفَاءِ الْعُمُومِ فِي غَيْرِ ذَلِكَ اه. وكذا متى للزمان قال المحقق البنانى وقيده ابن الحاجب وغيره بالمبهم وعليه فلا يقال متى زالت الشمس فاتنى قال ومضى العموم فى الزمان التوسعة فيه اه. قال شارح السعود وقيل ان متى ليست للعموم بل بمعنى ان واذا فمدخولها من القضايا مهملة وبعضهم قيد كونها للعموم بان تكون معها ما فلذا قال فى نظمه: أين وحيثما ومن أيٌّ وما ... شرطا ووصلا وسؤالا أفهما متى وقيل لا وبعض قيَّدا ..... وكذا اين فانها من صيغ العموم فى المكان وكذا حيثما فانها من صيغ العموم قال العلامة ابن عاصم متعرضا لصيغ العموم به ومن واين والذين وكل ما ... فرع عنه وكذا مهما وما ثم متى تعم فى الزمان ... كحيث ثم اين فى المكان وقوله ونحوها أي كجمع الذي والتى وكمن الاستفهامية والشرطية والموصولة وهو مراد الناظم: الجزء: 1 ¦ الصفحة: 126 بنحوها فى قوله: كُلٌّ وأيٌّ والَّذِي الَّتِي وَمَا ... ونَحْوُهَا متَىَ وأيْنَ حَيْثُمَا وهذه الادوات التى ذكرها المصنف ونحوها حقيقة فى العموم أي مستعملة فيه بوضع اول لتبادره الى الذهن قال الجلال السيوطى وهو الصحيح وراي الجمهور اه. وقيل للمخصوص حقيقة بمعنى انه للواحد فى المفرد وللاثنين فى المثنى وللاثنين او الثلاثة فى الجمع لانه المتيقن والعموم مجاز قال المحقق البنانى فيه انه فى غاية البعد بالنسبة لكل ونحوها كما لا يخفى اه وقيل مشتركة بين العموم والخصوص او فيهما قال الجلال السيوطى واختاره القاضى ابوبكر ونقله عن الاشعري ومعظم المحققين فلذاقال فى النظم معيدا الضمير على العموم: حَقِيْقَةٌ فِيْهِ وقِيْلَ فِي الْخُصُوصْ ... وقِيلَ فِيْهمَا وبِالوَقْفِ نُصُوصْ (و َالْجَمْعُ الْمُعَرَّفُ بِاللَّامِ أَوْ الْإِضَافَة خِلَافًا لِأَبِي هَاشِمٍ مُطْلَقًا ولِإِمَامِ الْحَرَمَيْنِ إذَا احْتَمَلَ مَعْهُودًا) أي والجمع المعرف باللام نحو {قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ} للعموم وكذا المعرف بالاضافة نَحْوُ {يُوصِيكُمْ اللَّهُ فِي أَوْلَادِكُمْ} قال المحقق البنانى مثل الجمع اسم الجمع اه. أي ان كان فيه ما وصف من التعريف فلذا قال العلامة ابن عاصم: والجمع مطلقابلام والف ... كذا اسمه ان كان فيه ما وصف والمعرف باللام وكذا بالاضافة يكون للعموم لتبادره الى الذهن قال شارح السعود والتبادر علامة الحقيقة وهذا مذهب اكثر اهل الاصول وعزاه القرافى للمذهب أي المالكي اه. وهذا فيما اذ لم يتحقق خصوص أي عهد فان تحقق صرف اليه فلذا قال فى السعود عاطفا على صيغ العموم: . وما مُعرَّفاً بأل قد وُجدا أو بإضافة إلى المُعرف ... اذا تحقق الخصوص قدنفى خلافا لابى هاشم من المعتزلة فى نفيه العموم عن المعرف المذكور احتمل عهدا اولا فهو عنده للجنس الصادق ببعض الافراد كما فى تزوجت النساء وملكت العبيد لانه المتيقن مالم تقم قرينة على العموم كما فى الايتين فى قوله سيحانه {قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ} وقوله {يُوصِيكُمْ اللَّهُ فِي أَوْلَادِكُمْ} فلذا قال الناظم عاطفا على ما يحصل به افادة العموم: والْجَمْعُ ذَا إِضَافَةٍ أوْ ألْ ولاَ ... عَهْدَ لَهُ وقِيْلَ لَيْسَ مُسْجَلاَ فقوله ولا عهدا الواو للحال وقوله وقيل الخ اشارة الى مذهب ابى هاشم وخلافا لابن الجوينى امام الحرمين فى انه اذا احتمل الجنس والعهد ولم يقم دليل على احدهما فلا يدل على العموم بل هو مجمل محتمل لهما فلذا قال الناظم: وابْن الْجُوَيْنِيِّ اذَا يَحْتَمِلُ ... عَهْدًا ولاَ قَرِيْنَةٌ فَمُجْمَلُ (وَالْمُفْرَدُ الْمُحَلَّى مِثْلُه خِلَافًا لِلْإِمَامِ مُطْلَقًا ولِإِمَامِ الْحَرَمَيْنِ وَالْغَزَالِيّ إذَا لَمْ يَكُنْ وَاحِدُهُ بِالتَّاء زَادَ الْغَزَالِيُّ أَوْ تَمَيَّز بِالْوَحْدَةِ) أي و المفرد المحلى باللام مثل الجمع المعرف بها فى انه للعموم ما لم يتحقق عهد قال الشيخ الشربينى لان الاستغراق هو المفهوم من الاطلاق حيث لا عهد فى الخارج ولا قرينة تدل على البعضية حتى يكون للعهد الخارجى او الذهنى اه. نحو {وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ} أَيْ كُلَّ بَيْعٍ وَخُصَّ مِنْهُ الْفَاسِدُ كَالرِّبَا وافاد العلامة ابن عاصم انها تكون للجنس لا للاستغراق حيث قال: ومفرد عرف بالاداة ... لكن اذا كانت فجنا تاتى وهو مذهب الامام الرازي حيث انه نفى العموم عنه مطلقا فهو عنده للجنس الصادق ببعض الافراد كما فى لبست الثوب وشربت الماء لانه المتيقن ما لم تقم قرينة على العموم كما فى {إنَّ الْإِنْسَانَ لَفِي خُسْرٍ إلَّا الَّذِينَ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 127 آمَنُوا} قال فى تلخيص المفتاح وهو أي الاستغراق ضربان حقيقي نحو عالم الغيب والشهادة أي كل غيب وشهادة وعرفى كقولنا جمع الامير الصاغة أي صاغة بلده او مملكته واستغرق المفرد اشمل بدليل صحة لارجال فى الدار اذا كان فيها رجل او رجلان دون لا رجل اه. فلذا قال فى الجوهر المكنون: وكونه باللام فى النحو علم ... لكن الاستغراق فيه ينقسم الى حقيقي وعرفى وفى ... فرد من الجمع اعم فاقتفى واشار الناظم الى قول الفخر الرازي معيدا الضمير على الجمع المعرف بقوله: ومِثْلُهُ الْمُفْرَدُ إِنْ تَعَرَّفَا ... وإِنْ يُضَفْ فالفَخْرُ مُطْلَقًا نَفَى قال فى الشرح والمضاف من زيادتى أي على المصنف وخالف ابوالمعالى امام الحرمين والغزالى غيرهما نفيهما العموم عنه اذا لم يكن واحده بالتاء او تميز واحده بالوحدة كالرجل اذ يقال رجل واحد فهو فى ذلك للجنس الصادق بالبعض نحو شَرِبْت الْمَاءَ وَرَأَيْت الرَّجُلَ مَا لَمْ تَقُمْ قَرِينَةٌ عَلَى الْعُمُومِ نَحْوُ الدِّينَارُ خَيْرٌ مِنْ الدِّرْهَمِ أَيْ كُلُّ دِينَارٍ خَيْرٌ مِنْ كُلِّ دِرْهَمٍ قال الجلال المحلى: وَكَانَ يَنْبَغِي أَنْ يَقُولَ وَتَمَيُّزٌ بِالْوَاوِ بَدَلٌ أَوْ لِيَكُونَ قَيْدًا فِيمَا قَبْلَهُ فَإِنَّ الْغَزَالِيَّ قَسَمَ مَا لَيْسَ وَاحِدُهُ بِالتَّاءِ إلَى مَا يَتَمَيَّزُ وَاحِدُهُ بِالْوَحْدَةِ فَلَا يَعُمُّ وَإِلَى مَا لَا يَتَمَيَّزُ بِهَا كَالذَّهَبِ فَيَعُمُّ كَالْمُتَمَيِّزِ وَاحِدُهُ بِالتَّاءِ كَالتَّمْرِ اه. واشارالناظم الى ماذكره المصنف مستثنيا من المحلى الذي يسفاد به العموم بقوله: وغَيْرَ ذِي التَّاءِ أبُو الْمَعَالِي ... أوْ وِحْدَةٍ مَيّزَتِ الغَزَالِي (و َالنَّكِرَةُ فِي سِيَاقِ النَّفْيِ لِلْعُمُومِ وَضْعًا وَقِيلَ لُزُومًا وَعَلَيْهِ الشَّيْخُ الْإِمَام نَصًّا إنْ بَنَيْت عَلَى الْفَتْح وَظَاهِرًا إنْ لَمْ تَبْنِ) من صيغ العموم النكرة فى سياق النفي بجميع ادواته كما ولن وليس ولا قال المحقق البنانى ولو معنى فيشمل النهى نحو لا تضرب احدا والاستفهام الانكاري نحو هل تعلم له سميا اه. ودلالتها على العموم فى سياق النفى وضعا بان تدل عليه مطابقة اذ التركيب الذي وقع فيه العام محكوما عليه الدلالة فيه ذات مطابقة وقيل لزوما قال المحقق البنانى يؤيده قول النحاة ان لا فى نحو لا رجل فى الدار لنفى الجنس فان قضيته ان العموم بطريق اللزوم دون الواضع اه. وعلى دلالة الا التزام الشيخ الامام والد المصنف كالحنفية والى القولين اشار الناظم بقوله: في النفيِ ذو تنكيرٍ العمومَا ... وضعًا وقال الحنفي لزوما ودرج فى السعود على الاول نافيا اللزوم فى قوله: وقيل بالظهور في العموم .... وهو مفاد الوضع لا اللزوم وافاد ايضا فى الشرح انه يصح التخصيص بالقصد أي بالنية لما دل عليه اللفظ العام بالالتزام أي او بالتضمن واحري بالمطابقة وان بعض النجباء وهم الحنفية منعوا التخصيص لما دل عليه العام بالالتزام أي او بالتضمن فيما يظهر حيث قال: بالقصد خَصِّصِِ التزاما قد أبَى ... تخصيصه إياه بعضُ النجبا. وسواء كان النفى مباشرا النكرة نحو لارجل فى الدار او لم يباشرها نحو ما فى الدار من رجل قال الشيخ حلولو وحكى ولى الدين عن الامدي ان النفى اذا لم يباشرها نحو ليس فى الدار رجل فلا تدل على العموم قال وهو خلاف المشهور اه. والى الخلاف اشار العلامة ابن عاصم بقوله: ففى سياق النفى عمت نكرة ... والخلف فى الفصل به ان تنكره ثم ان النكرة اذا كانت مبنية لتركبها مع لا فدلالتها على العموم نص نحو لا اله الاالله وكذا يعطى التركيب النصوصية على العموم دخول من الاستغراقية وهي التى زادها الناظم على المصنف كما ياتى نحو ما جاءنى من الجزء: 1 ¦ الصفحة: 128 رجل كما تقدم فى مبحث الحروف كما زاد ان النكرة تكون فى سياق الشرط للعموم نحو من ياتنى بمال اجازة فلا يختص بمال وتكون النكرة ظاهرة فيه ان لم تبن نحو ما فى الدار رجل فلذا قال: نَصًّا مَعَ البِنَاءِ أوْ مِنْ يُعْطِي ... وفِي سِوَاهُ ظَاهِرًا والشَّرْطِ وذكر فى السعود ان المنكر كما يكون للعموم فى سياق النفى اذا بنى مع لا كذلك يكون للعموم اذا زيدت من التى للاستغراق مع المنكر حيث قال معيدا الضمير على صيغ العموم: وفي سياق النفي منها يُذكر .... إذا بُني أو زيد مِن منكرُ وكذا يستفاد العموم اذا كانت الصيغة من الالفاظ الملازمة للنفى كديار وهى نحو الثلاثين صيغة وما عدا ماذكر فانه عند القرافى لا يعم حيث قال عاطفا على هذا البيت قبله: أو كان صيغة لها النفي لزِم .... وغيرُ ذا لدى القرافي لا يَعُم (وَقَدْ يُعَمَّمُ اللَّفْظُ عُرْفًا كَالْفَحْوَى وَحُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهَاتُكُمْ أَوْ عَقْلًا كَتَرْتِيبِ الْحُكْمِ عَلَى الْوَصْف وَكَمَفْهُومِ الْمُخَالَفَةِ وَالْخِلَافُ فِي أَنَّه لَا عُمُومَ لَهُ لَفْظِيٌّ وفِي أَنَّ الْفَحْوَى بِالْعُرْفِ وَالْمُخَالَفَةَ بِالْعَقْلِ تَقَدَّمَ فِي مَبْحَثِ الْمَفْهُومِ) أي وقد يعم اللفظ فى العرف كاللفظ الدال على الفحوي أي مفهوم الموافقة بقيمة الاولى والمساوي على قول ضعيف تقدم فى مبحث المفهوم نحو {فَلَا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ} {إنَّ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوَالَ الْيَتَامَى} نقلهما العرف الى تحريم جميع الاتلافات والإذاءات واستفادة العموم من اللغة هو الاكثر ومن التعميم من جهة العرف القول بالتعميم فيما ورد فيه اضافة الحكم الى الاعيان نحو حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهَاتُكُمْ فانه نَقَلَهُ الْعُرْفُ مِنْ تَحْرِيمِ جَمِيعِ الِاسْتِمْتَاعَاتِ الْمَقْصُودَةِ مِنْ النِّسَاءِ مِنْ الْوَطْءِ وَمُقَدِّمَاتِه وقد يستفاد العموم من العقل وذلك كترتيب الحكم على الوصف فانه يفيد علية الوصف للحكم وذلك يفيد العموم بالعقل بمعنى انه كلما وجدت العلة وجد المعلول مثاله اكرم العالم اذا لم تجعل اللام فيه للعموم ولا عهد وكمفهوم المخالفة على قول تقدم فى مبحث المفهوم وهو ضعيف من ان دلالة اللفظ على المفهوم المخالف غير المذكور المنطوق به تستفاد بواسطة العقل لا باللفظ وهو انه لولم ينف المنطوق الحكم عما عداه لم يكن لذكره فائدة كما فى الصحيحين {مَطْلُ الْغَنِيِّ ظُلْمٌ} أَيْ بِخِلَافِ مَطْلِ غَيْرِهِ وقال شارح السعود والحاصل ان اللفظ الدال على مفهوم الموافقة والمخالفة صار عاما فيهما بواسطة العرف فى الاول وبواسطة العقل فى الثانى فلذا قال فى نظمه مشيرا لما يستفاد به العموم:..كذاك مفهوم بلا مُختَلف مختلف بفتح اللام بمعنى اختلاف واشار الناظم الى ما افاده المصنف بقوله: عُرْفًا وعَقْلا رُبَّمَا يُوَافِي ... كالْحُكْمِ بالعَيْنِ أوْ الأوْصَافِ رَتَّبَهُ وَقسْمِي الْمَفْهُومِ فِي ... قَوْلٍ وَلَفْظِيًا عُمُومُهُ يَفِي قال فى الشرح لو قال أي مصنفنا بدل تقدم على قول كان اخصر واوضح فلذلك عبرت به بدله وقولى ولفظيا الى ءاخره أي من خالف فى عموم المفهوم فخلافه عائد الى اللفظ والتسمية هل يسمى عاما اولا بناء على ان العموم من عوارض الالفاظ والمعانى او الالفاظ فقط امامن جهة المعنى فهو شامل لجميع صور ما عدا المذكور بما تقدم من عرف او عقل اه. (و معيار العموم الاستثناء ) أي انه يستدل على عموم اللفظ بقبوله الاستثناء قال المحقق البنانى أي دليل تحققه الاستثناء من معناه اه. وقال الشيخ الشربينى أي ضابط الكلى صحة الاستثناء وهذا مع كونه ضابطا للعموم دليل عام لجميع صيغة بعد ما تقدم من الادلة الحاصلة اه. وقال الجلال السيوطى اشتهر على السنة العلماء ان الجزء: 1 ¦ الصفحة: 129 معيار العموم الاستثناء ومعناه يستدل على عموم اللفظ بقبوله الاستثناء فانه اخراج ما لولاه لوجب دخوله فى المستثنى منه فيجب ان تكون كل الافراد واجبة الاندراج وهذا معنى العموم وقد اورد على هذاصحة الاستثناء من العدد ولا عموم فيه واجاب عنه ابن السبكى بانا لم نقل كل مستثنى عام بل قلنا كل عام يقبل الاستثناء فمن اين العكس واعترض بان معيار الشيئ ما يسعه وحده فاذا وسع غيره معه خرج على كونه معيارا فاللفظ يقتضى اختصاص الاستثناء بالعموم ولذلك لم يشترط ابن مالك فى الاستثناء كونه من عام بل حوزه من النكرة فى الاثبات بشرط الفائدة نحو جاءنى قوم صالحون الا زيد وخرج عليه الاستثناء من العدد اه. والى هذا اشار بقوله فى النظم على نزاع زيادة على المصنف حيث قال: نَعَمْ والاسْتِثْنَاءُ مِعْيَارُ العُمُومْ ... عَلَى نِزَاعٍ (وَالْأَصَحُّ أَن َّ الْجَمْعَ الْمُنَكَّر لَيْسَ بِعَامٍّ وأَنَّ أَقَلَّ مُسَمَّى الْجَمْعِ ثَلَاثَةٌ لَا اثْنَانِ وانه يَصْدُقُ عَلَى الْوَاحِدِ مَجَازًا) أي وَالْأَصَحُّ أَنَّ الْجَمْعَ الْمُنَكَّر فى الاثبات نحو جاء عبيد لزيد ليس بعام فى جميع افراده فلذا قال الناظم: والأصَحُّ لا عُمُومْ. لِلْجَمْعِ نُكْرًا. قال شارح السعود ان الجمع المنكر فى الاثبات نحو جاء عبيد لزيد ليس بعام على الصح وهومذهب الجمهور فيحمل على اقل الجمع ثلاثة او اثنين فلذا قال فى نظمه معيدا الضمير على ما عدا العموم فيه اصح. منه منكر الجموع عُرفا .... والاصح ان اقل مسمى الجمع كرجال ومسلمين ثلاثة لا اثنان فلذا قال الناظم: وفِي أقَلِّ الْجَمْعِ مَذْهَبَانِ ... أقْوَاهُمَا ثَلاثَةٌ لا اثْنَانِ والاصح ان الجمع يصدق على الواحد مجازا لاستعماله فيه نحو قول الرجل لامرأته وقد برزت لرجل اتتبرجين للرجال وقرينة المجاز استواء الواحد والجمع فى كراهة التبرج له فلذا قال الناظم: والأصَحُّ جَازَا ... إطْلاقُهُ لِوَاحِدٍ مَجَازَا (و تَعْمِيمُ الْعَامِّ بِمَعْنَى الْمَدْحِ وَالذَّم إذَا لَمْ يُعَارِضْهُ عَامٌّ آخَرُ وَثَالِثُهَا يَعُمُّ مُطْلَقًا وتَعْمِيمُ نَحْوَ لَا يَسْتَوُونَ ولَا أَكَلْت قِيلَ وَإِنْ أَكَلْت) أي والاصح تعميم العام فيما اذا تضمن مدحا او ذما بان سيق لاحدهما اذا لم يعارضه عام آخر لم يسق لذلك اذ ما سيق له لا ينافى تعميمه فان عارضه العام المذكور لم يعم فيما عورض فيه جمعا بينهما وقيل لا يعم مطلقا حيث انه لم يسق للتعميم وثالث الاقوال يعم مطلقا كغيره وينظر عند المعارضة الى مرجح والناظم اشار الى هذه الاقوال فقال: وأنَّهُ يَبْقَى عَلَى التعْمِيمِ ... ما سيقَ للمدحِ أو التذْميمِ مَا لَمْ يُعَارِضْهُ عُمُومٌ لَمْ يُسَقْ ... وَفِيهِ قَوْلانِ بِإطْلاقٍ نَسَقْ فمثاله من غير معارض {إنَّ الْأَبْرَارَ لَفِي نَعِيمٍ وَإِنَّ الْفُجَّارَ لَفِي جَحِيمٍ} وَمَعَ الْمُعَارِضِ {وَاَلَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ إلَّا عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ} فَإِنَّهُ وَقَدْ سِيقَ لِلْمَدْحِ يَعُمُّ بِظَاهِرِهِ الْأُخْتَيْنِ بِمِلْكِ الْيَمِينِ جَمْعًا وَعَارَضَهُ فِي ذَلِكَ {وَأَنْ تَجْمَعُوا بَيْنَ الْأُخْتَيْنِ} فَإِنَّهُ وَلَمْ يُسَقْ لِلْمَدْحِ شَامِلٌ لِجَمْعِهِمَا بِمِلْكِ الْيَمِينِ فان المعارض يقدم عليه واما عند المالكية فقال شارح السعود ان العموم الذي سيق للمدح او للذم او لغرض آخر لا يصرفه ذلك عن العموم وعزاه الرهونى للاكثر واختاره ابن الحاجب قال فى التنقيح وذكر العام فى معرض المدح او الذم لا يخصص خلافا لبعض الفقهاء اه. فلذا قال نظمه: وماأتى للمدح أو للذم ... يعُمُّ عند جل أهل العلم والاصح تعميم لا يستوون من قوله تعالى {أَفَمَنْ كَانَ مُؤْمِنًا كَمَنْ كَانَ فَاسِقًا لَا الجزء: 1 ¦ الصفحة: 130 يَسْتَوُونَ} {لَا يَسْتَوِي أَصْحَابُ النَّارِ وَأَصْحَابُ الْجَنَّةِ} قال الجلال المحلى: فَهُوَ لِنَفْيِ جَمِيعِ وُجُوهِ الِاسْتِوَاءِ الْمُمْكِنِ نَفْيُهَا لِتَضَمُّنِ الْفِعْلِ الْمَنْفِيِّ لِمَصْدَرٍ مُنَكَّرٍ اه. قال المحقق البنانى عبارة العضد انه نكرة فى سياق النفى لان الجملة نكرة باتفاق النحاة ولذلك يوصف النكرة دون المعرفة فوجب التعميم كغيره من النكرات وليس هذا قياسا فى اللغة بل استدلال بالاستقراء اه. قال الجلال السيوطى: وهذا ما صححه ابن برهان والامدي وابن الحاجب وهو مذهبنا وقيل لا يعم نظرا الى ان الاستواء المنفى عدم الاشتراك من بعض الوجوه وهذا مذهب الحنفية واختاره الامام واتباعه كالبيضاوي اه. والاصح تعميم نحو لا اكلت من قولتك بالماكولات قال الجلال السيوطى وهذا ما رجحه اليضاوي وقيل ليس بعام وعليه الحنفية ورجحه الامام اه. فان وقع فى سياق الشرط نحو وان اكلت فزوجتى طالق مثلا فهو للمنع من جميع الماكولات ففيه مذهبان احدهما انه يعم فيقبل التخصيص وبه قال الشافعي قال القرافى وهو ظاهر مذهبنا واختاره ابن الحاجب والبيضاوي والابياري فلذا قال فى السعود عاطفا على صيغ العموم: ونحو لا شربت او ان شربا الثانى انه لا عموم له وبه قال ابو حنيفة ورجحه الامام نعم نقل اتفاق الحنفية وغيرهم على العموم وقبول التخصيص بالنية فيما اذا ذكر المصدر نحو والله لا اكلت اكلا ونوي به شيئا معينا فلا خلاف بين الحنفية وغيرهم انه لا يحنث بغيره فلذا قال فى السعود: واتفقوا ان مصدر قد جلبا واشار الناظم الى المسائل الثلاثة التى تكلم عليها المصنف عاطفا على الاصح فقال: وَأَنَّ نَفْيِ الاسْتِوَا عَمَّ ولاَ ... أكَلْتُ معْ وإنْ أكلْتُ مثَلاَ ((لَا الْمُقْتَضِي و َالْعَطْفُ عَلَى الْعَام وَالْفِعْلُ الْمُثْبَتُ وَنَحْوُ كَانَ يَجْمَعُ فِي السَّفَر وَلَا الْمُعَلَّقُ بِعِلَّة لَفْظًا لَكِنْ قِيَاسًا خِلَافًا لِزَاعِمِي ذَلِكَ) ذكر المصنف رحمه الله تعالى فى هذه الجمل مسائل الاصح فيها عدم العموم منها المقتضى بكسر الضاد قال الجلال المحلى: وَهُوَ مَا لَا يَسْتَقِيمُ مِنْ الْكَلَامِ إلَّا بِتَقْدِيرِ أَحَدِ أُمُورٍ يُسَمَّى مُقْتَضَى بِفَتْحِ الضَّادِ فَإِنَّهُ لَا يَعُمُّ جَمِيعًا لِانْدِفَاعِ الضَّرُورَةِ بِأَحَدِهَا وَيَكُونُ مُجْمَلًا بَيْنَهَا يَتَعَيَّنُ بِالْقَرِينَةِ اه. قال الشيخ حلولو وبه قال الغزالى والامدي وابن الحاجب وغيرهم الثانى انه عام وحكاه القاضى عبد الوهاب عن اكثر الشافعية والمالكية اه. قال شارح السعود ان المقتضى قال جل السلف أي اكثر المالكية والشافعية بعمومه كما حكاه عنهم القاضى عبد الوهاب فلذا قال فى نظمه: والمقتضى اعم جل السلف.. مثاله حديث رفع عن امتى الخطاء والنسيان فلوقوعها لا يستقيم الكلام بدون تقدير المؤاخذة او الضمان او نحو ذلك فعلى الاول تقدر المؤاخذة لفهمها عرفا وعلى هذا الاخير يقدر جميعها حذرا من الاجمال وكذا العطف على العام فانه لا يقتضى العموم فى المعطوف وقيل يقتضيه لوجوب مشاركة المعطوف للمعطوف عليه فى الحكم وصفته مثاله حديث {لَا يُقْتَلُ مُسْلِمٌ بِكَافِرٍ وَلَا ذُو عَهْدٍ فِي عَهْدِهِ} قال الجلال المحلى: يَعْنِي بِكَافِرٍ وَخُصَّ مِنْهُ غَيْرُ الْحَرْبِيِّ بِالْإِجْمَاع اه. قال المحقق البنانى أي اخرج منه غير الحربى فيقتل به اه. قال الجلال المحلى: قُلْنَا لَا حَاجَةَ إلَى ذَلِكَ بَلْ يُقَدَّرُ بِحَرْبِيٍّ. أي مزاول الامر وكذا الفعل المثبت بدون ونحو كان يجمع فى السفر مما اقترن بكلام فلا يعم اقسامه قال شارح السعود الجزء: 1 ¦ الصفحة: 131 ان الاصح فى كان فى الاثبات انها ليست صيغة عموم واحري غيرها من الافعال كالنكرة المثبتة فمثل لكان بكان يجمع بين الصلاتين فى السفر حيث انه لا يعم اقسامه من جمع التقديم والتاخير ومثل للفعل المثبت بدون كان بحديث بلال انه صلى الله عليه وسلم صَلَّى دَاخِلَ الْكَعْبَةِ قال اذ لا يشهد اللفظ باكثر من صلاة واحدة وجمع واحد واشار فى النظم الى كان والذي انعطف عليها عاطفا على ما عدم العموم فيه اصح بقوله: وكان والذي عليه انعطفا. والى المسائل الاربعة اشار الناظم بقوله: لاَ الْمُقْتَضِي والْفِعْلُ مُثْبَتًا ولاَ ... مَعْ كَانَ والعَطْفُ عَلَى عَامٍ جلا وكذا الحكم المعلق بعلة فانه لا يعم كل محل وجدت فيه العلة لفظا لكن يعمه قياسا وقيل يعمه لفظا مثاله ان يقول الشارع حَرَّمَت الخمر لاسكارها فانه لا يعم كل مسكر لفظا وقيل يعمه لذكر العلة فكانه قال حرمت المسكر والى هذه المسالة اشار الناظم بقوله: ولاَ ... مُعَلَّقٌ بِعِلَّةٍ لَفْظًا تلاَ. وقوله خلافا لزاعمى ذلك أي خلاف لزاعمى العموم فى المقتضى وما بعده (و أَنَّ تَرْكَ الِاسْتِفْصَالِ يَنْزِلُ مَنْزِلَةَ الْعُمُومِ) أي والاصح ان ترك الشارع طلب التفصيل فى حكاية حال الشخص ينزل منزلة العموم فى المقال وذلك كما فى قوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِغَيْلَانَ بْنِ سَلَمَةَ الثَّقَفِيِّ وَقَدْ أَسْلَمَ عَلَى عَشْرِ نِسْوَةٍ أَمْسِكْ أَرْبَعًا وَفَارِقْ سَائِرَهُنَّ} فَإِنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ يَسْتَفْصِلْ هَلْ تَزَوَّجَهُنَّ مَعًا أَوْ مُرَتِّبًا فلولا ان حكم امساك الاربع يعم الترتيب والمعية لما اطلق الكلام لامتناع الاطلاق فى موضع التفصيل المحتاج اليه واشارالناظم الى ما اشار اليه المصنف بقوله: وان تركه للاستفصال .... يجعل كالعموم فى المقال وعليه المالكية ايضا فلذا قال فى السعود: ونزلن ترك الاستفصال .... منزلة العموم فى الاقوال قال الجلال السيوطى وقيل لا ينزل منزلة العموم بل يكون الكلام مجملا وعليه الحنفية اه. نعم لا تعارض بين ذي المسالة اعنى مسالة ترك الاستفصال فى الاقوال وبين قول الشافعى وقائع الاحوال اذا تطرق اليها الاحتمال كساها ثوب الاجمال وسقط بها الاستدلال اذ الاولى محمولة على الوقائع التى فيها قول من النبى صلى الله عليه وسلم فتعم جميع الاحتمالات والثانية وهي مسالة وقائع الاحوال محمولة على الوقائع التى ليس فيها الا مجرد فعله صلى الله عليه وسلم فلا تعم جميع الاحتمالات بل هى من المجمل اذ الفعل لا عموم له والى ذي المسالة الشافعية اشار اليها ناظم السعود فى الاصول المالكية بقوله: قيام لاحتمال في الأفعال ... قل مجمل مسقط الاستدلال (و أَنَّ نَحْوَ يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ لَا يَتَنَاوَلُ الْأُمَّة ونَحْوَ يَا أَيُّهَا النَّاسُ يَشْمَلُ الرَّسُولَ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ وَإِنْ اقْتَرَنَ بِقُل وَثَالِثُهَا التَّفْصِيلُ وانه يَعُمُّ الْعَبْد وَالْكَافِرَ وَيَتَنَاوَلُ الْمَوْجُودِينَ دُونَ مَنْ بَعْدَهُمْ) أي والاصح ان نحو {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ اتَّقِ اللَّهَ} ياايها المدثر قم فانذر لَا يَتَنَاوَلُ الْأُمَّةَ) مِنْ حَيْثُ الْحُكْمُ لِاخْتِصَاصِ الصِّيغَةِ بِهِ لغة وعرفا وهو مذهب الشافعية واما مذهبنا معاشر المالكية فافاد شارح السعود ان السنى بفتح السين أي المشهور فى مذهب مالك تعميم الخطار الخاص بالنبيء صلى الله عليه وسلم فيتناول الامة من جهة الحكم لامن جهة اللفظ الاما ثبت فيه الخاصة قال قال الرهوني واختلف فى تعميم القول الخاص به صلى الله عليه وسلم قول المالكية وظاهر قول مالك انه عام فلذا قال فى نظمه: وما به قد خوطب النبى ... تعميمه فى الجزء: 1 ¦ الصفحة: 132 المذهب السنى. أي هو السنى أي المشهور كما مر وقال فى الشرح وقال احمد وابوحنيفة ان ما خوطب النبى صلى الله عليه وسلم عام للامة ظاهرا لان امر القدرة امر لاتباعه معه عرفا كامر السلطان اميرا بفتح بلد فيحمل على العموم الا بدليل خارجى يصرف ويوجب تخصيصه به اه. والاصح ان نحو يا ايها الناس يشمل الرسول عليه الصلاة والسلام وان اقترن بقل وقيل لا يشمله مطلقا لانه ورد على لسانه للتبليغ لغيره وثالث الاقوال التفصيل فان اقترن بقل فلا يشمله لظهوره فى التبليغ والا فيشمله واشار فى السعود الى الاقوال الثلاثة بقوله: وما يعم يشمل الرسولا .... وقيل لا ولنذكر التفصيلا أي وهو من قدمناه وذكره فى شرحه واشار الناظم الى مسالتى النبىء والناس بقوله: وأَنَّ نَحْوَ أيُّهَا النَّبِيُّ ... لاَ يَشْمَلُ الأُمَّةَ والْمُرْضِيُّ فِي أيُّهَا النَّاسُ الرَّسُولُ يَدْخُلُ ... وإِنْ بِقُلْ ثَالِثُهَا يُفَصَّلُ والاصح ان نحو يا ايها الناس يعم العبد شرعا اذ لا كلام فى انه يعمه لغة وقيل لا يعمه لصرف منافعه الى سيده شرعا قال الجلال المحلى: قلنا فى غير اوقات ضيق العبادات اه. فلذا وافق العلامة ابن عاصم المصنف حيث قال: وفى خطاب الناس فى الافهام ... يندرج العبيد فى الاحكام وكذا يعم الكافر وقيل لا بناء على عدم تكلفه بالفروع ويتناول كذلك الموجودين وقت وروده دون من يجيء بعدهم فلذا قال الناظم: وأنَّهُ لِكَافِرٍ وعَبْدِ ... يَشْمَلُ دُونَ مَنْ يَجِي مِنْ بَعْدِ كما قال فى السعود: والعبد والموجود والذي كفر ... مشمولة له لدى ذوي النظر (وأَنَّ مَنْ الشَّرْطِيَّةَ تَتَنَاوَلُ الْإِنَاثَ وأَنَّ جَمْعَ الْمُذَكَّرِ السَّالِم لَا يَدْخُلُ فِيهِ النِّسَاءُ ظَاهِرًا وأَنَّ خِطَابَ الْوَاحِدِ لَا يَتَعَدَّاه وَقِيلَ يَعُمُّ عَادَةً) أي والاصح ان من الشرطية تتناول الاناث قال الجلال السيوطى وقيد فى جمع الجوامع من بالشرطية تبعا لامام الحرمين وقال الهندي الظاهر انه لا فرق بينها وبين الاستفهامية والموصولة والخلاف جار فى الجمع اه. وعلى ذا التعميم درج شارح السعود قائلا ان من شرطية كانت او استفهامية او موصولة تتناول الاناث عند الاكثر وقال امام الحرمين باتفاق كل من ينتسب للتحقيق من ارباب اللسان والاصول وقالت شرذمة من الحنفية لا تتناولهن فقالوا فى قوله صلى الله وسلم من بدل دينه فاقتلوه لا يتناولهن فالمراة عندهم لا تقتل بالردة ودليل الاكثر قوله تعالى ومن يعمل من الصالحات من ذكر او انثى اذ لولا تناولها للانثى وضعا لما صح ان يبين بالقسمين اه. فلذا قال فى نظمه: وما شمول من للانثى جنف ... فالجنف فالتحريك الميل عن الصواب أي ان القول بشمول من على عمومها ليس ميلا عن الصواب والاصح ان جمع المذكور السالم كالمسلمين لا يدخل فيه النساء ظاهرا وانما يدخلن فيه بقرينة تغليبا للذكور قال الجلال المحلى: وَقِيلَ يَدْخُلْنَ فِيهِ ظَاهِرًا لِأَنَّهُ لَمَّا كَثُرَ فِي الشَّرْعِ مُشَارَكَتُهُنَّ لِلذُّكُورِ فِي الْأَحْكَامِ لَا يَقْصِدُ الشَّارِعُ بِخِطَابِ الذُّكُورِ قَصْرَ الْأَحْكَامِ عَلَيْهِمْ. اه. وتعرض الناظم الى الاختلاف فى ذي مشيرا الى الاصح فيما قبلها بقوله: وأنَّ مَنْ تَنَاوَلَ الأنْثَى خِلاَف ... جَمْعِ الذُّكُورِ سَالِمًا إذَا يُوَافْ وعندنا معاشر المالكية ان الصحيح اندراج النساء فى خطاب التذكير فيشمل الجميع فلذا قال العلامة ابن عاصم: كذا الخطاب للرجال يشمل .... فى حكمه النساء حيث ينقل قال شارح السعود: قال فى التنقيح والصحيح عندنا اندراج النساء فى خطاب التذكير قاله القاضى عبد الوهاب وكذا الحنابلة الجزء: 1 ¦ الصفحة: 133 وصححه بعض الشافعية لان النساء شقائق الرجال فى الاحكام الاما دل دليل على تخصيصه ولان النحاة قالوا ان عادة العرب اذا قصدت المذكر والمؤنث ذكروا الجميع بصيغة المذكر ولا يفردون المؤنث كما هو عادتهم فى تغليب المتكلم على المخاطب والمخاطب على الغالب والعقلاء على غيرهم اه. والى الاختلاف فيه اشار بقوله: وفى شبيه المسلمين اختلفوا ... اذ شبيه المسلمين المسلمات والاصح ان خطاب الواحد وارادة الجمع فيما يتشاركون واشار الناظم الى القول الاصح بقوله: وانه لا يتعدد أي الخطاب. لواحد. قال شارح السعود والاصح انه لا يعم أي عند المالكية ايضا قال قال حلولو نعم قد يعم الحكم بقياس او نص يدل على مساواة ثم قال وذهبت الحنابلة الى ان خطاب الواحد وما فى معناه يعم الامة لجريان العادة بخطاب الواحد وارادة الجميع اه. فلذا قال فى نظمه: خطاب واحد لغير الحنبلي .... من غير رَعْيِ النص والقَيْس الجَلي فقوله لغير متعلق بلا يعم مقدرا (و أَنَّ خِطَابَ الْقُرْآنِ وَالْحَدِيثِ بِيَا أَهْلَ الْكِتَاب لَا يَشْمَلُ الْأُمَّةَ) أي والاصح ان الخطاب الذي فى القرءان او الحديث بيا اهل الكتاب لا يشمل غيرهم لان اللفظ قاصر عليهم وقيل يشمل فيما تحصل فيه المشاركة بين اهل الكتاب والامة قال المحقق البنانى قال الكمال ان الشمول هنا هل هو بطريق العادة العرفية او الاعتبار العقلي فيه الخلاف وعلى هذا ينبنى استدلال الائمة بمثل قوله تعالى (اتامرون الناس بالبر) الاية فان هذه الضمائر لبنى اسرائيل قال وهذا كله فى الخطاب على لسان نبينا صلى الله عليه وسلم واما خطابهم على السنة انبيائهم فهى مسالة شرع من قبلنا والقول بانه يعمهم بطريق الاعتبار العقلى وهو القياس لا ينفيه المصنف انما ينفى العموم من حيث اللفظ بالصيغة او العادة اه. وقال الجلال السيوطى واما عكس ذلك أي ما ذكره المصنف من خطاب اهل الكتاب بان يقع الخطاب للمؤمنين فهل يشمل اهل الكتاب فلم يذكره فى جمع الجوامع وذكرته من زيادتى اه. أي وهو قوله فى النظم: وأنَّ يَا أهْلَ الْكِتَابْ لاَ يَشْمَلُ الأُمَّةَ دُونَ عَكْسِهِ ... قال وفى الشرح وفيه أي فى عكس صورة المصنف ايضا قولان حكاهما ابن السمعانى فى الاصطلاح احدهما انه لا يشملهم بناء على انهم غير مخاطبين بالفروع والثانى نعم واختاره ابن السمعانى قال وقوله ياايها الذين آمنوا خطاب تشريف لا تخصيص اه. (وأَن َّ الْمُخَاطِبَ دَاخِلٌ فِي عُمُومِ خِطَابِهِ إنْ كَانَ خَبَرًا لَا أَمْرًا) أي والاصح ان المخاطب بكسر الطاء داخل في عموم متعلق خطابه ان كان خبرا نحو {وَاَللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ} وَهُوَ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَالِمٌ بِذَاتِهِ وَصِفَاتِهِ لا ان كان امرا قال المحقق البنانى مثله النهى كما صرح به فى شرح المختصر فمثاله فى الامر قول السيد لعبده وقد احسن اليه من احسن اليك فاكرمه لبعد ان يريد الامر نفسه او فلا تهنه فى النهى كذلك بخلاف المخبر وقيل لا يدخل مطلقا لبعد ان يريد المخاطب نفسه الا بقرينة قال المحقق البنانى هذا هو التحقيق اه. قال الجلال المحلى: وَصَحَّحَ الْمُصَنِّفُ الدُّخُولَ فِي الْأَمْرِ فِي مَبْحَثِهِ بِحَسَبِ مَا ظَهَرَ لَهُ فِي الْمَوْضِعَيْنِ اه. واشار الناظم الى ما ذكره المصنف هنا والى الاطلاق الذي ذكره هناك فيما مر فى مبحث الامر حيث قال:.. وأنَّهُ يَدْخُلُ قَوْلَ نَفْسِهِ إنْ كَانَ قَوْلاًخَبَراً لاَ أمْرَا ... ورُجِّحَ الإطْلاقُ فِيْمَا مَرَّا فالضمير الجزء: 1 ¦ الصفحة: 134 رجح عائد على الاصل الذي هو المصنف (وأَنَّ نَحْوَ {خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ} يَقْتَضِي الْأَخْذَ مِنْ كُلِّ نَوْعٍ وتوقف الامدي) أي اذا اجتمعت صيغة تبعيض مع جمع معرف باللام او بالاضافة فالاصح الذي عليه الجمهور وجوب حمل الجمع على جميع انواعه نظرا لمدلول العام من انه كلية فقوله تعالى {خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صدقة} يقتضى الاخذ من كل نوع من مال كل واحد بالنظر الى ان المعنى من جميع الاموال قال المحقق البنانى النظر الى ذلك هو الموافق لما مر من عد الجمع المعرف بالاضافة من صيغ العموم وان مدلول العام كلية اه. فلذا ذكر الناظم ان شرط الامتثال يحصل بالاخذ من كل نوع حيث قال: وأنَّ نَحْوَ خُذْ مِنَ الأمْوَالِ ... مِنْ كُلِّ نَوْعٍ شَرْطُ الامْتِثَال قال الشيخ الشربينى انما كان دالا على الاخذ من كل نوع دون كل فرد مع انه مقتضى العموم لانه مخصوص بالادلة المانعة عن الاخذ من القليل اه. وقيل لا بل يحصل الامتثال بالاخذ من نوع واحد قال الشيخ الشربينى حلولو وقال الكرخى انما يقتضى الاخذ من نوع واحد من مال كل واحد واختاره ابن الحاجب والقرافى قال لان الله لو قال اقتلوالمشركين رجلا خرجنا من العهدة بواحد فصيغة العموم مع التبعيض تبطل عمومها فى ذلك الحكم المتبعض فيصدق على كل واحد انه ابن رجل من رجال العالم اه. وقال شارح السعود فصيغة التبعيض تبطل صيغة العموم فى ذلك الحكم المتبعض وهو يصدق ببعض مدخولها وهو نوع واحد واجيب بان التبعيض فى العام ان يكون باعتبار كل جزء من جزءياته اه. نعم سيف الدين الامدي توقف عن ترجيح واحد من القولين قال الشيخ حلولو قال ولى الدين وينبنى على الخلاف ما وقع فى الفتاوي ما لو شرط على المدرس ان يلقى كل يوم ما تيسر من علوم ثلاثة وهى التفسير والاصول والفقه هل يجب ان يلقى من كل واحد منها او يكفيه ان يلقى من واحد منها اه. واشار ناظم مراقى السعود الى حكم ذي المسالة والنزاع فيها وما ابتنى عليه بقوله: وعمم المجموع للأنواع ... إذا بمِن جر على نزاع كمِنْ عُلُومٍ ألق بالتفصيل ... للفقه والتفسير والأصول كمل بعون الله الجزء الاول ويليه الجزء الثانى الذي يبتدا فيه بالتخصيص الجزء: 1 ¦ الصفحة: 135 الجزء الثانى من الكتاب المسمى بالاصل الجامع فى ايضاح الدرر المنضومة فى سلك جمع الجوامع تاليف العالم النحرير العلامة الشهير الشيخ سيدي حسن ابن الحاج عمر بن عبد الله السيناوني المدرس من الطبقة العليا فى علوم القرءات بالجامع الاعظم جامع الزيتونة ادام الله عمرانه اجازة الشيخ النظار الحمد لله حق حمده والصلاة والسلام على سيدنا ومولانا محمد نبيه وعبده وءاله وصحبه من بعده وبعد فقد عرض العالم الفاضل الزكى الشيخ حسن السيناونى المدرس من الطبقة الاولى فى فن القرءات بالجامع الاعظم جامع الزيتونة عمره الله كتابه المسمى بالاصل الجامع لايضاح الدرر المنظومة فى سلك جمع الجوامع فاذا هو واضح العبارة كثير النقل صحيح النقل الحل مفيد فى بابه فقررت النظارة العلمية فى جلستها المنعقدة فى يوم التاريخ اجابة طلب مؤلفه نشره واجازت طبعه والله يشكر سعي مؤلفه فى جمعه وعنايته والسلام وكتب فى 22ذي الحجة الحرام سنة 1347 وفى جون 1928. صح احمد بيرم - محمد الطاهر ابن عاشور - محمد رضوان - صالح المقالى الجزء: 2 ¦ الصفحة: 1 وصلى الله على سيدنا محمد وعلى اله وصحبه وسلم ( التخصيص قَصْرُ الْعَامِّ عَلَى بَعْضِ أَفْرَادِه) التخصيص لغة الافراد وهو مصدر خصص بمعنى خص فالتضعيف هنا بمعنى اصل الفعل دون دلالة على التكثير الذي تفيده هذه الصيغة غالبا واصطلاحا ما عرفه به المصنف بقوله قصر العام على بعض افراده أي بان لا يراد منه البعض الاخر من حيث الحكم قال المحقق البنانى سواء اريد تنوله من حيث اللفظ كالعام المخصوص ام لم يرد ذلك كالعام المراد به الخصوص اه. وقال شارح السعود موضحا ما ياتى فى نظمه وذلك القصر على بعض الافراد لا بد ان يكون مع اعتماد على غير أي دليل على التخصيص فلذا قال فى تعريفه نظما: قصر الذي عم مع اعتماد ... غير على بعض من الافراد ولم يقل المصنف بدليل استغناء بالقصر اذ القصر لا يكون الا بدليل وحده العلامة ابن عاصم بقوله: فحده اخراج بعض ما استقر ... فى جهة العموم قبل ان يفر وعرفه الناظم بقوله: القَصْرُ لِلْعَام عَلَى بَعْضِ اللَّذَا ... يَشْمَلُهُ التَخْصِيصُ وفتح ذال اللذا مراعاة لذا الاتى فى آخرالمصراع الثانى وعدل المصنف فى التعريف عن قول ابن الحاجب مسمياته لان مسمى العام واحد قال الجلال المحلى: وَهُوَ كُلُّ الْأَفْرَادِ اه. قال المحقق البنانى أي مجموع الافراد من حيث هو مجموع أي المشبه المركبة من الاحاد بجملتها اه. (وَالْقَابِلُ لَهُ حُكْمٌ ثَبَتَ لِمُتَعَدِّدٍ) أي والقابل للتخصيص حكم ثبت لمتعدد اما لفظا بان يكون المتعدد ملفوظا به مدلولا عليه باللفظ فى محل النطق واما معنى بان يكون المتعدد مفهوما للفظ وهو ما كان مدلولا عليه باللفظ لا فى محل النطق ونبه المصنف بقوله حكم ثبت لمتعدد ان المخصوص فى الحقيقة الحكم الجزء: 2 ¦ الصفحة: 2 فالتقدير حينئذ التخصيص قصر حكم العام فمثال المتعدد لفظا قوله تعالى {فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ} وَخُصَّ مِنْهُ الذِّمِّيُّ وَنَحْوُهُ وَمَعْنًى كَمَفْهُومِ {فَلَا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ} مِنْ سَائِرِ أَنْوَاعِ الْإِيذَاءِ وَخُصَّ مِنْهُ حَبْسُ الْوَلَدِ بِدَيْنِ الْوَالِدِ فَإِنَّهُ جَائِزٌ عَلَى مَا صَحَّحَهُ الْغَزَالِيُّ وَغَيْرُهُ افاده المحلى وقال الناظم مشيرا لقابل التخصيص. والقابل ذا. حكم الذي تعدد قد ثبتا (و َالْحَقُّ جَوَازُهُ إلَى وَاحِدٍ إنْ لَمْ يَكُنْ لَفْظُ الْعَامِّ جَمْعًا وَإِلَى أَقَلِّ الْجَمْعِ إنْ كَانَ وَقِيلَ مُطْلَقًا وَشَذَّ الْمَنْعُ مُطْلَقًا وَقِيلَ بِالْمَنْعِ إلَّا أَنْ يَبْقَى غَيْرُ مَحْصُور وَقِيلَ إلَّا أَنْ يَبْقَى قَرِيبٌ مِنْ مَدْلُولِهِ) اختلف القائلون بالعموم وتخصيصه فى الغاية التى ينتهى التخصيص اليها على اقوال فالحق جوازه الى واحد ان لم يكن لفظ العام جمعا كَمَنْ وَالْمُفْرَدُ الْمُحَلَّى بِالْأَلِفِ وَاللَّام وَإِلَى أَقَلِّ الْجَمْعِ ثَلَاثَةٍ أَوْ اثْنَيْنِ ان كان جَمْعًا كَالْمُسْلِمِينَ وَالْمُسْلِمَاتِ وقال شاح السعود ان القفال قال ان لفظ العام ان كان جمعا كالمسلمين فلابد من ابقاء اقل الجمع اثنين او ثلاثة على ماسياتى قريبا وفى معنى الجمع اسم الجمع كقوم ونساء ورهط ووجه وجوب اقل الجمع عنده فى الجمع المحافظة على معنى الجمعية المعتبرة فى الجمع اه. فلذا قال فى نظمه: وموجب اقله القفال وقيل الى واحد مطلقا نظرا فى الجمع الى ان افرده آحاد كغيره قال شارح السعود ان التخصيص يجوز الى واحد فى الجمع لان التحقيق والصحيح ان افراده آحاد لا جماعات بدليل ان الجمع كثيرا مايطلق ويرادبه الواحد قال فى التنقيح ويجوز عندنا أي معاشر المالكية للواحد هذا اطلاق القاضى عبد الوهاب ما الامام فحكى اجماع اهل السنة فى ذلك فى من وما ونحوهما أي من اسماء الشروط والاستفهام والمراد الامام الرازي هو شافعى اه. قال فى نظمه: جوازه لواحد في الجمع .... أتت به أدلة في الشرع وقال العلامة ابن عاصم: وجائز تخصيص ما عم الا ... بقاء واحد له علا والى القولين اشار الناظم بقوله: . وَجَازَ لِلْوَاحِدِ في عامٍ أتَى. خِلافَ جَمْعٍ وَأَقَلُّ الْجَمْعِ في ... جَمْعٍ وَقِيْلَ مُطْلَقًا لَهُ يَفِي واما القول بان التخصيص لا يجوز الا الى اقل الجمع مطلقا ولا يجوز الى واحد فانه شاذ قال شارح السعود ان القول بامتناع التخصيص الى الواحد سواء كان لفظ العام جمعا او لا وان غاية جوازه ان يبقى اقل الجمع له اعتلال أي ضعف فلذا قال فى نظمه: ..والمنع مطلقا له اعتلال وافاد ان الاثنين هما اقل معنى الجمع الحقيقي وما فى معناه من نحو رهط وقوم وغير ذلك فى راي الامام الحميري أي الامام مالك رضى الله عنه قال قال فى التنقيح قال القاضى ابوبكر مذهب مالك ان اقل الجمع اثنان ووافق القاضى على ذلك الاستاذ ابو الحسن وعبد الملك بن الماجشون من اصحابه قال والحق عند الاصبهانى فى شرح المصول وعند السعد التفتازانى فى التلويح على التنقيح ان كون اقل الجمع ثلاثة او اثنين لا فرق فيه بين جمع القلة والكثرة ثم افاد انهما اذا كانا للعموم لا فرق بينهما باعتبار المبدا والمنتهى نعم اذا كانا منكرين افترقا فى المنتهى فمنتهى جمع القلة العشرة أي وهي الجموع التى اشار اليها ابن مالك فى الخلاصة بقوله: افعلة افعل ثم فعلة ... ثمت افعال جموع قلة واما جمع الكثرة فلا منتهى له اه. فلذا قال فى نظمه: أقل معنى الجمع في المشتهر ... الاثنان في رأي الإمام الحميري ذا كثرة أم لا وإن مُنَكَّرا ... والفرق في انتهاء ما قد نُكِّرا الجزء: 2 ¦ الصفحة: 3 قوله فى راي الاما جواب عن سوال دل عليه قوله المشتهر فكانه قيل أي راي اشتهر فقال فى مذهب الامام مالك رحمه الله تعالى وقيل لا بد من بقاء جمع غير محصور فى جواز التخصيص من العام والا فيمنع وصححه الامام الرازي والبيضاوي وغيرهما وقيل لابد من بقاء جمع يقرب من مدلول العام قال الجلال السيوطى حاكيا هذالقول عن المصنف وقد قال شراحه انه عين القول الذي قبله لان المراد بقربه من مدلول العام ان يكون غير محصور فلذالك حذفته اه. أي من النظم حين تمم المسالة بقوله: وَقِيلَ بِالْمَنْعِ لِفَرْدٍ مُطْلَقَا ... وَقِيْلَ حَتَّى غَيْرُ مَحْصُورٍ بَقَى (و َالْعَامُّ الْمَخْصُوصُ عُمُومُهُ مُرَادٌ تَنَاوُلًا لَا حُكْمًا والْمُرَادُ بِهِ الْخُصُوصُ لَيْسَ مُرَادًا بل كلى اُسْتُعْمِلَ فِي جُزْئِيّ وَمِنْ ثَمّ كَانَ مَجَازًا قَطْعًا) فرق المصنف رحمه الله تعالى كوالده بين العام المخصوص والعام الذي اريدبه الخصوص قال الزركشى ان البحث عن التفريق بين العام المخصوص والعام المراد به الخصوص من مهمات هذا العلم ولم يتعرض له الاصولييو وقد كثر بحث المتاخرين فيه كالسبكى ووالده الشيخ الامام اه. فالفرق بينهما ان العام المخصوص عمومه مراد تناولا بحسب الاستعمال والارادة ليصح الاخراج لا حكما اذ بعض الافراد لا يشمله الحكم نظرا للمخصوص قال ناظم السعود: وذو الخصوص هو ما يُستعمل .... في كل الاَفْرَاد لدى من يعقل والعام المراد به الخصوص ليس عمومه مرادا حكما ولا تناولا بحسب الاستعمال والارادة بل هو كلى من حيث ان له افرادا بحسب الاصل استعمل فى أي فرد منها فلذا قال الناظم فارقا بينهما مقتديا باصله: والعَامُ مَخْصُوصًا عُمُومُهُ مُرَادْ ... تَنَاوُلاً لاَالْحُكْمَ وَالَّذِي يُرَادْ بِهِ الْخُصُوصُ لَمْ يُرِدْ بَلْ هُوَ ذَا ... أفْرَادٍ استعْمِلَ فِي فَرْدٍ خُذَا تكلم شارح السعود ايضا على العام الذي اريد به الخصوص قائلا ان السبكى ووالده جعلا أي اعتقدا فى العام المراد به الخصوص انه مستعمل فى بعض من افراده فليس عمومه مرادا تناولا ولاحكما بل هو كلى من حيث ان له افرادا فى اصل الوضع لكن استعمل فى جزئ أي بعض من تلك الافراد كان البعض واحدا او اكثر مثال الواحد {الَّذِينَ قَالَ لَهُمْ النَّاسُ} أَيْ نُعَيْمُ ومثال الثانى {أَمْ يَحْسُدُونَ النَّاسَ} أي العرب على تاويل اه. فلذا قال فى نظمه وما به الخصوص قد يُراد .... جعله في بعضها النقاد والنقاد هم الذين يميزون بين الجيد وغيره وحيث انه كلى استعمل فى جزءي كان مجازا مرسلا قطعا علاقته الكلية والجزئية قال الجلال المحلى: ويصح ان تكون علاقته المشابهة وقال فيه ناظم السعود: والثانيَ اعز للمجاز جزما. ... ومن اجل ما قرر فيه قال الناظم: ومن هُنَا كان مجازًا مجمعا ... وعد شارح السعود من هذا القسم المحاشاة وهي اخراج الحالف شيئا يتناوله لفظه بالنية دون اللفظ فلذلك كانت عاما مرادا به الخصوص قال كقصر القصد أي التخصيص بالنية دون لفظ اه. فلذا قال فى نظمه: ثم المحاشاة وقصر القصد ... من آخر القسمين دون جحد وآخر القسمين هو العام المراد به الخصوص (وَالْأَوَّل الْأَشْبَهُ حَقِيقَة وِفَاقًا لِلشَّيْخِ الْإِمَامِ وَالْفُقَهَاء وقال إنْ كَانَ الْبَاقِي غَيْرَ مُنْحَصِرٍ وَقَوْمٌ إنْ خُصَّ بِمَا لَا يَسْتَقِل إمَامُ الْحَرَمَيْنِ حَقِيقَةٌ وَمَجَازٌ بِاعْتِبَارَيْنِ تَنَاوُلِهِ وَالِاقْتِصَارِ عَلَيْهِ وَالْأَكْثَرُ مَجَازٌ مُطْلَقًاوقيل إنْ اُسْتُثْنِيَ مِنْهُ وقيل إنْ خُصَّ بِغَيْر لفظ) أي والاول الذي هو العام المخصوص الاشبه انه حقيقة فى البعض الجزء: 2 ¦ الصفحة: 4 الباقى بعد التخصيص وفاقا للشيخ الامام والد المصنف والفقهاء الحنابلة وكثير من الحنفية واكثر الشافعية لان تناول اللفظ للبعض الباقى فى التخصيص كتناوله له بلا تخصيص وذلك التناول حقيقي فليكن هذا التناول حقيقيا ايضا فلذا قال الناظم فى ذا العام المخصوص. والفُقَهَا واختارهُ السُّبْكِيُّ ... حَقِيْقَةٌ وَنَجْلُهُ الذَّكِيُّ وقال ابوبكر الرازي من الحنفية حقيقة ان كان الباقى غير منحصر لبقاء خاصة العموم والا فمجاز وقوم حقيقة ان خص بما لا يستقل كصفة اوشرط او استثناء لان مالا يستقل جزء من المقيد به فالعموم بالنظر اليه فقط قال المحقق البنانى كقولك اكرم بنى تميم العلماء فهوعام فى افراد العلماء من بنى تميم وهكذا القول فى الاستثناء كقولك قام القوم الا زيدا هو عام فى افراد القوم المغايرين لزيد وقس على ذلك. قال الناظم حاكيا القولين: وقِيْلَ إنْ لَمْ يَنْحَصِرْ باقٍ يقِلّْ ... وقِيلَ إنْ خُصَّ بِمَا لاَ يَسْتَقِلّْ وقال امام الحرمين انه حقيقة ومجاز باعتبارين فباعتبار تناول البعض حقيقة وباعتبار الاقتصار عليه مجاز فلذا قال الناظم: وابْنُ الْجُوَيْنِيْ بِهِمَا صِفْ باِعْتِبَارْ ... تَنَاوُلٍ لِبَعْضَهِ والاقْتِصَارْ والاكثر مجاز مطلقا لاستعماله فى بعض ما وضع له اولا والتناول لهذا البعض حيث لا تخصيص انما كان حقيقيا لمصاحبته للبعض الاخر فلذا قال الناظم فى ذا الاول اعنى العام المخصوص مشبها بالثانى اعنى العام الذي اريد به الخصوص فى كونه مجازا:. وهكذا الأولُ في الذي ادعَى أكْثَرُهمْ. قال شارح السعود ان العام المخصوص نماه الاكثر لفرع الحقيقة وهو المجاز مطلقا لاستعماله فى بعض ما وضع له اولا والتناول لهذا البعض حيث لا تخصيص انماكان حقيقيا لمصاحبته للبعض الاخر وعزاه القرافى لبعض المالكية وبعض الشافعية وبعض الحنفية واختاره ابن الحاجب والبيضاوي والصفى الهندي ونصره الكمال ابن الهمام وقال السبكى الاشبه حقيقة أي فى البعض الباقى بعد التخصيص اه. فلذا قال فى نظمه معبرا عن الحقيقة بالاصل والمجاز بالفرع مشيرا للعام المخصوص. وذاك للاصل وفرع ينمى. وقيل مجاز ان خص بغير لفظ كالعقل وان خص بدليل لفظي سواء كان متصلا او منفصلا فهو حقيقة وتعرض الجلال السيوطى فى شرحه لنظمه لفروق بين العام المخصوص والعام الذي اريد به الخصوص قائلا منها ان الاول أي العام المخصوص قرينته لفظية والثانى قرينته عقلية ومنها ان قرينة الاول قد تنفك عنه ومنها ان الثانى يصح ان يراد به واحد اتفاقا بخلاف الاول ففيه خلف اه. وذكر شارح السعود ان القسمين اللذين هما العام المخصوص والعام المراد به الخصوص متحدان عند المتقدمين من اهل الاصول كما يظهر من عدم تعرضهم للفرق بينهما وانما فرق بينهما المتاخرون كالسبكى ووالده فكل من القسمين عند الاقدمين عام مخصوص وعام مراد به الخصوص وافاد اولا كما تقدم آنفا للجلال السيوطى ان الفرق بينهما أي على مذهب المتاخرين من الاصوليين ان شبه الاستثناء من كل مخصوص قرينته لفظية سما أي علا وظهر عندهم فى الاول الذي هو العام المخصوص حيث قال فى نظمه: وشبه الاستثنا للاول سما .... واتحد القسمان عند القدما (والْمُخَصِّصُ قَالَ الْأَكْثَرُ حُجَّة وَقِيلَ إنْ خُصَّ بِمُعَيَّن وقيل بمتصل وقيل ان انبا عنه العموم وقيل فى اقل الجمع وقيل غيرحجة مطلقا) أي والعام الذي دخله التخصيص اختلف فى حجيته على مذاهب فقال الجزء: 2 ¦ الصفحة: 5 الاكثر انه حجة مطلقا من غير تقييد بما قيدت به الاقوال المذكورة للمصنف لاستدلال بعض الصحابة من غير نكير من باقيهم قال المحقق البنانى فهو اجماع سكوتى وقيل حجة ان خص بمعين نحو ان يقال اقتلوالمشركين الا اهل الذمة بخلاف التخصيص بالمبهم نحو الا بعضهم اذ ما من فرد الا ويجوز ان يكون هو المخرج وافاد فى السعود ان هذ القول هو الحجة لدي الاكثر حيث قال فى شرحه فالمخصص بمبهم ليس بحجة اتفاقا خلافا للسبكى فى جعله مذهب الاكثر للاحتجاج به مطلقا ثم قال وقيل ان خصص بمعين خلاف ما يظهر من كلام الامدي وابن الحاجب وبه صرح الرهونى والقرافى ان الخلاف انما هو فى التخصيص بمعين وقال الامام الرازي المختار انه ان خص تخصيصا مجملا لا يجوز التمسك به قال القرافى وهذ يوهم ان هذا المذهب قال به احد ولا اعلم فيه خلافا اه. وافاد حجته فى نظمه بقوله: وهو حجة لدى الأكثر إن .... مخصص له معينا يبن وقال العلامة ابن عاصم: ثم الذي خصص يبقى حجه ... من بعد ذا للمتقدمين نهجه وقيل يكون حجة ان خص بمتصل كشرط واستثناء والا فلا وعليه الكرخي وقيل يكون حجة فى الباقى ان انبا عنه العموم قال الجلال المحلى: نَحْوُ {فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ} فَإِنَّهُ يُنْبِئُ عَنْ الْحَرْبِيِّ لِتَبَادُرِ الذِّهْنِ إلَيْهِ كَالذِّمِّيِّ الْمُخْرَجِ بِخِلَافِ مَا لَا يُنْبِئُ عَنْهُ الْعُمُومُ، نَحْوُ {وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا} فَإِنَّهُ لَا يُنْبِئُ عَنْ السَّارِقِ لِقَدْرِ رُبُعِ دِينَارٍ فَصَاعِدًا عَنْ حِرْزٍ مِثْلِهِ كَمَا لَا يُنْبِئُ عَنْ السَّارِقِ لِغَيْرِ ذَلِكَ الْمُخْرَجِ إذْ لَا يُعْرَفُ خُصُوصُ هَذَا التَّفْصِيلِ إلَّا مِنْ الشَّارِعِ اه. وقيل هو حجة فى اقل الجمع ثلاثة او اثنين لانه المتيقن وما عداه مشكوك فيه لاحتمال ان يكون قد خص قال الجلال المحلى: وَهَذَا مَبْنِيٌّ عَلَى قَوْلٍ قَدْ تَقَدَّمَ إنَّهُ لَا يَجُوزُ التَّخْصِيصُ إلَى أَقَلَّ مِنْ أَقَلِّ الْجَمْعِ مُطْلَقًا اه. أي وهو ما تقدم فى قول المصنف وشذ المنع مطلقا وقيل اه غير حجة مطلقا ومعناه انه يصير مجملا لا يستدل به فى الباقى الا بدليل للشك فيما يراد منه لاحتمال ان يكون قدخص بغير ماظهر قاله ابوثور وعزاه الرهوتى لابن ابان وزاد الجلال السيوطى على المصنف ان محل الخلاف فيما اذا قيل ان العام المخصوص من قبيل المجاز واما على انه حقيقة فهو حجة قطعا فلذا زاد فى النظم ذا مع حكاية الاقوال قائلا والأكْثَرْوْنَ حُجَّةٌ وقِيلِ لاَ ... وقِيلَ إنْ خَصَّصَهُ مَا اتَّصَلاَ وقِيلَ غَيْرُ مُبْهَمٍ وقِيلَ فِي ... أقَلِّ جَمْعٍ دُونَ مَا فَوقُ يَفِي وقِيلَ إنْ عَنْهُ العُمُومُ أنْبَأَ ... والْخُلْفُ مِمَّنْ ذَا تَجَوُّزًا رَأَى ولما تكلم الشيخ حلولو فى الضياء اللامع على هذه المسالة عقد تنبيها قائلا فيه ذكر القرافى فى جواز القياس على الصور المخصوصة خلافا اه. وتكلم شارح السعود ايضا على ذالقياس قائلا ان القاضى اسماعيل من المالكية وجماعة من الفقهاء اوجبوا القياس على الخارج من العام بمخصص للمصلحة التى هى تكثير الاحكام فاذا استثنى الشارع صورة لحكمة ثم وجدت صورة اخري تشاركها فى تلك الحكمة وجب ثبوت ذلك الحكم فيها تكثيرا للحكم وايضا فان ابقاء اللفظ على عمومه اعتبار لغوي ومراعاة المصالح اعتبار شرعى والشرعى مقدم على اللغة قاله فى التنقيح ومذهب الاكثر منع ذلك القياس اه. فلذ اشار فى نظمه الى ذا المذهب برب التى للتكثير قائلا: وقس على الخارج للمصالح .... ورُبَّ شيخٍ لامتناعٍ جانح أي ورب شيوخ كثيرين مالوا الى امتناع القياس على الخارج حيث ان القياس الجزء: 2 ¦ الصفحة: 6 عليه يفضى الى تكثير مخالفة الاصل (وَيُتَمَسَّكُ بِالْعَامِّ فِي حَيَاةِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَبْلَ الْبَحْثِ عَنْ الْمُخَصِّصِ وَكَذَا بَعْدَ الْوَفَاةِ خِلَافًا لِابْنِ سُرَيْجٍ وثالثها ان ضاق الوقت ثُمَّ يَكْفِي فِي الْبَحْثِ الظن خلافا للقاضى) أي يعمل بالعام فى جميع افراده قيل البحث عنه هل دخله تخصيص ام لا فى حياته صلى الله عليه وسلم بلاخلاف كما صرح به الاستاذ ابو اسحاق الاسفرائينى وكذا بعد الوفاة خلافا لابن سريج ومن تبعه فى قوله لا يتمسك به قبل البحث لاحتمال المخصص واجيب بان الاصل عدمه وهذا الاحتمال منتف فى حياة النبى صلى الله عليه وسلم لان التمسك بالعام وقت ثبوت حياته صلى الله عليه وسلم الاتى ذلك العام بحسب الامر الواقع ثابت فى الوقائع التى ورد ذلك العام لاجلها وهو قطعى الدخول لكن عندالاكثر قال الجلال المحلى: وَمَا نَقَلَهُ الْآمِدِيُّ وَغَيْرُهُ مِنْ الِاتِّفَاقِ عَلَى مَا قَالَهُ ابْنُ سُرَيْجٍ مَدْفُوعٌ بِحِكَايَةِ الْأُسْتَاذِ وَالشَّيْخِ أَبِي إسْحَاقَ الشِّيرَازِيِّ الْخِلَافَ فِيهِ وَعَلَيْهِ جَرَى الْإِمَامُ الرَّازِيُّ واقتصر الامدي وغيره فى النقل عن الصيرفى على وجوب اعتقاد العموم قبل البحث عن المخصص وَعَلَى قَوْلِ ابْنِ سُرَيْجٍ لَوْ اقْتَضَى الْعَامُّ عَمَلًا مُؤَقَّتًا وَضَاقَ الْوَقْتُ عَنْ الْبَحْثِ هَلْ يُعْمَلُ بِالْعُمُومِ احْتِيَاطًا أَوْ لَا خِلَافٌ حَكَاهُ الْمُصَنِّفُ عَنْ حِكَايَةِ ابْنِ الصَّبَّاغِ وَذَكَرَهُ هُنَا أَوَّلًا بِعد قوله خلافا لابن سريج بِقَوْلِهِ وَثَالِثُهَا إنْ ضَاقَ الْوَقْتُ ثُمَّ تَرَكَهُ لِأَنَّهُ لَيْسَ خِلَافًا فِي أَصْلِ الْمَسْأَلَةِ اه. وليس كذلك ثم يكفى فى البحث على عَلَى قَوْلِ ابْنُ سُرَيْجٍ الظَّنُّ بِأَنْ لَا مُخَصِّصَ خِلَافًا لِلْقَاضِي) أَبِي بَكْرٍ الْبَاقِلَّانِيِّ فِي قَوْلِهِ لَا بُدَّ مِنْ الْقَطْعِ قَالَ وَيَحْصُلُ القطع أي قوة الظن بِتَكْرِيرِ النَّظَرِ وَالْبَحْثِ وَاشْتِهَارِ كَلَامِ الْأَئِمَّةِ على ذلك العام مِنْ غَيْرِ أَنْ يَذْكُرَ أَحَدٌ مِنْهُمْ مُخَصِّصًا. والى المسالة اشار الناظم بقوله: وفِي حَيَاةِ الْمُصْطَفَى يَجُوزُ أنْ ... يُؤْخَذَ بالعامِ بغيرِ البَحْثِ عَنْ مُخَصِّصٍ وبَعْدَهاَ علَى الأصَحّْ ... والظَّنُّ يَكْفِي فِيهِ فِي الِّذي رَجَحْ (الْمُخَصِّصُ قسمان الاول المتصل وهو خمسة الاستثناء وهو الاخراج بالا او احدي اخواتها مِنْ مُتَكَلِّمٍ وَاحِدٍ وَقِيلَ مُطْلَقًا) المخصص عرفا الدليل المفيد للتخصيص وفى الاصل المتكلم بالتخصيص قال الشيخ حلولو ذهب الامام وبه صرح الرهونى وغيره الى ان المخصص فى الحقيقة هو ارادة المتكلم ويطلق على الدليل عليها مجازا وحكى القاضى عبد الوهاب فى ذلك قولين قال والصحيح انه حقيقة فى الدليل الدال عليها واذا ثبت هذا فهو قسمان كما ذكره المصنف متصل ومنفصل لانه اما ان يستقل بنفسه وهو المنفصل او لا يستقل وهو المتصل اه. قال المحقق البنانى والمعنى بان لا يستقل الا مقارنا للعام لعد استقلاله بالافادة بنفسه اه. وهو خمسة انواع واشار اليه العلامة ابن عاصم بقوله: ثم المخصصات منها متصل .... كالشرط والغاية غير منفصل والى القسمين اعنى المتصل والمنفصل اشار الناظم بقوله: قِسْمَانِ مَا خَصَّصَ ذُوْ اتِّصَالِ ... خَمْسَةُ أنْوَاعِ وذُوْ انْفِصَالِ وقال شارح السعود فى تعريف المتصل نقلا عن الشيخ ان الاستثناء المتصل هو ان تحكم بنقيض ما حكمت به اولا على جنس ماحكمت عليه اولا اه. فلذا افاده فى نظمه بقوله: والحكم بالنقيض للحكم حصل ... لما عليه الحكم قبلُ متَّصِل واحد انواع المتصل الخمسة هو ما يدل على الاستثناء ثم ان الاستثناء تعريفه هو الجزء: 2 ¦ الصفحة: 7 الْإِخْرَاجُ أي مِنْ مُتَعَدِّدٍ بِإِلَّا أَوْ إحْدَى أَخَوَاتِهَا ويصدر ذلك الاخراج مع المخرج منه من متكلم واحد وقيل مطلقا قال الجلال المحلى: فَقَوْلُ الْقَائِلِ إلَّا زَيْدًا عَقِبَ قَوْلِ غَيْرِهِ جَاءَ الرِّجَالُ اسْتِثْنَاءٌ عَلَى الثَّانِي لَغْوٌ عَلَى الْأَوَّلِ اه. وافاد الناظم ايضا بقوله معيدا الضمير على انواع الاستثناء: فَمِنْهَا الاسْتِثْنَاءُ الاخْرَاجُ بِمَا ... يُفِيْدُهُ مِنْ وَاحِدٍ تَكَلَّمَا وقيل مطلقا. قال شارح السعود وكذلك الفعل المضارع من الاستثناء كاستثنى وكذلك ما يضارع أي يشبابهه من الماضى كخلا وعدا اذا نصبا فلذا قال فى نظمه: حروف الاستثناء والمضارعُ ..... من فعل لاستثنا وما يُضارع (و َيَجِبُ اتِّصَالُهُ عادة وعن ابن عباس الى شهر ابدا وعن سعيد بن جبير الى اربعة اشهر وعن عطاء والحسن فى المجلس وعن مجاهد الى سنتين وقيل مالم ياخذ فى كلام آخر وقيل بشرط ان ينوي فى الكلام وقيل يجوز فى كلا م الله فقط) اتفقوا على ان شرط الاستثناء الاتصال لغة واختلفوا هل يشترط اتصاله عادة ام لا فقيل يشترط اتصال الدال على الاستثناء بالمستثنى منه عادة فلا يضر انفصاله بتنفس او سعال او قئ او نحو ذلك وعن ابن عباس يجوز انفصاله الى شهر وقيل سنة وقيل ابدا روايات عنه والاصل فيما روي قوله تعالى: وَاذْكُرْ رَبَّك إذَا نَسِيت أَيْ إذَا نَسِيت قَوْلَ إنْ شَاءَ اللَّهُ وَتَذَكَّرْتَ فَاذْكُرْهُ وَلَمْ يُعَيِّنْ وَقْتًا فَاخْتَلَفَتْ الْآرَاءُ وآراء اصحاب الاقوال قال العلامة ابن عاصم معيدا الضمير على الاستثناء حاكيا قول ابن عباس: والوصل فيه لازما وما وصف ... عن ابن عباس ففي باب الخلف ومثل ان شاء الله الاستثناء وذكر شارح السعود وجوب الاتصال هنا وكذا فى البواقى من المخصصات المتصلة قال وحكى المارزي وجوبه فى كل التوابع من نعت وعطف وتوكيد وبدل بجامع كون كل منها فضلة فى الكلام غير مستقلة وافاد انه لا يجب عند الاضطرار الى الانفصال أي وذلك كما تقدم بنحو تنفس او سعال وان السكوت لاجل التذكار مبطل للاستثناء قال قال ابن عرفة ظاهر اقوال المذهب ان سكتة التذكار مانعة مطلقا اه. فلذا قال فى نظمه: وأوجب فيه الاتصالا. وفي البواقي دونما اضطرار ..... وابطلن بالصمت للتَّذْكار وعن سعيد ابن جبير يجوز انفصال الاستثناء الى اربعة اشهر وعن عطاء والحسن يجوز انفصاله ما دام المجلس وعن مجاهد يجوز انفصاله الى سنتين واشار الناظم الى هذه الاقوال بقوله: وَوَصْلُهُ وَجَبْ ... عُرْفًا ولِلْفَصْلِ ابنُ عَبَّاسٍ ذَهَبْ قِيلَ لِشَهْرِ ولِعَامٍ والأَبَدْ ... وسَنَتَيْنِ عَنْ مُجَاهِدٍ وَرَدْ وابْنُ جُبَيرِ ثُلْثَ عامٍ يَأْتَسِي ... وعَنْ عَطَا وحَسَنٍ فِي الْمَجْلِسِ وقيل يجوز الانفصال ما لم ياخذ فى كلام آخر وقيل يجوز بشرط ان ينوي الكلام قال المحقق البنانى هذا الشرط متفق عليه عند القائلين باشتراط اتصاله فلو لم ينو الاستثناء الا بعد فراغ المستثنى منه لم يصح وعليه لا يشترط وجود النية من اوله بل يكفى وجودها قبل فراغه على الاصح اه. والى القولين اشار الناظم بقوله: وقِيْلَ قَبْلَ الأخْذِ فِي كَلامَ ... وقِيلَ إنْ يَقْصِدْهُ فِي الكَلامِ وقيل يجوز انفصاله فى كلام الله تعالى فقط لانه تعالى لا يغيب عنه شيء فهو مراد له سبحانه اولا بخلاف غيره قال الجلال المحلى: وقد ذكر وَقَدْ ذَكَرَ الْمُفَسِّرُونَ أَنَّ قَوْله تَعَالَى {غَيْرُ أُولِي الضَّرَرِ} نَزَلَ بَعْدَ {لَا يَسْتَوِي الْقَاعِدُونَ مِنْ الْمُؤْمِنِينَ} إلَخْ فِي الْمَجْلِسِ وَقَرَأَهُ نَافِعٌ وَغَيْرُهُ بِالنَّصْبِ أَيْ عَلَى الِاسْتِثْنَاءِ كَمَا قَرَأَهُ أَبُو عَمْرو الجزء: 2 ¦ الصفحة: 8 وَغَيْرُهُ بِالرَّفْعِ أَيْ عَلَى الصِّفَة. فلذا قال الناظم: وقِيْلَ في كَلاَمهِ جَلَّ فَقَطْ.. قال الجلال السيوطى وهذه كلها مذاهب شاذة وافاد زيادة على المصنف ان من شرط الاتصال الاتفاق على اشتراط النية قبل فراغ المستثنى منه فلو لم يتعرض لنية الاستثناء الابعد الفراغ لم يعتد به قال ثم هل يكتفى بما قبل الفراغ او يعتبر وجودها فى اول الكلام قولان الصحيح الاول أي كما مر آنفا عن المحقق البنانى قال فى النظم مشترطا النية:.. والقَصْدَ مَنْ رَأَى اتِّصَالَهُ شَرَطْ فقوله والقصد الخ هو الزائد على المصنف أي والقصد الذي هوالنية اشترط عند من يري اتصال الاستثناء. (اما الْمُنْقَطِعُ فثالثها متواطئ والرابع مشترك والخامس الوقف) ذكر المصنف رحمه الله اولا الاستثناء المتصل ثم تعرض الان للاستثناء المنقطع قال شارح السعود فى تعريفه هو ان تحكم على غير جنس ما حكمت عليه اولا او بغير نقيض ما حكمت به اولا اه. فلذا قال آنفا فى تعريف المتصل: والحكم بالنقيض للحكم حصل ... لما عليه الحكم قبلُ متَّصِل وقال الان فى مقابله المنقطع.. وغيره منقطع. وعرفه الجلال المحلى بما هو متعارف وهو ان لايكون المستثنى فيه بعض المثتسنى منه نحو ما فى الدار احد الاحمار وافاد المصنف فيه مذاهب فقيل انه مجاز واختاره القاضى عبد الوهاب قال الشيخ حلولو واحتج بان علماء الامصار لم يحملوا الاستثناء على المنقطع الا عند تعذر المتصل وقال شارح السعود بعد ان ذكر ان الصحيح جواز وقوع الاستثناء المنقطع فى لسان العرب وان الباجى حكى عن ابن خويز منداد من المالكية منع وقوعه ونحوه لابن رشد فى المقدمات. قال واختار القاضى عبد الوهاب ان المنقطع مجاز والاستثناء حقيقة فى المتصل لتبادره الى الذهن لانصراف الاستثاء اليه عند الاطلاق ولا يطلق على المنقطع الا مقيدا به اه. فلذا قال فى نظمه: ورجحا. جوازاه وهو مجاز وضحا وافاد ان نحو قول القائل له على الف درهم الا ثوبا بالنصب للاضمار بناء على تقديمه على المجاز أي الا قيمة ثوب فيكون الثوب على هذا مستعملا فى موضوعه حقيقة قال وهذا احد القولين عندنا ارتكب فيه الاضمار وهمو خلاف الاصل ليصير متصلا فالكلام لا يحمل على المنقطع الا عند تعذر المتصل قال وقال القاضى انه مجاز ولعله من استعمال المقيد الذي هو الاخراج من الجنس فى المطلق الذي هو مطلق الاخراج فالثوب مراد به قيمته من تلزمه الالف ويعد قوله الاثوبا ندما اه. فلذا قال فى نظمه: فلْتنمِ ثوبا بعد ألف درهم .... للحذف والمجاز أو للندم فقوله فلتنم بلام الامر أي فلتنسب وزاد فى ذي المسالة قولا رابعا بالتفصيل وهو ان الاستثناء من غير الجنس يرجع فى الاقرار الى الحذف أي الاقيمته وفى العقود يكون بمعنى الواو قال وكونه بمعنى الواو فى المعاملات ذكره الابياري عن مالك قال وفى كتاب الصرف من المدونة اذا قلت بعتك هذه السيف بدينار الا قفيز حنطة كان القفيز مبيعا مع السلعة لانه لو استثنى من الدينا ر قيمة القفيز لقدر البيع للجهل بالثمن وهذا جار على اصل مالك من انه لا يراعى مناسبة الالفاظ من جهة اللغة فى صحة العقود اذا فهم المقصود قاله حلولو قال ولهذا يقولون المناقشة فى الالفاظ ليست من داب المحققين اذا فهم الجزء: 2 ¦ الصفحة: 9 المقصود اه. فلذا تعرض لذا التفصيل فى نظمه بقوله: وقيل بالحذف لدى الإقرار .... والعقدُ معنى الواو فيه جار والقول الثانى ان الاستثناء فى المنقطع حقيقة كالمتصل قال الجلال المحلى: لِأَنَّهَا الْأَصْلُ فِي الِاسْتِعْمَالِ أي الراجح والقول الثالث ان لفظ الاستثناء متواطئ فيه وفى المتحصل أي موضوع للقدر المشترك بينهما أي المخالفة بالا واحدي اخواتها قال الجلال المحلى: حَذَرًا مِنْ الِاشْتِرَاكِ وَالْمَجَازِ وقول المصنف والرابع مشترك أي بين المتصل والمنقطع قال الجلال المحلى: مكرر أي مع القول الثانى بانه حقيقة قال الا يريد بالمطوي الثانى انه حقيقة فى المنقطع مجاز فى المتصل ولاقائل بذلك فيما علمت اه. قال المحقق البنانى نقلا عن ابن قاسم اجاب المحشيان بان الظاهر ان مراد المصنف بالقول الثانى ما حكاه ابو اسحاق ان الاستثناء من غير الجنس لا يصح حقيقة ولا مجازا وان قال العضد لا نعرف خلافا فى صحته لغة اه. والقول الخامس الوقف أي لا يدري اهو حقيقة فيهما او في احدهما أي فى القدر المشترك بينهما وتعرض شارح السعود للقول المختار عند بعض المالكية قائلا ان اباالحسن الابياري المالكى اختار ان الاستثناء المنقطع حقيقة وهو الظاهر من كلام اهل العربية وعلى انه حقيقة فقيل الاستثناء متواطئ فيه وفى المتصل موضوع للقدر المشترك بينما قال وقيل ان الاستثناء مشترك بين المتصل والمنقطع فلذا قال فى نظمه: بشركة وبالتواطى قالا ... بعض وتعرض الناظم للاقوال التى ذكرها المصنف مسقطا منها الرابع حيث انه مكرر كما تقدم وصرح بالمجاز حيث انه الاصح كما قرر فقال: فِي المْجَازِ قَدْ سلَكْ ... وقِيلَ بالوَقْفِ وقِيلَ مُشْتَرَكْ وقِيلِ ذُو تَوَاطُء (وَالْأَصَحُّ وِفَاقًا لِابْنِ الْحَاجِبِ أَنَّ الْمُرَادَ بِعَشَرَةٍ فِي قَوْلِك عشرة الا ثلاثة الْعَشَرَةُ بِاعْتِبَارِ الْأَفْرَاد ثُمَّ أُخْرِجَتْ ثَلَاثَةٌ ثُمَّ أُسْنِدَ إلَى الْبَاقِي تَقْدِيرًا وَإِنْ كَانَ قَبْلَهُ ذِكْرًا وَقَالَ الْأَكْثَرُ الْمُرَادُ سَبْعَةٌ وَإِلَّاقرينة وقال القاضى عشرة الا ثلاثة بازاء اسمين مفرد ومركب) قال الشيخ حلولولما كا المستثنى مع المستثنى منه ربما يتوهم ان فيه تناقضا لان قولك مثلا على عشرة الا ثلاثة بالنصب اثبات الثلاثة فى ضمن العشرة ونفى لها بالصراحة ولاشك انهما لا يصدقان معافاضطروا الى تقدير دلالة على وجه يرفع التناقض واختلفوا فى تقديرها على مذاهب اه. فالذي صححه المصنف وفاقا لابن الحاجب ان المراد بعشرة فى قولك مثلا لزيد على عشرة الا ثلاثة باعتبار الافراد أي الاحاد جميعا ثم اخرجت ثلاثة بقوله الا ثلاثة ثم حكم بالنسبة الى الباقى وهو سبعة تقدير او ان كان الحكم قبل اخراج الثلاثة ذكرا فكانه قال له على الباقى من عشرة بعد اخراج الثلاثة فالاسناد لفظا الى العشرة ومعنى الى السبعة ولم يقع الاسناد الا بعد الاخراج تقديرا وان كان الاسناد قبله ذكرا فلم يسند الا الى سبعة ففى هذا توقية بان الاستثناء اخراج ولا تناقض لانك لم تنسب الابعد اخراج المستثنى اه. فلذا قال فى النظم: ومَنْ نَطَقْ ... بِعَشْرَةٍ إلاَّ ثَلاثَةً لبِحَقّْ مُرَادُهُ عَلَى الأَصَحِّ العَشَرَهْ ... مِنْ حَيْثُمَا أفْرَادُهُ مُعْتَبَرَهْ ثُمَّ ثَلاثٌّ أخْرِجَتْ وأسْنِدَا ... لِلْبَاقِ تَقْدِيرًا وإِنْ كَانَ ابْتِدَا وقال الاكثر المراد بعشرة فيما ذكر سبعة والا ثلاثة قرينة لذلك بينت ارادة الجزء وهو السبعة باسم الكل وهو العشرة مجاز فلذا قال الناظم: والأكْثَرُ الْمُرَادُ فِيْهِ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 10 سَبْعَةُ ... تَجَوُّزًا أَداتُهُ الْقَرِيْنَةُ وقال شارح السعود مؤيدا ذالقول فجل من ذهب أي مضى من العلماء قال ان العدد مع اداة الاستثناء يتعين كونه مرادا به الخصوص فلذا قال فى نظمه: وعددٌ معَ كإلاَّ قد وجب ..... له الخصوص عند جُل من ذهب وقال القاضى ابوبكر الباقلانى معنى عشرة الاثلاثة له اسمان مترادفان مفرد وهو سبعة ومركب وهو عشرة الا ثلاثة فللسبعة حينئذ اسمان احدهما مفرد والاخر مركب فلذا قال الناظم: واسْمَانِ عنْد صَاحِبِ التَّقْرِيْبِ ... لِذَاكَ بالإفْرَادِ والتَّرْكِيبِ فعلى ذالقول الاستثناء ليس بتخصيص فلذا قال فى السعود: وقال بعض بانتفا الخصوص.. قال الجلال المحلى ووجه تصحيح الاول ان فيه توفية بما تقدم من ان الاستثناء اخراج بخلافهما أي بخلاف هذين القولين بعده وافاد شارح السعود قائلا ان الذي يظهر لى من النصوص أي المذاهب الثلاثة المذكورة فى الاستثناء ان المستثنى مبقى على الملك لا مشتري لا عشرة الا ثلاثة عند الاكثر عام مراد به الخصوص وعند القاضى بمعنى سبعة وعلى المختار فالعشرة وان اريد بها جميع الافراد فالعموم مراد تناولا لا حكما خلافا لما عند حلولو من ان المستثنى مبقى على قول القاضى مشتري على المختار اه. فلذا فى نظمه: والظاهر الابقا من النصوص (وَلَا يَجُوزُ الْمُسْتَغْرِقُ خِلَافًا لِشُذُوذٍ قيل ولا الاكثر وقيل ولا المساوي وقيل ان كان العدد صريحا وقيل لا يستثنى من العدد عقد صحيح وقيل لا مطلقا) قال الشيخ حلولو صرح الفهري والامدي وابن الحاجب بعدم الخلاف فى المستغرق أي فى عدم صحته وقال الرهوتى وقع للمخي من اصحابنا ما يقتضي صحته قال فى كتاب الايمان بالطلاق ان الاستثناء يصح فيما كانت النية فيه قبل انعقاد اليمين فاذا جاء مستفيا صح استثناء الجميع فلو قال انت طالق الا واحدة لم يلزمه شيئ ويختلف اذا كانت عليه بينة لا قيحه يصيره فى معنى من اتى بمالا يشبه اه. قال شارح السعود ويدل على جوازه على احد القولين كلام المدخل لابن طلحة الاندلسي منا أي معاشر المالكية اه أي كما سياتى فلذا قال فى نظمه: وكلها عند التساوي قد بطل وقال ايضا: والمثل عند الأكثرين مبطل .... ولجوازه يدل المدخل فقوله والمثل عند الاكثرين مبطل هو قول المصنف هنا و لا يجوز المستغرق أي لااثر له فى الحكم فلو قال على عشرة الا عشرة لزمه عشرة وقول المصنف خلافا لشذوذه أي لجمع ذي شذوذه أي انفراد بهذا القول هو قول السعود عند المالكية ولجواز يدل المدخل أي وهو كتاب ابن طلحة المتقدم المالكي الفه فى الوثائق قيل ولا يجوز استثاء الاكثر من الباقى نحو له على عشرة الا ستة فلا يجوز بخلاف المساوي والاقل وقيل لا الاكثر والا المساوي بخلاف الاصل فلذا قال الناظم: وَلَمْ يَجُزْ مُسْتَغْرِقٌ فِي الأشْهَرِ ... قِيلَ ولاَ كَمِثْلِهِ والأكْثَرِ واما عند المالكية فقال العلامة ابن عاصم: فصل ولا يجوز ان يستثنى ... من جملة جميعها فى المعنى وجلها يمنعه ابن الطيب ... وغيره فى الجواز يجتبى وقال شارح السعود يجوز استثناء الاكثر عند الاكثر والقاضى عبد الوهاب قال فى التنقيح لنا قوله تعالى: إِنَّ عِبَادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطَانٌ إِلَّا مَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْغَاوِينَ (42) ومعلوم انهم اكثر وذكر ان مالكا اوجب استثناء الاقل من الاكثر واليه ذهب القاضى وغيره وهومذهب البصريين واكثر النحاة فاستثناء المساوي عندهم فضلا عن الاكثر فلا الجزء: 2 ¦ الصفحة: 11 يصح لغة فلا اثر له فى الحكم الواقع فى المستثنى منه هو لغو فلو قال له علي عشرة الاخمسة لزمه عشرة اه. فلذا قال فى نظمه: وجوِّز الأكثر عند الجل ..... ومالك أوجب للأقل وقيل لا يسوغ الاستثناء المستغرق ولا الاكثر ان كان ما يدل على المعدود فى المستثنى والمستثنى منه صريحا نحو ما تقدم بخلاف غير الصريح نحو خذ الدراهم الا الزيوف وهى اكثر فيجوز قال الجلال المحلى: كَذَا حَكَى الْقَوْلَ فِي شَرْحَيْهِ كَغَيْرِهِ فِي الْأَكْثَرِ وَإِنْ شَمِلَتْ الْعِبَارَةُ هُنَا حِكَايَتَهُ فِي الْمُسَاوِي اه. فلذا قال الجلال السيوطى وفى جمع الجوامع ما يقتضى جريانه فى المساوي ايضا قال وليس كذلك فالتصريح بانه فى الاكثر أي فقط من زيادتى أي على المصنف أي وهو قوله فى النظم: وقِيلَ لاَ الأكْثَرُ إِنْ كَانَ العَدَدْ ... نَصًّا. وقال شارح السعود ان اللخمى يمنع عنده الاستثناء الاكثر مما هو نص فى العدد كله على الف الا سبعمائة والا جاز كعبيدي احرار الاالصقالبة والصقالبة اكثر اه. فلذا قال فى نظمه: ومُنِع الأكثرُ من نص العدد ... وقيل لا يستثنى من العدد عقد صحيح نحو له مائة الا عشرة فلذا قال فى السعود: . والعقد منه عند بعضٍ انفقد. والبعض الذي انفقد عنده أي امتنع هو عبد الملك ابن الماجشون وقال الناظم ايضا نافيا جواز الاستثناء فيه. وقِيْلَ لاَ عَقْدٌ صَحِيْحٌ. قال المحقق البنانى بناء على ان كل عقد من عقود العدد مستقل بنفسه فلا يخرج من غيره لعدم تبعيته له بخلاف غير الصحيح اه. وقيل يمنع الاستثناء مع العدد مطلقا وذلك لان اسماء العدد نصوص والتخصيص انما هو فى الظاهر لا فى النصوص وصححه ابن عصفور اه. افاده حلولو قال الجلال المحلى وقوله تعالى {فَلَبِثَ فِيهِمْ أَلْفَ سَنَةٍ إلَّا خَمْسِينَ عَامًا} أَيْ زَمَنًا طَوِيلًا كَمَا تَقُولُ لِمَنْ يَسْتَعْجِلُك اصْبِرْ أَلْفَ سَنَةٍ فلذا قال الناظم: وقِيْلَ لاَ يَجُوزُ مِنْ عَدَد. قال الجلال المحلى: وَالْأَصَحُّ جَوَازُ الْأَكْثَرِ مُطْلَقًا وَعَلَيْهِ مُعْظَمُ الْفُقَهَاءِ إذْ قَالُوا لَوْ قَالَ لَهُ عَلَيَّ عَشَرَةٌ إلَّا تِسْعَةً لَزِمَهُ وَاحِدٌ. اه نعم اذا استغرق الاستثناء الاول فقط نحو له على عشرة الا عشرة الا اربعة فقال شارح السعود قيل يكفى ما بعد المستغرق تبعاله فيلزم عشرة وقيل يعتبر ما بعده واختلف فى نمط أي طريق اعتباره هل يستثنى الثانى من الاستثناء الاول فيلزم اربعة او يعتبر الثانى دون الاول فتلزم ستة اه. فلذا قال فى نظمه: وحيثما استغرق الاول فقط .... فألغ واعتبر بخلف في النمط واما اذا استغرق غير الاول وتعدد الاستثناء فقال فى الشرح عاد الكل الى المخرج منه الذي هو المستثنى منه نحو له على عشرة الا اثنين الا ثلاثة الا اربعة فيلزم واحد فقط فلذا قال فى النظم: إن كان غير الاول المستغرقا .... فالكل للمُخرج منه حُقِّقا (و َالِاسْتِثْنَاءُ مِنْ النَّفْيِ إثْبَاتٌ وَبِالْعَكْسِ خِلَافًا لِأَبِي حَنِيفَةَ) أي والاستثناء من الكلام الذي دخله النفى دال على الاثبات والعكس أي الاستثناء من الكلام المثبت دال على النفى قال المحقق البنانى وينبغى ان يلحق بالنفى ما فى معناه كالنهى والاستفهام الانكاري اه. وما ذكره المصنف مذهب الجمهور والشافعى واشاراليه الناظم بقوله: والأصَحْ ... مِنْ نَفْيٍ إثْبَاتٌ وبالعَكْسِ وَضَحْ. كما اشار اليه العلامة ابن عاصم ايضا بقوله وهو من النفى اثبات ومن ... نقيضه يكون نفيا فاستبن قال الجلال السيوطى وخالف ابوحنيفة فى المسالتين ووافقه الكسائ من النحاة فنحو ما قام احد الا زيد وقام القوم الا زيدا عندنا الجزء: 2 ¦ الصفحة: 12 يدل الاول على اثبات القيام لزيد على نفيه عنه وعنده لا وزيد مسكوت عنه من حيث القيام وعدمه مبنى الخلاف على ان المستثنى من حيث الحكم مخرج من المحكوم به فيدخل فى نقيضه من قيام او عدمه مثلا او مخرج من الحكم فيدخل فى نقيضه أي لا حكم اذ القاعدة ان ماخرج من شيئ دخل فى نقيضه وجعل الاثبات فى كلمة التوحيد بعرف الشرع وفى المفرغ نحو ما قام الا زيد بالعرف العام اه. فمبنى قول ابى حنيفة على الثانى ومبنى قول غيره على الاول (والْمُتَعَدِّدَةُ إنْ تَعَاطَفَتْ فَلِلْأَوَّلِ والا فكل لما يليه مالم يستغرقه) أي ان الاستثناءات اذا تعددت فان عطف بعضها على بعض فكلها عائدة للاول وهو المستثنى منه نحو له على عشرة الا اربعة والا ثلاثة والا اثنين فيلزمه واحد فقط وان لم يعطف بعضها على بعض فكل واحد منها عائد لما يليه نحو له على عشرة الا خمسة الا اربعة الا ثلاثة فيلزمه اذا الثلاثة تخرج من الاربعة يبقى واحد يخرج من الخمسة يبقى اربعة تخرج من العشرة يبقى ستة وهذا عند عدم الاستغراق واما ان استغرق كل ما يليه للمستثنى منه فيلزمه واحد فقط وهو ما قدمه ناظم السعود فى قوله: إن كان غير الاول المستغرقا .... فالكل للمُخرج منه حُقِّقا وان استغرق الاول نحو له على عشرة الا عشرة الا اربعة قيل يلزمه عشرة لبطلان الاول والثانى تبعا وقيل اربعة اعتبار الاستثاء الثانى من الاول وقيل ستة اعتبارا للثانى دون الاول وذكر ذا الخلف ناظم السعود فيما سلف في قوله: وحيثما استغرق الاول فقط .... فألغ واعتبر بخلف في النمط واشار الناظم الى ما اشار اليه المصنف بقوله: إنْ يَتَعدَّدْ عَاطِفًا للأوَّلِ ... أوْ لاَ فَكُلُّ واحِدِ لِمَا يَلِي (والْوَارِدُ بَعْدَ جُمَلٍ مُتَعَاطِفَةٍ للكل تفريقا وقيل جمعا وقيل ان سيق الكلام لغرض وقيل ان عطف بالواو وقال ابو حنيفة والامام للاخيرة وقيل مشتركة وقيل بالوقف) أي و الاستثناء الوارد بعد جمل متعاطفة عائد للكل حيث صلح له اذ الاصل اشتراك المعطوف والمعطوف عليه فى المتعلقات والمراد بالجمل مازاد على الواحدة فتدخل الاثنتان وبهذا القول قال مالك والشافعى واصحابهما والاكثر وقيل يعود الى الكل ان سيق الكل لغرض واحد نحو حَبَسْتُ دَارِي عَلَى أَعْمَامِي وَوَقَفْت بُسْتَانِي عَلَى أَخْوَالِي وَسَبَّلْت سِقَايَتِي لِجِيرَانِي إلَّا أَنْ يُسَافِرُوا فالغرض فى جميع هذه الجمل واحد وهو الوقف فان التسبيل والتحبيس والوقف الفاظ مترادفة وان لم يكن الغرض واحدا عاد للاخيرة فقط نحو نَحْوُ أَكْرِمْ الْعُلَمَاءَ وَاحْبِسْ دِيَارَك عَلَى أَقَارِبِك وَأَعْتِقْ عَبِيدَك إلَّا الْفَسَقَةَ مِنْهُمْ وتعرض الشيخ حلولو لمحل الخلاف قائلا قال الفهري انما الخلاف فى الظهور اذا لم تكن قرينة ولا دليل يصرف الاستثناء الى احدي الجمل اه. وقال شارح السعود فليس الخلاف فى جواز رده الى الجميع او الاخيرة خاصة وانما الخلاف فى الظهور عند الاطلاق ام ان صرفه دليل عقلى او سمعي الى بعضها او لا او وسطا او اخيرا اختص به اه. فلذا قال فى نظمه: وكل ما يكون فيه العطف .... من قبل الاستثنا فكل يقفوا دون دليل العقل أو ذي السمع ... وقيل ان عطف بالواو عاد للكل بخلاف الفاء وثم مثلا فللاخيرة قال الجلال المحلى: وَعَلَى هَذَا الْآمِدِيُّ حَيْثُ فَرَضَ الْمَسْأَلَةَ فِي الْعَطْفِ بِالْوَاوِ. اه. وقال ابوحنيفة والامام الرازي للاخيرة فقط لانه الجزء: 2 ¦ الصفحة: 13 المتيقن مطلقا لغرض واحد ام لا وقيل مشترك بين عوده للكل وعوده للاخيرة لاستعماله فى كل منهما والاصل فى الاستعمال الحقيقة وقيل بالوقف لا يدري ما الحقيقة منهما نعم يتبين المراد على هذين القولين اعنى الاشتراك والوقف بالقرينة حيث وجدت يعود الاستثناء للكل او للبعض فمثالى ما هو عائد الى جميعها اجماعا قوله تعالى {وَاَلَّذِينَ لَا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إلَهًا آخَرَ} إلَى قَوْلِهِ {إلَّا مَنْ تَابَ} فَإِنَّهُ عَائِدٌ إلَى جملة يلق اثاما وذلك عود الى جميع ما تقدم من قوله لا يدعون مع الله الها اخر لتعلق هذه الجملة بجميع ما تقدم بحسب المعنى لان هذه الجملة بمنزلة ان يقال ومن يدع مع الله الها اخر يلق اثاما ومن يقتل النفس التى حرم الله الا بالحق يلق اثاما وهكذا فى الثلاثة الامن تاب ومثال ما هو عائد الى الاخيرة فقط قوله تعالى {وَمَنْ قَتَلَ مُؤْمِنًا خَطَأً} إلَى قَوْلِهِ {إلَّا أَنْ يَصَّدَّقُوا} فَهو عائد الى الدِّيَةِ دُونَ الْكَفَّارَةِ فلا خلاف حينئذ فى رجوع الاستثناء الى الجميع اوالاخيرة خاصة حيث اقتضى الدليل ذلك كما مر آنفا فى السعود قال الناظم حاكيا ذي الاقوال: والآتِي ... لِلْكُلِّ بَعْدَ جُمَلٍ ذَوَاتِ عَطْفٍ بِحَيْثُ لاَ دَلِيْلَ يَقْتَضِي ... وقِيلَ إِنْ كُلٌّ يُسقْ لِغَرَضِ وقِيلَ إِنْ بالوَاوِ يُلفَى العَطْفُ ... وقِيلَ للأخْرَى وقِيلَ الوَقْفُ وقِيلَ باشْتِرَاكِهِ وافاد شارح السعود فى هذه المسالة تفريعا حسنا وهو انه اذا قلنا ان الاستثناء يعود للجميع فالصواب عوده على تفريقه وقيل يعود اليه مجموعا قال حلولو وتظهر ثمرته فيما اذا قال انت طالق ثلاثا وثلاثا الااربعا فان قلنا ان المفرق لا يجمع وهو الاصح اوقعنا الثلاث لان قوله الا اربعا استثناء من كل منهما وهو باطل للاستغراق وان جمعنا المفرق فكانه قال ستا الااربعا فتقع اثنتان اه. واشار فى نظمه الى وجه الحق بقوله: ... والحق الافتراق دون الجمع (و الْوَارِدُ بَعْدَ مُفْرَدَاتٍ اولى بالكل) أي والاستثناء الوارد بعد مفردات نحو تصدق على الفقراء والمساكين وابناء السبيل الاالفسقة منهم اولى يعود للكل من الوارد بعد جمل لعدم استقلال المفردات فلذا قال الناظم: والوَارِدُ ... أولَى بِكُلٍّ إِنْ خَلَتْ مفَارِدُ أي ان مضت أي تقدمت مفردات (أَمَّا الْقِرَانُ بَيْنَ الْجُمْلَتَيْنِ لَفْظًا فَلَا يَقْتَضِي التَّسْوِيَةَ فِي غَيْرِ الْمَذْكُورِ حُكْمًا خلافا لابى يوسف والمزنى) ما ذكره المصنف مقابل لمحذوف تقديره ما تقدم فى جمل لم يعلم حكم احداها من خارج واما القران بين الجملتين لفظا بان تعطف احداهما على الاخري فلا يقتضى التسوية فيما لم يذكر من الحكم المعلوم لا حدهما من خارج خلافا لابى يوسف من الحنفية والمزنى من الشافعية في قولهما يقتضى التسوية فى ذلك قال الجلال المحلى: مِثَالُهُ حَدِيثُ أَبِي دَاوُد {لَا يَبُولَنَّ أَحَدُكُمْ فِي الْمَاءِ الدَّائِمِ وَلَا يَغْتَسِلْ فِيهِ مِنْ الْجَنَابَةِ} فَالْبَوْلُ فِيهِ يُنَجِّسُهُ بِشَرْطِهِ كَمَا هُوَ مَعْلُومٌ وَذَلِكَ حِكْمَةُ النَّهْيِ قَالَ أَبُو يُوسُفَ فَكَذَا الِاغْتِسَالُ فِيهِ لِلْقِرَانِ بَيْنَهُمَا وَوَافَقَهُ أَصْحَابُهُ فِي الْحُكْمِ لِدَلِيلِ غَيْرِ الْقِرَانِ وَخَالَفَهُ الْمُزَنِيُّ فِيهِ لِمَا تَرَجَّحَ عَلَى الْقِرَانِ فِي أَنَّ الْمَاءَ الْمُسْتَعْمَلَ فِي الْحَدِيثِ طَاهِرٌ لَا نَجِسٌ وَيَكْفِي فِي حِكْمَةِ النَّهْيِ ذَهَابُ الطَّهُورِيَّةِ. اه. واشار الناظم الى المسالة الناظم بقوله: أمَّا القِرَانُ بَينَ جُملتين ... لَفْظًا فَلاَ يُعْطِي اسْتِواءَ تِينِ فِي كُلِّ حُكْمٍ ثَمَّ لَم يُبَيَّنِ ... وقَالَ يَعْقُوبُ نَعَمْ والْمُزَنِي وقال شارح السعود ان القران بين لفظ الجملتين او الجمل او المفرد او المفردات لا يوجب التسوية بينهما فى غير الحكم المذكور هذا هو المشهور ومذهب الجمهور الجزء: 2 ¦ الصفحة: 14 خلافا لبعض اصحابنا أي من المالكية والمزنى من الشافعية وابى يوسف من الحنفية فى قولهم يقتضى التسوية وعليه تكون العمرة واجبة كالحج لقرانها معه فى قوله تعالى وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ مع ان الحكم المذكور معهما وجوب الاتمام قال ابن عباس رضى الله تعالى عنهما لما سئل عن وجوب العمرة انها لقرينته فى كتاب الله تعالى: وما من احد الا عليه حجة وعمرة اه. قال فى نظمه دارجا على الاول المشهور: أما قران اللفظ في المشهور .... فلا يُساوي في سوى المذكور (الثَّانِي الشرط وهوما يلزم من عدمه العدم ولا يلزم من وجوده وجود ولاعدم لذاته) الثانى من المخصصات المتصلة الشرط أي صيغته وعرفه بانه ما يلزم الخ فما جنس وخرج بقوله يلزم من عدمه العدم المانع فانه لا يلزم من عدمه عدم الحكم وبقوله ولايلزم من وجوده وجود ولا عدم السبب فانه يلزم من وجوده الوجود وبقوله لذاته مقارنة الشرط لوجود السبب فيلزم الوجود كوجود الحول الذي هو شرط لوجوب الزكاة مع النصاب الذي هو سبب للوجوب ومن مقارنته للمانع كالدين على القول بانه مانع من وجوب الزكاة فيلزم العدم فلزوم الوجود والعدم فى ذلك لوجود السبب او المانع لا لذات الشرط قال القرافى هذا اجود حدوده فلذا عرفه به الناظم فى قوله: الثَّانِ مِنْهَا الشَّرْطُ وَهْوَ مَا لَزِمْ ... لِذَاتِهِ مِنْ عَدَمٍ لَهُ العَدَمْ لاَ مِنْ وُجُودِهِ وُجُودٌ أوْ عَدَمْ.. وافاد شارح السعود ان الشرط المذكور هو الشرط اللغوي وهو المخصص لا الشرط العقلى كالحياة للعلم ولاالشرعى كالطهارة لصحة الصلاة ولاالعادي كنصب السلم لصعود السطح قال وانما كان الاول لغويا لان اهل اللغة وضعوا نحو ان دخلت الدار فانت طالق ليدل على ان ما دخلت عليه ان هو الشرط والاخر المعلق عليه وهو الجزاء اه. (وهوكَالِاسْتِثْنَاءِ اتِّصَالًا واولى بِالْعَوْدِ إلَى الْكُلّ عَلَى الْأَصَحّ وَيَجُوزُ إخْرَاجُ الْأَكْثَرِ بِهِ وِفَاقًا) أي و الشرط المخصص كالاستثناء فى اشتراط وجوب اتصاله بالكلام قال الشيخ حلولو وذكر انه كالاستثناء وهو عبارة ابن الحاجب والرهونى وظاهر ذلك يقتضى جريان الخلاف المتقدم فيه وقال الامام الفخر شرطه الاتصال اتفاقا قال القرافى والفرق بينه وبين الاستثناء فى ذلك ان الشرط يتضمن الحكمة والمصلحة فلا يتاخر بخلاف الاستثاء اه. قال الناظم فى اشتراط اتصال الشرط:.. وَهْوَ كالاسْتِثْنَا اتْصَالُهُ انْحَتَمْ والشرط اولى من الاستثناء بالعود الى كل الجمل المتقدمة عليه على الاصح أَكْرِمْ بَنِي تَمِيمٍ وَأَحْسِنْ إلَى رَبِيعَةَ وَاخْلَعْ عَلَى مُضَرَ إنْ جَاءُوك وقال شارح السعود ان الشرط يعود لكل الجمل المتقدمة عند الجمهور وقيل يعود لها اتفاقا فلذا قال في نظمه: ومنه ما كان من الشرط أَعِدْ .... للكُلِّ عند الجل أو وَفْقاً تُفِد قال ووجه عوده للكل ان الشرط له صدر الكلام فهو مقدم على مشروطه تقديرا لان مشروطه دليل الجواب عند البصريين او هو الجواب عند الكوفيين وضعف بان الشرط مقدر تقديمه على مايرجع اليه فلو كان للاخيرة قدم عليها فقط دون الجميع فلا يصلح فارقا بين الشرط والاستثناء ثم قال ويجوز الاخراج بالشرط وان كان المخرج اكثر من النصف نحو اكرم القوم ان يكونوا كرماء واللؤماء اكثر قال السبكى ويجوز الاكثر به وفاقا وفى حكاية الوفاق تجوز لما قدمه من القول بانه لا بد ان يبقى قريب من مدلول العام اه. قال فى نظمه: أخرج به وإن على النصف سما ..... كالقومَ أكرم إن يكونوا كرما واشار الى اصل المسالة الجزء: 2 ¦ الصفحة: 15 الناظم بقوله والعَوْدُ لِلْكُلِّ وأنَّ الأكْثَرَا ... يُخْرِجُهُ وقِيْلَ لاَ خُلْفَ عَرَا وافادفى شرح السعود شارحه انه اذا ترتب مشروط على شرطين على وجه الجمع بينهما فلا يحصل الا بحصول ذينك الشرطين معا نحو ان دخلت الدار ان كلمت زيدا فانت طالق فلذا قال فى نظمه: وان ترتب على شرطين ... شيئ فبالحصول للشرطين قال ولا مفهوم للتثنية فالشروط كذلك وذكر انه اذا علق مشروط على شروطين على سبيل البدل نحو ان كلمت زيدا او ان دخلت الدار فانت طالق فان المعلق يحصل بحصول احد الامرين فقط فلذا قال: وان على البدل قد تعلقا .... فبحصول واحد تحققا. (الثالث الصفة كَالِاسْتِثْنَاءِ فِي الْعَوْدِ ولو تقدمت اما المتوسطة فالمختار اختصاصها بماوليته (مِنْ الْمُخَصِّصَاتِ الْمُتَّصِلَةِ الصِّفَةُ نَحْوُ أَكْرِمْ بَنِي تَمِيمٍ الْفُقَهَاءُ فخرج بالفقهاء غيرهم وهى كالاستثناء فى العود فتعود الى كل المتعدد فى الاصح ولو تقدمت نحو نَحْوُ وَقَفْت عَلَى أَوْلَادِي وَأَوْلَادِهِمْ الْمُحْتَاجِينَ، وَوَقَفْت عَلَى مُحْتَاجِي أَوْلَادِي وَأَوْلَادِهِمْ فَيَعُودُ الْوَصْفُ فِي الْأَوَّلِ إلَى الاولاد مَعَ أَوْلَادِهِمْ وَفِي الثَّانِي إلَى أَوْلَادِ الْأَوْلَادِ مَعَ الْأَوْلَاد فلذا قال ناظم السعود: ومنه في الإخراج والعَوْد يُرى ..... كالشرط قل وصف وإن قبل جرى اما الصفة المتوسطة نَحْوُ وَقَفْت عَلَى أَوْلَادِي الْمُحْتَاجِينَ وَأَوْلَادِهِمْ قَالَ الْمُصَنِّفُ بَعْدَ قَوْلِهِ: لَا نَعْلَمُ فِيهَا نَقْلًا فَالْمُخْتَارُ اخْتِصَاصُهَا بِمَا وَلِيَتْه قال الجلال المحلى: وَيُحْتَمَلُ أَنْ يُقَالَ: تَعُودُ إلى ماوليها ايضا اه. واشار الناظم الى اصل المسالة بقوله: الثَّالِثُ الوَصْفُ كالاسْتِثْنَاءِ فِي ... عودٍ ولو مقدَّما فإن يفي وَسْطًافَلاَ نَقْلَ وفِي الأصْلِ ارْتَضَى..أنْ لااخْتِصَاصَ بِالَّذِي يِلِي اقْتَضَى والحكم الذي ذكره المصنف فى الوصف والاستثناء عند التوسط يجري فى الغاية والشرط فلاجل ذلك عمم فى السعود بقوله: وحيثما مُخَصِّصٌ توسطا .... خصَّصه بما يلي من ضبطا والعلامة ابن عاصم كالمصنف اقتصر على الوصف والاستثناء حيث قال: كذلك الوصف والاستثناء .... حكم الجميع عندهم سواء (الرَّابِع الغاية كَالِاسْتِثْنَاءِ فِي الْعَوْد والمراد غَايَةٌ تَقَدَّمَهَا عُمُومٌ يَشْمَلُهَا لَوْ لَمْ تَأْتِ مِثْلُ {حَتَّى يُعْطُوا الْجِزْيَةَ} اما مثل {حَتَّى مَطْلَعِ الْفَجْرِ} فَلِتَحْقِيقِ الْعُمُومِ وكذا قُطِعَتْ أَصَابِعُهُ مِنْ الْخِنْصِرِ إلَى الْبِنْصِر) أي الرابع مِنْ الْمُخَصِّصَاتِ الْمُتَّصِلَةِ الغاية وهي منتهى الشيء والمراد بالغاية غاية صحبها عموم بحيث يشملها من جهة الحكم اذا لم تذكر سواء تقدمت الغاية كان تقول الى ان يفسق اولادي وقفت بستانى عليهم وعلى اولاد اولادهم او تاخرت كان تقول وقفت بستانى على اولادي الى ان يفسقوافلو لم تات الغاية لكان وقفا عليهم فسقوا ام لا فلذا قال الناظم: الرَّابِعُ الغَايَةُ إنْ تَقَدَّمَا ... مَا لَوْ فَقَدْتَ لَفْظَهَا لَعَمَّمَا كما قال ناظم السعود: ومنه غايةُ عموم يشمل ..... لو كان تصريح بها لا يحصل ومنه قوله تعالى: {قَاتِلُوا الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِاَللَّهِ} إلَى قَوْلِهِ {حَتَّى يُعْطُوا الْجِزْيَةَ} فَإِنَّهَا لَوْ لَمْ تَأْتِ لَقَاتَلْنَاهُمْ أَعْطَوْا الْجِزْيَةَ أَمْ لَا وَأَمَّا مِثْلُ قَوْله تَعَالَى {سَلَامٌ هِيَ حَتَّى مَطْلَعِ الْفَجْرِ} مِنْ غَايَةٍ لَمْ يَشْمَلْهَا عُمُومُ مَا قَبْلَهَا فَإِنَّ طُلُوعَ الْفَجْرِ لَيْسَ مِنْ اللَّيْلَةِ حَتَّى تَشْمَلَهُ فَلِتَحْقِيقِ الْعُمُومِ فِيمَا قَبْلَهَا لَا لِلتَّخْصِيصِ فلذا قال الناظم: أمَّا كَحَتَّي مَطْلَعِ الفَجْرِ فَذِي ... لِقَصْدِ تَحْقِيْقِ عُمُومِهِ خُذِ كمامر فى السعود بترك التخصيص بالغاية المذكورة حيث انها لتحقيق العموم حيث قال: وما لتحقيق العموم فدع ... نحوسلام هي حتى مطلع وكذا لتحقيق الجزء: 2 ¦ الصفحة: 16 العموم لا للتخصيص قولهم قُطِعَتْ أَصَابِعُهُ مِنْ الْخِنْصِرِ إلَى الْبِنْصِرِ بِكَسْرِ أَوَّلِهِمَا وَثَالِثِهِمَا فَإِنَّ الْغَايَةَ فِيهِ لِتَحْقِيقِ الْعُمُومِ أَيْ أَصَابِعُهُ جَمِيعُهَاقال الجلال المحلى: وَأَوْضَحُ مِنْ ذَلِكَ مِنْ الْخِنْصِرِ إلَى الْإِبْهَامِ كَمَا عَبَّرَ بِهِ فِي شَرْحَيْ الْمُخْتَصَرِ وَالْمِنْهَاجِ فلذا قال الناظم: واقْطَعْ مِنَ الْخِنْصَرِ للإبْهَامِ ... أصَابِعًا والعَوْدُ بالتَّمَام وافاد شارح السعود ان الغاية تعود لجميع ما تقدمها ممايكون عودهاله على راي الاكثر والقول بانها تعود لما وليته فقط بعيد فلذا قال فى نظمه: وهْي لما قبلُ خلا تعود .... وكونها لما تلي بعيد (الخامس بدل البعض من الكل وَلَمْ يَذْكُرْهُ الْأَكْثَرُونَ، وَصَوَّبَهُمْ الشَّيْخُ الْإِمَامُ) أي مِنْ الْمُخَصِّصَاتِ الْمُتَّصِلَة بَدَلُ الْبَعْضِ مِنْ الْكُلِّ وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا فمن استطاع بدل من الناس بدل بعض من كل وذكره ابن الحاجب فى المخصصات المتصلة وانكره عليه غير واحد وصوبهم الشيخ الامام والد المصنف حيث ان المبدل منه فى نية الطرح فلم يتحقق فيه معنى الاخراج وعليه فلا تخصيص به فلذا قال الناظم وَبَدَلُ البَعْضِ وَعَنْهُ الأكْثَرُ ... قَدْ سَكَتُوا وَهْو الصَّوَابُ الأظْهَرُ وقال ناظم السعود: وبدل البعض من الكل يفي ..... مخصِّصا لدى اناس فاعرف (القسم الثانى المنفصل يجوز التخصيص بالحس والعقل خلافا لشذوذ ومنع الشافعى تسميته تخصيصا) لمافرغ المصنف رحمه الله من الكلام على المخصص المتصل شرع فى الكلام على المخصص المنفصل وهو المستقل أي انه لا يحتاج معه الى ذكر العام وهو اما بالعقل او بالحس او الشرع فيكون لفظا او غيره وابتدا المصنف بالغير لقلة وقوعه فافاد انه يجوز التخصيص بالحس أي غير الدليل السمعى من المشاهدة واللمس والذوق والسمع غير الدليل السمعى كما فى قوله تعالى فى الريح المرسلة على عاد {تُدَمِّرُ كُلَّ شَيْءٍ} أَيْ تُهْلِكُهُ فَإِنَّا نُدْرِكُ بِالْحِسِّ أَيْ الْمُشَاهَدَةِ مَا لَا تَدْمِيرَ فِيهِ كَالسَّمَاءِ ويجوز التخصيص بالعقل كمافى قوله تعالى {اللَّهُ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ} فَإِنَّا نُدْرِكُ بِالْعَقْلِ ضَرُورَةَ أَنَّهُ - تَعَالَى - لَيْسَ خَالِقًا لِنَفْسِهِ لاستحالته عقلا فالتخصيص بالعقل هو ان يكون العقل مانعا من ثبوت الحكم لذلك المخصوص أي المخرج من العام والتخصيص بالحس هو ان يكون الحس كالمشاهدة مانعا مما ذكر والى النوعين اشار ناظم السعود بقوله: وسم مستقله منفصلا .... للحس والعقل نماه الفضلا خلافا لشذوذ من الناس فِي مَنْعِهِمْ التَّخْصِيصَ بِالْعَقْلِ قَائِلِينَ إنَّ مَا نَفَى الْعَقْلُ حُكْمَ الْعَامِّ عَنْهُ لَمْ يَتَنَاوَلْهُ الْعَامُّ ; لِأَنَّهُ لَا تَصِحُّ إرَادَتُهُ أمَا ذُو الانْفِصَالِ فَهْوَ السَّمْعُ ... والْحِسُّ والعَقْلُ وفِيْهِ الْمَنْعُ شذَّ. وتعرض العلامة ابن عاصم لضروب المخصصات قائلا ونوعها الثانى يسمى المنفصل ... لكنه على ضروب يشتمل العقل والسنة والكتاب ... نصا ومفهوما بلا ارتياب ومنع الشافعى رضي الله عنه تَسْمِيَة مانفاه العقل تَخْصِيصًا نَظَرًا إلَى أَنَّ مَا تَخَصَّصَ بِالْعَقْلِ لَا تَصِحُّ إرَادَتُهُ بِالْحُكْمِ من حيث الحكم كما تقدم قريبا والتخصيص فرع صحة الارادة وصرح امام الحرمين فى البرهان بان الخلف لفظى بمعنى انه عائد الى اللفظ والتسمية للاتفاق على الرجوع الى العقل فيما نفى عنه حكم العام قال الجلال المحلى: وَهَلْ يُسَمَّى نَفْيُهُ لِذَلِكَ تَخْصِيصًا فَعِنْدَنَا نَعَمْ، وَعِنْدَهُمْ لَا وَيَأْتِي مِثْلُ ذَلِكَ كُلِّهِ فِي التَّخْصِيصِ بِالْحِسّ اه. واشار الناظم الى منع الشافعى بقوله: وأمَّا الشَّافِعِي فَلَمْ يُسَمْ ... ذَلِكَ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 17 تَخْصِيْصًا وباللّفْظِ اتَّسَمْ (وَالْأَصَحُّ جَوَازُ تَخْصِيصِ الْكِتَابِ بِه والسنة بها وبالكتاب والكتاب بالمتواترة وكذا بخبرالواحد عند الجمهور وثالثها ان خص بقاطع وعندي عكسه وقال الكرخى بمنفصل وتوقف القاضى) تعرض رحمه الله للكلام على التخصيص بالدليل السمعى وهو من قبيل المخصص اللفظى المنفصل فافاد انه يجوز تخصيص الكتاب بالكتاب كما فى قَوْله تَعَالَى {وَالْمُطَلَّقَاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ ثَلَاثَةَ قُرُوءٍ} من حيث شموله للحوامل بِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَأُولَاتُ الْأَحْمَالِ أَجَلُهُنَّ أَنْ يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ} ومنع بعض الظاهرية تخصيص الكتاب به لان التخصيص تبيين فلا يحصل الا بالحديث لقوله تعالى {وَأَنْزَلْنَا إلَيْك الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إلَيْهِمْ} ورد بان تبيينه يصدق بما نزل اليه من القران والحديث ويجوز تخصيص السنة بالسنة كحديث الصَّحِيحَيْنِ {فِيمَا سَقَتْ السَّمَاءُ الْعُشْرُ} بِحَدِيثِهِمَا {لَيْسَ فِيمَا دُونَ خَمْسَةِ أَوْسُقٍ صَدَقَةٌ} ويجوز تخصيصها بالكتاب ويدل على الجواز قوله تعالى {وَنَزَّلْنَا عَلَيْك الْقُرْآنَ تِبْيَانًا لِكُلِّ شَيْءٍ} والسنة شيئ من جملة ذلك فتكون داخلة فيه قال المحقق البنانى نقلا عن شيخ الاسلام وقد استدل على الوقوع بخبر الحاكم وغيره ما قطع من حى فهو ميت فانه مخصوص بقوله تعالى وَمِنْ أَصْوَافِهَا وَأَوْبَارِهَا وَأَشْعَارِهَا الاية ويجوز تخصيص الكتاب بالسنة المتواترة وكذا بخبر الواحد عند الجمهور مطلقا سواء خص بقاطع ام لا خص بمنفصل ام لا فلذا قال الناظم: وجَازَ أنْ تخَصَّ في الصَّوابِ ... سنَّتُه بِهَا وبالكِتَابِ وَهْوَ بِهِ وَخَبَرِ التَّوَاتُرِ ... وَخَبَرِ الوَاحِدِ عِنْدَ الأكْثَرِ وقال ناظم السعود: وخصص الكتاب والحديث به ... او بالحديث مطلقا فلتنتبه وقال العلامة ابن عاصم: وكلها تخصص الكتاب .... ومثله السنة جابلا ارتياب وقيل لا يجوز تخصيص الكتاب بخبر الواحد مطلقا والا لترك القطعى بالظنى واجيب بان محل التخصيص دلالة العام وهى ظنية والعمل بالظنين اولى من الغاء احدهما وبالوقوع ايضا كتخصيص قوله تعالى {يُوصِيكُمْ اللَّهُ فِي أَوْلَادِكُمْ} بقوله صلى الله عليه نحن معاشر الانبياء ما نورث ما تركنا صدقة بقوله {لَا يَرِثُ الْمُسْلِمُ الْكَافِرَ وَلَا الْكَافِرُ الْمُسْلِمَ} وثالث الاقوال قاله ابن ابان يجوز إنْ خُصَّ قبل ذلك بدليل قطعى كالعقل لضعف دلالته حينئذ بخلاف مالم يخص أَوْ خُصَّ بِظَنِّيّ وقول المصنف وَعِنْدِي عَكْسُهُ يَنْبَغِي أَنْ يُقَالَ حَيْثُ فُرِّقَ بَيْنَ الْقَطْعِيِّ وَالظَّنِّيِّ: يَجُوزُ إنْ خُصَّ بِظَنِّيٍّ ; لِأَنَّ الْمُخَرَّجَ بِالْقَطْعِيِّ لَمَّا لَمْ تَصِحَّ إرَادَتُهُ كَانَ الْعَامُّ لَمْ يَتَنَاوَلْهُ فَيُلْحَقُ بِمَا لَمْ يُخَصَّ وَقَالَ الْكَرْخِيُّ يَجُوزُ إنْ خُصَّ بِمُنْفَصِلٍ قَطْعِيٍّ أَوْ ظَنِّيٍّ لكونه مجازا فى الباقى حِينَئِذٍ بِخِلَافِ مَا لَمْ يُخَصَّ أَوْ خُصَّ بِمُتَّصِل فلا يجوز اذ تخصيص العام بالمتصل لا يخرجه عن تناوله افراده حقيقة لقوة دلالته عليها فلا يخصص حينئذ عنده بخبر الواحد لضعفه وتوقف القاضى ابوبكر الباقلانى عن الجواز وعدمه ويستدل على الوقوع بقوله تعالى {يُوصِيكُمْ اللَّهُ فِي أَوْلَادِكُمْ} كما تقدم واشار الناظم الى هذه الاقوال بقوله: وقِيلَ إِنْ خُصَّ بِقَاطِعٍ جَلِي ... وعَكْسُهُ وقِيْلَ بالْمُنْفَصِلِ وقف القاضى. ونقل المحقق البنانى عن ابن قاسم قائلا قال الزركشى هذا الخلاف موضعه فى خبر الواحد الذي لم يجمعوا على العمل به فان اجمعوا عليه كقوله لاميراث لقاتل ولا وصية لوارث ونهيه عن الجمع بين المراة واختها فيجوز تخصيص العموم به بلاخلاف لان هذه الاخبار بمنزلة المتواترة الجزء: 2 ¦ الصفحة: 18 لانعقاد الاجماع على حكها وان لم ينعقد على روايتها نبه عليه السمعانى اه. (وبالقياس خلافا للامام مطلقا وللجباءي ان كان خفيا ولقوم ان لم يكن اصله مخصصا من العموم وللكرخى ان لم يخص بمنفصل وتوقف امام الحرمين) أي يَجُوزُ التَّخْصِيصُ لِلكتاب بالقياس المستند الى نص خاص بان استند الى دليل حكم الاصل ولو كان خبرا واحد قال المحقق البنانى قال شيخ الاسلام محل الخلاف فى القياس المظنون اما المقطوع فيجوز التخصيص به قطعا كما اشار له الابياري شارح البرهان ذكره العراقى وغيره اه. وقول المصنف خلافا للامام مطلقا أي خلافا للامام الرازي فى منعه التخصيص للكتاب بالقياس المظنون مطلقا بعد ان جوزه حذرا من تقديم القياس على النص العام من كتاب او سنة وخلافا لابى الجباءي من المعتزلة فى منعه ذلك ان كان القياس خفيا لضعفه بخلاف الجلى وسياتيان اذالخفى مالم يقطع فيه بنفى الفارق بخلاف الجلى قال المحقق البنانى ممثلا للقياس الجلى والخفى ويممكن التمثيل لماذكره المصنف من التفصيل بمثال على سبيل الفرض للاكتفاء بمثل ذلك فى التمثيل للقواعد الاصولية وذلك كما لو قيل يجوز الربا فى كل شيئ ثم اخرج من هذا العموم البر وقيس عليه الشعير فيجوز حينئذ اخراج الشعير من عموم قولنا بجواز الربا فى كل شيئ بقياسه على البر لكون هذا القياس جليا ولو قيس على البر التفاح لم يجز اخراجه من العموم المذكور بهذا القياس لكونه خفيا اه. وخلافا لعيسى ابن ابان من الحنفية فى منع التخصيص بالقياس ان لم يخص العام من كتاب او سنة مطلقا بخلاف ما خص فيجوز لضعف دلالته حينئذ وقد اطلق ابن ابان جواز تخصيص النص بالقياس اذا خص النص تخصيصا سابقا على التخصيص بالقياس سواء خص بقاطع او بخبر الواحد وقيد الجواز فى خبر الواحد بالقاطع لان القياس عقد اقوي من خبر الواحد مالم يكن رواية فقيها وتبعت من قولى وخلافا لابن ابان الى هنا الجلال المحلى واما الشيخ حلولو فانه قال ليس بثابت عندنا فى الاصل وخلافا لقوم فى منهم التخصيص بالقياس ان لم يكن اصله وهو المقيس عليه مخرجا من العموم بنص بان لم يخص او خص منه غير اصل القياس واما اذا كان القياس وهو المقيس عليه مخصصا من العموم أي مخرجا منه فانه يجوز التخصيص حينئذ فى الحقيقة بالاصل المذ … كور لا بالقياس مثاله قوله تعالى {الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِائَةَ جَلْدَةٍ} الْأَمَةُ عَلَيْهَا نِصْفُ ذَلِكَ بِقَوْلِهِ تَعَالَى {فَإِذَا أُحْصِنَّ فَإِنْ أَتَيْنَ بِفَاحِشَةٍ فَعَلَيْهِنَّ نِصْفُ مَا عَلَى الْمُحْصَنَاتِ مِنْ الْعَذَابِ} وَالْعَبْدُ كذلك بِالْقِيَاسِ عَلَى الْأَمَةِ فى النِّصْفُ أَيْضًا. وخلافا للكرخى فيمتنع عنده ان لم يخص اصلا او خص بمتصل ويجوز القياس ان خص بمنفصل لضعف دلالة العام حينئذ وتوقف امام الحرمين عن القول بالجواز وعدمه فى سبعة اقوال واحتج الاولون بان اعمال الدليلين اولى من الغاء احدهما والمثال ما تقدم فى الاية وقد حكى الناظم هذه الاقوال فى قوله: وبالقِيَاسِ ... ثَالِثُهَا لا غَيْرَ ذِي التبَاسِ وابْنُ أبَانٍ قَالَ لاَ إِنْ لَمْ يُخَصّْ ... وقِيلَ إِنْ لَمْ يَكُ أصْلُهُ بِنَصّْ مُخَصَّصًا مِنَ العُمُومِ لاَ يَحِلّْ ... وقِيلَ لاَ إِنْ لَمْ يَخُصَّ مُنْفَصِلْ والسَّابِعُ الوَقْفُ. قوله لا غير ذي الباس أي بان يكون القياس جليا وافاد الجلال السيوطى فى شرحه ان ما نقله المصنف هنا عن الجباءي سهومنه قال كما قال شراحه فان المعروف عنه المنع الجزء: 2 ¦ الصفحة: 19 مطلقا كما نقله هو فى شرحه اه. (وبالفحوي وَكَذَا دَلِيلُ الْخِطَابِ فى الارجح وبفعله عليه الصلاة والسلام وتقريره فى الاصح) أي ويَجُوزُ التَّخْصِيصُ بِالْفَحْوَى الذي هو عبارة عن مفهوم الموافقة بقسميه الاولى والمساوي وان قيل ان الدلالة عليه قياسية مثال الاولى ان يقال من اساء اليك فعاقبه ثم ان اساء اليك زيد فلا تقل له اف أي ولا تضره من باب اولى فهذا المفهوم يخصص من اساء اليك فعاقبه ومثال المساوي ان يقال من اساء اليك فخذ ماله ثم يقال ان اساء اليك زيد فلا تحرق ماله وكذا مفهوم المخالفة يجوز التخصيص به كتخصيص حديث فى اربعين شاة بمفهوم حديث فى الغنم السائمة زكاة عند من لا يري الزكاة فى المعلوفة والتخصيص بالمفهومين على الارجح وقيل لا لِأَنَّ دَلَالَةَ الْعَامِّ عَلَى مَا دَلَّ عَلَيْهِ الْمَفْهُومُ بِالْمَنْطُوقِ وَهُوَ مُقَدَّمٌ عَلَى الْمَفْهُومِ، قال الجلال المحلى: وَيُجَابُ بِأَنَّ الْمُقَدَّمَ عَلَيْهِ مَنْطُوقٌ خَاصٌّ لَا مَا هُوَ مِنْ أَفْرَادِ الْعَامِّ فَالْمَفْهُومُ مُقَدَّمٌ عَلَيْهِ ; لِأَنَّ إعْمَالَ الدَّلِيلَيْنِ أَوْلَى مِنْ إلْغَاءِ أَحَدِهِمَا والناظم تعرض لمفهومى الموافقة فقط حيث قال: وجاز بالفحوي بلا نزاع. بخلاف ناظم السعود فانه تعرض لقسمى المفهوم الموافق والمخالف كالمصنف حيث قال: واعتبرَ الإجماع جل الناس .... وقسمي المفهوم كالقياس ويجوز التخصيص بفعله عليه الصلاة والسلام وتقريره على الاصح فيهما كما لو قال الوصال حرام على كل مسلم ثم فعله او اقر من فعله فلذا قال الناظم: وبِالتَّقْرِيرِ ... والفِعْلِ مَنْسُوبَينِ لِلْنَّذِيْرِ وقال العلامة ابن عاصم ابن عاصم: كذاك الحس وفعل الشارع ... وما اقره بلا منازع وقيل لا يخصصا ن بل ينسخان حكم العام واجيب بان التخصيص اولى من النسخ لمافيه من بقاء حكم بعض الافراد بخلاف الشيخ فانه رفع حكم الجميع ففى التخصيص اعمال الدليلين (والاصح ان عطف العام على الخاص ورجوع الضمير الى البعض ومذهب الراوي ولو صحابيا وذكر بعض افراد العام ولو باخص من حكم العموم لا يخصص) ذكر هنا مسائل وهى ان الاصح ان عطف العام على الخاص لا يخصص العام وقيل يخصصه بمعنى انه يقصره على ذلك الخاص لوجوب الاشتراك بين المعطوف والمعطوف عليه فى الحكم وصفته قلنا فى الصفة ممنوع مثاله قوله تعالى وَأُولَاتُ الْأَحْمَالِ أَجَلُهُنَّ أَنْ يَضَعْنَ حَمْلَهُنّ فانه عام فى المطلقات وفى المتوفى عنهن والاية معطوفة على الحكم فى المطلقات وهو قوله تعالى وَاللَّائِي يَئِسْنَ مِنَ الْمَحِيضِ مِنْ نِسَائِكُمْ إِنِ ارْتَبْتُمْ فَعِدَّتُهُنَّ ثَلَاثَةُ أَشْهُرٍ واما العكس وهو عطف الخاص على العام فمثاله حديث ابى داوود وغيره {وَلَا يُقْتَلُ مُسْلِمٌ بِكَافِرٍ وَلَا ذُو عَهْدٍ فِي عَهْدِهِ} يَعْنِي كَافِرٌ حَرْبِيٌّ لِلْإِجْمَاعِ عَلَى قَتْلِهِ بِغَيْرِ الْحَرْبِيِّ قال المحقق البنانى قال شيخنا الشهاب العام هو الكافر الاول والخاص الكافر المقدر فانه معطوف على الكافر الاول فقوله بكافر حربى معطوف بالواو الداخلة على ولا ذو عهد فهو من عطف المفردات عطف ذو على مسلم وبكافر حربى على بكافر اه. والعكس لم يعرض له المصنف وزاده الناظم حيث قال: والعَطْفِ لِلْخَاصِ وعَطْفِهِ عَلَيْهِ.. وتعرض له العلامة ابن عاصم ايضا بقوله: والخلف فى العطف على ماخص او ... عطف الذي خص عليه قد رووا وكذا الاصح ان رجوع الضمير الى بعض افراد العام لا يخصصه فلذا قال الناظم عاطفا على مايخصص: ورجوع مضمر بعد اليه وامر شارح السعود الجزء: 2 ¦ الصفحة: 20 بترك التخصيص بما ذكر فى مذهب مالك ايضا والاكثر قال واختاره ابن الحاجب وغيره فلذا قال في نظمه: . ودع ضمير البعض والاسبابا مثاله قوله تعالى {وَالْمُطَلَّقَاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ} مَعَ قَوْلِهِ بَعْدَهُ {وَبُعُولَتُهُنَّ أَحَقُّ بِرَدِّهِنَّ} فَضَمِيرُ بُعُولَتِهِنَّ لِلرَّجْعِيَّاتِ وَيَشْمَلُ قَوْلُهُ وَالْمُطَلَّقَاتُ مَعَهُنَّ الْبَوَائِنَ وَقِيلَ لَايشمله وَيُؤْخَذُ حُكْمُهن مِنْ دَلِيلٍ آخَرَ وكذا الاصح ان مذهب من روي العام اذا كان بخلافه لا يخصصه ولو كان الراوي صحابيا قال شارح السعود قال فى التنقيح ومذهب الراوي لا يخصص عند مالك والشافع خلافا لبعض اصحابنا وبعض اصحاب الشافعى وقيل ان كان صحابيا خصص مذهبه بخلاف التابعى واختاره القرافى ومعنى تصحيحه له قصره على ماعدا محل المخالفة حجة القول الثانى ان المخالفة لا تصدر الاعن دليل واجيب من جهة اهل القول الذين هم مالك والجمهور بان الدليل فى ظن المخالف لا فى نفس الامر وليس لغيره اتباعه فيه لان المجتهد لا يقلد مجتهدا اه. مثاله حديث البخاري من رواية ابن عباس {مَنْ بَدَّلَ دِينَهُ فَاقْتُلُوهُ} مَعَ قَوْلِهِ: إنْ ثَبَتَ عَنْهُ أَنَّ الْمُرْتَدَّةَ لَا تُقْتَلُ، فاشار بقوله ان ثبت عنه الى تضعيف نقله عنه قال ابو السعود فان فى سنده عبد الله بن عيسى الجزري فانه كذاب يضع الاحاديث اه. وَيُحْتَمَلُ أَنَّ ابن عباس كَانَ يَرَى أَنَّ مَنْ الشَّرْطِيَّةَ لَا تَتَنَاوَلُ الْمُؤَنَّثَ كَمَا هُوَ قَوْلٌ تَقَدَّمَ وعليه فلا تكون مخالفة فى المرتدة ان ثبتت عنه من قبيل التخصيص لعموم مرويه واشار الناظم الى هذه المسئلة بقوله: والأرْجَحُ انْتِفَاؤُهُ بِمَذْهَبِ ... رَاوٍ وَلَوْ كَانَ صَحَابِيَّ النَّبِي كما قال ناظم السعود عاطفا على مالا يخص العموم ومذهب الراوي على المعتمد وكذا ذكر فرد من افراد العام والحكم عليه بمثل الحكم على العام لا يقتضى تخصيص العام قال شارح السعود قال فى التنقيح وذكر بعض العموم لا يخصصه خلافا لابى ثور يعنى انه قال يقصره على ذلك البعض بمفهومه اذ لا فائدة لذكره الاذلك ورد بان مفهوم اللقب ليس بحجة عند الجمهور وفائدة ذكر البعض نفى احتمال اخراجه من العام اه. فلذا قال فى نظمه: وذكرَ ما وافقه من مفرد.. عاطفا على مايحصل به التخصيص وافاده الناظم ايضا حيث قال: وذِكْرِ بَعْضِ مُفردَاتِهِ بَلَى ... عُرْفٌ أقَرَّهُ النَّبِي أوْ الْمَلاَ مثاله حديث الترمذي وغيره {أَيُّمَا إهَابٍ دُبِغَ فَقَدْ طَهُرَ} مَعَ حَدِيثِ مُسْلِمٍ {أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَرَّ بِشَاةٍ مَيْتَةٍ فَقَالَ: هَلَّا أَخَذْتُمْ إهَابَهَا فَدَبَغْتُمُوهُ فَانْتَفَعْتُمْ بِهِ فَقَالُوا: إنَّهَا مَيْتَةٌ فَقَالَ: إنَّمَا حُرِّمَ أَكْلُهَا} . والانتفاع يستلزم الطهارة فذكر هذا الفرد من افراد العام لا يخصص ولشاة مثلا بل يبقى على عمومه فى اهاب كل حيوان (وأَنَّ الْعَادَةَ بِتَرْكِ بَعْضِ الْمَأْمُورِ به تخصص إنْ أَقَرَّهَا النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم او الاجماع وأَنَّ الْعَامَّ لَا يُقْصَرُ عَلَى الْمُعْتَادِ، وَلَا عَلَى مَا وَرَاءَه بَلْ تُطْرَحُ لَهُ العادة السابقة) العوائد على قسمين عوائد لصاحب الشرع وهى الحقائق الشرعية وهي مخصصة لعموم الفاظه وعوائد الناس وهى التى الكلام عليها الان فافاد المصنف ان الاصح ان عادة عامة الناس بفعل شيء او تركه بعد ورود النهى والامر عنه او به تخصص العام أيي تقصره على ما عدا لمتروك او المفعول ان اقرها النبى صلى الله عليه وسلم بان كانت فى زمانه وعلم بها ولم ينكرها قال شارح السعود ان نصوص الشريعة لا يخصصها من العوائد الا ماكان مقارنا الجزء: 2 ¦ الصفحة: 21 لها فى الوجود عند التعلق بها قال فى التنقيح وعندنا العوايد مخصصة للعموم قال الامام ان علم وجودها فى زمن الخطاب وهومتجه اه. فلذا قال فى نظمه: والعرف حيث قارن الخطابا معطوف على الاجماع مفعول قوله اعتبر قال وكذا تخصص غير النصوص الشرعية فاذا وقع البيع حمل الثمن على العادة الحاضرة فى النقد لا على ما يطرا من العادة بعده قال فى شرح التنقيح وكذلك النذر والاقرار والوصية اذا تاخرت العوائد عنها لا تعتبر اه. وكذا تخصص العادة العام فيما اذا اقرها الاجماع بان فعلها الناس من غير انكار عليهم فالمخصص فى الحقيقة التقرير من النبى صلى الله عليه وسلم اوالاجماع الفعلى فلذا قال الناظم عاطفا بحذف حرف العطف على ما يخص: عرف اقره النبيء او الملا. فالملاء الاشراف الذين انعقد بهم الاجماع الفعلى أي الذي فعله كثير من الناس من غير انكار عليهم واما المتقرر قبل ورود العام من العوائد فالاصح ان العام لا يقصر على المعتاد ولا على ماوراءه قال الجلال المحلى: بَلْ تُطْرَحُ لَهُ أَيْ لِلْعَامِّ فِي الثَّانِي العادة السابقة اه. قال المحقق البنانى له أي للعام أي لاجله فى الثانى العادة السابقة قيد أي الشارح بالثانى مع ان الاول مثله فى ان العام جري على عمومه فيه كما صرح به لان العادة فى الاول لم تدخل فى العام حتى تطرح منه بخلافها فى الثانى اه. فلا يقصر العام على المعتاد فى القسمين بل يجري على عمومه وشموله فيهما فلذا قال الناظم: وأنَّهُ لاَ يُقْصَرُ العَامُ عَلَى ... ما اعْتِيدَ أوْ خِلاَفِهِ بَلْ شَمِلاَ وقيل يقصر على المعتاد بان يخصص به فلذا قال ابن عاصم: والعرف كالعادة لا يخص ... وقيل بل مخصص مثال الاول كما لو كان عادتهم تناول البر ثم نهى عن بيع الطعام بجنسه متفاضلا فالعادة فيه تناول البر والعام فيه انما هو بيع الطعام بجنسه متفاضلا وهى لاتدخل فيه فلا طرح ومثال الثانى كما لو كان عادتهم بيع البر بالبر متفاضلا ثم نهى عن بيع الطعام بجنسه متفاضلا فالعادة بيع البر بالبر والعام متفاضلا وهي داخلة فى المنهى عنه (واِنَّ نَحْوَ قَضَى بِالشُّفْعَةِ لِلْجَار لا يعم وِفَاقًا لِلْأَكْثَرِ) أي والاصح ان نحو قول الصحابى انه صلى الله عليه وسلم قضى بالشفعة للجار لا يعم كل جار ونحوه وِفَاقًا لِلْأَكْثَرِ وقيل يعم ذلك حيث ان قائله عدل عارف باللغة والمعنى ولولا ظهور عموم الحكم مما صدر على النبىء صلى الله عليه وسلم لم يات هو فى الحكاية له بلفظ عام كالجار يقال من قبل الاصح الذي عليه الاكثر ان ظهور عموم الحكم بحسب ظنه ولا يلزمنا اتباعه فى ذلك ونحو قضى الخ قول ابى هريرة ان النبيء صلى الله عليه وسلم نهى عن بيع الغرر رواه مسلم فقيل يعم كل غرر والله اعلم (مسئلة جواب السائل غير المستقل دونه تابع للسؤال فى عمومه والمستقبل الاخص جائز اذا سكت معرفة المسكوت والمساوي اصح) اذا ورد خطاب الشارع جوابا فله حالتانى احداهما ان لا يستقل الجواب بنفسه دون السؤال بان لا يفيد الا مع اقترانه بهم فيكون حينئذ تابعا للسؤال كحديث الترمذي وغيره {أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سُئِلَ عَنْ بَيْعِ الرُّطَبِ بِالتَّمْرِ، فَقَالَ: أَيَنْقُصُ الرُّطَبُ إذَا يَبِسَ قَالُوا: نَعَمْ قَالَ فَلَا إذَنْ} أي فلا يباع اذا كان ينقص فهذا المثال عام فى جميع افراد بيع الرطب بالتمر وغير مستقل بالافادة بدون السؤال فيكون الجواب تابعا للسؤال فى عمومه فلذا قال الناظم: جَوَابُ مَنْ يَسْأَلُ إِنْ لَمْ يَسْتَقِلّْ ... يَتْبَعْهُ فِي عُمُومِه وكذا يتبعه فى الجزء: 2 ¦ الصفحة: 22 خصومه كما لو قال للنبىء صلى الله عليه وسلم قائل توضأت من ماء البحر فقال يجزيك فلا يعم حينئذ غير السائل بل يحتاج الغير فى صحة وضؤه منه لدليل آخر واما الجواب المستقل بنفسه فى الافادة بحيث لو ورد ابتداء بدون سؤال لافاد وهو اخص من السؤال بحسب المفهوم فانه جائز اذا سكت معرفة حكم المسكوت عنه منه فلذا قال الناظم والْمُسْتَقِلّْ. مِنْهُ الأخَصُّ جَائِزُ الثُّبُوتِ ... إِنْ أمْكَنَتْ مَعْرِفَةُ الْمَسْكُوتِ … مثاله كان يقول كَأَنْ يَقُولَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: {مَنْ جَامَعَ فِي نَهَارِ رَمَضَانَ فَعَلَيْهِ كَفَّارَة الْمُظَاهِرِ فِي جَوَابِ مَنْ أَفْطَرَ فِي نَهَارِ رَمَضَانَ مَاذَا عَلَيْهِ فَيُفْهَمُ مِنْ قَوْلِهِ: جَامَعَ أَنَّ الْإِفْطَارَ بِغَيْرِ الْجِمَاعِ لَا كَفَّارَةَ فِيهِ فَإِذَا لَمْ تُمْكِنْ مَعْرِفَةُ حكم الْمَسْكُوتِ مِنْ الْجَوَابِ فَلَا يَجُوزُ لِتَأْخِيرِ الْبَيَانِ عَنْ وَقْتِ الْحَاجَةِ واما اذا كان الجواب المستقل بالافادة مساويا للسؤال في عمومه وخصوصه فواضح مثاله أَنْ يُقَالَ: مَنْ جَامَعَ فِي نَهَارِ رَمَضَانَ فَعَلَيْهِ كَفَّارَةٌ كَالظِّهَارِ فِي جَوَابِ مَاذَا عَلَى مَنْ جَامَعَ فِي نَهَارِ رَمَضَان وقال الناظم ايضا. والمساوي واضح (والعام على سبب خاص معتبر عمومه عند الاكثر فان كانت قرينة تعميم فاجدر) أي والعام الوارد لاجل سبب خاص فى سؤال او غيره معتبر عمومه عند الاكثر نظرا لظاهر لفظ العام فلذا قال الناظم: والعَامِ بَعْدَ سَبَبٍ خَاصٍ عَرَا ... عُمومُهُ للأكْثَرِينَ اعْتُبِرَا وقيل هو مقصود عل السبب لوروده بسببه وذكره ابن عاصم ايضا عن الشافعى حيث قال: وجاز تخصيص العموم الواقع ... بالسبب للمخصوص عند الشافعى مثاله حَدِيثُ التِّرْمِذِيِّ وَغَيْرِهِ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ {قِيلَ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَتَتَوَضَّأُ مِنْ بِئْرِ بُضَاعَةَ وَهِيَ بِئْرٌ يُلْقَى فِيهَا الْحِيَضُ بكسر الحاء وفتح الياء جمع حيضة بمعنى خرقة الحيض وَلُحُومُ الْكِلَابِ وَالنَّتْنُ؟ مصدر بمعنى اسم الفاعل أي الاشياء المنتنة فَقَالَ: إنَّ الْمَاءَ طَهُورٌ لَا يُنَجِّسُهُ شَيْءٌ} أي من الامور المذكورة وغيرها من بقية النجاسات اعتبارا للعموم وقيل من الامور المذكورة وهو ساكت عن غيرها اعتبارا للخصوص فان وجدت قرينة التعميم فوجودها اجدر أي اولى باعتبار العموم من عدم وجودها مثاله قوله تعالى {وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا} وَسَبَبُ نُزُولِهِ عَلَى مَا قِيلَ رَجُلٌ سَرَقَ رِدَاءَ صَفْوَانَ فَذِكْرُ السَّارِقَةَ قَرِينَةً عَلَى أَنَّهُ لَمْ يُرِدْ بِالسَّارِقِ ذَلِكَ الرَّجُلَ فَقَطْ (وصورة السبب قطعية الدخول عند الاكثر فلا تخص بالاجتهاد وقال الشيخ الامام ظنية قال ويقرب منها خاص بالقرآن تلاوة فى الرسم عام للمناسبة) أي وصورة السبب التى ورد عليها العام قطعية الدخول فيه عند الاكثر من العلماء فلا تخص منه بالاجتهاد وقال الشيخ الامام والد المصنف كغيره هي ظنية كغيرها فيجوز اخراجها منه بالاجتهاد فلذا قال الناظم: قَالُوا وَذَا صُورَتُهُ قَطْعِيُّ ... دُخُولُهَا وَظَنًّا السُّبْكِيُّ وافاد شارح السعود ان القرافى روي عن الامام مالك ان دخول صورة السبب ظنى ويعزي الى الحنفية لدخولها فى العام فعلى انها قطعية لا تخرج منه بالاجتهاد وعلى القول الاخر بالعكس اه. قال فى نظمه: واجزم بإدخال ذوات السبب .... وارو عن الإمام ظنا تُصِب قال فى الشرح واعلم ان قول ابى حنيفة ان ولد الامة المستفرشة لا يلحق الا بالاقرار ليس اخراجا لصورة السبب من قوله صلى الله عليه وسلم الولد للفراش فى امة ابن زمعة المختصم فيها عبد ابن زمعة وسعد ابن ابى وقاص لان الفراش عند ابى حنيفة هو المنكوحة وام الولد اطلاق الفراش فى الحديث على وليدة زمعة الجزء: 2 ¦ الصفحة: 23 بعد فرل عبد بن زمعة ولد على فراش أي لايستلزم كون الامة مطلقا فراشا لجواز كونها كانت ام ولده وقد قيل به ويشعر به ايضا لفظة وليدة فعيلة بمعنى فاعلة من الولادة قاله الكمال ابن الهمام خلافا لما للمحلى من انه يلزم على قول ابى حنيفة انه لا يلحق الا بالاقرار اخراج صورة السبب من العام بناء على ان لازم المذهب يعد مذهبا اه. وقال والد المصنف ايضا ويقرب من صورة السبب أي يلحق بها فى جريان الخلاف فى كون الدخول قطعيا او ظنيا خاص فى القران تلاوة فى الرسم أي رسم القران اية عامة يقتضى مناسبتها دخول ما دلت عليه الاية الخاصة فيها فلذا قال الناظم معيدا الضمير على الشيخ السبكي: قال لو نَحْوٌ مِنْهُ خاصٌ صَاحَبَهْ ... فِي الرَّسْمِ مَا يَعُمُّ لِلْمُنَاسَبَهْ وقال شارح السعود ان المالكية اختلفوا اذا ذكرت اية خاصة ثم تبعها فى الرسم أي الوضع عام وان تاخر عنها فى النزول هل يبقى العام على عمومه او يقصر على الخاص المذكور قبله كما اذا ذكر الله فاعل محرم ثم يقول بعد ذكره انه لا يفلح الظالمون او يذكر فاعل مامور ثم يقول بعد ذكره ان الله مع المحسنين قاله فى شرح التنقيح اه. فلذ قال فى نظمه: وجاء في تخصيص ما قد جاورا .... في الرسم ما يعم خلفُ النظرا فخلف فاعل جاء والنظرا بمعنى المتناظرين فى العلم جمع نظير والله اعلم ( مسئلة ان تاخر الخاص عن العمل نسخ الخاص والا خصص ) أي اذا تعارض نصان احدهما عام والاخر خاص فان تاخر الخاص عن اول وقت العمل بالعام المارض له نسخ العام بالنسبة لما تعارضا فيه وهو ما دل عليه الخاص لا لجميع افراده فلا خلاف فى العمل به فى بقية الافراد فى المستقبل وانما لم يجعل الخاص مخصصا للعام فى هذه الحالة لان التخصيص بيان للمراد من العام فلو تاخر عن وقت العمل بالعام لزم تاخير البيان عن وقت الحاجة وهوممتنع واما اذا تاخر الخاص عن الخطاب بالعام دون العمل او تاخر العام عن الخاص مطلقا سواء كان عن وقت الخطاب بالخاص او عن وقت العمل به او تقارنا بان عقب احدهما الاخر او جهل تاريخهما فان الخاص حينئذ يخصص العام فلذا قال الناظم: تَأَخُرُ الْخَاصِ عَنْ الفِعْلِ فَذَا ... يَنْسَخُ أوْ لاَ فَلِتَخْصِيصِ خُذَا وقال ناظم السعود: وإن أتى ما خص بعد العمل ... نسخ والغير مخصصا جلي (وقيل ان تقارنا تعارضا فى قدر الخاص كالنصين وقالت الحنفية وامام الحرمين العام المتاخر ناسخ فان جهل فالوقف او التساقط وان كان كل عاما من وجه فالترجيح وقالت الحنفية المتاخر ناسخ) قوله وقيل ان تقارنا الخ محترز قول المصنف تاخر كما تقدم أي وقيل ان تقارن الخاص والعام فيتعارضان فى قدر الخاص كاللفظين المختلفين بسبب ان كل واحد منهما نص فى معناه بان يكونا خاصيين بمدلول واحد فمايدل عليه احدهما هو مايدل عليه الاخر كقوله اقتلوا اهل الذمة لاتقتلوا اهل الذمة وحيث حصل التعارض فى قدر الخاص يحتاج العمل به الى مرجوح له ورد بان الخاص اقوي من العام فى الدلالة على ذلك البعض المدلول له لان ذلك البعض يجوز عقلا ان لايراد من العام بخلاف الخاص فانه نص فى ذلك البعض الذي هو مدلوله فلا حاجة حينئذ الى مرجح له خارج يصار له عند التعارض واشار الناظم الى ماذكره المصنف بقوله: وقِيلَ إِنْ تَقَارَناَ تَعاَرُضَا ... فِي قَدْرِ مَا خَصَّ كَنَصَّيْنِ اقْتَضَى وهذه المسئلة بعض مفهوم قول المصنف والا فى المسئلة قبلها وكذا قوله وقالت الجزء: 2 ¦ الصفحة: 24 الخ أي وقالت الحنفية وامام الحرمين العام المتاخر عن الخاص ناسخ له كعكسه بجامع التاخر قال الجلال المحلى: قُلْنَا: الْفَرْقُ أَنَّ الْعَمَلَ بِالْخَاصِّ الْمُتَأَخِّرِ لَا يُلْغِي الْعَامَّ بِخِلَافِ الْعَكْسِ وَالْخَاصُّ أَقْوَى مِنْ الْعَامِّ فِي الدَّلَالَةِ فَوَجَبَ تَقْدِيمُهُ عَلَيْهِ اه. قَالُوا فَإِنْ جُهِلَ التَّارِيخُ بَيْنَهُمَا فَالْوَقْفُ عَنْ الْعَمَلِ بِوَاحِدٍ مِنْهُمَا أَوْ التَّسَاقُطُ) لَهُمَا قَوْلَانِ لهم فلذا قال الناظم والْحَنَفِيُّ العَامُ إِنْ تَأَخَّرَا ... يَنْسَخْ وعِنْدَ الْجَهْلِ قَوْلاَنِ جَرَى مثال العام والخاص الصالحين لجميع ماتقدم من اول المسالة الى هنا ويخرج فى كل موضع مماذكر على ما يناسبه ان يقال فى العام {فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ} وَالْخَاصُّ لَا تَقْتُلُوا أَهْلَ الذِّمَّةِ واذا كان كل من الخاص والعام المتعارضين عاما من وجه خاصا من وجه فالترجيح بينهما واجب لتعادلهما تقارنا او تاخر احدهما ولو كان تاخيره احتمالا بسبب جهل التاريخ وقال الحنفية المتاخر ناسخ للمتقدم فيما تعارضا فيه قال الناظم أو عَمَّ مِنْ وجْهٍ فَفِي الْمَشْهُورِ ... رَجِّحْ وقِيْلَ النَّسْخُ باِلأخِيْرِ وتعرض شارح السعود لذي المسالة الاخيرة قائلا ان الدليلين اذا كان بينهما عموم وخصوص من وجه فالمعتبر الترجيح بينهما لحديث البخاري {مَنْ بَدَّلَ دِينَهُ فَاقْتُلُوهُ} . وَحَدِيثُ الصَّحِيحَيْنِ {أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَهَى عَنْ قَتْلِ النِّسَاءِ} عَامٌّ فِي الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ خَاصٌّ فى أَهْلِ الرِّدَّةِ وَالثَّانِي خَاصٌّ فى النِّسَاءِ عَامٌّ فِي الْحَرْبِيَّاتِ وَالْمُرْتَدَّاتِ. قلت يرجح الثانى باتفاق الشيخين عليه وكقوله تعالى {وان تجمعوا بين الاختين} مع قوله {او ماملكت ايمانكم} فيترجح الاول بانه لم يدخله تخصيص على الصحيح بخلاف الاخر فانه مخصوص بالاجماع فى ذات المحرم اه. فلذا قال فى نظمه: وإن يك العموم من وجه ظهر .... فالحكم بالترجيح حتما معتبر ( المطلق والمقيد ) أي هذا مبحثهما وذكرهما اهل الفن عقب العام والخاص لشبههما بهما اذ المطلق عام عموما بدليا والمقيد مع المطلق بمنزلة الخاص مع العام مع اتفاقهما فيما به التخصيص والتقييد من كتاب وسنة وغيرهما كما سياتى (المطلق الدال على الماهية بلا قيد وزعم الامدي وابن الحاجب دلالته على الوحدة الشائعة اتوهماه النكرة ومن ثم قالا الامر بمطلق الماهية امر بجزئ وليس بشيء وقيل بكل جزيء وقيل اذن فيه) عرف المصنف رحمه الله المطلق الدال على الماهية بلا قيد أي بلا قيد أي بلا اعتبار قيد فى الواقع من وحدة او اكثر وافاد شارح السعود انه يسمى باسمى الجنس ايضا حيث قال ان المطلق واسم الجنس كل منهما هو اللفظ الدال على الماهية أي الجنس الشامل للجنس عند المناطقة والنوع والصنف عندهم نحو حيوان وانسان وعرب ولا بد ان تكون دلالته على الماهية بلا قيد اه. فلذا قال فى نظمه: وما على الذات بلا قيد يدل ..... فمطلق وباسم جنس قد عُقل وظن الآمدي وابن الحاجب ان المطلق هو النكرة لانها دالة على الوحدة الشائعة حيث لم تخرج عن الاصل من الافراد الى التثنية او الجمع والمطلق عندهما كذلك ايضا حيث ان الآمدي عرفه بالنكرة فى سياق الاثبات وابن الحاجب عرفه بما دل على شائع فى جنسه وبعد ان عرف فى السعود النكرة افاد ان الاتحاد بين المطلق وبينهما نصره بعضهم حيث قال فى نظمه: وما على الواحد شاع النكره .... والاتحاد بعضهم قد نصره واللفظ فى المطلق والنكرة واحد والفرق بينهما انما هو فى الاعتبار فان اعتبر فى اللفظ الدلالة على الماهية بلا قيد سمى مطلقا واسم جنس الجزء: 2 ¦ الصفحة: 25 ايضا وان اعتبر قيد الوحدة الشائعة سمى نكرة والآمدي وابن الحاجب ينكران الدال على الماهية بلا قيد فيجعلان المطلق هو الدال على الماهية مع قيد الوحدة الشائعة وغيرهما يعرفه بالدال على الماهية بلا قيد والوحدة ضرورية اذلا وجود للماهية المطلوبة باقل من واحد وحكى الناظم ذين المذهبين كما حكاهما المصنف معتمدا الاول حيث قال: المطلق الدَّالُ علَى الماهِيَّةِ ... مِنْ غَيْرِ قَيْدٍ لاَ شُيُوعِ الوحْدَةٍ كَمَا فِي الاِحْكَامِ وفِي الْمُخْتَصَرِ ... لِظَنِّهِ مُرَادِفَ الْمُنَكَّرِ ومعلوم ان المختصر لابن الحاجب وحيث ان المطلق خال من التعيين والنكرة غدت مشتهرة به أي بالتعيين الشائع فى كل فرد بدل الاخر بين ذلك العلامة ابن عاصم بقوله: وسم بالمطلق كل ماخلا ... من كل تعيين اذا ما استعملا لذاك لا يكون الا نكرة ... اذ بالشياع غدت مشتهرة قال الجلال السيوطى قال السبكى الصواب الفرق بينهما وعليه الاصوليون والفقهاء حيث اختلفوا فى من قال لامراته ان كان حملك ذكرا فانت طالق فكان ذكرين قيل لا تطلق نظرا للتنكير المشعر بالتوحيد وقيل تطلق حملا على الجنس اه. وتعرض لهما فى السعود ايضا حيث ان الخلاف فيها ينبنى على الخلاف المتقدم فقال فى نظمه: عليه طالق إذا كان ذكر .... فولدت لاثنين عند ذي النظر قال الجلال المحلى: وَالْأَوَّلُ مُوَافِقٌ لِكَلَامِ أَهْلِ الْعَرَبِيَّةِ وَالتَّسْمِيَةُ عَلَيْهِ بِالْمُطْلَقِ لِمُقَابَلَةِ الْمُقَيَّدِ اه. والمفيد هو الذي يدخله تعيين بوصف او شبهه كما قال ابن عاصم: ثم الذي يدخله تعيين .... ولو بوجه كيفما يكون من وصف او شبهه له مقيد .... فذاك قد سموه بالمقيد وتعرض لتعريفه شارح السعود حين جعله فى الترجمة اولا قبل المطلق فعرفه بكونه لفظا مفردا زيد على معناه أي مسماه معنى آخر لغير ذلك اللفظ نحو رقبة مؤمنة وانسان صالح وحيوان ناطق مطلقا لا فرق بين ذكر القيد وتقديره قال قال فى التنقيح والحاصل ان كل حقيقة اعتبرت من حيث هى هى فهى مطلقة وان اعتبرت مضافة الى غيرها فهى مقيدة اه. وهو الذي عناه بالاول فى تعريفه له بقوله فى نظمه: فما على معناه زيد مسجلا .... معنى لغيره اعتقده الأولا وذكر العلامة ابن عاصم ان المطلق فيه ابهام والمقيد فيه بيان وانه رب مطلق بنفسه يكون مقيدا والعكس حيث قال: وذان امران اضافيان ... بمقتضى الابهام والبيان فرب مطلق بنسبة يرد ... مقيدا بنسبة واعكس تجد وقول المصنف ومن ثم الخ أي ومن هنا أي ومن اجل الذي زعمه أي ظنه الآمدي وابن الحاجب من دلالة المطلق على الوحدة الشائعة قالا ان الامر بمطلق الماهية كالضرب من غير قيد امر بجزءي من جزءياتها لا بالمطلق المشترك اذ المقصود الوجودي ولا وجود للماهية وانما توجد جزءياتها فحينئذ الامر بها امر بجزءي لها قال المصنف وليس بشئ أي وليس قولهما ذلك بشيئ لوجود الماهية بوجود جزءياتها حيث انها جزءه وجزء الموجود موجود قال المحقق البنانى الذي عليه المحققون كاليد فى شرح المواقف وغيره ان الماهية الكلية لا يمكن وجودها فى الخارج مطلقا لان الموجود فى الخارج محسوس والمحسوس جزءي والموجود فى الجزءيات صور مطابقة للماهية لا نفس الماهية وقيل امر بكل جزءي لها قال المحقق البنانى لا بمعنى انه يجب الاتيان بكل منها بل بمعنى الاكتفاء بواحد منها كما فى الواجب المخبر على القول بوجوب خصاله كلها اه. وقيل اذن فى كل جزءي ان الجزء: 2 ¦ الصفحة: 26 يفعل نعم يخرج عن العهدة بواحد فيكتفى باي فرد وجد فلذا قال العلامة ابن عاصم: واكتف فى الحكم عليه ان بدا .... بالفرد منه أي فرد وجدا والله اعلم ( مسالة المطلق والمقيد كالعام والخاص وانهما ان اتحدا حكمها وموجبهماوكانا مثبتين وتاخر المقيد عن وقت العمل بالمطلق فهو ناسخ والاحمل المطلق عليه وقيل المقيد ناسخ ان تاخر وقيل يحمل المقيد على المقيد على المطلق) قال الشيخ الشربينى عقب العام به أي بالمطلق لكون المطلق كالعام والمقيد كالخاص بل قيل ان المطلق والمقيد نوعان من الخاص اه. وحيث انهما كهما جوازا وامتناعا فما جاز تخصيص العام به يجوز تقييد المطلق به ومالا فلا قال شارح السعود يقيد المطلق بكل ما يخصص العام من كتاب وسنة وقياس ومفهوم وما لافلا فيقيد الكتاب بالكتاب والسنة بالسنة والكتاب ويقيدان بالقياس وبالمفهومين وفعله صلى الله عليه وسلم وتقريره الاجماع بخلاف مذهب الراوي وذكر بعض جزءيات المطلق على الاصح فى الجميع غير مفهوم الموافقة فلا خلاف فى التقييد به اه. فلذا قال فى نظمه: بما يُخَصِّصُ العمومَ قَيِّد .... ودع لما كان سواه تقتدي ويزاد هنا اعنى فى باب المطلق والمقيد انهما ان اتحد حكمها وموجبهما بكسر الجيم أي سببهما وكانا مثبتين كان يقال فى كفارة الظهار اعتق رقبة مؤمنة وتاخرالمقيد عَنْ دخول وَقْتِ الْعَمَلِ بِالْمُطْلَقِ الْمُقَيَّدُ نَاسِخٌ له بِالنِّسْبَةِ إلَى صِدْقِهِ بِغَيْرِ الْمُقَيَّدِ فلذا قال فى السعود: وإن يكن تأخر المقيِّد .... عن عمل فالنسخ فيه يُعهد واما اذا تاخر المقيد عن وقت الخطاب بالمطلق دون العمل او تاخر المطلقة عن المقيد مطلقا عمل به اولا او تقارنا او جهل تاريخهما فالمطلق يحمل على المقيد جمعا بين الدليلين فلذا قال فى السعود: وحمل مطلق على ذاك وجب ... إن فيهما اتحد حكم والسبب وقال ابن عاصم ايضا: ما اتفق الحكم عليه والسبب ... فها هنا الحمل عليه قد وجب ومحله عند توفر ماافاده الناظم حين تعرض لاصل المسالة قا ئلا وذَانِ كالعُمُومِ والْخُصُوصِ فِي ... حُكْمِهِمَا وزِدْ هُنَا لِلْمُقْتَفِي في الْحُكْمِ والْمُوجِبِ إذْ يَتَّحِدُ ... وأُثْبِتَا وأُخِّر المقيَّدُ عنْ عَمَلِ الْمُطْلَقِ نَاسِخًا جَلاَ ... أوْ لاَ عَلَيهِ مُطْلَقٌ فَلْيُحْمَلاَ وقيل المقيد ناسخ للمطلق ان تاخر عن وقت الخطاب به كما لو تاخر عن وقت العمل به وقيل يحمل المقيد على المطلق بان يلغى القيد اذ ذكره ذكر لجزئ من المطلق فلا يقيده كما ان ذكرفرد من العام لا يخصصه وهذان القولان متقابلان للتفصيل لا للشق الثانى منه فقط واشار اليهما الناظم عاكسا ترتيب المصنف فى القولين تقديما وتاخيرا حيث قال: وقيل عكسه وقيل ان بدا ... مؤخرا ذو القيد ناسخا لذا والضمير فى عكسه عائد على حمل المطلق على المقيد فى البيت قبله (وان كان منفيين فقائل المفهوم يقيده به وهى خاص وعام وان كان احدهما امرا والاخر نهيا فالمطلق مقيد مضد الصفة) قول المصنف وان كانامنفيين أي وان كان المطلق والمقيد أي المتحدا الحكم والسبب منفيين يعنى غير مثبتين بان يكون منفيين أي اومنهيين نحو لا يجزءي عتق مكاتب لا يجزءي عتق مكاتب كافر لَا تُعْتِقْ مُكَاتَبًا لَا تُعْتِقْ مُكَاتَبًا كَافِرًا فالقائل بحجية مفهوم المخالفة وهو الراجح يقيد المطلق بالمقيد فى ذلك وتخرج المسالة حينئذ من المطلق والمقيد وتدخل فى الخاص والعام لعموم المطلق فى سياق النفى فان تاخر الخاص عن وقت العمل بالعام كان الجزء: 2 ¦ الصفحة: 27 ناسخا والا خصص كما هو حكم العام والخاص فلذا قال الناظم: أو نُفِيا فَقَائِلُ الْمَفْهُومِ ... قيَّدَهُ وهْيَ مِنَ الْعُمُومِ وَإِنْ كَانَ أَحَدُهُمَا أَمْرًا، وَالْآخَرُ نَهْيًا نَحْوُ أَعْتِقْ رَقَبَةً، لَا تُعْتِقْ رَقَبَةً كَافِرَةً، أَعْتِقْ رَقَبَةً مُؤْمِنَةً، لَا تُعْتِقْ رَقَبَةً فان الْمُطْلَقُ مُقَيَّدٌ بِصفة الصِّفَة فى المقيد ليجتمع الدليلان فى العمل فالمطلق فى المثال الاول مقيد بالايمان وفى الثان مقيد بالكفر فما كان معري من التقييد الذي هو المطلق فى المثالين يقيد بضد الصفة فى المقيد فيهما فلذا قال الناظم مشيرا اليهما: أو كان ذا نهيا وهذا أمرا ... قيد بضد الوصف ما قد يَعْرَى وافاده ناظم السعود ايضا بقوله: وإن يكن امر ونهي قُيِّدا .... فمطلق بضد ما قد وُجدا ومن المعلوم اذا لم يوجد مقيد له يحمل على اطلاقه حيثما ورد حسبما افاده العلامة ابن عاصم بقوله: فاحمل على الاطلاق مطلقا وجد ... دون مقيد له حيث يرد كما ان المقيد كذلك يحمل على تقييده ان ورد بدون مطلق كما قال واحمل على مقيده مقيدا ... ليس له من مطلق ان وردا (وَإِنْ اخْتَلَفَ السَّبَبُ فقال ابوحنيفة لايحمل لفظا وقال الشافعى قياسا وان اتحد الموجب واختلف حكمهما فعلى الخلاف) أي وان اختلف السبب فى المطلق والمقيد سواء كانا مثبتين او منفيين او مختلفين مع اتحاد الحكم كما فى قوله تعالى فى كفارة الظهار فتحرير رقبة وفى كفارة القتل فتحرير رقبة مؤمنةفَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ: لَا يُحْمَلُ الْمُطْلَقُ فى ذلك لا ختلاف السبب فيبقى المطلق على اطلاقه وَقِيلَ: يُحْمَلُ المطلق عليه بمجرد ورود اللفظ المقيد من غير حاجة الى جامع فلذا قال الناظم: والاختلافِ السبَبِ النعمانُ لا ... يحمله وقيل لفظا حُمِلا وَقَالَ الشَّافِعِيُّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ وعن سائر الائمة يحمل المطلق عليه فَلَا بُدَّ مِنْ جَامِعٍ بَيْنَهُمَا وهو فى المثال المذكور حُرْمَةُ سَبَبِهِمَا أَيْ الظِّهَارِ وَالْقَتْلِ واما ان اتحد الموجب فيهما أي السبب واختلف الحكم كما فى قوله تعالى فى التيمم {فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ} وفى الوضوء {فَاغْسِلُوا بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ إلَى الْمَرَافِق} وَالْمُوجِبُ لَهُمَا الْحَدَثُ والحكم مختلف وهو المسح فى المطلق والغسل فى المقيد بالمرافق ففيه الخلاف الذي فى الحالة قبلها وتعرض الناظم لذي المسالة ولقول الشافعى المتقدم بقوله: والشافعِيْ قال قياسًا وجرى ... اذا اختلافُ الحكمِ دونهُ عرا والضمير فى قوله دونه عائد على السبب فى البيت قبله وتعرض شارح السعود لما عليه المالكية قائلا انه اذا اتحد اللفظان فى واحد من السبب والحكم دون الآخر فلا يحمل جل المالكية المطلق على المقيد سواء كانا امرين او نهيين او متخالفين اه. فلذا قال فى نظمه: وحيثما اتحد واحد فلا .... يحمله عليه جل العقلا واما العلامة ابن عاصم فانه كما تعرض للمذهب المالكي تعرض ايضا لمذهبى الشافعى والنعمان بقوله: والخلف لفظى فى مختلف السبب ... لاالحكم مثل عكسه فى المذهب والشافعى فيهما قيد ما ... اطلق والنعمان للمنع انتمى فذكر هنا ان المالكية عندهم خلاف وافاد ناظم السعود فى البيت المتقدم ما عليه الجل منهم. (وَالْمُقَيَّدُ بِمُتَنَافِيَيْن يَسْتَغْنِي عَنْهُمَا إنْ لَمْ يَكُنْ أَوْلَى بِأَحَدِهِمَا مِنْ الْآخَرِ قِيَاسًا) هذا من قسم اختلاف السبب مع اتحاد الحكم أي والمقيد فى موضعين بِمُتَنَافِيَيْن وقد اطلق فى موضع كما فى قوله تعالى فى المطلق فى قضاء ايام رمضان {فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ} وَفِي كَفَّارَةِ الظِّهَارِ {فَصِيَامُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ} وَفِي التَّمَتُّعِ {فَصِيَامُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ فِي الْحَجِّ وَسَبْعَةٍ إذَا رَجَعْتُمْ} الجزء: 2 ¦ الصفحة: 28 فيستغنى بما اطلق فيه عن المُتَنَافِيَيْن قول المصنف ان لم يكن الخ قال المحقق البنانى أي ان لم يكن المطلق اولى باحدهما أي بالتقييد بالاخر أي بالتقييد الاخر اه. قال الجلال السيوطى فيجري قضاء رمضان على اطلاقه من جوازه متتابعا ومفرقا لامتناع تقييده بهما لتنافيهما وبواحد منهما لانتفاء مرجحه اه. فلذا قال فى النظم: وإن يكنْ قيدان مع تنافِ ... ولا مرجِّحَ الغنى يوافي واذا كان المطلق اولى بِالتَّقْيِيدِ بِأَحَدِهِمَا مِنْ الْآخَرِ مِنْ حَيْثُ الْقِيَاسُ كَأَنْ وُجِدَ الْجَامِعُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ مُقَيَّدِهِ دُونَ الْآخَرِ قُيِّدَ بِهِ بِنَاءً عَلَى الرَّاجِحِ مِنْ أَنَّ الْحَمْلَ قِيَاسِيٌّ والله اعلم الظاهر والمؤول أي هذا فاالظاهر لغة الواضح و التاويل من ءال يئول اذا رجع ومثال الامر مرجعه قال فى التنقيح اما لانه يئول الى الظاهر بسبب الدليل العضد او لان العقل يئول الى فهمه بعد فهم الظاهر وعرف المصنف الظاهر والمؤول بقوله (الظاهر مادل دلالة ظنية والتاويل حمل الظاهر على المحتمل المرجوح فان حمل لدليل فصحيح او لما يظن دليلا ففاسد او لا لشيء فلعب لا تاويل) أي الظاهر لفظ مفردا كان او مركبا دل على المعنى دلالة ظنية أي راجحة فيحتمل غير ذلك المعنى مرجوحا كالاسد فانه راجح فى الحيوان المفترس مرجوح فى الرجل الشجاع عند استعماله بلاقرينة دالة على المعنى المجازي والا كان راجحا عن الظاهر فالمراد انه يحتمل ذلك احتمالا عقليا وان لم يصح ارادته من اللفظ لعدم وجود القرينة كما فى الفنري عن المصنف قاله الشربينى فخرج النص كزيد لان دلالته قطعية والتاويل حمل الظاهر على المحتمل المرجوح فلذا قال الناظم: الظاهرُ الدَّالُ برجحانٍ وإن ... يُحْملْ على المرجوحِ تأويلٌ زكنْ وقال ناظم السعود معرفا للتاويل: حمل لظاهر على المرجوح .... واقسمه للفاسد والصحيح والتاويل يكون صحيحا وهو التاويل القريب بان يكون فيه دليل ارادة المعنى الخفى قويا فى نفس الامر اعتقد الحامل صحته ام لا وغير الصحيح وهو ما كان فيه ارادة المعنى المرجوح ضعيفا هو التاويل البعيد وهو التاويل الفاسد فلذا قال ناظم السعود: صحيحه وهْو القريب ما حُمل ... مع قوة الدليل عند المستدل وغيره الفاسد والبعيد .... وما كان الحمل فيه على المعنى المرجوح لغير دليل اصلا فهو لعب فلا يسمى تاويلا فى الاصطلاح فلذا قال: ... وما خلا فلعباً يفيد. قوله او حسب أي ظن بانه دليل أي وليس بدليل فى الواقع ففاسد وذكر شارح السعود ان صاحب المختصر وهو خليل بن اسحاق المالكي يسمى اختلاف شراح المدونة فى فهمهاتاويلا قال اما تسمية حملها على المتحمل المرجوح تاويلا فموافق لاصطلاح الاصوليين وذلك هو الغالب عند الفقهاء أي موافقة اصطلاحهم لا صطلاح اهل الاصول لان علم الاصول انما وضع لينبنى عليه علم الفقه واما تسمية حملها على الظاهر تاويلا فمجرد اصطلاح اصطلحه ولامشاحة فى الاصطلاح بناء على ان اللغات غير توقيفية اه. فلذا قال فى نظمه: والخلفَ في فهم الكتاب صير ..... الجزء: 2 ¦ الصفحة: 29 إياه تأويلا لدى المختصر. قال والمراد بالكتاب المدونة لغلبتها على سائر الكتب عند فقهاء المالكية كما غلب القران على غيره فى خطاب الشرع وكما غلب كتاب سيبويه عند النحاة فاذا اطلق الكتاب فى عرف كل من ذكر فالمراد به ما ذكر اه. (وَمِنْ الْبَعِيدِ تَأْوِيلُ أَمْسِكْ أَرْبَعًا عَلَى ابْتَدِئْ وسِتِّينَ مِسْكِينًا عَلَى سِتِّينَ مُدًّاو {أَيُّمَا امْرَأَةٍ نَكَحَتْ نَفْسَهَا عَلَى الصَّغِيرَةِ وَالْأَمَةِ الْمُكَاتَبَة و {لَا صِيَامَ لِمَنْ لَمْ يُبَيِّتْ} على القضاء والنذر وذكاة الجنين ذكاة امه على التشبيه وانماالصدقات على بيان المصرف و {مَنْ مَلَكَ ذَا رَحِم} عَلَى الْأُصُولِ وَالْفُرُوعِ وَالسَّارِقُ يَسْرِقُ الْبَيْضَةَ على الحديد وبلال يشفع الاذان على ان يجعله شفعا لاذان ابن ام مكتوم) لما كان التاويل تارة يكون قريبا فيترجح على الظاهر بادنى دليل نحو قوله تعالى {إذَا قُمْتُمْ إلَى الصَّلَاةِ} أَيْ عَزَمْتُمْ عَلَى الْقِيَامِ إلَيْهَا فاغسلوا وجوهكم الاية اذ من المعلوم شرعا انه لا يؤمر بالوضوء مع التلبس بالقيام للصلوة والدخول فيها لان الشرط يطلب تحصيله قبل التلبس بالمشروط وتارة يكون التاويل بعيدا فلا يَتَرَجَّحُ عَلَى الظَّاهِرِ إلَّا بِأَقْوَى مِنْه وذكر المصنف منه امثلة كثيرة فقال ومن البعيد تاويل امسك الخ أي ومن التاويل البعيد حمل امسك اربعا على ابتدئ أَيْ وهو تَأْوِيلُ الْحَنَفِيَّةِ {قَوْلَهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِغَيْلَانَ بْنِ سَلَمَةَ الثَّقَفِيِّ وَقَدْ أَسْلَمَ عَلَى عَشْرِ نِسْوَةٍ أَمْسِكْ أَرْبَعًا وَفَارِقْ سَائِرَهُنَّ} رَوَاهُ الشَّافِعِيُّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قال الشيخ حلولو وذلك افهم أي الحنفية يرون وجوب تجديد النكاح اذا تزوجن معا وامساك الاوائل اذا تزوجن مرتبات قال ووجه بعده ان غيلان كان متجدد الاسلام لا يعرف شيئا من الاحكام فكيف يخاطب بامساك او تخيير والمراد ابتدئ وايضا فلم ينقل تجديد قط لاله ولا لغيره مع كثرة اسلام المتزوجين اه. قال الناظم فى ذا التاويل: من البعيدِ حملهُم على ابتدِ ... أمسكْ. قوله وستين مسكينا عَلَى سِتِّينَ مُدًّا من امثلة التاويل البعيد قال شارح السعود من التاويل البعيد حمل الحنفية لفظ المسكين فى قوله تعالى {فَإِطْعَامُ سِتِّينَ مِسْكِينًا} على المد أي اطعام ستين مدا فيجوز اعطاؤه لمسكين واحد فى ستين يوما كما يجوز اعطاؤه ستين مسكينا فى يوم واحد لان القصد باعطائه دفع الحاجة ودفع حاجة الواحد فى ستين يوما كدفع حاجة الستين فى يوم واحد اه. فلذا قال الناظم: وحملهم ستين مسكينا على ... مدٍّ قال شارح السعود وووجه بعده عند المالكية والشافعية كما قال العضد انهم جعلوا المعدوم وهو طعام ستين مذكورا بحسب الارادة والموجود وهو اطعام الستين عدما بحسب الارادة مع امكان ان المذكور هو المراد لانه يمكن ان يقصد اطعام الستين دون واحد فى ستين يوما لفضل الجماعة وبركتهم وتضافر قلوبهم على الدعاء للمحسن فيكون اقرب الى الاجابة ولعل فيهم مستجابا بخلاف الواحد اه. فلذا قال فى نظمه: فجعل مسكين بمعنى المد ... عليه لائح سماة البعد ومن التاويل البعيدة حمل الحنفية قوله صلى الله عليه وسلم {أَيُّمَا امْرَأَةٍ نَكَحَتْ نَفْسَهَا بِغَيْرِ إذْنِ وَلِيِّهَا فَنِكَاحُهَا بَاطِلٌ} ثلاث مرات وفى رواية البيهقى {فَإِنْ أَصَابَهَا فَلَهَا مَهْرُ مِثْلِهَا} بِمَا أَصَابَ مِنْهَاعَلَى الصَّغِيرَةِ وَالْأَمَةِ الْمُكَاتَبَة والحمل تدريجى لا معى كما يتبادر من المصنف فحمله اولا بَعْضُهُمْ عَلَى الصَّغِيرَةِ لِصِحَّةِ تَزْوِيجِ الْكَبِيرَةِ نَفْسَهَا عِنْدَهُم كَسَائِرِ تَصَرُّفَاتِهَا فَاعْتُرِضَ بِأَنَّ الصَّغِيرَةَ لَيْسَتْ امْرَأَةً فِي حُكْمِ اللغة فَحَمَلَهُ بَعْضٌ آخَرُ عَلَى الْأَمَة فَاعْتُرِضَ بِقَوْلِهِ: فَلَهَا مَهْرُ مِثْلِهَا اذ مَهْرَ الْأَمَةِ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 30 لِسَيِّدِهَا فَحَمَلَهُ بَعْضُ مُتَأَخِّرِيهِمْ عَلَى الْمُكَاتَبَةِ فَإِنَّ الْمَهْرَ لها واشار الناظم الى هذا الحمل بقوله: أيُّما ... قد نكحتْ على الصِّغارِ والإمَا. وقال ناظم السعود: كحمل مرأة على الصغيرهْ ..... وما يُنافي الحرة الكبيرهْ والذي ينافيها الامة والمكاتبة ووجه بعده على كل انه قصر للعام المؤكد عمومه بما حيث ان امرأة نكرة فى سياق الشرط فتعم فيقصر عمومه على صورة نادرة مع ظهور قصد الشارع عمومه فى كل امراة لان عقدها لنفسها لا يليق بمحاسن العادات استقلالها به قاله الجلال المحلى: ومِنْ الْبَعِيد حمل الحنفية حديث {لَا صِيَامَ لِمَنْ لَمْ يُبَيِّتْ} أَيْ لِلصِّيَامِ مِنْ اللَّيْلِ رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَغَيْرُهُ بِلَفْظِ {مَنْ لَمْ يُبَيِّتْ الصِّيَامَ مِنْ اللَّيْلِ فَلَا صِيَامَ} عَلَى الْقَضَاءِ وَالنَّذْرِ لِصِحَّةِ غَيْرِهِمَا بِنَذْرٍ مِنْ النَّهَارِ عِنْدَهُمْ اه. فلذا قال الناظم فى ذا الحمل: ومن ليس مُبَيِّتًا فلا.. على النذورِ والقضَا. وقال فيه ناظم السعود: وحملِ ما رُوي في الصيام .... على القضاء مع الالتزام أي النذر ووجه بعده قال الجلال المحلى: أَنَّهُ قَصَرَ لِلْعَامِّ النَّصَّ فِي الْعُمُومِ عَلَى نَادِرٍ لِنُدْرَةِ الْقَضَاءِ وَالنَّذْرِ بِالنِّسْبَةِ إلَى الصَّوْمِ بِالْمُكَلَّفِ فِي أَصْلِ الشَّرْعِ ومن التاويل البعيد تاويل ابى حنيفة رضى الله عنه حَدِيثَ ابْنِ حِبَّانَ وَغَيْرِهِ ( {ذَكَاةُ الْجَنِينِ ذَكَاةُ أُمِّهِ} ) بِالرَّفْعِ وَالنَّصْبِ عَلَى التَّشْبِيهِ أَيْ مِثْلَ ذَكَاتِه امه على الرفع حذف المضاف واقيم المضاف اليه مقامه قال الجلال المحلى: وَأَمَّا عَلَى رِوَايَةِ النَّصْبِ إنْ ثَبَتَتْ فَبِأَنْ يُجْعَلَ عَلَى الظَّرْفِيَّةِ كَمَا فِي جِئْتُك طُلُوعَ الشَّمْسِ أَيْ وَقْتَ طُلُوعِهَا، وَالْمَعْنَى ذَكَاةُ الْجَنِينِ حَاصِلَةٌ وَقْتَ ذَكَاةِ أُمِّهِ وَهُوَ مُوَافِقٌ لِمَعْنَى قرأة الرَّفْعِ قال فَيَكُونُ الْمُرَادُ الْجَنِينَ الْمَيِّتَ وَأَنَّ ذَكَاةَ أُمِّهِ الَّتِي أَحَلَّتْهَا أَحَلَّتْهَا تَبَعًا لَهَا اه. قال الناظم: وخبرُ الجنينِ إذ يليهِ ... ذكاةُ أمِّهِ علَى التَّشْبِيهِ ويؤيد ان المراد بالجنين الميت فى الحديث لا خصوص الحى كما هو مدعى المستدل ما فى بعض طرقه من قول السائلين يارسول الله إنَّا نَنْحَرُ الْإِبِلَ وَنَذْبَحُ الْبَقَرَ وَالشَّاةَ فَنَجِدُ فِي بَطْنِهَا الْجَنِينَ أَفَنُلْقِيهِ، أَوْ نَأْكُلُهُ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: كُلُوهُ إنْ شِئْتُمْ فَإِنَّ ذَكَاتَهُ ذَكَاةُ أُمِّهِ} فَظَاهِرٌ أَنَّ سُؤَالَهُمْ عَنْ الْمَيِّتِ لِأَنَّهُ مَحَلُّ الشَّكِّ بِخِلَافِ الْحَيِّ الْمُمْكِنِ الذَّبْحِ فَمِنْ الْمَعْلُومِ أَنَّهُ لَا يَحِلُّ إلَّا بِالتَّذْكِيَةِ فَيَكُونُ الْجَوَابُ عَنْ الْمَيِّتِ لِيُطَابِقَ السُّؤَالَ. افاده الجلال المحلى. ومن التاويل البعيد عند بعض الشافعية حمل قوله تعالى {إنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ الاية عَلَى بَيَانِ الْمَصْرِفِ أي أَيْ مَحَلِّ الصَّرْفِ بِدَلِيلِ مَا قَبْلَهُ {وَمِنْهُمْ مَنْ يَلْمِزُكَ فِي الصَّدَقَاتِ} الاية ذَمَّهُمْ اللَّهُ - تَعَالَى - عَلَى تَعَرُّضِهِمْ لَهَا لِخُلُوِّهِمْ عَنْ أَهْلِيَّتِهَا ثُمَّ بَيَّنَ أَهْلَهَا بِقَوْلِهِ {إنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ} الاية أَيْ لِهَذِهِ الْأَصْنَافِ دُونَ غَيْرِهِمْ وَلَيْسَ الْمُرَادُ دُونَ بَعْضِهِمْ أَيْضًا فَيَكْفِي الصَّرْفُ لِأَيِّ صِنْفٍ مِنْهُم اه محلى قال الناظم فى ذا التاويل: وحملُ مَا في آيةِ الزَّكاةِ في ... براءةٍ على بيانِ المصرِفِ قال الشيخ حلولو وعلى بيان المصرف ذهب مالك والحنفي وتقرير بعده عندالحامل له على ذلك هو ان اضافة الصدقات الى الاصناف المذكورة باللام التى تقتضى التشريك يدل على الملك لهم ووجوب الاستيعاب فالحمل على بيان المصرف حمل للفظ على غير الظاهر واجاب بعض الشافعية عن ذلك بان اللام ليست متعينة للتمليك ولا الواو للتشريك بل لهما محامل فليست الاية ظاهرة فيما ادعى مع ان سياق الاية التى قبلها يقتضى ان المراد بيان المصرف اه. ومن التاويل البعيد ما وقع لبعض الشافعية فيما ورد فى الحديث {مَنْ مَلَكَ ذَا رَحِمٍ مَحْرَمٍ فَهُوَ حُرٌّ} على الجزء: 2 ¦ الصفحة: 31 عَلَى الْأُصُولِ وَالْفُرُوع لِمَا تَقَرَّرَ عِنْد هم قال الجلال المحلى: مِنْ أَنَّهُ إنَّمَا يُعْتَقُ بِمُجَرَّدِ الْمِلْكِ مَا ذُكِرَ، وَوَجْهُ بُعْدِ مَا فِيهِ مِنْ صَرْفِ الْعَامِّ عَنْ الْعُمُومِ لِغَيْرِ صَارِفٍ وَتَوْجِيهُ مَا تَقَرَّرَ أَنَّ نَفْيَ الْعِتْقِ عَنْ غَيْرِ الْأُصُولِ وَالْفُرُوعِ لِلْأَصْلِ الْمَعْقُولِ، وَهُوَ أَنَّهُ لَا عِتْقَ بِدُونِ إعْتَاقٍ خُولِفَ هَذَا الْأَصْلُ فِي الْأُصُولِ لِحَدِيثِ مُسْلِمٍ {لَا يَجْزِي وَلَدٌ وَالِدَهُ إلَّا أَنْ يَجِدَهُ مَمْلُوكًا فَيَشْتَرِيَهُ فَيُعْتِقَهُ} أَيْ بِالشِّرَاءِ مِنْ غَيْرِ حَاجَةٍ إلَى صِيغَةِ الْإِعْتَاقِ، وَفِي الْفُرُوعِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَقَالُوا اتَّخَذَ الرَّحْمَنُ وَلَدًا سُبْحَانَهُ بَلْ عِبَادٌ مُكْرَمُونَ} دَلَّ عَلَى نَفْيِ اجْتِمَاعِ الْوَلَدِيَّةِ وَالْعَبْدِيَّةِ اه. قال الناظم: ومن ملكْ. ذا رحمٍ على الأصولِ والفروعْ ... فعندنَا خصَّ بهذينِ الوقوعْ وهذالحديث المذكور فى المتن قَالَ النَّسَائِيّ - مُنْكَر ومن التاويل البعيد حمل بعض العلماء قوله صلى الله عليه وسلم {لَعَنَ اللَّهُ السَّارِقَ يَسْرِقُ الْبَيْضَةَ فَتُقْطَعُ يَدُهُ، وَيَسْرِقُ الْحَبْلَ فَتُقْطَعُ يَدُهُ} على بيضة الحديدة الَّتِي فَوْقَ رَأْسِ الْمُقَاتِلِ، وَعَلَى حَبْلِ السَّفِينَةِ لِيُوَافِقَ أَحَادِيثَ اعْتِبَارِ النِّصَابِ فِي الْقَطْعِ قاله الجلال المحلى فلذا قال الناظم عاطفا على المحامل البعيدة: ولص بيضة على الحدي. على الحديد حذف آخره لضرورة الوزن وَوَجْهُ بُعْدِهِ مَا فِيهِ مِنْ صَرْفِ اللَّفْظِ عَمَّا يَتَبَادَرُ مِنْهُ مِنْ بَيْضَةِ الدَّجَاجَةِ وَالْحَبْلِ الْمَعْهُودِ غَالِبًا الْمُؤَيَّدِ إرَادَتُهُ بِالتَّوْبِيخِ بِاللَّعْنِ لِجَرَيَانِ عُرْفِ النَّاسِ بِتَوْبِيخِ سَارِقِ الْقَلِيلِ دُونَ الْكَثِيرِ ومن التاويل البعيد تاويل بعض السلف حديث انس فى الصحيحين {امر بلال اي أَمَرَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ} كَمَا فِي النَّسَائِيّ {أَنْ يَشْفَعَ الْأَذَانَ وَيُوتِرَ الْإِقَامَةَ} على ان المراد أَنْ يَجْعَلَهُ شَفْعًا لِأَذَانِ ابْنِ أُمِّ مَكْتُوم بِأَنْ يُؤَذِّنَ قَبْلَهُ لِلصُّبْحِ مِنْ اللَّيْلِ كَمَا هُوَ الْوَاقِعُ فلذا قال الناظم: يشفعُ الأذانَ أنْ يجعلَهُ ... شفعًا لما منْ قبلِه حصَّلهُ وَوَجْهُ بُعْدِهِ مَا فِيهِ مِنْ صَرْفِ اللَّفْظِ عَمَّا يَتَبَادَرُ مِنْهُ مِنْ تَثْنِيَةِ كَلِمَاتِ الْأَذَانِ وَإِفْرَادِ كَلِمَاتِ الْإِقَامَةِ أَيْ الْمُعَظَّمِ فِيهِمَا اه. وزاد الجلال السيوطى تاويلا آخر بعيدا عن الحنفية لم يتعرض له المصنف رحمه الله تعالى وهو قوله تعالى {ولذي القربى} فيحمل على الفقراء من قرابة النبى صلى الله عليه وسلم دون الاغنياء لان المقصود سد الخلة أي الحاجة وهى منتفية مع الغناء فلايعطى الغنى من الفيء والغنيمة شيئا فلذا قال فى نظمه: وحمل ذي القربى على الذي سلك ... فى الفقر لا الاغنيا قال فى الشرح ووجه بعده ما فيه من صرف العام عن العموم لغير صارف مع ظهور ان القرابة سبب الاستحقاق وهذ المثال من زيادتى وهو فى المختصر اه. والله اعلم المجمل (مالَمْ تَتَّضِحْ دَلَالَتُه فَلَا إجْمَالَ فِي آيَةِ السَّرِقَةِ وَنَحْوُ {حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهَاتُكُمْ} {وَامْسَحُوا بِرُءُوسِكُمْ} {لَا نِكَاحَ إلَّا بِوَلِيٍّ} {رُفِعَ عَنْ أُمَّتِي الْخَطَأُ وَالنِّسْيَانُ} {لَا صَلَاةَ إلَّا بِفَاتِحَةِ الْكِتَابِ} لِوُضُوحِ دَلَالَةِ الْكُلّ وَخَالَفَ قَوْمٌ) (وَإِنَّمَا الْإِجْمَالُ فِي مِثْلِ الْقَرْء وَالنُّور وَالْجِسْمُ وَمِثْلُ الْمُخْتَارِ لِتَرَدُّدِهِ بَيْنَ الْفَاعِلِ وَالْمَفْعُولِ وقَوْله تَعَالَى {أَوْ يَعْفُوَ الَّذِي بِيَدِهِ عُقْدَةُ النِّكَاحِ} {إلَّا مَا يُتْلَى عَلَيْكُمْ} {وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إلَّا اللَّهُ وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ يَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ} لما فرغ المصنف رحمه الله تعالى من الكلام على مبحث الظاهر والمؤول شرع فى الكلام على مبحث المجل والمجمل فى اللغة المجموع وجملة الشيء مجموعه وفى الاصطلاح ما عرفه بقوله مالم تتضح دلالته فيشمل القول والفعل كقيامه صلى الله عليه وسلم من الركعة الجزء: 2 ¦ الصفحة: 32 الثانية بلا تشهد فانه يحتمل العمد فلا يكون التشهد واجبا والسهو فلايدل على انه غير واجب فالمجمل ما يحتمل لامرين على السواء فلذا قال العلامة ابن عاصم: وان يكن فى كل ما يحتمل ... على السواء فاسم ذاك المجمل قال شارح السعود المجمل ما له دلالة غير واضحة من قول او فعل فخرج اللفظ المهمل اذ لا دلالة له وخرج المبين لان دلالته واضحة وعرفه فى التنقيح بانه الدائر بين احتمالين بسبب الوضع وهو المشترك او من جهة العقل كالمتواطىء بالنسبة الى جزءياته فكل مشترك مجمل وليس كل مجمل مشتركا اه. قال فى نظمه معرفا له: والمجمل ... هو الذي المراد منه يجهل. نع قد يكون اللفظ مجملا من وجه واضح الدلالة من آخر كقوله تعالى {واتو حقه يوم حصاده} فانه واضح فى الحق مجمل فى مقدار لا حتماله النصف او غيره فلذا قال فى السعود: وقد يجي الإجمال من وجه ومن .... وجه يراه ذا بيان من فطن وبماعرف المصنف به المجمل يتضح انه لا اجمال فى آية السرقة وهى قوله تعالى {السَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا} لَا فِي الْيَدِ، وَلَا فِي الْقَطْعِ، لوضوح دلالة الكل خلافا لمن ادعاه فقال انها مجملة فى اليد لانها تطلق على العضو الى الكوع والى المرفق والى المنكب وفى القطع لانه يطلق على الابانة وعلى الجرح ولا ظهور لواحد مما ذكر وَإِبَانَةُ الشَّارِعِ مِنْ الْكُوعِ مُبَيِّنٌ ان المراد ذَلِكَ وكذا لَا إجْمَالَ فى نحو {حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهَاتُكُمْ} كَ {حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ الْمَيْتَةُ} حيث ان العرف قاض بان المراد فى الاول تحريم الاستمتاع بوطء ونحوه وفى الثانى تحريم الاكل ونحوه خلافا لمن ادعاه فقال ان اسناد التحريم الى العين لا يصح لانه انما يتعلق بالفعل فلا بد من تقديره وهو محتمل لامور لا حاجة الى جميعها ولا مرجح لبعضها فكان مجملا وكذا لا اجمال فى قوله تعالى {وَامْسَحُوا بِرُءُوسِكُمْ} حيث انه دال على مطلق الراس الصادق بكله وببعضه فان ثبت عرف فى اطلاقه على الكل اتبع كما هو مذهب مالك والقاضى ابى بكر وابن جنى ولا اجمال وان ثبت عرف فى اطلاقه على البعض اتبع كما هو مذهب الشافعى والقاضى عبد الجبار وابى الحسين البصر ولا اجمال ايضا خلافا لمن ادعاه من بعض الحنفية فقال لتردده بين مسح الكل والبعض ومسح الشارع الناصبة مبين لذلك لان المراد عندهم بعض بقدر الناصة قاله المحقق البنانى وكذا لا اجمال فى حديث صححه الترمذي وغيره {لَا نِكَاحَ إلَّا بِوَلِيٍّ} وذكر شارح السعود ان نفى الاجمال فى الحديث لدلالته على نفى الصحة لانها المجاز الاقرب من نفى الذات قال ووجه قرب نفى الصحة من نفى الذات ان ما انتفت صحته لا يعتد به كالمعدوم بخلاف ما انتفى كماله فقد يعتمد به وقال الباقلانى ان الجميع مجمل لتردد بين نفى الصحة ونفى الكمال ولا مرجح لواحد منهما والمرجح عند الجمهور وهو قرب نفى الصحة من نفى الذات اه. وكذا لا اجمال فى قوله عليه الصلاة والسلام {رُفِعَ عَنْ أُمَّتِي الْخَطَأُ وَالنِّسْيَانُ وَمَا اُسْتُكْرِهُوا عَلَيْهِ} حيث ان العرف يقتضى بان المراد منه رفع المؤاخذة خلافا للبصريين ابى الحسين وابى عبد الله وبعض الحنفية قالو لا يصح رفع المذكورات مع وجودها حسا فلا بد من تقدير شيء وهو متردد بين امور لا حاجة الى جميعها ولا مرجح لبعضها فكان عندهم مجملا لذلك وكذا لا اجمال فى {لَا صَلَاةَ إلَّا بِفَاتِحَةِ الْكِتَابِ} قال الجلال المحلى: وَخَالَفَ الْقَاضِي أَبُو بَكْرٍ الْبَاقِلَّانِيُّ، وَالْكَلَامُ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 33 فِيهِ كَمَا تَقَدَّمَ فِي {لَا نِكَاحَ إلَّا بِوَلِيٍّ} وَالْحَدِيثُ فِي الصَّحِيحَيْنِ بِلَفْظِ {لَا صَلَاةَ لِمَنْ لَمْ يَقْرَأْ فِيهَا بِفَاتِحَةِ الْكِتَابِ} ونفى الاجمال فيما ذكر لِوُضُوحِ دَلَالَةِ الْكُلِّ كَمَا ذكر خلافا لقوم ذكروا او تكلم ناظم السعود مبينا ان النفى فى الصلاة والنكاح وشبههما محكم أي متضح المنعى لا اجمال فيه لدي الكتب الصحيحة حيث قال: والنفي للصلاة والنكاح .... والشبهِ محكم لدى الصحاح واماالناظم فانه تكلم على ما تكلم عليه المصنف من تعريف المجمل وذكر مسائله بعده حيث قال: هو الذي لم تتضحْ دلالتُهْ ... فليسَ منهُ إذ بدتْ إرادتُهْ آية سِرقةٍ ومسحِ الراسِ ... وحرمةِ النِّسا ورفعِ النَّاسِي ونحوُ لا نكاحَ إلا بوَلِي ... وقد حُكِي دخولها في المُجْمَلِ فالضمير فى دخولها عائد على المسائل قبله ولم يتكلم على لاصلاة لان الكلام فيه كالكلام فى لا نكاح الا بولي والله اعلم (وانما الاجمال في مثل القرء والنور والجسم ومثل المختار لتردده بين الفاعل والمفعول) (1/122) --- الاجمال تارة يكون فى المفرد واخري يكون فى المركب والاول قد يكون لوضع اللفظ لكل من معنييه فيتردد بينهما للاشتراك كالقرء مُتَرَدِّدٌ بَيْنَ الطُّهْرِ وَالْحَيْضِ ولكن قال الامام مالك المراد به الاطهار وزيادة التاء فى الثلاثة قرينة على ذلك فلا اجمال حينئذ فى الاصل وان كان اصل وضعه مشتركا وقد يكون لصلا حيته لمتباينين كالجسم للسماء والارض لتماثلهما فى الجسمية وهو التركب فى جزئين فصاعدا وقد يكون لصلاحيته للفاعل والمفعول وذلك بسب الاعلال كالمختار تقول اخترت فلانا فهو مختار وانا مختار ولولا الاعلال لكان مختير بالكسر للفاعل وبالفتح للمفعول نعم التمييز بينهما بحرف الجر فيقال فى الفاعل مختار لكذا وفى المفعول مختار من كذا والى الاجمال فى هذه المفردات اشار الناظم بقوله: وإنَّما الإجمالُ في الأنوارِ ... والقَرءِ والجسمِ وكالمختارِ (وقَوْله تَعَالَى {أَوْ يَعْفُوَ الَّذِي بِيَدِهِ عُقْدَةُ النِّكَاحِ} {إلَّا مَا يُتْلَى عَلَيْكُمْ} {وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إلَّا اللَّهُ وَالرَّاسِخُونَ} وقوله عليه السلام {لَا يَمْنَعُ أَحَدُكُمْ جَارَهُ أَنْ يَضَعَ خَشَبَةً فِي جِدَارِهِ} وَقَوْلُك زَيْدٌ طَبِيبٌ مَاهِر الثَّلَاثَةُ زَوْجٌ وَفَرْدٌ) كلام منه على القسم الثانى وهو الاجمال فى المركب وهو اما بجملته نحو قوله تعالى {أَوْ يَعْفُوَ الَّذِي بِيَدِهِ عُقْدَةُ النِّكَاحِ} فانه متردد بين الولى الخاص والزواج وقد ذهب مالك الى انه الولي لصادقية هذا الوصف عليه بعد الطلاق حقيقة وعلى الزواج مجازا فلا اجمال وذهب الشافعى الى ان المراد به الزوج لماقام عنده واما بسبب استثناء امر غير معلوم نحو قوله تعالى {أُحِلَّتْ لَكُمْ بَهِيمَةُ الْأَنْعَام {إلَّا مَا يُتْلَى عَلَيْكُمْ} لِلْجَهْلِ بمعناه قبل نزول مبينه أي {حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ الْمَيْتَةُ} الاية وَيَسْرِي الْإِجْمَالُ إلَى الْمُسْتَثْنَى مِنْهُ وهو {أُحِلَّتْ لَكُمْ بَهِيمَةُ الْأَنْعَامِ} قال الشيخ حلولو فان اخراج المجهول من المعلوم يصير الجميع مجهولا واما بسبب التردد بين العطف والقطع نحو قوله تعالى {وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إلَّا اللَّهُ وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ} فان الواو فى والراسخون مترددة بين العطف والقطع واختار جماعة منهم ابن الحاجب الوقف على والراسخون فى العلم قالوا لان الخطاب بما لا يفهم بعيد واختار آخرون الوقف على اسم الجلالة قال الشيخ حلولو قال الرهون وهو الحق واشاراالناظم الى الوجهين عاطفا على المفردات المجملة بقوله: وقولُهُ سبحانَهُ أو يعفُو ... والراسخونَ مبتدًا أو عطفُ واما الاجمال بسبب رجوع الضمير بان يتقدمه امران ان يصلح رجوعه لكل واحد منهما نحو قوله عليه الصلاة والسلام {لَا الجزء: 2 ¦ الصفحة: 34 يَمْنَعُ أَحَدُكُمْ جَارَهُ أَنْ يَضَعَ خَشَبَةً فِي جِدَارِهِ} فالضمير متردد فيه بين عوده الى الجار او الى الاحد فلذا قال الناظم فى هذه المسالة عاطفا على البيت المتقدم: ونحو لا يمنعُ جارٌ جارَهْ ... أن يضعَ الحديثَ أي إضمارَهْ قوله الحديث بالنصب أي اقرا الحديث وتامل فى الضمير فيه وافاد ناظم السعود ايضا ان الحكم هنا الذي هو الاجمال عكس الحكم المتقدم الذي هو الايضاح حيث قال: والعكس في جداره ويعفو .... والقُرء في منع اجتماع فاقفوا قوله والقرء الخ تقدم فى المفرد واما ان يكون الاجمال بسبب مرجع الصفة نحو قولك زيد طبيب ماهر فانه يحتمل رجوع المهارة الى الطب فقط او الى زيد ويختلف المعنى باعتبارهما واما ان يكون الاجمال بسبب ان الصفة المخصصة للمجمل مجهولة نحو الثلاثة زوج وفرد فانه اما ان توصف الثلاثة بكل واحد منهما على البدلية او الاجتماع والاول باطل والثانى راجع الى ان بعضها يسمى زوجا وبعضها فردا والعض الموصوف بالزوجية وكذا الموصوف بالفردية غير متعين بهذه الصفة افاده حلولو (والاصح وقوعه فى الكتاب والسنة وان المسمى الشرعى اوضح من اللغوي وقد تقدم فان تعذر حقيقة فيرد اليه بتجوز او مجمل او يحمل على اللغوي اقوال) أي والاصح وقوع المجمل فى الكتاب والسنة للامثلة السابقة منهما والقول بعدم وقوعه فى غاية الشذوذ قال الشيخ حلولو فكيف يصح التعبير بالاصح الى مقابلة الصحيح وقد قال الصيرفى لا اعلم من قال به الا داود الظاهري فلذا قال العلامة ابن عاصم: وقد اتى المجمل فى الكتاب ... وفى الحديث دون ما ارتياب وقال الناظم مصرحا بالمانع: وفي الكتابِ والحديثِ وقَعَا ... كما مضَى والظاهريُّ منَعَا والاصح ان المسمى الشرعى للفظ اوضح من المسمى اللغوي له فى عرف الشرع فيقدم عليه كما تقدم فى مسالة اللفظ اما حقيقة او مجاز الخ وذكره هنا توطئة لقوله فان تعذر الخ أي فان تعذر المسمى الشرعى للفظ بحسب نفس الامر والواقع فيرد اليه بتجوز محافظة على الشرعى ماامكن او هو مجمل لتردد بين المجاز الشرعى والمسمى اللغوي او يحمل على اللغوي تقديما للحقيقة على المجاز اقوال قال الجلال المحلى: اختارمنها المصنف فى شرح المختصر كغيره الاول اه. مثاله حديث الترمذي وغيره {الطَّوَافُ بِالْبَيْتِ صَلَاةٌ إلَّا أَنَّ اللَّهَ أَحَلَّ فِيهِ الْكَلَامَ} فالحقية الشرعية متعذرة اذ نفس الطواف ليس فيه الحقيقة الشرعية فيرد اللفظ الى الشرع بتجوز بان يقال كالصلاة باعتبار الطهارة والنية ونحوهما او يحمل على المسمى اللغوي وهو الدعاء بخير لاشتمال الطواف عليه او هومجمل لتردده بين المجاز الشرعى المسمى اللغوي (وَالْمُخْتَارُ أَنَّ اللَّفْظَ الْمُسْتَعْمَلَ لِمَعْنًى تَارَةً وَلِمَعْنَيَيْنِ لَيْسَ ذَلِكَ الْمَعْنَى أَحَدَهُمَا مجمل فان كان احدهما فيعمل به ويوقف الاخر) أي اذا ورد لفظ له معنيان احدهما لمعنى واحد والثانى لمعنيين على السواء ليس ذلك المعنى احدهما فانه يكون مجملا لتردده بين المعنى والمعنيين فان كان ذلك المعنى احدهما فيعمل به جزما حيث انه وجد فى الاستعمال واما الاخر فانه يوقف المتردد فيه فلذا قال الناظم: واللفظُ تارةً لمعنَى يَرِدُ ... وتارةً لآخَرَيْنِ يُقصَدُ على الأصَحِّ مجملٌ فإن يَفِ ... ذا منهما يعملْ بهِ ويوقَفِ أي ويوقف الاخر الذي ليس احد المعنيين فى كلام الاستعمالين مثال الاول حديث مسلم {لا ينكح المحرم ولا ينكح} بناء على الجزء: 2 ¦ الصفحة: 35 ان النكاح مشترك بين العقد والوطء فانه ان حمل على الوطء استفيد منه معنى واحد وهو الوطء الذي هو وصف للمحرم فعلا او تمكينا فلا يطا ولا يمكن غيره من وطئه وان حمل على العقد استفيد منه معنيان بينهما قدر مشترك وهو ان المحرم لا يعقد لنفسه ولا يعقد لغيره ومثال الثانى حديث مسلم {الثَّيِّبُ أَحَقُّ بِنَفْسِهَا مِنْ وَلِيِّهَا} أَيْ بِأَنْ تَعْقِدَ لِنَفْسِهَا أَوْ تَأْذَنَ لِوَلِيِّهَا فَيَعْقِدَ لَهَا فالمعنى الواحد الذي يستعمل فيه اللفظ تارة هو عقدها لنفسها والمعنيان الذان يستعمل فيهما تارة اخري وذلك المعنى احدهما ان تعقد لنفسها كما عليه ابو حنيفة او تاذن لوليها والله اعلم البَيَانُ (إخْرَاجُ الشَّيْءِ مِنْ حَيِّزِ الْإِشْكَالِ إلَى حَيِّزِ التَّجَلِّي وانما يجب لمن اريد فهمه اتفاقا والاصح انه قد يكون بالفعل وأَنَّ الْمَظْنُونَ يُبَيِّنُ الْمَعْلُومَ) لمافرغ المصنف رحمه الله تعالى من الكلام على الاجمال شرع فى الكلام على البيان والبيان فى الاصل بمعنى التبيين أي فعل المبين بكسر التحتية المشددة والمبين بفتح الياء نقيض المجمل فهو المتضح الدلالة قاله العضد وعرفه المصنف بقوله اخراج الشيئ من حيز الاشكال الى حيز التجلى كما عرفه الناظم ايضا به حيث قال: إخراجهُ من حيِّزِ الأشكالِ ... إلى تجَلِّيهِ البيانُ العَالِي وقال شارح السعود فى تعريفه ان البيان بمعنى التبيين هو اخراج شيئ مشكل أي مجمل من قول او فعل من حال اشكاله وعدم فهم معناه الى حال اتضاح معناه وفهمه بنصب ما يدل عليه من حال او مقال فلذا قال فى نظمه: تصيير مُشكل من الجلي.. ثم ان القاضى نقل عن بعضهم وهم العراقيون ان المبين بالفتح اذا عم وجوبه سائر المكلفين كالصلاة يجب ان يكون بيانه معلوما أي مقطوعا بالمتواتر قيل فى بيانه خبرالآحاد اه. فلذا قال فى نظمه: وأوجبَنَّ عند بعضٍ عِلما ... إذا وجوب ذي الخفاء عمَّا والاتيان بالظاهر من غير سبق اشكال لا يسمى بيانا اصطلاحا وقول المصنف وانما يجب الخ وانما يجب البيان لمن اريدفهمه المشكل اتفاقا لحاجته اليه بان يعمل به او يفتى بخلاف غيره فلذا قال الناظم: وإنَّما يجبُ أي إرفاقَا ... لمنْ أريدَ فهمُه اتِّفَاقَا والنبيء صلى الله عليه وسلم متصد لمن التمس من فتح المشكل قال ناظم السعود: ..وهو واجب على النبي. اذا اريد فهمه والاصح ان البيان قد يكون بالفعل كالقول قال شارح السعود يكون بكل ما يجلو العمى أي الخفاء والاشكال من الدليل مطلقا سواء كان عقليا او حسيا او شرعيا او عرفيا او قرينة او فعلا يشعر بالبيان اه. فلذا قال فى نظمه: وهْو بما .... من الدليل مطلقا يجلوا العمى فمثال الدليل أي البيان بالقول قوله عليه الصلاة والسلام فيما سقت السماء العشر بين قوله تعالى وآتو حقه يوم حصاده ومثاله بالفعل بيانه عليه الصلاة والسلام قوله تعالى {ولله على الناس حج البيت} بحجه عليه الصلاة والسلام وبيان جبريل للنبىء صلى الله عليه وسلم اوقات الصلاة بان صلى به والاصح ان المظنون متنا وهومروي الاحاد كايمانهما فى القرأة الشاذة يبين قراءة ايديهما المتواترة قال شارح السعود يجوز تبيين القاصرة من جهة السند ماهو اقوي منه من جهته فبين معلوم المتن كالمتواتر بظنونه كخبرالاحاد كبيان الامر بالزكاة الوارد فى القران بخبر الجزء: 2 ¦ الصفحة: 36 الاحاد فيما سقت السماء العشر الحديث وكذا يبين الاضعف دلالة ما هو اقوي منه دلالة كبيان المنطوق بالمفهوم اه. فلذا قال فى نظمه: وبَيَّنَ القاصر من حيث السند .... أو الدلالة على ما يُعتمد وبين الناظم ايضا كالمصنف ان البيان كما يجئ بالفعل يجئ بالمظنون حيث قال: وجازَ بالفعْلِ وبالظَّنِّ لمَا ... يفوقُهُ علَى الأصَحِّ فيهمَا (وأَنَّ الْمُتَقَدِّمَ، وَإِنْ جَهِلْنَا عَيْنَهُ مِنْ الْقَوْلِ وَالْفِعْلِ هو البيان وان لم يتفق البيان وان لم يتفق البيان كما لو طاف بعد الحج طوافين وامر بواحد فالقول وفعله ندب او واجب متقدما او متاخرا وقال ابو الحسين المتقدم) أي الْأَصَحُّ أَنَّ الْمُتَقَدِّمَ، وَإِنْ جَهِلْنَا عَيْنَهُ مِنْ الْقَوْلِ وَالْفِعْلِ الْمُتَّفِقَيْنِ فِي الْبَيَانِ هو الْمُبَيِّنُ، وَالْآخَرُ تَأْكِيدٌ لَهُ، وَإِنْ كَانَ دُونَهُ فِي الْقُوَّةِ فلذا قال ناظم السعود: والقول والفعل إذا توافقا ... فانم البيان للذي قد سبقا واما وَإِذا لَمْ يَتَّفِقْ الْبَيَانَانِ اللذان هما القول والفعل كان كَأَنْ زَادَ الْفِعْلُ عَلَى مُقْتَضَى الْقَوْلِ كَمَا لَوْ طَافَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَعْدَ نُزُولِ آيَةِ الْحَجِّ الْمُشْتَمِلَةِ عَلَى الطَّوَافِ طَوَافَيْنِ، وَأُمِرَ بِوَاحِدٍ فَالبيان هو القول وفعله صلى الله عليه وسلم الزَّائِدُ عَلَى مُقْتَضَى قَوْلِهِ نَدْبٌ أَوْ وَاجِبٌ فى حقه صلى الله عليه وسلم دُونَ أَمَتِه واشار ناظم السعود بقوله: وإن يزد فعل فللقول انتسب .... والفعل يقتضي بلا قيد طلب قوله قيد طلب أي حال كون ذلك الفعل غير مقيد بتقدم او تاخر أي سواء تقدم الفعل على القول اوتاخر جمعا بين المدليلين واشار الناظم الى هذه المسئلة والتى قبلها بقوله: إنْ يتفِقْ قولٌ وفعلٌ في البيَانْ ... فالحكْمُ للسابقِ والتأكيدُ ثانْ ولوْ جهلْنا عينَهُ علَى الأصَحّْ ... أو خَالفَا فالقولُ في الأقوَى رجَحْ وقال ابوالحسين البصري البيان هو المتقدم من القول او الفعل وافاد شارح السعود ان القول اذا زاد على الفعل عكس الصورة المتقدمة كان طاف صلى الله عليه وسلم طوافا وامر باثنين كان القول هو البيان والفعل الناقص تخفيف فى حقه صلى الله عليه وسلم تاخر الفعل او تقدم فلذا قال فى نظمه: والقول في العكس هو المبيِّن ... وفعله التخفيف فيه بين والله اعلم (مَسْأَلَةٌ: تَأْخِيرُ الْبَيَانِ عَنْ وَقْتِ الْفِعْلِ غَيْرُ وَاقِعٍ، وَإِنْ جَازَ والى وقته وَاقِعٌ عِنْدَ الْجُمْهُورِ سَوَاءٌ كَانَ لَلْمُبَيَّنِ ظَاهِر ام لا وثالثها يمتنع فى غير المجمل وهو ما له ظاهر وَرَابِعُهَا يَمْتَنِعُ تَأْخِيرُ الْبَيَانِ الْإِجْمَالِيِّ فِيمَا لَهُ ظَاهِرٌ بِخِلَافِ الْمُشْتَرَكِ وَالْمُتَوَاطِئِ وَخَامِسُهَا يمتنع فى غير النسخ وقيل يجوز تاخير النسخ اتفاقا وسادسها لا يجوز تاخير بعض دون بعض) قال الشيخ حلولو تاخير البيان عن وقت الفعل مبنى عند المصنف وغير واحد على التكليف بالمحال ومذهب الجمهور جوازه وعدم وقوعه وذكر بعض المتاخرين عن ابن العربى انه قال فى كتابه المحصول لحظت ذلك مدة ثم ظهر لى جوازه ولا يكون من تكليف ما لا يطاق بل رفعا للحكم واسقاطه له فى حق المكلف واما تاخيره عن وقت الخطاب الى وقت الفعل ففيه مذاهب اه. أي كما سياتى فقول المصنف تاخير البيان عن وقت الفعل غير واقع أي تاخير بيان المجمل او ظاهر لم يرد ظاهره بقرينة ما سياتى فى قوله سواء كان للمبين ظاهر ام لا عن اول الزمن الذي جعله الشارع وقتا لفعل ذلك الفعل غير واقع قال شارح السعود ان تاخير البيان لمجمل او ظاهر لم يرد ظاهره عن وقت الفعل أي الزمان الذي وقته الشارع لفعل ذلك الفعل الى حد لايبقى بعد البيان من الوقت ما يسع للفعل مع ما يتوقف الجزء: 2 ¦ الصفحة: 37 عليه غير واقع عند من اجازه بناء على جواز التكليف بالمحال وان العربى بنى جوازه على انه من اسقاط الحكم فى حق المكلف اه. فلذا قال فى نظمه: تأخر البيان عن وقت العمل .... وقوعه عند المُجيز ما حصل وقال العلامة ابن عاصم: فصل ولايجوز فى البيان ... تاخيره عن حاجة الانسان وقال الناظم: تأخيرُهُ عنْ وقتِ فعلٍ لم يقعْ ... وإن نَقُلْ بأنَّ ذاكَ ما امتنَعْ أي تاخير البيان عن وقت الفعل غير واقع وان قلنا بجوازه قال الجلال المحلى: وقوله أي المصنف الْفِعْلُ أَحْسَنُ كَمَا قَالَ مِنْ قَوْلِ غَيْرِهِ الْحَاجَةُ ; لِأَنَّهَا كَمَا قَالَ الْأُسْتَاذُ أَبُو إسْحَاقَ الإسفراييني لَائِقَةٌ بِالْمُعْتَزِلَةِ الْقَائِلِينَ بِأَنَّ بِالْمُؤْمِنِينَ حَاجَةً إلَى التَّكْلِيفِ لِيَسْتَحِقُّوا الثَّوَابَ بِالِامْتِثَالِ اه. واما تاخير البيان عن وقت الخطاب الى وقت الفعل فانه جائز وواقع عند الجمهور فلذا قال العلامة ابن عاصم: وجائز فيه بلا ارتياب .... تاخيره عن زمن الخطاب قال شارح السعود تاخير البيان عن وقت الخطاب الى وقت الاحتياج الى العمل به وهو المعبر عنه بوقت الفعل واقع عند الجمهور سواء كان للمبين بالفتح ظاهر كعام يبين تخصيصه ومطلق يبين تقييده ودال على حكم يبيين نسخه ام لا وهو المجمل كمشترك يبين معنييه او معانيه وكمتواطئ يبين احدماصدقاته مثلا ثم قال ان بعض المالكية مانع ذلك قال لاخلاف بفهم المراد عند الخطاب والمراد بالاخلال فهم غير المراد فيما له ظاهر وعدم فهم المراد فيما لا ظاهر له. فلذا قال فى نظمه: تأخيره للاحتياج واقع ... وبعضنا هو لذاك مانع وعلى ذا المنع الحنفية والمعتزلة وبعض من الشافعية فهذان قولان وثالث الاقوال انه يمتنع التاخير أي تاخير البيان التفصيلى فى غير المجمل وهو ماله ظاهر للالباس بايقاع المخاطب فى فهم غير المراد بخلاف مالا ظاهر له وهو المجمل فيجوز التاخير لان اللازم على التاخير فيه عدم فهم المراد اللازم على التاخير فى غير المجمل واشار الناظم الى الاقوال الثلاثة بقوله: وواقعٌ للوقتِ عندَ الأكثرِ ... ثالثُها لا إن يكنْ ذا ظاهرِ ورابع الاقول يَمْتَنِعُ تَأْخِيرُ الْبَيَانِ الْإِجْمَالِيِّ فِيمَا لَهُ ظَاهِر مِثْلُ هَذَا الْعَامُّ مَخْصُوصٌ وَهَذَا الْمُطْلَقُ مُقَيَّدٌ، وَهَذَا مَنْسُوخٌ يَدُلُّ الْوُجُودُ الْمَحْذُورُ قَبْلَ البيان الْإِجْمَالِيّ لمقارنته دُونَ التَّفْصِيلِيِّ ولايجب تفصيل ما خص به اوقيد به بل يجوز تاخير ذلك وبه قال ابوالحسين الِبصري بخلاف المشترك والمتواطئ مماليس له ظاهر فيجوز تاخير بيانهما الاجمالى كالتفصيلى اذ لم يقع المخاطب فى فهم غير المراد وزاد الناظم على المصنف قولا آخر عكس التفصيل السابق حكاه الابياري فى شح البرهان وهو انه يجوز تاخير البيان الى وقت الفعل فيما لا ظاهر ولا يجوز فيمالا ظاهر هـ وعلله بان للعام فائدة فى الجملة بخلاف المجمل فلذا قال فى ذين القولين: وقيلَ لا يؤخرُ الإجمالِي ... فيهِ وقدْ قيلَ بعكسِ التَّالِي كما تعرض لها ايضا ناظم السعود بقوله: وقيل بالمنع لما كالمطلق ... ثم بعكسه لدى البعض انطق الباء فى قوله بما ظرفية خامس الاقوال عند المصنف يَمْتَنِعُ التَّأْخِيرُ فِي غَيْرِ النَّسْخِ لِإِخْلَالِهِ بِفَهْمِ الْمُرَادِ مِنْ اللَّفْظِ بِخِلَافِ النَّسْخِ ; حيث انه رَفْعٌ لِلْحُكْمِ أَوْ بَيَانٌ لِانْتِهَاءِ أَمَدِهِ كَمَا سَيَأْتِي. وعليه الجباءي ومقتضاه ان النسخ من محل الخلاف وهو ظاهر كلام الامدي لكن صرح القاضى وامام الحرمين والغزالى بعدم الخلاف فيه والى ذلك اشار المصنف بقوله وقيل يجوز تاخير النسخ والى ماذكره الجزء: 2 ¦ الصفحة: 38 المصنف اشار الناظم بقوله: وقيلَ لا في غيرِ نسخٍ بلْ نُقِلْ ... جوازُه في النَّسْخِ قطعًا لا يُخِلّْ وسادس الاقوال لَا يَجُوزُ تَأْخِيرُ بَعْضٍ وابداء البعض الاخر وذلك لان تاخير البعض يوقع المخاطب فى فهم ان المقدم جميع البيان وهو غير المراد بخلاف تاخير الكل واشار الناظم الى هذ القول بقوله: وقيلَ لا يجوزُ أن يُؤَخَّرَا ... بعضٌ وإبدَا البعضِ إن لبْسٌ عَرَا والاصح الجواز والوقوع ومن ادلته قوله تعالى {وَاعْلَمُوا أَنَّمَا غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ} الاية فَإِنَّهُ عَامٌّ فِيمَا يُغْنَمُ مَخْصُوصٌ بِحَدِيثِ الصَّحِيحَيْنِ {مَنْ قَتَلَ قَتِيلًا لَهُ عَلَيْهِ بَيِّنَةٌ فَلَهُ سَلَبُهُ} وَهُوَ مُتَأَخِّرٌ عَنْ نُزُولِ الْآيَةِ لِنَقْلِ أَهْلِ الْحَدِيثِ أَنَّهُ كَانَ فِي غَزْوَةِ حُنَيْنٍ وَأَنَّ الْآيَةَ قَبْلَهُ فِي غَزْوَةِ بَدْر وقَوْله تَعَالَى {إنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تَذْبَحُوا بَقَرَةً} فَإِنَّ البقرة مُطْلَقَةٌقيدت بما فى اجوبة اسئلتهم وفيه وَفِيهِ تَأْخِيرُ بَعْضِ الْبَيَانِ عَنْ بَعْضٍ أَيْضًا وكذا قَوْله تَعَالَى حِكَايَةً عَنْ الْخَلِيلِ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ {يَا بُنَيَّ إنِّي أَرَى فِي الْمَنَامِ أَنِّي أَذْبَحُك} الاية فَإِنَّهُ يَدُلُّ عَلَى الْأَمْرِ بِذَبْحِ ابْنِهِ ثُمَّ بَيَّنَ نَسْخَهُ بِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَفَدَيْنَاهُ بِذِبْحٍ عَظِيمٍ} (وَعَلَى الْمَنْع الْمُخْتَارِ أَنَّهُ يَجُوزُ لِلرَّسُولِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَأْخِيرُ التَّبْلِيغِ إلَى وَقْت الحاجة وانه يجوز ان لا يعلم الموجود بالمخصص ولا بانه مخصص) أي ويتفرع على القول بامتناع تاخير البيان فرعان لانتفاء المحذور السابق كما سياتى احدهما المختار انه يجوز للرسول صلى الله عليه وسلم تاخير تبليغ مايوحي اليه الى وقت الاحتياج للعمل به لا تاخير البيان ولا فرق بين القرءان وغيره وقيل لا يجوز لقوله تعالى {يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنْزِلَ إلَيْك مِنْ رَبِّك} بناء على ان الامر للفور لان وجوب التبليغ معلوم بالعقل ضرورة فلا فائدة للامر الا الفور واجاب الجمهور بان فائدته تاييد العقل بالنقل قال شارح السعود قلت وبانا لانسلم علم وجوب التبليغ بالعقل لا ذلك مبنى على ان العقل يحسن ويقبح وهو ضعيف وانما اجاز المالكية وجمهور غيرهم تاخير التبليغ لانتفاء المحذور السابق فيه وهو الاخلال بفهم المراد منه عند الخطاب قال وكلام ابن الحاجب والامام الرازي والآمدي يقتضى المنع فى القرآن قطعا أي بلاخلاف لانه متعبد بتلاوته ولم يؤخر صلى الله عليه وسلم تبليغه بخلاف غيره لما علم انه كان يسئل عن الحكم فيجيب تارة مماعنده ويقف تارة اخري حتى ينزل الوحى ثم قال قد يمنع تعجيل التبليغ ويجب تاخيره الى وقت الحاجة درءا أي دفعا لمفسدة حاصلة فى تعجيله فلو امر صلى الله عليه وسلم بقتال اهل مكة بعد سنة من الهجرة وجب تاخيرتبيلغ ذلك الناس لئلا يستعد العدو اذاعلم ويعظم الفساد ولذلك لما اراد عليه الصلاة والسلام قتالهم قطع الاخبار عنهم حتى دهمهم وكان ذلك ايسر لقاتلهم وقهرهم اه. فلذا قال فى نظمه: وجائز تأخير تبليغ له ..... ودرء ما يُخشى أبى تعجيلَه والضمير فى قوله له عائد على وقت العمل ثانى الفرعين الاصح ايضا انه يجوز ان لا يعلم المكلف المجود عند وجود المخصص بذات المخصص ولا بوصف انه مخصص مع علمه بذاته كان يكون المخصص له العقل قال شارح السعود نقلا عن ابن القاسم وعدم علم المكلف بالمخصص شامل لما اذا علم بعض المكلفين به ولم يعلمه البعض الاخر الاانه تمكن من العلم فهو بمنزلة العالم لتقصيره وشامل لما اذا لم يبلغ احدا من المكلفين لكنهم لما تمكنوا من البحث كانوا لتقصيرهم بمنزلة من بلغه اه. واشار الجزء: 2 ¦ الصفحة: 39 فى نظمه الى ذي المسالة بقوله تعالى: ونسبة الجهل لذي وجود ..... بما يخصِّص من الموجود واشار الناظم ايضا اليها والى التى قبلها بقوله: ثم علَى المَنْعِ أجزْ فيما اعتَلَى ... للمصطفَى تأخيرَ تبليغٍ إلَى حاجةِ موجودٍِ ونفىَ عِلْمِه ... بذاتِ مَا خُصِّصَ أوْ بوسْمِه (1/135) --- ودليل جواز الثانية والوقوع ان بعض الصحابة لم يسمع المخصص السمعى الا بعد حين كان فاطمة رضى الله تعالى عنها طلبت ميراثها منه صلى الله عليه وسلم لعموم قوله تعالى {يُوصِيكُمْ اللَّهُ فِي أَوْلَادِكُمْ} فَاحْتَجَّ عَلَيْهَا أَبُو بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ بِمَا رَوَاهُ لَهَا بقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ {لَا نُورَثُ مَا تَرَكْنَاهُ صَدَقَةٌ} والله اعلم. النسخ (اُخْتُلِفَ فِي أَنَّهُ رَفْع أَوْ بَيَان) وجه كون المصنف رحمه الله تعالى لم يؤخر الكلام على النسخ الى آخر كتاب السنة كما فعله غير واحد لتطرق النسخ اليها لان النسخ فى السنة انما يكون فى الاقوال فقط حيث ان الافعال لا تنسخ ولا ينسخ بها والمصنف اورد جملة الاقوال فى الكتاب الاول والنسخ من جملة مباحثها لانه قال اولا فى ترجمة الكتاب الكتاب الاول فى الكتاب ومباحث الاقوال وبالتامل فى كتاب السنة عنده لم يوجد فيه مايتطرق اليه النسخ والنسخ لغة بمعنى الرفع والازالة يقال نسخت الشمس الظل اذا ازالته ونسخت الريح آثار القوم أي لم تبق لها اثرا وبمعنى النقل والتحويل كتناسخ المواريت واختلف هل هو حقيقة فى الرفع مجاز فى النقل او حقيقة فى كل واحد منهما قال الفهري والاول اظهر لان الرفع هو المتبادر الى الفهم عند الاطلاق واختلف فى معناه وحده شرعا فقال القاضى هو رفع واختاره الاما فى الارشاد وجماعة وقيل بيان واختلف القائلون بانه بيان فقيل ظهور شرط انتفاء الاستمرار وبه قال الاستاذ الاسفرائينى والامام فى البرهان وجماعة واختاره المقترح وقيل بيان امد الحكم وبه قال جمهور الفقهاء والامام الفخر والمعتزلة قاله حلولو وتعرض للقولين ناظم السعود بقوله: رفع لحكمٍ أو بيانُ الزمن .... بمحكم القرآن أو بالسنن والقول الاول هو المختار لشموله قبل التمكن وسياتى جوازه على الصحيح بخلاف الثانى لان بيان الامد معناه عندهم الاعلام بان الخطاب لم يتعلق والفعل قبل التمكن قد تعلق به الخطاب جزما والاول كما اختاره الامام فى الارشاد وجماعة اختاره المصنف ايضا بقوله (وَالْمُخْتَار الْحُكْمَ الشَّرْعِيّ بخطاب فَلَا نَسْخَ بِالْعَقْلِ وَقَوْلُ الْإِمَامِ مَنْ نُسِخَ رِجْلَاهُ نُسِخَ غَسْلُهُمَا مدخول ولا بالاجماع ومخالفتهم تتضمن ناسخا) أي والمختار ان النسخ فى الاصطلاح رفع الحكم الشرعى بخطاب فخرج بالشرعى أي الماخوذ من الشرع رفع البراءة الاصلية فان رفعها ليس بنسخ وخرج بخطاب الرفع بالموت والجنون والغفلة فلذا قال الناظم: النَّسْخُ رفعٌ أوبيانٌ والصَّوابْ ... في الحَدِّ رفعُ حكمِ شرعٍ بخطابْ والمراد برفع الحكم رفع تعلقه بالفعل لا رفعه فى نفسه لان الخطاب قديم لايرتفع واشار الى تعريفه العلامة ابن عاصم بقوله النسخ رفع الحكم بعدما اقر .... فى سنة وفى كتاب يستقر ثم قال متمماله بحصر النسخ فى الاحكام القرآنية والاخبار الجزء: 2 ¦ الصفحة: 40 النبوية. وانما يكون فى الاحكام ... او خبر ياتى بحكم سام. أي عال فلا نسخ حينئذ بالعقل وقول الامام الرازي فى مباحث التخصيص بعد ان ذكر تخصيص العام بالعقل من سقط رجلاه نسخ غسلهما فى طهارته مدخول قال الجلال المحلى: أَيْ فِيهِ دَخْلٌ أَيْ عَيْبٌ حَيْثُ جَعَلَ رَفْعَ وُجُوبِ الْغُسْلِ بِالْعَقْلِ لِسُقُوطِ مَحَلِّهِ نَسْخًا فَإِنَّهُ مُخَالِفٌ لِلِاصْطِلَاحِ وَكَوْنُهُ تَوَسَّعَ فِيهِ اه. فلذا صرح الناظم بانه مجازي حيث قال: لا نَسْخَ بالعَقْلِ وقولُ الرَّازِي ... بِنَسخِ غسلِ أقطعٍ مجازِي كما انه لانسخ الحكم بالاجماع لانه انما ينعقد بعد وفاته صلى الله عليه وسلم لما عرفه به المصنف فيما سياتى بقوله اتفاق مجتهدي الامة بعد وفاة محمد صلى الله عليه وسلم فى عصر على أي امر كان واما فى حياته فالحجة فى قوله دونهم ولانسخ بعد وفاته ولكن مخالفة المجمعين للنص فيما دل عليه تتضمن ناسخا له الذي هو مستند اجماعهم فلذا قال ناظم السعود: فلم يكن بالعقل أو مجرد .... الاجماع بل يُنمى إلى المستند وقال الناظم نافيا النسخ به مثبتا اقتضاه تضمنه الناسخ. ولا بالاجماعِ ولكنِ اقتضَى ... تَضَمُّنَ النَّاسِخِ وقال شارح السعود وكما ان الاجماع لاينسخ به كذلك لا ينسخه هو غيره اه. اذ خرقه حرام حيث رسخ بالثبوت قال العلامة ابن عاصم مشيرا للكتاب والسنة مفيدا ان غيرهما كما لا ينسخ لاينسخ اذا رسخ وغيرهذين كما لا ينسخ .... كذلك لا ينسخ حين يرسخ (ويجوز على الصَّحِيحِ نَسْخُ بَعْضِ الْقُرْآنِ تِلَاوَةً وَحُكْمًا أَوْ أَحَدَهُمَا فَقَطْ والفعل قبل التمكن) أي ويجوز على الصَّحِيحِ نَسْخُ بَعْضِ الْقُرْآنِ تِلَاوَةً وَحُكْمًا وَقِيلَ: لَا يَجُوزُ نَسْخُ بَعْضِهِ كَكُلِّه المجمع على منع نسخ تلاوته او احكامه وكما انه يجوز بعض القرآن تلاوة وحكما يجوز نسخ احدهما فقط فلذا قال الناظم: ثمَّ المُرتَضَى. جوازُ نسْخِ بعضِ قُرآنٍ يُحَطّْ ... تلاوةً وحكمًا أو فرداً فقطْ وقال العلامة ابن عاصم: والنسخ فى القران فى حكم وفى.. تلاوة وفيهما معا قفى وماذكر من النسخ فى الذكر الحكيم هو معنى الاطلاق فى قول ناظم السعود: ونسخ بعض الذكر مطلقا ورد ... مثال نسخ التلاوة والحكم ما روي مسلم عن عائشة رضى الله عنها كان فيما نزل أي من القران عشر رضعات معلومات أي يحرمن فنسخن تلاوة وحكما بخمس معلومات ثم نسخت الخمس تلاوة وحكما عند مالك وتلاوة فقط الشافعى ومثال منسوخ التلاوة فقط الشَّيْخُ وَالشَّيْخَةُ إذَا زَنَيَا فَارْجُمُوهُمَا أَلْبَتَّةَ والمراد بالشيخ والشيخة المحصنان لِأَمْرِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِرَجْمِ الْمُحْصَنَيْنِ واما منسوخ الحكم دون التلاوة فكثير منه قوله تعالى {وَاَلَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجًا متاعا الى الحول غير اخراج} فنسخ بقوله تعالى {وَاَلَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجًا يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا} لتاخره فى النزول عن الاول وان تقدمه فى التلاوة قال شارح السعود ويجوز على الصحيح نسخ الفعل قبل التمكن منه بان امر به فورا فنسخ قيل الشروع فيه او غيره على التراخى ولم يدخل وقته او دخل ولم يخص منه زمن يسع الفعل او كان الفعل يتكرر مرارا ففعل ثم نسخ قال فى نظمه: والنسخ من قبل وقوع الفعل ... جاء وقوعا في صحيح النقل وقال الناظم عاطفا على ماهو المرتضى: والفعلُ قبْلَهُ ولو لمْ يُمْكِنِ. ومن ادلة وقوع النسخ قبل التمكن قوله تعالى حكاية عن الخليل عليه السلام الجزء: 2 ¦ الصفحة: 41 {يَا بُنَيَّ إنِّي أَرَى فِي الْمَنَامِ أَنِّي أَذْبَحُك} ثُمَّ نُسِخَ بقوله تعالى {وَفَدَيْنَاهُ بِذَبْحٍ عَظِيمٍ} ومنها رفع الصلوات الخمسين ليلة الاسراء بالخمس واما نسخ الفعل بعد خروج وقته بلا عمل فمتفق على جوازه (والنَّسْخُ بِقُرْآنٍ لِقُرْآنٍ وَسُنَّة وبالسنة للقرآن وقيل يمتنع بالاحاد والحق لم يقع الابالمتواترة قال الشافعى وحيث وقع بالسنة فمعها قران او بالقران فمعه سنة عاضدة تبين توافق الكتاب والسنة) شرط الدليل الناسخ ان يكون مساويا او اقوي ولا شرط فيه ان يكون من جنس المنسوخ ولا يكون قاطعا فيجوز على الصحيح النسخ بقرآن لقرآن كنسخ الاعتداد بالحول بالاربعة اشهر وعشر فلذا قال العلامة ابن عاصم: وينسخ القران بالقران ... دون خلاف بين اهل الشان وقال ناظم السعود: والنسخ بالنص لنص مُعتمد وكذلك يجوز نسخ السنة بالقران وسواء كانت متواترة او احاد فلذا قال الناظم:.. وبكتابنَا لهُ والسُّنَنِ. أي ويجوز النسخ بالكتاب للكتاب والسنن لقوله تعالى {وَنَزَّلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ تِبْيَانًا لِكُلِّ شَيْءٍ} والسنة شيء من الاشياء وقيل لا يجوز وذكر العلامة ابن عاصم ان اقوال الخلف اشتهرت فى نسخ القران السنة المتواترة حيث قال: لكن اقوال الخلف اشتهرت ... فى نسخة سنة تواترت فمثال نسخ القران المتواترة الاستقبال لبيت المقدس نسخ بقوله تعالى {فول وجهك شطر المسجد الحرام} ومثال نسخه الاحاد ماوقع فى صلح الحديبية من رد من اتى من النساء المؤمنات نسخ بقوله تعالى {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا إِذَا جَاءَكُمُ الْمُؤْمِنَاتُ مُهَاجِرَاتٍ الى فَلَا تَرْجِعُوهُنَّ إِلَى الْكُفَّار} واما العكس وهو نسخ القران بالسنة فيجوز وسواء كانت متواترة او آحاد فلذا قال الناظم: وعَكْسُهُ ولوْ بآحادِ الخَبَرْ ... قال الجلال المحلى: وَقِيلَ: لَا يَجُوزُ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {قُلْ مَا يَكُونُ لِي أَنْ أُبَدِّلَهُ مِنْ تِلْقَاءِ نَفْسِي} وَالنَّسْخُ بِالسُّنَّةِ تَبْدِيلٌ مِنْهُ قُلْنَا لَيْسَ تَبْدِيلًا مِنْ تِلْقَاءِ نَفْسِهِ {وَمَا يَنْطِقُ عَنْ الْهَوَى} وَيَدُلُّ عَلَى الْجَوَازِ قَوْله تَعَالَى {لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إلَيْهِمْ} وحكى ذالخلاف العلامة ابن عاصم بقوله: ومنع نسخه بنقل الاحاد ... وذو تواتر بخلف باد وقيل ان نسخ القران بخبر الاحاد وان كان جائزا فليس بواقع على الصواب أي الصحيح فلذا قال ناظم السعود: والنسخ بالآحاد للكتاب .... ليس بواقع على الصواب فالحق ان نسخ القران لم يقع الا بالمتواترة ولم يقع بخبر الاحاد فيما اشتهر فلذا قال الناظم معيدا الضمير على النسخ به … والحقُّ لم يقعْ بهِ فيمَا اشْتَهَرْ. نعم قيل انه وقع النسخ به كحديث الترمذي وغيره {لَا وَصِيَّةَ لِوَارِثٍ} فَإِنَّهُ نَاسِخُ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {كُتِبَ عَلَيْكُمْ إذَا حَضَرَ أَحَدَكُمْ الْمَوْتُ إنْ تَرَكَ خَيْرًا الْوَصِيَّةُ لِلْوَالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ} فلذا ذكر العلامة ابن عاصم انه ناسخ عند الباجى من اصحابنا وكذا عند الظاهرية حيث استثناءه واياهم ممن منع النسخ به قائلا: ومنع نسخه بنقل الاحاد ... عند سوي الباجى امر معتاد ومن اولى الظاهر من قد وافقه ... وغيرهم ليس له موافقه قال الجلال المحلى مستدلا على بطلان دليل المستدل بوقوع النسخ فى مسالة الوصية بخبر الاحاد قُلْنَا: لَا نُسَلِّمُ عَدَمَ تَوَاتُرِ ذَلِكَ وَنَحْوِهِ لِلْمُجْتَهِدِينَ الْحَاكِمِينَ بِالنَّسْخِ لِقُرْبِهِمْ مِنْ زَمَانِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اه. أي فقد يكون متواترا عند هم لقربهم من زمن صاحب الشريعة صلى الله عليه وسلم وقد يثبت لقوم دون قوم وقو المصنف قال الشافعى الخ قال الجزء: 2 ¦ الصفحة: 42 المحقق البنانى حاصل القول فى المقام ان نسخ الكتاب بالسنة والسنة بالكتاب الجمهور على جوازه ووقوعه وذهب قوم الى امتناعهما ونقل عن الشافعى وقد انكر عليه ذلك جماعة من العلماء واستعظموه ونص الشافعى فى رسالته لاينسخ كتاب الله الا كتابه ثم قال وهكذا سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم لاينسخها الاسنته ولو احدث الله فى امر غير ما سن فيه رسوله لسن رسوله ما احدث الله حتى يبين للناس ان له سنة ناسخة لسنة اه. وقد فهمه المصنف على معنى انه اذا نسخ الكتاب بالسنة فلابد ان يرد من الكتاب بعد ذلك ما يوافق تلك السنة الناسخة فى الحكم فيكون عاضدا لها واذا نسخت السنة بالكتاب فلا بد ان يبين رسول الله صلى الله عليه وسلم ما يوافق ذلك الكتاب الناسخ فى الحكم فتكون عاضدة له اه. والناظم درج على مادرج عليه اصله حيث قال: والشافعِي حيثُ القُرآنُ ورَدَا ... لنسخِهَا فمعْ حديثٍ عضَدَا وورَدَتْ لنسخِهِ معْهَا خذِ ... قراءةً تبينُ وَفْقَ ذَا وذِي قال فى شرحه قال الشيخ جلال الدين أي المحلى والقسم الثانى موجود كما فى نسخ استقبال بيت المقدس بفعله صلى الله عليه وسلم بقوله تعالى {فول وجهك شطر المسجد الحرام} وقد فعله صلى الله عليه وسلم والقسم الاول يحتاج الى بيان وجوده اه. وسكت المصنف رحمه الله تعالى عن نسخ السنة بالسنة للعلم به من نسخ القران بالقران واما الناظم فانه تكلم عليه فيما مر انفا فى قوله: وبكتابنَا لهُ والسُّنَنِ. وعكسه. فيجوز نسخ المتواترة بمثلها والاحاد بمثلها وبالمتواترة وكذا المتواترة بالاحاد على الصحيح كما مر فى نسخ القران بالاحاد فمثال نسخ السنة بالسنة نسخ حَدِيثُ مُسْلِمٍ {أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قِيلَ لَهُ الرَّجُلُ يَعْجَلُ عَنْ امْرَأَتِهِ وَلَمْ يُمْنِ مَاذَا يَجِبُ عَلَيْهِ فَقَالَ إنَّمَا الْمَاءُ مِنْ الْمَاءِ} بِحَدِيثِ الصَّحِيحَيْنِ {إذَا جَلَسَ بَيْنَ شُعَبِهَا الْأَرْبَعِ ثُمَّ جَهَدَهَا فَقَدْ وَجَبَ الْغُسْلُ} زَادَ مُسْلِمٌ فِي رِوَايَةٍ {وَإِنْ لَمْ يُنْزِلْ} لِتَأَخُّرِ هَذَا عَنْ الْأَوَّلِ لِمَا رَوَى أَبُو دَاوُد وَغَيْرُهُ عَنْ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ {أَنَّ الْفُتْيَا الَّتِي كَانُوا يَقُولُونَ: الْمَاءُ مِنْ الْمَاءِ رُخْصَةٌ رَخَّصَهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي أَوَّلِ الْإِسْلَامِ ثُمَّ أَمَرَ بِالْغُسْلِ بَعْدَهَا} افاده الجلال المحلى. (وبالقياس وثالثها ان كان جليا ورابعها ان كان فى زمانه عليه الصلاة والسلام والعلة منصوصة ونسخ القياس فى زمانه عليه السلام وشرط ناسخه ان كان قياسا ان يكون اجلى وفاقا للام وخلافا للامدي) أي ويجوز على الصحيح النسخ للنص بالقياس مطلقا لاستناده الى النص فكانه الناسخ وقيل لا يجوز حذر من تقديم القياس على النص الذي هو اصل له فى الجملة قال شارح السعود نسخ النص بالقياس لا يجوز شرعا عند الاكثر واختاره القاضى والباجى وهو مذهب الشافعى حذرا من تقديمه على النص الذي هو اصل له فى الجملة اه. فلذا قال فى نظمه: ومنع نسخ النص بالقياس ... هو الذي ارتضاه جل الناس وثالث الاقوال يجوز النسخ به ان كان جليا وهو ماقطع فيه بنفى الفارق والخفى بخلافه كما سياتى بخلاف الخفى فانه لايجوز النسخ به لضعفه ورابعها يجوز ان كان فى زمنه عليه الصلاة والسلام والعلة منصوصة فلذا قال الناظم متعرضا لاختلاف الاقوال: وبالقياسِ الثالثُ الجَلِيِّ ... والرابعُ المدرِكُ للنَّبِيّ ان نصت العلة. مثاله لو ورد نص مثلا بجواز الربا فى القول ثم ورد بعد ذلك نص بحرمة الربا فى الحمص لانه يستعمل مطبوخا فيقاس عليه القول لوجود العلة فيه ويكون الحكم الثابت له الجزء: 2 ¦ الصفحة: 43 بالقياس ناسخا لحكمه الاول افاده المحقق البنانى بخلاف ما علته مستنبطة لضعفه وما وجد بعد زمن النبىء صلى الله عليه وسلم لانتفاء النسخ حينئذ ويجوز على الصحيح نسخ القياس الموجود فى زمنه عليه الصلاة والسلام بنص او قياس مثال الاول ان يرد نص فى زمنه صلى الله عليه وسلم بتحريم الربا فى الذرة فيقاس عليها فى ذلك الارز ثم ياتى نص بجواز الربا فى الارز ومثال الثانى ان يرد بعد النص بتحريم الربا فى الذرة المذكورة وقياس الارز عليها فى ذلك نص آخر بجواز الربا فى البر فيقاس عليه حينئذ الارز فيكون الحكم الثابت للارز بقياسه على البر ناسخا للحكم الثابت له بقياسه على الذرة وقيل لا يجوز نسخ القياس فى زمنه عليه الصلاة والسلام لانه مستند الى نص فيدوم بدوامه الا انه لا يسلم لزوم دوام القياس بدوام نصه اذ النص لا يدوم حكمه اذانسخ فاحر القياس وشرط ناسخ القياس الموجود فى زمنه عليه الصلاة والسلام ان يكون اجلى منه وفاقا للامام الرازي وخلافا للامدي فى اكتفائه بالمساوي فلا يكفى الادون جزما لانتفاء المقاومة والاالمساوي لانتفاء المرجح وقال الناظم مشيرا لجواز النسخ بذ القياس بالشرط المذكور والنسخ كذا. يكون اجلى قيل او مساويا. (ونسخ الفحوي دون اصله كعكسه على الصحيح والنسخ به والاكثر ان نسخ احدهما يستلزم الاخر) أي ويجوز نسخ الفحوي أي مفهوم الموافقه بقسميه الاولى والمساوي وحده فى حالة عدم نسخ اصله الذي هو المنطوق كان يقال لا تشتم زيدا ولكن اضربه كما يجوز عكسه وهو نسخ اصل الفحوي الذي هو المنطوق دونه الذي هوالمفهوم الموافق على الصحيح فيهما لان الفحوي واصله مدلولان متغايران فجاز نسخ كل منهما وحده كنسخ تحريم ضرب الوالدين دون تحريم التافيف والعكس قال شارح السعود فلا ارتباط عقلا بين حكمين من هذه الاحكام أي المتعلقة بنسخ الفحوي دون اصله اوعكسه بحيث يمتنع انفكاك احدهما عن الاخر بل الارتباط بينهما انما هو بمعنى التبعية فى الدلالة والانتقال من المنطوق الى الفحوي وهو لا يجب اللزوم فى الحكم قال سعد الدين التفتازانى ولوسلم فعند الاطلاق دون التنصيص كما اذا قيل اقتل فلانا ولا تستخف به. اه فلذا اجاز ذا الشيخ فى نظمه بقوله معيدا الضمير على الفحوي: ونسخه بلا ..... أصل وعكسه جوازه انجلى. وامانسخ الفحوي مع اصله فيجوز اتفاقا كماانه يجوز النسخ بالفحوي اتفاقا كما قال فى السعود: وجاز بالفحوي قول المصنف والاكثر الخ قال شارح السعود ما مضى من جواز نسخ كل من المنطوق ومفهوم الموافقه دون الاخر مبنى على عدم استلزام كل منهما الاخر وان مذهب الاكثرين هو الاستلزام فلا يجوز نسخ واحد منهما دون الاخر لان الفحوي لازم له لاصله وتابع له ورفع للازم يستلزم رفع الملزوم ورفع المتبوع يستلزم رفع الملزوم ورفع المتبوع يستلزم رفع التابع اه. فلذا قال فى نظمه: ورأي الاكثرين الاستلزام .... وبالمخالفة لا يُرام وافاد الناظم ايضا انه قال به جل الملاء حيث قال نافيا احدهما دون الاخر: ولا لفَحْوَى دونَ أصْلِهِ ولاَ ... عكسٌ كما قالَ بهِ جُلُّ المَلاَ (ونسخ المخالفة وان تجردت عن اصلها لا الاصل دونها فى الاظهر ولا النسخ بها) أي ويجوز نسخ المخالفة مع اصله وبدونه واما نسخ الاصل دونها فلا يجوز لانها تابعة له فترتفع بارتفاعه ولا يرتفع هو بارتفاعها قال شارح الجزء: 2 ¦ الصفحة: 44 السعود يجوز نسخ المخالفة دون نسخ الاصل وهو حكم المنطوق واحري فى الجواز اذا نسخت مع اصلها اه. فلذا قال فى نظمه: وهى عن الاصل لها تجرد .... فى النسخ وانعكاسه مستعد واشا رالناظم الى ما اشار اليه المصنف بقوله: ونسخُه مخالفًا معْ أصلِه ... أو دونَه لا الأصلَ دونَ فَصْلِهِ وفصل الاصل هو ما فهم منه مثال نسخ مفهوم المخالفة دون المنطوق {إنَّمَا الْمَاءُ مِنْ الْمَاءِ} فَإِنَّ الْمَنْسُوخَ وَهُوَ مَفْهُومُهُ وَهُوَ أَنْ لَا غُسْلَ عِنْدَ عَدَمِ الْإِنْزَالِ وَمِثَالُ نَسْخِهِمَا مَعًا أَنْ يَنْسَخَ مثلا وُجُوبَ الزَّكَاةِ فِي السَّائِمَةِ وَنَفْيَهُ فِي الْمَعْلُوفَةِ عند القائل به واما النسخ بالمخالفة فلا يجوز فلايجوز لضعفها عن مقاومة النص فلذا ذكر فى السعود ان النسخ بها لا يرام أي لا يقصد للضعف المذكور حيث قال: وبالمخالفة لا يرام ... (ونَسْخُ الْإِنْشَاءِ وَلَو كان بلفظ القضاء اوالخبر او قيد بالتاييد وغيره مثل صوموا ابدا صوموا حتما وكذا الصوم واجب مستمر ابدا اذا قاله انشاء خلافا لابن الحاجب) أي ويجوز نسخ الانشاء ولوكان مقترنا لفظ القضاء او كان بلفظ الخبر نحو {وَالْمُطَلَّقَاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ ثَلَاثَةَ قُرُوءٍ} أَيْ لِيَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ والانشاء كان سابقا الكلام فيه وذكره هنا توطئة لما بعد وخالف الدقاق فى ذلك نَظَرًا إلَى اللَّفْظِ لكون لفظه لفظ الخبر والخبر لا يبدل ولا يخفى ضعف هذا التمسك لا ذلك فى الخبر حقيقة لا فيما صورته صورة الخبر والمراد منه الانشاء لنكتة كما قال فى الجوهر المكنون: وصيغةُ الإخبارِ تأتي للطَّلَبْ ... لِفَأْلٍ اوْ حِرْصٍ وَحَمْلٍ وَأَدَبْ وكذا ينسخ الانشاء اذا قيد بالتاييد او غيره مثل صوموا ابدا صوموا حتما واشار الناظم الى ماذكره المصنف بقوله: والنسخُ للإنشَا ولوْ لفظَ قضَى ... أو خبَرًا وقيدُ تأبِيدٍ مَضَى وكذا يجوز النسخ فيما اذا قيل الصوم واجب مستمرا بدا خلافا لابن الحاجب فى منعه نسخه دون ما قبله من صوموا ابدا والفرق بينهما من طرف ابن الحاجب بان التاييد فيما قبله قيد للفعل الواجب فجاز نسخ حكمه وفيه قيد الوجوب والاستمرار للحكم فلا يجوز نسخه غير معتبر وتعرض ناظم السعود للكلام على ذا الاخير الذي منعه ابن الحاجب بقوله: وفي الأخير منع ابن الحاجبِ .... كمستمر بعد صوم واجب (ونسخ الاخبار بايجاب الاخبار بنقيضه لا الخبر وقيل يجوز ان كان عن مستقبل) أي ويجوز نسخ الاخبار بشيئ بايجاب الاخبار بنقيضه قال شارح السعود كان يوجب أي الشارع الاخبار بقيام زيد ثم يوجب الاخبار بعدم قيامه قبل الاخبار بقيامه ومنعته المعتزلة فيما اذا كان المخبر به لايتغير كحدوث العالم لان الاخبار المذكور كذب والتكليف بالكذب قبيح بناء على قاعدة التحسين والتقبيح ووجوب رعاية المصالح فى افعاله تعالى وجميع ذلك باطل عند اهل السنة مع انه قد يدعو الى التكليف بالكذب غرض للمكلف صحيح فلا يكون قبيحا وقد ذكر الفقهاء مسائل يجب فيها الكذب وقد يندب وقد يكره ونظمها بعضهم بقوله: لقد اوجبوا زورا لإنقاذ مسلم. ومال له اذ هو بالجور يطلب ويكره تطييبالخاطر اهله.. وامالارهاب العدو فيندب وجاز لاصلاح ويحرم ماسوي .... اولا فذا نظم لهن مهذب ثم ذكر عن ابن قاسم انه يخرج بايجاب الاخبار بنقيضه مجرد نسخه من غير ايجاب الاخبار بنقيضه كما لو قال اخبروا عن العالم بانه حادث ثم قال لا تخبروا عنه بشيء البتته فلا خلاف الجزء: 2 ¦ الصفحة: 45 فى جوازه اه. واما نسخ مدلول الخبر فلا يجوز بخلاف لفظه فجائز لماتقدم فى قوله ونسخ بعض القران تلاوة وحكما اواحدهما فقط قال شارح السعود وانما منعوا نسخ مدلول الخبر وان كان مما يتغير لانه يوهم الكذب أي يوقعه فى الوهم أي الذهن والكذب على الله تعالى محال اه. واشار الى ذي المسالة فى نظمه بقوله: ونسخ الإخبار بإيجاب خبر .... بناقض يجوز لا نسخُ الخبر وقيل يجوز نسخ مدلول الخبر ان كان المنسوخ خبراعن مستقبل بشرط قبوله التغيير لجواز المحو فيما يقدره من الامور المعلقة المكتتبة فى اللوح المشار اليها بقوله سبحانه {يَمْحُو اللَّهُ مَا يَشَاءُ وَيُثْبِتُ} بان يكتب فيه مثلا فلان يموت وقت كذا لكونه لم يصل رحمه الله تعالى ثم يكتب فلان يموت وقت كذا أي وقتا بعد ذلك الوقت لكونه وصل رحمه الله قاله البنانى وعلى هذا القول البيضاوي واشار الناظم الى هذه المسالة بقوله: ونسخُ الأخْبَارِ بأنْ يُوجِبَهُ ... بِضِدِّه لا خبَرٍ كَذَّبَهُ ولوْ عنَ آت. (وَيَجُوزُ النَّسْخُ بِبَدَلٍ أَثْقَلَ وبلا بدل لَكِنْ لَمْ يَقَعْ وِفَاقًا لِلشَّافِعِيِّ) أي ويجوز نسخ ماهو اخف على المكلف بما هو اثقل عليه وهو ما عليه الجمهور وذلك كنسخ التخيير بين صوم رمضان والفدية بتعيين الصوم لقوله تعالى فى التخيير {وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَه} الاية وقوله فى التعيين الناسخ {فمن شهد منكم الشهر فليصمه} وكنسخ الحبس فى البيوت بالزنى بالحد قال الجلال المحلى: وَقَالَ بَعْضُ الْمُعْتَزِلَةِ: لَا ; إذْ لَا مَصْلَحَةَ فِي الِانْتِقَالِ مِنْ عسر الى يسر اه. ويرد عليهم بانه سبحانه لا يتقيد برعاية المصلحة المعروفة للعبد اذ المصلحة فيما حكم به لانه حكيم ولا خلاف فى جواز النسخ بالاخف والمساوي وسكت عنهما المصنف لوضو حهما فمثال النسخ بالاخف نسخ العدة بالحول فى الوفاة بالعدة باربعة اشهر وعشر ومثاله بالمساوي نسخ التوجه لبيت المقدس بالتوجه للكعبة ويجوز النسخ من غير بدل كنسخ الصدقة فى النجوي فانه نسخ لا الى بدل واشار العلامة ابن عاصم الى ما قررناه بقوله: والنسخ بالاخف او بالاثقل ... والمثل جائز ودون البدل وقال ناظم السعود: ويُنسخ الِخفُّ بما له ثِقَلْ .... وقد يجيء عاريا من البدل قال الشيخ حلولو وخالف الشافعى فى الوقوع أي فى قوع النسخ بدون فقال فى الرسالة ليس بنسخ فرض ابدا الا اثبت مكانه فرض ووافقه المصنف وتاوله الصيرفى بمعنى اذا نسخ بقى الامر على ما كان عليه اه. واشار الناظم الى ماذكره المصنف بقوله: وإلَى أقوَى بَدَلْ ... ودونَهُ ولمْ يَقَعْ وقيلَ بلْ وقوله وقيل بل أي بل وقع كما قرر آنفا من الزيادات على المصنف والله اعلم (مَسْأَلَةٌ النَّسْخُ وَاقِعٌ عِنْدَ كُلِّ الْمُسْلِمِين وَسَمَّاهُ أَبُو مُسْلِم تَخْصِيصًا فَقِيلَ: خَالَفَ فَالْخُلْف لفظى) أي ان النَّسْخُ وَاقِعٌ عِنْدَ كُلِّ الْمُسْلِمِين قال الجلال المحلى: وَخَالَفَتْ الْيَهُودُ غَيْرَ الْعِيسَوِيَّةِ بَعْضَهُمْ فِي الْجَوَازِ، وَبَعْضَهُمْ فِي الْوُقُوعِ وَاعْتَرَفَ بِهِمَا الْعِيسَوِيَّةُ وَهُمْ أَصْحَابُ أَبِي عِيسَى الْأَصْفَهَانِيِّ الْمُعْتَرِفُونَ بِبَعْثَةِ نَبِيِّنَا عَلَيْهِ أَفْضَلُ الصَّلَاةِ وَالسَّلَامِ لَكِنْ إلَى بَنِي إسْمَاعِيلَ خَاصَّةً، وَهُمْ الْعَرَب اه. والنسخ غير البداء لان السنخ كما تقدم هو رفع الحكم على وجه مخصوص والبداء هو الظهور بعد الخفاء فهو غير مستلزم له اذ قد يجوز ان يكون فعل المامور به مصلحة فى وقت آخر فيحسن الامر به فى وقت ونسخه بالنهى عنه فى وقت آخر والبدء محال عليه سبحانه وتعالى لاستلزامه الجهل المستحيل فى حقه تعالى وبئس ما زعم اليهود من استلزام النسخ للبداء الجزء: 2 ¦ الصفحة: 46 حتى منعوا النسخ ولله در العلامة ابن عاصم فى قوله: والنسخ جائز لدينا عقلا .... وواقع شرعا وآت نقلا وانما انكره اليهود .... وقولهم بشرع مردود وليس لازما به ما الزموا ... من البدء بئسما زعموا اذا البدء رفع حكم يقع ... لم يسبق العلم بان سيرفع وسمى ابو مسلم الاصفهانى من المتعزلة النسخ تخصيصا ; لِأَنَّهُ قَصْرٌ لِلْحُكْمِ عَلَى بَعْضِ الْأَزْمَانِ فَهُوَ تَخْصِيصٌ فِي الْأَزْمَانِ كَالتَّخْصِيصِ فِي الْأَشْخَاصِ فقيل هو خلاف منه فى وقوع النسخ وليس خلافا محققا بل هو لفظى عائد الى اللفظ والتسمية لموافقته على ماورود ما يرفع الحكم بعد انتفاء غاية له وانما سماه بغير اسمه المشهور فلم يخالف فى وقوع النسخ قال الجلال السيوطى: فصح انه لم يخالف فيه احد من المسلمين قال وهذا معنى قولى وقائل التخصيص لا ينازع أي وهو قوله فى النظم: النَّسْخُ عنْدَ المسلمينَ واقعُ ... وقائلُ التَّخْصِيصِ لا يُنازِعُ ونقل المحقق البنانى عن شيخ الاسلام ان حاصل النزاع فى هذه المسالة بيننا وبين ابى مسلم ان ابامسلم المغيا فى علم الله كالمغيا فى اللفظ وسمى الكل تخصيصا فسوي بين قوله تعالى {واتمو الصيام الى الليل} وبين صوموا مطلقا مع علمه تعالى بانه سينزل لا تصوموا ليلا والجمهور يسمون الاول تخصيصا والثانى نسخا فاتضح الفرق المشار اليه بقول العلامة ابن عاصم: وحاصل من جملة النصوص ... الفرق بين النسخ والتخصيص (وَالْمُخْتَارُ أَنَّ نَسْخَ حُكْمِ الْأَصْلِ لَا يَبْقَى مَعَهُ حُكْمُ الْفَرْعِ وان كل شرعى يقبل النسخ ومنع الغزالى نسخ جميع التكاليف والمعتزلة نسخ وجوب المعرفة والاجماع على عدم الوقوع) أي والمختار وهو ماعليه الجمهور انه اذا نسخ حكم الاصل لا يبقي معه حكم الفرع بل يرتفع لانه تابع فيزول بزوال متبوعه لانتفاء العلة التى ثبت بها بانتفاء حكم الاصل مثاله ان يرد النص بحرمة الربا فى القمح فيقاس عليه الارز بجامع الاقتيات والادخار مثلا ثم يرد نص بعد ذلك بجواز الربا فى القمح فيرفع حينئذ حكم الفرع من المنع فيصير جائزا كالاصل فلذا قال ناظم السعود: ويجب الرفع لحكم الفرع ... ان حكم اصله يري ذا رفع كما قال الناظم: وصحََّحُوا انتفاءَ حكمِ الفرْعِ. بنسخ اصله وقالت الحنفية يبقى لان القياس مظهر له لا مثبت بل هو ثابت بنفسه والمختار ان كل شرعى يقبل النسخ فيجوز عقلا نسخ كل الاحكام وبعضها أي بعض كان ومنع الغزالى والمعتزلة نسخ جميع التكليف لتوقف العلم بذلك لوقع على معرفة الناسخ والمنسوخ وهى من التكاليف ولا يتاتى نسخها قال الجلال المحلى: قُلْنَا مُسَلَّمٌ ذَلِكَ لَكِنْ بِحُصُولِهَا يَنْتَهِي التَّكْلِيفُ بِهَا فَيَصْدُقُ أَنَّهُ لَمْ يَبْقَ تَكْلِيفٌ وَهُوَ الْقَصْدُ بِنَسْخِ جَمِيعِ التَّكَالِيفِ فَلَا نِزَاعَ فِي الْمَعْنَى اه. ومنعت المعتزلة نسخ وجوب معرفة الله لانها عندهم حسنة لذاتها لا تتغير بتغيير الزمان فلا يقبل حكمها النسخ واجيب بابطال الحسن الذاتى والاجماع على عدم وقوع ماذكر من نسخ جميع التكاليف ووجوب المعرفة وعبر ناظم السعود عن ذا الاجماع بالاتفاق فى قوله: وكل حكم قابل له وفي .... نفي الوقوع الاتفاق قد قُفي فجملة قد قفى خبر الاتفاق أي اجماع مقفوا أي متبع واشار الناظم الى ماذكره المصنف بقوله: وكلُّ شَرْعِي يقْبَلُهُ ومَنَعَ الغَزَالِي ... كلَّ التَّكاليفِ وذُو اعْتِزَالِ معرفةَ اللهِ وكلٌّ أجْمَعَا ... بأنَّه ُفي ذَا وذِي مَا وقَعَا (وَالْمُخْتَارُ أَنَّ النَّاسِخَ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 47 قَبْلَ تَبْلِيغِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْأُمَّةَ لَا يَثْبُتُ فِي حَقِّهِمْ وَقِيلَ يَثْبُتُ بِمَعْنَى الِاسْتِقْرَارِ فِي الذِّمَّةِ لَا الِامْتِثَالِ) قال شارح السعود هذه المسالة فرضها بعضهم كالسبكى فى ورود الناسخ قبل تبليغه صلى الله عليه وسلم الامة وفرضها عياض فى اول الوكالة من التنبيهات فيما هو اعم من النسخ واياه تبعت فى النظم أي وهو قوله: هل يستقل الحكم بالورود .... أو ببلوغه إلى الموجود أي اختلفوا هل يستقل الحكم فى حق المكلفين بنفس وروده أي تبليغ جبريل النبىء اياه صلى الله عليه وسلم وقبل بلوغه الامة قيل لا يثبت الحكم فى حق المكلفين حتى يبلغهم من النبيء صلى الله عليه وسلم لعدم علمهم به وهو الذي اختاره المصنف وابن الحاجب وقيل يثبت بمعنى انه يستقر فى الذمة لا بمعنى طلب الامتثال كما فى النائم وقت الصلاة بانها مستقرة فى ذمته مع انه غير مخاطب بها فالثبوت حينئذ فى حق المكلف لا بمعنى ترتب الاثم بالترك او وجوب القضاء فلذا قال الناظم: وقَبْلَ تبْليغِ النَّبِيِّ المُترْتَضَى ... منْعُ ثُبوتِِه بإثمٍ أو قَضَا قال الجلال المحلى وَبَعْدَ التَّبْلِيغِ يَثْبُتُ فِي حَقِّ مَنْ بَلَغَهُ وَمَنْ لَمْ يَبْلُغْهُ مِمَّنْ تَمَكَّنَ مِنْ عِلْمِهِ فَإِنْ لَمْ يَتَمَكَّنْ فَعَلَى الْخِلَافِ اه. قال شارح السعود بانيا على الخلاف المذكور فى هذه المسئلة اعنى مسالة المصنف عزل الوكيل او الخطيب هل يكون بنفس موت الموكل او المولى وبمجرد العزل اذا حصل احدهما بناء على ان الحكم يثبت بنفس الورود قبل البلوغ او لا يثبت العزل بمجرد ماذكر بل حتى يبلغهما العزل فيه خلاف فائدته هل يمضى تصرف الوكيل قبل علمه بالعزل او يرد قال خليل وانعزل بموت موكله ان علم والافتا ويلان وفى عزله بعزله ولم يعلم خلاف قال وينبنى على الخلاف ايضا هل يقضى الجاهل بالشرائع لكونه اسلم بدار الكفر او نشاء على شاهق جبل ما فاته من الفرائض من صلاة ونحوها اولا فلذا قال فى نظمه فالعزل بالموت او العزل عرض. كذا قضاء جاهل للمفترض قال واما من يمكنه علم الشرائع فقضاؤها أي الفرائض واجب عليه وان لم تبلغه (أَمَّا الزِّيَادَةُ عَلَى النَّصِّ فليست بنسخ خلافا للحنفية ومثارها هل رفعت والى الماخذ عود الاقوال المصلة والفروع المبنية وكذا الخلاف فى جزء العبادة او شرطها) أي اختلف فى الزيادة على النص اذا كانت من جنس المزيد عليه كَزِيَادَةِ رَكْعَةٍ أَوْ رُكُوعٍ أَوْ صِفَةٍ فِي رَقَبَةِ الْكَفَّارَةِ كَالْإِيمَانِ فقيل انهاَلَيْسَتْ بِنَسْخٍ لِلْمَزِيدِ عَلَيْهِ وقال الحنفية انها نسخ والمحل الذي ثار منه الخلاف هو ان يقال هل رفعت الزيادة حكما شرعيا فعند مالك واكثر اصحابه والشافعية والحنابلة ليست بنسخ لعدم منافاة الزيادة ومالا ينافى لايكون ناسخا أي رافعا للحكم الشرعى وعند الحنفية نعم لقولهم ان تلك الزيادة نسخ حيث ان الامر بما دونها اقتضى تركها فهى رافعة لذلك المقتضى قال شارح السعود واجاب الجمهور بعدم تسليم اقتضائه تركها والمقتضى الترك غيره أي غير النسخ كالبراءة الاصلية فعند الجمهور غير رافعة ابدا لحكم شرعى وعند الحنفية رافعة ابدا له وعند بعضهم ترفعه تارة وتارة لا اه. والى المسئلة اشار فى نظمه بقوله: وليس نسخاً كلّ ما أفادا .... فيما رسا بالنص الازديادا كل اسم ليس ونسخا خبرها والازدياد مفعول افاد والى الماخذ المتقدم فى قول المصنف ومثاره هل رفعت ترجح الاقوال المشتملة على التفصيل والفروع التى بينها العلماء حاكمين ان الزيادة فيها نسخ اولا قال الجزء: 2 ¦ الصفحة: 48 الجلال المحلى: ومِنْ الْأَقْوَالِ الْمُفَصَّلَةِ أَنَّ الزِّيَادَةَ إنْ غَيَّرَتْ الْمَزِيدَ عَلَيْهِ بِحَيْثُ لَوْ اقْتَصَرَ عَلَيْهِ وَجَبَ اسْتِئْنَافُهُ كَزِيَادَةِ رَكْعَةٍ فِي الْمَغْرِبِ فَهِيَ نَسْخٌ، وَإِلَّا كَزِيَادَةِ التَّغْرِيبِ فِي حَدِّ الزِّنَا فلا اه. وقول المصنف وكذا الخلاف الخ أي ان الخلاف الذي فى الزيادة يجري فى نقص جزء العبادة او شرطها كنقص ركعة او نقص الوضوء هل هو نسخ لها قال الشيخ حلولو حكى الغزالى فى المسالة ثلاثة اقوال ففرق فى الثالث بين نقص الشرط وبين نقص الجزء فالاول ليس بنسخ بخلاف الثانى اه. واما عندنا معاشر المالكية فالمنتقى والمختار ان الناقص نسخ دون الباقى لان الساقط هو الذي قال شارح وهذا مذهب المالكية والجمهور فلذا قال فى نظمه: والنقص للجزء وللشرط انتُقي .... نسخهُ للساقط لا للذْ بقي واشار الناظم الى جميع ما اشار اليه المصنف بقوله: وأنَّ نقْصَ النَّصِّ في العِبَادَهْ ... جُزْءًا وشَرْطًا وكَذَا الزِّيَادَهْ ليسَ بنَسْخٍ والَمثَارُ رفعتْ ... وارجعْ لهُ ما فصلتْ أو فُرِّعَتْ والله اعلم خاتمة (يَتَعَيَّنُ النَّاسِخُ لِلشَّيْء بتاخره وطريق العلم بتاخره الاجماع او قوله صلى الله عليه وسلم هذا ناسخ او بعد ذلك او كنت نهيتكم عن كذا فافعلوه او النص على خلاف الاول او قول الراوي هذا سابق) قال الشيخ حلولو هذه خاتمة للنسخ لا للكتاب وسميت خاتمة له لتعلقها بسائر انواع النسخ اه. أي يتعين الناسخ للشيئ بتاخره عنه فلذا قال الناظم: النَّاسِخُ الآخِرُ لا نزَاعُ ... وطُرُقُ العِلْمِ بِهِ الإجْمَاعُ وطريق العلم بتاخره الاجماع بان يجمعوا على انه متاخر لما قام عندهم على تاخره ومثله ابن السمعانى بنسخ وجوب الزكاة غيرها من الحقوق المالية او قوله صلى الله عليه وسلم هذا ناسخ لذاك او هذا بعد ذاك او كنت نهيت عن كذا فافعلوه كحديث مسلم {كُنْتُ نَهَيْتُكُمْ عَنْ زِيَارَةِ الْقُبُورِ فَزُورُوهَا} ففى الجميع علم الناسخ للعلم بالوقتين والمتاخر منهما الناسخ فلذا قال العلامة ابن عاصم: ويعرف التاخير بالنص على.. ذاك وبالوقتين علما حصلا قال شارح السعود وكذا يحصل العلم بتاخره بنص االشارع على نسخه نصا صريحا ولو كان بدلالة التضمن والالتزام مثال الاول ان يقول هذا ناسخ لذاك ومثال النص عليه التزاما قوله صلى الله عليه وسلم {كُنْتُ نَهَيْتُكُمْ عَنْ زِيَارَةِ الْقُبُورِ فَزُورُوهَا} اه. فلذا قال فى نظمه: الاجماع والنص على النسخ ولو .... تضمنا كُلاّ معرِّفا رأوا أي ماذكر من الاجماع والنص رواه كله معرفا للناسخ وكذا يحصل النسخ فى الشيئ بان يذكر على خلاف ما ذكر فيه اولا ليصح النسخ كان يقال فى شيئ انه مباح ثم يقال فيه انه حرام فبثبوت ضدالشيء او نقيضه يعرف النسخ فلذا قال العلامة ابن عاصم: ويعرف النسخ من النص على .... ثبوت ضد او نقيض حصلا وكذا يعرف بقول الراوي هذا سابق على ذاك وفى معناه لو رتب بثم كما فى صحيح مسلم عن على كرم الله وجهه قام النبىء صلى الله عليه وسلم فى الجنازة ثم قعد وقول جابر رضى الله عنه كان آخر الامرين من فعله صلى الله عليه ترك الوضوء مما مست النار قاله فى شرح السعود وقال فيه ايضا ان النسخ يعرف عندهم بامتناع الجمع بين الدليلين مع العلم بالمتاخر منهما فالمتاخر ناسخ قال ومما يعلم به المتاخر ذكرهم الشيء بنحو هذا مكى الجزء: 2 ¦ الصفحة: 49 وهذا مدنى وهذ قبل الهجرة وهذا بعدها فلذا قال فى نظمه: كذاك يعرف لدى المُحرِّر ..... بالمنع للجمع مع التأخر كقول راو سابقٌ والمحكي ..... بما يُضاهي المدني والمكي واشار الناظم الى ماذكره المصنف بقوله: وطُرُقُ العِلْمِ بِهِ الإجْمَاعُ. أو قوْلُ خيْرِ الخَلْقِ هذَا بعدَ ذَا ... أو ناسخٌ أو كنتُ أنهَي عنْ كَذَا أوْ نصُّهُ علَى خلافِ الأوَّلِ ... أو قولِ راوٍ سابقٍ هذَا يَلِي (ولا اثر لموافقة احد النصين للاصل وثبوت احد الايتين بعد الاخري فى المصحف وتاخر اسلام الراوي وقوله هذا ناسخ لا الناسخ خلافا لزاعميها) لما فرغ من الكلام على ماهو معتبر فى النسخ شرع فى الكلام على ماهو ملغى فيه منها قال الشيخ حلولو واما الطرق الملغاة فمنها كون احد النصين مو افقا للاصل أي البراءة الاصلية أي فى ان يكون احد النصين متاخرا عن المخالف فلذا قال الناظم عاطفا على مالانسخ به: ووفقه البراء الاصلية قال الجلال المحلى: خِلَافًا لِمَنْ زَعَمَهُ نَظَرًا إلَى أَنَّ الاصل مخالفة الشرع لها فيكون المخالف هو السابق على الموافق قلنا لايلزم ذلك لجواز العكس اه. وامرالناظم ايضا بترك التاثير فى التاخير بموافقة واحد من النصين للاصل أي براءة الذمة حيث قال: والتاثير دع ... بوفق واحد للاصل تتبع وكذلك لا اثر للتاخير فى ثبوت احدي الايتيين فى المصحف بعد الاخري فلذا قال ناظم السعود معيدا الضمير على ماتقدم له ممالا اثر له: ومثله تاخر فى المصحف. خلافا لمن زعمه وكذا تاخراسلام الراوي لا اثر له فى تاخر مرويه عما رواه متقدم الاسلام عليه فلذا قال الناظم عاطفاعلى مالا ينسخ به. والتّالِ في الإسلام والرسميَّه ... أي الكتابة فى المصحف وقال شارح السعود ان يكون احد الروايين متاخر الاسلام لايؤثر فى المتاخر فلا يكون حديثه متاخرا عن حديث متقدم الاسلام حتى لاينسخه اذ لا يلزم من تاخر اسلامه تاخر مرويه قال فى نظمه وكو ن راويه الصحابى يقتفى. قال أي الشارح يقتفى غيره ويتبعه فى الاسلام وكذا قول الراوي هذا ناسخ لا اثر لقوله فى ثبوت النسخ به فلذا قال الناظم: لا فِي الأصَحِّ قولُه ذا ناسِخُ خِلَافًا لِمَنْ زَعَمَهُ نَظَرًا إلَى أَنَّهُ بعَدَالَتِهِ لَا يَقُولُ ذَلِكَ إلَّا إذَا ثَبَتَ عِنْدَهُ واجيب بان ثُبُوتُهُ عِنْدَهُ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ بِاجْتِهَادٍ لَا يُوَافَقُ عَلَيْه واما قَوْلُ الرَّاوِيِّ هَذَا النَّاسِخُ لِمَا عُلِمَ أَنَّهُ مَنْسُوخٌ وَلَمْ يَعْلَمْ نَاسِخُهُ فَإِنَّ لَهُ أَثَرًا فِي تَعْيِينِ النَّاسِخ فيبت به النسخ فلذا عطفه الناظم على ما يثبت به النسخ قائلا: وقال للمنسوخ هذا الناسخ. كما عطفه ايضا فى السعود على ما هو ناسخ بقوله وقوله الناسخ. وقول المصنف خلافا لزاعميها أي زاعمى الاثار فى النسخ وهذا فيما عدا الاخير واما هو فانه ناسخ كما قررناه والله اعلم الكتاب الثانى فى السنة لما فرغ المصنف رحمه الله تعالى من الكلام على مباحث الاقوال التى تشارك السنة فيها الكتاب من الامر والنهى وغيرهما شرع فى الكلام على ما بقى من مباحث احكام السنة والسنة لغة الطريقة وتطلق شرعا على المشروع من واجب ومندوب ومباح وعند الشافعية على ما كان نفلا منقولا عنه صلى الله عليه وسلم وعندا لمالكية على ما امر به صلى الله عليه وسلم الجزء: 2 ¦ الصفحة: 50 وواظب عليه واظهره ولم يوجبه وفى اصطلاح الاصوليين على ما عرفهابه المصنف بقوله (وَهِيَ أَقْوَالُ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَفْعَالُه) زاد الجلال السيوطى وتقريره قال ولم يصرح به فى جمع الجوامع لشمول الفعل له اذ هو كف عن الفعل والكف فعل على المختار وزادا الزركشى وهمه وتبعته فى النظم أي وهو قوله: قَوْلُ النَّبِيِّ وَالْفِعْلُ وُالتَّقْرِيْرُ ... سُنَّتُهُ وَهَمُّهُ الْمَذْكُوْرُ قال لاحتجاج الشافعى فى الجديد على استحباب تنكيس الداء فى الاستقاء بانه صلى الله عليه هم بذلك فتركه لثقل الخميصة عليه وكذلك همه بمعاقبة المتخالفين عن الجماعة استدل به على وجوبها اه. وافاد العلامة ابن عاصم ان السنة محصورة فى اقواله صلى الله عليه وسلم وافعاله وفى اقراره وان قوله يحتج به فى المعانى كما يحتج بالقران حيث قال فصل وحصر سنة المختار ... فى القول والفعل وفى الاقرار قول رسول الله كالقران ... لمن به يحتج فى المعانى وتعرض شارح السعود لتعريفها ذاكرا ان السنة هى ما يضاف الى النبىء صلى الله عليه وسلم من صفة ككونه ليس بالطويل ولا بالقصير ومن قول وفعل وان تقريره صلى الله عليه وسلم داخل فى الافعال دخول انحصار بحيث لا يخرج شيء منه عنها وان الحديث والخبر كالسنة فى كون كل منهما هو المضاف اليه صلى الله عليه وسلم من صفة او قول وفعل حيث قال: وهي ما انضاف إلى الرسول ..... من صفة كليس بالطويل والقول والفعل وفي الفعل انحصر .... تقريره كذي الحديثُ والخبر (الْأَنْبِيَاءُ عَلَيْهِمْ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ مَعْصُومُونَ لَا يَصْدُرُ عَنْهُمْ ذَنْبٌ وَلَوْ سَهْوًا وِفَاقًا لِلْأُسْتَاذ والشهرستانى وعِيَاضٌ وَالشَّيْخُ الْإِمَامُ) لما كانت حجية السنة تتوقف على عصمة النبىء صلى الله عليه وسلم بدا بها ذاكرا جميع الانبياء لزيادة الفائدة قائلا ان الانبياء عليهم الصلاة والسلام معصومون لا يصدر عنهم ذنب اصلا لا كبيرة ولا صغيرة لا عمدا ولا سهوا وفاقا للاستاذابى اسحاق الاسفرائينى وابى الفتح الشهرستانى والقاضى عياض والشيخ الامام والد المصنف لكرامتهم على الله تعالى من ان يصدر عنهم ذنب فلذا قال ناظم السعود: والأنبياء عصموا مما نهوا .... عنه وقال الناظم اَلْأَنْبِيَاءُ كُلُّهُمْ ذُوْ عِصْمَةِ ... فَلَمْ يَقَعْ مِنْهُمْ ولَوْ بِالْغَفْلَةِ ذَنْبٌ ولَوْصَغِيْرَة فِي اْلأَظْهَرِ ... ومن المتفرع على عصمة المصطفى صلى الله عليه وسلم انه لا يقر احدا على باطل كما قال المصنف (فَإِذَنْ لَا يُقِرُّ مُحَمَّدٌ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَحَدًا عَلَى بَاطِل) وكما قال الناظم: فَلاَ يُقِرُّ الْمُصْطَفي مِنْ مُنْكَر (وَسُكُوتُهُ وَلَوْ غَيْرَ مُسْتَبْشِرٍ عَلَى الْفِعْلِ مُطْلَقًا وَقِيلَ إلَّا فِعْلَ مَنْ يُغْرِيهِ الْإِنْكَار وَقِيلَ إلَّا الْكَافِرَ ولو منافقا وَقِيلَ إلَّا الْكَافِرَ غَيْرَ الْمُنَافِقِ دَلِيلُ الْجَوَازِ لِلْفَاعِلِ وكذا لغيره خلافا للقاضى) أي وسكوت النبئ صلى الله عليه وسلم ولو غير مسرور عن الانكار على الفاعل مطلقا سواء كان الفعل من مسلم او غيره كان ذلك الفعل ممن يغريه الانكار ام لا وقيل الافعل من يغريه الانكار بناء على سقوط الانكار على من يغريه الانكار عن النبىء صلى الله عليه وسلم وهو ضعيف وقيل الا فى حق الكافر بناء على انه غير مكلف بالفروع ولو كان منافقا لانه كافر فى الباطن وقيل الافى حق الكافر غير المنافق لان المنافق تجري عليه احكام المسلمين فى الظاهر دليل الجواز للفاعل لان سكوته صلى الله عليه وسلم تقرير له فلذا قال ناظم السعود: فالصمت للنبيِّ عن فعل عَلِم .... به جوازُ الفعل منه قد فُهم وكذلك يعم غير الفاعل خلافا الجزء: 2 ¦ الصفحة: 51 للقاضى ابى بكر الباقلانى فى قوله ان السكوت ليس بخطاب حتى يعم واجيب بانه كالخطاب فيعم واشار الناظم الى ما اشار اليه المصنف بقوله: والصمت عن فعل ولو ما استبشرا ... وقيل لا ممن بالانكار اجترا وقيل لا من كافر وذي نفاق ... وقيل لا الكافر غير ذي النفاق دل علي الجواز للفاعل مع ... سواه والقاضي لغيره منع وزاد فى النظم ان ذا التقرير منه صلى الله عليه وسلم يدل على الاباحة لا الندب والحتم وحكى الخلاف فيما فعل فى عصره ولم يعلم هل اطلع عليه ام لا حيث قال: قلت علي الأول قد دل علي ... إباحة لا ندبا أو حتما جلا وإن يكن في عصره وما علم ... . منه اطلاع فيه خلف منتظم وافاد العلامة ابن عاصم التفصيل وهوانه كان فى العادة مما يخفى عليه فلا حجة فيه وان كان مما لا يخفى عليه فهو مساو لما اقره فى حضرته حيث قال: وكل مافى عصره قد فعلا ... من غير ان ينكره قد فصلا ان كان فى العادة مما يخفى ... عليه لا حجة فيه يلفى وان يكن ليس له خفاء ... فذا وما اقره سواء (وفعله غَيْرُ مُجَرَّمٍ لِلْعِصْمَةِ وَغَيْرُ مَكْرُوهٍ لِلنُّدْرَة وماكان جبليا او بيانا او مخصصا به فواضح وفيما تردد بين الجبلى والشرعى كالحج راكبا تردد) أي الفعل الصادر منه صلى الله عليه وسلم محرم لاجل انه معصوم كما تقدم فلا يصدر منه فعل المحرم ولا يصدر عنه المكروه لندرة وقوعه من التقى من امته فكيف منه وخلاف الاولى مثل المكروه او مندرج فيه قال الناظم: وغير حظر فعله للعصمة ... . وغير ذي كراهة للندرة وذكر شارح السعود ان الانبياء عليهم الصلاة والسلام لا يفعلون جائزا للتفكه أي التلذذ والميل الى الدنيا بل انما يفعلونه تشريعا لاممهم او يفعلونه بنية الزلفى أي القرب من الرفيع جل وعلا كالاكل والشرب بنية التقوي على العبادة واذا كان الاولياء الكمل لايفعلون مباحا الا بنية تجعله قربة ولذلك كان الشاذ لى يقول اؤدي وردي من النوم فالانبياء اولى واحري بذلك فلذا قال فى نظمه: ولم يكن لهم تفكه بجائز بل ذاك للتشريع ..... أو نية الزلفى من الرفيع واما ما كان من افعاله صلى الله عليه وسلم جبليا محضا من العادات كالقيام والقعود والاكل والشرب او بيانا قال الجلال المحلى: كقطع السارق من الكوع بيانا لِمَحَلِّ الْقَطْعِ فِي آيَةِ السَّرِقَةِ. او مخصصا به كزيادته فى النكاح على اربع نسوة فواضح ان البيان دليل فى حقنا وماكان مخصصا به فلسنا متعبدين به وقال ناظم السعود فى الجلي: وفعله المركوز في الجبلَّه .... كالأكل والشرب فليس ملَّه وقال الناظم ما قاله المصنف: فإن يكن عاديا او يختص به ... . أو لبيان مجمل لا يشتبه وافاد العلامة ابن عاصم انه يحسن لنا اتباعه صلى الله عليه وسلم فيما فعله من العادات كيفية وصفة وزمنا حيث قال وفعله ان كان فى العادات .... دل على الجواز والثبات ويحسن اتباعه فيه لنا .... كيفية وصفة او زمنا واما ما تردد من فعله صلى الله عليه وسلم بين الجبلى والشرعى بان كانت الجبلة تقتضيه فى نفسها لكنه وقع متعلقا بعبادة بان وقع فيها اوفى وسيلتها كالركوب فى الحج والضجعة بين صلاة الفجر وصلاة الصبح على شقه الايمن كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يضجعها ففيه تردد قيل يلحق بالشرعى لان النبىء صلى الله عليه وسلم بعث لبيان الشرعيات وقيل بالجبلى لان الاصل عدم التشريع فلذا قال الناظم: وما لعادي وشرع يرد الجزء: 2 ¦ الصفحة: 52 .. . كالحج راكبا به تردد وقال ناظم السعود: والذي احتمل .... شرعا ففيه قل تردد حصل فالحج راكبا عليه يجري .... كضِجعة بعد صلاة الفجر وما سواه ان علمت صفته فامته مثله فى الاصح وتعلم بنص وتسوية بمعلوم الجهةوَوُقُوعِهِ بَيَانًا أَوْ امْتِثَالًا لَدَالٍّ عَلَى وُجُوبٍ أَوْ نَدْبٍ أَوْ إبَاحَةٍ) أي وما سوي ما ذكر فى فعله من الجبلى والبيان والمخصص والمترددان علمت سنته من ندب او وجوب او اباحة فامته مثله فى ذلك فى الاصح عبادة كان اولا فلذا قال الناظم: وما سواه إن تبدت صفته ... . فمثله علي الأصح أمته وقيل مثله فى العبادة فقط وقيل لا مطلقا بل يكون كمجهول الصفة والاستواء الذي ذكره المصنف من غير تخصيص هو القوي فلذا قال ناظم السعود: وغيره وحكمه جلي .... فالاستوا فيه هو القوي من غير تخصيص. وذكر العلامة ابن عاصم انه اذا دل دليل على اختصاص الرسول به يكون مختصا به والا فمثله الامة حيث قال: والحكم فى حق الرسول ان ثبت ... فمثبت لا امة له انتمت الا اذا ما دلنا الدليل ... بانه اخص به الرسول وتعلم صفته فعله صلى الله عليه وسلم بنص عليها كقوله هذا واجب مثلا وتسوية بمعلوم الجهة أي الصفة وهى الوجوب او الندب او الاباحة كقوله هذا الفعل مساو لكذا فى حكمه المعلوم فلذا قال الناظم: وعلمت بنص أو تسويتة ... . بآخر إذ لا خفا في جهته وبوقوعه بيانا او امتثالا لدال على وجوب او ندب او اباحة فيكون حكمه حكم المبين او الممثل صورة البيان ان لا تعلم صفة المامورية فيفعله فتعلم صفته كقطعه السارق من الكوع لمحل القطع وصورة الامتثال ان يكون المامور به معلوما فياتى به لامتثال الامر به كما لو تصدق بدرهم امتثالا لايجاب التصدق به فعلم وجوبه من وقوعه امتثالا فلذا قال السعود وبالنص يُرى ... وبالبيان وامتثالٍ ظاهرا. وكما قال الناظم: وبوقوعه بيانا وامتثال ... . لما علي الوجوب أو سواه دال ووضحه العلامة ابن عاصم بقوله: ففعله لغيره مبينا ... الحكم فيه حكم ما قد بينا وفعله ممتثلا لامر ... الحكم فيه ذاك الامر (وَيَخُصُّ الْوُجُوبَ أَمَارَاتُهُ كَالصَّلَاةِ بِالْأَذَانِ وكونه ممنوعا لولم يجب كالختان والحد والندب مجرد قصد القربة وهو كثير) أي ويميز الوجوب عن غيره اماراته كالصلاة بالاذان لان الصلاة المصحوبة به ثبت باستقراء الشريعة انها واجبة بخلاف مالا يؤذن لها فانها لا يحكم به لها كصلاة العيد والاستقاء ويعرف الوجوب بعلامة ايضا هى القضاء الاالفجر قال الشيخ سيدي خليل ولا يقضى غير فرض الا هى فللزوال فلذا قال ناظم السعود: وللوجوب عَلَمُ النداء ..... كذاك قد وسم بالقضاء ومن الامارات التى يستدل بها على وجوب الفعل ايضا ان يكون ممنوعا منه لو لم يحكم بوجوبه ولم يعارضه شيئ اخر كالختان والحد لان كلا منهما عقوبة قال الجلال المحلى: وَقَدْ يَتَخَلَّفُ الْوُجُوبُ عَنْ هَذِهِ الْأَمَارَةِ لِدَلِيلٍ كَمَا فِي سُجُودِ السَّهْوِ وَسُجُودِ التِّلَاوَةِ فِي الصَّلَاة اه. وقال شارح السعود ان الشيء اذا كان ذلك الترك فيه تعزير أي عقوبة للتارك مما يدل على وجوب فعل ذلك الشيء قال لاستقراء اهل البصرة والخبرة احواله صلى الله عليه وسلم فلم يروه يعزر الا على ترك واجب لان تركه معصية قال خليل وعزر الامام لمعصية الله والمعصية هى فعل الحرام او تركه الواجب اه. فلذا قال فى نظمه: والترك إن جلب للتعزير .... وسمٌ للاستقرا من البصير وتعرض الناظم لهذين الامرين الجزء: 2 ¦ الصفحة: 53 اللذين اختص بهما الوجوب عند المصنف بقوله وخص حتما رسمه كالنذر ... . وكونه لو لم يجب ذا حظر كقرنه الصلاة باالأذان ... . والثان مثل الحد والختان ويميز الندب عن غيره مجرد قصد القربة بالفعل بان تدل قرينة على قصد القربة بذلك الفعل مجردا عن قيد الوجوب بان لم يكن دليل وجوب والفعل لمجرد قصدها كثير من صلاة وصوم وقراءة وذكر ونحو ذلك من التطوعات فلذا قال ناظم السعود: وما تمحض لقصد القُرْب ..... عن قيد الايجابِ فَسِيمىَ النَّدْبِ وزاد الجلال السيوطى ان يكون كونه قضاء لفعل مندوب قال لان القضاء يحكى الاداء فلذا قال فى النظم: والندب قصد القربة المجرد ... . وكونه قضاء ندب يعهد (وَإِنْ جُهِلَتْ فَلِلْوُجُوبِ وقيل للندب وقيل للاباحة وقيل بالوقف فى الكل وفى الاوليين مطلقا وفيهما ان ظهر قصد القربة) اذا جهلت صفة الفعل بالنسبة اليه صلى الله عليه وسلم والى الامة فقيل يحمل على الوجوب فى حقه وفى حقنا الاانه الاحوط اذ لايخرج عن العهدة الا بالاتيان به بخلاف ما اذا حمل على الندب او الاباحة فقد لا يفعل ويكون فى نفس الامر واجبا فيفوت الاحوط فلذا قال ناظم السعود: وكلّ ما الصفة فيه تجهل .... فللوجوب في الأصح يُجعل وقيل يحمل على الندب لانه المتحقق بعد الطلب فلذا قال العلامة ابن عاصم: وفعله مبتدا دون سبب ... قيل على الندب وقيل بل وجب وقيل يحمل على الاباحة لان الاصل عدم الطلب وقيل بالوقف فى الكل لتعارض او جهه وقيل بالوقف فى الاولين فقط مطلقا ظهر قصد القربة ام لا لانهما الغالب من فعله صلى الله عليه وسلم وقيل بالوقف فيهما فقط ان ظهر قصد القربة والا فالاباحة وحكى الناظم هذه الاقوال فى قوله: أو جهلت فللوجوب وخذ ... . للندب والتخيير والوقف بذي وفي سوي التخيير مطلقا وفي ... . ذين متي ما قصد قربة يفي وبعد ان ذكر ناظم السعود ان الاصح هو الوجوب كما تقدم له افاد فى الشرح ان الباجى قال ان فعله صلى الله عليه وسلم الذي جهلت صفته يحمل على الوجوب ان ظهر قصد القربة وان لم يظهر فهو للاباحة حيث قال: وقيل مع قصد التقرب وإن ..... فُقد فهو بالإباحة قمن وافاد ان امام الحرمين والامدي رويا عن امامنا مالك رحمه الله تعالى ان مجهول الصفة يحمل على الاباحة وان البصير بعزو الاقوال الى اهلها نمى ونسب التوقف عن القول بواحد من الاقوال المتقدمة الى القاضى ابى بكر الباقلانى منا حيث قال: وقد رُوي عن مالكِ الأخيرُ ... والوقفَ للقاضي نمى البصير وذلك الوقف عن بعض الشافعية ايضا كما حكاه الناظم آنفا تبعالاصله والله اعلم (إذَا تَعَارَضَ الْقَوْلُ وَالْفِعْل وَدَلَّ دَلِيلٌ عَلَى تَكَرُّرِ مُقْتَضَى الْقَوْلِ فَإِنْ كَانَ فان كان خاصا به فالمتاخر ناسخ فان جهل فثالثها الاصح الوقف وان كان خاصا بنا فلا معارضة فيه وفى الامة المتاخر ناسخ ان دل دليل على التاسى فان جهل التاريخ فثالثها الاصح انه يعمل بالقول وان كان عامالنا وله فتقدم الفعل او القول له وللامة كما مر الاان يكون الْعَامُّ ظَاهِرًا فِيهِ فالفعل تخصيص) التعارض بين الشيئين هو تقابلهما على وجه يمنع كل واحد منهما مقتضى الاخر او بعض مقتضاه فاذا تعارض القول والفعل ودل دليل على تكرر مقتضى القول فان كان القول خاصا به صلى الله عليه وسلم كان قال يجب على صوم عاشوراء فى كل سنة وافطر فى سنة بعد القول اوقبله فالمتاخر من القول والفعل ناسخ للمتقدم منهما فى حقه فلذا الجزء: 2 ¦ الصفحة: 54 قال الناظم: إن يتعارض قوله والفعل ... . ومقتضي القول له يدل بأن فيه يجب التكرير ... . وصخه فالناسخ الأخير وهوما افاده ناظم السعود بقوله: والناسخ الأخير إن تقابلا .... فعل وقول متكرراً جلا فان جهل المتاخر من القول والفعل فمنهم من يرجح القول لانه اقوي دلالة من الفعل لوضعه لها والفعل انما يدل بقرينة وقيل يرجح الفعل لانه اقوي فى البيان انه يبين به القول وقيل بالوقف عن ترجيح واحدمنهما على الاخر فى حقه لاستوائهما فى احتمال كل منهما على الاخر واشار الى ذا الخلاف ناظم السعود بقوله: والرأي عند جهله ذو خلف ... بين مرجح ورأي الوقف واشار العلامة ابن عاصم الى ذا وذاك بقوله: وان يعارض قوله ما فعلا ... فالخلف فى الترجيح عنهم نقلا وذا اذا ما جهل التاريخ ... واول مع علمه منسوخ وافاد الناظم كالمصنف ان الاصح هو الوقف عند الجهل بقوله: إن جهل التاريخ فيه خلف ... . ثالثها وهو الأصح الوقف والمصنف رحمه الله تعالى ترك الكلام على تعارض الفعلين وتعرض له شارح السعود مفيدا انه لا تعارض بين الفعل والفعل فى كل حالة من الحالات أي تماثل الفعلان او اختلفا امكن الجمع بينهما او لا اذ الفعل لا يقع فى الخارج الا شخصيا لا كذبا حتى ينافى فعلا آخر فجائز ان يقع الفعل واجبا فى وقت وفى وقت آخر بخلافه فلذا قال فى نظمه: ولم يكن تعارض الأفعال ... في كل حالة من الأحوال ومحل ذا اذا لم يقترن بالفعلين قول يدل على ثبوت الحكم والا كان آخر الفعلين رافعا للاول أي ناسخا له حسبما افاده بقوله: وإن يّكُ القول بحكم لامعا .... فآخر الفعلين كان رافعا قال فى الشرح كقوله صلى الله عليه وسلم صلوا كما رأيتمونى اصلى ورواه صلى صلاة الخوف على صفات متعددة وهى سبعة فالحالة الاخيرة ناسخة لما قبله وذكر قولا ثانيا فى المسئلة وهو انه يصح ايقاع الصلوة على كل وجه من تلك الوجوه وهو عند بعضهم الذي هوالقاضى وللشافعى ميل اليه قال وعليه يجوز ان تصلى صلاة الخوف على كل من تلك الصفات السبع وافاد مالكا يطلب الترجيح بين تلك الافعال فيقدم ما هو اقرب لهيئة الصلاة فلذا قال: والكل عند بعضهم صحيحُ .... ومالك عنه رُوِي الترجيحُ نعم اذا عدم المصير الى الترجيح بان لم يوجد مرجح لاحد الفعلين على الاخر فالاولى والافضل هو التخيير بين الفعلين ففعل احدهما خيرمن التعطيل والغاء العمل بواحد منهما حيث قال: وحيثما قد عُدم المصير .... إليه فالأولى هو التخيير واما وَإِنْ كَانَ القول خاصا بنا كان قال يَجِبُ عَلَيْكُمْ صَوْمُ عَاشُورَاء إلَى آخِرِ مَا تَقَدَّم من قوله فى كل سنة بعد القول او قبله فلا معارضة فيه فى حقه صلى الله عليه وسلم بين القول والفعل لعدم تناول القول له وفى حق الامة المتاخر منهما بان علم ناسخ للمتقدم ان دل دليل على التاسى به فى الفعل وان جهل التاريخ فقيل يعمل بالفعل وقيل بالوقف والاصح الثالث وهو انه يعمل بالقول فلذا قال الناظم: أو خصنا ففيه لا تعارضا ... . ثم الأخير ناسخ لما مضي في حقنا حيث دليل جا علي ... . الاقتدا وإن اخير جهلا ثالثها الأصح بالقول (1) عمل ... وقال ناظم السعود ايضا والقول إن خص بنا تعارضا ... فينا فقط والناسخ الذي مضى إن بالتأسي أذن الدليل .... والجهل فيه ذلك التفصيل واما ان كان القول عاما لنا وله كان قال يجب على وعليكم صوم عاشوراء الى آخر ما تقدم فتقدم الجزء: 2 ¦ الصفحة: 55 فتقدم الفعل او القول وللامة كما مر من المتاخر من القول والفعل بان علم متقدم على الاخر بان ينسخه فى حقه صلى الله عليه وسلم وكذا فى حقنا ان دل دليل على تاسينا به فى الفعل والا فلا تعارض فى حقنا وان جهل المتاخر فالاقوال اصحهافى حقه الوقف وفى حقنا تقدم القول فلذا قال الناظم: . وإن يكن لنا وللهادي شمل فالآخر الناسخ إن لم يعرف ... . صحح لنا القول وللهادي قف واحال ناظم السعود حكم ذي المسالة على نحو ما ابداه مما تقدم له قبل من نسخ المتاخر للمتقدم اذا علم ومن الخلاف عند جهله فى حقنا حيث قال: وإن يعمَّ غيرَه والاقتدا .... به له نص فما قبل بدا والاقتد به لو نص جملة متعرضة وفما قبل بدا جواب الشرط نعم اذا كان القول العام ظاهرا فيه صلى الله عليه وسلم لا نصا كان قال يجب على كل واحد صوم عاشواراء الى آخر ما تقدم فالفعل حينئذ تخصيص للقول فى حقه تقدم عليه اوتاخر عنه او جهل ذلك ولانسخ حينئذ لان التخصيص اهون منه لما فيه من اعمال الدليلين فلذا قال الناظم: فإن يكن شموله لا نصا ... . بل ظاهر فالفعل منه خصا كما قال ناظم السعود: في حقه القول بفعل خُصَّا .... إن يك فيه القول ليس نصَّا الكلام فى الاخبار (الكلام فى الاخبار بفتح الهمزة قال المصنف رحمه الله تعالى (الْمُرَكَّبُ اما مهمل وهو موجود خلافا للامام وليس موضوعا واما مستعمل والمختار انه موضوع) الاخبار جمع خبر قال الشيخ حلولو ويطلق مجازا على الاشارة الحالية والدلائل المعنوية ومنه: تخبرك العينان ما القلب كاتمه. ولما كان تقسيم مطلق المركب يجر الى الكلام فى المركب الخبري لكونه من اقسامه كان ذلك محصلا للغرض مع زيادة الفائدة فافاد ان المركب من اللفظ اما ان يكون مهملا بان لايكون له معنى كما صدقات مدلول لفظ الهذيان وهو لفظ مركب لا معنى له خلافا للامام الرازي فى نفيه وجوده قائلا التركيب انما يصار اليه للافادة فحيث انتفت انتفى فمرجع خلافه الى ان مثل ماذكر لا يسمى مركبا لا الى نفيه من اصله ومثله التاج الازموي وليس موضوعا اتفاقا فلذا قال الناظم: اللفظ ذو التركيب إما مهمل ... . وليس موضوعا وقوم أبطلو وجوده أيضا ومنهم الإمام ... . والتَّاج واما ان يكون مستعملا بان يكون له معنى والمختار انه موضوع أي بالنوع بان يلاحظ الموضوع بقانون كلى والمعنى بخصوصه كان يقال الواضع كل لفظ يكون بكيفية كذا فهومتعين للدلالة بنفسه على معنى كذا قال الشربينى واشار الناظم الى المستعمل بقوله: أو مستعمل وهو الكلام (والكلام ما تضمن من الكلام اسنادا مفيدا مقصودا لذاته وقالت المعتزلة انه حقيقة فى اللسانى وقال الاشعري مرة فى النفسانى وهو المختار ومرة مشترك وانما يتكلم الاصولى فى اللسانى) لما كان الخبر قسما من اقسام الكلام ومعرفته تتوقف على معرفته بدا بالكلام على حقيقته فافاد ان الكلام حده ما تضمن من الكلم اسنادا مفيدا مقصودا لذاته فخرج بقوله ما تضمن من الكلم الخط والاشارة والكلمة الواحدة والاسناد هو تعلق خبر بمخبر عنه كزيد قائم او طلب بمطلوب نحو اضرب زيدا وخرج بالمفيد ما ليس مفيدا نحو السماء فوقنا وان قام زيد وبالمقصود الجزء: 2 ¦ الصفحة: 56 كلام الساهى والنائم وخرج بقوله لذاته كالجمل الداخلة فى الصلة فانها انما قصد بها ايضا بمعنى الموصول فلذا قال الناظم: وحده قول مفيد يقصد ... . لذاته قال الشيخ حلولو واسقط فى الشذور لفظ لذاته من هذا الحد وكانه رآه حشوا اه. كما سقط فى الخلاصة من قوله: كلامنا لفظ مفيد كاستقم وحيث ان الكلام يطلق على النفسانى كاللسانى اختلف الاصوليون هل هو حقيقة فيهما او فى احدهما مجاز فى الاخر فقالت المتعزلة ان الكلام حقيقة فى اللسانى وهو المحدود بما تقدم لتبادره الى الاذهان دون النفسانى الذي اثبته الاشاعرة دون المعتزلة وقال الاشعري مرة انه حقيقة فى الفسانى وهو المعنى القائم بالنفس المعبر عنه بما صدقات اللسانى مجاز فى اللسانى وهو المختار قال الاخطل: ان الكلام لفى الفوائد وانما ... جعل اللسان على الفوئد دليلا ومرة قال انه مشترك بين اللسانى والنفسانى لان الاصل فى الاطلاق الحقيقة قال الامام الرازي وعليه المحققون منا وانما يتكلم الاصولى فى اللسانى حيث ان بحثه فيه لا فى المعنى النفسى فلذا قال الناظم ووضعه المعتمد. حقيقة أطلق في النفساني ... . ثالثها فيه وفي اللساني وهو محل نظر الأصولي ... (فان فاد بالوضع طلبا ذكر الماهية استفهام وتحصيلها وتحصيل الكف عنها امر و نهى ولو من ملتمس وسائل والا فما لا يحتمل الصدق والكذب تنبيه وانشاء ومحتملهما الخبر) أي فان افاد ما صدق اللسانى بالوضع طلبا فاللفظ المفيد لطلب ذكر الماهية استفهام نحو ماهذا واللفظ المفيد لطلب تَحْصِيلِهَا أَوْ تَحْصِيلِ طَلَبِ الْكَفِّ عَنْهَا أَمْرٌ وَنَهْيٌ نَحْوُ قُمْ وَلَا تَقْعُد ولو كَانَ طَلَبُ تَحْصِيلِ مَا ذُكِر مِنْ مُلْتَمِسٍ أَيْ مُسَاوٍ لِلْمَطْلُوبِ مِنْهُ رُتْبَة وَسَائِلٍ أَيْ دُونَ الْمَطْلُوبِ مِنْهُ رُتْبَة واذا كان من الادنى الى الاعلى فهو دعاء وقد اشار الى الثلاثة ناظم السلم المنطقى بقوله واللفظ اما طلب اوخبر ... واول ثلاثة ستذكر امر مع استعلا وعكسه دعا ... وفى التساوي فالتماس وقعا واما اذا لم يفد اللفظ بالوضع طلبا فما لا يحتمل من الصدق والكذب فيما دل عليه فانه يسمى تنبيها وانشاء لانك نبهت به غيرك على مقصودك وانشاته أي ابتكرته من غير ان يكون موجودا فى الخارج ومحتمل الصدق والكذب من حيث هو قال المحقق البنانى أي بمجرد النظر الى مفهومه أي بمجرد ان يلاحظانه نسبة شيء الى شيئ مع قطع النظر عن اللافظ والقرائن الحالية والمقالية بل عن خصوصية الخبر اه. وهذا كله بالنظر الى ذاته كما قال فى السلم المنطقى: مااحتمل الصدق لذاته جري ... بينهم قضية وخبرا وقد يقطع بالصدق او الكذب لامور خارجة عنه واشار الناظم الى ماقاله المصنف بقوله . فإن افاد طلب التحصيل للكف عن ماهية أو فعل ذي ... . نهي وأمر لو من الأدني خذ أو ذكرها بالوضع فاستفهام ... . أو ليس فيه طلب يرام ولا احتمال الصدق والكذب ظهر ... . تنبيه انشاء وإلا فخبر وفرق الخطيب القزوينى بين الخبر والانشاء بقوله لانه ان كان لنسبته أي الكلام خارج تطابقه او لاتطابقه فخبر والا فانشاء) (وَأَبَى قَوْمٌ تَعْرِيفَهُ كَالْعِلْمِ وَالْوُجُودِ وَالْعَدَم وَقَدْ يُقَالُ الْإِنْشَاءُ مَا يَحْصُلُ مَدْلُولُهُ فِي الْخَارِجِ بِالْكَلَام وَالْخَبَرُ خِلَافُهُ أَيْ مَا لَهُ خَارِجُ صِدْقٍ أَوْ كَذِبٍ) أي وَأَبَى قَوْم ٌ تَعْرِيفَ الخبر واختلفوا فى ماخذهم فقال بعضهم لعسره وقيل انه ضروري كما قيل فى العلم وكذا تصور الوجود والعدم فانهما ضروريان فلذا قال الناظم: قوم أبوا تعريفه برسم ... . كعدم وضده والعلم الجزء: 2 ¦ الصفحة: 57 ثم اشار المصنف الى مقالة اخري فى تعريف الخبر وهو ان يقال الانشاء كلام يحصل مدلوله فى الخارج بالكلام نحو انت طالق وقم فان مَدْلُولَهُ مِنْ إيقَاعِ الطَّلَاقِ وَطَلَبُ الْقِيَامِ يَحْصُلُ بِهِ لَا بِغَيْرِهِ، وَالْخَبَرُ خِلَافُهُ أَيْ مَا كان مدلوله حاصلا فى الخارج قبل الكلام فمضمون قولك قام زيد وهو قيامه يحصل بغيره وذا المضمون يحتمل ان يكون واقعا فى الخارج فيكون صدقا ويحتمل ان يكون غير واقع فيكون كذبا فلذا قال الناظم: وقد يقال ما به قد يحصل ... . مدلوله في خارج فالأول وما له خارج صدْقٍ أو كذب ... . فخبر قبل الكلام منتسب (وَلَا مَخْرَجَ لَه عَنْهُمَا لِأَنَّهُ إمَّا مُطَابِقٌ لِلْخَارِجِ أَوْ لَا وَقِيلَ بِالْوَاسِطَةِ فَالْجَاحِظ إمَّا مُطَابِقٌ مَعَ الِاعْتِقَادِ وَنَفْيِه أَوْ لَا مُطَابِقَ مَعَ الِاعْتِقَادِ وَنَفْيِهِ فالثانى فيهما واسطة وغيره الصدق المطابق لاعتقاد المخبر طابق الخارج اولا وكذبه عدمها فالساذج واسطة والراغب الصدق المطابقة الخارجية مع الاعتقاد فان فقدا فمنه كذب وموصوف بهما بجهتين) أي ولا خروج للخبر من حيث الذي هوالنسبة عن الصدق والكذب لانه اما مطابق للخارج أي الواقع فالصدق او لا فالكذب كما قال فى التخليص المفتاح صدق الخبر مطابقته للواقع وكذبه عدمها وقال بن الشحنة فى المعانى: والصدق ان يطابق الواقع ما ... يقوله والكذب ان ذا يعدما فلذا قال الناظم: تطابق الواقع صدق الخبر ... . وكِذبه عدمه في الأشهر وَقِيلَ بِالْوَاسِطَةِ بَيْنَ الصِّدْقِ وَالْكَذِبِ فَالْجَاحِظُ قَالَ: الْخَبَرُ إمَّا مُطَابِقٌ لِلْخَارِجِ مع اعْتِقَادِ الْمُخْبِرِ الْمُطَابِقَةَ ونفى اعْتِقَادِهَا بِأَنْ اعْتَقَدَ عَدَمَهَا، أَوْ لَمْ يَعْتَقِدْ شَيْئًا كالشاك اولا مطابق للخارج مع اعتقاد عدمها بان اعتقدها اولم يعتقد شيئا فالثانى فى صورتى المطابق وغير المطابق وهوما انتفى فيه الاعتقاد المذكور فى الصورتين واسطة بين الصدق والكذب كما قال فى تلخيص المفتاح والجاحظ مطابقته مع الاعتقاد وعدمها معه وغيرهما ليس بصدق ولا كذب بدليل {افتري على الله كذبا ام به جنة} اه. قال سعدالدين لان الكفار حصروا اخبار النبيء صلى الله عليه وسلم بالحشر والنشر على يدل عليه قوله تعالى {اذا مزقتم كل ممزق انكم لفى خلق جديد} فى الافتراء والاخبار حال الجنة على سبيل منع الخلو قال فى التلخيص ولا شك ان المراد بالثانى أي الاخبار حال الجنة غير الكذب لانه قسيمه وغير الصدق لانهم لم يعتقدوه أي ويجب حينئذ ان يكون من الخبر ماليس بصادق ولا كاذب حتى يكون هذا منه بزعمهم قال ورد بان المعنى ام لم يفتر فعبر عنه بالجنة لان المجنون لا افتراء له أي لانه الكذب عن عمد ولاعمد للمجنون واشار الناظم الى ذا المذهب بقوله: الجاحظ الصدق الذي يطابق ... . مُعْتَقَدًا وواقعًا يوافق وفاقد مع اعتقاده الكذب ... . وغير ذا ليس بصدق أو كذب وغير الجاحظ قال صدق الخبر مطابقته لاعتقاد الخبر طابق اعتقاده الخارج او لا فالساذج بفتح الذال المعجمة وهوماليس معه اعتقاد واسطة بين الصدق والكذب طابق الخارج او لا كما قال فى تلخيص المفتاح فى صدق الخبر على هذالمذهب وقيل مطابقته لاعتقاد المخبر ولو خطا وعدمها أي وكذب الخبر عدم مطابقته لاعتقاد المخبر ولوكان خطا قال بدليل قوله تعالى {اذا جاءك المنافقون قالوا نشهد انك لرسول الله والله يعلم انك لرسوله والله يشهد ان المنافقين لكاذبون} أي فانه تعالى جعلهم كاذبين فى قولهم انك لرسول الله لعدم الجزء: 2 ¦ الصفحة: 58 مطابقته لاعتقادهم وان كان مطابقا للواقع ثم اشار الى ردذا الاستدلال بقوله ورد بان المعنى لكاذبون فى الشهادة او فى تسميتها او فى المشهود به فى زعمهم واشا الناظم الى ذا المذهب بقوله: وقيل بل تطابق اعتقاده ... . ولو خطًا والكذب في افتقاده ففاقد اعتقاده لديه ... . واسطة والراغب قال الصدق المطابقة الخارجية مع الاعتقاد لها كما قال والجاحظ أي مطابقة النسبة الكلامية الخارجية مع الاعتقاد لها أي للمطابقة المذكورة فان فقدت المطابقة الخارجية واعتقادها بِأَنْ فُقِدَ كُلٌّ مِنْهُمَا أَوْ أَحَدُهُمَا فَمِنْهُ كَذِبٌ وَهُوَ مَا فُقِدَ فِيهِ كُلٌّ مِنْهُمَا ومنه مَوْصُوف بِالصِّدْقِ وَالْكَذِبِ بِجِهَتَيْنِ وَهُوَ مَا فُقِدَ فِيهِ وَاحِدٌ مِنْ الْمُطَابَقَةِ لِلْخَارِجِ وَاعْتِقَادُهَا فيُوصَفُ بِالصِّدْقِ مِنْ حَيْثُ مُطَابَقَتُهُ لِلِاعْتِقَادِ أَوْ لِلْخَارِجِ وَبِالْكَذِبِ مِنْ حَيْثُ انه انْتَفَتْ فِيهِ الْمُطَابَقَةُ لِلْخَارِجِ أَوْ اعْتِقَادُهَا فَهُوَحينئذ وَاسِطَةٌ بَيْنَ الصِّدْقِ وَالْكَذِبِ. واشارالناظم الى ان الراغب وافق الجاحظ فى القسمين أي الصدق والكذب وخالفه فى الثالث فوصفه بالوصفين حيث قال: ووافق الراغب في القسمين ... . ووصف الثالث بالوصفين (وَمَدْلُولُ الْخَبَرِ الْحُكْمُ بِالنِّسْبَة لَا ثُبُوتُهَا وِفَاقًا لِلْإِمَام وَخِلَافًا لِلْقَرَافِي والا وَخِلَافًا لِلْقَرَافِي) أي و مدلول الخبر فى الاثبات الحكم بالنسبة الكلامية التى تضمنها الخبر كثبوت قيام زيد فِي قَامَ زَيْدٌ ثبوت القيام لانفس القيام وعليه فليس مدلول الخبر فى الاثبات ثبوت النسبة الكلامية فقط فى الخارج وفاقا للامام الرازي فى انه الحكم بها ليستقل منه الى الوقوع فى الخارج وخلافا للقرافى فى انه ثبوتها فى الخارج فقط قال المحقق البنانى ويعلم حكم النفى بالقياس واذا لم يكن مدلول الخبر الحكم بالنسبة بل كان ثبوتها فقط لم يكن شيئ من الخبر كذبا أي غير ثابت النسبة فى الخارج وقد اتفق العقلاء على ان من الخبر كذبا فلذا القول الابر هو الاول كما قال الناظم: والحكم بالنسبة مدلول الخبر ... . دون ثبوتها على القول الأبرّْ (وَمَوْرِدُ الصِّدْقِ وَالْكَذِبِ النِّسْبَةُ الَّتِي تَضَمَّنَهَا لَيْسَ غَيْرُ كَقَائِمٌ فِي: زَيْدُ بْنُ عَمْرٍو قَائِمٌ لَا بُنُوَّةُ زَيْدٍ ومن ثم قال مالك وبعض اصحابنا الشهادة بتوكيل فلان به فلان فلانا شهادة بالوكالة فقط والمذهب بالنسب ضعفا والوكالة اصلا) أي المورد الذي يعتور عليه الصدق والكذب النسبة التى تضمنها الخبر لا غير ذلك فاذا قلت زيد بن عمرو قائم فالصدق والكذب راجعان الى نسبة القيام لزيد لا الى النبوة الواقعة فى المسند اليه ومن ثم أي من هنا وهو ان المورد النسبة قال مالك رحمه الله تعالى وبعض الشافعية الشهادة بتوكيل فلان بن فلان فلانا شهادة بالتوكيل فقط دون نسب الموكل ووجه بقائه على ماذكر ان متعلق الشهادة خبر والخبر انما يتعلق بالنسب الاسنادية دون التقييدية والمذهب أي الراجح عند الشافعية انها شهادة بالنسب للموكل ضمنا والتوكيل اصلا لتضمن ثبوت التوكيل لثبوت نسب الموكل واشار الناظم الى جميع ما اشار اليه المصنف بقوله: ومورد الصدق به والكذب ... . هو الذي ضُمِّنه من نسب لا غيرها كقائم في الجملة ... . زيد بن عمرو قام لا البُنُوَّة مِن ثمَّ قال مالك من شهدا ... . في ذا بتوكيل فعنه ما عدا إلى انتساب وإمامنا ذهب ... . وكالة أصلاً وضمنًا بالنسب (مسالة الخبر إمَّا مَقْطُوعٌ بِكَذِبِهِ كَالْمَعْلُومِ خِلَافُهُ ضَرُورَةً او استدلالا وكل خبر اوهم باطلا ولم يقبل التاويل فمكذوب الجزء: 2 ¦ الصفحة: 59 أَوْ نَقَصَ مِنْه مَا يُزِيلُ الْوَهْم وَسَبَبُ الْوَضْعِ نسيان او افتراء او غلط او غير ما) تقدم ان الخبر يحتمل الصدق والكذب من حيث هو وقد تعرض له ما يقتضى القطع بصدقه وقد ياتى والكلام الان فيما يعرض له مما يقتضى القطع بكذبه فافاد المصنف رحمه الله تعالى ان الخبر المقطوع بكذبه كالمعلوم خلاف مدلوله ضرورة مثل قول القائل النقيضان يجتمعان او يرتفعان فلذا قال الناظم: بالكذب قطعا خبر قد يتسم ... . كما خلافه ضرورة علم او علم خلافه استدلالا نحو قول الفلسفى العالم قديم فانه علم كذب قوله بالاستدلال على حدوث العالم فلذا اشترط العلامة ابن عاصم فى صدق الخبر ماذكره فى قوله: ومن شروطه التى فيه تجب ... ان لايكون النقل بين الكذب بكونه مخالفا لماعلم ... ضرورة او تواتر متم او بدليل قاطع. وكل خبر عن النبيء صلى الله عليه وسلم اوهم باطلا ولم يقبل التاويل فهو مكذوب عليه صلى الله عليه وسلم لعصمته عن قول الباطل فلذا قال الناظم: وكل ما أوهم باطلا ولا ... . يقبل تأويلا فكذبه جلا قال شارح السعود ان كل خبر عنه صلى الله عليه وسلم افهم الباطل ولم يقبل التاويل فهو اما موضوع او نقص منه من جهة راويه لفظ يزيل الباطل فمن الاول ما روي ان الله تعالى خلق نفسه فانه يوهم حدوثه وقد دل العقل القاطع على استحالته عليه تعالى ومن الثانى ما رواه الشيخان عن ابن عمر رضى الله تعالى عنهما قال {صَلَّى بِنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَلَاةَ الْعِشَاءِ فِي آخِرِ حَيَاتِهِ فَلَمَّا سَلَّمَ قَامَ فَقَالَ أَرَأَيْتَكُمْ لَيْلَتَكُمْ هَذِهِ فَإِنَّ عَلَى رَأْسِ مِائَةِ سَنَةٍ مِنْهَا لَا يَبْقَى مِمَّنْ هُوَ الْيَوْمَ عَلَى ظَهْرِ الْأَرْضِ أَحَدٌ قَالَ ابْنُ عُمَرَ فَوَهَلَ النَّاسُ فِي مَقَالَتِهِ، بِفَتْحِ الْهَاءِ أَيْ غَلِطُوا حيث لم يسمعوا لفظة اليوم فظنوا انقراض جميع الناس على رأس سنة ويوافقه لفظة اليوم حديث مسلم عن ابى سعيد الخدري رضى الله تعالى عنه {لَا يَأْتِي مِائَةُ سَنَةٍ وَعَلَى الْأَرْضِ نَفْسٌ مَنْفُوسَةٌ الْيَوْمَ} احترزبه عن الملائكة وعن ابليس دون ذريته فانها مولودة على الصحيح ويجاب عن الخضر والياس عليهما الصلاة والسلام بان المراد من كان ظاهرا مثلكم ويتصرف تصرفكم اه. فلذا قال فى نظمه: ومفهوم الباطل من كل خبر ... فى الوضع او نقص من الراوي انحصر وقال الناظم: أو منه ما يزيل وهمه سقط ... وسبب الوضع بان يكتب على النبيء صلى الله عليه وسلم نسيان من الراوي لم رواه فيذكر غيره ظانا انه المروي قال شارح السعود ويكون أي الوضع لاجل الترهيب عن المعصية والترغيب فى الطاعة قال فقد وضعت الكرامية فى ذلك احاديث كثيرة ويكون لاجل الغلط من الراوي بان يسبق لسانه الى غير ما رواه او يضع مكانه مايظن أَنَّهُ يُؤَدِّي مَعْنَاه ويكون لاجل التغيير كوضع الزنادقة احاديث تخالف المعقول لتنفير العقلاء عن شريعته المطهرة اه. فلذا قال فى نظمه: والوضع للنسيان والترهيب.. والغلط التنفير والترغيب وقال الناظم: . وسبب الوضع افتراء أو غلط (وَمِنْ الْمَقْطُوعِ بِكَذِبِهِ عَلَى الصَّحِيحِ خَبَرُ مُدَّعِي الرِّسَالَةِ بِلَا مُعْجِزَةٍ أَوْ تَصْدِيقِ الصَّادِقِ وَمَا نُقِّبَ عنه وَلَمْ يُوجَدْ عِنْدَ ذويه وبعض المنسوب الى النبيء صلى الله عليه وسلم وَالْمَنْقُولُ آحَادٌ فِيمَا تَتَوَفَّرُ الدَّوَاعِي عَلَى نَقْلِهِ خِلَافًا لِلرَّافِضَةِ) قال شارح السعود من الاخبار ما هو الجزء: 2 ¦ الصفحة: 60 مقطوع بكذبه كادعاء النبوة او الرسالة بعد بعثته صلى الله عليه وسلم من غير ان يطالب بدليل الثبوت القاطع الذى هوالاجماع على انه خاتم النبيين ولنص القرءان قال تعالى ولكن رسول الله وخاتم النبيين اهـ فلذا قال فى نظمه: وبعد ان بعث خير العرب ... دعوى النبوءة انمها للكذب قال واما قبل نزول الاية فلا يقطع بكذب مدعيها الا اذا لم يات بمعجزة دالة على صدقه او بخبر صادق انه نبي او رسول وقال الجلال السيوطي مشبها بما هو مقطوع بكذبه وكدعوى شخص الرسالة بعد بعثة النبيء صلى الله عليه وسلم لقيام الدليل القاطع على انه خاتم النبيين قال وهذا المثال من زيادتى اى على المصنف قال وكدعوى شخص الرسالة قبل بعثته صلى الله عليه وسلم بغير معجزة لان الرسالة عن الله على خلاف العادة والعادة تقتضى تكذيب من يدعي ما يخالفها بلا دليل ومثل المعجزة فى ذلك تصديق الصادق وهو نبيء معلوم النبوة قبل ذلك بصدق هذا المدعي فيكفيه ذلك عن المعجزة اهـ فلذا قال فى النظم مشهبا بما هو مقطوع بكذبه كادعاء الرساله بعد النبئ او قبله وماله معجزة او صادق يصدق ومما هو مقطوع بكذبه ما فتش عنه من الحديث ولم يوجد عند اهله من الرواة لا في بطون الكتب ولا في صدور الرواة فلذا قال الناظم او غير موجود حديث يطلق بعد الفحص عند اهله كما قال ناظم السعود: وما انتفى وجوده من نص عند ذوي الحديث بعد الفحص ومن المقطوع بكذبه بعض المنسوب الى النبئ صلى الله عليه وسلم لانه روي عنه قال سيكذب علي قال الجلال المحلي: فان كان قال ذلك فلا بد من وقوعه والا فيه اي بقوله سيكذب على كذب عليه وهوكما قال المصنف حديث لا يعرف اهـ فلذا قال الناظم عاطفا على المقطوع بكذبه: وبعض السنة المرويه. كما قال ناظم السعود: وبعض ما ينسب للنبي. وكذا المنقول ءاحادا فيما تتوفر الدعاوي على نقله تواترا كالاخبار بسقوط الخطيب عن المنبر وقت الخطبة فهو من المقطوع بكذبه لمخالفته للعادة وهي النقل تواترا فى مثل ذلك فلذا قال الناظم: وما الدعاوي انبعثت لنقله فجاء ءاحادا كما قال ناظم السعود: وخبر الاحاد في السني حيث دعاوي نقله تواترا نرى لها لو قاله تقررا وكما قال العلامة ابن عاصم: اوشانه تواترا فلم يعم برهانه خلافا للرافضة في قولهم لا يقطع بكذبه لتجويز العقل صدقه وقد قالوا بصدق ما رووه منه في امامة علي رضي الله عنه نحو انت الخليفة من بعدي مشبهين له بما لم يتواتر من المعجزات كحنين الجذع وتسليم الحجر وتسبيح الحصى واجيب بان هذه كانت متواترة واستغني عن استمرار تواترها الى الان بتواتر القراءان بخلاف ما يذكر في امامة علي فانه لا يعرف ولو كان ما خفي على اهل بيعة السقيفة اي الصحابه الذين بايعوا ابا بكر في سقيفة بني ساعدة من الخزرج وهي صفة مظللة بمنزلة الدار لهم ثم بايعه علي وغيره رضي الله عنه افاده الجلال المحلي واما بصدقه كخبر الصادق وبعض المنسوب الى النبيء صلى الله عليه وسلم والمتواتر معنى ولفظا وهوخبر جمع يمتنع تواطؤهم على الكذب عادة عن محسوس وحصول العلم ءاية اجتماع شرائطه ولا تكفي الاربعة وفاقا للقاضي والشافعية وما زاد عليها صالح من غير ضبط وتوقف القاضي في الخمسة وقال الاصطخري اقله عشرة وقيل اثنا عشر الجزء: 2 ¦ الصفحة: 61 وعشرون واربعون وسبعون وثلائمائة وبضعة عشر هذا القسم الثاني من اقسام الخبر وهوما كان مقطوعا بصدقه كخبر الصادق سبحانه وتعالى لتنزهه عن الكذب وحديث رسوله صلى الله عليه وسلم لعصمته عن الكذب وزاد الجلال السيوطى ما علم بالضرورة كقولنا العالم حادث لان علم حدوثه بالاستدلال على قياس ما مضى فى ابطال قدمه على معتقد الفلاسفة حيث ان معتقدهم مما علم خلافه بالقياس الضروري فلذا قال في النظم ومنه ما بالصدق قطعا يوسم كخبر الصادق اوما يعلم ضرورة قطعا او استدلالا على قياس ما مضى ابطالا قال المحقق البناني لم يذكر اي الجلال المحلي مع خبر الله وخبر رسوله خبر الامة وهوالاجماع لانه مختلف في قطعيته قاله شيخ الاسلام او لانه لا يخرج عن خبر الله وخبر رسوله اهـ فلذا قال العلامة ابن عاصم معيدا الضمير على الطرق المحصلة للعلم زائدا معها خبر مجموع الامة وهي اذا المخبر عنه بالخبر نعلمه ضرورة او بالنظروهو كذاك بين الحصول من خبر الله او الرسول وواضح حصوله من خبر مجموع الامة التزاما فانظر وزاد انه يحصل بقرائن الاحوال عند ابي المعالي امام الحرمين والغزالى حيث قال كذاك من قرائن الاحول عند ابي المعالي والغزالي ومن الخبر المقطوع بصدقه بعض المنسوب الى محمد صلى الله عليه وسلم على الابهام كما قال الناظم وبعض منسوب الى محمد وكذا الخبر المتواتر وهو ما نقله جمع يمتنع عادة تواطؤهم على الكذب عن محسوس وذكر شارح السعود ان المتواتر هو خبر جمع يمتنع عادة تواطؤهم اي نوافقهم على الكذب اذا كان خبرهم عن غير معقول ومن قال يمتنع عقلا مراده ان العقل لا يجوز من حيث الاسناد الى العادة تواطؤهم والا فالتجويز العقلى دون نظر الى العادة لا يرتفع وان بلغ العدد ما بلغ قال ويشمل غير المعقول المحسوس باحدى الحواس الظاهرة ويشمل الوجداني وهو ما كان مدركا بالحس الباطني فلذا قال في نظمه وذاك خبر من عادة كذبهم منحظر عن غير معقول قال فقولنا عن غير معقول هو بمعنى قولهم عن محسوس قال الجلال المحلي فان اتفق الجمع المذكور في اللفظ والمعنوي فهو اللفظي وان اختلفوا فيهما مع وجود معنى كلي فهو المعنوي كما اذا اخبر واحد عن حاتم انه اعطى دينار او اءخر انه اعطى فرسا واءخر انه اعطى بعيرا وهكذا فقد اتفقوا على معنى كلى وهو الاعطاء اهـ اي الدال على الجود وان لم يتفقوا على القضايا الخاصة فلذا قال الناظم عاطفا على ما تقدم وذي تواتر بذكر عدده يمتنع اتفاقهم على الكذب عن مدرك بالحس او معنى نسب وافاد شارح السعود ان القطع بصدق المتواتر ضروري لا نظري خلافا لامام الحرمين والغزالي من الشافعية ولا فرق بين كون المخبرين مسلمين اوكفارا او فاسقين او صالحين وانه لا فرق بين المتواتر واللفظي والمعنى كما تقدم فلذا قال في نظمه واقطع بصدق خبر المتواتر وسو بين مسلم وكافر واللفظ والمعنى ولما قسم العلامة ابن عاصم نقل الاخبار عند الاسناد الى نقل تواتر ونقل ءاحاد بين ان التواتر هو الخبر الذي له اشاعة بنقل جماعة يستحيل تواطؤهم على الكذب حيث قال والنقل للاخبار عند الاسناد نقل تواتر ونقل ءاحاد فالخبر الذي له اشاعه وهو الذي تنقله جماعه محال ان تواطئوا على الكذب ذاك تواتر اليه ينتسب وحصول الجزء: 2 ¦ الصفحة: 62 العلم من خبر بمضمونه ولو بقرائن لازمه علامة اجتماع شرائط المتواتر في ذلك الخبر اي الامور المحققة له فلذا قال الناظم ثم حصول العلم ءاية اجتماع شروطه اي وهي ما يؤخذ مما تقدم فى قوله المصنف وهو خبر جمع الخ وحصر العلامة ابن عاصم حصول العلم بطريق التواتر عند توفر شرطين وهما استواء كثرة الناقلين في الطبقات وان يكون استنادهم بطريق الحس لا بطريق العقل والنظر حيث قال والعلم حاصل من التواتر لكن بشرطين عند المعتبر ان تستوي في كثر ناقليه واسطة مع طرفيه فيه والثاني ان يكون مسندا لما بالحس لا من نظر قد علما ولا تكفي الاربعة في عدد جمع التواتر وفاقا للقاضي ابي بكر الباقلاني والشافعية قال الجلال المحلى لاحتياجهم الى التزكية فيما لو شهدوا بالزنى فلا يفيد قولهم العلم وافاد العلامة ابن عاصم ان مذهب الجمهور ان الاربعة خارجة عن التواتر حيث قال ومذهب الجمهور ان الاربعة خارجة عنه فكن متبعه وما زاد على الاربعة صالح لان يكفي في عدد الجمع في التواتر من غير ضبط بعدد معين قال ناظم السعود: الغاء الاربعة فيه راجح ... وما عليها زاد فهو صالح ونقل العلامة ابن عاصم عن فخر الدين ان ترك الحصر بالعدة اولى حيث قال: وقال فخر الدين ترك الحصر ... بعدة اولى بهذا الامر وقال شارح السعود لا بد في المتواتر من تعدد نقلته من غير تحديد بعدد معين بل المعتبر ما حصل به العلم على المعتمد فلذا قال في نظمه واوجب العدد من غير تحديد على ما يعتمد وتوقف القاضي في الخمسة هل تكفي فلذا قال الناظم: وما كفى فيه رباع على الاصح وسواها صالح من غير ضبط ولوقف جانح في الخمس قاضيهم وقال الاصطخري اقل عدد الجمع الذي يفيد خبره العلم عشرة لان ما دونها ءاحاد وقيل إقله اثنا عشر كعدد النقباء في قوله تعالى وبعثنا منهم اثنى عشر نقيبا بعثوا كما قال اهل التفسير للكنعانيين بالشام طليعة لبني اسرائيل المامورين بجهادهم ليخبروهم بحالهم الذي لا يرهب فكونهم على هذا العدد ليس الا لانه اقل ما يفيد العلم المطلوب في مثل ذلك قاله الجلال المحلي وقيل اقله عشرون لان الله تعالى قال ان يكن منكم عشرون صابرون يغلبوا مائتين فيتوقف بعث عشرين لمائتين على اخبارهم بصبرهم فكونهم على هذا العدد ليس الا لانه اقل ما يفيد العلم المطلوب في مثل ذلك وقيل اقله اربعون لان الله تعالى قال يايها النبئ حسبك الله ومن اتبعك من المؤمنين وكانوا كما قال اهل التفسير اربعين رجلا كملهم عمر رضي الله عنه بدعوة النبيء صلى الله عليه فاخبار الله عنهم بانهم كفاية نبيه يستدعي اخبارهم عن اخبارهم عن انفسهم بذلك له ليطمئن قلبه فكونهم على هذا العدد ليس الا لانه اقل ما يفيد العلم المطلوب في مثل ذلك قال العلامة ابن عاصم الخلف في عدتهم قد اشتهر فقيل سبعون وقيل اثنا عشر وقيل ادنى مقتضى مبينا وبعضهم حد باربعينا وقيل اقله ثلاثمائة وبعضه عشر عدد اهل بدر اذ بهم استقر الدين قال الشيخ حلولو وانما لم يعبر المصنف بثلاثة عشر كما عبر به امام الحرمين لما وقع من الاختلاف في السير في الزايد على العشرة هل هو ثلاثة او اربعة او خمسة او ستة او سبعة او ثمانية او تسعة والبضع بكسر الباء وفتحها من الثلاثة الى التسعة على الصحيح اهـ واشار الناظم الى ما اشار اليه المصنف بقوله والاصطخري وهو اختيار الجزء: 2 ¦ الصفحة: 63 حده من عشر او عشرينا يحكى واربعين او سبعينا او بضع عشر وثلاثمائة وقال ناظم السعود وقيل بالعشرين او باكثرا او بثلاثين او اثنى عشرا ولم يتعرض للاقوال التي ذكرها المصنف هنا قال لانه لم يرها معزوة لاهل المذهب المالكي جريا على عادته من انه انما يتكلم على الاقوال المنصوصة في الاصول المالكية والله اعلم والاصح لا يشترط فيه اسلام ولا عدم احتواء بلد وان العلم فيه ضروري وقال الكعبى والاساسان نظري وفسره امام الحرمين بتوقفه على مقدمات حاصلة لا الاحتياج الى النظر عقيبه وتوقف اءلامدي ثم ان اخبروا عن عيان فذاك والا فيشترط ذلك في كل الطبقات اي والاصح ان العلم بسبب التواتر لا يشترط فيه اسلام في رواية ولا عدم احتواء بلد عليهم فيجوز ان يكونوا كفارا وان تحويهم بلد لان المانع من الكذب والكثرة وقد وجدت فلذا قال الناظم دون اشتراط فقد جمع بلدة او فقد كفر في الاصح فيهما والاصح ايضا ان العلم بسبب التواتر ضروري يحصل عند سماعه من غير احتياج الى نظر لحصوله لمن لا يتاتى منه النظر كالبله وقال الكعبي من المعتزلة وامام الحرمين والامام الرازي نظري وفسر امام الحرمين كونه نظريا كما افصح به الغزالي التابع له اخذا من كلام الكعبي بتوقفه على مقدمات حاصلة عندالسامع اي وهي المحققة لكون الخبر متوترا من كونه خبر جمع وكونهم بحيث يمتنع تواطؤهم على الكذب وكونه عن محسوس لا بالاحتياج الى النظر عقب سماع المتواتر فلا خلاف في المعنى في انه ضروري قال المحقق البنانى لان القائل بانه نظري فسر كونه نظريا باحتياجه الى انتفات النفس الى المقدمات الحاصلة عندها وهذا شان كل ضروري لا بانه يحتاج الى الاستدلال فالنظري بهذا المعنى لا يخرج عن كونه ضروريا لما علمت من ان الالتفات المذكور حاصل مع كل ضروري اهـ قال الجلال السيوطي ونقل النظري عن الرازي سهو فالذي في المحصول انه ضروري كقول الجمهور فلذا اقتصرت في النظم على امام الحرمين اي وهو ماذكره فى قوله والضروري فيه للعلم اتتمى وابن الجويني قال والكعبي بل نظري لكن المعنى عند امام الحرمين الوقف له حقا على مقدمات حاصلة لا الاحتياج بعده للنظر واما الامدي فانه تحير متوقفا عن القول بواحد من الضروري والنظري لتعارض دليليهما السابقين حيث انه يحصل ممن لا يتاتى منه النظر ويتوقف على تلك المقدمات المحققة له فلذا قال والامدي الوقف للتحير ثم ان اخبر اهل الخبر المتواتر عن عيان بان كانوا طبقة فقط فذلك واضح لوجود القيود الثلاثة المتقدمة وان لم يخبروا عن عيان بان كانوا طبقات فيشترط كونهم جمعا يمتنع تواطؤهم على الكذب في كل طبقة طبقة ليفيد خبرهم العلم قال الناظم ان عن عيان اخبروا والا فما شرطناه يعم الكلا قال في الشرح فلو كان اي التواتر في الطبقة الاولى فقط عاد بعدها ءاحادا كما في القراءة الشاذة والصحيح ثالثها ان علمه لكثرة العدد متفق وللقراين قد يختلف فيحصل لزيد دون عمرو وان الاجماع على وفق خبر لا يدل على صدقه وثالثها يدل ان تلقوه بالقبول وكذلك بقاء خبر تتوفر الدواعي على ابطاله خلاا للزيدية اي وهل يجب اطراد حصول العلم بالمتواتر لكل من بلغه او يمكن حصول العلم لبعضهم دون بعض فيه اقوال احدها وهوالاصح ان العلم الحاصل من التواتر لكثرة العدد في رواية متفق للسامعين الجزء: 2 ¦ الصفحة: 64 فيحصل لكل منهم واما الحاصل بالقرائن الزائدة على اقل العدد الصالح لللتواتر بان تكون لازمة فقد يختلف فيحصل لزيد دون عمرو مثلا من السامعين اذ القرائن قد تقوم عند شخص دون ءاخر نعم الخبر المفيد للعلم بالقرائن المنفصلة عنه فليس بمتواتر وفيل يجب حصول العلم من التواتر مطلقا لكثرة العدد في الرواية او للقرائن الزائدة اللازمة لان القرائن في مثل ذلك ظاهرة لا تخفى على احد منهم وقيل لا يجب ذلك مطلقا بل قد يحصل العلم لكل منهم ولبعضهم فقط لجواز ان لا يحصل العلم لبعض بكثرة العدد كالقراين وحكى الناظم القول الاصح الذي صححه المصنف من الاقوال الثلاثة قائلا ثم الاصح ان علمه ايتلف لعظم جمع والقراين اختلف والصحيح من اقوال ثلاثة وهو اولهما ان الاجماع على وفق خبر لا يدل على صدقه في نفس الامر مطلقا تلقاه المجمعون بالقبول بان صرحوا بالاستناد اليه ام لا وثانيها يدل مطلقا لان الظاهر استنادهم اليه حيث لم يصرحوا بذلك لعدم ظهور مستند غيره وثالثها يدل ان تلقوه بالقبول فان لم يتلقوه بالقبول بان لم يتعرضوا بالاستناد اليه فلا يدل لجواز استنادهم الى غيره فلذا قال الناظم مقتصرا على الاصح وان الاجماع على وفق خبر ليس يفيد صدقه لوما ظهر وزاد ناظم السعود حاكيا ما صرح به البعض من الدلالة على صدق ذلك الخبر وقول البعض المفصل حييث قال ولا يفيد القطع ما يوافق الاجماع والبعض بقطع ينطق وبعضهم يفيد حيث عدلا عليه وذكر الجلال السيوطي من زياداته على المصنف ان الاجماع على قبول حديث المختار انه يفيد القطع بصحته لا تظن كالاحاديث التى اخرجها الشيخان او احدهما لتلقي الامة لكاتبيها بالقبول حيث قال وانه ان اجمعوا على القبول يدل قطعا لا الى ظن يثول وكذلك ذهب الجمهور الى ان بقاء خبر تتوفر الدعاوي على ابطاله لا يدل على صدقه خلافا للزيدية في قولهم يدل عليه للاتفاق على قبوله حينئذ وحكى الناظم هذه المئلة مشبها لها بما لا يدل على صدق الخبر حيث قال وهكذا بقاء نقل خبر حث دعاوي الرد ذو توفر اذ الاتفاق على القبول انما يدل على ظن الصدق ولا يلزم من ذلك الصدق في نفس الامر قال الجلال المحلي مثاله قوله صلى الله عليه وسلم لعلي اتت مني بمنزلة هارون من موسى الا انه لا نبي بعدي رواه الشيخان فان دعاوي بنى امية وقد سمعوه متوفرة على ابطاله لدلالته على خلافة علي رضي الله عنه كما قيل كخلافة هاورن عن موسى بقوله اخلفني في قومي اهـ فلذا قال ناظم السعود وانفه اذا ما قد خلا مع دعاوي رده من مبطل كما يدل لخلافة على قال المحقق البناني الحق انه لا يدل لان القصة انه صلى الله عليه وسلم تركه في المدينة لما ذهب الى غزوة من الغزوات فقال له على رضي الله عنه اتجعلني بمنزلة النساء والصبيان فقال صلى الله عليه وسلم اما ترضى ان تكون مني بمنزلة هارون من موسى اي حين ذهب الى المناجات وخلفه في قومه اي فليس هذا نقصا في حقك فلك اسوة بهارون قرره بعض المحققين وهو حسن وجيه اهـ والزيدية نسبة الى زيد بن زين العابدين بن الحسين ابن علي رضي الله تعالى عنهم اجمعين بدلوا وغيروا في مذهبه ونسبوا اليه اقوالا وهوبريء منها قاله البناني والله اعلم وافترق العلماء بين مؤول ومحتج خلافا لقوم وان المخبر بحضرة قوم الجزء: 2 ¦ الصفحة: 65 لم يكذبوه ولا حامل على سكوتهم صادق وكذا المخبر بمسمع من النبئ صلى الله عليه وسلم ولا حامل على التقرير والكذب خلافا للمتاخرين وقيل يدل ان كان عن دنيوي اي افتراق العلماء في الخبر بين مؤول له ومحتج به لا يدل على صدقه خلافا لقوم في قولهم يدل عليه قالوا للاتفاق على قبوله حينئذ اذ الاحتجاج به يستلزم قبوله واجيب بان الاتفاق على قبوله انما يدل على ظنهم صدقه ولا يلزم من ذلك صدقه في نفس الامر فلذا قال الناظم عاطفا على ما لا يدل على الصدق من المسائل المتقدمة ولافتراق العلماء الكمل بين محتج وذي تاول كما شبهه ناظم السعود بما لا يدل على الصدق في قوله كالافتراق بين ذي تاول وعامل به على المعول والصحيح ان المخبر بحضرة قوم بالغين عدد التواتر لم يكذبوه ولا حامل على سكوتهم عن تكذيبه من خوف او طمع في شيء منه صادق فيما اخبر به لان سكوتهم تصديق له عادة فلذا قال الناظم وهكذا المخبر في جمع ولم يكذبوا وليس فيهم متهم كما قال ناظم السعود ومذهب الجمهور صدق مخبر مع صمت جمع لم يخفه حاضر وكذا المخبر بمكان يسمعه منه النبيء صلى الله عليه وسلم ولا حامل على التقرير للنبيء صلى الله عليه وسلم وعلى الكذب للمخبر صادق فيما اخبر به دينيا كان او دنيويا لان النبيء صلى الله عليه وسلم لا يقر احدا على كذب خلافا للمتاخرين منهم الامدي وابن الحاجب في قولهم لا يدل سكوت النبيء صلى الله عليه وسلم على صدق المخبر قال الجلال المحلى اما في الديني فلجواز ان يكون النبيء صلى الله عليه وسلم بينه او اخر بيانه بخلاف ما اخبر به المخبر واما في الدنيوي فلجواز ان لا يكون النبيء صلى الله عليه وسلم يعلم حاله كما في لقاح النخل روى مسلم عن انس انه صلى الله عليه وسلم مر بقوم يلحقون النخل فقال لولم تفعلوا لصلح قال اي انس فخرج شيصا فمر بهم فقال اي النبيء صلى الله عليه وسلم ما لنخلكم قالوا قلت كذا وكذا فقال انتم اعلم بامر دنياكم اهـ وقيل يدل على صدقه ان كان مخبرا عن امر دنيوي بخلاف الدينى فلا يدل قال الجلال المحلي وفي شرح المختصر عكس هذا التفصيل بدله قال المحقق البناني وهو انه يدل عى صدقه ان كان عن امر ديني لا دنيوي لجواز ان يكون النبيء صلى الله عليه وسلم لا يعلم حاله كما يؤخذ من التوجيه السابق وهذا التفصيل اظهر من الاول اهـ واشار الناظم الى ما ذكره المصنف والى القول بالعكس بقوله عاطفا على المسائل المتقدمة او مخبر بمسمع من النبيء وليس للتقرير او للكذب من حامل ثالثها في الدنيوي يدل لا الدينى والعكس روي وقال شارج السعود متعرضا للمسئلة ان المخبر اذا كان بمكان يسمع منه النبي صلى الله عليه وسلم ذلك الخبر ولا حامل للنبيء على التقرير ولا للمخبر على الكذب وصمت عن الانكار عليه افاد كونه كذلك صدق ذلك الخبر ظنا كما اختاره ابن الحاجب دينيا كان او دنيويا وقال المتاخرون يفيده قطعا اهـ فلذا قال في نظمه ومودع من النبي سمعا يفيد ظنا او يفيد قطعا وليس حامل على الاقرار ثم مع الصمت عن الانكار واما مظنون الصدق فخبر الواحد وهوما لم ينته الى التواتر ومنه المستفيض وهو الشائع عن اصل وقد يسمى مشهورا واقله اثنان وقيل ثلاثة اي واما مظنون الصدق فهو خبر الواحد وهو مالم ينته الى حد التواتر فلذا قال الجزء: 2 ¦ الصفحة: 66 الناظم ومنه ما يظن صدقه البهي كخبر الاحاد ما لم ينته الى تواتر وقال ناظم السعود وخبر الاحاد مظنون عرى عن القيود في الذي تواترا قال في الشرح فخبر الواحد هو ما لم ينته الى حد التواتر فهو في ذاته مظنون الصدق وذلك لا ينافي انه قد يفيد العلم بواسطة امر خارج عنه اهـ ومن الاحاد المستفيض وهو الخبر الشائع عن اصل وهو الامام الذي ترجع اليه النقلة ويسمى المستفيض مشهورا وهوالذي اشار اليه العلامة ابن عاصم بقوله عاطفا على ما يفيد الظن وانه حجة او نقل جمع لم ينالوا في الورى حد التواتر الذي قد فررا وهومع الشروط فيه حجه عند اولي العلم فاتبع نهجه واقل ما تثبت به الاستفاضة اثنان وعبارة ابن الحاجب المستفيض ما زاد نقلته على ثلاثة وقال الجلال السيوطي وفي اقل العدد الذي تثبت به الاستفاضة قولان احدهما اثنان وجزم به الشيخ في التنبيه ونقله الرافعى عن الشيخ ابى حامد وابي اسحاق المروزي وابي حاتم القزويني ومال اليه امام الحرمين ورجحه في جمع الجوامع والثاني وهو الصحيح ثلاثة وهو اختيار ابن الصباغ وقال الرافعي انه اشبه بكلام الشافعى وهو الذي جزم به اهل الحديث فلم يذكروا سواه فقالوا ما انفرد به راو واحد غريب او راويان عزيز او ثلاثة فاكثر مشهور قاله الجلال السيوطي فلذا قال في النظم ومنه المستفيض ما شاع عن اصل وليس ذا نقيض مشهورنا بل ردفه والداني اقله ثلاثة لا اثنان وذكر شارح السعود ان المستفيض عند ابن الحاجب ما زاد نقلته على ثلاثة وان بعضهم قد رفعه عن واحد اي اقله اثنان وبعضهم رفعه عما يلي الواحد الذي هو الاثنان فاقله عنده ثلاثة وبعضهم جعل المستفيض واسطة بين المتواتر وخبر الاحاد فخبر الواحد ما افاده الظن والمتواتر ما افاده العلم الضروري والمستفيض ما افاد العلم النظري قال الفهري ومثلوه بما تلقته الامة بالقبول وعملت بمقتضاه كقوله صلى الله عليه وسلم في الرقه ربع العشر ولا تنكح المراة على عمتها وخالتها وجعل المستفيض واسطة هو الذي عليه شرح عمليات فاس اهـ فلذا قال في نظمه والمستفيض منه وهو اربعه اقله وبعضهم قد رفعه عن واحد وبعضهم عما يلي وجعله واسطة قول جلي والله اعلم مسئلة خبر الواحد لا يفيد العلم الا بقرينة وقال الاكثر لا مطلقا واحمد يفيد مطلقا والاستاذ وابن فورك يفيد المستفيض علما نظريا اختلف في خبر الواحد هل يفيد العلم ام لا على اقوال فقيل انه لا يفيد العلم الا بقرينة وهو ما عليه الامدي وابن الحاجب وغيرهما واختاره المصنف وذلك كما في اخبار الرجل بموت ولده المشرف على الموت مع قرينة البكاء واحضار الكفن والنعش فلذا قال الناظم وخبر الواحد لايفيد علما بلا قرينة تشيد وحكى ناظم السعود انه حيث احتوى على القرينة اختير بقوله واختير ذا ان القرينة احتوى وقال الاكثر لا يفيد مطلقا ولو وجدت قرينة وافاد ناظم السعود ان هذا القول عند الجماهير من الحذاق في الاصول حيث قال ولا يفيد العلم بالاطلاق عند الجماهير من الحذاق نعم الا انه وان لم يستفد منه العلم يستفاد منه الظن لقول العلامة ابن عاصم فصل واما خبر الاحاد فالعلم منه غير مستفاد لكن يفيد الظن في الامور وهو بنقل واحد مشهور وافاد الناظم عدم افادة العلم مطلقا عند الاكثرين بقوله والاكثرين بقوله والاكثرون مطلقا لم يفد الجزء: 2 ¦ الصفحة: 67 بخلافه عند احمد فانه يفيد مطلقا حيث قال ومطلقا يفيد عند احمد لكن قال الجلال المحلى بشرط العدالة لانه حينئذ يجب العمل به فلذا قال ناظم السعود وبعضهم يفيد ان عدل روى وذكر في الشرح ان بعضهم وهوابن خويز منداد من المالكية قال ان خبر الواحد يفيد العلم اذا رواه عدل كما قيده ابن الحاجب وغيره اهـ وانما شرح البعض بخصوص من ذكره لان كلامه على خصوص الاصول المالكية على حسب ما اختلف علماؤنا فيها وقول المصنف وقال الاستاذ الخ اي وقال الاستاذ ابو اسحاق الاسفرايني وابن فورك يفيد المستفيض الذي هو من الاحاد عندهما علما نظريا قال الجلال المحلي جعلاه واسطة بين المتواتر المفيد للعلم الضروري والاحاد المفيد للظن وقد مثله الاستاذ بما يتفق عليه ايمة الحديث واشار الناظم الى هه المسئلة بقوله والمستفيض قد راى ابن فورك يفيد علما نظري الملك والله اعلم مسئلة يجب العمل به الفتوى والشهادة اجماعا وكذا ساير الامور الدينية قبل سمعا وقيل عقلا وقالت الظاهرية لا يجب مطلقا والكرخي في الحدود وقوم في ابتداء النصب وقوم فيما عمل الاكثر بخلافه اي يجب العمل بخبر الواحد بكل من فتوى المفتي وشهادة الشاهد فيجب العمل بما يفتي به المفتى ولو كان المفتي واحدا وبشهادة الشاهد ولو كان واحدا فيما يقضي فيه بالشاهد واليمين قال المحقق البناني وليس المعنى ان خبر الواحد الوارد من الشارع يجب العمل به في بابي الفتوى والشهادة كما قد يتوهم من العبارة قال والمراد بخبر الواحد ما لم يبلغ حد التواتر فيشمل االواحد والاكثر اهـ واشار الناظم الى ما ذكره المصنف بقوله وفي الفتاوى والشهادة العمل ختم به قطعا باجماع النحل كما قال ناظم السعود وفي الشهادة وفي الفتوى العمل به وجوبه اتفاقا قد حصل قال في الشرح وكذلك اجمعوا على وجوب العمل به في الدنيويات كاتخاذ الادوية لمعالجة المرضى فانه يجب او يجوز الاعتماد فيها على قول عدل واحد انها دواء مامون من العطب ونحو ذلك كارتكاب سفر وغيره من الاخطار اذا اخبر عدل بانها مامونة وكاتخاذ الغذاء ماكولا او مشروبا اذا اخبر عدل انه لا يضر ولابد ان يكون العدل المخبر بالدنيويات عارفا والا لم يجز الاعتماد اليه ويضمن اذا نشا عطب كما يدل عليه قول خليل مشبها بما فيه الضمان كطبيب جهل قال في التنقيح اتفقوا على جواز العمل به في الدنيويات والفتوى والشهادة اهـ فلذا قال في نظمه كذا جاء في اتخاذ الادوية ونحوها كسفر والاغذية وكذا سائر الامور الدينية يجب العمل فيها بخبر الواحد كدخول وقت الصلاة او تنجس الماء او غير ذلك قيل سمعا لا عقلا لانه صلى الله عليه وسلم كان يبعث الاحاد الى القبائل والنواحي لتبليغ الاحكام فلولا انه يجب العمل بخبرهم لم يكن لبعثهم فائدة وقيل عقلا والقائل به لا ينفي السمع الا ان العمدة عنده العقل وهو انه لو لم يجب العمل بخبر الواحد لتعطلت وقائع الاحكام المروية باءلاحاد وهي كثيرة جدا ولا سبيل الى القول بذلك وانما لم يرجح المصنف الاول كما رجحه غيره جريا على ماهو المعتمد عند اهل السنة من ان الحكم بالشرع لا بالعقل والثاني منقول عن الامام احمد والقفال وابن سريج من ايمة السنة كبعضالمعتزلة ولما كان العقل لا ينافي السمع كما تقدم قال الجلال السيوطي فكان ينبغي لصاحب جمع الجوامع ان يقول وقيل وعقلا قال فلذلك قلت في حكايته وقيل ذين اي بالسمع والعقل معا اهـ اي وهو الجزء: 2 ¦ الصفحة: 68 قوله في النظم متعرضا لترجيح الاول وهكذا سائر امر الدين بالسمع لا العقل وقيل ذين وقالت الظاهرية لا يجب العمل به اي لا يجوز بدليل سياق ادلتهم وانما عبر المصنف بلا يجب لمقابلة ما قبله وهذا انما هو في غير ما سبق اذ العمل به فيما سبق اجماع وعدم جواز العمل به مطلق عندهم عن التفصيل الاتى لانهم يقولون على تقدير حجيته انما يفيد الظن وقد نهي عن اتباعه وذم عليه في قوله تعالى ولا تقف ماليس لك به علم ان يتبعون الا الظن واجيب بان النهي عن اتباع الظن انما هو في اصول الدين لا في الفروع التي الكلام فيها قال الجلال السيوطي وهذا القول نقله في جمع الجوامع عن الظاهرية قال الزركشى وانما يعرف عن بعضهم كالقلشاني وابن داوود كما نقله ابن الحاجب بل قال ابن حزم مذهب داوود انه يوجب العلم والعمل جميعا فلذا اقتصرت في النظم فيما نقله عن ابن داوود فقط اهـ اي وهو قوله ونجل داوود وجوبه نفي وقال الكرخي لا يجب العمل بخبر الواحد في الحدود لانها تدرا بالشبهة لحديث في مسند ابي حنيفة ادرءوا الحدود بالشبهات واحتمال الكذب في الاحاد شبهة وذلك كان يروي شخص عن النبيء صلىالله عليه وسلم من زنى حد واجيب بان الشبهة لا تسلم لان احتمال خبر العدل الكذب ضعيف واشار الناظم الى هذاالقول بقوله ومنع الكرخي في الحد وقال قوم لا يجب العمل به في ابتداء النصب جمع نصاب وهو القدر الذي تجب فيه الزكاة فاول النصب هو اول مقدار تجب فيه الزكاة وثوانيها ما زاد على ذلك من النصب فاذا ورد خبر ءاحاد بان في خمسة اوسق زكاة لم يعمل به عند هذا القائل بخلاف ما اذا ورد بان ما زاد على ذلك فيه الزكاة وقد كان وجوب الزكاة في الخمسة ثابتا بالمتواتر مثلا فانه حينئذ يعمل بخبر الاحاد بوجوب الزكاة في ذلك الزائد واشار الناظم الى ذا القول بقوله وءاخرون في ابتداء النصب وقال قوم لا يجب العمل به في شيء عمل الاكثر في ذلك الشيء بخلاف خبره لان عملهم فيه بخلافه حجة مقدمة عليه واجيب بانه لا يسلم انه حجة لانه ليس باجماع وعطف الناظم هذه المسالة على ما لا يجب فيه العمل بخبر الواحد حيث قال والبعض فيما فعل جل خالفا والمالكية فيما عمل اهل المدينة بخلافه والحنفية فيما تعم به البلوى او خالفه راويه او عارض القياس وثالثها في معارض القياس ان عرفت العلة بنص راجح على الخبر ووجدت قطعا في الفرع لم يقبل او ظنا فالوقف والا قبل والجباءي لا بد من اثنين او اعتضاد وعبد الجبار لا بد من اربعة في الزنى اي وقالت المالكية لا يجب العمل بخبر الواحد فيما عمل اهل المدينة فيه بخلافه لان عملهم كقولهم حجة مقدمة عليه قال المحقق البناني وجهه انهم مطلعون على اقواله وافعاله صلى الله عليه وسلم وانهم ادرى بما استقر عليه الامر من حاله صلى الله عليه وسلم فمخالفتهم مقتضى خبراءلاحاد لاطلاعهم على ماهو مقدم عليه اهـ فلذا قال الناظم عاطفا على ما تقدم مما لايجب العمل بخبر الواحد والمالكي فعل اهل يثرب قال شارح السعود ان خبر الواحد اذا تعارض مع ما نقله جميع مجتهدي المدينة من الصحابة والتابعين فان مالكا منع العمل بخبر الواحد فيقدم عليه نقل اهل المدينة اتفاقا عندنا لانه قطعي وسواء في ذلك ما صرحوا بنقله عنه صلى الله عليه وسلم وما كان له حكم الرفع بان كان لا مجال للراي فيه اهـ فلذا قال في نظمه وما ينافي نقل طيبة منع الجزء: 2 ¦ الصفحة: 69 اذ ذاك قطعي ثم ذكر ان خبر اءلاحاد اذا نافى راي اهل المدينة الكائن عن اجتهاد منهم ان المالكية اختلفوا ايهما يقدم فقول اكثر البغداديين انه ليس بحجة لانهم بعض الامة فيقدم عليه خبر الواحد وذهب ءاخرون الى انه حجة فيقدم على خبر الواحد قال ومحل الخلاف في خبر لا ندري هل بلغ اهل المدينة اولا والمختار عدم التمسك بالاحاد حينئذ لان الغالب عدم خفاء الخبر عليهم لقرب دارهم وزمانهم وكثرة بحثهم عن ادلة الشريعة اما ما بلغهم ولم يعملوا به فهو ساقط قطعا وما علم انه لم يبلغهم فمقدم على عملهم قطعها اهـ واشار الى الاختلاف الذي ذكره في النظم بقوله وان رايا ففي تقدم ذا او ذاك خلف قد قفي ثم افاد انه جاء عن من احكم الاساس اي اتقن القواعد والاصول وهو الامام مالك روايتان في عمل اهل المدينة المخالف للقياس ايهما يقدم ويبنى عليه الخلاف في جريان القصاص في الاطراف بين الحر والعبد والمشهورعنه عدم جريانه وبه قال الفقهاء السبعة وعنه قول ءاخر بجريانه وهو مقتضى القياس لكن المشهور تقديم القياس واشار الى الروايتين في نظمه بقوله كذاك فيما عارض القياس روايتا من احكم الاماما وقالت الحنفية لا يجب العمل بخبر الواحد في حكم تعم به البلوى وعموم البلوى به من حيث احتياج الناس الى السؤال عنه كحديث من مس ذكره فليتوضا صححه الامام احمد وغيره اذ ما تعم به البلوى يكثر السؤال عنه فتقضي العادة بنقله تواترا لتوفر الدعاوي على نقله فلا يعمل باءلاحاد فيه واجيب بانه لا يسلم قضاء العادة بذلك بدليل قبول الامة له في تفاصيل الصلاة ووجوب الغسل من التقاء الختانين وهما مما تعم به البلوى وكذا لا يجب العمل بخبر الواحد فيما اذا خالفه راويه بعد روايته لانه انما خالفه لدليل واجيب بانه في ظنه وليس لغيره اتباعه اذ لا يقلد المجتهد مجتهدا كالغسل من ولوغ الكلب سبعا فان راويه ابا هريرة افتى بثلاث فان تاخرت روايته عن مخالفته او لم يعلم الحال وجب العمل به اتفاقا واشار الناظم الى هذه المسالة والتي قبلها بقوله والحنفي فيما تعم البلوى او خالف الراويه بعد يروى وكذا لا يجب العمل به فيما عارض القياس أي ولم يكن روايه ففيها قال الجلال المحلي اخذا من قوله بعد ويقبل من ليس فقيها خلافا للحنفية فيما يخالف القياس لان مخالفته ترجح احتمال الكذب قلنا لا نسلم ذلك اهـ أي لوجود العدالة المانعة وهذا القول الذي صدر به المصنف هو الاول والثاني العمل به مطلقا والثالث التفصيل في معارض القياس وهو انه ان عرفت العلة في الاصل بنص راجح في الدلالة على الخبر المعارض للقياس ووجدت قطعا في الفرع لم يقبل الخبر المعارض لرجحان القياس عليه حينئذ مثاله ما لو ورد مثلا يحرم الربا في البر لانه يقتات ويدخر وقيس عليه الارز لوجود العلة المذكورة فيه قطعا ثم ورد لا يحرم الربا في الارز فلا يقبل هذا الخبر المعارض للقياس لرجحان القياس عليه حينئذ واما اذا وجدت العلة ظنا في الفرع كما لو فرض في المثال المتقدم ان العلة المذكورة غير مقطوع بها في الارز فالوقف عن القول بقبول الخبر او عدم قبوله لتساوي الخبر والقياس حينئذ نعم اذا لم تعرف العلة بنص راجح بان عرفت باستنباط او نص مساو او مرجوح وان وجدت في الفرع قطعا قبل الخبر فلذا قال الناظم او عارض القياس والثالث ان تعليله يراجح نصا ركن ووجدت في الفرع قطعا يعتبر او ظنا فالوقف والا فالخبر الجزء: 2 ¦ الصفحة: 70 مثال الخبر المعارض للقياس حديث الصحيحين واللفظ للبخاري لا تصروا الابل ولا الغنم فمن ابتاعها بعد فانه يخير النظرين بعد ان يجلبها ان شاء امسك وان شاء ردها وصاعا من تمر بدل اللبن مخالف القياس فيما يضمن به المتلف من مثله او قيمته قاله الجلال المحلي قال المحقق البناني هذا يقتضي ان المراد بالقياس القاعدة والاصل والكلام انما هو في القياس المصطلح عليه فبين كلامه وكلام المصنف تناف ظاهر اهـ وقال ابو علي الجباءي لابد في قول خبر الواحد من اثنين يرويانه او اعتضاد له فيما اذا كان راويه واحدا كان يعمل به غير راويه من بعض الصحابة فلذا قال الناظم وقال باثنين او يعضد بعض ذي اعتزال وقال شارح السعود خبر الواحد لا يحتاج في وجوب العمل به الى اعتضاد بتعدد او بظاهر او بعمل بعض الصحابة على وقفه او انتشار فيهم او اجتهاد خلافا للجباءي في قوله لابد من اعتضاده بواحد مما ذكر قال في نظمه وقد كفى من غير ما اعتضاد خبر واحد من الاحاد والجباءي بضم الجيم وتشديد الباء والمدة وقال عبد الجبار لابد من اربعة في الاخبار الواردة منه صلى الله عليه وسلم في شان الزنى فلا يقبل خبر مادونها فيه كالشهادة عليه وزاد الناظم على المصنف حكاية قول ءاخر عن عبد الجبار انه لايقبل في غير الزنى الا اذا رواه اربعة حيث قال وبعضهم باربع لدى الزنى وقيل بل لغيره ووهنا فاشار بالبعض الى عبد الجبار وان قوله بالاربعة في غير الزنى موهن أي ضعيف مسالة المختار وفاقا للسمعاتي وخلافا للمتاخرين ان تكذيب الاصل الفرع لا يسقط المروي ومن ثم لو اجتمعا في شهادة لم ترد وان شك او ظن والفرع جازم فاولى بالقبول وعليه الاكثر أي المختار وفاقا للسمعاني وخلافا للمتاخرين انه اذا روى ثقة عن ثقة حدثنا ثم ان الشيخ المروي كذب تلميذه الراوي فيما رواه عنه بان قال ما روى عنه هذا الحديث مثلا وانما رواه عن غيره لا يسقط ذلك المروي في الاستدلال به لاحتمال نسيان الاصل له بعد روايته للفرع فلا يكون الفرع بتكذيب الاصل له مجروحا وعلى ما اختاره المصنف الماوردي والروياني وعلى القول بسقوط المروي الاكثر ومنهم الامام والامدي وابن الصلاح والنووي في مختصره وعزاه القاضي ابو بكر للشافعي وابن السمعاتي للاصحاب ومصنفا للمتاخرين ومن اجل القول الاول وهو ان اتكذيب الاصل الفرع لا يسقط المروي يقال او اجتمعا في شهادة لم ترد فلذا قال الناظم المرتضى كما راى السمعاني وصاحب الحاوي مع الروياني وخالف الاكثر ان الاصلا ان كذب الفرع ورد النقلا لا يسقط الذي روى ومن هنا لو شهدا شهادة لم يهنا أي لا يهانان بعدم قبول شهادتهما وزاد ايضا على المصنف انه ان عاد الاصل الى الاقرار بالمروي عنه فالاولى القبول حيث قال في النظم ثم الاولى ان عاد للاقرار خذ قبولا وحكى شارح السعود عن الباجي قولا ثالثا وهو انه ان قال الاصل هذا الحديث في روايتي ولكن لم يروه عني قبل المروي قال وان قال ارو هذا الحديث قطعا فلا خلاف في اسقاط المروي وكلام الباجي هذا قول ثالث اهـ وعنه عبر في نظمه بالشيخ المقتفي أي المتبع للحق حيث قال وقال بالقبول ان لم ينتفي اصل من الحديث شيخ مقتفي كما افاد ايضا ان مخالفة الاصل للفرع لاتقدح في عدالة كل من الراويين كما تقدم ءانفا وكشاهد عارض ءاخر فلا يقدح في عدالة كل منهما لجزم كل من الفرع في الاولى الجزء: 2 ¦ الصفحة: 71 والشهود في الثانية بمقالته فلذا قال في نظمه مشيرا لمخالفة الاصل الفرع وليس ذا يقدح في العدالة كشاهد للجزم بالمقالة وان شك الاصل في انه رواه للفرع او ظن انه ما رواه له والفرع العدل جازم بروايته عنه فاولى بالقبول للخبر مما جزم فيه الاصل بالنفي وعلى القبول الاكثر من العلماء لما تقدم من احتمال نسيان الاصل فلذا قال الناظم او شك او ظن وفرعه يقول جزما ولا حرج فاولى بالقبول وعليه الاكثر وعلى هذا القول درج ناظم السعود ايضا حيث قال عاطفا على فاعل كفى في البيت قبله والجزم من فرع وشك الاصل ثم امر في الشرح بترك العمل بالحديث المروي حيث جزم الاصل بعدم رواية الفرع عنه جزم الفرع ام لا قال وصرح ابن الحاجب بالاتفاق على عدم قبوله والصفي الهندي بالاجماع واختار السبكي عدم السقوط اهـ فلذا قال في نظمه ودع بجزمه لذاك النقل أي دع ذلك النقل أي الحديث المروي أي قبوله بسبب جزم الاصل بعدم رواية الفرع عنه وزيادة العدل مقبولة ان لم يعلم اتحاد المجلس والا فثالثها الوقف والرابع ان كان غيره لا يغفل مثلهم عن مثلها عادة لم تقبل والمختار وفاقا للسمعاني المنع ان كان غيره لا يغفل او كانت تتوفر الدعاوي على نقلها فان كان الساكت عنها اضبط او صرح بنفي الزيادة على وجه يقبل تعارضا افاد المصنف رحمه الله تعالى ان زيادة العدل فيما رواه على غيره من العدول مقبولة ان لم يعلم اتحاد المجلس بان علم تعدده لجواز ان يكون النبيء صلى الله عليه وسلم او الشيخ ذكرها في مجلس وسكت عنها في ءاخر وكذا ان لم يعلم تعدده ولا اتحاده اذ الغالب في مثل ذلك التعدد فلذا قال الناظم واقبل مزيد العمل ان لم يعلم للمجلس اتحاد او علم نمي مثاله خبر مسلم وغيره جعلت لنا الارض مسجداوجعلت تربتها طهورا فزيادة تربيها انفرد بها ابو مالك الاشجعي عن ربعي عن حذيفة ورواية سائر الرواة جعلت لنا الارض مسجدا وطهورا وافاد شارح السعود ان الامام مالكا عنده زيادة العدل على ما رواه غيره من العدول مقبولة بشرط ان يمكن عادة ذهول أي غفلة من لم يروها عن سماعها والا فلا تقبل وان بعض اهل الاصول قال لا تقبل زيادة العدل مطلقا أي امكن الذهول عنها عادة ام لا قال ونقله الابهري عن بعض اصحابنا أي المالكية اذا علم اتحاد المجلس بان لم يحدث المروي عنه بذلك الحديث الا مرة واحدة فان علم تعدده او لم يعلم شيء قبلت عنده اهـ وما ذكر اشار اليه في نظمه بقوله والرفع والوصل وزيد اللفظ مقبولة عند امام الحفظ ان امكن الذهول عنها عاده الا فلا قبول للزيادة وقيل لا ان اتحاد قد علم والوفق في غير الذي مر رسم الشاهد في قوله وزيد اللفظ الخ وعنى بامام الحفظ الامام مالكا وبقوله والوفق الخ هوان يعلم تعدد المجلس او لم يعلم بشئ فالزيادة عند الامام مالك مقبولة ومعنى رسم أي كتب الوفق أي قبول الزيادة في كتب الاصول وقول المصنف رحمه الله والا فثالثها الوقف الخ أي والابان علم اتحاد المجلس فثالث الاقوال الوقف عن قبول الزيادة وعدمه والقول الاول القبول لجواز غفلة غير من زاد عنها والثاني عدمه لجواز خطا من زاد فيها والرابع ان كان غير من زاد لا يغفل بضم الفاء مثلهم عن مثلها عادة لم تقبل الزيادة والا قبلت والى ما ذكر اشار الناظم بقوله والثالث الوقف وقيل ان بدا لسواه يغفل عرفا ارددا والمختار عند المصنف وفاقا للسمعاني منع الجزء: 2 ¦ الصفحة: 72 القبول ان كان غير من زاد لا يغفل مثلهم عن مثلها عادة او كان مثلهم يغفل عن مثلها لكن تتوفر دعاوي من سمعها على نقلها لان توفر الدعاوي يدل على الحرص عليها فلذا قال الناظم مشيرا الى ما ذكر والا شبه المنع هنا وان على نقل توفرت دعاو للملا فان كان الساكت عن الزيادة غير الذاكر لها اضبط ممن ذكرها او صرح بنفي الزيادة على وجه يقبل بان يكون محصورا كان يقول لم اسمعها تعارض الخبران فيها فلذا قال الناظم فان يك الساكت عنها حافظا تعارضا كان نفاها لافظا قال الجلال المحلي بخلاف ما اذا نفاها على وجه لايقبل بان محض النفي فقال لم يقلهاالنبيء صلى الله عليه وسلم فانه لا اثر لذلك ولو رواها مرة وترك اخرى فكراويين ولو غيرت اعراب الباقي تعارضا خلافا للبصري ولو انفرد واحد عن واحد قبل عند الاكثر ولو اسند وارسلوا او وقف ورفعوا فكالزيادة وحذف بعض الخبر جائز عند الاكثر الا ان يتعلق به افاد المصنف رحمه الله ان الراوي لو روى الزيادة مرة وترك اخرى فكراويين وقد عرف حكمهما ممامضى فان اسندها واسند تركها الى مجلسين او سكت قبلت او الى مجلس فقيل تقبل لجواز الخطا في الزيادة وقيل بالوقف عنهما واختاره ابن الصباغ وقيده بما اذا لم يقل كنت انسيت هذه الزيادة فان قال ذلك قبلت واحال الناظم الحكم على نحو ما قرر فيما مضى حيث قال وان تكن من واحد كما مضى وما تقدم من الاقوال فيما ذا لم يتغير المعنى والاعراب واما اذا حصل التغيير فيتعارض خبر الزيادة وخبر عدمها لاختلاف المعنى حينئذ فلذا قال الناظم عاطفا على مدخول ان الشرطية او غيرت اعرابه تعارضا وقال شارح السعود ان اكثر اهل الاصول قالوا بالتعارض بين خبر على الزيادة وخبر عدمها فيطلب الترجيح من خارج اذا غير خبر الزيادة اعراب الخبر الذي ليست فيه فلذا قال في نظمه وللتعارض نمي المغير قال كما روي في خبر الصحيحين فرض رسول الله صلى الله عليه وسلم زكاة الفطر صاعا من تمر الى ءاخره نصف صاع برفع الفاء نائب فاعل روي والا تغيره قبلت وقال البصري من المعتزلة تقبل غيرت ام لا لان موجب القبول زيادة العلم وهو حاصل غيرت ام لا وقيل لا تقبل الزيادة الا اذا افادت حكما وقيل في اللفظ دون المعنى واما لو انفرد واحد عن واحد فيما روياه عن شيخ بزيادة فيقبل المنفرد فيها عند الاكثر لان معه زيادة علم فلذا قال الناظم او واحد عن واحد قد انفرد يقبل وفي الثلاث خلف لا يرد أي وفي المسائل الثلاثة التي ذكرت خلف لا يرد وقيل في هذه المسالة لا يقبل راوي الزيادة لمخالفته رفيقه قال المحقق البناني الظاهر انه ياتي هنا قول الوقف ايضا لتعارض الدليلين ولو اسند الخبر الى النبيء صلى الله عليه وسلم واحد من رواته بان ذكر سنده اليه صلى الله عليه وسلم ولم يسقط الصحابي كان يقول ابن القاسم حدثنا مالك عن نافع عن ابن عمر عن النبيء صلى الله عليه وسلم انه قال كذا والمرسل يسقط فيه الصحابي وهو ابن عمر في المثال المذكور وقول المصنف او وقف ورفعوا قال الجلال المحلي كذا بخط المصنف سهوا وصوابه اورفع ووقفوا أي رفع الخبر الى النبيء صلى الله عليه وسلم واحد من رواته ووقفه الباقون على الصحابي او من دونه فالاسناد او الرفع كالزيادة فيما تقدم فلذا قال الناظم وكالمزيد ارسلوا واسندا او وقفوا وهو الى الرفع غدا قال الجزء: 2 ¦ الصفحة: 73 شارح السعود الرفع مقدم عند امام الحفظ الذي هو الامام مالك على الوقف عند التعارض بينهما فان رواه بعض الثقات مرفوعا الى النبيء صلى الله عليه وسلم ورواه بعضهم موقوفا على الصحابي وكذا اختلفوا فوصل بعضهم وارسل بعضهم سواء كان الرافع والواصل اقل ام لا وتقديم الرفع والوصل هو الراجح في الفقه واصوله لانه من زيادة العدل وهي مقبولة عند مالك والجمهوراهـ فلذا قال في نظمه والرفع والوصل وزيد اللفظ مقبولة عند امام الحفظ وتقدم ءانفا معنى زيد اللفظ وهو زيادة العدل على ما رواه غيره قال في الشرح مثال الاول أي الاختلاف بالرفع والوقف حديث الطواف بالبيت صلاة الا ان الله احل فيه الكلام فقد اختلف في رفعه ووقفه على ابن عباس وحديث افضل صلاة المرء في بيته الا المكتوبة اختلف في رفعه ووقفه ومثال الثاني أي الاختلاف بالوصل والارسال حديث لا نكاح الا بولي رواه اسراءيل بن يونس عن جده ابي اسحاق السبعي عن ابي بردة عن ابيه عن ابي موسى الاشعري عن النبيء صلى الله عليه وسلم ورواه شعبة وسفيان الثوري عن ابي اسحاق عن ابي برده عنه صلى الله عليه وسلم مرسلا فقضى البخاري لمن وصله مع كون شعبة وسفيان كالجبلين في الحفظ والاتقان اهـ ويجري في المسألتين ما يمكن جريانه من الاقوال في زيادة العدل المتقدمة قال الجلال المحلي فيقال ان علم تعدد مجلس السماع من الشيخ فيقبل الاسناد او الرفع لجواز ان يفعل الشيخ ذلك مرة دون اخرى وحكمه في ذلك القبول على الراجح وكذا ان لم يعلم تعدد المجلس ولا اتحاده لان الغالب في مثل ذلك التعدد وان علم اتحاده فثالث الاقوال الوقف عن القبول وعدمه والرابع ان كان مثل المرسلين او الواقفين لا يغفل عادة عن ذكر الاسناد او الرفع لم يقبل والا قبل فان كانوا اضبط او صرحوا بنفي الاسناد او الرفع على وجه يقبل كان قالوا ما سمعنا الشيخ اسند الحديث او رفعه تعارض الصنيعان قال المحقق البناني أي صنيغ الاسناد والارسال وصنيغ الرفع والوقف اهـ واما حذف بعض الخبر فانه جائز عند الاكثر من المحدثين وغيرهم الا ان يحصل التعلق في البعض الاخر به فلا يجوز حينئذ حذفه اتفاقا لاخلاله بالمعنى المقصود فلذا قال الناظم وجائز حذفك بعض الخبر ان لم يختل الباقي عند الاكثر وقال شارح السعود ان حذف بعض الخبر والاقتصار على بعضه جائز عند الاكثر حيث لا ارتباط بين المحذوف والمذكور كالغابة والمستثنى لانه كخبر مستقل فلذا قال في نظمه وحذف بعض قد رءاه الاكثر دون ارتباط قال وقيل لا يجوز ولو لم يرتبط الاحتمال ان يكون للضم فائدة تفوت بالتفريق مثاله في الجواز لعدم الارتباط حديث ابي داوود وغيره انه صلى الله عليه وسلم قال في البحر هو الطهور ماؤه الحل ميتته فانه يجوز روايته بحذف احد جزءيه المذكورين عند ذكر البحر بخلاف نحو حديث الصحيحين انه صلى الله عليه وسلم نهى عن بيع الثمرة حتى تزهو وحديث لا تبيعوا الذهب بالذهب ولا الورق بورق الا وزنا بوزن مثلا بمثل سواء بسواء فلا يجوز حذف حتى تزهو ولا حذف المستثنى نعم يجوز اتفاقا حذف بعض الخبر والاقتصار على بعضه الاخر في التاليف ان لم يرتبط بعضه ببعض كالمستثنى والغاية بلا تعنيف وتشديد انكار لذلك الجواز حيث انه اجازه السلف وفعلوه كمالك واحمد والبخاري والنساءي وابي داوود وغيرهم فلذا قال في نظمه وهو في الجزء: 2 ¦ الصفحة: 74 التاليف يسوغ بالوفق بلا تعنيف قال ومن فوائد تقطيعهم للحديث في الابواب اذا اشتمل على اكثر من حكم واحد الفرار من التطويل وما لم يمكن تقطيعه لقصر او ارتباط وقد اشتمل على اكثر من حكم واحد فانهم يعيدونه بتمامه حيث احتاجوا الى ذكره بحسب الاحكام واذا حمل الصحابي قيل اوالتابعي مرويه على احد محمليه المتنافيين فالظاهر حمله عليه وتوقف ابو اسحاق الشيرازي وان لم يتنافيا فكالمشترك في الحمل على معنييه فان حمله على غيره فالاكثر على الظهور وقيل على تاويله مطلقا وقيل ان صار اليه لعامه بقصد النبيء صلىالله عليه وسلم افاد المصنف رحمه الله ان الصحابي قيل او التابعي اذا حمل مرويه المشترك على احد محمليه المتنافيين كالقرء يحمله على الطهر او الحيض فان الظاهر حمله عليه لان الظاهر انه انما حمله عليه لقرينه وتوقف الشيخ ابو اسحاق الشيرازي في حمله عليه فالمسالة حينئذ خلافية فلذا قال الناظم ثم الصحابي اذا ما حملا قيل او التابعي مرويا على احد محمليه ذي التنافي تتبعه فيه على خلاف قال الجلال المحلي وانما لم يساو التابعي الصحابي على الراجح لان ظهور القرينة للصحابي اقرب لمشاهدته لصاحب الشريعة واطلاعه على ما لم يطلع عليه التابعي واما ان لم يتناف المحملان فيكون كسائر المشتركات في حمله على معنييه قال الجلال المحلي فيحمل المروي على محمليه كذلك والا يقصر على محمل الراوي الا على القول بان مذهبه يخصص اهـ ومن منع حمل المشترك على معنييه يجعل الحكم كما لو تنافيا واشار الناظم الى المسالة بقوله او لا تنافي فهو المشترك في حمله لمعنييه فاسلك نعم ان حمل الصحابي مرويه الغير المشترك على غير ظاهره كان يحمل اللفظ على المعنى المجازي دون الحقيقي فالاكثر على اعتبار ظاهرالمروي قال اءلامدي قال الشافعي كيف اترك الخبر لاقوال اقوام لو عاصرتهم لحجتهم فلذا قال الناظم وحمله على خلاف الظاهر يتبعه قوم من الاكابر والحق لا وقيل يحمل على تاويله مطلقا لانه لا يفعل ذلك الا لدليل وعليه اكثر الحنفية وقيل يحمل على تاويله ان صار اليه لعلمه بقصد النبيء صلى الله عليه وسلم من قرينة شاهدها وهو مذهب ابي الحسين البصري واجيب بان عمل الحامل بذلك أي الظن ليس لغيره اتباعه فيه اذ المجتهد لا يقلد مجتهدا نعم اذا ذكر دليلا عمل به واشار الناظم الى ما ذكره المصنف بقوله وقيل ان يحمل عليه لعلمه بقصدها دينا اليه أي وقيل يتبع ان يحمل على خلاف الظاهر للعلم الخ والله اعلم مسالة لا يقبل مجنون وكافر وكذا صبي في الاصح فان تحمل مبلغ فادى قبل عند الجمهور ويقبل مبتدع يحرم الكذب وثالثها قال مالك الا الداعية ومن ليس فقيها خلافا للحنفية فيما يخالف القياس والمتساهل في غير الحديث والمكثر وان ندرت مخالطته للمحدثين اذا امكن تحصيل ذلك القدر في ذلك الزمان تعرض المصنف رحمه الله في هذه المسالة على ما يشترط في المخبر أي الراوي فذكر انه لا يقبل خبر المجنون أي في الزمن الذي اثر فيه الجنون لخلل في عقله حينئذ اذ كل تكليف بشرط العقل ولا يقبل خبر الكافر لعلو منصب الرواية عن الكافر ولو كان يحرم الكذب قال شارح السعود ان الاعتبار في قبول الخبر دائر على غلبة صدقه أي الراوي فكل ما يخل بغلبة الظن فانه مانع من القبول كخبر الكافر والفاسق وما لا يخل بوجه فلا يمنع اتفاقا وربما يختلف المجتهدون في امر فيذهب كل على الجزء: 2 ¦ الصفحة: 75 ماغلب على ظنه واذا تقرر ذلك فكل اهل الاصول يعتبرون اسلام الراوي فلا يقبل خبر كافر اجماعا لسلبهم اهلية هذا المنصب وان كان متحريا في دينه اهـ فلذا قال في نظمه بغالب الظن يدور المعتبر فاعتبر الاسلام كل من غبر وكذا لا يقبل خبر صبي مميز في الاصح قال شارح السعود ان الصبي المميز لا تقبل روايته اذا كان معروفا بالصدق والصلاح نظرا الى غالب احوال الصبيان لان الصبي لعلمه بعدم تكليفه لا يحتزر على الكذب فلا يوثق به وهذا قول الاكثر وهو الصواب ثم افاد انه اذا كان حال التحمل موصوفا بما ذكر ثم انه في حال الاداء ازيل ذلك المانع بان بلغ فادى ما كان تحمله في حال صباه فيقبل ذا الاداء لانتفاء المحذور السابق وهو مذهب الجمهور كما ان من كافرا فتحمل ثم اسلم فادى قبل فلذا ذكر في نظمه ان اداء من كان ملتبسا بنفي المانع عند التحمل يقبل منه حيث قال مشبها الصبي المميز بما قبله في نفي القبول عند التحمل واعتباره بالقبول عند الاداء كذا الصبي وان يكن تحملوا ثم ادى بنفي منع قبلوا واشار الناظم الى ما ذكره المصنف بقوله لا يقبل الكافر والمجنون ولا مميز له تديين في المرتضى وانه من حملا في النقص نقبله اذا ما كملا وقال العلامة ابن عاصم في تحفه الحكام وزمن الاداء لا التحمل صح اعتباره لمقتض جلي وافاد هنا في مهيع الوصول ان الراوي يشترط فيه التمييز في حالة السماع أي وهي حالة التحمل واذا حدث التمييز فانه لا يكتفي به بل يشترط فيه أي عند الاداء زيادة عليه البلوغ والعقل والاسلام والعدالة حيث قال فصل ومنها ان يكون انواع مميزا في حالة السماع وهبه على بالغ وحيا يحدث التمييز لا يكفينا بل شرطه البلوغ لا محاله والعقل والاسلام والعدالة وسياتي للمصنف اشتراط عدالة الراوي ويقبل خبر مبتدع يحرم الكذب سواء دعا الناس اليه ام لا وقيل لا يقبل مطلقا وثالث الاقوال قال الامام مالك يقبل الا الذي يدعو الناس الى بدعته اذ لا يومن به المبتدع الداعي الى بدعته ان يضع الحديث على وفقها قال المحقق البناني قال السيوطي وهذا القول هو الاصح عند اهل الحديث ومنهم ابن الصلاح والنووي اهـ فلذا قال في النظم وانه يقبل ذو ابتداع يحرم الكذب وغير داع وافاد في السعود انه سمع رد خبر المبتدع بالاطلاق ورده بقيد الداعي حيث قال وفاسق وذو ابتداع ان دعا او مطلقا رد لكل سمعا قال في الشرح ومذهبنا أي معاشر المالكية عدم قبول شهادة المبتدع دعا أم لا قاله حلولو اه وحكى العلامة ابن عاصم ان في رواية المبتدع خلافا بقوله والخلف في رواية المبتدع في الرد والقبول مما قد وعي ويقبل خبر من ليس فقيها خلافا للحنفية فيما يخالف القياس لان مخالفته ترجح احتمال الكذب قال جلال السيوطي ورده أي رد خبر من ليس فقيها الحنفية فيهما اذا روى ما يخالف القياس كحديث المصراة اه فلذا قال في النظم عاطفا على من يقبل وم عدا الفقيه قال الحنفي الا بما يخالف القيس الوفي واما عند المالكية فافاد العلامة ابن عاصم ان من شروط الراوي عند المدارك ان يكون فقيها حيث قال ثم من الشروط عند مالك الفقه من الراوي لدى المدارك وافاد شارح السعود ان رواية غير الفقيه اباها أي ردها اهل المذهب المالكي وهو المنقول عن مالك وذلك لانه لسوء فهمه يفهم الحديث على غير معناه وربما نقله الجزء: 2 ¦ الصفحة: 76 بالمعنى فيقع له الخلل في مقصود الشارع فلذا قال في نظمه من ليس ذا فقه اباه الحيل قال والحيل بكسر الحاء الصنف من الناس والمراد به اهل المذهب ثم افاد ان الدليل اثبت عكس ماذكر وهو قبول رواية غير الفقيه قال كقوله صلى الله عليه وسلم يحمل هذا العلم من كل خلف عدو له ينفون عنه تحريف الغالين وانتحال المبطلين وتاويل الجاهلين ولم يشترط الفقه وقوله رب حامل فقه ليس بفقيه اهـ فلذا قال في نظمه وعكسه اثبته الدليل ويقبل خبر المتساهل في غير الحديث ان يتحرز في الحديث عن النبيء صلى الله عليه وسلم فلذا قال الناظم عاطفا على ما يقبل والمتساهلون في غير الخبر وقال ناظم السعود ومن له في غيره تساهل أي يقبل خبر من له في غير الحديث تساهل مع تحرزه في الحديث وتشديده فيه وقال العلامة ابن عاصم فصل ولا يقدح في الروايه عند اولي التحقيق والدرايه ماكان من تساهل الناقل في شيء سوى علم الحديث فاعرف وافاد شارح السعود ان عجمي اللسان ومن لا يحسن العربية تقبل روايتهما أي كما تقبل رواية التساهل في غير الحديث اذ العدالة تمنع ان يروي الا كما سمع قال وكذا يقبل مجهول المنمى أي النسب قال قال القرافي في التنقيح قال الامام ولا يخل بالراوي تساهله في غير الحديث ولا جهله بالعربية ولا الجهل بنسبه ولا مخالفة اكثر الامة لروايته اهـ قال وكذلك لا تضر مخالفته للمتواتر من كتاب او سنة اهـ فلذا قال في نظمه ذو عجمة او جهل منمي يقبل كخلقه لا كثر الرواة وخلفه للمتواترات كما اشار العلامة ابن عاصم الى ما لا ضرر فيه مما ذكر بقوله ولا خلاف اكثر الناس له فيما رواه واجاد نقله ولا جهل اللسان العربي وكون ما يروي خلاف المذهب وكذا يقبل المكثر من الرواية والحال ان مخالطته للمحدثين ندرت لكن اذا امكن تحصيل ذلك القدر الكثير الذي رواه من الحديث في ذلك الزمان الذي خالط فيه المحدثين والا ردت كلها لظهور كذبه في بعض لا نعلم عينه فتوقف كلها فلذا قال الناظم ومكثر خلطة اهله ندر امكنه تحصيل ذاك القدر في ذاك الزمان قبل والا فقف وافاد ما ذكر ناظم السعود ايضا بقوله وكثرة وان لقي يندر فيما به تحصيله لا يحظر وشرط الراوي العدالة وهي ملكة تمنع عن اقتراف الكبائر وصغائر الخسة كسرقة لقمة والرذائل المباحة كالبول في الطريق أي وشرط الراوي أي لغير المتواتر لما مر من عدم اشتراط الاسلام في روايته العدالة وهي ملكة أي هيئة راسخة في النفس قال المحقق البناني ظاهر كلام الفقهاء عدم اعتبار الملكة وانه يكفي في تحقق العدالة بالنسبة للشهادة وغيرها مجرد اجتناب الامور المذكورة من اقتراف الكبائر اهـ أي تمنع العدالة من اكتساب الكبائر وصغائر الخسة كسرقة لقمة وتطفيف تمرة والرذائل المباحة أي الجائزة كالبول في الطريق الذي هو مكروه والاكل في السوق لغير سوقي فيتقي كل فرد من المباحات الخارقة للمروءة وهي كل ما يشين عرفا فلذا قال الناظم وشرطه عدالة توافي ملكة تمنع عن اقتراف كبيرة او ضغيرة لخسة او جائز يخل بالمروءة وجلب ناظم السعود ما نظمه العلامة ابن عاصم في تحفه الحكام في تعريف العدل بعد ان ابتدا بعدل الرواية الذي اشرطه الاصوليون في غير الحديث المتواتر قائلا عدل الرواية الذي قد اوجبوا هو الذي من بعد هذا يجلب والعدل من يجتنب الجزء: 2 ¦ الصفحة: 77 الكبائرا ويتقي في الغالب الصغايرا وما ابيح وهو في العيان يقدح في مروءة الانسان وجلبت ما نظمه هنا في مهيع الوصول حيث قال والعدل من يجتنب الكبائرا مع التوقي بعد للصغايرا وكل ما يقدح في المروءة من المباحات سوى الممنوعة وذكر شارح السعود ما تفترق فيه عدالة الرواية عن عدالة الشهادة فافاد ان اشترط الذكورة في الشهادة في غير الاموال ولا تشترط في الرواية واشتراط الحرية في الشاهد عند الاكثر بخلاف الراوي وليست العداوة والقرابة بمانعة في الرواية بخلاف الشهادة فلذا قال في نظمه وذو انوثة وعبد والعدا وذو قرابة خلاف الشهدا فلا يقبل المجهول باطنا وهوالمستور خلافا لابي حنيفة وابن فورك وسليم وقال امام الحرمين يوقف ويجب الانكفاف اذا روى التحريم الى الظهور هذه المسالة مفرعة على اشتراط العدالة في المسالة قبلها فلذا عقبها بالفاء أي فلا يقبل المجهول باطنه وهوالمستور لانتفاء تحقق شرط القبول وهو العدالة المتقدمة في قوله وشرط الراوي العدالة خلافا لابي حنيفة وابن فورك وسليم الرازي في قولهم بقبول رواية من جهل باطنه اكتفاء بظن حصول الشرط فانه يظن من عدالته في الظاهر عدالته في الباطن قال الجلال السيوطي المجهول اقسام احدها مجهول الباطن عدل الظاهر وهو المستور وفي قبول روايته اقوال احدها لايقبل وصححه في جمع الجوامع لانتفاء تحقق شرط القبول وهوالعدالة ولهذا فرعه عليه بالفاء والثاني تقبل وهو الاصح عند اهل الحديث وصححه ابن الصلاح في مختصره والنووي في شرح المهذب اكتفى بالظن لانه يظن من عدالته في االظاهر عدالته في الباطن وقد نبهت أي في النظم كما سياتي على ترجيحه من زيادتي أي على المصنف والثالث وعليه امام الحرين الوقف على قبوله ورده الى ان يتبين حاله بالبحث عنه الي ظهور حاله اهـ وهذا نصه في النظم فرد في المرجح المستور قلت قبوله هو المشهور وقيل قف وكف للظهور حيث روى الحديث في المحظور قوله وكف الخ أي يجب الانكفاف عما ثبت حله بالاصل اذا روى المستور التحريم فيه الى الظهور لحاله احتياطا واما عندنا معاشر المالكية فنقل عن الشيخ حلولو ما لفظه واذا ثبت اشتراط العدالة ورد رواية الفاسق فالمستور متردد بين الفسق والعدالة فلا تقبل روايته للشك في حصول الشرط اهـ أي شرط العدالة فلذا قال العلامة ابن عاصم وما يروى فاسقا او مجهول في حاله ليس له قبول وهو ما صدر به المصنف ايضا اولا اما المجهول باطنا وظاهرا فمردود اجماعا وكذا مجهول العين فان وصفه نحو الشافعي بالثقة فالوجه قبوله وعليه امام الحرمين خلافا للصيرفي والخطيب وان قال لا اتهمه فكذلك وقال الذهبي ليس توثيقا افاد المصنف رحمه الله ان الراوي المجهول باطنه وظاهره مردود اجماعا قال شارح السعود يجب اجماعا رد رواية الراوي المجهول مطلقا أي ظاهرا وباطنا وحكى بعضهم الخلاف فيه اه فلذا قال الناظم ورد من بظاهر مجهول وباطن وقد حكي القبول وكذا مجهول العين نحو عن رجل او امراة او شيخ فهو مردود اجماعا لانضمام جهالة العين الى جهالة الحال قاله لجلال المحلي وذكر الجلال السيوطي ان المراد بمجهول العين ما تفرد بالرواية عنه واحد فهو من زياداته على المصنف فلذا قال في النظم وهكذا مجهول عين ما روي عنه سوى فرد وجرحا ما حوى اي ما جمع جرحا لثقته وايد مازاده الجلال على المصنف شارح السعود بقوله والصواب الجزء: 2 ¦ الصفحة: 78 ان مجهول العين من لم يرو عنه الا واحد وهو المذكور عن ابن عبد البر وعليه اصطلاح اهل الحديث ورده منقول عن اكثر العلماء اه فالمردودون حينئذ في الرواية من جهل مطلقا ومن جهل في عينه او فيما بطن وهو المتقدم في قول المصنف سابقا فلا يقبل المجهول باطنا فلذا قال الشارح في نظمه فدع لمن جهل مطلقا ومن في عينه بجهل او فيما بطن فان وصف نحو الشافعي من ايمة الحديث من روى عنه وهو مجهول العين بالثقة كقول الشافعي كثيرا اخبرني الثقة وكذلك مالك قليلا فالوجه حينئذ قبوله وعليه امام الحرمين لان واصفه من ائمة الحديث والظاهر انه لا يصفه بالثقة الا بعد البحث التام والخبرة التامة خلافا للصيرفي والخطيب البغدادي في قولهما لا يقبل لجواز ان يكون فيه حارج لم يطلع عليه الواصف قال الجلال المحلي واجيب ببعد ذلك جدا مع كون الواصف مثل الشافعي او مالك محتجا به على حكم في دين الله تعالى اهـ فلذا قال الناظم والوصف من الشافعي بالثقة عند امام الحرمين توثقه وقيل لا وان قال نحو الشافعي في وصفه لا اتهمه كقول الشافعي اخبرنى من لا اتهمه فكذلك يقبل وخالف فيه الصيرفي وغيره للعلة المتقدمة وذا اللفظ يكون توثيقا معمولا به على القول الاول وغير معمول به على الثاني وقال الذهبي ليس بتوثيق اصلا لانه نفي للتهمة من غير تعرض لاتقانه ولا لانه حجة واجيب بان ذلك اذا وقع من مثل الشافعي محتجا به على حكم في دين الله تعالى كان المراد به ما يراد بالوصف بالثقة وان كان هذا اللفظ اعني لا اتهمه دون الوصف بالثقة واشار الناظم الى ما اشار اليه المصنف بقوله ومثله لا اتهم والذهبي ليس توثيقا تسم أي لم يتسم توثيقا عند الذهبي ويقبل من اقدم جاهلا على مفسق مظنون او مقطوع في الاصح أي الاصح قبول رواية من اقدم على امر يقتضي الفسق جاهلا به جهلا يعذر به قال الشيخ الشربيني بان قرب اسلامه او نشا بعيدا عن العلماء اهـ قال الجلال السيوطي سواء كان الدليل على فسقه ظنيا كشرب النبيذ او قطعيا كشرب الخمر وسواء اعتقد الاباحة ام لم يعتقد شيئا لعذره بالجهل وقيل لا يقبل مطلقا لارتكاب الفسق وان اعتقد الاباحة وقيل يقبل في المظنون دون المقطوع اهـ وافاد في النظم ما افاده المصنف بقوله قبول من اقدم جاهلا على مفسق ظنا وقطعا ذو اعتلا قال الشيخ حلولو وكان الشيخ عز الدين ابن عبد السلام يقول ياثم من جهة القدوم اذ يجب على كل احد ان لا يقدم على فعل حتى يعلم حكم الله فيه واما الفعل في نفسه فما علم في الشرع قبحه اثمناه به والا لم نؤثمه اهـ قال الجلال المحلي اما المقدم على المفسق عالما بحرمته فلا يقبل قطعا اهـ وقد اضطرب في الكبيرة فقيل ما توعد عليه بخصوصه وقيل ما فيه حد وقيل نص الكتاب على تحريمه او وجب في جنسه حد وقال الاستاذ والشيخ الامام كل ذنب ونفيا الصغاير أي اضطرب في حد الكبيرة فاختلفوا في ضبط الذنوب الكبائر وتمييزها عن الصغاير حتى قال ابن عبد السلام لم اقف لها أي للكبائر على ضابط يعني سالما من الاعتراض اهـ فقيل هي ما توعد عليه بخصوصه في الكتاب او السنة وقيل هي ما فيه حد قال الجلال المحلي وهم أي الفقهاء أي بعضهم الى ترجيح هذا اميل قال والاول ما يوجد لاكثرهم وهو الاوفق لما ذكروه أي الاصوليون عند تفصيل الكبائر واشار الناظم الى القولين بقوله وفي الكبيرة اضطراب اذ تحد فقيل ذو توعد وقيل حد وقيل ما نص القرءان على تحريمه او وجب في جنسه حد كما قال الناظم الجزء: 2 ¦ الصفحة: 79 وقيل مافي جنسه حد وما كتابنا بنصه قد حرما وقال الاستاذ ابو اسحاق الاسفرايني والشيخ الامام والد المصنف هي كل ذنب وقالا ليس في الذنوب صغيرة بل كلها كبائر نظرا الى عظمه من عصي بها قال الحقق البناني ولا يخفى انه مخالف للظواهر كقوله تعالى ان تجتنبوا كبائر ما تنهون عنه نكفر عنكم سيئاتكم ونحوه من السنة كثيرا اهـ وحيث ان بعض الذنوب لا يقدح في العدالة اتفاقا قال بعضهم ان الخلاف راجع الى التسمية لا الى المعنى قال الناظم في هذا القول الذي قاله المصنف وقيل كل والصغار نفيت وحكى قولا ءاخر زائدا على المصنف وهو ان الكبيرة لا حد لها وهي مخفية من بين الذنوب ليحصل الاجتهاد في اجتباب المنهيات كلها خشية الوقوع فيها كاخفاء ليلة القدر والصلاة الوسطى فلذا قال وقيل لا حد لها بل خفيت والمختار وفاقا لامام الحرمين كل جريمة تؤذن بقلة اكثرات مرتكبها بالدين ورقة الديانة أي والمختار عند المصنف وفاقا لامام الحرمين ان المعصية الكبيرة هي كل جريمة تؤذن بقلة اعتناء مرتكبها واهتمامه بالدين وبرقة الديانة أي ضعفها فلذا قال الناظم والمرتضى قول امام الحرمين جريمة تؤذننا بغيرمين بقلة اكتراث من اتاه بالدين والرقة في تقواه قال الجلال المحلي مشيرا لقول المصنف في المتن هذا بظاهره يتناول صغيرة الخسة والامام انما ضبط به ما يبطل العدالة من المعاصي الشامل لتلك أي لصغيرة الخسة لا الكبيرة فقط كما نقله المصنف استرواحا اهـ أي من غير كمال تامل ونقل المحقق البناني ما قاله الامام حيث قال قال في ارشاده كل جريمة تؤذن بقلة اكتراث مرتكبها بالدين ورقة الديانة فهي مبطلة للعدالة اهـ قال الجلال المحلي ولما كان ظاهر كل من التعاريف انه تعريف للكبيرة مع وجود الايمان بدا المصنف في تعديدها بما يلي الكفر الذي هو اعظم الذنوب فقال كالقتل والزنى واللواط وشرب الخمر ومطلق المسكر والسرقة والغصب والقذف والنميمة وشهادة الزور واليمين الفاجرة وقطيعة الرحم والعقوق والفرار ومال اليتيم وخيانة الكيل والوزن وتقديم الصلاة وتاخيرها والكذب على رسول الله صلى الله عليه وسلم وضرب المسلم وسب الصحابة وكتمان الشهادة والرشوة والدياثة والقيادة والسعاية ومنع الزكاة وياس الرحمة وامن المكر والظهار ولحم الخنزير والميتة وفطر رمضان والغلول والمحاربة والسحر والربا وادمان الصغيرة عد المصنف رحمه الله من الكبائر افرادا عديدة اولها القتل والمراد العمد العدوان لقوله تعالى ومن يقتل مؤمنا متعمدا الاية والزنى عده في الصحيح من الكبائر والمعنى اذا كان غير مخطيء لظنه انها امراته واللواط وقد سماه الله تعالى فاحشة كما هو الزنى قال الشيخ حلولو لانه اوجب فيه الرجم من غير اعتبار احصان وشرب الخمر مطلقا والمسكر من غيره والسرقة قال الله تعالى والسارق والسارقة فاقطعوا ايديهما قال الشيخ حلولو وتعليل ذلك بوجوب الحد فيها يقتضي ان المراد سرقة النصاب من حرز مثله بلا شبهة اهـ والغصب للوعيد الوارد فيه وقيده بعض الشافعية بغصب نصاب السرقة والقذف أي بالزنى او اللواط للوعيد الوارد فيه في القرءان وفي الصحيح عده من السبع الموبقات والنميمة وهي نقل كلام الناس بعضهم الى بعض على جهة الافساد بينهم قال الله تعالى مشاء بنميم وشهادة الزور وفي الصحيحين انها من اكبر الكبائر واليمين الفاجرة قال صلى الله عليه وسلم من حلف على مال امري مسلم بغير حق لقي الله وهو عليه غضبان رواه الشيخان وروي مسلم الجزء: 2 ¦ الصفحة: 80 فقد اوجب الله له النار وحرم عليه الجنة فقال رجل وان كان شيئا يسيرا يا رسول الله قال وان كان قضيبا من اراك وقطيعة الرحم وهو القريب من جهة الاب او الام قال الله تعالى فهل عسيتم ان توليتم الاية وفي الصحيح لا يدخل الجنة قاطع والعقوق روي في الصحيحين انه من الكبائر والمعروف اختصاصه بالوالدين والفرار من الزحف ففي الصحيحين انه من السبع الموبقات وذلك بشرطان يفر من اقل من المثلين واكل ما اليتيم بغير حق قال الله عز وجل ان الذين ياكلون اموال اليتامى ظلما الاية وفي الصحيح عده من الموبقات والخيانة في الكيل والوزن قال الله تعالى ويل للمطففين الاية وتقديم الصلاة على وقتها وتاخيرها عنه وتعمد الكذب على رسول الله صلى الله عليه وسلم قال صلى الله عليه وسلم فيما رواه الشيخان من كذب على متعمدا فليتبوا مقعده من النار وضرب المسلم بلا حق روى مسلم عن النبيء صلى الله عليه وسلم صنفان من امتي من اهل النار لم ارهما قوم معهم سياط كاذناب البقر يضربون بها الناس ونساء كاسيات عاريات الحديث وقوله صلى الله عليه وسلم لم ارهما يوم القيمة كناية عن غضبه صلى الله عليه وسلم على ذينك الصنفين وسب الصحابة قال صلى الله عليه وسلم لا تسبوا اصحابي فوالذي نفسي بيده لو ان احدكم انفق مثل احد ذهبا ما ادرك مد احدهم ولا نصيفه رواه الشيخان وكتمان الشهادة قال الله تعالى ومن يكتمها فانه ءاثم قلبه قال الجلال المحلي أي ممسوخ والرشوة وهي ان يبذل مالا ليحق باطلا او يبطل حقا قال صلى الله عليه وسلم لعنة الله على على الراشي والمرتشي والدياثة وهي استحسان الرجل على اهله وفي حديث ثلاثة لا يدخلون الجنة العاق والديه والديوث ورجلة النساء قال الجلال المحلي قال الذهبي اسناده صالح اهـ والقيادة وهي استحسان الرجل على غير اهله وهي مقيسة على الدياثة والسعاية أي عند السلطان بما يضربه المسلمين قال الشيخ حلولو قال ولي الدين وان كان صدقا ومنع الزكاة وروى الشيخان انه صلى الله عليه وسلم مامن صاحب ذهب ولا فضة لا يؤدي منها حقها الا اذا كان يوم القيمة صفحت له صفايح من نار فاحمى عليها نار جهنم فيكوي بها جنبه وجبينه وظهره الحديث وياس الرحمة قال الله تعالى انه لا يياس من روح الله الا القوم الكافرون وامن المكر بالاسترسال في المعاصي والاتكال على العفو قال الله تعالى فلا يامن مكر الله الا القوم الخاسرون والظهار كقول الرجل لزوجته انت علي كظهر امي قال الله تعالى فيه وانهم ليقولون منكرا من القول وزورا أي حيث شبهوا الزوجة بالام في التحريم وتناول لحم الخنزير والميتة لغير ضرورة قال الله تعالى قل لا اجد فيما اوحى الي محرما على طاعم يطعمه الا ان يكون ميتة او دما مسفوحا او لحم خنزير فانه رجس وفطر رمضان من غير عذر لان صومه من اركان الاسلام ففطره يؤذن بقلة اكتراث مرتكبه بالدين والغلول وهو الخيانة من الغنيمة قال الله تعالى ومن يغلل يات بما غل يوم القيامة والمحاربة وهي قطع الطريق على المارين باخافتهم قال تعالى انما جزاء الذين يحاربون الله ورسوله ويسعون في لارض فسادا الاية والسحر ففي الصحيح عده من السبع الموبقات والرباء بالباء الموحدة وهو معروف قال الله تعالى يايها الذين ءامنوا اتقوا الله وذروا ما بقي من الربا وفي الحديث عده من السبع الموبقات أي المهلكات وادمان الصغيرة أي المواظبة عليها من نوع او انواع وافاد شارح السعود ان الاصرار الجزء: 2 ¦ الصفحة: 81 على الصغيرة أي المواظبة والمداومة عليها يبطل الوثوق بصدق الخبر فلذا قال في نظمه ولا صغيرة مع اصرار المبطل الثقة بالاخبار قال في الشرح وفائدة هذا البيت جعل الادمان على فعل الصغيرة كبيرة فيعد في الكبائر حيث عدت ولذلك ذكره السبكي عند عدها اهـ قال الجلال المحلي وانواع الكبائر غير منحصرة فيما عده أي المصنف كما اشار اليه بالكاف وتعرض الناظم رحمه الله لذكر الكبائر التي عدها المصنف فقال كالقتل والزنى وشرب الخمر ومطلق المسكر ثم السحر والقذف واللواط ثم الفطر وياس رحمة وامن المكر والغصب والسرقة والشهادة بالزور والرشوة والقيادة منع زكاة ودياثة فرار خيانة في الكيل والوزن ظهار نميمة كتم شهادة يمين فاجرة على نبينا يمين وسب صحبه وضرب المسلم سعاية عق وقطع الرحم حرابة تقديمه الصلاة او تاخيرها ومال ايتام رووا واكل خنزير وميت والربا والغل او صغيرة قد واظبا والله اعلم مسالة الاخبار عن عام لا تنفع فيه الرواية واخلافه الشهادة تعرض المصنف رحمه الله للفرق بين الرواية والشهادة وهو مما تشتد الحاجة الى معرفته في الفقه واصوله لافتراقهما في بعض الاحكام ذكر القرافي انه اقام اربع سنين يتطلب الفرق بينهما حتى ظفر به شرح المازري للبرهان لامام الحرمين في الاصول ثم ساق معنى ما ذكره المصنف بقوله الاخبار الخ والمعنى ان الرواية هي ذكر خبر يتعلق بجميع الناس لا ترافع فيه الى الحكام كقول القائل قال صلى الله عليه وسلم انما الاعمال بالنيات فان معناه يتعلق بكل احد والشهادة ذكر خبر يختص ببعض الناس يمكن فيه الترافع الى الحكام كقول القائل اشهد بان لفلان على فلان كذا فلذا قال لناظم رواية اخباره عن عام بلا ترافع لى الحكام وغيره شهادة وافادشارح السعود ان الشهادة هي الاخبار عن خاص ببعض الناس يمكن الترافع فيه الى حكام الشريعة والرواية غير ذلك وهو الاخبار عن عام او عن خاص لا يمكن الترافع في كل منهما الى حكام الشريعة فلذا قال في نظمه شهادة الاخبار عما خص ان فيه تراجع الى القاضي زكن وغيره رواية فلذا قال الجلال المحلي وينبغي ان يزاد في التعريف الاول أي تعريف المصنف الرواية غالبا قال حتى لا يخرج منه الخواص اهـ وحيث ان المروي لا ينحصر في الخبر بل يشمل الانشاءات من الامر والنهي ونحوهما فيلزم رجوعها اليه بتاويل قال الجلال المحلي فتاويل اقيموا الصلوة ولا تقربوا الزنى مثلا الصلاة واجبة والزنى حرام وعلى هذا القياس اهـ واشهد انشاء تضمن الاخبار لامحض الاخبارا وانشاء على المختار وصيغ العقود كبعث انشاء خلافا لابي حنيفة أي اذا قال الشاهد اشهد بكذا فعلى القول المختار انه انشاء تضمن الاخبار بالمشهود به وذلك ان مضمون لفظ اشهد هو شهادة الشاهد أي تاديتها عن الحاكم وهو انه وجد في الخارج بهذا اللفظ فينطبق حينئذ على لفظ اشهد انه انشاء لوجود مضمونه المذكور في الخارج به وتضمنه الاخبار بالنظر الى متعلق اللفظ وهو المشهود به اذ هو خبر لصدق حد الخبر عليه لوجود خارج لنسبته قال المحقق البناني فحاصل هذا القول ان اشهد انشاء تعلق بالاخبار فهو أي هذا القول ناظر الى اللفظ ومتعلقه وهو المشهود به اهـ وقيل انه خبر محض بالنظر الخ المتعلق فقط وقيل انه انشاء فقط بالنظر الى اللفظ فقط وحكى الناظم الاقوال الثلاثة بقوله اشهد انشا شيب بالاخبار لا شخص الجزء: 2 ¦ الصفحة: 82 ذا او ذا على المختار واما صيغ العقود كبعت واشتريت وزوجت وتزوجت فانها انشاء لوجود مضمونها في الخارج بها خلافا لابي حنيفة في قوله انها اخبار على اصلها وذلك بان يقدر مضمونها في الخارج قبل التلفظ بها حتى يحصل صدق الخبر عليها قال المحقق البناني وفيه انه لا ضرورة لذلك بل تقول نقلت صيغة الخبر الى الانشاء فصارت حقيقة عرفية فيه اه واشار الناظم الى ما هو المعتبر بقوله والمعتبر في صيغ العقود انشا لا خبر قال القاضي ويثبت الجرح والتعديل بواحد وقيل في الرواية فقط وقيل لا فيهما وقال القاضي يكفي الاطلاق فيهما وقيل يذكر سببهما وقيل سبب التعديل فقط وعكس الشافعي وهو المختار في الشهادة واما الرواية فالمختار يكتفي الاطلاق اذا علم مذهب الجارح وقول الامامين يكفي اطلاقهما للعالم بسببهما هو راي القاضي اذ لا تعديل وجرح الا من العالم تقدم للمصنف رحمه الله ان شرط الراوي العدالة ثم انها تثبت بامور منها الاختبار بالمعامله والمخالطة التي تطلع على خفايا النفوس ودسائسها ومنها التعديل أي التزكية ممن ثبتت عدالته كما قال العلامة ابن عاصم في المهيع ثم بالاخبار او بالتزكيه عدالة تثبت فيه مقضيه ومنها الانتشار أي السماع متواترا كان او مستفيضا واشار اليها ناظم السعود بقوله ومثبت العدالة اختبار كذاك تعديل والانتشار ثم ان لمصنف الان تكلم على الاختلاف في اشتراط العدد في التعديل بمن ثبتت عدالته فقيل انه تثبت الجرحة والعدالة بواحد في الرواية والشهادة نظرا الى ان ذلك خبر وقيل لا فيهما نظرا الى ان ذلك شهادة فلا بد من العدد فيه وقيل يثبت ما ذكر بالواحد في الرواية فقط بخلاف الشهادة رعاية للتناسب فيهما اذ الواحد يقبل في الرواية دون الشهادة والى ذا القول الاقوى اشار الناظم بقوله والثالث الاقوى قبول الواحد في الجرح والتعديل لا في الشاهد كما قال ناظم السعود عن ذوي الدراية والخبرة في ذا الثالث وقال بالعدد ذو دراية في جهة الشاهد لا الرواية وذكر القولين قبله المذكورين ءانفا فافادان الثاني منهما اعني اشتراط التعدد في الرواية والشهادة مروي عن الامام مالك قال قال الابياري والذي يقتضيه قياس مذهبه اشتراط في الرواية ايضا لان كلا منهما شهادة فلا بد من التعدد قال حلولو مبينا ايضا وجه القياس ما لفظه لان اشتراط العدد في تعديل الشاهد وتجريحه انما هو لاجل مكوكنا بذلك ملك الشهادة للشخص وعليه فثبوت الاختصاص والعدد في الشهادة لازم ولا يحسن ان يقال التزكية في حق الشاهد شهادة وفي حق المخبر خبر لان معقول الشهادة فيهما جميعا على حد واحد وهو الانباء بامر يختص بالشهود له او عليه فالصواب اذن لا فرق اهـ والقول باشتراط تعدد المعدل والمتخرج في الرواية والشهادة عزاه الفهري للمحدثين والابياري لاكثر الفقهاء اهـ فلذا قال في نظمه كلاهما يثبته المنفرد ومالك عنه روي التعدد والضمير في كلامهما للتعديل والجرح والذي ذكره العلامة ابن عاصم انهما يحصلان بعدل واحد وان منعه منقول حيث قال ويحصل التجريح والتعديل بواحد ومنعه منقول ثم ان القاضي ابا بكر لما ذكر اولا انه يثبت الجرح والتعديل بواحد ذكر ايضا انه يكفي الاطلاق فيهما ف لا يحتاج الى ذكر سببهما في الرواية والشهادة اكتفاء بعلم الجارح فلذا حكى الناظم عنه الاطلاق في بابي الجزء: 2 ¦ الصفحة: 83 التعديل والتجريح قائلا والجرح والتعديل في البابين قاضيهم يقبل مطلقين وقيل يذكر سببهما ولا يكفي اطلاقهما لاحتمال ان يجرح بما ليس بجارح وان يبادر الى التعديل عملا بالظاهر وقيل يذكر سبب التعديل فقط دون سبب الجرح اذ مطلق الجرح يبطل الثقة ومطلق التعديل لا يحصلها لجواز الاعتماد فيه على الظاهر وحكى الناظم هذين القولين قائلا وقيل لا يقبل الا بالسبب وقيل في التعديل لا الجرح وجب والامام الشافعي رضي الله عنه يقول بعكس القول الاخير وهو انه يلزم ذكر سبب الجرح للاختلاف فيه دون سبب التعديل وهذا العكس هو المختار في باب الشهادة واما باب الرواية فيكفي فيه الاطلاق في التعديل والجرح اذا عرف مذهب الجارح من انه لا يجرح الا بقادح ولا يكتفي بمثل ذلك في باب الشهادة لتعلق الحق فيهما بالمشهود له فلذا قال الناظم والعكس في باب الشهادة الاصح وفي سواها اول اذا وضح مذهب جارح واما قول الامامين أي امام الحرمين والامام الرازي يكفى اطلاق الجرح والتعديل من العالم بسببها ولا يكفي من غيره فهو راي القاضي المتقدم فحينئذ قولهما وافق قوله السابق فلذا قال الناظم: قول الامامين واطلاقهما يكفي من العالم اسبابهما وافقه اذ لا يقبل تعديل وجرح الا من العالم بسببهما كما قال الناظم: والتعديل لا يقبل الا من امام ذي علا وعليه فلا يقال ان قول الامامين غير قول القاضي بل انما صرحا بما يعلم التزاما من كلام القاضي والله اعلم والجرح مقدم ان كان عدد الجارح اكثر من المعدل اجماعا وكذا ان تساويا او كان الجارح اقل وقال ابن شعبان يطلب الترجيح أي اذا عدل قوم شخصا وجرحه ءاخرون فالجرح مقدم عند التعارض على التعديل ان كان عدد الجارح اكثر من عدد المعدل اجماعا وكذا ان تساوى عدد الجارح وعدد المعدل او كان عدد الجارح اقل من عدد المعدل لاطلاع الجارح على ما لم يطلع عليه المعدل فلذا قال الناظم مشيرا للجرح وذا في المعتمد مقدم ان زاد او اقل عدد وقال ابن شعبان من المالكية يطلب الترجيح في القسمين الاخيرين وهما اذا تساويا او كان الجارح اقل وزاد الجلال السيوطي على المصنف ان الجارح اذا كان اقل من المعدل بان كان المعدل اكثر فان الجارح حينئذ يكون مرجوحا وفي التساوي يحصل التعارض ولا يرجح احدهما الا بمرجح كما حكي عن ابن شعبان فلذا قال الناظم مشيرا للجرح وقيل في القلة ذا مرجوح وفي التساوي يطلب الترجيح وتعرض شارح السعود ايضا لهذه المسالة مفيدا ان الجرح مقدم باتفاق ابدا ان كان المجرح اعلى في العدد حسبما افاد المصنف الاجماع عليه وان غير هذا القسم وهو ما استوى فيه العدد او كان عدد المعدل اكثر فانه يصار الى الترجيح حسبما استفيد عن ابن شعبان ءانفا فلذا قال في نظمه طبق ما حكاه المصنف والجرح قدم باتفاق ابدا ان كان من جرح العى عددا وغيره كهو بغيرمين وقيل بالترجيح في القسمين ومن التعديل حكم مشترط العدالة بالشهادة وكذا عمل العالم في الاصح ورواية من لا يروي الا للعدل التعديل قد يكون بالتصريح وقد تقدم وقد يكون بالتضمين وفيه صور منها حكم مشترط العدالة في الشاهد بالشهادة من شخص فلذا قال الناظم والحكم من مشترط العدالة تضمن التعديل بالشهادة وكذا عمل العالم المشترط للعدالة في الراوي برواية شخص تعديل له اذ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 84 لم يكن عدلا لما عمل بروايته ومثله ان افتى بها وهو ما صححه المصنف بل ادعى اءلامدي الاتفاق عليه قال الجلال السيوطي والمصحح في كتب الحديث خلافه وانه ليس تعديلا للراوي ولا تصحيحا للمروي وبه جزم النووي في التقريب تبعا لابن الصلاح وقيل ان كان في مسالك الاحتياط لم يكن تعديلا والا فتعديل وعليه امام الحرمين اهـ ومن التعديل للمروي رواية من لا يروي الاعن العدل بان صرح بذلك او عرف من عادته وقيل لا لجواز ان يترك عادته قال الجلال السيوطي وعليه اهل الحديث لجواز رواية العدل عن غير العدل وترك عادة من اعتاد الرواية عن العدل اهـ وتعرض لحكاية الخلاف في المسالتين في النظم عاطفا على ما يحصل به التعديل بقوله وعمل العالم او رواية من ما روى الا لعدل غاية وفيهما خلف وتعرض ناظم السعود ايضا لهؤلاء الثلاثة الذين ذكرهم المصنف الحاصل بهم التعديل مبتدئا بحكم مشترط العدالة الذي هو القاضي حيث قال وفي قضا القاضي واخذ الراوي وعمل العالم ايضا ثاوي أي اثبات العدالة ثاو أي كائن في قضاء القاضي الخ نعم افاد انه يشترط في كل من الثلاثة المذكورة في البيت ان يعلم كون كل واحد منهم ملتزما رد من ليس بعدل والا لم يكن ما ذكر تعديلا اتفاقا فلذا قال وشرط كل ان يرى ملتزما ردا لما ليس بعدل علما ولي من الجرح ترك العمل بمرويه ولا الحكم بمشهوده ولا الحد في شهادة الزنى ونحو النبيذ ولا التدليس بتسمية غير مشهورة قال ابن السمعاني الا ان يكون بحيث لو سئل لم يبينه ولا عطاء شخص اسم ءاخر تشبيها كقولنا ابو عبد الله الحافظ يعني الذهبي شبيها البيهقي يعني الحاكم ولا بايهام اللقي والرحلة اما مدلس المتون فمجروح تعرض المصنف رحمه الله للكلام على امور قد يتوهم انها تقتضي الجرح والامر ليس كذاك فازال ذلك الايهام فيها بقوله وليس من الجرح الخ أي ليس من الجرح لشخص ترك العمل بمرويه وترك الحكم بمشهوده لجواز ان يكون الترك لمعارض لا لعدم عدالته فلذا قال الناظم وما ترك العمل والحكم جرحا فالمعارض احتمل وكذا ليس من الجرح الحد له في شهادة الزنى بان لم يكمل نصابها لانه حينئذ لانتفاء النصاب لا لمعنى في الشاهد ولا في نحو شرب االنبيذ من المسائل الاجتهادية المختلف فيها لجواز ان يعتقد اباحة ذلك وليس من الجرح التدليس بان يسمي الراوي شيخه بتسمية غير مشهورة له كي لا يعرف وهذا يسمى بتدليس الشيوخ فليس بجرح مطلقا سواء بينه بعد السؤال عنه ام لا فلذا قال الناظم ولا كحد في شهادة الزنى ولا النبيذ والذي روى هنا باسم خفى نعم قال ابن السمعاني يجوز ما ذكر من التدليس ولا يكون جرحا الا ان يكون بحيث لو سئل عنه لم يبينه فيكون صنيعه حينئذ جرحا له لظهور الكذب فيه فلذا قال الناظم وابي السمعاني ان كان لا يسمح بالبيان وليس من الجرح التدليس بتسمية شخص شيخه باسم اشتهر لغيره تشبيها قال المحقق البناني كقول المصنف في بعض كتبه حدثنا ابو عبد الله الحافظ يعني شيخه الذهبي تشبيها لنفسه بالبيهقي في قوله حدثنا ابو عبد الله الحافظ يعني شيخه الحاكم لظهور المقصود من كون المصنف القائل ذلك لم يعاصر الحاكم فمعلوم ان المراد بابي عبد الله في قوله حدثنا ابو عبد الله هو الذهبي لا الحاكم لبعد عصر المصنف من عصره فلذا قال الجزء: 2 ¦ الصفحة: 85 الناظم ولا باعطاء شيوخ فيها اسم مسمى ءاخر تشبيها وكذا ليس من الجرح التدليس بايهام اللقي والرحلة قال الجلال المحلي الاول كقول من عاصر الزهري مثلا ولم يلقه قال الزهري موقعا في الوهم أي في الذهن انه سمعه والثاني ان يقال حدثنا وراء النهر موهما جيحون والمراد انهر مصر كان يكون بالحيزة لان ذلك من المعاريض لا كذب فيه اهـ والمعاريض جمع تعريض على غير قياس نعم مدلس متون الحديث وهو من يدرج كلامه معها بحيث لا يتميزان فمجروح وهو حرام لايقاعه غيره في الكذب على رسول الله صلى الله عليه وسلم واشار الناظم الى ما لا يثبت به الجرح والى ما يثبت به بقوله ولا بايهام اللقا والرحلة نعم بتدليس المتون اثبت والله اعلم مسالة الصحابي من اجتمع مؤمنا بمحمد صلى عليه وسلم وان لم يرو ولم يطل بخلاف التابعي مع الصحابي وقيل يشترطان وقيل احدهما وقيل الغزو او سنة تكلم المصنف رحمه الله على تعريف الصحابي فافاد ان الشخص الذي يسمى صحابيا أي صاحب النبيء صلى الله عليه وسلم من اجتمع به في حال كونه مؤمنا به ذكرا كان او انثى كما يوخذ من عموم من وان لم يرو عنه شيئا ولم يطل اجتماعه به فلذا قال الناظم حد الصحابي مسلما لاقى الرسول وان بلا رواية عنه طول بخلاف التابعي مع الصحابي فلا يكفي في صدق اسم التابعي على الشخص اجتماعه بالصحابي من غير اطالة للاجتماع به بالنظر للعرف في الصحبة والفرق ان الحصة اليسيرة مع السراج المنير صلى الله عليه وسلم يحصل للمومن فيها من الاسرار والانوار حيث انه منبعها ما لا يحصل عند غيره في الزمن الطويل وحصوله مع غيره لا يكون الا بواسطته ايضا اذ لولا الواسطة كما قيل لذهب الموسوط فهو لنمد للاول والثاني وهلم جرا سبحان من اختاره على جميع مخلوقاته وربك يخلق ما يشاء ويختار فانت المصطفى المنتخب يامختار عليك صلاة الله وسلامه ان الله وملئكته يصلون على النبئ يايها الذين ءامنوا صلوا عليه وسلموا تسليما وقيل لابد من الرواية واطالة الاجتماع في صدق اسم الصحابي فلذا قال الناظم خلاف تابع مع الصحابة قيل مع طول ومع رواية وقيل يشترط احدهما فقط وقيل يشترط في صدق اسم الصحابي الغزو مع النبيء صلى الله عليه وسلم او مضى سنة على الاجتماع به قال الجلال السيوطي وقيل لايشترط في الصحابي الاجتماع بل هو من ادرك زمنه مومنا وان لم يره حكى هذا القول القرافي في شرح التنقيح والعراقي في شرح الفيته عن يحيى بن عثمان ابن صالح امصري وقد حكيته في النظم من زيادتي اهـ أي وهو قوله وقيل مع طول وقيل الغزو او عام وقيل مدرك العصر ولو الشاهد للزيادة قوله وقيل مدرك العصر ولو ادعى المعاصر العدل الصحبة قبل وفاقا للقاضي والاكثر على عدالة الصحابة وقيل كغيرهم وقيل الى قتل عثمان وقيل الا من قاتل عليا أي ولو ادعى المعاصر للنبيء صلى الله عليه العدل الصحبة له قبل وفاقا للقاضي ابي بكر الباقلاي لان عدالته تمنعه من الكذب في ذلك فلذا قال الناظم اذا ادعى المعاصر المعدل صحبته ففي الاصح يقبل كما قال ناظم السعود اذا ادعى المعاصر العدل الشرف بصحبة يقبله جل السلف والاكثر من العلماء السلف والخلف على عدالة الصحابة فلا يبحث عنها في رواية ولا شهادة لانهم خير الامة فلذا قال ناظم السعود والصحب الجزء: 2 ¦ الصفحة: 86 تعديلهم كل اليه يصبو ثم ذكر في الشرح عن القرافي ان معنى قول العلماء الصحابة عدول يريد به الذين كانوا ملازمين له صلى الله عليه سلم المهتدين بهديه هذا هو احد التفاسير للصحابة اهـ وعبر عن القرافي في النظم بامام مؤتمن في قوله واختار في الملازمين دون من رءاه مرة امام مؤتمن فامام فاعل اختار وقيل هم كغيرهم قال الناظم والاكثرون كلهم عدول وقيل بل كغيرهم مسؤول وقيل هم عدول الى حين قتل عثمان رضي الله عنه وقيل هم عدول الا من قاتل عليا رضي الله عنه فلذا الناظم وقيل حتى قتل عثمان خلا وقيل الا من عليا قاتلا والله اعلم مسالة المرسل قول غير الصحابي قال صلى الله عليه وسلم واحتج به ابو حنيفة ومالك واءلامدي مطلقا وقوم ان كان المرسل من ايمة النقل ثم هو اضعف من المسند خلافا لقوم والصحيح رده وعليه الاكثر منهم الشافعي والقاضي قال مسلم واهل العلم بالاخبار فان كان لا يروي الا عدل قبل وهو مسند أي المرسل هو قول غير الصحابي تابعيا كان او من بعده قال النبيء صلى الله عليه وسلم كذا مسقطا الواسطة بينه وبين النبيء وهذا الاصطلاح عند اهل الفقه واهل الاصول فلذا قال الناظم قول سوى الصاحب قال المصطفى مرسلنا وقال ناظم السعود ومرسل قولة غير من صحب قال امام الاعجمين والعرب وافاد في الشرح ان المرسل في اصطلاح المحدثين قول التابعي كبيرا كان او صغيرا قال النبيء صلى الله عليه وسلم وقال بعضهم هو قول التابعي الكبير قال صلى الله عليه وسلم فلذا قال في نظمه عند المحدثين قول التابعي او الكبير قال خير شافع قال والقول الاول هو المشهور واحتج بالمرسل ابو حنيفة ومالك واحمد مطلقا فلذا قال الناظم رحمه الله ثم احتجاجه اقتفى ثلاثة الايمة الاعلام قالوا الان العدل لا يسقط الواسطة بينه وبين النبيء صلى الله عليه وسلم الا وهو عدل عنده والا كان ذلك تلبيسا قادحا فيه واختار الامدي ما عليه الايمة وقال قوم ان كان المرسل من ايمة النقل كسعيد بن المسيب والشعبي فيحتج به بخلاف من لم يكن منهم ثم هو على الاحتجاج به اضعف من المسند أي الذي اتصل سنده فلم يسقط منه احد خلافا لقوم في قولهم انه اقوى من المسند قالوا لان العدل لا يسقط الامن يجزم بعدالته بخلاف من يذكره فانه يحيل الامر فيه على غيره والصحيح رد الاحتجاج به وعليه الاكثر منهم الامام الشافعي والقاضي ابو بكر الباقلاني قال مسلم في صحيحه واهل العلم بالاخبار أي ومنهم اهل العلم بالاخبار فانهم ردوا الاحتجاج به للجهل بعدالة الساقط وان كان صحابيا لاحتمال ان يكون ممن طرا له قادح قاله الجلال المحلي فلذا قال الناظم وقيل اقوى حجة من مسند ورده الاقوى وقول الاكثر كالشافعي واهل علم الخبر نعم ان كان المرسل لا يروي الا عن عدل كابن المسيب يفتح الياء المثناة من تحت على المشهور على السنة المحدثين وابي سلمة ابن عبد الرحمان لا يرويان الا عن ابي هريرة قبل المرسل حينئذ لانتفاء المحذور وهو الجهل بعدالة الساقط ويكون حينئذ حكما اذ اسقاط العدل كذكره فلذا قال الناظم ما لم يك المرسل لا يعتمد الا عن العدول وان عضد مرسل كبار التابعين ضعيف يرجح كقول صحابي او فعله او الاكثر او اسناد او ارسال او قياس او انتشار او عمل العصر كان المجموع حجة وفاقا للشافعي لا مجرد المرسل ولا المنظم الجزء: 2 ¦ الصفحة: 87 فان تجرد ولا دليل سواه فالاظهر الانكفاف لاجله أي وان عضد مرسل كبار التابعين وهم الذين اكثر رواياتهم عن الصحابة قال الجلال المحلي كقيس بن ابي حازم وابي عثمان النهدي بفتح النون وابي رجاء العطاردي ضعيف يصلح لان يرجح وذلك كقول صحابي او فعله او قول الاكثر من العلماء ليس فيهم صحابي او اسناد مشتمل على ضعف او عضد مرسل كبار التابعين ارسال بان يرسله ءاخر يروي عن شيوخ الاول او قياس معنى بان كان غير منظور فيه لعلة الحكم بل لعدم الفرق بين المقيس والمقيس عليه مثاله ما لو ورد يحرم الربا في البر ولم ينص الشارع على العلة فقيس عليه الارز بجامع عدم الفرق بينهما فلو كان منظورا فيه الى العلة لكان اصوليا فتكون الحجة به مستقلة لا معضدة للمرسل وكذا يحصل تعضيده بالانتشار له من غير نكير او عمل اهل العصر على وفقه فيكون حينئذ المجموع من المرسل وما انضم اليه مما عضده من المذكورات حجة وفاقا للشافعي رضي الله عنه لا مجرد المرسل ولا مجرد المنضم اليه لضعف كل منهما على انفراد وافاد الناظم ما افاده المصنف بقوله او يعتضد مرسل تابع من الكبار بقول صاحب او انتشار او فعله او فعل اهل العصر او بقول جمهور ومرسل رووا او مسند او بقياس يوجد فالحجة المجموع لا المنفرد نعم ان تجرد المرسل عن العاضد ولا دليل في الباب سواه وكان مدلوله المنع من شيء فالاظهر حينئذ وجوب الانكفاف عن ذلك الشيء لاجله احتياطا ذا ليس بحجة حينئذ فلذا قال لناظم او لم يكن فيه سوى مرسله فالاظهر انكفافنا لاجله والله اعلم مسالة الاكثر على جواز نقل الحديث بالمعنى المعارف وقال الماوردي ان نسي اللفظ وقيل ان كان موجبه علما وقيل بلفظ مرادف وعليه الخطيب ومنعه ابن سيرين وثعلب والرازي وروي عن ابن عمر وقع اختلاف بين العلماء في رواية حديث النبيء صلى الله عليه وسلم بالمعنى فلذا قال العلامة ابن عاصم ثم في الحديث نقله بالمعنى الخلف فيه والجواز ادنى وانما كان الجواز ادنى أي اقرب من المنع لان عليه الاكثر من العلماء منهم الايمة الاربعة فلذا صرح في السعود ناظم اصولنا معاشر المالكية بالجواز المسموع من امامنا بقوله ومالك عنه الجواز قد سمع نعم ذكر في الشرح ما ذكره المصنف هنا من انه انما يجوز ذلك لعارف بمدلولات الالفاظ أي مدلول اللفظ الوارد ومدلول ما ياتي به بدله بحيث لا يتفاوت مدلولهما وهو معنى قول الناظم والاكثرون جوزوا للعارف اي لانه اذا كان عارفا بمدلولات الالفاظ لا يزيد في المعنى ولا ينقص منه عن النقل كما قال العلامة ابن عاصم ولا يرى يزيد في المعنى ولا ينقص منه عند ما قد نقلا وافاد شارح السعود ايضا انه يشترط في الجواز ان يكون جازما أي قاطعا بفهم معنى الحديث نعم نقل ان البعض يكتفي بغلبة الظن حيث قال في نظمه لعارف يفهم معناه جزم وغالب الظن لدى البعض انحتم وافاد ايضا ان مجوزي نقل الحديث بالمعنى يشترط عندهم في الجواز مع ذكر من الشروط معرفة استواء العبارتين في الخفاء والظهور فلا يبدل لفظ ظاهر الدلالة على معنى بلفظ خفي الدلالة على ذلك المعني ولا يعكس فلذا قال في نظمه والاستواء في الخفاء والجلا لدى المجوزين حتما حصلا وقد ذكر هذا الشرط العلامة ابن عاصم ايضا في قوله واشترط المجيز ان لا يلفى وقد الجزء: 2 ¦ الصفحة: 88 اتى بما يكون اخفى نعم هناك من فرق بين الاحاديث الطوال والقصار قال الشارح المذكور قال المازري وانفرد القاضي عبد الوهاب بانه يجوز النقل بالمعنى في الاحاديث الطوال للضرورة دون القصار فلذا قال في نظمه وبعضهم منع في القصار دون التي تطول لاضطرار وتعرض المحقق البناني لدليل جواز نقل الحديث بالمعنى قائلا ثم من الادلة السمعية على جواز نقل الحديث بالمعنى ما روي الطبراني وغيره من حديث عبد الله بن سليمان الليثي قال قلت يا رسول الله اني اسمع منك الحديث لا استطيع ان ارويه كما سمعه منك يزيد حرفا او ينقص حرفا فقال اذا لم تحلو حراما ولم تحرموا حلالا واصبتم المعنى فلا باس اهـ ثم قال اخيرا نقلا عن ابن قاسم واطلاق قوله فلا باس قرينة قوية على الجواز مطلقا اه ـوقال الماوردي يجوز ان نسي اللفظ لانه تحمل ابتداء اللفظ والمعنى فعجزا خيرا بالنسيان عن اداء احدهما وهو اللفظ فيؤدي الاخر وهو المعنى بلفظ ءاخر ولا يجوز ذلك مع حفظ تحملها الى وقت الاداء لعدم الضرورة وزاد الناظم حكاية القول بالعكس حيث قال وقيل ان ينس وقيل ان ذكر وقيل يجوز ان كان موجب الخبر علما أي اعتقاد كما قال الناظم وقيل ان اوجب علما الخبر اما اذا كان موجبه عملا فلا يجوز في بعض كما اذا ارتقى الى حد من البلاغة تقصر عنه الرواية بالمعنى قال المحقق البناني ومن هنا كان محل النزاع ما ليس من جوامع كلمه صلى الله عليه وسلم نحو لا ضرر ولا ضرار الخراج بالضمان البينة على المدعي واليمين على من انكر كل امر ليس عليه امرنا فهو رد اهـ وقيل يجوز بلفظ مرادف وعليه الخطيب البغدادي كما قال الناظم وجوز الخطيب بالمرادف ونقل شارح السعود ان الابياري من المالكية جعل من محل الاتفاق ابدال اللفظ بالمرادف بان يوتي بلفظ بدل من مرادفه مع بقاء التركيب ومن بعضهم حكى فيه القول بالمنع فلذا قال في نظمه وبالمرادف يجوز قطعا وبعضهم يحكون فيه المنعا وافاد ايضا ان الرهوني من المالكية وغيره حكيا الاجماع على جواز الترجمة على الحديث بالفارسية ونحوها للضرورة في التبليغ للعجم قال يعني ونحوها من لغات العجم قال والظاهر انه يدخل فيه بالاولى لسان اهل الوقت لانه صار لغة مع وجود الضرورة ومع ان جل مفرداته عربية والمقصود بالجميع التفسير لا ان هذا لفظه صلى الله عليه وسلم بل يجب عندي ان ينبه المبدل المخاطب على ذلك اه قال في نظمه وجوزن وفقا بلفظ عجمي ونحوه الابدال للمترجم قال ومحل الجواز اذا كان الابدال للافتاء والتعليم لا للرواية فلا قول المصنف ومنعه ابن سيرين الخ أي ومنع النقل بالمعنى مطلقا ابن سيرين وثعلب وابو بكر الرازي من الحنفية فلذا قال الناظم نقل الاحاديث بمعناها منع ثعلب والرزاي في قوم تبع وروى المنع عن بن عمر رضي الله عنهما حذرا من التفاوت وان ظن الناقل عدمه في العلماء كثيرا ما يختلفون في معنى الحديث المراد قال الجلال المحلي واجيب بان الكلام فيما لا يختلف فيه كما انه ليس الكلام فيما تعبد بالفاظه كالاذان والتشهد والتكبير والتسليم والله اعلم مسالة الصحيح يحتج يقول الصحابي قال صلى عليه وسلم وكذا عن الاصح وكذا سمعته امر ونهي او امرنا او حرم وكذا رخص في الاظهر والاكثر يحتج بقوله من السنة فكنا معاشر الناس او كان الجزء: 2 ¦ الصفحة: 89 الناس يفعلون في عهده صلى الله عليه وسلم فكنا نفعل في عهده فكان الناس يفعلون فكانوا لا يقطعون في الشيء التافه هذه الصيغ التي ذكرها المصنف رحمه الله في هذه المسئلة هي التي يعبر بها الصحابي فيما ينقله عن النبيء صلى الله عليه وسلم وفي الاحتجاج بكل منها خلاف وهي على مراتب فكل مرتبة اعلى من التي بعدها فالصحيح انه يحتج بقول الصحابي قال النبيء صلى الله عليه وسلم لانه ظاهر في سماعه منه فهو اقوى المراتب بعده فلذا قال ناظم السعود ارفعها الصريح في السماع من الرسول المجتبى المطاع فلذا امر بتصيير سمعت منه او اخبرني او حدثني من الصريح حيث قال منه سمعت منه ذا او اخبرا شافهنيه حدثنيه صيرا فكان لذاك اول المراتب كما قال العلامة ابن عاصم اولها حيث يرى يقول حدثني اخبرني الرسول ومثل ذا سمعه وقال لي فالكل نص في تلقيه جلي وكذا بقوله عن النبيء على الاصح لظهوره في السماع منه ايضا وان كان دون الاول فلذا اتى الناظم بثم في قوله ثم عن ان النبيء فهو يشبه ما تقدم ويحمل على التلقي منه صلى الله عليه وسلم فلذا قال العلامة ابن عاصم ومثل هذا بالاشتباه حيث يقول عن رسول الله وكها على التلقي تحمل فهي به ظاهرة اذ تنقل وكذا بقوله سمعته او نهى لان الجمهور على الاحتجاج به لظهوره في صدور امر ونهي منه صلى الله عليه وسلم قال الجلال السيوطي ومن هنا كانت دون ما قبلها المنقول فيها لفظ النبيء صلى الله عليه وسلم بنصه وان كانت هذه مصرحة بنفي الواسطة اهـ قال الشيخ حلولو فلو لم يقل سمعته بل اقتصر على انه صلى الله عليه وسلم امر او نهى فهي احط من التي قبلها وان كان الجمهور على القبول ايضا اهـ أي لاحتمال السماع من الرسول فلذا قال العلامة ابن عاصم معيدا الضمير على المرتبة قبلها وبعدها من قال في نقل الخبر نهى رسول الله عن ذا او امر فهذه فيها احتمال هل سمع ذاك من الرسول ليس يمتنع وكذا يحتج بقول الصحابي امرنا او نهينا او حرم وكذا رخص ببناء الجميع للمفعول في الاظهر لظهور ان الفاعل هو النبيء صلى الله عليه وسلم وافاد شارح السعود ان مذهب المالكية قبوله ووجوب الاحتجاج لظهوره في انه عليه الصلاة والسلام هو اءلامر والناهي لكنه دون ما قبله فلذا قال في نظمه عاطفا على ما يحتج به سوى ان ذا دونه بقوله نم نهي اوامرا ان لم يكن خير الورى قد ذكرا والعلامة ابن عاصم جعله في المرتبة الرابعة في الاحتجاج به حاكيا الاحتمال الذي اشتمل عليه بقوله رابعة ما يرفع التعيينا مثل امرنا او نهينا اذ احتمال فيه ثان ظاهر هل الرسول او او سواه الامر قال شارح السعود ومحل الخلاف ما لم يعرف من قرينة حال الراوي او عادته انه يعني الرسول عليه الصلاة والسلام فيكون ذلك كصريح عبارته بالسماع منه اهـ وهو ما يستفاد من العلامة ابن عاصم حين استثنى الصديق بقوله الااذا يروي عن الصديق فيحصل التبيين للتفريق اذ ليس لمن قد سلفا غير النبي الهاشمي المصطفى والاكثر يحتج بقول الصحابي ايضا من السنة كذا لظهوره في سنة النبيء فلذا قال العلامة ابن عاصم ثم تلي خامسة وهي اذا ما قيل والسنة عندنا كذا فالقصد سنة الرسول حيثما اطلق هذا اللفظ عند العلما وقال فيه ناظم السعود كذا من السنة يروي كما انه يحتج بقول الصحابي كنا معاشر الناس الجزء: 2 ¦ الصفحة: 90 نفعل في عهده صلى الله عليه وسلم وبقوله كان الناس يفعلون في عهده صلى الله عليه وسلم فكنا نفعل في عهده صلى الله عليه وسلم وافاد العلامة ابن عاصم القبول في غير عصر الرسول بقوله وبعدها ان قيل كنا نفعل فلذا سوى عصر الرسول يقبل وافاد ناظم السعود التحاقه بما قبله بقوله والتحق كنا به اذا بعهده التصق فيستفاد من مجموع النظمين ما استفيد من قول المصنف فكنا نفعل في عهده صلى الله عليه وسلم قال الجلال المحلي لظهوره في تقرير النبيء صلى الله عليه وسلم اهـ ويحتج بقول الصحابي فكان الناس يفعلون قال المحقق البناني وانما لم يقيد أي المصنف هذه الصيغة بقوله في عهده الخ لئلا يتكرر مع قوله او كان الناس يفعلون في عهده وبعده يحتج بكانوا لا يقطعون اليد في الشيء التافه أي القليل قال الجلال المحلي قالته عائشة لظهور ذلك في جميع الناس الذي هو اجماع وقيل لا لاءرادة ناس مخصوصين وعطف أي المصنف الصور بالفاء للاشارة الى ان كل صورة دون ما قبلها في الرتبة ومن ذلك يستفاد حكاية الخلاف الذي في الاول في غيرها اهـ ورتب جميعها الناظم ايضا في النظم حيث قال يحتج في الاقوى بقول الصاحب قال النبيء ثم عن ان النبي سمعته امر او نهي فلذا دون سمعت فامرنا بكذا حرم او رخص ثم عنا نحو من السنة ثم كنا معاشر الناس وكان الناس ثم كنا نرى في عهده الثلاث عم تلاه كان الناس يفعلونا وبعد كانوا ليس يقطعونا فلم يزد على المصنف الا امر ونهى بدون سمعت والله اعلم خاتمة مستند غير الصابي قراءة الشيخ املاء وتحديثا فقراءته عليه فسماعه فالمناولة مع الاجازة فالاجازة لخاص في خاص فخاص في عام فعام في خاص فعام في عام فلفلان ومن يوجد من نسله فالمناولة فالاعلام فالوصية فالوجادة تكلم المصنف رحمه الله في هذه الخاتمة ختم الله لنا بالحسنى على كيفية رواية غير الصحابي عن شيخه فافاد ان مستند غير الصحابي في الرواية قراءة الشيخ عليه املاء وتحديثا من غير املاء وكل منهما يكون من حفظ الشيخ او من كتاب له واشار الناظم الى ماذكربقوله مستند الغير الصحابي نقلا سماع لفظ الشيخ املا ام لا أي املاء ام تحديثا من غير املاء وافاد العلامة ابن عاصم ان السماع من الشيخ ارفع ضروب الروايات حيث قال ثم الروايات ضروب جمله ارفعها السماع من شيخ له فقراءته على الشيخ وسواء كانت من كتاب او حفظ وسواء حفظ الشيخ ما قريء عليه ام لا اذا امسك اصله هو اوثقة غيره فسماعه بقراءة غيره على الشيخ فلذا قال العلامة ابن عاصم ثم تلي قراءة عليه ثم سماع قاريء لديه فالمناولة مع الاجازة كان يدفع له الشيخ اصل سماعه او فرعا مقابلا به ويقول له اجزت لك روايته عني فلذا قال الناظم قراءة تتلوه فالسماع ثم اجازة معها تناولا يضم وافاد شارح السعود ان العرض وهو القراءة على الشيخ والسماع من لفظ الشيخ والاذن أي الاجازة مستوية في القوة عند مالك اذا كانت الاجازة معها المناولة فلذا قال في نظمه للعرض والسماع والاذن استوا متى على النوال ذا الاذن احتوى فالاجازة من غير مناولة لخاص في خاص نحو اجزت لك رواية البخاري فخاص في عام نحو اجزت لك رواية جميع مسموعاتي فعام في خاص نحو اجزت لمن ادركني رواية مسلم كما قال ابن الجزري مجيزا طيبة النشر في القراءات العشر وقد اجرتها لكل مقري الجزء: 2 ¦ الصفحة: 91 كذا اجزت كل من في عصر رواية بشرطها المعتبر وقاله محمد ابن الجزري فلذا قال الناظم معيدا الضمير على الاجازة مع المناولة فدونها خاص بخاص فالخاص في العام فالعام تلاه في الخاص قال الشارح السعود ان الرواية بالاجازة والعمل بالمروي بها جائز عندنا أي معاشر المالكية وعليه استقر العمل قال والمراد بالاجازة المجردة عن المناولة سواء كانت مشافهة كان يقول الراوي لغيره قد اجزت لك ان تروي هذا الكتاب مثلا عني او كانت كتابة كان يكتب اليه بذلك أي وهما اللتان ذكرهما العلامة ابن عاصم بعد المناولة في قوله ثم تناول به قد واجهه ثم اجازة مشافهه وبعدها اجازة الكتابة فهذه مراتب الرواية قال وانما يعمل بالاجازة المجردة عن المناولة اذا صح عند المجاز سماع المجيز ما اجازه بظن قوي بان كان يرويه بطريق صحيح لان ذلك يقوم مقام المناولة اذ المقصود حصول السند بطريق صحيح كيف كان فلذا قال في نظمه واعمل بما عن الاجازة روي ان صح سمعه بظن قد قوي فاجازة عام في عام نحو اجزت لمن عاصرفي رواية جميع مروياتي فالاجازة لفلان ومن يوجد من نسله تبعا له وحكى شارح السعود ان الاجازة للمعدوم جائزة كما ذكره المصنف قال قال عياض اجازها معظم الشيوخ المتاخرين قال وبهذا استمر عملهم شرقا وغربا وهو مذهب مالك وابي حنيفة ولا فرق فيه أي في المعدوم بين المعدوم المحض والتابع للموجود قياسا على الوقف على المعدوم وان لم يكن اصله موجودا حال الوقف أي كما قال العلامة ابن عاصم في تحفة الحكام في باب الوقف وللكبار والصغار يعقد وللجنين ولمن سيولد قال الشارح وقد اجاز اصحاب الشافعي الاجازة للمعدوم التابع للموجود دون المعدوم وحده ولذا قال في نظمه لشبهها الوقف تجي لمن عدم وعدم التفصيل فيه منحتم فالمناولة من غير اجازة بان يناوله الكتاب مقتصرا على قوله هذا سماعي او من حديثي ولا يقول له اروه عني ولا اجزت لك روايته ولا نحو ذلك وقد افاد ذا الترتيب الناظم ايضا حيث قال فالعام في العام فالمجاز له ونسله اءلاتيين فالمناوله فالاعلام كان يقول هذا الكتاب من مسموعاتي على فلان مقتصرا على ذلك من غير ان ياذن له في روايته عنه وحكى شارح السعود الخلاف فيه فافاد انه ذهب الى الجواز كثير من المحدثين والفقهاء والاصوليين واليه ذهب ابن حبيب وصححه عياض والى منع الرواية به قياسا على الشاهد اذا ذكر شهادته في غير مجلس الحكم لا يتحملها من سمعها دون اذن قاله غير واحد من المحدثين وغيرهم وقطع به الغزالي قال لانه قد لا يجوز روايته عنه مع كونه سماعه لخلل يعرفه فيه هذا في الرواية واما العمل به فواجب ان صح سنده كما جزم به ابن الصلاح وحكاه القاضي عن محققي الاصوليين وادعى عياض الاتفاق عليه اهـ فلذا قال في نظمه والخلف في اعلامه المجرد واعملن منه صحيح السند فالوصية كان يوصي بكتاب الى غيره عند سفره او موته فالوجادة بكسر الواو كان يجد كتابا او حديثا بخط شيخ معروف فله ان يقول وجدت او فرات بخط فلان او في كتابه بخطه حديث فلان وقال شارح السعود ان الرواية عما وجد مكتوبا من حديث او كتاب بخط شيخ معروف محظول أي ممنوع عند معظم المحدثين والفقهاء المالكية وغيرهم وقد حكى عياض الاتفاق على منع الرواية بالوجادة اهـ وهو معنى قوله والاخذ عن وجادة مما انحظل وفقا وجل الناس يمنع العمل ثم قال وعن الشافعي ونظار الجزء: 2 ¦ الصفحة: 92 اصحابه جوازه أي جواز العمل بالوجادة وقطع بعض محققي الشافعية بوجوب العمل بها عند حصول الثقة به اهـ قال المحقق البناني نقلا عن النووي وهذا هو الصحيح الذي لا يتجه في الزمان غيره اهـ واشار الناظم الى ما ذكره المصنف من الترتيب قائلا ثم كتابة فاعلام تلا وصية ثم وجادة جلا واما اذا كتب الراوي مرويا الى شخص بان هذا سماعه ولم ياذن له في روايته والا كان اجازة فيجوز ان يعمل بمقتضى ذلك الكتاب فيما اذا تحققه بنفسه او ظنه او شهدت بينة به والا فلا يجوز وافاده ناظم السعود بقوله والكتب دون الاذن بالذي سمع ان عرف الخط والا يمتنع ومنع الحربي وابو الشيخ والقاضي الحسين والماوردي الاجازة وقوم العامة منها والقاضي ابو الطيب من يوجد من نسل زيد وهو الصحيح والاجماع على منع من يوجد مطلقا أي ومنع ابراهيم الحربي وابو الشيخ الاصفهاني والقاضي الحسين والماوردي الاجازة باقسامها الستة السابقة ماعدا القسم الاول ومنع قوم العامة منها وهي ثلاث صور اما عامة في الراوي فقط او في المروي فقط او فيهما واشار الناظم الى ماذكر بقوله والمنع في اجازة عن شر ذمه وقوم الاجازة المعممه ومنع القاضي ابو الطيب اجازة من يوجد من نسل زيد قال المحقق البناني أي ولو تبعا فيما يظهر قاله الشهاب اهـ وهو المعتمد فلذا قال الناظم والطبري المنع في من يوجد من نسل زيد وهو المعتمد والاجماع على منع اجازة من يوجد مطلقا من غير التقييد بنسل فلان وهو معنى قول الناظم والكل من يوجد مطلقا حظر قال الجلال المحلي وعطف الاقسام بالفاء اشارة الى ان كل قسم دون ما يليه في الرتبة ومن ذلك حكاية الخلاف في الاجازة يستفاد حكاية خلاف فيما بعدها وهوالصحيح اهـ والفاظ الرواية من صناعة المحدثين أي والالفاظ التي تؤدي بها الرواية من صناعة المحدثين فليطلبها منهم من يريدها فلذا قال الناظم وصيغ الاداء من علم الاثر قال شارح السعود ان اللفظ الذي يؤدى به لفظ الحديث من نحو حدثنا او اخبرنا او انبانا مسطور مقرر في علم الحديث أي ليست الفاظ الاداء مقررة في علم الاصول وان تعرض لها بعض الاصوليين كابن الحاجب والفهري من المالكية قال في نظمه وما به يذكر لفظ الخبر فذاك مسطور بعلم الاثر وذكر الجلال السيوطي ان ذا الفصل فيه فروع وتحقيقات وتفاصيل اودعها محررة في فنها فلذا ختمه بقوله قلت وفي ذا الفصل علم غزرا اودعته في فنه محررا رحم الله الجميع ببركات احاديث سيدنا محمد الشفيع ءامين. الكتاب الثالث في الاجماع لما فرغ المصنف رحمه الله من الكلام على للسنة شرع في الكلام على الاجماع وذلك ان الادلة الشرعية تارة تكون ماخوذة من النص وتارة تكون بالاستنباط واخرى تكون بنقل المذهب أي بالاجماع كما قال العلامة ابن عاصم مشيرا لما يستدل به شرعا وذلك النص بالاستنباط ونقل مذهب به يناط فالنص يوخذ من الكتاب وانقضى الكلام على ذلك فيما تقدم من المباحث قال ابن عاصم فالنص في السنة والكتاب وحكمه يذكر في ابواب واما الاستنباط فانه كما يكون الجزء: 2 ¦ الصفحة: 93 بالقياس يكون بالاستدلال كما قال العلامة ابن عاصم كذاك الاستنباط ذو اجناس كمثل الاستدلال والقياس وسياتي للمصنف الكلام عليهما في الكتابين بعد هذا الكتاب اعني كتاب الاجماع الذي الان الكلام فيه ان شاء الله تعالى وسواء كان قوليا او فعليا او اعتقاديا او سكوتيا على القول بانه اجماع كما سياتي قال ابن عاصم النقل للمذهب في الاجماع وهو اتى مختلف الانواع وقدم المصنف الكلام على الاجماع قبل الكلام على القياس لان الاجماع معصوم عن الخطا اذ لا تتفق الامة على ضلالة بخلاف القياس فقال معرفا له وهو اتفاق مجتهد الامة بعد وفاة محمد صلى الله عليه وسلم في عصر علي أي امر كان الاجماع لغة مشترك بين الازماع أي العزم على الشيء وبين الاتفاق وفي الاصطلاح اتفاق مخصوص وهو ما ذكره المصنف بقوله اتفاق مجتهد الخ الاتفاق هو الاشتراك في الاعتقاد او القول او الفعل او السكوت عند القائل بانه اجماع ومجتهد الامة مفرد مضاف فيعم ويصدق بالاثنين فما فوق اذ ليس بصيغة الجمع لانها لا تصدق باقل من ثلاثة وقوله الامة ال فيه للكمال أي امة الاجابة ويصدق على كل امة من الامم السابقة لكل نبي من الانبياء عليهم الصلاة والسلام لكن ذلك ليس مراداوانما المراد امة محمد صلى الله عليه وسلم خرج به الاجماع الذي في حياته فانه غير منعقد لانه ان كان معهم فالعبرة بقوله ويجب عليهم اتباعه وان لم يكن معهم فلا عبرة بقولهم مع مخالفته لهم فلا يقع الاحتجاج في زمانه الا باقواله وافعاله ودل بقوله في عصر على انه لا يختص بعصر الصحابة وهذا الجار والمجرور قال المحقق البناني قال في التلويح حال من المجتهدين معناه زمان قل او كثروفائدته الاحتراز عما يرد على ترك هذا القيد من لزوم عدم انعقاد اجماع الى ءاخر الزمان اذ لا يتحقق اتفاق جميع المجتهدين الا حينئذ ولا يخفى ان من تركه انما تركه لوضوحه اهـ وذكره ناظم السعود في قوله واطلقن في العصر المتفق عليه قال الشيخ حلولو اذا وقع الاجماع في عصر صار حجة عند المجمعين على من بعدهم اهـ وشروط الاجماع معتبرة في اجماع اهل كل عصر فما اشترط في العصر السابق مثله في العصر اللاحق قال العلامة ابن عاصم فائدة واهل كل عصر اجماعهم كمثله في الامر وقوله على أي امر كان شمل الامر النفي والاثبات والاحكام الشرعية والعقلية واللغوية والمعتبر في الاجماع في الفنون العلمية اهل الاجتهاد في ذلك الفن لا من كانوا مقلدين فيه فلذا قال العلامة ابن عاصم واعتبروا في كل فن وجدا اهله سوى من قلدا فالعبرة في مسائل الكلام مثلا بالمتكلمين وان لم يكونوا مجتهدين في غير الكلام كما ان العبرة هنا بالمجتهدين في الاحكام الشرعية باجماعهم على امر فيها قال العلامة ابن عاصم اجماع الامة اتفاق العلماء لكن على حكم الى الشرع انتمي وذا الحد الفائق المتقن المشتمل على معظم مسائل المحدود الذي حد به المصنف الاجماع حده به الناظم ايضا معترفا بحسنه واتقانه هو اتفاق جاء من مجتهد امتنا بعد وفاة احمد في أي عصر وامر كانا ذلك حد فائق اتفاقا فعلم اختصاصه بالمجتهدين وهو اتفاق واعتبر قوم وفاق العوام مطلقا وقوم في المشهور بمعنى اطلاق ان الامة اجمعت لا افتقار الجزء: 2 ¦ الصفحة: 94 الحجة اليهم خلافا للامدي وءاخرون الاصولي في الفروع شروع من المصنف رحمه الله في شرح الحد أي فعلم اختصاص الاجماع بالمجتهدين والمراد باختصاصه بهم ان لا ينعقد بغيرهم دونهم لان لاينعقد الا بهم وهذا الاختصاص متفق عليه فلا عبرة باتفاق غيرهم دونهم نعم هل يعتبر وفاق غيرهم لهم من العوام في ذلك اقوال فقيل لا يعتبر وهو المختار قال شارح السعود المختار الغاء العوام عن الاعتبار في الاجماع فلذا قال في نظمه فالالغاء لمن عم انتقي وهناك قوم اعتبروا وفاق العوام للمجتهدين مطلقا في المشهور والخفي وقوم اعتبروا وفاقهم في المشهور كتحريم الزنى ووجوب الحج دون الخفي كدقائق الفقه فلذا قال ناظم السعود وقيل في الجلي مثل الزنى والحج لا الخفي وتعرض الشيخ حلولو لهذه المسالة مفيدا ان فيها مذاهب ذكرها القاضي عبد الوهاب احدها عدم اعتبار وفاق العوام أي فيكون اجماع اللفيف ليس بشيء معتبر كما قال العلامة ابن عاصم وليس اجماع اللفيف في البشر عند سوى القاضي بشيء معتبر الثاني اعتبارهم الثالث التفريق حسبما قرر ءانفا قال أي الشيخ حلولو وقال الباجي في الاشارات ما كلفت الخاصة والعامة بمعرفته اعتبرت فيه العامة وما كلفت الخاصة فقط بمعرفته كالبيوع وغيره ثم يعتبر فيه العوام قال وبهذا قال عامة الفقهاء اهـ وهو ما اشار اليه ناظم السعود بقوله وقيل لا في كل ما التكليف بعلمه قد عمم الطيف والله تعالى هو اللطيف الخبير قال في الشرح والعامي لم يكلف بمعرفة نحو البيوع لمشقتها عليه قال ميارة في التكميل وضابط المعفو من جهل عدا ما شق الاحتراز او ما تعذرا وبين المصنف ان الخلاف المذكور في اعتبار العوام ليس المراد به ان قيام الحجة يفتقر الى ذلك وانما معناه انه لا يصدق اجماع الامة في مخالفتهم بل يقال اجمع علماء الامة وعلى القول بعدم اعتبارهم وهو الذي عليه المحققون يصح ان يقال اجمعت الامة وان خالفت العوام قال شارح السعود ان هذا أي قول القائلين باعتبار وفاق العوام في الاجماع هل هو للاحتجاج وهو ظاهر كلام الابياري والفهري منا ومذهب الامدي من الحنابلة فلا ينعقد الاجماع ولا يكون حجة حتى يوافقهم العوام لا ندراجهم تحت عموم الامة ويؤيد هذا القول التفرقة بين المشهور والخفي اهـ قال المحقق البناني لان التفرقة المذكورة تشعر بافتقار الحجة اليهم فيما ادركوه وهوالمشهور دون مالم يدركوه وهو الخفي ولو الغرض مجرد اطلاق ان الامة اجمعت لا بمعنى افتقار الحجة اليهم لم يكن للتفرقة المذكورة معنى اهـ واشار ناظم السعود الى انتفاء القولين بقوله وذا للاحتجاج او ان يطلقا عليه الاجماع وكل ينتقى ونظم ناظم جواهر المصنف في قوله وهو اتفاق وبراي يعتبر وفق العوام مطلقا او ما اشتهر كي يصح اطلاق اجتماع الامة والامدي لافتقار الحجة واعتبر قوم ءاخرون وفاق الاصولي في الفروع وانما اعتبر وفاقه للمجتهدين فيها لتوقف استنباطها على الاصولي واشار الناظم الى ذا القول بقوله وءاخرون في الفروع ذو الاصول وقيل يعتبر الاصولي الذي ليس بفقيه ولا يعتبر الفقيه الذي ليس باصولي لان الاصولي اقرب الى مقصود الاجتهاد واستنباط الاحكام من ماخذها فلذا قال في النظم مشيرا الى الاصولي وقيل هذا الا الفقيه قال الجلال المحلي والصحيح المنع لانه عامي بالنسبة اليهم وبالمسلمين فخرج من نكفره وبالعدول ان كانت العدالة وكنا وعدمه ان لم تكن وثالثها في الفاسق يعتبر في حق نفسه ورابعها ان بين ماخذه أي وعلم اختصاص الاجماع بالمسلمين اذ الاسلام الجزء: 2 ¦ الصفحة: 95 شرط في المجتهد فخرج من نكفره ببدعته فلا عبرة بوفاقه ولا خلافه فلذا قال ناظم السعود وكل من ببدعة يكفر من اهل الاهواء فلا يعتبر واشار الناظم الى ما اشار اليه المصنف بقوله فعلم اختصاصه بالمسلمين فخرج الكافروعلم اختصاصه بالعدول ان كانت العدالة وركنا في الاجتهاد قال المحقق البناني المراد بالركن ما لا بد منه الا حقيقة الركن اذ العدالة شرط لا ركن وعدم الاختصاص بهم ان لم تكن ركنا في الاجتهاد قال الجلال المحلي وهوالصحيح كما سياتي في بابه فهذان قولان في اعتبار وفاق الفاسق وثالث الاقوال في الفاسق يعتبر وفاقه في حق نفسه دون غيره فيكون اجماع العدول حجة عليه ان وافقهم وعلى غيره مطلقا ورابعها يعتبر وفاقه ان بين ماخذه في مخالفته بخلاف ما اذا لم يبينه اذ ليس عنده عدالة تمنعه عن ان يقول شيئا من غير دليل واشار الناظم الى الاختلاف في هذه المسالة بقوله والعدول ان يك ركنا وانتفاء الا ثالثها في فاسق ان جلا ماخذه عند الخلاف يعتبر رابعها في حقه قط معتبر أي فتشرط العدالة في المجمعين ان كانت ركنا في الاجتهاد وينتفي الاشتراط ان لم تكن كذلك فهذان قولان والاخران اعني الثالث والرابع واضحان والله اعلم وانه لابد من الكل وعليه الجمهور وثانيها يضر الاثنان وثالثها الثلاثة ورابعها بالغ عدد التواتر وخامسها ان ساغ الاجتهاد في مذهبه وسادسها في اصول الدين وسابعها لا يكون اجماعا بل حجة أي وعلم انه لابد من الكل حيث ان اضافة مجتهد الى الامة تفيد العموم لانه مفرد مضاف اريد به الجنس فيعم كل فرد من مجتهدي الامة وعليه الجمهور كما قال الناظم وانه لابد من جميعهم كما راى الجمهور في تعريفهم وحينئذ تضر مخالفة الواحد وثاني الاقوال يضر الاثنان دون الواحد وثالث الاقوال تضر الثلاثة دون الواحد والاثنين قال شارح السعود وقال ابن خويز منداد لا تضر مخالفة الواحد والاثنين اهـ فلذا قال في نظمه والكل واجب وقيل لا يضر الاثنان دون ما عليهما كثر وقال الناظم في دين القولين وقيل انما يضر اثنان وقيل بل ثلاثة لاذان ورابع الاقوال تضر مخالفة بالغ عدد التواتر دون من لم يبلغه قال الجلال السيوطي وقيل لا يضر مخالفة الاقل للاكثر حكاه البيضاوي وحكيته من زيادتي أي على المصنف وهو ما ذكره في قوله وقيل ماحد تواتر وصل وقيل لا يضر خلف للاقل وخامسها تضر مخالفة من خالف ولو واحدا ان ساغ الاجتهاد فيما ذهب اليه مما خالف الاجماع بان كان فيه مجال للراي لعدم ورود نص فيه بخلاف ما لا يسوغ فيه الاجتهاد لورود نص فيه كربا الفضل فانه قد ورد فيه النص في الصحيحين وغيرهما وسادسها تضر مخالفة من خالف ولو كان واحدا في اصول الدين لخطره دون غيره من العلوم قال الناظم في ذا وما قبله وقيل ضر في اصول الاعتقاد وقيل فيما ساغ فيه الاجتهاد وسابعها لا يكون الاتفاق مع مخالفة البعض اجماعا فتنتفي عنه حقيقة الاجماع وانما يكون حجة اعتبارا للاكثر قال الجلال للسيوطي وقيل لايسمى اجماعا ولا يكون حجة ولكن الاولى اتباع الاكثر وان كان لا تحرم مخالفتهم وحكاية هذا القول من زيادتي اهـ أي وهو ما زاده على المصنف في قوله في النظم وقيل حجة ولا اجماع وقيل الا والا حسن اتباع وانه لا يختص بالصحابة وخالف الظاهرية وعدم انعقاد في حياة النبيء صلى الله عليه وسلم وان الجزء: 2 ¦ الصفحة: 96 التابعي المجتهد معتبر معهم فان نشا بعد فعلى الخلاف في انقراض العصر أي وعلم ان الاجماع لا يختص بالصحابة لصدق مجتهد الامة في عصر بهم وبغيرهم ايضا وخالف الظاهرية فقالوا يختص بهم لكثرة غيرهم كثرة لا تنضبط فبيعد اتفاقهم على شيء وذكر الناظم عدم اختصاصهم به في قوله وانه ما اختص بالاكابر أي صحبه وشذ اهل الظاهر وعلم عدم انعقاده في حياة النبيء صلى الله عليه وسلم من قوله بعد وفاته قال الجلال المحلي ووجهه انه ان وافقهم فالحجة في قوله والا فلا اعتبار بقولهم دونه اهـ أي كما مر ءانفا ومثل قوله فعله وتقريره وافاد الناظم ما ذكره المصنف بقوله وفي حياة المصطفى لم ينعقد قطعا وعلم ان التابعي المجتهد وقت اتفاق الصحابة معتبر معهم حيث انه من مجتهد الامة في عصر فلذا قال ناظم السعود واعتبر مع الصحابي من تبع ان كان موجودا والا فامتنع فان نشا اجتهاده بعد اتفاقهم فيكون اعتبار وفاقه لهم مبني على الخلاف في انقراض العصر فان اشترط اعتبر وان لم يشترط وهو الصحيح فلا يعتبر قال الناظم وان التابعي المجتهد معتبر معهم فان في الاثر وصوله على انقراض العصر قوله فان في الاثر أي فان نشا اجتهاد التابعي في الاثر ابى بعد اتفاق الصحابة اعتبار وصول وفاقه اليهم مبني على الخلاف في انقراض العصر وان اجماع كل من اهل المدينة واهل البيت والخلفاء الاربعة والشيخين واهل الحرمين واهل المصرين البصرة والكوفة غير حجة وان المنقول بالاحاد حجة وهو الصحيح في الكل أي وعلم ان اجماع اهل المدينة النبوية غير حجة لانه اتفاق بعض من المجتهدين لا كلهم وعقد المحقق البناني تنبيها تعرض فيه لمذهب المالكية في القول بحجية اجماع اهل المدينة قائلا استدل ابن الحاجب للقول بان اجماع اهل المدينة من الصحابة والتابعين حجة عند مالك وقال القرافي في شرح المحصول بعد كلام قرره وعلى كل تقدير فلا عبرة بالمكان بل لو اخرجوا من هذا المكان الى مكان ءاخر كان الحكم على حاله فهذا سر هذه المسالة عند مالك لا خصوص المكان بل العلماء مطلقا خصوصا اهل الحديث يرجحون الاحاديث الحجازية على الاحاديث العراقية لقول بعض المحدثين اذا تجاوز الحديث الحرة انقطع نخاعه وسببه انه مهبط الوحي فيكون فيه الضبط ايسر واكثر واذا بعدت الشقة كثر الوهم والتخليط اهـ قال العلامة ابن عاصم وعند مالك واهل المذهب معتبر اجماع اهل يثرب مقدم عندهم على الخبر وخلف غيرهم له فيه اشتهر واختلف الجمع في التصريح بانه من اوجه الترجيح وقال شارح السعود ان اجماع اهل المدينة عند مالك فيما لا مجال لراي فيه حجة لقوله صلى الله عليه وسلم المدينة كالكير تنفي خبثها كما ينفي الكبير خبث الحديد والخطا خبث فوجب نفيه عنهم ولان خلفهم ينقل عن سلفهم فيخرج الخبر عن حيز الظن والتمييز الى حيز اليقين وقال بعض المالكية ان اجاعهم حجة مطلقا أي ولو كان فيما للاجتهاد فيه مجال اهـ فلذا قال في نظمه واوجبن حجية للمدني فيما على التوقيف امره بني وقيل مطلقا قول المصنف واهل البيت الخ أي وعلم ان اجماع اهل البيت النبوي وهم فاطمة وعلي والحسن والحسين رضي الله عنهم والشيخين ابي بكر وعمر واهل الحرمين مكة والمدينة واهل المصرين الكوفة والبصرة غير حجة لانه اتفاق بعض الجزء: 2 ¦ الصفحة: 97 المجتهدين من الامة لا كلهم قال الناظم وان الاجماع من الشيخين والخلفا وفقها المصرين والحرمين او من اهل طيبه وبيت خير الخلق غير حجه وقال ناظم السعود عاطفا على ما هو ممنوع في الحجية وما الى الكوفة منه ينتمي والخلفاء الراشدين فاعلم وما قد اجمعا عليه اهل البيت مما منعا وحكى العلامة ابن عاصم ان قوما عدوا مما يحتج به ما ذكره في قوله وعند قوم حجه معتبرة اجماع اصحاب الرسول العشرة لفضلهم وحجة متبعه قد عد قول الخلفاء الاربعه واما الاجماع المنقول بخبر الاحاد فهو حجة على الصحيح قال الشيخ حلولو وممن صححه الامام وابن الحاجب واءلامدي وذكر ولي الدين عن الامام الفخر انه حكى عن الاكثرين انه غير حجة اهـ وتعرض لذكر الخلاف العلامة ابن عاصم حيث قال وهو اذا كان يوما ينقل عن خبر الاحاد فالخلف انجلى فقيل فيه حجة وقيل لا واما الناظم فانه اقتصر على ماهو الصحيح المعتمد تبعا للمصنف حيث قال المنقول بالاحاد وذاك في السبع ذو الاعتماد قال الشيخ حلولو وفهم من قول المصنف وهو الصحيح في الكل وجود الخلاف في كل مسالة منها اهـ اما اجمع اهل المدينة فقد تقدم الكلام عليه وان اجماعهم حجة عند المالكية واما على القول بحجية مابقي فلقوله تعالى في اهل البيت انما يريد الله ليذهب عنكم الرجس اهل البيت ويطهركم تطهيرا ولقوله صلى الله عليه وسلم في الخلفاء الاربعة عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين من بعدي تمسكوا بها وعضوا عليها بالنواجذ ولقوله في الشيخين اقتدوا باللذين من بعدي ابي بكر وعمر ولان الحرمين والمصرين فيها جماع الصحابة لانهم كانوا بالحرمين وانتشروا الى المصرين البصرة والكوفة وانه لا يشترط عدد التواتر وخالف امام الحرمين وانه لو لم يكن الا واحد لم يحتج به وهو المختار وان انقراض العصر لا يشترط وخالف احمد وابن فورك وسليم فشرطوا انقراض كلهم او غالبهم او علمائهم اقوال اعتبار العامي والنادر وقيل يشترط في السكوتي وقيل ان كان فيه مهلة وقيل ان بقي منهم كثير أي وعلم انه لا يشترط في المجمعين عدد التواتر وذلك لصق مجتهد الامة بما دون ذلك فلذا قال الناظم وانه لم يشترط فيه عدد تواتر وخالف امام الحرمين فشرط ذلك نظرا للعادة وعلم انه لو لم يكن في العصر الا مجتهد واحد لم يحتج به اذ اقل ما يصدق به اتفاق الامة اثنان فلذا قال الناظم وانه لو انفرد مجتهد في العصر لم يحتج به وهو الصحيح فيهما لمن نبه فالضمير في فيهما لذي المسالة والتي قبلها والصحة في هذه المسالة هي التي اختارها المصنف وذلك لانتفاء الاجماع عن الواحد قال الجلال المحلي وقيل يحتج به وان لم يكن اجماعا لانحصارالاجتهاد فيه اهـ قال المحقق البناني هذا هو الظاهر من قولين حكاهما اءلامدي وابن الحاجب اهـ وعلم ان انقراض العصر بموت اهله او بعضهم لا يشترط في انعقاد الاجماع لصدق تعريفه مع بقاء المجمعين ومعاصريهم وخالف احمد وابن فورك وسليم الرازي فشرطوا انقراض كل اهل العصر او غالبهم او علمائهم كلهم او غالبهم على حسب الاقوال المتقدمة في اعتبار العامي والنادر في الاجماع هل يعتبر ان او لا يعتبران او يعتبرالعامي دون النادر او العكس وهو نزاع بينهم متقدم فلذا قال الناظم وان قرض العصر لا يشترط وقد ابى جماعة الجزء: 2 ¦ الصفحة: 98 فشرطوا فيه انقراض الكل او غالبهم او علمائهم تنازع بهم واشار الى الخلف في لمسالة العلامة ابن عاصم بقوله ولا انقضاء العصر يشترط وقال قوم ان ذاك مشترط فينبني على اعتبار العامي والنادر انقراض جميع اهل العصر وينبني على عدم اعتبارهما اشتراط انقراض غالب العلماءو ينبني على اعتبار العامي دون النادر اشتراط انقراض غالب اهل العصر وينبني على اعتبار اعتبار النادر دون العامي انقراض علماء العصر كلهم افاده المحقق البناني وعلى عدم اشتراط الانقراض درج شارح السعود قائلا وقال القرافي في التنقيح وانقراض العصر ليس شرطا خلافا لقوم من الفقهاء والمتكلمين لتجدد الولادة كل يوم فيتعذر الاجماع وكذلك لا يشترط عند الاكثرين بلوغ المجمعين عدد التواتر اهـ فلذا قال في نظمه ثم انقراض العصر والتواترلغو على ما ينتحيه الاكثر وقيل يشترط الانقراض في الاجماع السكوتي لضعفه بخلاف غيره وقيل يشترط الانقراض ان كان في المجمع عليه مهلة بفتح الميم أي تان وتؤدة بخلاف ما لا مهلة فيه وهو ما لا يمكن تداركه لو وقع كقتل النفس فانه اذا وقع لا يمكن تداركه بخلاف ما يمكن تداركه كالزكاة فانه يمكن تداركها بان تسترد من يد من اخذها اذا تبين عدم وجوبها مثلا وقيل يشترط الانقراض ان بقي من المجمعين كثير كاقل عدد التواتر اذ المشترط انقراض ما عدا القليل وحكى الناظم ما حكاه المصنف في قوله وقيل بل يشرط في السكوت وقيل في ذي مهلة لا الفوت وقيل فرض عدد التواتر وانه لا يشترط تمادي الزمان وخالفه امام الحرمين في الظني وان اجماع السابقين غير حجة وهو الاصح وانه قد يكون عن قياس خلافا لمانع جواز ذلك او وقوعه مطلقا او في الخفي أي وعلم انه لا يشترط في انعقاد الاجماع تمادي الزمن عليه لصدق تعريفه مع انتفاء التمادي عليه وذلك كان مات المجمعون عقبه بخرور سقف او غير ذلك نعم شرط التمادي امام الحرمين في الاجماع الظني ليستقر الراي عليه كالاستقرار في الاجماع القطعي فلذا قال الناظم ولا تمادي الدهر فيه الغابر وشرط الامام في الظني وعلم ان اجماع الامم السابقين على امة محمد صلى الله عليه وسلم غير حجة في ملته حيث اخذت امته في التعريف وهو الاصح قال الجلال المحلي لاختصاص دليل حجية الاجماع بامته كحديث ابن ماجه وغيره ان امتي لا تجتمع على ضلالة وقيل انه حجة بناء على ان شروعهم شرع لنا اهـ وافاد الناظم ايضا انه ليس بحجة قال وانه من سابق النبي لاحجة وهو لجل الناس وعلم ان الاجماع قد يكون عن قياس لان القياس من جملة ما يستند اليه المجتهد خلافا لمانع جواز الاجماع عن قياس او مانع وقوعه مطلقا او في القياس الخفي دون الجلي قال الجلال المحلي والاطلاق والتفصيل راجعان الى كل من الجواز والوقوع اهـ وقال الجلال السيوطي وهو جائز واقع عند الجمهور فقد اجمع على تحريم شحم الخنزير قياسا على لحمه وعلى اراقة الزيت الذي وقعت فيه فارة قياسا على السمن اهـ ووجه المنع في الجملة من غير تفصيل بين الجواز والوقوع والخفي والجلي ان القياس لكونه ظنيا في الاغلب تجوز مخالفته لارجح منه فلو جاز الاجماع عنه لجاز مخالفة الاجماع واجيب بانه انما يجوز مخالفة القياس اذا لم يجمع على ما ثبت به فاذا اجمع على مقتضاه قطع بان الجزء: 2 ¦ الصفحة: 99 ذلك هو الصواب لما ثبت بالادلة السمعية من عصمة اهل الاجماع واشار الناظم الى ما اشار اليه المصنف بقوله وانه يكون عن قياس ومن نفي جوازه فخالف او الوقوع مطلقا او الخفي وافاد العلامة ابن عاصم ان مالكا كما يجوز انعقاد استناد الاجماع الى الدليل يجوز انعقاد استناد الى القياس والى الامارة حيث قال ومالك اجاز ان ينعقدا عن الدليل او قياس قد بدا وعن امارة لديه يحصل وهو اذا ما كان يوما ينقل وان اتفاقهم على احد القولين قبل استقرار الخلاف جائز ولو من الحادث بعدهم واما بعده منهم فمنعه الامام وجوزه اءلامدي مطلقا وقيل الا ان يكون مستندهم قاطعا وموت المخالف قيل كالاتفاق وقيل لا واما من غيرهم فالاصح ممتنع ان طال الزمان وان التمسك باقل ماقيل حق أي وعلم ان اتفاق المجتهدين في عصر على احد القولين لهم قبل استقرار الخلاف بينهم بان قصر الزمان بين الاختلاف والاتفاق جائز ولو كان الاتفاق من الحادث بعدهم بان ما توا ونشا غيرهم فانه يعلم جوازه ايضا كما علم جوازه ممن قبلهم فلذا قال الناظم وان الاجماع لهم على احد قولين قبل ما استقر الخلف قد جاز ولو من حادث بعدهم وقال العلامة ابن عاصم وجائز حصول الاتفاق بعد اختلاف كان وافتراق في العصر الواحد او في الثاني قال الجلال المحلي ووجه الجواز انه يجوز ان يظهر مستند جلي يجمعون عليه وقد اجمعت الصحابة على دفنه صلى الله عليه وسلم في بيت عائشة بعد اختلافهم الذي لم يستقر واما الاتفاق بعد الاستقرار الخلاف منهم بان يمضي زمن يعلم به ان كل قائل مصمم على قوله فمنعه الامام الرازي مطلقا وجوزه اءلامدي مطلقا وقيل يجوز الا ان يكون مستند المخالفين الذي رجعوا قاطعا فلا يجوز الاتفاق حينئذ حذرا من الغاء القاطع واشار الناظم الى ما ذكره المصنف بقوله مشيرا لاستقرار الخلاف عاكسا ما نسبه للامام والامدي اما اتفاق بعد ذاك منهم فالامدي يمنع والامام لن يمنع والثالث ان يسند لظن قال الجلال المحلي وفيما نسبه المصنف الى الامام والامدي انقلاب والواقع ان الامام جوز والامدي منع اهـ وهو الذي افاده الناظم واما الاتفاق من غير المختلفين بعد استقرار الخلاف بان مات المختلفون بعد استقراره ونشا غيرهم فالاصح انه ممتنع ان طال زمان الاختلاف قال الجلال المحلي اذا لو انقدح وجه في سقوطه لظهر للمختلفين بخلاف ما اذا قصر أي بان لم يستقر الخلاف فقد لا يظهر لهم ويظهر لغيرهم اهـ وقيل يجوز مطلقا لجواز ظهور سقوط الخلاف لغير المختلفين دونهم مطلقا قال الناظم ومن سواهم الاصح المنع ان طال وفي الاولى خلاف قد ركن وعلم ايضا من اطلاق العريف ان الاخذ باقل ما قيل حق لانه اخذ بما اجمع عليه مع ضميمة ان الاصل عدم وجوب ما زاد عليه اذ الاصل براءة الذمة من الزائد قال الشيخ حلولو قال ولي الدين وهي من احد الادلة التي تمسك بها الشافعي اذا لم يجدد ليلا سواه ووافقه القاضي ابو بكر والجمهور ومثاله دية الكتابى قيل انها كدية المسلم وقيل على النصف منها وقيل الثلث فاخذ الشافعي بالثلث وهو اقل ما قيل وهو دليل مركب من الاجماع والبراءة الاصلية فان ايجاب الثلث مجمع عليه ووجوب الزيادة عليه مرفوع بالبراءة الاصلية ولم يقم دليل على ايجابها ولذا ادخله المصنف في مسائل الاجماع اهـ واشار الناظم الى هذه المسالة بقوله وان الاخذ باقل ما روي الجزء: 2 ¦ الصفحة: 100 حق اذا الاكثر فيه ما قوي اما السكوتي فثالثها حجة لا اجماع ورابعها يشرط الانقراض وقال ابن ابي هريرة ان كان فتيا وابو اسحاق المروزي عكسه وقوم ان وفع فيما يفوت استدراكه وقوم في عصر الصحابة وقوم ان كان الساكتون اقل والصحيح حجة وفي تسميته اجماعا خلاف لفظي الاجماع السكوتي خلاف لاجماع القولي المتقدم وصورته ان يقول بعض المجتهدين حكما ويسكت الباقون عن موافقته ومخالفته مع بلوغه لكلهم ومضي مهلة النظر عادة وعرفه العلامة ابن عاصم بقوه وحكم بعض الناس مع سكوت بقيهم سمي بالسكوت وفيه اقوال فقيل انه ليس باجماع ولا حجة قال الجلال السيوطي لاحتمال توقف الساكت في ذلك او ذهابه الى تصويب كل مجتهد او سكوته لخوف او مهابة او غير ذلك ونسب هذا القول للشافعي اخذا من قوله لا ينسب لساكت قول قال امام الحرمين وهي من عباراته الرشيقة وقال ان هذا ءاخر اقواله وظاهر مذهبه اهـ وقال الشيخ حلولو وهو اختيار القاضي ابي بكر اهـ وقيل انه اجماع وحجة لان سكوت العلماء في مثل ذلك يظن منه الموافقة عادة وثالث الاقوال فيه انه حجة لا اجماع قال الشيخ الشربيني لانه يكفي في الحجة الظن كما في القياس وخبر الواحد اهـ قال الناظم اما السكوتي به النزاع ثالثها يحتج لا اجماع وقال العلامة ابن عاصم وقيل فيه حجة لا اجماع وقول من سماه اجماعا شاع ورابعها انه حجة بشرط الانقراض لا من ظهور المخالفة بينهم بعده لانقراض الساكتين والقائلين بخلاف ما اذا لم ينقرضوا فلا يؤمن ظهور المخالفة بينهم وقال ابن ابي هريرة انه حجة ان كان فتيا لا حكما اذ الفتيا يبحث فيها عادة فسكوت من سكت من الساكتين يعد رضى منه بها بخلاف الحكم وقال ابو اسحاق المروزي نسبة الى مرو من باب تغيير النسب عكس ما قاله ابن ابي هريرة أي انه حجة ان كان حكما لصدوره عادة بعد البحث مع العلماء واتفاقهم بخلاف الفتيا واشار الناظم الى ما اشار اليه المصنف بقوله رابعها بشرط ان ينقرضا وقيل في فتيا وقيل في قضا وقال قوم ان الاجماع السكوتي يكون حجة ان وقع فيما يفوت استدراكه كاراقة دم واستباحة فرج لان ماذكر ونحوه لخطره لا يسكت عنه الا راض به بخلاف غيره وقال قوم انه حجة ان وقع في عصر الصحابة لانهم لشدتهم في الدين لا يسكتون عما لا يرضون به بخلاف غيرهم فقد يسكتون قال الناظم في ذين القولين وقيل فيما ليس فيه مهله وقيل في عصر الصحاب الجله وقال قوم انه حجة ان كان الساكتون اقل من القائلين نظرا للاكثر قال الجلال المحلي وهو قول من قال ان مخالفة الاقل لا تضر اه قال الشيخ الشربيني أي في الحجية وهو القول السابع الذي نقله المصنف سابقا قال وانما قلنا ذلك أي في الحجية لان الخلاف هنا في الحجية مع الاتفاق من هذه الاقوال على نفي الاجماع اهـ واشار اليه الناظم بقوله وقيل حيث ساكت فيه اقل قال المصنف والصحيح حجة أي والصحيح ان الاجماع السكوتي حجة مطلقا قال الجلال المحلي وهو ما اتفق عليه القول الثاني والثالث أي دون الاول حيث انه فيه ليس باجماع ولا حجة وقال الرافعي انه المشهور عند الاصحاب اهـ فلذا قال الناظم وكونه حجة الاقوى وفي اطلاق اسم الاجماع عليه من غير تقييد بالسكوتي أي وهو ما اختلف فيه القول الثاني والثالث خلف لفظى فقيل الجزء: 2 ¦ الصفحة: 101 لايسمى لاختصاص اسم الاجماع بالمقطوع فيه بالموافقة وقيل يسمى لشمول الاسم له نعم يقيد بالسكوتي لانصراف المطلق الى غيره وذا القول اشار اليه العلامة ابن عاصم بانه شاع بقوله وقول من سماه اجماعا شاع واشار الناظم الى ذا النزاع بقوله وهل يسمى باجماع نزاع يورد وفي كونه اجماعا حقيقة تردد مثاره ان السكوت المجرد عن امارة رضى وسخط مع بلوغ الكل ومضي مهلة النظر عادة عن مسالة اجتهادية تكليفية وهي صورة السكوتي هل يغلب ظن الموافقة وكذا الخلاف فيما لم ينتشر أي وقع تردد في اطلاق لفظ الاجماع على السكوتي اطلاقا حقيقيا وعدم الاطلاق قال المحقق البناني مع اتفاق القولين على انه فرد من افراد الاجماع حقيقة اهـ أي وذلك لان تعريف الاجماع كما انه صالح للمقطوع به يصلح للمظنون كالسكوتى ومنشؤ الترددان السكوت المجرد عن امارة رضى وسخط مع بلوغ كل المجتهدين الواقعة ومضي مهلة النظر عادة عن مسالة اجتهادية تكليفية قال بعضهم فيها بحكم وعلم به الساكتون وهو صورة السكوتي هل يغلب ظن موافقة الساكتين للقائلين قيل نعم نظرا للعادة في مثل ذلك فيكون حينئذ اجماعا حقيقة لصدق تعريفه عليه كما مروان نفى القول الثالث اطلاق اسم الاجماع عنه وقيل لا فلا يكون اجماعا حقيقة كما هو مفاد القول الاول وحينئذ فلا يحتج به نعم يوخذ تصحيح القول بانه اجماع حقيقة من قول المصنف والصحيح حجة أي ان الاجماع السكوتي حجة قال المحقق البناني ولو استوضح لقال اما السكوتي فالصحيح حجة وفي تسميته اجماعا خلف لفظي ومثار الخلاف في حجيته الخ مع كونه اخصر ايضا اهـ وتعرض الناظم ايضا للمسالة قائلا وكونه حقيقة تردد مثاره ان السكوتي العاري عن دليل سخط ورضى فيما يظن وفيه تكليف لنا وقد ظهر للكل مع مضي مهلة النظر وذاك تصوير السكوت هل يظن منه الموافقة وتكلم ايضا ناظم السعود على الاجماع السكوتي في الاصول المالكية فافاد انه اشتهر فيه الخلاف ايضا بينهم وان الاحتجاج به فرعه من تقدم من الاصوليين على الخلاف الذي هو في السكوت هل هو رضى اولا وان محل النزاع في سكوت من سكت انما هو اذا فقد ما يدل على السخط والانكارلقول المتكلمين والا فليس اجماعا اتفاقا وكذلك اذا ظهر منه الرضى بذلك فهو اجماع اتفاقا ولا بد ايضا ان تمضى مدة يمكن فيها نظر الساكتين في المسالة والا فليس باجماع اتفاقا حسبما قرره المصنف والناظم ءانفا في الاصول الشافعية فلذا قال في نظمه المالكي وجعل من سكت مثل من اقر فيه خلاف بينهم قد اشتهر فالاحتجاج بالسكوتي نمى تفريعه عليه من تقدما وهو بفقد السخط والضد حرى مع مضي مهلة للنظر قال الجلال المحلي وانما فصل أي المصنف السكوتي باما عن المعطوفات بالواو للخلاف في كونه حجة واجماعا اهـ قوله وكذا الخلاف فيما لم ينتشر قال المحقق البناني التشبيه في مجرد اجراء الخلاف بدون ترجيح الحجية لان ترجيح الحجية في السكوتي من حيث ان بلوغ المسالة جميع المجتهدين يغلب الموافقة وظاهر ان ذلك غير موجود هنا اذ الفرض انه غير منتشر اهـ أي اذا لم ينتشر ما قيل بان لم يبلغ الكل ولم يعرف فيه مخالف فقيل انه حجة لعدم ظهور خلاف فيه وقال الاكثر ليس بحجة لاحتمال ان لا يكون غير القائل خاض فيه ولو خاض فيه لقال بخلاف قول ذلك القائل وقال الجزء: 2 ¦ الصفحة: 102 الامام الرازي ومن تبعه انه حجة في حكم ما تعم به البلوى كالحكم ينقض الوضوء بمس الذكر لاانه لابد من خوض غير القائل فيه ويكون بالموافقة لانتفاء ظهور المخالفة بخلاف ما لم تعم به البلوى فلا يكون حجة فيه افاده الجلال المحلى فلذا قال الناظم اما حيث لن يظهر قيل حجة والجل لا وقيل ان عمت به البلوى علا وانه قد يكون في دنيوي وديني وعقلي لا تتوقف صحته عليه ولا يشترط فيه امام معصوم ولابد له من مستند والا لم يكن لقيد الاجتهاد معنى وهوالصحيح أي وعلم ايضا من التعريف في اول الباب من قوله على أي امر كان ان الاجماع قد يكون في امر دنيوي كتدبير الجيوش والحروب وامور الرعية وديني كالصلاة والزكاة وعقلي لا تتوقف صحة الاجماع عليه كحدوث العالم ووحدة الصانع لشمول أي امر كان الماخوذ في تعريف الاجماع لذلك قال الشيخ الشربيني وفائدة الاجماع حينئذ اظهاره حقية ما قطع به العقل في نفس الامر ودفع احتمال الغلط الذي يتطرق للعقليات فقول الامام في البرهان ان العقليات لا يعضدها وفاق مدخول تدبر اهـ فلذا قال الناظم وانه يكون في عقلي لا يتوقف ودنيوي أي كما انه يكون في الديني اما ما تتوقف صحة الاجماع عليه فلا يحتج فيه بالاجماع قال شارح السعود ان الاجماع يمنع الاحتجاج به في كل عقلى يحصل الدور فيه اذا احتج عليه بالاجماع بان تتوقف صحة الاجماع عليه كعلم الصانع وقدرته ووجوده والرسالة والنبوءة لان كون الاجماع حجة فرع ثبوت الرسالة وفرع كون الله تعالى عالما قال فلو ثبت أي ما ذكر بالاجماع الذي هو فرع الرسالة لزم الدور قال وانما كان الاجماع فرع الرسالة لان ثبوت كونه حجة حصل بالكتاب والسنة اللذين لا يدركان الا منه صلى الله عليه وسلم اهـ فلذا قال في نظمه ولكن يحظل فيما به كالعلم دور يحصل ولا يشترط في الاجماع امام معصوم وقال الروافض يشترط ولا يخلو الزمان عنه وان لم تعرف عينه والحجة في قوله فقط وغيره تبع له قال الشيخ الشربيني واعلم ان عبارة المنهاج وشرحه للصفوى هكذا الاجماع عند الشيعة حجة يعولون عليها لكن ليس حجة من حيث هو الاجماع بل لكونه مشتملا على قول الامام المعصوم اذ الزمان عندهم لا يخلو عنه فالاجماع مشتمل على قوله اذ هو قول كل الامة وهو من الامة بل هؤلاء هم ورئيسهم وقوله حجة والا لم يكن معصوما فالشيعة انما عولوا عى الاجماع لاشتماله على قول الامام المعصوم لا لكونه حجة من حيث هو اهـ والناظم رحمه الله وهم أي غلط من اشترط هذا الشرط من المخالفين حيث قال ولم يجب له امام عصما ومن راي اشتراط هذا وهما ولابد للاجماع من مستند والا لم يكن لقيد الاجتهاد الماخوذ في تعريفه معنى وهو الصحيح اذ القول في الدين بلا مستند خطا وقيل يجوز ان يحصل من غير استناد بان يلهموا الاتفاق على صواب والاول هو الصحيح المعتمد فلذا قال الناظم وانه لابد فيه مستند لقيد الاجتهاد وهو المتعمد قال الشيخ الشربيني وفائدة الاجماع سقوط البحث عنه وحرمة المخالفة مع عدم العلم به وعدم جواز النسخ والقطع بالحكم وان كان المستند ظنيا اهـ والله اعلم مسالة الصحيح امكانه وانه حجة وانه قطعي حيث اتفق المعتبرون لا حيث اختلفوا كالسكوتي وما ندر مخالفه وقال الامام واءلامدي ظني مطلقا أي الصحيح امكان الاجماع أي عادة بدليل القول المقابل وقيل انه محال عادة كالاجماع على اكل طعام واحد وقول كلمة الجزء: 2 ¦ الصفحة: 103 واحدة في وقت واحد في الصورتين واجيب بان هذا قياس مع وجود الفارق حيث انه لا جامع بين المقيس والمقيس عليه لاختلاف الشهوات والدواعي بخلاف الحكم الشرعي فان الدليل يجمع عليه فلم يبق للشهوة والداعي منفذا والصحيح انه بعد امكانه أي ووقوعه ايضا حجة في الشرع قال تعالى ومن ينافق الرسول الاية توعد فيها على اتباع غير سبيل المؤمنين فيجب اتباع سبيلهم وهو قولهم او فعلهم فيكون الاجماع حينئذ بهذه الحجة الواضحة حجة فتردعلى من احتج بانه ليس بحجة محتجا بقوله تعالى فان تنازعتم في شيء فردوه الى الله والرسول حيث ان الاية فيها الاقتصار على الرد الي الكتاب والسنة لانها أي ءاية اتباع سبيل المؤمنين من الرد الى الكتاب الماخوذ من ءاية التنازع وافاد العلامة ابن عاصم ان حجية الاجماع معتبرة عند الاصوليين وان احكامها مقررة عندهم حيث قال وهو لديهم حجة معتبرة احكامها عندهم مقررة قال شارح السعود بعد قوله في النظم وهو أي الاجماع حجة ان الاجماع حجة عند الجميع خلافا للنظام والشيعة والخوارج لقوله تعالى ومن يشاقق الرسول الاية وثبوت الوعيد علي المخالفة يدل علي وجوب المتابعة لهم في سبيلهم وهو قولهم او فعلهم ولقوله صلى الله عليه وسلم لا تجتمع امتي علي ضلالة او علي الخطا الا تزال طائفة من امتي ظاهرين على الحق حتى ياتي امر الله يد الله مع الجماعة من فارق الجماعة مات ميتة جاهلية فهي وان لم تتواتر لفظا فقد تواتر القدر المشترك وحصل العلم به وذلك التواتر المعنوي والمخالفون احتجوا بان اتفاق الجمع العظيم على الكلمة الواحدة محال عادة فكيف يوجد حتي يكون حجة واجيب بان اتفاقهم في زمن الصحابة ممكن ولا يكاد يوجد اجماع اليوم الا وهو واقع في عصر الصحابة ومقصودنا انه حجة اذا وقع ولم تتعرض للوقوع فان لم يقع فلا كلام وان وقع كان حجة اهـ رحمه الله والصحيح ان الاجماع بعد ثبوت حجيته انه قطعي فيها حيث اتفق المعتبرون أي القائلون بحجية الاجماع على انه اجماع ومثل الجلال المحلي للاجماع الذي اتفق المعتبرون علي انه حجة بقوله كان صرح كل من المجمعين بالحكم الذي اجمعوا عليه من غير ان يشذ أي ينفرد منهم احد لاحالة العادة خطاهم جملة اهـ وافاد الناظم ما افاده المصنف بقوله امكانه الصواب والقوي حجته وانه قطعى فلله دره منعما في اخراه اما اذا لم يصرحوا كلهم به وهو السكوتي وما خالف فيه النادر فالاحتجاج يكون ظنيا للخلاف نعم الاحتجاج بالسكوتي راجح وبالنادر مرجوح كما تقدم وقال الامام الرازي واءلامدي انه ظني مطلقا سواء كان صريحا او غيره حيث ان المجمعين عن ظن لا يستحيل خطؤهم والاجماع عن قطع غير متحقق وكما تعرض الناظم ايضا لقول الفخر الرازي تعرض للسكوتي وما ندر مخالفه الذي عبر بما خرقه مخالف حيث قال لا في السكوتي ولا ما خرقا مخالف والفخر ظنا مطلقا وخرقه حرام فعلم تحريم احداث ثالث والتفصيل ان خرقاه وقيل خارقان مطلقا وانه يجوز احداث دليل او تاويل او علة ان لم يخرق وقبل لا وانه يجوز احداث دليل او تاويل او علة ان لم يخرق وقيل لا في تركيب المصنف استعارة مكنية وتخييل حيث شبه الاجماع بالسور المحيط بجامع ان كلا يحفظ ما اشتمل عليه فالسور يحفظ ما حواه من الابنية والاجماع يحفظ من الحكم المجمع عليه واثبات الخرق تخييل وقوله حرام أي من الكبائر لانه توعد الجزء: 2 ¦ الصفحة: 104 عليه بخصوصه في الاية السابقة قال شارح السعود قال حلولو اما خرق الاجماع حراما فامر متفق عليه فيما علمت وقال ولي الدين الاتفاق انما هو اذا كان مستنده نصا فان كان عن اجتهاد فالصحيح انه كذلك وحكى القاضي عبد الجبار قولا انه يجوز لمن بعدهم مخالفتهم اهـ ثم نقل انه اذا كان خرق الاجماع حراما فيعلم تحريم احداث قول زايد في مسالة اختلف فيها اهل عصر على قولين قال لاجل احداث الثالث لا يكون الا خارقا وقيل ان خرق فلذا قال في نظمه وحرفه فامنع لقول زايد اذ لم يكن ذاك سوى معاند وقيل ان خرق فلذا قال في نظمه وحرقه فامنع لقول زائد اذ ولم يكن ذاك سوى معاند وقيل ان خرق واشار بقوله اذ لم يكن الخ الي ان الثالث لا يكون الا خارقا فلذا قال بعده وقيل ان خرق مثال الثلث الخارق ما حكي ابن حزم ان الاخ يسقط الجد وقد اختلف الصحابة فيه علي قولين قيل يسقط بالجد وقيل يشاركه الاخ فاسقاطه الاخ فاسقاطه بالاخ خارق لما اتفق عليها القولان من ان له نصيبا ومثال الثالث غير الخارق ما قال مالك وابو حنيفة يحل متروك التسمية سهوا لاعمدا وقال الشافعي يحل مطلقا وقيل يحرم مطلقا فالفارق بين السهو والعمد موافق لمن لم يفرق في بعض ما قاله قال شارح السعود بهذا مثل المحلي وهو خال من الاحداث اذ قول ابي حنيفة الظاهر انه متقدم على قول الشافعي واحرى ان كان ابو حنيفة مسبوقا بذلك القول وقال حلولو مثال مالم يكن رافعا لو قال بعضهم يجوز فسخ النكاح بالعيوب الاربعة وقال بعضهم لا يفسخ بها فالقول بالفسخ بالبعض ثالث وليس برافع لما اتفقا عليه بل وافق في كل صورة مذهبا وقالت الظاهرية يجوز احداث ثالث مطلقا أي خرق ام لا اهـ وكذلك يحرم التفصيل بين مسالتين لم يفصل بينهما اهل عصر لما فيه من خرق الاجماع بمخالفة اتفاق اهل العصر قال شارح السعود لانه اتباع غير سبيل المؤمنين ولان عدم التفصيل بين مسالتين يستلزم الاتفاق على امتناعه فلذا قال في نظمه والتفصيل احداثه منع الدليل أي منع الدليل أي المتقدم احداث التفصيل لمخالفة اتفاق اهل العصر لما فيه من الخرق أي بخلاف ما اذا لم يكن خارقا قال الجلال المحلي مثال التفصيل الخارق ما لو قيل بتوريث العمة دون الخالة او العكس وقد اختلفوا في توريثهما مع اتفاقهم ان العلة فيه او في عدمه كونهم من ذوي الارحام فتوريث احداهما خارق للاتفاق ومثال التفصيل غير الخارق ما قيل نجب الزكاة في مال الصبي دون الحلي المباح وعليه الشافعي وقد قيل تجب فيهما وقيل لا تجب فيهما فالمفصل موافق لمن لم يفصل في بعض ما قاله اهـ قال المحقق البناني نقلا عن شيخ الاسلام فرق القرافي وغيره بينه أي بين احداث قول ثالث وبين احداث التفصيل بين مسالتين بان محل الحكم في المسالة متحد وفي المسالتين متعدد فسقط ما توهم بعضهم من انه لا فرق بينهما اهـ واشار الناظم الى ما ذكره بقوله وخرقه حظر ومن هذا ركن احداث ثالث لو التفصيل ان يخرق وقيل خارقان مطلقا وتكلم العلامة ابن عاصم ايضا على عدم جواز احداث القول الثالث الا لمن افتدى بالظاهر أي وهم الظاهرية كما مر ءانفا حيث قال وحيثما قد وجد قولان لاهل عصر اول في حكم فلا يجوز عند اهل العلم احداث قول ثالث الا لدى من كان بالظاهر منهم اقتدى وعلم ايضا من حرمة خرق الاجماع انه يجوز اظهار دليل غير دليل الاجماع كان يجمعوا على ان النية واجبة بدليل قوله تعالى وما امروا الا ليعبدوا الله مخلصين له الجزء: 2 ¦ الصفحة: 105 الدين ثم يقول شخص الدليل قوله صلى الله عليه وسلم انما الاعمال بالنيات او احداث تاويل لدليل ليوافق غيره قال المحقق البناني كما اذا قال المجمعون في قوله عليه الصلاة والسلام وعفروه الثامنة بالتراب بان تاويله عدم التهاون بالسبع بان ينفصل عنها فيؤوله من بعدهم على ان معناه ان التراب لما صحب السابعة صار كانه ثامنة اهـ وكذا يجوز احداث علة للحكم كان جعلوا علة الربا الاقتيات فيجعلها من بعدهم الادخار وانما جاز احداث غير ما ذكروه من الدليل والتاويل والعلة لجواز تعدد المذكورات لكن ان لم يخرق ما ذكر ما ذكروه وامر بالاظهار ناظم السعود ايضا حيث قال ويظهر الدليل والتاويل بخلاف ما اذا خرقه بان قالوا لا دليل ولا تاويل ولا علة غير ما ذكرناه فلا يجوز حينئذ الاحداث وقيل لا يجوز مطلقا لانه من غير سبيل المؤمنين المتوعد على اتباعه في الاية قال الجلال المحلي واجيب بان المتوعد عليه ما خالف سبيلهم لا ما لم يتعرضوا له كما نحن فيه اهـ وتعرض الناظم لذا الاحداث قائلا وانه يجوز ان ما خرقا وقيل لا الاحداث للدليل او علة للحكم او تاويل وانه يمتنع ارتداد الامة سمعا وهو الصحيح لااتفاقها على جهل ما لم تكلف به على الاصح لعدم الخطا وفي انقسامها فرقتين كل مخطيء في مسالة تردد مثاره هل اخطات أي وعلم من حرمة خرق الاجماع منع ارتداد الامة كلها في عصر بالدليل السمعي وهو قوله صلى الله عليه وسلم لا تجتمع امتي على ضلالة وايضا فانهم اجمعوا على استمرار الايمان فلو ارتدت كلها في عصر كان خرقا لذلك الاجماع وخرقه ممنوع والخرق يصدق بالقول والفعل كما يصدق الاجماع بهما قال الناظم وانه يمتنع ارتداد امتنا سمعا وذا اعتماد أي من حيث ان معنى الحديث لا يجمع الله الامة على ان يوجد منهم ما يضلون به الصادق بالارتداد نعم لا يمنع اتفاقها في عصر على جهل شيء لم تكلف به بان لم تعلمه كالتفضيل بين عمار وحذيفة رضي الله عنهما لعدم الخطا فيه على الاصح الذي هو القول الشذي كما قال الناظم دون اتفاقها على جهل الذي ما كلفت به على القول الشذي واشار الى ما ذكر ناظم السعود ايضا بقوله وردة الامة لا االجهل لما عدم تكليف به قد علما بنصب ردة عطفا على مفعول منع في بيت قبله والجهل معطوف علي ردة وقيل يمتنع والا كان الجهل سبيلا لها فيجب اتباعها فيه وهو باطل واجيب بمنع انه سبيل لها اذ سبيل الشخص ما يختاره من قول او فعل وعدم العلم بالشيء ليس من ذلك واما اتفاقها على جهل ما كلفت به فيمتنع قطعا واما انقسام الامة فرقتين في مسالتين متشابهتين كل فرقة مخطئة في واحدة منهما فللعلماء تردد في ذلك ووضح المحقق البناني المسالة حيث قال حاصله هل يجوز انقسامها فرقتين كل فرقة مخطئة في مسالة مخالفة لاخرى كاتفاق فرقة على ان الترتيب في الوضوء واجب وفي الصلوات الفائتة غير واجب والفرقة الاخرى على عكس ذلك قاله شيخ الاسلام ومحل الخطا وعدمه اذا كان الصواب وجوب الترتيب في الوضوء والفائتة او عدمه فيهما فاذا نظر اى مجموع المسالتين فقد اخطات الامة لانها اتفقت على مطلق خطا واذا نظر الى كل مسالة علي حدتها لم يكن جميعهم مخطئا نظرا الى خصوص الخطا فلم يتفقوا علي خطا بخصوصه لانه اذا كان الصواب الوجوب فيهما وقالت احدى الفرقتين بوجوب الترتيب في الوضوء وعدمه في الفائتة فقد اخطات بالنسبة للفائتة واذا الجزء: 2 ¦ الصفحة: 106 قالت الاخرى بالعكس فقد اخطات بالنسبة للوضوء فلم يجتمعوا على خطا بعينه واذا نظر الى مجموع المسالتين فقد اتفقوا علي مطلق خطا وقس على ذلك اذا كان الصواب عدم الوجوب فيهما اهـ فمثار الخلاف ومنشؤه هل اخطات الامة نظراالى ما في مجموع المسالتين فيمتنع الانقسام لانتفاء الخطا عنها بالادلة السابقة وعليه الاكثر او لم يخطا الا بعضها نظرا الى كل مسالة على حدة فلا يمتنع قال الجلال المحلي وهو الاقرب ورجحه اءلامدي اهـ قال الناظم وفي انقسامها فرقتين واف اخطا في مسالة كل خلاف مثاره هل اخطات وعبر ناظم السعود عن ذاالخلاف بالتردد الذي عبر به المصنف حيث قال وفي انقسامها لقسمين وكل في قوله مخط تردد نقل وانه لا اجماع يضاد اجماعا سابقا خلافا للبصري وانه لا يعارضه دليل اذ لا تعارض بين قاطعين ولا قاطع ومظنون أي وعلم من حرمة خرق الاجماع انه لا اجماع يضاد اجماعا سابقا أي لا يجوز اجماع على حكم اجمع على ضده سابقا قال الشيخ حلولو لانه يكون الثانى خارقا للاول وايضا يصير احدهما خطا وهو خلاف لما اقتضت الادلة من ثبوت العصمة لاهل الاجماع اهـ وذهب ابو عبد الله البصري من المعتزلة الى جوازه قال لانه لا مانع من كون الاول مغيا بوجود الثاني وافاد الناظم عدم الجواز بقوله وان لا يضاد سابقا على المعلا وحيث ان الاجماع بناء على الصحيح قطعي لا يعارضه دليل لا قطعي ولا ظني اذ لا تعارض بين قاطعين لاستحالة ذلك فلذا قال الناظم ولم يعارضه دليل اذا لا يعارضن القطعي كما انه لا تعارض بين قاطع ومظنون لالغاء المظنون في مقابلة القاطع وما ذكره المصنف هو ما افاده ناظم السعود بقوله ولا يعارض له دليل قال في الشرح في عدم معارضة المظنون للقاطع والمراد لا يعارضه معارضة يعتد بها بحيث توجب توقفا والا فلا مانع من وجود دليل ظني يدل على خلافه دلالة ظنية اهـ وان موافقته خبرا لا تدل على انه عنه بل ذلك الظاهر ان لم يوجد غيره أي انه اذا وجد اجماع موافقا لخبر ولم يوجد للاجماع دليل سواه فلا يتعين كون الاجماع ناشئا عن ذلك الدليل لاحتمال ان يكون له مستند ءاخر استغني عنه بالاجماع نعم كونه عنه هو الظاهر ان لم يوجد غيره بمعناه اذ لا بد له من مستند كما تقدم فان وجد فلا لجواز ان يكون الاجماع عن ذلك الغير فلذا قال الناظم ولن بدلا اذا وافق الحديث ان المستند له بل الظاهر ذا في المعتمد قال الجلال المحلي وعطف هاتين المسالتين أي وهما قوله وانه لا يعارضه دليل والتى بعدها على ما قبلهما وان لم يبتنيا على حرمة خرق الاجماع تسمحا ولو ترك منهما انه أي من الاولى وان أي من الثانية سلم من ذلك مع الاختصار اهـ والله اعلم خاتمة جاحد المجمع عليه المعلوم من الدين بالضرورة كافر قطعا وكذا المشهور المنصوص في الاصح وفي غير المنصوص تردد ولا يكفر جاحد الخفي ولو منصوصا أي ان من جحد حكما مجمعا عليه معلوما من الدين بالضرورة بان صار علمه يشبه الضروري من حيث استواء العام والخاص في معرفته وعدم قبوله التشكيك وان كان في الاصل نظريا مستفادا من الادلة كوجوب الصلاة والصوم وحرمة الزنى والخمر كافر قطعا قال الجلال المحلي لان جحده يستلزم تكذيب النبيء صلى الله عليه وسلم فيه وما اوهمه كلام الامدي وابن الحاجب من ان فيه خلافا ليس بمراد لهما اهـ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 107 قال المحقق البناني بل مرادهما ان الخلاف الذي ذكراه انما هو فيما لم يعلم من الدين بالضرورة من المجمع عليه واما ما علم من الدين بالضرورة مما اجمع عليه فلا خلاف في كفر جاحده اهـ وافاد كفر جاحد ما ذكر وانه يقتل كفرا ليس حدا الشيخ سيدي ابراهيم اللقاني ايضا في جوهرة التوحيد حيث قال ومن لمعلوم ضرورة حجد من ديننا يقتل كفرا ليس حد ومثل هذا من نفى لمجمع او استباح كالزنى فلتسمع كما افاد الناظم ايضا انه ليس بمسلم قطعا حيث قال جاحد المجمع عليه علما ضرورة في الدين ليس مسلما قطعا وكذا يكفر بانكار الحكم المجمع عليه وان لم يعلم من الدين بالضرورة فيما اذا كان مشهورا بين الناس منصوصا عليه بالكتاب والسنة على القول القوي أي الصحيح قال الشيخ حلولو ومثله بعضهم بحلية البيع والاجارة والظاهر انه ليس منه بل من قسم ما علم حليته من الدين بالضرورة اهـ وافاد ما تقدم ناظم السعود بقوله والكافر الجاحد ما قد اجمعا عليه مما علمه قد وقعا على الضروري من الديني ومثله المشهور في القوي ان كان منصوصا وسلط الناظم ايضا ذا الحكم في الاظهر على جاحد ذا المنصوص المشتهر حيث قال وفي الاظهر منصوص شهر واما جاحد غير المنصوص مما مشهور ففيه تردد فقيل يكفر جاحده لشهرته وقيل لا لجواز ان يخفى عنه قال الجلال السيوطي فان لم يكن منصوصا ففيه وجهان لاصحابنا قيل يكفر جاحده لشهرته وصححه النووي في باب الردة وقيل لا لجواز ان يخفى عليه وقد حكاه الرافعي عن استحسان الامام وانه قال كيف يكفر من خالف الاجماع ونحن لا نكفر من رد اصل الاجماع وانما نبدعه ونضلله اهـ وحيث ان الناظم شافعى درج على مذهب الاصحاب من الشافعية من ان الاصح عندهم تكفير جاحد المشتهر المنصوص حيث قال والخلف فيما لم ينص المشتهر اصحه تكفيره خصوصا قال المحقق البناني منا معاشر المالكية والمعتمد عدم الكفر اهـ وقال شارح السعود مشيرا الى محل هذا الخلاف وهذا في قديم العهد بالاسلام اما حديث العهد به فلا يكفر اذا جحد المجمع عليه المعلوم من الدين بالضرورة فضلا عن غيره فلذا قال في نظمه وفي الغير اختلف ان قدم العهد بالاسلام السلف فالسلف فاعل اختلف ولا يكفر جاحد المجمع عليه الخفي بان لا يعرفه الا الخواص كفساد الحج بالجماع قبل الوقوف بعرفة ولو كان الخفي منصوصا عليه كاستحقاق بنت الابن السدس مع بنت الصلب فانه قضى به النبيء صلي الله عليه وسلم كما رواه البخاري فلذا قال الناظم فلا جاحد الخفي ولو منصوصا أي فلا يكفر جاحد الخ قال الجلال المحلي ولا يكفر جاحد المجمع عليه من غير الدين كوجود بغداد قطعا اهـ كما انه لا يكفر من اتبع واعتقد كون الاجماع ليس حجة لكن ذلك بدعة شنيعة وهفوة فظيعة وقائل ذلك النظام من المعتزلة والشيعة والخوارج والقائلون بحجيته الجمهور قال شارح السعود وانما لم يكفر منكر حجيته لانه لم يثبت عنده الادلة السمعية الدالة على وجوب متابعة الاجماع فلم يتحقق منه كفر لانه لم يكذب صاحب الشريعة اهـ فلذا قال في نظمه منكرا لايتداع المبتدعين المذكورين ولا يفكر الذي قد اتبع انكار الاجماع وبيس ما ابتدع ورحم الله الشيخ سيدي ابراهيم اللقاني حيث قال في جوهر التوحيد فكل خير في اتباع من سلف وكل شر في ابتداع من خلف الجزء: 2 ¦ الصفحة: 108 وكل هدي للنبئ قد رجح فما ابيح افعل ودع ما لم يبح فتابع الصالح ممن سلفا وجانب البدعة ممن خلفا وزاد افاد هنا اعني في كتاب الاجماع الشيخ سيدي عبد الله بن ابراهيم العلوي الشنجيطي شارح السعود ان الاجماع النطقي اللفظي المشاهد او المنقول بالتواتر حيث انه اجماع قطعي ليس فيه احتمال فانه يقدم على غيره من الادلة الشرعية حيث قال في نظمه وقدمنه على ما خالفا ان كان بالقطع يرى متصفا وهو المشاهد او المنقول بعدد التواتر المقول فالمقول نعت للمنقول ومعناه الملفوظ به احتزاز عن الاجماع السكوتي فان الكتاب والسنة يقدمان عليه اما وجه تقديم ما ذكره من الاجماع في البيت علي الكتاب فلان الاجماع لا يقبل النسخ والتاويل بخلاف الكتاب وكذا السنة واما وجه تقديمه على القياس فلانه لا يحتمل قيام المعارض والخفاء الذي مع وجوده يبطله بخلاف القياس والله اعلم الكتاب الرابع فى القياس اخره المصنف رحمه الله عما قبله من النص والاجماع لانه دونهما اما كونه دون النص فظاهر واما كونه دون الاجماع فلاجماع المجتمعين علي المجمع عليه بخلاف القياس فان الحكم به لم يبلغ هذه الدرجة ومعناه لغة التقدير والتسوية يقال قاس الجرح بالميل بالكسر أي المردود اذا قدر عمقه به ولهذا سمي الميل مقياسا ويقال فلان لا يقاس بفلان أي لا يساويه والنظر في هذا الكتاب من حيث الاصطلاح قال الفهري من اهم اصول الفقه اذ هو اصل الراي وينبوع الفقه ومنه تشعب الفروع وعلم الخلاف وبه تعلم الاحكام والوقائع التي لا نهاية لها فان اعتقاد المحققين انه لا تخلو واقعة من حكم ومواقع النصوص والاجماع محصورة اهـ فلذا قال العلامة ابن عاصم في مهيع الوصول والاخذ بالقياس امر معتبر وهو مجال الاجتهاد والنظر اذ نازلات الحكم ليست تنحصر والنص والاجماع شيء منحصر فاضطر للاثبات بالقياس روى ابن القاسم عن الامام مالك رحمه الله انه قال الاستحسان أي الاجتهاد تسعة اعشار العلم والاستدلال اذا كان بالجزءي على الكلي فانه يسمى عندهم بالاستقراء وسيتكلم عليه المصنف في كتاب الاستدلال وعكسه فانه يدعى بالقياس المنطقي وهوما ذكره ناظم السلم المنورق في قوله بعد ان كان قدم الكلام عليه وان بجزءي على كلى استدل فلذا بالاستقراء عندهم عقل وعكسه يدعى القياس المنطقي وهو الذي قدمته فحقق واشار الى القياس الاصولي قائلا وحيث جزءي على جزءي حمل لجامع فذاك تمثيل جعل وتصدى المصنف رحمه الله تعالى لتعريفه بقوله وهو حمل معلوم على معلوم لمساواته في علة حكمه عند الحامل وان خص بالصحيح حذف الاخير وعرفه ابن الحاجب كالامدي باظهر من هذا التعريف بانه مساواة فرع لاصل في علة حكمه وحده العلامة ابن عاصم بانه اثبات حكم واقع في فرع لم يثبت حكم فيه ووقوعه فيه لامر جامع بينه وبين الاصل حيث قال وحده اثبات حكم واقع في غير ذي حكم لامر جامع وقول المصنف في تعريفه وهو حمل معلوم الخ أي القياس الحاق معلوم أي متصور بمعلوم كذلك في حكمه لمساواة الاول الثاني في علة حكمه بان توجد بتمامها في الاول وعرفه الجزء: 2 ¦ الصفحة: 109 الناظم ايضا بقوله وحمل معلوم على ذي علم ساواه في علة الحكم هو القياس وعرفه في السعود بقوله بحمل معلوم على ما قد علم للاستواء في علة الحكم وسم فالنائب في قوله وسم أي ميز عائد على القياس وقول المصنف عند الحامل فال الجلال المحلي وهو المجتهد قال شارح السعود الذي يجوز له حمل معلوم لمساواته في علة حكمه هو المجتهد المطلق وكذلك المجتهد المقيد والمراد به مجتهد المذهب وهو المتمكن من تخريج الوجوه على نصوص امامه اهـ فلذا قال في نظمه والحامل المطلق والمقيد وسواء وافق اجتهاده ما في نفس الامر ام لا وهو معنى قول المصنف عند الحامل ليشمل القياس الصحيح والفاسد وهو معنى قول الناظم ومريد الشامل غير الصحيح زاد عند الحامل وهذا الزيد اسد كما قال ناظم السعود وان ترد شموله لما فسد فزد لدى الحامل والزيد اسد نعم اذا اريد قصر الحد على القياس الصحيح يحذف وهو حجة في الامور الدنيوية قال الامام اتفاقا واما غيرها فمنعه قوم عقلا وابن حزم شرعا وداوود غير الجلى أي والقياس حجة في الامور الدنيوية وذلك كالادوية كان يقاس احد شيئين على ءاخر فيما علم له من افادته دفع المرض المخصوص مثلا لمساواته للمقيس عليه في المعنى الذي بسببه استفيد ذلك الدفع قال المحقق البناني نقلا عن ابن قاسم ووجه كون القياس في نحو الادوية قياسا في الامورالدنيوية انه ليس المطلوب به حكما شرعيا بل ثبوت نفع هذا لذلك المرض مثلا وذلك امر دنيوي اهـ وذكر الامام الرازي في المحصول ان العلماء اتفقوا على ان القياس حجة في الامور الدنيوية واسند المصنف القول بالاتفاق اليه ليبرا من عهدته كما اسند الناظم اليه ايضا ذا الاتفاق في قوله ثم القياس حجة ويرعى في الدنيوي قال الامام قطعا وقال شارح السعود عن مالك ايضا انه حجة في الدنيويات اتفاقا فلذا قال في نظمه وغيرهما للاتفاق ينسب أي عن مالك حيث قال وهو حجة في الدنيويات كمداوات الامراض قول المصنف واما غيرها الخ أي واما غير الدنيوية كالشرعية فمنع القياس في قوم عقلا قالوا لانه طريق لا يؤمن فيه الخطا والعقل مانع من سلوك ذلك واجيب بمعنى انه مرجح لتركه حيث لم يظن الصواب في سلوكه لا بمعنى انه محيل له أي موجب لنفيه قال الجلال المحلي وكيف يحيله اذا ظن الصواب فيه ومنع ابن حزم القياس شرعا قال المحقق البناني أي في الاحكام الشرعية اهـ قال أي ابن حزم لان النصوص تستوعب جميع الحوادث أي بالاسماء اللغوية من غير احتياج الى استنباط وقياس واجيب بالمنع قال المحقق البناني نقلا عن ابن قاسم ولو سلم لا يدل على المنع بل على عدم الاحتياج ولو سلم فهو معارض بما هو ارجح منه وهو الادلة الظاهرة في الجواز اهـ ومنع داوود الظاهري أي شرعا فيما يظهر كما قاله المحقق البناني عن الشهاب الاحتياج بغير الجلي من القياس قال الناظم فقيل عقلا وابن حزم شرعا والظاهري غير الجلى منعا بخلاف الاحتجاج بالقياس الجلي الصادق بالاولى والمساوي فانه جائز وذكر العلامة ابن عاصم ما ذكر من الاختلاف في حجية القياس بين اولى الظاهر وغيرهم قائلا ولم يخالف حكمه في الناس سوى اولي الظاهر اذ غيرهم هو لديهم حجة تسلم لكنه ينظر فيه ءاخر ان لم ير الحكم سواه ظاهر وابو حنيفة في الحدود والكفارات والرخص والتقديرات وابن الجزء: 2 ¦ الصفحة: 110 عبدان ما لم يضطر اليه وقوم في الاسباب والشروط والموانع وقوم في اصول العبادات وقوم الحاجي اذا لم يرد نص على وقته كضمان الدرك وءاخرون في العقليات وءاخرون في النفي الاصلي وتقدم قياس اللغة أي ومنع ابو حنيفة القياس في الحدود والكفارات والرخص والتقديرات قال لانها لا يدرك المعنى فيها واجيب بانه يدرك في بعضها فيجري فيه الياس كقياس النباش على السارق في الحد بوجوب القطع بجامع اخذ مال الغيرمن حرز خفية ومثاله في الكفارات اشتراط الايمان في رقبة الظهار قياسا على رقبة القتل بجامع ان كلا منهما كفارة ومثاله في الرخص قياس غير التمر على التمر في العرية ومثاله في التقديرات جعل اقل الصداق ربع دينار قياسا على اباحة قطع اليد في السرقة بجامع ان كلا منهما فيه استباحة عضو واشار الناظم الى منع المذكورات عند ابي حنيفة حسبما اشار اليه المصنف فقال والحنفي في الحد والتفكير وفي ترخص وفي التقدير أي والحنفي منع القياس في الحد الخ واما مذهبنا معاشر المالكية فافاد شارح السعود ان جواز القياس في الحد والكفارة والتقدير والعمل به هو مشهور المذهب قال فقد نقل القرافي عن الباجي وابن القصار من المالكية اختيار جريانه في الحدود والكفارات والتقديرات فلذا قال في نظمه والحدود والكفارة التقدير جوازه فيها هو المشهور واشار العلامة ابن عاصم الى المقدرات والكفارة بقوله وفي المقدرات كالكفارة لكن ابو حنيفة ما اختاره والرخصة عندنا بعكس الثلاثة المتقدمة لا يجوز القياس فيها كما قال في السعود معيدا الضمير على الثلاثة والرخصة بعكسها نعم يخص الشافعي بجوازه فيها كما قال اللامة ابن عاصم ولا قياس عندهم على الرخص والشافعي بجوازه يخص ومنع ابن عبدان القياس ما لم يضطر اليه لوقوع حادثة لم يوجد نص فيها فان اضطر اليه لذلك فيجوز القياس حينئذ للحاجة اليه بخلاف ما لم يقع فلا يجوز القياس فيه لانتفاء فائدته واجيب بان فائدة العمل به فيما اذا وقعت واشار الناظم الى ذا القول بقوله وقيل حيث لم تفي ضرورة ومنع قوم القياس في الاسباب والشروط والموانع قالوا لان القياس فيها يخرجها عن ان تكون كذلك اذ يكون السبب والشرط والمانع هو المعنى المشترك بينها وبين المقيس عليها لا خصوص المقيس عليه او المقيس وافاد الناظم ذا القول بقوله وقيل في الاسباب والشروط وفي موانع وقال شارح السعود قال في التنقيح المشهور انه لا يجوز اجراء القياس في الاسباب كقياس اللواط على الزنى في الحد لانه لا يحسن ان يقال في طلوع الشمس انه موجب للعبادة كغروبها اهـ فلذا ذكر في نظمه انه عكس صور تقدم له فيها جواز القياس فقال ورخصة بعكسها والسبب وذكر العلامة ابن عاصم ايضا ان القياس يدخل في الاحكام لا الاسباب حيث قال فيدخل في الاحكام لا الاسباب وذكر شارح السعود ان دليل المانع له في الاسباب جار في الشروط والموانع والدليل هو كون القياس فيها يخرجها عن ان تكون كذلك كما تقدم ءانفا ونقل ان صورة القياس في الشروط ان يشترط شيء في امر فيلحق بذلك ءاخر في كونه شرطا لذلك الامر فيئول الحال الى ان الشرط احد الامرين ويظهر بالقياس ان النص على اشتراط الشيء الاول لكونه ما صدق الشرط في جزئية من جزئياته لا لكونه بعينه هو الشرط وهكذا في الباقى أي في الاسباب الجزء: 2 ¦ الصفحة: 111 والموانع قال مثال السبب قياس التسبب في القتل بالاكراه على التسبب فيه بالشهادة ومثاله في الشرط قياس استقصاء الاوصاف في بيع الغايب على الرؤية ومثاله في المانع قياس النسيان للماء في الرحل على المانع من استعماله حسا كالسبع واللص ومنع القياس قوم في اصول العبادات أي اعظمها وادخلها في التعبد كالصلاة قال الجلال المحلي فنفوا جواز الصلاة بالايماء المقيسة على صلاة القاعد بجامع العجز قالوا لان الدعاوي تتوفر على نقل اصول العبادات وما يتعلق بها وعدم نقل الصلاة بالايماء التي هي من ذلك يدل على عدم جوازها فلا يثبت جوازها فلا يثبت بالقياس ودفع ذلك بمنعه ظاهر اهـ قال المحقق البناني لان عدم النقل لا يدل على عدم الجواز اهـ ومنع قوم القياس الجزءي الحاجي أي الذي تدعو الحاجة الى مقتضاه اذا لم يرد نص على وقفه في مقتضاه أي او تدعو الحاجة على خلافه كقياس ضمان الدرك وهو ضمان الثمن للمشتري ان خرج المبيع مستحقا او معيبا او ناقصا على الديون قبل ثبوتها فالقياس يقتضي المنع لانه ضمان مالم يجب قال الجلال المحلي وعليه ابن سريج قال والاصح صحته لعموم الحاجة اليه لمعاملة الغرباء وغيرهم لكن بعد قبض الثمن الذي هو سبب الوجوب حيث يخرج المبيع مستحقا والمثال أي في المصنف غير مطابق فان الحاجة داعية فيه الى خلاف القياس الا ان يفسر قوله الحاجي بما تدعوالحاجة اليه او الى خلافه فان المسالة ماخوذة من ابن الوكيل وقد قال قاعدة القياس الجزءي اذا لم يرد من النبئ صلى الله عليه وسلم بيان على وفقه مع عموم الحاجة اليه في زمانه او عموم الحاجة الى خلافه هل يعمل للشق الثاني من المسالة أي وهو ما تدعو لحاجة الى خلاف مقتضاه ومثال الشق الاول من المسالة أي وهو ما تدعو الحاجة الى مقتضاه صلاة الانسان على من مات من المسلمين في مشارق الارض ومغاربها وغسلوا وكفنوا في ذلك اليوم القياس على الصلاة على شخص غايب معين وهي صلاته صلى الله عليه وسلم على النجاشي يقتضي جوازها وعليه الروياني لانها صلاة على غايب والحاجة داعية لذلك لنفع المصلي والمصلى عليهم ولم يرد من النبيء صلى الله عليه وسلم بيان لذلك ووجه منع القياس في الشق الاول الاستغناء عنه بعموم الحاجة وفي الثاني معارضة عموم الحاجة الى خلاف مقتضى القياس له والمجيز في الاول قال لا مانع من ضم دليل الى ءاخر وفي الثاني قدم القياس على عموم الحاجة اهـ ببعض تصرف واشار الناظم الى ما اشار اليه المصنف بقوله وقيل في الجزءي حاجيا اذا لم يرد النص على وفق لذا ومنع ءاخرون القياس في العقليات قالوا لاستغنائها عنه بالعقل قال شارح السعود قال الابياري والخلاف انما هو في القياس العقلي في العقليات واما القياس المنصوب من قبل الشارع فلا خلاف في امتناعه في العقليات اهـ ومنعه ءاخرون في النفي الاصلي أي بقاء الشيء على ما كان عليه قبل ورود الشرع قال الجلال المحلي بان ينتفي الحكم فيه لانتفاء مدركه بان لم يجده المجتهد بعد البحث عنه فاذا وجد شئ يشبه ذلك لا حكم فيه قيل لا يقاس على ذلك للاستغناء عن القياس بالنفي الاصلي وقيل يقاس اذ لا مانع من ضم دليل الى ءاخر اهـ فلذا قال الناظم وقيل في العقلي وقيل في النفي أي الاصلي وتقدم قياس اللغة في مبحثها لان ذكره هناك انسب من ذكر معظمهم له هنا ونبه المصنف عليه لئلا يظن انه تركه وافاد الناظم ايضا انه مر له حيث قال ومر حكم قياس اللغة الذي اشتهر والصحيح حجة الا الجزء: 2 ¦ الصفحة: 112 في العادية والخلقيةوالا في كل الاحكام والا القياس على منسوخ خلافا للمعممين أي والصحيح ان القياس حجة على المجتهد ومقلديه لعمل كثير من الصحابة به متكرا شائعا مع سكوت الباقين الذي هو في مثل ذلك من الاصول العامة وفاق عادة ولقوله تعالى فاعتبروا والاعتبار قياس الشيء بالشيء اهـ محلي الا في الامور التى ترجع الي العادة والخلقة فلا يجوز ثبوتها بالقياس فلا يقاس النفاس مثلا على الحيض في مدته لانها لا يدرك المعنى فيها وقال القرافي لا يمكن ان تقول فلانه تحيض عشرة ايام وينقطع دمها فوجب ان تكون الاخرى كذلك قياسا عليها فان هذه الامور تتبع الطباع والامزجة والاقاليم اهـ فيرجع فيها اى قول الصادق وهذا فيما لا ينضبط من العادي وتكلم شارح السعود على الامور العادية اذا كانت منضبطة فقال ان القياس يجوز جريانه في الامور العادية اذا كانت منضبطة أي لا تختلف باختلاف الاحوال والازمنة والبقاع كاقل الطهر واكثر الحيض واقله الحمل فهذه لانضباطها يجوز القياس عليها كما يجوز التعليل بها كما ياتي في قوله ومن شروط الوصف الانضباط فيقاس النفاس على الحيض في انه اقله قطرة عندنا او يوم او ليلة عندالشافعية اهـ فلذا قال في نظمه وان نمي للعرف ما كالطهر او المحيض فهو فيه يجري والا في كل الاحكام فلا يجوز ثبوتها بالقياس لان منها ما لا يدرك معناه كوجوب الدية على العاقلة وقيل يجوز بمعنى ان كل حكم بنفسه وعلى انفراده مع قطع النظر عن غيره صالح لان يثبت بالقياس واشار الناظم الى ما ذكره المصنف بقوله وفي امور الدين لا الخليقه وكل الاحكام ولا العاديه والا القياس على منسوخ فلا يجوز لانتفاء اعتبار الشارع الجامع بالنسخ وقيل يجوز لان القياس مظهر لحكم الفرع الكمين ونسخ الاصل ليس نسخا للفرع خلافا للمعممين جواز القياس في المستثنيات المذكورة وهم الذين اشار اليهم الناظم يقوم في قوله ولا على المنسوخ لكن شملا قوم وليس النص على العلة ولو في الترك امرا بالقياس خلافا للبصري وثالثها التفصيل أي وليس النص عل العلة لحكم امرا بالقياس لا في جانب الفعل نحو اكرم زيدا لعلمه ولا في جانب الترك نحو الخمر حرام لاسكارها خلافا لابي الحسن البصري في قوله انه اصر به في الجانبين اذ لافائدة لذكر العلة الا الامر بالقياس حتى لو لم يرد التعبد به استفيد الامر به في هذه الصورة واجيب بانه لا يسلم انه لا فائدة فيه الا الامر بالقياس لاحتمال ان تكون الفائدة بيان مدرك الحكم ليكون اوقع في النفس وثالث الاقوال وهو قول ابي عبد الله البصري التفصيل وهو ان النص على العلة امر بالقياس في جانب الترك دون الفعل لان العلة في الترك المفسدة وانما يحصل الغرض من انعدامها بالامتناع عن كل فرد من مما توجد فيه العلة كالاسكار مثلا مطلقا سواء كان اسكار خمر او غيره والعلة في الفعل المصلحة ويحصل الغرض من حصولها بفرد ويجاب عن العلة في الترك بانه سلمنا انه لا يحصل الا بالامتناع عن كل فرد مما تصدق عليه العلة لكن ليست كل اسكار بل الاسكار المنسوب للخمر فلا يدخل فيه الاسكار المنسوب للنبيذ افاده الشيخ الشربيني واشار الناظم الى الاقوال الثلاثة بقوله وليس نصه على التعليل امرا به والقول بالتفصيل في الترك دون الفعل غيرمين واطلاق الامر ابو الحسين واركانه اربعة الاصل وهو محل الحكم المشبه به وقيل دليله وقيل حكمه أي الجزء: 2 ¦ الصفحة: 113 واركان القياس اربعة مقيس عليه ومقيس ومعنى مشترك بينهما وحكم للمقيس عليه من جواز ومنع يتعدى بواسطة المشترك الى المقيس عليه قال المحقق البناني قال الشهاب واركان الشئ اجزاؤه الداخلة فيه التي يتركب منها حقيقته وتوجد بها هويته قاله العضد وغيره اهـ واشار ناظم السعود الى الاركان الاربعة بقوله الاصل حكمه وما قد شبها وعلة رابعها فانتبها وقوله وما قد شبها أي وهو الفرع لانه مشبه بالاصل كما سياتي وابتدا المصنف بالكلام على الاول الذي هو الاصل فقال الاصل وهو محل الحكم المشبه به وهو المقيس عليه وقيل دليل حكم الاصل من كتاب او سنة او اجماع وقيل حكم المحل المذكور قال فيه العلامة ابن عاصم وما له حكم فاصل يدعى واشار الناظم الي ماقاله المصنف بقوله اربعة اركانه الاصل محل حكم مشبه به وقيل بل دليله وقيل حكمه قال شارح السعود اختلفوا في الاصل الذي هو احد اركان القياس الاربعة فقيل الحكم أي حكم المشبه به وبه قال الامام الرازي وقيل المحل أي محل الحكم أي المقيس عليه وهو قول الفقهاء وبعض المتكلمين وقيل ان الاصل هو دليل الحكم أي المحل المشبه به وبه قال جمهور المتكلمين فالمحل هو الخمر مثلا وحكمه هو التحريم ودليله ءاية انما الخمر والميسر قال ابن الحاجب الاصل ما يبنى عليه غيره فلا بعد في الجميع لان الفرع يبنى على حكم الاصل وعلى دليله وعلى محله اهـ وتعرض في نظمه لاختلافهم في الاصل بقوله والحكم او محله او ما يدل تاصيل كل واحد مما نقل ولا يشترط على دال على جواز القياس عليه بنوعه او شخصه ولا اتفاق على وجود العلة فيه خلافا لزاعميهما أي ولا يشترط دال على جواز القياس على الاصل ملابسا نوعه او شخصه أي معبرا عنه بنوعه او شخصه قال شارح السعود يجوز القياس على الاصل الذي يقاس عليه دون اشتراط نص أي دليل على جواز القياس على ذلك الاصل لا باعتبار نوعه فيجوز القياس في مسائل البيع مثلا دون دليل خاص يدل على جواز القياس فيه ولا باعتبار شخصه هذا مذهب الجمهور اهـ فلذا قال في نظمه وقس عليه دون شرط نص يجيزه بالنوع او بالشخص خلافا لعثمان البتي بفتح الباء الموحدة بعدها مثناه فوقية فانه قال باشتراط احد الامرين مثاله باعتبار الشخص قياس انت حرام على انت طالق فانه قد ثبت فيصح قياس خليه او برية على انت طالق في لزوم الطلاق به ولا يشترط ايضا في الاصل الاتفاق على وجود العلة فيه قال شارح السعود لا يشترط عند الحذاق أي المحققين من اهل الاصول الاجماع على وجود العلة في الاصل فيصح القياس على اصل اختلف في وجود العلة فيه فلذا قال في نظمه وعلة وجودها الوفاق عليه يابى شرط الحذاق خلافا لبشر المريسي نسبة الى مريس كشريف قرية من قرى مصر وهو بشر ابن غياث بن ابى كريمة كان بشر من اكابر المبتدعه الا انه اخذ الفقه عن ابي يوسف صاحب ابي حنيفة واشار الناظم الى المسالتين بقوله وليس شرطا اتفاق الناس في علة والامر بالقياس في نوعه او شخصه ومن زعم بشرط شيء منهما فهو وهم الثاني حكم الاصل ومن شرطه ثبوته بغير القياس فيل والاجماع وكونه غير متعبد فيه بالقطع وشرعيا ان استلحق شرعا وغير فرع اذا لم يظهر للوسط فائدة وقيل مطلقا أي الثاني من اركان القياس حكم الاصل قال المحقق البناني ينبغى ان يراد بالاصل الجزء: 2 ¦ الصفحة: 114 هنا محل الحكم او دليل الحكم لاضافته اليه اللهم الا ان تكون الاضافة بيانية اهـ ومن شرطه ان يكون ثابتا بغير القياس قيل والاجماع وذلك انه لو ثبت بالقياس لكان القياس الثاني عند اتحاد العلة بكونها واحدة في القياسين لغو للاستغناء عن القياس الثاني بقياس الفرع فيه على الاصل في القياس الاول واما عند اختلافهما فغير منعقد لعدم اشتراك الاصل والفرع فيه في علة الحكم قال الجلال المحلي مثال الاول قياس الغسل على الصلاة في اشتراط النية بجامع العبادة ثم قياس الوضوء على الغسل فيما ذكر وهو لغو للاستغناء عنه بقياس الوضوء على الصلاة ومثال الثاني قياس الرتق وهو انسداد محل الجماع على جب الذكر في فسخ النكاح بجامع فوات الاستمتاع ثم قياس الجذام على الرتق فيما ذكر وهو غير منعقد لان فوات الاستمتاع غير موجود فيه اهـ والمصنف اطلق المنع بانه لا يثبت حكم الاصل بالاجماع مع انه مقيد بغير الاجماع الذي يكون مستنده النص وهو الاجماع الذي يحتمل ان يكون مستنده النص او القياس اما اذا بدا ان مستنده النص فيجوز وزاد الناظم على المصنف التعرض لاستثناء هذا الاجماع الذي بدا فيه النص فقال الثاني حكم الاصل راي الناس شرط ثبوته بلا قياس قيل والاجماع الا ان بدا ومذهبنا معاشر المالكية انه يجوز قياس اصل على اصل ءاخر قال شارح السعود ان ابن رشد ذكر في المقدمات ان مذهب مالك واصحابه جواز كون حكم الاصل ملحقا أي مقيسا على اصل ءاخر لما حقق أي ثبت من وجوب اعتبار الادنى أي الاقرب فلا يصح البناء على الابعد فاذا ثبت الحكم في فرع صار اصلا يقاس عليه بعلة اخرى مستنبطة منه وكذا القول في الفرع الثاني والثالث وما بعده قال ابن رشد ولم يختلفوا فيه على ما يوجد في كتبهم من قياس المسائل بعضها على بعض فقول ابن السبكي الثاني حكم الاصل ومن شرطه ثبوته بغير القياس خلاف مذهبنا اهـ فلذا قال في نظمه وحكم الاصل قد يكون ملحقا لما من اعتباره الادنى حققا ومن شرط حكم الاصل ايضا ان يكون غير متعبد فيه بالقطع أي بان لايكون مكلفا باعتقاده اعتقادا جازما اذا ما تعبد فيه بالقطع انما يقاس على محله ما يطلب فيه القطع أي اليقين كالعقائد والقياس لا يفيد اليقين وافاد الناظم كونه غير متعبد فيه بالقطع وقال ناظم السعود وما بقطع فيه قد تعبدا ربي فملحق كذاك عهدا قوله فملحق الخ أي لا يقاس على محله الا ما يطلب فيه القطع ومن شرط حكم الاصل كونه شرعيا ان استلحق حكما شرعيا بان كان الحكم الذي طلب اثباته بالقياس شرعيا فلذا قال الناظم وكونه شرعيا اذا ما استلحقا شرعي وقال العلامة ابن عاصم واشترطوا في حكم الاصل ان يرى منتسبا للشرع حيث قررا له ثبوت عن دليل شرعي قال شارح السعود ان حكم الاصل لابد ان يكون شرعيا لا لغويا ولا عقليا غير شرعى اذا استلحق حكما شرعيا فان كان المطلوب اثباته غير ذلك بناء على جواز القيام في العقليات واللغويات فلا بد ان يكون حكم الاصل غير شرعي فلذا قال في نظمه مستلحق الشرعي هو الشرعي وغيره لغيره مرعي أي وغير الشرعي محفوظ ومروي عن اهل الاصول لغيره ومن شرطه كونه غير فرع لقياس ءاخر اذا لم يظهر للوسط على تقدير كونه فرعا فائدة الجزء: 2 ¦ الصفحة: 115 فان ظهرت جاز كونه فرعا وقيل يشترط كونه غير فرع مطلقا ظهرت للوسط فائدة ام لا واذا جاز كونه فرعا فالعلة في القياسين ان اتحدت كان الثاني لغوا وان اختلفت كان غير منعقد كما تقدم في قوله ومن شرطه ثبوته بغير القياس وافاد الجلال المحلي ممثلا لقول المصنف اولا وكونه غير فرع اذا لم يظهر للوسط فائدة حيث ان مقتضاه ان الوسط تارة تظهر له فائدة واخرى لا قائلا قد يظهر للوسط الذي هو الارز في المثال الاتي وهو الفرع في القياس الاول والاصل في القياس الثاني مثلا فائدة قال كما يقال التفاح ربوي قياسا على الزبيب بجامع الطعم والزبيب ربوي قياسا على التمر بجامع الطعم مع الكيل والتمر ربوي قياسا على الارز بجامع الطعم مع القوت والارز ربوي قياسا على البر بجامع الطعم والكيل والقوت الغالب ثم يسقط الكيل والقوت على الاعتبار بطريقه أي بطريق الاسقاط قال المحقق البناني أي يسقط الكيل عن كونه معتبرا في العلية بان يقال لا نسلم ان علة الكيل لوجوده في الجبس مثلا مع انه ليس بربوي ويسقط القوت عن كونه معتبرا فى االعليه بان يقال لا نسلم ان علة الربا القوت لتخلف ذلك في الخوخ فانه ربوي مع كونه غير مقتات اهـ فيثبت فيثبت ان العلة الطعم وحده وان التفاح ربوي كالبر اذ المقصود اثباته في هذا القياس المركب هو ربوية التفاح بقياسه على البر فهو الاصل الحقيقي وما عداه صوري توسط لهذه الفائدة وذكر الجلال المحلي انه لو قيس ابتداء عليه الطعم لم يسلم القياس ممن يمنع علية الطعم فيه فقد ظهر للوسط بالتدرج فائدة وهي السلامة من منع علية الطعم فيما ذكر بخلاف ما لو قيس التفاح على السفرجل والسفرجل على البطيخ والبطيخ على القثاء والقثاء على البر فانه لا فائدة للوسط فيها لان نسبة ماعدا البر اليه بالطعم دون الكيل والقوت فتنتفي الفائدة المذكورة لانها انما تتاتى اذا كانت العلة مركبة من مجموع شيئين فاكثر لا ان كانت شيئا واحد كما هنا قال الجلال المحلى نعم اعترض على المصنف بان في قوله عنا مع قوله قبل ومن شرطه ثبوته بغير القياس تكرارا واجاب بقوله لا يلزم من اشتراط كونه غير فرع اشتراط ثبوته بغير قياس لانه قد يثبت بالقياس ولايكونن فرعا للقياس المراد ثبوت الحكم فيه وان كان فرعا لاصل ءاخر وكذلك لا يلزم من كونه غير فرع ان لا يكون ثابتا بالقياس لجواز ان يكون ثابتا بالقياس ولكنه ليس فرعا في هذا القياس الذي يراد اثبات الحكم فيه اهـ واشار الجلال المحلي الى ان الجواب المذكور للمصنف لا يصلح ان يكون جوابا قائلا ولا يخفى ان هذا الكلام المشتمل على التكرار لا يدفع الاعتراض قال المحقق البناني لانه ليس المقصود نفي الفرعية في خصوص القياس الذي يراد اثبات الحكم فيه بل هذا لا يتصور ثبوته حتى ينفي اذا لا يخفي ان كل حكم هو اصل في قياس لا يمكن ان يكون فرعا في ذلك القياس حتى يحترز عنه بل المراد كونه غير فرع لقياس ءاخر على ان الدعوى عامة اذ فرع نكرة في سياق النفي معنى اذ هي في معنى قولك من شرطه ان لا يكون فرعا فتخصيصها بذلك تخصيص من غير مخصص اشار له العلامة وحينئذ فكونه غير فرع مستلزم لثبوته بغير القياس فلزم التكرار اهـ نعم افاد الشيخ الشربينى ان القول بانه لا يتصور ثبوته حتى بنفي انما هو في القياس المفرد وما نحن فيه مركب كما قرره الشارح قال ولا مانع من ان يكون شيء واحد فيه اصلا باعتبار ءاخر اهـ واشار الى الخلف في النقل في ذي المسالة الجزء: 2 ¦ الصفحة: 116 العلامة ابن عاصم بقوله ولا يكون الاصل فرع اصل سواه والخلف هنا في النقل واما الجلال السيوطي فانه لم يتعرض لها في النظم حيث قال في الشرح تنبيه زاد في جمع الجوامع شرطا سابعا فقال وكونه غير فرع اذا لم يظهر للوسط فائدة وقيل مطلقا واعترض عليه بان هذا الشرط مكرر وقد علم من الشرط الاول فان اشتراط ثبوته بغير القياس يقتضي اشتراط كونه غير فرع اهـ وان لا يعدل عن سنن القياس ولا يكون دليله شاملا لحكم الفرع وكون الحكم متفقا عليه قيل بين الامة والاصح بين الخصمين وانه لا يشترط اختلاف الامة أي ويشترط في حكم الاصل ان يكون جاريا على سنن القياس أي طريقته بان يكون مشتملا على معنى يوجب تعديته من الاصل الى الفرع فما خرج عن ذلك بان لم يشتمل على المعنى المذكور لايقاس على محله وافاد شارح السعود ان العدول عما ذكر على ضربين احدهما ان لايعقل المعنى في الحكم كاعداد الركعات ومقادير نصاب الزكاة ومقادير الحدود ومقادير الكفارات وجميع الاحكام غير معقولة المعنى الثاني ان يعقل المعنى لكن لم يتعد في محل ءاخر كضرب الدية على العاقلة وتعلق الارش برقبة العبد وايجاب الغرة في الجنين فلذا قال في نظمه وليس حكم الاصل بالاساس متى يد عن سنن القياس لكونه معناه ليس يعقل او التعدي فيه ليس يحصل قال وقد جعل اءلامدي ومن تبعه اختصاص خزيمة بكون شهدته كشهادة رجلين من الضرب الاول بناء على ان مفيد الاختصاص هو النص فقط وجعله بعضهم من الضرب الثاني بناء على ان مفيد الاختصاص هو التصديق وعليه انه لا يقول الاحقا مع السبق اليه والانفراد به فانه هو الذي قدر الحكم به الا ترى وقوع قوله صدقتك الخ جوابا لقوله صلى الله عليه وسلم ما حملك الخ قال وقصة شهادة خزيمة هي ان النبيء صلى الله عليه وسلم ابتاع فرسا يسمى المرتجل لحسن صهيله من اعرابي فجحد الاعرابي البيع وقال هلم شهيدا يشهد علي فشهد عليه خزيمة بن ثابت دون غيره فقال له النبيء صلى الله عليه وسلم ما حملك على هذا ولم تكن حاضرا معنا فقال صدقتك بما جئت به وعلمت انك لا تقول الا حقا فقال صلى اله عليه وسلم من شهد له خزيمة او شهد عليه فحسبه هذا لفظ ابن خزيمة ولفظ ابي داوود فجعل النبيء صلى الله عليه وسلم شهادته شهادة رجلين اهـ ومن شرط حكم الاصل ان لا يكون دليل الحكم فيه شاملا لحكم الفرع للاستغناء حينئذ عن القياس بذلك الدليل ولا معنى لالحاق احدهما بالاخر مع ان دليلها واحد قال شارح السعود فاذا اندرج الحكمان لشئين في نص من كتاب او سنة فالشيئان سواء في ذلك النص فيستغنى عن القياس حينئذ بذلك النص أي الدليل سواء كان نصا او ظاهرا مع ان احدهما ليس اولى بالاصالة من الاخر كما لو استدل على ربوية البر بحديث مسلم الطعام بالطعام مثلا بمثل فيمتنع قياس الذرة عليه بجامع الطعم لان لفظ الطعام الذي هو لفظ الدليل يشمل الذرة كالبر واشار لى ذا الشرط بقوله في نظمه وحيثما يندرج الحكمان في النص فالامران قل سيان واشار الاناظم الى ذا الشرط والذي قبله بقوله ولا دليله الفرع شمل ولا به عن سنن القيس عدل ومن الشروط ان يكون الحكم في الاصل متفقا عليه لئلا يمنع فيحتاج عند منعه الى اثباته فينتقل الى مسالة اخرى وينتشر الكلام ويفوت المقصود الذي هو اثبات الفرع قيل بين الامة حتى الجزء: 2 ¦ الصفحة: 117 لا يتاتي المنع بوجه والاصح بين الخصمين فقط لان البحث لا يعدوهما فلذا قال الناظم وكونه عليه اتفقا بينهما وقيل بين الامة والاصح الاتفاق بين الخصمين فقط وعلل ذلك شارح السعود بقوله لانا لو شرطنا الاتفاق عليه بين جميع الامة لزم خلو اكثر الوقائع عن الاحكام فلذا اقتصر عليه في نظمه بقوله والوقف في الحكم لدى الخصمين شرطه جواز القيس دون مين والاصح انه لا يشترط مع اشتراط اتفاق الخصمين فقط اختلاف الامة غير الخصمين في الحكم بل يجوز اتفاقهم فيه كالخصمين قال الجلال المحلي وقيل يشترط اختلافهم فيه ليتاتى للخصم الباحث منعه فانه لا مذهب له اهـ قال المحقق البناني أي من حييث البحث واما من حيث العمل فله مذهب يعمل به اهـ وحكى الناظم هذا القول بقوله وقيل شرطه اختلاف تمه فان كان الحكم متفقا بينهما ولكن لعلتين مختلفتين فهو مركب الاصل او لعلة يمنع الخصم وجودها في الاصل فمركب الوصف ولا يقبلان خلافا للخلافيين أي فان كان الحكم متفقا عليه بين الخصمين ولكن لعلتين مختلفين فالقياس المشتمل على الحكم المذكور يسمى مركب الاصل لتركيب الحكم في بنائه على العلتين بالنظر الى الخصمين فلذا قال ناظم السعود وان يكن لعلتين اختلفا تركب الاصل لدى من سلفا ببناء تركب للفاعل أي فالقياس المشتمل على الحكم المذكور يسمي مركب الاصل مثاله قياس حلي البالغة على حلي الصبية في عدم وجوب الزكاة فان عدمه في الاصل متفق عليه بيننا وبين الحنفية والعلة فيه عندنا معاشر المالكية كونه حليا مباحا وعندهم كونه مال صبية واما اذا كان الحكم متفقا عليه بين الخصمين لعلة يمنع الخصم وجودها في الاصل فيسمى مركب الوصف وسمي به القياس المشتمل علي ذلك لتركيب الحكم فيه أي بنائه على الوصف الذي منع الخصم وجوده في الاصل فذا قال ناظم السعود مركب الوصف اذا الخصم منع وجود ذا الوصف في الاصل المتبع مثاله قياس ان تزوجت فلانه فهي طالق على فلانة التي اتزوجها طالق في عدم وجود الطلاق بعد التزوج فان عدمه متفق عليه بيننا وبين الشافعية وهم يقولون العلة تعليق الطلاق قبل ملك محله ونحن نمنع وجود تلك العلة في الاصل ونقول هو تنجيز لطلاق اجنبية وهي لا ينجز عليها الطلاق ولو كان فيه تعليق لطلقت بعد التزوج افاده شارح السعود ولا يقبلان القياسان المذكوران أي لا ينهضان على الخصم لمنع الخصم وجود العلة في الفرع في الاول وفي الاصل في الثاني خلافا للخلافيين أي مقلدى في ارباب المذاهب المجتهدين قال المحقق البناني وهم مجتهدو المذاهب ونحوهم الذين يحتج كل منهم لقول امامه على خصمه المقلد لامام ءاخر اهـ واشار ناظم السعود الى قبوله عند الجدليين وعدم قبوله عند الجمهور وانه المنتقى بقوله ورده انتقي وقيل يقبل واشار الناظم الى اصل المسالة بقوله فان يكن متفقا بينهما لكن لعلتين فاسمه انتمى مركب الاصل وان العلة تمنع الخصم ان تحل اصله مركب الوصف ولم يقبلها اهل الاصول وافاد شارح السعود انهم اختلفوا في القياس المركب بناء على قبوله هل يقدم على غير ذي التركيب عند التعارض او هما سواء او يقدم غير المركب عليه حيث قال وفي التقدم خلاف ينقل ولو سلم العلة فاثبت المستدل وجودهما او سلمه المناظر انتهض الدليل فان لم يتفقا على الاصل ولكن رام المستدل اثبات الجزء: 2 ¦ الصفحة: 118 حكمه ثم اثبات العلة فالاصح قبوله أي ولو سلم الخصم العلة للمستدل في انها في الربا الطعم مثلا ولم يسلم وجودها في الارز مثلا فاختلفا في وجودها فيه فاثبت المستدل وجودها فيه او اسلم المناظر وجودها انتهص الدليل عليه لتسليمه في ذا الثاني وقيام الدليل عليه في الاول فلذا قال الناظم واذا ما سلما فاثبت الذي استدل وجودها او سلم الوجود دل واذا لم يتفق الخصمان على الاصل من حيث الحكم والعلة ولكن رام المستدل اثبات حكمه بدليل ثم اثبات العلة بمسلك من مسالكها الاتية فالاصح قبوله في ذلك لان اثباته بمنزلة اعتراف الخصم به فلذا قال الناظم وان يكونا اختلفا في الاصل ثم اثبات حكم ثم علة تؤم المستدل فالاصح يقبل وقيل لا يقبل بل لا بد من اتفاقهما على الاصل صوبا للكلام عن الانتشار والصحيح لا يشترط الاتفاق على تعليل حكم الاصل او النص على العلة اي والصحيح انه لا يشترط في القياس الاجماع على ان حكم الاصل معلل او النص المستلزم لتعليله اذ لا دليل على اشتراط ذلك بل يكفي اثبات التعليل في المسالتين بدليل فلذا قال الناظم والاتفاق انه معلل والنص من شرع على العلة ما نشرطه على الاصح فيهما والضمير في انه عايد على حكم الاصل قال الجلال السيوطي وعن بشر المريسي انه شرطهما معا كذا في المحصول عنه وحكى البيضاوي عنه انه شرط احد الامرين اما قيام الاجماع عليه او كون علته منصوصة اهـ قال الجلال المحلي وقد تقدم انه لا يشترط الاتفاق على وجود العلة خلافا لمن زعمه وانما فرق أي المصنف بين المسالتين لمناسبة المحلين اهـ الثالث الفرع وهو المحل المشبه وقيل حكمه ومن شرطه وجود تمام العلة فيه فان كانت قطعية فقطعي او ظنية فقياس الا دون كالتفاح على البر بجامع الطعم أي الثالث من اركان القياس الفرع وهو المحل المشبه بالاصل وقيل حكمه قال الجلال السيوطي ولا يتاتى فيه القول الثانى انه دليل الحكم كيف ودليله القياس اهـ فلذا قال في النظم وفي الفرع قولان وثانيها نفي واشار ناظم السعود الى ما اشار اليه المصنف بقوله الحكم في راي وما تشبها من المحل عند جل النبها جمع نبيه بمعنى فطن والحكم خبر مبتدا محذوف أي هو أي الفرع هو الحكم أي حكم المحل المشبه بالاصل وما عطف على الحكم والواو بمعني او المنوعة للخلاف أي وقيل الفرع هو ما تشبه من المحل أي المحل الامشبه بالاصل والقول الثاني هو قول الاكثر ومذهب الفقهاء وبعض المتكلمين والاول قول الامام اهـ افاده في الشرح ومن شرط الفرع وجود تمام العلة التى في الاصل فيه من غير زيادة بنحو الشدة اومعها كالاسكار فى قياس النبيذ على الخمر والايذاء في قياس الضرب علي التافيف ليتعدى الحكم الى الفرع قال الجلال المحلي وعدل أي المصنف كما قال عن قول ابن الحاجب ان يساوي في العلة علة الاصل لايهامه ان الزيادة تضر اهـ قال المحقق البناني والمراد بالزيادة الزيادة بنحو الشدة والقطع بالوجود في الفرع واما الزيادة باعتبار نفس العلة فلا يصح اهـ واشار ناظم السعود الى ما ذكره المصنف بقوله وجود جامع به متمما وقال الجلال السيوطي ومن شرطه وجود تمام العلة التى في الاصل فيه سواء كان بالزيادة او معها كان الموجود عينها او جنسها كالاسكار في قياس النبيذ على الخمر في الحرمة والايذاء في قياس الضرب على التافيف في التحريم والخيانة الجزء: 2 ¦ الصفحة: 119 في قياس الطرف على النفس في وجوب القياس فانها جنس لاتلافها والتعبير بما ذكر احسن من قول ابن الحاجب ان يساوي الفرع الاصل في العلة لاتهامه ان الزيادة تضر احسن من اقتصار جمع الجوامع هنا على تمام العلة اهـ فلذا قال في النظم الفرع شرطه تمام العلة من عينها او جنسها قد حلت واشترط العلامة ابن عاصم ما اشترطه المصنف حيث قال وان يكون فيه ما في اصله من وصفه الجامع في محله فان كانت العلة قطعية بان قطع بعلية الشئ في الاصل وبوجوده في الفرع كالاسكار والايذاء فيما تقدم فقطعي قياسها حتى كان الفرع فيه تناوله دليل الاصل فلذا قال ناظم السعود وفي القطع الى القطع انتمى واذا كانت العلة ظنية كما اذا ظن علية الشيء في الاصل وان قطع بوجوده في الفرع فذلك القياس ظني وهو قياس الادون فلذا قال ناظم السعود وان تكن ظنية فالادون لذا القياس علم مدون واشار الناظم الى القطعي والظنى بقوله فان بها يقطع فقطعي وان ظنية فهو قياس الادون مثال القياس الادون قال شارح السعود كقياس الشافعية التفاح على البر بجامع الطعم الذي هو علة الربا عندهم ويحتمل انها القوت والادخار اللذان هما علتاه عند المالكية ويحتمل الكيل الذي هو علته عند الحنفية وليس في التفاح الا الطعم فثبوت الحكم فيه ادون من ثبوته في البر المشتمل على الاوصاف الثلاثة فادونية القياس من حيث الحكم لا من حيث العلة اذ لا بد من تمامها اهـ قال الجلال المحلى والاول أي القطعي يشمل قياس الاولى والمساوي أي ما يكون ثبوت الحكم فيه في الفرع اولى منه في الاصل او مساويا كقياس الضرب للوالدين على التافيف لهما وقياس احراق مال اليتيم على اكله في التحريم فيهما اهـ وتقبل المعارضة فيه بمقتض نقيض او ضد لاخلاف الحكم علي المختار والمختار قبول الترجيح وانه لا يجب الايماء اليه في الدليل ولا يقوم القاطع على خلافه وفاقا ولا خبر الواحد عند الاكثر أي وتقبل المعارضة في الفرع على المختار بقياس مقتض نقيض الحكم او ضده فلذا قال ناظم السعود ومقتضى الضد او النقيض للحكم في الفرع كوقع البيض قال في الشرح يعني ان معارضة حكم الفرع بما يقتضى نقيضه او ضده كائنة كوقع البيض أي كهدم السيوف للاجسام يعني انها مبطلة لالحاق ذلك الفرع بذلك الاصل وقيل لا تقبل والا انقلب منصب المناظرة اذ يصير المعترض مستدلا وبالعكس وذلك خروج عما قصده من معرفة صحة نظر المستدل في دليله واجيب بان قصد المعترض من المعارضة هدم دليل المستدل وانما ينقلب منصب المناظرة لو كان قصد المعترض انبات مقتضي المعارضة وليس كذلك اهـ قال الجلال المحلي وصورتها في الفرع ان يقول المعترض للمستدل ما ذكرت من الوصف وان اقتضى ثبوت الحكم في الفرع فعندي وصف ءاخر يقتضي نقيضه او ضده مثال النقيض المسح ركن في الوضوء فيسن تثليثه كالوجه فيقول المعارض مسح في الوضوء فلا يسن تثليثه كمسح الخف ومثال الضد الوتر واظب عليه النبيء صلى الله عليه وسلم فيجب كالتشهد فيقول المعارض مؤقت بوقت صلاة من الخمس فيستحب كالفجر اهـ فقوله يستحب هو ضد الحكم الذي اثبته المستدل واما اذا اقتضت المعارضة خلاف الحكم بان عورض الفرع بما يقتضى خلافه فلا تقبل المعارضة لعدم المنافاة لدليل المستدل كما يقال من طرف المالكية اليمين الغموس قول ياثم الجزء: 2 ¦ الصفحة: 120 قائله فلا يوجب الكفارة كشهادة الزور فيقول المعارض قول مؤكد للباطل يظن به حقيقته فيوجب التعزير كشهادة الزور واشار الناظم الى ما اشار اليه المصنف بقوله مشيرا للفرع وان يكن عورض ذا بما اقتضى خلاف حكمه لغي والمرتضى قبولها بمقتض نقيضا او ضدا واشار ناظم السعود الى حكم اقتضاء الفرع خلاف الحكم وانه عكس ما تقدم في النقيض والضد حسبما مر ءانفا حيث انه لا تقبل فيه المعارضة فقال بعكس ما خلاف حكم يقتضى والمختار في دفع المعارضة المذكورة زيادة على دفعها بدفع كل قادح يعترض به علي المستدل ابتداء قبول الترجيح لوصف المستدل على وصف المعارض بمرجح قال شارح السعود يجوز على المختار دفع اعتراض المعترض بمقتض نقيض الحكم اوضده بترجيح وصف لمستدل على وصف المعترض بقطعيته او الظن الاغلب لوجوده او كون مسلكه اقوى ونحوها مما ذكر من مرجحات القياس في الكتاب السادس اهـ فلذا في نظمه وادفع بترجيح لدا المعترض قال المحقق البناني كابداء فارق في مسالة المسح بان يقال هناك فارق بين مسح الراس ومسح الخف بان مسح الخف يعيبه بخلاف الراس وحاصله ابداء قادح من المستدل في دليل المعترض اهـ واشار الناظم الي قبول الترجيح بقوله وان يقبل الترجيح راوا وقيل لا يقبل الترجيح لان المعتبر في المعارضة حصول اصل الظن لا مساواته لظن الاصل أي للوصف المشتمل عليه الاصل الواقع في قياس المستدل وهو علة الحكم فيه اهـ بناني والمختار بناء على قبول الترجيح انه لا يجب التعرض اليه ابتداء لان ترجيح وصف المستدل على وصف معارضة خارج عن الدليل فلذا قال الناظم وانه لايجب الايما اليه حال اقامة دليله عليه ومن شرط الفرع ان لا يقوم دليل قاطع على خلافه فى الحكم وهذا متفق عليه اذ لا صحة للقياس في شيء مع قيام الدليل القاطع على خلافه ولا يقوم خبر الواحد على خلافه عند الاكثر بناء علي تقديمه على القياس وقد تقدم في مبحث الاخبار واشار الناظم الى ما ذكر بقوله ولا يقوم خبر على خلاف فرع لنا وقاطع بلا خلاف وليساو الاصل وحكمه حكم الاصل فيما يقصد من عين او جنس فان خالف فسد القياس وجواب المعترض بالمخالف ببيان الاتحاد أي ولتكن مساواة الفرع للاصل ومساواة حكمه لحكم الاصل فيما يقصد من عين العلة اوجنسها بالنسبة لمساواة الفرع الاصل وفيما بقصد من عين العلة او جنسها بالنسبة لمساواة حكمه لحكم الاصل فمثال مساواة الفرع الاصل في عين العلة قياس النبيذ على الخمر في الحرمة بجامع الشدة المطربة فانها موجودة في النبيذ بعينها نوعا لا شخصا ومثال المساواة في جنس العلة قياس الطرف على النفس في ثبوت القصاص فاتلاف النفس واتلاف الطرف حقيقتان مختلفتان داخلتان تحت جنس وهو الجناية قال المحقق البناني وهذا مثال فرضي والا فقطع الطرف ثابت بالنص ومثال المساواة في عين الحكم قياس الققتل بمثقل على القتل بمحدد في ثبوت القياس فانه فيهما واحد بالنوع والجامع كون القتل عمدا عدوانا ومثال المساواة في جنس الحكم قياس يضع الصغيرة على ما لها في ثبوت الولاية للاب او الجد بجامع الصغر فان مطلق الولاية جنس لنوعي ولايتي النكاح والمال واشار ناظم السعود الى ما ذكره المصنف بقوله والفرع للاصل بباعث وفي الحكم نوعا او بجنس يقتفي فالفرع الجزء: 2 ¦ الصفحة: 121 مبتدا خبره يقتفي واللام في الاصل زائدة وهو مفعول الخبر وبباعث متعلق ييقتفي وفي الحكم معطوف عليه ونوعا ظرف معمول يقتفي والباء في بجنس ظرفية وهو معطوف على نوعا فان خالف المذكور ما ذكر بان لم يساوه فيما ذكر فسد القياس لانتفاء العلة عن الفرع في الاول وانتفاء حكم الاصل عن الفرع في الثاني فلذا قال الناظم والشرط في الفرع وفي الاصل اتحاد حكمهما فان يخالف ففساد وجواب المعترض بالمخالفة فيما ذكر من العين او الجنس يكون ببيان الاتحاد قال الجلال المحلي مثاله ان يقيس الشافعي ظهار الذمى على ظهار المسلم في حرمة وطء المراة فيقول الحنفي الحرمة في المسلم تنتهي بالكفارة والكافر ليس من اهل الكفارة اذ لا يمكنه الصوم منها لفساد نيته فلا تنتهي الحرمة في حقه فاختلف الحكم فلا يصح القياس فيقول الشافعي يمكنه الصوم بان يسلم وياتي به ويصح اعتاقه واطعامه مع الكفر اتفاقا فهو من اهل الكفارة فالحكم متحد والقياس صحيح اهـ فلذا قال الناظم وببيان الاتحاد فليجب معترضا لاختلاف المنتصب ولا يكون منصوصا بموافق خلافا لمجوز دليلين ولا بمخالف الا لتجربة النظر ولا متقدما على حكم الاصل وجوزه الامام عند دليل ءاخر أي ويشترط ان لا يكون الفرع منصوصا عليه من حيث حكمه بموافق للقياس للاستغناء حينئذ بالنص عن القياس اذ العمل بالقياس عند فقد النص للضرورة ولا ضرورة مع النص خلافا لمجوز دليلين مثلا على مدلول واحد في عدم اشتراطه ما ذكر لما جوزه من توارد دليلين على مدلول واحد واشار العلامة ابن عاصم الى هذه المسالة بقوله واشترطوا في فرعه منصوصا ان لا يكون حكمه منصوصا وقوله ولا يكون بمخالف الخ أي ويشترط ان لا يكون الفرع منصوصا عليه بمخالف للقياس وذلك لتقدم النص على القياس الا لتمرين الذهن فى المسالتين ورياضته على استعمال القياس في المسائل اذ القياس المخالف صحيح في نفسه نعم لم يعمل به لمعارضة النص له قال المحقق البناني ثم ان قوله ولا بمخالف مكرر مع قوله السابق ولا يقوم القاطع على خلافه ولا خبر الواحد عند الاكثر فلو حذف قوله ولا بمخالف وذكرالاستثناء المذكور مع قوله ولا يقوم القاطع على خلافه كان اولي اهـ ويشترط ان لا يكون حكم الفرع متقدما على حكم الاصل في الظهور والتعلق بالمكلف قال الجلال المحلي كقياس الوضوء على التيمم فى وجوب النية فان الوضوء تعبد به قبل الهجرة والتيمم انما تعبد به بعدها اهـ فلذا قال ناظم السعود وحكم الفرع ظهوره قبل يرى ذا منع قال الجلال السيوطي اذ لو جاز تقدم حكم الفرع للزم ثبوته حال تقدمه من غير دليل وهو ممتنع نعم ان ذكر ذلك الزاما للخصم جاز كما قال الشافعي للحنفية طهارتان انى تفترقان لتساوي الاصل والفرع في المعنى وقيل يجوز ان كان لحكم الفرع دليل ءاخر متقدم لجواز ان يدلنا الله تعالى على الحكم بادلة مترادفة كما تاخرت معجزات النبيء صلي الله عليه وسلم عن الهجرة المقارنة لابتداء الدعوة وعى هذا القول ابو الحسن البصري والامام الرازي وابن الصباغ اهـ فلذا قال في النظم ولا يكون حكم الاصل ءاخرا وقيل الا لدليل ءاخرا ولا يشترط ثبوت حكمه بالنص جملة خلافا لقوم ولا انتفاء نص او اجماع يوافقه خلافا للغزالي والامدي أي ولا يشترط في الفرع ثبوت حكمه بالنص الاجمالي خلافا لقوم فى قولهم الجزء: 2 ¦ الصفحة: 122 يشترط ثبوته بالنص الاجمالي ويطلب بالقياس تفصيله قالوا فلولا العلم بورود ميراث الجد جملة لما جاز القياس في توريثه مع الاخوة بجامع ان كلا يدلى بالاب قال الجلال السيوطي ورد بانهم قاسوا انت علي حرام على الطلاق تارة وعلى الظهار اخرى وعلي اليمين اخرى وليس فيه نص لا جملة ولا تفصيلا اهـ فلذا قال في النظم وليس شرطا للشيوخ الجله ثبوت حكمه بنص جمله ولا يشترط ايضا فيه انتفاء واحد من نص او اجماع يوافقه فى حكمه بل يجوز القياس مع موافقتهما او احدهما له خلافا للغزالي والامدي في اشتراطهما انتفاءهما مع تجويزهما دليلين على مدلول واحد نظرا الي ان الحاجة الي القياس انما تدعو عند فقد الننص والاجماع وان لم تقع مسالة القياس الان فهما يقولان اذا فقد النص والاجماع فانه يصار الى القياس ان لم يضطر له بسبب وقوع النازلة التى لا يستفاد حكمها الا به بخلاف قول ابن عبدان السابق فان مفاده انه لا يصار الى القياس الاعند الاضطرار اليه بوقوع نازلة يتوقف ثبوت الحكم فيها عليه كما تقدم والى ذا النزاع اشار الناظم بقوله وشرط نفي نص او اجماع موافق في الحكم ذو نزاع الرابع العلة قال اهل الحق المعرف وحكم الاصل ثابت بها لا بالنص خلافا للحنفية وقيل المؤثر بذاته وقال الغزالي باذن الله وقال اءلامدي الباعث عليه أي الرابع من اركان القياس العلة وفى معنى لفظها حيث ذكر في كلام الشارع عند اهل الفروع اقوال اربعة قال اهل الحق هي المعرف للحكم قال الشيخ الشربيني قال السعد ليس معنى كونه معرفا ان لا يثبت الا به كيف وهو حكم شرعي لا بد له من دليل شرعى من نص او اجماع بل معناه ان الحكم يثبت بدليله اهـ ويكون الوصف امارة بها يعرف ان الحكم الثابت حاصل في هذه المادة اهـ فمعنى كون الاسكار علة انه معرف أي الاطلاع عليه يحصل العلم بحرمة المسكر كالخمر والنبيذ وحكم الاصل على هذا ثابت بها لا بالنص خلافا للحنفية في قولهم بالنص لانه مفيد للحكم واما عند المالكية فقال شارح السعود ان حكم الاصل ثابت بالعلة لا بالنص على صحيح مذهب مالك خلافا للحنفية في قولهم بالنص لانه المفيد للحكم قلنا لم يفده بقيد كون محله الا يقاس عليه والكلام في ذلك والمفيد له العلة اذ هي منشا التعدية المحققة للقياس اهـ فلذا قال في نظمه والحكم ثابت بها فاتبع وقيل العلة المؤثر بذاته في الحكم بناء على انه تبع المصلحة والمفسدة وهو قول المعتزلة فان كلا من حسن الشيء وقبحه عندهم لذاته وان الحكم تابع فيكون الوصف مؤثرا لذاته في الحكم أي يستلزمه باعتبار ما اشتمل عليه الوصف من حسن وقبح ذاتيين والحكم تابع لذلك وقال الغزالى هي المؤثرة فيه باذن الله أي بجعله لا بالذات قال المحقق البناني ليس المراد منه ما يفيده ظاهره من ان التاثير بقدرة خلقها الله فيها لان هذا لا يقول به اهل السنة والغزالي منهم بل المراد بذلك الاستلزام والربط العادي بمعنى ان الله اجرى عادته بتبعية حصول تعلق الحكم لتحقق الوصف كما اجرى عادته بتبعية الموت لحز الرقبة وتبعية الاحراق لمماسة النار الى غير ذلك اهـ وقال سيف الدين الامدي العلة هى الباعث على الحكم أي علي اظهار تعلقه بالمكلفين والا فالحكم قديم والمراد بالباعث كونها مشتملة على حكمة مخصوصة مقصودة للشارع من شرع الحكم لا بمعنى انه لاجلها شرعه حتى تكون باهثا وغرضا بل بمعني الجزء: 2 ¦ الصفحة: 123 انها ترتبت على شرعه مع ارادة الشارع ترتبها عليه لمجرد منفعة الغير افاده البناني فلذا قال ناظم السعود ووصفها بالبعث ما استبينا منه سوى بعث المكلفينا واشار الناظم الى الاقوال الاربعة بقوله الرابع العلة عند اهل حق معرف وحكم الاصل بها وقال الحنفي ثابت بالنص والسيف يقول الباعث وهى المؤثر الذي اعتزال به وجعل الله للغزالي وقد تكون دافعة او رافعة او فاعلة الامرين ووصفا حقيقيا ظاهرا منضبطا او عرفيا مطردا وكذا في الاصح لغويا او حكما شرعيا وثالثها ان كان المعلول حقيقيا او مركبا وثالثها لا يزيد على خمس أي وقد تكون العلة دافعة للحكم او رافعة له او فاعلة الدفع والرفع قال شارح الاسعود مثال العلة الدافعة فقط وهي التي تكون علة في ثبوت الحكم ابتداء لا انتهاء العدة فانها علة في ثبوت حرمة النكاح ابتداء بمعنى ان عدة الزوج علة لحرمة نكاح غيره وليست علة في ذلك انتهاء بمعنى ان للزوج اذا وطئت بشبهة لا ينقطع نكاحها فهي دافعة غير رافعة واذا كانت علة في ثبوت حرمة النكاح كانت مانعا من حل النكاح لانها وصف وجودي معرف نقيض الحكم ومثل العدة الاحرام بحج او عمرة والعلة الرافعة ما كان علة في ثبوت الحكم انتهاء لا ابتداء كالطلاق فانه علة لحرمة الاستمتاع انتهاء بمعنى ان الزوج اذا طلق زوجته حرم عليه استمتاعه بها وليس علة لحرمته ابتداء بمعنى انه لا يمتنع استمتاعه بها اذا تزوجها بعد الطلاق فهو رافع غير دافع واذا كان علة فى حرمة الاستمتاع كان مانعا من حله وقد تكون العلة دافعة رافعة للحكم كالحدث مع الصلاة فانه يمنع الابتداء والدوام وكالرضاع علة لحرمة النكاح ابتداء بمعنى انه يحرم عليه تزوج من بينه وبينها رضاع فهو دافع وعلة لحرمته انتهاء بمعنى انه اذا طرا رضاع بينه وبين زوجته انقطع نكاحها فهو رافع اهـ فلذا قال في نظمه للدفع او الرفع او الامرين واجبة الظهور دون مين وقال الناظم وقد تجيء دافعة او رافعة او ذات الامرين بلا منازعه وقد تكون وصفا حقيقيا وه ما يتعقل في نفسه من غير توقف على عرف او غيره من لغة او شرع ظاهرا منضبطا كالطعم في باب الربا او تكون وصفا عرفيا مطردا لا يختلف باختلاف الاوقات كالشرف والخسة في الكفاءة فلذا قال الناظم فيها وصفا حقيقيا ظاهرا منضبطا او وصف عرف باطراد شرطا وكذا تكون في الاصح وصفا لغويا كتعليل حرمة النبيذ فانه يسمى خمرا كالمشتد من ماء العنب بناء على ثبوت اللغة بالقياس وقيل لا يجوز تعليل الحكم الشرعي بالامر اللغوي او تكون حكما شرعيا سواء كان المعلول حكما شرعيا ايضا كتعليل جواز رهن المشاع بجواز بيعه ام كان امرا حقيقا كتعليل حياة الشعر بحرمته بالطلاق وحله بالنكاح كاليد وان كان مذهبنا معاشر المالكية ان الشعر لا تحله الحياة وقيل لا تكون حكما لان شان الحكم ان يكون معلولا لا علة ورد بان العلة بمعنى المعرف ولا يمتنع ان يعرف حكم حكما او غيره قول المصنف وثالثها ان كان المعلول حقيقيا أي وثالث الاقوال تكون العلة حكما شرعيا ان كان المعلول حقيقيا قال الجلال المحلي هذا مقتضى سياق المصنف وفيه سهو وصوابه ان يزاد لفظة لا بعد قوله وثالثها وذلك ان في تعليل الحكم الشرعي بالحكم الشرعى خلافا وعلى الجواز وهو الراجح هل يجوز تعليل الامر الحقيقي بالحكم الشرعي قال في المحصول الحق الجواز فمقابلة المانع من ذلك الجزء: 2 ¦ الصفحة: 124 مع تجويزه تعليل الحكم الشرعي بالحكم الشرعي هو التفصيل في المسالة اهـ وقال الشيخ حلولو الثالث التفصيل بين ان يكون الحكم المعلول حقيقيا فيمتنع التعليل بالحكم او شرعيا فيجوز قال ولي الدين وعبارة المصنف توهم خلافه اهـ وقال الجلال السيوطى وقيل ان كان المعلول حكما شرعيا جاز التعليل به او حقيقيا فلا اهـ قال في النظم كذا على الاصح وصف لغوي او حكم شرع لو حقيقيا نوي وتكلم ناظم السعود ايضا على ما تكلم عليه المصنف من شرط الانضباط في الوصف وافاد انه اذا لم يكن منضبطا جاز التعليل بالحكمة وهي التي لاجلها صار الوصف علة كذهاب العقل الموجب لجعل الاسكار علة والحكمة عبارة عن ملك مصلحة او تكميلها او دفع مفسدة او تقليلها وان الوصف المعلل به نماه الخليقة أي نسبه الناس الذين هم اهل الاصول الى الانواع الاربعة وهي اللغة والحقيقة والشرع والعرف حسبما تقدم حيث قال ومن شروط الوصف الانضباط الا بحكمة بها يناط وهي التي من اجلها الوصف جرى علة حكم عندكل من درى وهي للغة والحقيقه والشرع والعرف نمى الخليقه وذكر ان التعليل بالعلة المركبة جائز قال قال في التنقيح يجوز التعليل بالعلة المركبة عند الاكثرين كالقتل العمد العدوان حيث قال وقد يعلل بما تركبا قال الجلال المحلي وقيل لا لان التعليل بالمركب يؤدي الى محال فانه بانتفاء جزء منه تنتفى عليته فبانتفاء ءاخر يلزم تحصيل الحاصل لان انتفاء الجزء علة لعدم العلية قلنا لا نسل انه علة وانما هو عدم شرط أي لا علة فان كل جزء شرط للعلية اهـ قال الجلال السيوطي تنقسم العلة الى بسيطة وهي ما لا جزء لها كالاسكار ومركبة وهي التي لها جزء كالقتل العمد العدوان ومنع التعليل بالمركبة قوم قال ابن السبكي وامثلته كثيرة وما ارى للمانع منه مخلصا الا ان يتعلق بوصف منه ويجعل الباقي شروطا فيه ويئول الخلاف حينئذ الى اللفظ وفي ثالث يجوز التعليل بالمركب بشرط ان لا يزيد علي خمسة اوصاف قال الامام ولا اعرف لهذا الحصر حجة قال الشيخ جلال الدين وقد يقال حجته الاستقراء من قائله اهـ واشار في النظم الى ما ذكر بقوله بسيطة وذات تركيب وفي ثالث الزيد عن الخمس نفي ومن شروط الالحاق بها اشتمالها علي حكمة تبعث على الامتثال وتصلح شاهد الاناطة الحكم ومن ثم كان مانعها وصفا وجوديا يخل بحكمتها أي ومن شروط الالحاق بسبب العلة اشتمالها على حكمة تبعث المكلف على الامتثال وتصلح شاهدا لاناطة الحكم بالعلة كحفظ النفوس فانه حكمة ترتب وجوب القصاص على علته من القتل العمد من كونه عدوانا لمكافي فان من علم انه اذا قتل اقتص منه انكف عن القتل فكان في ذلك بقاء حياته وحياه من اراد قتله وقد يقدم عليه توطينا لنفسه على تلفها وهذه تبعث المكلف من القاتل الحكمة وولى الامر من السلطان او نائبه على الامتثال الذي هو ايجاب القصاص بان يمكن كل منهما وارث القتيل من القصاص وتصلح شاهدا ودليلا وسببا لاناطة الحكم أي تعليقه بعلته وهذا انما هو فيما يطلع فيه على الحكمة وسياتي انه يجوز التعليل بما لا يطلع على حكمته ومن اجل اشتمال العة على الحكمة المذكورة كان مانعها وصف وجوديا يخل بكمتها فلذا قال ناظم السعود وامنع لعلة بما قد اذهبا قال الشرح مثاله الدين اذا جعل مانعا من وجوب الزكاة فان حكمة السبب المفرع عنها بالعلة وهي الجزء: 2 ¦ الصفحة: 125 الغنى مواساة الفقراء من فضل مال الاغنياء وليس مع الدين فضل يواسي به اهـ واشار الناظم الى ما اشا اليه المصنف بقوله وشرط الالحاق بها ان تشتمل لحكمة تبعثه ان يمتثل وشاهدا تصلح للاناطه بها فمر ما قد ترى اشتراطه ومانعها وصف وجودي يخل بالحكمة التي عليها تشتمل وان تكون ضابطا لحكمة وقيل يجوز كونها نفس الحكمة وقيل ان انضبطت وان لا تكون عدما في الثبوتي وفاقا للامام وخلافا للامدي والاضافي عدمي أي ومن شروط الالحاق بسبب العلة ان تكون وصفا ضابطا لحكمة أي يشترط كون العلة وصفا مشتملا على حكمة كالسفر في جواز القصر لا نفس الحكمة كدفع المشقة في السفر لانه لا يمكن ضبطها وان كانت هي المقصود لاختلاف مراتبها بحسب الاشخاص والاحوال وقيل يجوز كونها نفس الحكمة لانها المشروع لها الحكم وقيل يجوز ان انضبطت لانتفاء المحذور فلذا قال الناظم ثالثها ان ضبطت قال المحقق البناني وهذا أي قول المصنف وانتكون ضابطا الخ قد علم مما تقدم من قوله ومن شروط الالحاق بها اشتمالها على حكمة فهو تكرار معه اهـ قول المصنف وان لا تكون عدما في الثبوتي وفاقا للامام وخلافا للامدي قال الجلال المحلي هذا انقلب على المصنف سهوا وصوابه قال في شرح المختصر وفاقا للامدي وخلافا للامام الرازي أي في تجويزه تعليل الثبوتي بالعدمي لصحة ان يقال ضرب فلان عبده لعدم امتثال امراه فلذا الناظم وانتخلا بالعدم الثبوت ان يعللا قال شارح السعود وقع الخلاف في تعليل الحكم الثبوتي بالوصف العدمي اجاز ذلك الجمهور لصحة ان يقال ضرب فلان عبده لعدم امتثال امره ولان العلة بمعنى المعرف وخالف بعض الفقهاء فشرط في الالحاق بها ان لا تكون عدما في الحكم الثبوتي واجابوا بمنع صحة التعليل بالمثال المذكور وانما يصح بالكف عن الامتثال وهوامر وجودي لان الوجودي عند الفقهاء ما ليس العدم داخلا في مفهمومه والعدمي خلافه كعدم كذا او سلب كذا ثم قال قال في التنقيح يجوز التعليل بالعدم خلافا لبعض الفقهاء والامور النسبية ويقال لها الاضافية كالابوة والبنوة والاخوة والعمية والخالية والتقدم والتاخير والمعية والقبلية والبعدية وجودية عند الفقهاء والفلاسفة عدمية عند المتكلمين غير ان وجودها ذهني فقط والى الخلاف اشار في نظمه بقوله والخلف في التعليل بالذي عدم لما ثبوتيا كنسبي علم قال الجلال المحلي ويجوز وفاقا تعليل العدمي بمثله او بالثبوتي كتعليل عدم صحة التصرف بعدم العقل او بالاسراف كما يجوز قطعا تعليل الوجودي بمثله كتعليل حرمة الخمر بالاسكار اهـ ويجوز التعليل بما لا يطلع على حكمته فان قطع بانتفائها في صورة فقال الغزالي وابن بحيى يثبت الحكم للمظنة وقال الجدليون لا أي ويجوز التعليل بما لا يطلع على حكمته كما في تعليل الربويات بالطعم اوغيره ولا تخلو علة عن حكمة لكن في الجملة فان قطع بانتفائها في صورة فقال الحجة الغزالي وصاحبه محمد ابن يحيى تلميذه يثبت الحكم فيها للمظنة وقال الجدليون الذين يجري بينهم التنازع لتحقيق حق او ابطال باطل او تقوية ظن لا يثبت اذ لا عبرة بالمظنة عند تحقق انتفائها فلذا قال ناظم السعود وفي ثبوت الحكم عند الانتفا للظن والنفي خلاف عرفا مثاله من مسكنه على البحر ونزل منه في سفينة قطعت به مسافة القصر في لحظة من غير مشقة يجوز له القصر في سفره هذا وقال الجزء: 2 ¦ الصفحة: 126 الناظم مفيدا اصل المسالة وجاز تعليل بما لا نطلع نحن على حكمته فان قطع بنفيها في صورة فالحجة يثبت الحكم فيها للمظنه والجدليون انتفى ونعرض شارح السعود للمسالة مفيدا ان الاحكام الشرعية المعللة لا تخلو علة من عللها ولو قاصرة عن حكمة لكن في الجملة وان لم توجد تلك الحكمة في كل محل من محال تلك العلة على التفصيل اما التعبدات فيجوز ان تتجرد عن حكم المصالح ودرء المفاسد ثم يقع الثواب عليها بناء على الطاعة والاذعان من غير جلب مصلحة غير مصلحة الثواب ولا درء مفسدة غير مفسدة العصيان قال وكون العلة لا تخلو عن حكمة في الجملة لا يلزم منه اطلاعنا على كل حكمة لكن عدم اطلاعنا لا يلزم منه منع التعليل بتلك العلة التي لم تظهر حكمتها كتعليل الربويات بالقوت والادخار عندنا وبالطعم عند الشافعية او بالكيل عند الحنفية او بالمالية عند الاوزاعي مع انا لم نطلع على حكمة كل اهـ فلذا قال في نظمه لم تلف في المعاملات علة خالية من حكمة في الجمله وربما يعوزنا اطلاع لكنه ليس به امتناع والقاصرة منعها قوم مطلقا والحنفية ان لم تكن بنص او اجماع والصحيح جوازها وفائدتها معرفة المناسبة ومنع الالحاق وتقوية النص قال الشيخ الامام وزيادة الاجر عند قصد الامتثال لاجلها ولا تعدي لها عند كونها محل الحكم او جزءه الخاص او وصفه اللازم أي والعلة القاصرة وهي التي لا تتعدى محل النص كما في قولنا يحرم الربا في البر لكونه برا ويحرم الخمر لكونه خمرا فان العلة فيهما قاصرة لا تتجاوز محل النص الى غيره منعها قوم عن ان يعلل بها مطلقا والحنفية منعوها ان لم تكن ثابتة بنص او اجماع والصحيح جوازها مطلقا قال شارح السعود ان المالكية والشافعية والحنابلة جوزوا التعليل بالعلة التي لا تتعدى محل النص وهي العلة القاصرة وذكر القاضى عبد الوهاب منع التعليل بالقاصرة مطلقا عن اكثر فقهاء العراق وذهب ابو حنيفة واصحابه الى منع المستنبطة دون المنصوصة والمجمع عليها فتعدية العلة شرط في صحة القياس اتفاقا والجمهور على انها ليست شرطا في صحة التعليل بالوصف ثم قال مفرعا على جواز التعليل بالعلة القاصرة ومن الفوائد معرفة المناسبة بين الحكم ومحله فيتقوى الباعث على الامتثال اهـ قال في نظمه وعللوا بما خلت من تعديه ليعلم امتناعه والتقويه وقول المصنف ومنع الالحاق الخ أي وفائدتها منع الالحاق بمحل معلولها حيث يشتمل محل الحكم على وصف متعد كالبر ولبخمر في المثالين المتقدمين لمعارضة العلة القاصرة التي اعتبرها المعلل لتلك المتعدية الا ان يثبت استقلال تلك العلة المتعدية بالعلية فتنتفي المعارضة ويصح الالحاق حينئذ ومن فوائدها ايضا تقوية النص الدال على معلولها كان يكون ظاهرا فينتفي بالتقوية المذكورة احتمال خلاف الظاهر قال الشيخ الامام والد المصنف وزيادة الاجر عند قصد الامتثال لاجلها لزيادة النشاط فيه حينئذ وهو الاقبال على الامتثال بكمال الاهتمام بقوة الاذعان بقبول معلولها واشار الناظم الى ما قاله المصنف في القاصرة بقوله والقاصرة قوم ابوها مطلقا مكابره وقيل لا منصوصة او مجمع والمرتضى جوازها وتنفع في منع الالحاق وفي المناسبه تعرف واعتقاد نص صاحبه وعند الامتثال او لاجله يزداد اجرا فوق اجر فعله قول المصنف ولا تعدي الخ قال المحقق البناني عطف على الخبر وهو قوله ومنعها قوم اهـ ولا تعدي للعلة عند كونها محل الحكم او الجزء: 2 ¦ الصفحة: 127 جزءه الخاص بان لا يوجد في غيره او وصفه اللازم بان لا يتصف به غيره لاستحالة التعدي حينئذ فلذا قال الناظم ولا تعدي عند كونها محل حكم وخاص جزءه والوصف جل كما قال ناظم السعود منها محل الحكم او جزء ورد وصفا ذا كل زوميا يرد الضمير في منها عائد على العلة القاصرة مثال الاول تعليل حرمة الربا في الذهب بكونه ذهبا وفي الفضة كذلك ومثال الثاني تعليل نقض الوضوء في الخارج من السبيلين بالخروج منهما ومثال الثالث تعليل حرمة الربا في النقدين بكونهما قيم الاشياء وخرج بالخاص واللازم غيرهما فلا ينتفي التعدي عنه كتعليل الحنفية النقض فيما ذكر بخروج النجس من البدن الشامل لخروج ما ينقض عندهم من دم الفصد ونحوه وكتعليل ربوية البر بالطعم ويصح التعليل بمجرد الاسم اللقب وفاقا لابي اسحاق الشيرازي وخلافا للامام اما المشتق فوفاق واما نحو الابيض نشبه صوري أي ويصح التعليل بمجرد الاسم اللقب أي الجامد بدليل ذكر المشتق بعد قال الجلال المحلي كتعليل الشافعي رضي الله عنه نجاسة بول ما يوكل لحمه بانه كبول الادمي وفاقا لابي اسحاق الشيرازي وخلافا للامام الرازي في نفيه ذلك حاكيا فيه الاتفاق موجها له بانا نعلم بالضرورة انه لا اثر في حرمة الخمر لتسميته خمرا بخلاف وصف مسماه من كونه مخامرا للعقل فهو تعليل بالوصف وحكى الناظم مذهب ابي اسحاق بقوله وجوزوا التعليل في المنتخب عند ابي اسحاق باسم اللقب اما اللفظ المشتق الماخوذ من الفعل كالسارق والقاتل فالوفاق على صحة التعليل به واما نحو الابيض من الماخوذ من الصفة كالبياض فشبه صوري قال شارح السعود ان المشتق اذا كان مشتقا من صفة أي معنى قائم بالموصوف من غير اختياره كالبياض للابيض والسواد للاسود ونحوهما من كل صفة غير مناسبة لا يجوز التعليل به بناء على منع قياس الشبه وهذا شبه صوري ووجه كونهما من الشبه الصوري انه لا مناسبة فيهما ولا فيما هو بنحوهما لجلب مصلحة ولا لدرء مفسدة اهـ وتعرض في نظمه لما يجوز ويمنع بقوله وجاز بالمشتق دون اللقب وان يكن من صفة فقد ابي وكمل الناظم الكلام على مسالة المصنف بقوله وجزما المشتق والمبني من الصفات شبه صوري وجوز الجمهور التعليل بعلتين وادعوا وقوعه وابن فورك والامام في المنصوصة دون المستنبطة ومنعه امام الحرمين شرعا مطلقا وقيل يجوز في التعاقب والصحيح القطع بامتناعه عقلا مطلقا للزوم المحال من وقوعه كجمع النقيضين أي وجوز الجمهور التعليل للحكم الواحد بعلتين فاكثر مطلقا في المنصوصة والمستنبطة والتعاقب والمعية كما يفيده التفصيل الاتي لان العلل الشرعية علامات ولا مانع من اجتماع علامات على شيء واحد وادعوا وقوعه كما في اللمس والمس والبول المانع كل منها من الصلاة مثلا فلذا قال الناظم وجوز الجل بعلتين بل ادعوا وقوعه بتين وجوز ابن فورك والامام الرازي التعليل بعلتين في العلة المنصوصة دون المستنبطة لان الاوصاف المستنبطة الصالح كل منها للعلية يجوز ان يكون مجموعها العلة عند الشارع فلا يتعين استقلال كل منها بخلاف ما نص على استقلاله بالعلية واجيب بانه يتعين الاستقلال بالاستنباط ايضا واشار ناظم السعود الى ذا الخلاف في المستنبطة دون المنصوصة بقوله وعلة منصوصة تعدد في ذات الاستباط خلف يعهد قال الجلال المحلي وحكى ابن الحاجب الجزء: 2 ¦ الصفحة: 128 عكس هذا ايضا أي الجواز في المستنبطة دون المنصوصة لان المنصوصة قطعية فلو تعددت لزم المحال أي وهو الجمع بين النقضين وتحصيل الحاصل كما سياتي بخلاف المستنبطة لجواز ان تكون العلة فيها عند الشارع مجموع الاوصاف واسقط المصنف هذا القول لم اره لغيره اهـ فلذا حكاه الناظم وعده غلطا في قوله وقيل في المنصوص لا ما استنبط وعكسه يحكى ولكن غلطا ومنعه امام الحرمين شرعا مطلقا مع تجويزه عقلا قال لانه لو جاز شرعا لوقع ولو نادرا لكنه لم يقع فلم يجز واجيب بانه لا نسلم اولا انه يلزم من الجواز الوقوع فالاستدلال على عدم الجواز بعدم الوقوع لا يصح ولئن سلمنا ذلك فلا نسلم عدم الوقوع وقيل يجوز في التعاقب دون المعية للزوم المحال لها بخلاف التعاقب لان الذي يوجد في الثانية مثلا مثل الاول ألا عينه واشار الناظم الى ذين القولين بقوله وقيل في تعاقب والمنعا راي امام الحرمين شرعا والصحيح القطع بامتناعه عقلا اي وشرعا للزوم المحال من وقوعه كجمع النقيضين قال الجلال المحلي فان الشيء باستناده الى كل واحد من علتين يستغني عن الاخرى فيلزم ان يكون مستغنيا عن كل منهما وغير مستغن عنه وذلك جمع بين النقيضين ويلزم ايضا تحصيل الحاصل في التعاقب حيث يوجد بالثانية مثلا نفس الموجود بالاولى ومنهم من قصر المحال الاول على المعية واجيب من جهة الجمهور بان المحال المذكور انما يلزم في العلل العقلية المفيدة لوجود المعلول فاما الشرعية التي هي معرفات مفيدة للعلم به فلا وعلى المنع حيث قيل به فما يذكره المجيز من التعدد اما ان يقال فيه العلة مجموع الامرين مثلا او احدهما لا بعينه كما قيل بذلك ويقال فيه بتعدد الحكم كما تقدم عن مام الحرمين ومال اليه المصنف اهـ وذا الصحيح الذي اشاراليه المصنف افاد الناظم ان عليه الامدي حيث قال والامدي القطع بامتناعه عقلا اذ المحال في ايقاعه والمختار وقوع حكمين بعلة في اثباتا كالسرقة للقطع والغرم ونفيا كالحيض للصوم والصلاة وغيرهما وثالثها ان لم يتضادا أي والمختار جواز وقوع حكمين مثلا بعلة في الاثبات كالسرقة فانها علة للقطع زجرا للسارق حتى لا يعود ولغيره حتى لا يقع فيها وللغرم جبرا لصاحب المال فلذا قال ناظم السعود مشيرا الى تعدد الحكم لعلة واحدة وذاك في الحكم الكثير اطلقه كالقطع مع غرم نصاب السرقه ويكون في النفي كالحيض علة لتحريم الصلاة والصوم وقراءة القرءان والطواف وقيل يمتنع تعليل حكمين بعلة بناء على اشتراط المناسبة فيها لان مناسبتها الحكم تحصل المقصود الذي هو الحكمة يترتب الحكم عليها فلو ناسبت ءاخر لزم تحصيل الحاصل واجيب بمنع ذلك وسنده جواز تعدد المقصود الذي هو الحكمة كما في السرقة المرتب عليها القطع زجرا عنها والغرم جبرا لما تلف من المال وثالث الاقوال يجوز تعليل حكمين بعلة ان لم يتضاد الحكمان ويمتنع ان تضادا كالتابيد لصحة البيع وبطلان الاجازة لان الشيء الواحد لا يناسب المتضادين بناء على اشتراط المناسبة في العلة بناء على انها بمعنى الباعث لا الامارة وهو مرجوع افاده في السعود واشار الناظم الى المذاهب الثلاثة بقوله وجاز حكمان بعلة ولو تضادا والمنع والفرق حكوا ومنها ان لا يكون ثبويها متاخرا عن ثبوت حكم الاصل خلافا لقوم ومنها ان لا تعود على الاصل بالابطال وفي عودها بالتخصيص لا التعميم قولان أي ومن شروط الالحاق بالعلة ان لا يكون الجزء: 2 ¦ الصفحة: 129 ثبوتها متاخرا عن ثبوت حكم الاصل قال الشيخ الشربيني بان يكون ثبوتها مبنيا على ثبوته لانها حينئذ لا توجد في الفرع الا بعد ثبوت حكم الاصل له أي حكم مماثل له تترتب عليه ايضا اهـ قال الجلال المحلي سواء فسرت بالباعث او المعرف لان الباعث على الشيء والمعرف له لا يتاخر عنه خلافا لقوم في تجويزهم تاخر ثبوتها بناء على تفسيرها بالمعرف وقال شارح السعود يشترط في صحة الالحاق بالعلة ان لا تحرم أي لا تبطل اصلها الذي استنبطت منه لانه منشاها فابطالها له ابطال لها كتعليل الحنفية وجوب الشاة في الزكاة بدفع حاجة الفقير فانه مجوز لاخراج قيمة الشاة مفض الى عدم وجوبها على التعيين بالتخيير بينها وبين قيمتها وذلك فيه ابطال لما استنبطت منه وهو قوله صلى الله عليه وسلم اربعين شاة واجيب من جهة الحنفية بان هذا ليس عودا بالابطال انما يكون عودا به لو ادى الى رفع الوجوب وليس كذلك بل هو توسيع للوجوب أي تعميم له اهـ واشار في نظمه الى انها لا تبطل اصلها بقوله لكنها لا تحرم واشار التاظم الى جميع ما اشار اليه المصنف بقوله ومن شروطه كما تقررا ان لا يرى ثبوتها مؤخرا عن حكم الاصل عندنا وان لا تعود بالابطال فيه اصلا وفي عود العلة على الاصل بالتخصيص له لا التعميم قولان فيه قيل يجوز فلا يشترط عدمه وقيل لا فيشترط والى الخلاف في العود بالتخصيص اشار الناظم بقوله وان تعد عليه بالخصوص لا بالعموم الخلف في المنصوص قال شارح السعود ان العلة يجوز تخصيصها للاصل الذي استنبطت منه وذلك هو الظاهر من مذهبنا على ما قاله حلولو وللشافعي فيه قولان مستنبطان من اختلاف قوله في نقض الوضوء بمس المحارم قال مرة ينقض نظرا الى عموم قوله تعالى او لمستم النساء ومرة لا ينقض لان اللمس مظنة الاستمتاع أي الا لتلذذ المثير للشهوة وعليه فقد عادت على الاصل المستنبطة منه الذي هو ءاية او لمستم النساء بالتخصيص اذ يخرج منها النساء المحارم والقولان في نقض الوضوء بمس النساء المحارم منصوصان في مذهب مالك ثم ذكر انها قد تعمم لاصلها أي يجوز ان تعود على اصلها الذي استنبطت منه بالتعميم أي تجعله عاما اتفاقا كتعليل الحكم في حديث الصحيحين لا يحكم احد بين اثنين وهو غضبان بتشويش الفكر فانه يشمل غير الغضب فلذا قال في نظمه وقد تخصص وقد تعمم لاصلها فقول المصنف لا التعميم أي فانه يجوز العود به قولا واحدا كما تقدم وان لا تكون المستنبطة معارضة بمعارض مناف موجود في الاصل قيل ولا في الفرع وان لا تخالف نصا او اجماعا وان لاتتضمن زيادة عليه ان نافت الزيادة مقتضااه وفاقا للامدي أي ومن شروط الالحاق بالعلة ان لا تكون العلة المستنبطة معارضة بمعارض مناف لمقتضاها موجود في الاصل الذي هو محل الحكم حيث انها لا عمل لها مع وجوده الا بمرجح قال المصنف مثاله قول الحنفي في الاستدلال على نفي التبييت في صوم رمضان صوم عين فيتادى بالنية قبل الزوال كالنفي فيعارضه الشافعي فيقول صوم فرض فيحتاط فيه ولا يبنى على السهولة اهـ قال الجلال المحلي وهذا مثال للمعارض في الجملة وليس منافيا ولا موجودا في الاصل اهـ قيل ويشترط ايضا ان لا تكون معارضة بمناف موجود في الفرع لان المقصود من ثبوتها ثبوت الحكم في الفرع ومع وجود المنافي فيه لا يثبت قال المصنف مثاله قولنا في مسح الجزء: 2 ¦ الصفحة: 130 الراس ركن في الوضوء فيسن تثليثه كغسل الوجه فيعارضه الخصم فيقول مسح فلا يسن تثليثه كالمسح على الخفين اهـ فالوصف المعارض به هو قوله مسح فلا يسن الخ قال الجلال المحلي وهو مثال للمعارض في الجملة وليس منافيا اذ لا تنافي بين الركن والمسح وانما ضعفوا هذا الشرط وان لم يثبت الحكم في الفرع عند انتفائه لان الكلام في شروطه العلة وهذا شرط لثبوت الحكم في الفرع كما تقدم اخذه من قوله وتقبل المعارضة فيه الخ ولا يقدح في صحة العلة نفسها وانما قيد المعارض بالمنافي لانه قد لا ينافي فلا يشترط انتفاؤه ويجوز ان يكون هو علة ايضا بناء على جواز التعليل بعلتين اهـ واشار الناظم الى ما قاله المصنف بقوله وان مستنبطها ما وردا معارضا بما ينافي وجدا في الاصل لا في الفرع لنا أي الشافعية ومن شروط الالحاق بالعلة ان لا تخالف نصا او اجماعا لانهما مقدمان على القياس مثال مخالفة النص قول الحنفي المراة مالكة لبضعها فيصح نكاحها بغير اذن وليها قياسا على بيع سلعتها فانه مخالف لحديث ابي داوود وغيره ايما امراة نكحت نفسها بغير اذن وليها فنكاحها باطل ومثال مخالفة الاجماع قياس صلاة المسافر على صومه في عدم الوجوب بجامع السفر المشق فانه مخالف للاجماع على وجوب ادائها عليه وهو مثال تقديري وافاد الناظم اشتراط ان لا تنافي ما ذكرمن النص والاجماع بقوله وان لا تنافي اجماعا او نصا يتلى ويشترط ان لا تتضمن زيادة على النص ان نافت الزيادة مقتضاه بان يدل النص على علية وصف ويزيد الاستنباط قيدا فيه منافيا للنص فلا يعمل بالاستنباط لان النص مقدم عليه وفاقا للامدي في هذا الشرط بقيد وغيره اطلقه عن هذا القيد أي نافت الزيادة على مقتضى النص ام لا قال المصنف كالهندي وانما يتجه الاطلاق بناء على ان الزيادة على النص نسخ له وهو قول الحنفية واذا كانت نسخا حصلت المنافاة قال المحقق البناني ويمكن التمثيل له بان ينص على ان عتق االعبد الكتابي لا يجزىء لكفره فيعلل بانه عتق كافر يتدين بدين فهذا ينافي حكم النص المفهوم منه وهو اجزاء عتق المؤمن المفهوم من المخالفة وعدم اجزاء المجسوسى المفهوم بالموافقة الاولى قاله العلامة اهـ واشار الناظم الى ما اشترطه المصنف من عدم الزيادة على النص بقوله ولم يزد على الذي حواه ان خالف المزيد مقتضاه وان تتعين خلافا لمن اكتفى بعلية مبهم مشترك وان لا تكون وصفا مقدرا وفاقا للامام وان لا يتناول دليلها حكم الفرع بعمومه او خصوصه على المختار أي ومن شروط الالحاق بالعلة ان تكون وصفا معينا لانها منشا التعدية المحققة للقياس الذي هو الدليل ومن شان الدليل ان يكون معينا فكذا المحقق له خلافا لمن اكتفى بعلية مبهم من امرين مثلا مشترك بين المقيس والمقيس عليه كان يقال يحرم الربا في البر للطعم او القوت والادخار او الكيل وذا المخالف يقول المبهم المشترك يحصل المقصود واشار الى شرط التعيين ناظم السعود بقوله وشرطها التعيين واشار الناظم الى ذي المسالة بقوله وان تكون ذا تعيين فلا تعليل بالمبهم ومن شروط الالحاق بها ان لا تكون وصفا مقدرا أي مفروضا وجوده لا تحقق له في نفس الامر وفاقا للامام الرازي في عدم الالحاق بالمقدر قال لا يجوز التعليل به خلافا لبعض الفقهاء مثاله قولهم الملك معنى مقدر شرعي في المحل اثره اطلاق التصرفات اهـ قال الجزء: 2 ¦ الصفحة: 131 المحقق البناني موضحا قول الامام معنى مقدر مقروض وجوده شرعي قدره الشرع وقوله في المحل متعلق بمقدر وقوله اثره اطلاق التصرفات مبتدا وخبر ومعنى اطلاقه انه لا يحتاج في التصرفات الي اذن غيره او اجازته اهـ قال الجلال المحلي وكانه أي الامام ينازع في كون الملك مقدرا ويجعله محققا شرعا ويرجع كلامه الى انه لا مقدر يعلل به كما فهمه عنه التبريزي فينتفي الالحاق به كما قصده المصنف اهـ وافاد ناظم السعود عند شرح قوله والتقدير لها جوازه هو التحرير ان جواز كون العلة وصفا مقدرا أي مفروضا لا حقيقة له هو التحرير أي التحقيق عند القرافي وفاقا لبعض الفقهاء وذكر مذهب الامام الرازي قائلا خلافا للامام الرازي فانه جعل من شروط الالحاق بالعلة ان لا تكون وصفا مقدرا ثم قال في ءاخره ورده الفراقي قائلا لان المقدرات في الشريعة لا تكاد يعرف عنها باب من ابواب الفقه وكيف يتخيل عاقل ان المطالبة تتوجه على احد بغير امر مطالب به وكيف يكون طالبا بلا مطلوب وكذلك المطلوب يمتنع ان يكون معينا في السلم والا لما كان فيتعين ان يكون في الذمة ولا نعني بالتقدير الا هذا وكيف يصح العقد عن اردب من الحنطة وهوغير معين ولا مقدر في الذمة فحينئذ هذا عقد بلا معقود عليه بل لفظ بلا معنى وكذلك اذا باعه بثمن الى اجل هذا الثمن غير معين فاذا لم يكن مقدرا في الذمة كيف يبقى بعد ذلك ثمن يتصور وكذلك الاجارة لابد من تقدير منافع في الاعيان حتى يصح ان يكون مورد العقد اذ لولا تخييل ذلك فيها امتنعت اجارتها ووقفها وعاريتها وغير ذلك من عقود المنافع الى ءاخره اهـ ومن شروط الالحاق بالعلة ان لا يتناول دليلها حكم الفرع بعمومه او خصوصه على المختار للاستغناء حينئذ عن القياس بذلك الدليل قال لجلال المحلي مثاله في العموم حديث مسلم الطعام بالطعام مثلا بمثل فانه دال على علية الطعم فلا حاجة في اثبات ربوية التفاح مثلا الى قيامه على البر بجامع الطعم للاستغناء عنه بعموم الحديث ومثاله في الخصوص حديث من قاء او رعف فليتوضا فانه دال على علية الخارج النجس في نقض الوضوء فلا حاجة للحنفي الى قياس القيء او الرعاف الخارج من السبيلين في نقض الوضوء بجامع الخارج النجس للاستغناء عنه بخصوص الحديث والمخالف يقول الاستغناء عن القياس بالنص لا يوجب الغاءه لجواز دليلين على مدلول واحد والحديث رواه ابن ماجه وغيره وهو ضعيف اهـ قال المحقق البناني فلا يرد على المالكية والشافعية القائلين بعدم نقض الوضوء بالقيء والرعاف اهـ أي لضعف الحديث وافاد الناظم ذا الشرط والذي قبله يقوله عاطفا على الشروط المتقدمة او وصفا جلا غير مقدر وغير شامل دليلها بحكم فرع حاصل بجهة العموم والخصوص والخلف في الثلاث عن نصوص أي والخلف في الشروط الثلاثة المتقدمة كائنة عن نصوص واردة والصحيح لا يشترط القطع بحكم الاصل ولا انتفاء مخالفة مذهب الصحابي ولا القطع بوجودها في الفرع أي والصحيح انه لا يشترط في العلة المستنبطة القطع بحكم الاصل بان يكون دليله قطعي الدلالة فلذا قال الناظم وليس شرط كونها في الفرع وحكم الاصل ثابتا بالقطع كما انه لا يشترط انتفاء مخالفة مذهب الصحابي للعلة ولا القطع بوجودها في الفرع بل يكفي الظن بذلك وبحكم الاصل لانه غاية الاجتهاد فيما يقصد به العمل وذكر المحقق البناني عن العلامة ان المصنف لو الجزء: 2 ¦ الصفحة: 132 قدم بوجودها في الفرع وعطفه على بحكم الاصل بان يقول ولا يشترط القطع بحكم الاصل ولا بوجودها في الفرع كان اخصر لاستغنائه عن التصريح بالقطع ثانيا اهـ والمخالف كانه يقول الظن يضعف بكثرة المقدمات وهي ظن حكم الاصل وظن علية الوصف الحاصل بالاستنباط وظن وجودها في الفرع واما مذهب الصحابي فليس بحجة فلذا لم يشترط الناظم انتفاء مخالفته للعلة حسبما مر ءانفا حيث قال ولا انتفاء مذهب الصحابي مخالفا لها على الصواب وعلى تقدير حجيته فمذهبه الذي خالفته العلة المستنبطة من الدليل الوارد في الاصل بان علل هو بغيرها يجوز ان يستند في تعليله الى دليل ءاخر والخصم يقول الظاهر استناده الى الدليل المذكور افاده الجلال المحلي اما انتفاء المعارض فمبني على التعليل بعلتين والمعارض هنا وصف صالح للعلية كصلاحية المعارض غير منافولكن يئول الى الاختلاف كالطعم مع الكيل في البر لا ينافي ولكن يئول الى الاختلاف في التفاح هذا مقابل لقوله ءانفا ولا انتفاء مخالفة مذهب الصحابي وتقدم اشتراط انتفاء المعارض المنافي وكلامه هنا على المعارض الذي ليس بمناف أي واما انتفاء المعارض للعلة بالمعنى الاتي للمصنف فاشتراطه مبني على جواز التعليل بعلتين ان قيل انه يجوز وهو راي الجمهور كما تقدم وعليه فلا يشترط انتفاؤه والا فيشترط فالمعارض هناك وصف بالمنافي وهنا وصف بكونه صالحا للعلية كصلاحية المعارض لها بفتح الراء وان لم يكن مثله من كل وجه غير مناف له بالنسبة الى الاصل لكونه لا تناقض بينهما ولا تضاد ولكن يئول الامر الى الاختلاف بين المتناظرين في الفرع كالطعم مع الكيل في البر فكل منهما صالح لعلية الربا فيه لا ينافي الاخر بالنسبة الى الاصل ولكن يئول الامر الى الاختلاف بين المتناظرين في التفاح مثلا الذي هو الفرع فعند المعلل بالطعم هو ربوي كالبر وعند المعلل بالكيل ليس بربوي فيحتاج كل منهما في ثبوت مدعاه من احد الوصفين الى ترجيحه على الاخر وافاد الناظم ما ذكر بقوله اما انتفاء معارض فمبني على جواز علتين اعني وصفا لها يصلح لا منافي لكن يئول الامر لاختلاف كالطعم مع كيل ببر لم يناف وفي كتفاح يئول للخلاف ولا يلزم المعترض نفي الوصف عن الفرع وثالثها ان صرح بالفرق ولا ابداء اصل على المختار وللمستدل الدفع بالمنع والقدح وبالمطالبة بالتاثير او الشبه ان لم يكن سبرا وببيان استقلال ما عداه في صورة ولو بظاهر عام اذا لم يتعرض للتعميم أي ولا يلزم المعترض بيان انتفاء الوصف الذي عارض به عن الفرع الذي هو التفاح في المثال الاتي مطلقا صرح بالفرق بين الاصل والفرع في الحكم ام لا بدليل التفصيل في الثالث لحصول مقصوده من هدم ما جعله المستدل العلة بمجرد المعارضة مثاله ان يقول العلة عندي الكيل وليس التفاح الذي هو الفرع مكيلا وقيل يلزمه ذلك مطلقا ليفيد انتفاء الحكم عن الفرع الذي هو المقصود وثالث الاقوال يلزمه بان الانتفاء ان صرح بالفرق بين الاصل والفرع في الحكم فقال مثلا لا ربا في التفاح بخلاف البر وعارض علية الطعم في الاصل بان قال العلة الكيل مثلا وانما لزمه بيان انتفاء الوصف الذي عارض به لانه بتصريحه بالفرق التزمه وان لم يلزمه ابتداءبخلاف ما اذا لم يصرح به ولا يلزمه ايضا ذكر دليل يدل على ان ما عارض به من الوصف معتبر في العلية على المختار وقيل يلزمه ذلك لاجل قبول معارضته كان يقول الجزء: 2 ¦ الصفحة: 133 العلة في البر الطعام دون القوت بدليل الملح فالتفاح مثلا ربوي قال الجلال المحلي ويرد هذا القول بان مجرد المعارضة بالوصف الصالح للعلية كاف في حصول المقصود من الهدم اهـ وافاد الناظم ما افاده المصنف بقوله وليس نفي الوصف عن فرع لزم عن فرع وقيل الزم والتزم ثالثها ان ذكر الفرق ولا ابداء اصل شاهد فيما اعتلى وللمستدل دفع المعارضة باوجه اربعة منع وجود الوصف المعارض به في الاصل كان يقول في دفع معارضة القوت بالكيل في اصل كالجوز المعارض في علته لانسلم انه مكيل لان العبرة بعادة زمن النبيء صلى الله عليه وسلم وكان اذ ذاك موزونا او معدودا وتدفع المعارضة بالقدح في علية الوصف المعارض به ببيان خفائه او عدم انضباطه وذلك مناف لما تقدم في شروط العلة من كونها وصفا ظاهرا منضبطا وتدفع بالمطالبة للمعترض بتاثير ما عارض به او شبهه ان لم يكن دليل المستدل على العلية سبرا بان كان مناسبا او شبها وانما كان الوجه المذكور من اوجه الدفع لتحصل معارضة الشيء بمثله بخلاف السبر وهو الحصر الاوصاف في الاصل وابطال ما لا يصلح منها للعلية فيتعين الباقي كما سياتي في المسالك فمجرد الاحتمال قادح فيه لان الوصف يدخل في السبر بمجرد احتمال كونه مناسبا وان لم تثبت مناسبة فيه ومثال المعارضة بهذه المطالبة المذكورة ان يقال لمن عارض القوت بالكيل لم قلت ان الكيل مؤثر فيجيبه ببيان انه مؤثر بالدليل والا اندفعت المعارضة وتدفع ببيان استقلال ان ما عدا وصف المعارضة استقل أي اعتبره الشارع علة للمنع حال كونه منفردا عن غيره في صورة ولو كان البيان بدليلها ظاهر عام كما يكون بالاجماع اذا لم يتعرض المستدل للتعميم كان بين استقلال الطعم المعارض بالكيل في صورة بحديث مسلم الطعام بالطعام مثلا بمثل والمستقل مقدم على غيره فان تعرض للتعميم فقال فثبت ربوية كل مطعوم خرج عما هو فيه من القياس الذي هو بصدد الدفع عنه الى اثبات الحكم بالنص واعاد المنصف الباء لطول الفصل واشار الناظم الى ما اشار اليه المصنف بقوله للمستدل الدفع للمواربه بالمنع والقدح وبالمطالبه بكونه مؤثرا والشبه ان لم يكن سبر وتقسيم به وببيان ان ما عداه في صورة استقل لوهذا يفي بظاهر عام اذا لم يعترض تعميمه ولو قال ثبت الحكم مع انتفاء وصفك لم يكف ان لم يكن معه وصف المستدل وقيل مطلقا وعندي انه ينقطع لاعترافه ولعدم الانعكاس أي ولو قال المستدل للمعترض ثبت الحكم في هذه الصورة مع انتفاء وصفك عنها الذي عارضت به وصفي لم يكف في الدفع ان لم يوجد مع انتفاء وصف المعترض عنها وصف المستدل فيها لاستوائهما حينئذ في انتفاء وصفيهما وصورتها ان يقول المستدل يحرم الربا في الثمر مثلا لعلة القوت والادخار فيقول المعترض بل العلة الوزن فيقول المستدل ثبت الحكم مع انتفاء وصفك في الملح فهذا الدفع غير كاف لاستواء المستدل والمعترض في انتفاء وصفيهما عن الصورة المنقوض بها وهي الملح بخلاف ما اذا وجد وصف المستدل فيها فيكفي في الدفع وذلك كما لو كان بدل الملح في الصورة المذكورة البر فان وصف المستدل موجود فيه منتف عنه وصف المعترض وقيل لم يكف مطلقا وقال المصنف في حالة انتفاء وصف المستدل زيادة على عدم الكفاية الذي اقتصروا عليه وعندي ان المستدل بنقطع بما قاله لاعترافه فيه بالغاء وصفه حيث ساوى وصفه وصف المعترض في انتفاء قدح به الجزء: 2 ¦ الصفحة: 134 المستدل في وصف المعترض وذلك ان المستدل قصد بمعارضة المعارض بتخلف وصفه اسقاطه وابطاله فاذا كان ذلك التخلف موجودا عنده في وصفه ايضا فقد اعترف بسقوطه وبطلانه ايضا قال ولعدم الانعكاس لوصفه حيث لم ينتف الحكم مع انتفائه قال الجلال المحلي والانعكاس شرط بناء على امتناع التعليل بعلتين على ان عدم الانعكاس لا يترتب عليه الانقطاع وكانه ذكره تقوية للاول اهـ والانعكاس التلازم في النفي والاطراد التلازم في الثبوت واشار الناظم الى ذا الاختزال أي الانقطاع الذي للمصنف وما قبله بقوله وان يقل للمعترض قد ثبت الحكم فيها مع انتفاء وصفك فالدفع بهذا ما كفى ان لم يكن مع ذاك وصف المستدل وقيل مطلقا وقيل ينخزل ولو ابدى المعترض ما يخلف الملغي سمي تعدد الوضع وزالت فائدة الالغاء ما لم يلغ المستدل الخلف بغير دعوى قصوره او دعوى من سلم وجود المظنة ضعف المعنى خلافا لمن زعمهما الغاء ويكفي رجحان وصف المستدل بناء على منع التعدد أي ولو ابدى المعترض في الصورة التي الغى وصفه فيها المستدل وصفا يخلف الملغى سمي ابداء ما ابداه تعدد الوضع لتعدد ما وضع أي بني عليه الحكم عنده من وصف بعد ءاخر وزالت بما ابداه فائدة الالغاء التي هى سلامة وصف المستدل عن القدح فيه مثال ذلك ما لو علل المستدل ربوية البر بالطعمية فعارضه المعترض بان العلة الكيل فقدح المستدل فيها بثبوت الحكم دونها في التفاح فتكون ملغاة فابدى المعترض علة اخرى تخلف هذه العلة التي الغاها المستدل بان قال ان التفاح وان لم يكن مكيلا فهو موزون فقد خلف الكيل فيه الوزن والعلة عندي احد الشيئين من الكيل والوزن وسياتي قريبا مثال ءاخر في الاخر ومحل كون ما ذكر مزيلا لفائدة الالغاء من سلامة وصف المستدل عن القدح فيه بل لا يزال الاعتراض منتهضا عليه اذا سكت أي المستدل عن الغائه اصلا او الغاه بكونه قاصرا او بضعف معنى المظنة فيه ففي هذه الاقسام الثلاثة يبقى ما ثبت للخلف من اوالة فائدة الالغاء ويستمر الاعتراض منتهضا على المستدل ولا يفيده الغاء الخلف بدعوى كونه قاصرا او بدعوى ضعف معنى المظنة واما اذا الغاه بغير هذين كان الغاه بانتفائه عن صورة مع وجود الحكم فيها كان يقول ثبتت ربوية البيض مع كونه غير موزون فلا تزول حينئذ فائدة الغائة الاول وينتهض الدليل على المعترض مثال الغاء المستدل الخلف بدعوى قصوره ما لو جعل المعترض الخلف في التفاح بدل الوزن الكون تفاحا مثلا فيلغيه المستدل بكونه قاصرا على التفاح ومثال الالغاء بدعوى ضعف معنى المظنة فيه أي ضعف حكمة المظنة المعلل بها ما لو قال المعترض العلة عندي في جواز القصر للمسافر مفارقة اهلة فيلغي المستدل هذه العلة بوجود الحكم في صورة مع انتفائها فان المسافر باهله يجوز له القصر كغيره فيقول المعترض خلف هذه العلة مظنة المشقة فيدعي المستدل ضعف معنى المظنة كضعف المشقة للمسافر اذا كان ملكا افاده المحقق البناني ثم قال ولو قال أي المصنف او دعواه أي المستدل ضعف المعنى وقد سلم وجود المظنة المتضمة لذلك المعنى كان اوضح كما قال الكمال اهـ وقول المصنف خلافا لمن زعمهما الغاء أي خلافا لمن زعم الدعويين المذكورين الغاء للخلف فلا تزول عند هذا الزاعم فيهما فائدة الالغاء الاول بناء في الاولى على تاثير القاصرة وفي الثانية على تاثير ضعف المعنى في المظنة ومثل الجلال المحلي لتعدد الوضع الذي الجزء: 2 ¦ الصفحة: 135 ذكره المصنف ابتداء بما يقال يصح امان العبد للحربي كالحر بجامع الاسلام والعقل فانهما مظنتان لاظهار مصلحة الايمان من بذل الامان فيعترض الحنفي باعتبار الحرية معهما فانها مظنة فراغ القلب للنظر بخلاف الرقية لاشتغال الرقيق بخدمة سيده فيلغي المستدل الحرية بثبوت الامان بدونها في العبد الماذون له في القتال اتفاقا فيجيب المعترض بان الاذن له خلف الحرية لانه مظنة لبذل وسعه في النظر في مصلحة القتال والايمان اهـ ويكفي في دفع المعارضة رجحان وصف المستدل على وصفها بمرجح ككونه انسب من وصفها او اشبه بناء على منع التعدد للعلة الذي صححه المصنف وذكر الناظم ما تعرض له المصنف فقال: ثم اذا المعترض ابدى خلف ملغى فلذا تعدد الوضع عرف فائدة الالغاء زالت الا ان يلغي المبتديء من استدلا لا بقصوره وضعف المعنى ان سلم المظنة الذي تعنى وقيل يكفي فيهما وهل كفى رجحان وصف المستدل اختلفا وقد يعترض باختلاف جنس المصلحة وان اتحد ضابط الاصل والفرع فيجاب بحذف خصوص الاصل عن الاعتبار أي وقد يعترض على المستدل باختلاف جنس المصلحة في الاصل والفرع وان اتحد ضبط الاصل والفرع أي القدر المشترك بينهما حيث انه يضبطهما مثاله ان يقال يحد اللايط كالزاني بجامع ايلاج فرج في فرج مشتهى طبعا محرم شرعا فيعترض بان جنس الحكمة في حرمة اللواط الصيانة عن رذيلتة وفي حرمة الزنى المرتب عليها الحد دفع اختلاط الانساب الذي ادى الزنى اليه وهما مختلفان فيجوز حينئذ ان يختلف حكمهما بان يقصر الشارع الحد على الزنى فيكون خصوصه معتبرا في علة الحد فيجاب عن هذا الاعتراض بحذف خصوص الاصل الذي هو اختلاط الانساب عن درجة الاعتبارفي العلة بطريق من طرقها الاتية فيسلم ان العلة هي القدر المشترك فقط في الحد لا مع خصوص اعتبار الزنى فيه فلذا قال الناظم: وباختلاف الجنس للحكمة قد ياتي اعتراض مع كونه اتحد ظابطا اصله وفرع فيصار لحذفه خصوصه عن اعتبار واما لعلة اذا كانت وجود مانع او انتفاء شرط فلا يلزم وجود المقتضي وفاقا للامام وخلافا للجمهور أي اذا كانت العلة فقد شرط كانتفاء رجم البكر لعدم الاحصان وهو شرط وجوب الرجم او وجود مانع كانتفاء وجوب القصاص على الاب لمانع الابوة فلا يلزم من كون العلة كما ذكروجوب المقتضي للحكم وكذا الحيض فانه مانع من الصلاة حيث انه علة لانتفاء الخطاب بها ومثل ذلك في انتفاء الشرط الحدث فانه علة لانتفاء وجوب اداء الصلاة حاله فلا يلزم مما ذكر من وجوب المانع وانتفاء الشرط في المثالين وجوب المقتضي وهو دخول وقت الصلاة وفاقا للامام الرازي وخلافا للجمهور في قولهم يلزم وجوده والا بان جاز انتفاؤه وانتفى بالفعل كان انتفاء الحكم حينئذ لانتفائه لا لما من فرض من وجود مانع او انتفاء شرط واشار الناظم الى ان المصنف وافق الفخر الرازي لقوله هنا وفاقا للامام بقوله وان تك العلة فقد شرط او وجود مانع فجلهم راوا يلزم من ذاك وجود المقتضي والفخر والسبكي ذا لا يرتضى وافاد ناظم السعود ايضا ما ذهب اليه الجمهور وما ذهب اليه الامام الفخر بقوله: ومقتضي الحكم وجوده وجب ... متى يكن وجود مانع سبب كذا اذا انتفاء شرط كانا ... وفخرهم خلاف ذا ابانا. كمل بعون الله الجزء الثاني ويليه الجزء الثالث الذي يبتدى فيه بمسالك العلة الجزء: 2 ¦ الصفحة: 136 مسالك العلة (الاول الاجماع الثاني النص الصريح مثل لعلة كذا فلسبب فمن اجل فنحو كي واذن و الظاهر كاللام ظاهرة فمقدرة نحو ان كان كذا فالباء فالفاء في كلام الشارع فالراوي الفقيه فغيره ومنه ان واذ وما مضى في الحروف) أي هذا مبحث الطرق الدالة على علية الشيء قال المحقق البناني سميت مسالك لانها توصل الى المعنى المطلوب استعار المسالك الحسية للمعنوية بجامع التوصل الى المطلوب ففيه استعارة تصريحية وعرف المسالك ناظم السعود بقوله ومسلك العلة ما دل على علية الشيء حتى ما حصلا وهي منحصرة بالاستقراء في النص والاستنباط والاجماع والاول منها الاجماع كالاجماع على ان العلة في حديث الصحيحين لا يحكم احد بين اثنين وهو غضبان تشويش الغضب للفكر وقدم على النص كما صنع ابن الحاجب لتقدمه عليه عند التعارض ولعدم تطرق النسخ اليه وعكس البيضاوي فقدم النص وثنى بالايماء وثلث بالاجماع لان النص اصل للاجماع والايماء من جملة النص. الثاني من مسالك العلة: النص القطعي بان لا يحتمل غير العلية مثل لعلة كذا فلسبب كذا فمن اجل كذا فنحو كي وادن نحو قوله من اجل ذلك كتبنا على بني اسرائيل أي من اجل قتل قابيل لاخيه كي لا يكون دولة بين الاغنياء منكم أي وجب تخميس الفيء كي لا يكون الخ اذا لاذقناك ضعف الحياة وضعف الجزء: 3 ¦ الصفحة: 2 الممات أي ان وكنت اليهم وضعف الحياة وضعف المماة عذابهما وفي عطف المصنف بالفاء هنا وفيما بعد اشارة الى ان ما بعد دون ماقبله في الرتبة وافاد الناظم ما ذكر بقوله الاول الإجماع فالنص العلي مثل لعلة كذا ثم يلي لسبب وبعد من اجل فكفي ومعها ادن وافاده ناظم السعود ايضا بقوله والاجماع فالنص الصريح مثل لعله فسبب فيتلو من اجل ذا فنحو كي اذن ويلي النص الصريح في العلية الظاهر فيها بان يحتمل غير العلية احتمالا مرجوحا كاللام ظاهرة نحو {كتاب انزلنه اليك لتخرج الناس من الظلمات الى النور} فمقدرة نحو {ان كان ذا مال وبنين} أي لان كان فالباء نحو {فبظلم من الذين هادوا حرمنا عليهم طيبات احلت لهم} أي منعناهم منها لظلمهم فالفاء في كلام الشارع وتكون فيه مع الحكم نحو قوله تعالى {والسارق والسارقة فاقطعوا ايديهما} ومع الوصف نحو حديث الصحيحين في المحرم الذي رمته ناقته فاندق عنقه (لا تمسوه طيبا ولا تخمروا راسه فانه يبعث يوم القيمة ملبيا) فالراوي الفقيه أي المجتهد فغيره وتكون في كلام الراوي فقيها او غيره في الحكم فقط كقول عمران ابن حصين: سهى رسول الله صلى الله عليه وسلم فسجد رواه ابو داوود وغيره وقول سعد الدين التفتازاني انها في ذلك الوصف فقط لان الراوي يحكي ما كان في الوجود أي حسا والكاين فيه انما هو المحكوم به وهو وصف لم يرد بالوصف فيه الوصف الذي يترتب عليها الحكم وهو العلة كما في الوصف الاول الذي تكون فيه الفاء في كلام الشارع بل اراد به مطلق الحكم نعم انما لم تكن المذكورات من الصريح لمجيئها لغير التعليل في بعض الاحيان كما سلف في مبحث الحروف ومن الظاهر ايضا غير الصريح ان المكسورة المشددة نحو {رب لا تذر على الارض من الكافرين ديارا انك ان تذرهمْ} الاية واذ نحو ضربت العبد اذ اساء أي لاساءته وكذا ما مضى في مبحث الحروف مما يرد للتعليل غير المذكورات هنا وهو بيد وحتى وعلى وفي ومن فلتراجع هناك وانما فصل ما ذكر عما قبله لانه لم يذكره الاصوليون واقتفى اثره الناظم فقال: او الظاهر أي. كاللام فالاضمار فالبا فالفا ... من شارع فمن فقيه يلفى راو فغيره ومنه فاقتفى ... ان واذ وما مضى في الاحرف وكما قال ناظم السعود: فما ظهر لام نمت بما علما. فالفاء للشارع فالفقيه ... فغيره يتبع بالشبيه قال في الشرح ببناء يتبع للمفعول أي يتبع ما ذكر بما يشبهه في كونه الظاهر منه الدلالة على العلية كان المكسورة المشددة الثالث الايماء وهو اقتران الوصف الملفوظ قيل او المستنبط بحكم ولو مستنبطا لو لم يكن للتعليل هو او نظيره كان بعيدا كعكسه بسماع وصف وكذكره في الحكم وصفا لو لم يكن علة لم يفد أي الثالث من مسالك العلة الايماء وهو اقتران الوصف الملفوظ به حقيقة او حكما بان كان مقدرا بحكم أي او اقتران نظير الوصف بنظير الحكم وسواء كان الحكم منصوصا او مستنبطا او كان الوصف ملفوظا به او مستنبطا قيل او المستنبط فالاقسام اربعة ان يكون الوصف والحكم به او تعليل نظير الحكم بنظير الوصف كان ذلك الاقتران بعيدا من الشارع لا يليق بفصاحته واتيانه بالالفاظ في مواضعها كالاقتران الواقع في حكم الشارع بعد سماع وصف كما في حديث الاعرابي واقعت اهلي في رمضان فقال اعتق الجزء: 3 ¦ الصفحة: 3 رقبة الخ رواه ابن ماجه واصله في الصحيحين فالاقتران الذي نضمنه امره بالاعتاق عند ذكر الوقاع يدل على ان الاعتاق علة للوقاع والا لخلا السؤال عن الجواب فكانه قال واقعت فاعتق قال الناظم الثالث الايماء اقتران الوصف ... اللفظ لا مستنبط مع خلف بالحكم ايا كان لو لم يكن ... معللا كان بعيد المقرن كحكمه بعد سماع وصف. وتكلم شارح السعود على ذا الثالث الذي هو الايما قائلا الايما المتفق على كونه ايماء هو اقتران الوصف الملفوظ بالحكم الملفوظ وكون الوصف والحكم ملفوظا بكل منهما لا ينافي كون كل منهما او احدهما مقدرا أي كما مر ءانفا لان المراد بالملفوظ خلاف المستنبط فيشمل المقدر كالمنطوق به بالفعل لان المقدر كالمذكور مثال تقديرهما قوله تعالى ولا تقربوهن حتى يطهرن فاذا طهرن فلا مانع من قربانهن ومثال تقدير الحكم فقط قوله تعالى الا ان يعفون او يعفو الذي بيده عقدة النكاح أي فلا شيء لهن فلذا قال في نظمه مفيدا ما افاده المصنف: والثالث ألإيماء اقتران الوصف ... بالحكم ملفوظين دون خلف وذلك الوصف او النظير ... قرانه لغيرها يضير كما اذا سمع وصفا فحكم. ومن الايماء ذكر الشارع مع الحكم وصفا لو لم يكن علة له لم يفد ذكره كقوله صلى الله عليه وسلم لا يحكم احد بين اثنين وهو غضبان فتقييده المنع من الحكم بحالة الغضب المشوش للفكر يدل على انه علة له والا لخلا ذكره عن الفائدة وذلك بعيد فلذا قالالناظم عاطفا على ما هو من الايماء او ذكره في الحكم وصفا منفي مفاده لو لم يكن تعليلا كما قال ناظم السعود وذكره في الحكم وصفا قد الم ان لم يكن علته لم يفد وكتفريقه بين حكمين بصفة مع ذكرهما او ذكرهما او ذكر احدهما او بشرط او غاية او استثناء او استدراك وكترتيب الحكم على الوصف وكمنعه مما قد يفوت المطلوب ولا يشترط مناسبة المومى اليه عند الاكثر أي ومن الايماء تفريق الشارع بين حكمين بصفة أي بجنسها مع ذكر الحكمين او ذكر احدهما فقط مثال الاول حديث الصحيحين انه صلى الله عليه وسلم جعل للفرس سهمين وللرجل أي صاحبه سهما فتفريقه بين هذين الحكمين بهاتين الصفتين وهما الفروسية والرجولية لو لم يكن لعلية كل منهما لكان بعيدا ومثال الثاني حديث الترمذي القاتل لا يرث أي بخلاف غيره المعلوم ارثه فالتفريق بين عدم الارث المذكور وبين الارث المعلوم بصفة القتل المذكور مع عدم الارث لو لم يكن لعليته له لكان بعيدا وكذا تفريقه بين حكمين بشرط او غاية او استثناء او استدراك فلذا قال الناظم عاطفا على ما هو من الايماء: وبين حكمين اتى تفصيلا. بوصف او شرط او باستثنا ... او غاية او نحو مالكنا أي مما يفيد الاستدراك قال شارح السعود والمراد بالوصف هنا الوصف الاصطلاحي وهو لفظ مقيد لاخر ليس بشرط ولا استثناء ولا غاية ولا استدراك بدليل مقابلته بها أي وهو ما افاده في نظمه بقوله واتضح تفريق حكمين بوصف المصطلح او غاية شرط او استثناء فمثال الشرط حديث مسلم الذهب بالذهب والفضة بالفضة والبر بالبر والشعير بالشعير والتمر بالتمر والملح بالملح مثلا بمثل سواء بسواء يدا بيدا فاذا اختلفت هذه الاجناس فبيعوا كيف شئتم وموضع التمثيل منه قوله فاذا اختلفت هذه الاجناس الخ فالتفريق بين منع البيع في هذه الاشياء متفاضلا وبين جوازه عند اختلاف الجنس لو لم يكن لعلية الاختلاف للجواز لكان بعيدا ومثال الغاية قوله تعالى ولا الجزء: 3 ¦ الصفحة: 4 تقربوهن حتى يطهرن أي فاذا طهرن فلا منع من قربانهن كما صرح به في قوله عقبه فاذا تطهرن فاتوهن فالتفريق بين المنع من قربانهن في الحيض وبين جوازه في الطهر لو لم يكن لعلية الطهر للجواز لكان بعيدا ومثال الاستثناء قوله تعالى فنصف ما فرضتم الا ان يعفون أي الزوجات عن ذلك النصف فلا شيء لهن فتفريقه بين ثبوت النصف لهن وبين انتفائه عند عفوهن عنه لو لم يكن لعلية العفو للانتفاء لكان بعيداومثال الاستدراك قوله تعالى {لا يواخذكم الله باللغو في ايمانكم ولكن يواخذكم بما عقدتم الايمان} فالتفريق بين عدم المؤاخذة بالايمان وبين المؤاخذة بها عند تعقيدها لو لم يكن لعلية التعقيد للمؤاخذة لكان بعيدا ومن الايماء ترتيب الحكم على الوصف نحو اكرم العلماء فترتيب الاكرام على العلم لو لم يكن لعلية العام له لكان بعيدا فلذا قال ناظم السعود: استفد ترتيبه الحكم عليه أي استفد كون ترتيب الشارع الحكم على الوصف ايماء ومن الايماء منع الشارع لمكلف من فعل قد يفوت ذلك الفعل فعلا ءاخر مطلوبا منه نحو قوله تعالى فاسعوا الى ذكر الله وذروا البيع فانه يفهم منه ان منع البيع وقت نداء الجمعة انما هو لاجل ان البيع يفوت الجمعة فلو لم يكن لمظنة تفويتها لكان المنع بعيدا واشار اليه ناظم السعود عاطفا له على ما هو من الايماء بقوله: ومنعه مما يفيت. واشار الناظم الى ذا والذي قبله بقوله: وكونه قد رتب الحكم على ... وصف ومن مفوت قد حظلا وافاد الجلال المحلي: ان الوصف والحكم اذا كانا منصوصين وان كان في بعضها تقدير كما هنا مما هو متفق على انه ايماء وعكس هذا القسم ليس بايماء قطعا وفي الوصف الملفوظ والحكم المستنبط وعكسه بان يكون الوصف مستنبطا والحكم ملفوظا وفيه اكثر العلل لان الاكثر في الشرعيات ذكر الاحكام دون عللها فيستنبط المجتهدون تلك العلل خلاف مختلف الترجيح فقيل انهما ايماء تنزيلا للمستنبط منزلة الملفوظ فيقدمان عند التعارض على المستنبط بلا ايماء وقيل ليسا ايماء والاصح ان الاول وهوان الوصف ملفوظا والحكم مستنبط ايماء لاستلزام الوصف للحكم بخلاف الثاني وهو ان يكون الوصف مستنبطا والحكم ملفوظا فالراجح كونه ليس ايماء وان كان هو الاكثر وجودا في الشرع لجواز كون الحكم اعم من الوصف مثال الاول قوله تعالى واحل الله البيع فحله الذي هو الوصف الملفوظ به في الاية مستلزم لصحته الذي هو الحكم المستنبط منها والثاني كتعليل حكم الربويات بالطعم او غيره الذي هو الوصف المستنبط ومثال الوصف المنصوص تقدير الذي هو نظير لوصف المنصوص لفظا حديث الصحيحين {ان امراة قالت يارسول الله ان امي ماتت وعليها صوم نذرا فاصوم عنها فقالت ارايت لو كان على امك دين فقضيته اكان يؤدي ذلك عنها قالت نعم قال فصومى عن امك} أي فانه يؤدى عنها سالته عن دين الله على الميت وجواز قضائه عنه فذكر لها دين اءلامدي عليه وقررها على جواز قضائه عنه وهما نظيران فلو لم يكن جواز القضاء فيهما لعلية الدين له لكان اقتران الجواز بالدين في النظير بعيدا فالوصف الملفوظ به في المثال دين اءلادمي والحكم جواز ادائه عنه والوصف النظير دين الله تعالى والحكم الذي قارنه جواز ادائه عن اءلادمي كدينه ولا يشترط في الايماء ظهور المناسبة في الوصف المومى اليه للحكم عند الاكثر بناء على ان العلة بمعنى المعرف وقيل يشترط بناء على انها بمعنى الباعث واشار الناظم الى عدم الاشتراط بقوله: وليس شرطا ان الجزء: 3 ¦ الصفحة: 5 يناسب الذي اومي الحكم اليه في القول الشذي الرابع السبر والتقسيم وهو حصر الاوصاف في الاصل وابطال ما لا يصلح فيتعين الباقي ويكفي قول المستدل بحثت فلم اجد والاصل عدم ما سواها والمجتهد يرجع الى ظنه فان كان الحصر والابطال قطيا فقطعي والا فظني أي الرابع من مسالك العلة السبر والتقسيم وهما لقب لشيء واحد وهوحصر الاوصاف الموجودة في الاصل الواحد المقيس عليه وابطال مالا يصلح منها للعلية فيتعين الباقي لها كان يحصر المستدل اوصاف البر في قياس الذرة مثلا عليه في الطعم وغيره ويبطل ماعدا الطعم بطريق الابطال فيتعين الطعم للعلية قال شارح السعود ويكون الابطال بطريق من طرق ابطال العلية كعدم الاطراد او عدم الانعكاس كان يحصر اوصاف البر في قياس الذرة عليه في كل من الاقتيات مع الادخار ومن الطعم ومن الكيل ومن المالية وغير ذلك من اوصافه فيبطل ما عدا الاقتيات مع الادخار بعدم الاطراد وهو وجودها مع انتفاء الحكم الذي هو ربوية الفضل فيتعين الاقتيات والادخار للعلية لربا الفضل اهـ فلذا قال في نظمه: والسبر والتقسيم قسم رابع ان يحصر الاوصاف فيه جامع ويبطل الذي لها لا يصلح فما بقي تعيينه متضح كما قال الناظم ايضا: الرابع التقسيم والسبر وذا ... . حصرك الاوصاف وإبطال اللذا ليس بصالح ففي الباقي انحصر. قال المحقق البناني اعلم ان حصر الاوصاف في الاصل وابطال ما لا يصلح يستلزمان الاختبار وهو السبر والاختبار يستلزم التقسيم فوضوح التسمية بمجموع الاسمين يتفرع على استلزام الحصر والابطال السبر واستلزم السبر التقسيم اهـ ويكفي قول المستدل في المناظرة في حصر الاوصاف التي يذكرها بحثت فلم اجد غيرها او الاصل عدم ما سواها لعدالته مع اهلية النظر قال الشيخ الشربيني لان القياس الحقيقي لا يكون الا من مجتهد ومن شروطه العدالة واذا كان كذلك غلب الظن وهو كاف اهـ قال ناظم السعود او انعقاد ما سواها الاصل قال الجلال المحلي فيندفع عنه بذلك منع الحصر اهـ فلذا قال الناظم: ويكتفى فيه بقول من نظر. بحثت والاصل العدم فلم اجد ..... كما قال ناظم السعود: معترض الحصر في دفعه يرد .... بحثت ثم بعد بحثي لم اجد والمجتهد أي الناظر لنفسه يرج في حصر الاوصاف الى ظنه فياخذ به ولا يكابر نفسه فان كان كل من الحصر والابطال قطعيا لقطعية الدليل بان قطع العقل ان علة الا كذا فهذا المسلك قطعي والا بان كان كل منهما ظنيا او احدهما قطعيا والاخر ظنيا فظني فلذا قال الناظم: وظنه يكفيه اعني المجتهد. والحصر والابطال حيث عنا .... قطعا فقطعي والا ظنا. وكما قال ناظم السعود: وليس للحصر في ظن حظل وهو قطعي اذا ما نهيا للقطع والظني سواه وعيا وهو حجة للناظر والمناظر عند الاكثر وثالثها ان اجمع على تعليل ذلك الحكم ورابعها للناظر دون المناظر فان ابدى المعترض وصفا زائدا لم يكلف بيان بيان صلاحيته للتعليل ولا ينقطع المستدل حتى يعجز عن ابطاله وقد يتفقان على ابطال ما عدا وصفين فيكفي المستدل الترديد بينهما أي والظني حجة للناظر لنفسه وللناظر غيره عند الاكثر لوجوب العمل بالظن وقيل ليس بحجة مطلقا لجواز بطلان الذي ابقاه بلا بطلان وثالث الاقوال حجة لهما ان اجمع على انه من الاحكام المعللة لا التعبدية وعليه امام الحرمين حذرا من اداء بطلان الباقي الى خطا المجمعين ورابعها حجة للناظر لنفسه دون الجزء: 3 ¦ الصفحة: 6 المناظر غيره لان ظنه لا يقوم حجة على خصمه واشار الناظم الى هذه الاقوال بقوله: وهو لدى الاكثر للمناظر.. مع الخصوم حجة والناظر ثالثها لناظر والرابع ... ان ليس في تعليله منازع وقال شارح السعود ان الاحتجاج بالسبر والتقسيم الظني هو مذهب الاكثر واختاره القاضي منا قال الفهري منا وهو الاظهر لوجوب العمل بالظن لان الحكم لا يخلو عن علة ظاهرة غالبا فلذا قال في نظمه وحجة الظني راي الاكثر في حق ناظر وفي المناظر وهو ما صدر به المصنف اولا ويتفرع على الحصر الظني انه اذا ابدى المعترض وصفا زائدا على اوصاف المستدل مثلا ان يزيد على حصر المستدل اوصاف الخمر في الخمرة والسيلان والاسكار الارواء بها مثلا لم يكلف بيان صلاحيته للتعليل لان بطلان الحصر بابدائه كاف في الاعتراض فعلى المستدل دفع بطلان الحصر بابطال التعليل به فلذا قال الناظم: فان بوصف زائد خصم يفي ... بيانه الصرح لم يكلف وافاد ما ذكر شارح السعود ايضا حيث قال ان المعترض اذا ابدى أي ظهر وصفا زائدا على حصر المستدل وفي أي حصل بابدائه غرض المعترض وهو ثبوت الاعتراض على المستدل ولا يكلف المعترض حينئذ بيان صلاحية ما ابداه للتعليل لان بطلان الحصر بابدائه كاف في الاعتراض فعلى المستدل دفعه بابطال التعليل به وهو معنى ما نظمه في قوله ان يبد وصفا زائدا معترض وفي به دون البيان الغرض ولا ينقطع المستدل بمجرد ابداء المعترض الوصف حتى يعجز عن ابطاله اذ غاية ابدائه منع لمقدمة من الدليل فلذا قال الناظم: والمستدل لانقطاع خزله ... حتى اذا يعجز عن ان يبطله قال شارح السعود ان قطع المستدل على علية الوصف بالسبر قيل انه يجب بابداء المعترض وصفا زائدا على انبهام الامر في ابطاله ذلك الوصف المبدى والمراد بانبهامه عدم تبيين المستدل عدم صلاحيته للعلية فان بينه لم ينقطع وثبت سبره لان غاية ما في ابدائه منع مقدمة من الدليل والمستدل لا ينقطع بالمنع على الاصح ولكن يلزمه دفع منع المقدمة بدليل يبطل به علية الوصف قال في نظمه وقطع ذي السبر اذا منحتم والامر في ابطاله منهدم فالواو في قوله والامر للحال واذا منون وقد يتفق المتناظر ان على ابطال ماعدا وصفين من اوصاف الاصل ويختلفان في ايهما العلة فيكفي المستدل حينئذ الترديد بينهما من غير احتياج الى ضم ما عداهما اليهما في الترديد لاتفاقهما على ابطاله فيقول العلة اما هذا او ذاك لا جائز ان تكون ذاك لكذا فيتعين ان تكون هذا فلذا قال الناظم: وحيث ابطلا سوى وصفين ... فليكفه الترديد بين ذين ومن طرق الابطال بيان ان الوصف طرد ولو ذلك الحكم كالذكورة والانوثة في العتق ومنها ان لا تظهر مناسة المحذوف ويكفي قول المستدل بحثت فلم اجد موهم مناسبة فان ادعى المعترض ان المستبقى كذلك فليس للمستدل بيان مناسبته لانه انتقال ولكن يرجح سبره بموافقة التعدية أي ومن طرق ابطال علية الوصف الذي زاده المعترض بيان ان الوصف طرد أي ملغى حيث انه من جنس ما علم من الشارع الغاؤه ولو في ذلك الحكم الذي علل بذلك الوصف كما يكون في جميع الاحكام كالذكورة والانوثة في العتق فانهما لم يعتبرا فيه فلا يعلل بهما شيء من احكامه وامر ناظم السعود بابطال الطردي وقال: ابطل لما طردا يرى. قال في الشرح منها أي من طرق الابطال ظهور كون الوصف طردا ويقال طردي بالياء المشددة أي من الجزء: 3 ¦ الصفحة: 7 جنس ما علم من الشارع الغاؤه ويعلم الغاؤه باستقراء موارد الشريعة سواء كان الطرد في جميع الاحكام كالطول والقصر فانهما لم يعتبرا في القصاص ولا في الكفارة ولا في الارث قال او كان الطرد في الحكم المتنازع فيه كالذكورة والانوثة في العتق فلا يعلل بهما شيء من احكامه وان اعتبرا في الشهادة والقضاء والامامة والارث وولاية عقد النكاح اهـ فلذا قال الناظم: من طرق الابطال ان يبينا ... للخصم ان الوصف طرد لو هنا أي ولو هنا كما يكون في جميع الاحكام كما قرر ومن طرق الابطال ان لا تظهر مناسبة الوصف المحذوف الذي يحذفه المستدل عند عدم ظهور المناسب ة فيه قال شارح السعود من طرق الابطال بعد حصر الاوصاف ان لا تظهرمناسبة الوصف المنخزل أي المحذوف وهو الوصف الذي يريد المستدل اسقاطه أي مناسبته للحكم بعد البحث عنها لانتفاء مثبت العلية بخلافه في الايماء فلا يشترط فيه ظهور المناسبة عند الاكثر وانما اشترط هنا لانه لما تعددت فيه الاوصاف احتيج الى بيان صلاحية بعضها للعلية بظهور المناسبة فيه اهـ فلذا قال في نظمه: ويبطل غير مناسب له المنخزل. بضم طاء يبطل والمنخزل فاعله وغير مناسب بكسر السين حال من المنخزل والضمير المجرور بالللام للحكم ويكفي في عدم ظهور مناسبة الوصف المحذوف عن الاعتبار قول المستدل بحثت فلم اجد فيه ما يوقع في الوهم أي الذهن مناسبة وكفى ذلك لعدالته مع اهلية النظر فتعين علة الباقي للانحصار فيه واشار الناظم عاطفا على ما هو من طرق الابطال قائلا: وانه لم تظهر المناسبة فيه ... ويكفي لم اجد مناسبة من بعد بحث قال شارح السعود ويحصل الابطال بعد ثبوت الحصر يكون الوصف ملغى وان كان مناسبا للحكم المتنازع فيه ويكون الالغاء باستقلال المستبقى بالحكم دونه في صورة مجمع عليها حكاه الفهري كاستقلال الطعم في ملء كف من القمح بالحكم الذي هو حرمة ربا الفضل دون الكيل وغيره فان ذلك لا يكال وليس فيه اقتيات في الغالب فلذا قال في نظمه: كذاك بالالغاء وان قد ناسبا. وقال ان الابطال يحصل بعد ثبوت الحصر بتعدي وصف المستدل الذي اجتباه أي اختاره للتعليل والتقصير وقصور غيره من اوصاف المحل لان تعدية الحكم محله اكثر فائدة من قصوره عليه قال في النظم عاطفا على ما يحصل به الابطال: وبتعدي وصفه الذي اجتبى. فان ادعى المعترض ان الوصف المستبقى لم تظهر مناسبته فليس للمستدل بيان المناسبة لانه انتقال من طريق هو السبر الى طريق هو المناسبة والانتقال يؤدي الى الانتشار المحذور في الجدل نعم يرجح سبره على سبرالمعترض النافي لعلية المستبقى كغيره بموافقة سبره لنتعدية للحكم حيث يكون المستبقى متعديا اذ تعدية الحكم محله افيد من قصوره عليه بتكثير المحال أي المواضع فلذا قال الناظم: فان الخصم ادعى ... ان كذاك وصفه الذي رعى فما له بيانه للانتقال ... بل رجح السبر بتكثير المحال. (الخامس المناسبة والاخالة ويسمى استخراجها تحريج المناط وهو تعيين العلة بابداء مناسبة مع الاقتران والسلامة عن القوادح كالاسكار ويتحقق الاستقلال بعدم ما سواه بالسبر) أي الخامس من مسالك العلة المناسبة والاخالة والمناسبة هي ملائمة الوصف المعين للحكم ونسمى بالاخالة واستنباطها من النص تسمى تخريجا قال الجلال المحلي: سميت مناسبة الوصف بالاخالة لان بها يخال الجزء: 3 ¦ الصفحة: 8 اي يظن ان الوصف علة اهـ وذكر ناظم السعود انه من المسالك بلا استحالة حيث قال: ثم المناسب ة والاخالة من المسالك بلا استحالة ويسمى استخراج الوصف المناسب تخريج المناط لان استخراج الوصف المذكور ابداء وصف تعلق به الحكم فلذا قال الناظم: الخامس الاخالة المناسبة ... وثم تخريج المناط كاسبه قال شارح السعود وتخريج المناط من اعظم مسائل الشريعة دليلا وتقسيما وتفصيلا وانكره الظاهرية وغيرهم فلذا قال في نظمه: ثم بتخريج المناط يشتهر .... تخريجها وبعضهم لا يعتبر وتخريج المناط تعيين العلة بابداء مناسبة بين الوصف المعين والحكم مع الاقتران بينهما والسلامة للمعين عن القوادح في العلية كتعيين الاسكار في حديث مسلم كل مسكرحرام فهو لازالته العقل المطلوب حفظه مناسب للحرمة وقد اقترن بها وسلم عن القوادح فلذا قال الناظم: معرفا له تعيين العلة بابدا ... مناسب مع اقتران قصدا كما قال ناظم السعود معيد الضمير على ذا المسلك: وهو ان يعين المجتهد للعلة تذكر ما سيرد من التناسب الذي معه اتضح تقارب والامن مما قد قدح ويتحقق استقلال الوصف المناسب في العلية الثابت بعدم ما سواه بالسبر لا بقول المستدل بحثت فلم اجد غيره قال ناظم السعود: وواجب تحقيق الاستقلال ... بنفي غيره من الاحوال والمناسب الملائم لافعال العقلاء عادة وقيل ما يجلب نفعا او يدفع ضررا وقال ابو زيد ما لو عرض على العقول لتلقته بالقبول وقيل وصف ظاهر منضبط يحصل عقلا من ترتيب الحكم عليه ما يصلح كونه مقصودا للشارع من حصول مصلحة او دفع مفسدة وان كان خفيا او غير منضبط اعتبر ملازمه وهو المظنة أي والمناسب الماخوذ من المناسبة كما تقدم الملائم لافعال العقلاء عادة كما يقال هذه اللؤلؤة مناسبة لهذه اللؤلؤة بمعنى ان جمعها معها في سلك موافق لعادة العقلاء في فعل مثله فمناسبة الوصف للحكم المترتب عليه موافقة لعادة العقلاء في ضمنهم الشيء الى ما يلائمه فلذا قال الناظم: تحقق استقلاله بنفي ما ... سواه بالسبر وما قد لا يما فى العرف فعل العقلاء المناسب. وقيل المناسب هو ما يجلب للانسان نفعا او يدفع عنه ضررا فلذا قال ناظم السعود: ثم المناسب الذي تضمنا .... ترتب الحكم عليه ما اعتنى به الذي شرع من ابعاد.. مفسدة وجلب ذي سداد قال الجلال المحلي: قال في المحصول وهذا قول من يعلل احكام الله بالمصالح والاول قول من باباه والنفع اللذة والضرر الالم اهـ وقال ابو زيد الدبوسي نسبة الى دبوس قرية من قرى سمرقند الحنفي المناسب هو ما لو عرض على العقول لتلقته بالقبول من حيث التعليل به واشار اليه الناظم بقوله: وقيل ما تلقاه بالقبول ... حين عرضته على العقول وقيل ان المناسب وصف ظاهر منضبط يحصل عقلا من ترتيب الحكم عليه وهي الحكمة التي تصلح كونها مقصودا من ترتيب الحكم عليه وهي الحكمة التي يصلح كونها مقصودا للشارع في شرعية ذلك الحكم من حصول مصلحة او دفع مفسدة فلذا قال الناظم: وقيل وصف ظاهر له انضباط ... يحصل عقلا اذ به الحكم يناط صالح ان يكون شرع قصده ... من جلب اصلاح ودفع مفسدة فان كان الوصف خفيا او غير منضبط اعتبر ملازمه أي ما يوجد الحكم بوجوده وهو المظنة له فيكون حينئذ هو العلة كالسفر مظنة المشقة المرتب عليها الترخص في الاصل لكنها لما لم تنضبط لاختلافها بحسب الاشخاص والاحوال والازمان قيط الترخيص بمظنتها فلذا قال الجزء: 3 ¦ الصفحة: 9 الناظم: فان يكن لم تنضبط او ما ظهر ... ملازم وهو المظنة اعتبر وقد يحصل المقصود من شرع الحكم يقينا او ظنا كالبيع والقصاص وقد يكون محتملا سواء كحد الخمر او نفيه ارجح كنكاح الايسة للتوالد أي وقد تحصل الحكمة المقصودة من شرع المحكوم به حصولا متيقنا كالحكمة المقصودة من ترتب حل البيع على وصفه فيحصل المقصود من شرعه وهو الملك يقينا وكذا القصاص يحصل المقصود من شرعه وهو الانزجار عن القتل ظنا فان الممتنعين عنه اكثر من المتقدمين عليه وقد يكون حصول المقصود من شرع الحكم محتملا ثبوته ونفيه سواء كحد الخمر قال الجلال المحلي: فان حصول المقصود من شرعه وهو الا نزجار عن شربها وانتفاؤه متساويان بتساوي الممتنعين عن شربها والمقدمين عليه فيما يظهر للمناظر لا بالنسبة الى ما في نفس الامر لتعذر الاطلاع عليه قال بعضهم انه لا مثال له على التحقيق ثم حكم الناظر بالتساوي فيما يظهر له تقريبي لا حقيقي وقد يكون انتفاء المقصود ارجح من حصوله كنكاح الايسة بالنسبة للتوالد الذي هو المقصود من النكاح فان انتفاءه في نكاحها ارجح من حصوله واشار الناظم الى ما ذكر بقوله: وقسم الحصول للمقصود من ... ما شرع الحكم له علما وظن كالبيع والقصاص او محتملا ... على السوا كحد خمر مثلا أو نفيه أرجح مثل أن نكح ... . آيسة قصد ولاد والأصح وكما قال ناظم السعود: ويحصل المقصود بشرع الحكم .... شكا وظنا وكذا بالجزم وقد يكون النفي فيه ارجحا كئايس لقصد نسل نكحا والاصح جواز التعليل بالثالث والرابع كجواز القصر للمترفه فان كان فائتا قطعا فقالت الحنفية يعتبر والاصح لا يعتبر سواء ما لا تعبد فيه كلحوق نسب المشرقي بالمغربية وما فيه تعبد كاستبراء جارية اشتراها بائعها في المجلس أي والاصح جواز التعليل بالثالث والرابع أي بالمقصود المتساوي الحصول والانتفاء والمقصود المرجوح الحصول نظرا الى ان حصولهما في الجملة قال الشيخ الشربيني سماهما أي المصنف علة وان كانت العلة هي المناسب نظرا لان المقصود بالتعليل هو ذلك المقصود قاله الناصر اللقاني اهـ وقوله كجواز القصر الخ قال المحقق البناني هو تنظير لا تمثيل لان الحكمة هنا منتفية بخلافها فيما قبله من الثالث والرابع فانها اما مستوية الحصول والانتفاء او راجحة الانتفاء اهـ قال الجلال المحلي وقيل لا يجوز التعليل بهما أي بالثالث والرابع لان الثالث مشكوك الحصول والرابع مرجوحه اما الاول والثاني أي وهما حصول المقصود من شرع الحكم يقينا او ظنا فيجوز التعليل بها قطعا واعاد الناظم الضمير على الثالث والرابع بقوله: والاصح جواز تعليل بكل منهما ... مثل جواز القصر اذ تنعما وعناهما بالطرفين ناظم السعود في قوله: في الطرفين في الاصح عللوا ... فقصر مترف عليه ينقل فان كان المقصود من شرع الحكم فائتا قطعا في بعض الصور فقالت الحنفية يعتبر أي يقدر وجود الحكمة في ذلك البعض فيثبت الحكم وما يترتب عليه والاصح لا يعتبر للقطع بانتفائه وسواء في الاعتبار وعدمه الحكم الذي لا تعبد فيه كلحوق نسب المشرقي بالمغربية عند الحنفية فانهم قالوا من تزوج بالمشرق امراة بالمغرب فاتت بولد يلحقه فالمقصود أي الحكمة من التزوج وهو حصول النطفة في الرحم ليحصل العلوق فيلحق النسب فائت قطعا في هذه الصورة للقطع عادة بعدم تلاقي الزوجين وقد فرض الحنفية حصوله وقدروه لوجود مظنته وهي التزوج حيث يثبت اللحوق والشافعية لم الجزء: 3 ¦ الصفحة: 10 يعتبروه وقالوا عبرة بمظنته مع القطع بانتفائه فلا لحوق وقال شيخنا خليل في المختصرعاطفا على ما لا لحوق به او ادعته مغربية على مشرقي او الحكم الذي فيه تعبد كوجوب استبراء الجارية التي باعها مالكها ثم اشتراها من المشتري في مجلس البيع فان المقصود من استبراء الجارية المشتراة من الرجل وهو معرفة براءة رحمها منه المسبوقة بالجهل بها فائت قطعا في هذه الصورة لانتفاء الجهل فيها قطعا وقد اعتبر الحنفية فيها المعرفة المسبوقة بالجهل تقديرا وفرضا حتى يثبت فيها الاستبراء وغيرهم لم يعتبرها وقال بالاستبراء فيها تعبدا كما في المشتراة من امراة لان الاستبراء فيه نوع تعبد بخلاف مسالة لحوق النسب فان الحكم فيها وهو التزوج لا تعبد فيه وافاد الناظم ما تعرض له المصنف بقوله: وان نفت قطعا فقيل يعتبر ... وعندنا الاصح ما له اثر فيه تعبد كالاستبراء وقد ... باع وفي مجلس بيع استرد او لا مثاله لحوق النسب ... لمشرقي زوجته بالمغرب والمناسب ضروري فحاجي فتحسيني والضروري كحفظ الدين فالنفس فالعقل فالنسب فالمال والعرض ويلحق به مكمله كحد قليل المسكر والحاجي كالبيع فالاجارة وقد يكون ضروريا كالاجارة لتربية الطفل ومكمله كخيار البيع والتحسيني غير معارض القواعد كسلب العبد اهلية الشهادة والمعارض كالكتابة أي والمناسب أي الحكمة من حيث شرع الحكم له اقسام ضروري فحاجي فتحسيني وعطفهما بالفاء لان كل منهما دون ما قبله في الرتبة والضروري وهو ما تصل الحاجة اليه الى حد الضرورة كحفظ الدين المشروع له قتل الكفار فالحكم قتل الكفار والعلة الكفر والحكمة حفظ الدين وحفظ النفس المشروع له وجوب القصاص وحفظ العقل المشروع له حد السكر وحفظ النسب المشروع له حد الزنى وحفظ المال المشروع له حد السرقة وحد قطع الطريق وحفظ العرض المشروع له حد القذف وعطفه بالواو اشارة الى انه في رتبة المال قبله وعطف كل واحد من الاربعة قبل العرض بالفاء لافادة انه دون ما قبله في الرتبة واشار الناظم اى ما اشار اليه المصنف بقوله: ثم المناسب ثلاثا قسما ... ما بالضرورة لديهم وسما وبعد الحاجي فالتحسيني ... فذي الضرورة كحفظ الدين فالنفس فالعقل فالانساب فمال ... والعرض وتعرض لما ذكر ناظم السعود ايضامع تبيين ان معنى المناسب وهو الحكمة حيث قال: ثم المناسب عنيت الحكمة منه ضروري وجا تتمه وبينهما ما ينتمي للحاجي وقدم القوي في الزواج دين ونفس ثم عقل نسب مال الى ضرورة تنتسب ورتبن ولتعطفن مساويا عرضا على المال تكن موافيا فحفظها حتم على الانسان في كل شرعة من الاديان واشار الى وجوب حفظها سيدي ابراهيم اللقاني في جوهرة التوحيد حيث قال وحفظ دين ثم نفس مال نسب ومثلها عقل وعرض قد وجب ويلحق بالضروري فيكون في رتبته مكمله كحكمة حد قليل المسكر فان قليله يدعو الى كثيره المفوت لحفظ العقل فبولغ في حفظه بالمنع من قليل والحد عليه كالكثير فلذا قال الناظم: والمحلق ما به كمال. كحد نزر مسكر ... وكما قال ناظم السعود والحق به ما كان ذا تكميل ... كالحد فيما يسكر القليل. ثم قال ان قليل ما يسكر جنسه مما لا يسكر هو بنفسه مباح عند جميع السبل أي الملل المتقدمة وهو حرام في شريعته صلى الله عليه وسلم الناسخة لجميع الشرائع فلذا قال في نظمه: وهو حلال في شرائع الرسل ... غير الذي الجزء: 3 ¦ الصفحة: 11 نسخ شرعه السبل وقال بعده معيدا الضمير على الخمر اباحها في اول الاسلام براءة ليست من الاحكام قال والبيت جواب عن اعتراض النووي على الاصوليين في قولهم ان الكليات الست مما علم التفات الشرع اليه قطعا في كل شريعة فان الخمر كانت حلالا في اول الاسلام والجواب هو ان اباحتها في اول الاسلام كان متعقلا من البراءة الاصلية وهي ليست بحكم شرعي على الصحيح كتناولهم لغيرها مما لم يرد فيه نص بتحريمه ونحو هذا لابي اسحاق الشاطبي اهـ واما الحاجي وهو ما يحتاج اليه ولا يصل الى حد الضرورة فكحكمة البيع فحكمة الاجارة والحكمة في البيع ملك الذات والحكم الجواز والعلة الحاجة الى المعاوضة وفي الاجارة ملك المنفعة والعلة الاحتياج والحكم الجواز قال ناظم السعود: فالبيع فالاجارة الحاجي. وقد يكون الحاجي في الاصل ضروريا في بعض الصور كالاجارة لتربية الطفل فان ملك المنفعة فيها وهي تربيته يفوت حفظ نفس الطفل بفواته لو لم تشرع الاجارة ومكمل الحاجي كحكمة خيار البيع المشروع للتروي كمل به الملك ليسلم عن الغبن قال ناظم السعود: خيار بيع لاحق جلي. وعن هذا القسم الحاجي عبر الناظم بالثاني في قوله: والثاني ... بيع فايجاروقد يداني. اولها وكالخيار مكمله. واما التحسيني وهو ما استحسن عادة من غير احتياج اليه فهو قسمان غير معارض القواعد كحكمة سلب العبد اهلية الشهادة فانه غير محتاج اليه اذ لو اثبتت له الاهلية ما ضر لكنه مستحسن في العادة لنقص الرقيق عن هذا المنصب الشريف ليحصل المقصود الذي هو الجري على ما عهد من محاسن العادة ويسمى التحسيني تتمة قال شارح السعود ان الحكمة المسماة تتمة هي ما كان فيه حث على مكارم الاخلاق واتباع احسن المناهج ويسمى تحسينا سمي به لانه مستحسن عادة وسميت تتمة لانها تتمة للمصالح ثم افاد ان التحسين قسمان قسم موافق اصول المذهب أي قواعده وقسم مخالف لها الاول كسلب العبد شريف المناصب كاهلية الشهادة والقضاء والامامة وولاية النكاح لنقصه عن الوصف المناسب لشريف الحرية فلذا قال في نظمه: وما يتمم لدى الحذاق .... حث على مكارم الاخلاق منه موافق اصول المذهب ... كسلب العبد شريف المنصب ثم قال ان من التحسيني غير مخالف القواعد كالمقصود من تحريم بيع النجاسات لعد طهارتها والمقصود هو الجري على ما عهد من محاسن العادةومكارم الاخلاق لان بيعه يستلزم جواز كيله او وزنه وذلك غير لائق ومنه ايضا وجوب الانفاق على الاقارب الفقراء لاجل قرابتهم فيحصل الجري على مكارم الاخلاق ومحاسن العادة فلذا قال في نظمه عاطفا على سلب في البيت قبله: وحرمة القذر والانفاق ... على الاقارب ذوي الاملاق واما التحسيني المعارض القواعد وهو القسم الثاني منه فكالكتابة فانها غير محتاج اليها اذ لومنعت ما ضر لكنها مستحسنة في العادة للتوصل بها الى فك الرقبة من الرق وهي خارمة لقاعد امتناع بيع الشخص بعض ما له ببعض ءاخر اذ ما يحصله المكاتب في قوة ملك السيد له بان يعجز نفسه وكذلك خولف القواعد في السلم والمسافاة وبيع الغايب والمغارسة والجعالة ونحوها مما فيه غرر وجهل كالقراض وكذلك حولفت في اكل الصيد لبقاء الفضلات فيه وعدم تسهيل الموت على الحيوانات قال ناظم السعود: وما يعارض كتابة سلم ... ونحو واكل ما صيد يؤم قوله وما بالجر معطوف على ما قبله الجزء: 3 ¦ الصفحة: 12 المدخول للكاف وعبر الناظم عن ذا القسم التحسيني بالثالث حيث قال: والثالث المعروف لا يزلزله. كسلب عبد منصب الشهاده .... يليه ما عارض كالكتابه ثم المناسب ان اعتبر بنص او اجماع عين الوصف في عين الحكم فالمؤثر وان لم يعتبر بهما بل بترتيب الحكم على وفقه ولو باعتبار جنسه في جنسه فالملايم أي ثم الوصف المناسب المعلل به من حيث اعتباره وجودا او عدما اقسام لانه ان اعتبر فيه عين الوصف في عين الحكم فانه يسمى بالمؤثر لظهور تاثيره أي مناسبته بسبب ما اعتبر به من نص او اجماع مثال الاعتبار بالنص تعليل نقض الوضوء بمس الذكر فانه مستفاد من حديث الترمذي وغيره من مس ذكره فليتوضا ومثال الاعتبار بالاجماع تعليل ولاية المال على الصغير بالصغر فانه مجمع عليه والمراد بالعين في كلام المصنف النوع لا الشخص فلذا قال ناظم السعود من المناسب مؤثر ذكر بالنص والاجماع نوعه اعتبر في النوع للحكم فنوعه مبتدا خبره اعتبر بالبناء للمفعول وذكر الناظم ما ذكره المصنف فقال ثم المناسب اذا يعتبر في عين حكم عين وصف يظهر بنص او اجماع المؤثر واما اذا لم يعتبر في الوصف المناسب عين الوصف في عين الحكم بالنص والاجماع بل اعتبر الوصف بسبب ترتيب الحكم على وقفة ان ثبت الحكم معه في المحل ولو كان الاعتبار المتسبب عن الترتيب المذكور متسببا عن اعتبار جنس الوصف في جنس الحكم بنص او اجماع كما يكون باعتبار عينه في جنسه او العكس كذلك أي بنص او اجماع وهذه الثلاثة تسمى بالملائم لملائمتها الحكم مثال الاول أي اعتبار العين في العين بالترتيب والحال انه قد اعتبر من الشارع العين في الجنس تعليل ولاية النكاح بالصغر حيث ثبتت معه وان اختلف في انها له او للبكارة اولهما وقد اعتبر في جنس الولاية حيث اعتبر في ولاية المال بالنص ومثال الثاني أي اعتبار العين في العين والحال ان الشارع قد اعتبر الجنس في العين تعليل جواز الجمع في الحضر حالة المطر على القول به بالحرج والحال ان الشارع قد اعتبر جنسه في الجواز في السفر بالاجماع ومثال الثالث أي اعتبار العين في العين والحال ان الشارع قد اعتبر الجنس في الجنس تعليل القصاص في القتل بمثقل بالقتل العمد العدوان والحال ان الشارع قد اعتبر جنس القتل العمد العدوان في جنس القصاص قال المحقق البناني لانه جنس جامع للقصاص في القتل بمحدد وللقصاص في القتل بمثقل حيث اعتبر في جنس القتل بمحدد بالاجماع قال شارح السعود وقد اوضح العضد هذا المحل فقال مثال الثالث وهو اعتبار جنس الوصف في جنس الحكم ان يقال يجب القصاص في القتل بالمنقل قياسا على القتل بالمحدد بجامع كونهما جناية عمد عدوانا فالحكم مطلق القصاص وهو جنس يجمع القصاص في النفس وفي الاطراف وغيرهما من القوى وفي المال وقد اعتبر جنس الجناية في جنس القصاص بالنص والاجماع اهـ وافاد في نظمه ان ذا الملائم ان لم يعتبر الشرع فيه نوع الوصف في نوع الحكم باحد الامرين اللذين هما النص والاجماع بل اعتبر عين الوصف في عين الحكم بترتيب الحكم على وفقه أي وفق الوصف الذي ثبت معه حسبما تقدم ينقسم الى ثلاثة اقسام واقواها ما يذكره القاسم اولا فاولها اعتبار النوع في الجنس ويليه ماعلم من اعتبار النوع في النوع والحال ان الشارع اعتبر جنسه في جنسه كما مر ءانفا حيث الجزء: 3 ¦ الصفحة: 13 قال معيد الضمير على الشارع والاشارة على النص والاجماع وان لم يعتبر بذين بل ترتب الحكم ظهر على وفاقه فذا الملائم اقواها ما ذكر قبل القاسم من اعتبار النوع في الجنس ومن عكس ومن نوع بئاخرركن والناظم كمل الاقسام الثلاثة بالمبالغة فقال او لا بان كان به المعتبر ترتيب حكمه عل الوفق ولو للجنس في الجنس ملائما راوا قوله اولا أي اولا يقع اعتبار عين الحكم في عين الوصف بالنص والاجماع بان كان المعتبر بالشرع ترتيب الخ وافاد في السعود ان الحكم له اجناس منها عال ومنها متوسط ومنها سافل فاخص اجناسها أي اقر بها كونه مثلا تحريم الخمر او ايجاب الصلاة كالعصر مثلا ويلي ذلك كونه مطلق ايجاب او تحريم او ندب مثلا ويلي ذلك كونه طلبا اوتخييرا والطلب يساوي التخيير في الوضع أي في رتبة واحدة ويلي ذلك كونه حكما فاجناس الحكم اعمها وابعدها كونه حكما فكونه حكما هو اعلى الاجناس وكذلك اجناس الوصف اعمها وابعدها كونه وصفا تناط به الاحكام وصاحب العرف الاصولي جعل كون الوصف مناسبا اخص واقرب من مطلق الوصف وكون الوصف مصلحة او ضدها من المشقة والمفسدة بعد كونه مناسبا أي اخص واقرب فيلي ذلك مصلحة او مفسدة محلها مما علم من الضروريات والحاجيات والتتمات فلذا قال في نظمه اخص حكم منع مثل الخمر اوالوجوب لمضاهي العصر فمطلق الحكمين بعده الطلب وهو بالتخيير في الوضع اصطحب فكونه حكما كما في الوصف مناسب خصصه ذو العرف مصلحة وضدها بعد فما كون محلها من اللذ علما فقدم الاخص قوله فقدم الاخص أي انه يجب تقديم الاخص من الاوصاف والاحكام فيقدم الجنس السافل على المتوسط والمتوسط على البعيد لان ما كان لاشتراك فيه بالسافل فهو اغلب على الظن مما كان بالمتوسط وما كان بالمتوسط فهو اغلب على الظن مما كان بالجنس البعيد ولذلك قدمت البنوة في الميراث على الاخوة والاخوة على العمومة وان لم يعتبر فان دل الدليل على الغائه فلا يعلل به والا فهو المرسل وقد قبله مالك مطلقا وكاد امام الحرمين يوافقه مع مناداته عليه بالنكير ورده الاكثر مطلقا وقوم في العبادات أي وان لم يعتبر المناسب بنص ولا اجماع ولا يترتب كما تقدم بان لم يوجد دليل على اعتباره اعم من ان يوجد ما يدل على الغائه ام لا فان دل الدليل على الغائه فلا يعلل به كما في مواقعه الملك فان حاله الذي هو الوصف المناسب يناسب التكفير ابتداء بالصوم ليرتدع به دون الاعتاق اذ يسهل عليه بذل المال في شهوة فرج وقد افتى يحيى بن يحيى المغربي الاندلسي صاحب الامام مالك رضي الله عنهما الملك عبد الرحمان الاموي الملقب بالمرتضى جامع في نهار رمضان بصوم شهرين متتابعين نظرا الى ان حاله يناسب التكفير ابتداء لكن الشارع الغاه بايجابه الاعتاق ابتداء من غير تفرقه بين ملك وغيره ولما قال يحيى ما قال للملك سكت بقية الفقهاء اجلالا له فلما خرجوا من عند الملك قالوا له لم لم تفته بمذهب مالك قال لو فتحنا هذا الباب لسهل عليه ان يطا كل يوم ويعتق رقبة ولكن حمتله على اصعب الامور لئلا يعود ويسمى هذا القسم بالغريب وانما سمي به لالغاء العلي القريب سبحانه اعتباره فلم يعتبره في ذلك الحكم بنص ولا اجماع ولا بترتيب الحكم على وفقه حسبما مر غير مرة فلذا قال ناظم السعود والغريب الغى اعتباره العلي القريب قال في الجزء: 3 ¦ الصفحة: 14 الشرح ووصف الغريب بالمناسبة من جهة كونه ملائما لافعال العقلاء عادة وقد تنفي عنه المناسبة من جهة الغاء الشارع له فلا تشتبه عليك الطرق اهـ واما اذا لم يدل الدليل على الغائه أي كما لم يدل على اعتباره فهو المرسل لارساله أي اطلاقه عما يدل على اعتباره او الغائه ويعبر عنه بالمصالح المرسلة وبالاستصلاح وقد قبله الامام مالك مطلقا رعاية للمصلحة حتى جوز ضرب المتهم بالسرقة ليقر كما قال العلامة ابن عاصم في تحفة الحكام وان يكن مطالبا من يتهم فمالك بالضرب والسجن حكم قال شارح السعود وانما جوزه المالكية لعمل الصحابة به فان من المقطوع به انهم كانوا يتعلقون بالمصالح في وجوه الراي ما لم يدل الدليل على الغاء تلك المصلحة ورده الاكثر وقالوا لا يجوز ضرب المتهم بالسرقة ليقر لانه قد يكون بريئا وترك الضرب لمذنب اهون من ضرب بريء وقال القرافي ان جميع المذاهب موجود فيها العمل بالمصالح المرسلة لانهم اذا جمعوا او فرقوا بين مسالتين لا يطلبون شاهدا بالاعتبار لذلك المعنى الذي جمعوا او فرقوا بل يكتفون بمطلق المناسبة وهذه هي المصلحة المرسلة فهي حينئذ في جميع المذاهب ثم ان الشافعية يدعون انهم ابعد الناس عنها وهم قد اخذوا باوفر نصيب منها وقد ذكر امام الحرمين منهم امورا من المصالح المرسلة فلو قيل ان الشافعية هم اهل المصالح المرسلة دون غيرهم لكان صوابا وافاد ان من امثلة المصالح المرسلة نقط المصحف وشكله وكتابته لاجل حفظه في الاولين من التصحيف وفي الثالث من الذهاب بالنسيان ومن امثلته تولية ابي بكر لعمر بن الخطاب رضي الله عنهما لكونه احق بالخلافة ممن سواه فتوليته هو الحكم وكونه احق هو الوصف ومنها هدم وقف او غيره اذا كان مجاور المسجد عند ضيق المسجد لاجل توسعته ومنها عمل السكة للمسلمين فعله عمر رضي الله تعالى عنه لتسهل على الناس المقاملة ومنها تجديد عثمان رضي الله عنه النداء أي الاذان يوم الجمعة لكثرة الناس ومنها اتخاذ عمر للسجن لمعاقبة اهل الجرائم ومنها تدوين الدواوين اول من دونها في الاسلام عمر بن الخطاب رضي الله عنه فلذا قال في نظمه والوصف حيث الاعتبار يجهل فهو الاستصلاح قل والمرسل تقبله لعمل الصحابه كالنقط للمصحف والكتابة تولية الصديق للفاروق وهدم جار مسجد للضيق وعمل السكة تجديد الندا والسجن تدوين الدواوين بدا وقول المصنف وكاد امام الحرمين الخ أي وقرب امام الحرمين ان يوافق الامام مالكا على قبول المرسل مع مناداته عليه بالنكير قال المحقق البناني موافقة امام الحرمين للامام رضي الله عنه ن حيث ان كلا اعتبر المصالح المرسلة وهي ما لم يعلم من الشارع اعتباره ولا الغاؤه وانكاره على الامام هو عدم تقييد المصالح المذكورة بكونها مشبهة لما علم اعتباره شرعا الذي قيد به امام الحرمين اهـ ورد المرسل الاكثر من العلماء مطلقا لعدم ما يدل على اعتباره ورده قوم في العبادات لانه لا نظر فيها للمصلحة بخلاف غيرها كالبيع والحد وتعرض الناظم لما افاده المصنف بقوله لو ثبت الالغاء فلا يعلل به وان لم يثبتا فالمرسل ومالك يقبل هذا مطلقا وابن الجويني كاد ان يوافقا مع المنادات عليه بالنكير ومطلقا قد رده الجم الغفير وءاخرون في العبادات وليس منه مصلحة ضرورية كلية قطعية لانها مما دل الدليل على اعتبارها فهي حق قطعا واشترطها الغزالي للقطع بالقول به لا لاصل القول به قال والظن القريب من القطع كالقطع أي وليس من الجزء: 3 ¦ الصفحة: 15 المرسل مصلحة ضرورية كنيه قطعية لانها مما دل الدليل العام على اعتبارها فهي حق قطعا والدليل هو ان حفظ الكل في نظر الشرع اهم من حفظ البعض واشترط الحجة الغزالي هذه الامور الثلاثة في المصلحة المرسلة للقطع بالعمل بالمرسل لا لاصل القول به فجعل المصلحة المذكورة من المرسل مع القطع بقبولها وهذا مقابل لقوله وليس منه الخ قال الغزالي والظن القريب من القطع كالقطع فيها الجلال المحلي مثالها أي المصلحة المقطوعة او المظنونة ظنا قريبا من القطع رمي الكفار المتترسين باسرى المسلمين في الحرب المؤدي الى قتل الترس معهم اذا قطع او ظن ظنا قريبا من القطع بانهم ان لم يرموا استاصلوا المسلمين أي الحاضري الواقعة بالقتل الترس وغيره وبانهم ان رموا سلم غير الترس فيجوز رميهم لحفظ باقي الامة أي ما عدا الترس من الحاضرين بخلاف رمي اهل قلعة تترسوا بمسلمين فان فتحها ليس ضروريا ورمي بعض المسلمين من السفينة في البحر لنجاة الباقين فان نجاتهم ليس كليا أي متعلقا بكل الامة ورمي المتترسين في الحرب اذا لم يقطع او يظن ظنا قريبا من القطع باستيصالهم المسلمين فلا يجوز الرمي في هذه الصور الثلاثة وان افرع في الثانية لان القرعة لا اصل لها في الشرع في ذلك أي في رمي بعض في البحر وترك بعض واشار الناظم الى ما ذكره المصنف بقوله وما دل على اعتباره قد وسما فليس منه وهو حق قطعا وذاك ما للاضطرار يرعى مصلحة كلية قطعية وشرطها قطعا رءاه الحجة للقطع بالقول به لا اصله قال وظنه القوي كمثله مسالة المناسبة تنخرم بمفسدة تلزم راجحة او مساوية خلافا للامام أي المناسبة تبطل بمفسدة تلزم الحكم سواء كانت راجحة على مصلحته او مساوية لها خلافا للامام الرازي في قوله ببقائها مع موافقته على انتفاء الحكم فتخلف الحكم عنده لوجود المانع وعلى الاول لانتفاء المقتضى قال المحقق البناني نقلا عن شيخ الاسلام مثال ذلك مسافر سلك الطريق البعيد لا لغرض غير القصر فانه لا يقصر لان المناسب وهو السفر البعيد عورض بمفسدة وهي العدول عن القريب الذي لا قصر فيه لا لغرض غير القصر حتى كانه حصر قصده في ترك ركعتين من الرباعية اهـ ثم افاد ان الخلاف لفظي لموافقة الامام غيره على انتفاء الحكم في ذلك وانما الخلاف في علة الانتفاء ما هي فالامام يقول هي وجود المانع وغيره يقول هي انتفاء المقتضي والاتفاق على انها غير معمول بها وزاد الناظم على المصنف ذكر ان الخلف لفظي حيث قال مسالة تنخرم المناسبة اذا ترى مفسدة مصاحبه راجحة او استوت وقيل لا وخلفه لفظي اذ لا عملا واما اذا كان المفسد مرجوحا فان المناسبة لا تنخرم كما قال ناظم السعود اخرج مناسبا بمفسد لزم للحكم وهو غير مرجوح علم قوله وهو غير مرجوح الواو للحال السادس الشبه منزلة بين المناسب والطرد وقال القاضي هو المنسب بالتبع ولا يصار اليه مع امكان قياس العلة اجماعا فان تعذرت فقال الشافعي حجة وقال الصيرفي والشيرازي مردود أي السادس من مسالك العلة ما يسمى بالشبه والشبه كما يسمى به نفس المسلك يسمى به الوصف المشتمل عليه ذلك المسلك وهو الذي عرفه المصنف بقوله الشبه منزلة بين المناسب والطرد أي ذو منزلة بين منزلتيهما فانه يشبه الطرد من حيث انه غير مناسب بالذات ويشبه المناسب بالذات من حيث التفات الشرع اليه في الجملة كالذكورة والانوثة في القضاء والشهادة قال المصنف وقد تكاثر التشاجر الجزء: 3 ¦ الصفحة: 16 في تعريف هذه المنزلة ولم اجد لاحد تعريفا صحيحا فيها وقال القاضي ابو بكر الباقلاني هو المناسب بالتبع كالطهارة لاشتراط النية فانها من حيث هي لا تناسب اشتراط النية لكنها تناسبها من حي انها عبادة والعبادة مناسبة لاشتراط النية بخلاف المناسب بالذات كالاسكار لحرمة الخمر مثلا وافاد الناظم تعريفه وذكر ان كل قوم له جانب في تعريفه زيادة على المصنف فقال الشبه السادس وهو مرتبه تجعل بين الطرد والمناسبة وقال قاضيهم هو المناسب يتبع وكل قوم له جانب وقال شارح السعود ان الشبه المراد به الوصف هو الوصف المستلزم الوصف المناسب للحكم بالذات فان لم يناسب بذاته ولا استلزم المناسب فهو الوصف الطردي الملغى اجماعا ثم قال قولنا أي في النظم والشبه المستلزم المناسبا هو بمعنى قول القاضي هو المناسب بالتبع ثم مثل للمناسب بالتبع بوجوب النية في التيمم بكونه طهارة فقياس عليه الوضوء بجامع انه طهارة فان الطهارة من حيث هي لا تناسب اشتراط النية والا اشتراطت في الطهارة من النجس لكن تناسبه من حيث انها عبادة وقربة والعبادة مناسبة لاشتراط النية لقوله تعالى وما امروا الا ليعبدوا الله الاية وافاد ذا المثال المناسب بقوله في نظمه مثل الوضو يستلزم التقربا ثم قال قال القرافي في التنقيح الرابع الشبه قال القاضي ابو بكر هو الوصف الذي لا يناسب لذاته ويستلزم المناسب لذاته وقد شهد الشرع بتاثير جنسه القريب في جنس الحكم القريب اهـ يعني ولا يكتفي بالجنس البعيد في ذلك كقولنا في الخل مائع لا تبنى القنطرة على جنسه فلا تزال به النجاسة كالدهن فقولنا لا تبنى القنطرة على جنسه ليس مناسبا في ذاته غير انه مستلزم للمناسب قال القرافي في شرح التنقيح فان العادة ان القنطرة لا تبنى على الاشياء القليلة بل على الكثيرة كالانهار فالقلة مناسبة لعدم مشروعية المتصف بها من المائعات للطهارة العامة فان الشرع العام يقتضي ان تكون اشباهه عامة الوجود اما تكليف الكل بما لا يحده الا البعض فبعيد عن القواعد فصار قولنا لا تبنى القنطرة على جنسه ليس بمناسب وهو مستلزم للمناسب وقد شهد الشرع بتاثير جنس القلة والتعذر في عدم مشروعية الطهارة بدليل ان الماء اذا قل واشتدت اليه الحاجة فانه يسقط الامر به ويتوجه التيمم اهـ واشار الى ما ذكر من اعتبار الجنس القريب وعدم الاكتفاء بالجنس البعيد بقوله في نظمه مع اعتبار جنسه القريب في مثله للحكم لا الغريب وافاد ان صلاحية الشبه لما يترتب عليه من الاحكام لا يدركها العقل لو قدر عدم ورود الشرع فلذا قال في نظمه صلاحه لم يدر دون الشرع ولا يصار الى قياس الشبه مع امكان قياس العلة المشتمل على المناسب بالذات اجماعا فلذا قال ناظم السعود وحيثما امكن قيس العلة فتركه بالانفاق اثبت فان تعذرت المناسب بالذات بان لم يوجد غير قياس الشبه فقال الشافعي رضي الله عنه هو حجة نظرا لشبهه بالمناسب فلذا قال الناظم فان قياس علة تعذرا فالشافعي حجة له يرى وقال ابو بكر الصيرفي وابو اسحاق الشيرازي مردود نظرا لشبهه بالطرد كما لو امكن قياس غيره فلذا قل الناظم والصيرفي وابو اسحاقا ردا كما لوامكنت وفاقا وقال شارح السعود ان قياس العلة اذا لم يوجد فقد تردد القاضي ابو بكر الباقلاني منا في قبول قياس الشبه فقبله مرة كالشافعي نظرا الى شبهه بالمناسب ثم استقر عل رده كبعض الشافعية نظرا الى شبهه بالطرد فلذا قال في الجزء: 3 ¦ الصفحة: 17 نظمه الا نفي قبوله تردد أي الا يمكن قياس العلة بان تعذر ففي قبوله تردد واعلام قياس غلبة الاشباه في الحكم والصفة ثم الصوري وقال الامام المعتبر حصول المشابهة لعلة الحكم او مستلزما أي واعلى الشبه أي الاقيسة المبنية عليه قياس علية الاشباه في الحكم والصفة وهو الحاق فرع مردد بين اصلين باحدهما الغالب شبهه به في الحكم والصفة على شبهه بالاخر فيهما مثله الحاق العبد بالمال في ايجاب القيمة بقتله بالغة ما بلغت لان شبهه بالمال في الحكم والصفة اكثر من شبهه بالحر فيهما فلذا قال ناظم السعود غلبة الاشتباه هو الاجود ثم افاد في الشرح ان قياس غلبة الاشباه ثلاثة انواع نوع يكون في الحكم والصفة مما كما تقدم من قياس العبد على المال ويليه في القوة غلبة الاشباه في الحكم فقط وفائدة الزيادة في القوة الترجيح بها عند التعارض قال ولم اظفر له بمثال ويلي القسمين لللذكورين غلبة الاشباه في الصفة فقط كالحاق الاقوات بالبر والشعير في الربا فلذا قال في نظمه في الحكم والصفة ثم الحكم فصفة فقط لدى ذي العلم ثم قال ان اسماعيل بن علية بضم العين وفتح اللام وتشديد الياء قائل بجواز العمل بقياس الشبه الصوري لاجل الشبه في الصورة التي يظن كونها علة للحكم قال والصوري ما كان لشبه فيه بالخلقة بالكسر كقياس الخيل على البغال والحميرفي عدم وجوب الزكاة وفي حزمة الاكل للشبه الصوري بينهما وكقياس الفني على البيض لتولد الحيوان الطاهر من كل منهما في طهارته فلذا قال في نظمه وابن علية يرى للصوري كقيس الخيل على الحمير وافاد الناظم ما ذكره المصنف بقوله اعلاه قيس غالب الاشباه في حكم ووصف ثم صوري يفي وقال الامام الرازي المعتبر في قياس الشبه ليكون صحيحا حصول المشابهة بين الشيئن لعلة الحكم او مستلزمها قال الجلال المحلي وعبارته فيما يظن كونه علة الحكم او مستلزما لها سواء كان ذلك في الصورة ام في الحكم قال المحقق البناني فتكون الصورة او الحكم هو العلة والمشابهة فيها وبعد ان تكلم الناظم على مذهب الامام زاد على المصنف انه يحكى عن الامام الشافعي لا يعتمد الشبة الصوري حيث قال وفخرنا حصولها فيما يرى علة او مستلزما لها النظرا قلت ولا يعتمد الصوري عن الامام الشافعي محكي السابع الدوران وهو ان يوجد الحكم عند وجود وصف وينعدم عند عدمه قيل لا يفيد وقيل قطعي والمختار وفاقا للاكثر ظني ولا يلزم المستدل بيان نفي ما هو اولى منه أي السابع من مسالك العلة الدوران وهو ان يوجد الحكم عند وجود وصف وينعدم عند عدمه فيكون كليا طردا وعكسا فلذا قال الناظم الدوران حيث وصف وجدا يوجد حكم ولفقد فقدا كما قال ناظم السعود ايضا معرفا له ان يوجد الحكم لدى وجود وصف وينتفي لدى الفقود قيل لا يفيد الدوران العلية لا قطعا ولا ظنا لجواز ان يكون الوصف ملازما للعلة لا نفسها كرائحة المسكر المخصوصة فانها دائرة معه وجودا وعدما كان يصير خلا وليس علة وقيل هو قطعي في افادة العلية والمختاروفاقا للاكثر انه ظني لا قسمي لقيام الاحتمال فلذا قال الناظم حاكيا الاقوال الثلاثة والاكثرون انه ظن مفيد وقيل بل قطعا وقيل لا يفيد وذكر شارح السعود ان الوصف في الدوران المذكور لابد ان يكن ظاهر التناسب مع الحكم او محتملا للتناسب والا تكن المناسبة ظاهرة ولا محتملة فالوصف بمعزل الجزء: 3 ¦ الصفحة: 18 عن القصد فلايعلل به وانه عند الاكثرين من المالكية وغيرهم سند أي حجة ظنية أي كما مر ءانفا قال القرافي لان اقتران الوجود بالوجود والعدم بالعدم يغلب على الظن ان المدار علة الداير بل قد يحصل القطع به اهـ ثم قال ان الدوران كما يوجد في صورة واحدة يوجد في صورتين الاول كالخمر فان رائحته المخصوصة موجودة مع الاسكار وجودا وعدما فانها تعدم في العصير قبل الاسكار ثم لما زال بصيرورته خلا زالت منه ومثال الثاني وهو دون الاول الحلي المباح تجب فيه الزكاة لكونه نقدا والنقد احد الحجرين والنقدية يدور معها الوجوب وجودافي المسكوك وعدما في نحو الثياب والعبيد والدواب اهـ فلذا قال في نظمه والوصف ذو تناسب او احتمل له والا فعن القصد اعتزل وهو عند الاكثرين سند في صورة او صورتين يوجد ثم افاد ان الدوران الوجودي والعدمي اصل كبيرفي امور الاخرة وفي النافعات عاجلا من امور الدنيا والضائرة عاجلا منها حتى جزم الاطباء بالادوية المسهلة والغائصة وجميع ما يعطونه بسبب وجود تلك الاثار عند وجود تلك العقاقير وعدمها عند عدمها فلذا قال في نظمه اصل كبير في امور الاخرة والنافعات عاجلا والضائرة أي الدوران الوجودي والعدمي اصل الخ ولا يلزم المستدل بيان نفي ما هو اولى منه فان ابدى المعترض وصفا ءاخر ترجح جانب المستدل بالتعدية وان كان متعديا الى الفرع ضر قد مانع العلتين او الى فرع ءاخر طلب الترجيح أي ولا يلزم المستدل بالدوران بيان انتفاء ما هو اولى منه بل يصح الاستدلال به مع امكان الاستدلال بما هو اولى منه بخلاف ما تقدم في الشبه من انه لا يصح الاستدلال به مع امكان قياس العلة قال الجلال السيوطي ولا يلزم المستدل به بيان نفي ما هو اولى منه بالعلية بل له التعليل به ومن ادعى وصفا اعلى منه فعليه ابداؤه اطبق عليه ذلك الجدليون وقال القاضي ابو بكر يلزمه ذلك قال الغزالي وهو بعيد في حق المناظر متجه في حق المجتهد فان عليه تمام النظر لتحل له الفتوى فهذا قول ثالث وقد اشرت الى القولين من زيادتي اهـ أي من زيادته على المصنف وهو قوله في النظم وانه لا يلزم الذي استدل نفي الذي بعلة منه اجل ولو سوى مناظر فان ابدي المعترض وصفا ءاخر أي غير المدار ترجح جانب المستدل بالتعدية لوصفه على جانب المعترض حث يكون وصفه قاصرا فلذا قال الناظم والمعترض ان يبد وصفا غير ذاك ينتهض جانب مستدله بالتعديه مثاله ان يقول المستدل ان علة الربا في الذهب النقدية فيقول المعترض بل العلة الذهبية فكل من العلة التي ابداها المستدل والتي ابداها المعترض يدور معها الحكم وجودا وعدما لكن التي ابداها المعترض قاصرة على محل الحكم وهوالاصل فلا تعدي لها وعلة المستدل متعدية فتترجح بالتعدية على علة المعترض وان كان وصف المعترض متعديا الى الفرع المتنازع فيه مع اتحاد مقتضي وصفيهما ضر ابداؤه عند مانع العلتين دون مجوزهما مثاله ان يقول المستدل يحرم الربا في التفاح لعلة الطعم ويقاس عليه الجوز في ذلك فيقول المعترض بل العلة في التفاح الوزن ويقاس عليه اجوز في ذلك فكل من علتي المستدل والمعترض متعدية الى الفرع المتنازع فيه وهو الجوز مثلا فيطلب حينئذ الترجيح لعلته على علة المعترض فان عجز انقطع قال المحقق البناني فقول المصنف ضر ابداؤه ليس المراد به انه ينقطع المستدل بمجرد ابداء المعترض وصفا متعديا الى الفرع المتنازع فيه بل المراد انه يحتاج الجزء: 3 ¦ الصفحة: 19 المستدل حينئذ الى ترجيح وصفه حينئذ وانما ينقطع بالعجز عن الترجيح اهـ وان كان متعديا الى فرع ءاخر طلب الترجيح من خارج لتعادل الوصفين حينئذ مثاله ان يقول المستدل يحرم الربا في البر لعلة الاقتيات والادخار ويقاس عليه الشعير مثلا فيقول المعترض بل العلة في البر الطعم فيقاس عليه في ذلك التفاح فكل من علتي المستدل والمعترض متعدية لفرع غير الفرع المتعدية اليه علة الاخر فيئول الاختلاف بينهما الى الاختلاف في حكم الفرع كالشعير والتفاح في المثال المذكور فيطلب حينئذ من المستدل ترجيح وصفه على وصف المعترض واشار الناظم الى ما ذكره المصنف بقوله فان تكن لفرعه معدية يضر عند مانع لعلتين او ءاخر فليطلب الترجيح بين الثامن الطرد وهو مقارنة الحكم للوصف والاكثر على رده قال علماؤنا قياس المعنى مناسب والشبه تقريب والطرد تحكم وقيل ان قارنه فيما عدا صورة النزاع افاد وعليه الامام وكثير وقيل تكفي المقارنة في صورة وقال الكرخي يفيد المناظر دون الناظر أي الثامن من مسالك العلة الطرد وهذا في الجملة فلا ينافي ما سياتي من ان الاكثر على رده وهو مقارنة الحكم للوصف من غير مناسبة لا بالذات ولا بالتبع فلذا قال فيه ناظم السعود ولم يكن تناسب بالذات وتبع فيه لدى الثقات بتحريك تبع وجره عطفا على بالذات والضمير فيه للوصف كقول بعضهم في الخل في الاستدلال على انه غير مطهر مانع لم يعهد بناء القنطرة على جنسه فلا تزال به النجاسة كالدهن أي بخلاف الماء فان بناء القنطرة على جنسه معهدودة فتزال به النجاسة فالمذكور من بناء القنطرة وعدمه لا مناسبة فيه للحكم اصلا وهو ازالةالنجاسة وان كان مطردا والاكثر من العلماء الاصوليين وغيرهم على رده لانتفاء المناسبة عنه فلذا قال الناظم حين عرفه تقارن الحكم لوصف طرد والاكثرون انه يرد وقال شارح السعود معرفا له ان الطرد هو مقارنة الحكم للوصف بان يوجد الحكم مع الوصف في جميع صور حصوله غير صورة النزاع فان في حصوله معه فيها النزاع وذكر ان الاقتران بين الحكم والوصف في حالة انتفاء الوصف منحظل أي ممتنع فلا يعدم الحكم عند عدم الوصف والا كان دورانا وجوديا وعدميا فلذا قال في نظمه وجود حكم حيثما الوصف حصل والاقتران في انتفاء الوصف انحظل ثم افاد انه رد النقل عن الصحابة رضي الله تعالى عنهم التعليل بالوصف الطردي فان المنقول عنهم العمل بالمناسب دون غيره ورد ايضا بانه لا يعتبر في الشرع الا المصالح ودرء المفاسد فما لم يعلم فيه واحد منهما وجب ان لا يعتبر وكونه لا يعلل به مذهب اكثر الاصوليين ثم قال ومن رءا جواز التعليل بالوصف الطردي قد اجاب المانع له بالاصل أي بان الاصل في هذه المقارنة كون هذا الوصف علة نفيا للتعبد بحسب الامكان لان الاقتران في جميع الصور مع انتفاء ما يصلح للعلية غيره بالسبر والتقسيم يغلب على الظن عليته والعمل بالظن واجب فالطرد من المسلك على هذا القول فلا ينافي عدة منها رده عند الاكثر فلذا قال في نظمه ورده النقل عن الصحابه ومن رءا بالاصل قد اجابه مفعول رءا محذوف أي ومن رءا جواز التعليل بالوصف الطردي قد اجاب المانع له بالاصل وقول المصنف قال علماؤنا الخ أي قال علماؤنا القياس الذي ينظر فيه للمعنى وهو المشتمل على الوصف المناسب بالذات مناسب لاشتماله على الوصف المناسب وقياس الشبه تقريب لانه قرب الجزء: 3 ¦ الصفحة: 20 الفرع من الاصل وقياس الطرد تحكم فلا يفيد ثبوت الحكم في الفرع لعدم الاعتداد به وقيل ان قارن الحكم الوصف في جميع الصور ما عدا صورة النزاع افاد العلية فيفيد الحكم في صورة النزاع وعليه الامام الرازي وكثير من العلماء فلذا قال الناظم وقيل ان قارنه فيما عدا فرع النزاع فليفدها ابدا وقيل تكفي المقارنة لافادة العلية في صورة واحدة غير صورة النزاع وقال الكرخي يفيد الطرد المناظر أي الدافع عن مذهب امامه دون الناظر لنفسه اذ الاول في مقام الدفع والثاني في مقام الاثبات فلذا قال الناظم وقيل في فرد وقيل لم يفد الا مناظرا خلاف المجتهد وتعرض في السعود الى تعريف العكس المسمى بالدوران العدمي بانه الذي ينتفي الحكم عنه عند انتفاء الوصف ولا يوجد عند وجوده فقد ينتفي الحكم عند وجود الوصف قال كما لو علل المالكية علة ربا الفضل في الطعام بالطعم فان الحكم الذي هو الربا منتف مع وجود الوصف الذي هو الطعم في التفاح مثلا وافاد انه ليس بمسلك للعلة حيث قال في نظمه والعكس هو الدوران العدمي ليس بمسلك لتلك فاعلم ان ينتفي الحكم متى الوصف انتفى وما لدى الوجود اثره اقتفى االتاسع تنقيح المناظر وهو ان يدل ظاهر على التعليل بوصف فيحذف خصوصه عن الاعتبار بالاجتهاد ويناط بالاعم او تكون اوصاف فيحذف بعضها ويناط بالباقي أي التاسع من مسالك العلة تنقيح المناطاي تهذيب علة الحكم بتصفيته وازالة ما لا يصلح عما يصلح والمناط من الاناطة وهي تعليق الشيء على الشيء والصاقه به وسمي به لان العلة ربط بها الحكم وعلق عليها والتنقيح ماخوذ من تنقيح المنخل وهو ازالة ما يستغنى عنه وابقاء ما يحتاج اليه وكلام منقح أي لا حشو فيه وتعريفه هو ان يدل نص ظاهر على التعليل بوصف فيحذف خصوص ذلك الوصف عن الاعتبار بالاجتهاد فلذا قال الناظم التاسع التنقيح للمناط ان يدل ظاهرا على التعليل عن وصف فيلغى ذا عن اعتبار خصوصه بالاجتهاد الجاري وذكر شارح السعود ان تنقيح المناط هو ان يدل ظاهر من القرءان او الحديث على التعليل بوصف فيحذف المجتهد خصوصه عن اعتبار الشارع له وينيط الحكم بالمعنى الاعم وكذا اذا كان المدلول عليه له اوصاف فانه يحذف بعضها ويناط الحكم بالباقي فلذا قال في نظمه وهو ان يجيء على التعليل بالوصف ظاهر من التنزيل او الحديث فالخصوص يطرد عن اعتبار الشارع المجتهد ثم قال من المناط ان تجيء اوصاف فبعضها ياتي له انحذاف عن اعتباره وما قد بقيا ترتب الحكم عليه اقتفيا مثاله في القرءان في قوله تعالى فعليهن نصف ما على المحصنات من العذاب فقد الغوا خصوص الاناث في تشطير الحدود واناطوه بالرق ومثال الثاني حديث جاء اعرابي الى النبيء صلى الله عليه وسلم يضرب صدره وينتف شعره يقول هلكت واهلكت واقعت اهلي في رمضان فالغى مالك وابو حنيفة خصوص الاهل واناطا الكفارة بالافطار عمدا لما فيه من انتهاك حرمة رمضان فلذا قال الناظم ثم يناط بالاعم او يرى عدة اوصاف فيلغى ما عرى وافاد العلامة ابن عاصم ان تنقيح المناط العلم بالعلة فيه شائع وانها معه شيءواحد حيث قال ثمت تنقيح المناط سابع والعلم بالعلة منه شائع وهي مع المناط شيء واحد ليس لها عليه معنى زائد اما تحقيق المناط فاثبات العلة في ءاحاد صورها كتحقيق ان النباش سارق الجزء: 3 ¦ الصفحة: 21 وتخريجه مر أي اما تحقيق المناط أي العلة فهو اثبات العلة المتفق عليها في الفرع في احدى صورها قال المحقق البناني والمراد اثبات الحكم في صورة خفيت فيها العلة ولو عبر أي المصنف بذلك لوفى بالمراد اهـ وذلك كتحقيق ان النباش الذي ينبش القبور وياخذ الاكفان سارق فانه وجد فيه العلة وهو اخذ المال خفية من حرز مثله فيقطع خلافا لابي حنيفة قال ناظم السعود تحقيق علة عليها ائتلفا في الفرع تحقيق مناط الفا وقال العلامة ابن عاصم وحيثما التعيين فيها اتفقا عليه تحقيق المناط اطلقا قال شارح السعود لكن تحقيق المناط ليس من المسالك بل هو دليل تثبت به الاحكام فلا خلاف في وجوب العمل به بين الامة واليه تضطر كل شريعة قال ابو اسحاق الشاطبي لابد من الاجتهاد فيه في كل زمن ولا ينقطع اذ لا يمكن التكليف الا به اهـ قال وانما ذكرته هنا جريا على عادة اهل الجدل في قرانهم بين الثلاثة تنقيح المناط وتخريج المناط وتحقيق المناط قال ولم اذكر تخريج المناط هنا لتقدمه اهـ فلذا قال الناظم حيث انه قدمه ايضا اثباته العلة في بعض الصور تحقيقه وما هو التخريج مر أي في مبحث المناسبة قال المحقق البناني هو أي تخريج المناط كما تقدم استنباط الوصف المناسب من النص وعرفه العلامة ابن عاصم بانه ما تعين فيه العلة من غير مذكور بخلاف تحقيق المناط فانه ما تعين فيه العلة من بعد ما هو مذكور حيث قال فصل وتنقيح المناط ان يرى تعيينها من بعد ما قد ذكرا وان يكن تعيينها في موضع من غير مذكور فتخريج دعي العاشر الغاء الفارق كالحاق الامة بالعبد في السراية وهو والدوران والطرد ترجع الى ضرب شبه اذ تحصل الظن في الجملة ولا تعين جهة المصلحة أي العاشر من مسالك العلة الغاء الفارق بان يبين عدم تاثيره فيثبت الحكم لاجل وصف اشتركا فيه لكونه مؤثرا كالرقية في المثال الاتي وهو الالغاء الكائن في الحاق الامة بالعبد في السراية الثابتة بحديث الصحيحين من اعتق شركا له أي نصيبا له في عبد فكان له مال يبلغ ثمن العبد أي قيمة باقيه قوم عليه قيمة عدل فاعطى شركاءه حصصهم وعتق عليه العبد والا أي بان لم يكن له مال اصلا او له مال لا يفي بقيمة باقي العبد فقد عتق عليه ما عتق فالفارق بين الامة والعبد الانوثة ولا تاثير لها في منع السراية فثبتت السراية فيها للوصف الذي شاركت فيه العبد وهو الرقية فلذا قال الناظم عاشرها الغاء فارق لما يلحق في سراية العبد الاما وذكر شارح السعود ان الغاء الفارق قسم من تنقيح المناط قال وان جعله السبكي العاشر من مسالك العلة ويسمى حينئذ تنقيح المناط والغاء الفارق وهو تبيين عدم تاثير الفارق المنطوق به في الحكم مثبت الحكم لما اشتركا فيه لانه اذا لم يفارق الفرع الاصل الا فيما لا يؤثر ينبغي اشتراكهما في المؤثر فيلزم من ثبوت الحكم في الاصل ثبوته في الفرع ومن تنقيح المناط ما كان بغير الفارق بل بدليل ءاخر فلذا قال في نظمه فمنه ما كان بالغا الفارق وما بغير من دليل رائق قال ومعنى رائق معجب لصحته ويسمى حينئذ تنقيح المناط فقط قال المحشي أي الكمال ابن ابي شريف عند قول السبكي العاشر الغاء الفارق ما لفظه وهو عند التحقيق قسم من تنقيح المناط لان حذف خصوص الوصف عن الاعتبار قد يكون بالغاء الفارق وقد يكون بدليل ءاخر والقياس المستند الى الغاء الفارق قال به كثير ممن ينكر القياس اهـ والغاء الفارق الجزء: 3 ¦ الصفحة: 22 والدوران والطرد على القول به ترجع ثلاثها الى ضرب شبه اذ تحصل الظن في بعض الاحوال دون سائر الصور لا مطلقا ولاتعين جهة المصلحة المقصودة من شرع الحكم لانها لا تدرك بواحد منها بخلاف المناسبة فانها تحصل الظن وتعين جهة المصلحة فلذا قال الناظم معيدا الضمير على الغاء الفارق وهو مع الطرد وما قد صحبه من دوران قصرها ضرب شبه اذ يحصل الظن بها في الجملة من غير تعيين لنوع الحكمة والعلامة ابن عاصم تعرض لمسالك العلة على سبيل الاختصار قائلا الاول النص عليها ان وجد وغيره ينوب عنه ان فقد وبعده الايماء في الكلام بالفاء او بالباء او باللام او ان للعلة حيثما اتى وثالث ترتيب حكم ثبتا فيه على الوصف ورابع يرى حكم يدور مع وصف ذكرا كذاك الاجماع عليها خامس والسبر والتقسيم امر سادس وتقدم الكلام على ما نظمه في تنقيح المناط عند الكلام عليه وذكر شارح السعود ان بعضهم نظم المسالك بقوله مسالك علة رتب فنص فاجماع فايماء فسبر مناسبة كذا شبه فيتلى له الدوران طرد يستمر فتنقيح المناط فالغ فرقا وتلك لمن اراد الحصر عشر خاتمة ليس تاتت القياس بعلية وصف ولا العجز عن افساده دليل عليته على الاصح فيهما ذكر المصنف في هذه الخاتمة طريقين ضعيفين زعم بعض الاصوليين انهما دالان على كون الوصف علة الاولى اذا كان الوصف على تقدير كونه علة يتاتى معه القياس وعلى تقدير عدم عليته لا يتاتى معه القياس فيجب حينئذ ان يكون علة لاستلزامه العمل بالقياس المامور به في قوله تعالى فاعتبروا واجيب بانه انما تتعين علته ان لو لم يخرج عن عهدة الامر الا بالقياس المبني على عليته وليس كذلك وبان تاتي القياس به متوقف على كونه علة فاذا توقف كونه علة على تاتي القياس به لزم الدور وهو محال والثانية ان يعجز الخصم عن ابطال علة وصف لا يفيد عليته فلا يكون ذلك العجز مسلكا على المعتمد وهو مذهب الجمهور وقال الشيخ ابو اسحاق انه دليل على كونه علة كالمعجزة فانها دلت على صدق الرسول للعجز عن معارضتها واجيب بان العجز في المعجزة من الخلق وهنا من الخصم وذا الجواب زاده الناظم على المصنف على المصنف حيث قال ليس تاتي القيس مع علية وصف ولا عجزك عن افادتي دليل عليته على الاصح والفرق بينه والاعجاز وضح وافاد ناظم السعود ما افاده المصنف عاكسا ترتيبه فقال والعجز عن ابطال وصف لم يفد علية له على الذي اعتمد كذا اذا ما امكن القياس به على الذي ارتضاه الناس والمراد بالناس الجمهور والله اعلم القوادح أي هذا مبحث القوادح الاصطلاحية وهي ما يقدح لغة أي يؤثر في الدليل من حيث العلة او غيرها وتكلم عليها بعد ان فرغ من الكلام على اركان القياس وشروط كل ركن والمسالك أي الطرق الدالة على علية الوصف وذكر القوادح بعد الطرق الموصلة لانها ترد عليها و النقض قد يكون على العلة وعلى الحد وعلى الدليل فوجود العلة بدون الحكم نقض عليها ووجود الحد بدون المحدود نقض عليه ووجود الدليل بدون المدلول نقض عليه والالفاظ اللغوية كلها ادلة فمتى وجد لفظ بدون مسماه لغة فهو نقض عليه فوجود ما ينقض القياس عند المناظرة قادح فيه مفسد له والناظم كاصله ذكر منها ستة عشر قادحا واما العلامة ابن عاصم فذكر تسعة فقط حيث قال فصل وللقياس مفسدات وتسعة الجزء: 3 ¦ الصفحة: 23 عددها الرواة فينقض الخصم ماناظره قيامه بالبعض في المناظره منها تخلف الحكم عن العلة وفاقا للشافعي وسماه النقض وقالت الحنفية لا يقدح وسموه تخصيص العلة وقيل في المستنبطة وقيل عكسه وقيل يقدح الا ان يكون لمانع او فقد شرط وعليه اكثر فقهائنا أي من القوادح تخلف الحكم عن العلة بان وجدت في صورة مثلا بدون الحكم منصوصة كانت او مستنبطة وسواء كان التخلف لمانع وفقد شرط او غيرهما بدليل التفصيل الاتي في الاقوال بعد فلذا قال الناظم النقض أي تخلف الحكم عن علية تقدح فيها كيف عن وقال ناظم السعود معيدا الضمير على القوادح منها وجود الوصف دون الحكم سماه بالنقض وعاة العلم وفاقا للشافعي رضي الله عنه في انه قادح في العلة وسماه النقض كما سماه وعاة العلم بذلك حسبما ذكر في النظم والنقض جعله العلامة ابن عصم ثامن القوادح حيث قال والثامن النقض لشرط عد في شروطه المقررات فاعرف وقالت الحنفية لا يقدح تخلف الحكم عن العلة فيها وسمو التخلف المذكور تخصيص العلة مثلا لو قال المعترض للمستدل على حرمة الربا بعلة الطعم قد وجدت العلة المذكورة في الرمان وليس بربوي لم يكن قوله المذكور قادحا عند الحنفية ووجود العلة المذكورة في الرمان الخالية عن الحكم الذي هو حرمة الربا مخصص لها بما وجدت فيه من غير الرمان فكانه قيل العلة الطعم الا في الرمان فلذا قال الناظم والحنفي لا وتخصيص العلل سمى وقال شارح السعود اان عدم اطراد العلة وهو تخلف الحكم عنها لا يقدح فيهاعند اكثر اصحاب مالك واكثر اصحاب ابي حنيفة واكثر اصحاب احمد وهذا القول صححه القرافي بقوله وهذا هو المذهب المشهور سواء كان التخلف لوجود مانع او فقد شرط ولا فرق في ذلك بين العلة المنصوصة والمستنبطة واحتجوا بانه تخصيص للعلة كتخصيص العام فانه اذا اخرجت عنه بعض الصور بقي حجة فيما عداها لان تناول المناسبة لجميع الصور كتناول الدلالة اللغوية لجميع الصور فلذا قال في نظمه والاكثرون عندهم لا يقدح بل هو تخصيص وذا مصحح وقيل لا يقدح التخلف المذكور في العلة المستنبطة لان دليل عليتها وهو مسلكها اقتران الحكم بالوصف ولا وجود للاقتران المذكور في صورة التخلف فلا يدل على العلية فيها بخلاف المنصوصة فان دليلها النص الشامل لصورة التخلف وانتفاء الحكم فيها يبطله بان يوقفه عن العمل به حتى يوجد مرجح وقيل عكسه أي لا يقدح التخلف في المنصوصة ويقدح في المستنبطة لان الشارع له ان يطلق العام ويريد بعضه مؤخرا بين ما خرج منه الى وقت الحاجة الى البيان واشار الناظم الى ما ذكره المصنف بقوله وقيل في المنصوصة تقدح لا خلافها وقيل عكسه جلا وقال شارح السعود ان القرافي نقل عن الامدي انه حكى جواز تخصيص المستنبطة دون المنصوصة وان لم يوجد في صورة النقض مانع ولا عدم شرط عن مالك واحمد واكثر الحنفية ثم قال ان بعض اهل الاصول وهو الاكثر كما في البرهان لامام الحرمين رءا ان التخلف قادح في المستنبطة دون المنصوصة عكس القول المذكور قيل فلذا قال في نظمه وقد روي عن مالك تخصيص ان يك الاستنباط لا التنصيص وعكس هذا قد رءاه البعض وقيل يقدح فيهما الا ان يكون التخلف لمانع او فقد شرط للحكم فلا يقدح قال المحقق البناني كتخلف وجوب الجزء: 3 ¦ الصفحة: 24 القصاص عن علته من القتل العمد العدوان في صورة قتل الاب ابنه لوجود المانع وهو ابوة القاتل للقتيل وقوله أي المصنف او فقد شرط أي كتخلف وجوب الزكاة عن علته من ملك النصاب في صورة ما اذا لم يتم حول النصاب المذكور لفقد الشرط وهو تمام الحول اهـ قال المصنف وعليه اكثر فقهائنا قال الناظم وقيل قادح كيف حصل الا لفقد شرط او لمانع وقيل يقدح الا ان يرد عى جميع المذاهب كالعرايا وعليه الامام وقيل يقدح في الحاضرة وقيل في المنصوصة الا بظاهر عام والمستنبطة الا لمانع او فقد شرط أي وقيل يقدح التخلف الاان يرد على جميع المذاهب كالعرايا وهو يبيع الرطب والعنب قبل القطع بتمر او زبيب فان جوازه وارد على كل قول في علة حرمة الربا من الطعم والقوت والكيل والمال فلا يقدح وعليه الامام الرازي فلذا قال الناظم والفخراعتمى الا على مذاهب معممه ورودها وقال ناظم السعود والوفق في مثل العرايا قد وقع وقيل يقدح في العلة الحاضرة دون المبيحة لان الحظر على خلاف الاصل فتقدم فيه الاباحة بخلاف العكس وذكره الناظم في قوله وقيل في المحرمه قال الشيخ الشربيني فيه ان المدار على تخلف التاثير وهو موجود سواء الحاضرة والمبيحة اهـ وقيل يقدح في المنصوصة كان يقال يحرم الربا لعلة الطعم الا اذا ثبتت بظاهر عام كحديث الطعام بالطعام ربا لقبوله للتخصيص بخلاف ثبوتها بالقاطع ويقدح في المستنبطة ايضا الا ان يكون التخلف لمانع او فقد شرط للحكم فلا يقدح فيها فلذا قال الناظم وقيل في المنصوص لا بظاهر عام وفي سواه لا للغابر لي لا للماضي من التخلف لمانع او فقد شرط قال شارح السعود أي مختار صاحب المختصر وهو ابن الحاجب النقض بالتخلف في العلة الثابتة بظاهر عام لقبوله التخصيص وبخلاف المستنبطة اذا كان التخلف لفقد شرط او وجود مانع فلذا قال في نظمه ومنتقى ذي الاختصار النقض ان لم تكن منصوصة بظاهر وليس فيما استنبطت بضائر ان جا لفقد شرط او لما منع وعزا هذا القول لابن الحاجب صاحب المختصر والمصنف ذكره غير معزو وقال الامدي ان كان التخلف لمانع او فقد شرط او في معرض الاستثناء او كانت منصوصة بما لا يقبل التاويل لم يقدح والخلاف معنوي لا لفظي خلافا لابن الحاجب ومن فروعه التعليل بعلتين والانقطاع وانخرام المناسبة أي وقال الامدي ان كان التخلف لمانع او فقد شرط او في معرض الاستثناء كالعرايا والمصراة منصوصة كانت او مستنبطة او كانت منصوصة بما لا يقبل التاويل كان يقال مثلا يحرم الربا في كل مطعوم لم يقدح التخلف واذا كانت مستنبطة فيقدح واما اذا كانت منصوصة بما يقبل التاويل فيؤول للجمع بين دليل العلة ودليل التخلف قال الجلال المحلي وقول المصنف عنه أي عن الامدي في المنصوصة بما لا يقبل التاويل لم يقدح هو لازم قوله فيها ان كان التخلف لدليل ظني فالظني لا يعارض القطعي او قطعي فتعارض قطعيين محال قال المصنف أي نقلا عن الامدي الا ان يكون احدهما ناسخا اهـ والخلاف في القدح معنوي لا لفظي على الاصح فلذا قال الناظم والخلف في الاصح معنوي خلافا لابن الحاجب في قوله انه لفظي والخلاف مبني على تفسير العلة فان فسرت بمما يستلزم وجوده وجود الحكم وهو معنى المؤثر فالتخلف قادح او بالباعث وكذا بالمعرف فلا قول المصنف ومن فروعه التعليل بعلتين اي الجزء: 3 ¦ الصفحة: 25 ومن فروع ان الخلاف معنوي التعليل بعلتين فيمتنع ان قدح التخلف والا فلا قال الجلال المحلي وهذا التفريع نشا عن سهو فانه انما يتاتى في تخلف العلة عن الحكم والكلام في عكس ذلك اهـ فلهذا اسقطه الناظم من النظم ومن فروع ان الخلاف معنوي الانقطاع للمستدل فيحصل ان قدح التخلف والا فلا قال الجلال السيوطي لكن قال الزركشي فيه نظر ففي البرهان لامام الحرمين المختار انه لا يكون منقطعا لكنه خلاف الاحسن اذا كان ينبغي ان يشير اليه اهـ فلذا اسقطته ايضا اهـ أي من النظم ومن فروعه انخرام المناسبة بمفسدة فيحصل ان قدح التخلف والا فلا واشار الناظم ايضا الى ان ذا الانخرام مبني على ان الخلاف معنوي حيث قال معيدا الضمير عليه عليه نحو خرمها مبني قال الجلال المحلي ولكن ينتفي الحكم لوجود المانع اهـ وكذا ينتفي غير المذكورات كتخصيص العلة فيمتنع ان قدح التخلف والا فلا وجوابه منع وجود العلة او منع انتفاء الحكم ان لم يكن انتفاؤه مذهب المستدل وعند من يرى الموانع بيانها وليس للمعترض الاستدلال على وجود العلة عند الاكثر للانتقال وقال الامدي ما لم يكن دليل اولى بالقدح أي وجواب تخلف الحكم عن العلة على القول بانه قادح منع وجودها في الفرع الذي ادعى المعترض وجودها فيه بدون الحكم كان يقول المعترض للمستدل جعلك علة الربا في البر الكيل منقوض بالجبس فانه مكيل وليس بربوي فيجيبه المستدل بقوله لا نسلم ان الجبس مكيل بل هو موزون او منع انتفاء الحكم عما اعترض به كان يقول المعترض جعلك العلة في حرمة الربا في التمر الوزن منقوض بالتفاح فانه موزون غير ربوي فيجيبه المستدل بقوله بل هو ربوي وقولك انه غير ربوي ممنوع وذلك فيما اذا كان ثبوت الحكم المذكور وهو الربوية في التفاح مذهب المستدل واما اذا كان مذهبه انتفاء الحكم المذكور فلا يتاتى له الجواب المذكور فلذا قال الناظم جوابه منع وجود العلة او انتفاء الحكم في الموردة ان لم يكن مذهب مستدلها وقال شارح السعود متعرضا لما قرر ان المروي عنهم في جواب التخلف على القول بانه قادح مطلقا او مقيدا امور منها منع الوصف أي العلة في صورة النقض كمنع وجود القتل العمد العدوان لمكافي الذي هو سبب القصاص في الاب اذا رمى ولده بحديدة ونحوها مما يحتمل ان يقصد به التاديب ومنها منع انتفاء الحكم كمنعنا نفي القصاص في الاب حالة ذبحه ولده او شقه بطنه او نحو ذلك مما لا يحتمل التاديب وشرط صحة الجواب بهذا ان لا يكون انتفاء الحكم في صورة النقض مذهب المستدل فانه اذا كان كذلك لم يكن له منع انتفائه فيها فلذا قال في نظمه جوابه منع وجود الوصف او منع انتفاء الحكم فيما قد رووا قوله وعند من يرى الخ أي وعند من يرى ان التخلف اذا كان لمانع سواء وجدت الموانع كلها او وجدوا حد منها لا يكون قادحا ويحصل الجواب بييان وجودها كلها او واحد منها وعدم الشرط في معنى المانع وبيانها في قول المصنف خبر مبتدا محذوف والتقدير وجوابه عند من يرى الموانع بيانها فلذا عطف الناظم على ما يجاب به في البيت السابق قبل قوله وذكر مانع لمن يبد لها وليس للمعترض بالتخلف الاستدلال على وجود العلة فيما اعترض به عند الاكثر من النظار ولو بعد منع المستدل وجودها للانتقال من الاعتراض الى الاستدلال المؤدي الى الانتشار فلذا قال الناظم والاكثر المنع من الاستدلال على وجودها الجزء: 3 ¦ الصفحة: 26 للانتقال وقيل للمعترض بالتخلف الاستدلال ليتم مطلوبه الذي هو ابطال العلة وقال الامدي له ذلك مالم يكن عده دليل ءاخر يرد به على المستدل اولى في القدح من التخلف كان يعترض المتعرض على جعل المستدل علة الربا في البر الكيل بالتخلف في الجبس فانه مكيل غير ربوي فاذا اراد المعترض المذكور الاستدلال على وجود العلة المذكورة فيما اعترض به فليس له ذلك لان معه دليلا هو اولى بالقدح في علة المستدل مما قدح به من التخلف وذلك الدليل هو نص الحديث على ان علة الربا الطعم فيترك حينئذ الاستدل المؤدي الى الانتشار لعدم الضرورة اليه اهـ بناني قال الجلال المحلي وما حكاه ابن الحاجب من انه يمكن أي المعترض من الاستدلال ما لم يكن أي الحكم المتنازع فيه حكما شرعيا أي بان كان عقليا قال المصنف لم يوجد لغيره ووجهه أي وجه التفصيل بين الحكم الشرعي وغيره ان التخلف في القطعي قادح بخلاف الشرعي لجواز ان يكون فيه لوجود مانع او فوت شرط اهـ واشار الناظم الى قول الامدي بقوله ثالثها ان لم يكن دليل بالقدح اولى منه لايخيل ولو دل علي وجودها بموجد في محل النقض ثم منع وجودها فقال ينقض دليلك فالصواب انه لا يسمح لانتقاله من نقض العلة الى نقض دليلها وليس له الاستدلال على تخلف الحكم وثالثها ان لم يكن دليل اولى بالقدح أي ولو استدل المستدل على وجود العلة فيما علله بها بدليل موجود في صورة النقض ثم منع المستدل وجودها في تلك الصورة فقال له المعترض ينقض دليلك على العلة حيث وجد في صورة النقض دون مدلوله وهو وجود العلة فالصواب انه لا يسمع قول المعترض لانتقاله من نقض العلة الى نقض دليلها والانتقال ممتنع فلذا قال الناظم وان دل على وجودها من استدل دل بملزوم الوجود في محل نقض وابدى منعه فقالا لينتقض دليل انتقالا فالحق لا يسمع قال في الشرح من زياداته على المصنف نعم لو قال المعترض يلزمك اما نقض العلة او نقض الدليل الدال على وجودها في الفرع كان مقبولا قطعا يحتاج المستدل على الجواب عنه فلذا زاد في النظم وان قال اقبل يلزم اما نقضها او الدل ومثل المحقق البناني لمساته المصنف بان يثبت المستدل كون البر مطعوما بدليل وهو كونه يدار في الفم ويمضغ مثلا فيكون ربويا فيقول له المعترض ما ذكرت من علية الطعم ينتقض بالتفاح فانه مطعوم مع انه غير ربوي فيقول المستدل لا اسلم كون التفاح مطعوما فيقول المعترض ما ذكرت من الدليل موجود بعينه فيه فحينئذ ينتقض دليلك اهـ وكما ان المعترض ليس له الاستدلال على وجود العلة فيما اعترض به حسبما مر ليس له الاستدلال على تخلف الحكم في المحل الذي اعترض بتخلف الحكم فيه ولو بعد منع المستدل تخلفه لما تقدم من الانتقال من الاعتراض الى الاستدلال المؤدي الى الانتشار مثال ذلك ان يقول المستدل يحرم الربا في البر لعلة الكيل فينقض عليه المعترض بالنخالة مثلا فانها مكيلة غير ربوية فليس للمعترض الاستدلال على انها غير ربوية ولو مع منع المستدل تخلف الحكم فيها وقال لا نسلم انها غير ربوية بل هي ربوية لما فيه من الانتقال الى الاستدلال المؤدي الى الانتشار كما تقدم وقيل للمعترض الاستدلال ليتم مطلوبه وهو ابطال العلة وثالث الاقوال للمعترض ان يستدل على ما ذكر ما لم يكن ثم دليل يبطل ما قاله المستدل اولى من التخلف بالقدح كان يبطل كون علة الربا الجزء: 3 ¦ الصفحة: 27 الكيل بقوله صلى الله عليه وسلم الطعام بالطعام ربا الدال على ان العلة الطعم فان كان ثم دليل يبطل ما قاله المستدل فليس للمعترض ان يستدل ما ذكر واشار الناظم الى الخلاف الذي ذكره المصنف وانه على نحو ما قد مضى قبل بقوله معيدا الضمير على المعترض وفي اقامة دليله على تخلف الحكم الخلاف اللذ خلا ويجب الاحتراز منه على المناظر مطلقا وعلى الناظر الا فيما اشتهر من المستثنيات فصار كالمذكور وقيل يجب مطلقا وقيل الا في المستثنيات مطلقا ودعوى صورة معينة او مبهمة او نفيها ينتقض بالاثبات او النفي العامين وبالعكس أي ويجب الاحتراز من التخلف بان يذكر في الدليل الدال على العلية ما يخرج محل النقض كان يقول مثلا في الاستدلال على حرمة الربا في البر البر مطعوم وكل مطعوم غير فاكهة يحرم الربا فيه ليسلم من الاعتراض والوجوب على المناظر وهو المقلد الذي يستدل لامامه ويذب عن مذهبه ويسمى جدليا وخلافيا يكون مطلقا حتى فيما اشتهر من المستثنيات وعلى الناظر لنفسه وهو المجتهد الا فيما اشتهر من المستثنيات كالعرايا فصار كالمذكور فلا حاجة الى الاحتراز عنه وقوله وقيل يجب مطلقا قال المحقق البناني قال الكمال أي من غير تفصيل بين المناظر والناظر ولا بين المستثنيات وغيرها اهـ وقيل يجب الاحتراز الا في المستثنيات مشهورة كانت او غير مشهور فلا يجب الاحتراز عنها للعلم بانها غير مرادة قال الشيخ الشربيني ترك أي المصنف قول ابن الحاجب والمختار لا يلزمه مططلقا لانه سئل عن دليل العلة فالتزمه والنقض معارضة وهي ليست من الدليل كانه لعدم رؤيته لغيره اهـ واما الناظم فحكى الاربعة اقوال بقوله وفي وجوب الاحتارز المنتقى ثالثها عى الخصوم مطلقا وغير مستثنى قواعد شهر لناظر وقيل ان لم يشتهر ودعوى صورة معينة او مبهمة ملتبسة بالاثبات او دعوى نفيها ينتقض بالاثبات او النفي العامين وبالعكس أي الاثبات العام ينتقض بصورة معينة او مبهمة قال الجلال السيوطي موضحا للمقام والحاصل ن دعوى الحكم قد تكون لصورة اثباتا او نفيا وقد تكون لجميع الصور كذلك فهذه اربع حالات الصورة اما معينة او مبهمة فدعواه الصورة اثباتا ينقض بالنفي العام نحو زيد كاتب او انسان ما كاتب نقضه لا شيء من الانسان بكاتب ودعواه لها نفيا ينقض بالاثبات العام نحو زيد ليس بكاتب او انسان ماليس بكاتب نقضه كل انسان كاتب فلذا قال في النظم ومدعي الاثبات والنفي على فرد ولو غير معين جلا ينقض بالعام من النفي ومن اثباته والامر بالعكس زكن قال في الشرح فقولي ينقض بالعام من النفي ومن اثباته فيه لف ونشر مرتب فان النفي راجع الى الاثبات والاثبات راجع الى النفي بخلاف قول جمع الجوامع ينتقض بالاثبات او النفي العامين فانه موهم مع ما في قوله العامين من تثنية الضمير بعد او والافصح خلافها ودعواه لجميع الصور اثباتا ينقضه النفي في صورة معينة او مبهمة ودعواه لجميعها نفيا ينقضه الاثبات في صورة كذلك اهـ ومنها الكسر قادح على الصحيح لانه نقض المعنى وهو اسقاط وصف من العلة اما مع ابداله كما يقال في الخوف صلاة يجب قضاؤها فيجب اداؤها كالامن فيعترض بان خصوص الصلاة ملغى فليبدل بالعبادة ثم ينقض بصوم الحايض اولا يبدل فلا يبقى الا يجب قضاؤها وليس كلما يجب قضاؤه يؤدي دليله الحايض أي ومن القوادح الكسر فانه قادح على الجزء: 3 ¦ الصفحة: 28 الصحيح حيث انه نقض المعنى المعلل به بالغاء بعضه وعرفه بقوله وهو اسقاط وصف من العلةاي بان يبين انه ملغى أي غير مؤثر في الحكم بوجوده عند انتفائه قال المحقق البناني واعلم ان تعريف المصنف الكسر لا يخلو عن خفاء لانه ما يؤخذ من قوله وهو اسقاط وصف من العلة مع ما ذكره بعد من التمثيل وهو غير جار على طريقة التعاريف من ذكر التعريف ثم التمثيل لايضاحه والتعريف الصحيح ما قاله البيضاوي كالامام الرازي وهو عدم تاثير احد جزءى العلة ونقض الاخر اه فيعترض به على العلة المركبة قال الجلال السيوطي والقدح به راي الاكثرين من الاصوليين لانه نقض للمعنى المعلل به بالغاء بعضه فلذا قال في النظم الكسر وهو نقضه المكسور لنقض معنى قدحه المشهور اسقاطه بعض الذي قد عللا وقال شارح السعود ان بعض اهل المعرفة ذكر تخلف الحكمة عن العلة قسما من الكسر ومعنى تخلف الحكمة عنها ان توجد العلة دون حكمتها كمن مسكنه على البحر ونزل منه في سفينة قطعت به مسافة القصر في لحظة من غير مشقة فقد وجدت علة قصر وهي المسافة دون الحكمة وهي المشقة لكن القدح هنا في العلة انما هو عند من يقول بانتفاء الحكم لانتفاء العلة اما من يقول بثبوت الحكم للمظنة فلا قدح فيها اهـ فلذا قال في نظمه والكسر قادح ومنه ذكرا تخلف الحكمة عنه من درى قال في الشرح ورجح الامدي وابن الحاجب عدم القدح به لان النقض لم يرد على العلة التي هي السفر في المثال المذكور ولذا لم يذكره في التنقيح من القوادح بالكسر اما مع ابداله أي الاتيان بدل الوصف بغيره أي بان يؤتى بدل ذلك الوصف بوصف عام ثم ينقض الاخرمثال ذلك ان يقال في اثبات صلاة الخوف هي صلاة يجب قضاؤها لو لم تفعل فيجب اداؤها كصلاة الامن فان الصلاة كما يجب قضاؤها لو لم تفعل يجب اداؤها فيعترض هذا القول بان خصوص الصلاة ملغى ويبين الغاؤه بان الحج واجب الاداء كالقضاء فليبدل خصوص الصلاة بالعبادة ليندفع الاعتراض وكانه قيل عبادة الخ ثم ينقض هذا القول بصوم الحايض فانه عبادة يجب قضاؤها ولا يجب اداؤها بل يحرم او لا يبدل خصوص الصلاة وعليه فلا يبقى علة للمستدل الا قوله يجب قضاؤها فيقال عليه وليس كلما يجب قضاؤه يؤدي دليله الحايض فانها يجب عليها قضاء الصوم دون ادائه كما تقدم فلذا قال الناظم اما مع الابدال او ما ابدلا نحو صلاة واجب قضاؤها فمثل امن واجب اداؤها يلغي خصوص هذه المعترض فمبدل عبادة ينتقض بصوم حايض وان لم يبدل لم يبق الا واحدا ومبدل وقدم شارح السعود ءانفا ان تخلف الحكمة قسم من الكسر وذكر هنا القسم الاخر منه وهو ما افاده المصنف من ابطال المعترض جزءا من المعنى المعلل به حيث انه انما يكون في العلة المركبة حسبما مر ءانفا والقدح فيه مقيد بان يتعذر على المستدل الاتيان ببدل من المطبل وابطال الجزء بان يبين المعترض انه ملغى بوجود الحكم عند انتفائه قال والمراد بنقض الباقي بيان عدم تاثيره في الحكم وله صورتان اي وهما المتقدمتان فلذا قال في نظمه ومنه ابطال الجزء والحيل ضاقت عليه في المجيء بالبدل ومنها العكس وهو انتفاء الحكم لانتفاء العلة فان ثبت مقابله فابلغ وشاهده قوله صلى الله عليه وسلم ارايتم لو وضعها في حرام اكان عليه وزر فكذلك اذا وضعها في الحلال كان له اجر في جواب اياتي احدنا شهوته وله فيها اجر وتخلفه قادح ونعني بانتفائه انتفاء العلم او الجزء: 3 ¦ الصفحة: 29 الظن اذ لا يلزم من عدم الدليل عدم المدلول أي من القوادح العكس أي تخلفه وهو لغة رد الشيء الى ءاخره وءاخره الى اوله وفي اصطلاح المناطقة ما ذكره الشيخ سيدي عبد الرحمان الاخضري في السلم المنورق في قوله العكس قلب جزءي القضية مع بقاء الصدق والكيفية والكم وفي اصطلاح الاصوليين ما عرفه به المصنف بانه انتفاء الحكم لانتفاء العلة فان ثبت مقابله وهو ثبوت الحكم لثبوت العلة ابدا وهو المسمى بالطرد فابلغ في العكسية مما لم يثبت مقابله بان ثبت الحكم مع انتفاء العلة في بعض الصور اذ في الاول عكس لجميع الصور وفي الثاني لبعضها اهـ محلي قال الجلال السيوطي وانما يقدح أي تخلف العكس على المنع من التعليل بعلتين وانه حينئذ لا يكون للحكم الا دليل واحد فمتى انتفى ذلك الدليل انتفى الحكم اما على تجويزه فلا لجواز ان يكون وجود الحكم لانتفاء العلة الاخرى والمراد بالعكس انتفاء الحكم لانتفاء العلة والمراد بانتفائه انتفاء العلم او الظن به لا انتفاؤه في نفسه اذ لا يلزم من عدم الدليل الذي العلة من جملته عدم لمدلول للقطع بان الله تعالى لو لم يخلق العالم الدال على وجوده لم ينتف وجوده وانما ينتفي العلم به اهـ فلذا قال في النظم يختلف العكس من القوادح في قول منع علتين الراجح والعكس حده انتفاء الحكم لنفيها اعني انتفاء العلم اذ عدم الدليل ليس يلزم منه لما دل عليه العدم وافاد العلامة ابن عاصم ايضا ان العكس ان حل القياس مفسد له وان تعريفه وجود الحكم دون العلة وان قدحه للقياس لكون علة الحكم واحدة أي حسبما مر ءانفا حيث قال والعكس ايضا مفسد ان حله وهو وجود الحكم دون العله وقدحه مع التزام الخصم لكونها واحدة في الحكم وذكر ان اهل العلم اختلفوا فيما اذا وجد الوصف دون الحكم وهو المسمى بالنقض فقال والخلف في النقض لاهل العلم وهو وجود الوصف دون الحكم قول المصنف وشاهده الخ أي وشاهد العكس في صحة الاستدلال به أي بانتفاء العلة على انتفاء الحكم قوله صلى الله عليه وسلم لبعض اصحابه ارايتم لو وصفها أي الشهوة المذكورة في صدر الحديث وهو أي اتي احدنا شهوته الخ في حرام اكان عليه وزر فكانهم قالوا نعم فقال فكذلك اذ وضعها في الحلال كان له اجر في جواب قولهم أي اتي احدنا شهوته وله فيها اجر الداعي الى قولهم المذكور صلى الله عليه وسلم في تعديد وجوب البر وفي بضع احدكم صدقة الحديث أي وفي وطء احدكم وبيان الاستدلال به على العكس أي الاستدلال بانتفاء العلة على انتفاء الحكم انه استنتج من ثبوت الحكم أي الوزر في الوطء الحرام الذي هو العلة انتفاؤه في الوطء الحلال ليبنى عليه ثبوت الاجر المسئول عنه حيث عدل بوضع الشهوة عن الحرام الى الحلال قال المحقق البناني ان انتفاء الوزر لما كان صادقا بحصول الاجر حيث صاحب الوضع في الحلال قصد العدول عن الوضع في الحرام صح الاستدلال به من هذه الجهة وفيه اشارة الى ان مجرد الوطء في الحلال لا يترتب عليه الثواب الااذا قارنته تلك النية الصالحة وهي قصد العدول المذكور وفي معناه قصده به اعفاف نفسه او موطوءته عن الحرم لا ان قصد مجرد التلذذ اهـ قال الشيخ حلولو وهذا الاستنتاج سماه المازري والقاضي والنووي بقياس العكس ونحوه للمحلي هنا قال وهو الاتي في الكتاب الخامس اهـ قال شارح السعود ومحل القدح بعدم العكس مالم يرد نص بالتمادي أي استمرار الحكم مع انتفاء الجزء: 3 ¦ الصفحة: 30 العلة قاله الابياري هـ فلذا قال في نظمه وعدم العكس مع اتحاد يقدح دون النص بالتماد وقال العلامة ابن عاصم وليس بالقادح مهما اتفقا بان للحكم سواها مطلقا قوله وتخلفه الخ وضحه الجلال السيوطي ءانفا وكان المناسب ان يذكره هنا ومنها عدم التاثير أي ان الوصف لا مناسبة فيه ومن ثم اختص بقياس المعنى وبالمستنبطة المختلف فيها وهو اربعة في الوصف بكونه طرديا وفي الاصل مثل مبيع غير مرءي فلا يصح كالطير في الهواء فيقول لا اثر لكونه غير مرءي فان العجز عن التسليم كاف وحاصله معارضته في الاصل أي ومن القوادح عدم الثاثير أي ان الوصف لا مناسبة فيه للحكم قال شارح السعود ان الوصف المعلل به اذا كان لا تاثير له في الحكم انتقض ذلك الوصف فلا يصح التعليل به وعدم تاثير الوصف ان لايناسب الحكم فلذا قال في نظمه والوصف ان يعدم له تاثير فذاك لانتقاضه يصير ومن اجل ان الوصف لا مناسبة فيه للحكم اختص القدح به أي بعدم التاثير بقياس المعنى أي قصر عليه وقياس المعنى هو ما ثبتت فيه علية الوصف المشترك بين الاصل والفرع بالمناسبة قال الجلال المحلي بخلاف غيره أي غير المناسب كالشبه فلا يتاتى فيه اهـ فلذا قصره الناظم ايضا على قياس المعنى حيث قال وعدم التاثير ان الوصف لا مناسب وانما ذا دخلا قياس معنى وكما اختص بقياس المعنى اختص بالعلة المستنبطة المختلف فيها فلا يتاتى في المنصوصة والمستنبطة المجمع عليها اذ لا بد فيهما من المناسبة وان لم تعلم بناء على ان الاحكام لابد فيها من المصالح تفضلا اهـ شربيني وتعرض لما ذكر شارح السعود قائلا ان القدح بعدم التاثير خص اتفاقا بقياس العلة أي قياس العلة أي قياس المعنى لاشتماله على المناسب بخلاف غيره كقياس الشبه والطرد لعدم تعيين جهة المصلحة فيهما وبذات الاستنباط المختلف فيها من قياس المعنى فلا يتاتى في المنصوصة والمستنبطة المجمع عليها منه لعدم اشتراط ظهور المناسبة فيهما اهـ فلذا قال في نظمه معيدا الضمير على النقض بعدم التاثير خص بذي العلة بائتلاف وذات الاستنباط والخلاف وعدم التاثير على اربعة اقسام القسم الاول عدم التاثير في الوصف بكونه طرديا أي لغويا خاليا عن الفائدة كقول الحنفية في الصبح صلاة لا تقصر فلا يقدم اذانها كالمغرب فعدم القصر في عدم تقديم الاذان طردي لا مناسبة فيه ولا شبهة وحاصل هذاالقسم طلب الدليل على الوصف واشار ناظم السعود الى هذا القسم الذي يجيء القدح به وهو الوصف الطردي فقال يجيء في الطردي حيث عللا به والقسم الثاني عدم التاثير في اصل أي في حكمه فقط بابداء علة من المعترض لحكمه مثل ان يقال في الاستدلال على عدم صحة بيع الغايب مبيع غير مرءي فلا يصح كالطير في الهواء فيقول المعترض لا اثر لكونه غير مرءي في الاصل فان العجز عن التسليم فيه كاف في عدم الصحة وحاصله معارضته في علة الاصل بابداء علة اخرى وهي العجز عن التسليم واشار الناظم الى ما تقدم بقوله والذي لا يجمع ولم تكن نصت وذاك اربع في الوصف أي بكونه طرديا والاصل بيع لم يكن مرءيا فباطل كالطير في الهواء يقال لا تاثير للشراء فعجز تسليم كفى والحاصل في الاصل قد عارض هذا القائل واشار ناظم السعود الى هذا القسم الثاني بقوله وقد يجيء فيما اصلا وذا بابدا علة للحكم ممن يرى الجزء: 3 ¦ الصفحة: 31 تعددا ذا طقم أي من معترض يرى تعدد العلة سقيما أي ضعيفا ممتنعا كما اشار ال القسم الاول ءانفا وفي الحكم وهو اضرب لانه اما ان لا يكون لذكره فائدة كقولهم في المرتدين مشركون اتلفوا مالا يدار الحرب فلا ضمان كالحربي ودار الحرب عندهم طردي فلا فائدة لذكره اذ من اوجب الضمان اوجبه وان لم يكن في دار الحرب وكذا من نفاه ويرجع الى الاول لانه يطالب بتاثير كونه في دار الحرب أي والقسم الثالث عدم التاثير في حكم الاصل أي والفرع وهو اضرب ثلاثة لانه اما ان لا يكون لذكر الوصف الذي اشتملت عليه العلة فائدة كقول الخصوم الحنفية في المرتدين المتلفين مالنا في دار الحرب حيث استدلوا على نفي الضمان عنهم في الاتلاف بدار الحرب مشركون اتلفوا مالا في دار الحرب فلا ضمان عليهم كالحربي المتلف مالنا فدار الحرب عند الخصوم طردي فلا فائدة لذكره اذ من اوجب الضمان من العلماء في اتلاف المرتد مال المسلم كالشافعية اوجبه وان لم يكن الاتلاف في دار الحرب وكذا من نفاه منهم في ذلك كالحنفية نفاه وان لم يكن الاتلاف في دار الحرب أي سواء كان في دار الحرب ام في دار الاسلام في الشقين ويرجع الاعتراض في ذا الضرب الى القسم الاول من اقسام عدم التاثير وهو كون الوصف طرديا وانما ذكر لضرورة تقسيمه الى اضرب ثلاثة قال المحقق البناني وقد يفرق بين هذا والاول بان القدح هنا في جزء العلة وفي القسم الاول في العلة بتمامها وكان المصنف لم يعتبر هذا الفرق لاستوائهما في ان حاصل كل طلب الدليل على علية الوصف والفرق غير مؤثر زيادة على ذلك اهـ وافاد الناظم ما افاده المصنف حيث قال والحكم وهو اضرب قد لا يكون في ذكره فائدة كمشركون قد اتلفوا مالا بدار الحرب فلا ضمان لا حق كالحربي فدار الحرب عندهم طرد فلا فائدة فذا يضاهي الاولا لانه طالب بالتاثير واشار ناظم السعود الى ذا الضرب الذي لا فائدة فيه بقوله وقد يجي في الحكم وهو اضرب فمنه ما ليس لفيد يجلب وافاد في الشرح ان الذي عليه المحققون فساد العلة بذلك قال وذهب بعضهم الى صحة التمسك به او تكون له فائدة ضرورية كقول معتبر العدد في الاستجمار بالاحجار عبادة متعلقة بالاحجار لم يتقدمها معصية فاعتبر فيها العدد كالجمار فقوله لم يتقدمها معصية عديم التاثير في الاصل والفرع لكنه مضطر الى ذكره لئلا ينتقض بالرجم أي الضرب الثاني ان يكون لذكر الوصف المشتمل عليه العلة فائدة ضرورية مع كونه طرديا كالذي قبله كقول معتبر العدد في الاستجمار بالاحجار عبادة متعلقة بالاحجار لم يتقدمها معصية فاعتبر فيها العدد كرمي الجمار فقوله لم يتقدمها معصية عديم التاثير في الاصل والفرع وبيان الفائدة فيه الضرورية انه مضطر الى ذكره لئلا ينتقض الحكم الذي علل به وهو اعتبار العدد لو لم يذكر فيه بالرجم للمحصن حيث انه عبادة متعلقة بالاحجار ولم يعتبر فيها العدد فلا نقض بالرجم حينئذ لتقدم المعصية في الرجم دون الاستجمار والرمي واشار الناظم الى هذا الضرب بقوله وقد يكون قيده ضروري عبادة بحجر تعلقت ومثلها معصية ما سبقت فليعتبر تعدد الاحجار مستجمر كعدد الجمار فقوله معصية ما قدما ليس له التاثير في كليهما لكنه احتيج لذكره هنا خوف انتقاضه برجم من زنى وافاده ناظم السعود في شطر بيت في قوله وما لفيد عن ضرورة ذكر او غير ضرورية فان الجزء: 3 ¦ الصفحة: 32 لم تغتفر الضرورية لم تغتفر والا فتردد مثاله الجمعة صلاة مفروضة فلم تفتقر الى اذن الامام كالظهر فان مفروضة حشو اذ لو حذف لم ينتقض بشيء لكنه ذكر لتقريب الفرع من الاصل بتقوية الشبه بينهما اذ الفرض بالفرض اشبه أي الضرب الثالث ان يكون لذكر الوصف المشتمل عليه العلة فائدة غير ضرورية فان لم يغتفر للمستدل ذكر ما هو مضطر اليه خوفا من ورود النقض عليه فلا يغتفر له ذكر هذه الزيادة التي لا يضطر اليها وان كان لها فاسدة بطريق الاولى وان اغتفرت الزيادة الضرورية ففيه تردد فيل يغتفر غيرها ايضا وقيل لامثاله الجمعة صلاةمفروضة فلم تفتقر في اقامتها الى اذن الامام الاعظم كالظهر فان مفروضة حشو اذ لوحذف مما علل به لم ينتقض الباقي منه بشيء وفائدة هذه الزيادة التي ذكرت تقريب الفرع من الاصل بتقوية الشبه بينهما اذ الفرض بالفرض اشبه به من غيره واشار الناظم الى ذا الضرب الثالث بقوله وقد يفيد لا ضروريا فان لم تغتفر تلك والا الخلف دن مثاله مفروضة كالظهر فلم يجب اذن امام العصر فقوله مفروضة حشو متى يحذفه لم ينقص بشيء واتى به لكي اصلا بفرع قربه تقوية لما حوى من الشبه وقال شارح السعود عند قوله في نظمه او لا وفي العفو خلاف قد سطر أي كتب في كتب الفن قوله اولا قسيم قوله عن ضرورة أي او يكون مذكورا لفائدة ليست بضرورية وفي العفو بهاتين الفائدتين أي العفو عن الوصف غير الؤثر بسببيهما وعدمه خلاف ومعنى العفو ان لا يصح الاعتراض بمحلها الرابع في الفرع مثل زوجت نفسها بغير كفء فلا يصح كما لو زوجت وهو كالثاني اذ لا اثر للتقييد بغير الكفء ويرجع الى المناقشة في الفرض وهو تخصيص بعض صور النزاع بالحجاج والاصح جوازه وثالثها بشرط البناء أي بناء غير محل الفرض عليه أي الرابع ان يكون الوصف المذكور لا يطرد في جميع صور النزاع وان كان مناسبا ويسمى عدم التاثير في الفرع مثل ان يقال في تزويج االمراة نفسها زوجت نفسها بغير كفء فلا يصح كما لو زوجت بالبناء للمجهول أي زوجها الولي بغير كفء وهذا الرابع كالثاني اذ لا اثر في مثاله للتقييد بغير الكفء قال الجلال المحلي فان المدعى ان تزويجها نفسها لا يصح مطلقا كما لا اثر للقييد في مثال الثاني بكونه غير مرءي وان كان نفي الاثر هنا بالنسبة الى الفرع وهناك بالنسبة الى الاصل اهـ ويرجع هذا الي المناقشة في الفرض وهو تخصيص بعض صور النزاع بالحجاج قال المحقق البناني بان يكون النزاع في كلي يندرج فيه كلي يندرج فيه جزءيات فيفرض النزاع في جزءى خاص من تلك الجزءيات ويقع الحجاج فيه من الجانبين اهـ كما فعل في المثال المذكور اذ المدعى فيه تزويج المراة نفسها مطلقا والحال ان الاستدلال على منعه بغير كفء والاصح جواز الفرض مطلقا لانه يستفاد بذلك غرض صحيح وهو دفع الاعتراض في بعض الصور حيث لا يساعده الدليل في كل الصور وقيل لا مطلقا لانه لا يستدل بخاص على عام وثالث الاقوال يجوز بشرط البناء أي بناء غير محل الفرض عليه كان يقال ثبت الحكم في بعض الصور فليثبت في باقيها اذ لا قائل بالفرق وقال به الحنفية في المثال المذكور حيث جوزوا تجويزها نفسها من غير كفء وافاد الناظم ما افاده الممصنف حيث قال رابعها في الفرع مثل تعقد بنفسها لغير كفء يفسد وهو كثان ان لغير الكفء لا يؤثر التقييد وليرجع الى تنازع في الفرض الجزء: 3 ¦ الصفحة: 33 تخصيص صور من النزاع بالحجاج والنظر وجائز ثالثها مع البنا أي غير ذي الفرض عليه قد بنى ومنها القلب وهو دعوى ان ما استدل به في المسئلة على ذلك الوجه عليه لا له ان صح ومن ثم امكن معه تسليم صحته وقيل هو تسليم للصحة مطلقا وقيل افساد مطلقا وعلى المختار فهو مقبول معارضة عند التسليم قادح عند عدمه وقيل شاهد زورلك او عليك أي ومن القوادح القلب والقلب قلبان قلب الدعوى وقلب الدليل والمراد هنا قلب الدليل وعرفه المصنف بانه دعوى المعترض ان ما استدل به المستدل في المسالة المتنازع فيها على ان يكون الوجه الذي ذكر على المستدل لا له ان صح ما استدل به قال الشيخ الشربيني قال المصنف في شرح المختصر قلب الدليل عبارة عن دعوى ان ما ذكره المستدل عليه لا له في تلك المسئلة على ذلك الوجه اهـ وهو صريح في اختياره مذهب الهندي اهـ ونحا الناظم نحو اصله فقال في تعريفه: القلب دعوى ان ما استدل به فيها على ذاك عليه ان نبه واما شارح السعود فانه افاد ان صاحب التنقيح عرفه بانه اثبات نقيض الحكم بعين العلة أي اثبات المعترض نقيض الحكم بعين العلة التي علل بها المستدل اهـ فلذا قال في نظمه: والقلب اثبات الذي الحكم نقض ... بالوصف والقدح به لا يعترض الحكم مفعول نقض مقدم عليه قال وهذا التعريف خاص بقلب القياس وعليه اقتصر البيضاوي وغيره أي وكذلك العلامة ابن عاصم حيث قال فالقلب اثبات نقيض الحكم ... بعلة بعينها للخصم وقول ناظم السعود والقدح به الخ معناه ان القلب مبطل للعلة من جهة انه معارضة لان القالب اذا اثبت بها نقيض الحكم في صورة النزاع بطلت العلة والا لزم واجتماع النقيضين محال قال وتعريف السبكى في جمع الجوامع تعريف للقلب بالمعنى الاعم. قول المصنف ومن ثم الخ أي ومن هنا وهو قوله ان صح أي من اجل ذلك امكن مع القلب تسليم صحة ما استدل به وقيل ان القلب هو تسليم لصحة ما استدل به مطلقا سواء كان صحيحا ام لا قال الشيخ الشربيني فهم هذا القائل ان المراد بكونه غير صحيح ان الدليل فاسد لشيء ءاخر غير تعلق الضدين به وحيث جعله عليه فهو مسلم لصحته وقيل ان القلب هو افساد للدليل مطلقا لان القالب من حيث لم يجعله له مفسد له وحكى الناظم الاقوال الثلاثة في قوله وممكن تسليم صحة معه ... وقيل تصحيح وقيل منعه وعلى كلا القولين الاخيرين وهما القول بانه تسليم للصحة مطلقا والقول بانه افساد مطلقا لا يذكر في الحد قوله ان صح وعلى القول الاول المختار للمصنف من امكان تسليم صحة ما يستدل به مع القلب قال الشيخ حلولو في شرحه على المصنف ثم فرع المصنف على مختاره من انه لا يلزم من القلب افساد الدليل بل يمكن معه تسليم صحته ان القلب تارة يكون معارضة وتارة قدحا فان عارضه بقياس يجامع المستدل واصله واقترن بذلك تسليم صحة الدليل فهو معارضة لا قدح والجواب عنه بالترجيح وان اعترضه ونفى صحة دليله كان قدحا وعلى كلا التقديرين فهو مقبول اهـ وقيل انه غير مقبول من اجل انه شاهد زور يشهد لك ايها القالب المعترض حيث انك استدللت به على خلاف دعوى المستدل وعليك حيث انه سلمت فيه الدليل واشار الناظم لما تعرض له اصله فقال واقبل على الاول لا مفاوضه فان يسلم صحة معارضه اولا فقادح وقيل شاهد زور عليه وله ففاسد وهو قسمان الاول لتصحيح مذهب المعترض اما مع ابطال الجزء: 3 ¦ الصفحة: 34 مذهب المستدل صريحا كما يقال في بيع الفضولي عقد في حق الغير بلا ولاية فلا يصح كالشراء فيقال عقد فيصح كالشراء اولا مثل لبث فلا يكون بنفسه قربة كوقوف عرفة فيقال فلا يشترط فيه الصوم كعرفة أي القلب قسمان الاول يراد به تصحيح مذهب المعترض في المسئلة اما مع ابطال مذهب المستدل فيها صريحا كما بقال من جانب المستدل كالشافعي في بيع الفضولي عقد في حق الغير بلا ولاية عليه فلا يصح كشرائه فلا يصح لمن سماه فيقال من جانب المعترض كالحنفي عقد فيصح كشراء الفضولي فيصح له وتلغى تسميته لغيره وذكر ذا المثال شارح السعود ايضا قائلا مثال ما كان مصرحا به فيه قول الشافعي في بيع الفضولي عقد في حق الغير بلا ولاية عليه فلا يصح قياسا على شراء الفضولي فلا يصح لمن سماه فيقال من جانب المعترض كالمالكي والحنفي عقد فيصح كشراء الفضولي فانه يصح لمن سماه اذا رضي ذلك المسمى له والا لزم الفضولي فلذا قال في نظمه فمنه ما صحح راي المعترض مع ان راي الخصم فيه منتقض اي ان القلب قسمان احدهما ما صحح فيه المعترض مذهبه وذلك التصحيح فيه ابطال مذهب المستدل وهو المراد بالخصم في البيت والضمير المجرور يعي للقلب واشار الناظم الى كلام المصنف بقوله ومن ما صحح راي القالب مع كونه ابطال راي الصاحب صريحا اولا فمثال الاول عقد بحق غيره ولا يلي فلا تراه كالشرا معتبرا يقال عقد فيصح كالشرا واما ان يراد بالقلب تصحيح مذهب المعترض مع ابطال مذهب المستدل لا بالصراحة مثل ان يقول الحنفي المشترط للصوم في الاعتكاف لبث فلا يكون بنفسه قربه كوقوف عرفة فانه قربة بضميمة الاحرام فكذلك الاعتكاف يكون قربه بضميمة عبادة اليه وهي الصوم اذ هوالمتنازع فيه فيقال من جانب المعترض كالشافعي الاعتكاف لبث فلا يشترط فيه الصوم كعرفة لا يشترط الصوم في وقوفها ففي هذا ابطال لمذهب الخصم الذي لم يصرح به في الدليل وهو اشتراط الصوم واشار الناظم الى هذا الثاني وهو عدم الصراحة بالابطال فقال والثاني: مثل لبث لا يكون قربه.. بنفسه فللوقوف اشبه فقل فلا يشترط الصوم كذا الثاني لابطال مذهب المستدل بالصراحة عضو وضوء فلا يكفي اقل ما ينطلق عليه الاسم كالوجه فيقال فلا يتقدر غسله بالربع كالوجه او بالالتزام عقد معاوضة فيصح مع الجهل بالمعوض كالنكاح فيقال فلا يشترط خيار الرؤية كالنكاح أي القسم االثاني من قسمي القلب لابطال مذهب المستدل بالصراحة أي بالمطابقة من غير تعرض لمذهب المعترض كان يقول الحنفي في مسح الراس عضو وضوء فلا يكفي في مسحه اقل ما ينطلق عليه الاسم كالوجه لا يكفي في غسله ذلك فيقال من جانب المعترض كالشافعي عضو وضوء فلا يتقدرغسله بالربع ففيه ابطال لمذهب المستدل صريحا وذلك ان ابا حنيفة يوجب مسح الربع فيما ذكرا أو لابطال مذهب المستدل بالالتزام كان يقول الحنفي في بيع الغايب عقد معاوضة فيصح مع الجهل بالعوض كالنكاح فانه يصح مع الجهل بالزوجة أي عدم رؤيتها فيقال من جانب المعترض كالشافعي فلا يشترط فيه الخيار الناشيء عن الروية أي رؤية المبيع الغايب الذي بيع على الوصف كالنكاح ونفي االاشتراط يلزمه نفي الصحة اذ القائل بالصحة في بيع الغايب على الوصف يقول بثبوت الخير للمشتري عند رؤية المبيع فلذا الجزء: 3 ¦ الصفحة: 35 قال الناظم: ومنه ما يورد ابطالا لذا مصرحا عضو فلا يكفي اقل مطلق الاسم مثل وجه فليقل فمثله بالربع لا يقدر اولا كعقد عوض يعتبر مع جهل ما عوض كالانكحة فقل فلا يشترط خيار الرؤية واشار ناظم السعود الى الابطال طباقا أي صراحة او التزاما حسبما تقدم فقال: ومنه ما يبطل بالتزام ... او الطباق راي ذي الخصام وافاد في الشرح ان الاصل المالكي كالشافعي فيما تقدم ومنه خلافا للقاضي قلب المساواة مثل طهارة بالمائع فلا تجب فيها النية كالنجاسة فنقول فيستوى جامدها ومائعها كالنجاسة أي ومن القلب الذي لابطال مذهب المستدل بالالتزام ما يكون مقبولا خلافا للقاضي ابي بكر الباقلاني في رده قلب المساواة مثل قول الحنفي في الوضوء والغسل طهارة بالمائع فلا تجب فيها النية كالنجاسة لا تجب في الطهارة عنها النية قال المصنف فنقول أي معترضين فيستوي جامدها أي الطهارة ومائعها كالنجاسة يستوي جامدها ومائعها في حكمها السابق وغيره وقد وجبت النية في التيمم فتجب في الوضوء والغسل قال الجلال المحلي ووجه التسمية بالمساواة واضح من المثال والقاضي يقول في رده وجه استدلال القالب فيه أي المعترض غير وجه استدلال المستدل اهـ قال المحقق البناني لان وجه استدلال المستدل كون الجامع الطهارة بالمائع ووجه استدلال المعترض كونه مطلق الطهارة اهـ واشار الناظم ال ما تعرض له المصنف بقوله ومنه والقاضي له لا يقتفي ... قلب المساواة كقول الحنفي طهارة بمائع فلا تجب ... نيتها مثل نجاسة تصب فقل له فيستوي جامدها ... ومائع واصلكم شاهدها وتكلم شارح السعود على قلب المساواة ذاكرا تعريفه بانه ثبوت حكمين للاصل المقيس عليه واحد الحكمين منسلب عن الفرع المقيس اتفاقا والحكم الاخر وقع الخلاف في ثبوته لذلك الفرع فيلحق المستدل الفرع المتخلف فيه بالاصل المقيس عليه فيرد من جهة المنتقد أي المعترض اعتراض هو كون التساوي بين الحكمين في الفرع واجبا كاستوائهما في الاصل اهـ أي حسبما مر في المثال ءانفا فلذا قال في نظمه ومنه ما الى المساواة نسب ثبوت حكمين للاصل ينسلب حكم على الفرع بالائتلاف وواحد من ذين ذو اختلاف فيلحق الفرع بالاصل فيرد كون التساوي واجبا من منتقد قال والمراد بالمنتقد المعترض ويلحق بضم التحية وكسر الحاء فاعله ضمير المستدل االمدلول عليه بالسياق والفرع مفعول يلحق ثم قال ان بعض شروح جمع الجوامع حكوا الخلاف في قبول قلب المساواة ورده وقد ذكر في جمع الجوامع ان القائل برده هو القاضي ابو بكر الباقلاني من المالكيةوما ذكره من الخلاف في الشرح حكاه في نظمه بقوله قبوله فيه خلافا يحكي بعض شروح الجمع لابن السبكي ومنها القول بالموجب وشاهده ولله العزة ولرسوله في جواب ليخرجن الاعز منها الاذل وهو تسليم الدليل مع بقاء النزاع كما يقال في المثقل بما يقتل غالبا فلا ينافي القصاص كالاحراق فيقال سلمنا عدم المنافاة ولكن لم قلت يقتضيه أي ومن القوادح القول بالموجب أي بموجب الدليل اي مقتضاه قال شارح السعود من القوادح القول بالموجب بفتح الجيم أي ما اوجبه دليل المستدل والقول بالموجب يدخل في العلل والنصوص وجميع ما يستدل به قال في نظمه والقول بالموجب قدحه جلا قول المصنف وشاهده الخ قال الشيخ الشربيني لم يقل أي المصنف الجزء: 3 ¦ الصفحة: 36 دليله لان الواقع من المنافقين ليس استدلالا انما هو مجرد اخبار فلا يكون في الاية تسليم دليل مع بقاء النزاع وانما قال في العكس ايضا وشاهده لان الحديث لايدل على صحة الاستدلال به مطلقا أي ابلغ او لا اهـ أي وشاهد القول بالموجب قوله تعالى ولله العزة ولرسوله في جواب ليخرجن الاعز منها الاذل المحكي عن المنافقين أي صحيح ذلك لكن هم الاذل والله ورسوله الاعز وقد اخرجاهم قوله وهوتسليم الدليل قال المحقق البناني المطابق لقوله القول بالموجب ان يقول تسليم المدلول اذ الموجب هو المدلول والقول به هو تسليمه قوله مع بقاء النزاع أي بان يظهر عدم استلزام الدليل لمحل النزاع الذي هو الفرع المتنازع فيه كالقصاص بقتل المثقل في المثال الاتي قال شارح السعود قال القرافي في التنقيح الرابع القول بالموجب وهو تسليم ما ادعاه المستدل موجب علية مع بقاء الخلاف في صورة النزاع اهـ لكن الاولى ان يقال موجب دليله لاعترافه في الشرح بدخوله في العلل وغيرها اهـ فلذا قال في نظمه معرفا له وهو تسليم الدليل مسجلا من مانع ان الدليل استلزما لما من الصور فيه اختصما قوله مسجلا أي مطلقا نصا كان او علة وهو القادح التاسع عند العلامة ابن عاصم في جملة الادله وعرفه بقوله والقول بالموجب وهو التاسع تسليمك الدليل للمنازع في غير موضع النزاع جمله وقدحه في جملة الادلة مثاله ان يقال في القصاص بقتل المثقل من جانب المستدل كالشافعي او المالكي قتل بما يقتل غالبا فلا ينافي القصاص كالاحراق بالنار فانه لا ينافي القصاص فيقال من جانب المعترض كالحنفي سلمنا عدم المنافاة بين القتل بالمثقل وبين القصاص ولكن لم قلت ان القتل بمثقل يقتضي القصاص وذلك محل انزاع اذ لم يستلزمه الدليل فعدم منافاته لوجوب القصاص لا يقتضي ثبوته فقولك انه يقتضيه لادليل عليه واشار الناظم الى ما قرر فقال القول بالموجب في التنزيل شاهده التسليم للدليل مع بقا النزاع فيها نقلا قتل بما يقتل غالبا فلا ينافي القصاص يقال مسلم وليس يقتضي بحال وكما يقال التفاوت في الوسلية لا يمنع القصاص كالمتوسل اليه فيقال مسلم ولكن لا يلزم من ابطال مانع انتفاء الموانع ووجوب الشرائط والمقتضي والمختارتصديق المعترض في قوله ليس هذا ما خذي أي وكما يقال في القصاص بالقتل بالمثقل ايضا التفاوت في الوسيلة من ءالات القتل وغيره لا يمنع القصاص كالمتوسل اليه من قتل وقطع وغيرهما لا يمنع تفاوته القصاص فيثبت القصاص في القتل بالنثقل كالقتل بالمحدد لانه اذا كان التفاوت في الوسائل غير مانع ثبت كون بالمثقل ايضا التفاوت في الوسيلة من ءالات القتل وغيره لا بالمحدد والحكم ثبوت القصاص والعلة ما اشار له بقوله التفاوت في الوسيلة الخ وهو دليل يتضمن قياس الوسيلة على المتوسل اليه وعليه يتوجه القول بالموجب افاده البناني قول المصنف فيقال الخ اي فيقال من جانب المعترض مسلم التفاوت في الوسيلة لا يمنع القصاص ولكن لا يلزم من ابطال مانع الذي هو هنا التفاوت في الوسيلة المبطل كونه مانعا انتفاء باقي الموانع كلها ووجوب الشرائط والمقتضى وثبوت القصاص متوقف على جميع ما ذكر وتعرض شارح السعود لهذه المسالة مفيدا ايضا حسبما مر ان قول المالكي وغيره في وجوب القصاص بالقتل بالمثقل التفاوت في الوسيلة من ءالات القتل وغيره لا يمنع القصاص كالمتوسل اليه من قتل او قطع او غيرهما لا يمنع الجزء: 3 ¦ الصفحة: 37 القصاص تفاوت الالات ككونه بسيف او رمح او غيرهما وتفاوت القتل ككونه بحز عنق او قطع عضو وتفاوت القطع ككونه بحز المفصل من جهة واحدة او من جهتين او بغير ذلك فيقال من جانب المعترض كالحنفي سلمنا ان التفاوت في الوسيلة لا يمنع القصاص ولكن لا يلزم من ابطال مانع انتفاء جميع الموانع ووجود جميع الشرائط بعدم قيام المقتضى وثبوت القصاص متوقف على جميع ذلك قال ولاجل ما وقع فيه من الخلاف ورد القول بالموجب فالحنفي يقول للمستدل ما توهمت انه مبنى مذهبي في عدم القصاص بالمثقل ليس مبناه فلا يلزم من ابطاله ابطال مذهبي بل مبنى مذهبي ان لا يلزم من ابطال مانع انتفاء جميع الموانع ووجود جميع الشرائط والمقتضي اهـ وافاد ان القول بالموجب في هذه المسالة من قبيل النفي بالنظر الى الاتيان به في قول القائل لا يمنع القصاص وفي التي قبلها من قبيل من الثبوت بالنظر الى قوله فيها بوجوب القصاص حيث قال عاكسا ترتيب المصنف معيدا الضمير على القول بالموجب يجيء في النفي وفي الثبوت واشار الناظم الى ذي مسالة النفي كما كان اشار الى التي قبلها فقال: وقولنا تفاوت الوسائل ... لا يمنع القصاص في التناقل كالتوسل اليه فيقال مسلم وغير لازم بحال وجود شرطه ومقتضيه والمختار تصديق المعترض في قوله للمستدل ليس هذا الذي تعنيه باستدلالك ماخذي في نفي القصاص لان عدالته تمنعه عن الكذب في ذلك فلذا قال الناظم: والخصم صدق في الاصح فيه اذا يقول ليس هذاما خذي وربما سكت المستدل عن مقدمة غير مشهورة مخافة المنع فيرد القول بالموجب أي وربما سكت المستدل أي الذي استدل قال المحقق البناني بقياس منطقي اقتراني ونظمه كما يوخذ مما ياتي أي في المثال الغسل والوضوء قربة وكل ما هو قربة يشترط فيه النية فينتج الوضوء والغسل يشترط فيهما النية اهـ وقوله عن مقدمة أي من مقدمتي دليله وهي الصغرى في المثال غير مشهورة مخافة المنع لها لو صرح بها فيرد بسكوته عنها القول بموجب المقدمة المذكورة وهي الكبرى مثاله ان يقال من طرف مالك والشافعي في اشتراط النية في الوضوء والغسل ما هو قربة يشترط فيه النية كالصلاة ويسكت عن الصغرى وهي الوضوء والغسل قربة فيقول المعترض مسلم ان ما هو قربة يشترط فيه النية ولا يلزم اشتراطها في الوضوء والغسل فان صرح المستدل بانهما قربة ورد عليه منع انهما قربة كان يقول المعترض انهما للنظافة ولا قربة فيهما وخرج الايراد المذكور عن القول بالموجب لان القول بالموجب تسليم الدليل حسبما سلف في تعريفة وهذا منع له واحترز بقوله غير مشهورة عن المشهورة فهي كالمذكورة فلا يتاتى فيها القول بالموجب واشار الناظم الى ما ذكره المصنف بقوله والمستدل ان تراه ينبذ بعض كلام غير مشهور وقد خاف به المنع عليه ذا ورد قوله ذا ورد اشار به الي القول بالموجب وافاد ناظم السعود ايضا هذه المسالة بورود القول بالموجب فيها بعد ان افاد انه قد يرد لشمول لفظ المستدل لصورة من صور الوفاق فيحمله المعترض علي تلك الصورة ويبقى النزاع فيما عداها كقول الحنفي في وجوب الزكاة في الخيل حيوان يسابق عليه فتجب فيه الزكاة كالابل فيقول المعترض كالمالكي اقول به اذا كانت الخيل للتجارة انما النزاع في ايجاب الزكاة في رقابها من حيث هي خيل قال قال الفهري ان هذا هو اضعف انواع القول بالموجب فان حاصله مناقشة في اللفظ فتندفع بمجرد الجزء: 3 ¦ الصفحة: 38 العناية بان يقول الحنفي عنيت الخيل من حيث هي اهـ فلذا قال في نظمه عاطفا على ما يرد فيه القول بالموجب مما تقدم له ءانفا ولشمول اللفظ والسكوت عما من المقدمات خلا من شهرة كخوفه ان تحظلا قوله والسكوت الخ هي المسالة الاخيرة التي قررها المصنف وعد علماء البلاغة القول بالموجب من التحسينات البديعية المعنوية وانه على ضربين عندهم كما قال ناظم الجوهر المكنون: والقول بالموجب قل ضربان ... كلاهما في الفن معلومان فلا جل ذلك قال اصله صاحب تلخيص المفتاح ومنه القول بالموجب وهو ضربان احدهما ان تقع صفة في كلام الغير كناية عن شيء اثبت له حكم فثبته لغيره من غير تعرض لثبوته له او نفيه عنه نحو يقولون لئن رجعنا الى المدينة ليخرجن الاعز منها الاذل ولله العزة ولرسوله وللمؤمنين والثاني حمل لفظ وقع في كلام الغير على خلاف مراده بما يحتمله بذكر متعلقه كقوله قلت ثقلت اذ اتيت مرارا قال ثقلت كاهلي بالايادي اهـ (ومنها القدح في المناسبة وفي صلاحية افضاء الحكم الى المقصود وفي الانضباط وفي الظهور وجوابها بالبيان) أي ومن القوادح القدح في مناسبة الوصف المعلل به بابداء مفسدة فيه راجحة او مساوية نماء على ما مر من انخرام المناسبة بذلك خلافا للامام وفي صلاحية افضاء الحكم الى الحكمة المقصودة من شرعه وفي الانضباط للوصف المعلل به كالقدح في المشقة اذا علل بها جواز القصر بانها غير منضبطة والظهور له كالقدح في المراضاة المعلل بها انعقاد البيع بانها امر خفي لا يطلع عليه بان ينفي كل من الاربعة وجواب القدح فيها ببيان سلامة الوصف مما قدح به فيه اما القدح في المناسبة فجوابه بيان رجحان المصلحة على المفسدة واما القدح بعدم الانضباط كما في المشقة فجوابه ببيان الانضباط بحسب سببها وهو السفر وان لم تكن هي في نفسها منضبطة واما القدح بعدم الظهور كما في تعليل انعقاد البيع بالمراضاة فجوابه ان ظهور المراضاة بسبب ظهور مايدل عليها وهو الصيغة واما القدح في الصلاحية المحتاجة الى البيان كان يقال تحريم المحرم بالمصاهرة مؤبدا صالح لان يفضي الى عدم الفجور بها المقصود من شرع التحريم فيعترض بانه ليس صالحا للافضاء المذكور بل للافضاء الى الفجور فان النفس مائلة الى الممنوع فيجاب بان تحريمها المؤبد بسد باب الطمع فيها بحيث تصير غير مشتهاة عادة كالام فلذا قال الناظم والقدح في الظهور والمناسبه وفي صلاحية حكم صاحبه لكونه يفضي الى القصد وفي ضبط جوابها بيان ماخفي ومنها الفرق وهو راجع الى المعارضة في الاصل او الفرع وقيل اليهما معا أي ومن القوادح الفرق بين الاصل والفرع وهو راجع الى المعارضة في الاصل او الفرع وقيل الى المعارضتين في الاصل والفرع معا وعليه قول الناظم الفرق راجع الى المعارضه في الاصل او في الفرع لا مفاوضه وقيل في كليهما ومعناه على الاول ابداء خصوصية في الاصل تجعل شرطا للحكم بان تجعل من علته او ابداء خصوصية في الفرع تجعل مانعا من الحكم فيكون ذلك معارضة في الفرع لان المانع من الشيء وصف مقتض لنقيضه ومعناه على الثاني ابداء الخصوصيتين معا قال الجلال المحلي مثاله على الاول بشقيه أي لكل شق مثال ان يقول الشافعي النية في الوضوء واجبة كالتيمم بجامع الطهارة عن حدث فيعترض الحنفي بان العلة في الاصل الذي هو التيمم الطهارة بالتراب قال المحقق البناني فالتراب فيد في الاصل الجزء: 3 ¦ الصفحة: 39 وخصوصية فيه يجعل شرطا للحكم وهو وجوب النية لضعف التراب اهـ وان يقول الحنفي يقاد المسلم بالذمي كغير المسلم بجامع القتل العمد العدوان فيعترض الشافعي بان الاسلام في الفرع مانع من القود اهـ ولما بين شارح السعود ان الفرق من القوادح عرفه بانه ابداء وصف مختص بالاصل غير الوصف الذي ابداه المستدل وذلك الوصف غير موجود في الفرع ولابد ان يكون ذلك الوصف المبدى صالحا للتعليل به سواء كان مستقلا بالتعليل كمعارضة من علل ربا الفضل بالطعم فيقيس التفاح على البر بالقوت مع الادخار او بالكيل او غير مستقل بالتعليل بان يجعل جزءا من علة حكم الاصل كمعارضة من علل وجوب القصاص في القتل بالمثقل بالقتل العمد العدوان من مكافي بالجارح او ابداء وصف مانع من الحكم في الفرع فالمانع في الفرع وصف يقتضي نقيض الحكم الذي اثبته المستدل وذلك المانع منتف عن اصل المستدل كقياس الهبة على البيع في منع الغرر فيفرق المالكي بان البيع عقد معاوضة والمعاوضة مكايسة يخل بها الغرر والهبة محض احسان لا يخل بها الغرر فان لم يحصل شيء فلا يتضرر الموهوب له فكون الهبة محض احسان مانع من الحاقها بالبيع في حكمه وذكر ان اناسا كبراء من اهل الاصول ذهبوا الى ان الفرق هو مجموع الامرين من ابداء خصوصية في الاصل لا توجد في الفرع وابداء مانع في الفرع لا يوجد في الاصل لانه ادل على الفرق فلذا قال في نظمه والفرق بين الفرع والاصل قدح ابداء مختص بالاصل قد صلح او مانع في الفرع والجمع يرىء الا فلا فرق اناس كبراء قوله والجمع مفعول يرى وفاعله اناس وكبرا جمع كبير نعت له وقوله الا فلا فرق جملة اعتراضية أي ان لم يكن مجموع الامرين فان وجدت احدى المعارضتين فقط فليس يفرق فلا يقدح وذكر العلامة ابن عاصم تعريف الفرق بانه ابداء معنى معتبر مناسب للحكم وانه يوجد في الاصل وليس يوجد في الفرع وعكسه وافاد ان المعنى اذا كان غير مناسب للحكم فلا يكون قادحا في القياس حيث قال والفرق الابداء لمعنى معتبر مناسب للحكم عند ذي النظر يوجد في الاصل وليس يوجد في الفرع او بالعكس من ذا يرد فان يكن غير مناسب فلا يقدح في القياس مهما نقلا والصحيح انه قادح وان قيل انه سؤالان وانه يمتنع تعدد الاصول للانتشار وان جوز علتان قال المجيزون ثم لو فرق بين الفرع واصل منها كفى وثالثها ان قصد الالحاق بمجوعها ثم في اقتصار المستدل على جواب اصل واحد قولان أي والصحيح ان الفرق قادح وان قيل انه سؤالان أي اعتراضان بناء على رجوع الفرق الى المعارضتين في الاصل والفرع اذ لكل معارضة سؤال قال المحقق البناني لان الفرق مؤثر في جمع المستدل بين الاصل والفرع في العلة الذي هو مقصود القياس اهـ قال الجلال المحلي وقيل لا يؤثر على القول بانه سؤالان لان جمع الاسئلة المختلفة غير مقبول اهـ قال المحقق البناني لان الاعتراض في الاصل ابداء قيد في العلة وفي الفرع ابداء مانع من الحكم اهـ واشار الناظم الى ما هو الراجح وصححه المصنف حيث قال: والراجح وان سؤالان يقل ذا قادح والصحيح انه يمتنع تعدد الاصول بفرع واحد بان يقاس على كل منها لانتشار البحث في ذلك وان جوز علتان مع اتحاد الاصل فلذا قال الناظم: وانه يمنع تعدد الاصول ... وان يمنع علتين لانقول والذي افاده شارح السعود ان تعدد الاصول لفرع الجزء: 3 ¦ الصفحة: 40 واحد هو المعتمد عليه عند ابن الحاجب لتصحيحه اياه لان كثره السند أي الدليل توجب قوة الظن قال وهذا خلاف ما صححه السبكي من منع ذلك التعدد لانتشار البحث في ذلك والمراد بتعدد الاصل تعدد امور يصلح كل منها بانفراده للقياس اعم من ان يقاس على كل منهما بانفراده او قياس على مجموعها اهـ فلذا قال في نظمه: تعدد الاصل لفرع معتمد ... اذ يوجب القوة تكثير السند قول المصنف قال المصنف قال المجيزون للتعدد ثم على تقدير وجوده لو فرق بين الفرع واصل منها كفى في القدح فيه قال شارح السعود فعلى تقدير وجوده أي التعدد اذا فرق المعترض بين الفرع وبين اصل واحد من تلك الاصول كفى في القدح فيها لانه يبطل الجمع بين تلك الاصول وذلك الفرع في تلك العلة وذاك الجمع هو قصد المستدل سواء كان الالحاق بكل منها او بمجموعها بقرينة المقابل المتصل ثم قال ان بعض اهل الاصول قال اذا فرق المعترض بين الفرع واصل واحد من تلك الاصول لا يكفي ذلك في القدح فيها لاستقلال كل منها بنفسه وان قصد الالحاق بمجموعها ثم ذكر القول المفصل وهوالثالث مفيدا ان المستدل ان قصد الحاق الفرع بمجموع الاصول كفى فرق واحد في القدح فيها لصيرورتها بقصده كالاصل الواحد وان قصد الالحاق بكل منها على انفراده لم يكفه فرق واحد في القدح فيها بل حتى يفرق بين الفرع وبين كل واحد منها وهذه الاقوال الثلاثة اشار لها في نظمه بقوله فالفرق بينه وبين اصل قد كفى وقال لايكفيه بعض العرفا وقيل ان الحق بالمجموع فواحد يكفيه لا الجميع كما اشار لها الناظم بقوله ومن يجوز قال يكفي لو فرق من واحد ثالثها لا ان لحق بكلها قال ناظم السعود والمراد بالعرفاء هنا العلماء ثم في اقتصار المستدل على جواب اصل واحد من الاصول حيث فرق المعترض بين جميعها قولان قيل يكفي لحصول المقصود بالدفع عن واحد منها وقيل لا يكفي لاستقلال كل منها حيث انه التزم الجمبع فلزمه الدفع عنه واشار الناظم الى ذا الخلاف بقوله ثم اقتصار المستدل على جواب واحد خلف نقل وقال شارح السعود ان المستدل اذا تصدى أي تعرض للتبيان أي الجواب عما اعترض من الفرق هل يكفيه جواب اصل واحد منها حيث فرعنا على انه لابد من فرق المعترض بين الفرع وجميع الاصول او لا بد من الجواب عن الجميع في ذلك قولان فلذا قال في نظمه وهل اذا اشتغل بالتبيان يكفي جواب واحد قولان ومنها فساد الوضع بان لا يكون الدليل على الهيئة الصالحة لاعتباره في ترتيب الحكم كتلقي التخفيف من التغليظ والتوسيع من التضييق والاثبات من النفي مثل القتل جناية عظيمة فلا يكفر كالردة اي ومن القوادح فساد الوضع أي الحالة التي وضع عليها لدليل بان لا يكون على الهيئة الصالحة لاعتباره في ترتيب الحكم عليه بمعنى ان القياس يعدم الوصف الجامع الذي ترتب عليه الحكم كما قال العلامة ابن عاصم حين جعله كافي القوادح والثاني ما من القياس قد عدم ثبوت وصف جامع به حكم كان يكون الدليل صالحا لضد ذلك الحكم الذي رتبه عليه المستدل كاستنباط التخفيف من دليل التغليظ فهما ضدان وكذا استنباط التوسيع من التضييق او يكون صالحا لنقيضه كتلقي الاثبات من النفي وعكسه فلذا قال الناظم ثم فساد الوضع ان لا يوجدا دليله بالهيئة التي بدا صلاحها للاعتبار في ان يرتب الحكم به ويقرن كالاخذ للتخفيف والتوسعة الجزء: 3 ¦ الصفحة: 41 والنفي والاثبات من اضدادتي كما قال ناظم السعود من القوادح فساد الوضع ان يجيء الدليل حائدا عن السنن كالاخذ للتوسيع والتسهيل والنفي والاثبات من عديل أي من مقابل لكل من الاقسام الاربعة مثال تلقي التخفيف من مقابله الذي هو التغليظ قال الجلال المحلي قول الحنفية القتل جناية عظيمة فلا يجب له كفارة كالردة فعظم الجناية يناسب تغليظ الحكم لا تخفيفه بعدم وجوب الكفارة ومثال اخذ التوسيع من مقابله الذي هو التضييق قول الحنفية الزكاة على وجه الارفاق لدفع حاجة المسكين فكانت على التراخي كالدية على العاقلة فالتراخي الموسع ينافي دفع الحاجة المضيق اذ المناسب لدفع الحاجة المضيق الفور ومثال اخذ الاثبات من النفي قول من يرى صحة البيع في المحقرات وغيرها بالمعاطات كالمالكية بيع لم يوجد فيه صيغة فيعقد فان انتفاء الصيغة يناسب الانعقاد لا عدمه ومثال اخذ النفي من الاثبات قول الشافعي في معاطات المحقرات لم يوجد فيها سوى الرضى فلا ينعقد بها البيع كغير المحقرات فالرضى الذي هو مناط البيع يناسب الانعقاد لا عدمه ومنه كون الجامع ثبت اعتباره بنص او اجماع في نقيض الحكم وجوابهما بتقدير كونه كذلك أي من فساد الوضع كون الجامع في قياس المستدل ثبت اعتباره بنص اجماع في نقيض الحكم أي او ضده قال شارح السعود ان من فساد الوضع كون الوصف الجامع ثبت اعتباره بالاجماع او النص من كتاب اوسنة في نقيض الحكم او ضده في قياس المستدل او غيره من الادلة فلذا قال في نظمه ومنه اعتبار النص بالاجماع والذكر اوحديثه المطاع في ناقض الحكم بذا القياس والمراد بالذكر القرءان العظيم والضمير في حديثه للنبيء صلى الله عليه وسلم مثال الجامع ذي النص قول الحنفية الهرة سبع ذو ناب فيكون سؤره نجسا كالكلب فيقال السبعية اعتبرها الشارع علة للطهارة حيث دعي الى دار فيها كلب فامتنع والى اخرى فيها سنور أي هر فاجاب فسئل عن ذلك فقال السنور سبع ومثال الجامع ذي الاجماع قول الشافعي في مسح الراس في الوضوء مسح مستحب تكراره كالاستنجاء بالحجر حيث يستحب الايتار فيه كما اذا حصل الانقاذ بحجرين مثلا فيقال المسح على الخف لا يستحب تكراره اجماعا فيما قيل فبين هذا المعترض ان جعل المسح جامعا فاسد الوضع اذ ثبت اعتباره اجماعا في نفي الاستحباب وهو نقيض والوصف الواحد لا يثبت به النقيضان لان ثبوت كل واحد منهما يستلزم انتفاء الاخر اهـ افاده في السعود وجواب قسمي فساد الوضع الذي لا يكون الدليل فيه على الهيئة الصالحة لاعتباره في ترتيب الحكم عليه والذي ثبت الجامع فيه بنص او اجماع بتقرير كون دليل المستدل كذلك أي بان يقرر ان الدليل صالح لاعتباره في ترتيب الحكم عليه كان يكون له جهتان ينظر المستدل فيه من احدهما والمعترض من الاخرى كالارتفاق ودفع الحاجة في الزكاة أي فالمستدل نظر لجهة الرفق بالمالك والتسهيل عليه المناسب له التراخي والتوسع والمعترض نظر لجهة دفع حاجة الفقراء المناسب له الفور والتضييق ويجاب عن الكفارة في القتل بانه غلظ فيه القصاص فلا يغلظ فيه الكفارة وعن المعاملات بان عدم الانعقاد بها مرتب على عدم الصيغة لاعلى الرضى ويقرر بان الجامع الذي قال المعترض انه معتبر في نقيض الحكم معتبر في ذلك الحكم ايضا ويكون تخلفه عنه بان وجد مع نقيضه لمانع كماء في مسح الخف فان تكراره يفسده كغسله واشار ناظم السعود الى ان جواب الجزء: 3 ¦ الصفحة: 42 فساد الوضع باقسامه يكون ببيان صحة الاساس بفتح الهمزة أي الدليل على حسب ما قرر ءانفا حيث قال في نظمه جوابه بصحة الاساس واشار الناظم الى ما قرره المصنف بقوله ومنه تحقيق اعتبار الجامع في ضد حكمه بلا منازع او فيه نص وجواب السالك تقريره لكونه كذلك ومنها فساد الاعتبار بان يخالف نصا او اجماعا وهو اعم من فساد الوضع أي ومن القوادح فساد الاعتبار بان يخالف الدليل نصا من كتاب او سنة قال الشيخ حلولو وعبرعنه الفهري بفساد الوضع وهو استعمال القياس في مقابلة النص او الاجماع فمثاله في مقابلة النص قياسي اللخمي من شيوخ مذهبنا وجوب صيام يوم الشك على قول من قال بوجوب الامساك على من شك في الفجر لما ثبت في الصحيح من النهي عن صوم يوم الشك ومثل ولي الدين المخالف للاجماع بقول الحنفي لا يجوز للرجل تقبيل زوجته الميتة لانه يحرم النظر اليها كالاجنبية قال لمخالفته لما ثبت من الاجماع السكوتي وان عليا رضي الله عنه غسل فاطمة رضي الله عنها ولم ينكره احد اهـ وافاد ناظم السعود ان كل من وعى العلم أي حفظه دعى المخالفة المذكورة أي سماها فساد الاعتبار حيث قال والخلف للنص او اجماع دعى فساد الاعتبار كل من وعى قول المصنف وهو اعم من فساد الوضع قال الشيخ حلولو وذكر المصنف ان فساد الاعتبار اعم من فساد الوضع ونحوه للامدي فكل فساد الوضع الاعتبار من غير عكس وبيانه على ما ذكره الرهوني ان المعترض ان منع المستدل من تمكن الاستدلال بالقياس مطلقا في تلك المسالة فهو فاسد الاعتبار وان منعه من القياس المخصوص فهو فاسد الوضع كانه يدعي انه وضع في المسالة قياسا لا يصح وضعه فيها ولو اتى بقياس ءاخر على غير هذا الوضع لقبل ففساد الاعتبار اعم لانه منع القياس مطلقا في تلك المسالة وفساد الوضع منع لقياس مخصوص فيها اهـ فلذا قال ناظم السعود مشيرا بالبعد لفساد الوضع وبالقريب لفساد الاعتبار وذاك من هذا اخص مطلقا وقا الناظم فساد الاعتبار ان يخالف اجماعا او نصا ومما سلف اعم وذكر شارح السعود ان المنتقى أي المختار ان النسبة بين فساد الوضع وفساد الاعتبار العموم من وجه قائلا اعلم ان فساد الوضع هو ان لا يكون الدليل على الهيئة الصالحة لاعتباره في ترتيب الحكم عليه وهو قسمان تلقي الشيء من نقيضه او ضده وكون الجامع ثبت اعتباره بنص او اجماع في نقيض الحكم او ضده وفساد الاعتبار ان يخالف الدليل نصا او اجماعا اذا تقرر ذلك فالتحقيق ما قاله المحشيان أي الكمال ابن ابي شريف وشيخ الاسلام زكرياء من ان بينهما العموم من وجه لصدق فساد الاعتبار فقط حيث لا يكون الدليل على الهيئة الصالحة لترتيب الحكم عليه وصدق فساد الوضع فقط حيث لا يكون الدليل على الهيئة الصالحة لترتيب الحكم عليه ولا يعارضه نص ولا اجماع وصدقهما معا حيث لا يكون الدليل على الهيئة المذكورة مع معارضة نص او اجماع له قال زكرياء بعد توجيه كون العموم بينهما من وجه كما رايت ما لفظه فما قيل من ان فساد الوضع اعم ومن انهما متباينان ومن انهما متحدان فهو اهـ فلذا قال في نظمه وكونه ذا الوجه مما ينتقي وتعرض العلامة ابن عاصم للقياس المخالف للنص والاجماع حين جعله اول القوادح بانه لا يقاس عليه وانه اذا خالف العام من السنة او الكتاب لا يضر ذلك اذ ربما خصص بالقياس ما كان عاما حيث قال الجزء: 3 ¦ الصفحة: 43 اولها ان خالف القياس نصا او اجماعا فلا يقاس فان يكن يخالف العموم من سنة او الكتاب لم يشن اذ ربما خصص بللقياس ما عم بالخلف لبعض ناس وله تقديمه على الممنوعات وتاخيره وجوابه الطعن في سنده او المعارضة له او منع الظهور او التاويل أي وللمعترض بفساد الاعتبار تقديمة على الممنوعات وتاخيره عنها لمجامعته لها من غير مانع في التقديم والتاخير فلذا قال الناظم والتقديم والتاخير عن الممنوعات له تخيير قال شارح السعود ان المعترض بفساد الاعتبار ان يجمعه مع المنع لمقدمة من الدليل او مقدمتين او اكثر سواء قدم فساد الاعتبار عن المنع او اخر عنه لان الجمع بينهما افساد للدليل بالنقل ثم بالعقل او العكس اما النقل فنقل النص او الاجماع على خلافه واما العقل فمنع المقدمات فلا يقال لا فائدة لمنع مقدمات الدليل بعد افساد الدليل جملة بفساد الاعتبار نعم اذا اخر فساد الاعتبار الذي هو اقوى كان فيه الترقي من الادنى الى الاعلى وهو من محسنات الكلام فينبغي تاخيره لذلك ولانه محتاج اليه للاحتياج للاقوى بعد الاضعف لعدم كفاية الاضعف او لعدم تمام كفايته ومع التقديم لا يحتاج لغيره لعدم الحاجة الى الاضعف بعد الاقوى فلذا قال في نظمه وجمعه بالمنع لا يضير كان له التقديم والتاخير قال المحقق البناني ومثال ذلك ما لو قيل لا يحرم الربا في البر لانه مكيل كالجبس فيقول المعترض لا نسلم ان الكيل علة لعدم حرمة الربا لوجوده في الارز مع انه ربوي ثم ما اقتضاه ذلك من عدم حرمة الربا في البر مخالف لقوله صلى الله عليه وسلم البر بالبر ربا ولا نسلم ان الكيل علة عدم حرمة الربا اهـ وجواب الاعتراض بفساد الاعتبار الطعن في سند النص بارسال او غيره او المعارضة له بنص ءاخر فيتساقطان ويسلم الاول او منع الظهور له في مقصد المعترض او التاويل له مدلول فلذا قال الناظم جوابه بالطعن والتاويل والمنع او عارض بالدليل ومنها منع علية الوصف ويسمى المطالبة بتصحيح العلة والاصح قبوله وجوابه باثباته أي ومن القوادح منع كون الوصف علة ويسمى المطالبة بتصحيح العلة والاصح قبول كونه قادحا والا لادى الحال الى تمسك المستدل بما شاء من الاوصاف لامنه المنع كان يقول الحنفي علة طعام الربا الكيل فيقول المالكي لا نسلم كونها الكيل لوجود الربا فيما لا يكال كالحفنة فلذا قال ناظم السعود ومنع علة ما يعلل به وقدحه هو المعول منع مرفوع لعطفه على منع في البيت قبله وهو قوله من القوادح كما في النقل منع وجود علة للاصل قال في شرحه ان من المنقول عن اهل الفن القدح بمنع وجود علة الاصل أي المقيس عليه في الفرع كان يقال في شهود الزور اذا قتل انسان معصوم بشهادتهم تسببوا في القتل فيجب القصاص قياسا على المكره غيره على القتل فيقول المعترض العلة في الاصل الاكراه وفي الفرع الشهادة فلا يتحقق التساوي بينهما لعدم الجامع بينهما وان اشتركا في الافضاء الى المقصود وجوابه بان الجامع بين الوصفين القدر المشترك الذي هو التسبب في القتل في المثال المذكور او بان افضاءها الى المقصود سواء اهـ قول المصنف وجوابه الخ أي وجوابه منع علية الوصف باثبت كونه العلة بمسلك من مسالكها المتقدمة مثاله ان يقول المستدل يحرم الربا في الارز لعلة الطعم فيقول المعترض لا اسلم ان العلة الطعم بل هي الكيل فيجيبه المستدل بقوله ثبتت علية الطعم يقوله صلى الله عليه وسلم الطعام الجزء: 3 ¦ الصفحة: 44 بالطعام ربا فلذا قال الناظم ثم المطالبة بالتصحيح لعلة يقدح في الصحيح جوابه اثبات ذاك علة ومنه منع وصف العلة كقولنا في افساد الصوم بغير الجماع الكفارة للزجر عن الجماع المحذور في الصوم فوجب اختصاصها به كالحد فيدل بل عن الافطار المحذور فيه وجوابه بتبيين اعتبار الخصوصية وكان المعترض ينقح المناط والمستدل يحققه أي ومن المنع المطلق أي غير المقيد فالضمير راجع الى المقيد السابق بدون قيده قال المحقق البناني ومثله يقع كثيرا منع وصف العلة أي منع انه معتبر فيها وهو مقبول جزما لعدم الانتشار لقلة التركب في العلل قوله كقولنا في افساد الصوم بغير الجماع قال المحقق البناني المراد كقولنا في الاستدلال على عدم الكفارة في غير الجماع من مفسدات الصوم وعبارته أي المصنف غير موفية بهذا اذ ظاهره ان الكلام مسوق للاستدلال على افساد الصوم بغير الجماع اه أي حيث انه قال كقولنا في افساد الصوم بغير الجماع وحيث ان المراد هو الاستدلال على عدم الكفارة في غير الجماع من مفسدات الصوم يقال الكفارة شرعت للزجر عن الجماع المحذور في الصوم فوجب اختصاصها به كالحد أي فانه شرع للزجر عن الجماع زنى وهو مختص بذلك فيقال لا نسلم ان الكفارة شرعت للزجر عن الجماع بخصوصه بل عن الافطار المحذور في الصوم بجماع او غيره قال المحقق البناني وكان الاوضح ان لو قال كقولنا في تخصيص الكفارة بالجماع دون غيره من مفسدات الصوم اهـ ونحا الناظم نحو المصنف فقال ومنه ان يمنع وصف العلة كفارة للزجر عن جماع بحد نفي الصوم فبالوقاع تعيين اختصاصها كالحد يقال بل عن فطرة المستمد وجوابه بتبيين اعتبار خصوصية الوصف في العلة قال الجلالالمحلي كان يبين اعتباار الجماع في الكفارة بان الشارع رتبها عليه حيث اجاب بها من ساله عن جماعه كما تقدم أي في بحث الايماء من المسالك وكان المعترض بهذا الاعتراض ينقح المناط بحذف خصوص الوصف عن الاعتبار والمستدل يحققه بتبيينه اعتبار خصوصية الوصف فلذا قال الناظم جوابه للاعتبار وضحا محققا اذ خصمه قد نقحا ومنع حكم الاصل وفي كونه قطعا للمستدل مذاهب ثالثها قال الاستاذ ان كان ظاهرا وقال الغزالي يعتبر عرف المكان وقال ابو اسحاق الشيرازي لا يسمع فان دل عليه لم ينقطع المعترض على المختار بل له ان يعود ويعترض أي ومن المنع منع الحكم الاصل قال الجلال المحلي وهو المسموع كان يقول الحنفي الاجارة عقد على منفعة فتبطل بالموت كالنكاح فيقال له النكاح لا يبطل بالموت أي بل ينتهي به اه أي كما تنتهي الصلاة مثلا بالفراغ منها وليس ذلك ابطالا لها وفي كون ما ذكر من منع حكم الاصل قطعا للمستدل مذاهب ارجحها اخذا من التفريع الاتي وهو قوله فان دل عليه الخ لا حيث انه مفرع على عدم القطع لتوقف القياس على ثبوت حكم الاصل وحيث كان كذلك فيحتاج المستدل الى اثباته وحينئذ فلا ينقطع والثاني نعم للانتقال عن اثبات حكم الفرع الذي هو بصدده الى اثبات حكم الاصل وثالث الاقوال قال الاستاذ ابو اسحاق الاسفرايني يكون قطعا للمستدل ان كان منع حكم الاصل ظاهرا يعرفه اكثر الفقهاء بخلاف ما لا يعرفه الا خواصهم وقال الغزالي يعتبر عرف المكان الذي فيه البحث في القطع اولا اذ للجدل عرف ومراسم في كل مكان قال المحقق البناني ولا يخفى بعد هذا القول وقال الشيخ ابو اسحاق الشيرازي لا يسمع لان المعترض لم يعترض المقصود وهو الفرع قال الجلال الجزء: 3 ¦ الصفحة: 45 المحلي حكاه عنه ابن الحاجب كالامدي على ان الموجود في الملخص والمعونة للشيخ كما قاله المصنف السماه اهـ ويتفرع على السماع وعدم القطع انه ان اتى المستدل بدليل يدل على حكم الاصل لم ينقطع المعترض بمجرد الدليل على المختار بل له ان يعود ويعترض الدليل لانه قد لا يكون صحيحا ولا ينقطع الا بالعجز كالمستدل واشار الناظم الى ما قرره المصنف بقوله ومنه منع حكم الاصل ثم في قطع به ثالثها غير الخفي رابعها اعتبار عرف البلد وقيل لا يسمع ثم المعتمد ان يقم الدليل لا ينقطع معترض بل لاعتراض يرجع وقد يقال ولا نسلم حكم الاصل سلمنا ولا نسلم انه مما يقاس فيه سلمنا ولا نسلم انه معلل سلمنا ولا نسلم ان هذا الوصف علته سلمنا ولا نسلم وجوده فيه سلمنا ولا نسلم انه متعد سلمنا ولا نسلم وجود في الفرع فيجاب بالدفع بما عرف من الطرق ومن ثم عرف جواز ايراد المعارضات من نوع وكذا من انواع وان كانت مترتبة أي يستدعي تاليها تسليم متلوه لان تسليمه تقديري وثالثها التفصيل أي وقد يقال في الاثبات بمنوع مرتبة كل منها مرتب على تسليم ما قبله لا نسلم حكم الاصل سلمنا ذلك الخ قال المحقق البناني مثاله ان يقول المستدل النبق ربوي لعلة الكيل كالتمر فيقول له المعترض لا نسلم ان التمر ربوي سلمنا ربويته لكن لا نسلم ان هذا الحكم من الاحكام التي فيها القياس سلمنا انه من الاحكام التي يجري فيها القياس لكن لا نسلم انه معلل لم لا يقال انه تعبدي سلمنا انه معلل لكن لا نسلم ان علته الكيل لم لا يقال العلة غيره سلمنا ان العلة الكيل لكن لا نسلم وجودها في التمر سلمنا وجود العلة المذكورة في الاصل وهو التمر لكن لا نسلم انها متعدية لغيره كالنبق في المثال لم لا يقال ان الوصف المذكور قاصر سلمنا التعدية للعلة المذكورة وهي الكيل لكن لا نسلم وجودها في الفرع وهو النبق في المثال أي لا نسلم انه مكيل فهذه سبعة منوع تتعلق الثلاثة الاولى منها بحكم الاصل والاربعة الباقية منها ما يتعلق العلة مع الاصل وهو الرابع مع الخامس ومنها ما يتعلق بالعلة فقط وهو السادس ومنها ما يتعلق بها مع الفرع وهو السابع فيجاب عن الجميع بالدفع لها بما عرف من الطرق في دفعها ان اريد ادفع عن كلها والا فيكفي الاقتصار على دفع الاخير منها وافاد الناظم ما افاده المصنف حيث قال وقد يجاب بمنوع فصل كلم نسلم لك حكام الاصل سلمته دون قياس يحصل سلمته لا انه معلل سلمته لا ان هذا علته سلمت لا الوجود لا تعديته سلمت لا وجود في الفرع ثم يجاب كلها بالدفع قول المصنف ومن ثم الخ أي ومن هنا وهو جواز المنوعات المعلوم التزاما من الجواب عنها اذ لا يجاب الا عن ايراد جائز واما غيره فلا يعتبر حتى يجاب عنه أي ومن اجل ذلك عرف جواز ايراد المعارضات أي الاعتراضات الشاملة للنقوض وغيرها من نوع قال الجلال المحلي كالنقوض والمعارضات في الاصل او الفرع لانها كسؤال واحد أي كاعتراض واحد مرتبة كانت او لا وكذا يجوز ايراد المعارضات من انواع كالنقض وعدم التاثير قوله وان كانت مترتبة الخ أي يجوز ايراد المعارضات من انواع اذا كانت غير مترتبة بل وان كانت مترتبة أي يستدعي تاليها تسليم متلوه قال المحقق البناني قضية هذه المبالغة ان غير المتربة اولى بالجواز من المترتبة قال وقوله لان تسليمه تقديري تعليل لجواز المتربة الذي تضمنته هذه المبالغة اهـ وقيل لا يجوز ايراد المعارضات الجزء: 3 ¦ الصفحة: 46 من انواع الانتشار وثالث الاقوال التفصيل فيجوز في غير المترتبة دون المترتبة لان ما قبل الاخير في المترتبة مسلم فذكره ضايع ودفع بان تسليمه تقديري كما قال المصنف لا تحقيقي فالمنع باق حقيقة فلا يكون ذكر ما قبل الاخير ضائعا قال الجلال المحلي مثال النوع ان يقال ماذكر انه علة منقوض بكذا ومنقوض بكذا او معارض بكذا ومعارض بكذا ومثال الانواع غير المترتبة ان يقال ما ذكر من الوصف غير موجود في الاصل ولئن سلم فهو معارض بكذا اهـ والمصنف اقتصر على مثال واحد وهو الاعتراض بامور مترتبة من نوع واحد حيث قال وقد يقال الخ ما تقدم وتعرض الناظم لما ذكره المصنف بقوله ومن هنا يعرف للوعاة جواز ايراد معارضات ولو من انواع ولو ترتبت وهي التي في ذكر تاليها ثبت تسليم متلو على التقدير والثالث التفصيل في المذكور ومنها اختلاف الضابط في الاصل والفرع لعدم الثقة بالجامع وجوابه بانه القدر المشترك او بان الافضاء سواء لا الغاء التفاوت أي ومن القوادح دعوى اختلاف الضابط أي الوصف المشتمل على الحكمة المقصودة لعدم الوثوق بالجامع او مساواته اذ اختلاف ضابط الاصل والفرع يظن به اما عدم وجود الجامع ويلزمه نفي المساواة او عدم المساواة وان كان الجامع موجودا كان يقال في شهود الزور بالقتل تسببوا في القتل فيجب عليهم القصاص كالمكره غيره على القتل فيعترض بان الضابط في الاصل الاكراه وفي الفرع الشهاد فاين الجامع بين الضابطين حتى يتحقق الجامع بين الاصل والفرع وان اشتركا في الافضاءالى المقصود فلذا قال الناظم ثم اختلاف ضابط في الفرع والاصل اذ لا ثقة بالجمع وهو معطوف على القوادح قبله وجوابه بان الجامع هو القدر المشترك بين الضابطين كالتسبب في القتل في المثال المتقدم وهو منضبط عرفا فيصح ان يناط به الحكم او بان افضاء الضابط في الفرع الى المقصود مساو لافضاء الضابط في الاصل الى المقصود كحفظ النفس في المثال قال المحقق البناني يعني أي الشارح المحلي ان افضاء ضابط الفرع وهو الشهادة الى المقصود من ترتب الحكم وهو وجوب القصاص عليه حفظ النفس مثل افضاء ضابط الاصل وهو الاكراه في ذلك بل هو في الفرع ارجح كما اشار له العضد اهـ وافاد الناظم ذا الجواب بقوله جوابه بانه المشترك او ان الافضاء سواء يدرك ولا يكفي في الجواب الغاء التفاوت بين الضابطين بان يقال التفاوت بين الشهادة والاكراه ملغى في الحكم لان التفاوت قديلغى كما في قولنا يقتل بالجاهل وقد لا يلغى كما في قولنا الحر لا يقتل بالعبد والاعتراضات راجعة الى المنع ومقدمها الاستفسار وهو طلب ذكر معنى اللفظ حيث غرابة او اجمال والاصح ان بيانهما على المعترض ولا يكلف بيان تساوي المحامل ويكفيه ان الاصل عدم تفاوتها فيبين المستدل عدمهما او يفسر اللفظ بمحتمل قيل وبغير محتمل أي والاعتراضات كلها أي السابقة واللاحقة وهي المعبر عنها فيما مر القوادح الشاملة لما ياتى من التقسيم راجعة الى المنع وهو طلب الدليل على مقدمة الدليل ويسمى نقضا تفصيليا او ترجع الاعتراضات الي المعارضة كما قاله ابن الحاجب كا كثر الجدليين وهي اقامة دليل يقتضي نقيض او ضد ما اقتضاه دليل المستدل كما تقدم وياتي لان غرض المستدل من اثبات مدعاه بدليله يكون لصحة مقدماته لتصلح للشهادة له كاعتبار البلوغ والذكورة والعقل والعدالة وغير ذلك من الشروط في الشاهد الجزء: 3 ¦ الصفحة: 47 لنصح شهادته واعتبار عدم شاهد ءاخر مثله في الاوصاف المذكورة يشهد بنقيض ما شهد به الاول لتنفذ شهادة الاول وتقبل وعرض المعترض من هدم ذلك يكون بالقدح في صحة الدليل بمنع مقدمة منه او معارضته بما يقاومه وقال شارح السعود ان الاعترضات أي سائر القوادح المذكورة ترجع عند ابن الحاجب كاكثر الجدليين الى احد الامرين اعني المعارضة و المنع لمقدمة من الدليل والقضية مانعة خلو وترجع عند تاج الدين السبكي الى المنع لمقدمة من الدليل فقط اهـ قال في نظمه وللمعارضة والمنع معا اوالاخير الاعتراض رجعا ومقدم الاعتراضات بمعنى القوادح الاستفسار فهو طليعة الجنس وهو طلب ذكر معنى اللفظ حيث يوجد غرابة او اجمال في لفظ المستدل مثال الغرابة قولك لا يحل السيد بكسر السين اي الذيب ومثال الاجمال قولك يلزم المطلقة ان تعتد بالاقراء فيطلب منك تفسير السيد والاقراء فلذا قال الناظم والاعتراضات لمنع يرجع وقبلها استفساره يطلع طلبه بيان معنى يحصل حيث غريب لفظه او مجمل والاصح ان بيان الغرابة والاجمال على المعترض اذ الاصل عدمهما وقيل على المستدل بيان عدمهما ليظهر دليله ولا يكلف المعترض بالاجمال بيان تساوي المحامل المحقق للاجمال لعسر ذلك عليه ويكفيه في بيان ذلك حيث تبرع به ان يقول ان الاصل أي الغالب تفاوتهما فلذا قال الناظم ثم على معترض فيما اصطفي بيان هذين ولم يكلف ذكر استوا محامل وليثبت بان الاصل عدم التفاوت قول المصنف فيبين الخ مفرع على محذوف أي اذا كان الاصح ان بيان الغرابة والاجمال على المعترض وبين فيبين المستدل عدمهما حيث تم الاعتراض عليه بهما بان يبين ظهور اللفظ في مقصوده كما اذا اعترض عليه في قوله الوضوء قربه فلتجب فيه النية النية بان قيل الوضوء يطلق على النظافة وعلى الافعال المخصوصة فيقول حقيقته الشرعية الثاني او يجاب عن الاجمال والغرابة بجواب ءاخر وهو ان يفسر اللفظ يحتمل منه بفتح الميم الثانية او بغير محتمل منه كان يقول رايت اسدا فيطلب منه تفسير الاسد فيفسره بالحمار فيقال هذا المعنى غير محتمل للاسد فيقول هذا اصطلاح لي قال المحقق البناني فيحمل المحتمل في كلام المصنف على معنى يكون اللفظ باستعماله فيه حقيقة او مجازا او منقولا وغير المحتمل على ما عداه اهـ والاصح انه لا يفسر بغير المحتمل فلذا قال الناظم مشيرا للغرابة والاجمال والمستدل فقد ذين يظهر او باحتمال لفظه يفسر لا يسوى محتمل على الاصح ولو وافق المستدل المعترض بالاجمال على عدم ظهور اللفظ في غير مقصده وادعى ظهوره في مقصده فقيل يقبل دفعا للاجمال الذي هو خلاف الاصل وقيل لا يقبل وهو الحق لان دعوى الظهور بعد بيان المعترض الاجمال لا اثر لها وان كانت على وفق الاصل وتعرض الناظم لذا الخلاف بقوله وفي قبول مدعاه ان وضح في قصده دفعا لاجمال يواف لعدم الظهور في الغير خلاف ومنها التقسيم وهو كون اللفظ مترددا بين امرين احدهما ممنوع والمختار وروده وجوابه ان اللفظ موضوع ولو عرفا او ظاهر ولو بقرينة في المراد أي ومن القوادح التقسيم وهو كون اللفظ المورد في الدليل مترددا بين امرين مثلا على السواء احدهما ممنوع بخلاف الاخر المراد وقال شارح السعود سمي بالتقسيم لان المعترض قسم او لا مدلول اللفظ الى قسمين او اكثر ثم منع احد القسمين او الاقسام فالمنع انما يتوجه بعد التقسيم وقد صرح المحلي يكون الجزء: 3 ¦ الصفحة: 48 الممنوع ليس هو المراد عند المستدل ويكون المراد ليس بممنوع وقد جوز العضد كون الممنوع هو المراد فالحاصل ان التقسيم هو ان يحتمل لفظ مورد في الدليل لمعنيين او اكثر بحيث يكون مترددا بين تلك المعاني على السواء لكن المعترض يمنع وجود علة الحكم في واحد من تلك المحتملات سواء كان الممنوع هو المراد او غيره كما هو مذهب العضد وعند المحلي لابد ان يكون الممنوع غير المراد اه قال في نظمه معرفا له ويقدح التقسيم ان يحتملا لفظ لامرين ولكن حظلا وجود علة بامر واحد قول المصنف والمختار وروده االتقسيم قال شارح السعود ان التقسيم ليس بوارد أي مقبول عند بعضهم والمختار عند السبكي قبوله لكن بعد ان يكون المعترض قد بين الامرين اللذين تردد اللفظ بينهما او الامور لان بيان ذلك عليه ولا يكلف بيان تساوى المحامل حجة القائل بقبوله عدم تمام الدليل معه لاحتماله لامرين احدهما ممنوع وبابطاله يتعين الباقي وربما لا يمكن المستدل اتمام الدليل معه لعدم صلاحيته للعلة وحجة الاخر ان ابطال احد محتملي كلام المستدل لا يكون ابطالا له اذ ربما لا يكون هذا المحتمل مراده اهـ وافاد عدم وروده عند بعضهم في نظمه قائلا وليس عند بعضهم بالوارد وافاد الناظم ان المختار وروده كالمصنف منبها ان ذا ءاخر القوادح بعد ان عرفه بقوله ءاخرها التقسيم كون اللفظ ذا تردد بين احتمالين اذا بعضها يمنع والمختار وروده وجوابه ان اللفظ موضوع في المراد ولو عرفا كما يكون لغة او انه ظاهر ولو بقرينة في المراد كما يكون ظاهرا بغيرها ويبين الوضع والظهور اذ الدعوى بدون بينة غير كافية فلذا قال ناظم السعود جوابه بالوضع في المراد او الظهور فيه باستشهاد وقال الناظم معبرا عن الجواب بالرد ورده يصار اللفظ موضوع له لوعرفا او ظاهر وهودليل يلغى ثم المنع لا يعترض الحكاية بل الدليل اما قبل تمامه لمقدمة منه او بعده والاول اما مجرد او مع المستند كلا نسلم كذا ولولا يكون كذا او انما يلزم كذا لو كان كذا وهو المناقضة فان احتج لانتفاء المقدمة فغصب لا يسمعه المحققون لما فرغ المصنف رحمه الله من الكلام على القوادح شرع في موانع وقوادح يتداولها اهل الجدل فذكر ان المنع أي الاعتراض سواء كان منعا بالمعنى المعروف ام لابدليل الاقسام التي ذكرها أي ثم الاعتراض لا يعترض الحكاية أي حكاية المستدل للاقوال في المسالة المبحوث فيها كي يختار منها قولا ويستدل عليه فلا سبيل للمعترض الى ذلك بل يتوجه الاعتراض على الدليل فلذا قال ناظم السعود والاعتراض يلحق الدليلا دون الحكاية فلا سبيلا وكحكاية الاقوال في عدم الاعتراض عليها المثال فانه لا يعترض عليه اذ يكفي فيه مجرد الفرض على تقدير صحته ويكفي فيه الاحتمال حيث انه لايضاح القاعدة فلذا قال في السعود والشان لا يعترض المثال اذ قد كفى الفرض والاحتمال والاعتراض على الدليل اما قبل استنتاجه او بعده والاول اعني المنع قبل الاستنتاج اما منع مجرد او منع مع المستند فمثال المنع لا نسلم كذا ومثال المستند لم لا يكون الامر كذا او لا يسلم كذا وانما يلزم كذا لو كان الامر كذا وهذا الاول وهو الاعتراض على الدليل قبل استنتاجه بقسميه من المنع المجرد والمنع مع المستند يسمى بالمناقصة فلذا قال الناظم المنع لا يعترض الحكايه بل الدليل وهو قبل الجزء: 3 ¦ الصفحة: 49 الغايه لبعضه مجردا او عارضه مستندا وسمه المناقصه وذكر العلامة طاش كبرى زاده في منظومته في ءاداب البحث والمناظرة ان وظائف المسائل للسائل ثلاثة المناقضة والنقض الاجمالي والمعارضة اما الاخيران فسياتي للمصنف الكلام عليهما واما الاول وهو المناقضة فهو الذي تكلم عليه هنا واشار اليه ناظم اداب البحث في المنظومة المذكورة بقوله ثلاثة لسائل مناقضه والنقض ذو الاجماع و المعارضه فمنعه الصغرى من الدليل او منعه الكبرى على التفصيل مجردا عن شاهد او بالسند تدعوه يا صاح باول العدد فان احتج المانع أي المعترض لانتفاء المقدمة التي منعها فاحتجاجه لذلك يسمى غصبا لانه غصب لمنصب المستدل لا يسمعه المحققون من النظار فلا يستحق جوابا لاستلزامه الخبط في البحث فلذا قال الناظم والاحتجاج منه للذي منع غصب محقق الخلاف ما استمع قال المحقق البناني ومحل ذلك ما لم يقم المستدل دليلا على تلك المقدمة التي منعها المعترض فان اقامة فللمعترض حينئذ الاستدلال على انتفاء المقدمة المذكورة ويكون ذلك معارضة في المقدمة وهي جائزة اهـ فلذا قال ناظم ءاداب البحث والمنع بالدليل غضب استقر نعم يكون منعه مقبولا بعد اقامة المعلل الدليلا والثاني اما مع منع الدليل بناء على تخلف حكمه فالنقض الاجمالي او مع تسليمه والاستدلال بما ينافي ثبوت المدلول فالمعارضة فيقول ما ذكرت وان دل فعندي ما ينفيه وينقلب مستدلا أي والثاني وهو المنع بعد تمام الدليل اما مع منع الدليل بناء على تخلف حكمه بان يقال ما ذكرته من الدليل غير صحيح لتخلف الحكم عنه في كذا فانه يوصف بالنقض الاجمالي لان جهة المنع فيه غير معينة واما مع تسليمه والاستدلال بما ينافي ثبوت المدلول بان يقول المعترض للمستدل ما ذكرت من الدليل وان دل على ما قلت فعندي ما ينفي مدلول ما قلته ويذكره فانه يوصف حينئذ بالمعارضة وينقلب المعترض بها مستدلا لانه قد قام عن موقف الانكار الى موقف الاستدلال والمنع بدون الدليل فيسمى مكابره قال ناظم ءاداب البحث ومنعه بدونه مكابره ثم لمدلول معارضة واشار الناظم الى ما ذكره المصنف فقال او بعد مع منع دليله على تخلف الحكم فنقض اجمالا او لا وقد دل بما قد ناقضه ثبوت مدلول فلذا المعارضه كمثل ما قلت وان عليه دل فعندي ما ينفيه وانقلب المورد مستدلا وعلى الممنوع الدفع بدليل فان منع ثانيا فكما مر وهكذا الى افحام المعلل ان انقطع بالمنوع او الزام المانع ان انتهى الى ضروري او يقيني مشهور أي وعلى الممنوع الذي هو المستدل الدفع لما اعترض به عليه بدليل ليسلم دليله الاصلي ولا يكفيه المنع فان منع ثانيا فكما مر من المنع قبل تمام الدليل وبعد تمامه الخ وهكذا المنع ثالثا ورابعا مع الدفع وهلم الى افحام أي عجز المعلل الذي هو المستدل بان يعجزه المعترض ان انقطع المستدل بالمنوع والى ان يلزم المستدل المانع الذي هو المعترض ان انتهى دليل المستدل الى ضروري او يقيني مشهور بحيث يلزم المعترض الاعتراف به ولا يمكنه جحده فلذا قال ناظم آداب البحث والمناظرة في منظومته المتقدمة وما ذكرناه من المسائل طريقة النظار والاوائل مثالها والبحث من امرين محققا احداهما في لابين اما بان قد يعجز المعلل وعن اقامة الدليل يعدل لمدعاه وهو عنها ساكت وذا هو الاقحام عنهم ثابت او يعجز السائل عن الجزء: 3 ¦ الصفحة: 50 تعرض الى دليل الخصم والمعترض فينتهي الدليل من مقدمه ضرورة القبول او مسلمه وذلك العجز هو الالزام فتنتهي القدرة والكلام والمعلل هو المستدل والسائل هو المعترض وافاد الناظم ما افاده المصنف حيث قال ويدفع الممنوع باللذ دلا فان يعد لمنعه كما مضى وهكذا اذا الامر اقتضى افحام مستدله ان انقطع بكثرة الممنوع او حتى وقع الزام خصم بانتهاء المانع الى ضروري او يقيني شايع مثال ما ينتهي الى ضروري ان يقول المستدل العالم حادث وكل حادث له صانع فيقول المعترض لا اسلم الصغرى فيدفع المستدل ذلك المنع بالدليل على حدوث العالم فيقول العلم متغير وكل متغير حادث فيقول المعترض لا اسلم الصغرى فيقول المستدل ثبت بالضرورة تغير العالم وذلك لان العالم قسمان اعراض واجرام اما الاعراض فتغيرها مشاهد كالتغير بالسكون والحركة وغيرهما فلزم كونها حادثة واما الاجرام فانها ملازمة لها وملازم الحادث حادث فثبت حدوث العالم ومثال ما ينتهى الى المشهورة وهي قضية يحكم العقل بها بواسطة اعتراف جميع الناس لمصلحة عامة او غير ذلك كا يقال هذا ضعيف والضعيف ينبغي الاعطاء اليه فيقول له المعترض لا اسلم الكبرى فيقول له المستدل مراعاة الضيف تحصل بالاعطاء اليه والاعطاء اليه محمود عند جميع الناس فمراعاة الضعيف محمودة عند جميع الناس فينبغي حينئذ الاعطاء اليه وقول المصنف او يقيني مشهور ظاهره ان القياس المركب من يقيني وغير يقيني يسمى يقينيا وليس كذك بل اليقيني ما كان جميع مقدماته يقينية واما ما كان بعض مقدماته يقينيا فليس من اليقيني لان المركب من اليقيني وغير اليقيني ليس يقيني كما هو مقرر اهـ افاده البناني والله اعلم (خاتمة القياس من الدين وثالثها حي يتعين ومن اصول الفقه خلافا لامام الحرمين وحكم المقيس قال السمعانى يقال انه دين الله ولايجوز ان يقال قال الله ثم هو فرض كفاية يتعين على مجتهد احتاج اليه) اي هذه خاتمة لكتاب القياس قول المصنف القياس من الدين قال الجلال المحلي لانه مامور به لقوله تعالى فاعتبروا ياولي الابصار وقيل ليس منه لان اسم الدين انما يقع على ما هو ثابت مستمر والقياس ليس كذلك لانه قد لا يحتاج اليه وثالث الاقوال انه من الدين حيث يتعين بان لم يكن للمسالة دليل غيره بخلاف ما اذا لم يتعين لعدم الحاجة اليه فلذا قال الناظم ان القياس من امور الدين ثالثها ان كان ذا تعيين كما انه في المشتهر من اصول الفقه خلافا لامام الحرمين في قوله ليس منه وانما يبين في كتبه لتوقف غرض الاصولي من اثبات حجيته المتوقف عليها الفقه على بيان حجية القياس وحكى الناظم المشتهر انه من اصول الفقه فقال ومن اصول الفقه في المشتهر وحمك المقيس قال السمعاني يقال انه دين الله وشرعه فلذا قال ناظم السعود وهو معدود من الاصول وشرعة الله والرسول ولا يجوز ان يقال قاله الله ولا رسوله فيحرم ذلك لانه مستنبط لا منصوص فلذا قال الناظم وحكمه قال ابو المظفر يقال فيه دينه تعالى والمصطفى ولا يقال قالا ثم هو فرض كفاية يتعين على مجتهد احتاج اليه بان لم يجد غيره في واقعة أي يصيرفرضعين عليه فلذا قال الناظم فرض كفاية لقوم كمله عين على مجتهد يحتاج له قال شارح السعود ان القياس فض كفاية عند تعدد المجتهدين وفرض عين عند الاتحاد لان الجزء: 3 ¦ الصفحة: 51 الله تعالى امر به في قوله فاعتبروا ياأولي الابصار أي كما تقدم والامر للوجوب ما لم يصرف عنه صارف كما افاد ايضا على نحو ما سلف ان حكم المقيس يحرم نسبته الى الغوث الذي هو النبيء صلى الله عليه وسلم والى الرب الجليل الاعلى ضرب من التاويل بان يقصد قائل ذلك انه دل عليه بحكم المقيس ليه ودليله فيجوز حينئذ ان يقال مثلا قال الله تعالى كذا لا ان قصد ان الله تعالى قال ذلك صريحا بن دل عليه بقول يخصه اهـ فلذا قال في نظمه وهو مفروض اذا لم يكن للحكم من نص عليه ينتمى لا ينتمى للغوث والجليل الا على ضرب من التاويل وهو جلي وخفي فالجلي ما قطع فيه بنفي الفارق او كان احتمالا ضعيفا والخفى خلافه وقيل الجلي هذا والخفي الشبه والواضح بينهما وقيل الجلي الاولى والواضح المساوي والخفي الادون أي ثم ان القياس جلي وخفي فالجلي ما قطع فيه بالغاء الفارق او كان تاثير الفارق فيه احتمالا ضعيفا والخفي خلافه وهو ما كان احتمال تاثير الفارق فيه قويا فلذا قال الناظم وهو جلي ما بقطع انتفى فارقه او احتمال ضعفا خلافه الخفي وكما قال ناظم السعود وما فيه نفي فارق ولو بظن جلي وبالخفي عكسه استبان مثال الاول قياس الامة على العبد في تقويم حصة الشريك على شريكه المعتق الموسر وعتقها عليه ومثال الثاني قياس العمياء على العوراء في المنع من التضحية وجه الفارق فيه ان العمياء ترشد للمرعى الحسن بخلاف العوراء فانها توكل على بصرها فانه ناقص فلا تسمن فيكون العور مظنة الهزال وجوابه ان المظنون اليه في عدم الاجزاء نقص الجمال بسبب نقص تمام الخلقة لا نقص السمن ومثال الخفي وهو ما كان احتمال ثبوت الفارق فيه قويا قياس القتل بالمثقل كالعصى على القتل بالمجدد ووهو المفرق للاجزاء في وجوب القصاص فالقتل بالمثقل عند ابي حنيفة شبه عمد لا قصاص فيه ويفرق بان المحدد ءالة موضوعة للقتل والمثقل ءالة موضوعة للتادب وقيل الجلي ما قدم مما قطع فيه بنفي الفارق او كان احتمالا ضعيفا والخفي هو قياس الشبه وما بينهما يسمى واضحا فلذا قال الناظم مشيرا الى الخفي قبله وقيل ذا الشبه وواضح بينهما ذو مرتبه وضمير التثنبة عائد على الخفى والجلي سابقين وقال الناظم السعود كون الخفي بالشبه دابا يستوي وبين ذين واضح مما روي وقيل ان الجلي القياس الاولى كقياس الضرب على التافيف في التحريم والواضح المساوي كقياس احراق مال اليتيم على اكله في التحريم والخفي الادون كقياس التفاح على البر في باب الربا فلذا قال الناظم مشيرا الى ما بين القياسين معهما وقيل ذا المساوي والجلى قياس الاولى الادون الخفي وقال ناظم السعود قيل الجلي واضح وذو الخفا اولى مساو ادون قد عرفا قال في الشرح تنبيه ذكر الباجي قولا رابعا هو ان الجلي ما ثبتت علته بالنص او الاجماع والواضح ما ثبتت علته بظاهر والخفي ما كانت علته مستنبطة اهـ وقياس العلة ما صرح فيه بها وقياس الدلالة ما جمع فيه بلازمها فاثرها فحكمها والقياس في معنى الاصل الجمع بنفي الفارق أي وقياس العلة ما صرح فيه بها كان يقال يحرم النبيذ كالخمر للاسكارفلذا قال الناظم ثم قياس العلة المصرح فيه بها وقال ناظم السعود وما بذات علة قد جمعا فيه فقيس علة قد سمعا قال في الشرح نقلا عن زكرياء وقياس العلة هنا شامل لما كانت المناسبة في عليته ذاتية او غير ذاتية فهو اعم الجزء: 3 ¦ الصفحة: 52 من قياس العلة في قولهم ولا يصار الى قياس الشبه مع امكان قياس العلة اهـ وقياس الدلالة ما جمع فيه بلازمها أي العقلي او العادي فاثرها فحكمها والضمائر العلة لا للدلالة وكل من اللازم والاثر والحكم يدل عليها فلذا قال الناظم وما به يصرح بلازم العلة فالاثار بها فحكمها فللدلالة انتهى كما قال ناظم السعود جامع ذي الدلالة الذي لزم فاتر فحكمها كما رسم قال الجلال المحلي وكل من الثلاثة يدل عليها أي على العلة وكل من الاخيرين منها دون ما قبله كما دلت عليه الفاء أي في عبارة المصنف مثال الاول وهو اللازم ان يقال النبيذ حرام كالخمر بجامع الرائحة المشتدة وهي لازمة للاسكار ومثال الثاني وهو الاثر ان يقال القتل بمثقل يوجب القصاص كالقتل بمحدد بجامع الاثم وهو اثر العلة التي هي القتل العمد العدوان ومثال الثالث وهو الحكم ان يقال تقطع الجماعة بالواحد كما يقتلون به بجامع وجوب الدية عليهم في القتل والقطع حيث كان غير عمد وهو كم العلة التي هي القطع منهم خطا في الصورة الاولى والقتل منهم خطا في الصورةالثانية والقياس الكائن في معنى الاصل أي بمنزلته هو الجمع بنفي الفارق قال شارح السعود ممثلا له كالحاق العبد بالامة في الحد والحاقها به في السراية بالغاء الفارق وبتنقيح المناط وبالجلي وهو ما قطع فيه بنفي الفارق او كان ثبوت الفارق احتمالا ضعيفا ومعنى الجمع بنفي الفارق الجمع بسبب انتفاء الفارق بين الاصل والفرع في حكمته فالظاهر ان الفاء في قولهم القياس في معنى الاصل سببية والمراد بالمعنى الحكمة والمعنى والقياس بسبب وجود حكمة الاصل في الفرع اهـ فلذا قال في نظمه معرفا له قياس معنى الاصل عنهم حقق لما دعى الجمع بنفي الفارق كما قال الناظم وما بمعنى الاصل عند الحاذق ما كان فيه الجمع نفي الفارق والله اعلم الكتاب الخامس في الاستدلال قال الشيخ حلولو قال ولي الدين عقد المصنف هذا الكتاب الخامس للادلة المختلف فيها يريد في الاكثر منها لا في كلها كما سنبينه قال وعبر عنه بالاستدلال لان كل ما ذكر فيه انما قاله عالم بطريق الاستدلال والاستنباط وليس له دليل قطعي والا اجمعوا عليه وفي المنتهى يطلق الاستدلال عموما على ذكر الدليل وخصوصا على نوع خاص من الادلة وهو المطلوب هنا اهـ والمصنف عرفه بقوله وهو دليل ليس بنص ولا اجماع ولا قياس فيدخل الاقتراني والاستثنائي وقياس العكس وقولنا الدليل يقتضي ان لا يكون كذا خولف في كذا لمعنى مفقود في صورة النزاع فتبقى على الاصل الاستدلال لغة طلب الدليل ويطلق عرفا على اقامة الدليل مطلقا من نص او اجماع او غيرهما وعلى نوع خاص من الدليل بان كان موصلا للحكم وهو المراد هنا فلذا قال العلامة ابن عاصم فصل والاستدلال في ذا العلم اخذ دليل موصل للحكم وقال المحقق البناني قال ابن الحاجب يطلق أي الاستدلال على ذكر الدليل ويطلق على نوع خاص منه أي من الدليل وهو المقصود أي هنا اهـ والمصنف عرفه بانه عبارة عن دليل ليس بنص أي من كتاب اسنة ولا اجماع ولا قياس كما عرفه بما ذكر ناظم السعود الجزء: 3 ¦ الصفحة: 53 حيث قال فيه ما ليس بالنص من الدليل وليس بالاجماع والتمثيل قال في شرحه ان الاستدلال المقصود له هذا الكتاب هو دليل ليس بنص من كتاب او سنة وليس باجماع جميع مجتهدي الامة وليس بقياس التمثيل ويسمى القياس الشرعي وهو المتقدم وهو حمل معلوم على معلوم لمساواته في علة حكمه عند الحامل وهو المتعارف من اطلاق لفظ القياس عند الاصوليين اهـ وهو الذي ذكره سيدي عبد الرحمان الاخضري في السلم بقوله وحيث جزءي على جزءي حمل لجامع فذاك تمثيل جعل وقول المصنف فيدخل الاقتراني الخ أي فيدخل في الاستدلال القياس الاقتراني وهو ما كان مختصا بالقضية الحملية وكانت النتيجة فيه مذكورة بالقوة كما قال في السلم المنطقي ثم القياس عندهم قسمان فمنه ما يدعى بالاقتراني وهو الذي دل على النتيجة بقوة واختص بالحميلة مثاله كل نبيذ مسكر وكل مسكر حرام ينتج كل نبيذ حرام وهو مذكور فيه بالقوة لا بالفعل ويدخل فيه القياس الاستثناني ايضا ويعرف بالشرطي ايضا وهو الذي دل على النتيجة او ضدها بالفعل لا بالقوة كما قال في السلم ومنه مايدعي بالاستثناء يعرف بالشرطي بلا امتراء وهو الذي دل على النتيجة او ضدها بالفعل لا بالقوة مثاله ان كان النبيذ مسكرا فهوحرام لكنه مسكر ينتج فهو حرام او ان كان النبيذ مباحا فهو ليس بمسكر لكنه مسكر ينتج فهو ليس بمباح وهذا القياس المنطقى مؤلف من قضايا متى سلمت لزم عنها لذاتها قول ءاخر كما قال في السلم ان القياس من قضايا صورا مستلزما بالذات قولا ءاخر ويدخل في الاستدلال قياس العكس قال شارح السعود ومنه أي ومن الاستدلال قياس العكس وهو اثبات عكس حكم شيء لمثله لتعاكسهما في العلة كما في حديث مسلم اياتي احدنا شهوته وله فيها اجر قال ارايتم لو وضعها في حرام اكان عليه وزر الحديث ومنه احتجاج المالكية على ان الوضوء لا يجب من كثير القيء فانه لما لم يجب من قليله لم يجب من قليله لم يجب من كثيره عكس البول لما وجب من كثيره اهـ فلذا قال في نظمه ومنه قياس المنطقي والعكس ويدخل في الاستدلال قولنا معاشر العلماء الدليل يقتضي ان لا يكون الحكم كذا خولف في كذا أي في صورة النزاع مثلا لمعنى مفقود في صورة النزاع فتبقى هي أي صورة النزاع على الاصل الذي اقتضاه الدليل فلذا قال الناظم معيدا الضمير على الاستدلال وهو دليل ليس نصا واتفاق ولا قياسا نحو عكس وكباق نحو الدليل يقتضي ان لا وقد خولف في كذا لمعنى قد فقد هنا فابقه لذاك المسلك مثاله ان يقال الدليل يقتضي امتناع تزويج المراة مطلقا سواء زوجت نفسها او زوجها الولى والدليل على منع تزويجها مطلقا ما في التزويج من اذلالها بالوطء وغيره الذي تاباه الانسانية لشرفها خولف هذا الدليل في تزويج الولي لها فجاز لكمال عقله وهذا المعنى مفقود فيها فيبقى تزويجها نفسها الذي هو محل النزاع على ما اقتضاه الدليل من الامتناع ففقد الشرط دليل على نفي الحكم فلذا كان من الاستدلال حيث قال ناظم االسعود عادا له منه ومنه فقد الشرط دون لبس وكذا انتفاء الحكم لانتفاء مدركه كقولنا الحكم يستدعي دليلا والا لزم تكليف الغافل ولا دليل بالسبر او الاصل وكذا قولهم وجد المقتضى او المانع او فقد الشرط أي وكذا يدخل في الاستدلال انتفاء الحكم لانتفاء المدرك الذي به يدرك وهو الدليل بان لم يجهده الجزء: 3 ¦ الصفحة: 54 المجتهد بعد الفحص الشديد فعدم وجدانه المظن به انتقاؤه دليل على انتفاء الحكم فهو حينئذ مما يرتضى دليلا في كتاب الاستدلال فلذا قال ناظم السعود ثم انتفا المدرك مما يرتضى خلافا للاكثر قالوا لا يلزم من عدم وجدان الدليل انتفاء الحكم وصورة انتفاء الدليل قولنا للخصم في ابطال الحكم الذي ذكره في مسالة كقوله مثلا الوتر واجب الحكم يستدعي دليلا بمعنى ان ثبوته يتوقف على الدليل وان لم يتوقف ثبوته على الدليل لامكن تكليف الغافل حيث وجد الحكم بدون الدليل المفيد له ولا دليل على حكمك ايها الخصم بالسبر الذي هو الاختبار والتفتيش حيث انا سبرنا الادلة فلم نجد ما يدل عليه او الاصل حيث ان الاصل المستصحب عدم الدليل عليه فينتفي دليلك ايضا فلذا قال الناظم وكانتفاء الحكم لنفي المدرك كالحكم يستدعي دليلا والا لزما تكليف غافل دليلا لزما ولا دليل هاهنا بالسبر او اصل وكذا يدخل في الاستدلال قول الفقهاء وجد المقتضي او المانع او فقد الشرط فهو دليل على وجود الحكم بالنسبة للاول وهو وجود المقتضى وعلى الانتفاء بالنسبة الى الاخيرين وهما وجود المانع وفقد الشرط فلذا قال الناظم ومنه في البعض الذي راوا قد وجد المانع او ما يقتضي او فقد الشرط وهذا نرتضي قال في الشرح فلا بد من تعيين المقتضى والمانع والشرط وبيان وجود الاولين ولا حاجة الى بيان فقد الثالث لانه على وفق الاصل اهـ وقال ناظم السعود مشيرا الى ما قبله مما هو من الاستدلال كذا وجود مانع او ما اقتضى والمقتضى بالكسر هو السبب فانه يلزم من وجوده الوجود ومن عدمه العدم وقول المصنف خلافا للاكثر أي في قولهم وجد المانع الخ فانه ليس بدليل بل دعوى دليل قال المحقق البناني قال شيخ الاسلام قول الاكثر هو المعتمد اهـ مسالة الاستقراء بالجريء على الكلي ان كان تاما أي بالكل الاصورة النزاع فقطعي عند الاكثر او ناقصا أي باكثر الجزءيات فظني ويسمى الحاق الفرد بالاغلب الاستقراء قال المحقق البناني عبارة عن تصفح جزءيات ليحكم بحكمها على امر يشمل تلك الجزءيات كذا فسر به حجة الاسلام فهو استدلال بثبوت الحكم للجزئيات على ثبوت للكلي عكس القياس عند المناطقة فانه استدلال بثبوت الحكم للكلي على ثبوته للجزءي اهـ واشار اليهما ناظم السلم فقال وان بجزيء على كل استدل فلذا بالاستقراء عندهم عقل وعكسه يدعى القياس المنطقي وهو الذي قدمته فحقق فلذا قال ناظم السعود معيدا الضمير على الاستدلال ومنه الاستقراء بالجزءي على ثبوت الحكم للكلى فان كان تاما أي بكل الجزئيات الا صورة النزاع فهو دليل قطعي في اثبات الحكم في صورة النزاع عند الاكثر من العلماء فلذا قال الناظم ومنه الاستقراء ذو تمام بالكل الا صور النزاع دام حجته قطعية للاكثر قال شارح السعود ان الاستقراء ينقسم الى تام وغير تام فالتام هو ان يعم الاستقراء غير صورة الشقاق اي النزاع بان يكون ثبوت الحكم في ذلك الكلي بواسطة اثباته بالتتبع في جميع جزئياته ما عدا صورة التنازع عند الاكثر ولا خلاف في حجيته فيها كرفع الفاعل ونصب المفعول في لغة العرب ومثاله في الفقه ما نسب الى مالك من حجية خبر الواحد والقياس فلذا قال في نظمه فان يعم غير ذي الشقاق فهو حجة بالاتفاق واذا كان الاستقراء ناقصا أي باكثر الجزء: 3 ¦ الصفحة: 55 الجزئيات الخالي عن صورة النزاع فظني فيها لا قطعي لاحتمال مخالفتها لذلك المستقرا ويسمى هذا عند الفقهاء الحاق الفرد بالاغلب فلذا قال الناظم وناقص أي بكثير الصور ظنية وسم هذا تصب الحاق فرد بالاعم الاغلب كما قال ناظم السعود وهو في البعض الى الظن انتصب يسمى لحوق الفرد بالذي غلب مسالة قال علماؤنا استصحاب انعدم الاصلي والعموم او النص الى ورود المغير وما دل الشرع على ثبوته لوجود سببه حجة مطلقا وقيل في الدفع دون الرفع من الادلة المختلف في بعض صورها الاستصحاب قول المصنف قال علماؤنا استصحاب العدم الاصلي أي استصحاب انتفاء ما استند العقل في نفيه الى الاصل ولم يثبته الشرع حجة جزما عند الشافعية فلذا قال الناظم ومنه الاستصحاب قال العلما يحتج باستصحاب اصل عدما وافاد شارح السعود ان الراجح عند المالكية ايضا كون استصحاب العدم الاصلي من هذا الباب أي باب الاستدلال فهو حجة وان العدم الاصلي هو انتفاء الاحكام السمعية في حقنا قبل بعثته صلى الله عليه وسلم لقوله تعالى ما كنا معذبين حتى نبعث رسولا ولان ثبوت العدم في الماضي يوجب ظن عدمه في الحال لكن انما يحتج به بعد قصارى البحث أي غايته عن دليل يدل على خلافه فلم يوجد فاذا وجد عمل به وهذا البحث أي استفراغ الجهد في طلب الدليل وعدم وجوده واجب اتفاقا في الاستصحاب وغيره فلذا قال في نظمه ورجحن كون الاستصحاب للعدم الاصلي من ذا الباب بعد قصارى البحث عن نص فلم يلف وهذا البحث وفقا منحتم وافاد العلامة ابن عاصم حجيته للاكثرين حيثما ورد وذلك لان الاصل ابقاء ما كان على ما كان حتى يدل الدليل المرتضى على خلافه حيث قال فصل والاستصحاب حيثما ورد فحجة للاكثرين تعتمد وذاك ان يقال الاصل الانا ابقاء ما كان على ما كانا حتى يدلنا الدليل المرتضى على خلاف الحكم فهو ما اقتضى وافاد ايضا ان مثل الاستصحاب البراءة الاصلية في كونها حجة وهي البقاءعلى انتفاء الحكم حتى يدل دليل حكمي حيث قال ومثله البراءة الاصليه في حجة مرضيه وهي البقا على انتفاء الحكم حتى يدلنا دليل حكمي قول المصنف والعموم الخ أي واستصحاب العموم اوالنص الى ورود المغير من مخصص او ناسخ حجة جزما فيعمل بهما فلذا قال الناظم عاطفا على ماهو من قبيل الحجة والنص والعموم حتى يردا مغير واستصحاب ما دل الشرع على ثبوته لوجود سببه كثبوت الملك بالشراء فان استصحابه حجة مطلقا في الدفع والرفع اما الدفع ففي ما لو ادعى شيئا وشهدت بينة بانه كان ملكا للمدعي بشرائه له فانه يعمل باستصحاب ملكه ويعطاه واما الرفع ففيما لو اتلف انسان شيئا وشهدت بينة بانه كون ملكا لزيد فانه يعمل باستصحاب ملكه ويثبت له لعة الضمان في مال المتلف فان ذلك رفع لما ثبت له من عدم استحقاقه في ماله شيئا افاده الشربيني وقيل حجة في الدفع عما ثبت دون الرفع لما ثبت كاستصحاب حياة المفقود قبل الحكم بموته فانه دافع للارث منه وليس برافع وذلك لعدم ارثه غيره للشك في حياته فلا يثبت استصحابها له ملكا جديدا اذ الاصل عدمه فلذا قال الناظم وما به الشرع بدا دل على ثبوته لسببه والخلف في الاخير غير مشتبه ثالثها في الدفع دون الرفع قوله والخلف في الاخير أي وهو قوله وما دل الشرع الخ وافاده ناظم السعود ايضا ان ما دل الجزء: 3 ¦ الصفحة: 56 الشرع على ثبوته لوجود سببه حجة ودليل من الاستدلال مثل استصحاب ذلك العدم الاصلي حيث قال وما على ثبوته للسبب شرع يدل مثل ذاك استصحب وقيل بشرط ان لا يعارضه ظاهر مطلقا وقيل ظاهر غالب قيل مطلقا وقيل ذو سبب ليخرج بول وقع في ماء كثير فوجد متغيرا واحتمل كون التغير به والحق سقوط الاصل ان قرب العهد واعتماده ان بعد أي وقيل ان ما دل الشرع على ثبوته لوجود سببه حجة بشرط ان لايعارضه ظاهر مطلقا سواء كان الظاهر غالبا او غير غالب وقيل ظاهر غالب قيل مطلقا سواء كان الغالب ذا سبب ام لا وقيل ذو سبب اما ان عارضه ظاهر مطلقا او بشرط من كون الظاهر غالبا اما مطلقا او مقيدا بكونه ذا سبب فيقدم الظاهر عليه قال الجلال المحلي وهو المرجوح من قولي الشافعي في تعارض الاصل والظاهر اه وتقييد المصنف بذي السبب قال ليخرج بول وضع في ماء كثير فوجد متغيرا واحتمل كون التغير به أي وكون التغيير بغيره أي مما لا يضر كطول المكث فان استصحاب طهارته هو الاصل عارضه نجاسته الظاهرة الغالبة ذات السبب فقدمت على الطهارة على قول اعتبار الظاهر كما تقدم الطهارة على قول اعتبار الاصل واشار الناظم الى ما قرر فقال وقيل ان معارض ذو منع من ظاهر وقيل ظاهر غلب فقيل مطلقا وقيل ذو سبب كقلتين بال نحو الظني به وشك مع تغييره في سببه قوله كقلتين الخ افاد مثاله في الشرح انه لو راى انسان من بعد ظبية تبول في ماء كثير ثم وجد متغيرا فانه يحكم بنجاسته نظرا للسبب الظاهر ولا يستصحب اصل الطهارة بخلاف سائر الصور التي عمل فيها بالاصل والغيي الظاهر لعدم وجود سبب يحال عليه وقال شارح السعود مبينا حكم الاستصحاب عند المالكية ان محل استصحاب العدم الاصلي ما لم يعارض الغالب الاصل والا فقيل يقدم الاصل على الغالب وقيل يقدم الغالب عليه كاختلاف الزوجين في النفقة الغالب دفعها لها والاصل بفاؤها في ذمة الزوج اذ الاصل بقاء ما كان على ما كان واتفقوا في مسائل على تغليب الاصل على الغالب كالدعاوي فان الاصل براءة الذمة والغالب المعاملة واتفقوا في مسائل اخرى على تغليب الغالب على الاصل كالبينة فان الغالب صدقها والاصل براءة الذمة واشار الى اختلاف النقول في المسالة بقوله وان يعارض غالبا ذا الاصل ففي المقدم تنافي النقل قول المصنف والحق الخ أي والحق التفصيل وهو مقابل لقولي اعتبار الاصل والظاهر وهو سقوط الاصل وهو الطهارة ان قرب العهد أي العلم بعدم تغير الماء اذ يغلب على الظن حينئذ ان التغير من الواقع واعتماده ان بعد العهد بعدم تغيره لاحتمال ان يكون التغير موجودا قبل وقوع البول لطول المكث واشار الناظم الى هذا التفصيل الحق وانه المعتمد بقوله وقيل ان عهد بطل فليعتمد اصل والا لا هذا المعتمد ولا يحتج باستصحاب حال الاجماع في محل الخلاف خلافا للمزني والصيرفي وابن سريج والامدي فعرف ان الاستصحاب ثبوت امر في الثاني لثبوته في الاول لفقدان ما يصلح للتغيير أي اذا اجمع على حكم في حال كعدم نقض الخارج النجس من غير السبيلين واختلف فيه أي في ذلك الحكم في حالة اخرى كبعد خروجه فلا يحتج باستصحاب حكم تلك الحالة في هذه خلافا للمزني والصيرفي وابن سريج والامدي في قولهم يحتج بذلك فلذا قال الناظم وامنع لسحب حال الاتفاق في محل خلف ورءاه الصيرفي فعرف مما ذكر ان الاستصحاب ثبوت امر في الزمن الثانى لثبوته في الاول لفقدان ما يصلح للتغيير من الاول الى الثاني الجزء: 3 ¦ الصفحة: 57 فلذا قال الناظم فحد الاستصحاب في ذا الشان ثبوت امر في الزمان الثاني لكونه في الزمن الغبير لفقد ما يصلح للتغيير فلا زكاة عند الشافعية فيما حال عليه الحول من عشرين دينارا ناقصة تروج رواج الكاملة عملا باستصحاب ما قبل تمام الحول لما بعده بخلاف مذهبنا معاشر المالكية من وجوب الزكاة فيما ذكر قال العلامة الشيخ سيدي خليل في مختصر الفتوي وفي مايتي درهم شرعي او عشرين دينارا فاكثر او مجمع منهما بالجزء ربع العشر وان لطفل او مجنون او نقصت او برداءة اصل او اضافة وراجت ككاملة اما ثبوته في الاول لثبوته في الثاني فمقلوب وقد يقال فيه لو لم يكن الثابت اليوم ثابتا امس لكان غير ثابت فيقتضي استصحاب امس بانه الان غير ثابت وليس كذلك فدل على انه ثابت أي اما ثبوت الامر في الاول لثبوته في الثاني فاستصحاب مقلوب قال الشيخ الشربيني عبارة المصنف في شرح المختصر كما اذا وقع النظر في المكيال هل كان على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم فيقال نعم اذ الاصل موافقة الماضي للحال اهـ فلذا قال اناظم اما الذي في اول مصحوب لكونه في الثاني في المقلوب ويسمى ايضا بمعكوس الحال أي الاستصحاب كما قال ناظم السعود وما بماض مثبت للحال فهو مقلوب وعكس الحال قول المصنف وقد يقال فيه الخ أي وقد يقال في الاستصحاب المقلوب ليظهر الاستدلال به لو لم يكن الثابت اليوم ثابتا امس لكان غير ثابت امس اذ لا واسطة بين الثبوت وعدمه فيقضي استصحاب امس الخالي عن الثبوت فيه بانه الان غير ثابت قال وليس كذلك أي لانه مفروض الثبوت الان فدل ذلك على انه ثابت امس ايضا قال المحقق البناني قوله أي المصنف فيقضي استصحاب امس الخ قال العلامة فيه نظر لا يخفى على المتامل كيف يقضي بذلك وقد شرط في الاستصحاب فقدان ما يصلح للتغيير وهو هنا موجود وهو وجود المكيال المشاهد في الحال اهـ ونحا الناظم نحو المصنف قائلا وقد يقال فيه لو لم يكن الثابت اليوم بذاك الزمن لكان غير ثابت فيقضي بانه للان غير مقضي مسالة لا يطالب النافي بالدليل ان ادعى علما ضروريا والا فيطالب به الاصح ويجب الاخذ باقل المقول وقد مر وهل يجب بالاخف او الاثقل او لا يجب شيء اقوال أي لا يطالب النافي للشيء بالدليل على انتفائه ن ادعى علما ضروريا بانتفائه لانه لعدالته صادق في دعواه فلذا قال الناظم لا يطالب الدليل ممن قد نفى ان ادعى علما ضروريا وفا فوفا كمل به البيت والا بان لم يدع علما ضروريا بان ادعى علما نظريا او ظنا بانتفائه فيطالب بدليل انتفائه على الاصح اذ المعلوم بالنظر او المظنون قد يشتبه فيطلب دليله لينظر فيه فلذا قال الناظم او لا يطالب بدليل في الابر أي الاصح وقول المصنف ويجب الاخذ باقل المقول وقد مر أي في كتاب الاجماع في قوله وان التمسك باقل ما قيل حق فلذا قال الناظم والاخذ بالاقل في الاجماع مر واذا قام الدليل على وجوب شيء يتحقق بشيئين اخف واثقل ولم يقم دليل على خصوص احدهمااوتعارضت فيهما الاحتمالات الناشئة عن الامارات المتعارضة او تعارضت فيه مذاهب العلماء فهل يجب الاخذ بالاخف في شيء لقوله تعالى يريد الله بكم اليسر او الاثقل فيه لانه الاكثر ثوابا واحوط او لا يجب شيء منهما بل الجزء: 3 ¦ الصفحة: 58 يجوز كل منهما لان الاصل عدم الوجوب اقوال قال الجلال المحلي اقربها الثالث وافاد الناظم حكاية الاقوال الثلاثة بقوله وفي وجوب الاخذ او اشدها اولا ولا خلف حكوا وافاد العلامة ابن عاصم ان الاخذ بالاخف ان كان موجودا بغير مانع قول الشافعي حيث قال والاخذ بالاخف قول الشافعي ان كان موجودا بغير مانع مسالة اختلفوا هل كان المصطفى صلى الله عليه وسلم متعبدا قبل النبوة بشرع واختلف المثبت فقيل نوح وابراهيم وموسى وعيسى وما ثبت انه شرع اقوال والمختار الوقف تاصيلا وتفريعا وبعد النبوة المنع أي اختلف العلماء هل كان المصطفى صلى الله عليه وسلم متعبدا بفتح الباء كما ضبطه المصنف أي مكلفا قبل النبوة بشرع فلذا قال الناظم واختلفوا هل كان قبل البعثة نبينا مكلفا بشرعة فمنهم من نفى ذلك ومنهم من اثته واختلف في تعيين ذلك الشرع بسبب تعيين من نسب اليه فقيل هو نوح وقيل ابراهيم وقيل موسى وقيل عيسى وزاد الناظم ءادم فلذا قال واختلف المثبت قيل موسى ءادم ابراهيم نوح وعيسى وقيل ما ثبت انه شرع من غير تعيين لنبيء فهي اقوال مرجعها التاريخ قوله والمختار الوقف تاصيلا وتفريعا قال الشيخ حلولو معناه في اصل المسالة وفرعها والمراد الوقف في النفي والاثبات وفي تعيين النبئ الذي كان متعبدا بشريعته على القول به اهـ والختار بعد النبوة المنع من تعبده بشرع من قبله لان له شرعا يخصه فلذا قال الناظم ونرتضي الوقف بها واصلا والمنع بعد الوحي لكن نقلا قوله نقلا معناه قال في الشرح والاكثرون هنا من الاشاعرة والمعتزلة على المنع لكن قال الاشاعرة بامتناعه نقلا والمعتزلة عقلا وقد اشرت الى ذلك بقولي من زوائدي أي على المصنف لكن نقلا اهـ وقيل تعبد بعد النبوة بما لم ينسخ بشرع من قبله استصحابا لتعبد به قبل النبوة وهو جار على اصلنا معاشر المالكية من ان شرع من قبلنا شرع لنا ما لم يرد في شرعنا ما يخالفه وافاد الشيخ الشربيني ان الشريعة انما تنسخ ما قبلها بالنسبة لغير اصول الدين اما هي فلا اذ لا تنسب لواحد بخصوصه مسالة حكم المنافع والمضار قبل الشرع مر وبعده الصحيح ان اصل المضار التحريم والمنافع الحل قال الشيخ الامام الا اموالنا لقوله صلى الله عليه وسلم ان دماءكم واموالكم عليكم حرام أي حكم المنافع والمضار قبل الشرع أي البعثة مر في اول الكتاب حيث قال في مقدماته ولا حكم قبل الشرع بل الامر موقوف الى وروده فلذا قال الناظم الحكم قبل الشرع في ذي النفع والضر قد مر واما بعده أي بعد مجيء الشرع أي الدليل العام منه والا فقبله كما قبل الشرع فالصحيح ان اصل المضار التحريم والمنافع الحل قال الله تعالى هو الذي خلق لكم ما في الارض جميعا ذكره سبحانه في معرض الامتنان ولا يمتن الا بالجائز وقال صلى الله عليه وسلم فيما رواه ابن ماجه وغيره لا ضرر ولا ضرار أي في ديننا أي لا يجوز ذلك بمعنى لا تضروا انفسكم ولا يضركم غيركم فلذا قال الناظم وبعد الشرع رجح ان الاصل تحريم المضار والحل في ذي النفع قال الشيخ الامام والد المصنف رحمهما الله ونفعنا ببركاتهما مستثنيا من ان اصل الحل في المنافع الا اموالنا فانها من المنافع والظاهر ان الاصل فيها التحريم لقوله صلى الله عليه وسلم ان دماءكم واموالكم واعراضكم عليكم حرام قال المحقق البناني أي ان دماء بعضكم حرام على البعض الاخر وكذا الجزء: 3 ¦ الصفحة: 59 القول فيما بعده اهـ فلذا قال الناظم والسبكي صار الى خصوصه بغير المال فذاك حظر بالحديث العالي مسالة الاستحسان قال به ابو حنيفة وانكره الباقون وفسر بدليل ينقدح في نفس المجتهد تقصر عنه عبارته ورد بانه ان تحقق فمعتبر وبعدول عن قياس الى اقوى ولا خلاف فيه او عن الدليل الى العادة ورد بانه ان ثبت انها حق فقد قام دليلها والاردت أي اختلف في تصور الاستحسان والقول به ابو حنيفة وانكره الباقون من العلماء منهم الحنابلة قال الجلال المحلي خلاف قول ابن الحاجب قال به الحنيفة والحنابلة اهـ وافادد الناظم ما افاده المصنف حيث قال الاكثرون ليس الاستحسان بحجة وخالف النعمان وقال العلامة ابن عاصم فصل رخص نوع الاستحسان بانه ينمى الى النعمان وفسر بدليل ينقدح أي يظهر ويتضح في نفس المجتهد تقصر عنه عبارته كما قال ابن عاصم وقيل بل هو الدليل يظهر في النفس والتعبير عنه يعسر وكما قال الناظم وحده قيل دليل ينقدح في نفسه وباللسان لا يصح وعند المالكية قال شارح السعود ان الباجي نقل عن ابن خويز منداد من المالكية ان الاستحسان الي قال به المالكية هو الاخذ باقوى الدليلين وهذا لا خلاف فيه للاجماع على وجوب العمل بالراجح كتخصيص العرايا من منع بيع الرطب بالتمر لتجويز السنة ذلك وكتصديق مشتر وزوج ادعيا الاشبه في التنازع في قدر الثمن والصداق وكشهادة الرهن في قدر الدين ومعنى الاستحسان ما حسن في الشرع ولم ينافه فهو يستحسنه المجتهد بعقله ويميل اليه فلذا قال في نظمه والاخذ بالذي له رجحان من الادلة هو استحسان واشار العلامة ابن عاصم الى هذا التفسير من احدى تفاسير للاستحسان بقوله او اتباع احسن الادله ولا خلاف فيه عند الجله قول المصنف ورد بانه الخ أي ورد تفسير الاستحسان بكونه دليلا ينقدح الخ بانه أي الدليل المذكور ان تحقق أي تيقن وعلم عند المجتهد فمعتبر أي فيجب العمل به حينئذ ولا يضر قصور عبارته عنه قطعا وان لم يتحقق عنده فمردود قطعا قال ناظم السعود ورد كونه دليلا ينقدح ويقصر التعبير عنه متضح قال الناظم ايضا ورد ان كان له تحقق فليعتبر اولا فلا متفق فاذا وقع الحكم بدون دليل اقتضاه العلم فانه يكون محرما بلا شك عند الجميع من جملة الممنوع كما قال العلامة ابن عاصم واختلفوا فيه فقيل الحكم دون دليل يقتضيه العلم وذا بلا شك لدى الجميع محرم من جملة الممنوع وفسر ايضا بعدول عن قياس الى قياس اقوى منه ولا خلاف فيه بهذا المعنى اذ اقوى القياسين مقدم على الاخر قطعا فلذا قال الناظم وقيل بل هو العدول عن قياس الى اشد وهو امر لا التباس او بعدول عن مقتضى الدليل الى مقتضى العادة للمصلحة العامة كدخول الحمام من غير تعيين زمن المكث وقدر الماء والاجرة فانه معتاد على خلاف الدليل للمصلحة وكذا شرب الماء من السقاء من غير تعيين قدره ورد بانه ان ثبت ان العادة حق لجريانها في زمنه عليه الصلاة والسلام او بعده من غير انكار منه ولا من غيره فقد قام دليلها من السنة التقريرية والاجماع التقريري وحينئذ يعمل بها قطعا والا بان لم تثبت حقيقتها ردت قطعا فلم يتحقق معنى للاستحسان مما ذكر محلا للنزاع فلذا قال الناظم وقيل ان يعدل عن حكم الدليل لعادة وفي جواب ذاك قيل فانها ان ثبتت حقا فقد قام دليلها والا فلترد وافاد الجزء: 3 ¦ الصفحة: 60 ناظم السعود ايضا ما ذكر من تفسير الاستحسان بانه تخصيص الدليل العام بالعادة لمصلحة الناس حسبما قرر ءانفا وان بعضهم قال الذي يظهر من مذهب مالك في الاستحسان انه استعمال مصلحة جزءية كما اذا اختار بعض ورثة المشتري بالخيار الرد وبعضهم الامضاء فالذي ذكره العلامة الجليل الشيخ سيدي خليل في مختصر الفتوى في فصل الخيار القياس رد الجميع ان رد بعضهم والاستحسان اخذ المجيز الجميع اهـ فلذا قال في نظمه معيدا الضمير على الاستحسان وهو تخصيص بعرف ما يعم ورعي الاستصلاح بعضهم يؤم فان تحقق استحسان مختلف فيه فمن قال به فقد شرع اما استحسان الشافعي التحليف على المصحف والخط في الكتابة ونحوهما فليس منه قال الشيخ حلولو معنى قول المصنف فان تحقق استحسان مختلف فيه فمن قال به فقد شرع انه ان ثبت ماخذ للاحكام مسمى بالاستحسان ليس من الادلة المتقدم ذكرها في الكتب السالفة فمن قال به فقد شرع أي وضع شرعا من قبل نفسه وليس له ذلك غير ثابت والعلماء محاشون من ذلك فلذا قال الناظم فان تحقق منه ما تنوزعا فيه فمن قال بهذا شرعا اما استحسان الشافعي التحليف على المصحف والخط في نجوم الكتابة لبعض من عوضها ونحوهما قال الجلال المحلي كاستحسانه في المتعة ثلاثين درهما فليس من الاستحسان المختلف فيه ان تحقق بل هو من الاستحسان بالمعنى اللغوي فلذا قال الناظم وليس ما استحسن من مختلف الشافعي كحلفه في المصحف مسئلة قول الصحابي على صحابي غير حجة وفاقا وكذا على غيره قال الشيخ الامام الا في التعبدي وفي تقليده قولان لارتفاع الثقة بمذهبه اذ لم يدون قول المصنف قول الصحابي أي مذهبه سواء علم من قوله او من فعله أي فيما اذا كان مجتهدا على صحابي ليس حجة في نفسه أي ليس من الادلة الشرعية المستقلة فلذا قال الناظم قول الصحابي على صحابي ليس بحجة على الصواب وقال ناظم السعود وراي الصحابي على الاصحاب لا يكون حجة بوفق من خلا أي مضى من اهل الاصول أي جميعهم وكذا لا يكون قوله حجة على غيره كالتابعى لان قول المجتهد ليس من الادلة للشرعية المستقلة وافاد شارح السعود ان قول الصحابي المجتهد في حق المجتهد غير الصحابي كالتابعي فمن بعده فالمشهور عن مالك انه حجة في حق غير الصحابة من المجتهدين لقوله صلى الله عليه وسلم اصحابي كالنجوم بايهم اقتديتم اهتديتم قال وهذا قول الشافعي القديم والثاني المنع مطلقا وهو مروي عن مالك ايضا والثالث التفصيل وعزاه الباجي لمالك وهو انه حجة بشرط ان لا يعلم له مخالف لانه حينئذ اجماع وان خولف فليس بحجة لان القول الاخر يناقضه وكونه حجة ان انتشر ليس بمنزلة الاجماع السكوتى لان اشتراط الانتشار لا يلزمه بلوغ الكل ومضي مهلة النظر عادة اهـ فلذا قال في نظمه في غيره ثالثها ان انتشر وما مخالف له قط ظهر قوله في غيره أي في غير راي الصحابي على الاصحاب وافاد المصنف رحمه الله ان والده الشيخ الامام السبكي يقول ان قول المجتهد الصحابي لا يكون حجة على غيره الا في الحكم التعبدي فقوله فيه يكون حجة حيث ان ظهور مستنده فيه التوقيف من النبيء صلى الله عليه وسلم وزاد الجلال السيوطي نقله عن الفخر الرازي ايضا حيث قال في النظم لا سواه وعن السبكي والفخر الا في التعبدي قال الجلال المحلي مستشهدا لاعتماد الجزء: 3 ¦ الصفحة: 61 قول الصحابي في التعبدي قال الشافعي رضي الله عنه روي عن علي رضي الله عنه انه صلى في ليلة ست ركعات في كل ركعة ست سجدات ولو ثبت ذلك عن علي لقلت به لانه لا مجال للقياس فيه فالظاهر انه فعله توقيفا اهـ وفي تقليد غير الصحابي له بناء على عدم حجية قوله اذ على الحجية لا يكون تقليدا بل احتجاجا للمجتهد قولان قال الجلال المحلي المحققون كما قال امام الحرمين على المنع اهـ وانما كانوا على المنع لارتفاع الثقة بمذهبه حيث انه لم يدون فلذا قال الناظم واكثر المحققين بامتناع قال شارح السعود ان العامي وهو غير المجتهد يجوز له ان يقتدي بالمجتهد من الصحابة عند تحقق المعتمد بفتح الميم أي تحقق مذهب الصحابي في المسئلة لان مذاهب الصحابة لم تثبت حق الثبوت لانها نقلت فتاوى مجردة فلعل لها مقيدا او مخصصا او مكملا لو انضبط كلام قائله لظهر بخلاف تقليد احد الايمة الاربعة للثقة بمذاهبهم لتدوينها فالعامي مامور باتباع مذاهب الخلف لاجل ذلك وان كان نظر الصحابة اعلى واتم لانهم شاهدوا التنزيل وعرفوا التاويل ووقفوا من احواله صلى الله عليه وسلم ومراده من كلامه على ما لم يقف عليه غيرهم فكان حال التابعي ومن بعده النسبة اليهم كحال العامي بالنسبة الى المجتهد التابعي اهـ فلذا قال في نظمه ويقتدي من عم بالمجتهد منهم لدى تحقق المعتمد واما التابعى المجتهد فافاد انه لا يجوز لمجتهد ان يقلده في رايه أي اجتهاده اذ المجتهد لا يخلصه من الله الا الاجتهاد لا تقليد مجتهد فلذا قال في نظمه والتابعي في الراي لا يقلد له من اهل الاجتهاد احد قال الا اذا كان المقلد بالفتح صحابيا مجتهدا والمقلد بالكسر مجتهد غير صحابي قال ففيه ثلاثة اقوال المذهبية التي تقدمت واكثر من ثلاثة بالنسبة الى ساير المذاهب ثم افاد ايضا ان غير المجتهد يحظل له أي يمنع ان يعمل بمعنى نص من كتاب او سنة وان صح سندها الاحتمال عوارضه من نسخ وتقييد وتخصيص وغير ذلك من العوارض التي لا يضبطها الا المجتهد فلا يخلصه من الله الا تقليد مجتهد قال قاله القرافي فلذا قال في نظمه من لم يكن مجتهدا فالعمل منه بمعنى النص مما يحظل قال فاياك وما يفعله بعض جهلة الطلبة من الاستدلال بحديث لا يعلمون صحته فضلا عن الاطلاع على ما ذكر من العوارض فضلوا واضلوا ثم ذيل الكلام بمسالة سد الذرائع بمعنى حسم مادة وسائل الفساد دفعا له مفيدا انه متى كان الفعل السالم من المفسدة وسيلة الى المفسدة منع من ذلك الفعل وهو مذهب مالك وكذلك يجب فتح الذريعة الى الواجب ويندب فتحها الى المندوب ويكره الى المكروه فلذا قال في نظمه سد الذرائع الى المحرم حتم كفتحها الى المنحتم وبالكراهة وندب وردا وافاد ايضا انه يجب اجماعا الغاء الذريعة اذا كان الفساد ابعد جدا من المصلحة قال مما يدل على الغاء الذريعة التي الفساد فيها بعيدا جدا ما تشاهده في مشارق الدنيا ومغاربها من دوالي العنب المغروسة المتدلية العناقيد ولم يمنع احد من غرسها خوف شرب الخمر التي تكون من عنبها وكذلك لم يمنع احد من الشركة في الدور خشية الوقوع في الزنى أي كما قال العلامة ابن عاصم ممثلا لعدم المنع كمنع الاشتراك في سكنى الدور مخافة من ارتكاب الجزء: 3 ¦ الصفحة: 62 المحظور ثم قال قال القرافي في التنقيح قد يكون وسيلة المحرم غير محرمة اذا افضت الى مصلحة راجحة كالتوسل الى فداء الاسارى بدفع المال للعدو الذي هو محرم عليهم الانتفاع به لكونهم مخاطبين بفروع الشريعة عندنا اهـ فلذا قال في نظمه والغ ان يك الفساد ابعدا او رجح الاصلاح كالاسارى تفدى بما ينفع للنصارى وانظر تدلي دوالي العنب في كل مشرق وكل مغرب قوله وانظر الخ أي كما اشار الى ذلك العلامة ابن عاصم بقوله ايضا وءاخر شهادة الشرع بدت في عدم اعتباره حيث ثبت كالاثم من غراسة الكروم خيفة عصر المسكر المعلوم فذا باجماع فحيثما ورد مطرح ولم يقل به احد واطلنا الكلام في هذه المسئلة بهذه الصورة لتعرض اصول كتابنا اليها في ذا الموضع كما ترى لان دابنا تتبع اصوله والله الموفق وقيل حجة فوق القياس فان اختلف صحابيان فكدليلين وقيل دونه وفي تخصيصه العموم قولان وقيل حجة ان انتشر وقيل ان خالف القياس وقيل ان انضم اليه قياس تقريب وقيل قول الشيخين فقط وقيل الخلفاء لاربعة أي وقيل قول الصحابي حجة فوق القياس فيقدم عليه عند التعارض وعلى هذا فان اختلف صحابيان في المسئلة فقولاهما كدليلين فيرجح احدهما بمرجح فلذا قال الناظم وقيل حجة على القيس وفا وكالدليلين اذا ما اختلفا وقيل قوله حجة دون القياس فيقدم القياس عليه عند التعارض وفي تخصيص قول الصحابي العموم على هذا قولان الجواز كغيره من الحجج والمنع قال الجلال المحلي لان الصحابة كانوا يتركون اقوالهم اذا سمعوا العموم واشار الناظم الى ما ذكره المصنف بقوله وقيل بل دون القياس ثم في تخصيصه العموم قولان قفي وقيل قوله حجة ان انتشر من غير ظهور مخالف له وقيل حجة ان خالف القياس لانه لا يخالفه الا الدليل غيره بخلاف ما اذا وافقه لاحتمال ان يكون عنه فهو الحجة لا القول وقيل حجة ان انضم اليه قياس تقريب قال الجلال المحلي كقول عثمان رضي الله عنه في البيع بشرط البراءة من كل عيب ان البائع يبرا به مما لم يعلمه في الحيوان دون غيره قال الشافعي لانه يغتذي بالصحة والسقم أي في حالتيهما وتحول طباعه أي وفي حال تحول طباعه أي تغيرها وقلما يخلو عن عيب ظاهر او خفي بخلاف غيره فيبرا البائع فيه من خفى لايعلمه بشرط البرءاة المحتاج هو اليه ليثق باستقرار العقد فهذا أي قول الشافعي المذكور قياس تقريب قرب به قول عثمان المخالف لقياس التحقيق والمعنى من انه لا يبرا من شيء للجهل بالبرء منه اهـ قوله والمعنى قال المحقق البناني أي العلة وهو عطف على التحقيق عطف لازم على ملزوم اهـ واشار الناظم الى ما ذكره المصنف بقوله وقيل ان يشهر وقيل ان يناف قيسا وقيل مع تقريب يواف وقيل قول الشيخين فقط وقيل الخلفاء الاربعة وعن الشافعي الاعليا اما وفاق الشافعي زيدا في الفرائض فلدليل لا تقليدا أي وقيل قول الشيخين ابي بكر وعمر فقط أي كل منهما حجة لحديث اقتدوا باللذين من بعدي ابي بكر وعملر وقيل قول الخلفاء الاربعة ابي وعمر وعثمان وعلي أي قول كل منهم حجة بخلاف غيرهم لحديث عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين الخ قال الناظم وقيل قول الصاحبين الكمل وقيل وعثمان وقيل مع علي قول المصنف وعن الشافعي الاعليا قال القفال وغيره لا لنقص اجتهاده عن اجتهاد الثلاثة بل لانه لما ءال الامر الجزء: 3 ¦ الصفحة: 63 اليه خرج الى الكوفة ومات كثير من الصحابة الذين كانوا يستشيرهم الثلاثة وتفرق الباقي في البلدان فكان قول كل من الثلاثة قول كثير من الصحابة بخلاف قول علي قال الجلال السيوطي فان قيل اذا كان الصحيح من مذهبه أي مذهب الشافعي ان قول الصحابي ليس بحجة فكيف وافق قول زيد ابن ثابت في الفرائض حتى تردد حيث ترددت الرواية عن زيد فالجواب انه لم ياخذ بقوله على سبيل التقليد ل الدليل قام عنده فوافق اجتهاده اجتهاده وقد قال صلى الله عليه وسلم افرضكم زيد وقال صلى الله عليه وسلم اعلم امتى بالفرائض زيد بن ثابت اهـ فلذا قال في النظم اما وفاق الشافعي زيدا ارثا فللدليل لا تقليدا والله اعلم مسئلة الالهام ايقاع شيء في االقلب يثلج له الصدر يخص به الله بعض اصفيائه وليس بحجة لعدم ثقة من ليس معصوما بخواطره خلافا لبعض الصوفية ذكر المصنف رحمه الله تعالى انه من الادلة المختلف فيها الالهام وعرفه بانه ايقاع شيء في القلب يثلج أي يطمئن له الصدر بضم اللام وحكي فتحها يخص به الله تعالى بعض اصفيائه وليس بحجة لعدم ثقة من ليس معصوما بخواطره لانه لا يامن دسيسة الشيطان فيها خلافا لبعض الصوفية في قوله انه حجة في حق الملهم فقط قال الجلال السيوطي وممن قال بانه حجة شهاب الدين السهروردي اهـ فلذا قال في النظم الهامنا ليس لفقد الثقة من غير معصوم به بحجة وبعض اهل الخير قد رءاه والسهروردي خص من حواه ايقاعه في القلب ما يثلج له به يخص الله من قد كمله قال الجلال المحلي رحمه الله اما المعصوم كالنبيء صلى الله عليه وسلم فهو حجة في حقه وحق غيره اذا تعلق بهم كالوحي اهـ وتكلم ناظم السعود على هذه المسئلة قائلا وينبذ الالهام بالعراء اعني به الهام الاولياء وقد رءاه بعض من تصوفا وعصمة النبي توجب اقتفا لا يحكم الولي بلا دليل من النصوص ومن التاويل في غيره الظن وفيه القطع لاجل كشف ما عليه تقع والظن يختص بحمس الغيب لنفي علمها بدون ريب وقوله ما عليه نقع بفتح النون أي غبار والعبد اذا انتخبه سبحانه وليا فانه يخصه بعلم لدني من خزائن غيبه ليمتاز عن غيره لمقام الولاية فيعممل بالالهام في نفسه كما قال فيصل العارفين بالله سيدي احمد ابن عطاء الله في حكمكه انما اورد عليك الوارد لتكون به عليه واردا اهـ فليزمه حينئذ ان يعمل بمقتضاه من غير نبذ له والله اعلم خاتمة قال القاضي الحسين مبنى الفقه على ان اليقين لا يرفع بالشك والضرر يزال والمشقة تجلب التيسير والعادة محكمة قيل والامور بمقاصدها قال الشيخ حلولو ذكر بعض من تعرض لشرح هذا الكتاب ان القاضي الحسين لما بلغه ان ابا طاهر الدبوسي حصر مذهب الحنفى في اربعة عشر قاعدة نظر هو في مذهب الشافعي وحصره في الاربع قواعد وزاد غيره خامسة وهذه القواعد لا يسمع الخلاف فيها في الجملة وان اختلف العلماء في بعض تفاصيلها اهـ قال الناظم الفقه مبناه على ما حرره اصحابنا قواعد مختصره والقواعد الاربعة التي ذكر القاضي الحسين انها مبنى الفقه هي ان اليقين من حيث استصحابه لا يرفع بالشك قال المحقق البناني أي لا من حيث ذاته اذ اليقين لا يجامع الشك حتى يتصور رفعه به اهـ ومن مسائله اذا لم يدر اصلى ثلاثا ام اربعا بنى على اليقين كما قال صاحب المرشد المعين من شك في ركن بنى على اليقين وان الضرر يزال ومن مسائله وجوب رد المغصوب الجزء: 3 ¦ الصفحة: 64 وضمانه بالتلف وان المشقة تجلب التيسير ومن مسائلها جواز القصر في السفر وان العادة محكمة بفتح الكاف ومن مسائلها اقل الحيض واكثره ثم انها قد تكون عامة في جميع الارض وقد تكون في البعض دون البعض وان مالكا يقضي بها ايضا الا اذا خالفت الشرع فليست تعتبر عنده وان العرف منها وهو امر معتبر عند الجميع وافاد العلامة ابن عاصم ما ذكر بقوله فصل وما يغلب عند الناس فعادة يدعى بد الناس وقد يكون في جميع الارض وتارة في البعض دون البعض ومالك يقضي بها الا اذا خالفت الشرع فليست تحتذى والعرف منها وهو امر معتبر لدى الجميع حكمه قد اشتهر وقيل زيادة على الاربعة وان الامور بمقاصدها أي لا تحصل الامور الا بقصدها ومن مسائله وجوب لنية في الطهارة اذ النية هي القصد واشار الناظم الى ما ذكره المصنف بقوله بشك اليقين لا يزال وان كل ضرر مزال وبالمشاق تجلب الميسير وانه للعادة المصير وزاد بعض خامس القواعد ان امور الشخص بالمقاصد وافادها ناظم السعود ايضا حيث قال قد اسس الفقه على رفع الضرر وان ما يشق يجلب الوطر ورفع نفي القطع بالشك وان يحكم العرف وراد من فطن كون الامور تتبع المقاصد مع تكلف ببعض وارد قوله مع تكلف ببعض وارد معناه ان اكثر الفروع لا ترجع الى تلك الاصول الاربعة او الخمسة الا بواسطة وتكلف فلو اريد الرجوع بوضوح الدلالة لزادت تلك الاصول على المئين افاده في الشرح والله اعلم الكتاب السادس فى التعادل والتراجيح لما فرغ المصنف رحمه الله من ذكر الادلة شرع في بيان كيفيه الاستنباط عند تعارضها وهو الكتاب السادس وافرد الاول هو التعادل لانه نوع واحد وجمع الثاني لانه انواع وابتدا بالكلام على التعادل فقال يمتنع تعادل القاطعين وكذا الامارتين في نفس الامر على الصحيح أي يمتنع تعادل أي تقابل القاطعين بان يدل كل منهما على منافي ما يدل عليه الاخر اذ لو جاز ذلك لجاز ثبوت مدلوليهما كدال على حدوث العالم ودال على قدمه وذلك محال ومستلزم المحال محال فلذا قال الناظم ممتنع تعادل القواطع وكذا يمتنع تعادل الامارتين أي الدليلين الظنين بمعنى نقابلهما من غير مرجح لاحدهما في نفس الامر على الصحيح حذرا من التعارض في كلام الشارع فلذا قال الناظم كذا الامارتين أي في الواقع على الصحيح وافاد الجلال المحلي ان المجوز وهو الاكثر يقول لا محذور في ذلك وقال اما تعادلهما في ذهن المجتهد فواقع قطعا وعلى الجواز الذي عليه الاكثر درج ناظم السعود حيث قال ولا يجي تعارض الا لما من الدليلين الى الظن انتهى والاعتالد جائز في الواقع كما يجوز عند ذهن السامع قوله في ذهن السامع بينه في قوله في الشرح ان التعادل بين الظنيين في ذهن السامع لهما وهو المجتهد جائز وواقع اتفاقا وهو منشا تردده اهـ فان توهم التعادل فالتخيير او التساقط او الوقف او التخيير في الواجبات والتساقط في غيرها اقوال أي فان وقع في ذهن المجتهد على وجه الرجحان او الجزم تعادل الجزء: 3 ¦ الصفحة: 65 الامارتين بناء على جواز التعادل في نفس الامر حيث عجز عن مرجح لاحدهما فالتخيير حينئذ بينهما في العمل او التساقط لهما فيرجع الى غيرهما او الوقف عن العمل بواحد منهما او التخيير بينهما في الواجبات كان يدل احدهما على وجوب شيء ويدل الاخر على وجوب غيره وذلك انه قد يخير فيها كما في خصال كفارة اليمين والتساقط يكون في غيرها ففي ما ذكر اقوال فلذا قال الناظم واذا توهما فالوقف والتخيير او تركهما او اذا بغير واجب وفيه مخير خلف به تحكيه وهذا التفصيل الذي حكاه المصنف الضابط لمسائل الفن في هذا المختصر اشار اليه ناظم السعود في قوله وحيثما ظن الدليلان معا ففيه تخيير لقوم سمعا او يجب الوقف او التساقط وفيه تفصيل حكاه الضابط قال الجلال المحلي وسكت المصنف هنا عن تقابل القطعي والظنى لظهور ان لا مساواة بينهما لتقدم القطعي كما قاله في شرح المنهاج وهذا أي حكم تقابل القطعي والظني في النقلين واما قول ابن الحاجب لا تعارض بين قطعي وظني لانتفاء الظن أي عند القطع بالنقيض كما تممه المصنف وغيره فهو في غير النقلين كما اذا ظن ان زيدا في الدار لكون مركبه وخدمه ببابها ثم شوهد خارجها فلادلالة للعلامة المذكورة على كونه في الدار حال مشاهدته خارجها فلا تعارض بينهما بخلاف النقلين فان الظني منهما باق على دلالته حال دلالة القطعي وانما قدم عليه لقوته اهـ قال المحقق البناني الحق ان دلالة الظني باقية غاية الامر ان المدول تخلف عن الدليل وهذا لا يخرجه عن دلالته اذ حاصل الدلالة كون الشيء بحالة يلزم من العلم به العلم بشيء ءاخر وهو موجود هنا اهـ وان نقل عن مجتهد قولان متعاقبان فالمتاخر قوله والا فما ذكر فيه بترجيحه والا فهو المتردد ووقع للشافعي في بضعة عشر مكانا وهو دليل علو شانه علما ودينا ثم قال الشيخ ابو حامد مخالف ابي حنيفة منهما ارجح من موافقه وعكس القفال والاصح الترجيح بالنظر فان وقف فالوقف لما كان تعارض قولي المجتهد في حق مقلديه كتعارض الامارتين في حق المجتهد ذكر تعارض قوليه بعد تعارض الامارتين فافاد انه اذا نقل عنه قولان متعاقبان أي متتابعان لا بقيد الفورية فالمتاخر منهما هو القول المستمر أي المعمول به والمتقدم مرجوع عنه فلذا قال الناظم وحيث عن مجتهد قولان تعاقبا فالقول عند الثاني قال شارح السعود اذا نقل عن مجتهد قولان في مسئلة متافقبان وعلم المتاخر منهما فالمتاخر منهما هو قوله والمتقدم مرجوع عنه فهو مرجوح عنده غالبا فلا بعتنى به ولا يعمل فلذا قال في نظمه وقول من عنه روي قولان مؤخر اذ يتعاقبان فقول مبتدأ ومؤخر خبره والا أي بان لم يتعاقبا فان بات فالهما معا فقوله منهما المستمر المعول به ما ذكر فيه المشعر بترجيحه على الاخر كقوله هذا اشبه او كتفريعه عليه وان لم يذكر ذلك فهو متردد بينهما فلذا قال الناظم اولا فما يذكر فيه المشعر لكونه ارجح او لايذكر فهو متردد كما قال ناظم السعود فما صاحبه مؤيد وغيره فيه له تردد والمؤيد ما اشعربالترجيح ووقع هذا التردد للشافعي رضي الله عنه في ستة عشر او سبعة عشر مكانا قال المصنف وهو دليل علو شانه علما ودينا قال الجلال المحلي اما علما فلان التردد من غير ترجيح ينشا عن امعان النظر الدقيق حتى لا يقف على حالة واما دينا فانه لم يبال بذكره ما يتردد فيه وان كان قد يعاب في ذلك عادة بقصور نظره كما عابه به بعضهم ثم اذا كان احد القولين اللذين الجزء: 3 ¦ الصفحة: 66 ليس فيهما اشعار بترجيح موافقا لابي حنيفة والاخر مخالفا له فذكرالشيخ ابو حامد الاسفرايني ان المخالف لابي حنيفة اولى لان الشافعي انما خالفه لاطلاعه على امر خفي يقتضى المخالفة وعكس القفال فقال الموافق له اولى وصححه النووي لقوته بتعدد قائله واعترض بان القوة انما تنشا من الدليل فلذلك قال المصنف والاصح الترجيح بالنظر فما اقتضى ترجيحه منهما كان هو الراجح سواء كان موافق قول ابي حنيفة او مخالفه فان وقف النظر عن الترجيح فالوقف فلذا قال الناظم مشيرا الى ما يقع فيه التردد للمجتهد وهذا وقعا للشافعي في بضع عشر موضعا وهو دليل لعلو شانه علما ودينا وعلى اتقانه ثم راى القفال ما يصحح راي ابي حنيفة مرجح وقيل عكسه وترجيح النظر اولى وبعده فقف اذ ما ظهر ثم تبرع هنا الشيخ سيدي عبد الله بن ابراهيم العلوي ناظم مراقي السعود بذكر فوائد مهمة في ذكر الاقوال الضعيفة قائلا في الشرح ان ذكر الاقوال الضعيفة في كتب الفقه ليس للعمل بها لان العمل بالضعيف ممنوع باتفاق اهل المذهب وغيرهم الا القاضي فيما سياتي والا اذا كان العامل به مجتهدا مقيدا ورجح عنده الضعيف فيعمل به ويفتى ويحكم ولا ينقض حكمه به حينئذ وانما يذكرونها أي الاقوال الضعيفة في كتب الفقه للترقي لمدارج السنا بفتح السين أي القرب من رتبة الاجتهاد حيث يعلم ان هذا القول قد صار اليه مجتهد ولذا قال بالاقوال التي رجع عنها مالك كثير من اصحابه وممن بعدهم وليحفظ المدرك بفتح الميم أي الدليل من له اعتناء بحفظه قال وهذه رتبة مشايخ المذاهب واجاويد طلبة العلم مع ان الاقتصار على ذكر المشهور فقط اقرب للضبط قال وكذلك ايضا تذكر الاقوال الضعيفة في كتب الفقه لمراعاة الخلاف المشهور او لمراعاة كل ما سطر من الاقوال أي ضعيفا كا او غيره بناء على القولين اللذين ذكرهما في التكميل بقوله وهل يراعى كل خلف قد وجد او المراعى هو مشهور عهد قال وتذكر في كتب الفقه ايضا لكونها قد تلجيء الضرورة الى العمل بها بشرط ان يكون ذلك الضعيف غير شديد الجور أي الضعف والا فلا يجوز العمل به وبشرط ان يثبت عزوه الى قائله خوف ان يكون ممن لا يقتدى به لضعفه في الدين او العلم او الورع والا فلا يجوز العمل به وبشروط ان يتحقق تلك الضرورة في نفسه فلا يجوز للمفتي ان يفتي بغير المشهور لانه كما قال المسناوي لا يتحقق الضرورة بالنسب الى غيره كما يتحققها من نفسه ولذلك سدوا الذريعة فقالوا تمنع الفتوى بغير المشهور خوف ان لا تكون الضرورة محققة لا لاجل انه لا يعمل بالضعيف اذا تحققت الضرورة يوما ما ذكره شيخنا البناني عند قول خليل فحكم بقول مقلده ثم قال اذا تقرر منع الفتوى والعمل بغير المشهور علم ان قول بعضهم من قلد عالما لقي الله سالما غير مطلق أي بل هو عام لانه انما يسلم اذا كان قول العا لم راجحا او ضعيفا عمل به للضرورة عند حصول الشروط المذكورة او لترجيحه عند ذلك العالم ان كان من اهل الترجيح وهو مجتهد الفتوى واحرى مجتهد المذهب اهـ واشار في نظمه الى جميع ما قرر بقوله وذكر ما ضعف ليس للعمل اذ ذاك عن وفاقهم قد انحظل بل للترقي لمدارج السنا ويحفظ المدرك من له اعتنا ولمراعاة الخلاف المشتهر او المراعاة لكل ما سطر وكونه يلجي اليه الضرر ان كان لم يشتد فيه الجور وثبت العزو وقدد تحققا ضرا امن الضربه تعلقا وقول من قلد عالما لقي الله سالما فغير الجزء: 3 ¦ الصفحة: 67 مطلق وان لم يعرف للمجتهد قول في مسئلة لكن في نظيرها فهو قوله المخرج فيها على الاصح والاصح لا ينسب اليه مطلقا بل مقيدا ومن معارضة نص ءاخر للنظير تنشا الطرق أي وان لم يعرف للمجتهد قول في المسألة لكن يعرف له قول في نظيرها فقوله في نظيرها هو قوله الذي خرجه الاصحاب فيها الحاقا لها بنظيرها على القول الاصح فلذا قال الناظم وقوله مخرجا في المسئلة من النظير حيث لايعرف له قول بها كما قال ناظم السعود ان لم يكن لنحو مالك الف قول بذي وهو في نظيرها عرف فذاك قوله المخرج وقيل ليس قولا له فيها لاحتمال ان يذكره فرقا بين المسئلتين لو روجع في ذلك قال شارح السعود قال بعضهم ان عزو وذلك المخرج الى المجتهد حرج بالتحريك أي ذو حرج أي منع اذ لم يقل به لاحتمال ان يكون عنده فارق بين النظيرين وهذا القول مبني على ان لازم المذهب ليس بمذهب فلذا قال في نظمه وقيل عزوه اليها حرج والاصح على الاول انه لا ينسب القول فيها الى المجتهد مطلقا بل ينسب اليه مقيدا بانه مخرج حتى لا يلتبس بالمنصوص فلذا قال الناظم وقيل لا ينسب له وقيل قيدا وارسله وحكى الخلاف ناظم السعود في قوله وفي انتسابه اليه مطلقا خلف مضى اليه من قد سبقا وقال الشيخ حلولو وقول المصنف ومن معارضة نص ءاخر للنظير تنشا الطرق معناه ان الشافعي مثلا قد ينص في المسئلة بشيء وفي نظيرتها بما يعارضه ويكون الفرق بينهما ليس بظاهر فيتكلف بعض اهل مذهبه الفرق بين المحلين بعد تقدر النظر ومنهم من يخرج جوابه من كل مسئلة في الاخرى فيصير في كل مسئلة قولين احدهما منصوص والاخر مخرج فيصير المذهب على طريقين وهذا كثير شائع في المذهب يكون في المسئلة طريقان او ثلاثة وغير ذلك اهـ فلذا قال الناظم وحيث نص في نظيرين على تخالف فطرق قد حصلا وكما قال ناظم السعود وتنشا الطرق من نصين تعارضا في متشابهين قال المحقق البناني مثاله ان يقول مثلا بالحل في النبيذ والحرمة في الخمر فقد نص في كل من هاتين المسئلتين المتشابهتين على حكم يخالف الحكم الذي نص عليه في الاخرى والترجيح تقوية احد الطريقين والعمل بالراجح واجب وقال القاضي الا ما رجح ظنا اذ لا ترجيح بظن عنده وقال البصري ان رجح احدهما بالظن فالتخيير أي والترجيح هو تقوية احد الدليلين الظنين بوجه مما ياتى للمصنف من المرجحات فيكون راجحا فلذا قال الناظم وعرف الترجيح بالتقوية احدى الامارتين عاملابتي وصفا والعمل بالراجح واجب بالنسبة الى المرجوح فان العمل به ممتنع سواء كان قطعيا كتقديم النص المتواتر على القياس ام ظنيا كالترجيح بكثرة الرواة او الادلة الظنية او غيرهما فلذا قال ناظم السعود تقوية الشق هي الترجيح واوجب الاخذ به الصحيح وقال القاضي ابو بكر الباقلاني منا العمل بالراجح واجب الاما رجح ظنا فلا يجب العمل به اذ لا ترجيح بظن عنده وحينئذ لا يعمل بواحد منهما لفقد المرجح قال ناظم السعود وعمل به اباه القاضي اذا به الظن يكون القاضي وقال ابو عبد الله البصري من المعتزلة ان رجح احدهما بالظن فالتخيير بينهما في العمل وانما يجب العمل عنده وعند القاضي بما رجح قطعا فلذا قال الناظم وبالراجح يلزم العمل القاضي الا ما بظن قد حصل فكونه مرجحا ما اعتبرا وقيل ان يرجح بظن خيرا ولا ترجيح في الجزء: 3 ¦ الصفحة: 68 القطعيات لعدم التعارض والمتاخر ناسخ وان نقل المتاخر بالاحاد عمل به لان دوامه مظنون والاصح الترجيح بكثرة الادلة والرواة وان العمل بالمتعارضين ولو من وجه اولى من الغاء احدهما ولو سنة قابلها كتاب ولا يقدم الكتاب على السنة ولا السنة عليه خلافا لزاعميهما افاد المصنف رحمه الله انه لا ترجيح في القطعيات لعدم التعارض بينها قال الشربيني قال العضد لان الترجيح فرع التفاوت في احتمال النقيض ولا يتصور في القطعي اهـ فلذا قال العلامة ابن عاصم وانما يدخل في الظنية ولا يرى يدخل في القطعية الضمير في يدخل عائد على الترجيح حين تكلم عليه في البيتين قبله حيث قال وثالث الترجيح للتنصيص بواحد من اوجه الترجيح وهو لدى الجمهور جائز وقد انكره قوم وقولهم يرد والمتاخر من النصين المتعارضين ناسخ للمتقدم منهما سواء كانا ءايتين او خبرين او ءاية وخبر بشرط النسخ وافاد الناظم ما افاده المصنف حيث قال وليس في القطعي ترجيح لما مر وناسخ اخير منهما وان نقل المتاخر بالاحاد عمل به في النسخ لان دوام المتقدم مظنون لا مقطوع به قال الجلال المحلي ولبعضهم احتمال بالمنع لان الجواز يؤدي الى اسقاط المتواتر بالاحاد في بعض الصور اهـ فلذا قال الناظم ولو اخيرا نقل الاحاد فاعمل به وخالفت افراد والاصح الترجيح بكثرة الادلة والرواة فاذا كثر موافقات احد الدليلين بدليل موافق او كثرت رواته رجح على الاخر لان الكثرة تفيد القوة فلذا قال الناظم وكثرة الرواة ذو ترجيح او الادلة على الصحيح والاصح ان العمل بالمتعارضين قال المصنف ولو من وجه اولى من الغاء احدهما أي بسبب ترجيح الاخر عليه فلذا قال العلامة ابن عاصم وفي تعارض الدليلين فما فوقهما مسالك للعلما الجمع بينهما ان امكنا ولو بوجه ما وذاك استحسنا وقال الناظم المتعارضان ان يمكن عمل ولو بوجه فهو اولى في الاجل وقال ناظم السعود والجمع واجب متى ما امكنا مثاله حديث الترمذي وغيره ايما اهاب دبغ فقد طهر مع حديث ابي داوود والترمذي وغيرهما لا تنتفعوا من الميتة باهاب ولا عصب الشامل للاهاب المدبوغ وغيره فحمل على غيره جمعا بين الدليلين ولو كان احد المتعارضين سنة قابلها كتاب فان العمل بهما من وجه اولى ولا يقدم في ذلك الكتاب على السنة ولا السنة عليه خلافا لزاعميهما قال الجلال المحلي فزاعم تقديم الكتاب استند الى حديث معاذ المشتمل على انه يفضي بكتاب الله فان لم يجد فبسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم ورضى رسول الله عليه وسلم بذلك رواه ابو داوود وغيره وزاعم تقديم السنة استند الى قوله تعالى لتبين للناس ما نزل اليهم مثاله قوله صلى الله عليه وسلم في البحر هو الطهور ماؤه الحل ميتته رواه ابو داوود وغيره مع قوله تعالى قل لا اجد فيما اوحي الي محرما الى قوله او لحم خنزير فكل منهما يتناول خنزير البحر وحملنا الاية على خنزير البر المتبادر الى الاذهان جمعا بين الدليلين اهـ وعدم التقديم هو الصواب فلذا قال الناظم ولا نقدم على الكتاب سنة او بالعكس في الصواب فان تعذر وعلم المتاخر فناسخ والا رجع الى غيرهما وان تقارنا فالتخيير ان تعذر الجمع والترجيح وان جهل التاريخ وامكن النسخ رجع الى غيرهما والا تخير ان تعذر الجمع والترجيح فان كان احدهما اعم فكما سبق أي فان تعذر العمل بالمتعارضين اصلا وعلم المتاخر منهما في الواقع فيكون الجزء: 3 ¦ الصفحة: 69 ناسخا للمتقدم منهما كما قال ناظم السعود والا فللاخير نسخ بينا بعد ما تقدم في قوله والجمع واجب اذ ما امكنا وكما قال العلامة ابن عاصم او نسخ واحد بئاحر وذا ان علم التاريخ شيء يحتذي وان لم يعلم المتاخر منهما في الواقع رجع الى دليل ثالث غيرهما مناف لهما قام به مرجح فلذا قال الناظم او يتعذر والاخير علما فناسخ اولى فخذ غيرهما وان تقارن المتعارضان في الورود من الشارع الحكم التخيير بينهما في العمل بواحد منهما ان تعذر الجمع بينهما وتعذر الترجيح بان تساويا من كل وجه فلذا قال الناظم وان تقارنا وقد تعذرا الجمع والترجيح فليخيرا وقال ناظم السعود وان تقارنا ففيه تخيير زكن وان جهل التاريخ بين المتعارضين بان لم يعلم بينهما تاخر ولا تقارن وامكن النسخ بينهما بان يقبلاه بان لم يكونا من العقائد رجع الى غيرهما لوجوب اسقاطهما كما قال ناظم السعود ووجب الاسقاط بالجهل أي لتعذر العمل بواحد منهما حينئذ وان لم يمكن النسخ بينهما تخير الناظر بينهما في العمل ان تعذر الجمع بينهما والترجيح كما تقدم في المتقارنين فلذا قال الناظم او جهلا بحيث نسخ امكنا فاتركهما اولى كان تقاربا وافاد شارح السعود انه اذا تقابلا دليلان نقليان احدهما قطعي والاخر ظني وعلم المتاخر من المتقدم فالمتاخر ناسخ للمتقدم اذا كان المتاخر هو القطعي فان قدم القطعي لم ينسخه الظني بل يقدم القطعي واذا تقابل القطعي مع الظني وجهل المتقدم منهما من المتاخر فالمعتبر القطعي فلذا قال في نظمه وان يقدم مشعر بالظن فانسخ بئاخر لدى ذي الفن ذو القطع في الجهل لديهم معتبر وقول المصنف فان كان احدهما اعم فكما سبق أي كل ما ذكره من قوله فان تعذر الى هنا فيما اذا تساوي الدليلان في العموم والخصوص فان كان احدهما اعم من الاخر مطلقا او من وجه فكما سبق في مسئلة ءاخر مبحث التخصيص فليراجع كما قال ناظم السعود ايضا هنا وان يعم واحد فقد عبر والله اعلم مسئلة يرجح بعلو الاسناد وفقه الراوي ولغته ونحوه وورعه وضبطه وفطنته ولو روي المرجوح باللفظ ويقظته وعدم بدعته وشهرة عدالته وكونه مزكى بالاختبار او اكثر مزكيين ومعروف النسب قيل ومشهوره وصريح التزكية على الحكم بشهادته والعمل بروايته أي يقع الترجيح بحسب دال الراوي او حال المروي او غير ذلك كما سياتي ان شاء الله تعالى اما الترجيح بحسب حال الراوي فانه يكون باعتبارات اما باعتبار علو الاسناد أي قلة الوسائط بين الراوي للمجتهد وبين النبي صلى الله عليه وسلم وفقه الراوي في الباب الذي روى فيه وان كان غيره افقه منه في غيره ولغته ونحوه لقلة احتمال الخطا مع وجود واحد من الاربعة بالنسبة الى مقابلاتها وورعه وضبطه وفطنته ولو روي الخبر المرجوح باللفظ والراجح بواحد مما ذكر ابالمعنى ويقظته وعدم بدعته وشهرة عدالته وكونه مزكى بالاختبار من المجتهد فيرجح على المزكى عنده بالاخبار لان المعاينة اقوى من الخبر ويقدم خبر من صرح بتزكيته على خبر من حكم بشهادته وخير من عمل بروايته في الجملة اذ الحكم والعمل قد يبينان على الظاهر من غيرتزكية واشار الناظم الى ما ذكره اصله بقوله يرجح الاخبار بالعلو والفقه في اولها والنحو ولغة وضبطه وفطنته ولو روي بلفظه ويقظته وورع وشهرة العدالة وفقد بدعة وعليها له بالاختبار او ترى مزكيه اكثر عدا وصريح التزكيه وقال الجزء: 3 ¦ الصفحة: 70 ناظم السعود قد جاء في المرجحات بالسند علوه والزيد في الحفظ يعد والفقه واللغة واننحو وورع وضبطه وفطنته فقد مبدع عدالة بقيد الاشتهار وكونه زكى باختبار صريحها وان يزكى الاكثر قوله والزيد الخ قال في الشرح يعني ان كون احد الراويين احفظ من الاخر من المعدود كونه مرجحا عند تقابلهما اهـ وقال العلامة ابن عاصم ويحصل الترجيح في الاسناد بجودة الحفظ وبالتعداد او باختبار او بذكر السبب اوحاملا على اللسان العربي ومعروف النسب قيل ومشهوره وحفظ المروي وذكر السبب والتعويل على الحفظ دون الكتابة وظهور طريق روايته وسماعه من غير حجاب وكونه من أكابر الصحابة وذكرا خلافا للاستاذ وثالثها في غير احكام النساء وحرا ومتاخر الاسلام وقيل متقدمه ومتحملا بعد التكليف وغير مدلس وغير ذي ومباشرا وصاحب الواقعة وراويا باللفظ ولم ينكره راوي الاصل وكونه في الصحيحين أي ويقدم معروف النسب قيل ومشهوره أي لشدة اهتمامه حينئذ بالتصون والتحرز قال الجلال المحلي والشهرة زيادة في المعرفة والاصح لا ترجيح بها أي ويقدم مروي الحافظ لمرويه على مروي من لم يحفظه لاعتناء الاول لمرويه ويقدم الخبر المشتمل على النسب أي ما لاجله ذكر الحكم على ما لم يشتمل عليه لاهتمام راوي الاول به قال الناظم معروف قيل او شهير النسب وحفظه مروي وذكر السبب ويقدم خبر المعول على الخطف فيما يرويه عى خبر المعول على الكتابة حيث ان احدهما رواه عن حفظ والاخر عن كتابة لاحتمال ان يزاد في كتابه او ينقص منه واحتمال النسيان والاشتباه في الحافظ كالعدم والحافظ حجة على من لم يحفظ فالعلم ما حواه الصدر ويقدم خبر ما وضح فيه طريق الرواية فيقدم الخبر المسموع على المجاز حسبما تقدم في آخر الكتاب الثاني ويقدم المسموع من غير حجاب على المسموع من غير حجاب على المسموع من وراء حجاب لا من الاول من تطرق الخلل الكائن في الثاني فلذا قال الناظم معولا لحفظه لا الكتب سماعه لا من وراء الحجب ويقدم خبر واحد من أكابر الصحابة على خبر غيره لشدة ديانتهم قال الجلال المحلي وقد كان علي رضى الله عنه يحلف الرواة ويقبل رواية الصديق من غير تحليف فلذا قال ناظم السعود وكونه اقرب اصحاب النبي وقال العلامة ابن عاصم او كان سالما من اضطراب او كان راوية لدى انتساب من علية الصحابة الابرار وكذا يقدم خبر الذكر على الانثى حيث انه اضبط منها في الجملة لا بالنسبة الى كل فرد خلافا للاستاذ ابي اسحاق الاسفرايني قائلا لا تراعى الا ضبطية الا اذا وجدت في الافراد والظهور فيها لا انضباط له اذ كثير من النساء اضبط من كثير من الرجال وقد يجاب بانهم اعتبروا في ذلك الاعم الاغلب كنظائره افاده البناني وثالث الاقوال التفصيل يرجح الذكر في غيراحكام النساء بخلاف احكامهن لانهن اضبط فيها قال ناظم السعود ذكورة ان حاله قد جهلا وقيل لا وبعضهم قد فصلا وكذا يقدم خبر متاخر الاسلام على متقدمه لظهور تاخر خبره وقيل عكس ما قبله فيقدم خبر متقدم الاسلام لاصالته فيه فيكون اشد تحرزا من متاخره وافاد الجلال المحلي ان ابن الحاجب جزم بهذا أي بتقديم خبر متقدم الاسلام في الترجيح كما قال ناظم السعوود تاخر الاسلام والبعض اعتمى ترجيح من اسلامه تقدما واشار الناظم الى ما ذكره المصنف بقوله وقوة الطريق والاصل اقر ومن اكابر الصحاب الجزء: 3 ¦ الصفحة: 71 وذكر ثالثها في غير احكام النساء ءاخر اسلام وقيل عكسا قوله والاصل اقر أي ويقدم خبر الفرع الذي رواه عن الاصل ولم ينكره الاصل عنه كما سياتي ويقدم الخبر الذي تحمل بعد التكليف على الخبر الذي تحمل قبله اذ المكلف اضبط وكذا يقدم خبر غير مدلس لان الوثوق به اقوى من الوثوق بالمدلس المقبول وهو مدلس السند لا مدلس المتون فلا يقبل اصلا ويقدم خبر غير ذي اسمين لان صاحبهما يتطرق اليه الخلل بان يشاركه ضعيف في احدهما ويشترط كون الراوي مباشرا لمرويه وصاحب الواقعة قال المحقق البناني الواو بمعنى او لان الشرط احدهما أي المباشر او صاحب الواقعة لا مجموعها قال الجلال المحلي مثال الاول حديث الترمذي عن ابي رافع انه صلى الله عليه وسلم تزوج ميمونه حلالا وبنى بها حلالا قال وكنت الرسول بينهما مع حديث الصحيحين عن ابن عباس انه صلى الله عليه وسلم تزوج ميمونة وهو محرم وفي رواية البخاري عنه تزوج ميمونة وهو محرم وبنى بها وهو حلال وماتت بسرف بوزن كتف موضع بقرب مكة ومثال الثاني حديث ابي داوود عن ميمونة تزوجني رسول الله صلى الله عليه وسلم ونحن حلال بسرف ورواه مسلم عن يزيد ابن الاصم عنها انه صلى الله عليه وسلم تزوجها وهو حلال مع خبر ابن عباس المذكور وروى ابو داوود عن سعيد بن المسيب قال وهم ابن عباس في تزويج ميمونة وهو محرم وبنى بها وهو حلال وماتت بسرف باللفظ لتطرق الخلل في المروي بالمعنى قوله ولم ينكره راوي الاصل قال الجلال المحلي ولو زاد في الراوي او حذفه كان اصوب كما قاله في شرح المنهاج والمعنى ان الخبر الذي لم ينكره الرواي الاصل لراويه وهو شيخه مقدم على ما انكره شيخ زاويه بان قال ما رويته لان الظن الحاصل من الاول اقوى اهـ وتقدمت الرواية عن الاصل من غير انكار ءانفا في كونها متقدمة في كلام الناظم وكونه في الصحيحين أي في كل منهما او في احدهما يكون مقدما لانه اقوى من الصحيح في غيرهما وان كان على شرطهما لتلقي الامة لهما بالقبول فلذا تعرض الناظم لذكر ما ذكره المصنف عاطفا على ما يكون مشترطا في التقدم قائلا مباشر صاحبها حر حمل بعد بلوغ وبلفظ لا خلل غير مدلس وغير ذي اسمين وكونه مخرج الشيخين وكما قال ناظم السعود عاظفا ايضا على ما يقدم ما كان اظهر رواية وما وجه التحمل به قد علما وكونه مباشرا او كلفا او غير ذي اسمين للامن من خفا او راوي باللفظ او ذا الواقع وكون من رواه غير مانع وكونه اودع في الصحيح لمسلم والشيخ ذي الترجيح والمراد بالشيخ ذي الترجيح الامام البخاري وقوله او ذا الواقع أي يقدم خسر صاحب الواقعة المروية على غيره كما مر والقول فالفعل فالتقرير والفصيح لا زائد الفصاحة على الاصح والمشتمل على زيادة والوارد بلغة قريش والمدني والمشعر يعلو شان الرسول صلى الله عليه وسلم والمذكور فيه الحكم مع العلة والمتقدم فيه ذكر العلة على الحكم وعكس النقشواني أي ويقدم الخبر الناقل لقول النبيء صلى الله عليه وسلم على الناقل لفعله والناقل لفعله على الناقل لتقريره لان القول اقوى في الدلالة على التشريع من الفعل وهو اقوى من التقرير والفصيح على غيره لتطرق الخلل الى غيره لا زائد الفصاحه على الاصح فلذا قال الناظم والقول فالفعل فصمت كالفصيح لا زائد فصاحة على الصحيح وكما قال ناظم السعود وقوله فالفعل فالتقرير الجزء: 3 ¦ الصفحة: 72 فصاحة والغي الكثير قوله وقوله الخ معطوف على الضمير في مرجح في البيت قبله قال في الشرح ان الخبر الفصيح يقدم على غيره للقطع بان غير الفصيح مروي بالمعنى سواء اريد الفصاحة التي هي شرط في البلاغة او البلاغة نفسها لكن تلغى زيادة الفصاحة فلا يقدم الخبر الفصيح على الافصح على الاصح وقيل يقدم عليه لانه صلى الله عليه وسلم افصح العرب قطعا فيبعد نطقه بغير الافصح فيكون مرويا بالمعنى فيتطرق اليه الخلل ورد بانه لا يعد في نطقه بغير الافصح وقد كان يخاطب العرب بلغاتهم اهـ ويقدم الخبر المشتمل على زيادة على غيره لما فيه من زيادة العلم كخبر التكبير في العيد سبعا مع خبر التكبير اربعا ويقدم الخبر الوارد بلغة قريش لان الوارد بغير لغتهم يحتمل ان يكون مرويا بالمعنى فيتطرق اليه الخلل ويقدم الخبر المدني على الخبر المكي لتاخره عنه والمدني ما ورد بعد الهجرة ولو صدر عن الشارع بغير المدينة ويقدم الخبر المشعر بعلو شان النبيء صلى الله عليه وسلم اذ شانه صلى الله عليه وسلم لم يزل في ازدياد وتجدد على الدوام فالخبر الذي اشعر بعلو شانه متاخر قال ناظم السعود في المرجحات زيادة ولغة القبيل ورجح المجل للرسول وقال الناظم ايضا في التقديم ومفهم علو شان المصطفى ويقدم المذكور فيه الحكم مع العلة على ما فيه الحكم فقط لان الاول اقوى في الاهتمام بالحكم من الثاني مثاله حديث البخاري من بدل دينه فاقتلوه مع حديث الصحيحين انه صلى الله عليه وسلم نهى عن قتل النساء والصبيان فالحديث الاول عام في الرجال والنساء خاص باهل الردة مقرون بعلة القتل وهي تبديل الدين فرجح على الثاني الخاص بالنساء العام في الحربيات والمرتدات لقرن الاول بعلة الحكم دون الثاني قال ناظم السعود في المرججات والمدني والخبر الذي جمع حكما وعلة كقتل من رجع وقال الناظم والقرشي والمدني وما اشتمل على زيادة وحاو للعلل ويقدم الخبر المتقدم فيه ذكر العلة على الحكم على عكسه أي الخبر المتقدم فيه الحكم على ذكر العلة لان المتقدم فيه ذكر العلة ادل على ارتباط الحكم بالعلة من عكسه فلذا قال ناظم السعود في الترجيح وما به لعلة تقدم وذا التقديم قاله الامام في المحصول وعكس النقشواني ذلك معترضا على الامام قائلا ان الحكم اذا تقدم تطلب نفس السامع العلة فاذا سمعتها ركنت اليها ولم تطلب غيرها والوصف اذا تقدم تطلب لنفس الحكم فاذا سمعته قد تكتفي في علته بالوصف المتقدم اذا كان شديد المناسبة كما في والسارق الاية وقد تطلب علة غيره كما في اذا قمتم الى الصلوة فاغسلوا الاية فيقال أي لنفس السامع الطالبة للعلة بعد سماع الحكم حكم بما ذكر لاجل تعظيم المعبود جل وعلا واشار الناظم الى التقديم الذي قاله الامام وعكسه الذي قاله النقشواني من اهل العلم بقوله عاطفا على المرجحات ومابه العلة قبل الحكم وقيل عكسه لاهل العلم وما فيه تهديد او تاكيد وما كان عموما مطلقا على ذي السبب الا في السبب والعام الشرطي على النكرة المنفية على الاصح وهي على الباقي والجمع المعرف على ما ومن والكل على الجنس المعرف لاحتمال العهد قالوا وما لم يخص وعندي عكسه والاقل تخصيصا أي ويقدم ما فيه تهديد او تاكيد على الخالي من ذلك مثال مافيه تهديد حديث البخاري عن عمار من صام يوم الشك فقد عصى ابا القاسم فهو لتضمنه التهديد مقدم على احاديث الترغيب في صوم النفل ومثال ما فيه تاكيد حديث ابي داوود وصححه ابا الجزء: 3 ¦ الصفحة: 73 حبان والحاكم على شرط الشيخين ايما امرأة نكحت نفسها بغير اذن وليها فنكاحها باطل فنكاحها باطل فنكاحها باطل مع حديث مسلم الايم احق بنفسها من وليها لدلالته بحسب الظاهر على تزويجها نفسها وعدهما الناظم ايضا في التقديم فقال او مافيه تهيد وتاكيد وفا كما عدهما فيه ناظم السعود ايضا حيث قال وما بتوكيد وخوف يعلم ويقدم ما كان عموما مطلقا على العموم ذي السبب قال شارح السعود ان العام المطلق مقدم على العام ذي السبب لان الثاني باحتمال ارادة قصره على السبب كما قيل بذلك دون المطلق في القوة الا في صورة السبب فهو فيها اقوى لانها قطعية الدخول في العموم عندالاكثر فلذا قال في نظمه وما يعم مطلقا الا لسبب فقدمنه تقض حكما وجب وقال الناظم وذو عموم مطلق على اللذا بسبب الابصورة لذا ويقدم العام الشرطي كمن وما الشرطيتين على النكرة المنفية على الاصح لافادته التعليل دونها وقيل العكس لبعد التخصيص فيها بقوة عمومها دونه والنكرة المنفية تقدم على الباقي من صيغ العموم كالمعرف باللام او الاضافة لانها اقوى منه في العموم اذ تدل عليه بالوضع في الاصح وهو انما يدل عليه بالقرينة اتفاقا واشار الناظم الى ما ذكره المصنف بقوله والعام الشرطي على المنكر على الاصح وهو بالباقي حري وكما قال ناظم السعود ما منه للشرط على المنكر وهو على كل الذي له دري ويقدم الجمع المعرف باللام او الاضافة على من وما غير الشرطيتين كالاستفهاميتين لانه اقوى منهما في العموم لامتناع ان يخص الى الواحد دونهما ويقدم الكل أي الجمع المعرف وما من على الجنس المعرف باللام او الاضافة لاحتمال العهد فيه بخلاف ما ومن فلا يحتملانه احتمالا قريبا وبخلاف الجمع المعرف فيبعد احتماله فيه قال ناظم السعود معرف الجمع على ما استفهما به من اللفظين اعني من وما وذي الثلاثة على المعرف ذي الجنس لاحتمال عهد قد قفي قالوا ويقدم ما لم يخص على ما خص لضعف الثاني بالخلاف في حجيته بخلاف الاول قال المصنف كالهندي وعندي عكسه قال الجلال المحلي لان ما خص من العام الغالب والغالب اولى من غيره اه وقال ناظم السعود تقديم ما خص على مالم يخص وعكسه كل لقى عليه نص قال في الشرح ان تقديم العام الذي لم يدخله تخصيص على العام الذي دخله تخصيص هو راي الاصوليين الا الصفي الهندي والسبكي فانهما قالا بتقديم ما خص على ما لم يخص ولكل نص أي دليل على ما ذهب اليه اهـ والدليل ما ذكر ءانفا ويقدم الاقل تخصيصا على الاكثر تخصيصا لان الضعف في الاقل دونه في الاكثر فلذا قال الناظم عاطفا على المرجحات وما يكون فيه تخصيصا اقل والاقتضاء على الاشارة والايماء ويرجحان على المفهومين والموافقة على المخالفة وقيل عكسه أي ان الدلالة بالاقتضاء تقدم على الدلالة بالاشارة والايماء لان المدلول عليه الاقتضاء مقصود يتوقف عليه الصدق او الصحة وبالايماء مقصود لا يتوقف عليه ذلك وبالاشارة غير مقصود كما هو معلوم في محله فيكون حينئذ الاول اقوى ويرجحان أي دلالتا الاشارة والايماء على المفهومين أي الموافقة والمخالفة لان دلالة الاولين في محل النطق بخلاف المفهومين فلذا قال الناظم على الجزء: 3 ¦ الصفحة: 74 امارة والايماء اقتضا وسبق دين للمفاهيم رضى والامارة هي الاشارة كما قال ناظم السعود اشارة وذات الايماء يرتضى كونهما من بعد ذات الاقتضا هما على المفهوم والموافقه ومالك غير الشذوذ وافقه قوله والموافقه الخ قال في الشرح أي مفهوم الموافقة مقدم على مفهوم المخالفة وهو مذهب مالك والاكثر لضعف المخالفة بالخلاف في حجيته بخلاف الموافقة فان الخلاف فيه في جهة الحجية هل هي لكون الدلالة قياسية او لفظية فهمت من السياق والقرائن او مجازية نقل اللفظ لها عرفا اهـ قوله ومالك الخ أي ان مالكا وافقه على تقديم الموافقه على المخالفة غير الشذوذ جمع شاذ على غير قياس وارتضى الناظم ايضا تقدم الموافقه على المخالفة حيث قال والمرتضى تقدم الفحوى على خلافه وقيل عكسه أي بتقديم مفهوم المخالفة على مفهوم الموافقة لان المخالفة تفيد تاسيسا بخلاف الموافقة والمرتضى ما تقدم والله اعلم والناقل عن الاصل عند الجمهور والمثبت على النافي وثالثها سواء ورابعها الا في الطلاق والعتاق والنهي على الامر والامر على الاباحة والخبر على الامر والنهي والحظر على الاباحة وثالثها سواء الوجوب والكراهة على الندب والندب على المباح في الاصح هذا شروع في الترجيح بحسب المدلول وهو النوع الثالث من المرجحات وقد تقدم الاول وهو الترجيح بحسب الراوي والثاني وهو الترجيح بحسب المروي أي ويقدم خبر الناقل عن الاصل أي البراءة الاصلية على المقرر له عند الجمهور لان الاول فيه زيادة على الاصل بخلاف الثاني مثال ذلك حديث من مس ذكره فليتوضا مع حديث انه صلى الله عليه وسلم ساله رجل مس ذكره اعليه وضوء قال لا انما هو بضعة منك فالحديث الاول ناقل عن الاصل والثاني مقرر له فيقدم اول عند الجمهور على الثاني لما في الاول من الزيادة على الاصل ويقدم الثاني على قول مخالف الجمهور فلذا قال الناظم مقدما للاول عاطفا على ما يقدم وما عن اصل نقلا ويقدم خبر المثبت على خبر النافي لاشتماله على زيادة علم وقيل عكسه لاعتضاد النافي بالاصل وثالثها سواء لتساوي مرجحيها ورابعها يرجح المثبت الا في الطلاق والعتاق فيرجع النافي لهما على المثبت لان الاصل عدمهما وافاد الناظم الاقوال الاربعة بقوله ومثبت ثالثها يستويان وقل لا في العتق والذي ابان ويقدم النهي على الامر لان الاول لدفع المفسدة والثاني لجلب المصلحة والاعتناء بدفع المفسدة اشد والامر على الاباحة للاحتياط بالطلب والخبر المتضمن للتكليف على الامر والنهي لان الطلب بلفظ الخبر لتحقق وقوعه اقوى من الطلب بهما وخبر الحظر مقدم عل خبر الاباحة للاحتياط وقيل عكسه لاعتضاد الاباحة بالاصل من نفي الحرج وثالث الاقوال سواء لتساوي مرجحيهما وتعرض الناظم لما ذكره المصنف بقوله والامر والحظر على الاباحة ثالثها سواء الحظر وتي وباتفاق قدم النهي على امر والاخبار على ذين اعتلى ويقدم الوجوب والكراهة على الندب للاحتياط في الاول ولدفع اللوم في الثاني قال الناظم والحتم والكره على الندب أي ويقدم الحتم الخ وحكى ناظم السعود التقديم المتقدم قائلا وناقل ومثبت والامر بعد النواهي ثم هذا الاخر على الاباحة وهكذا الخبر على النواهي وعلى الذي امر في خبر اباحة وحظر ثالثها هذا كذاك يجري والجزم قبل الندب ونافي الحد خلافا لقوم والمعقول معناه والوضعي على التكليفي في الاصح والموافق دليلا ءاخر الجزء: 3 ¦ الصفحة: 75 وكذا مرسلا او صحابيا او اهل المدينة او الاكثر في الاصح وثالثها موافق الصحابي ان كان حيث ميزه النص كزيد في الفرائض ورابعها ان كان احد الشيخين مطلقا وقيل الا ان يخالفهما معاذ في الحلال والحرام او زيد في الفرائض ونحوهما قال الشافعي وموافق زيد في الفرائض فمعاذ فعلي ومعاذ في احكام غير الفرائض فعلي أي ويقدم نافي الحد على الموجب له لما في الاول من اليسر وعدم الحرج الموافق لقوله تعالى يريد الله بكم اليسر وما جعل عليكم في الدين من حرج خلافا لقوم وهم المتكلمون في ترجيحهم الموجب للحد لا فادته التاسيس بخلاف نافيه ويقم المعقول معناه على ما لم يعقل معناه لان الاول ادعى الى الانقياد وافيد بالقياس عليه فلذا قال لاناظم ودافع الحد على اللذ مانفي ثم قال وما يعقل معناه لمن لن يفهما ويقدم الوضعي على التكليفي في الاصح لان الاول لا يتوقف على الفهم والتمكن من الفعل بخلاف الثاني فانه يتوقف مع ذلك على التكليف فلذا قال الناظم ومثبت الوضع على ما كلفا واشار ناظم السعود الى تقديم ما تقدم بقوله والذي نفى حدا على ما الحد فيه الفا ما كان مدلولا له معقولا وعلى الوضع اتى دليلا وقول المصنف والموافق الخ شروع في الترجيح بحسب امور خارجية وهو النوع الرابع من انواع التراجيح أي ويرجح الخبر الموافق دليلا ءاخر على ما لم يوافقه لان الظن في الموافق اقوى قال ناظم السعود وكثرة الدليل والرواية مرجح لدى ذي الدراية وكذا يقدم الخبر الموافق مرسلا او صحابيا او اهل المدينة او الاكثر من العلماء على ما لم يوافق واحدا مما ذكر في الاصح لقوة الظن في الموافق فلذا قال الناظم وما يوافقه دليل ءاخر او مرسلا او قد رءاه الاكثر وقيل لا يرجح بواحد مما ذكر لانه ليس بحجة وثالث الاقوال يرجح في موافق الصحابي ان كان الصحابي فيما ميزه فيها النص من ابواب الفقه كزيد في الفرائض فان ميز فيها بحديث افرضكم زيد وناهيك به ورابع الاقوال ان كان الصحابي احد الشيخين ابي بكر وعمر مطلقا وقيل الا ان يخالفهما معاذ في الحلال والحرام او زيد في الفرائض ونحو معاذ وزيد كعلي في القضاء فلا يرجح حينئذ الموافق لاحد الشيخن لان المخالف لهما ميزه النص فيما ذكر وهو حديث افرضكم زيد واعلمكم بالحلال والحرام معاذ واقضاكم علي قال الشافعي رضي الله عنه ويرجح موافق زيد في الفرائض فمعاذ فيها فعلي فيها ومعاذ في احكام غير الفرائض فعلي في تلك الاحكام قال الجلال المحلي موضحا قول الشافعي يعني ان الخبرين المتعارضين في مسئلة الفرائض يرجح فيها الموافق لزيد فان لم يكن له فيها قول فالموافق لمعاذ فان لم يكن له فيها قول فالموافق لعلي والمتعارضان في مسئلة في غير الفرائض يرجح منها الموافق لمعذ فان لم يكن له فيها قول فالموافق لعلي وذكر الموافق للثلاثة على هذا الترتيب لترتيبهم كذلك الماخوذ من الحديث السابق فقول الصادق صلى الله عليه وسلم فيه افرضكم زيد على عمومه وقوله واعلمكم بالحلال والحرام معاذ يعني في غيرالفرائض وكذا قوله واقضاكم علي يعني في غير الفرائض واللفظ في معاذ اصرح منه في علي فقدم عليه في الفرائض وغيرها اهـ وافاد الناظم هذه الاقوال عاطفا على الاكثر من قوله ءانفا او قد رءاه الاكثر او اهل طيبة او الصحابي ثالثها ان كان ذا انتساب الى تميز بنص عين رابعها ان كان احد الشيخين وقيل ان يخالف ابن جبل في الحل والتحريم والقضا الجزء: 3 ¦ الصفحة: 76 علي والارث زيد لم يرجح بهما الشافعي في الفروض قدما وفاق زيد فمعاذ فعلي وفي سواها قبله ابن جبل والاجماع على النص واجماع الصحابة على غيرهم واجماع الكل على ما خالف فيه العوام والمنقرض عصره وما لم يسبق بخلاف على غيرهما وقيل المسبوق اقوى وقيل سواء والاصح تساوي المتواترين من كتاب وسنة وثالثها تقدم السنة لقوله لتبين كلام منه رحمه الله على خامس انواع الترجيح وهو ترجيح الاجماعات أي والاجماع يقدم على النص لانه يومن فيه النسخ بخلاف النص ويقدم اجماع الحابة على اجماع غيرهم كالتابعين لانهم اشرف من غيرهم ويقدم اجماع الكل الشامل للعوام على ما خالف فيه العوام لضعف الثاني بالخلاف في حجيته على ما حكاه الامدي وان لم يسلمه المصنف حسبما تقدم والاجماع المنقرض عصره على مقابلة لضعفه بالخلاف في حجيته قال ناظم السعود معيدا الضمير على الاجماع رجح على النص الذي قد اجمعا عليه والصحبي على من تبعا كذاك ما انقرض عصره وما فيه العموم وافقوا من علما ويقدم الاجماع الذي لم يسبق بخلاف على مقابله لضعفه بالخلاف في حجيته وقيل المسبوق بخلاف اقوى من مقابله لزيادة اطلاع المجتهدين على الماخذ وقيل هما سواء وقال الناظم ايضا في تقدم الاجماعات واخر النص عن الاجماع وقدم الخالي عن النزاع ثالثها سواء والذي فرض صحابة والكل والذي انقرض والاصح تساوي المتواترين من كتاب وسنة وقيل يقدم الكتاب عليها لانه اشرف منها وثالث الاقوال تقدم السنة لقوله تعالى لتبين للناس ما نزل اليهم قال الجلال المحلي اما المتواتران من السنة فمتساويان قطعا كالايتين ويرجح القياس بقوة دليل حكم الاصل وكونه على سنن القياس أي فرعه من جنس اصله والقطع بالعلة او الظن الاغلب وكون مسلكها اقوى وذات اصلين على ذات اصل وقيل لا وذاتية على حكمية وعكس السمعاني لان الحكم بالحكم اشبه وكونها اقل اوصافا وقيل عكسه والمقتضية احتياطا في الفرض وعامة الاصل والمتفق على تعليل اصلها والموافقة الاصول على موافقة اصل واحد قيل والموافقة علة اخرى ان جوز علتان هذا شروع في الترجيح يالاقية وهو النوع السادس أي ويرجح القياس بقوة دليل حكم الاصل كان يدل في احد القياسين بالمنطوق وفي الاخر بالمفهوم فيرجح الدال بالمنطوق لقوة الظن بقوة الدليل قال ناظم السعود بقوة المثبت ذا الاساس أي حكمه الترجيح للقياس والاساس هو الاصل وبكونه أي القياس على سنن القياس أي فروعه من جنس اصله فهو مقدم على قياس ليس كذلك لان الجنس بالجنس اشبه قال شارح السعود كقياس التيمم على الوضوء في الانتهاء الى المرفقين فهو اولى من قياسه على السرقة في القطع من الكوعين ومثاله عند الباجي قياس المالكية قتل البهيمة الصائلة على الصائل من الادمي في عدم الضمان فهو مقدم على قول الحنفية عليه الضمان لان من ابيح له اتلاف مال غيره دون اذنه لدفع ضرر عنه يجب عليه الضمان اصله لو اضطر الى اكله للجوع لان الاول قياس صائل على صائل فهو قياس على ما هو من جنسه بخلاف الثاني قال في نظمه وكونه موافق السنن قوله والقطع الخ يعني ان القطع بوجود العلة يقدم على الظن بوجودها والظن الاغلب بذلك يقدم على الظن غير الاغلب بذلك قال شارح السعود ان من الظاهر المشتهر عند الاصوليين ترجيح احد القياسين على الجزء: 3 ¦ الصفحة: 77 الاخر بكونه مقطوعا بوجود علته في الاصل والاخر ليس كذلك وكذا يرجح بكون علته مظنونا وجودها في الاصل ظنا اغلب والاخر موجودة فيه بالظن غير الاغلب فلذا قال في نظمه عن بالقطع بالعلة او غالب ظن وافاد الناظم ما قدمه المصنف قائلا ورجح القياس هاهنا بان يقوى دليل الاصل او على السنن أي فرعه من جنس اصله وان يقطع بالعلة او يغلب ظن ويرجح احد القياسين على الاخر بكون مسلك علته اقوى من مسلك علة الاخر والمسلك الطريق الدال على علية العلة فالاجتماع مقدم فانواع النص فالايماء فالسبر فالمناسبة فالشبه فالدوران وترجح علة ذات اصلين على ذات اصل وقيل لا كالخلاف في الترجيح بكثرة الادلة وترجح الذاتية على الحكمية والذاتية هي الوصف القائم بالذات كالاسكار للخمر والحكمية الوصف المقدر تعلقه بالمحل شرعا كالنجاسة والحل والحرمة مثاله قياس النبيذ على الخمر بجامع الاسكار وقياسه عليه بجامع النجاسة فيقدم الاول لان الذاتية الزم وعكس السمعاني لان الحكم بالحكم اشبه وترجح العلة التي تكون اقل وصافا لان القليلة اسلم فلذا قال ناظم السعود وما تقلل تطرق العدم أي ان العلة التي يقوم فيها احتمال العدم تقدم على مقابلتها وقيل عكسه لان كثيرة الاوصاف الفرع في قياسها اكثر شبها باصله من الفرع في قياس قليلة الاوصاف قال الناظم وكونها بالمسالك القوي وذات اصلين على المرضي وصفة ذاتية وقلة اوصافها وقيل عكس ذي وتي وتقدم العلة المقتضية احتياطا في الفرض لانها انسب به مما لا تقتضيه مثاله تعليل نقض الوضوء باللمس مطلقا فانه احوط من تعليله باللمس بشهوة لعدم الاحتياط فيه للفرض قال الجلال المحلي وذكر أي المصنف الفرض لانه محل الاحتياط وقال ناظم السعود وذاتية قدم وذات تعديه وما احتياطا علمت مقتضيه وكذا تقدم عامة الاصل بان توجد في جميع جزءياته لانها اكثر فائدة مما لا تعم قال شرح السعود ان العلة اذا كانت عامة الاصل تقدم على ما تعود على اصلها بالتخصيص لانها اكثر فائدة قال وليس المراد بعامة الاصل ان يعمم اصلها بل المراد عامة في اصلها أي شاملة لجميعها بوجودها في جميعها فالاصل هو المعلل بها كالنهي الثابت عن بيع البر بالبر الا متماثلا علله الشافعي بالطعم وهو موجود في البر مثلا قليله وكثيره فيبقى الدليل على عمومه في جميع جزءيات البر بخلاف الكيل العلة عند الحنفية فلا يوجد في قليله فجوزوا بيع الحفنة منه بالحفنتين فصار الدليل خاصا بما يتاتى فيه الكيل عادة واما المالكية المعللون بالاقتيات والادخار مع ثبوت الربا عندهم في القليل الذي لا يقوت فالظاهر ان مرادهم ما يقتات جنسه وما تعود العلة فيه على اصلها بالتخصيص تعليل منع بيع اللحم بالحيوان الوارد في الحديث بالمزابنة وهو بيع المعلوم بالمجهول من جنسه فاقتضى ذلك حمل الحديث على الحيوان الذي يقصد للحمه فحرج بهذه العلة اكثر الحيوان قال فاذا تعارض قياسان علة احدهما عامة في جميع افراد اصلها وعلة الاخر مخصصة لاصلها قدم الاول فلذا قال في نظمه وقوة المسلك ولتقدما ما اصلها تتركه معمما وتقدم تقديم قوة المسلك وتقدم المتفق على تعليل حكم اصلها الماخوذة منه لضعف مقابلها بالخلاف فيه فلذا قال ناظم السعود وقدمن ما حكم اصلها جرى معللا وفقا لدى من غبرا أي لدى من مضى من اهل العلم وتقدم الموافقة الاصول أي القواعد الممهدة في الشريعة على موافقة الجزء: 3 ¦ الصفحة: 78 اصل واحد لان الاولى اقوى لكثرة ما يشهد لها بالاعتبار فلذا قال ناظم السعود وعلة النص وما اصلان لها كما قد مر يجريان أي القياس الذي علته منصوصة يقدم على ذي المستنبطة كما يقدم الذي علته ماخوذة من اصلين على الذي علته ماخوذة من اصل واحد مثاله تثليث الراس في الوضوء فانه ان قيس بالتيمم والخف فلا تثليث وان قيس على اصل واحد وهو بقية افعال الوضوء ثلث فيقدم الاول قيل والموافقة علة اخرى تقدم ان جوز علتان لشيء واحد وقيل لا وافاد الناظم ما افاده المصنف حيث قال عاطفا على ما يقدم من الاقيسة على حسب عللها وذات الاحتياط والعموم في اصل وفي التعميم لم يختلف وما يوافق اصولا عده او علة اخرى وبعض رده وما ثبتت علته بالاجماع فالنص القطعيين فالظنيين فالايماء فالسبر فالمناسبة فالشبه فالدوران وقيل النص فالاجماع وقيل الدوران فالمناسبة وقياس المعنى على الدلالة وغير المركب عليه ان قبل وعكس الاستاذ أي ويقدم القياس الذي ثبتت علته بالاجماع فالنص القطعيين فالظنيين فيقدم الاجماع القطعي فالنص القطعي فالاجماع الظني فالنص فالايماء فالسبر فالمناسبة فالشبه فالدوران وقيل النص فالاجماع الى ءاخر ما تقدم بتقديم النص على الاجماع وابقاء ما بعدهما من المراتب على حاله قال الناظم وما ثبوتها فاجماع فنص قطعا فظنا فايماء يخص فالسبر فالمناسبة فالشبه فالدوران وحكوا في المرتبه النص فالاجماع قبل واجعل الدوران بعد سبرها يلي ويرجح قياس المعنى على قياس الدلالة لما علم من اشتمال الاول على المعنى المناسب في مبحث الطرد ومن اشتمال الثاني علي لازمه او الحكم او الاثر في مبحث الخاتمة ويرجح غير المركب عليه أي على المركب ان قيل بقبوله لضعفه بالخلاف في قبوله المذكور في مبحث حكم الاصل وعكس الاستاذ ابو اسحاق الاسفرايني فرجح المركب لكنه خلاف الاصح فلذا قال الناظم وعلة على دلالة رجح وغير ذي تركب على الاصح والوصف الحقيقي فالعرفي فالشرعي الوجودي فالعدمي البسيط فالمركب والباعثة على الامارة والمطردة المنعكسة ثم المطردة فقط على المنعكسة فقط وفي المتعدية والقاصرة اقوال ثالثها سواء وفي الاكثرفروعا قولان أي ويقدم الوصف الحقيقي وهو ما يتعقل في نفسه من غير توقف على عرف او غيره والعرفي بعده لانه متوقف على الاطلاع على العرف وبعده الشرعي قال شارح السعود ان الوصف المعلل به اذا كان حقيقيا يقدم على الوصف العرفي والعرفي مقدم على الوصف الشرعي فلذا قال في نظمه بعد الحقيقي اتى العرفي وبعد هذين اتى االشرعي فلذا قال الناظم ايضا عاطفا على ما هو مقدم في الترجيح والوصف للحقيقة المعزي وبعده العرفي فالشرعى ويقدم الوجودي مما ذكر من الوصف الحقيقي والعرفي والشرعي فالعدمي البسيط منه فالمركب لضعف العدمي والمركب بالخلاف فيهما قال الجلال المحلي ولا منافاة بين الحقيقي والعدمي لانه من العدم المضاف قال المحقق البناني والعمدم المضاف يصدق عليه المراد بالحقيقي هنا وتقدم العلة الباعثة أي ذات المناسبة الظاهرة على الامارة أي التي لم تظهر مناسبتها ويقدم القياس الذي علته مطردة فقط على القياس الذي علته منعكسة فقط لان ضعف الثانية بعدم الاطراد اشد من ضعف الاولى بعدم الانعكاس قال ناظم السعود وذات الانعكاس واطراد فذات الاخر بلا عناد وفي ترجيح العلة المتعدية والعلة القاصرة الجزء: 3 ¦ الصفحة: 79 اقوال احدهما ترجيح المتعدية لانها افيد بالالحاق بها والثاني القاصرة لان الخطا فيها اقل لكون المعلل بها مكانا واحدا ثالث الاقوال هما سواء لتساويهما فيما ينفردان به من الالحاق في المتعدية وعدمه في القاصرة وفي الاكثر فروعا من المتعديتين قولان قال الجلال المحلي كقولي المتعدية والقاصرة وياتي التساوي هنا لانتفاء علته اهـ قال الشيخ الشربيني وهي تساوي ما انفردا به اذ هو فيما مر الحاق وعدمه بخلاف ما هنا فانه الحاق كثير والحاق قليل اهـ قال ناظم السعود مصرحا بالخلف في كثرة الفروع خلف قد الم وتعرض الناظم لجميع ما قدمه المصنف بقوله ثم الوجودي والبسيط رجحا على سواهما وما قد وضحا فيها اطراد وانعكاس فاطراد فقط وفي القاصرة الخلاف باد مع غيرها ثالثها سيان وزائد فروعها قولان والاعرف من الحدود السمعية على الاخفى والذاني على العرضي والصريح والاعم وموافقة نقل السمع واللغة ورجحان طريق اكتسابه والمرجحات لا تنحصر ومثارها غلبة الظن وسبق كثير فلم نعده شروع من المصنف رحمه الله تعالى ونفعنا ببركاته في الترجيح بالحدود وهو المرجح السابع الخاتم لانواع الترجيح فافاد انه يرجح الاعرف من الحدود السمعية أي الشرعية على الاخفى ونسبت الى السمع لان محدودها مسموع من الشارع قاله الشهاب ولا مانع من ان يقال انها نفسها مسموعة من الشارع ولو في الجملة فان الظاهر ان الكلام في حدود دل السمع عليها ولو بورود ما يتضمنها وما تستنبط هي منه افاده البناني والحدود الشرعية كما انها تكون في الاحكام تكون في نحوها كالصلاة في العبادات واشتراط تقديمها على الاخفى من الحدود اشترطه علماء الميزان ايضا حيث قال الشيخ سيدي عبد الرحمان الاخضري في السلم المنطقي وشرط كل ان يرى مطردا منعكسا وظاهر لا ابعدا ولا مساويا ووجه اشتراط ما ذكر في فننا قال الجلال المحلي لان الاول افضى الى مقصود التعريف من الثاني اما الحدود العقلية التي يتكلم عليها علماء الميزان كحدود الماهيات فانها وان كانت كذلك فلا يتعلق بها الغرض هنا أي لان الغرض هنا متعلق بالمرجحات الشرعية ويقدم الحد الذاتي على العرضي لان الاول يفيد كنه الحقيقة بخلاف الثاني وذلك لان الكلي اذا اندرج في الذات يقال فيه ذاتي نسبة اليها واذا كان خارجا عنها يقال فيه عرضي كما قال في السلم المنطقي واولا للذات ان فيها اندرج فانسبه او لعارض اذا خرج والاول هو الكلي في البيت قبله ويقدم الصريح من اللفظ على مغاير له بتجوز او اشتراك لتطرق الخلل الى التعريف بالثاني ويقدم الاعم على الاخص منه لان التعريف بالاعم افيد لكثرة المسمى فيه قال ناظم السعود وفي الحدود الاشهر المقدم وما صريحا او اعم يعلم وقيل يرجح الاخص اخذا بالمحقق في الحدود وترجع حدود موافقة لمنقول السمع واللغة على التي لم توافقهما لان التعريف بما يخالفهما انما يكون لنقل عنهما والاصل عدمه وافاد شارح السعود ان الموافق لواحد منهما يكون اولى لبعده من الخلل لكونه اقرب الى الفهم ولانه اغلب على الظن وان الحد تاما كان او ناقصا مقدم على الرسم تاما كان او ناقصا فلذا قال في نظمه وما يوافق لنقل مطلقا والحد سائر الرسوم سبقا وقوله مطلقا أي سواء كان النقل شرعيا اولغويا قول المصنف رحمه الله تعالى ورجحان طريق اكتسابه قال المحقق البناني رحمه الله تعالى قال الشهاب رحمه الجزء: 3 ¦ الصفحة: 80 الله تعالى عطف على موافقة أي ويرجح رجحان طريق اكتساب الاخر على الحد الاخر اهـ ثم افاد أي الشهاب ان عبارة العضد في تعداد مرجحات الحدود السابع ان يكون طريق اكتسابه ارجح من طريق اكتساب الاخر اهـ قال المحقق البناني وبالجملة ففي عبارة الستر هنا من الضيق ما لا يخفى اهـ والمرجحات لا تنحصر لكثرتها جدا ومثارها غلبة الظن أي قوته وتعرض الناظم رحمه الله تعالى للمرجحات التي ختم المصنف بها ذا لكتاب اعني كتاب التراجيح بقوله وفي حدود الشرع قدم ملتزم الا عرف الذاتي الصريح والاعم قيل الاخص ووفاق النقل صح وما الطريق لاكتسابه رجح وليس للمرجح انحصار وقوة الظن له مثار قول المصنف وسبق كثير فلم نعده أي وسبق كثير من المرجحات فلم نعده حذرا من التكرار قال الجلال المحلي منه تقديم بعض مفاهيم المخالفة على بعض وبعض ما يخل بالفهم على بعض كالمجاز على الاشتراك وتقديم المعنى الشرعي على العرفي والعرفي على اللغوي في خطاب الشرع وتقديم بعض صور النص من مسالك العلة على بعض وتقديم بعض صور المناسب على بعض وغير ذلك اهـ كما انه قد خلت مرجحات كثيرة في نظم مراقي السعود في الاصول المالكية الذي التزمت ذكره في ذا الكتاب جمعا بينها وبين الاصول الشافعية حسبما تقدم لنا ما ذكره من المرجحات في مواضعه ذاكرا لنا في ذا الباب ان المرجحات لا تنحصر فيما ذكر في هذا الباب ولا فيما ذكر في غيره من ابواب النظم حيث قال: وقد خلت مرجحات فاعتبر واعلم بان كلها لا ينحصر وافاد ان قطب رحى المرجحات الذي تدور عليه غالبا حسبما مر ءانفا هو قوة المظنة بكسر الظاء المشالة أي الظن في ترجيح امر على مقابله او ترجيح بعض المذكورات على بعض دون مقابلة فهو أي قوة الظن عند تعارض الامرين مئنه أي علامة على الترجيح فلذا قال في نظمه قطب رحاها قوة المظنة فهي لدى تعارض مئنة والله اعلم بغيبه واحكم الكتاب السابع في الاجتهاد اذا اطلق الاجتهاد كما هنا فالمراد به الاجتهاد في الفروع من حيث استنباطها من الادلة كما سياتي واصل الاجتهاد من الجهد بفتح الجيم وضمها وهو بذل الطاقة فيما فيه مشقة يقال اجتهد في حمل الصخرة العظيمة ولا يقال اجتهد في حمل النواة وقال القرافي فرقت العرب بين الجهد بفتح الجيم وضمها ولفتح المشقة وبالضم الطاقة ومنه والذين لا يجدون الا جهدهم أي طاقتهم اهـ وفي الاصطلاح ما عرفه به المصنف في قوله الاجتهاد استفراغ الفقيه الوسع لتحصيل ظن بحكم أي الاجتهاد في الفروع من حيث استنباطها من الادلة استفراغ الفقيه تمام مقدوره في النظر في الادلة قال الشيخ الشربيني قال المصنف في شرح المختصر تبعا للامدي بحيث تحس النفس بالعجز عن المزيد عليه اهـ ولا يتانى ذلك الا بعد النظر في الكل أي كل الادلة اذ هي حاضرة عنده مع علمه بطريق الاستنباط من الكل اهـ وقوله استفراغ الفقيه أي من حيث انه فقيه قال المحقق البناني وهذه الحيثية ماخوذة من تعليق الاستفراغ بالفقيه فيصير استفراغ الفقيه من حيث كونه فقيها وسعه الجزء: 3 ¦ الصفحة: 81 لتحصيل ظن بحكم وحينئذ فيكون الحكم المحصل من الفقه فيخرج بذلك استفراغه وسعه في تحصيل ظن بحكم غير شرعي لانه استفراغ لذلك لا من حيث انه فقيه فلا حاجة لزيادة شرعي بعد حكم في تعريف الاجتهاد لاجل اخراج الحكم غيرالشرعي للاستغناء عن ذلك بالحيثية المذكورة كما قاله الشهاب اهـ وزادها ابن الحاجب في التعريف كما زادها العلامة ابن عاصم حيث قال فصل والاجتهاد بذل الوسع في النظر المبدي لحكم شرعي واما الناظم فانه اقتفى ءاثار اصله في تعريف الاجتهاد حيث قال بذل الفقيه الوسع في تحصيل ظن بالاحكام من الدليل وقال ناظم السعود في تعريفه بذل الفقيه الوسع ان يحصلا ظنا بان ذاك حتم مثلا قال في شرحه يعنى ان الاجتهاد في اصطلاح هذا الفن هو بذل الفقيه وسعه بضم الواو أي طاقته في النظر في الادلة لاجل ان يحصل عنده الظن او القطع بان حكم الله في مسئلة كذا انه واجب او مندوب او مباح او مكروه او حرام ولذلك قلنا مثلا بالتحريك وخرج بالفقيه المقلد وخرج استفراغ غير الفقيه طاقته لتحصيل ما ذكر والظن المحصل الملازم للاستفراع المذكور هو الفقه المعرف اول الكتاب واستفراغ الفقيه طاقته لحصيل قطع بحكم عقلي اهـ والمجتهد الفقيه وهو البالغ العاقل أي ذو ملكة يدرك بها المعلوم وقيل العقل نفس العلم وقيل ضروريه لما كان الفقيه يكون بمعنى المتهيء للفقه من باب المجاز الشائع وهو المراد في التعريف ويكون فقيها حقيقة بما يحصل قال فيه هنا والمجتهد الفقيه كما قال فيه هنالك في اول الكتاب والفقيه المجتهد قال الجلال المحلي لان كلا منهما يصدق على ما يصدق عليه الاخر اهـ قال شارح السعود ان الفقيه والمجتهد مترادفان في عرف اهل الاصول والفقيه في عرف الفقهاء من تجوز له الفتوى من مجتهد ومقلد وفي العرف اليوم من مارس الفروع وان لم تجزله الفتوى وتظهر ثمرة ذلك فيما كالوصية والوقف على الفقهاء اهـ واشار الى الفقيه في نظمه بانه مرادف للمجتهد بقوله وذاك مع مجتهد رديف ويتحقق الاجتهاد بشروط في المجتهد وهي البلوغ لان غيره لم يكمل عقله حتى يصح نظره والعقل لان غير العاقل لا تمييز له يهتدي به لما يقوله حتى يعتبر والعاقل هو ذو ملكة أي هيئة راسخة في النفس يدرك بها ما من شانه ان يعلم وهذه الملكة العقل وقيل العقل نفس العلم أي الادراك ضروريا كان او نظريا وقيل ضروريه فقط فلذا قال الناظم مفيدا ما افاده المصنف ثم الفقيه اسم على المجتهد البالغ العاقل والعقل احدد ملكة يدرك معلوم بها وقيل الادراك وقيل ما انتهى الى الضروري قال شارح السعود ان المجتهد لا بد فيه ان يكون شديد الفهم طبعا أي سجية لمقاصد الشارع في كلامه لان الفقيه المرادف له من فقه الانسان بالضم اذا صار الفقه سجية له لان غيره لا يتاتى له الاستنباط المقصود بالاجتهاد اهـ فلذا قال في نظمه معيدا الضمير عليه وماله يحقق التكليف وهو شديد الفهم طبعا وقال العلامة ابن عاصم فصل ومن شروط من يجتهد شروط تكليف وفهم جيد فقيه النفس وان انكر القياس وثالثها الا الجلي العارف بالدليل العقلي والتكليف به أي شديد الفهم بالطبع لمقاصد الكلام لان غيره لا يتاتى له الاستنباط المقصود بالاجتهاد كما مر ءانفا وان انكر القياس فانه يخرج بانكاره عن فقاهة النفس وقيل يخرج فلا يعتبر قوله وثالث الاقوال الا القياس الجلي فانه يخرج بانكاره عن نقاهة الجزء: 3 ¦ الصفحة: 82 النفس لظهور جموده حينئذ قال الناظم فقيه النفس لو ينفي القياس لو جليا قد راوا واشار ناظم السعود الى ذا الاختلاف بقوله واختلف فيمن بانكار القياس قد عرف قوله العارف بالدليل الخ أي العارف بالدليل العقلي أي البراءة الاصلية والتكليف به في الحجية لما تقدم من ان استصحاب العدم الاصلي حجة فيتمسك به الى ان يصرف عنه دليل شرعي فلذا قال الناظم يدرك دليل العقل والتكليف به قال شارح السعود ان من شروط المجتهد ان يكون عارفا بانه مكلف بالتمسك بالدليل العقلي أي البراءة اصلية الى ان يصرف عنه صارف من النقل أي الشرع فان صرف عنه ذلك الصارف عمل بذلك الصارف كان ذلك الصارف نصا او اجماعا او قياسا وسميت البراءة الاصلية دليلا عقليا لانها موجوة من العقل اهـ فلذا قال في نظمه وقد عرف التكليف بالدليل ذي العقل قبل صارف النقول النقول جمع نقل ذو الدرجة الوسطى لغة وعربية واصولا وبلاغة ومتعلق الاحكام من كتاب وسنة وان لم يحفظ المتون وقال الشيخ الامام هو من هذه العلوم ملكة له واحاط بمعظم قواعد الشرع ومارسها بحيث اكتسب قوة يفهم بها مقصود الشارع أي يشترط في المجتهد ان يكون ذا درجة وسطى في معرفة الالات من اللغة والعربية من نحو وتصريف وعطف العربية على اللغة من عطف العام على الخاص لانها تطلق على اثنى عشر علما منها اللغة ومن اصول الفقه ومن البلاغة من المعاني والبيان ومما يتعلق به الاحكام من ءايات الكتاب ومن الاحاديث التي وردت بها السنة قال الشيخ حلولو ولا يشترط حفظه لأيات الاحكام للاحاديث المتعلقة بذلك وان كان حفظها احسن واكمل بل يكفيه ان يكون عارفا بمواضعها أي الاحكام من المصحف والاحاديث المتعلقة بالاحكام من الدواوين الصحيحة اهـ وقال شارح السعود يشترط في المجتهد ان يكون عارفا بمواضع الاحكام من المصحف والاحاديث ولا تنحصر ءايات الاحكام في خمسمائة ءاية على الصحيح قاله القرافي ولا يشترط حفظ المتون أي الفاظ تلك الايات والاحاديث عند اهل الضبط أي الاتقان وهم اهل الفن وان كان حفظها احسن واكمل بل يكفيه في الاحاديث ان يكون عنده من كتبها ما اذا راجعه فلم يجد فيه ما يدل على حكم الواقعة ظن انها لا نص فيها اهـ واشارفي نظمه الى ما يشترط في المجتهد بقوله والنحو والميزان واللغة مع علم الاصول وبلاغة جمع وموضع الاحكام دون شرط حفظ المتون عند اهل الضبط ذو رتبة وسطى في كل ما غير والميزان هو علم المنطق أي يشترط في المجتهد ان يكون عارفا بالمحتاج اليه منه كشرائط الحدود والروم وشرائط البراهين وافاد الناظم ما افاده المصنف بقوله حل من الالات وسطى رتبه من لغة والنحو والمعاني وفي اصول الفقه والبيان ومن كتاب والاحاديث الذي يخص الاحكام بدون حفظ ذي وافاد العلامة ابن عاصم انه يتاكد طلب علم المهم من اللسان العربي كالنحو واللغة حيث انه لا يفهم شيء من العلوم الا بهما وان غير ذلك من العلوم ان وجد في المجتهد وصف كما زائد فيه حيث قال وخامس وهو اكيد الطلب علم المهم من لسان العربي كالنحو واللغة اذ لن يفهما شيء من العلوم الا بهما وغيرها من العلوم ان وجد وصف كمال زائد في المجتهد قال الجلال المحلي اما علمه بأيات الاحكام واحاديثها أي مواقعها وان لم يحفظها فلانها الجزء: 3 ¦ الصفحة: 83 المستنبط منه واما علمه باصول الفقه فلانه يعرف به كيفية الاستنباط وغير الاستنباط مما يحتاج اليه الاستنباط كشرائط القياس وقبول الرواية ونحوها واما علمه بالباقي فلانه لا يفهم المراد من المستنبط منه الا به لان المجتهد عربي بليغ اهـ ببعض تصرف وقال الشيخ الامام والد المصنف يشترط في المجتهد ان يكون من هذه العلوم المتقمة ملكة له وظاهره عدم الاكتفاء بالتوسط في ذلك لان ضرورة الشيء ملكة أي هيئة راسخة لا يحصل بالتوسط ويكون مع ذلك احاط بمعظم قواعد الشرع ومارسها ممارسة يكتسب منها قوة يفهم منها مقاصد الشرع في كل باب وكل قاعدة فلذا قال الناظم وحقق السبكي ان المجتهد من هذه ملكة له وقد احاط بالمعظم من قواعد حتى ارتقى للفهم للمقاصد ويعتبر قال الشيخ الامام لايقاع الاجتهاد لا لكونه صفة فيه كونه خبيرا بمواقع الاجماع كي لا يخرقه والناسخ والمنسوخ واسباب النزول وشرط المتواتروالاحاد والصحيح والضعيف وحال الرواة وسير الصحابة ويكفي في زماننا الرجوع الى ايمة ذلك أي ويعتبر قال الشيخ الامام والد المصنف لايقاع الاجتهاد أي ايجاده بالفعل لا لكونه صفة فيه أي في المجتهد بمعنى انه يتصف بكونه مجتهدا وان لم توجد فيه الصفات الاتية نعم عند ايقاعه بالفعل تشترط فيه ان يكون خبيرا بمواقع الاجماع كي لا يخرقه وذلك انه اذا لم يكن خبيرا بمواقعه قد يخرقه بمخالفته وتقدم ان خرقه حرام فلا اعتبار به وافاد العلامة ابن عاصم ان الفروع تنسم عند اهل العلم الى ثلاثة اقسام ما لا يسوغ الاجتهاد فيه حيث انه اجمع عليه ومما يدرك بالضرورة كوجوب الصلوات الخمس وما لا يسوغ الاجتهاد فيه حيث انه اجمع عليه ايضا في الامصار والاعصار مثل الصداق الا انه لا يدرى بالضرورة نعم جاحد الاول يكفر والثاني يفسق والثالث ما اتى الاجتهاد فيه لاهل العلم حكما مطردا حيث قال واضرب الفروع في التقسيم ثلاثة عند اولي التعليم ما لا يسوغ الاجتهاد فيه لاننا ضرورة ندرية كالصلوات الخمس في الوجوب وعدد الركعات والترتيب فخطا الاجماع من قد خالفه واثمرت تكفيره المخالفة والثانى ما لم ندريه ضروره مثل وجوب الصدق الممهوره لكنه اجمع في الامصار عليه اهل العلم في الاعصار فمن يخالف مخطىء اجماعا مفسق اذ خالف الاجماعا وثالث ما الاجتهاد فيه قد اتى لاهل العلم حكما واطرد وتعرض للزوم خبرة المجتهد بمواقع الاجماع لئلا يخرق وانما يلزمه ان يقتدي بمن مضى من العلماء مرجحا ما صح من اقوالهم اورجح حيث قال والثالث الفروع والحفظ لها لا يخرق الاجماع من حصلها بل يقتدي بمن مضى مرجحا ما صح من اقوالهم او رجحا وكذا يلزمه ان يعرف بان هذا ناسخ وهذا منسوخ ليقدم الاول على الثاني فانه اذا لم يكن خبيرا بهما قد يعكس والجهالة في المحكم بما ذكر تعد نقصا في المجتهد كما قال ابن عاصم وليعرف المنسوخ والناسخ له من محكم نقص به ان يجهله وكذا يلزمه ان يعرف اسباب النزول فان الخبرة بها ترشد الى فهم المراد وكذا يلزمه ان يكون عارفا بشرط المتواتر والاحاد المحقق لهما وهو ما ذكر في كتاب السنة ليقدم الاول على الثاني فانه اذا لم يكن خبيرا به قد يعكس وكذا يعرف الصحيح والضعيف من الحديث ليقدم الاول على الثاني فانه اذا لم يكن خبيرا بهما قد يعكس وكذا يلزمه ان يكون عارفا بحاال الرواة من القوة والضعف ومراتبهم في الاعدلية والاتقان الجزء: 3 ¦ الصفحة: 84 ليقدم الاقوى على الاضعف نعم يكفي في الخبرة بحال الرواة في زماننا الرجوع الى ايمة ذلك من المحدثين كالامام احمد والبخاري مسلم وغيرهم فيعتمد عليهم في التعديل والتجريح لانهم قد كفوا المجتهد مئونة ذلك فصار علمها لدى المجتهد وصف كمال كما قال العلامة ابن عاصم فقد كفانا من مضى في الحال مئونة الاسناد والرجال فصار علمها لدى من يجتهد وصف كمال لا جناح ان فقد وتعرض ناظم السعود لما يعتبر في المجتهد حسبما تقدم قائلا وعلم الاجماعات مما يعتبر كشرط الاحاد وما تواترا وما صحيحا وضعيفا قد جرى وما عليه او به النسخ وقع وسبب النزول شرط متبع كحالة الرواة والاصحاب وقلدن في ذا على الصواب قوله وقلدن في ذا الخ قال في الشرح ذا اشارة الى جميع ما ذكر من الشروط معرفة الاجماعات الى معرفا احوال الصحابة يني انه يكفي في زمان تاج الدين السبكي فضلا عما بعده تقليد ايمة كل من الشروط على الصواب فان فقدوا فالكتب المصنفة في ذلك فيرجع في الاحاديث الى الكتب المشهورة بالصحة كصحيحي البخاري ومسلم وصحيح ابن حبان وابن خزيمة وابى عوانة وابن السبكى وكذا المستخرجات وموطا مالك وفي احوال الصحابة الى الاستيعاب لابن عبد البر والى الاصابة لابن حجر ونحوهما وفي احوال الرواة الى المدارك لعياض والميزان للذهبي ولسان الميزان لابن حجر وفي الاجماعات ابن المنذر وابن القطان ونحو ذلك وفي اسباب النزول الى اسباب النزول للسيوطي وهكذا ومقابل الصواب قول الابياري لا يكفي التقليد فيما ذكر لانه اذا قلد في شيء مما ذكر كان مقلدا فيما يبنى عليه لا مجتهدا وفيه نظر اذ المدارعلى غلبة الظن اهـ وافاد الناظم ما افاده المصنف معيدا الضمير على الشيخ الامام قائلا وليعتبر قال لفعل الاجتهاد لا كونه وصفا غدا في الشخص باد ان يعرف الاجماع كي لا يخرقا وسبب النزول قلت اطلقا وناسخ الكل ومنسوخا وما صحح والاحاد مع ضدهما وحال راوي سنة ونكتفي الان بالرجوع للمصنف قوله وسبب النزول قلت اطلقا قال في الشرح وينبغي ان يضم الى ذلك معرفة اسباب الحيث وهو نوع من انواعه مهم يعرف به المراد كاسباب النزول والف فيه القاضي ابو يعلى الفراء وهذا معنى ولي قلت اطلقا أي اطلق معرفة الاسباب لتعم الكتاب والسنة اهـ ولا يشترط علم الكلام وتفاريع الفقه والذكورة والحرية وكذا العدالة على الاصح وليبحث عن المعارض واللفظ هل معه قرينة أي ولا يشترط في المجتهد معرفة علم الكلام لا مكان الاستنباط لمن يجزم بعقيدة الاسلام تقليدا ولا تفاريع الفقه كوجوب النية في الوضوء وسنية الوتر مثلا لا نبا انما تكون بعد الاجتهاد فكيف تشترط فيه فلو جعلت شرطا فيه لزم الدور لتوقف كل منهما على الاخر ولا الذكورة والحرية لجواز ان يكون لبعض النساء قوة الاجتهاد وان كن ناقصات عقل عن الرجال وكذا لبعض العبيد بان بنظر حال التفرغ عن خدمة السيد وكذا العدالة لا تشترط فيه على الاصح لجواز ان يكون للفاسق قوة الاجتهاد فلذا نفى الناظم ايضا اشتراط ما ذكر عن المجتهد حيث قال لا الفقه والكلام والحرية ولا الذكورة ولا العدالة وافاد ناظم السعود ماذكر بقوله وليس الاجتهاد ممن قد جهل علم الفروع والكلام ينحظل كالعبد والانثى كذا لا تجب عدالة على الذي ينتخب وليبحث المجتهد الجزء: 3 ¦ الصفحة: 85 على سبيل الاولوية عن المعارض كالمخصص والمقيد والناسخ فاذا وجد عاما مثلا بحث عن مخصصه وكذا كل لفظ مع معارضه وكذا يبحث عن اللفظ هل معه القرينة الصارفة له عن ظاهره ليسلم ما يستنبطه عن تطرق الخدش اليه لو لم يحث فلذا قال الناظم والبحث عن مواضع فليقتفي واللفظ هل معه قرينة تفي والذي اشترطت فيه الشروط المتقدمة من اول ذا الكتاب الى هنا انما هو في المجتهد المطلق فلذا قال ناظم السعود مشيرا اليه هذاهو المطلق واما المجتهد المقيد فهو الذي تعرض له المصنف بقوله ودونه مجتهد المذهب وهو المتمكن من تخريج الوجوه على نصوص امامه أي ودون المجتهد المتقدم وهو المجتهد المطلق مجتهد المذهب وهو المتمكن من تخريج الوجوه التي يبديها على نصوص امامه في المسائل فلذا قال الناظم ودونه مجتهد المذهب من يمكن تخريج الوجوه حيث عن على نصوص امامه خذا قال شارح السعود ان المجتهد المقيد دون المطلق بصيغة اسم المفعول في الرتبة لان المطلق اصله وقدرته ورفعته على التابع في الفروع معلومة ثم قال ان المجتهد المقيد هو الملتزم مراعاة مذهب معين فصار نظره في نصوص امامه كنظر المطلق في نصوص الشارع فلا يتعداها الى نصوص غيره على المشهور خلافا للخمي فانه يخرج على قواعد غيره وقد عيب عليه ذلك حتى قال ابن غازي لقد هتكت قلبي سهام جفونها كما هتك اللخمي مذهب مالك اه فلذا قال في نظمه والمقيد منسقل الرتبة عنه يوجد ملتزم اصول ذاك المطلق فليس يعدوها على المحقق ذم ذكر انه كثير اما يستخرج اهل المذهب الاصول أي القواعد وفاقية او خلافية من كلام امامهم قال والشرط المحقق لمجتهد المذهب ان يكون له قدرة على تخريج الاحكام على نصوص امامه الملتزم هو له فالوجوه هي الاحكام التى يبديها على نصوص امامه ومعنى تخريج الوجوه على النصوص استنباطها منها كان يقيس ما سكت عنه على ما نص عليه لوجود معنى ما نص عليه فيما سكت عنه سواء نص امامه على ذلك المعنى او استنبطه هو من كلامه وكان يستخرج حكم المسكوت عنه هل دخوله تحت عموم ذكره او قاعدة قررها فلذا قال في نظمه مجتهد المذهب من اصوله منصوصة ام لا حوى معقوله وشرطه التخريج للاحكام على نصوص ذلك الامام قوله معقوله بمعنى عقله فاعل حوى ومفعوله محذوف أي حواها عقله وحفظه حال كون تلك الاصول والقواعد منصوصة لامام المقلد بفتح اللام او مستنبطة من كلامه ودونه مجتهد الفتيا وهو المتبحر المتمكن من ترجيح قول على ءاخراي ودون مجتهد المذهب مجتهد الفتيا وهو المتبحر في مذهب امامه المتمكن من ترجيح قول له على ءاخر اطلقهما ذلك الامام بان لم ينص على ترجيح واحد منهما على الاخر او المتمكن من ترجيح قول اصحاب ذلك الامام على قول ءاخر اطلقوهما وتعرض الناظم لذا المجتهد اعني مجتهد الفتيا بقوله ودونه مجتهد الفتيا وذا المتبحر الذي تمكنا من كونه رجح قولا وهنا أي ضعف وتعرض ناظم السعود اليه بقوله مجتهد الفتيا الذي يرجح قولا على قول وذاك ارجح قوله وذاك ارجح أي مجتهد المذهب اعلى رتبة من مجتهد الفتوى ثم زاد مرتبة رابعة على المصنف ليست من الاجتهاد في شئ وذلك بان يقوم بحفظ المذهب وفهمه في الواضحات والمشكلات ومعرفة عامه وخاصه ومطلقه ومقيده لكن عنده ضعف في تقرير ادلته وتحرير اقيسته بجهله بالاصول الجزء: 3 ¦ الصفحة: 86 فهذا يعتمد نقله وفتواه فيما يحكيه من مسطورات مذهبه اهـ فلذا قال في نظمه لجاهل الاصول ان يفتي بما نقل مستوفى فقط وامما قوله وامما فعل امر أي اقتد به فيما نقل مستوفى قال وهذه الرتبة هي التي تلي رتبة المجتهدين الثلاثة والصحيح جواز تجزي الاجتهاد اختلف في جواز تجزي الاجتهاد بمعنى هل يصح ان يجتهد في بعض الفنون دون بعض وفي بعض المسائل دون بعض والصحيح جوازه وعليه الاكثر وان من عرف الفرائض مثلا فلا يضره قصوره عن علم النحوومن عرف القياس فله ان يفتي في مسئلة قياسية اذا علم عدم المعارض ولا يضره كونه غير عالم بالحديث قال شارح السعود وكذا يجوز ان يبلغ رتبة الاجتهاد في قضية أي مسئلة دون غيرها ووقع لابن القاسم وغيره في مسائل معدودة خالفوا فيها مالكا رحمه الله تعالى وبعضهم يقول ان المخالفة فيها باعتبار اصول لا انهم نظروا فيها نظرا مطلقا كما هو كثير من اللخمي وقيل لايجوز لارتباط العلوم والمسائل بعضها ببعض لاحتمال ان يكون فيما لم يبلغ رتبة الاجتهاد فيه معارض لما بلغها فيه بخلاف من احاط بالكل ونظر فيه اهـ فلذا قال في نظمه يجوز الاجتهاد في فن فقط او في قضية وبعض قد ربط وقال ليس من نجزي الاجتهاد قول المجتهد في بعض المسائل لا ادري واجابته عن البعض كما ظنه بعضهم لانه متهئ لمعرفة ذلك اذا صرف النظر اليه كما تقدم في قولنا والعلم بالصلاح الخ أي في المقدمات وافاد الناظم ما افاده المصنف حيث قال والمرتضى جواز تجزي الاجتهاد وافاد العلامة بن عاصم ان شرط الاجتهاد في أي فن كان اتقان المجتهد فيه من جهة المعرفة والفهم مع احضارما يحتاج اليه ذلك الفن من الادوات حيث قال وشرط الاجتهاد في فن ما احكامه معرفة وفهما مع الذي يحتاج ذاك الفن من ادوات فاتبع ما سنوا وجوار الاجتهاد للنبيء صلى الله عليه وسلم ووقوعه وثالثها في الاراء والحروب فقط والصواب ان اجتهاده صلى الله عليه وسلم لا يخطيء قال شارح السعود ان متاخري الاصوليين كابن الحاجب والسبكي والقرافي نقلوا عن متقدميهم الخلاف في جوائز اجتهاد النبيء صلى الله عيه وسلم فيما لا نص فيه وفي وقوعه بناء على جوازه فالصحيح وهومذهب الجمهور جوازه وعداه بعضهم الى سائر الانبياء لوقوعه كما في الادلة الاتية وقال بعض الشافعية والجباءي وابنه من المعتزلة بالمنع لقدرته على اليقين بالتلقي من الوحي بان ينتظره والقادر على اليقين في الحكم لا يجوز له الاجتهاد فيه اتفاقا ورد بان انزال الوحي ليس في قدرته وبعدم انحصار سبب اليقين في التلقي من الوحي لان الصواب في اجتهاده انه لايخطئ فيكون الاجتهاد ايضا سبب اليقين فلا يتم الدليل على منع الاجتهاد الا اذا كان هذا المانع من القائلين بان اجتهاده قد يخطيء اهـ فلذا قال في نظمه والخلف في جواز الاجتهاد او وقوعه من النبي قد رووا ثم قال وفي وقوعه مذاهب الوقوع وهو مختار الامدي وابن الحاجب والسبكى لقوله تعالى وشاورهم في الامر وداوود وسليمان اذ يحكمان في الحرث الاية ما كان لنبيء ان يكون له اسرى حتى يثخن في الارض عفا الله عنك لم اذنت لهم عوتب على استبقاء اسرى بدر بالفداء وعلى الاذن لمن ظهر نفاقهم في التخلف عن غزوة تبوك ولا يعاتب فيما صدر عن وحي فيكون عن اجتهاد وقال بعضهم بعدم الوقوع اهـ وثالث الاقوال الجواز والوقوع في الاراء والحروب فقط والمنع الجزء: 3 ¦ الصفحة: 87 في غيرها جمعا بن الادلة السابقة والذي ذكره العلامة ابن عاصم انه قيل ان الوحي اغناه عن ان يجتهد فلم يتعبد بالاجتهاد وافاد ان المختار انه اجتهد فيما لم يرد به الوحي حيث قال واختلفوا هل الرسول قد حكم بالاجتهاد او الوحي ملتزم فقيل لم يكن به تعبدا فالوحي اغناه عن ان يجتهدا والاختيار انه قد اجتهد في غير ما الوحي بحكمه ورد وحكى الجلال السيوطي قولا رابعا زاده على المصنف حكاه في المحصول عن المحققين وهو القول بالوقف فلذا قال في النظم وجائز وواقع للهادي ثالثها في الحرب والارا فقد والرابع الوقف وللخطا فقد قوله ووللخطا فقد اشار به الى قول المصنف والصواب ان اجتهاده صلى اله عليه وسلم لا يخطيء أي تنزيها لمنصب النبوة عن الخطا في الاجتهاد قال شارح السعود وكونه لا يخطيء في اجتهاده هو الحق والمختار ومذهب المحققين فلذا قال في نظمه وواجب العصمة يمنع الجنف والجنف بالتحريك الميل والخطا وان الاجتهاد جائز في عصره وثالثها باذنه صريحا قيل او غير صريح ورابعها للبعيد وخامسها للولاة وانه وقع وثالثها لم يقع للحاضر ورابعها الوقف أي والاصح ان الاجتهاد جائز في عصره صلى الله عليه وسلم فلذا قال ناظم السعود وصحح الوقوع عصره السلف وقيل لا للقدرة على اليقين في الحكم بتلقيه منه واعترض بانه لو كان عنده وحي في ذلك لبلغه للناس وثالث الاقوال انه جائز باذنه صريحا قيل او غير صريح بان سكت عن من سال عنه او وقع منه فان لم ياذن فلا ورابع الاقوال انه جائز للبعيد عنه ولو دون مسافة القصر دون القريب لسهولة مراجعته وخامس الاقوال انه جائز للولاة حفظا لمنصبهم عن استنقاص الرعية لهم لو لم يجز لهم بان يراجعوا النبيء صلى الله عليه وسلم فيما يقع لهم بخلاف غيرهم قال المحقق البناني فيه ان يقال أي استنقاص في مراجعته صلى الله عليه وسلم بل هي نهاية الكمال والشرف ثم قال اخيرا وبالجملة فهذه المقالة هفوة من قائلها وجل من لا يسهو اهـ واشار الناظم الى ذي الاقوال بقوله وعصره ثالثها باذنه مصرحا قيل ولو بضمنه وقيل للولاة قيل والبعيد والاصح على الجواز انه وقع وقيل لا وثالث الاقوال لم يقع للحاضر في قطره صلى الله عليه وسلم بخلاف غيره وبعد ان ذكر العلامة ابن عاصم ان الاجتهاد بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم جائز في الافاق افاد انه جائز ايضا في عصره للغائب وان الخلاف في الحاضر حيث قال والاجتهاد جاز باتفاق بعد رسول الله في الافاق وجائز في عصره للغائب والخلف في الحاضر في المذاهب ورابع الاقوال الوقف عن القول بالوقوع وعدمه وذكر الناظم قولي الوقوع للبعيد والوقف حيث قال وفي الوقوع البعد والوقف مزيد واستدل على الوقوع بانه صلى الله عليه وسلم حكم سعد ابن معاذ في بنى قريظة فقال تقتل مقاتلتهم وتسبى ذريتهم فقال صلى الله عليه وسلم لقد حكمت فيهم بما حكم الله تعالى به ويقول ابي بكر يوم حنين لا هالله اذن لا يعمد الى اسد من اسود الله تعالى يقاتل عن الله ورسوله فيعطيك سلبه فقال صلى الله عليه وسلم صدق فاعطاه اياه مسئلة المصيب في العقليات واحد ونافي الاسلام مخطيء ءاثم كافر وقال الجاحظ والعنبري لا ياثم المجتهد قيل مطلقا وقيل ان كان مسلما وقيل زاد العنبري كل مصيب أي المصيب من المختلفين الجزء: 3 ¦ الصفحة: 88 في العقليات واحد وهو من صادف الحق فيها لتعينه في الواقع والعقليات هي ما لا يتوقف على سمع كحدوث العلم وثبوت الباري وصفاته وبعثة الرسل ومعنى كون المصيب واحدا انهم لا يصيبون جميعا بل اما ان يخطا جميعهم او يصيب واحد منهم فقط قال ناظم السعود ووجد المصيب في العقلى قوله ونافي الخ أي ونافي الاسلام كله او بعضه مخطيء ءاثم كافر لانه لم يصادف الحق وعدم مصادفته الحق لا تكون عذرا في القطعيات قال الشيخ حلولو لاخفاء ان المصيب في العقليات واحد وحكى ولي الدين عن الامدي وغيره الاجماع على ذلك ثم ان المخطيء فيها ان اخطا فيما لا يمنع من معرفة الله تعالى ومعرفة رسوله كما في مسائل الرؤية وخلق الاعمال فهو ءاثم من حيث عدل عن الحق ومخطيء من حيث اخطا الحق ومبتدع من حديث قال قولا مخالفا لمذهب السلف الصالح وان اخطا فيما يرجع الى الايمان بالله ورسوله كنفات الاسلام من اليهود والنصارى فهم مخطئون اثمون كافرون وهذا مجمع عليه بين علماء الايمة وانه لا فرق في ذلك بين المجتهد وغيره اهـ فلذا قال الناظم واحد المصيب في احكام عقلية ومنكر الاسلام مخطىء اثيم كافر لم يعذر قال الشيخ حلولو ولا عبرة بمخالفة عمرو بن بحر الجاحظ وعبد الله بن حسن العنبري في قولهما ان المجتهد في العقليات لا ياثم فمن العلماء من نقل ذلك عنهما من غير تقييد ومنهم من قيده بشرة الاسلام وهو الاليق يهما اهـ فلذا قال الناظم وقد رءا الجاحظ ثم العنبري لا اثم في العقلي ثم المنتقي ان يك مسلما ثم مطلقا ولم يحك عنهما العلامة ابن عاصم الا القول بالاطلاق حين تعرض لذي المسئلة بقوله والاجتهاد في اصول الدين او في فروع الفقه بالتعيين فالاول المصيب فيه واحد ومن عداه ءاثم معاند والقول للجاحظ مثل العنبري كل مصيب أي من الاثم بري وقيل زاد العنبري على نفي الاثم كل من المجتهدين في العقليات مصيب فلذا قال الناظم دليل زاد العنبري كل مصيب وقد حكي الاجماع على خلاف قولهما قبل ظهولاهما في جميع الاعصار اما المسئلة التي لا قاطع فيها فقال الشيخ والقاضى وابو يوسف ومحمد وابن سريج كل مجتهد مصيب ثم قال الاولان حكم الله تابع لظن المجتهد وقال الثلاثة هناك ما لو حكم لكان به ومن ثم قالوا اصاب اجتهاد لا حكما وابتداء لا انتهاء أي اما المسئلة التي لا قاطع فيها من مسائل الفقه فقال الشيخ ابو الحسن الاشعري والقاضي ابو بكر الباقلاني وابو يوسف ومحمد صاحبا ابي حنيفة وابن سريج كل مجتهد فيها مصيب وذكر العلامة ابن عاصم انه مروي عن مالك ايضا حيث قال وقيل بل يصيب كل مجتهد الحق والنعمان ذاك يعتمد ومثله القاضي والاشعري وذا كذا عن مالك مروي وتعرض الناظم لمن سماهم المصنف بقوله وفي التي لا قاطع فيها يصيب كل لذي صاحبي النعمان والباز والشيخ وباقلاني ذكر في الشرح ان المراد بالباز ابن سريج من الشافعية قال فانه كان يلقب بالباز الاشهب ثم قال الاولان أي الشيخ والقاضي حكم الله في المسئلة التي لا قاطع فيها تابع تعينه لظن المجتهد فما ظنه فيها من الحكم فهو حكم الله في حقه وحق مقلده فلذا قال الناظم مشيرا اليهما فذان قالا حكم الله تابع ظنه بلا اشتباه وقال الثلاثة الباقون هناك في المسئلة شيء لو حكم الله على التعيين لحكم بذلك الشيء لكن لم يقع الجزء: 3 ¦ الصفحة: 89 منه تعالى حكم على التعيين جعل الحكم تابع لظن المجتهد قال المحقق البناني وايضاح هذا الكلام انه ما من مسئلة الا ولها مناسبة خاصة ببعض الاحكام بعينه بحيث لو اراد الله الحكم على التعيين لكان بذلك البعض بعينه اهـ ومن اجل قولهم المذكور قالوا ايضا في من لم يصادف ذلك الشئ اصاب اجتهادا حيث انه بذل وسعه واللازم في الاجتهاد بذل الوسع لانه المقدور لا حكما حيث انه لم يصادف ذلك الشيء الذي لو حكم الله حكما معينا لكان به واصاب ابتداء لانه بذل وسعه على الوجه المعتبر في الابتداء نعم تارة يؤديه ذلك الى المطلوب واخرى لا لا انتهاء حيث ان اجتهاده لم ينته الى مصادفة ذلك الشيء فصار حينئذ مخطئا حكما وانتهاء فلذا قال الناظم والاولون ثم امر لو حكم كان به لو لم يصادفه اتم اصاب لا حكما ولا انتهاء بل اجتهادا فيه وابتداء قال شارح السعود والخطا في الحكم عند الثلاثة غير الخطا فيه عند الجمهور لان الخطا هنا معناه عدم مصادفة ما لو حكم الله لكان به وان كان لم يحكم به فعد مخطئا لعدم مصادفة ما له المناسبة الخاصة وان لم يحكم به والخطا عند الجمهور معناه عدم مصادفة ما حكم الله به بعينه في نفس الامر اهـ وتعرض في نظمه لما قرر بقوله ومن رءا كلا مصيبا يعتقد لانه يتبع ظن المجتهد او ثم ما لو عين الحكم حكم به لدرء او لجلب قد الم لذا يصوبون في ابتداء والاجتهاد دون الانتهاء والحجم والصحيح وفاقا للجمهور ان المصيب واحد ولله تعالى حكم قبل الاجتهاد قيل لا دليل عليه والصحيح انه عليه امارة وانه مكلف باصابته وان مخطئه لا ياثم بل يوجر أي والصحيح وفاقا للجمهور ان المصيب في المسالة التي لا قاطع فيها واحد ولله تعالى فيهاحكم معين قبل الاجتهاد فمن اصابه فهو المصيب ومن اخطاه فهو المخطيء قيل لا دليل عليه بل هو كدفين يصادفه من شاء الله والصحيح ان عليه امارة وان المجتهد مكلف باصابة الحكم لا مكانها وقيل لا لغموضه وافاد الناظم ذا الصحيح الذي هو المعتمد بقوله والاكثرون واحد وفيه لله حكم قبله عليه امارة وقيل لا والمعتمد كلف ان يصيبه من اجتهد والاصح ان مخطئه لا ياثم بل يوجر لبذله وسعه في طلبه فلذا قال الناظم وان من اخطاه لا ياثم بل اجره لقصده منحتم وتعرض شارح السعود لمذهب الامام مالك رضى الله عنه في المسالة قائلا ان الامام مالكا رحمه الله تعالى ذهب الى توحيد المصيب من المجتهدين المختلفين في الفرعيات أي مسائل الفقه التي لا قاطع فيها وهو الاصح من مذهبه وهو مذهب الجمهور حجة الجمهور انه تعالى شرع الشرائع لتحصيل المصالح الخالصة او الراجحة او لدرء المفاسد كذلك ويستحيل وجودها في النقيضين فيتحد الحكم وافاد ان حكم الله تعالى معين في الواقعة قبل حصول الاجتهاد فيها على مذهب مالك القائل بان المصيب واحد لكنه غير معلوم لنا فمن اصاب ذلك الحكم المعين فهو المصيب ومن اخطاه فهو المخطيء حسبما قرر ءانفا في مذهب الجمهور ولذلك الحكم المعين ما يبينه أي يظهره للمجتهد من امارة كما مر ءانفا فلذا قال في نظمه ومالك رءاه في الفرعي فالحكم في مذهبه معين له على الصحيح ما يبين معين بصيغة اسم المفعول ويبين بالبناء للفاعل ثم قال ان المجتهد اذا اخطا ذلك الحكم المعين يثبت له الاجر لبذله وسعه في طلبه قال النبيء صلى الله عليه وسلم اذا اجتهد الحاكم فاصاب فله اجران واذا اجتهد فاخطا فله اجر واحد والاجر ثابت وان قلنا الجزء: 3 ¦ الصفحة: 90 ان المجتهد واجب عليه اصابة ذلك الحكم لامكانها واحرى في ثبوت الاجر له اذا مشينا على القول بان المجتهد غير واجب عليه اصابة الحكم لغموضه اهـ فلذا قال في نظمه مخطئه وان عليه انحتما اصابة له الثواب ارتسما أي بفضله تعالى ان شاء اما الجزئية التي فيها قاطع فالمصيب فيها واحد وفاقا وقيل على الخلاف ولا ياثم المخطي على الاصح ومتى قصر مجتهد اثم وفاقا أي اما الجزئية التي فيها قاطع من نص او اجماع واختلف فيها لعدم الوقوف عليه فالمصيب فيها واحد وفاقا وهو من وافق ذلك القاطع وقيل على الخلاف أي النزاع المتقدم فيما لا قاطع فيه فلذا قال الناظم وفرد المصيب بالاجماع مع قاطع وقيل بالنزاع وهو بعيد قال شارح السعود ان المصيب واحد في المسالة الفرعية التي دليلها قاطع من نص او اجماع واختلف فيها المجتهدون لعدم علمهم بذلك القاطع ولا بد ان يكون قاطعا من جهة المتن والدلالة معا بان يكون صريحا متواترا فالمصيب فيما ذكر واحد اتفاقا وهو موافق ذلك القاطع وقيل على الخلاف في كون كل مجتهد مصيبا والمصيب واحد لا بعينه اهـ فلذا قال في نظمه وهو واحد متى عقل في الفرع قاطع ولكن قد جهل ولا ياثم المخطىء في المسالة التي فيها قاطع بناء على ان المصيب واحد على الاصح ومتى قصر مجتهد أي متصف بصفات الاجتهاد في اجتهاده اثم وفاقا لتركه الواجب عليه من بذله وسعه فيه فلذا قال ناظم السعود وهو ءاثم متى ما قصرا في نظر وفقا لدى من قد درى قال في الشرح وعبرنا بقولنا في نظر بدل قول بعضهم في اجتهاده لان النظر المقصر فيه لا يسمى اجتهادا اذ الاجتهاد استفراغ الوسع ولا استفراغ مع التقصير اهـ وافاد الناظم ما افاده المصنف حيث قال ونفى اثم مخطيء ذو الانتقاء وان يقصر فعليه اتفقا مسالة لا ينقض الحكم في الاجتهاديات وفاقا فان خالف نصا او ظاهرا جليا ولو قياسا او حكم بخلاف اجتهاده او بخلاف نص امامه غير مقلد غيره حيث يجوز نقض أي ان حكم المجتهد في الاجتهاديات لا ينقض لامن الحاكم به ولا من غيره فيما اذا اختلف الاجتهاد وفاق اذ لو جازنقضه لجاز نقض النقض وهلم فتفوت حينئذ مصلحة نصب الحاكم من فصل الخصومات فلذا قال الناظم لا ينقض الحكم بالاجتهاد قطعا قال شارح السعود ان حكم المجتهد في الاجتهاديات يمتنع نقضه حيث ظهر له ان غيره اصوب منه كيف وقع المجتهد أي سواء كان مجتهدا مطلا او مقيدا بقسميه من مجتهد المذهب ومجتهد الترجيح وذلك الامتناع باتفاق الاصوليين اذا كان غير شاذ جدا وصار اليه من غير ترجيح اهـ فلذا قال في نظمه والحكم من مجتهد كيف وقع دون شذوذ نقضه قد امتنع قال ووقع الخلف فيه بين الفقهاء ومشهور مذهبنا نقضه من الحاكم به قال خليل ونقضه هو فقط ان ظهر غيره اصوب اهـ فان خالف الحكم نصا في معناه او ظاهرا جليا من لفظ كتاب او سنة او قياس جلي نقض لمخالفته للدليل المذكور ولا بد من بيان السبب وينقضه الحاكم به او غيره قال العلامة شيخنا خليل ونقض وبين السبب مطلقا ما خالف قاطعا او جلي قياس وقال الزقاق في لاميته وانقض خلاف قواعد ونص واجماع وقيس قد انجلى وكذا ينقض حكم الحاكم المجتهد اذا حكم بخلاف اجتهاده بان اداه اجتهاده الى شيء فلم يحكم به وقلد غيره ونقض لمخالفته لاجتهاده وامتناع تقليده غيره فيما اجتهد فيه وتعرض ناظم السعود للمذكورات المستثناة من الجزء: 3 ¦ الصفحة: 91 عدم النقض فتنقض بقوله الااذا النص او الاجماع او قاعدة خالف فيها ما راوا اجتهاده او القيس الجلي على الاصح وكذا ينقض حكم الحاكم اذا حكم بخلاف نص امامه غير مقلد غيره من الايمة حيث يجوز لمقلد امام تقليد غيره من الايمة قال الجلال المحلي بان لم يقلد في حكمه احد الاستقلاله فيه برايه او قلد فيه غير امامه حيث يمتنع تقليده اهـ وافاد الناظم ما تعرض له المصنف بقوله فان خالف نصا باد او ظاهرا ولو قياسا لا خفي او حكمه بغير رايه يفي او بخلاف نص من قلده ينقض وكذ افاد شار ح السعود ان المقلد بكسر اللام غير المجتهد المقيد اذا حكم بغير المعتلي أي المشهور من مذهب امامه وقول اصحابه نقض حكمه لان محض المقلد لا يحكم ولا يفتي بغير المشهور قال الشارح ومحل نقض حكم الحاكم المقلد اذا حكم بغير مشهور مذهبه ما اذا لم يبلغ رتبة الترجيح واما ان بلغها بان كان مجتهدا مقيدا فلا ينقض حكمه لانه يجوز له الحكم والعمل والافتاء بالضعيف اذا ترجح عنده وهذا قليل في قضاء هذا الزمان في سائر اقطار الدنيا وانما يحكم كثير منهم بالتخيير والشك اهـ فلذا قال في نظمه عاطفا على ما ينقض او بغير المعتلى حكم في مذهبه وان وصل لرتبة الترجيح فالنقض انحظل ثم افاد انه يجب تقديم القول الضعيف فيما اذا عمل به على المشهور اذا تخالفا اذا ثبت العمل بشهادة العدول اذا كان العمل موافقا لقول وان كان شاذا لا كل عمل لكن يشترط في جريان العمل بالضعيف ان يكون لسبب اتصل أي وجد من حصول مصلحة او درء مفسدة فلذا قال في نظمه وقدم الضعيف ان جرى عمل به لاجل سبب قد اتصل ثم حكى انه اختلف اهل المذهب على ثلاثة اقوال في المقلد العارف لعلم الاصول اذا عدم في مسالة نص امامه فقيل يجوز القياس مع التزام ما لامامه من الاصول فلا يقيس على اصل الشافعي اذا كان مخالفا لاصول مالك ولا لغير الشافعي من المجتهدين كذلك وهذا طريق ابن رشد والمازوي والتونسي واكثر المالكية وقيل يجوز له ان يقيس مطلقا أي فلا يلزمه التعلق باصول امامه بل يقيس عليها وعلى اصول غيره مع وجودها أي وجود اصول امامه وهذا قول اللخمي وفعله ولذلك قال عياض في المدارك له اختيارات خرج بكثير منها عن المذهب وقيل يجوز له ذلك بشرط التعلق بنصوص امامه فلا يفتي ولا يحكم الا بشيء سمعه منه هو نص ابن العربي وظاهرنقل الباجي فلذا قال في نظمه وهل يقيس ذو الاصل ان عدم نص امامه الذي لزم مع التزام ما له او مطلقا وبعضهم بنصه تعلقا ولو تزوج بغير ولي ثم تغير اجتهاده فالاصح تحريمها عليه وكذا المقلد يتغير اجتهاد امامه أي اذا كان المجتهد ممن يرى جواز النكاح بلا ولي فيتزوج بغيره باجتهاد منه ثم تغير اجتهاده الى بطلانه فالاصح تحريمها عليه في المستقبل لظنه الان البطلان وقيل لا يحرم اذا حكم حاكم بالصحة وكذا المقلد يتغير اجتهاد امامه فيما ذكر في مساله تزوج المراة بغير ولي فانها تحرم ايضا بسبب تغير الاجتهاد ولو حكم بالصحة حاكم واشار الناظم الى الخلاف الذي ذكره المصنف بقوله وان ينكح من اشهاده ثم تغير اجتهاد منه او امامه في حظرها خلف حكوا ومن تغير اجتهاده اعلم المستفتى ليكف ولا ينقض معموله ولا يضمن المتلف ان تغير لا لقاطع أي ومن تغير اجتهاده بعد الافتاء اعلم المستفتى بتغيره الجزء: 3 ¦ الصفحة: 92 ليكف عن العمل ان لم يكن عمل ولا ينقض معموله ان عمل اذ الاجتهاد لا ينقض بالاجتهاد لما تقدم من لزوم التسلسل وكذا لا يضمن المجتهد المتلف بافتائه باتلاف ان تغير اجتهاده الى عدم الاتلاف لا لقاطع معذور بخلاف ما اذا تغير اجتهاده لقاطع كالنص في معناه مع كونه متوترا كالكتاب ومثل النص الاجماع فانه يضمن لتقصيره فلذا قال الناظم ومن تغير اجتهاده وجب اعلام مستفت به كيفما وهب والفعل لا ينقض ولا يضمن ما يتلف فان لقاطع فالزما وافاد الضمان ناظم السعود ايضا بالتفصيل حيث قالولم يضمن ذو اجتهاد صيغا ان يك لا لقاطع قد رجعا ثم افاد ان غير المجتهد اذا تلف بفتواه او حكمه شيئا ولم يتول ذلك لفعل بنفسه بل انما امر بذلك فقط ففيه قولان بالضمان وعدمه فان تولى تنفيذ ذلك بنفسه ضمن باتفاق وذا في غير المنتصب واما اذا كان منتصبا للفتوى او القضاء واتلف شيئا بواحد منهما ورجع فقال الذي يقتضيه النظر ذاك أي التضمين وفاقا عند من يحرر المسائل أي يحققها وهو الحطاب شارح خليل قال لان هذا يحكم بفتواه فهو كالشاهد يرجع عن شهادته اهـ فلذا قال في نظمه الا فهل يضمن ان لم يكن منه تول بين وان يكن منتصبا فالنظر ذاك وفاقا عند من يحرر قوله الا أي ان لا يكن المتلف مجتهدا فهل يضمن الخ والله أعلم مسالة يجوز ان يقال لنبيء او عالم احكم بما تشاء فهو صواب ويكون مدركا شرعيا ويسمى التفويض وتردد الشافعي قيل في الجواز وقيل في الوقوع وقال ابن السمعاني يجوز للنبيء دون العام ثم المختار لم يقع قال الشيخ حلولو هذه المسالة تسمى التفويض كما ذكر المصنف وتسمى العصمة كما ذكر القرافي اهـ أي يجوز ان يقال بالهام من الله تعالى او على لسان الملك لنبيء او عالم على لسان نبيء احكم بما تشاء في الرقاع من غير دليل فهو قول أي موافق لحكم بان يلهمه اياه اذ لا مانع من جواز هذا القول قال المحقق البناني وحاصل ذلك ان يجعل الله تعالى مشيئة المقول له ذلك دليلا على حكمه في الواقع بان لا يلهمه الا مشيئة ما هو حكمه في الواقع اهـ ويكون هذا القول مدركا شرعيا ويسمى التفويض لدلالته عليه فلذا قال الناظم يجوز ان يقال للنبيء الحكم بما تشاء او صلي فهو صواب ويكون مدركا شرعا وتفويضا يسمى ذلك وتردد الشافعي فيه قيل في الجواز وقيل في الوقوع ونسب تردد الشافعي في الوقوع الى الجمهور قال الجلال المحلي فحصل من ذلك خلاف في الجواز وفي الوقوع على تقدير الجواز اهـ وقال ابن السمعاني يجوز للنبيء دون العالم حيث ان رتبته لا تبلغ ان يقال له ذلك ثم المختار بعد جوازه كيف كان سواء كان لنبيء او عالم انه لم يقع فلذا قال الناظم ثالثها لعالم ولم يقع على الاقوى قال الجلال المحلي وجزم بوقوعه موسى بن عمران من المعتزلة واستند الى حديث الصحيحين لولا ان اشق على امتي لامرتهم بالسواك عند كل صلاة أي لاوجبته عليهم والى حديث مسلم يايها الناس قد فرض عليكم الحج فحجوا فقال رجل اكل عام يا رسول الله فسكت حتى قالها ثلاثا فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لو قلت نعم لوجبت ولما استطعتم والرجل هو الاقرع بن حابس كما في رواية ابي داوود وغيره واجيب بان ذلك لايدل على المدعى لجواز ان يكون خير فيه أي حير في ايجاب السواك وعدمه وتكرير الحج وعدمه ويكون ذلك الجزء: 3 ¦ الصفحة: 93 المقول بوحي لا من تلقاء نفسه اهـ وافاد الناظم جزم موسى بقوله وموسى قد وقع وفي تعليق الامر باختيار المامور تردد هذه مسالة استطرادية هنا ومحلها مبحث الامر أي وفي تعليق الامر باختيار المامور أي بارادته نحو افعل كذا ان شئت أي فعله تردد قيل لا يجوز لما بين طلب الفعل والتخيير فيه من التنافي قال الجلال المحلي والظاهر الجواز والتخيير قرينة على ان الطلب غير جازم وقد روى البخاري انه صلى الله عليه وسلم قال صلوا قبل المغرب قال في الثالثة لمن شاء أي ركعتين قال المحقق البناني قوله لمن شاء مقول قال وهو خبر مبتدا محذوف أي وذلك لمن شاء واشار الناظم الى ذا الخلاف في ذا الاصل بقوله نظير هذا الخلف في اصل شهر تعليق امر باختيار من امر مسالة التقليد اخذ القول من غير معرفة دليله ويلزم غير المجتهد وقيل بشرط تبين صحة اجتهاده ومنع الاستاذ التقليد في القواطع لما فرغ المصنف رحمه الله من الكلام على الاجتهاد اتبعه بالتقليد لانه مقابله والتقليد قال القرافي هو ماخوذ من تقليده بالقلادة وجعلها في عنقه قال ابو الخطاب في التمهيد والمعنى جعل الفتيا قلادة في عنق السائل فالاخذ جنس والمراد به التلقى بالاعتقاد قال المحقق البنانى والمراد بالقول ما يشمل الفعل بل والتقرير ايضا لان القول شاع استعماله في الراي والاعتقاد المدلول عليه باللفظ تارة وبالفعل اخرى وبالتقرير المقترن بما يدل على الرضى تارة اخرى وعلي هذا جرى المولى سعد الدين فحمل القول في كلام العضد كابن الحاجب على ما يعم الفعل والتقرير اهـ فالتقليد اخذ ما ذكر من غير معرفة دليله اذ الاخذ مع معرفة الدليل من قبيل الاجتهاد قال الجلال المحلي لان معرفة الدليل انما تكون للمجتهد لتوقفها على معرفة سلامته عن المعارض بناء على وجوب البحث عنه وهي متوقفة على استقراء الادلة كلها ولا يقدر على ذلك الا المجتهد اهـ وتعرض الناظم لحد التقليد بقوله الحد للتقليد اخذ القول من حيث دليله عليه ما زكن قال شارح السعود ان التقليد في عرف اهل الاصول هو التزام الاخذ بمذهب الغير من غير معرفة دليله الخاص وهو الذي تاصل أي صار اصلا ومستندا لمذهب ذلك الغير سواء عمل بمذهب الغير او لم يعمل به لفسق او غيره وسواء كان المذهب قولا او فعلا او تقريرا اهـ فلذا قال في نظمه معيدا الضمير عليه هو التزام مذهب الغير بلا علم دليله الذي تاصلا ويلزم التقليد غير المجتهد عاميا كان او غيره أي يلزمه التقليد للمجتهد لقوله تعالى فسئلوا اهل الذكر ان كنتم لا تعلمون وقال شارح السعود ان التقليد يلزم من ليس مجتهدا مطلقا وان كان غير المجتهد المطلق مجتهدا مقيدا بقسميه اذا عجز المجتهد المقيد عن الاجتهاد بناء على الراجح من جواز تجزي الاجتهاد فيقلد في بعض مسائل الفقه وبعض ابوابه كالفرائض اذا لم يقدر على الاجتهاد في ذلك فلذا قال في نظمه ويلزم غير ذي اجتهاد مطلق وان مقيدا اذا لم يطلق وقيل بشرط تبين صحة اجتهاده بان يتبين مستنده ليسلم من لزوم اتباعه في الخطا الجايز عليه فلذا قال الناظم ولازم كغير ذي اجتهاد وقيل ان بان انتفا الفساد وذكر العلامة ابن عاصم ان العالم اذا لم يبلغ درجة الاجتهاد يلزمه ان يكون منقادا للتقليد واما اذا بلغها فانه يمنع منه على الاظهر عند الاكثر حيث قال وعالم لم يبلغ اجتهادا من فوقه مقلد منقادا فان يكن بالغه فالاكثر يمنعه التقليد وهو الاظهر ومنع الاستاد ابو اسحاق الاسفرايني التقليد في الجزء: 3 ¦ الصفحة: 94 القواطع كالعقائد وحكى العلامة ابن عاصم ان منع التقليد في اصول الدين اجتباه الاكثرون من اهل الكلام مذهبا حيث قال معيدا الضمير على التقليد ففي اصول الدين منعه اجتبى اهل الكلام الاكثرون مذهبا وسياتي الكلام عليه عند الكلام على اصول الدين قال الجلال السيوطي وحكي في جمع الجوامع عن الاستاذ منع التقليد في القواطع حذفته لانه سياتي في اصول الدين اهـ وقيل لا يقلد عالم وان لم يكن مجتهدا اما ظان الحكم باجتهاده فيحرم عليه التقليد لمخالفته وكذا المجتهد عند الاكثر وثالثها يجوز للقاضي ورابعها يجوز تقليد الاعلم وخامسها عند ضيق الوقت وسادسها فيما يخصه قوله وقيل الخ مقابل لقوله ويلزم غير المجتهد الشامل للعالم وغيره أي وقيل لا يقلد عالم والحال انه غير مجتهد لان له صلاحية اخذ الحكم من الدليل بخلاف العامى وحكى الجلال السيوطى زيادة على المصنف انه لا يجوز التقليد للعامي ايضا قال وعليه معتزله بغداد فاوجبوا عليه الوقوف على طريق الحكم قال وقالوا انما يرجع للعالم لينبهه على اصولها اهـ فلذا قال في النظم وقيل ما لعالم ان قلدا ولو يكون لم يصر مجتهدا قيل ولا العامي اما ظان الحكم باجتهاده فيحرم عليه التقليد لمخالفته به لوجوب اتباعه اجتهاده فلذا قال الناظم والمجتهد ان يجتهد وظن لا يقلد وكذا المجتهد أي من هو بصفات الاجتهاد بان كان متاهلا له يحرم عليه التقليد فيما يقع له عند الاكثر لتمكنه من الاجتهاد فيه الذي هو اصل للتقليد قال الجلال المحلي ولا يجوز العدول عن الاصل الممكن الى بدله كما في الوضوء والتيمم اهـ فلذا قال العلامة ابن عاصم ءانفا فان يكن بالغه فالاكثر يمنعه التقليد وهو الاظهر قال شارح السعود ان التقليد لا يجوز في الفروع لمن بلغ رتبة الاجتهاد لاجل ما عندهم من النظر الذي يسع جميع المسائل بالصلاحية فان حصل له ظن الحكم باجتهاده بالفعل حرم عليه التقليد اجماعا وان صلح لذلك الظن لا تصافه بصفات الاجتهاد حرم عليه ذلك عند مالك واكثر اهل السنة لتمكنه من الاجتهاد فيه الذي هو اصل التقليد ولا يجوز العدول عن الاصل الممكن الى بدله اهـ فلذا قال في نظمه وهو للمجتهدين يمتنع لنظر قد رزقوه متسع وقيل يجوز له التقليد فيه لعدم علمه به الان وثالث الاقوال يجوز للقاضي لحاجته الى فصل الخصومات المطلوب تعجيله بخلاف غيره فلذا قال الناظم كذاك ان لم يجتهد على الاصح ثالثها الجواز للقاضي وضح فاشار بقوله كذاك الى ظان الحكم بالاجتهاد فشبه الصالح للاجتهاد ولم يجتهد بظان الحكم بالاجتهاد في عدم جواز التقليد لكل منهما ورابع الاقوال يجوز تقليد الاعلم منه لرجحانه عليه بخلاف المساوي والادنى وخامسها يجوز عند ضيق الوقت لما يسئل عنه كالصلاة الموقتة بخلاف ما اذا لم يضق وسادسها يجوز له فيما يخصه دون ما يفتي به غيره وكمل الناظم هذه الاقوال الثلاثة بقوله وقيل للضيق وقيل يرى اعلى وقيل في الذي له جرى مسئلة اذا تكررت الواقعة وتجدد ما يقتضي الرجوع ولم يكن ذاكرا للدليل الاول وجب عليه تجديد النظر قطعا وكذا ان لم يتجدد لا ان كان ذاكرا أي اذا تكررت الواقعة للمجتهد وتجدد له دليل يقتضي الرجوع عما ظنه فيها اولا ولم يكن ذاكرا للدليل الاول وجب عليه حينئذ تجديد النظر قطعا فيما تكرر فلذا قال العلامة ابن عاصم وان يكن قد نسى اجتهاده فيه وسئل ثانيا اعاده وكذا يجب على المجتهد تجديد النظر الجزء: 3 ¦ الصفحة: 95 ان لم يتجدد ما يقتضى الرجوع ولم يكن ذاكرا للدليل وذلك انه حيث لم يذكر الدليل الزم بتجديد النظر نعم ذا دون ما قبله في الرتبة وان كان تجديد النظر فيه واجبا ايضا على المشهور بخلاف ما اذا كان ذاكرا للدليل فلا يجب عليه تجديد النظر في واحدة من الصورتين اذ لا حاجة اليه فلذا قال الناظم ان يتكرر حادث وقد طرى ما يقتضي الوقوع او مما ذكرا دليله الاول جدد النظر حتما على المشهور دون ما ذكر وافاد العلامة ابن عاصم الافتاء بموجب الدليل الاول عند تذكره فيما تكرر من النوازل بقوله ثم اجتهاده اذا ما ذكره في نازل يفتي به من كرره وتعرض شارح السعود لهذه المسئلة قائلا ان ذا الراي أي الاجتهاد مطلقا كان لو مقيدا اذا وقعت له حادثة مرة اخرى يجب عليه تجديد النظر فيها لعله يظهر له خطا في الاولى لان الله تبارك وتعالى خالق على الدوام فيخلق له ادراك علم او مصلحة لم يكن عنده قبل واهمال ذلك تقصير والمجتهد لا يجوز له التقصير بل يجب عليه بذل وسعه لكن انما يجب عليه التجديد اذا لم يكن ذاكرا للنص أي الدليل الاول او تجدد له من غير أي دليل يقتضي الرجوع ولو احتمالا لاحتمال اقتضائه خلاف المظنون اولا لان الدليل الاول لعدم تذكره في حالة التجدد وغيره لا ثقة ببقاء الظن الحاصل منه اهـ ثم افاد انه اذا قعت الحادثة مرة اخري وكان ذاكرا للدليل الذي اعتمده في الاولى بالنسبة الى اصل الشرع ان كان مستقلا او الى مذهبه ان كان منتسبا لم يجب عليه تجديد النظر اذا لم يتجدد له ما يقتضي الرجوع لعدم احتمال تغير حاله الاولى اهـ فلذا قال في نظمه وواجب تجديد ذي الراي النظر اذا مماثل عرى وما ذكر للنص مثل ما اذا تجددا مغير الا فلن يجددا ببناء عرى بمعنى طرا وذكر للفاعل ونصب مثل على الحال وبناء يجدد للفاعل وكذا العامي يستفتي ولو مقلد ميت ثم تقع له تلك الحادثة هل يعيد السؤال قال شارح السعود ان العامي اذااستفتى مجتهدا مستقلا او منتسبا في حادثة ولو كان العالم المسئول مقلد ميت بناء على جواز تقليد الميت وافتاء المقلد ثم تقع له تلك الحادثة هل يعيد السؤال لمن افتاه او لا يجب عليه اعادته تردد فيه ابن القصار من المالكية وحكى ابن الصلاح فيه خلافا ثم قال الاصح لا يلزمه اهـ فلذا قال في نظمه وهل يكرر سؤال المجتهد سؤال المجتهد عم ان مماثل الفتوى بعد قوله من عم أي العامي فاعل يكرر ويعد مضموم العين من عاد يعود اذا رجع واشار الناظم الى ما اشار اليه المصنف بقوله وهكذا اعادة المستفتى سؤاله ولو تباع ميت قال الجلال المحلي فيجب عليه اعادة السؤال اذ لو اخذ بجواب الاول من غير اعادة لكان ءاخذا بشيء من غير دليل وهو في حقه قول المفتي وقوله الاول لا ثقة ببقائه عليه لاحتمال مخالفته له باطلاعه على ما يخالفه من دليل ان كان مجتهدا او نص لامامه ان كان مقلدا اهـ واما شارح السعود فانه نقل عن القرافي ان ما ذكر يتجه اذا كان المفتي مجتهدا اما اذا كان المفتى بالنقل الصرف فان المستفتي اذا كان عالما بذلك فلا حاجة الى سؤاله ثانيا لعدم احتمال تغير ما عنده في تلك الحادثة فلذا قال في نظمه وثانيا ذا النقل صرفا اهمل قال في الشرح ثانيا منصوب على الظرفية أي ثانى مرة وذا مضاف للنقل مفعول اهمل امر من الاهمال والترك وصرفا بكسر الصاد حال من الجزء: 3 ¦ الصفحة: 96 ذا والصرف الخالص من كل شيء والمراد هنا الخالص من الاجتهاد باقسامه الثلاثة اهـ ثم افاد ان العالم اذا استفتاه عامي وفي المسئلة اقوال مستوية فانه يخير العامي في العمل باي تلك الاقوال شاء اذا لم يكن بين قائليها تفاوت فلذا قال في نظمه وخيرن عند استواء السبل مسئلة تقليد المفضول ثالثها يجوز لمعتقده فاضلا او مساويا ومن ثم لم يجب البحث عن الارجح المختار أي تقليد المفضول من المجتهدين فيه اقوال احدها ورجحه ابن الحاجب يجوز لوقوعه في زمن الصحابة وغيرهم مشتهرا متكررا من غير انكار وهو المشهور وسواء ظنه المقلد فاضلا ام لا ثانيها لا يجوز لان اقوال المجتهدين في حق المقلد كالادلة في حق المجتهد وان اعتقده فاضلا فيجب البحث على هذا عن الراجح فكما يجب الاخذ بالراجح من الادلة يجب الاخذ بالراجح من الاقوال والراجح منها قول الفاضل وللعامي يعرفه بالتسامع وغيره ثالث لاقوال المختارالتقليد لمعتقد المقلد فاضلا غيره او مساويا بخلاف من اعتقده مفضولا كالواقع جمعا بين الدليلين بحمل الاول على من اعتقده فاضلا او مساويا والثاني على من اعتقده مفضولا وحينئذ لم يجب البحث عن الارجح من المجتهدين بل المدار على اعتقاد المقلد فاضلا او مساويا فلذا قال الناظم ثالثها المختار في المفضول جاز تقليده ان يعتقد ساوى وماز بالبحث عن ارجحهم لا يلزم والذي ذكره شارح السعود بعد ان افاد الخلاف في جواز تقليد العامي للمجتهد المفضول في العلم والورع مع وجود الفاضل في ذلك وان الاكثرين على جواز ذلك ان الفهري منا معاشر المالكية صححه والجمهور ورجحه ابن الحاجب فلذا قال في نظمه وجائز تقليد ذي اجتهاد وهو مفضول بلا استبعاد ثم افاد ان كل مذهب من مذاهب المجتهدين وسيلة يتوصل بها الى دخول الجنة التي هي دار الحبور أي النعيم والقصور العالية لان كلا على هدى من ربهم وان تفاوتوا في العلم والورع حيث قال فكل مذهب وسيلة الى دار الحبور والقصور جعلا قال ولا يجوز لاحد التفضيل الذي يؤدي الى نقص في غير امامه قياسا على ما ورد في تفضيل الانبياء عليهم الصلاة السلام قاله الشعرانى في الميزان اهـ ثم ذكر القول الثاني وهو انه يجب على العامي البحث عن امام منتخب بفتح الخاء المعجمة أي راجح في العلم والدين حيث قال وموجب تقليد الارجح وجب لديه بحث عن امام منتخب ثم انه لما كان مذهبه مالكيا وهو مذهبنا ذكر بعضا من مزاياه قائلا اذا سمعت ايها تالطالب لعلم هذه المسئلة ووجوب تقليد الارجح من المجتهدين فاعلم ان الامام مالكا رحمه الله تعالى ثبت ان له الشاو أي السبق في العلوم والغاية التي لا يدركها مجتهد غيره من عصره التابعين فمن بعدهم فثبت له الفضل على غيره لاجل الحديث الصحيح وهو قوله صلى الله عليه وسلم يوشك ان يضرب الناس اكباد الابل في طلب العلم ولا يجدون عالما اعلم من عالم المدينة مع ما ثبت له من حسن النظر اي التصرف في كل فن من الفنون ككتاب الله العزيز وءاثاره صلى الله عليه وسلم أي احاديثه اهـ فلذا قال في نظمه اذا سمعت فالامام مالك صح له الشاو الذي لا يدرك للاثر الصحيح مع حسن النظر في كل فن كالكتاب والاثر فان اعتقد رجحان واحد منهم نعين والراجح علما فوق الراجح ورعا في الاصح أي فان اعتقد العامي رجحان واحد من المجتهدين تعين لان يقلده وان كان مرجوحا في الواقع عملا باعتقاده المبني عليه التقليد فلذا الجزء: 3 ¦ الصفحة: 97 قال الناظم او يعتقد رجحان فرد منهم فليتعين والذي حكاه العلامة ابن عاصم ان المقلد عند تعدد المجتهدين يوثر افضلهم وقيل بل له ان يختار من شاء منهم حيث قال وفي تعدد راوا ايثارا افضلهم بل ما اختارا وللراجح علما فوق الراجح ورعا في القول اصح اذ لزيادة العلم تاثير في الاجتهاد بخلاف زيادة الورع فلذا قال الناظم والذي علما رجح فوق الذي في ورع على الاصح قال شارح السعود اذا وقع التفاوت في العلم مع الاستواء في الدين والورع فان بعض العلماء يوجب الاخذ بقول الاعلم قال الامام الرازي وهو الاقرب ولذلك قدم في امامة الصلاة زائد الفقه لان المقدم في كل موطن من مواطن الشريعة من هو اقوم بمصالح ذلك الموطن نعم ان كان التفاوت في الدين والورع مع الاستواء في العلم تعين الاورع لان لزيادة الدين والورع تاثيرا في التثبت في الاجتهاد وغيره فلذا قال في نظمه وزائد في العلم بعض قدما وقدم الاورع كل القدما ويجوز تقليد الميت خلافا للامام وثالثها ان فقد الحي ورابعها قال الهندي ان نقله عنه مجتهد في مذهبه أي ويجوز تقليد الميت مطلقا فقد الحي ام لا نقله مجتهد ام لا لبقاء قوله قال الجلال المحلي كما قال الشافعي المذاهب لا تموت بموت اربابها خلافا للامام الرازي في منعه قال الجلال المحلي قال أي الامام الرازي لانه لا بقاء لقول الميت بدليل انعقاد الاجماع بعد موت المخالف قال وتصنيف الكتب في المذاهب مع موت اربابها لاستفادة طريق الاجتهاد من تصرفهم في الحوادث وكيفية بناء بعضها على بعض ولمعرفة المتفق عليه من المختلف فيه وعورض بحجية الاجماع بعد موت المجمعين اهـ وثالث الاقوال يجوز تقليده ان فقد الحي للحاجة بخلاف ما اذا لم يفقد واشار الناظم الى الاقوال الثلاثة بقوله وقلد الميت في القوي ثالثها بشرط فقد الحي ورابع الاقوال قال الصفي الهندي يجوز تقليد الميت فيما نقل عنه ان نقله عنه مجتهد في مذهبه أي مذهب الميت وهو المعبر عنه فيما مر بمجتهد المذهب لانه لمعرفته مدارك المجتهد يميز بين ما استمر عليه وما لم يستمر عليه فلا ينقل لمن قلده الا ما ما استمر عليه بخلاف غيره وافاد شارح السعود انه حكى ابن عرفة ان الاجماع اليوم منعقد على جواز تقليد الميت لفقدان المجتهدين والا تعطلت الاحكام قال حلولو ولا خفاء في ثبوت الاجماع في ذلك اذ لم يرو عن احد من اهل العلم لا من مجتهد ولا من غيره بعد استقرار المذاهب المقتدي بها اظهار الانكار على الناس في تقليدهم مالكا او الشافعي مع استمرار الازمنة وانتشار ذلك في الاقطار والامصار قال الشارح ويجري عندي في هذه المسئلة الكلام في بيع كتب الفقه فان الخلاف الواقع فيها انما هوحيث كان المجتهدون موجودين واما اليوم فلا يختلف في بيعها كما صرح به اللخمي قال في تعليل ذلك والا ادى الى تعطيل الاحكام وهو جار على ما تقدم من انعقاد الاجماع اليوم على تقليد الميت اهـ فلذا قال في نظمه والخلف في تقليد من مات وفي بيع طروس الفقه الان قد نفي الطروس جمع طرس بالكسر وهو الكتاب كما تقدم في اول الكتاب ويجوز استفتاء من عرف بالاهلية او ظن باشتهاره بالعلم والعدالة وانتصابه والناس مستفتون ولو قاضيا وقيل لا يفتي قاض في المعاملات لا المجهول أي ويجوز استفتاء من عرف بالاهلية للافتاء بسبب اشتهاره بالعلم والعدالة او ظن اهلاله وانتصابه والناس مستفتون الجزء: 3 ¦ الصفحة: 98 له ولو كان من ذكر قاضيا فانه يجوز افتاؤه كغيره وقيل لا يفتي قاض في المعاملات للاستغناء بقضائه فيها عن الافتاء وعن القاضي شريح انا اقضي ولا افتي قال العلامة ابن عاصم في تحفه الحكام ومنع الافتاء للحكام في كل ما يرجع للخصام واما المجهول علما او عدالة فلا يجوز استفتاؤه لان الاصل عدمهما اشار الناظم الى ما ذكره المصنف بقوله وجوز استفتاء من قد عرفا اهلا له او ظن لا خفا بشهرة العلم والعدالة وانتصابه والاستفتاء له لا من جهلا وتعرض شارح السعود لذي المسئلة قائلا ان المفتي يحرم على غيره العمل بفتواه اذا لم تجتمع فيه ثلاثة امور الدين والعلم والورع لعدم الثقة بمن عدمت فيه خصلة من الثلاث ويعرف حصول تلك الامور بالاخبار المفيدة للعلم او الظن باشتهاره بها كانتصابه والناس يستفتونه والعالم هو المجتهد باقسامه الثلاثة اهـ فلذا قال في نظمه وليس في فتواه مفت يتبع ان لم يضف للدين والعلم الورع ثم قال لا يجوز لاحد ان يستفتي الا من قطع بكونه من اهل العلم والدين والورع او حصل له ظن ذلك لاشتهاره بتلك الامور اهـ فلذا قال من لم يكن بالعلم والعدل اشتهر او حصل القطع فالاستفتاء انحظر والاصح وجوب البحث عن علمه والاكتفاء بظاهر العدالة وبخبر الواحد وللعامي سؤاله عن ماخذه استرشادا ثم عليه بيان ان لم يكن خفيا أي والاصح وجوب البحث عن علم المفتي وذلك بان يسئل الناس عنه وقيل يكفي استفاضته بينه والاصح ايضا الاكتفاء بظاهر العدالة وقيل لابد من البحث عنها والاكتفاء بخبر الواحد عن عمله وعدالته بناء عن البحث عنهما قال العلامة ابن عاصم واشترطوا مع علمه عدالته ونقل واحد يبين حالته واشار الناظم الى ما ذكره المصنف بقوله وجوز بحث علمه والاكتفا بالستر والواحد في ذا المقتفى ويجوز للمستفتي العامي سؤال العالم عن ماخذه فيما افتاه به استرشادا أي طلبا لارشاد نفسه بسبب ان تذعن للقبول بسبب الماخذ لا تعنتا ثم على العالم ندبا بيان الماخذ لسائله المذكور تحصيلا لارشاده ان لم يكن خفيا عليه أي بان كان يسهل عادة ايصال مثله الى الذهن فان كان خفيا عليه فلا يبينه له صونا لنفسه عن التعب فيمالا يفيد ويعتذر له بخفاء المدرك عليه وافاد الناظم ما ذكره المصنف بقوله وجاز عن ماخذه ان يسئل مسترشدا وليبد ان كان جلي ووضح المقام ناظم السعود رحمه الله بقوله ولك ان تسئل للتثبت عن ماخذ المسئول لا التعنت ثم عليه غاية البيان ان لم يكن عذرا بالاكتنان الاكتنان هو خفاء الماخذ كما تقدم ثم افاد ما ينبغي للمفتي ان يتصف به من الاوصاف الحميدة قائلا يستحب للمفتي ان يطرح النظر الى الدنيا بان يكتفي بما في يده عما في ايدي الناس ويجعل وطره أي حاجته التي له في الدنيا هو ما يرضي الله تعالى بهداية العوام الى ما يتطلبون الاسترشاد اليه ويستحب ايضا ان يكون محليا بالسكينة والوقار متجنبا لمجالس الاشرار أي السفهاء قال كما روي عن مالك انه لم يجالس سفيها ومتى تلتجيء المفتي ضرورة الى مجالسة السفهاء فلا باس حينئذ مع كفهم عما لا يليق بحضرته اهـ فلذا قال في نظمه ويندب للمفتي اطراحه النظر الى الحطام جاعل الرضى الوطر متصفا بحلية الوقارمحاشيا مجالس الاشرار مسئلة يجوز للقادر على التفريع والترجيح وان لم يكن مجتهدا الافتاء بمذهب مجتهد اطلع على ماخذه واعتقده وثالثها عند الجزء: 3 ¦ الصفحة: 99 عدم المجتهد ورابعها وان لم يكن قادرا لانه ناقل أي يجوز للقادر على استنباط الاحكام من نصوص امامه والتخريج على قواعده وهوالمعبر عنه بمجتهد المذهب في حال كونه غير متصف بصفات المجتهد المطلق ويقدر على ما ذكر من استنباط الاحكام والتخريج على قواعد الامام الافتاء بمذهب مجتهد اطلع على ماخذه واعتقده لوقوع ذلك في الاعصار متكررا شائعا من غير انكار بخلاف غير القادر المذكور من مجتهد الفتوى فقد انكر عليه وقيل لا يجوز لانتفاء وصف الاجتهاد عنه لكن المعتمد الاول وهو الجواز فلذا قال الناظم يجوز للمجتهد المقيد بالمذهب الافتاء في المعتمد وثالث الاقوال يجوز للمجتهد المقيد ماذكر عند عدم المجتهد المطلق للحاجة الى المقيد حينئذ بخلاف ما اذا وجد المجتهد المطلق ورابع الاقوال يجوز للمقلد الافتاء وان لم يكن قادرا على التفريع والترجيح لانه ناقل لما يفتي به عن امامه وان لم يصرح بنقله عنه قال الجلال المحلي وهذا الواقع في الاعصار المتاخرة اهـ قال المحقق البناني هذا هو الراجح فهو مقابل لمفهوم قوله أي المصنف يجوز للقادر الخ اهـ ثم قال نقلا عن ابن قاسم وكانه قال أي المصنف مسئلة يجوز للقادر دون غيره قيل يجوز للقادر ايضا وثالثها للقادر دون غيره يجوز عند عدم المجتهد ورابعها يجوز للقادر وغيره ولا يخفى انتظام هذا التقدير اهـ وكمل الناظم الكلام على الثالث والرابع بقوله ثالثها لفقده والرابع جاز لمن قلد وهو الواقع أي في الاعصار المتاخرة كما سلف انه الراجح وزاد الناظم على المصنف ان العامي مطلقا على القول الاقوى اذا عرف الحادثة بالدليل ولو بنص الكتاب او السنة فانه يمنع من الافتاء حيث قال والمنع للعامي مطلقا ولو دليلها نص على الاقوى راوا ويجوز خلو الزمان عن مجتهد خلافا للحنابلة مطلقا ولابن دقيق العيد مالم يتداع الزمان بتزلزل القواعد والمختار لم يثبت وقوعه أي ويجوز ان يخلو الزمان عن مجتهد بان لا يبقى فيه مجتهد قال المحقق البناني انظر هل المراد لجواز عقلا او شرعا والظاهر ان كلا صحيح اهـ قال شارح السعود ان خلو الزمان من مجتهد قبل تزلزل القواعد جائز عقلا كما يدل عليه ظاهر استدلال ابن الحاجب والامدي وغيرهما ويحتمل ان يكون الجواز شرعيا كما قال سعد الدين التفتازاني وكلما جاز الشيء شرعا جاز عقلا ولا ينعكس الا جزئيا اهـ فلذا قال في نظمه وهو جائز بحكم العقل مع احتمال كونه بالنقل خلافا للحنابلة في منعهم الخلو عنه مطلقا تداعى الزمان بتزلزل القواعد ام لا فلذا قال الناظم جاز خلو العصر عن مجتهد ومطلقا يمنع قوم احمد أي قوم احمد ابن حنبل وخلافا لابن دقيق العيد في منعه الخلو عن الجتهد مدة كونه لم يتداع الزمان بتزلزل القواعد فان تداعى الزمان بها بان اتت اشراط الساعة الكبرى جاز الخلو عنه قال شارح السعود عند قوله في نظمه والارض لا عن قائم مجتهد تخلو الى تزلزل القواعد يعني انه لم يقع في الارض خلو الزمان عن مجتهد مطلق او مقيد كما لولي الدين قائم ذلك المجتهد لله بالحجة على خلقه تفوض اليه الفتوى وينصر السنة بالتعليم والامر باتباعها وينكر البدعة ويحذر من ارتكابها سواء كان ذلك القائم مجددا او لا ما لم تتزلزل قواعد الزمان أي يختل انتظام الدنيا كطلوع الشمس من مغربها ويحتمل ان يراد بالقواعد قواعد الدين واحكام الشريعة وبتزلزلها تعطلها والاعراض عنها دليل عدم الوقوع حديث الصحيحين لا تزال الجزء: 3 ¦ الصفحة: 100 طائفة من امتي ظاهرين على الحق حتى ياتي امر الله أي الساعة قال البخاري وهم اهل العلم فان تزلزلت القواعد أي اركان الدنيا اوالدين خلا الزمان من المجتهد المذكور لحديث الصحيحين ان الله لا يقبض العلم انتزاعا ينتزعه من العباد ولكن يقبض العلم بقبض العلماء حتى اذا لم يبق عالما اتخذ الناس رءوسا جهالا فسئلوا فافتوا بغير علم فضلوا واضلوا وفي مسلم ان بين يدي الساعة اياما يرفع الله فيها العلم وينزل فيها الجهل اهـ عند المصنف رحمه الله انه بعد جواز الخلو لم يثبت وقوعه أي للدليل المتقدم في حديث الصحيحين وهو معنى قول الناظم وابن دقيق العيد لا ان اتت اشراطها والمرتضي لم تثبت واذا عمل العامي بقول مجتهد فليس له الرجوع عنه وقيل يلزمه العمل بمجرد الافتاء وقيل بالشروع في العمل وقيل ان التزمه وقال السمعاني ان وقع في نفسه صحته وقال ابن الصلاح ان لم يوجد مفت ءاخر فان وجد تخير بينهما والاصح جوازه في حكم ءاخر أي واذا عمل العامي أي وهو من عدا المجتهد المطلق في حادثة بقول مجتهد فليس له الرجوع عنه الى غيره في مثلها حيث انه قد التزم ذلك القول بالعمل به بخلاف ما اذا لم يعمل به فلذا قال الناظم اذا بقول مفت العامي عمل ليس له الرجوع اجماعا نقل فحكى نقل الاجماع على عدم الرجوع قال شارح السعود ان العامي اذا عمل بقول مجتهد في مسئلة لا يجوز له اتفاقا الرجوع عنه الى قول غيره في مثلها لانه قد التزم ذلك القول بالفراغ من العمل به ونعني بهذا العامي الذي لم يلتزم مذهبا معينا اهـ فلذا قال في نظمه وان بقول ذي اجتهاد قد عمل من عم فالرجوع عنه منحظل وقيل يلزمه العمل به بمجرد الافتاء فليس له الرجوع الى غيره فيما افتاه به قيل يلزمه العمل به بالشروع في العمل به بخلاف ما اذا لم يشرع وقيل يلزمه العمل به ان التزمه أي بان صمم على التمسك به بخلاف ما اذا لم يلتزمه فلذا قال الناظم وقيل بالافتاء يلزم العمل وقيل بالشروع قيل او حصل منه التزام وقال ناظم السعود الا فهل يلزم او لا يلزم الا الذي شرع او يلتزم أي ان لا يعمل العامي بقول المجتهد فهل يلزم الخ وهي الاقوال الاربعة المتقدمة وقال السمعاني يلزمه العمل به ان وقع في نفسه صحته والا فلا فلذا قال الناظم ورءا السمعاني ان مالت النفس للاطمئنان وقال ابن الصلاح يلزمه العمل به ان لم يوجد مفت ءاخر فان وجد تخير بينهما وزاد الناظم انه قال به النووي مع ابن الصلاح حيث قال وابن الصلاح والنواوي ان فقد سواه والتخيير جوز ان وجد والاصح جواز الرجوع الى غيره في حكم ءاخر أي غير مماثل للاول بان كان مخالفا له كالبيع بعد سؤاله في النكاح مثلا فلذا قال الناظم وصحح الجواز في حكم سواه قال شارح السعود ان العامي يجوز له عند الاكثر الرجوع الى قول غير المجتهد الذي استفتاه اولا في حكم ءاخر لاجماع الصحابة ضي الله عنهم على انه يسوغ للعامي السؤال لكل عالم ولان كل مسئلة لها حكم نفسها فكما لم يتعين الاول للاتباع في المسئلة الاولى الا بعد سؤاله فكذلك في المسئلة الاخرى قاله الحطاب شارح مختصر خليل قال القرافي انعقد الاجماع على ان من اسلم فله ان يقلد من شاء من العلماء من غير حجر اهـ وافاد ما تقدم في نظمه بقوله رجوعه لغيره في ءاخر يجوز للاجماع عند الاكثر وانه يجب التزام مذهب معين يعتقده ارجح او مساويا ثم ينبغي السعي في اعتقاده ارجح أي والاصح انه يجب على الجزء: 3 ¦ الصفحة: 101 العامي وغيره ممن لم يبلغ درجة الاجتهاد التزام مذهب معين من مذاهب المجتهدين يعتقده ارجح من غيره او مساويا له وان كان في نفس الامر مرجوحا فلذا قال ناظم جوهرة التوحيد مخبرا بوجوب تقليد حبر من المجتهدين ومالك وسائر الايمة كذا ابو القاسم هداة الامه فواجب تقليد حبر منهم كذا حكى القوم بلفظ يفهم وافاد الناظم ما افاده المصنف بقوله ولالتزام بمعين رءاه ارجع او مساويا نعم في المساوي ينبغي السعي في اعتقاده ارجح ليتجه اختياره على غيره وختم شارح السعود سيدي عبد الله بن ابراهيم العلوي الشنجيطي كتابه بهذه المسئلة قائلا انه يجب التزام مذهب معين على من قصر باعه عن بلوغ رتبة الاجتهاد المطلق فلذا قال في نظمه: ثم التزام مذهب قد ذكرا .... صحة فرضه على من قصرا ثم افاد انه وقع الاجماع اليوم على وجوب تقليد المذاهب الاربعة اعني مذهب مالك ومذهب ابي حنيفة ومذهب الشافعي ومذهب احمد وعلى منع جميع العلماء قفو أي اتباع مذهب مجتهد غيرهم من القرن الثامن الذي انقرض فيه مذهب داوود الى هذا القرن فلذا قال في نظمه والمجمع عليه الاربعه وقفو غيره الجميع منعه قال وانما وقع الاجماع عليها قال الحطاب في شرح خليل لانها انتشرت حتى ظهر فيها تقييد مطلقها وخصيص عامها وشروط فروعها فاذا اطلقوا حكما في موضع وجد مكملا في موضع ءاخر واما غيرهم فتنقل عنهم الفتاوى مجردة فلعل لها مكملا او مقيدا او مخصصا لو انضبط كلام قائله لظهر فيصير في تقليده على غيره ثقة انتهى ومن دون مذهبه كداوود فقد انقرض وصار كان لم يدون قال ومنع تقليد غير الاربعة مستمر الى ما اشار اليه بقوله حتى يجيء القاطعي المجدد دين الهدى لانه مجتهد قال اذا جاء الفاطمي وهو المهدى المنتظر لا يلزم تقليد الاربعة بل يجوز لمن تذهب بمذهب من الاربعة ان ينتقل لمذهبه لانه مجتهد مجدد ما عفى من رسم الدين وهو ءاخر المجتهدين يملا الأرض عدلا وقد وجدها ممتلئة جورا وهو من ولد فاطمة وامه من ولد العباس رضي الله تعالى عن الجميع اسمه محمد بن عبد الله وكنيته ابو القاسم ولقبه المهدي والصحيح انه يشبه النبيء صلى الله عليه وسلم في الخلق بالضم لا في الخلق بالفتح ويقال انه على خده الايمن شامة وعيناه كانهما كوكبان دريان اهـ ثم في خروجه عنه ثالثها لا يجوز في بعض المسائل أي ثم في خروج من التزم مذهبا معينا عنه اقوال احدهما لا يجوز لانه التزمه وان لم يجب التزامه ابتداء ثانيها يجوز والتزام ما لا يلزم غير ملزم ثالث الاقوال لا يجوز في بعض المسائل ويجوز في بعض توسطا بين القولين والجواز في غير ما عمل به وعدم الجواز فيما عمل به اخذا من مفهوم ما تقدم وهو انه لا يجوز الرجوع فيما عمل به وافاد الناظم ما تعرض له المصنف بقوله وان له خروجه عنه ولو في مسئلة ثالثها لا البعض وافاد ناظم السعود ان ذا القول الثالث اعني المفصل هو الاصح حيث قال وذو التزام مذهب هل ينتقل اولا وتفصيل اصح ما نقل ثم افاد ايضا ان من اجاز خروج العامي من مذهب الى مذهب ءاخر قيد الجواز بثلاثة شروط احدهما انه لابد ان يعتقد فضل المنتقل هو الى مذهبه ولو بوصول اخباره ولا يقلده في عماية والشرط الثاني ان لا يبتدع المنتقل بمخالفته للاجماع كان يجمع بين مذهبين على وجه يخالف الاجماع كمن تزوج بغير صداق ولا ولي ولا شهود فان هذه الصورة لم يقل بجوازها الجزء: 3 ¦ الصفحة: 102 احد فان انتفى واحد من الشرطين امتنع الخروج فلذا قال في نظمه ومن اجاز للخروج قيدا بانه لا بد ان يعتقدا فضلا له وانه لم يبتدع بخلف الاجماع والا يمتنع الشرط الثالث عدم تقليد المذهب المنتقل اليه فيمما ينقض فيه حكم الحاكم قال وهو اربعة جمعها قوله اذا قضى حاكم يوما باربعة فالحكم منتقض من بعد ابرام خلاف نص واجماع وقاعدة كذا قياس جلي دون ايهام اهـ فلذا قال في نظمه وعدم التقليد فيما لو حكم قاض به بالنقض حكمه يؤم نعم افاد ان المذهب بغير المذهب الاول الذي كان عليه بان يصير مثلا شافعيا بعد ان كان مالكيا وبالعكس جائز لانه فعله كثير من العلماء المبجلين عند الناس أي المعظمين لان المذاهب كلها طرق الى الجنة والكل على هدى من ربهم كحجة الاسلام ابي حامد الغزالي فانه انتقل ءاخر عمره الى مذهب الامام مالك لانه رءاه اكثر احتياطا وقد كان شافعيا وكذلك ابو جعفر الطحاوي فانه انتقل من مذهب الشافعي الى مذهب ابي حنيفة وانتقل ابن دقيق العيد من مذهب مالك الى مذهب الشافعي وكان يفتي في المذهبين فلذا قال في نظمه اما التمذهب بغير الاول فصنع غير واحد مبجل كحجة الاسلام والطحاوي وابن دقيق العيد ذي الفتاوي ثم ذكر انه انما يجوز انتقاله من مذهبه الملازم له الى مذهب ءاخر يلازمه اذا كان الانتقال لغرض صحيح أي شرعي ككون المذهب المنتقل اليه سهلا والمنتقل منه صعبا فيرجو سرعة التفقه فيه قال ومن الغرض الصحيح الانتقال لرجحان المذهب المنتقل اليه عنده لما رءاه من وضوح ادلته وقوتها اهـ واما من قصد بانتقاله الدنيا كاخذه من احباس على اهل المذهب المنتقل اليه وهو غير مضطر اليها فانه مذموم بالقيس على مهاجر ام قيس وهو الرجل الذي هاجر من مكة الى المدينة لاجل التزوج بامراة تسمى ام قيس فسمي مهاجر ام قيس واذا تجرد انتقال العامي عن غرض ديني مذموم او دنيوي كذلك فانه يباح له ما قصده من الانتقال وهومعنى قوله في نظمه ان ينتقل لغرض صحيح ككونه سهلا او الترجيح وذم من نوى الدنا بالقيس على مهاجر لام قيس وان على القصدين قد يجرد تجردا من عم فلتبح له ما قصدا قوله ان ينتقل الخ شرط في قوله قبل اما التمذهب البيتين وانه يمتنع تتبع الرخص وخالف ابو اسحاق المروزي أي والاصح انه يمتنع تتبع الرخص في المذاهب قال الجلال المحلي بان ياخذ من كل منها ما هو الاهون فيما يقع من المسائل اهـ قال المحقق البناني وانما امتنع ذلك لان التتبع المذكور يحل رباط التكليف لانه انما تبع حينئذ ما تشتهيه نفسه فلذا قال الناظم والتتبع لرخص على الصحيح يمنع قول المصنف وخالف ابو اسحاق المروزي أي فجوز تتبع الرخص وذكر الجلال المحلي ان هذا النقل عن ابي اسحاق سهو لما في الروضة واصلها عن حكاية الجناطي وغيره عن ابي اسحاق انه يفسق بذلك وعن ابي هريرة انه لا يفسق به فهو مبني على انه لا يجب التزام مذهب معين وامتناع تتبع الرخص شامل للملتزم وغيره ويؤخذ من شموله لهما تقييد جواز الرجوع السابق فيهما أي في الملتزم وغيره بما لم يؤد الى تتبع الرخص والله اءعلم بغيبه واحكم وصلى الله على سيدنا محمد وعلى ءاله وصحبه وسلم انتهى بفضله سبحانه وتعالى فى اصول الفقه واعانني سبحانه وتعالى على اكماله مصحوبا بالكتب التي التزمتها من الجزء: 3 ¦ الصفحة: 103 جميع ما نظمه الحافظ جلال الدين السيوطي في الكوكب الساطع وجميع ما نظمه العلامة الشيخ سيدي عبد الله بن ابراهيم العلوي الشنجيطي في مراقي السعود الى مراتب الصعود وما نظمه العلامة الشيخ سيدي ابو بكر بن عاصم في مهيع الوصول في علم الاصول مما وافق فيه اصل كتابنا متن جمع الجوامع واسئله سبحانه وتعالى بفضله ان يعينني على الكلام فيما ختم به الكتاب من اصول الدين انه ذو فضل عظيم مسئلة اختلف في التقليد في اصول الدين شروع من المصنف رحمه الله تعالى في الكلام على اصول الدين بعد ان فرغ من الكلام على اصول الفقه حيث قال في خطبه الكتاب البالغ من الاحاطة بالاصلين مبلغ ذوي الجد والتشمير وكان قريبا قدم الكلام على التقليد في اصول الفقه لانه تابع للاجتهاد والان افاد انه اختلف في التقليد في اصول الدين أي مسائل الاعتقاد مما يجب في حقه تعالى من الصفات وما يستحيل وما يجوز ومن الواجب والمستحيل والجائز في حق الانبياء عليهم الصلاة والسلام ومن مسائل اخر ستاتي ايضا كالمبدا والمعاد واثابة العاصي وتعذيب المطيع وغير ذلك والتقليد هنا مقابل النظر وتفصيل الاختلاف في التقليد ان الذي رجحه الامام الرازي والامدي لا يجوز بل يجب فيه النظر لوجوب المعرفة المتوقفة عليه لان المطلوب في اصول الدين اليقين قال الله تعالى لنبيه فاعلم انه لا اله الا الله وقد علم ذلك وتقدم للمصنف في التقليد في الفروع حيث قال ومنع الاستاذ التقليد في القواطع فلذا ذكره الناظم هنا مع الفخر والامدي حيث قال يمتنع التقليد في العقائد للفخر والاستاذ ثم الامدي وقال العنبري وغيره يجوز التقليد في اصول الدين ولا يجب النظر اكتفاء بالعقد الجازم لانه صلى الله عليه وسلم كان يكتفي في الايمان من الاعراب بالتلفظ بكلمتي الشهادة المنبيء عن العقد الجازم لحصول التصديق بمضون كلمتي الشهادة وحكى الناظم هذا القول بقوله والعنبري جوزه وقيل النظر فيه حرام وعن الاشعري لا يصح ايمان المقلد وقال القشيري مكذوب عليه هذا مقابل للقولين المتقدمين أي وقيل ان النظر في اصول الدين حرام لانه مظنة الوقوع في الشبه والضلال لاختلاف الاذهان والانظار بخلاف التقليد وهو جزم المكلف عقده بما ياتي به الشرع من العقائد وحكى الناظم ان عليه الاسلاف كالشافعي حيث قال وقد حظر اسلافنا كالشافعي فيها النظر قال المحقق البناني فيه ان النظر الذي هو مظنة ما ذكر هو التفصيلي الجاري على طريق المتكلمين لا الاجمالي الذي هو على طريق العامة فليس مظنة لذلك والمعتبر هو النظر الاجمالي لا التفصيلي الذي نهى الشافعي وغيره من السلف رضي الله عنهم عن الاشتغال به لان الاجمالي يقدر عليه العموم من العامة كما اجاب الاعرابي الاصمعي عن سؤاله بم عرفت ربك فقال البعرة تدل البعيرواثر الاقدام تدل على المسير فسماء ذات ابراج وارض ذات فجاج الا تدل على اللطيف الخبير قال الجلال المحلي وعلى كل من الاقوال الثلاثة تصح عقائد المقلد وان كان ءاثما بترك النظر على الاول فلذا قال الناظم ثم على الاول ان يقلد فهو من عاص على المعتمد وعن الاشعري انه لا يصح ايمان المقلد قال الجلال المحلي وشنع اقوام عليه بانه يلزمه تكفير العوام وهم غالب المومنين قال المحقق البناني رد التشنيع المذكور بان المعتبر النظر على طريق العامة كما مر قال التفتازاني في الجزء: 3 ¦ الصفحة: 104 شرح المقاصد ليس الخلاف في من يسكن دار الاسلام من الامصار والقرى والصحاري فانهم يتفكرون في خلق السموت والارض بل في من نشا في شاهق جبل واخبره مخبر بوجوب الايمان فئامن من غير تفكر هذا حاصل كلامه والحاصل ان العوام ليسوا مقلدين بل ناظرون نظرا شرعيا كما تقدم في كلام الاعرابي فلا يلزم تكفيرهم اهـ وقال الاستاذ ابو القاسم القشيري في دفع التشنيع هذا مكذوب عليه واما ابو هاشم من المعتزلة فانه لم يعتبر ايمان المقلد كما سياتي فلذا قال الناظم: لكن ابو هاشم لم يعتبر ايمانه وقد عزي للاشعري وقال القشيري عليه مفترى قال المصنف رحمه الله والتحقيق ان كان اخذا لقول الغير بغير حجة مع احتمال شك او وهم فلا يكفي وان كان جزما فيكفي خلافا لابي هاشم أي والتحقيق في المسئلة الدافع للتشنيع انه ان كان التقليد اخذا لقول الغير بغير حجة مع احتمال شك او وهم بان لا يجزم به فلا يكفي ايمان المقلد قطعا لانه لا ايمان مع ادنى تردد فيه وان كان التقليد اخذا لقول الغير بغير حجة لكن جزما وهذا هو المعتمد فيكفي ايمان المقلد حينئذ عند الاشعري وغيره وذا التحقيق المعتد ذكره الشيخ سيدي ابراهيم اللقاني في جوهرة التوحيد بعد ان ذكر انه وقع خلاف في ايمان المقلد حيث قال اذ كل من قلد في التوحيد ايمانه لم يخل من ترديد ففيه بعض القوم يحكي الخلفا وبعضهم حقق فيه الكشفا فقال ان يحزم بقول الغير كفى والا لم يزل في الضمير خلافا لابي هاشم في قوله لا يكفي التقليد كما مر ءانفا في النظم بل لابد في صحة الايمان عنده من النظر على طريق المتكلمين فالنظر عنده شرط صحة في الايمان ينتفي الايمان بانتفائه وافاد الناظم المذهب الحق على ما حققه المصنف فقال والحق ان ياخذ بقول من عري بغير حجة بادنى وهم لم يكفه ويكتفي بالجزم وحيث انه يكتفي على القول الحق بالتقليد الجازم في الايمان قال المصنف فليجزم عقده بان العالم محدث وله صانع وهو الله الواحد والواحد الشيء الذي لا ينقسم ولا يشبه بوجه) أي فليجزم المكلف عقده بان العالم وهو ما سوى الله تعالى محدث أي موجد بعد العدم وله صانع ضرورة ان المحدث لابد له من محدث لاحتياجه الى الصانع كما في المرشد المعين في قوله وجود مولانا له دليل قاطع حاجة كل محدث للصانع واستدل على احتياج المحدث الى الصانع بقوله لو حدثت لنفسها الاكوان لا جتمع التساوي والرجحان وذا محال واستدل على حدوث العالم بقوله وحدوث العالم من حدث الاعراض مع تلازم وصانع الحادث هو الله الواحد كما قال الناظم: فليجزم العقد ولا تناكث بانما العالم حقا حادث صانعه الذي توحدا والواحد الشيء الذي لا ينقسم بوجه ولا يشبه بفتح الباء المشددة بوجه أي لا يكون بينه وبين غيره شبه فلذا قال الناظم والواحد الشيءالذي لا ينقسم ... ولا يشبه بوجه قد وسم (و الله تعالى قديم لا ابتداء لوجوده ) أي والله تعالى قديم لا ابتداء لوجوده كما قال الناظم: قديم أي ما لوجوده ابتداء اذ لو كان حادثا لاحتاج الى محدث تعالى عن ذلك ويتحتم بذلك عليه الدور والتسلسل المحالان كما قال في المرشد المعين لو لم يك القدم وصفه لزم حدوثه دور تسلسل حتم وكل ما جاز عليه العدم استحال عليه القدم لاحتياجه حينئذ الى محدث رجح وجوده على عدمه السابق وهو الله تعالى القديم قال في جوهرة الجزء: 3 ¦ الصفحة: 105 التوحيد وكل ما جاز عليه العدم عليه قطعا يستحيل القدم وما ثبت له القدم لا يشاب برائحة العدم اللاحق وهو الله تعالى الباقي كما قال كذا بقاء لا يشاب بالعدم وكما قال في المرشد المعين لو امكن الفناء لا انتفى القدم فثبوت القدم له سبحانه دال على ثبوت بقائه لان ما ثبت قدمه استحال عدمه حقيقته مخالفة لسائر الحقائق قال المحققون ليست معلومة الان واختلفوا هل يمكن علمها في الاخرة قال الناظم وذاته كل الذوات نافت وعلمها للخلق غير ثابت واختلفوا هل علمها في الاخره يمكننا قولان للاشاعرة ليس بجسم ولا جوهر ولا عرض لانه تعالى منزه عن الحدوث لانه واجب الوجود لذاته وهذه حادثة ضرورة انها اقسام العالم الحادث اذ هو اما قائم بنفسه او بغيره والثاني العرض كاللون والطعم والاول ويسمى بالعين وهو محل الثاني المقوم له أي الذي يتوقف وجوده على وجوده اما مركب وهو الجسم او غير مركب وهو الجوهر قال الناظم: ليس بجوهربجسم او عرض كاللون او كالطعم لم يزل وحده ولا مكان ولا زمان ولا قطر ولا اوان هذا من عطف الخاص على العام اذ القطر مكان مخصوص كالبلد والاوان زمان مخصوص كزمان الزرع والداعي الى العطف الخطابة في تنزيهه تعالى أي هو موجود وحده سبحانه قبل المكان والزمان فهو منزه عنهما قال الناظم: ولم يزل سبحانه ولا مكان منفردا في ذاته ولا زمان ثم احدث هذا العالم من غير احتياج اليه ولو شاء ما اخترعه لم يحدث بابتداعه في ذاته حادث أي ثم احدث هذا العالم المشاهد ولو لغيرنا كالجن والملئكة من السموت والارض بما فيهما من غير احتياج اليه ولو شاء ما اخترعه فهو فاعل سبحانه بالاختيار فلذا قال الناظم: واحدث العالم لا لمنفعه يرومها ولويشا ما اخترعه لم يحدث بابتداعه في ذاته حادث كالتعب والنصب الذي قالته اليهود لعنهم الله انه ابتدا الخلق يوم الاحد ثم استراح يوم السبت تعالى سبحانه عما يعتري الحوادث قال سبحانه [ولم يعي بخلقهن] {فعال لما يريد} {ليس كمثله شيء وهو السميع البصير} فقوله فعال لما يريد قال المحقق البناني استدلال على قوله ثم احدث العالم من غير احتياج اليه ولو شاء ما اخترعه وقوله ليس كمثله شيء استدلال على قوله لم يحدث بابتداعه في ذاته حادث وعلى التنزيهات السابقة في قوله ليس بجسم الخ فلذا قال الناظم: فهو لما يريد فعال ولا ... يلزمه شيء تعالى وعلا (وليس شيء مثله القدر خيره وشره منه علمه شامل لكل معلوم جزءيات وكليات وقدرته لكل مقدور ما علم انه يكون اراده وما لا فلا) أي القدر وهو ما يقع من العبد المقدر في الازل خيره وشره كائن منه تعالى فلذا قال الناظم ثم القدر منه الذي يحدث من خير وشر ثم نبه ايضا على انه يجب ان ينزه صفاء الاعتقاد عن كدر اعتقاد الحلول والاتحاد لما نص عليه الغزالي في الاحياء من ان من اعتقد هذا فهو فاسد الاعتقاد حيث قال وواجب تنزيه الاعتقاد عن الحلول وعن الاتحاد ونص في احيائه الغزالي من قال هذا فاسد الخيال علمه تعالى شامل لكل معلوم فيعم الممكن ويعم ايضا الواجب والمتنع لانه سبحانه بكل شيء عليم لا يخفى عليه شيء في الارض ولا في السماء من كلي اوجزيء او جليل او حقير ويعلم السر واخفى اذ هو خالق كل شيء وقدرته تعالى شاملة لكل مقدور لتعلقها بجميع الممكنات كما قال في جوهرة الجزء: 3 ¦ الصفحة: 106 التوحيد فقدرة بممكن تعلقت بلا تناهي ما به تعلقت ما علم سبحانه انه يكون أي يوجد اراده أي اراد وجوده وما علم انه لا يوجد فلا يريد وجوده فالارادة تابعة للعلم عند الاشاعرة وغايرت العلم بمعنى انها ليست عينه ولا مستلزم له كما انها غايرت الامر والرضى كما قال ناظم جوهرة التوحيد وقدرة ارادة وغايرت امرا وعلما والرضى كما ثبت بقاؤه سبحانه أي وجوده لان وصف البقاء سياتي غير مستفتح ولا متناه أي لا اول له ولا آخر واشار الناظم الى ما ذكره المصنف فقال: قدرته لكل ما لم يستحل ... وعلمه لكل معلوم شمل لكل كلي وجزئي يكون ... يريد ما يعلم أنه يكون لم يزل باسمائه وصفات ذاته ما دل عليها فعله من قدرة وعلم وحياة وارادة او التنزيه عن نقص من سمع وبصر وكلام وبقاء أي لم يزل سبحانه موجودا باسمائه وهي ما دل على الذات باعتبار صفة كالعالم والخالق وصفات ذاته وهي ما دل عليها فعله لتوقفه عليها من قدرة وهي صفة تؤثر في الشيء عند تعلقها به وعلم وهو صفة ازلية تتعلق بالشيء على وجه الاحاطة به على ما هو عليه دون سبق خفاء وارادة وهي صفة تخصص احد طرفي الشيء من الفعل والترك أي وجود الشيء وعدمه بالوقوع اودل عليها التنزيه له تعالى عن النقص من سمع وبصر وهما صفتان يزيد الانكشاف بهما على الانكشاف بالعلم فحقيقة الانكشاف بهما غير حقيقة الانكشاف بالعلم وكلام وهو صفة ازلية قائمة بذاته تعالى ليست بحرف ولا صوت منزهة عن التقدم والتاخر والاعراب والبناء منزه عما يشبه كلام المخلوقات وبقاء وهو استمرار الوجود وافاد الناظم ما ذكره المصنف فقال: أو لا فلا يريد والبقاء ... ليس له بدء ولا انتهاء لم يزل الباري بأسماه العلي ... وبصفات ذاته وهي الالي دل عليها الفعل من إرادة ... علم حياة قدرة مشاءة أو كونه منزها عن الغير ... سمع كلام والبقا والبصر (و ما صح في الكتاب والسنة من الصفات نعتقد ظاهر المعنى وننزه عن سماع المشكل ثم اختلف ايمتنا ايؤول ام نفوض منزهين مع اتفاقهم على ان جهلنا بتفصيله لا يقدح) أي وما ثبت في الكتاب والسنة نعتقد وجوبا الواضح الذي لا اشكال فيه وننزه عن سماع المشكل منه كما في قوله تعالى {الرحمن على العرش استوى} وقوله {ويبقى وجه ربك} وقوله صلى الله عليه وسلم ان الله يبسط يده بالليل ليتوب مسيء النهار ويبسط يده بالنهار ليتوب مسيء الليل حتى تطلع الشمس من مغربها ثم بعد الاتفاق على التنزيه عن الظاهر اختلف ايمتنا انؤول المشكل ام نفوض معناه المراد اليه تعالى منزهين عن ظاهره واشار في جوهرة التوحيد الى المذهبين بقوله: وكل نص اوهم التشبيها ... اوله او فوض ورم تنزيها واتفقوا على ان جهلنا بتفصيل المراد من المشكل أي بتعيين المراد منه لا يقدح في اعتقادنا المراد منه مجملا والتفيض مذهب السلف وهو اسلم والتاويل مذهب الخلف فيؤولون الاستواء بالاستيلاء والوجه بالذات والمراد من بسط اليد في الحديث قبول التوبة وافاد الناظم ما تقدم فقال وما اتى به الهدى والسنن من الصفات المشكلات نومن بها كما جاءت منزهينا مفوضين او مؤولين والجهل بالتفصيل ليس يقدح بالاتفاق والسكوت اصلح القرءان كلامه غير مخلوق على الحقيقة لا المجاز مكتوب في مصاحفنا محفوظ في صدورنا مقروء بالسنتنا أي القرءان العظيم وهو كلامه تعالى القائم بذاته غير مخلوق وهو مكتوب في مصاحفنا باشكال الكتابة وصور الجزء: 3 ¦ الصفحة: 107 الحروف الدالة عليه محفوظ في صدورنا مقروء بالسنتنا بحروفه الملفوظة المسموعة فالذي هو مكتوب في المصاحف ومقروء بالالسنة ومحفوظ في الصدور يطلق على القرءان اطلاقا حقيقيا لا مجازا فقوله على الحقيقة لا المجاز مرتبط بالثلاثة قال تعالى انه لقراءن كريم في كتاب مكنون وقال بل هو ءايات بينات في صدور الذين اوتوا العلم وقال الذين ءاتينهم اكتاب يتلونه حق تلوته وحيث انه تعالى تفضل به على سيدنا محمد وامته فقال وانه لذكر لك ولقومك يسر تحصيله لهم فقال ولقد يسرنا القرءان للذكر فهل من مدكر والا فلا طاقة للعبد حيث كان ضعيفا على الوصول اليه قال تعالى لو انزلنا هذا القرءان على جبل لرايته خاشعا متصدعا من خشية الله وتلك الامثال نضربها للناس لعلهم يتفكرون فله الحمد تعالى على فضله العظيم بتيسير القراءن العظيم للذكر فهو كلامه القديم المنزه عن الحدوث كما قال ناظم جوهرة التوحيد ونزه القرءان أي كلامه عن الحدوث واحذر انتقامه ورحم الله الناظم حيث افاد ما افاده المصنف فقال كلامه القرءان ليس يخلق وهو بلا تجوز ما تنطق السنتنا به وفي المصاحف خط ومحفوظ بصدر العارف يثيب على الطاعة ويعاقب الا ان يغفر غير الشرك على المعصية أي يثيب الله تعالى عباده المكلفين على الطاعة بفضله ويعاقبهم على المعصية بعدله الا ان يغفر ما شاء مغفرته من الذنوب غير الشرك فانه لا يغفر قال تعالى ان الله لا يغفر ان يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء فلذا قال ناظم جوهرة التوحيد اذ جائز غفران غير الكفر وتعرض الناظم لما ذكره المصنف فقال يثيب بالطوع وبالعصيان عاقب او ينعم بالغفران لما عدا الشرك وله اثابة العاصي وتعذيب المطيع وايلام الدواب والاطفال ويستحيل وصفه بالظلم أي وله سبحانه اثابة العاصي وتعذيب المطيعاذلا تنفعه الطاعة ولا تضره المعصية فله ان يعاقب من اطاع ويثيب من عصى لا يسئل عما يفعل وهم يسئلون وقولهم ان الصلاح واجب عليه زور ما عليه واجب وله سبحانه ايلام الاطفال والبهائم وان لم يوجد ذنب اذ لا مانع له سبحانه من اماتة ما ذكر على ما اقتضته حكمته فضلا عن احداث الم له فقط فلذا قال ناظم جوهرة التوحيد رادا على قول المعتزلة الزور بمراعاة الصلاح الم يروا ايلامه الاطفالا وشبهها فحاذر المجالا وحيث انه سبحانه مالك الامور على الاطلاق وانه يفعل ما يشاء للحكم التي استاثر بعلمها فلا ظلم في كامل تصرفاته المطلقة في عبيده وافاد الناظم ما ذكره المصنف فقال: وللباري البديع اثابة العاصي وتعذيب المطيع وضر اطفال الورى والعجم ويستحيل وصفه بالظلم وحيث ان الناظم كالمصنف ذكر الاطفال زاد عليه الناظم مسئلة الاولاد وهي مهمة فافاد انه اختلف في اولاد الكفار على اقوال فقيل انهم في الجنة قال النووي وهو المذهب الصحيح الذي صار اليه المحققون لقوله تعالى وما كنا معذبين حتى نبعث رسولا واذا كان لم يعذب العاقل الذي لم تبلغه الدعوة فلان لا يعذب غير العاقل من باب اولى وللحديث الصحيح كل مولود يولد على الفطرة وفي لفظ كل بني ءادم فابواه يهودانه او ينصرانه الثاني انهم خدم اهل الجنة الثالث انهم في النار الرابع انهم يكونون في برزخ بين الجنة والنار لانهم لم يعملوا حسنات يدخلون بها الجنة ولا سيئات يدخلون بها النار الخامس انهم يمتحنون في الاخرة بان يدفع لهم نار فمن دخلها كانت عليه بردا وسلاما الجزء: 3 ¦ الصفحة: 108 ومن ابى عذب السابع انهم في مشيئة الله واما اولاد المسلمين فالاجماع على انهم في الجنة قال الله تعالى والذين ءامنوا واتبعهتم ذريتهم بايمان الحقنا بهم ذرياتهم فالحمد لله تعالى على عظيم فضله على عباده لمؤمنين وحكى الناظم الاقوال في النظم فقال: والخلف في ذرية الكفار قيل بجنة وقيل النار وقيل بالبرزخ والمصير تربا والامتحان عن كثير وقيل بالوقف وولد المسلم في جنة الخلد باجماع نمي يراه المومنون يوم القيمة واختلف هل تجوز الرؤية في الدنيا وفي المنام أي يراه سبحانه المومنون يوم القيمة قبل دخول الجنة وبعده لقوله تعالى وجوه يومئذ ناضرة الى ربها ناظرة ولما روي في الصحيحين من حديث ابي هريرة ان الناس قالوا يارسول الله هل نرى ربنا يوم القيمة فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم هل تضارون في القمر ليلة البدر قالوا لا يا رسول الله قال فهل تضارون في الشمس ليس دونها سحاب قالوا لا يا رسول الله قال فانه ترونه كذلك وقوله تضارون بضم التاء والراء مشددة من الضرار أي فهل يحصل لكم بذلك ما يشوش عليكم الرؤية بحيث تشكون فيها كما يحصل في غير ذلك وبجمال النظر اليه تعالى يحصل للناظرين اليه من عباده المومنين يوم القيمة السرور المفرط المدهش للالباب فيعجزون عن كيفه وحصره فلولا كمال تاييده تعالى لهم في تلك الدار اعتناء بهم ومحبة فيهم لصاروا دكا من هيبته فلما تجلى ربنا في هذه الدار للجبل جعله دكا وخر موسى صعقا واما المصطفى المختار صلى الله عليه وسلم فانه لكمال تاييده له سبحانه في هذه الدار ولعظيم شوقه اليه تعالى في صميم فؤاده عجل له بمنحة اختصاصه فيها بالرؤية قال الشيخ سيدي ابراهيم اللقاني في جوهرة التوحيد معيدا الضمير على الجائز ومنه ان ينظر بالابصار لكن بلا كيف ولا انحصار للمومنين اذ بجائز علقت هذا وللمختار دنيا ثبتت وتعرض الناظم لما ذكره المصنف فقال يراه في الموقف ذو الايمان وحسب المقام في الجنان والخلف في الجواز في الدنيا وفي نوم وفي الوقوع للهادي اقتفي السعيد من كتبه في الازل سعيدا والشقي عكسه ثم لا يتبدلان ومن علم الله موته مومنا فليس بشقي أي السعيد من علم الله في الازل انه سعيد والشقي من كتبه في الازل شقيا ثم لا يتبدلان المكتوبان في الازل بخلاف المكتوب في اللوح المحفوظ فانه يمحو الله فيه ما يشاء ويثبت لانه قد يطلع عليه بعض الخواص من عباده واما اصله وهو ما لا يطلع عليه المخلوقات وهو ما استاثر به الملك القدوس سبحانه في خزائن غيبه مما لا يطلع عليه أي مخلوق كان المسمى بام الكتاب فليس فيه الا ما سبق به علمه القديم مما لا يتبدل كتبنا الله فيه من الفائزين في الدنيا والاخرة بفضله ومنته انه ذو فضل عظيم امين فمن علم الله موته مومنا فليس بشقي بل هو سعيد وان تقدم منه كفر ومن علم موته كافرا وليعاذ بالله فشقي وان تقدم منه ايمان قال ناظم جوهرة التوحيد فوز السعيد عنده في الازل كذا الشقي ثم لم ينتقل وافاد الناظم ما افاده المصنف فقال من كتب الله سعيدا في الازل فهو السعيد ثم بعد لا بدل وهكذا الشقي والذي علم بان يموت مسلما منهم سلم وابو بكر ما زال بعين الرضى منه والرضى والمحبة غير المشيئة والارادة فلا يرضى لعباده الكفر ولو شاء ربك ما فعلوه أي وابو بكر رضي الله عنه ما زال قرير العين بالرضى أي مسرور به منه تعالى لما سبق في علمه بانه يؤول امر الصديق الى الصداقة الخاصة في وقت الجزء: 3 ¦ الصفحة: 109 كمال احتياجه صلى الله عليه وسلم اليها وصحبته له المقبولة عنده تعانى وهي التي ذكرها في قوله سبحانه اذ يقول لصاحبه لا تحزن ان الله معنا وجازاه الله على ذلك فاختاره سبحانه خليفة بعد لمصطفى المختار على الامة المختارة من بين الامم والرضى والمحبة من الله غير المشيئة والارادة منه والارادة كما انها تغاير الرضى تغاير العلم بمعنى انها ليست عينه ولا مستلزمة له وتغاير الاسر ايضا كذلك فلذا قال في جوهرة التوحيد ناظمها معيدا الضمير على الادارة وغايرت امرا وعلما والرضى كما ثبت فلا يرضى سبحانه لعباده الكفر مع وقوعه من بعضهم بمشيئته وارادته لقوله تعالى ولو شاء ربك ما فعلوه فلذا قال الناظم مفيدا ما افاده المصنف ولم يزل عين الرضى منه على شيخ التقى الصديق زاده علا ثم الرضى منه مع المحبة غير المشيئة مع الارادة فليس يرضى الكفر للعباد وفعله منهم على المراد هو الرزاق والرزق ما ينتفع به ولو حراما أي الله سبحانه هو الرزاق فلا رازق غيره قال سبحانه وتعالى ان الله هو الرزاق والرزق أي المرزوق ما ينتفع به في التغذي وغيره ولو كان حراما قال في جوهرة التوحيد والرزق عند القوم ما به انتفع وقيل لا بل ما ملك وما اتبع فيرزق الله الحلال فاعلما ويرزق المكروه والمحرما وقال الناظم هو الذي يرزق ثم الرزق ما يحصل منه النفع لو محرما بيده الهداية والاضلال خلق الضلال والاهتداء وهو الايمان أي بيده تعالى لا بيد غيره الهداية والاضلال وهما خلق الضلال وهو الكفر وخلق الاهتداء وهو الايمان قال في جوهرة التوحيد وجائز عليه خلق الشر والخير كالاسلام وجهل الكفر وقال الناظم بيده الهدى مع الاضلال أي خلق الاهتداء والضلال والاهتداء الايمان والتوفيق خلق القدرة والداعية الى الطاعة والخذلان ضده أي ضد التوفيق وقال الناظم والتوفيق فيما هو الاشهر والتحقيق الخلق للقدرة والداعية لطاعة وقيل خلق الطاعة فضده الخذلان وقال ناظم جوهرة التوحيد فخالق لعبده وما عمل موفق لمن اراد ان يصل وخاذل لمن اراد بعده ومنجز لمن اراد وعده واللطف ما يقع عنده صلاح العبد اخرة بوزن درجة أي في ءاخرته بان يقع منه الطاعة والايمان دون المعصية كما قال الناظم واللطف الذي به صلاح العبد خذي والختم والطبع والاكنة خلق الضلالة في القلب أي والختم والطبع والاكنة الواردة في القرءان نحو ختم الله على قلوبهم وطبع الله عليها بكفرهم وجعلنا على قلوبهم اكنة ان يفقهوه المعنى فيها واحد وهو خلق الضلالة في القلب كالاضلال ولعياذ بالله وافاده الناظم ايضا فقال والختم والطبع مع الاكنة الخلق في القلوب للضلالة والماهيات مجعولة وثالثها ان كانت مركبة أي والماهيات أي الحقائق للممكنات مجعولة أي مخلوقة لله تعالى او جدها بعد ان لم تكن قال العلامة عبد الحكيم اما الماهيات الممتنعة فليست متقررة اتفاقا أي ليست موجودة كشريك الباري جل وعلا وهي أي الحقائق للممكنات مجعولة سواء كانت بسيطة او مركبة وقيل انها ليست مجعولة مطلقا بمعنى انها في حد ذاتها لا يتعلق بها جعل جاعل ولا تاثير مؤثر قال في شرح المواقف فانك اذا لاحظت ماهية السواد ولم تلاحظ معها مفهوما سواها لم يعقل هناك جعل اذ لا مغابرة بين الماهية ونفسها حتى يتصور توسط جعل بينهما ثم قال وكذا لا يتصور تاثير الفاعل في الوجود بمعنى جعل الوجود وجودا بل الجزء: 3 ¦ الصفحة: 110 تاثيره في الماهيات باعتبار الموجود بمعنى انه يجعلها متصفة بالوجود لا بمعنى انه يجعل اتصافها موجودا محققا في الخارج فان الصباغ اذا صبغ ثوبا لا يجعل الثوب ثوبا ولا الصبغ صبغا بل يجعل الثوب متصفا بالصبغ في الخارج وان لم يجعل اتصافه به موجودا ثابتا في الخارج فليست الماهيات في انفسها مجعولة ولا وجوداتها في انفسها ايضا مجعولة بل الماهيات في كونها موجودة مجعولة يعني انها بالنظر الى اتصافها بالوجود مجعولة قال وبالجملة فلا تنافي بين القولين لعدم تواردهما على محل واحد وحينئذ فلا فرق بين البسيطة والمركبة اذ المجعولية بمعنى الاحتياج الى الفاعل في الوجود الخارجي ثابتة لهما معا وبمعنى جعل الماهيات تلك الماهية منتفية عنهما معا نعم ان اراد الفارق بين المركبات والبسائط ان المركبات بعد اشتراكها مع البسائط في الافتقار في الوجود الى الموجد متفقرة في ذواتها الى ضم بعض اجزائها الى بعض بخلاف البسائط كان للفرق وجه وجيه اهـ وذكر الشيخ الشربيني ان الجعل اما التاثير في نفس الماهية او في نفس الاتصاف بالوجود دون الماهية او هو الاحتياج الى الفاعل قال والاول مذهب عبد الحكيم وعليه الشارح أي الجلال المحلي والثاني مذهب السيد والثالث مذهب العضد اما الجعل بمعنى التركيب فداخل في مختار العضد ارسل الرب تعالى رسله بالمعجزات الباهرات وخص محمدا صلى الله عليه وسلم بانه خاتم النبيين المبعوث الى الخلق اجمعين المفضل على جميع العالمين اي ارسل الرب تعالى رسله مؤيدين منه بالمعجزات الباهرات اي الغالبات تكرما منه سبحانه عليهم كما قال ناظم جوهرة التوحيد بالمعجزات ايدوا تكرما وخص محمدا صلى الله عليه وسلم منهم بانه خاتم النبيين المبعوث الى الخلق اجمعين كما في حديث مسلم ارسلت الى الناس كافة المفضل على جميع العالمين من الانبياء والملئكة وغيرهم فلا يشركه غيره من الانبياء فيما ذكر كما قال في جوهرة التوحيد افضل الخلق على الاطلاق بينا فمل عن الشقاق وافاد الناظم ما افاده المصنف فقال ارسل للانام رسلا وافره بالمعجزات الظاهرات الباهره وخص بينهم محمدا بانه خاتمهم والمبتدا وبعثة للثقلين اجمعين وفضله على جميع العالمين وقال في الجوهرة وخص خير الخلق ان قد تمما به الجميع ربنا وعمما بعثته وبعده الانبياء ثم الملئكة عليهم السلام أي وبعد محمد صلى الله عليه وسلم الانبياء ثم الملئكة عليهم السلام وقد فصل الناظم رحمه الله من زياداته على المصنف من يلي المصطفى صلى الله عليه وسلم من الانبياء فمن بعدهم فقال يليه ابراهيم ثم موسى ونوح والروح الكريم عيسى وهم اولو العزم فمرسلو الانام فالانبياء فالملائك الكرام ثم تعرض لمن وقع فيه الاختلاف قيل انه نبي وقيل انه ولي وراي المعظم من العلماء على الولاية حيث قال واختلفت في حضر اهل النقول قيل ولي ونبي ورسول لقمان ذي القرنين حوى مريم والمنع في الجميع راي المعظم وتعرض ايضا لمن يلي المصطفى صلى الله عليه ولم في جوهرة التوحيد بقوله والانبياء يلونه في الفضل وبعدهم ملائكة ذي الفضل هذا وقوم فصلوا اذ فضلوا وبعض كل بعضه قد يفضل قوله وقوم فصلوا الخ هذا راي قوم والحق انا نحن معاشر بني ءادم نحمده تعالى ولا نحصي ثناء عليه بما تفضل به علينا في قوله لجميع ملائكته اسجدوا لادم بعد ان قالوا اتجعل فيها من يفسد فيها الجزء: 3 ¦ الصفحة: 111 ويسفك الدماء ونحن نسبح بحمدك ونقدس لك قال اني اعلم مالا تعلمون فقدمنا عليهم سبحانه يوم المناظرة بينا وبينهم في استحقاق وظيف الخلافة في الارض بان علم ابانا الاسماء كلها وعجزهم عهنا فبان به كمال اعتنائه سبحانه بنا بفضله ومنته بان فتح علينا بما لم يفتح عليهم به مع تقصيرنا في طاعته فله الحمد تعالى على عظيم فضله علينا حيث اهلنا للجلوس على عرش الخلافة في الارض وامرهم بالسجود لا بينا فسجدوا الا ابليس ابى واستكبر وكان من الكافرين والمعجزة امر خارق للعادة مقرون بالتحدي مع عدم المعارضة والتحدي الدعوى أي والمعجزة المؤيد بها الرسل امر مخالف للعادة بان يظهر على خلافها كاحياء ميت واعدام جبل وانفجار الماء مقرون بالتحدي الذي هو دعوى الرسالة وفيه تنبيه على الاكتفاء بها عن طلب الاتيان بالمثل مع عدم المعارضة من المرسل اليهم بان لا يظهر منهم مثل ذلك الخارق قال المحقق البناني نقلا عن شيخ الاسلام واصل التحدي لغة المباراة والمعارضة ومعناه ان النبيءصلى الله عليه وسلم طلب منهم مباراتهم ومعارضتهم له اهـ قال الناظم معجزة الرسول امر خارق لعادة مع ادعا موافق ولم يكن عورض والايمان تصديق القلب ولا يعتبر الا مع التلفظ بالشهادتين من القادر وهل التلفظ شرط او شطر تردد أي والايمان تصديق القلب بما علم مجيء الرسول به من عند الله ضرورة ومعنى تصديق القلب الاذعان والقبول ولا يعتبر التصديق المذكور في الخروج به عن عهدة التكليف بالايمان الا مع التلفظ بالشهادتين من القادر عليه الذي جعله الشارع علامة لنا على التصديق الخفي عنا وهل التلفظ المذكور شطر للايمان او شطر منه فيه تردد العلماء وجمهور المحققين على الاول وعليه فالمراد انه شرط لاجراء احكام المومنين في الدنيا على القادر على التلفظ بالشهادتين من توارث ومناكحة وغيرهما واشار ناظم الجوهرة الى ما ذكره المصنف فقال وفسر الايمان بالتصديق والنطق فيه الخلف بالتحقيق فقيل شرط كالعمل وقيل بل شطر وقال الناظم والايمان تصديق القلب أي الاطمئنان وانما النطق ممن قد قدر بكلمة الشهادتين يعتبر والنطق شرط فيه عند الخلف ومنه شطر عند جل السلف ثم قال والمرتضى عن علماء الشان قبوله للزيد والنقصان كما قال في الجوهرة ورجحت زيادة الايمان بما تزيد طاعة الانسان ونقصه بنقصا والاسلام اعمال الجوارح ولا تعتبر الا مع الايمان قال في جوهرة التوحيد والاسلام اشرحن بالعمل مثال هذا الحج والصلاة كذا الصيام فادر والزكاة وافاد الناظم ما افاده المصنف فقال وعمل الجوارح الاسلام وشرطه الايمان والاحسان ان تعبد الله كانك تراه فان لم تكن تراه فانه يراك فبعد حصول الايمان والاسلام التمام هو الاحسان فلذا قال الناظم مشيرا الى الايمان والاسلام والتمام بعد حصول ذين الاحسان ان تعبد الله على العيان وبين صاحب المرشد المعين ايضا الاحسان فقال واما الاحسان فقال من دراه ان تعبد الله كانك تراه ان لم تكن تراه انه يراك والفسق لا يزيل الايمان والميت مومنا فاسقا تحت المشيئة اما ان يعاقب ثم يدخل الجنة واما ان يسامح بمجرد فضل الله او مع الشفاعة أي والفسق بان ترتكب الكبيرة لا يزيل الايمان والميت مومنا فاسقا بان لم يتب تحت المشيئة اما ن يعاقب بادخاله النار ثم يدخل الجنة لموته على الايمان واما ان الجزء: 3 ¦ الصفحة: 112 يسامح بان لا يدخل النار بمجرد فضل الله او بفضله مع الشفاعة أي وهي من فضله وقال في جوهرة التوحيد ومن يمت ولم يتب من ذنبه فامره مفوض لربه فالفاسق وان قدر عليه بدخول النار الا انه لا يخلد فيها تعظيما لكلمة التوحيد فلذا قال في الجوهرة ثم الخلود مجتنب وقال الناظم والفسق لا يزيل الايمان ولا يخلد الفاسق فيها للملا واول شافع واولاه حبيب الله محمد المصطفى صلى الله عليه وسلم قال صلى الله عليه وسلم انا اول شافع واول مشفع قال الناظم اول شافع ومن يشفع نبينا وهو المقام الارفع وغيره صلى الله عليه وسلم من مرتضى الاخيار يشفع ايضا كما قال في الجوهرة وواجب شفاعة المشفع محمد مقدما لا تمنع وغيره من مرتضى الاخيار يشفع كما قد جاء في الاخبار ولا يموت احد الا باجله والنفس باقية بعد موت البدن وفي فنائها عند القيامة تردد قال الشيخ الامام والاظهر لا تفنى ابدا وفي عجب الذنب قولان قال المزني والصحيح يبلى وتاول الحديث أي ولا يموت احد الا في اجله وهو الوقت الذي كتب الله في الازل موته فيه بقتل اوغيره وزعم كثير من المعتزلة ان القاتل قطع بقتله اجل المقتول وانه لو لم يقتله لعاش اكثر من ذلك لكنه قول باطل فاذا جاء اجلهم لا يستاخرون ساعة ولا يستقدمون فلذا قال في جوهرة التوحيد وميت بعمره من يقتل وغير هذا باطل لا يقبل كما قال الناظم ولا يموت المرء الا بالاجل والنفس أي الروح باقية بعد موت البدن منعمة او معذبة وفي فنائها عند القيامة تردد قيل تفنى عند النفخة الاولى كغيرها قال الشيخ الامام والد المصنف والاظهر انها لا تفنى ابدا لان اصل في بقائها بعد الموت استمراره فلذا قال في الجوهرة وفي فنا النفس لدى النفخ اختلف واستظهر السبكى بقاها اللذ عرف وقال الناظم والنفس بعد الموت تبقى للملل وفي فناها قبل بعث حصلا تردد وصحح السبكي لا وفي عجب الذنب قولان قال المزني والصحيح يبلى وتاويل انه لا يبلى لحديث الصحيحين ليس من الانسان شيء الا يبلى الا عظما واحدا وهو عجب الذنب منه يركب الخلق يوم الخلق يوم القيامة وفي رواية لمسلم كل ابن اءدم ياكله التراب الا عجب الذنب منه خلق ومنه يركب وفي رواية لاحمد وابن حبان قيل وما هويا رسول الله قال مثل حبة خردل منه تنشئون وهو في اسفل الصلب عند راس العصعص يشبه في المحل محل اصل الذنب من ذوات الاربع قال المزني والصحيح انه يبلى كغيره قال تعالى كل شيء هالك الا وجهه وتاول الحديث المذكور بانه لا يبلى بالتراب بل بلا تراب كما يميت الله ملك الموت بلا ملك الموت وقوله تعالى كل شيء هالك خصص ارباب القول الاول عمومه بما ورد في الحديث بعدم فنائه فلذا قال في الجوهرة عجب الذنب كالروح لكن صححا المزني للبلى ووضحا وكل شيء هالك قد خصصوا عمومه فاطلب لما قد لخصوا وقال الناظم وشهروا بقاء عجب الذنب والمزني يبلى واول تصب وحقيقة الروح لم يتكلم عليها محمد صلى الله عليه وسلم فنمسك عنها اذ الواجب على العبد الوقوف عند الحد لقوله تعالى قل الروح من امر ربي اذ هناك من الاشياء ما يتوصل الى ادراكه وهناك منها ما يكون فوق اداكه وعليه فلا يلزمه ان يحاول التصعد اليه لعجزه سيما اذا اوقفه الخالق في حده عن بعض الاشياء التي اوجدها فلذا قال الناظم والروح عنها امسك النبي مع سؤاله فلا تخض فيها ودع وقال ناظم الجزء: 3 ¦ الصفحة: 113 جوهرة التوحيد ولا تخض في الروح اذ ما وردا نص عن الشارع وكرامات الاولياء حق قال القشيري ولا ينتهون الى نحو ولد دون والد قال الجلال المحلي قال المصنف وهذا أي قول القشيري حق يخصص قول غيره ما جازان بكون معجزة لنبي يجوز ان يكون كرامة لولي ومن نفى الكرامة عن الاولياء يطرح كلامه كما قال في الجوهرة واثبتن للاوليا الكرامه ومن نفاها انبذن كلامه وافاد الناظم ما ذكره المصنف فقال حق كرامات للاولياء قال القشيري بلا انتهاء لولد بدون والد وما اشبهه قيل وهذا المعتمى ولا نكفر احدا من اهل القبلة اذ لا نكفر مؤمنا بالوزر ولا يجوز الخروج على السلطان فلذا قال في الجوهرة معيدا الضمير عليه فلا تزغ عن امره المبين الا بكفر فانبذن عهده فالله يكفينا اذاه وحده وقال الناظم ولا نرى تكفير اهل القبله ولا الخروج أي على الايمه ونعتقد ان عذاب القبر وسؤال الملكين والحشر والصراط والميزان حق للنصوص الواردة في ذلك قال في الجوهرة واليوم الاخر ثم هول الموقف حق فخفف يا رحيم واسعف وواجب اخذ العباد الصحفا كما من القرءان نصا عرفا ومثل هذا الوزن والميزان فتوزن الكتب او الاعيان كذا الصراط فالعباد مختلف مرورهم فسالم ومنتلف وقال الناظم حق عذاب القبر كالسؤال لمن عدا الشهيد والاطفال والحشر مع معادنا الجسماني والحوض والصراط والميزان والجنة والنار مخلوقتان اليوم يعني قبل يوم الجزاء للنصوص الدالة على ذلك قال ناظم الجوهرة والنار اوجدت كالجنة فلا تمل لجاحد ذي جنه وتبرع الناظم بزيادة ذكر اشراط الساعة ذات الشان وهي الكبرى حيث قال والنار والجنة مخلوقتان اليوم والاشراط ذات الشان طلوع شمسها ومعها القمر بعد ثلاث تنظر ويخرج الدجال ثم ينزل عيسى وفي رملة اذ يقتل والخسف والدابة والدخان وبعد هذا يرفع القرءان قوله بعد ثلاث قال في الشرح عن عبد الله بن عمر مما اخرجه البيهقي قال ان الشمس تغرب فتخر ساجدة فتسلم وتستاذن فلا يوذن لها حتى اذا كان قدر ليلتين او ثلاثا قيل لها اطلعي من حيث جئت وافاد في الشرح اخيرا عن ابن حجر في شرح البخاري ان الذي يترجح من مجموع الاخبار ان اول الايات العظام الموذنة بتغيير الاحوال العامة في معظم الارض خروج الدجال ثم نزول عيسى وخروج ياجوج وماجوج في حياته وكل ذلك سابق على طلوع الشمس من مغربها ولعل خروج الدابة في ذلك اليوم او قريب منه ثم قال وانما اول اشتراط الساعة فنار تحشر الناس من المشرق الى المغرب وافاد اولا انه روى مسلم عن حذيفة قال طلع رسول الله عليه وسلم من غرفة ونحن تتذاكر الساعة فقال لا تقوم الساعة حتى يكون عشر ءايات طلوع الشمس من مغربها والدجال والدخان والدابة وياجوج وماجوج وخروج عيسى ابن مريم وثلاث خسوفات خسف وخسف بالمغرب وخسف بجزيرة العرب ونار تخرج من قعر عدن تسوق الناس الى المحشر تبيت معهم ان باتوا وتقيل معهم اذا قالوا ويجب على الناس نصب امام ولو مفضولا أي ويجب على الناس نصب امام يقوم بمصالحهم كسد الثغور وتجهيز الجيوش وقهر المتغلبة والمتلصصة وقطاع الطريق وغير ذلك لاجماع الصحابة بعد النبيء صلى الله عليه وسلم على نصبه حتى جعلوه اهم الواجبات وقدموه على دفنه الجزء: 3 ¦ الصفحة: 114 صلى الله عليه وسلم ولو كان من ينصب مفضولا فان نصبه يكفي في الخروج عن عهدة النصب قال في الجوهرة وواجب نصب امام عدل بالشرع فاعلم لا بحكم العقل فليس ركنا يعتقد في الدين وقال الناظم من الفروض النصب للامام ولو لمفضول على الانام ولا يجب على الرب سبحانه شيء لانه خالق الخلق فكيف يجب لهم عليه شيء وهو المتفضل عليهم بالابراز من العدم الى الوجود والذين قالوا بالوجوب فقولهم زور ورحم الله ناظم جوهرة التوحيد حيث قال: وقولهم ان الصلاح واجب عليه زور ما عليه واجب (و المعاد الجسماني بعد الاعدام حق ) أي وعود الجسم بعد الاعدام باجزائه وعوارضه كما كان حق قال تعالى وهو الذي يبدؤا الخلق ثم يعيده كما بدانا اول خلق نعيده كما بداكم تعودون وقوله بعد الاعدام هو الصحيح وقيل لا يعدم الجسم وانما تفرق اجزاؤه وحكى في الجوهرة ذين القولين فقال وقل يعاد الجسم بالتحقيق عن عدم وقيل عن تفريق محضين لكن ذا الخلاف قيد العلماء اطلاقه بسبب اخراج الانبياء منه فان الارض لا تاكل اجسادهم ولا تبلى ابدانهم اتفاقا وكذا من نص الشارع على ان الارض لا تاكل اجسامهم كالشهداء فلذا قال لكن ذا الخلاف خصا بالانبياء ومن عليهم نصا واختلفوا في اعادة العرض على قولين فقيل انه يعاد حين اعادة الجسم لا فرق في ذلك بين العرض الذي يطول بقاؤه كالبياض وبين غيره كالصوت وقيل بامتناع اعادته مطلقا فيوجد الجسم بعرض ءاخر ورجح جماعة من العلماء اعادة الاعراض باعيانها أي باشخاصها وانفسها وفي اعادة الزمن قولان احدهما وهو الارجح انه يعاد جميع ازمنة الاجسام التي مرت عليها في الدنيا لتشهد للانسان وعليه بما وقع فيها من الطاعات والاثام وثانيها امتناع اعادته فلذا قال: وفي اعادة العرض قولان ... ورجحت اعادة الاعيان وفي الزمن قولان ونعتقد ان خير الامة بعد نبيها صلى الله عليه وسلم ابو بكر خليفته فعمر فعثمان فعلي امراء المومنين رضي الله عنهم اجمعين لاطباق السلف على خيرتهم عند الله على هذا الترتيب فالستة تمام العشرة فاهل بدر فاهل احد فالذين بايعوا النبيء صلى الله عليه وسلم تحت الشجرة فلذا قال في الجوهرة معيدا الضمير على الصحابة رضي الله عنهم وخيرهم من ولي الخلافه وامرهم في الفضل كالخلافه يليهم قوم كرام يرره عدتهم ست تمام العشرة فاهل بدر العظيم الشان فاهل احد فبيعة الرضوان وقال الناظم: وافضل الامة صديق يلي ... فعمر فالاموي فعلي فسائر العشرة فالبدريه ... فاحد فالبيعة الزكية. وبراءة عائشة من كل ماقذفت به لنزول القرءان ببراءتها قال الله تعالى ان الذين جاءو بالافك فلذا قال في الجوهرة وبرئن لعائشة مما رموا وقال الناظم: ومابه عائشة قد رميت ... فانها بغير شك برئت وهي رضي الله عنها مع خديجة افضل ازواج النبيء صلى الله عليه وسلم والتفضيل بينهما قيل وقيل والثالث الوقف فلذا قال: وافضل الازواج بالتحقيق ... خديجة مع ابنة الصديق وفيهما ثالثها الوقف. ووقع خلاف في التفضيل بين ابنة الرسول صلى الله عليه وسلم وبين عائشة والمرتضى انها مفضلة على عائشة بل وعلى مريم بنت عمران قال الناظم: وفي عائشة وابنته الخلف قفي. والمرتضى تقدم الزهراء بل وعلى مريم الغراء ونمسك عما جرى بين الصحابة ونرى الكل ماجورين فلذا قال الجزء: 3 ¦ الصفحة: 115 الناظم: ثم الذي بين الصحابة شجر ... تمسك عنه ونرى الكل ائتجر وقال في الجوهرة واول التشاجر الذي ورد ان خضت فيه وان الشافعي ومالكا وابا حنيفة والسفيانين أي الثوري وابن عيينة واحمد ابن حنبل والاوزاعي واسحاق بن راهويه وداوود الظاهري وسائر ايمة المسلمين على هدى من ربهم في العقائد وغيرها قال الناظم: والشافعي ومالك والحنظلي ... اسحاق والنعمان وابن حنبل وابن عيينة مع الثوري وابن جرير مع الاوزاعي والظاهري وسائر الايمة على هدى من ربهم ورحمة والحنظلي هو اسحاق بن راهويه والطبري هو ابن جرير وان ابا الحسن الاشعري امام في السنة أي الطريقة المعتقدة مقدم فيها على غيره كابي منصور الماتريدي وان طريق الشيخ الجنيد المكنى بابي القاسم سيد الصوفية علما وعملا وصحبه طريق مقوم اي مستقيم لا اعوجاج فيه فهو من هداة الامة قال في الجوهرة ومالك وسائر الايمه كذا ابو القاسم هداة الامه وافاد الناظم ما ذكره المصنف فقال: والاشعري الحجة المعظم ... امامنا في السنة المقدم وان ما كان الجنيد يلزم وصحبه فهو طريق قيم ومما لا يضر جهله وتنفع معرفته الاصح ان وجود الشيء عينه وقال كثير منا غيره فعلى الاصح المعدوم ليس بشيء ولا ذات ولا ثابت وكذا على الاصح عند اكثرهم اي ومما لا يضر جهله في العقيدة بخلاف ما قبله أي في الجملة فان المفاضلة بين الخلفاء الاربعة فيما تقدم لا يضر الجهل فيها وكذا نحوها وتنفع معرفته باعتبار معرفة اصطلاح القوم الذي يئول امره لى العقيدة ولا يضر لو لم يعرف وهو ما يذ … كر الى الخاتمة قوله الاصح ان وجود الخ أي الاصح الذي هو قول الاشعري وغيره ان وجود الشيء في الخارج واجبا كان وهو الله تعالى وممكنا وهو الخلق عينه ليس زائدا عليه وقال كثير من المتكلمين غيره أي زائد عليه بان يقوم الوجود بالشيء من حيث هو أي من غير اعتبار الوجود والعدم قال الجلال المحلي واشار أي المصنف بقوله منا الى قول الحكماء انه عينه في الواجب وغيره في الممكن اهـ فعلى الاصح المعدوم الممكن الوجود ليس في الخارج بشيء ولا ذات ولا ثابت أي لا حقيقة له في الخارج وانما يتحقق فيه بوجوده فيه وكذا على الاخر عند اكثر القائلين به ( وان الاسم المسمى ) أي والاصح ان الاسم عين المسمى وقيل غيره كما هو المتبادر فلفظ النار مثلا غيرها بلا شك والمراد بالاول المنقول عن الاشعري في اسم الله خاصة ان مدلوله الذات من حيث هي فالمراد هو المسمى بخلاف غيره كالعالم فمدلوله الذات باعتبار الصفة كما قال لا يفهم من اسم الله سواه بخلاف غيره من الصفات فيفهم منها زيادة على الذات من علم وغيره (وان اسماء الله توقيفية ) أي والاصح ان اسماء الله توقيفية لا يطلق عليه اسم الا بتوقيف من الشرع قال ناظم الجوهرة واختير ان اسماه توقيفيه أي لا يطلق عليه اسم الا بتوقيف من الشرع وان المرء يقول انا مومن ان شاء الله تعالى خوفا من سوء الخاتمة ولعياذ بالله لا شكا في الحال أي في الايمان فانه في الحال متحقق له جازم باستمراره عليه الى الخاتمة التي يرجو حسنها ومنع ابو حنيفة وغيره ان يقول ذلك لايهامه الشك في الحال في الايمان قال الناظم: وجاز ان يقول اني مومن ان شاء ربي خشية ان يفتن بل هو اولى عند جل السلف وانكر القول بهذا الحنفي ( وان ملاذ الكافر استدراج ) أي والاصح ان ملاذ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 116 الكافر أي ما الذه الله به من متاع الدنيا استدراج من الله له لتقوى عليه حجة العقاب بكفران المنعم بها سبحانه اذ الواجب على المنعم عليه ان يشكر المنعم قال تعالى يبني اسراءيل اذكروا نعمتي التي انعمت عليكم واني فضلتكم على العلمين وان المشار اليه بانا الهيكل المخصوص المشتمل على النفس وقال اكثر المعتزلة وغيرهم هو النفس لانها المدبرة وان الجوهر وهو الجزء الذي لا يتجزا ثابت في الخارج وان لم يرعادة الا بانضمامه الى غيره ونفى الحكماء ذلك وانه لا حال أي لا واسطة بين الموجود والمعدوم خلافا للقاضي ابي بكر الباقلاني وامام الحرمين في الشامل والا فقد رجع عنه في المدارك كما نقله عنه الامدي وغيره في قولهما أي القاضي والامام كبعض المعتزلة بثبوت الواسطة كالعالمية واللونية للسواد مثلا وعلى الاول ذلك ونحوه من المعدوم لانه امر اعتباري وان النسب والاضافات امور اعتبارية لا وجودية أي والاصح ان النسب والاضافات امور اعتبارية يعتبرها العقل لا وجودية بالوجود الخارجي قال الجلال المحلي وقال الحكماء الاعراض النسبية موجودة في الخارج وهي سبعة أي من جملة المقولات العشر والثلاثة الباقية هي الجوهر والكم والكيف الاتي تعريفها قريبا في نظم المقولات والسبعة هى الاين وهو حصول الجسم في المكان والمتى وهو حصول الجسم في الزمان والوضع وهو هيئة تعرض للجسم باعتبار نسبة اجزائه بعضها الى بعض ونسبتها الى الامور الخارجة عنه كالقيام والاتتكاس والملك وهو هيئة تعرض للجسم باعتبار ما يحيط به وتنتقل بانتقاله كالتقميص والتعميم وان يفعل وهو تاثير الشيء في غيره ما دام يؤثر وان ينفعل وهو تاثر الشيء عن غيره ما دام يتاثر كحال المسخن ما دام يسخنوالمتسخن ما دام يتسخن والاضافة وهي نسبة تعرض للشيء بالقياس الى نسبة اخرى كالابوة والبنوة اهـ قال ناظم المقولات العشر: ان المقولات لديهم تحصر ... في العشر وهي عرض وجوهر فاول له وجود قاما ... بالغير والثاني لنفس داما مايقبل القسمة في الذات فكم ... والكيف غير قابل ارتسم اين حصول الجسم في المكان ... متى حصول خص بالازمان ونسبة تكررت اضافه ... نحو ابوة اخا لطافه وضع عروض هيئة بنسبة لجزءه وخارج فاثبت وهيئة بما احاط وانتقل ... ملك كثوب او اهاب اشتمل ان يفعل التاثير ان ينفعلا ... تائر ما دام كل كملا (وان العرض لا يقوم بالعرض ولا يبقى زمانين ولا يحل محلين) أي والاصح ان العرض لا يقوم بالعرض وانما يقوم بالجوهر الفرد او المركب أي الجسم قال الجلال المحلي: وجوز الحكماء قيام العرض بالعرض الا انه بالاخرة تنتهي سلسلة الاعراض الى جوهر أي جوزوا اختصاص العرض بالعرض اختصاص النعت بالمنعوت أي لا بمعنى ان احد هما حال والاخر محل كالسرعة والبطء للحركة وعلى الاول هما عارضان للجسم أي انه يعرض له عدم تخلل الحركة او تخللها والاصح ان العرض لا يبقى زمانين بل ينقضي ويتجدد مثله بارادة الله تعالى في الزمن الثاني وهكذا على التوالي فيتوهم في الذهن انه مستمر والاصح انه لا يحل محلين فسواد احد المحلين مثلا غير سواد الاخر وان تشاركا في النوعية وان المثلين لا يجتمعان كالضدين بخلاف الخلافين اما النقيضان فلا يجتمعان ولا يرتفعان أي والاصح ان العرضين المثلين بان يكونا من نوع لا يجتمعان في محل واحد وجوزت المعتزلة اجتماعها محتجين بان الجسم المغموس في الصبغ ليسود الجزء: 3 ¦ الصفحة: 117 يعرض له سواد ثم ءاخر وءاخر الى ان يبلغ غاية السواد بالمكث واجيب بان عروض السوادات له ليس على وجه الاجتماع بل البدل فيزول الاول ويخلفه الثاني وهكذا بناء على ان العرض لا يبقى زمانين كما تقدم ءانفا واما الجوهران المثلان فانهما لايجتمعان في محل واحد بلا خلاف وكذا الضدان كالسواد البياض فانهما لا يجتمعان لانهما امران وجوديان بينهما غاية الخلاف بخلاف الخلافين وهما اعم من الضدين فانهما يجتمعان من حيث الاعمية كالسواد والحلاوة وفي كل من الاقسام الثلاثة أي من المثلين والضدين والخلافين يجوزارتفاع الشيئين اما النقيضان وهما عبارة عن ايجاب الشيء وسلبه كالقيام وعدمه فلا يجتمعان ولا يرتفعان وان احد طرفي الممكن ليس اولى به من الاخر وان الباقي محتاج الى السبب وينبني على ان علة احتياج الاثر الى المؤثر الامكان او الحدوث او هما جزءا علة او الامكان بشرط الحدوث وهي اقوال أي ان احد طرفي الممكن وهما الوجود والعدم ليس اولى به من الاخر بل هما باالنظر الى ذاته جوهرا كان اوعرضا على السواء وقيل العدم اولى به لانه اسهل وقوعا في الثبوت وقيل الوجود اولى به والاصح ان الممكن الباقي محتاج في بقائه الى السبب أي المؤثر وقيل لا وينبني هذا الخلاف على ان علة احتياج الاثر أي الممكن في وجوده الامكان أي استواء الطرفين بالنظر الى الذات او الحدوث أي الخروج من العدم الى الوجود او هما على انهما جزءا علة او الامكان بشرط الحدوث وهي اقوال قال الجلال المحلي فعلى اولها يحتاج الممكن في بقائه الى المؤثر لان الامكان لا ينفك عنه وعلى جميع باقيها لا يحتاج اليه لان المؤثر انما يحتاج اليه على ذلك في الخروج من العدم الى الوجود لا في البقاء والمكان قيل السطح الباطن للحاوي الماس للسطح الظاهر من المحوي وقيل بعد موجود ينفذ فيه الجسم وقيل بعد مفروض وهو الخلاء والخلاء جائز والمراد منه كون الجسمين لا يتماسان ولا بينهما ما يماسهما أي المكان الذي لاخفاء في ان الجسم ينتقل عنه واليه ويسكن فيه فيلاقيه اختلف في ماهيته فقيل هو السطح وهو ما ينقسم طولا وعرضا فقط الباطن للحاوي المماس للسطح الظاهر من المحوي كالسطح الباطن للكوز المماس للسطح الظاهر من الماء الكائن فيه وقيل هو بعد موجود أي امتداد طولا وعرضا وعمقا ينفذ فيه الجسم بنفوذ بعده القائم به في ذلك البعد بحيث ينطبق بعد المكان على بعد الجسم وقيل هو بعد مفروض أي موهم في الذهن لانه لا اثر له في الخارج يفرض فيه ما ذكر من نفوذ بعد الجسم فيه والبعد المفروض الخلاء والخلاء جائز والمراد منه كون الجسمين لا يتماسان ولا يكون ما بينهما ما يماسهما فيكون الخلاء هوما بين الجسمين وذا البعد المفروض هو قول المتكلمين والقولان قبله للحكماء والزمان قيل جوهر ليس بجسم ولا جسماني وقيل فلك معدل النهار وقيل عرض فقيل حركة معدل النهار وقيل مقدار الحركة والمختار مقارنة متجدد موهوم لمتجدد معلوم ازالة للايهام أي والزمان قيل هو جوهر فهو قائم بنفسه ليس بجسم أي ليس بمركب ولا جسماني أي ولا داخل في الجسم مجرد عن المادة وقيل فلك حركة معدل النهار أي والليل ففيه اكتفاء على حد قوله تعالى سرابيل تقيكم الحر وهو جسم سميت دائرته أي منطقة البروج منه بمعدل النهار لتعادل الليل والنهار في كل البقاع عند كون الشمس عليها وقيل عرض فقيل حركة معدل النهار أي حركة فلك معدل النهار والليل وقيل مقدار الحركة الجزء: 3 ¦ الصفحة: 118 المذكورة والمختار ان الزمان مقارنة متجدد موهوم أي مجهول لمتجدد معلوم ازالة للابهام من الاول بمقارنته الثاني المعلوم كما في ءاتيك عند طلوع الشمس وهذا قول المتكلمين والاقوال قبله للحكماء واصحها عندهم الاخير منها ويمتنع تداخل الاجسام وخلو الجوهر عن جميع الاعراض أي يمتنع دخول الاجسام بعضها في بعض على وجه النفوذ يه والملاقاة له باسره من غير زيادة في الحجم وامتناع ذلك لما فيه من مساواة الكل للجزء في العظم أي وكذا الجواهر الفردة فانه يمتنع تداخلها كما انه يمتنع خلو الجوهر مفردا كان او مركبا أي وهو الجسم عن جميع الاعراض بان لا يقوم به واحد منها بل يجب ان يقوم به عند وجوده شيء منها الا انه لا يوجد بدون التشخص والتشخص انما هو بالاعراض والجوهر غير مركب من الاعراض والابعاد متناهية أي والجوهر أي لها حدود تنتهي اليها والمعلول قال الاكثر يقارن علته زمانا والمختار وفاقا للشيخ الامام يعقبها مطلقا وثالثها ان كانت وضعية لا عقلية اما الترتيب رتبة فوفاق أي والمعلول قال الاكثر يقارن علته زمانا عقلية كانت كحركة الاصبع علة لحركة الخاتم او وضعية بوضع الشرع كعلة الاسكار لحرمة الخمر والمختار وفاقا للشيخ الامام والد المصنف يعقبها مطلقا عقلية كانت او وضعية ضرورة توقف وجوده على وجودها اذ لو تقارنا لما كان وجودها اصلا له وثالث الاقوال يعقب المعلول العلة ان كانت وضعية لا عقلية فيقارنها نعم ترتيب المعلول على العلة رتبة متفق عليه واللذة حصرها الامام والشيخ الامام في المعارف وقال ابن زكريا هي الخلاص من الالم وقيل ادراك الملائم والحق ان الادراك ملزومها ويقابلها الالم أي واللذة الدنيوية أي العقلية لا الحسية والخيالية اذ كل منهما دفع الم حصرها الامام الرازي والشيخ الامام والد المصنف فيما يعرف أي يدرك قالا وما يتوهم أي يقع في الوهم أي الذهن من لذة حسية كقضاء شهوني البطن والفرج او خيالية كحب الاستعلاء والرياسة فهو دفع الالم فلذة الاكل والشرب والجماع دفع الم الجوع والعطش ودغدغة المني لاوعيته ولذة الاستعلاء والرياسة دفع الم القهر والغلبة وقال ابن زكريا الطيب هي الخلاص من الالم بدفعه حسبما مر ورد بان التعريف غير جامع اذ قد يلتذ بشيء من غير سبق الم بضده كمن وقف على مسالة علم او كنز مال فجاة من غير خطورهما بالبال والم التشوق اليهما وقيل هي ادراك ملاءمة الملائم والملائم هو المناسب للطبع الموافق له قال المصنف والحق ان الادراك ملزومها أي لا هي ويقابلها على الاقوال الثلاثة الالم فهو على الاخير ادراك غير الملائم وما تصوره العقل اما واجب او ممتنع او ممكن لان ذاته أي المتصور اما ان تقتضي وجود في الخارج او عدمه او لا تقتضي شيئا من وجوده او عدمه والاول الواجب والثاني الممتنع والثالث الممكن وهي اقسام ما اقتضاه الحكم العقلي بالحصر كما قال في المرشد المعين اقسام مقتضاه بالحر تماز وهي الوجوب الاستحالة الجواز فواجب لا يقبل النفي بحال وما ابى الثبوت عقلا المحال وجائز ما قبل الامرين سم الجزء: 3 ¦ الصفحة: 119 خاتمة ختم الله لنا بالرضى منه ءامين هذه الخاتمة ذكر فيها المصنف رحمه الله تعالى مسائل مهمة من التصوف المصفي للقلوب رجاء ان يكون الختام معرفة الله تعالى على ما ينبغي للعبد ان يكون عارفا به من تحقق نقصان نفسه وكمال الله تعالى لانه اذا تحقق باوصاف النقصان امده الله باوصاف الكمال والعرفان قال تاج العارفين بالله سيدي احمد ابن عطاء الله في حكمه تحقق باوصافك يمدك باوصافه وحيث ان اول ما يجب معرفته معرفة وجود الله تعالى وما يجب له وما يمتنع عليه قال المصنف اول الواجبات المعرفة وقال الاستاذ النظر المؤدي اليها والقاضي اول النظر وابن فورك وامام الحرمين القصد الى النظر أي اول مايجب معرفته معرفة الله تعالى لانها مبنى سائر الواجبات اذ الاتيان بالمامور به امتثالا والانكفاف عنه انزجارا لا يمكن الابعد معرفة الامر والناهي فاول ما يجب ابتداء معرفة الامر سبحانه وقال الاستاذ ابو اسحاق الاسفرايني اول ما يجب النظر المؤدي الى معرفته لانه مقدمتها اذ لا يتوصل لها الا بالنظر وما لا يتم الواجب الا به فهو واجب وقال القاضي ابو بكر الباقلاني الواجب اولا اول النظر وقال ابن فورك وامام الحرمين القصد الى النظر فلذا قال الناظم حاكيا هذه الاقوال اول واجب على المكلف معرفة الله وقيل الفكر في دليله وقيل اول النظر وقيل قصده اليه المعتبر وذو النفس الابية يربا عن سفاف الامور ويجنح الى معاليها أي وذو النفس الابية أي التي تابى أي تمتنع من كل شيء الا العلو الاخروي يربا بها أي يرفعها بالمجاهدة عن سفاف الامور أي دنيها من الاخلاق المذمومة ويجنح بها اي الى معاليها الى الاخلاق المحمودة فلذا قال الناظم ومن تكون نفسه ابيه يجنح للمراتب العليه وذلك بان يحفظ جوارحه السبعة كلا عما لا يليق به اذ من شكر من انعم بها ان تستعمل في طاعته فيغض بصره عما لا يحل النظر اليه مما هو محرم ويكف سمعه عما ياثم بسماعه كالغيبة والنميمة والزور والكذب وكف اللسان عما ذكر احرى في الوجوب من كف السماع عن ذلك ويحفظ البطن من الحرام كالطعام المسروق ونحو ذلك قال في المرشد المعين يغض عينه عن المحارم يكف سمعه عن المئاثم كغيبة نميمة زور كذب لسانه احرى بترك ما جلب يحفظ بطنه من الحرام ومن المراتب العلية الذي النفس الابية ترك الامور التي فيها شبهة مع انقطع بكونها حلالا مخافة الوقوع في المحرم ويكون ذلك باهتمام وعزيمة كما قال يترك ما شبه باهتمام كما انه يكون حافظا فرجه من الزنى ويده من البطش بها لما هو ممنوع يريده ايضا كما قال يحفظ فرجه ويتقي الشهيد في البطش والسعي لممنوع يريد كما انه ايضا يكون متوقفا في الاقدام على امر حتى يعلم حكم الله فيه كما قال ويوقف الامور حتى يعلما ما الله فيهن به قد حكما واعظم امر ينبغي له ان يعتنى به تطهير القلب من امراضه كالرياء والحسد والعجب وغيرهما ممن الادواء القلبية كما قال يطهر القلب من الرياء وحسد عجب وكل داء واصل هذه الافات وهي الامراض التي في القلب المتقدمة التي يتطلب الانسان تطهيره منها انما هو حب الرياسة في الدنيا الذي قيل انه ءاخر ما ينزع من قلوب الصديقين وطرح أي نسيان ما هو ءات في الدار الاخرة كما قال واعلم بان الجزء: 3 ¦ الصفحة: 120 اصل ذي الافات حب الرياسة وطرح الاتي وما ذاك الا لتمكن حب الدنيا في القلب لقوله صلى الله عليه وسلم حب الدنيا راس كل خطيئة وليس دواء هذه الادواء القلبية لسالك الطريق الا في الاضطرار اليه سبحانه قال تاج العارفين بالله سيدي احمد ابن عطاء الله في حكمه ما طلب لك شيء مثل الاضطرار له ولابد لمداواة هذه الامراض القلبيه من طبيب ماهر من اطباء القلوب عارف بامراضها وما يحصل به مداواتها حيث انه كان بصدد معالجة امراض قلبه فعولجت بالاواء في مستشفى المريدين الى ان طهرت بالبرء من تلك الامراض فصارت مستنيرة بانوار الانابة الى الله ليصح اتباع سبيله لقوله تعالى واتبع سبيل من اناب الي فبانوار الانابة المشرقة في قلبه بازالة ظلمات الامراض منه يقي مريده السالك المهالك التي تكون في طريقه وبنظره اليه يتذكر الله تعالى لما البسه اياه من انوار المعارف فان من اسر سريرة البسه الله رداءها وان خالها تخفى على الناس تعلم فلذا قال في مرشد السالك يصحب شيخا عارف المسالك يقيه في طريقه المهالك يذكره الله اذا رءاه ويوصل العبد الى مولاه ومن عرف ربه تصور تبعيده وتقريبه فخاف ورجا فاصغى الى الامر والنهي فارتكب واجتنب فاحبه مولاه فكان سمعه وبصره ويده التى يبطش بها واتخذه وليا ان ساله اعطاه وان استعاذ به اعاذه أي ومن عرف ربه بما يعرف به من صفاته تصور تبعيده باضلاله وتقريبه له بهدايته فخاف عقابه ورجا ثوابه فاصغى الى الامر والنهي منه فارتكب ماموره في الظاهر والباطن واجتنب منهيه كذلك فتعظم حينئذ منة الله عليه قال تاج العافين بالله سيدي احمد ابن عطاء الله في حكمه متى جعلك في الظاهر ممتثلا لامره ورزقك في الباطن الاستسلام لقهره فقد اعظم المنة عليك اهـ وذلك لان حاصل تقوى الله اجتناب المنهي عنه ظاهرا وباطنا وامتثال المامور به كذلك وبما ذكر تنال التقوى ومرجع الباطن للنية فصارت الاقسام اربعة وهى سبل المنفعة لسالك طريق الله فلذا قال في المرشد المعين وحاصل التقوى اجتناب وامتثال في ظاهر وباطن بذا تنال فجاءت الاقسام حقا اربعه وهي للسالك سبل النفعه وبالتقوى يتحبب العبد الى المولى سبحانه واعظم ما يتقرب به اليه المحافظة على ما افترضه عليه من الفرائض وهي راس مال الانسان وينتظر الربح الاخروي من قبلها والمحافظة على النوافل بعد الفرائض ربح بعد حصول راس المال من المفروض كما قال ويحفظ المفروض راس المال والنفل ربحه به يوال والاكثار من ذكر الله بصفاء لب واخلاص قلب مفتاح باب حضرة الله قال الشيخ سيدي عبد الرحمن الاخضري في الجوهر كقولنا لعالم ذي غفله الذكر مفتاح لباب الحضره ويستعين على ما ذكر لحصول المقصود بعون الله تعالى كما قال في المرشد ويكثر الذكر يصفو لبه والعون في جميع ذا بربه ولا ينبغي ان يترك المريد الذكر لعدم حضور قلبه مع الله فيه قال تاج العارفين بالله سيدي احمد ابن عطاء الله في حكمه لا تترك الذكر لعدم حضورك مع الله فيه لان غفلتك عن وجود ذكره اشد من غفلتك في وجود ذكره فعسى ان يرفعك من ذكر مع وجود غفلة الى ذكر مع وجود يقظة ومن ذكر مع وجود يقظة الى ذكر مع الجزء: 3 ¦ الصفحة: 121 وجود حضور ومن ذكر مع وجود حضور الى ذكر مع وجود غيبة عما سوى المذكور وما ذلك على الله بعزيز اهـ وينبغي ان تكون مجاهدته نفسه فيما يرضي رب العالمين بالاخلاص له مع تحليه مع ذلك بمقامات اليقين وهي الاتصاف بالخوف من الله ورجاء رحمته والشكر على النعم والصبر على النقم والتوبة كما سياتي والزهد في الدنيا والتوكل على الله تعالى في جميع الامور والرضى بما قسم الله وقدره والاعتكاف على محبة الله تعالى اذ بمحبته يحصل الرضى بكل ما يصدر منه قال في المرشد يجاهد النفس لرب العالمين ويتحلى بمقامات اليقين خوف رجا شكر وصبر توبه زهد توكل رضى محبه وجميع معاملة العبد في طاعة ربه الرقيب الشهيد الذي يعلم السر واخفى ينبغي ان يكون بصدق بان يقصد بها وجهه الكريم فاذا اتصف بما ذكر فانه يكون عارفا بربه حرا لخلو قلبه عن محبة غيره لاقباله عليه بكليته فلذا قال يصدق شاهده في المعامله يرضى بما قدره الالاه له يصير عند ذاك عارفا به حرا وغيره خلا من قلبه فاذا اتصف بحسن المعاملة متحببا اليه تعالى يعامله بالمحبة فيصطفيه لحضرة قدسه ويجتبيه لها كما قال فحبه الالاه واصطفاه لحضرة القدس واجتباه ففي البخاري وما يزال عبدي يتقرب الي بالنوافل حتى احبه فاذا احببته كنت سمعه الذي يسمع به وبصره الذي يبصر به ويده التي يبطش بها ورجله التي يمشي بها وان سالني اعطيته وان استعاذني لاعيذنه قال الجلال المحلي والمراد ان الله تعالى يتولى محبوبه في جميع احواله فحركاته وسكناته به تعالى اهـ واذا تفضل عليه تعالى بهذا القرب اتخذه وليا ان ساله اعطاه وان استعاذ به اعاده وافاده الناظم ما افاده المصنف فقال ومن يكون عارفا بربه مصورا لبعده او قربه رجا فخاف فاصاغ فارتكب ماموره وما نهي عنه اجتنب احبه الله فكان عقله وسمعه ويده ورجله واعتده من اولياء اذ دعا اجابه او استعاذه اعا أي اعاذه ودني الهمة لا يبالي فيجهل فوق جهل الجاهلين ويدخل تحت ربقة المارقين فدونك صلاحا او فسادا او رضى او سخطا او قربا او بعدا او سعادة او شقاوة ونعيما او جحيما افاد بدونك الاغراء بالنسبة الى الصلاح وما يناسبه والتحذير بالنسبة الى الفساد وما يناسبه أي بعد ان عرفت حال علو الهمة ودناءتها فدونك صلاحا الخ كما قال الناظم اما الذي همته دنيه فلا مبالاة له سنيه ففوق جهل الجاهلين يجهل وتحت سبل المارقين يدخل فخذ صلاحا بعد او فسادا وشقوة تريك اوسعادا وقربا او بعدا او سخطا او رضى وجنة الفردوس او نارا لظى واذا خطر لك امر فزته بالشرع فان كان مامورا فبادر فانه من الرحمن فان خشيت وقوعه لا ايقاعه على صفة منهية فلا عليك أي بخلاف ما اذا اوقعته على صفة منهية قاصدا لها فعليك اثم ذلك قال الناظم وزن بشرع كل امر خاطر فان يكن يومر به فبادر فان تخف وقوعه على صفه منهية فما عليك من سفه وامر في المرشد بمحاسبة النفس على اللحظات العمرية وبوزن الخواطر بالموازين الشرعية فقال يحاسب النفس على الانفاس ويزن الخاطر بالقسطاس واحتياج استغفارنا الى استغفار لا يوجب ترك الاستفغار ومن ثم قال السهروردي اعمل وان خفت العجب مستغفرا منه فلذا قال الناظم فحاجة استغفارنا اليه لا توجب تركه بل الذكر على من ثم قال السهروري اعمل وان خشيت عجبا ثم الجزء: 3 ¦ الصفحة: 122 داوه وزن وذلك لان ترك العمل خوفا من العجب من مكائدالشيطان وان كان منهيا فاياك فانه من الشيطان فان ملت فاستغفر أي وان كان الخاطر الذي القي في القلب منهيا عنه شرعا فاياك ان تفعله فانه من الشيطان فان ملت الى فعله فاستغفر الله تعالى من هذا الميل كما قال الناظم وان يكن مما نهي عنه احذر فان تمل لفعله استغفر وحديث النفس ما لم يتكلم او يعمل والهم مغفوران أي وحديث النفس أي ترددها بين فعل الخاطر المذكوروتركه وكذلك القول ما لم يتكلم بذلك الخاطر ان كان معصية قولية او يعمل به ان كان معصية فعلية كان يكون الخاطر قذفا فيقذف او شرب خمر فيشرب وكذا الهم من النفس بالفعل او القول ما لم تتكلم او تعمل مغفوران فلذا قال الناظم والهم والحديث مغفوران ما لم يك يعمل او به تكلما قال صلى الله عليه وسلم ان الله عز وجل تجاوز لامتي عما حدثت به انفسها ما لم تعمل او تتكلم به رواه الشيخان وقال صلى الله عليه وسلم ومن هم بسيئة ولم يعملها لم تكتب أي عليه رواه مسلم وفي رواية له كتبها الله عنده حسنة كاملة وان لم تطعك الامارة فجاهدها أي وان لم تطعك النفس الامارة بالسوء على اجتناب فعل الخاطر المذكور لحبها بالطبع للمنهي عنه من الشهوات فلا تبدو لها شهوة الا اتبعتها فجاهدها وجوبا لتطيعك في الاجتناب كما تجاهد من يقصد اغتيالك بل اعظم لانها تقصد بك الهلاك الابدي باستدراجها لك من معصية الى اخرى حتى توقعك فيما يؤدي الى ذلك وباقتحام مخالفتها يتحقق سير السائرين الى الله قال تاج العارفين بالله سيدي احمد ابن عطاء الله في حكمه لولا ميادين النفوس ما تحقق سير السائرين اذ لا مسافة بينك وبينه حتى تطويها رحلتك ولا قطعة بينك وبينه حتى تمحوها وصتك اهـ وامر الناظم رحمه الله بشن الغارة على النفس وذلك بانواع المجاهدات حتى تنهزم فقال ان لم تطع في تركها الاماره فجاهدنها وشن الغاره فان فعلت فتب فان لم تقلع لاستلذاذ او كسل فتذكر هادم اللذات وفجئة الفوات او لقنوط فخف مقت ربك واذكر سعة رحمته واعرض التوبة ومحاسنها أي فان فعلت الخاطر المذكور لغلبة الامارة عليك فتب على الفور وجوبا ليرتفع عنك اثم فعله بالتوية التي وعد الله بقبولها فضلا منه ومما تتحقق به الاقلاع كما سياتي فان لم تقلع عن فعل الخاطر المذكور لاستلذاذ به او كسل عن الخروج منه فتذكر هادم اللذات الذي هو الموت وفجئته المفوتة للتوبة وغيرها من الطاعات فان تذكر ذلك باعث شديد على الاقلاع عما تستلذ به او تكسل عن الخروج منه واما ان لم تقلع عن فعل الخاطر المذكور لاجل قنوط من رحمه الله وعفوه عما فعلت لشدته فخف مقت ربك أي شدة عقابه حيث اضفت الى الذنب الياس من العفو عنه وقد قال تعالى انه لا يياس من روح الله الا القوم الكافرون واستحصر سعة رحمته التي لا يحيط بها الا هو لترجع عن قنوطك وكيف تقنط وقد قال تعالى قل يا عبادي الذين اسرفوا على انفسهم لا تقنطوا من رحمة الله ان يغفر الذنوب جميعا ان الله لا يغفر ان يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء وقال صلى الله عليه وسلم والذي نفسي بيده لو لم تذنبوا لذهب الله بكم ولجاء بقوم يذنبون فيستغفرون فيغفر لهم رواه مسلم قال تاج العارفين الوارث النور الاوفر من الامام المرسلين صلى الله عليه وسلم لا يعظم الذنب عند عظمة تصدك عن حسن الظن بالله تعالى فان الجزء: 3 ¦ الصفحة: 123 من عرف ربه استصغر في جنب كرمه ذنبه لا صغيرة اذا قابلك عدله ولا كبيرة اذا واجهك فضله اهـ قوله واعرض الخ أي واعرض على نفسك التوبة ومحاسنها أي ما تتحقق به من المحاسن حيث ذكرت سعة رحمته تعالى لتتوب عما فعلت فتقبل ويعفى عنك فضلا منه تعالى وافاد الناظم ما افاده المصنف فقال فان فعلت تب فان لم تقلع للذة او كل موسع فليتذكر هادم اللذات وفجئة الممات والفوات او لقنوط فاحش مقت ربكا واذكر عظيم عفوه يسهل بكا واعرض على نفسك توبة تؤم وما حوت من حسن وهي الندم وتتحقق بالاقلاع وعزم ان لا يعود وتدارك ممكن التدارك وتصح ولو بعد نقضها عن ذنب ولو صغيرا مع الاصرار على ءاخر ولو كبيرا عند الجمهور اي والتوبة هي الندم على المعصية من حيث انها معصية فالندم على شرب الخمر مثلا لا ضراره بالبدن ليس بتوبة وتتحقق أي تعتبر بالاقلاع عن المعصية وعدم الاقلاع عنها بتمكن حلاوتها في القلب وهو الداء العضال قال تاج العارفين بالله تمكن حلاوة الهوى من القلب هو الداء العضال لا يخرج الشهوة من القلب الا خوف مزعج او شوق مقلق اهـ ومن لوازم الندم العزم على ان لا يعود الى المعصية ويتدارك التائب ما يمكن تداركه من الحق الناشيء عن المعصية كرد المظالم وتمكين نفسه من المجني عليه او من اوليائه كانت الجناية نفسا او جرحا او قذفا او مالا او غير ذلك قال في المرشد وتوبة من كل ذنب يجترم تجب فورا مطلقا وهي الندم بشرط الاقلاع ونفى الاضرار وليتلاف ممكنا ذا استغفار قوله ذا استغفار حال من فاعل وليتلاف وهو التائب واستغفاره شرط كمال لا شرط صحة وتصح التوبة ولو بعد نقضها فمن تاب من ذنب ثم عاد اليه فلا يكون العود اليه مبطلا للتوبة السابقة منه والمسئلة خلافية قيل القبول وقيل عدمه رايان مختلفان كما قال ناظم جوهرة التوحيد ثم الذنوب عندنا قسمان صغيرة كبيرة فالثانى منه المتاب واجب في الحال ولا انتفاض ان يعد للحال لكن يجدد توبة لما اقترف وفي القبول رايهم قد اختلف وتصح التوبة عن بعض الذنوب مع الاصرار على غيره وان كان ما تاب منه صغيرا وما اصر عليه كبيرا عند الجمهور وافاد الناظم ما افاده المصنف معيدا الضمير على التوبة قائلا وهى الندم وشرطها الاقلاع والعزم السني ان لا يعود وادراك الممكن وصحة التوبة قال الاكثر ولو يكون بعد نقض يكثر عن أي ذنب كان لو صغيرا مع فعله ءاخر لو كبيرا وان شككت امامور ام منهي فامسك ومن ثم قال الجويني في المتوضي يشك ايغسل ثالثة ام رابعة لا يغسل هذا القسم الثالث من اقسام الامر الخاطر أي وان شككت في الخاطر امامور به ام منهي عنه فامسك عنه حذرا في الوقوع في المنهي ومن اجل ذلك قال الشيخ ابو محمد الجويني في المتوضى يشك ايغسل غسلة ثالثة فيكون مامورا بها ام رابعة فيكون منها عنها لا يغسل خوف الوقوع في المنهي عنه وغيره قال يغسل قال الناظم: وان شككت فقف فترك طاعة اولى من الوقوع في مفسدة من ثم قال بعضهم من شك هل ثلث او ينقض عنه ما غسل نعم وكل واقع بقدرة الله وارادته هو خالق كسب العبد قدر له قدرة هي استطاعته تصلح للكسب لا للابداع فالله خالق غير مكتسب والعبد مكتسب غير خالق أي وكل ماعرض له الوقوع بعد ان لم يكن واقعا سواء كان خاطرا او غيره بقدرة الله تعالى وارادته الجزء: 3 ¦ الصفحة: 124 فالله هو خالق كسب العبد أي الفعل الذي هو كاسبه لا ان العبد خالقه قال ناظم الجوهرة وعندنا للعبد كسب كلفا به ولكن لم يؤثر فاعرفا فقدر للعبد سبحانه قدرة هي استطاعته تصلح للكسب لا للابداع أي لا للتاثير ففي قول المصنف قدر له قدرة رد على الجبرية وفي قوله تصلح للكسب لا للابداع رد على القدرية فالله سبحانه وتعالى هو الخالق وخلق لعبد كسبا فصار متصفا به لا بالخالقية كما مر ءانفا قال الله تعالى والله خلقكم وما تعملون فيثاب العبد على مكتسبه الذي يخلقه الله عقب قصده له بفضله ويعاقب عليه بعدله فمذهبنا معاشر اهل السنة توسط بين قول المعتزلة ان العبد خالق لفعله وبين قول الجبرية انه لا فعل للعبد اصلا وهو ءالة محضة كالسكين في يد القاطع وافاد الناظم ما افاده المصنف فقال وكل امر واقع باذنه سبحانه خالق كسب عبده قدر فيه قدرة للكسب لا ابداعه تصلح فالله علا خالق لا مكتسب مايصنع وعبده مكتسب لا مبدع ومن ثم الصحيح ان القدرة لا تصلح للضدين وان العجز صفة وجودية تقابل القدرة تقابل الضدين لا العدم والمللكة أي ومن اجل ان العبد مكتسب لا خالق الصحيح ان القدرة من العبد لا تصلح للضدين أي للتعلق بهما لا معا ولا على سبيل البدل لما تقدم من ان العرض لا يبقى زمانين ولا شك انها عرض مقارن للفعل اهـ بناني والصحيح ايضا ان العجز من العبد صفة وجودية تقابل القدرة تقابل الضدين لا تقابل العدم والملكة حتى يكون هو عدم القدرة عما من شانه القدرة وذلك على القول بان العبد يخلق افعال نفسه وهو قول المعتزلة عافانا الله مما ابتلاهم به ( ورجح قوم التوكل وءاخرون الاكتساب وثالث الاختلاف باختلاف الناس وهو المختار ) أي ورجح قوم التوكل أي ترك الاكتساب وءاخرون الاكتساب على التوكل والقول الثالث الاختلاف باختلاف الناس وهو المختار حسبما هو معروف في كتب القوم كالاحياء للغزالي والرسالة للقشيري فمن يكون في توكله لا يتسخط عند ضيق الزورق عليه ( ولا تستشرف نفسه ) أي تتطلع لسؤال احد من الخلق فالتوكل في حقه ارجح لما فيه من الصبر والمجاهدة للنفس ومن يكون في توكله بخلاف ما ذكر فالاكتساب في حقه ارجح حذرا من التسخط والاستشراف فلذا قال ناظم جوهرة التوحيد في الاكتساب والتوكل اختلف والراجح التفصيل حسبما عرف ومن ثم قيل ارادة التجريد مع داعية الاسباب شهوة خفية وسلوك الاسباب مع داعية التجريد انحطاط عن الذروة العلية أي ومن اجل ان القول الثالث المفصل هو المختار قيل قولا مقبولا وهو ارادة التجريد عما يشغل عن الله تعالى مع داعية الاسباب من الله في مريد ذلك شهوة خفية من المريد اما كونها شهوة فلعدم وقوف المريد مع مراد الله تعالى حيث اراد لنفسه خلاف ذلك واما كونها خفية فلانه لم يقصد بذلك نيل حظ عاجل بل قصد التقرب الى الله ليكون اعلى بزعمه وسلوك الاسباب الشاغلة عن الله تعال مع داعية التجريد من الله في سالك ذلك انحطاط عن الذروة العلية وذروة كل شيء اعلاه واصل هذه الحكمة العلية لتاج العارفين بالله سيدي احمد بن عطاء الله في حكمه حيث قال ارادتك التجريد مع اقامة الله اياك في الاسباب من الشهوة الخفية وارادتك الاسباب مع اقامة الله ياك في التجريد انحطاط عن الهمة العلية اهـ وقد ياتي الشيطان باطراح جائبالله تعالى في صورة الاسباب او الجزء: 3 ¦ الصفحة: 125 بالكسل والتماهن في صورة التوكل والموفق يبحث عن هذين ويعلم انه لا يكون الا ما يريد أي وقد ياتي الشيطان للانسان المتجرد بان يسول له ترك جانب الله تعالى في صورة تحسين الاسباب كان يقول لسالك التجريد الذي سلوكه له اصلح من تركه له الى متى تترك الاسباب لم تعلم ن تركها يطمع القلوب لما في ايدي الناس فاسلكها لنسلم من ذلك وينتظر غيرك منك ماكنت تنتظره من غيرك ويقول لسالك الاسباب الذي سلوكه لها اصلح من تركه لها لو تركتها وسلكت التجريد فتتوكل على الله لصفا قلبك واشرق لك النور واتاك ما يكفيك من عندالله فاتركها ليحصل لك ذلك وكلتا الوسوستين الاولى والثانية غرور منه والذي وفقه الله تعالى يحفظه من كيد الشيطان لعنه الله في الامرين فيفهم ما اراد له الحق سبحانه اقامته فيه قال طبيب القلوب تاج العارفين بالله سيدي احمد ابن عطاء الله في الحكم من علامة اقامة الحق لك في الشيء اقامته اياك فيه مع حصول النتائج اهـ فيتحقق بالعلامة ما اراد له الحق سبحانه اقامته فيه فيقيم فيه فتحصل النتائج بفضله سبحانه ولا ينفعنا علمنا بذلك الا ان يريد الله سبحانه وتعالى أي ولا ينفعنا مجرد علمنا بانه لا يكون الا ما يريد سبحانه الا ان يريد سبحانه توفيقنا للعمل بمقتضى العلم فننتفع حينئذ به بفضله لقوله سبحانه والعمل الصالح يرفعه اللهم تقبل منا بفضلك و قد تم جمع الجوامع علما المسمع كلامه ءاذانا صما الاتي من احاسن المحاسن بما ينظره الاعمى مجموعا جموعا وموضوعا لا مقطوعا فضله ولا ممنوعا ومرفوعا عن همم الزمان مدفوعا فعليك بحفظ عباراته لا سيما ما خالف فيها غيره أي وقد تم هذا الكتاب من حيث العلم أي المسائل المقصود جمعها فيه وهو الكتاب الذي تضرع الى الله في ابتدائه بان يمنع عنه الموانع في اكماله حيث قال في خطبته ونضرع اليك في منع الموانع عن اكمال جمع الجوامع الاتي من فني الاصول بالقواعد القواطع قوله المسمع الخ شروع في مدح ذا الكتاب بما اشتمل عليه من المحاسن أي انه لعذوبة لفظه القليل وحسن معناه الكثير يشتهر بين الناس حتى يتحققه الاصم فكانه يسمعه والاعمى فكانه ينظره لكمال الشهرة قال الجلال المحلي وهذا كما قال المصنف منتزع من قول ابي الطيب انا الذي نظر الاعمى الى ادبي واسمعت كلامي من به صمم قوله مجموعا جموعا أي كثير الجمع ومجعولا ذا فضل لا مقطوعا فضله ولا ممنوعا عمن يقصده لسهولته ومرفوعا عن همم اهل زمانه مدفوعا عنها فلا ياتي احد من اهل زمانه بمثله فعليك حينئذ ايها الطالب بحفظ عباراته لا سيما ما خالف فيها غيره كالمختصر والمنهاج واياك ان تبادر بانكار شيء قبل التامل والفكره او ان تظن امكان اختصاره ففي كل ذرة درة فربما ذكرنا الادلة في بعض الاحايين اما لكونها مقررة في مشاهير الكتب على وجه لا يبين او لغرابة او غير ذلك مما يستخرجه النظر المتين حذر رحمه الله من المبادرة بانكار شيء من جمع الجوامع قبل كمال التامل فيه والفكرة في رقائق معانيه ومن ان يظن المطلع عليه انه يمكن اختصاره كلا اذ في كل ذرة منه بفتح الذال أي حرف درة بضم الدال المهملة أي فائدة نفيسة كالجوهرة الثمينة وذكره لبعض الادلة في بعض الاحايين اما لكونها مقررة في مشاهير الكتب على وجه لا يبين أي لا يظهر كما تقدم في مبحث الخبر في قوله ومدلول الخبر الحكم بالنسبة لا ثبوتها والا لم يكن شيء من الخبر كذبا واما لغرابة الجزء: 3 ¦ الصفحة: 126 الادلة كما مر في مبحث عدم التاثير في قوله الجمعة صلاة مفروضة فلا تحتاج الى ل اذن الامام كالظهر فزاد مفروضة لان الفرض بالفرض اشبه فليست الزيادة حشوا واما لغير ذلك كما في مسالة قول الصحابي لارتفاع الثقة بمذهبه اذ لم يدون وقوله مما يستخرجه النظر المتين أي القوي من المدارك الخفية وربما افصحنا بذكر ارباب الاقوال فحسبه الغبي بالباء الموحدة أي ضعيف الفهم لا الالمعي الذي يظن بك الظن كان قد راى وقد سمعا تطويلا يؤدي الى الملال الذي تكل الهمم منه وما درى انا انما فعلنا ذلك لغرض تحرك أي تتحرك وما بتاءين ابتدي قد يقتصر فيه على تا كتبين العبر فربما لم يكن القول مشهورا عمن ذكرناه فلولا نسبته لقائله لم يدر انه قوله كما في نقل فضيلة فرض الكفاية عن فرض العين عن الاستاذ والجويني مع ولده المشهور ذلك عنه فقط او كان من ذكرنا عنه قولا قد عزى اليه على الوهم أي الغلط سواه كما ذكره القاضي الباقلاني من المانعين لثبوت اللغة بالقياس وقد ذكره الامدي من المجوزين او غير ذلك مما يظهره التامل لمن استعمل قواه كما في ذكره غير الدقاق معه في مفهوم اللقب تقوية له وكل ذلك تقدم وفعلنا ذلك بحيث انا جازمون بان اختصار هذا الكتاب متعذر وروم النقصان منه متعسر اللهم الا ان ياتي رجل مبدر أي ينقل شيئا من مكانه الى غيره مبتر أي ياتي بالالفاظ بترااي نواقض كن يحذف منها اسماء اصحاب الاقوال فانه لا يتعسر عليه روم النقصان لكنه اذا فعل ذلك لا يفى بمقصودنا فدونك ايها الطالب لما تضمنه مختصرنا مختصرا لنا بانواع المحامد حقيقا واصناف المحاسن خليقا هو بمعنى حقيقا عدل اليه تفننا فالمختصر مشتمل على ما يقتضي ان يثنى عليه بما ذكر جعلنا الله به لما املناه من كثرة الانتفاع به مع الذين انعم الله عليهم من النبيئين والصديقين والشهداء والصالحين وحسن اولئك رفيقا وقد تم والحمد لله رب العالمين شرح جمع الجوامع مصحوبا بالكتب التي التزمت ذكرها معه وزيادات من فضله سبحانه فاعانني سبحانه على ذلك بمنع الموانع وسهل لي ما كان صعبا وصيرلي ما كان بعدا قربا فاشكره سبحانه على ذلك واشكر من كان سببا في سلوكي ذي المسالك حتى غرست في الفؤاد بواسطته الاصول التي اجتنيت ثمارها ولكمال مناسبتها لبعضها وعظيم افادتها الفت بينها الا وهو استاذي سيدي والدي الحاج عمر بن عبد الله بن عمر رحمه الله وجعل الفردوس ماواه ءامين واساله سبحانه ان يجعل ما صنعته عملا مبرورا وسعيا مشكورا وان يجازي عني احسن الجزاء في هذه الدار وفي دار الجزاء من نظر الى ذا الشرح بعين الرضى والقبول من اعلامنا النحارير الابرار ساداتنا العظماء الاخيار والخاصة والعامة ما تعاقبت الاعصار ويديم عمران جامعنا الاعظم جامع الزيونة بتلاوة الكتاب العزيز ودراسة العلم الشريف ويغفر لنا ولوالدينا ومشائخنا ومحبينا والمسلمين اجمعين انه هو الغفور الرحيم ربنا تقبل منا انك انت السميع العليم فلله الشكر على ما انعم والمنة والطول على ما تفضل به وتمم بسم الله حسبي الله توكلت على الله اعتصمت بالله فوضت امري الى الله ما شاء الله لاقوة الا بالله وصلى الله على سيدنا محمد وعلى ءاله وصحبه وسلم وكان الفراغ منه في الرابع والعشرين من ربيع الثاني سنة 1347 سبعة واربعين وثلاثمائة والف وءاخر دعوانا ان الحمد لله رب العالمين الجزء: 3 ¦ الصفحة: 127